www.shahabd.com

1

هل ميكن تطبيق الشريعة ؟

مجال البنا

مت حتميل هذا الكتاب من موقعwww.shahabd.com

www.shahabd.com

2

مقدمة

أريد ذه الرسالة املوجزة أن نبني للقراء أن تطبيق الشريعة، هذا اهلـدف العزيـز علـى اإلسالميني مجيعا، ميكن أن يتم، ولكن بصورة ختتلف متاما عما هى ىف أذهان كل الـذين

فالبد لتطبيق الشريعة من جتـاوز . سلمنييقف إسالمهم عند الفهم السلفى وهم عامة امل اإلطار السلفى الذى حيكم الفكر اإلسالمى املعاصر، وتنادى به املؤسسة الدينية وتدعو إليه اهليئات اإلسالمية، حىت ميكن إعطاء الشريعة دفعة جديدة، وإلبرازها ىف ثوب يتفق مـع

تم هذا كله دون جتـاوز مقتضيات العصر قدر ما خيتلف عن الثوب التقليدى، على أن ي فال ميكن ىف مثل هذا املوضوع اهلام . عن الرسول –القرآن الكرمي وما صح بصورة قاطعة

واملعقد أن نأخذ بأحاديث تقبل االحتمال وال تثبت صحتها على وجه القطع، فضال عن ليس هلا إننا نرى أن السنة ال تستقل بالتحرمي والتحليل، وأن فيها ما ال يعد تشريعا، وأنه

.التأبيد الذي للقرآن

وعندما نقول عدم جتاوز ما جاء به القرآن الكرمي، فنحن نعىن النص املقدس نفسه، وليس تفسريات املفسرين الذين فسروا القرآن حبكم ثقافام وحبكم عصرهم فجاء تفسريا جمافيا

.ملا أراده القرآن

:وعن هذا السبيل توصل الكتاب إىل أمرين مها وقـد جتـاوزه عنـد . أن الشريعة ىف حقيقتها وجوهرها ليست شيئا آخر غري العدل ) أ

.الضرورة إىل املصلحة وبدوا فإن الشريعة تعجز عـن . أن احلرية شرط الزم لضمان حتقيق الشريعة هلدفها ) ب

.ذلك ودلل الكتاب على ذلك مبثالني من الغرب والشرق

www.shahabd.com

3

اإلسالم، القرآن والسنة، ميكن تقدمي الشريعة بـشكل ذا، وليس فيه أي خمالفة ألصلي .يسهم ىف حل املشكلة االجتماعية وميثل إضافة بناءة

وبدون هذا، فلن ميكن تطبيق الشريعة، وإذا طبقتها الدولة طبقا خلطوط الفقه السلفى فلن

وألن وبوازع السلطان وليس بوازع القـرآن . تأت بنتيجة ألا ستطبق عن طريق السلطة وال . الصورة الىت قدمها الفقه السلفى للشريعة صورة باليه ال تصلح ىف العصر احلـديث

تتفق مع مقتضياته، وال ميكن ألى قوة أن تلوى يد التطور أو تدخل ىف مماحكة معـه، أو ..الىت وضعها اهللا تعاىل لسري اتمع" السنن"تفرض نفسها عليه ألن التطور هو

. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرلقد استبان األمر،

مجال البنـا

هـ1426 ربيع اآلخر - م 2005القاهرة، يونيو

www.shahabd.com

4

الفصل األول صعـوبات التقـنـيـن

تطبيق الشريعة شعار أشهر من نار على علم، كما يقولون، وهو القاسم املشترك األعظم هليئات اإلسالمية على اختالفها حىت وإن تفاوتت ىف املدى أو الكيفية وكلها جتمـع ىف ا

..على أن من يرفض ذلك يعد مرتدا

والرأى السائد لدى هذه اهليئات أن تطبيق الشريعة يلىب مطلبا مجاهرييا وحيقـق فرضـا ها جلـان عديـدة إسالميا، وأن القوانني الىت تبلور ذلك موجودة فعال، فقد عكفت علي

برآسة الدكتور صوىف أبو طالب أيام رآسة السادات ولكن رئيس الس العتيد رفعـت ...احملجوب احتجزها ىف أدراج الس وحال دون أن ترى النور

إن إنعام النظر يوضح لنا أن املوضوع أصعب وأكثر تعقيدا مما تتصوره هذه اهليئات، وأن

وبعض هذه العوامل . جيب التغلب عليها قبل أن حيقق ذلك هناك اعتبارات عديدة وعوامل .. مستحيال أو عقيما– ىف األوضاع احلالية –صعبة، بينما اآلخر جيعل هذا التحقيق

باستثناء فترة وجود الرسول، كان حرا –واستقصاء التاريخ يوضح لنا أن تطبيق الشريعة

جملـة " عندما وضـعت تركيـا حىت" قانون"خيضع الجتهادات عديدة ومل يأخذ شكل مرشد احليران إىل معرفـة "وحىت بعد أن أصدر حممد قدرى باشا كتابه " األحكام العدلية .اللذين قننا نصوص الشريعة ىف مواد قانونية" حقوق اإلنسان

بطريقة ما، ساورت عددا من اخللفاء ىف –كما يوضح لنا التاريخ أن فكرة تقنني الشريعة

. والعباسى ولكنها كلها مل تنجحالعهد األموى

www.shahabd.com

5

كان أوهلم اخلليفة عمر بن العزيز الذى بدأ تدوين السنة لشىء أكثر من خوفه من ذهاب أراد عمر بن عبد العزيز أن جيعل أحكـام "العلم، كما يفهم ذلك من حديث أىب زرعه

لمني وجند الناس واالجتهاد حكما واحدا، مث قال إنه قد كان يف كل مصر من أمصار املس من أجناده ناس من أصحاب رسول اهللا وكان فيهم قضاة قضوا بأقضية أجازها أصحاب

فهم على ما كانوا عليه مـن –رسول اهللا ورضوا ا وأمضاها أهل املصر كالصلح بينهم ".ذلك

وهذا النص يوضح أن عمر بن عبد العزيز كان يريد من وراء التدوين، أن يتحول ذلـك

ل الناس عليه أو يلزمهم به، ولكن خالفته مل تستمر سوى عامني، وذهـب إىل قانون حيم ـ 96-86(بعض الكتاب إىل أن الوليد بن عبد امللك أراد ذلك قبل عمر بن عبـد ) ه

العزيز وأنه كتب حيمل القضاة على قول خالد بن معدان الكالعي، ولكنها مل تنجح أمام . األعراف الفقهية السائدة

األكثر شيوعا وداللة أيضا هو ما روي عن مالك بن أنس مع املنصور وقـد على أن األثر

ملا حج أبو جعفر املنصور دعاىن فدخلت عليه فحادثته وسـألىن "رواه مالك نفسه فقال فتنـسخ " املوطــأ " يعىن –فأجبته فقال إىن عزمت أن أمر بكتبك هذه الىت قد وضعت

لمني منها نسخة وأمرهم أن يعملوا مبا فيهـا نسخا مث أبعث إىل كل مصر من أمصار املس وال يتعدوها إىل غريها ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم احملدث، فإىن رأيت أصل العلم رواية أهل املدينة وعلمهم، فقلت يا أمري املؤمنني ال تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم

سبق إليهم وعملوا به ودانوا به أقاويل ومسعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم مبا من اختالف أصحاب رسول اهللا وغريهم وأن ردهم عما اعتقدوه شديد فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد ألنفسهم، فقال لعمرى لو طاوعتين على ذلك ألمـرت

".به

www.shahabd.com

6

رسـالة "واسترعى أنظار ابن املقفع اختالف األحكام باختالف األمـصار وكتـب ىف وغريمهـا ) الكوفة والبصرة (ومما ينظر أمري املؤمنني فيه من أمر هذين املصرين ": "الصحابة

من األمصار والنواحى اختالف هذه األحكام املتناقضة الىت قد بلغ اختالفهم أمرا عظيمـا ىف الدماء والفروج واألموال فيستحل الدم والفرج باحلرية، ومها حيرمان بالكوفة، ويكون

.. االختالف ىف جوف الكوفة فيستحل ىف ناحية منها ما حيرم ىف ناحية أخـرى مثل ذلك فلو رأى أمري املؤمنني أن يأمر ذه األقضية والسري املختلفة فترفع إليه ىف كتاب، ويرفـع

مث نظر ىف ذلك أمري املؤمنني، وأمضى ىف كل . معها ما حيتج به كل قوم من سنة أو قياس ، ويعزم عليه عزما وينهى عن القضاء خبالفه وكتب بذلك كتابا قضية رأيه الذى يلهمه اهللا

".مث يكون ذلك من إمام آخر الدهر إن شاء اهللا.. جامعا

..ولكن هذه احملاولة أيضا مل ترزق استجابة

ويلحظ أن املبادرة ىف هذه احملاوالت جاءت من احلكام أو أعوام، وهو أمر مفهوم سواء أيديهم ومينحهم مزيدا من السلطة، ويضفى على هذه الـسلطة ألن ذلك يضع الزمام ىف

ثوب الشرعية، أو ألن مناخ احلرية السائد وقتئذ أدى إىل بلبلـة وفوضـى ىف إصـدار . األحكام، كما أشار ابن املقفع وهو أمر من الصعب أن تقف الدولة موقفا سـلبيا إزاءه

مل ينجحوا ألن األمر كان أكثر فكان لدى احلكام دافع مضاعف لتقنني الشريعة ولكنهم تعقيدا مما تصوروا، فمن ناحية رفض الفقهاء هذه احملاولة الىت تنقل السلطة مـن أيـديهم لتضعها يف يد الدولة، حىت وإن كان بعضهم ىف إطار الدولة كقضاة، ألن املعول ال يكون

ون األحكام الىت على القضاة الذين يعملون ىف خدمة الدولة ولكن على الفقهاء الذين يضع .حيكم ا القضاة

وكانت تلك هى فترة انطالقة الفقه وازدهار االجتهاد ومل يكن سهال كبحه أو تـأطريه ألنه كان يصدر عن إميان عميق من الفقهاء برسالتهم ودورهم واألمانة الىت اسـتحفظوا

.عليها

www.shahabd.com

7

مجـاهري –مي وقتئـذ وكان أهم من هذا كله الشعور املستكن ىف أعماق اتمع اإلسال

من أن األمر الطبيعى للشريعة أن يترك ما بني الفقهاء وحمـابرهم، ومـا بـني –وفقهاء اجلماهري ومشاعرهم وأن تكون العالقات حرة ومتفتحة، فهذا الوضع يـدفع الزدهـار الفقه، وبالتاىل الشريعة، وتفتح آفاقها وفنوا، كما يسمح للجماهري حبرية األخذ بـرأي

كائنا -ا الفقيه أو ذاك، االنتماء إىل هذا املذهب أو غريه، ويربط اجلميع ويوحد بينهم هذ ".وازع القرآن" إطار القرآن حبيث ينطلق اجلميع من -ما كان التنوع

كانت تلك هى الفترة احلرة الىت تأبت على كل تقييد ورفضت كل جتديـد وأرادت أن

ري مل يوضع على ظهره سرج وال يف فمه جلام كانت أشبه جبواد ب "تسري حرة كما تشاء .ويرفض أن يركبه أحد

هل ترى كان ميكن ملثل هذا اتمع املتفتح الذى يعتز فيه فقهاؤه ومجهوره بأنفسهم دينا

حىت لو كان قانونا؟ -وعن حكم الدولة املركزية والسلطة الىت تفرض أرادا على اجلميع ..فاتوتستوعب احلرية فيه كل االختال

كان منطق التطور واملبادئ الىت تقـوم . بالطبع ما كان ميكن هلذا اتمع أن يبقى ويستمر

عليها اتمعات يأىب ذلك، كان إلزاما أن يفرض ضروراته، وينهي هذه احلقبة باعتبارهـا .الىت يتلبث فيها التاريخ قبل أن ينطلق ويستأنف سريه" احملطات"إحدى

فإن التوصل إىل التقنني املطلوب كان يقـضى إمـا –فقهاء شيئا ما وحىت ولو جتاوب ال

األخذ مبذهب دون بقية املذاهب األخرى، وطبيعى أن هذا احلل لن يظفر بتأييد فقهـاء تلفيقى وهو أمر يعسر التوصل / وإما أن يقوم التقنني على أساس انتقائى . املذاهب املتروكة

أى يعود إىل قواعد الوصول إىل احلكم، . ف أصوىل إليه ألن االختالف بني املذاهب اختال واالنتقاء والتلفيق ال ميكن حتقيقه ألن تنافر األصول حتول دون االنصهار ىف بوتقة واحدة،

www.shahabd.com

8

إىل األهداف املتوخـاة " أصول الفقه "املقرر ىف " أدلة األحكام "إال على أساس جتاوز إطار عند الشاطيب، وهو مـا مل يـسمح " قاصدامل"عند الطويف أو " املصلحة"من الشريعة كـ

.اتمع بالوصول إليه يف هذه املرحلة، بل وحىت اآلن

ومل .. ووجد احلكام أنفسهم أمام متاهة ال ميكنهم التوصل فيها إىل الطريـق املطلـوب يستطيعوا إال بعد فترة طويلة جدا حسم األمر بالطريقة الىت فعلتها الدولة العثمانية عنـدما

جملـة األحكـام "ذهب احلنفى مذهبا مقررا متبعا ىف الدولة وعندما وضـعت جعلت امل ، أو عندما قررت الدولة الصفوية ىف إيران املذهب اجلعفرى مذهبا هلا وكان هذا "العدلية

بالطبع بعد أن أغلق باب االجتهاد بوقت طويل وطويت صفحة التألق واإلبداع وسـاد .التقليد مما مسح باختاذ هذه اخلطوة

ومت هذا احلسم مببادءة من الدولة، وحدث دون صراع ىف حالة الدولة التركية الىت وصـل منها التردي درجة حالت دون وجود مقاومة، ولكنه ىف حالة إيران تطلب حربـا علـى

.املذاهب السنية أهدرت فيها الدماء إثراء

لفرض تطبيـق الـشريعة، وكما كان منتظرا فإن تدخل السلطة عندما كان هذا التدخل وحىت لو تضمنت السلطة عناصر من رجال الفقه فإنه أدى لفساد كل شئ وألن تفقـد الشريعة روحها ومهما اختذ من ضمانات فإن السلطة تتوصل ذه الطريقة أو تلـك إىل

".وازع السلطان"جتميد هذه الضمانات، ويف النهاية يعود كل شيء إىل

الشريعة ستختلف وبعد أن كان العامل األعظم ىف تفعيل الـشريعة بل إن نظرة الناس إىل وما أعظم الفرق بني حـالوة اإلميـان " اإلذعان"هو اإلميان فإن هذا العامل يتحول إىل

قداستها ودفئها وما يصطحب ا من انتماء " الشريعة"ومرارة اإلذعان وشيئا فشيئا تفقد اء والعلماء الذين عملوا بـوحى مـن اإلميـان إىل اهللا والرسول والصحابة وأجيال الفقه

.واإلخالص والقرىب إىل اهللا وتصبح جمرد قانون تصدره الدولة تشرف سلطاا على تطبيقه

www.shahabd.com

9

فهل فكر دعاة تطبيق الشريعة يف هذه االحتماالت والتطورات اليت

ينتهي إليها التطبيق املنشود؟

هذه االحتماالت نصب أعينهم وجدوا أنفسهم وهم يعارضـون إن بعض الذين وضعوا

فعندهم أن من األفضل أن تكون الشريعة فكرا بني الناس يـؤثر فـيهم . تطبيق الشريعة . ويتفاعل معهم حبكم أفضليته ومرتلته من أن يكون قانونا مفروضا عليهم مـن الدولـة

وقد أحاطهـا الـشرع "ريعة خاصة أن دور العقوبات احلدية دور هامشي ىف أحكام الش أما التعازير فإا اجتهاديـة تعـود " مبحترزات جعلت أكثرها غري قابل للتطبيق ىف العادة

.للقاضى، وينتهي هؤالء إىل ما قاله الدكتور رضوان السيد وخالصة القول أن شعار تطبيق الشريعة يقود إىل نتائج تتناقض مـع أهـداف الـذين "

ين الفقه ىف صورة تقنني قانوين، وهو يقلل من شـأن الـشريعة فهو حيتم تدو . يطرحونهووظيفتها االجتماعية عندما يضعها ىف مرتبة القانون القامع، وهو يعطي الدولة صالحيات جديدة انتزعها منها جمتمعنا التارخيى فيكل إليها سلطة قامعة إضافية، وهو يتنـاقض مـع

وهو خيلق ىف النهايـة . ة اجلماعة إذ يشرذم اتمع التجربة التارخيية لألمة القائمة على فكر ".نظاما قيميا جديدا ينسجم مع متطلبات الدولة القومية ذات الطابع القطري

على املزايا الباهرة املتصورة لتطبيق الشريعة، ومن -إن مل تكن تقضي -وهي مآخذ تضائل

ليق الـذي يـؤدي إىل تعـدد ناحية أخرى فال ميكن العودة إىل مرحلة االجتهاد احلر الط .األحكام وتفاوا يف املوقع الواحد

وهذا هو املأزق الذي يتطلب اجتهادا جديدا حىت ختلص الشريعة منه، وهو ما حياول هذا

.البحث أن يقدمه

www.shahabd.com

10

www.shahabd.com

11

الفصل الثاين عقـبات وحماذيـر

مضمون وشكل الـشريعة مع إننا مل نتصور تطبيقا للشريعة إال بعد تعديالت جذرية ىف نفسها، وىف رؤية العقيدة أيضا، وىف نشر هذه الرؤية اجلديدة وتعميقها حىت تشمل أغلبية

يـتعني -أي العقيدة والشريعة -املواطنني، إال أن هناك عقبات وحماذير خارج إطار هذين ـ ا علينا أن حنسب حساا وأن يكون لدينا حلوال ملا تثريه من مـشكالت وإجابـات مل

.ستطرحه من تساؤالت

:من هذه العقبات واحملاذير :عدم يؤ اتمع لتقبل الشريعة اآلن -1

هناك من يقول مبجرد أن يقرأ هذا العنوان إن تطبيق الشريعة مطلب شعىب وإن الـشعب يطالب به من زمن وأنه مهيأ لذلك من اآلن، وإن احلكومات هى الـسبب ىف تـأخريه،

وكان ميكن أن تعرض على 1987ذلك من تقنني الشريعة ىف قوانني سنة وليس أدل على جملس الشعب وقتئذ وكان فيه مائة نائب معارض كلهم يناصرون الشريعة ولكن رئيـسه العنيد رفعت احملجوب الذي كان أحد أقطاب الناصرية، احتفظ ا ىف درج مكتبه وأغلق

.عليها وقتل واملفتاح معه

ل، فالذي طالب بذلك كانت اهليئات اإلسالمية السلفية التقليدية وكـان وهذا تبسيط خم تصورها كما تضمنته مسودات تقنني الشريعة ال يصلح مطلقا هلذا العصر، ومع تصورها

www.shahabd.com

12

كما تضمنته مسودة تضامن الىت عربت عن تصوراا العقيمة، ومع أن رفعت احملجوب قد .لى اتمع املصري معاناة جتربة فاشلة بكل تأكيديكون مغرضا، فإنه ىف احلقيقة وفر ع

-وهو ما ينطبق بصفة عامة على اتمعات العربية األخـرى -احلقيقة أن اتمع املصري

تعرض موعة من التجارب السياسية والنظرية دون سابق استعداد أو دراسة أو اتفـاق، املصرية الىت درسـت " االنتلجنسيا "فظهرت األفكار اليسارية واستقطبت فريقا كبريا من

دراسات غربية وضاقت بوجوه النقص يف الرأمسالية، ولكنها نقلتها كما عرضها ماركس ولينني، ومعظمها تبع االحتاد السوفييت، وقامت فيما بينهم منازعات وشـقاقات مذهبيـة

عربية، والقلـب فرقت مشلهم، فضال عن أن ما قدموه كان غريبا كل الغرابة على األذن ال العريب فلم يظفروا إال بأعداد قليلة من الناس ولكنهم وهم يـسيطرون علـى اإلعـالم، ويلمونن بأسباب العصر، استطاعوا أن يؤثروا على جمموعات من الناس وعلى قدر مـن

وبالطبع فإن الفكر اإلسالمي كان أسبق اجلميع، واكتسب الشارع املـصري . الرأي العام ونبوغ حسن البنا وموهبته الفريدة يف تنظيم اإلخوان املسلمني وكان يرجى بفضل عبقرية

، مث توالت األحداث وقامت 1949منها خري كبري، ولكن اإلخوان خسروا مرشدهم عام يوليو وحدث الصدام بينها وبني اإلخوان، فصمت اإلخوان حينـا وحظـر 23حركة

ة الشاردة اليت كونت فكرها ىف سـجون نشاطهم العلين بينما ظهرت اجلماعات اإلسالمي وككل اهليئات املتحمسة، دون دراسة عميقـة، فقـد . عبد الناصر وكرد لتعذيبه املقيت

ضللتها الشعارات والتصورات وأجلأها حظر احلكومات ألن تلوذ بأسلوب العمل السري أ وضالل دعاوي وانساقت ىف مرتلقاته فأضاعت على نفسها ثالثني عاما قبل أن تتبين خط

".احلاكمية اإلهلية"

املروعة وسقطت شـعارات القوميـة 67وقبيل ذلك، سقط نظام عبد الناصر مع هزمية العربية والناصرية املزعومة، ومسح اال بقدر من احلرية ولألخذ باالنفتاح االقتـصادي،

روات طائلة بوضع اليد فظهرت الرأمسالية املتطفلة والسماسرة واالنتهازيون الذين كونوا ث وتقبل اتمـع املـصري . أو بالعموالت أو بالغش والتزييف " املدن اجلديدة "على أراض

www.shahabd.com

13

بعد احلكم احلديدي الصارم لناصر، وختبط اتمع " استرخاء"ذلك ألنه مسح لنفسه بفترة الفـساد املصري ما بني اقتصاد منفتح دون ضابط أمثر طبقة ثرية متخمة بثروات التطفل و

االقتصادي وبني نظام سياسي يتشبث بالسلطة ويتمسك بتراث عبد الناصر يف احلـزب .الواحد واالستئثار بالسلطة وتقييد املعارضة وتزييف االنتخابات

نتيجة هلذه التراكمات املتوالية اليت كانت كلها جتارب فاشلة، فقد اتمع ثقته يف اجلميع

مت اموعات ذات املستوى االقتصادي املرتفـع لالسـترخاء تقريبا، واستسلم واستسل من برامج " الفضائيات"الربجوازي وانساقت وراء نزعة االستهالك واالستمتاع مبا تقدمه

والسوبر ماركت من سلع مبهرة " املول"تصل بعضها إىل إباحية اجلنس الصريح وما تقدمه تكفل لنفسها بقاء وأصبحت تلهث وراء بينما كان على األغلبية أن تكدح حىت ميكن أن

.لقمة العيش

من هنا نعرف أن اتمع املصري مل يعد واثقا، كما كان ىف األول، يف التوجه اإلسـالمي وإن ظل موجودا بل وأكثرها شيوعا، ولكن على غري وضوح وتذبذب ما بني االجتاهات

افظة وأن بقية فئات اتمع ال تتحمس االنفعالية املتحمسة وما بني االجتاهات السلفية احمل .لدعوة تطبيق الشريعة، أو حىت لتقبلها، وقد تعارضها، وأصبح يغلب عليها اإلحباط

اتمع املصري اليوم غري مهيأ للتطبيق السليم للشريعة، فمعظم ذوي االجتاهات اإلسالمية

هذا أم هـم الـذين هم من السلفيني، وفكرم عن الشريعة ال تصلح، وهم يظنون مع ميثلون اإلسالم ويقاومون كل اجتاه لتجديد أو إصالح، أما بقية شرائح اتمع فهي تتوزع

ومن حوهلم، وقد كونوا ألنفسهم طوال العـشرين عامـا " األثرياء اجلدد "ما بني طبقه واليسارية املاضية، وجودا وكيانا وهيمنة على الصحافة واإلعالم، وما بني فلول الناصرية

..والقومية ممن يعوضون فشل نظريام بالتعصب واجللجلة واالدعاءات

www.shahabd.com

14

هلذا سيكون على الشريعة أن تسري طويال يف دعوا قبل أن تصل إىل جمموعات هلا ثقـل وأن تواجه صعوبات وعراقيل معارضة ألن هذه املهمة هي ىف حقيقتها جتـاوز . تؤمن ا

جديد للعقيدة والشريعة، ومنظومة املعرفة اإلسالمية، وليست هذه األطر السلفية إىل فهم .باملهمة اهلينة أو السريعة

فإذا أريد تطبيق الشريعة فال بد أوال من تقدمي الصورة السليمة هلا واليت ختتلف جذريا عما

ك أن يقدمه الفقه السلفي بقدر ما ختتلف عما تقدمه االنبعاثات اجلهادية، مث عليها بعد ذل ا عن الشريعة مجهورا له وزن وثقل ويعتـدتسري طويال على طريق الدعاة لتكسب لفكربه كما ونوعا، وكما هو معروف فإن هذا ليس باألمر اهلني أو الذي ميكن إجنازه ىف وقت

.قصري : اخلوف من الدولة اإلسالمية والدعــوة لدولة علمانية -2

توى القومي، بل على املستوى الدويل خوف من إقامـة على املس -ليس فحسب -يوجد وقد تقبل اتمع األورويب على مـضض . دولة دينية ىف بلد مثل مصر أو سوريا أو العراق

دوالت دينية مثل إسرائيل وإيران والسعودية، وكان هناك يف كل حالة من هذه احلاالت لو قامت ىف مصر دولة إسالمية، أن ما يشفع هلا أو يتقبلها قبول األمر الواقع، ويغلب أن

.ال تتقبل القوى اخلارجية ذلك، وستكيد هلا حبيث ال يستقر أمرها

واحلقيقة أن تطبيق الشريعة ميكن أن ال يؤدي إىل إقامة الدولة الدينية، ألن الشريعة هـى دولـة جمموعة أحكام يقتضيها العدل ويسعى الشعب لتطبيقها بالوسائل الدميقراطية ويف ال

الدميقراطية ولكن هذه احلقيقة انسحقت متاما حتت ضغط الفكرة املتأصلة لدى اإلسالميني حبيث أصبح هذا الباطل هو األمر املسلم به من اجلميـع، .. عن أن الشريعة تساوي الدولة

من األذهـان " دولة الشريعة "ويتطلب اقتالع فكرة . أي من اإلسالميني وغري اإلسالميني ارا ومتصال يقوم على مبدأين، أوهلما أن تطبيق الشريعة يف حد ذاتـه ال يعـىن جهدا جب

www.shahabd.com

15

. الدولة الدينية كما أشرنا، واملبدأ الثاىن أن الدولة الدينية ليست مـن اإلسـالم أصـال فاإلسالم مل يرتل إلقامة دولة، وإمنا هلداية الناس، والدولة ال ميكن أن تقدم شيئا للدين ألا

ادت تطبيق الشريعة دون إميان الشعب ا فإن هذا التطبيق ال قيمـه لـه وسـتفقد لو أر الشريعة روحها وطابعها اإلمياىن وتصبح جمرد قوانني من قوانني الدولـة تطبقهـا بـردع

إن املهم هو الشعب وليس الدولة، ألن الشعب عندما يؤمن بالشريعة فيتوصل إىل . السلطةاطية ألا عندئذ تصبح مطلبا شعبيا ميثل إرادة األمة، وعندما يطبق تطبيقها بالطرق الدميقر

وكما سنكرر ألن ال مناص من هذا التكرير، أن فكـرة -كما قلنا -ولكن . تؤتى مثارها .الدولة الدينية املقدسة قد جثمت على النفوس حىت ذهبت بالقلوب والعقول

إن اإلسالم مل يقم دولـة إال " ة وليس دينا ودولة اإلسالم دين وأم "وقد أوضحنا ىف كتابنا

فترة حكم الرسول للمدينة ومل تكن تلك دولة فيها أبرز مقومات الدولة، أعين اجلـيش، وفضال عن هذا كله فقد كان –والبوليس، والسجون، والقوة القاهرة، وفرض الضرائب

عة يقظة تشف عنها آيات عديـدة، على رأسها نيب يصحح الوحي اجتهاداته ويتابعه متاب كما أن تأسيس دولة املدينة مل يكن جزء من اإلسالم عقيدة وشريعة، ولكن نتيجة لسياق األحداث وتتابعها بصورة أوجبت قيامها، فهي بنت األحداث وليست بنت العقيدة، أما

عشر سنة دولة اخللفاء الراشدين فقد كانت استمرارا حلكم الرسول ومل تستمر سوى اثين وعندما طعن عمر طعنت اخلالفة الراشـدة ). سنتني خالفة أىب بكر وعشرة خالفة عمر (

وانتهت وجاء دور اهلرج الذي جعل فريقا من املسلمني يضربون أعناق فريق آخر حـىت هجرية وظلت ملكا عضوضا فيه 40حوهلا معاوية بن أيب سفيان إىل ملك عضوض سنة

الفرد الوراثى املستبد حىت أزاهلا مصطفى كمال من الوجود ومل يكـن كل سوءات حكم . فيها من اخلالفة إال اإلسم

وباإلضافة إىل هذا كله فإن اإلسالم يكاد يكون علمانيا ألنه ليس فيه كنيسة، وال ميكن أن

وليس هناك شيءء من الطقوس الـىت . يظهر فيه بابا أو بطريرك له حق التحليل والتحرمي ...ترتبط بوجود كنيسة وليس هناك تعميد أو اعتراف اخل

www.shahabd.com

16

واملسجد اإلسالمى قطعة أرض مسورة، وأي واحد ميكن أن يكون إماما ما دام حيفـظ شيئا من القرآن، والزواج، وهو أكثر العالقات محيمية وقداسة هو عقد رضائي يقوم على

.إجياب وقبول

التراثى ال يريد أن يقبلها ويعسر عليه أن يفهمها، هذه هي احلقائق، ولكن الفهم السلفى ومع هذا فليس أمامنا خيار، والبد أن نكدح حىت ميكن إزالـة الغـشاوات املتكاثــفة وحىت ننقذ اجلميع من اخليال الرومانتيكى أو العاطفة اجلموح، أو العزوف عن احلقـائق

.اجلديدة

إن النقطة اهلامة هي أنـه مـن الناحيـة ومع أننا نسلم أن هذا سيتطلب جهدا ووقتا، ف األصولية، فإن فكرة دولة إسالمية مستبعدة، وال جيوز أن تكون حمال خلوف ألن الدولة يف اإلسالم دولة مدنية وحمور عملها العدل وحتقيق إرادة الشعب، ودورها احلقيقي ال يكون

.ىف جمال الدين وال حىت ىف جمال الفضيلة : مسلمة وجود أقليات غري -3

يف % 99أو % 100توضح االحصائيات أن الدول العربية يقطنها مسلمون إما بنـسبة ويف %. 4 و 3حاالت عديدة، كما يوجد يف حاالت أخرى أقليات غري إسالمية بنـسبة

، %10، كما تظهر بعض األحصائيات الرمسيـة، و %5مصر ميثل األقباط نسبة ما بني ة العربية الوحيـدة الىت تشذ عن هذا هي لبنان إذ تبلـغ كما يرى بعض األقباط، والدول

%.40نسبة غيـر املسلمني ما مياثل

وعندما قدم الرسول املدينة كان من أعماله األوىل وضع وثيقة أطلق عليهـا املفكـرون ".صحيفة املوادعة"، وظهرت ىف املراجع القدمية باسم "دستور املدينة"احملدثون

www.shahabd.com

17

واملهاجرين وهم مـن -وهم السكان األصليون للمدينة - أن األنصار قررت هذه الوثيقة

أهل مكة أصال آمنوا باإلسالم وهاجروا إىل املدينة فرارا من اضـطهاد املـشركني هلـم واليهود الذي كان هلم جالية كـبرية ىف املدينـة . وتقبلهم األنصار على الرحب والسعة

أي احلصون واشتغلوا بالتجـارة والـصناعة " ماآلطا"استوطنوها ىف قدمي وبنوا ألنفسهم أمة "وأقاموا بينهم وبني بعض قبائل األنصار حلفا، قررت الوثيقة أن هذه الفئات الثالث

، لليهود دينهم وللمسلمني دينهم وأم يتكافلون باملعروف وال حيارب بعـضهم "واحدة ..بعضا كما يشتركون يف الدفاع عن املدينة معا

فكل من يتخـذ مـن . حق املواطنة على أساس األرض -ألول مرة -ه الوثيقة أقامت هذ

األرض وطنا له يصبح مواطنا له احلقوق والواجبات الىت متنح لكل الذين يقيمون يف هـذا .الوطن على اختالف أصوهلم وأديام وأجناسهم

، هليمنـة فكـرة أـم مل يلتزم اليهود ببنود هذه االتـفاقية، أو يقدروا ما فيها من كرم

الشعب املختار وأن النبوات حمصورة فيهم، فضال عن نظرم الدونية إىل العـرب، أبنـاء وكـان الـنقض .. إمساعيل بن اجلارية، والذي يده على كل الناس ويد كل الناس عليه

األعظم عندما حتالفوا مع املشركني ىف أشد محالم ضراوة على املسلمني، محلة اخلندق، ..فحكم عليهم من اختاروه بأنفسهم

وبعد فترة النبوة وعندما انطلقت الفتوح وانتصر فيها املسلمون وجدوا أم يهيمنون على أراض شاسعة، وعلى جمموعات غفرية من السكان من ذوى األديان املختلفة، فوجدوا أن

ن على ما هم عليه احلل الذى يتفق مع اإلسالم وحيقق أفضل النتائج أن يدعو هؤالء السكا وأن يفسحوا هلم ىف احلرية الدينية حبيث حيتفظون بديانام وعادام وتقاليدهم مع احملافظة على كنائسهم ومعابدهم وأديارهم ورجال دينهم وأن يقوموا حبمايتهم وكفالـة األمـن

ويعدون أهـل ذمـة، أي أن محايتـهم " اجلزية"والسالم والدفاع عنهم لقاء ضريبة هي

www.shahabd.com

18

ومتتعـت هـذه . واحلفاظ عليهم هي ذمة املسلمني، وكانت تلك صفقة سعيدة للطرفني األقليات ىف ظلها حبريام الدينية ونشاطام املدنية واالقتصادية ومع الزمن تقلـد بعـض

.أفرادهم مناصب يف الدولة اإلسالمية أو شغلوا مراكز رفيعة ىف جمال العلوم

ت هو األمر املقرر ىف كل الدول يف هذه العصور، وقد دفـع كان أخذ اجلزية من األقليا فاملسلمون مل يبدعوا هذا النظام ولكنـهم وجـدوه . السيد املسيح نفسه اجلزية للرومان

وما جاءوا به هو أم خففوه إىل أقصى درجة وجعلوه مقصورا على الرجال دون . مقرراوكان ذلك .. كل رجال الدين أو الرهبان النساء ودون األطفال كما استثىن منه الشيوخ و

مبقاييس العصر تقدما ملحوظا جعل األقليات تفضل أن تعيش ىف ظل احلكم اإلسالمي عن العيش ىف ظل حكم آخر، إذا وجدت مثل هذا احلكم ألن النظام املقرر ىف أوروبا كان ال

و كانوا من الدين نفسه حىت ل . يسمح بوجود أقليات أو حىت أفراد يدينون بغري دين امللك ولكن من مذهب خيالف مذهب امللك، واملذابح واحلروب ما بني الربوتستانت واجلزويت

.معروفه

كان أقباط مصر يدينون بغري املذهب الذي تدين به بيزنطة وهلذا اضطهدت بيزنطية أقباط القبطـى مصر اضطهادا رهيبا حبيث أنه عندما دخل عمرو بن العاص مصر كان البطريرك

وملا مت النصر لـعمرو بن العـاص، إىل . خمتبئا ىف مكان ما، هاربا من االضطهاد البيزنطي حد ما مبساعدة من أقباط، فإنه أعاد البطريرك وأعاد له كل سلطاته حبيث ميكن القول أن

.ميالد الكنيسة القبطية يف هذه اللحظة مت على يدي عمرو بن العاص

صصوا ىف مهن معينة مثل حتصيل ضرائب األراضي والعقـارات وكان أقباط مصر قد خت فكان اجلباة من أصغر جايب ىف قرية حىت رئيس اجلباية الىت يشرف عليها ىف عموم القطـر من األقباط، وقد سلم هلم احلكام املسلمون مبمارسة هذه املهمة حىت أيام حممـد علـي

يرك األقباط بنوع خاص من الرعاية وأبنائه، كما مشل حكام مصر من األسرة العلوية بطر

www.shahabd.com

19

وأحاطوه بتوقري واحترام وتربعوا مبئات الفدادين واملعونات املالية إلقامة مدارس قبطيـة أو ..مشروعات خريية

من الصحيح أم تعرضوا ىف بعض الفترات لعربدات بعض احلكام وتـصرفام الـشاذة،

مناصب الوزارة وكانـت هلـم ولكن من الصحيح أم ىف ظل حكام آخرين وصلوا إىل حظوة حىت وجد املسلمون أم قد ظلموا مع العلم أن نزق بعض احلكام وبطشهم مل يكن

وأنه كان طابع .. مقصورا على األقليات ولكن على كل الشعب، مسلمني وغري مسلمني ... العصر يف كل العامل القدمي

وساد الصفاء عالقتهم باملـسلمني من هنا مل حيدث بني األقباط وبني حكام مصر توترات

وعاشوا ىف القرية جنبا إىل جنب إخوام املسلمني ال يفرق بينهم إال أن بعضهم يقـصد .املسجد يوم اجلمعة بينما يقصد البعض اآلخر الكنيسة يوم األحد

أما حاالت التوتر فكانت استثناء ال يتصور انتفاءه مع تطاول األمـد وامتـداد الرقعـة

لنسبة موعات كبرية مبئات األلوف أو املاليني حبيث البـد أن يوجـد الـشارد أو وبا .املنحرف يف اموعتني، وال يؤبه له ألنه أحد الظواهر االجتماعية الطبيعية

يضع القيود على بناء الكنائس وكـان مـن " فرمانا"قد ورثت مصر من العهد العثماىن أن تؤدي إىل احتكاكات إذا ترك األمر على عالته، مربراته حسم احلساسيات اليت ميكن

قد وجد عدد كبري من األقباط أن هذا يتضمن نوعا من احلجـر علـى حريـة التعـبري الذي يسيطر عليها ويتحكم فيها " اهلاجس األمين "واستجابت هلم الدولة بقدر ما يسمح

أن يترك ألصحابه حىت لو يف كل شيء وحنن نرى أن بناء الكنائس أو املساجد أمر جيب بنوا مائة كنيسة، ففي هذا اال قد ال يكون مفر من اتباع التجربة واخلطأ مبعـىن تـرك

ومع أن . احلرية حىت تثبت التجربة خطأ ممارسة ما وعندئذ يكون اإلقالع عنها أمرا طبيعيا

www.shahabd.com

20

الغرض أو سوء الفهم، هذا حل باهظ التكلفة فإنه يسد باب االدعاءات اليت يكون مبعثها .وال ميكن إصالحها باملنطق

ألننا اسـتبعدنا الدولـة : املهم فيما حنن بصدده أن خماوف األقباط ليس هلا أساس، أوال

ألن تطبيق الشريعة بالصورة الىت سنعرضها ىف الفصل األخري لن يكون : اإلسالمية، وثانيا . ىف عامل العالقات والقيم والىت حتكم اتمع إال مشروعا إلحالل مبدأ العدل وجعله حمورا

وأن يتم هذا بالشكل الدميقراطي أي عندما تريد ذلك األغلبية وتسلك إىل تطبيقـه عـرب أي االنتخابات، ولعلي لو كنت قبطيا يساورىن بعض اخلوف من ذلك –الطرق املشروعة

الثابتة الىت حترم حترميا قاطعـا وألثرت التمسك بإعمال اآليات القرآنية واألحاديث النبوية املساس حبقوق األقليات غري املسلمة حبيث ال ميكن حىت لألغلبية ىف الس التـشريعي أن

. متسها واألمر يف النهاية إليهم

www.shahabd.com

21

الفصل الثالث التأثـريات املتبادلة ما بني الشريعة والعقيدة

. ي ليست اجلزء األعظم من اإلسـالم ليست الشريعة على أمهيتها هي كل اإلسالم، بل ه

كما ذهب إىل ذلك الشيخ شلتوت وكمـا -اإلسالم يقوم على عقيدة وشريعة، والعقيدة العقيدة تقوم على اإلميـان . هي األصل أما الشريعة فهي الفرع -تقتضى به طبائع األشياء

. ها وجوهرهـا وهذه هي ما مييز األديان وميثل خصيصت . باهللا ورسله وكتبه واليوم اآلخر بل أن اإلسالم نفسه ظل طوال ثالثـة . وميكن أن توجد أديان ال يوجد فيها إال العقيدة

يقوم على عقيدة دون شريعة فإن الـشريعة مل تبـدأ ىف -وهي الفترة املكية -عشر عاما مـن -ومقتـضى -الظهور إال مع اهلجرة وبعدها، وهو دليل آخر على أن الشريعة فرع

.دةمقتضيات العقي

ويف تصويرها ملا يكون عليـه اهللا -اإلميان باهللا -وقد وصلت العقيدة اإلسالمية ىف صلبها تعاىل، الغاية من الوضوح والعمق والبساطة حبيث تغلغلت ىف القلوب، كما أن التركيـز على اليوم اآلخر هو يف اإلسالم أكثر منه ىف أي دين آخر، وهذا أيضا أعطى العقيدة عمقا

.ومدى

أما الشريعة فهي ما يتعلق بالدنيويات والعالقات ما بني األفراد واتمع، ما بـني الغـين ومـا جيعـل القيمـة ... والفقري، القوي والضعيف، احلاكم واحملكوم، الرجل واملرأة، اخل

.احلاكمة للمجتمع هي العدل

قات مـا بينـهما ومع أن العقيدة هلا طبيعة، وآلية، وهدف غري طبيعة الشريعة، فإن العال ويف املوضوع الذي حنن بصدده جند أن العقيـدة . وثيقة ألما معا يكونان جسما واحدا

تؤثر على الشريعة، كما جند الشريعة أيضا تؤثـر على العقيدة ويكون القرار األخري نتيجة .هلذه التأثريات املتبادلة

www.shahabd.com

22

العقيدة على الشريعة حبيث يعـدل ىف ولكن أثر الشريعة على العقيدة أقل بكثري من تأثري

الشريعة تعديال كبريا كما أنه من ناحية أخرى هو الذى يعطى الشريعة وقوانينها الطـابع .الديىن وما يصطحب به من إميان

:أثر العقيدة على الشـريعــة

من آثار العقيدة على الشريعة أا جتعل لإلنسان كرامة وقداسة وحتمـي كيانـه املـادي واألديب من املساس به وهذا يعود إىل أن اإلسالم نفسه إمنا أنزل للناس وأن اإلنسان هـو

وهذا يعين أن ]. 1[اهلدف والغاية أما األديان فهي الوسيلة هلداية اإلنسان ومقاومة الشرور أي القانون، ال جيوز أن ميس أو يعدم شخصية اإلنسان إال ىف احلدود الىت تنص -الشريعة

واليت حتمي ذلك وال تسمح باملساس به إال عند اقترافه جرمية، وعندئـذ .. يها العقيدة عل .يلحظ العدل عند حتديد اجلرمية، إن مل يكن لإلنسان الفرد فلإلنسان اتمع

ويتجلى أثر العقيدة على العقوبة يف أا جتعلها مكفرة، ومطهرة من قذارة اجلرمية، وهـذا

ىف عصر النبوة خاصة ىف جرمية الزنا ذات احلساسية اخلاصة فهم مجيعا هو ما فهمه اجلناة . ويصرون على ذلك" طهرىن"يأتون الرسول صائحني

ويلحظ أثر العقيدة ىف تكييف اجلرمية وعقاا ىف جعل اإلقرار هو وسيلة إلثبات األوىل ألن

اجلاين يف التطهري بالعقاب من يقترن برغبة ) بعيدا عن أي إكراه أو ضغط أو تأثري (اإلقرار جرميته وهناك أحاديث عديدة أن الرسول اشترط اإلقرار مرتني، ال مرة واحدة، قبل توقيع

النكول عن إقراره فال يؤخذ به، وميكن أن يتم هـذا قبـل .. العقوبة كما ميكن للجاين الة والـسالم صدور احلكم، وقبـل التنفيذ الفعلي، أو حىت خالله ألن الرسول عليه الص

هـال "قال ألصحابه عندما نقلوا إليه فرار ماعز عندما استحد به الرجم ففر فالحقـوه ".تركتموه فيتوب ويتوب اهللا عليه

www.shahabd.com

23

-وهو ما سنلحظه أيضا ىف حالة السرقة -وحماولة الرسول إثناء ماعز والغامدية عن اإلقرار

تاليف الرجم والقطع دون أن يكـون يثري قضية ىف منتهى األمهية، تلك هي أن من املمكن الذي ال " حق اهللا " أنه –ىف ذلك خمالفة للسنة، وأن األمر ليس كما حياول البعض إظهاره

إن إحلاح الرسول عليه الصالة والسالم يف حماولـة درء توقيـع . ميلك اإلمام التصرف فيه ة القاضي أن يدرأ احلد مبا يوضح متاما أن من سلط -رمجا كانت أو قطعا -العقوبة املقدرة

.ميكن أن يثار من شبهات أو ما يلقيه يف روع املتهم من اإلنكار أو تلقينه اإلنكار صراحة

ومن آثار العقيدة على القاضي واجلاين أن حياول القاضي ثين اجلاين عن االعتراف، ويفسح . يت سن هلا احلد العقوبة له اال لكي يلوذ باملعاذير، أو بكيفيات أخرى خالف الكيفية ال

واحلاالت اليت حاول الرسول عليه الصالة والسالم ثين املعترف عن اعترافه قد أصـبحت وقد اتبعها الرسول يف كل احلاالت الىت عرضت عليه ىف بعض . من بدائه التقاليد القضائية

.خاصة حاليت ماعز والغامدية. حاالت السرقة ويف حاالت الزنا

ل هذه احملاوالت لثين اجلاين، نرى اجلاين يتمسك باعترافه، ويستبعد أي شـبهة ويف مقاب ر باحلدعلى أن يبتطه ويصر.

وهذا هو أحد أسرار تعاطف الرسول مع هؤالء اجلناة، ولعل الرسول أيضا قد ملـس أن

لتطبيـق أن جعلوا تطبيق احلد أمرا واقعا حيقق كل ما ميكن هلذا ا " األبطال"هؤالء اجلناة فحرصهم على تطبيق احلـد مل ". ميتا"يوحيه من ردع، ولوالهم لكان احلد نصا أجوف

احلد ومنحه احلياة مبوم، وقد يفسر هذا " تفعيل"فحسب، ولكن مسامهة ىف " توبة"يكن ".جادت بنفسها هللا تعاىل"كله كلمة الرسول عن الغامدية أا

ي قطعت يده يف السرقة، فأخذ يده املقطوعة بيده الـسليمة ويف غري الزنا وجد الرجل الذ

".احلمد هللا الذي خلصين منك أردت أن تدخليىن النار"وقال

www.shahabd.com

24

ويلحظ أن الرسول مل يسأل ىف حاالت الزنا اليت عرضناها عن الشريك اآلخر ىف العملية

لزهـد ىف توقيـع الذي يفترض أنه يستحق العقوبة نفسها، مما يؤكد ما ذهبنا إليه مـن ا العقوبة، وألن من املبادئ اليت أرساها الرسول العظيم أن احلاكم ملزم بتطبيق عقوبـات احلدود عندما تعرض عليه بالفعل، فإذا مل تعرض عليه فليس من دوره أن يبحث عن اجلناة

مـا وقوله ملن ساق إليـه مته " تعافوا احلدود "وهذا هو معىن كلمته اخلالدة . أو يتعقبهم وهذا التوجيه يفتح بابا واسـعا للتـصرف ىف ". لو سترته بثوبك كان خريا لك .. "بالزنا

موضوعات احلدود ما بني األطراف املشتركة دون االلتجاء إىل احملاكم، مما أوحى لنا بأن نطالب ىف أكثر من كتاب من كتبنا باألخذ بنظام حماكم الصلح اليت تتكون تكونا اختياريا

.وعيا يف األحياء لتسوية املشكالت وديا، وتفادي الوصول ا للمحاكم الرمسيةتط

ويصل أثر العقيدة إىل غايته عندما ال يقف األمر عند ثين املتهم عن االعتـراف، وقبـول إنكاره حىت لو جاء هذا اإلنكار بعد إصدار احلكم وقبل توقيع العقوبة بالفعـل أو حـىت

. حد تلقني املتهم اإلنكارخالهلا، ولكن يصل إىل

":تلقني السارق ما يسقط احلد"للشيخ سيد سابق حتت عنوان " فقه السنة"جاء ىف كتاب

>> روى أبو املخزومى أن النيب أتـى .. ويندب للقاضي أن يلقن السارق ما يسقط احلدل بلى مـرتني أو بلص اعترف ومل يوجد معه متاع فقال رسول اهللا ما أخالك سرقت قا

.ثالثا رواه أمحد وأبـو داود والنسائي ورجال ثقات

يؤتى إليهم بالسارق فيقول أسرقت ) أي من توىل القضاء (وقال عطاء كان من قضى <<أى ذكر أن أبا بكر وعمر كانا يفعالن ذلك (قل ال ومسا أبا بكر وعمر رضي اهللا عنهما

).حينما توليا القضاء

www.shahabd.com

25

أنه أتى جبارية سرقت فقال هلا أسرقت؟ قويل ال فقالت ال فخلـى وعن أيب الدرداء << .سبيلها

-474ص(>> وعن عمر أنه أتى برجل سرق فسأله أسرقت قل ال فقال ال فتركه << .، طبعة دار الفتح3ج ) 475

وروي عن عبد الرمحن بن القاسم عن أبيه قال شهدت عليا أتاه رجل إم بالسرقة فرده،

. وقال غري هؤالء فطرده، مث عاد بعد ذلك فـأقر . انتهره ويف لفظ فسكت عنه ويف لفظ ف قال أمحد ال بأس بـتلقني الـسارق . فقال علي شهدت على نفسك مرتني وأمر به فقطع

انظـر (وهذا قول عامة الفقهاء روى ذلك عن اخللفـاء الراشـدين . لريجع عن إقراره ).إلبن قدامة" املغىن"، 10، ج 289، 288ص

وهذه معاجلة ال جند هلا مثيال ىف أي تشريع آخر يلحظ مصلحة املتهم أو يبين نظريته على أساس أن ارم ضحية اتمع، وقد رويت عن الرسول وأيب بكر وعمر وكفـى هـؤالء ثبوتا، ومع هذا فيبدو أا مل تتابع يف كل احلاالت، وأن وقوعها من الرسول وأيب بكـر

ؤالء وحدهم كانوا من الشجاعة، والعمق اإلنساىن حبيـث قـاموا وعمر إمنا كان ألن ه بذلك، أما من جاء بعدهم فلم تتوفر هلم هذه الدرجة من أثر العقيدة مث ملا تدهورت أمور

.املسلمني جاء الدور على الشريعة أيضا

إمنا وال نرى إشارة إىل تلقني القاضي املتهم اإلنكار ىف كتب الفقه احلديثة بوجه خاص، و الىت وضـعت يف " مشروعات القوانني "كما أن كل . نرى هذه اإلشارة ىف كتب احلديث

العصر احلديث ختلو من اإلشارة إليها ألن ضحالة، أو قل إنعدام أثر العقيدة جعل احلصول على اإلقرار نفسه صعبا، أو نادرا، فكيف إذا طلب إىل اجلاين اإلقرار مرتني مث سمح لـه

.نكول أو لقن اإلنكاربال

www.shahabd.com

26

عن الشريعة، مبا يف ذلك العمل " اإلسالميني"بل إننا ال نرى إشارة إليها ىف معظم كتابات التشريع اجلنائي اإلسالمي مقارنـا بالقـانون "الضخم للقاضي الشهيد عبد القادر عودة

".الوضعي

أيام الرسول وأن جتربة وهذا ما يعطينا مؤشرا عن استحالة حتقيق أوضاع كانت موجودة بالنسبة لألجيال املعاصرة، حىت وإن " يوتوبيا"الرسول يف حكمه للمدينة املنورة أصبحت

كانت حقيقة عملية للذين عاصروا الرسول ولعل هذا هو سر أفضلية هذه احلقبة على بقية .العصور

لجرمية، مطهـرة منـها، ومن أبرز آثار العقيدة على اجلرمية والعقاب اعتبار التوبة مزيلة ل

.وميكن أيضا أن توقف العقوبة

وآيات القرآن الكرمي عن التوبة والترغيب فيها أكثر من أن حتصى ووصـل اسـتحثاث من 70القرآن الناس عليها درجة ميكن فيها أن تبدل سيئام حسنات كما جاء ىف اآلية

لا صالحا فأولئك يبـدل اللـه سـيئاتهم إال من تاب وآمن وعمل عم " )الفرقان"سورة ولعل هذا اإلحالل نتيجة للعمل الصاحل جبانب التوبة [. حسنات وكان الله غفورا رحيما .وهو ما يعد على كل حال مثره للتوبة النصوح.. ألن احلسنات تذهنب السيئات

ر التوبة، وميكننا القول أنه بالنسبة للعالقة ما بـني اجلـاين وقد اختلف الفقهاء يف مدى أث

واهللا تعاىل فإن التوبة النصوح جتب كل سيئة وذنب وتطهره وتكفل له رمحة اهللا ومغفرته أما بالنسبة للناس، فإن من متام التوبة أن يصلح ما أفسده وبالنسبة للعقوبة فـإن التوبـة

درة على اجلاين بنص القرآن الكرمي، وميكن أيضا أن مسقطة للعقوبة عندما حتدث قبل الق ..حيدث هذا يف حاالت بعد القدرة

www.shahabd.com

27

-إذا جـاز التعـبري -" بدائل"وأخريا جدا، فمن آثار العقيدة على تقرير العقوبة أا حتل اليت ال يستطيع اجلاين الوفاء ا، وأغلبها الصيام أو عتـق " املادية"حمل العقوبات " عبادية" .بة أو إطعام عدد من املساكنيرق

196ونص القرآن على الصيام يف حاالت عديدة من املخالفات كاليت جاءت ىف اآليـة فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لـم يجـد " ]البقرة"من سورة

وكما جاء ىف حالة القتل [. حج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة فصيام ثلاثة أيام في ال وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إال خطأ ومن قتـل " ]النساء" من سورة 92اخلطأ، اآلية

مة إلى أهله إال أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسل لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى

منؤة مقبر ريرحتله وأه كـان اللـهالله و ة منبون تيابعتتن ميرهش امفصي جدي لم نة فم [.عليما حكيما

ال يؤاخذكم الله باللغو فـي ]وسن القرآن صيام ثالثة أيام عند اللغو ىف اإلميان كفارة هلا

ما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكني من أوسط ما أيمانكم ولكن يؤاخذكم ب تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفـارة

و ملفتإذا ح انكممون أيكرـشت لكـماته لعآي لكم الله نيبي كذلك كمانمفظوا أياح ..] ..}89املائدة {

والذين يظاهرون ]وكذلك أوجب القـرآن صيام شهرين تكفريا ملن ظاهـر من امـرأته ريرحا قالوا فتون لمودعي ثم ائهمنس من اللـهظون به ووعت ا ذلكماسمتل أن يقب ة منقبر

بريلون خمعا ت3(بم ( لـم ـنا فماسمتل أن يقب ن منيابعتتن ميرهش امفصي جدي لم نفمنوا بالله ورسوله وتلك حدود اللـه وللكـافرين يستطع فإطعام ستني مسكينا ذلك لتؤم

أليم ذابادلة {[.. ع4ا{..

www.shahabd.com

28

وهذه البدائل من العقوبات املألوفة من جلد أو سجن أو غرامة ذات طابع عبادي خالص الـة وحلظ فيها ح . أفترض فيه أن يكون له أثره ىف إصالح حال اجلاىن وإبعاده عن الشر

.اجلاىن وأن يكون فيها بديل عند عدم االستطاعة

ألن . ومرة أخرى نلحظ استحالة تطبيق هذه البدائل أو تقنينها ىف مواد ىف اتمع احلديث قد طويت، وألن التثبت من الصيام أو طعام مساكني مما خيرج عـن " حترير رقبة "صفحة

.نطاق القانون

ىف إمجاهلا تعود إىل فهم القاضي أن اإلنسان هو الغايـة وهذه اآلثار للعقيدة على الشريعة من الدين وهلذا، فهو حياول أن يبقى عليه وينجيه من العقاب خاصة وأن هناك من البدائل

...ما متحى جرميته كالتوبة أو عمل احلسنات، اخل

:أثر الشـريعــة على العقيدة

تمع واملبادئ واألوضاع اليت قام عليهـا وال الشريعة يف جوهرها قانون يستهدف محاية اجيوز هلا التفريط أو التهاون ىف هذه الرسالة خاصة وأن العقيدة، كما قـدمنا، سـتلحظ اجلوانب األخرى وسترتفق عليها مبا ال تستطيع الشريعة دفعه، فإذا فرطت مث جاء تـأثري

.العقيدة، تآكل دور الشريعة وعجزت عن القيام بواجبها حقيقة احلال فإن وجود الشريعة جنبا إىل جنب العقيدة هو ما يفترضه تكامل العملية ويف

اإلصالحية ألن االقتصار على إصالح الفرد عن طريق العقيدة، وإن كان هو الذي تفضله األديان، إال أن إصالح اتمع هو الذي يبقي على إصالح الفرد وحيول دون أن تنال منه

www.shahabd.com

29

ولـيم متبـل -وقد الحظ كبري إسـاقفة يـورك . وضراوة الشهوات قوى الشر والبغى William Temple- آداب اإلجراء العقايب" يف حماضرة له عن :"

" ـدعإذا قلنا إنه ال ميكن أن نصلح الناس عن طريق إصدار قانون من الربملان، فإن هذا ي

اس بقانون مـن نصف حقيقة حتمل أخطار أنصاف احلقائق، فنحن ال ميكن أن نصلح الن الربملان، ولكن قانون الربملان يوفر الظروف لنمو القيـم، ويبعد العقبات اليت تسد الطريق

والحظت إحدى الكاتبات الربيطانيات، يف مقال هلـا تـرجم يف جريـدة ]. 2"[أمامهااإلجـراء الـذي اختـذه الـرئيس أيزـاور "، أن )28/10/1997(اليومية " احلياة")Eisenhower ( ة من اجليش االحتادي إلرغام سلطات مدينـة ليتـل روكبإيفاد قو)Little Rock ( على تسجيل الطلبة السود يف املدرسة الثانوية اختصر العداوة لعـدة

سنوات على األقل، ولو مل يقم ايزاور ذا اإلجراء لظل أهل ليتل روك على عـداوم ".ناس مع مرور الزمن يتقبلون السودالقدمية، ولكن فرضه القانون والقوة جعل ال

-أو كما نقول -من أجل هذا ال جيوز مطلقا التقليل من أثر اإلصالح عن طريق القانون

بالشريعة ألنه جزء ال يتجزأ من عملية اإلصالح وبدونه تتعرض عملية إصالح الفرد لكل .عوادي التآكل

الناس له واحترامهم إياه، وأن بقاء اتمع ومن الواضح أن فعالية القانون إمنا تكون إلتباع

فـإذا ". يشد بعضه بعـضا "ال يتم إال حيث يعمل كل فرد يف اتمع كعضو ىف اجلسم .لقانون أو جمتمع.. انتهك القانون وإذا مترد عضو على اجلسم فال قيام، وال قوام

اتمع وسيادة القانون، هلذا اتسم دور الشريعة بالصرامة واملوضوعية واستهداف مصلحة

وأخذت اجلرمية على احلق املقرر بالقانون لفرد ما طابع اجلرمية على القانون نفسه فأخذت العقوبات اإلسالمية قسمة الزجر والردع والوقائية ألن اتمع ال حيتفظ بانتظامه إال بوازع

هك القانون أو يتمرد علـى السلطان الذي يمثل يف العقوبات الرادعة الزاجرة لكل من ينت

www.shahabd.com

30

اتمع، ومن هنا كانت عقوبة السرقة هي القطع سواء كان املسروق مليونا أو ربع دينار، ألن تكييف العقوبة هو انتهاك املبدأ وخرق النظام، وهذا يقع عندما حتدث السرقة بالفعل

وهذا املبـدأ . كبريةفضال عن أن التهاون يف اجلرمية الصغرية يؤدي إىل ارتكاب اجلرمية ال وإن كان سليما من وجهة نظر الشريعة، فإن العقيدة كمـا رأينـا، وكمـا سـنرى يف اجتهادات يف حد السرقة، تلطف من حدته وتقدم ضمانات حبيث ال تـستخدم فكـرة

.انتهاك احلق أو اتمع املربرة للعقوبة الرادعة إال حينما يكون ذلك واقعيا ومؤكدا تمع اإلسالمي كل واحد، يتردد ىف كل ناحية من نواحية نبض الروح الكلية له، وهي وافالشريعة اليت أوجبـت . ، وتتطابق أوامره ونواهيه، وال يتعارض بعضها مع بعض "العدل"

القطع لسرقة ربع دينار هي نفسها اليت أوجبت الزكاة لتقدم للمحتاجني مجيعا كفايتـهم ماذا تفعل "د عبر عمر بن اخلطاب عن ذلك عندما سأل عامال من عماله كحق معلوم، وق

. إذا أتيت بسارق قال أقطع يده قال إذن فإن جاءىن منهم جائع فسوف يقطع عمر يـدك إن اهللا يوصي بستر عورام، وأن نوفر هلم نفقام فإذا أعطيناهم هذه النفقة أقمنا عليهم

".حدود اهللا

شريعة ففي وضعها للعقوبات املقدرة على اجلرائم الحظـت مـصلحة ومن الواضح أن ال تركت -جرائم التعزير -على أا ىف القسم األعظم من اجلرائم . اتمع قبل مصلحة الفرد

للقاضي حرية حتديد العقاب، ومعىن هذا أن يلحظ القاضي طبيعة اجلرمية وهـل تقتـضي وعندما أعطت الشريعة القاضي حرية . حظ فيه اتمع عقابا يلحظ فيه اجلاين أو عقابا يل

حتديد التعزير فإا فتحت الباب على مصراعيه ملالحظة حالة اجلاين، ألـا لـو أرادت . كما فعلت ىف احلدود–مالحظة حال اتمع حلددت العقوبة

ـ دذد ومن هنا ميكن القول إنه يف الوقت الذي الحظ اإلسالم مصلحة اتمع عنـدما ح

عقوبات مقدرة جلرائم زاجرة قاسية، فإن تدخل العقيدة من ناحية، وفتح الباب للقاضـي يوضح أن اإلسالم أراد اجلمع، حبيث ال تنفرد وجهة –ىف كل جرائم التعزير، وهي أغلبية

www.shahabd.com

31

وأنه الحظ حالة اجلاين عندما ترك للقاضي حريـة حتديـد . نظر واحدة ىف تقرير العقوبة .وهي أغلبية اجلرائم) غري املقدرة(اجلرائم األخرى العقوبات ىف

فإذا أضفنا إىل هذا أن العقوبة سواء كانت حدية أو تعزيرية فإا توقع على شخص اجلاين

، لوجدنا [ولا تزر وازرة وزر أخرى ]وال تشرك أحدا آخر تطبيقا للمبدأ القرآىن األصويل يد العقوبة أكثر مما يتصور معظم الذين كتبوا عن هذا املوضوع أن اإلسالم الحظ مبدأ تفر .وقبل أن تعرفه الدولة احلديثة

www.shahabd.com

32

الفصل الرابع اجتهادات يف حـد السرقة

إذا تقصينا احلدود، أي العقوبات املقدرة واملنصوص عليها يف القـرآن، والـيت يفهـم ما يف الشريعة، لوجدنا أن احلد ا أهمالكثريون أ ال يف الشريعة هـو حـداحلقيقي والفع

فالسرقة . وأن ما عداه ال يتوفر له ما توفر هلذا احلد من خصائص -أي قطع اليد -السرقة هي أم اجلرائم وأكثرها إغراء وخطرا وحسمها حيقق للمجتمع السالم والطمأنينة كما أن

باهظة ملقاومتها خاصـة بعـد أن تفشيها ميثل ديدا خطريا للمجتمع ويثقل عليه بأعباء هلا هياكل ونظم إدارية، كما اتسع نطاق السرقة حبيـث " جرمية منظمة "أصبحت اجلرمية

...والتزييف اخل.. مشل جرائم مل تكن معروفة من قبل كاالحتيال

من أن تصل عقوبـة -إذا أريد محاية اتمع وسيادة القانون -وفيما يبدو فلم يكن مناص فالقطع يف حد ذاته عمل بشع يثري الغثيان وال ميكن أن يسعد بـه . حد القطع السرقة إىل

، ويف حالة "كأمنا ذر عليه الرماد "إنسان، وقد تغير وجه الرسول عندما شاهد هذه العملية أخرى بكى، ويف احلالتني أبرز أن على اإلمـام أن يقيم احلد ما دام قد رفع إليه وثبـت

يف الوقت نفسه فمن اخلري دائما عفو اين عليه والتصـاحل بطـريقة ما قبل على اجلاين، و ].3[رفع األمر إىل اإلمـام

يبدو أن ليس هناك من عقوبة أخرى حتقق معىن الزجر والردع سواء مبجرد اإلعالن عنها حبيث يرتدع من تسول له نفسه بالسرقة أو ملن سرق بالفعل وطبقت عليه هذه العقوبـة

لرهيبة حبيث تنحسم شأفة الذين حيترفون السرقة وال خيرجون من سجن إال للعودة إليـه ا ..مرة أخرى وهلم جرا

www.shahabd.com

33

وأي عقوبة أخرى بديلة ميكن أن حتقق الزجر؟ السجن عقوبة عقيمة وهي تضع نفسها يف أو " الربش"فإذا ساءت بيئة السجن إليالم السجني، وإشعاره العذاب من نوم على . مأزق

فإن هذا، مع استمراره فترة طويلـة، ... تقدمي طعام تعافه النفوس أو قطعه عن اتمع اخل فكأننا يف . تكون له آثار سيئة على السجني بعيدة كل البعد عن معىن اإلصالح والتهذيب

خالل دعوانا إصالحه من داء أفسدناه بأدواء أخرى عديدة فضال عن أن خلطة املسجونني ل السجن مدرسة للجرمية، وتصبح أداة اإلصالح هي أداة إفساد، وإذا بعضهم ببعض جيع

يأكل فيه " نزال"كانت البيئة حسنة، أو حىت حمتملة فإن السجن يفقد أثره كعقوبة ويصبح !السجني ويشرب على حساب احلكومة

كن أن ومن الواضح أن األغلبية العظمى من السارقني ال ميلكون ما مي .. هناك الغرامة املالية

، فإذا كانت غرامة تافهة فلن يكون لتوقيعهـا )لكي تكون زاجرة .. (يدفعوا غرامة باهظة .أثر

وهناك اجللد، واجللد فيه املواصفات الىت تتوخى يف العقوبة كان يقع على شخص اجلـاين من أفراد أسرته مثال كما حيدث ىف السجن عندما يحرم األبناء والزوجـة (دون اآلخرين

كما أن فيه قدرا من الزجر، ولكن الشريعة أرادت للسرقة شيئا أكثـر مـن ) عائلهممن اجللد، ألن السرقة هي أكثر اجلرائم شيوعا ومن مث تكون عقوبتها أكرب العقوبات زجـرا،

.ومن هنا جاء القطع واحتفظت الشريعة باجللد عقوبة جلرمية القذف والزنا

تأثرا ملنظر القطع، وأشد الناس حثا على العفو واملغفرة إن الرسول الذي كان أشد الناس ، وما "لو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت يدها "وتعايف احلدود، هو نفسه الذي قال

كان ميكن أن يقول هذا على إبنته احلبيبة لو مل تكن هناك ضرورات مؤملة تفرض نفـسها وجتاهلها يفاقمها، كمـا أن الـضعف ... على اتمع من احنراف أو شذوذ أو فساد اخل

واعتباره ضحية ال يكفي، ألنه حىت لـو كـان " اجلاين"أمامها، أو االقتصار على عالج

www.shahabd.com

34

وإغفال هـذه الـصفة . ضحية، فإنه مل يكن الضحية املستسلمة فقد كان ضحية وجانيا .األخرية جيين على اتمع وجيعله ضحية، ويظلمه حقه ىف أن يعيش ىف سالم

جل هذا أخذت الشريعة بالقطع ألنه رغم كل بشاعته حيقق أهم املواصـفات الـيت من أ

تلتمس يف عقوبة وهي الزجر والردع، فمجرد اإلعالن عن تطبيقـه سـتتوقف األغلبيـة .العظمى من جرائم السرقة، أما البقية الباقية فسيقضى عليها عند تطبيق احلد بالفعل

اعة السجن ووضـع النـاس ىف أقفـاص حديديـة وبشاعة القطع جيب أن ال تنسينا بش

كالوحوش املفترسة وتكبيلهم بالقيود واألصفاد، وقد تكون عقوبة السجن ىف التحليـل للحرية، وكفى بذلك موبقة، مث هي تعطـل -أو سلب -األخري أكثر بشاعة ألا تقييد

حنراف، وهي مدرسة فتدفع لال -الغريزة اجلنسية -إحدى الغرائز القوية وامللحة يف اإلنسان لإلجرام يتعلم فيها املبتدئ على أيدي العتاة، مث هي تترك األبناء والزوجـة دون عائـل

.وتعرضهم للتشرد والضياع فضال عما حتمله الدولة من أعباء ثقيلة

وعندما جوت الدولة االشتراكية مبشكلة السرقة واكتشفت عقم عقوبة السجن، جعلت قة، وقد طبقت عقوبة القطع حينا مـا يف بريطانيـا، وعنـدما أراد اإلعدام عقوبة السر

وكان اجلواد األمريكـي هـو رأمسالـه -األمريكيون األول إستئصال جرمية سرقة اجلياد فإم كانوا يعمدون إىل شنق كل من يثبت عليه سرقة جواد على أعال شـجرة، -الثمني

حلقيقى أمامنا للقضاء على جرمية الـسرقة حىت ميكن أن يرى ذلك مجهور الناس، واخليار ا .هو القطع أو القتل

من أجل هذا فنحن نؤيد عقوبة القطع ونلمس متاما حكمة الشريعة ىف سنها واألخذ ـا ونرى أن من اخلري أن تقطع بالفعل يف بلد كمصر تضم سبعني مليونا بضعة أيدى كـل

نراه حنن من اقتصار ذلك على عتاة عام، على أن يلحظ ىف ذلك ما اشترطته الشريعة وما

www.shahabd.com

35

السراق الذين تتضافر فيهم كل ما يدعو إىل احلزم والقسوة، وبذلك تتوفر العدالـة إذ ال .نكون قد ظلمنا املتهم، ويتوفر الزجر والردع املطلوبني لألمة واتمع

يف بل إننا قد نسقط حتفظات الفقهاء اليت كادت تشل احلد وسيأتى احلديث عنها ونـض

إىل حاالت السرقة والغش ىف املواد الغذائية ومواد البناء واملخدرات ألا جرائم تؤدي إىل .وليس ملن يتسبب ىف املوت أن يشكو من قطع يده. موت املئات

بتعـبري الـشيخ (ولكن إذا مل يتحقق اتمع اإلسالمى الذي تتعانق فيه العقيدة والشريعة

فإن تطبيق القطع سيكون جمرد عقوبة رادعـة هلـا ") الشريعةالعقيدة و "شلتوت يف كتابه هو اتمع الـصاحل اجلـدير -ضرورة-أثرها يف محاية اتمع دون أن يكون هذا اتمع

باحلماية، وقد طبقت عقوبة القطع ىف إجنلترا فترة ما، كما كانت القـوانني يف بريطانيـا باملوت عقوبة على ما جيـاوز املائـة مـن وبقية الدول األوروبية، صارمة، وكان احلكم

وقد خفضت حركة اإلصالح القانوىن والقضائى هذا العدد حىت أودت به كليـة . اجلرائمأو كادت ولكن وجد من علماء االجتماع من يعيد جزءا كبريا من احترام القانون لـدى

خمالفة القوانني، األوروبيني إىل فترة هذه العقوبات الصارمة اليت غرست عميقا اخلوف من .وبالتاىل إحترام القانون حىت أصبح طبيعة فيهم

وهذا ما يربز نقطة يسوقها بعض املفكرين، تلك هي أن الفضيلة اليت تتحقق عن طريـق اخلوف والرهبة تفقد جوهرها، وهذا كالم يصح بالنسبة لضمري الفرد الذي يقوم علـى

الضمري االجتماعي فإن تعقد اتمع يتطلـب التقوى واإلميان وتكون العقيدة أساسه، أما عنصرا من عناصر الثواب والعقاب، وإذا عجز اتمع عن أن يكفل الثواب، فال أقل مـن

واإلنسان ليس مالكا، وال هو معصوم من غلبة اجلهل أو األنانية أو . أن يتمسك بالعقاب ن وراثة أو بيئة حبيث جتعل صـاحبها الشر، وما أكثر العوامل اليت تشوه الطبيعة البشرية م

.منحرفا فضال عما جيب أن حياط به سياج اتمع من قوة متنع املتطفلني من اختراقه

www.shahabd.com

36

إن العقوبة الزاجرة هي مما ال ميكن استبعادها كلية ألا حتول دون استشراء اجلرمية، وذا جيوز أن نغفـل مقتـضيات تكون على قسوا أرحم، وعندما يتعلق األمر باتمع، فال

.سالمة هذا اتمع

والبد أن نسمو فوق النفاق االجتماعي ونعترف بأن جمال اجلرمية قذر بطبيعته وأن هنـاك نفوسا فاسدة، فسدت حىت مل يعد اإلجراء األدىب يصلحها، وأصبحت يف اتمع أشـبه

ني إجـراء عمليـة مبيكروب السرطان ىف جسم اإلنسان تفسد على اتمع عمله، ويـتع جراحية حىت ال يستشري ويقضي على حياة املريض باملوت مصطحبا بآالم قـد تكـون

.فظيعة ال حتتمل

جعلت العوامل اخلاصة بالسرقة اليت أشرنا إليها إىل صور من االجتهادات توصـل إليهـا ق احلد وقـد الفقهاء القدامى وتضمنتها مراجعهم، وميكن إذا طبقت أن تشل بالفعل تطبي

: جاء فيه 1991-12-25يف " األهايل"يصورها خري تصوير تعليق أحد قراء

قرأت ما كتبه األستاذ زكريا شلش القاضي مبحكمة اإلسـكندرية االبتدائيـة يف << فشلت القوانني ىف مواجهـة اللـصوص " حتت عنوان 1991-11-8اجلمعة " أخبار"

" اإلسالمية ؟فلماذا ال يطبق حد السرقة ىف الشريعة

:وليسمح يل األستاذ زكريا أن أذكره مبا درسه يف كلية احلقوق

:شروط تطبيق احلد على السارق .أن يكون مكلفا بالغا عاقال. 1

www.shahabd.com

37

أن يكون عاملا بأن ما سرقة يساوي نصابا فال قطع بسرقة جواهر يظن السارق أا . 2 ."ال حد إال على من علمه": لقول عمر.. ال تساوي نصابا

عفى عن : "أن يكون خمتارا، فلو كان مكرها على السرقة فال تقطع يده للحديث . 3

."أمىت اخلطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه فال قطع ىف سرقة إبن ألبيه لوجوب نفقة : انتفاء الشبهة بني السارق واملسروق منه . 4

وال قطع بـسرقة ". أنت ومالك ألبيك : "ب إلبنه، حلديث األب على إبنه، وال سرقة األ .مال له فيه شرك، لقيام الشبهة فيه مبلكه لبعضه

أال يكون مضطرا، ولعلنا نذكر العبدين اللذين سرقا ناقة، فهدد عمـر مالكهمـا . 5

.حاطب بن أىب بلتعة بقطع يده هو ال العبدين

:شروط املسروق

:وق ما يأيت يشترط يف الشيء املسر أن يكون ماال، فال قطع ىف سرقة طفل ألنه ليس مبال، وال سرقة مـصحف، وال . 1

بسرقة كتب بدعة وتصاوير، وال بآالت هلو كالعود واملزمار، وال بسرقة صنم من ذهـب .أو فضة لإلمجاع على حترميه

ن احملالت التجارية، فال قطع يف سرقة م : أن يكون قابال للنقل وإخراجه من حرزه . 2

.والفنادق، واملطاعم أثناء العمل، فإذا سرقت ليال أو ارا أثناء إغالقها وجب القطع

www.shahabd.com

38

وال قطع ىف سرقة املساجد من حصر وسجاد وجنف وسـتائر إال إذا كـان هلـا . 3 .حافظ، كذا ال قطع ىف سرقة أمتعة املصلني وأحذيتهم، إذا مل يكن هلا حارس

ابد والكنائس واملدارس كحكم املساجد، كذا املعاهد واملقاهي وحنوها، ألا مل وحكم املع

. تعد أصال حلفظ املال، فليست حرزا بنفسها بل باحلافظ أال يكون ىف األصل مباحا كالصيد والسمك، وال يتسارع إليه الفساد كـاللحوم . 4

يف احملـصوالت الزراعيـة والفواكه واخلضروات، وال تافها كاحلشيش واحلطـب، وال .كالقمح والذرة قبل حصيدها، ال قطع ىف كل هذه األشياء

:مسائل يف السرقة

إذا دخل سارق، ومجع املتاع، ومل خيرجه حىت قبض عليه، مل يقطـع ألن متـام . 1

.السرقة يكون بإخراج املتاع من احلرز الباب، مل يقطع واحد منهما، ألن إذا ناول السارق املال املسروق لصاحب له على . 2

.األول مل خيرج املال من احلرز، والثاين مل يدخل احلرز هذا متاعى كنت اشتريته أو استودعته عنـده، درئ احلـد، ألن : إذا قال السارق . 3

.املسروق منه قد صار خصما للسارق .من سرق شاة من مرعاها مل يقطع ألا غري حمرزة. 4 إذا ثقب السارق احلائط، وأدخل يده أو مد عصا وأخذ املتاع، فال قطـع ألنـه مل .5

)انتهى(>> .يدخل احلرز فتكون اجلناية ناقصة

www.shahabd.com

39

وظهر يف الفترة املعاصرة دعاة إسالميون هلم اجتهادات يف هذا اال، لعل أقدمهم هـو

:حررة قال الشيخ عبد املتعال الصعيدي، وهو عامل أزهري عرف بكتاباته املت

الغراء مقاال ذا العنوان، حوى أفكـارا أثـارت يف " السياسة األسبوعية "قرأت يف << نفسي من الرأي ما كنت أريد أو أرجئه إىل حني، فإن النفوس مل تتهيـأ بعد لفتح بـاب االجتهاد، حىت إذا ظهر اتهد يف عصرنا برأي جديد كتلك اآلراء اليت كان يذهب إليها

ئمة اتهدون يف عصور االجتهاد قابله الناس مبثل ما كانت تقابل به تلك اآلراء مـن األاهلدوء والسكون، وإن بدا عليها ما بدا من الغرابة والشذوذ، ألن الناس يف تلك العـصور كانوا يألفون االجتهاد، وكانوا يألفون شذوذه وخطأه إلفهم ملا ال يشذ منه، أما يف عصرنا

اس قد بعد م العهد باالجتهاد، حىت صار كل جديد يظهر فيه شاذا يف نظـرهم، فإن الن وإن كان هو الصواب يف الواقع، وما أسرعهم يف ذلك إىل التشنيع والطعـن يف الـدين واحملاربة يف الرزق، فال جيد من يرى شيئا يف ذلك إال أن يكتمه أو يظهره بني من يـأمن

. على األمة كثري من اآلراء اليت تنفعها ىف دينها ودنياهاشرهم من أصدقائه، وذا يضيع

ولكين سأقدم على ما كنت أريد إخفاءه من ذلك إىل حني، وسأجتهد ما أمكني يف << أال أدع ألحد جماال يف ذلك التشنيع الذي يقف حجر عثرة يف سبيل كل جديد، وهذا إىل

الـسياسة "إمنا أعجلـت إليـه مبقـال و. أني مل أمتم بعد حبث ما سأقدم عليه من ذلك ، مما جعلىن أجلأ إىل عرضه على الناس رأيا ال يظهر فيه ترجيح لناحية إثباته أو "األسبوعية

، وقـد "السياسة األسبوعية "نفيه، وأن أتركه ملن يتناوله بالبحث من أهله على صفحات ني ال أريد مـن أخوض يف ذلك مع من خيوضون فيه إذا رأيت ما يستدعي هذا مني، وإ

إثارة هذا املوضوع ذا الشكل إال عرض فكرة سنحت يف النفس، ألعرف رأي الباحثني .فيها، ويظهر يل صواا أو خطؤها

www.shahabd.com

40

لقد ذكر يف ذلك املقال ما مينع من األخذ بالتشريع اإلسالمي من عدم إمكان األخذ << اليد يف الـسرقة، والـرجم يف مبا جاء فيه من احلدود املفروضة يف القرآن الكرمي، كقطع

الزنا، والقصاص يف اجلروح، مث ذكر فيه أن القول بأن هذه احلدود مهجية محاقة ال يقول ـاب الغرب يف كل ما يقولونه من غري متحيص، ومن غري علم، فاحلدا غري املقلدين لكت

اجلرمية، والعامل مـا يف جرمية إمنا يقصد به أقصى العقوبة اليت توقع على من يرتكب هذه يزال يقر عقوبة القتل يف جرائم عدة، كالقتل العمد مع سبق اإلصرار، والقتل العمـد إذا اقترن جبرمية أخرى، وإفشاء أسرار الدولة، والقيام بالثورة املسلحة عليها، إىل آخـر مـا

.هنالك من اجلرائم اليت يقرر القانون هلا هذه العقوبة

أخرى معترف ا يف التشريع احلديث ال تقل قسوة عـن عقوبـة وهناك عقوبات << القتل، كعقوبة األشغال الشاقة املؤبدة أو املؤقتة، فيقضي صاحبها حياته كلها أو قـسما طويال منها مقيـدا باحلديد، يعمل طوال النهار يف أشق األعمال، كقطع األحجار وحنوه

بس أخشن ملبس ويغذى أسوأ تغذية، ومن احلماقة مما هو أشق منه، وهو يف أثناء ذلك يل أن تعد هذه األشغال الشاقة إنسانية وقطع اليد مهجيا، وإذا وصل املشرع يف العقوبـة إىل القتل فيما يعده جرمية بالغة الضرر باجلماعة فإنه ال فرق بني أن يكون هذا القتل بالسيف

والكالم يف إنسانيته أو وحشيته وهم خيال أو الرجم أو غريمها، فكله قتل على كل حال، .قد يصح يف الشعر واألدب، ولكنه ال قيمة له يف التشريع وتنفيذه

وهذا دفاع بديع حقا عن احلدود اإلسالمية، ولكن يبقى بعد هذا يف تلك احلـدود <<

يت ذلك الذي سنثريه فيها ليبحث يف هدوء وسكون فقد نصل فيه إىل تذليل تلك العقبة ال .تقوم يف سبيل األخذ بالتشريع اإلسالمي من ناحية تلك احلدود بوجه آخر جديد

وسيكون هذا بإعادة النظر يف النصوص اليت وردت يف تلك احلدود لبحثهـا مـن <<

جديد بعد هذه األحداث الطارئة، وسأقتصر يف ذلك اآلن على ذكر مـا ورد يف تلـك " املائـدة "تعاىل يف حد السرقة مـن سـورة وهو قوله –احلدود من النصوص القرآنية

www.shahabd.com

41

[ زيـزع اللـهاللـه و كـاال مـنا نبا كساء بمزا جمهديوا أيارقة فاقطعالسو ارقالسوكيمه إن الل ) 38(حليع وبتي فإن الله لحأصد ظلمه وعب من ابت نفم حـيمر غفور ه .]

الزانية والزاني فاجلدوا " ]النور"وقولـه تعاىل يف حد الزنا من سـورة .. }39املائدة {كل واحد منهما مائة جلدة وال تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون باللـه

}2النور {[. اآلخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمننيواليوم

ويف األمر ) فاقطعوا(فهل لنا أن جنتهد يف األمر الوارد يف حد السرقة وهو قوله تعاىل << فنجعل كال منهما لإلباحة ال للوجوب، وإن ) فاجلدوا(الوارد يف حد الزنا وهو قوله تعاىل

مل يقل ذا أحد من اتهدين السابقني، ألن األمر كما يأيت للوجوب يأيت لإلباحة، كما يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربـوا وال تسرفوا إنه ]يف قوله تعاىل

رفنيسحب المفإن األمر يف قوله [. ال ي[ وا خذوا وكبراشلوا و] لإلباحة ال للوجوب كما ، .هو ظاهر

وعلى هذا ال يكون قطع يد السارق حدا مفروضا وحده حبيث ال جيوز العدول عنه <<

يف مجيع حاالت السرقة، ويف كل الظروف واألحوال اليت تتغري بغري الزمان واملكان، بـل األعلى يف حدها، وجيوز العدول يكون القطع يف السرقة أقصى عقوبة فيها فيكون الطرف

عنه يف بعض احلاالت إىل عقوبات أخرى رادعة وإن كانت أخف منه، من حبس أو حنوه من العقوبات، إذا طرأ ما يقتضي ذلك من أحوال السرقة ومن ظروف الزمان واملكـان،

ثر ويكون شأنه يف هذا شأن كل املباحثات اليت ختضع لتصرفات ويل األمر، وتقبـل التـأ بظروف كل زمان ومكان، وكذلك يكون األمر يف حد الزنا سواء أكان رمجا أم جلـدا، مع مراعاة أن حد الزنا مل يتفق عليه كما اتفق على حد السرقة، بل ذهب بعض فقهـاء اخلوارج إىل إنكار الرجم يف الزنا، ألنه مل يرد به نص يف القرآن الكرمي، بل نص فيه على

.اجللد فقط

www.shahabd.com

42

وهل لنا أن نذلل أكرب عقبة تعترض العمل يف عصرنا بالشريعة اإلسالمية يف أحكام << املعامالت، وحتول دون األخذ بالتشريع اإلسالمي ذلك، مع أنا بذلك االجتهاد اجلديد ال نكون قد أبطلنا نصـا، وال ألغينا حدا، وإمنا نكون قد وسعنا يف تلك احلدود، وأدخلنـا

رونة يف أحكامها، ما صارت به صاحلة لكل زمان ومكان، وكذلك يليق مبـا فيها من امل عرفت به من إيثار التيسري على التعسري، واختيار التخفيف على التشديد، فالدين فيها يسر

)انتهى(>> ال عسر، وتسامح ال تشدد

أنه رأي رغم أن الكاتب قد استشرف ما ميكن أن يثريه كالمه من معارضة، فصرح أوال وأن ال يستبعد احلد ولكنه جيعله احلد األعلى يف " السياسة"أعجل فيه حبكم املقال يف جملة

العقوبة وأن هذا يتفق مع مرونة الشريعة ويسرها، فإا أثارت ضجة كبرية ألن الـبعض فهم منها أنه يقصد إىل رأي جديد هو أن احلدود اليت ورد النص القرآىن عنها هي حدود

وأنكر الشيخ هذا املعىن وقال إن العجب . اختيارية ميكن عدم االتقيد ا يف باب املعامالت :متلكه ثالث مرات، ووضح هذا فقال

أنه ليس يف مقايل ما يفيد هذا، ولو كان فيه ما رمبا يفيده، فأنا أقرر اآلن إني : أوهلا <<

وهناك مبدأ مقرر، وهو أن صاحب الكـالم ال أقصده به من يوم أن خلقين اهللا إىل اليوم، ال يؤاخذ إال مبا يقصده من كالمه، ال مبا يفهمه غريه منه، ولو كان ما يفهمه غريه أقرب

.إىل كالمه مما يفهمه هو

أن الذي فهموه من كالمي وال أقول به من أن هذه احلدود اختيارية قـد : وثانيها << يف كتب مطبوعة مقروءة للناس، وسأبين ذلك بعـد، نسب إىل بعض األئمة الذين جنلهم

فأي معىن بعد هذا هلذه الضجة إذ فرض أين قلت مبثل ما ينسب إىل بعض األئمة الـذين جنلهم ؟

www.shahabd.com

43

أنه ليس كالمي هذا الذي يصح أن يثري هذه الضجة، بل الذي يـصح أن : وثالثها << ، وليس من شأين أن أدل عليها، وال يثريها ما هو موجود يف بعض كتب مقروءة ومطبوعة

.أن أذكر هنا ما ذكر فيها خاصا ببعض هذه احلدود، وسأذكره بعد

:غرضي من املقال <<

على أين ال أقصد من هذا املقال إال حصر املواضع اليت جيب فيها حد القطع وغريه << تهدين فيها على وجـوب يف حاالت قليلة جدا، وهي احلاالت اليت يثبت اتفاق األئمة ا

القطع مثال، أما احلاالت اليت يكون بينهم خالف فيها فيكون من حق ويل األمر يف عصرنا أال يفرض فيها عقوبة القطع، بل له أن يصري فيها إىل عقوبات أخرى رادعة، ألن اخلالف

.فيها يصح أن يكون عندي من الشبهة اليت تدرأ ا احلدود

فال يكون قطع يد الـسارق حـدا –ذي يفهم من قويل يف هذا املقال وهذا هو ال << مفروضا ال جيوز العدول عنه يف مجيع حاالت السرقة، بل يكون القطع يف الـسرقة هـو

فأنا –أقصى عقوبة فيها، وجيوز العدول عنه يف بعض احلاالت إىل عقوبات أخرى رادعة احلد . كون حدا مفروضا يف مجيع حاالت السرقة مل أمهل حد القطع أبدا، وإمنا نفيت أن ي

وهذه القضية بشقيها حمل إمجاع عند الفقهـاء، –ليس بفرض يف بعض حاالت السرقة من سرق من مال قريب أو شبهة ال قطع فيه – من سرق كذا ال يقطع –ينظر هنا قوهلم

املـسروق الـذي وقد اختلف العلماء يف حتديد . من سرق من مكان كذا ال قطع فيه –يثبت القطع على حنو عشرين قوال، وهي موجودة يف كتب الفقه وكتب احلديث، وكما اختلفوا يف هذا اختلفوا يف املكان املسروق منه فبعضهم يـشترط احلـرز، وبعـضهم ال يشترط، والذين يشترطونه خمتلفون أيضا فيما بينهم، وقد اختلفوا أيضا يف املسروق منـه

خلالصة أم جممعون على أنه ليس كل سارق تقطع يده، وجممعون أيـضا وغري ذلك، وا على أن اإلمام له أال يعاقب يف السرقة يف بعض أحواهلا، وهذا هو ما قلته يف مقايل، ألنه مل مينع إال تعميم احلد يف كل ما يطلق عليه اسم سرقة، ومن لوازم هذا أن توجد حـوادث

www.shahabd.com

44

يكون القطع الزما فيها، وال أعين باإلباحـة الـيت وردت يف يطلق عليها اسم سرقة وال .كالمي أكثر من عدم اللزوم، وقد يكون غري الالزم ممتنعا، وقد يكون غري ذلك

فنجعل كال منهما لإلبـاحـة ال -وعلى هذا يفهم سابق كالمي والحقه، فقويل <<

يع احلاالت، ويكون األمر معناه لإلباحة يف بعض احلاالت ال للوجوب يف مج -للوجوب .مستعمال يف الوجوب واإلباحة معا، أي يف حقيقته وجمازه، وقد قيل بصحة ذلك

( يابني آدم خـذوا زينـتكم ] ويكون األمر فيها مثل األمر يف قوله تعاىل –وقويل <<

ون مثل األمر ، أعين به أن األمر فيها يف حالة اإلباحة وهي حالة جمازة يك }31األعراف { .يف ذلك

أريـد – وجيوز العدول عنه يف بعض احلاالت إىل عقوبات أخرى رادعة –وقويل <<

.ذه احلاالت ما اختلف فيه بني الفقهاء على ما سبق

ويكون شأنه يف ذلك شأن كل املباحات اليت ختضع لتصرفات ويل األمـر –وقويل << عدل فيها إىل غري القطع لويل األمر أن يتصرف فيـه أريد به أن العقاب يف احلالة اليت ي –

.بني تشديد وختفيف وغري ذلك

أريد به أن يراعى حال الزمان – وتقبل التأثري بظروف كل زمان ومكان –وقويل << يف انتشار جماعة مثال، فيكون ذلك ظرفا مبيحا للتخفيف يف غري حالة القطع، وللرأي جمال

لقطع أيضا، كما فعل عمر رضي اهللا عنه يف عام ااعة، وكذلك يف التخفيف بذلك يف ا يراعى حال املكان، ألن دار احلرب ليست كدار اإلسالم، فقد نصوا على أن احلـدود ال

.تقام يف دار احلرب

www.shahabd.com

45

فنجعل كال منها لإلباحة –وبعد هذا كله فلو فرض أن معىن عباريت األوىل هكذا << ىف هذا إال أين ال أزال على رأيي الذي أراه ويـراه النـاس أن فليس –ىف مجيع احلاالت

األمر يف ذلك ظاهر يف الوجوب إىل أن يتبني مقدار هذه الفكرة وحظها من الـصواب أو اخلطأ، فإن يكن ىف عرض الفكرة على هذا النحو الذي أفرضه فرضا مؤاخذة دينية فقـد

ه مؤاخذة دينية فإين واقف موقـف اخطأت الطريق، والعصمة هللا وحده، وإن مل يكن في .املنتظر للرأي الصحيح يف املسألة اليت عرضتها للبحث

وأين هذا الفرض الذي أفرضه من تلك التأويالت البعيدة اليت ارتكبها غريي يف آية <<

السرقة حبمل السارق على من تكررت منه السرقة، أو محل القطع على اإليذاء الشديد، أو أويالت اليت يأباها النظم العريب، ومع ذلك قيلت هذه االحتماالت يف اآلية غري ذلك من الت

ودونت يف كتب مطبوعة متناولة، ومل يشنع عليها جبزء مما أحيط به ذلك ] أي آية السرقة [ .املقال

وهذه بعض النصوص واألقوال اليت فيها ما يفيد ثبوت التخـيري يف بعـض هـذه << :احلدود

أغرم السارق : قال الشافعي – املسألة اخلامسة –خر الدين الرازي ىف تفسريه قال اإلمام ف

ال جيمع بني القطع والغرم، فإن غرم : وقال أبو حنيفة والثوري وأمحد وإسحاق . ما سرق مث ساق الفخر –فال قطع، وإن قطع فال غرم، وفصل مالك بني املوسر واملعسر يف الغرامة

.ب القائلني بأن التوبة قبل احلد تسقط احلد وذكر حجتهحجج املذاهب، وذكر مذه

إن : قال أبو حنيفـة – املسألة التاسعة عشر –" أحكام القرآن "وقال ابن العريب يف كتاب فجعل اخليار إليه، واخليار إمنـا . شاء أغرم السارق ومل يقطعه، وإن شاء قطعه ومل يغرمه

.ق حق اهللا تعاىل، فلم جيز أن خيير العبد فيهيكون بني حقني مها له، والقطع يف السار

www.shahabd.com

46

وال جيتمع قطع وضمان وترد العني لو كـان –عند قول املنت " شرح الزيلعي "وجاء ىف هذا أي عدم وجوب الضمان إذا كان بعد القطع، وإن كان قبـل " الكايف" ويف –قائما

أختـار القطـع يقطـع وال القطع فإن قال املالك أنا أضمنه مل يقطع عندنا، وإن قال أنا يرى ختيري املسروق منه بـني القطـع " الكايف"يضمن، وهذا نص صريح يف أن صاحب

والتغرمي، وهذا أبعد بكثري ممن يرى التخيري لإلمام الذي يناط به تنفيذ األحكام والـسهر .على حقوق اهللا تعاىل

و حنيفـة ال جيتمـع الغـرم وقال الثوري وأب : للحنابلة " املغين والشرح الكبري "وجاء يف

.والقطع، إن غرمها قبل القطع سقط القطع، وإن قطع قبل الغرم سقط الغرم

فلو ذهب ذاهب أخذا من هذه النصوص إىل أن الواجب األصلي يف السرقة إمنا هو الغرم وقد نسب ابن رشد –والقطع بدل عنه، ويكون حيث يراه اإلمام مصلحة، ملا كان بعيدا

إىل الكوفيني أن الواجب األصلي عندهم هو الغرم، وأن القطـع " بداية اتهد "ىف كتاب )انتهى(>> .بدل عنه

وملا قرر األزهر تكوين جلنة للتحقيق معه، وقدمت تقريرا رد الشيخ الصعيدي على تقرير

.اللجنة مبقال مسهب ختمه ذه الكلمات القطع أو الغرم أو احلبس على التخـيري ال فليشهد التاريخ بعد هذا أن السرقة جيب فيها "

القطع وحده، وليشهد التاريخ أن لويل األمر أن يتصرف يف العقوبات الـثالث حبـسب ظروف كل عصر، وليشهد التاريخ أين مل أخطئ حني قلت إن األمـر بـالقطع وحـده

."لإلباحة ألنه شأن الواجب املخري

www.shahabd.com

47

ا، الدكتور معروف الدوالييب، وقد روى هـو ممن تعرض هلذا املوضوع وأسيء فهمه أيض -99، ص 1973، أغـسطس 177العدد " (العريب"نفسه قصة ذلك يف مقال له مبجلة

: فقال 101

أخربين منذ أيام بعض األصدقاء من كبار هيئة العلماء يف الرياض أن الدكتور أمحد << يف جملتكم الغراء يف العدد عبيد الكبيسي، مدرس الشريعة اإلسالمية جبامعة بغداد، قد نشر

، كلمة حتت عنـوان 1972) أيلول( سبتمرب – 1392 الصادر يف شهر رجب 166إن بعض البـاحثني، "وأنه قد جاء فيها " احلكم بقطع يد السارق يف الشريعة اإلسالمية "

، 321، الـصفحة "املدخل إىل علم أصول الفقه : "ومن هؤالء معروف الدوالييب يف كتابه إىل جواز إلغاء السرقة أو تبديلها بعقوبة أخرى تبعا لتغيري األزمان واألحوال وأن قد ذهبوا

لويل األمر احلق يف تكييف عقوبة السرقة حسب الظروف واملقتضيات، وأن هؤالء ومـن وافقهم على أصل جواز تغيري األحكام املنصوص عليها إذا دعت إىل تغيريها مصلحة حىت

الكتاب والسنة، وأم أخذوا بوقوع النسخ كدليل علـى ولو تعارض ذلك مع نصوص جواز تغيري األحكام املنصوص عليها، وأم اعتربوا عدم قطع غلمان حاطب ملا سـرقوا

" فا يف النص وتعطيال للحدى هذا الكاتب كلمته بقوله " تصرأما وقد مت التـشريع "مث أاهلا، فليس ألحد أن يدعي أنه يعلم من اإلسالمي وأكمل اهللا دينه، وعقوبة السرقة على ح

وجوه املصلحة ما غاب عن علم اهللا ترته ذكره، ومن شقى بادعاء ذلك اتبع هواه بغـري فإن لم يستجيبوا لك : ]فليسمع قوله تعاىل . هدى من اهللا إن اهللا ال يهدي القوم الظاملني

اءهوون أهبعتا يمأن لمدي فاعهال ي الله إن الله ى مندر هيبغ اهوه عبات نل ممأض نمو مالظالمني م50القصص {[ القو{."..

وإنين أبدأ يف الرد على ما نسبه إىل كتايب من نقاط أساسية مرتبة كما جـاءت يف <<

تب أوال إىل إنين لست باحثا يف هـذه كتايب من أصول مث من فروع، مع لفت نظر الكا األمور ومبتدعا، وإمنا ناقال ومتمسكا مبا قرره العلماء، وعامال بفهمهم ال مبا نسبه الكاتب

.الكبيسي إيل من فهم ظامل

www.shahabd.com

48

من هؤالء الباحثني ومن وافقهم "ومن أوىل هذه النقاط األساسية زعم الكاتب بأنىن <<

ألحكام املنصوص عليها إذا دعت إىل تغيريها مصلحة، حىت ولـو على أصل جواز تغيري ا وهذا تان عظيم أبرأ منـه إىل اهللا وأسـتنكر ". تعارض ذلك مع نصوص الكتاب والسنة

نسبته إيل فيما خيصين وذلك بدليل ما جاء يف كتايب من نصوص واضحة صرحية ضد هذه وتصحيح ما أم عليه من ألفاظ أحيانا املفاهيم الباطلة اليت كان على الكاتب تصحيحها .وذلك بتحكيم تلك النصوص اليت ال غموض فيها

:ومن هذه النصوص <<

يف كل مسألة مل يرد يف الشريعة نص "إنين كلما ذكرت املصلحة للعمل ا فذلك : أوال

". عليها ومل يكن هلا يف الشريعة أمثال تقاس عليها

املصلحة إمنا هو ملقصود الشرع ال لألهواء، وأن كل مصلحة علم أا أن العربة يف : "ثانيا ليست من مقاصد الشرع كان االعتماد عليها يف االجتهاد واحلكم باطال ال يلحق احلكم

". بالشرع

وقد اعتربت الشريعة اإلسالمية النسخ .. النسخ ال يصح إال من قبل الشارع نفسه : "ثالثا ة حقا خاصا مبن له سلطة االشتراعلألحكام الشرعي."

وأما تغيري احلكم الذي مل ينسخ نصه فهو عبارة عن العمل بنفس النص الثابـت، : "رابعا

.."ولكن بدليل مستوحى من ظروف النص تبعا ملصلحة زمنية

www.shahabd.com

49

أن العمل مببدأ تغيري األحكام بتغير األزمان هو عمل اجتهادي جليل ودقيـق، : "خامسا يتطلب حسا مرهفا يف تلمس املصلحة لألمة ودفع املفسدة عنها، وإال فإن إطالق العمل به

."للمجتهدين يكون مدعاة لفوضى يف التشريع والقضاء

الـشافعية، : أن الفقهاء اختلفوا يف املصلحة جتاه النصوص على أربع طوائـف : "سادسا ونرى لزاما علينا أن : "مث قلت ." رسلة كـالطويف واحلنابلة، واملالكية، والغالة يف املصاحل امل

نشري إىل ما يف مذهب الطويف وأمثاله من خطر الغلو يف األخذ باملصاحل املرسـلة، وأن يف ذلك تعطيال للنصوص مبا يبدو للمجتهد من املصلحة، ولو جاز لتعطلت نصوص الشرائع،

ة األربعة جممعني على رفـض ولذلك وجدنا األئم .. وسادت الفوضى ىف العمل بالشريعة ." هذا الغلو

أن اإلسالم ملا اشتد ساعده وتوطد سلطانه، رأى عمر رضى اهللا عنـه حرمـان : "سابعا

املؤلفة قلوم من العطاء املفروض هلم بنصوص القرآن، وليس معىن ذلك أن عمر قد أبطل ، واعترب إعطاء املؤلفة قلـوم أو عطل نصا قرآنيا، ولكنه نظر إىل علة النص ال إىل ظاهره

معلال بظروف زمنية تقتضى ذلك العطاء، وتلك هي تألفهم عندما كان اإلسالم ضـعيفا، رت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبـات الـنصفلما قويت شوكة اإلسالم وتغي

رضي اهللا ومن هذا القبيل أيضا اجتهاد عمر ". "ومن العمل بعلته أن مينعوا من هذا العطاء عنه عام ااعة يف وقف تنفيذ حد السرقة وهو قطع اليد، معتربا أن السرقة رمبا كان يندفع إليها السارقون بدافع الضرورة ال دافع اإلجرام، ويف ذلك شبهة يف اجلرم علـى األقـل،

ـ ". واحلدود تدرأ بالشبهات دي ومن املعلوم أن عمر رضي اهللا عنه كان أمر أوال بقطع أي .غلمان حاطب ملا سرقوا، مث أمر بوقف القطع

إنـين مل " املدخل إىل علم أصول الفقه "ويتضح من هذه النصوص الواردة ىف كتاىب <<

، وال قلت بالتصرف بالنص وتعطيل "جبواز إلغاء عقوبة السرقة تبعا لتغري األزمان "أقل قط عة بعد األمر بـالقطع، وذلـك ألن احلد، وإمنا نقلت احلكم بوقف تنفيذ القطع عام اا

www.shahabd.com

50

جبواز تغري النصوص أو تعطيلها إذا دعت إىل ذلـك "احلدود تدرأ بالشبهات، ومل أقل قط كما عرف ذلك عن الطويف، والفرق خطري بني جواز تغري األحكام الزمنيـة، ". مصلحة

وحذرت منه وبني الزعم جبواز تغيري النصوص الثابتة وتعطيلها، وهذا ما رددته ردا صرحيا ودعوت إىل العمل مبا أمجع عليه األئمة األربعة من رفض ذلك وعـدم جـواز األخـذ

، ولذلك ال جيوز للكاتب األسـتاذ "إذا تعارضت مع نصوص الكتاب والسنة "باملصلحة الكبيسي أن يأخذ مبفاهيمه املغلوطة وأن يهمل نصوصه الصرحية، وأن ينسب إيل ظلما ما

ير منه، وخاصة ما نسبه إيل من سوء فهم ملا استشهدت به من كالم قد صارحت بالتحذ ابن القيم رمحه اهللا ظنا منه أنين استشهدت به إلسقاط النص أو للتصرف فيه وتعطيله ممـا

>>.أبرأ إىل اهللا منه ومن سوء فهمه

عاليلي ومن الكتاب املعاصرين الذين قدموا اجتهادا ىف موضوع السرقة األستاذ عبد اهللا ال أن العقوبـات "وخالصة ما انتهى إليه يف موضوع احلـدود قولـه " أين اخلطأ "يف كتابه

."املنصوصة ليست مقصودة بأعياا حرفيا، بل بغاياا

:ويستطرد

يف السرقة، ليست هي األصل، وأـا ال " القطع"وليس معىن هذا الرأي، أن عقوبة << غايتها الردع احلاسم، فكل ما أدى مؤداهـا يكـون تطبق، بل أعين أن العقوبة املذكورة

بعد أن ال تفي الروادع األخرى وتـستنفد، " األقصى، األقسى "مبثابتها، وتظل هي احلدوال أذهب أبدا مذهب التأويل املوغل، الذي استبعدته وأسقطته . يف موجبه " اجللد"ومثلها

أنـصر "مشاكال تفسري الـنيب ) فاجلدوا(ة وجمازي) فاقطعوا(مبجازية تفسري .. من االعتبار " قطـع وجلـد "أي خذوا هؤالء وهؤالء بالوازع الرادع، الذي هو ... اخل" أخاك ظاملا

.جمازيان، ال حسيان

www.shahabd.com

51

وألنتقل إىل تبيان رأيي، الذي ينهض على إقامة مطلق الردع مقام احلد عينه، إال يف << ال : "وأسـتأنس حبـديث ". فآخر الدواء الكي "رارا حال اإلصرار، أي املعاودة تكرارا وم

."صغرية مع اإلصرار، وال كبرية مع اإلستغفار، وإن مل خيل سنده من مقال

فعدا عن أنه ال يتفق مع روح القرآن، الذي جعل –أما املبادرة إىل إنزال احلد عينه << موعة مشوهني، هـذا القصاص صيانة للحياة وإشاعة لألمن العام، وليس جلعل اتمع جم

مقطوع اليد، واآلخر الرجل، واآلخر مفقوء العني أو مصلوم األذن أو جمـدوع األنـف " الكامـل : "ال يتفق مع القواعد النحوية فقد حلظـه جيـدا املـربد يف كتابيـه ... اخلالـسارق (فـالقرآن، إن يف السرقة أو الزىن، عرب بصيغة اسـم الفاعـل ". املقتضب"و

، ومعروف أن التحلية بأداة التعريف، يف هذا املـورد، جتعلـه )الزانية والزاين (، )والسارقةأقرب إىل النسبة منه إىل جمرد التلبس باحلال الفعلية، فكثريا ما دلت صيغة اسـم الفاعـل

...عليها، مثل طالق، فارك اخل

نـسبة إىل وعليه فالتبادر، الذي هو عالمة احلقيقة فيهما، حيمل على أنه من باب ال << السرقة والزنا، أي من غدا هذا وهذا ديدنه، ويقوي الفهم املذكور اآلية الالحقـة آليـة

[. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن اللـه غفـور رحـيم ]السرقة السلوك، وإال كانـت مقحمـة أي تترك له فرصة لالستتابة وإصالح .. }39املائدة {

فمن اعتدى بعـد ]ويقويه أكثر فأكثر اآليـة . إقحاما يف جمال حـكمي وال معىن هلـا أليم ذابع فله 178البقرة {[. ذلك{..

بالنص الصريح، يقطع عرق الرتاع، يف أنه ال قطع وال " البعدية"وهذا التأكيد على <<

)انتهى(>> . استتابة ونكول، وإصرار معاود للمعصيةجلد وال حد إال بعد

www.shahabd.com

52

وقام الدكتور امساعيل علي معتـوق، عـضو جملـس الـشعب عـن دائــرة قنـا ، بشيء من االجتهاد ويف مشروع قانونه الذي قدمه إىل الس بتعديل )1976/1977(

:هقانون العقوبات تعديال يصبح مبقتضاه قانونا إسالميا كامال إذ جاء في

وقد الحظ بعض الفقهاء والباحثون أن كلمة السارق وكلمة السارقة : 312املادة << وصفان ال فعالن والوصف ال يتحقق يف الشخص إال بالتكرار فال يقال ملن ظهر منه اجلود مرة إنه جواد وال ملن وقع منه الكذب مرة أنه كذاب وال للفاسق الذي ال يقول احلق أو

خيفى ما ال بيديه إذا صدق مرة إنه صادق أو صدوق إمنـا تقـال هـذه املنافق الذي ال وبتطبيق هذا علـى . األوصاف ملن يتكرر منه فعلها حىت تكون امسا له وعنوانا يعرف به

كلمة السارق والسارقة يكون املستحق للقطع هو من صار هذا وصفا له، وال يكون ذلك .احدة فال تقطع إال يد السارق العائدإال بتكرار االرتكاب وال يكون بالفعل مرة و

فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن ]ومما يرشح هلذا الرأي ما ورد ىف مؤخرة اآلية <<

حيمر غفور ه إن اللهليع وبتي وال تكون التوبة النصوح يف الغالب ممن يتكرر منـه [. اللهتكون ملن يرتكب الفعل جبهالة مث يتوب من قريب ولذلك يقول اهللا تعـاىل بالفعل بل إا

فضال عـن أن [. إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ]ت ال ترد الودائع املخزومية اليت قطع الرسول يدها قد عرف عنها أا معتاده السرقة فكان

اليت تودعها وال العواري اليت تستعريها وباإلضافة إىل ذلك فقد روى عن عمر بن اخلطاب أعف عنه يا أمري املؤمنني فإن "رضى اهللا عنه أنه ملا أراد قطع يد شاب سرق قالت له أمه

."إن اهللا أرحم من أن يكشف ستر عبده ألول مرة: "فقال هلا عمر" هذه أول مرة والواقع أن اآلثار الواردة مل يكن فيها ما يشري إىل وجوب التكرار إلقامة احلـد وأن < <

رسول اهللا قطع يد رجل سارق رداء آخر وضعه يف مثل حرزه باملسجد دون أن يـسأله أسبق منه ذلك مل يسبق إال أنه يقال إن السرقة يف هذا املكان ويف مثل هذه احلال ال تكون

فضال عما أمجع عليه الفقهاء من القطع ألول مرة مل يعـرف . ه السرقة إال ممن تكررت من

www.shahabd.com

53

خمالف هلا إال تلك الرواية عن عمر رضى اهللا عنه واليت مل يكن فيها تـصريح باشـتراط .التكرار

غري أن املشروع قد أخذ ذا الرأي الذي جعل احلد يف السارق العائد ألنـه هـو <<

والسارقة وأن احلالتني اللتني رويتا عن الرسول كانتا من األقرب إىل تفسري لفظي السارق شخصني عرفت أوالمها بأا جتحد العواري وال ترد الودائع ففيها صفة االعتـداء علـى املال، والثاين مقتحم على مكان مقدس ال جيرؤ على االقتراب منه إال من جبلت نفـسه

وذلك باإلضافة إىل أن هذا الرأي . تادعلى الشر واستمرأت روحه اجلرمية، وذلك شأن املع ا درء احلـد وإن كان حديثا إال أنه خلق شبهة قوية هلا سندها من اللغة والتطبيق تعني

فال جيوز تطبيقه على من –على حنو ما درج عليه املشروع عند كل اختالف بني الفقهاء عني أخذه بالتعزير، مث من املشروع بل يت 311سرق ألول مرة وهذا ما نصت عليه املادة

أن هذا املشروع يتعرض لوقت اعتاد فيه الكثري االعتداء على األموال لـوهن العقوبـات احلالية وعدم جدواها ىف الصد عن هذا النوع من اجلرائم فأصبح من املتعني التدرج معهم

األوىل مع كنوع من التربية على احلياة الطاهرة اجلديدة وضرب من تورط يف السرقة للمرة تنبيهه بأن يده ستقطع إن عاد إىل السرقة فإن عاد فال يلومن إال نفسه وهذا التدرج له ما

غه فهو ال يصطدم بالنصصرحيه أو فحواه: يسو.<<

نقول لو أن السادة الذين اجتهدوا يف موضوع السرقة بدءا مـن الـشيخ عبـد املتعـال الذين يجتنبـون ] من سورة النجم 31 اآلية الصعيدى حىت األستاذ معتوق راجعوا تفسري

مإال اللم احشالفواإلثم و ائرم فقد جاء يف تفسري ابن [كبد اجتهادالوجدوا فيها ما يؤي ،كثري عن أيب هريرة أن اللمة من الزنا مث يتوب وال يعود وعن احلسن أنه قال اللمم مـن

اخلمر مث ال يعود وتكرر إيراد رواييت أىب هريرة واحلـسن اللـتني الزنا والسرقة أو شرب أوردمها ابن كثري يف تفسري الطربي وجاء يف تفسري الطربي عن عبد اهللا بن عمـرو قـال

.اللمم ما دون الشرك

www.shahabd.com

54

.كما جاءت هذه الروايات أيضا يف تفسري القرطيب

استظهروا هذه اآليـة عنـدما وال شك أن الرسول وأبا بكر وعمر وغريهم من الصحابة

كانوا يلقنون املتهم اإلنكار ويدفعون عنه احلد بكل الوسائل على نقيض الفقهاء الـذين أعملوا النص دون أن يعودوا به إىل مثل هذه اآلية حبيث يكون حكمهم جامعا مـا بـني

حلـاالت نص احلكم والنص القرآىن الذي يرتفق على نص احلكم، وذا يسقط احلد يف ا .األوىل، ألن اهللا تعاىل سبق بالعفو عنها أو أسقطها من كبائر اآلمث والفواحش

www.shahabd.com

55

الفصل اخلامس تعميق العقيدة قبل تطبـيق الشريعة

ال ريب أن القارئ قد تكون لديه فكرة عن الطبيعة اخلاصة للشريعة نتيجة تفرعهـا مـن طبيعتها اخلاصة اليت متيزها عن منظومـة العقيدة وأن هذه احلقيقة هي اليت تعطي الشريعة

القوانني اليت تضعها الدول األوروبية أو غريها، أعين دون االعتماد على أساس ديين، واليت ولكن هذا قلما يتحقـق بالقـدر . يفترض بالطبع أن تكون حمل التقدير باعتبارها القانون

ن ما وترى أنه قد وضـع لغايـة الالزم إذ كثريا ما ال تثق اجلماهري يف بعض نصوص قانو يف " القانون محـار "خاصة وليس ملصلحة عامة وقد يصل امتهان القانون إىل إطالق تعبري

بعض الكتابات، وهذا أمر ال يتصور بالنسبة للشريعة إذ أن جذرها الديين يضفي عليهـا ..حصانة وقداسة ويعطي االلتزام ا طابعا إميانيا

يف هذا كله يعود إىل العقيدة إال أن كثريا من املفكرين اإلسالميني فتنـوا ومع أن الفضل

بالشريعة وما توحي به بفضل كماهلا من تكوين جمتمع أمثـل تنتفـي فيـه املنازعـات .واملصارعات اليت متزق اتمعات األخرى

يئا يكرب هذا اإلميان وشيئا فش .. وشيئا فشيئا يتحول هذا اإلعجاب إىل إميان بأمهية الشريعة

ليطغى على العقيدة فال تذكر إال ملاما، وكأن الشريعة، حبكم نصوصها، ميكن أن تـؤدي .وظيفتها يف تكوين اتمع األمثل

وملا كانت الفكرة لدى هؤالء عن تطبيق الشريعة يأخذ صورة تقنني الشريعة أي إصـدار

ية دف التطبيق، وملا كان إصدار القوانني هـو القوانني اليت تبلور نصوصها يف مواد قانون حكر الدولة الذي ال ينازعها فيه جهاز آخر فإن أمل هؤالء كله متحور حـول تكـوين

..الدولة اليت تصدر قوانني الشريعة

www.shahabd.com

56

ومع أن هذا السياق من مقدمات لنتائج يبدو طبيعيا وسليما، فاألمر احملقق أن نـصوص

طحب الطبيعة اإلميانية هلا فإا لن تعد إال نصوصا جوفاء ميكـن قوانني الشريعة ما مل تص .استغالهلا وحتريفها، أو على أحسن تقدير تفقد حرارة اإلميان

وما مل تكن هناك عقيدة، فلن تكون هناك شريعة، وإمنا سيكون هناك نظم مدنية متثلـها

.القوانني الوضعية

يعيا أن يأيت تعميق العقيدة قبل تطبيق الشريعة، ويكون طب .. لقد قلنا إن العقيدة هي األصل ليس فحسب ألن هذا هو ما تقتضيه العالقة ما بني األصل والفرع، ولكن أيضا ألنه هـو

فقد ظهرت العقيدة، وظلت وحدها هي الـيت متثـل . التطور الذي أخذه تاريخ اإلسالم شرين عاما هـي مـدة اإلسالم طوال سنوات مكـة، أي ثالثة عشر عاما من ثالثة وع

البعثة، ومل يكن لإلسالم طوال الفترة من حدود أو شريعة أو جهاد إال مبعىن تكوين النفس تكوينا إميانيا يقوم على جهاد النفس، ولو مات أحد املسلمني يف هذه الفترة وهو يعـب

مـع وبعد أن انتهت هذه املرحلة وظهر جمت . اخلمر عيارا ملا جوزي على ذلك يف اآلخرة ألن كلمة دولة املدينة ليست دقيقة متاما العتبارات عديدة أشرنا إليها ىف مناسبات (املدينة

.ظهرت الشريعة) سابقة عديدة

وتتعمق يف النفوس حىت ميكـن تطبيـق .. فالترتيب الطبيعى لألمور أن تظهر العقيدة أوال ).وهو ما تقدمه العقيدة( ألن تطبيق الشريعة البد وأن يرتكز على أساس إمياىن. الشريعة

:إن اإلميان ضروري وال ميكن االستغناء عنه ألنه

هو الذي جيعل الناس تتقبل موجبات وحمرمات الشريعة، إذ ليس من السهل منع الناس . أ

من االكتساب عن طريق الربا، أو البيوع الفاسدة أو االلتزام بعدم شرب اخلمر أو عـدم

www.shahabd.com

57

نفس وكذلك اإلميان بضوابط احلكم اإلسالمي ما مل يؤمن ـا االنسياق مع ما وى األ .الناس إميانا قلبيا طوعيا

سيحسم االختالفات يف حتديـد املـشكالت، -يف ضوء العقيدة -إن فهم الشريعة . ب

وأولوياا، وطرق عالجها وسالمة التطبيق وعدم االحنراف وحتقيق التكامـل مـا بـني مرتبطة ) الشريعة(ا مجيعا يف بوتقة واحدة حبيث تكون الثمرة الشريعة والعقيدة وسيصهره

.ومرتكزة عليه) وهو العقيدة(باجلذر إن اإلميان، وهو مثرة العقيدة، هو الذي خيتصر الوقت، ويوفر قـوة الـدفع الالزمـة . ج

لتحقيق التغيري وحتويله من إرادة إىل فعل وعمل، وبقدر قوة اإلميان بقدر ما تكون قـوة .فع، وبقدر ما خيتصر الوقت وحيقق النجاحالد

فاإلميان هو الطاقة، أو الوقود ااين املستكن يف النفوس والذي يؤدي تفجريه إىل توليـد كمـا . قوة الدفع اليت بدورها حتول اخلطة املرسومة من كلمات وأرقام إىل وقائع وأفعال

.وميكنها من االرتفاع عن األرضيفعل البرتين يف الطائرة إذ يدفع ا لألمام بسرعة

.وهكذا تتضح أمهية العقيدة اليت تولد اإلميان الذي يولد القوة الدافعة

ومن هنا فإن العقيدة الزمة ألا هي اليت توفر اإلميان أي القوة الدافعة، ولتوضيح الصورة، ة هي ممـا ال وكثريا ما خيطر لإلنسان أن هذه الفكر . أي سالمة التطبيق وعدم االحنراف

خيتلف عليه اثنان، ومما تؤدي إليه البديهة والترتيب املنطقى لألولويات، ولكن ما جعـل علـى حتقيـق " الـسلطة "البعض يتحمس ألولوية الشريعة هي الفكرة اخلادعة عن قدرة

" السد العـاىل "إن السلطة ميكن بالفعل أن تقيم مشاريع عمرانية مثل . اإلجنازات الكربى . جز متاما عن بناء إنسان أو بث إميان أو حىت إصالح إدارة القصر العيينولكنها تع

www.shahabd.com

58

علـى -وقد استهوت هذه الفكرة وضللت أذكياء الدعاة حبيث آمن ا املعسكران اللذان وقد كـان . إال ومها اهليئات اإلسالمية، واألحزاب االشتراكية " دعوة" ميثالن -تناقضهما

ه اهللا حذرا يف هذه الناحية، وخلص من أن يؤخذ ا عندما اإلمام الشهيد حسن البنا رمح ، وكذلك تفرقته "إن اإلخوان ال يسعون للحكم ولكن احلكم هو الذي يسعى إليهم "قال

والثورة، وترحيبه باألوىل وعزوفه عن الثانية، وتركيزه على البنـاء .. احلكيمة ما بني القوة ة، ولكن هذا مل يـستمر حـىت يف اإلخـوان النفسي والعمق العقيدى واألساليب التربوي

املسلمني كما مل يوجد أصال لدعاة االشتراكية وعلى رأسهم لينني، الذي جعـل هدفـه وتصور أنه عن طريق السلطة ميكن أن يبين االشتراكية، وملا جنـح يف " السلطة"األول هو

رية إلقامـة بنـاء االستيالء على السلطة عمل جاهدا بكل ما فيه من تصميم وإرادة وعبق االشتراكية وإرساء قواعدها، وبدا أنه جنح يف هذا، ولكن سبعني سنة من السلطة مل تكف لتحقيق االشتراكية واوت أخريا عندما تعرضت لالختبارات، وميكن القطع بأن عـشر سنوات من الرسول كانت أبقى أثرا من سبعني سنة من لينني وخلفائه ألن الرسول عـىن

كما أن مخسني سنة من . تعميق العقيدة خالل ثالثة عشرة سنة قبل أن يتقلد سلطة أوال ب نشاط اجلمعية الفابية ىف بريطانيا إلدراج الفكر االشتراكي بالنشر والدعوة السلمية بـني

45النقابات واجلماهري كلـلت بالنجاح عندما بدأ حزب العمال ثورته االجتماعية سنة دون أن يقع ىف سوءة . وحقق أكثر ما تطلبه اجلماهري من االشتراكية عندما تقلد احلكم،

السلطة أو يرتكب ما ارتكبه لينني وستالني وماوتسي تونج من سـفك الـدماء أـارا والقضاء على احلرية وغريها من املوبقات اليت لوثت احلكم االشتراكي وجعلته نقمة بدال

.من أن يكون نعمة

الذي وصل -رة املكللة بالدماء، واآلالم والفظائع إمنا كانت إلميان لينني وهذه التجربة امل وأا قـادرة علـى حتقيـق العقيـدة -ولك أن تقول الثورة - بالسلطة -إىل حد اهلوس

.االشتراكية، يف حني أن السلطة هي سم العقائد وما أن تدخل السلطة حىت خترج العقيدة

www.shahabd.com

59

قادة الدعوات اإلسالمية أن وازع السلطان ال قيمة له ما مل وأنه ملن أهم األمور أن يؤمن يقم على أساس وازع القرآن، وأم ما مل يقيموا بناءهم على أساس من العمق اإلميـاىن،

.فإنه ال بد سينهار

أنه ما مل يتوصل الدعاة إىل إشاعة العقيدة حبيث -أي عقم السلطة -وما يفسر هذه النقطة حىت ولو كانت أوال حمدودة مث تشيع وتصبح حمل تسليم من -موعة تتأصل وتتعمق يف جم

، وعنـدما "أقلية" نقول إن مل يتحقق هذا فإن السلطة تصبح ىف أيدي -القاعدة العريضة تريد هذه األقلية أن حتكم فإا ال جتد اآلذان الصاغية، أو القلوب املتجاوبة بل جتد الشك

لسلطة وال جتد األعوان املؤمنني الذين ينشرون عقيـدا الذي يقترن يف أذهان الكثريين با باحلكمة واإلقناع واألسوة، وتضطر عندئذ إما أن حتكم بالديكتاتورية فيفسد كل شـئ فورا، أو تلجأ إىل تكوين حزب يهرع إليه املنافقون واالنتهازيون ألنه حـزب الـسلطة،

يفيد أن يكون لدى اهليئة حـزب فيقوم البناء على أساس هش ال يلبث أن ينهار، كما ال قوي مؤمن ولكنه قليل العدد ألا ستضطر إىل احلكم بديكتاتورية هذا احلزب الـذي ال يلبث أن يتآكل أو تفسده السلطة والنفوذ والبريوقراطية، وهذا هو املأزق الذي وقع فيـه

صورة إسالمية لينني، ومجال عبد الناصر، وما أخطأه الشهيد سيد قطب الذي يعد فكره .من احلزب اللينيىن

وما مل يفهمه قادة الدعوات اإلسالمية املعاصرة هو أنه ما مل تكن هناك قاعـدة عريـضة حبجم األغلبية، مؤمنة بالشريعة، فإن أي حماولة لتطبيقها لن تكون ناجحة وسـتنتهي إىل

.الفشل وتكون هلا انعكاساا السيئة على الدعوة اإلسالمية

ن تعميق العقيدة هو الشرط األول لنجاح تطبيق الشريعة، فهناك مشكلة كـأداء فإذا كا ..تلك املشكلة هي. تقابلنا

www.shahabd.com

60

؟.. أي عقيدة

يبدو أن هذا سوآل ال حمل له، وأن جمرد إيراده يثري الدهشة، فنحن مل يكن لدينا ما نتكلم عنه إال العقيدة وأمهيتها، مث تأتى اآلن ونقول أي عقيدة ؟

.ا يعود إىل حقيقة مل ينفسح السياق السابق لإلشارة إليها على أمهيتهاهذ

تلك احلقيقة أن فهم اإلسالم كله، وليس العقيدة والشريعة بل أيضا الروافد اهلامـة مـن تفسري وحديث وفقه السائد اآلن واملسلم به والذي تدعو إليه املؤسسة الدينية والذي يؤمن

لدعوات اإلسالمية على اختالفها، املتشددة واملعتدلة، بل والـيت به املصلحون وتنادي به ا .تفخر ا كل هؤالء من دعاة، أو هيئات، أو أزهر أو فقهاء، هو الفهم السلفي للعقيدة

.وهو فهم خيتلف عن الفهم القرآىن، كما خيتلف عن الفهم النبوي

...إنه باختصار فهم األسالف

:هم لقلنا إنه يشترط وإذا أردنا حمددات هلذا الف

.إتباع املذاهب السنية األربعة. 1 واسـتمداد ... قبول ما تعرضه التفاسري املعتمدة مثل الطربي والقرطيب وابن كثري، اخل . 2

...من ناسخ ومنسوخ وأسباب الرتول اخل" علوم القرآن"األحكام منها وكذلك قبول كل ، رواية ودراية والتسليم على األقل بـصحة "يثعلوم احلد "قبول ما قرره احملدثون ىف . 3

.أحاديث البخاري ومسلم

www.shahabd.com

61

توقري السلف الصاحل وعدم املساس م واستلهامهم إن مل يكن ىف األحكـام، فعلـى . 4

..سبيل األسوة

وىف الوقت الذي تعتز فيه الدعوات اإلسالمية على الساحة ذا املرياث السلفى، ويؤمن به إلسالميون، ويعد كل خارج على هذه الـضوابط األربعـة شـاذا، أو الكتاب والدعاة ا

منحرفا أو مائال عن اخلط املستقيم ويتعرض لالام بشىت التهم، فـإن دعـوة اإلحيـاء ترى أن ال تقدم إال بعد جماوزة هذه السلفية، وأن التمسك ا لن يـسمح ] 4[اإلسالمي

..ايل التخلفبأي تقدم وإمنا يعين اجلمود وبالت

وهذا ما يتطلب إعادة كتابة منظومة املعرفة اإلسالمية بفروعها الثالث التفسري واحلـديث .والفقه وهذا األمر على جسامته، وعلى أنه يصدم الكثريين، فال مفر منه

هـذه كلـها مـسكنات . ال الترقيع يصلح، وال التجزيئية تصلح، وال التدريج يـصلح

.لبث أن تتبددوعالجات وقتية ال ت

؟...وملاذا يكون ال مفر منه

ألن االلتزام به يعين التخلف: الرد..

؟...وما الدليل على ذلك

فـالواقع . الدليل على ذلك واقع املسلمني املتمسكني ذا الفهم السلفي وامللتـزمني بـه هذا اإلسـالم املتخلف املتدهور يضعنا أمام سؤال إما أن هذا التدهور والتخلف يعود إىل

حيثما وجد املسلمون، يف الشرق ) أي التخلف (الذي يلتزم به املسلمون خاصة وإننا جنده

www.shahabd.com

62

وإما أن هذا الذي يؤمن به املسلمون ليس هو اإلسالم احلق .. والغرب والشمال واجلنوب .ألن اإلسالم احلق ض باملسلمني ومل يرتل م

..لصواب وأمامه ال يكون مفروهذا التحليل األخري هو احلقيقة وا

هل الذي وضع هذا التراث مالئكة نزلوا من ... وملاذا نرتعج، ونندهش، وخناف، وحنجم

السماء؟ هل هم أناس هلم عصمة ووصفوا بالكمال دون الناس؟ أمل يقل أبو حنيفة منـذ ا اليـوم ؟ أفال حيق لنا أن نقول إنن "وحنن رجال .. هم رجال "أكثر من ألف وثلثمائة عام

أقدر من أسالفنا على العمل بفضل ما توافر لنا من أدوات ومعدات البحث وبفضل الثورة ؟..الثقافية اليت جعلت املعارف تنهمر كسيل جارف

:وإذا كان الشاعر القدمي قد قال

إنا وإن أحسابنا كرمت

لسنا على اآلبـاء نتـكل

نبين كما كانت أوائلنا

عملواتبين ونعمل مثلما

...فما أحق أن ينطبق علينا هذا القول

www.shahabd.com

63

حنن ال حنس عجزا، وال يتملكنا خوف، بل إننا بالفعل قد وضعنا اخلطوط األولية إلعادة جتديـد "تأسيس منظومة املعرفة اإلسالمية وشرحنا هذا بنوع من التفـصيل ىف كتـاب

:وميكن تلخيصه كاآليت " اإلسالم

إمنا أنزل لإلنسان وليس العكس، ذلـك أن مـشيئة اهللا تعـاىل إثبات أن اإلسالم : أوال اقتضت أن جيعل اإلنسان خليفة له على األرض فخلقه يف أحسن تقومي، وعلمه األمسـاء

وحرصا علـى هدايـة اإلنـسان . وأسجد له املالئكة وهذه وقائع هلا مدلوالا بالطبع أنــزل . ا لإلذالل واالستغالل وتسليحه ضد الغوايات، ولدعمه عندما تعرضه أوضاع م

يضع عنهم إصرهم والأغلال )ولـ [ لتخرج الناس من الظلمات إلى النور )اهللا اإلسـالم همليع تفاإلسالم يف جوهره رسالة حترير والرسول يف حقيقته زعيم مجـاهري [. التي كان

و اإلنسان وإعداده ليكون أهال ملا أراده اهللا له خليفة علـى والغرض من وراء كل هذا ه .األرض

كيف أن الديانات كلها كانت هـي الـيت أنقـذت " جتديد اإلسالم "وقد أثبت كتاب

اليهود يف مواجهة الفراعنة، األرقاء واملستضعفني يف : اجلماهري املستعبدة من إسار اجلربوت لعربية املتنازعة لتكون أمة حتمل الكتاب وامليزان ومل تكـن وأخريا القبائل ا . مواجهة روما

هناك قوة أخرى غري األديان تعين باجلماهري وال تقوى على صـد جـربوت األبـاطرة .والفراعنة والقياصرة

وأثبت الكتاب أن اتمع النبوي يف املدينة، وهو الوحيد الذي ميثل اإلسالم وحيسب عليه،

مبعىن الكلمة، يوفر الكرامة واألمن لإلنسان من واقع فهم املـسلمني كان جمتمعا إنسانيا وقتئذ لدينهم وأن شرعة املساواة كانت هي القانون األعظم يف جمتمع املدينة وأن سـلطة احلكومة كانت مقيدة من البداية بقبول اجلماهري ويف النهاية حبق اجلمـاهري يف تقوميهـا

، ألن لألديان "حقوق اإلنسان "أو " احلرية"مل جند كلمات وال يؤثر على هذا أن .. وعزهلافالرباءة األصلية وفكرة أن احلرام هو . تعبرياا اخلاصة اليت تعرب ا عن هذا املضمون نفسه

www.shahabd.com

64

ا، وحقصريح بتحرميه يف القرآن حيقق احلرية بأوسع معانيها وجماال األمـر "ما جاء نصالتكافل االجتماعي، وفرض الزكاة اليت تؤخـذ مـن حيقق " باملعروف والنهي عن املنكر

وكان اإلنسان يف املدينة عهد الرسـول . األغنياء لتعطى للفقراء حيقق التكافل االقتصادي آمنا ىف سربه، ال يتصور أن يهجم عليه بوليس ويزجه ىف السجن، فاملدينة مل يكـن هلـا

.بوليس ومل يكن فيها سجون

اليت متناها الفالسفة انتهت سريعا، رمبا مبجرد " اليوتوبيا" حققت إن هذه الفترة اليت : ثانيا أن طعن عمر بن اخلطاب، ورمبا طالت شيئا ما ولكنها انتهت اية مأساوية ومؤسفة سنة

هجرية عندما أحل معاوية بن أيب سفيان احلكم العضوض حمل اخلالفة الراشدة ونقل 40 ..العاصمة من املدينة إىل دمشق

من هذه اللحظة بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الدولة اإلسالمية، مرحلة حافلة بـاحلكم املطلق، وإهدار كل احلقوق واحلريات ووصلت هذه املرحلة إىل قمتها ىف القرنني الثـاين

ال " عندما بلغت املرحلة اإلمرباطورية اليت ال تغرب عنها الـشمس أو –والثالث للهجرة ]5"[.يتجاوزها السحاب

وال تقتصر طبيعة هذه املرحلة على احلكم املطلق، إذ إا اتسمت بظهور ملل ونحل شاذة، منحرفة، من آثار الوراثات القدمية حلضارات الشعوب اليت فتح اإلسالم بالدها كما دخلها

وتأثر فقهها وفكرها بآثـار الفلـسفة ... أجناس من ترك، وفارسيني، وديلم، وكرد اخل ..نانية ومنطق أرسطواليو

الحظ أن أمحد بن حنبل (يف هذه الفترة بالذات وضع األسالف منظومة املعرفة اإلسالمية املمثل األول للسلفية عاصر حكم املأمون واملعتصم أي القمة الىت بلغتـها اإلمرباطوريـة

شاعرين أو وحتتم على الفقهاء سياسيا، وسيكولوجيا وعمليا، ).. وبدأت بعدها يف الرتول غري شاعرين، راغبني أو غري راغبني، أن تصدر أحكامهم مبا يتفق مـع طبيعـة املرحلـة

www.shahabd.com

65

لقـد . اإلمرباطورية للدولة وليس مبا يتفق مع األصول اليت قررها القرآن وطبقها الرسول انتهى عهد اإلنسان وبدأ عهد السلطان، انتهت األوضاع القرآنية النبوية اإلنسانية وجاءت

م السلطانية السلطوية املستبدة، وظهر هذا يف أحكام تأمر بطاعة األمري وإن جلـد األحكامن جهل معلوما "ظهرك وغصب مالك، وتغفل الزكاة بينما توثن الصالة، وتصطنع صيغة

فهو مرتد، وتقنن دونية املرأة وهذه كلها تناقض مع ما كان قائما يف " من الدين بالضرورة .لة النبوية واخلالفة الراشدة بقدر ما تتفق مع مقتضيات الدولة اإلمرباطوريةاملرح

كشفت دعوة اإلحياء عن مأخذ خطري، يف منظومة املعرفة اإلسـالمية دق علـى : ثالثا

ذلك هو وجود كيد قدمي لإلسالم ظهر من أيام الرسول وعبرت عـن –القائمني عليها فـصلت {[. روا ال تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبـون وقال الذين كف ]اآلية وملا كان القرآن حمفوظا يف الصدور، مثبتا يف الرقاع فإن اللغو فيه إمنا يكون ممكنا .. }26

بوضع أحاديث تشكك فيه وتشوه صفحته وتتضمن أحكاما مناقـضة لـه، وقـد قـام افقون ذا، ولكن مل تعرف هذه األحاديث أو مل يؤخذ ا إال مع بدايـة املشركون واملن

املرحلة اإلمرباطورية ومع وضع املفسرين تفسريام إذ دق عليهم تبين وضعها ألن الـذين وضعوها جعلوا هلا سندا ينتهي إىل عمر بن اخلطاب أو عائشة أو ابن مسعود أو غريه من

قد أصبحوا أسرى اإلسناد وأصام ذلك بنوع من الغفلة فضال وكان احملدثون .. الصحابةعن أن هذا التشويه أو املسخ كان يتالءم مع طبيعة املرحلـة اإلمرباطوريـة وحيـل هلـا

وال خياجل دعوة اإلحياء شك أن كل األحاديث عن الناسخ واملنسوخ وأسباب . مشكلتهان آيات أو سور منسية أو أخطاء الرتول وكل ما حفلت به كتب السيوطي والزركشي ع

وتـأمر .. يف اآليات، يضاف إليها األحاديث الىت تقيد حرية االعتقاد وتقرر دونية املـرأة كل هذا من وضع الذين أرادوا أن يلغوا يف القرآن، ودعوة اإلحياء، دون .. بطاعة احلاكم

ألـا . حاديث يف عهد الرسول إننا ال نرى عمليا أثرا هلذه األ . أي تردد، تستبعدها مجيعا أما يف عهـد . تسللت واندست وبدأ األخذ ا يف املرحلة اإلمرباطورية للدولة اإلسالمية

.النبوية ا/الرسول فما كانت تسمح األوضاع اإلنسانية

www.shahabd.com

66

وأخريا فقد كان لدى دعوة اإلحياء الشجاعة لتعلن أن األسالف، مع االعتـراف : رابعا صهم وتفانيهم، فإم ليسوا معصومني وال ميكن اإلدعاء بـأن كـل مـا بنبوغهم وإخال

توصلوا إليه يتحتم األخذ به وأنه حىت لو كانت هذه املنظومة سليمة عندما وضعت، فإا اآلن، وبعد ألف عام من وضعها ال ميكن أن جتابه مشكالت العصر أو حتقق نوعـا مـن

ا هو كإلزامنا أن نلبس عند رجولتنا ما كنـا نلبـسه يف التعايش معه، وأن االلتزام باتباعه خاصة إذا وضعنا يف تقديرنا ما اتسم بـه .. هذا شيء مرفوض وال ميكن عمليا .. طفولتنا

العصر احلديث من سياق حثيث وثورة يف املعرفة واالكتشاف واالختراع نتيجـة لثالثـة ل أوروبا مسح يف النهاية بالوصول إىل قرون متوالية من التراكم املعريف والتواصل ما بني دو

اإلجنازات املذهلة اليت غريت متاما صورة األوضاع عما كانت عليه من مائـة سـنة، دع ..عنك ألف عام

وهكذا انتهت دعوة اإلحياء اإلسالمي إىل عدم االلتزام مبنظومة املعرفة اإلسـالمية الـيت

.لفةوضعها األسالف وضرورة إعادة تأسيسها بطريقة خمت

–إن دعوة اإلحياء اإلسالمي مل تأت بشيء من عندها أو من غري اإلسالم ألن القـرآن أرشدنا إىل املصادر األخرى اليت كانت من فكرهـا، هلـذا فإـا –وهو عماد اإلسالم

–مث األساس الثالث الذي توصلت إليـه . والسنة، ولكن برؤية جديدة .. اعتمدت القرآن .ا نص عليه القرآن الكرمي أيضا وهو مم–وهو احلكمة

من بن عباس حىت سيد قطب وترى أن –إن الرؤية اجلديدة للقرآن تستبعد التفاسري كافة

ألا اعتمدت علـى أحاديـث موضـوعة أو . هذه التفاسري فرضت رؤية مضللة للقرآن مـا تكنـه فضال عن أن املفسر ال ميكن أن يتجرد من نفسه اليت بني جنبيه، و –ركيكة

إن دعـوة اإلحيـاء ... وراثات واجتاهات وتيارات ثقافية ومذهبيـة وروح العـصر اخل دعوه يعبر عن نفسه بنفسه وال تضعوا وصيا .. ارفعوا أيديكم عن القرآن : اإلسالمي تقول ..عليه أو ترمجانا له

www.shahabd.com

67

ـ الف هـذه أما السنة فقد ارتأت الدعوة ضرورة ضبطها مبعايري قرآنية فأي حديث ال خي

املعايري فيمكن أن ينسب إىل الرسول، أما ما خيالفه فال بد فيه علة، وال يؤخذ به ألنـه ال .يعقل أن نأخذ برواية مشكوك فيها وننبذ النص القرآىن احملكم واملقدس والقطعي الثبوت

حرمي فضال عن أنه ليس كل ما جاء ىف السنة يعد تشريعا وأن الـسنة ال تـستقل بـالت

.والتحليل وأن ليس هلا التأبيد الذي أنفرد به القرآن

على أن دعوة اإلحياء تؤمن أن القرآن والرسول مها املكونان األساسيان اللذان جيمعـان ويوحدان أمة اإلسالم على اختالف لغاا وأجناسها، وهي ختص الرسول بأنـه األسـوة

..والقدوة واملثل األعلى للمسلمني مجيعا

لقـد . وأخريا فإن دعوة اإلحياء اإلسالمي تدفع باحلكمة لتأيت بعـد القـرآن والـسنة استخرجتها دعوة اإلحياء من آيات القرآن الكرمي الذى قرا بالكتاب ىف آيات عديـدة

.وأبرزت أن احلكمة هي الباب املفتوح لإلسالم على عامل العصر

املفسرين وحـرر الـسنة مـن لوثـات لقد حرر هذا التأسيس اجلديد القرآن من أوزار وعاد الرسـول . الوضاعني وغفلة احملدثني، فأصبح القرآن قوة تعمل لتحقيق ثورة الكلمة

مث فتح باب احلكمـة حـىت ال يكـون . مبشرا ونذيرا وداعيا إىل اهللا بإذنه وسراجا منريا لى كل الثقافـات يف كـل اإلسالم كتلة جامدة أو صندوقا مغلقا ولكن سبيال مفتوحا ع

أحناء العامل ووضع اإلنسان يف صدارة هذه املنظومة باعتباره اهلدف الذي من أجله جـاء اإلسالم، فلم يعد اإلسالم مشكلة ولكن وجدانا حيا ونشوة متجددة وإضـافة للبـشرية

.تستكمل ا نقص احلضارة احلديثة

الفصل السادس

www.shahabd.com

68

ـحة با حلـرية، ومستهدفة العدل واملصــلحةعندما ل الشريعة متوش

لو فرضنا أن جهود األجيال التالية اليت أشرنا إليها يف اية الفصل السابق قد جنحـت يف اكتساب الرأي العام، فهل نأمل استعادة تلك املرحلة الباهرة اليت كان يف أصلها وجـود

ـ زال ماثلـة يف أذهـان الرسول بشخصه، أو اليت تالها، وكانت آثار هذا الوجود ال توهو الوقت الـذي .. صحابته الذين عايشوه، وظل بعضهم حيا حىت املائة األوىل للهجرة

والذين هم أقصى امتداد تمع املدينة وإن مل يكن جمتمعهم خالـصا " التابعون"ظهر فيه صافيا كمجتمع املدينة؟

أوى الرسول إىل ربه، ولن يكون بعـده فقد . كال، فهذه فلتة ال تعود أبدا وال تتكرر أبدا

رسول ولن يتكرر جمتمع يبلغ فيه احترام الشريعة أن يصر اجلاين على تطهـريه بالعقوبـة .ويبلغ فيها حرص القاضي على اإلنسان أن يلقنه اإلنكار

وحنن ال ختاجلنا األوهام يف أن الدعوة اليت نقدمها اليوم وسبقت إليها اإلشارة يف الفـصل

لسابق إلعادة تأسيس الفكر اإلسالمي، لن جتد قبوال فوريا إال من القلة، وأا سـتتعرض اوأنه ال بد أن ميضي وقت طويل، مخسني سنة .. لشتى االامات والتخرصات واالدعاءات

قد ال تستوعبه األغلبيـة ولكـن تتقبلـه " رأي عام "أو أكثر، قبل أن يصبح هذا الفكر ولكننا خنطو . ن ال نعمل حلساب احلاضر املاثل، وال نعتمد على اجليل املعاصر وحن.. األقلية

اخلطوة األوىل على مسرية ألف ميل، ألننا إن مل خنطوها فقد ال يفعلها اآلخرون، كما أننا .نقدم اجلزء النظري واألصويل وندع لألجيال اآلتية مهمة التطبيق

ديد ملنظومة املعرفة اإلسالمية، إذا قدر له النجاح إن قصارى ما نطمع فيه هو أن هذا التج

: أمرين-فيما حنن بصدده، أي تطبيقها-فإنه سيحقق للشريعة

www.shahabd.com

69

أنه سيضفى على الشريعة مسحة من القداسة اإلسالمية املستمدة مـن القـرآن : األول ـ -الكرمي، ومما ثبت عن الرسول، وما تقضي به احلكمة ن وهي مسحة ختتلف متامـا ع

املسحة اليت أضفاها الفقه املذهيب أو فرضتها الطبيعة اإلمرباطورية للدولة اإلسالمية علـى الشريعة كما أا تفوق املسحة اليت أضفاها احترام القانون يف اتمع األورويب على قوانينه

.الوضعية

بل وقـد . دميأن شكل الشريعة سيختلف ولن يلتزم بالصورة اليت يقدمها الفقه الق : الثاين يصل االختالف إىل تأويل بعض النصوص إذا قضى التطور على املربر الذي مـن أجلـه

.أنزلت، سواء كان هذا النص من القرآن نفسه أو من السنة

واألساس األصويل هلذا هو أن أي نص جاء به اإلسالم سواء يف القرآن أو السنة، مل يوضع وقد كانت هذه احلكمة قائمة عندما نزل النص، ولكن حيـدث ،]6[عبثا إمنا جاء حلكمة

أن تجد أوضاع جديدة تنتفي منها احلكمة، وعندئذ ينتفي النص ألن احلكمة تـصاحب وقد تنبه عمر بن اخلطاب إىل هذه النقطة ىف وقت مبكر جدا، وعندما . احلكم إجيابا وسلبا

سيمة اليت وصلت إليها بعده، فقد الحـظ أن مل تكن األوضاع قد تطورت التطورات اجل فيه عندما " احلكمة"وكانت [ المؤلفة قلوبهم )النص القرآىن عن مصارف الزكاة يتضمن

. نزل القرآن، كسب تأييد بعض القيادات القبلية لإلسالم، أو على األقل كف عـداءهم طاب ومل يعد حباجة إىل مناصـرم، ولكن اإلسالم أصبح عزيزا قويا يف عهد عمر بن اخل

ومل يعد خيشى معارضتهم وذا انتفت احلكمة منه، ومل يعد مربر إلعمالـه، فأوقفـه ال .يعاد تطبيقه.. تعطيال له، ولكن النتفاء العلة، وإذا وجدت العلة مرة ثانية

ألن اإلسالم عندما نـزل [ ما ملكت أيمانكم )وتضمن القرآن الكرمي نصوصا عديدة عن

من ألف وأربعمائة عام كان الرق موجودا ويعد ظاهرة ال ميكن جتاهلها، وقد سلك إزاءها مسلكين، األول تفريغ الرق من أسوأ ما يتضمنه وهو اإلذالل والقسوة وسوء املعاملـة،

أن يأكل العبد مما يأكل فحذرت وشددت أحاديث نبوية عديدة من سوء املعاملة وضرورة

www.shahabd.com

70

ونفذ هذا التوجيه بعض الـصحابة . سيده ويلبس مما يلبس سيده وال يكلف ما ال يطيقه حىت ال مييز الناظر بني السيد وعبده ألما معا يلبسان زيا واحدا، كما حـصر الـرق ىف

إما منا بعـد ف ]-بنص القرآن -أسرى قتال مع غري مسلمني وجعل مصري هؤالء األسرى وطبق الرسول هذا النص يف حاليت أسرى غزوة بدر وأسرى غـزوة هـوازن [. وإما فداء

ولكن هذه التوجيهات النبوية والقرآنية . تكفريا عن الكثري من اآلثام " عتق رقبة "كما جعل احلاالت وثانيـا ألن مل تتابع، أوال لغلبة الطبيعة البشرية على التوجيهات الدينية يف معظم

وقد . الرق كان جزء ال يتجزأ من نظام االنتاج وقتئذ، ومل يكن ممكنا االستغناء عنه كلية ومل يكن الذي . فشلت كل األديان يف القضاء عليه وفشل دعاة اإلنسانية يف القضاء عليه

ت املتحدة، ولكن وزمالؤه يف بريطانيا، أو لنكولن يف الواليا " ويلربفورس"قضى عليه هو فاآللة جعلـت . الذي قضى عليه كان ظهور اآلالت البخارية ووقوع االنقالب الصناعي

.عمل العبد عبئا بعد أن كان كسبا، فوجب التخلص منه وكان هذا التخلص يعين حتريره

والذي يقرأ كل ما جاء يف القرآن عن اإلنسان، وأن التفاضل يكون بالتقوى، وأن الناس يلمس متاما ضيق القـرآن ... اخل" ال فضل لعريب على أعجمي إال بالتقوى " سواء، مجيعا

ولكن املبـادئ [. فإما منا بعد وإما فداء ]ذه الظاهرة وأنه أراد وضع اية هلا عندما قال .اليت وضعها اهللا لتطور اتمع أرجأت ذلك

مة، فإن كل األحكام اليت جاءت عن عبيـد أو واآلن وقد حتررت البشرية من هذه الوص

أرقاء، أو ملك اليمني، سواء جاءت يف القرآن الكرمي، أو السنة أو األحكام الفقهية، كلها ومربرها وهو االسترقاق مل يعد قائما، ومن مث فال مـربر " جسم القضية "تعد منتفية ألن

فقه، ويصبح مما يثري السخرية أن نعلمه فيمـا مطلقا لإلشارة إليه يف الكتب احلديثة عن ال .يتعلم طلبة الفقه

وفرض اجلزية، فهذه كلها إمنـا سـنت ألن " الفيء"و" الغنيمة"ومياثل هذا النصوص عن

مل يكن معروفا عند نزول أحكامها، وإمنا كان املتقاتلون يعوضون بسلب " احملترف"اجليش

www.shahabd.com

71

النظم مع ظهور اجليش احملترف وتغيـر أسـاليب وانتهت هذه . القتلى أو أسر األسرى القتال، وألن أساس املواطنة مل يعد الدين، ولكن األرض وهو أصال املبدأ الـذي أرسـاه

.وسبقت إليه اإلشارة" صحيفة املدينة"الرسول يف

حرصه على الصالة، وكانت تأدية الزكاة هـي العالمـة " الزكاة"وحرص القرآن على وعندما . إسالم جمتمع كما كانت الصالة هي العالمة العبادية على ذلك االجتماعية على

يـصلي "رفضت قبائل من العرب أداء هذه الزكاة حبجة أم كانوا يؤدوا للرسول لكي جاهلني املضمون االجتماعي هلا، حارم أبو بكر واعتربهم مرتـدين، وكـانوا " عليهم

نون باهللا والرسول ويقيمون الصالة، ألن رفض يستحقون هذا الوصف مع أم كانوا يؤم .الزكاة كان ردة اجتماعية عن اإلسالم

وكانت الزكاة حتقق التكافل االقتصادي للمجتمع اإلسالمي فترة الرسول والعمرين بفضل

ولكننا ال نسمع شيئا عن الزكاة مبجرد ظهور امللك . حتصيل أمواهلا وإنفاقها يف مصارفها –ذي مل جيد أن الزكاة تدعمه، وإمنا تدعم الشعب، وهو يريد ما يدعمه هو العضوض ال

وهلذا جلأ إىل الضرائب اليت مل يعرفها اتمع اإلسالمي، بل إنه أغـرق الـشعب وكبلـه .بسلسلة متوالية من الضرائب حالت دون تقدم اتمع، وأنسيت الزكاة أو كادت

وعندما قـرر هلـا نـصيبا يف . نت شجى يف حلق العرب أعطى اإلسالم املرأة حقوقا كا

كيف يورثوها وهي مل تتقلد رحما ومل تكـسب "املرياث، أخذ العرب يراجعون الرسول وبسماحة اإلسالم، وما منحه للمرأة من حقوق ظهرت املرأة يف اتمع، وكانت " غنيمة؟

" أحـد "فع بعضهن يف تصلي مع الرسول وكانت حتضر الغزوات لعالج اجلرحى، بل ودا وقادت عائشة جيشا إسالميا أراد الصلح بني علي . أمام الرسول بالسيف عندما فر الرجال

.ومعاوية، وكانت هي اليت زودت كتب احلديث بأكثر األحاديث صحة

www.shahabd.com

72

إن اآلية اليت يرون أا قد قررت تعدد الزوجات كانت يف احلقيقة هبوطا بالتعدد الـذي شا يف العرب إىل أربعة مث عدم الترخيص به إال يف ظرف معين، ومـع اشـتراط كان فاح فانكحوا ما طاب لكم من النـساء ]ولكن الفقهاء أغفلوا كل هذا ومل حيفظوا إال . العدل

اعبرثلاث وى وثناليت أنزلـت حلمايـة " النساء"وجاءت هذه اآلية ىف مستهل سورة [. موإن خفتم أال تقسطوا في اليتامى فـانكحوا مـا ]إن نص اآلية . أة من أفتيات الرجل املر

لكـتـا مم ة أواحددلوا فوعأال ت مفإن خفت اعبرثالث وى وثناء مسالن من لكم طابفتجاهل الفقهاء صـدر اآليـة الذي بني عليه السماح [. واأيمانكم ذلك أدنـى أال تعول

فإن خفـتم ]كما جتاهلوا عجزها وهو [. وإن خفتم أال تقسطوا في اليتامى ]بالتعدد وهو . ر يف الطالق كذلك واألم[. أال تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تعولوا

" اخللع"فمع أن هناك نصا صرحيا على إشهاد ذوي عدل على الطالق، ونص صريح على وهو حق املرأة يف طلب الطالق إال أن هذا أهمل حبيث أصبح اهلم األعظم لدعاة حتريـر

.املرأة

شكال السابقة الـيت يف هذه احلالة، فإننا جند الصورة اليت تأخذ شكال مناقضا ملا أخذته األ كانت حترص على تطبيق أوضاع انتفت احلكمة منها، إذ نرى هنا إمهال أحكـام متـس

.احلكمة إليها

وعندما ظهر اإلسالم مل يكن للمرأة وجود يف اتمع اجلاههلي الذي كان يقـوم علـى سـبيت احلرب، والشرب، وامليسر، فضال عن أا كان ميكن أن تصم القبيلة بالعـار إذا

وصور القـرآن حالـة . وكان هذا من األسباب اليت جعلت بعض العرب يئدون البنات وإذا بشر أحدهم باألنثى ظـل وجهـه مـسودا وهـو ]العريب عندما يبلغ بوالدة أنثى

س ) 58(كظيممبه أي رشا بوء مس م منالقو ى مناروتاب يفي التر سهدي ون أملى هع كهوليس هناك ما هو أبلغ يف تصوير فكرة العـرب .. }59النحل {[. أال ساء ما يحكمون

.عن املرأة من هذه الكلمات

www.shahabd.com

73

كما جعل مـرياث األخـت . وجعل القرآن شهادة املرأة ىف الدين نصف شهادة الرجل وقـد -م يف هذا يلحظ اعتبارات سليمة، منها أن املرأة وكان اإلسال . نصف مرياث األخ

ما كان ميكن هلا يف هذه الفتـرة أن -كان حاهلا على ما أشرنا إليه من اإلغفال واإلمهال من مالبسات ) الدين(يكون هلا ما كان للرجال من معرفة مبا يالبس قضية احلقوق املؤجلة

[ فتذكر إحـداهما الـأخرى " ]أخرى"د ومع ذلك فإنه مل يستبعدها ولكن اشترط وجو وباملثل، فإنه عندما جعل نصيب األخت نصف نصيب األخ فأنه كان .. }282البقرة {

يلحظ أن التوريث جزء من نظام اقتصادي كان يوجب على الرجل إعالة املرأة، سـواء طالب بشيء بينما يكـون كان الرجل أبا أو أخا أو زوجا، كما أن املرأة عند الزواج ال ت

فنظام التوريث جزء من نظام أعم . على الرجل أن يدفع مهرا تأخذه املرأة حقا خالصا هلا ف على حقمنه، وجاء هذا اجلزء ليتفق مع بقية أجزاء هذا النظام العام ومل يقصد منه احلي

.ي الرجلاملرأة، بدليل أنه يعطيها يف حاالت عديدة من املرياث أكثر مما يعط

ولكن اإلسالم ما كان يستطيع أن ينهض باملرأة حبيث حيقق هلا ما يريده دعاة اإلصـالح مل يكن هذا طبيعيـا، .. االجتماعي اليوم، أي بعد مضي ألف وأربعمائة سنة من التطور

كان وضع املرأة كما الذي قرره اإلسالم عندما أنزل أفضل من وضعها يف العامل كله بـل فضل مما كانت املرأة يف أوروبا حىت القرن الرابع عشر امليالدى الذي كـان مـن كان أ

ولكن هذا الوضع قد يكون يف بعض جوانبه أقل مما بلغته . املمكن فيه بيع املرأة يف إجنلترا أن تنال مـا نالتـه -ومن حقها هذا -وتريد املرأة اليوم . املرأة اليوم يف بعض دول العامل

.عات أخرى وما كفلتها هلا املواثيق الدوليةأخواا يف جمتم

ومل يكن اإلسالم إذن ليستطيع أن مينح املرأة أكثر ما منحها يف العهد الذي نزل، بـل إن هذه احلقوق قد تآكلت مبضي الزمن مما يدل على أا كانت أكثر تقدمية مما تسمح بـه

حد معين فإنه أعطى مفـاتيح األوضاع، ولكن اإلسالم وإن وقف عند حتريره املرأة عند األول هـو : ذلك أن القرآن يصدر آياته على مـستويني . منحها املزيد يف كثري من آياته

الواقع وهو يف هذه احلالة يصلح قدر ما تسمح به األوضاع ألنه يعلم أن تغـيري وتطـوير

www.shahabd.com

74

ات األوضاع له مبادئ وأصول، واملستوى الثاين هو الواجب وهنا يعطي القـرآن إشـار فكـل . حتتمل املعاين املطلوبة، ويضع املبادئ اليت ميكن عليها إقامة اإلصالح املطلـوب

اآليات اليت تقرر املساواة بني البشر وأن األفضلية هي للتقوى وليست للنسب أو اجلاه أو اجلنس ميكن أن تكون أساسا لتحريك النصوص وحترير الرقيق وإعطاء املرأة وضع املساواة

ـ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون ]ل، فضال عن آيـات مثل مع الرج ـولهسرو ون اللـهطيعيكاة وون الزتؤيلاة وون الصقيمينكر والم نن عوهنيوف ورعبالم

الله مهمحريس لئكأو كيمح زيزع ميكن أن تكـون قاعـدة .. }71التـوبة {[ إن اللهويف ضوء ذلك ". األمر باملعروف والنهي عن املنكر "ملسامهة املرأة يف كل النشاط العام أي

يفهم موقف القرآن وأنه ما كان ميكن أن يصدع ىف وقت نزوله مبا ميكن أن تنتهي إليـه .األوضاع من تقدم وانفتاح

فإذا رأى دعاة حترير املرأة أن األوضاع اآلن اختلفت فاملرأة احلديثة خرجت للحياة العامة وأصبحت ممارسة لألعمال حبيث يستبعد ما كان قائما عندما نزل القـرآن مـن النكـر

كما أن فكرة إعالة املرأة مل تعد كما كانت يف النظام القدمي، بل لقد وجدت . واإلغفال.. تعيل املرأة األسرة دون الرجل أو أا تستكمل هذه اإلعالة من مرتبـها حاالت عديدة

فإذا وجد أن اإلبقاء على أن تكون شهادا نصف شهادة الرجل، وأن يكـون نـصيب األخت نصف نصيب األخ فيه حيف عليها فليس هناك مشكلة وميكن معاجلة ذلـك يف

.ضوء التكييف الذي سنعرضه

ومرونـة " ديناميكيـة "لقرآن يف سوق توجيهاته وما تتصف به من إن هذا الفهم لطريقة ا وراء النصوص " مقاصد الشريعة "وإحياء للمستقبل جعل بعض الفقهاء القدامى ينظرون إىل

ونرى هذا الفهم يزداد وضوحا وحتديدا يف كالم العز بن عبد الـسالم . كما يف الشاطيب يه مصلحة، عاجلة أو آجله أو كالمها، وما ى ما أمر اهللا تعاىل بشيء إال وف : "الذي قرر

".عن شيء إال وفيه مفسدة عاجلة أو آجله أو كالمها

www.shahabd.com

75

وال تعرف مصاحل اآلخرة ومفاسدها إال بالشرع وتعرف مـصاحل الـدنيا : "كما يالحظ ".ومفاسدها بالتجارب والعادات

د، دفع بالقضية إىل األمـام إن إحلاح العز بن عبد السالم على جلب املصاحل ودرء املفاس

.حبيث حتدد غرض الشريعة وحمتواها على يدي جنم الدين الطويف وابن القيم

أما الطويف وهو جنم الدين الطويف، الفقيه احلنبلي، فقد جاء مببدأ صـارم قـضى علـى األسلوب املراوغ الذي عاجل به الفقه السلفي املصلحة وكان يفتات عليها ويضيق ا كأن

!ول إن الشرع يأخذ باملصلحة مث يعود ليقول إن املصلحة احلقيقية هي يف الشرعيق

أن املـصلحة هـي "فتح الطويف هذا الباب املوارب على مصراعيه وأعلنها مدوية صرحية ا إذا حدث تعارض ما بني املصلحة والنص ال من . املقصد األمسى للشارع وجيب األخذ

ن من باب تأويله وال يقال إن الشرع أعلـم مبـصاحلهم باب االفتيات على النص، ولك فلتؤخذ من أدلته ألننا قررنا أن رعاية املصلحة من خصائص الشرع وهي أقواها وأخصها

"..فنقدمها يف حتصيل املصاحل

يف الطويف جند املعاجلة الصرحية اجلذرية لقضية املصلحة وجند اإلقامة األصولية هلـا علـى ، ولكن "ال ضرر وال ضرار " انتهى إىل مبدئه عن طريق تفسريه حلديث أسس شرعية ألنه

.. هذا أثار ثائرة الفقهاء منذ أن قاهلا حىت ألف عام بعدها تقريبا

وجعل اهلدف ) utility(فكرة املنفعة ) Bentham(عندما أبدع الفقيه الربيطاىن بنثام ا الطويف فعندما نادى باملـصلحة وجد أنصارا يدعمون مذهبه أم " أكرب منفعة ألكثر عدد "

فإن املهامجني له مل يكونوا من أبناء عصره فحسب، ولكن كل الفقهاء يف العصر احلديث .بال استثناء

www.shahabd.com

76

ويف . أما اإلمام بن القيم اجلوزية فإنه يقرر أن الشريعة هي العدل، وأكد ذلك يف مناسبتني تبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي املناسبة األوىل قال أن اهللا أرسل رسله وأنزل ك

قامت به السموات واألرض، فإذا ظهرت أمارات احلق وقامت أدلة العقل وأسفر صـبحه بأي طريق كانت فثم شرع الدين ودينه ورضاه وأمره، واهللا تعاىل مل حيصر طرق العـدل

وأدل وأظهر بل . وأدلته وإماراته يف نوع واحد وأبطل غريه من الطرق اليت هي أقوى منه بين مبا شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة احلق والعدل وقيام الناس بالقسط، فأي طريق

.استخرج ا احلق ومعرفة العدل وجب احلكم مبوجبها ومبقتضاها

والطرق أسباب ووسائل ال تراد لذاا وإمنا املراد غاياا اليت هي املقاصد، ولكن نبه مبـا الطرق على أسباا وأمثاهلا ولن جتد طريقا من الطرق املثبتة للحـق إال وهـي شرعه من

]7.[شرعة وسبيل للداللة عليها

".. بناء الشريعة على مصاحل العباد ىف املعاش واملعاد "ويف املناسبة الثانية، قال حتت عنوان اد، وهي عدل كلها فإن الشريعة بناها وأساسها على احلكم ومصاحل العباد ىف املعاش واملع "

ورمحة كلها ومصاحل كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إىل اجلور وعن الرمحة إىل ضدها وعن املصلحة إىل املفسدة وعن احلكمة إىل العبث فليست من الـشريعة

]8."[وإن أدخلت فيها بالتأويل

نها ما دخل فيها بطريقة التأويل إن ابن القيم بعد أن يقيم الشريعة على العدل فإنه خيرج م إذا كان خمالفا للعدل، كما يدخل فيها ما مل تذكره الشريعة على وجه التحديد إذا كـان

ومقـصد . ال تراد لذاا وإمنا املراد غاياا اليت هي املقاصد " الطرق"يؤدي إىل العدل ألن .املقاصد هو العدل

.. أعمق أعماق الـشريعة حيـث جوهرهـا هذا مبدأ أصيل وقد وصل مع ابن القيم إىل

..فأظهره ونبه عليه

www.shahabd.com

77

فصل ىف تغـيري الفتـوى "ومما يستحق التنويه أن هذه النبذة السابقة جاءت حتت عنوان

، وهذا مبـدأ ميثـل "واختالفها حبسب تغري األزمنة واألمكنة واألحوال والنيات والعوائد . التجديداملرونة والتكيف مع األوضاع مما يدخل يف صميم

هؤالء ثالثة من كبار الفقهاء انتبهوا وسط تالل الكتابات والنقول الفقهية املذهبية الـيت أخذت بالتفاصيل وانساقت إىل األعراف والتقاليد واستخذت أمام نظم احلكم اليت كانت

فإن لفتام تلك ضاعت " جتديد اإلسالم "وكما الحظنا يف كتابنا . تقنن الظلم واالستبداد –وسط التنبج واألعراف والتيار السائد، ولكنها كشفت عن هذا اجلانب األصويل اهلام

. مها العدل واملصلحة-ال جتاوزمها-أال وهو أن الشريعة تدور بني أمرين

ولدينا ما هو أعظم مرتلة مما ذهب إليه هؤالء الفقهاء الثالثة، وما ميكن أن يكـون قـد أو أن " الدين هو احلق "ذلك هو النص القرآين املتكرر عن أن . استأنسوا به فيما ذهبوا إليه

..هو احلق[ ما أنزل الله]مضمون القرآن هو احلق، وأن مضمون

إنا أرسلناك بالحق بشريا ونذيرا وال : ]وتكرر هذا املعىن يف آيات عديدة نشري إىل بعضها كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيني .. ]}119البقرة {[. الجحيم تسأل عن أصحاب

مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيـه ومـا ه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنـوا اختلف فيه إال الذين أوتو

البقـرة {[. لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صـراط مـستقيم 213{[ .. الكت كا إليلنا أنزإن كـنال تو اللـه اكـا أراس بمالن نيب كمحلت قبالح اب

هو الذي أرسل رسوله بالهدى وديـن الحـق .. ]}105النساء {[. للخائنني خصيما قل يا أيها النـاس قـد .. ]}33التوبة {[. ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون

جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومـا بالحق فمن اهتدى إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس .. ]}108يونس {[. أنا عليكم بوكيل

www.shahabd.com

78

الله الذي .. ]}41الزمر {[. فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل ة قريباعل السلع ريكدا يمان والميزو قبالح ابل الكتز7الشورى {[. أن{..

زيد املعىن وضوحا عندما يتحدث عن أن احلكم بني الناس إمنا يكون بـ الكتـاب أو وي[ ل اللهزا أنبم ] بامليزان، أو عندمـا وقد يزيد الوضوح عندما يقرن بـ الكتاب، أو احلق

مـوا وإذا حكمتم بين النـاس أن تحك ]يذكر العدل صراحـة باعتباره وسيلة احلكـم وأنزلنـا معهـم ]وهي اآلية اليت تزين قاعات احملاكم يف مصر .. }58النساء {[. بالعدل

..}25احلديد {[. الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط

ح لنا أن القرآن الكرمي إمنا ميثل احلقوبالطبع فهذا يسري –إن استقراء هذه اآليات توض ، كما وضحت اآليات أن هذا احلق هو الذي حيكم بني الناس، وعندما [ما أنزل الله ]على

ألن العـدل هـو " العدل"يراد تطبيق احلق وجعله أداة للفصل بني الناس فإنه يتحول إىل إعطاء كل ذي حق حقه، ويؤكد القرآن هذا املعىن وينص عليه صراحة عنـدما يـذكر

رمز العدل جنبا إىل جنب -" امليزان" أو أن يذكر -ما حيكم به بني الناس وهو -" العدل" .الكتاب

ولكن هناك جانبا جديدا يلزم جتليته، ألن هذا اجلانب ميثل شرطا ضروريا إلمكان حتقيق

ومثل هذا ينطبق عليه أن ما . وبدونه فإن العدل يهدر متاما، وال جيد سبيله للتطبيق . العدل .قق الواجب إال به، فإنه يعد من الواجب نفسهال يتح

...هذا اجلانب هو احلرية

الحظنا أن العـدل مل " نظرية العدل يف الفكر اإلسالمي ويف الفكر األورويب "ويف كتابنا

كمـا .. يكن من القيم احلاكمة يف احلضارة األوروبية اليت قامت على قيميت احلرية والقوة

www.shahabd.com

79

يكاد يكون القيمة األعظم بني قيم اإلسالم حبيث يكاد يكون العدل هو الحظنا أن العدل .لكان العدل هو بصمة اإلسالم" بصمة"الطابع الرئيسي، ولو كان لألديان

وتضافرت قيمتا احلرية والقوة لدفع اتمع األورويب ألن حيقق القوة يف كل شيء ومسح له

لقوة يف اجلسم ويف سبيل ذلك تقبل، بل نظـم مناخ احلرية بأن حيقق ذلك، فاستهدف ا وحقـق القـوة ... املصارعة احلرة واملالكمة الطليقة والعدو والسباحة ومحل األثقال اخل

السياسية فكان هدف الدولة من أثينا حىت روما حىت املرحلة االستعمارية هو قتال الدول قل وبفضله استطاع أن يستغل األخرى واالستحواز على أرضها وخرياا، وحقق قوة الع

وذا وصل إىل الصناعة اآللية اليت كانت " الطاقة"قوى الطبيعة، وأن يفتح له العلم أسرار انقالبا يف تاريخ طرق اإلنتاج مث تطرق حىت وصل إىل الذرة، كما مسح مناخ احلرية بـأن

ة لالسـتمتاع، كمـا يتوصل اتمع إىل إشباع أهواء النفوس وما تشتهيه من صور عديد ...مكنت احلرية أصحاب العقول من التفكري املطلق اخل

باختصار حققت أوروبا إجنازاا العظيمة اليت متيزها عن كل احلضارات األخرى وجتعلها

.تفوقها بفضل احلرية

ألقوياء ولكن ملا مل يكن العدل من القيم احلاكمة، فإن احلرية الطليقة ورغبة القوة مكنتا ا من سحق الضعفاء، واألغنياء من استغالل الفقراء، وظلت هذه الـسوءة ممـا اتـصفت

.احلضارة األوروبية حقبة من حياا

ولكن احلرية يف الوقت الذي مسحت لألقوياء بأن يتوصلوا إىل الوسائل اليت حتقـق هلـم ووصلوا . ق هلم القوة أيضا فأا مسحت للضعفاء بأن يتوصلوا إىل الوسائل اليت حتق " القوة"

وبعد أن استهلك االستغالل ثالثة . إىل ذلك بالفعل بعد تضحيات عديدة وجتارب فاشلة بـشق -أو أربعة أجيال من العمال، استطاع العمال أن يكونوا النقابات اليت توصـلت

إىل أن يكبح العمال مجاح الرأمسالية املـستقلة، وأن جيلـسوا -األنفس وبفضل اإلبداع

www.shahabd.com

80

ليضعوا شروط العمل وساعاته وأجوره " املفاوضة اجلماعية "جانب الرأمساليني على مائدة ...واألمن الصناعي اخل

بل حققت هلم احلرية أن يكونوا حزب العمال، فاستطاع هذا احلزب بعد نصف قرن من

وأن يكـون أول 1945الكفاح أن يسقت تشرشل املنتصر، ويتولى هذا احلكم سـنة .حكومة للرعاية

هنا جند أن احلرية، وإن مسحت حينا من الدهر لألقوياء باستغالل الضعفاء، فإا أتاحـت الفرصة للضعفاء بأن يتحدوا وأن يعوضوا ضعفهم كأفراد بقوم كجماعـة وأن ينـالوا

. اإلنتصاف

ت، فـألفن وفعل النساء كما فعل العمال، فقد جردم حكومة الرجال من حق التـصوي ا جلأن إىل صور من العنف حىت نلنت احلكومة آذااجلمعيات اليت تطالب بذلك وملا أصم

.أخريا حقهن

بل لقد وصف الكتاب وصفا مسهبا كيف أن حبارة األسطول الربيطاين الـذين كـانوا بات هـي وكانت العقو . حمرومني من كل احلقوق وكانت مرتبام الضئيلة تتأخر شهورا

حبارة " أضرب"كيف . اجللد بسوط ذي مثان شعب ومل يكن هلم أمام ضباطهم إال التسليم األسطول، وكيف حتدوا اإلمربيالية الرهيبة اليت كانت دول العـامل ختـشاها، وكيـف

.استطاعوا يف النهاية أن يظفروا مبطالبهم

الضعفاء من التكتل والتنظـيم وأن إن احلرية اليت مكنت األقوياء من االستغالل، مكنت .يكتسبوا القوة وأن يظفروا باإلنتصاف

www.shahabd.com

81

مل يكن العدل من قيم احلضارة األوروبية، ولكن احلرية مكنت الذين يريدونـه مـن أن .يصلوا إليه، وأن يأخذوه غصبا ويفرضوه فرضا

حلاكمـة يف اإلسـالم، فمع أن العدل هو القيمة ا . ولننظر اآلن يف حال اتمع اإلسالمي

فاملفارقة احملزنة أن العدل مل يتحقق يف اتمع اإلسالمي باستثناء فتـرة النبـوة وعهـد ..العمرين

كيف حدث هذا ؟

وبدأ هـذا . حدث ألن اتمع اإلسالمي مل يظفر باحلرية، وبالذات حرية الفكر واالعتقاد

. هجرية حىت آخر اخلالفة40من سنة

ال يعـد " نظرية العدل يف الفكـر اإلسـالمي واألورويب "االستشهاد من كتاب إن هذا إنه يف صميم املوضوع، بل إنه يكشف عن سر املفارقة املأساوية أال وهي عدم . استطرادا

.حتقيق العدل يف جمتمع جعل قرآنه العدل هو أوجب الواجبات

ال يكون له معـىن مـا مل -عةالذي هو روح الشري -من هنا، فإن أي حديث عن العدل .يصطحب باحلرية، فعدم وجود احلرية لن جيعل العدل حقيقة، ولكن يظل نصا

. من هنا تعد احلرية شرطا رئيسيا وال مناص عنه، وال بديل له إلمكان حتقيـق الـشريعة

.أجوفوبدون هذه احلرية فإن كل حديث عن العدل، أو الشريعة، هو جمرد عبث وكالم

من جحـد "إن الفقهاء عندما ابتدعوا حد الردة، وعندما صاغوا مقولتهم الشهرية الشنيعة فقد أرتد، إمنا شلوا حرية الفكر مبختلف التعالت وهي القوة " معلوما من الدين بالضرورة

سم الوحيدة اليت كان ميكن أن حتقق العدل وذا حققوا للحكم اإلمرباطوري، املتسمى با

www.shahabd.com

82

وكان حد الـردة، ومقولـة . وأوقفوا حركة التقدم . اخلالفة، حلمه يف البقاء واالستمرار هي أكرب جرمية اقترفت يف حق اإلسالم، ..." كل من جحد معلوما من الدين اخل "الفقهاء

وجاءت من يد فقهائه أنفسهم وهم حيسبون أم يدافعون عن اإلسالم يف حني أم قاموا .كن ألشد أعدائه القيام بهمبا ال مي

إن الدعوة للحرية يف القرآن ويف عمل الرسول ال تقل قداسة عن الدعوة للعدل، فإذا قيل وما سندك على لزوم احلرية ىف اإلسالم قلت أن القرآن الكرمي قرر أعلى مرتبة للحريـة،

هؤالء القوم ال يكادون فمال]وهي حرية االعتقاد يف آيات تكاد تنطق احلجر وتفهم البقر وأن الرسول طبق يف حياته هذا املبدأ املقدس فلم يتابع .. }78النساء {[. يفقهون حديثا

عددا كبريا أرتد عن اإلسالم بأي عقوبة بل رفض حماولة أحد األنصار ثين أبنائـه عـن فلم يقل له الرسـول إال ". خلون النار يا رسول اهللا أدع ولداى يد "اعتناق النصرانية قائال

].9[[ال إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي]اآلية

ألن العدل .. إن احلق والعدل تكرر مرارا يف القرآن، ومها يف احلقيقة وجهان لعملة واحدة دافع عنه إال عندما تتوافر احلرال ميكن أن يتحقق ويصان وي يـة ال ختـصية، وهذه احلر

املفكرين وحدهم ألا أمر الشعب كله، أمر حاضره ومستقبله، وهي ختص أيضا الشريعة ..وتعد شرطا ال غناء عنه وال بديل له لتحقيق الشريعة

إن الصورة اليت ستظهر ا الشريعة، بعد التأسيس اجلديد ملنظومة املعرفة اإلسالمية ستكون : اما عن الصورة اليت تربزها املراجع املذهبية املقررة ألاخمتلفة مت

ستعترب أن تقرير احلرية، وبوجه خاص حرية الفكر والتعبري مبا فيه مـن تأسـيس : أوال

لألحزاب والنقابات واهليئات واجلمعيات والصحافة، جزء ال يتجزأ من الـشريعة، أو أن .ا الشريعةذلك هو اآللية اليت ميكن أن نطهر

www.shahabd.com

83

ألن الشريعة لن تأخذ التفسري احلريف للنصوص، ولكنـها سـتفهمها يف ضـوء : وثانيا

مقصدين مها العدل واملصلحة، وهو ما قرره الناون من الفقهاء وما تقضي بـه اآليـات . القرآنية واألحاديث النبوية

رسول وأقـوال أيب وهذا التأسيس اجلديد يقوم أساس صلب من آيات القرآن وأحاديث ال

..هذا التكييف" أصولية"بكر وعمر بن اخلطاب حىت ال ميكن ألحد أن يطعن يف

وعندما ستظهر الشريعة متوشحة باحلرية، ومستهدفة العدل واملصلحة فلن تكون هناك ..قداسة الدين ومصلحة الدنيا: مشكلة وسيمكن تطبيق الشريعة وستظفر باحلسنيين

www.shahabd.com

84

امشاهلو دار (199-189الصفحات . مجال البنا –لشرح هذه الفكرة أنظر جتديد اإلسالم ] 1[

).الفكر اإلسالمي ).دار الفكر اإلسالمي(، 107، مجال البنا، اجلزء الثالث، ص"حنو فقه جديد"انظر ] 2[فـصل احلـدود " حنو فقه جديد "للتحقيق واالستزادة انظر اجلزء الثالث من كتاب ] 3[ .141-89ترى عليها صاملفدعوة اإلحياء اإلسالمي تعرض نفـسها علـى "ملعرفة دعوة اإلحياء اإلسالمى إقرأ ] 4[

.2005دار الفكر اإلسالمي، " فهل من مدكر؟–القبائل اذهىب حيث شئت فسيأتيىن "إشارة إىل كلمة اخلليفة هارون الرشيد إىل سحابة عابرة ] 5[

".خراجكالفقهـية، ألن الفقهاء قيـدوا العلـة " علـة"على كلمة " ةحكم"حنن نؤثر تعبري ] 6[

.بضوابط ضيقت عليها، وحنن نؤثر احلكمة املرنة الىت تتجاوب مع التطور، ومع املصلحة .373 ص4البن القيم، طبعة الكليات األزهرية بالقاهرة، ج" اعالم املوقعني] "7[ .3 ص3املرجع السابق ج] 8[، "حرية الفكر واالعتقـاد ىف اإلسـالم "الة وغريها رسالتنا املوجزة إقرأ عن هذه احل ] 9[

وهذه الرسالة هي إحـدى سـبع . مؤسسة فوزية ومجال البنا للثقافة واإلعالم اإلسالمي ". حرية الفكـر واالعتقـاد "رسائل كتبناها عن هذا املوضوع وجمعت ىف كتاب باسم

أو أكثر وإثارتنا هلذه القـضية ىف احملافـل ونتيجة جلهودنا املتصلة على مدار عشرين عاما ستتاب أبدا "الدولية، تراجع األزهر على مضض عن هذا املبدأ، ولكنه متسك بان املرتدي "

فكأنك يا أبو زيـد " االستتابة"وهو حل حيفظ لألزهر ماء وجهه ويستبقى له أيضا سلطة !!! ما غزيت

www.shahabd.com

85