86
ه ب ت ك ي م ي ع ن ل ا ن م ح ر ل د ا ب ع ن ب ن ب ر الد ص ا ل ن ب ض ف ل و ا ب( ا ه ج ح ل و ا : ذ خ ي ار ب ب عه راج م ه ج س ن1431 ه

التبيان في أحكام الناس والديار هذا الزمان

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

كتبهأبو الفضيل ناصر الدين بن عبد الرحمن النعيمي

هـ1431نسخة مراجعة بتاريخ: ذو الحجة

الحنفاء دار مكتبة هـ1431طبعة سنة

Page 2: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ

بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فال مضل له ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال الله وحده ال شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله

وسلم.انGاقال تعالى: ) Hق Iر Jف IمJكHل IلHع IجHي Hوا الله JقMتHت IنNوا إJن HمHآ HينNذMا ال HهPيH يHا أ

NيمNظHالع Nل Iض Hو الفJذ JاللهHو IمJكHل Iر NفIغHي Hو IمJكNاتHئRي Hس IمJكIنHع Iر RفHكJي Hو) (.29األنفال:)

قوله تعالى )يجعل لكم فرقانا( أي مخرجاG في الدين من .يRدJالشبهة والضاللة. قاله الس

وقال مجاهد: مخرجاG في الدنيا واآلخرة. وقال مقاتل بن حيان: مخرجاG في الدين من الشبهات.

وقال سهل: نوراG في القلب يفرق بين الحق والباطل. وقال الجنيد: إذا اتقى العبد ربه جعل له تبياناG يتبين به الحق

من الباطل، وهذه نتيجة التقوى. وقال ابن زيد: هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق

والباطل. وقال ابن إسحق: فصال بين الحق والباطل يظهر الله به حقكم

ويطفئ باطل من خالفكم.ولNهNوقال تعالى: ) Jس HرNوا بJن NمHآ Hو Hوا الله JقMوا اتJن HمHآ HينNذMا ال HهPيH يHا أ

IمJكHل Iر NفIغHي Hو NهNب Hون JشIمHا ت GورJن IمJكHل IلHع IجHي Hو NهNت Hم Iح Hر IنNم NنIيHل IفNك IمJكNت IؤJي dيم Nح Hر dور JفHغ JاللهH(.28الحديد:)( و

قال البغوي: أي يجعل لكم سبيال واضحا في الدين تهتدون به.

تقوى الله هي مدار الدين كله، وأعظم ما يجب علينا أن نتقيه الشرك بالله ومواالة أعداء الله المشركين، فقد أمرنا الله عز

وجل بالبراءة منهم وأن نتأسى بأنبياء الله في ذلك قوالاهNيمH وعمال، قال تعالى: ) HرIبN نHةd فNي إ Hس Hح dةHو Iس

Jأ IمJكHل IتHانHك Iد Hق IنNم HونJدJبIعHا ت Mم NمHو IمJكIن Nم Jآء HرJا بMنN مI إ NهNمIو HقNوا لJال Hق IذNإ JهHع Hم HينNذMال Hو GداHبH اءJ أ HضIغHبIال Hو JةHاوHدHعIال JمJكHنIيHب Hا وHنHنIيHا بHدHب Hو IمJكNا بHن Iر HفHك NهMالل NونJد

JهHد IحHو NهMاللNوا بJن NمIؤJى تMت H4( )الممتحنة:ح). يؤمنون بالله وحده وال يكفرون فالبراءة من الكافرين الذين ال

بالطاغوت أصل عظيم، ال يتحقق بدونه إسالم، وال إيمان، ومن لم يتبرأ منهم ومما يعبدون من دون الله فليس من الله في

2

Page 3: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

شيء، وال من أنبيائه في شيء، وال من المؤمنين، بل هو منأعداء الله ورسوله الكافرين المشركين.

فالواجب على كل من عرف التوحيد أن يبادر بالبراءة ممن عبد مع الله غيره، وأشرك معه سواه، وأن يتقرب إلى الله عز وجل

تN الكافرين وبغضهم، وأن يدين لله بتكفيرهم وإنكار ما Iبمق هم عليه من الدين الباطل.

ويجب على أصحاب الدعوة إلى دين الله أن يسعوا في إيضاح وتميز سبيلهم عن سبيل أعداء الله المجرمين، مقتدين بكتاب

الله ونهج رسوله وأئمة الدين األخيار من بعده.HنHاقال تعالى:) ةu أ Hير NصHى بHلHع Nى اللهHلNو إJعIدHي أNيلNب Hس NهNذ Hه Iل Jق

HينNكNر IشJالم HنNا مHنH ا أ HمHو Nالله Hان HحIب JسHي وNنHعHبMات NنHمHيوسف:)( و108.)

رNمNين :( Hوقال IجJمIال JيلNب Hس HينNبHت IسHتNل Hو Nيات Iاآل Jل Rص HفJن HكNلHذHك Hو) .(55)األنعام:

وهذا البحث يتحدث عن منهج المسلم في التفريق بين المسلمين إخوته في الدين وبين الكافرين المخالفين له في

الدين، والتفريق بين دار الكفر ودار اإلسالم.وهو من سبعة فصول:

.الفصل األول: في بيان حقيقة دين اإلسالم الفصل الثاني: المسلم على بصيرة من دينه ونور من ربه

.يفرق به بين الحق وأهله والباطل وأتباعه.الفصل الثالث: تمييز الحنفاء بين أهل الحق والضالل

الفصل الرابع: الناس قسمان إما مسلم موحد وإما كافر.مشرك

.الفصل الخامس: أحكام الديار.الفصل السادس: توضيح فتوى ابن تيمية حول دار ماردين.الفصل السابع: في أحوال الديار اليوم وعلو األحكام فيها نسأل الله العلي العظيم أن تكون أعمالنا وأقوالنا خالصة

لوجهه الكريم، وصواباG موافقاG لشرعه القويم، وأن يجعلنا علىGصراط مستقيم، ونعوذ بالله أن نكون من األخسرين أعماال

الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم.Gيحسنون صنعا

اللهم اعصمنا بدينك وبسنة نبيك من االختالف في الحق، ومن اتباع الهوى، ومن سبل الضاللة، ومن شبهات األمور، ومن

الزيغ والخصومات.

3

Page 4: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

اإلسالم دين وجل عز لله به ندين الذي الدين حقيقة بيان

ديننا هو الدين الذي بعث الله به رسله وأنبياءه وهو دين الله وHمHن يHبIتHغN غHيIرH) الذي ال يقبل من العباد سواه، قال تعالى:

HينNر Nاس HخIال HنNم Nة Hر Nي اآلخNف Hو JهHو JهIن Nم HلHب IقJن يHل Hف GيناNد NمHال IسNاإل) اتMبNعJوهJ وHالH) ،(85)آل عمران: Hف Gيما NقHت IسJي مNاط Hر Nا صHـذ Hه MنHأ Hو

IمJكMلHعHل NهNم بJاك MصHو IمJكNلHذ NهNيلNب Hن سHع IمJكNب Hق Mر HفHت Hف HلJب Pالس IواJعNبMتHت Hون JقMتH(، وصراط الله المستقيم هو اإلسالم.153)األنعام:( ت

واإلسالم هو االستسالم لله وحده بعبادته وحده وطاعة رسوله،كHاءJ والدليل قوله تعالى: ) Hر Jش Nيه Nف Gال Jج Hر GالHث Hم JهMالل Hب Hر Hض

IلHب NهMلNل Jد Iم HحIال GالHث Hم NانHي NوHت IسHي IلHه uل Jج HرNل GماHل Hس Gال Jج HرHو Hون JسNاك HشHت Jم HونJمHلIعHال ي IمJه JرHثIكH29( )الزمر:أ.)

هذا المثل ضربه الله عز وجل يبين به الفرق بين المسلم الذي يعبد إلها واحدا، وبين المشرك الذي يعبد آلهة غير الله؛ فالعبد

الذي يطيع سيداG واحداG هو مثل المسلم الذي ال يعبد إال الله،ففيه دليل على أن اإلسالم هو االستسالم لله وحده.الH لHهJ) واإلسالم هو ملة إبراهيم عليه السالم، قال تعالى: Hق IذNإ

HينNمHالHعIال Rب HرNل JتIمHل IسHأ Hال Hق IمNل Iس

Hأ JهPب Hأي ،(131)البقرة:( ر أسلمت لله وحده.

وH ) وقال عز وجل: JهHو NهMلNل Jه Hه IجHو HمHل IسHأ IنMمNم GيناNد Jن HسIحHأ IنHمHو

GيالNل Hخ HيمNاه HرIبN ذH اللMهJ إ HخMات Hو GيفاNن Hح HيمNاه HرIبN لMةH إ Nم HعHبMات Hو dن NسIحJم) (.125)النساء:

فاإلسالم يتضمن: االستسالم واالنقياد واالتباع، ويتضمن اإلخالص، وذلك هو ملة إبراهيم عليه السالم الحنيفية السمحة.

فالذي يدين باإلسالم يستسلم وينقاد ويتبع ويحكRم شرع الله، وال يستكبر عن عبادة الله، وال يستسلم وينقاد ويتبع ويحكRم

غير شرع الله. فالمسلم من استسلم لله وحده، وأخلص عبوديته له بقبول

شرعه واالنقياد له ورفض ما سواه والكفر به. أما من استسلم لله واستسلم لغيره فقد جعل العبودية لله

ولغيره، وال يمكن أن يكون هذا مسلما لله حتى يفرد اللهباالستسالم والعبودية ويكفر بعبودية غيره.

وأصل هذا الدين وأساسه وقاعدته هو شهادة أن ال إله إال اللهوأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4

Page 5: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فمعناها نفي اإللهية عن كل مافأما شهادة أن ال إله إال اللهسوى الله، وإثباتها لله وحده، واإللهية هي العبادة.

وH والدليل قوله تعالى: ) Jا ه HمMنN يIنN اثIنHيIنN إ HهHلN ذJوا إ NخMتHال ت JهMالل Hال HقHو NونJب Hه Iار Hف HايMيNإ Hف dد NاحHو dهHلN .(51( )النحل:إ

ابd وقوله: ) HجJع dء Iي HشHا لHذ Hه MنNإ G دا NاحHو GهاHلN ةH إ HهNل Iاآل HلHع HجHأ: ،(5( )ص� هذا الذي فهمه أهل الفصاحة الذين أJنزل القرآن بلغتهم لما

قولوا ال إله إال الله تفلحوا، فعرفوا أنهقال لهم رسول الله يريد منهم أن يفردوا الله باأللوهية ويكفروا بكل إله يعبد من

دونه. يHا ):وهذا ما فهمه أيضا قبلهم قوم هود لما قال لهم نبيهم

Hون JقMتHال ت HفHأ Jه JرIيHغ uهHلN ا لHكJمI مNنI إ Hم HهMوا اللJدJبIاع NمIو Hألعراف:ق( )ا (، فأجابوا بقولهم: )65 Hم HرHذHن Hو JهHد IحHو HهMالل HدJبIعHنNا لHنHتIئ Nج

Hوا أJال Hق HينNقNاد Mالص HنNم HتIنJك IنNا إHنJدNعHا ت HمNا بHنNت

I أ Hا فHن JاؤHآب JدJبIعHي HانHألعراف:ك( ) وما فهمه أيضا سائر الكفار لما دعاهم رسلهم لتوحيد،(70

الله. فهل عرف المنتسبون لإلسالم اليوم من ال إله إال الله ما

عرفه قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وأهلاللغة والفصاحة من العرب؟!

هذه الكلمة العظيمة هي ملة إبراهيم عليه السالم، قال تعالى:( MالNإ * HونJدJبIعHا ت Mم Nم dاء HرHي بNنMنN هN إ NمIو HقHو NيهNب

H Nأل JيمNاه HبرNإ Hال Hق IذNإ Hو NهNب NقHي عNف GةHي NاقHب Gة HمNلHا ك HهHلHع HجHو * NينNد IهHي Hس JهMنNإ Hي فNن HرHطHي فNذMال

HونJع Nج IرHي Iم JهMلHعH26:27:28( )الزخرف:ل). فالكلمة هي ال إله إال الله ومعناها البراءة مما يعبد المشركون

من دون الله وإخالص العبادة لله وحده. وهي تتكون من ركنين: النفي واإلثبات، الكفر بالطاغوت

يJؤIمNنI بNاللMهN واإليمان بالله، قال تعالى: ) Hو NوتJاغMالطNب Iر JفIكHي IنHم Hف ى HقIث JوIال NةHو IرJعIالNب Hك HسIمHت Iاس Nد Hق H(.256)البقرة: من اآلية (ف

نN اعIبJدJوا اللMهH )وقال تعالى: Hأ Gوال Jس Hر uة Mم

Jأ RلJي كNا فHنIثHعHب Iد HقHل Hو HوتJاغMوا الطJبNنHت IاجH36( )النحل:و.)

وهو الكفر بما يعبد من دون الله.الركن األول: النفي )ال إلـه(ويتحقق بما يلي:

اعتقاد بطالن كل ما يعبد من دون الله، وكل عبادة تصرف .لغير الله وأنها شرك وكفر بالله وضالل مبين

ا يHدIعJونH مNنI دJونNهNقال تعالى: ) Hم MنHأ Hو Pق HحIال Hو Jه HهMالل MنHأNب HكNلHذ JلNاطHبI(30لقمان: من اآلية: )(ال.

قR إNالM: )وقوله تعالى HحIال HدIعHا بHاذ Hم Hف Pق HحIال JمJكPب Hر JهMالل JمJكNلHذ Hف ) JاللM(32يونس: من اآلية: )الض.

5

Page 6: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وH فNي: )وقال JهHو JهIن Nم HلHب IقJي IنHل Hف GيناNد Nالم Iس Iاإل HرIيHغ NغHتIبHي IنHمHو HينNر Nاس HخIال HنNم Nة Hر Nخ I(85آل عمران: )(اآل.

ثHالJكJمI : )وقال تعالى IمHأ dادHب Nع NهMالل NونJد IنNم HونJعIدHت HينNذMال MنNإ)

.(194)األعراف: من اآليةيبJ لHه:( Jوقال NجHت IسHال ي IنHم NهMالل NونJد IنNو مJعIدHي IنMمNم Pل HضHأ IنHمHو

HونJل NافHغ Iم NهNائHعJد IنHع IمJهHو Nة HامHي NقIال NمIوHى يHلN(5:األحقاف )(إ..البراءة من الشرك ببغضه وإنكاره وتركه واجتنابه

اتعال: )والدليل قوله Mم Nم dيءNرHي بNنMنN إ Hو dد NاحHو dهHلN وH إ Jا ه HمMنN لI إ Jق HونJكNر IشJ(19األنعام: من اآلية )(ت.

تHنNبJوا الطMاغJوتH: )وقال تعالى IاجH(36النحل: من اآلية:)( و.رI )وقال سبحانه: JجIاه Hف Hز Iج PالرHالرجز: األصنام،(5المدثر:) ( و .

وهجرها تركها والبراءة منها.بHيIنHكJم :(Iوقال Hا وHنHنIيHب uاءHو Hس uة HمNلHى كHلNا إ IوHالHعHت NابHتNكIال HلIهHا أHي Iل Jق

GاباHب IرHأ GضاIعHا بHن JضIعHب Hذ NخMتHال يHو GئاIي Hش NهNب HكNر IشJال نHو HهMالل MالNإ HدJبIعHن MالHأ

NهMالل NونJد IنN(64آل عمران: من اآلية:) (م .ولH اللMهN صلى الله عليه Jس Hقال سمعت ر NهMبن عبد الل JرNاب Hوعن ج

نMةH وHمHنI ): وسلم يقول HجIشيئا دخل ال NهNب JكNر IشJي Hال HهMالل Hي NقHمن ل رNكJ بNهN دخل النMار IشJي JهHي NقHلH.رواه مسلم )

فال يكفي اعتقاد بطالن عبادة غير الله، بل البد من بغضها،وإنكارها وتركها واجتنابها بالكلية..Gوبغير ذلك ال يصح إسالم أحد أبدا

فمن فعل شيئاG من هذا الشرك األكبر فقد حبط عمله وصارإNلHى الMذNينH مNنIتعالى: )من المشركين، قال Hو HكIيHلN يH إ NوحJأ Iد HقHل Hو

HينNر Nاس HخIال HنNم MنHونJكHتHل Hو HكJل HمHع MنHطHب IحHيHل HتIك Hر IشHأ IنNئHل HكNلIب Hق) .(65الزمر:)

.البراءة ممن أشرك بالله بتكفيرهم وبغضهم ومعاداتهم الذين يشركون بالله يتخذون من خلقه معبودات يعبدونها من

ولوال هؤالء ما حدث الشرك وال عJبد أحد من دوندون الله الله، فكما ال يستقيم وال يصح البراءة من المعبود دون البراءة

من عبادته، ال يستقيم أيضا وال يصح البراءة من المعبود وعبادته دون البراءة ممن جعله معبودا وصرف له العبادة من

دون الله. وليس المعبود من دون الله بأولى بالبراءة من العابد، ألن العبد

يصير إلها معبودا إال بوجود من يشركه مع الله المخلوق الويعبده معه؟!

بل إن الله عز وجل قدم البراءة من العابد على البراءة من المعبود في أكثر من آية من آيات كتابه البينات، قال تعالى: )

6

Page 7: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

الJوا Hق IذNإ JهHع Hم HينNذMال Hو HيمNاه HرIبN نHةd فNي إ Hس Hح dةHو IسJأ IمJكHل IتHانHك Iد Hق

Jآء HرJا بMنN مI إ NهNمIو HقNلIمJكIن NمIمJكNا بHن Iر HفHك NهMالل NونJد IنNم HونJدJبIعHا ت Mم NمHو JهHد IحHو NهMاللNوا بJن NمIؤJى تMت Hح GداHبH اءJ أ HضIغHبIال Hو JةHاوHدHعIال JمJكHنIيHب Hا وHنHنIيHا بHدHب Hو)

(.4)الممتحنة: من اآليةأHعIتHزNلJ وقال تعالى: ) Hو IمJيكRب Hو رJعIدHأ Hو NهMالل NونJد IنNم HونJعIدHا ت HمHو)

(. 48)مريم: من اآليةلH وقال تعالى: ) HزHتIا اع MمHل Hف Iم Jه NونJد IنNم HونJدJبIعHا ي HمHمريم: من (و(

.(49اآليةلIتJمJو وقال عز وجل: ) HزHتIاع NذNإ Hو IمJواهJو

Iأ Hف HهMالل MالNإ HونJدJبIعHا ي HمHو NفIهHكIى الHلN16( )الكهف: من اآليةإ).

لHكNنI كHانH: )وقال تعالى Hو Gي�اNان Hر IصHال نHو Gي�اNود JهHي JيمNاه HرIبN ا كHانH إ Hم HينNكNر IشJمIال HنNم HانHا ك HمHو GماNل IسJم GيفاNن Hفمن(67 آل عمران:) (ح .

لم يكن حنيفا مسلما على ملة إبراهيم وجب البراءة منه.مIتعالى: )وقال JهIن Nم Hت IسHل GعاHي Nوا شJانHكHو Iم JهHينNوا د Jق Mر Hف HينNذMال MنNإ

uء Iي Hي شN(159األنعام: من اآلية:)( ف.* وHال: )وقال تعالى HونJدJبIعHا ت Hم JدJبIعHال أ * Hون JرNافHكIا ال HهPيH لI يHا أ Jق

HونJدNابHع IمJتIنH ا عHبHدIتJمI * وHال أ Hم dدNابHا عHنH ا أHعIبJدJ* وHال أ Hم HونJدNابHع IمJتIنH أ

NينNد HيNل Hو IمJكJينNد IمJكHل * JدJبIعHا أ H(6:1الكافرون:)( م. ، معناه إثبات اإللهية للهوأما الركن الثاني: اإلثبات )إال اللـه(

وحده دون شريك، أو بمعنى آخر إفراد الله بالعبادة والطاعةوالوالء. ويتحقق بما يلي:

،اإليمان بأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون سواه .وأن عبادته وتوحيده هو الحق والعدل واإلسالم

ا يHدIعJونH مNنI دJونNهNقال تعالى: ) Hم MنHأ Hو Pق HحIال Hو Jه HهMالل MنHأNب HكNلHذ JلNاطHبI(30لقمان: من اآلية:)( ال.ذHلNكJمJ تعالى: ) وقوله Hف JهMالل JمJكPب Hر Pق HحIا الHاذ Hم Hف HدIعHب Rق HحIال MالNإ JاللM32:اآلية يونس: من( )الض.)

دdوقوله: ) NاحHو dهHلN وH إ Jا ه HمMنN لI إ J(19األنعام: من اآلية)( ق.ءu وقوله: ) Iي Hش MلJك Hع NسHو Hو Jه MالNإ HهHلN كJمJ اللMهJ الMذNي ال إ JهHلN ا إ HمMنN إ

GماIل N(.98 )طـه:(ع.إخالص العبادة كلها لله

نIهJ نHذNيرd والدليل قوله تعالى: ) Nم IمJكHي لNنMنN أHالM تHعIبJدJوا إNالM اللMهH إdير NشHب H2( )هود:و).

NيMاهJ ذHلNكH الدRينJ وقوله: ) رH أHالM تHعIبJدJوا إNالM إ HمHأ NهMلNل MالNإ JمIك JحIال NنNإ

HونJمHلIعHال ي NاسMالن HرHثIكHأ MنNكHل Hو JمRي HقI(40)يوسف: من اآلية (ال.NيMاهJ وقوله: ) بPكH أHالM تHعIبJدJوا إNالM إ Hى رHضHقH23( )اإلسراء: من اآليةو).

7

Page 8: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

يIئاG وقوله: ) Hش NهNوا بJكNر IشJال تHو HهMوا اللJدJبIاعHالنساء: من اآلية (و(36).

مJ وقوله: ) JهHل HكNئHولJأ uمIلJظNب Iم JهHان HيمNوا إ JسNبIلHي IمHل Hوا وJن Hآم HينNذMال HونJدHت Iه Jم IمJهHو JنIمH I82( )األنعام:األ).

.إخالص الوالء لله بمواالة أوليائه ومعاداة أعدائهاوHاتN والدليل قوله تعالى: ) Hم Mالس NرNاط Hف Gي�اNل Hو Jذ NخMتH لI أHغHيIرH اللMهN أ Jق

Nض IرH IاألH(14)األنعام: من اآلية (و.

رH وقوله: ) NسHخ Iد Hق Hف NهMالل NونJد IنNم Gي�اNل Hو HانHطIي Mالش Nذ NخMتHي IنHمHو GيناNب Jم Gانا Hر Iس J(119)النساء: من اآلية (خ.

نJوا.. وقوله: ) Hآم HينNذMال Hو JهJول Jس HرHو JهMالل JمJكPيNل Hا و HمMنN .(55( )المائدة:إينH وقوله: ) NحNال Mى الصMلHوHتHي Hو JهHو HابHتNكIال Hل MزHي نNذMال JهMالل HيRيNل Hو MنNإ) .(196)ألعراف:مI مNنH الظPلJمHاتN إNلHى النPورN وقوله: ) Jه JجNر IخJوا يJن Hآم HينNذMال PيNل Hو JهMالل

مI مNنH النPورN إNلHى JهHون JجNر IخJي JوتJاغMالط JمJهJاؤHيNل IوHوا أ Jر HفHك HينNذMال Hو

NاتHمJلP257( )البقرة: من اآليةالظ).اللـه: إلـه إال إذاG معنى ال

ال إله إال الله = ال نعبد إال الله، وال نشرك به شيئا، ونبرأ ممنيشرك به شيئا.

ال إله إال الله = ال ندعو إال الله، وال ندعو أحداG غيره، ونبرأ ممنيدعو غيره.

ال إله إال الله = ال نصلي إال لله، وال نصلي ألحد غيره، ونبرأممن يصلي لغيره.

ال إله إال الله = ال نحكم إال بشريعة الله، وال نحكم بشريعةالطاغوت، ونبرأ ممن يحكم بشريعة الطاغوت.

ال إله إال الله = ال نتحاكم إال إلى شريعة الله، وال نتحاكم إلىشريعة الطاغوت، ونبرأ ممن يتحاكم إلى شريعة الطاغوت.

ال إله إال الله = ال نحرم إال ما حرم الله، وال نحل إال ما أحله، وال نشرع شيئا لم يأذن به، ونبرأ ممن يحرم ويحلل ويشرع

بغير إذن الله ومن يتبعهم. ال إله إال الله = ال نقبل إال تشريع الله، وال نقبل تشريعاG من

غير الله، ونبرأ ممن يقبل تشريعا من غير الله.

فكلمة التوحيد هي أصل الدين وحقيقته، ومبدؤه ومنتهاه، وليس المراد نطقها باللسان فقط من غير اعتقاد وال عمل،

بل البد من قولها والعمل بما دلت عليه باطنا وظاهرا، فمن لم يعرف معناها، أو عرفه ولم يعتقده، أو اعتقده ولم يعمل بما دلت عليه، فكل هؤالء غير مؤمنين بال إله إال الله وإن نطقت

بها ألسنتهم.8

Page 9: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فجاهل التوحيد يستحيل أن يكون مسلما؛ ألن الذي ال يعرف معنى ال إله إال الله ال يمكن أن يكون معتقدا لها مصدقا بها؛

فاالعتقاد والتصديق ال يكون إال بعد العلم بحقيقة الشيءوصحته.

وال يمكن أن يكون شاهدا بها مقرا بما دلت عليه؛ ألن الشهادةواإلقرار ال يكون إال بعد العلم بالمشهود به.

وال يمكن أن يكون عامال بها؛ ألنه ال يفرق بين التوحيدوالشرك.

فجاهل التوحيد انتفى عنه االعتقاد والقول )الشهادة واإلقرار( والعمل، ومما ال خالف فيه أن التوحيد اعتقاد وقول وعمل،

فكيف يستقيم في العقول والفطر والشرع الحكيم أن يكونجاهل التوحيد مسلما من غير اعتقاد وال قول وال عمل؟!!! وأما الشهادة بأن محمداG رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فهي الركن الثاني من الشهادتين. ومضمون هذه الشهادة اإليمان بأن محمداG بن عبد الله بن عبد

المطلب بن هاشم رسول الله إلى الناس كافة، عربهم وعجمهم، وأنه خاتم األنبياء والمرسلين، واإليمان بما جاء به

من عند الله عز وجل، ومحبته، وتوقيره، ونصرته، واتباعه،وتحكيمه.

وهاتان الشهادتان هما أصل دين اإلسالم، فمن أتى بهما فقد دخل في اإلسالم، ومن أخلM بهما أو إحداهما، أو ارتكب ما

يناقضهما فليس من اإلسالم في شيء. وليس المقصود التلفظ بحروفهما، بل البد من معرفة

معناهما، والعمل بمقتضاهما ظاهرا وباطنا باللسان والقلبوالجوارح.

واألحكام في الدنيا تجري على ظاهر األمر، فمن أظهر اإلسالم حكمنا له به وكان من أهله له ما لنا وعليه ما علينا، وال نخرجه

منه إال بأمر دل الكتاب أو السنة أو اإلجماع على كفر صاحبهمن اعتقاد أو قول أو فعل أو شك.

وأعظم ما ينقض اإلسالم ويضاده الشرك بالله وهو عبادة غير يملك ، وتسوية الخالق جل وعال بأحد مخلوقاته مما الالله

نفعا وال ضرا، فمن عبد مع الله غيره فهو مشرك وال يمكن أن.Gوال حنيفا وال موحدا Gيسمى مسلما

فالشرك بالله عز وجل يهدم التوحيد الذي هو أصل اإلسالموحقيقته، وال يجتمع التوحيد مع الشرك أبدا.

فمن اتخذ لله ندا، أو جعل له شريكا بأن صرف شيئا منخصائص الله لمخلوق من مخلوقاته، فهو كافر مشرك.

9

Page 10: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

لJونH * يقول: )فالله Nاه HجIا ال HهPيH ونRي أHعIبJدJ أ Jر JمIأHت NهMالل HرIيHغ HفHأ Iل Jق

MنHطHب IحHيHل HتIك Hر IشHأ IنNئHل HكNلIب Hق IنNم HينNذMى الHلNإ Hو HكIيHلN يH إ NوحJأ Iد HقHل Hو HينNر Nاس HخIال HنNم MنHونJكHتHل Hو HكJل HمH(65: 64الزمر:)( ع.

وحاشا رسل الله ومالئكته أن يشركوا به.غHيIرH اللMهN( يدخل في ذلك كل ما HفHوتأمل قوله في هذه اآلية: )أ

داGسوى الله، وقوله تعالى: ) HحHأ NهRب Hر NةHادHبNعNب IكNر IشJال يHالكهف:)( و . فأي عبادة صرفت لغير الله فهذا هو الشرك(110من اآلية:

مهما كان المعبود مع الله نبياG أو ملHكاG أو صالحاG أو عالما أوحكيما أو حاكما أو رئيساG أو شجراG أو حجراG أو غير ذلك.

ومن أنواعه المنتشرة في الواقع المعاصر بين من يدMعوناإلسالم ويتلفMظون الشهادتين:

: اتخاذ أولياء من دون الله يعتقدون فيهم النفعالنوع األول والضر، ويخافونهم ويرجون منهم الشفاعة، ويعتقدون أنهم

يقربونهم إلى الله زلفى.هJمI وHال والدليل قوله تعالى: ) Pر JضHا ال ي Hم NهMالل NونJد IنNم HونJدJبIعHي Hو

ا HمNب HهMالل HونJئRبHنJتH لI أ Jق NهMالل HدIن Nا عHن JاؤHع Hف Jش NالءJؤ Hه HونJول JقHي Hو Iم JهJع HفIنHي ا MمHى عHالHعHت Hو JهHان HحIب Jس Nض Iر

H Iي األNال فHو NاتHاو Hم Mي السNف JمHلIعHال ي HونJكNر IشJ18( )يونس:ي). لHوI كHانJوا ال وقوله: ) Hو

Hأ Iل Jق HاءHع Hف Jش NهMالل NونJد IنNوا مJذ HخMات NمHأ

HونJل NقIعHال يHو GئاIي Hش HونJكNل IمH43( )الزمر:ي). بJونHا وقوله: ) Rر HقJيNل MالNإ IمJهJدJبIعHا ن Hم HاءHيNل Iو

Hأ NهNونJد IنNوا مJذ HخMات HينNذMال Hو MنNإ Hون JفNلHت IخHي Nيه Nف IمJا ه Hي مNف Iم JهHنIيHب JمJك IحHي HهMالل MنNى إ HفIل Jز NهMى اللHلNإ

dار MفHك dبNاذHك Hو Jه IنHي مNد IهHال ي HهM(3)الزمر: من اآلية (الل.لNكJونH وقوله: ) IمHال ي HاءHيNل Iو

Hأ NهNونJد IنNم IمJتIذ HخMات HفHأ Iل Jق JهMالل Nل Jق Gا ر� Hال ضHو Gعا IفHن Iم Nه Nس JفIنH Nواوقوله: ) ،(16)الرعد: من اآلية (ألJذ HخMات Hو

HونJكNل IمHال يHو Hون JقHل IخJي IمJهHو GئاIي Hش Hون JقJل IخHال ي Gة HهNآل NهNونJد IنNم Gورا JشJال نHو GاةHي Hال حHو Gتا Iو Hم HونJكNل IمHال يHو Gعا IفHال نHو Gا ر� Hض Iم Nه Nس JفIنH Nأل)

.(3)الفرقان: : التوجه لغير الله عز وجل بأنواع العبادة التي الالنوع الثاني

يستحقها إال الله وحده، كدعاء الموتى، والذبح والنذر لهم، والطواف والعكوف والتبرك بقبورهم وتربتها، وغير ذلك مما

هو معروف ومشاهد.HنIدHاداG والدليل قوله تعالى: ) ذJ مNنI دJونN اللMهN أ NخMتHي IنHم NاسMالن HنNمHو

NهMالل RبJحHك Iم JهHونPب NحJ(165)البقرة: من اآلية (ي.رNكH وقوله: ) IفJكNب IعMت HمHت Iل Jق NهNيلNب Hس IنHع Mل NضJيNل G HنIدHادا عHلH لNلMهN أ HجHو

NارMالن Nاب Hح IصHأ IنNم HكMنN لNيالG إ H(8)الزمر: من اآلية (ق.

10

Page 11: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وH وقوله: ) Jه HكNلHذ JهJع HفIنHا ال ي HمHو Jه Pر JضHا ال ي Hم NهMالل NونJد IنNو مJعIدHي JيدNعHبIال JاللM12( )الحج:الض).

يبJ لHهJ وقوله: ) NجHت IسHال ي IنHم NهMالل NونJد IنNو مJعIدHي IنMمNم Pل HضHأ IنHمHو HونJل NافHغ Iم NهNائHعJد IنHع IمJهHو Nة HامHي NقIال NمIوHى يHلN5:األحقاف( )إ.)

: الشرك بالله في الحكم، وذلك بتشريع ما لم يأذنالنوع الثالث به الله، وتحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله، واتخاذ شريعة

ومنهج ودستور ما أنزل الله به من سلطان. NيMاهJ والدليل قوله تعالى: ) رH أHالM تHعIبJدJوا إNالM إ Hم

Hأ NهMلNل MالNإ JمIك JحIال NنNإ HونJمHلIعHال ي NاسMالن HرHثIكHأ MنNكHل Hو JمRي HقIال JينRالد HكNلHيوسف: من (ذ(

.(40اآليةداG وقوله: ) HحHأ Nه NمIك Jي حNف JكNر IشJال يH(26)الكهف: من اآلية (و.

ولJونHوقوله: ) JقHي IلHا هHنHل HنNم Nر IمH Iاأل IنNم uء Iي Hش Iل Jق MنNإ Hر IمH Iاأل JهMلJك NهMلN(154اآلية عمران: من )آل ( ل.

لIقJ لHهJ أHالوقوله: ) HخIال Jر IمH IاألHو Hك HارHبHت JهMالل Pب Hر HينNمHالHعIألعراف: (ال( .(54اآلية من

ا لHمI يHأIذHنI بNهN وقوله: ) Hم NينRالد HنNم Iم JهHوا لJع Hر Hش JاءHك Hر Jش Iم JهHل IمHأ JهM(21)الشورى: من اآلية (الل.

بRكJمI وHال تHتMبNعJوا مNنI دJونNهN وقوله: ) Hر IنNم IمJكIيHلN JنIزNلH إ ا أ Hوا مJعNبMات Hون JرMكHذHا ت Hم GيالNل Hق HاءHيNل Iو

H3( )ألعراف:أ).ا وHال تHتMبNعI وقوله: ) HهIعNبMات Hف Nر IمH Iاأل HنNم uةHيعNر Hى شHلHع HاكHنIلHع Hج MمJث

HونJمHلIعHال ي HينNذMال HاءHو IهH18( )الجاثـية:أ).بHاباG مNنI دJونN اللMهN وقوله: ) Iر

Hأ Iم JهHانHب Iه JرHو IمJه HارHب IحHوا أJذ HخMات) .(31)التوبة: من اآلية

: الشرك في الطاعة والوالء، وذلك بقبول التشريعالنوع الرابع من غير الله عز وجل، وتحكيمه والتحاكم إليه، وتعظيمه

ونصرته، ومدحه وتزينه، فمن فعل شيئا من ذلك فقد آمنبالطاغوت وكفر بربه وخالقه، وصار من المشركين الكافرين.

بHاباG مNنI والدليل قوله تعالى: ) IرHأ Iم JهHانHب Iه JرHو IمJه HارHب IحHوا أJذ HخMات

NهMالل NونJ(31)التوبة: من اآلية (د.بHاباG مNنI دJونN اللMهN وقوله: ) Iر

Hأ GضاIعHا بHن JضIعHب Hذ NخMتHال يHآل عمران: (و( .(64من اآليةNنMهJ وقوله: ) يIطHانH إ Mوا الشJدJبIعHال ت IنHأ HمHي آدNنHا بHي IمJكIيHلN دI إ HهIعHأ IمHلH أ

dينNب Jو� مJدHع IمJكHس:ل (.60( )يـ�NلHيIكH وقوله: ) JنIزNلH إ ا أ HمNوا بJن Hآم Iم JهMنH عJمJونH أ IزHي HينNذMى الHلNإ HرHت IمHلH أ

Iد HقHو NوتJاغMى الطHلNوا إJمHاك HحHتHي IنHأ HونJيدNرJي HكNلIب Hق IنNم HلNزIنJ ا أ HمHو NهNوا ب Jر JفIكHي IنHوا أ Jر NمJ(60)النساء: من اآلية (أ.

11

Page 12: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

بRكJمI وHال تHتMبNعJوا مNنI دJونNهN وقوله: ) Hر IنNم IمJكIيHلN JنIزNلH إ ا أ Hوا مJعNبMات Hون JرMكHذHا ت Hم GيالNل Hق HاءHيNل Iو

H(3)ألعراف: (أ.إNنI وقوله: ) Hو IمJوكJلNاد HجJيNل Iم NهNائHيNل Iو

Hى أHلNإ Hون JوحJيHل HينNاطHي Mالش MنNإ Hو HونJكNر IشJمHل IمJكMنN .(121)األنعام: من اآلية (أHطHعIتJمJوهJمI إ

لNيHاءH مNنI دJونN وقوله تعالى: ) IوHأ HينNر NافHكIال HونJن NمIؤ JمIال Nذ NخMتHال ي

uء Iي Hي شNف NهMالل HنNم HسIيHل Hف HكNلHذ IلHع IفHي IنHمHو HينNن NمIؤ JمIآل (ال( .(28عمران: من اآلية

بHادNي مNنI دJونNي وقوله: ) Nوا عJذ NخMتHي IنHوا أ Jر HفHك HينNذMال Hب NسHح HفHأ HاءHيNل Iو

H(102)الكهف: من اآلية (أ. هذه بعض صور الشرك األكبر المناقضة لإلسالم والمنتشرة في

الواقع المعاصر. ونحمد الله الذي جعلنا مسلمين حنفاء لله غير مشركين به،

وهدانا إليمان به والكفر بالطاغوت وترك الشرك وكل ما يعبد من دون الله، ووفقنا للبراءة من المشركين العابدين لغيره، ورزقنا من الفرقان والنور ما نميز به بين الخبيث والطيب،بRنا الحمد على ذلك كله، وعلى HرNوبين أولياء الله وأعدائه، فل جميع فضله وكثير نعمه وسعة كرمه وجميل إحسانه. والله

أعلم.

به يفرق ربه من ونور دينه من بصيرة على المسلموأتباعه والباطل وأهله الحق بين

من عرف الدين الحق وشرح الله صدره لإلسالم فهو على نور من ربه، وبيRنة وبصيرة من أمره، يستطيع أن يعرف ما يدين به

قومه والناس من حوله، وأن يميز بين من يوافقه على هذا الدين من المسلمين، ومن يخالفه من الكفار المشركين، وال

يمكن أن يلتبس عليه حال الناس مادام هذا النور معه.عHلIنHا لHهJ) يقول الحق تبارك وتعالى: HجHو JاهHنIيHي IحHأ Hا فGتIي Hم HانHك IنHمHو

uجNار HخNب HسIيHل NاتHمJلPي الظNف JهJلHث Hم IنHمHك NاسMي النNف NهNي ب NشIمHا ي GورJن HونJل HمIعHوا يJانHا ك Hم HينNر NافHكIلNل HنRي Jز HكNلHذHا ك HهIن N(122)األنعام: (م.

قال ابن كثير في تفسيره: هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا في الضاللة

هالكا حائرا، فأحياه الله أي أحيا قلبه باإليمان، وهداه له ووفقه التباع رسله، )وجعلنا له نورا يمشى به في الناس( أي يهتدي كيف يسلك، وكيف يتصرف به، والنور هو القرآن، كما

ي:�دJرواه العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس، وقال الس اإلسالم، والكل صحيح، )كمن مثله في الظلمات( أي الجهاالت

12

Page 13: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

واألهواء والضالالت المتفرقة )ليس بخارج منها( أي ال يهتدي.هـ.إلى منفذu وال مخلصu بما هو فيه.ا

وقال ابن القيم في الفوائد: وقوله )وجعلنا له نورا يمشي به :Gفي الناس( يتضمن أمورا

أحدها: أنه يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة، فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم ال ليل فضلوا ولم يهتدوا

للطريق، وآخر معه نور يمشي به في الطريق ويراها ويرى مايحذره فيها.

وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهمإلى النور.

وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط إذا بقى.هـ.أهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.ا

وH عHلHى نJورuوقال عز وجل: ) Jه Hف Nم Hال IسN IإلNل Jه HرIد Hص Jالله Hح Hر Hش IنHم HفHأ uل Hال Hي ضNف HكNئHولJأ Nالله NرIكNذ IنNم Iم JهJوبJل Jق NةHي Nاس HقIلNل dلIي Hو Hف NهRب Hر IنNم

uينNب Jمر:م P22( )الز). قال الطبري في تفسيره:

يقول تعالى ذكره أفمن فسح الله قلبه لمعرفته واإلقرار بوحدانيته، واإلذعان لربوبيته والخضوع لطاعته، فهو على نور

من ربه، يقول فهو على بصيرة مما هو عليه ويقين بتنوير،uوعما نهاه عنه منته ، dالحق في قلبه، فهو لذلك ألمر الله متبع

فيما يرضيه، كمن أقسى الله قلبه وأخاله من ذكره وضيقه عن.هـ.استماع الحق واتباع الهدى والعمل بالصواب.ا

وهذا النور المذكور في اآلية السابقة هو البينة والبصيرةبNيلNي أHدIعJو إNلHى اللهN عHلHىالمذكورة في قوله تعالى:) Hس NهNذ Hه Iل Jق

HينNكNر IشJالم HنNا مHنH ا أ HمHو Nالله Hان HحIب JسHي وNنHعHبMات NنHمHا وHنH ةu أ Hير NصHب) (.108يوسف:)

نIهJوقوله تعالى: ) Nم dد Nاه Hش JوهJلIتHي Hو NهRب Hر IنNم uةHنRيHى بHلHع HانHك IنHم HفHأ ) .(17)هود:من اآلية

والبينة هي األمر الواضح والدليل والبرهان. قاله ابن وضاحفي البدع والحوادث.

والبصيرة هي المعرفة التي يميز بها الحق والباطل. قالهالبغوي في تفسيره.

في هذه اآليات السابقة إشارة إلى أن من عرف دين الله الحق، وشرح الله صدره لقبوله واالنقياد له، البد أن يحصل له من النور ما يفرق به بين الحق والباطل، فيعرف أن اإلسالم

هو دين الله الحق وأن ما سواه من األديان ضالل وباطل، ويميز بين المسلمين والمشركين، وذلك ألن القلب ال يستقر

13

Page 14: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

مرية له والشك، ولهذا واليثبت إال إذا كان عالما موقنا بالحق ال كان من شروط كلمة اإلخالص العلم واليقين وهما قبل القبول

واالنقياد والعمل. وهناك أمور البد لكل من دخل في دين الله واختاره على سائر

األديان أن يكون منها على بينة وبصيرة وحجة وبرهان، ومنهذه األمور:

البد أن يكون على يقين أن الدين الذي يقبله الله ويرضاه.1 هو اإلسالم، وأن ما سواه باطل وضالل ومردود، فمن دان

باإلسالم فهو على حق وهدى، ومن دان بغيره فهو كافرضال.

البد أن يكون على يقين أن دين اإلسالم ال يتحقق إال.2 باإليمان بالله وعبادته وحده، والكفر بما يعبد من دونه،

وتكفير المشركين، مع اإليمان بالرسول وبما أرسل به. وهومضمون الشهادتين.

البد أن يميز بين التوحيد الذي هو أصل الدين وحقيقته،.3والشرك الذي ينقض اإلسالم ويبطله.

ق ويميز بين أولياء الله المسلمين الذين.4 Rالبد أن يفر يشركون به شيئا، وبين أعداء الله أهل يعبدون الله وحده وال

األديان الباطلة الذين ال يوحدون الله ويجعلون له شركاء منخلقه، فيوالي أولياء الله ويتبرأ من أعدائه.

وعلى هذا فكل مسلم له من النور والبصيرة ما يميز به بين التوحيد وأهله وبين الشرك وأتباعه، وليس بمسلم من لم يميز

بين ذلك.ا يHعIبJدJونH إNالMقال تعالى: ) Hم Nء HالJؤ Hه JدJبIعHا ي Mم Nم uةHي Iر Nي مNف JكHت Hال Hف

uوص JقIن Hم HرIيHغ Iم JهHيب NصHن IمJوه PفHو JمHا لMنN إ Hو JلIب Hق IنNم IمJهJاؤHبH ا يHعIبJدJ آ HمHك) . (109هود:)

قال ابن جرير الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فال تكJ في شك يا محمد مما يعبد

هؤالء المشركون من قومك من اآللهة واألصنام أنه ضالل.هـ.وباطل وأنه بالله شرك.ا

وقال البغوي في تفسيره: ) فال تك في مرية ( في شك مما.ا dل Mال Jهـ.يعبد هؤالء أنهم ض.

صدره الله وشرح الحق الله دين عرف من كل أن والمقصود وأهله الحق بين بها يفرق وبصيرة وبينة نور على فهو لإلسالم

يدين ما يعرف أن وسهولة بيسر ويمكنه وأتباعه، الباطل وبين

14

Page 15: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

منهم ومن الحق، الدين على منهم حوله.. من من الناس بهخالفه. على منهم ومن دينه، على منهم الباطل.. من على

وهذا هو دأب المسلم قديما وحديثا، ولو لم يكن على األرضمسلم سواه.

15

Page 16: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

الضالل وأهل الحق أهل بين الحنفاء تمييزإNذIيقول المولى جال وعال عن خليله إبراهيم عليه السالم: ) Hو

وIمHكH فNي HقHو Hاك HرHي أRنNإ Gة HهNلH ا آ GامHن Iص

Hأ Jذ NخMتHتH رH أ HزHآ NيهNبH Nأل JيمNاه HرIبN الH إ Hق .... uينNب Jم uل Hال Hإلى قوله تعالى: ) (74األنعام:)( ض NمIو Hا قHي Hال Hق

HرHطHي فNذMلNل Hي Nه IجHو Jت Iه MجHي وRنNإ * HونJكNر IشJا ت Mم Nم dيءNرHي بRنNإ HينNكNر IشJالم HنNا مHنH ا أ HمHا و GيفNن Hح Hض Iر

HاألHو NاتHاو Hم M87األنعام:)( الس- 79).

قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره: )إني أراك وقومك في ضالل مبين( يقول إني أراك يا آزر وقومك الذين

يعبدون معك األصنام ويتخذونها آلهة في )ضالل( يقول في زوال عن محجة الحق وعدول عن سبيل الصواب، )مبين(:

يقول يتبين لمن أبصره أنه جور عن قصد السبيل، وزوال عنمحجة الطريق القويم.

يعني بذلك أنه قد ضل هو وهم عن توحيد الله وعبادته الذي استوجب عليهم إخالص العبادة له بآالئه عندهم دون غيره من

اآللهة واألوثان......ا ) HمHا و GيفNن Hح Hض Iر

HاألHو NاتHاو Hم Mالس HرHطHي فNذMلNل Hي Nه IجHو Jت Iه MجHي وRنNإ HينNكNر IشJالم HنNا مHنH .(أ

يقول: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن خليله إبراهيم عليه السالم أنه لما تبين له الحق وعرفه شهد شهادة الحق، وأظهر

خالف قومه أهل الباطل وأهل الشرك بالله، ولم يأخذه في الله لومة الئم، ولم يستوحش من قيل الحق والثبات عليه مع

خالف جميع قومه لقوله وإنكارهم إياه عليه، وقال لهم يا قوم إني بريء مما تشركون مع الله الذي خلقني وخلقكم في

عبادته من آلهتكم وأصنامكم إني وجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السماوات واألرض الدائم الذي يبقى وال يفنى

ويحيي ويميت ال إلى الذي يفنى وال يبقى ويزول وال يدوم وال يضر وال ينفع، ثم أخبرهم أن توجيهه وجهه لعبادته بإخالص

العبادة له واالستقامة في ذلك لربه على ما يجب من التوحيد ال على الوجه الذي يوجه له وجهه من ليس بحنيف ولكنه به

مشرك إذ كان توجيه الوجه ال على التحنيف غير نافع موجههبل ضاره ومهلكه.

( يقول ولست منكم أي لست ممنوما أنا من المشركين ).يدين دينكم ويتبع ملتكم أيها المشركون.ا.هـ

بNينu وقال تعالى: ) Jم uالل Hي ضNف IمJكJاؤHآب Hو IمJتIنH دI كJنIتJمI أ HقHل Hال Hق) .(54:األنبياء)

16

Page 17: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

دHمJونH وقوله: ) IقH Iاأل JمJكJاؤHآب Hو IمJتIنH ا كJنتJمI تHعIبJدJونH * أ Hم IمJتIيH أ Hر HفHأ Hال Hق HينNمHالHعIال Mب Hر MالNي إNو� لJدHع Iم JهMنNإ H77:76:75( )الشعراء: * ف .)

فالمالحظ هنا أن الخليل عليه السالم تبرأ من أبيه وقومه وآبائهم الذين اتبعوهم على ضاللهم، ولم يوالN منهم إال من

آمن بالله وحده وكفر بما يعبد من دونه.الMذNينH قال تعالى: ) Hو HيمNاه HرIبN نHةd فNي إ Hس Hح dةHو Iس

Jأ IمJكHل IتHانHك Iد Hق NهMالل NونJد IنNم HونJدJبIعHا ت Mم NمHو IمJكIن Nم Jآء HرJا بMنN مI إ NهNمIو HقNوا لJال Hق IذNإ JهHع Hم نJوا NمIؤJى تMت Hح GداHبH اءJ أ HضIغHبIال Hو JةHاوHدHعIال JمJكHنIيHب Hا وHنHنIيHا بHدHب Hو IمJكNا بHن Iر HفHك

JهHد IحHو NهMاللN4( )الممتحنة: من اآليةب).مHنI وقال في آية أخرى: ) Hف NاسMالن HنNم GيراNثHك HنIلHل IضHأ Mن JهMنN بR إ Hر

dيم Nح Hر dور JفHغ HكMنNإ Hي فNان HصHع IنHمHي وRن Nم JهMنNإ Hي فNنHعNبH(.36)إبراهيم: (تا تHدIعJونH مNنI دJونN اللMهN وقال تعالى: ) HمHو IمJكJلNزHتIعHأ Hمريم: منو( )

(، قال البغوي: قال مقاتل كان اعتزاله إياهم أنه48اآلية.هـ.فارقهم من كوثى فهاجر منها إلى األرض المقدسة.ا

وال يقال أن إبراهيم عليه السالم عHلNمH حال قومه ومن كانوا يعلم إال بوحي قبلهم بوحي من الله، ألنه لو كان هذا األمر ال

من الله لما كلفنا الله عز وجل ما كلMف به رسله، وجعل لنا أسوة حسنة في براءة إبراهيم من أبيه وقومه وما يعبدون من دون الله إلى يوم القيامة، وال نحتاج لوجود نبي بيننا لكي يحدد لنا المسلمين الذين لهم حق الوالء والكافرين الذين نحن منهم

برآء.نHاوقال تعالى عن الفتية المؤمنة أصحاب الكهف: ) JمIو Hق Nء HالJؤ Hه

JمHلIظHأ IنHم Hف uنRيHب uانHطIل JسNب Iم NهIيHلHع HونJتIأHي HالIوHل Gة HهNلH ذJوا مNنI دJونNهN آ HخMات ى عHلHى اللهN كHذNبGا HرHت Iاف NنMمN(15الكهف:)( م .

جاء في تفسير البغوي: )هؤالء قومنا( يعني أهل بلدهم )اتخذوا من دونه( أي من دون الله )آلهة( يعني األصنام يعبدونها )لوال( أي هال )يأتون عليهم( أي على عبادتهم

)بسلطان بين( بحجة واضحة...... ثم قال بعضهم لبعض )وإذ اعتزلتموهم( يعني قومكم )وما

دون الله( يعبدون إال الله(. قرأ ابن مسعود )وما يعبدون من وأما القراءة المعروفة فمعناها أنهم كانوا يعبدون الله

ويعبدون معه األوثان، يقول إذ اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون إال الله فإنكم لم تعتزلوا ) فأووا إلى الكهف ( فالجأوا

.هـ.إليه.اقال ابن كثير في البداية والنهاية:

قال كثير من المفسرين والمؤرخين وغيرهم كانوا في زمن ملك يقال له دقيانوس وكانوا من أبناء األكابر، وقيل من أبناء

17

Page 18: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

الملوك، واتفق اجتماعهم في يوم عيد لقومهم فرأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود لألصنام والتعظيم لألوثان،

فنظروا بعين البصيرة، وكشف الله عن قلوبهم حجاب الغفلة وألهمهم رشدهم، فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء،

فخرجوا عن دينهم وانتموا إلى عبادة الله وحده ال شريك له، ويقال إن كل واحد منهم لما أوقع الله في نفسه ما هداه إليه

من التوحيد انحاز عن الناس واتفق اجتماع هؤالء الفتية في مكان واحد، كما صح في البخاري )األرواح جنودة مجندة فما

تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف( فكل منهم سأل اآلخر عن أمره وعن شأنه فأخبره ما هو عليه، واتفقوا على

االنحياز عن قومهم والتبري منهم والخروج من بين أظهرهم والفرار بدينهم منهم، وهو المشروع حال الفتن وظهور

.هـ.الشرور.ا

موقف زيد بن عمرو بن نفيل من قومه: قال محمد بن إسحاق في السيرة: وقد كان نفر من قريش:

زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وعبيد الله

بن جحش بن رئاب،..... حضروا قريشا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم، فلما اجتمعوا خال بعض أولئك

النفر إلى بعض، وقالوا تصادقوا ولIيكتم بعضكم على بعض، فقال قائلهم: تعلمون والله ما قومكم على شيء، لقد أخطئوا

دين إبراهيم عليه السالم وخالفوه، ما وثنd يJعبد ال يضر وال ينفع، فابتغوا ألنفسكم، فخرجوا يطلبون ويسيرون في األرض

يلتمسون أهل الكتاب من اليهود والنصارى والملل كلهار Mالحنيفية دين إبراهيم عليه السالم، فأما ورقة بن نوفل فتنص Gفاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما

كثيراG من أهل الكتاب، فلم يكن فيهم أعدل أمراG وال أعدل شأنا من زيد بن عمرو بن نفيل، اعتزل األوثان وفارق األديان من اليهود والنصارى والملل كلها إال دين إبراهيم، يوحد الله عز

وجل ويخلع مHنI دونه، وال يأكل ذبائح قومه، باداهم بالفراق لماهم فيه.

قال ابن إسحاق حدثني هشام ابن عروة عن أبيه عن أسماءGبنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا

ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري، ثم يقول: اللهم لو

18

Page 19: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

أني أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني ال أعلمه ثم يسجد.على راحته.ا.هـ

قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه: وهذه القصة في مسند اإلمام أحمد كاملة عن ابن عباس رضي

الله عنه.Hاق Hح IسNبن إ NنHثنا أبي ع Jوب JقIعHحدثني أبي ثنا ي JهHحدثنا عبد الل

uيدNبHبن ل NودJم IحHاألنصاري عن م HةHادHت Hبن ق Hر HمJبن ع Jم NاصHحدثني ع دNيثHهJ من Hالفارسي ح JانHمIل Hقال حدثني س uاسMبHبن ع NهHعن عبد الل يHةu منها Iر Hق NلIهHمن أ Hان HهHب Iص

Hأ NلIهHي�ا من أ NسNار Hف Gال Jج Hفيه قال كنت ر لIقN اللMهN إليه Hخ MبHحHأ JتIنJكHو NهNتHي Iر Hق Hان HقIهNى� وكان أبي د Hلها ج Jال HقJي بPهJ إياي حتى حبسني في بHيIتNهN أي مJالHزNمH النMارN كما Jح NهNب Iل HزHفلم ي

NارMالن HنHطHحتى كنت ق NةMي Nوس JجHمIفي ال JتIد Hه IجHأ Hو JةHيNار HجIال JسHب IحJت dةHعIي Hأبي ض IتHانHكHقال و GةHاع Hو سJب IخHا ت HهJك JرIتHي Hا ال HهJد NوقJالذي ي

غNلH في بJنIيHانu له يHوIماG فقال لي يا بني إني قد JشHقال ف dة HيمNظHع ا HهIعNلMاط Hف IبHهIاذ Hعن ضيعتي ف HمIوHيIهذا ال uانHيIنJفي ب JتIلNغ Jش Jت Iر Hر Hم Hف JهHتHعIي Hض JيدNر

Jأ Jت Iج Hر Hخ Hف JيدNرJما ي NضIعHبNوأمرني فيها ب IمJهHفيها و Iم JهHات Hو Iص

Hأ JتIع Nم HسHى ف Hار HصMالن NسNائHنHمن ك uة HيسNنHكNب NهNتIيHأبي إياي في ب NسIب HحNالناس ل Jر Iم

Hى ما أNرIدHأ Hال JتIنJكHو HونPل HصJي لIتJ عليهم انظر ما HخHد Iم JهHات Hو Iص

Hأ JتIع Nم HسHو Iم NهNب Jت Iر Hر Hفلما م IمNهNر Iم

Hفي أ JتIب Nغ HرHو Iم JهJتHال Hأعجبني ص Iم JهJتIيH أ Hقال فلما ر HونJعHن IصHي وHاللMهN ما Hعليه ف Jن IحHالذي ن NينRالد HنNم dرIي Hهذا والله خ JتIل JقHو

ا فقلت HهNأبي ولم آت HةHعIي Hض JتIك HرHت Hو JسIم Mالش NتHب HرHحتى غ Iم JهJتIك HرHت عIتJ إلى أبي Hج Hر MمJقال ث Nام MالشNقالوا ب NينRهذا الد Jل Iص

Hأ HنIيH لهم أئIتJهJ قال Nقال فلما ج NهRلJك NهNل HمHعن ع JهJتIلHغ HشHفي طلبي و HثHعHوقد ب

دIتJ قال قلت يا NهHما ع HكIيHلN دIتJ إ NهHع IنJكHأ IمHلH HيIنH كJنIتH أ أي بني أةu لهم فأعجبني ما رأيت من HيسNنHفي ك HونPل HصJي uاسHنNب Jت Iر Hر Hم NتHبHأ مIسJ قال أي بني Mالش NتHب HرHحتى غ IمJهHدIن Nع JتIلNما ز NهMاللHو Hف Iم NهNينNد

يIرd منه قال قلت Hخ HكNائHآب JينNدHو HكJنIيHد dرIي Hخ NينRليس في ذلك الد GداIي Hفي رجلي ق HلHع Hج Hا قال فخافني فHنNينNمن د dرIي Hوالله انه خ MالHك

ى فقلت لهم إذا ثJمM حبسني في Hار HصMإلى الن JتIثHعHب Hقال و NهNتIيHب Iم NهNى فأخبروني ب Hار HصMالن HنNم dار MجJت Nام Mالش HنNم dبIك Hر IمJكIيHلHع HمNد Hق

ى قال Hار HصMالن HنNم dار MجJت Nام Mالش HنNم dبIك Hعليهم ر HمNد Hقال فق ادJوا Hر

Hأ Hو Iم Jه HجNائ Hو Hا حIو HضHقال فقلت لهم إذا ق Iم NهNفأخبروني ب عHةH إلى Iج Mوا الرJاد Hر

Hقال فلما أ Iم NهNفآذنوني ب IمNهNدHالNإلى ب HةHع Iج Mالر JتIج Hر Hخ MمJمن رجلي ث HيدNد HحIال JتIي HقIلHأ Hف Iم NهNأخبروني ب IمNهNدHالNب

لJ أHهIلN هذا HضIفHا قلت من أ HهJت IمNد Hفلما ق Hام Mالش JتIمNد Hحتى ق Iم JهHع Hم ئIتJهJ فقلت إني قد Nج Hقال ف Nة HيسNنHكHفي ال Pف Jق IسJقالوا األ NينRالد

19

Page 20: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

دJمJكH في IخHأ HكHع Hم HونJكHأن أ JتIبHب IحHأ Hو NينRفي هذا الد JتIب Nغ Hر لIتJ معه قال HخHد Hف Iل JخIاد Hقال ف HكHع Hى مRل Hص

Jأ Hو HكIن Nم JمMلHعHتH أ Hو HكNت HيسNنHك عJوا Hم Hفيها فإذا ج Iم JهJبRغ HرJي Hو Nة HقHد MالصNب IمJه Iر Jم

IأHي uء Iو Hس Hل Jج Hر HانHك Hف HعHم Hحتى ج HينNاك HسHمIال NهNطIعJولم ي Nه Nس IفHنNل Jه HزHنHتIاك HاءHي IشHإليه منها أ JهJتIيH أ Hا ر HمNا لGيدNد Hش GضاIغJب JهJت IضHغIبH أ Hقال و uقNرHوHو uبHهHمن ذ uلHالNق HعIب Hس نJوهJ فقلت لهم أن NفIدHيNى ل Hار HصMإليه الن IتHعHمHت Iاج Hف HاتHم MمJث JعHن IصHي

JوهJمJتIئ Nفيها فإذا ج IمJكJبRغ HرJي Hو Nة HقHد MالصNب IمJك Jر JمIأHي uء Iو Hس Hل Jج Hهذا كان ر

يIئاG قالوا وما Hمنها ش HينNاك HسHمIال NطIعJولم ي Nه Nس IفHنNا ل Hه HزHنHتIبها اك دJلMنHا عليه قال Hقالوا ف NهNزIنHعلى ك IمJكPلJدH لIمJكH بNذHلNكH قال قلت أنا أ Nع

Gبا HهHذ uةHوءJل Iم Hم uلHالNق HعIب Hوا منه س Jج Hر IخHت Iاس Hقال ف JهHع NضIو Hفاريتهم م MمJث JوهJبHل Hص Hف GداHبH نJهJ أ NفIدHن Hا قالوا والله ال HهIو

Hأ Hقال فلما ر GقاNرHوHو كHانNهN قال يقول HمNب JوهJلHع Hج Hف Hر Hآخ uل Jج HرNجاؤوا ب MمJث Nة Hار Hج NحIالNب JوهJم Hج Hر

لJ منه HضIفHأ JهMنH ى أ HرHأ HسIم HخIيصلي ال Hال Gال Jج Hفما رأيت ر JانHمIل Hس

اراG منه HهHن Hو GالIيHآداب ل HالHو Nة Hر Nفي اآلخ JبHغ IرHأ HالHا وHيIنPفي الد Jد Hه IزHأ

JهIت Hر Hض Hح MمJث Gانا Hم Hمعه ز JتIم HقHأ Hو JهHلIب Hمن ق JهMب NحJب�ا لم أ Jح JهJتIبHب IحHأ Hقال ف JهMب NحJب�ا لم أ Jح HكJتIبHب IحHأ Hو HكHع Hإني كنت م JنHال Jفقلت له يا ف Jاة HفHوIال

إNلHى من تJوصNى بي Hف NهMالل Nر IمHى من أ HرHما ت Hك Hر Hض Hوقد ح HكHلIب Hمن ق

G الIيHوIمH على ما كنت دا HحHأ JمHلIعHوما تأمرني قال أي بني والله ما أ Gال Jج Hوا عليه إال رJانHما ك HرHثIكHوا أJك HرHت Hوا وJلMدHب Hالناس و HكHل Hعليه لقد ه قI بNهN قال فلما HحIال Hعلى ما كنت عليه ف Hو Jه Hف dنHال Jوهو ف Nل NوصJمIالNب

GناHال Jإن ف JنHال Jفقلت له يا ف Nل NوصJمIال Nب Nاح HصNب Jت Iق NحHل HبMيHغHو HاتHم رNهN قال Iم

Hوأخبرني انك على أ HكNإن الحق ب NهNت Iو Hم HدIن Nأوصاني ع Nر Iم

Hعلى أ uل Jج Hر HرIي Hخ JهJتIد HجHو Hف JهHدIن Nع JتIم HقHأ Hعندي ف IمNقHفقال لي أ JنHال Jقلت له يا ف Jاة HفHوIال JهIت Hر Hض Hفلما ح HاتHأن م IثHبIلHفلم ي NهNب Nاح Hص HنNم Hك Hر Hض Hوقد ح HكNب Nوق JحPاللNوأمرني ب HكIيHلN وIصHى بي إ

Hأ GناHال Jإن ف إNلHى من تJوصNى بي وما تأمرني قال أي Hى ف HرHعز وجل ما ت NهMالل HينNيب NصHنNب Gال Jج Hما كنا عليه إال ر NلIث Nعلى م Gال Jج Hر JمHلIعHبني والله ما أ

NبNاح HصNب Jت Iق NحHل HبMيHغHو HاتHقال فلما م NهNب Iق HحIال Hف dنHال Jوهو ف IمNقHأ Hصاحبي قال ف NهNبخبري وما أمرني ب JهJت IرHب IخHأ Hف JهJتIئ Nج Hف HينNيب NصHن

NرIي Hمع خ JتIم HقHأ Hف NهIيHب Nاح Hص Nر IمHعلى أ JهJتIد HجHو Hف JهHدIن Nع JتIم HقHأ Hعندي ف

رH قلت له يا Hض Hفلما ح JتIوHمIال NهNب Hل HزHأن ن HثNبHما ل NهMاللHو Hف uل Jج Hر HكIيHلN الHنd إ Jى بي فHصIو

Hأ MمJث uنHال Jى بي إلى فHصIوHكان أ GناHال Jإن ف JنHال Jف

JمHلIعHى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما ن NوصJى من تHلNإ Hف NلIث NمNفإنه ب HةMيNورPمHعNب Gال Jج Hإال ر JهHيNتI كH أن تHأ Jر Jا آمHنNر Iم

Hعلى أ Hى NقHب G دا HحHأ رNنHا قال فلما Iم

Hقال فإنه على أ NهNتIأ Hف HتIبHب IحHعليه فان أ Jن IحHما ن IمNقHخبر فقال أ JهJت IرHب IخHأ Hو HةMيNورPمHع NبNاح HصNب Jت Iق NحHل HبMيHغHو HاتHم

رNهNمI قال IمHأ Hو NهNاب Hح Iص

Hأ NىIد Hعلى ه uل Jج Hمع ر JتIم HقHأ Hعندي ف

20

Page 21: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

NهMالل Jر IمHأ NهNب Hل HزHن MمJقال ث dة HمIيHنJغHو dات Hر HقHحتى كان لي ب JتIب HسHتIاكHو

dنHال Jى بي فHصIوHأ Hف uنHال Jإني كنت مع ف JنHال Jقلت له يا ف Hر Hض Hفلما ح

HكIيHلN الHنd إ Jى بي فHصIوHأ MمJث uنHال Jإلى ف dنHال Jى بي فHصIو

Hأ Hو uنHال Jإلى ف Jه JمHلIعHى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أ NوصJى من تHلNإ Hف

لHكNنMهJ قد Hو JهHيNتI كH أن تHأ JرJالناس آم HنNم dد HحHعلى ما كنا عليه أ HحHب IصHأ

Nب HرHعIال Nض IرHأNب Jج Jر IخHإبراهيم ي NينNدNب dوثJعIب Hنبي هو م Jان Hم Hز HكMلHظHأ

ى Hف IخHت Hال dاتHمHالHع NهNب dل IخHا ن Hم JهHنIيHب NنIيHت Mر Hبين ح uض IرHإلى أ Gرا Nاج Hه Jم

اتHمJ النPبJوMةN فإن Hخ NهIي HفNتHبين ك Hة HقHد Mالص JلJكIأHي HالHو HةMيNد HهIال JلJكIأHي HبMيHغHو HاتHم MمJقال ث IلHع Iاف Hف NدHالNبIال HكIلNتNب Hق HحIلHأن ت HتIعHطHت Iاس

uبIلHمن ك dر HفHبي ن Mر Hم MمJث HثJكIمHالله أن أ Hاء Hما ش HةMيNورPمHعNب JتIثHك Hم Hف

أJعIطNيكJمI بقراتي Hو Nب HرHعIال Nض IرHفقلت لهم تحملوني إلى أ Gارا MجJت

هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتموها وحملوني حتى إذاHود JهHمن ي uل Jج Hى ظلموني فباعوني من ر Hر JقIوا بي وادي الJمNد Hق

وIتJ أHنI تHكJونH الIبHلHدH الذي Hج HرHو Hل IخMالن JتIيHأ HرHو JهHدIن Nع JتIنJك Hف GداIبHع HمNد Hق JهHدIن Nا أنا ع HمHنIيHب Hلي في نفسي ف Iق NحHلي صاحبي ولم ي HفHصHو

يIظHةH فابتاعني منه Hر Jمن بني ق NةHينNد HمIال HنNعليه بن عم� له م ا HهJت Iف HرHع Hا ف HهJتIيH أ Hما هو إال أن ر NهMاللHو Hف NةHينNد HمIفاحتملني إلى ال

كMةH ما HمNب Hام HقHأ Hف JهHول Jس Hالله ر HثHعHب Hبها و JتIم HقHأ Hصاحبي ف Nة Hف NصNب Hر Hاج Hه MمJث Rق Rالر NلIغ Jمع ما أنا فيه من ش uرIكNذNله ب JعHم Iس

Hأ Hال Hام HقHأ HضIعHفيه ب JلHمIعHلسيدي أ uقIذ Nع Nس

Iأ Hانى لفي ر NهMاللHو Hف NةHينNد HمIإلى ال بHلH بن عHم� له حتى وHقHفH عليه فقال IقHأ IذN الNسd إ Hوسيدي ج NلHمHعIال بHاءH على JقNب HونJع NمHت Iج JمHل Hوالله إنهم اآلن HةHلIي Hالله بني ق HلHات Hق dنHال Jف

عJمJونH انه نبي قال فلما IزHي HمIوHيIال HةMك Hعليهم من م HمNد Hق uل Jج Hر طJ على سيدي قال Jق Iس

Hأ Hس JتIنHنHحتى ظ JاءHو HرJعIا أخذتني ال HهJتIع Nم Hس اذHا Hم Jول JقHا تHاذ Hذلك م Nه RمHع NنIبNال JولJقHأ JتIلHع Hج Hف NةHل IخMالن NنHع JتIل HزHن Hو

دNيدHةG ثJمM قال مالك Hش Gة HمIكHسيدي فلكمني ل HبNضHغ Hقال ف Jول JقHت HتNبIثHت Iاس IنHأ JتIد Hر

Hشيء إنما أ Hقال قلت ال HكNل HمHعلى ع IلNب IقHا أHذ HهNل Hو

MمJث JهJتIذ HخHأ JتIي HسIمHفلما أ JهJتIع Hم Hا قال وقد كان عندي شيء قد ج MمHع

HاءHب JقNصلى الله عليه وسلم وهو ب NهHإلى رسول الل NهNب JتIب HهHذ HكHع HمHو dحNال Hص dل Jج Hعليه فقلت له انه قد بلغني انك ر JتIل HخHد Hف Nة HقHد MلصNا شيء كان عندي لHذ HهHذو وحاجة و JاءHب HرJلك غ dاب Hح Iص

Hأ NهMإليه فقال رسول الل JهJتIب Mر Hق Hقال ف IمJكNرIيHمن غ NهNب Mق HحHأ IمJكJتIيH أ Hر Hف

ابNهN كJلJوا وامسك يHدHهJ فلم يHأIكJلI قال Hح IصHصلى الله عليه وسلم أل

GئاIي Hش JتIعHم Hج Hعنه ف JتIف Hر HصIان MمJث dةHد NاحHفقلت في نفسي هذه و JتIئ Nج MمJث NةHينNد HمIصلى الله عليه وسلم إلى ال NهHرسول الل HلMو HحHت Hو

تJكH بها Iم HرIكHأ dةMيNد Hه NهNذ HهHو Hة HقHد Mالص JلJكIأHت Hال HكJتIيH أ Hفقلت إني ر NهNب JهHاب Hح Iص

Hأ Hر HمHأ Hصلى الله عليه وسلم منها و NهHرسول الل HلHكHأ Hقال ف

21

Page 22: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

Hول Jس Hر JتIئ Nج MمJث NانHتHنIاث NانHات Hوا معه قال فقلت في نفسي هJلHكHأ Hف HعNبHقال وقد ت Nد Hق IرHغIال Nيع NقHبNصلى الله عليه وسلم وهو ب NهHالل NهNاب Hح Iص

Hفي أ dسNال Hله وهو ج NانHتHل Iم Hعليه ش NهNاب Hح IصHمن أ Gة HازHن Nج

HمHات HخIى ال HرHهل أ NهNر IهHإلى ظ JرJظIنH تJ أ IرHدHت Iاس MمJعليه ث JتIمMل HسHف

الذي وHصHفH لي صاحبي فلما رآني رسول اللMهN صلى الله عليهفH أني استثبت في شيء ووصف لي قال HرHع JهJت IرHدHت Iوسلم اس

JتIبHبHكIان Hف JهJت Iف HرHع Hف NمHات HخIإلى ال Jت IرHظHن Hف NهNر IهHى رداء عن ظ HقIلHأ Hف HبIكNى فقال لي رسول اللMهN صلى الله عليه وسلم أ Hعليه اقبله و

uاسMبHيا بن ع HكJتIثMد Hعليه حديثي كما ح JتIصHص Hق Hف JتIلMو HحHت Hف IلMو HحHت مHعH ذلك IسHصلى الله عليه وسلم أن ي NهHالل Hول Jس Hر HبHجIعHأ Hقال ف

......JهJاب Hح IصHأ

وفيها من العبر شيء كثير، أعظمها حرص سلمان رضي الله عنه على معرفة الدين الحق وتعلمه والعمل به حتى صار من

آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يعبدالنار، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

والشاهد من هذه القصة في موضوعنا هذا هو:قول أسقف النصارى بالشام لسلمان عندما حضرته

G الIيHوIمH على ما كنتالوفاة: دا HحHأ JمHلIعHقال أي بني، والله ما أ كJوا أHكIثHرH ما كHانJوا عليه إال HرHت Hوا وJلMدHب Hالناس و HكHل Hعليه لقد ه

NهNب Iق HحIال Hعلى ما كنت عليه ف Hو Jه Hف dنHال Jوهو ف Nل NوصJمIالNب Gال Jج Hر. :وكذلك قول صاحب الموصلNلIث Nعلى م Gال Jج Hر JمHلIعHوالله ما أ

NهNب Iق HحIال Hف dنHال Jوهو ف HينNيب NصHنNب Gال Jج Hما كنا عليه إال ر. :علىوقول الرجل الذي بنصيبين Hى NقHب G دا HحHأ JمHلIعHوالله ما ن

Jن IحHما ن NلIث NمNفإنه ب HةMيNورPمHعNب Gال Jج Hإال ر JهHيNتI كH أن تHأ JرJا آمHن Nر IمHأ

NهNتIأ Hف HتIبHب IحHعليه فإن أ. :على ما كناوقول صاحب عمورية HحHب Iص

Hأ Jه JمHلIعHوالله ما أ JهHيNتI كH أن تHأ Jر Jالناس آم HنNم dد HحHعليه أJانHم Hز HكMلHظHقد أ JهMنNكHل Hو

. Nب HرHعIال Nض IرHأNب Jج Jر IخHإبراهيم ي NينNدNب dوثJعIب Hنبي هو م

فتأمل ما قاله األساقفة وانظر إلى غJربة من تمسك بالدين الحق عند خروج الناس عنه، وتأمل جيدا في معرفتهم لحقيقة

ما عليه الناس في ذلك الوقت، مع أن القوم كانوا يد�عونالنصرانية.

ولوال معرفة األساقفة لبعضهم وما يدينون به لما استطاع أحدهم أن يعرف ما عليه أخاه؛ ألن الظاهر من حال الناس في

ذلك الوقت الكفر والضالل. ولما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم باإلسالم

كان الناس في جاهلية جهالء، فكان الداخل في هذا الدين

22

Page 23: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

يدرك جيدا ما عليه قومه من الشرك والضالل وكذلك ما عليه آباؤهم وأجدادهم، بل إن الكفار الذين لم يقبلوا هذا الدين

عرفوا ما يريده منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاهم لقول ال إله إال الله، وأيقنوا أنه جاء بدين جديد يخالف ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم، وعلموا أن دخولهم في هذا

الدين يعني الحكم على دين اآلباء واألجداد بالبطالن وأنهم كانوا على ضالل، ولهذا قالوا عن رسول الله صلى الله عليه

ه أحالمنا وعاب ديننا وسب آباءنا، وقال أبو Mوسلم لقد سف جهل وأمية بن خلف ألبي طالب عندما دعاه رسول الله صلى

الله عليه وسلم لقول ال إله إال الله وقد حضرته الوفاة: أترغب عن ملة عبد المطلب. وذلك ألنهم كانوا يعلمون أن من

قال هذه الكلمة وأقرM بها فقد حكم على كل ملة سوى اإلسالمبالبطالن، وأن كل من دان بغير اإلسالم فهم مشرك ضال.

فمن شهد أن ال إله إال الله في ذلك الوقت، فإنه يحكم على قومه بالشرك والضالل، وال يحكم باإلسالم إال لمن دان الدين

الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. يصعب على من هداه الله لمعرفة وفي هذا الزمان أيضا ال

الدين الحق أن يدرك جيدا ما عليه قومه من الضالل والجهل والشرك؛ وال يلتبس عليه أن قومه يتلفظون بالشهادتين

ويزعمون أنهم على اإلسالم، فقد كان هو أيضا يتلفظ بالشهادتين ويصلي ويصوم ويقرأ القرآن ويظن أنه على

الحق، ولما هداه الله لإلسالم أيقن أنه كان على ضالل، وأنه لم يكن يدين باإلسالم الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه

وسلم، ولم يأتN بأصل الدين الذي يكون به المرء مسلماG، فلم يكن كافرا بالطاغوت مؤمنا بالله وحده، ولم يكن متبرئا من

الشرك وأهله، وليس له من ال إله إال الله إال مجرد التلفظ بحروفها دون معرفةu لمعناها وال عمل بمقتضاها، بل إنه كان مع تلفظه بال إله إال الله وادعائه اإليمان بها يجعل لغير الله

ر المشركين.. نعم Rنصيبا من العبادة، ويؤمن بالطاغوت، وال يكف إله إال الله ولكنه لم يكن محققا للتوحيد بقلبه كان يقول ال

ولسانه وعمله. فكان كافرا جاهال. كان هذا حاله قبل أن يهديه الله لمعرفة الحق واتباعه.. وهذا هوا حال قومه الذين يعيش بينهم فقد كان فردا منهم، وكان

يHعJدP نفسه وأهله وأقاربه وعشيرته وقومه من المسلمين، ويواليهم على ذلك...وهو حال أمته أيضا التي كان ينتمي إليها

ويفتخر بها ويحسب أنها أمة اإلسالم.

23

Page 24: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فلما هداه الله لإلسالم عرف أن الدين الذي كان يدين به ليس هو اإلسالم، بل إن هذا الدين جديد عليه لم يكن يعلمه من

قبل، ولم يعلRمه إياه والده وال شيخه وال أستاذه، فهم أيضا ال يعرفون هذا الدين وال يدينون به، فالمساجد والمدارس ال تعلRم هذا الدين وال تعرفه، وجميع مراحل التعليم ال تتكلم عنه، فهو

إذاG دين غريب ال يعرفه أكثر الناس. والسؤال هنا: هل يمكن أن يشكل على هذا المسلم ما يرى من

قومه من ادعاء اإلسالم، والتلفظ بالشهادتين، وأداء الصالة والصوم والحج، وقراءتهم القرآن، وغير ذلك من شعائر

اإلسالم، فيقول مثالG: كيف أحكم عليهم بالضالل والكفر وهمينتسبون لإلسالم ويؤدون شعائره؟!

والجواب: أن هذا الرجل الذي هداه الله لإلسالم يعرف جيدا أن خالفه مع قومه ليس في قول ال إله إال الله، وال في الصالة

والصوم والحج وقراءة القرآن، فهو أيضاG كان يفعل ذلك أيام جاهليته قبل أن يدخل اإلسالم، وعندما عرف الحق أقر بأنه كان على غير اإلسالم، وما يرى من حال قومه اآلن هو عين الحال التي كان عليها في ضالله، فكيف يلتبس عليه حالهم

وهو ال يرى منهم تغيPراG يدل على إسالمهم وقد كان فردا منهم، فالخالف بينه وبين قومه هو خالف في أصل الدين

إله إال الله التي ال يكون المرء مسلما إال إذا أتى وحقيقة ال بها، وهو على يقين أن خالفه مع قومه كالخالف الذي حصل

بين الرسل وأقوامهم المشركين، وهو خالف في إخالص العبادة لله والبراءة من الشرك وأهله، وقد علم أن الناس ليس

عندهم من هذا األصل إال مجرد النطق بكلمة التوحيد، وحالهم معها كمن يردد كالما ال يفقه معناه، فما يقوله بلسانه يكذبه

بفعاله.يRمJ قومه بمجرد قول ال إله إال الله؛ ألنه HقJوالمسلم اليوم ال ي

يعلم جيدا أن الذي يميز المسلمين اليوم عن غيرهم ليس هو النطق بالشهادتين، بل هو اإليمان والعمل بما دلتا عليه، أي

اإليمان بالله وعبادته وحده والكفر بما يعبد من دونه والبراءة من الكافرين واإليمان بالرسول وبما جاء به، فالمسلم من

أخلص عبادته لله وحده، وترك الشرك وأبغضه وأنكره، ووالىرهم وأبغضهم وإن كانوا Mلله وحده، وتبرأ ممن أشرك به وكف أقاربه أو عشيرته أو قومه، وليس المسلم من قال ال إله إال

الله دون معرفة لمعناها وال عمل والتزام بما دلت عليه، فجعلشيئا من العبادة لغير الله، أو والى المشركين أعداء الله.

24

Page 25: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ومن عرف الحق عرف أهله وأتباعه، ومن عرف الباطل عرف أهله وأتباعه، وال تلتبس مثل هذه األمور إال على من انطمست بصيرته، وانطفأ نور اإليمان من قلبه، وجهل الحد الفاصل بيندH الميزان الحق الذي يعرف به أحوال Hق Hالكفار والمسلمين، وف

الناس من حوله.

ولو أن نصرانيا أو بوذيا أو يهوديا دخل اإلسالم العتقد من أول وهلة أن قومه كفار، وأن المسلمين هم الذين يدينون بهذا

الدين الحق ويتبرؤون مما سواه.

وهكذا فإن كل من عرف اإلسالم الحق عرف أن مخالفيه على ضالل وباطل دون شك أو ارتياب، وليس التفريق بين

المسلمين والكافرين خاصا بالعلماء أو محصورا عند طائفةمعينة من الناس بل هو عقيدة لكل من أراد أن يكون مسلما.

25

Page 26: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

موحد مسلم مهتدu إما قسمان الناس

مشرك كافر ضال أو

:األحكام في الدنيا على الظاهر الحكم على الناس في هذه الدنيا وتمييز المسلم من الكافر

على حسب الظاهر.كم له به.. ومن كان ظاهره الكفر Jفمن كان ظاهره اإلسالم ح

حكم له به.. سواء كان فردا أو جماعة أو شعبا أو أمة. قال النووي: وقوله صلى الله عليه وسلم ).... أفال شققت عن قلبه..( فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه واألصول

.هـ.أن األحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر.ا

وقال ابن حجر في فتح الباري: وكلهم أجمعوا على أن أحكام.هـ.الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر.ا

كHامH الدPنIيHا IحHأ MنHوا أJع Hم IجHأ :Nيد NهIمMفي الت RرHبIا قال ابن عبد الHذHكHو ائNرN إلHى اللMهN.ا Hر Mالس Hر Iم

Hأ MنHأ Hو Nر NاهMهـ.على الظ.

قال الشاطبي في الموافقات: إن أصل الحكم بالظاهر فياالعتقادمقطوع به في األحكام خصوصاG وبالنسبة إلى

الغير عموماG، أيضا فإن سيد البشر صلى الله عليه وسلم مع إعالمه بالوحي يجرى األمور على ظواهرها في المنافقين

وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن.هـ.جريان الظواهر على ما جرت عليه.ا

والناس في هذه الدنيا فريقان، فريق هداه الله ووفقه التباع دينه وأخرجه من الظلمات إلى النور فهو مسلم موحد عابد لله وحده، وفريق أضله الله فهو يتخبط في ظلمات الجهل والكفر

فهو كافر ضال مشرك عابد لغير الله.وH قال تعالى: ) JهHو JهIن Nم HلHب IقJي IنHل Hف GيناNد Nالم IسN Iاإل HرIيHغ NغHتIبHي IنHمHو

HينNر Nاس HخIال HنNم Nة Hر Nخ Iي اآلN85( )آل عمران:ف). فكل ملة تخالف ملة اإلسالم فهي الكفر ) كاليهودية

والنصرانية والعلمانية والديموقراطية والبوذية والقبوريةالوثنية، وغيرها(، وأهلها كفار.

مI قال تعالى: ) JهIن Nم Hت IسHل GعاHي Nوا شJانHكHو Iم JهHينNوا د Jق Mر Hف HينNذMال MنNإ uء Iي Hي شN(159)األنعام: من اآلية (ف.

26

Page 27: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وا وقال تعالى: ) Jق Mر Hف HينNذMال HنNم * HينNكNر IشJمIال HنNوا مJونJكHال تHو ) Hون JحNر Hف Iم NهIيHدHا ل HمNب uب Iز Nح PلJك GعاHي Nوا شJانHكHو Iم JهHينNالروم:د(

31:32). وقد ذكر الله عز وجل في كتابه في أكثر من موضع انقسام

الناس مع هذا الدين إلى قسمين:نN اعIبJدJوا اللMهH قال تعالى: )

Hأ Gوال Jس Hر uة MمJأ RلJي كNا فHنIثHعHب Iد HقHل Hو

NهIيHلHع Iت Mق Hح IنHم Iم JهIن NمHو JهMى اللHدHه IنHم Iم JهIن Nم Hف HوتJاغMوا الطJبNنHت IاجHو JةHالل M(.36)النحل: من اآلية (الض

قال ابن جرير: )فمنهم من هدى الله( يقول فممن بعثنا فيهم رسلنا من هدى الله فوفقه لتصديق رسله والقبول منهم

واإليمان بالله والعمل بطاعته، ففاز وأفلح ونجا من عذاب الله )ومنهم من حقت عليه الضاللة( يقول وممن بعثنا رسلنا إليه

من األمم آخرون حقت عليهم الضاللة فجاروا عن قصد السبيل فكفروا بالله وكذبوا رسله واتبعوا الطاغوت فأهلكهم الله

بعقابه وأنزل عليهم بأسه الذي ال يرد عن القوم.هـ.المجرمين.ا

وهذا دليل على أن كل أمة بعث الله إليها رسوال انقسم أهلهاإلى قسمين ال ثالث لهما.

ومن تأمل ما قص الله من قصص رسله وجد األمر كذلك. وهناك نقطة مهمة أيضا وهي أن الكفار من األمم السابقة - وهم الفريق المقابل لفريق الرسول وأتباعه الذين هم حزب

الله – يهلكهم الله جميعا وال يJبقي منهم أحدا وال يHبقى إال فريق الموحدين، مما يدل أيضا على أنه ليس هناك فريق وسط

بين هؤالء وهؤالء.دJ مNنH الIغHيR وقال تعالى: ) Iش Pالر HنMيHبHت Iد Hق NينRي الدNف Hاه HرIكNال إ

NةHو IرJعIالNب Hك HسIمHت Iاس Nد Hق Hف NهMاللNب IنNمIؤJي Hو NوتJاغMالطNب Iر JفIكHي IنHم Hف نJوا Hآم HينNذMال PيNل Hو JهMالل * dيمNلHع dيعNم Hس JهMالل Hا و HهHل Hام Hص NفIى ال ان HقIث JوIال

JمJهJاؤHيNل IوHوا أ Jر HفHك HينNذMال Hو NورPى النHلNإ NاتHمJلPالظ HنNم Iم Jه JجNر IخJي

Jاب Hح IصHأ HكNئHولJأ NاتHمJلPى الظHلNإ NورPالن HنNم Iم JهHون JجNر IخJي JوتJاغMالط

HونJدNال Hا خ Hيه Nف IمJه NارM256:257( )البقرة:الن.) وهذا دليل أيضا على أن الناس قسمان: قسم يتولون الله

وحده ويكفرون بما يعبد من دونه، فالله وليهم ليس لهم وليمن دونه، وقسم أولياؤهم الطاغوت.

نN اعIبJدJوا وقال تعالى: )Hأ GحاNال Hص IمJاه HخHأ HودJمHى ثHلNا إHنIل Hس Iر

Hأ Iد HقHل Hو HونJم NصHت IخHي Nان HيقNر Hف IمJا هHذNإ Hف HهM45( )النمل:الل).

قال مجاهد: فإذا هم فريقان يختصمون قال مؤمن وكافر.

27

Page 28: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

J وقد ذكر الله عز وجل هذه الخصومة في قوله: ) HألHمIال Hال Hق Iم JهIن Nم HنHآم IنHمNوا ل JفNع IضJت Iاس HينNذMلNل Nه NمIو Hق IنNوا م JرHبIكHت Iاس HينNذMال

NهNب Hل Nس IرJا أ HمNا بMنN الJوا إ Hق NهRب Hر IنNم dل Hس IرJم GحاNال Hص MنHأ HونJمHلIعHتH أ

Hون Jر NافHك NهNب IمJتIن Hي آمNذMالNا بMنN وا إ JرHبIكHت Iاس HينNذMال Hال Hق * HونJن NمIؤ Jم) (.75:76)األعراف:

وهذا أيضا دليل واضح جدا، ويستفاد منه أيضا أنهم كانوا فريقا واحدا قبل أن يرسل الله إليهم صالحا مجتمعين على الكفر، ثم

انشق منهم فريق آخر وهم نبي الله صالح ومن آمن به، ومن لم يؤمن بقي في الفريق األول، وال ثالث لهما. وقد نج�ى الله

صالحا ومن معه وأهلك اآلخرين.مI مHنI وقال تعالى: ) JهIن Nم uضIعHى بHلHع Iم Jه HضIعHا بHنIل Mض Hف Jل Jس Pالر HكIلNت

NاتHنRيHبIال HمHي Iر Hم HنIى اب HيسNا عHنIيHآت Hو uات Hج HرHد Iم Jه HضIعHب Hع Hف HرHو JهMالل HمMلHك IمNهNدIعHب IنNم HينNذMال HلHتHت Iا اق Hم JهMالل Hاء Hش IوHل Hو NسJد JقIال Nوح JرNب JاهHنIدMيH أ Hو

HنHآم IنHم Iم JهIن Nم Hوا ف JفHلHت Iاخ NنNكHل Hو JاتHنRيHبIال Jم JهIتHاء Hا ج Hم NدIعHب IنNم ا Hم JلHع IفHي HهMالل MنNكHل Hوا وJلHتHت Iا اق Hم JهMالل Hاء Hش IوHل Hو Hر HفHك IنHم Iم JهIن NمHو

JيدNرJ253( )البقرة:ي.) قال أبو الليث السمرقندي في تفسيره: ولكن اختلفوا في

.هـ.الدين فصاروا فريقين.ا

نIدH كJلR وقال تعال: ) Nع IمJك Hوه JجJوا وJيم NقHأ Hو Nط Iس NقIالNي بRب Hر Hر HمHأ Iل Jق

GيقاNر Hف * HونJودJعHت IمJكHأHدHا ب HمHك HينRالد JهHل Hين NصNل Iخ Jم JوهJعIادHو uد Nج IسHم HاءHيNل Iو

Hأ HينNاطHي Mوا الشJذ HخMات Jم JهMنN اللHةJ إ Mالض Jم NهIيHلHع Mق Hح GيقاNر HفHى وHدHه HونJدHت Iه Jم Iم JهMنH بJونH أ Hس IحHي Hو NهMالل NونJد IنN30: 29( )األعراف:م.)

قال ابن جرير: هدى الله منهم فريقا فوفقهم لصالح األعمال فهم مهتدون، وحق على فريق منهم الضاللة عن الهدى

.هـ.والرشاد باتخاذهم الشيطان من دون الله وليا.ا قال أبو الليث السمرقندي: )ويحسبون أنهم مهتدون( يعني

يظنون أنهم على الهدى، قال الزجاج فيه دليل أن من ال يعلم أنه كافر وهو كافر يكون كافرا ألن بعضهم قال ال يكون كافرا وهو ال يعلم وذلك القول باطل ألن الله تعالى قال )ذلك ظن

.هـ.الذين كفروا( وقال )ويحسبون أنهم مهتدون(.ا وقال البغوي: فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه

.هـ.على الحق والجاحد والمعاند سواء.ا فالمالحظ دائما هو انقسام الناس إلى فريقين ال ثالث لهما

مؤمن وكافر.رd وقد قال المولى جل وعال: ) NافHك IمJكIن Nم Hف IمJك HقHل Hي خNذMال Hو Jه

) dير NصHب HونJل HمIعHا ت HمNب JهMالل Hو dنNمIؤ Jم IمJكIن NمH(2 )التغابن:و.

28

Page 29: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

قال ابن حزم في الفصل في الملل واألهواء والنحل: فصح يقينا أنه ليس في الناس وال في الجن إال مؤمن أو كافر فمن

.خرج عن أحدهما دخل في اآلخرة.ا.هـ وقال أيضا في نفس الكتاب: واإلجماع والنصوص قد صح كل ذلك على أنه ال دين إال اإلسالم أو الكفر من خرج من أحدهما

دخل في اآلخر وال بد إذ ليس بينهما وسيطة، وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم" وهذا حديث قد أطبق جميع الفرق المنتمية

إلى اإلسالم على صحته وعلى القول به فلم يجعل عليه السالم دينا غير الكفر واإلسالم ولم يجعل هاهنا دينا ثالثا

.هـ.أصال.ا فالناس إما مسلم من أهل ديننا وملتنا يدين بنفس ما ندين به

أو كافر على غير ملتنا وديننا، وليس هناك فريق ثالث يكونوسيطا بين المسلمين والكافرين.

فمن خالل ما سبق يتبين أن الناس مع اإلسالم ينقسمون إلىقسمين ال ثالث لهما:

القسم األول هم الذين أخرجهم الله من الظلمات إلى النور وهداهم الله لإليمان بالله والكفر بالطاغوت فعبدوا الله وحده

وتبرؤا من الشرك وأهله. والقسم اآلخر أضلهم الله فبقوا على كفرهم وعنادهم

وجهلهم. وقد يكونون في بعض األوقاتفالفريق األول هم المسلمون،

رجال واحدا فقط، كما حدث مع إبراهيم عليه السالم قاللHمI يHكJ مNنH تعالى: ) Hو GيفاNن Hح NهMلNل GتاNان Hق Gة Mم

Jأ HانHك HيمNاه HرIبN إNنM إHينNكNر IشJمI120( )النحل:ال.)

قال البغوي: قال مجاهد كان مؤمنا وحده والناس كلهم.هـ.كفار.ا

وجاء في كتاب اإلحكام البن حزم: وقد أسلمت خديجة رضي الله عنها أم المؤمنين وسائر الناس

كفار فكانت على الحق وسائر أهل األرض على ضالل. ثم أسلم زيد بن حارثة وأبو بكر رضي الله عنهم فكانوا بال شك

هم الجماعة وجميع أهل األرض على الباطل. وقد نJبRىء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فكان على

الحق واحدا وجميع أهل األرض على الباطل والضالل وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن زيد بن عمر بن نفيل يبعث

29

Page 30: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

يوم القيامة أمة وحده، وذلك ألن زيدا آمن بالله تعالى وحدهوجميع أهل األرض على ضاللة.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء قيل ومن هم يا

اع من القبائل". وقال صلى الله عليه MزPرسول الله قال الن .هـ.وسلم "الناس كإبل مائة ال تجد فيها راحلة".ا

والفريق الثاني هم الذين ال يدينون باإلسالم من كافة الملل ، وهم األكثرون عدداG في كل األوقات بعد القروناألخرى

العشر األولى من بداية الخليقة.تH اللMهN الMتNي فHطHرH قال تعالى: ) HرIطNف GيفاNن Hح NينRلدNل Hك Hه IجHو IمNقHأ Hف

HرHثIكHأ MنNكHل Hو JمRي HقIال JينRالد HكNلHذ NهMالل NقIل HخNل HيلNدIبHا ال ت HهIيHلHع HاسMالن HونJمHلIعHال ي NاسM30( )الروم:الن).

HنIتJمI وقال تعالى: ) ا أ HوهJمJتIي Mم Hس Gاء Hم IسHأ MالNإ NهNونJد IنNم HونJدJبIعHا ت Hم

MالHأ Hر HمHأ NهMلNل MالNإ JمIك JحIال NنNإ uانHطIل Jس IنNا م HهNب JهMالل Hل HزIنH ا أ Hم IمJكJاؤHآب Hو

HونJمHلIعHال ي NاسMالن HرHثIكHأ MنNكHل Hو JمRي HقIال JينRالد HكNلHذ JاهMيN (تHعIبJدJوا إNالM إ وكHوIنJ أكثر الناس ال يعلمون الدين القيم يعني.(40)يوسف:

أن أكثرهم ليسوا على الدين القيم. والجدير بالذكر أن هذا االنقسام إلى مؤمنين وكفار لم يكن في بداية الخليقة بل استمر الناس عشرة قرون مجتمعين

على اإلسالم، إلى أن بدأ يظهر بينهم الشرك بالله فاختلفوا وتفرقوا وطال بهم األمد حتى صاروا أمة مجتمعة على

الشرك، فأرسل الله إليهم نوحا عليه السالم يدعوهم إلى ترك الشرك وعبادة الله وحده، فمنهم من آمن وهم قليل وأكثرهم

NبقJبقوا على شركهم وكفرهم، فأهلك الله الكافرين ولم ي ا الموحدين. منهم أحدا ونج�

لHوIال قال تعالى: ) Hوا و JفHلHت Iاخ Hف GةHد NاحHو Gة MمJأ MالNإ JاسMالن HانHا ك HمHو

Hون JفNلHت IخHي Nيه Nا ف Hيم Nف Iم JهHنIيHب Hي Nض JقHل HكRب Hر IنNم Iت HقHب Hس dة HمNلHيونس:ك( )بHعHثH اللMهJ النMبNيRينH ( وقوله: )19 Hف GةHد NاحHو Gة Mم

Jأ JاسMالن HانHك

NاسMالن HنIيHب HمJك IحHيNل Rق HحIالNب HابHتNكIال Jم JهHع Hم Hل HزIنH أ Hو HينNرNذIن JمHو HينNر RشHب Jم Nيه Nوا ف JفHلHت Iا اخ Hيم N213( )البقرة: من اآليةف).

ومن العلماء من قال أنهم صاروا أمة واحدة على الكفر بعد أنكانوا أمة واحدة على اإلسالم.

قال ابن جرير: عن عكرمة عن بن عباس قال كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث

.هـ.الله النبيين مبشرين ومنذرين.ا هذا حال الناس قديما وحديثا إما مسلم مهتدu موحد، أو كافر

ضال مشرك، وال ثالث لهما، وال واسطة بينهما.

30

Page 31: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

والحد الفاصل بين الفريقين والعHلHمJ المميز بينهما هو كلمة التوحيد معرفتها واعتقادها واإلقرار بها والعمل بمقتضاها

.والبراءة ممن لم يكن من أهلها وكل مسلم يعرف الحد الفاصل والفارق بين المسلمين

والكافرين وهو الحد الفاصل بين اإلسالم والكفر، فمن عرفاإلسالم عرف ضده، ومن اشتبه عليه هذا فقد اشتبه عليه ذاك.

وال بد أن يكون التمييز بين المسلمين والكفار على أرضالواقع ال من الناحية النظرية فقط.

ومن لم يعرف الفرق بين فريق المسلمين وفريق الكافرين على أرض الواقع ال يمكن أن يتم له والء وال براء، وبالتالي ال

.يتم له إسالمك� مNنI دNينNي فHال قال تعالى: ) Hي شNف IمJتIنJك IنNإ JاسMا الن HهPيH لI يHا أ Jق

IمJاك MفHوHتHي يNذMال HهMالل JدJبIعHأ IنNكHل Hو NهMالل NونJد IنNم HونJدJبIعHت HينNذMال JدJبIعHأ GيفاNن Hح NينRلدNل Hك Hه IجHو IمNقHأ IنHأ Hو * HينNن NمIؤ JمIال HنNم HونJكHأ IنHأ Jت IرNمJأ Hو

HينNكNر IشJمIال HنNم MنHونJكHال تH104:105( )يونس:و).نNينHفتأمل قوله: NمIؤ JمIال HنNم HونJكHأ IنHأ Jت IرNمJأ Hوقوله: و .MنHونJكHال تHو

HينNكNر IشJمIال HنNم.قال القاضي عياض في كتابه الشفا:

ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك اإلسالم، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره

.هـ.ما أظهر من خالف ذلك.ا وأحوال الناس وأقوالهم وأفعالهم شاهدة عليهم بما يدينون

به.دH اللMهN قال تعالى: ) Nاج HسHوا م Jر JمIعHي IنHأ HينNكNر IشJمIلNل HانHا ك Hم

NارMي النNفHو Iم JهJال HمIعHأ IتHطNب Hح HكNئHولJأ Nر IفJكIالNب Iم Nه Nس JفIنH دNينH عHلHى أ Nاه Hش HونJدNال Hخ IمJ17( )التوبة:ه).

فالمشركون في هذه اآلية هم أهل مكة، وقد أخبر سبحانه أنهم شاهدون على أنفسهم بالكفر، وهذه الشهادة هي

أقوالهم وأفعالهم الظاهرة التي تخبر وتصف حالهم وشركهم. فاألقوال واألفعال الظاهرة من القوم هو الواقع الظاهر الذي

يمكن من خالله معرفة حالهم ووصفهم بالكفر أو اإلسالم.هNم Nس Jى أنفHلHع HينNد Nاه Hقال الماوردي في النكت والعيون: )ش

رN( فيه ثالثة تأويالت: IفJكIالNب أحدها: أن فيما يقولونه أو يفعلونه دليل على كفرهم كما يدل

عليه إقرارهم، فكأن ذلك منهم هو شهادتهم على أنفسهم ,.هـ.قاله الحسن.ا

31

Page 32: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وقال البغوي في تفسيره: قال الحسن: لم يقولوا نحن كفار ولكن كالمهم بالكفر شاهد عليهم بالكفر، وقال الضحاك عن

ابن عباس شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم.هـ.لألصنام.ا

وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله )شاهدين على أنفسهم بالكفر( إشارة إلى حالهم إذ أقوالهم وأفعالهم

تقتضي اإلقرار بالكفر والتحلي به.ا.هـ. وقال ابن القيم في مدارج السالكين: فهذه شهادة منهم على

أنفسهم بما يفعلون من أعمال الكفر وأقواله فهي شهادة.هـ.بكفرهم وهم شاهدون على أنفسهم بما شهدت به.ا

وقال ابن كثير في تفسيره: وهم شاهدون على أنفسهم.هـ.بالكفر أي بحالهم وقالهم.ا

وعلى هذا فإن األحوال واألقوال واألفعال الظاهرة تشهدوتدل على كفر القوم أو إسالمهم.

وكل مسلم اليوم في أي بلد من البلدان يمكنه أن يعرف ما يدين به قومه، وليس ذلك بعسير عليه، فما عليه إال أن ينظر إلى الدين الظاهر في القوم، فإن وجدهم ملتزمين باإلسالم مستسلمين لله وحده اليعبدون إال الله وال يشركون به شيئا،

ويوالون على اإلسالم ويعادون عليه، ويتبرؤون من الكفار والمشركين، فهم على دينه مسلمون موحدون، وإن لم يجدهم

على اإلسالم، فقومه على خالفه من الدين كفار مشركون، وهذا الدين الظاهر الذي يدين به القوم خير دليل على معرفة

كفرهم أو إسالمهم. ومجرد غياب الدين الحق في واقع قوم ما، أصدق دليل على

كفر هؤالء القوم وخروجهم عن اإلسالم.

فأيMما قوم ظهرت فيهم الوثنية، وتفشى بينهم الشرك، وغابت عنهم معالم التوحيد، وصار المسلم بينهم مضطهد غريب، فال

شك أنهم كفار مشركون.

وأيMما قوم تركوا العمل بشريعة الله، وكان القانون الوضعي الطاغوتي هو الشرع المتبع فيهم، والدستور المقدس بينهم،

به يحكمون، وإليه يتحاكمون، وله يخضعون، وعليه يدافعون،فال شك في كفرهم وخروجهم عن دين الله الحق.

فمن عرف الدين الحق في أي زمان ومكان لم يصعب عليهمعرفة الدين الذي يدين به قومه.

فها هو زيد بن عمرو بن نفيل لما هداه الله عز وجل لدين إبراهيم عليه السالم لم يلتبس عليه حال قومه، بل أيقن أنهم

32

Page 33: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

على غير ملة إبراهيم، مع أنهم كانوا ينتسبون إليه، ويعظمونالبيت الحرام، ويحجون ويتصدقون.

اءH بNنIتN أبي بHكIرu رضي Hم IسHكما روى البخاري في صحيحه عن أ

نNدGا IسJا م GمNائ Hق uلIي HفJو بن نNر IمHبن ع HدIي Hالله عنهما قالت رأيت ز نIكJمI على Nوالله ما م uشIي Hر Jق Hر NاشHع Hيقول يا م NةHبIعHكIإلى ال Jه Hر IهHظ

دNينN إبراهيم غHيIرNي.HمNلHفإنه –رحمه الله وغفر له- لما عرف حقيقة دين إبراهيم ع

أن قومه ليسوا على شيء، وأنهم قد خرجوا عن اإلسالموالتوحيد إلى الشرك وعبادة غير الله.

فهل كان زيد محقا في قوله هذا؟وكيف توصل لمعرفة هذه النتيجة التي واجه بها قومه؟هل كان ذلك عن طريق االستقراء الكلي لجميع أفراد قومه

ومعرفة ما يدين به كل فرد منهم؟!

الشك أن األمر ال يحتاج إلى تتبع واستقراء حال كل فرد من قومه ليعرف ما يدين به القوم، وما هو الظاهر فيهم، بل يكفي للحكم على قومu ما بأنهم ليسوا على اإلسالم عدم

ظهور اإلسالم فيهم، كما هو حال قريش عندما قال لهم زيدقولته السابقة.

وإذا كان الحكم على القوم على حسب الدين الظاهر والغالب عليهم، وهذا ال يحتاج إلى بحث وتقص� واستقراء لكل فرد من أفراد المجتمع وما يدين به. فمن عرفنا إسالمه حكمنا له به،

ومن لم نعرفه فله حكم قومه حتى يتبين لنا خالفه لهم، ومن لم يلتزم بإجراء األحكام على الظاهر ورام معرفة حقيقة كل

فرد فقد خالف الشرع الحنيف، وركب بدعة شنعاء، وتكبد ما الطاقة له به.

والمسلم الذي يكتم إيمانه وال نعرفه يأخذ حكم الكفار على الظاهر ألنه غير متميز عنهم، وال نكون آثمين وال مخطئين في

ذلك؛ ألن الله لم يكلفنا بغير ما ظهر لنا، وهو عند الله منالمسلمين.

ومن عرف دين الله الحق من عامي أو عالم، وتأمل حال قومه، أيقن أنهم بعيدون عن اإلسالم كل البعد، وأنهم غاطسون في

الشرك و تأليه غير الله، وأنهم ال يعرفون من اإلسالم إال اسمه، وإن كانوا اليزالون ينتسبون لإلسالم ويزعمون أنهم

بريئون مما سواه.قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

وما أحسن ما قاله واحد من البوادي، لما قدم علينا وسمع شيئاG من اإلسالم، قال: أشهد أننا كفار - يعني هو وجميع

33

Page 34: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

البوادي -، وأشهد أن المطوع الذي يسمينا إسالماG أنه.هـ.كافر.ا

ومع هذا فإننا نعتقد أن من عمل باإلسالم ولم يأتN بما يناقضهفهو المسلم حرام الدم والمال في أي مكان أو زمان كان.

ومن المعلوم أن كلمة اإلخالص ال إله إال الله هي الفارقة بين الكفر واإلسالم، وهي التي تميز بين المسلم والكافر. ولكن

هل مجرد قولها باللسان مع عدم اعتقاد معناها والعملبمدلولها كافu في التفريق بين المسلم والكافر؟

الشك أن المقصود من هذه الكلمة هو توحيد الله عز وجل بما يستحقه من العبادة، سواء كان في الشعائر والنسك، أو الحكم

والطاعة، أو الوالء والبراء، ومجرد القول المخالف للعمل يفيد توحيداG، بل واالعتقاد ال فائدة منه، وال عبرة به، وال

التوحيد نفي وإثبات، وترك واتباع، وقول وعمل: قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، فمن قال ال إله إال الله ولم

يعمل بما دلت عليه من نفي الشرك والبراءة من أهله وإخالص يعتبر من أهلها، ومن قالها وأظهر ما يناقضها ال العبادة لله ال

يكون مسلما، وهذه الحقيقة ال تخفى على من عرف دين الله. وأي فرد يعيش في وسط هذه المجتمعات التي يردد أهلها ال

إله إال الله إذا عرف اإلسالم الحق وعرف ما تدل عليه هذه الكلمة العظيمة، ال يتردد في وصف هذه المجتمعات بالجاهلية

وهؤالء األقوام بالكفر والشرك والضالل، وال يشك في ذلك؛ ألن هذا اإلسالم الذي عرفه غائب عنهم، بل إنه يعتبر الحكم لهم باإلسالم كفرا مبينا وخطأ فاحشاG، وضالال بعيدا، وجهال

عظيما، وخروجا عن الحقيقة والصواب، وتلبيساG للحقبالباطل.

وهذه الحقيقة التي وصل إليها هي من خالل معرفته باإلسالم الحق والنظر فيما عليه الناس من حوله، فال يحتاج إلى اجتهاد

عالم أو فتوى إمام، بل هي حقيقة يضطر المسلم إليها اضطرارا ال محيد عنه، وهي الوصف المناسب الذي رآه ينطبق

على هذه المجتمعات، فغياب اإلسالم دليل على غياب أهله، وظهور الشرك والكفر دليل على وجود الكفار والمشركين، فال

ر الكفر والشرك إال الكافرون المشركون، كما أن ظهور NظهJي اإلسالم دليل على وجود المسلمين.

وإذا قيل هل تعتقدون كفر أهل األرض على اإلطالق؟ أم ال؟ نقول: الذي نعتقده وندين به أننا ال نحكم باإلسالم إال لمن

عرفناه يدين به، أي أنه يعبد الله مستسلما له وحده، وال يشرك به شيئا، ويبرأ مما عليه الناس اليوم من األديان الباطلة

34

Page 35: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ر كل Rكالوثنية القبورية والعلمانية والديمقراطية وغيرها، ويكف من لم يدن باإلسالم قوال وعمال سواء كان عن جهل أو عن

علم. ومن لم نعرف عنه أنه يدين بهذا الدين فهو من الكافرين حتى

يثبت لنا إسالمه، وعامة الناس اليوم على غير دين اإلسالم. ونعتقد أنه ال تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم

على الحق منصورين، ال يضرهم من خالفهم وال من خذلهم، إلى أن تقوم الساعة، كما وردت بذلك األحاديث الصحيحة عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع إخباره بأن أمته تتبعسنن األمم قبلها، كما ثبت ذلك أيضا.

وال نقول أن كل فرد بعينه قد قامت عليه الحجة واستحق بذلك العذاب في الدنيا واآلخرة، وإنI كنMا نعتقد أن لله الحجة البالغة وأنه ليس للناس على الله حجة بعد الرسل، وأن الحجة تقوم على الناس ببلوغهم كتاب الله وسماعهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وتمكنهم من معرفة ما جاء به، وأن الذين لم تقم

عليهم الحجة حكمهم في الدنيا على الظاهر، فمن لم يعبد الله وحده ويخلص له الدين ويبرأ من الشرك وأهله فال يكون من

المسلمين وإن لم تقم عليه الحجة، هذا في أحكام الدنيا وأمافي اآلخرة فأمره إلى الله.

ومن المعلوم أن وصف الناس بالشرك وتسمية من أشرك بالله مشركاG كافراG ثابت قبل الحجة وبعدها وهو الوصف المناسب

إNنM الMذNينHلمن أشرك بالله ولم يعبده وحده، قال تعالى: )IمHل IمHأ Iم JهHت IرHذIنH Hأ مI أ NهIيHلHع dاء Hو Hوا س Jر HفHك HونJن NمIؤJي Hال IمJه IرNذIنJالبقرة:)( ت

6.)تMىوقال عز وجل: ) Hح Jه Iر Nج

Hأ Hف Hك Hار HجHت Iاس HينNكNر IشJالم HنNم dد HحHأ IنNإ Hو HونJمHلIعHي Hال dمIو Hق Iم JهMنHأNب HكNلHذ JهHن Hم

Iأ Hم JهIغNلIبH مH اللهN ثJمM أ HالHك HعHم IسHي) (.6التوبة:)

وأهل الفترة الذين ال يعبدون الله وحده ال يسمون مسلمين بل.مشركين، وهذا مما ال خالف فيه. والله أعلم

35

Page 36: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

الديار أحكام لن نطيل كثيرا في هذا الموضوع بالدخول في أقوال العلماء

حول هذه المسألة والتقسيمات الفرعية ألحكام الديار، فما يهمنا هنا هو وصف ديار اليوم التي يسكنها من يدMعون

اإلسالم، هل هي ديار كفر أم ديار إسالم؟ وال شك أن معرفة الجواب على هذا السؤال مرتبط بمعرفة الفرق بين اإلسالم والكفر من الناحية األولى، ومن الناحية

الثانية معرفة الوصف المؤثر والمناط المعتبر في تقسيمالديار إلى ديار إسالم وديار كفر.

فالكثير ممن يخطئ في الحكم على الديار اليوم يكون خطؤه نتيجة الجهل باإلسالم وعدم معرفته للفرق بينه وبين الكفر

واختالط األمر عنده؛ ولهذا تجد من يصف الكفر والجاهلية باإلسالم، كما تجد من يسمي الكفار والمشركين بالمسلمين،

ومن ثHمM ال يفرق بين ديار الكفر وديار اإلسالم. يتحقق بدونه وال وقد بينا حقيقة دين اإلسالم وأصله الذي ال

يقبل النقص والتغيير، فوجوده ظاهرا في واقع فرد أو جماعة أو شعب أو أمة يعني وجود اإلسالم وغيابه يعني غياب اإلسالم.

واإلسالم هو: أن تعبد الله وحده بما شرع على لسان رسوله، وأال تشرك به شيئا، وأن تتبرأ من الكافرين وما يعبدون من

رH بهم وتعاديهم وتبغضهم. JفIكHدون الله وت فال تدعو إال الله، وال تصلي إال لله، وال تذبح إال لله، وال تتوكل إال عليه، وال تستغيث إال به، وال تحتكم إال إلى شريعته وحكمه، وال تحرم إال ما حرمه وال تحل إال ما أحله، وال تتبع إال ما أنزله،

وال توالي وتعادي إال فيه، وال تجاهد إال في سبيله. وتتبرأ ممن يدعو غيره، أو يصلي لغيره، أو يذبح لغيره، أو

يتوكل على غيره، أو يحتكم إلى غير شريعته، أو يحل ما حرمه أو يحرم ما أحله، أو يتبع غير ما أنزله، أو يوالي ويعادي في

غيره، أو يجاهد في غير سبيله ودينه. وتتبرأ من الطواغيت التي يعبدها المشركون من دون الله من القبور واألحجار واألشجار والعيون واآلبار والجن والشياطين والحكام والعلماء والقوانين والتشريعات والرايات والشعارات

.واألديان الباطلة كالعلمانية والديموقراطية وغيرها فمن أتى بهذا األصل قوال وعمال ولم يأت بما يناقضه فهو

المسلم، ومن لم يأت به فهو كافر مشرك ولو كان جاهال يدعي اإلسالم ويحسب أنه من المهتدين، وهذا في حق الفرد

والجماعة.36

Page 37: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فمن عرف هذا الدين وحققه عرف أهله وعرف المخالفين له، وقد أشرنا سابقا إلى نقطة مهمة أال وهي أن المسلم ال يجهل

الفرق بين الكفر واإلسالم كما ال يجهل الفرق بين الكفارفه ويبين له أحكام Rوالمسلمين، وبالتالي ال يحتاج إلى من يعر

الناس من حوله، وال يمكن أن يلتبس عليه أمرهم بحيث ال يستطيع أن يميز أمسلمون هم أم كفار مشركون، فمتى حصل

هذا االلتباس فإنما هو بسبب الجهل باإلسالم وأصله الذييفرق بين المسلمين والكفار.

وما يتعلق بأحكام الديار - وهو عنوان هذا الفصل – أكثر ما يهمنا منه في هذا الزمان نوع واحد فقط؛ ألن جميع ديار

العالم اليوم على نمط واحد، فإذا نظرنا إلى ما يدين به غالبية أهلها وجدناهم كفارا مشركين بالله، وإذا نظرنا لألحكام

السائدة فيها والسلطان الظاهر عليها وجدناها أحكام الجاهلية وسلطان الكفر، وإذا نظرنا لحال اإلسالم والمسلمين فيها لم

نجد ظهورا لإلسالم فيها وال سلطانا وال أمنا للمسلمين بها، بل المسلمون قلة مستضعفة ال شوكة لهم وال منعة.

فهل توصف مثل هذه الديار باإلسالم أم بالكفر؟

ال نجد أي مناط معتبر أو وصف مؤثر تستحق به أحد هذه الديار اليوم أن تسمى دار إسالم، سواء نظرنا إلى دين أهلها أو

األحكام والسلطان المتغلب عليها.

وبالتالي ال يمكن لمن عرف اإلسالم أن يجهل حال هذه الديار التي يدعي أهلها اإلسالم وهم منه براء، ومن سمى هذه الديار

أو أحدها ديار إسالم فإنما لجهله به وعدم معرفته لحقيقتهوالفرق بينه وبين الكفر.

فهل أهل هذه الديار ال يعبدون إال الله وحده وال يشركون به شيئا ويتبرؤون من الكفار والمشركين ومما يعبدون من دون

رون بهم ويعادونهم ويبغضونهم؟! JفIكHالله وي

إن كانوا كذلك استحقوا أن يكونوا مسلمين.

وهل األحكام والسلطان في هذه الديار هي أحكام اإلسالموالشريعة الحنيفية السمحة؟ وهل السيادة فيها للمسلمين؟!

إن كان األمر كذلك فهي حقا ديار إسالم.

أما إن كان األمر بخالف ذلك، بحيث لو نظرتH إليها من خالل ما يدين به غالب أهلها وجدتهم كفارا، ولو نظرت إليها من خالل األحكام والسلطان والسيادة فيها وجدتها للكفر والطاغوت؛

فكيف يستقيم وصفها بديار اإلسالم؟! هذا ال يتصوره من عرف37

Page 38: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

دين الله الذي بعث به رسله وأكمله على لسان نبيه خاتمالمرسلين.

وهذا األمر يعتبر في غاية الوضوح عند المسلمين الذين عرفوا حقيقة الفرق بين اإلسالم والكفر، ولم يكن مثل هذا األمر

خافيا على المسلمين على مر العصور من قبل، فلم تكن هناك علمانية تفرق بين دين الفرد ودين الدولة، ولم يكن هناك من يدخل في الدين ليتبعه في حياته الخاصة ويتبع شريعة الدولة

في عالقته بالناس.

والخطأ الحادث اليوم من كثير من الناس علماء وجهال في الحكم على دار الكفر بأنها دار إسالم بسبب الخطأ في تعريف اإلسالم والمسلم وتعريف الكفر والكافر، وهذا كفر، لم يعرف

صاحبه اإلسالم، كالذين يعتبرون ظهور الشعائر والمساجد داللة على أنها دار إسالم، فهؤالء يعتبرون الناس مسلمين، متغافلين عن الكفر الظاهر أصالة دون عقد ذمة وال أمان،

والذين يختلفون اليوم في أحكام الديار وأحكام أهلها ال يفرقون بين اإلسالم والكفر ألنهم ال يعرفون حقيقة دين

اإلسالم.

فكما يميز التوحيد بين الناس فيجعلهم فريقين مسلم موحد وكافر مشرك، كذلك يميز بين الدور فيفرق بين دار اإلسالم

ودار الكفر.

وال خالف في أن البالد التي يسكنها الكفار ويحكمون فيهابالكفر هي دار كفر.

وكذلك ال خالف في أن دار اإلسالم هي البالد التي تخضع لحكم اإلسالم ويحكمها المسلمون سواء أكان سكانها مسلمين أو

كانوا ذميين.

هذا كل ما نحتاج إليه في بيان حكم الديار في هذا الزمان التي نسأل الله أن يجعلنا لها من الفاتحين، ويستبدلها بديار يعلو

فيها اإلسالم على ما سواه ويأمن فيها المسلمون على دينهم. وهذه بعض أقوال أهل العلم في تحديد المناط المعتبروالوصف المؤثر في الحكم على الديار نذكرها للفائدة:

قال ابن مفلح في اآلداب الشرعية: :فصل في تحقيق دار اإلسالم ودار الحرب

غلب فدار اإلسالم، وإن غلب عليها أحكام المسلمينفكل دار فدار الكفر، وال دار لغيرهما.عليها أحكام الكفار

38

Page 39: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وقال الشيخ تقي الدين: وسئل عن ماردين هل هي دار حربأو دار إسالم؟

قال: هي مركبة فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار اإلسالم التي يجري عليها أحكام اإلسالم لكون جندها مسلمين، وال بمنزلة

دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث، يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويعامل الخارج عن شريعة اإلسالم بما

يستحقه.واألول هو الذي ذكره القاضي واألصحاب والله أعلم.ا.هـ

وسوف نوضح فتوى الشيخ تقي الدين ابن تيمية هذه حول دارماردين في الفصل القادم إن شاء الله.

وقال ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة: قال الجمهور: دار وجرت عليها أحكام اإلسالم،اإلسالم هي التي نزلها المسلمون

وإن الصقها،وما لم تجرN عليه أحكام اإلسالم لم يكن دار إسالم فهذه الطائف قريبة إلى مكة جداG ولم تصر دار إسالم بفتح

.مكة، وكذلك الساحل.ا.هـ ويقول السرخسي في المبسوط: والحاصل أن عند أبي حنيفة

رحمه الله تعالى إنما تصير دارهم دار الحرب بثالث شرائط: أحدها: أن تكون متاخمة أرض الترك ليس بينها وبين أرض

الحرب دار للمسلمين. والثاني: أن ال يبقى فيها مسلم آمن بإيمانه وال ذمي آمن

بأمانه..أن يJظهروا أحكام الشرك فيهاوالثالث:

إذا أظهروا أحكاموعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: فقد صارت دارهم دار حرب.الشرك فيها

،باعتبار القوة والغلبةألن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم كل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضعف

وكل موضع كان الظاهر فيه حكم، للمشركين فكانت دار حرب.اإلسالم فالقوة فيه للمسلمين

القهر والقوة، ألنتمامولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعتبر هذه البلدة كانت من دار اإلسالم محرزة للمسلمين فال يبطل

من المشركين، وذلك باستجماعبتمام القهرذلك اإلحراز إال الشرائط الثالث؛ ألنها إذا لم تكن متصلة بالشرك فأهلها

مقهورون بإحاطة المسلمين بهم من كل جانب. فكذلك إن بقى فيها مسلم أو ذمي آمن فذلك دليل عدم تمام القهر

.منهم.ا.هـا Mم

Hأ Hو dل IصHف :Gوقال الكساني في بدائع الصنائع وهو حنفي أيضا

NنIي HارMالد Nف HالNت IاخNب JفNلHت IخHالتي ت NامHك IحH Iاأل JانHيHب

39

Page 40: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

NارHدHو Nم Hال IسN Iاإل NارHد NنIي HارMى الدHنIع Hم Nة HفNرIع Hمن م GالMوHأ MدJب Hال : Jول JقHن Hف

ةJ ذلك HفNرIع HمHا، و Hم Nه Nف HالNت IاخNب JفNلHت IخHالتي ت JامHك IحH Iاأل Hف HرIعJتNل Nر IفJكIال .uر IفJك HارHأو د uم Hال Iإس HارHد JارMالد Jير NصHت NهNما ب Nة HفNرIع Hعلى م dةMيNنIب Hم

uم Hال Iإس HارHد Jير NصHت Nر IفJكIال HارHد MنHا في أHنNاب Hح IصHبين أ Hف Hال Nخ Hال : Jول JقHن Hف

مN فيها Hال IسN Iاإل NامHك IحHأ Nور JهJظNب.:Nر IفJكIال HارHد Jير NصHا تHاذ HمNأنها ب Nم Hال IسN Iاإل NارHوا في د JفHلHت IاخHو

ا: HهJد HحHأ : HطNائ Hر Hش Nث HالHثNب Mإال Nر IفJكIال HارHد Jير NصHت Hا ال HهMإن Hة HيفNن Hقال أبو ح ،Nر IفJكIال NارHدNل Gة Hم NاخHت Jم HونJكHت IنHي: أNانMالث Hفيها، و Nر IفJكIال NامHك IحHأ Jور JهJظ

NلMوH Iاأل NانHمH IاألNا بGن Nي� آمRمNذ HالHو dمNل IسJى فيها م HقIبHي Hال IنHأ : JثNالMالثHو

. HينNمNل IسJمIال Jان HمHوهو أ

Nر IفJكIال HارHد Jير NصHا ت HهMإن :JهMا الل Hم JهHم Nح Hر dد Mم Hح JمHو Hف JوسJوقال أبو ي رN فيها IفJكIال NامHك IحHأ Nور JهJظNب.

ةJ دHارu إلHى Hاف Hإض Nر IفJكIال JارHدHو Nم Hال IسN Iاإل JارHا دHنHل Iو Hق MنHا أ Hم NهNل Iو Hق Jه IجHو مN أو إلHى Hال IسN Iى اإلHإل JارMالد Jاف HضJا ت HمMنN إ Hو N،ر IفJكIى الHلNإ Hو Nم Hال IسN Iاإل HارHد JةMن HجIى الMم HسJفيها، كما ت Nر IفJكIأو ال Nم Hال IسN Iاإل Nور JهJظNل Nر IفJكIال

الIبHوHارN في Hو NةMن HجIفي ال Nة Hم Hال Mالس Nود JجJوNل NارHوHبIال HارHد JارMالن Hو Nم Hال Mالس ،NارMاالن Hم NهNامHك IحHأ Nور JهJظNب Nر IفJكIال Hو Nم Hال IسN Iاإل Jور JهJظHوHر HهHفإذا ظ ،

،Jة Hاف HضN Iاإل IتMح HصHف uر IفJك HارHد Iت Hار Hص Iد Hق Hف uارHفي د Nر IفJكIال JامHك IحHأ مN فيها من Hال IسN Iاإل NامHك IحHأ Nور JهJظNب Nم Hال IسN Iاإل HارHد JارMالد Iت Hار Hا صHذ HهNل Hو Nر IفJكIال NامHك IحHأ Nور JهJظNب Nر IفJكIال HارHد Jير NصHا تHذHك Hى، ف Hر IخJأ uةHيطNر Hش NرIيHغ

.ا.هـ JمHلIعHأ JهMللHا Hفيها. و.وIلJ رسول اللMهN صلى الله عليه HقHقال ابن حزم في المحلى: و ) HينNكNر IشJمIال Nر JهIظHبين أ Hام HقHأ uمNل IسJمن كل م dيءNرHوسلم )أنا ب

MالNإ Hو Nب Iر HحIال HارHد HكNلHذNى بHنHا ع HمMعليه السالم إن JهMنH أ Hو JاهHنIل Jما ق JنRيHبJي .Jود JهHكلهم ي IمJهHو HرHبIي Hعلى خ JهHال MمJعليه السالم ع HلHمIعHت Iاس Iد Hق Hف

مMى HسJي Hال Hف IمJه JرIيHيمازجهم غ Hال Iم NهNنNائHد Hفي م NةMمRالذ JلIهHوإذا كان أ يئGا، NسJم HالHا و Gر NافHك Iم JهHنIيHب uة Hار HجNتNإلمارة عليهم أو ل Iم Nيه Nف JنNاك Mالس

؛ uك Iر Nش JارHد Hال uمHال Iإس JارHد IمJه JارHدHمحسن و dمNل IسJهو م IلHبHارMالد MنHأل الNكJ لها HمIال Hفيها و JمNاك HحIال Hعليها و NبNالHغIلNل Jب HسIنJا ت HمMا.هـإن..

بN ما يHغIلNبJ فيها Iر HحIال JارHدHوقال المرداوي في كتابه اإلنصاف: و رN.ا.هـ IفJكIال JمIك Jح.

ومن خالل االطالع على أقوال الفقهاء بمختلف مذاهبهم نجد أن الوصف المؤثر والعلة المنضبطة عند جمهور العلماء في الحكم على الدار ووصفها باإلسالم أو الكفر هو عJلو وظهور وغلبة األحكام والسلطان، وهذا الوصف المذكور سالم عن

المعارضة والنقض فالحكم يدور معه وجودا وعدما.

40

Page 41: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فإن كان العلو والغلبة والظهور والسلطان ألحكام اإلسالم وشريعة الرحمن فالدار الشك دار إسالم.

وإن كان العلو والغلبة والظهور والسلطان ألحكام الكفر وشريعة الشيطان فالدار الشك دار كفر.

ولزيادة تثبيت وإيضاح هذا المناط والوصف المؤثر في الحكمعلى الديار، نذكر أمثلة لذلك:

.األول: مكة – أعزها الله بنصره- قبل الفتح وبعده

كانت مكة بلد الله الحرام قبل فتح النبي صلى الله عليه وسلم لها دار كفر بإجماع العلماء أمر متفق عليه يعلمه القاصي

والداني، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بدأ دعوته لدين الله في هذه الدار، ولم يتبعه من أهلها إال القليل، يزداد

عددهم شيئا فشيئا، وكانوا مستضعفين ال شوكة لهم وال منعة، وكانت الغلبة والمنعة للكفار، ولم يكن لإلسالم حكم على

أهلها، وهاجر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قدر على الهجرة من أصحابه، وبقي فيه نفر قليل من المسلمين

مستضعفين تحت وطأة الكفار، وهي في كل هذه الظروف دار كفر، واستمرت على ذلك حتى فتحها رسول الله صلى الله

عليه وسلم ونفذ حكمه على أهلها، فصارت دار إسالم بإجماعاألمة.

فالبلد هنا واحد لم يتغير وهو بلد الله الحرام، ولكن وصفها تغير من الكفر إلى اإلسالم، فما الذي جدM عليها حتى غيMر

وصفها؟

يHوIمH كانت أحكام الكفر وسيادة الكفار غالبة عليها كانت بلد Hف كفر، مع أن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه

من المسلمين، ولما تغلب عليها المسلمون ونفذ حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهلها وصارت السيادة لإلسالم

تحولت إلى دار إسالم، وهذا يؤكد أن علو األحكام والسلطانهو الوصف المعول عليه في الحكم على الديار.

وقد ذكر أئمة الدعوة النجدية: أنها صارت دار كفر مرة أخرى، لما انتشر فيها الشرك، وفشا فيها فشواG ظاهراG، وأصبح

اإلسالم الحق فيها غريباG، وصارت الغلبة للكفر وأهله. قال الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله- في جوابه لمن ناظره

في حكم أهل مكة، وما يقال في البلد نفسه. والرسالةموجودة في مجموعة الدرر السنية:

قد بعث الله محمداG صلى الله عليه وسلم بالتوحيد الذي هو دين جميع الرسل، وحقيقته؛ هو مضمون شهادة "أن ال إله إال

41

Page 42: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

الله"، وهو أن يكون الله معبود الخالئق، فال يتعبدون لغيره بنوع من أنواع العبادة، ومخ العبادة هو الدعاء، ومنها الخوف

والرجاء والتوكل واإلنابة والذبح والصالة، وأنواع العبادة كثيرة،هذا األصل العظيم الذي هو شرط في صحة كل عمل.

واألصل الثاني: هو طاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أمره، وتحكيمه في دقيق األمور وجليلها، وتعظيم شرعه

ودينه، واإلذعان ألحكامه في أصول الدين وفروعه.فاألول: ينافي الشرك، وال يصح وجوده مع وجوده.

والثاني:ينافي البدع، وال يستقيم مع حدوثها. فإذا تحقق وجود هذين األصلين - علماG وعمالG ودعوة - وكان

هذا دين أهل البلد - أي بلد كان - بأن عملوا به ودعوا إليهوكانوا أولياء لمن دان به، ومعادين لمن خالفه؛ فهم موحدون.

وأما إذا كان الشرك فاشياG، مثل؛ دعاء الكعبة والمقام والحطيم ودعاء األنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك،

مثل؛ الزنا والربا وأنواع الظلم ونبذ السنن وراء الظهر، وفشو البدع والضالالت، وصار التحاكم إلى األئمة الظلمة ونوMاب

المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا فال يشك من له أدنى علم؛ أن هذهمعلوماG - في أي بلد كان -

، ال سيما إذا كانواالبالد محكوم عليها بأنها بالد كفر وشرك معادين أهل التوحيد وساعين في إزالة دينهم وفي تخريب بالد

اإلسالم. وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك؛ وجدت القرآن كله فيه، وقد

أجمع عليه العلماء، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم.... إذا كنتم تخفون توحيدكم في بالدهم، والويا لله العجب!

، وتخافتون بصالتكم ألنكم علمتمتقدرون أن تصرحوا بدينكم فكيف يقع لعاقلعداوتهم لهذا الدين وبغضهم لمن دان به،

؟!إشكال أرأيتم لو قال رجل منكم لمن يدعو الكعبة أو المقام أو

الحطيم ويدعو الرسول والصحابة؛ "يا هذا ال تدعو غير الله"، أو"أنت مشرك"، هل تراهم يسامحونه؟ أم يكيدونه؟

فليعلم المجادل؛ أنه ليس على توحيد الله، فوالله ما عرف . أرأيتالتوحيد وال تحقق بدين الرسول صلى الله عليه وسلم

رجالG عندهم قائالG لهؤالء؛ "راجعوا دينكم"، أو "اهدموا البناآت على القبور، وال يحل لكم دعاء غير الله"، هل ترى يكفيهم فيه

فعل قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم؟! ال! والله... ال! والله.

42

Page 43: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وإذا كانت الدار؛ دار إسالم، ألي شيء لم تدعوهم إلى اإلسالموتأمرهم بهدم القباب واجتناب الشرك وتوابعه.

كم أنهم يصلون ويحجون، أو يصومون Mفإن يكن قد غر ويتصدقون، فتأملوا األمر من أوله؛ وهو أن التوحيد قد تقرر في مكة بدعوة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السالم، ومكث أهل مكة عليه مدة من الزمن، ثم فشا فيهم الشرك بسبب عمرو بن لحي وصاروا مشركين، وصارت البالد؛ بالد

شرك، مع أنه قد بقي معهم أشياء من الدين، وكما كانوا يحجون ويتصدقون على الحاج وغير الحاج، وقد بلغكم شعر عبد

المطلب الذي أخلص فيه قصة الفيل، وغير ذلك من البقايا،ولم يمنع الزمان ذلك من تكفيرهم وعداوتهم.

بل الظاهر عندنا وعند غيرنا؛ أن شركهم اليوم أعظم من ذلكالزمان.

بل قبل هذا كله؛ أنه مكث أهل األرض بعد آدم عشرة قرون على التوحيد، حتى حدث فيهم الغلو في الصالحين، فدعوهم

مع الله؛ فكفروا، فبعث الله إليهم نوحاG عليه السالم يدعو إلىالتوحيد، فتأمل ما قص الله عنهم.

وكذا ما ذكر عن هود عليه السالم؛ أنه دعاهم إلى إخالصالعبادة لله، ألنهم لم ينازعوه في أصل العبادة.

وكذلك؛ إبراهيم دعا قومه إلى إخالص التوحيد، وإال فقد أقروالله باإللهية.

وجماع األمر؛ أنه إذا ظهر في بلد دعاء غير الله وتوابع ذلك، واستمر أهلها عليه وقاتلوا عليه، وتقررت عندهم عداوة أهل

التوحيد وأبوا عن االنقياد للدين، فكيف ال يحكم عليها بأنها بلد كفر؟! - ولو كانوا ال ينتسبون ألهل الكفر، وأنهم منهم

بريئون، مع مسبتهم لهم، وتخطئتهم لمن دان به، والحكم عليهم بأنهم خوارج أو كفار، فكيف إذا كانت هذه األشياء كلها

.هـ.موجودة.ا وهاهي اليوم تعود دار كفر تحت سلطان الكفر وسيادة الكفار

من جديد، أسأل الله أن يبعث من يجدد لنا الدين ويرفع رايةالجهاد فنكون لها من الفاتحين.

رها الله من الكفر وأهله- قبل Mالثاني: المدينة المنورة - طه .هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدها

من المعلوم أن هذه البلدة كانت تسمى يثرب، وكان يسكنها األوس والخزرج، وقبائل من اليهود بني قريضة وبني قينقاع وبني النضير، وكانت دار كفر، وقد بعث رسول الله صلى الله

عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة ليدعو أهلها لإلسالم،

43

Page 44: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ويعلRم من أسلم منهم أمور دينه، فانتشر اإلسالم في بيوت كثيرة من القبيلتين األوس والخزرج حتى رأوا أنهم قادرون

على حماية النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه، فطلبوامنه الهجرة إليهم...

ومع وجود هذا العدد من المسلمين في هذه البلدة لم تصبح دار إسالم، إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وظهر

حكمه على من فيها بمختلف دياناتهم، فصارت بذلك دارإسالم.

قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين واألنصار وادHعH فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم

على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم....

وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيءومما جاء في هذا الكتاب: صلى الله عليه وسلمفإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد

وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم

HثNمH فإنه ال يJوتNغJ إال نفسه مواليهم وأنفسهم إال من ظلم وأ وأهل بيته، وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني

ا.هـ.عوف........

فلما علت أحكام اإلسالم وسلطانه على هذه البقعة تغير وصفهذه الدار من الكفر إلى اإلسالم.

وهذا دليل واضح أيضا على أن علو السلطان وغلبة األحكام هو الوصف المؤثر في تغير الحكم على الدار بالكفر أو اإلسالم،

حيث أن وجود عدد من المسلمين في بلد معين - حتى ولو كان هذا العدد كبيراG- غير مؤثر في تغير الحكم على الدار مادام

السلطان والغلبة لغيرهم، وكذلك وجود عدد من الكفار حتى ولو كان كثيرا ال يؤثر في وصف الدار التي تعلوها أحكام

اإلسالم وتحت سيادة المسلمين. .الثالث: دار خيبر قبل وبعد الفتح اإلسالمي

كانت خيبر دار كفر يسكنها اليهود، ولما قويت شوكة المسلمين بالمدينة، وكسرت شوكة المشركين من قريش،

توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح خيبر، وكانت ذا حصون كثيرة منيعة، ففتحها الله عليه، وصالح أهلها فأبقاهم عليها يحرثون ويزرعون ويهتمون بما فيها من أشجار على أن

لهم الشطر من كل زرع ونخيل وشيء، ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فصارت خيبر بذلك دار إسالم بعد أن

كانت دار كفر.44

Page 45: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وهنا يظهر الوصف المؤثر ظهورا واضحا، حيث أننا لو نظرنا إلى أهل خيبر وسكانها وجدناهم من اليهود، ولو نظرنا إلى علو السلطان وغلبة األحكام وجدناها للمسلمين، والدار كما

قلنا صارت دار إسالم باإلجماع، فعلمنا أن الوصف المؤثر هوما قد تقرر سابقاG وهو علو األحكام والسيادة والغلبة.

فمن الحظ هذه الديار في أحوالها المختلفة وجد أن وصف الدار يتغير بتغير السيادة والسلطان الغالب واألحكام الظاهرة

على البلد، مما يثبت أن المناط المعتبر في وصف الديار هوعلو األحكام وغلبة السيادة والسلطان.

هذا ما يتعلق بأحكام الديار، وقلنا أن ما يعنينا في مثل زمننا هذا هو نوع واحد من الديار وهو الدار التي أهلها كفار،

وتعلوها أحكام الكفر، والسيادة والسلطان فيها للكفار، وفيها قلة من المسلمين مستضعفين ال شوكة لهم وال منعة وال

أمان. وسوف نعود للكالم عن واقع ديار اليوم في الفصل األخير

بإذن الله.

45

Page 46: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ماردين دار حول تيمية ابن فتوى توضيح

جاء في الفتاوى الكبرى البن تيمية: رحمه الله - عن بلد ماردين هل هي بلد حرب أم بلد سئل –

سلم، وهل يجب على المسلم المقيم بها الهجرة إلى بالد اإلسالم أم ال، وإذا وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر، وساعد

أعداء المسلمين بنفسه أو ماله، هل يأثم في ذلك، وهل يأثممن رماه بالنفاق وسبMه به، أم ال؟

فأجاب بقوله: الحمد لله. دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ماردين أو غيرها، وإعانة الخارجين عن شريعة

دين اإلسالم محرمة، سواء كانوا أهل ماردين أو غيرهم، والمقيم بها إن كان عاجزا عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه، وإال استحبت ولم تجب، ومساعدتهم لعدو المسلمين باألنفس

واألموال محرمة عليهم، ويجب عليهم االمتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم من تغييب، أو تعريض، أو مصانعة، فإذا لم يمكن إال بالهجرة تعينت، وال يحل سبهم عموما ورميهم بالنفاق، بل السبP والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة في الكتاب

والسنة، فيدخل فيها بعض أهل ماردين وغيرهم. وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي يجري عليها أحكام اإلسالم، لكون جندها مسلمين، وال بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم

ثالث، يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن.شريعة اإلسالم بما يستحقه.ا.هـ

والذي سنتطرق إليه في هذه الفتوى هو قول الشيخ: )وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها المعنيان، ليست

بمنزلة دار السلم التي يجري عليها أحكام اإلسالم، لكون جندها مسلمين، وال بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم

ثالث(. وقبل أن نشرع في توضيح ما فهمناه من هذه الفتوى البد أن

نعرج على مقدمة مهمة لكل طالب علم وباحث عن الحق: اعلم - أرشدك الله - أن العصمة والفوز والفالح باتباع قول

الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الخيبة والخسران والخذالن في مخالفة ذلك، فينبغي أنI ال يقبل مسلم قوال في

دين الله مNن أحدu كائنا مHن كان، إال إذا كان مستنداG إلى دليلJنIزNلH شرعي من نص� كتاب أو سنة، قال تعالى: ) ا أ Hوا مJعNبMات

Hون JرMكHذHا ت Hم GيالNل Hق HاءHيNل IوHأ NهNونJد IنNوا مJعNبMتHال تHو IمJكRب Hر IنNم IمJكIيHلN (إ

46

Page 47: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ذJوا مNنI دJونN اللMهN (، وقال عز وجل: )3)األعراف: HخMات HينNذMال JلHث Hم JتIيHبHل NوتJيJبIال HنHهIو

Hأ MنNإ Hو GتاIيHب IتHذ HخMات NوتJبHكIنHعIال NلHث HمHك HاءHيNل IوHأ

HونJمHلIعHوا يJانHك IوHل NوتJبHكIنHعI41( )العنكبوت:ال). فاإلسالم أال نعبد إال الله وال نعبده إال بما شرع، فال بد من

توحيد الله بالعبادة وتجريد المتابعة عن رسوله صلى الله عليه وسلم، فال نحيد عن سنته يمنة وال يسرة، وال نحكRم غيره في دقيق الدين وعظيمه، وال نقدم قول غيره على قوله، ونرد ما تنازعنا فيه لله ورسوله، وال نجعل من قول غيره أصال نحاكم إليه من خالفنا، ونرجع إليه إذا تنازعنا، ونوالي ونعادي عليه. فما من أحد إال وهو مأخوذ من كالمه ومردود عليه إال رسول

الله صلى الله عليه وسلم.يهN والله عز وجل يقول: ) Nوا فJد HجHوHل NهMالل NرIيHغ NدIن Nع IنNم HانHك IوHل Hو

GيراNثHك GالفاNت I(. فال شيء يجمع الناس82)النساء: من اآلية (اخ على الحق ويفصل بينهم فيما اختلفوا فيه غير كتاب الله

وسنة نبيه، ولهذا أمرنا بالرد إليهما عند النزاع. وقد نهى األئمة األربعة عن تقليدهم وذمMوا من أخذ أقوالهم

بغير حجة، فالواجب علينا أن نطلب الدليل والحجة التي نلقى بها الله عز وجل، ولن يسألنا الله عن كتب ابن تيمية وال ابن

كI ) :غيرهم ولكن يسألنا عن كتابه العزيز القيم وال NسIمHت Iاس Hف HكHل dرIكNذHل JهMنN إ Hو * uيم NقHت IسJم uاط Hر Nى صHلHع HكMنN NلHيIكH إ يH إ NوحJي أNذMالNب

HلونHأ IسJت HفIو HسHو HكNمIو HقNل Hوعن سنة نبيه43:44( )الزخرفو ،) لNينHالكريم ) Hس IرJمIال JمJتIب HجHا أHاذ H(.65)القصص: من اآلية ( م

وأما أقوال أهل العلم فيحتج لها ال بها؛ فليست هي األدلة وإنما تفتقر إلى األدلة، بل إن من اعتقد أن كالم العلماء

برهان ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه، أو يحق الحق ويبطل الباطل ككالم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قال اإلمام ابن تيمية رحمه الله: )وإذا كان الرجل متبعا

أو أحمد ورأى في بعضيألبى حنيفة أو مالك أو الشافع كان قد أحسن في ذلك،المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه

ولم يقدح ذلك في دينه وال عدالته بال نزاع، بل هذا أولى بالحق ،وأحب إلى الله ورسوله ممن يتعصب لواحد معين غير النبي كمن يتعصب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبى حنيفة ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي إتباعه دون قول

اإلمام الذي خالفه، فمن فعل هذا كان جاهال ضاال بل قد يكون كافرا، فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس إتباع واحد بعينه من هؤالء األئمة دون اإلمام اآلخر فإنه يجب أن يستتاب فإن

.هـ.تاب وإال قتل(.ا

47

Page 48: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ل الله عز وجل بحفظ أقوال العلماء كالكتاب والسنة، ولم يتكف�دM القول على قائله مع وجوب Jفما خالف منها الشرع الحنيف ر

إحسان الظن بأهل العلم المشهورين بحسن الديانة. والله.أعلم

نأتNي اآلن لتوضيح مقصد ابن تيمية رحمه الله، وما عناه بهذه الفتوى، وال شك أن معرفة الواقع التي أفتى فيه الشيخ بهذه

الفتوى يساعد على فهم مقصده ومغزاه، فالواجب علينا أنننظر أوالG إلى واقع دار ماردين في ذلك الوقت.

قصة هجوم التتار عليها: ذكر المؤرخون أن الذي كان يحكم ماردين وقت هجوم التتار

عليها هو الملك السعيد نجم الدين غازي بن أرتق أرسالن.

قال الذهبي في كتابه تاريخ اإلسالم: - عHلNم السعيد أن التتار ال بد لهم منه ومن حصاره، فنقل ما في

البلد من الذخائر إلى القلعة. ثم بعد أربعة أيام وصلته رسل هوالكو بحربه، ووصل عقب ذلك طائفة من التتار، فنازلت

ماردين في ثالث جمادى األولى.... واستمر الحصار إلى آخر السنة، ووقع الوباء بالقلعة، فمات

الملك السعيد فيمن مات، وهلك الخلق. ورمى رجل نفسه من القلعة وأخبر التتار بموت السلطان، فبعثوا إلى ابنه الملك

.هـ.المظفر وطلبوا منه الدخول في الطاعة.ا وقال قطب الدين اليونيني في كتابه ذيل مرآة الزمان بعد-

أن ذكر قصة وفاة الملك السعيد سنة ثمان وخمسين وستمائة: أن التتار عندما سمعوا بوفاة الملك السعيد بعثوا إلى ولده

الملك المظفر رسوالG، وطلبوا منه الدخول في الطاعة، وكان قد قام مقام أبيه، فأجابهم جواباG أرضاهم، وأظهر لهم الدخول

.هـ.في طاعتهم، والعمل على مداراتهم.ا

عن طريق الصلحفالمالحظ هنا أن ماردين استولى عليها التتار سنة ثمان وخمسين أو تسعبينهم وبين ملكها المظفر

وخمسين وستمائة على خالف بين المؤرخين. وأن ملكها أظهر لهم الدخول في طاعتهم والعمل على

مداراتهم.

وبقي الملك المظفر في الملك ثالثاG وثالثين سنة، وولي بعده ابنه الملك السعيد داود، ثم ابنه اآلخر الملك المنصور نجم

الدين غازي، فبقي إلى سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، واستمر

48

Page 49: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

ملك ماردين عند بني أرتق أرسالن إلى سنة تسع وثماني مائةكما ذكر المؤرخون.

وكان مولد شيخ اإلسالم ابن تيمية سنة إحدى وستين وستمائة، (. وكانت728- 661وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. )

ماردين عندما سئل عنها الشيخ في صلح مع التتار، إما أن تكون في نهاية عهد الملك المظفر حاكم ماردين الذي تم في

وقته الصلح مع التتار، أو عهد من بعده من األمراء.

ونأتي اآلن إلى بيان ما فهمناه من مقصد ابن تيمية رحمه الله: قوله: )وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها

.المعنيان( فالمعنيان هنا يقصد بهما الشيخ أحكام اإلسالم وأحكام الكفر.

.والله أعلم وقد ذكر ذلك الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ فقال

رحمه الله: وما حكاه ابن مفلح، عن الشيخ تقي الدين: أن ، ال تJعطىتظهر فيها أحكام الكفر وأحكام اإلسالمالبلدة التي

.هـ.حكم اإلسالم من كل وجه، وال حكم الكفر من كل وجه.ا.الدرر السنية

وكذلك قال الشيخ سليمان بن سحمان في رسالته كشف األوهام: وأما تعريف بالد الكفر فقد ذكر الحنابلة وغيرهم أن

البلدة التي تجري عليها أحكام الكفر وال تظهر فيها أحكاماإلسالم بلدة كفر.

وما ظهر فيها هذا وهذا فقد أفتى شيخ اإلسالم ابن تيمية بأنه يراعى فيها الجانبان، فال تعطى حكم اإلسالم من كل وجه وال حكم الكفر من كل وجه،كما نقله عنه ابن مفلح وغيره، وذكر

.بعض العلماء أن الحكم لألغلب عليها.ا.هـ فقوله )وما ظهر فيها هذا وهذا( أي ظهر فيها أحكام الكفر

وأحكام اإلسالم. فمعنى قول ابن تيمية رحمه الله: )وأما كونها دار حرب أو

سلم فهي مركبة فيها المعنيان( أي تظهر فيها أحكام الكفروأحكام اإلسالم.

ومسألة ظهور أحكام الكفر وأحكام اإلسالم في البلد الواحد بحيث ال يغلب أحدهما على اآلخر فتوصف الدار بالحكم الغالب

أمر يدعو لالستغراب، والبد من وجود من يظهر الكفر فهل هم الحكومة والجيش أم التتار أم سكان البلد؟! ولكن حسب ما يفهم من السؤال والجواب أن غالب سكان البلد مسلمين،

والحكم فيما بينهم بأحكام الشريعة. والبلد كانت في صلح مع التتار فهم في حكم المتغلبون عليها، غير أنهم لم يجبروا

49

Page 50: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

أهلها على الكفر، وقد ذكر المؤرخون أن حاكمها أظهر للتتار الدخول تحت طاعتهم، وأنه كان يناصح سلطان المسلمين في السر، فهذا األمر هو المانع من تسمية ماردين بدار اإلسالم، ألن دار اإلسالم أو دار السلم هي التي تعلوها أحكام اإلسالم على غيره من أهل األديان األخرى، والغلبة فيها والسلطان

سلطان وال ظهور عليها، لإلسالم، وليس للكفار غلبة والوماردين في صلح مع التتار والبلد تحت أيديهم.

ولهذا قال ابن تيمية: )ليست بمنزلة دار السلم التي يجريعليها أحكام اإلسالم، لكون جندها مسلمين(.

ويفهم من قول ابن تيمية: )ويقاتل الخارج عن شريعة اإلسالم بما يستحقه( أن هناك من خرج عن شريعة اإلسالم من أهل

البلد ولعل ذلك من الجند المعاونين للتتر. وقول الشيخ رحمه الله: )وال بمنزلة دار الحرب التي أهلها

كفار( ربما كان السبب في عدم وصف ابن تيمية للدار بالكفر هو أن أهلها ليسوا كفارا بل غالبهم من المسلمين، ولكن قد

عرفنا في الفصل السابق أن ديانة أهل البلد ليست هي الوصف المؤثر في الحكم على البلد بل هو ظهور وغلبة

األحكام والسلطان ومثال ذلك خيبر بعد الفتح. فإذا تغلب الكفار على بلد معين وصارت السيادة والسلطان

لهم فالبلد بلد كفر، وإن ظل غالب أهلها متمسكين بإسالمهم. وقد جاء في الدرر السنية: )وأما البلد التي يJحكم عليها بأنها

بلد كـفر، فقال ابن مJفلح: وكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار إسالم وإن غلب عليها أحكام الكفر فدار كفرئل عن Jوال دار غيرهما. وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية وس ماردين هل هى دار حرب أو دار إسالم؟ قال: هى مركبة فيها

المعنيان ليست بمنزلة دار اإلسالم التي تجري فيها أحكام اإلسالم لكون جنودها مسلمين وال بمنزلة دار الحرب التي

أهلها كفار بل هى قسم ثالث يJعامل المسلم فيها بما يستحقهوIلHى هوويJعامل الخارج عن شريعة اإلسالم بما يستحقه.

Hواأل (. )الدرر السنية في األجوبةالذي ذكره القاضي واألصحاب

.353ـص، كتاب الجهاد، 7النجدية( جمع ابن قاسم، جـ وهذا هو األصح - والله أعلم - أن الدار إما دار كفر أو دار

إسالم والحكم للمتغلب عليها، وال داعي إليجاد قسم ثالث تسمى فيه الدار بالدار المركبة ال دار إسالم وال دار كفر. وعلى

افتراض أن تسمية الدار بالمركبة صحيح فهي في حالة ظهورأحكام الكفر واإلسالم فيها في آن واحد، وهذا مستغرب.

50

Page 51: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

هذا ما تيسر لنا توضيحه حول فتوى شيخ اإلسالم رحمه اللهمH خطأG فيؤدي إلى الخلط والخطأ Hه IفJوإنما أوردناه هاهنا لكيال ي

في تنزيل األحكام. والمعتبر عندنا في تقسيم الديار نوعان فقط هما: دار الكفر

ودار اإلسالم، وذلك حسب نوع األحكام السائدة والظاهرةفيها، كما بيناه سابقاG، وهذا ما يوافق قول الجمهور.

فالوصف المعتبر هو للحكم األغلب عليها. وفتوى الشيخ ابن تيمية اجتهادd منه - رحمه الله - خاصd بدار

ماردين في ذلك الوقت الذي سئل عنها، وقد حاولنا أن نعرف واقع تلك البلد في ذلك الوقت. وربما كانت فتواه وصفا لحال

.أهلها ال حكما على البلد نفسه. والله أعلم وليس هناك داراG من الديار اليوم تشبه دار ماردين وال قريبة منها بحيث ال يمكننا أن نعرف نوع األحكام السائدة والغالبة

عليها ولمن السلطان والغلبة فيها. بل إن كافة الديار في هذا الزمن ديار كفر، السلطان والغلبة للكفر وأهلها كفار،

والمسلمون قلة مستضعفة ال شوكة لهم وال منعة وال أمان، السلطان يضمهم وال دار تأويهم. وقد بينا ذلك في الفصل

السابق. ال هو دليلفاالستدالل بهذه الفتوى على واقع ديار اليوم

وال هو استدالل في محله بل هو استداللd بعيدd،، وحجة مقبولةdباطل dوهذه الفتوى اجتهاد عالم في واقعة معينة،واحتجاج

يخطئ ويصيب، وال يجوز اعتماده في االحتجاج على واقع ال يشبهه بحال. فبعداG لمن أراد أن يلبس الحق بالباطل. والله

.أعلم

51

Page 52: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فيها األحكام وJلJوع اليوم الديار أحوال في

عرفنا فيما سبق أن وصف الديار باإلسالم أو الكفر يعتمد على علو السلطان وغلبة األحكام الجارية والظاهرة فيها. فما هو

واقع الديار هذا الزمان والتي تنتسب لإلسالم خصوصا؟ هل هي حقا ديار إسالم أما أنها ديار كفر كغيرها من دور

العالم؟ لمن الغلبة والسيادة في هذه الديار؟ هل هي لإلسالم وأهله؟

من الذين يحكمون هذه الديار؟ هل هم المسلمون يحكمونهابشريعة الرحمن؟

من المتغلب على الدار والنافذ حكمه فيها؟ هل أهل هذه الديار مسلمون آمنون محكومون بشريعة

الرحمن؟ أم كفار ذميون تحت سلطان اإلسالم؟ أم ال هذا والذاك؟

وكما قلنا سابقا أن الجهل بحكم هذه الديار وحكم أهلها إنما هو بسبب الجهل بالحد الفارق بين اإلسالم والكفر، وهذا يعني

الجهل باإلسالم. أما من شرح الله صدره لإلسالم ونوMر قلبه بنور اإليمان، فأصبح

وكأنه ينظر إلى الناس من شاهق جبل وهم يغطسون في أوحال الشرك ومستنقعات الجاهلية، ويتيهون في ظلمات

الكفر وعبادة الطاغوت، فمعرفة حكم هذه الديار وحكم أهلهاليست عليه بعسيرة، بل في غاية اليسر والسهولة.

إن واقع ديار اليوم واقع مظلم حقا، ال فرق بين ديار من يدعي اإلسالم وديار النصارى وسائر الكفار، بل الفرق بين بالد الحرمين وبين بريطانيا الكافرة، وقد يستغرب بل يستنكر هذه

الجرأة من ال يعرف اإلسالم، وخصوصا ممن أسلم قياده لNثJلMة من األحبار هم في الحقيقة أرباب تعبد من دون الله، الذين ما

تNئJوا يلبسون باطل حكومتهم بثوب اإلسالم، ويدMعون أن Hف بالدهم بالد التوحيد والحكم بما أنزل الله.

إن الكفر في هذه الديار ظاهر واضح، واإلسالم مضطهد غريب، أهل الحق قلة مستضعفون، وغالب أهلها كفار

مشركون، صوت الحق فيها محارب مقموع، وصوت الباطل ظاهر مسموع، الحكم فيها لشريعة الشيطان، والدعوة فيها

لمحاربة أهل اإليمان، والء أهلها على الوطنية والعلمانية والديمقراطية، والبراءة والمعاداة ألصحاب الملة الحنيفية،

52

Page 53: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

كلمة الكفر والشرك والفسوق فيها هي العليا، وكلمة الله في هذه الديار هي السفلى، الحكم السائد فيها حكم الجاهلية، والحمية حمية الجاهلية، والتبرج تبرج الجاهلية، والوالء والء

الجاهلية.. شعائر الكفر فيها ظاهرة، وأصنام الجاهلية منتشرة، وقوانين الكفار مقدسة، والمحاكم الطاغوتية مزدحمة،

والبنوك األساسية ربوية.. أهل الباطل يتمتعون فيها بالحماية القانونية، وأهل الحق تطاردهم السلطات الحكومية.. يخاف المسلم فيها على دينه، ويتمتع الكافر بحريته.. من دعا إلى

الحق تعرض للسجن والعذاب، ومن دعا إلى الباطل يJسمعويJجاب.

فيا أيها القارئ اللبيب، هذا قليل من كثير، فقل لي باللهعليك: أرأيت ألهل اإلسالم في هذه الديار شوكة؟

أعلمت بلداG يJدعى فيه إلى اإلسالم جهاراG؟.. أرأيت راية التوحيدترفرف على بقعة من األرض؟

أدخلت بلداG فرأيت العزة والسلطان فيها ألهل اإلسالم؟..أسمعت عن دولة ال توالي إال على اإلسالم؟

أسمعت عن بلد تدعو إلى معاداة الكفار والمشركين والبراءة منهم؟.. كم دولة تدعي اإلسالم لم تدخل في ميثاق األمم

الكافرة ولم ترضH به؟.. كم دولة رفضت الدخول فيالمعاهدات والمنظمات الدولية الكافرة؟

هل خلت دار من الديار اليوم عن أحكام الجاهلية؟.. هل هناكدولة واحدة ال تحكم إال بشريعة رب البرية؟

هل هناك دولة يمكن للمسلمين المضطهدين أن يهاجروا إليهاويقيموا فيها دينهم؟

نشك في أن كل الديار اليوم ديار كفر، قد نقول هذا ألننا ال علتها أحكام الجاهلية، وسادها سلطان الكفر، وحكمها

طواغيت تحارب اإلسالم وأهله، بداية من بالد الحرمين إلى آخردولة في العالم.

هذا ما ندين به لله عز وجل غير مترددين وال مرتابين، ونسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا لهذه الديار من الفاتحين، وأن

يمكن لنا في األرض، وينصرنا على القوم الكافرين هو موالناوهو خير الناصرين.

وهذه بعض المظاهر التي تدل على الكفر والشرك والخروجعن دين الله في البالد التي تدعي اإلسالم:

: الجهل بحقيقة دين اإلسالم، أي الجهل بالتوحيدالمظهر األولوما يناقضه من الشرك.

53

Page 54: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

فأكثر الناس اليوم ليس لهم من اإلسالم إال مجرد قول ال إله إال الله باللسان فقط دون معرفة معناها وال عمل بمقتضاها، وال يعلمون أن اإلسالم ال يتحقق إال بعبادة الله وحده والبراءة

من الشرك وأهله. والذي ال يعرف اإلسالم الحق، وال يميز بين التوحيد وضده، ال يمكن أن يكون معتقدا لإلسالم، وال مقرا به، وال عامال به، وال

متبرئا مما يناقضه، وبالتالي ال يمكن أن يكون مسلما.د الله باالعتقاد والقول والعمل، وتبرأ من فالمسلم هو من وح�

ر المشركين وعاداهم Mالشرك باالعتقاد والقول والعمل، وكف وأبغضهم، وال يتحقق شيء من ذلك بغير العلم بحقيقة

اإلسالم، فالجهل باإلسالم يعني عدم اإلسالم، ومن لم يكنعنده إسالم فهو كافر بال شك.

وهذا الجهل ظاهر على الناس وليس أمرا باطنا، وخصومنا من أئمة الضالل قد أقروا بأن أكثر الناس يجهلون التوحيد وال

يعرفون ما يناقضه، ولكنهم اعتبروا هذا الجهل مانعا من لحوق وصف الكفر والشرك بهم، وأهل الحق اعتبروا هذا الجهل مانع

من لحوق وصف اإلسالم بهم لعدم وجود اإلسالم عند منيجهله ال في االعتقاد وال في اإلقرار والشهادة وال في العمل.

فأين هم العلماء والوالة المسلمون؟! كيف ينتشر هذا الجهل بين رعاياهم إن كانوا حقا علماء ووالة مسلمين؟! وما هو

موقفهم منه؟ كيف ينشغلون عنه بغيره إن كانوا يعتقدون أن اإلسالم ال يكون مع الجهل به؟! ولكن الحق أنهم هم سبب هذا الجهل، وهم منIبHعJه، وهم المدافعون عنه المبررون له الراضون به؛ ألن هذا هو الذي يتمشى مع مصالحهم ومكانتهم، ولو أفاق

الناس من جهلهم وغفلتهم أليقنوا أن علماءهم وحكامهم أكفر أهل األرض، وال بد من يوم يعرف فيه الناس هذه

ى إNذN الظMالNمJونH)الحقيقة، إن لم يكن اليوم فغدا، HرHت IوHل Hو HينNذMال Jول JقHي HلIو HقIال uضIعHى بHلNإ Iم Jه JضIعHب Jع Nج IرHي Iم NهRب Hر HدIن Nع HونJوف JقIو Hم

( HينNن NمIؤ Jا مMنJكHل IمJتIنH وا لHوIالH أ JرHبIكHت Iاس HينNذMلNوا ل JفNع IضJت I31اسHال Hق ) HدIعHى بHد JهIال NنHع IمJاكHنIدHد Hص Jن IحHنH وا أ JفNع IضJت Iاس HينNذMلNوا ل JرHبIكHت Iاس HينNذMال

( HينNمNر Iج Jم IمJتIنJك IلHب IمJكHاء Hج IذN32إHينNذMلNوا ل JفNع IضJت Iاس HينNذMال Hال HقHو ) NهMاللNب Hر JفIكHن IنHا أHنHون Jر Jم

IأHت IذN ارN إ HهMالنHو NلIيMالل JرIك Hم IلHوا ب JرHبIكHت Iاس Hل HالIغH Iا األHنIلHع HجHو HابHذHعIا الJو

Hأ Hا ر MمHل Hة HامHدMوا الن Pر HسHأ Hا وGادHدIنH عHلH لHهJ أ IجHن Hو

( HونJل HمIعHوا يJانHا ك Hم MالNإ HنIو Hز IجJي IلHوا ه Jر HفHك HينNذMال NاقHنIعHي أN33ف)) .(33 - 31)سبأ:

لPونHاقال تعالى: ) HضHأ Hا فHنHاء HرHبJكHا وHنHتHاد Hا سHنIعHطHا أMنN بMنHا إ Hوا رJال HقHو بNيال M67( )األحزاب:الس).

54

Page 55: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

انتشار عبادة األصنام واألوثان المتمثلة فيالمظهر الثاني:القبور واألضرحة واألشجار واألحجار، وهذه العبادة تتمثل في:

اعتقاد النفع والضر في غير الله. اعتقاد الشفاعة في غير الله واتخاذ وسائط بينهم وبين

.اللهالتوجه لهم بالعبادات التي ال تنبغي إال لله كالدعاء والذبح

والنذر والحلف والطواف والتبرك والسجود والتوكلوالخوف والمحبة وغيرها.

اإليمان بالطاغوت المتمثل في األحكامالمظهر الثالث:والتشريعات المخالفة لشريعة الله كالقانون الوضعي.

وتتجلى صور اإليمان به في عدة وجوه:الموافقة عليه والرضى به. مدحه وتزكيته وتعظيمه والتحريض عليه.حراسته والدفاع عنه.تقديمه على شريعة الرحمن جل وعال.اعتقاد جواز الحكم به. وأعظم من ذلك القول بأنه أحسن من حكم الله في

.مالئمة الواقع والتطوراتللبالد وتنحية شريعة الله Gوأعظم من ذلك اعتماده دستورا

عن الحكم والمنع من الحكم بها ورفضها.اإلقبال عليه واالهتمام به بتشكيل مدارس ومعاهد وكليات

إلعداد المتخصصين به من القضاة والمحامين ووكالءالنيابة والمحققين وغيرهم.

الحكم به وتحكيمه في تنظيم جميع مجاالت الحياة، وفي الخصومات الحادثة في الحقوق والدماء والفروج واألموال

وغيرها.تشكيل المحاكم الخاصة للحكم به، وتحاكم الناس إليها في

كل ما شجر بينهم.مواالة الطاغوت المتمثلة في االنضمام إليه والعمل في

أجهزته التي تحميه وتنصره، وتدافع عنه، وتحارب أعداءه، وتقاتل في سبيله، وتطبق شريعته، كأجهزة الجيش

والشرطة واألمن والحرس والقوات الخاصة وغيرها. : عدم تكفير المشركين ممن ترك التوحيد ولمالمظهر الرابع

يأتN به، وعبد غير الله، وانشراح الصدر لهم ومحبتهم والتوددإليهم، ونصرتهم والوقوف معهم، والذب عنهم.

55

Page 56: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

كل هذه المظاهر موجودة ومنتشرة وظاهرة للعيان، وهي خيرت فيهم، وانتشرت بينهم Mدليل على كفر القوم الذين تفش

وظهرت في واقعهم. فهل هناك دولة من دول العالم اليوم لم يظهر فيها هذه

المظاهر الكفرية؟ يقول سيد قطب - رحمه الله - في ظالل القرآن:

والله أعلم - أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين - وأحسب والنصارى الصليبيون عن مواجهة والصهيونيون أن عدل اليهود

التبشير ; طريق اإلسالم جهرة عن طريق الشيوعية أو عن فعدلوا إلى طرائق أخبث , وإلى حبائل أمكر.. لجأوا إلى إقامة

في المنطقة كلها تتزيا بزي اإلسالم؛ وتتمسح وأوضاع أنظمة ثم هي تحت هذا الستار..جملة في العقيدة؛ وال تنكر الدين

الخادع تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير وبروتوكوالت صهيون ثم عجزت عن تنفيذها كلها في

المدى الطويل! هذه األنظمة واألوضاع ترفع راية اإلسالم - أو على األقل إن

بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله، - تعلن احترامها للدين وتنشر، الله وتقصي شريعة الله عن الحياة، وتحل ما حرم

تصورات وقيما مادية عن الحياة واألخالق تدمر التصورات وتسلط جميع أجهزة التوجيه واإلعالم لتدمير ،اإلسالمية والقيم

التصورات واالتجاهات وسحق القيم األخالقية اإلسالمية، وبروتوكوالت الدينية، وتنفذ ما نصMت عليه مؤتمرات المبشرين

الصهيونيين من ضرورة إخراج المرأة المسلمة إلى الشارع، باسم التطور والتحضر ومصلحة العمل للمجتمع وجعلها فتنة

في هذه البالد متعطلة ال العاملة واإلنتاج؛ بينما ماليين األيدي إليها تجد الكفاف! وتيسر وسائل االنحالل وتدفع الجنسين

دفعا بالعمل والتوجيه.. كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وأنها يتوهمون أنهم يعيشون في مجتمع والناس تحترم العقيدة!

يصلون منهم مسلم، وأنهم هم كذلك مسلمون! أليس الطيبون ويصومون؟! أما أن تكون الحاكمية لله وحده أو تكون لألرباب

ما قد خدعتهم عنه الصليبية والصهيونيةاالمتفرقة، فهذ الموجهة، اإلعالم والتبشير واالستعمار واالستشراق وأجهزة

وأفهمتهم أنه ال عالقة له بالدين. وأن المسلمين يمكن أن مسلمين، وفي دين الله بينما حياتهم كلها تقوم على يكونوا

.هـ.ا.من هذا الدين! ليست تصورات وقيم وشرائع وقوانين

قال ابن تيمية رحمه الله: )وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره أو مطاع متبع غير الرسول صلى الله

56

Page 57: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

عليه وسلم هو أعظم الفساد في األرض، وال صالح لها وألهلها إال أن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له ال

لغيره، والطاعة واإلتباع لرسول الله(.

وقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع سنن األمم قبلها اليهود والنصارى وغيرهم، ومن المعلوم أن

هاتين الطائفتين كانتا على حق، فغي�روا وبد�لوا وابتدعوا،وانحرفوا عن الصراط المستقيم.

Hة HرIي Hر Jروى البخاري في صحيحه ومسلم وغيرهما: عن أبي ه ومJ):رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال JقHت Hال

اعGا HرNذHو uرIب NشNا ب GرIب Nا ش HهHلIب Hق Nون Jر JقIال Nذ IخHأNي بNت MمJأ Hذ JخIأHحتى ت JةHاع Mالس

ومN؟ فقال وHمHنI الناس PالرHو HسNار HفHك NهMالل Hول Jس Hيا ر Hيل Nق Hف ، uاع HرNذNب HكNئHولJإال أ.)

دIرNيR عن النبي صلى الله عليه وسلم قال JخIال uيدNع Hوعن أبي س:( اعu حتى لو HرNذNا بGاع HرNذHا بشبر و GرIب Nش IمJكHلIب Hمن كان ق HنHن Hس MنJعHبIتHتHل

Jود JهHيIال NهMالل Hول Jس Hا يا رHنIل Jق ، IمJوهJمJتIعNبHب� ت Hض Hر Iح Jوا جJل HخHد IنHم Hى؟ قال: ف Hار HصMالنHو .)

وقال أبو الحسن الملطي في الرد على أهل األهواء والبدع: فقال: يا أبا عبد الله أكفرت بنوجاء رجل إلى حذيفة

إسرائيل في يوم واحد؟ قال: ال، ولكن كانت تعرض عليهم الفتنة فيأبونها فيJكرهون عليها حتى يدخلوا فيها، ثم تعرض

عليهم أكبر منها فيأبونها فيضربون عليها حتى يدخلوا فيها، ثم تعرض عليهم أكبر منها فيأبونها فيضربون عليها ويقولون

والله ال ندخل في هذه أبدا، فيضربون عليها حتى يدخلوا فيها،.هـ.حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ أحدكم من قميصه.ا

وقد أخبرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عما أحدثه أهل الكتاب في دينهم، وما ابتدعوه من الكفر والشرك، ومن ذلك:

الحكم بغير ما أنزل الله، وتبديل أحكامه وشريعته، وأنهم ال يحرمون ما حرم الله ورسوله، وال يدينون دين الحق، وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، وأنهم اتخذوا

قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، وأنهم تركوا األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكلوا الربا وقد نهوا عنه، وتولوا أعداء

الله وحاربوا أولياءه، وآمنوا بالجبت والطاغوت، وقالوا للكفار والمشركين أنتم أهدى سبيال من الرسول صلى الله عليه

وسلم وأتباعه، إلى غير ذلك من الكفر والشرك والتحريف. ولقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم،

واقتفت أمته سنن أهل الشرك واإللحاد، واتبعوا آثار اليهود والنصارى، وانطمس مفهوم الدين الحق لدى كثير من الناس،

57

Page 58: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

وصارت ديار اإلسالم نسخة من ديار الكفر واإللحاد، واختفت معالم اإلسالم، وصار التوحيد عند أكثر الناس هو مجرد قول ال

)من قال ال إله إال الله ال يكفر إله إال الله. حتى قال علماؤهم: وإن فعل ما فعل، وأن ما عليه أكثر الخلق من فعل الشرك

وتوابعه، والرضى بذلك، وعدم إنكاره، ال يخرج من اإلسالم(. هذا هو حال الغالبية العظمى ممن يسكن ديار الكفر في هذا الزمان، وهم أهل هذه الديار الذين قامت على أكتافهم دولة الكفر، وجرت عليهم أحكام الطاغوت، ما كان لهم أن يحملوا

وصف اإلسالم وقد جهلوا حقيقته. وكما أن حال أهل ديار الكفر ال يخفى، فكذلك حكمهم في دين

الله ال يجهله من عرف الدين الحق واتبع ملة إبراهيم عليهاهNيمH السالم، قال سبحانه: ) HرIبN نHةd فNي إ Hس Hح dةHو Iس

Jأ IمJكHل IتHانHك Iد Hق IنNم HونJدJبIعHا ت Mم NمHو IمJكIن Nم Jآء HرJا بMنN مI إ NهNمIو HقNوا لJال Hق IذNإ JهHع Hم HينNذMال Hو GداHبH اءJ أ HضIغHبIال Hو JةHاوHدHعIال JمJكHنIيHب Hا وHنHنIيHا بHدHب Hو IمJكNا بHن Iر HفHك NهMالل NونJد

NهMاللNوا بJن NمIؤJى تMت Hه حHد IحHوJ:4( )الممتحنة.) ومن شك في كفر هؤالء القوم أهل دار الكفر - وهذا حالهم -

أو توقف فيهم، أو حكم عليهم باإلسالم، فليراجع دينهومعتقده، فما عرف اإلسالم بعد.

والواجب علينا معشر المسلمين من آمن بالله وحده وكفر بما يعبد من دونه وتبرأ من المشركين، أن نجتمع على ما اجتمع

عليه أنبياء الله ورسله، وال نختلف فيه، ونطرح ما سواه، لتتوحد الكلمة ويجتمع الصف، وال نجعل ما يلقيه أعداء اإلسالمبHه سبباG في زعزعة عقيدة الوالء والبراء الذي اجتمعنا Pمن الش

عليها، لعل الله عز وجل أن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه، ويفتحبيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.

والله نسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطال ويرزقنا اجتنابه، وأن ال يجعل شيئا من أمر ديننا ملتبسا

علينا فنضل. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال الله

أستغفرك وأتوب إليك

كتبه: أبو الفضيل ناصر الدين بنعبد الرحمن النعيميال تنسوه من الدعاء

58

Page 59: التبيان في  أحكام الناس والديار هذا الزمان

59