157
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

تحكيم العقول في تصحيح الأصول

Embed Size (px)

DESCRIPTION

الحاكم الجشمي

Citation preview

Page 1: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 2: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مقدمة المحقق بسم اهللا الرحمن الرحیم

الحمد هللا رب العالمین والصالة والسالم على سیدنا محمد وعلى آلھ الطیبین .الطاھرین

:وبعـد

ھو فإنھ من توفیق اهللا تعالى العثور على ھذا الكتاب الذي بین أیدینا الیوم، ف في أصول الدین، ذكره أغلب - رحمھ اهللا -من أھم كتب الحاكم الجشمي

، والبعض اآلخر )تحكیم العقول في األصول(مترجمیھ، وسماه بعضھم ، ولم نكن نعلم لھ نسخة مخطوطة في )تحكیم العقول في علم األصول(

.المكتبات العامة أو الخاصة التي توفرت فھارسھا إلى الیوم

أني قمت بفھرسة مكتبة جامع مدینة شھارة التي عثرنا على ومن الغریبالنسخة فیھا، ولم أنتبھ إلى وجوده، ألنھ لم یكن مستقال في مجلد منفصل،

.فخفي عنوانھ

ومضت األیام، وتقوى العزم على إخراج مكتبة اإلمام المنصور عبد اهللا بن التحقیق، احتجت إلى إلى النور، وبینما أنا منھمك في - علیھ السالم -حمزة

كنت قد ) المھذب في فتاوى المنصور عبد اهللا بن حمزة(نسخة ثانیة لكتاب سجلتھا في فھارس مكتبة جامع شھارة، فطلبتھا للمقابلة على نسخة أخرى، وجاءت بعد طول انتظار، وقلبتھا فكانت المفاجأة أن المجلد یحتوي على

مما ولى ) في تصحیح األصولتحكیم العقول (ویلیھ كتاب ) المھذب(كتاب تألیفھ الشیخ اإلمام الحاكم أبو سعید المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي

، وھي نسخة وحیدة فریدة، تمتاز بأنھا كتبت ھ ٤٩٤البیھقي، المتوفى سنةسنة ١٣٥، أي بعد وفاة مؤلفھا بحواليھ ٦٢٩في وقت مبكر، وذلك سنة

ا، فھو من كتب المعتزلة التي سنة تقریب٨٠٠فقط، أي أن عمر ھذا المخطوطحفظتھا الیمن، بینما ضاعت في أقطارھا األصلیة وفي كثیر من أصقاع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 3: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

األرض التي أعلن حكامھا حربا شرسة ال ھوادة فیھا على كل ما یمت إلى .المعتزلة بصلة

ولعلھ من الكتب التي أحضرھا الشیخ زید بن الحسن بن علي البیھقي، أبو الذي قدم إلى الیمن في عصر اإلمام أحمد بن سلیمان، الحسن البروقني،

.وھو من تالمذة المؤلف، أو من تالمذة ابنھ الفضل: قیل

قدم الیمن من ): ((الآللئ المضیئة(قال السید أحمد بن محمد الشرفي في أظنھ بجمادى األولى منھا، وكان الشریف علي بن ھ ٥٤١خراسان سنة

إلى اإلمام أحمد بن سلیمان یخبره بقدوم الشیخ عیسى السلیماني قد قدم كتابا وبالثناء علیھ، وأن مقدمھ من خراسان، فوصل إلى ھجرة محنكة، ومعھ كتب غریبة وعلوم عجیبة، فسر بھ اإلمام، وتلقاه بالبشرى واإلتحاف،

وكان یؤید اإلمام، : وخلى لھ موضعا في منزلھ، فأقام بھ مدة إلى أن یقولإن الشریف علي السلیماني ھو الذي : على طاعتھ، ویقالویحض الناس

استدعاه من العراق لما ظھر مذھب التطریف بالیمن، فخرج أنفة للشرع وحمیة علیھ، وغضبا هللا جل وعال، فلقي شدائدا، ونھب أكثر كتبھ بین مكة

)).والمدینة، وھو ممن قرأ على الحاكم أبي سعید بن كرامة

توھم أنھ ) النزھة(وفیھ نظر، فإن صاحب ): ((بقات الزیدیةط(قال صاحب المحسن بن كرامة، ولیس ھو كذلك، وإنما ھو الفضل وھب اهللا بن الحاكم،

)).أبي القاسم عبید اهللا بن عبد اهللا بن أحمد الحسكاني

ھو من مشائخ اإلمام أحمد بن ): ((النزھة(ویقول ابن حمید صاحب و أحد طرقھ، وكان شیخ زید ھذا، الفضل بن سلیمان، فإنھ أخذ عنھ، وھ

الحاكم أبي سعید المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي البیھقي، وكان شیخ )).الفضل أباه المذكور

وعلى أي حال، إذا لم یكن الكتاب ضمن ما وصل مع ھذا الشیخ، فإن أنھ من ضمن الكتب التي وصلت الیمن مع القاضي العالمة : اإلحتمال الثاني

خ اإلسالم جعفر بن أحمد بن عبد السالم بن أبي یحیى التمیمي البھلولي شی على ید الشیخ زید بن الحسن، - بعد أن كان مطرفیا -األبناوي، الذي تتلمذ

السالف الذكر، فأرجعھ إلى مذھب الزیدیة المخترعھ، وأجازه واصطحبھ العراق، معھ في طریقھما إلى العراق، لتمام السماع، وجلب كتب زیدیة

في الطریق بتھامة، - رحمھ اهللا -وكتب المعتزلة، فمات الشیخ زید وواصل القاضي جعفر رحلتھ، فقرأ وسمع واستجاز، وسمع بعض كتاب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 4: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

على ) الحاكم بن كرامة الجشمي(لمؤلف ھذا الكتاب ) التھذیب في التفسیر(یة كتب أبي جعفر الدیلمي، عن ولد الحاكم المحسن، عن أبیھ، وأجازه في بق

ومصنفات عدة، منھا ) تنبیھ الغافلین(و) التھذیب(و) السفینة(الحاكم، كـموضوع بالفارسیة، وكتابنا ھذا ھو أحد ھذه المصنفات التي یغلب الظن أن

.القاضي جعفر حملھا معھ من العراق عائدا إلى الیمن

من الكثیر - ومنھا ھذا الكتاب -وقد أخذ عن كتب الحاكم في أصول الدین علماء وأئمة الزیدیة في الیمن، واشتھرت عندھم وبھم، وكثیرا ما ترد

في كتب األصول، فقد أصبح من الشھرة بحیث ال یخفى ) قال الحاكم(عبارة .على أحد

) القالئد(إن اإلمام المھدي أحمد بن یحیى المرتضى اختصر كتابھ : ویقالي علم الكالم، وتتبع ف) شرح عیون المسائل(أو) العیون(من كتاب المؤلف

.العالقة والتأثیر لكتب الحاكم یطول ویحتاج إلى بحث مستقل

إن ھذا الكتاب كان كنزا مفقودا فظھر إلى : ومما یجدر بنا ذكره ھنا ھوالوجود بحمد اهللا، كما ظھر مؤخرا كتاب آخر للمؤلف نفسھ كان مفقودا،

ي مكتبة آل الھاشمي، مخطوطا ضمن مجموع ف- بحمد اهللا -وقد وجدناه الذي نأمل أن یتم تحقیقھ ونشره بعنایتنا ) تنزیھ األنبیاء واألئمة(وھو كتاب

كما نأمل أیضا أن تظھر بقیة كتب الحاكم المفقودة، - إن شاء اهللا -قریبا والتي قد تكون قابعة في زوایا اإلھمال والنسیان في بعض المكتبات

بحث والفھرسة الدقیقة الفاحصة الخاصة في الیمن، والمضي في اللمحتویات ھذه المكتبات قد یظھر الكثیر والكثیر من كنوز التراث

اإلسالمي، وھو ما نعمل جاھدین في سبیلھ، مستمدین العون والتوفیق من .اهللا سبحانھ وتعالى

وعن الكتاب وعن - رحمھ اهللا -وفیما یلي نبذة موجزة عن حیاة المؤلف .عملنا في تحقیقھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 5: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

المؤلف

ھو اإلمام الحاكم أبو سعید المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي، ینتھي علیھ -نسبھ إلى محمد بن الحنفیة بن أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب

ومن قرى ) طبقات الزیدیة(قبیلة من خراسان كما في : ، وجشم-السالم أكبر مدینة في ): الطبقات(ق فقال في أما بیھ) معجم البلدان(بیھق كما في

ناحیة كبیرة، وكورة واسعة، ): معجم البلدان واألنساب(خراسان، وفي .كثیرة البلدان والعمران، من نواحي نیسابور

والدتھ ونشأتھ

، ونشأ في ھذه القریة ھ ٤١٣ولد الحاكم في بلدة جشم في شھر رمضان سنةقلیم یغلب على أھلھ التشیع، من ضواحي بیھق بخراسان نشأة كریمة في إ

فطلب العلم على مشائخ وعلماء تلك الجھات والنواحي في عصره، فبرع في فنون العلم، وأصبح إماما وأستاذا ومرجعا في أغلب الفنون، وألف

.وصنف واشتھر

شیوخھ

:من شیوخھ

الشیخ أبو حامد أحمد بن محمد بن إسحاق البخاري النیسابوري •، وھو أول شیوخـھ، قرأ علیھ الكالم وأصول ھ ٤٣٣المتوفى سنة

الفقھ، واختلف إلیھ في أول عھده في سن مبكرة، وأكثر من الروایة .عنھ

أول من لقیناه من مشائخ ): ((شرح عیون المسائل(قال الحاكم في أھل العدل وأخذنا عنھ، شیخنا أبو حامد، وكان قرأ على قاضي

وجلیلھ، ومن أصول الفقھ، القضاة فقرأت علیھ من لطیف الكالموكان یجمع بین كالم المعتزلة، وفقھ أبي حنیفة، وروایة الحدیث،

)).ومعرفة التفسیر والقرآنالحاكم الجشمي ومنھجھ في (قال عدنان زرزور صاحب كتاب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 6: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ویبدو أنھ لم یختلف طیلة حیاة شیخھ أبي حامد إلى ): ((تفسیر القرآن )).أحد سواه

: ، قال عدنان زرزوري بن عبد اهللالشیخ أبو الحسن عل •، اختلف إلیھ ھ ٤٥٧نیسابوري األصل، بیھقي الوطن، متوفى سنة((

الحاكم بعد وفاة شیخھ أبي حامد، وكان أبو الحسن ھذا قرأ على السید ، ھ ٤٢٤اإلمام أبي طالب یحیى بن الحسین الھاروني، المتوفى سنة

ھ والتفسیر، وكان من وقرأ علیھ الحاكم شیئا من الكالم وأصول الفق )).المعجبین بفضلھ وخطابتھ

، قاضي القضاة، الشیخ أبو محمد عبد اهللا بن الحسین الناصحي •، قال ))ھ ٤٣٤واختلفت إلیھ سنة: ((، قال الحاكمھ ٤٤٧المتوفى سنةأي بعد وفاة شیخھ أبي حامد، وكأنھ اختلف إلى مجلس : ((زرزور

د، وكان أبو محمد من شیخیھ أبي الحسن وأبي محمد في وقت واحقال )). أصحاب أبي حنیفة، وكان ال یخالف أھل العدل إال في الوعید

) الجامع(، و)أصول محمد بن الحسن(فقرأت علیھ في : ((الحاكم ).))الزیادات(و

ویبدوا أنھ ال نزاع في أنھ قرأ على اثنین من الشرفاء : ((قال زرزور •یدیا ممن أخذ على محمد بن أحمد بن مھدي الحسني وكان ز: ھما

السید اإلمام أبي طالب أیضا، وأبو البركات ھبة اهللا بن محمد الحسني )).الذي كان یمیل إلى الزیدیة

الشیخ أبا الحسن علي بن الحسن، الذي : ذكر زرزور من شیوخھ •حسنة خراسان، وفرد ((بأنھ ) شرح العیون(وصفھ الحاكم في

وم، والمقدم في أصحاب أبي العصر، وإمام زمانھ، والمبرز في العل )).حنیفة، والداعي إلى التوحید والعدل بالقول والفعل

.الشیخ أبو حازم سعد بن الحسین • .القاضي أبو عبد اهللا إسماعیل بن منصور الحرفي •

.أبو الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي في نیسابور • .أبو محمد عبد اهللا بن حامد األصفھاني •

: زاد السید إبراھیم بن القاسم)طبقات الزیدیة(وفي

.أبو الحسین أحمد بن علي بن أحمد قاضي الحرمین • .أبو یعلى الحسین بن محمد الزبیري •

أبو محمد قاضي القضاة عبد اهللا بن الحسن، سمع علیھ في شوال • .ھ ٤٣٦سنة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 7: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.أبو علي الحسن بن علي الوحشي الحافظ • .أبو الفضل األمیر عبد اهللا بن أحمد المیكالي • .أبو عبد الرحمن محمد بن عبد العزیز النبلي •

.أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي • .أبو الحسن إسماعیل بن صاعد •

.وغیرھم. أبو عبد اهللا محمد بن عمیرة •

تالمذتھ

:منھم) الطبقات(أما تالمذتھ فذكر في

كما ینقل ) الكشاف(ولده محمد بن المحسن، وجار اهللا الزمخشري صاحب ، وأحمد بن محمد بن )أحمد بن سعد الدین المسوري(ذلك القاضي الحافظ

.إسحاق الخوارزمي، وعلي بن زید البروقني وغیرھم

عقیدتھ ومذھبھ

كان حنفي المذھب، كما اتفقت المصادر على ذلك، ثم انتقل إلى مذھب خھ أبي حامد الزیدیة وإن لم یحدد ھذا اإلنتقال، ویبدو أن انتقالھ بعد موت شی

المذكور، وشھرتھ في الزیدیة كبیرة، وخالصة آرائھ الكالمیة في كتبھ المتأخرة تفید ترجیحھ لمذھب الزیدیة في العدل والتوحید واإلمامة، وسائر أصولھم، وإن ذھب البعض إلى أنھ في أصول االعتقاد معتزلي، وأنھ كان

لغالب زیدیة عدلیة في من أشھر رجاالت المدرسة الجبائیة، فالمعتزلة في ا .األصول، إال في مسألة اإلمامة وبعض المسائل

ومن أصحابنا البغدادیة من یقول ): ((شرح عیون المسائل(قال الحاكم في نحن زیدیة، ألنھم كانوا من أئمة الزیدیة، والمبایعین لھم، والمجاھدین تحت

).)رایتھم، والختالطھم قدیما وحدیثا، والتفاقھم في المذھب

فصل في اإلمامة یذھب فیھ إلى أن اإلمامة ) التأثیر والمؤثر(وفي كتابھ ال بد لإلمامة من طریق، ولم یوجد نص من : ((طریقھا االختیار، إذ یقول

اهللا تعالى وال من رسولھ على أحد، فلیس النص بطریق لھا، وكذلك المعجز ى النفس، لیس من طرق اإلمامة، وكذلك الخروج بالسیف أو الدعاء إل

)).وكذلك الوراثة، وإنما طریقھا اإلختیار

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 8: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

) منھاج الوصول إلى معیار العقول(قال الدكتور أحمد المأخذي محقق فالحاكم عندما كتب وجھة نظره ھذه في : ((لإلمام أحمد بن یحیى المرتضى

إنھ : اإلمامة إنما كان ما یزال متأثرا باألراء االعتزالیة فیھا، وقد قیل عنھ )).لي تزیدمعتز

أما في كتابنا ھذا موضوع التحقیق فلم یتعرض كثیرا لھذه المسألة، ولھ وقد خصھ باآلیات التي نزلت ) تنبیھ الغافلین عن فضائل الطالبیین(كتاب

وسائر أھل البیت، - كرم اهللا وجھھ -في أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب عقبھا بذكر اآلثار واألخبار الدالة أوردھا مرتبة بحسب ترتیبھا في السور، و

وبینت في كل آیة ما تتضمن من الداللة : ((على أنھا نزلت فیھم، قال فیھعلى الفضیلة واإلمامة من غیر تطویل لتكون تذكرة للمھتدین، وتنبیھا

للمبتدین، ولتكون ذخیرة لیوم الحشر رجاء أن أحشر في زمرتھم، وأعد في ، فھل بعد ھذا من دلیل على ) مخطوط-الغافلینتنبیھ )). (جملة شیعتھم

.إیمانھ بمبادئ الزیدیة بما فیھا اإلمامة

على مذھب الھدویة كما قال یحیى بن الحسین لم ) اإلمامة(كما أن لھ كتاب .یصلنا

إنھ زیدي المذھب، ومن أبرز القائلین بالعدل : وخالصة القول في عقیدتھرأس العدلیة، وناصر مذھبھم بما ھو والتوحید، وصفھ یحیى بن حمید بأنھ

.القاطع القاصم

ولعل تطور فكره والمراحل التي مر بھا بدءا من المذھب الحنفي ومرورا باإلعتزال وانتھاءا بالتزید، كان سببا في عدم وضوح الرؤیة في مذھبھ في اإلمامة، وإن دل ھذا التنقل على بحث وتدقیق وتجرد ووصول إلى الحقیقة

.تي اقتنع بھا واستقر علیھا ودفع حیاتھ ثمنا لھاال

وفي ھذا الكتاب عند حدیثھ عن األمر بالمعروف، نراه یذكر أئمة الزیدیة بدءا بالحسین وزید بن علي ویحیى بن زید والنفس الزكیة وأخیھ ویحیى

وغیرھم من أئمة الحق، آثروا القتال على التقیة : ((والناصر والھادي ویقول )).لعلو كلمة اإلسالم، وبذلوا المھج دونھ، فصلوات اهللا علیھم أجمعینطلبا

آثاره ومصنفاتھ

من أئمة ورواد الفكر اإلسالمي، رأسا في علم - رحمھ اهللا -كان الحاكم الكالم، صدرا ومرجعا في علم التفسیر، عالما موسوعیا، ألم بكل ثقافة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 9: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ى عصره، وصنف في شتى الفنون ومقاالت وآراء وأفكار ومذاھب الفرق إلمن تفسیر، وكالم، وحدیث، وفقھ، وتأریخ وغیره، وعد من أشھر رجاالت المدرسة الجبائیة المعتزلیة بعد القاضي عبد الجبار بن أحمد، وانتھت إلیھ

.خالصة أفكار وآراء المعتزلة خصوصا في التفسیر وعلم الكالم

:بدأ بالموجود الذي وصلنا الیومومؤلفاتھ التي ذكرت كثیرة نذكرھا ون

ثمانیـة مجلدات كبیرة، وبعضھا ثالثة عشر )التھذیب في التفسیر (-١مجلدا، وھو تفسیر شھیر یعرف بتفسیر الحاكم الجشمي، یفسر بالقول، ثم یذكر القراءات، ثم اللغة، ثم اإلعراب، ثم المعنى، ثم األحكام، وكان متأثرا

مخطوط كامل تحت الطبع، قام بصفھ األستاذ فیھ بمذھب الحنفیة، وھو محمد قاسم الھاشمي، وعن مخطوطات ھذا التفسیر الموجودة بمختلف

مصادر التراث في (، وكتابنا )أعالم المؤلفین الزیدیة(أجزائھا انظر كتابنا وتفسیر الحاكم ھو أشھر كتبھ وأھمھا، ) المكتبات الخاصة في الیمنلمعتزلة في القرنین الثالث والرابع، قدم فیھ وخالصة دقیقة ألھم تفاسیر ا

خالصة اآلراء في ھذا العلم، وھو األصل الذي رجع إلیھ المفسرون، فإذا كان الزمخشري أبا المفسرین كما یقولون، وكان المفسرون عالة علیھ فإن

) الكشاف(الزمخشري نفسھ كان عالة على كتاب الحاكم ھذا، والمقارنة بین یر الحاكم تثبت ذلك، وللمزید حول ھذا الكتاب وأثره للزمخشري وتفس

.للدكتور عدنان زرزور) الحاكم الجشمي ومنھجھ في تفسیر القرآن: (انظر

وھو كتاب اختص بتفسیر ):تنبیھ الغافلین عن فضائل الطـالبیین (-٢اآلیات التي نزلت في أمیر المؤمنین وأھل البیت، مرتبة بحسب ترتیبھا في

كرنا، وھو موجود مخطوط، منھ نسخ في المكتبة الغربیة السور كما ذ .انظر عنھ المصدر السابق. واألوقاف وبعض المكتبات الخاصة في الیمن

ویبحث في علل األشیاء من الخلق واإلبداع وحدوث ): التأثیر والمؤثر (-٣األفعال وفي كیفیة الخلق واإلیجاد، وھل كان ذلك لعلة أو لمؤثر، إلى آخر

فصل في التكلیف وفي : عاتھ القیمة في أصول الدین، ومن فصولھموضوالثواب وفي الوعد والوعید وفي األسماء واألحكام وفي أحكام اآلخرة وفي

األمر بالمعروف والنھي عن المنكر وفي الصفات واألحكام، وقد ذكر ).٢١١٩(عدنان زرزور منھ نسخة مصورة بدار الكتب المصریة برقم

وھو من أھم كتبھ في علم الكالم، شرح فیھ ): ن المسائلشرح عیو (-٤ :وجعلھ في سبعة أقسام) عیون المسائل(كتابھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 10: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.في ذكر الفرق الخارجة عن اإلسالم: القسم األول

.في الكالم في فرق أھل القبلة: والثاني

في ذكر المعتزلة ورجالھم وأخبـارھم، وما أجمعوا علیھ من : والثالث .ھمالمذھب، وذكر فرق

.في الكالم على التوحید: والرابع

.في التعدیل والتجویز: والخامس

.في النبوات: والسادس

.في أدلة الشرع: والسابع

وفي ھذا الكتاب عقد فصوال كثیرة فیمن ذھب مذھب العدل من العترة، ومن بویع لھ بالخالفة، ومن كان من األمراء والرؤساء، وفیمن ذھب مذھب

اء ورواة األخبار والزھاد، أعقبھا بذكر من أدركھ من أھل العدل من الفقھالعدل، وذكر من ذھب إلى اإلعتزال من الشعراء وأئمة اللغة، وختم ھذه الفصول بالحدیث عن خروج أھل العدل متى خرجوا ومع من من األئمة

انظر . والدعاة، ویبین ھذا الفصل الموجز الھام مدى صلة المعتزلة بالشیعة ).م الجشمي ومنھجھ في التفسیر لعدنان زرزورالحاك(

ومن ھذا الكتاب بعض المجلدات بالمكتبة الغربیة واألوقاف في الجامع .الكبیر بصنعاء

وموضوعھ یظھر من عنوانھ، وھنالك نسخة ): تنزیـھ األنبیاء واألئمة (-٥ضمن مجموع بمكتبة آل الھاشمي ھ ١٣٣وحیدة فیما أعلم خطت سنة

.بصعدة

وھو الكتاب الذي بین أیدینا، ): كیم العقول في تصحیح األصولتح (-٦ .وسیأتي الحدیث عنھ الحقا

رسالة أبي مرة (ویسمى أیضا ): رسالة إبلیس إلى إخوانھ المناحیس (-٧، من أشھر كتبھ في أصول الدین، ومن روائع ما ألف )إلى إخوانھ المجبرة

لمشبھة والمجسمة بمختلف في ھذا الموضوع، رد بھ كل شبھ المجبرة واطوائفھم، وقد كتبھ على لسان إبلیس، زیادة في السخریة والنقد الالذع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 11: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

للمخالفین الذین لم تحتملھ عقولھم، فكان سببا في قتل المؤلف واستشھاده .كما یذكر المؤرخون

وقد احتوى على ستة عشر بابا في التوحید، والتشبیھ، والعدل، والقضاء، القدریة، وخلق األفعال، واإلستطاعة، واإلرادة، والكراھة، والقدر، وذكر

والكالم في القرآن، وفي النبوات، وفي اإلمامة، واألمر بالمعروف، وفي اآلجال، واألرزاق، وجزاء األعمال، والوعید، وذكر السلف، والمقامات،

م ١٩٩٤/ھ ١٤١٤مطبوع سنة. (والحكایات، وذكر المذاھب، والقتال .حسین المدرسي الطباطبائي: قیقصفحة بتح١٧٦في

وھو في الحدیث، قسمھ إلى ستة ): جالء األبصار في فنون األخبـار (-٨وعشرین بابا في اإلیمان وفضل الذكر والدعاء والثناء والفزع إلى اهللا، وفضل العلم، والقرآن وفضلھ وما یتصل بھ، وفي فضل أمیر المؤمنین

الة، والصیام، والزھد، والحج، وسائر أھل البیت، وفي التوبة، والص .والسفر، والجھاد، والخطب، والمواعظ، ومواضیع أخرى

إنھ یتضمن فصوال ثقافیة قیمة تشتمل على تفسیر كثیر : ((قال فیھ السیاغيمن آیات اهللا وجمل من األحادیث ومن أقوال العلماء والزھاد، مع اإلستشھاد

مؤلفھ في كل مناسبة لمذھب بأقوال كثیر من األدباء والشعراء، ویتعرضاإلعتزال مثل القدر وخلق القرآن والصفات ونحو ذلك، ویذكر المختار من

).انظر عدنان زرزور، الحاكم الجشمي ومنھجھ)). (اآلراء بصورة وجیزة

مكتبة السید محمد محمد : ومخطوطات ھذا الكتاب موجودة في كل منء، ومكتبة السید مجد الدین الكبسي، ومكتبة السید یحیى محمد عباس بصنعا

المؤیدي، ومكتبة السید عبد الرحمن شایم، ومكتبة آل الھاشمي، ومكتبة .السید محمد عبد العظیم الھادي، ومكتبة السید یحیى راویة في صعدة

لیس مثلھ : قال الجنداري في وصفھا): السفینة الجامعة ألنواع العلوم (-٩وسیرة النبي صلى اهللا علیھ وآلھ في كتب األصحاب، جمع سیرة األنبیاء

وسلم، وسیرة الصحابة والعترة إلى زمانھ، واعتمد علیھ كثیر من المؤرخین بعده، منھ مجلدات مخطوطة في المكتبة الغربیة، ومكتبة األوقاف، ومجلدان مصوران بمكتبة السید عبد الرحمن شایم والسید محمد عبد العظیم الھادي

الرابع مخطوطات بمكتبة السید محمد بن یحیى والمجلد الثالث و. بصعدة .- رحمھ اهللا -الذاري

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 12: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

): الرسالة التامة في النصیحة العامة(أو ) النصیحة العامة (-١٠بالفارسیة، وتوجد ترجمة منھا بالعربیة لمترجم متأخر عن المؤلف خطیة

باألمبروزیانا وصنعاء، وقطعة منھا في بیان مذاھب الفاطمیة في أسطنبول .شرھا محمد تقي دانشين

:ومن الكتب التي ذكرھا مترجموه ولم أجد لھا نسخا مخطوطة

قالوا تفسیر شھیر باللغة الفـارسیة، ذكره زرزور عن : التفسیر المبسوط- .یحیى بن حمید، والصنعاني وابن الحسین وابن القاسم

للغة وھو كذلك باللغة الفارسیة، قالوا تفسیر شھیر با:التفسیر الموجز -الفارسیة، ذكره زرزور عن یحیى بن حمید، والصنعاني وابن الحسین وابن

.القاسم

) المستطاب( على مذھب الزیدیة الھدویة، ذكره في :كتاب اإلمامة - .وزرزور عن یحیى بن حمید والصنعاني

.ذكره زرزور عن ابن حمید والصنعاني وابن القاسم): كتاب العقل -

ذكره في الطبقات إلبراھیم بن القاسم، وذكره ): تكتاب األسماء والصفا (- .زرزور عن ابن حمید والصنعاني ویحیى بن الحسین

ذكر باسم اإلنتصار في طبقات ):االنتصار لسادات المھاجرین واألنصار (- .الزیدیة، وذكره زرزور عن ابن حمید والصنعاني ویحیى بن الحسین

ذكره زرزور عن یحیى بن ):الرسالة الباھرة في الفرقة الخاسرة (- .یعني الباطنیة: الحسین، قال

، وذكرھا زرزور عن ابن حمید )الطبقات(ذكرھا في ): الرسالة الغراء (- .والصنعاني ویحیى بن الحسین

، وقال )الحقائق في الدقائق): (المستطاب(قال في ): الحقائق والدقائق (- ).قائقالحقائق والد): (الطبقات(إبراھیم بن القاسم في

ولھ كتاب في فقھ الزیدیة، وقال ابن أبي : قال یحیى بن حمید ): المنتخب (-كتابا : في فقھ الزیدیة، وقال یحیى بن الحسین) المنتخب(ومن كتبھ : الرجال

).المنتخب(في فقھ الھدویة، وذكره ابن القاسم باسم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 13: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

یب ترغ(كتاب ): المستطاب(وفي ): ترغیب المھتدي وتذكرة المنتھي (-): الطبقات(وكأنھما كتابین، وفي ) تذكرة المنتھي(وكتاب ) المستھدي

).ترغیب المھتدي وتذكرة المنتھي(

ذكره ابن حمید وابن الحسین وابن أبي الرجال، ): الشروط والمحاضرة (- ).الشروط والمحاضر(وتفرد باسم

.ذكره ابن حمید وابن الحسین: قال عدنان زرزور): بستان الشرف (-

تمة حیاتھ ووفاتھخا

بعد حیاة حافلة بالعلم والعمل قضاھا الحاكم في بلده جشم في إقلیم خراسان تركھا ولم یعد إلیھا، ومن المحتمل أنھ ترك بلده في أواسط القرن الخامس

عندما تركھا كثیر من أعالم المذاھب األخرى، كالجویني، والقشیري، ة وأھل السنة ھناك إال أن ھؤالء نتیجة للفتن الشدیدة التي حصلت بین الشیع

عادوا وقربھم نظام الملك، وبنى لھم المدارس الكثیرة في نیسابور، وصاحبنا الحاكم فضل البقاء في مكة مجاورا ومبعتدا عن الفتن، وبخاصة أن مكة كان فیھا كثیر من الشرفاء الزیدیة، منھم بنو سلیمان بن حسن الذین

، كما ذكر ھ ٦٥٦ام الزیدیة بمكة المتوفى سنةینتسب إلیھم ابن وھاس إمللفاسي، ویستبعد زرزور أن یقیم الحاكم ) العقد الثمین(عدنان زرزور عن

بمكة كل ھذه المدة الطویلة، ثم یموت فیھا مقتوال ویسكت عنھ المؤرخون - رحمھ اهللا -لعلھ بقي في بیھق، وقد قتل الحاكم : مثل ھذا السكوت، ویقول

عاما، وكان ٨١عنھ ٤٩٤شھیدا في الثالث من شھر رجب سنةبمكة غیلة .سبب قتلھ كما ذكرنا رسالتھ الموسومة برسالة إبلیس أو رسالة أبي مرة

وكان قتلھ بسبب ما قالھ في ): ((نزھة األنظار(قال یحیى بن حمید في العدل والتوحید وحب أھل البیت، في رسالتھ الموسومة من أبي مرة إلى

)).جبرةإخوانھ الم

واتھم بقتلھ أخوالھ وجماعة من ): ((مطلع البدور(وقال ابن أبي الرجال في )).رسالة الشیخ أبي مرة(المجبرة بسبب رسالتھ المسماة

ولھ رسالة تسمى ): ((الطبقات(وقال السید إبراھیم بن القاسم صاحب )).، كانت السبب في مقتلھ)رسالة الشیخ أبي مرة(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 14: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لصارخ للرسالة المذكورة وأسلوبھ فیھا، وقوة حججھ ولعل ھذا العنوان اونقده الالذع، قد أخرس قول كل خطیب، وأثار كوامن الحقد والغضب عند المجبرة، فثارت ثائرتھم، وطلبوه، واغتالوه في طرف من أطراف مكة،

.ففاز بالشھادة دفاعا عن عقیدتھ

مصادر الترجمة

تألیف الدكتور عدنان ): رآنالحاكم الجشمي ومنھجھ في تفسیر الق (-١ .زرزور، مؤسسة الرسالة

تحت الطبع (للسید إبراھیم بن القاسم، القسم الثالث ): طبقات الزیدیة (-٢ ).بتحقیقنا

للعالمة أحمد بن صالح بن أبي الرجال، ): مطلع البدور ومجمع البحور (-٣ ).تحت الطبع بتحقیقنا(

لیحیى بن الحسین ) غرىطبقات الزیدیة الص(ویسمى ): المستطاب (-٤ ).مخطوط(

.الطبعة األولى) رسالة إبلیس إلى إخوانھ المناحیس( مقدمة كتاب -٥

، مؤسسة ١عبد السالم الوجیھ، ط: تألیف): أعالم المؤلفین الزیدیة (-٦ .وانظر بقیة مصادر الترجمة فیھ) ٨٧٥(اإلمام زید، ترجمة رقم

الكتاب

-كتب علم الكالم التي اشتھر بھا الحاكم الكتاب الذي بین أیدینا ھو أحد أھم تحكیم العقول ( ودفع حیاتھ ثمنا للحقائق التي صدع بھا، أسماه -رحمھ اهللا

جمعت في كتابي ھدایة للمسترشدین : ((، وقال عنھ)في تصحیح األصولوریاضة للمتدبرین مسائل ال بد من معرفتھا، وال یسع المكلف جھلھا،

ن أدلة العقل والكتاب والسنة واإلجماع، وبینت أن وأشرت إلى نكتھ وعمد مجمیع ھذه األدلة یوافق بعضھا بعضا، وأن شیئا منھا ال یوجب اختالفا

ونقصا، وأوردت في كل مسألة مضائق لكل طائفة تلجئھم إلى اإلعتراف ال محیص لھم عنھا، وبینت أن المخالفین كما خالفوا العقول خالفوا الكتاب

.))والسنة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 15: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وقد ذھب الحاكم في ھذا الكتاب باحثا عن الحقیقة، بعد أن نظر في اآلراء المختلفة واألھواء المتفرقة، ووجد الناس مختلفین في جمیع الدیانات وفي

المحسوسات والمعقوالت كما یقول، ورأى كل فرقة تكفر صاحبتھا بد من حق وتضللھا، وتدعو إلى عقیدة تعتقدھا وتنتحلھا، فخطر ببالھ أنھ ال

وحقیقة، وال بد في ذلك من سبیل وطریقة، فوجد الطریق إلى النجاة ھو التفكر لتمییز الحق من الباطل، ووجد أولى ما یشغل بھ المرء العاقل أمور

دینھ، علما یحصلھ، وعمال یعمل بھ، واھتدى إلى الحقیقة بعد بحث، :وصرح بھا في قولھ

ق في مذاھب أھل التوحید والعدل ولما بحثت عن المذاھب وجدت الح((الذین ھم أئمة المسلمین، والذابون عن الدین، والرادون على المبتدعة

إلى آخر ما ذكره في مقدمتھ لھذا الكتاب الذي قسمھ إلى )) …والملحدین :خمسة أقسام

في نعم اهللا على عباده وما أوجبھ على (في ذكر مقدمات ال بد منھا : أولھا أصول الدین وفروعھ عالم تنبني، والتمییز بین الحق والباطل العباد، وفي

).باألدلة

في وجوب النظر، وحدوث العالم، وإثبات (الكالم في التوحید : أما ثانیھاالمحدث، وصفاتھ، وفي نفي الطبائع والرد على الطبائعیة، والرد على ا ال المنجمین وعلى الغالة والمفوضة، وما یجب للباري من الصفات، وم

).الخ…یجوز علیھ من األوصاف

في أن اهللا تعالى ال یفعل القبیح، وفي خلق (الكالم في العدل : وثالثھااألفعال، وفساد قولھم بالكسب، وكذلك مسائل اإلرادة والھدى والضالل

).واإلستطاعة وتكلیف ما ال یطاق وغیره

یان الطریق جواز البعثة، وصفات الرسول وب(الكالم في النبوات : ورابعھاإلى معرفتھ، ومسائل في العصمة ونسخ الشرائع، وإثبات نبوة النبي

).ومعجزاتھ سوى القرآن

مسائل الوعید، والشفاعة، والمنزلة بین (الكالم في الشرائع : وخامسھاالمنزلتین، واألمر بالمعروف والنھي عن المنكر، ومسائل في التوبة،

منھا عناوین األحكام الشرعیة في وأحكام اآلخرة، وفصل في الشرائع ذكر ).الفقھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 16: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وفي ثنایا ھذه األقسام والمواضیع نجد أسلوب الحاكم القائم على العقل والدلیل والمنطق، والبعد عن الحشو والتلفیق والمغالطة، وھو ما یمیز ھذا

التي مثلت خالصة الخالصة - رحمة اهللا علیھ -الكتاب وغیره من كتبھ رواد العقل والمعرفة والفكر الحر الباحثین عن الحق لجھود من سبقوه من

.والعدل والمضحین في سبیلھ

منھج التحقیق

بعد أن عثرت على ھذه النسخة الفریدة ذات الخط الرائع، دفعتھا للصف -١ .والطباعة مباشرة على الكمبیوتر

أعیدت إلي بعد الصف، فقمت بمقابلة النص المطبوع على النص -٢ . والتأكد من ضبط النص كما ھو في األصلالمخطوط،

استوفیت عالمات الترقیم الالزمة، وتقسیم النص إلى فقرات، ووضعت -٣ .بعض العناوین بین معقوفین وھي قلیلة

. قمت بتخریج اآلیات القرآنیة واألحادیث النبویة وھي قلیلة-٤

قمت بترجمة بعض األعالم المذكورین في النص، وتعریف بعض -٥ .رق والطوائف، وتوضیح بعض المصطلحات اللغویةالف

بعد التصحیح عرضت الكتاب على السید العالمة بدر الدین بن أمیر -٦الدین الحوثي حفظھ اهللا، فصححھ تصحیح العالم المحقق المدقق، وأضاف

تمت سیدي بدر : (بعض التوضیحات المذكورة في الھامش ممھورة بكلمة ).الدین

عمل أني أظھرت ھذا الكتاب الفرید مضبوط النص بقدر وحسبي في ھذا الاإلمكان لیضاف إلى كنوز التراث اإلسالمي، ویسھم في إنارة العقول

.وھدایتھا إلى معرفة اهللا حق معرفتھ

أسألھ تعالى أن یجعل ھذا العمل خالصا لوجھھ الكریم، وأن یتقبلھ ویجزي .ركل من ساھم في طباعتھ ونشره وإخراجھ إلى النو

عبد السالم عباس الوجیھ

م١/٥/٢٠٠٠صنعاء في

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 17: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مقدمة المؤلف بسم اهللا الرحمن الرحیم

وبھ أستعین، وعلیھ أتوكل

الحمد هللا المتفرد بالكبریاء، المتوحد بالبقاء، فاطر األرض والسماء، رب الظلمة والضیاء، العدل في القضاء، الحكیم في اإلعادة واإلبداء، وصلواتھ

.على محمد خاتم األنبیاء، وعلى آلھ سادات األولیاء

..أما بعد

فإني لما نظرت في اآلراء المختلفة، واألھواء المتفرقة، وجدت العقالء مختلفین في جمیع الدیانات، وفي المحسوسات والمعقوالت، فمن

سوفسطائي نفى حقیقة كل شيء حتى المشاھدات، ومن مثبت للمشاھد دون ، ومن قائل باإلستدالل منكر للصانع قائل بالھیولى والطبائع، اإلستداللیات

ومن ثنوي أثبت أصلین قدیمین، ومن مجوسي قال بصانعین، ونصراني وصف الصانع بالتثلیث واإللحاد، ومشبھ وصفھ باألنداد، وآخر بالمجيء

والذھاب والمكان والجھات، وقرمطي نفى الصفات، وأبطل الشرائع أثبت معھ أشیاء، ومجبر أضاف إلى خلقھ القبائح والنبوات، وصفاتي

والفحشاء، وبرھمي سد باب النبوات، ویھودي أنكر نسخ الشرعیات، ومن غال ومفوض أضاف صنع اهللا إلى خلقھ وأثبت العالم صنعا لغیره، ومن مناسخ أثبت للمكلف حاال أطاع وعصى ثم نسخ إلى الحالة األخرى، ومن

جار ویثبت لھم الخلود في دار األبرار، وخارجي مرجي ال یرى وعید الفكفر من ارتكب فسقا، وحشوي یراه مؤمنا حقا، ومن منكر للبعث والجزاء والموعود یوم اللقاء، ومن رافضي كفر الصحابة، وناصبي نصب ألھل

.البیت العداوة، إلى غیر ذلك من المقاالت المختلفة

لھا، وتدعو إلى عقیدة تعتقدھا ورأیت كل فرقة تكفر صاحبتھا وتضل .وتنتحلھا، وكل أحد یوعد من خالفھ عذابا ألیما، ویرى لموافقتھ ثوابا ونعیما

وخطر ببالي أنھ ال بد من حق وحقیقة، وال بد في ذلك من سبیل وطریقة، فوجدت الطریق إلى النجاة ھو التفكر لتمییز الحق من الباطل، ورأیت

نظر إذا دھمتھم المعضالت وحزبتھم المشكالت، العقالء یفزعون إلى ال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 18: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فنظرت في المسائل مسألة مسألة حتى استوفیتھا، وتصفحت األدلة والشبھ حتى عرفتھا، وتبینت متعلق كل طائفة وحجج كل فرقة، ووجدت سبیل الحق ظاھرة، وبراھینھ الئحة، ومذاھب كل المبطلین داحضة، ومقالتھم

وا في الضاللة كل مذھب لضروب من متناقضة، ورأیت القوم ذھباإللف : الدواعي، وانصرفوا من الحق لضروب من الصوارف، منھا

والعادة، فإن العدول عن المألوف مما یصعب ویشق، ومنھا التقلید، إما إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارھم ﴿: لآلباء وإما للرؤساء، كما قالوا

، ومنھا الھوى الذي یمیل بالرجل عن سواء ]٢٣:الزخرف[﴾قتدونمالسبیل، ومنھا الرئاسة وما فیھا من المنافسة، ومنھا اإلعراض عن النظر الصحیح، واإلشتغال إما بالشبھ أو بالھوى واللعب، ومنھا العناد، إلى غیر ذلك، فإن دعاوي الباطل كثیرة، والصوارف عن الحق جمة، ولھذا قال

حفت الجنة بالمكاره وحفت النار : ((- صلى اهللا علیھ وآلھ -النبي )).بالشھوات

ووجدت أولى ما یشغل بھ المرء العاقل أمور دینھ من علم یحصلھ ثم عمل جلب نفع، ودفع ضرر، وال : یعمل بھ، فإن مبني أمور العقالء على شیئین

شيء من المنافع نفع أعظم من الثواب، وال ضرر أعظم من العقاب، فالیرغب العاقل في طلبھ إال وھو حاصل في الثواب، فمنھا أنھ نعمة، ومنھا أنھ كثیر، ومنھا أنھ دائم، ومنھا أنھ خالص غیر مشوب بما ینغصھ، ومنھا أنھ مستحق، ومنھا أن النعیم فیھ یدوم لھ، ومنھا أنھ یقارنھ التعظیم إلى غیر

.ذلك من الوجوه

ل العقاب، فال شيء یخاف منھ العاقل ویعد ضررا وعلى الضد من ذلك حاإال وھو حاصل فیھ، فمنھا أنھ آالم ومحن، ومنھا أنھ كثیر، ومنھا أنھ دائم، ومنھا أنھ غیر مشوب براحة، ومنھا أنھ مستحق، ومنھا أنھ دائم فیھ، ومنھا أنھ مستحق یقارنھ اإلستخفاف واإلھانة إلى غیر ذلك من الوجوه، فال شيء

ى من طلب الثواب، وال شيء أھم من النجاة من العقاب، وحصول ذلك أول .بالعلم والعمل

ولما بحثت عن المذاھب وجدت الحق في مذاھب أھل التوحید والعدل الذین ھم أئمة المسلمین، والذابون عن الدین، والرادون على المبتدعة والملحدین،

طقا بسداید اعتقاداتھم، ورأیت العقول دالة على صحة مقاالتھم، والكتاب ناووردت بھ السنة، وانعقد علیھا إجماع األمة، ووجدت لھم من السلف

والخلف الداعین إلى دین اهللا تعالى وتوحیده، والباذلین جھدھم في تنزیھھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 19: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وتمجیده، ولم أجد طائفة تدانیھم، وال فرقة تساویھم، فرحم اهللا ماضیھم .وباقیھم

یكاد یأتي علیھ اإلحصاء والعد، ومن أدلتھم ثم وجدت من مصنفاتھم ما ال علیھ السالم -ما ال یأتي علیھ الحصر والحد،ووجدت إسنادھم یتصل بعلي

ووافقھم في مقاالتھم علماء أھل - صلى اهللا علیھ وآلھ - عن رسول اهللا - .- صلى اهللا علیھ وآلھ -بیت رسول اهللا

فوا الدلیل، ووجدتھم عن ورأیت غیرھم من الطوائف حالفوا األباطیل وخالالحق ذاھبین، وفي مقاالتھم كاذبین، فعند ذلك جمعت في كتابي ھدایة للمسترشدین، وریاضة للمتدبرین مسائل ال بد من معرفتھا، وال یسع المكلف جھلھا، وأشرت إلى نكتھ وعمد من أدلة العقل والكتاب والسنة

ھا بعضا، وأن شیئا منھا واإلجماع، وبینت أن جمیع ھذه األدلة یوافق بعضال یوجب اختالفا ونقضا، وأوردت في كل مسألة مضایق لكل طائفة تلجئھم إلى اإلعتراف ال محیص لھم عنھا، وبینت أن المخالفین كما خالفوا العقول

، )تحكیم العقول في تصحیح األصول(خالفوا الكتاب والسنة، وسمیتھ خنا أبي الفضل جعفر بن حرب رحمة وتركت الكالم في الدقائق اقتداء بشی

اهللا علیھ، فأتى في حال شیبھ وآخر عمره أخذ یصنف في المسائل الظاھرة من التوحید والعدل دون الخوض في دقائق الكالم، وإلى اهللا تعالى أتقرب

.بجمیع ذلك، وأسألھ التوفیق والعصمة

:والكتاب ینقسم إلى خمسة أقسام

. منھافي ذكر مقدمات ال بد: أولھا

.الكالم في التوحید: وثانیھا

.الكالم في العدل: وثالثھا

.الكالم في النبوات: ورابعھا

الكالم في الشرائع، وكل قسم منھا یشتمل على مسائل، وكل : وخامسھامسألة تتضمن دالئل نحررھا ونذكر الشبھ فیھا ونحلھا، كل ذلك على سبیل

.یھ أتوكل، وھو حسبي ونعم المعیناإلیجاز واالختصار، وباهللا أستعین، وعل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 20: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

القسم األول في ذكر مقدمات ال بد منھا ]في نعم اهللا على عباده[مسألة

ما نعم اهللا على عباده؟ وما أول تلك النعم؟ وما الذي : إن سأل سائل فقال .یجب على العبد في مقابلة تلك النعم؟

لدین والدنیا تحصل أما نعمھ تعالى على الجملة، فكل نعمة في ا: فالجواب .للعبد فھي منھ تعالى

وأما تفصیل تلك النعم فال یمكننا معرفتھ، وھو تعالى أعلم بتفاصیلھا، ویجب على العبد أن یشكره تعالى على جمیع ذلك على الجملة، بأن یعرف بأن جمیعھا منھ وأن العبادة ھو المستحق لھا، ویعبده كما أمره، وینتھي عن

.معاصیھ

نعمة لھ على العبد فخلقھ إیاه حیا لینفعھ؛ ألن غیر الحي ال یصح فأما أول تفضل، وثواب، وعوض، : أن ینتفع، والمنافع التي خلق اهللا الخلق لھا ثالث

ولما لم یصح الثواب واألعواض إال بالتكلیف كلفھ لیصل إلى جمیع أنواع .النعم

.ألیس غیره أیضا ینعم باإلعطاء والمواھب؟: فإن قیل

بلى، ولكن ما یعطیھ من األشیاء المنتفع بھا خلقھ تعالى وھو الذي : قلناجعل الواھب والموھوب لھ بحیث لھ تصح الھبة ورغب إلى ذلك، فمعظم

النعم منھ تعالى، وإن كان ھذا المعطي أیضا منعما یجب شكره إال أن معظم .الشكر لھ تعالى

]في ما أوجبھ اهللا على عباده[مسألة

ما أول ما أوجب اهللا تعالى على عباده؟ وما سائر الواجبات؟: قالإن

التكلیف یتضمن شیئین العلم والعمل، والعلم أصول وفروع، : قلنا: الجواب .فمنھا ما یجب تعینھ على كل مكلف، ومنھا ما ھو فرض على الكفایة

فعل وترك، والفعل على ضربین، فمنھ ما یجب على : والعمل على ضربینكل واحد، ومنھ ما ھو فرض على الكفایة، فأول ما یجب على المرء النظر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 21: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

في طریق معرفتھ تعالى لیعرفھ، ثم یعرف صفاتھ، ثم یعرف النبوات والشرائع، وذلك یشتمل على علوم التوحید والعدل وعلوم النبوات

.والشرائع

]في أصول الدین[مسألة

. على كم؟أصول الدین على كم تنبني؟ وفروعھ: إن قال

علوم التوحید، وعلوم العدل، وعلوم النبوات، : أصول الدین أربعة: الجواب .وعلوم الشرائع

أن تعرف اهللا وأنھ تعالى قادر عالم حي سمیع بصیر قدیم غني : والتوحیدلیس لھ مثل وال شبیھ، ولیس بجسم وال عرض، وال مكان لھ وال جھة، وال

.المختصة بالجواھر واألعراضتجري علیھ شيء من الصفات

أن تعلم أنھ تعالى ال یفعل القبیح وال یخل بواجب، وأن أفعال : وعلوم العدلالعباد فعلھم، وأنھ كلفھم لنفعھم وأعطاھم القدرة واآللة واإلستطاعة قبل

الفعل ولم یكلف إال بعد إزاحة العلة، وأنھ ال یعذب بغیر ذنب وال یأخذ أحدا أنھ ال بد أن یثیب من أطاعھ ویجوز أن یعاقب من عصاه، بذنب غیره، و

.وأنھ أخبرنا أنھ یعاقبھ ال محالة

أن تعلم جواز البعثة ووجوبھا، وصفة الرسول، وصفة : وعلوم النبوات .المعجز، فإن الرسول یجب أن یكون معصوما یوثق بقولھ وفعلھ

مامة، واألمر الوعد والوعید، واألسماء، واألحكام، واإل: وعلوم الشرائع .بالمعروف والنھي عن المنكر، ثم األعمال والتروك

فأما الفقھیات فمبنیة على أربعة أجناس، منھا العبادات، ومنھا المعامالت، ومنھا أحكام الفروج، ومنھا أحكام الدماء، وال یشذ شيء من األصول

.والفروع مما ذكرنا

]ألربعةفي التمییز بین الحق والباطل باألدلة ا[مسألة

بأي شيء یعرف الحق من الباطل ویمیز بینھما؟: یقال

.باألدلة: قلنا

فما األدلة؟: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 22: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.العقول، والكتاب، والسنة، واإلجماع: أربعة: قلنا

فأما العقل فألنھ تعالى خاطب العقالء واحتج علیھم بما في عقولھم وألن بھ .لیاتنمیز بین الحسن والقبیح، وبھ نعرف جمیع اإلستدال

ناقضت بدعواك مذھبك؛ ألنك فزعت في : لمن أبطل أدلة العقولویقال إبطال أدلة العقول إلى العقل فإما أن تصححھ فتبطل طریقتك، وإما أن

.تبطلھ فیبطل استداللك وتصح أدلة العقول

بأي شيء یصح أن تعرف كل األشیاء، أتعرف بالعقل أو بالسمع؟ : ویقال لھ .بالسمع: مذھبھ، وإن قالبالعقل، بطل: فإن قال

فمذھبك غیر منصوص علیھ في السمع، ولیس في السمع إبطال ما : قلنا .سوى السمع

.وأما الكتاب فألنھ كالم حكیم صادق ال یجوز علیھ الكذب فكان حجة

بأي شيء عرفتم أنھ كالم اهللا تعالى؟: فإن قیل

:لنا فیھ طریقان: قلنا

.یر مقدور للبشر فنعلم أنھ كالم اهللا تعالىأنا عرفنا بالسبر أنھ غ: إحداھما

بالمعجز عرفنا صدق الرسول وعلم من دینھ ضرورة أنھ كالم اهللا : والثاني .تعالى

ألیس روي أن فیھ زیادة ونقصانا؟: فإن قیل

باطل، فإنھ أدي إلینا كما أنزل، وضمن اهللا تعالى حفظھ، وبعد فلو كان : قلنا .شيء زائد ثم نقص لما خفي

ألیس بعضھم قال فیھ ما ال یعرف معناه، وبعضھم قال ظاھر : فإن قیل وباطن؟

كلھ باطل، وغرض الحكیم بإنزالھ اإلفھام، فإن أراد ما وضع لھ حمل : قلناعلیھ وإن أراد غیره أو كان مجمال أو متشابھا بین ونصب األدلة على

.مراده

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 23: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

قولھ، وقد أطلق ذلك على فأما السنة فھو ما تواتر نقلھ وصح منھ فعلھ أوأخبار اآلحاد، إال أنھا حجة في فروع الشرع، ولیست بحجة في أصول

وما ﴿: الدین؛ ألن طریقھ القطع، فال بد من دلیل مقطوع بھ، وقال تعالى -وعلم من دینھ ] ٧:الحشر[﴾آتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنھ فانتھوا

أن قولھ وفعلھ حجة، والعلماء من لدن الصحابة إلى -وآلھ صلى اهللا علیھ .یومنا ھذا یرجعون إلى سنتھ في معرفة األحكام دل أنھ حجة

ومن یشاقق الرسول من بعد ما تبین ﴿: فأما اإلجماع فھو حجة لقولھ تعالىولھ ما تولى ونصلھ جھنم وساءت لھ الھدى ویتبع غیر سبیل المؤمنین ن

، فأوعد على سلوك طریقة غیر طریقة المؤمنین، دل ]١١٥:النساء[﴾مصیرافإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ﴿: أن طریقتھم حق وصواب، وقال تعالى

ى كتاب اهللا وسنة رسولھ فشرط في الرد إل] ٥٩:النساء[﴾اللھ والرسول: - صلى اهللا علیھ وآلھ -المنازعة، دل على أن مع الموافقة ال یجب، وقال

علیكم بالجماعة فإن ید اهللا : ((، وقال))ال تجتمع أمتي على ضاللة((عدال : ﴾ أيوكذلك جعلناكم أمة وسطا﴿: ، واستدل أبو علي بقولھ))علیھم

].١٤٣:البقرة[﴾شھداء على الناسلتكونوا ﴿

أھو حجة أم ال؟- علیھم السالم -فما قولكم في إجماع أھل البیت : فإن قیل

إنما یرید اللھ لیذھب ﴿: عند الزیدیة ھو حجة، واستدلوا بقولھ تعالى: قلنا صلى -، وبقولھ ]٣٣:األحزاب[﴾اعنكم الرجس أھل البیت ویطھركم تطھیر

إني تارك فیكم الثقلین، كتاب اهللا، وعترتي أھل بیتي، ما : ((-اهللا علیھ وآلھ أنھ - رحمة اهللا علیھ -، وذكر شیخنا أبو علي ))إن تمسكتم بھما لن تضلوا

لو صح ھذا الخبر دل على كون إجماعھم حجة، فأما سائر شیوخنا فال .عض األمةیجعلونھ حجة؛ ألنھم ب

.ھل یجوز أن تستوي الدالئل في مسألة فیھا خالف؟: فإن قیل

أما في األصول فال؛ الستحالة أن یكون كالمھما حقا، فأحدھما یكون : قلناحجة واآلخر شبھة، كما نقول فیما نفى التشبیھ أنھ أدلة، وما أثبتھ فشبھة؛

مكان، وكذلك الرؤیة، الستحالة أن یكون هللا تعالى شبھ وال شبھ لھ، وكذلك الوجمیع مسائل التوحید، فلھذا أبطلنا قول من قال بتكافؤ األدلة، وكفرنا

.القائلین بھا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 24: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فأما في فروع الشرع ومسائل االجتھاد، فعند مشایخنا یجوز أن تستوي، .ویكون التعبد لكل واحد بما أدى اجتھاده إلیھ ویكون كل مجتھد مصیبا

األصول في أن كل مسألة فیھا دلیل قاطع على ومنھم من جعل ذلك بمنزلة .الحق، وإلى ذلك ذھب جماعة من البغدادیین

.ال بد من ترجیح، على ما یحكى عن أبي الحسین: ومنھم من قال

كیف یصح قولكم في األصول أن الحق فیھا واحد وعلیھ دلیل : فإن قیلقادا زمانا طویال قاطع، ونحن نجد العقالء مختلفین فیھ، ونرى من یعتقد اعت

.ثم یتركھ ویعتقد غیره؟

اختالف العقالء ال یؤثر في ھذا؛ ألنھ قد یذھب عن الحق لشبھة : قلناولغرض، ولو أثر في ھذا األثر ألثر في المشاھدات ومخبر األخبار

ونحوھا، فإن العقالء اختلفوا فیھا، فكذلك من یرجع من مذھب إلى مذھب ثم . ھاھنا حقیقة لشيء أم ال؟ما تقول ھل: یقال لھ

.نعم: ال، ألحق بالسوفسطائیة، وإن قال:فإن قال

.ھل للمستدل علیھ حقیقة؟: قلنا

.ال خرج من الملة، وإن قال نعم: فإن قال

فھل ھاھنا حق یجب على المكلف اعتقاده أم ال؟ فإن قال نعم وال بد من : قلنا .فھل ھاھنا طریق بھ یعرف ذلك؟: قلنا. ذلك

.نعم: ال أدى إلى تكلیف ما ال یمكن، وإن قال: إن قالف

.فما ذلك الطریق؟: قلنا

: التقلید، لزمھ ما سأل عنھ، فإن المقلدین مختلفون أیضا، وإن قال: فإن قال .النظر في الدلیل لیمیز بین الحق والباطل والدلیل والشبھة، فھو ما نقولھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 25: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لم وإثبات المحدث وصفاتھالقسم الثاني الكالم في حدوث العا مسألة في وجوب النظر

إن أول ما یجب على المكلف النظر في طریق معرفة : الذي نقول في ذلكاهللا تعالى، ثم النظر في طریق معرفة صفاتھ، ثم في عدلھ، ثم في النبوات

.على الترتیب

: إن المعارف ضرورة، ومنھم من أوجب النظر وقال: ومن الناس من یقولفة تحصل عنده طباعا، ومنھم من عول على التقلید وزعم أن الخوض المعر

ھل یجب العلم بالدیانات على : في الكالم بدعة والواجب ھو التقلید، فیقال لھ المكلف أم ال؟

خالف العقول؛ ألن العاقل إذا رأى اختالف الناس في ذلك . ال یجب: فإن قالیحصل خائفا وعند الخوف ال وما توعد كل أحد صاحبھ من الوعید ال شك

فاعلم أنھ ال ﴿: بد من طلب أمر یأمن بھ من ذلك ویعلم الحق، وقد قال تعالى، ووردت السنة بذلك، وانعقد اإلجماع على أن ]١٩:محمد[﴾إلھ إال اللھ

.الجھل باهللا كفر

.بال یجب: وإن قال

.فبماذا تحصل المعارف؟: قلنا

.یدبالتقل: فإن قال

.فلم صار تقلید بعض العقالء أولى من بعض: قلنا

.ھل یأمن بالتقلید أنھ محق؟: ویقال لھ

.ال: لزمھ في كل مقلد، وإن قال. نعم: فإن قال

.فكیف یثق بشيء ال أمان لھ فیھ، وال یأمن من كونھ مخطئا ضاال؟: قلنا

.یثق إذا قلد األكثر أو من ھو أعلم وأورع: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 26: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فكیف یأمن : فمع ھذا ھل یجوز أن یكون مبطال؟ فال بد من نعم، قلنا: قلنامن أنھ على ضالل؟ وأیضا أیجوز أن تتغیر الحال فیصیر األقل أكثر

.واألكثر أقل، واألفضل مفضوال والمفضول أفضل؟

نعم، وجب فیما كان حقا أن یصیر : كابر العقول، وإن قال. ال: فإن قال .باطال أن یصیر حقاباطال، وفیما كان

أولم ﴿: ألیس اهللا تعالى حث على النظر وأوعد على تركھ فقال: ویقال لھمقل ﴿: ، وقال]١٨٥:األعراف[﴾ینظروا في ملكوت السماوات واألرض

وكأین ﴿: ، وقال تعالى]١٠١:یونس[﴾انظروا ماذا في السماوات واألرض آیة في السماوات واألرض یمرون علیھا وھم عنھا من -، ووردت السنة بذلك في رجل سأل رسول اهللا ]١٠٥:یوسف[﴾معرضون

ما صنعت برأس العلم حتى : (( عن غرائب العلم، فقال-صلى اهللا علیھ ، ))ق معرفتھأن تعرف اهللا ح: وما رأس العلم؟ قال: تسأل عن غرائبھ؟ فقال

: ، وقال))تفكر ساعة خیر من عبادة سنة: ((وقال صلى اهللا علیھ وآلھ )).تفكروا في خلق اهللا وال تفكروا في اهللا((

.ھل یجب شكر المنعم؟: ویقال لھم

.نعم: كابروا العقول، وإن قالوا. ال: فإن قالوا

عم ما ال فكیف نشكر من ال نعرفھ؟ وإذا رأى على نفسھ وغیره من الن: قلنایحصى، وعلم أنھ لم تحصل من جھتھ وال من جھة أمثالھ من إحیائھ

وشھواتھ ومشتھیاتھ، وخطر ببالھ أن لھ منعما إن أطاعھ زاده في نعمتھ، وإن عصاه سلبھ نعمتھ وعاقبھ، فعند ذلك ال بد أن ینظر لیعرف المنعم

.ویشكره

.بد من بلىھل یجب اإلعتراف بالثواب والشرائع؟ فال : ویقال لھم

.فإذا لم نعرف اهللا وأنھ حكیم كیف نعترف برسلھ وأمره ونھیھ؟: قلنا

كیف تعبد من ال : ھل تجب العبادات؟ فال بد من بلى، فیقال: ویقال لھمتعرفھ وال تعرف كیفیة عباداتھ، فال بد من أن تعرفھ بصفاتھ وتعرف

.عباداتھ، حتى یصح أن تعبده

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 27: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

بلى، فیقال لمن ال یعرف : باألنبیاء؟ فال بد منھل یجب اإلیمان : ویقال لھمكیف یعرف : حكمة اهللا وأنھ ال یجوز أن یظھر المعجز على الكذابین

.الرسول؟

ألیس األنبیاء ابتدأوا بالدعاء إلى التوحید، وحثوا أممھم على : ویقال لھمكابروا، فالقرآن ینطق . ال: النظر في صنعھ، وجادلوھم في ذلك؟ فإن قالوا

فقال یاقوم اعبدوا اللھ ما لكم ﴿: ك في قصص األنبیاء في مواضع جمةبذل: ، ثم نبھ على أدلة مختلفة، فقال في موضع]٥٩:األعراف[﴾من إلھ غیره

واتقوا الذي ﴿: ، وقال في موضع]٧٨:المؤمنون[﴾وھو الذي أنشأ لكم﴿ ، أمدكم بأنعام وبنین ، وجنات لمونأمدكم بما تع .، إلى غیر ذلك]١٣٤-١٣٢:الشعراء[﴾وعیون

.نعم: وإن قالوا

.فإذا ھو أول الواجبات: قلنا

بم عرفتم بطالن النظر وصحة التقلید؟ فإن قالوا بالنظر : ثم یقال لھم .وتسلسل الكالمناقضوا، وإن قالوا بالتقلید بقي السؤال

.العاقل إذا حزبھ أمر عظیم وعرتھ مخافة إلى ماذا یفزع؟: ویقال لھم

.إلى تقلید الناس: فإن قالوا

.فالناس مختلفون: قلنا

.یقلد طائفة: فإن قال

.فلعل ھالكھ فیھ، كمن یشیر علیھ باقتحام مھلكة: قلنا

.بل ینظر ویمیل إلى األولى: فإن قال

.مور الدینفقل مثلھ في أ: قلنا

ألصحاب الضرورة للعلوم الضروریة عالمات، منھا استواء العقالء : ویقالفیھا، ومنھا أنھا ال تنتفي بشك وشبھة، ومنھا حصولھا من غیر نظر، وھذه

.فكیف یكون ضروریا؟. الثالثة معدومة في باب معرفة الدیانات

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 28: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.عند النظر یقع طباعا: فإن قال

أردت أن اهللا یخلقھ فیھ فھو الضروري الذي بینا ما معنى ھذا؟ فإن : قلناویجب أن ال ینتفي بالشك والشبھة، كالعلم بمخبر األخبار والصانع، وإن

أراد یتولد عن النظر فھو ما قلنا، وإن أراد غیره فیجب أن یبین، وال یعقل .سوى ما قلنا

.إذا كانت المعارف ضروریة وجب أن یكون الجاھل معذورا: ویقال لھم

كیف : بلى، فیقال: ألیس العقالء مختلفین في الدیانات؟ فال بد من: ویقال لھم .یجوز على الجماعة الكثیرة العناد، وإظھار خالف ما یبطن ویعلم؟

المعارف فعل العبید، أو فعل اهللا تعالى فیھم؟ فإن قالوا فعل : ویقال لھم .العبید فھو قولنا، وإن قالوا فعل اهللا

ى نصب األدلة؟ وما معنى النظر في األدلة؟ وما معنى حل فما معن: قلنا .الشبھة؟

.ھب أنھ واجب، فلم زعمتم أنھ أول الواجبات؟: فإن قالوا

ألن سائر المعارف مبنیة علیھ؛ ألن معرفة أفعالھ، ومعرفة النبوات : قلنا .والشرائع ال یصح إال بعد معرفتھ تعالى

ظر أول الواجبات، وقد یجب رد الودیعة ألیس القصد إلى أن الن: فإن قال .عند المطالبة، ویلزمھ ترك القبائح؟

أما القصد فمن توابع النظر، ولیس بمقصود في نفسھ، وأما الودیعة فقد : قلناینفك المكلف عنھا، وغرضنا الواجب الذي ال ینفك عنھ المكلف، فأما ترك

. یلزم شيء مما قالالقبائح فلیس بفعل، وإنما الواجب الكف عنھ، فال

.فالنظر فیماذا یجب؟: فإن قال

في األدلة، حتى یحصل العلم، فإن عرضت شبھة یجب النظر فیھا : قلناحتى یحلھا إن كانت قادحة في الدلیل، فإن لم تكن قادحة یجوز أن ینظر ویجوز أن ال ینظر، ویجب أن یكون عالما بالدلیل على الوجھ الذي یدل،

.ول وینظر نظرا صحیحا حتى یحصل لھ العلموال یعلم المدل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 29: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مسألة في حدوث العالم

العالم بما فیھ من األجسام واألعراض محدث ال قدیم، إال اهللا تعالى، وخالفنا فیھ الدھریة والطبایعیة والمنجمون، فمنھم من زعم أن الھیولى قدیم، ومنھم

ینھم في ذلك اختالف األفالك والنجوم، وب: الطبائع، ومنھم من قال: من قالكثیر مع اتفاقھم على القول شيء قدیم غیر الصانع، إما طبیعة وھیولى، أو

نجم أو طبیعة، والدالئل على حدوث األجسام ونحوه كثیرة نشیر إلى :بعضھا

من الدلیل علیھ أن ھذه األجسام ال تخلو من األعراض ولم تسبقھا : یقال لھمنات واإلجتماعات واإلفتراقات، وھذه التي ھي األكوان، كالحركات والسك

األعراض محدثة، فوجب أن یكون حكم الجسم في الوجود حكم ھذه .األعراض وھي أن یكون محدثا

.نحن ال نثبت األعراض فال یلزمنا ما قلتم: فإن قالوا

ألیس یتحرك الجسم الساكن ویسكن الجسم المحترك، ویفترق المجتمع : قلنا في جھة فیصیر في جھة أخرى؟ فال بد من بلى؛ ویجتمع المفترق، ویكون

.ألن دفعھا دفع العیان والضرورة

.ألیس تتجدد ھذه الصفة على الجسم مع جواز أن ال تتجدد؟: ویقال

.ال، بل یجب تجددھا: فإن قال

لو وجب لما وقف على اختیار مختار، ولما حصل بحسب قصده : قلناكونھ قادرا وعالما، ولكان یجوز وداعیھ، وألنھ لو وجب لكان ال یدل على

أن یحصل من أضعف خلق اهللا نقل جبل، بأن یتفق لقصده وجوب انتقالھ، وال یقدر القوي على نقل خردلة، وفي فساده دلیل على أن ھذه لیست

.ھو جائز: بواجبة، وإن قال

فلم صار بإحدى الصفتین أولى منھ باألخرى إال لمعنى، وال یقال أنھ : قلناعل؛ ألن القدرة على صفة الذات تتبع القدرة على الذات، ونحن ال نقدر بالفا

على ذات الجوھر كذلك على صفاتھ، دلیلھ كالمھ وكالم غیره، فلم یبق إال .أنھ لوجود معنى

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 30: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.إنھ لعدم معنى عنھ، یصیر كذلك: فإن قال

المعدوم ال یختص بجوھر وال بجھة، وبعد فلو عدم الضدان وجب أن : قلنا . على صفتین ضدین فثبت أن ھاھنا معنى یوجب ھذه الصفاتیحصل

ألیس كونھ محتركا كان حاصال، وكونھ ساكنا لم یكن حاصال، : ویقال لھمفلم صار ما كان حاصال بالعدم أولى، وما كان : فال بد من بلى، فیقال

.معدوما بالوجود أولى لوال ما یؤثر في ذلك وھو المعاني التي نریدھا؟

.یحصل كذلك لعدم معنى أو بالفاعل، فالجواب ما ذكرنا: فإن قال

بلى، وإذا : ألیس یحسن األمر والنھي في الشاھد؟، فال بد من: ویقال لھمبلى؛ ألن العقول شاھدة : فعل أو لم یفعل یحصل الحمد والذم، فال بد من

.بذلك

اعطني الكوز، : ھبما ذا تعلق األمر والنھي، فإذا قال السید لغالم: فیقال لھموما أشبھھ، فالمأموریة ماذا؟ الغالم؟ فكان موجودا؟ أو الكوز فھو موجود؟

فلم یبق إال أنھ تعلق بمعنى غیر الكوز، . أو الھوى المحیط بھ؟ وذلك محالوالغالم وھو األكوان التي نوجدھا فیھ حتى یقربھ من سیده، وعلى ھذا

.كل ذلك یدل على ما قلناالحمد والذم والسؤال والطلبة والتكلیف

: ما قال الشیخ أبو الھذیل ألبي بكر األصم وكان ینفي األعراضویقال لھم .كم حد الزاني؟

.مائة جلدة: قال-

.كم حد القاذف؟: قال-

.ثمانون جلدة: قال-

.ألیس یزید حد الزاني على حد القاذف بعشرین جلدة؟: قال-

.بلى: قال- .اذا؟ عن الجالد أو المجلود أو السوط أو الھوا أو األرض؟فھو عبارة عن م: فقال-

.ال: فقال-

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 31: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.فھل ھاھنا غیر ھذه األشیاء؟: فقال-

.ال: قال-

.فكأنك تقول ال شيء أكثر من ال شيء بعشرین: قال-

.ھب أنا أثبتنا األعراض: فإن قال

ل الجسم خال منھا لم یزل ثم حدثت فیھ وكانت األجسام في األز: فیقول .ھیولى معراة عن جمیع المعاني

ھل یجوز أن یكون جسم ال محتركا : أن ھذا باطل؛ ألنا نقول لك: فجوابنا .وال ساكنا وال مجتمعا وال مفترقا؟

فإذا لم تخل من ھذه الصفات : كابر العقول، وإن قال ال، قلنا. نعم: فإن قال .لوھذه الصفات لعلل، فال شك أنھا ال تخلو من ھذه العل

.أیجوز اآلن خلوھا من ھذه األكوان: ویقال لھم

.قلنا كذلك فیما مضى. ال: یجوز، كابروا، وإن قالوا: فإن قالوا

تصور جوھرین ال یخلو إما أن تكون بینھما مسافة أو ال تكون، : ویقال لھم .بلى: وھذا نفي وإثبات ال واسطة بینھما، فال بد من

. فبأي شيء أجاب لزمھ إثبات معنىأفي األزل على أي صفة كان،: فیقال

.ألیس الجوھر ال یكون إال متحیزا؟: ویقال لھم

.بلى: فإن قالوا

.والمتحیز ال بد لھ من جھة، وإنما یكون في الجھات بالمعاني: قلنا

.یكون جوھرا، موجود غیر متحیز: وإن قال

.فیھ قلب ذاتھ؛ ألن التحیز من صفات الذات: قلنا

حدث اإلجتماع واإلفتراق فیھ بعد خلوه منھا فأیھما یسبق إذا: ویقال لھم .إلیھ؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 32: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.اإلفتراق: فكیف یجتمع ما لم یكن مفترقا، وإن قال. اإلجتماع: فإن قال

فكیف یفترق ما لم یكن مجتمعا، فال بد أن یكون في األزل على إحدى : قلنا .الصفتین

: بلى، فیقال: بد منھل كان الجوھر في محاذات في األزل، فال : ویقال لھمفتلك صفة واجبة لھ، فوجب أن ال یزول عنھ، وفي علمنا بجواز انتقال كل

.جوھر دلیل على فساد ما قالوا

أیجوز أن یكون جسم ال متحرك وال ساكن وال مجتمع وال مفترق : ویقال لھ .وال في جھة مع كونھ متحیزا؟

.نعم: ال، كفینا المھم، وإن قال: فإن قال

.فالواجب فیمن أخبره مخبر بأنھ شاھد جسما كذلك أن ال یكذبھ: ناقل

.ھل ھذه المعاني موجبة لھذه الصفات أم ال؟: ویقال لھ

.نعم: ال، أبطل إثباتھا، وإن قال: فإن قال

.فھل یجوز حصول ھذه الصفات بغیر ھذه المعاني؟: قلنا

.ال: فإن قال

ھا كان لمعنى یوجب تلك ففي األزل على أي صفة كان، فعلى أی: قلنا .الصفة

نحن نقول بإثبات األعراض وإن الجسم ال یخلو منھا ولكن نقول : وإن قالوا .األعراض قدیمة كما إن األجسام قدیمة

إن ھذا باطل؛ ألن الدلیل دل على حدوث المعاني بأن القدیم ال : فجوابنا .یجوز علیھ العدم، وأن األعراض یجوز علیھا العدم

إذا سكن الجسم المحترك أو تحرك الساكن، أو كان في جھة : مفنقول لھ .فصار في جھة أخرى، فما حال المعنى األول؟

.ھو باق كما كان: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 33: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فوجب أن یوجب كون المحل متحركا ساكنا، ویكون في جھتین أو : قلنا .یوجب قلب الذات من حیث تخرج العلة عن كونھا علة، وھذا فاسد

.ل عنھینتق: فإن قال

: االنتقال من صفات الجسم حیث یفرغ مكانا ویشغل مكانا، وإن قال: قلنافقد جوز العدم، فإن قال بانتقال غیر ھذا ال . یعدم عن المحل األول ثم یوجد

یعقل، وبعد فإذا انتقل مع جواز أن ال ینتقل وجب أن ینتقل لمعنى، وبعد فال .بعضھا دون بعضاختصاص لھ ببعض األجسام، فلم انتقل إلى

: إذا أمر العاقل غیره بفعل حسن، أیحسن في العقل؟ فال بد من: ویقال لھم .نعم؛ ألن العقالء یستحسنونھ

.األمر تعلق بإیجاد موجود أو بإیجاد معدوم؟: قلنا لھم

فإن قال باألول أحال، وإن قال بالثاني أبطل قولھ، وإنما قلنا إن القدیم ال القدیم قدیم لنفسھ ال یجوز أن یكون لمعنى وال یجوز علیھ العدم؛ ألن

.بالفاعل، وإذا كان قدیما لنفسھ لم یجز علیھ البطالن

نحن نوافقكم في الدعاوي الثالث، ونقول لیس حكم الجسم حكم : فإن قالوا .األعراض في الوجود، ونقول ال یخلو من الحوادث إلى ما نھایة لھ

ما لوجوده أول، والقدیم ما ال أول ھذا باطل، ألیس المحدث: فیقال لھملوجوده، والقول بأن القدیم ال یتقدم المحدث، ینقض إما حقیقة القدیم أو

.حقیقة المحدث

.في الحوادث ما ھو قدیم: ویقال لھ

.ال: نعم بطل قولھ أنھا حوادث، وإن قال: فإن قال

.فوجب أن یتقدم القدیم جمیعھا: قلنا

یض، إما أن تقول في األعراض ما وجوده أنت بین طرفي نق: ویقال لھفیھا ما ھو قدیم : كوجود الجسم، فإن أقررت بأن الجسم قدیم وجب أن تقول

لیس فیھا ما وجوده كوجود الجسم، فقد : إنھا حوادث، أو تقول: فبطل قولك .إنھ ال یخلو منھا: أقررت بأن الجسم خال منھا فنقض قولك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 34: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كل جزء : كان باطال؛ ألن من قال. یمكل واحد محدث والجمیع قد: وإن قالكل واحد من الزنج أسود : مدور والجمیع مربع كان باطال، وكذلك من قال .والجمیع لیسوا بسود

زید وعمرو لم یحل أحدھما من : ما تقولون في رجل قال: فیقال لھمصاحبھ، ولم یسبق أحدھما اآلخر، ثم علم أن لزید عشر سنین، علم أن

ألحدھما عشر سنین، ولآلخر عشرین : كذلك، ولو قال قائللعمرو أیضاسنة، عده العقالء مناقضا كاذبا، وكذلك حال ھؤالء أقروا بالحوادث وجعلوا

.وجودھا كوجود القدیم

ألیس نشاھد أشیاء لم تكن ثم كانت، كالحیوانات : ویقال لھم ووجھ آخرالتراكیب العجیبة، والنبات والثمار والزروع وغیرھا مما ھي علیھ من

ظاھرا وباطنا، ومع الصور المختلفة، والحواس واألعضاء والنمو والنطق واألزھار المختلفة، واأللوان والطعوم واألرائح والشھوات والمشتھیات،

.أكان جمیع ھذا قدیما أم حدث بعد أن لم یكن؟

حدث بعد : قدیم، كابروا العقول، ودفعوا المشاھدات، وإن قالوا: فإن قالوابعض ذلك قدیم وبعضھ : أن لم یكن، فقد اعترفوا بحدوث الجسم، وإن قالوا

.فیھ قوة ومادة تحدث منھا ھذه الحوادث

ھذا باطل؛ ألن جمیع األجسام سواء في صفاتھا، فإذا كان بعضھا : قلنا .محدثا كان الجمیع كذلك

.تلك المادة في الجسم قدیمة أو محدثة؟: ویقال لھم

.قدیمة: محدثة تحتاج إلى مادة أخرى تسلسل، وإن قالوا:وافإن قال

.وسنفصل الكالم في ھذا من بعد. وجب أن تكون المحدثات قدیمة: قلنا

.الھیولى الذي أشرتم إلیھ ھو من جنس ھذه األجسام أم ال؟: ویقال لھم

.من جنسھا: فإن قالوا

.عقلفوجب أن تكون محدثة، وإن قال لیس من جنسھا، لم ی: قلنا

التراكیب التي حصلت من الھیولى ثم حدثت إما نفس الھیولى : ویقال لھم .علة؟ أم فیھا قوة ھي علة؟ أم فاعل فعل منھا؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 35: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.باألول والثاني؟: فإن قالوا

.وجب أن تكون المركبات قدیمة؛ الستحالة تأخر المعلول عن العلة: قلنا

.وإن قالوا بالفاعل بطل قولھم

كانت الجواھر قدیمة، وقد ثبت أنھا متحیزة؛ ألن لو : ووجھ آخر یقالتحیزھا من صفات الذات فال بد أن تكون في جھة، ولو كان لم تزل في جھة

لكانت كذلك لنفسھ، أو لعلة قدیمة الستحالة أن یكون بالفاعل، أو لعلة محدثة، ولو كان كذلك لما جاز أن ینتقل عن تلك الجھة، وقد علمنا أن ال

.صح علیھ االنتقال دل على أنھ لیس بقدیمجوھر إال وی

ولیس : بلى، قلنا: ألیس الجواھر مدركة؟ فال بد من: ویقال لھم ووجھ آخر: الشيء إذا أدرك یدرك على صفتھ النفسیة، كالسواد والبیاض، فال بد من

ألیس القدم من صفات الذات الستحالة أن یكون بالفاعل أو علة : بلى، فیقال قدیما ألدرك قدیما ویعلم قدیما ضرورة؛ ألن ما یعلم قدیمة، ولو كان

.بالمشاھدة یعلم ضرورة، وفي بطالن ذلك دلیل على حدوث األجسام

مسألة في إثبات المحدث

إن العالم إذا كان محدثا فال بد لھ من محدث أحدثھ وأنشأه، ونفى : ونقولر تحدث في العالم الصانع جماعة من الدھریة، ولما شاھد العقالء كلھم أمو

من الحیوانات وغیرھا، وتنقل األحوال بھا، أجمعوا كلھم أنھ ال بد من مؤثر .ألجلھ تحدث، ثم اختلفوا في المؤثر

ال بد من حي قادر عالم قدیم أوجدھا وأحدثھا، ال من : فقال أھل التوحیدأصل، وال من شيء، وال یجوز حدوث جوھر من شيء، بل جمیعھا

.ا الصانع اختراعایخترعھ

إلى أن المؤثر قوة ومادة في األشیاء، لھا تحدث، وسماھم وذھبت الدھریة .بعضھم الطبایع، والمنجمون أضافوا التأثیر إلى النجوم

ونحن نبطل مقاالت القوم، ونصح أدلة الموحدین على سبیل اإلیجاز .واالختصار

ودھا إلینا، ولذلك یكون ألیس أفعالنا تتعلق بنا وتحتاج في وج: فیقال لھم .وقوعھا بحسب قصدنا وإرادتنا، وانتفاؤھا بحسب كراھتنا وصوارفنا؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 36: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.نعم: كابروا العقول وما یعلم ضرورة، وإن قالوا. ال تتعلق بنا: فإن قالوا

لماذا تحتاج إلینا في حال حدوثھا أو حال عدمھا أو حال بقائھا؟ وأجمع : قلناحدث، وأن الباقي ال یحتاج إلى فاعلھ حتى العقالء أن العدم ال یتعلق بم

یبقى، فعلمنا أن الحاجة للحدوث؛ وألن الحدوث یتعلق بحسب قصودنا وإذا . ودواعینا، وانتفاء الحدوث بحسب كراھتنا، فعلم أن الحاجة للحدوث

ثبت ھذا فیما یحدث من أفعالنا، فكل ما شاركھا في الحدوث وجب أن تكون .وقد ثبت حدوث العالم فثبت حاجتھ إلى محدثحاجتھ إلى المحدث كھي،

.إنھا بطبیعة أو مادة أو قوة تحصل، على اختالف عبارات القوم: فإن قال

سنبین فساد ذلك، وبعد فكل ما دل على حاجتھ إلى محدث دل على أن : قلناوقد نبھ اهللا تعالى . المحدث یجب أن یكون قادرا عالما حیا سمیعا بصیرا

ة التوحید في مواضع جمة من كتابھ وفصلھا المتكلمون، فقال في على أدلإن في خلق السماوات واألرض واختالف اللیل والنھار ﴿: سورة البقرة

ن والفلك التي تجري في البحر بما ینفع الناس وما أنزل اللھ من السماء مماء فأحیا بھ األرض بعد موتھا وبث فیھا من كل دابة وتصریف الریاح

والسحاب المسخر بین السماء واألرض آلیات لقوم راب ثم إذا ومن آیاتھ أن خلقكم من ت﴿: ، وفي الروم]١٦٤:البقرة[﴾یعقلون

أنتم بشر تنتشرون ، ومن آیاتھ أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إلیھا وجعل بینكم مودة ورحمة إن في ذلك آلیات لقوم یتفكرون ، ومن

ماوات واألرض واختالف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك آیاتھ خلق الس: ، وفي سورة النمل]٢٢-٢٠:الروم[اآلیات إلى آخرھا…﴾آلیات للعالمین

ق أمن خلق السماوات واألرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا بھ حدائ﴿ذات بھجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرھا أءلھ مع اللھ بل ھم قوم

، وغیر ذلك من اآلیات في خلق اإلنسان، ]٦٠:النمل[اآلیات…﴾یعدلونوخلق السماوات واألرض وما بینھما على ما ننبھ على تفصیلھ على طریق

:وان، فأول ما فیھ أن یقال لھماإلیجاز، فمن ذلك خلق الحی

إذا وقعت النطفة في الرحم وھي ماء مھین، ثم تصیر بشرا سویا ذا حواس وجوارح وأعضاء وعروق وأعصاب، وتراكیب عجیبة باطنة وظاھرة،

وتألیفات بین العظام بدیعة، وعضالت متصرفة، ثم ینقلھ من حال إلى حال، ن یصیر شیخا، فإذا بلغ العاقل وتفكر والتدبیر العجیب فیھ بعد الخروج إلى أ

فیھ علم أنھ لم یحصل ذلك بفعل آبائھم وأمھاتھم، وال بفعل أمثالھم من األجسام ضرورة، وعلم أنھ لم یحصل بفعل نفسھ؛ ألنھ مع كمال حالھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 37: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وعلمھ وقدرتھ، ال یقدر على تسویة معوج من بدنھ، أو تعدیل زیادة أو كونھ نطفة أولى أن ال یقدر، فعلم عند نقصان، أو تغییر صورة، ففي حال

.ذلك أن لھ صانعا مخالفا لألجسام

ولما أورد مشایخنا ھذه الحجة على الدھریة، ذھبوا في التحیز كل مذھب، إنما یحصل كذلك لقوة في النطفة أو : وتھوسوا بأباطیل جمة، فمنھم من قال

تالف كثیر منھم ھناك قالب، وغیر ذلك من اخ: في الرحم، ومنھم من قالفیھا، فذكر مشایخنا أن جمیع ذلك باطل؛ ألن في أول الحال جمیع ذلك

حاصل، وال یحصل الولد وإنما یحصل على الترتیب والتدریج، فعلم أنھ من فعل قادر یفعل كما یشاء، عالم بالنظام مختارا یفعل متى شاء على التدریج

.والترتیب

حدا، ثم إذا صار بشرا تحصل فیھ أعضاء ألیس المني شیئا وا: ویقال لھممختلفة، وصور عجیبة، وحواس جمة، وعروق، وأعصاب، ودماء،

.وشعور

وكما تختلف ھذه األشیاء تختلف منافعھا، فالعینان للنظر والرؤیة، والیدان للبطش والعمل، واألذنان للسماع، والرجالن للسعي والتصرف، واألنف

واألكل، والحنجرة واألسنان والشفتان آالت للشم، والفم إلدراك الطعومللكالم والمضغ وغیر ذلك، والقلب محل الشھوة والعلم واإلرادة، والمعدة للغذاء والھضم، والعروق للدم والمنافذ لتصل المنافع إلى كل عضو لتقدر

الفصول واألوعیة لحملھا، والكبد للتخلیص، والفروج للتناسل، واألعصاب ت التي بھا تحصل التصرفات، والشرایین للتنفس، للحركات والسكنا

والعضالت للمد والجذب؛ ألنھ ال یتم التصرف إال بھ، والدماغ ألنواع من أال ﴿: المنافع، وغیر ذلك مما ال یمكن ضبطھ إال لمن خلقھ كما قال تعالى

].١٤:الملك[﴾یعلم من خلق وھو اللطیف الخبیر

ھذه الحواس ألیس األصل من نطفة، وعندكم الطبایع حاصلة ثم: ویقال لھمفي الجمیع، فما بال واحد یسمع وواحد یرى وواحد یشم وآخر یذوق وآخر یدرك الحرارة والبرودة، ثم ركب كل واحد على ھیئة مخالفة لألخرى،

وجعل لبعض ذلك بنیة ولبعضھا بنیة مخصوصة، أو یحصل مثل ذلك من وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة ﴿: على ما قال تعالىغیر قادر عالمعجبا البن آدم : "- علیھ السالم -، وعن علي ]٩:السجدة[﴾قلیال ما تشكرون

".یبصر بشحم، ویسمع بخرم، ویتكلم بلحم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 38: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألیس الحي عندكم ال بد لھ من مادة الغذاء ال یعیش إال بھ : ویقال لھمفھذا البشر إذا صور في الرحم : بلى، فیقال: وجوبا، وعندنا عادة، فال بد من

كیف رزق، وكیف غذي، عندكم بدم ولیس بغذاء ألحد؟ ثم كیف بقي على ھذا مدة؟ وكیف تحرك وخرج في وقت؟ وكیف حول رزقھ إلى ثدي أمھ؟

اء وكیف اھتدى إلى ذلك عند انقطاع الغذاء األول؟ وكیف انتقل إلى غذآخر؟، وینقل بأحوال، ثم صور بخالف سائر الحیوان، وربي على ترتیب

وصوركم ﴿: وتدریج، أیحصل مثل ذلك من غیر قادر وعالم؟، قال تعالى ].٣:التغابن] [٦٤:غافر[﴾فأحسن صوركم

ألیس الحواس خمسا، والمحسوسات منقسمة على الحواس حتى : ویقال لھمال یحس أو حاسة ال تحس، وأعد كل حاسة لمحسوس، ال یبقى محسوس

حتى لو لم تكن لھ تلك الحاسة یجد لنفسھ من النقص ما ال خفاء بھ، فمن ھیأ .ھذه الحواس لھذه المحسوسات غیر القدیم العالم سبحانھ وتعالى

الحیوانات كلھا مشتركة في كونھا أحیاء وفي كثیر من علوم : ویقال لھم اإلنسان عاقال دون سائر الحیوانات، حتى نرى من ال عقل اإللھام، ثم صار

لھ كالصبیان والمجانین یلحق بالبھائم، ومن كان عاقال صلح لكل أمر .وتدبیر، فمن دبرھم كذلك؟ ومن میز العقالء، ومن أعقلھم؟

من ھیأ الصوت والكالم؟ ومن ركب اآللة فیخرج الصوت من : ویقال لھمات یفعلھا اإلنسان في تلك المخارج، ثم ھیأ اللسان قصبة الرئة باعتماد

والشفتین واألسنان لصناعة الحروف حتى لو اختل بعض ذلك اختل النطق، ثم الحروف بعضھا حلقیة وبعضھا فمیة وبعضھا ھوائیة، ولیس كل حیوان لھ ھذه اآلالت، فلم صار اإلنسان مخصوصا بالنطق دونھم؟ ومن أعطاه

واختالف ألسنتكم ﴿: ي بھا ینطق على ما قال تعالىالتراكیب الت ].٢٢:الروم[﴾وألوانكم

ألیس ھذه الصور كل واحد من األعضاء واحد، وقد یكون : ویقال لھمالجمیع من أب وأم واحد فبأي شيء یتمیز، ولو سئل كل واحد یصف ما

لك إال العالم یتمیز بھ كل شخص من شخص لتعذر علیھ، فمن ھیأ ذلك كذ .بتفاصیل األشیاء، وقادر على ما یشاء

ألیس نبات الشعر یختلف نفعھ، ففي مواضع یكون جماال ونفعا، : ویقالكاللحى والذوائب والحواجب، وال ینبت في موضع یضر ویقطع المنافع،

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 39: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كداخل العین والفم وكف الید وداخل الفروج ونحو ذلك، ھل یحصل ھذا .من علیم قدیرالتقدیر إال

ألیس الرحم والنطفة واحدا، واألب واألم واحدا، والغذاء : ویقال لھموالھواء واحدا، فلم اختلف األوالد، فمن ذكر وأنثى، ومن تام وناقص، ومن صور مختلفة، منھا ما ینمو ومنھا ما ال ینمو، فھل یحصل ذلك إال من حكیم

اء إناثا ویھب لمن یشاء الذكور، أو یھب لمن یش﴿: علیم، قال تعالى ].٥٠-٤٩:الشورى[﴾یزوجھم ذكرانا وإناثا

ألیس أعطى اإلنسان بعض العلوم التي بھا ینتفع في دینھ ودنیاه، : ویقال لھم علیھا جمیع العلوم، ومنھا يفمنھا ما یحصل ابتداء كالعقول البدایة التي تبتن

صل بالعادة كعلوم الطبائع والتجارب والغراس والزرع، واقتناء ما یحالمواشي والدواب، واستعمال األغذیة واألدویة، وتحصل الجواھر والعلوم والعقائد، ومنھا ما یحصل عند النظر واإلستدالل، كعلوم الدیانات، ومن

باآلجال العلوم ما یمنع إما ألنھ ال یفید أو ألنھ مفسدة كعلم الغیب، والعلم واألرزاق ونحوھا، فمن دبر ھذا التدبیر في اإلنسان إال العلیم بالعواقب .سبحانھ وتعالى، ومن ذلك خلق السماوات وما فیھا من األشیاء العلویة

ألیس العالم كبیت مبني، السماء من فوقھ كالسقف، واألرض : فیقال لھمالجواھر مخزونة مبسوطة تحتھ كالبساط، والنجوم متأللئة كالمصابیح، و

كالذخائر، كل شيء لمنفعة مخصوصة، ثم بث فیما بینھا الحیوانات لمنافعھ، وضروب النبات لمادتھ، وأنواع المنافع لیصل بھا إلى مصالحھ، فھل یصح

.ذلك إال من مدبر حكیم

ألیس ھذه السماوات مركبة ساكنة مرتبة، فمن ركبھا ھذه : ویقال لھم، ومن رفعھا الرفعة العالیة، ومن أمسكھا من غیر مكان التراكیب العجیبة

وعالقة، ومن زینھا بالنجوم المتأللئة، ومن جعل لھا أحسن األلوان، ومن جعل لھا ھذه الصنعة المحكمة إال الذي بیده ملكوت كل شيء وإلیھ

].١٢:النبأ[﴾وبنینا فوقكم سبعا شدادا﴿: ترجعون، كما قال تعالى

ھذه النجوم بعضھا سیارة، وبعضھا منازل وبروج، وبعضھا : ویقال لھمیقطع البرج في مدة، وتختلف في القلة والكثرة، فمن دبر ھذه التدابیر، ومن

.أجرى الفلك على ھذا التقدیر إال العلیم القدیر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 40: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

من جعل الشمس من بین النجوم مضیئة مشرقة على ھذا الحد، : ویقال لھمقمر نورا، ومن جعل ذلك یزید وینقص، ومن أعلم الناس ومن جعل ال

بمجاري النجوم والكواكب، وكیفیة ھذه الثواقب إال اهللا سبحانھ وتعالى، .ومن ذلك خلق األرضین والجواھر السفلیة بما فیھا من آالت ومنافع الخلق

ألیس ھذه األرض أجساما مؤلفة، فمن خلقھا وألفھا، ومن سكنھا : یقال لھملتصیر متصرفا للخلق في تصرفاتھم وأعمالھم، ومن جعلھا موضع نباتھم

رزقا لھم واألشجار والثمار، ومن أرسى الجبال الراسیات وجعلھا كالخزائن، ففیھا تستقر الثلوج، وفیھا تسكن المیاه، ومنھا تخرج العیون،

، ثم وفیھا األفیاء، وفیھا معدن كثیر، من الحیوان من الوحش والطیورركبت فیھا من أنواع الجواھر لمنافع العباد، كالنحاس، والرصاص،

والفضة، والذھب، والزجاج، والجص، وغیرھا من أنواع الجواھر، كل وجعلنا فیھا رواسي ﴿: ذلك لمنافع الخلق، قال تعالى

].١٠:فصلت[﴾وقدر فیھا أقواتھا﴿: ، وقال]٢٧:المرسالت[﴾شامخات

من خلق ھذه البحار، والماء المتراكم فیھا، والحیوانات : ویقال لھمالمجتمعة في مائھا، وأنواع الزینة المستخرجة منھا، والطیب المنتفع بھ

كاللؤلؤ والعنبر وغیرھما من العقاقیر، ثم ھذه السفن لركوبھا، وجعل الماء وآیة ﴿: تعالىبحیث تجري فیھ السفن لنتمكن من األسفار والتجارات، قال

].٤١:یس[﴾لھم أنا حملنا ذریتھم في الفلك المشحون

من ھیأ الحامالت للركوب والحمل في البر والبحر، ففي البر : ویقال لھمأنواع الدواب، وفي البحر السفن، وكیف سخر ھذه الدواب للخلق مع عظم

ھو الذي یسیركم ﴿: ، قال اهللا تعالىحالھا وقوتھا حتى یحمل علیھا ویركب ].٢٢:یونس[﴾في البر والبحر

من خلق ھذه الجواھر السفلیة لمنافع الخلق على ما ھي علیھ، : ویقال لھمفالتراب للبناء، والنبات واألشجار والماء لنمو كل شيء وإصالح كل أصل،

والحطب للوقد، والحجارة والحدید للصناعات، والخشب لألبواب والسفن،وغیرھا، والنحاس لألواني، والذھب والفضة للمعامالت والزینة، والجواھر للتجمل، والحبوب للغذاء، والثمار للتفكھ، واللحوم للمأكل، والطیب للتلذذ،

واأللوان للنظر، واألدویة لتصحیح األبدان وإزالة األمراض، والدواب ، ونحو ذلك مما ال یعلم تفاصیلھا غیر للحمل والركوب، والمواشي لألكل

خلق لكم ما في األرض ﴿: خالقھا ومنشیھا ومدبرھا، قال تعالى ].٢٩:البقرة[﴾جمیعا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 41: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

من ھیأ الشمس فوق الخلق تدور علیھم، تطلع وتغرب حتى لو : ویقال لھمعلمون كانت طالعة أبدا لما تم التدبیر، ولكان الناس أبدا یتصرفون، وال ی

وقتا وال أمدا وال شھرا وال سنة وال یوما، ولكانت األشیاء كلھا تحترق من حرھا، وال ینتفع بشيء من األنوار مع نورھا، ولو كانت الظلمة أبدا لما اھتدوا إلى معادھم ومعاشھم، ولما كان وقت لسكونھم وسباتھم، وھیأھا

لتدبیر، وجعل سائر النجوم الحكیم على وجھ تطلع مرة وتغرب أخرى لیتم ا .خلفا في اللیالي، فھل یمكن مثل ھذا القدر إال من عالم بصیر

وفي ھذا أیضا آیة أخرى وھي ارتفاع الشمس وانحطاطھا على :ویقال لھمحسب فصول السنة، كل فصل لتدبیر وتقدیر، فالشتاء للسحاب واألمطار

تم النبات والحیوانات، ثم والثلوج والبرد، وغیر ذلك من األمور التي بھا یالربیع للنبات والثمار واألرزاق وتحرك الحیوانات، ثم الصیف لتنضیج ما

.یبتدیھ الربیع، ثم الخریف لتمام ذلك

وآیة أخرى دوران الشمس والقمر على العالم لتصل منافعھما : ویقال لھمإلى جمیع الخلق، فلو كانا واقفین في موضع مخصوص الختص بھ قوم

.بقعة، فتعالى اهللا عز وجلو

ومن آیاتھ اللیل والنھار دبرھما على ما نشاھدھما من زیادة ونقصان : ویقال .بحسب المصالح، ولیعلم عدد السنین والحساب بحسب جریان الشمس

ألیس عندكم أن نور القمر من الشمس مقتبس دون سائر : ویقال لھم .بلى: الكواكب، ونور الشمس من ذاتھا، فال بد من

من قدر ھذا التقدیر على اختالفھ، فجعل بعضھا مضیئا أبدا، وجعل : فیقالالقمر مرة یزید ومرة ینقص، ومن أجرى الكواكب في منازلھا، ولم كان بعضھا أقرب وبعضھا أبعد، ولم كان یسیر بعضھا في المنازل أسرع،

فلك كل في ﴿: وبعضھا أبطأ إال بقدر على ما قال تعالى ].٣٣:األنبیاء[﴾یسبحون

ومن آیاتھ الحر والبرد واالعتدال على حسب فصول السنة : ویقال لھمإلتمام المصالح والمعایش، حتى لو تغیر بعض ذلك عن موضعھ لفسد

.العالم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 42: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ومن آیاتھ في ھذه األنواع من النبات المختلفة حتى ییبس كثیر : ویقال لھمیمة الساق صلبة األوراق، ویبقى بعضھا وھي منھا في الشتاء، وھي عظ

دقیقة الساق خضرة ال تتغیر على مرور األیام، فإذا جاء الربیع یتفتح ویكبر ویخرج الحب، ثم في ضروب النبات وألوانھا وأزھارھا ومنافعھا

ومضارھا، فالحبوب للغذاء، والثمار للتفكھ، واألتبان لعلف الدواب ومنافع لألدویة، ثم منافع األوراق واألصول والفروع والصموغ الطین، والعقاقیر

واللحى وكل شيء، فمنھا ما لھ ساق وأغصان فتحمل حملھا، ومنھا ما یكثر : حملھا فیبسط على وجھ األرض، وكل ذلك تقدیر العزیز العلیم، قال تعالى

بتنا فیھا حبا، وعنبا أنا صببنا الماء صبا، ثم شققنا األرض شقا، فأن﴿ ].٢٩-٢٥:عبس[اآلیة…﴾وقضبا، وزیتونا ونخال

ومن آیاتھ أن كل شيء كان الناس إلیھ أحوج فھو أكثر، : ویقال لھمكالحبوب والمیاه واألشجار والحدید ونحوھا، وكلما یستغنى عنھ الخلق فھو

.أقل، كالمسك والسكر ونحوھا

ن آیاتھ أن من الثمرات ما لھ زھر، ومنھا ما ال زھر لھا، وم: ویقال لھمومنھا ما ھي في أوعیة كالسمسم والخردل والقطن والباقال ونحوھا لیقیھا من اآلفات، ومنھا ما لھ قشور كالحنطة، ومنھا ما ھو ظاھر كالثمار، ثم جعل لكل شيء منھا أوراقا على ھیئة ولون، ال یتھیأ ألحد مثلھ سوى اهللا

.عالىت

وآیة أخرى في خلق الفواكھ والثمار، فمنھا الرمان، كیف جعل : ویقال لھمللحبة بالال یتصل بھا في الجیوب، وجعل الحبوب منضودة، وجعل بینھا

اللفائف، ثم جمع ذلك وضمنھا، وجعل لھا قشرا ذات ألوان وطعوما مختلفة، ، ویدرك كل شيء منھا ثم أنواع البطیخ واألعناب، وتنضید حبوبھا وألوانھا

.في وقت معلوم على ما قدرھا العزیز العلیم

وآیة أخرى في أنواع الریاحین واختالفھا وألوانھا وأزھارھا : ویقال لھموطیبھا من ورق وزھر وأصل وعرق، ومنھا ما یخرج في الربیع، ومنھا

ما یخرج في الشتاء، ومنھا ما یدوم، ومنھا ما ال یدوم، كل ذلك تقدیر .لعزیز العلیما

وآیة أخرى في األدویة المختلفة، بعضھا عروق، وبعضھا غصون، وبعضھا صموغ، وبعضھا ال یصلح إال بضم غیرھا إلیھا، وبعضھا سم،

وبعضھا مصلح، وبعضھا ممسك، وبعضھا مسھل، وبعضھا یختص ببعض

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 43: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

األعضاء فیصلحھا ویفسد أخرى، ثم لھا بقاع مختلفة، وبالد مفترقة، یجلب ضھا إلى بعض یضم ویصلح، فمن دبر ذلك وأعلم الناس بھ غیر اهللا بع

.تعالى؟

وآیة أخرى وھي النبات في البراري، من غرسھا؟ ومن حفظھا؟، فمنھا ما ھو رزق الوحوش والدواب واألنعام والطیور، ومنھا ما ھو أدویة، ومنھا

.ما ھو صبغ إلى غیر ذلك مما ال یعلم تفاصیلھ إال اهللا تعالى

وآیة أخرى في النار ووقودھا، وكمونھا بین الحجر والحدید : یقال لھموأفرأیتم النار التي تورون ، ءأنتم أنشأتم ﴿: والخشب على ما قال تعالى، ثم كثرة منافعھا للطعام ]٧٢-٧١:الواقعة[﴾شجرتھا أم نحن المنشئون

.حدید وصنعھ، كل شيء للزینة وغیر ذلكولین ال. وآالت المعیشة

وآیة أخرى في الماء وجریانھ من العیون واألحجار، وضروب : ویقال لھم .اإلنتفاع بھ، وألوانھ وطعومھ، ثم أنواع المائعات

وآیة أخرى في ھذا الھواء كیف أوقفھ وبھ تحیا الحیوانات، وبھ : ویقال لھمتحرك كانت الریح على اختالفھا ینمو كل نام، فھو لألحیاء متنفس، ثم إذا

من صبا ودبور وجنوب وشمال التي بھا تتم التدابیر، وإذا تكاثف كانت منھ .الغیوم التي فیھا یخلق اهللا المطر والثلوج

وآیة أخرى في نزول المطر والسحب الثقال، وما یتصل بھا من : ویقال لھمبة وضرر األنعام منافع الخلق وعمارة الدنیا، فإذا قل ینال الخلق الجدو

ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا بھ جنات ﴿: وغیر ذلك، قال تعالى ].٩:ق[﴾وحب الحصید

وآیة أخرى في ضروب الحیوانات من اإلنس والدواب واألنعام : ویقال لھم ما ال یعقل، والوحوش والطیور وصورھا وألوانھا، فمنھا ما یعقل، ومنھا

ومنھا ما ھو مسخر، ومنھا ما یألف الناس، وكیف سخر ذلك مع قوتھا لمن ھو أضعف منھا؟ كالجمال والفیلة والثیران والكالب والفھود ونحوھا، ثم

أغذیتھا مختلفة، منھا الحبوب، ومنھا اللحم، ثم جعل بعضھم یطیر، أمھاتھم وبعضھم یمشي، وبعضھم یدب على بطنھ، ثم جعلھم یتبعون

ویتعلمون منھن عاداتھن في التقاط الحبوب وصید الحیوان والمأكل والمشرب، وكل واحد منھا لمنفعة، بعضھا لألكل، وبعضھا للحمل،

وبعضھا آللة الصید، وما كان للحمل ھیأ ظھورھا لھا، وما كان للصید

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 44: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ھا أعطاھا آلة الصید، ثم جعلھا خائفة من العقالء، حتى أنا لو قدرنا أناجتمعت وعقلت كانت خلیقة أن تغلبھم وتجتاحھم، فسلبھا العقل، وسخرھا، وألقى في قلوبھا الرعب، وما یحتاج إلیھ الناس منھا ألفھ لھم كالكالب، وما

.استغني عنھ ال یألفھم، كل ذلك تقدیر العزیز العلیم

لبني آدم وآیة أخرى في الحیوانات إذا خرجت وال معتھد لھا كما : ویقال لھموال ثیاب، فخرجت كاسیة أشعارھا حتى تقیھا الحر والبرد، ولھا حوافر ال تحتاج إلى الخف والصنادل، وتبعت األمھات ال تحتاج إلى مربي، وقابلة

.لما لم یكن لھا من األسباب ما لبني آدم

وآیة أخرى في الفیل مع عظمھ، والبعوضة مع صغرھا، ثم : ویقال لھمد منھما، وجعل لكل واحد خرطوما یستعین بھ على المأكل اآلالت لكل واح

والمشرب، ثم سخر الفیل للبعوض حتى أنھ أبدا یحتال في دفعھا عن نفسھ برش الماء والتراب علیھا، فمن سخر الفیل للبعوض غیر القادر الذي ال

.یعجز، والعالم الذي ال یجھل سبحانھ وتعالى

مل وكثیر عددھا وأجناسھا، واإللھام الذي لھا وآیة أخرى في الن: ویقال لھمفي نقل القوت إلى بیوتھا، وإعدادھا لشتائھا، وقطعھا لكي ال تنبت وتبقى،

.ثم كیف تنجحر في الشتاء وتخرج في الصیف

وآیة أخرى في تناسل النمل وغیرھا من البھائم، وفي بیضھا : ویقال لھم منھا فراخ ذات ألوان وبیض الطیور ال یرى فیھا غیر مایع، فتخرج

وأعضاء، فمن ألھم األم وقت خروجھا حتى تشق بیضھا؟ ومن ألھم الفرخ الخروج؟ ومن صورھا في باطن البیض وأنبت جناحھا؟ ثم منھا ما یعیش في البر، ومنھا ما یعیش في الماء، ومنھا ما یخرج لیال، ومنھا ما یخرج

، وكالنحل وما فیھا من العبر وما نھارا، ومنھا ما یبني لنفسھ بیتا وأعشاشایخرج منھا من العسل، ومنھا ما یصید، ومنھا ما یصاد إلى غیر ذلك من

.غریب الصنعة وعجائب الحكمة التي تفرد رب العالمین

مسألة في نفي الطبائع والرد على الطبائعیة

إن جمیع ما یظھر في العالم من تأثیر حي قادر عالم وكلھا: قالت الموحدة .محدثة أحدثھا القدیم ال من شيء

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 45: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

أثبتت قدیما، ولكل شيء طبیعة وخاصة، فأضافت إلیھا جمیع :والطبائعیةالتأثیرات، وجمیع ما یظھر في العالم الحیوان والثمار واألشجار والنبات

.وغیر ذلك

:والكالم یقع معھم في موضعین

.أن ما یثبتونھ من الطبیعة غیر معقولة: أحدھما

أنھا وإن عقلت ال یصح إضافة التأثیرات إلیھا، وقد بالغ شیوخنا : يوالثان .في تفصیل الكالم علیھم وبیان فساد مذھبھم

الكالم في إثبات الشيء ونفیھ وتصحیحھ وإفساده ال یصح إال : ویقال لھمبعد العلم بھ، وما یدعونھ من الطبیعة والمادة والقوة والخاصیة على

قولة؛ ألنھا إما أن تعلم ضرورة أو مشاھدة أو اختالف عباراتھم غیر معاستدالال، ومعلوم أنھا غیر مشاھدة، ولو كانت ضرورة الشترك العقالء في

معرفتھا ولما صح نفیھا بشك وشبھة فلم یبق إال أن یعلم بدلیل وال دلیل علیھ؛ ألن معرفة الذات إما أن تعلم بحكمھا كالعلة أو المعلول، أو بفعلھا

.عل والفعل، وھذه الطبیعة غیر فاعلة وال لھا حكم یدل علیھاكالفا

.لھا حكم یدل علیھا وھو ما یوجد من التأثیرات ضدھا: فإن قالوا

ذلك كلھ فعل فاعل مختار فال نسلم أنھا من تأثیراتھا، وبعد فنثبت أوال : قلنا .الطبیعة ثم نضیف إلیھا التأثیر

و أعراض معلومة معقولة، وما یحصل ھذه التأثیرات أجسام أ: ویقال لھممن النما معقول، وأجمعنا نحن وأنتم أنھ ال بد لھا من مؤثر على ما تقتضیھ العقول وجب أن یكون لھا مؤثر یعلم ویعقل، ومنذ دھر نطالبھم بأن یعقلونا

.ھذه الطبیعة وبعد لم یحصل العلم بھا

.نحن نعقلھا: فإن قالوا

یختص بمعرفتھا القائلون بھا، بل ال بد أن یعقلھا المذاھب واآلراء ال: قلنا .المخالف كما یعقلھا المؤالف، فلو كانت معقولة لعقلناھا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 46: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألیس عندكم كانت الھیولى فیھا قوة بھا تركب العالم، أو طبیعة : ویقال لھمھذه القوة كانت قدیمة أو : قدیمة منھا یتركب؟ فال بد من بلى، فیقال لھم

.محدثة؟

.قدیمة: افإن قالو

فوجب أن تكون المركبات أیضا قدیمة؛ الستحالة أن توجد العلة وال : قلنا .معلول؛ ألن فیھ خروج العلة عن كونھا علة، إذ العلة توجب المعلول لذاتھا

.محدثة: وإن قالوا

.بماذا حدثت تلك القوة؟: قلنا

توه صانعا بقي السؤال في تلك القوة، فإما أن یثب. بقوة أخرى: فإن قالواقدیما مختارا تنتھي الحوادث إلیھ، أو یثبتوا من المعاني ما ال نھایة لھا وذلك

.محال

ھبوا أن ھاھنا طبیعة أو خاصة أو مادة، ألیست العقول تشھد في : ویقال لھمالشاھد أن الفعل ال یصدر إال من حي قادر، فإذا لم تكن الطبیعة حیة وقادرة

.ھذه التأثیرات مع حسنھا ونظامھا إلیھاوعالمة كیف یصح إضافة

.ھذه الطبیعة علة موجبة للنمو والتركیب أو غیر موجبة؟: ویقال

.موجبة: فإن قالوا

فإذا حصلت فیجب أن یحصل النمو أو التركیب دفعة واحدة في حال : قلناواحد؛ ألن الموجب حصل، وقد علمنا أن األشیاء تحصل على ترتیب

.ال، وإن قالوا غیر موجبة احتاج إلى أمر آخر یوجبھوتدریج وتغیر أحو

ألیس ھذه األشجار والثمار والحبوب وغیر ذلك مما ینمو : ویقال لھمویظھر في العالم، كما یحتاج إلى الشجر والنبات یحتاج عندكم إلى الحب وإلى األرض والماء والشمس والھواء وغیر ذا األسباب، فال بد من بلى،

.د منھا علة، أو واحد منھا علة، أو مجموعھا علة؟كل واح: فیقال

وجب أن یحصل النمو بذلك الواحد، وقد علمنا . كل واحد علة: فإن قال .خالف ذلك؛ ألنھ ال یحصل النمو ما لم یحصل الجمیع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 47: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.وجب أن یستغني عن األخرى. واحد علة: فإن قال

.مجموعھا علة: فإن قال

بعلة مؤثرة فكیف تصیر بمجموعھا علة، وھب إذا كان كل واحد لیس : قلناأنھ كذلك، فإذا اجتمعا ثم لم یحصل المعلول في الحال وإنما یحصل على

.ترتیب وتدریج

.واحد منھا علة واآلخر شرطا: فإن قالوا

لیس أحدھما بأن یجعل علة واآلخر معلوال أولى من عكسھ اآلخر : قلناذا حصلت العلة والشرط وجب أن یحصل والجمیع سواء في الحاجة، وبعد إ

المعلول، وبعد إذا حصلت العلة والشرط وجب أن ال تختلف أحوال النمو، بل یستوي الجمیع، وقد علمنا اختالفھا في اإلدراك والطعوم والحرارة

.واألرائح في كل حسن، وكل ذلك یفسد قولھم

: بع؟ فال بد منألیس األشیاء عندكم كلھا من ھذه الطبائع األر: ویقال لھمأیكون من النار غیر التسخین، ومن الماء غیر الترطیب ونحو : بلى، فیقال

.ذلك في الطبائع األربع؟

.ال؛ ألن كل واحد یوجد فیھ ما ھو مطبوع علیھ: فإن قالوا

فھاھنا أشیاء خارجة عن ھذه الطبائع، فكیف یصح أن تكون : فیقال لھم .لعلم والجھل ونحوھامتولدة عنھا، كالحركة والسكون، وا

: ألیس ھذه الطبائع والقوة تحتاج إلى محل لتحل فیھ؟، فال بد من: ویقال لھم .بلى

: ألیس عندكم الجوھر یحتاج إلى ھذه القوة لیحدث؟، فال بد من: فیقال لھم .بلى

فإذا احتاج كل واحد منھما إلى صاحبھ في وجوده وجب أن ال : فیقال لھم .إلى نفسھ بواسطة وھذا فاسدیحصل، ووجب أن یحتاج

.متولدة: ھذه األجسام متولدة أو مخترعة؟ فإن قالوا: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 48: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما سببھ، فال سبب یشار إلیھ تولد الجوھر، واألجسام قط ال تحصل : قلنامتولدة، وبعد فلو تولد عن قوة في الجوھر لتولد في محلھ؛ ألن الجوھر ال

.محل واحدجھة لھ فیؤدي إلى اجتماع جوھرین في

: ألیس جمیع ما نشاھده في العالم من الطبائع األربع؟ فال بد من: ویقال لھملم اختلفت ھذا االختالف في لونھا، وطعمھا، ونفعھا، : بلى، فیقال لھم

وضرھا، وریحھا، حتى صار بعضھا غذاءا، وبعضھا دواءا، وبعضھا .سموما؟

.في كل واحد خاصیة توجب ذلك: فإن قالوا

تلك الخاصیة من أي شيء حصلت؟ فال بد من أن یقولوا من الطبائع، : قلنافالطبائع حاصلة في الجمیع، فلم اختص بعض ذلك بتلك : لھم فیقال

.الخاصة؟

ألیس عندكم الحیوانات كلھا من الطبائع؟ فال بد من بلى؛ ألنھم : ویقال لھم .استدلوا على ذلك بأنھا یغذى بھا وتنحل إلیھا

.أولیس المادة بھذه الحیوانات وغذاؤھم من الطبائع؟: لناق

.بلى: فإن قالوا

فلو اختلفت األغذیة لكل حیوان حتى أن غذاء بعضھم سم بعض إذا : قلنا .كانت األصول واحدة

.ھذه الطبیعة في المطبوع معنى غیره أو ھو ھو؟: ویقال لھم

ھذا محال، وبعد فإذا وجب أن یكون المؤثر في نفسھ و. ھو ھو: فإن قالواكانت ذاتھ ھو الطبع وجب أن یكون موجباتھ، وبعد فإذا كانت ذاتھ معھ

.فتكون التراكیب والنمو أبدا حاصلة

.ھو غیره: فإن قالوا

.فما ھو؟ فما تشیرون إلى معقول: قلنا

.وبعد فلو نزع ھذا الطبع عن ھذا الجسم أھو كما ھو أم تغیر؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 49: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.لیھ اآلنیبقى كما ھو ع: فإن قالوا

.فما أنكرتم أن ال یكون فیھ طبیعة اآلن أیضا: قلنا

.كان یتغیر: ولو قالوا

فإذا جاز أن یوجد فیھ الطبع ویعدم عنھ وجب أن یكون حصولھ بمؤثر : قلنا .ثم تسلسل

.ألیس عندكم األجسام كانت موجودة لم تزل أم ال؟: ویقال لھم

.تھمبل كانت موجودة؛ ألن ذلك مقاال: فإن قالوا

لم تزل كانت مستحیلة إلى ھذه المركبات من الحیوانات والنبات : فیقال .واألشجار وغیرھا، أم لم تكن مستحیلة ثم استحالت؟

.كانت غیر مستحیلة ثم استحالت: فإن قالوا

.فإن أشاروا إلى معنى قدیم. وما الذي أوجب استحالتھا: قلنا

.شاروا إلى معنى محدثوإن أ. فوجب أن تكون االستحالة قدیمة: قلنا

.وما الذي أوجب ذلك المعنى؟ ویبقى الكالم األول: قلنا

.كانت مستحیلة لم تزل: ولو قالوا

ألیس عندكم كانت ھیولى ثم حدثت التراكیب واإلستحاالت؟ وبعد فإنا : قلنانرى أشیاء مستحیلة في الحال، فالقول بأنھا استحالت لم تزل إنكار المشاھدة

، وبعد فإذا كانت اإلستحاالت لم تزل كما أن األصول لم تزل ودفع المعقولعندكم فلم صارت أولى من أن تكون أصوال دون اإلستحاالت وكالھما

.موجود لم یزل

ھذه الطبیعة والقوة تحصل في الجسم وھو موجود، أو تحصل : ویقال لھم .وھو معدوم؟

.تحصل وھو موجود: فإن قال

.ل بھا وإنما تحصل ھي بعد وجوده؟فكیف یكون الحصو: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 50: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.تحصل وھو معدوم: وإن قال

فكیف تحصل للمعدوم طبیعة، وبعد فإنھ موجب غیر مختار فلم صار : قلنا .بأن یحدث في وقت أولى من وقت، فوجب أن یحصل لم یزل

ألیس ھذه الطبائع أضدادا؟ فالحار یضاد البارد، والیابس یضاد : ویقال لھمفكیف تكون األضداد علة لموجب واحد، : بلى، فیقال: منفال بد . الرطب؟

.وھذا كما یقال الحركة والسكون علة في كونھ محتركا

ھذه الطبائع األربع كانت منفردة فاجتمعت أو كانت مجتمعة : ویقال لھموعلى أي وجھ كان وجب أن ال یتغیر عما كان علیھ، وبعد فكان یجب إلى

.جامع یقھر األضداد

أثبت األعراض الموجبة لھذه : لمن أنكر حدوث شيء ال من أصلل ویقا .ال: الھیئات والتراكیب، فإن قال

.نعم: فوجب أن یكون جمیع ذلك لذات الجوھر وتكون قدیمة، فإن قال: قلنا

.ألیست الھیولى كانت خالیة من األعراض ثم حدثت فیھا؟: قلنا

.نعم: فإن قالوا

.راض؟فمن أي شيء حدثت األع: قلنا

.المن شيء: فإن قالوا

ما تلك القوة، فیبقى السؤال علیھ كما : قلنا. من قوة: وإن قال. ناقضت: قلنا .كان

.ھذه الطبائع متفردة أو مجتمعة؟: ویقال لھم

.مجتمعة: فإن قالوا

.فكیف یصح اجتماع األضداد؟: قلنا

.ا غیر منفردةال یجتمع الحار إال من الحار ناقضوا؛ ألنھم أثبتوھ: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 51: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

اإلنسان من نطفة والنطفة من اإلنسان، والبیض من الدجاج : ویقال لھموالدجاج من البیض ما كان في اإلبتداء، فأي ذلك قال فقد نقض قولھ؛ ألنھ إن قال كانت بیضة ونطفة فقد أثبتھا ال من حي، وإن قال كان الحي فقد

نك تجعل األصل فرعا أثبت حیا ال من نطفة وبیض، وبعد فإنك مناقض؛ أل .والفرع أصال وھذا ال یجوز

. بتأثیرات تحصل عند تناول أشیاءفإن قالوا

.ذلك كلھ من فعلھ تعالى: قلنا

مسألة في الرد على المنجمین في إضافة ھذه التأثیرات إلى النجوم

إن ھذه النجوم خلقھا اهللا تعالى وسیرھا في منازلھا، : الذي نقول في ذلكعادة بأن یفعل عند سیرھا وكونھا في المنازل أفعاال، منھا ما ھو وأجرى ال

أظھر بحیث یعلمھ الجمیع، ومنھا ما یدق فال یعلم إال بحساب واختبار، وقد یجوز أن یتغیر الحال في العادات، وإنما أخبر اهللا تعالى بذلك عادة في

لیس شيء من أزمنة قبل ھذه األزمنة، وقد تتغیر العادات في أقل من ذلك، و .النجوم بعلة موجبة وال فاعلة وإنما المحدث لألشیاء القدیم سبحانھ

.وأما المنجمون فزعموا أن لھا تأثیرا، وأنھا موجبة لتأثیراتھا

ھذه النجوم علة لھذه التأثیرات، أم ھي حیة مختارة قادرة عالمة : فیقال لھم .فاعلة؟

.ھي علة موجبة: فإن قالوا

ن العقول تشھد بأن العلة یجب أن تختص بمعلوالتھا نھایة باطل؛ أل: قلنااالختصاص، وھذا غیر حاصل في النجوم مع ھذه األشیاء المركبة؛ ألن

االختصاص أن تحلھ حتى یؤثر فیھ، وبعد فإذا كانت موجبة یجب أن توجب .في الحال، فما بال ھذا التدریج والترتیب

.ا أو لعلة أخرى؟أھي علة في ھذه األشیاء لذاتھ: ویقال

.لذاتھا: فإن قالوا

.وإن قال لعلة أخرى تسلسل. فوجب أن تكون المعلوالت حاصلة معھا: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 52: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.أھي قدیمة أو محدثة؟: ویقال

.قدیمة: فإن قالوا

فبأي : وإن قال محدثة، قلنا. فوجب أن تكون التأثیرات أیضا قدیمة: قلنا .شيء حدثت فتسلسل

.أجسام أم ال؟ فال بد من أن یقول أجسامھذه النجوم : ویقال لھم

فاألجسام كلھا جنس واحد، فإن كان بعضھا علة موجبة لشيء لذاتھا : قلنافكذلك سائر األجسام، وقد دلت العقول على أن األجسام المشاھدة ال تؤثر

.في شيء، وبعد فلم صار بعضھا علة أولى من بعض

حدوث األجسام وجب أن تحدث إذا كانت النجوم أجساما وقد ثبت : ویقال .لعلة أخرى، وقد ثبت أن جمیع المحدثات محتاج إلى محدث قادر مختار

.ھذه النجوم محدثة أم قدیمة؟: ویقال لھم

محدثة احتاجت إلى محدث، وإن قالوا حدثت لعلة فتلك العلة :فإن قالواوا قدیمة وجب أیضا حدثت لعلة أخرى، فیؤدي إلى ما ال نھایة لھ، فإن قال

.أن تكون تأثیراتھا قدیمة وھذا باطل

العقول تشھد أن في الشاھد ال تصح التأثیرات إال من حي قادر، : ویقال لھم !.فكیف تصح من النجوم؟

إن تأثیرات ھذه النجوم ألنفسھا، فإذا كانت في برج : ألستم تقولون: ویقال، فال بد من بلى، أوجبت شیئا، فإذا صارت إلى برج آخر أوجبت ضده

فإما أن تخرج من كونھا علة فیؤدي إلى قلب ذاتھا أو قطع التأثیر : فیقال .عنھا وإضافتھ إلى صانع مختار وقد بطل األول وصح الثاني

.إنھا حیة: وإن قالوا

الجسم ال یقدر إال بقدرة، والقادر بالقدرة ال یقدر على فعل األجسام، أال : قلنا .اختالف قدرھم أحد منھم ال یفعل الجسمترى أن الناس على

جریانھ یدل على أنھ لیس بحي مختار وأنھ مسخر؛ ألن تصرف : ویقال .األحیاء یختلف وال یستمر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 53: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

إذا ادعیت أنھا حیة قادرة فما الدلیل على ذلك؟ وبعد فإذا كانت حیة : ویقال .مختارة وجب أن ال یحكموا بتصرفاتھا على وجھ واحد

.نحن نرى أنھا عند نزولھا تحصل التأثیرات: فإن قالوا

ولم أضفتم التأثیر إلیھا، وھال أضفتم ذلك إلى اهللا عز وجل وأنھ أجرى : قلنا .العادة بفعلھا عند تحرك النجوم

حركات النجوم بمحرك یحركھا حركة ضروریة أو حركتھا : ویقال لھم بمادة وقوة؟

.ع، وإن قالوا بالثاني باألول وافقوا في إثبات الصانفإن قالوا

فكیف توجب علة واحدة حركات متضادة والعلة الواحدة ال توجب : یقال لھم .ضدین كما ال توجب سكونا وحركة

ألیست الحركات عندكم على ضربین، حركة طبیعیة كحركة الماء : ویقالواألرض سفلي وحركة النار والھوا علوي، وحركة اختیاریة وھي ما

فحركات الفلك تجمع : بلى، فیقال لھم: حركتین، فال بد منخالف ھاتین ال فیھا حركات متضادة طبیعیة أو بعضھا طبیعیة؟

.فإن قال باألول نقض ما أصل، وإن قال بالثاني

فما الموجب لذلك؟: قلنا

وبعد فإنا ما وجدنا شیئا فیھ حركة علویة وحركة سفلیة كالھما طبیعیة، ھل ذلك إال إثبات لعلة لمعلولین ضدین؟فكیف أثبتم ذلك في الفلك؟ و

األجسام متماثلة، فإذا : بلى، فیقال: ألیست النجوم أجساما؟ فال بد من: ویقال .كانت في بعضھا حركات مختلفة طبیعیة وجب أن یكون في سائرھا كذلك

.للفلك طبیعة خامسة أو خارج عن الطبائع: فإن قال

؟ھذا مجرد دعوى، فما دلیلك علیھ: قلنا

.ألن حركاتھ مختلفة: فإن قال

.ألن حیا قادرا یحركھ، وبعد فوجب أن تثبت لجمیع األجسام: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 54: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

تلك الطبیعة بأي شيء یحصل فیھ دون سائر األجسام؟: ویقال

.بطبیعة أخرى: فإن قال

فتلك لم حصلت فیھا أیضا، فیؤدي إلى ما ال نھایة لھ، وإن قالوا بحي : قلنا .قولھممختار ھدم

النجوم فوق الطبیعة كما زعمت الفالسفة أو طبیعة كما زعم : ویقال لھم .أھل النجوم؟، فإن قالوا بنفي الطبائع عنھا وأنھا فوق الطبیعة

فوجب أن یعدم عنھا االختالف كعلو بعضھا على بعض، وعظم قدر : قلنا .بعضھا، واختالف أحكامھا وتأثیراتھا، وسرعة جریانھا

.نھا طبیعة بأوإن قالوا

.فیجوز أن تتغیر طبائعھا وتزید وتنقص كالطبائع األربع: قلنا

.یجوز أن تتغیر عن طبائعھا: وإن قالوا

فكیف تقضون باستمرار تأثیراتھا في األحكام مع تجویزكم أنھا : قلنا .تتغیر؟

.ال یجوز أن تتغیر: فإن قالوا

ھا ونفسھا في جمیع فلم اختلفت أحكامھا باختالف أبراجھا وأماكن: قلنا .األماكن واحدة

.تتغیر طباعھا باختالف البروج والمنازل: وإن قال

.فقد جوزت علیھا التغیر: قلنا

.الطبیعة كما كانت، ولم تؤثر أو تغیر التأثیر: وإن قال

.فقد أخرجتھا عن كونھا علة: قلنا

مسألة في الرد على الغالة والمفوضة

.كون جسما، وھو مخالف لألجسام واألعراضإن خالق األجسام ال ی: نقول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 55: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

. أن اهللا تعالى خلق خلقا وفوض إلیھ خلق العالموزعمت المفوضة

. أنھ خلق األول واألول خلق الثاني والثاني خلق العالموزعمت القرامطة

إن األئمة یقدرون على فعل األجسام، ومنھم من قال إنھ تعالى : وقالت الغالة .فیھماحتجب باألئمة وحل

.ھذا الجسم قادر أو غیر قادر؟: فیقال لھم

. قادر:فإن قالوا

.قادر لذاتھ أو لمعنى ھو القدرة؟: قلنا

.غیر قادر: فإن قالوا

.العقول تشھد بأن الفعل ال یصح ویستحیل ممن لیس بقادر: قلنا

.قادر لذاتھ: وإن قال

: بقدرة، قلنا: الفوجب أن تكون جمیع األجسام قادرة لذاتھا، وإن ق: قلناوإن لم . فالقادر بالقدرة ال یقدر على فعل الجسم بدلیل الشاھد، فإن سلم تم .یسلم أریناه تعذر ذلك على سائر األجسام من غیر مانع

.قدرتھ مخالف لقدرتنا: فإن قال

القدر وإن اختلفت فمقدوراتھا متفقة في أن ما تعلق بھ قدرة یتعلق مثلھ : قلنا .بسائر القدر

.نحن نقدر على فعل الجسم إال أن ھاھنا مانعا: فإن قال

المانع یجب أن یكون معقوال، وبعد فكان یجب أن یرتفع المنع بحال : قلناوإال التبس المقدور بغیر المقدور، ویلزم علیھ أن یقال إن الجمع بین

.الضدین مقدور، والقدیم مقدور إال أنھ یتعذر لمنع

فعل الجسم مباشرا في محل قدرتھ أو متولدا في ھذا الجسم ی: ویقال لھم .محل آخر؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 56: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فإن قال باألول أدى إلى وجود جزأین في جھة وھذا محال، وإن قال متولدا .فال بد من مماسة محل فیوجب مثل ذلك أیضا

وبعد فوجب أن یكون لھ سبب معلوم وال سبب یشار إلیھ، وبعد فالذي تعدى ة ھو االعتماد، ونحن نقدر علیھ وال نقدر على بھ الفعل عن محل القدر

.الجسم دل أن الجسم غیر مقدور للقدرة

.ھذا الجسم مثلنا أو مخالف لنا؟: ویقال لھم

نحن ال نقدر على الجسم، فوجب أن ال یقدر ھو علیھ، : فإن قال مثلنا، قلنا .وإن قال مخالف لنا

.بأي شيء خالف؟: قلنا

.بالقدرة: فإن قال

ھذه القدرة كلھا مختلفة مع اتفاقھا في تعذر الجسم، فكذلك تلك القدرة ف: قلناوإن خالفت ھذه القدرة وال تتعلق بالجسم، وبعد فإن الخالف والوفاق ال

.یتعلق بصفات المعاني وإنما یتعلق بصفات الذات فلم یصح ما قال

ح ھذه األجسام وكثیر من األعراض كاأللوان والطعوم والروائ: ویقال لھموالشھوات والقدرة ونحوھا مما یتعذر علینا، أیجوز أن تكون من فعل الجسم

أو ال یجوز؟

.یجوز: ال یجوز بطل قولھم، وإن قالوا: فإن قالوا

فما الدلیل بعد ذلك على إثبات الصانع الذي لیس بجسم؛ ألن طریق : قلنایقة معرفتھ وجود األشیاء وتعذرھا على األجسام، فإذا أفسدتم ھذه الطر

وجوزتم أن تكون السماوات واألرض وجمیع ما في العالم من فعل جسم لم تبق طریق إلى إثباتھ، فیؤدي إلى نفي الصانع الذي لیس بجسم، وفي ھذا

.ھدم الدین

مسألة فیما یجب لھ سبحانھ من الصفات

إنھ تعالى قادر عالم حي بصیر قدیم باق لم یزل وال یزال، وھذه : نقولصفات تجب لھ وال یجوز علیھ خالفھا وضدھا نحو العدم والعجز والجھل ال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 57: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

والموت واآلفات، ونعلم أنھ قادر على ما ال یتناھى من كل جنس في كل .وقت، وأنھ یعلم جمیع المعلومات

أنھ ال یوصف بشيء، فال یقال أنھ موجود، وال أنھ لیس وزعمت القرامطةقادر، وكذلك كونھ عالما وحیا، وزعموا أن بموجود، وال قادر وال أنھ لیس ب

إثباتھ یوجب التشبیھ، وغرض القوم بھذا التلبیس بنفي الصانع وإثبات .الھیولى والعنصر

ھل یصح أن یعلم القدیم أم ال؟: فیقال لھم

.ال: فإن قالوا

فكیف یصح إثبات شيء ال یعلم؟ وكیف تضاف إلیھ التأثیرات وھو : قلنا . فقد صرحوا بالغرض؛ ألن غرض القوم نفي الصانعغیر معلوم؟ وبعد

.نعلم: وإن قالوا

العقول تقتضي أن كل ما یعلم ال بد أن یكون على صفة علیھا یعلم وبھا : قلنایتمیز عن غیره؛ ألن الذوات ال تتمیز بكونھا ذواتا، وإنما تتمیز بالصفات

الجوھر بصفة، التي علیھا الذوات، كالسواد یتمیز من البیاض بصفة، ومن .ومن الحالوة بصفة

بلى، : ألیس ھذا العالم بما فیھ أحدثھ القدیم تعالى؟ فال بد من: ویقال لھم .أیصح الفعل ممن لیس بقادر؟: فیقال

.فھال وصفتموه بأنھ قادر: ال، قلنا: فإن قال نعم كابر، وإن قال

.أھو بصفة األحیاء أم ال؟: ویقال لھم

فإذا ثبتت لھ الصفة وجب : بلى، قلنا: جمادا، وإن قالواال أثبتوا : فإن قالوا .أن یوصف بأنھ حي

.أھو بصفة یتمیز بھا من األشیاء وبصفة العالمین؟: ویقال لھم

.ال: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 58: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فكیف أضیف إلیھ ھذه التأثیرات العجیبة كخلق اإلنسان وتراكیبھ : قلنابھ العادة؟ وكیف الظاھرة والباطنة؟ وكیف خلق من جنس مثلھ مستمرة

أخرج كل فاكھة من شجرة؟ فلوال أنھا من صانع ممیز یعلم وإال لم تجب .حدوثھا على الترتیب العجیب والنظام البلیغ

.ھو بھذه الصفة: وإن قال

.فقد أبطلت مذھبك: قلنا

.إنا ال نطلق علیھ العبارات: فإن قال

.إذا صح المعنى فال معنى للمنع من العبارات: قلنا

.ذلك یوجب التشبیھ: فإن قیل

المماثلة تقع بصفات الذات، أال ترى أن الجسم والسواد إذا اشتركا في : قلنا .الوجود وھما مختلفان، وكذلك السواد والبیاض ھما ضدان

.أھو بصفة الموجود أم ال؟: ویقال

.بلى: ال كان معدوما، وإن قال: فإن قال

.فھو محدث أم قدیم؟: قلنا

باألول احتاج إلى محدث، وإن قال بالثاني أنھ كان موجودا لم یزل فإن قال .یجب أن یوصف بأنھ قدیم

.أتصفونھ بصفة ما أم ال؟: ویقال للقوم

.ال: فإن قالوا

.ھذا نفي، وكیف تثبتونھ من غیر إثبات صفة؟: قلنا

.نصفھ بأنھ ھو فقط وأنھ باري: فإن قالوا

صفھ بھا، وبعد فقد ناقضت حیث وصفتھ فما بال سائر الصفات ال ت: قلنا .بصفة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 59: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

نحن نقول لیس بموجود وال معدوم؛ لئال یلزمنا التبطیل والتشبیھ : فإن قال .وكذلك سائر الصفات

العقل یحیل ما قلت؛ ألن الوجود والعدم إثبات ونفي وال واسطة بینھما، : قلنافإن ذلك فكل معلوم ال یخلو منھما، فالوصف ألحدھما نفي اآلخر، وبعد

مناقضة، ولو جاز ذلك في القدیم لجاز في ذات أخرى، فأما التشبیھ فال یقع بجمیع الصفات، وإنما یقع بصفات الذات وھي كل صفة ال تكون إال لھ أو ال یشاركھ في كیفیة استحقاقھا غیره، نحو كونھ موجودا فإنھ وجب لھ من

ر، وبعد فالسواد غیر مؤثر وال علة، ووجود غیره جائز فال بد من مؤثوالبیاض موجودان وھما ضدان، فدل أن نفس الوجود ال یقتضي المماثلة،

.وكذلك سائر الصفات الجائزة

.أكان موجودا لم یزل أم ال؟: ویقال لھم

. احتاج إلى محدث. ال: قد وصفتموه بالعدم، وإن قال: بلى، قلنا: فإن قالواھ تنقسم إلى أقسام جمة، منھا فثبت أنھ تعالى یوصف، ثم صفاتھ وأسمائ

صفات الذات ككونھ قدیما قادرا عالما حیا سمیعا بصیرا، ومنھا ما ھي مقتضاة عن صفات الذات، ككونھ سامعا رائیا مدركا، ومنھا ما تنفى عنھ،

كما نقول لیس بجسم وال عرض وال تجوز علیھ الحاجة، ومنھا صفات متكلم : ، ومنھا ما یوصف بھ لفعل فعلھ، كقولناالمعاني، ككونھ مریدا كارھا

وخالق ورازق ومحسن ومنعم، ومنھا ما یوصف بھ لنفي فعل عنھ، كقولنا .غافر وال یفعل الظلم، فعلى ھذا یجري ھذا الباب

مسألة فیما ال یجوز علیھ تعالى من األوصاف

ختص الجواھر، واألعراض، والقدیم، وكل منھا ی: الموجودات ثالثة: نقول .بصفة ویخالف لآلخر

ھو المتحیز القابل لألعراض، ویمنع غیره بأن یكون بحیث ھو، : فالجوھر .ویدرك بحاستین، حاسة البصر واللمس

.ال یتحیز وربما یحتاج إلى محل: والعرض

.لیس بجسم وال جوھر وال عرض: والقدیم سبحانھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 60: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ختص وكل صفة یختص الجوھر والعرض تنفى عن القدیم، وكل صفة تالقدیم تنفى عن الجوھر والعرض، ومن الناس من أثبتھ بصفة الجوھر،

ومنھم من أثبتھ جسما ذا أعضاء، ومنھم من أثبت لھ جھة ومكانا، ومنھم من جوز علیھ المجيء والذھاب، ومنھم من وصفھ بصفة العرض فجوز علیھ

.الحلول

ھو بمحل للحوادث، ال یجوز علیھ المكان والجھة والحلول، ولیس :وعندناوال تجوز علیھ األعضاء والجوارح والحواس، وأنھ غني ال تجوز علیھ

.الحاجة

:والذي یحضر ھذا الفصل ثالث مسائل

.أنھ لیس بصفة الجوھر واألجسام: أولھا

.أنھ لیس بمحل للحوادث: وثانیھا

.أنھ لیس بعرض، وال نصفھ بشيء من األعراض: وثالثھا

.أفتقولون إنھ جسم كما نعقلھ في الشاھد من األجسام؟: مفیقال لھأما األول

.نعم: فإن قالوا

فوجب أن یجوز علیھ ما جاز علیھا من داللة الحدث، وال یخلو من : قلنا .اجتماع وافتراق وحركة وسكون، ویكون بمنزلة سائر األجسام في ذلك

والنقصان؟ ألیست ھذه األجسام مركبة مؤلفة یجوز علیھا الزیادة: فیقال لھم .فلو كان ھو جسما لجاز علیھ ذلك

ألیست األجسام متماثلة؟ وأن ما جاز على بعضھا جاز على : ویقال لھمسائرھا؟ وما وجب لبعضھا وجب لسائرھا؟ وما استحال على بعضھا

فإذا كان ما نشاھد محدثا : فیقال. بلى: استحال على سائرھا؟ فال بد منتكون ھذه األجسام قدیمة، فأما أن یقال مثالن وجب أن یكون ھو محدثا، أو

.أحدھما قدیم واآلخر محدث فمحال

ألیس الجسم ال یصح أن یفعل الجسم، فلو كان تعالى جسما لما : ویقال لھم .صح منھ فعل األجسام

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 61: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

بلى، فوجب أن : ألیس الجسم ال یكون قادرا إال بقدرة، فال بد من: ویقال لھم .ا في سائر األجسامیجوز علیھ الضعف كم

ألیس الجسم ال یصح أن یفعل إال مباشرا أو متولدا وال یصح منھ : ویقالاالختراع، ولو كان جسما لما صح منھ االختراع، فلما صح علمنا أنھ لیس

.بجسم

.االختراع یصح من القادر بقدرة: فإن قال

درتھ فال یصح غلط؛ ألن من شرط القادر بقدرة أن یبتدي الفعل بمحل ق: قلنا .منھ االختراع

.لیس یتصور ما لیس بجسم وال عرض: فإن قالوا

التصور ھو إثبات مثل لھ، وقد ثبت أنھ ال مثل لھ، وبعد فكیف یتصور : قلنا .إثبات قدیم ال ابتداء لوجوده

.یصح، والدلیل أوجب ذلك: فإن قالوا

.كذلك ھذا: قلنا

.إذا كان فاعال كان جسما: فإن قال

.ولم؟: ناقل

. بدلیل الشاھد:فإن قال

مجرد الوجود ال یكفي في قیاس الغائب حتى یدل أن علة كونھ فاعال : قلناھو كونھ جسما لیصح ما ذكرت، وبعد فإن الجمادات أجسام وال یصح منھا الفعل دل أن الفعل لكونھ قادرا ال لكونھ جسما إال أن في الشاھد یقدر مع

، فال بد من معنى، والمعنى یجب أن یختص بھ جواز أن ال یقدرواختصاصھ بالحلول ومحل األعراض األجسام بخالف الغائب فإنھ قادر

.لذاتھ

ألیس في الشاھد ال جسم إال وتجوز علیھ الشھوة والحاجة؟ فال بد : ویقالفلو كان تعالى جسما لجاز ذلك علیھ، ولما كان غنیا حكیما : بلى، فیقال: من

.فعالھفي كل أ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 62: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.نحن ال نرید بالجسم أنھ مؤلف متحیز ونرید أنھ قائم بذاتھ: فإن قال

قد أخطأت في العبارة؛ ألن في لغة العرب ھو اسم للطویل العریض : قلناالعمیق، ولذلك یقولون فیما زاد طولھ وعرضھ وعمقھ أجسم، وإلن جاز أن

لغیرك أن یسمیھ إنسانا أعني قائم بنفسھ، لجاز : یسمى القدیم جسما، ونقول .وشخصا وھذا فاسد

.أقول إنھ جسم ال كاألجسام: فإن قال

أنت مناقض؛ ألنك إذا قلت جسم أثبتھ مثال لألجسام، فإذا قلت ال : قلناكاألجسام نفیت ما أثبت، وقولنا شيء یقع على المختلف وعلى المتوافق

.والمتضاد، فإذا قلنا ال كاألشیاء لم نكن مناقضین

ألیس حلول المعاني تتبع التحیز بدلیل الشاھد، : فیقال لكمفأما الفصل الثاني .فلو كان تعالى محال للحوادث لكان متحیزا ولكان جوھرا ولكان جسما

لو جاز أن یحلھ معنى جاز أن تحلھ جمیع المعاني حتى تحل : ویقال لھم .الحركة والسكون وغیر ذلك من المعاني

لى أن كل شيء یحدث في العالم ال بد أن یحدث أوال في تذھب إوالكرامیة ذاتھ تعالى، ثم تظھر في العالم، ویسمون ما في ذاتھ حادثا، وما في العالم

.محدثا، ویفصلون بین الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق بھذا

.ألیس القادر منا ال یصح أن یفعل الفعل إال بأن یبتدي في نفسھ؟: قال

قادر بقدرة، فال بد من استعمال محل القدرة، وھو تعالى قادر ألنھ: قلنا .لذاتھ، وبعد ألیس ال یصح منا االختراع ویصح منھ؟

ولم إذا كان في الشاھد من حیث كان جسما أن یكون في الغائب مثلھ : ویقال .والصانع لیس بجسم

: بد منألیست ھذه األعراض محدثة؟ فال : فیقال لھموأما الفصل الثالث .فلو كان عرضا لكان محدثا ولما كان قدیما: بلى، فیقال

.أیجب حلولھ في غیره أم ال؟: ویقال لھم

.یجب: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 63: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.محلھ یجب أن یكون قدیما: قلنا

.ال یجب ویجوز: وإن قالوا

فھذا خالف الشاھد، ما یحل في غیره ال یوجد إال حاال، وبعد فإذا جاز : قلنا .ن یكون حلولھ لمعنىأن یحل وجب أ

أیحل في كل محل أو في بعض المحال؟ واألول مستحیل وألنھ : ویقال لھم: یجب أن یختص بصفة ألجلھا یجب أن یحل في سائر المحال، وإن قال

.وأي اختصاص لبعض المحال بھ دون بعض: یحل في بعضھا، قلنا

ھ، ویحصل كل شيء یحل محال فال بد أن یتغیر حكم المحل ب: ویقال لھمللمحل حكم زائد لم یكن، فلو جاز علیھ الحلول لكان للمحل بھ حكم، وكان

.یجب أن یظھر ذلك في المحل وھذا فاسد

ألیس الحلول في الشاھد یتبع الحدوث الستحالة أن یحصل : ویقال لھمإذا جاز أن یحل كان : فیقال. بلى: للعرض محل في حال انتفائھ، فال بد من .محدثا

لو جاز أن یكون عرضا الستحال أن یكون قادرا عالما كاألعراض :ویقال .في الشاھد، والستحال منھ فعل الجسم وغیره من األفعال

مسألة في نفي األعضاء عنھ سبحانھ

إنھ تعالى منزه عن الوصف بالجوارح واألعضاء والحواس، ومنھم : نقولإن : حوھا، ومنھم من یقولمن أثبت لھ أعضاء یدا وساقا وعینا ولسانا ون .ھذه صفات لھ

.ألھ أعضاء معقولة كما في الشاھد؟: فیقال للقوم

.نعم: فإن قالوا

فیجب أن یكون جسما مؤلفا محدثا ویجب أن ال یصح منھ االختراع، : قلنا .وأن یكون متحیزا متغیرا

.لھ أعضاء لیست كھذه األعضاء: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 64: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لة فعقلوناھا حتى نتكلم علیھا، فالكالم على صحة یجب أن تكون معقو: قلناالشيء وفساده مبني على كونھ معقوال، وبعد فالید والعین والید والقدم والساق أسماء ألعضاء مخصوصة، فإذا لم تكن في الغائب مثل ھذه

.األعضاء فلیست بید وال عین وال قدم

ولم یجز أن تكون لھ لما ورد القرآن بالید والعین ونحوھا : وإن قالوا .أعضاء كما في الشاھد؟

.إن العین صفة، والید صفة، والساق صفة، والجنب صفة: قلنا

یجب أن تكون الصفة معقولة أوال حتى یصح أن نتكلم فیھا : فیقال لھمویصح أن نحمل علیھا كتاب اهللا تعالى، ونحن ال نعقل الید صفة، وال

.ذا الكالموضعت ھذه اللفظة لصفات فال معنى لھ

فاقطعوا ﴿: فأما اآلي في القرآن فالید تذكر ویراد بھا الجارحة، كقولھ تعالىوھذا ال یجوز علیھ تعالى، وتطلق ویراد بھا القدرة، ] ٣٨:المائدة[﴾أیدیھما: ، وتطلق ویراد بھا النعمة، كقولك]١٠:الفتح[﴾ید اللھ فوق أیدیھم﴿: كقولھ

، وتذكر ]٧٥:ص[﴾لما خلقت بیدي﴿: ، وكقولھ تعالى"ي یدلفالن عند"، فوجب ]٥١:األنفال[﴾ذلك بما قدمت أیدیكم﴿: ویراد بھا الصلة، كقولھ تعالى

.أن تحمل اآلي على ما یجوز علیھ تعالى

ات تقتضي إثب] ٣٧:ھود[﴾بأعیننا﴿: فأما العین فیراد بھا الحفظ، وظاھر قولھلیس كمثلھ ﴿: أعین فذلك باطل باإلجماع، وقد قال تعالى

، وانعقد اإلجماع أنھ ال یشبھ شیئا، فوجب أن تحمل ]١١:الشورى[﴾شيء .اآلي على ما یجوز علیھ تعالى دون ما یستحیل

إن وردت أخبار كلھا على تأویل یوافق دالئل العقل والكتاب : فإن قیل .دنا ذلكحملناھا علیھ وإال رد

قد وردت أخبار بالتصریح بالتشبیھ تخالف العقل والكتاب، فال نشك : قلنا .- صلى اهللا علیھ وعلى آلھ وسلم -أنھا موضوعة ال تصح على الرسول

مسألة في أنھ تعالى ال یجوز أن یكون قادرا عالما حیا موجودا بالمعاني

علة، ومنھم من أثبت معاني إن لھ ھذه الصفات لذاتھ ال ل: الذي یقول مشایخنامحدثة كما حكي عن ھشام بن الحكم، ومنھم من یثبت معاني ال توصف كما

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 65: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

یوصف بأنھ أزلي فقط، ومنھم من قال معاني : یحكى عن الكالبیة، قالواقدیمة ال ھي ھو وال غیره وال بعضھ كما یحكى عن األشعریة، ومنھم من

. الكرامیةقال ھي معاني حالة فیھ غیره وھو مذھب

ھذه المعاني ھل تعلم أم : لمن یقول بھذه الصفات لمعاني ال توصففیقال .ال؟

فكیف یصح إثبات ما ال یعلم؟ وكیف یصح الكالم في : ال، قلنا: فإن قالوافقد : تعلم، قلنا: صحتھ أو فساده؟ وصار نفیھ أولى من إثباتھ؟ وإن قال .بعلموصفتموه بأنھ معلوم وأنھ علم وأن القدیریة

كل معلوم ال بد أن یختص بصفة علیھا یعلم وبھا یتمیز عن غیره؛ : ویقال .ألنھ لو لم یكن كذلك لما وقع التمییز بین المعلومات

ألستم تصفون إحداھما بأنھ قدرة وإحداھما بأنھ حیاة وإحداھما : ویقال لھمف بأنھ علم، فكیف وصفتموه ھذه الصفات؟ وھل أنتم في قولكم أنھا ال توص

.إال مناقضین

كل معلوم إما أن یكون موجودا أو معدوما فلماذا یختص بھ؟ : ویقال لھموألن المعدوم ال یؤثر وألن ھاھنا جھال معدوما فوجب أن یكون جاھال

.فقد وصفتھ بالوجود: ھو موجود، قلنا: وھذا محال، وإن قال

أي ذلك قال فقد ھو كان موجودا لم یزل، أو وجد بعد أن لم یكن؟ ف: ویقال .وصفھ

ألستم تصفونھ بأنھ أزلي، فما الفرق بین قولنا قدیم وقولكم أزلي في : ویقالالمعنى وكل واحد یوجب وجوده لم یزل، فأما من قال أنھ بھذه الصفات

من أحدث القدرة المحدثة والعلم : لمعاني محدثة أو علم محدث فیقال لھ .المحدث؟

فكیف یحدث القدرة وھو غیر قادر؟ : قلنا-ذلك وال بد من –فإن قال القدیم .وكیف یحدث العلم وھو فعل محكم متقن ال یصح إال من عالم

.ھذا العلم المحدث یحلھ أم ال؟: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 66: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فلو وجد : ال في محل، قلنا: كیف یختص بھ، وإن قال: ال، قلنا: فإن قالإن قال یحلھ، جھل ال في محل لوجب أن یصیر بھ جاھال وھذا محال، و

فھو محل للحوادث، وإذا جاز أن تحلھ بعض األعراض جاز أن تحلھ : قلنا .سائرھا

ألیس یجوز عندكم أن یعلم بعلم حادث یحلھ فھال جاز أن یجھل : ویقال لھم .بجھل حادث یحلھ؟

ألیس كان عالما بأنھ غیر فاعل، ثم صار عالما بأنھ فاعل، وكان : فإن قالوادنیا ثم صار عالما بوجودھا، وإذا تجدد كونھ عالما فال بد من عالما بعدم ال

.معنى

كان عالما بأنھ غیر فاعل لم یزل وأنھ فاعل ال یزال، وكان عالما : قلنابوجود الدنیا في حال وعدمھا في حال، وأحوال العلم ال تختلف وإنما تختلف

ى الوقت فسمي العبارات وأحوال المعلوم، وھذا كما تختلف العبارة عل .الماضي أمس والمستقبل غدا وفي الحاضر الیوم والوقت واحد

].٣١:محمد[﴾حتى نعلم المجاھدین﴿: قد قال تعالى: فإن قال

معناه حتى یجاھدوا ویظھر المعلوم، فأما من یقول أنھ عالم بعلم قدیم : قلناذا العلم غیر القدیم أو ھو ھ: قادر بقدرة قدیمة حي بحیاة قدیمة، فیقال لھ .بعضھ؟

.ھو: فإن قال

فوجب أن یكون إلھا ویجب أن نعبده، ووجب أن یكون علة لنفسھ وھذا : قلناإنھ عالم لنفسھ ألنا ال نعني أن ذاتھ علة، وإنما : إنكم تقولون: باطل، وال یقال

، وإن أردنا أن ذاتھ عالم على سبیل الوجوب ال یحتاج إلى علة ألجلھا یعلمیستحیل أن یكون لھ بعض وأن یكون بعضھ علة في صفة : قال بعضھ، قلنا

.اهللا

. غیره:فإن قال

.إثبات قدیم غیر اهللا مستحیل، وسنبینھ في باب نفي اإلثنین: قلنا

.ال ھو وال غیره وال بعضھ: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 67: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ھذا ال یعقل ویستحیل؛ ألن كل مذكورین كل واحد منھما یختص : قلنا ال بد أن یكونا غیرین، وألن العلم علم وھو عالم، ویستحیل أن ال بصفة

یكون ھو وال غیره، وألن القدیم یختص بصفات ال تجوز على العلم، والعلم یختص بصفات ال تجوز على القدیم، وكل ذلك یبین أنھ غیره، وألنك إذا

.ضتوال غیره ناق: لیس ھو وال بعضھ فقد أثبت الغیریة، فإذا قلت: قلت

إذا كان العلم قدیما والقدرة قدیمة وكذلك الحیاة والقدم من : ویقال لھمالصفات النفسیة الالزمة، فإذا شاركت ھذه المعاني القدیم في صفة القدم

وجب أن تشاركھ في سائر صفات النفس وتكون مثال للقدیم، ثم یلزم علیھ :وجوه من الفساد

.إلھا، والحیاة إلھاأن یكون العلم إلھا، والقدرة منھا

. أن یكون اإللھ بصفة ھذه المعانيومنھا

أن تكون ھذه المعاني بعضھا بصفة بعض حتى یكون المعنى قدرة، ومنھا .حیاة، علما

. أن یقع المعنى بواحد عن الباقینومنھا

. أن یقع المعنى بذات القدیم، فیلزمھم نفي المعاني على أقبح الوجوهومنھا

.أیعلم كل المعلومات بعلم واحد أو بعلوم؟: ویقال لھم

.وجب أن تكون علوما ال نھایة لھا قدما وھذا محال: بعلوم، قلنا:فإن قال

وكیف یتعلق علم واحد سائر المعلومات على : بعلم واحد، قلنا: وإن قال .طریق التفصیل والشاھد یحیل ذلك

. ھي مختلفة أو متماثلة؟العلوم المتعلقة بالمعلومات المختلفة: ویقال لھم

فإن قالوا متماثلة أحالوا؛ ألن ما ینفي أحدھما ال ینفي اآلخر، وألن أحدھما ال یسد مسد اآلخر وال یقوم مقامھ فیما یرجع إلى ذاتھ، وألن موجباتھا

مختلفة وكل ذلك ینفي التماثل، وألن اختالف ما یتعلق بالغیر یعلم باختالف .متعلقاتھا

.ختلفةم: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 68: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.فوجب أن علم اهللا تعالى بصفات مختلفة بعدد متعلقاتھا: قلنا

إذا علم القدیم كون زید في الدار، وعلم الواحد منا ذلك، ألیس : ویقال لھم .تعلقا بمتعلق واحد على وجھ واحد في وقت واحد، فال بد من بلى

.فوجب أن یكونا مثلین، ومثل القدیم ال یصح أن یكون محدثا: قلنا

علمھ قدیم ویتجاوز في التعلق عن معلوم، وعلمنا محدث وال : فإن قال .یتعلق إال بمعلوم واحد

یلزمك أن ال یكون علمھ كذلك، أو یكون أیضا علمنا قدیما متجاوزا في : قلناالتعلق، وبعد فھذا یوجب أن یكون الشیئان مختلفین من وجھ مثلین من وجھ

.وھذا فاسد

.قادرا عالما حیا واجب أم جائز؟كونھ : ویقال لھم

جائز أحال، ووجب أن یحتاج إلى مؤثر ویجوز علیھ أضدادھا، :فإن قال .واجب: وإن قال

وجب أن یستغني عن العلة والموجب، ككونھ موجودا وكون علمھ : قلنا .علما، وكون قدرتھ قدرة بخالف الشاھد

.القدیم موجود أم ال؟: ویقال لھم

. موجود، ال بد لھم من ذلك:فإن قالوا

.قدیم، ومحدث: الموجود على قسمین: قلنا

.ھو قدیم: فإن قالوا

.أھو قدیم لمعنى أو بالفاعل أو لذاتھ؟: قیل لھم

لمعنى قدیم، فذلك المعنى یجب أن یكون قدیما لمعنى آخر، :فإن قالوا .وتسلسل ذلك إلى ما ال نھایة، وإن قالوا لذاتھ

قھ لكونھ قادرا وعالما وحیا كاستحقاقھ لكونھ موجودا، فإن كان فاستحقا: قلنا .أحدھما لذاتھ كان اآلخر كذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 69: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما تقولون في صفتین استحقتا على السواء، فإذا كانت إحداھما لذاتھ : ویقالألیس األخرى تكون كذلك لذاتھ؟ فإذا كانت إحداھما لعلة فكذلك األخرى،

بلى، : حركین وكونھما متحیزین، فال بد منواعتبر ذلك بكون الجوھرین متفاستحقاقھ لكونھ قادرا عالما في الوجوب كاستحقاق كون السواد : فیقال

.سوادا، ثم ال یكون كذلك لمعنى، كذلك ھذا

ألیس القدرة ال یصح أن یفعل بھا في محلھا ابتداء؟ ولذلك ال یصح : ویقالفقدرة القدیم حالة : بلى، قلنا: قالمنا نفعل بیمیننا بقدرة ھي في یسارنا؟ فإذا

فیھ أوال في محل، فإن كانت حالة وجب أن یكون محال للمعاني، ووجب أن .ال یصح الفعل بھا مباینا

.ال في محل: وإن قال

.وجب أن ال یصح الفعل بھا أصال: قلنا

: نألیس القادر بقدرة في الشاھد ال یصح منھ فعل الجسم، فال بد م: ویقال لھفلو كان قادرا بقدرة لما صح منھ فعل الجسم أیضا، فلما صح : بلى، فیقال

.ثبت أنھ قادر لذاتھ

.ولم قلتم ذلك؟: فإن قال

ألن القدرة في تعلقھا بالمقدور تتفق وإن اختلفت في أنفسھا، فما یتعلق : قلناق بجنسھ بھ قدرة تتعلق بجنسھ سائر القدر، وما ال یتعلق بھ قدرة ال تتعل

.سائر القدر

ألیس العلم الواحد في الشاھد ال یتعلق إال بمعلوم واحد باالتفاق، : ویقال لھم .وعندكم أن القدیم كذلك، فال بد من نعم

فإذا جاز أن یكون معنى واحد یتعلق بأشیاء بخالف الشاھد لم ال یجوز : قلنان قدرة، حیاة أن تكون الذات تستغني عن العلل، أو یكون معنى واحد یكو

: وعلما، ویستغني بذلك المعنى عن جمیع المعاني، فإذا التزموا ذلك قلنا .فوجب أن یستغني عن جمیع المعاني، فیلزمھم نفي المعاني

ألیس الحیاة من شرط صحة اإلدراك بمحلھا، فحیاتھ فیھ أو ال : ویقال لھممحل وجب أن ال في محل، فإن كانت فیھ كان محال للعلل، وإن كانت ال في .یصح اإلدراك بھا، وفي ذلك قلب ذات الحیاة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 70: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما تقولون في أمرین مثلین إذا كان ألحدھما ضد وجب أن یكون : ویقال لھم !.لآلخر ضد أم ال؟

. یجب:فإن قال

.فوجب أن یجوز بیاضا لھ ضد وبیاضا ال ضد لھ: قلنا

.یجب: وإن قال

یكون لعلمھ ضد، فوجب جواز إذا كان یحصل لعلومنا ضد وجب أن: قلنا .عدمھ مع كونھ قدیما وذلك محال

ألیس العلم بھ صفة ألجلھا كان علما وألجلھا وجب كون العالم : ویقال لھم .تلك الصفة واجبة للعلم أم ال؟: عالما، فال بد من نعم، فیقال لھم

.واجبة: فإن قالوا

.فھل یحتاج إلى معنى ألجلھ یجب؟: قلنا

.ال: فإن قالوا

.كذلك عالما لما وجب لھ وجب أن یحتاج إلى العلم: قلنا

!!.أھو غني أم ال؟: ویقال لھ

.غني: قال فإن

فإن كان ال ! أفیحتاج إلى علم بھ یعلم وقدرة بھا یقدر وحیاة بھا یحیا؟: قلنا .إنھ غني: یحتاج ترك قولھ، وإن كان یحتاج نقض قولھ

.لك بخالف الشاھد؟كیف یكون عالما ال علم لھ وذ: قالوا

.كما صح موجود ال من موجد وإن كان بخالف الشاھد: قلنا

ألیس في الشاھد ال یكون عالما إال جسما ولھ قلب وعلم محدث، فال : ویقالفكذلك ما : فھل في الغائب كذلك؟ فإذا قال ال، قلنا: بلى، فیقال: بد من

.ذكرت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 71: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

علوم واحد، ثم في الغائب ألیس الجسم في الشاھد ال یتعلق إال بم: ویقالعندك یتعلق بمعلومات كثیرة، فھال جاز أن تكون الذات تستغني عن العلم .بخالف الشاھد، والفرق بینھما أن ھذه الصفات واجبة لھ بخالف الشاھد

.قولنا عالم إثبات، فماذا یثبت؟: وإن قالوا

درة قدرة، العلم علم، والق: الذات على صفة كقولنا موجود، وقولنا: قلنا .والحیاة حیاة

.الفعل المحكم یدل على ماذا؟: فإن قال

.على صفة لذاتھ: قلنا

أراد ] ٢٥٥:البقرة[﴾وال یحیطون بشيء من علمھ﴿: قال تعالى: فإن قال، وقال ]٧٦:یوسف[﴾وفوق كل ذي علم علیم﴿: معلوماتھ وقد قال تعالى

.، فلو كان معھ قدماء لم یكن أوال]٣:الحدید[﴾ل واآلخرھو األو﴿: تعالى

مسألة في نفي اإلثنین

إنھ تعالى واحد ال ثاني لھ وال ند وال مثل، وال في كونھ : الذي نقول في ذلك .قادرا وال دونھ

بالنور والظلمة، وأنھما أصل األشیاء ومنھما تركب العالم، :وقالت المانویة .ة شر وھما مطبوعان على ذلك وكل واحد حي فعالفالنور خیر والظلم

النور حي قادر والظلمة میتة عاجزة جاھلة، وطبعھما : وقالت الدیصانیة .على ما قالت المانویة

أن اهللا تعالى منھ كل خیر، والشیطان منھ الشر، :وزعمت المجوس واختلفوا في الشیطان، فأكثرھم على أنھ حدث من فكرة اهللا تعالى، وأنھ

.جرى بینھما مناوشات إلى خرافات كثیرة

فإذا ثبت صانع : بلى، قلنا: الفعل یدل على صانع، فال بد من: ویقال لھمواحد فما الدلیل على الثاني وما الحاجة إلیھ، وإذا كان یستغنى عنھ ال یجوز

.إثباتھ

.اختالف األفعال توجب اختالف الفاعلین: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 72: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

جوز أن یقال إن الجمیع فعل واحد كالواحد متى ھذه دعوى، لم ال ی: قلنایفعل الخیر والشر، ألیس عند المجوس القدیم أحدث الشیطان وھو أصل

للشر، فھال جاز أن یحدث جمیع الشرور، والذي یذھب إلیھ ھؤالء في الشر لیس بشر، كاللیل والحر والبرد والمرض والموت ونحوه، فیقطعون ذلك

. ویلحقونھ بالظلمة والشیطانعن اإلضافة إلیھ تعالى،

ألیس تقرر في عقل كل عاقل قبل النظر في المذھب أن من حق : ویقال لھمكل قادرین أن یصح من أحدھما أن یدعوه الداعي إلى فعل خالف ما یدعو

.الداعي اآلخر إلیھ؟ فال بد من بلى

ھما إذا كانا قدیمین قادرین وجب أن یصح ذلك فیھما، فإذا دعى أحد: فیقال :إلى إحیاء زید واآلخر إلى إماتتھ لم یخل من ثالثة أوجھ

إما أن یحصل مرادھما فیكون زید حیا میتا وھذا محال وال یحصل، فكل واحد متناھي المقدور وذلك فاسد، أو یحصل مراد أحدھما فھو القادر للذات

لو ﴿: ولھواآلخر متناھي المقدور فال یكون إلھا، وإلى ھذا أشار اهللا تعالى بقولعال بعضھم على ﴿: ، وقال]٢٢:األنبیاء[﴾كان فیھما آلھة إال اللھ لفسدتا

].٩١:المؤمنون[﴾بعض سبحان اللھ عما یصفون

.أیقدر أحدھما أن یرید خالف ما یریده اآلخر وضده أم ال؟: ویقال

.نعم: ز، وإن قالال یقدر، وصفھ بالعج: فإن قال

.فلو أراد الضدین كیف یكون، فبأي شيء أجاب بطل قولھم: قلنا

.أیقدر أحدھما أن یستر عن اآلخر شیئا؟: ویقال

نعم أخرجھ عن كونھ عالما : ال یقدر، وصفھ بالعجز، وإن قال:فإن قال .لنفسھ

.ب؟ھل علمتم في الشاھد أحدا یعلم أنھ كاذب أو علم أنھ مذن: ویقال لھم

.ال، كابر، والعقالء یكذبونھ، وإن قال نعم: فإن قال

.فمن ھو؟: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 73: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

من النور، فقد أضافوا الكذب والذنب، وإن قالوا من الظلمة فقد : فإن قالوا .العلم من النور والكذب من الظلمة: أضافوا العلم إلیھا وھو خیر، وإن قالوا

.بالسؤال وقع عن عالم علم أنھ كذب أو أذن: قلنا

فمن أیھما؟: بلى، قلنا: فال بد من! ھل علمتم مذنبا تاب؟: ویقال لھم

فإن قالوا من النور فقد أضافوا الذنب إلیھ، وإن قالوا من الظلمة فقد أضافوا .التوبة من النور والذنب من الظلمة: التوبة إلیھ، وإن قالوا

.عنھفكأنھ یتوب من أذنب غیره وھذا محال، والسؤال لم یقع : قلنا

ظلم مظلوما لیقتلھ فجن علیھ اللیل فنجا، وأخر علیھ النور : ویقال لھموالشمس فوجده وقتلھ، ألیس ھذا الخیر والنجاة حصل من جھة الظلمة؟

.وذلك القتل بسبب النور؟

ألیس تصح العظة واألمر بالمعروف والنھي عن المنكر وبعثة : ویقال لھمأیخاطب بھ النور أم : بلى، فیقال: د مناألنبیاء للدعاء إلى الخیر؟ فال ب

.الظلمة؟

.النور: فإن قالوا

.ھو ال یحتاج إلى ذلك مع أنھ مطبوع على الخیر: قلنا

.الظلمة: وإن قال

.فھي ال تحتاج؛ ألنھا مطبوعة على الشر، فما معنى األمر: قلنا

ألیس النور والظلمة عندكم كانا جوھرین متباینین فامتزجا : ویقال لھمفما وجھ امتزاجھما؟ ألذاتھما : بلى، فیقال: تركب منھما العالم؟ فال بد منو

: امتزجا؟ فیجب أن یكون االمتزاج قدیما إذا كانت ذاتھما قدیمة، فلو قال .ذلك المعنى قدیم أم محدث؟: امتزجا لمعنى، قلنا

.محدث: فإن قالوا

.اج قدیمابأي شيء حصل؟ وإن كان قدیما وجب أن یكون االمتز: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 74: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألیس قد : بلى، فیقال: فال بد من! ألیس النور والظلمة أجساما؟: ویقال لھم .ثبت حدوث األجسام كلھا وال بد لھا من محدث

.النور والظلمة أحیاء أم أموات؟: ویقال لھم

.أموات: فإن قال

.التأثیر في الفعل من المیت تحیلھ العقول: قلنا

.أحیاء: فإن قال

.لة للفعل أو فاعل مختار؟فھي ع: قلنا

. علة:فإن قال

فوجب أن تكون التراكیب قدیمة؛ إذ النور قدیم عندھم، وإن قال قادر : قلنا .وجب أن یصح بینھما التمانع: مختار، قلنا

.أحدھما حي وھو النور، واآلخر میت وھو الظلمة: فإن قلتم

حیاة واآلخر بالموت فإذا كانا قدیمین كیف انفرد أحدھما بالقدرة وال: قلنا .والعجز؟ وبعد فاشتراكھما في القدم یوجب كونھما مثلین فیستحیل ما قلتم

بلى، فإذا أثبت واحد لم : فال بد من! ألیس بالفعل یستدل على الصانع: ویقال .یبق دلیل على الثاني

الخیر والشر ضدان، فمؤثرھما یجب أن یكونا ضدین، كالحركة : فإن قال .رارة والبرودةوالسكون، والح

الخیر والشر یحصل من فاعل مختار، كالواحد منا یضرب مظلوما : قلنا .ویطعم جائعا

!.وبعد ألیس یجوز في الجسم المتحرك أن یسكن، وفي الحار أن یبرد

.نعم: ال، كابر، وإن قال: قال فإن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 75: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فإذا كان القدیم مریدا بإرادة ال في محل واختصاصھا بھما على : قلنالسواء، فإذا صار أحدھما مریدا لشيء صار أحدھما مریدا لھ، فوجب أن ال ا

.یصح أن یرید أحدھما شیئا ال یریده اآلخر، وذلك ینقض كونھما قادرین

.أیصح من الواحد منا أن یصدق بلسان ویكذب بھ؟: ویقال لھم

، نعم، أضافوا الخیر والشر إلى واحد: ال، كابروا، وإن قالوا: فإن قالواوكذلك یلزمھم في القلب یرید بھ الخیر والشر ویعتقد العلم والجھل،

.ویلزمھم في الید یصرف بھا ویتصرف

ھذه األشخاص الحیة ألیس ھي مركبة من النور والظلمة : ویقال لھمإذا كان النور حیا والظلمة میتة وجب أن : عندكم؟ فال بد من بلى، فیقال

.قبیحا، خیرا شرا وھذا باطلیكون الشخص حیا میتا، حسنا

ما تقولون في شخص حسن اللون خیر ال یقدر على شر، وآخر قبیح : ویقالالمنظر شریر، ھل األول من النور واآلخر من الظلمة أو ھما من النور

.والظلمة؟

.فإن قالوا باألول بطل أصلھم في االمتزاج، وإن قالوا بالثاني

.بالخیر والحسن، واآلخر بالقبح والشر؟فلم اختص أحدھما : قلنا

.ألن النور في األول غالبة والظلمة في الثانیة: فإن قالوا

وما الذي أوجب الغلبة لھما في موضعین واالمتزاج وقع على : قلنا .السواء؟

.وبعد فإن صار ھذا الشریر خیرا والخیر شریرا أیجوز أم ال؟

.نعم: ال كابر، وإن قال: فإن قال

.فلم صار الغالب مغلوبا وكان یجب أن ال یتغیر: ناقل

مسألة في نفي المكان والجھة

أنھ تعالى ال یجوز علیھ المكان والجھة، والمشبھة : الذي یقولھ مشایخنا .ھو على العرش مستقر: بأسرھا یثبتون لھ مكانا وجھة، ومنھم من یقول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 76: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لتحیز، أفتقولون إنھ المصحح لكون الشيء في مكان وجھة ا: یقال لھم .متحیز أو ال؟

ال أحالوا الوصف مع عدم التحیز بالجھة كاألعراض، وإن قالوا : فإن قالوا .متحیز

فوجب أن یكون مثال لألجسام؛ ألن التحیز من الصفات الواجبة التي : قلنا .توجب التماثل

التحیز كما نصحح كونھ في جھة الفوق نصحح كونھ في سائر : ویقالجھات، فوجب أن یكون في جھة أخرى، وإذا جاز الجمیع وجب أن یكون ال

إنھ غیر : في الجھات لمعنى، فیدل على حدثھ وذلك باطل، وعند ھذا قالوامتناھي من خمس جھات ومتناھي من جھة التحت فالتحقوا بالثنویة، وما قالوا في النور أنھ غیر متناه من خمس جھات متناه من جھة التالقي مع

.الظلمة

.إذا كان في جھة ھل یقدر أن یصیر إلى جھة أخرى؟: ویقال لھم

.نعم: فإن قالوا

.فقد جوزتم علیھ المجيء والذھاب وذلك یوجب حدوثھ: قلنا

.ال: فإن قالوا

ألستم تقولون في إثبات المكان على الشاھد، وما علمنا في الشاھد من : قلنا .جھة یجب أن یصیر في جھة أخرى

.أیجب كونھ في ھذه الجھة التي ھو فیھا أم ال وھو جائز؟: لھمویقال

.یجب: فإن قالوا

فكل ما شاركھ في كونھ في جھة وجب أن یكون واجبا أیضا، إذ ال : قلنا .فاصل والمصحح واحد

.یجب وال یجوز: فإن قالوا

.فیجب أن یحصل فیھا بمعنى وذلك یدل على حدوثھ: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 77: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.العرش أم ال؟أھو على : ویقال لھم

.بلى: فإن قالوا

.فھو مثل العرش أو أكبر أو أصغر؟: قلنا

مثل العرش أو أصغر أثبتوه محدودا، وإن قالوا أكبر جعلوه :فإن قالوا .محدودا؛ ألن الشيء ال یوصف بأنھ أكبر من شيء إال وھما محدودان

.أكلھ على العرش أم بعضھ؟ أم ھو على بعض العرش؟: ویقال لھم

ھو على بعض العرش بطل أصلھم أنھ غیر متناھي، وإن قالوا كلھ : ن قالفإ .على العرش بعضوه وكل ذلك باطل

.أیصح أن یوصف اهللا تعالى بأنھ على حمار؟: ویقال

.ال: فما الفرق بیننا وبینھ، وإن قال: نعم، قلنا: فإن قالوا

.أیقدر أن یقلب العرش حمارا؟: قلنا

.نعم: فإن قالوا

.فھو فعلھ، ألیس كان على حمار، وحسبھم بھذا خزیا: قلنا

، فكیف لھ ]١١:الشورى[﴾لیس كمثلھ شيء﴿: ألیس قال تعالى: ویقال لھم !.مكان وجھة وذلك من صفات األجسام؟

ألیس من في الشرق یدعو ویرفع یدیھ، ومن في الغرب كذلك، : ویقال لھم .بلى: فال بد من

.أم ال؟أھو في مكان : قلنا

.بلى: فإن قالوا

.فقد ناقضت حیث أثبتھ محتاجا إلى مكان وجھة: قلنا

.إذا كان قائما بنفسھ وجب أن یكون في جھة: قالوا

.ولم؟: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 78: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ألن في الشاھد كذلك: قالوا

فوجب أن یكون جسما؛ ألن كل قائم بنفسھ جسم، ویجب أن یجوز أن : قلنا .في الشاھد كذلك لكونھ جسمایصیر إلى جھة أخرى، وإنما كان

.أین ھو؟ خارج العالم أو في العالم؟: قالوا

.أین، سؤال عن المكان ولیس هللا مكان: قلنا

كل موجودین إذا لم یكن أحدھما بجنب اآلخر كان بجھة منھ : فإن قالوا .كالشاھد

ولم وجب ذلك في الغائب؟ وبعد فإن في الشاھد الجواھر بجھة منھ، : قلنا . تعالى لیس بجوھر وال عرض فلذلك اختلفناواهللا

].٥:طھ[﴾الرحمن على العرش استوى﴿: ألیس اهللا تعالى قال: فإن قالوا

ھو قادر على خلق العرش، وإنما خص العرش : معناه استولى، أي: قلنا ].١٢٩:التوبة[﴾رب العرش العظیم﴿: لعظمھ، كقولھ

].١٨:األنعام[﴾وھو القاھر فوق عباده﴿: لىقال تعا: فإن قالوا

.المراد فوقھم بالقھر والقدرة ال بالمكان: قلنا

].٢٢:الفجر[﴾وجاء ربك﴿: قال تعالى: فإن قالوا

].٢٦:النحل[﴾فأتى اللھ بنیانھم من القواعد﴿: المراد أمر ربك، كقولھ: قلنا

. المسلمون یرفعون أیدیھم في الدعاء نحو السماء؟ألیس: فإن قیل

.إن العرش قبلة الدعاء كما أن البیت قبلة الصالة: قلنا

].١٧:الملك[﴾أم أمنتم من في السماء﴿: قال تعالى: فإن قالوا

لیس في اآلیة من الذي في السماء فیحتمل أنھ أراد المالئكة، ویحتمل : قلنا .لسماء عذابھ وحكمھأنھ أراد من في ا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 79: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مسألة في الرد على النصارى

الذي نعقل من كالم للنصارى أن یقولوا في التثلیث أنھ ثالثة آلھة، ویقولوا واحد لھ ثالث صفات، فإما أن یقولوا ثالثة في الحقیقة واحد في الحقیقة فیستحیل ویتناقض وال یعقل، والمعقول من االتحاد الحلول أو المجاورة،

أن یقال یصیر الشیئان شیئا واحدا والقدیم محدثا والمحدث قدیما فغیر فأما .معقول

فإن قالوا بثالثة آلھة، فما بینا في نفینا االثنین یبطل قولھم، وإن أثبتوا ثالث صفات قدیمة، فما بینا في الكالم على الكالبیة یبطل قولھم، وإن قالوا

.قد بینا أنھ لیس بجسمبالمجاورة فذاك من خاصة الجسم، و

.كل فیھ، فذاك من صفة العرض، وقد بینا أنھ لیس بعرض: فإن قالوا

وبما قدمنا یبطل قول عباد األصنام والصابین في نفي االثنین یبطل قول جمیع أصحاب المتوسطات، وكذلك ما قدمنا على المنجمین والمفوضة فال

.معنى لإلكثار

مسألة في نفي الرؤیة

أنھ تعالى لیس بمرئي في ذاتھ، ومن - رحمھم اهللا -قولھ مشایخنا الذي ی :خالفنا فیھ على أقوال

من یثبتھ جسما فال بد أن یرى، فال نكلمھم في ذلك بل نكلمھم في : فمنھم .األصل

.لیس بجسم ویثبت الجھة، وھم المشبھة فھم كاألولین: من یقول:ومنھم

والجھة وأثبت الرؤیة، فھؤالء الذین من نفى التشبیھ والتجسیم :ومنھم .نكلمھم في مسألة الرؤیة

.أتثبت الرؤیة وتنفي الجھة؟: فیقال لھم

ناقضت؛ ألنك أثبت الرؤیة فلما نفیت الجھة، والرؤیة ال : نعم، قلنا: فإن قال .تكون إال في جھة فقد نفیتھا

.أھو مدرك بجمیع الحواس أو بحاسة مخصوصة؟: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 80: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.- وھو مذھب أكثرھم– بحاسة العین :فإن قال

.فكل ما یختص إدراكھ بحاسة البصر یكون من جنس األلوان: قلنا

ألیس القدیم تعالى على الصفة التي لو رأى كان علیھا؟ فال بد : ویقال لھمألیس نحن على صفة تدرك : بلى؛ ألن التغیر علیھ مستحیل، فیقال: من

لیست الموانع من الرؤیة التي ھي أ: بلى، فیقال: المدركات؟ فال بد منمعقولة تستحیل علیھ، كالبعد المفرط والقرب المفرط والحجاب واللطافة

بلى، : والدقة أو یكون بین محلھ وبین الرائي أحد ھذه الوجوه؟ فال بد منفلو كان مرئیا لوجب أن نراه، ولئن جاز مع ھذا أولى لجاز أن یكون : فیقال

.ال نراھابین أیدینا فیلة عظیمة

إنما یدرك المدرك منا بإدراك وذلك اإلدراك فعل اهللا تعالى، فإذا : فإن قال .فعل في الحاسة أدركناه

فھذا یؤدي إلى ما ألزمناكم من كون فیلة بین أیدینا ال نراھا مع صحة : قلناالحواس، وتضرب طبول وبوقات ال تسمع مع صحة الحاسة، ویؤدي إلى

الصین وال یدرك خیال بین یدیھ، ویؤدي إلى أن یكون أن یدرك منا بقة في بین یدیھ شیئان مستویان یدرك أحدھما دون اآلخر، وأن یدرك من الشيء

بعضھ دون بعض، ویؤدي إلى أن یكون بین یدیھ صغیر وكبیر ویرى .الصغیر دون الكبیر

ابل؟ ألیس الواحد كما ال یرى إال ما كان مقابال أو في حكم المق: ویقال لھم .بلى: فال بد من

.فإذا لم یجز على القدیم سبحانھ وتعالى وجب أن ال یصح أن یرى: قلنا

أھل الجنة یرونھ في جمیع األوقات أو في بعضھا؟ فإن قال باألول : ویقال .كان سائر النعیم لغوا، وإن قال بالثاني كان النعیم منغصا

ن المسموعات أجناس ألیس المرئیات أجناسا مخصوصة، كما أ: ویقالألیس : بلى، فیقال: مخصوصة، وكذلك المذوقات والمشمومات؟ فال بد من

ما كان مسموعا كان من جنس األصوات، كذلك كل ما كان مرئیا كان من .جنس المرئیات وھو الجوھر واللون

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 81: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ال تدركھ ﴿: ألیس القدیم سبحانھ تمدح بنفي اإلدراك بقولھ: ویقال، وكل ما كان نفیھ مدحا یرجع إلى ذاتھ كان إثباتھ ]١٠٣:األنعام[﴾األبصار

ال ﴿: نقضا؛ ألن النفي بمجرده ال یكون مدحا فوجب أن ال یرى بحال، كقولھ ].٢٥٥:البقرة[﴾تأخذه سنة وال نوم

لن رب أرني أنظر إلیك قال﴿: ألیس لما سأل موسى الرؤیة بقولھ: ویقال لھم .، فنفى الرؤیة نفیا عاما من غیر تخصیص]١٤٣:األعراف[﴾تراني

.لولم تجز لما سأل موسى: فإن قال

أرنا اللھ ﴿: سأل عن قومھ ولذلك أخذتھم الصاعقة، وقد قالوا: قلنافقد سألوا موسى أكبر من ﴿: ، ولذلك عظم فعلھم بقولھ]١٥٣:النساء[﴾جھرة

].١٥٣:النساء[﴾لكذ

-٢٢:القیامة[﴾وجوه یومئذ ناضرة ، إلى ربھا ناظرة﴿: ألیس قال: فإن قال ؟]٢٣

االنتظار، وقیل : كالمنا في الرؤیة ال في النظر، والمراد باآلیة قیل: قلناینظر إلى ثواب اهللا ونعمتھ : النظر إلى الثواب ویحمل علیھا، فكأنھ قیل

. أمثالھا أبدا وذلك من تمام النعمةوینتظر

.إذا كان موجودا وجب أن یرى كالشاھد؟: فإن قیل

فیجب أن یكون جسما أو عرضا كما في الشاھد كل مرئي جسم أو : قلنا .عرض كما أن كل مرئي موجود

یصح أن یدرك الجمیع، : ألیس ھاھنا أعراض ال تدرك؟، فإن قالوا: ویقال .المعدوملزمھم أن یصح إدراك

كما نرى في الشاھد إذا لم یكن حاال كان محال، والقدیم ال یصح : ویقال لھم .أن یكون حاال وال محال

إنكم سترون : ((- صلى اهللا علیھ وآلھ وسلم -قد روي عن النبي : فإن قیل )).ربكم كما ترون القمر لیلة البدر ال تضامون في رؤیتھ

لمراد أنكم ستعلمونھ ضرورة من غیر كلفة ظاھره یوجب التشبیھ، وا: قلنانظر ومن غیر دخول شك أو شبھة، وزعم األشعري أنھ یصح إدراكھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 82: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

بجمیع الحواس، وقد سبق اإلجماع بخالفھ، ویلزمھ أن یكون من جنس .الصوت والطعم وأن یكون جسما تعالى عن ذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 83: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

الكالم في التعدیل والتجویزالقسم الثالث مسألة في أن اهللا تعالى ال یفعل القبیح

یفعلھ وال یقبح منھ، وعند : یقدر على القبیح وال یفعلھ، وعند المجبرة: عندناال یقدر على فعل القبیح، وقد ثبت أنھ قادر لذاتھ فال جنس إال وھو : النظام

على الحسن قدر على مقدور لھ، وألن القبیح من جنس الحسن، فإذا قدر .القبیح

ألیس ھو تعالى عالم بقبح : ، فیقال لھمفأما الكالم في أنھ ال یفعل القبیحفمن ھذه حالھ ال یختار القبیح : بلى، فیقال: القبیح وبغناه عنھ، فال بد من

البتة إذ كان حكیما، كالواحد منا إذا استوى عنده الصدق والكذب في النفع .ختار إال الصدقوالضر فإنھ ال ی

الحكیم الذي یقصد الفعل ویفعلھ مع العلم بھ ال یفعلھ إال لداعي : ویقال .وغرض أو یفعل ال لداعي وغرض؟

یفعل ال لداعي وغرض كابر العقول، وإن قال ال بد من غرض : فإن قال .وداعي

فالقبیح ال داعي فیھ إذا علم قبحھ وغناه بل قبحھ، وإنما الداعي إلیھ : قلناإذا خلق الظلم : لحاجة والجھل بحالھ وھذا ال یجوز علیھ، وإنما یقال لھما

والكذب وسائر القبیح أیحسن منھ أم یقبح ویفعلھ وأي ذلك كان جاز أن تظھر المعجزة على ید كذاب ویبعث رسوال یدعو إلى الكفر والكذب؛ ألن

.ذلك دون خلق الكفر والكذب

على یدي كذاب أم ال؟ فإن قالوا ال فقد أیقدر أن یظھر المعجز : ویقال لھم .وصفوه بالعجز

وبعد فإحیاء المیت مقدور لھ سواء كان عقیب دعوى عیسى أو كاذب، وإذا .كان مقدورا لھ فما المانع من فعلھ؟

فما تنكر أن جمیع ما ظھر على أیدي األنبیاء إنما كان : یقدر، قلنا: فإن قالوا .كذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 84: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ث رسوال یدعو إلى الضالل والكفر أم ال؟أیجوز أن یبع: ویقال لھم

.ال: فإن قالوا

فإذا جاز أن یخلق الضالل جاز أن یبعث من یدعو إلیھ؛ . وما المانع؟: قلنا .ألنھ دون خلق الضالل

.نعم: وإن قالوا

.فما األمان من جمیع من بعث دعوا إلى الضالل؟: قلنا

شاھد یقبح منھ أم ال؟ ألیس یجوز أن یفعل ما ھو قبیح في ال: ویقال لھموعلى الوجھین وجب أن یجوز أن یكون في إخباره كذب، وال نثق بوعده

.ووعیده، وأن تكون أوامره أمرا بقبیح ونواھیھ نھیا عن الحسن

بلى، : أیجوز أن یفعل كل قبیح وال یقبح منھ عندكم؟ فال بد من: ویقال لھمن ویثیب الفراعنة، ومن جاز فجوزوا أن یعاقب األنبیاء والمؤمنی: فیقال لھم

.ھذا علیھ ال یؤمن منھ

.ال یجوز علیھ الكذب؛ ألنھ صادق لذاتھ: فإن قال

ھذه العبارات عندكم فضلة، وبعد فإذا وعد النبي بالثواب أیقدر أن ال : قلنا .فإذا لم یثبھ كان وعده كذبا: بلى، فیقال: یثیبھ؟ فال بد من

م والكذب والعبث وجب أن تشتق لھ منھا إذا جاز أن یفعل الظل: ویقال لھم .أسماء، فیقال ظالم كاذب عابث

ألیس یفعل الحركة ولیس بمحترك؟ كذلك یخلق الظلم وال یسمى : فإن قال .ظالما

المحترك اسم لما حلتھ الحركة، ال لمن فعل الحركة، واهللا تعالى یفعل : قلنا .الحركة وال تحلھ، والظالم اسم لمن فعل الظلم

: لو وجد في زید حركة من فعل عمرو أیسمى محتركا؟ فال بد من: ویقال .لو وجد ظلم من فعل زید في عمرو من یسمى بھ؟: بلى، فیقال

.زید فقد ظھر الفرق: عمرو، كابر؛ ألنھ المظلوم، وإن قال:فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 85: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ا، القبیح إنما یقبح لوقوعھ على وجھ، نحو كونھ كذبا وظلما وعبث: ویقال لھمفإذا وجد منھ وجب أن یقبح، كما أن الصدق والعدل یقع على وجھ فیحسن،

.ثم یحسن منھ إذا وقع على ذلك الوجھ كذلك ھذا

.القبیح یقبح للنھي، وال نھي علیھ ألنھ مالك: فإن قیل

ال، إنما یقبح لوقوعھ على وجھ وھو كونھ ظلما أو كذبا أو عبثا، : قلنا :والدلیل علیھ وجوه

أنھ متى علم ذلك الوجھ یعلم قبحھ، ومتى لم یعلم ذلك الوجھ لم یعلم :ھامن .قبحھ سواء علم النھي أو لم یعلم

. أن النھي لو كان علة في قبحھ لكان نھینا علة:ومنھا

. أنھ لو علل النھي لحسن األمر فكان ال یحسن منھ تعالى شيء:ومنھا

. أھل الشرع لو قبح النھي الختص بمعرفة قبحھ:ومنھا

لو قبح النھي لكان ال یقبح منھ إظھار المعجز على الكذابین، وال :ومنھایقبح الكذب، وال أن یبعث رسوال یدعو إلى الكفر، وال أن یثیب الفراعنة

.ویعذب األنبیاء

أنھ لو قبح النھي وحسن األمر لوجب إذا أمر بعبادة األوثان ونھى :ومنھا ویحسن عبادة األوثان وھذا فاسد؛ ألنھ یجب أن عن عبادتھ أن یقبح عبادتھ

.یكون فاسدا

إذا جاز أن یفعل القبیح وجب أن یكون محتاجا أو جاھال بقبحھ؛ : ویقال لھمألن من یفعل القبیح إنما یفعلھ ألحد ھذین الوجھین، وعلى كال الوجھین یلزم

ن أین أنھ ال أن یكون جسما فمن أین أنھ قدیم، ومن أین أنھ ال شبھ لھ، وم .یفعل سائر القبائح

: ألیس یصح في الشاھد أن یأمر أحدنا غیره وینھي؟ فال بد من: ویقال لھمفحال المأمور ال یخلو إما أن یجب أن یفعل أو یستحیل أن : بلى، فیقال

یفعل، وذلك یوجب أن قولھم في الفساد بمنزلة قول الثنویة القائلین بالنور .شر یقع منھما طباعاوالظلمة، وأن الخیر وال

.إذا جاز أن یفعل لذاتھ: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 86: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كاذب لذاتھ، وبعد فإنا نلزمكم في ھذه : وما الفرق بینكم وبین من یقول: قلنا .العبارات ال في صفة الذات

.ھل یقدر على الكذب أم ال؟: ویقال لھم

.نعم: ال، نسبوه إلى العجز، وإن قالوا: فإن قالوا

.یف كان یكون؟فلو فعلھ ك: قلنا

.وما األمان من ذلك؟: یفعلھ، قلنا: فإن قالوا

ألیس المعجز إنما یدل على صدق الرسول، ألنھ تعالى حكیم ال : ویقال لھمیجوز أن یظھر المعجز على یدي كذاب لقبحھ، فإذا جوزتم علیھ كل قبیح

.فلم ال یجوز ذلك، فمن ھذا الوجھ یلزمھم إبطال النبوات

إذا جاز أن یفعل نفس الضالل والقدرة الموجبة لھ واإلرادة : ویقال لھمالموجبة لھ فما الذي یمنع من أن یفعل المعجز عند دعوى الكذاب لیكون

.المكلف إلى وقوع الضالل أقرب

ألیس الضالل الحاصل عند دعوى المتنبي الكاذب ھو من خلق : ویقال لھم ولما ضره دعاؤه، فال بد ، ولو لم یخلق ذلك لما حصل]عندكم[اهللا تعالى

.بلى: من

لو كان صادقا وخلق الضالل أكان یجوز؟ ولو كان كاذبا وخلق الحق : فیقالفال فرق بین أن یكون كاذبا أو صادقا، : بلى، فیقال: أكان یجوز؟ فال بد من

.وبین أن یبعث أو ال یبعث

مسألة في خلق األفعال

:الخالف فیھ من ثالثة أوجھ

ذھب أھل العدل، فإن أفعال العباد فعلھم حادثة من جھتھم لیست م: األول .بخلق هللا تعالى

مذھب جھم أنھا خلق اهللا تعالى ال تأثیر للعبد فیھا، وإنما نسبت إلى : والثاني .العبد كما ینسب إلیھ طولھ وقصره، وحركة الشجر إلى الشجر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 87: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وسنبین . كسب للعبدمذھب النجاریة والكالبیة أنھا خلق اهللا تعالى : والثالث .الكالم في الكسب بعد ھذا

ألیس یجب وقوع تصرفات العبد بحسب قصده وداعیھ، : فیقال للقوموانتفاؤھا بحسب كراھتھ وصارفھ، حتى إذا أراد المشي یجب وقوع المشي

فلو كانت : بلى، فیقال: وال یقع األكل، وإذا أراد األكل یقع األكل، فال بد من .ما وجب ذلك فیھا كسائر أفعال اهللا تعالىخلقا هللا تعالى ل

لو قدرنا ھذه التصرفات أفعال العباد حادثة من جھتھم، أكان : ویقال لھمیزید حالھا على ما ھي علیھ اآلن من وقوعھا بحسب اختیارھم، فوجب أن

.یكون فعال لھم

بلى،: ألیس في أفعال العباد الكفر والظلم والقبیح؟ فال بد من: ویقال لھمفكیف یجوز أن یخلق القبیح والكفر وسب نفسھ وقتل أنبیائھ، وقد دللنا : فیقال

.على أنھ ال یجوز أن یفعل القبیح

: ألیس من فعل في الشاھد الظلم یوصف بأنھ ظالم؟ فال بد من: ویقال لھمبلى؛ ألن العقول تشھد بذلك، كما أن من فعل الكذب فھو كاذب، ومن فعل

- تعالى اهللا عن قولھم - كان جمیع ذلك من خلقھ العبث فھو عابث، فلو .لوجب أن یسمى اهللا تعالى ظالما عابثا كاذبا وأجمعت األمة على خالفھ

ألیس اهللا : بعض المجبرة فقال-وھو بعد حدث -وسأل شیخنا أبو علي .تعالى خلق العدل؟

.بلى: قال-

.أنسمیھ عادال؟: قال-

.نعم: قال-

.لق الظلم؟فھل خ: قال-

.نعم: قال-

.فنسمیھ ظالما؟: قال-

.ھذا ال یجب: قال-

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 88: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.فما أنكرت ممن یقول ال نسمي بفعل العدل عادال، فانقطع: قال-

بلى، : ألیس في أفعال العباد الخضوع والتذلل والعبادة؟ فال بد من: ویقال !.كیف یجوز علیھ تعالى الخضوع والتذلل؟: فیقال

وال تسبوا الذین یدعون من دون اللھ فیسبوا اللھ ﴿: عالىألیس قال ت: ویقال، فنھى عن سب األوثان؛ ألنھم لو سبوا ]١٠٨:األنعام[﴾عدوا بغیر علم

.األوثان لسب أولئك الكفار اهللا تعالى، فمن خلق سب األوثان في المؤمن؟

.اهللا تعالى: فإن قالوا

.فمن خلق سب اهللا في الكافرین؟: فیقال

.اهللا: فإن قالوا

فكان ینبغي أن ال ینھى عن سب األوثان، ولكن إذا سبوا األوثان لم : فیقال .یخلق سب نفسھ فال یسبون، فما معنى ھذا النھي والتعلیل بھذا

: ألیس اهللا تعالى أمر العباد بأفعال ونھى عن أفعال؟ فال بد من: ویقال لھمكیف یصح أن یأمر بما ھو خلقھ وینھى عن خلقھ؟ ألیس لو خلق : قالبلى، فی

بلى، ولو لم یخلق ما نھى : ما أمر بھ وجد ولو لم یخلق لم یوجد؟ فال بد من .عنھ لم یكن ولو خلقھ كان، فأي معنى لألمر والنھي

: ألیس اهللا تعالى مدحھم على أفعال وذمھم على أفعال؟ فال بد من: ویقال لھمإذا كان جمیع ذلك خلقھ وجب أن یكون المدح والذم منھما : قالبلى، فی

.متوجھا إلیھ، وكأنھ یمدح على ما لیس بفعلھ، ویذم على ما لیس من فعلھ

ألیس اهللا تعالى خلق الكافر وأمره بترك الكفر وفعل اإلیمان؟ فال بد : ویقالن یكون ما ال فكأنھ أمره أن ال یكون ما خلقھ وأراده ھو، وأ: بلى، فیقال: من

خلقت شیئا وأردتھ فلم كان ولم أخلق شیئا : یخلقھ وال یریده ھو، فكأنھ قال .ولم أرده فلم لم یكن؟

ألیس بعث الرسل إلى الكافر لیدعوھم إلى اإلیمان وترك الكفر؟ فال : ویقالبعث الرسل لیغیروا خلقھ وإرادتھ فھذا محال، وعلى ھذا : بلى، فیقال: بد من

.مجاھدین بالجھاد لئال یكون ما خلقھ ھوأمر ال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 89: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

إذا خلق الكفر والقبائح لم یخل إما أن یقبح منھ أو ال یقبح منھ، : ویقال لھم .ویقبح من العبد أو ال یقبح منھ

یقبح منھما أو ال یقبح منھما، أو ال یقبح من اهللا سبحانھ ویقبح من :فإن قال .العبد

وأن ال یفي بالوعد والوعید، ویثیب وجب أن یصح أن ینفرد بالظلم، : قلنا .الفراعنة ویعاقب الرسل والمؤمنین

ھذه األفعال ال تخلو إما أن تكون من اهللا فوجب أن یتوجھ المدح : ویقال لھموالذم إلیھ، أو من العبد فیتوجھ الحمد إلیھ والذم، أو منھما فیتوجھ الحمد

.والذم إلیھما

لتصرف العبد، لبطلت الطریق إلى لو كان تعالى ھو الخالق : ویقال لھمإثبات العبد قادرا علیھ من حیث یجوز أن یكون ھو الموجد لھ علىسائر صفاتھ فیستغني عن القدرة، وال یقال الحركة تحتاج إلى القدرة كحاجة

.القدرة إلى الحیاة؛ وذلك ألن وجود الحركة تصح من غیر قدرة

ال یصح وجوده مع : درة، فإن قلتوبعد فال بد من وجھ ألجلھ یحتاج إلى الق .فقد صارت القدرة المحدثة قدرة القدیم: فقد القدرة، قلنا

إذا كانت ھذه األفعال خلقا لھ تعالى وجب أن ال تضاف إلى العبد، : ویقالوال ترجع أحكامھ إلیھ، ولوجب جواز وقوعھا محكمة مع جھل العبد،

فیھ إلى اآللة مع فقد ولوجب جواز وقوع الفعل على الوجھ الذي یحتاجاآللة؛ ألنھ الخالق وال یحتاج إلى آلة وعلم، ونفس الفعل ال یحتاج إلى اآللة

.والعلم

.بلى: ألیس حركة الشرایین خلق اهللا تعالى؟ فال بد من: ویقال لھم

فما الفرق : بلى، فیقال: فإذا جرت یده ألیس ذلك أیضا خلقھ؟ فال بد من: قلنا .بین الحركتین؟

ألن حركة یده تقع بحسب قصده ویقدر علیھا دون حركة : قالفإن .الشرایین

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 90: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فھذا أولى أن ینفى عنھ؛ ألنھ كما خلق الحركة خلق اإلرادة وخلق : قلنا .إنھا خلق اهللا تعالى؟: القدرة الموجبة، وبعد فلم قلت إنھ یقدر علیھا مع قولك

فإذا كان الفعل : ، قلنابلى: أیجوز أن یمنع العبد من الفعل؟ فال بد من: ویقال .خلقا لھ تعالى وجب أن ال یثبت المنع، الستحالة المنع علیھ تعالى

إذا كان فعل العبد خلقا هللا تعالى وجب أن ال یقع بحسب قدرنا في : ویقالالقلة والكثرة، وال یؤثر فیھ عدم األسباب من قبلنا، ولوجب أن ال یقع بحسب

دواعیھ متوفرة إلى الحركة وال تقع ویكره دواعینا، حتى أن أحدنا لو كانت .السكون فیقع

: بلى، فیقال: ألیست ھذه األفعال یحدثھا القدیم تعالى؟ فال بد من: ویقال لھم .بلى: ألیس العبد متعبدا بطلب المعونة واألنصار؟ فال بد من

!!.فإذا كانت خلقھ فما معنى المعونة؟ وھل یحتاج اهللا تعالى إلى معین: قلنا

.أیستحق الواحد منا الشكر على غیره باإلنعام والذم باإلساءة؟: ویقال لھم

.بلى: ال، كابروا العقول ودفعوا المعقول، وإن قالوا: فإن قالوا

وكذلك القول في ! فكیف یستحق، واإلنعام واإلساءة من فعلھ تعالى: قلناعبد كمكان المدح والتعظیم والذم والتھجین والثواب والعقاب؛ ألن عندھم ال

.الضرف لھذه األفعال، وال یستحق ھذه األمور

ألیس عندكم أنھ تعالى خلق الكافر للكفر، ثم خلق فیھ الكفر : ویقال لھموأوجبھ بالقدرة الموجبة واإلرادة وقدرة اإلرادة، وأراد منھ ذلك وكره أن ال یكون، وصیره بحیث ال ینفك من ذلك بوجوه كثیرة، ثم حكم علیھ بالعقاب

وجب أن ال تكون لھ نعمة على الكفار، فال : بلى، فیقال: الدائم، فال بد من .یستحق الشكر علیھم والحال ھذه، وذلك مخالف لنص الكتاب واإلجماع

.ال نعمة علیھ في الدین ولكن علیھ نعمة في الدنیا: فإن قیل

ب الدائم إذا خلقھ ألجل ما ذكرنا، وخلق فیھ ما بینا، وصیر عاقبتھ العقا: قلناصار ھذا القدر محبطة زائلة، فیصیر بمنزلة من یقتل غیره، ثم یكلمھ في

.أثنائھ بكالم طیب في أنھ ال یعتد بھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 91: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

وأیضا فعندھم أنھ إنما مكنھ من ھذه النعم استدراجا إلى الكفر والعقاب .الدائم، فھو بمنزلة من یطعم غیره خبیصا مسموما

یئا إلیھ من جھة ربھ بالوجوه التي قدمناھا، إذا كان الكافر مس: ویقال لھموجب أن یكون للكافر أن یفعل من الذم وسوء الثناء على ربھ ما یفعلھ

.المساء إلیھ المظلوم لظالمھ وھذا كفر باإلجماع

.نعمة اهللا على عبده في اإلیمان أعظم أم نعمة رسولھ؟: ویقال لھم

بل : ول واإلجماع، فإن قالوانعمة رسولھ كابروا ودفعوا المعق: فإن قالوا .نعمة اهللا أعظم

.ولم ذلك؟: قلنا

ألن اهللا تعالى ھو الخالق لإلیمان، والرسول یدعو إلیھ، واهللا : فإن قالواتعالى یزین لھ اإلیمان ویخلق القدرة الموجبة لھ كان فحالھ آكد من حال

.الرسول

ر أضر من الذي فعلى ھذا یجب أن تكون مضرة اهللا على عباده الكفا: قلنایفعلھ إبلیس وآكد؛ ألن إبلیس دعا إلى الكفر واهللا خلقھ والقدرة الموجبة لھ وزینھ وأراده، وكل قول قاد إلى ھذه المواقف كان في نھایة الفساد، وحقیق

.على العاقل أن یتجنبھ

األفعال التي تحل في غیر محل القدرة وھو الذي نسمیھ : ویقال لھم . والجراح والضرب المؤلم خلقھ تعالى أم فعل العبد؟المتولدات، كالقتل

.خلقھ منفرد بھ، ولیس بكسب للعبد: فإن قالوا

.فلماذا أوجب القصاص والدیة والعقوبة؟: قلنا

.القتل عندنا ما یحل القاتل: فإن قالوا

وھذه مكابرة تدفعھا العقول، ویشھد كل عاقل ببطالنھا لعلمھم أن : قلنا . بالمقتول ال بالقاتلالجراح والقتل حل

ما تقولون في خلق اهللا تعالى الكفر في الكافر ثم بعث إلیھ : ویقال لھم .رسوال، أیصح من الرسول أن یغیر ذلك وإن بذل جھده؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 92: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فلو : ال، قلنا: فھل یصح من الكافر أن یتركھ؟ فإن قالوا: ال، قلنا: فإن قالواھم رسوال، ألیس كانوا مؤمنین؟ لم یخلق اهللا تعالى الكفر فیھم ولم یبعث إلی

فأي معنى للرسول والكتاب والعظة والدعاء واألمر : بلى، قلنا: فإن قالوا .بالمعروف والجھاد على ھذا القول

بلى، : ألیس العقل یفرق بین المضطر والمكتسب؟ فال بد من: ویقال لھمفكذلك فأي فرق بینھما على قولك، فإذا كان المضطر ال تكلیف علیھ : فیقال

المكتسب؛ ألن في الحالین قد فعل القادر من الخلق واإلحداث ما ال یمكنھ اإلنفكاك عنھ، فإذا كان من ھو في إحدى الحالین مضطرا ال تكلیف علیھ

.فكذلك في الثاني

.مع الكسب قدرة واختیار: فإن قالوا

: قالبلى، فی: ألیس ذلك من خلقھ تعالى وأن القدرة موجبة؟ فال بد من: قلنافإذا ھذا یریده اضطرارا؛ ألن في المضطر أمر واحد موجب والمكتسب

.بلى موجبة أمور جمة كل واحد منھما موجب: موجبھ، فال بد من

بلى، : ألیس عندكم أنھ تعالى یخلق الكذب في العبد؟ فال بد من: ویقال لھم .فلم ال یجوز أن یفعلھ متفردا بھ، ولم ال یجوز أن یأمر بھ: فیقال

ھل في المعلوم إال اهللا أو : ما قالھ الشیخ أبو الھذیل لحفص الفردویقال لھم .خلقھ من الموجودات؟

.ال: قال-

.فاهللا عذب الكافر على نفسھ؟: قال-

.ال: قال-

.فعذبھ على خلقھ؟: قال-

.ال: قال-

.فھل ھاھنا شيء غیرھما؟: قال-

.ال: قال-

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 93: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

. شيءفكأنھ عذبھ على غیر: قال-

األمر یكون على : وعلى ھذا یلزمھم في األمر والنھي والحمد والذم، فیقال .ال، فھاھنا ثالث، وكذلك یلزمھم في الحدود: نفسھ أو على خلقھ، فإن قالوا

.ھل في الشاھد قادر؟: ویقال لھم

: بأي طریق تثبتون إذا كانت األفعال خلقھ؟ فإن قالوا: قلنا. نعم: فإن قالوا .فما أنكرت أنھ كما یخلق فیھ العقل یخلق فیھ االختیار: دة، قلناتقع بإرا

إذا لم تثبتوا في الشاھد فاعال ال یمكنكم إثبات الصانع؛ ألن : ویقال لھم .الطریق إلى إثباتھ إثبات الفاعلین في الشاھد، وقد أفسدتم على أنفسكم ذلك

اتھ صحة الفعل وال یمكنكم إثبات عالم؛ ألن الطریق إلى إثب: ویقال لھمالمحكم منھ، فإذا كان ذلك من خلقھ ال یجوز أن یخلق الفعل المحكم في

.الجاھل وال یخلقھ في العالم

إذا كانت ھذه األفعال خلق اهللا تعالى فما أنكر أن یتأتى ألضعف خلق : ویقال .اهللا تعالى نقل الجبال، وال یتأتى ذلك في أقواھا؛ ألنھ تعالى خلق ذلك فیھ

.اعتبر العادة: لفإن قا

العادات تختلف، فوجب أن یجوز أن یحصل نقل الجبال من أضعف : قلنا .خلق اهللا والفعل المتقن من أجھل خلق اهللا

: ، وقال]٧:السجدة[﴾الذي أحسن كل شيء خلقھ﴿: ألیس قال تعالى: ویقالما ترى في خلق ﴿: ، وقال]٨٨:النمل[﴾صنع اللھ الذي أتقن كل شيء﴿

، ألیس الكفر متفاوتا وھو قبیح فوجب أن ال ]٣:الملك[﴾الرحمن من تفاوت .یكون من خلقھ

؟]١٦:الرعد[﴾اللھ خالق كل شيء﴿: ألیس اهللا قال: فإن قال

﴾ فیدل أن العبادة لیست من فاعبدوهأراد كل شيء مخلوق، وفیھا ﴿: قلنا: ، وقولھ"حملت كل شيء فاحمل الدواة: "قھ، كما یقول السید لغالمھخلعمل : یعني المعمول فیھ، كقولھم] ٩٦:الصافات[﴾واللھ خلقكم وما تعملون﴿

.النجار بابا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 94: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.؟]١٤:الملك[﴾أال یعلم من خلق﴿: قال سبحانھ: قالوا

.أراد خلق األجسام وأكثر األعراض: قلنا

ألیست عندكم ھذه األفعال خلقا هللا تعالى وجعلھا كسبا لعباده؟ فال : ویقال لھم .بلى: بد من

فلم ال یجوز أن یخلق فیھم الحیاة والطعم والشھوة والرائحة والجسم : فیقالویكون كسبا لھم، ویلزمھم من وجھ آخر وھو أن عندھم لكل فعل قدرة على

العبد یقدر على اختراع األجسام والشھوة إن : حدة فما یؤمنكم لو قال قائلوالحیاة، ویحسن أن یكلف ذلك إال أنھ ال یحصل ذلك؛ ألنھ لیس فیھ تلك

القدرة، وفي ھذا ما یؤدي إلى نفي الصانع، وتجویز أن یكون العالم من فعل آخر فضال عن إضافة األفعال إلیھ؛ ألنھم إذا جوزوا أن یقدر الجسم على

ن یكون العالم من فعل جسم، ولعل تلك القدرة حصلت في الجسم لم یأمنوا أ .كثیر من العباد فیخلقون األجسام وفي ھذا ھدم الدین

.أیجوز أن یعذب زیدا بما یفعلھ عمرو؟: ویقال لھم

.ال: نعم دفعتھ العقول؛ ألنھ تقرر في عقل كل قبحھ، فإن قالوا: فإن قالوا

.تھ كفعل عمروفھذا الفعل في أنھ لیس بحادث من جھ: قلنا

.ھو كسب لنا: فإن قالوا

.ال معتبر بالعبارات، ما الذي یحصل من جھة العبد؟: قلنا

. الكسب:فإن قالوا

.عن ھذا نسألكم، وسنبین الكالم في الكسب وأنھ ال یعقل: قلنا

مسألة في فساد قولھم بالكسب

ن األمر بلغ أن المتقدمین من المجبرة لما رأوا لزام ما ألزمناھم من بطالوالنھي والثواب والعقاب، وأن مذھب جھم یؤدي إلى ذلك، احتالوا ألنفسھم

إنھا خلق هللا كسب للعبد، ولم یعلموا أنھ ال : لعلھم یتخلصون من ذلك فقالوامخلص لھم من تلك اإللزامات، وأن ھذا القول زادھم فسادا؛ ألن قول جھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 95: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ب غیر معقول، والكالم منھ في معقول وإن كان باطال وأن قولھم في الكس :موضعین

.أنھ غیر معقول: أحدھما

.أنھ وإن عقل فال یصح: والثاني

:ونحن نبین ما یلزمھم في ذلك في الفصلین، فیقال لھم

مسألة في الھدى والضالل

:الھدى في القرآن على وجوه

﴾ في صفة القرآن، ھدى للناس﴿: الداللة والبیان، كقولھ تعالى: أولھا، ویقال ھدیتھ فلم یھتد، أي ]١٧:فصلت[﴾وأما ثمود فھدیناھم﴿: ولھوكق

.أرشدتھ ودللتھ فلم یھتد

والذین اھتدوا ﴿: زیاھدة اللطف التي بھا یثبت على الھدى، كقولھ: وثانیھا ].١٧:محمد[﴾زادھم ھدى

اللھ فھو من یھد﴿: الحكم بالھدایة، كقولھ تعالى: والثالث ].١٧٨:األعراف[﴾المھتدي

والذین قتلوا في سبیل اللھ ﴿: الثواب وطریق الجنة، كقولھ تعالى: والرابع، فاألول عام في ]٥-٤:محمد[﴾فلن یضل أعمالھم ، سیھدیھم ویصلح بالھم .بع خاص في المؤمنینجمیع المكلفین، والثاني والثالث والرا

:فأما الضالل فیستعمل على وجوه

، ]٨٥:طھ[﴾وأضلھم السامري﴿: اإلضالل عن الدین، كقولھ تعالى:منھارب إنھن أضللن كثیرا ، ومنھ ﴿]٧٩:طھ[﴾وأضل فرعون قومھ وما ھدى﴿

].٣٦:إبراھیم[﴾من الناس

، ]٢٧:إبراھیم[﴾ویضل اللھ الظالمین﴿: لحكم بالضالل، كقولھ ا:ومنھا ].٢٧:الرعد[﴾یضل من یشاءو﴿

.قابلناھم فما أجبناھم: وجدانھ ضاال كقول عمرو بن معدي كرب:ومنھا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 96: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.الضالل عن الثواب: ومنھا

].٤٧:القمر[﴾إن المجرمین في ضالل وسعر﴿: الھالك، كقولھ: ومنھا

.والذي ال یجوز على اهللا تعالى ویختص بالكالم فیھ اإلضالل عن الدین

یجوز أن یضل فأما عن سائر المعاني فیجوز، فیتأول آیات :وعند المجبرة .الھدى والضالل على ذلك فإن الكالم فیھ یطول

كیف یضل: بلى، فیقال: ألیس أمر اهللا تعالى بالدین؟ فال بد من: ویقال لھم .عن شيء أمر بھ

.ما معنى إضاللھ للعبد؟: ویقال لھم

.بأن یخلق فیھ الضالل والكفر والقدرة الموجبة: فإن قالوا

.فما معنى التعذیب والحدود وھو كالملجأ وال فعل لھ فیھ: قلنا

فإذا دللنا على أنھ : بلى، فیقال: ألیس الضالل قبیحا؟ فال بد من: ویقال لھم .یح یجب أن ال یضاف إلیھتعالى ال یفعل القب

وأضل ، ﴿]٨٥:طھ[﴾وأضلھم السامري﴿: ألیس قال تعالى: ویقال لھم .، فمن خلق الضالل؟]٧٩:طھ[﴾فرعون قومھ

.اهللا: فإن قالوا

.فرعون والسامري تركوا أصلھم: ھذا یخالف نص الكتاب، وإن قالوا: قلنا

.ضاللھما دعیا إلى ال: فإن قالوا

.فمن خلق الدعاء؟: قلنا

.اهللا: فإن قالوا

فإذا كان ھو الخالق للدعاء فیھم وخالق الضالل فیمن دعوھم، فما تأثیر : قلنا .الداعي والمدعو

.من خلق الضالل في الضال؟: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 97: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.اهللا: فإن قالوا

.فمن خلق الوسواس في إبلیس؟: قلنا

.اهللا: فإن قالوا

یضاف اإلضالل إلیھ من إبلیس، فماذا أضیف إلى إبلیس فھو أولى بأن : قلنا .وھو الخالق للجمیع

ما تقولون لمن ھو ملئ الدنیا من األبالسة ودعوه إلى الضالل ولم : ویقال .یخلق ھو الضالل أكان ضاال؟

. ال:فإن قالوا

.فلو لم یكن إبلیس وخلق ھو فیھ الضالل ألیس یكون ضاال؟: قلنا

. بلى:فإن قالوا

فما تأثیر إبلیس فوجوده وعدمھ سواء، وكذلك وجود األنبیاء وعدمھم : لناق .سواء في الھدایة، فذم إبلیس لغو

.من أضل الكفار؟: ویقال لھم

.اهللا: فإن قالوا

.ألیس اإلضالل اسم ذم؟: قلنا

.ال كابروا: نعم وصفوه بالذم، وإن قالوا:فإن قالوا

.ثم یعاقب لم ضللتكیف یجوز من الحكیم أن یضل : ویقال

ألیس اهللا تعالى أمرنا باإلیمان وبعث رسلھ لذلك، وأمر بالجھاد : ویقال لھمووعد المؤمن وأوعد على تركھ، وحث علیھ غایة الحث، ونھى عن الكفر،

.بلى: وأمر بقتل الكفار وأوعدھم وزجر عنھ غایة الزجر، فال بد من

كفر ولم یرد اإلیمان، وأضلھ عن ألیس عندكم أنھ مع ھذا أراد منھ ال: فیقالھذا : بلى، فیقال: اإلیمان وأوقعھ في الكفر ومنعھ قدرة اإلیمان، فال بد من

.فعل حكیم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 98: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما تقولون، ألیس اهللا تعالى عندكم أراد من الكافر كل شر وخبث : ویقال لھمفكیف یوصف : بلى، قلنا: وفساد وردة، وكره كل خیر وإحسان؟ فال بد من

.كیم بمثل ھذه األوصاف، تعالى اهللا عن قولھم علوا كبیراالح

مسألة في القضاء والقدر

:القضاء في اللغة ثالثة معان

، وبمعنى ]١٢:فصلت[﴾فقضاھن سبع سماوات﴿: الخلق، كقولھ تعالىأحدھاوقضى ربك أال تعبدوا إال ﴿: الفرض واإلیجاب، كقولھ تعالى

وقضینا إلى بني ﴿: ، وبمعنى اإلعالم، كقولھ تعالى]٢٣:اإلسراء[﴾یاهإ .أعلمناھم: أي] ٤:اإلسراء[﴾إسرائیل

:والقدر على ثالثة معان

، وبمعنى اإلعالم والبیان، ]١٠:فصلت[﴾وقدر فیھا أقواتھابمعنى الخلق ﴿، وبمعنى التقدیر، فكل أفعال ]٦٠:الحجر[﴾رینقدرنا إنھا لمن الغاب﴿: كقولھ

.اهللا تعالى بقضائھ وقدره بمعنى الخلق

فأما أفعال العباد فجمیع ذلك لیس من خلقھ على ما بینا وبعلمھ وبیانھ، وأراد الطاعات فیجوز أن یضاف إلیھ على ھذین الوجھین، وكذلك التقدیر إال أن

.بیانفیھ إیھاما فوجب أال یطلق إال مع ال

واللھ ﴿: فاهللا تعالى یقول: الكفر حق أم باطل؟ فإن قالوا باطل قلنا: ویقال لھم ].٢٠:غافر[﴾یقضي بالحق

إذا كان الكفر باطال وكان بقضائھ فالقضاء بالباطل باطل وھذا : ویقال .یستحیل علیھ تعالى

.ھل یجب الرضى بقضاء اهللا تعالى أم ال؟: ویقال لھم

ال دفعوا ما ورد بھ الشرع من وجوب الرضى بالقضاء من : الوافإن ق .نعم: األخبار واإلجماع، وإن قالوا

.فما تقولون، الكفر بقضائھ أم ال؟: قلنا

.بلى: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 99: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.أفیجب الرضى بھ؟: قلنا

ال یجب : بلى، الرضى بالكفر كفر، فكیف یجب، وإن قالوا: فإن قالوا .ناقضوا

أنھ - صلى اهللا علیھ وآلھ -ي في المتواتر عن النبي ألیس رو: ویقال لھم: ، وقال حاكیا عن ربھ))اللھم ارضني بقضائك وبارك لي في قدرك: ((قالمن لم یشكر نعمائي ولم یصبر على بالئي ولم یرض بقضائي فلیطلب ((

نعم دفعھ العقل والشرع، وإن : ، فیجب الرضى بالكفر، فإن قال))ربا سواي .زمھ أن ال یكون بقضائھال ل: قال

ألیس الشرع ورد بأن كل قاضي یقضي بجور وظلم یقال لھ ھذا : ویقال لھم .جائر، فإن كان كل جور وظلم بقضائھ فوجب أن یسمى بذلك

بذم - صلى اهللا علیھ وآلھ -ألیس وردت السنة عن رسول اهللا : ویقال لھم من األخبار ، فال بد وغیر ذلك)) القدریة مجوس ھذه األمة: ((القدریة فقال

ألیست األسماء تؤخذ من اإلثبات كما یقال لمن یثبت : بلى، فیقال: منمشبھ، وكذلك أسماء الصانع؟ فال بد : موحد، ولمن یثبت التشبیھ: التوحید

ألیس ھذا االسم أخذ من القدر فیجب أن یكون لھ تعلق؟، فال : بلى، فیقال: منعاصي أھي بقدر اهللا أم ال، فقلتم نعم وقلنا اختلفنا في الم: بلى، فیقال: بد من

.ال، فأنتم بھذا أولى

وبعد ألستم قد لججتم بذكر القدر فتضیفون إلیھ كل كائن حسنا كان أو قبیحا فكنتم بھذا االسم أولى من ھذا الوجھ أیضا، كما یقال تمري لمن لھج بالتمر

.ولبني لمن لھج باللبن

.ذھبنا وفساد مذھبكم فكنتم بھذا االسم أولىوبعد ألیس قد دللنا على صحة م

.أنتم أولى بھذا االسم؛ ألنكم أثبتم لنفوسكم القدر: فإن قالوا

باطل، نحن ال نثبت ألنفسنا القدر البتة، وإنما نثبت ألنفسنا فعال كما : قلناأثبتم كسبا، وبعد فھب أنا كذلك فعلنا، فإذا ذلك عندكم باطال وجب أن ال

أال ترى أن المشبھ یدعي أنھ موحد منزه ونحن نسمیھ مشبھا، نسمى بذلك، .ومن یدعي أنھ كاتب صانع وال حقیقة لھ ال یسمى بذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 100: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

شبھ القدریة بالمجوس من بین - صلى اهللا علیھ وآلھ -النبي : ویقال لھمفوجب أن یكون ذلك تشبیھ بینھم وبین : بلى، قلنا: سائر الكفار، فال بد من

ة، وأنتم وافقتم المجوس في أشیاء، منھا أنھم أثبتوا فاعلین المجوس خاصأحدھما خیر ال یقدر على الشر، واآلخر شریر ال یقدر على الخیر وأنتم

مؤمن ال یقدر على الكفر، وكافر ال یقدر على اإلیمان، وھذا : أثبتم فاعلین .ضد مذھبنا؛ ألن عندنا أن القادر یقدر على األمرین

لوا الخیر والشر كالمطبوع وأنتم كذلك، ومع ذلك عندھم أنھم جع: ومنھا .یحسن األمر والنھي كذلك عندكم

أن المجوس أثبتوا فاعلین أحدھما ممدوح واآلخر مذموم وأنتم :ومنھا .أضفتم المعاصي إلى فاعلین خالق ومكتسب أحدھما محمود واآلخر مذموم

ثم أخذ یلعنھ ویعیبھ وأنتم إنھ تعالى خلق إبلیس وأحدثھ،: أنھم قالوا:ومنھا .إنھ خلق المعصیة ثم أخذ یلعنھا ویعیبھا: قلتم

اهللا ال یقدر على القبیح، وأنتم كذلك زعمتم ومن تمدح : أنھم قالوا:ومنھا .بأن ال یفعل ما ال یقدر علیھ ال یصح

یسأل ھذا المجوس عن نكاح : ما قالھ ثمامة لبعض المجبرة فقال:ومنھاات واألخوات وعبادة النیران وأكل المیتة والخمر أھو منھ األمھات والبن

تعالى أم ال؟

.ھو من اهللا: قال المجوسي-

.فأنا موافق لھ أم أنت؟ فانقطع: فقال-

مسألة في االستطاعة وأن تكلیف ما ال یطاق ال یجوز

إن القدرة تتقدم الفعل وال توجبھ، بل : الذي یقول مشایخ التوحید والعدلادر بھا قادرا ثم ھو إن شاء فعل وإن شاء لم یفعل، وتتعلق بالمثلین یصیر الق

والضدین والمختلفین، وأنھا باقیة، وأن الكافر قادر على اإلیمان، والمؤمن .قادر على الكفر، وال یكلف اهللا عبدا ما ال یطیقھ

أنھا مع الفعل ال تتعلق إال بمقدور واحد دون المثلین :وزعمت المجبرةن والمختلفین واحد ال یقدر على شیئین، الكافر ال یقدر على فعل والضدی

.اإلیمان والمؤمن ال یقدر على الكفر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 101: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

: یقع في ثالثة مواضعوالكالم

أن االستطاعة قبل الفعل غیر موجبة لھ وتتعلق بالضدین، وأن : أحدھا .تكلیف ما ال یطاق ال یجوز

یجب وقوع أفعالھ بحسب ألیس الواحد منا مع سالمة األحوال : فیقال لھمقصده وداعیھ واختیاره، وانتفاؤه بحسب كراھتھ حتى إذا أراد األكل وكره

.المشي یقع األكل وال یقع المشي

.نعم: ال یجب كابروا العقول، وإن قالوا: فإن قالوا

فالداعي قد یدعوه إلى أن یفعل الشيء وإلى أن یفعل ضده على البدل، : قلنا .ضدین كیف یتم القول بما تقدمفإذا لم یقدر على ال

فإذا : بلى، فیقال: ھل فرق بین المضطر وبین المختار؟ فال بد من: ویقالكان كل واحد منھما ال یقدر على خالف ما ھو علیھ وال یمكنھ االنفكاك عنھ

!فأي فرق بین حركة الشرایین وحركة الید؟

سالمة ھل یتصور أن یقدر على تحریكھ یمنة ویسرة مع: ویقال لھمفإذا جاز والقدر علیھما یختلف فیجب : بلى، فیقال لھ: األحوال؟ فال بد من

.أن یجوز وعندھم ال یجوز

ألیس من فقد العلم بالشيء أو فقد اآلالت معذورا في تركھ، كمن ال : ویقالرجل لھ یعذر في أن ال یمشي، ومن ال یكون لھ بصر یعذر في أن ال ینظر،

بلى؛ ألن عندھم تكلیف ذلك : لم یتمكن منھ؟ فال بد منومن ال یعلم یعذر إذا .ال یصح

: ألیس تأثیر القدرة في الفعل آكد من تأثیر العلم واآللة؟ فال بد من: فیقال لھمبلى، وكذلك نجد العقالء یتفقون أن من ال یقدر على شيء أو قال ال أستطیع

دھم أنھا موجبة، كان معذورا؛ وألن الفعل إنما یتأتى بالقدرة خصوصا عن .فإذا كان مع فقد اآللة معذورا فمع فقد القدرة أولى

ألیست القدرة یحتاج إلیھا لیخرج الفعل من العدم إلى الوجود؟ : ویقال لھم .فإذا وجد الفعل فما الحاجة إلى القدرة: بلى، فیقال: فال بد من

.الكافر ھل یقدر على اإلیمان أم ال؟: ویقال لھم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 102: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ال: م وافقونا، وإن قالوا نع:فإن قالوا

.فھو مأمور بما ال یقدر علیھ وال یطیقھ وھذا ال یجوز: قلنا

.القدرة على الضدین تتضاد أم ال؟: ویقال لھم

.ال: فإن قالوا

.فوجب أن یجوز اجتماعھما: قلنا

.تتضاد: وإن قالوا

فالصفة الصادرة عنھما أیضا یجب أن تتضاد، كالعلم، والجھل، : قلنایاة، والموت، والعجز، لما تضادت تضاد كونھ عالما جاھال حیا میتا والح

.قادرا عاجزا

یقدر : نعم لزمھم أن ال یقدر تعالى على الضدین، وإن قالوا: فإن قالوا .نقضوا قولھم

ما تقولون في كائن في الظل انتقل إلى الشمس أھو قادر على : ویقال لھم .اإلنتقال أم ال؟

.لىب: فإن قالوا

قادر على أن ینتقل إلى الشمس وھو في الشمس أم ھو قادر على أن : قلنا .ینتقل وھو في الظل؟

.یقدر وھو في الشمس: فإن قالوا

فإذا صار في الشمس فما معنى القدرة، وإن قالوا وھو في الظل فذلك : قلنا .قولنا

قدر على رجل ولھ امرأة وعبد فطلق امرأتھ وأعتق عبده، ھل ی: ویقال لھمأیقدر على ذلك وقد أعتق : بلى، فیقال: العتق والطالق أم ال؟ فال بد من

.وطلق أو قبلھ؟

.إذا أعتق: قبلھ وافقونا، وإن قالوا: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 103: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فإذا وقع العتق والطالق فما معنى القدرة، فكأنھ قدر على طالق أجنبیة : قلنا .وعتق حر

جلھ ال ینفك أحدھما من اآلخر؟ھل بین الفعل والقدرة تعلق أل: ویقال لھم

.نعم: فإن قالوا

.بینوا وجھ التعلق وھما مقدوران غیران: قلنا

.ال: وإن قالوا

فھال جاز وجود أحدھما مع عدم اآلخر فیصح وجود القدرة دون : قلنا المقدور؟

ألیس عندكم القدرة موجبة والفعل من خلقھ تعالى خلقھما معا : ویقال .بلى: بد منوأعدمھما معا؟ فال

فلم صارت القدرة بأن تكون مؤثرة في الفعل أولى من أن تقولوا إن : فیقالالمؤثر في القدرة ھو الفعل، وھذا نحو ما ألزمنا أصحاب برفلس وجماعة

.من الفالسفة لما زعموا أن العالم قدیم ولھ صانع قدیم

صحیح فلیس ما تقولون في رجلین قاعدین أحدھما زمن واآلخر : ویقال لھم .بلى: عندكم ھما ال یقدران على القیام؟ فال بد من

فھل تجوز لھما الصالة من قعود؟: فیقال

.ال، فكذلك: نعم، خالفوا األمة والشرع، وإن قالوا: فإن قالوا

.یجوز للزمن دون اآلخر: وإن قال

.فما الفرق وعندك أنھما سواء في أن ال قدرة؟: قلنا

.وھمیصح منھ أو یت: فإن قال

: كذلك الزمن، وإن قال: تتغیر نعم، قلنا: والحال ھذه أو تتغیر، فإن قال: قلنا .والحال ھذه ترك مذھبھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 104: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

أرأیت ھذین الرجلین والمسألة بحالھا إذا دخل وقت الصالة :ویقال لھال أقدر على القیام، أصادق ھو : قم فصل، فقال: ورآھما اإلمام فقال للزمن

.أم ال؟

.بلى: فإن قالوا

.أفیعذره اإلمام أم ال؟: قلنا

.بال: فإن قالوا

قم فصل، فقال ال أقدر على القیام أصادق ھو أم : فإذا قال اإلمام لآلخر: قلنا ال؟

.ھو صادق: ھو كاذب، فقد وافنا، وإن قال: فإن قال

.أیعذره اإلمام؟: قلنا

.نعم: فإن قال

.خالف أھل العقول فإنھم ال یعذرونھ: قلنا

.ال: قالوافإن

فإذا كانا جمیعا صادقین فلماذا یعذر أحدھما دون اآلخر، وھذا الذي : قلنا .أورده الواثق على المجبرة في مجلس النظر فانقطعوا

ما تقولون في رجل قاعد على شط نھر جار وھو صحیح : ویقال لھمال أقدر، وحلف بطالق امرأتھ أنھ ال یقدر : توضأ فقال: الجوارح قیل لھ

لى أن یتوضأ، ھل یجوز لھ أن یصلي بالتیمم؟ أو ھل یقع طالق؟ فإن عال یجوز ویقع : یجوز، خالفوا اإلجماع ودفعوا العقول، وإن قالوا: قالوا

.الطالق تركوا قولھم

ما الفرق بین رجلین مع أحدھما ماء لم یتوضأ بھ واآلخر ال : ویقال لھم استعمال الماء، فوجب أن یقدر على الماء، وعندكم كل واحد ال یقدر على

.یجوز لھما التیمم وذلك بخالف الشرع

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 105: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فوجب : بلى، فیقال: ألیس عندكم القدرة موجبة للفعل؟ فال بد من: ویقال لھمفي فاعل القدرة أن یكون فاعال للفعل؛ ألنھ مع وجود القدرة ال یمكنھ أن

إلى فاعل ینفك من الفعل حتى ال یتوجھ المدح والذم إلى العبد بل یتوجھ .القدرة

: ال، قلنا: أیجوز أن تتقدم القدرة على الفعل أم ال؟ فإن قالوا: ویقال لھمفوجب فیھ تعالى أن ال یتقدم كونھ قادرا : ال، قلنا: فكونھ قادرا، فإن قالوا

.على فعلھ؛ ألن تعلق الصفات ال یختلف

.إذا وجدت القدرة الموجبة أتوجب الفعل؟: ویقال لھم

.توجب: فإن قالوا

فإذا عدم العلم واآلالت وجب أن توجب، وذلك یوجب االستغناء عن : قلنا .العلم واآللة وھذا مما تأباه العقول

.ما تقولون في ذرة حملت خردلة أتقدر علیھا؟: ویقال لھم

.نعم: فإن قالوا

ال فجبریل الذي قلب مدائن : فجبریل لم یحملھا أیقدر علیھا؟ فإن قالوا: قلنا .ط ومع ما یحكى من قوتھ ھذه الذرة أقوى منھقوم لو

بلى، : ما تقولون في رجلین ضعیف وقوي، ھل یتصور؟ فال بد من: ویقالفكیف یتصور وھذا ضعیف لو وجدت فیھ قدرة نقل جبل لقدر، : فیقال

.والقوي لو لم یوجد فیھ ال یقدر، فال ینفصل القوي من الضعیف

لى شيء ال یصح أمره ونھیھ بذلك وال ألیس في الشاھد من ال یقدر ع: ویقال .بلى، وإال كابروا العقول: حمده وذمھ؟ فال بد من

فعندكم أن أحدا ال یقدر على شيء مما یلیق بھ ولم یفعلھ فوجب أن ال : فیقالیصح األمر والنھي والمدح والذم، وفي جنس ذلك دلیل على فساد قولكم،

.لظلمةوھذا مثل الذي ألزمنا المانویة بالنور وا

ما تقولون لو وجد في األعمى والجاھل قدرة الكتابة ونقط : ویقال لھم .بلى: المصاحف أیصح منھ ذلك؟ فال بد من

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 106: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.فأي فرق بین األعمى والبصیر والعالم والجاھل: فیقال

ما تقول في رجل حمل مائة رطل ال یقدر على حمل أزید منھ، ھل : ویقالفإذن حالھ : ال، قلنا: وافقنا، وإن قالنعم،: یقدر على حمل أنقص؟ فإن قال

.في تعذر حمل ما ھو أزید كتعذر ما ھو أقل، وھذا مما تدفعھ العقول

تصور جمال حمل حمال وزنھ مائة من وبین یدیھ حمل أحد : ویقال لھمال، كابروا : عشر منا غیر حامل لھ، أیقدر على حمل ھذه العشرة؟ فإن قالوا

.عم، تركوا مذھبھمن: العقول، وإن قالوا

نعم، وافقونا، وإن : أیجوز أن یكون قادرا غیر فاعل؟ فإن قالوا: ویقال لھم .فوجب في القدیم أن یكون فاعال لم یزل: ال، قلنا: قالوا

: نعم، قلنا: ما تقولون في رجل قتل نفسھ أیقدر علیھ؟ فإن قالوا: ویقال لھمیقدر وھو حي تركوا : الوایقدر علیھ وھو حي أو یقدر وھو مقتول؟ فإن ق

.قدر وھو مقتول أحالوا ودفعتھم العقول: مذھبھم، وإن قالوا

ما تقولون في رجل لم یحج أیقدر على أن یحج ویستطیعھ؟ فإن : ویقال لھمفوجب أن ال یجب علیھ : ال، قلنا: نعم، تركوا مذھبھم، وإن قالوا: قالوا

.بالحج؛ ألن االستطاعة شرط في وجوبھ بنص الكتا

وسیحلفون باللھ لو استطعنا لخرجنا معكم ﴿: ما تقولون في قولھ: ویقال لھم، ففي أي شيء كذبوا ]٤٢:التوبة[﴾یھلكون أنفسھم واللھ یعلم إنھم لكاذبون

ال یخلو : أو عندكم لو استطاعوا لخرجوا، قال شیخنا أبو الھذیل رحمھ اهللاال نستطیع، أو یكونوا في : إما أن یكونوا مستطیعین فلم یخرجوا، وقالوا

معلوم اهللا بحیث لو استطاعوا لم یخرجوا، وفي كال الوجھین أكذبھم اهللا .تعالى، فدل أنھم مع االستطاعة كانوا ال یخرجون

بلى، : ألستم تزعمون أن كل من قدر على شيء فعلھ؟ فال بد من: ویقال لھم علیھم - وسائر األنبیاء واألئمة - صلى اهللا علیھ وآلھ -ھل قدر النبي : فیقال

على معصیة قط وتركوھا هللا إجالال لھ ورجاء لثوابھ وخوفا من -السالم : نعم، قلنا: فإذن ترك ما ال یقدر علیھ، فإن قالوا: ال، قلنا: عقابھ؟ فإن قالوا

فر وعبادة الصنم لم یحجزه من فلو قدر على جمیع المعاصي لفعلھا، كالكأحد أسوأ ثناء منكم : نعم، قلنا: ذلك رجاء ثواب وال خوف عقاب، فإن قالوا

إنھ قدر : على الرسول، وكیف یمدح من ترك ما ال یقدر علیھ؟ ونحن نقول

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 107: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

على جمیع ذلك فلم یفعل باختیاره إجالال لعظمة ربھ ورجاء لثوابھ وخوفا .- صلى اهللا علیھ وآلھ -ء على رسول اهللا من عقابھ، فأینا أحسن ثنا

أن یكون شر خلق اهللا - صلى اهللا علیھ -ألیس عندكم لو قدر النبي : ویقاللو قدر إبلیس على أن یكون خیر : بلى، فیقال: لكان ولكن ال یقدر؟ فال بد منأنتم أحسن ثناء على إبلیس منكم : بلى، فیقال: خلق اهللا لكان كذلك؟ فال بد من

لى رسول اهللا؛ ألنھ تقرر في العقول أن من وصف بأنھ لو قدر على كل ع .خیر لفعلھ أحسن حاال ممن وصف بأنھ لو قدر على فعل شر ألتى بھ

ما تقولون في عزمكم وعقیدتكم لو قدرتم على قتل األنبیاء : ویقال لھموالمؤمنین، وھدم الكعبة، وعبادة األصنام، وشرب الخمور، وانتھاك كل

ریم، ونبش كل میت، وارتكاب كل عظیم لفعلتم ذلك، ولم تتركوه خوفا الح .من عقاب وال رجاء لثواب

.نفعل ذلك: كنا ال نفعل ذلك تركوا أصلھم، وإن قالوا: فإن قالوا

ومن ال أشر [ومن أعدى هللا ورسولھ والمسلمین، ومن شر من عقیدتھ : قلنا .غیر ھذا] عقیدة من عقیدتھ

ملك قط عن أحد وأنعم علیھ وھو یقدر على عقوبتھ؟ھل عفا : ویقال

ال كابروا العقول، ویلزمھم أن یصح العفو عن جمیع ما ال یقدر : فإن قالواعلیھ، حتى یقال إن ملك الروم عفى عن أھل اإلسالم، وأن كل واحد من

.نعم، تركوا أصلھم: الرعیة عفى عن الملك وھذا تجاھل، وإن قالوا

من - صلى اهللا علیھ وآلھ -لون في أصحاب رسول اهللا ما تقو: ویقال لھمالمھاجرین واألنصار، وفي العلماء واألئمة والزھاد بعدھم، أزھدوا فیما لم

.یقدروا علیھ؟ أو زھدوا فیما قدروا علیھ؟

كیف یمدح في الزھد فیما ال یقدر علیھ؟ ولو قدروا ما : فإن قالوا باألول، قلنا .د الناس الفقراء، وإن قالوا بالثاني تركوا قولھمزھدوا، ویجب أن یكون أزھ

ما تقولون في فیل یحمل ألف من جملة یقدر على حمل خردلة؟ : ویقال لھم .ال، كابروا ودفعتھم العقول: نعم، تركوا قولھم، وإن قالوا: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 108: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كیف یصح أن تكون قدرة وال فعل، ولو جاز وقتا لجاز أوقاتا : فإن قالوا .تى تبقى دھورا ال یفعل بھاح

كما یصح أن یكون قادرا ال یفعل، وبعد فمع فقد الدواعي یصح أن ال : قلنا .یفعل، فأما مع الدواعي فیجاز الفعل، وقل ما یخلو الحي من داعي

إذا وجدت القدرة وفعل في الثاني مع عدم القدرة فیلزم أن یفعل : فإن قیل .بقدرة معدومة

ل ثم بقدرة موجودة، وفي حال وجود الفعل عدمت القدرة وھو إنما یفع: قلنا .ال یفعل

ما تقولون في تكلیف ما ال یطاق، ألیس تقرر في عقل كل عاقل : ویقال لھم .قبح أمر الغیر بما ال یقدر علیھ؟

.نعم ولكن ذلك یقبح في الشاھد دون الغائب: ال، كابروا، وإن قال: فإن قالوا

ونھ تكلیفا لما ال یطاق فیستوي فیھ الشاھد والغائب، ولو إنما یقبح لك: قلناجاز أن یختلف لجاز مثل ذلك في الكذب وإظھار المعجز على یدي كاذب

.وغیر ذلك مما قدمناه

.أیجوز تكلیف العاجز؟: ویقال لھم

.ال: نعم، كابروا ودفعتھم العقول، وإن قالوا: فإن قالوا

ن العاجز، وكل واحد منھم ال یقدر وإن وما الفرق بین ال یقدر وبی: قلنا .اختلفا في وجھ التعذر؟

.الكافر مشغول بالكفر: فإن قالوا

ھذا تفسیر لمن ال یقدر، كأنك قلت الكافر خرج من كونھ قادرا وتعذر : قلناعلیھ اإلیمان لمعنى والعاجز لمعنى آخر فال یمنع مساواتھما في كل واحد ال

ونھ قادرا؟ ألیس ال یمكنھ فعل اإلیمان؟ وبعد یقدر، وبأي علة خرج من ك فمن شغلھ بالكفر؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 109: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فقد استویا في : اهللا، قلنا: فمن خلق فیھ العجز؟ فإن قالوا: اهللا، قلنا: فإن قالواأن كل واحد لم یؤت في تعذر الفعل من جھة نفسھ، وإنما أتي من قبل ربھ،

.ففي الموضعین شغلھ بشيء ألجلھ ال یقدر على اإلیمان

وبعد فإن العاجز أخف حاال؛ ألنھ لیس فیھ إال العجز، والكافر فیھ قدرة الكفر التي ھي ضد قدرة اإلیمان عندكم، وفیھ أیضا خلق الكفر وإرادة الكفر

بخالف العاجز، فھو أسوأ حاال من العاجز لما اجتمع فیھ من أضداد .اإلیمان

.لم مع فقد اآللة والعلم؟أیحسن تكلیف شيء یحتاج إلى آلة أو ع: ویقال لھم

.ال: یجوز، تركوا أصلھم والعقول تدفعھم، وإن قالوا: فإن قالوا

.فالفعل إلى القدرة أحوج، فوجب أن ال یجوز تكلیف مع عدمھا: قلنا

ال یكلف اللھ نفسا إال ﴿: ما تقولون في قولھ تعالى: ویقال، ]٧:الطالق[﴾ف اللھ نفسا إال ما آتاھاال یكل﴿: ، وقولھ]٢٨٦:البقرة[﴾وسعھا

إن جمیع الخلق وأكثرھم كلفوا ما لیس : كیف یجوز مع ھذه اآلیات أن یقولوا .في وسعھم وطاقتھم؟

ولم عندكم ال یقبح : ال، قلنا: أیحسن تكلیف العاجز؟ فإن قالوا: ویقال لھمعاجز والكافر، وتقرر في یجوز، كفینا مؤونة الفرق بین ال: منھ؟ وإن قالوا

.عقل كل عاقل فساد قولھم

ألیس عندكم قدرة اإلیمان تضاد قدرة الكفر كما أن العجز : ویقال لھمفإذا الكافر والعاجز سواء؛ ألن كل واحد : بلى، فیقال: یضادھا؟ فال بد من

منھما لیست لھ قدرة على اإلیمان، وأي فرق بین السواد والبیاض في .مضادة الحمرة

ألني لم أقدر على الطاعة : لم عصیت؟ فلو قال: إذا قال اهللا لعبده: ویقال لھم وخلقت في المعصیة وقدرة المعصیة وأردت المعصیة، أھو صادق أم ال؟

.ولكن یعذبھ: فھل یقبل ھذا؟ فإن قالوا: صادق، قلنا: فإن قالوا

ن، كیف وكیف وھذا عذر ظاھر في عقل كل عاقل وھو أرحم الراحمی: قلنا !!.ال یقبل عذره ویعذبھ بما أوقعھ ھو فیھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 110: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

جوز أن یكلف األعمى نقط المصاحف، والزمن المشي، ومن ال ماء : ویقالمعھ بالوضوء، ومن ال مال لھ بالزكاة والحج؛ ألن جمیع ذلك سواء في عدم

.القدرة، وفي فساد ذلك دلیل على فساد قولھم

تعالىمسألة في القرآن وسائر كالم اهللا

ال خالف بین األمة أنھ تعالى مكلم وأن لھ كالما، بل كل من أثبت الصانع .متكلم لذاتھ: أقر بھ ثم اختلفوا، فمنھم من قال

بكالم قدیم لیس من جنس كالمنا، ولیس ھو حروف وال : ومنھم من قالأصوات، وإن ما یتلى من القرآن بلغة العرب والتوراة واإلنجیل لیس

.وإنما الكالم صفة لھ قائمة بذاتھبكالمھ،

إن ما یتلى من السور واآلیات كالمھ، وھو مع ذلك كالم : ومنھم من قال .قدیم

إن كالمھ تعالى من جنس كالمنا حروف منظومة، : والذي یقول مشایخناوإن المتكلم ھو فاعل الكالم، فإذا خلق اهللا تعالى كالما في محل كان ھو

وأن القرآن - علیھ السالم -في الشجرة فسمع موسى المتكلم بھ، كما خلق -ھذه السور واآلیات بلغة العرب كالمھ، وھو محدث قالھ حین بعث النبي

. وأنزلھ ولیس بقدیم-صلى اهللا علیھ وآلھ

اختلفوا، فاألكثر على أنھ یوصف بھ؛ ألن الخلق . وھل یوصف بأنھ مخلوق؟فیھ إلھام : ا فیوصف بھ، ومنھم من قالھو التقدیر، فاهللا تعالى أنزلھ مقدور

.إنھ محدث: وال یطلق مع قولھ

الكالم في تصحیح المذھب وإفساده یبتني على قولھ معقوال؛ ألن : ویقال لھمما ال یصح أن یعقل ال یمكن اعتقاده، وال الكالم في صحتھ وفساده، وال

الشاھد المعقول یكون نفیھ أولى من إثباتھ، ویؤدي إلى جھاالت كثیرة، وفي من الكالم وھو ھذه الحروف المنظومة واألصوات المقطعة، فإذا لم یكن

.عندك اهللا متكلما بھذا الجنس فھو إذا لیس بمتكلم أصال

الذوات ال تخلو إما أن تعلم مشاھدة أو بفعلھ أو حكمھ، وھذا : ویقال لھم .ثباتھالذي یقولونھ غیر مشاھد وال بفاعل وال لھ حكم فال یصح إ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 111: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ال أبطل جمیع : أكان اهللا متكلما بھذا الجنس لم یزل أم ال؟ فإن قالوا: ویقال .نعم، أثبت ما فیھ داللة الحدث قدیما: عللھ، وإن قال

.ما تقولون، القرآن كالم اهللا تعالى أم ال؟: ویقال لھم

ال، ردوا الكتاب والسنة واإلجماع، وخرجوا من الدین، ولحقوا : فإن قالوا قالھ وأنھ لیس بكالم اهللا، وإن - صلى اهللا علیھ وآلھ -ن كان یقول النبي بم

.فھو ھذه السور: نعم، قلنا: قالوا

ففیھا داللة الحدث؛ ألن بعضھ متقدم على بعض وفیھ حكایات عن : قلنالیس ھو، : ماضي، وھو بلغة العرب، وھو أصوات وحروف، وإن قالوا

.جماعخالفتم الكتاب والسنة واإل: قلنا

القرآن غیر اهللا أو ھو اهللا أو بعضھ؟: ویقال لھم

.غیره: فإن قالوا

.فإثبات غیره قدیما ال یجوز؛ ألن فیھ إثبات ثاني مع اهللا: قلنا

.القرآن ھو اهللا: وإن قالوا

باطل؛ ألنھ لو كان كذلك لجاز أن یقال القرآن ھو الخالق والرازق وھو : قلنا .ى، والقدیم سبحانھ ال تصح علیھ التالوةالمعبود، وأنھ إلھ وأنھ یتل

.ھو بعضھ: فإن قال

فیلزمكم جمیع ما ألزمناكم لو قلتم أنھ ھو اهللا، ویلزمكم أیضا أن یكون : قلنا .تعالى ذو أبعاض

ألیس القرآن عربیا وسورا وآیات بعضھا قبل بعض، وفیھ ناسخ : ویقال لھمنظومة، وكالم ومنسوخ، ومجمل ومبین، وعموم وخصوص، وحروف م

فاختص القرآن بھذه الصفات، كل ذلك یستحیل على القدیم، والقدیم عالم قادر حي سمیع بصیر فاعل باري ال مثل لھ، وھذه الصفات تستحیل على

.القرآن، فلو لم یدل ھذا على الغیریة لما كان في الدنیا شیئین غیرین

.ال ھو ھو وال غیره وال بعضھ: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 112: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ھذا ال یعقل، مذكوران معلومان ال یكون أحدھما ھو اآلخر وال غیره : قلناال ھو ھو أثبتم الغیریة، : وال بعضھ ھذا ال یتصور، وبعد فقد ناقضتم إذا قلتم

.وال غیره ناقضتم األول: فلما قلتم

اذھب إلى ، و﴿]١٢:طھ[﴾فاخلع نعلیك﴿: ألیس قال تعالى لموسى: ویقال، فمن المخاطب بھ لم یزل ولیس ثم موسى وال فرعون ]٢٤:طھ[﴾فرعون

.وال نعلین؟ وھل ھذا إال غایة النقص

وأمثالھ وبعد لم ] ١٠٥:الشعراء[﴾كذبت قوم نوح﴿: كیف قال: ویقال لھم .یخلقوا ولم یكونوا ولم یستفد بھ أحد شیئا

كتاب ﴿] وغیرھا٢:یوسف[،قرآنا عربیا﴾﴿: ألیس قال تعالى: ویقال لھمفي لوح ﴿: ، وقال]٣:فصلت[﴾]قرآنا عربیا[فصلت آیاتھ

وقرآنا ، ﴿]٩:الحجر[﴾إنا نحن نزلنا الذكر﴿: ، وقال]٢٢:البروج[﴾محفوظ، وكل ذلك ال یجوز وصف القدیم بھ ویدل على ]١٠٦:اإلسراء[﴾فرقناه

.حدوثھ

ال، فما الدلیل على أنھ : ألیس القرآن من جنس كالمنا أم ال؟ فإن قالوا: ویقالمتكلم وإنما یعلم في الشاھد أنھ متكلم إذا تكلم بجنس كالمنا وأنھ بلغة

ما نتلوه لیس بكالم اهللا فیخرجوا من الملة، أو : العرب، فإما أن یقولوا ذلك لجاز أن یكون جسما إنھ كالمھ فكیف یكون قدیما؟ ولو جاز: یقولوا

.قدیما وإن كانت األجسام محدثة

ألیس ھو تعالى قادر على أن یتكلم ویقول مثل القرآن أم ال؟ فإن : ویقال لھمفقد وصفتموه بالعجز، وكیف یصح وصف القدیم بالعجز، : ال، قلنا: قالوا

، وإن إنھ تعالى ال یقدر علیھ: وألن الواحد منا یقدر على الكالم فكیف قلت .نعم، أثبت الكالم مقدورا، وذلك یوجب حدوثھ: قال

] ٢:األنبیاء[﴾ما یأتیھم من ذكر من ربھم محدث﴿: ألیس قال تعالى: ویقالإنا نحن نزلنا ﴿: فوصفھ بالحدوث، والذكر القرآن، قال تعالى

، ثم وصفھ ]٥٠:األنبیاء[﴾اركوھذا ذكر مب﴿: ، وقال]٩:الحجر[﴾الذكر .، وذلك من أسماء الحدث]٢:یوسف[﴾إنا أنزلناه قرآنا﴿: بالنزول، وقال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 113: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألیس ورد الشرع بأنھ یجب على الجنب أن ال یقرأ القرآن؟ : ویقال لھموألنھ ال ینبغي أن یسافر بالقرآن إلى أرض العدو، وأن من قرأ ھذه السور

.ثوابكان لھ كذا من ال

إنھ لقرآن كریم ، في كتاب ﴿: بلى؛ ألنھ قال: قرأ القرآن، فال بد من: ویقال-٧٧:الواقعة[﴾مكنون ، ال یمسھ إال المطھرون ، تنزیل من رب العالمین

٨٠.[

].فثبت أن القرآن غیر اهللا، إنھ مبدل ومحدث: ویقال لھم[

ما تقولون في رجل حلف بطالق كل نسائھ وعتق عبیده إن لم : مویقال لھ .إن لم أقرأ كالم اهللا تعالى لیس یلزمھ؟: یقرأ القرآن، أو قال

غیره، ال یعقل : یقرأ ھذه السور واآلیات ثبت ما قلنا، وإن قال: فإن قال .وخالف األمة والكتاب

.الكالم في صفة للذات أو صفة للفعل؟: ویقال لھم

.صفة ذات: صفة للفعل وافقونا، وإن قالوا:الوافإن ق

ال یعقل كونھ متكلما إال وجود الكالم من جھتھ ووجود الكالم من : قلنا .جھتھ، یحیل كونھ صفة للنفس

وبعد فإن الكالم حروف مختلفة فوجب أن یكون في نفسھ على صفات أجناس مختلفة وھي صفات الحروف، وأیضا یجب أن یكون متكلما بسائر .الكالم من الصدق والكذب إذ ال اختصاص لذاتھ بكالم دون كالم

زید، فإذا كان : ألیس الكالم ال یفید إال ترتیب الحروف؟ فیقال: ویقال لھمالكالم قدیما ال یترتب بعضھ على بعض، فلیس قولنا زید أولى من أن یكون

ما یحدث بعده بعد یزدا أو دیزا؛ ألن الحروف قدیمة والترتیب إنما یصح فی .بعض

: ألیس خص موسى بالكالم في وقتھ دون سائر الناس؟ فال بد من: ویقال لھملم صار مكلما لھ دون خلقھ؟ ولو كان صفة لذاتھ لوجب أن : بلى، فیقال

یكون متكلما مع سائر الخلق وأن ال یقف ذلك على واحد إذ ال اختصاص .لواحد بذاتھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 114: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.موسى وغیره موقوفا على اختیاره أم ال؟ھل كان كالمھ مع : ویقال

.بلى: ال، تجاھل، وإن قال:فإن قال

.وقف على اختیاره بكونھ فعلھ ال صفة ذاتھ: قلنا

كالمھ مؤلف منظوم أو حرف واحد ھو أمر ونھي وخبر :ویقال لھ .واستخبار وتوراة وإنجیل

شيء : احروف وافقونا، والحروف ال تكون قدیمة، وإن قالو: فإن قالوا .واحد

فلو وجد ذلك الشيء في قلب الواحد منا لوجب أن یكون متكلما وإن لم : قلنا .یوجد منھ ھذه الحروف

.ذلك المعنى غیر الحروف أو ھو الحروف؟: ویقال لھم

.غیرھا: ھو الحروف وافقنا، وإن قال: فإن قالوا

ف فوجب أن یجوز وجود أحدھما مع عدم اآلخر فتوجد ھذه الحرو: قلناالمنظومة وال یكون متكلما بأن ال یوجد ذلك المعنى، أو یوجد ذلك المعنى

وال توجد الحروف فیكون متكلما إذ ال تعلق بینھما حتى أن أحدھما ال یوجد .إال مع اآلخر

وبعد فلو كانا معنیین ومع ذلك ال یجوز وجودھما إال معا اللتبس الجنس .بالجنسین وھذا فاسد

قرآن خالف اهللا تعالى أو مثلھ وال واسطة بینھما؟ ألن الخالف ال: ویقال لھم .والوفاق یجري مجرى النفي واإلثبات

.مثلھ: فإن قالوا

وجب أن یكون إلھ قادرا عالما حیا سمیعا بصیرا، وعلى ھذا ألزمھم : قلنا . أنھ لو كان معھ قدیم لكان مثال لھ- رحمھم اهللا -مشایخنا

. لھمخالف: وإن قالوا

.لو كان مخالفا لھ لم یصح أن یكون قدیما: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 115: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ھل كان متكلما لم یزل من غیر مخاطب أو مستفید؟: ویقال لھم

.نعم وھو المذھب: فإن قالوا

.ال تركوا مذھبھم: ھذا غایة النقض وال فائدة في ھذا الكالم، وإن قالوا: قلنا

.ھل أنعم اهللا علینا بالقرآن أم ال؟: ویقال لھم

وإنھ لذكر لك ﴿: ال، خالفوا المسلمین ونص الكتاب، وقولھ تعالى: فإن قالواأولم یكفھم أنا أنزلنا علیك ﴿: ، وقولھ]٤٤:الزخرف[﴾ولقومك

.بلى: ، وإن قالوا]٥١:العنكبوت[﴾الكتاب

.ھتھالنعمة تصح بما یحدثھ أو یجري مجرى الحادث من ج: قلنا

: كالمھ شيء واحد أو أشیاء، حرف واحد أو حروف؟ فإن قال: ویقالحروف : الحرف الواحد ال یفید الفوائد المختلفة، وإن قال: حرف، قلنا

.مختلفة، تركوا مذھبھم

وتلتھ أمتھ إلى یومنا - صلى اهللا علیھ وآلھ -ما تاله رسول اهللا : ویقال لھمال خالفوا المعلوم من دین الرسول، : ن قالواھذا ھو كالم اهللا تعالى أم ال؟ فإ

: إنھ لیس بكالم اهللا، وإن قالوا: وخالفوا األمة والتحقوا بالكفار الذین قالوا .ذلك كالمھ تعالى وافقونا

حم ، والكتاب المبین ، إنا ﴿: ألیس اهللا تعالى قال: ویقال لھم أن ینزل وفي صفة النفس أن ، أیجوز على القدیم]٣-١:الدخان[﴾أنزلناه

] ٢٢-٢١:البروج[﴾بل ھو قرآن مجید ، في لوح محفوظ﴿: یفارق؟ وقالال : ((- صلى اهللا علیھ وآلھ -كیف یحل القدیم وصفة الذات في اللوح؟ وقال

كیف یقرأ وھو صفة الذات؟ وھل تقرأ في الصالة إال )) صالة إال بالقرآن .ھذه السور

لو حلف فقال والقرآن، ھل یكون ذلك یمینا؟: لھمویقال

.ال: نعم، خالفوا األمة والسنة، وإن قالوا: فإن قالوا

لو كان صفة للذات لكان یمینا، ولما لم یكن یمینا دل أنھ غیر اهللا، : قلنا .كقولھ والكعبة والنبي ونحو ذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 116: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كتا؟إذا لم یكن متكلما في األزل ھل كان أخرس أو سا: قالوا

من ال یكون متكلما بجنس كالمنا یكون أخرس أو ساكتا، فقولھ أنھ : قلنامتكلم بھذه الحروف، وألن الخرس والسكوت یتعاقبان على اآلالت واهللا

.تعالى متكلم ال بآلة فال یصح علیھ، وھو بمنزلة الترك والفعل

كتا في الشاھد من ال یقدر على الكالم ألیس یسمى أخرس أو سا: ویقال .فقولوا أنھ كذلك في األزل

مسألة في التكلیف وجزاء األعمال وتكلیف من یعلم أنھ یكفر

إن اهللا تعالى خلق المكلفین كلھم مؤمنھم وكافرھم : الذي نقولھ في ذلكتعریضا للثواب الذي ال ینال إال مستحقا، وسبب االستحقاق العبادة، وأنھ إذا

وأزاح العلة، فمن آمن استحق الثواب كلف أعطى اآللة والقدرة واللطف وما خلقت الجن واإلنس ﴿: ومن كفر فمن قبل نفسھ أتي على ما قال تعالى

من اھتدى فإنما یھتدي لنفسھ ومن ﴿: ، ثم قال]٥٦:الذاریات[﴾إال لیعبدون ].١٥:اإلسراء[﴾ضل فإنما یضل علیھا

أنھ خلق بعضھم للنار، وأن الجزاء لیس على األعمال :وذكرت المجبرةولكن من یشاء أن یثیب أثابھ ومن یشاء عاقبھ إال أنھ أحرى بأنھ یثیب

.المؤمن ویعاقب الكافر

ال، : ھل هللا تعالى في خلق المكلفین غرض وإرادة؟ فإن قالوا: فیقال لھمرض، وھل ھذا إال سوء الثناء علیھ؛ فالحكیم ال یجوز أن یفعل إال لغ: قلنا

ألنھ إنما یفعل ال لغرض الصبیان والمجانین فأما الحكیم العالم بفعلھ فال .یفعلھ إال لغرض

وبعد فإن العالم بفعلھ المختار لھ ال یفعلھ إال لداعي، والدواعي إما داعي الحسن أو داعي الحاجة، ال یجوز علیھ داعي الحاجة، وداعي الحسن إنما

.صح بأن یفعل إحسانا إلى الغیری

.إن فیھ غرضا: فإن قالوا

.ما ذلك الغرض؟: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 117: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

الغرض من المؤمنین أن یؤمنوا لیدخلھم الجنة، ومن الكفار أن : فإن قالواولقد ذرأنا لجھنم كثیرا من الجن ﴿: یكفروا لیدخلھم النار، كقولھ تعالى

].١٧٩:األعراف[﴾واإلنس

.فإذا خلقھم لذلك من غیر جرم منھم ألیس یقبح؟: قلنا

ال یقبح ولو قبح في الشاھد مثل ذلك لزمھم ما ألزمناھم من قبل : فإن قالوا .یقبح ویفعل: إن قالوا

وبعد فإذا خلق الكفار لغرض وھو الكفر وأراد منھم الكفر فإذا حصل م أن یفعل، فإذا حصل غرضھ ومراده فلم عذبھم علیھ؟ أن یجوز من الحكی

.غرضھ عذب وقال لم حصل غرضي؟

وبعد فإذا كان غرضھ الكفر فلم بعث الرسول على خالفھ؟ ولم أمر بالجھاد !!.لكیال یحصل غرضھ؟ ولم زجر؟ أھذا فعل حكیم

إذا أمر الكفار باإلیمان، ھل مكنھم منھ أو حال بینھم وبین : ویقال لھم .اإلیمان؟

وكیف : قلنا. حال بینھم وبین اإلیمان: وافقونا، وإن قالوامكنھم : فإن قالوا !!.یجوز أن یحول بین العبد وبین ما أمر بھ، أھذا فعل حكیم؟

ألیس غرض القدیم من المؤمن اإلیمان ومن الكافر الكفر؟ فال بد : ویقال لھملم استحق أحدھما الثواب واآلخر العقاب؟ ولم صار : بلى، فیقال: من

بالعقاب من المؤمن؟] أولى[الثواب أولى من الكافر، والكافر المؤمن ب

ما تقولون في رجل أمر غالمھ بشيء من األفعال ثم قیده وحبسھ : ویقاللم : وحال بینھ وبین المأموریة، ثم أخذ یعیبھ ویذمھ ویضربھ ویعاقبھ ویقول

بد إنھ یظلمھ وھو ظالم لھ؟ فال: لم تفعل ما أمرتك؟ ألیس العقالء یقولون .بلى، وإال كابروا العقول: من

فإذا أمر اهللا العبد باإلیمان وحال بینھ وبینھ بأن خلق فیھ الكفر : فیقال لھموقدرة الكفر وإرادة الكفر ولم یعطھ اإلیمان ولم یخلقھ وال أقدره علیھ وال أراده منھ، بل أخذ یعیبھ ویذمھ ویعاقبھ، لم كان ما كونتھ وأردتھ وكان

وھال كان ما لم أكون ولم أخلقھ ولم أرده وما كان غرضي؟ غرضي ذلك؟ !!.أھذا فعل حكیم؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 118: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

: ال أقدر؟ فال بد من: ھل عذر أوضح وأصدق من قول من قال: ویقال لھمیا رب للكفر خلقتني، : لم كفرت؟ فیقول: فإذا قال اهللا تعالى لعبده: بلى، فیقال

ولم تقدرني علیھ، أھو صادق وخلقت في الكفر، وحلت بیني وبین اإلیمان .أم كاذب؟

.صادق: كاذب، وافقونا، وإن قالوا:فإن قالوا

نعم، خالفوا األمة والكتاب والسنة، وإن : فھل یقبل ھذا منھ؟ فإن قالوا: قلنا .ال، نقضوا قولھم، أو وصفوه بأنھ ال یقبل العذر الواضح الصادق: قالوا

ما منع الناس أن یؤمنوا إذ جاءھم و﴿: ألیس اهللا تعالى قال: ویقال لھم، فقولھم إنھ بعث ]٩٤:اإلسراء[﴾الھدى إال أن قالوا أبعث اللھ بشرا رسوال

.بشرا رسوال ھو المنع أم ال؟

.نعم تركوا قولھم: ال خالفوا ظاھر الكتاب، وإن قالوا: فإن قالوا

بضروب من : د ممنوع من اإلیمان أم ال؟ فإن قالواھل ھذا العب: ویقال لھمالمنع منھا خلق الكفر وإرادتھ، والقدرة الموجبة لھ، وقضاؤه ورضاه بھ،

ومنعھ اإلیمان، ولم یعطھ القدرة واإلرادة، وال إرادة منھ ولم یرض بھ، ولم .یقض فھذا منعھ من اإلیمان

].٩٤:اإلسراء[﴾ن یؤمنواوما منع الناس أ﴿: وكیف یصح قولھ: قلنا

: ألیس غرضھ الكفر من الكفار وخلق ھو الكفر فیھم؟ فال بد من: ویقال لھم ].٢٨:البقرة[﴾كیف تكفرون باللھفكیف قال ﴿: بلى، فیقال

مختارون وافقونا، وإن : المكلفون مخیرون أم مختارون؟ فإن قالوا: ویقال برھم؟كیف أج: مجبرون، قلنا: قالوا

.أجبر المؤمن على اإلیمان والكافر على الكفر: فإن قالوا

٧:الزمر[﴾بما كنتم تعملون﴿: فما معنى الحساب والجزاء؟ وكیف قال: قلنا ].٢٩:الكھف[﴾فمن شاء فلیؤمن ومن شاء فلیكفر﴿: ، وقال]وغیرھا

.الجزاء على األعمال أم ال؟: ویقال لھم

.نعم: ال خالفوا النص، وإن قالوا: إن قالواف

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 119: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.فوجب أن یكون العمل لھم لیصح التكلیف والجزاء: قلنا

.ما معنى اآلیة؟: وإن قالوا

الالم في قولھ لجھنم الم العاقبة، ویعني خلقنا جماعة عاقبتھم المصیر : قلنا إلى النار بكفرھم وعصیانھم، یوضحھ أن اآلیة وردت ذما لھم وتھجینا .وحجة علیھم، فال یجوز علیھ تعالى أن یجعل حجة علیھ وعلى رسولھ

من علم أنھ ال یؤمن كیف یخلقھ لإلیمان؟ ولو آمن ألیس كان فیھ : فإن قالوا .تجھیال لھ؟

.إذا علم أنھ ال یؤمن إذا كلفھ فلو لم یكلفھ كان جھال أیضا: قلنا

نھ من علم أنھ ال یؤمن ال یؤمن وبعد فإنھ علم أنھ یختار الكفر، ونحن نقول إ .ولو كان قادرا على اإلیمان، كما أنھ تعالى قادر على ما یعلم أنھ ال یكون

.كیف یحسن خلق من یعلم أنھ یكفر ویدخلھ النار؟: فإن قالوا

إذا خلقھ لیؤمن ویستحق الثواب حسن، وإن لم یقبل ھو وكفر فھو الذي : قلنان قدم الطعام إلى جائعین أكل أحدھما فعاش أوقع نفسھ في الھلكة فیصیر كم

ولم یأكل اآلخر فمات، أیقال إن المقدم للطعام ھو مسيء إلى المیت، بل یقال .ھو محسن وأنھ مسيء إلى نفسھ حیث لم یقبل

وكذلك من كان على شط نھر ورأى رجلین یغرقان فأدلى إلیھما حبال أو آلخر فمات، ألیس ھو محسن سفینة فتعلق بھ أحدھما فنجا ولم یتعلق ا

.إلیھما؟ وأن من لم یركب ھو المسيء إلى نفسھ؟ كذلك ھذا

مسألة في اآلالم واألعواض

إن اآلالم التي تصیب األنبیاء والمؤمنین واألطفال : الذي نقول في ذلكوالمجانین والبھائم ومن ال تكلیف علیھ الغرض فیھا اعتبار المكلفین

العبث، ثم یعوض المؤلم فیخرج من حد الظلم ولطفھم، ولذلك یخرج من حدففیھا اعتبار وعلیھا أعواض، ومثال ذلك من استأجر أجیرا ال بد من عوض حتى لو استأجره على أجرة وأعطاه األجرة لكي یروح الھواء لكان عبثا، ولو استعملھ في غرض ولم یعطھ أجرتھ كان ظلما، وإنما یحسن لمجموع

.ھ وعوض یوفى علیھاألمرین غرض یحصل ب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 120: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ونفاة الصانع وأصحاب االثنین زعموا أن اآلالم قط ال تحسن وأنھا تقبح لعینھا، فنفى بعضھم الصانع لذلك وأضافھ إلى الطبائع والنجوم، وأثبت

.بعضھم صانعا آخر یفعل ذلك

اآلالم ال تحسن إال مستحقة، فأثبتوا للطفل والبھائم حالة : وقال أھل التناسخ .ھا، ثم نشأ إلى ھذه الحالةعصوا فی

.إن الطفل والبھیمة ال یألم، فدفعوا ما یعلم ضرورة: وقالت البكریة

إن القدیم سبحانھ وتعالى ھو المالك فلھ أن یفعل األلم وإن : وقالت المجبرة .لم یكن فیھ اعتبار وال یثبتون العوض

.إنھ یحسن لالعتبار فقط وال یثبت العوض: وقال عباد

. أنھ قد یفعلھ لمجرد العوض- رحمھ اهللا -أبي علي وروي عن

.ونحن نقسم الكالم علیھم ونتكلم على فرقة فرقة

.ھل یحسن األلم قط أم ال؟: فیقال لھم

.ال، بل یقبح لعینھ: فإن قالوا

باطل، فإنا نعلم أن الواحد منا یحمل المشاق في طلب العلوم واألرباح : قلنااء والفصد وقطع األعضاء لدفع ضرر أعظم فیحسن، ویحسن شرب الدو

.منھ، فلوال أنھ ال یقبح لعینھ وإال لما حسن ھذا اإلیالم

ما تقولون في رجل أجر نفسھ لیعمل لغیره بأجرة معلومة : ویقال لھم أیحسن أم ال؟

ال : نعم بطل قولھم، وإن قالوا: ال كابروا العقول، وإن قالوا: فإن قالوا .ا المشاھدتصیبھ مشقة وألم دفعو

ما تقولون في رجل أساء إلى غیره بضرب أو قتل أو جرح : ویقال لھم .فعوقب على ذلك وذم، أیحسن أم ال؟

.نعم بطل قولھم، فثبت أنھ ال یقبح لعینھ: ال كابروا، وإن قالوا:فإن قالوا

.إنما یحسن لالستحقاق فقط على ما یقولونھ أھل التناسخ: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 121: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ذكرنا أنھ یحسن تحمل المشاق واآلاللم في طلب األرباح باطل لما : قلنا .والعلوم، ویحسن االستئجار لینال ما یصل إلیھ على ما قدمنا

.أیحسن التكلیف ابتداء أم ال؟: ویقال لھم

: ال، وجب أن ال یقع التكلیف وال یكون ثم استحقاق، فإن قالوا: فإن قالواحسن ألجل ما یعقب من الثواب فالتكلیف أمر شاق نتحملھ وی: نعم، قلنا

.العظیم

لو كان لھذا العاقل حال آخر ألجلھ أصابھ األلم لوجب أن یتذكر : ویقال لھم .ذلك ویعلم أن ھذا جزاء تلك المعصیة، وفي عدم ذلك دلیل على فساد قولھم

.ھال قلتم أنھ یحسن منھ تعالى للنفع فقط أو لدفع ضرر فقط؟: فإن قیل

عالى یقدر على ذلك النفع ودفع الضرر من غیر ھذه اآلالم ال؛ ألنھ ت: قلنافیكون فعل ذلك عبثا وال كذلك الثواب؛ ألن لھ صفة ال یجوز التفضل بھ وھو التعظیم، فال بد من التكلیف لیستحق بالطاعات الثواب، وأما العوض

.فیجري مجرى قیم المتلفات وأروش الجنایات

ق ثوب إنسان لیعوضھ مثل ذلك، أیحسن ما تقولون في رجل حر: ویقال لھمیقبح تركوا : یحسن كابروا، وإن قالوا: أم یكون مذموما عابثا؟ فإن قالوا

.مذھبھم

.إنھ یحسن لالعتبار؟: ھال قلتم: فإن قیل

إیالم الغیر لنفع الغیر ال یحسن، كمن سرق مال غیره ویدفع إلى إنسان : قلنا .ألنھ یقبح

ي رجل ضرب إنسانا بغیر جرم فقیل لھ في ذلك ما تقولون ف: ویقال لھم .فثبت ما قلنا: بلى، قلنا: فقال لیعتبر بھ غیره، ألیس یعد ظلما؟ فال بد من

.ھال قلتم إن األطفال ال یألمون؟: فإن قیل

.فیھ دفع الضرر؛ ألنھ یعلم ما یصیبھ وقد یبلغ فیعلم ما كان یصیبھ: قلنا

على -ن القدیم وإن لم یكن فیھ عوض واعتبار ھال قلتم إنھ یحسن م: فإن قیل .؟-ما تزعمھ المجبرة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 122: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ھل في إیالمھ غرض أم ال؟: باطل، ألنھ یقال لھ: قلنا

ال جعلھ في حكم العابث والعقل یدفعھ، ولیس ذلك من فعل الحكیم، : فإن قال .فیھ غرض: وإن قال

ما ذلك الغرض؟: قلنا

.العقاب: فإن قال

بیاء والمؤمنون ال یستحقون العقاب، وبطل أن یكون األطفال واألن: قلنالمجرد النفع، أو دفع بما تقدم، فلم یبق إال أنھ لالعتبار والعوض على ما

.قدمنا

ألیس تقرر في عقل كل عاقل أن األلم إذا عرى عن نفع ودفع : ویقال لھم .واستحقاق أنھ یقبح، وإذا عدمت ھذه الوجوه یحسن؟

.نعم: العقول، وإن قالواال كابروا: فإن قالوا

: فإذا قبح من ھذا الوجھ فمن أي فاعل حصل وجب أن یقبح، وإن قال: قلناال یقبح منھ؛ ألنھ مالك أو لیس علیھ نھي لزمھ سائر ما ألزمناھم في أول الباب من جواز الكذب وبعثھ الكذابین، وبعثھ الرسل للدعاء إلى عبادة

.الفراعنةاألوثان، وتعذیب المؤمنین وإثابة

.فعلى من یجب العوض؟: فإن قیل

كل ما كان بأمره تعالى كالضحایا ونحوھا وإباحتھ كالذبائح فعلیھ : قلناتعالى، وما كان فعل العباد أو بتعریضھم لذلك، وإن كان من فعل اهللا تعالى فھو على العبد فاألول كالقتل والضرب، والثاني كما لو ألقاه في النار أو

.الماء

.لو لم یكن لھذا الظالم عوض؟: قیلفإن

إذا علم تعالى أنھ یأتي القیامة وال عوض لھ ال یمكنھ من فعل الظلم، : قلناوإنما یخلي بینھ وبین الظالم متى علم أنھ یوم القیامة یستحق من األعواض

.بإزاء ما یستحق

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 123: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مسألة في تعذیب األطفال

والد المؤمنین أو من أوالد ال یجوز تعذیب األطفال سواء كانوا من أ: عندنا .الكفار

.یجوز تعذیب أطفال المشركین: وقالت المجبرة

.ھل یجوز أن یعذب اهللا تعالى من غیر ذنب أم ال؟: یقال لھم

.یجوز أن یعذب بغیر ذنب: فإن قالوا

كل نفس بما كسبت ﴿: فالعقول تقتضي ذلك وقد قال تعالى: قلنا .]٣٨:المدثر[﴾رھینة

إذا جاز ذلك في أطفال المشركین، جاز في أطفال المؤمنین : ویقال لھموجاز في األنبیاء والمؤمنین، وفي ذلك خالف الكتاب والسنة واإلجماع،

فما ذنبھم ولیس علیھم أمر وال . ال یجوز أن یعذب إال بذنب: وإن قالوا .نھي؟

قلم عن ثالثة، عن رفع ال: ((- صلى اهللا علیھ وعلى آلھ وسلم -وقال النبي )).الصبي والمجنون وما استكرھوا علیھ

.یعذبون بذنب آبائھم: فإن قالوا

العقول كما تقضي قبح العقوبة من غیر ذنب فكذلك تقضي قبح تعذیبھ : قلنابذنب غیره، فكما ال تجوز العقوبة من غیر ذنب فكذلك ال تجوز بذنوب

.آبائھم

.أن یحد ابنھ أو یقطع؟إذا زنى إنسان أو سرق أیجوز : ویقال

.ال: نعم خالفوا العقل والشرع، وإن قالوا: فإن قالوا

.فعقوبات اآلخرة أحق؛ ألنھا عقوبة محضة: قلنا

وأن لیس لإلنسان إال ما ﴿: ألیس قال اهللا تعالى: ویقال لھممؤكد ] ٣٨:لنجما[﴾أال تزر وازرة وزر أخرى﴿: بعد قولھ] ٣٩:النجم[﴾سعى

.لما في العقول، ولیس لھذا الطفل سعي وال یؤخذ بسعي غیره

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 124: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ألیست تجري علیھ أحكام أبیھ؟: فإن قالوا

.في العقوبات، فال ولذلك ال یقتل وال تؤخذ منھ الجزیة: قلنا

.یعاقبون على ما ھو المعلوم منھم إذا بلغوا: وإن قالوا

ما لم یفعل، وبعد فوجب أن ال والعقول تقتضي قبح العقوبة على : قلنایختلف أطفال المشركین وأطفال المؤمنین، فكل من علم أنھ إذا بلغ كفر

یعذب وإن كان أبوه مؤمنا، وال یعذب من إذا بلغ آمن وإن كان أبوه كافرا، وھذا خالف مذھبھم، ولو جازت العقوبة على ما في المعلوم لجاز في

.المفعول ال على المعلومالبالغین، واهللا تعالى أوعد على

ما تقولون في الصبي إذا قتل أو زنا أو سرق، ھل یقتص منھ أو : ویقال لھمنعم، دفعھم الشرع : بلى؛ ألنھم لو قالوا: یحد أو یقطع؟ فال بد من القول

فإذا لم یسوغ الشرع أن یعاقبوا بھذا القدر فكیف یصح أن : والعقل، قلنا .یعاقب بالنار

إنھ یجوز أن یعاقب واحد بذنب غیره، واستدلوا على ذلك : وقد قال بعضھم، وربما رووا في ذلك أن ]١٣:العنكبوت[﴾وأثقاال مع أثقالھم﴿: بقولھ تعالى

.ذنوب المسلمین تحمل على أعناق الیھود

إن اآلیة لیس فیھا ما یقولون، وإنما قال یحمل ذنوبا وذنوبا لم :والجوابمن سن سنة : (، والمراد أثقال ضاللھم وإضاللھم كقولھیبین أي ذنب ذلك

: ، اآلیة تقتضي بطالن قولھم؛ ألنھ تعالى قال)حسنة ومن سن سنة سیئة﴾، ثم قال وقال الذین كفروا للذین آمنوا اتبعوا سبیلنا ولنحمل خطایاكم﴿

، وما ]١٢:العنكبوت[﴾من خطایاھم من شيءوما ھم بحاملین ﴿: مكذبا لھم .رووه فروایة باطلة یردھا العقل والكتاب

مسألة في اآلجال

إنھ لو لم یقتل لجاز بقاؤه وموتھ، فإذا قتل علم أنھ كان : نقول فیمن قتلكذلك في المعلوم وخالف المعلوم ال یكون، وكان القاتل قادرا على ترك

ت، والمراد باألجل الوقت الذي علم أنھ فیھ یموت أو یقتل قتلھ، واألجل الوق .وال نقول باألجلین

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 125: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

تزعم أنھ لو لم یقتل لمات ال محالة، وأنھ كان ال یقدر على ترك والمجبرة قتلھ والقتل فعل اهللا، وقد بینا الكالم في خلق األفعال واالستطاعة على

.الضدین

اهللا یقدر على إحیائھ مدة أو كان ھذا المقتول لو لم یقتل لكان: ویقال لھم .یموت ال محالة وال یقدر على إحیائھ؟

كان ال یقدر على إحیائھ كابروا؛ ألن خلق الحیاة مقدور لھ : فإن قالوا .نعم: تعالى، وإن قالوا

.فلم قطعتم على أنھ كان یموت ال محالة؟: قلنا

.فیمن ذبح شاة غیره أمسيء أم محسن؟: ویقال لھم

.مسيء: قالوافإن

.ولم ولو لم یذبح لماتت فوجب أن یكون محسنا وذلك خالف اإلجماع: قلنا

.أھذا القاتل كان یقدر على خالف ما یعلم منھ أم ال؟: ویقال لھم

.ال؛ ألن فیھ تجھیل: فإن قالوا

.فھل یقدر اهللا تعالى على إقدراه؟: قلنا

.نعم: فإن قالوا

ال، وأي فرق ذكروا فھو : ھ، فال بد منفھل یقدر على تجھیل نفس: قلنا .جوابنا

إن القدرة على خالف المعلوم لیس فیھا تجھیل كقدرتھ تعالى، : ونحن نقول .قط ال یوجد: وإنما وجوده یؤدي إلى ذلك، ونحن نقول

مسألة في األرزاق

الرزق مالھ أن ینتفع بھ ولیس ألحد منعھ، وال یكون إال حالال، والحرام ال .زقایكون ر

.كل ما أكلھ فھو رزق لھ وإن كان حراما: وعند المجبرة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 126: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.إذا غصب إنسان شیئا وأكلھ أھو رزقھ جعلھ اهللا لھ رزقا؟: فیقال لھم

.نعم: فإن قالوا

.فكیف عذبھ على شيء جعلھ رزقا لھ؟: قلنا

إذا كان لإلنسان ملك غصبھ غاصب وأكلھ ولم یأكل المغصوب منھ، : ویقالفلم یضمن ما ھو : بلى، فیقال: ندكم رزقا للغاصب؟ فال بد منألیس ھو ع

.رزق لھ؟ ألیس لو أكل ملك نفسھ ال یضمن كذلك رزق نفسھ؟

.ھل للمغصوب منھ أن یمنع الغاصب من غصبھ مالھ أم ال؟: ویقال

ال، كابر ودفع العقل والشرع، فقد ورد الشرع بأن من قتل دون : فإن قال .نعم: المالھ شھید، وإن ق

.فكیف جعلھ رزقا لھ ثم أمر غیره بمنعھ منھ: قلنا

.ألیس ما سرقھ السارق وأكلھ رزقا لھ؟: ویقال

.بلى: فإن قالوا

: ألیس أمر بقطع یده أو رجلھ ، وفي قاطع الطریق یقطعھما، فال بد من: قلناھذا فعل الحكیم أن یجعل شیئا رزق إنسان فإذا أكل ما جعلھ : بلى، فیقال !.زقا لھ أمر بقطع یده ویقول لم أكلت ما جعلتھ رزقا لك؟ر

.المنفق للحرام محمود أم مذموم؟: ویقال

.مذموم: محمود كابروا، وإن قالوا: فإن قالوا

ألیس اهللا مدح على إنفاق الرزق في مواضع من كتابھ وأمر باإلنفاق : قلنا .فما ھو محمود علیھ غیر ما ھو مذموم علیھ

.ما الرزق؟: ویقال لھم

.ما نأكلھ: فإن قالوا

وأنفقوا من ما ﴿: فكیف ینفق ما یأكلھ، وقد قال تعالى: قلنا ].٣:البقرة[﴾ومما رزقناھم ینفقون، ﴿]١٠:المنافقون[﴾رزقناكم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 127: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما تقولون فیمن أطعم خمرا أو شیئا حراما ألیس قد أعطاه رزقھ : ویقال كل واحد منھما محمود أو مذموم؟: بلى، فیقال: منعندكم؟ فال بد

. مذموم:فإن قالوا

.ولم ھذا أعطاه رزقھ وذاك أكل رزقھ وھذا واضح: قلنا

: لم عصیت وسرقت؟ فیقول: إذا وقف العبد یوم القیامة فیقال لھ: ویقال لھمیا رب ما أخذت شیئا قل أو كثر إال وأنت جعلتھ رزقا لي وكنت ال أتمكن

.ن تركھ، ولو لم تجعلھ رزقي ما أكلتھ وما أخذتھ، أھو صادق أم كاذب؟م

.صادق: كاذب وافقونا، وإن قالوا: فإن قالوا

یا رب إذا كنت صادقا فلماذا أمرت بقطعي ولماذا تعذبني؟ : فإذا قال: قلناولیس ھذا بعدل منك أیحسن منك مثل ذلك وأنت أحكم الحاكمین؟ ألیست

بصحة ذلك وتكون لھ الحجة؟ وكل مذھب یؤدي إلى أن تكون العقول تشھد .الحجة للخلق على الخالق كان باطال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 128: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

القسم الرابع الكالم في النبوات مسألة في جواز البعثة وصفات الرسول وبیان الطریق إلى معرفة الرسول

لم أن لھ في البعثة لطفا ال إنھ تعالى إذا كلف العبد وع: الذي نقولھ في ذلكبد أن یبعث، فإذا علم أن لطفھم في شيء بعینھ ال بد أن یبعثھ وإن كان ثم جماعة استووا كان مخیرا، وإذا علم أن لطفھم في شرع بین لھم وأمرھم

بھ، والبعثة متى حسنت وجبت، وإذا بعث فال بد من طریق بھ یعلم المكلف د شیئین، إما أن یقول تعالى ھو رسولي مع أنھ رسول والطریق فیھ أح

مقارنة معجزة بھا یعلم أنھ كالمھ أو معجز یظھر على الرسول یعلم بھ أنھ تعالى صدقھ في قولھ إال في المعجز عنھ ولذلك ینبئ بالمعجزات، وال بد

.للرسول من صفات وللمعجز من صفات

طفا ویعلم أنھ أما صفات الرسول فیجب أن یعلم من حالھ أن في بعثتھ لیؤدي ما حمل من الرسالة، ویعلم أنھ ال یرتكب كفرا وفسقا وما ینفر من

.صغیرة أو مباح، ویعلم أنھ كان معصوما قبل البعثة

وصفات المعجز أن یكون فعال هللا وحده ال یقدر العبد علیھ، ویكون ناقضا .للعادة، ویكون عقیب دعواه، ویكون مع بقاء التكلیف

نبین جواز البعثة، ثم بعد ذلك جواز نسخ الشرائع، وبعده الكالم في ونحن والكالم في جواز البعثة مع البراھمة، وفي - صلى اهللا علیھ وآلھ -نبوة نبینا

.النسخ مع الیھود

ألیس قد تقرر في عقل كل عاقل أن من كلف أمرا ویصح أن : ویقال لھمقرب إلى فعل ما كلف، وإذا فعل یكون في المعلوم أنھ إذا فعل فعال كان أ

غیره كان أبعد، فاألول یكون لطفا والثاني مفسدة، فإذا علم اهللا من حال .المكلف ذلك ألیس یجب علیھ أن یأتي بھ لیفعل وإال لم یكن مزیحا للعلة

من وجب علیھ أمر من األمور فقد علم أن في األفعال ما یقربھ : ویقال لھم وھو یعلم أنھ إن أطعمھ طعاما أجابھ وإن لم من ذلك، كمن أضاف ضیفا

ألیس إن كان حكیما غرضھ أجابھ المدعو یفعل ذلك . یطعمھ ذلك لم یجبھ .بلى: وإال كان ناقضا لغرضھ؟ فال بد من

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 129: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ربما یكون ذلك الفعل من فعل المكلف، فال بد أن یفعلھ كاإلطعام، : فنقول وإذا بین لھ أن ھذا الطعام ھو وربما كان من فعل المكلف فال بد أن یبین،

.الذي یحبھ، وإن لم یأكل فقد أتي من قبل نفسھ

ما تقولون في رجل دعا غیره إلى طعامھ وعلم أنھ إن أرسل : ویقال لھمإلیھ رسوال لھ قدر عنده یجب وإن لم یرسلھ ال یجب، ھل یجب علیھ أن

.یرسل ذلك الرسول أم ال؟

.ال: فإن قال

ضھ لیس إجابة ذلك المدعو، إذ لو كان ذلك غرضھ ألرسل فعلم أن غر: قلنا .من یعلم أنھ یجیبھ عند إرسالھ

.ما تقولون، أتحسن البعثة أم ال؟: ویقال لھم

ال، تقبح ألنھ إما أن یأتي بما في المعقول فھو عبث، أو یأتي : فإن قالوا .بخالفھ فھو قبیح

یعرف تفصیلھا عقال ولم، ولعل في العقول مجمالت ومجوزات ال: قلنافیبعث رسوال لینبھ على ذلك؛ ألن العقل یجوز أن یكون األلم حسنا إذا كان فیھ اعتبار أو نفع على ما قدمنا، ویجوز أن یكون قبیحا إذا عري عن النفع والدفع واالستحقاق، فإذا تقررت ھذه الجملة في العقل وال یعلم تفصیل ذلك

في ذبح األنعام اعتبارا ولطفا فتحل، وفي ذبح وأن یبعث رسوال ینبي أن .غیرھا مفسدة، وفي أفعال مصلحة فتحسن، وفي أفعال مفسدة فتقبح

.یحسن وال یجب: فإن قال

إذا كان حسنا فإنما یحسن؛ ألنھ لطف للمكلف واللطف یجب بیانھ إذا : قلنا .كان من فعل المكلف

عالى وصفاتھ أو فعل الواجبات ما تقولون، ھل تجب معرفة اهللا ت: ویقال لھم .بلى: واالنتھاء عن القبائح؟ فال بد من

فإذا علم تعالى أنھ إذا بعث رسوال یبین لھم طریقة النظر وترتیب : فیقالاألدلة وبعثھم على النظر كانوا أقرب إلى معرفتھ، وإذا أمرھم وزجرھم

. یبعث؟كانوا أقرب إلى فعل الطاعة واالنتھاء عن المعصیة، أیجوز أن

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 130: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ال: فإن قالوا

.نعم وافقونا: فلم تزح العلة؟ وإن قالوا: قلنا

ما تقولون إذا علم تعالى أنھ لو بعث رسوال یأمر بالمعروف : ویقال لھم .بلى: وینھى عن المنكر كانوا أقرب إلى القبول، أیجوز ھذا؟ فال بد من

ائح یجب أن فإذا علم ذلك وغرضھ فعل الواجبات واالنتھاء عن القب: قلنا .یفعلھ وإال كان ناقضا لغرضھ

مسألة في العصمة

قد بینا أن من صفة الرسول أن یكون معصوما قبل البعثة وبعدھا، وال .تجوز علیھ الكبائر والمنفرات، وال یجوز فیما یؤدي إلى الغلط والنسیان

یجوزون جمیع ذلك، ویروون عنھ ما ال یلیق بھ على ما نشیر والحشویة .إلیھ

ألیس اهللا تعالى بعثھ وأصحبھ المعجز لیؤخذ منھ ما یأتي ویصل : ویقال لھم العبد إلى معرفة مصالحھ ویقتدي بھ في قولھ وفعلھ؟

.نعم: ال، كابروا وخالفوا اآلیة، وإن قالوا: فإن قالوا

فإذا جاز علیھ الغلط والكذب والكبائر، فما األمان من كون الرسول : قلنا .میع ما أداه إلینا كذب؟ وكیف یوثق بقولھ وفعلھ؟بھذه الصفة وأن ج

: ألیس الغرض بالبعثة القبول منھم واإلقتداء بھم؟ فال بد من: ویقال لھمفإذا كان بصفة ینفر الناس منھ كان نقضا للغرض، وذلك ال : بلى، فیقال

.یجوز من فعل حكیم

.یع ذلك؟ألیس قول الرسول وفعلھ حجة یجب التأسي بھ في جم: ویقال لھم

وما آتاكم الرسول ﴿: ال خالفوا الكتاب واألمة، قال اهللا تعالى: فإن قالوا، واألمة بأسرھا من لدن ]٧:الحشر[﴾فخذوه وما نھاكم عنھ فانتھوا

.نعم: الصحابة إلى یومنا ھذا یحتجون بقولھ وفعلھ، فإن قالوا

.لمعاصي والجرائم فكیف یصح ذلك؟فإذا كان في أقوالھ وأفعالھ ا: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 131: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ما یقولھ الرسول ویفعلھ حق أو باطل؟: ویقال

باطل، وجب أن ال یقتدى بھ، وإن : حق، فھو قولنا، وإن قالوا: فإن قالوابعضھ حق وبعضھ باطل، وجب أن یبعث رسوال آخر یبین ذلك ثم : قال

.تسلسل الكالم

قھ على الجملة وأن ما یأتي بھ بالمعجز الذي ظھر علیھ یعلم صد: ویقال لھم .حقا أم ال؟

ال، وجب أن یظھر في كل قول وفعل معجزة یعلم أنھ حق أو ال : فإن قالوا .یظھر فال یعلم بقولھ وفي ھذا بخالف الدین

.ألیس آدم أكل ما نھي عنھ؟: وإن قال

.أكل متأوال فوقع صغیرة: كان نھي تنزیھ، وقیل: قیل: قلنا

.مى ابنھ عبد الحارث عند دعا إبلیس؟ألیس تس: فإن قیل

.روایة باطلة: قلنا

جعال لھ ﴿: إلى من ترجع الكنایة في قولھ: فإن قیل ].١٩٠:األعراف[﴾؟شركاء

.إلى أوالده ال إلیھ: قلنا

إني ﴿: ألیس حكي عن إبراھیم الكذب في قولھ: فإن قیل ].٦٣:األنبیاء[﴾؟یرھمبل فعلھ كب﴿: ، وقال]٨٩:الصافات[﴾سقیم

إني سقیم في الدین لما أرى منكم : وما المانع أن یكون سقیما، أو تكون: قلنافإنما أضافھ بشرط ] ٦٣:األنبیاء[﴾بل فعلھ كبیرھم﴿: أو سأسقم، وأما قولھ

.وھو أنھ إن كان ینطق

.ألیس فتن داود بامرأة أوریا حتى أمر بقتلھ؟: فإن قال

كانا رجلین اختصما إلیھ على ما ] ٢٢:ص[﴾خصمان﴿: باطل، وقولھ: قلنافغفرنا لھ ﴿: ھو الظاھر؛ إال أنھ ترك سؤال المدعى علیھ وعاتب فذلك قولھ

].٢٥:ص[﴾ذلك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 132: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألیس في قصة سلیمان، وقعود الشیطان على سریره، والدخول : فإن قال .على امرأتھ ما ھو خالف مذھبكم؟

أي ] ٣٤:ص[﴾ولقد فتنا سلیمان﴿: ك روایات باطلة، وقولھكل ذل: قلناأنھ مسح ] ٣٣:ص[﴾فطفق مسحا بالسوق واألعناق﴿: أمرضناه، فقولھ

.بسوقھم وسبلھم

فما تقولون في قصة أیوب ویونس وأوالد یعقوب وما فعلوا :فإن قال .بیوسف؟

یونس فكان أمر بالخروج من غیر أما أیوب فمرض مرضا فقط، وأما: قلناتعیین وقت مغاضبا ألمتھ قبل أن عین وقت الخروج، فأما إخوة یوسف

.فكانوا أطفاال

صلى اهللا علیھ -فحدیث الغرانیق العلى وامرأة زید في أخبار نبینا : فإن قیل وآلھ؟

امرأة باطل، كان منزھا عن مثل ذلك، وإنما تزوج بامرأة زید لیعلم أن : قلناابن ملك الیمین تحل، وما روي عند تالوتھ تلك الغرانیق إنما ألقاه بعض

.الكفرة موھما أنھ كالم الرسول

.ھل یجوز ظھور معجز على غیر نبي؟: فإن قال

ال؛ ألن فیھ تنفیرا عن النظر في عالمات األنبیاء؛ وألن المعجز وضع : قلنا ظھر على غیره لم یمتنع أن لنمیزه فال یجوز ظھوره على غیره، وألنھ لو

.یكثر فیصیر عادة فال یدل

.ما الفرق بین المعجز والشعبذة؟: ویقال

المعجز غیر مقدور وال یعلم كیفیتھ، ویعجز الخاص والعام ویظھر : قلنا .على الجمیع بخالف الشعبذة

مسألة في نسخ الشرائع

نھم من أنكره أنكرت الیھود النسخ ثم اختلفوا، فمنھم من أنكره عقال، وملم یأت بعد موسى صاحب : شرعا، ومنھم طائفة تقر بذلك إال أنھا تقول

.فإذا بینا المعجزات بطل قولھم. معجز

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 133: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

. بلى: الشرائع مصالح ووجھ وجوبھا كونھا مصالح؟ فال بد من: ویقال لھم .ألیس یجوز أن تختلف المصالح بالمكلفین واألزمنة واألمكنة؟: فیقال

یست مصالح تختلف في األزمنة واألمكنة والمكلفین؟ فال بد أل: ویقال لھمبلى، وإال أنكروا المشاھدات الختالف األسباب باختالف األزمنة : من

فلم ال یجوز أن یكون كذلك في : نعم، قلنا: واألمكنة والناس، وإن قالوا .مصالح الدین

.شریعة موسى ھي شریعة آدم أم غیرھا؟: ویقال لھم

.ا واحدھم: فإن قالوا

وإن -علیھ السالم-فوجب أن ال تضاف إلى موسى وتضاف إلى آدم : قلنا .ھي غیرھا، تركوا مذھبھم وقالوا بالنسخ: قالوا

ألیس قبل مجيء موسى، وظھور المعجز علیھ كان یقبح اإلقرار : ویقال لھم: ألیس بعد بعثتھ وجب؟ فال بد من: بلى، فیقال: بنبوتھ ویحرم؟ فال بد من

ال ولكن ھذا غیر : أوجب القبح أم قبح الواجب؟ فإن قالوا: یقال لھمبلى، ف .كذلك في نسخ الشرائع مثلھ: قلنا. ذلك

ألیس في زمن آدم كان یجوز التزوج باألخت، وفي زمن یعقوب : ویقال لھم .كان یجوز الجمع بین األختین؟

.ال: فإن قال

.ثبت ذلك بالنقل: قلنا

. نعم:وإن قال

.ك نسخ بشریعة موسى علیھ السالمألیس ذل: قلنا

ما تقول في رجل صحیح أمر بالصالة، أو غني خوطب بالزكاة، :ویقال لھمرض الصحیح : بلى، فیقال: أو قوي أمر بالجھاد، أیجوز ذلك؟ فال بد من

.وعجز، وافتقر الغني، وضعف القوي، أیسقط عنھ األمر المتوجھ علیھ؟

.عمن: ال كابر، وإن قال: فإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 134: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ألیس ھذا ھو معنى النسخ أن یسقط واجبا أو یوجب مباحا: قیل لھ

.النسخ یدل على البدا: فإن قالوا

البدا ھو الظھور، ومعناه أن یظھر لھ شيء خفي علیھ أو یخفى ما كان : قلناظاھرا، واهللا تعالى عالم لذاتھ فال یجوز علیھ البدا، والنسخ لیس من البدا

ھما ظاھر، فالبدا كل أمر ونھي ورد، والمأمور واحد بسبیل والفرق بینوالفعل واحد والوجھ واحد والوقت واحد، فإذا تغیر واحد من ھذه األربعة

.فال یكون بدا بل یكون لتغیر المصالح

أرأیت رجال قال لغالمھ ادخل السوق بكرة غد واشتر لحم الغنم، :ویقال لھال : ال تدخل الیوم، أو قال: لھذا الغالمال تدخل، أو قال: ثم قال لغالم آخر

ال تشتر لحم البقر، أیكون ھذا بدا أو یكون القبیح : تشتر شیئا آخر، أو قال .والحسن یرجعان إلى شيء واحد؟

.ال، فھذا سبیل النسخ فال یدل على البدا: نعم كابر، وإن قال: فإن قال

ن خبرا عن فأما المنكرون نسخ شریعة موسى من جھة السمع، ویرووموسى في ذلك فال یدرى أصادقون في ذلك أم ال، وال یدرى لفظ الخبر حتى

.ینظر فیھ أیقتضي ما یقولونھ أم ال؟

تمسكوا بشریعتي : " قال- علیھ السالم -ما تقولون في موسى : ثم یقال لھمإذا لم یكن صاحب : "، أو قال"وال تؤمنوا بغیري وإن كان صاحب معجز

إن قال باألول فقد قدح في نبوة نفسھ، وإن قال بالثاني فقد وافقنا، ، ف"معجز .- صلى اهللا علیھ -ونحن كذا نقول، ویبقى الكالم في بیان معجزات نبینا

.ما الطریق إلى تصحیح ھذا الخبر؟: ویقال لھم

.الیھود نقلتھ خلفا عن سلف: فإن قالوا

م من یمنع النسخ عقال، ومنھم من فالیھود كلھم ال ینقلون الخبر، بل منھ: قلنا . نبي إلى العرب خاصة- صلى اهللا علیھ وآلھ -إن محمدا : یقول

وبعد فلو كان الخبر متواترا وحصل فیھ شرط التواتر لكان العلم بھ ضروریا، فكما یحصل للیھود یحصل لمن خالطھم من المسلمین، وفي فقده

صلى اهللا علیھ -نقولھ في نبینا دلیل على فساد ما ادعوا، ولیس كذلك ما

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 135: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ألنھ علم من دینھ ضرورة أن ال نبي بعده، علمھ المخالف والموالف؛ -وآلھ .وألنھ لم یأت بھ صاحب معجز بخالف موسى

مسألة في إثبات نبوة نبینا محمد صلى اهللا علیھ وذكر معجزاتھ

الم فدعا العلم بكونھ وادعائھ النبوة وأنھ الذي أتى بالقرآن وشریعة اإلسإلیھا، وأنھ ھاجر من مكة إلى المدینة، وأنھ تحدى بالقرآن علم ضروري

.یعرفھ المخالف والموافق، ویبقى الكالم في معجزاتھ

إني : فمن ذلك القرآن، والذي یدل علیھ أنھ معجز أنھ تحدى العرب وقالنبي وھذا القرآن معجزة لي ال یقدر أحد على اإلتیان بمثلھ، وكفرھم

لھم وسفھ أحالمھم وكفر آباءھم، وظھرت عداوتھم لھ بالنفس والمال وضلمع مشقة، فلو قدروا على مثل القرآن ألتوا بھ، وھذه الداللة تنبني على

:أصول

. إنھ تحداھم بھ:أحدھا

. إن دواعیھم كانت متوفرة إلى إیراد مثلھ:وثانیھا

. إنھم لم یوردوا:وثالثھا

وجھ إال العجز، ثم یبقى أسولة لھم، ونحن نذكر إنھ لم یكن لذلك :ورابعھا .ذلك على طریق اإلیجاز

.لم قلت إنھ تحداھم: فإن قالوا

من المعلوم أنھ كان یقرأ علیھم القرآن، ویقرأ على الوفود ویتحداھم : قلنا .وسورة وھم یسمعون ذلك] ١٣:ھود[﴾قل فأتوا بعشر﴿: بھ، ویقرأ علیھم

الصحابة والتابعین إلى یومنا ھذا التحدي، وكثر أعداء وبعد فقد ظھر من المسلمین، وسمعوا ذلك واحتالوا في أیامھ وبعده في إبطال ذلك، فقال

إنھ أساطیر األولین، وحاول جماعة : إنھ سحر، وقال بعضھم: بعضھم .معارضتھ كابن المقفع وغیره فعجزوا

یس علم من عادة العرب ھبوا أنا سلمنا أنھ لم یتحدى أل: وبعد فیقال لھمالتفاخر بالكالم والشعر، فكیف یجوز أن یسمعوا كالما فیھ ذمھم وذم دینھم

.وذم آبائھم مع ذلك ال یعارضونھ وال یجیبونھ، فھذه معجزة ثانیة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 136: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

إن العرب على ما ھم علیھ من األنفة والحمیة انقادوا : ما تقولون: ویقال لھمالف عشائرھم ودیاناتھم من غیر لھ، وبذلوا المھج في نصرتھ، وفي خ

.معجزة ظھرت منھ وال طالبوه بھا؟

فال معجزة : ال، قلنا: فھذه معجزة أخرى، وإن قالوا: نعم، قلنا: فإن قالوا .أظھر من القرآن

.فلم قلتم إن دواعیھم كانت متوفرة للمعارضة؟: فإن قیل

ى لو قلنا أنھم ال شيء یدعو إلى فعل ویصرف عن تركھ إال وقد تم، حت: قلنا .صاروا كالملجئین إلى معارضة القرآن لو قدروا صح

. إنھ ادعى النبوة والرسالة:فمنھا

. إنھ ادعى الرئاسة علیھم:ومنھا

إنھ دعاھم إلى االنقیاد لھ وھم نظراؤه في النسب، والمنافسة بین :ومنھا .األقارب أكثر

. إنھ عاب دینھم:ومنھا

.ءھم إنھ كفرھم وذم آبا:ومنھا

. إنھ عاب آلھتھم:ومنھا

. إنھ أوعدھم بالقتل والسبي إن لم یؤمنوا بھ:ومنھا

. إنھ أوعدھم بتغنم مالھم:ومنھا

. إنھ أوعدھم بعذاب دائم في مخالفتھ إلى غیر ذلك من الوجوه:ومنھا

وكل واحد منھا یدعوا إلى إیراد المعارضة، ثم كانوا علیھ من المعاداة لھ صحابھ حتى احتاج إلى الھجرة، ثم نسبتھم إیاه إلى الجنون وإیذائھ وإیذاء أ

ومرة إلى السحر ومرة إلى الكذب، ثم عدولھم إلى قتالھ وبذل المھج واألموال، ثم قتلھم في مقام بعد مقام وظھور دینھ، وكل ذلك یبین صحة ما

.إن الدواعي كانت متوفرة: قلنا

.إنھم لم یعارضوه؟: ولم قلتم: فإن قیل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 137: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لو كان ثم معارضة لنقلت؛ ألن جمیع ما ذكرنا من الدواعي إلى :قلنا .المعارضة كانت دواعي إلى النقل

ألیس قد نقلت المعارضات الركیكة من كالم مسیلمة وغیره مع : ویقال لھمأنھ لیس یطعن فكیف لم ینقل ما ھو طعن في نبوتھ، ھب أنا سلمنا أنھ كانت

ي بكتاب یتحدى ویعارض بمثلھ المؤدي ولم تنقل فھذه معجزة تامة أن یأتإلى بطالن أمره فینقل كتابھ وال تنقل المعارضة ھذا نقص، ومن ھذا یصح

.دعوى اإلعجاز

.إنھم لم یعارضوه للعجز؟: ولم قلتم: فإن قیل

ال یخلو إما أن قدروا مع ھذه الدواعي ولم یعارض فھذه معجزة؛ : قلنا لھم .لعجز فذلك ما نقولھألنھ نقض العادة ولم یعارضوه ل

ألیس بینا أنھم كانوا كالملجئین ال داعي إال وحصل، وال : ویقال لھم .صارف إال وقد وجد، وال وجھ لتركھم المعارضة إال العجز

.ولعلھم عارضوا ثم انكتم: فإن قیل

ھذا ال یصح؛ ألن كتمان ذلك على الجماعة الكثیرة مع وفور دواعیھم : قلنا .وزإلى إظھاره ال یج

: وبعد فإن سلمنا فذلك نقض العادة أن یدعي إنسان النبوة ویأتي بشيء یقول .إنھ معجز فیأتون بذلك، ثم یظھر ذلك وینكتم اآلخر فھذه معجزة تامة

إنھم عدلوا إلى المحاربة؛ ألنھم رأوا أن ذلك أقطع لمادة : ھال قلتم: فإن قیل .األمر؟

ل ال یظھر بطالن قول المدعي؛ ألن ھذا ال یصح؛ ألن بالقتل والقتا: قلنا .المبطل قد یغلب والمحق یقتل

وبعد فعدولھم عن معارضتھم مع كثرتھم بأي وجھ كان دلیل على صحة .معجزتھ

.إنھ عاجلھم بالقتال واشتغلوا بھ ولم یتفرغوا لمعارضتھ: فإن قالوا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 138: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ثرتھم نفس ما سأل معجزة؛ ألنھ إذا تحداھم بأمر فاشتغلوا عنھ مع ك: قلنانقض العادة، وبعد فھال عارضوه الكل أو عارضھ بعضھم، وبعد فالقتال ال

.ینافي المعارضة

.نحن نعلم أن كالم فصحاء العرب یفضل على سورة الكوثر: فإن قال

إن سلمنا ذلك كانت معجزة؛ ألنھ تحداھم وكالمھم أفصح ومع ذلك لم : قلنا بالصرفة، وبعد فقد كان یعارضوه، أو ھذا نقض العادة وتصحیح القول

ینبغي لو كان األمر كما قالوا لوجب أن یذكروا ذلك مع وفور دواعیھم إلى إبطال أمره، وبعد فإن ھذه السور القصار تحتمل أنھ لم یتحد بھا فإنما تحدى

بما یقع بھ اإلعجاز، وبعد فإن ھذه تتضمن من حسن المعاني وجزالة . معجزااأللفاظ وكثرة الفوائد ما صارت بھ

ألیس قد صنفت كتب لم یأت أحد بمثلھا كإقلیدس والمجسطي : فإن قیل .والجامع، وكذلك أبنیة بنیت وشعر قیل؟

ھذا ال یقدح في كون القرآن معجز إن سلم، بل یوجب أن تلك األشیاء : قلنامعجزة أیضا، وبعد فمن أین أن ذلك لم یعارض، وبعد فإن جمیع ذلك كان

. وقد تقدم فال تصح دعوى اإلعجاز فیھمجموعھ متفرقا

.فالعرب عجزوا عن ذلك أم ال؟: فإن قیل

.الحروف كانت مقدورة: عجزوا، قلنا: فإن قلتم

إذا علمنا عجزھم عن معارضتھ كفى وإن لم یعلم تفاصیلھ، وبعد فإنھم : قلناعجزوا عن اإلتیان بمثلھ الحتیاجھم إلى علم یتألف بھ الكالم وذلك من فعلھ

.عالىت

.المعجز ما ال یقدر العباد على جنسھ كقلب العصى حیة: فإن قیل

باطل بفلق البحر، وبعد فالمعجز ما ذكروه إن سلم ال یضر؛ ألن : قلناالتحدي إذا صح وظھر عجزھم دل على اإلعجاز سواء قدروا على جنسھ أم

ا فلم أنا أحرك یدي في ھذه الساعة فحركو: ال یقدروا، أرأیت لو قال نبي .یتأتى ألحد تحریك یده كان معجزا

.ألیس الواحد منا یتلوا القرآن فكیف یكون معجزا؟: فإن قیل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 139: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

اإلعجاز في أن یأتي بمثلھ ابتداء ال حكایة، ومعلوم أن الشعراء إذا : قلناتحدى بعضھم بعضا فإنھ متى قرأ شعره ال یكون معارضا، وإنما یكون

.دئا بمثلھمعارضا متى أتى بكالم مبت

.ھب أن العرب علموا ھذا المعجز فغیرھم كیف یعلم؟: فإن قال

ھب أن العجم لم یعلموا، أیخرج القرآن من كونھ معجزا داال على : قلنا .النبوة؟

.وبعد فإنا نعلم بالسیر أن العرب لم یعارضوه لعجزھم فیعلم بھذا أنھ معجز

رار واللحن واللغات كیف یكون القرآن معجز وفیھ من التك: فإن قیل .المختلفة؟

ألیس لم یعارضوه؟ وبعد فلو كان ما تقولھ في القرآن . مع تسلیم ھذا: قلنا .یخرجھ من كونھ معجزا الدعوا علیھ طول أیامھم

: أما اللحن فمعاذ اهللا، وقد سأل بعضھم أبا الھذیل عن ھذا فقال: ویقال لھم كالم محمد وھو من صمیم ھب أنك تشك أنھ كالم اهللا، فھل تشك أنھ من

.العرب واللغة لغتھ أرأیت أنھ لحن ولم یعرف ویعرفھ األنباط؟ فتاب السائل

.وأما التكرار فذلك موجود في كالم العرب للتأكید

فأما اختالف اللغات فلیس فیھ لغة غیر لغة العرب، وما یذكر إما أن یكون .اتفاق اللغتین كالقسطاس أو أخذتھ العرب فعربتھ

.لعل القرآن أخذ من الجن أیقدر الجن على مثلھ؟: فإن قیل

بھذا ال یخرج عن كونھ ناقضا للعادة في العرب، وبعد فإنا نعرف الجن : قلنابالقرآن فإن لم یكن صحیحا صادقا فمن أین أن ھاھنا جن؟ وإن كان صحیحا

.إنھ كالم رب العزة: صدقا، وبعد فقد قال فیھ

جوزتم أن یكون فلق البحر، وقلب العصى حیة من فعل ھل: ویقال لھم .بعض الجن، فما أجابوا بھ فھو جوابنا

.ألیس روي إن فیھ زیادة ونقصانا؟: فإن قیل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 140: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

كذبوا، ولو نقص حرف اآلن لظھر لكل أحد فكیف خفي على المسلمین : قلنا .واإلسالم غض جدید والمسلمون متوافرون؟

.؟ ما الذي كتموا:ویقال لھ

.ال أدري: فإن قیل

.فبأي شيء عرفوا أنھم كتموا؟: قلنا

في اإلعجاز وھو أنھ تضمن نظما لم یأت بھ أحد قبلھ وال بعده، ووجھ آخر فإن كالم العرب الشعر والرجز والخطب واإلسجاع، وھذا القرآن یخالف

.جمیع ذلك

ینھ وألن فیھ من أخبار الغیوب ما كان خبره كمخبره بظھور دوجھ آخر .وغیر ذلك، وذلك یدل أنھ كالم اهللا تعالى الذي ھو عالم الغیوب

وألن المتكلم إذا أراد أن یتكلم بالحق والصدق ال یتمكن من ووجھ آخر الفصاحة مثل ما یتمكن من ال یبالي بما یقول، أال ترى كیف تراجع شعر حسان في اإلسالم، ثم وجدنا القرآن حق وصدق، واختص بفصاحة عظیمة

.فعلمنا أنھ معجز

وألن كالم الناس مختلف بالفصاحة؛ ألنھم یتفاصحون في مدح أو وجھ آخر افتخار بخالف األمر والنھي واإلخبار عن الماضي والمواعظ، ثم وجدنا

القرآن أجناسا مختلفة أمرا ونھیا وأحكاما وأمثاال وقصصا ومواعظ ووعدا .فعلمنا أنھ معجز وكالم اهللا تعالىووعیدا، والكل في الفصاحة شيء واحد

لم یر قط اختلف - صلى اهللا علیھ -یدل على صحة ما قلنا أنھ ووجھ آخر إلى أحد في استفاد علم أو قیاس نظم ونثر أو غیر ذلك من األخبار، ثم أتى بكتاب یتضمن كثرة ھذه الفوائد من القصص واألخبار وغوامض العلوم فلم

قل فأتوا بالتوراة فاتلوھا إن ﴿: أنھ كان یقرأ علیھمیقدر أحد على تكذیبھ مع، فعلم أنھ إنما أتى بھ من قبل ربھ ال من قبل ]٩٣:آل عمران[﴾كنتم صادقین

نفسھ، وكیف ولم یقرأ كتابا وال كان یكتب وإنما نشأ بینھم وتكلم بلغتھم طول عنھ مع القرآن حتى تجد من أیامھ إلى أن بعث، ثم حسن كالمھ المروي

التفاوت ما بین سائر البشر والقرآن ولھذا تحیروا في أمره، انقاد فریق ساحر، : وعاند فریق ونسبوه إلى أشیاء ال تلیق بھ وناقضوا فیھ، فقالوا مرة

.مجنون، وھذا من المتناقض: ومرة

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 141: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

القسم الخامس الكالم في الشرائعل، فمن ذلك األمر بالمعروف، ومن الشرائع على وجوه أصول وفروع وعم

ذلك الوعد والوعید، ومن ذلك أحكام اآلخرة، ومن ذلك األسماء واألحكام .واإلمامة ثم الصالة والزكاة والمعامالت، ونحو ما یتعلق باألصول

مسألة في الوعید

ال خالف بین أھل القبلة أن الكفار یخلدون في العقاب، وأنھ ال یغفر لھم وال . النار، وإنما الخالف في مرتكب الكبائر من أھل الصالةیخرجون من

یجوز أن یغفر لھم ویجوز أن یعاقبوا بقدر استحقاقھم ثم : وقال بعضھم .یخرجون من النار

إنھ یجوز عقال الغفران : ال تجوز عقوبتھم عقال، ونحن نقول: ومنھم من قالفار یعذبون دائما عن جمیع الذنوب الكفر وغیره إال أنھ ورد السمع بأن الك

.كما ورد في الكفار، وھذا مذھب مشایخنا البصریین

ولم قلتم أوال إن العقاب یستحق دائما في الذنوب من جھة العقل : فإن قال .والشرع؟

أجمعت األمة على دوامھ في الكفار والقرآن نطق بذلك، وبعد فإن من : قلناحق عذاب اآلخرة ویجري أقدم على فعل كبیرة یستحق الذم واللعن كما یست

ھذا الذم مجرى العقاب، ولذلك یبقى ما دام یبقى العقاب ویسقط متى سقط .ھو، ثم الذم یدوم كذلك العقاب

.وبعد فھذه الكبیرة لو فعلھا كافر استحق علیھا العقاب دائما أو منقطعا

.دائما: فإن قال

ینقض عقاب الكفار منقطعا، وجب أن: كذلك إذا فعلھ الفاسق، وإن قال: قلنا .وھذا ال قائل بھ

ھال قلتم إن اإلسالم أوجب انقطاع العقاب ویخرجھ من حد : فإن قال .التأبید؟

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 142: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.لو أثر فیھ ألثر في الدم، وألنھ كان یجب أن یسقط الحدود: قلنا

.إنھ یجوز أن یعفو عن الفساق عقال؟: ولم قلتم: فإن قال

لص لیس في إسقاطھ إسقاط حق الغیر ألن العقاب حق هللا تعالى خا: قلناجاز أن یسقط، كصاحب الدین إذا أسقط دینھ؛ وألن إسقاطھ یقع لغیره وال

فوجب أن یقبح استیفاؤه؛ : ضرر فیھ على أحد فوجب أن یحسن وال یقال .ألن استیفاؤه حسن وإسقاطھ حسن كما قلنا في الذنوب

.إنھم یعاقبون دائما؟: ولم قلتم: فإن قال

ومن یعص اللھ ورسولھ ویتعد ﴿: ألنھ تعالى أخبر بذلك فقال تعالى: قلناومن یقتل مؤمنا متعمدا ﴿: ، وقال]١٤:النساء[﴾حدوده یدخلھ نارا خالدا فیھار لفي نعیم ، وإن إن األبرا﴿: ، وقال]٩٣:النساء[﴾فجزاؤه جھنم خالدا فیھاوما ھم عنھا ﴿: ، ثم قال]١٤-١٣:اإلنفطار[﴾الفجار لفي جحیم .، وغیر ذلك من اآلیات]١٦:اإلنفطار[﴾بغائبین

.عندي یجوز خلف الوعید وھو مدح: فإن قال

دل ما یب﴿: وألنھ یكون كذبا، وقد قال تعالى[فجوز في وعید الكفار : قلنا ].٢٩:ق[﴾القول لدي وما أنا بظالم للعبید

.الخلود یذكر وال یراد بھ التأبید: فإن قال

].ذلك مجاز كما یذكر التأبید فیما ینقطع، ثم ھو یلزمھ في وعید الكفار: قلنا

. ھل یدخل الفاسق في آي الوعید أم ال؟:ویقال لھ

.فیھ إغراء بالمعاصي: بھ، قلناال یدخل، وھو مزجور : فإن قال

المؤمن الذي عبد اهللا سنین جمة، ثم سرق أو زنى یعاقب بالحدود أم : ویقال .ال؟

.نعم: ال، خالف األمة والكتاب، وإن قال:فإن قال

.فإذا كان إیمانھ ال یسقط عنھ ھذه الحدود كیف یسقط العقاب: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 143: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

أنھ قرب خروجھ منھا خبرونا عمن كان في شدة فأخبر ب: ویقال لھمما أنكرتم أن أھل النار : بلى، فیقال: وخالصھ ألیس یسر؟ فال بد من

مسرورون لما یعلمون من قرب خروجھم ونیلھم الجنة، وقد أجمع .المسلمون أن أھل النار ال سرور لھم

ومن یفعل ذلك یلق﴿: ألیس اهللا تعالى قال عقیب القتل والزنى: ویقال لھ ].٦٩-٦٨:الفرقان[﴾أثاما، یضاعف لھ العذاب یوم القیامة ویخلد فیھ مھانا

إن اللھ ال یغفر أن یشرك بھ ویغفر ما دون ذلك ﴿: ألیس قال تعالى: فإن قال ].٤٨:النساء[﴾لمن یشاء

إن ﴿: كون مجمال ثم بینھ في موضع آخر فقالعلق الغفران بالمشیة فی: قلنا ].٣١:النساء[﴾تجتنبوا كبائر ما تنھون عنھ نكفر عنكم سیئاتكم

یخرج قوم من : (( أنھ قال- صلى اهللا علیھ وآلھ -روي عن النبي : فإن قیل )).النار بعدما امتحشوا وصاروا فحما وحمما

صلى -بر واحد ال یحتج بھ في األصول؛ ألنھ ال یعلم أن النبي ھذا خ: قلنا - قالھ أم ال، وبعد فقد روي ما یدل على خالف ھذا فقال -اهللا علیھ وآلھ

من قتل نفسھ بحدیدة فحدیدتھ في یده یجأ بھا بطنھ : ((-صلى اهللا علیھ وآلھ )).في نار جھنم خالدا مخلدا فیھا أبدا

وھو الساعي بالناس إلى )) ال یدخل الجنة قتات: ((-م علیھ السال-وقال .السلطان الجائر

)).ال یدخل الجنة عاق والدیھ وال مدمن خمر وال منان: ((وقال

وبعد فقولھ یخرج من النار یحتمل أنھم یخرجون من النار بعدما استحقوھا : ، وكقولھ]١٠:النساء[﴾إنما یأكلون في بطونھم نارا﴿: إذا تابوا كقولھ

].١٠٣:آل عمران[﴾وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منھا﴿

مسألة في الشفاعة

یوم الحشر - صلى اهللا علیھ وعلى آلھ -إن الشفاعة ثابتة لرسول اهللا : نقولستحق ولكن یشفع للمؤمنین فیكون لھ رتبة ویزید درجة المؤمن، فأما الم

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 144: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

ما للظالمین من حمیم وال ﴿: للنار فال شفاعة لھ، والدلیل علیھ قولھ تعالىآل [﴾وما للظالمین من أنصار﴿: ، وقولھ تعالى]١٨:غافر[﴾شفیع یطاع

، ولو كانت الشفاعة لھم لكانت أعظم نصرة، وقال تعالى ]١٩٢:عمرانیحملون العرش ومن حولھ ﴿: حملة العرشحاكیا عن المالئكة الذین ھم

یسبحون بحمد ربھم ویؤمنون بھ ویستغفرون للذین آمنوا ربنا وسعت كل وا ، فسأل]٧:غافر[﴾شيء رحمة وعلما فاغفر للذین تابوا واتبعوا سبیلك

.المغفرة للتائبین

لمن یوالیھ ویحبھ أو لمن - صلى اهللا علیھ وآلھ - أیشفع النبي :ویقال لھ .یعادیھ ویبغضھ؟

فإن قال باألول ترك مذھبھ، وإن قال بالثاني أضاف إلیھ ما ال یلیق بھ، .وكیف سأل الخیر لمن یبغضھ ویعادیھ ویلعنھ

. یستحق؟أیشفع لمن یستحق النار أو لمن ال: ویقال لھم

یا رب اجعل أعداءك أولیاءك، وأھل نارك : فإن قالوا باألول فكأنھ یقولأھل جنتك، ومن أخبرت أنك تعذبھم ال تعذبھم، وبدل حكمتك وافعل خالف

ما قلت وھذا ال یجوز، وإن قال بالثاني ترك مذھبھ؛ ألن عنده ال تصح .الشفاعة لمن ال یستحق النار

.خول النار أو بعد الدخول؟أیشفع لھم قبل د: ویقال لھ

.قبل الدخول: فإن قال

.بعد الدخول: فوجب أن ال یدخل أحدا من أمتھ النار، وإن قال: قلنا

فإذا عذب قدر ما استحقھ فما معنى الشفاعة عنده، وال یجوز أن یبقوا : قلنا .في النار ساعة فال حاجة بھم إلى الشفاعة

ع إلى علم وزھد یرغب في شفاعة ألیس األئمة وكل من یرج: ویقال لھم .نعم: الرسول ویرجوھا؟ فال بد من

نعم، فثبت أنھ ال : ألیس كلھم یزھدون في الفسق والمجانة؟ فال بد من: فیقال .شفاعة ألھل الفسق والخنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 145: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لو حلف رجل بطالق امرأتھ وعتق عبیده أنھ یفعل ما استحق بھ : ویقال لھم .الشفاعة بماذا تأمرونھ؟

نأمره بالطاعة : نأمره بالعصیان خرجوا من الدین، وإن قالوا: وافإن قال .حتى یتوب ویطیع صح قولنا

إنھ : ما تقولون في رجل أساء إلى غیره، ثم شفع فیھ إنسان وقال: ویقال لھمأساء؟ ومن عزمھ أنھ یعود إلى أمثالھ وأكثر منھ فإنھ یستجھل ھذا الشفیع،

. على أن ال یعود إلى أمثالھوإنما تصح إذا كان نادما عازما

.فما معنى الشفاعة على ھذا؟: فإن قال

:فیھ وجھان: قلنا

أنھم كما یستحقون الثواب والمدح والتعظیم وزیارات المالئكة، : أحدھما .یستحقون الشفاعة من جھة الرسول إعظاما لھم

أنھ تحصل لھم شفاعتھ زیادة درجة تقضى ألھل الجنة، ویظھر :والثاني حیث أعطي - صلى اهللا علیھ وآلھ -ل المواقف عظیم رتبة النبي ألھ

.الشفاعة

.ألیس الشفاعة تكون لمن ینالھ ضرر؟: فإن قیل

ھي على وجھین تكون فیما قلت، وتكون في زیادة الرتبة وزیادة : قلناالنعمة، بل ھذا أكثر؛ ألن أكثر الشفاعات عند األمراء والكبراء في زیادة

.رفعة، أو مخاطبة أو والیة أو نعمة وما یجري مجراھارتبة أو زیادة

.من أخرج من النار أمثابون أم غیر مثابین؟: ویقال

ال یثابون خالفوا اإلجماع؛ ألنھم اتفقوا أن كل مكلف في الجنة :فإن قالوا .یثاب

.یثابون تفضال: وإن قالوا

ل األنبیاء، ال یصح؛ ألنھ لو جاز ذلك لجاز أن یتفضل علیھم بمناز: قلنا .ولجاز أن نعظم نحن من ال نعرفھ تعظیم األنبیاء

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 146: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

شفاعتي ألھل الكبائر من : ((- صلى اهللا علیھ -قال النبي : فإن قالوا )).أمتي

.ھذا خبر واحد ال یعلم صحتھ، وتأویلھ إذا تابوا شفع لھم: قلنا

مسألة في المنزلة بین المنزلتین

م من یستحق الثواب ومنھم من یستحق إن المكلفین على ضربین، منھ: نقول .العقاب

من یستحق ثوابا عظیما ودرجة عالیة وھم : ومستحق الثواب صنفان .األنبیاء، وصنف یستحقون الثواب دون ذلك وھم المؤمنون

مستحق لعذاب عظیم وھم الكفار، ومستحق : ومن یستحق العقاب ھم صنفانین أھل الجنة وأھل النار میز بین لعذاب دونھ وھم الفساق، فكما میز اهللا ب

.أھلھما في الدارین باألسماء واألحكام

فأما األسماء فمستحق الثواب العظیم یسمى نبي ورسول، ومن دونھ مؤمن، .ودین، وصالح، وتقي، وولي اهللا، وكل ذلك أسماء مدح

طن الكفر، إنھ كافر، ومشرك، ومنافق إذا أب: ومستحق العقاب العظیم یقال .وعدو اهللا، ومن دونھم یسمى فاسق فاجر

فأما األحكام، فمن حكم المؤمن التعظیم والتبجیل ووجوب المواالة، ومن .حكم الكافر مباینتھ في القبر والصالة، وأخذ المال والجزیة ونحو ذلك

وللفاسق منزلة بین ھاتین المنزلتین ال تجري علیھم أحكام الكفار وال أحكام .ین، وال یسمى باسم الكفار وال باسم المؤمنین، فھم فساق فجارالمؤمن

واإلیمان اسم لجمیع الطاعات، والمؤمن اسم لمن یستحق الثواب، والكافر اسم لمن یستحق العقاب، وكلھا أسماء شرعیة نقلت من اللغة، وقد قال

أفمن ﴿: وقال،]١١:الحجرات[﴾بئس االسم الفسوق بعد اإلیمان﴿: تعالىكذلك حقت ﴿: ، وقال]١٨:السجدة[﴾كان مؤمنا كمن كان فاسقا ال یستوون

، ثم بین من ]٣٣:یونس[﴾كلمة ربك على الذین فسقوا أنھم ال یؤمنونفي صالتھم قد أفلح المؤمنون ، الذین ھم ﴿: المؤمن فقال

فبین صفة المؤمن، وكذلك قال في سورة ] ٢-١:المؤمنون[﴾خاشعون، وقال ]٢:األنفال[﴾إنما المؤمنون الذین إذا ذكر اللھ وجلت قلوبھم﴿: األنفال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 147: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

لى بیت یعني صالتكم إ] ١٤٣:البقرة[﴾وما كان اللھ لیضیع إیمانكم﴿: تعالى .المقدس

. الفاسق من أھل المدح أم من أھل الذم؟:ویقال لھ

.من أھل الذم: من أھل المدح، خالف اإلجماع، وإن قال: فإن قال

مؤمن اسم مدح، كما : فوجب أن ال یجري علیھ اسم المدح، وقولنا: قلنا .دین ومؤمن ومتقي: یقال

.أنا أقول مؤمن بإیمانھ فاسق بفسقھ: فإن قال

فقل مؤمن بإیمانھ كافر بكفره؛ وألن بین ھذین االسمین تنافي، وأن : اقلن .أحدھما مدح وتعظیم واآلخر ذم وتھجین

.الكفر یضاد اإلیمان: فإن قال

.والفسق یضاده: قلنا

.إذا خرج من اإلیمان وجب أن یكفر: فإن قال

وق وكره إلیكم الكفر والفس﴿: بل یفسق، وقد قال: قلنا، ففصل ثالث درجات على ما نقولھ، والمراد ]٧:الحجرات[﴾والعصیان

.بالعصیان الصغائر

.استوى الفاسق والمؤمن؟: ویقال

.ال: نعم، رد علیھ الشرع والعقل، وإن قال: فإن قال

.فوجب أن ال یستویان في األسماء كما ال یستویان في األحكام: قلنا

.ھل یلعن الفاسق؟: ویقال

: ال، رد علیھ القرآن في قاتل النفس ولعنھ وفي الظالم، وإن قال: فإن قال .نعم

.من یستحق لعنة اهللا ال یوصف بأنھ مؤمن: قلنا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 148: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

.ھال قلتم إنھ كافر كما یقولھ الخوارج؟: ویقال

إلجماع األمة أنھ ال تجرى علیھ أحكام الكفار والمرتدین، وبعد فإن : قلناجلد، فلو كانا مرتدین بذلك لوجب قتلھما، ولما كان السارق یقطع والزاني ی

.فرق بین المحصن وغیر المحصن، وبین شارب الخمر وآكل الخنزیر

.وھال قلتم إنھ منافق؟: فإن قال

المنافق كافر ولكنھ اسم لمن یبطن الكفر وھذا ال یبطن إال اإلسالم، وقد : قلنا ].١٩:الحشر[﴾اسقونأولئك ھم الف﴿: قال تعالى في الفاسق

ألیست األمة مجمعة على تسمیة مرتكب الكبیرة بأنھ : جمیعاویقال لھم : بلى؛ ألن الخوارج أنھ كافر فاسق، والمرجئة تقول: فاسق؟ فال بد من

.منافق فاسق: مؤمن فاسق، وأصحاب الحسن قالوا

ولم یقم إنھ فاسق، فما نقول إجماع، وما تقولون مختلف فیھ، : ونحن نقولدلیل على صحة أحد ھذه األقوال، فوجب أن یطرح وھذا ھو الذي أورد شیخنا واصل بن عطاء على شیخنا عمرو بن عبید مناظرتھ، وقد قال

:الصاحب الجلیل كاف الكفاة في ذلك

ال مؤمن حقا وال منافق قولي إجماع وخصمي خارق قوقاتل النفس لدینا فاسق والكل في تفسیقھ مواف

مسألة في األمر بالمعروف والنھي عن المنكر والجھاد في سبیل اهللا ومنابذة الظلمة

ولتكن منكم ﴿: األصل في وجوب ذلك الكتاب والسنة واإلجماع، قال تعالىآل [﴾أمة یدعون إلى الخیر ویأمرون بالمعروف وینھون عن المنكر

كنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف ﴿: ، وقال]١٠٤:عمران .، والسنة فیھ ظاھرة وكذلك اإلجماع]١١٠:آل عمران[﴾وتنھون عن المنكر

.استوى الكل: فإن قال

ال، األمر بالواجب واجب، واألمر بالندب ندب، فأما النھي عن المنكر : قلنا .باب واحد؛ ألن االنتھاء عن جمیعھا واجبف

.ھل فیھ شرط وترتیب؟: ویقال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 149: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

نعم، والغرض فیھ أن ال یحصل المنكر، فإذا أمكنھ الوصول إلیھ : قلناإذا انتھى عن المنكر باللین : بأسھل األمر لم یكن لھ أن یزید علیھ فلذلك قلنا

یكن لھ أن یجاوز إلى من القول لم یكن لھ أن یغلظ، وإذا انتھى بالكالم لم الضرب، فإن لم ینتھ إال بالقتال یجب، وعلى ھذا الترتیب أوجب اهللا تعالى

وإن طائفتان من المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینھما فإن بغت ﴿: فقالء إلى أمر إحداھما على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي

، ثم الشرائط في وجوبھ إن كان منكرا فقط أال یؤدي إلى ]٩:الحجرات[﴾اللھفساد أعظم منھ ویعمل على الظن أنھ یؤثر، وإن كان إساءة إلیھ نحو أن

یقصد قتلھ أو أخذ مالھ فلھ الدفع من غیر شرط، فإن بذل مالھ بأن ال یكون الدین وفي إنكاره إعالء كلمة اإلسالم المنكر فلھ ذلك، وإن كان منكرا في

فلھ إنكاره، وإن أتي على نفسھ ویكون لھ الثواب العظیم، وإلى ھذا أشار أفضل الجھاد كلمة حق عند سلطان : (( بقولھ- صلى اهللا علیھ وآلھ -النبي ، ولھذا اختار المتشددون في الدین الخروج على الظلمة وإن أتي ))جائر

- علیھ السالم -وأموالھم، كما فعلھ الحسین بن علي على أنفسھم وأھالیھم وزید بن علي، ویحیى بن زید، والنفس الزكیة وأخوه إبراھیم، ویحیى،

وغیرھم من أئمة الحق - صلوات اهللا علیھم جمیعا -والناصر، والھادي آثروا القتال على التقیة طلبا لعلو كلمة اإلسالم وبذلوا المھج دونھ، فصلوات

.علیھم أجمعیناهللا

.فإن لم یمكنھ كیف یفعل؟: فإن قال

.ینكر بقلبھ وربما یلزم إظھاره عند التھمة: قلنا

.ھل تجوز اإلقامة في دار الفسقة الذین الغالب علیھم الفسق؟: فإن قال

إن أمكنھ المقام من غیر إظھار كلمة الكفر والفسق فیجوز أن یقیم، وإن : قلنا .لیھ الھجرةلم یمكنھ إال بذلك وجبت ع

.ولم قلتم إن القتال یجب في ذلك؟: فإن قال

اآلیة، وألنھ إذا كان المقصود أن ال یقع المنكر، فإذا علم أن المقصود : قلنا .ال یحصل إال بالقتال وجب

.أیشترط إمام یجاھد معھ؟: وإن قال

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 150: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

أن ال ال، إن كان ثم إمام یجب علیھ معاونتھ فإن لم یفعل كان فاسقا إال : قلنایتمكن منھ كان معذورا، وإن لم یكن ثم إمام وجب على كافة المسلمین أن

ینصبوا إماما یقاتلون معھ، فإن لم یتمكنوا وجب علیھم القیام باألمر بالمعروف والنھي عن المنكر مع من تمكن، وعلى ھذا كان سبب خروج

.جماعة من العترة وإن لم یكونوا أئمة

ظنھ أنھ یؤدي إلى فساد وفتنة عظیمة، ھل یجوز أن إذا غلب على: فإن قال ال یفعل؟

عن قتال - علیھ السالم -ال، بل ربما یجب الكف، ولھذا كف الحسن : قلنامعاویة واعتزل لما كان یخشى من المناكیر العظیمة وانقطاع نسل رسول

. وكید اإلسالم- صلى اهللا علیھ وآلھ -اهللا

.المذاھب كما یجب في األفعال؟أیجب اإلنكار في : فإن قال

.نعم، بل ھو أعظم؛ ألن اإلقدام على البدع من أعظم المناكیر: قلنا

.إذا كانت المسألة مجتھدا فیھا ھل یجوز إنكارھا؟: فإن قیل

لیس لكل أحد إنكارھا ویختص بذلك العلماء، فأما األفعال المنكرة في : قلنا علیھ العامي والعالم، وإن كان الشرع باإلجماع فیستوي في وجوب النھي

الوجوب على من لكالمھ أثر أشد منھ على العامي، وعلى ھذى تجرى .المسائل

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 151: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مسألة في التوبة

إذا علم المكلف جمیع ما لزمھ على ما قدمنا في التوحید والعدل والنبوات، وانتھى عما وعلم الشرائع وتبرأ من جمیع األدیان، وعمل ما یجب علیھ

نھي عنھ استحق الثواب، ومتى خالف في ذلك وقصر استحق العقاب، ثم .فعل اهللا لھ طریقا یسقط العقاب عن نفسھ ویتالفى ما فرط منھ وھو التوبة

والتوبة فیما بین اهللا تعالى وعبده بمنزلة االعتذار بین العباد فال یصح د مع اإلصرار على آخر، االعتذار إال ألنھ أساء إلیھ، وال یصح عن واح

كذلك ال تصح التوبة إال أن یتوب هللا تعالى من الذنوب ألنھا قبیحة ومعصیة، ویتوب عن جمیع ذلك فإن من تاب من كبیرة وھو مصر على ما ھو أعظم منھا علمنا أنھ لم یتب هللا تعالى؛ ألن الدواعي إلى ذلك لو كانت

ال أدخل ھذه : أن أحدنا لو قالأمرا هللا تعالى لتاب من األمرین، أال ترىالدار؛ ألن فیھا زیدا، ثم دخل دارا أخرى فیھا زید فنحن نعلم أنھ لم یكن .ترك دخولھ الدار األولى ألجل زید وأنھ كاذب فیما كان یقول، كذلك ھذا

.فما صفة التوبة وما شرائطھا؟: فإن قال

ھ قبیح، وعلى كل واجب أما صفة التوبة أن یندم على كل قبیح فعلھ ألن: قلناتركھ ألنھ ترك واجبا، ویعزم على أن ال یعود إلى أمثالھا، فال یقدم على

.قبیح وال یترك واجبا هللا تعالى، فھذا ھو أصل التوبة

ثم من شرطھا أن یتالفى كل ما أمكن تالفیھ، فیقضي الصلوات والصیام ویرد المظالم والزكاة والكفارات والنذور وكل واجب تركھ أو فرط فیھ،

ویقضي الدیون إن أمكن، فإن لم یكن عنده ما یقضي عزم على ذلك عند تیسیره، وإن كان علیھ قتل عرض نفسھ للقصاص في العمد والدیة في

الخطأ، وإن كان جراحا فیھ قصاص أو دیة، وكذلك لو كان ضرب أو سب أضل قوما اعتذر في ذلك، وإن كان اعتقاد فاسد ولم یضل أحد فیبین وإن

إال الذین تابوا وأصلحوا ﴿: وجب أن یبین ویصلح، كما قال تعالى، وإن كان أوقع بینھم شبھة حلھا، وإن علم أن غیره ]١٦٠:البقرة[﴾وبینوا

یقوم بذلك جاز أن ال یفعل إال أن یغلب على ظنھ أن تأثیر قولھ أكثر فیجب .علیھ حینئذ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 152: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فاعال لشيء یظنھ حسنا أو یعتقد شیئا یظنھ حقا كیف فإذا كان: فإن قیل .یتوب؟

.یتوب من كل قبیح وترك واجب فیدخل فیھ الجمیع: قلنا

.فإن لم یعلم ما علیھ من التبعات كیف یفعل؟: فإن قال

یعمل على غالب ظنھ، وال بد أن یخطر اهللا تعالى ببالھ جملة ما لزمھ : قلنا .من ذلك إن لم یكن ذاكرا

.فإن لم یعلم صاحب الحق أو علمھ ومات؟: فإن قیل

في المیت یؤدى إلى قرابتھ إن كانوا، وإن لم یعلم یتصدق على : قلناالمساكین عنھ بشرط أنھ إذا علم ولم یجز الصدقة ضمن، كما یفعل في

.اللقطة

.فإذا تاب ثم عاد ثم تاب ثانیا وثالثا كیف یكون؟: فإن قیل

رائطھا تقبل وما قبل ذلك من الثواب والعقاب ال یعود، إذا أتى بش: قلنا .فالعقاب صار مكفرا بالتوبة والثواب محبط بالفسق

.فھل یجب قبول التوبة؟: فإن قیل

نعم، القرآن ورد بذلك؛ وألنھا بمنزلة االعتذار وألنھ ال طریق للمكلف : قلنا .كلیفإال التوبة في إسقاط العقاب، فلو لم یجب قبولھا لقبح الت

.إلى متى تقبل التوبة؟: فإن قال

ما دام التكلیف باقیا، فإذا انقطع التكلیف ال تقبل، ولو قبلت مع عدم : قلنا .التكلیف ما دخل أحد النار؛ ألن كلھم یتوبون عند الموت في الحشر

فصل في أحكام اآلخرة

.عند الموت اهللا تعالى یمیت أو الملك؟: فإن قال

هللا تعالى ال یقدر علیھ غیره فھو یمیت والملك یقبض الموت مقدور: قلنا .األرواح ویبشر المؤمنین وینذر أھل العقاب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 153: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فما تقولون في عذاب القبر وكیفیتھ؟ ولمن یكون؟ وفي أي وقت : فإن قال یكون؟

ا أمتنا اثنتین وأحییتن﴿: عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة، قال اهللا تعالى: قلناالنار یعرضون علیھا غدوا ﴿: ، وقال]١١:غافر[﴾اثنتین

، ووردت السنة المتواترة بذلك إال أن العقاب یكون ]٤٦:غافر[﴾وعشیا: - صلى اهللا علیھ وآلھ -ألھل العقاب، وألھل الثواب یكون الثواب كما قال

، وال یجوز أن ))ارالقبر روضة من ریاض الجنة أو حفرة من حفر الن((ال ﴿: یعاقب المؤمنین في القبر، وال یلحقھم الفزع في الحشر، وقد قال تعالى

، وإذا أراد اهللا تعالى مسألة ]٦٢:یونس[﴾ خوف علیھم وال ھم یحزنونالمیت أو إثابتھ أو تعذیبھ أحیاه؛ ألن المیت ال یخاطب وال یعذب، ثم یجوز

.لقبر ملكان على ما ورد بھ الخبرما روي أنھ یدخل ا

فأما وقتھ فال یقطع واهللا أعلم بتفاصیلھ، ثم إذا أراد إقامة القیامة أحیا الخالئق كلھم ویعید كل حیوان بعد إفنائھم، ویثیب أھل الثواب ویعاقب أھل العقاب، ومن كان خارجا عن ھذین فیعطیھم النعم ویكون في الحشر السؤال

جوارح وشھادة الشھود والمیزان والصراط، كل ذلك والكتاب وإنطاق اللیعلم أن الجزاء على األعمال وأنھ تعالى ال یظلم أحدا، ثم یدخل أھل الجنة دائما وأھل النار في النار دائما ال یفنى أحد وال یموت وفي ذلك إجماع بین

وال األمة، وأھل الجنة في نعیم دائم من المأكول والملبوس والمشروب، یبولون وال یتغوطون على ما روي ونطق بھ الكتاب خالف ما یتھوس بھ

.الباطنیة من عدم النعیم المأكول والمشروب وغیر ذلك

فصل في الشرائع

ما الذي یشترط من االعتقادات واألقوال حتى یصیر مسلما؟: إن قال

تم النبیین إذا علم من التوحید والعدل والنبوات ما ذكرنا، ثم علم أن خا: قلنا وأن شریعتھ مؤبدة أبدا تلزم الكافة، وقبل - صلى اهللا علیھ وآلھ -محمد

جمیع ذلك وتبرأ من كل دین سوى دین اإلسالم صار مسلما، ثم من بعد ذلك یجب العمل بھ، ثم في الشرائع ما یجب علیھ جملتھ وتفصیلھ، ومنھا ما

ن ما لم یعلم تفاصیل العمل یجب جملتھ، فما یلزم جملتھ وتفصیلھ الصالة؛ ألفیھا ال یمكن أداؤھا، وكذلك الصوم والحج لمن لزمھ، ومن باشر المعامالت

یجب أن یعلم جملتھ وما یحل وما یحرم، وكذلك النكاح وغیر ذلك، .والشرائع یلزم معرفة جملتھا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 154: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

فأما التفاصیل فیختص بھا العلماء، ویجوز للعامي أن یقلد العلماء في ذلك على قولھم، فإن أفتاه مفتي كان لھ أن یأخذ بقولھ، فإن أفتاه مفتیان ویعمل

على الخالف فتحیر فیجب أن یجتھد في السؤال حتى یسأل من كان صاحب .اجتھاد ویوثق بدینھ وأمانتھ

العبادات، والمعامالت، وأحكام الفروج، : والشرائع على أربعة أوجھ .وأحكام الدماء

ا ما یختص بالنفس كالصالة والصوم، ومنھا والعبادات على ضروب، منھ .ما یختص بالمال والنفس كالحج والجھاد، ومنھا ما یختص المال كالزكاة

والمعامالت عقود تضمنھا بشرائط، كالبیع، واإلجارة، والرھن، والودیعة، والعاریة، والمواریث، والوصایا، واألوقاف، والشھادات، واللقطة،

لمعاملة، والمأذون، والمضاربة، والھبة، واإلقرار، والمزارعة، وا .والشركة

ومنھ ما یختص األئمة والقضاة، كآداب القضاة، واستماع البینات، وتنفیذ .األحكام، وإقامة الحدود، وفصل الخصومات

. ما یختص باألئمة، كتولیة الوالة والعھود وغیر ذلك:ومنھا

.ھا ما یعم، كاألیمان وسائر العقود التي ذكرنا:ومنھا

وأما أحكام الفروج فعلى الجملة یجب معرفة ما یحل وما ال یحل، كالنكاح، .والطالق، والعتاق، والظھار، واإلیالء، واللعان، والعدد، والرضاع

فأما أحكام الدماء، فالقصاص والدیات، والجراح والمعاقل، وغیر ذلك مما المبتدي علیھا یطول، وتفصیلھ في كتب الفقھ، وقد أتینا على جملة إذا وقف

وأصحاب الجمل وأحكمھا حصلت لھ المعرفة بجمیع ما وجب علیھ، فإن عرضت لھ شبھة وأمكنھ حلھا وجب علیھ، وإن لم یمكن ولم تكن قادحة في الدین تركھا، وإن قدحت في الدلیل سأل عنھا العلماء، وإن أراد الزیادة على

فة في ھذا الباب لمشایخنا ما ذكرنا في ھذه الرسالة فعلیھ بالكتب المصنعامة، ثم كتب عماد الدین قاضي القضاة أجزل اهللا ثوابھ ورضي عنھ،

وخاصة كتب المشایخ أبي عبد اهللا، وأبي علي، وأبي ھاشم وغیرھم، فإنھ .یطلع بھا على بحور العلم، واهللا الموفق للصواب

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 155: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

بت من شھر تم الكتاب بمن اهللا وعونھ وتوفیقھ وھدایتھ ولطفھ في یوم الس صلى اهللا -ذي القعدة من شھور سنة تسع وعشرین وستمائة لھجرة النبي

بخط الفقیر إلى رحمة ربھ، الراجي لثوابھ ومغفرتھ أسعد -علیھ وآلھ وسلم بن یحیى بن أسعد الفضلي، وھو یسأل اهللا أن یغفر لھ ولوالدیھ ولجمیع

لى على نبي الرحمة، المؤمنین والمؤمنات األحیاء منھم واألموات، وأن یصوسراج الظلمة، ونور األمة محمد صلى اهللا علیھ وعلى أھل بیتھ الطاھرین

وسلم ورحم وكرم ذخرا یكون كصالح األعمال وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد

والحمد هللا وحده، وصلواتھ على رسولھ سیدنا محمد النبي وآلھ وسالمھ

)تم في سبع وعشرین سلطانیة(

: قال السید العالمة الحجة بدر الدین الحوثي في نھایة النسخة التي صححھاتم التصحیح والحمد هللا وطریقي فیھ النظر في المعنى وما یؤدي إلیھ السیاق

فھو نظري في الكلمات التي زدتھا تجعل بین معقوفتین فأما إبدال كلمة كذا، والظاھر أنھ في األم: بكلمة فیكتب على التصحیح، ویقال في الحاشیة

غلط، أو وھو غلط؛ وذلك ألن األم فیھا غلط وبعض الغلط من الطبع وباهللا .التوفیق، وكتب بدر الدین الحوثي وفقھ اهللا

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 156: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

مصادر التحقیق، تألیف عبد السالم بن عباس الوجیھ، الطبعة )أعالم المؤلفین الزیدیة (-١

.١٩٩٩-١٤٢٠األولى سنة

دار الكتاب ) ط(تألیف علي بن محمد بن علي الجرجاني، ) التعریفات (-٢ .م١٩٨٥ -ھ ١٤٠٥العربي سنة

محمد جواد مشكور، تعریب علي /تألیف د) موسوعة الفرق اإلسالمیة (-٣ .م١٩٩٥/ھ ١٤١٥سنة) ١(ھاشم، ط

تألیف أبو ھاجر محمد السعید بن ) موسوعة أطراف الحدیث النبوي (-٤ .م١٩٨٩/ھ ١٤١٠عالم التراث، بیروت سنة) ط (بسیوني زغلول،

م، دار نھضة ١٩٨٦/ھ ١٤٠٦) ط(، )الموسوعة العربیة المیسرة (-٥ .لبنان للطبع بیروت

تألیف اإلمام القاسم بن محمد، تحقیق ) األساس لعقائد االلتباس( كتاب -٦. ، مكتبة التراث اإلسالميھ ١٤١٥سنة) ط(محمد بن قاسم الھاشمي،

.صعدة

تألیف اإلمام المؤید باهللا أحمد بن الحسین الھاروني، ) األمالي الصغرى (-٧، منشورات مكتبة ھ ١٤١٤تحقیق عبد السالم الوجیھ، الطبعة األولى سنة

. صعدة-التراث اإلسالمي

دار إحیاء التراث ) ط(تألیف عمر رضا كحالة، ) معجم المؤلفین (-٨ .العربي

دار الكتب العلمیة ) ط( محمد السمعاني، تألیف عبد الكریم بن) األنساب (-٩ .م١٩٨٨/ھ ١٤٠٨الطبعة األولى سنة. لینان-بیروت

دار ) ط(تألیف أحمد بن علي بن حجر العسقالني، ) لسان المیزان (-١٠ .م١٩٨٨/ھ ١٤٠٨بیروت سنة. الفكر

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Page 157: تحكيم العقول في تصحيح الأصول

تألیف السید عبد ) المصابیح الساطعة األنوار في تفسیر أھل البیت (-١١ عبد السالم الوجیھ، -ي، تحقیق محمد بن قاسم الھاشمي بن أحمد الشرف

.صعدة-، مكتبة التراث اإلسالمي ھ ١٤١٨سنة) ١(ط

تألیف اإلمام أبي طالب یحیى بن الحسین ) أمالي أبي طالب (-١٢ .لبنان-الھاروني، الطبعة األولى، منشورات مكتبة الحیاة

د السالم عباس تألیف عب) معجم رجال االعتبار وسلوة العارفین (-١٣ ).تحت الطبع(الوجیھ

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com