1

في اإلسالمالطب الوقائي عبد الجواد الصاوي/د

ا، فكما شرع نظما للحكم، وأخرى للعالقات جاء اإلسالم للدين والدنيا مع

االجتماعية، ومثلها للنظم االقتصادية، كذلك وضع منهجلحفظ الصحة ا متكامالا فريد صحة الجسم، : حفظالبشرية، سبق به كل المعارف اإلنسانية، يتكون من إرشادات ل

ا من جانبوسنتناول بإذن اهللا. صحة النفسيةوصحة العقل، وصحة السلوك الخلقي، والهذا المنهج الفريد، يتعلق بوقاية الصحة من األمراض واألخطار، تحت مسمى إعجاز

. القرآن والسنة في الطب الوقائي والكائنات الدقيقة الطب الوقائي

العلم المتعلق بالوقاية من األمراض : عرف العلماء الطب الوقائي الحديث بأنه وعليه تكون مسببات األمراض . الجرثومية، والعضوية، والنفسية للفرد والمجتمع

:الرئيسة ثالثة .مسببات من الكائنات الدقيقة• .مسببات من مركبات عضوية• .رابات نفسيةطمسببات من إض•

تعتبر الكائنات الدقيقة أمة من الكائنات الحية، التي ال ترى أعيننا معظمها، وتوجد في كل مكان؛ في الهواء والماء والتربة، وعلى أجسامنا وفي أفواهنا وأمعائنا،

الت ا في الطعام الذي نأكله، وبعضها مفيد وبعضها ضار، وتتكون من عائبل وأحيانوأجناس وأنواع متباينة وعديدة، وتتفاوت في الصغر فأصغرها الفيروسات، التي

، يليها الميكروبات التي )بليون من المتر/١( نانو متر ٣٠-١٠يتراوح حجمها من نانو متر، ثم الفطريات ثم الطفيليات األولية، فالديدان ١٠٠٠يصل حجمها إلى

.الحشرات المفصلية المتطفلةالمتطفلة بأنواعها المختلفة، وأخيرا ا خصبة ألنواع كثيرة وقطاعات واسعة، من الكائنات ويعتبر الجسم البشري أرض

وفي الجزء السفلي من القناة الهضمية، وعلى ا في األنف والحلق،الدقيقة؛ وخصوص وتعيش هذه الكائنات (...). الجلد، وهي كائنات متخصصة لكل عضو ونسيج

والجسم . ما بينها وبين اإلنسان في عالقة ديناميكية وحيوية متوازنةالمتطفلة فيالبشري في حالة اشتباك دائم مع هذه الكائنات الداخلية والخارجية التي تهاجم وتلحق به الضرر، يقاومها بكل األسلحة التي يمتلكها، وقد سخر اهللا سبحانه وتعالى له أسلحة

ازية له، غير أنها قد تفلت من كل الوسائل الدفاعية عديدة، يغالب بها هذه الكائنات الغأو تتغلب عليها، لتوقع الضرر بجسم اإلنسان، لذلك كانت الوقاية منها، هي خير

2

والوقاية من هذه الكائنات ال يكون إال . وسيلة للنجاة من شرورها والحد من أخطارها :بأمور ثالثة

. اإلنسان قطع الطرق الموصلة لهذه الكائنات إلى جسم-١ . الحفاظ على أجهزة المناعة والدفاع لدي اإلنسان وتقويتها-٢ . التخلص من مخازن هذه الكائنات أو تنظيفها بقدر اإلمكان-٣

:وتتوزع هذه المخازن بين ثالث مصادر .التربة والماء: البيئة-٣. الحيوان-٢ . اإلنسان-١

كائنات الدقيقة، في أماكن مهمة في جسمه ويعتبر اإلنسان مخزنا لعدد كبير من ال :تعمل كمخازن دائمة لها، وأبرزها

كبيرا من ا الجلد والفم واألنف والحلق والقناة الهضمية، والتي تحتوي عدد . الميكروبات والفيروسات، والتي يمكن أن تبقى في الجسم لعدة أشهر أو سنوات

عات والتوجيهات اإلسالمية التي تتعلق وسنتناول في هذه المقالة بعض التشري بالنظافة الشخصية والتي تخلص اإلنسان من الكائنات الضارة وتشكل أحد األسس في

كما .علم الطب الوقائي بمفهومه المتكامل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية . سنبين وجه اإلعجاز العلمي فيها

ه الكائنات من مخازنها وتحول لقد حرصت نصوص الشريعة أن تستأصل هذ بينها وبين إلحاق الضرر باإلنسان فأرست قاعدة النظافة الشخصية، لوقاية الفرد من األمراض المعدية والعضوية والتي تتحقق بما فرضه اهللا سبحانه وبما سنه نبيه صلى

. اهللا عليه وسلم من الوضوء والغسل ونظافة الثياب وأماكن الصالة وسنن الفطرة ولقد سمت النصوص النظافة بالطهارة، وجعلتها جزءا مهما من الدين، بل هي

رواه مسلم، النووي ( "الطهور شطر اإليمان":شطره، كما قال عليه الصالة والسالمواهللا يحب {: ىوأثنى اهللا على عباده المطهرين فقال تعال). ٢٢٣ حديث رقم ٢/٨٠

لطهارة األولى هي الماء ألنه وسط غير وجعل وسيلة ا). ١٠٨التوبة (} المطهرين . مالئم لنمو الكائنات الدقيقة فيه متى كان نقيا

:الوضوء والغسل فرض اهللا سبحانه وبين رسوله صلى اهللا عليه وسلم أن على اإلنسان المسلم أن

الوجه واليدين والذراعين ومسح الرأس واألذنين ( يغسل األجزاء المكشوفة من جلده،وفي كل مرة يغسل خمس مرات في اليوم الليلة،) غسل القدمين وغسل الفم واألنفو

يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا {:قال تعالى. العضو ثالث مراتوجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم

.اآلية} .. جنبا فاطهروا

3

ع اإلسالم غسل جميع البدن على وجه اإللزام، وندب إليه في أكثر من كما شر ، بل حدد الفترة الزمنية التي ال يمكن تجاوزها بغير غسل، فقال سبعة عشر غسال

حق هللا على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه ":عليه الصالة والسالم. ٨٩٨-٨٩٧ حديث رقم ٢/٤٤٤ري رواه الشيخان واللفظ لمسلم، فتح البا.( "وجسده

وهذا يحقق غاية الكمال في نظافة الجسم ) ٨٤٩ حديث رقم ٣/١١٢ومسلم، النووي . كله، ويزيل عدد هائال من الكائنات الدقيقة التي تعيش على جلد اإلنسان

:لغسل والقضاء على جراثيم الجلدا من البكتريا والفطريات، تذكر المراجع الطبية أن الجلد يعتبر مخزنا لنسبة عالية

ويكثر معظمها على البشرة وجذور الشعر، ويتراوح عددها من عشرة آالف إلى مائة وفي المناطق المكشوفة منه، ألف جرثومة على كل سنتمتر مربع من الجلد الطبيعي،

سم، كما ترتفع هذه النسبة في /يتراوح العدد بين مليون إلى خمسة ماليين جرثومة. سم/المنطقة اإلربية وتحت اإلبط، إلى عشرة ماليين جرثومة: طبة مثلاألماكن الر

إذ . والغسل والوضوء خير مزيل لهذه الكائنات. وهذه الجراثيم في تكاثر مستمرينظف الغسل جميع جلد اإلنسان كما جاء في غسل النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه

وضوء األجزاء المكشوفة يروى بشرته ثم يفيض الماء على سائر جسده، وينظف المنه،وهي األكثر تلوثا بالجراثيم، لذا كان تكرار غسلها أمرا، وقد أثبتت عدة ا مهم

من % ٩٠أن االستحمام يزيل عن جسم اإلنسان : دراسات قام بها علماء متخصصونهذه الكائنات، أي بأكثر من مأتي مليون جرثومة في المرة الواحدة، وهذه الجراثيم

جلد بواسطة أهداب قوية عديدة، لذا أمر الشارع بتدليك الجلد في الوضوء تلتصق بال .والغسل

شياكوالي ذو األهداب ميكروب اإلريبالعائل بإحكام الكثيرة التي تجعله يلتصق

مرة١٩٥٠٠مكبر

بالميكروسكوب اإللكتروني تبين صورة حقيقية األعداد الهائلة للميكروبات التي توجد داخل اللويحة

الجرثومية المتكونة على األسنان وهي تشبه كيزان .الذرة

:الوضوء وجراثيم الجلد المكشوف لو استعرضنا مناطق الجسم التي يشملها الوضوء، لتبين لنا أحد وجوه الحكمة

العظيمة منه، فالفم واألنف هما المدخالن الرئيسيان ألعضاء الجسم الداخلية، . فنظافتهما من الجراثيم تعني حماية األجهزة الداخلية من المرض والعطب

4

والقدمان وأسفل الساقين، كلها أجزاء واليدان والذراعان، والوجه وشعر الرأس، مكشوفة من البدن، وتتراكم عليها الجراثيم بكميات كبيرة، كما ذكرنا، فغسلها بالماء ينقيها منها ويزيلها عنها، كما أمرنا النبي صلى اهللا عليه وسلم بتخليل أصابع اليدين

ابئ من الجراثيم والقدمين، وغسل عقدها، وذلك تعقيبا لما يمكن أن تحويه هذه المخ بنظافة اليدين والفطريات الضارة وغير ذلك، كما وصى النبي صلى اهللا عليه وسلم

خاصة، وحض على غسلهما عدة مرات في اليوم، باإلضافة إلى الوضوء كغسلهما قبل الطعام وبعده، وبعد االستيقاظ من النوم، وبعد الخالء وبعد كل تلوث، وذلك لما

نقل األمراض وانتشار األوبئة، عن طريق مس الطعام أو لليدين من خطورة في . الشراب أو المصافحة

:المضمضة والوقاية من األمراض إن مضمضة الفم بالماء ثالث مرات، تخلصه من عدد هائل من الكائنات الدقيقة،

حيث تستقر فيه أعداد وأنواع كثيرة منها، تزيد على ثالثمائة مستعمرة، ويتراوح عدد مم، كما توجد بعض الفطريات / جراثيم في اللعاب حوالي مائة مليون جرثومةال

والطفيليات األولية بأعداد هائلة، وهي تتغذى على بقايا الطعام بين األسنان، وينتج من نموها وتكاثرها أحماض وإفرازات كثيرة، تؤثر على الفم ورائحته وعلى لون

مرات، في خمسة أوقات من اليوم، تخلص األسنان وأدائها، والمضمضة بالماء ثالث . الفم من عدد هائل من هذه الكائنات وسمومها

:السواك والوقاية من الجراثيم الضارةتسوكوا فإن السواك ":كما نشعر بعظمة أمر النبي صلى اهللا عليه وسلم لنا بالتسوك

خشيت مطهرة للفم، مرضاة للرب، وما جاءني جبريل إال أوصاني بالسواك حتى لقد، حديث رقم ٧رواه بن ماجة، الطهارة باب ( "أن يفرض على وعلى أمتي

).٦/١٢١المسند .٢٨٩نعم . وكان النبي صلى اهللا عليه وسلم ال يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إال تسوك

) Bacterial plaque(فالسواك مطهرة للفم حقا، فقد ثبت تكون لويحة جرثومية وهذه اللويحة أو الطبقة رقيقة من اللعاب التي تسبح فيه،تلتصق باألسنان في غاللة

تتكون سريعا حتى بعد تلميع األسنان في أقل من ساعة، ويزداد سمكها ويحدث فيها ترسبات رخوة، كلما تركت من غير إزالة، وقد ثبت أن هذه اللويحة الجرثومية التي

سنان، لما تحويه من تتكون على األسنان هي المسئولة عن أمراض اللثة ونخر األإذ يصل عددها داخل هذه اللويحة إلى حوالي مائة بليون عدد هائل من الجراثيم؛

صلى اهللا عليه وسلم جرثومة في الجرام الواحد، وهذا يوضح لنا حكمة حث النبيلوال أن أشق على ":أمته على دوام استعمال السواك، في قوله عليه الصالة والسالم

، حديث رقم ٢/١١٦رواه مسلم، النووي ( "سواك عند كل صالةأمتي ألمرتهم بال

5

وكان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين إذا قام من ). ٢٥٢الليل يشوص فاه بالسواك، ألن ركود اللعاب أثناء النوم، أحد العوامل التي تشجع

اللويحة ليس لها عالقة تكاثر الجراثيم وازدياد ترسباتها في هذه اللويحة كما أن هذهباألكل وفضالت الطعام، فهي دائمة التكوين، لذا نفهم الحكمة من ترغيب النبي صلى

.اهللا عليه وسلم وحضه على السواك ومالزمته له حتى أثناء الصيام وللسواك فوائد طبية كثيرة للفم واألسنان؛ حيث يحتوي على مادة مضادة لجراثيم

ات التأثير الشديد في القضاء على الجراثيم، وثبت بالبحث أنه شبيهة البنسلين؛ ذيقضي على خمسة أنواع على األقل من الجراثيم الممرضة، والموجودة بالفم أهمها

الروماتزمية، ىوالتي تسبب بعض أنواع الحم) Streptococci(البكتريا السبحية وجد في السواك مادة م، كما ١٩٧٩عام ) براون وجاكوب(وقد أثبت ذلك الباحثان

السيليس التي تجرف الفضالت، وتزيح القلح وتساعد على تلميع األسنان، كما يتوافر وهو قاتل الجراثيم ومطهر قوي ويشفي ؛)Tannic acid(فيه بكثرة حمض العفص

Trimethyl(وقد وجد به أيضا مادة من مركب أميني . جروح اللثة والتهاباتها

Amine(أليدروجيني للفم ؛ تخفض من األس ا) وهو أحد العوامل المهمة لنمووقد . ؛ وبالسواك تقل فرصة نمو هذه الجراثيم الموجودة بأعداد هائلة)الجراثيم

أجريت دراسة سريرية على مستعملي السواك، ثبت خاللها أن السواك يزيل اللويحة ى قبل الصالة ا إلالجرثومية قبل عتوها وتأثيرها على األنسجة، وتكرار السواك يومي

وأن التهابات اللثة التي كانت موجودة قبل يؤدي إلى درجة عالية من نظافة الفم،البحث قد تحسنت، وأوصى الباحثون باستخدام السواك الدائم للوقاية من أمراض الفم

محمود .استعمال السواك لنظافة الفم وصحته، دراسة سريرية وكيميائية د.( واألسنانبحاث وأعمال المؤتمر العالمي األول للطب اإلسالمي، العدد رجائي وزمالؤه، أ

كما ثبت أن )م١٩٨١ - هـ١٤٠١األول، المنظمة اإلسالمية للعلوم الطبية، الكويت .له تأثيرا مهبطا للسكر وتأثيرا مضادا للسرطان

:نظافة األنف من الجراثيم الممرضة أنه يزيل : فوائد طبية كثيرة؛ أهمهافله أما استنشاق واستنثار الماء من األنف؛

المفرزات المتراكمة في جوف األنف، والغبار الالصق على غشائه المخاطي؛ كغبار المنزل والطلع وبعض بذور الفطريات والعفنيات المتناثره في الهواء، ويرطب جوف

يقة األنف للمحافظة على حيوية األغشية المخاطية داخله،كما أنه يزيل الكائنات الدقالتي تعلق في جوف األنف وتستقر به، ولقد أثبتت الدراسات والبحوث التي أجريت

أن أنوف من ال يصلون تعيش بها -لغرض معرفة تأثير الوضوء على صحة األنفمستعمرات جرثومية عديدة وبكميات كبيرة من الجراثيم العنقودية والمكورات الرئوية

،وأن أنوف المتوضئين ليس بها أي )لكلبسيالوالدفترويد والبروتيوس وا(والمزدوجة

6

مستعمرات من الجراثيم، وفي عدد قليل منهم وجد قدر ضئيل من الجراثيم ما لبثت .أن اختفت بعد تعليمهم االستنشاق الصحيح

وقد وجد الباحثون أن نسبة التخلص من الجراثيم الموجودة باألنف تزداد بعدد . ة الثالثة يصبح األنف خاليا تماما منهامرات االستنشاق وأنه بعد المر

ليتم بالمبالغة في االستنشاق وتكراره ثالثا،صلى اهللا عليه وسلم لذا فقد وصى النبي بهذا القضاء على مخزن من مخازن الكائنات الدقيقة، في هذا المكان المهم والحيوي،

. إذ هو المدخل للجهاز التنفسي :سنن الفطرة ونظافة الفرد

إن سنن الفطرة التي أوصى بها النبي صلى اهللا عليه وسلم؛ لتمثل أساس نظافة عشر من الفطرة :"روى اإلمام مسلم أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال. الفرد

قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص األظافر وغسل البراجم قال الراوي، ) االستنجاء( وانتقاص الماء ونتف اإلبط وحلق العانة) عقد األصابع(

١٦ باب ٢/١٢٢رواه مسلم، النووي، "(ونسيت العاشرة إال أن تكون المضمضةلقد كشفت لنا البحوث الطبية األهمية الصحية البالغة لتطبيق هذه ). ٢٦١حديث رقم

الخصال، وما يترتب على إهمالها من أضرار؛ فترك األظفار مجلبة للمرض، حيث وترك شعر العانة؛ هو . ع تحتها ماليين الجراثيم، وقد فصل ذلك المختصونتتجمول عن مرض تقمل العانة المنتشر بكثرة في أوربا، والذي يؤدي إلى تقرحات ؤالمس

وأما الختان فقد أثبتت األبحاث أن غير المختونين . والتهابات في هذه المنطقةسبب عدد من الجراثيم؛ وخصوصا يصابون بمعدل أكبر بأمراض المسالك البولية؛ ب

،والكبسيال، كما ازدادت نسبة الصديد والبكتريا لديهم في )E.Coli(ارشيا كوالي . البول، كما ثبتت العالقة بين سرطان عنق الرحم، وبين عدم اختتان الرجال

التي تتخذ من ؛ يزيل المستعمرات الجرثومية،)عقد األصابع( وغسل البراجم في هذه األماكن كهوفا وأخاديد لها، ونتف اإلبط ينظف هذا المكان ثنيات الجلد

المختبئ من الجلد؛ الذي تتجمع فيه األوساخ، وتنمو فيه الجراثيم وخصوصا الفطرية .كما أن بعض الجراثيم تهوى العيش على مادة الشعر نفسها في هذه األماكن منها،

:نظافة السبيلين واجتناب النجاسات أكد اإلسالم على الطهارة، وجعلها شرطا لصحة الصالة التي تتكرر في لقد

اليوم خمس مرات، وأولى خطوات هذه الطهارة نظافة السبيلين اللذين منهما تخرج نفايات الجسد التي تحتوي على قدر هائل من الكائنات الدقيقة والسموم الضارة،

الماء؛ ليزيل أي أثر منها يمكن وأمر بغسل الدبر والقبل ب وسماها الشارع نجاسات،أن يعلق بالجسد أو بالثياب، ولك أن تنظر في حديث النبي صلى اهللا عليه وسلم الذي أخبر فيه عن رجل يعذب في قبره؛ ألنه كان ال يتنزه من بوله ويترك عدة قطرات

7

ت منه تعلق بثيابه، لتدرك شدة االهتمام بنظافة هذا المكان، والتخلص من هذه النفاياالضارة وما فيها من أعداد كثيرة من الجراثيم، لذلك أمر الشارع باجتناب المالبس واألماكن الملوثة بهذه النفايات أو النجاسات وعدم مالمستها حتى تطهر، واعتبر ذلك عبادة، وقد وجد أن إهمال نظافة الشرج واألعضاء التناسلية، قد يكون سببا في

. إصابتها بمرض السرطانولقد بدأ الغرب في مطلع النصف الثاني من هذا القرن، يطبق بعض هذه السنن؛

لما وجد فيها من فوائد صحية، وجعل يدعو إلى ذلك لما ثبت لديه من فائدة االستنجاء : الوقائية من األمراض؛ حيث أثبتت إحدى الدراسات في كلية الطب جامعة مانشيستر

ورق التواليت إلى اليد، وتلوثها أثناء عملية أن البكتريا تنفذ من ثماني طبقات منالتخلص من بقايا البراز، وقد ندرك حجم الخطر إذا علمنا أن الجرام الواحد من البراز في الشخص السليم؛ يحتوي على مائة ألف مليون جرثومة، وفي المريض

تيفويد، بمرض التيفويد؛ قد يحتوي الجرام الواحد خمسة وأربعين مليونا من بكتريا الأما في مريض الدزنتاريا أو الكوليرا؛ فمن المستحيل إحصاء أعداد الجراثيم لكثرتها

.الهائلة :نظافة الثياب وحسن المظهر

: إن اهللا سبحانه لم يأمر بتطهير البدن فقط، ولكنه أمر بتطهير الثياب فقال تعالى ).٤المدثر (}وثيابك فطهر{

: صلى اهللا عليه وسلم رأى رجال وسخة ثيابه فقال وروى جابر أن رسول اهللا أما وجد هذا شيئا : أما وجد هذا شيئا ينقي به ثيابه، ورأى رجال شعث الرأس فقال

).٤/١٨٦، والمستدرك للحاكم ٣/١٥٦حلية األولياء .( يسكن به رأسه كأنكم أحسنوا لباسكم وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا: وقال عليه الصالة والسالم

وأصله في ١٧١٦٤ رقم ٦/٦٣٩الحديث بهذا اللفظ في كنز العمال .( شامة في الناس ).٤/٣٤٩، وسنن أبي داود ٤/١٨٣المستدرك

وبهذه التدابير المحكمة في تحقيق نظافة مداخل ومخارج وجلد اإلنسان، ومالبسه، وأماكن جلوسه ونومه وصالته، يتوقى من أخطار الكائنات الدقيقة

هذا فضال عن . وسمومها الضارة؛ والتي يمكن أن تكون سببا في مرضه أو هالكهالفوائد النفسية للطهارة، التي تكون اثرا وانعكاسا لها، لكونها عبادة هللا الخالق العظيم، وتعود بالنفع على جهاز المناعة فتقويه، وتزداد لديه المقاومة لكثير من األمراض

.ة اإلنسانوالعلل التي تهدد حيا وهو عامل رئيسي في ،ة لهذه الكائنات إلى جسم اإلنسانقطع الطرق الموصل

:الحد من انتشار األمراض واألوبئةالوقاية و

8

لقد حمت نصوص الشريعة اإلسالمية هذا اإلنسان، ووقته من شرور وأخطار هذه :رضة واإلنسانالكائنات، فشرعت التدابير التالية للحيلولة بين الكائنات المم

.الماء الراكد بيئة خصبة للكائنات الدقيقة : نظافة البيئة المحيطة باإلنسان-١

لقد حرص الشارع على نظافة البيئة التي ستنعكس حتما على صحة الفرد : والمجتمع والتي تتمثل في

: نظافة المساكن واألفنية-أب يحب الطيب، نظيف يحب إن اهللا طي" قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

أفنيتكم وال : - أراه قال-النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا . رواه الترمذي" تشبهوا باليهود

: نظافة الطرقات وأماكن التجمع-ب حث النبي صلى اهللا عليه وسلم على إماطة األذى عن الطرق وعدم التخلي في

ت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في عرض":طريق الناس وظلهم فقالمحاسن أعمالها األذى يماط عن الطريق ووجد في مساوئ أعمالها النخامة تكون

. رواه مسلم. "في المسجد ال تدفن "البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها": وقال صلى اهللا عليه وسلم أيضا

. رواه البخاريقال ! اتقوا اللعانين، قالوا وما اللعانان يا رسول اهللا":لم وقال صلى اهللا عليه وس

. رواه مسلم"الذي يتخلى في طريق الناس وفي ظلهم إن المناطق الباردة الرطبة وذات الظل تعتبر جوا مالئما لنمو أغلب أنواع

البكتريا وبويضات الديدان وذلك لخلوها من تأثير األشعة فوق البنفسجية القاتلة جراثيم والبويضات، وبما أن البول والبراز يعتبران من مصادر هذه الجراثيم لل

حيث يحتوي الجرام الواحد من البراز على أكثر من مائة ألف مليون -والديدان لذلك نصح رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بعدم التبول والتبرز في -جرثومة

. الظل : حفظ الطعام والهواء والماء من التلوث-٢

إن جراثيم األمراض واألوبئة تنتقل بشكل رئيسي من خالل الطعام والهواء : فأمر الشارع الحكيم بأمور تصب كلها في حفظ هذا الثالثي من التلوث بها. والماء

: حفظ الطعام من التلوث يعتبر تناول األطعمة الملوثة من أهم وسائل انتقال األمراض كالتيفود والزحار

ألطفال والتهاب الكبد الفيروسي حيث تنتقل جراثيم المرض من براز وشلل االمريض أو حامل المرض إلى اإلنسان وذلك عن طريق اليد أو اآلنية ونسبة

9

حدوث ذلك تعتمد اعتمادا كبيرا على مستوى نظافة الفرد والبيئة وتطورها، فها هو المسلمين قبل أن تكتشف رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يبث الثقافة الصحية بين

الكائنات الدقيقة الممرضة ليقيهم أخطارها، فأمر المسلمين بتخصيص يد لألكل كانت ":والمصافحة، ويد لمباشرة األذى والخالء، عن عائشة رضي اهللا عنها قالت

يد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم اليمنى لطهورة وطعامه واليسرى لخالئه وما . بو داود رواه أ"كان من أذى

رواه "سم اهللا وكل بيمينك وكل مما يليك! يا غالم "وقال صلى اهللا عليه وسلم . البخاري ومسلم

: حفظ الهواء من التلوث إن نفخ الرزاز وزفره يؤدي إلى انتقال كثير من األمراض المعدية كاألنفلونزا

ق والجدري والسل وشلل األطفال والنكاف والحصبة األلمانية والرشح والتهاب الحلوغيرها من األمراض وخاصة الفيروسية، لذلك وجه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أتباعه عدم النفخ والتنفس في آنية األكل والشرب، كما أمرهم بتغطية الوجه

نهى رسول ":أثناء العطاس والتثاؤب، فعن عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنهما قال . رواه أبو داود"اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن يتنفس في اإلناء أو ينفخ فيه

وفي الحديث إن النبي صلى اهللا عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب، فقال فإني ال أروى من نفس : قال" احرقها : " القذارة أراها في اإلناء ؟ قال: رجل . رواه الترمذي" فأبن القدح عن فيك : " ؟ قالواحدكان إذا ( وعن أبي هريرة رضي اهللا عنه أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

وعن أبي .. رواه الترمذي) عطس غطى وجهه بيديه أو بثوبه وغض بها صوتهإذا تثاءب "قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : سعيد الخدري رضي اهللا عنه قال

. ه البخاري روا"أحدكم فليضع يده على فيه : حفظ الماء من التلوث

يعتبر الماء الراكد جوا مالئما لنمو الكثير من البكتريا كالكوليرا والسالمونيال والشيجال وغير ذلك، كما تحتاج بعض الطفيليات األولية والديدان كالزحام األميبي والديدان المستديرة

رج والبلهارسيا إلى الماء إلكمال دورة حياتها خاجسم اإلنسان، ويساعد التبول والتبرز على نمو هذه الطفيليات والديدان وسرعة تكاثرها وانتشارها، لذلك نهى رسول اهللا صلى اهللا عليه

الذي ال -وسلم عن التبول في الماء الراكد

10

. لكي يبقى الماء في وقاية من التلوث-يجري :ى اهللا عليه وسلم يقولعن أبي هريرة رضي اهللا عنه قال سمعت رسول اهللا صل

. متفق عليه"ال يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي ال يجري ثم يغتسل فيه"كما أوصى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بتغطية اآلنية وربط قرب الماء منعا من تلوثها من الجراثيم الوافدة والتي تؤدي إلى ظهور األوبئة وانتشارها فقال صلى

غطوا اإلناء وأوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء ال يمر "لم اهللا عليه وس رواه "بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكائ إال نزل فيه من ذلك الوباء

. مسلمولوقاية الماء من التلوث أيضا نهى النبي صلى اهللا عليه وسلم عن إدخال المستيقظ

يغسلها ويطهرها فلعله مس أو حك بها سوءته أو من نوم يده في اإلناء قبل أن :عضوا مريضا متقرحا من جسمه وهو نائم، قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

إذا استيقظ أحدكم من نومه فال يغمس يده في اإلناء حتى يغسلها ثالثا، فإنه ال " . رواه مسلم"يدري أين باتت يده

لى اهللا عليه وسلم عن الشرب مباشرة من فم ولحفظ الماء من التلوث أيضا نهى صنهى النبي صلى اهللا عليه ( :السقاء روى البخاري عن ابن عباس رضي اهللا عنهما

إن المليلتر من اللعاب يحوي باليين الجراثيم ). وسلم أن يشرب من في السقاءة فعندما تخرج هذه الباليين في لعاب الشارب أثناء شربه من إناء كبير، يمكث فتر

طويلة كمصدر لشرب كثير من الناس، تتهيأ الفرصة لتكاثر هذه الباليين وتسبب . تلوثا لهذه الماء ويصير مصدر خطر لمن يشرب من هذا الماء بعد ذلك

: عزل المرضى والحجر الصحي-٣ ومنعا النتشار األمراض واألوبئة وضع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

بران من أساسيات الطب الوقائي الحديث بعد اكتشاف قاعدتين أساسيتين تعتمسببات األمراض واألوبئة وهما قاعدتي العزل والحجر الصحي، ففي األولى قال

رواه الشيخان، "ال يوردن ممرض على مصح ":رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمرض إذا سمعتم بالطاعون في أ ":وفي الثانية قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

. رواه الشيخان"فال تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فال تخرجوا منهالقد كانت األوبئة الفاتكة واألمراض المعدية في العالم اإلسالمي أقل بكثير منها في أوربا، في نفس المرحلة بل إن موجات الطاعون التي كانت تقضي على ربع سكان

. عالم اإلسالميأوربا كانت تنكسر حدتها عند حدود ال : تجنب لحوم الحيوانات الخطيرة-٤

كما قد تنتقل الكائنات الدقيقة لإلنسان عن طريق أكل لحم الحيوانات الخازنة أو المصابة بها أو تناول منتجاتها لذلك

11

:حرم اإلسالم أكل لحومها أو حتى التعامل معها وسماها خبائث في قوله تعالى ). ١٥٧األعراف.(}يبات ويحرم عليهم الخبآئث ويحل لهم الط{

فحرم أكل لحوم الحيوانات الميتة والدم وأكل لحم الخنزير، والسباع والطيور الجارحة، وأكل الحيوانات والطيور التي تتغذى على القذورات، واقتناء الكالب

لحيوانات ولحومها تشكل بؤرا والتعامل معها إال لضرورة، وقد أثبت العلم أن هذه التجمعات هائلة وخطيرة من الكائنات الدقيقة الفاتكة باإلنسان، فماذا قال العلم

الحديث فيها ؟إن لحوم الميتة والدماء المسفوحة هي أولى الخبائث

حرمت {: التي حرمها اهللا سبحانه وتعالى في قوله تعالىالدتة ويالم كملينزير عالخ ملحو ولقد تحقق ) ٣المائدة (}م

ضررها علميا وظهر خطرها على حياة اإلنسان، وذلك ألن احتباس دم الميتة في عروقها المتشعبة ضمن أنسجتها ييسر للجراثيم التي تعيش متطفلة على الحيوان، في الفتحات الطبيعية واألمعاء والجلد، أن تنتشر بسرعة

خالل السائل الزاللي في األوعية وسط اللحم من والعروق، وتتكاثر بسرعة وينتج عنها مركبات كريهة الرائحة سامة التأثير، كما قد يموت الحيوان بسبب مرض معين فتنتقل جرثومة المرض إلى اإلنسان فتؤذيه وقد

. تهلكه، كما في مرض السل والجمرة الخبيثة وجراثيم السلمونيال وداء الكلبحرم اهللا سبحانه أيضا الميتة بسبب االختناق أو بسبب الرض سواء كان وقد

ذلك الرض بالوقذ أو التردي من مكان عال أو بواسطة النطح من حيوان آخر . وكذلك ما أكل السبع

ألن تلك األنواع إضافة إلى ما ينتج عن احتباس دمائها في أنسجتها من من سرعة تعفن الجثة، والرض يسبب انتشار األخطار السابقة فإن االختناق يزيد

للدم تحت الجلد وداخل اللحم واألنسجة في األماكن المرضوضة، وقد تكون به جروح تسهل عبور جراثيم الهواء إلى داخل األنسجة فتعجل بتحللها وفسادها، وما

جة تحمله السباع من جراثيم وكائنات دقيقة فتاكة بين أنيابها تؤدي نفس النتيجة بأنس . الحيوان ولحمه مما تجعله يشكل خطرا داهما على حياة اإلنسان حينما يأكل لحمه

يعتبر الدم من أخطر األوساط لنمو شتى الجراثيم وانتشارها : أخطار أكل الدموحينما يسفح الدم بالذبح أو الفصد فإنه ينعزل عن األوعية الدموية التي تحفظ

ريات الدم البيضاء قدرتها على التهام الجراثيم حيويته وتقيه من التلوث حيث تفقد كوتموت خاليا جهاز المناعة، وتنهدم آلياته فتتكاثر الجراثيم بسرعة مذهلة، وتفرز

. فتاكة قد تكون أشد مقاومة لحرارة الطبخ من الجراثيم ذاتها) Toxins(سموما

12

:أخطار الخنازير) فإنه رجس: (ل ربنا سبحانه عنهأما الخنزير فإننا نوجز القول فيه حيث يقو

والرجس الشيء القذر، واألقذار والنجاسات هي السبب األكبر في إصابة اإلنسان باألمراض المختلفة لما فيها من جراثيم وطفيليات ممرضة، فالخنزير ينقل إلى اإلنسان كثيرا من الكائنات الدقيقة الخطرة حيث يصاب الخنزير بعدد كبير من

مرضا ويقوم بدور الوسيط لنقل أكثر من ) ٤٥٠(بائية ال تقل عن األمراض الومرضا وبائيا لإلنسان غير األمراض العادية األخرى التي يسببها أكل لحمه، ) ٧٥(

مثل تليف الكبد وعسر الهضم والحساسية الغذائية وتصلب الشرايين وتساقط شعر وماتيزم وكثرة األكياس الرأس وضعف الذاكرة والعقم، وتنشيطه لمرض الربو والر

. الدهنية وعالوة على آثارة السيئة على العفة والغيرة في التكوين النفسيمرضا إلى اإلنسان وتشاركه بعض الحيوانات في ) ٢٧( وينقل الخنزير بمفرده

بقية األمراض على أنه يقوم بدور المخزن والمصدر األساسي لهذه األمراض في . شرة بنقلها إلى الحيوانات القابلة للعدوى، ثم منها إلى اإلنساننقلها إلى اإلنسان مبا

مرضا من الخنزير إلى اإلنسان عن طريق تناول لحمه ) ١٦( وينتقل أكثر من ... ومنجاته

وأهم هذه األمراض هي الحويصالت الخنزيرية والحمى المتموجة والدودة والتهاب السحايا والمشيمة، وداء الكبدية وداء وايل، وداء المكسيات اللحمية،

اليرقانات الشريطية الجوالة، والدودة الوحيدة المسلحة، وداء المصورات الذيفانية المقوسة وداء الشعريات الحلزونية، والديدان السوطية، وداء السل، وداء المبيضات

. الفطرية، وااللتهابات المعوية بجراثيم السالمونيالت والشايجاال وغير ذلك كما تنتقل عن طريق المخالطة والتربية والتعامل مع منتجات الخنزير ومخلفاته

مرضا، وأكثر الناس إصابة بها هم عمال الزرائب ) ٣٢(عدة أمراض ال تقل عن . والمجازر واألطباء البيطريين

وأهم هذه األمراض عالوة على بعض األمراض السابقة، الجمرة الخبيثة، ب، الزحار الزقي، الحمى القالعية، الجمرة الخنزيرية، التسمم الدموي، الكلب الكاذ

األنفلونزا الخنزيرية، الحمى اليابانية الخنزيرية، الديدان الرئوية الخنزيرية، الجرب . الغائر، السعار، داء النوم، الديدان القنفدية، وغير ذلك

تلوث الطعام مرضا عن طريق) ٢٨( كما تنتقل عدة أمراض ال تقل عن .والشراب بمخلفات الخنزير

:أخطار الكالب

13

لقد شدد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم النهي عن مخالطة الكالب، وهي سباع مدجنة فيها من الطفيليات والجراثيم الدقيقة الشيء الكثير، والتي قد تسبب لإلنسان

: أخطارا محققة منها على سبيل المثالء الكالب على أعداد كبيرة من الديدان الشريطية والتي تنتقل إلى احتواء أمعا-١

اإلنسان عن طريق ابتالع بيضها الموجود في الطعام أو الماء الملوث ببراز . الكالب

. داء الكلب المعروف وبعض أنواع داء الليشمانيات-٢الب في مرض الكيسة المائية الكلبية والتي تكون الكالب فيها هي السبب الغ-٣

إصابة اإلنسان وحيواناته األليفة والتي تتغذى على الجيف، ذلك ألن الكلب ينظف والتي تعيش في ) الشريطية المكورة المشوكة(استه بلسانه فينتقل بيوض ديدان

داء الكيسات (أمعائه إلى اإلنسان عن طريق الطعام أو الماء الملوث بها وتسبب له ). المائية الخطير

والتي تسببه الدودة ) عداري( األمراض الطفيلية وأخطرها مرض كثير من-٤والتي توجد في كل مناطق العالم التي ) أكنوكاوكاس جرانيولوساس(الشريطية

. تعيش فيها الكالب على مقربة من الحيوانات الداجنة آكلة العشب من هذا وغيره ندرك السر في نهي الرسول صلى اهللا عليه وسلم عن اقتناء

. الكالب إال لضرورة روى اإلمام مسلم وأبو داود والبيهقي عن أبي طلحة رضي اهللا عنه أن رسول

وقال أيضا عليه . "المالئكة ال تدخل بيتا فيه كلب": اهللا صلى اهللا عليه وسلم قالمن اتخذ كلبا إال كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره ": الصالة والسالم

. رواه الشيخان واللفظ لمسلم"طكل يوم قيراطهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه ": كما ندرك السر في قوله صلى اهللا عليه وسلم

. رواه مسلم. "الكلب أن يغسله سبع مرات أوالهن بالترابحرم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أكل : أخطار السباع والطيور الجارحة

إلنسان أو ضرر يصيبه فحرم كل ذي ناب من بعض الحيوانات لخطر يحيق با . السباع وكل ذي مخلب من الطير

نهى رسول صلى اهللا عليه وسلم عن كل ": عن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال . رواه مسلم"ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير

وسلم قال رسول اهللا صلى اهللا عليه : وروى مسلم أيضا عن أبي هريرة قال . "كل ذي ناب من السباع فأكله حرام"

14

كما أمر النبي صلى اهللا عليه وسلم بقتل الحيوانات الشديدة الضرر على صحة اإلنسان كالفأرة من القوارض والغراب والحدأة من الطيور الجارحة، والكلب

. العقور من السباع المدجنة، والحية من الزواحفبين الدببة والثعالب القطبية ويصاب اإلنسان بها ) تيفاالشعرنية نا( ينتشر طفيل

فور تناول لحوم هذه الحيوانات أو الحيوانات الحاضنة لهذا الطفيل بصورة ثانوية والنمور ىفي الضباع وبنات آو) ينال نلسونيتريخ(كالقط، كما ينتشر طفيل

بشرية في واألسود وبعض الحيوانات المفترسة األخرى، وتقع معظم اإلصابات الأفريقيا بتناول لحم الخنزير الداجن والوحشي، وهما حاضنان ثانويان لهذا الطفيل ألنهما يتغذيان على الجيف، كما تنتشر الطفيليات التي تعرف بالشعرينات شبه

) ذات المخلب(في الطيور الجوارح ) تريخنيليا سود وسيبراليس(الحلزونية، حم الجوارح من الطيور كالنسر والعقبان ويصاب اإلنسان بالعدوى إذا تناول ل

. والصقور وغيرها : أكل لحوم الجاللة وشرب ألبانها

كما نهى النبي صلى اهللا عليه وسلم عن أكل لحم الجاللة وشرب ألبانها وأكل . الحمر األهلية

نهى رسول اهللا : ( روى البيهقي والبراز عن أبي هريرة رضي اهللا عنه قال ). عليه وسلم عن الجاللة وشرب ألبانها وأكلها وركوبهاصلى اهللا

الجاللة هي كل دابة تأكل األقذار وخصوصا العذرة، التي تعتبر بيئة خصبة لنمو وتكاثر الديدان والطفيليات والجراثيم الضارة، إذ تحتوي على عدد هائل منها،

لعذرة تشكل مخزنا يزيد على المائة بليون جرثومة في الجرام الواحد، لذلك فا . ومصدرا رئيسيا للخطر

كما أثبتت األبحاث العلمية أن األقذار تحتوي على نسبة عالية ومتنوعة من السموم الخطرة على صحة اإلنسان، فإذا تناولها حيوان أو طير انتشرت هذه الجراثيم في

ن أو لبنه، دمه ولحمه، وترسبت في أنسجته، وعندما يتناول اإلنسان لحم هذا الحيوا . يصاب بالعلل واألمراض

: وجه اإلعجاز إن علم الطب الوقائي لم يتبلور ولم يظهر للوجود، إال بعد اكتشاف علم الكائنات

الدقيقة بأنواعها وخواصها المختلفة، وبعد التقدم العلمي والتقني الهائل في معرفة قبل ذلك فكان الناس مسببات األمراض، والذي لم يحدث إال في هذا القرن أما

مسلمين وغير مسلمين، فالمسلمون لديهم نظام دقيق في الطب الوقائي، هو : فريقينجزء من دينهم يتعبدون اهللا به، وينفذونه في سهولة ويسر، وأما غيرهم، فهذه شهادة

!علمائهم عليهم

15

شمس الشرق"في كتابها المسمى ) زيفريد هونكه( وصفت العالمة األلمانية من زيارته لبالد اإلفرنج في تلك اآلونة، ) الطرطوسي(انطباع " تشرق على الغرب

وكيف كان وهو المسلم الذي يتوضأ، قبل كل فرض من فروض الصالة الخمسة، يستنكر حال القذارة التي كان يحياها الشعب األوربي، وأبدى دهشته من أنهم ال

أما مالبسهم فال يغسلونها بعد أن ارد،يغتسلون إال مرة أو مرتين كل عام وبالماء البيلبسوها كي ال تتمزق، ثم بينت الباحثة األلمانية تأثر المجتمعات األوربية بعد ذلك شيئا فشيئا بالعادات اإلسالمية الحميدة، بعد أن اتضحت فوائدها، ومنها إقامة

، ٢ فراج، طعز الدين.اإلسالم والوقاية من اإلمراض، د( "الحمامات الخاصة والعامةولقد كان البريطانيون يعتبرون أن الغسل ). دار الرائد العربي، بيروت-هـ١٤٠٤

وإنه كان من العيب والعار أن .مضر بالصحة حتى أنه قد يؤدي الى الموت والهالكيبنى حمام داخل بيت أمريكي، حتى إن أول حمام مجهز بمغطس بني في البيت

. م١٨٥١األبيض كان عام وفي فرنسا كان . أثار في حينه ضجة ألنه اعتبر عمال مشينا في ذلك الوقت ولقد

(...).قصر فرساي الشهير على رحابته خاليا من حمام واحد إن عالم الكائنات الدقيقة كان غيبيا في زمن النبوة وبعده، حتى القرن الماضي،

النظافة في المسكن و لكن التوجيهات اإلسالمية في الطهارة والوضوء والغسل،والملبس وأماكن التجمعات، والتوجيهات في المأكل والمشرب، والسلوك الخلقي العام

هذه العوالم الخفية وإلى مسببات األمراض والخاص، لتشير كلها بطريق أو بآخر إلىاألخرى، التي تضعف البدن وتوهن الصحة، وتصيب الجسم بالعلل واألمراض التي

وهكذا أثبت العلم سبق القرآن الكريم والسنة النبوية في . لهالكقد تودي به إلى ااإلشارة إلى الكائنات الدقيقة، وقدم التشريع اإلسالمي أنجح السبل في القضاء عليها، وحماية اإلنسان ووقايته من أخطارها، ورأى العلماء بأعينهم صدق وحي اهللا

وتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو ويرى الذين أ {:لرسوله، وتحقق قوله تعالى﴿ يدمزيز الحالع اطري إلى صدهيق وسورة سبأ( }﴾٦الح.(

- ومثلها كثير- أما أوجه اإلعجاز في هذه النصوص التي وردت في هذا المقالخفية أحيانا أخرى إلى عالم فالمتدبر فيها يالحظ اإلشارة الجلية أحيانا واإلشارة ال

الكائنات الدقيقة وإلى المواد الضارة كمسببات لألمراض وحدوث العلل وانتشار األوبئة بينما كان الناس في زمن الرسول صلى اهللا عليه وسلم وقبل زمنه بل

كانوا يعتقدون أن األمراض تسببها -الميكروبات) باستير( حتى اكتشاف -وبعدهوالشياطين والنجوم وال عالقة لها بنظافة أو نظام أو سلوك األرواح الشريرة

. وكانوا يطلبون لها العالج بالشعوذة والخرافات

16

لقد شرع اإلسالم للمسلم ووجهه إلى كل طرق الوقاية من األمراض واألخطار باجتناب أسبابها وتقوية كل وسائل الدفاع لمقاومتها والقضاء عليها، إن عالم

لدقيقة كان غيبا في زمن النبوة وبعده حتى القرن الماضي لكن التوجيهات الكائنات ااإلسالمية في الطهارة والوضوء والغسل والنظافة في الملبس والمسكن وأماكن التجمعات، والتوجيهات في المأكل والمشرب والسلوك الخلقي العام والخاص

نسان لتشير كلها بطريق أو واألوامر الكسبية لتقوية الجوانب اإليمانية في نفس اإلبآخر إلى هذه العوالم الخفية التي تعيش داخل أجسادنا وفوقه وحوله وتهاجمنا وتهددنا وقد تفيدنا أو تهلكنا وهي موجودة بأعداد مذهلة وتتكاثر بأعداد فائقة

. وتصيب ماليين البشر بسمومها وأسلحتها بقدرة اهللا ومشيئته انظروا بتجرد إلى هذه الحقيقة العلمية في قوله صلى : وفي الختام نقول للعلماء

إذا سمعت بالطاعون بأرض فال تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض فال ": اهللا عليه وسلم . رواه الشيخان"تخرجوا منها فرارا منه

ولضمان تنفيذ هذه الوصية النبوية العظيمة فقد ضرب رسول اهللا صلى اهللا حول مكان الوباء، فوعد الصابر والمحتسب بالبقاء في عليه وسلم سورا منيعا

مكان المرض بأجر الشهداء، وحذر الفار منه بالويل والثبور، قال صلى اهللا عليه "الفار من الطاعون كالفار من الزحف ومن صبر فيه كان له أجر شهيد": وسلم

. رواه أحمدوهو يرى صرعى إذا قيل هذا الكالم لرجل صحيح منذ مائتي عام فقط

امكث في مكانك ال : المرض الوبائي يتساقطون حوله وهو بكامل قواه وقيل لهتخرج، العتبر هذا الكالم جنونا أو عدوانا على حقه في الحياة، ويفر هاربا بنفسه إلى مكان آخر خال من الوباء، وقد كان المسلمون هم الوحيدون بين البشر الذين ال

حتى تقدمت . ء منفذين أمر نبيهم وال يدركون لذلك حكمةيفرون من مكان الوباالعلوم واكتشفت العوالم الخفية من الكائنات الدقيقة وعرفت طرق تكاثرها وانتشارها وتسببها في األمراض واألوبئة وتنبي أن األصحاء الذين ال تبدو عليه أعراض المرض في مكان الوباء هم حاملون لميكروب المرض وأنهم يشكلون

مصدر الخطر الحقيقي في نقل الوباء إلى أماكن أخرى إذا انتقلوا إليها، وبسبب اكتشاف هذه الحقيقة نشأ نظام الحجر الصحي المعروف عالميا اآلن والذي يمنع فيه جميع سكان المدينة التي ظهر فيها الوباء من الخروج منها كما يمنع دخولها

هللا عليه وسلم على هذه الحقيقة؟ ألي قادم إليها فمن أطلع محمدا صلى ا أيمكن أن يتكلم بشر عن هذه الحقائق الدقيقة منذ أربعة عشر قرنا من الزمان؟

حتى يرينا سبحانه آياته ! اللهم إال أن يكون كالمه وحيا يأتيه من عليم خبير بخلقه . فنعرفها أنها من ربنا فنحمده على ما من علينا من تشريع وتكليف

17

وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما {: ل تعالى قا لونم٩٣ النمل }تع .

وهكذا أثبت العلم سبق القرآن الكريم والسنة النبوية في اإلشارة إلى الكائنات وأنجح السبل في وقد قدم اإلسالم للبشرية أيسر. الدقيقة، ومسببات األمراض

القضاء عليها وحماية اإلنسان ووقايته من أخطارها، ورأى العلماء بأعينهم صدق ويرى الذين أوتوا {: وحي اهللا لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم تحقيقا لقوله تعالى

رص إلى يدهيق والح وه كبن رم كأنزل إلي يالذ لمالعيدمزيز الحالع اط{ . )٦سبأ( ]الطهور شطر اإليمان[" ]غسل األجزاء المكشوفة من الجلد خمس مرات في اليوم[جاء في غسل النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه يروى بشرته ثم يفيض الماء على [

]سائر جسده ]السواك مطهرة للفم حقا[ ]طبية كثيرةالستنشاق واستنثار الماء من األنف فوائد [قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص : سنن الفطرة[

] ونتف اإلبط وحلق العانة وانتقاص الماءظافر وغسل البراجماأل ]اإلسالم أول من تعرض لعزل المرضى والحجر الصحي[

للراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع . جاز العلمي في القرآن والسنةالهيئة العالمية لإلعالباحث فيwww.nooran.org

: المراجع . بيروت- ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، المكتبة الثقافية- ١، الشركة المتحدة ١،ط)هـ١٤٠٤(الطب النبوي والعلم الحديث، ) محمد ناظم( النسيمي - ٢

. للتوزيع، دار السالم للطباعة ١هـ ط١٤٠٧اد، الخنزير بين ميزان الشرع ومنظار العلم، أحمد جو- ٣

. القاهرة- والنشر عبد الحميد القضاة، تفوق الطب الوقائي في اإلسالم، بحث مقدم للمؤتمر العالمي األول - ٤

. هـ١٤٠٧ باكستان - إسالم أباد-لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة، عبد الحميد الزنداني، دروس من تعاليم رسول اهللا صلى اهللا عليه نيلسون. س. جورج. د- ٥

وسلم في الوقاية من األمراض الطفيلية، بحث مقدم للمؤتمر العالمي األول لإلعجاز العلمي في . هـ١٤٠٧ باكستان - إسالم أباد-القرآن والسنة

6-Volk benjamin,(1991) medical micrbiology. 4rth ed kippincott philadelphia.

7-Patrick r. murray & others (1994) medical microbilogyie international ed.