129
0 ﻗﻀﻴﺔ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ- ﺑﻴﺎﻥ ﻃﺮﻕ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ- ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ- ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ

قضية القران والحداثة

Embed Size (px)

DESCRIPTION

دراسة حول القران والتاثير ال\ي احدثته المناهج الحديثة في تاويله وقراءته

Citation preview

Page 1: قضية القران والحداثة

0

قضية قراءة النص القرآني

بيان طرق تعامل المسلمين مع النص القرآني- دراسة مشاريع القراءة الحديثة للنص القرآني- اقتراح ضوابط القراءة العلمية للنص القرآني-

Page 2: قضية القران والحداثة

1

5

Page 3: قضية القران والحداثة

2

احلمد هللا ،

ونعوذ باهللا من شرور ،مده ونستعينه ونستغفره ونستهديهإن احلمد هللا حنأنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اهللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي

عبده وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له ، وأشهد أن حممدا، له ف غ الرسالة وأدى األمانة ونصح لألمة وكشورسوله ومصطفاه وحبيبه ، بل

فجزاه اهللا عنا خري ، اهللا به الغمة وجاهد يف اهللا حق جهاده حىت أتاه اليقني .اجلزاء اأييا الذهيناهللاواق اتوان آم ح هاتق تقتال و وتمال إنتنأ ومم لسمون )1( . اأييا النهواق اتاسر كبكقلي خذ الممم سف نناح وةدلخ ون مقا ه ه بونلاءسي ت الذ اهللاواقات واءاسن ويراث كاالجا رمهن مثبا وهجوزألاورحإام ك اهللان انل عكيميباق ر )2( . اأييذا الهيناهللاواق اتوان آم قواولق و الويداد سلص يك لحأم عكالمم وفغيك لرن ذمكوبمو ماهللا عطن يو رولسق فهفاز فد زاويماظ ع )3( .

ــــــــــــــــــــــــ .102: سورة آل عمران اآلية – 1 .01: سورة النساء اآلية – 2 .71 – 70: حزاب اآليات سورة األ– 3

Page 4: قضية القران والحداثة

3

:أما بعد وشر األمور صدق احلديث كتاب اهللا تعاىل وخري اهلدي هدي حممد فإن أ

.حمدثاا وكل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار بلسان فالقرآن الكرمي هو كالم اهللا املرتل من لدنه تعاىل على قلب حممد

نه إلينا بالتواتر واملكتوب يف املصاحف واملتعبد بتالوته عريب مبني املنقول ع .واملبدوء بسورة الفاحتة واملختوم بسورة الناس

الباقية على مر العصور واخلالدة على والقرآن الكرمي هو معجزة الرسول دوام األزمان والدهور وهو لب اإلسالم وقاعدته ومصدر تشريعه ، وهو

فهام وتقاس عليه مجيع املعامالت واألحكام ، وهو األصل الذي ترجع إليه األصل العلوم واملعارف وهو الكتاب الشامل اجلامع لكل ما احلضارة وأأساس

عادة واهلناء يف الدنيا واآلخرة ينفع الناس يف األرض والسماء ويضمن هلم الس ا فممابتكي الا فنطر شن ءي )1(.

هلي فال كتاب بعده ختم اهللا به الكتب وأكمل به والقرآن هو الدستور اإل مكني دمك لتلمك أموالي ين وأمت به النعمة على املسلمني الدتأومتمل عكينم عتمي وك ليتضراإلم السينا دم )2( وهو قاعدة

))3 ينب ميبر عانسل بلزن عربية وسنام ذروا وجوهر تاجها اللغة ال ونربدت يالفأ ليها ، وهو كامل يف لغته وعلومه وهو خري داع إليها ودال ع

.))4 يراث كفاالت اخيه فوادجو ل اهللاري غدن عن مان كول وآنرقال ـــــــــــــــــــ

.38: سورة األنعام اآلية – 1 .03: سورة املائدة اآلية – 2 .195: سورة الشعراء اآلية – 3 .82سورة النساء اآلية – 4

Page 5: قضية القران والحداثة

4

يفمجلة واحدة يف حلظة واحدة مل يرتل القرآن الكرمي على رسول اهللا

وقال الذين كفروا لولا نزل ، وإمنا نزل مفرقا زمانا ومكانا بقعة واحدة ))1 رآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاعليه الق

: للقرآن الكرمي ثالث ترتالت أنوقد استقر العلماء واملفسرون على .صدوره عن اهللا يف اللوح احملفوظ : األوىل .لدنيا نزوله من اللوح احملفوظ إىل بيت العزة يف السماء ا: الثانية

.وقد نزل القرآن يف كال الترتلني مجلة واحدة حبسب نزول جربيل به منجما آيات تلو آيات على الرسول : الثالثة

بالقرآن وتثبيت القرآن املناسبات واألحوال ومراعاة لتثبيت فؤاد النيب .حفظا ومتكينا أيضا يف فؤاده

وعشرين سنة ، وقد جنح إىل ثالثا وقد استغرق نزول القرآن على النيب شهر هذا الرأي كثري من العلماء كما ذكر الزركشي يف الربهان من أنه األ

)2( .ه ذهب آخرونيواألصح وإلخلق ) 1(اقرأ باسم ربك الذي خلق أول آيات نزلت من القرآن الكرمي و

علم ) 4(الذي علم بالقلم ) 3(كرم اقرأ وربك الأ) 2(الإنسان من علق لمعي ا لمم ان5(الإنس()3(.

ـــــــــــــــــــــــــ

.32: سورة الفرقان اآلية – 1 .1/229: انظر كتاب الربهان يف علوم القرآن للزركشي – 2 .5 – 1: سورة العلق اآلية – 3

Page 6: قضية القران والحداثة

5

لماء على أن هذه اآليات هي أول ما نزل من القرآن وقد اتفقت كلمة العبدئ به رسول ما أول « :الكرمي كما جاء عن عائشة رضي اهللا عنها قالت

فكان ال يرى رؤيا إال جاءت من الوحي الرؤيا الصادقة يف النوم ، اهللا وهو التعبد ، الليايل ذوات مثل فلق الصبح ، فكان يأيت حراء فيتحنث فيه ،

فتزوده ملثلها ، حىت فجئه احلق ، ويتزود لذلك ، مث يرجع إىل خدجيةالعدد فقلت: ( اقرأ ، فقال النيب : وهو يف غار حراء ، فجاءه امللك فيه ، فقال

اقرأ : ، فأخذين فغطين حىت بلغ مين اجلهد ، مث أرسلين فقال بقارئ أنا ما : بلغ مين اجلهد ، مث ، فأخذين فغطين الثانية حىت بقارئ أنا ما : ، فقلت

، فأخذين فغطين الثالثة حىت بلغ بقارئ أنا ما : اقرأ ، فقلت: أرسلين فقال خلق الإنسان ) 1(اقرأ باسم ربك الذي خلق مين اجلهد ، مث أرسلين فقال

علم الإنسان ما ) 4(لم الذي علم بالق) 3(اقرأ وربك الأكرم ) 2(من علق لمعي 5(لم()1(. ا ترجف بوادره ، حىت دخل على خدجية ، فقال فرجع

)2(. »فزملوه حىت ذهب عنه الروع ) . زملوين زملوين : (

اآلراء على وآخر ما نزل من القرآن الكرمي على أرجح األقوال وأقوى يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما واتقوا اإلطالق قوله تعاىل

ونظلملا ي مهت وبكس )3(.

ــــــــــــــــــــ .5-1: سورة العلق اآليات – 1ويف مواضع أخرى ) 03( أخرجه البخاري يف صحيحه كتاب بدء الوحي حديث رقم :متفق عليه – 2ومسلم يف صحيحه كتاب اإلميان باب بدء الوحي ) 6982 – 4957 – 4955 – 4953 – 3392(

.إىل رسول اهللا .281: سورة البقرة اآلية – 3

Page 7: قضية القران والحداثة

6

وإضافة إىل طرق إثباا فإن ما حتمله يف طياا من الداللة على ختام الوحي عادل يف يوم ال والدين واإلشارة إىل االستعداد ليوم املعاد واستيفاء اجلزاء ال

)1(. عاش بعد نزوهلا تسع ليال مث التحق جبوار ربه مث إن النيب ،ظلم فيهوهناك أقوال أخرى يف آخر ما نزل أوصلها بعض العلماء إىل أحد عشر قوال

هذه األقوال ليس فيها [ ، واحلسم يف تلك األقوال مبا سبق إضافة إىل أن ن قاله قائله بضرب من االجتهاد وجيوز أن يكو شيء مرفوع إىل النيب

يف وغلبة الظن وحيتمل أن كال منهم أخرب عن آخر ما مسعه من النيب اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغريه مسع منه بعد ذلك وإن مل يسمعه هو وحيتمل أيضا أن ترتل هذه اآلية اليت هي آخر آية تالها

سم ما نزل معها بعد رسم تلك مع آيات نزلت معها فيؤمر بر الرسول . )2( ]فيظن أنه آخر ما نزل يف الترتيب

والقرآن منه ما هو مكي ومنه ما هو مدين ومنه ما نزل بليل وما نزل بنهار وما نزل بالبيت وما نزل بالغار ومنه ما نزل باجلبل وما نزل باملسجد ، ومنه

حبضرة بعض الصحابة ما نزل يف احلل ومنه ما نزل يف الترحال ومنه ما نزل .ومنه غري ذلك

ـــــــــــــــــــــــــ .1/90 انظر مناهل العرفان للزرقاين – 1 .1/210 والربهان 1/80 انظر اإلتقان يف علوم القرآن للزركشي - 2

Page 8: قضية القران والحداثة

7

سورة ، ما يعادل ستني حزبا ، أي أربعمائة ومثانون 114وعدد سوره

ربعا ، أي مائة وعشرون ) 240(ن مثن ، أي مائتان وأربعو) 480(نصفا ، وعدد آياته على األرجح ستة آالف ومائتني وستة وثالثني ) 120(

كلمة ) 77473( حبسب العد الكويف ، وعدد كلماته ) 6236( آية .حرفا ) 323071( وعدد حروفه

والقرآن هو االسم الغالب والذائع واألشهر بني أمساء الكتاب الكرمي واألكثر :ستعماال ويليه أربعة أمساء وهي ا

هو الذي أنزل عليك ىل مبعىن املكتوب ، ومنه قوله تعا : الكتاب ))1الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات

ه الكتاب ولم يجعل له الحمد لله الذي أنزل على عبد وقوله تعاىل نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين وقوله تعاىل ))2 عوجا

األصوليون الكتاب يف حبوثهم أطلق وإذا ))3 يديه وأنزل التوراة والإنجيل بالغلبة عندهم لشريعة ، فهو علمانصرف إىل القرآن باعتباره املصدر األول ل

، كما أن الكتاب إذا أطلق لدى النحويني انصرف يف عرفهم إىل كتاب .سيبويه

داللة بالغة ) القرآن والكتاب ( االمسنيويف تسمية كالم اهللا الكرمي ذين .ظا يف الصدور ومكتوبا يف السطور وإشارة واضحة إىل كونه حمفو

ـــــــــــــــــــــــ

.07: سورة آل عمران اآلية – 1 .01: سورة الكهف اآلية – 2 .03: سورة آل عمران اآلية – 3

Page 9: قضية القران والحداثة

8

وهي عناية شديدة عدمية النظري أحيط ا القرآن ، حيث تضافرت وسيلتان عظيمتان من وسائل احلفظ على نقله فلم يعتمد على الكتابة وحدها أو على

ازه وداللة ختمه للرساالت وهيمنته السماع وحده ، وذلك من صور إعج ، قال عليها وأمنه من التحريف وسالمته من أفن العبث والضياع واالندثار

روعي يف تسميته قرآنا كونه متلوا باأللسن :[ الدكتور حممد عبد اهللا دراز كما روعي يف تسميته كتابا كونه مدونا باألقالم ، فكلتا التسميتني من

إشارة إىل أن من االمسنيلواقع عليه ، ويف تسميته ذه تسمية شيء باملعىن احقه العناية حبفظه يف موضعني ال يف موضع واحد ، أعين أنه جيب حفظه يف الصدور والسطور مجيعا أن تضل إحدامها فتذكر إحدامها األخرى فال ثقة

صحاب املنقول إلينا لنا حبفظ حافظ حىت يتوافق الرسم امع عليه من األ بعد جيل على هيئته اليت وضع عليها أول مرة ، وال ثقة لنا بكتابة جيال

.)1( ]كاتب حىت يوافق ما هو عند احلفاظ باإلسناد الصحيح املتواتر ))2 وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون قال تعاىل : الذكر

وبدينه احلق وألنه اس قاطبة باهللا كتابه ذكرا ألنه يذكر النفسمى اهللا .مذكور بالشرف والرفعة

ـــــــــــــــــــــ

.42- 41: انظر كتاب النبأ العظيم الصفحات – 1 .50: سورة املائدة اآلية – 2

Page 10: قضية القران والحداثة

9

ذكر الشيء يذكره ذكرا وتذكارا ، : والذكر يف األصل مصدر مساعي الفعل

احلفظ للشيء : جمده وسبحه ، والذكر : حفظه يف ذهنه ، وذكر اهللا تعاىل .وجريه على اللسان والثناء والشرف والدعاء وحنو ذلك

فالقرآن الكرمي ذكر ألنه مذكر باحلق هاد إليه وحمفوظ غري منسي جار على .كل لسان ، حاضر يف كل وجدان ، مذكور باستمرار

الفرقان على عبده ليكون تبارك الذي نزل تعاىل قال: الفرقان كل ما فرق به بني احلق والباطل ومسي به : والفرقان ))1 للعالمين نذيرا

القرآن لفصله بني اهلدى والضالل فال يلتبس أحدمها باآلخر ، وقيل مسي به ، ألنه نزل منجوما مفرقا مفصوال بعضه عن بعض إذ مل يرتل مجلة واحدة

وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على ا يشري إليه قوله تعاىل وهو م . ))2مكث ونزلناه تنزيلا

أي كونه مرتال من عند))3 وإنه لتنزيل رب العالمين قال تعاىل : الترتيل على إىل حممد ))4الأميننزل به الروح اهللا بواسطة جربيل

نذرينالم من لتكون قلبك )5(.

ـــــــــــــــــــــــ .01: سورة الفرقان اآلية – 1 .106: سورة اإلسراء اآلية – 2 .192: سورة الشعراء اآلية – 3 .193: سورة الشعراء اآلية – 4 .194: سورة الشعراء اآلية – 5

Page 11: قضية القران والحداثة

10

األكثر تناقال هذه هي أمساء القرآن الكرمي اليت أطلقت عليه وصارت الشائعة وغري أن بعضهم بالغ يف تعداد ألقاب القرآن حىت ذكر واألشهر استعماال

أسرف بعضهم فأوصلها نيفا و، )1(منها الزركشي مخسة ومخسني لقبا إىل صفة قرآنية وكل لقب من تلك األلقاب إمنا هي تشري. )2(وتسعني امسا

.واملتنوعة خاصة تعرب عن جانب من جوانب القرآن الكثرية فكل حد ذاا تعترب القواعد واألصول وللقرآن علوم كثرية وعديدة وهي يف

ما خيدم القرآن ويتصل به من قريب أو بعيد أو يستنبط ويفهم منه فهو من .علوم القرآن

باطل من بني يديه وال من خلفه ترتيل وهو كتاب اهللا اخلالد الذي ال يأتيه ال فهو الكتاب الرباين الوحيد الذي ليس فيه أي تغري يذكرالعزيز احلميد ، .)3(كما قال لوبلوا

وملا كان القرآن الكرمي هو كتاب اإلسالم األول الذي تقوم على أساسه عقائد الدين اإلسالمي وتشريعاته وتنبثق منه أخالق اإلسالم وآدابه ، فقد

.قعيا متكامال يف تشريعه لألحكام اعتمد القرآن منهجا وا

ـــــــــــــــــــ .21: انظر مباحث علوم القرآن لصبحي الصاحل الصفحة – 1 .1/143 واإلتقان 1/273 انظر الربهان – 2 .1843 عدد ديسمرب journal asiatiqueمقال ملريزا اسكندر كاظم جبريدة – 3

Page 12: قضية القران والحداثة

11

القائم على أساس الترابط بني النص القرآين املشرع والواقع هذا املنهج االجتماعي املشرع فيه حبيث ال يكون هناك حرج أو مشقة على الناس ، من

حدود القدرة ذلك فقد كان املنهج القرآين حيرص على األخذ بعني االعتباروما ويقول ))1 وسعهالا يكلف الله نفسا إلا البشرية قال تعاىل

من أجل ذلك فقد وجد ))2 جعل عليكم في الدين من حرجاملناهضون لإلسالم قدميا وحديثا مشقة كبرية يف حماولة زعزعة مكانة القرآن

مبعاونة ناس الكرمي وحذف قداسته ، فزعموا بأن القرآن من تأليف حممد ذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم وقال ال آخرين

أساطير الأولين اكتتبها فهي وأنه ))3 آخرون فقد جاءوا ظلما وزوراعلم أنهم ولقد ن يعلمه بشر وأن حممدا ))4 تملى عليه بكرة وأصيلا

شرب هلمعا يإنم قولوني )5(. وقد حذا املستشرقون املتحاملون على اإلسالم يف موقفهم من القرآن حذو

مشركي مكة وبذلوا حماوالت مستميتة لبيان أن القرآن ليس وحيا من عند قال ا ورددوا أحيانا االعتراضات اليت وإمنا هو من تأليف حممد اهللا

.الوثنيون قدميا رغم دحض القرآن هلا

ـــــــــــــــــــــ .286: سورة البقرة اآلية – 1 .78: سورة احلج اآلية – 2 .04: سورة الفرقان اآلية – 3 .05: سورة الفرقان اآلية – 4 .103: سورة النحل اآلية – 5

Page 13: قضية القران والحداثة

12

املستشرقني أمرا ال يقبل عند للقرآن دعوى تأليف حممد أصبحتحىت اجلدل وقد تناول الدكتور حممد عبد اهللا دراز رمحه اهللا يف دراسته القيمة

مجيع االفتراضات املتعلقة باحتمال وجود مصدر بشري "مدخل إىل القرآن" .للقرآن وناقشها مناقشة علمية وأظهر زيفها وبطالا

مبعىن أن نص القرآن " عىنالقراءة بامل"مث بعد ذلك روج املستشرقون لفكرة حبروفه مل يكن هو املهم وإمنا املهم هو روح النص ، وهذا أمر ظاهر يف ضرب هذه الفكرة يف مصدرية القرآن الكرمي وإهليته لفظا ومعىن ، وهذه

من حرصه على رسول اهللا فكرة زائلة من األساس وذلك ملا كان معروفاعناية حبفظه من بداية نزوله إىل الشديد على تسجيل الوحي فور نزوله وال

ايته ، والواقع الذي عليه املسلمون منذ أربعة عشر قرنا هو متسكهم الشديد باحملافظة على الوحي القرآين لفظا ومعىن ، وال يوجد مسلم سيبيح لنفسه أن يقرأ القرآن بأي لفظ شاء ما دام حيافظ على املعىن ، ومما هو عند املسلم من

قراءة حرف من القرآن يساوي حسنة واحلسنة بعشر أمثاهلا ، املسلمات أنواحلديث واضح وصحيح يف املسألة ، وهذا يف احلقيقة هو الذي دفع

ليس لدينا أي سبب حيملنا على االعتقاد بأن هناك " إىل القول " بارت"ب .)1(" القرآن كله مل ترد عن حممدأية آية يف

ــــــــــــــــــــــــ

1 - rudl paret :derkoran uebersetzuag sstuttgart 1980 p5

Page 14: قضية القران والحداثة

13

ومبلبال هلذا األمر كان القرآن الكرمي هو الكتاب املقلق للغربيني وحمريا هلم

قلما وجدنا بني الكتب الدينية الشرقية كتابا "ألفكارهم ، يقول بالشري . )1(" بلبل بقراءته أدبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن

لواقع أن القرآن ليس حمريا هلم فقط وإمنا هو كتاب خطري عليهم خصوصا واوعندما تدرس هذه الفئة القرآن الكرمي دراسة عميقة فئة املستشرقني

وتتأمل مبادئه األساسية وتتبني مزاياه الفريدة وما فيه من دعوة إىل الترابطلتحذير من الشر واالعتصام حببل اهللا املتني والتعاون على الرب والتقوى وا

أو الظلم والنهي عن السخرية بغرينا أو التجسس عليه والتحذير من الغيبة والنميمة واحلض على الصدق واألمانة والعدل والوفاء بالعهد واحلث على طلب العلم والتخلص من اجلهل ، عندما يتبينون ذلك كله حياولون طمس

أوىل األمر يف بالدهم من هذه احلقائق وإبعاد املسلمني عنها ويسارعون إىلاملستعمرين القدامى أو اجلدد ويوحون إليهم بأن هذا القرآن كتاب خطري ألنه اشتمل على مبادئ تقيم الدنيا وتقعدها ، وإذا حتقق فهمها وتطبيقها ساد أهله العامل كله وحتكموا يف مصريه وهذا يعين أن املسلمني إذا عرفوا

بيقا تاما فلن تقوم لالستعمار القدمي واجلديد كتام حق املعرفة وطبقوه تط . )2(قائمة يف بالد املسلمني

ــــــــــــــــــــــــــ

.41 :فحة صالالقرآن : بالشري – 1 .33-32 : حملمد غالب ، الصفحات نظرات استشراقية يف اإلسالم انظر كتاب– 2

Page 15: قضية القران والحداثة

14

وتفهيمهم اب رموهكذا تكاثفت اجلهود على حتويل املسلمني عن كت

أن القرآن الكرمي كتاب جامد مل يعد مسايرا لروح العصر ، وهو مثله مثل وجيب أن يتوجه إليه بالنقد والتشكيك أي نص أديب كتب يف سالف األزمان

وقد تورط يف هذا العديد . كما تعامل النصوص التارخيية والشعرية والنثرية تنا حاملني لواء جعل القرآن جمرد جلدتنا وممن يتكلمون بألسنأبناءمن

نصوص أخالقية ال تكاليف إلزامية ، وهكذا وفر أبناء جلدتنا على سبيل ، وحققوا هلم بذل اجلهد يف هذا الوأسيادهماملستشرقني واملبشرين

.ستشراق قرونا طويلة يعمل من أجل حتقيقها دون جدوىأهدافا عاش اإلنص القرآين كما يدندن ا البعض يف لذلك فإن الدعوة إىل إعادة قراءة ال

عصرنا احلديث ليست دعوة جديدة كما يفهم البعض منا بل هي دعوة هلا جاك وأرنست رنان ورجيبس بالشريأصوهلا يف كتابات املستشرقني أمثال

، وهي دعوة إىل قراءة القرآن رودي بارت ودوزي وسيلفر ساسي وبريكوالدراسة كباقي النصوص األدبية ال باعتباره باعتباره نصا أدبيا قابال للتشريح

، وقد اعتمدت وحيا إهليا معصوما من اخلطأ والزلل أو الزيادة والنقصاندعوة هؤالء على دراسات غربية ذات مناهج متنوعة كاملنهج الفيلولوجي

نتربولوجي واملنهج البنيوي واملنهج ايت واملنهج التارخيي واملنهج األواملنهج الذ ، وكل هذه املناهج وإن اختلفت من حيث الطريقة اليت تعمل ا إال اللساين

ال وهو الدعوة إىل االبتعاد عن أأا تتحد وتتشارك يف اهلدف الذي ترنوا إليه .املنهج التقليدي يف قراءة النص القرآين

Page 16: قضية القران والحداثة

15

ولذلك فقد جاء هذا البحث كما سطرت له وزارة األوقاف والشؤون

حتت االهتمام بكتاب اهللا تعاىل من حيث هو مصدر األمة اإلسالمية مندرجا املعريف واالستمداد القيمي واالسترشاد السلوكي وأن لالستقاءاإلسالمية

االهتمام به جيب أن يكون يف الطليعة من لدن علماء األمة ومثقفيها الذين جيب أن يولوه ما يستحقه من الرعاية والعناية الفائقة ، ومن مث أصبحت

حلاجة ماسة إىل دراسة موضوعية تشتغل على تقومي القراءات السابقة للقرآن االكرمي يف ضوء منهجية علمية واضحة املبادئ حترره من كل املذهبيات

ناهضة بفضح األباطيل والشبهات اليت ما فتئ أعداء ،والرتعات املنحازةواجتذاا إىل اإلسالم ينسجوا حول القرآن لتوهني عقائد األجيال الصاعدة

رفض تارخييها وعقيدا ، فكان املطلوب من هذه الدراسة يف إطار جائزة :حممد السادس للفكر والدراسات اإلسالمية أن تتناول اجلوانب التالية

أصلوهبيان طرق تعامل علماء املسلمني مع النص القرآين من خالل ما - .ا واستنباطا القرآين فهملنصمن قواعد ضابطة للنظر الصحيح يف ا

دراسة مشاريع القراءة احلديثة للنص القرآين برصد تسلسلها التارخيي -وحتليل مضامينها وتقومي قضاياها وتفنيد أباطيلها وعقد مقارنات

.بينهااقتراح ضوابط القراءة العلمية للنص القرآين باالستفادة من كل ما -

تباره سبق من أجل تقدمي مدخل موضوعي عن القرآن الكرمي باع .اخلطاب اإلهلي الذي ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه

Page 17: قضية القران والحداثة

16

وقد جاءت هذه الدراسة على وفق ما سطرته الوزارة يف شخص اللجنة

فت فيه املكلفة بتنظيم املسابقة ، يف ثالثة حماور كربى قدمت هلا بتمهيد عركلمة واجبة موجزة التمهيد بأردفتالقرآن الكرمي مع جتلية بعض نواحيه ، مث

حول مفهوم النص القرآين ، مث تناولت احملور األول وهو بيان طرق تعامل علماء املسلمني مع النص القرآين واقتصرت فيه على منهجني رئيسيني ومها املنهج األصويل واملنهج الفقهي ، مث تناولت يف احملور الثاين دراسة مشاريع

:الل القراءة احلديثة للنص القرآين من خ .قراءة نصر حامد أبو زيد - قراءة أمحد حممد خلف اهللا - قراءة أدونيس - .قراءة حممد أركون - .قراءة حسن حنفي -

مث بعد ذلك تناولت احملور الثالث باقتراح قراءة علمية للنص القرآين مجعت فيه العديد من القواعد والضوابط اليت حتمي النص القرآين من كل ما ميكن أن

ردفته خبامتة ، فكانت سته أو أحكامه أو تشريعاته ، مث أداخيرجه عن ق :الدراسة على الشكل التايل

متهيد كلمة واجبة موجزة

:بيان طرق تعامل علماء املسلمني مع النص القرآين : احملور األول املنهج األصويل - .املنهج الفقهي -

Page 18: قضية القران والحداثة

17

:قرآين دراسة مشاريع القراءة احلديثة للنص ال: احملور الثاين .قراءة نصر حامد أبو زيد - .قراءة حممد أمحد خلف اهللا - .قراءة أدونيس - .قراءة حممد أركون - .قراءة حسن حنفي -

.اقتراح قراءة علمية للنص القرآين : احملور الثالث .خامتة

وصلى اهللا على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثريا وكتبه

رمحايناحممد بن عبد الكرمي 1430شوال 26 املوافق ل2009 أكتوبر 16يوم

عني بين مطهر احملروسة

Page 19: قضية القران والحداثة

18

لقد راج عند كثري من األدباء واملفكرين وغريهم ممن أجازوا ألنفسهم اعتالء سنام الفكر اإلسالمي أن يطلقوا األلفاظ على املسميات كيفما شاءوا وبأي

لفظ النص على القرآن الكرمي غري قاصدين إطالقهمىن أرادوا ، من ذلك معما عند علماء املسلمني من أصوليني ومفسرين وفقهاء من مفهومهم هلذا املصطلح ، وال شك أن هدفهم من وراء ترداد هذه الكلمة وهذا املصطلح

نهم على آيات القرآن الكرمي كان بغية الوصول بكل من يقرأ هلم ويتعلم موعلى أيديهم إىل قضية مساواة النصوص القرآنية بالنصوص النثرية والشعرية ، حىت إذا ما وجدت هذه الفكرة استقرارا يف نفوسنا ومتكنا من فكرنا وقبوال يف مكتباتنا نادوا بضرورة حتكيم القواعد واألسس اليت تستخدم يف دراسة

القرآن الكرمي وسوره من تلك النصوص النثرية والشعرية وتطبيقها على آيات أدبياأجل تسفيهها وردها وإزالة القداسة عنها ، فيصري النص القرآين نصا

مات صاحبه مياثل النصوص الشعرية ، ويصري بذلك ديوانا للعرب باعتبار .الشعر ديوان العرب وما جاز على النص الشعري جاز على النص القرآين

Page 20: قضية القران والحداثة

19

له علماؤنا ومثقفونا باال ستصري اآليات وهذا أمر خطري ، وإذا مل يلقواألحاديث ال ختتلف عن أي نص بشري يتأثر بالتاريخ والبيئة ، وستصري

حمض وأا بني اللغة والواقع وانعكاسا له ،كما يقال مثرة لتفاعل جديلاجتهادات بشرية حمكومة بعقول وأفهام بشرية مرتبطة بزمان ومكان خاصني

. والرد لألخذان ومكان آخرين وبالتايل فهي قابلة قد ال تتناسب مع زمومن خالل ذلك جند أم حينما يستعملون مصطلحات علماء األصول كمفهوم النص فإم ال يقصدون بذلك ما قصده علماؤنا ، وإمنا يقصدون

.بذلك أن يلبسوا على الناس ويدلسوا عليهم

احممد بن عبد الكرمي رمحاين

Page 21: قضية القران والحداثة

20

Page 22: قضية القران والحداثة

21

المنھج األصولي في قراءة النص القرآني

نظرا ألمهية النص القرآين يف بنية الثقافة العربية اإلسالمية فإن هاجس هذه لية ذلك أن الثقافة توجه حنو تفسري النص وبيان داللته اللغوية ومحولته الدال

.)1(القرآن الكرمي شكل احملور الذي تلتقي حوله مجيع الفعاليات اإلنسانيةمن ذلك فقد شكلت قضية قراءة النص قطاعا مشتركا بني كثري من النظم واملعارف اليت كونت احملاور الكربى يف التراث اعتبارا لذلك فإن ما قدمه

، فقد تعلق علماء ية األخرىاملنهج األصويل فاق ما قدمته النظم املعرف والصرامة املنهجية يف إرسائهم لقواعد األصول تعلقا بالغا بالدقة والضبط

القراءة وضوابط الفهم واالستنباط والنظر الصحيح ، ووضعوا يف كتبهم عددا من القواعد والضوابط اليت تعد أمرا ملزما وضروريا يف قراءة النص القرآين

.وفهم اخلطاب الشرعي

ــــــــــــــــــــ .04: انظر كتاب اإلشكال الداليل يف قراءة النص القرآين للدكتور حممد بنعمر الصفحة – 1

Page 23: قضية القران والحداثة

22

لقد رصد علماء األصول كثريا من املشاكل الداللية اليت تعترض النص على مستوى التفسري والتأويل ومن هنا فقد حاول علماء األصول تشييد نظرية

اللة ومستوياا وطرق الكشف تكشف عن نظام الد"ة داللية متماسك .) 1("عنها

ومما يدل على نزوع علم أصول الفقه حنو تفسري النص وفقه اخلطاب هو استحضار علماء أصول الفقه لكثري من املباحث اليت هي من صميم علم اللغة

املوافقات ( ، فأغلب املباحث اليت دونت يف هذا العلم كانت مباحث لغوية بلساا على ما تعرف من " ألن احلق سبحانه خاطب العرب ) 4/117

.)2("معانيها لقد اشتغل علماء أصول الفقه يف دراستهم للنص القرآين باملباحث اللغوية الشيء الذي دفع م إىل استقراء أساليب وتراكيب اللغة العربية مستخلصني

يف لتقيد ا شرطا ضروريامن ذلك جمموعة من القواعد والضوابط واعتربوا اوهكذا " تفسري النص وحتديد داللته لغاية استنباط احلكم الشرعي منه

.)3("وضعت تلك القواعد بعد استقراء األساليب العربية

ـــــــــــــــــــــــ .36 :فحة صال ،دراسة الطربي للمعىن: حممد املالكي – 1 . 4/47 حزم يف أصول األحكام ألبن اإلحكام – 2 . 1/09أديب صاحل : تفسري النصوص – 3

Page 24: قضية القران والحداثة

23

لقد عرف البحث اللغوي تطورا ملحوظا على يد علماء أصول الفقه والناظر

حامد أليب املستصفى إلمام احلرمني والربهانيف أمهات كتب األصول مثل اإلحكام يف أصول األحكام احلسني البصري املعتزيل وأليب املعتمدالغزايل و

أليب الوليد الباجي أحكام الفصول يف أحكام األصول حزم الظاهري وبنال لبدر الدين البحر احمليط لفخر الدين الرازي واحملصول يف علم األصولو

الزركشي يالحظ بشكل واضح مدى اعتماد األصوليني على اللغة يف بناء اجلانب وتشييد استدالالم وخترجيام الفقهية ، فمراهنة األصوليني على

اللغوي يف االستدالل أو االستنباط هو الذي قادهم إىل استحضار كثري من .املباحث اللغوية يف ثنايا مباحثهم ومصنفام األصولية

" الشاطيب عن حجم هذا احلضور فقال إسحاقولقد كشف اإلمام أبو )1("فنون إمنا هو من املطالب العربية الفقه من الأصولوغالب ما صنف يف

األصوليني للمباحث اللغوية يف كتبهم فيعود إلثارةما عن الباعث والداعي أإىل توقف االستدالل على فهم اخلطاب الشرعي ، فالدراية باللغة أمر ملزم لكل من قصد االستدالل أو االجتهاد كما أن الضعف يف اللغة سيجانب

" ين الرازي صاحبه الصواب يف استنباط احلكم الشرعي ، قال اإلمام فخر الد ومها واردان واألخبارملا كان املرجع يف معرفة شرعنا إىل القرآن الكرمي

بلغة العرب وحنوهم وتصريفهم كان العلم بشرعنا موقوفا على العلم ذه .)2("األمور

ـــــــــــــــــــ .4/117: للشاطيب املوافقات انظر– 1 .1/198 انظر احملصول يف علم األصول – 2

Page 25: قضية القران والحداثة

24

وملا كان الكتاب العزيز واردا " أما اإلمام مجال الدين األسنوي فقد قال .)1("بلغة العرب كان االستدالل به متوقفا على معرفة اللغة

لقد كان اال اللغوي موضوع عناية األصوليني لكن اجلهة اليت لقيت العناية يف العالقة اجلامعة واالهتمام أكثر من غريها يف جهة الدالالت اليت حددوها

اعلم أن " بني األلفاظ واملعاين ، قال اإلمام الغزايل يف شأن مبحث الدالالت هذا القطب هو عمدة علم أصول الفقه ألنه ميدان سعي اتهدين يف

.)2("اقتباس األحكام وقد رصد علماء أصول الفقه دالالت األلفاظ يف خمتلف املستويات والزوايا

وهو يؤدي املعىن على قانون الوضع ومل تقف عنايتهم عند هذا فتتبعوا اللفظاحلد بل تتبعوا مجيع األحوال اليت تعتري اللفظ وانتهى م املطاف إىل تقسيم

فأغلب املباحث .اللفظ على واضح وخفي ومبني وجممل ونص وظاهر اللغوية اليت أطرت علم أصول الفقه اجتهت حنو البحث الداليل ألا أكثر

إىل األلفاظ يف عالقتها باملعاين سواء األصوليونصلة بفهم اخلطاب فلقد نظر يف حالة اإلفراد أو يف حالة التركيب كما اجتهت عنايتهم إىل البحث يف

.)3(املقتضيات العامة اليت ختيط اخلطاب

ـــــــــــــــــــ . 2/5 انظر اية السول – 1 .2/5 انظر املستصفى – 2 . 101منهج الدرس الداليل عند الشاطيب : بد ايد العلمي ع – 3

Page 26: قضية القران والحداثة

25

املنهج األصويل يف قراءة النص القرآين وفهمه تأسس من ذلك فقد

واالستنباط منه على جمموعة من الضوابط والشروط والقواعد ، ويعترب التقيد ذه الشروط أمرا ملزما للحصول على قراءة سليمة للنص الشرعي عامة

ص القانوين خاصة وختطي هذه القواعد والضوابط والشروط وعدم التقيد والن .ا يف القراءة والتفسري يؤدي إىل حتريف النص عن داللته احلقيقية

:ومن أهم تلك القواعد اليت وضعها علماء األصول ويقصد ذا الضابط أن اخلطاب الشرعي عريب :النص القرآين عربية – 1

تراكيبه وألفاظه من هنا وجب على قارئ النص أن يكون يف أسلوبه ولغته و حىت قيل واإلفهاما يف البيان العربية عارفا بأسرارها وقوانينهحاذقا باللغة

ولقد كشف اإلمام الشاطيب عن حيثيات هذا "لوال النحو لسقط اإلسالم "إن الشريعة عربية وإذا كانت عربية فال يفهمها حق الفهم " الضابط فقال

فإذا فرضنا .. من فهم اللغة العربية حق الفهم ألما سيان يف النمط إالونبه على أمهية معرفة )1( "مبتدئا يف فهم العربية فهو مبتدئ يف فهم الشريعة

إن القرآن نزل بلسان العرب وإنه " أساليب العرب يف اخلطاب حيث قال العرب يف ألفاظها عريب وإنه ال عجمة فيه مبعىن أنه أنزل على لسان معهود

اخلاصة وأساليب معانيها وأا فيما فطرت عليه من لساا ختاطب بالعام يراد به ظاهره وبالعام يراد به العام يف وجه واخلاص يف وجه وبالعام يراد

.به اخلاص والظاهر يراد به غري الظاهر

ـــــــــــــــــــــ .4/117 انظر املوافقات – 1

Page 27: قضية القران والحداثة

26

من أول الكالم أو وسطه أو آخره وتتكلم بالكالم ينبئ وكل ذلك يعرف

أوله عن آخره أو آخره عن أوله وتتكلم بالشيء يعرف باملعىن كما يعرف كثرية واألشياء الكثرية باسم بأمساءباإلشارة وتسمي الشيء الواحد

واحد وكل هذا معروف عندها ال ترتاب يف شيء منه هي وال من تعلق فإن كان للعرب يف لسام عرف مستمر " وقال أيضا )1("بعلم كالمها

فال يصح العدول عنه يف فهم الشريعة وإن مل يكن مثة عرف فال يصح أن والبد ملن أراد اخلوض يف علم .. جيري يف فهمها على ما ال تعرفه العرب

حال وجماري عادااأقواهلاالقرآن والسنة من معرفة عادات العرب يف اهللا والبيان من رسوله ألن اجلهل ا موقع يف اإلشكاالت الترتيل من عند

فاللغة هلا خصائصها وقوانينها .)2("اليت يتعذر اخلروج منها إال ذه املعرفة اليت متيزها عن غريها من اللغات وهذا يعين أن تفهم النص الشرعي فهما

وقوانينها مرهونا بفهم اللغة العربيةأصبحأمينا وساملا يف غالب األحيان النحوية والصرفية والبالغية ، وانطالقا من هذه احلقيقة مل يكن فهم الوحي

وعربية مستعصيا على العرب األوائل ألنه كان على معهودهم يف التخاطب ، اخلطاب باعتبارها ضابطا وقاعدة يف قراءة النص وتفسريه حتمل خطابا صرحيا

غة العربية ومنطقها يف التخاطب وواضحا على ضرورة تقيد املفسر بأعراف الل

ــــــــــــــــــ .2/50 انظر املوافقات – 1 .2/391 انظر املوافقات – 2

Page 28: قضية القران والحداثة

27

فاخلطاب يف اللغة العربية جيري على جمموعة من األعراف والعادات وأن التسور على هذه األعراف وتلك العادات جير على املفسر تبعات تدفعه إىل

.قيقة للنص بل تفضي به إىل حتريف النص إخفاء الداللة احلولقد بني اإلمام إبراهيم الشريازي حقيقة منطق اللغة العربية يف اخلطاب فقال

أما عرف اللغة فمنه يؤخذ أكثر الكالم ألن األلفاظ معلومة من جهة " كره وخطاب رسوله ورد بلسان عرف اللسان وخطاب اهللا جل ذ

لنص القرآين تقتضي الدراية باللغة العربية فالقراءة السليمة ل)1("العربوبأعرافها يف اخلطاب وبطرق دالالت ألفاظها على املعاين املرادة من اخلطاب

على قراءة النص الشرعي أو تفسريه وهو غري متمكن اإلنسان، أما إذا أقدم . من اللغة فإنه سينتهي به األمر إىل االحنراف عن داللة النص احلقيقية

علماء األصول عن أهم املشاغل التشريعية اليت واجهت احلضارة لقد عرباإلسالمية يف سريورا التارخيية وتطورها احلضاري ، ومن أبرز املشاغل التشريعية اليت راجت يف كتب األصول بشكل مثري مسألة االستدالل على

اع أو األحكام وخترجيها سواء األدلة الشرعية األصيلة كالقرآن والسنة واإلمجمن األدلة الشرعية التبعية كالقياس واالستحسان واالستصالح فقد أراد علماء

معيارا به تنضبط األدلة اليت تستنبط ا األحكام اإلسالم هلذا العلم أن يكون فال يقول من شاء ما شاء وإمنا ترد الفروع إىل أصوهلا وترد األصول إىل "

ى وتفهم نصوص هذه املصادر تنسمصادرها املعصومة اليت ال تضل وال .)2(" قواعد منطقية وفق

ـــــــــــــــــــــ

.1/112 انظر شرح اللمع – 1 . انظر مقدمة القرضاوي ألصول الشاسي – 2

Page 29: قضية القران والحداثة

28

وملا كان االستدالل واالستنباط يتوقف على فهم النص الشرعي فإن مدى الترابط القائم ال اللغوي اهتماما بالغا ألم أدركوااألصوليني اعتنوا با

بني اللغة واخلطاب الشرعي ودفعهم هذا الترابط إىل اعتبار اللغة والتمكن من وسننها يف التخاطب ضرورة لكل من أراد أن بأعرافهاقواعدها واحلذق

ميارس االستدالل أو االستنباط أو اإلفتاء ، ولقد كان اإلمام األصويل سراج ربية واجبة لتوقف معرفة معرفة الع" الدين األسنوي صرحيا عندما قال

وكذلك الشاطيب عند )1(" معرفة القرآن واألخبار الواردين ا شرعنا علىإن هذه الشريعة املباركة عربية ال مدخل فيها لأللسن العجمية وهذا " قوله

وإن كان مبينا يف أصول الفقه وأن القرآن ليس فيه كلمة أعجمية عند فيه ألفاظ أعجمية تكلمت ا العرب وجاء القرآن مجاعة من األصوليني أو

ن هذا املعرب الذي ليس من أصل كالمها فإعلى وفق ذلك فوقع فيه البحث على هذا الوجه غري مقصود هنا وإمنا البحث املقصود هنا أن القرآن نزل بلسان العرب على اجلملة فطلب فهمه إمنا يكون من هذا

وقال ))2 إنا أنزلناه قرآنا عربيا ول الطريق خاصة ألن اهللا تعاىل يقلسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا وقال ))3 بلسان عربي مبين

بينم بيرع انلس )4( وقال لا فصا لقالوا لوميجآنا أعقر لناهعج لولت وبيرعو ميجأأع اتهآي )5( .

ــــــــــــــــــــ .1/128 انظر التحصيل من احملصول – 1 .02: سورة يوسف اآلية – 2 .195: سورة الشعراء اآلية – 3 .103: سورة النحل اآلية – 4 .44: سورة فصلت اآلية – 5

Page 30: قضية القران والحداثة

29

وبلسان العرب ال أنه أعجمي وال إىل غري ذلك مما يدل على أنه عريببلسان العجم ، فمن أراد تفهمه فمن جهة لسان العرب يفهم وال سبيل

فالبد هلا من أن تردها إىل حروفها .. إىل تطلب فهمه من غري هذه اجلهة وال تقلبها على مطابق حروف العجم أصال ومن أوزان الكلم ما تتركه

تتصرف فيه بالتغيري كما تتصرف يف على حاله يف كالم العجم ، ومنها ما كالمها وإذا فعلت ذلك صارت تلك الكلم مضمومة إىل كالمها كاأللفاظ

ل العربية ال نزاع فيه وال املرجتلة واألوزان املبتدأة هلا هذا معلوم عند أهواعتناء األصوليني باجلانب اللغوي يف اخلطاب الشرعي الذي هو )1("إشكال

أن هذا العلم اجته اجتاها تفسرييا رغم أن عملية التفسري جمال االستدالل يعين التراكيب وتنتهي بالسياق ، بعملية واسعة ومركبة تبتدأ باأللفاظ وتتوسط

والذي أعان األصوليني على اختاذ الدالالت طريقا يف االستدالل وسبيال يف هنا االستنباط هو جريان الداللة على لغة العرب يف اخلطاب واإلفهام ، من

كان من الواجب على املستدل الذي يروم االستدالل وختريج األحكام أن " يكون على معرفة ودراية باللغة العربية حاذقا بداللة ألفاظها ، قال ابن حزم

ال بد للفقيه أن يكون حنويا لغويا وإال فهو ناقص وال حيل له أن يفيت جلهله .)2("ين األمساء وبعده عن فهم األخبارمبعا

ــــــــــــــــــــــ .2/55 انظر املوافقات – 1 . 1/52 اإلحكام يف أصول األحكام انظر– 2

Page 31: قضية القران والحداثة

30

لذلك فحضور املباحث اللغوية والداللية يف كتب األصول بشكل كبري ومثري

ملوا به يف هو يف حد ذاته داللة واضحة على نوعية املنهج الذي اختذوه وعستنباط واستدالل ، وقد عرب إمام احلرمني قراءة فهم واقراءة النص القرآين

اعلم أن معظم الكالم يف األصول " اجلويين عن أبعاد هذا احلضور فقال يتعلق باأللفاظ واملعاين أما املعاين فستأيت يف كتاب القياس أما األلفاظ فال بد من االعتناء ا فإن الشريعة عربية ولن يستكمل املرء خالل االستقالل

ونفس املعىن جنده عن )1("ما مل يكن ريانا من النحو واللغة الشرع بالنظر يفوغالب ما صنف يف أصول الفقه من الفنون إمنا " اإلمام الشاطيب حينما قال

أما عن األسباب والدواعي اليت كانت من وراء )2("هو من املطالب العربيةيف توقف هذا احلضور اللغوي عند األصوليني فيمكن إمجال هذه األسباب

االستدالل واالستنباط على الدراية باللغة العربية فالقرآن الكرمي كما قال نزل على لغة العرب على اجلملة فطلب فهمه إمنا يكون من هذه " الشاطيب

وحبكم نزوهلا وفق مقاصد " فبحكم عربية هذه الشريعة )3("الطريق خاصة بها فإنه وجب على من العرب يف جماري خطاا وعاداا يف تصريف أسالي

رام االنتساب إىل هذا العلم واالخنراط يف سلك أهله أن يكون ريانا من . )4("ة عارفا بأسرارها ضابطا لقواعدهاعلوم العربي

ــــــــــــــــــــــ

. انظر الربهان – 1 .4/117 انظر املوافقات – 2 .2/64 انظر املوافقات – 3 .46يل عند أيب إسحاق الشاطيب ص نهج الدرس الدالم: عبد احلميد العلمي – 4

Page 32: قضية القران والحداثة

31

مث إن معظم األصوليني كانوا يناقشون القضايا اللغوية وذلك من أجل فهم النص واستخراج فوائده وتأويله وال يتسىن ذلك يف نظرهم إال مبعرفة دالالت األلفاظ وهلذا أوردوا مسائل تتعلق باألمساء واألفعال واحلروف وهذا جمال

إن غاية علم األصول الوصول إىل معرفة " العربية القح وقد قال األمدي األحكام الشرعية اليت هي مناط السعادة الدنيوية واألخروية وأما ما منه استمداد فعلم الكالم والعربية واألحكام الشرعية ، وأما علم العربية

ال أهل ولتوقف معرفة دالالت األدلة اللفظية من الكتاب والسنة وأقواحلل والعقد من األمة على معرفة موضوعاا لغة من جهة احلقيقة وااز

وذا جند أن أكثر األصوليني "والعموم واخلصوص واإلشارة واإلمياء هؤالء اإلمام حممد بن يعتربون اللغة أساسا يف الدراسات األصولية ومن

تدالل على احلسن البذخشي يف شرحه على مناهج العقول وذلك يف االسمعرفة اللغة ومعرفة أقسامها من األمر والنهي والعام واخلاص وامل واملبني ،

.وكذلك مجال الدين األسنوي يف شرحه على اية السول ونظرا لتعلق األصوليني باملباحث اللغوية فإم قاموا باستقراء واسع لتراكيب

يف إرساء قواعد صارمة وأساليب اللغة العربية حتدوهم رغبة الضبط والدقة األصوليونختص تفسري النص الشرعي وعلى ضوء قواعد اللغة العربية شيد

عددا كبريا من الضوابط وعدوا التقيد ا شرطا ضروريا ملن قصد التأويل .وابتغى التفسري

Page 33: قضية القران والحداثة

32

يعد ضابط وحدة القضية يف االستدالل : وحدة القضية يف االستدالل – 2

يتوقف عليها تفسري اخلطاب، واملضمون العام هلذا من أهم الضوابط اليتالضابط أن اخلطاب الشرعي وحدة داللية متماسكة يف معانيها اللغوية والشرعية وعلى هذا االعتبار وجب اجلمع بني مجيع النصوص والنقول اليت تشترك يف وحدة القضية املوضوعة لالستدالل أو للتفسري ، ذلك أن اجلمع

مجيع النصوص اليت تشترك يف وحدة املوضوع هو الكفيل والتأليف بني بتحقيق االجتهاد الصحيح والتفسري السليم ، وقد تفطن علماء األصول هلذا األمر وقالوا بأن االقتصار على نص واحد سواء يف االستدالل أو يف التفسري سيؤدي ال حمالة إىل كثري من املشاكل ويقود املفسر واملستدل إىل عدد كبري

فمن " من املتاهات واملزالق واملغالطات ، وقد صرح ابن حزم ذا عندما قال كام كلها يف آية واحدة فهو عدمي العقل معلل أراد أن جيد مجيع األح

ومبوازاة مع هذا اإلحلاح على ضرورة اجلمع بني مجيع )1("بإفساد الشريعة وا من عواقب النصوص اليت تشترك يف هذه الوحدة فإن علماء األصول حذر

جاء يف كتاب التمسك بنص واحد يف التفسري واالستدالل واالستنباطفال تأخذ بعض الكالم دون بعض " األندلسيالتقريب حلد املنطق البن حزم

فتفسد املعاين ، وأحذرك من شغب قوم يف هذا املكان إن ناظروا ضبطوا .)2("على آية واحدة أو حديث واحد وهذا سقوط جديد وجعل مفرط

ـــــــــــــــــــ

.5/07 انظر اإلحكام يف أصول األحكام – 1 .281: ، الصفحة التقريب حلد املنطق البن حزم انظر – 2

Page 34: قضية القران والحداثة

33

مث إن مجع األدلة يرد ما غمض منها واشتبه إىل ما ظهر منها واتضح ، وأخذ

ص أخرى النص الواحد يف الباب وطرح نظريه أو العمل بنص وإمهال نصوومدار الغلط يف " لط يف التأويل قال الشاطيب مظنة الضالل يف الفهم والغ

هذا الفصل إمنا هو على حرف واحد وهو اجلهل مبقاصد الشرع وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض فإن مأخذ األدلة عند األئمة الراسخني إمنا هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة حبسب ما ثبت من كلياا

وعامها املرتب على خاصها ومطلقها احملمول على اا املرتبة عليهاوجزئيوشأن ..مقيدها وجمملها املفسر مببينها إىل ما سوى ذلك من مناحيها

الراسخني تصور الشريعة صورة واحدة خيذم بعضها بعضا كأعضاء وشأن مبتغي املتشاات أخد دليل ما أي دليل كان عفوا وأخذا اإلنسان .)1("ن كان مث ما يعارضه من كلي أو جزئيأو ليا وإ

وتظهر أمهية هذا الضابط يف التفسري واالستدالل عند ضرورة اجلمع بني مجيع النصوص اليت تشترك يف املوضوع الواحد مثل اآليات والتنسيق

والنصوص اليت تتحدث يف موضوع الطالق وأحكامه وأنواعه وأقسامه ، ع من هذه األنواع يقتضي معرفة األنواع واجلدير بالذكر أن معرفة أي نو

ومجع النصوص يف بعض األحيانف بالتقابلصاألخرى رغم أن بعضها يتيقتضي وضع اجلزئيات يف إطار الكليات وإرداف الفروع باألصول وإتباع

.التابع باملتبوع

ـــــــــــــــــــــــ . 51-2/50 انظر االعتصام – 1

Page 35: قضية القران والحداثة

34

ضابط وحدة القضية يف اخلطاب أن املفسر جيب أن ومن العناصر املؤسسة ل

حبسب القضية وما اقتضاه احلال فيها ال " يلتفت إىل أول الكالم وآخره ينظر يف أوهلا دون آخرها وال يف آخرها دون أوهلا فإن القضية وإن اشتملت على مجل فبعضها متعلق بالبعض فال حميص للمتفهم من رد آخر

واشتراط وحدة القضية يف التفسري )1("على آخره الكالم على أوله وأوله والبيان يدل على أن علماء األصول حازوا الريادة يف تأصيلهم هلذا الضابط حبيث اعتربوا النص وحدة داللية متماسكة األجزاء واألطراف كل جزء حيتاج إىل األجزاء األخرى وأن أي خلل يف ضبط عناصر هذه األجزاء

.واقب سلبية على فهم النص واألطراف سيكون له ع ومن الضوابط ) :محل اخلطاب على الظاهر ( داللة اخلطاب – 3

والشروط اليت عمل األصوليون على تأصيلها يف قراءم للنص ضابط محل اخلطاب على الظاهر ويقصد ذا الضابط أن املفسر جيب أن يلتزم بأعراف

.اللغة العربية ومنطقها يف اإلفهام املفسرون األوائل يعتمدون كثريا على هذا الضابط يف الفهم وقد كان

والتفسري ألن الظاهر كما هو متعارف عليه بني األصوليني واملفسرين هو ما يعطيه النص بداللته اللغوية الواضحة ، كما دل على ذلك اصطالح التخاطب

.لذي اتفقت عليه اجلماعة اللغوية ا

ـــــــــــــــــــ .3/309املوافقات انظر – 1

Page 36: قضية القران والحداثة

35

والظاهر كما هو حمدد بني األصوليني هو املعىن املتبادر من تداول اخلطاب ألن التخاطب خيضع لشروط ومقتضيات مسبقة بني املتخاطبني وهو املسمى عند األصوليني بعادة العرب يف اخلطاب أو عرف التخاطب وأن ختطي أو

.اب عن حمله جتاوز هذا القيد يعد من قبيل حتريف اخلطعلى هذا األساس وقع االتفاق بني األصوليني واملفسرين على ضرورة محل اخلطاب على الظاهر يف التفسري ألن هذا احلمل يفضي إىل إدراك املعىن احلقيقي للخطاب بطريقة علمية وموضوعية بعيدا عن الذاتية والقناعات

. ملية قراءة النص حيدث شرخا يف عالشخصية وبعيدا عن كل ما من شأنه أن فاألصل يف داللة األلفاظ على املعاين هو املعىن الظاهر املتبادر إىل الذهن واجلاري حسب عوائد العرب يف القول والفهم وأن األصل يف كالم الشارع ونصوص أحكامه أا قوالب ملدلوالا الظاهرة والواجب العمل ذه الظواهر

عمومه ما مل يرد دليل مقنع يبيح العدول والعام علىإطالقهاملطلق على : تقرر أنا متعبدون باجلريان على مقتضى األلفاظ " عنهما إىل غريمها فقد

اللغوية إذا صدرت من الشارع ومل يثبت خمصص مانع من إجراء مقتضى ال جيوز أن حيمل الكالم على خالف ظاهره إال مبعونة األدلة إن )1("اللفظ

" ويف هذا يقول ابن القيم )2(لقطع بأن الظاهر مراداختلفت األدلة حصل ا كالمه وجب إذا ظهر قصد املتكلم ملعىن الكالم أو مل يظهر قصد خيالف

واألدلة إمنا تدل على ذلك وهذا حق ال ينازع ..محل كالمه عل ظاهره والرتاع إمنا هو يف غريه إذا عرف هذا فالواجب محل كالم اهللا فيه عامل

ــــــــــــــــــــ .1/357 انظر الربهان – 1 .1129-1109-3/1107 انظر نفائس األصول – 2

Page 37: قضية القران والحداثة

36

فالواجب محل كالم اهللا تعاىل ورسوله ومحل كالم املكلف على ظاهره الذي هو ظاهره وهو الذي يقصد من اللفظ عند التخاطب وال يتم التفهم

ان والتفهيم والفهم إال بذلك ومدعي غري ذلك على املتكلم القاصد للبيعلى ظاهره ومن ادعى وحديث رسول اهللا [ كاذب عليه قال الشافعي

أنه ال طريق لنا إىل اليقني مبراد املتكلم فهو ملبوس عليه ملبس على الناس فإن هذا لو صح مل حيصل ألحد العلم بكالم املتكلم قط وبطلت فائدة

ل أسوأ وصار الناس كالبهائم باإلنسانالتخاطب وانتفت خاصية .)1(]"حاال

والدعوة إىل االلتزام بظاهر اخلطاب يف القراءة ال يعين أن األصوليني ال يعترفون بالتحول الداليل أللفاظ اخلطاب املوضوع لإلفهام وإمنا يشترطون

وقد ظن )2(التقيد مبنطق اللغة العربية يف هذا التحول الذي ميس داللة األلفاظلظاهر يف التفسري يعد شكال من أشكال اجلمود بعض الدارسني أن االلتزام با

عند املعاين احلرفية للنصوص لكن احلقيقة ليس كما ظنوا إذ من املؤكد بني األصوليني أن األلفاظ يف داللتها على املعاين يعتريها نوع من التحول تبعا لسياق استعماهلا وأن مراعاة سياق اخلطاب أمر ضروري يف التماس معىن

يتعني عليه النظر " بأنه كر ابن خلدون حاجة دارس أصول الفقهالنص وقد ذ اإلطالق من تراكيب الكالم يف داللة األلفاظ ولك أن استفادة املعاين على

مث إن هناك ..ومركبة على معرفة الدالالت الوضعية مفردةيتوقف أخرى خاصة من تراكيب الكالم فكانت كلها من قواعد هذا استفادات

ــــــــــــــــــــــ . 3/109وقعني إعالم امل انظر – 1 .خصصة ملنهجية الطربي يف التفسري حبوث يف الفكر اإلسالمي املعاصر الفصول امل: فتحي الدريين – 2

Page 38: قضية القران والحداثة

37

. )1("الفن ولكوا من مباحث الداللة كانت لغوية ي وحيث أن النص املعين بالقراءة والتفسري والتأويل هو النص الديين الشرع

الذي جاء موصوال بألفاظه ومعانيه مبا درج عليه العرب يف طرق بيام ومالبسات خطام فينبغي أن يقرأ مبا يناسب لغتهم ومعطيات سياق كالمهم وفقا ملقتضى طريقة العرب يف كالمها ومعهود خطاا ومقاصدها يف كالمها

وهو أمر ضروري وأساليب معانيها ومنواهلا يف توزيع املعاين على األلفاظ ،لتأسيس الفهم وتشكيل الداللة ، ومن مث فقد كان من ضوابط القراءة الصحيحة عند األصوليني أن مقاربة أي نص لغوي تستدعي الوقوف على حدود لغته اليت حتمل بالغه ومعرفة مقاصد أصحاا يف كالمهم وأن يؤخذ

وعرف املخاطب الكالم مبا يوافق معهود اخلطاب املتبادل بني املتكلمنيوعاداته املطردة يف كالمه فكل متكلم له عرف يف لفظ إمنا حيمل لفظه على

وإن آفة النص أن يقرأ غريبا عن معهود خطابه يف لغة أخرى عند قوم )2(عرفهآخرين فتكون قراءة مضيعة لبالغته ومدمرة لسياقه ومقاصده ومدلوالته

وحتليل اخلطاب وفهم داللة ومغيبة للعديد من خصوصياته يف إجراء اللغةاأللفاظ على مقتضى ورود اخلطاب فيكون من اخلطأ والدلس على حنو ما نراه يف القراءات احلداثية اليت تقرأ النص الشرعي قراءة نص نثري مات صاحبه كما يف املنهج البنيوي أو املنهج التفكيكي الذي يقوم على الشك يف

عطيات والدالالت والقول إىل ما ال اية واملقاصد واملواألعرافكل األنظمة وميتافيزيقية الداللة حىت يكرب حجم التأويل ويزداد كثافة ومتاسكـا املعىن

ـــــــــــــــــــــــ

. 360 انظر املقدمة – 1 .3/1136 – 2/589نفائس األصول يف شرح احملصول للقرايف انظر – 2

Page 39: قضية القران والحداثة

38

إىل انزالقات داللية ال حصر هلا وال عد ففيؤدي بطبيعة احلال كما هو معرو

توصل إىل مراد أصحاا من انتهاك حرمة النص الشرعي كما هو واضح يف قراءة حممد أركون ومدرسته بني التونسني ممثلة بعبد ايد الشريف والصادق بلعيد وبسام اجلمل ويوسف صديق وقراءة علي حرب وحسن حنفي ونصر

وجورج طرابيشي وأدونيس ، فأسباب الفساد يف حامد أبو زيد وطيب تزيين عن جماري العادات يف اإلعراض" التأويالت كما يقول علماء األصول كلما كان " فكان من ضوابطهم )1("العبارات ومعانيها اجلارية يف الوجود

السامع أعرف باملتكلم وقصده وبيانه وعادته كانت استفادته للعلم مبراده وهذا ما يفسر لنا سبب تأكيد اإلمام الشافعي يف رسالته )2("أكمل وأعم

ذلك أن من شأن " بأساليب كالم العرب واإلحاطةعلى أمهية امتالك اللغة اجلاهل بتنوع لسان العرب واتساعه وتداخل املعاين فيه أن خيلط يف فهم

فاللفظ إمنا يدل إذا عرف لغة املتكلم "قال ابن تيمية )3("اخلطاب الشرعي ليت ا يتكلم وهي عادته وعرفه اليت يعتادها يف خطابه وداللة اللفظ على ا

اختيارية فاملتكلم يريد داللة اللفظ على املعىن إراديةاملعىن داللة قصدية عن املعىن كانت تلك لغته وهلذا كل من كان له ظباللففإذا اعتاد أن يعرب

خطابه وتبني له مراده ا عرف عادته يف ومراده عناية بألفاظ الرسولما ال يتبني لغريه وهلذا ينبغي أن يقصد إذا ذكر لفظ من القرآن واحلديث

؟ عىن ا اهللا ورسوله أن يذكر نظائر ذلك اللفظ ماذا ـــــــــــــــــــــ

.4/327 انظر املوافقات – 1 .1/121سلة على اجلهمية واملعطلة خمتصر الصواعق املر انظر– 2 .235- 179: نظر الرسالة ص ا– 3

Page 40: قضية القران والحداثة

39

اليت خياطب ا فيعرف بذلك لغة القرآن واحلديث وسنة اهللا ورسوله

عباده وهي العادة املعروفة من كالمه مث إذا كان لذلك نظائر يف كالم غريه كانت النظائر كثرية عرف أن تلك العادة واللغة مشتركة عامة ال خيتص

وز أن حيمل كالمه على عادات حدثت بل هي لغة قومه وال جي ا هو وقد حبث )1("ن معروفة يف خطابه وخطاب أصحابهبعده يف اخلطاب مل تك

قضية داللة اخلطاب وفاقت عنايتهم ا اهتمامات مجيع األصوليوناملتخصصني يف حقول اللغة فاألصويل حبث يف الداللة وركز عليها لتعينه على

قسامه بالكشف عنها بوساطة املعىن استنباط احلكم الشرعي بظروفه وأ . )2(املستخرج من النصوص

:وقد حتقق لألصوليني فهم املعىن مبستوياته املختلفة وهو ما وضع اللفظ بإزائه أصالة وهذا ما يتكفل به علم : املعىن احلقيقي

.املعجم وهو الذي جتاوزت اللغة فيه ذلك املعىن األصلي : واملعىن االستعمايل

ت اللفظ يف غريه على سبيل ااز أو الكناية وهذا ما يتكفل به علم فاستعمل .البيان

وهو ما تؤديه الكلمة مباهلا من معىن حقيقي واستعمايل يف : واملعىن الوظيفي .أثناء تركيبها مع غريها وهذا ما يتكفل به علم النحو

ــــــــــــــــــــــ

. 432-169-7/115 انظر فتاوى ابن تيمية – 1 .24: مشكور كاظم العواد ص : ينا البحث الداليل عند ابن س انظر– 2

Page 41: قضية القران والحداثة

40

فضال عن املعاين السياقية والقرائن املتنوعة والنظرة الكلية موع النصوص التشريعية على أا وحدة إعجازية متكاملة وذلك ألن معرفة طرق داللة

ب العرب ، فأهم ما النص تتوقف على معرفة هذه املعاين من معهود خطايشغل األصوليني هو الداللة أو ضبط العالقة بني اللفظ واملعىن يف اخلطاب

.الذي يستثمرونه وهو اخلطاب الشرعي :وقد حبث األصوليون العالقة بني اللفظ واملعىن من جهتني

.نظرية وتطبيقية داد لنقاش أما النظرية فتهتم بأصل اللغة وكوا توقيفا أم اصطالحا وهو امت

جوازه أو عدمه وداللة األمساء الشرعية اللغويني وكذلك القياس يف اللغة . واألمساء الدينية كالصالة والصيام واإلميان والكفر وغريها

أما التطبيقية فتعىن بتفسري اخلطاب الشرعي فتدرس أنواع الداللة وداللة اللفظ قال الزركشي يف )1(بعلى املعىن من خالل استقرائهم هلا يف كالم العر

أحدمها متلقى من املنطوق به : ما يستفاد من اللفظ نوعان " الربهان املصرح بذكره ، والثاين ما يستفاد من اللفظ وهو املسكوت عنه ال ذكر

وأما ..له على قضية التصريح ، فأما املنطوق به فينقسم إىل النص والظاهر األصوليونبه فهو الذي مساه ما ليس منطوقا به ولكن املنطوق به مشعر

قائل به وقد فصله يف الرسالة أحسن تفصيل وحنن املفهوم ، والشافعيمفهوم موافقة : ان املفهوم قسم: فمما ذكره أن قال : نسرد معاين كالمه

مفهوم املوافقة فهو ما يدل على أن احلكم يف املسكوت فأماومفهوم خمالفة، ـــــــــــــــــــ

.25: حث الداليل عند ابن سينا ص لب ا انظر– 1

Page 42: قضية القران والحداثة

41

عنه موافق للحكم يف املنطوق به من جهة األوىل وهذا كتنصيص الرب تعاىل يف سياق األمر برب الوالدين على النهي عن التأفيف فإنه مشعر

وأما مفهوم املخالفة فهو ما يدل من .. بالزجر عن سائر جهات التعنيف لمخصص ملسكوت عنه خمالف لجهة كونه خمصصا بالذكر على أن ا

هذا التخصيص » يف سائمة الغنم زكاة «بالذكر كقوله عليه السالم أبو بكر بن فورك يف األستاذيشعر بأن املعلوفة ال زكاة فيها ، وذكر

ما دل على املوافقة فهو : جمموعاته فصال لفظيا بني قسمي املفهوم فقال لفة فهو الذي يسمى دليل الذي يسمى مفهوم اخلطاب وما دل على املخا

. )1("اخلطاب وهذا راجع إىل تلقيب قريب وهذا الضابط ذا أمهية :)داللة االقتضاء ( مراعاة سياق اخلطاب – 4

بالغة يف فهم النص الشرعي واستنباط مدلوالته حبيث ال يكفي من قارئ ن النص أن يبحث عن الداللة دون مراعاة السياق الذي جاء فيه النص كبيا

لصفة إهلية فيكون العدول عن تتبع اال اللغوي حرفيا مراعاة للسياق أمرا ملزما بالضرورة حىت ال يقع سوء الفهم للنص وحتريف مدلوله وإثبات أمر هللا

، فإذا كان سياق النص الشرعي حول له رسولهأثبتهمل يثبته لنفسه وال بيان ما سبق من القواعد أمر تتطلبه الفطرة يف أمر البشر محل النص على

وصفاته كان املؤصلة وإن كان سياق النص حول أمر يتعلق بذات اهللاإفراد النص الشرعي بقراءة خاصة أمر ضروري ال حمالة على أساس العودة

.ن خنضعه ملدلوالت اللغة احلرفية إىل املعجم اخلاص للقرآن الكرمي ال أ ـــــــــــــــــــ

.450-1/448ن انظر الربها– 1

Page 43: قضية القران والحداثة

42

فمعرفة داللة النص تفرض العودة إىل معاجم خاصة إذ أن هناك نصوصا تشريعية يدل ظاهرها وسياق خطاا على أحكام تتعارض على ما عليه الشارع من الصفات وما يريده من العباد ولرفع هذه احلالة عمد األصوليون

ن له معجما مبا يتفق إىل تأويل النص أو تفسريه أو تعريفه تعريفا خاصا يكو :مع صفات الشارع وما أراده من املكلفني

ففي ضوء ما عليه النص ))1 نسوا الله فنسيهم فمن ذلك قوله تعاىل القرآين من صفات فإن األخذ بظاهر هذا النص وإجراءه عليه ، وذلك بالنظر

احملال ، ذلك إىل املنطق اللغوي يف تفهمه وإمهال املنطق الشرعي ضرب منوهذا أمر يتعارض مع عقيدة ألن ظاهره يقتضي إثبات صفة النسيان هللا

وما كان ربك خمالفة واضحة وصرحية قوله تعاىل املؤمن وخيالف )3(لا يضل ربي ولا ينسى أو قوله تعاىل على لسان نبيه موسى ))2نسيا

املصطلح وفق معجم القرآن اخلاص أمر ملزم فيكون الرجوع إىل مدلوالت . بالعقيدة واإلخاللبالضرورة لعدم الوقوع يف سوء الفهم والتحريف

تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في ن ذلك قوله تعاىل على لسان عيسى وماملنطق فاألخذ بظاهر النص وفق ))4 نفسك إنك أنت علام الغيوب

.اللغوي وإمهال غريه يفرض على قارئ النص ومفسره إثبات النفس هللا تعاىل

ـــــــــــــــــــــ .67: اآلية التوبة سورة – 1 .64: سورة مرمي اآلية – 2 .52: سورة طه االية – 3 .116: سورة املائدة اآلية – 4

Page 44: قضية القران والحداثة

43

بكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء وقل الحق من ر ومن ذلك قوله تعاىل

فإن األمر الوارد ))1 فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقهايف هذا النص باإلميان والكفر ال يدل على التخيري واإلباحة ألن يف اإلباحة

والكفر فاألول نور وهدى والثاين اإلميان بنيأبدااستواء الطرفني وال استواء وزينه يف قلوبنا وكره إلينا اإلميانظلمات وضالل وأن اهللا قد حبب إلينا

ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في يف نفوسنا الكفر وقبحهو وقالفسو الكفر كمإلي هكرو قلوبكمانالعصي )2 ( وعليه فقد محل

األصوليون األمر على الوعيد والتهديد للذين كفروا ، هذا فضال عن مراعاة .وأشركسياق خطاب النص فإن فيه توعدا بالنار ملن ترك اإلميان وكفر

فاملفهوم ))3 يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ومن ذلك قوله تعاىل يعذب املؤمن به الصادق يف إميانه النص ال حيمل على كون اهللا الوارد يف

اإلنسانويرحم الكافر املشرك به املصر على كفره لوجود مشيئة اهللا فيشرك ويكفر حامال األمر على احتمال رمحة اهللا به ظانا منه أن مشيئة اهللا ال تتعلق

يف رمحة املؤمن بكفر وال إميان مما يفضي إىل التعرض مع صفات الشارع ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون وسلبها عن الكافر

منونؤاتنا يبآي مه الذينالزكاة و تونؤيو )4( اذابع للكافرين دأعو .))5 أليما

ـــــــــــــــــــــ .29: الكهف اآلية رة سو– 1 .07: سورة احلجرات اآلية – 2 .21: اآلية سورة العنكبوت – 3 .156: سورة األعراف االية – 4 .08: سورة األحزاب اآلية – 5

Page 45: قضية القران والحداثة

44

أن اإلنسان نفسه فإن شاء اإلنسانفيحمل النص على كون املشيئة راجعة إىل يعذبه اهللا كفر به وأنكره ، هذا أناإلنسانيرمحه اهللا آمن به واتقاه وإن شاء

وقل الحق فضال عن مراعاة سياق خطاب النص الدال على وعيد الكفار من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا

))1 أحاط بهم سرادقهافاألمر ))2 اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير قوله تعاىل ومن ذلك أيضا

حرا مطلقا وأنه ال اإلنسانالوارد يف النص ال حيمل على األذن فيكون حياسب على فعله ولو ارتكب املوبقات واملهلكات فيزين ويسرق ويقتل

عاذرا يف ذلك لبغضاءويفجر ويفسد ويهلك احلرث والنسل ويظهر العداوة وا أذن له يف العمل مبا شاء فاهللا ال يعدوا أن يكون به بصريا ال نفسه بأن اهللا

حماسبا ، مما يفضي هذا األمر إىل التعرض مع صفات اهللا يف حماسبة العباد على ل فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعم أعماهلم خريا كانت أم شرا

هرا ية شرمثقال ذر )3( هذا فضال عن مراعاة سياق خطاب النص الدال .))2 بما تعملون بصير على احملاسبة وتتبع الفعل والعمل

الكالم وهو محله على أصلويف هذا املعىن ما ذكره السرخسي فيما يترك به قوله تعاىل " الشأنال يف هذا احلقيقة ومن ذلك داللة من وصف املتكلم فق

تكبصو مت منهتطعن استفزز ماسو )4(

ـــــــــــــــــــــــــــ .29: الكهف اآلية سورة – 1 .40 : ةسورة فصلت اآلي – 2 .08-07سورة الزلزلة اآليات – 3 .64 ةسورة اإلسراء اآلي – 4

Page 46: قضية القران والحداثة

45

ال جيوز أن يظن ظان بأن اهللا تعاىل ألنه بأمر فإن كل واحد يعلم بأنه ليس

لعلمنا أن ما يأيت به اللعني واإلمكانيأمر بالكفر حبال فتبني باملراد االقدار وألمهية استحضار ما عليه املتكلم ، )1("يكون بإقدار اهللا تعاىل عليه إياه

ضا املخاطب عموما من صفات لفهم خطابه وترتيله يف مكانه الصحيح قال أياللهم اغفر يل يعلم أنه سؤال ال أمر لوصف املتكلم وهو : قول القائل "

أن العبد احملتاج إىل نعمة مواله ال يطلب منه النعمة إلزاما وإمنا يسأله ذلك .)1("سؤاال

وزيادة البيان وإال ومثال سابق القول املبني ما جاء يف احلديث ، للتوسعة فقطإن اهللا « قول الرسول صلى اهللا عليه وسلمفكالمنا حول النص القرآين ،

ففي ضوء ما عليه )2(»اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وضع عن أميت الشارع من الصفات فإن األخذ بظاهر هذا احلديث وإجراءه عليه ضرب من احملال ذلك ألن ظاهره يقتضي وضع اخلطأ والنسيان واإلكراه بالكلية والدوام

. مجيعهم بال استثناء عن أفراد األمةوالناظر يف واقع وحال أراد األمة ومعاشهم جيد أن ذلك كله صادر عنهم وهذا النوع من االستمساك احلريف الظاهري بالنص يوقعنا ي االلتباس ويؤذن

.بتكذيب الشارع ألن واقع حال األمة يغاير ما نطق به املقال والكذب وما إىل ذلك من ومبا أن الوحي معصوم مطلقا من اخلطأ واجلهل

صفات العجز والنقص فقد اتفقت كلمة األصوليني وعلماء املسلميـن على ــــــــــــــــــــــــ

.1/144 انظر احملرر – 1 .2045: رواه ابن ماجه حديث رقم – 2

Page 47: قضية القران والحداثة

46

وجوب التصرف يف النص مبا يتوقف عليه صدق الشارع وعصمته كان

رء الكذب والتعارض عن كالم الشارع لذلك قرر املقتضي للتصرف فيه هو داألصوليون إضافة كلمة إىل النص وهذه الزيادة املضافة إىل النص جيب تقديرها مقدما يف النص انطالقا من املعجم اخلاص للقرآن كشرط توقف عليه

بداللة األصولينيحسن فهم النص واستقامة معناه ويسمى هذا املوضوع عند يتعذر محله على حقيقته " تضاء النص ويف هذا يقول اآلمدياالقتضاء أو باق

ضرورة حتقق اخلطأ والنسيان يف إىل الكذب يف كالم الرسول إلفضائه حكم ميكن نفيه من األحكام الدنيوية أو إضمارحق األمة فالبد من

إمنا مسي " وقال عبد العزيز البخاري )1("األخروية ضرورة صدقه يف كالمه ء باملقتضي ألنه أمر اقتضاه النص وإمنا شرط تقدمه عليه ألن هذا الشي

ذلك أمر اقتضاه النص لصحة ما تناول النص إياه فتكون صحة النص وبناءا عليه )2("متوقفة عليه توقف املشروط على الشرط فيقدم ال حمالة

اإلمثأضاف بعضهم كلمة احلكم إىل النص بينما قدر آخرون منهم كلمة والتفتازاين يف شرح )4( والغزايل يف املستصفى)3( احملرركالسرخسي يف

. )5(التلويح ـــــــــــــــــــــــ

.2/364 انظر اإلحكام يف أصول األحكام – 1 .1/119 كشف األسرار انظر– 23 – 1/145. 4 – 187. 5 – 1/257 .

Page 48: قضية القران والحداثة

47

وضع إن اهللا وبعد هذا التقدير يف اقتضاء النص كأن احلديث ورد بصيغة .واإلكراهإمث اخلطأ والنسيان /عن أميت حكم

فمراعاة سياق اخلطاب لفهم داللة النص وصرفه عن التعارض وسوء الفهم والتحريف أمر ضروري وملزم ويدخل يف ذلك هم مراعاة النص من كون جميئه مطلقا أو مقيدا فإن جاء مطلقا حل على الشائع املنتشر من جنسه وإن

.أو أكثر يقلل من شيوعه جاء مقيدا بقيد ترك : وهو عبارة عن قاعدة أصولية تقول : ترك االستفصال – 5

االستفصال عن تفاصيل مسألة من املسائل من الشارع مع قيام االحتمال )1(الذي من شأنه أن يؤثر يف احلكم الشرعي يرتل مرتلة العموم يف املقال

ان الشرعي ما دام الشارع وهذه القاعدة مستوحاة من صفات الشارع يف البيوهو بصدد بيان حكم املسألة مل يستفصل عن تفاصيل القضية املطروحة يف النص فإن ترك االستفصال دليل على سريان احلكم يف كل احتمال تقبله طبيعة ذلك النص وال يتعارض معه محال لكالمه وتفسريا له على ما يليق به

فلة والتقصري يف بيان الشرع وتفهيمه ، ترتيها له عن النسيان والتناسي أو الغ تدخل يف عموم احلكم األمورفكل تلك "قال الدكتور صاحل قادر الزنكي

ما دام النص الشرعي قد أعرض ونأى عن بيان شروط وتفصيل قيود أثناء إمداد التصرف أو الواقعة باحلكم الشرعي فال داعي بعد ذلك إىل

ذا العموم فيقر القاضي املسلم استحداث شروط وقيود إضافية تتعدى ه أسلما وال يطالبهما بتجديد الـعقد بعد صحة زواج غري املسلمني إذا

ـــــــــــــــــــوكتاب القواعد للحصين . 478وإرشاد احلول للشوكاين . 2/137 انظر األشباه والنظائر للسبكي – 13/75.

Page 49: قضية القران والحداثة

48

يف هذا اإلسالميعقد وليس له أن يسأل عن توافر شروط الإسالمهما الزواج من حضور شاهدين وإذن الويل والكفاءة وغريها إذا كان العقد خلوا من حمرمات الزواج املعروفة كالنسب والرضاع واملصاهرة وتقيد

وميكن أن تدخل هذه القاعدة حتت القاعدة )1("بالعدد املسموح به شرعا .اآلتية بعدها وهي قاعدة إدراك فقه النص

ويقصد به ضبط العالقة بني القارئ وفقه النص :دراك فقه النص إ– 6ويقصد به أيضا سلطة النص وهي قدرته على حتقيق معىن ما يتمتع بقدر من

حىت ينضبط الفهم ويصح االستنباط ويظهر النظر )2(اإللزام ويقبل التثبيتالصحيح وذلك من خالل املعطيات اليت يقدمها النص بالفهم واالفهام

لكامنني فيه حبيث يضع بذلك حدودا تلزم القارئ ا من إصغاء للنص ا لذلك فقد عمل األصوليون )3(واكتشاف دالالته وفهم معناه والتعبد مبقتضاه

ملزمني به للقارئ مع النص املساءلة واختبار على وضع هذا الضابط قول داللة النص وداللة مع: االحتماالت والغوص يف أعماق الداللة بقسميها

النص ، حىت ال يكون النص الديين عبارة عن لعبة لكل من أراد أن يلعب ا ، فهو بالغ جيب تأديته بأمانة كما أراده صاحبه لفظا ومعىن بال زيادة وال

وهذا يقتضي صون كالم نقصان وال تقدمي وال تأخري وال حذف وال تلبيسو ما عرب عنه ابن املتكلم من العبث وكذلك صون فهم السامع من اخلطأ وه

املتكلم بكالمه ومعرفة حدود فهم لوازم املعىن ونظائره ومراد"القيم بقوله ـــــــــــــــــــــ

.117: ص . انظر البعد املصدري لفقه النصوص – 1 .418: للدكتور مصطفى بنحمزة ص إسهام األصوليني يف دراسة صلة اللفظ باملعىن انظر– 2 .3/410ات انظر املوافق– 3

Page 50: قضية القران والحداثة

49

كالمه حبيث ال يدخل فيها غري املراد وال خيرج منها شيء من املراد وملا داللة السامع وإفهامه مراد املتكلم من كالمه وأن : كان املقصود باخلطاب

بيان املتكلم : يبني له ما يف نفسه من املعاين كان ذلك موقوفا على أمرين يان من املتكلم أو حصل ومل ومتكن السامع من الفهم فإن مل حيصل الب

يتمكن السامع من الفهم مل حيصل مراد املتكلم فإذا بني املتكلم مراده باأللفاظ الدالة على مراده ومل يعلم السامع معاين تلك األلفاظ مل حيصل له

فالالزم االعتناء بفهم معىن اخلطاب ألنه " وقال الشاطيب )1("البيان ين اخلطاب ابتداء وكثريا ما يغفل هذا النظر املقصود واملراد وعليه ينب

بالنسبة للكتاب والسنة فتلتمس غرائبه ومعانيه على غري الوجه الذي ينبغي فتستبهم على امللتمس وتستعجم على من مل يفهم مقاصد العرب

)2("فيكون عمله يف غري معمل ومشيه على غري طريق واهللا الوايف برمحته رئ مبقاصد النص وطرق بيانه وأساليب فهمه أمر من ذلك يكون التزام القا

ضروري وملزم وأن أي قراءة ال ختضع لتلك الشروط فإمنا هي عبارة عن جم على مفهوم النص ومقصوده وفقهه ، فال بد من فهم معىن اللفظ فهما مبنيا على تلك القواعد والضوابط وقد بني القرايف بعض العالقات اليت جتمع

:حيمل اللفظ على " :عىن فقال بني اللفظ وامل احلقيقة دون ااز

والعموم دون التخصيص واإلفراد دون االشتراك

ــــــــــــــــــــــــ .1/502 الصواعق املرسلة للموصلي خمتصر انظر– 1 .89-2/88 انظر املوافقات – 2

Page 51: قضية القران والحداثة

50

اإلضمارواالستقالل دون دون التقييداإلطالقوعلى

الزيادةوعلى التأصيل دون وعلى الترتيب دون التقدمي والتأخري

وعلى التأسيس دون التأكيد وعلى البقاء دون النسخ

وعلى الشرعي دون العقلي .)1("إال أن يدل دليل على خال ذلك " وعلى العريف دون اللغوي

احمليطة بالنص واستبصار ما : استحضار القرائن ومقتضيات األحوال – 7 منه تعلق به من معان وما هدت القرائن إليه أو ما منعتسيق الكالم له وما

اآليات يف من الالزم جعل القرائن والظروف وأسباب الرتول )2(وصدت عنه شواهد على مراد النصوص وعللها يف احلقيقة األحاديثوأسباب الورود يف

والتقييد والتعميم والتخصيص فإن يف واإلطالقوااز والتوسيع والتضييق . ما يعني على فهم النص والوقوف على مراد املتكلم ذلك

الفهم وإدراك العالقات القائمة بني األلفاظ لتأسيسوهذا أمر ضروري واملعاين يف النص وهلذا فإن صيغيت األمر والنهي الذين مها عمدة اخلطاب

واألمرال تنفك قط عن قرينة من حال املأمور واملأمور به " الشرعي غن املتكلمون والسامعون عن أن حتف بالكالم مالمح ولذلك مل يست

احلافة األشياءالسياق ومقام اخلطاب ومبينات من البساط لتتظافر تلك ـــــــــــــــــــــ

. 1/72 انظر الذخرية – 1 .08: انظر معهود العرب يف اخلطاب ص – 2

Page 52: قضية القران والحداثة

51

كلم من احتماالت كانت تعرض للسامع يف مراد املتإزالةبالكالم على فالقرائن هي اليت تضبط حركة الكلمات عند املتكلم كما تضبط )1("كالمه

حركة املعىن يف فهم املخاطب ومن مل يفقه مساق الكالم وسياقه عجز عن ولذلك تتقوى التفاسري يف الكالم إبصار حركة املعىن يف الكتاب والسنة

داللة النص )2(مبقرائن األحوال إا املميزة للمعاين املقصودة للمتكلتنكشف أوال من خالل التحليل اللغوي لبنائه ومن خالل العودة ألسباب

ظرفيته نزوله وأسباب وروده ثانيا وإن إهدار اجلانبني أو انتزاع النص من القابضة لفهمه يعوق عن اكتشاف داللته وسرب أغواره وحسن فهمه وتأويله

لعام إىل هدر معناه ومتييعه أو إذ قد يؤدي إىل عزل النص عن سياقه وإطاره امعرة مقاصد كالم العرب " يقول الشاطيب )3(حتميله دالالت بعيد متعذرة

إمنا مداره على معرفة مقتضيات األحوال اليت هي مالك البيان حال اجلميع إذ أو املخاطب أواخلطاب من جهة نفس اخلطاب أو املخاطب سب خماطبني وحبسب غري الكالم الواحد خيتلف مهه حبسب حالني وحب

وإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكالم مجلة أو فهم : ذلك شيء منه ومعرة األسباب رافعة لكل مشكل يف هذا النمط فهي من املهمات يف فهم الكتاب بال بد واجلهل بأسباب الترتيل موقع يف الشبه

حىت يقع واإلشكاالت ومورد للنصوص الظاهرة مورد االحتمال .)4("االختالف وذلك مظنة وقوع الرتاع

ـــــــــــــــــــــــ .80: للطاهر بن عاشور ص مقاصد الشريعة اإلسالمية انظر– 1 .1/136 انظر الفتوحات – 2 .08 انظر معهود العرب يف اخلطاب – 3 .3/347 انظر املوافقات – 4

Page 53: قضية القران والحداثة

52

في قراءة النص القرآنيفقھيالمنھج ال

قد تعامل الفقهاء مع النص القرآين تعامال يكاد يكون شبيها بتعامل ل

األصوليني غري أن الريادة كانت لألصوليني يف وضع القواعد املتينة للتعامل مع النص القرآين ضمانا لشروط القراءة السليمة ، وقد وضع الفقهاء جمموعة من

، قال الفراهي األصول واعتربوها شرطا أساسيا يف قراءة النص القرآيناألول ما يعصم من الزيغ يف التأويل : وهذه األصول تقسم إىل قسمني "

ومن أهم تلك )1("والثاين ما يهدي إىل احلكم اليت يتضمنها كتاب اهللا : يف تفسري وقراءة النص الشرعي أخذ ا الفقهاء اليت ناهجامل هذا املنهج يف أو مذهب الرواية وقد تشدد أصحاب: التفسري باملأثور – 1

تفسري القرآن تشددا كبريا حىت روي عن األصمعي أنه كان إذا سئل عن العرب تقول معىن هذا كذا وال أعلم املراد : شيء من الكتاب أو السنة يقول

منه يف الكتاب أو السنة أي شيء هو ؟ ، وهذا املنهج من أهم االجتاهات يف قدم املناهج على اإلطالق وينقسم إىل التفسري وأجدرها بالعناية واالهتمام ، وأ

:ثالثة أقسام أو قراءة النص بالنص ، وتفسري القرآن بالقرآن : تفسري القرآن بالقرآن –أ

من أشرف أنواع التفسري وأجلها ، إذ ال أحد أعلم مبعىن كالم اهللا من اهللا )2( لقوله تعاىل إلا الله تأويله لمعا يمو )3(

ـــــــــــــــــــ .13:التكميل يف أصول التأويل ص انظر – 1 .1/03ان يف إيضاح القرآن بالقرآن أضواء البي انظر – 2 .07: سورة آل عمران اآلية - 3

Page 54: قضية القران والحداثة

53

وذلك أن ، ))1 فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه وقوله أيضا

ولو كان من عند الكرمي يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا نقرآالل يف صمجل يف موضع ففما أ ))2 غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

يد يف طلق يف سورة أو آية قن يف آخر وما أيم يف مكان بموضع آخر وما أصص يف سياق آخر وال بد من ضم اآليات خأخرى وما جاء عاما يف سياق

وأمثلة )3(بعضها إىل بعض حىت يتكامل الفهم ويستبني املقصود من النص :ذلك

فقد فسرت آية أخرى املراد من ))4 ك يوم الدينلم قوله تعاىل -ا وما أدراك ما يوم الدين ثم م كلمة الدين وذلك يف قوله تعاىل

))5 أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله وبينت آية أخرى املنعم ))6 صراط الذين أنعمت عليهم قوله تعاىل -

ولئك مع الذين أنعم ومن يطع الله والرسول فأ عليهم حيث قال تعاىل أولئك نسحو الصالحيناء ودالشهو يقينالصدو ينالنبي من همليع الله

))7 رفيقا ـــــــــــــــــــــــــ

.19-18سورة القيامة اآليات – 1 . 82سورة النساء اآلية – 2 .44رجعية العليا ص امل كتاب انظر– 3 .03سورة الفاحتة اآلية – 4 .19- 18- 17سورة االنفطار اآليات – 5 .06سورة الفاحتة اآلية – 6 . 69:اآلية النساء سورة– 7

Page 55: قضية القران والحداثة

54

فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب قوله تعاىل -حيمالر )1( فقد فسرت آية أخرى املراد من كلمة )وذلك يف ) كلمات

قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من قوله تعاىل الخاسرين )2 (

م كلمة عامة تشمل فالد))3 إنما حرم عليكم الميتة والدم قوله تعاىل - أو دما مسفوحا مجيع أنواعه ، وقد فسرا آية أخرى وذلك يف قوله تعاىل

)4( فبينت أن املراد باآلية األوىل هو الدم املسفوح . فقد ))5ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما قوله تعاىل -

وذلك يف قوله ) الذين يتبعون الشهوات ( أخرى املراد من كلمة فسرت آيةألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة تعاىل

))6 ويريدون أن تضلوا السبيل فقد ))7 ا ما يتلى عليكمأحلت لكم بهيمة الأنعام إل قوله تعاىل -

وذلك يف قوله تعاىل ) إال ما يتلى عليكم ( فسرت آية أخرى املراد من كلمة نخنقةالمر الله به وا أهل لغيمالخنزير و ملحو مالدتة ويالم كمليت عمرح

دترالمقوذة ووالمو ا ذبحمو تما ذكيإلا م عبا أكل السمة والنطيحة وي ))8 على النصب وأن تستقسموا بالأزلام

ــــــــــــــــــــــــ .37سورة البقرة اآلية – 1 .23سورة األعراف اآلية – 2 .173سورة البقرة اآلية – 3 .145األنعام اآلية سورة – 4 .27سورة النساء اآلية – 5 .44سورة النساء اآلية – 6 01سورة املائدة اآلية – 7 .03سورة املائدة اآلية – 8

Page 56: قضية القران والحداثة

55

فقد ))1 إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين قوله تعاىل -إنا أنزلناه في وذلك يف قوله تعاىل ) ة ليل( فسرت آية أخرى املراد بكلمة

.))2 ليلة القدر فقد فسرت آية ))3 الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قوله تعاىل -

يا بني لا تشرك بالله وذلك يف قوله تعاىل ) ظلم ( أخرى املراد من كلمة إنظيمع لظلم كالشر )4( . الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما قوله تعاىل -

ونظلمي مهكانوا أنفس لكنو مناهظلم )5 ( فقد فسرت آية أخرى املرادوعلى الذين وذلك يف قوله تعاىل) ما قصصنا عليك من قبل ( من كلمة

هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا

لصادقون )6( . فقد فسرت آية ))7 وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل قوله تعاىل -

لنرسل عليهم وذلك عند قوله تعاىل ) سجني ( اخرى املراد من كلمة .))8 حجارة من طين

ـــــــــــــــــــــــــــ .03سورة الدخان اآلية – 1 .01در اآلية سورة الق – 2 82سورة األنعام اآلية – 3 .13سورة لقمان اآلية – 4 .118سورة النحل اآلية – 5 .146سورة األنعام اآلية – 6 .74سورة احلجر اآلية – 7 .33سورة الذاريات اآلية – 8

Page 57: قضية القران والحداثة

56

ومن أجود ما قيل يف تفسري القرآن بالقرآن ما ذكره اإلمام اتهد احملقق حممد : تفسري القرآن بالقرآن "براهيم اليمين الشهري بابن الوزير حيث قال بن إ

ويكون بعض اآليات أكثر بيانا وتفصيال ، وذلك حيث يتكرر ذكر الشيءابن دقيق (وقد مجع من هذا القبيل تفسري مفرد ذكره الشيخ تقي الدين

اص ومنه محل املطلق على املقيد والعام على اخل..يف شرح العمدة ) العيد ومنه اجلمع بني ما يتوهم أنه خمتلف ..كنفي اخللة والشفاعة يف آية مطلقا

ومنه تقدمي املنطوق على املفهوم وأوجب منه ..كخلق بين آدم من ترابتقدمي تفصيل القول املنطوق على عموم املفهوم ألن اخلاص يقدم على العام

)1("املنطوق فكيف ال يقدم على عموم املفهوم، ويعترب أي تفسري القرآن مبا ورد عن النيب :القرآن بالسنة تفسري –ب

إن [ وملا ورد عن ابن تيمية قال هذا الشرط جزءا أساسيا يف التفسري باملأثور صح طرق التفسري أن يفسر القرآن بالقرآن فما أمجل يف مكان فإنه قد أ

فسر يف موضع آخر ، وما اختصر يف مكان فقد بسط يف موضع آخر ، إن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإا شارحة للقرآن وموضحة له بل قال ف

فهو مما فهمه من القرآن ، كل ما حكم به رسول اهللا : اإلمام الشافعي إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك قال تعاىل

وما أنزلنا عليك وقال تعاىل ))2 خائنين خصيماالله ولا تكن للمنونؤم ية لقومحرى ودهالذي اختلفوا فيه و مله نيإلا لتب الكتاب )3(

ــــــــــــــــــــــــ . 162-161: إيثار احلق على اخللق ص انظر– 1 .105 اآلية نساءال سورة – 2 .64 سورة النحل – 3

Page 58: قضية القران والحداثة

57

)2( ]يعين السنة )1(» أال إين أوتيت القرآن ومثله معه « وهلذا قال النوع [ وقد عرض اإلمام ابن الوزير هلذا املوضوع يف إيثار احلق فقال

وما التفسري النبوي وهو مقبول بالنص واإلمجاع ، قال تعاىل : الثالث سالر واآتاكمفانته نهع اكما نهمو ول فخذوه )3( وقال للناس نيلتبهما نزل إليم )4( ال يأيت رجل مترف متكئ على أريكته «ويف احلديث

للته وما حرمه حرمته أال وإين يقول ال أعرف إال هذا القرآن ما أحله أحهللا حرم كل ذي ناب من السباع تيت القرآن ومثله معه أال وإن اأو

عددا كبريا من اآليات نذكر ، وقد فسر النيب )5( ]» وخملب من الطري :منها على سبيل املثال

وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض ما ورد يف قوله تعاىل -ر ثمالفج د منوط الأسالخي لمنإلى اللي اموا الصيأتم )6( فعن عدي بن

ما اخليط األبيض من اخليط األسود أمها : يا رسول اهللا : قلت : حامت قال مث »نك لعريض القفا إن أبصرت اخليطني إ « اخليطان ؟ قال رسول اهللا

.)7(»ليل وبياض النهار ال بل هو سواد ال «: قال

ـــــــــــــــــــــــــ . 2643رواه أمحد وأبو داود عن املقدام بن معد يكرب كما يف صحيح اجلامع الصغري – 1 1/3 بتحقيق د عدنان زرزور وأيضا تفسري ابن كثري 95-93: أصول التفسري البن تيمية ص انظر – 2

.طبع دار املعارف 1/41.44د شاكر طبع احلليب وعمدة التفسري للعالمة أمح . 07شر اآلية سورة احل– 3 . 44سورة النحل اآلية – 4 .164-163 انظر إيثار احلق على اخللق – 5 .187 اآلية البقرة سورة – 6 .4510 أخرجه البخاري – 7

Page 59: قضية القران والحداثة

58

أيب فعن ))1 وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ما ورد يف قوله تعاىل -

وادخلوا الباب سجدا وقولوا سرائيل قيل لبين إ «قال ن النيب هريرة عحبة يف : حطة : فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا ))1 حطة

. )2(»عرة شحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا ما ورد يف قوله تعاىل -

لله قانتين)3( فعن علي أن النيب حبسونا عن صالة « قال يوم اخلندق نارا - أو أجوافهم–الوسطى حىت غابت الشمس مأل اهللا قبورهم وبيوم

«)4( . فعن يزيد بن أيب ))5وعلى الذين هادوا حرمنا ما ورد يف قوله تعاىل-

قاتل «:يقول النيب مسعت جابر بن عبد اهللا مسعت : حبيب قال عطاء . )6(» شحومهما مجلوه مث باعوه فأكلوها اليهود ملا حرم اهللا عليهماهللافعن سعيد ))7 وأنزلنا عليكم المن والسلوى ما ورد يف قوله تعاىل -

. )8(»لكمأة من املن وماؤها شفاء للعني ا « قال ابن يزيد عن النيب

ـــــــــــــــــــــــــــ .58لبقرة اآلية سورة ا – 1 . 4479 أخرجه البخاري – 2 . 238 سورة البقرة اآلية – 3 . 4533 أخرجه البخاري – 4 .146سورة األنعام اآلية – 5 . 4633 أخرجه البخاري – 6 .57سورة البقرة اآلية – 7 . 4639 أخرجه البخاري – 8

Page 60: قضية القران والحداثة

59

به من مشاهدة وذلك ملا امتازوا : تفسري القرآن بأقوال الصحابة –ج أسباب الرتول وقرائن األحوال مع سليقتهم يف اللغة وصفاء فهمهم وسالمة

إذا مل جتد التفسري يف القرآن وال يف [ فطرهم وقوة يقينهم ، قال ابن تيمية السنة ، رجعت يف ذلك إىل أقوال الصحابة فإم أدرى بذلك ملا شاهدوه

ملا هلم من الفهم التام والعلم من القرائن واألحوال اليت اختصوا ا ، والصحيح ، ال سيما علماؤهم وكرباؤهم كاألئمة األربعة اخللفاء الراشدين

والذي ال إله غريه ما : واألئمة املهديني وعبد اهللا بن مسعود ، الذي قال . )1( ]نزلت آية من كتاب اهللا إال وأنا أعلم أين نزلت وفيم نزلت

:يات ومثال تفسري الصحابة لبعض اآلاألزالم : قال ابن عباس ))2 والأنصاب والأزلام ما ورد يف قوله تعاىل - )3(.القداح يقتسمون ا يف األمور والنصب أنصاب يذحبون عليها : الصفوان : قال ابن عباس ))4 إن الصفا والمروة ما ورد يف قوله تعاىل - امللس اليت ال تنبت شيئا والواحدة صفوانة مبعىن احلجر ويقال احلجارة:

)5(.الصفا والصفا للجميع قال أبو ))6 كنتم خير أمة أخرجت للناس ما ورد يف قوله تعاىل -

هريرة خري الناس للناس تأتون م يف السالسل يف أعناقهم حىت يدخلوا يف )7(.اإلسالم

ـــــــــــــــــــــــــــ . 97-95 انظر أصول التفسري – 1 . 90 سورة املائدة اآلية – 2 . أخرجه البخاري – 3 . 158 سورة البقرة اآلية – 4 . 4495البخاري قبل انظر صحيح – 5 . 4557 أخرجه البخاري – 7. 110سورة آل عمران اآلية – 6

Page 61: قضية القران والحداثة

60

هو كثرة األخبار املروية عن – أي التفسري باملأثور –ا التفسري واملعيب يف هذقل عن عدد من وذلك بسبب النتباإلسرائيليابين إسرائيل أو ما يعرف

كانوا من أهل الكتاب قبل أن يدخلوا يف اإلسالم والذين كانوا التابعني الذين جمال كثريا ما يسألون عما يف كتب أهل الكتاب ، ودخلت هذه األخبار يف

، ومن هنا وجب على من يقرأ يف كتب التفسري أن يكون باملأثورالتفسري ، وميكن تاإلسرائيلياواعيا للموقف السليم الذي جيب أن يقفه املسلم من

:تلخيص هذا املوقف كما يأيت لسنة أو تعارض اليت تعارض القرآن أو صحيح اتاإلسرائيليا ترد كل – 1

وإن املستقرئ لكتب التفسري [لشيخ حممد أبو زهرة قال اأصال شرعيا مقررا .)1( ] يرى أن أكثر ما دس فيها من هذا القبيلتاإلسرائيليااملشتملة على

املوافقة للقرآن مقبولة ولكن لنا غنية عنها مبا يف ةاإلسرائيلي الروايات – 2 .القرآن

نوع من احلذر الروايات اليت ال تعارض القرآن وال توافقه يتعامل معها ب– 3 قال رسول اهللا :واالنتباه واحلياد ، ال نكذا وال نصدقها فعن أيب هريرة قال

» ولوا آمنا باهللا وما أنزل إلينا ال تصدقوا أهل الكتاب وال تكذبوهم وقإمنا ى عن تصديقهم [ قال ابن امللك تعليقا على هذا احلديث )2(»

إن كان من مجلة ما غريوه وتكذيبهم ألم حرفوا كتبهم وما قالوهفتصديقهم يكون تصديقا بالباطل وإن مل يكن كذلك يكون تكذيبهم

)3( ]تكذيبا ملا هو حق ـــــــــــــــــــــــ

. 595 انظر املعجزة الكربى – 1 . انظر صحيح البخاري تفسري البقرة – 2 .1/220 انظر مشارق األزهار – 3

Page 62: قضية القران والحداثة

61

تفسري النص بالعقل ومعناه تفسري القرآن باالجتهاد أو : التفسري بالرأي – 2

بعد معرفة املفسر لكالم العرب ومناحيهم يف القول ومعرفته لأللفاظ العربية .ووجوه داللتها

يف التفسري اإلمام ابن جرير الطربي وذلك بعد رأيهوكان أول من استعمل على بعض استعراضه ملختلف التفاسري يف زمنه ومتحيصها وترجيح بعضها

اخلاص مستعينا يف ذلك باللغة وأسرارها ومبعرفته لتقاليد العرب رأيهوإبداء وقد قام بني العلماء )1(.وآدام وثقافته الواسعة يف فهم طبائع األشياء

.خالف شديد حول هذا التفسري فمنهم من منعه ومنهم من أجازه :ا على ذلك بأدلة أمهها فأما املانعون فقد ذهبوا إىل حظره وحترميه واستدلو

قول على اهللا بغري علم وهو غري جائز لقوله تعاىل بالرأي التفسري – 1 لا الله ر علم إنبغي ضل الناسا ليلى الله كذبى عن افترمم أظلم نفم

الظالمين مدي القوهي )2( وقوله تعاىل منادل في الله وجي نالناس م . ))3 بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير

وأنزلنا لقوله تعاىل الوحيد الذي جيوز له البيان هو رسول اهللا – 2تفكري ملهلعو هما نزل إليللناس م نيلتب الذكر كإليون )4( وليس لغريه

إال أن ينقل قوله بعد حتري ما صح وقوهلم هذا خيرج أقوال الصحابة من .ة املأثور ردائ

ـــــــــــــــــــــ . 37لعلمي حملمد إمساعيل إبراهيم القرآن وإعجازه ا انظر – 1 . 144سورة األنعام اآلية – 2 . 8سورة احلج اآلية – 3 . 44 سورة النحل اآلية – 4

Page 63: قضية القران والحداثة

62

اتقوا احلديث عين إال ما علمتم فمن كذب علي « تدلوا بقوله اس– 3آن برأيه فليتبوأ مقعده من النار متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ومن قال يف القر

. )2(» يف القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ من قال«وحبديث )1(»ري القرآن كأيب بكر امتناع كثري من الصحابة والسلف من القول يف تفس– 4

.وسعيد بن املسيب والشعيب واألصمعي :وأما ايزون فقد قالوا

التفسري باالجتهاد ليس قوال على اهللا بغري علم وإمنا هو استخدام العقل – 1مب حتكم : معاذا حني بعثه إىل اليمن يف فهم كالم اهللا فقد سأل رسول اهللا

فبسنة : قال معاذ » فإن مل جتد ؟ « بكتاب اهللا ، قال النيب : ؟ قال اجتهد رأيي ، فضرب : قال معاذ » فإن مل جتد؟ «: ، قال رسول اهللا ول رسول اهللا ملا احلمد هللا الذي وفق رس «: يف صدره وقال رسول اهللا

. )3(»يرضي رسول اهللا س ما نزل إليهم ولعلهم وأنزلنا إليك الذكر لتبين للنا قوله تعاىل – 2

ونتفكري )4( بأن الذي ورد بيانه عنه كفى عن كل تفسري وأما الذيبيانه ففيه جمال ألن يعمل أهل العلم تفكريهم فيه ويقفوا على مل يرد عنه

.أسراره ـــــــــــــــــــــــ

.رواه الترمذي باب من فسر القرآن برأيه – 1 . سنده سهيل بن أيب خرم وهو ضعيف أبو داود والترمذي وهو ضعيف ففي رواه– 2 .ي الدارمماجه وابن رواه أمحد وأبو داود والترمذي و– 3 . 44 سورة النحل اآلية – 4

Page 64: قضية القران والحداثة

63

الواردة يف احلديثني هو الرأي الذي يغلب ) الرأي( املراد من كلمة – 3ليه املرء ولو كان احلق يف غري ي مييل إى الذعلى صاحبه من غري دليل ، واهلو

جانبه وأن النهي يف احلديث حممول على من يقول يف القرآن بظاهر العربية دون الرجوع إىل أخبار الصحابة الذين عاينوا ترتيله ، ومن غري أن يتقيد

وأما النهي يف احلديث فإنه يرتل [ بشروط التفسري ، قال الغزايل يف اإلحياء وإليه ميل من رأيأحدمها أن يكون للمفسر يف الشيء : حد وجهني على أ

طبعه وهواه فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه ليحتج على تصحيح واهلوى لكان ال يلوح له من القرآن الرأيغرضه ولو مل يكن له ذلك

أن يسارع املفسر إىل : والوجه الثاين من التفسري بالرأي . ذلك املعىن قرآن بظاهر العربية من غري استظهار بالسماع فيما يتعلق بغرائب تفسري ال

. )1(]القرآن وما فيه من األلفاظ اليت هي أكثر من معىن إحجام من أحجم من الصحابة والسلف عن التفسري بالرأي إمنا كان أن– 4

منهم ورعا وميكن أن يكون إحجامهم مقيدا مبا مل يعرفوا وجه الصواب فيه ، وأما ما ورد عن بعض السلف من آثار [ كتور يوسف القرضاوي قال الد

االمتناع عن التفسري فيبدوا أم توقفوا عنه تورعا واحتياطا ألنفسهم مع ، وخالفهم غريهم من جلة السلف فروي عنهم الكثري إدراكهم وتقدمهم

من التفسري وال سيما من كرباء الصحابة مثل علي وابن مسعود وابن . )2( ]عباس

ـــــــــــــــــــ . 1/298 انظر إحياء علوم الدين – 1 .38 انظر املرجعية العليا – 2

Page 65: قضية القران والحداثة

64

هذه اآلثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف حممولة [ وقال ابن تيمية على حترجهم عن الكالم يف التفسري مبا ال علم هلم به ، فأما من تكلم مبا

عليه وهلذا روي عن هؤالء وغريهم يعلم من ذلك لغة وشرعا فال حرج أقوال يف التفسري وال منافاة ألم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه وهذا هو الواجب على كل أحد فإنه كما جيب السكوت عما ال علم له به

لتبيننه للناس ولا فكذلك جيب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعاىل ونهتكتم )1([)2( ومل يكتف هؤالء [ وقال الدكتور حممد بن لطفي الصباغ

:العلماء برد أدلة املانعني وإمنا احتجوا بأدلة عديدة سنقتصر على إيراد أمهها أن القرآن نفسه يأمر بالتدبر واالستنباط واستشهدوا بقوله تعاىل : قالوا – 1 إلول وسإلى الر وهدر لوو تنبطونهسي الذين هلملع مر منهى أولي الأم

ممنه )3( وبقوله تعاىل الى قلوب أقفالهع أم آنالقر ونربتدأفلا ي )4( تذكر كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ولي وبقوله عز وجل

وال يكون التدبر إال بالتأمل الذي يعتمد على الفهم ))5 أولو الألبابوإعمال الفكر واالجتهاد وبذلك يكون القرآن نفسه أمر بالتفسري بالرأي ،

هم اآليات اليت مل يرد يف فتدبر القرآن متوقف على فهمه ، وال نستطيع أن نف تفسريها ضمن الشروط اليت نص ال بأن جنتهد يفشرحها أثر أو حديث إ

.العلماء على ضرورة توافرها ــــــــــــــــــــــــ

. 187سورة آل عمران اآلية – 1 . 115-114 مقدمة يف أصول التفسري انظر– 2 . 83سورة النساء اآلية – 3 . 24سورة حممد اآلية – 4 . 29سورة ص اآلية – 5

Page 66: قضية القران والحداثة

65

ي غري جائز ملا كان االجتهاد جائزا ولتعطلت لو كان االجتهاد بالرأ- 2 .)1(]بسبب ذلك كثري من األحكام الشرعية

وقد اشترط علماء هذا املنهج العديد من القواعد والضوابط اليت جيب على املفسر مراعاا أثناء قراءة النص القرآين ومساها البعض خطوات التفسري

وهذه [ عنها ، قال الفراهي اخلروج األمثل واعتربوها أصوال للتفسري ال جيب : األول ما يعصم عن الزيغ يف التأويل والثاين : األصول تقسم إىل قسمني

. )2( ]ما يهدي إىل احلكم اليت يتضمنها كتاب اهللاومن أهم األصول اليت جيب مراعاا ملن وجب له حق النظر يف النص القرآين

:أثناء عملية التفسري ما يلي .أي تفسري القرآن بالقرآن : النص القرآين بالنص القرآين تفسري– 1 .أي تفسري القرآن بالسنة : تفسري النص القرآين بالنص النبوي – 2ألن الصحابة هم الذين شاهدوا : تفسري النص القرآين بقول الصحايب – 3

ما جيعل فهمهم لآليات أدق القرائن واألحوال اليت رافقت نزول القرآن .وأعم

ـــــــــــــــــــــ .283 انظر حملات يف علوم القرآن – 1 . 13 انظر التكميل يف أصول التأويل ص – 2

Page 67: قضية القران والحداثة

66

Page 68: قضية القران والحداثة

67

ون والدارسون على أن قضية قراءة النص القرآين هلا صلة يكاد جيمع الباحثوثيقة باالستشراق ، ولذلك فإذا أردنا معرفة بدايات ظهور مناهج القراءة

ولكن املهم زما النظر إىل بدايات االستشراق ،احلديثة للنص القرآين كان ال هنا ليس هو معرفة مىت ظهر مفهوم مستشرق أو استشراق ، وإمنا املهم هو

معرفة مىت بدأت الدراسات العربية واإلسالمية يف أوروبا ، ومىت بدأ االشتغال باإلسالم واحلضارة اإلسالمية سواء بالقبول أو الرفض ، فالدافع هلذه البدايات املبكرة لالستشراق كان يتمثل يف ذلك الصراع الذي دار بني العاملني

عت احلروب الصليبية اإلسالمي واملسيحي يف األندلس وصقلية ، كما دف بتعاليم اإلسالم وعاداته وتقاليده ، وقد األوروبينيبصفة خاصة إىل اشتغال

ت املبكر ضد اإلسالم وراحوا الالهوتيون األوربيون يف ذلك الوقنشط وظهرت ينشرون االفتراءات واألكاذيب حول اإلسالم ونبيه حممد

روالندألصنام مثل أنشودة ااإلسالم باخليال واملسلمني بعبادحكايات تصف الم كانت هناك الشهرية وغريها ، ويف مقابل هذه الصورة البغيضة لإلس

ىل معرفة موضوعية يف جمال العلوم العربية مثل جهود أخرى للوصول إ كان العلماء م1130 من عام وبدءاالفلسفة والطب والعلوم الطبيعية ،

ة الكتب العربية يف الفلسفة املسيحيون يف أوروبا يعملون جاهدين على ترمجوالعلوم وكان لرئيس أساقفة طليطلة وغريه الفضل يف إخراج ترمجات مبكرة لبعض الكتب العلمية العربية ، ورافقت ذلك حماوالت خالل القرن الثاين عشر للتعرف على اإلسالم بقدر من املوضوعية ، ولكن مع اهلدف الواضح

Page 69: قضية القران والحداثة

68

م اإلسالمية اإلحلادية ، من أجل ذلك قام واملعلن وهو حماربة هذه التعاليبطرس رئيس رهباين كلوين بتشكيل مجاعة من املترمجني يف إسبانيا يعملون من أجل احلصول على معرفة علمية موضوعية عن الدين اإلسالمي ، ومل يكن من السهل يف ذلك الوقت فصل االستشراق عن التنصري أو عن الدافع

الديين كان هو السبب األول يف نشأة االستشراق ، الديين بصفة عامة فالدافعوقد كان من بني الدعاة املتحمسني الذين طالبوا بضرورة تعلم لغات املسلمني لغرض التنصري هو روجر بيكون الذي كان يرى أن التنصري هو الطريقة الوحيدة اليت ميكن ا توسيع رقعة العامل املسيحي ، ولبلوغ هذا

:الغرض اشترط .عرفة اللغات الضرورية م - .دراسة الدين اإلسالمي - . )1(دراسة احلجج املضادة حىت ميكن دحضها -

ومتت بيكونم على أفكار 1312وقد صادق جممع فيينا الكنسي عام املوافقة على تعليم اللغة العربية يف مخس جامعات أوروبية وهي جامعة باريس

.Kurieالبابوية وأكسفورد وبولونيا وسلمنكا وجامعة املدينة وقد ساعد على تقدم الدراسات االستشراقية يف اية العصر الوسيط تلك الصالت السياسية والدبلوماسية مع الدولة العثمانية وكان للروابط االقتصادية لكل من إسبانيا وإيطاليا مع كل من تركيا وسوريا ومصر أثر كبري يف دفع

إنشاء أول كرسي للغة م مت1539م حركة الدراسات االستشراقية ، ويف عا بوستل جيوم يف باريس وشغل هذا الكرسي فرانس ذي الكوليجالعربية يف

.الذي يعد أول املستشرقني الذين أسهموا يف إثراء دراسة اللغات الشرقية ـــــــــــــــــــــــ

. 76: انظر كتاب ساذرن ص– 1

Page 70: قضية القران والحداثة

69

فض وسائل عالج الطب ليس هناك أحد يستطيع أن ير[ وهو القائل العريب فابن سينا يقول يف صفحة واحدة أو صفحتني أكثر مما يقوله

. )1( ]جالينوس يف مخسة أو ستة جملدات كبريةم أصبح من السهل طباعة الكتب العربية يف أوروبا عن طريق 1586ويف عام

كتب ة ، وقد مث حينذاك طباعاملديسي فرينانداملطابع اليت أقامها الكاردينال . )2(عربية قيمة من بينها مؤلفات ابن سينا يف الطب والفلسفة

1636م مث إنشاء كراسي للغة العربية جبامعة لندن وسنة 1613ويف سنة جبامعة كمربدج ، مما مسح عرب مرور السنوات بظهور العديد من الكتب

ي التاريخ النقد"األوروبية اليت ختتص يف دراسة العامل اإلسالمي ككتاب م وكتاب 1684 سنة لريتشارد سيمون "لعقائد وعادات أمم الشرق

م وكتاب 1697 سنة بيري بايل للفيلسوف "القاموس التارخيي والنقدي"م لكن الكنيسة الكاثوليكية 1705 سنة هلادريان ريالند "الديانة احملمدية"

أدرجت هذا الكتاب يف قائمة الكتب احملرم تداوهلا وذلك بسبب معاجلته إن املرء يصح له أن يبحث عن [ سالم معاجلة موضوعية ، فقد قال لإل

ينبغي على املرء بدال من ذلك أن يتعلم [ ويقول ] احلقيقة حيثما كانتاللغة العربية وأن يسمع حممدا نفسه وهو يتحدث يف لغته كما ينبغي على

ن املرء أن يقتين الكتب العربية وأن يري بعينيه هو وليس بعيون اآلخري اهللا أعطىوحينئذ سيتضح له أن املسلمني ليسوا جمانني كما نظن فقد

.العقل لكل الناس ـــــــــــــــــــــ

. 30اخللفية الفكرية حممود زقزوق االستشراق و انظر– 12 – Johann Paeck p 53-54 .

Page 71: قضية القران والحداثة

70

وقد كان رأيي دائما أن ذلك الدين الذي انتشر انتشارا بعيدا يف آسيا ليس دينا ماجنا أو دينا سخيفا كما يتخيل كثري أيضا أوروباأفريقيا ويف و

)1( ]من املسيحني منوذجا آخر يف الدراسة املوضوعية لإلسالم أيضاوقد شهد القرن الثامن عشر

رز وإليه يرجع الفضل يف إجياد مكان بايوهانوهو املستشرق األملاين ه الكتابات مل تستطع أن تقضي متاما لكن هذللدراسات العربية يف أملانيا ،

فقد بقيت تلك الصورة األوروبينيعلى الصورة املشوهة لإلسالم يف أذهان يف إطارها العام على مر العصور كما هي ، ومما زاد قتامة تلك الصورة التخلف العريب واإلسالمي الواضح واالحنطاط الفكري خالل القرن التاسع

ويف القرن التاسع عشر كان الشرق [ القول إىل برودنسونعشر ما دفع اإلسالمي ال يزال عدوا ولكنه عدو حمكوم عليه باهلزمية وكانت البالد

بالشهود املنهارين ملاض عريق ، فقد كان املرء يستطيع أن أشبهالشرقية يستمتع بترف امتداحهم يف الوقت الذي كان فيه السياسيون ورجال

عهم لإلسراع يف ايارهم ومل يكن إمكان األعمال يفعلون كل ما يف وس محاسة بل أم يفقدون يف خالل أيةصحوهم وحلاقهم بالعصر احلديث يثري

وقد أدى ذلك )2( ]عملية حتديثهم نكهة الغرابة اليت كانت مبعث سحرهمإىل تغري كبري يف نظرة الغريب إىل الشرقي إذ أصبح الشرقي يف نظر الغريب يف

خملوقا خمتلفا بعد أن كان يف ظل [ ر كما يقول رودنسون القرن التاسع عش سجني اآلن يء أصبحـ الثورة الفرنسية إنسانا قبل كل شةـأيديولوجي

ــــــــــــــــــــــــــــ1 – Gustav Pfannmuetter : hanbduch der islamliteratue berlin 1923 p

63-64 . .1/68 انظر تراث اإلسالم – 2

Page 72: قضية القران والحداثة

71

ولقد كان للمد )1( ]يته وموضوعا للثناء الذي مين به عليه بعضهمخصوص

االستعماري يف العامل اإلسالمي دور كبري يف حتديد طبيعة النظرة األوروبية مث 1857إىل الشرق خصوصا بعد منتصف القرن التاسع عشر ففي سنة

ر وبعد استيالء اإلجنليز على اهلند ويف نفس السنة استيالء فرنسا على اجلزائاحلرب العاملية األوىل أصبح العامل اإلسالمي كله تقريبا خاضع لنفوذ

وقد استطاع االستعمار أن جيند طائفة من املستشرقني )2(االستعمار الغريبخلدمة أغراضه وحتقيق أهدافه ومتكني سلطانه يف بالد املسلمني وإضعاف

عتقدام وتراثهم حىت املقاومة الروحية واملعنوية يف نفوسهم وتشكيكهم يف ميتم لالستعمار يف النهاية إخضاع املسلمني إخضاعا تاما للحضارة والثقافة

.الغربية كل هذا ساهم يف نشوب اخلالف بني املثقفني والباحثني عندنا مما جعلهم ينظرون إىل احلضارة الغربية على أا اخلالص الوحيد من رق التخلف

[ بية ، يقول الشيخ أبو احلسن الندوي واجلهل احمليط باحلضارة العراملستشرقون وعلماء الغرب الذين كرسوا حيام على دراسة العلوم اإلسالمية وميلكون إعجاب األوساط العلمية يف الشرق والغرب وإجالهلا وتقديرها ويقام ألرائهم ونظريام يف البحوث اإلسالمية يف الشرق وزن

ممن تثقفوا يف –مل اإلسالمي اليوم وزعمائه كبري أثاروا يف قلوب قادة العا شبهات –مراكز الغرب الثقافية الكربى أو درسوا اإلسالم بلغات الغرب

.حول اإلسالم واملصادر اإلسالمية ـــــــــــــــــــــــ

.1/80 انظر تراث اإلسالم – 1 .30-29 ث وصلته باالستعمار الغريب الفكر اإلسالمي احلدي: حممد البهي – 2

Page 73: قضية القران والحداثة

72

وأحدثوا يف نفوسهم يأسا من مستقبل اإلسالم ومقتا على حاضره وسوء إصالح "، كما أن هلم إسهاما كبريا يف احلث على نصرة الظن مباضيه

واملستشرقون يركزون كل جهدهم " إصالح القانون اإلسالمي"و " الديانة ومساعيهم على تعرف مواضع الضعف ومتثيلها يف صورة مهولة مروعة

حىت للقراءوإم ينظرون إليها عن طريق اآللة املكربة ويعرضوا كذلك بال والنقطة حبرا والفسيلة خنلة وقد ظهرت حذاقتهم وبان جيروا الذرة

. )1( ]ذكاؤهم يف تشويه صورة اإلسالممل يكن يف يوم من األيام فهم الدين أمرا معزوال عن الواقع ومتعاليا عليه ، وال

م أسباب نشأت الفرق الدينية ومقوالا وحتوالا من دون ميكن أن نفهالقراءة الواعية للواقع الذي نشأت فيه ألا يف حصيلتها النهائية من إفراز ذلك الواقع ، وبناءا على ذلك فإن املشروعات الفكرية احلديثة يف قراءة النص

بية هي استجابة للتحدي احلضاري الذي فرضه الصدام مع احلضارة الغرمبقوالا ومنتجاا الفكرية واالجتماعية والسياسية اليت حتولت إىل مكون رئيس من مكونات فكرنا العريب احلديث ، وإذا أردنا البحث عن بداية لتلك املشاريع فيتحتم علينا العودة إىل حلظة االحتكاك باحلضارة الغربية ، ويظهر

:ذلك من خالل ثالث مراحل يف أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين :املرحلة األوىل -

ومع احتدام التنافس بني احلضارة العربية والغربية وسقوط احلضارة العربية وختلفها بدأت حماوالت العلماء واملفكرين إلعادة قراءة التراث

وطرح والتخلف ة سبب االحنطاطـالعريب واإلسالمي وحماولة معرف ـــــــــــــــــــ

. 179-176 الصراع بني الفكرة اإلسالمية والفكرة الغربية يف األقطار اإلسالمية انظر– 1

Page 74: قضية القران والحداثة

73

مشروعات فكرية للنهوض باألمة واالنفكاك من قيد احلضارة الغربية فكانت

وحماوالم أطروحات حممد عبده ومجال الدين األفغاين ورفاعة الطهطاوي ات الفكرية الغربية ، وظلت التوفيق بني النص الشرعي وبعض املنتج

أطروحام يف قراءة النص الشرعي داخل حميط التداول اإلسالمي للنهوض حمتفظة بطريقة االجتهاد املتعارف عليه يف السياق املعريف اإلسالمي وغري

.خارجة عنه يف أوائل اخلمسينيات من القرن العشرين بدأت موجة :املرحلة الثانية -

ملوجهة للتعامل مع النص الشرعي ، ومع هذه أخرى من املشروعات ااملوجة ظهرت منهجية قراءة النص الشرعي بواسطة املناهج احلديثة وخاصة قراءة القصص يف القرآن الكرمي كما يف أطروحات طه حسني وأمني اخلويل وحممد أمحد خلف اهللا ، مستخدمني يف قراءم لذلك

.القصص آليات العقل اإلنساين التارخيي يف أواخر الستينيات وبعد النكسة العربية بدأت املوجة :ملرحلة الثالثة ا -

الثالثة واليت اجتهت معها اجلمهرة الكثرية من املثقفني العرب إىل إعادة قراءة التراث مما شكل ما يشبه الظاهرة ، وهو ما دفع جورج

هذه الظاهرة "العصاب اجلماعي"طرابيشي إىل تسمية تلك الظاهرة بن من عدة تيارات منها ما كانت قراءته على ضفاف النص الديين تتكو

ومل تتعامل مع النص الديين مباشرة كاجلابري والعروي وحسني مروة وجورج طرابيشي ، ومنها تيارات أخرى كان جمال قراءا النصوص

:الدينية نفسها وهي على قسمني

Page 75: قضية القران والحداثة

74

-ف ما كانت قراءته ضمن منهج التداول اإلسالمي املعرو .)2( وحممد العشماوي .)1(اعتمادا على التأويل كجمال البنا

- ا من خارج نطاق التداول ما كانتم تستمد آلياقراءاإلسالمي لالجتهاد وذلك يف االعتماد على مناهج حديثة يف قراءا للنص ومنهم حممد أركون وهو صاحب القراءة

ذلك التفكيكية للنص الديين والكشف عن الالمفكر يف والقراءة )3(النص مستعينا مبنهج احلفر االركيولوجي

ومنهم أيضا عبد )5( والتارخيية للنص الديين)4(السيميائية ايد الشرقي التونسي الذي يعتمد يف قراءته للنص على نتائج منهج دراسة األديان واألنسنة واللسانية والتارخيية

من ( اجلديدة ، ومنهم حسن حنفي صاحب مشروع وهو حماولة إلعادة تفسري املقوالت )العقيدة إىل الثورة

ومنهم )6(الكالمية عن اهللا والغيب والدين تفسريا جديدانصر حامد أبو زيد صاحب املشروع الفكري يف إعادة

وطيقا ءة تارخيية مستعينا مبنهج اهلرمنيقراءة النص الديين قرا .)7()التأويلية (

ــــــــــــــــــــــــــــ .لعقالنية ، اإلسالم وحرية الفكر تنوير القرآن ، اإلسالم وا: انظر كتبه – 1 . انظر كتابه أصول الشريعة – 2 .69 ، نقد النص حلامد 117ملمتنع املمنوع وا: انظر علي حرب – 3 .32 انظر الفكر اإلسالمي قراءة علمية – 4 .مي تارخيية الفكر العريب اإلسالانظر كتابه – 5 .ظر كتابه من العقيدة إىل الثورة ان- 6 .ة واحلقيقة ، نقد اخلطاب الديين مفهوم النص دراسة يف علوم القرآن ، النص والسلط: انظر كتبه - 7

Page 76: قضية القران والحداثة

75

ومنهم الطيب التيزيين صاحب مشروع إعادة قراءة النص الديين من خالل الوضعية االجتماعية املشخصة املرافقة

ات دون النظر إىل سياق الكالم وذلك لرتول تفسري املفرد ، الرسول اإلسالمالدين ، ( بإعادة تفسري الكليات الدينية

بتفسري لغوي جديد حييل إىل معان جديدة مث توليد ) ، النيب معاين جديدة من هذه الكليات لتفسري فرعيات الدين ،

. )1(واعتمد على املنهج التارخيي يف قراءته للسنة

با جممل احملاوالت احلديثة لقراءة النص الديين يف أطروحات هذه هي تقري .املثقفني العرب

ــــــــــــــــــــــــ . الكتاب والقرءان قراءة معاصرة :انظر كتابه - 1

Page 77: قضية القران والحداثة

76

قراءة نصر حامد أبو زیدرحت لقراءة النص الديين يف احمليط وهي من أهم القراءات احلديثة اليت ط

العريب ، وهي قراءة تتسم باخلطورة والتدليس يف املصطلحات واإليهام الثقايف يف بعض األمور التارخيية ، وقد استطاع أبو زيد تسويق مشروعه

من خالل تلك القراءة ، ورأى بأن مصلحي ) العلمانية ( اإليديولوجيالنهضة يف اية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين أخفقوا يف إحداث

قلة نوعية يف جتديد فهم اإلسالم ، ويرد سبب ذلك لعدم قدرم على جتاوز نالرؤى السائدة وسط أغلب املسلمني بأن القرآن جيب أن يطبق يف كل

آثروا التعامل مع القرآن الكرمي بطريقة اإلسالمينياألماكن واألزمنة وأن ة اليت بركماتية يف سبيل التوفيق بني نصوص القرآن واملعضالت الفكري

طرحتها احلضارة الغربية ، فاستخدموا فقط اآليات اليت تالئم مقاصدهم مع هذه املقاصد وتلك املصاحل تتالءموختدم مصاحلهم متجاهلني تلك اليت ال

فالقرآن يف نظره حيتوي على العديد من اآليات اليت يصعب أن تتفق مع فالقرآن جييز الرق وجييز اإلنساناملعايري الدولية للدميقراطية احلديثة وحقوق

عقوبات قروسطية مثل قطع يد السارق وفرض اجلزية على غري املسلمني كما ميارس التفرقة ضد املرأة يف عدة مواضع مثل منحها نصف ما حيصل عليه

يف - كما يقول–بتجاهل هذه اآليات غري الدميقراطية الرجل يف املرياث ، وم من فرصة الرد على األصوليني القرآن فإن اإلصالحيني حرموا أنفسه

السلفيني الذين يصرون على تطبيقها وهذا وفقا أليب زيد هو مكمن فشل .اإلصالح اإلسالمي حاليا

ورأى بأن هذا املنهج قد هيمن على أغلب التيار اإلصالحي اإلسالمي إىل اآلن ، ومن هنا فهو ينادي مبشروع ينقل اإلصالح الديين إىل داخل النص

Page 78: قضية القران والحداثة

77

ين نفسه وذلك بإعادة قراءة النص قراءة تارخيية ، فاإلمكانية الوحيدة القرآ تكمن يف فهم تارخيي للقرآن فهو – يف زعمه –إلصالح حقيقي يف اإلسالم

يشري إىل أن القرآن ليس بنص جامد حيتوي على تشريعات قانونية جاهزة كي وصاحلة لكل األمكنة واألزمنة ، بل جيب النظر إليه كخطاب دينامي

متعلق باحلاجات اإلنسانية يف مكان وزمان حمددين ، فهو حيتوي على كل من قيم كونية وتطبيقات تارخيية هلذه القيم وإذا ما أردنا معرفة احلكمة وراء هذه التطبيقات جيب علينا أن ندرس السياق التارخيي ، وكمثال على هذا

اث الذي حيصل عليه الطرح يذكر أبو زيد اآلية اليت متنح املرأة نصف املريهلذه اآلية يف سياقها التارخيي فإا تعد الرجل وحياج أبو زيد بالقول إنه بالنظر

يف الواقع خطوة كربى إىل األمام ألنه قبل ذلك الوقت مل يكن للمرأة احلق يف وقتناأي شيء على اإلطالق لذا فإذا ما طبقنا املقصد الكامن هلذه اآلية يف

ا تشري إىل أننا جيب أن نعترب الرجل واملرأة متساويني كليا احلاضر فسنجد أ .أمام القانون

املقدرة اليت يتمتع ا كل آالن نوربن هي ومصطلح التارخيية كما يعرفهجمتمع يف إنتاج حقله االجتماعي والثقايف اخلاص به ووسطه التارخيي

عة اخلاصة اليت وما سوف أدعوه بالتارخيية هو إذن الطبي..اخلاص به أيضا تتميز ا األنظمة االجتماعية اليت متتلك إمكانية احلركة والفعل على

.)1(أنفسها بالذات بواسطة جمموعة من التوجيهات الثقافية واالجتماعية ـــــــــــــــــــــــ

. 116 قراءة علمية حممد أركون الفكر اإلسالمي انظر – 1

Page 79: قضية القران والحداثة

78

طيع احلكم على األفكار أو احلوادث أو وحبسب هذا املذهب فإننا ال نستاملفاهيم واملعتقدات واألديان ونظم اجلماعات إال بنسبتها للوسط التارخيي الذي ظهرت فيه ، إذ النظر إليها من ناحيتها الذاتية يوقعنا يف التباسات اختزالية مقيتة بينما نسبتها للوسط التارخيي ستضعها يف إطار املعاجلة والرؤية

لذا – حسب رأي أبو زيد –عية خلصائصها وتركيبها ومظاهرها املوضوفحسب هذا املذهب ال مناص من ضرورة النسبة احلتمية للتاريخ ، فاملنهج

زيد ال يعترف بصعيد خاص للظاهرة الدينية وال يقر ا بل أبوالتارخيي عند .يتعامل معها كأية ظاهرة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية عادية

ثقافيا إنتاجالتارخيية ذا املعىن هي النظر إىل النصوص الثقافية باعتبارها فا باحلقل االجتماعي والثقايف والسياسي للمجتمع وفق ظروفه التارخيية احمكوم

.واجلغرافية هذه الرؤية الثقافية للنص هي نفسها اليت دعا إىل إعماهلا أبو زيد يف التعامل

كل النصوص تستمد مرجعيتها من الثقافة اليت فمع النصوص الثقافية عامة فهو ال يفرق بني النص البشري والنص القرآين إذ مها )1(تنتمي إليها

متساويان عنده من حيث قوانني التكون والبناء وإنتاج الداللة ، فهو كما وإذا انتقلنا إىل الثقافة قلنا .. النص القرآين يستمد مرجعيته من اللغة يقول

منتج ثقايف باعتباره حمكوما بالقوانني الداخلية )2(نص منتج ثقايفإن هذا ال نصوصا ليست النصوص الدينيةالبنيوية الداللية للثقافة اليت ينتمي إليها فـ

ــــــــــــــــــــــــــ .08: رادة املعرفة وإرادة اهليمنة ص الفكر الديين بني إ انظر– 1 .87: ص الفكر الديين انظر– 2

Page 80: قضية القران والحداثة

79

مفارقة لبنية الثقافة اليت تشكلت يف إطارها بأي حال من األحوال لتلك النصوص ال يلغي إطالقا حقيقة كوا نصوصا لغوية اإلهليواملصدر

. )1(بكل ما تعنيه اللغة من ارتباط بالزمان واملكان التارخيي واالجتماعيتحليل ألنه من حيث املصدر ال يعين عدم قابليته للا إهلياوكون النص خطاب

خطاب لغوي جتسدي يف لغة إنسانية وهي اللغة العربية بكل إشكاليات سياقها االجتماعي والثقايف والتارخيي ، ومن مث فإن العديد من أحكام القرآن أحكام تارخيية مرتبطة بزماا احملدد كأحوال املرأة يف املرياث ، وهلذا ميكن

. األوضاع واألحوال االجتهاد بشأا وشأن ما مياثلها بتغريوهو يف الوقت الذي يرى أن النصوص الدينية مصدرها إهلي إال أنه يرى أا

فهي قد تأنسنت من هذه احليثية اإلنسانيةخبضوعها لقوانني الثقافة كانت أم بشرية حمكومة بقوانني ثابتة واملصدر اإلهلي ال النصوص دينيةفـ

ت منذ جتسدت يف التاريخ واللغة خيرجها عن هذه القوانني ألا تأنسنوتوجهت مبنطوقها ومدلوهلا إىل البشر يف واقع تارخيي حمدد ، إا حمكومة جبدلية الثبات والتغري فالنصوص ثابتة يف املنطوق متحركة متغرية يف املفهوم

)2( والكشفاإلخفاءويف مقابل النصوص تقف القراءة حمكومة أيضا جبدلية يف حمصلته النهائية منتج ثقايف مفارق ملصدره اإلهلي فهو وإذا تقرر أن القرآن

احلديثة يف قراءة النصوص خيضع شأنه شأن أي نص ثقايف للمناهج وطيقا والسيموطيقا وغريها من املناهج ، وذلك ألن النصوص القرآنيةكاهلرمني

داللتها ال تنفك عن النظام اللغوي الثقايف الذي يعد جزءا منه جيعل من . )3( وحميطها الثقايف مرجع التفسري والتأويلاللغة

ــــــــــــــــــــــــ . 198 الوسطية اإلمام الشافعي وتأسيس اإليديولوجية انظر– 3. 92 : ص الفكر الديين انظر– 1 . 119-118 نقد اخلطاب الديين – 2

Page 81: قضية القران والحداثة

80

داخل التراث ه التارخيية للنص القرآين من وقد حاول أبو زيد تسويق نظريتوذلك باالتكاء على القول خبلق القرآن عند املعتزلة والدعوة إىل بعث هذه

لنظر إىل لقول بتارخيية النص القرآين فرع لالفكرة واإلميان ا ، فهو يرى أن اظاهرة تارخيية من األفعال اإلهلية وفعلها بالعامل املخلوق احملدث وهلذا فالقرآن

وهذا الصنيع من أيب زيد )1(الكالم اإلهليحيث إنه واحد من جتليات مغالطة معرفية خطرية فاملعتزلة قالوا خبلق القرآن مبالغة منهم يف ترتيه اهللا ألم

احلكم له بالقدم وهذا يؤدي إىل هويرون أن القول بأن القرآن ليس خملوقايف تعدد القدماء ، فلجؤوا إىل القول خبلق القرآن لترتيه اهللا وتقديسه ، و

الوقت نفسه ينسبون القرآن إىل اهللا على جهة اخللق ونصوصه عندهم هلا فقوهلم بأن القرآن خملوق ليس مساواة للقرآن بغريه من النصوص ،قدسيتها

.كما زعم أبو زيد :والناتج عن منهج أبو زيد هذا أمران خطريان

دس نزع القداسة عن القرآن الكرمي وحتويله من نص ديين مق: أوهلما - .له خصوصيته إىل نص قابل للنقد

نزع ثبوت الداللة عن النص ائيا وحتويله إىل نص متغري : ثانيهما - .الداللة حسب الظروف التارخيية للقارئ

الكرمي لنظرية تنكر اخلالق وتؤول الوحي نلقد نادى أبو زيد بإخضاع القرآتارخيية الغارقة يف اإلهلي على أنه إفراز بيئوي أسطوري ناتج عن املعرفة ال

.بق اهلرمنيوطيقا كما س األسطورة ، واسم هذه النظرية ـــــــــــــــــــــــــــ

. 75 الفكر الديين انظر– 1

Page 82: قضية القران والحداثة

81

تالدارسا بدأ استعماله يف دوائر وطيقا مصطلح قدميومصطلح اهلرمني

املفسر من القواعد واملعايري اليت جبب أن يتبعها ليشري إىل جمموعةةالالهوتيويعود قدم هذا املصطلح للداللة على ) الكتاب املقدس ( لفهم النص الديين وما زال مستمرا حىت اليوم خاصة يف األوساط 1654هذا املعىن إىل عام

وقد اتسع مفهوم املصطلح يف تطبيقاته احلديثة وانتقل من جمال .الربوتستانتيةفة العلوم اإلنسانية كالتاريخ علم الالهوت إىل دوائر أكثر اتساعا تشمل كا

.وعلم االجتماع االنثروبولوجي وفلسفة اجلمال والنقد األديب والفلوكلور وطيقا بالدرس هي معضلة تفسري النص األساسية اليت تتناوهلا اهلومنيوالقضية

بشكل عام سواء كان هذا النص نصا تارخييا أم نصا دينيا ، ومن أكابر ر األملاين شلري ماخر وويلهلم ديلش ومارتن أصحاب هذه النظرية املفك

وتعد اهلرمنيوطيقا اجلدلية عند [ هيدجر وجادامر الذي يقول عنه أبو زيد جادامر بعد تعديلها من خالل منظور جديل مادي نقطة بدء أصيلة للنظر

، يف عالقة املفسر بالنص ال يف النصوص األدبية ونظرية األدب فحسب تراثنا الديين حول تفسري القرآن منذ أقدم عصوره بل يف إعادة النظر يف

. )1(]وحىت اآلن[ لقد طالب أبو زيد بالتحرر من سلطة النصوص الدينية وأوهلا القرآن وقال

قد آن أوان املراجعة واالنتقال إىل مرحلة التحرر ال من سلطة النصوص نقوم وحدها بل من كل سلطة تعوق مسرية اإلنسان يف عاملنا ، علينا أن

. )[ )2ذا اآلن وفورا قبل أن جيرفنا الطوفان ــــــــــــــــــــــــــ

. 49ءة وآليات التأويل ص إشكاليات القرا انظر – 1 . 146 الوسطية اإلمام الشافعي وتأسيس اإليديولوجية انظر– 2

Page 83: قضية القران والحداثة

82

فمشروع أبو زيد هو وضع التصورات املاركسية واملضامني املادية اجلدلية

فسريها جلوانب احلياة يف املعىن القرآين فيصري القرآن ماركسيا فيغري بذلك وتاملفاهيم الرئيسية للقرآن الكرمي ويلغي املعاين احلقيقة للسور واآليات ويطمس احلقائق الدينية اليت رسخها القرآن وبينتها السنة ، فيصري القرآن يقول ما

املذاهب والفلسفات ، أي أنه يقولونه ويتكلم مبا يتكلمون به وينطق بكل ليس له معىن ثابت فمن شاء أن جيعله وجوديا فال حرج أو ماركسيا فال مانع أو صهيونيا فال مشكلة أو علمانيا فال ضري أو عبثيا فال بأس ، هذا هو إعجاز القرآن الكرمي عند نصر حامد أبو زيد وأمثاله ، فإعجاز القرآن عندهم أن

. )1(ئد والشرائعتقرأ فيه خمتلف العقاولقد ظن أبو زيد أنه ذا املنهج قادر على أن يرتع صفة الوحي اإلهلي عن القرآن وبأن اهللا قد مات كما قال نيتشه وبأن ال إله واحلياة مادة كما قال ماركس وغري هذا من الترهات ، وبذلك حاول أبو زيد أن يتعامل مع القرآن

ى باعتبار مضمون القرآن مضمونا كتعامله مع النصوص األدبية األخرأسطوريا غيبيا ، من مث تأيت تطبيقات اهلرمنيوطيقا على القرآن الكرمي معطية

فيكون القرآن من حقائقأثبتهمضامينها اازية اليت تنكر وجود اهللا وتنفي ما اهلدف إعادة فهم النصوص وتأويلها بنفي املفاهيم التارخيية األصلية وإحالل

. املعاصرة األكثر إنسانية وتقدما املفاهيم :وبالتايل خنلص إىل ما يلي من وراء منهج قراءة أبو زيد للنص القرآين

: طعونه يف القرآن ايد ، والسنة املطهرة ، ومن ذلك: أوال سابقة وجوده ادعاؤه أن القرآن ايد ليس وحيا من عند اهللا وإنكاره -

ــــــــــــــــــــــ . 87: نقد النص صانظر -1

Page 84: قضية القران والحداثة

83

من إفرازات أي إنه ، ثقايف بيئي» منتج « يف اللوح احملفوظ ، وزعمه أنه اتمع الذي نشأ فيه الرسول ، ومن إنتاج الثقافة العربية لبيئة الرسول

واتمع ، ومن مث يؤكد يف أكثر من موضع أن القرآن فهو من آثار البيئةوإمنا كان ذلك ألنه مستمد من النيب عهدصورة صادقة للمجتمع يف

إن القول بأن [يقول أبو زيد .عنها ، فال وحي وال قداسة البيئة ، وصادريف هذه احلالة قضية بديهية ال حتتاج إىل إثبات ، النص منتج ثقايف يكون

ثقايف ميثل بالنسبة إىل القرآن مرحلة » منتج« لكن القـول بأن النص للثقافة » منتجا « النص بعدها ، تمال ، وهى مرحلة صارالتكوين واالك

هو الفارق بني استمداده من إن الفارق بني املرحلتني يف تاريخ النص.. إن [ويقول )1( ]وتغيريه هلا الثقافة وتعبريه عنها ، وبني إمداده للثقافة

حقيقته وجوهره منتج ثقايف ، واملقصود بذلك أنه تشكل يف النص يففترة تزيد على عشرين عاما ، وإذا كانت هذه اقع والثقافة خاللالو

عليها ، فإن اإلميان بوجود ميتافيزيقي سابق احلقيقة تبدو بديهية ومتفقا من مث إمكانية الفهم البديهية ويعكر للنص يعود لكي يطمس هذه احلقيقة

. )2( ]صالعلمي للنالقرآن ليس وحيا من عند اهللا بشكل قاطع أنه يرى أن وهذا من املؤلف يبني

ثقايف ، ومأخوذ عن ثقافة البيئة العربية اليت كان فيها حممد وإمنا هو منتج إن الفارق بني املرحلتني هو [ وقد قطع بذلك بوضوح شديد يف قوله

بوجود ميتافيزيقي فإن اإلميان.. الفارق بني استمداده من الثقافة وتعبريه عنها مث إمكانية لكي يطمس هذه احلقيقة البديهية ، ويعكر منسابق للنص يعود

ـــــــــــــــــــــــــــــ .24- 23دراسة يف علوم القرآن : مفهوم النص انظر – 1 .27دراسة يف علوم القرآن : مفهوم النص انظر – 2

Page 85: قضية القران والحداثة

84

، وال وحيا فهو إذن ليس مستمدا من عند اهللا تعاىل] الفهم العلمي للنص

الثقافة ومعرب مستمد من: وإمنا وبوضوح شديد !! به جربيل نزل . عنها

، فكذلك السنة من باب أوىل وألن القرآن مستمد من الثقافة البيئية للنيب اليت استغرقها النص القرآين ، وكذلك نصوص ، وهو حيدد لنا املدة الزمنية

إذا كان قد استعمل يف نبيا ، واهللا السنة بأا املدة اليت عاشها رسول ، فإنه أضاف إليهما لفظة أكثر مستمد ، ومنتج: لفظيت النص السابق - يقصد القرآن والسنة - إذ يقرر أن النص الديين ، تشكلال: وضوحا هي

العشرين عاما ، مث يزيد األمر وضوحا حني قد تشكل خالل فترة تزيد علىال وحى ، وال .. وهكذا لغوية نصوصيصف القرآن والسنة بأما

لغوية كما نصف قطعة تقديس ، وال إعجاز ، وال تشريع ، جمرد نصوص .شعرية أو نثرية

هي نصوص لغوية تشكلت خالل فترة : [ عن القرآن والسنة يقول -تشكلت ، فإننا نقصد وجودها : نقول زادت على العشرين عاما ، وحني

أي وجود سابق هلا يف العلم ظر عناملتعني يف الواقع والثقافة بقطع الن )1( ]اإلهلي أو اللوح احملفوظ

القرآن أي وجود سابق له يف علم اهللا سبحانه ، وينفى عنه أي ينفى عن-بل هو قرآن مجيد : تعاىل وهذا مردود بقوله ،اللوح احملفوظ وجود له يف

.))2 في لوح محفوظ ـــــــــــــــــــــــــ

.اإلمام الشافعي وتأسيس األيديولوجية الوسطية انظر – 1 .22 – 21 سورة الربوج اآليات – 2

Page 86: قضية القران والحداثة

85

على نصوص القرآن والتحرر منها ، ورفض اخلضوع دعوته إىل اخلروج - لزناهلدف الذي يسعى إليه املؤلف إمنا هو التحرر من النصوص ومن م، ف هلا

هذه السلطة إىل التمرد علىوالدعوة لطان اهللا التخلص من س والنصوصيب هو عدو أل على اإلنسان والوجود لذا فإن كل من يعظم سلطان اهللا ،

ألن ومن هنا فقد وقف املؤلف موقف العداء من اإلمام الشافعيزيد،يرد كل قضية مل اإلمام الشافعي يف اجتهاداته حول القياس واالستحسان إمنا

إىل النص من ص إىل ما مياثلها مما ورد فيه نص ، ويرجع باألحكاميرد فيها ن من سلطان اهللا علىنكم ي- أيب زيد يف رأى -كتاب أو سنة ، وهذا

يصور خضوع العبد هللا بأنه خضوع العبدو، و ما يبغضه اإلنسان ، وه يقصد موقف -إن هذا املوقف [ أبو زيد،يقولللسيد ، وهذا ما ال يرضاه

يعكس رؤيته للعامل واإلنسان ، وهى - القياس واالستحسان الشافعي منمغلوال دائما مبجموعة من الثوابت اليت إذا فارقها رؤية جتعل اإلنسان

اإلنسـانية ، وليست هـذه الرؤية حكم على نفسـه باخلروج مناحلاكمية يف اخلطاب الديين لإلنسان والعامل معزولة متاما عن مفهوم

والعامل من منظور عالقة سلفي املعاصر حيث ينظر لعالقة اهللا باإلنسانالأبو زيد يرفض ف)1(] السيد بالعبد الذي ال يتوقع منه سوى اإلذعان

نظر إليه حلكم اهللا ، ويرفض أن ي مرجعية الوحي األعلى ، ويرفض اإلذعانديد أن كما يرفض بإصرار شله دسي ، وأن اهللا تعاىل عبد هللانه على أ

مبعىن آخر ، يرفض أن يعيش أومبجموعة من الثوابت مغلواليعيش فرائض وواجبات مناهللا خاضعا ألوامر اهللا ونواهيه ، وما استقر يف دين

ــــــــــــــــــــــــــ .103: ص اإلمام الشافعي وتأسيس األيديولوجية الوسطية انظر – 1

Page 87: قضية القران والحداثة

86

إىل التحرر مث يدعوجمموعة من الثوابتزيد ، مما يسميه أبووحالل وحرام .ا منها وعدم اخلضوع هل

لوضع احللول – كتابا وسنة –صالحية الشرع الشريف ادعاؤه عدم: ثانيا تعرض للمسلمني حاال ومستقبال ، ودعوته إىل لكل القضايا واملشكالت اليت

: ناالبحث عن حلول ملشاكل طرح الكتاب والسنة وجتاهلهما حني: اخلطورة فحواه ويبدأ الشافعي بتقرير مبدأ على درجة عالية من[يقول

يدل بطرق خمتلفة على حلول لكل- القرآن الكرمي -أن الكتاب املشكالت والنوازل اليت وقعت أو ميكن أن تقع يف احلاضر أو يف املستقبل

تارخينا وتكمن خطورة هذا املبدأ يف أنه املبدأ الذي ساد .. السواء علىوالفكري ، وما زال يتردد حىت اآلن يف اخلطاب الديين لكل العقلي

وفصائله ، وهو املبدأ الذي حول العقل إىل عقل تابع اجتاهاته وتياراته )1( ]واشتقاق الداللة منه يقتصر دوره على تأويل النص

بيانا لكل ونزلنا عليك الكتاب ت : قول اهللاالف هنا خيأبو زيدف )3( ما فرطنا في الكتاب من شيء : وقوله))2 شيءعاملية اإلسالم، وعموميته ، ومشوله لكل اخللق من إنس وجن ، ه إنكار: ثالثا

فاإلسالم [ يقول أبو زيد الباطل بأن اإلسالم دين للعرب وحدهم وادعاؤه )4( ]وأساسها الثقايف واحلضاري لعروبةدين عريب ، بل هو أهم مكونات ا

. وعامليته وهذا إنكار كامل واضح لعمومية اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــ

.21: ص اإلمام الشافعي وتأسيس األيديولوجية الوسطية انظر – 1 .89: سورة النحل اآلية – 2 .38: سورة األنعام اآلية – 3 . انظر مفهوم النص – 4

Page 88: قضية القران والحداثة

87

عريب ، يزيد األمر وضوحا فيبني بو زيد ، بعد أن يقطع بأن اإلسالم دينوأخياالت وأوهام ذهنية بعيدة عن أن الزعم بأن اإلسالم دين عاملي إمنا هو

إن الفصل بني العروبة : [السابق يقول يف نفس الكتاب الواقع متاما عاملية :أوهلا : الذهنية واإلسالم ينطلق من جمموعة من االفتراضات

وحدهم ، ورغم اإلسالم ومشوليته ودعوى أنه دين للناس وليس للعرب أن هذه الدعوى مفهوم مستقر يف الثقافة ، فإن إنكار األصل العريب

)1(]إىل العاملية والشمولية مفهوم حديث نسبيا» للوثب«لإلسالم وجتاوزه :اواملؤلف هنا يبني عددا من األمور اليت يعتنقها ويدعو إليه

.ن عريب ، وليس عامليا وال شامالاإلسالم دي إن - . شامل جمرد افتراض ذهين ال صلة له بالواقع إن االدعاء أنه عاملي -وليس يف » الثقافة « ومشوله مفهوم مستقر يف إن دعوى عاملية اإلسالم -

.القرآن والسنة والدين كله ملية ، كأنه انتهازية وسرقةإىل العا» وثب « إن االدعاء بعاملية اإلسالم -

. وغصبإنه ال أي.. إن دعوى العامليـة اإلسـالم ومشوله مفهـوم حديث نسبيا -

.صلة له بالقرآن أو بالسنة

ـــــــــــــــــــــــــ . انظر كتاب مفهوم النص – 1

Page 89: قضية القران والحداثة

88

قراءة محمد أركون

قدية التارخيية من وتشمل منهجيته يف قراءة النص القرآين على القراءة النإن إعادة [ خالل منظور نيتشه وفرويد وكارل ماركس ، يقول أركون

قراءة القرآن من جديد قراءة نقدية متخصصة ال قراءة إيديولوجية تقليدية هي اخلطوة األوىل اليت ال بد منها من أجل فهم املناخ الفكري والنفسي

ضطرة ألن نأخذ يف للشخصية العربية اإلسالمية ، إن هذه القراءة ماالعتبار كل املسار الفلسفي والنقدي الذي قطعه الفكر الغريب ابتداءا من

)1( ]نيتشه وانتهاءا بفرويد ومرورا بطبيعة احلال بكارل ماركسويفضل حممد أركون دراسة النصوص القرآنية من خالل ارتباطها بالظروف

ومستمعيه شة وأفق حممد التارخيية باعتبار أن مضامينها موافقة لظروف معي .األوائل لكنها مل تعد تتوافق مع ظروف معيشة وأفق قارئ اليوم احلضاري

االستخدام إقصاءإن تبين أركون للتارخيية النقدية مبا هي ميزة تتكفل جانب احلقيقي األيديولوجي للتاريخ يكشف عن الوجه واأليديولوجيالالهويت

. ادعائها العلمية واملنهجية الذي يغلف الرتعة التارخيية يفلقد اشتغل اجلزائري حممد أركون منذ مثانينيات القرن املاضي على وضع

يف آليات قراءة النص الديين وفق منظور املنهج التارخيي موضع التنفيذ واخنرطفضاء فكري خمتلف عن البيئة الثقافية األصلية اليت ينتمي إليها ويشتغل عليها

أكثر موائمة وحتررا وانفالتا من القيود والشروط اليت مما أتاح له وضعا النصوص مع تقتضيها طبيعة التعامل مع احمليط األصلي الذي يضبط التعامل

ــــــــــــــــــــــ . 42-41 انظر اليسار اإلسالمي – 1

Page 90: قضية القران والحداثة

89

وقد دعا حممد أركون إىل ممارسة النقد التارخيي على النص القرآين . الدينية

] عملي يقوم على إخضاع القرآن حملك النقد التارخيي املقارن[ ه بقول التام والعميق للرتوع العلماين الليربايل من خالل باإلخالصواتسم طرحه

سس املنهجية الغربية التارخيية والتفكيكية دومنا مراعاة اخنراطه الكلي باألاألوىف متثيال للخصوصيات احمليطة ، ويعترب منهج أركون هو األكثر أداءا و

للخطاب العلماين على مستوى الدراسات القرآنية ويتعامل مع النص بوصفه مما يفضي إىل إخضاع النص القرآين للقراءة النقدية عن طريق "نصا تارخييا"

النقد التارخيي املقارن وحتليل األلسين التفكيكي مما يفترض وجود مشكلة ه املشكلة يف وجود فرق بني تعترض سبيل فهمنا للنص القرآين وتتضح هذ

وبني النص املكتوب بني دفيت النص املقروء يف زمن نزوله على النيب املصحف ، ويصرح أركون بأن املقدس الذي نعيش عليه أو معه اليوم ال عالقة له باملقدس الذي كان للعرب يف الكعبة قبل اإلسالم وال حىت باملقدس

أما التمييز بني القرآن [ يقول أركون وكما النيب أيامالذي كان سائدا الروح اإلسالمية تغذيةبه الفرق بني الكرمي والظاهرة القرآنية فأقصد

بكالم اهللا تعاىل ودراسة النصوص القرآنية كما ندرس الظاهرة الفيزيائية أو البيولوجية أو االجتماعية أو األدبية ، وذا ميكن لنا جتاوز العراقيل اليت

–وتتمثل العرقلة ] فهمنا آليات القرآن يف الوقت املعاصرحتول دون يف أن القرآن الكرمي يقوم عن طريق العمليات األسلوبية –حسب زعمه

والبالغية خبلع التعايل على أحداث تارخيية واقعية حصلت يف زمن النيب ولكنها حورت من قبل اخلطاب القرآين لكي تتخذ داللة كونية تتجاوز

احمللية وتصبح ال عالقة هلا حبدث حمدد وقع يف التاريخ احملسوس ، خصوصيتها

Page 91: قضية القران والحداثة

90

فيصبح القرآن ميحو املعامل احملسوسة واإلشارات التارخيية الدقيقة عن طريق أسلوب التسامي والتصعيد ، أي تصعيد هذه األحداث بالذات وإسباغ الروحانية الدينية والكونية على مفردات ذات مضمون اجتماعي وسياسي

يف حمو كل – حسب زعمه –وقانوين يف األصل ، وهكذا ينجح القرآن التفاصيل والدقائق التارخيية للحدث ويصبح خطابا كونيا موجها للبشر يف كل زمان ومكان ، وهكذا يفقد صفته التارخيية ويبدوا وكأنه خارج التاريخ

.أو يعلو عليه من القرآن هي حماوالت انطالقا من ذلك يصل أركون إىل أن هذه احملاوالت

دنيوية وأغراضأيديولوجية أي أن القرآن يفعل ذلك ويتعاىل بالتاريخ ملقاصد فقداسة القرآن هنا ليست أصلية إمنا دخيلة وليست جوهرية وإمنا سطحية

سياسية وثقافية وتالعبات سباب وليست حقيقية وإمنا مصطنعة حصلت ألقد وتبني زيفها فيما خيص التوراة ن هذه التالعبات قد كشفها النفكرية وأ

واإلجنيل أما بالنسبة للقرآن فإن هذا مل حيصل بعد ، فال يزال كتابا مقدسا .حيتوي على مساحة كبرية من الالمفكر فيه

من هنا يطمح أركون إىل نزع هالة القداسة عن الوحي بتعرية آليات األسطرة فينظر إىل القرآن ليس على والتعايل والتقديس اليت ميارسها اخلطاب القرآين

أنه كالم آت من فوق وإمنا على أنه حدث واقعي متاما كوقائع الفيزياء ا دون اعتبار لبعده اإلهلي والبيولوجيا ، ومن مث جتب دراسته بوصفه نصا لغوي

ميان بوجود ميتافيزيقي سابق على النص يعكر على كون النص منتجا ألن اإل له ، وعليه فالفهم الصحيح للنصوص الدينية ثقافيا ويعكر الفهم العلمي

يتوقف على إزاحة هذا الغطاء اإليديولوجي املصطنع عن وجه النص القرآين وقراءته على أنه نص تارخيي أديب تطبق عليه املناهج احلديثة املختلفة يف دراسة

Page 92: قضية القران والحداثة

91

النصوص األدبية والتارخيية كمناهج العلوم اإلنسانية واالجتماعية ومنهج يخ املقارن لألديان ذلك أن النظر إىل النص القرآين نظرة نقدية تارخيية التار

من شأا أن تزعزع مجيع األبنية التقديسية والترتيهية اليت بناها انتروبولوجية العقل الالهويت التقليدي وبالتايل تعمل على إفراغ الدين من حمتواه

ويف سبيل حتقيق ذلك األيديولوجي وحتديد مساحته يف إطار علماين ممنهج ،كله يدعو أركون إىل استخدام الدراسة التفكيكية للنصوص املقدسة وإىل قراءا على أا نصوص تارخيية منفصلة عن مصدرها أو ما يسمى يف البنيوية مبوت املؤلف فيتم إخضاع النص القرآين للقراءة كنص بشري أو كنص إهلي

.حمكوم بسقف التاريخ والثقافة

Page 93: قضية القران والحداثة

92

قراءة محمد أحمد خلف اهللام متكنه من العلوم اليت دوتعد قراءته غري كاملة اجلوانب ، وذلك راجع إىل ع

حشر نفسه فيها كغريه من أصحاب املناهج احلديثة ، وجل أفكاره ونزعاته ا دعا إليه أبو زيد وغريه ، وتتخلص قراءته يف إعادة قراءة النص مبشبيهة

را بشريا ال نصا إليها حتكمه ضوابط وشروط يف التعامل الديين باعتباره فكما عدا القرآن فكر بشري نتعامل معه بعقولنا وتفسري رسول [ معه ، يقول

. )1( ]اهللا للقرآن قول بشرإن النص القرآين إن مل يكن : [ ويقول جماهرا برفضه للنص القرآين مجلة

فكر البشري فإن مدار قادرا على حتقيق املصاحل تركناه وجلأنا إىل ال )2( ] والنصوص فرعأصلالنصوص على املصاحل فهي

واشتهرت قراءته بوصف القصص القرآين باخلرافة واخليال واألسطورة وجمانبة نه يتقول على ساطري وأالواقع ، وزعم أن القرآن نفسه ال ينفي أنه حيوي األ

ويقرر أمرا خرافيا أو اليهود وينطقهم مبا مل ينطقوا به ويتقول أمورا لن حتدث وأن مصادر القصص القرآين هي التوراة واإلجنيل واألقاصيص أسطوريا

هو مؤلف القرآن وأن الشعبية واألدب اليوناين والفارسي ، وأن حممدا القرآن يف قصصه مل يتحر الصدق وأنه كان يغري ويبدل يف القصص نزوال

كان ن حممدا سالمية وأ كانت حتيط بالدعوة اإلعلى ظروفه اخلاصة اليتخيلق من احلوادث يف القصص القرآين ما مل يقع ويصوره على أنه الواقع

.التارخيي ـــــــــــــــــــــــــــ

. 40 انظر اليسار اإلسالمي – 1 .34: املصدر نفسه ص– 2

Page 94: قضية القران والحداثة

93

:وتتلخص قراءته يف األمور التالية .أن القرآن من تأليف حممد - .لقرآين والعمل بالنص البشري رفض النص ا - األدب اليوناين والفارسي وميتاز باألسطورة أصلهأن القصص القرآين -

.واخليال .أن القرآن افترى على اليهود وتقول عليهم - .أن القرآن عمل فين خاضع ملا خيضع له الفن من خلق وابتكار -

أمحد حممد–صاحب هذه الرسالة [ يقول الشيخ عبد املتعال الصعيدي مل يكن له أن يظفر إىل الكتابة عن موضوع القرآن وهو جيهل –خلف اهللا

تعريف التناقض يف املنطق ويبين على جهله به حكما خطريا يف قصة يف العلم وعلى أنه جرى إبراهيم وهو يدل على مستوى صاحب الرسالة

ومل يف رسالته على هذا املنوال فقذف نفسه يف حبر ال حيسن السباحة فيه خيض فيه فحول العلماء وأكابر احلكماء من الطربي إىل الزخمشري إىل

. )1( ]الرازي وإىل أمثاهلم يف علمهم وحكمتهمالفن القصصي يف القرآن " خلف اهللا منهجه يف كتاب مساه املدعووقد مجع

وقد حتت إشراف أمني اخلويل 1947عام وتقدم به يف كلية اآلداب "الكرميإن صاحب الرسالة يرى أن القصة يف [اذ أمحد أمني فقالد عليه األستر

التاريخ ال تلتزم الصدق التارخيي وإمنا تتجه كما يتجه األدب إىل تصوير أن البشرى اقض يف رواية اخلرب الواحد مثل احلادثة تصويرا فنيا بدليل التن

صاحبأن تدل على التناقض هذا فدعوىالمرأته كانت إلبراهيم أو ـــــــــــــــــــــ

. انظر أعالم وأقزام – 1

Page 95: قضية القران والحداثة

94

صاحب هذه الرسالة ال يعرف تعريف التناقض وعلى أنه سار يف رسالته ذا العلم الذي ال يزال يف طور الطفولة ، فضل الصواب وخبط خبط عشواء والقرآن أجل من أن يتناول مبثل هذا العلم العاجز وأخطر من أن

. )1( ] جيهل تعريف التناقضحيكم يف مسائله من ال يزال

ـــــــــــــــــــــــ .424 – 422 انظر أعالم وأقزام – 1

Page 96: قضية القران والحداثة

95

قراءة أدونیس

علي أحمد سعیدويشمل منهجه إعادة قراءة النص القرآين باعتباره نصا فينيقيا قدميا ، وهي

وللعرب قراءة حتمل الشيء الكثري من الكره للقرآن واإلسالم والرسولكراهية عميقة ، لذلك فهو يتبىن كل ما يوحى بابتعاده عن العروبة وتسخطه عليها ، باإلضافة إىل غنائه النائح حول فينيقيا وإىل تسمية نفسه باسم أدونيس كرمز من الرموز اليت يدعو القوميون إىل إحيائها ، ويشبه نفسه مبهيار على

فارسي وبذلك يتربأ أصل ألنه من اعتبار أن مهيار ال ينتمي إىل العرب .أدونيس من عروبته ، وال يعترف باإلسالم كشريعة وديانة مساوية

وسارت له شهرة داوية يف احملافل األدبية والفكرية على صعيد العامل العريب ودوائر االستشراق األورويب وخباصة الفرنسي ، وقد تصدى له يف الستينيات

ألدباء والشعراء منهم الدكتور عبده بدوي عرب جملة الرسالة عدد من اوالدكتور أمحد كمال زكي واألستاذ عباس خضر والدكتور عبد الكرمي اخلطيب ، وممن تصدى له كذلك وفضح زوره ودجله الدكتور حلمي

."احلداثة العربية املصطلح واملفهوم"القاعود يف كتابه :أو منهجه يف اآليت وتتلخص قراءته للنص القرآين

.رفض االنتماء اإلسالمي والعريب مجلة واحدة -اعتبار النص القرآين نصا فينيقيا وبذلك ال يؤدي النص القرآين دوره -

.إال إذا قرئ كما تقرأ النصوص الفينيقية نفي الدين من واقع األمة وتصورها ، واعتباره نقطة عار يف وجه -

دينا ومع ذلك احلضارة العربية أمام احلضارة الغربية اليت ال تعرف

Page 97: قضية القران والحداثة

96

بلغت درجات عالية يف التطور واالزدهار ، واعتبار الدين هو املعوق .الوحيد لتطور األمة وازدهار اتمع وحتقيق الرفاهية

االنفصال عن املاضي ، والدعوة إىل التمسك باملستقبل الكائن يف -خذ احلضارة الغربية املتطورة ، ودفع املثقفني واألدباء والشعراء إىل األ

.بالنموذج الغريب يف مجيع ااالت بدون نقد أو إقصاء والواضح من قراءة أدونيس هو هدم العقيدة واإلميان ويؤكد على ذلك بقوله

اهللا يف التصور اإلسالمي التقليدي نقطة ثابتة متعالية منفصلة عن اإلنسان [ التصوف ذوب ثبات األلوهية ، جعل حركة النفس يف أغوارها ، أزال

وأعطى اإلنسان ) أي اهللا ( احلاجز بينه وبني اإلنسان ، وذا املعىن قتله طاقاته ، املتصوف حيىي يف سكر يسكر بدوره العامل وهذا السكر نابع من قدرته الكامنة على أن يكون هو واهللا واحد ، صارت املعجزة تتحرك بني

. )1( ]يديه

ــــــــــــــــــــــــــــ .131: ر مقدمة الشعر العريب ص انظ– 1

Page 98: قضية القران والحداثة

97

قراءة حسن حنفيويشمل منهجه إعادة قراءة النصوص الدينية من منطلق كوا نصوص تراثية ال غري ، واعتبار العقيدة والوحي والنبوة والرسالة واإلميان والغيب وغريها من مفاهيم ثوابت الدين ومصطلحاته جمرد أمور تافهة ال تعدو أن تكون

– اهللا –إنه [ أدبية وتعابري إنشائية ال تعرب عن الواقع ، يقول اصطالحاتهو األرض واخلبز واحلرية والعدل والعتاد والعدة وصرخات األمل وصيحات الفرح ، فهو تعبري أديب أكثر منه وصفا لواقع وتعبري إنشائي أكثر منه وصفا خربيا ولذلك وجب التخلي عن ألفاظ ومصطلحات كثرية

اهللا والرسول والدين واجلنة والنار والثواب : ول الدين من مثل يف علم أصوالعقاب ، ألن هذه األلفاظ واملصطلحات قطعية وألا جتاوز احلس واملشاهدة وألا تشري إىل مقومات غري إنسانية فما اهللا إال وعي اإلنسان

وكل بذاته وما صفاته وأمساؤه إال آمال اإلنسان وغاياته اليت يصبو إليها – العلم والقدرة واحلياة والسمع والبصر والكالم واإلرادة –صفات اهللا

اهللا احلسىن تعين آمال اإلنسان أمساءصفات اإلنسان الكامل وكل كلها وغاياته اليت يصبو إليها ، فاحلقيقة هي اإلنسان والواقع الذي يعيش فيه

، والتوحيد ولذلك فتعبري اإلنسان الكامل أكثر من تعبريا من لفظ اهللاليس توحيدا لذات اإلهلية كما هو احلال يف علم الكالم املوروث وإمنا هو وحدة البشرية ووحدة التاريخ ووحدة احلقيقة ووحدة اإلنسان ووحدة اجلماعة ووحدة األسرة ، فاملهم هو إجياد الداللة املعاصرة للموضوع

صدق داخلي وال القدمي وختليصه من شوائبه الالهوتية ، فليس للعقائديوجد دين يف ذاته والوحي هو البناء املثايل للعامل ، واملطلوب هو حتويل الوحي إىل إيديولوجية وإىل علم إنساين ، والعلمانية هي أساس الوحي ،

Page 99: قضية القران والحداثة

98

فالوحي علماين يف جوهره والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ ، تظهر يف والتراث قضية وطنية ال دينية حلظات ختلف اتمعات وتوقفها عن التطور

ومادة التراث نسقطها كلها من احلساب ونستبدل ا مادة أخرى جديدة من واقعنا املعاصر ، واإلحلاد هو التجديد والتحول من القول إىل العمل ومن النظر إىل السلوك ومن الفكر إىل الواقع ، إنه وعي باحلاضر ودرء

ان واملطلوب هو االنتقال من العقل إىل لألخطار بل هو املعىن األصلي لإلميالطبيعة ومن الروح إىل املادة ومن اهللا إىل العامل ومن النفس إىل البدن ومن

.)1( ]وحدة العقيدة إىل وحدة السلوك ومن العقيدة إىل الثورةوهكذا فقراءة حسن حنفي جترد مجيع ثوابت اإلسالم وعقائده ومصطلحاته

النقل وحده ال " وأن )2("عبث حداثي المعقول"ه من حمتواها الديين وتعترباجلن واملالئكة " وأن )3("يثبت شيئا ، وقال اهللا وقال الرسول ال يعترب حجة

والشياطني بل اخللق والبعث والقيامة ألفاظ جتاوز احلس واملشاهدة وال ميكن استعماهلا ألا ال تشري إىل واقع وال يقبلها الناس وال تؤدي دور

النقل وأن كل ما عارض العقل فإنه أساسالعقل هو " ، وأن )4("لاإليصالقد احتمينا بالنصوص ..يعارض النقل وكل ما وافق العقل فإنه يوافق النقل

. )5("فجاء اللصوص ــــــــــــــــــــــــ

. 29 – 28 مستقبلنا بني التجديد اإلسالمي واحلداثة الغربية للدكتور حممد عمارة انظر– 1 .139-130-128: نفي ص التراث والتجديد حلسن ح انظر– 2 .33: انظر اليسار اإلسالمي ص– 3 .51 : ص اليسار اإلسالمي انظر – 4 .120-119 انظر التراث والتجديد – 5

Page 100: قضية القران والحداثة

99

وهذه العبارة " لص" وهكذا فحنفي جيعل املؤمن بالنص والداعي إليه نفي من الشاعر الفلسطيين استعارها ح" احتمينا بالنصوص فجاء اللصوص"

. )1(حممود درويشمن مث فقراءة حسن حنفي تساوت لديها النصوص الدينية مع األمثال العامية واألغاين الشعبية وتعترب قصص آدم وحواء واملالئكة والشياطني كلها رموز أو جزء من األدب الشعيب وأن اإلنسان ال حيتاج إىل الوحي أو إىل اإلميان باجلن

ميكن للمسلم املعاصر أن ينكر كل [ فهو يقول )2(الئكة ليكون مسلماواملال [ ويقول )3( ]اجلانب الغييب يف الدين ويكون مسلما حقا يف سلوكه

يوجد دين يف ذاته بل يوجد تراث جلماعة معينة ظهر يف حلظة تارخيية . )4( ]حمددة وميكن تطويرها للحظة تارخيية قادمة

لتراث موقف نقدي تارخيي فهو يعين إبراز مواطن وموقف حسن حنفي من االتقدم يف التراث من عقالنية وطبيعية ودميقراطية والبد من التحرر من كل سلطة إال من سلطة العقل والواقع حىت تعود لإلنسان قيمته اليت فقدها عندما

ويرى أن السبب يف فقد اإلنسان لقيمته يف تراثنا اإلسالمي )5(اعترف باهللاجع إىل سيادة االختيار األشعري وأن هذه السيادة هي إحدى معوقات ير

. )6(العصر ألا تعطي األولوية هللا يف الفعل ويف العلم واحلكم ويف التقومي ـــــــــــــــــــــــــ

. 55-53لي ظاهرة اليسار اإلسالمي حملسن احلي انظر– 1 .42تور حممد عبد القادر هنادي دك قالع املسلمني مهددة من داخلها لل انظر– 2 .93-91 فكرنا املعاصر حلسن حنفي قضايا معاصرة يف انظر– 3 . 22 انظر التراث والتجديد – 4 . اليسار اإلسالمي العدد األول ماذا يعين اليسار اإلسالمي حلسن حنفي جملة: انظر مقال – 5 .21التراث والتجديد انظر – 6

Page 101: قضية القران والحداثة

100

ربية تقليدية قاصرة وتتضمن عيوبا كثرية منها أا لغة إهلية ويرى أن اللغة الع

تدور األلفاظ فيها حول اهللا بل إن لفظ اهللا ال يعرب عن معىن معني فهو صرخة وجودية ، إذ أن اهللا عند اجلائع هو الرغيف وعند املستعبد هو احلرية وعند

مث ينتهي " نصرخة املضطهدي"املظلوم هو العدل ، أي أنه يف معظم احلاالت عاين كثرية مألن اهللا حوى " اهللا"حنفي إىل أنه ال ميكن إيصال أي معىن بلفظ

. )1(لدرجة أنه يدل على معان متعارضة

ـــــــــــــــــــــ . 129 والتجديد التراث انظر- 1

Page 102: قضية القران والحداثة

101

ص يظهر لنا من خالل مجيع املشاريع السابقة اليت تبغي إعادة قراءة النصو

الدينة قراءة حديثة ، تدعو إىل تفريغ جعبة النص الديين من مفاهيم العامليةواإلطالقية ونزع صفة اخللود والصالحية لكل زمان ومكان عنه ، وذلك بغية االلتفاف على حقيقة كونية القرآن الكرمي من خالل إحالته إىل التاريخ والنظر

رخيية وظرفية يزول بزواهلا وتعمل إليه باعتباره نصا تارخييا حمكوما بشروط تاعلى ربط القرآن بسياقات ترتيله وتفسري معانيه تفسريا تداوليا قاصرا من

الرتول والناسخ واملنسوخ واملكي واملدين أسبابخالل اخلوض يف مسألة وغريها من القضايا ، فالغاية من أرخنة اخلطاب القرآين هي العودة بالقرآن

قاعدته البيئوية والعرقية اللغوية واالجتماعية الكرمي بشكل علمي إىل والسياسية اخلاصة حبياة القبائل يف مكة واملدينة يف بداية القرن السابع امليالدي وهذا اجلهد جيد مشروعيته يف القول بأن القرآن الكرمي خطاب تارخيي يتغري

عقائد فهمه ومعناه مع تغري الزمان واملكان وبناءا على ذلك فما جاء فيه منوتشريعات وأحكام تتغري وتتبدل مع تبدل الزمان واملكان وهذا التبدل ال يقصد منه هنا املرونة يف االجتهاد الفقهي املواكب ملتغريات الواقع عرب الزمان واملكان مبقدار ما يعىن به عدم صالحية احلكم الشرعي لكل زمان ومكان

د يتالءم مع الوضع احلال فهو وقيت مبعىن أنه جاء لوقت قد مضى ومل يعوبالتايل جيب أن تتغري تفسرياته مبا يناسب الوضع املستجد ، ومثرة هذا اجلهد تظهر فقط يف كشف اللحظة التارخيية األوىل اليت تتكشف عن املعىن املدفون

اإليديولوجية القابعة يف مناهج الدراسات احلديثة ، حتت أنقاض املؤامرة رآين كنص حمكوم بسقف التاريخ والثقافة من شأا وذلك أن قراءة النص الق

أن تكشف لنا عن اخللفية السياسية والثقافية للتالعبات الفكرية ، وهذا النقد

Page 103: قضية القران والحداثة

102

سوف يساهم يف تعرية النص القرآين من هالة القداسة كما حصل للتوراة واإلجنيل لعلمهم أن املسلمني ال يسمح هلم أن يلمسوا القرآن بغري طهارة فما

الك بالقراءة ، واعتربوا هذا من قمة التقديس الذي أفردوا له جهودهم ب .وسعيهم احلثيث من أجل القضاء عليه

إال أن الذي حصل بالفعل عند تصفح بنيات التطبيق املنهجي التارخياين اليت اجنازها القراءة احلديثة السابقة، هي وقوع أصحاا يف فخ التقليد ت يفسامه

طبيقية اهلزيلة ملا أحدثته الدراسات االستشراقية التارخيانية على واحملاكاة التمستوى التوراة واإلجنيل، وسوف حناول الوقوف فيما يلي على عملية اإلسقاط احلريف واليت تنم عن جتاهل مطبق للخصوصية القرآنية والتراثية حىت

. ازليخال القارئ هلذا احلقل أنه بإزاء انبعاث استشراقي مندثر بامتيوسوف نسوق هنا لبعض الدالالت املباشرة اليت أفضت إليها املمارسة املنهجية التارخيانية واليت تفصح عن مستوى اخلطاب العلماين يف سلوكه

:البحثي للنص القرآينتربط القراءات احلديثة بني القرآن : األسطرة ومشاة التوراة واإلجنيل-

ن احلكايات التوراتية واخلطاب قول بأة بوصفه اخلطاب األسطوري فتوالتوراوأن القرآن . القرآين مها منوذجان رائعان من مناذج التعبري األسطوري

كاألناجيل ليس إال جمازات تتكلم عن الوضع البشري، و هذه اازات ال فالقرآن الكرمي ال يعدو أن يكون نصا . ميكن أن تكون قانونا واضحا

. أسطوريا ليس إال جمازات عالية – كما األناجيل –فالقرآن : ن الكرمي تشريعية القرآ-

وإن املعطيات . تتكلم عن الوضع البشري ال ميكن أن تكون قانونا واضحااخلارقة للطبيعة واحلكايات األسطورية القرآنية سوف تتلقى بصفتها تعابري

Page 104: قضية القران والحداثة

103

أدبية، أي تعابري محورة عن مطامح ورؤى، وعواطف حقيقية، ميكن فقط ) النفسي(والبسيكولوجي ) االجتماعي(للتحليل التارخيي السيسيولوجي

ويف هذا تشري مجيع مشاريع القراءة احلديثة . أن يعيها ويكشفها–اللغوي للنص القرآين بإشارة واضحة إىل نفي كون القرآن الكرمي مصدرا للتشريع،

صلة فالقرآن يف نظرها جمرد جمازات أدبية وحكايات أسطورية ليس هلا . بالواقع

وللقراءات احلديثة نفس املوقف االستشراقي من : القصص القرآين- القصص القرآين يف زعمهم نقلها عن التوراة واإلجنيل، وتردد مزاعم املستشرقني يف وضوح التداخلية النصية بني القرآن والنصوص األخرى اليت

تداخلية النصية سبقته، وأن سورة الكهف تشكل مثال ساطعا على ظاهرة الأهل الكهف، : الواسعة املوجودة يف اخلطاب القرآين، فهناك ثالث قصص هي

: ويقصد(ورواية اإلسكندر األكرب ) اخلضر: يقصد به(وأسطورة غلغاميش ومجيعها حتيلنا إىل املخيال الثقايف املشترك واألقدم ملنطقة ) به ذي القرنني

سة نقدية متحص تلك األخبار، ويف سبيل قيام درا. الشرق األوسط القدميينبغي القيام بنقد تارخيي لتحديد أنواع اخللط واحلذف واإلضافة واملغالطات التارخيية اليت أحدثتها الروايات القرآنية بالقياس إىل معطيات التاريخ الواقعي

. احملسوسيت تبىن أصحاب القراءة احلديثة منطق التفسريات الرمزية الباطنية ال: الرمزية-

هي امتداد ملذهب الرمزية لدى فرويد، وماركس، ونيتشه، واليت ترى أن الرمز حقيقة زائفة ال جيب الوثوق به بل جيب إزالتها وصوال إىل املعىن

وهم كثريا ما يرددون مصطلح الرمزية يف فهم النص، أو ما . املختبئ وراءهاوميجدون . صيف فهم وتفسري الن) الداللية(يسمى بالرمزية السيميائية

Page 105: قضية القران والحداثة

104

التفسريات الباطنية أو الرمزية للصوفيني، والقراءات اازية للغنوصيني الباطنيني ويعتربوا أكثر خصوبة باملعلومات والدروس احملتمل وجودها يف

.القرآنجلميع أصحاب القراءة احلديثة املوقف ذاته من مجع : مجع القرآن الكرمي-

يات اإلسالمية حول كتابة القرآن الكرمي يف القرآن الكرمي والتشكيك يف الروابعدم تسليم هلا ويثنون على ومجعه يف عهد أيب بكر وعثمان، والعهد النبوي

الكتابات االستشراقية الناقدة لصحة مجع القرآن أمثال كتابات املستشرق األملاين نولدكه، يف كتابه تاريخ القرآن، وشوايل، وبريغستراسري يف كتابيهما

.قرآن، وتاريخ النص القرآين، واملستشرق األملاين ربيجيس بالشريمجع الويعتربونه األسلوب املمنهج يف القرآن خلداع : الغيب يف القرآن الكرمي-

الناس والتمويه عليهم وذلك بالنعيم يف اجلنة للمجاهدين يف سبيل اهللا وبالنار قد استطاع ذه وأن اخلطاب القرآين. يف اجلحيم للمخالفني لتعاليم اهللا

خلع القدسية والتعايل على التاريخ البشري األكثر مادية ) وال يزال(الطريقة ودنيوية واألكثر عادية وشيوعا واالعتباطية اجلذرية لألحداث ، وأن الغيب عبارة عن تصورات تشكل خمياال كونيا تستحيل يف الزمان التجريـيب

.احملسوس الذي نعيشه

Page 106: قضية القران والحداثة

105

Page 107: قضية القران والحداثة

106

لنص القرآنياقتراح ضوابط القراءة العلمیة ل

مما سبق يظهر أن جمموع مشاريع الدراسات احلديثة للنصوص الدينية بصفة عامة وللنص القرآين بصفة خاصة تنطلق من منطلق اإلساءة هلذه النصوص

لوحيد يف ضة األمة وتطورها ، ولذلك تركزت جلها واعتبارها املعوق اعلى اعتبار النص القرآين نص بشري أو نص تارخيي أو فينيقي أو حىت تراثي ويف بعض املرات إنكار كونه وحيا إهليا ، وما ذلك إال للوصول إىل نتيجة يسيل هلا لعاب أصحاب القراءة احلديثة وهي قابلية النص القرآين للنقد

ح والتعليق ، ومن مت حتقيق اهلدف الذي من أجله ظهرت هذه والتشرياملشاريع وعليه تتقاضى أجورها وهو إبعاد القرآن الكرمي من حياة الناس وانشغاالم وحصره يف القرون األوىل واعتبار كل من فسره من منطلق كونه

.اشور نصا إهليا مل يفقه الغاية منه بدءا من ابن عباس وانتهاءا بالطاهر بن ع، فعلى وعلى اعتبار ما سبق فنحن لسنا ضد الدراسات اجلديدة للنص القرآين

العكس من ذلك حنن حباجة إليها فتطور اتمع واألمة وظهور نوازل جديدة ، تتطلب قراءة جديدة للنصوص الدينية من علمائنا ال من سفهائنا ، من

منطلق املسؤولية وهية واللهو ، ولذلك يتطلب يف األمة ال من منطلق العبثماملتقدم لقراءة النص القرآين قراءة جديدة أن يكون مستوفيا جلميع الشروط العلمية احلاكمة لقواعد النظر يف النص القرآين ، ألن دراسة النص القرآين وقراءته تعترب علما كامال له أسسه وقواعده ومتطلباته وال يقتصر فقط على

وإمنا يتطلب توفر علوم عديدة باإلضافة إىل أخالق التفسري وإبداء الرأي رصينة فال يتصور أن يتقدم لقراءة النص القرآين رجل ال يعرف أين القبلة وصاحب مخر وحشيش ويطالب بقراءة النص القرآين قراءة جديدة فهذا مل

Page 108: قضية القران والحداثة

107

خالق واالنضباط اإلسالمي على أن يتوفر فيه غريه من يتوفر فيه شرط األ .ميان التقوى واإل

لذلك فهناك ضوابط وشروط وقواعد جيب مراعاا أثناء قراءة النص القرآين :وقد قسمتها إىل قسمني

.فيما يتعلق بالقارئ : القسم األول .فيما يتعلق بالنص : القسم الثاين

:فأما القسم األول : فيما يتعلق بالقارئ – 1 : العلم –أ لقارئ النص القرآين أن يكون عاملا باللغة والبد :العلم باللغة العربية -

العربية وعلومها معرفة تيسر له فهم خطاب العرب وعادام يف االستعمال إىل حد مييز به بني صريح الكالم وظاهره وجممله وحقيقيته وجمازه وعامه وخاصه وحمكمه ومتشاه ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه وحلنه ومفهومه ،

ه أن يبلغ درجة اخلليل واملربد خفيف فيه أنه ال يشترط فيوالت[ قال الغزايل ن يعرف مجيع اللغة وأن يتعمق يف النحو ، بل القدر الذي يتعلق وأ

بالكتاب والسنة ويستويل به على مواقع اخلطاب ودرك حقائق املقاصد وال يشترط أن يكون حافظا هلا عن ظهر قلب [ ويقول الشوكاين . )1(]منه

يف يكون متمكنا من استخراجها من مؤلفات األئمة املشتغلني بل املعترب أن أحسن تقريب وهذبوها أبلغ ذيب ورتبوها على ذلك وقد قربوها

.حروف املعجم ترتيبا ال يصعب الكشف عنه ــــــــــــــــــــــــــ

. 352-1/351 املستصفى انظر – 1

Page 109: قضية القران والحداثة

108

يها وخواص تراكيبها يبعد اإلطالع عليه وإمنا يتمكن من معرفة معان والوما اشتملت عليه من لطائف املزايا من كان عاملا بعلم النحو والصرف واملعاين والبيان حىت يثبت له يف كل فن من هذه ملكة يستحضر ا كل ما حيتاج إليه عند وروده عليه فإنه عند ذلك ينظر يف الدليل نظرا صحيحا

املقدار احملتاج إليه من ويستخرج من األحكام استخراجا قويا ومن جعل من املؤلفات املوضوعة هذه الفنون هو معرفة خمتصراا أو كتاب متوسط

بعد ، بل االستكثار من املمارسة هلا والتوسع يف االطالع على فيها فقد أمطوالا مما يزيد اتهد قوة يف البحث وبصرا يف االستخراج وبصرية يف

ن تثبت له امللكة القوية يف هذه العلوم اصل أنه البد أحصول مطلوبه واحلوإمنا تثبت هذه امللكة بطول املمارسة وكثرة املالزمة لشيوخ هذا الفن ،

جيب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما "قال اإلمام الشافعي ومعرفة لسان العرب فرض على "قال املاوردي " يبلغه جهده يف أداء فرضه

)1( ]"كل مسلم من جمتهد وغريه ومعرفة القرآن الكرمي بل حفظه أمر ضروري :العلم بالقرآن الكرمي -

لقارئ النص قصد االستدالل واالستنباط وإدراك الفهم الصحيح السليم ىشربة ومحرى ودهء وانا لكل شييتب الكتاب كلينزلنا عو

لمينسللم)2( ته ، ألن من ال يعرف القرآن ال يعرف شريعة فالبد من معرفإن الكتاب قد تقرر أنه كلية الشريعة وعمدة امللة [ إلسالم ، قال الشاطيب ا

وينبوع احلكمة وآية الرسالة ونور األبصار والبصائر وأنه ال طريق إىل اهللا بشيء خيالفه وهذا كله ال حيتاج إىل تقرير وال متسك سواه ، وال جناة بغريه

ـــــــــــــــــــــــــ . 252-251 انظر إرشاد الفحول – 1 .89سورة النحل اآلية – 2

Page 110: قضية القران والحداثة

109

وإذا كان كذلك لزم ضرورة .واستدالل عليه ألنه معلوم من دين األمة

ملن رام االطالع على كليات الشريعة وطمع يف إدراك مقاصدها واللحاق يسه على مر األيام والليايلبأهلها ، أن يتخذه مسريه وأنيسه وأن جيعله جل

نظرا وعمال ال اقتصارا على أحدمها فيوشك أن يفوز بالبغية وأن يظفر وقد خفف العلماء )1( ]بالطلبة وجيد نفسه من السابقني ويف الرعيل األول

يف ذلك على اتهد بقدر مخسمائة آية مما يتعلق باألحكام ، وقد حكى تصار املفسرين على العدد املذكور إمنا هو املاوردي عن بعض أهل العلم أن اق

ألم رأوا مقاتل بن سليمان أفرد آيات األحكام يف تصنيف وجعلها مخسمائة والذي أراه أن يكون املتقدم للنص القرآين عارفا معرفة تامة وكاملة )2(آية

أن يكون حافظا له وإال ملا كان بالقرآن الكرمي وبكل موضع منه بل وجيب اءة النص القرآين ألنه قل أن يوجد يف القرآن آية ال يستنبط منها رشحا لقرم

وأن متييز آيات األحكام من غريها متوقف على معرفة شيء من األحكاماجلميع بالضرورة ، مث إن الذي ال يستطيع حفظ القرآن الكرمي عن ظهر قلب

.ال يستطيع أن يأيت بشيء يف اجتهاده وقراءته كل ما صدر من رسول اهللا ويشترط يف ذلك معرفة :وية النب العلم بالسنة- سواء كان فعال أو قوال أو تقريرا لكون السنة هي املصدر الثاين من

يتسىن من أصول األحكام الشرعية ولناملصادر التشريعية وهي األصل الثاين .للمفسر فهم النص القرآين إال من خالهلا

ــــــــــــــــــــــــــ . 3/346 املوافقات ظر ان– 1 . 250 إرشاد الفحول انظر– 2

Page 111: قضية القران والحداثة

110

لذلك كل من تقدم للقرآن من غري زاد من السنة كان مصري تفسريه جمانبة

.الصواب وقد بني القرآن الكرمي يف العديد من آياته الكرمية مكانة السنة ودعا إىل

وطالب املسلمنياألخذ ا ، وقارن بني طاعة اهللا وطاعة رسوله باالحتكام إىل رسول اهللا فيما شجر بينهم من خالف ، قال تعاىل مؤكدا

وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله هذه املعاين يحكموك وربك لا يؤمنون حتى وقوله تعاىل ))1 إن الله شديد العقاب

فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وقوله تعاىل ))2تسليما

عتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن وأولي الأمر منكم فإن تناز وقوله تعاىل ))3 كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا

منة إذا قضى اللؤلا ممن وؤلم ا كانمتو ا أنرأم ولهسرو ه مله كون . ))4 الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا

فالسنة هي املصدر التفسريي والتوضيحي املكمل للمصدر األول وهو القرآن .الكرمي ، فال يتصور دارس للقرآن من غري سنة

ـــــــــــــــــــــــــ

.07سورة احلشر اآلية – 1 .65 سورة النساء اآلية – 2 .59 سورة النساء اآلية – 3 .36 سورة األحزاب اآلية – 4

Page 112: قضية القران والحداثة

111

ومعرفة أحوال صحابة رسول اهللا :العلم بأحوال الصحابة وأقواهلم -

وأقواهلم شرط أساس يف قراءة النص القرآين بعد معرفة السنة النبوية املطهرة بة رضوان اهللا عليهم بلغوا يف األمة اإلسالمية درجة التفوق ، إذ أن الصحا

:فهم .متيزوا مبشاهدة الوحي ومعاينة نزوله ومعرفة القرائن واألحوال - . متعلقة قلوم به متيزوا بالربانية ، فقد كانوا موصلي العالقة باهللا -ون على فهم خري القرمتيزوا باختيار اهللا هلم ليكونوا أصحاب حممد -

.اإلطالق متيزوا بالتطبيق احلريف لإلسالم والفهم العميق ملا يتضمنه من مبادئ وأسس -

.وأحكام .متيزوا بالصدق والتقوى وتعديل اهللا هلم يف حمكم كتابه وجليل خطابه - ويشترط يف ذلك معرفة السرية النبوية املطهرة للنيب :العلم بالسرية النبوية -يع ما كتب فيها بدءا من سرية ابن هشام إىل كتاب واإلطالع على مج

وأخالقه وتاريخ جهاده وغزواته ومعامل نبوته ، فسريته )1(املباركفوريومعجزاته وفضائله هلا دور مهم يف فهم القرآن الكرمي ومعرفة أحكامه

.وتشريعاته دم للنص وتعترب معرفة علوم القرآن أمرا الزما ملن يتق:العلم بعلوم القرآن -

القرآين قصد القراءة والتفسري واالجتهاد لصلة العلوم بالقرآن الكرمي وارتباطها . بسببه وخلدمته والعون على فهمه الوثيق به ، فما نشأت إال

ـــــــــــــــــــــ . انظر الرحيق املختوم – 1

Page 113: قضية القران والحداثة

112

ال ومن ميعن النظر يف علوم القرآن يقف على مقدار مدى تأثري القرآن فيها فوكل [ يكاد خيلو علم منها من استهداء به واقتباس منه ، يقول الزركشي

. )1( ]علم من العلوم منتزع من القرآن وإال فليس له برهانوهي علوم تتعلق بالقرآن وتتناول جوانب خمتلفة منه بالشرح والتفصيل والتعريف من مبدأ نزوله وكيفية هذا الرتول وأسبابه ومكانة ومدته ومجعه

وكتابته ولغته وأسلوبه وإعجازه وقراءاته وترتيب سوره وآياته وطريقة ترتيله وشروط تفسريه وبيان حمكمه ومتشاه ومكيه ومدنيه وناسخه وأدائه

ومنسوخه وأقسامه وأمثاله وترمجته وسنده وغريب ألفاظه ، فإذا حتقق كل :هذا يف اتهد حتقق له بذلك

.قرآن وعلوم معارفه ثقافة عالية واسعة تتصل بال -تعني على فهم القرآن وتفسريه وأخذ اآلداب واألحكام منه ، وجتعله -

.قوي االستدالل حسن االستنباط وعلى قدر معرفة هذه العلوم والتمرس ا واإلخالص هللا فيها يسهل حتقيق

.اهلدفني املذكورين حيح وعلى رأس ذلك التمييز بني احلديث الص:العلم بعلوم السنة -

وإتقان علوم احلديث فإن جاهله ال يعذر ، واحلسن والضعيف واملوضوعفعليه بعلم طرق حتمل احلديث وأدائه وعلم غريبه وخمتلفه ومشكله وناسخه ومنسوخه وعلم اجلرح والتعديل وعلم مصطلح احلديث فالصحيح وأقسامه

جب واواحلسن وأصنافه والضعيف وأنواعه واملوضوع وعالماته ، كل هذا .يف حقه

ــــــــــــــــــــــــــ . 1/07 انظر الربهان يف علم القرآن - 1

Page 114: قضية القران والحداثة

113

مث بعد ذلك احلفظ فمن ال حيفظ احلديث ليس من أهله أو كما يقول ابن

من مل حيفظ احلديث فليس هو من [ عدي عن هشيم من جهة النفيلي يعة احلال ومن مل يكن من أصحاب احلديث فهو بطب)1( ]أصحاب احلديث

فصالن ، وال نليس من أصحاب القرآن ، إذ احلديث والقرآن علمان ال ي .يفهم القرآن من مل يتقن احلديث ، وال يفهم احلديث من مل يتقن القرآن

وقد اختلف العلماء يف القدر املطلوب حفظه من احلديث يف اتهد قال ابن : الضرير أمحد بن حنبل العريب يف احملصول ثالث آالف ، وقد سأل أبو علي

كم يكفي الرجل من احلديث حىت ميكنه أن يفيت ؟ يكفيه مائة حديث ؟ قال ال : أربعمائة ألف ؟ قال : ال ، قلت : ثالمثائة ألف ؟ قال : ال ، قال : أمحد

. )2(ارجوا: قلت مخسمائة ألف ؟ قال ونية وما يتصل كالعلوم االجتماعية والعقلية والك:العلم باملعرفة العامة -

بالثقافة العامة فالتاريخ واجلغرافيا وعلم االجتماع وعلم النفس والفلك واملنطق كل هذه العلوم وغريها مما يساعد على تفسري القرآن تفسريا يتصل حبياة الناس ، ومتكنه من كشف ما ميكن أن ينطلي على من مل يدرك تلك

. أثناء تفسريه للقرآن الكرمي العلوم وهي أن يكون املفسر أو اتهد موهوبا ذا قدرات عقلية :رة العقلية القد -

ممتازة ، قوي االستدالل حسن االستنباط قادرا على الترجيح إن تعارض األدلة عنده عارفا باختالف األقوال على حقيقته إذ كثريا ما يكون االختالف

.اختالف تنوع ال اختالف تضاد ــــــــــــــــــــــ

.1/24انظر تدريب الراوي – 1 . 251 انظر إرشاد الفحول – 2

Page 115: قضية القران والحداثة

114

وهو امتالك القدرة على جتريد النص من قيد الزمان واملكان :حتقيق املناط -

واالجتهاد يف ترتيله على واقع الناس ومعاجلته ملشاكلهم ، وال يكون ذلك إال فصل يف قضايا بالفهم العميق ملقاصد الشرع واإلملام بالواقع حىت ميكنه ال

ختان " و"نقل األعضاء"ومسائل أثارت جدال فقهيا كبريا وواسعا كقضية التعامل مع البنوك "و "الرؤية املوحدة للهالل" و"االستنساخ" و"اإلناث

من مث فعليه أن ال يقف عند حدود التشريعات وإمنا عليه "وشركات التأمني "املعريف" و"قتصادياال" و"السياسي" و"االجتماعي" و"التربوي"بالفقه

بشكل عام ليغطي مجيع شعب املعرفة وجوانب احلياة ، فإذا تكلم الفالسفة كان منهم على وعي وإذا تكلم االجتماعيون واالقتصاديون كان منهم على علم وإذا تكلم العلمانيون والليرباليون واملاركسيون كان منهم على حذر

.وفطنة "االجتهاد" أو"احلكمة" أو"صريةالب"وقد يعرب عن هذا الشرط بـ

."امللكة"أوألن نصوص الشرع تنحصر والنوازل ال تنحصر : القدرة على االستنباط -

وأحكام الدين وتشريعاته تؤخذ باالستنباط ال بااللتقاط ، فليست القضية يف حفظ النصوص وسرعة استحضارها فقط وإمنا يف ترتيل هذه األحكام وقدرة

.تخراج احلكم الذي يرضي اهللا ورسوله االستنباط يف اسأي املعاين امللحوظة يف األحكام الشرعية وال : معرفة مقاصد الشريعة-

يكون له ذلك إال باإلخالص أوال مث بالغوص يف العلوم الشرعية ثانيا فهما .وإدراكا حىت يتمكن من فهم السنن الكونية والدينية

Page 116: قضية القران والحداثة

115

الواسع بالوقائع احلاصلة واإلدراك التام وهو اإلملام: فهم الواقع املعاصر -للتغريات االجتماعية والسياسية واالقتصادية الواقعة ، وال جيوز له حبال من األحوال جتاهلها ألنه حينئذ لن يكون موفقا يف قراءة النص لعدم إحاطته

.بالواقع الذي يعيش فيه : العقيدة –ب ىل النصوص الدينية قصد طاعة واضعا يف نيته أن يتقدم إ: صحة املقصد - وإرضائه أوال مث إرشاد األمة وهدايتها من مزالق احلياة ومشكالا حىت اهللا

والذين يعينه اهللا يف أمره ذلك ويهديه ألقوم السبل وأحسنها قال تعاىل سنينحالم علم الله إنلنا وبس منهديوا فينا لنهداهج )1( قال صاحب املورد

وإنا خيلص له القصد إذا زهد يف الدنيا ألنه إذا رغب فيها مل يؤمن أن [ . )2( ]يتوسل به إىل غرض يصده عن صواب ويفسد عليه صحة عمله

وإمنا األعمال بالنيات والعلوم الشرعية أوىل بأن يكون هدف صاحبها منها التطهر من أغراض الدنيا ليسدد اخلري العام وإسداء املعروف لصاحل اإلسالم و

ولني يفلح قوم أرادوا هدم . اهللا خطاه ، واالنتفاع بالعم مثرة اإلخالص فيه .اإلسالم بقراءة القرآن

فإن العقيدة هلا أثرها يف نفس صاحبها وكثريا ما حتمل : صحة االعتقاد -خالفة ذويها على حتريف النصوص واخليانة يف نقل األخبار كتأويل اآليات امل

.به إللزام الناس بطريقته ومذهبه لعقيدته وحتميلها باطل مذه

ــــــــــــــــــــــــــــ .69سورة العنكبوت اآلية – 1 .190 انظر املورد الضمئان – 2

Page 117: قضية القران والحداثة

116

وخري مثال يف ذلك ما سقطت فيه الشيعة من سوء التفسري آليات القرآن يدم الزائفة املضلة فمثال يفسرون النور الكرمي وحتريفها وتأويلها إرضاءا لعق

فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما باألئمة يف قوله تعاىل خبير لونمتع )1( وبعلي يف قوله تعاىل هعالذي أنزل م وا النورعاتبو

الم مه أولئكونفلح )2( وبوالية علي يف قوله تعاىل طفئواي أن ونريدياههمالله بأفو نور )3( ويفسرون األنداد بأيب بكر وعمر وعثمان رضي اهللا

ويف ))4 ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا عنهم يف قوله تعاىل وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس قوله تعاىل )5( ويفسرون البقرة بأمنا عائشة رضي اهللا عنها يف قوله تعاىل إذ قالو

. ))6 موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرةه موجود يف تفسري الكايف للكيلين وهو عندهم كصحيح وكل هذا وغري .البخاري عندنا

فواجب على املفسر أو اتهد أن يكون سليم العقيدة بينها ، حمبا لصحابة بدءا بأيب بكر وانتهاءا بأيب الطفيل شاهدا هلم بالصحبة رسول اهللا

ني وتابعيهم وكل والكرامة مقرا هلم بالتوقري واالحترام ، وحمبا كذلك للتابع .من له صلة بالعلم والقرآن والسنة سواء من قريب أو من بعيد

ـــــــــــــــــــــ .08 سورة التغابن اآلية – 1 .157 سورة األعراف اآلية – 2 .32 سورة التوبة اآلية – 3 . 165 سورة التوبة اآلية – 4 . 29 سورة فصلت اآلية – 5 .67آلية سورة البقرة ا– 6

Page 118: قضية القران والحداثة

117

فالبد أن يكون اتهد أو املفسر على عقيدة حسنة سليمة صحيحة موفقة

عن اهللا التشبيه والتعطيل ، وتكن لرسول اهللا تدرأ ، ترضي اهللا ورسوله وصحابته احملبة والتوقري ، وحتارب ما ميكن أن يتسرب إليها من شبهات

االحنرافات العقدية الطوائف الفاسدة والبدع الفكرية ، وحتارب كل .والسلوكية واألخالقية

فالعقيدة اإلسالمية الصحيحة اليت توافق الفطرة وحتترم عقل اإلنسان ومكانته يف الكون تعد أمرا مهما يف توحيد اهللا وإخالص الدين له ، وجتعل اإلنسان

وال موثوق الصلة باهللا سبحانه فال يقوم بعمل ال يرضي اهللا ورسوله شيء ميكن أن يصل به إىل ما خيل ذلك الشرط ، فاملؤمن يف حذر يقترب من

ويقظة وفطنة طوال عمره ، متكنه من أن حيافظ على دينه وعقيدته ومذهبه .من كل ما ميكن أن يشكل خطرا عليهما

: األخالق -ج وهذا شرط أساسي كذلك إذ من كمال إسالم املرء حسن أخالقه وتعلم

ب شرعي قل يف الناس يف زماننا هذا من يلتفت اآلداب وحسن السمت مطلإليه بل إن الباليا العظام مل تسقط على األمة إال من هذا الباب اخلطري حىت أصبحنا نرى أصحاب اخلمر والنساء واملخدرات والفاشلني يريدون إعادة قراءة النص القرآين ومل يستطيعوا أن يعيدوا أنفسهم إىل جادة الصواب ،

من حيسن الوضوء أصال ، لذلك فاألدب واألخالق واالنضباط وليس فيهموال : قالوا [ بالسلوك اإلسالمي القومي شرط أساس ال رجعة فيه قال النووي

يؤخذ العلم إال ممن كملت أهليته وظهرت ديانته وحتققت معرفته

Page 119: قضية القران والحداثة

118

فأصبت منه طلبت العلم [ وقال ابن املبارك ]واشتهرت صيانته وسيادته . )1( ]ت األدب فإذا أهله قد بادواشيئا وطلب

فإذا قيل هذا يف العلماء اجلبال واشترط فيهم ويف األخذ منهم وإال كان االبتعاد عنهم واجب فما بالك مبن ال يفقهون من العلم شيئا يتقدمون إىل القرآن الكرمي جنسة أبدام خممورة عقوهلم نتنة أفواههم فهؤالء األوىل

م ومصنفام سلل النفايات ، فإذا كان شرط الطهارة الزم ملن يريد بكتابا .مس املصحف فإنه واجب وحمتم على من يريد قراءته

فاألدب شرط حلصول العلم يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم فال . علم ملن ال أدب له وال أدب ملن ال دين له

:ويشترط يف األخالق اجلسد مضغة إذا صلحت صلح اجلسد إن يف« لقوله : طهارة القلب -

[ قال ابن مجاعة )2(»له إال وهي القلب كله وإذا فسدت فسد اجلسد كالقلب املظلم املشحون بالذنوب ال يستطيع استقبال املالئكة وال يبقى فيه

فعليه أن يطهر )3( ]مكان للعلم الذي هو نور يقذفه اهللا يف قلوب من أراد .حسد وكره وسوء عقيدة وخلق قلبه من كل غش ودنس وغل و

وينبغي أن ينظر ملن سبقه يف ذلك بعني : التواضع للعلم والعلماء -اللهم "االحترام وقد كان السلف إذا ذهب إىل معلمه تصدق بشيء وقال

كنت "وقال الشافعي " استر عيب معلمي عين وال تذهب بركة علمه مين ."ه لئال يسمع وقعهاأصفح الورقة بني يدي مالك صفحا رقيقا هيبة ل

ـــــــــــــــــــــــــــــ .265 انظر منطلقات طالب العلم – 1 . ومسلم يف كتاب املساقاة باب أخذ احلالل وترك الشبهات 52حديث : أخرجه البخاري – 2 .67 انظر تذكرة السامع واملتكلم – 3

Page 120: قضية القران والحداثة

119

ليس من «ه قولوقد ورد عن رسول اهللا : مواالة العلماء وحمبتهم - « وقال )1(»ويرحم صغرينا ويعرف لعاملنا حقه أميت من مل جيل كبرينا

إن من إجالل اهللا إكرام ذي الشيبة املسلم وحامل القرآن غري الغايل فيه فإن األوىل باملواالة واألحق )2(» عنه وإكرام ذي السلطان املقسط واجلايف

فيجب على املسلمني [ ، قال ابن تيمية باحملبة يف اهللا بعد األنبياء هم العلماء ومواالة املؤمنني كما نطق به القرآن بعد مواالة اهللا تعاىل ورسوله

خصوصا العلماء الذين هم ورثة األنبياء الذين جعلهم اهللا مبرتلة النجوم يهتدى م يف ظلمات الرب والبحر وقد أمجع املسلمون على هدايتهم

وعلماء السلف من السابقني ومن بعدهم [ ي وقال الطحاو)3( ]ودرايتهممن التابعني أهل اخلرب واألثر وأهل الفقه والنظر ال يذكرون إال باجلميل

. )4( ]ومن ذكرهم بسوء فهو على غري السبيل : فيما يتعلق بالنص : القسم الثاين – 2

ويشترط يف التعامل مع النص الديين يف هذا القسم ما اشترطه علماء األصولمن قواعد ضابطة وشروط الزمة ، وما أكده الفقهاء من منهج يف التعامل مع القرآن يف التفسري كتفسري القرآن بالقرآن مث بالسنة مث بأقوال الصحابة

.وجعلها خطوات للتفسري األمثل للنص القرآين :وزيادة على ذلك يشترط فيه أيضا

ـــــــــــــــــــــــــ

.5/323 رواه أمحد – 1 .4843 رواه أبو داود – 2 .11 انظر رفع املالم عن األئمة األعالم – 3 . 2/740 شرح العقيدة الطحاوية انظر– 4

Page 121: قضية القران والحداثة

120

ويعين التعامل مع النص القرآين باعتباره نصا إهليا من ) :اهللا ( املخاطب - هو املخاطب وكالمه يستقبل بالقبول فيكون بذلك اهللا عند اهللا

.عان والطاعة واإلذ ويعين التعامل مع النص اإلهلي على أنه وحي أراد اهللا ) :النص ( اخلطاب -

من خالله هداية البشرية وتوفيقها ، ال اعتباره نصا بشريا أو تارخييا مات .صاحبه وحيق لنا فيه ما نريد من التضعيف والتغيري

وكمال مد ويعين بذلك اإلميان برسالة حم) :حممد ( املخاطب به -تبليغها له ، وأنه نقل إلينا القرآن بغري تبديل وال حتريف أو زيادة أو نقصان ، وعدم اإلساءة هلذا الرسول العظيم واحترامه وتوقريه وطاعته ومعرفة فضله

.على هذه األمة والبشرية سواء

Page 122: قضية القران والحداثة

121

رفع الغمامة من خالل كل هذا وما يزيد ، يظهر األمر وتنجلي السحابة وت

على قضية ال بد من التنبه إليها سواء من قبل علمائنا أو مثقفينا أو حىت من قبل نسائنا وأطفالنا ، أن القرآن الكرمي هو كتاب هداية للبشرية مجعاء ال خيتص بعرق وال حيصر يف حميط وإمنا هو دستور يعمل به اليوم وغدا عندنا

تتحقق به السعادة املنشودة واالطمئنان ، للعرب وغريهم ، حىت وعند غرينا املطلوب وتسعد به األجيال وتنشأ على منهجه األطفال ، فهو الرابطة بيننا وبني اهللا سبحانه ، ومىت ختلينا عنه تربص بنا أعداؤه وجاؤونا من كل حدب وصوب وشددوا علينا اخلناق حىت يتكلموا معنا بألسنتنا وجيادلوننا بأبنائنا

مبن حيسبون علينا ، حسبهم يف ذلك أن يتجهوا إىل القرآن الكرمي ويدمروننا فيسلوا عليه سيف اهلجوم واالنتقام والكراهية والبغض فينسبوه إىل البشر وحيصروه يف مراحل من التاريخ وجيرون عليه ما يريدون من قواعد النقد

حها والتضعيف والتوبيخ ، زاعمني يف ذلك أم يريدون خري هذه األمة وصالويرجون بذلك تطورها وازدهارها ، ويذرون علينا غبار مشاريعهم اخلرية وقراءام النرية بأم يريدون فهما جديدا لنصوص القرآن حىت حيققوا بذلك

ا هلم األستار يف وخرغايتهم ويكملوا مبا أجنزوه فرحتهم وفرحة أسيادهم ممن أنا و أفسحوا هلم املكاتب يف مؤسساتنا بالدنا وأفرغوا هلم الكراسي يف جامعات

وأعطوهم مفاتيح قيودنا وسالسل جترنا من حنورنا وأقدامنا ، فتنفتح هلم بذلك عقولنا وتنشأ على مناهجهم أجيالنا وفلذات أكبادنا فيقطعوا صلة

.الربط بيننا وبني خالقنا

Page 123: قضية القران والحداثة

122

تنا وإم إىل ذلك لواصلون وإليه لناجحون وله حملققون إن مل يهب لنجدعلماؤنا وأصحاب الرأي فينا ، ويعود القرآن الكرمي ملدارسنا ومنازلنا ، وميأل

قلوبنا ، عند ذلك ال هلم طريق يصلون به إىل بغيتهم وتكون حب حممد احلسرة والغيظ من نصيبهم ، ولن يصلوا إىل ذلك ما دام القرآن موكوال

. ن أنزلهملحفظه صره اهللا وأعزه ذلك احلس املرهف والغرية وإن جلاللة امللك حممد السادس ن

يف األوقاف بإقدامها على املوقرة املطلوبة على كتاب اهللا ، وتلك وزارته ترشيح هذا املوضوع وبثه إىل العلماء واملفكرين والباحثني والدارسني كي حيللوه ويناقشوه ويبدعوا فيه ليعد أمرا عظيما يف حفظ بيضة اإلسالم

. لكتاب رب العاملني واملسلمني وحفظافاللهم اجعل هذا البحث وغريه من البحوث خلدمة القرآن يف سجل الصفحات املشرقة واحلسنات اخلالدة واملكارم احلميدة واأليادي البيضاء ملوالنا أمري املؤمنني وحامي محى الوطن والدين جاللة امللك حممد السادس

مبا حفظ به الذكر احلكيم ويقر وأن يدمي له النصر والفتح والتمكني وحيفظه عينه بويل عهده احملبوب مسو األمري اجلليل موالي احلسن وصنوه ايد موالي

. رشيد وأن حيفظه يف كافة أسرته امللكية الشريفة إنه مسيع قريب جميب

وصلى اهللا على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثريا اينوكتبه احممد بن عبد الكرمي رمح

2009 أكتوبر 21يوم األربعاء عني بين مطهر احملروسة

Page 124: قضية القران والحداثة

123

فھرس الموضوعات 02...........................................................................................................................متهيد

18......................................................قرآين مفهوم النص ال: كلمة واجبة موجزة :بيان طرق تعامل علماء املسلمني مع النص القرآين : احملور األول

21.......................................................... املنهج األصويل يف قراءة النص القرآين - 25.................................................................................................عربية النص القرآين

32..................................................................................وحدة القضية يف االستدالل 34............................................................................................................داللة اخلطاب

41.............................................................................................مراعاة سياق اخلطاب 47.......................................................................................................ترك االستفصال 48.......................................................................................................إدراك فقه النص

50................................................................استحضار القرائن ومقتضيات األحوال 52............................................................. املنهج الفقهي يف قراءة النص القرآين -

52.........................................................................................................التفسري باملأثور 52.............................................................................................ن تفسري القرآن بالقرآ

56................................................................................................تفسري القرآن بالسنة 59..............................................................................تفسري القرآن بأقوال الصحابة

61.........................................................................................................التفسري بالرأي :دراسة مشاريع القراءة احلديثة للنص القرآين : احملور الثاين

67...............................سلسل التارخيي ملشاريع القراءة احلديثة للنص القرآين الت 76....................................................................................... زيد أبوقراءة نصر حامد

88..................................................................................................قراءة حممد أركون

Page 125: قضية القران والحداثة

124

92..................................................................................قراءة حممد أمحد خلف اهللا 95..........................................................................................................قراءة أدونيس

96.................................................................................................قراءة حسن حنفي :اقتراح ضوابط القراءة العلمية للنص القرآين : احملور الثالث 107................................................................فيما يتعلق بالقارئ : القسم األول

: العلم –أ 107..............................................................................................العلم باللغة العربية

108...........................................................................................العلم بالقرآن الكرمي 109.............................................................................................العلم بالسنة النبوية

111......................................................................العلم بأحوال الصحابة وأقواهلم 111...........................................................................................العلم بالسرية النبوية 111..............................................................................................العلم بعلوم القرآن

112................................................................................................وم السنة العلم بعل 113............................................................................................العلم باملعرفة العامة

113......................................................................................................القدرة العقلية 114.........................................................................................................حتقيق املناط

114......................................................................................القدرة على االستنباط 114....................................................................................معرفة مقاصد الشريعة

115............................................................................................فهم الواقع املعاصر : العقيدة –ب

115......................................................................................................صحة املقصد 115....................................................................................................صحة االعتقاد

Page 126: قضية القران والحداثة

125

: األخالق –ج 118..................................................................................................طهارة القلب

118.................................................................................التواضع للعلم والعلماء 119..................................................................................مواالة العلماء وحمبتهم

120................................................................فيما يتعلق بالنص : القسم الثاين 120..........................................................................................................املخاطب 120............................................................................................................اخلطاب

120.....................................................................................................املخاطب به 121.................................................................................................................خامتة

123........................................................................................فهرس املوضوعات 126............................................................................................املصادر واملراجع

Page 127: قضية القران والحداثة

126

. القرآن الكرمي - . تفسري ابن كثري ، دار الفكر ، بريوت - ى ، دار الكتب العلمية ي تعليق جمدي بن سيد الشور الروض األنف للسهيل-

.بريوت .م القاهرة2005 هـ 1426 صحيح البخاري ، دار الفجر للتراث ط - . صحيح مسلم ، دار صادر ، بريوت - جامع الترمذي ، مراجعة الشيخ صاحل بن عبد العزيز ، دار السالم ، -

.م 1999هـ1420الرياض ، الطبعة األوىل لدارمي ، حتقيق سيد إبراهيم وعلي حممد علي ، دار احلديث الطبعة سنن ا-

.م القاهرة 2000 هـ 1420األوىل املوافقات يف أصول الشريعة للشاطيب ختريج أمحد السيد ، تعليق الشيخ عبد -

.اهللا دراز ، املكتبة التوفيقية شق ، ابن جزي ومنهجه يف التفسري لعلي حممد الزبيدي ، دار القلم ، دم-

.م 1987 هـ 1407الطبعة األوىل . املستصفى من علم األصول للغزايل ، دراسة وحتقيق محزة بن زهري حافظ- البحر احمليط يف أصول الفقه للزركشي ، مراجعة عمر سليمان األشقر -

.م دار الصفوة مصر 1992 هـ 1413الطبعة الثانية منهاج العقول منهاج الوصول يف علم الصول للبيضاوي بشرحيه -

.للبدخشي واية السول لألسنوي ، مطبعة حممد علي صبيح ، مصر احملصول يف علم أصول الفقه للرازي ، دراسة وحتقيق طه جابر العلواين ، -

.مؤسسة الرسالة

Page 128: قضية القران والحداثة

127

الربهان يف أصول الفقه أليب املعايل ، حتقيق عبد العظيم الديب ، الطبعة - . هـ 1399األوىل

لعبد احلميد نظرات جديدة يف تفسري ألفاظ قرآنية: قرآن مفردات ال-الفراهي ، حتقيق حممد أمجل أيوب اإلصالحي ، دار الغرب اإلسالمي الطبعة

. م 2002األوىل حماضرات يف علوم القرآن للشيخ السيد أمحد ياسني أمحد اخلياري الطبعة -

. م 1993 هـ 1414األوىل اهات التفسري حملمد الصباغ ، املكتب اإلسالمي حملات يف علوم القرآن واجت-

.م 1990هـ 1410الطبعة الثالثة . أعالم وأقزام يف ميزان اإلسالم سيد بن حسني العفاين دار ماجد عسريي - . أزمة احلوار الديين جلمال سلطان ، دار الصفا - . االستعمار أحقاد وأطماع للغزايل ، دار الكتب اإلسالمية - .لقرآنية للتقدم حملمد أمحد خلف اهللا األسس ا- . مقدمة يف الشعر العريب حملمد أمحد خلف اهللا - .األمس والغد حملمد أركون : اإلسالم - . اإلسالم السياسي لسعيد العشماوي - . الوسطية لنصر حامد أبو زيد ةاإليديولوجي اإلمام الشافعي وتأسيس -مد أركون ، مركز اإلمناء القومي تارخيية الفكر العريب اإلسالمي حمل-

1986. العبادة يف اإلسالم ليوسف القرضاوي ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية -

. م2001 هـ 1421

Page 129: قضية القران والحداثة

128

املدخل للتشريع اإلسالمي حملمد فاروق النبهان ، دار القلم ، الطبعة الثانية -1981.

القرضاوي ، مؤسسة أولويات احلركة اإلسالمية يف املرحلة القادمة ليوسف - .م 2000 هـ 1421الرسالة ، الطبعة األوىل

م 2003 منطلقات طالب العلم حملمد حسني يعقوب ، الطبعة الرابعة - . هـ 1424

1423 سرية الصحابة ملصطفى مراد ، دار الفجر للتراث ، الطبعة األوىل - . م 2003هـ

وقاف املغربية دليل اإلمام واخلطيب والواعظ ، منشورات وزارة األ- . م 2006 هـ 1427

مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها لعالل الفاسي ، الطبعة الرابعة - . م 1991هـ 1411

. النبوغ املغريب يف األدب العريب لعبد اهللا كنون ، الطبعة الثالثة -