كتاب نهاية الايام

ÚÓóó”@ÚÓ€bnnfl



فكرة :

تصحيح لغوى :

تأليف :

الغالف :

األغلفة الداخلية :

كرمي سعد

هبة هادى

باسنت خطاب

محمد مجدىأمل على

ديارا املصرىباسنت خطاب

يونيو 2012

ÚÌaáiلم يعلم أحد تقريبا كيف بدأ األمر، رمبا كان "مارك" العامل بقسم الرصد في وكالة ناسا يجلس

أمام شاشته بعد منتصف الليل؛ ميسك بيده كوب ماء، يرتشفه مبلل، ليسمع فجأة أزيز التحذير

مع اإلضاءة احلمراء املثيرة للهلع، لينظر إلى شاشة احلاسوب غير مصدقا، ويتمتم في ذهول "يا

هستيرية بصورة عليها ليضغط املفاتيح لوحة ناحية ويتجه يده، من الكوب ليقع إلهي"،

ونظرته الزائغة ال تفارقه، وحينما لم يجد من األمر بدا، تناول سماعة هادفة ليبلغ رؤسائه.

بعد عدة أيام انتشر اخلبر في ربوع العالم بأكمله كالنار في الهشيم، وتواترت األنباء من هنا ومن

تلك نتجنب "كيف األمر كان بل األمر" بدأ "متى بـ أحد يهتم ولم النهاية، قرب عن هناك

الفاجعة" بينما خرج األمني العام لألمم املتحدة في رسالة للعالم بخطوات وئيدة ليعتلي املنصة

لم يعلم أحد تقريبا كيف بدأ األمر، رمبا كان "مارك" العامل بقسم الرصد في وكالة ناسا يجلس

أمام شاشته بعد منتصف الليل؛ ميسك بيده كوب ماء، يرتشفه مبلل، ليسمع فجأة أزيز التحذير

مع اإلضاءة احلمراء املثيرة للهلع، لينظر إلى شاشة احلاسوب غير مصدقا، ويتمتم في ذهول "يا

هستيرية بصورة عليها ليضغط املفاتيح لوحة ناحية ويتجه يده، من الكوب ليقع إلهي"،

ونظرته الزائغة ال تفارقه، وحينما لم يجد من األمر بدا، تناول سماعة هادفة ليبلغ رؤسائه.

بعد عدة أيام انتشر اخلبر في ربوع العالم بأكمله كالنار في الهشيم، وتواترت األنباء من هنا ومن

تلك نتجنب "كيف األمر كان بل األمر" بدأ "متى بـ أحد يهتم ولم النهاية، قرب عن هناك

الفاجعة" بينما خرج األمني العام لألمم املتحدة في رسالة للعالم بخطوات وئيدة ليعتلي املنصة

وبنظرة مستكينة وكالم ميلئه اإلحباط أردف:-

نظنها كنا ناحية من األمر بدأ لقد وجود، له يعد لن نعرفه، كما العالم السادة.. "أيها

الذي مت النيازك قرب ذلك دول، لقد رصدت أجهزتنا في عدة الرب، ولكنها مشيئة مستحيلة،

ا من حساباتنا، ولألسف ال مفر من القدر، واقترح البعض ا وتكرار تلقيبه "أرجوس" وتأكدنا مرار

3

محاولة إرسال مركبة وتفجيره باخلارج، ولكن األمر بدا مستحيال من عدة نواحي، فليس عندنا

الوقت الكافي إلعداد مركبة بهذه السرعة وباملواصفات الالزمة، فبحركته احلالية التي يدنو بها

كوكب قطبي إلى سويا يهبطا نصفني، إلى ينشطر أن سوى يحدث فلن بتفجيره، قمنا إذا

لن تغير في مجملها الشيء وفكرة إطالق صاروخ موجه نحوه عن بعد، األرض ليعلنا نهايته،

الكثير سوى مجرد تقسيمه إلى أكثر من قطعة، جميعها ستهبط إلى األرض في النهاية.. أيها

العاشرة الساعة يناير من الـ 9 في وحتديدا أسبوعني بعد يقال، يعد هناك شيئا لم السادة

بشرية كأخر ساللة وعلينا األمر.. لقد قضي موجودا.. أحد يعد لن جرينتش.. بتوقيت ظهرا

بلتنا، فعلى أعداء تعيش حاليا على هذا األرض، أن نحقق ما متناه جدنا أدم، أن نتوحد كما كانت ج

لم يعد هناك أو اخليالء، الغضب أو لم يعد هناك وقتا للكره اليوم، أن يصبحوا أحباء األمس،

سوى بشر ينتظرون رحمة الرب، إننا على احلافة األخيرة، ولم يعد هناك مطلب سوى احلب.. احلب

فقط.. أيها السادة ليرحمنا الرب، وأودعكم إلى اللقاء في حياة أخرى".

خيم اخلوف والذهول أرجاء العالم، وحتديدا في "مصر" هرول الناس إلى الشوارع غير مصدقني ما

يحدث من حولهم، في البداية لم يتقبل أحد األمر، وحاالت الصدمة ملئت املصحات، واحتشدت

اجلوامع بالناس عن بكرة أبيها، ولم يعد هناك بالكنائس موطئ لقدم، اجلميع يبتهل إلى اهللا

ا، رائع شيئا باآلثام امتلئ الذي الكوكب ذلك تطهير أن البعض رأى بينما النهاية، بتخفيف

وكارهي احلياة وجدوا ضالتهم أخيرا في الرحيل عن ذلك العالم البغيض، وأيقن آخرون أن ذلك غير

على اإلطالق فهناك أشياء كثيرة لم يفعلوها في تلك احلياة.. بعد مرور ثالثة أيام منذ بدأت عادال

الفجيعة، تقبل اجلميع األمر بصورة أو بأخرى، وحتى محاوالت اإلنقاذ التي كانت تصل بال انقطاع

املعتقلني على مستوى أفرج عن جميع وقلت تدريجيا. لم تعد ذي جدوى، عبر وسائل اإلعالم،

العالم، فاملوت لن يفرق بني صالح وطالح، وعلى اجلميع أن يختار نهايته برفقة من يريد، فهذه أقل

احلقوق في تلك األوقات األخيرة، لقد تقبل اجلميع مصائرهم، واأليام التي تلت ذلك، بدأ اجلميع

في االستعداد لقرب النهاية، وعندما لم يعد هناك سوى يومني على ميعاد اخلامتة، أتفق أغلب

الناس على أن يستيقظوا سويا الساعة الـ 12 ظهرا في الـ 8 من يناير ليعيشوا أخر يوم لهم

على األرض، وليحقق كل من لزال يتنفس على تلك األرض.. أمنيته األخيرة.وبنظرة مستكينة

وكالم ميلئه اإلحباط أردف:-

4

نظنها كنا ناحية من األمر بدأ لقد وجود، له يعد لن نعرفه، كما العالم السادة.. "أيها

الذي مت النيازك قرب ذلك دول، لقد رصدت أجهزتنا في عدة الرب، ولكنها مشيئة مستحيلة،

ا من حساباتنا، ولألسف ال مفر من القدر، واقترح البعض ا وتكرار تلقيبه "أرجوس" وتأكدنا مرار

محاولة إرسال مركبة وتفجيره باخلارج، ولكن األمر بدا مستحيال من عدة نواحي، فليس عندنا

الوقت الكافي إلعداد مركبة بهذه السرعة وباملواصفات الالزمة، فبحركته احلالية التي يدنو بها

كوكب قطبي إلى سويا يهبطا نصفني، إلى ينشطر أن سوى يحدث فلن بتفجيره، قمنا إذا

لن تغير في مجملها الشيء وفكرة إطالق صاروخ موجه نحوه عن بعد، األرض ليعلنا نهايته،

الكثير سوى مجرد تقسيمه إلى أكثر من قطعة، جميعها ستهبط إلى األرض في النهاية.. أيها

العاشرة الساعة يناير من الـ 9 في وحتديدا أسبوعني بعد يقال، يعد هناك شيئا لم السادة

بشرية كأخر ساللة وعلينا األمر.. لقد قضي موجودا.. أحد يعد لن جرينتش.. بتوقيت ظهرا

بلتنا، فعلى أعداء تعيش حاليا على هذا األرض، أن نحقق ما متناه جدنا أدم، أن نتوحد كما كانت ج

لم يعد هناك أو اخليالء، الغضب أو لم يعد هناك وقتا للكره اليوم، أن يصبحوا أحباء األمس،

سوى بشر ينتظرون رحمة الرب، إننا على احلافة األخيرة، ولم يعد هناك مطلب سوى احلب.. احلب

فقط.. أيها السادة ليرحمنا الرب، وأودعكم إلى اللقاء في حياة أخرى".

خيم اخلوف والذهول أرجاء العالم، وحتديدا في "مصر" هرول الناس إلى الشوارع غير مصدقني ما

يحدث من حولهم، في البداية لم يتقبل أحد األمر، وحاالت الصدمة ملئت املصحات، واحتشدت

اجلوامع بالناس عن بكرة أبيها، ولم يعد هناك بالكنائس موطئ لقدم، اجلميع يبتهل إلى اهللا

ا، رائع شيئا باآلثام امتلئ الذي الكوكب ذلك تطهير أن البعض رأى بينما النهاية، بتخفيف

وكارهي احلياة وجدوا ضالتهم أخيرا في الرحيل عن ذلك العالم البغيض، وأيقن آخرون أن ذلك غير

على اإلطالق فهناك أشياء كثيرة لم يفعلوها في تلك احلياة.. بعد مرور ثالثة أيام منذ بدأت عادال

الفجيعة، تقبل اجلميع األمر بصورة أو بأخرى، وحتى محاوالت اإلنقاذ التي كانت تصل بال انقطاع

املعتقلني على مستوى أفرج عن جميع وقلت تدريجيا. لم تعد ذي جدوى، عبر وسائل اإلعالم،

العالم، فاملوت لن يفرق بني صالح وطالح، وعلى اجلميع أن يختار نهايته برفقة من يريد، فهذه أقل

احلقوق في تلك األوقات األخيرة، لقد تقبل اجلميع مصائرهم، واأليام التي تلت ذلك، بدأ اجلميع

في االستعداد لقرب النهاية، وعندما لم يعد هناك سوى يومني على ميعاد اخلامتة، أتفق أغلب

5

ÊaÏ€c@’Ìãœ2012

الناس على أن يستيقظوا سويا الساعة الـ 12 ظهرا في الـ 8 من يناير ليعيشوا أخر يوم لهم

على األرض، وليحقق كل من لزال يتنفس على تلك األرض.. أمنيته األخيرة.

6

الكل حتدث عن هذا..

علمية دينية أرضية على بناء املرات آالف رسمها وأعيد رسمت السيناريوهات

تنبأت بنهاية األرض فى نهاية املطاف..

لكن كعادة الكوارث املفاجئة دوما يأتى األمر مباغتا غير متوقع، عندما تتساءل

وأين عالمات يوم القيامة الكبرى قبل نهاية العالم؟ يجيبوك بيقني مرعب:

- أيا جاهل ضحك من جهله األمم! حتى حتدث العالمات الكبرى نفسها البد أن نرتد

كارثة من البد والقوس بالسيف للتقاتل ونعود احلضارة تفنى ..وكى حضاريا

عاملية تقضى على حضارة الكهرباء واإللكترونيات! حضارة الكمبيوتر و(اآلى باد)!

بينما يخرج اإلعالم ليؤكد:

نهاية وهى بها.. ندرى ال جهلنا بسبب لكننا الكبرى العالمات حدثت لقد -

العالم إلى األبد وليس مجرد انتكاسة حضارية!

الفضائية سيركا القنوات وتنصب واملنتديات الصحف نهائى فى ال ويبدأ جدل

عجيبا، رمبا لإلثارة بعد أن حتررت من كل قيد وكل رقابة، ورمبا ألنها آخر مرة ستكون

فيه قنوات فضائية..

التموين مخزونات التهام حتى وال ا، مخيف ا هاجس يكون ال األمنى االنفالت

واألغذية بسرعة رهيبة أو ندرة الوقود..كل هذه املشاكل تصير ثانويات فعما قليل

عليه قبضوا عندما الذهب كانز قصة مثل ونصير نفسها، احلياة ستنتهى

ا كرمية وعندما طلب الطعام فأعطوه ذهبا، وعندما طلب الشراب أعطوه أحجار

لم تسمن أو تغنى من جوع..

املساجد والكنائس تغص باملصلني ويبدأ رجال الدين حمالت ضخمة لدعوة الناس

طيلة عمرك للتوبة، وتبدأ أنت جديا فى التفكر فى هذا األمر حتى لو كنت مساملا

نادر األخطاء واخلطايا..

لم يعد فارقا مع الناس نوع النيزك قبل تفتته أو حجمه أو إذا كان أكثر من واحد،

اليوجد وقت - عصام منصور8

فكل القياسات الفلكية العاملية رصدت اجتاه املوت الفضائى األسود صوب األرض

بالضبط، واألمل األخير كان فى شىء واحد فقط وهو أن معظم الضربة الساحقة

ستكون فى البحار، التى تشكل معظم مساحة الكرة األرضية..

واألحمر املتوسط البحرين ستضرب (مصر) ستصيب التى النيازك تلك حتى

تلك سقوط ألن صادم شبه أمل لكنه اليابسة، ستضرب مما أكثر و(النيل)

األجسام فى املاء سينجم عنه (تسونامى) أو مد بحرى هائل، سيجرف كل شىء

واجلبال، املرتفعات إلى بالتوجه اجلادة النداءات بدأت وعليه السهول، ويغرق كل

ا فى حاالت النزوح اجلماعى.. بخطة وضعت مسبق

وصفوف أسراب من وغزوا استيطانا األكثر كانت (املقطم) لهضبة بالنسبة

أن فكر أهل (القاهرة) بعد أيام! بلغ أطولها مائة كيلو متر منذ التى السيارات

وفيضان البحار بعيدا عن تسونامى إليها، الرحيل فى - وأنا منهم املتأخرون –

(النيل) الذى سينشأ من انهيار السد العالى وبقية السدود واخلزانات والقناطر،

وجبال العظيم)، (الصني اكتظاظ سور العاملية األنباء وكاالت كاميرات ونقلت

األكبر للهرم نقلت مشهدا الطرفة وعلى سبيل بالبشر، و(روكى) (الهيمااليا)

وقد أصبح عامرا ببضع مئات من سكان (نزلة السمان)!

تعرف إنها ملعجزة أن جتد موضع قدم فوق (املقطم) لكنك تبدأ فى جتهيز سيارتك

نفسك وجتهز هناك، إلى الذهاب ميكنك حتى عليها عثرت بنزين قطرة بآخر

ضد األمر لزم إن نفسك عن للدفاع الصنع محلى (حلوان) طراز من مبسدس

محاوالت اخلارجني عن القانون لسرقة السيارة والهرب بها، وذلك بعد اختفاء كل

ما حدث كبروفة وهو الكبرى، األزمات فى كالعادة ورجاله القانون أو للدولة أثر

سريعة فى فترة الثورة التى مضى عليها أعوام..

اآلن أعبر منطقة (مصر اجلديدة) عبر كوبرى (6أكتوبر) الذى أعرف أنه سيكون أثرا

بعد عني، سواء بإصابة مباشرة أو بالزالزل االرجتاجية اخمليفة التى حتدث عنها بعض

علماء الزالزل على مستوى العالم..


تبقى يوم واحد .. ماذا ستفعل قبل نهاية العالم لو كنت فى مكانى؟

ا يحمل البعض فضل أن ميوت فى منزله وعلى فراشه، والبعض اآلخر كان مبتسم

ثقة عجيبة بالنفس ويقر فى نفسه أنه مجرد موت وليس أكثر!

أنت لست بطال وموجة الذعر العامة تنعكس على نفسيتك قسرا على الرغم

منك، لكنك كصحفى ال ميكنك كبح نفسك عن رصد ردود األفعال..االنتهازيون

اختفوا ألول مرة فى التاريخ، رمبا ركزوا انتهازيتهم على سبل احلصول على أسرع

وسيلة نقل للذهاب إلى أعلى أماكن فى اجلمهورية، مثل جبال (سيناء) ومرتفعات

البحر األحمر..

إلى االستماع فى أخذوا االجتماعى، التواصل نقلت شبكات كما الرومانسيون

مع حميمة عاطفية أوقات قضاء فضلوا حتى أو الرسم، بدأوا أو املوسيقى

نسائهم فى انتظار املوت الفضائى الصارم..

الفسقة فى ى التشف شديد بدا األول مختلفني: لقسمني انقسموا املتدينون

والداعرين، وبدا خطابه أشبه بشماتة علنية وتبشير صريح بالنار فى الدنيا قبل

اآلخرة، وأصر على أنه عقاب إلهى مريع، ألن النيزك هو كتلة لهب ستحيل البالد

األخيرة الثانية حتى االعتكاف ففضل الثانى أما مستعر! جحيم إلى والعباد

واالنفصال للتركيز فى استقبال املوت بأفضل سبل التوبة واالستغفار..

السياسيون صبوا جام غضبهم على السلطة وخصومهم من التيارات األخرى،

ألنهم لم يبدأوا فى بناء اخملابئ النووية، ولم يشيعوا العلم بني الناس فتهدأ نوبة

الذعر العامة التى تزيد األمور سوءا ال العكس..

العلماء وضعوا كل االحتماالت سواء، ورفضوا بناء ثقتهم على (أمريكا) و(الصني)

و(أوروبا)، بعد أن قررت تلك الكيانات ضرب النيازك بالصواريخ فى أول خطة حربية

عاملية تتضافر فيها كل اجليوش العدوة والصديقة ألول مرة فى التاريخ ..وآخر مرة..

مدينة حيث إلى اخلالى شبه سالم) (صالح طريق عبر بالسيارة أهرع وبينما

(املقطم) املقامة فوق الهضبة شرق (القاهرة)، هالنى مشهد عابر مر إلى جوارى

10اليوجد وقت - عصام منصور

سرعة دون أن أتوقف للحظة واحدة..

كانت هناك أسرة من أب وأم وفتاتني تعطلت سيارتهم، وكان األب واألم يحاوالن

إيقاف أى سيارة من السيارات الشحيحة املنطلقة بسرعة الصاروخ فى الطريق

ريان مكاملات هاتفية فى جنون يبدو أنه نتج اخلالى بيأس واضح، بينما الفتاتان جت

التى اكتظت بآخر ليس هناك مكان فى سيارتى النجدة الرسمية.. عن اختفاء

ا يسيطر ا محترم أصبح هاجس الشك أن كما أفعالهم، ردود أعرف وال أشيائى

على اجلميع، والتحذيرات بعدم التوقف ألى مخلوق باترة فى هذا الشأن.. لو توقفت

يائسون مختبئون سيخرج لواحد، تتوقف سوى لم ولو لثانى، لواحد ستتوقف

للفتك باجلميع بال رحمة وسرقة السيارة، وتلك املنطقة قبل حديقة (األزهر) تعج

بالفقراء واملكروبني .. ال تضمن .. الهاجس .. الشك ..

هكذا جتاوزتهم بال شفقة وسمعت األم تصرخ جلزء من الثانية الذى عبرتهم فيه

وصوتها يرج املنطقة:

- يا كفرة!

وصراعاتنا سباقنا كل بعد هل .. ومرارة ألم فى السفلى شفتى وعضضت

الالنهائية فى احلياة، يلقى بنا اهللا عز وجل فى النار وال يبالى! تبدو الفكرة ثقيلة

الوطأة على روح كل مؤمن، وحتى دموعى التى تسيل اآلن فى صمت ليست ذات

قيمة.. إنها نهاية العالم أولست واثقا بعد؟!

دعنى أخبرك فى مرح ليس مستغربا فاالنفعاالت تولد ما هو أغرب من هذا، إنه لن

شاهد يتفرج على فيلم خيال علمى سمج.. ا فى النهاية أو م ا سخيف يكون حلم

أو ال تصدق وصدق انهارت بشدة، و(كوكاكوال) األفظع أن مبيعات (ماكدونالدز)

واخلمور اخملدرات مبيعات لتتجاوز جدا، جدا املقدسة الكتب مبيعات ارتفعت

واجملالت اإلباحية، وال تضحك أرجوك عندما أخبرك أن بعض اخملربني فجروا (البيت

األبيض) استغالال لالضطرابات الشديدة، وعندما أخبروا الرئيس األمريكى بذلك

وكان فى مخبأ نووى عمالق، قال بعصبية:


- فليذهب إلى اجلحيم! ما أخبار رئيس الوزراء اإلسرائيلى؟!

اللعنة! بدأت أدخل فى مرحلة االنهيار ..على إعادة عقلى ملوضعه ..بحاجة لبعض

التفكير .. بحاجة لبعض التدبير..

فى أكثر من عام انتظرنا الكارثة الكونية .. 1997 .. 2000 .. 2011 .. وفى كل

مرة كانت تبرز لنا لسانها وتتركنا نعيش فى قلقنا وأوهامنا ونكاتنا السخيفة

عنها، اآلن من يجرؤ على السخرية من الكارثة؟ حسنا نعترف كجنس بشرى أننا

؟ أجنب من أن ننهى العالم بأيدينا عبر محرقة نووية، لكن هل هذا اعتراف كاف

جتاوزت حديقة (األزهر) التى كانت مفتوحة األبواب وال يسكنها سوى العصافير

اجتاهى فى السكنية الكتل أعماق فى الطريق مع ا يسار وانحرفت والقطط،

لطريق (املقطم).. وفجأة ظهر ذلك االنتحارى أمام السيارة مباشرة!

كان يراهن على توقفى ومن ثم حصوله عليها سليمة، وكان من املستحيل على

بإمكانى أننى غباؤه له صور لقد انقلبت، وإال املناسبة اللحظة فى أنحرف أن

التوقف وأنا بهذه السرعة دون أن يخسر كالنا، هكذا لم يكن أمامى سوى احلل

الوحيد..

ارتطام .. بقايا دم على زجاج السيارة، وانبعاج بسيط فى غطاء احملرك األمامى ..

قتلت الرجل اليائس.. وبجمود ضغطت زر املساحات لكنها لم تقم سوى باألسوأ

وقبل ..اآلن اخمليف الدم بلون كله األمامى الزجاج لتصبغ القانى اللون توزيع ..

النهاية تريد بشدة أن تفكر ماذا تريد أن تفعل بالفعل ..

أم اآلوان املدينة قبل فوات إلى هل سأصل .. وال يوجد وقت ينتهى، الوقود يكاد

هل ؟ فوق (املقطم) الزالزل كل شىء وهل نضمن أال تهدم الفيضان؟ يداهمنى

يغفر لك اهللا عز وجل الرحمن الرحيم الغفور العفو العدل قتلك لذلك االنتحارى

فى احلادثة التى جرت للتو؟ لن تعرف إال حينما تعرف!

الظهيرة تقترب حيث ميعاد سقوط لعنات الكون السرمدى على أرضنا .. ها هى

أراها من بعيد ..


سحابة قانية من النيازك تكاد تغطى الشمس تقترب من غالفنا اجلوى .. سنعرف

تبدأ فى وحينما النارى إلى الداكن النيازك من لون يتحول اخترقته عندما أنها

االشتعال مع احتكاكها أثناء سرعتها الفائقة.. حتى إن جنونا من التأثير املباشر

لتلك النيازك، فالعلماء يؤكدون أنه سينجم عنها غبار نيزكى ستعلق جسيماته

اإلشعاع من تزيد املناخ فى خطيرة لتفاعالت سيؤدى مما عديدة، أشهر باجلو

الكهرومغناطيسى القاتل، كما ستؤثر الغازات املنبعثة من تلك النيازك على كل

االتصاالت واإلشارات مع األقمار الصناعية، هذا إن لم تسحق كل تلك األقمار فى

طريق غيمة املوت إلينا، مما سيدمر تاريخ اإلعالم واالتصاالت بضربة واحدة، لذا فال

داعى لنتفاءل كثيرا بخصوص أن الناجني سيكونون باملاليني.. الناجون قد ال يزيدون

على حفنة من البشر فى كل قارة!

هاتفى احملمول..

ألقيت نظرة سريعة عليه فى مكانه أمامى مع توارد اخلواطر عن االتصاالت.. هل

يعمل اآلن؟

ال مناص إال بالتجربة..

رمبا أعدائى، ألد من كان الصحافة فى زميل رقم هو ا.. رقم وطلبت بت جر

يسامحنى اهللا لو طلبت عفو هذا الزميل عن كل ما تسببت له من أذى معنوى

حدث بسبب نفورنا من بعضنا البعض..

اجلرس يدق على اجلانب اآلخر..

يفتح اخلط.. وبحذر أقول:

- مرحبا.. كيف حالك يا (لبيب)؟

مباشرة الهواء على وانهيارهن املذيعات وصراخ تلفازه.. صوت ..أسمع صمت

كجزء من العرض السافل الذى غدا يوميا منذ بدأت مؤشرات الكارثة قبل شهر

واحد فقط من اآلن..

رباه إنه فى منزله مبنطقة (الزيتون) .. لم يهرب كاجلميع ..


-نعم لم أفر!

لكنها قد تكون من إلى هذا احلد، التى لم تكن مرتفعة بدا وكأنه يقرأ أفكارى

بصيرة النهاية التى تظهر حينها للكثيرين ..

فى األولى سيرتى إلى أعود لن أننى لك أقسم تهرب؟ لم ..كيف (لبيب) -

اجلزع سؤال لكنه لى، تغفر أن منك أطلب إننى بل بك، واالستهانة استفزازك

بعد أي مشاعر أخفى لن نعم .. واالنبهار كذلك .. رمبا والدهشة املرارة وسؤال

اللحظة كفانا أقنعة وجتميال للكالم وإبداء عكس ما نبطن.

- جميل .. لكن كل هذا أيضا بالفائدة.. لهذا بقيت .. ال فائدة .. يأتينا املوت ولو كنا

فى بروج مشيدة وصروح عظيمة يا زميلى.

- ياللتأثر ! أنا اآلن عرفتك على حقيقتك .. أنت كنت األكثر شجاعة طوال الوقت،

ونحن كلنا جبناء.. اغفر لى يا صديقى.. نعم أنت صديقى اآلن ولو بدأت صداقتنا

وانتهت فى خمسة دقائق.

تقوم وأنت النهاية تأتى أن األفضل ترجى.. فائدة وال له لزوم ..ال هذا حتى -

..بعمل.. شىء.. واحد .....فقط.

بدأ صوته يتشوش بشدة لدرجة أننى أصبحت أخمن آخر كلماته تخمينا، وبنظرة

سريعة على غيمة النيازك رأيتها تتعاظم وتزداد اسودادا، وتبدأ فى الطغيان على

ا بالنفاذ إلى الطريق نذر مشهد الشمس اجلميل، انحرفت ومؤشر الوقود يضىء م

للحظة غير ارتفاعه بدا وقد املرتفع مباشرة، (املقطم) اجتاه مدخل فى املرتفع

مجد أو مفيد بأى شكل، بل قد شعرت أن كل هذه الصخور املتكومة فوق بعضها

ستتزلزل بنا وتنهار فوق رءوسنا! صرخت فى الهاتف حتى يسمعنى وأسمعه:

- (لبيب) ..(لبيب) ماذا تقول؟ .. لست أسمعك جيدا دعنى أسمع هتافك.

- كما سمعتنى .. األفضل أن تأتى النهاية.... وأنت ...تقولها .. وأنت تقول ..سأظل

.. أن .. احلـ .. احللـ... هلى سمتعنى ؟ حلـ......!

وانقطع االتصال متاما بعد أن بلغ التشويش حده األقصى، وعندما شققت طريقى


بصعوبة صوب ميدان(النافورة) أشهر ميادين حى (املقطم)، كنت أعرف أننى اآلن

قد وحده الهلع إن بحيث البشر، من فيض ضخم لكنى وسط آمن ارتفاع فى

فترجلت متاما، نفد الوقود لكن يشعروا، أن حتى دون دهسى على يجبرهم

وانطلقت وسط الزحام الرهيب والصراخ والذعر وامليكروفونات الصاخبة التى حتث

الناس على اإلميان كما لو أنهم كفار بالفطرة، وبصعوبة اجتهت لشوارع جانبية

بدأت تغطى التى النيزكية السحابة ألقى نظرات متتالية على وأنا ا، أقل زحام

واألحبة للشاعريني مكانا (املقطم) كان أخرى ظروف فى الشمس، أطراف

واملستجمني والباحثني عن أفضل مشهد عام لـ(القاهرة)، اآلن يبدو الوضع معقدا

شديد التناقض، لكنه كذلك أفضل مشهد عام للنهاية..

عدوت حتى توقفت فى انهاك وأنا ألهث وسط بضع مئات فى شارع جانبى اكتظ

وكل والصخب الصراخ عن االنفصال محاوال رأسى ورفعت بالهاربني، آخره عن

شىء ...

الشمس تسود ويسودها خسوف كلى لدقيقة تقريبا .. ومن قلب الظالم اشتعلت

نيران النيازك فى مشهد رهيب، وهى تقترب لتنهال على األرض..

ترى ماذا كان يقول (لبيب) .. طلب منى التشبث مباذا حتى أقوله؟

شىء أوله حاء.. بل حاء والم..

هل كان يتكلم عن احللف؟ لكن احللف على أى شىء؟

احللف على ترك شىء ما ؟ أم احللف على جتديد شىء آخر؟ احللف على ماذا؟

وفى اللحظات األخيرة شخصت أبصار الكل صوب السماء، بعد أن انقشع الظالم

إثر تفرق صخور النيازك وكرات النار عن بعضها قليال، لتبدو فى مشهد أكثر إفزاعا

كما لو كانت حجارة من سجيل، ستدمغ اجلميع وتتركنا محترقني أو متفجرين أو

مسحوقني..

وأغمضت عينى .. متسائال السؤال األخير..

هل كان يقصد احللم؟


امممم ملاذا ال يستطيع النوم ...

هكذا سأل نفسه ..

منذ ثالثة أيام ولم يستطع النوم....

منذ أعلنوا عن انتهاء العالم ...

أهى حقا النهاية ؟

اعتدل من رقدته وجلس على طرف سريره...وهو يحدث نفسه للمرة املليون منذ

سمع اخلبر..

كيف تأتى النهاية هكذا ؟؟

كيف ال نستطيع أن نهزم هذا النيزك..بكل ما وصلنا له من علوم ...

سبحان اهللا ..

كومة من الصخور ..ستقضى على حياة املاليني ..ليس ذلك وفقط...

ستقتلع كوكبنا من مكانه...

ذهب أبعد بتفكيره ..

ماذا سيحدث لو ذهب هذا الكوكب من مكانه فعليا...ماذا سيحدث لو اختفى

كوكب األرض !!

هل ذلك سيؤثر على باقى اجملموعة الشمسية....!!!

لها اهللا ..ويخلق جديدا كوكبا ..مكونة أخرى صخور مجموعة ستتجمع هل

ا جديدا؟ خلق

أو التفكير فى ماذا سيحدث بعد إنقاذ الكوكب يأس من محاوالت التفكير فى

االصطدام

وقرر أن يقضى يومه األخير فى فعل أشياء يحبها ...

17همسات أخيرة - خالد ناجى

فلماذا يحزن ؟؟!

الدنيا كثيرا ما أبكته..وأبكت املاليني ....

قد يكون أحب أشياء كثيرة فى الدنيا..لكنه سيفارق ما يحب..ليذهب إلى أفضل

منه

هكذا الدنيا وداع دائم......

ثم إنه اشتاق ألحبائه ..

هو اآلن فى أوائل اخلمسينيات ..يعيش وحيدا

ال زوجة.....

ال ابن ..

ال أهل ...

الكل رحل وتركه...

وكأمنا سئموا العيش معه...

فــ ماذا بعد األهل واألحباب...

فــ نحن نشعر مبعنى الدفء فى قرب األهل واألحباب ....فقط

إلى جانب أنه ال يوجد أصدقاء.....فهو ال يستطيع أن يستخدم املهارات البشرية

من مجامالت ونفاق من أجل اكتساب األصدقاء ..

نفس عميق ...

وتنهيدة حارة ..

ملاذا احلزن اآلن ؟!!

ألم تقل إنك تريد أن تذهب لهم ..

ها أنت ذاهب


انتبه إلى فكرة أنه ذاهب لهم...استعاد نشاطه فجأة ..أضاء حجرته..نظر لنفسه

فى مرآته...

..يجب ذقنه...ومتتم معقوال...حتسس وقارا مينحانه الشيب من خطني الحظ

تهذيب هذه .....

النوم....وتذكر كم كان يضحك أثر عدم اليسرى من انتفاخ حتت عينه إلى نظر

على النساء كيف يستعملن اخليار وأشياء أخرى فى تخفيف أشياء ال يعلمها من

وجههن ..وكيف كان يضحك من ذلك !!

حتسس عينه اليسرى ...وتذكر كيف فقدها فى ثورة مرت منذ ما يقرب من ربع

القرن...وتذكر رفاق دربه الذين فارقوا احلياة...وتذكر من تسببوا فى ذلك ..

وكيف لم يحاسبوا .....

وابتسم

هى ....وها باق اهللا عند ما أن يعلم أنه ...إال بها يشعر التى املرارة كل مع فــ

النهاية قد أتت ..وسينال كل منهم حسابه من رب العاملني

وفكرة أن يقابل رفاقه بعد كل هذا العمر ..فكرة تسعده ...

كان ..بالتأكيد شبابه فى كان لو ...متنى اليوم هذا ستقضى كيف امم..إذن

سيختلف تفكيره فى قضاء اليوم األخير.

يوم..إال آخر فى مجالستى يستحق شيء البحر...وال ..إال هناك شيء ال

البحر...فقد حتمل كثيرا من شكواى ...فما أجمل النهاية على شاطئ البحر

تذكر الشروق...إنه آخر شروق

ا ليرى الشروق.... صعد إلى أعلى منزله مسرع

الشروق األخير...


الشروق األخير...

ا شروق مختلف... إنه حتم

سيكون شروقا بطعم الغروب ..

طعم الوداع..

شروقا يضيء..

ويسقط ندى ..

بطعم البكاء ..

طعم الرحيل

أى شروق هذا امللبد بكل هذه الغيوم .....!!!!

ليوم ولو بحريتهم ا...فليتمتعوا مختلف ا يوم لهم ....أراد طيوره سراح اطلق

أخير...وقف دقائق يتابعهم محلقني فى السماء فرحني...

رمبا يعلموا أنها النهاية..

ورمبا ال...

ولكن البد لهم من التحليق فى هذا اليوم ألبعد ما ميكنهم الوصول له ..

ليته يستطيع إخبارهم ذلك

ارتدى أفضل ثيابه ..

احتفظ بصور كل أحبائه قريبا من قلبه

مسح على رأس زيكو ..

صديقه القط...

صديقه الوحيد ..

يحب...لكنه كما األخير يومه يقضى حتى املنزل خارج سراحه يطلق أن حاول

يرفض الذهاب..يبدو أنه متمسك بصداقتهم إلى النهاية....


نقل كل ما يريد إلى سيارته...استعدادا للذهاب إلى آخر مكان ستطؤه قدمه...

نظرة أخيرة إلى حديقة منزله ...تفقد كل الزهور التى طاملا اعتنى بها ...

نظرة أخيرة ..وذهب بسيارته

.............................................................

الشاطئ خال متام من البشر.. يبدو أن الكل نفذ ما دعت إليه وسائل اإلعالم بأن

يجتمع اجلميع فى مكان واحد

لكنه أراد نهاية مختلفة

كما عاش وحيدا...

سيموت وحيدا....

اقترب بسيارته من الشاطئ أمام البحر وجلس ينتظر النهاية..

وأغلق عينيه يستعيد بعض الذكريات

طفولته...

شبابه...

األشياء التى أحبها

والده...

والدته...

عائلته....

تذكر أوقات الفرح ...


أوقات احلزن...

وما أكثرها

ابتسم ..أخيرا سيقابل أحباءه

هواياته ..

الفرصه له تتح لم أنه حياته طوال يردد ظل والكتابة... التصوير أحب كم

للدراسة فى أى منها..أو يتعمق فيها .. مع وجود الوقت أمامه إنه لم يتعمق..إنه

النصيب

أو رمبا انشغاله الدائم بعمله

ا.. ا إن الدنيا لم تعطه الفرصة ألى شيء يحبه مطلق أو رمبا كما يقول دائم

وقد اعتاد ذلك

فلماذا البكاء عليها إذن ؟!!!

نظر لألمواج املتالطمة فى غضب أمامه ....وطائر النورس يحلق فوقها...يسعى

اللتقاط طعامه منها...

تعجب .. املنظومة جميعها متشى وكأن شيئا لن يحدث...اإلنسان وحده من جلس

فى انتظار النهاية ...

طيوره انطلقت حتتضن السماء ...

النورس ميارس محاوالته اليومية فى العثور على طعام ...

الشمس أشرقت ..وإن كان شروقا باهتا ...

حتى زيكو ..

يلعب إلى جواره بكرة من الفراء...


هل هذا إميانا منهم مبا سوف يحدث..

أم أنهم ال يدرون ..!!

تذكر أنه أحضر خبزا إلطعام النورس ... أخذ اخلبز واقترب من املياه إلطعامه ...كم

كان يعشق تلك اللحظات التى يرمى مبا فى يديه للطائر اجلميل على سطح املياه

سر ما يدرى ال ...رمبا أخرى مرة ويطير ويأخذها جوارها إلى الطائر ..فيسقط

السعادة فى ذلك ...

لكنه متأكد من أنه مصدر سعادة .

ا أن يوم الذى لم يستطع ...وهو الدنيا اآلن عن تفسير ملا يحدث فى ملاذا يبحث

يفهمها...

"اعطوا الدنيا على قدر عمرها...وإن عمرها واهللا قليل"

تذكر هذا القول ..وهو فى طريقه عائدا إلى سيارته ...

ومتتم ..حقا ..قليل

تفكير أن أجمل ما فى األحداث ..أنه سيستريح من ...

املنافقني

الوصوليني

جامعى األموال


وآكلى حقوق الفقراء

سيفقدون كل ما جمعوا ...

كل ما تركوا القيم واألخالق من أجله ...ولن تنفعهم كنوزهم وال مناصبهم

ال توجد وساطة اآلن ...فالكل أمام قدر اهللا واحد

سيستريح من ظلم العالم ..وعدم تقديره

من كل مواقف الغدر واخليانة ...من كل اجلراح التى سببها هذا أو ذاك

وجد نفسه ينفجر ضاحكا ..من صدمة هؤالء وندمهم على أفعالهم

تستحق تعد لم فعال احلياة تلك بأن يقينه ...يزداد متضى دقيقة كل ومع

االستكمال

ا أن فى املوت راحة من كل هذه األمراض لم يفكر يوم

ا..أم أن لكن ما شغل تفكيره فعليا منذ بداية األحداث...هل ستتوقف احلياة متام

احلياة ستستمر بخلق جديد...

أم أن هناك من سينجو على هذا الكوكب البائس ..ليبدأوا حياة جديدة....

األمر محير ..

ا من الوجود..لكن ليس كل شيء ميكن كل الدالئل تقول إن الكوكب سيمحى متام

توقعه ...

سبح فى أفكاره ...وغفلت عيناه لفترة من الزمن ...

استيقظ فجأة على هزة ودوى عنيف ...نظر حوله ..وجد السماء بلون مختلف ....

وأشياء تسقط من السماء......الحظ اقتراب زيكو منه وانكماشه ..

احتضنه ...

الحظ ارتفاع األمواج وتالطمها بشدة مع ارتطام الصخور الساقطة ...

جلس مكانه محتضنا قطه..وهو فى انتظار أن يكون الصخر القادم من نصيبه


فجأة ارتفعت األمواج ....وظلت ترتفع ...وهو يراقبها ...

و هوت

مرة واحدة ...


ماذا لو تنتهي حياتي ألريح العالم مني وأستريح ؟

هذا ما كنت أفكر فيه دائما طوال حياتي, فكم بدت لي األشياء سخيفة واحلياة ال

تستحق العناء ..

واحد تتحول حلزن األحزان جميعا ..هاهي ينتهي بأس فها هو كل شيء لكن ال

كبير هو أيضا سيذوي ويتالشى ..

أعرفكم بنفسي , أنا حسناء ..اسمي على مسمى باملناسبة فأنا حسناء فعال

الغروب أشعة عليه تنعكس حني الصافي العسل لون ,لعيني الطلعة بهية

وملالمحي كما يقولون براءة طفولة ولطف أنوثة تبرق بينها كجواهر تتبختر على

قطيفة سوداء..

ال أدري..كيف ميكن أن يختصر املرء حياته وحياة عامله في أوراق قليلة فالوقت ال

يسع أحد اآلن..الوضع في اخلارج أصبح بؤسا ال نهائيا..لكنني حلمت دائما أال أرحل

دون أترك خلفي أثرا يذكر فهذه طبيعتي ..تركت بصماتي على كل جدار عبرت به

– وهي جدران عديدة – وال أريد أن أترك هذه االرض دون بصمة أخيرة..وعلى كل حال

هي ليست حياة طويلة ..مجرد ثمانية عشر عاما..

أجتاوز لم صغيرة طفلة بعد وأنا مات أنه من الرغم ..على أبي وجه اآلن أتذكر

الرابعة لكن وجهه مازال في ذاكرتي , لقد ورثت عن أمي مالمحها ولكني ورثت عن

ملالمحه نسياني عدم سبب هذا أن أظن , الصافي العسلي عينيه لون أبي

بسهولة فكلما نظرت للمرآة وجدت أمامي عينيه , لكن أبي كان يحمل في عينيه

دفء الشمس أما أنا..فقد امتألت عيني ببرودة الشتاء مع الزمن حتى أنها أضحت

خاوية بال تعبير ..

وهكذا كبرت بني ذراعي أمي وحدها , تلك اجلميلة التي انتقلت جينات اجلمال منها

إلي وانتقل معها أيضا لعنة ما لم أفهم أبدا سرها , ولم أعرف كذلك يوما ملاذا أو

كيف مات أبي..سألتها عنه في طفولتي كثيرا بعد غيابه ولم تأتني سوى

27حســـناء - شيماء عبادى

قد والده ,بأن اليتيم سؤال بها يجيبو أن هنا الناس عهد التي باإلجابة

احلجة كانت فيه وأكبر ميضي يوم كل فمع واهية حجة كانت سافر..لكنها

من ضائع جزء عن باحثا ذهني في ويتوحش يتوغل الذي املنطق أمام تتهاوى

قلبي..ذلك اجلزء الذي أدرك منذ أول يوم غياب أن الغائب لن يعود يوما ,لكنه كان

إدراكا مغلفا ببراءة الطفولة التي تنكر احلزن وتكرهه..ال يعرف أحد أن للطفولة

حس فائق اإلدراك يستشف من خلف األفق الكثير من املعاني واملشاعر , الفطرة

تنبئنا بالكثير فلماذا يصر البشر على معارضة الفطرة ؟ هل ستصرون أنتم أيضا

فاشلة أنفسكم محاوالت على توفرو أن أمتنى ..هذا محتمل..وإن كنت ؟ ياترى

تظاهروا ولو أنوفكم رغم يعرفونها الصغار..فهم قلوب في باحلقائق للعبث

بالعكس..

دار بيني وبني أمي ذات يوم أراه اآلن يلخص معاناة البشرية..وقد كنت أتذكر حوارا

في الثامنة أعتقد أو قريبا من هذا العمر , قلت يومها :

أمي..ملاذا رحل أبي وبقينا نحن ؟

ألن اهللا أراده يا صغيرتي..

وملاذا ال يريدنا مثله؟ أنا أحب اهللا ..فلماذا ال يحبني ؟

بل يحبك حبيبتي ويريدك ولكن في الوقت املناسب..

ومتى يكون الوقت املناسب ؟

بعد وقت طويل إن شاء اهللا..

فقلت في حيرة : - وماذا أفعل أنا في كل هذا الوقت الطويل ؟

فأجباتني بثبات بأنني سوف أعرف عندما أكبر..

ولكنني كبرت ولم أعرف , وأظن هذا أغلب أحوالنا وأشهر أسباب مآسينا فنحن ال

نعرف ..ونظل نعيش على أمل أن نعرف لكن احلقيقة أن الوقت ميضي أسرع منا

كجواد جامح ال ميكن اللحاق به ويتركنا ..ال نعرف !

فعلى سبيل املثال , أنا لم أعرف وقتها ولم أقتنع , لم رحل أبي أنا بالذات ؟ ولم


أعرف بعدها بسنوات قليلة..لم حلقت به أمي !..الفرق أن في تلك املرة لم يقل لي

في البيت يبكي كبيرا متجمهرا أحد سافرت..فقط عدت من املدرسة ألرى جمعا

وألتذكر املفزع الصمت ليجيبني عنها فسألت العاشرة في وكنت وينتحب

حلظتها نفس حديثها ,فلم أبك عكس ماهو متوقع..وقلت في نفسي أن اهللا يريد

أمي وأبي معا ولكن فيما يبدو ..أنا لست مرحبا بي حيث يذهبون !!

لذا لم أبك قدر ما شعرت بنوع غريب من احلنق والغضب والغيرة ومشاعر غريبة ,

تداخلت معا لتصنع كآبة صامتة كالقبر..فعكفت على صمتي وسكوني وكأنني

أقاربنا أنهم بعد فيما اتضح الذين جيراننا بيت في يعيش أصبح شبح..شبح

الوحيدين ألن أبي وأمي لم يكونا من هذه املدينة الكبيرة فقد هربا إليها فرارا من

شيء ال يعرفه أحد..وانقطعت صلتهم باجلميع ..

ولكن حتى الشبح , لم يكن مرحبا به في بيت ليس بيته , فبعد وقت قصير دخلت

إلى إحدى دور الرعاية.. حيث بدأ الفصل الثاني من حياتي ..ذلك الفصل الذي كنت

أذكر لن بلدنا –الذي في الرعاية دور اإلطالق..فبعض على له داعي ال دائما أراه

وسوف , فيه وتنام وتشرب مكان..تأكل مجرد إلى فيها األمر يتحول – اسمه

تدخل إلى مدرسة لتتعلم إن كنت ذكيا مبا يكفي ..و..فقط..فراغ هائل كان يحدق

بروحي طوال الوقت يستهلكها ويستنزفها , ذلك الشعور القاسي الذي لم أدرك

ماهيته وقتها لكنه كان شرسا يلتهم في داخلي الصبر والرغبة في احلياة..لم

ميلؤه لم هادر فراغ ولكن , السبب هي نحياها كنا التي املتقشفة احلياة تكن

أحد..كنت في حاجة حلب وحنان ولم أجدهما في النهاية سوى عند بائع احللوى

أسفل الدار بعد سنوات قليلة..عندما بلغت اخلامسة عشر وكنت أراه رجال طيبا

يغمرني بالعطف كلما رآني لكن بعد وقت ليس بطويل اتضح أنه عطف مقنع

كان ينتظر من وراءه أشياء أخرى ال متت للطيبة أو العطف بصلة..

ألم أقل لكم في البداية أنني ورثت جينات اجلمال ولعنته معا ؟

الغريب في األمر حقا أني كنت أظن أنني الوحيدة املضطهدة في العالم لكن كل


يوم مر علي كنت أرى اآلالف من املقهورين واملضطهدين , لقد كان عاملنا قاسيا

للغاية ..تشرد فينا من تشرد ومتزق فينا من متزق وجاع منا من جاع..كنت أسير في

مهلهل فأراه هيكل بشري متكوم حتت غطاء إليه أنظر الشوارع ألتعثر بشيء

أحد يلتفت أن دون قبلي هنا من مروا قد األشخاص عشرات أن ألكتشف

منهم..نحن البشر صنعنا احلضارة ولكننا صنعنا معها قسوة غير مبررة , دمرنا

أنفسنا ودمرنا غيرنا بحروب ال تنتهي بحثا عن شيء لم ولن يوجد قط..سالت دماء

تاريخها في واحدا يوما البشرية به لم حتظ اسم سالم أنهارا حتت اإلنسانية

الطويل الذي أحمد اهللا أنه يوشك على اإلنتهاء..وعلى الرغم من ذلك لم نتعلم

قط ..لم نقف حلظة لننظر وراءنا ونرى هل هناك جدوى من كل هذا ؟ لو متعنا في

تاريخ من سبقونا أليقننا أن ال جدوى حقا فاحلياة سخيفة في الواقع بشكل ال

يصدق..ولكنه درس قرر سكان الكوكب دون اتفاق مسبق..أال يتعلموه أبدا..

ال يتساءل أحدكم ماذا حدث بعد آخر نقطة توقفت فيها عن احلكي , فقد خرجت

من ذلك املكان ألتشرد في أرض اهللا , ثم عملت في خدمة املنازل , أتنقل من بيت

آلخر وأنتظر اللحظة املناسبة التي أستجمع فيها شجاعاتي وجرأتي ألنتهي من

حياتي وينتهي معها كل هذا العناء الذي ال داعي له..وال طائل من ورائه..

ثم منذ شهرين رأيته أمامي بغتة , ذلك الشاب الوسيم الذي يشبه القمر حني

يكتمل في بهائه ورونقه , رغم بساطة مظهره , ال أعرف هل ما شعرت به حلظتها

فقد خاجلني شعور غريب في ؟ أول نظرة بأنه احلب من أحيانا هو ما قرأت عنه

يلتقط وهو أنفاسي واحتبست فجأة زادت التي قلبي نبضات وفي معدتي

الدنيا وكأن مسرعة تسير سيدة اصطدام مع مني سقطت التي أكياسي

األولى للمرة عطره فأدركت فيها مني اقترب التي اللحظة تلك , ستسبقها

وامتلك حواسي كلها دون أن يعلم..

وهكذا بدأت احلياة تبتسم لي حقا ألول مرة , فهل تتغير القوانني وتتغير نواميس

احلياة باحلب ؟ أيحيينا احلب من جديد ويعيد لقلوبنا نبضا كان تائها عنها منذ زمن


على البعض وغار البعض قتل احلب هذا أجل ؟..أمن بالدنيا شعورها ..فيغير

محبوبه حتى املوت ومن أجله أيضا تعانق الشمس السحب في همس حنون رقيق

؟

رأيته كثيرا بعدها , تعلمت منه أن أحب احلياة وأن أعشق في عينيه كل شيء..هو

الشيء الوحيد الذي أعاد إلى روحي الرغبة في العيش على هذا الكوكب البائس

والعطاء واحلنان باحلب عامر مثله عامر..وقلبه العالم..اسمه حنان روحه ففي

للدنيا وما فيها رغم أنه مثلي..يتيم وحيد ال عائلة له سوى أخ وحيد..أخ يقضي

معه اآلن ساعات قليلة ريثما أنتهي أنا من هذا األمر اجللل الذي لم يفهم ما هو

ولم أخبره ..

أليس من املفارقات الساخرة , أال أبدأ في التمسك باحلياة إال حني تقرر احلياة أن

تنتهي رغم أنفي ؟ أليس من العجيب واملثير للسخرية ...أال أحب الدنيا واألرض وال

وقت حان عندما إال – وأبي أمي مثل – ألعلى الرحيل في التفكير عن أتوقف

صعودنا جميعا ألعلى ؟

بعد عشر سنوات بكيت..في ذلك اليوم الذي تلقينا جميعا- سكان هذا الكوكب

– خبر النيازك التي تقترب وكوننا ننتظر ساعة هالكنا بعد أسبوعني..بكيت بكل

الدموع التي اختزنتها عمرا بأكمله..بكيت يومها موت أبي وأمي وسنوات عذابي

عليه قضي حتى قلبي في يترعرع يكد لم الذي لعامر حبي ..وبكيت كلها

للرحيل في أن نضطر ..ما اقسى الثلج وذاب بالهالك..يومها فقط سقط قناع

الوقت الذي أحببنا فيه البقاء..ما أقسى أن نسمع صافرة الرحيل حلظة نغير رأينا

بأمر السفر ..

اللحظة في سنفنى كلنا , جميعنا معا.. سنرحل أننا عزائي أن أدركت ثم

نفسها..وإلى جانب شعور العزاء ..فقد شعرت بالشماتة في العالم الذي أذاقني

مر العذاب..وأذاق الكثيرين مثلي الصبر..ها نحن جميعا نتساوى في النهاية ها

امللوك عن فهل سيختلف واحدة األرض في حلظة نحن جميعا سنحترق على

عبيدهم ؟


رؤوسهم متفاديني املتجبرين سيحنون الظاملني أخيرا..وكل الرؤوس لقد تساوت

دعنا , وأال يكون النيران مثل أصغر صبي مسكني ..ولكن أمتنى فقط أال نكون قد خ

نراه في األفالم ليحمل الذي كنا القبيل من هذا أو شيء هناك مركبة فضائية

الصفوة بعيدا عن هذي األرض التي تنتظر موعد احتراقها ونهايتها..

من القدر بهذا تكن لم فلماذا الدنيا في أسهل األمور صارت ,فجأة تزوجنا و

البساطة فيما مضى ؟ ملاذا كنا نعقد كل شيء إلى ذلك احلد املزعج ؟ لو لم حتدث

هذه الكارثة لكانت مشكلتنا ضخمة ولكان يجب التفكير في تفاصيل وتفاصيل

وتفاصيل..نحن نعقد األمور بحماقة ..حتى الزواج جعلنا منه شيئا معقدا مزعجا

وماديا صرفا..لكن عندما أدرك الناس جميعا أننا هالكون ال محالة بعد أيام لم يعد

أحد ينزعج من هذه التفاصيل بل لم يعد أحد يفكر فيها..يا لسخافتنا هل كان

البد أن يحدث كل هذا لنتعلم ؟ لقد تزوجنا في شقته على حالها دون تغيير..وال

تغيير حتى مفرش صغير..

كثيرا ما تساءلت فيما مضى عن آخر يوم لي حني أقرر اإلنتحار كيف سيكون ؟

كما جدا صعبا األمر يكن األخير..لم يومي في أنا وها ؟ سأقضيه وكيف

توقعت..فقد قضيته مع عامر ببساطة..وأعجب ما في األمر أننا لم ننم منذ أيام

وكأن ال شيء نام ..كالنا ..مننا الليلة حتديدا ولكن في هذه واخلوف القلق بسبب

ينتظرنا..وكأن ما ينتظرنا ليس آخر يوم وإمنا عمر جديد..

استيقظت قبله فأعددت له إفطارا بسيطا وأخذته إليه ثم أيقظته برقة ربيع

وجلسنا نتناوله في هدوء غريب..كان في عينيه نظرة حب عميقة ..لم نتحدث

كثيرا ,كان كل منا يتأمل اآلخر في صمت وسكون..حتى انتهينا فاتفقنا على ما

سنفعل في هذا اليوم ..

هناك اجلميع القدامى..كان جيراننا زرت , قدميا أسكن كنت حيث إلى ذهبنا

يعيشون حالة تشبهنا , نفس احلالة من االستسالم لقدر محتوم ال مفر للهروب

منه وال اإلختباء..وعرفت منهم أين يقع قبري أمي وأبي ..وهناك جلست ..كانت


املرة األولى التي أذهب فيها لذلك املكان , وقدر لي أن تكون األخيرة..

حتدثت معهما كثيرا , ألول مرة أحدثهما في داخلي دون غضب..ألول مرة منذ رحال

ألني روحي..رمبا على العليا اليد للغضب كان ذلك فقبل وحبي شوقي أبثهما

أستعد للحاق بهما أخيرا ورمبا ألني أخيرا شعرت ..أن اهللا يريدني مثلهم..

باقي نقضي أن وقررنا األيدي ثم خرجنا متشابكي , والديه قبري زار أيضا عامر

اليوم معا , باستثناء ساعتني أو ثالث..يقضيهما مع أخيه ويرى أحبائه..وأقضيهما

أنا لفعل هذا الشيء املهم..

طوال حياتي , أنني في يومي األخير سأحتاج عمل ألف شيء لقد كنت أعتقد

أردت أن أسافر وأرى العالم وحلمت دوما بفرنسا كما ترويها الكتب ولكن في يومي

رغباتك تتالشى حني غريب , شيء أي فعل في الرغبة الفعلي..فقدت األخير

وأحالمك فجأة وتكتشف أن ما أردته طوال الوقت هو في الواقع آخر شيء أردت أن

تعترف لنفسك به..أردت أن أقضي آخر يوم مع حبيبي وزوجي..أن نعيش عمرا كامال

في يوم واحد وقد كان ..

حتدثنا وتعانقنا ورقصنا وغنينا وفعلنا معا كل شيء ..احتفلنا بأعياد ميالدنا التي

كانت ستأتي كلها مجتمعة..ذهبنا إلى حيث التقينا أول مرة مبحض صدفة قدرية

رائعة..ورغم احلزن الذي كان يطفو كل حني إال أنها كانت ساعات ال تقدر بسنوات..

ثم ذهب ألخيه..وجلست أنا اآلن أسطر لكم هذه السطور , وبكل صدق ال أعرف

ملاذا أفعل هذا..هل حلياة شابة ذات ثمانية عشر ربيعا أهمية تستدعي أن تكتب

وأن حتفظ في تاريخ البشرية ؟ رمبا..ورمبا ال ..من يدري حقا إذا كان أحد سيمكنه أن

يعثر على هذه الرسالة وهذا الصندوق الصغير أم لن يأتي أحد بعدنا لينبش بقايا

كبيرا من التقدم لكنه لم يكفي أبدا إلنقاذها من الهالك ؟ حضارة بلغت حدا

أين حصل من أعرف ولم أبي لي تركه بالرصاص املبطن الصغير الصندوق هذا

وأنني والعواصف شيء..للزالزل لكل مقاوم أنه , لي قال ما دائما لكنه عليه

ميكنني أن أحتفظ بكل شيء مهم فيه على صغره فهو غير قابل للكسر..هل

قوله حقيقي ؟ ال أعرف..فأنا ال أفهم كثيرا في هذه األمور.


وترى ..هل سنفنى جميعا حقا ؟ ألن ينجو أحد؟ إذا كان الفناء مصيرنا جميعا كما

يقولون لنا..فهل يا ترى سيأتي بعد زمن طويل بشر آخرون أو كائنات أخرى لتسكن

األرض ؟ هل سيعثر أحدهم يوما على صندوقي الصغير وهل سيتمكن أحد من

فك طالسم لغتي العربية التي حتما ستكون مجهولة له ؟

أم أن البعض سوف يبقى..ويكون العثور عليها من نصيب بشري مثلي ؟ أم أن هذه

نهاية العالم وبعدها لن يكون هناك أي شيء..أسئلة نسألها جميعا اآلن وال أحد

لديه إجابة قاطعة عليها ..أو حتى غير قاطعة..

سمعت وأنا صغيرة عن حضارة يقال عنها حضارة أطالنطس ..بلغت ذروة التقدم

ثم فنيت ..وعثر على كبسولة زمنية منها ..هل كان هذا هو التعبير ..كبسولة

زمنية ؟ ال أذكر بالتحديد ..لكن على نفس النمط خطر لي أن اترك لكم كبسولة

الكوكب هذا سكان أخطاء من القليل تدركون منا..لعلكم قليل بها صغيرة

مدمرة كوارث كذلك وحققت هائلة اجنازات البشرية حققت فتتفادوها..لقد

..ولكن الفناء نستحق أننا أظن ..لذا دامية حروبا البعض بعضنا ضد وخضنا

الشيء الذي أدركته مؤخرا وجعلني أعيد النظر..أننا رغم كل مساوئنا وكل عيوبنا

..

إال أننا استطعنا أن نحب أحيانا بصدق رغم كل شيء..

سأدفن الصندوق الذي يحوي هذه الرسالة في عمق جيد , وسواء قدر له أن يخرج

مرة أخرى أو قدر له أن يحترق فاآلن فقط أستطيع أن اقول أنني عشت ..عندما

بعض اقتربت..ذاعت قد النهاية حل..وساعة قد املساء سيكون عامر يعود

النهاية متالحمني املقطم غدا صباحا الستقبال عند للتجمع دعوة املنشورات

أمر على اتفقنا – وأنا عامر – معا..لكننا جميعا ولنصلي متشابكني

آخر..سنرحل مع رفات أهلينا..سنقضي ليلتنا كأجمل ما تكون معا ثم سنذهب

في الصباح إلى املقابر حيث نرحل معهم..أخيرا سيجتمع شملنا مبن نحب..ورغم

الدموع التي تغرق وجهي اآلن إال أن كوني أعرف أنني سأموت بني ذراعي من أحب،


سنمضى حيث اآلخر العالم ..في ..هناك رمبا أنه إلى أطمئن يجعلني

جميعا..سيكون لنا لقاء آخر..أفضل من كل ما سبق..


صوت األلم الرهيب ميزق السكون....ويخرق الليل خرقا

املنطقة مقفرة حقا....واسعة حقا.....يحيطها األلم والصمت

وهناك ذلك املبني في وسط اخلالء املمتد....يلقي ظالال سوداء علي ضوء القمر

وفي الداخل املشهد ال يقل قتامة عن خارجه

أمام الواضح...يقف احلر رغم الكاملة العسكرية لته ح في الرجل ذلك فهناك

يشبه شيء في يديه من لق ع وقد أصابعه أطراف علي يقف اجلذع عاري رجل

األرجوحة

وجهه مليء بالتعب...واأللم....واالنكسار

ويقف في زاوية احلجرة رجل يراقب املشهد في شيء من احليرة واالرتباك

- سيدي أأأال يكفي هذا؟!!

يقولها ذلك الرجل املرتبك وقد بدت علي وجهه عالمات اخلوف

- لن أتركه حتي يعترف...الليل اليزال طويال ....ولن يفلت من يدي حتي يعترف بكل

شيء

- لكن يا سيدي األمور اآلن اختلفت وما تفعله لم يعد مجديا

ينظر إليه بقسوة حفرتها السنون....ليصمت األخير في مذلة واضحة

- فلنعيد االستجواب اآلن يا "سيد" أريد معرفة جميع أسماء من كانوا معك وقت

احلادث

نظر له الرجل املعلق من يديه بتلك النظرة التائهة التي توحي بأن صاحبها علي

37اللــــــذة - محمد طه

وشك اإلصابة بلوسة ما ثم....بصق علي وجه بتشف واضح ثم انهار دفعة واحدة

مسح الرجل البصقة من علي وجهه بهدوء ثم اجته إلي جانب احلجرة ليخرج تلك

الكالبات من ذلك الدوالب القدمي

انحني علي قدم الرجل املعلق من يديه يثبت الكالبات ويضع القابس املتصل بها

في الكهرباء ويقول:

- هذا كفيل بأن يجعلك تستيقظ

ثم ضغط الزر قائال:

- وأن يجعلك تكمل اعترافك

ا وينظر إليه ذلك ا وتكرار انطلقت الكهرباء في عروق الرجل لينتفض جسده مرار

الرجل في وحشية واضحة ممزوجة بنشوة

- سيدي هذا يكفي ....أرجوك كف عن هذا

- أيها األحمق هل نسيت عملنا وما نحن هنا له ؟!

اليوم هو األخير لهذا أنك قد نسيت.... بالطبع لكن يبدو ال ياسيدي لم أنس -

ا أن تفعل شيئا محببا إلي نفسك قبل نهاية ا وتكرار العالم .... ولقد سألتك مرار

العالم كاجللوس بجانب ابنتك أو أي شيء حتبه سيدي...سيدي لم يعد هذا يجدي

فكل السجون قد فتحت أبوابها للمساجني ولم يعد هناك أحد ... ملاذا تتمسك

بتعذيب هذا الرجل حتي اآلن فلتتركه حلال سبيله

نزع الرجل الصارم القابس وقرب وجهه لوجه محدثه حتي كادا يتالصقا قائال:

- لقد سألتني أن أفعل شيئا أحبه قبل نهاية العالم؟؟

- نعم يا سيدي هذا صحيح


- حسنا.... ما أفعله اآلن هو أكثر شيء محبب إلي قلبي

ثم أعاد القابس إلي مكانه

لترتفع الصرخات املمزوجة باأللم من جديد

وليزداد األمر قتامة


النهاية، ستؤول كيف بشغف ينتظر اجلميع يزداد، احلشد كان املقطم، في

يتخيلون كم األلم الذي قد يحدث لهم، بعضهم ال يخشى املوت، لكنها معاناة

التخيل، هل ستصرخ أجسادهم عندما تلفحها النيران وتتمزق، اخليال يرسم تلك

الصورة بأصعب ما يكون، أرى هذا في نظرات عيونهم، لم أكن أهتم بذلك على أية

حال، إنني أركض بأقصى ما أستطيع، خلف ذلك اللعني، لن أتركه، ولو لم يتبق

سوى ثوان، أمتسك بتلك املدية التي بيدي بشدة، يجب أن يعاني ذلك اللعني، األمر

، سأجعله يتألم ببطء، أدفع احلشود بيدي، أتخلص منهم، أسمع لن يكون سهال

سباب من هنا ومن هناك، لكنني أراه أنه أمامي، خطوات بسيطة ثم سأمسكه..

أيام فقط كنت من عدة الذي حدث وأين كنت، ما األيام املاضية، متر أمامي اآلن،

أربط حذائي، وأهرول في الطرقات بال أي هدف، حتى بدأ كل شيء، واألنباء املتواترة

على النهاية، ثم احملاوالت الفاشلة، لكن ال يهم, ما من فائدة، متلكتني فكرة واحدة

وقتها، يجب أن يدفع (حسن) ما فعله بي، تلك املعاناة التي خطها بيده في سطور

حياتي، لقد خسرت كل شيء، أحالمي، عملي، حبي الصغير. ذلك اللعني، لن ينعم

ا، يجب أن أشاهده وهو يتمزق بيدي، بتلك النهاية مثلهم، يجب أن تكون أشد إيالم

ثم أبصق عليه وأبتسم!

***

ظهر اليوم األخير قبل النهاية، كنت قد قررت كيف سيكون، لن أبحث عما فقد

لكن يجب أن يدفع كل شخص ثمن فعلته، كانت الطرقات شبه خالية، واحملال

مفتوحة على مصراعيها، لم يعد يتبقى شيءليبتاع، اجلميع يأخذ ما يريد من أي

لقي بعيدا اآلن، في الوقت الذي على اجلميع أن يتمسك بأي مكان، اجنرف االعاء اخل

معتقد ديني يتبعه؛ قرروا أن يتبعوا أنفسهم، وأن يستمتعوا ملرة أخيرة، تلك الفئة

ا، مزالت ترتع، لكن ال يهم، ما يهم اآلن، ما أبحث التي أحالت حياة اجلمع جحيم

عنه، سأذهب إلى منزله، بكل تأكيد يتسكع بالقرب منه.

41حــــــاق - كرمي سعد م

يجذبني ذلك املكان بجانب النيل اآلن، أتذكر ذلك الطفل الذي كان يلفحه الهواء

هنا ويجعله يبتسم، وزاد عمره ليأتي يرسم األحالم، ويفع فحقق بعضها، سعادته

املكان ذلك كان األجمل، فترة خطوبته الصغير، حبه هنا، بها يأتي كان عندما

يرسم حياته، أحتاج إلى بضع دقائق هنا، أتذكر (عامر) القدمي الذي كنت أعرفه، هل

عندما أنفذ ثأري، سأعود إليه مرة أخرى، ال يهم لم يعد هناك املزيد من الوقت، ما

يتبقى يكفي فقط لغبطتي األخيرة!.

رجل في مقتبل عمره، يتمسك بقطة صغيرة يضمها لصدره، ويجلس على حافة

السور، الذي يطل على النيل، أرى دموعه تريد أن تخرج من عينيه، لكنها تقف على

إليه، توجهت بها تتمسك مغناطيس إلى حتولتا عينيه مقلتي كأن حدودها،

وقفت جانبه، لم أردف ببنت شفة، ثم تكلم بصوت متقطع:-

- "أعلم أن حياتي، أسوأ منأن يروم كلب أن يعيشها، ولكن هل أستحق املوت!"

الذي الوضيع ذلك عن ألثنيه انتباهي، فتجذب ا، قدمي الترهات تلك أسمع كنت

يتخيله داخله، ولكن لم أعد أكترث، فليحقر من نفسه كما يشاء، ولكنني، أريد

أن أحكي شيئا، أريد أن أصرخ مبا بداخلي، أشعر أنني لم أحتدث إلى أحد منذ مدة،

وبصوت كمن نسى النغمة الصوتية من زمن قلت له:-

قدم عليه؟" - "هل تأخر تلك التفاهة اآلن، أريد أن أحكي لك ما أنا م

ا، ولكنه لزال يضم القطة بني يديه، وتلك الدموع الثابتة على نظر لي غير فاهم

عيناه، لم أهتم إلى حالته املزرية، وبدأت في احلديث..

***

ا!، مثلك متشائمني جحيم من هم حياة يحيل الذي املثابر، الطموح ذلك كنت

احلسرة تلك أرى جناح، خطوة أخطو وعندما واقع، بال حالم بائس أنني يظنون

خطوات بدأت سيء، أكن لم إيصالها، أريد ورسالة هدف كنت تزداد، بداخلكم

عملي، وتدرجت به بنجاح، كنت حسن السمعة، وكان من هو طيب يحبني، ومن

يحمل حقدا يكرهني، منط احلياة الطبيعي، بحثت عن حب حقيقي، وجدته،

خطوبة، مع مثابرة في العمل، وأحالم حتتاج فقط إلى إميان لتحقيقها، وكنت


أملك ذلك اإلميان.

أريد شيئا، لم أكن املميزة، ا أخر تقف على عتبة وفي كالم العادية، احلياة تلك

لم البسيطة، أحالمي وأحقق الصغير، مبالكي أظفر وأن للجميع، احلب سوى

أن يفتأ ال العالم، من املظلم اجلزء ذلك ولكن ذلك، من أكثر هو فيما أطمح

يحطمني، لم أعلم في البداية كيف فعل ذلك، كيف تسبب في كل تلك املعاناة،

شيء، كل فقدت ذلك، حدث ثم بأثره، العالم امتلك أنني وقتها أشعر كنت

وظيفتي، مالكي الصغير، حتى أحالمي شعرت أنها تخلت عني بعيدا، علمت أن

األمر لم يحدث مبفرده، كان هناك سببا، يد خافية، لبدت مختبئة خلفي، جانب

مظلم، ينتشي بتحطيم األحالم.

مرت أيام الصمت، حلت ساعات التفكير، وبعدها أوقات اإلجابة، بحثت عن عدو قد

أذيته، أملته، سببت له معاناة في حياتي ليحطمني هكذا لم أجد، لقد ارتكبت

ذنوب في حياتي، أخطاء، لكنها ال ترتقي لتلك النتيجة أبدا.

علمت من هو، من وضعني في ذلك املأزق، من حطم أحالمي، لم أتخيل أنه هو في

الذي السؤال ا، جميع منها وتأكدت إليه، أشارت كلها الدالئل لكن البداية،

أضناني، ملاذا؟ لكن هل سيفيد معرفة السبب، لقد أصبحت أحب العدمية بعدما

كنت أبغضها، ومتحور فكري على االنتقام، ولكن بالشكل الذي يجعله يعاني، وقد

اقتربت النهاية، ولم يعد هناك بدا، إذا كان اجلميع سيموت، عليه أن يقضي حياته

ا. هو بشكل أكثر إيالم

***

"لقد فهمت"

نطقها ذلك الرجل ومازالت تلك النظرة البريئة املستفزة تطل من عينياه، كنت

ا عندما أراها، لكن اآلن، أمقتها شر مقت، هممت بالرحيل، أظن أبتهج باألمل قدمي

ا، لم أعد اشعر بشيء في ذلك املكان، لم يعد ذلك الشخص الذي كنته رحل متام

ا في ذلك العالم، سمعته يصيح وأنا أبتعد:- يعنيني أي جمال كنت أراه سابق

ا، ملا ال تسمعني مثلما سمعتك، أنكم -"من هم مثلك يحيلون حياتي جحيم


أنتم أيها األضواء الالمعة الذين تنجحون في شيئا ما في حياتكم، ثم تخسرونه،

تتقاذفونها نحن فقط عثرات في طريق احلياة، إمنا نحن ال شيء، تعيشون حياة،

ا" بأقدامكم، عليكم اللعنة، عليكم جميع

ا إليه، لن لم أهتم بترهاته، لم أعد أهتم بذلك الضعف، أكملت طريقي، متوجه

يستمتع ذلك اللعني بباقي أوقات حياته، أبدا.

وآخرون بعضهم، يهرول أماكن، في يحتشدون املارة وصلت، مسكنه من قريبا

يحاولون التماسك، البحث عن معنى ملا يحدث، يشدون أزر بعضهم، شعور اخلوف،

كانوا التي الشجاعة تلك ا متام لقد سكنت مكان، في كل أن حتسه بإمكانك

يأملون، ذهبت إلى بيته، وجدت بابه مفتوح، دلفت إلى الداخل ملا أجده، هبط مرة

أخرى، وأوقفت أحد املهرولني الذي يهبطون من نفس العقار لكي يذهبوا إلى طريق

ال يعرفونه، سألته:-

- " أين أجد حسن، الذي يقطن هنا بالدور الثاني"

- " وملا تشغلك بالك به يا صديقي، أذهب وأبحث عن شيئا تفعله، لكن إذا كنت

موتك طريقة اختار املقطم، إلى سيذهب أنه يقول، سمعته أني أظن صر م

صديقي، فليوفقك اهللا في حلظاتك األخيرة!"

ثم أكمل هرولته إلى الالمعنى بدون أن ينظر لي!، هؤالء البشر إنهم يوم بعد يوم

يصيبوني باالشمئزاز حتى في أصعب أوقاتهم، يريدون أن يكونوا منفردين، يبحثون

ا عن طريق لالستمتاع الشخصي فقط، ولو حتى كان االستمتاع هو النقيض متام

ملعناه، وهو املوت!.

مكتظة ما ا قدمي كانت التي األماكن تلك الرئيسي، الطريق إلى أخرى مرة د ع

خلف مختبئني املنازل، في البقاء فضلوا أتراهم اجلميع!، ذهب أين تبا بالبشر،

سرائرهم، ظنا منهم أنهم ناجون!، الطريق ليس بطويل، والنهاية قد اقتربت، لم

يتبق الكثير، يجب أن يعاني ذلك األحمق، مجرد سير بسيط، وأجد لنفسي دقائق

احلشود تلك وأجد تقترب، املقطم جبال هي ها بآالمه، ا مستمتع البهجة من

العظيمة تقف تنظر إلى السماء، هرج ومرج يحدث، بينما يصيح واعظ في كل


ليجعلهم عليه، مقبلون هم الذي اآلخر بالعالم الناس س يحم لكي مكان،

يودعون تلك احملنة التي نعيش فيها بسالم، رمبا في حياة أخرى، كنت أقف مثلهم

عندي هدف لكن اآلن وآلخر مرة في حياتي، النهاية، وأنتظر الرمال، إلى وأستند

أخير.

من الصعب البحث عنه وسط تلك احلشود، لكن حلسن احلظ، إنني أعلم أين قد

أجده، كانت هناك تلك البقعة التي كان يحب أن يجلس بها، ذهبت معه إليها ذات

مرة، بكل تأكيد سيكون هناك، كلما ازداد قربا منها، تزداد احلشود ويصبح السير

أكثر صعوبة، عائالت وأسر وأطفال ومحبني، وكبار السن، تلك النظرة اخلائفة في

يعد لم لكن عليه، املقبلني اجملهول ذلك مضى، فيما لتقتلني كانت عيونهم،

ا من آالم البشرية، من فترة، ويجب أن يدفع ا متام يعنيني ذلك، لقد أصبحت مخدر

الثمن من فعل بي هذا.

اللون أرجوانية وردة ميسك وجدته مستكينا، اللعني، ذلك بالفعل يجلس هناك

رؤيته باإلمكان اآلن أصبح الذي النيزك، ذلك ويشاهد السماء، إلى وينظر بيده،

وركضت مبديتي، متسكت األرض، ليحضن يقترب ككوكب عمالق اجملردة، بالعني

وضعية من عدلت الهائج، كالقطر كنت لكنني لي، التفت عنف، بكل نحوه

املدية، ثم وجهتها نحوه، بالكاد حتاشاها، لكنها أصابت يده التي متسك بالوردة،

فوقعت على األرض، هاج كاجملنون، ثم دفعني بكل قوته، فعدت بدفعته إلى اخللف،

الوردة، على نفسه وألقى ذهب لكنه األرض، على أسقط أن قبل ومتاسكت

وحضنها بشدة، ثم أخذ في الركض بعيدا عني.

ركضت خلفه، النيزك يقترب، لم يعد هناك وقت، احلشود متنعني من مالحقته،

لكنني أستخدم جل قوتي في دفعهم بعيدا عني، يجب أن أحصل عليه، يجب أن

ا تلك النظرة التي أجدها في أستمتع بانتقامي الوحيد واألخير، كانت تؤخرني دائم

عيون األطفال، إنهم يخشون تلك اللحظات القادمة، وال يفهمون ماذا يحدث، أردت

أن أخبرهم أنها نعمة من اهللا ما يحدث لكم، إنكم لن ترون ذلك الشقاء الذي


عايشناه فيما يسمى بالدنيا، لكن نظرتي ودماء ذلك اللعني في املدية، جعلهم

يخشوني مثلى املوت الذي سيأتي، قتلتني تلك النظرة، خطر على بالي الشخص

دفن في أعماق اجملهول لكنه ذهب، النملة وال يفكر في قتلها، الذي كان يحترم

بداخلي.

ا، أقع ثم أنهض، وأجده دفع احلشود مازال يزداد، كتل بشرية، أدفع بيدي ميينا، يسار

عليه من قفزت يكفي، مبا قريب أنه فجأة ثم شعرت عيني، مرمى على أمامي

ا، وقعت تلك الوردة بعيدا اخللف، حتى متسكت بتالبيب مالبسه، أوقعته معي أرض

مرة أخرى، لم يهتم بي أو باملدية، لكنه ركض نحو تلك الوردة الذابلة التي يتمسك

.! بها، واحتضنها بيده، ثم بكى بصوت عال

كان املشهد ال ميكنني أن أتصوره في أسوأ كوابيسي بشاعة، أمسك مبدية، أريد أن

ا على األرض، بينما يحضن وردته أغرسه في قلب من أمامي، الذي يضجع منكمش

بشدة، ويبكي بحرقة، واألرض تعلن عدها التنازلي، لم أعلم ذلك الشخص الذي

أصبحت، وجدت نفسي أمتسك بجزء بسيط من شخصي القدمي، ألتساءل، ولو ملرة

أخيرة عن الدافع، برغم أنني كنت قد قررت أال أهتم به أبدا، لكن بكاء ذلك اللعني

ال حتتمله أعصابي، أخبرته بنبرة عالية:-

- "ملاذا فعلت بي هذا، ملاذا؟، لم حولتني إلى ذلك الكريه الذي تراه اآلن، أخبرني أيها

اللعني ملاذا؟"

أجبني وهو يحتضن تلك الوردة بيده، وبصوت باك صاح:-

- "ألنك تستحق ذلك، تستحق ما هو أكثر من ذلك، لقد قتلتها، قتلتها!!"

آذيت ما في حياتي أنني ويعلم من كنت، يعلم هو أفهم من كالمه شيئا، لم

ا، األذى الوحيد بحياتي، كانت تلك األمور البسيطة، التي تنم عن نواقصنا شخص

البشرية، لم أكن أبدا مبؤذ أو شرير، ذلك األحمق يعلم هذا، لذا أخبرته مستفسرا:-

- "أنا لم أؤذيك، أنا لم أؤذي أحدا على اإلطالق، أنت تعلم هذا، تعلم هذا جيدا!"

نقف التي الرقعة منتصف في تقبع صخرة على واستند جلسته، في اعتدل

عليها، وأسند عليها ظهره، وهو ميسك الوردة بشدة، ثم نظر لي، بكراهية، تفوق


ما حتملها نظرتي:-

ا ما ظننت نفسك، أنك األكثر براءة، وأن تلقائيتك وعفويتك في التعامل مع -"دائم

ن في سجل حياتك التي تدعي أنها نظيفة، البشر، ما هي إلى مثالية أخرى تدو

عندما اليوم، ذلك تتذكر هل حقارة، أكثرنا كنت لقد شيئا أخبرك دعني لكن

أخبرتني، وقتها العمر، في واحدة مرة لك يأتي الذي املالك ذلك عنها، أخبرتك

دعية، أنه شيء رائع، وأنكما خلقتم لبعضكما!" بطريقتك امل

تذكرت تلك الفتاة، لكن ازدادت عالمات االستفهام بداخلي، فقلت له:

- "نعم أتذكر هذا، لكن ما الذي يعنيه هذا، وما دوري أنا، لقد كنت سعيدا وقتها

بكم؟"

- "أيها األحمق، لقد كنت لم أستطع الزواج وقتها، وكنت تعلم أنت هذا، وأخبرتك

أن األمر سيبقى سرا، حتى أستطيع، وال يعرفه أحد سواك، حتى سربت أنت ذلك

األمر، بتلك البراءة التي تفتعلها، وعرف اجلميع، وانتشر كالنار في الهشيم، والكل

فهم األمر كما يريده، وأنت تعلم ماذا يعني األمر، أن تساء سمعة فتاة من عائلة

ا"! محافظة، لقد حولت حياتها جحيم

ثم مسك بالوردة ودخل في بكاء عميق، لكن ماذا يعنيه ذلك، إنني أتذكر ما قاله

عندما املشهد، ذلك تذكرت مهال أحدا، أخبر لم أنا لكن السري، وموقفه لي،

وقعت في الكالم، مرة واحدة، أمام أحد املتسائلني عن شخصه، وكنت أضرب به

يحتذي به، في الرقي والوفاء وااللتزام، وذكرت األمر، بطريقة عابرة، ليكون مثال مثال

أرض في ويزرعه حبه، ينال أن أجل من املستحيل، يفعل الذي املكافح، الشاب

ا قدوة في ذلك املوضوع، أعترف بذلك، لكن.. الواقع كرباط أبدي، لقد كان دائم

ا سيل أفكاري وهو يضم تلك الوردة بني يديه، وبنبرة صوت باكية صاح بي مقاطع

لم أعد أحتملها:-

-"لقد كنت هناك، عندما أخبرتني أن املوضوع انتشر بصورة سريعة، وأكدت لي أن

التي وحتى تلك السرية وأن أهلها لن ينتظروا، الواقع أصبحت ال حتتمل، ظروف

ا يا حسن، متنينها حتى أقف على قدمي، أصبحت اآلن ضربا من اخليال، وداع


ا يخبئ لنا ما ولتعلم أنني لن أقابل من هو مثلك في حياتي أبدا، لكنه القدر، دائم

ال نبتغيه، ثم تركتني وركضت في الطريق، حتى تتحاشى نظرات عيني، وعبرت

القادمة من السيارة تلك إلى تنتبه ولم دموعها، وهي متسح الطريق مسرعة،

اليمني، ثم انتهى كل شيء بني يدي، والناس ملتفون حولنا، وتلك الوردة التي كانت

حتبها بهذا اللون، أخذتها من بني يديها املستكينة، وفكرة واحدة تختمر في ذهني،

إنه أنت أيها اللعني، أنت؟ يجب أن تعاني؟"

شعرت أن جسدي يخذلني، سقطت على مرفقي قدمي، وسقطت املدية من يدي،

وضربت بقبضة يدي األرض ألمتاسك، ماذا يعني هذا، مجرد كلمة عابرة، مجرد قول

غير مقصود، يدمر حياة عدة أشخاص، من منا إذا الذي يستحق االنتقام، من منا،

هو كلمة األمر، ما يحتاجه بينما كل مبا يكفي، أن حياته جيدة منا املرء يدعي

زمام هو ليأخذ املظلم اجلانب بداخله، الذي احملاق لتظهر كلمة، مجرد واحدة،

عنه يعلم ال آخر لشخص ويحوله اآلخرين، شقاء من عالم في ويقوده األمور،

شيئا.

ا أصبحت مستسلم ملاذا أعلم ال يقترب، الذي النيزك، ذلك السماء، إلى نظرت

رمبا يكون إنه الغريبة، النهاية تلك من أنني فهمت احلكمة، وأظن القدر، لذلك

ا، رمبا من ينجو من هذا سيكون الشخص األنقى فقط، لكن تلك تطهيرا لنا جميع

احلياة، لن تعتمد على األنقى فقط، يجب أن ينجو شيطان آخر ليحيل حياة ذلك

ا ما نحتاج سوى النقي جلحيم، إنه قدرنا، ذلك الصراع األبدي بني اجلانبني، لكن دائم

االعتراف، إننا كالهما، نحن اخلير والشر، وأن أقدارنا ليست بيدنا، نحن فقط نحاول

بداخلي تلك ملا خطرت أعلم لم أننا هو فقط!، ونظن اآلخر، تغليب جانب على

اآلية، لكنني نظرت له، والعد التنازلي أقل من دقيقة واحدة واجلميع يصرخ، لكن

تلك يحتضن هو بينما بيدي، األرض على مستند وأنا عال، بصوت به صحت

الوردة:-

- "(قل لن يصيبنا إال ما كتب اهللا لنا)

ا، والعاصفة الهوائية لم ينظر لي، وأصبحت هناك موجات هوائية جتذبنا جميع


تزداد، وبعضنا يطير، واآلخر يتماسك بأقصى ما يستطيع باألرض، يخطر في بالي

ا على قارعة الطريق تذهب إلى اآلن، تلك الطفلة الصغيرة، الت كنت أراها صباح

اآلن نفسي وجدت التي بفمها، النغمة تلك وتدندن تبتسم، وهي مدرستها،

أحفظها عن ظهر قلب، أظلمت اآلن األرض لثوان عندما حجب النيزك الشمس،

االنشقاقات في اجلبل أصبحت واضحة، (حسن) يأخذ الوردة ويضمها بشدة بني

األرض، له متثل التي الوردة تلك ليحميها، صدره إلى قدمه ضم ويحاول يديه،

ا اآلن، ذكرياتي عادت، شعرت بقلبي مرة أخرى، والدندنة أصبح تخيل النهاية واضح

مازالت بأذني:-

ـ"لم لم لاللم الم لم لم اللم ال، لم لم لاللم الم لم لم اللم ال"


رة متناثرة هنا وهناك .. أس

أشخاص كثر يهرولون ذهابا وإيابا ..

أضواء خافتة تأتى وتنقطع ..

أصوات مختلفة متالحمة تشبه أزيز النحل ..

معارك ضارية تدور برأسى, أشعر بأنه سينفجر ..

آالم مبرحة تنخر فى عظام جسدى واحدة تلو األخرى .. ال أدرى كيف أواصل

طيلة هذا الوقت دون راحة أو نوم؟! .. وحده اهللا يعلم

من بني أزيز النحل وخياالت البشر التى حتوم حولى

ر الصوت: د/ عالء محسن مطلوب في مكتب د/ أسمع اسمى ينادى فى مكبـ

خالد طاهر الدور السابع

أرتشف رشفة أخيرة من كوب قهوة كنت قد نسيت وجوده في يدى .. أقف أمام

باب املصعد منتظرا وصوله

الدور السابع يعنى وجود عملية جراحية جديدة وستكون معقدة باألحرى طاملا

سيقوم بها د/ خالد ..

ال أدرى ما اجلدوى من كل هذا؟! .. ماهم إال يومان وينتهى كل شىء .. مازال هؤالء

املرضي يتشبثون باحلياة من أجل ماذا!! .. هي زائلة على كل حال

فليقضوا هذين اليومني على أى وضع وليكن بعدها ما يكون

لم مازلت أتبع أوامر د/ خالد .. ال أدرى .. أعتقد أنه فى هذه الظروف التى ال مثيل

لها أنا فى حل من أى عقد أو وعد

أهلى إلى فورى من ألطير كنت تعمل, الطيران خطوط كانت لو فقط

بالسعودية ..

أمى وزوجتى كانتا تعتمران وآثرتا املكوث إلى جوار بيت اهللا احلرام طاملا أنها آخر

األيام

51اف - محمد على من غد ال تخ

أخي إلى جوارهما يرعاهما وأنا هنا أجابه املوت وحدى فى غرف عمليات مقيتة

.. ألكون سببـا فى إطالة حيـاة أناس ال أعرفهم .. أناس كتب عليهم املوت اآلن ..

أو بعد يومني

يخرجنى صوت املصعد من استيعابى حلياة زائلة على كل حال

********************************

كيف يستطيع .. وجهه تفارق ال التى املعهودة ابتسامته يبتسم خالد د/

االبتسام وهو مقبل علي املوت؟!..

لم لم يقض آخر ساعات فى حياته إلى جوار أهله وهو يستطيع ذلك .. أم إنه

اعتاد الرحيل عن الوطن والعيش في كنف أجهزة القياس وغرف العمليات وأدوات

التعقيم؟

يخترق أذنى صوته:

"دورك كبير فى هذه العملية .. أنا أعتمد عليك يا بطل"

متباين شعور .. ر بر ـ امل غير وابتهاجه أسلوبه بساطة أمام بسهولة أنقاد

ينتابني جتاهه بالراحة واالستفزاز ..

فى غرفة التعقيم يعطينا التعليمات األخيرة .. يرن هاتفي ..

كانت مفاجأة أن يرن وقد انقطعت االتصاالت طيلة الثالثة أيام املاضيـة .. ينظر

إلى الدكتور نظرة عتاب وأردها بنظرة اعتذار .. إنها أمى!

أرد بسرعة متهلل األسارير .. كم أشتـاق إليهـا!

.. العذاب لم أختبرها بعد ا من تطالعنى أمى بخبر أسقط فى قلبي صنوف

مرضت زوجتي بشدة منذ يومني ولم يدر األطباء ما بها .. فتركوها حتى آثرها اهللا

علينا ..

رت في حقه كثيرا أوصت أمى أن توصلني رسالة (أخبريه أن يسامحني فقد قص

كان يحلم به .. أخبريه يا أمي أني .. لم أكن الزوجة التي يتمنى ولم أجنب له طفال


أدعو اهللا له أن يطيل فى عمره كي يحج لي وله حجة أتطهر بها أمام اهللا .. إني

خائفة جـــدا)

يتهدج صوت أمى وينقطع بسبب سوء اإلرسال .. تختلج األصوات في رأسي

واملشاعر في صدرى .. قلبى انقبض بشدة وال يريد أن يعاود االنبساط .. ما كل هذا

األلم الذي تفشى فى جسدي دفعة واحدة .. إنها ماتت؟!!

أم ألنها ماتت قبل أن تدرى كم أحببتها؟!!

توقف العالم كله اآلن .. تتساقط الدموع من عينى وأنا جامد املالمح ال تتغير

نظرتي لألشياء أو لألشخاص

ج .. لم أشعر بنفسى وأنا أضرب احلائط برأسي حتي ش

ا .. ال أستطيع لم أشعر بنفسى وأنا أصرخ من األلم الذى يعتصر قلبي اعتصار

التنفس

لم أشعر بنفسى والكل يحاولون تهدئتى وإحجام يدى وقدمى عن احلركة ..

أركل كل ما يقرب منى .. ال أرى شيئا سوى صورتها على فراش املوت

يعلو صوتى بالنحيب ..

يستوقفني د/ خالد بصرخة هادرة أن أتوقف

والدم يسيـل على وجهى .. فصار كل شىء بلون الدم تخدرت أطرافى قليال

يحاول تهدئتى ببعض كلماته اللينة التى تشبه اخملدر أحيانا .. لكنها ال تؤتى

ا هذه املرة ثمار

أصرخ فى وجهه وفى وجه كل احلاضرين:

يا أموات كلنا .. أموات؟؟!! وكلنا باحلياة تتشبثون لم .. ؟؟!! تفعلون ماذا "

دكتور!!! ..

ما الفائدة من كل هذه العمليات؟؟! .. لم تلحقون به أينما ذهب؟؟!! .. أليس

إال أحدا يحب ال هو اآلن؟؟!!, بجوارها يكون أن وتتمني حتبه عائلة منكم لكل

نفسه .. يترك أحباءه ويقضي آخر ساعاته مع أموات!

أال يدرك أى منكم احلقيقـة ؟؟!!!!! ...."


تردني كلماته كخنجر بارد ثلم وبصوت هادر:

"أنا لم أجبر أحدا أن يظل هنا .. من أراد منكم أن يرجع إلى بيته فليفعل, وملن

وكلنا .. كلنا خائفون .. ا خائفون من املوت ألننا جميع .. مازلنا هنا لم ال يعلم

يفعل ما استطاع ليغفر اهللا له قبل أن يلقاه ..

وأنا ال أجيد سوى الطب .. ألكون سببا فى إطاله حياة مريض ساعة واحدة

يستغفر اهللا فيها قبل أن يلقاه خير لي من اجللوس فى دفء بيتى وأحضان عائلتى

كنت سـأتصـرف .. فيه نحن الذى الظرف وأعلم ابنى أعتبرك أنى لوال وأنت ..

معك تصرفـا آخر ..لكنى لن آخذ بكالمك اآلن"

يتوجه بالكالم إلى كل احلاضرين الذين جاءوا إثر هذه املشادة:

" بعد إذنكم .. كل يرجع إلى مكانه .. املكان الذى يحب

قد .. كان أين هو .. كل منكم في حل من أي ع أيا

ا .. فمن أراد أن يبقى فليبقى ومن أراد أن ينصرف فلينصرف ولن نحن هنا تطوع

يحمل له أى منا أى ضغينة .. لكن اآلن عندى مريض أحتاج إلنقاذه"

انصرف اجلميع مسرعني كل إلى مكانه وأنا أقف منحنى الظهر أبكى .. مازال

اخلبر يقتلني وال أدرى كيف أوقف ذلك

يقترب منى د/خالد بهدوء بعد أن صرف الباقني ..

يضمني بني يديه .. يرجتف جسدي بشدة .. يبدو أنه أشفق علي:

" أعلم أن اهللا قد اختارها للبقاء عنده حتى نلحق بها ..

حتى إن اهللا قد اختار لها مكانا أفضل من الدنيـا.. وأنت يجب أن تتماسك قليال

أمام املرضى ..

ادخل إلى غرفتك وعدل من مالبسك وتوضأ .. صل هللا ركعتني وادع اهللا أن يغفر

لها ولك وأن يرزقك الثبات ..

أرحم بها وبك منا هو بنى يا أدع اهللا .. الركعتني إلى هاتني كلنا في حاجة

ا" جميع


يقبل رأسي ويتركنى .. يعود إلي غرفة العمليات ليبدأ صالته اخلاصة

.. ال تتوقف فى عينى الدموع أجر نفسى إلى غرفتى .. أجلس على السرير قليال

..

الدموع عيني من تنهمر .. السجود أطيل .. وأصلي وأتوضأ فوري من أقوم

كشالل ال ينقطع .. تتوقف الكلمات فى حلقى .. أعلم أن اهللا يعلم ما أريد أن

أقول ..

" رب اغفر لى ولها

رب ما خشيت لقاءك إال لعلمى كم أذنبت .. ارزقني الثبات وجنة بعد املمات

أجتمع فيها مع سارة .. رب أنت األعلم أنى لم أكن ألتركها .. ”

بعد مناجاة طالت .. فوجئ بي طاقم األطباء في غرفة العمليات أدخل عليهم

ومازال أثر البكاء على وجهى

يخاطبنى د/ خالد ..

" ماذا تفعل ؟؟ "

أجيبه بثبات وبصوت متهدج ..

" لدى مريض إلنقاذه يا دكتور .. ألن أكون سببا فى إطالة حياته ساعة يستغفر

اهللا فيها خير لى"

ا االبتسام .. تبينت فى أعينهم جميع

أشرع في معاونتهم وفى قلبى أمنية واحدة ..

أن يطيل اهللا فى عمري حتى أحج لى ولها


كعادتى وكعادة الكثيرين من غيرى نسمع ونتعرض ألخبار الوسائل التليفزيونية

ا كبيرا من والشبكية للتأكد من صحتها ودقتها خاصة إذا كان خبرا يهم قطاع

ا مرعبا ولم الناس، لكن هذه املرة اخلبر لم يكن مهروال فحسب بل كان خبرا مخيف

مميتا مدمرا فنزل هذا اخلبر يكن بغريب كما تعودنا أن نسمع أو نرى، بل كان خبرا

على كالصاعقة فتوقفت كافة أعضاء جسدى عن احلركة كما توقف عقلى عن

ا حينها ا دقات قلبى فقد شعرت بأننى حجر، أحسست حق التفكير وهدأت متام

أنها ليست نهاية األرض بل إنها نهايتى احلقيقية!!!

بدأت أحترك قليال .. رجع اإلدراك لعقلى .. عادت الدقات لقلبى وكأن روحى عادت إلى

من جديد لكنها هذه املرة عادت مليئة مبشاعر اخلوف والقلق الشديد، وتساءلت

ا لم أعرف اإلجابة، لم أعرف هل هو قلق على نفسى؟؟ أم أننى قلق على غيرى؟! حق

، أضحك بهستيريا شديدة احلل، لم أعرف ماذا أفعل؟ أكاد أجن بل جن جنونى فعال

...

أنظر من اخلبر، تؤكد نفس العاملية أو الرسمية القنوات قناة من وكلما فتحت

طبيعية، شبه كانت احلياة لكن أمال يعطونى الناس لعل الشارع إلى نافذتى

الناس أصابتهم الالمباالة، ال أحد يهتم وكأن شيئا لم يحدث!!!

جعلنى ذلك أشك فى نفسى لعلنى أتخيل شيئا ما فى الشاشات بسبب كثرة

الناس أفكار بسبب ا يوم عنها أرض ولم لن التى اللعينة احلياة لهذه امللل

ومشاعرهم التى أصبحت كاآلالت فاتصلت بأصدقائى ألتأكد منهم ...

ا حدث ذلك؟؟ هل حق

ا نهاية األرض بعد أربعة وعشرين ساعة فقط؟؟ هل حق

منهم من رد بكل ثقة ...

ومنهم كعادة الكثيرين سخر من املوضوع ...

ومنهم لم يرد بل أغلق فى وجهى كل السبل والطرق التى تؤدى لوصوله ...

57نهــاية األيام - عمرو عاطف

ا وما العمل؟! وماذا عن احلل فسألتهم جميع لم يهدأ قلبى وخوفى بل زدت قلقا

منهم من إجابة فمنهم من سينتقم، أجد لم تريحنى لكن إجابة أجد لعلنى

سيسرق، ومنهم من ينتظر املوت، تبا ألولئك البشر حتى فى آخر أيام حياتكم ال

تتحركون فالصخور ستتحرك اليوم!!!

لكننى هزمت اليأس وبدأت بنصح أسرتى كى يقوموا معى أصابنى الياس قليال

باالتصال بكل من نعرفهم ففى ذلك صلة لألرحام، كذلك أبدأ بنصح جيرانى بأن

يقوموا بصلة أرحامهم

ضحك من منهم عليهم لالطمنئان بأصدقائى باالتصال ذلك بعد بدأت ثم

وأعطانى األمل ..

ا .. ومنهم من سخر من األمر وأخبرنى أنه هاجس من الهواجس التى تأتى لى دائم

انزل الشارع ألزور أقاربى الكل ينظر لى بدهشة الكل مستغرب، األمر غريب أن أنزل

للشارع فى هذا التوقيت!!!

ا أصبحت مجنونا ... أحاول أن أظبط املرور بالشارع ال أحد يستجيب وكأننى حق

أنا أريدها حياة مثالية ال أريدها بالالمباالة التى يقوم بها الناس ...

أريد أن أجعل الكون كونا جميال كما خلقه اهللا لكن ال أحد يستجيب ...

ا خاليا من الشوائب فأنا ال أنتظر املوت .. أنا أنتظر تغير الكون وجعله كونا نظيف

أظل طوال اليوم أحث الناس للتغيير "تغيروا تغيروا" لكن ال يوجد من يسمع وكان

ا فى ذلك اليوم أصابهم الصم والبكم والعمى ... الناس جميع

أزور دور األيتام التى أعرفها أعطف على الصغير وأحنو على الكبير كما تعلمت

وكما فعلت فى سنوات عمرى بل أحاول أن أجعل أصدقائى يقومون بذلك أيضا

ا فما أجمل فعل اخلير فى جماعة .. ا كالقافلة نفعل اخلير مع معى ونزور مع

أنها نشعر بدأنا بالسعادة، نشعر بدأنا بالرضا، معى يشعر بدأ الكل أن أشعر

أكاذيب من األنباء األوروبية ومن وسائل اإلعالم لترهيبنا وتخويفنا فنهاية العالم

ليست بيد وسائل اإلعالم إنها فقط بيد اهللا عزوجل بيد خالق األرض فهو نعم

املولى ونعم النصير


جاءوا أصدقائى كما طلبت منهم، بل معهم أهلى وأهلهم كما سألتهم، الكل

ا السعادة بل أشعر بالسعادة فى قلوبهم، ا ليس متصنع ا فرح جاء معى مبسوط

أشعر باحلماس وأنا أؤدى هذه األعمال فأقول لهم بكل حماس: هيا بنا نعطف على

الصغير، هيا بنا نرحم مسكينا ونأكله وجنعله ال يشكو بعد اليوم، هيا بنا نعيش

حياة نظيفة فهذا هو أملى فى احلياة أن أحيا حياة نظيفة خالية من الشوائب ..

خالية من النفوس البذيئة احلاقدة .. فما أجمل احلياة التى تعيش فيها فى نقاء

ونظافة داخلية داخل قلب البشر ونظافة خارجية فى شوارع األرض .. نتعب قليال

الريفرش وكأنها النشاط جتديد أجل من ضرورية فالراحة كثيرا ونأكل نشرب

اخلاص بنا لتجديد طاقة كل فرد منا .. اجلميع يبدأ فى عرض اقتراحاته لألعمال

التى سنقوم بها .. ال اعتراض ال اختالف فالرأى هو رأى مبنى على أسس دميقراطية

ا عدوانية أو ديكتاتورية!!! وليست أسس

ا الكل يذهب إلى جبال املقطم النتظار املوت أقترح عليهم بأن نصلى جميع ليال

ا فى اجلبل حتى أغير مسارى كى أذهب إلى اهللا فى أحد أركان اجلبل أصلى مع

ركعتني أدعو اهللا فمن غيره سيكون معى فى تلك اللحظة الفارقة أقرأ آيات من

القرآن، أسجد بخشوع، أبكى بشدة تصعد روحى إلى خالقها .....


سيارة عابرة بطريق إذ حملوا ضوء بالوعات الصرف الصحى يفرون كفرار صراصير

أعلى ...

يتحركون حركات عشوائية تشبه خطوط رمز الذرة التى كانت التصميم الوحيد

لغالف مادة العلوم طوال سنوات دراستى .

القاهرة ألعمل إلى سافرت ببنها، التجارة تخرجت فى كلية دراستى" "سنوات

لم بشركة كمحاسب عملت لعامني كبرى، بشركة محاسبا أو ببنك ا موظف

يتعد راتبى الـخمسمائة جنيه لم أقدر على دفع إيجار غرفتى التى استأجرتها

ا" ... للسكن هنا أربعة أشهر متتالية حني قررت منذ عام أن أصبح "بائع

ا ... لعام أعمل وال شىء غير ذلك .. كى أصبح ما أريد يوم

هكذا اقنتعت!

ا وتبا لهم ولتحركاتهم السخيفة التى ال تثبت لى شيئا تبا لتلك األعوام جميع

سوى أننا عشنا حمقى ونصر على املوت بطرق أكثر حماقة مما عشنا ...

كتفها على طفلها حاملة جترى وهى بإحداهن شماتتى أخفى أن أستطع لم

القيادة فى فشلت أن بعد سيارتها من أخرجتها ضخمة حقيبة جتر وباألخرى

وسط هذا الكم من الصراصير التائهة!!

"داين تدان ولو بعد حني" كم هو القدر لطيف حني يعمل!

بنقود ال جيبى ميتلىء أخاف ضياعها، بال أشياء بال حقائب األولى للمرة أنا فها

أحتاجها .. أجلس هنا بال خوف بينما اجلميع يفرون ...

ثالثة أيام هى عمر خطواتهم املتالحقة وحتركاتهم الدائمة وأشيائهم املتناثرة هنا

وهناك ...

ثالثة أيام هى عمر صرخات أجسادهم التى اعتصرها الزحام ...

ثالثة أيام هى عمر اضطراب نبضات قلوبهم العطبة ...

ثالثة أيام هى عمر سعادة جديدة حتتل كل جزء منى !

61مطلب أخير - باسنت خطاب

بدأ األمر حني قررت تناول سيجارة مع كوب شاى يسرب ألطرافى بعض احلرارة طاملا

لم يدفئها جيبى الفارغ!

بأكياس متتلء التى الضخمة البالستيكية حقيبتى أتأمل سيجارتى أشعل

به يريدان للقهوة وكأنهما اجملاور باحلائط التصقت التى احللوى املناديل وكرتونة

ملوقف ألخرى مترو عربة من النهار طوال انتقالى أرهقهما رمبا منى، خالص

أتوبيسات ثم أنتهى فأعود حملطة املترو ألجلس فوق رصيفها اخلارجى فأجمع بني

راكبى املترو وعابرى الطريق زبائن لبضاعتى ...

يتخلل ذلك طبعا مناورات الركض السريع وأنا أجر حقيبتى الضخمة خوفا من

شرطى يحاول اللحاق بى أو الصراخ براكبات يخشني وجود رجل بعربتهم فتبدأ

إحداهن بالصراخ لتنتفل العدوى إلى جاراتها، أرد عليهن أحيانا باالعتذار ليتركا لى

" ال بأس لن يشتروا على أية مجاال أبيع فيه وأسبهن سرا أو أقرر أن أسبهن علنا

حال!".

ومن يشترى؟!

منذ السادسة ومع حركات أول مترو أركب.

احلادية عشرة مساء اآلن وكم أملك؟!

بضع جنيهات لم يكملوا ثمن البضائع األصلية حتى .

يقلب التليفزيون إلى ينتقل ثم أمامى الدافئ الشىء القهوة كوب يضع صبى

قنواته ...

يترك أحد البرامج احلوارية، أصرخ فيه أن يقلب التليفزيون:

حلوها طب بنسرق، وكأننا علينا مقطعني اللى دول هما يلعنهم "اهللا -

علشان مننا ميتشروش الناس بيشجعوا طاملا فيه نبيع مكان وشوفولنا

منكترش يا والد ....!"

يستطرد: "ده بدل ما تتشطروا على اللى يسرقوا يا والد ...!! "

أكاد ألقى كوب الشاى بوجه صبى القهوة حني أتذكر اجلنيهني ثمنه، اعتدل فى

اعتراض رواد القهوة جلستى فأنفث دخان سيجارتى وأنا أبدأ فى شربه متجاهال


على حديثى .

.

.

.

متحدث صوت أهو أخرى مرة إليهم أعادنى الذى الشىء هذا هو ما أعلم ال

التليفزيون الهادئ الرخيم أم صمتهم املفاجئ لم يكن صمت من حولى فقط .

فأنا ال أسمع صوتا وكأن عدوى الصمت قد انتقلت ألكثر من أربعة شوارع أخرى

باجلوار .

الصمت وفقط هو ما أسمع يقطعه هذا الصوت الرخيم ...

"العالم كما تعرفه، لن يعد له وجود ..."

"لقد بدأ األمر من ناحية كنا نظنها مستحيلة!!"

"إننا على احلافة األخيرة ولم يعد هناك مطلب سوى احلب .. احلب فقط"!

****

ماذا ؟!!

أحد هو املتحدث وجه فى النظر دققت تافه فيلم من جزءا البداية ظننته فى

... - املسئولني بال شك - رأيت وجهه بإحدى اجلرائد قبال

تبدل الوجوم على وجوه اجلميع خالل ساعة لتعم الفوضى بجميع األنحاء ...

املناديل بإحكام باألخرى البداية مثلهم تأبطت كرتونة احللوى وربطت كيس فى

حتى ال أفقد شىء من محتويات بضاعتى .

كنت أجرى قررت الذهاب إلى غرفتى حيث أضع 5 آالف جنيه "حتويشة العمر" ثم

أذهب إلى ميدان رئيسى حتى أعرف ما هى اخلطة ...

بالتأكيد فى مثل تلك الظروف يضعون اخلطة!

يقسموننا لفرق ينقلوننا بعربات ... تهدئة ما قبل املوت حتى ..

أى شىء أى شىء!

****


كم من الوقت احتاج منى األمر ألفيق ؟!

الضخمة احلقيبة تلك تركت حني اللحظة من أقل زمن أم ... دقيقة .. ساعة

مبنتصف ميدان التحرير ...

ما من خطط متوقعة اجلميع يركضون يحملون أشياءهم إلى مكان ال يعرفونه

أصال .

مالذ غير موجود ...

تناولت كيس حلوى من الكرتونة الصغيرة، لم أتناول منها قبل ..

ا ... طعمها أسوأ من أن أصفه بالسيئ، أرمى باقى الكيس أتذوقها ... أبصقها فور

واحللوى كلها بطريقى .

الفوضى تعمه بأية حال ....

وتخلت الفارون هؤالء حملها أشياء بالستيك أكياس كرتونية صناديق مالبس

عنهم بالطريق ....

ا يستغلون الفوضى ا وجدوا فرصتهم ليأخذوا ما اشتهوه نهار لصوص الظالم نهار

فيسرقون احملالت ...

أيستحق األمر ذنب سرقة آخر!

تصبح الذنوب عادة ... فتقترفنا أحيانا ... ال بأس!

... أفعل أمثلهم أبحث عما اشتهيته قبال

أمام واجهة أحد احملالت أتوقف .."بدلة" لم أرتد مثلها منذ سنوات طويلة .

بخطوات واثقة أدخل ...

من الرفوف ... أنتقى واحدة ... أقيسها ... تعجبنى .... أصبحت ملكى ...

ال أثر لبائعني وال أمن ...، أترك ثمنها على رفها ...

ال يستحق األمر ذنبا!

أعرف الذى بينهم الوحيد .. أخطو أقدامهم بني لها مكان عن تبحث بأقدام

ا وجهتى متام

****


منذ ثالثة أيام وأنا أجلس هنا ... بالطابق السادس عشر إنه األخير.

عددتهم جيدا أثناء صعودى ..

"برج القاهرة" أعوام منذ جلست جوار أبى - رحمه اهللا - فأخبره أننى سأسافر

إلى القاهرة ألزور البرج فأعرف كم عدد طوابقه حتديدا!

توفى أبى بعدها تبعته أمى صرت وحيدا، قررت السفر إلى القاهرة .

لثالثة أعوام سابقة أعيش هنا ولم آت إلى زيارته وال مرة ...

ال بأس!

تبدو احلياة من هنا اآلن رائعة ...

لديهم مطابخ رائعة واسطوانات موسيقى ذات ذوق رائع، ال أفهم أغلبها لكننى

أستمتع على أية حال ...

أجلس على الكرسى فألقى برأسى على إحدى الطاوالت ألنام، أو ألقى بجسدى

على أرض الشرفة فأنام مستقرا.

ال أحد هنا غيرى ...

"لم يعد هناك سوى مطلب واحد .. احلب .. احلب فقط"

ألقى نظرة عليهم باألسفل .. يفرون كفرار صراصير بالوعات الصرف الصحى ..

ا اليوم .. وأحببت نفسى! " "ال بأس إن كرهتكم جميع

****


الظروف التى متر بنا هذه األيام جتعل كل منا يتشبث بحياته وكأنه سيعيش مليا,

لكن احلقيقة أن كل شخص منا له نهاية وإن علم نهايته .. وقتها سترى املعدن

احلقيقي ملا بداخل كل منا, فسترى كيف سيتعامل وماذا سيفعل .. سترى احلب

يخرج منه للجميع, مبا أننا جميعا فى نهاية واحدة ال مفر منها .... إنها ليست

نهاية للبشرية فحسب .... بل إنها (نهاية األيام)

أردت أن أقول تلك املقدمة ألننى الشخص ذاته الذى تشبث باحلياة وباع من حوله

ا إال ملصلحة ما .. لقد علمت من محبني ومقربني له حتى إننى لم أعرف شخص

ا كاملة هى قيمة عمرى .. وعلى الرغم أشياء فى يوم واحد لم أعلمها فى 24 عام

من سنى هذا فإننى لم أحب أو رمبا لم أرغم فى الزواج .. فكل من علمتهم كانوا

إثباتا لنفسى أننى األقوى واألذكى واألفضل ... رمبا ألقول إنى اكتشفت أنى شاب

معقد أثار فى نفسه حفيظة أن يكون رجال يستطيع أن يفعل أى شىء لنفسه أو

بغيره.

لقد كنت واهيا فإن نظرت للحقيقة سأجد نفسى فاشال أضاع كل من حوله من

أجل ال شىء فلم يعلمنى أحد أبدا من أجل شىء فالكل كان يعجب باستقامتى

ا, وأدبي الذى لم يجدوا فى حقيقته إال أسلوبا التى يجدوا بداخلها شابا منحرف

علي ووجب أفعله ما بكل رجولتى دنست لقد وأخرى حلظة بني متغيرا حقيرا

االعتراف بذلك ووجب على االعتراف بكل أخطائى وليس فقط هذا ... لقد تركت

ا لهم أو رمبا حبيبا, ذلك من أجل ..... الكثير من األشخاص الذى كنت صديق

ا كم قلبا جرحت وال بكم جتربة أخفقت وبكم صديق أنا غبي, لم أعبأ يوم كم

ا, بعت فأنا لم أعط اعتبارا لكل هذا فقط أعطيتهم ظهرى ألنظر إلى حياتى قدم

فى لكن قوة, تزداد نظراتى كانت بينما أعينهم فى اإلحباط نظرات أرى كنت

النهاية وبعد أن علم اجلميع تلك الشخصية األنانية ... أعلنوا العصيان علي فلم

67الفرصة األخيرة - إسالم محسن

ا جديدا أستطيع أن أتقرب إليه ... وال فتاة أستطيع أن أتودد ا وال شخص أجد صديق

إليها فمن اجلامعة إلى العمل .. الكل أصبح يعلم من أنا وما طبيعة شخصيتى

ا, لم إلومهم املريضة, الكل يسمع وينقل عنى وعما فعلت ويزيد على الكالم كالم

ا فأنا من فعلت هذا بنفسى .. أنا كنت من أحكى لهم عن عاملى اخلاص امللىء يوم

بالقلب املتحجر فى الوقت الذى يعانى فيه أصدقائى اإلحباط من قصة حب مؤملة

يؤدبوننى أن اتفقوا حتى هذا بأسلوبى أغيظهم كنت عملهم, فى تخبط أو

بتجربة جديدة .. فصنعوا فى طريقى تلك الفتاة الطيبة التى تركتنى أتودد إليها

مبنتهى السهولة .. لقد ظهرت فى الوقت الذى بدأت أعانى فيه أنا اإلحباط من

عدم وجود أصدقاء فى حياتى ... الكل تركنى وسعوا لالنتقام منى .. حقا إن اهللا

لم يتركنى أصنع بهذا صدا بل وضع لي املعاملة باملثل وها قد أتت ... ليخفق قلبي

ا لطاملا لم أشعر به وأنا أصنعه فى بها ثم فجأة تختفى من حياتى لتصنع جرح

قلوب الكثيرين .. وتتركنى أعانى من خلل أكثر فى حياتى التى وجدتها فى النهاية

لم تترك شيئا جيدا تتذكره الناس أو قد أجد من يبكى علي بعد رحيلى, لذا كان

ا بعد أن قررت أن أفعلها تاركا هذه الهموم ورائى دون أن وقت رحيلى قد حان شنق

أترك رسالة سالم ألحد فأنا مثلما فعلتها مع أبي وأمى وتركتهما وهما فى أشد

احلاجة إلي وذلك فى سبيل أن أجد ذاتى بعد أن صرفا أموالهما من أجل تعليمى ..

ا وذهبت أنا تاركا بلدتى ساعيا وراء األهواء التى لم تترك عقلي إال وقد جعلته فارخ

أكثر مما ينبغى, حينها تذكرت كل ما سرته هنا وهذا أقل بكثير مما حدث لكنها

األشياء التى علقت فى ذهنى اآلن ورمبا قد جتدوها أفعاال حمقاء على الرغم أنكم

علمتوا القليل مما فعلت.. رمبا كل من سيقرأ تلك السطور سينصحنى مبثل ما

بالذنب فى التى تالحقنى النظرات الهروب من كل تلك نصحت به نفسى وهو

عيونها .. لقد حان وقت رحيلى كانت الساعة العاشرة من يوم اجلمعة تذكروا تلك

ا حبال الساعة فبداخلها آخر حلظات حياتى .. أتيت بالكرسى وصعدت عليه واضع

قويا ليشعرنى بألم ما فعلته وكذلك يشعرنى كم كنت مقيتا مع من قابلنى فى

عاملى نظرت بعد أن اكتملت املشنقة, وابتعلت لعابي األخير فى حياتى ووضعت


ا وكأن احلياة لم تعد رأسى فى دائرة املشنقة التى كانت على مقاس رأسى متام

تريدنى فسهلت علي كل شىء حتى النهاية.. أغمضت عينى وبدأ شريط حياتى

غرفتى باب على الطرقات طبول تفاجئنى أن قبل نهايتها ليعلن ا سريع مير

الصغيرة التى أعيش بها فى مكان متواضع شرق العاصمة.. صرخات جارى من

اخلارج .. ملاذا يصرخ هكذا أيريد أن ينتقم مني هو اآلخر .. كما فعلت معه فهو لم

يسلم من أموري العجيبة التى كنت أمتيز مبصلحتى عليهم وآخذ ما أريد ثم أبتعد

ا فى شخصية من يتعامل معي .. لكنه لم يكلمني منذ ا ورائى دمار عنهم مخلف

زمن طويل فماذا يريد بعد كل تلك الفترة, ليتركنى وشأنى فأنا أريد أن أموت اآلن,

لكن صرخاته الذى بدا عليه الرعب جعلنى أؤجل فكرة انتحاري حتى أأعلم ماذا

يريد ذلك اجلار الذى لم يختر الوقت املناسب لصرخاته؟!.

ا إلى تلفازي ويطلبنى أن أرى, فى البداية فتحت الباب ألجده يدخل مرتعبا مسرع

ظننت أن الثورة الثانية قامت فى مصر كما هو متوقع لكن األمر كان أكثر من ذلك

القنوات جميعها التلفاز بل أصابت الهرج واملرج أصابت مذيعي فهى حالة من

ينتابهم اجلميع سيجعل واحدا شيئا يؤكدون كلهم منها.. والغربي العربي

الرعب واخلوف على السواء بل رمبا يبكون ويفزعون حتى يغشى عليهم وال تقوم

لهم همة مرة أخرى.. أهذا يصدق؟؟!! رمبا هى كذبة إبريل.. كان هذا هو تعليقى

البارد عما يحدث حينها صرخ في جارى العجيب (ادهم) وقد ظهرت عليه عالمات

اجلنون للحظات

- اصمت .... البد أنه حلم ... ال ال بل كابوس ... البد أنه كابوس سأستيقظ منه

قريبا ... فأنت لم تفعل في شيئا جيدا لتظهر معى فى حلم ... ولم أكن ألتصور

أن يجب مريب كابوس أنه البد لذا أخرى.. مرة فى حقيقة أنى سأتعامل معك

أستيقظ منه


ا كيف هذا أن يحدث.. كيف ليبقى 24 ساعة على كم كانت كلماته عجيبة حق

ا لتجد أن العالم قد انتهى بك نهاية العالم.. أيعقل هذا.. أميكن أن تستيقظ يوم

وأن غدا سيتم دمار البشرية ككل.. لك احلق يا أدهم أن تنفجر باكيا ملا يحدث فهو

شىء لن ولم يصدقه وال حتى اخلبراء.. كيف لشىء أن يقترب من األرض بسرعة

أهل احلاالت سيموت بكل ألنه له, رادع وال ساعة يدمرها فى 24 كبيرة جتعله

تلك أين املؤملة.. الذكريات تلك أين التفكير.. عن توقف عقلي أن البد األرض..

األحداث املؤسفة التى كنت بسببها سأشنـ .... حلظة من فضلكم.. لقد كنت

هلنى 24 ساعة أبقى سأقتل نفسى اآلن لكن لسبب ما ال أعرفه.. قرر اهللا أن مي

فيها على قيد احلياة ألصحح أخطاءى تلك.. رمبا ربي ال يريدنى فى العذاب مبا فعلته

ا عليه اآلن .... لقد طلب منى ربي بهذا السبب أن أسعى لكى أغير دم ق وما كنت م

نهايتى ويسامحنى ويغفر لي وبذلك قد أجنى.. متلقت السعادة إلى قلبي ألول مرة

قد على سعادتى من وصرخت أقبله أدهم على قفزت طويال.. دام غياب بعد

توصلت إليه ... إنها السعادة احلقيقية لكن ما علي اآلن أن أفعله هو الذهاب إلى

أصدقاء قدامى وتصحيح أخطائى معهم كاملة.. لذا سأكتب أسماءهم وأحدد

. الوقت املناسب الذى سأستثمره حتى ال يضيع كله هباء

نزلت إلى الشارع وفى رأسى أشياء كثيرة أفاضل بينها ألعالن أولوية ما سأفعله..

كانت الشوارع فى حالة من الفوضى التى لم أسبق أن رأيتها وال حتى فى أحداث

الستر ويسأل اهللا والكل يصرخ كان مجانا كل شىء الدامية, األمنى االنفالت

املواصالت واملشتريات كلها باجملان وال جتد ما يقترب منها, الكل ذهب إلى املساجد

أنا بينما املغفرة.. سألني اهللا إلى ويتضرعون بأخطائهم يعترفون والكنائس

أركض فى الشارع ألصلح ما أفسدته.. مبن سأمر أوال كان هذا هو لسان حالي الذى

استيقظت منه ألجد نفسى أمام منطقة أصدقائى الثالثة (أحمد وشادى وفهد)

هى كانت باجلامعة سنوات أربع فى تكمن رائعة أوقاتا معهم عشت أصدقاء

أجمل أيام عمري.. حينها وفى تلك اللحظات املتأخرة طرقت باب أحدهم ليفتح

أبوه دون أن يجعلنى أنتظر ألكثر من عشر دقائق بل وجدته وقد ظهرت عليه


عالمات اخليبة وفقدان األمل وبادر مبصافحتى والسؤال عن حالي وهو ما لم أتوقعه

منه قط.. فقد كان يوبخ ابنه عندما يجدنى عندهم بالبيت فالكل كان يرى في

ذلك الشخص اآلثم قلبه لكنى اليوم آتى لكى أصحح تلك األفكار قبل أن منوت

موجودا يكن لم الذى ولده عن سألته لكنى الدخول األب منى طلب ا.. جميع

ا إلى املقهى الذى كنا وقتها عندها علمت أين أجده وشكرت األب وذهبت مسرع

نتواجد فيه فى ساعات اإلحباط نشكوا حالنا لبعضنا البعض, كم كرهوا وجودى

اآلن أحوالهم لكن الدائم من الذى يشكون فيه لسخرى اليوم معهم فى ذلك

يقفون وجدتهم ذهبت عندما إننى حتى اجلميع, على سواء املوقف أصبح

متعجبني.. كيف لي أن آتى وأتذكرهم بعد أكثر من سنتني لم نكلم بعضنا البتة.

ابتسموا مع اقترابي لهم وصافحونى بحرارة بل لم يسألونى ملاذا أتيت إمنا سألونى

عن تلك املصيبة التى حلت بالعالم أجمع وكيف سيواجهونها ولم يجدوا عندى

الرد مثلما لم يجدوه عند كثير من الناس.. فهذا ليس وقت أسئلة بل وقت الفعل

احلقيقي.. لذا ما عليك هو أن تفعل ما كنت ستفعله عندما يكون هذا اليوم هو

يومك األخير فى احلياة وقد حان وقت رحيلك.

حينها قلت بكل رجولة التى فقدتها لفترة طويلة وشعرت بجمال أن تكون لديك

ولو كنت مخطئا فما حتى يوقفك شىء أن دون تتكلم أن بها جراءة تستطيع

التكبر نظرات ترمقك أن دون وتعلن عن خطئك الصعداء تتنفس أن هو عليك

والتعالي التى جتدها فى أعني الناس مبجرد معرفتها أنك مخطئ ولو كان خطئا

عاديا.

ا.. فإنى أطمع فى ذلك؟ - شباب ... اتسامحوننى على ما حدث منى سابق

نظروا إلى بعضهم البعض متعجبني ثم بادر فهد وهو ميألنى بحضنه الكبير

- ال عليك يا رجل فنحن كلنا أخوة ومهما ابتعدنا عن بعضنا.. لنا يوم سنتقابل

وسيعفو كل منا عن اآلخر.. وها قد جاء هذا اليوم

- حتى وإن كان آخر يوم لنا فى الدنيا

ا من كالم فهد متذكرا ما كنت أفعله فيهم قلتها بال وعى وأنا عينى تذرف دمع


ا يحتضنونى ا ليرد اجلميع مع واللحظات اجلميلة التى كانت جتمعنا مع

- حتى وإن كان آخر يوم فى الدنيا

ما أجمل شعور الصداقة.. حني متوت وجتد من حولهم يستعدون ليموتون معك..

ا. بوا ذلك الشعور لكن اآلن اجلميع سيكون فيه مع القليل فقط هم من جر

شكرتهم على هذا الوقت الطيب الذى أمضيته معهم وطلبت منهم االستئذان

ثم أخرجت ورقة كنت قد كتبت فيها أسماء كل من أعرفهم وقد جرحتهم بسوء

أحمد وسألنى الورقة على من أسماءهم أشطب بأنى األصدقاء وتفاجأ فعلي

مطمئنا له فقلت احلمقاء أفعالى من آخر فعل هو هذا يكون أن من ا خائف

ا بتواضع إن تلك الورقة التى حتمل أسماء من تركتهم وذهبت غير عابئ ومبتسم

أصبحت التى للساعة أنظر وأنا وتركتهم وسامحونى األمر موا فتفه بهم,

ذهبت قد األخير يومى من األولى الساعة إن أى الليل.. منتصف بعد الواحدة

وأصبحت املشكلة اآلن فى طرق الباب فى تلك الساعة املتأخرة من الليل.. كانت

قد العيد ليلة مثل أصبحت التى الشوارع لكن احلقيقية مشكلتى هذه

طمأنتنى للغاية بأن بهذه الطريقة لن ينام أحد قط وسأستطيع أن أجد ضالتى

فى وسط هذا الزخم غير الطبيعي.

هل تستطيع أن تطرق باب فتاة فى مثل هذا الوقت من الليل؟ هذا السؤال كنت

أسأله لنفسى حتى وصلت إلى باب شقة هدى.. أول فتاة قمت بجرح قلبها والتى

عنه أبحث عما ا الباب مستفهم أخوها فتح الصادق.. احلب غير منها أجد لم

فطلبت منه مقابلة هدى أخته فنظر إلي للحظات قبل أن ينادى على أخته ويقف

إلى جانبها باحثا عن إجابة سؤاله البديهى.. من الذى سيأتى ليسأل عن أخته فى

مثل هذا التوقيت وكانت إجابته له وألخته.. أنى آسف.. أعلم أنها قد جاءت فى

وقت متأخر كثيرا فلقد كان وداعنا منذ فترة طويلة للغاية لكنك مازلتى تذكرينى

أليس كذلك؟؟.. لم تكن إجابتها لسؤالي هذا إال دموع عينيها ثم أخذتنى من يدى

وأدخلتى إلى الشقة وهى تنادى على أبيها وأمها حتى اقتربا فى ذعر منى

- إنه هو يا أبى.. هو يا أمى.. ألم أقل لكما إنه سيأتى.. وها قد أتى


نظر أبوها إلي وقد امتلكه الغضب ويكاد يتمالك أعصابه حتى إن األم قد رأت ذلك

على وجه زوجها فقالت لي وهى حتاول أن متلك زمام األمور بخبرة وحنية أم

- أخيرا يا بنى.. أخيرا قد أتيت.. لقد انتظرناك طويال.. تعال تعال

وأمسكت األم بذراعى وهى تسحبنى داخل إحدى الغرف وتغلق الباب علينا وهى

تقول لي بحزن..

- اعذرنا يا ولدى فلقد تأخرت طويال

- وملا تقولني ذلك يا أمي

- لقد أصيبت هدى بحالة نفسية سيئة انتقلت على أثرها إلى املشفى لتجلس

هناك عدة شهور وخرجت وهى تؤمن أنك ستأتى قريبا.. لذا فأنت تأخرت كثيرا يا

بنى.. تأخرت للغاية

ولم ا كم كنت حقيرا.. آمنت حق لقد ما فعلت.. سوء بدا علي أومأت لها وقد

يخرجنى من أفكارى غير طرق هدى على باب الغرفة لتدخل علينا تستسمح أمها

بأن تأخذنى منها فكم تفتقدنى تلك الفتاة الصغيرة.. يا إلهى ماذا أفعل لم أكن

أتصور أن تلك هى ثمرة تصرفاتى غير املسئولة.

وحبها ابنته تخرسه كانت التى أبيها نظرة رغم غرفتها فى جلست مع هدى

كانت تسألنى هدى سبب تأخري فلم أجد إجابة غير أنى أشفقت اجلنونى لي..

عليها بأن تنتظر مع شاب لم يحقق أى شىء حتى اآلن.. وأن سبب مجيئ ها هنا

هو إنى أودعها ألنى غدا سأموت.. امتألت الدموع فى عيونها وشعرت أنها لم تعلم

ا سأموت غدا.. فقلت شيئا عما سيحدث غدا لكنها متنت املوت معى إذا كنت حق

لها بثقة اطمئنى قد يحدث هذا بنسبة كبيرة.. لكن كل ما أريده اآلن هو أن تعود

ا.. أن تعود هدى تلك الفتاة الذهبية كما كان يقال هدى إلى ما كانت عليه دائم

عنها فهى األولى على اجلامعة وعضوة احتاد الطلبة وصاحبة اجلوائز فى املسابقات

الرياضية.. ألم تذكرى هذا.. فوعدتنى هدى بأن تفعل ذلك لكنها تركت فى بالى

سؤاال بديهيا هو ( متى؟) ليت الزمان يعود بنا للوراء.. ما كنت تركتك يا هدى.. ما

كنت تركتك لكن اآلن يجب أن أذهب فلدى الكثير ألفعاله لكن قبل ذهابى طلبت


ا يحتضنونى ا ليرد اجلميع مع واللحظات اجلميلة التى كانت جتمعنا مع

- حتى وإن كان آخر يوم فى الدنيا

ما أجمل شعور الصداقة.. حني متوت وجتد من حولهم يستعدون ليموتون معك..

ا. بوا ذلك الشعور لكن اآلن اجلميع سيكون فيه مع القليل فقط هم من جر

شكرتهم على هذا الوقت الطيب الذى أمضيته معهم وطلبت منهم االستئذان

ثم أخرجت ورقة كنت قد كتبت فيها أسماء كل من أعرفهم وقد جرحتهم بسوء

أحمد وسألنى الورقة على من أسماءهم أشطب بأنى األصدقاء وتفاجأ فعلي

مطمئنا له فقلت احلمقاء أفعالى من آخر فعل هو هذا يكون أن من ا خائف

ا بتواضع إن تلك الورقة التى حتمل أسماء من تركتهم وذهبت غير عابئ ومبتسم

أصبحت التى للساعة أنظر وأنا وتركتهم وسامحونى األمر موا فتفه بهم,

ذهبت قد األخير يومى من األولى الساعة إن أى الليل.. منتصف بعد الواحدة

وأصبحت املشكلة اآلن فى طرق الباب فى تلك الساعة املتأخرة من الليل.. كانت

قد العيد ليلة مثل أصبحت التى الشوارع لكن احلقيقية مشكلتى هذه

طمأنتنى للغاية بأن بهذه الطريقة لن ينام أحد قط وسأستطيع أن أجد ضالتى

فى وسط هذا الزخم غير الطبيعي.

هل تستطيع أن تطرق باب فتاة فى مثل هذا الوقت من الليل؟ هذا السؤال كنت

أسأله لنفسى حتى وصلت إلى باب شقة هدى.. أول فتاة قمت بجرح قلبها والتى

عنه أبحث عما ا الباب مستفهم أخوها فتح الصادق.. احلب غير منها أجد لم

فطلبت منه مقابلة هدى أخته فنظر إلي للحظات قبل أن ينادى على أخته ويقف

إلى جانبها باحثا عن إجابة سؤاله البديهى.. من الذى سيأتى ليسأل عن أخته فى

مثل هذا التوقيت وكانت إجابته له وألخته.. أنى آسف.. أعلم أنها قد جاءت فى

وقت متأخر كثيرا فلقد كان وداعنا منذ فترة طويلة للغاية لكنك مازلتى تذكرينى

أليس كذلك؟؟.. لم تكن إجابتها لسؤالي هذا إال دموع عينيها ثم أخذتنى من يدى

وأدخلتى إلى الشقة وهى تنادى على أبيها وأمها حتى اقتربا فى ذعر منى

- إنه هو يا أبى.. هو يا أمى.. ألم أقل لكما إنه سيأتى.. وها قد أتى


نظر أبوها إلي وقد امتلكه الغضب ويكاد يتمالك أعصابه حتى إن األم قد رأت ذلك

على وجه زوجها فقالت لي وهى حتاول أن متلك زمام األمور بخبرة وحنية أم

- أخيرا يا بنى.. أخيرا قد أتيت.. لقد انتظرناك طويال.. تعال تعال

وأمسكت األم بذراعى وهى تسحبنى داخل إحدى الغرف وتغلق الباب علينا وهى

تقول لي بحزن..

- اعذرنا يا ولدى فلقد تأخرت طويال

- وملا تقولني ذلك يا أمي

- لقد أصيبت هدى بحالة نفسية سيئة انتقلت على أثرها إلى املشفى لتجلس

هناك عدة شهور وخرجت وهى تؤمن أنك ستأتى قريبا.. لذا فأنت تأخرت كثيرا يا

بنى.. تأخرت للغاية

ولم ا كم كنت حقيرا.. آمنت حق لقد ما فعلت.. سوء بدا علي أومأت لها وقد

يخرجنى من أفكارى غير طرق هدى على باب الغرفة لتدخل علينا تستسمح أمها

بأن تأخذنى منها فكم تفتقدنى تلك الفتاة الصغيرة.. يا إلهى ماذا أفعل لم أكن

أتصور أن تلك هى ثمرة تصرفاتى غير املسئولة.

وحبها ابنته تخرسه كانت التى أبيها نظرة رغم غرفتها فى جلست مع هدى

كانت تسألنى هدى سبب تأخري فلم أجد إجابة غير أنى أشفقت اجلنونى لي..

عليها بأن تنتظر مع شاب لم يحقق أى شىء حتى اآلن.. وأن سبب مجيئ ها هنا

هو إنى أودعها ألنى غدا سأموت.. امتألت الدموع فى عيونها وشعرت أنها لم تعلم

ا سأموت غدا.. فقلت شيئا عما سيحدث غدا لكنها متنت املوت معى إذا كنت حق

لها بثقة اطمئنى قد يحدث هذا بنسبة كبيرة.. لكن كل ما أريده اآلن هو أن تعود

ا.. أن تعود هدى تلك الفتاة الذهبية كما كان يقال هدى إلى ما كانت عليه دائم

عنها فهى األولى على اجلامعة وعضوة احتاد الطلبة وصاحبة اجلوائز فى املسابقات

الرياضية.. ألم تذكرى هذا.. فوعدتنى هدى بأن تفعل ذلك لكنها تركت فى بالى

سؤاال بديهيا هو ( متى؟) ليت الزمان يعود بنا للوراء.. ما كنت تركتك يا هدى.. ما

كنت تركتك لكن اآلن يجب أن أذهب فلدى الكثير ألفعاله لكن قبل ذهابى طلبت


منها أن تسامحنى وهذا ما لم تؤخره عنى وقالتها بكل حب وبابتسامتها الهادئة

- لقد سامحتك بالطبع.. طاملا أتيت كما وعدتنى

حينها تذكرت.. يا إلهى كم فتاة أخرى وعدتها بأن أعود وحدث لها ما حدث لهدى.

الوقت مير والساعة تكاد تكون اخلامسة من صباح ذلك اليوم, عيناى أكاد أرفعهما

فقد بدأت أشعر بالنعاس الشديد.. لكن ال وقت لدى فهناك الكثير على القائمة

يجب أن أنتهى منها قبل أن ينتهى اليوم وإال ستنتهى احلياة وبداخلها أشخاص

لم يسامحونى قط على ما فعلت بهم, هنا رفع املؤذنون أذان الفجر.. شعرت به

وكأننى لم أسمعه من قبل.. يااا اهللا.. لقد اشتقت ألشياء كثيرة فى وقت متأخر

ا أخطائى فلن أنسى لكن.. مثلما ترك لي اهللا 24 ساعة لكى أعيشها مصحح

ا خطأى الكبير فى نسيانه وااللتفات إلى شئونى اخلاصة.. لذا دخلت املسجد عازم

على أال أخرج منه إال بعد أن أكون قد عوضت ولو جزء صغير مما فقدته لسنوات

بأن اهللا داعيا كبير لوقت واجللوس الصالة فبعد ا سريع مير الوقت إن طويلة..

ا وفى حق نفسى يسامحنى ويعفو عنى ويصفح عما فعلته فى حق الناس جميع

التى أوصلتها إلى طريق مظلم.

دعوت األشخاص.. من الكثير قائمتى وعلى ا صباح التاسعة أصبحت الساعة

اهللا حينها أن يسعفنى الوقت للقيام مبا ينبغى فعله.

– فاخلامسة – مساء الثانية الساعة وجتاوزت وذاك هذا بني متر الساعات

ذلك فقط.. اسمني غير يتبق ولم تنتهى أن القائمة أوشكت وقد فالسابعة

الشخص املدعو حسني.. كم هو مقزز هذا الشاب الذى يعيش عصره احلجرى فى

آخذ جعلنى ما معه فعلت وقد العمل فى رئيسى كان قد لكن.. القرن هذا

ا.. فقد أصبحت األمور تسير على ما يرام.. ورمبا كان مكانه.. لقد استحققته حق

الوضع أفضل له باتخاذ مكان آخر.. لكن اليوم ليس من أجل التبرير بل من أجل

لم الذى باملهجور األشبه البعيد البيت ذلك بيته, إلى وقتها ذهبت التصالح..

يسكنه أحد قط.. تراجعت نفسى عن الدخول فى هذا البيت إال أننى تقدمت ألن

ال وقت للرجوع.. هدأت من روعى ومتاسكت جيدا وصعدت درجات سلمه التى


باألتربة ممتلئا كبيرا بابا توقفت ألطرق األول الطابق وعند تظهر معاملها بالكاد

التى تدل على أنه لم يفتح منذ فترة طويلة.

بعض قوية طرقة وبعد االنتظار مللت إننى حتى أحد يفتح ولم طرقاتى زادت

الشىء انفتح الباب بتلقائية غريبة ظننت وقتها أن طرقتى قد كسرته إال أن الباب

ال داع لكى تكسره فما عليك هو أن تضغط عليه جيدا ليفتح نفسه بنفسه,

هممت إننى حتى أجد لم لكنى شخص أى عن البيت أروقة فى باحثا دخلت

باخلروج لكنى وجدت صوتا يخرج من دورة املياه التى كان بابها شبه مغلق.. دفعته

ألجد حسني بداخله حامال فى يده إحدى احلقن.. فقد أصبح حسني مدمنا.. كيف

حدث ذلك.. أخذت من يده تلك احلقنة ورميتها وسحبته إلى السرير ليرتاح ونزلت

سريع عالج عن الصيادلة األطباء أحد فسألت أجد لم لكنى بطبيب له آلتى

ووصفها لي دون اإلشارة إلى أنه يجب أن أبلغ عنه وأن أذهب به إلى مصحة.. فالكل

يعلم أنه ال وقت لذلك.. وببعض األدوية استطاع حسني أن يستيقظ ويعود إلى

رشده وأتيت أيضا ببعض الطعام الذى قد يحتاجه ليفيق من تلك الغيبوبة التى

شعرت بها.. تعيش كنت التى املثالية تلك وأين حسني يا بك ما فيها, يعيش

وقتها بأنك من عصر آخر غير الذى نعيش فيه, بالكاد ابتسم حسني وهو يقول إن

بعد وفاة أمه وجد فراغا فى حياته كبيرا ومع األحداث التى وقعت فى العمل والتى

إذ أوقعت بينه وبني ال داع فى الدخول فى تفاصيلها ألنى أعلم إنى مخطئ بها

املدير الكبير ليقرر نقله إلى مكان آخر وتوليت أنا مكانه.

كان يعود حسني إلى البيت ال يعلم ماذا يفعل فاجته إلى السجائر ثم الكحوليات

ثم إلى املواد اخملدرة إلى أن انتهى به املطاف إلى تلك احلقن اللعينة.. يا له من فراغ

رمبا لم أكن أنا السبب احلقيقى فيه ورمبا إفادتى أتت فى أن يكون بعيدا عن البيت

أطول فترة ممكنة حتى ال يدخل إلى ما هو أكثر من ذلك.. مر بنا الوقت وأصبحت

له فقولت ذلك.. إلى يعود بأال ووعدنى حسني وفاق وقام التاسعة.. الساعة

ا.. إنه لن يكون عنده الوقت للعودة إلى ذلك لكن ما يجب العودة إليه هو مبتسم

املثالية والصالح والعبادة إن استطاع أن يلحق بها.


لكن اإلجابة لن تكون لكى إليه.. بى أن يسأل سؤاله عما جاء هنا خرجت قبل

بوخز فى ضميرى املرة لعل اهللا قد جعلنى أضع اسمه وأشعر يسامحنى هذه

وذلك من أجل أن آتى وأنقذه مما هو فيه اآلن.

لم يتبق غير اسم واحد بعد أن انتهيت من حسني.. لكن ما أصعب ذلك االسم

فلم يتوقع أحد من هو.. وما هى صفته.. وألنى وعدت نفسى بأال أتكابر مرة أخرى

لذا كان يجب أن أكتب اسمه.. إنه أبي

واحدة العاصمة غير ساعة تبعد عن لم التى بلدتى إلى ركبت سيارة متجهة

والربع العاشرة إليه ما بني وإننى قد أصل والربع التاسعة اآلن أنها أعلم فقط

والعاشرة والنصف ولم يتبق وقت كاف ألجلس معه أو حتى أطلب منه السماح

وكذلك من أمي.. بل ال أعلم كيف سأدخل عليهم وما هى الطريقة التى سأعود

إليهم بها بعد أن تركتهم من أجل املال وسأعود إليهم من دونه.. لكن إن فكرت

قليال فى هذا املوضوع سأقول لنفسى مبا يفيد املال وفى غضون ساعات سنصبح

ا من األموات.. جميع

أرجلي متضى بخطوات متباطئة وهى تعلم جيدا إلى أين تذهب.. لن تذهب إلى

أرضه فى القمر ضوء على إال التفكير يسعه ال مصيبة, أى عند فأبى البيت

الزراعية البسيطة مع والدتى التى كان يستشيرها فى كل صغيرة وكبيرة وكانت

له خير معني.. وبالفعل وجدت ما توقعت.. إنهم يجلسون يشربون الشاى وكأنه

ا عاديا ال مشكلة فيه. يوم

ا الذى ا أن آتى فلم يبد عليه عالمات الفرحة أو التعجب عكس متام كان أبي متوقع

ظهر على وجه والدتى بل أمرنى أن أجلس وأعطانى كوبا من الشاى وكل هذا وهو

لم ينظر إلي حتى اآلن

- لقد افتقدتك كثيرا يا والدى

كانت كلمات عابرة مني أتقرب بها إلى أبي.. لكن أبي لم يرد فى بادئ األمر ثم نظر

إلي وقال لي أن أجيبه صراحة عماذا أتى بي إلى هنا؟!

وكانت اإلجابة ألطلب منه أن يسامحنى فلقد ضاقت علي الدنيا وحاولت االنتحار


حتى أعطانى اهللا مهلة يوم ألصحح فيها أخطائى وهذه كانت قصتى فأرجو أن

تسامحنى وتتجاوز عما فعلته معك يا أبي, حينها وجدت يد أبي احلانية تلمس

كتفى وتقول لى واالبتسامة قد علت وجهه..

احلياة ونحن بنا تنتهى اجلس معى حتى اآلن ولدى لكن يا بالطبع سامحتك -

أسرة واحدة.. فلقد افتقدك كثيرا يا ولدى.. ومتنيتها من اهللا أن أراك قبل أن أموت

وقد حقق اهللا أمنيتى أخيرا..

بكيت وبكت أمى التى متنت نفس األمنية بأن ترانى قبل أن ترحل لكن قدر اهللا أن

ا أسرة واحدة طيبة.. وحمدت اهللا ربي على ما أعطانى من مهلة لكى نرحل جميع

أنهى حياتى غير كافر به..

تلتمع بدأت والسماء عشرة الثانية نحو اقتربت فوجدتها الساعة إلى نظرت

كل غير أبي وجه فى رأيت وما مفر وال اقترب قد قدرنا أن يبدو الذهبي باللون

وأن كل ما يحدث هو لم يحدث شيء الشاى وكأن يرشف ربه وهو تسليم من

الكيان ذلك وأزاح قريب عما انتهى وبالفعل قريب.. عما سينتهى عابر شىء

الفضائى عاملنا نحو النهاية حارقا مليارات األرض والبشرية.. وتذكرت وقتها كم

ا نهاية ليست كان اجلميع معى متفاهم ولو كنت طيبا معهم لكنا نعيش مع

داخل احلقيقية والطيبة واإلخاء احلب معدن فيها يظهر جماعية إمنا أسرية

األشخاص ...


- تررررن.

انطلق صوت منبه الساعة اإللكترونية التى فى يدى لتعلن عن الثانية عشر إال ربع

لم يتبق سوى ربع ساعة فقط ويضرب النيزك األرض، ضغطت على دواسة الوقود

ا حيث إن أكثر وأكثر لعل السيارة تزيد من سرعتها قليال، فالطريق أمامى خال متام

فأنا قليل منذ رأيتهم فقد حتفهم، ينتظرون املقطم هضبة عند اآلن اجلميع

العلماء فأنا من أشهر املوت صامتا، أنتظر أن أبيت لكنى بالفعل، قريب منهم

الشباب وأبرزهم، ال أستحق أن أموت هكذا، ال ميكن أن تكون هذه نهايتى، وبالفعل

منذ علمت اخلبر وأنا لم أخرج من معملى، لم أذق طعم النوم ولو لدقيقة واحدة،

عن االنفجار من يحمينى أن يستطيع صغير جهاز عن عبقريتى أثمرت وأخيرا

طريق إحاطتى بنوع جديد من اإلشعاعات، سوف أطلق عليه اسمى فيما بعد، أما

اآلن يجب أن أصل إلى ذلك الكهف الذى حددته بدقة بالغة ليعمل جهازى بكفاءة

عالية ..

بالفعل، وصلت لكنى فقط، دقائق خمس باقى أخرى، مرة ساعتى إلى نظرت

فتوقفت بسرعة بسيارتى وأطلقت إطاراتها صرخة قوية ترددت صداها فى الفراغ

ا من السيارة منطلقا إلى داخل الشاسع حولى، أخذت حقيبتى وترجلت مسرع

من اجلهاز وأخرجت األرض على فجلست ا، عميق ليس ا، مظلم كان الكهف،

احلقيبة، وأخذت أضغط على األزرار فى سرعة ودقة، ثم نظرت إلى ساعتى وظللت

أعد الثوانى التى بقيت، ثم فى الوقت املناسب ضغطت على أحد األزرار فى اجلهاز

لتنطلق منه أشعة بنفسجية اللون تغلق مدخل الكهف وحتيطه بالكامل، من

الداخل واخلارج و ...

ما هذا الدوار الذى أشعر به، بدأت أفتح عينى ببطء، لم أدرك فى البداية أين أنا،

لكن عندما وضحت الرؤية أدركت أننى ملقى على األرض داخل كهف صغير وتهدم

84ما بعد النهاية - محمد مجدى

تؤملنى بشدة، التى رأسى وأنا أحتسس قليال أعتدلت أجزاء، وجدرانه من سقفه

نظرت إلى املكان مشوش الفكر قليال، وبعد برهة من التركيز تذكرت ما حدث، لقد

كنت أحتمى من سقوط النيزك، ومن الواضح أننى جنحت فى ذلك ..

نظرت إلى اجلهاز اخلاص بى وإلى األشعة التى حتيط بالكهف، فوجدت أن األشعة

لكن ذلك، من أكثر حتمله عدم عن معلنا شرارات يطلق واجلهاز تختفى، بدأت

حلظة، هذا يعنى أنه قد مر يومان كامالن، فطاقة اجلهاز تستطيع التحمل ملدة

يومني فقط، هل فقدت الوعى طوال يومني؟!!، هذا أيضا يفسر شعورى الشديد

باجلوع والظمأ، فمعدتى خاوية منذ يومني ..

التام، تعطله عن لتعلن األرض على املوجود اجلهاز من خفيفة تكة انطلقت

وتختفى األشعة التى حتيط بالكهف، وقفت على قدمى بصعوبة بالغة، وأخذت

أنظف نفسى قليال دون جدوى، حيث يغمرنى التراب وكأننى كنت مدفونا، تقدمت

مترنحا نحو مخرج الكهف، وخطوت إلى اخلارج بحذر، ثم تسمرت واقفا ..

فقد كان املنظر أمامى ال ميكن وصفه، كان الدمار يعم املكان، وهناك بعض احلفر

الكبيرة والعميقة، وبالرغم من أننى فى الصحراء إال أننى أستطيع أن أجزم أنه ال

توجد أى صورة من صور احلياة بقيت.. كم أنا عبقرى بالفعل، استطعت بذكائى أن

أكون الناجى الوحيد من نهاية العالم ..

ابتسمت بزهو وأنا أحترك فى الظالم وأنظر إلى املكان الذى امتأل باحلفر وآثار احلريق،

أصغر نيازك عدة ليصبح اجلوى الغالف بفعل أجزاء إلى تفتت النيزك أن يبدو

حجما.. ال أنكر أننى كنت أمتنى أن أكون سببا فى جناة الناس جميعا، لكن الوقت

ا يكفى لم يكن فى صاحلى وأيضا اإلمكانات، فبصعوبة استطعت أن أصنع جهاز

لشخص واحد ..

كان العميقة، احلفر بعض إلى وأنظر املوجود، اخلافت الضوء على أتقدم أخذت

هناك بعض اجلثث املنتشرة فى املكان، ومعظمها محترقا ..

كان املنظر بالفعل ال يطاق، أشالء منتشرة فى كل مكان، اقتربت من إحدى اجلثث


ألحتسس نبضها، أعلم أنها فارقت احلياة، منظرها اخلالى من املالمح يوحى بذلك،

لكن ماذا أفعل؟، كنت أحاول أن أتشبث بأى أمل ..

من لكن بها، املوجودة البوصلة استخدام إلى أتطلع كنت ساعتى، إلى نظرت

للعمل صاحلة كهربائية محطة أجد أن آمل نهائيا، تعطلت قد أنها الواضح

بالرغم من أن هذا االحتمال أقرب إلى املستحيل، أما اآلن فهدفى هو احلصول على

املياه والطعام ..

مرت ساعات طويلة من السير والصحراء ال تنتهى، وأيضا الليل قد طال، اإلضاءة

ا أم قمرا، صفراء قامتة ال تتغير تأتى من قرص ما فى السماء، ال أدرى إذا كان شمس

اجلثث حتى صوب، كل من بى حتيط فالرمال أصفر، حولى شىء كل وأصبح

أننى قد ضللت طريقى فى الصحراء، أم أن العالم كله اختفت.. يا إلهى.. يبدو

أصبح صحراء؟!!

كنت أترنح وأنا أحترك، فالظمأ سوف يقتلنى..

ا آخر، يبدو أنه حطام لسيارة، دنوت منه قليال باحثا عن أى بعد برهة، وجدت حطام

أكثر منها، اقتربت فتاة، أجد سوى جثة لم لكننى االستفادة منه، ميكن شىء

عمرها، من الثالثينيات فى تبدو فتاة إنها ألتفحصها، ركبتى على وجثوت

وبالتأكيد كانت تقود سيارتها أثناء ارتطام النيزك باألرض، يخفى نصف وجهها

كتلة من الدماء التى أصبحت جزءا منه اآلن، لكن جسمها حالته مازالت جيدة، ال

يشوبه إال بعض اجلروح، وتغطيه مالبس ممزقة، لكن كل هذا ال يفيدنى بشىء..

إال إذا ..

أخذت أتطلع إلى جسم الفتاة، أنظر إلى كل تفاصيله، وبدأت أتنفس بصعوبة من

التوتر ..

وقفت مترددا ..

أحترك نحو احلطام وعيناى تبحث عن قطعة حادة ..


كنت أبحث بتردد فى البداية، لكن ما هى إال ثوان وبدأت أبحث بجنون، فالفكرة

سيطرت على عقلى بالكامل ..

التراب لكن ال أخيرا وجدت قطعة حطام مناسبة، صحيح أنها صدئة ويغمرها

بأس ..

جثوت مرة أخرى جوار جثة الفتاة وأنا أتشبث بقطعة احلطام ..

كان التوتر والتردد يغمرنى، لكنى رفعت قطعة احلطام عاليا استعدادا لغرزها فى

صدر جثمان الفتاة، و ..

وتصلبت مكانى، هل صحيح ما رأيت اآلن؟!!

هل بالفعل حتركت بطن الفتاة؟!!

أم أننى أهذى؟!!

خفضت يدى مرة أخرى وأنا أتطلع إلى الفتاة منتظرا أى مبادرة منها، لكن جسدها

كان ساكنا، ال يتحرك ..

وضعت يدى أحتسس نبضها ..

ا .. للحظات لم أشعر بشىء، ثم جاء النبض.. ضعيف

التى تغطى نصف وجهها الدماء إلى ثم املوجود فى جبهتها، إلى اجلرح نظرت

والرمال حول رأسها ..

إنه جرح عميق، فقدت على أثره الكثير من الدماء ..

ا .. والنبض ضعيف جدا يكاد يكون متوقف

ال أمل لها فى النجاة ..

رفعت يدى متشبثا بقطعة احلطام احلادة ..

هى عاجال أم أجال سوف متوت، فيجب أال أموت أنا أيضا ..

و ..


ا، والقرص املضىء فى السماء كالشمعة ال يتزعزع .. مازال الليل قامت

البرودة، فاجلو شديد الرمال وسط حوائط صنعتها من احلطام، أنا على جلست

لكن النيران التى أشعلتها بعثت القليل من الدفء ..

رائحة الشواء جعلتنى أتناسى كل شىء، وآكل بنهم ..

شىء وأشهى ألذ كان اللحظة هذه فى لكنه قبل، من بشريا ا حلم أتناول لم

تناولته فى حياتى ..

قطعة باألحرى أو أمامى، من الصحن تناولت .. يدى من اللحم قطعة تركت

احلطام التى رأيتها مناسبة ألن تكون صحنا.. ثم رشفت منه جرعة من الدماء..

من املمكن أن تكون تلك الدماء فاسدة، أو حتى غير فاسدة فليس من الطبيعى أن

ا، فهل أموت من الظمأ؟ أشرب دماء، لكنى لم أفكر فى ذلك مطلق

وقفت من جلستى، وأخذت قطع اللحم التى أعدتها للطريق، ووضعتها فى ثياب

الفتاة حيث جردتها منه، فهى لن حتتاجه بعد اآلن على أية حال ..

حملت أشيائى، ألتابع سيرى لعلى أجد شيئا صاحلا للحياة ..

ألقيت نظرة على جثة الفتاة التى أصبحت مجردة من املالبس، مقتطعة اللحم

حتى العظام، خاوية تقريبا من الدماء ..

ا سيدتى .. عذر

إنها غريزة احلياة ..

مر وقت طويل من السير، ساعات، أيام، ال أدرى ..

توقفت أمام منظر غريب .. لقد ظهرت منطقة خضراء، واسعة, ال أرى لها نهاية

..

من الغريب أن جتد منطقة خضراء هكذا وسط الصحراء!!، أهو سراب؟!!

تقدمت إلى الداخل، إنها بالفعل أشجار، وفروع متشابكة، واللون األخضر واألصف

يختلطان فى أوراق الشجر ..


إنها ليست حديقة، إمنا هى غابة، أحراش ..

ال أتذكر وجود تلك املنطقة هنا!!، هل أنا مازلت فى مصر؟!!

كنت أتطلع إلى املكان بسعادة، لم أعد أهتم أين أنا، املهم أننى هنا..

هناك فاكهة على األشجار..

أهذا تفاح؟!!، هناك أعلى الشجرة ؟!!

ثم تفاحة, قطفت صعبا، تسلقها يكن لم الشجرة، أتسلق ا مسرع انطلقت

جلست على فرع شجرة غليظ، وأخذت آكلها فى نهم ..

ياله من طعم، هناك فرق كبير بني اللحم البشرى وهذه الرائعة ..

أكلت البعض وأخذت معى البعض، لكنى لم أتخلص من اللحم البشرى املتبقى

معى، فال أعلم ماذا سوف أقابل ..

بدأت أتابع طريقى مرة أخرى، حملت معى عصى ألزيل بها األفرع املتشابكة أمامى

..

كنت أجتول, أبحث عن شىء ال أعرفه ..

لن أستطيع العودة مرة أخرى، لقد ضللت طريقى، لكن من يريد العودة!!!

توقفت فجأة وأنا أنظر إلى إحدى األشجار جوارى..

هل حتركت الشجرة؟!!

اقتربت منها بحذر.. ال شىء، أعتقد أننى أحتاج إلى الراحة..

أستندت بظهرى إلى الشجرة.. أغلقت عينى من اإلرهاق.. و ..

وهناك شىء قبض على عنقى.. بقوة ..

ا وقويا.. التف حوله وأخذ يعتصره، حاولت باستماتة إزالته، لكنه كان ضخم

احتقن وجهى بشدة، وتراخت قواى، وأيقنت أنها النهاية..

وأنا األرض على وقعت عنقى.. أفلت ثم قليال، الشىء هذا تراخى فجأة.. لكن

أسعل بشدة، وأتنفس بصعوبة.. يا اهللا، لقد كان املوت وشيكا..

ا عن الشجرة ونظرت إلى ذلك الشىء .. ابتعدت مسرع

إنه ذيل ثعبان يتدلى من قلب الشجرة، لكنه ثعبان ضخم لم أر له مثيال ..


وكان يخترق منتصفه رمح خشبى ..

ا، فيقع تقدمت جوارى فتاة مسرعة لتأخذ الرمح الذى كان قد اخترق الشجرة أيض

ويوجد قرنان فهو عمالق، له، بالفعل ال يوجد مثيل أنه ألكتشف ا، أرض الثعبان

صغيران فى رأسه، وأنياب فى فكه وكأنه تنني وليس ثعبانا..

نظرت إلى الفتاة، كانت ترمقنى بحذر..

بهما تدارى القماش مجرد قطعتني من البدائيني، ترتدى مثل كانت فتاة شابة،

عورتها..

شعرها أشقرالمع، قوامها رائع، حتتاج فقط إلى االهتمام أكثر بنظافتها..

أطلقت بعض الصرخات وهى تلوح برمحها، يبدو أنها ال تستطيع الكالم ..

- اهدئى قليال ..

لم تستمع إلى كالمى إمنا استمرت فى الصراخ وهى تلوح برمحها فى اجتاه معني،

يبدو أنها تريدنى أن أحترك من هذا االجتاه..

أذهب معها؟، كيف لى أن أتأكد أنها لن تقتلنى؟!!

لكنها أنقذت حياتى منذ حلظات..

مازال فالشك معها، أحترك وال أبتعد لكنى األمام، إلى رمحها بسن تدفعنى

يعترينى..

- ماذا تريدين منى؟

ثم أشير إلى احليوان شبه الثعبان..

- وما هذا الشىء؟!!

تستمر فى الصراخ وهى تدفعنى، بالطبع لن أحصل على إجابة، فهى ال تتحدث!!!

فجأة ..

اهتزت األرض بشدة، حتى إننى فقدت توازنى، بينما متاسكت هى ..

وانطلق صوت زئير قوى، يبدو أنه قريب منا..

نظرت الفتاة إلى اجتاه الصوت مذعورة ثم هرولت مسرعة وسط األشجار، بينما

أنا أخذت أتطلع إلى اجتاه الصوت فى ترقب..


الديناصور لكنه تتحطم األشجار أمامى، ويظهر كائن عمالق، تقريبا فى حجم

ا، إمنا يشبه الدب، والرأس رأس أسد، هذا غير القرنني الواضحني فى ليس ديناصور

رأسه.. إنه كائن أسطورى!!!، أين أنا بحق اجلحيم؟!!

أسرعت هاربا من أمامه سالكا نفس الطريق الذى أخذته الفتاة..

ا، وخفقات قلبى أسرع منى.. كنت أركض مسرع

تبا لى.. أين ذهبت تلك الفتاة؟، ليتنى كنت ذهبت معها..

كان ذلك الشىء يطاردنى بشراسة، يحطم األشجار خلفى..

املنطقة اآلن بها أفرع متشابكة، سوف ينال منى بال ريب..

وفجأة..

شىء سحبنى إلى أسفل.. أسفل األرض!!

إنها نفس الفتاة!! كانت تختبئ فى حفرة حتت األرض، وأشارت لى بالصمت..

تخفى التى األغصان بني من فريسته عن يبحث وهو العمالق ذلك نتابع أخذنا

احلفرة منتظرين ذهابه..

كانت احلفرة ضيقة جدا، حيث إننا كنا ملتصقان ببعضنا ..

شعرت بها.. ومبلمس جسدها الناعم رغم حياتها بالغابة..

ا جميال.. تناسيت على أثره أننا مطاردان من قبل حيوان عجيب.. كان شعور

فهى حقا جميلة..

بل..

رائعة اجلمال..

كم هذا املنظر رائع..

القرص فى السماء، يلتمع ماؤه على ضوء رأيتها.. أروع شالالت أمام أجلس اآلن

ذلك القرص الذى لم يتحرك منذ عودتى إلى وعى..

هذا هو املكان الذى متكث فيه الفتاة إذا.. إنه بالفعل مناسب، يتوافر فيه املاء


وأيضا الغذاء، فاألشجار بثمارها حولى فى كل مكان..

تركتنى الفتاة هنا، وذهبت، ال أدرى إلى أين، لكنى على يقني من عودتها، األرجح

أنها ذهبت للصيد ..

أرتويت بالطبع، فللماء طعم آخر..

واآلن حان وقت التفكير، ترتيب األحداث، فالبد لى أن أفهم ماذا حدث..

انقراض أن املعلوم فمن كثيرا، أتعجب لن كبير، تأثير للنيزك كان أنه يبدو

الديناصورات كان بسبب نيزك!!

لكن العجيب هنا ظهور كائنات أسطورية، وهذا املكان لم يكن متواجدا من قبل!!

النيازك تدمر أشياء، لكنها ال تخلق غيرها!!!

وأين ذهبت الشمس؟!!

األسئلة كثيرة، وال توجد إجابات..

لكن من املمكن بناء نظريات.. هذا النيزك يختلف كليا عما نعرفه من النيازك،

فهو لم يدمر، ويقتل، ويترك مكانه حفرة عميقة فى األرض ..

إمنا صاحبه بعض اإلشعاعات، شكلت تلك احليوانات، فهيكلها معروف لنا، مثل

توفى وبالنسبة لإلنسان، برأس أسد.. واآلخر دب عمالق تنني، برأس الثعبان ذلك

البعض، أما اآلخر فتأثر باإلشعاعات ليصبح كائنا بدائيا مثل تلك الفتاة..

التفسير لكنه بالتحديد، املنطقة املكان فى هذه وجود مثل هذا يفسر ال هذا

األقرب..

ها هى ظهرت مرة أخرى، الفتاة، لتخرجنى من شرودى..

بال من مالبسها تبقى ما باألحرى أو لتخلع مالبسها، وقفت إمنا إلى، تنظر لم

مباالة..

ا, هى تعلم يقينا أننى هنا، أراها عارية متاما, لكنها ال تدرك وأنا أنظر إليها مشدوه

معنى ذلك، أو حتى تهتم .. يبدو أنها ال تعرف شيئا عن الغرائز ..

ثم قفزت فى املاء..

ا.. كانت تسبح تارة، وتنام على ظهرها تارة أخرى.. وقفت أتطلع إليها مبهور


تتساقط التى باملياه لتستمتع عينيها وتغلق الشالل، خلف لتقف تذهب ثم

عليها..

وأنا أستمتع باملشاهدة..

مهال.. ملاذا ال تكون تلك الفتاة حواء اجلديدة..

نعم، هذا هو التفسير الصحيح..

كائنات جديدة، بداية من البد وكان العالم، نهاية هو كان النيزك ذلك سقوط

أسطورية، طبيعة جديدة ، حواء جديدة.. وآدم ..

أين آدم؟

من املفترض أننى ميت، كان البد أن أموت وقت سقوط النيزك ..

لكنى بذكاء استطعت التغلب على األمر..

املوت على تغلبت بعدها، الصعوبات على تغلبت لكنى فحسب، هذا ليس

نفسه..

وكل هذا بالتأكيد ليس قدرى، كان من املفترض أن يخلق حواء وآدم جديدان، ويبدأ

نسل وحياة جديدة ..

لكنى تغلبت على القدر، وأصبحت أنا من يقرر مصيرى..

فهل يخلق آدم، وهناك شخص آخر؟

أظن قدرى كان مضطرا أن يجعلنى أنا آدم ..

نعم، أنا آدم ..

ا.. غمرتنى النشوة والسعادة مبا توصلت إليه.. تطلعت إلى السماء صائح

- تغلبت عليك أيها القدر اللعني..

نظرت إلى حواء، حواء اخلاصة بى..

خلعت مالبسى بسرعة وسعادة، سوف أنضم إليها..

وقفت على احلافة ألقف فى املاء.. و ..

وظهر فجأة كائن غريب من املاء، كائن ضخم، انقض على الفتاة ليقضم نصفها

العلوى ويختفى داخل املياه مرة أخرى ..


حدث األمر فى أقل من ثانية..

ا.. وقعت على األرض وأخذت أتراجع مذعور

أنظر إلى النصف السفلى من الفتاة.. أجلمت الصدمة لسانى، وحواسى كلها..

فمنذ حلظة واحدة كانت هى حواء..

وقفت مرتعبا، ابتعدت عن املاء قليال..

التفت إلى الغابة ألجد عيونا فى استقبالى..

عيون حمراء تضيء فى الظالم..

وتصحبها زمجرة حيوانات غاضبة..

و..

فتحت عينى على صوت منبه الساعة اإللكترونية التى بيدى..

كنت أقف على جبل املقطم، حيث تبقى ربع ساعة فقط ويسقط النيزك لتكون

النهاية..

نظرت حولى أتطلع إلى الكم الهائل من األشخاص والعائالت..

ثم نظرت إلى احلقيبة التى بيدى..

لقد أضعت الكثير من الوقت واجلهد لصناعة ذلك اجلهاز..

بإمكانى الذهاب إلى ذلك الكهف، وأجنو بحياتى، فمازال هناك وقت..

لكن هل بالفعل سوف أجنو؟!!

أنا أعلم اآلن ماذا سوف يحدث لى، ما سوف أمر به من أهوال..

إنها تلك املوهبة التى أملكها منذ الصغر ..

ال أعلم هل هى بالفعل موهبة أو نعمة من اهللا عز وجل، أم إنها نقمة..

مثل حياتى، بأآخر حلظات االستمتاع فى يومى لو قضيت األفضل من كان هل

اجلميع، بدال من ذلك االختراع السخيف..

أتشبث باحلقيبة أكثر، وأتطلع إلى السماء كالبقية..

- ما هذا الضوء يا أبى؟!! إنه رائع ..

التفت إلى الطفلة التى على يد والدها، كان يبتسم لها، ثم يحتضنها بقوة،


بينما تهرب الدموع من عني األم التى تقف جوارهما..

أنظر مرة أخرى إلى السماء..

أتطلع إلى ذلك الضوء الرائع، والذى يقترب تدريجيا..

أبتسم..

يا لبراءة األطفال...


ëãË–€a

بداية

ال يوجد وقت عصام منصور

همسات أخيرة خالد ناجى

حسناء شيماء عبادى

اللذةمحمد طه

محاق كرمي سعد

من غد ال تخاف محمد على

نهاية العالمعمرو عاطف

مطلب أخير باسنت خطاب

الفرصة األخيرة إسالم محسن

ما بعد النهايةمحمد مجدى

3

7

16

26

36

40

50

56

60

66

83

Documents

كتاب نهاية الايام