297
ث ل ا ث ل ء ا ز ج ل ا- دي ث ب م ل ا ة داي رح ب ش ي ف ة هداي ل ا- ص5 - $ ن ي الد ي ف هة ق ف ي را ي خ ة لة يرد ال ي$ ن م ف ي ر ش ث ي حد" " م ي ح ر ل ا$ ن م ح ر ل لة ا م الس ب ركة ش ل ا اب ث ك ةH رI ي ا ح ركة ش ل ا" " ة. ي عل م هزر ق ف ها ب$ ون مل عا ت ي اس ث ل وا ث ع ي م سل ة و ي عل لة ي ال صل ة يI لأ ال: ق ي ف رف ص ت ي$ نI ا ما ه حدI لأ ور ج ي لأ ق ها ب ا رب ي ش ب وI ا$ لأن ح ها ر بر ي$ ن لعي: اs لأك مI الأ ركة ش ف ود. ف ع ركة ش، وs لأك مI ا ركة ش:$ ان رب ض ركة ش لا" ي ب ن حI ة كالأ ي ح صا ث ي ص ن ي ف ما ه من ل ك ة، و ي د ا لأ ب ز ا خ الأ ث ي ص ن" وI ا ا ث عن$ لأن ح ر ث ه ب ا ا د ا ما ك اب ث لك ا ي ف ور ك مد ل ر ا ي غ ي ف ق ف ج ت ي ركة ش ل ة ا وهد ي ف كة رب ش$ ن م ة ي صب ن ما ه حدI ع ا ت ي ور ج ي ، و$ زح ج ي لأ و اI ا ساI را ر ي ي م لت ع ا ت م ي طا ل ح ما طه ل خ ي وI ا ما ه حدI ع ا ت ص ر ي غ$ ن م ما له لط ما ت ح و اI لأء ا ث سب الأ اها ب ك مل ي. ه نH مب ل ا ة اي ف ك ي ف زق لق ا ا ث ب ب د ة، وق ي د ا لأ ب ا ور ج ي ة لأ ي ا لأط ق ت حط والأ ل خ ل ا ورة ص ي ف لأ ة ا ي د ر ا ي غ ي كة رب ش ر ي غ$ ن مر و و لص ع ا ت م ح ث ل ث ف ز خ الأ ول ف ي ا و ا وكد كد ي فs ك ث ك ار س ما ه حدI ول ا ف ي$ نI و ا هل، و و ب ق ل وا اب خ ي الأ ها كند، ور و ف لع ا ركة ش: ي ن ا ث ل ا رب لص وا" " رطه: ش و ة ي م وب مطل ل مة ا حك ق ف ج ت ن ق ما ه ن ب ب ركا ي ش م رف ص ت ل ا اد ب ف تس ب ما$ ون ك ث ل وكالةل ل لأ ب ا ق ركة ش ل د ا ف ع ة ي عل ود ف مع ل ا رف ص ت ل ا$ ون ك ب$ نI ا غة ريI ا ي ه م ث" ما ه ن ي ود ما ه ف ر ص ن ما و له ما ي ف$ ان ساوب ت ث ف$ لأن ح ر ل اs رك ي ش ب$ نI ا ي ه ف ة اوض ف م ل ا ركة ش ماI ا وة. ق ج و ل ا ركة ش ع، وI ئ ا ث ص ل ا ركة ش ، و$ ان ث ع ، و ة اوض ف م ة: وخI ا" م: ه لI ب ا ال ق ، ق واة سا م ل ا$ ن م ي ه د ا لأق ط ي الأ عل ة ي ح ي صا ل ا ركة ش ل ر ا مI ا ما ه من ل واحد ك وص ف ي راب ا خ ت ل ع ا ت م ح ي ف عامة ركة ش ها بI لأ م ه ل راة ش ي لأ ض و ف اس ث ل ح ا صل ن لأدوا م سا ه ل ها ج ا د ا راة ش ولأ

الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

  • Upload
    others

  • View
    3

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء الثالث

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين           -5ص -"حديث شريف"

بسم الله الرحمن الرحيمكتاب الشركة

ألنه صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملون بها فقررهم عليه."الشركة جائزة" "الشركة ضربان: شركة أمالك، وشركة عقود. فشركة األمالك: العين يرثها رجالن أوقال:

يشتريانها فال يجوز ألحدهما أن يتصرف في نصيب اآلخر إال بإذنه، وكل منهما في نصيب وهذه الشركة تتحقق في غير المذكور في الكتاب كما إذا اتهب رجالن عينا أو ملكاهاصاحبه كاألجنبي"

باالستيالء أو اختلط مالهما من غير صنع أحدهما أو بخلطهما خلطا يمنع التمييز رأسا أو إال بحرج، ويجوز بيع أحدهما نصيبه من شريكه في جميع الصور ومن غير شريكه بغير إذنه إال في صورة الخلط واالختالط فإنه ال

يجوز إال بإذنه، وقد بينا الفرق في كفاية المنتهى. "والضرب الثاني: شركة العقود، وركنها اإليجاب والقبول، وهو أن يقول أحدهما شاركتك

وشرطه: أن يكون التصرف المعقود عليه عقد الشركة قابال للوكالةفي كذا وكذا ويقول اآلخر قبلت" "ثم هي أربعة أوجه: مفاوضة،ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركا بينهما فيتحقق حكمه المطلوب منه

وعنان، وشركة الصنائع، وشركة الوجوه. فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجالن ألنها شركة عامة في جميع التجارات يفوض كل واحدفيتساويان في مالهما وتصرفهما ودينهما"

منهما أمر الشركة إلى صاحبه على اإلطالق إذ هي من المساواة، قال قائلهم:

 

وال سراة إذا جهالهم سادوا                  ال يصلح الناس فوضى ال سراة لهم

أي متساويين. فال بد من تحقيق المساواة ابتداء وانتهاء وذلك في المال، والمراد به ما تصح الشركة فيه، وال يعتبر التفاضل فيما ال يصح الشركة فيه، وكذا في التصرف، ألنه لو ملك أحدهما تصرفا ال يملك اآلخر لفات التساوي، وكذلك في الدين لما نبين إن شاء الله تعالى، وهذه الشركة جائزة عندنا استحسانا. وفي القياس

ال تجوز، وهو قول

 

الشافعي. وقال مالك: ال أعرف ما المفاوضة. وجه القياس أنها تضمنت الوكالة بمجهول           -6ص - "فاوضواالجنس والكفالة بمجهول، وكل ذلك بانفراده فاسد. وجه االستحسان قوله صلى الله عليه وسلم

وكذا الناس يعاملونها من غير نكير وبه يترك القياس والجهالة متحملة تبعا كما فيفإنه أعظم للبركة" لبعد شرائطها عن علم العوام، حتى لو بينا جميع ما تقتضيه"وال تنعقد إال بلفظة المفاوضة"المضاربة

تجوز ألن المعتبر هو المعنى. "فتجوز بين الحرين الكبيرين مسلمين أو ذميين لتحقق التساوي، وإن كان أحدهماقال:

كتابيا واآلخر مجوسيا تجوز أيضا" لما قلنا "وال تجوز بين الحر والمملوك وال بين الصبي النعدام المساواة، ألن الحر البالغ يملك التصرف والكفالة، والمملوك ال يملك واحدا منهما إال بإذنوالبالغ"

المولى، والصبي ال يملك الكفالة وال يملك التصرف إال بإذن الولي. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجوز للتساوي بينهما"وال بين المسلم والكافر"قال:

Page 2: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

في الوكالة والكفالة، وال معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما كالمفاوضة بين الشفعوي والحنفي فإنها جائزة. ويتفاوتان في التصرف في متروك التسمية، إال أنه يكره ألن الذمي ال يهتدي إلى الجائز من العقود. ولهما أنه ال تساوي في التصرف، فإن الذمي لو اشترى برأس المال خمورا أو خنازير صح، ولو اشتراها مسلم ال

النعدام صحة الكفالة، وفي كل"وال يجوز بين العبدين وال بين الصبيين وال بين المكاتبين"يصح موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها، وال يشترط ذلك في العنان كان عنانا الستجماع شرائط العنان، إذ

هو قد يكون خاصا وقد يكون عاما. أما الوكالة فلتحقق المقصود وهو الشركة في المال على ما "وتنعقد على الوكالة والكفالة"قال:

بيناه، وأما الكفالة: فلتحقق المساواة فيما هو من مواجب التجارات وهو توجه المطالبة نحوهما جميعا. وكذا كسوته،"وما يشتريه كل واحد منهما يكون على الشركة إال طعام أهله وكسوتهم"قال:

وكذا اإلدام ألن مقتضى العقد المساواة، وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف، وكان شراء أحدهما كشرائهما، إال ما استثناه في الكتاب، وهو استحسان ألنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة، فإن

الحاجة الراتبة معلومة الوقوع، وال يمكن إيجابه على صاحبه وال التصرف من ماله، وال بد من الشراء فيختص المشتري"وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء"به ضرورة. والقياس أن يكون على الشركة لما بينا

باألصالة وصاحبه بالكفالة

 

ويرجع الكفيل على المشتري بحصته مما أدى ألنه قضى دينا عليه من مال مشترك           -7ص -بينهما.

"وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدال عما يصح فيه االشتراك فاآلخر ضامن له"قال تحقيقا للمساواة، فمما يصح االشتراك فيه الشراء والبيع واالستئجار، ومن القسم اآلخر الجناية والنكاح

والخلع والصلح عن دم العمد وعن النفقة. ألنه تبرع،"ولو كفل أحدهما بمال عن أجنبي لزم صاحبه عند أبي حنيفة، وقاال: ال يلزمه"قال

ولهذا ال يصح من الصبي والعبد المأذون والمكاتب، ولو صدر من المريض يصح من الثلث وصار كاإلقراض والكفالة بالنفس. وألبي حنيفة أنه تبرع ابتداء ومعاوضة بقاء ألنه يستوجب الضمان بما يؤدي على المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره، فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المفاوضة، وبالنظر إلى االبتداء لم تصح ممن ذكره

وتصح من الثلث من المريض، بخالف الكفالة بالنفس ألنها تبرع ابتداء وانتهاء. وأما اإلقراض فعن أبي حنيفة أنه يلزم صاحبه، ولو سلم فهو إعارة فيكون لمثلها حكم عينها ال حكم البدل حتى ال يصح فيه األجل فال

يتحقق معاوضة، ولو كانت الكفالة بغير أمره لم تلزم صاحبه في الصحيح النعدام معنى المفاوضة. ومطلق الجواب في الكتاب محمول على المقيد، وضمان الغصب واالستهالك بمنزلة الكفالة عند أبي حنيفة ألنه

معاوضة انتهاء. "وإن ورث أحدهما ما ال يصح فيه الشركة أو وهب له ووصل إلى يده بطلت المفاوضةقال

لفوات المساواة فيما يصلح رأس المال إذ هي شرط فيه ابتداء وبقاء، وهذا ألن اآلخر الوصارت عنانا" يشاركه فيما أصابه النعدام السبب في حقه، إال أنها تنقلب عنانا لإلمكان، فإن المساواة ليست بشرط فيه،

وكذا"وإن ورث أحدهما عرضا فهو له وال تفسد المفاوضة"ولدوامه حكم االبتداء لكونه غير الزم العقار ألنه ال تصح فيه الشركة فال تشترط المساواة فيه.

فصل: "وال تنعقد الشركة إال بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة" وقال مالك: تجوز بالعروض والمكيل والموزون أيضا إذا كان الجنس واحدا؛ ألنها عقدت على رأس مال

معلوم فأشبه النقود، بخالف المضاربة ألن القياس يأباها لما فيها من ربح ما لم يضمن. فيقتصر على مورد

Page 3: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الشرع. ولنا أنه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن؛ ألنه إذا باع كل واحد منهما رأس ماله وتفاضل الثمنان فمايستحقه أحدهما من الزيادة في مال صاحبه ربح ما لم

 

يملك وما لم يضمن، بخالف الدراهم والدنانير ألن ثمن ما يشتريه في ذمته إذ هي ال           -8ص - تتعين فكان ربح ما يضمن، وألن أول التصرف في العروض البيع وفي النقود الشراء، وبيع أحدهما ماله على

أن يكون اآلخر شريكا في ثمنه ال يجوز، وشراء أحدهما شيئا بماله على أن يكون المبيع بينه وبين غيره جائز. وأما الفلوس النافقة فألنها تروج رواج األثمان فالتحقت بها. قالوا: هذا قول محمد ألنها ملحقة بالنقود عنده

حتى ال تتعين بالتعيين، وال يجوز بيع اثنين بواحد بأعيانها على ما عرف، أما عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ال تجوز الشركة والمضاربة بها ألن ثمنيتها تتبدل ساعة فساعة وتصير سلعة. وروي عن

أبي يوسف مثل قول محمد، واألول أقيس وأظهر، وعن أبي حنيفة صحة المضاربة بها. والنقرة فتصح الشركة بهما، "وال تجوز الشركة بما سوى ذلك إال أن يتعامل الناس بالتبر"قال:

ومراده"وفي الجامع الصغير: وال تكون المفاوضة بمثاقيل ذهب أو فضة"هكذا ذكر في الكتاب التبر، فعلى هذه الرواية التبر سلعة تتعين بالتعيين فال تصلح رأس المال في المضاربات والشركات. وذكر

في كتاب الصرف أن النقرة ال تتعين بالتعيين حتى ال ينفسخ العقد بها بهالكه قبل التسليم، فعلى تلك الرواية تصلح رأس المال فيهما، وهذا لما عرف أنهما خلقا ثمنين في األصل، إال أن األول أصح؛ ألنها وإن خلقت

للتجارة في األصل لكن الثمنية تختص بالضرب المخصوص؛ ألن عند ذلك ال تصرف إلى شيء آخر ظاهرا إال أن يجري التعامل باستعمالهما ثمنا فنزل التعامل بمنزلة الضرب فيكون ثمنا ويصلح رأس المال. ثم قوله وال تجوز بما سوى ذلك يتناول المكيل والموزون والعددي المتقارب، وال خالف فيه بيننا قبل الخلط، ولكل واحد منهما ربح متاعه وعليه وضيعته، وإن خلطا ثم اشتركا فكذلك في قول أبي يوسف، والشركة شركة ملك ال

شركة عقد. وعند محمد تصح شركة العقد. وثمرة االختالف تظهر عند التساوي في المالين واشتراط التفاضل في الربح، فظاهر الرواية ما قاله أبو يوسف رحمه الله ألنه يتعين بالتعيين بعد الخلط كما تعين

قبله. ولمحمد أنها ثمن من وجه حتى جاز البيع بها دينا في الذمة. ومبيع من حيث إنه يتعين بالتعيين، فعملنا بالشبهين باإلضافة إلى الحالين، بخالف العروض؛ ألنها ليست ثمنا بحال ولو اختلفا جنسا كالحنطة والشعير

والزيت والسمن فخلطا ال تنعقد الشركة بها باالتفاق. والفرق لمحمد أن المخلوط من جنس واحد من ذوات األمثال، ومن جنسين من ذوات القيم فتتمكن الجهالة كما في العروض، وإذا لم تصح الشركة فحكم الخلط

قد بيناه في كتاب القضاء.

 

"وإذا أراد الشركة بالعروض باع كل واحد منهما نصف ماله بنصف مالقال:           -9ص - لما بينا أن العروض ال تصلح رأس"وهذه الشركة ملك"  قال رضي الله عنه:اآلخر، ثم عقد الشركة"

مال الشركة، وتأويله إذا كان قيمة متاعهما على السواء، ولو كان بينهما تفاوت يبيع صاحب األقل بقدر ماتثبت به الشركة.

"وأما شركة العنان فتنعقد على الوكالة دون الكفالة، وهي أن يشترك اثنان في نوعقال: وانعقاده على الوكالة لتحققبر أو طعام، أو يشتركان في عموم التجارات وال يذكران الكفالة"،

مقصوده كما بيناه، وال تنعقد على الكفالة؛ ألن اللفظ مشتق من األعراض يقال عن له: أي عرض، وهذا ال للحاجة"ويصح التفاضل في المال"ينبئ عن الكفالة وحكم التصرف ال يثبت بخالف مقتضى اللفظ.

وقال زفر"ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضال في الربح"إليه وليس من قضية اللفظ المساواة. والشافعي: ال تجوز ألن التفاضل فيه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن، فإن المال إذا كان نصفين والربح أثالثا

Page 4: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فصاحب الزيادة يستحقها بال ضمان، إذ الضمان بقدر رأس المال، وألن الشركة عندهما في الربح للشركة في األصل، ولهذا يشترطان الخلط، فصار ربح المال بمنزلة نماء األعيان فيستحق بقدر الملك في األصل.

ولم يفصل، وألن"الربح على ما شرطا، والوضيعة على قدر المالين"ولنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة؛ وقد يكون أحدهما أحذق وأهدى وأكثر عمال

وأقوى فال يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل، بخالف اشتراط جميع الربح ألحدهما ألنه يخرج العقد به من الشركة ومن المضاربة أيضا إلى قرض باشتراطه للعامل أو إلى بضاعة باشتراطه لرب المال، وهذا العقد يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل في مال الشريك، ويشبه الشركة اسما وعمال فإنهما يعمالن

فعملنا بشبه المضاربة. وقلنا: يصح اشتراط الربح من غير ضمان ويشبه الشركة حتى ال تبطل باشتراطالعمل عليها.

ألن المساواة في المال ليست"ويجوز أن يعقدها كل واحد منهما ببعض ماله دون البعض"قال: "ويجوز أن المفاوضة تصح به للوجه الذي ذكرناه "وال يصح إال بما بينا"بشرط فيه إذ اللفظ ال يقتضيه

أن يشتركا ومن جهة أحدهما دنانير ومن اآلخر دراهم، وكذا من أحدهما دراهم بيض ومن وقال زفر والشافعي: ال يجوز، وهذا بناء على اشتراط الخلط وعدمه فإن عندهما شرط والاآلخر سود"

يتحقق ذلك في مختلفي الجنس، وسنبينه من بعد إن شاء الله تعالى.

 

"وما اشتراه كل واحد منهما للشركة طولب بثمنه دون اآلخر لماقال:         -10ص - أنه يتضمن الوكالة دون الكفالة، والوكيل هو األصل في الحقوق. بينا" معناه إذا أدى من مال نفسه؛ ألنه وكيل من جهته في حصته"ثم يرجع على شريكه بحصته منه"قال:

فإذا نقد من مال نفسه رجع عليه، فإن كان ال يعرف ذلك إال بقوله فعليه الحجة؛ ألنه يدعي وجوب المال فيذمة اآلخر وهو ينكر، والقول للمنكر مع يمينه.

ألن المعقود"وإذا هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا بطلت الشركة"قال: عليه في عقد الشركة المال، فإنه يتعين فيه كما في الهبة والوصية، وبهالك المعقود عليه يبطل العقد كما

في البيع، بخالف المضاربة والوكالة المفردة؛ ألنه ال يتعين الثمنان فيهما بالتعيين، وإنما يتعينان بالقبض على ما عرف، وهذا ظاهر فيما إذا هلك الماالن، وكذا إذا هلك أحدهما؛ ألنه ما رضي بشركة صاحبه في ماله إال

ليشركه في ماله، فإذا فات ذلك لم يكن راضيا بشركته فيبطل العقد لعدم فائدته، وأيهما هلك هلك من مال صاحبه؛ إن هلك في يده فظاهر، وكذا إذا كان هلك في يد اآلخر ألنه أمانة في يده، بخالف ما بعد الخلط

"وإن اشترى أحدهما بماله وهلكحيث يهلك على الشركة؛ ألنه ال يتميز فيجعل الهالك من المالين. ألن الملك حين وقع وقع مشتركا بينهمامال اآلخر قبل الشراء فالمشترى بينهما على ما شرطا"

لقيام الشركة وقت الشراء فال يتغير الحكم بهالك مال اآلخر بعد ذلك، ثم الشركة شركة عقد عند محمد خالفا للحسن بن زياد، حتى إن أيهما باع جاز بيعه؛ ألن الشركة قد تمت في المشترى فال ينتقض بهالك

المال بعد تمامها. ألنه اشترى نصفه بوكالته ونقد الثمن من مال نفسه وقد"ويرجع على شريكه بحصة من ثمنه"قال:

بيناه، هذا إذا اشترى أحدهما بأحد المالين أوال ثم هلك مال اآلخر. أما إذا هلك مال أحدهما ثم اشترى اآلخر بمال اآلخر، إن صرحا بالوكالة في عقد الشركة فالمشترى مشترك بينهما على ما شرطا؛ ألن الشركة إن

بطلت فالوكالة المصرح بها قائمة فكان مشتركا بحكم الوكالة، ويكون شركة ملك ويرجع على شريكه بحصته من الثمن لما بيناه، وإن ذكرا مجرد الشركة ولم ينصا على الوكالة فيها كان المشترى للذي اشتراه

خاصة؛ ألن الوقوع على الشركة حكم الوكالة التي تضمنتها الشركة، فإذا بطلت يبطل ما في ضمنها، بخالفما إذا صرح بالوكالة ألنها مقصودة.

Page 5: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وقال زفر والشافعي: ال تجوز ألن الربح فرع المال، وال"وتجوز الشركة وإن لم يخلطا المال"قال: يقع الفرع على الشركة إال بعد الشركة في األصل وأنه

 

بالخلط، وهذا ألن المحل هو المال ولهذا يضاف إليه، ويشترط تعيين رأس المال،         -11ص - بخالف المضاربة؛ ألنها ليست بشركة، وإنما هو يعمل لرب المال فيستحق الربح عمالة على عمله، أما هنا

بخالفه، وهذا أصل كبير لهما حتى يعتبر اتحاد الجنس. ويشترط الخلط وال يجوز التفاضل في الربح معالتساوي في المال.

وال تجوز شركة التقبل واألعمال النعدام المال. ولنا أن الشركة في الربح مستندة إلى العقد دون المال؛ ألن العقد يسمى شركة فال بد من تحقق معنى هذا االسم فيه فلم يكن الخلط شرطا، وألن الدراهم والدنانير ال

يتعينان فال يستفاد الربح برأس المال، وإنما يستفاد بالتصرف ألنه في النصف أصيل وفي النصف وكيل. وإذا تحققت الشركة في التصرف بدون الخلط تحققت في المستفاد به وهو الربح بدونه، وصار كالمضاربة فال

يشترط اتحاد الجنس والتساوي في الربح، وتصح شركة التقبل. ألنه شرط يوجب انقطاع"وال تجوز الشركة إذا شرط ألحدهما دراهم مسماة من الربح"قال:

الشركة فعساه ال يخرج إال قدر المسمى ألحدهما، ونظيره في المزارعة. ألنه معتاد في عقد الشركة،"ولكل واحد من المتفاوضين وشريكي العنان أن يبضع المال"قال:

وألن له أن يستأجر على العمل، والتحصيل بغير عوض دونه فيملكه، وكذا له أن يودعه ألنه معتاد وال يجدالتاجر منه بدا.

ألنها دون الشركة فتتضمنها. وعن أبي حنيفة أنه ليس له ذلك ألنه نوع شركة،"ويدفعه مضاربة"؛قال: واألصح هو األول، وهو رواية األصل؛ ألن الشركة غير مقصودة، وإنما المقصود تحصيل الربح كما إذا

استأجره بأجر بل أولى؛ ألنه تحصيل بدون ضمان في ذمته، بخالف الشركة حيث ال يملكها ألن الشيء اليستتبع مثله.

ألن التوكيل بالبيع والشراء من توابع التجارة والشركة انعقدت للتجارة،"ويوكل من يتصرف فيه"قال: بخالف الوكيل بالشراء حيث ال يملك أن يوكل غيره ألنه عقد خاص طلب منه تحصيل العين فال يستتبع مثله.

ألنه قبض المال بإذن المالك ال على وجه البدل والوثيقة فصار"ويده في المال يد أمانة"قال: كالوديعة.

"كالخياطين والصباغين يشتركان على أن وتسمى شركة التقبل "وأما شركة الصنائع"قال: وهذا عندنا. وقال زفر والشافعي: ال تجوز ألنيتقبال األعمال ويكون الكسب بينهما فيجوز ذلك"

هذه شركة ال تفيد مقصودها وهو التثمير؛ ألنه ال بد من رأس المال، وهذا ألن الشركة في الربح تبتنى علىالشركة في المال على أصلهما على ما قررناه.

 

ولنا أن المقصود منه التحصيل وهو ممكن بالتوكيل، ألنه لما كان وكيال في النصف أصيال         -12ص - في النصف تحققت الشركة في المال المستفاد وال يشترط فيه اتحاد العمل والمكان خالفا لمالك وزفر

فيهما؛ ألن المعنى المجوز للشركة وهو ما ذكرناه ال يتفاوت. وفي القياس: ال يجوز؛ ألن الضمان بقدر العمل،"ولو شرطا العمل نصفين والمال أثالثا جاز"

فالزيادة عليه ربح ما لم يضمن فلم يجز العقد لتأديته إليه، وصار كشركة الوجوه، ولكنا نقول: ما يأخذه ال يأخذه ربحا ألن الربح عند اتحاد الجنس، وقد اختلف ألن رأس المال عمل والربح مال فكان بدل العمل والعمل يتقوم بالتقويم فيتقدر بقدر ما قوم به فال يحرم، بخالف شركة الوجوه؛ ألن جنس المال متفق

Page 6: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

والربح يتحقق في الجنس المتفق، وربح ما لم يضمن ال يجوز إال في المضاربة. حتى إن كل واحد منهما يطالب"وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه"قال:

وهذا ظاهر في المفاوضة وفي غيرها استحسان. "ويبرأ الدافع بالدفع إليه"بالعمل ويطالب باألجر والقياس خالف ذلك ألن الشركة وقعت مطلقة والكفالة مقتضى المفاوضة. وجه االستحسان أن هذه

الشركة مقتضية للضمان؛ أال ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما من العمل مضمون على اآلخر، ولهذا يستحقاألجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل.

"وأما شركة الوجوه فالرجالن يشتركان وال مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويبيعاقال: سميت به ألنه ال يشتري بالنسيئة إال من كان له وجاهة عند الناس، وإنما تصحفتصح الشركة على هذا"

مفاوضة ألنه يمكن تحقيق الكفالة والوكالة في األبدال، وإذا أطلقت تكون عنانا ألن مطلقه ينصرف إليهوهي جائزة عندنا خالفا للشافعي، والوجه من الجانبين ما قدمناه في شركة التقبل.

ألن التصرف على الغير ال يجوز إال بوكالة أو بوالية"وكل واحد منهما وكيل اآلخر فيما يشتريه"قال: "فإن شرطا أن المشترى بينهما نصفان والربح كذلك يجوز، وال يجوزوال والية فتتعين الوكالة

، وهذا ألن الربح الأن يتفاضال فيه، وإن شرطا أن يكون المشترى بينهما أثالثا فالربح كذلك" يستحق إال بالمال أو العمل أو بالضمان فرب المال يستحقه بالمال، والمضارب يستحقه بالعمل، واألستاذ الذي يلقي العمل على التلميذ بالنصف بالضمان، وال يستحق بما سواها؛ أال ترى أن من قال لغيره تصرف

في مالك على أن لي ربحه لم يحز

 

لعدم هذه المعاني. واستحقاق الربح في شركة الوجوه بالضمان على ما بينا والضمان         -13ص - على قدر الملك في المشترى وكان الربح الزائد عليه ربح ما لم يضمن فال يصح اشتراطه إال في المضاربة

والوجوه ليست في معناها، بخالف العنان؛ ألنه في معناها من حيث أن كل واحد منهما يعمل في مال صاحبهفيلحق بها، والله أعلم.

فصل: في الشركة الفاسدة "وال تجوز الشركة في االحتطاب واالصطياد، وما اصطاده كل واحد منهما أو احتطبه فهو

، وعلى هذا االشتراك في أخذ كل شيء مباح؛ ألن الشركة متضمنة معنى الوكالة،له دون صاحبه" والتوكيل في أخذ المال المباح باطل ألن أمر الموكل به غير صحيح، والوكيل يملكه بدون أمره فال يصلح نائبا

عنه، وإنما يثبت الملك لهما باألخذ وإحراز المباح، فإن أخذاه معا فهو بينهما نصفان الستوائهما في سبب االستحقاق، وإن أخذه أحدهما ولم يعمل اآلخر شيئا فهو للعامل، وإن عمل أحدهما وأعانه اآلخر في عمله

بأن قلعه أحدهما وجمعه اآلخر، أو قلعه وجمعه وحمله اآلخر فللمعين أجر المثل بالغا ما بلغ عند محمد. وعندأبي يوسف ال يجاوز به نصف ثمن ذلك، وقد عرف في موضعه.

"وإذا اشتركا وألحدهما بغل ولآلخر راوية يستقي عليها الماء فالكسب بينهما لم تصحقال: الشركة، والكسب كله للذي استقى، وعليه أجر مثل الراوية إن كان العامل صاحب البغل،

أما فساد الشركة فالنعقادها على إحراز المباح وهووإن كان صاحب الراوية فعليه أجر مثل البغل" الماء، وأما وجوب األجر فألن المباح إذا صار ملكا للمحرز وهو المستقي، وقد استوفى منافع ملك الغير وهو

"وكل شركة فاسدة فالربح فيهما على قدر المال،البغل أو الراوية بعقد فاسد فيلزمه أجره ألن الربح فيه تابع للمال فيتقدر بقدره، كما أن الريع تابع للبذر في الزراعة،ويبطل شرط التفاضل"

"وإذا مات أحدوالزيادة إنما تستحق بالتسمية، وقد فسدت فبقي االستحقاق على قدر رأس المال ألنها تتضمن الوكالة، وال بد منها لتتحققالشريكين أو ارتد ولحق بدار الحرب بطلت الشركة"

الشركة على ما مر، والوكالة تبطل بالموت، وكذا بااللتحاق مرتدا إذا قضى القاضي بلحاقه؛ ألنه بمنزلة

Page 7: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الموت على ما بيناه من قبل، وال فرق بين ما إذا علم الشريك بموت صاحبه أو لم يعلم؛ ألنه عزل حكمي، وإذا بطلت الوكالة بطلت الشركة، بخالف ما إذا فسخ أحد الشريكين الشركة ومال الشركة دراهم ودنانير

حيث يتوقف على علم اآلخر ألنه عزل قصدي، والله أعلم.

 

فصل: "وليس ألحد الشريكين أن يؤدي زكاة مال اآلخر إال بإذنه"         -14ص - "فإن أذن كل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي زكاته. فإن أدى كلألنه ليس من جنس التجارة،

، وهذا عند أبي حنيفة. وقاال: ال يضمن إذاواحد منهما فالثاني ضامن علم بأداء األول أو لم يعلم" لم يعلم وهذا إذا أديا على التعاقب، أما إذا أديا معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه. وعلى هذا االختالف المأمور بأداء الزكاة إذا تصدق على الفقير بعدما أدى اآلمر بنفسه. لهما أنه مأمور بالتمليك من الفقير، وقد أتى به فال يضمن للموكل، وهذا ألن في وسعه التمليك ال وقوعه زكاة لتعلقه بنية الموكل، وإنما يطلب منه

ما في وسعه وصار كالمأمور بذبح دم اإلحصار إذا ذبح بعدما زال اإلحصار وحج اآلمر لم يضمن المأمور علم أو ال. وألبي حنيفة أنه مأمور بأداء الزكاة والمؤدى لم يقع زكاة فصار مخالفا، وهذا ألن المقصود من األمر

إخراج نفسه عن عهدة الواجب؛ ألن الظاهر أنه ال يلتزم الضرر إال لدفع الضرر، وهذا المقصود حصل بأدائه وعرى أداء المأمور عنه فصار معزوال علم أو لم يعلم؛ ألنه عزل حكمي. وأما دم اإلحصار فقد قيل هو على هذا االختالف، وقيل بينهما فرق. ووجهه أن الدم ليس بواجب عليه فإنه يمكنه أن يصبر حتى يزول اإلحصار.

وفي مسألتنا األداء واجب فاعتبر اإلسقاط مقصودا فيه دون دم اإلحصار. "وإذا أذن أحد المتفاوضين لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل فهي له بغير شيءقال:

ألنه أدى دينا عليه خاصة من مال مشترك فيرجععند أبي حنيفة، وقاال: يرجع عليه بنصف الثمن" عليه صاحبه بنصيبه كما في شراء الطعام والكسوة "وهذا" ألن الملك واقع له خاصة والثمن بمقابلة الملك.

وله أن الجارية دخلت في الشركة على البتات جريا على مقتضى الشركة إذ هما ال يملكان تغييره فأشبه حال عدم اإلذن، غير أن اإلذن يتضمن هبة نصيبه منه؛ ألن الوطء ال يحل إال بالملك، وال وجه إلى إثباته بالبيع لما بينا أنه مخالف مقتضى الشركة فأثبتناه بالهبة الثابتة في ضمن اإلذن، بخالف الطعام والكسوة؛ ألن ذلك

مستثنى عنها للضرورة فيقع الملك له خاصة بنفس العقد فكان مؤديا دينا عليه من مال الشركة. وفي باالتفاق ألنه دين وجب بسبب"وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء"مسألتنا قضى دينا عليهما لما بينا

التجارة، والمفاوضة تضمنت الكفالة فصار كالطعام والكسوة.

 

كتاب الوقف         -15ص - "ال يزول ملك الواقف عن الوقف إال أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموتهقال أبو حنيفة:

"يزول ملكه بمجرد القول. وقال وقال أبو يوسف فيقول إذا مت فقد وقفت داري على كذا".محمد: ال يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمه إليه".

قال رضي الله عنه: الوقف لغة. هو الحبس تقول وقفت الدابة وأوقفتها بمعنى. وهو في الشرع عند أبي حنيفة: حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة بمنزلة العارية. ثم قيل المنفعة معدومة فالتصدق

بالمعدوم ال يصح، فال يجوز الوقف أصال عنده، وهو الملفوظ في األصل. واألصح أنه جائز عنده إال أنه غير الزم بمنزلة العارية، وعندهما حبس العين على حكم ملك الله تعالى فيزول ملك الواقف عنه إلى الله تعالى

على وجه تعود منفعته إلى العباد فيلزم وال يباع وال يوهب وال يورث. واللفظ ينتظمهما والترجيح بالدليل. لهما "تصدققول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين أراد أن يتصدق بأرض له تدعى ثمغا:

وألن الحاجة ماسة إلى أن يلزم الوقف منه ليصل ثوابه إليه على الدوام،بأصلها ال يباع وال يورث وال يوهب"

Page 8: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وقد أمكن دفع حاجته بإسقاط الملك وجعله لله تعالى. إذ له نظير في الشرع وهو المسجد فيجعل كذلك. وعن شريح: جاء محمد عليه"ال حبس عن فرائض الله تعالى"وألبي حنيفة قوله عليه الصالة والسالم:

الصالة والسالم ببيع الحبيس ألن الملك باق فيه بدليل أنه يجوز االنتفاع به زراعة وسكنى وغير ذلك والملك فيه للواقف؛ أال ترى أن له والية التصرف فيه بصرف غالته إلى مصارفها ونصب القوام فيها إال أنه يتصدق

بمنافعه فصار شبيه العارية، وألنه يحتاج إلى التصدق بالغلة دائما وال تصدق عنه إال بالبقاء على ملكه، وألنه ال يمكن أن يزال ملكه، ال إلى مالك ألنه غير مشروع مع بقائه كالسائبة. بخالف اإلعتاق ألنه إتالف، وبخالف

المسجد ألنه جعل خالصا لله تعالى ولهذا ال يجوز االنتفاع به، وهنا لم ينقطع حق العبد عنه فلم يصر خالصالله تعالى.

قال رضي الله عنه: قال في الكتاب: ال يزول ملك الواقف إال أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته، وهذا فيحكم الحاكم صحيح؛ ألنه قضاء في مجتهد فيه، أما في تعليقه

 

بالموت فالصحيح أنه ال يزول ملكه إال أنه تصدق بمنافعه مؤبدا فيصير بمنزلة الوصية         -16ص - بالمنافع مؤبدا فيلزم، والمراد بالحاكم المولى، فأما المحكم ففيه اختالف المشايخ. ولو وقف في مرض

موته قال الطحاوي: هو بمنزلة الوصية بعد الموت. والصحيح أنه ال يلزمه عند أبي حنيفة، وعندهما يلزمه إال أنه يعتبر من الثلث والوقف في الصحة من جميع المال، وإذا كان الملك يزول عندهما يزول بالقول عند أبي يوسف وهو قول الشافعي بمنزلة اإلعتاق ألنه إسقاط الملك. وعند محمد ال بد من التسليم إلى المتولي ألنه حق الله تعالى، وإنما يثبت فيه في ضمن التسليم إلى العبد ألن التمليك من الله تعالى وهو مالك األشياء ال

يتحقق مقصودا، وقد يكون تبعا لغيره فيأخذ حكمه فينزل منزلة الزكاة والصدقة. "خرج من وفي بعض النسخ: وإذا استحق مكان قوله إذا صح "وإذا صح الوقف على اختالفهم"قال:

ألنه لو دخل في ملك الموقوف عليه ال يتوقفملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليه" عليه بل ينفذ بيعه كسائر أمالكه، وألنه لو ملكه لما انتقل عنه بشرط المالك األول كسائر أمالكه. قال رضي

الله عنه: قوله خرج عن ملك الواقف يجب أن يكون قولهما على الوجه الذي سبق تقريره. ألن القسمة من تمام القبض والقبض عنده ليس بشرط"ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف"قال:

ألن أصل القبض عنده شرط فكذا ما يتم به، وهذا فيما يحتمل"وقال محمد: ال يجوز"فكذا تتمته. القسمة، وأما فيما ال يحتمل القسمة فيجوز مع الشيوع عند محمد أيضا ألنه يعتبر بالهبة والصدقة المنفذة إال في المسجد والمقبرة، فإنه ال يتم مع الشيوع فيما ال يحتمل القسمة أيضا عند أبي يوسف، ألن بقاء الشركة

يمنع الخلوص لله تعالى، وألن المهايأة فيهما في غاية القبح بأن يقبر فيه الموتى سنة، ويزرع سنة ويصلى فيه في وقت ويتخذ إصطبال في وقت، بخالف الوقف إلمكان االستغالل وقسمة الغلة. ولو وقفه الكل ثم

استحق جزء منه بطل في الباقي عند محمد ألن الشيوع مقارن كما في الهبة، بخالف ما إذا رجع الواهب في البعض أو رجع الوارث في الثلثين بعد موت المريض وقد وهبه أو أوقفه في مرضه وفي المال ضيق، ألن

الشيوع في ذلك طارئ. ولو استحق جزء مميز بعينه لم يبطل في الباقي لعدم الشيوع ولهذا جاز فياالبتداء، وعلى هذا الهبة والصدقة المملوكة.

"وال يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد حتى يجعل آخره بجهة ال تنقطع أبدا. وقال أبوقال: يوسف: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء

 

لهما أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك وأنه يتأبدوإن لم يسمهم".         -17ص - كالعتق، فإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها ال يتوفر عليه مقتضاه، فلهذا كان التوقيت مبطال له كالتوقيت في

Page 9: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

البيع. وألبي يوسف أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى وهو موفر عليه، ألن التقرب تارة يكون في الصرف إلى جهة تنقطع ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد فيصح في الوجهين وقيل إن التأبيد شرط باإلجماع، إال أن عند أبي يوسف ال يشترط ذكر التأبيد ألن لفظة الوقف والصدقة منبئة عنه لما بينا أنه إزالة الملك بدون التمليك كالعتق، ولهذا قال في الكتاب في بيان قوله وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم، وهذا هو الصحيح،

وعند محمد ذكر التأبيد شرط ألن هذا صدقة بالمنفعة أو بالغلة، وذلك قد يكون مؤقتا وقد يكون مؤبدافمطلقه ال ينصرف إلى التأبيد فال بد من التنصيص.

"وال يجوز وقف ما ألن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم وقفوه "ويجوز وقف العقار"قال:ينقل ويحول".

"وقال أبو يوسف: إذا وقف ضيعة ببقرهاقال رضي الله عنه: وهذا على اإلرسال قول أبي حنيفة وكذا سائر آالت الحراسة ألنه تبع لألرض في تحصيل ما هو المقصود، وقدوأكرتها وهم عبيده جاز"

يثبت من الحكم تبعا ما ال يثبت مقصودا كالشرب ف البيع والبناء في الوقف، ومحمد معه فيه، ألنه لما جاز "وقال محمد: يجوز حبس الكراعإفراد بعض المنقول بالوقف عنده فألن يجوز الوقف فيه تبعا أولى.

ومعناه وقفه في سبيل الله، وأبو يوسف معه فيه على ما قالوا، وهو استحسان. والقياس أن الوالسالح" "وأما خالديجوز لما بيناه من قبل. وجه االستحسان اآلثار المشهورة فيه: منها قوله عليه الصالة والسالم: ويروى أكراعه.فقد حبس أدرعا وأفراسا له في سبيل الله تعالى وطلحة حبس دروعه في سبيل الله تعالى"

والكراع: الخيل. ويدخل في حكمه اإلبل؛ ألن العرب يجاهدون عليها، وكذا السالح يحمل عليها وعن محمد أنه يجوز وقف ما فيه تعامل من المنقوالت كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف. وعند أبي يوسف ال يجوز؛ ألن القياس إنما يترك بالنص، والنص ورد في الكراع والسالح فيقتصر

عليه. ومحمد يقول: القياس قد يترك بالتعامل كما في االستصناع، وقد وجد التعامل في هذه األشياء. وعن نصير بن يحيى أنه وقف كتبه إلحاقا لها بالمصاحف، وهذا صحيح ألن كل واحد يمسك للدين تعليما وتعلما

وقراءة، وأكثر فقهاء األمصار على قول محمد، وما ال تعامل فيه ال يجوز عندنا وقفه. وقال الشافعي: كل مايمكن االنتفاع به مع بقاء أصله ويجوز بيعه يجوز وقفه؛ ألنه يمكن

 

االنتفاع به، فأشبه العقار والكراع والسالح. ولنا أن الوقف فيه ال يتأبد، وال بد منه على         -18ص - ما بيناه فصار كالدراهم والدنانير، بخالف العقار، وال معارض من حيث السمع وال من حيث التعامل فبقي على أصل القياس. وهذا ألن العقار يتأبد، والجهاد سنام الدين، فكان معنى القربة فيهما أقوى فال يكون

غيرهما في معناهما. "وإذا صح الوقف لم يجز بيعه وال تمليكه، إال أن يكون مشاعا عند أبي يوسف فيطلبقال:

أما امتناع التمليك فلما بينا. وأما جواز القسمة فألنها تمييز وإفراز،الشريك القسمة فيصح مقاسمته" غاية األمر أن الغالب في غير المكيل والموزون معنى المبادلة، إال أن في الوقف جعلنا الغالب معنى اإلفراز

نظرا للوقف فلم تكن بيعا وتمليكا؛ ثم إن وقف نصيبه من عقار مشترك فهو الذي يقاسم شريكه؛ ألن الوالية للواقف وبعد الموت إلى وصية، وإن وقف نصف عقار خالص له فالذي يقاسمه القاضي أو يبيع نصيبه

الباقي من رجل، ثم يقاسمه المشتري ثم يشتري ذلك منه ألن الواحد ال يجوز أن يكون مقاسما ومقاسما، ولو كان في القسمة فضل دراهم إن أعطى الواقف ال يجوز المتناع بيع الوقف، وإن أعطى الواقف جاز

ويكون بقدر الدراهم شراء. ألن"والواجب أن يبتدأ من ارتفاع الوقف بعمارته شرط ذلك الواقف أو لم يشترط"قال:

قصد الواقف صرف الغلة مؤبدا، وال تبقى دائمة إال بالعمارة فيثبت شرط العمارة اقتضاء وألن الخراج بالضمان وصار كنفقة العبد الموصى بخدمته، فإنها على الموصى له بها. ثم إن كان الوقف على الفقراء ال يظفر بهم، وأقرب أموالهم هذه الغلة فتجب فيها. ولو كان الوقف على رجل بعينه وآخره للفقراء فهو في

Page 10: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ماله: أي مال شاء في حال حياته. وال يؤخذ من الغلة؛ ألنه معين يمكن مطالبته، وإنما يستحق العمارة عليه بقدر ما يبقى الموقوف على الصفة التي وقفه، وإن خرب يبني على ذلك الوصف؛ ألنها بصفتها صارت غلتها مصروفة إلى الموقوف عليه. فأما الزيادة على ذلك فليست بمستحقة عليه والغلة مستحقة فال يجوز صرفها إلى شيء آخر إال برضاه، ولو كان الوقف على الفقراء فكذلك عند البعض، وعند اآلخرين يجوز ذلك، واألول

أصح ألن الصرف إلى العمارة ضرورة إبقاء الوقف وال ضرورة في الزيادة. ألن الخراج بالضمان على"فإن وقف دارا على سكنى ولده فالعمارة على من له سكنى"قال:

"فإن امتنع من ذلك، أو كان فقيرا آجرها الحاكمما مر فصار كنفقة العبد الموصى بخدمته ألن في ذلك رعاية الحقين حق الواقفوعمرها بأجرتها، وإذا عمرها ردها إلى من له السكنى"

وحق صاحب السكنى، ألنه لو لم يعمرها تفوت السكنى أصال

 

واألول أولى، وال يجبر الممتنع على العمارة لما فيه من إتالف ماله فأشبه امتناع صاحب         -19ص - البذر في المزارعة فال يكون امتناعه رضا منه ببطالن حقه ألنه في حيز التردد، وال تصح إجارة من له

السكنى ألنه غير مالك. امتناع صاحب البذر في المزارعة فال يكون امتناعه رضا منه ببطالن حقه ألنه فيحيز. صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه، وإن "وما انهدم من بناء الوقف وآلتهقال:

ألنه ال بد من العمارة ليبقى علىاستغنى عنه أمسكه حتى يحتاج إلى عمارته فيصرفه فيهما"؛ التأبيد فيحصل مقصود الواقف. فإن مست الحاجة إليه في الحال صرفها فيها، وإال أمسكها حتى ال يتعذر عليه ذلك أوان الحاجة فيبطل المقصود، وإن تعذر إعادة عينه إلى موضعه بيع وصرف ثمنه إلى المرمة

ألنه"بين مستحقي الوقف" يعني النقض "وال يجوز أن يقسمه"صرفا للبدل إلى مصرف المبدل جزء من العين وال حق للموقوف عليهم فيه: وإنما حقهم في المنافع، والعين حق الله تعالى فال يصرف إليهم

غير حقهم. قال"وإذا جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الوالية إليه جاز عند أبي يوسف"قال:

رضي الله عنه: ذكر فصلين شرط الغلة لنفسه وجعل الوالية إليه. أما األول فهو جائز عند أبي يوسف، وال يجوز على قياس قول محمد وهو قول هالل الرازي وبه قال

الشافعي. وقيل إن االختالف بينهما بناء على االختالف في اشتراط القبض واإلفراز. وقيل هي مسألة مبتدأة، والخالف فيما إذا شرط البعض لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء، وفيما إذا شرط الكل لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء سواء؛ ولو وقف وشرط البعض أو الكل ألمهات أوالده ومدبريه ما داموا أحياء، فإذا ماتوا فهو للفقراء والمساكين، فقد قيل يجوز باالتفاق، وقد قيل هو على الخالف أيضا وهو الصحيح ألن اشتراطه

لهم في حياته كاشتراطه لنفسه. وجه قول محمد رحمه الله أن الوقف تبرع على وجه التمليك بالطريق الذي قدمناه، فاشتراطه البعض أو الكل لنفسه يبطله؛ ألن التمليك من نفسه ال يتحقق فصار كالصدقة المنفذة، وشرط بعض بقعة المسجد لنفسه. وألبي يوسف ما روي "أن النبي عليه الصالة والسالم كان يأكل من صدقته" والمراد منها صدقته

الموقوفة، وال يحل األكل منها إال بالشرط، فدل على صحته، وألن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة على ما بيناه، فإذا شرط البعض أو الكل لنفسه، فقد جعل ما صار مملوكا لله تعالى لنفسه ال أنه

يجعل ملك نفسه لنفسه، وهذا جائز، كما إذا بنى خانا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة، وشرط أن ينزله أويشرب منه أو يدفن فيه، وألن مقصوده القربة وفي الصرف إلى نفسه ذلك، قال عليه

 

Page 11: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ولو شرط الواقف أن يستبدل به"نفقة الرجل على نفسه صدقة".الصالة والسالم:         -20ص - أرضا أخرى إذا شاء ذلك فهو جائز عند أبي يوسف، وعند محمد الوقف جائز والشرط باطل. ولو شرط

الخيار لنفسه في الوقف ثالثة أيام جاز الوقف والشرط عند أبي يوسف وعند محمد الوقف باطل، وهذا بناءعلى ما ذكرنا.

وأما فصل الوالية فقد نص فيه على قول أبي يوسف، وهو قول هالل أيضا وهو ظاهر المذهب. وذكر هالل في وقفه وقال أقوام: إن شرط الواقف الوالية لنفسه كانت له والية، وإن لم يشترط لم تكن له والية. قال

مشايخنا: األشبه أن يكون هذا قول محمد، ألن من أصله أن التسليم إلى القيم شرط لصحة الوقف، فإذا سلم لم يبق له والية فيه. ولنا أن المتولي إنما يستفيد الوالية من جهته بشرطه فيستحيل أن ال يكون له

الوالية وغيره يستفيد الوالية منه، وألنه أقرب الناس إلى هذا الوقف فيكون أولى بواليته، كمن اتخذ مسجدا يكون أولى بعمارته ونصب المؤذن فيه، وكمن أعتق عبدا كان الوالء له ألنه أقرب الناس إليه. ولو أن الواقف شرط واليته لنفسه وكان الواقف غير مأمون على الوقف فللقاضي أن ينزعها من يده نظرا

للفقراء، كما له أن يخرج الوصي نظرا للصغار، وكذا إذا شرط أن ليس للسلطان وال لقاض أن يخرجها منيده ويوليها غيره ألنه شرط مخالف لحكم الشرع فبطل.

"وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن للناس فصل: أما اإلفراز فألنه ال يخلص لله فإذا صلى فيه واحد زال عند أبي حنيفة عن ملكه"بالصالة فيه،

تعالى إال به، وأما الصالة فيه فألنه ال بد من التسليم عند أبي حنيفة ومحمد، ويشترط تسليم نوعه، وذلك في المسجد بالصالة فيه، أو ألنه لما تعذر القبض فقام تحقق المقصود مقامه ثم يكتفى بصالة الواحد فيه في

رواية عن أبي حنيفة، وكذا عن محمد؛ ألن فعل الجنس متعذر فيشترط أدناه. وعن محمد أنه يشترط الصالة "وقال أبو يوسف: يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا"بالجماعة؛ ألن المسجد بني لذلك في الغالب

ألن التسليم عنده ليس بشرط؛ ألنه إسقاط لملك العبد فيصير خالصا لله تعالى بسقوط حق العبد وصاركاإلعتاق، وقد بيناه من قبل.

"ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق، وعزلهقال: ألنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقا به، ولوعن ملكه فله أن يبيعه، وإن مات يورث عنه"

كان السرداب لمصالح المسجد جاز كما في مسجد بيت المقدس. وروى

 

الحسن عنه أنه قال: إذا جعل السفل مسجدا وعلى ظهره مسكن فهو مسجد؛ ألن         -21ص - المسجد مما يتأبد، وذلك يتحقق في السفل دون العلو. وعن محمد على عكس هذا؛ ألن المسجد معظم،

وإذا كان فوقه مسكن أو مستغل يتعذر تعظيمه. وعن أبي يوسف أنه جوز في الوجهين حين قدم بغداد ورأىضيق المنازل فكأنه اعتبر الضرورة. وعن محمد أنه حين دخل الري أجاز ذلك كله لما قلنا.

يعني له أن يبيعه ويورث"وكذلك إن اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالدخول فيه"قال: عنه؛ ألن المسجد ما ال يكون ألحد فيه حق المنع، وإذا كان ملكه محيطا بجوانبه كان له حق المنع فلم يصر

"وعن محمد أنه ال يباع وال يورث والمسجدا، وألنه أبقى الطريق لنفسه فلم يخلص لله تعالى اعتبره مسجدا، وهكذا عن أبي يوسف أنه يصير مسجدا؛ ألنه لما رضي بكونه مسجدا وال يصيريوهب"

مسجدا إال بالطريق دخل فيه الطريق وصار مستحقا كما يدخل في اإلجارة من غير ذكر. ألنه تجرد عن"ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع فيه وال يبيعه وال يورث عنه"قال:

حق العباد وصار خالصا لله، وهذا ألن األشياء كلها لله تعالى، وإذا أسقط العبد ما ثبت له من الحق رجع إلى أصله فانقطع تصرفه عنه كما في اإلعتاق. ولو خرب ما حول المسجد واستغني عنه يبقى مسجدا عند أبي يوسف ألنه إسقاط منه فال يعود إلى ملكه، وعند محمد يعود إلى ملك الباني، أو إلى وارثه بعد موته؛ ألنه

Page 12: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

عينه لنوع قربة، وقد انقطعت فصار كحصير المسجد وحشيشه إذا استغني عنه، إال أن أبا يوسف يقول فيالحصير والحشيش إنه ينقل إلى مسجد آخر.

"ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانا يسكنه بنو السبيل أو رباطا أو جعل أرضه مقبرةقال: ألنه لم ينقطع عن حق العبد؛ أاللم يزل ملكه عن ذلك حتى يحكم به الحاكم عند أبي حنيفة"؛

ترى أن له أن ينتفع به فيسكن في الخان وينزل في الرباط ويشرب من السقاية، ويدفن في المقبرة فيشترط حكم الحاكم أو اإلضافة إلى ما بعد الموت كما في الوقف على الفقراء، بخالف المسجد؛ ألنه لم

يبق له حق االنتفاع به فخلص لله تعالى من غير حكم الحاكم. كما هو أصله، إذ التسليم عنده ليس بشرط والوقف الزم. "وعند أبي يوسف يزول ملكه بالقول"

"وعند محمد إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في

 

ألن التسليم عنده شرط والشرط تسليم نوعه، وذلك بماالمقبرة زال الملك"         -22ص - ذكرناه. ويكتفى بالواحد لتعذر فعل الجنس كله، وعلى هذا البئر الموقوفة والحوض، ولو سلم إلى المتولي صح التسليم في هذه الوجوه كلها؛ ألنه نائب عن الموقوف عليه، وفعل النائب كفعل المنوب عنه، وأما في المسجد فقد قيل ال يكون تسليما؛ ألنه ال تدبير للمتولي فيه، وقيل يكون تسليما؛ ألنه يحتاج إلى من يكنسه

ويغلق بابه، فإذا سلم إليه صح التسليم، والمقبرة في هذا بمنزلة المسجد على ما قيل؛ ألنه ال متولي له عرفا. وقيل هي بمنزلة السقاية والخان فيصح التسليم إلى المتولي؛ ألنه لو نصب المتولي يصح، وإن كان بخالف العادة، ولو جعل دارا له بمكة سكنى لحاج بيت الله والمعتمرين، أو جعل داره في غير مكة سكنى

للمساكين، أو جعلها في ثغر من الثغور سكنى للغزاة والمرابطين. أو جعل غلة أرضه للغزاة في سبيل الله تعالى ودفع ذلك إلى وال يقوم عليه فهو جائز، وال رجوع فيه لما بينا إال أن في الغلة تحل للفقراء دون

األغنياء، وفيما سواه من سكنى الخان واالستقاء من البئر والسقاية وغير ذلك يستوي فيه الغني والفقير، والفارق هو العرف في الفصلين. فإن أهل العرف يريدون بذلك في الغلة الفقراء، وفي غيرها التسوية بينهم

وبين األغنياء، وألن الحاجة تشمل الغني والفقير في الشرب والنزول. والغني ال يحتاج إلى صرف هذا الغلةلغناه، والله تعالى أعلم بالصواب.

 

كتاب البيوع         -23ص - مثل أن يقول أحدهما بعت واآلخر"البيع ينعقد باإليجاب والقبول إذا كانا بلفظي الماضي"قال:

اشتريت؛ ألن البيع إنشاء تصرف، واإلنشاء يعرف بالشرع والموضوع لإلخبار قد استعمل فيه فينعقد به. وال ينعقد بلفظين أحدهما لفظ المستقبل واآلخر لفظ الماضي، بخالف النكاح، وقد مر الفرق هناك. وقوله رضيت بكذا أو أعطيتك بكذا أو خذه بكذا في معنى قوله بعت واشتريت؛ ألنه يؤدي معناه، والمعنى هو

المعتبر في هذه العقود، ولهذا ينعقد بالتعاطي في النفيس والخسيس هو الصحيح لتحقق المراضاة. "وإذا أوجبأحد المتعاقدين البيع فاآلخر بالخيار إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رد"،قال:

وهذا خيار القبول؛ ألنه لو لم يثبت له الخيار يلزمه حكم البيع من غير رضاه، وإذا لم يفسد لحكم بدون قبول اآلخر فللموجب أن يرجع عنه قبل قبوله لخلوه عن إبطال حق الغير، وإنما يمتد إلى آخر المجلس؛ ألن

المجلس جامع المتفرقات فاعتبرت ساعاته ساعة واحدة دفعا للعسر وتحقيقا لليسر، والكتاب كالخطاب، وكذا اإلرسال حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة، وليس له أن يقبل في بعض المبيع وال أن يقبل

المشتري ببعض الثمن لعدم رضا اآلخر بتفرق الصفقة، إال إذا بين كل واحد؛ ألنه صفقات معنى. "وأيهما قام عن المجلس قبل القبول بطل اإليجاب؛ ألن القيام دليل اإلعراض"قال:

Page 13: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

والرجوع، وله ذلك على ما ذكرناه. وإذا حصل اإليجاب والقبول لزم البيع وال خيار لواحد منهما إال من عيب أوعدم رؤية.

"المتبايعانوقال الشافعي رحمه الله يثبت لكل واحد منهما خيار المجلس لقوله عليه الصالة والسالم: ولنا أن في الفسخ إبطال حق اآلخر فال يجوز. والحديث محمول على خيار القبول.بالخيار ما لم يتفرقا"

وفيه إشارة إليه فإنهما متبايعان حالة المباشرة ال بعدها أو يحتمله فيحمل عليه، والتفرق فيه تفرق األقوال. ألن"واألعواض المشار إليها ال يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع"قال:

 

"واألثمانباإلشارة كفاية في التعريف وجهالة الوصف فيه ال تفضي إلى المنازعة         -24ص - ألن التسليم والتسلم واجب بالعقد، وهذهالمطلقةال تصح إال أن تكون معروفة القدر والصفة"؛

الجهالة مفضية إلى المنازعة فيمتنع التسليم والتسلم، وكل جهالة هذه صفتها تمنع الجواز، هذا هو األصل. }وأحل الله إلطالق قوله تعالى: "ويجوز البيع بثمن حال ومؤجل إذا كان األجل معلوما"قال:

با{ م الر "أنه اشترى من يهودي طعاما إلى أجل[ وعنه عليه الصالة والسالم 275 ]البقرة:البيع وحر وال بد أن يكون األجل معلوما؛ ألن الجهالة فيه مانعة من التسليم الواجب بالعقد، فهذامعلوم ورهنه درعه".

يطالبه به في قريب المدة، وهذا يسلمه في بعيدها. ألنه المتعارف، وفيه التحري للجواز "ومن أطلق الثمن في البيع كان على غالب نقد البلد"؛قال:

وهذا إذا كان الكل في "فإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد إال أن يبين أحدهما"فيصرف إليه الرواج سواء؛ ألن الجهالة مفضية إلى المنازعة إال أن ترتفع الجهالة بالبيان أو يكون أحدهما أغلب وأروج

فحينئذ يصرف إليه تحريا للجواز، وهذا إذا كانت مختلفة في المالية، فإن كانت سواء فيها كالثنائي والثالثي والنصرتي اليوم بسمرقند واالختالف بين العدالى بفرغانة جاز البيع إذا أطلق اسم الدرهم، كذا قالوا،

وينصرف إلى ما قدر به من أي نوع كان؛ ألنه ال منازعة وال اختالف في المالية. وهذا إذا باعه بخالف جنسه لقوله عليه الصالة "ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة"قال:

بخالف ما إذا باعه بجنسه مجازفة لما"إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد"والسالم: فيه من احتمال الربا وألن الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم فشابه جهالة القيمة.

؛ ألن الجهالة ال "ويجوز بإناء بعينه ال يعرف مقداره وبوزن حجر بعينه ال يعرف مقداره"قال: تفضي إلى المنازعة لما أنه يتعجل فيه التسليم فيندر هالكه قبله بخالف السلم؛ ألن التسليم فيه متأخر

والهالك ليس بنادر قبله فتتحقق المنازعة. وعن أبي حنيفة أنه ال يجوز في البيع أيضا، واألول أصح وأظهر "ومن باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم جاز البيع في قفيز واحد عند أبي حنيفة إال أنقال:

له أنه تعذر الصرف إلى الكل لجهالة المبيع والثمنيسمي جملة قفزانها وقاال يجوز في الوجهين" فيصرف إلى األقل وهو معلوم، وإال أن تزول الجهالة بتسمية جميع القفزان أو بالكيل في المجلس، وصار

هذا كما لو أقر وقال لفالن علي كل درهم فعليه درهم واحد باإلجماع. ولهما أن الجهالة بيدهما إزالتها ومثلهاغير مانع، وكما إذا باع

 

عبدا من عبدين على أن المشتري بالخيار. ثم إذا جاز في قفيز واحد عند أبي حنيفة         -25ص - فللمشتري الخيار لتفرق الصفقة عليه، وكذا إذا كيل في المجلس أو سمى جملة قفزانها؛ ألنه علم ذلك اآلن

فله الخيار، كما إذا رآه ولم يكن رآه وقت البيع. "ومن باع قطيع غنم كل شاة بدرهم فسد البيع في جميعها عند أبي حنيفة، وكذلكقال:

من باع ثوبا مذارعة كل ذراع بدرهم ولم يسم جملة الذراعان، وكان كل معدود متفاوت،

Page 14: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لما بينا غير أن بيع شاة من قطيعوعندهما يجوز في الكل لما قلنا، وعنده ينصرف إلى الواحد" غنم وذراع من ثوب ال يجوز للتفاوت. وبيع قفيز من صبرة يجوز لعدم التفاوت فال تفضي الجهالة إلى

المنازعة فيه، وتقضي إليها في األول فوضح الفرق. "ومن ابتاع صبرة طعام على أنها مائة قفيز بمائة درهم فوجدها أقل كان المشتريقال:

لتفرق الصفقة عليه قبلبالخيار إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن، وإن شاء فسخ البيع" ألن البيع وقع على مقدار معين"وإن وجدها أكثر فالزيادة للبائع"؛التمام، فلم يتم رضاه بالموجود،

والقدر ليس بوصف "ومن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع بعشرة دراهم أو أرضا على أنها مائة ذراع بمائة

ألندرهم فوجدها أقل فالمشتري بالخيار، إن شاء أخذها بجملة الثمن، وإن شاء ترك"؛ الذراع وصف في الثوب؛ أال يرى أنه عبارة عن الطول والعرض، والوصف ال يقابله شيء من الثمن كأطراف

الحيوان فلهذا يأخذه بكل الثمن، بخالف الفصل األول؛ ألن المقدار يقابله الثمن فلهذا يأخذه بحصته، إال أنهيتخير لفوات الوصف المذكور لتغير المعقود عليه فيختل الرضى.

ألنه صفة، فكان"وإن وجدها أكثر من الذراع الذي سماه فهو للمشتري وال خيار للبائع"؛قال: "ولو قال بعتكها على أنها مائة ذراع بمائة درهم كل ذراعبمنزلة ما إذا باعه معيبا، فإذا هو سليم

بدرهم فوجدها ناقصة، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بحصتها من الثمن، وإن شاء ألن الوصف وإن كان تابعا لكنه صار أصال بإفراده بذكر الثمن فينزل كل ذراع منزلة ثوب؛ وهذا ألنهترك"؛

"وإن وجدها زائدة فهو بالخيار إن شاء أخذلو أخذه بكل الثمن لم يكن آخذا لكل ذراع بدرهم ألنه إن حصل له الزيادة في الذرع تلزمه زيادة الثمنالجميع كل ذراع بدرهم، وإن شاء فسخ البيع"

فكان نفعا يشوبه ضرر فيتخير، وإنما يلزمه الزيادة لما بينا أنه صار أصال، ولو أخذه باألقل لم يكن آخذابالمشروط.

"ومن اشترى عشرة أذرع من مائة ذراع من دار أو حمام فالبيع فاسد عند أبي حنيفة،قال: وقاال: هو جائز، وإن اشترى عشرة أسهم من مائة سهم جاز في قولهم جميعا"

 

لهما أن عشرة أذرع من مائة ذراع عشر الدار فأشبه عشرة أسهم. وله أن الذراع اسم         -26ص - لما يذرع به، واستعير لما يحله الذراع وهو المعين دون المشاع، وذلك غير معلوم، بخالف السهم. وال فرق

عند أبي حنيفة بين ما إذا علم من جملة الذراعان أو لم يعلم هو الصحيح خالفا لما يقوله الخصاف لبقاءالجهالة.

ولو اشترى عدال على أنه عشرة أثواب فإذا هو تسعة أو أحد عشر فسد البيع لجهالة المبيع أو الثمن. "ولو بين لكل ثوب ثمنا جاز في فصل النقصان بقدره وله الخيار، ولم يجز في الزيادة"

لجهالة العشرة المبيعة. وقيل عند أبي حنيفة ال يجوز في فصل النقصان أيضا وليس بصحيح، بخالف ما إذا اشترى ثوبين على أنهما هرويان فإذا أحدهما مروي حيث ال يجوز فيهما، وإن بين ثمن كل واحد منهما؛ ألنه جعل القبول في المروي شرطا لجواز العقد في الهروي، وهو شرط فاسد وال قبول يشترط في المعدوم

فافترقا. "ولو اشترى ثوبا واحدا على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم فإذا هو عشرة ونصف أو

تسعة ونصف، قال أبو حنيفة رحمه الله: في الوجه األول يأخذه بعشرة من غير خيار، وفي الوجه الثاني يأخذه بتسعة إن شاء وقال أبو يوسف رحمه الله: في الوجه األول يأخذه بأحد

عشر إن شاء، وفي الثاني يأخذ بعشرة إن شاء. وقال محمد رحمه الله: يأخذ في األول ألن من ضرورة مقابلة الذراع بالدرهمبعشرة ونصف إن شاء، وفي الثاني بتسعة ونصف ويخير"؛

مقابلة نصفه بنصفه فيجري عليه حكمها. وألبي يوسف رحمه الله أنه لما أفرد كل ذراع ببدل نزل كل ذراع

Page 15: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

منزلة ثوب على حدة وقد انتقض. وألبي حنيفة رحمه الله أن الذراع وصف في األصل، وإنما أخذ حكم المقدار بالشرط وهو مقيد بالذراع، فعند عدمه عاد الحكم إلى األصل. وقيل في الكرباس الذي ال يتفاوت

جوانبه ال يطيب للمشتري ما زاد على المشروط؛ ألنه بمنزلة الموزون حيث ال يضره الفصل، وعلى هذا لوقالوا: يجوز بيع ذراع منه.

فصل: "ومن باع دارا دخل بناؤها في البيع وإن لم يسمه"،ألن اسم الدار يتناول العرصة والبناء في العرف وألنه متصل بها اتصال قرار فيكون تبعا له.

ألنه متصل بها للقرار فأشبه"ومن باع أرضا دخل ما فيها من النخل والشجر وإن لم يسمه" ألنه متصل بها للفصل فشابه المتاع الذي فيها. "وال يدخل الزرع في بيع األرض إال بالتسمية"البناء

لقوله عليه الصالة"ومن باع نخال أو شجرا فيه ثمر فثمرته للبائع إال أن يشترط المبتاع"

 

وألن"من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع، إال أن يشترط المبتاع"والسالم:         -27ص - وكذا"ويقال للبائع اقطعها وسلم المبيع"االتصال وإن كان خلقة فهو للقطع ال للبقاء فصار كالزرع.

إذا كان فيها زرع؛ ألن ملك المشتري مشغول بملك البائع فكان عليه تفريغه وتسليمه، كما إذا كان فيه متاع. وقال الشافعي رحمه الله: يترك حتى يظهر صالح الثمر ويستحصد الزرع؛ ألن الواجب إنما هو التسليم

المعتاد، والمعتاد أن ال يقطع كذلك وصار كما إذا انقضت مدة اإلجارة وفي األرض زرع. قلنا: هناك التسليم واجب أيضا حتى يترك بأجر، وتسليم العوض كتسليم المعوض،. وال فرق بين ما إذا كان الثمر بحال له قيمة

أو لم يكن في الصحيح ويكون في الحالين للبائع؛ ألن بيعه يجوز في أصح الروايتين على ما تبين فال يدخل في بيع الشجر من غير ذكر. وأما إذا بيعت األرض وقد بذر فيها صاحبها ولم ينبت بعد لم يدخل فيه؛ ألنه مودع فيها كالمتاع،. ولو نبت ولم تصر له قيمة فقد قيل ال يدخل فيه، وقد قيل يدخل فيه، وكأن هذا بناء

على االختالف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل، وال يدخل الزرع والثمر بذكر الحقوق والمرافق؛ ألنهما ليسا منهما. ولو قال بكل قليل وكثير هو له فيها ومنها من حقوقها أو قال من مرافقها لم يدخال فيه لما قلنا، وإن لم يقل من حقوقها أو من مرافقها دخال فيه. وأما الثمر المجذوذ والزرع المحصود

فهو بمنزلة المتاع ال يدخل إال بالتصريح به. ألنه مال متقوم، إما لكونه منتفعا به في"ومن باع ثمرة لم يبد صالحها أو قد بدا جاز البيع"؛قال:

"وعلى المشتري قطعها فيالحال أو في الثاني، وقد قيل ال يجوز قبل أن يبدو صالحها واألول أصح "وإن شرط تركها على النخيل تفريغا لملك البائع، وهذا. إذا اشتراها مطلقا أو بشرط القطع الحال"

ألنه شرط ال يقتضيه العقد وهو شغل ملك الغير أو هو صفقة في صفقة وهو إعارة أو إجارةفسد البيع"؛ في بيع، وكذا بيع الزرع بشرط الترك لما قلنا، وكذا إذا تناهى عظمها عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما

الله لما قلنا، واستحسنه محمد رحمه الله للعادة، بخالف ما إذا لم يتناه عظمها؛ ألنه شرط فيه الجزء المعدوم وهو الذي يزيد لمعنى من األرض أو الشجر. ولو اشتراها مطلقا وتركها بإذن البائع طاب له الفضل،

وإن تركها بغير إذنه تصدق بما زاد في ذاته لحصوله بجهة محظورة، وإن تركها بعدما تناهى عظمها لم يتصدق بشيء. ألن هذا تغير حالة ال تحقق زيادة، وإن اشتراها مطلقا وتركها على النخيل وقد استأجر النخيل

إلى وقت اإلدراك طاب له الفضل؛ ألن اإلجارة باطلة لعدم التعارف والحاجة فبقي اإلذن معتبرا، بخالف ما إذا اشترى الزرع واستأجر األرض إلى أن يدرك وتركه حيث ال يطيب له الفضل؛ ألن اإلجارة فاسدة للجهالة

فأورثت خبثا، ولو

 

Page 16: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

اشتراها مطلقا فأثمرت ثمرا آخر قبل القبض فسد البيع؛ ألنه ال يمكنه تسليم المبيع         -28ص - لتعذر التمييز. ولو أثمرت بعد القبض يشتركان فيه لالختالط، والقول قول المشتري في مقداره؛ ألنه في

يده، وكذا في الباذنجان والبطيخ، والمخلص أن يشتري األصول لتحصل الزيادة على ملكه. خالفا لمالك رحمه الله؛ ألن الباقي"وال يجوز أن يبيع ثمرة ويستثني منها، أرطاال معلومة"قال:

بعد االستثناء مجهول،. بخالف ما إذا باع واستثنى نخال معينا؛ ألن الباقي معلوم بالمشاهدة. قال رضي الله عنه: قالوا هذه رواية الحسن وهو قول الطحاوي؛ أما على ظاهر الرواية ينبغي أن يجوز؛ ألن األصل أن ما يجوز إيراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه من العقد، وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه، بخالف

استثناء الحمل وأطراف الحيوان؛ ألنه ال يجوز بيعه، فكذا استثناؤه. وكذا األرز والسمسم. وقال الشافعي رحمه"ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقالء في قشره"

الله: ال يجوز بيع الباقالء األخضر، وكذا الجوز واللوز والفستق في قشره األول عنده. وله في بيع السنبلة قوالن، وعندنا يجوز ذلك كله. له أن المعقود عليه مستور بما ال منفعة له فيه فأشبه تراب الصاغة إذا بيع بجنسه. ولنا ما روي عن النبي عليه الصالة والسالم "أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة"؛ وألنه حب منتفع به فيجوز بيعه في سنبله كالشعير والجامع كونه ماال متقوما،

بخالف تراب الصاغة؛ ألنه إنما ال يجوز بيعه بجنسه الحتمال الربا، حتى لو باعه بخالف جنسه جاز، وفيمسألتنا لو باعه بجنسه ال يجوز أيضا لشبهة الربا؛ ألنه ال يدري قدر ما في السنابل.

ألنه يدخل فيه اإلغالق؛ ألنها مركبة فيها للبقاء"ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح إغالقها"؛والمفتاح يدخل في بيع الغلق من غير تسمية؛ ألنه بمنزلة بعض منه إذ ال ينتفع به بدونه.

أما الكيل فال بد منه للتسليم وهو على البائع ومعنى "وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع"قال: هذا إذا بيع مكايلة، وكذا أجرة الوزان والزراع والعداد، وأما النقد فالمذكور رواية ابن رستم عن محمد؛ ألن

النقد يكون بعد التسليم؛ أال ترى أنه يكون بعد الوزن والبائع هو المحتاج إليه ليميز ما تعلق به حقه من غيره أو ليعرف المعيب ليرده. وفي رواية ابن سماعة عنه على المشتري؛ ألنه يحتاج إلى تسليم الجيد المقدر،

والجودة تعرف بالنقد كما يعرف القدر بالوزن فيكون عليه.

 

لما بينا أنه هو المحتاج إلى تسليم"وأجرة وزان الثمن على المشتري"قال:         -29ص -الثمن وبالوزن يتحقق التسليم.

ألن حق المشتري تعين في المبيع"ومن باع سلعة بثمن قيل للمشتري ادفع الثمن أوال"؛قال: فيقدم دفع الثمن ليتعين حق البائع بالقبض لما أنه ال يتعين بالتعيين تحقيقا للمساواة.

الستوائهما في التعين فال حاجة "ومن باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن قيل لهما سلما معا"قال:إلى تقديم أحدهما في الدفع.

باب خيار الشرط فيه ما"ولهما الخيار ثالثة أيام فما دونها واألصل"خيار الشرط جائز في البيع للبائع والمشتري

روي: أن حبان بن منقذ بن عمرو األنصاري رضي الله عنه كان يغبن في البياعات، فقال له النبي عليه "وال يجوز أكثر منها عند أبي حنيفة" "إذا بايعت فقل ال خالبة ولي الخيار ثالثة أيام".الصالة والسالم:

"وقاال: يجوز إذا سمى مدة معلومة لحديث ابن عمر رضي الله عنهماوهو قول زفر والشافعي. ؛ وألن الخيار إنما شرع للحاجة إلى التروي ليندفع الغبن، وقد تمس الحاجةأنه أجاز الخيار إلى شهرين"

إلى األكثر فصار كالتأجيل في الثمن. وألبي حنيفة أن شرط الخيار يخالف مقتضى العقد وهو اللزوم، وإنما "إال أنه إذاجوزناه بخالف القياس لما رويناه من النص، فيقتصر على المدة المذكورة فيه وانتفت الزيادة.

خالفا لزفر، هو يقول: إنه انعقد فاسدا فال ينقلب جائزا. وله أنهأجاز في الثالثجاز عند أبي حنيفة"

Page 17: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

أسقط المفسد قبل تقرره فيعود جائزا كما إذا باع بالرقم وأعلمه في المجلس. وألن الفساد باعتبار اليوم الرابع، فإذا أجاز قبل ذلك لم يتصل المفسد بالعقد، ولهذا قيل: إن العقد يفسد بمضي جزء من اليوم الرابع،

"ولو اشترى على أنه إن لموقيل ينعقد فاسدا ثم يرتفع الفساد بحذف الشرط، وهذا على الوجه األول. ينقد الثمن إلى ثالثة أيام فال بيع بينهما جاز. وإلى أربعة أيام ال يجوز عند أبي حنيفة وأبي

يوسف. وقال محمد: يجوز إلى أربعة أيام أو أكثر، فإن نقد في الثالث جاز في قولهمجميعا".

واألصل فيه أن هذا في معنى اشتراط الخيار إذ الحاجة مست إلى االنفساخ عند عدم النقد تحرزا عن المماطلة في الفسخ فيكون ملحقا به. وقد مر أبو حنيفة على أصله في الملحق به، ونفى الزيادة على

الثالث وكذا محمد في تجويز الزيادة. وأبو يوسف أخذ في

 

األصل باألثر. وفي هذا بالقياس، وفي هذه المسألة قياس آخر وإليه مال زفر وهو أنه         -30ص - بيع شرط فيه إقالة فاسدة لتعلقها بالشرط، واشتراط الصحيح منها فيه مفسد للعقد، فاشتراط الفاسد

أولى ووجه االستحسان ما بينا. ألن تمام هذا السبب بالمراضاة وال يتم مع الخيار"وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه"؛قال:

"ولو قبضه المشتري وهلكولهذا ينفذ عتقه. وال يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع ألن البيع ينفسخ بالهالك؛ ألنه كان موقوفا، وال نفاذ بدونفي يده في مدة الخيار ضمنه بالقيمة"؛

المحل فبقي مقبوضا في يده على سوم الشراء وفيه القيمة، ولو هلك في يد البائع انفسخ البيع وال شيءعلى المشتري اعتبارا بالبيع الصحيح المطلق.

ألن البيع في جانب اآلخر الزم، وهذا؛"وخيار المشتري ال يمنع خروج المبيع عن ملك البائع"؛قال: ألن الخيار إنما يمنع خروج البدل. عن ملك من له الخيار؛ ألنه شرع نظرا له دون اآلخر.

ألنه لما خرج عن ملك البائع فلو لم"إال أن المشتري ال يملكه عند أبي حنيفة، وقاال: يملكه"قال: يدخل في ملك المشتري يكون زائال ال إلى مالك وال عهد لنا به في الشرع. وألبي حنيفة أنه لما لم يخرج

الثمن عن ملكه فلو قلنا بأنه يدخل المبيع في ملكه الجتمع البدالن في ملك رجل واحد حكما للمعاوضة، وال أصل له في الشرع؛ ألن المعاوضة تقتضي المساواة؛ وألن الخيار شرع نظرا للمشتري ليتروى فيقف على

المصلحة، ولو ثبت الملك ربما يعتق عليه من غير اختياره بأن كان قريبه فيفوت النظر. بخالف ما إذا كان الخيار للبائع. ووجه"فإن هلك في يده هلك بالثمن، وكذا إذا دخله عيب"قال:

الفرق أنه إذا دخله عيب يمتنع الرد، والهالك ال يعرى عن مقدمة عيب فيهلك، والعقد قد انبرم فيلزمه الثمن،بخالف ما تقدم؛ ألن بدخول العيب ال يمتنع الرد حكما بخيار البائع فيهلك والعقد موقوف.

"ومن اشترى امرأته على أنه بالخيار ثالثة أيام لم يفسد النكاح"؛ ألنه لم يملكها لما لهقال: ألن الوطء"إال إذا كانت بكرا"؛ ألن الوطء بحكم النكاح من الخيار "وإن وطئها له أن يردها"؛

ألن وطأها"وإن وطئها لم يردها"؛ ألنه ملكها "وقاال: يفسد النكاح"؛ينقصها، وهذا عند أبي حنيفة بملك اليمين فيمتنع الرد وإن كانت ثيبا؛ ولهذه المسألة أخوات كلها تبتني على وقوع الملك للمشتري بشرط

الخيار وعدمه: منها عتق المشترى على المشتري إذا كان قريبا له في مدة الخيار، ومنها: عتقه إذا كانالمشتري حلف إن ملكت عبدا فهو حر. بخالف

 

ما إذا قال: إن اشتريت فهو حر؛ ألنه يصير كالمنشئ للعتق بعد الشراء فيسقط الخيار،         -31ص - ومنها أن حيض المشتراة في المدة ال يجتزأ به عن االستبراء عنده، وعندهما يجتزأ؛ ولو ردت بحكم الخيار

Page 18: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

إلى البائع ال يجب عليه االستبراء عنده، وعندهما يجب إذا ردت بعد القبض. ومنها إذا ولدت المشتراة في المدة بالنكاح ال تصير أم ولد له عنده خالفا لهما،. ومنها إذا قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أودعه عند البائع فهلك في يده في المدة هلك من مال البائع الرتفاع القبض بالرد لعدم الملك عنده، وعندهما من مال

المشتري لصحة اإليداع باعتبار قيام الملك. ومنها لو كان المشتري عبدا مأذونا له فأبرأه البائع من الثمن في المدة بقي على خياره عنده؛ ألن الرد امتناع عن التملك والمأذون له يليه، وعندهما بطل خياره؛ ألنه لما ملكه كان الرد منه تمليكا بغير عوض وهو ليس من أهله. ومنها إذا اشترى ذمي من ذمي خمرا على أنه

بالخيار ثم أسلم بطل الخيار عندهما؛ ألنه ملكها فال يملك ردها وهو مسلم. وعنده يبطل البيع؛ ألنه لم يملكهافال يتملكها بإسقاط الخيار بعده وهو مسلم.

"ومن شرط له الخيار فله أن يفسخ في المدة وله أن يجيز، فإن أجازه بغير حضرةقال: صاحبها جاز. وإن فسخ لم يجز إال أن يكون اآلخر حاضرا عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو

وهو قول الشافعي والشرط هو العلم، وإنما كنى بالحضرة عنه. له أنه مسلط على الفسخيوسف: يجوز" من جهة صاحبه فال يتوقف على علمه كاإلجازة ولهذا ال يشترط رضاه وصار كالوكيل بالبيع. ولهما أنه تصرف

في حق الغير وهو العقد بالرفع، وال يعرى عن المضرة؛ ألنه. عساه يعتمد تمام البيع السابق فيتصرف فيه فتلزمه غرامة القيمة بالهالك فيما إذا كان الخيار للبائع، أو ال يطلب لسلعته مشتريا فيما إذا كان الخيار

للمشتري، وهذا نوع ضرر فيتوقف على علمه وصار كعزل الوكيل، بخالف. اإلجازة ألنه ال إلزام فيه، وال نقول إنه مسلط، وكيف يقال ذلك وصاحبه ال يملك الفسخ وال تسليط في غير. ما يملكه المسلط، ولو كان فسخ

في حال غيبة صاحبه وبلغه في المدة تم الفسخ لحصول العلم به، ولو بلغه بعد مضي المدة تم العقد بمضيالمدة قبل الفسخ.

وقال الشافعي: يورث عنه؛ ألنه "وإذا مات من له الخيار بطل خياره ولم ينتقل إلى ورثته"قال: حق الزم ثابت في البيع فيجري فيه اإلرث كخيار العيب والتعيين. ولنا أن الخيار ليس إال مشيئة وإرادة وال

يتصور انتقاله، واإلرث فيما يقبل االنتقال. بخالف خيار العيب؛ ألن المورث استحق المبيع سليما فكذا الوارث، فأما نفس الخيار ال يورث، وأما خيار التعيين يثبت للوارث ابتداء الختالط ملكه بملك الغير ال أن

يورث الخيار. "ومن اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره فأيهما أجاز الخيار وأيهما نقضقال

 

انتقض" وأصل هذا أن اشتراط الخيار لغيره جائز استحسانا، وفي القياس ال يجوز وهو         -32ص - قول زفر؛ ألن الخيار من مواجب العقد وأحكامه، فال يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير

المشتري.. ولنا أن الخيار لغير العاقد ال يثبت إال بطريق النيابة عن العاقد فيقدر الخيار له اقتضاء ثم يجعل هو نائبا عنه تصحيحا لتصرفه، وعند ذلك يكون لكل واحد منهما الخيار، فأيهما أجاز جاز، وأيهما نقض انتقض

لوجوده في زمان ال يزاحمه فيه غيره، ولو خرج"ولو أجاز أحدهما وفسخ اآلخر يعتبر السابق" الكالمان منهما معا يعتبر تصرف العاقد في رواية وتصرف الفاسخ في أخرى. وجه األول أن تصرف العاقد أقوى؛ ألن النائب يستفيد الوالية منه. وجه الثاني أن الفسخ أقوى؛ ألن المجاز يلحقه الفسخ والمفسوخ ال

تلحقه اإلجازة، ولما ملك كل واحد منهما التصرف رجحنا بحال التصرف. وقيل األول قول محمد والثاني قول أبي يوسف، واستخراج ذلك مما إذا باع الوكيل من رجل والموكل من غيره معا؛ فمحمد يعتبر فيه تصرف

الموكل، وأبو يوسف يعتبرهما. "ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثالثة أيام فالبيع فاسد، وإنقال:

والمسألة علىباع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز البيع"أربعة أوجه:

أحدها: أن ال يفصل الثمن وال يعين الذي فيه الخيار وهو الوجه األول في الكتاب وفساده لجهالة الثمن

Page 19: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

والمبيع؛ ألن الذي فيه الخيار كالخارج عن العقد، إذ العقد مع الخيار ال ينعقد في حق الحكم فبقي الداخل فيهأحدهما وهو غير معلوم.

والوجه الثاني: أن يفصل الثمن ويعين الذي فيه الخيار وهو المذكور ثانيا في الكتاب، وإنما جاز؛ ألن المبيع معلوم والثمن معلوم، وقبول العقد في الذي فيه الخيار وإن كان شرطا النعقاد العقد في اآلخر ولكن هذا

غير مكسد للعقد لكونه محال للبيع كما إذا جمع بين قن ومدبر. والثالث: أن يفصل وال يعين.

والرابع: أن يعين وال يفصل، فالعقد فاسد في الوجهين: إما لجهالة المبيع أو لجهالة الثمن. "ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثالثة أيام فهو جائز،قال:

والقياس أن يفسد البيع في الكل لجهالة المبيع،وكذا الثالثة، فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد"وهو قول زفر والشافعي. وجه االستحسان أن شرع الخيار

 

للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو األرفق واألوفق، والحاجة إلى هذا النوع من البيع         -33ص - متحققة؛ ألنه يحتاج إلى اختيار من يثق به أو اختيار من يشتريه ألجله، وال يمكنه البائع من الحمل إليه إال

بالبيع فكان في معنى ما ورد به الشرع، غير أن هذه الحاجة تندفع بالثالث لوجود الجيد والوسط والرديء فيها، والجهالة ال تفضي إلى المنازعة في الثالثة لتعيين من له الخيار، وكذا في األربع، إال أن الحاجة إليها غير متحققة والرخصة ثبوتها بالحاجة وكون الجهالة غير مفضية إلى المنازعة فال تثبت بأحدهما. ثم قيل: يشترط

أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين، وهو المذكور في الجامع الصغير. "وقيل ال يشترط وهو المذكور في الجامع الكبير"، فيكون ذكره على هذا االعتبار وفاقا ال شرطا؛ وإذا لم يذكر خيار الشرط ال بد من توقيت خيار التعيين بالثالث عنده وبمدة معلومة أيتها كانت عندهما. ثم ذكر في بعض النسخ: اشترى

ثوبين وفي بعضها اشترى أحد الثوبين وهو الصحيح؛ ألن المبيع في الحقيقة أحدهما واآلخر أمانة، واألول تجوز واستعارة. ولو هلك أحدهما أو تعيب لزمه البيع فيه بثمنه وتعين اآلخر لألمانة المتناع الرد بالتعيب، ولو

هلكا جميعا معا يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما لشيوع البيع واألمانة فيهما. ولو كان فيه خيار الشرط له أن يردهما جميعا. ولو مات من له الخيار فلوارثه أن يرد أحدهما؛ ألن الباقي خيار التعيين لالختالط، ولهذا ال

يتوقف في حق الوارث. وأما خيار الشرط ال يورث وقد ذكرناه من قبل. "ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى بجنبها فأخذها بالشفعة فهوقال:

ألن طلب الشفعة يدل على اختياره الملك فيها؛ ألنه ما ثبت إال لدفع ضرر الجوار وذلك باالستدامةرضا"؛ فيتضمن ذلك سقوط الخيار سابقا عليه فيثبت الملك من وقت الشراء فيتبين أن الجوار كان ثابتا، وهذا

التقرير يحتاج إليه لمذهب أبي حنيفة خاصة. عند"وإذا اشترى الرجالن عبدا على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس لآلخر أن يرده"قال:

أبي حنيفة، وقاال: له أن يرده، وعلى هذا الخالف خيار العيب وخيار الرؤية، لهما أن إثبات الخيار لهما إثباته لكل واحد منهما فال يسقط بإسقاط صاحبه لما فيه من إبطال حقه. وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب

بعيب الشركة، فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد، وليس من ضرورة إثبات الخيار لهماالرضا برد أحدهما لتصور اجتماعهما على الرد.

"ومن باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخالفه فالمشتري بالخيار إن شاء أخذهقال: ألن هذا وصف مرغوب فيه فيستحق في العقد بالشرط، ثم فواته يوجببجميع الثمن وإن شاء ترك"؛

التخيير؛ ألنه ما رضي به دونه، وهذا يرجع إلى اختالف النوع لقلة التفاوت في

 

Page 20: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

األغراض، فال يفسد العقد بعدمه بمنزلة وصف الذكورة واألنوثة في الحيوانات وصار         -34ص - كفوات وصف السالمة، وإذا أخذه أخذه بجميع الثمن؛ ألن األوصاف ال يقابلها شيء من الثمن لكونها تابعة

في العقد على ما عرف.

باب خيار الرؤية "ومن اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز، وله الخيار إذا رآه، إن شاء أخذه بجميع الثمنقال:

وقال الشافعي: ال يصح العقد أصال؛ ألن المبيع مجهول. ولنا قوله عليه الصالة والسالم:"وإن شاء رده" وألن الجهالة بعدم الرؤية ال تفضي إلى المنازعة، ألنه لو لم"من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه"؛

"وكذا إذا قال رضيت ثم رآه له أنيوافقه يرده، فصار كجهالة الوصف في المعاين المشار إليه. ألن الخيار معلق بالرؤية لما روينا فال يثبت قبلها، وحق الفسخ قبل الرؤية بحكم أنه عقد غير الزم اليرده"

بمقتضى الحديث، وألن الرضا بالشيء قبل العلم بأوصافه ال يتحقق فال يعتبر قوله رضيت قبل الرؤية بخالفقوله رددت.

وكان أبو حنيفة يقول: أوال له الخيار اعتبارا بخيار العيب وخيار"ومن باع ما لم يره فال خيار له"قال: الشرط وهذا؛ ألن لزوم العقد بتمام الرضا زواال وثبوتا وال يتحقق ذلك إال بالعلم بأوصاف المبيع، وذلك

بالرؤية فلم يكن البائع راضيا بالزوال. ووجه القول المرجوع إليه أنه معلق بالشراء لما روينا فال يثبت دونه. وروي أن عثمان بن عفان باع أرضا له بالبصرة من طلحة بن عبيد الله فقيل لطلحة: إنك قد غبنت، فقال:

لي الخيار؛ ألني اشتريت ما لم أره. وقيل لعثمان: إنك قد غبنت، فقال: لي الخيار؛ ألني بعت ما لم أره. فحكما بينهما جبير بن مطعم. فقضى بالخيار لطلحة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم. ثم خيار الرؤية غير مؤقت بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله، وما يبطل خيار الشرط من تعيب أو تصرف يبطل

خيار الرؤية، ثم إن كان تصرفا ال يمكن رفعه كاإلعتاق والتدبير أو تصرفا يوجب حقا للغير كالبيع المطلق والرهن واإلجارة يبطله قبل الرؤية وبعدها؛ ألنه لما لزم تعذر الفسخ فبطل الخيار وإن كان تصرفا ال يوجب

حقا للغير كالبيع بشرط الخيار، والمساومة والهبة من غير تسليم ال يبطله قبل الرؤية؛ ألنه ال يربو علىصريح الرضا ويبطله بعد الرؤية لوجود داللة الرضى.

"ومن نظر إلى وجه الصبرة، أو إلى ظاهر الثوب مطويا أو إلى وجه الجارية أو إلىقال: واألصل في هذا أن رؤية جميع المبيع غير مشروط لتعذره فيكتفيوجه الدابة وكفلها فال خيار له"

برؤية ما يدل على العلم بالمقصود. ولو دخل في البيع أشياء، فإن كان ال تتفاوت

 

آحادها كالمكيل والموزون، وعالمته أن يعرض بالنموذج يكتفي برؤية واحد منها إال إذا         -35ص - كان الباقي أردأ مما رأى فحينئذ يكون له الخيار. وإن كان تتفاوت آحادها كالثياب والدواب ال بد من رؤية كل

واحد منها، والجوز والبيض من هذا القبيل فيما ذكره الكرخي، وكان ينبغي أن يكون مثل الحنطة والشعير لكونها متقاربة. إذا ثبت هذا فنقول: النظر إلى وجه الصبرة كاف؛ ألنه يعرف وصف البقية؛ ألنه مكيل يعرض

بالنموذج، وكذا النظر إلى ظاهر الثوب مما يعلم به البقية إال إذا كان في طيه ما يكون مقصودا كموضع العلم، والوجه هو المقصود في اآلدمي، وهو والكفل في الدواب فيعتبر رؤية المقصود وال يعتبر رؤية غيره.

وشرط بعضهم رؤية القوائم. واألول هو المروي عن أبي يوسف رحمه الله. وفي شاة اللحم ال بد من الجس ألن المقصود وهو اللحم يعرف به. وفي شاة القنية ال بد من رؤية الضرع. وفيما يطعم ال بد من الذوق ألن

وكذلك"وإن رأى صحن الدار فال خيار له وإن لم يشاهد بيوتها"ذلك هو المعرف للمقصود. قال: إذا رأى خارج الدار أو رأى أشجار البستان من خارج. وعند زفر ال بد من دخول داخل البيوت، واألصح أن

جواب الكتاب على وفاق عادتهم في األبنية، فإن دورهم لم تكن متفاوتة يومئذ، فأما اليوم فال بد من الدخولفي داخل الدار للتفاوت، والنظر إلى الظاهر ال يوقع العلم بالداخل.

Page 21: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ونظر الوكيل كنظر المشتري حتى ال يرده إال من عيب، وال يكون نظر الرسول كنظرقال: قال معناه الوكيلالمشتري، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: هما سواء، وله أن يرده"

بالقبض، فأما الوكيل بالشراء فرؤيته تسقط الخيار باإلجماع. لهما أنه توكل بالقبض دون إسقاط الخيار فال يملك ما لم يتوكل به وصار كخيار العيب والشرط واإلسقاط

قصدا. وله أن القبض نوعان: تام وهو أن يقبضه وهو يراه. وناقص، وهو أن يقبضه مستورا وهذا؛ ألن تمامه بتمام الصفقة وال تتم مع بقاء خيار الرؤية والموكل ملكه بنوعيه، فكذا الوكيل. ومتى قبض الموكل وهو يراه سقط الخيار فكذا الوكيل إلطالق التوكيل. وإذا قبضه مستورا انتهى التوكيل بالناقص منه فال يملك إسقاطه قصدا بعد ذلك، بخالف خيار العيب؛ ألنه ال يمنع تمام الصفقة فيتم القبض مع بقائه، وخيار الشرط على هذا الخالف. ولو سلم فالموكل ال يملك التام منه فإنه ال يسقط بقبضه؛ ألن االختيار وهو المقصود بالخيار يكون

بعده، فكذا ال يملكه وكيله، وبخالف الرسول؛ ألنه ال يملك شيئا وإنما إليه تبليغ الرسالة ولهذا ال يملك القبض،والتسليم إذا كان رسوال في البيع.

ألنه اشترى ما لم يره وقد قررناه من قبل"وبيع األعمى وشراؤه جائز وله الخيار إذا اشترى"قال: "ثم يسقط خياره بجسه المبيع إذا كان يعرف بالجس، ويشمه إذا كان يعرف

 

"وال يسقط خياره في كما في البصير بالشم ويذوقه إذا كان يعرف بالذوق"         -36ص - ألن الوصف يقام مقام الرؤية كما في السلم. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه إذاالعقار حتى يوصف له"

وقف في مكان لو كان بصيرا لرآه وقال: قد رضيت سقط خياره، ألن التشبه يقام مقام الحقيقة في موضع العجز كتحريك الشفتين يقام مقام القراءة في حق األخرس في الصالة، وإجراء الموسى مقام الحلق في

حق من ال شعر له في الحج. وقال الحسن: يوكل وكيال بقبضه وهو يراه وهذا أشبه بقول أبي حنيفة ألن رؤيةالوكيل كرؤية الموكل على ما مر آنفا.

ألن رؤية أحدهما ال "ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى اآلخر جاز له أن يردهما"قال: تكون رؤية اآلخر للتفاوت في الثياب فبقي الخيار فيما لم يره، ثم ال يرده وحده بل يردهما كي ال يكون

تفريقا للصفقة قبل التمام، وهذا؛ ألن الصفقة ال تتم مع خيار الرؤية قبل القبض وبعده، ولهذا يتمكن من الردبغير قضاء وال رضا ويكون فسخا من األصل.

"ومن مات وله خيار الرؤية بطل خياره" ألنه ال يجري فيه اإلرث عندنا، وقد ذكرناه في خيار الشرط. ألن العلم"ومن رأى شيئا ثم اشتراه بعد مدة، فإن كان على الصفة التي رآه فال خيار له"

"وإنبأوصافه حاصل له بالرؤية السابقة، وبفواته يثبت الخيار إال إذا كان ال يعلمه مرئيه لعدم الرضا به ألن تلك الرؤية لم تقع معلمة بأوصافه فكأنه لم يره، وإن اختلفا في التغيروجده متغيرا فله الخيار"

فالقول للبائع ألن التغير حادث وسبب اللزوم ظاهر، إال إذا بعدت المدة على ما قالوا ألن الظاهر شاهدللمشتري، بخالف ما إذا اختلفا في الرؤية ألنها أمر حادث والمشتري ينكره فيكون القول قوله.

"ومن اشترى عدل زطي ولم يره فباع منه ثوبا أو وهبه وسلمه لم يرد شيئا منها إالقال: ألنه تعذر الرد فيما خرج عن ملكه، وفي رد ما بقي تفريق الصفقةمن عيب، وكذلك خيار الشرط"؛

قبل التمام؛ ألن خيار الرؤية والشرط يمنعان تمامها، بخالف خيار العيب ألن الصفقة تتم مع خيار العيب بعد القبض وإن كانت ال تتم قبله وفيه وضع المسألة. فلو عاد إليه بسبب هو فسخ فهو على خيار الرؤية، كذا

ذكره شمس األئمة السرخسي. وعن أبي يوسف أنه ال يعود بعد سقوطه كخيار الشرط، وعليه اعتمدالقدوري.

باب خيار العيب"وإذا اطلع المشتري على عيب في المبيع فهو بالخيار، إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن

Page 22: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

ألن مطلق العقد يقتضي وصف السالمة، فعند فوته يتخير كي ال يتضررشاء رده"         -37ص - ألن األوصاف ال يقابلها شيء من الثمن"وليس له أن يمسكه ويأخذ النقصان"بلزوم ما ال يرضى به،

في مجرد العقد؛ وألنه لم يرض بزواله عن ملكه بأقل من المسمى فيتضرر به، ودفع الضرر عن المشتري ممكن بالرد بدون تضرره، والمراد عيب كان عند البائع ولم يره المشتري عند البيع وال عند القبض؛ ألن ذلك

رضا به. ألن التضرر بنقصان المالية، وذلك"وكل ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب"؛قال:

بانتقاص القيمة والمرجع في معرفته عرف أهله. "واإلباق والبول في الفراش والسرقة في الصغير عيب ما لم يبلغ، فإذا بلغ فليس ذلك

ومعناه: إذا ظهرت عند البائع في صغره ثم حدثت عند المشتري فيبعيب حتى يعاوده بعد البلوغ" صغره فله أن يرده؛ ألنه عين ذلك، وإن حدثت بعد بلوغه لم يرده؛ ألنه غيره، وهذا؛ ألن سبب هذه األشياء

يختلف بالصغر والكبر، فالبول في الفراش في الصغر لضعف المثانة، وبعد الكبر لداء في باطنه، واإلباق في الصغر لحب اللعب والسرقة لقلة المباالة، وهما بعد الكبر لخبث في الباطن، والمراد من الصغير من يعقل،

فأما الذي ال يعقل فهو ضال ال آبق فال يتحقق عيبا. ومعناه: إذا جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في يد"والجنون في الصغر عيب أبدا"قال:

المشتري فيه أو في الكبر يرده؛ ألنه عين األول، إذ السبب في الحالين متحد وهو فساد الباطن، وليس معناه أنه ال يشترط المعاودة في يد المشتري؛ ألن الله تعالى قادر على إزالته وإن كان قلما يزول فال بد من

المعاودة للرد. ألن المقصود قد يكون االستفراش وطلب الولد وهما يخالن "والبخر والدفر عيب في الجارية"؛"قال:

به، وليس بعيب في الغالم؛ ألن المقصود االستخدام وال يخالن به، إال أن يكون من داء؛ ألن الداء عيب. ألنه يخل بالمقصود في الجارية وهو االستفراش"والزنا وولد الزنا عيب في الجارية دون الغالم"؛

وطلب الولد، وال يخل بالمقصود في الغالم وهو االستخدام، إال أن يكون الزنا عادة له على ما قالوا؛ ألناتباعهن يخل بالخدمة.

ألن طبع المسلم ينفر عن صحبته؛ وألنه يمتنع صرفه في بعض الكفارات"والكفر عيب فيهما"؛قال: فتختل الرغبة، فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما ال يرده؛ ألنه زوال العيب. وعند الشافعي يرده؛ ألن

الكافر يستعمل فيما ال يستعمل فيه المسلم، وفوات الشرط

 

"فلو كانت الجارية بالغة ال تحيض أو هي مستحاضة فهوبمنزلة العيب. قال:         -38ص - ألن ارتفاع الدم واستمراره عالمة الداء، ويعتبر في االرتفاع أقصى غاية البلوغ وهو سبع عشرة سنةعيب"؛

فيها عند أبي حنيفة رحمه الله ويعرف ذلك بقول األمة فترد إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده وهوالصحيح.

"وإذا حدث عند المشتري عيب فاطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع بالنقصانقال: ألن في الرد إضرارا بالبائع؛ ألنه خرج عن ملكه سالما، ويعود معيبا فامتنع، وال بد من دفعوال يرد المبيع"؛

الضرر عنه فتعين الرجوع بالنقصان إال أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه؛ ألنه رضي بالضرر. ألنه امتنع الرد بالقطع فإنه عيب"ومن اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب"؛قال:

"فإن باعه ألن االمتناع لحقه وقد رضي به "فإن قال البائع: أنا أقبله كذلك كان له ذلك"؛حادث ألن الرد غير ممتنع برضا البائع فيصير هو بالبيع حابسا للمبيع فال يرجعالمشتري لم يرجع بشيء"؛

"فإن قطع الثوب وخاطه أو صبغه أحمر، أو لت السويق بسمن ثم اطلع على عيببالنقصان

Page 23: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المتناع الرد بسبب الزيادة؛ ألنه ال وجه إلى الفسخ في األصل بدونها؛ ألنها ال تنفك عنه، والرجع بنقصانه" ألن االمتناع لحق الشرع"وليس للبائع أن يأخذه"؛وجه إليه معها؛ ألن الزيادة ليست بمبيعة فامتنع أصال

ألن الرد ممتنع أصال قبله فال يكون"فإن باعه المشتري بعدما رأى العيب رجع بالنقصان"ال لحقه بالبيع حابسا للمبيع. وعن هذا قلنا: إن من اشترى ثوبا فقطعه لباسا لولده الصغير وخاطه ثم اطلع على

عيب ال يرجع بالنقصان، ولو كان الولد كبيرا يرجع؛ ألن التمليك حصل في األول قبل الخياطة، وفي الثانيبعدها بالتسليم إليه.

أما الموت؛ "ومن اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه"قال: فألن الملك ينتهي به واالمتناع حكمي ال يفعله، وأما اإلعتاق فالقياس فيه أن ال يرجع؛ ألن االمتناع بفعله

فصار كالقتل، وفي االستحسان: يرجع؛ ألن العتق إنهاء الملك؛ ألن اآلدمي ما خلق في األصل محال للملك، وإنما يثبت الملك فيه موقتا إلى اإلعتاق فكان إنهاء فصارت كالموت، وهذا؛ ألن الشيء يتقرر بانتهائه فيجعل

كأن الملك باق والرد متعذر. والتدبير واالستيالد بمنزلته؛ ألنه تعذر النقل مع بقاء المحل باألمر الحكمي ألنه حبس بدله وحبس البدل كحبس المبدل. وعن أبي حنيفة"وإن أعتقه على مال لم يرجع بشيء"

"فإن قتل المشتري العبد أو كان طعامارحمه الله: أنه يرجع؛ ألنه إنهاء للملك وإن كان بعوض. فأكله لم يرجع بشيء عند أبي حنيفة رحمه الله أما القتل فالمذكور ظاهر الرواية وعن

ألنأبي يوسف رحمه الله أنه يرجع"

 

قتل المولى عبده ال يتعلق به حكم دنياوي فصار كالموت حتف أنفه فيكون إنهاء. ووجه         -39ص - الظاهر أن القتل ال يوجد إال مضمونا، وإنما يسقط الضمان هاهنا باعتبار الملك فيصير كالمستفيد به عوضا،

بخالف اإلعتاق؛ ألنه ال يوجب الضمان ال محالة كإعتاق المعسر عبدا مشتركا، وأما األكل فعلى الخالف، فعندهما يرجع وعنده ال يرجع استحسانا، وعلى هذا الخالف إذا لبس الثوب حتى تخرق لهما أنه صنع في المبيع ما يقصد بشرائه ويعتاد فعله فيه فأشبه اإلعتاق. وله أنه تعذر الرد بفعل مضمون منه في المبيع

فأشبه البيع والقتل، وال معتبر بكونه مقصودا؛ أال يرى أن البيع مما يقصد بالشراء ثم هو يمنع الرجوع، فإن أكل بعض الطعام ثم علم بالعيب فكذا الجواب عند أبي حنيفة رحمه الله؛ ألن الطعام كشيء واحد فصار

كبيع البعض، وعندهما أنه يرجع بنقصان العيب في الكل، وعنهما أنه يرد ما بقي؛ ألنه ال يضره التبعيض. "ومن اشترى بيضا أو بطيخا أو قثاء أو خيارا أو جوزا فكسره فوجده فاسدا فإن لمقال:

؛ ألنه ليس بمال فكان البيع باطال، وال يعتبر في الجوز صالح قشره على ماينتفع به رجع بالثمن كله" "و"؛ ألن الكسر عيب حادث"وإن كان ينتفع به مع فساده لم يرده"قيل ألن ماليته باعتبار اللب

دفعا للضرر بقدر اإلمكان. وقال الشافعي رحمه الله: يرده؛ ألن الكسر"يرجع بنقصان العيب" لكنه بتسليطه. قلنا: التسليط على الكسر في ملك المشتري ال في ملكه فصار كما إذا كان ثوبا فقطعه، ولو وجد البعض فاسدا وهو قليل جاز البيع استحسانا؛ ألنه ال يخلو عن قليل فاسد. والقليل ما ال يخلو عنه الجوز عادة

كالواحد واالثنين في المائة، وإن كان الفاسد كثيرا ال يجوز ويرجع بكل الثمن؛ ألنه جمع بين المال وغيرهفصار كالجمع بين الحر والعبد.

"ومن باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب فإن قبل بقضاء القاضي بإقرار أوقال: ألنه فسخ من األصل فجعل البيع كأن لم يكن غاية األمربينة أو بإباء يمين له أن يرده على بائعه"؛

أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبا شرعا بالقضاء، ومعنى القضاء باإلقرار أنه أنكر اإلقرار فأثبت بالبينة، وهذا بخالف الوكيل بالبيع إذا رد عليه بعيب بالبينة حيث يكون ردا على الموكل؛ ألن البيع هناك واحد

"وإن قبل بغير قضاء القاضي ليس له أنوالموجود هاهنا بيعان، فيفسخ الثاني واألول ال ينفسخ ألنه بيع جديد في حق ثالث وإن كان فسخا في حقهما واألول ثالثهما. يرده"؛

Page 24: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وفي الجامع الصغير: وإن رد عليه بإقراره بغير قضاء بعيب ال يحدث مثله لم يكن له أن وبهذا يتبين أن الجواب فيما يحدث مثله وفيما ال يحدث سواء وفي بعضيخاصم الذي باعه"

 

روايات البيوع: إن كان فيما ال يحدث مثله يرجع بالنقصان للتيقن بقيام العيب عند البائع         -40ص -األول. "ومن اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع أوقال:

ألنه أنكر وجوب دفع الثمن حيث أنكر تعين حقه بدعوى العيب، ودفع الثمن أواليقيم المشتري بينة" ليتعين حقه بإزاء تعين المبيع؛ وألنه لو قضي بالدفع فلعله يظهر العيب فينتقض القضاء فال يقضي به صونا

يعني إذا حلف وال"فإن قال المشتري شهودي بالشام استحلف البائع ودفع الثمن"لقضائه ينتظر حضور الشهود؛ ألن في االنتظار ضررا بالبائع، وليس في الدفع كثير ضرر به؛ ألنه على حجته، أما إذا

نكل ألزم العيب؛ ألنه حجة فيه. "ومن اشترى عبدا فادعى إباقا لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة أنه أبققال:

والمراد التحليف على أنه لم يأبق عنده؛ ألن القول وإن كان قوله ولكن إنكاره إنما يعتبر بعد قيامعنده" "فإذا أقامها حلف بالله لقد باعه وسلمه إليه وما أبقالعيب به في يد المشتري ومعرفته بالحجة

كذا قال في الكتاب، وإن شاء حلفه بالله ما له حق الرد عليك من الوجه الذي يدعي أو بالله ماعنده قط" أبق عندك قط أما ال يحلفه بالله لقد باعه وما به هذا العيب وال بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب؛ ألن

فيه ترك النظر للمشتري؛ ألن العيب قد يحدث بعد البيع قبل التسليم وهو موجب للرد، واألول ذهول عنه والثاني يوهم تعلقه بالشرطين فيتأوله في اليمين عند قيامه وقت التسليم دون البيع، ولو لم يجد المشتري

بينة على قيام العيب عنده وأراد تحليف البائع ما يعلم أنه أبق عنده يحلف على قولهما. واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة رحمه الله لهما أن الدعوى معتبرة حتى يترتب عليها البينة فكذا

يترتب التحليف. وله على ما قاله البعض أن الحلف يترتب على دعوى صحيحة، وليست تصح إال من خصم وال يصير خصما فيه إال بعد قيام العيب. وإذا نكل عن اليمين عندهما يحلف ثانيا للرد على الوجه الذي

قدمناه. قال رضي الله عنه: إذا كانت الدعوى في إباق الكبير يحلف ما أبق منذ بلغ مبلغ الرجال؛ ألن اإلباقفي الصغر ال يوجب رده بعد البلوغ.

"ومن اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيبا فقال البائع: بعتك هذه وأخرى معها وقالقال: ألن االختالف في مقدار المقبوض فيكون القولالمشتري: بعتنيها وحدها فالقول قول المشتري"؛

لما بينا."وكذا إذا اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض"للقابض كما في الغصب

 

"ومن اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد باآلخر عيباقال:         -41ص - ألن الصفقة تتم بقبضهما فيكون تفريقها قبل التمام وقد ذكرناه، وهذا؛ ألنفإنه يأخذهما أو يدعهما"؛

القبض له شبه بالعقد فالتفريق فيه كالتفريق في العقد. ولو وجد بالمقبوض عيبا اختلفوا فيه. ويروى عن أبي يوسف رحمه الله أنه يرده خاصة، واألصح أنه يأخذهما أو يردهما؛ ألن تمام الصفقة تعلق بقبض المبيع

وهو اسم للكل فصار كحبس المبيع لما تعلق زواله باستيفاء الثمن ال يزول دون قبض جميعه ولو قبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا يرده خاصة خالفا لزفر. هو يقول: فيه تفريق الصفقة وال يعرى عن ضرر؛ ألن العادة جرت بضم الجيد إلى الرديء فأشبه ما قبل القبض وخيار الرؤية والشرط. ولنا أنه تفريق الصفقة بعد التمام؛ ألن

بالقبض تتم الصفقة في خيار العيب وفي خيار الرؤية والشرط ال تتم به على ما مر، ولهذا لو استحق أحدهماليس له أن يرد اآلخر.

Page 25: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ومراده بعد"ومن اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا رده كله أو أخذه كله" قال: القبض؛ ألن المكيل إذا كان من جنس واحد فهو كشيء واحد؛ أال يرى أنه يسمى باسم واحد وهو الكر

ونحوه. وقيل هذا إذا كان في وعاء واحد، فإذا كان في وعاءين فهو بمنزلة عبدين حتى يرد الوعاء الذي وجدفيه العيب دون اآلخر.

ألنه ال يضره التبعيض، واالستحقاق ال يمنع تمام"ولو استحق بعضه فال خيار له في رد ما بقي"؛ الصفقة؛ ألن تمامها برضا العاقد ال برضا المالك، وهذا إذا كان بعد القبض، أما لو كان قبل القبض فله أن يرد

ألن التشقيص فيه عيب وقد كان"وإن كان ثوبا فله الخيار"؛ما بقي لتفرق الصفقة قبل التمام. قال "ومن اشترى جارية فوجد بها قرحاوقت البيع حيث ظهر االستحقاق، بخالف المكيل والموزون. قال:

ألن ذلك دليل قصده االستبقاء بخالف خيارفداواه أو كانت دابة فركبها في حاجة فهو رضا"؛ "وإن ركبها ليردها علىالشرط؛ ألن الخيار هناك لالختبار وأنه باالستعمال فال يكون الركوب مسقطا

أما الركوب للرد؛ فألنه سبب الرد والجواببائعها أو ليسقيها أو ليشتري لها علفا فليس برضا" في السقي واشتراء العلف محمول على ما إذا كان ال يجد بدا منه، إما لصعوبتها أو لعجزه أو لكون العلف

في عدل واحد، وأما إذا كان يجد بدا منه النعدام ما ذكرناه يكون رضا. "ومن اشترى عبدا قد سرق ولم يعلم به فقطع عند المشتري له أن يرده ويأخذ الثمنقال:

وعلى هذاعند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: يرجع بما بين قيمته سارقا إلى غير سارق"الخالف إذا قتل بسبب وجد في يد البائع.

 

والحاصل أنه بمنزلة االستحقاق عنده وبمنزلة العيب عندهما. لهما أن الموجود في يد         -42ص - البائع سبب القطع والقتل وأنه ال ينافي المالية فنفذ العقد فيه لكنه متعيب فيرجع بنقصانه عند تعذر رده وصار كما إذا اشترى جارية حامال فماتت في يده بالوالدة فإنه يرجع بفضل ما بين قيمتها حامال إلى غير

حامل. وله أن سبب الوجوب في يد البائع والوجوب يفضي إلى الوجود فيكون الوجود مضافا إلى السبب السابق، وصار كما إذا قتل المغصوب أو قطع بعد الرد بجناية وجدت في يد الغاصب، وما ذكر من المسألة

ممنوع. ولو سرق في يد البائع ثم في يد المشتري فقطع بهما عندهما يرجع بالنقصان كما ذكرنا. وعنده ال يرده

بدون رضا البائع للعيب الحادث ويرجع بربع الثمن، وإن قبله البائع فبثالثة األرباع؛ ألن اليد من اآلدمي نصفه وقد تلفت بالجنايتين وفي إحداهما رجوع فيتنصف؛ ولو تداولته األيدي ثم قطع في يد األخير رجع الباعة

بعضهم على بعض عنده كما في االستحقاق، وعندهما يرجع األخير على بائعه وال يرجع بائعه على بائعه؛ ألنه بمنزلة العيب. وقوله "في الكتاب ولم يعلم المشتري" يفيد على مذهبهما؛ ألن العلم بالعيب رضا به، وال يفيد

على قوله في الصحيح؛ ألن العلم باالستحقاق ال يمنع الرجوع. "ومن باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب فليس له أن يرده بعيب وإن لم يسمقال:

وقال الشافعي: ال تصح البراءة بناء على مذهبه أن اإلبراء عن الحقوق المجهولة ال يصح.العيوب بعددها" هو يقول: إن في اإلبراء معنى التمليك حتى يرتد بالرد، وتمليك المجهول ال يصح. ولنا أن الجهالة في

اإلسقاط ال تفضي إلى المنازعة وإن كان في ضمنه التمليك لعدم الحاجة إلى التسليم فال تكون مفسدة، ويدخل في هذه البراءة العيب الموجود والحادث قبل القبض في قول أبي يوسف. وقال محمد رحمه الله: ال يدخل فيه الحادث وهو قول زفر رحمه الله؛ ألن البراءة تتناول الثابت. وألبي يوسف أن الغرض إلزام العقد

بإسقاط حقه عن صفة السالمة وذلك بالبراءة عن الموجود والحادث.

باب البيع الفاسد "وإذا كان أحد العوضين أو كالهما محرما فالبيع فاسد كالبيع بالميتة والدم والخنزير

Page 26: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

قال رضي الله عنه: هذه فصول جمعها، وفيها تفصيل نبينهوالخمر، وكذا إذا كان غير مملوك كالحر" إن شاء الله تعالى فنقول: البيع بالميتة والدم باطل، وكذا بالحر النعدام ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال،

فإن هذه األشياء ال تعد ماال عند أحد والبيع بالخمر والخنزير فاسد لوجود حقيقة البيع وهو مبادلة المالبالمال فإنه مال عند البعض والباطل ال يفيد ملك

 

التصرف، ولو هلك المبيع في يد المشتري فيه يكون أمانة عند بعض المشايخ ألن العقد         -43ص - غير معتبر فبقي القبض بإذن المالك وعند البعض يكون مضمونا ألنه ال يكون أدنى حاال من المقبوض على سوم الشراء. وقيل األول قول أبي حنيفة رحمه الله والثاني قولهما كما في بيع أم الولد والمدبر على ما

نبينه إن شاء الله تعالى، والفاسد يفيد الملك عند اتصال القبض به ويكون المبيع مضمونا في يد المشتري فيه. وفيه خالف الشافعي رحمه الله وسنبينه بعد هذا. وكذا بيع الميتة والدم والحر باطل ألنها ليست أمواال

فال تكون محال للبيع. وأما بيع الخمر والخنزير إن كان قوبل بالدين كالدراهم والدنانير فالبيع باطل، وغن كان قوبل بعين فالبيع فاسد حتى يملك ما يقابله وإن كان ال يملك عين الخمر والخنزير. ووجه الفرق أن الخمر

مال، وكذا الخنزير مال عند أهل الذمة إال أنه غير متقوم لما أن الشرع أمر بإهانته وترك إعزازه وفي تملكه بالعقد مقصودا إعزاز له، وهذا ألنه متى اشتراهما بالدراهم فالدراهم غير مقصودة لكونها وسيلة لما أنها

تجب في الذمة، وإنما المقصود الخمر فسقط التقوم أصال بخالف ما إذا اشترى الثوب بالخمر ألن المشتري للثوب إنما يقصد تملك الثوب بالخمر وفيه إعزاز للثوب دون الخمر فبقي ذكر الخمر معتبرا في تملك الثوب ال في حق نفس الخمر حتى فسدت التسمية ووجبت قيمة الثوب دون الخمر، وكذا إذا باع الخمر بالثوب ألنه

يعتبر شراء الثوب بالخمر لكونه مقايضة. ومعناه باطل ألن استحقاق العتق قد ثبت ألم الولد"وبيع أم الولد والمدبر والمكاتب فاسد"قال:

وسبب الحرية انعقد في المدبر في الحال لبطالن األهلية بعد "أعتقها ولدها"لقوله عليه الصالة والسالم: الموت، والمكاتب استحق يدا على نفسه الزمة في حق المولى، ولو ثبت الملك بالبيع لبطل ذلك كله فال يجوز، ولو رضي المكاتب بالبيع ففيه روايتان، واألظهر الجواز، والمراد المدبر المطلق دون المقيد، وفي

المطلق خالف الشافعي رحمه الله وقد ذكرناه في العتاق. "وإن ماتت أم الولد أو المدبر في يد المشتري فال ضمان عليه عند أبي حنيفة، وقاال:قال:

وهو رواية عنه لهما أنه مقبوض بجهة البيع فيكون مضمونا عليه كسائر األموال، وهذا ألنعليه قيمتهما" المدبر وأم الولد يدخالن تحت البيع حتى يملك ما يضم إليهما في البيع، بخالف المكاتب ألنه في يد نفسه فال يتحقق في حقه القبض وهذا الضمان به وله أن جهة البيع إنما تلحق بحقيقة في محل يقبل الحقيقة وهما ال

يقبالن حقيقة البيع فصارا كالمكاتب، وليس دخولهما في البيع في حق أنفسهما، وإنما ذلك ليثبت

 

حكم البيع فيما ضم إليهما فصار كمال المشتري ال يدخل في حكم عقده بانفراده، وإنما         -44ص -يثبت حكم الدخول فيما ضمه إليه، كذا هذا.

"وال في حظيرة إذا كان ال يؤخذ ألنه باع ماال يملكه "وال يجوز بيع السمك قبل أن يصطاد"قال: ألنه غير مقدور التسليم، ومعناه إذا أخذه ثم ألقاه فيها لو كان يؤخذ من غير حيلة جاز، إال إذاإال بصيد"؛

اجتمعت فيها بأنفسها ولم يسد عليها المدخل لعدم الملك. ألنه غير مملوك قبل األخذ، وكذا لو أرسله من يده ألنه غير مقدور"وال بيع الطير في الهواء"قال:

لنهي النبي عليه الصالة والسالم عن بيع الحبل وحبل الحبلة وألن"وال بيع الحمل وال النتاج" التسليمفيه غررا.

Page 27: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فعساه انتفاخ، وألنه ينازع في كيفية الحلب، وربما يزداد فيختلط للغرر"وال اللبن في الضرع" قال: المبيع بغيره.

ألنه من أوصاف الحيوان، وألنه ينبت من أسفل فيختلط المبيع"وال الصوف على ظهر الغنم"قال: بغيره، بخالف القوائم؛ ألنها تزيد من أعلى، وبخالف القصيل ألنه يمكن قلعه، والقطع في الصوف متعين فيقع التنازع في موضع القطع، وقد صح أنه عليه الصالة والسالم "نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم،

وعن لبن في ضرع، وعن سمن في لبن" وهو حجة على أبي يوسف رحمه الله في هذا الصوف حيث جوزبيعه فيما يروى عنه.

ألنه ال يمكن التسليم إال بضرر،"وجذع في سقف وذراع من ثوب ذكرا القطع أو لم يذكراه"قال: بخالف ما إذا باع عشرة دراهم من نقرة فضة ألنه ال ضرر في تبعيضه، ولو لم يكن معينا ال يجوز لما ذكرنا

وللجهالة أيضا، ولو قطع البائع الذراع أو قلع الجذع قبل أن يفسخ المشتري يعود صحيحا لزوال المفسد، بخالف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر في البطيخ حيث ال يكون صحيحا. وإن شقهما وأخرج المبيع ألن

وهو ما يخرج من الصيد بضرب"وضربة القانص"في وجودهما احتماال، أما الجذع فعين موجود. قال: الشبكة مرة ألنه مجهول وألن فيه غررا.

ألنه عليه الصالة "وبيع المزابنة، وهو بيع الثمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصا"قال: فالمزابنة ما ذكرنا، والمحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل"نهى عن المزابنة والمحاقلة"والسالم

كيلها خرصا؛ وألنه باع مكيال بمكيل من جنسه فال تجوز بطريق الخرص كما إذا كانا موضوعين على األرض،وكذا العنب بالزبيب على هذا.

"نهى عنوقال الشافعي رحمه الله: يجوز فيما دون خمسة أوسق ألنه عليه الصالة والسالم

 

وهو أن يباع بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق". قلنا:المزابنة ورخص في العرايا",         -45ص - العرية: العطية لغة، وتأويله أن يبيع المعرى له ما على النخيل من المعري بتمر مجذوذ، وهو بيع مجازا ألنه

لم يملكه فيكون برا مبتدأ. وهذه بيوع كانت في الجاهلية، وهو أن"وال يجوز البيع بإلقاء الحجر والمالمسة والمنابزة".قال:

يتراوض الرجالن على سلعة: أي يتساومان، فإذا لمسها المشتري أو نبذها إليه البائع أو وضع المشتري عليها "نهى عليه الصالةحصاة لزم البيع؛ فاألول بيع المالمسة والثاني المنابذة، والثالث إلقاء الحجر، وقد

وألن فيه تعليقا بالخطر.والسالم عن بيع المالمسة والمنابذة" لجهالة المبيع؛ ولو قال: على أنه بالخيار في أن يأخذ أيهما شاء جاز"وال يجوز بيع ثوب من ثوبين"قال:

البيع استحسانا، وقد ذكرناه بفروعه. المراد الكأل، أما البيع فألنه ورد على ما ال يملكه الشتراك"وال يجوز بيع المراعي وال إجارتها"قال:

الناس فيه بالحديث، وأما اإلجارة فألنها عقدت على استهالك عين مباح، ولو عقد على استهالك عين مملوكبأن استأجر بقرة ليشرب لبنها ال يجوز فهذا أولى.

وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله وقال محمد رحمه "وال يجوز بيع النحل"قال: الله: يجوز إذا كان محرزا، وهو قول الشافعي رحمه الله ألنه حيوان منتفع به حقيقة وشرعا فيجوز بيعه وإن

كان ال يؤكل كالبغل والحمار. ولهما أنهما من الهوام فال يجوز بيعه كالزنابير واالنتفاع بما يخرج منه ال بعينه فال يكون منتفعا به قبل الخروج، حتى لو باع كوارة فيها عسل بما فيها من النحل يجوز تبعا له، كذا ذكره

ألنه من الهوام، وعند أبي يوسف رحمه "وال يجوز بيع دود القز عند أبي حنيفة"الكرخي رحمه الله. "وال يجوز بيعالله يجوز إذا ظهر فيه القز تبعا له. وعند محمد رحمه الله يجوز كيفما كان لكونه منتفعا به

لمكان الضرورة. وقيل أبو يوسف مع أبي حنيفةبيضة عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يجوز" "والرحمه الله كما في دود القز والحمام إذا علم عددها وأمكن تسليمها جاز بيعها ألنه مال مقدور التسليم.

Page 28: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"إال أن يبيعه من رجل لنهي النبي عليه الصالة والسالم عنه وألنه ال يقدر على تسليمهيجوز بيع اآلبق" ألن المنهي عنه بيع آبق مطلق وهو أن يكون آبقا في حق المتعاقدين وهذا غير آبق في حقزعم أنه عنده"

المشتري؛ وألنه إذا كان عند المشتري انتفى العجز عن التسليم وهو المانع، ثم ال يصير قابضا بمجرد العقدإذا كان في يده وكان أشهد عنده أخذه ألنه

 

أمانة عنده وقبض األمانة ال ينوب عن قبض البيع، ولو كان لم يشهد يجب أن يصير         -46ص - قابضا ألنه قبض غصب، لو قال هو عند فالن فبعه مني فباعه ال يجوز ألنه آبق في حق المتعاقدين وألنه ال

يقدر على تسليمه. ولو باع اآلبق ثم عاد من اإلباق ال يتم ذلك العقد؛ ألنه وقع باطال النعدام المحلية كبيع الطير في الهواء. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يتم العقد إذا لم يفسخ ألن العقد انعقد لقيام المالية والمانع

قد ارتفع وهو العجز عن التسليم، كما إذا أبق بعد البيع، وهكذا يروى عن محمد رحمه الله. وقال الشافعي رحمه الله يجوز بيعه ألنه مشروب طاهر، ولنا أنه"وال بيع لبن امرأة في قدح"قال:

جزء اآلدمي وهو بجميع أجزائه مكرم مصون عن االبتذال بالبيع، وال فرق في ظاهر الرواية بين لبن الحرة واألمة. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يجوز بيع لبن األمة ألنه يجوز إيراد العقد على نفسها فكذا على

جزئها. قلنا: الرق قد حل نفسها، فأما اللبن فال رق فيه ألنه يختص بمحل يتحقق فيه القوة التي هي ضدهوهو الحي وال حياة في اللبن.

ألنه نجس العين فال يجوز بيعه إهانة له، ويجوز االنتفاع به للخرز "وال يجوز بيع شعر الخنزير"قال: للضرورة فإن ذلك العمل ال يتأتى بدونه، ويوجد مباح األصل فال ضرورة إلى البيع، ولو وقع في الماء القليل أفسده عند أبي يوسف. وعند محمد رحمه الله ال يفسده ألن إطالق االنتفاع به دليل طهارته وألبي يوسف

رحمه الله أن اإلطالق للضرورة فال يظهر إال في حالة االستعمال وحالة الوقوع تغايرها. ألن اآلدمي مكرم ال مبتذل فال يجوز أن يكون"وال يجوز بيع شعور اإلنسان وال االنتفاع بها"قال:

الحديث،"لعن الله الواصلة والمستوصلة"شيء من أجزائه مهانا ومبتذال وقد قال: عليه الصالة والسالم: وإنما يرخص فيما يتخذ من الوبر فيزيد في قرون النساء وذوائبهن.

"ال تنتفعوا من ألنه غير منتفع به، قال عليه الصالة والسالم: "وال بيع جلود الميتة قبل أن تدبغ"قال "وال بأس ببيعها واالنتفاع بها وهو اسم لغير المدبوغ على ما عرف في كتاب الصالة الميتة بإهاب" "وال بأس ببيع عظام الميتة ألنها قد طهرت بالدباغ، وقد ذكرناه في كتاب الصالةبعد الدباغ"

ألنها طاهرة ال يحلها الموت؛وعصبها وصوفها وقرنها وشعرها ووبرها واالنتفاع بذلك كله"؛ لعدم الحياة وقد قررناه من قبل. والفيل كالخنزير نجس العين عند محمد رحمه الله وعندهما بمنزلة السباع

حتى يباع عظمه وينتفع به.

 

"وإذا كان السفل لرجل وعلوه آلخر فسقطا أو سقط العلو وحدهقال:         -47ص - ألن حق التعلي ليس بمال ألن المال ما يمكن إحرازه والمال هوفباع صاحب العلو علوه لم يجز"

المحل للبيع، بخالف الشرب حيث يجوز بيعه تبعا لألرض باتفاق الروايات ومفردا في رواية، وهو اختيار مشايخ بلخي رحمهم الله ألنه حظ من الماء ولهذا يضمن باإلتالف وله قسط من الثمن على ما نذكره في

كتاب الشرب. والمسألة تحتمل وجهين: بيع رقبة"وبيع الطريق وهبته جائز وبيع مسيل الماء وهبته باطل"قال:

الطريق والمسيل، وبيع حق المرور والتسييل. فإن كان األول فوجه الفرق بين المسألتين أن الطريق معلوم ألن له طوال وعرضا معلوما، وأما المسيل فمجهول ألنه ال يدرى قدر ما يشغله من الماء وإن كان الثاني

Page 29: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ففي بيع حق المرور روايتان ووجه الفرق على إحداهما بينه وبين حق التسييل أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم وهو الطريق، أما المسيل على السطح فهو نظير حق التعلي وعلى األرض مجهول لجهالة

محله. ووجه الفرق بين حق المرور وحق التعلي على إحدى الروايتين أن حق التعلي يتعلق بعين ال تبقى وهوالبناء فأشبه المنافع، أما حق المرور يتعلق بعين تبقى وهو األرض فأشبه األعيان.

فال بيع بينهما، بخالف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد "ومن باع جارية فإذا هو غالم"قال: البيع ويتخير. والفرق ينبني على األصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله وهو أن اإلشارة مع

التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل النعدامه، وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير لفوات الوصف كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب، وفي

مسألتنا الذكر واألنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في األغراض، وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها وهو المعتبر في هذا دون األصل كالخل والدبس جنسان. والوذاري والزندنيجي على ما قالوا جنسان مع

اتحاد أصلهما. "ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائةقال:

وقال الشافعي رحمه الله: يجوز ألن الملك قد تمقبل أن ينقد الثمن األول ال يجوز البيع الثاني" فيها بالقبض فصار البيع من البائع ومن غيره سواء وصار كما لو باع بمثل الثمن األول أو بالزيادة أو بالعرض.

ولنا قول عائشة رضي الله عنها: لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة: بئسما شريت واشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم

يتب؛ وألن الثمن لم يدخل في ضمانه فإذا وصل

 

إليه المبيع ووقعت المقاصة بقي له فضل خمسمائة وذلك بال عوض، بخالف ما إذا باع         -48ص -بالعرض ألن الفضل إنما يظهر عند المجانسة.

"ومن اشترى جارية بخمسمائة ثم باعها وأخرى معها من البائع قبل أن ينقد الثمنقال: ألنه ال بد أن يجعلبخمسمائة فالبيع جائز في التي لم يشترها من البائع ويبطل في األخرى"

بعض الثمن بمقابلة التي لم يشترها منه فيكون مشتريا لألخرى بأقل مما باع وهو فاسد عندنا، ولم يوجد هذا المعنى في صاحبتها وال يشيع الفساد ألنه ضعيف فيها لكونه مجتهدا فيه أو؛ ألنه باعتبار شبهة الربا، أو؛ ألنه

طارئ؛ ألنه يظهر بانقسام الثمن أو المقاصة فال يسري إلى غيرها. "ومن اشترى زيتا على أن يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطال فهوقال:

ألن الشرط األول ال يقتضيه العقدفاسد، ولو اشترى على أن يطرح عنه بوزن الظرف جاز"؛والثاني يقتضيه.

"ومن اشترى سمنا في زق فرد الظرف وهو عشرة أرطال فقال البائع الزق غير هذاقال: ألنه إن اعتبر اختالفا في تعيين الزق المقبوض فالقولوهو خمسة أرطال فالقول قول المشتري"،

قول القابض ضمينا كان أو أمينا، وإن اعتبر اختالفا في السمن فهو في الحقيقة اختالف في الثمن فيكونالقول قول المشتري؛ ألنه ينكر الزيادة.

"وإذا أمر المسلم نصرانيا ببيع خمر أو شرائها ففعل جاز عند أبي حنيفة رحمه اللهقال: وعلى هذا الخالف الخنزير، وعلى هذا توكيل المحرم غيره ببيع صيده.وقاال ال يجوز: على المسلم"

لهما أن الموكل ال يليه فال يوليه غيره؛ وألن ما يثبت للوكيل ينتقل إلى الموكل فصار كأنه باشره بنفسه فال يجوز. وألبي حنيفة رحمه الله أن العاقد هو الوكيل بأهليته وواليته، وانتقال الملك إلى اآلمر أمر حكمي فال

يمتنع بسبب اإلسالم كما إذا ورثهما، ثم إن كان خمرا يخللها وإن كان خنزيرا يسيبه. "ومن باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه أو أمة على أن يستولدهاقال:

ألن هذا بيع وشرط وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط. ثم جملة المذهبفالبيع فاسد"؛

Page 30: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فيه أن يقال: كل شرط يقتضيه العقد كشرط الملك للمشتري ال يفسد العقد لثبوته بدون الشرط، وكل شرط ال يقتضيه العقد وفيه منفعة ألحد المتعاقدين أو للمعقود عليه وهو من أهل االستحقاق يفسده كشرط

أن ال يبيع المشتري العبد المبيع؛ ألن فيه زيادة عارية عن العوض فيؤدي إلى الربا، أو؛ ألنه يقع بسببهالمنازعة فيعرى العقد عن مقصوده إال أن يكون

 

متعارفا؛ ألن العرف قاض على القياس، ولو كان ال يقتضيه العقد وال منفعة فيه ألحد ال         -49ص - يفسده وهو الظاهر من المذهب كشرط أن ال يبيع المشتري الدابة المبيعة ألنه انعدمت المطالبة فال يؤدي إلى الربا، وال إلى المنازعة. إذا ثبت هذا فنقول: إن هذه الشروط ال يقتضيها العقد؛ ألن قضيته اإلطالق في

التصرف والتخيير ال اإللزام حتما، والشرط يقتضي ذلك وفيه منفعة للمعقود عليه، والشافعي رحمه الله وإن كان يخالفنا في العتق ويقيسه على بيع العبد نسمة فالحجة عليه ما ذكرناه، وتفسير المبيع نسمة أن يباع

ممن يعلم أنه يعتقه ال أن يشترط فيه، فلو أعتقه المشتري بعدما اشتراه بشرط العتق صح البيع حتى يجب عليه الثمن عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: يبقى فاسدا حتى يجب عليه القيمة؛ ألن البيع قد وقع فاسدا فال

ينقلب جائزا كما إذا تلف بوجه آخر. وألبي حنيفة رحمه الله أن شرط العتق من حيث ذاته ال يالئم العقد على ما ذكرناه، ولكن من حيث حكمه يالئمه؛ ألنه منه للملك والشيء بانتهائه يتقرر، ولهذا ال يمنع العتق الرجوع بنقصان العيب، فإذا تلف من وجه آخر لم تتحقق المالءمة فيتقرر الفساد، وإذا وجد العتق تحققت المالءمة

فيرجح جانب الجواز فكان الحال قبل ذلك موقوفا. "وكذلك لو باع عبدا على أن يستخدمه البائع شهرا أو دارا على أن يسكنها أو على أنقال:

ألنه شرط ال يقتضيه العقد وفيه منفعة ألحديقرضه المشتري درهما أو على أن يهدي له هدية"؛ المتعاقدين؛ وألنه عليه الصالة والسالم نهى عن بيع وسلف؛ وألنه لو كان الخدمة والسكنى يقابلهما شيء

من الثمن يكون إجارة في بيع، ولو كان ال يقابلهما يكون إعارة في بيع. وقد نهى النبي عليه الصالة والسالمعن صفقتين في صفقة

ألن األجل في المبيع"ومن باع عينا على أن ال يسلمه إلى رأس الشهر فالبيع فاسد"؛قال: العين باطل فيكون شرطا فاسدا، وهذا؛ ألن األجل شرع ترفيها فيليق بالديون دون األعيان.

واألصل أن ما ال يصح إفراده بالعقد ال يصح "ومن اشترى جارية إال حملها فالبيع فاسد"قال: استثناؤه من العقد، والحمل من هذا القبيل، وهذا؛ ألنه بمنزلة أطراف الحيوان التصاله به خلقة وبيع األصل

يتناولهما فاالستثناء يكون على خالف الموجب فال يصح فيصير شرطا فاسدا، والبيع يبطل به والكتابة واإلجارة والرهن بمنزلة البيع؛ ألنها تبطل الشروط الفاسدة، غير أن المفسد في الكتابة ما يتمكن في صلب

العقد منها، والهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد ال تبطل باستثناء الحمل، بل يبطل االستثناء؛ ألن هذه العقود ال تبطل الشروط الفاسدة، وكذا الوصية ال تبطل به، لكن يصح االستثناء حتى

يكون

 

الحمل ميراثا والجارية وصية؛ ألن الوصية أخت الميراث والميراث يجري فيما في         -50ص -البطن، بخالف ما إذا استثنى خدمتها؛ ألن الميراث ال يجري فيها.

ألنه"ومن اشترى ثوبا على أن يقطعه البائع ويخيطه قميصا أو قباء فالبيع فاسد"؛قال: شرط ال يقتضيه العقد وفيه منفعة ألحد المتعاقدين؛ وألنه يصير صفقة في صفقة على ما مر.

قال رضي الله"ومن اشترى نعال على أن يحذوها البائع قال أو يشركها فالبيع فاسد"قال: عنه: ما ذكره جواب القياس، ووجهه ما بينا، وفي االستحسان: يجوز للتعامل فيه فصار كصبغ الثوب،

Page 31: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وللتعامل جوزنا االستصناع. "والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعانقال:

وهي مفضية إلى المنازعة في البيع البتنائها على المماكسة إال إذا كانا يعرفانهذلك فاسد لجهالة األجل" لكونه معلوما عندهما، أو كان التأجيل إلى فطر النصارى بعدما شرعوا في صومهم؛ ألن مدة صومهم

معلومة باأليام فال جهالة فيه. وكذلك إلى الحصاد والدياس والقطاف والجزاز؛ ألنها تتقدم"وال يجوز البيع إلى قدوم الحاج"،قال:

وتتأخر، ولو كفل إلى هذه األوقات جاز؛ ألن الجهالة اليسيرة متحملة في الكفالة وهذه الجهالة يسيرة مستدركة الختالف الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيها وألنه معلوم األصل؛ أال يرى أنها تحتمل الجهالة في أصل الدين بأن تكفل بما ذاب على فالن ففي الوصف أولى، بخالف البيع فإنه ال يحتملها في أصل الثمن،

فكذا في وصفه، بخالف ما إذا باع مطلقا ثم أجل الثمن إلى هذه األوقات حيث جاز؛ ألن هذا تأجيل في الدين وهذه الجهالة فيه متحملة بمنزلة الكفالة، وال كذلك اشتراطه في أصل العقد؛ ألنه يبطل بالشرط الفاسد.

"ولو باع إلى هذه اآلجال ثم تراضيا بإسقاط األجل قبل أن يأخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج جاز البيع أيضا. وقال زفر رحمه الله: ال يجوز؛ ألنه وقع فاسدا

ولنا أن الفساد للمنازعة وقد ارتفعفال ينقلب جائزا وصار كإسقاط األجل في النكاح إلى أجل" قبل تقرره وهذه الجهالة في شرط زائد ال في صلب العقد فيمكن إسقاطه، بخالف ما إذا باع الدرهم

بالدرهمين ثم أسقطا الدرهم الزائد؛ ألن الفساد في صلب العقد، وبخالف النكاح إلى أجل؛ ألنه متعة وهو عقد غير عقد النكاح، وقوله في الكتاب ثم تراضيا خرج وفاقا؛ ألن من له األجل يستبد بإسقاطه؛ ألنه خالص

حقه. وهذا عند أبي حنيفة رحمه"ومن جمع بين حر وعبد أو شاة ذكية وميتة بطل البيع فيهما"قال:

الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: إن سمى لكل واحد منهما ثمنا جاز في العبد

 

"وإن جمع بين عبد ومدبر أو بين عبده وعبد غيره صح البيعوالشاة الذكية         -51ص - عند علمائنا الثالثة، وقال زفر رحمه الله: فسد فيهما، ومتروك التسميةفي العبد بحصته من الثمن"

عامدا كالميتة، والمكاتب وأم الولد كالمدبر له االعتبار بالفصل األول، إذ محلية البيع منتفية باإلضافة إلى الكل ولهما أن الفساد بقدر المفسد فال يتعدى إلى القن، كمن جمع بين األجنبية وأخته في النكاح، بخالف ما

إذا لم يسم ثمن كل واحد منهما؛ ألنه مجهول وألبي حنيفة رحمه الله وهو الفرق بين الفصلين أن الحر ال يدخل تحت العقد أصال؛ ألنه ليس بمال والبيع صفقة واحدة فكان القبول في الحر شرطا للبيع في العبد وهذا

شرط فاسد، بخالف النكاح؛ ألنه ال يبطل بالشروط الفاسدة. وأما البيع في هؤالء موقوف وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية ولهذا ينفذ في عبد الغير بإجازته، وفي

المكاتب برضاه في األصح، وفي المدبر بقضاء القاضي، وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله، إال أن المالك باستحقاقه المبيع وهؤالء باستحقاقهم أنفسهم ردوا البيع فكان هذا إشارة إلى البقاء، كما

إذا اشترى عبدين وهلك أحدهما قبل القبض، وهذا ال يكون شرط القبول في غير المبيع وال بيعا بالحصةابتداء ولهذا ال يشترط بيان ثمن كل واحد فيه.

فصل: في أحكامه "وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع وفي العقد عوضان كل واحد

وقال الشافعي رحمه الله: ال يملكه وإن قبضه؛ ألنه محظور فالمنهما مال ملك المبيع ولزمته قيمته" ينال به نعمة الملك؛ وألن النهي نسخ للمشروعية للتضاد، ولهذا ال يفيده قبض القبض، وصار كما إذا باع

بالميتة أو باع الخمر بالدراهم. ولنا أن ركن البيع صدر من أهله. مضافا إلى محله فوجب القول بانعقاده، وال

Page 32: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

خفاء في األهلية والمحلية. وركنه: مبادلة المال بالمال، وفيه الكالم والنهي يقرر المشروعية عندنا القتضائه التصور فنفس البيع مشروع، وبه تنال نعمة الملك وإنما المحظور ما يجاوره كما في البيع وقت النداء، وإنما

ال يثبت الملك قبل القبض كي ال يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور إذ هو واجب الرفع باالسترداد فباالمتناع عن المطالبة أولى؛ وألن السبب قد ضعف لمكان اقترانه بالقبيح فيشترط اعتضاده بالقبض في إفادة الحكم

بمنزلة الهبة، والميتة ليست بمال فانعدم الركن، ولو كان الخمر مثمنا فقد خرجناه وشيء آخر وهو أن في الخمر الواجب هو القيمة وهي تصلح ثمنا ال مثمنا. ثم شرط أن يكون القبض بإذن البائع وهو الظاهر، إال أنه

يكتفي به داللة كما إذا قبضه في مجلس العقد

 

استحسانا، وهو الصحيح؛ ألن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه بحضرته قبل         -52ص - االفتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق، وكذا القبض في الهبة في مجلس العقد يصح استحسانا،

وشرط أن يكون في العقد عوضان كل واحد منهما مال ليتحقق ركن البيع وهو مبادلة المال فيخرج عليه البيع بالميتة والدم والحر والريح والبيع مع نفي الثمن، وقوله لزمته قيمته، في ذوات القيم، فأما في ذوات

األمثال فيلزمه المثل؛ ألنه مضمون بنفسه بالقبض فشابه الغصب، وهذا؛ ألن المثل صورة ومعنى أعدل منالمثل معنى.

رفعا للفساد، وهذا قبل القبض ظاهر؛ ألنه لم يفد حكمه"ولكل واحد من المتعاقدين فسخه"قال: فيكون الفسخ امتناعا منه، وكذا بعد القبض إذا كان الفساد في صلب العقد لقوته، وإن كان الفساد بشرطزائد فلمن له الشرط ذلك دون من عليه لقوة العقد، إال أنه لم تتحقق المراضاة في حق من له الشرط.

ألنه ملكه فملك التصرف فيه وسقط حق االسترداد لتعلق حق"فإن باعه المشتري نفذ بيعه"؛قال: العبد بالثاني ونقض األول لحق الشرع وحق العبد مقدم لحاجته وألن األول مشروع بأصله دون وصفه،

والثاني مشروع بأصله ووصفه فال يعارضه مجرد الوصف؛ وألنه حصل بتسليط من جهة البائع، بخالف تصرف المشتري في الدار المشفوعة؛ ألن كل واحد منهما حق العبد ويستويان في المشروعية وما حصل بتسليط

من الشفيع. "ومن اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه وأعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائزقال:

لما ذكرنا أنه ملكه بالقبض فتنفذ تصرفاته، وباإلعتاق قد هلك فتلزمه القيمة، وبالبيع والهبةوعليه القيمة" انقطع االسترداد على ما مر، والكتابة والرهن نظير البيع؛ ألنهما الزمان. إال أنه يعود حق االسترداد بعجز

المكاتب وفك الرهن لزوال المانع. وهذا بخالف اإلجارة؛ ألنها تفسخ باألعذار، ورفع الفساد عذر؛ وألنها تنعقدشيئا فشيئا فيكون الرد امتناعا.

ألن المبيع مقابل به فيصير"وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن"؛قال: ألنه يقدم عليه في"وإن مات البائع فالمشتري أحق به حتى يستوفي الثمن"؛محبوسا به كالرهن

حياته، فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته كالراهن ثم إن كانت دراهم الثمن قائمة يأخذها بعينها؛ ألنها تتعينفي البيع الفاسد، وهو األصح؛ ألنه بمنزلة الغصب، وإن كانت مستهلكة أخذ مثلها لما بينا.

عند أبي حنيفة رحمه الله ورواه"ومن باع دارا بيعا فاسدا فبناها المشتري فعليه قيمتها"قال: "وقاال: ينقض البناء وترديعقوب عنه في الجامع الصغير ثم شك بعد ذلك في الرواية.

 

والغرس على هذا االختالف. لهما أن حق الشفيع أضعف من حق البائع حتىالدار"         -53ص - يحتاج فيه إلى القضاء ويبطل بالتأخير، بخالف حق البائع، ثم أضعف الحقين ال يبطل بالبناء فأقواهما أولى، وله أن البناء والغرس مما يقصد به الدوام وقد حصل بتسليط من جهة البائع فينقطع حق االسترداد كالبيع،

Page 33: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

بخالف حق الشفيع؛ ألنه لم يوجد منه التسليط ولهذا ال يبطل بهبة المشتري وبيعه فكذا ببنائه وشك يعقوب في حفظ الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله وقد نص محمد على االختالف في كتاب الشفعة فإن حق

الشفعة مبني على انقطاع حق البائع بالبناء وثبوته على االختالف. "ومن اشترى جارية بيعا فاسدا وتقابضا فباعها وربح فيها تصدق بالربح ويطيب للبائعقال:

والفرق أن الجارية مما يتعين فيتعلق العقد بها فيتمكن الخبث في الربح، والدراهمما ربح في الثمن" والدنانير ال يتعينان على العقود فلم يتعلق العقد الثاني بعينها فلم يتمكن الخبث فال يجب التصدق، وهذا في

الخبث الذي سببه فساد الملك. أما الخبث لعدم الملك فعند أبي حنيفة ومحمد يشمل النوعين لتعلق العقد فيما يتعين حقيقة، وفيما ال يتعين شبهة من حيث إنه يتعلق به سالمة المبيع أو تقدير الثمن، وعند فساد الملك تنقلب الحقيقة شبهة والشبهة

تنزل إلى شبهة الشبهة، والشبهة هي المعتبرة دون النازل عنها. "وكذلك إذا ادعى على آخر ماال فقضاه إياه، ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد ربحقال:

ألن الخبث لفساد الملك هاهنا؛ ألن الدين وجب بالتسمية ثمالمدعي في الدراهم يطيب له الربح"؛استحق بالتصادق، وبدل المستحق مملوك فال يعمل فيما ال يتعين.

فصل: فيما يكره وهو أن يزيد في الثمن وال يريد الشراء"ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش"قال:

"ال تناجشوا".ليرغب غيره وقال: "ال يستم الرجل على سوم أخيه وال قال عليه الصالة والسالم: "وعن السوم على سوم غيره"قال:

وألن في ذلك إيحاشا وإضرارا، وهذا إذا تراضى المتعاقدان على مبلغ ثمنا فييخطب على خطبة أخيه"؛ المساومة، فأما إذا لم يركن أحدهما إلى اآلخر فهو بيع من يزيد وال بأس به على ما نذكره، وما ذكرناه

محمل النهي في النكاح أيضا. وهذا إذا كان يضر بأهل البلد فإن كان ال يضر فال بأس به، إال إذا لبس السعر"وعن تلقي الجلب"قال:

على الواردين فحينئذ يكره لما فيه من الغرور والضرر.

 

"ال يبع الحاضر فقد قال عليه الصالة والسالم:"وعن بيع الحاضر للبادي"قال:         -54ص - وهذا إذا كان أهل البلد في قحط وعوز، وهو أن يبيع من أهل البدو طمعا في الثمن الغالي لما فيهللبادي"

من اإلضرار بهم أما إذا لم يكن كذلك فال بأس به النعدام الضرر. [ ثم فيه إخالل بواجب9 ]الجمعة:}وذروا البيع{ قال الله تعالى: "والبيع عند أذان الجمعة"قال:

السعي على بعض الوجوه، وقد ذكرنا األذان المعتبر فيه في كتاب الصالة. ألن الفساد في معنى خارج زائد ال في صلب"وال يفسد به البيع"؛ لما ذكرنا، "وكل ذلك يكره"قال:

العقد وال في شرائط الصحة. قال "وال بأس ببيع من يزيد" وتفسيره ما ذكرنا. وقد صح أن النبي عليه الصالة والسالم باع قدحا وحلسا ببيع

من يزيد؛ وألنه بيع الفقراء والحاجة ماسة إلى "نوع منه". "ومن ملك مملوكين صغيرين أحدهما ذو رحم محرم من اآلخر لم يفرق بينهما، وكذلكقال:

"من فرق بين والدة وولدها فرق الله واألصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: إن كان أحدهما كبيرا" ووهب النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه غالمين أخوينبينه وبين أحبته يوم القيامة".

وألن"رده رده"؛ ويروى: "أدرك أدرك"، فقال: بعت أحدهما، فقال: "ما فعل الغالمان؟"صغيرين ثم قال له: الصغير يستأنس بالصغير وبالكبير والكبير يتعاهده فكان في بيع أحدهما قطع االستئناس، والمنع من التعاهد وفيه ترك المرحمة على الصغار، وقد أوعد عليه ثم المنع معلول بالقرابة المحرمة للنكاح حتى ال يدخل فيه

Page 34: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

محرم غير قريب وال قريب غير محرم، وال يدخل فيه الزوجان حتى جاز التفريق بينهما؛ ألن النص ورد بخالف القياس فيقتصر على مورده، وال بد من اجتماعهما في ملكه لما ذكرنا، حتى لو كان أحد الصغيرين له واآلخر لغيره ال بأس ببيع واحد منهما، ولو كان التفريق بحق مستحق ال بأس به كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين

ورده بالعيب؛ ألن المنظور إليه دفع الضرر عن غيره ال اإلضرار به. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه ال يجوز في قرابة الوالد"فإن فرق كره له ذلك وجاز العقد"قال:

ويجوز في غيرها. وعنه أنه ال يجوز في جميع ذلك لما روينا، فإن األمر باإلدراك والرد ال يكون إال في البيع الفاسد. ولهما أن ركن البيع صدر من أهله في محله، وإنما الكراهة لمعنى مجاور فشابه كراهة االستيام

"أنه ألنه ليس في معنى ما ورد به النص، وقد صح "وإن كانا كبيرين فال بأس بالتفريق بينهما"؛ والله أعلم.عليه الصالة والسالم فرق بين مارية وسيرين وكانتا أمتين أختين"

 

باب اإلقالة         -55ص - "من أقال نادما بيعته أقال لقوله عليه الصالة والسالم: "اإلقالة جائزة في البيع بمثل الثمن األول"

"فإن شرطا أكثر منه أو أقل وألن العقد حقهما فيملكان رفعه دفعا لحاجتهما الله عثرته يوم القيامة" واألصل أن اإلقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد فيفالشرط باطل ويرد مثل الثمن األول".

حق غيرهما إال أن ال يمكن جعله فسخا فتبطل، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف رحمه الله هو بيع إال أن ال يمكن جعله بيعا فيجعل فسخا إال أن ال يمكن فتبطل. وعند محمد رحمه الله هو فسخ إال إذا تعذر جعله فسخا فيجعل بيعا إال أن ال يمكن فتبطل. لمحمد رحمه الله أن اللفظ للفسخ والرفع. ومنه يقال:

أقلني عثراتي فتوفر عليه قضيته. وإذا تعذر يحمل على محتمله وهو البيع؛ أال ترى أنه بيع في حق الثالث: وألبي يوسف رحمه الله أنه مبادلة المال بالمال بالتراضي. وهذا هو حد البيع ولهذا يبطل بهالك السلعة ويرد

بالعيب وتثبت به الشفعة وهذه أحكام البيع. وألبي حنيفة رحمه الله أن اللفظ ينبئ عن الرفع والفسخ كما قلنا، واألصل إعمال األلفاظ في مقتضياتها الحقيقية، وال يحتمل ابتداء العقد ليحمل عليه عند تعذره؛ ألنه

ضده واللفظ ال يحتمل ضده فتعين البطالن، وكونه بيعا في حق الثالث أمر ضروري؛ ألنه يثبت به مثل حكم البيع وهو الملك ال مقتضى الصيغة، إذ ال والية لهما على غيرهما، إذا ثبت هذا نقول: إذا شرط األكثر فاإلقالة

على الثمن األول لتعذر الفسخ على الزيادة، إذ رفع ما لم يكن ثابتا محال فيبطل الشرط؛ ألن اإلقالة ال تبطل بالشروط الفاسدة، بخالف البيع؛ ألن الزيادة يمكن إثباتها في العقد فيتحقق الربا أو ال يمكن إثباتها في

الرفع، وكذا إذا شرط األقل لما بيناه إال أن يحدث في المبيع عيب فحينئذ جازت اإلقالة باألقل؛ ألن الحط يجعل بإزاء ما فات بالعيب، وعندهما في شرط الزيادة يكون بيعا؛ ألن األصل هو البيع عند أبي يوسف رحمه الله وعند محمد رحمه الله جعله بيعا ممكن فإذا زاد كان قاصدا بهذا ابتداء البيع، وكذا في شرط األقل عند

أبي يوسف رحمه الله؛ ألنه هو األصل عنده، وعند محمد رحمه الله هو فسخ بالثمن األول ال سكوت عن بعض الثمن األول، ولو سكت عن الكل وأقال يكون فسخا فهذا أولى، بخالف ما إذا زاد، وإذا دخله عيب فهو

فسخ باألقل لما بيناه. ولو أقال بغير جنس الثمن األول فهو فسخ بالثمن األول عند أبي حنيفة رحمه الله ويجعل التسمية لغوا عندهما بيع لما بينا، ولو ولدت المبيعة ولدا ثم تقايال فاإلقالة باطلة عنده ألن الولد مانع

من الفسخ، وعندهما تكون بيعا واإلقالة قبل القبض في المنقول، وغيره فسخ عند أبي حنيفة ومحمدرحمهما الله

 

وكذا عند أبي يوسف رحمه الله في المنقول لتعذر البيع، وفي العقار يكون بيعا عنده         -56ص -إلمكان البيع، فإن بيع العقار قبل القبض جائز عنده.

Page 35: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن رفع البيع يستدعي قيامه"وهالك الثمن ال يمنع صحة اإلقالة وهالك المبيع يمنع منها"قال: لقيام البيع فيه، وإن"فإن هلك بعض المبيع جازت اإلقالة في الباقي"؛وهو قائم بالبيع دون الثمن

تقايضا تجوز اإلقالة بعد هالك أحدهما وال تبطل بهالك أحدهما ألن كل واحد منهما مبيع فكان المبيع باقيا،والله أعلم بالصواب.

باب المرابحة والتولية "المرابحة نقل ما ملكه بالعقد األول بالثمن األول مع زيادة ربح، والتولية نقل ما ملكهقال:

والبيعان جائزان؛ الستجماع شرائط الجواز، والحاجةبالعقد األول بالثمن األول من غير زيادة ربح" ماسة إلى هذا النوع من البيع؛ ألن الغبي الذي ال يهتدي في التجارة يحتاج إلى أن يعتمد فعل الذكي المهتدي وتطيب نفسه بمثل ما اشترى وبزيادة ربح فوجب القول بجوازهما، ولهذا كان مبناهما على األمانة واالحتراز

عن الخيانة وعن شبهتها، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر رضي الله ، فقال: هو لك بغير شيء، فقال عليه "ولني أحدهما"عنه بعيرين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

"أما بغير ثمن فال".الصالة والسالم: ألنه إذا لم يكن له مثل لو ملكه"وال تصح المرابحة والتولية حتى يكون العوض مما له مثل"؛قال:

"ولو كان المشتري باعه مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعهملكه بالقيمة وهي مجهولة "وإن باعه بربح ألنه يقدر على الوفاء بما التزمبربح درهم أو بشيء من المكيل موصوف جاز"

ألنه باعه برأس المال وببعض قيمته؛ ألنه ليس من ذوات األمثال.اإلل يازده ال يجوز" "ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والطراز والصبغ والقتل وأجرة حمل

ألن العرف جار بإلحاق هذه األشياء برأس المال في عادة التجار؛ وألن كل ما يزيد في المبيع أوالطعام" في قيمته يلحق به هذا هو األصل، وما عددناه بهذه الصفة؛ ألن الصبغ وأخواته يزيد في العين والحمل يزيد

كي ال"ويقول قام علي بكذا ولم يقل اشتريته بكذا"في القيمة إذ القيمة تختلف باختالف المكان يكون كاذبا وسوق الغنم بمنزلة الحمل، بخالف أجرة الراعي وكراء بيت الحفظ؛ ألنه ال يزيد في العين

"فإن اطلع المشتري علىوالمعنى، وبخالف أجرة التعليم ألن ثبوت الزيادة لمعنى فيه وهو حذاقته عندخيانة في المرابحة فهو بالخيار"

 

"وإن اطلع علىأبي حنيفة رحمه الله إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء تركه         -57ص - خيانة في التولية أسقطها من الثمن، وقال أبو يوسف رحمه الله: يحط فيهما، وقال محمد

لمحمد رحمه الله أن االعتبار للتسمية؛ لكونه معلوما، والتولية والمرابحة ترويجرحمه الله: يخير فيهما" وترغيب فيكون وصفا مرغوبا فيه كوصف السالمة فيتخير بفواته، وألبي يوسف رحمه الله أن األصل فيه كونه تولية ومرابحة ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن األول أو بعتك مرابحة على الثمن األول إذا كان ذلك

معلوما فال بد من البناء على األول وذلك بالحط، غير أنه يحط في التولية قدر الخيانة من رأس المال وفي المرابحة منه ومن الربح، وألبي حنيفة رحمه الله أنه لو لم يحط في التولية ال تبقى تولية؛ ألنه يزيد على

الثمن األول فيتغير التصرف فتعين الحط وفي المرابحة لو لم يحط تبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فال يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير، فلو هلك قبل أن يرده أو حدث فيه ما يمنع الفسخ يلزمه جميع الثمن في الروايات الظاهرة؛ ألنه مجرد خيار ال يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط، بخالف خيار العيب؛

ألنه المطالبة بتسليم الفائت فيسقط ما يقابله عند عجزه. "ومن اشترى ثوبا فباعه بربح ثم اشتراه، فإن باعه مرابحة طرح عنه كل ربح كان قبلقال:

ذلك، فإن كان استغرق الثمن لم يبعه مرابحة، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: يبيعه مرابحة على الثمن األخير".

Page 36: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

صورته: إذا اشترى ثوبا بعشرة وباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة بخمسة ويقول قام علي بخمسة، ولو اشتراه بعشرة وباعه بعشرين مرابحة ثم اشتراه بعشرة ال يبيعه مرابحة أصال، وعندهما يبيعه مرابحة على العشرة في الفصلين، لهما أن العقد الثاني عقد متجدد منقطع األحكام عن األول فيجوز بناء المرابحة عليه، كما إذا تخلل ثالث، وألبي حنيفة رحمه الله أن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة؛

ألنه يتأكد به بعدما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب الشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا ولهذا لم تجز المرابحة فيما أخذ بالصلح لشبهة الحطيطة فيصير كأنه اشترى خمسة وثوبا بعشرة فيطرح

عنه خمسة، بخالف ما إذا تخلل ثالث؛ ألن التأكيد حصل بغيره. "وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته فباعهقال:

من المولى بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على عشرة، وكذلك إن كان المولى اشتراه ألن في هذا العقد شبهة العدم بجوازه مع المنافي فاعتبر عدما في حكم المرابحة وبقيفباعه من العبد"

االعتبار لألول فيصير كأن العبد اشتراه للمولى بعشرة في الفصل األول، وكأنه يبيعه للمولى في الفصلالثاني فيعتبر الثمن األول.

 

"وإذا كان مع المضارب عشرة دراهم بالنصف فاشترى ثوبا بعشرةقال:         -58ص - ألن هذا البيع وإنوباعه من رب المال بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة باثني عشر ونصف"

قضي بجوازه عندنا عند عدم الربح خالفا لزفر رحمه الله مع أنه اشترى ماله بماله لما فيه من استفادة والية التصرف وهو مقصود واالنعقاد يتبع الفائدة ففيه شبهة العدم؛ أال ترى أنه وكيل عنه في البيع األول من وجه

فاعتبر البيع الثاني عدما في حق نصف الربح. ألنه لم يحتبس"ومن اشترى جارية فاعورت أو وطئها وهي ثيب يبيعها مرابحة وال يبين"قال:

عنده شيئا يقابله الثمن؛ ألن األوصاف تابعة ال يقابلها الثمن، ولهذا لو فاتت قبل التسليم ال يسقط شيء من الثمن، وكذا منافع البضع ال يقابلها الثمن، والمسألة فيما إذا لم ينقصها الوطء، وعن أبي يوسف رحمه الله

"فأما إذافي الفصل األول أنه ال يبيع من غير بيان، كما إذا احتبس بفعله وهو قول الشافعي رحمه الله ألنه صار مقصودافقأ عينها بنفسه أو فقأها أجنبي فأخذ أرشها لم يبعها مرابحة حتى يبين"

باإلتالف فيقابلها شيء من الثمن، وكذا إذا وطئها وهي بكر ألن العذرة جزء من العين يقابلها الثمن وقدحبسها.

"ولو اشترى ثوبا فأصابه قرض فأر أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان، ولو تكسر والمعنى ما بيناه.بنشره وطيه ال يبيعه مرابحة حتى يبين"

"ومن اشترى غالما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين فعلم المشتري، فإنقال: ألن لألجل شبها بالمبيع؛ أال يرى أنه يزاد في الثمن ألجل األجل، والشبهة فيشاء رده، وإن شاء قبل"؛

هذا ملحقة بالحقيقة فصار كأنه اشترى شيئين وباع أحدهما مرابحة بثمنهما، واإلقدام على المرابحة يوجب "وإن استهلكه ثم علم لزمه بألفالسالمة عن مثل هذه الخيانة، فإذا ظهرت يخير كما في العيب

ألن األجل ال يقابله شيء من الثمن.ومائة"؛ ؛ ألن الخيانة في التولية مثلها في المرابحة؛ ألنه بناء"شاء "فإن كان واله إياه ولم يبين رده إنقال:

لما ذكرناه، وعن أبي يوسف رحمه"وإن كان استهلكه ثم علم لزمه بألف حالة"على الثمن األول الله أنه يرد القيمة ويسترد كل الثمن، وهو نظير ما إذا استوفى الزيوف مكان الجياد وعلم بعد االتفاق،

وسيأتيك من بعد إن شاء الله تعالى، وقيل يقوم بثمن حال وبثمن مؤجل فيرجع بفضل ما بينهما، ولو لم يكن األجل مشروطا في العقد ولكنه منجم معتاد قيل ال بد من بيانه؛ ألن المعروف كالمشروط، وقيل يبيعه وال

يبينه؛ ألن الثمن حال.

Page 37: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ومن ولى رجال شيئا بما قام عليه ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فالبيع فاسد"قال: "فإن أعلمه البائع، يعني في المجلس فهو بالخيار، إن شاء أخذه وإن شاء تركه"لجهالة الثمن

 

ألن الفساد لم يتقرر، فإذا حصل العلم في المجلس جعل كابتداء العقد وصار كتأخير         -59ص - القبول إلى آخر المجلس وبعد االفتراق قد تقرر فال يقبل اإلصالح، ونظيره بيع الشيء برقمه إذا علم في

المجلس، وإنما يتخير؛ ألن الرضا لم يتم قبله لعدم العلم فيتخير كما في خيار الرؤية.

فصل: "ومن اشترى شيئا مما ينقل ويحول لم يجز له بيعه حتى يقبضه" "ويجوزألنه عليه الصالة والسالم نهى عن بيع ما لم يقبض وألن فيه غرر انفساخ العقد على اعتبار الهالك.

بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله. وقال محمد رحمه الله: ال رجوعا إلى إطالق الحديث واعتبارا بالمنقول وصار كاإلجارة، ولهما أن ركن البيع صدر من أهله فييجوز"

محله، وال غرر فيه؛ ألن الهالك في العقار نادر، بخالف المنقول، والغرر المنهي عنه غرر انفساخ العقد، والحديث معلول به عمال بدالئل الجواز واإلجارة، قيل على هذا الخالف؛ ولو سلم فالمعقود عليه في اإلجارة

المنافع وهالكها غير نادر. "ومن اشترى مكيال مكايلة أو موزونا موازنة فاكتاله أو اتزنه ثم باعه مكايلة أو موازنةقال:

ألن النبي عليه الصالةلم يجز للمشترى منه أن يبيعه وال أن يأكله حتى يعيد الكيل والوزن" والسالم نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان: صاع البائع، وصاع المشتري؛ وألنه يحتمل أن يزيد على

المشروط وذلك للبائع والتصرف في مال الغير حرام فيجب التحرز عنه، بخالف ما إذا باعه مجازفة؛ ألن الزيادة له، وبخالف ما إذا باع الثوب مذارعة؛ ألن الزيادة له إذ الذرع وصف في الثوب، بخالف القدر، وال معتبر بكيل البائع قبل البيع وإن كان بحضرة المشتري؛ ألنه ليس صاع البائع والمشتري وهو الشرط، وال

بكيله بعد البيع بغيبة المشتري؛ ألن الكيل من باب التسليم؛ ألن به يصير المبيع معلوما وال تسليم إال بحضرته، ولو كاله البائع بعد البيع بحضرة المشتري فقد قيل ال يكتفى به لظاهر الحديث، فإنه اعتبر صاعين

والصحيح أنه يكتفى به؛ ألن المبيع صار معلوما بكيل واحد وتحقق معنى التسليم، ومحمل الحديث اجتماع الصفقتين على ما نبين في باب السلم إن شاء الله تعالى، ولو اشترى المعدود عدا فهو كالمذروع فيما

يروى عنهما ألنه ليس بمال الربا، وكالموزون فيما يروى عن أبي حنيفة رحمه الله ألنه ال تحل له الزيادةعلى المشروط.

لقيام المطلق وهو الملك وليس فيه غرر االنفساخ"والتصرف في الثمن قبل القبض جائز"قال: بالهالك لعدم تعينها بالتعيين، بخالف المبيع.

"ويجوز للمشتري أن يزيد للبائع في الثمن ويجوز للبائع أن يزيد للمشتري فيقال:

 

فالزيادةالمبيع، ويجوز أن يحط من الثمن ويتعلق االستحقاق بجميع ذلك"         -60ص - والحط يلتحقان بأصل العقد عندنا، وعند زفر والشافعي رحمه الله ال يصحان على اعتبار االلتحاق، بل على

اعتبار ابتداء الصلة، لهما أنه ال يمكن تصحيح الزيادة ثمنا؛ ألنه يصير ملكه عوض ملكه فال يلتحق بأصل العقد، وكذا الحط؛ ألن كل الثمن صار مقابال بكل المبيع فال يمكن إخراجه فصار برا مبتدأ، ولنا أنهما بالحط والزيادة

يغيران العقد من وصف مشروع إلى وصف مشروع وهو كونه رابحا أو خاسرا أو عدال، ولهما والية الرفع فأولى أن يكون لهما والية التغير، وصار كما إذا أسقطا الخيار أو شرطاه بعد العقد، ثم إذا صح يلتحق بأصل

العقد؛ ألن وصف الشيء يقوم به ال بنفسه، بخالف حط الكل؛ ألنه تبديل ألصله ال تغيير لوصفه فال يلتحق به،

Page 38: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وعلى اعتبار االلتحاق ال تكون الزيادة عوضا عن ملكه، ويظهر حكم االلتحاق في التولية والمرابحة حتى يجوز على الكل في الزيادة ويباشر على الباقي في الحط وفي الشفعة حتى يأخذ بما بقي في الحط، وإنما كان

للشفيع أن يأخذ بدون الزيادة لما في الزيادة من إبطال حقه الثابت فال يملكانه، ثم الزيادة ال تصح بعد هالك المبيع على ظاهر الرواية؛ ألن المبيع لم يبق على حالة يصح االعتياض عنه والشيء يثبت ثم يستند، بخالف

الحط ألنه بحال يمكن إخراج البدل عما يقابله فيلتحق بأصل العقد استنادا. ألن الثمن حقه فله أن يؤخره تيسيرا"ومن باع بثمن حال ثم أجله أجال معلوما صار مؤجال"؛قال:

على من عليه، أال ترى أنه يملك إبراءه مطلقا فكذا مؤقتا، ولو أجله إلى أجل مجهول إن كانت الجهالة متفاحشة كهبوب الريح ال يجوز، وإن كانت متقاربة كالحصاد والدياس يجوز؛ ألنه بمنزلة الكفالة وقد ذكرناه

من قبل. فإن تأجيله ال يصح؛ ألنه"إال القرض" لما ذكرنا "وكل دين حال إذا أجله صاحبه صار مؤجال"؛قال:

إعارة وصلة في االبتداء حتى يصح بلفظة اإلعارة، وال يملكه من ال يملك التبرع كالوصي والصبي ومعاوضة في االنتهاء، فعلى اعتبار االبتداء ال يلزم التأجيل فيه كما في اإلعارة، إذ ال جبر في التبرع، وعلى اعتبار

االنتهاء ال يصح؛ ألنه يصير بيع الدراهم بالدراهم نسيئة وهو ربا، وهذا بخالف ما إذا أوصى أن يقرض من ماله ألف درهم فالنا إلى سنة حيث يلزم الورثة من ثلثه أن يقرضوه وال يطالبوه قبل المدة؛ ألنه وصية بالتبرع

بمنزلة الوصية بالخدمة والسكنى فيلزم حقا للموصي، والله تعالى أعلم.

باب الربا فالعلة عندنا الكيل"الربا محرم في كل مكيل أو موزون إذا بيع بجنسه متفاضال"قال:

 

مع الجنس والوزن مع الجنس. قال رضي الله عنه: ويقال القدر مع الجنس وهو أشمل.         -61ص - "الحنطة بالحنطة مثال بمثل يدا بيد، والفضلواألصل فيه الحديث المشهور وهو قوله عليه الصالة والسالم:

وعد األشياء الستة: الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والفضة على هذا المثال. ويروى بروايتينربا" بالرفع مثل وبالنصب مثال. ومعنى األول بيع التمر، ومعنى الثاني بيعوا التمر، والحكم معلوم بإجماع القائسين

لكن العلة عندنا ما ذكرناه. وعند الشافعي رحمه الله: الطعم في المطعومات والثمنية في األثمان، والجنسية شرط، والمساواة مخلص. واألصل هو الحرمة عنده ألنه نص على شرطين التقابض والمماثلة

وكل ذلك يشعر بالعزة والخطر كاشتراط الشهادة في النكاح، فيعلل بعلة تناسب إظهار الخطر والعزة وهو الطعم لبقاء اإلنسان به والثمنية لبقاء األموال التي هي مناط المصالح بها، وال أثر للجنسية في ذلك فجعلناه

شرطا والحكم قد يدور مع الشرط. ولنا أنه أوجب المماثلة شرطا في البيع وهو المقصود بسوقه تحقيقا لمعنى البيع، إذ هو ينبئ عن التقابل وذلك بالتماثل، أو صيانة ألموال الناس عن التوى، أو تتميما للفائدة

باتصال التسليم به، ثم يلزم عند فوته حرمة الربا والمماثلة بين الشيئين باعتبار الصورة والمعنى، والمعيار يسوى الذات، والجنسية تسوى المعنى فيظهر الفضل على ذلك فيتحقق الربا، ألن الربا هو الفضل

المستحق ألحد المتعاقدين في المعاوضة الخالي عن عوض شرط فيه، وال يعتبر الوصف ألنه ال يعد تفاوتا والطعم"جيدها ورديئها سواء"عرفا، أو ألن في اعتباره سد باب البياعات، أو لقوله عليه الصالة والسالم:

والثمنية من أعظم وجوه المنافع، والسبيل في مثلها اإلطالق بأبلغ الوجوه لشدة االحتياج إليها دون التضييق فيه فال معتبر بما ذكره. إذا ثبت هذا نقول إذا: بيع المكيل أو الموزون بجنسه مثال بمثل جاز البيع فيه لوجوب شرط الجواز، وهو المماثلة في المعيار؛ أال ترى إلى ما يروى مكان قوله، مثال بمثل كيال بكيل، وفي الذهب

"وال يجوز بيع الجيد بالرديء مما فيه الربا لتحقق الربا "وإن تفاضال لم يجز"بالذهب وزنا بوزن "ويجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين" إلهدار التفاوت في الوصف إال مثال بمثل"

ألن المساواة بالمعيار ولم يوجد فلم يتحقق الفضل، ولهذا كان مضمونا بالقيمة عند اإلتالف. وعند الشافعي

Page 39: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

رحمه الله العلة هي الطعم وال مخلص وهو المساواة فيحرم، وما دون نصف الصاع فهو في حكم الحفنة ألنه ال تقدير في الشرع بما دونه، ولو تبايعا مكيال أو موزونا غير مطعوم بجنسه متفاضال كالجص والحديد ال يجوز

عندنا لوجود القدر والجنس. وعنده يجوز لعدم الطعم والثمنية. لعدم العلة "وإذا عدم الوصفان الجنس والمعنى المضموم إليه حل التفاضل والنساء"قال:

المحرمة.

 

واألصل فيه اإلباحة. وإذا وجدا. حرم التفاضل والنساء لوجود العلة. وإذا وجد أحدهما         -62ص - وعدم اآلخر حل التفاضل وحرم النساء مثل أن يسلم هرويا في هروي أو حنطة في شعير، فحرمة ربا

الفضل بالوصفين وحرمة النساء بأحدهما. وقال الشافعي: الجنس بانفراده ال يحرم النساء ألن بالنقدية وعدمها ال يثبت إال شبهة الفضل، وحقيقة الفضل غير مانع فيه حتى يجوز بيع الواحد باالثنين فالشبهة أولى. ولنا أنه مال الربا من وجه نظرا إلى القدر أو الجنس والنقدية أوجبت فضال في المالية فتتحقق شبهة الربا

وهي مانعة كالحقيقة، إال أنه إذا أسلم النقود في الزعفران ونحوه يجوز، وإن جمعهما الوزن ألنهما ال يتفقان في صفة الوزن، فإن الزعفران يوزن باألمناء وهو مثمن يتعين بالتعيين، والنقود توزن بالسنجات وهو ثمن ال

يتعين بالتعيين. ولو باع بالنقود موازنة وقبضها صح التصرف فيها قبل الوزن، وفي الزعفران وأشباهه ال يجوز، فإذا اختلفا فيه صورة ومعنى وحكما لم يجمعهما القدر من كل وجه فتنزل الشبهة فيه إلى شبهة

الشبهة وهي غير معتبرة. "وكل شيء نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التفاضل فيه كيال فهوقال:

مكيل أبدا، وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا، وإن ترك الناس الوزن فيه مثل الذهب والفضة"

"وما لم ينص عليه فهو محمول على عاداتألن النص أقوى من العرف واألقوى ال يترك باألدنى ألنها داللة. وعن أبي يوسف أنه يعتبر العرف على خالف المنصوص عليه أيضا ألن النص على ذلكالناس"

لمكان العادة فكانت هي المنظور إليها وقد تبدلت، فعلى هذا لو باع الحنطة بجنسها متساويا وزنا، أو الذهب بجنسه متماثال كيال ال يجوز عندهما، وإن تعارفوا ذلك لتوهم الفضل على ما هو المعيار فيه، كما إذا باع

مجازفة إال أنه يجوز اإلسالم في الحنطة ونحوها وزنا لوجود اإلسالم في معلوم. معناه ما يباع باألواقي ألنها قدرت بطريق الوزن حتى"وكل ما ينسب إلى الرطل فهو وزني"قال:

يحتسب ما يباع بها وزنا، بخالف سائر المكاييل، وإذا كان موزونا فلو بيع بمكيال ال يعرف وزنه بمكيال مثله اليجوز لتوهم الفضل في الوزن بمنزلة المجازفة.

لقوله"وعقد الصرف ما وقع على جنس األثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس"قال: معناه يدا بيد، وسنبين الفقه في الصرف إن شاء الله"والفضة بالفضة هاء وهاء"عليه الصالة والسالم:

تعالى. "وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين وال يعتبر فيه التقابض خالفا للشافعيقال:

 

له قوله عليه الصالة والسالم في الحديث المعروف "يدا بيد" وألنهفي بيع الطعام".         -63ص - إذا لم يقبض في المجلس فيتعاقب القبض وللنقد مزية فتثبت شبهة الربا. ولنا أنه مبيع متعين فال يشترط

فيه القبض كالثوب، وهذا ألن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين، بخالف الصرف ألن القبض فيه ليتعين به؛ ومعنى قوله عليه الصالة والسالم "يدا بيد" عينا بعين، وكذا رواه

عبادة بن الصامت رضي الله عنه وتعاقب القبض ال يعتبر تفاوتا في المال عرفا، بخالف النقد والمؤجل.

Page 40: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

النعدام المعيار فال"ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين"قال: يتحقق الربا. والشافعي يخالفنا فيه لوجود الطعم على ما مر.

عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: ال يجوز ألن"ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما"قال: الثمنية تثبت باصطالح الكل فال تبطل باصطالحهما، وإذا بقيت أثمانا ال تتعين فصار كما إذا كانا بغير أعيانهما

وكبيع الدرهم بالدرهمين. ولهما أن الثمنية في حقهما تثبت باصطالحهما إذ ال والية للغير عليهما فتبطل باصطالحهما وإذا بطلت الثمنية تتعين بالتعيين وال يعود وزنيا لبقاء االصطالح على العد إذ في نقضه في حق العد فساد العقد فصار كالجوزة بالجوزتين بخالف النقود ألنها للثمنية خلقة، وبخالف ما إذا كانا بغير أعيانهما

ألنه كالئ بالكالئ وقد نهي عنه، وبخالف ما إذا كان أحدهما بغير عينه ألن الجنس بانفراده يحرم النساء. ألن المجانسة باقية من وجه ألنهما من أجزاء"وال يجوز بيع الحنطة بالدقيق وال بالسويق"قال:

الحنطة والمعيار فيهما الكيل، لكن الكيل غير مسو بينهما وبين الحنطة الكتنازهما فيه وتخلخل حبات الحنطة "وبيع لتحقق الشرط "ويجوز بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيال"فال يجوز وإن كان كيال بكيل " عند أبي حنيفة متفاضال، وال متساويا ألنه ال يجوز بيع الدقيق بالمقلية وال بيعالدقيق بالسويق ال يجوز

السويق بالحنطة، فكذا بيع أجزائهما لقيام المجانسة من وجه. وعندهما يجوز ألنهما جنسان مختلفان الختالف المقصود. قلنا: معظم المقصود وهو التغذي يشملهما فال يبالى بفوات البعض كالمقلية مع غير

المقلية والعلكة بالمسوسة. عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا باعه بلحم من جنسه ال"ويجوز بيع اللحم بالحيوان"قال:

يجوز إال إذا كان اللحم المفرز أكثر ليكون اللحم بمقابلة ما فيه من اللحم والباقي بمقابلة السقط، إذ لو لميكن كذلك يتحقق الربا من حيث زيادة

 

السقط أو من حيث زيادة اللحم فصار كالخل بالسمسم. ولهما أنه باع الموزون بما         -64ص - ليس بموزون، ألن الحيوان ال يوزن عادة وال يمكن معرفة ثقله بالوزن ألنه يخفف نفسه مرة بصالبته ويثقلأخرى، بخالف تلك المسألة ألن الوزن في الحال يعرف قدر الدهن إذا ميز بينه وبين الثجير، ويوزن الثجير.

وقاال: ال يجوز لقوله عليه الصالة"ويجوز بيع الرطب بالتمر مثال بمثل عند أبي حنيفة"قال: وله أن الرطب "أو ينقص إذا جف؟ فقيل نعم، فقال عليه الصالة والسالم: "ال إذا"والسالم حين سأل عنه

سماه تمرا. وبيع التمر"أ و كل تمر خيبر هكذا؟"تمر لقوله عليه الصالة والسالم حين أهدى إليه رطب: بمثله جائز لما روينا، وألنه لو كان تمرا جاز البيع بأول الحديث، وإن كان غير تمر فبآخره، وهو قوله عليه

ومدار ما روياه على زيد بن عياش وهو ضعيف عند"إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم"الصالة والسالم: النقلة. يعني على الخالف والوجه ما بيناه. وقيل ال يجوز باالتفاق اعتبارا بالحنطة"وكذا العنب بالزبيب"قال:

المقلية بغير المقلية، والرطب بالرطب يجوز متماثال كيال عندنا ألنه بيع التمر بالتمر، وكذا بيع الحنطة الرطبة أو المبلولة بمثلها أو باليابسة، أو التمر أو الزبيب المنقع بالمنقع منهما متماثال عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وقال محمد رحمه الله ال يجوز جميع ذلك ألنه يعتبر المساواة في أعدل األحوال وهو المال، وأبو حنيفة رحمه الله يعتبره في الحال، وكذا أبو يوسف رحمه الله عمال بإطالق الحديث إال أنه ترك هذا

األصل في بيع الرطب بالتمر لما رويناه لهما. ووجه الفرق لمحمد رحمه الله بين هذه الفصول وبين الرطب بالرطب أن التفاوت فيما يظهر مع بقاء البدلين على االسم الذي عقد عليه العقد، وفي الرطب بالتمر مع بقاء أحدهما على ذلك فيكون تفاوتا في عين المعقود عليه، وفي الرطب بالرطب التفاوت بعد زوال ذلك

االسم فلم يكن تفاوتا في المعقود عليه فال يعتبر. ولو باع البسر بالتمر متفاضال ال يجوز ألن البسر تمر، بخالف الكفرى حيث يجوز بيعه بما شاء من التمر اثنان بواحد ألنه ليس بتمر، فإن هذا االسم له من أول ما

تنعقد صورته ال قبله، والكفرى عددي متفاوت، حتى لو باع التمر به نسيئة ال يجوز للجهالة.

Page 41: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وال يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مماقال: ألن عند ذلك يعرى عن الربا إذ مافي الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير"

فيه من الدهن موزون، وهذا ألن ما فيه لو كان أكثر أو مساويا له، فالثجير وبعض الدهن أو الثجير وحدهفضل، ولو لم يعلم مقدار ما فيه ال يجوز الحتمال الربا، والشبهة فيه

 

كالحقيقة، والجوز بدهنه واللبن بسمنه والعنب بعصيره والتمر بدبسه على هذا االعتبار.         -65ص -واختلفوا في القطن بغزله، والكرباس بالقطن يجوز كيفما كان باإلجماع.

ومراده لحم اإلبل والبقر والغنم؛ فأما"ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضال"قال: البقر والجواميس جنس واحد، وكذا المعز مع الضأن وكذا العراب مع البخاتي.

وعن الشافعي رحمه الله ال يجوز ألنها جنس واحد التحاد المقصود."وكذلك ألبان البقر والغنم"قال: ولنا أن األصول مختلفة حتى ال يكمل نصاب أحدهما باآلخر في الزكاة، فكذا أجزاؤها إذا لم تتبدل بالصنعة.

لالختالف بين أصليهما، فكذا بين ماءيهما ولهذا كان عصيراهما"وكذا خل الدقل بخل العنب"قال: جنسين. وشعر المعز وصوف الغنم جنسان الختالف المقاصد.

ألنها أجناس مختلفة الختالف الصور والمعاني والمنافع"وكذا شحم البطن باأللية أو باللحم"قال: اختالفا فاحشا.

ألن الخبز صار عدديا أو موزونا فخرج من أن"ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضال"قال: يكون مكيال من كل وجه والحنطة مكيلة. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه ال خير فيه، والفتوى على األول،

وهذا إذا كانا نقدين؛ فإن كانت الحنطة نسيئة جاز أيضا، وإن كان الخبز نسيئة يجوز عند أبي يوسف رحمه الله وعليه الفتوى، وكذا السلم في الخبز جائز في الصحيح، وال خير في استقراضه عددا أو وزنا عند أبي

حنيفة رحمه الله ألنه يتفاوت بالخبز والخباز والتنور والتقدم والتأخر. وعند محمد رحمه الله يجوز بهماللتعامل، وعند أبي يوسف رحمه الله يجوز وزنا وال يجوز عددا للتفاوت في آحاده.

ألن العبد وما في يده ملك لمواله فال يتحقق الربا، وهذا إذا كان"وال ربا بين المولى وعبده"قال: مأذونا له ولم يكن عليه دين، فإن كان عليه دين ال يجوز ألن ما في يده ليس ملك المولى عند أبي حنيفة

رحمه الله وعندهما تعلق به حق الغرماء فصار كاألجنبي فيتحقق الربا كما يتحقق بينه وبين مكاتبه. خالفا ألبي يوسف والشافعي رحمهما الله. لهما "وال بين المسلم والحربي في دار الحرب"قال:

"ال ربا بين المسلم والحربي في داراالعتبار بالمستأمن منهم في دارنا. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: وألن مالهم مباح في دارهم فبأي طريق أخذهالحرب"

 

المسلم أخذ ماال مباحا إذا لم يكن فيه غدر، بخالف المستأمن منهم ألن ماله صار         -66ص -محظورا بعقد األمان.

باب الحقوق "ومن اشترى منزال فوقه منزل فليس له األعلى إال أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير هو فيه أو منه. ومن اشترى بيتا فوقه بيت بكل حق لم يكن له األعلى،

جمع بين المنزل والبيت والدار، فاسم الدار ينتظمومن اشترى دارا بحدودها فله العلو والكنيف" العلو ألنه اسم لما أدير عليه الحدود، والعلو من توابع األصل وأجزائه فيدخل فيه. والبيت اسم لما يبات فيه،

والعلو مثله، والشيء ال يكون تبعا لمثله فال يدخل فيه إال بالتنصيص عليه، والمنزل بين الدار والبيت ألنه

Page 42: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يتأتى فيه مرافق السكنى مع ضرب قصور إذ ال يكون فيه منزل الدواب، فلشبهه بالدار يدخل العلو فيه تبعا عند ذكر التوابع، ولشبهه بالبيت ال يدخل فيه بدونه. وقيل في عرفنا يدخل العلو في جميع ذلك ألن كل مسكن يسمى بالفارسية خانه وال يخلو عن علو، وكما يدخل العلو في اسم الدار يدخل الكنيف ألنه من

توابعه، وال تدخل الظلة إال بذكر ما ذكرنا عند أبي حنيفة رحمه الله ألنه مبني على هواء الطريق فأخذ حكمه.وعندهما إن كان مفتحه في الدار يدخل من غير ذكر شيء مما ذكرنا ألنه من توابعه فشابه الكنيف.

"ومن اشترى بيتا في دار أو منزال أو مسكنا لم يكن له الطريق إال أن يشتريه بكل حققال: ألنه خارج الحدود إال أنه منهو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير، وكذا الشرب والمسيل"

التوابع فيدخل بذكر التوابع، بخالف اإلجارة ألنها تعقد لالنتفاع فال يتحقق إال به، إذ المستأجر ال يشتري الطريق عادة وال يستأجره فيدخل تحصيال للفائدة المطلوبة منه، أما االنتفاع بالمبيع ممكن بدونه ألن

المشتري عادة يشتريه، وقد يتجر فيه فيبيعه من غيره فحصلت الفائدة، والله تعالى أعلم.

باب االستحقاق "ومن اشترى جارية فولدت عنده فاستحقها رجل ببينة فإنه يأخذها وولدها، وإن أقر بها

ووجه الفرق أن البينة حجة مطلقة فإنها كاسمها مبينة فيظهر بها ملكه منلرجل لم يتبعها ولدها"األصل والولد كان متصال بها فيكون له.

أما اإلقرار حجة قاصرة يثبت الملك في المخبر به ضرورة صحة اإلخبار، وقد اندفعت بإثباته بعد االنفصال فاليكون الولد له. ثم قيل: يدخل الولد في القضاء باألم تبعا، وقيل

 

يشترط القضاء بالولد وإليه تشير المسائل، فإن القاضي إذا لم يعلم بالزوائد. قال         -67ص -محمد رحمه الله: ال تدخل الزوائد في الحكم، فكذا الولد إذا كان في يد غيره ال يدخل تحت الحكم باألم تبعا.

فإن كان، "ومن اشترى عبدا فإذا هو حر وقد قال العبد للمشتري اشترني فإني عبد لهقال: البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة لم يكن على العبد شيء، وإن كان البائع ال يدرى أين هو

رجع المشتري على العبد ورجع هو على البائع وإن ارتهن عبدا مقرا بالعبودية فوجده حرا وعن أبي يوسف رحمه الله أنه ال يرجع فيهما ألن الرجوع بالمعاوضة أولم يرجع عليه على كل حال".

بالكفالة والموجود ليس إال اإلخبار كاذبا فصار كما إذا قال األجنبي ذلك أو قال العبد ارتهني فإني عبد وهي المسألة الثانية. ولهما أن المشتري شرع في الشراء معتمدا على ما أمره وإقراره أني عبد، إذ القول له في

الحرية فيجعل العبد باألمر بالشراء ضامنا للثمن له عند تعذر رجوعه على البائع دفعا للغرور والضرر، وال تعذر إال فيما ال يعرف مكانه، والبيع عقد معاوضة فأمكن أن يجعل اآلمر به ضامنا للسالمة كما هو موجبه،

بخالف الرهن ألنه ليس بمعاوضة بل هو وثيقة الستيفاء عين حقه حتى يجوز الرهن ببدل الصرف والمسلم فيه مع حرمة االستبدال فال يجعل األمر به ضمانا للسالمة، وبخالف األجنبي ألنه ال يعبأ بقوله فال يتحقق

الغرور. ونظير مسألتنا قول المولى بايعوا عبدي هذا فإني قد أذنت له ثم ظهر االستحقاق فإنهم يرجعون عليه بقيمته، ثم في وضع المسألة ضرب إشكال على قول أبي حنيفة رحمه الله ألن الدعوى شرط في

حرية العبد عنده، والتناقض يفسد الدعوى. وقيل إذا كان الوضع في حرية األصل فالدعوى فيها ليس بشرط عنده لتضمنه تحريم فرج األم. وقيل هو شرط لكن التناقض غير مانع لخفاء العلوق وإن كان الوضع في

اإلعتاق فالتناقض ال يمنع الستبداد المولى به فصار كالمختلعة تقيم البينة على الطلقات الثالث قبل الخلعوالمكاتب يقيمها على اإلعتاق قبل الكتابة.

"فصالحه الذي في يده على مائة درهم معناه حقا مجهوال "ومن ادعى حقا في دار"قال: ألن للمدعي أن يقول دعواي في هذا الباقي. فاستحقت الدار إال ذراعا منها لم يرجع بشيء"

ألن"وإن ادعاها كلها فصالحه على مائة درهم فاستحق منها شيء رجع بحسابه"قال:

Page 43: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

التوفيق غير ممكن فوجب الرجوع ببدله عند فوات سالمة المبدل، ودلت المسألة على أن الصلح عنالمجهول على معلوم جائز ألن الجهالة فيما يسقط ال تفضي إلى المنازعة. والله تعالى أعلم بالصواب.

 

فصل: في بيع الفضولي         -68ص - "ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار، إن شاء أجاز البيع؛ وإن شاء فسخ"قال:

وقال الشافعي رحمه الله: ال ينعقد ألنه لم يصدر عن والية شرعية ألنها بالملك أو بإذن المالك وقد فقدا، وال انعقاد إال بالقدرة الشرعية. ولنا أنه تصرف تمليك وقد صدر من أهله في محله فوجب القول بانعقاده، إذ ال

ضرر فيه للمالك مع تخييره، بل فيه نفعه حيث يكفي مؤنة طلب المشتري وقرار الثمن وغيره، وفيه نفع العاقد لصون كالمه عن اإللغاء، وفيه نفع المشتري فثبت للقدرة الشرعية تحصيال لهذه الوجوه، كيف وإن

اإلذن ثابت داللة ألن العاقل يأذن في التصرف النافع. ألن اإلجازة تصرف في"وله اإلجازة إذا كان المعقود عليه باقيا والمتعاقدان بحالهما"قال:

العقد فال بد من قيامه وذلك بقيام العاقدين والمعقود عليه. وإذا أجاز المالك كان الثمن مملوكا له أمانة في يده بمنزلة الوكيل، ألن اإلجازة الالحقة بمنزلة الوكالة السابقة، وللفضولي أن يفسخ قبل اإلجازة دفعا

للحقوق عن نفسه، بخالف الفضولي في النكاح ألنه معبر محض، هذا إذا كان الثمن دينا، فإن كان عرضا معينا إنما تصح اإلجازة إذا كان العرض باقيا أيضا. ثم اإلجازة إجازة نقد ال إجازة عقد حتى يكون العرض

الثمن مملوكا للفضولي، وعليه مثل المبيع إن كان مثليا أو قيمته إن لم يكن مثليا، ألنه شراء من وجه والشراء ال يتوقف على اإلجازة. ولو هلك المالك ال ينفذ بإجازة الوارث في الفصلين ألنه توقف على إجازة

المورث لنفسه فال يجوز بإجازة غيره. ولو أجاز المالك في حياته وال يعلم حال المبيع جاز البيع في قول أبي يوسف رحمه الله أوال، وهو قول محمد رحمه الله ألن األصل بقاؤه، ثم رجع أبو يوسف رحمه الله وقال: ال

يصح حتى يعلم قيامه عند اإلجازة ألن الشك وقع في شرط اإلجازة فال يثبت مع الشك. استحسانا،"ومن غصب عبدا فباعه وأعتقه المشتري ثم أجاز المولى البيع فالعتق جائز"قال:

وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد رحمهم الله: ال يجوز ألنه ال عتق بدون الملك، قال عليه والموقوف ال يفيد الملك، ولو ثبت في اآلخرة يثبت مستندا"ال عتق فيما ال يملك ابن آدم" الصالة والسالم:

وهو ثابت من وجه دون وجه، والمصحح لإلعتاق الملك الكامل لما روينا، ولهذا ال يصح أن يعتق الغاصب ثم يؤدي الضمان، وال أن يعتق المشتري والخيار للبائع ثم يجيز البائع ذلك، وكذا ال يصح بيع المشتري من

الغاصب فيما نحن فيه مع أنه أسرع نفاذا حتى نفذ من الغاصب إذا أدى الضمان

 

وكذا ال يصح إعتاق المشتري من الغاصب إذا أدى الغاصب الضمان. ولهما أن الملك         -69ص - ثبت موقوفا بتصرف مطلق موضوع إلفادة الملك، وال ضرر فيه على ما مر فتوقف اإلعتاق مرتبا عليه وينفذ

بنفاذه فصار كإعتاق المشتري من الراهن وكإعتاق الوارث عبدا من التركة وهي مستغرقة بالديون يصح، وينفذ إذا قضى الديون بعد ذلك، بخالف إعتاق الغاصب بنفسه ألن الغصب غير موضوع إلفادة الملك،

وبخالف ما إذا كان في البيع خيار البائع ألنه ليس بمطلق، وقران الشرط به يمنع انعقاده في حق الحكم أصال، وبخالف بيع المشتري من الغاصب إذا باع ألن باإلجازة يثبت للبائع ملك بات، فإذا طرأ على ملك

موقوف لغيره أبطله، وأما إذا أدى الغاصب الضمان ينفذ إعتاق المشتري منه كذا ذكره هالل رحمه الله وهواألصح. ألن الملك"فإن قطعت يد العبد فأخذ أرشها ثم أجاز المولى البيع فاألرش للمشتري"قال:

قد تم له من وقت الشراء، فتبين أن القطع حصل على ملكه وهذه حجة على محمد، والعذر له أن الملك

Page 44: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

من وجه يكفي الستحقاق األرش كالمكاتب إذا قطعت يده وأخذ األرش ثم رد في الرق يكون األرش للمولى، فكذا إذا قطعت يد المشترى في يد المشتري والخيار للبائع ثم أجيز البيع فاألرش للمشتري، بخالف

ألنه لم يدخل في ضمانه أو فيه شبهة عدم"ويتصدق بما زاد على نصف الثمن"اإلعتاق على ما مر. الملك.

لما ذكرنا،"فإن باعه المشتري من آخر ثم أجاز المولى البيع األول لم يجز البيع الثاني"قال: وألن فيه غرر االنفساخ على اعتبار عدم اإلجازة في البيع األول والبيع يفسد به، بخالف اإلعتاق عندهما ألنه ال

يؤثر فيه الغرر. لما ذكرنا أن اإلجازة"فإن لم يبعه المشتري فمات في يده أو قتل ثم أجاز البيع لم يجز"قال:

من شروطها قيام المعقود عليه وقد فات بالموت وكذا بالقتل، إذ ال يمكن إيجاب البدل للمشتري بالقتل حتى يعد باقيا ببقاء البدل ألنه ال ملك للمشتري عند القتل ملكا يقابل بالبدل فتحقق الفوات، بخالف البيع

الصحيح ألن ملك المشتري ثابت فأمكن إيجاب البدل له فيكون المبيع قائما بقيام خلفه. "ومن باع عبد غيره بغير أمره وأقام المشتري البينة على إقرار البائع أو رب العبد أنهقال:

للتناقض في الدعوى، إذ اإلقدام على الشراء إقرارلم يأمره بالبيع وأراد رد المبيع لم تقبل بينته" إن"وإن أقر البائع بذلك عند القاضي بطل البيع" منه بصحته، والبينة مبنية على صحة الدعوى

طلب المشتري ذلك، ألن التناقض ال يمنع صحة اإلقرار، وللمشتري أن يساعده

 

على ذلك فيتحقق االتفاق بينهما، فلهذا شرط طلب المشتري.         -70ص - قال رحمه الله: وذكر في الزيادات أن المشتري إذا صدق مدعيه ثم أقام البينة على إقرار البائع أنه

للمستحق تقبل. وفرقوا أن العبد في هذه المسألة في يد المشتري. وفي تلك المسألة في يد غيره وهوالمستحق، وشرط الرجوع بالثمن أن ال يكون العين سالما للمشتري.

عند أبي حنيفة رحمه "ومن باع دارا لرجل وأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع"قال: الله وهو قول أبي يوسف رحمه الله آخرا، وكان يقول أوال: يضمن البائع، وهو قول محمد رحمه الله وهي

مسألة غصب العقار وسنبينه إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم بالصواب.

باب السلم السلم: عقد مشروع بالكتاب وهو آية المداينة، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أشهد أن الله تعالى

}يا أيها الذ�ين آمنوا إ�ذا تداينتمأحل السلف المضمون وأنزل فيها أطول آية في كتابه، وتال قوله تعالى: "أنه عليه الصالة والسالم نهى[. وبالسنة وهو ما روي282 ]البقرة:ب�دين إ�لى أجل مسمى فاكتبوه{

والقياس وإن كان يأباه ولكنا تركناه بما رويناه. ووجهعن بيع ما ليس عند اإلنسان ورخص في السلم",القياس أنه بيع المعدوم إذ المبيع هو المسلم فيه.

"من أسلم منكم فليسلم في لقوله عليه الصالة والسالم: "وهو جائز في المكيالت والموزونات"قال: والمراد بالموزونات غير الدراهم والدنانير ألنهما أثمان، والمسلمكيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"

فيه ال بد أن يكون مثمنا فال يصح السلم فيهما ثم قيل يكون باطال، وقيل ينعقد بيعا بثمن مؤجل تحصيال لمقصود المتعاقدين بحسب اإلمكان، والعبرة في العقود للمعاني واألول أصح ألن التصحيح إنما يجب في

محل أوجبا العقد فيه وال يمكن ذلك. ألنه يمكن ضبطها بذكر الذرع والصفة والصنعة، وال بد منها لترتفع الجهالة"وكذا في المذروعات"قال:

فيتحقق شرط صحة السلم، وكذا في المعدودات التي ال تتفاوت كالجوز والبيض، ألن العددي المتقارب معلوم القدر مضبوط الوصف مقدور التسليم فيجوز السلم فيه، والصغير والكبير فيه سواء الصطالح الناس

Page 45: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

على إهدار التفاوت، بخالف البطيخ والرمان ألنه يتفاوت آحاده تفاوتا فاحشا، وبتفاوت اآلحاد في الماليةيعرف العددي

 

المتقارب. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه ال يجوز في بيض النعامة ألنه يتفاوت آحاده         -71ص - في المالية، ثم كما يجوز السلم فيها عددا يجوز كيال. وقال زفر رحمه الله: ال يجوز كيال ألنه عددي وليس بمكيل. وعنه أنه ال يجوز عددا أيضا للتفاوت. ولنا أن المقدار مرة يعرف بالعدد وتارة بالكيل، وإنما صار

معدودا باالصطالح فيصير مكيال باصطالحهما وكذا في الفلوس عددا. وقيل هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله. وعند محمد رحمه الله ال يجوز ألنها أثمان. ولهما أن الثمنية في حقهما باصطالحهما فتبطل

باصطالحهما وال تعود وزنيا وقد ذكرناه من قبل. وقال الشافعي رحمه الله: يجوز ألنه يصير معلوما ببيان الجنس والسن"وال يجوز السلم في الحيوان"

والنوع والصفة، والتفاوت بعد ذلك يسير فأشبه الثياب. ولنا أنه بعد ذكر ما ذكر يبقى فيه تفاوت فاحش في المالية باعتبار المعاني الباطنة فيفضي إلى المنازعة، بخالف الثياب ألنه مصنوع العباد فقلما يتفاوت الثوبان

ويدخل"أن النبي عليه الصالة والسالم نهى عن السلم في الحيوان"إذا نسجا على منوال واحد. وقد صح فيه جميع أجناسه حتى العصافير.

للتفاوت فيها إذ هو عددي متفاوت ال مقدر لها. "وال في أطرافه كالرءوس واألكارع"قال: للتفاوت فيها، إال إذا"وال في الجلود عددا وال في الحطب حزما وال في الرطبة جرزا"قال:

عرف ذلك بأن بين له طول ما يشد به الحزمة أنه شبر أو ذراع فحينئذ يجوز إذا كان على وجه ال يتفاوت. "وال يجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل، حتىقال:

لو كان منقطعا عند العقد موجودا عند المحل أو على العكس أو منقطعا فيما بين ذلك ال وقال الشافعي رحمه الله: يجوز إذا كان موجودا وقت المحل لوجود القدرة على التسليم حاليجوز"

وألن القدرة على التسليم"ال تسلفوا في الثمار حتى يبدو صالحها"وجوبه. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: "ولو انقطع بعد المحل فرببالتحصيل فال بد من استمرار الوجود في مدة األجل ليتمكن من التحصيل.

ألن السلم قد صح والعجز الطارئالسلم بالخيار، إن شاء فسخ السلم، وإن شاء انتظر وجوده"على شرف الزوال فصار كإباق المبيع قبل القبض.

ألنه معلوم القدر"ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما"قال:

 

"وال يجوز السلم فيه عددا"مضبوط الوصف مقدور التسليم إذ هو غير منقطع         -72ص -للتفاوت.

ألنه"وال خير في السلم في السمك الطري إال في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما"قال: ينقطع في زمان الشتاء، حتى لو كان في بلد ال ينقطع يجوز مطلقا، وإنما يجوز وزنا ال عددا لما ذكرنا. وعن

أبي حنيفة رحمه الله أنه ال يجوز في لحم الكبار منها وهي التي تقطع اعتبارا بالسلم في اللحم عنده. "وال خير في السلم في اللحم عند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: إذا وصف من اللحمقال:

ألنه موزون مضبوط الوصف ولهذا يضمن بالمثل. ويجوز استقراضهموضعا معلوما بصفة معلومة جاز" وزنا ويجري فيه ربا الفضل، بخالف لحم الطيور ألنه ال يمكن وصف موضع منه. وله أنه مجهول للتفاوت في قلة العظم وكثرته أو في سمنه وهزاله على اختالف فصول السنة، وهذه الجهالة مفضية إلى المنازعة. وفي

مخلوع العظم ال يجوز على الوجه الثاني وهو األصح، والتضمين بالمثل ممنوع. وكذا االستقراض، وبعد التسليم فالمثل أعدل من القيمة، وألن القبض يعاين فيعرف مثل المقبوض به في وقته، أما الوصف فال

Page 46: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يكتفى به. وقال الشافعي رحمه الله: يجوز حاال إلطالق الحديث ورخص في"وال يجوز السلم إال مؤجال"قال:

فيما روينا، وألنه شرع رخصة دفعا لحاجة"إلى أجل معلوم"السلم. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: المفاليس فال بد من األجل ليقدر على التحصيل فيه فيسلم، ولو كان قادرا على التسليم لم يوجد المرخص

فبقي على النافي. لما روينا، وألن الجهالة فيه مفضية إلى المنازعة كما في البيع، واألجل "وال يجوز إال بأجل معلوم"قال:

"وال يجوز السلم بمكيال رجل بعينهأدناه شهر وقيل ثالثة أيام، وقيل أكثر من نصف يوم. واألول أصح معناه إذا لم يعرف مقداره ألنه تأخر فيه التسليم فربما يضيع فيؤدي إلى المنازعةوال بذراع رجل بعينه"

وقد مر من قبل، وال بد أن يكون المكيال مما ال ينقبض وال ينبسط كالقصاع مثال، فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب ال يجوز للمنازعة إال في قرب الماء للتعامل فيه، كذا روي عن أبي يوسف رحمه

الله. أو ثمرة نخلة بعينها ألنه قد يعتريه آفة فال يقدر على التسليم وإليه "وال في طعام قرية بعينها"قال:

أشار عليه الصالة والسالم حيث قال "أرأيت لو أذهب الله تعالى الثمر بم يستحل أحدكم مال أخيه؟" ولوكانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة ال بأس به على ما قالوا كالخشمراني ببخارى والبساخي بفرغانة.

 

"وال يصح السلم عند أبي حنيفة رحمه الله إال بسبع شرائط: جنسقال:         -73ص - كقولنا جيد أو "وصفة معلومة" كقولنا سقية أو بخسية"ونوع معلوم" كقولنا حنطة أو شعير معلوم"

واألصل فيه ما روينا"وأجل معلوم" كقولنا كذا كيال بمكيال معروف وكذا وزنا "ومقدار معلوم"رديء كالمكيل"ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره"والفقه فيه ما بينا

وقاال: ال يحتاج إلى"وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤنة"والموزون والمعدود تسمية رأس المال إذا كان معينا وال إلى مكان التسليم ويسلمه في موضع العقد، فهاتان مسألتان. ولهما في األولى أن المقصود يحصل باإلشارة فأشبه الثمن واألجرة وصار كالثوب. وألبي حنيفة أنه ربما يوجد

بعضها زيوفا وال يستبدل في المجلس، فلو لم يعلم قدره ال يدري في كم بقي أو ربما ال يقدر على تحصيل المسلم فيه فيحتاج إلى رد رأس المال، والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه مع المنافي، بخالف ما

إذا كان رأس المال ثوبا ألن الذرع وصف فيه ال يتعلق العقد على مقداره. ومن فروعه إذا أسلم في جنسين ولم يبين رأس مال كل واحد منهما، أو أسلم جنسين ولم يبين مقدار أحدهما. ولهما في الثانية أن مكان

العقد يتعين لوجود العقد الموجب للتسليم، وألنه ال يزاحمه مكان آخر فيه فيصير نظير أول أوقات اإلمكان في األوامر فصار كالقرض والغصب. وألبي حنيفة رحمه الله أن التسليم غير واجب في الحال فال يتعين،

بخالف القرض والغصب، وإذا لم يتعين فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة، ألن قيم األشياء تختلف باختالف المكان فال بد من البيان، وصار كجهالة الصفة، وعن هذا قال من قال من المشايخ رحمهم الله إن االختالف

فيه عنده يوجب التخالف كما في الصفة. وقيل على عكسه ألن تعين المكان قضية العقد عندهما، وعلى هذاالخالف الثمن واألجرة والقسمة.

وصورتها: إذا اقتسما دارا وجعال مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة. وقيل ال يشترط ذلك في الثمن. والصحيح أنه يشترط إذا كان مؤجال، وهو اختيار شمس األئمة السرخسي رحمه الله. وعندهما يتعين مكان

الدار ومكان تسليم الدابة لإليفاء. ألنه ال تختلف"وما لم يكن له حمل ومؤنة ال يحتاج فيه إلى بيان مكان اإليفاء باإلجماع"قال:

قال رضي الله عنه: وهذه رواية الجامع الصغير والبيوع."ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه"قيمته وذكر في اإلجارات أنه يوفيه في أي مكان شاء، وهو األصح ألن األماكن كلها سواء، وال وجوب في الحال.

Page 47: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ولو عينا مكانا، قيل ال يتعين ألنه ال يفيد، وقيل يتعين ألنه يفيد سقوط خطر الطريق، ولو عين المصر فيما لهحمل ومؤنة يكتفى به ألنه مع تباين أطرافه كبقعة واحدة فيما ذكرنا.

 

أما إذا"وال يصح السلم حتى يقبض رأس المال قبل أن يفارقه فيه"قال:         -74ص - "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وإنكان من النقود فألنه افتراق عن دين بدين، وقد

، فألن السلم أخذ عاجل بآجل، إذ اإلسالم واإلسالف ينبئان عن التعجيل فال بد من قبض أحدكان عينا" العوضين ليتحقق معنى االسم، وألنه ال بد من تسليم رأس المال ليتقلب المسلم إليه فيه فيقدر على

التسليم، ولهذا قلنا: ال يصح السلم إذا كان فيه خيار الشرط لهما أو ألحدهما ألنه يمنع تمام القبض لكونه مانعا من االنعقاد في حق الحكم، وكذا ال يثبت فيه خيار الرؤية ألنه غير مفيد، بخالف خيار العيب ألنه ال يمنع

تمام القبض "وجملة الشروطولو أسقط خيار الشرط قبل االفتراق ورأس المال قائم جاز خالفا لزفر، وقد مر نظيره

جمعوها في قولهم إعالم رأس المال وتعجيله وإعالم المسلم فيه وتأجيله وبيان مكان اإليفاء والقدرة على تحصيله، فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة مائة منها دين على

"ويجوز في حصة النقد" لفوات القبض المسلم إليه ومائة نقد فالسلم في حصة الدين باطل" الستجماع شرائطه وال يشيع الفساد ألن الفساد طارئ، إذ السلم وقع صحيحا، ولهذا لو نقد رأس المال قبل

االفتراق صح إال أنه يبطل باالفتراق لما بينا، وهذا ألن الدين ال يتعين في البيع، أال ترى أنهما لو تبايعا عينابدين ثم تصادقا أن ال دين ال يبطل البيع فينعقد صحيحا.

أما األول فلما فيه من"وال يجوز التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض"قال: تفويت القبض المستحق بالعقد. وأما الثاني فألن المسلم فيه مبيع والتصرف في المبيع قبل القبض ال يجوز.

"فإن تقايال السلم لم يكن ألنه تصرف فيه "وال تجوز الشركة والتولية في المسلم فيه"قال: لقوله عليه الصالة والسالم:له أن يشتري من المسلم إليه برأس المال شيئا حتى يقبضه كله"

أي عند الفسخ، وألنه أخذ شبها بالمبيع فال يحل التصرف فيه قبل قبضه،"ال تأخذ إال سلمك أو رأس مالك" وهذا ألن اإلقالة بيع جديد في حق ثالث، وال يمكن جعل المسلم فيه مبيعا لسقوطه فجعل رأس المال مبيعا

ألنه دين مثله، إال أنه ال يجب قبضه في المجلس ألنه ليس في حكم االبتداء من كل وجه، وفيه خالف زفررحمه الله، والحجة عليه ما ذكرناه.

"ومن أسلم في كر حنطة فلما حل األجل اشترى المسلم إليه من رجل كرا وأمر ربقال: السلم بقبضه قضاء لم يكن قضاء، وإن أمره أن يقبضه له ثم يقبضه لنفسه فاكتاله له ثم

ألنه اجتمعت الصفقتان بشرط الكيل فال بد من الكيل مرتين لنهي النبياكتاله لنفسه جاز"

 

عليه الصالة والسالم عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان، وهذا هو محمل الحديث         -75ص - على ما مر والسلم وإن كان سابقا لكن قبض المسلم فيه الحق وأنه بمنزلة ابتداء البيع ألن العين غير الدين

حقيقة. وإن جعل عينه في حق حكم خاص وهو حرمة االستبدال فيتحقق البيع بعد الشراء، وإن لم يكن سلما وكان قرضا فأمره بقبض الكر جاز ألن القرض إعارة ولهذا ينعقد بلفظ اإلعارة فكان المردود عين المأخوذ

مطلقا حكما فال تجتمع الصفقتان. "ومن أسلم في كر فأمر رب السلم أن يكيله المسلم إليه في غرائر رب السلم ففعلقال:

ألن األمر بالكيل لم يصح ألنه لم يصادف ملك اآلمر، ]ألن[ حقه في الدينوهو غائب لم يكن قضاء" دون العين فصار المسلم إليه مستعيرا للغرائر منه وقد جعل ملك نفسه فيها فصار كما لو كان عليه دراهم

Page 48: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

دين فدفع إليه كيسا ليزنها المديون فيه لم يصر قابضا. ولو كانت الحنطة مشتراة والمسألة بحالها صار قابضا ألن األمر قد صح حيث صادف ملكه ألنه ملك العين بالبيع، أال ترى أنه لو أمره بالطحن كان الطحين في السلم للمسلم إليه وفي الشراء للمشتري لصحة األمر، وكذا إذا أمره أن يصبه في البحر في السلم

يهلك من مال المسلم إليه وفي الشراء من مال المشتري، ويتقرر الثمن عليه لما قلنا، ولهذا يكتفى بذلك الكيل في الشراء في الصحيح ألنه نائب عنه في الكيل والقبض بالوقوع في غرائر المشتري، ولو أمره في الشراء أن يكيله في غرائر البائع ففعل لم يصر قابضا ألنه استعار غرائره ولم يقبضها فال تصير الغرائر في

يده، فكذا ما يقع فيها، وصار كما لو أمره أن يكيله ويعزله في ناحية من بيت البائع ألن البيت بنواحيه في يده فلم يصر المشتري قابضا. ولو اجتمع الدين والعين والغرائر للمشتري، إن بدأ بالعين صار قابضا، أما العين

فلصحة األمر فيه، وأما الدين فالتصاله بملكه وبمثله يصير قابضا، كمن استقرض حنطة وأمره أن يزرعها في أرضه، وكمن دفع إلى صائغ خاتما وأمره أن يزيده من عنده نصف دينار، وإن بدأ بالدين لم يصر قابضا، أما الدين فلعدم صحة األمر، وأما العين فألنه خلطه بملكه قبل التسليم فصار مستهلكا عند أبي حنيفة رحمه الله فينتقض البيع، وهذا الخلط غير مرضي به من جهته لجواز أن يكون مراده البداءة بالعين وعندهما هو

بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء شاركه في المخلوط ألن الخلط ليس باستهالك عندهما. "ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه ثم تقايال فماتت في يدقال:

ألن صحة اإلقالة تعتمدالمشتري فعليه قيمتها يوم قبضها، ولو تقايال بعد هالك الجارية جاز" بقاء العقد وذلك بقيام المعقود عليه، وفي السلم المعقود عليه إنما هو المسلم فيه فصحت اإلقالة حال

بقائه، وإذا جاز ابتداء فأولى أن يبقى انتهاء، ألن البقاء أسهل، وإذا انفسخ العقد

 

في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا فيجب عليه ردها وقد عجز فيجب عليه رد         -76ص - "ولو اشترى جارية بألف درهم ثم تقايال فماتت في يد المشتري بطلت اإلقالة، ولوقيمتها

ألن المعقود عليه في البيع إنما هو الجارية فال يبقى العقد بعد هالكهاتقايال بعد موتها فاإلقالة باطلة" فال تصح اإلقالة ابتداء وال تبقى انتهاء النعدام محله، وهذا بخالف بيع المقايضة حيث تصح اإلقالة وتبقى بعد

هالك أحد العوضين ألن كل واحد منهما مبيع فيه. "ومن أسلم إلى رجل دراهم في كر حنطة فقال المسلم إليه شرطت رديئا وقال ربقال:

ألن رب السلم متعنت في إنكاره الصحة ألنالسلم لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم إليه" المسلم فيه يربو على رأس المال في العادة، وفي عكسه قالوا: يجب أن يكون القول لرب السلم عند أبي حنيفة رحمه الله ألنه يدعي الصحة وإن كان صاحبه منكرا. وعندهما القول للمسلم إليه ألنه منكر وإن أنكر

"ولو قال المسلم إليه لم يكن له أجل وقال ربالصحة، وسنقرره من بعد إن شاء الله تعالى ألن المسلم إليه متعنت في إنكاره حقا له وهوالسلم بل كان له أجل فالقول قول رب السلم"

األجل، والفساد لعدم األجل غير متيقن لمكان االجتهاد فال يعتبر النفع في رد رأس المال، بخالف عدم الوصف، وفي عكسه القول لرب السلم عندهما ألنه ينكر حقا له عليه فيكون القول قوله وإن أنكر الصحة كرب المال إذا قال للمضارب شرطت لك نصف الربح إال عشرة وقال المضارب ال بل شرطت لي نصف

الربح فالقول لرب المال ألنه ينكر استحقاق الربح وإن أنكر الصحة. وعند أبي حنيفة رحمه الله القول للمسلم إليه ألنه يدعي الصحة وقد اتفقا على عقد واحد فكانا متفقين على الصحة ظاهرا، بخالف مسألة

المضاربة ألنه ليس بالزم فال يعتبر االختالف فيه فيبقى مجرد دعوى استحقاق الربح، أما السلم فالزم فصار األصل أن من خرج كالمه تعنتا فالقول لصاحبه باالتفاق، وإن خرج خصومة ووقع االتفاق على عقد واحد

فالقول لمدعي الصحة عنده، وعندهما للمنكر وإن أنكر الصحة. ألنه أسلم في معلوم مقدور التسليم"ويجوز السلم في الثياب إذا بين طوال وعرضا ورقعة"قال:

"وال يجوز السلم فيعلى ما ذكرنا، وإن كان ثوب حرير ال بد من بيان وزنه أيضا ألنه مقصود فيه.

Page 49: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن آحادها متفاوتة تفاوتا فاحشا وفي صغار اللؤلؤ التي تباع وزنا يجوز السلمالجواهر وال في الخرز" ألنه عددي "وال بأس بالسلم في اللبن واآلجر إذا سمى ملبنا معلوما"ألنه مما يعلم بالوزن

متقارب ال سيما إذا سمي الملبن. ألنه ال يفضي إلى المنازعة"وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه"قال:

ألنه دين، وبدون الوصف"وما ال يضبط صفته وال يعرف مقداره ال يجوز السلم فيه"

 

"وال بأس بالسلم في طست أو قمقمةيبقى مجهوال جهالة تفضي إلى المنازعة         -77ص - "وإن كان ال يعرف فال خير فيه" الستجماع شرائط السلم أو خفين أو نحو ذلك إذا كان يعرف"

ألنه دين مجهول. لإلجماع الثابت بالتعامل. وفي القياس"وإن استصنع شيئا من ذلك بغير أجل جاز استحسانا"قال:

ال يجوز ألنه بيع المعدوم، والصحيح أنه يجوز بيعا ال عدة، والمعدوم قد يعتبر موجودا حكما، والمعقود عليه العين دون العمل، حتى لو جاء به مفروغا ال من صنعته أو من صنعته قبل العقد فأخذه جاز، وال يتعين إال

باالختيار، حتى لو باعه الصانع قبل أن يراه المستصنع جاز، وهذا كله هو الصحيح. ألنه اشترى شيئا لم يره وال خيار للصانع،"وهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه"قال:

كذا ذكره في المبسوط وهو األصح، ألنه باع ما لم يره. وعن أبي حنيفة رحمه الله أن له الخيار أيضا ألنه ال يمكنه تسليم المعقود عليه إال بضرر وهو قطع الصرم وغيره. وعن أبي يوسف أنه ال خيار لهما. أما الصانع

فلما ذكرنا. وأما المستصنع فألن في إثبات الخيار له إضرارا بالصانع ألنه ربما ال يشتريه غيره بمثله وال يجوز فيما ال تعامل فيه للناس كالثياب لعدم المجوز وفيما فيه تعامل إنما يجوز إذا أمكن إعالمه بالوصف ليمكن

التسليم، وإنما قال بغير أجل ألنه لو ضرب األجل فيما فيه تعامل يصير سلما عند أبي حنيفة خالفا لهما، ولو ضربه فيما ال تعامل فيه يصير سلما باالتفاق. لهما أن اللفظ حقيقة لالستصناع فيحافظ على قضيته ويحمل األجل على التعجيل، بخالف ما ال تعامل فيه ألنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح. وألبي حنيفة أنه دين يحتمل السلم، وجواز السلم بإجماع ال شبهة فيه وفي تعاملهم االستصناع نوع شبهة فكان الحمل

على السلم أولى، والله أعلم.

مسائل منثورة وعن أبي يوسف"ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع، المعلم وغير المعلم في ذلك سواء"قال:

أنه ال يجوز بيع الكلب العقور ألنه غير منتفع به. وقال الشافعي: ال يجوز بيع الكلب، لقوله عليه الصالة وألنه نجس العين والنجاسة تشعر بهوان المحل وجواز"إن من السحت مهر البغي وثمن الكلب"والسالم:

"أنه عليه الصالة والسالم نهى عن بيع الكلب إال كلب صيد أو ماشية"البيع يشعر بإعزازه فكان منتفيا. ولنا وألنه منتفع به حراسة واصطيادا فكان ما ال يجوز بيعه، بخالف الهوام المؤذية؛ ألنه ال ينتفع بها، والحديث

محمول

 

على االبتداء قلعا لهم عن االقتناء وال نسلم نجاسة العين، ولو سلم فيحرم التناول دون         -78ص -البيع. "إن الذي حرم شربها حرم بيعها لقوله عليه الصالة والسالم: "وال يجوز بيع الخمر والخنزير"وقال:

وألنه ليس بمال في حقنا، وقد ذكرناه.وأكل ثمنها" "فأعلمهم لقوله عليه الصالة والسالم في ذلك الحديث: "وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين"قال:

Page 50: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وألنهم مكلفون محتاجون كالمسلمين. أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" فإن عقدهم على الخمر كعقد المسلم على العصير، وعقدهم "إال في الخمر والخنزير خاصة"قال:

على الخنزير كعقد المسلم على الشاة؛ ألنها أموال في اعتقادهم، ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يعتقدون. دلعليه قول عمر: ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها.

"ومن قال لغيره بع عبدك من فالن بألف درهم على أني ضامن لك خمسمائة منقال: الثمن سوى األلف ففعل فهو جائز ويأخذ األلف من المشتري والخمسمائة من الضامن،

وأصله أن الزيادة في الثمنوإن كان لم يقل من الثمن جاز البيع بألف وال شيء على الضمين" والمثمن جائز عندنا، وتلتحق بأصل العقد خالفا لزفر والشافعي ألنه تغيير للعقد من وصف مشروع إلى

وصف مشروع وهو كونه عدال أو خاسرا أو رابحا، ثم قد ال يستفيد المشتري بها شيئا بأن زاد في الثمن وهو يساوي المبيع بدونها فيصح اشتراطها على األجنبي كبدل الخلع لكن من شرطها المقابلة تسمية وصورة،

فإذا قال من الثمن وجد شرطها فيصح، وإذا لم يقل لم يوجد فلم يصح. لوجود سبب"ومن اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج فالنكاح جائز"قال:

ألن وطء الزوج حصل بتسليط من"وهذا قبض"الوالية، وهو الملك في الرقبة على الكمال وعليه المهر. والقياس أن يصير قابضا؛ ألنه تعييب حكمي فيعتبر "إن لم يطأها فليس بقبض"جهته فصار فعله كفعله

بالتعييب الحقيقي. وجه االستحسان أن في الحقيقي استيالء على المحل وبه يصير قابضا وال كذلك الحكميفافترقا.

"ومن اشترى عبدا فغاب فأقام البائع البينة أنه باعها إياه، فإن كانت غيبته معروفة لمقال: "وإن لم ألنه يمكن إيصال البائع إلى حقه بدون البيع، وفيه إبطال حق المشترييبع في دين البائع"

ألن ملك المشتري ظهر بإقرارهيدر أين هو بيع العبد وأوفى الثمن"

 

فيظهر على الوجه الذي أقر به مشغوال بحقه، وإذا تعذر استيفاؤه من المشتري يبيعه         -79ص - القاضي فيه كالراهن إذا مات والمشتري إذا مات مفلسا والمبيع لم يقبض، بخالف ما بعد القبض؛ ألن حقه

لم يبق متعلقا به، ثم إن فضل شيء يمسك للمشتري؛ ألنه بدل حقه وإن نقص يتبع هو أيضا. "فإن كان المشتري اثنين فغاب أحدهما فللحاضر أن يدفع الثمن كله ويقبضه، وإذاقال:

حضر اآلخر لم يأخذ نصيبه حتى ينقد شريكه الثمن كله وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا دفع الحاضر الثمن كله لم يقبض إال نصيبه وكان متطوعا بما أدى عن

ألنه قضى دين غيره بغير أمره فال يرجع عليه وهو أجنبي عن نصيب صاحبه فال يقبضه. ولهما أنهصاحبه" مضطر فيه ألنه ال يمكنه االنتفاع بنصيبه إال بأداء جميع الثمن؛ ألن البيع صفقة واحدة، وله حق الحبس ما بقي

شيء منه، والمضطر يرجع كمعير الرهن، وإذا كان له أن يرجع عليه كان له حق الحبس عنه إلى أنيستوفي حقه كالوكيل بالشراء إذا قضى الثمن من مال نفسه.

ألنه أضاف المثقال إليهما على"ومن اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان"قال: السواء فيجب من كل واحد منهما خمسمائة مثقال لعدم األولوية، وبمثله لو اشترى جارية بألف من الذهب والفضة يجب من الذهب مثاقيل ومن الفضة دراهم وزن سبعة ألنه أضاف األلف إليهما فينصرف إلى الوزن

المعهود في كل واحد منهما. "ومن له على آخر عشرة دراهم جياد فقضاه زيوفا وهو ال يعلم فأنفقها أو هلكت فهوقال:

قضاء عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف: يرد مثل زيوفه ويرجع ألن حقه في الوصف مرعي كهو في األصل، وال يمكن رعايته بإيجاب ضمان الوصف ألنه ال قيمةبدراهمه"

له عند المقابلة بجنسه فوجب المصير إلى ما قلنا. ولهما أنه من جنس حقه. حتى لو تجوز به فيما ال يجوز االستبدال جاز فيقع به االستيفاء وال يبقى حقه إال في الجودة، وال يمكن تداركها بإيجاب ضمانها لما ذكرنا،

Page 51: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وكذا بإيجاب ضمان األصل ألنه إيجاب له عليه وال نظير له. "وكذا إذا تكنس فيها وكذا إذا باض فيها "وإذا أفرخ طير في أرض رجل فهو لمن أخذه"قال:

ألنه مباح سبقت يده إليه وألنه صيد وإن كان يؤخذ بغير حيلة والصيد لمن أخذه، وكذا البيض؛ ألنهظبي" أصل الصيد ولهذا يجب الجزاء على المحرم بكسره أو شيه، وصاحب األرض لم يعد أرضه فصار كنصب

شبكة للجفاف وكذا إذا دخل الصيد داره

 

أو وقع ما نثر من السكر والدراهم في ثيابه ما لم يكفه أو كان مستعدا له، بخالف ما         -80ص - إذا عسل النحل في أرضه ألنه عد من أنزاله فيملكه تبعا ألرضه كالشجر النابت فيها والتراب المجتمع في

أرضه بجريان الماء، والله أعلم.

 

كتاب الصرف         -81ص - سمي به للحاجة إلى"الصرف هو البيع إذا كان كل واحد من عوضيه من جنس األثمان"قال:

النقل في بدليه من يد إلى يد. والصرف هو النقل والرد لغة، أو ألنه ال يطلب منه إال الزيادة إذ ال ينتفع بعينه،والصرف هو الزيادة لغة كذا قاله الخليل ومنه سميت العبادة النافلة صرفا.

"فإن باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب ال يجوز إال مثال بمثل وإن اختلفا في الجودةقال: الحديث."الذهب بالذهب مثال بمثل وزنا بوزن يدا بيد والفضل ربا" لقوله عليه الصالة والسالم: والصياغة"

وقد ذكرناه في البيوع."جيدها ورديئها سواء" وقال عليه الصالة والسالم: لما روينا، ولقول عمر رضي الله عنه: وإن استنظرك"وال بد من قبض العوضين قبل االفتراق"قال:

أن يدخل بيته فال تنظره، وألنه ال بد من قبض أحدهما ليخرج العقد عن الكالئ بالكالئ ثم ال بد من قبض اآلخر تحقيقا للمساواة فال يتحقق الربا، وألن أحدهما ليس بأولى من اآلخر فوجب قبضهما سواء كانا يتعينان كالمصوغ أو ال يتعينان كالمضروب أو يتعين أحدهما وال يتعين اآلخر إلطالق ما روينا، وألنه إن كان يتعين ففيه

شبهة عدم التعيين لكونه ثمنا خلقة فيشترط قبضه اعتبارا للشبهة في الربا، والمراد منه االفتراق باألبدان، حتى لو ذهبا عن المجلس يمشيان معا في جهة واحدة أو ناما في المجلس أو أغمي عليهما ال يبطل الصرف

لقول ابن عمر رضي الله عنه وإن وثب من سطح فثب معه، وكذا المعتبر ما ذكرناه في قبض رأس مال لعدم"وإن باع الذهب بالفضة جاز التفاضل"السلم، بخالف خيار المخيرة ألنه يبطل باإلعراض فيه.

"فإن افترقا "الذهب بالورق ربا إال هاء وهاء" لقوله عليه الصالة والسالم: "ووجب التقابض"المجانسة لفوات الشرط وهو القبض ولهذا ال يصحفي الصرف قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد"

شرط الخيار فيه وال األجل ألن بأحدهما ال يبقى القبض مستحقا وبالثاني يفوت القبض المستحق، إال إذاأسقط الخيار في المجلس فيعود إلى الجواز الرتفاعه قبل تقرره وفيه خالف زفر رحمه الله.

 

"وال يجوز التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه، حتى لو باع ديناراقال:         -82ص - ألن القبضبعشرة دراهم ولم يقبض العشرة حتى اشترى بها ثوبا فالبيع في الثوب فاسد"

مستحق بالعقد حقا لله تعالى، وفي تجويزه فواته، وكان ينبغي أن يجوز العقد في الثوب كما نقل عن زفر، ألن الدراهم ال تتعين فينصرف العقد إلى مطلقها، ولكنا نقول: الثمن في باب الصرف مبيع ألن البيع ال بد له

منه وال شيء سوى الثمنين فيجعل كل واحد منهما مبيعا لعدم األولوية وبيع المبيع قبل القبض ال يجوز،

Page 52: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وليس من ضرورة كونه مبيعا أن يكون متعينا كما في المسلم فيه. ألن المساواة غير مشروطة فيه ولكن يشترط القبض في"ويجوز بيع الذهب بالفضة مجازفة"قال:

المجلس لما ذكرنا، بخالف بيعه بجنسه مجازفة لما فيه من احتمال الربا. "ومن باع جارية قيمتها ألف مثقال فضة وفي عنقها طوق فضة قيمته ألف مثقالقال:

ألن قبضبألفي مثقال فضة ونقد من الثمن ألف مثقال ثم افترقا فالذي نقد ثمن الفضة" "وكذا لو اشتراهاحصة الطوق واجب في المجلس لكونه بدل الصرف، والظاهر منه اإلتيان بالواجب

ألن األجل باطل في الصرف جائز فيبألفي مثقال ألف نسيئة وألف نقدا فالنقد ثمن الطوق" "وكذلك إن باع سيفا محلى بمائة درهمبيع الجارية، والمباشرة على وجه الجواز وهو الظاهر منهما

وحليته خمسون فدفع من الثمن خمسين جاز البيع وكان المقبوض حصة الفضة وإن لم ألن االثنين قد يراد بذكرهمايبين ذلك لما بينا، وكذلك إن قال: خذ هذه الخمسين من ثمنهما"

نهما اللؤلؤ والمرجان{الواحد، قال الله تعالى: [ والمراد أحدهما فيحمل عليه22 ]الرحمن:}يخرج م� "وكذا في ألنه صرف فيها "فإن لم يتقابضا حتى افترقا بطل العقد في الحلية"لظاهر حاله

ألنه ال يمكن تسليمه بدون الضرر ولهذا ال يجوز إفراده بالبيعالسيف إن كان ال يتخلص إال بضرر" ألنه"وإن كان يتخلص بغير ضرر جاز البيع في السيف وبطل في الحلية"كالجذع في السقف

أمكن إفراده بالبيع فصار كالطوق والجارية، وهذا إذا كانت الفضة المفردة أزيد مما فيه، فإن كانت مثله أوأقل منه أو ال يدري ال يجوز البيع للربا أو الحتماله، وجهة الصحة من وجه وجهة الفساد من وجهين فترجحت.

"ومن باع إناء فضة ثم افترقا وقد قبض بعض ثمنه بطل البيع فيما لم يقبض وصحقال: ألنه صرف كله فصح فيما وجد شرطه وبطل فيما لم يوجدفيما قبض وكان اإلناء مشتركا بينهما"

والفساد طارئ ألنه يصح ثم يبطل باالفتراق فال يشيع. "ولو استحق بعض اإلناء فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بحصته وإن شاءقال:

 

"ومن باع قطعة نقرة ثم استحق بعضها أخذ ألن الشركة عيب في اإلناء. رده"         -83ص - ألنه ال يضره التبعيض.ما بقي بحصتها وال خيار له"

وقال زفر"ومن باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين جاز البيع وجعل كل جنس بخالفه"قال: والشافعي رحمهما الله: ال يجوز وعلى هذا الخالف إذا باع كر شعير وكر حنطة بكري شعير وكري حنطة:

ولهما أن في الصرف إلى خالف الجنس تغيير تصرفه ألنه قابل الجملة بالجملة، ومن قضيته االنقسام على الشيوع ال على التعيين، والتغيير ال يجوز وإن كان فيه تصحيح التصرف، كما إذا اشترى قلبا بعشرة وثوبا

بعشرة ثم باعهما مرابحة ال يجوز وإن أمكن صرف الربح إلى الثوب، وكذا إذا اشترى عبدا بألف درهم ثم باعه قبل نقد الثمن من البائع مع عبد آخر بألف وخمسمائة ال يجوز في المشترى بألف وإن أمكن تصحيحه

بصرف األلف إليه. وكذا إذا جمع بين عبده وعبد غيره وقال بعتك أحدهما ال يجوز وإن أمكن تصحيحه بصرفه إلى عبده. وكذا إذا باع درهما وثوبا بدرهم وثوب وافترقا من غير قبض فسد العقد في الدرهمين وال يصرف

الدرهم إلى الثوب لما ذكرنا. ولنا أن المقابلة المطلقة تحتمل مقابلة الفرد بالفرد كما في مقابلة الجنس بالجنس، وأنه طريق متعين لتصحيحه فيحمل عليه تصحيحا لتصرفه، وفيه تغيير وصفه ال أصله ألنه يبقى

موجبه األصلي وهو ثبوت الملك في الكل بمقابلة الكل، وصار هذا كما إذا باع نصف عبد مشترك بينه وبينغيره ينصرف إلى نصيبه تصحيحا لتصرفه بخالف ما عد من المسائل.

أما مسألة المرابحة فألنه يصير تولية في القلب بصرف الربح كله إلى الثوب. والطريق في المسألة الثانية غير متعين ألنه يمكن صرف الزيادة على األلف إلى المشتري. وفي الثالثة أضيف البيع إلى المنكر وهو ليس

بمحل للبيع والمعين ضده. وفي األخيرة العقد انعقد صحيحا والفساد في حالة البقاء وكالمنا في االبتداء. "ومن باع أحد عشر درهما بعشرة دراهم ودينار جاز البيع وتكون العشرة بمثلهاقال:

Page 53: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن شرط البيع في الدراهم التماثل على ما روينا، فالظاهر أنه أراد به ذلك فبقي الدرهموالدينار بدرهم" "ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا بذهب وأحدهما أقلبالدينار وهما جنسان وال يعتبر التساوي فيهما.

ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة جاز البيع من غير كراهية، وإن لم تبلغ فمع لتحقق الربا إذ الزيادة ال يقابلها عوض فيكونالكراهة، وإن لم يكن له قيمة كالتراب ال يجوز البيع"

ربا."ومن كان له على آخر عشرة دراهم فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهمقال:

 

ومعنى المسألة إذا باعودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز"         -84ص - بعشرة مطلقة. ووجهه أنه يجب بهذا العقد ثمن يجب عليه تعيينه بالقبض لما ذكرنا، والدين ليس بهذه الصفة

فال تقع المقاصة بنفس المبيع لعدم المجانسة، فإذا تقاصا يتضمن ذلك فسخ األول واإلضافة إلى الدين، إذ لوال ذلك يكون استبداال ببدل الصرف، وفي اإلضافة إلى الدين تقع المقاصة بنفس العقد على ما نبينه،

والفسخ قد يثبت بطريق االقتضاء كما إذا تبايعا بألف ثم بألف وخمسمائة، وزفر يخالفنا فيه ألنه ال يقول باالقتضاء، وهذا إذا كان الدين سابقا. فإن كان الحقا فكذلك في أصح الروايتين لتضمنه انفساخ األول

واإلضافة إلى دين قائم وقت تحويل العقد فكفى ذلك للجواز. والغلة ما يرده بيت"ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمي غلة بدرهمين صحيحين ودرهم غلة"قال:

المال ويأخذه التجار. ووجهه تحقق المساواة في الوزن وما عرف من سقوط اعتبار الجودة. "وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة فهي فضة، وإذا كان الغالب على الدنانير الذهبقال:

فهي ذهب، ويعتبر فيهما من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد حتى ال يجوز بيع الخالصة ألنبها وال بيع بعضها ببعض إال متساويا في الوزن. وكذا ال يجوز االستقراض بها إال وزنا"

النقود ال تخلو عن قليل غش عادة ألنها ال تنطبع إال مع الغش، وقد يكون الغش خلقيا كما في الرديء منه "وإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكمفيلحق القليل بالرداءة، والجيد والرديء سواء

اعتبارا للغالب، فإن اشترى بها فضة خالصة فهو على الوجوه التي ذكرناها في حليةالدراهم والدنانير" فهي في حكم شيئين"وإن بيعت بجنسها متفاضال جاز صرفا للجنس إلى خالف الجنس"السيف.

فضة وصفر ولكنه صرف حتى يشترط القبض في المجلس لوجود الفضة من الجانبين، فإذا شرط القبضفي الفضة يشترط في الصفر ألنه ال يتميز عنه إال بضرر.

قال رضي الله عنه: ومشايخنا رحمهم الله لم يفتوا بجواز ذلك في العدالى والغطارفة ألنها أعز األموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيه ينفتح باب الربا، ثم إن كانت تروج بالوزن فالتبايع واالستقراض فيها بالوزن،

وإن كانت تروج بالعد فبالعد، وإن كانت تروج بهما فبكل واحد منهما ألن المعتبر هو المعتاد فيهما إذا لم يكن فيهما نص، ثم هي ما دامت تروج تكون أثمانا ال تتعين بالتعيين، وإذا كانت ال تروج فهي سلعة تتعين بالتعيين، وإذا كانت يتقبلها البعض دون البعض فهي كالزيوف ال يتعلق العقد بعينها بل بجنسها زيوفا إن كان البائع يعلم

بحالها لتحقق الرضا منه، وبجنسها من الجياد إن كان ال يعلم لعدم الرضا منه.

 

"وإذا اشترى بها سلعة فكسدت وترك الناس المعاملة بها بطل البيع عند         -85ص - أبي حنيفة. وقال أبو يوسف رحمهما الله: عليه قيمتها يوم البيع. وقال محمد رحمه الله:

لهما أن العقد قد صح إال أنه تعذر التسليم بالكساد وأنه ال يوجبقيمتها آخر ما تعامل الناس بها" الفساد، كما إذا اشترى بالرطب فانقطع أوانه. وإذا بقي العقد وجبت القيمة، لكن عند أبي يوسف رحمه الله

وقت البيع ألنه مضمون به، وعند محمد رحمه الله يوم االنقطاع ألنه أوان االنتقال إلى القيمة. وألبي حنيفة

Page 54: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

رحمه الله أن الثمن يهلك بالكساد؛ ألن الثمنية باالصطالح وما بقي فيبقى بيعا بال ثمن فيبطل، وإذا بطل البيعيجب رد المبيع إن كان قائما وقيمته إن كان هالكا كما في البيع الفاسد.

ألنها مال معلوم، فإن كانت نافقة جاز البيع بها وإن لم تتعين ألنها أثمان "ويجوز البيع بالفلوس"قال: "وإذا باع بالفلوسباالصطالح، وإن كانت كاسدة لم يجز البيع بها حتى يعينها ألنها سلع فال بد من تعيينها

وهو نظير االختالف الذيالنافقة ثم كسدت بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله خالفا لهما" ألنه "ولو استقرض فلوسا نافقة فكسدت عند أبي حنيفة رحمه الله يجب عليه مثلها"بيناه.

إعارة، وموجبه رد العين معنى والثمنية فضل فيه إذ القرض ال يختص به. وعندهما تجب قيمتها ألنه لما بطل وصف الثمنية تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها، كما إذا استقرض مثليا فانقطع، لكن عند أبي يوسف

رحمه الله يوم القبض، وعند محمد رحمه الله يوم الكساد على ما مر من قبل، وأصل االختالف فيمن غصبمثليا فانقطع، وقول محمد رحمه الله أنظر للجانبين، وقول أبي يوسف أيسر.

"ومن اشترى شيئا بنصف درهم فلوس جاز وعليه ما يباع بنصف درهم من الفلوسقال: . وقال زفر: ال يجوز في جميع ذلك ألنه اشترىوكذا إذا قال بدانق فلوس أو بقيراط فلوس جاز"

بالفلوس وأنها تقدر بالعدد ال بالدانق والدرهم فال بد من بيان عددها، ونحن نقول: ما يباع بالدانق ونصف الدرهم من الفلوس معلوم عند الناس والكالم فيه فأغنى عن بيان العدد. ولو قال بدرهم فلوس أو بدرهمي

فلوس فكذا عند أبي يوسف رحمه الله ألن ما يباع بالدرهم من الفلوس معلوم وهو المراد ال وزن الدرهم من الفلوس. وعن محمد رحمه الله أنه ال يجوز بالدرهم ويجوز فيما دون الدرهم، ألن في العادة المبايعة

بالفلوس فيما دون الدرهم فصار معلوما بحكم العادة، وال كذلك الدرهم قالوا: وقول أبي يوسف رحمه اللهأصح ال سيما في ديارنا.

"ومن أعطى صيرفيا درهما وقال أعطني بنصفه فلوسا وبنصفه نصفا إال حبة جازقال: ألن بيع نصف درهم بالفلوس جائز وبيع النصفالبيع في الفلوس وبطل فيما بقي عندهما"

 

"وعلى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله بطل فيبنصف إال حبة ربا فال يجوز         -86ص - ألن الصفقة متحدة والفساد قوي فيشيع وقد مر نظيره، ولو كرر لفظ اإلعطاء كان جوابه كجوابهماالكل"

ألنه قابل"ولو قال أعطني نصف درهم فلوسا ونصفا إال حبة جاز"هو الصحيح ألنهما بيعان الدرهم بما يباع من الفلوس بنصف درهم وبنصف درهم إال حبة فيكون نصف درهم إال حبة بمثله وما وراءه

بإزاء الفلوس. قال رضي الله عنه: وفي أكثر نسخ المختصر ذكر المسألة الثانية، والله تعالى أعلم بالصواب.

 

كتاب الكفالة         -87ص -لها زكر�يا{الكفالة: هي الضم لغة، قال الله تعالى: [ ثم قيل: هي ضم الذمة إلى37 ]آل عمران:}وكف

الذمة في المطالبة، وقيل في الدين، واألول أصح. "الكفالة ضربان: كفالة بالنفس، وكفالة بالمال. فالكفالة بالنفس جائزة والمضمونقال:

وقال الشافعي رحمه الله: ال يجوز ألنه كفل بما ال يقدر على تسليمه، إذ البها إحضار المكفول به" قدرة له على نفس المكفول به، بخالف الكفالة بالمال ألن له والية على مال نفسه. ولنا قوله عليه الصالة

وهذا يفيد مشروعية الكفالة بنوعيه، وألنه يقدر على تسليمه بطريقه بأن يعلم"الزعيم غارم"والسالم: الطالب مكانه فيخلي بينه وبينه أو يستعين بأعوان القاضي في ذلك والحاجة ماسة إليه، وقد أمكن تحقق

معنى الكفالة وهو الضم في المطالبة فيه. "وتنعقد إذا قال تكفلت بنفس فالن أو برقبته أو بروحه أو بجسده أو برأسه وكذا ببدنهقال:

Page 55: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن هذه األلفاظ يعبر بها عن البدن إما حقيقة أو عرفا على ما مر في الطالق، كذا إذا قال بنصفهوبوجهه" أو بثلثه أو بجزء منه ألن النفس الواحدة في حق الكفالة ال تتجزأ فكان ذكر بعضها شائعا كذكر كلها، بخالف

ما إذا قال تكفلت بيد فالن أو برجله ألنه ال يعبر بهما عن البدن حتى ال تصح إضافة الطالق إليهما وفيما تقدم "أو قال ألنه صيغة االلتزام "علي" هو "أو قال" ألنه تصريح بموجبه"وكذا إذا قال ضمنته"تصح "ومن ترك ماال فلورثته، ومن ترك كال ألنه في معنى علي في هذا المقام. قال عليه الصالة والسالم: إلي"

ألن الزعامة هي الكفالة وقد روينا فيه. والقبيل"وكذا إذا قال أنا زعيم به أو قبيل به" أو عياال فإلي"هو الكفيل، ولهذا سمي الصك قبالة، بخالف ما إذا قال أنا ضامن لمعرفته ألنه التزم المعرفة دون المطالبة.

"فإن شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه إحضاره إذاقال: المتناعه عن إيفاء حق"فإن أحضره وإال حبسه الحاكم", وفاء بما التزمه، طالبه في ذلك الوقت"

مستحق عليه، ولكن ال يحبسه أول مرة لعله ما درى لماذا يدعي. ولو غاب المكفول

 

بنفسه أمهله الحاكم مدة ذهابه ومجيئه، فإن مضت ولم يحضره يحبسه لتحقق امتناعه         -88ص -عن إيفاء الحق.

وهذا ألنه عاجز في المدة فينظر كالذي أعسر،"وكذا إذا ارتد والعياذ بالله ولحق بدار الحرب"قال: ولو سلمه قبل ذلك برئ ألن األجل حقه فيملك إسقاطه كما في الدين المؤجل.

"وإذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه مثل أن يكون فيقال: ألنه أتى بما التزمه وحصل المقصود به، وهذا ألنه ما التزم التسليم إالمصر برئ الكفيل من الكفالة"

مرة. لحصول"وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ"قال:

المقصود، وقيل في زماننا: ال يبرأ ألن الظاهر المعاونة على االمتناع ال على اإلحضار فكان التقييد مفيدا ألنه ال يقدر على المخاصمة فيها فلم يحصل المقصود، وكذا إذا سلمه"وإن سلمه في برية لم يبرأ"

في سواد لعدم قاض يفصل الحكم فيه، ولو سلم في مصر آخر غير المصر الذي كفل فيه برئ عند أبي حنيفة للقدرة على المخاصمة فيه. وعندهما ال يبرأ ألنه قد تكون شهوده فيما عينه. ولو سلمه في السجن

وقد حبسه غير الطالب ال يبرأ ألنه ال يقدر على المخاصمة فيه. ألنه عجز عن إحضاره، وألنه سقط"وإذا مات المكفول به برئ الكفيل بالنفس من الكفالة"قال:

الحضور عن األصيل فيسقط اإلحضار عن الكفيل، وكذا إذا مات الكفيل ألنه لم يبق قادرا على تسليم المكفول بنفسه وماله ال يصلح إليفاء هذا الواجب بخالف الكفيل بالمال. ولو مات المكفول له فللوصي أن

يطالب الكفيل، فإن لم يكن فلوارثه لقيامه مقام الميت. ألنه "ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء"قال:

موجب التصرف فيثبت بدون التنصيص عليه، وال يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين، ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح ألنه مطالب بالخصومة فكان له والية الدفع، وكذا إذا سلمه إليه

وكيل الكفيل أو رسوله لقيامهما مقامه. "فإن تكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه وهوقال:

ألن الكفالة بالمال معلقة بشرط عدمألف فلم يحضره إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال" ألن"وال يبرأ عن الكفالة بالنفس"الموافاة، وهذا التعليق صحيح، فإذا وجد الشرط لزمه المال

 

Page 56: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وجوب المال عليه بالكفالة ال ينافي الكفالة بنفسه إذ كل واحد منهما للتوثق. وقال         -89ص - الشافعي: ال تصح هذه الكفالة ألنه تعليق سبب وجوب المال بالخطر فأشبه البيع. ولنا أنه يشبه البيع ويشبه النذر من حيث إنه التزام. فقلنا: ال يصح تعليقه بمطلق الشرط كهبوب الريح ونحوه. ويصح بشرط متعارف

عمال بالشبهين والتعليق بعدم الموافاة متعارف. "ومن كفل بنفس رجل وقال إن لم يواف به غدا فعليه المال، فإن مات المكفول عنهقال:

لتحقق الشرط وهو عدم الموافاة.ضمن المال" "ومن ادعى على آخر مائة دينار بينها أو لم يبينها حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إنقال:

لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وقال محمد رحمه الله: إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثم ادعى بعد ذلك لم

ألنه علق ماال مطلقا بخطر؛ أال يرى أنه لم ينسبه إلى ما عليه، وال تصح الكفالة علىيلتفت إلى دعواه" هذا الوجه وإن بينها وألنه لم تصح الدعوى من غير بيان فال يجب إحضار النفس، وإذا لم يجب ال تصح الكفالة

بالنفس فال تصح بالمال ألنه بناء عليه، بخالف ما إذا بين. ولهما أن المال ذكر معرفا فينصرف إلى ما عليه، والعادة جرت باإلجمال في الدعاوى فتصح الدعوى على اعتبار البيان، فإذا بين التحق البيان بأصل الدعوى

فتبين صحة الكفالة األولى فيترتب عليها الثانية. معناه: ال"وال تجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة رحمه الله"قال:

يجبر عليها عنده، وقاال: يجبر في حد القذف ألن فيه حق العبد وفي القصاص ألنه خالص حق العبد فيليق بهما االستيثاق كما في التعزير، بخالف الحدود الخالصة لله تعالى. وألبي حنيفة رحمه الله قوله عليه الصالة

وألن مبنى الكل على الدرء فال يجب فيها االستيثاق، بخالف سائر"ال كفالة في حد من غير فصل"والسالم: "ولو سمحت نفسه به يصحالحقوق ألنها ال تندرئ بالشبهات فيليق بها االستيثاق كما في التعزير

ألنه أمكن ترتيب موجبه عليه ألن تسليم النفس فيها واجب فيطالب به الكفيل فيتحقق الضم. باإلجماع" ألن"وال يحبس فيها حتى يشهد شاهدان مستوران أو شاهد عدل يعرفه القاضي"قال:

الحبس للتهمة هاهنا، والتهمة تثبت بأحد شطري الشهادة: إما العدد أو العدالة، بخالف الحبس في باباألموال ألنه أقصى عقوبة فيه فال يثبت إال بحجة كاملة. وذكر في كتاب

 

أدب القاضي أن على قولهما ال يحبس في الحدود والقصاص بشهادة الواحد لحصول         -90ص -االستيثاق بالكفالة.

ألنه دين مطالب به ممكن االستيفاء فيمكن ترتيب"والرهن والكفالة جائزان في الخراج"قال: موجب العقد عليه فيهما.

ألن موجبه"ومن أخذ من رجل كفيال بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيال آخر فهما كفيالن"قال: "وأما الكفالة بالمالالتزام المطالبة وهي متعددة والمقصود التوثق، وبالثانية يزداد التوثق فال يتنافيان

فجائزة معلوما كان المكفول به أو مجهوال إذا كان دينا صحيحا مثل أن يقول تكفلت عنه ألن مبنى الكفالة على التوسع فيتحمل فيهابألف أو بما لك عليه أو بما يدركك في هذا البيع"

الجهالة، وعلى الكفالة بالدرك إجماع وكفى به حجة، وصار كما إذا كفل لشجة صحت الكفالة وإن احتملت السراية واالقتصار، وشرط أن يكون دينا صحيحا ومراده أن ال يكون بدل الكتابة، وسيأتيك في موضعه إن

شاء الله تعالى. ألن"والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه األصل وإن شاء طالب كفيله"قال:

الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة وذلك يقتضي قيام األول ال البراءة عنه، إال إذا شرط فيه البراءة "ولو طالبفحينئذ تنعقد حوالة اعتبارا للمعنى، كما أن الحوالة بشرط أن ال يبرأ بها المحيل تكون كفالة

ألن مقتضاه الضم، بخالف المالك إذا اختار تضمين أحدأحدهما له أن يطالب اآلخر وله أن يطالبهما"

Page 57: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الغاصبين ألن اختياره أحدهما يتضمن التمليك منه فال يمكنه التمليك من الثاني، أما المطالبة بالكفالة التتضمن التمليك فوضح الفرق.

مثل أن يقول ما بايعت فالنا فعلي أو ما ذاب لك عليه فعلي أو "ويجوز تعليق الكفالة بالشروط"قال:يم{ما غصبك فعلي. واألصل فيه قوله تعالى: مل بع�ير وأنا ب�ه� زع� [72 ]يوسف:}ول�من جاء ب�ه� ح�

واإلجماع منعقد على صحة ضمان الدرك، ثم األصل أنه يصح تعليقها بشرط مالئم لها مثل أن يكون شرطا لوجوب الحق كقوله إذا استحق المبيع، أو إلمكان االستيفاء مثل قوله إذا قدم زيد وهو مكفول عنه، أو لتعذر

االستيفاء مثل قوله إذا غاب عن البلدة، وما ذكر من الشروط في معنى ما ذكرناه، فأما ال يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر وكذا إذا جعل واحد منهما أجال، إال أنه تصح الكفالة ويجب

"فإن قالالمال حاال ألن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط ال تبطل بالشروط الفاسدة كالطالق والعتاق. ألن الثابت بالبينة كالثابت معاينةتكفلت بما لك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمنه الكفيل"

"وإن لم تقم البينة فالقول قولفيتحقق ما عليه فيصح الضمان به

 

"فإن اعترف ألنه منكر للزيادة الكفيل مع يمينه في مقدار ما يعترف به"         -91ص - ألنه إقرار على الغير وال والية له عليهالمكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله"

لواليته عليها."ويصدق في حق نفسه" إلطالق ما روينا وألنه التزام المطالبة وهو"وتجوز الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره"قال:

تصرف في حق نفسه وفيه نفع للطالب وال ضرر فيه على المطلوب بثبوت الرجوع إذ هو عند أمره وقد "وإن كفل بغير أمره لم ألنه قضى دينه بأمره "فإن كفل بأمره رجع بما أدى عليه"رضي به

ألنه متبرع بأدائه، وقوله رجع بما أدى معناه إذا أدى ما ضمنه، أما إذا أدى خالفه رجع بمايرجع بما يؤديه" ضمن ألنه ملك الدين باألداء فنزل منزلة الطالب، كما إذا ملكه بالهبة أو باإلرث، وكما إذا ملكه المحتال عليه بما ذكرنا في الحوالة، بخالف المأمور بقضاء الدين حيث يرجع بما أدى؛ ألنه لم يجب عليه شيء حتى يملك الدين باألداء، وبخالف ما إذا صالح الكفيل الطالب عن األلف على خمسمائة ألنه إسقاط فصار كما إذا أبرأ

الكفيل. ألنه ال يملكه قبل "وليس للكفيل أن يطالب المكفول عنه بالمال قبل أن يؤدي عنه"قال:

األداء، بخالف الوكيل بالشراء حيث يرجع قبل األداء ألنه انعقد بينهما مبادلة حكمية. وكذا إذا حبس كان له أن"فإن لوزم بالمال كان له أن يالزم المكفول عنه حتى يخلصه"قال:

"وإذا أبرأ الطالب المكفول عنه أو استوفى منهيحبسه ألنه لحقه ما لحقه من جهته فيعامله بمثله "وإن أبرأ الكفيل لم ألن براءة األصيل توجب براءة الكفيل ألن الدين عليه في الصحيح برئ الكفيل"

"وكذا إذا أخر ألنه تبع، وألن عليه المطالبة وبقاء الدين على األصيل بدونه جائز يبرأ األصيل عنه" الطالب عن األصيل فهو تأخير عن الكفيل، ولو أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الذي

ألن التأخير إبراء موقت فيعتبر باإلبراء المؤبد، بخالف ما إذا كفل بالمال الحال مؤجال إلىعليه األصل" شهر فإنه يتأجل عن األصيل ألنه ال حق له إال الدين حال وجود الكفالة فصار األجل داخال فيه، أما هاهنا

فبخالفه. "فإن صالح الكفيل رب المال عن األلف على خمسمائة فقد برئ الكفيل والذي عليهقال:

ألنه أضاف الصلح إلى األلف الدين وهي على األصيل فبرئ عن خمسمائة ألنه إسقاط وبراءتهاألصل" توجب براءة الكفيل، ثم برئا جميعا عن خمسمائة بأداء الكفيل، ويرجع الكفيل على األصيل بخمسمائة إن

كانت الكفالة بأمره، بخالف ما إذا صالح على جنس آخر ألنه مبادلة حكمية فملكه فيرجع بجميع األلف، ولوكان صالحه عما استوجب بالكفالة

Page 58: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

ال يبرأ األصيل؛ ألن هذا إبراء الكفيل عن المطالبة.         -92ص - "ومن قال لكفيل ضمن له ماال قد برئت إلي من المال رجع الكفيل على المكفولقال: معناه بما ضمن له بأمره ألن البراءة التي ابتداؤها من المطلوب وانتهاؤها إلى الطالب ال تكون إالعنه"

ألنه"وإن قال أبرأتك لم يرجع الكفيل على المكفول عنه"باإليفاء، فيكون هذا إقرارا باألداء فيرجع براءة ال تنتهي إلى غيره وذلك باإلسقاط فلم يكن إقرارا باإليفاء. ولو قال برئت قال محمد رحمه الله هو

مثل الثاني ألنه يحتمل البراءة باألداء إليه واإلبراء فيثبت األدنى إذ ال يرجع الكفيل بالشك. وقال أبو يوسف رحمه الله: هو مثل األول ألنه أقر ببراءة ابتداؤها من المطلوب وإليه اإليفاء دون اإلبراء. وقيل في جميع ما

ذكرنا إذا كان الطالب حاضرا يرجع في البيان إليه ألنه هو المجمل. لما فيه من معنى التمليك كما في سائر "وال يجوز تعليق البراءة من الكفالة بالشرط"قال:

البراءات. ويروى أنه يصح ألن عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطالق، ولهذا اليرتد اإلبراء عن الكفيل بالرد بخالف إبراء األصيل.

معناه "وكل حق ال يمكن استيفاؤه من الكفيل ال تصح الكفالة به كالحدود والقصاص"قال:بنفس الحد ال بنفس من عليه الحد ألنه يتعذر إيجابه عليه، وهذا ألن العقوبة ال تجري فيها النيابة.

"وإن تكفل عن البائع ألنه دين كسائر الديون "وإذا تكفل عن المشتري بالثمن جاز"قال: ألنه عين مضمون بغيره وهو الثمن والكفالة باألعيان المضمونة وإن كانت تصح عندنابالمبيع لم تصح"

خالفا للشافعي رحمه الله، لكن باألعيان المضمونة بنفسها كالمبيع بيعا فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمغصوب، ال بما كان مضمونا بغيره كالمبيع والمرهون، وال بما كان أمانة كالوديعة والمستعار والمستأجر ومال المضاربة والشركة. ولو كفل بتسليم المبيع قبل القبض أو بتسليم الرهن بعد القبض إلى الراهن أو

بتسليم المستأجر إلى المستأجر جاز ألنه التزم فعال واجبا. ألنه عاجز عنه "ومن استأجر دابة للحمل عليها، فإن كانت بعينها ال تصح الكفالة بالحمل"قال:

"وكذا ألنه يمكنه الحمل على دابة نفسه والحمل هو المستحق"وإن كانت بغير عينها جازت الكفالة" لما بينا.من استأجر عبدا للخدمة فكفل له رجل بخدمته فهو باطل"

وهذا عند أبي حنيفة"وال تصح الكفالة إال بقبول المكفول له في المجلس"قال:

 

ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله آخرا: يجوز إذا بلغه أجاز، ولم يشترط         -93ص - في بعض النسخ اإلجازة، والخالف في الكفالة بالنفس والمال جميعا. له أنه تصرف التزام فيستبد به

الملتزم، وهذا وجه هذه الرواية عنه. ووجه التوقف ما ذكرناه في الفضولي في النكاح. ولهما أن فيه معنى "إالالتمليك وهو تمليك المطالبة منه فيقوم بهما جميعا والموجود شطره فال يتوقف على ما وراء المجلس

في مسألة واحدة وهي أن يقول المريض لوارثه تكفل عني بما علي من الدين فكفل به ألن ذلك وصية في الحقيقة ولهذا تصح وإن لم يسم المكفول لهم، ولهذا قالوا:مع غيبة الغرماء جاز"

إنما تصح إذا كان له مال أو يقال إنه قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغا لذمته وفيه نفع الطالب فصار كما إذا حضر بنفسه، وإنما يصح بهذا اللفظ، وال يشترط القبول ألنه يراد به التحقيق دون المساومة ظاهرا في

هذه الحالة فصار كاألمر بالنكاح، ولو قال المريض ذلك ألجنبي اختلف المشايخ فيه. "وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عندقال:

ألنه كفل بدين ثابت ألنه وجب لحق الطالب، ولم يوجد المسقطأبي حنيفة رحمه الله، وقاال: تصح" ولهذا يبقى في حق أحكام اآلخرة، ولو تبرع به إنسان يصح، وكذا يبقى إذا كان به كفيل أو مال. وله أنه كفل بدين ساقط ألن الدين هو الفعل حقيقة ولهذا يوصف بالوجوب. لكنه في الحكم مال ألنه يئول إليه في المآل

Page 59: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وقد عجز بنفسه وبخلفه ففات عاقبة االستيفاء فيسقط ضرورة، والتبرع ال يعتمد قيام الدين، وإذا كان بهكفيل أو له مال فخلفه أو اإلفضاء إلى األداء باق.

"ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه األلف قبل أن يعطيه صاحب المالقال: ألنه تعلق به حق القابض على احتمال قضائه الدين فال يجوز المطالبة ما بقيفليس له أن يرجع فيها"

هذا االحتمال، كمن عجل زكاته ودفعها إلى الساعي، وألنه ملكه بالقبض على ما نذكر، بخالف ما إذا كان ألنه ملكه "وإن ربح الكفيل فيه فهو ال يتصدق به"الدفع على وجه الرسالة ألنه تمحض أمانة في يده

حين قبضه، أما إذا قضى الدين فظاهر، وكذا إذا قضى المطلوب بنفسه وثبت له حق االسترداد ألنه وجب له على المكفول عنه مثل ما وجب للطالب عليه، إال أنه أخرت المطالبة إلى وقت األداء فنزل منزلة الدين

المؤجل، ولهذا لو أبرأ الكفيل المطلوب قبل أدائه يصح، فكذا إذا قبضه يملكه إال أن فيه نوع خبث نبينه فال "ولو كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها الكفيليعمل مع الملك فيما ال يتعين وقد قررناه في البيوع

لما بينا أنه ملكه.فباعها وربح فيها فالربح له في الحكم" وهذا عند"وأحب إلي أن يرده على الذي قضاه الكر وال يجب عليه في الحكم"

 

أبي حنيفة رحمه الله في رواية الجامع الصغير، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله:         -94ص - هو له وال يرده على الذي قضاه وهو رواية عنه، وعنه أنه يتصدق به. لهما أنه ربح في ملكه على الوجه الذي

بيناه فيسلم له. وله أنه تمكن الخبث مع الملك، إما ألنه بسبيل من االسترداد بأن يقضيه بنفسه، أو ألنه رضي به على اعتبار قضاء الكفيل، فإذا قضاه بنفسه لم يكن راضيا به وهذا الخبث يعمل فيما يتعين فيكون سبيله التصدق في رواية، ويرده عليه في رواية ألن الخبث لحقه، وهذا أصح لكنه استحباب ال جبر ألن الحق

له. "ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فأمره األصيل أن يتعين عليه حريرا ففعلقال:

ومعناه األمر ببيع العينة مثل أن يستقرض منفالشراء للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه" تاجر عشرة فيتأبى عليه ويبيع منه ثوبا يساوي عشرة بخمسة عشر مثال رغبة في نيل الزيادة ليبيعه

المستقرض بعشرة ويتحمل عليه خمسة؛ سمي به لما فيه من اإلعراض عن الدين إلى العين، وهو مكروه لما فيه من اإلعراض عن مبرة اإلقراض مطاوعة لمذموم البخل. ثم قيل: هذا ضمان لما يخسر المشتري

نظرا إلى قوله علي وهو فاسد وليس بتوكيل وقيل هو توكيل فاسد؛ ألن الحرير غير متعين، وكذا الثمن غير متعين لجهالة ما زاد على الدين، وكيفما كان فالشراء للمشتري وهو الكفيل والربح: أي الزيادة عليه ألنه

العاقد. "ومن كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقامقال:

ألن المكفولالمدعي البينة على الكفيل بأن له على المكفول عنه ألف درهم لم تقبل بينته" به مال مقضي به وهذا في لفظة القضاء ظاهر، وكذا في األخرى ألن معنى ذاب تقرر وهو بالقضاء أو مال

"ومنيقضى به وهذا ماض أريد به المستأنف كقوله: أطال الله بقاءك فالدعوى مطلق عن ذلك فال تصح. أقام البينة أن له على فالن كذا وأن هذا كفيل عنه بأمره فإنه يقضى به على الكفيل وعلى

وإنما تقبل ألن المكفولالمكفول عنه، وإن كانت الكفالة بغير أمره يقضى على الكفيل خاصة" به مال مطلق، بخالف ما تقدم، وإنما يختلف باألمر وعدمه ألنهما يتغايران، ألن الكفالة بأمر تبرع ابتداء

ومعاوضة انتهاء، وبغير أمر تبرع ابتداء وانتهاء، فبدعواه أحدهما ال يقضى له باآلخر، وإذا قضي بها باألمر ثبت أمره، وهو يتضمن اإلقرار بالمال فيصير مقضيا عليه، والكفالة بغير أمره ال تمس جانبه ألنه تعتمد صحتها

قيام الدين في زعم الكفيل فال يتعدى إليه، وفي الكفالة بأمره يرجع الكفيل بما أدى على اآلمر. وقال زفر رحمه الله: ال يرجع؛ ألنه لما أنكر فقد ظلم في زعمه فال يظلم غيره ونحن نقول صار مكذبا شرعا فبطل ما

Page 60: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

زعمه. ألن الكفالة لو كانت مشروطة"ومن باع دارا وكفل رجل عنه بالدرك فهو تسليم"قال:

 

في البيع فتمامه بقبوله، ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم من جهته، وإن لم تكن         -95ص - مشروطة فيه فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فيه إذ ال يرغب فيه دون الكفالة فنزل منزلة اإلقرار

بملك البائع. ألن الشهادة ال تكون مشروطة"ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه"قال:

في البيع وال هي بإقرار بالملك ألن البيع مرة يوجد من المالك وتارة من غيره، ولعله كتب الشهادة ليحفظ الحادثة بخالف ما تقدم، قالوا: إذا كتب في الصك باع وهو يملكه أو بيعا باتا نافذا وهو كتب شهد بذلك فهو

تسليم، إال إذا كتب الشهادة على إقرار المتعاقدين.

فصل: في الضمان "ومن باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن أو مضارب ضمن ثمن متاع رب المال فالضمانقال:

ألن الكفالة التزام المطالبة وهي إليهما فيصير كل واحد منهما ضامنا لنفسه، وألن المال أمانة فيباطل" "وكذا رجالن باعا عبداأيديهما والضمان تغيير لحكم الشرع فيرد عليه كاشتراطه على المودع والمستعير

ألنه لو صح الضمان مع الشركة يصيرصفقة واحدة وضمن أحدهما لصاحبه حصته من الثمن" ضامنا لنفسه، ولو صح في نصيب صاحبه خاصة يؤدي إلى قسمة الدين قبل قبضه وال يجوز ذلك، بخالف ما إذا باعا بصفقتين ألنه ال شركة؛ أال ترى أن للمشتري أن يقبل نصيب أحدهما ويقبض إذا نقد ثمن حصته وإن

قبل الكل. "ومن ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز. أما الخراج فقد ذكرناه وهو"قال:

يخالف الزكاة، ألنها مجرد فعل ولهذا ال تؤدى بعد موته من تركته إال بوصية. وأما النوائب، فإن أريد بها ما يكون بحق ككري النهر المشترك وأجر الحارس والموظف لتجهيز الجيش وفداء األسارى وغيرها جازت

الكفالة بها على االتفاق، وإن أريد بها ما ليس بحق كالجبايات في زماننا ففيه اختالف المشايخ رحمهم الله، وممن يميل إلى الصحة اإلمام علي البزدوي، وأما القسمة فقد قيل: هي النوائب بعينها أو حصة منهاوالرواية بأو، وقيل هي النائبة الموظفة الراتبة، والمراد بالنوائب ما ينوبه غير راتب والحكم ما بيناه.

"ومن قال آلخر لك علي مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة"، فالقول قول المدعي، ومن قال ضمنت لك عن فالن مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول

ووجه الفرق أن المقر أقر بالدين. ثم ادعى حقا لنفسه وهو تأخير المطالبة إلى أجل وفيالضامن".الكفالة ما أقر

 

بالدين ألنه ال دين عليه في الصحيح، وإنما أقر بمجرد المطالبة بعد الشهر، وألن األجل         -96ص - في الديون عارض حتى ال يثبت إال بشرط فكان القول قول من أنكر الشرط كما في الخيار، أما األجل في الكفالة فنوع منها حتى يثبت من غير شرط بأن كان مؤجال على األصيل، والشافعي رحمه الله ألحق الثاني

باألول، وأبو يوسف رحمه الله فيما يروى عنه ألحق األول بالثاني والفرق قد أوضحناه. "ومن اشترى جارية فكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يأخذ الكفيل حتى يقضى لهقال:

ألن بمجرد االستحقاق ال ينتقض البيع على ظاهر الرواية ما لم يقض له بالثمن علىبالثمن على البائع" البائع فلم يجب له على األصيل رد الثمن فال يجب على الكفيل، بخالف القضاء بالحرية ألن البيع يبطل بها

Page 61: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لعدم المحلية فيرجع على البائع والكفيل. وعن أبي يوسف أنه يبطل البيع باالستحقاق، فعلى قياس قوله "ومن اشترى عبدا فضمن له رجليرجع بمجرد االستحقاق وموضعه أوائل الزيادات في ترتيب األصل.

ألن هذه اللفظة مشتبهة قد تقع على الصك القديم وهو ملك البائع فال يصحبالعهدة فالضمان باطل" ضمانه، وقد تقع على العقد وعلى حقوقه وعلى الدرك وعلى الخيار، ولكل ذلك وجه فتعذر العمل بها،

بخالف الدرك ألنه استعمل في ضمان االستحقاق عرفا، ولو ضمن الخالص ال يصح عند أبي حنيفة رحمه الله ألنه عبارة عن تخليص المبيع وتسليمه ال محالة وهو غير قادر عليه، وعندهما هو بمنزلة الدرك وهو تسليم

البيع أو قيمته فصح.

باب كفالة الرجلين "وإذا كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه كما إذا اشتريا عبدا بألف

درهم وكفل كل واحد منهما عن صاحبه فما أدى أحدهما لم يرجع على شريكه حتى يزيد ما ألن كل واحد منهما في النصف أصيل وفي النصف اآلخر كفيل،يؤديه على النصف فيرجع بالزيادة"

وال معارضة بين ما عليه بحق األصالة وبحق الكفالة، ألن األول دين والثاني مطالبة، ثم هو تابع لألول فيقع عن األول، وفي الزيادة ال معارضة فيقع عن الكفالة، وألنه لو وقع في النصف عن صاحبه فيرجع عليه

"وإذا كفل رجالن عن رجل بمال على أنفلصاحبه أن يرجع ألن أداء نائبه كأدائه فيؤدي إلى الدور كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على شريكه بنصفه قليال كان

ومعنى المسألة في الصحيح أن تكون الكفالة بالكل عن األصيل وبالكل عن الشريك والمطالبةأو كثيرا"متعددة فتجتمع الكفالتان على ما مر وموجبها التزام المطالبة فتصح الكفالة عن الكفيل كما تصح

 

الكفالة عن األصيل وكما تصح الحوالة من المحتال عليه. وإذا عرف هذا فما أداه         -97ص - أحدهما وقع شائعا عنهما إذ الكل كفالة فال ترجيح للبعض على البعض بخالف ما تقدم فيرجع على شريكه بنصفه وال يؤدي إلى الدور ألن قضيته االستواء، وقد حصل برجوع أحدهما بنصف ما أدى فال ينتقض برجوع

"وإن شاءاآلخر عليه، بخالف ما تقدم، ثم يرجعان على األصيل ألنهما أديا عنه أحدهما بنفسه واآلخر بنائبه ألنه كفل بجميع المال عنه بأمره. رجع بالجميع على المكفول عنه"

براءة األصيل"وإذا أبرأ رب المال أحدهما أخذ اآلخر بالجميع ألن إبراء الكفيل ال يوجب"قال: فبقي المال كله على األصيل واآلخر كفيل عنه بكله على ما بيناه ولهذا يأخذه به.

ألن كل"وإذا افترق المتفاوضان فألصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاءوا بجميع الدين"قال: "وال يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤديواحد منهما كفيل عن صاحبه على ما عرف في الشركة

لما مر من الوجهين في كفالة الرجلين.أكثر من النصف" "وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداهقال:

ووجهه أن هذا العقد جائز استحسانا، وطريقه أن يجعل كل واحدأحدهما رجع على صاحبه بنصفه" منهما أصيال في حق وجوب األلف عليه فيكون عتقهما معلقا بأدائه ويجعل كفيال باأللف في حق صاحبه،

وسنذكره في المكاتب إن شاء الله تعالى، وإذا عرف ذلك فما أداه أحدهما رجع بنصفه على صاحبهالستوائهما، ولو رجع بالكل ال تتحقق المساواة.

لمصادفته ملكه وبرئ عن النصف"ولو لم يؤديا شيئا حتى أعتق المولى أحدهما جاز العتق"قال: ألنه ما رضي بالتزام المال إال ليكون المال وسيلة إلى العتق وما بقي وسيلة فيسقط ويبقى النصف على

اآلخر؛ ألن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما. وإنما جعل على كل واحد منهما احتياال لتصحيح الضمان، وإذا جاء العتق استغنى عنه فاعتبر مقابال برقبتهما فلهذا يتنصف، وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما

Page 62: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

شاء المعتق بالكفالة وصاحبه باألصالة، وإن أخذ الذي أعتق رجع على صاحبه بما يؤدي ألنه مؤد عنه بأمره،وإن أخذ اآلخر لم يرجع على المعتق بشيء ألنه أدى عن نفسه والله أعلم.

باب كفالة العبد وعنه"ومن ضمن عن عبد ماال ال يجب عليه حتى يعتق ولم يسم حاال وال غيره فهو حال"

 

ألن المال حال عليه لوجود السبب وقبول الذمة، إال أنه ال يطالب لعسرته، إذ جميع ما         -98ص - في يده ملك المولى ولم يرض بتعلقه به والكفيل غير معسر، فصار كما إذا كفل عن غائب أو مفلس،

بخالف الدين المؤجل ألنه متأخر بمؤخر، ثم إذا أدى رجع على العبد بعد العتق ألن الطالب ال يرجع عليه إال "ومن ادعى على عبد ماال وكفل له رجل بنفسه فماتبعد العتق، فكذا الكفيل لقيامه مقامه.

لبراءة األصيل كما إذا كان المكفول عنه بنفسه حرا.العبد برئ الكفيل" "فإن ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان لهقال:

ألن على المولى ردها على وجه يخلفها قيمتها، وقد التزم الكفيل ذلك وبعد الموتضمن الكفيل قيمته"تبقى القيمة واجبة على األصيل فكذا على الكفيل، بخالف األول.

"وإذا كفل العبد عن مواله بأمره فعتق فأداه أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتققال: وقال زفر: يرجع، ومعنى الوجه األول أن ال يكون على العبد دينلم يرجع واحد منهما على صاحبه"

حتى تصح كفالته بالمال عن المولى إذا كان بأمره، أما كفالته عن العبد فتصح على كل حال. له أنه تحقق الموجب للرجوع وهو الكفالة بأمره والمانع وهو الرق قد زال. ولنا أنها وقعت غير موجبة للرجوع ألن المولى

ال يستوجب على عبده دينا وكذا العبد على مواله، فال تنقلب موجبة أبدا كمن كفل عن غيره بغير أمره ألنه دين ثبت مع المنافي فال يظهر في"وال تجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به أو عبد"فأجازه.

حق صحة الكفالة، وألنه لو عجز نفسه سقط، وال يمكن إثباته على هذا الوجه في ذمة الكفيل، وإثباته مطلقا ينافي معنى الضم ألن من شرطه االتحاد، وبدل السعاية كمال الكتابة في قول أبي حنيفة ألنه كالمكاتب

عنده.

 

كتاب الحوالة         -99ص - وألنه التزم ما يقدر"من أحيل على مليء فليتبع" قال عليه الصالة والسالم: "وهي جائزة بالديون"قال:

على تسليمه فتصح كالكفالة، وإنما اختصت بالديون ألنها تنبئ عن النقل والتحويل، والتحويل في الدين الفي العين.

أما المحتال فألن الدين حقه وهو"وتصح الحوالة برضا المحيل والمحتال والمحتال عليه"قال: الذي ينتقل بها والذمم متفاوتة فال بد من رضاه، وأما المحتال عليه فألنه يلزمه الدين وال لزوم بدون التزامه،

وأما المحيل فالحوالة تصح بدون رضاه ذكره في الزيادات ألن التزام الدين من المحتال عليه تصرف فيحق نفسه وهو ال يتضرر به بل فيه نفعه ألنه ال يرجع عليه إذا لم يكن بأمره.

وقال زفر: ال يبرأ اعتبارا بالكفالة، إذ كل"وإذا تمت الحوالة برئ المحيل من الدين بالقبول"قال: واحد منهما عقد توثق، ولنا أن الحوالة للنقل لغة، ومنه حوالة الغراس والدين متى انتقل عن الذمة ال يبقى فيها. أما الكفالة فللضم واألحكام الشرعية على وفاق المعاني اللغوية والتوثق باختيار األمإل واألحسن في

القضاء، وإنما يجبر على القبول إذا نقد المحيل ألنه يحتمل عود المطالبة إليه بالتوى فلم يكن متبرعا. وقال الشافعي رحمه الله: ال يرجع وإن"وال يرجع المحتال على المحيل إال أن يتوى حقه"قال:

Page 63: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

توي ألن البراءة حصلت مطلقة فال تعود إال بسبب جديد. ولنا أنها مقيدة بسالمة حقه له إذ هو المقصود، أوتنفسخ الحوالة لفواته ألنه قابل للفسخ فصار كوصف السالمة في المبيع.

"والتوى عند أبي حنيفة رحمه الله أحد األمرين: إما أن يجحد الحوالة ويحلف وال بينةقال: ألن العجز عن الوصول يتحقق بكل واحد منهما وهو التوى في الحقيقةله عليه، أو يموت مفلسا"

"وقاال هذان الوجهان. ووجه ثالث وهو أن يحكم الحاكم بإفالسه حال حياته"

 

وهذا بناء على أن اإلفالس ال يتحقق بحكم القاضي عنده خالفا لهما، ألن مال الله غاد      -100ص -ورائح. "وإذا طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة فقال المحيل أحلت بدين ليقال:

ألن سبب الرجوع قد تحقق وهو قضاء دينه بأمره إال أنعليك لك يقبل قوله وكان عليه مثل الدين" المحيل يدعي عليه دينا وهو ينكر والقول للمنكر، وال تكون الحوالة إقرارا منه بالدين عليه ألنها قد تكون

بدونه. "وإذا طالب المحيل المحتال بما أحاله به فقال إنما أحلتك لتقبضه لي وقال المحتالقال:

ألن المحتال يدعي عليه الدين وهو ينكرال بل أحلتني بدين كان لي عليك فالقول قول المحيل"ولفظة الحوالة مستعملة في الوكالة فيكون القول قوله مع يمينه.

"ومن أودع رجال ألف درهم وأحال بها عليه آخر فهو جائز ألنه أقدر على القضاء، فإنقال: لتقيدها بها، فإنه ما التزم األداء إال منها، بخالف ما إذا كانت مقيدة بالمغصوب ألن الفوات إلىهلكت برئ"

خلف كال فوات، وقد تكون الحوالة مقيدة بالدين أيضا، وحكم المقيدة في هذه الجملة أن ال يملك المحيل مطالبة المحتال عليه ألنه تعلق به حق المحتال على مثال الرهن وإن كان أسوة للغرماء بعد موت المحيل،

وهذا ألنه لو بقي له مطالبته فيأخذه منه لبطلت الحوالة وهي حق المحتال. بخالف المطلقة ألنه ال تعلقلحقه به بل بذمته فال تبطل الحوالة بأخذ ما عليه أو عنده.

وهذا نوع نفع"ويكره السفاتج وهي قرض استفاد به المقرض سقوط خطر الطريق"قال: استفيد به وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر نفعا.

 

 

كتاب أدب القاضي      -101ص - "وال تصح والية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهلقال:

أما األول فألن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة ألن كل واحد منهما من باب الوالية، فكلاالجتهاد" من كان أهال للشهادة يكون أهال للقضاء وما يشترط ألهلية الشهادة يشترط ألهلية القضاء. والفاسق أهل

للقضاء حتى لو قلد يصح، إال أنه ال ينبغي أن يقلد كما في حكم الشهادة فإنه ال ينبغي أن يقبل القاضي شهادته، ولو قبل جاز عندنا. ولو كان القاضي عدال ففسق بأخذ الرشوة أو غيره ال ينعزل ويستحق العزل،

وهذا هو ظاهر المذهب وعليه مشايخنا رحمهم الله. وقال الشافعي رحمه الله: الفاسق ال يجوز قضاؤه كما ال تقبل شهادته عنده، وعن علمائنا الثالثة رحمهم الله في النوادر أنه ال يجوز قضاؤه. وقال بعض المشايخ

رحمهم الله: إذا قلد الفاسق ابتداء يصح، ولو قلد وهو عدل ينعزل بالفسق ألن المقلد اعتمد عدالته فلم يكن راضيا بتقليده دونها. وهل يصلح الفاسق مفتيا؟ قيل ال ألنه من أمور الدين وخبره غير مقبول في الديانات،

وقيل يصلح ألنه يجتهد كل الجهد في إصابة الحق حذار النسبة إلى الخطإ، وأما الثاني فالصحيح أن أهلية

Page 64: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

االجتهاد شرط األولوية. فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا خالفا للشافعي رحمه الله، وهو يقول: إن األمر بالقضاء يستدعي القدرة عليه وال قدرة دون العلم. ولنا أنه يمكنه أن يقضي بفتوى غيره، ومقصود القضاء

يحصل به وهو إيصال الحق إلى مستحقه. وينبغي للمقلد أن يختار من هو األقدر واألولى لقوله عليه الصالة "من قلد إنسانا عمال وفي رعيته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين".والسالم:

وفي حد االجتهاد كالم عرف في أصول الفقه. وحاصله أن يكون صاحب حديث له معرفة بالفقه ليعرف معاني اآلثار أو صاحب فقه له معرفة بالحديث لئال يشتغل بالقياس في المنصوص عليه وقيل أن يكون مع ذلك صاحب قريحة يعرف بها عادات الناس ألن من

األحكام ما يبتني عليها. ألن الصحابة رضي الله"وال بأس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أن يؤدي فرضه"قال:

عنهم تقلدوه وكفى بهم قدوة، وألنه فرض كفاية لكونه أمرا بالمعروف.

 

"ويكره الدخول فيه لمن يخاف العجز عنه وال بأس على نفسهقال:      -102ص - كي ال يصير شرطا لمباشرته القبيح، وكره بعضهم الدخول فيه مختارا لقوله عليه الصالةالحيف فيه"

والصحيح أن الدخول فيه رخصة طمعا في إقامة"من جعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين"والسالم: العدل والترك عزيمة فلعله يخطئ ظنه وال يوفق له أو ال يعينه عليه غيره، وال بد من اإلعانة إال إذا كان هو

أهال للقضاء دون غيره فحينئذ يفترض عليه التقلد صيانة لحقوق العباد وإخالء للعالم عن الفساد. "من طلب القضاء وكل لقوله عليه الصالة والسالم: "وينبغي أن ال يطلب الوالية وال يسألها"قال:

وألن من طلبه يعتمد على نفسه فيحرم، ومن أجبر عليهإلى نفسه ومن أجبر عليه نزل عليه ملك يسدده" ألن الصحابة"ثم يجوز التقلد من السلطان الجائر كما يجوز من العادل"يتوكل على ربه فيلهم.

رضي الله عنهم تقلدوه من معاوية رضي الله عنه والحق كان بيد علي رضي الله عنه في نوبته، والتابعين تقلدوه من الحجاج وكان جائزا إال إذا كان ال يمكنه من القضاء بحق ألن المقصود ال يحصل بالتقلد، بخالف ما

إذا كان يمكنه. وهو الخرائط التي فيها"ومن قلد القضاء يسلم إليه ديوان القاضي الذي كان قبله"قال:

السجالت وغيرها، ألنها وضعت فيها لتكون حجة عند الحاجة فتجعل في يد من له والية القضاء. ثم إن كان البياض من بيت المال فظاهر، وكذا إذا كان من مال الخصوم في الصحيح ألنهم وضعوها في يده لعمله وقد

انتقل إلى المولى، وكذا إذا كان من مال القاضي هو الصحيح ألنه اتخذه تدينا ال تموال، ويبعث أمينين ليقبضاها بحضرة المعزول أو أمينه ويسأالنه شيئا فشيئا، ويجعالن كل نوع منها في خريطة كي ال يشتبه على

المولى، وهذا السؤال لكشف الحال ال لإللزام. ألن اإلقرار"فمن اعترف بحق ألزمه إياه" ألنه نصب ناظرا "وينظر في حال المحبوسين"قال: ألنه بالعزل التحق بالرعايا، وشهادة الفرد "ومن أنكر لم يقبل قول المعزول عليه إال ببينة"ملزم

"فإن لم تقم بينة لم يعجل بتخليته حتى ينادى عليهليست بحجة ال سيما إذا كانت على فعل نفسه ألن فعل القاضي المعزول حق ظاهر فال يعجل كي ال يؤدي إلى إبطال حق الغير.وينظر في أمره"

"وينظر في الودائع وارتفاع الوقوف فيعمل فيه على ما تقوم به البينة أو يعترف به من "إال أن يعترف الذي هو في لما بينا "وال يقبل قول المعزول" ألن كل ذلك حجة. هو في يده"

ألنه ثبت بإقراره أن اليد كانت للقاضي فيصح إقراريده أن المعزول سلمها إليه فيقبل قوله فيها"القاضي كأنه في يده في الحال، إال إذا بدأ باإلقرار لغيره ثم

 

Page 65: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

أقر بتسليم القاضي فيسلم ما في يده إلى المقر له األول لسبق حقه ويضمن قيمته      -103ص -للقاضي بإقراره الثاني ويسلم إلى المقر له من جهة القاضي.

كي ال يشتبه مكانه على الغرباء وبعض المقيمين،"ويجلس للحكم جلوسا ظاهرا في المسجد"قال: والمسجد الجامع أولى ألنه أشهر. وقال الشافعي رحمه الله: يكره الجلوس في المسجد للقضاء ألنه يحضره

"إنما بنيتالمشرك وهو نجس بالنص والحائض وهي ممنوعة عن دخوله. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل الخصومة في معتكفهالمساجد لذكر الله تعالى والحكم".

وكذا الخلفاء الراشدون كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات، وألن القضاء عبادة فيجوز إقامتها في المسجد كالصالة. ونجاسة المشرك في اعتقاده ال في ظاهره فال يمنع من دخوله، والحائض تخبر بحالها فيخرج القاضي إليها أو إلى باب المسجد أو يبعث من يفصل بينها وبين خصمها كما إذا كانت الخصومة في الدابة. ولو جلس في داره ال بأس به ويأذن للناس بالدخول فيها، ويجلس معه من كان يجلس قبل ذلك ألن

في جلوسه وحده تهمة. ألن"وال يقبل هدية إال من ذي رحم محرم أو ممن جرت عادته قبل القضاء بمهاداته"قال:

األول صلة الرحم والثاني ليس للقضاء بل جرى على العادة، وفيما وراء ذلك يصير آكال بقضائه، حتى لو كانت للقريب خصومة ال يقبل هديته، وكذا إذا زاد المهدي على المعتاد أو كانت له خصومة ألنه ألجل القضاء فيتحاماه. وال يحضر دعوة إال أن تكون عامة ألن الخاصة ألجل القضاء فيتهم باإلجابة، بخالف العامة، ويدخل

في هذا الجواب قريبه وهو قولهما. وعن محمد رحمه الله أنه يجيبه وإن كانت خاصة كالهدية، والخاصة ما لوعلم المضيف أن القاضي ال يحضرها ال يتخذها.

ألن ذلك من حقوق المسلمين، قال عليه الصالة والسالم:"ويشهد الجنازة ويعود المريض"قال: ألن النبي"وال يضيف أحد الخصمين دون خصمه" وعد منها هذين. "للمسلم على المسلم ستة حقوق"

صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وألن فيه تهمة. "إذا ابتلي أحدكم لقوله عليه الصالة والسالم: "وإذا حضرا سوى بينهما في الجلوس واإلقبال"قال:

"وال يسار أحدهما وال يشير إليه وال يلقنه بالقضاء فليسو بينهم في المجلس واإلشارة والنظر" ألنه يجترئ على"وال يضحك في وجه أحدهما" للتهمة وألن فيه مكسرة لقلب اآلخر فيترك حقه حجة"

ألنه يذهب بمهابة القضاء."وال يمازحهم وال واحدا منهم"خصمه

 

ومعناه أن يقول له أتشهد بكذا وكذا، وهذا ألنه إعانة"ويكره تلقين الشاهد"قال:      -104ص - ألحد الخصمين فيكره كتلقين الخصم. واستحسنه أبو يوسف رحمه الله في غير موضع التهمة ألن الشاهد قد

يحصر لمهابة المجلس فكان تلقينه إحياء للحق بمنزلة اإلشخاص والتكفيل.

فصل: في الحبس "وإذا ثبت الحق عند القاضي وطلب صاحب الحق حبس غريمه لم يعجل بحبسه وأمرهقال:

ألن الحبس جزاء المماطلة فال بد من ظهورها، وهذا إذا ثبت الحق بإقراره ألنه لم يعرفبدفع ما عليه" كونه مماطال في أول الوهلة فلعله طمع في اإلمهال فلم يستصحب المال، فإذا امتنع بعد ذلك حبسه لظهور

مطله، أما إذا ثبت بالبينة حبسه كما ثبت لظهور المطل بإنكاره. "فإن امتنع حبسه في كل دين لزمه بدال عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمهقال:

ألنه إذا حصل المال في يده ثبت غناه به، وإقدامه على التزامه باختياره دليلبعقد كالمهر والكفالة"يساره إذ هو ال يلتزم إال ما يقدر على أدائه، والمراد بالمهر معجله دون مؤجله.

"وال يحبسه فيما سوى ذلك إذا قال إني فقير إال أن يثبت غريمه أن له ماال فيحبسه"قال: ألنه لم توجد داللة اليسار فيكون القول قول من عليه الدين، وعلى المدعي إثبات غناه، ويروى أن القول

Page 66: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لمن عليه الدين في جميع ذلك ألن األصل هو العسرة. ويروى أن القول له إال فيما بدله مال. وفي النفقة القول قول الزوج إنه معسر، وفي إعتاق العبد المشترك القول للمعتق، والمسألتان تؤديان القولين

األخيرين، والتخريج على ما قال في الكتاب أنه ليس بدين مطلق بل هو صلة حتى تسقط النفقة بالموت على االتفاق، وكذا عند أبي حنيفة رحمه الله ضمان اإلعتاق، ثم فيما كان القول قول المدعي إن له ماال، أو ثبت ذلك بالبينة فيما كان القول قول من عليه يحبسه شهرين أو ثالثة ثم يسأل عنه فالحبس لظهور ظلمه

في الحال، وإنما يحبسه مدة ليظهر ماله لو كان يخفيه فال بد من أن تمتد المدة ليفيد هذه الفائدة فقدره بما ذكره، ويروى غير ذلك من التقدير بشهر أو أربعة إلى ستة أشهر. والصحيح أن التقدير مفوض إلى رأي

القاضي الختالف أحوال األشخاص فيه. يعني بعد مضي المدة ألنه استحق النظرة إلى الميسرة"فإن لم يظهر له مال خلي سبيله"قال:

فيكون حبسه بعد ذلك ظلما ; ولو قامت البينة على إفالسه قبل المدة تقبل في رواية، وال تقبل في رواية،وعلى الثانية عامة المشايخ رحمهم الله. قال في الكتاب خلي سبيله وال يحول

 

بينه وبين غرمائه، وهذا كالم في المالزمة وسنذكره في كتاب الحجر إن شاء الله      -105ص -تعالى.

وفي الجامع الصغير: رجل أقر عند القاضي بدين فإنه يحبسه ثم يسأل عنه، فإن كان موسرا أبد حبسه، وإن كان معسرا خلى سبيله، ومراده إذا أقر عند غير القاضي أو عنده مرة وظهرت مماطلته والحبس أوال ومدته

قد بيناه فال نعيده. ألنه"وال يحبس والد في دين ولده" ألنه ظالم باالمتناع "ويحبس الرجل في نفقة زوجته"قال:

ألن فيه"إال إذا امتنع من اإلنفاق عليه"نوع عقوبة فال يستحقه الولد على الوالد كالحدود والقصاص إحياء لولده، وألنه ال يتدارك لسقوطها بمضي الزمان، والله أعلم الصواب.

باب كتاب القاضي إلى القاضي للحاجة على ما نبين"ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحقوق إذا شهد به عنده"قال:

وهو المدعو سجال"وكتب بحكمه" لوجود الحجة "فإن شهدوا على خصم حاضر حكم بالشهادة" "وكتب بالشهادة" ألن القضاء على الغائب ال يجوز "وإن شهدوا به بغير حضرة الخصم لم يحكم"

ليحكم المكتوب إليه بها وهذا هو الكتاب الحكمي، وهو نقل الشهادة في الحقيقة، ويختص بشرائط نذكرها إن شاء الله تعالى، وجوازه لمساس الحاجة ألن المدعي قد يتعذر عليه الجمع بين شهوده وخصمه فأشبه

الشهادة على الشهادة. وقوله في الحقوق يندرج تحته الدين والنكاح والنسب والمغصوب واألمانة المجحودة والمضاربة المجحودة ألن كل ذلك بمنزلة الدين، وهو يعرف بالوصف ال يحتاج فيه إلى اإلشارة، ويقبل في العقار أيضا ألن التعريف فيه بالتحديد. وال يقبل في األعيان المنقولة للحاجة إلى اإلشارة. وعن أبي يوسف

رحمه الله أنه يقبل في العبد دون األمة لغلبة اإلباق فيه دونها. وعنه أنه يقبل فيهما بشرائط تعرف فيموضعها. وعن محمد رحمه الله أنه يقبل في جميع ما ينقل ويحول وعليه المتأخرون رحمهم الله.

ألن الكتاب يشبه الكتاب فال يثبت إال "وال يقبل الكتاب إال بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين"قال: بحجة تامة وهذا ألنه ملزم فال بد من الحجة، بخالف كتاب االستئمان من أهل الحرب ألنه ليس بملزم،

وبخالف رسول القاضي إلى المزكى ورسوله إلى القاضي ألن اإللزام بالشهادة ال بالتزكية. "ثم ألنه ال شهادة بدون العلم "ويجب أن يقرأ الكتاب عليهم ليعرفوا ما فيه أو يعلمهم به"قال:

كي ال يتوهم التغيير، وهذا عند أبي حنيفة ومحمديختمه بحضرتهم ويسلمه إليهم"

 

Page 67: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

رحمهما الله، ألن علم ما في الكتاب والختم بحضرتهم شرط، وكذا حفظ ما في الكتاب      -106ص - عندهما ولهذا يدفع إليهم كتاب آخر غير مختوم ليكون معهم معاونة على حفظهم. وقال أبو يوسف رحمه

الله آخرا: شيء من ذلك ليس بشرط، والشرط أن يشهدهم أن هذا كتابه وختمه وعن أبي يوسف أن الختم ليس بشرط أيضا فسهل في ذلك لما ابتلي بالقضاء وليس الخبر كالمعاينة. واختار شمس األئمة السرخسي

رحمه الله قول أبي يوسف رحمه الله. ألنه بمنزلة أداء الشهادة فال بد من"وإذا وصل إلى القاضي لم يقبله إال بحضرة الخصم"قال:

حضوره، بخالف سماع القاضي الكاتب ألنه للنقل ال للحكم. "فإذا سلمه الشهود إليه نظر إلى ختمه، فإذا شهدوا أنه كتاب فالن القاضي سلمهقال:

إلينا في مجلس حكمه وقرأه علينا وختمه فتحه القاضي وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه" وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا شهدوا أنه كتابه وخاتمه قبله على ما مر، ولم يشترط في الكتاب ظهور العدالة للفتح، والصحيح أنه يفض الكتاب بعد ثبوت العدالة، كذا ذكره

الخصاف رحمه الله ألنه ربما يحتاج إلى زيادة الشهود وإنما يمكنهم أداء الشهادة بعد قيام الختم، وإنما يقبله المكتوب إليه إذا كان الكاتب على القضاء، حتى لو مات أو عزل أو لم يبق أهال للقضاء قبل وصول الكتاب ال يقبله ألنه التحق بواحد من الرعايا، ولهذا ال يقبل إخباره قاضيا آخر في غير عمله أو في غير عملهما، وكذا لو

مات المكتوب إليه إال إذا كتب إلى فالن بن فالن قاضي بلدة كذا وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين ألن غيره صار تبعا له وهو معرف، بخالف ما إذا كتب ابتداء إلى كل من يصل إليه على ما عليه

"والمشايخنا رحمهم الله ألنه غير معرف، ولو كان مات الخصم ينفذ الكتاب على وارثه لقيامه مقامه. ألن فيه شبهة البدلية فصار كالشهادةيقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص"

على الشهادة، وألن مبناهما على اإلسقاط وفي قبوله سعي في إثباتهما.

فصل آخر: "ويجوز قضاء المرأة في كل شيء إال في الحدود والقصاص" "وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء إال أن يفوض إليهاعتبارا بشهادتها. وقد مر الوجه.

ألنه قلد القضاء دون التقليد به فصار كتوكيل الوكيل، بخالف المأمور بإقامة الجمعة حيث يستخلفذلك" ألنه على شرف الفوات لتوقته فكان األمر به إذنا باالستخالف داللة وال كذلك القضاء. ولو قضى الثاني

بمحضر من األول أو قضى الثاني فأجاز األول جاز كما في الوكالة، وهذا

 

ألنه حضره رأي األول وهو الشرط، وإذا فوض إليه يملكه فيصير الثاني نائبا عن األصيل      -107ص -حتى ال يملك األول عزله إال إذا فوض إليه العزل هو الصحيح.

"وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه إال أن يخالف الكتاب أو السنة أو اإلجماع بأنقال: يكون قوال ال دليل عليه. وفي الجامع الصغير: وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي

واألصل أن القضاء متى القى فصال مجتهدا فيه ينفذه وال يردهثم جاء قاض آخر يرى غير ذلك أمضاه" "ولوغيره، ألن اجتهاد الثاني كاجتهاد األول، وقد يرجح األول باتصال القضاء به فال ينقض بما هو دونه.

قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه ناسيا لمذهبه نفذ عند أبي حنيفة رحمه الله، وإن كان ووجه النفاذ أنه ليس بخطأ بيقين، وعندهما ال ينفذ في الوجهين ألنه قضى بما هوعامدا ففيه روايتان"

خطأ عنده وعليه الفتوى، ثم المجتهد فيه أن ال يكون مخالفا لما ذكرنا. والمراد بالسنة المشهورة منها وفيمااجتمع عليه الجمهور ال يعتبر مخالفة البعض وذلك خالف وليس باختالف والمعتبر االختالف في الصدر األول.

"وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريم فهو في الباطن كذلك عند أبيقال: وكذا إذا قضى بإحالل، وهذا إذا كانت الدعوى بسبب معين وهي مسألة قضاء القاضيحنيفة رحمه الله"

في العقود والفسوخ بشهادة الزور وقد مرت في النكاح.

Page 68: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وقال الشافعي رحمه الله:"وال يقضي القاضي على غائب إال أن يحضر من يقوم مقامه"قال: يجوز لوجود الحجة وهي البينة فظهر الحق. ولنا أن العمل بالشهادة لقطع المنازعة، وال منازعة دون اإلنكار ولم يوجد، وألنه يحتمل اإلقرار واإلنكار من الخصم فيشتبه وجه القضاء ألن أحكامهما مختلفة، ولو أنكر ثم

غاب فكذلك ألن الشرط قيام اإلنكار وقت القضاء، وفيه خالف أبي يوسف رحمه الله، ومن يقوم مقامه قد يكون نائبا بإنابته كالوكيل أو بإنابة الشرع كالوصي من جهة القاضي، وقد يكون حكما بأن كان ما يدعي على

الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر وهذا في غير صورة في الكتب، أما إذا كان شرطا لحقه فال معتبر به "ويقرض القاضي أموال اليتامىفي جعله خصما عن الغائب وقد عرف تمامه في الجامع. قال:

ألن في اإلقراض مصلحتهم لبقاء األموال محفوظة مضمونة، والقاضي يقدر علىويكتب ذكر الحق"االستخراج والكتابة ليحفظه

ألنه ال يقدر على االستخراج، واألب بمنزلة الوصي في أصح الروايتين"وإن أقرض الوصي ضمن"لعجزه عن االستخراج.

 

باب التحكيم      -108ص - ألن لهما والية على أنفسهما فصح"وإذا حكم رجالن رجال فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز"

تحكيمهما وينفذ حكمه عليهما، وهذا إذا كان المحكم بصفة الحاكم ألنه بمنزلة القاضي فيما بينهما فيشترط أهلية القضاء، وال يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي النعدام أهلية

"ولكل واحد منالقضاء اعتبارا بأهلية الشهادة والفاسق إذا حكم يجب أن يجوز عندنا كما مر في المولى "وإذا ألنه مقلد من جهتهما فال يحكم إال برضاهما جميعا المحكمين أن يرجع ما لم يحكم عليهما"

"وإذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه لصدور حكمه عن والية عليهما حكم لزمهما" ألن حكمه ال يلزمه"وإن خالفه أبطله" ألنه ال فائدة في نقضه ثم في إبرامه على ذلك الوجه أمضاه"

لعدم التحكيم منه. ألنه ال والية لهما على دمهما ولهذا ال يملكان اإلباحة فال"وال يجوز التحكيم في الحدود والقصاص"

يستباح برضاهما قالوا: وتخصيص الحدود والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات كالطالق والنكاح وغيرهما، وهو صحيح إال أنه ال يفتى به، ويقال يحتاج إلى حكم المولى دفعا لتجاسر العوام وإن

حكماه في دم خطإ فقضى بالدية على العاقلة لم ينفذ حكمه ألنه ال والية له عليهم إذ ال تحكيم من جهتهم. ولو حكم على القاتل بالدية في ماله رده القاضي ويقضي بالدية على العاقلة ألنه مخالف لرأيه ومخالف

للنص أيضا إال إذا ثبت القتل بإقراره ألن العاقلة ال تعقله. ألنه حكم موافق للشرع، ولو أخبر بإقرار"ويجوز أن يسمع البينة ويقضي بالنكول وكذا باإلقرار"

أحد الخصمين أو بعدالة الشهود وهما على تحكيمهما يقبل قوله ألن الوالية قائمة ولو أخبر بالحكم ال يقبلقوله النقضاء الوالية كقول المولى بعد العزل.

وهذا ألنه ال تقبل"وحكم الحاكم ألبويه وزوجته وولده باطل والمولى والمحكم فيه سواء" شهادته لهؤالء لمكان التهمة فكذلك ال يصح القضاء لهم، بخالف ما إذا حكم عليهم ألنه تقبل شهادته عليهم النتفاء التهمة فكذا القضاء، ولو حكما رجلين ال بد من اجتماعهما ألنه أمر يحتاج فيه إلى الرأي، والله أعلم

بالصواب.

مسائل شتى من كتاب القضاء"وإذا كان علو لرجل وسفل آلخر فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتداقال:

 

Page 69: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

معناه بغير رضا صاحب العلووال ينقب فيه كوة عند أبي حنيفة رحمه الله"      -109ص - وعلى هذا الخالف إذا أراد صاحب العلو أن يبني على علوه. قيل ما"وقاال: يصنع ما ال يضر بالعلو"

حكي عنهما تفسير لقول أبي حنيفة رحمه الله فال خالف. وقيل األصل عندهما اإلباحة ألنه تصرف في ملكه والملك يقتضي اإلطالق والحرمة بعارض الضرر فإذا أشكل لم يجز المنع واألصل عنده الحظر ألنه تصرف في محل تعلق به حق محترم للغير كحق المرتهن والمستأجر واإلطالق بعارض فإذا أشكل ال يزول المنع

على أنه ال يعرى عن نوع ضرر بالعلو من توهين بناء أو نقضه فيمنع عنه. "وإذا كانت زائغة مستطيلة تنشعب منها زائعة مستطيلة وهي غير نافذة فليس ألهلقال:

ألن فتحه للمرور وال حق لهم في المرور إذ هوالزائغة األولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى" ألهلها خصوصا حتى ال يكون ألهل األولى فيما بيع فيها حق الشفعة، بخالف النافذة ألن المرور فيها حق العامة. قيل المنع من المرور ال من فتح الباب ألنه رفع بعض جداره. واألصح أن المنع من الفتح ألن بعد

"وإنالفتح ال يمكنه المنع من المرور في كل ساعة. وألنه عساه يدعي الحق في القصوى بتركيب الباب بابا ألن لكل واحد منهم حق المرور في كلها إذكانت مستديرة قد لزق طرفاها فلهم أن يفتحوا"

هي ساحة مشتركة ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها. "ومن ادعى في دار دعوى وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها فهو جائز وهيقال:

وسنذكرها في الصلح إن شاء الله تعالى، والمدعي وإن كان مجهوال فالصلحمسألة الصلح على اإلنكار"على معلوم عن مجهول جائز عندنا ألنه جهالة في الساقط فال تفضي إلى المنازعة على ما عرف.

"ومن ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له في وقت كذا فسئل البينة فقال جحدنيقال: الهبة فاشتريتها منه وأقام المدعي البينة على الشراء قبل الوقت الذي يدعي فيه الهبة ال

لظهور التناقض إذ هو يدعي الشراء بعد الهبة وهم يشهدون به قبلها، ولو شهدوا به بعدهاتقبل بينته" تقبل لوضوح التوفيق، ولو كان ادعى الهبة ثم أقام البينة على الشراء قبلها ولم يقل جحدني الهبة فاشتريتها لم تقبل أيضا ذكره في بعض النسخ ألن دعوى الهبة إقرار منه بالملك للواهب عندها، ودعوى الشراء رجوع

عنه فعد مناقضا، بخالف ما إذا ادعى الشراء بعد الهبة ألنه تقرر ملكه عندها."ومن قال آلخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر اآلخر إن أجمع البائع على ترك

 

ألن المشتري لما جحده كان فسخا من جهته، إذالخصومة وسعه أن يطأها"      -110ص - الفسخ يثبت به كما إذا تجاحدا فإذا عزم البائع على ترك الخصومة ثم الفسخ، وبمجرد العزم إن كان ال يثبت

الفسخ فقد اقترن بالفعل وهو إمساك الجارية ونقلها وما يضاهيه، وألنه لما تعذر استيفاء الثمن منالمشتري فات رضا البائع فيستبد بفسخه.

وفي بعض النسخ"ومن أقر أنه قبض من فالن عشرة دراهم ثم ادعى أنها زيوف صدق"قال: اقتضى، وهو عبارة عن القبض أيضا. ووجهه أن الزيوف من جنس الدراهم إال أنها معيبة، ولهذا لو تجوز به

في الصرف والسلم جاز، والقبض ال يختص بالجياد فيصدق ألنه أنكر قبض حقه، بخالف ما إذا أقر أنه قبض الجياد أو حقه أو الثمن أو استوفى إلقراره بقبض الجياد صريحا أو داللة فال يصدق والنبهرجة كالزيوف وفي

الستوقة ال يصدق ألنه ليس من جنس الدراهم، حتى لو تجوز به فيما ذكرنا ال يجوز. والزيف ما زيفه بيتالمال، والنبهرجة ما يرده التجار، والستوقة ما يغلب عليه الغش.

"ومن قال آلخر لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بلقال: ألن إقراره هو األول وقد ارتد برد المقر له، والثاني دعوى فاللي عليك ألف درهم فليس عليه شيء"

بد من الحجة أو تصديق خصمه، بخالف ما إذا قال لغيره اشتريت وأنكر اآلخر له أن يصدقه، ألن أحد المتعاقدين ال يتفرد بالفسخ كما ال يتفرد بالعقد، والمعنى أنه حقهما فبقي العقد فعمل التصديق، أما المقر

له يتفرد برد اإلقرار فافترقا.

Page 70: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ومن ادعى على آخر ماال فقال ما كان لك علي شيء قط فأقام المدعي البينة علىقال: وكذلك على اإلبراء. وقال زفر رحمه الله: ال تقبل ألنألف وأقام هو البينة على القضاء قبلت بينته"

القضاء يتلو الوجوب وقد أنكره فيكون مناقضا. ولنا أن التوفيق ممكن ألن غير الحق قد يقضى ويبرأ منه دفعا للخصومة والشغب؛ أال ترى أنه يقال قضى بباطل وقد يصالح على شيء فيثبت ثم يقضى، وكذا إذا قال

ليس لك علي شيء قط ألن التوفيق أظهر "ولو قال ما كان لك علي شيء قط وال أعرفك لم تقبل بينته على القضاء" وكذا على اإلبراء لتعذر التوفيق ألنه ال يكون بين اثنين، أخذ وإعطاء وقضاء واقتضاء ومعاملة

بدون المعرفة. وذكر القدوري رحمه الله أنه تقبل أيضا ألن المحتجب أو المخدرة قد يؤذى بالشغب على بابهفيأمر بعض وكالئه بإرضائه وال يعرفه ثم يعرفه بعد ذلك فأمكن التوفيق.

"ومن ادعى على آخر أنه باعه جاريته فقال لم أبعها منك قط فأقام المشتري البينةقال: على الشراء فوجد بها أصبعا زائدة فأقام البائع البينة أنه برئ إليه من كل عيب لم تقبل

 

وعن أبي يوسف رحمه الله أنها تقبل اعتبارا بما ذكرنا. ووجه الظاهر أنبينة البائع"      -111ص - شرط البراءة تغيير للعقد من اقتضاء وصف السالمة إلى غيره فيستدعي وجود البيع وقد أنكره فكان

مناقضا، بخالف الدين ألنه قد يقضى وإن كان باطال على ما مر. "ذكر حق كتب في أسفله ومن قام بهذا الذكر الحق فهو ولي ما فيه إن شاء اللهقال:

تعالى، أو كتب في شراء فعلى فالن خالص ذلك وتسليمه إن شاء الله تعالى بطل الذكر كله، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: إن شاء الله تعالى هو على الخالص وعلى من

ألن االستثناء ينصرف إلى ما يليه ألن الذكرقام بذكر الحق، وقولهما استحسان ذكره في اإلقرار" لالستيثاق، وكذا األصل في الكالم االستبداد وله أن الكل كشيء واحد بحكم العطف فيصرف إلى الكل كما

في الكلمات المعطوفة مثل قوله عبده حر وامرأته طالق وعليه المشي إلى بيت الله تعالى إن شاء اللهتعالى؛ ولو ترك فرجة قالوا: ال يلتحق به ويصير كفاصل السكوت، والله أعلم بالصواب.

فصل: في القضاء بالمواريث "وإذا مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثةقال:

وقال زفر رحمه الله: القول قولها ألن اإلسالم حادث فيضافأسلمت قبل موته فالقول قول الورثة" إلى أقرب األوقات. ولنا أن سبب الحرمان ثابت في الحال فيثبت فيما مضى تحكيما للحال كما في جريان

"ولو مات المسلم وله امرأةماء الطاحونة؛ وهذا ظاهر نعتبره للدفع؛ وما ذكره يعتبره لالستحقاق؛ نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته وقالت أسلمت قبل موته وقالت الورثة أسلمت بعد موته

وال يحكم الحال ألن الظاهر ال يصلح حجة لالستحقاق وهي محتاجة إليه، أما الورثةفالقول قولهم أيضا"،فهم الدافعون ويشهد لهم ظاهر الحدوث أيضا.

"ومن مات وله في يد رجل أربعة آالف درهم وديعة فقال المستودع هذا ابن الميت القال: ألنه أقر أن ما في يده حق الوارث خالفة فصار كما إذا أقر أنهوارث له غيره فإنه يدفع المال إليه"

حق المورث وهو حي أصالة، بخالف ما إذا أقر لرجل أنه وكيل المودع بالقبض أو أنه اشتراه منه حيث ال يؤمر بالدفع إليه ألنه أقر بقيام حق المودع إذ هو حي فيكون إقرارا على مال الغير، وال كذلك بعد موته، بخالف المديون إذا أقر بتوكيل غيره بالقبض ألن الديون تقضى بأمثالها فيكون إقرارا على نفسه فيؤمر

"فلو قال المودع آلخر هذا ابنه أيضا وقال األول ليس له ابن غيري قضى بالمالبالدفع إليه ألنه لما صحلألول"

 

Page 71: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

إقراره لألول انقطع يده عن المال فيكون هذا إقرارا على األول فال يصح إقراره للثاني،      -112ص -كما إذا كان األول ابنا معروفا، وألنه حين أقر لألول ال مكذب له فصح، وحين أقر للثاني له مكذب فلم يصح.

"وإذا قسم الميراث بين الغرماء والورثة فإنه ال يؤخذ منهم كفيل وال من وارث وهذاقال: وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقاال: يؤخذ الكفيل،شيء احتاط به بعض القضاة وهو ظلم"

والمسألة فيما إذا ثبت الدين واإلرث بالشهادة ولم يقل الشهود ال نعلم له وارثا غيره. لهما أن القاضي ناظر للغيب، والظاهر أن في التركة وارثا غائبا أو غريما غائبا، ألن الموت قد يقع بغتة فيحتاط بالكفالة. كما إذا

دفع اآلبق واللقطة إلى صاحبه وأعطى امرأة الغائب النفقة من ماله. وألبي حنيفة رحمه الله أن حق الحاضر ثابت قطعا، أو ظاهرا فال يؤخر لحق موهوم إلى زمان التكفيل كمن أثبت الشراء ممن في يده أو أثبت

الدين على العبد حتى بيع في دينه ال يكفل، وألن المكفول له مجهول فصار كما إذا كفل ألحد الغرماء بخالف النفقة ألن حق الزوج ثابت وهو معلوم. وأما اآلبق واللقطة ففيه روايتان، واألصح أنه على الخالف. وقيل إن دفع بعالمة اللقطة أو إقرار العبد يكفل باإلجماع ألن الحق غير ثابت، ولهذا كان له أن يمنع. وقوله ظلم: أي

ميل عن سواء السبيل، وهذا يكشف عن مذهبه رحمه الله أن المجتهد يخطئ ويصيب ال كما ظنه البعض. "وإذا كانت الدار في يد رجل وأقام اآلخر البينة أن أبوه مات وتركها ميراثا بينه وبينقال:

أخوه فالن الغائب قضي له بالنصف وترك النصف اآلخر في يد الذي هي في يده وال يستوثق منه بكفيل، وهذا عند أبي حنيفة. وقاال: إن كان الذي هي في يده جاحدا أخذ منه

لهما أن الجاحد خائن فال يترك المال في يده،وجعل في يد أمين، وإن لم يجحد ترك في يده" بخالف المقر ألنه أمين. وله أن القضاء وقع للميت مقصودا واحتمال كونه مختار الميت ثابت فال تنقض يده كما إذا كان مقرا وجحوده قد ارتفع بقضاء القاضي، والظاهر عدم الجحود في المستقبل لصيرورة الحادثة معلومة له وللقاضي، ولو كانت الدعوى في منقول فقد قيل يؤخذ منه باالتفاق ألنه يحتاج فيه إلى الحفظ

والنزع أبلغ فيه، بخالف العقار ألنها محصنة بنفسها ولهذا يملك الوصي بيع المنقول على الكبير الغائب دون العقار، وكذا حكم وصي األم واألخ والعم على الصغير. وقيل المنقول على الخالف أيضا، وقول أبي حنيفة

رحمه الله فيه أظهر لحاجته إلى الحفظ، وإنما ال يؤخذ الكفيل ألنه إنشاء خصومة والقاضي إنما نصب لقطعها ال إلنشائها، وإذا حضر الغائب ال يحتاج إلى إعادة البينة ويسلم النصف إليه بذلك القضاء ألن أحد

الورثة ينتصب خصما عن الباقين فيما

 

يستحق له وعليه دينا كان أو عينا ألن المقضي له وعليه إنما هو الميت في الحقيقة      -113ص - وواحد من الورثة يصلح خليفة عنه في ذلك، بخالف االستيفاء لنفسه ألنه عامل فيه لنفسه فال يصلح نائبا عن

غيره، ولهذا ال يستوفي إال نصيبه وصار كما إذا قامت البينة بدين الميت، إال أنه إنما يثبت استحقاق، الكل على أحد الورثة إذا كان الكل في يده. ذكره في الجامع ألنه ال يكون خصما بدون اليد فيقتصر القضاء على

ما في يده. "ومن قال مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة، وإن أوصى بثلث مالهقال:

والقياس أن يلزمه التصدق بالكل، وبه قال زفر رحمه الله لعموم اسم المال كمافهو على كل شيء"في الوصية.

وجه االستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فينصرف إيجابه إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال. أما الوصية فأخت الميراث ألنها خالفة كهي فال يختص بمال دون مال، وألن الظاهر التزام الصدقة

من فاضل ماله وهو مال الزكاة، أما الوصية تقع في حال االستغناء فينصرف إلى الكل وتدخل فيه األرض العشرية عند أبي يوسف رحمه الله ألنها سبب الصدقة، إذ جهة الصدقة في العشرية راجحة عنده، وعند

محمد رحمه الله ال تدخل ألنها سبب المؤنة، إذ جهة المؤنة راجحة عنده، وال تدخل أرض الخراج باإلجماع ألنه يتمحض مؤنة. ولو قال ما أملكه صدقة في المساكين فقد قيل يتناول كل مال ألنه أعم من لفظ المال.

Page 72: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

والمقيد إيجاب الشرع وهو مختص بلفظ المال فال مخصص في لفظ الملك فبقي على العموم، والصحيح أنهما سواء ألن الملتزم باللفظين الفاضل عن الحاجة على ما مر، "ثم إذا لم يكن له مال سوى ما دخل

تحت اإليجاب يمسك من ذلك قوته، ثم إذا أصاب شيئا تصدق بمثل ما أمسك" ألن حاجته هذه مقدمة ولم يقدر محمد بشيء الختالف أحوال الناس فيه. وقيل المحترف يمسك قوته ليوم وصاحب الغلة لشهر

وصاحب الضياع لسنة على حسب التفاوت في مدة وصولهم إلى المال، وعلى هذا صاحب التجارة يمسكبقدر ما يرجع إليه ماله.

"ومن أوصى إليه ولم يعلم الوصية حتى باع شيئا من التركة فهو وصي والبيع جائز،قال: . وعن أبي يوسف رحمه الله أنه ال يجوز في الفصل األول أيضا ألنوال يجوز بيع الوكيل حتى يعلم"

الوصاية إنابة بعد الموت فتعتبر باإلنابة قبله وهي الوكالة. ووجه الفرق على الظاهر أن الوصاية خالفة إلضافتها إلى زمان بطالن اإلنابة فال يتوقف على العلم كما في تصرف الوارث. أما الوكالة فإنابة لقيام والية

المنوب عنه فيتوقف على العلم، وهذا ألنه لو توقف ال يفوت النظر لقدرة الموكل، وفي األول يفوت لعجز"ومنالموصي

 

ألنه إثبات حق ال إلزام أمر. أعلمه من الناس بالوكالة يجوز تصرفه"      -114ص - وهذا عند أبي حنيفة"وال يكون النهي عن الوكالة حتى يشهد عنده شاهدان أو رجل عدل"قال:

رحمه الله، وقاال: هو واألول سواء ألنه من المعامالت وبالواحد فيها كفاية. وله أنه خبر ملزم فيكون شهادة من وجه فيشترط أحد شطريها وهو العدد أو العدالة، بخالف األول، وبخالف رسول الموكل ألن عبارته كعبارة المرسل للحاجة إلى اإلرسال، وعلى هذا الخالف إذا أخبر المولى بجناية عبده والشفيع والبكر

والمسلم الذي لم يهاجر إلينا. ألن"وإذا باع القاضي أو أمينه عبدا للغرماء وأخذ المال فضاع واستحق العبد لم يضمن"قال:

أمين القاضي قائم مقام القاضي والقاضي مقام اإلمام وكل واحد منهم ال يلحقه ضمان كي ال يتقاعد عن قبول هذه األمانة فيضيع الحقوق ويرجع المشتري على الغرماء، ألن البيع واقع لهم فيرجع عليهم عند تعذر

"وإن أمر القاضي الوصيالرجوع على العاقد، كما إذا كان العاقد محجورا عليه ولهذا يباع بطلبهم ألنهببيعه للغرماء ثم استحق أو مات قبل القبض وضاع المال رجع المشتري على الوصي"

عاقد نيابة عن الميت وإن كان بإقامة القاضي عنه فصار كما إذا باعه بنفسه. ألنه عامل لهم، وإن ظهر للميت مال يرجع الغريم فيه بدينه. قالوا:"ورجع الوصي على الغرماء"قال:

ويجوز أن يقال يرجع بالمائة التي غرمها أيضا ألنه لحقه في أمر الميت، والوارث إذا بيع له بمنزلة الغريمألنه إذا لم يكن في التركة دين كان العاقد عامال له.

فصل آخر: "وإذا قال القاضي قد قضيت على هذا بالرجم فارجمه أو بالقطع فاقطعه أوبالضرب فاضربه وسعك أن تفعل"

وعن محمد رحمه الله أنه رجع عن هذا وقال: ال تأخذ بقوله حتى تعاين الحجة، ألن قوله يحتمل الغلط والخطأ والتدارك غير ممكن، وعلى هذه الرواية ال يقبل كتابه. واستحسن المشايخ هذه الرواية لفساد حال أكثر القضاة في زماننا إال في كتاب القاضي للحاجة إليه. وجه ظاهر الرواية أنه أخبر عن أمر يملك إنشاءه فيقبل لخلوه عن التهمة، وألن طاعة أولي األمر واجبة، وفي تصديقه طاعة. وقال اإلمام أبو منصور رحمه الله: إن كان عدال عالما يقبل قوله النعدام تهمة الخطإ والخيانة، وإن كان عدال جاهال يستفسر، فإن أحسن

التفسير وجب تصديقه وإال فال، وإن كان جاهال فاسقا أو عالما فاسقا ال يقبل إال أن يعاين سبب الحكم لتهمةالخطإ والخيانة.

"وإذا عزل القاضي فقال لرجل أخذت منك ألفا ودفعتها إلى فالن قضيت بهاقال:

Page 73: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

عليك فقال الرجل أخذتها ظلما فالقول قول القاضي، وكذا لو قال      -115ص - قضيت بقطع يدك في حق، هذا إذا كان الذي قطعت يده والذي أخذ منه المال مقرين أنه

ووجهه أنهما لما توافقا أنه فعل ذلك في قضائه كان الظاهر شاهدا له. إذ القاضيفعل ذلك وهو قاض"ألنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق وال يمين على القاضي. "وال يمين عليه" ال يقضي بالجور ظاهرا

ألنه فعله في حال القضاء ودفع"ولو أقر القاطع واآلخذ بما أقر به القاضي ال يضمن أيضا"القاضي صحيح كما إذا كان معاينا.

"ولو زعم المقطوع يده أو المأخوذ ماله أنه فعل قبل التقليد أو بعد العزل فالقول هو الصحيح ألنه أسند فعله إلى حالة معهودة منافية للضمان فصار كما إذا قال طلقت أوللقاضي أيضا"

أعتقت وأنا مجنون والجنون منه كان معهودا. ألنهما أقرا بسبب"ولو أقر القاطع أو اآلخذ في هذا الفصل بما أقر به القاضي بضمان"

الضمان، وقول القاضي مقبول في دفع الضمان عن نفسه ال في إبطال سبب الضمان على غيره، بخالف "ولو كان المال في يد اآلخذ قائما وقد أقر بما أقر بهاألول ألنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق

القاضي والمأخوذ منه المال صدق القاضي في أنه فعله في قضائه أو ادعى أنه فعله في ألنه أقر أن اليد كانت له فال يصدق في دعوى تملكه إال بحجة، وقول المعزول فيهغير قضائه يؤخذ منه"

ليس بحجة.

 

كتاب الشهادات      -116ص - لقوله تعالى: "الشهادة فرض تلزم الشهود وال يسعهم كتمانها إذا طالبهم المدعي"قال: }وال

هداء إ�ذا ما دعوا{ �نه[ وقوله تعالى: 282 ]البقرة:يأب الش هادة ومن يكتمها فإ }وال تكتموا الش[ وإنما يشترط طلب المدعي ألنها حقه فيتوقف على طلبه كسائر الحقوق.283 ]البقرة:آث�م قلبه{

ألنه بين حسبتين إقامة الحد"والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر واإلظهار" "لو سترته بثوبك لقوله صلى الله عليه وسلم للذي شهد عنده "والستر أفضل"والتوقي عن الهتك

وفيما"من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا واآلخرة" وقال عليه الصالة والسالم لكان خيرا لك" نقل من تلقين الدرء عن النبي عليه الصالة والسالم وأصحابه رضي الله عنهم داللة ظاهرة على أفضلية

"وال إحياء لحق المسروق منه "إال أنه يجب أن يشهد بالمال في السرقة فيقول: أخذ"الستر محافظة على الستر، وألنه لو ظهرت السرقة لوجب القطع والضمان ال يجامع القطع فاليقول سرق"

يحصل إحياء حقه. لقوله تعالى:"والشهادة على مراتب: منها الشهادة في الزنا يعتبر فيها أربعة من الرجال"

نكم{ ن أربعة م� دوا عليه� ن ن�سائ�كم فاستشه� شة م� [ ولقوله15 ]النساء:}والالت�ي يأت�ين الفاح� لحديث الزهري "وال تقبل فيها شهادة النساء"[4 ]النور:}ثم لم يأتوا ب�أربعة� شهداء{تعالى:

رضي الله عنه: مضت السنة من لدن رسول الله عليه الصالة والسالم والخليفتين من بعده أن ال شهادة للنساء في الحدود والقصاص، وألن فيها شبهة البدلية لقيامها مقام شهادة الرجال فال تقبل فيما يندرئ

لقوله تعالى:"ومنها الشهادة ببقية الحدود والقصاص تقبل فيها شهادة رجلين"بالشبهات ن ر�جال�كم{ يدين� م� دوا شه� لما ذكرنا."وال تقبل فيها شهادة النساء"[ 282 ]البقرة:}واستشه�

"وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين سواء كانقال: "والوكالة مثل: النكاح والطالق والعتاق والعدة والحوالة والوقف والصلحالحق ماال أو غير مال"

والهبة واإلقرار واإلبراء والولد والوالد والنسبوالوصية"

Page 74: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

ونحو ذلك. وقال الشافعي رحمه الله: ال تقبل شهادة النساء مع الرجال إال في األموال      -117ص - وتوابعها ألن األصل فيها عدم القبول لنقصان العقل واختالل الضبط وقصور الوالية فإنها ال تصلح لإلمارة ولهذا ال تقبل في الحدود، وال تقبل شهادة األربع منهن وحدهن إال أنها قبلت في األموال ضرورة، والنكاح أعظم خطرا وأقل وقوعا فال يلحق بما هو أدنى خطرا وأكثر وجودا. ولنا أن األصل فيها القبول لوجود ما يبتنى عليه أهلية الشهادة وهو المشاهدة والضبط واألداء، إذ باألول يحصل العلم للشاهد، وبالثاني يبقى،

وبالثالث يحصل العلم للقاضي ولهذا يقبل إخبارها في األخبار، ونقصان الضبط بزيادة النسيان انجبر بضم األخرى إليها فلم يبق بعد ذلك إال الشبهة فلهذا ال تقبل فيما يندرئ بالشبهات، وهذه الحقوق تثبت مع

الشبهات وعدم قبول األربع على خالف القياس كي ال يكثر خروجهن. "وتقبل في الوالدة والبكارة والعيوب بالنساء في موضع ال يطلع عليه الرجال شهادةقال:

"شهادة النساء جائزة فيما ال يستطيع الرجال النظر إليه" لقوله عليه الصالة والسالم: امرأة واحدة" والجمع المحلى باأللف والالم يراد به الجنس فيتناول األقل. وهو حجة على الشافعي رحمه الله في اشتراط األربع، وألنه إنما سقطت الذكورة ليخف النظر ألن نظر الجنس إلى الجنس أخف فكذا يسقط اعتبار العدد

"ثم حكمها في الوالدة شرحناه في الطالق" إال أن المثنى والثالث أحوط لما فيه من معنى اإللزام وأما حكم البكارة فإن شهدن أنها بكر يؤجل في العنين سنة ويفرق بعدها ألنها تأيدت بمؤيد إذ البكارة أصل،

وكذا في رد المبيعة إذا اشتراها بشرط البكارة، فإن قلن إنها ثيب يحلف البائع لينضم نكوله إلى قولهن والعيب يثبت بقولهن فيحلف البائع، وأما شهادتهن على استهالل الصبي ال تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله في حق اإلرث ألنه مما يطلع عليه الرجال إال في حق الصالة ألنها من أمور الدين. وعندهما تقبل في حق اإلرث

أيضا ألنه صوت عند الوالدة وال يحضرها الرجال عادة فصار كشهادتهن على نفس الوالدة. "وال بد في ذلك كله من العدالة ولفظة الشهادة، فإن لم يذكر الشاهد لفظة الشهادةقال:

هداء�{ أما العدالة فلقوله تعالى: وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته" ن الش ن ترضون م� م }م�نكم{[ ولقوله تعالى: 282]البقرة: دوا ذوي عدل م� [ وألن العدالة هي المعينة2 ]الطالق: }وأشه�

للصدق، ألن من يتعاطى غير الكذب قد يتعاطاه. وعن أبي يوسف رحمه الله أن الفاسق إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة تقبل شهادته ألنه ال يستأجر لوجاهته ويمتنع عن الكذب لمروءته، واألول أصح، إال أنالقاضي لو قضى بشهادة الفاسق يصح عندنا. وقال الشافعي رحمه الله: ال يصح، والمسألة معروفة.

 

وأما لفظة الشهادة فألن النصوص نطقت باشتراطها إذ األمر فيها بهذه اللفظة، وألن      -118ص - فيها زيادة توحيد، فإن قوله أشهد من ألفاظ اليمين كقوله أشهد بالله فكان االمتناع عن الكذب بهذه اللفظة أشد. وقوله في ذلك كله إشارة إلى جميع ما تقدم حتى يشترط العدالة، ولفظة الشهادة في شهادة النساء

في الوالدة وغيرها هو الصحيح ألنها شهادة لما فيه من معنى اإللزام حتى اختص بمجلس القضاء ولهذايشترط فيه الحرية واإلسالم.

"قال أبو حنيفة رحمه الله: يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم وال يسأل عن "المسلمون عدول بعضهم على بعض، لقوله عليه الصالة والسالم: حال الشهود حتى يطعن الخصم"

ومثل ذلك مروي عن عمر رضي الله عنه، وألن الظاهر هو االنزجار عما هو محرمإال محدودا في قذف" "إال في الحدود والقصاص فإنه يسأل عن الشهود"دينه، وبالظاهر كفاية إذ ال وصول إلى القطع.

ألنه يحتال إلسقاطها فيشترط االستقصاء فيها، وألن الشبهة فيها دارئة، وإن طعن الخصم فيهم سأل عنهم "وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: ال بد أن يسألألنه تقابل الظاهران فيسأل طلبا للترجيح

ألن القضاء مبناه على الحجة وهي شهادة العدولعنهم في السر والعالنية في سائر الحقوق"

Page 75: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فيتعرف عن العدالة، وفيه صون قضائه عن البطالن. وقيل هذا اختالف عصر وزمان والفتوى على قولهمافي هذا الزمان.

"ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة إلى المعدل فيها النسب والحلي والمصلىقال: "وفي العالنية ال بد أن يجمع بين كل ذلك في السر كي ال يظهر فيخدع أو يقصدويردها المعدل"

لتنتفي شبهة تعديل غيره، وقد كانت العالنية وحدها في الصدر األول، ووقع االكتفاءالمعدل والشاهد" بالسر في زماننا تحرزا عن الفتنة. ويروى عن محمد رحمه الله: تزكية العالنية بالء وفتنة. ثم قيل: ال بد أن يقول المعدل هو عدل جائز الشهادة ألن العبد قد يعدل، وقيل يكتفي بقوله هو عدل ألن الحرية ثابتة بالدار

وهذا أصح. معناه قول"وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم إنه عدل"قال:

المدعى عليه وعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أنه يجوز تزكيته، لكن عند محمد يضم تزكية اآلخر إلى تزكيته ألن العدد عنده شرط. ووجه الظاهر أن في زعم المدعي وشهوده أن الخصم كاذب في إنكاره

مبطل في إصراره فال يصلح معدال، وموضوع المسألة إذا قال هم عدول إال أنهم أخطئوا أو نسوا، أما إذا قالصدقوا أو هم عدول صدقة فقد اعترف بالحق.

 

"وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود واحدا جاز واالثنانقال:      -119ص - وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد رحمه الله: ال يجوز إال اثنان، والمراد منه المزكي،أفضل"

وعلى هذا الخالف رسول القاضي إلى المزكي والمترجم عن الشاهد له أن التزكية في معنى الشهادة ألن والية القضاء تنبني على ظهور العدالة وهو بالتزكية فيشترط فيه العدد كما تشترط العدالة فيه، وتشترط

الذكورة في المزكي والحدود والقصاص. ولهما أنه ليس في معنى الشهادة ولهذا ال يشترط فيه لفظة "وال يشترط أهليةالشهادة ومجلس القضاء، واشتراط العدد أمر حكمي في الشهادة فال يتعداها

حتى صلح العبد مزكيا، فأما في تزكية العالنية فهو شرط، وكذاالشهادة في المزكي في تزكية السر" العدد باإلجماع على ما قاله الخصاف رحمه الله الختصاصها بمجلس القضاء. قالوا: يشترط األربعة في تزكية

شهود الزنا عند محمد رحمه الله.

فصل: وما يتحمله الشاهد على ضربين: أحدهما: ما يثبت حكمه بنفسه مثل البيع واإلقرار والغصب والقتل وحكم الحاكم، فإذا سمع

ألنه علم ما هو الموجب بنفسه وهوذلك الشاهد أو رآه وسعه أن يشهد به وإن لم يشهد عليه"د ب�الحق وهم يعلمون{الركن في إطالق األداء. قال الله تعالى: [ وقال86 ]الزخرف: }إ�ال من شه�

"إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإال فدع"النبي عليه الصالة والسالم: "ولو سمع من وراء الحجاب ال يجوز ألنه كذب، "ويقول أشهد أنه باع وال يقول أشهدني"قال:

"إال إذا كان ألن النغمة تشبه النغمة فلم يحصل العلمله أن يشهد، ولو فسر للقاضي ال يقبله" دخل البيت وعلم أنه ليس فيه أحد سواه ثم جلس على الباب وليس في البيت مسلك غيره

"ومنه ما ال يثبت ألنه حصل العلم في هذه الصورة. فسمع إقرار الداخل وال يراه له أن يشهد" الحكم فيه بنفسه مثل الشهادة على الشهادة، فإذا سمع شاهدا يشهد بشيء لم يجز له أن

ألن الشهادة غير موجبة بنفسها، وإنما تصير موجبة بالنقليشهد على شهادته إال أن يشهد عليها" "وكذا لو سمعه يشهد الشاهد على شهادتهإلى مجلس القضاء فال بد من اإلنابة والتحميل ولم يوجد

ألنه ما حمله وإنما حمل غيره.لم يسع للسامع أن يشهد" ألن الخط يشبه الخط فلم يحصل"وال يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إال أن يتذكر الشهادة"

Page 76: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

العلم. قيل هذا على قول أبي حنيفة رحمه الله. وعندهما يحل له أن يشهد. وقيل هذا باالتفاق، وإنما الخالففيما إذا وجد القاضي شهادته في ديوانه أو قضيته، ألن ما يكون

 

في قمطره فهو تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له العلم بذلك وال      -120ص - كذلك الشهادة في الصك ألنه في يد غيره، وعلى هذا إذا تذكر المجلس الذي كان فيه الشهادة أو أخبره قوم

ممن يثق به أنا شهدنا نحن وأنت. "وال يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إال النسب والموت والنكاح والدخولقال:

وهذا استحسان.ووالية القاضي فإنه يسعه أن يشهد بهذه األشياء إذا أخبره بها من يثق به" والقياس أن ال تجوز ألن الشهادة مشتقة من المشاهدة وذلك بالعلم ولم يحصل فصار كالبيع. وجه

االستحسان أن هذه أمور تختص بمعاينة أسبابها خواص من الناس، ويتعلق بها أحكام تبقى على انقضاء القرون، فلو لم تقبل فيها الشهادة بالتسامع أدى إلى الحرج وتعطيل األحكام، بخالف البيع ألنه يسمعه كل

أحد، وإنما يجوز للشاهد أن يشهد باالشتهار وذلك بالتواتر أو بإخبار من يثق به كما قال في الكتاب. ويشترط أن يخبره رجالن عدالن أو رجل وامرأتان ليحصل له نوع علم. وقيل في الموت يكتفي بإخبار واحد أو واحدة

ألنه قلما يشاهد غير الواحد إذ اإلنسان يهابه ويكرهه فيكون في اشتراط العدد بعض الحرج، وال كذلك النسب والنكاح، وينبغي أن يطلق أداء الشهادة. أما إذا فسر للقاضي أنه يشهد بالتسامع لم تقبل شهادته كما أن معاينة اليد في األمالك تطلق الشهادة، ثم إذا فسر ال تقبل كذا هذا. ولو رأى إنسانا جلس مجلس

القضاء يدخل عليه الخصوم حل له أن يشهد على كونه قاضيا وكذا إذا رأى رجال وامرأة يسكنان بيتا وينبسط كل واحد منهما إلى اآلخر انبساط األزواج كما إذا رأى عينا في يد غيره. ومن شهد أنه شهد دفن فالن أو صلى على جنازته فهو معاينة، حتى لو فسر للقاضي قبله ثم قصر االستثناء في الكتاب على هذه األشياء

الخمسة ينفي اعتبار التسامع في الوالء والوقف. وعن أبي يوسف رحمه الله آخرا أنه يجوز في الوالء ألنه وعن محمد رحمه الله أنه يجوز "الوالء لحمة كلحمة النسب".بمنزلة النسب لقوله عليه الصالة والسالم:

في الوقف ألنه يبقى على مر األعصار، إال أنا نقول الوالء يبتنى على زوال الملك وال بد فيه من المعاينة فكذا فيما يبتنى عليه. وأما الوقف فالصحيح أنه تقبل الشهادة بالتسامع في أصله دون شرائطه، ألن أصله هو

الذي يشتهر. ألن اليد أقصى ما"ومن كان في يده شيء سوى العبد واألمة وسعك أن تشهد أنه له"قال:

يستدل به على الملك إذ هي مرجع الداللة في األسباب كلها فيكتفي بها. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يشترط مع ذلك أن يقع في قلبه أنه له. قالوا: ويحتمل أن يكون هذا تفسيرا إلطالق محمد رحمه الله في

الرواية فيكون شرطا على االتفاق.

 

وقال الشافعي رحمه الله: دليل الملك اليد مع التصرف، وبه قال بعض مشايخنا      -121ص - رحمهم الله ألن اليد متنوعة إلى إنابة وملك. قلنا: والتصرف يتنوع أيضا إلى نيابة وأصالة. ثم المسألة على

وجوه: إن عاين المالك الملك حل له أن يشهد، وكذا إذا عاين الملك بحدوده دون المالك استحسانا ألنالنسب يثبت بالتسامع فيحصل معرفته، وإن لم يعاينها أو عاين المالك دون الملك ال يحل له.

وأما العبد واألمة، فإن كان يعرف أنهما رقيقان فكذلك ألن الرقيق ال يكون في يد نفسه، وإن كان ال يعرف أنهما رقيقان إال أنهما صغيران ال يعبران عن أنفسهما فكذلك ألنه ال يد لهما، وإن كانا كبيرين فذلك مصرف

االستثناء ألن لهما يدا على أنفسهما فيدفع يد الغير عنهما فانعدم دليل الملك. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنهيحل له أن يشهد فيهما أيضا اعتبارا بالثياب، والفرق ما بيناه، والله أعلم بالصواب.

Page 77: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

باب من تقبل شهادته ومن ال تقبل وقال زفر رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله: تقبل فيما"وال تقبل شهادة األعمى".قال:

يجري فيه التسامع ألن الحاجة فيه إلى السماع وال خلل فيه. وقال أبو يوسف والشافعي رحمهما الله: يجوز إذا كان بصيرا وقت التحمل لحصول العلم بالمعاينة، واألداء يختص بالقول ولسانه غير موف والتعريف يحصل بالنسبة كما في الشهادة على الميت. ولنا أن األداء يفتقر إلى التمييز باإلشارة بين المشهود له

والمشهود عليه، وال يميز األعمى إال بالنغمة، وفيه شبهة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود والنسبة لتعريف الغائب دون الحاضر فصار كالحدود والقصاص. ولو عمي بعد األداء يمتنع القضاء عند أبي حنيفة ومحمد

رحمهما الله، ألن قيام أهلية الشهادة شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده وقد بطلت وصار كما إذاخرس أو جن أو فسق، بخالف ما إذا ماتوا أو غابوا، ألن األهلية بالموت قد انتهت وبالغيبة ما بطلت.

ألن الشهادة من باب الوالية وهو ال يلي نفسه فأولى أن ال تثبت له الوالية على غيره"وال المملوك"قال: [ وألنه من4 ]النور:}وال تقبلوا لهم شهادة أبدا{ لقوله تعالى: "وال المحدود في قذف وإن تاب"

تمام الحد لكونه مانعا فيبقى بعد التوبة كأصله، بخالف المحدود في غير القذف ألن الرد للفسق وقد ارتفع[ استثنى التائب. 5 ]النور:}إ�ال الذ�ين تابوا{بالتوبة. وقال الشافعي رحمه الله تقبل إذا تاب لقوله تعالى:

قون{قلنا: االستثناء ينصرف إلى ما يليه وهو قوله تعالى: }وأولئ�ك هم الفاس�

 

"ولو حد الكافر في قذف ثم أسلم[ أو هو استثناء منقطع بمعنى لكن. 4]النور:      -122ص - ألن للكافر شهادة فكان ردها من تمام الحد، وباإلسالم حدثت له شهادة أخرى، بخالفتقبل شهادته"

العبد إذا حد ثم أعتق ألنه ال شهادة للعبد أصال فتمام حده يرد شهادته بعد العتق. واألصل فيه قوله"وال شهادة الوالد لولده وولد ولده، وال شهادة الولد ألبويه وأجداده"قال:

"ال تقبل شهادة الولد لوالده وال الوالد لولده وال المرأة لزوجها وال الزوج المرأته والعليه الصالة والسالم: وألن المنافع بين األوالد واآلباء متصلة ولهذا ال يجوزالعبد لسيده وال المولى لعبده وال األجير لمن استأجره"

أداء الزكاة إليهم فتكون شهادة لنفسه من وجه أو تتمكن فيه التهمة. قال العبد الضعيف: والمراد باألجير على ما قالوا التلميذ الخاص الذي يعد ضرر أستاذه ضرر نفسه ونفعه

وقيل المراد األجير مسانهة"ال شهادة للقانع بأهل البيت"نفع نفسه، وهو معنى قوله عليه الصالة والسالم: أو مشاهرة أو مياومة فيستوجب األجر بمنافعه عند أداء الشهادة فيصير كالمستأجر عليها.

وقال الشافعي رحمه الله: تقبل ألن األمالك بينهما"وال تقبل شهادة أحد الزوجين لآلخر"قال: متميزة واأليدي متحيزة ولهذا يجري القصاص والحبس بالدين بينهما، وال معتبر بما فيه من النفع لثبوته ضمنا

كما في الغريم إذا شهد لمديونه المفلس. ولنا ما روينا، وألن االنتفاع متصل عادة وهو المقصود فيصير "وال شهادةشاهدا لنفسه من وجه أو يصير متهما، بخالف شهادة الغريم ألنه ال والية على المشهود به.

ألنه شهادة لنفسه من كل جهة إذا لم يكن على العبد دين أو من وجه إن كان عليه دينالمولى لعبده" "وال شهادة الشريك لشريكه فيما هو من لما قلنا. "وال لمكاتبه"ألن الحال موقوف مراعى

ألنه شهادة لنفسه من وجه الشتراكهما، ولو شهد بما ليس من شركتهما تقبل النتفاء التهمة.شركتهما" النعدام التهمة ألن األمالك ومنافعها متباينة وال بسوطة لبعضهم في"وتقبل شهادة األخ ألخيه وعمه"

مال البعض. ومراده المخنث في الرديء من األفعال ألنه فاسق، فأما الذي في"وال تقبل شهادة المخنث"قال:

ألنهما يرتكبان محرما فإنه عليه "وال نائحة وال مغنية"كالمه لين وفي أعضائه تكسر فهو مقبول الشهادة. "نهى عن الصوتين األحمقين النائحة والمغنية".الصالة والسالم

ألنه يورث "وال من يلعب بالطيور" ألنه ارتكب محرم دينه."وال مدمن الشرب على اللهو"قال: غفلة وألنه قد يقف على عورات النساء بصعوده على سطحه ليطير طيره وفي

Page 78: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

بعض النسخ: وال من يلعب بالطنبور وهو المغني.      -123ص - ألنه يجمع الناس على ارتكاب كبيرة. "وال من يغني للناس"قال: للفسق. "وال من يأتي بابا من الكبائر التي يتعلق بها الحد"قال: "أو يأكل الربا أو يقامر ألن كشف العورة حرام. "وال من يدخل الحمام من غير مئزر"قال:

ألن كل ذلك من الكبائر، وكذلك من تفوته الصالة لالشتغال بهما، فأما مجرد اللعببالنرد والشطرنج". بالشطرنج فليس بفسق مانع من الشهادة، ألن لالجتهاد فيه مساغا. وشرط في األصل أن يكون آكل الربا

مشهورا به ألن اإلنسان قلما ينجو عن مباشرة العقود الفاسدة وكل ذلك ربا. ألنه تارك"وال من يفعل األفعال المستحقرة كالبول على الطريق واألكل على الطريق"قال:

"وال تقبل شهادة من يظهر سبللمروءة، وإذا كان ال يستحي عن مثل ذلك ال يمتنع عن الكذب فيتهم. وقال الشافعي "وتقبل شهادة أهل األهواء إال الخطابية" لظهور فسقه بخالف من يكتمه.السلف"

رحمه الله: ال تقبل ألنه أغلظ وجوه الفسق. ولنا أنه فسق من حيث االعتقاد وما أوقعه فيه إال تدينه به وصاركمن يشرب المثلث أو يأكل متروك التسمية عامدا مستبيحا لذلك، بخالف الفسق من حيث التعاطي.

أما الخطابية فهم من غالة الروافض يعتقدون الشهادة لكل من حلف عندهم. وقيل يرون الشهادة لشيعتهمواجبة فتمكنت التهمة في شهادتهم لظهور فسقهم.

. وقال مالك والشافعيوإن اختلفت مللهم" "وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعضقال:رون هم الظال�مون{رحمهما الله: ال تقبل ألنه فاسق، قال الله تعالى: [ فيجب254 ]البقرة: }والكاف�

التوقف في خبره، ولهذا ال تقبل شهادته على المسلم فصار كالمرتد. ولنا ما روي أن النبي عليه الصالة والسالم أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض، وألنه من أهل الوالية على نفسه وأوالده الصغار فيكون

من أهل الشهادة على جنسه، والفسق من حيث االعتقاد غير مانع ألنه يجتنب ما يعتقده محرم دينه، والكذب محظور األديان، بخالف المرتد ألنه ال والية له، وبخالف شهادة الذمي على المسلم ألنه ال والية له باإلضافة

إليه، وألنه يتقول عليه ألنه يغيظه قهره إياه، وملل الكفر وإن اختلفت فال قهر فال يحملهم الغيظ علىالتقول.

أراد به والله أعلم المستأمن ألنه ال والية له عليه ألن"وال تقبل شهادة الحربي على الذمي"قال: الذمي من أهل دارنا وهو أعلى حاال منه، وتقبل شهادة الذمي عليه

 

"وتقبل شهادة المستأمنين بعضهم علىكشهادة المسلم عليه وعلى الذمي      -124ص - ألن اختالفبعض إذا كانوا من أهل دار واحدة، فإن كانوا من دارين كالروم والترك ال تقبل"

"وإنالدارين يقطع الوالية ولهذا يمنع التوارث، بخالف الذمي ألنه من أهل دارنا، وال كذلك المستأمن. كانت الحسنات أغلب من السيئات والرجل ممن يجتنب الكبائر قبلت شهادته وإن ألم

هذا هو الصحيح في حد العدالة المعتبرة، إذ ال بد من توقي الكبائر كلها وبعد ذلك يعتبر الغالببمعصية" كما ذكرنا، فأما اإللمام بمعصية ال تنقدح به العدالة المشروطة فال ترد به الشهادة المشروعة ألن في اعتبار

اجتنابه الكل سد بابه وهو مفتوح إحياء للحقوق. ألنه ال يخل بالعدالة إال إذا تركه استخفافا بالدين ألنه لم يبق بهذا الصنيع"وتقبل شهادة األقلف"قال: ألن عمر رضي الله عنه قبل شهادة علقمة الخصي، وألنه قطع عضو منه ظلما فصار كما"والخصي"عدال

ألن فسق األبوين ال يوجب فسق الولد ككفرهما وهو مسلم. "وولد الزنا"إذا قطعت يده. وقال مالك رحمه الله: ال تقبل في الزنا ألنه يجب أن يكون غيره كمثله فيتهم. قلنا: العدل ال يختار ذلك وال

يستحبه، والكالم في العدل.

Page 79: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وشهادة العمال ألنه رجل أو امرأة وشهادة الجنسين مقبولة بالنص. "وشهادة الخنثى جائزة"قال: والمراد عمال السلطان عند عامة المشايخ، ألن نفس العمل ليس بفسق إال إذا كانوا أعوانا علىجائزة"

الظلم. وقيل العامل إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة ال يجازف في كالمه تقبل شهادته كما مر عن أبي يوسف رحمه الله في الفاسق، ألنه لوجاهته ال يقدم على الكذب حفظا للمروءة ولمهابته ال يستأجر على

الشهادة الكاذبة. "وإذا شهد الرجالن أن أباهما أوصى إلى فالن والوصي يدعي ذلك فهو جائزقال:

وفي القياس: ال يجوز إن ادعى، وعلى هذا إذا شهد الموصياستحسانا، وإن أنكر الوصي لم يجز" لهما بذلك أو غريمان لهما على الميت دين أو للميت عليهما دين أو شهد الوصيان أنه أوصى إلى هذا الرجل معهما. وجه القياس أنها شهادة للشاهد لعود المنفعة إليه. وجه االستحسان أن للقاضي والية نصب الوصي

إذا كان طالبا والموت معروف، فيكفي القاضي بهذه الشهادة مؤنة التعيين ال أن يثبت بها شيء فصار كالقرعة والوصيان إذا أقرا أن معهما ثالثا يملك القاضي نصب ثالث معهما لعجزهما عن التصرف

باعترافهما، بخالف ما إذا أنكرا ولم يعرف الموت ألنه ليس له والية نصب الوصي فتكون الشهادة هيالموجبة، وفي الغريمين للميت عليهما دين تقبل الشهادة وإن لم يكن الموت معروفا ألنهما يقران على

 

"وإن شهدا أن أباهما الغائب وكلهأنفسهما فيثبت الموت باعترافهما في حقهما      -125ص - ألن القاضي ال يملك نصببقبض ديونه بالكوفة فادعى الوكيل أو أنكره ال تقبل شهادتهما"

الوكيل عن الغائب، فلو ثبت إنما يثبت بشهادتهما وهي غير موجبة لمكان التهمة. ألن الفسق مما ال يدخل تحت الحكم"وال يسمع القاضي الشهادة على جرح وال يحكم بذلك"قال:

ألن له الدفع بالتوبة فال يتحقق اإللزام، وألنه هتك السر والستر واجب واإلشاعة حرام، وإنما يرخص ضرورة ألن"إال إذا شهدوا على إقرار المدعي بذلك تقبل"إحياء الحقوق وذلك فيما يدخل تحت الحكم

اإلقرار مما يدخل تحت الحكم. ألنه شهادة على جرح"ولو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود لم تقبل"قال:

مجرد، واالستئجار وإن كان أمرا زائدا عليه فال خصم في إثباته ألن المدعى عليه في ذلك أجنبي عنه، حتى لو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود بعشرة دراهم ليؤدوا الشهادة وأعطاهم العشرة من مالي الذي كان في يده تقبل ألنه خصم في ذلك ثم يثبت الجرح بناء عليه، وكذا إذا أقامها على أني صالحت الشهود على كذا من المال. ودفعته إليهم على أن ال يشهدوا علي بهذا الباطل وقد شهدوا وطالبهم برد ذلك

المال، ولهذا قلنا إنه لو أقام البينة أن الشاهد عبد أو محدود في قذف أو شارب خمر أو قاذف أو شريكالمدعي تقبل.

"ومن شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي، فإن كان عدال جازت شهادته"قال: ومعنى قوله أوهمت أي أخطأت بنسيان ما كان يحق علي ذكره أو بزيادة كانت باطلة. ووجهه أن الشاهد قد يبتلى بمثله لمهابة مجلس القضاء فكان العذر واضحا فتقبل إذا تداركه في أوانه وهو عدل، بخالف ما إذا قام

عن المجلس ثم عاد وقال أوهمت، ألنه يوهم الزيادة من المدعي بتلبيس وخيانة فوجب االحتياط، وألن المجلس إذا اتحد لحق الملحق بأصل الشهادة فصار ككالم واحد، وال كذلك إذا اختلف. وعلى هذا إذا وقع الغلط في بعض الحدود أو في بعض النسب وهذا إذا كان موضع شبهة، فأما إذا لم يكن فال بأس بإعادة

الكالم أصال مثل أن يدع لفظة الشهادة وما يجري مجرى ذلك وإن قام عن المجلس بعد أن يكون عدال. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أنه يقبل قوله في غير المجلس إذا كان عدال، والظاهر ما ذكرناه والله

أعلم.

Page 80: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

باب االختالف في الشهادة ألن تقدم الدعوى في"الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت، وإن خالفتها لم تقبل"قال:

 

حقوق العباد شرط قبول الشهادة، وقد وجدت فيما يوافقها وانعدمت فيما يخالفها.      -126ص - "ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة، فإن شهد أحدهما بألفقال:

واآلخر بألفين لم تقبل الشهادة عنده وعندهما تقبل على األلف إذا كان المدعي يدعي وعلى هذا المائة والمائتان والطلقة والطلقتان والطلقة والثالث. لهما أنهما اتفقا على األلف أواأللفين".

الطلقة وتفرد أحدهما بالزيادة فيثبت ما اجتمعا عليه دون ما تفرد به أحدهما فصار كاأللف واأللف والخمسمائة. وألبي حنيفة رحمه الله أنهما اختلفا لفظا، وذلك يدل على اختالف المعنى ألنه يستفاد باللفظ،

وهذا ألن األلف ال يعبر به عن األلفين بل هما جملتان متباينتان فحصل على كل واحد منهما شاهد واحد فصاركما إذا اختلف جنس المال.

"وإذا شهد أحدهما باأللف واآلخر بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفا وخمسمائةقال: التفاق الشاهدين عليها لفظا ومعنى، ألن األلف والخمسمائة جملتان عطفقبلت الشهادة على األلف"

إحداهما على األخرى والعطف يقرر األول ونظيره الطلقة والطلقة والنصف والمائة والمائة والخمسون، "وإن قالبخالف العشرة والخمسة عشر ألنه ليس بينهما حرف العطف فهو نظير األلف واأللفين

ألنه كذبهالمدعي لم يكن لي عليه إال األلف فشهادة الذي شهد باأللف وخمسمائة باطلة" المدعي في المشهود به، وكذا إذا سكت إال عن دعوى األلف ألن التكذيب ظاهر فال بد من التوفيق، ولو قال

كان أصل حقي ألف وخمسمائة ولكني استوفيت خمسمائة أو أبرأته عنها قبلت لتوفيقه. التفاقهما"وإذا شهدا بألف وقال أحدهما قضاه منها خمسمائة قبلت شهادتهما باأللف"قال: وعن أبي يوسف رحمه"إال أن يشهد معه آخر" ألنه شهادة فرد "ولم يسمع قوله إنه قضاه"عليه

الله أنه يقضي بخمسمائة، ألن شاهد القضاء مضمون شهادته أن ال دين إال خمسمائة. وجوابه ما قلنا. "أن ال يشهد بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة"إذا علم بذلك"وينبغي للشاهد" قال:

"وفي الجامع الصغير: رجالن شهدا على رجل بقرض ألف درهمكي ال يصير معينا على الظلم. التفاقهما عليه، وتفرد أحدهمافشهد أحدهما أنه قد قضاها، فالشهادة جائزة على القرض"

بالقضاء على ما بينا. وذكر الطحاوي عن أصحابنا أنه ال تقبل، وهو قول زفر رحمه الله ألن المدعي أكذبشاهد القضاء. قلنا: هذا إكذاب في غير المشهود به األول وهو القرض ومثله ال يمنع القبول.

 

"وإذا شهد شاهدان أنه قتل زيدا يوم النحر بمكة وشهد آخران أنهقال:      -127ص - ألن إحداهما كاذبة بيقينقتله يوم النحر بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم يقبل الشهادتين"

"فإن سبقت إحداهما وقضى بها ثم حضرت األخرى لم تقبل"وليست إحداهما بأولى من األخرىألن األولى ترجحت باتصال القضاء بها فال تنتقض بالثانية.

"وإذا شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها قطع، وإن قال أحدهما بقرة وقال جميعا، وقيل"وقاال: ال يقطع في الوجهين" وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله اآلخر ثورا لم يقطع"

االختالف في لونين يتشابهان كالسواد والحمرة ال في السواد والبياض، وقيل هو في جميع األلوان. لهما أن السرقة في السوداء غيرها في البيضاء فلم يتم على كل فعل نصاب الشهادة وصار كالغصب بل أولى، ألن

أمر الحد أهم وصار كالذكورة واألنوثة. وله أن التوفيق ممكن ألن التحمل في الليالي من بعيد واللونان يتشابهان أو يجتمعان في واحد فيكون السواد من جانب وهذا يبصره والبياض من جانب آخر وهذا اآلخر

Page 81: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يشاهده، بخالف الغصب ألن التحمل فيه بالنهار على قرب منه، والذكورة واألنوثة ال يجتمعان في واحدة،وكذا الوقوف على ذلك بالقرب منه فال يشتبه.

"ومن شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فالن بألف وشهد آخر أنه اشتراه بألفقال: ألن المقصود إثبات السبب وهو العقد ويختلف باختالف الثمن فاختلفوخمسمائة فالشهادة باطلة"

المشهود به ولم يتم العدد على كل واحد، وألن المدعي يكذب أحد شاهديه وكذلك إذا كان المدعي هو البائع ألن المقصود هو العقد إن"وكذلك الكتابة"وال فرق بين أن يدعي المدعي أقل المالين أو أكثرهما لما بينا

كان المدعي هو العبد فظاهر، وكذا إذا كان هو المولى ألن العتق ال يثبت قبل األداء فكان المقصود إثبات "وكذا الخلع واإلعتاق على مال والصلح عن دم العمد إذا كان المدعي هو المرأة أوالسبب

ألن المقصود إثبات العقد والحاجة ماسة إليه، وإن كانت الدعوى من جانب آخر فهوالعبد أو القاتل" بمنزلة دعوى الدين فيما ذكرنا من الوجوه ألنه ثبت العفو والعتق والطالق باعتراف صاحب الحق فبقي

الدعوى في الدين وفي الرهن، إن كان المدعى هو الرهن ال يقبل ألنه ال حظ له في الرهن فعريت الشهادة عن الدعوى، وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين. وفي اإلجارة إن كان ذلك في أول المدة فهو نظير

البيع، وإن كان بعد مضي المدة والمدعي هو اآلجر فهو دعوى الدين. وذكر "فأما النكاح فإنه يجوز بألف استحسانا، وقاال: هذا باطل في النكاح أيضا"قال:

 

في األمالي قول أبي يوسف مع قول أبي حنيفة رحمهما الله. لهما أن هذا اختالف في      -128ص - العقد، ألن المقصود من الجانبين السبب فأشبه البيع. وألبي حنيفة رحمه الله أن المال في النكاح تابع،

واألصل فيه الحل واالزدواج والملك وال اختالف في ما هو األصل فيثبت، ثم إذا وقع االختالف في التبع يقضي باألقل التفاقهما عليه، ويستوي دعوى أقل المالين أو أكثرهما في الصحيح. ثم قيل: الختالف فيما إذا كانت المرأة هي المدعية وفيما إذا كان المدعي هو الزوج إجماع على أنه ال تقبل، ألن مقصودها قد يكون المال

ومقصوده ليس إال العقد. وقيل االختالف في الفصلين وهذا أصح والوجه ما ذكرنا، والله أعلم.

فصل: في الشهادة على اإلرث "ومن أقام بينة على دار أنها كانت ألبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنهقال:

وأصله أنه متى ثبت ملك المورث ال يقضي بهيأخذها وال يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له" للوارث حتى يشهد الشهود أنه مات وتركها ميراثا له عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، خالفا ألبي يوسف

رحمه الله. هو يقول: إن ملك الوارث ملك المورث فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة به للوارث، وهما يقوالن: إن ملك الوارث متجدد في حق العين حتى يجب عليه االستبراء في الجارية الموروثة، ويحل للوارث الغني ما كان صدقة على المورث الفقير فال بد من النقل، إال أنه يكتفي بالشهادة على قيام ملك

المورث وقت الموت لثبوت االنتقال ضرورة، وكذا على قيام يده على ما نذكره، وقد وجدت الشهادة على اليد في مسألة الكتاب ألن يد المستعير والمودع والمستأجر قائمة مقام يده فأغنى ذلك عن الجر والنقل

ألن األيدي عند الموت"وإن شهدوا أنها كانت في يد فالن مات وهي في يده جازت الشهادة" تنقلب يد ملك بواسطة الضمان واألمانة تصير مضمونة بالتجهيل فصار بمنزلة الشهادة على قيام ملكه وقت

وعن أبي "وإن قالوا لرجل حي نشهد أنها كانت في يد المدعي منذ شهر لم تقبل"الموت. يوسف رحمه الله أنها تقبل ألن اليد مقصودة كالملك؛ ولو شهدوا أنها كانت ملكه تقبل فكذا هذا صار كما إذا

شهدوا باألخذ من المدعي. وجه الظاهر وهو قولهما أن الشهادة قامت بمجهول ألن اليد منقضية وهي متنوعة إلى ملك وأمانة وضمان فتعذر القضاء بإعادة المجهول، بخالف الملك ألنه معلوم غير مختلف،

وبخالف اآلخذ ألنه معلوم وحكمه معلوم وهو وجوب الرد، وألن يد ذي اليد معاين ويد المدعي مشهود به، ألن الجهالة في المقر به "وإن أقر بذلك المدعى عليه دفعت إلى المدعي"وليس الخبر كالمعاينة.

Page 82: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن "وإن شهد شاهدان أنه أقر أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه"ال تمنع صحة اإلقرارالمشهود به هاهنا اإلقرار وهو معلوم.

 

باب الشهادة على الشهادة      -129ص - وهذا استحسان لشدة"الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق ال يسقط بالشبهة"قال:

الحاجة إليها، إذ شاهد األصل قد يعجز عن أداء الشهادة لبعض العوارض، فلو لم تجز الشهادة على الشهادة أدى إلى إتواء الحقوق، ولهذا جوزنا الشهادة على الشهادة وإن كثرت، إال أن فيها شبهة من حيث البدلية أو

من حيث إن فيها زيادة احتمال، وقد أمكن االحتراز عنه بجنس الشهود فال تقبل فيما تندرئ بالشبهاتكالحدود والقصاص.

. وقال الشافعي رحمه الله: ال يجوز إال األربع على"وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين"كل أصل اثنان ألن كل شاهدين قائمان مقام شاهد واحد فصارا كالمرأتين.

ولنا قول علي رضي الله عنه: ال يجوز على شهادة رجل إال شهادة رجلين، وألن نقل شهادة األصل من لما"وال تقبل شهادة واحد على شهادة واحد" الحقوق فهما شهدا بحق ثم شهدا بحق آخر فتقبل.

روينا، وهو حجة على مالك رحمه الله، وألنه حق من الحقوق فال بد من نصاب الشهادة. "وصفة اإلشهاد أن يقول شاهد األصل لشاهد الفرع: اشهد على شهادتي أني أشهد أن

ألن الفرع كالنائب عنه فال بد من التحميلفالن بن فالن أقر عندي بكذا وأشهدني على نفسه" "وإن لم يقلوالتوكيل على ما مر، وال بد أن يشهد كما يشهد عند القاضي لينقله إلى مجلس القضاء

"ويقول ألن من سمع إقرار غيره حل له الشهادة وإن لم يقل له اشهد أشهدني على نفسه جاز" شاهد الفرع عند األداء أشهد أن فالنا أشهدني على شهادته أن فالنا أقر عنده بكذا وقال

ألنه ال بد من شهادته، وذكر شهادة األصل وذكر التحميل، ولها لفظلي اشهد على شهادتي بذلك" "ومن قال أشهدني: فالن على نفسه لم يشهدأطول من هذا وأقصر منه، وخير األمور أوسطها.

ألنه ال بد من التحميل، وهذا ظاهر عندالسامع على شهادته حتى يقول له اشهد على شهادتي" محمد رحمه الله ألن القضاء عنده بشهادة الفروع واألصول جميعا حتى اشتركوا في الضمان عند الرجوع،

وكذا عندهما ألنه ال بد من نقل شهادة األصول ليصير حجة فيظهر تحميل ما هو حجة. "وال تقبل شهادة شهود الفرع إال أن يموت شهود األصل أو يغيبوا مسيرة ثالثة أيامقال:

ألن جوازها للحاجة، وإنمافصاعدا أو يمرضوا مرضا ال يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم" تمس عند عجز األصل وبهذه األشياء يتحقق العجز. وإنما اعتبرنا السفر ألن المعجز بعد المسافة ومدة

السفر بعيدة حكما حتى أدير عليها عدة من األحكام فكذا سبيل

 

هذا الحكم. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه إن كان في مكان لو غدا ألداء الشهادة ال      -130ص - يستطيع أن يبيت في أهله صح اإلشهاد إحياء لحقوق الناس، قالوا: األول أحسن والثاني أرفق وبه أخذ الفقيه

أبو الليث. "وكذا إذا شهد شاهدان ألنهم من أهل التزكية "فإن عدل شهود األصل شهود الفرع جاز"قال:

لما قلنا، غاية األمر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته لكن العدل ال يتهمفعدل أحدهما اآلخر صح"بمثله كما ال يتهم في شهادة نفسه، كيف وأن قوله في حق نفسه وإن ردت شهادة صاحبه فال تهمة.

وهذا عند أبي يوسف رحمه الله."وإن سكتوا عن تعديلهم جاز ونظر القاضي في حالهم"قال: وقال محمد رحمه الله: ال تقبل ألنه ال شهادة إال بالعدالة، فإذا لم يعرفوها لم ينقلوا الشهادة فال يقبل. وألبي

Page 83: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يوسف رحمه الله أن المأخوذ عليهم النقل دون التعديل، ألنه قد يخفى عليهم، وإذا نقلوا يتعرف القاضيالعدالة كما إذا حضروا بأنفسهم وشهدوا.

ألن التحميل لم يثبت"وإن أنكر شهود األصل الشهادة لم تقبل شهادة الشهود الفرع"قال: "وإذا شهد رجالن على شهادة رجلين على فالنة بنت فالنللتعارض بين الخبرين وهو شرط.

الفالنية بألف درهم، وقاال أخبرانا أنهما يعرفانها فجاء بامرأة وقاال: ال ندري أهي هذه أم ال ألن الشهادة على المعرفة بالنسبة قدفإنه يقال للمدعي هات شاهدين يشهدان أنها فالنة"

تحققت والمدعي يدعي الحق على الحاضرة ولعلها غيرها فال بد من تعريفها بتلك النسبة، ونظير هذا إذا تحملوا الشهادة ببيع محدودة بذكر حدودها وشهدوا على المشتري ال بد من آخرين يشهدان على أن المحدود

بها في يد المدعى عليه، وكذا إذا أنكر المدعى عليه أن الحدود المذكورة في الشهادة حدود ما في يده. ألنه في معنى الشهادة على الشهادة إال أن القاضي لكمال "وكذا كتاب القاضي إلى القاضي"قال:

"ولو قالوا في هذين البابين التميمية لم يجز حتى ينسبوها إلىديانته ووفور واليته ينفرد بالنقل وهي القبيلة الخاصة، وهذا ألن التعريف ال بد منه في هذا، وال يحصل بالنسبة إلى العامة وهي عامةفخذها"

إلى بني تميم ألنهم قوم ال يحصون، ويحصل بالنسبة إلى الفخذ ألنها خاصة. وقيل الفرغانية نسبة عامة واألوزجندية خاصة، "وقيل السمرقندية والبخارية عامة" وقيل إلى السكة الصغيرة خاصة، وإلى المحلة

الكبيرة والمصر عامة. ثم التعريف وإن كان يتم بذكر الجد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله

 

خالفا ألبي يوسف رحمه الله على ظاهر الروايات، فذكر الفخذ يقوم مقام الجد ألنه      -131ص -اسم الجد األعلى فنزل منزلة الجد األدنى، والله أعلم.

"قال أبو حنيفة رحمه الله: شاهد الزور أشهره في السوق وال أعزره. فصل: وهو قول الشافعي رحمه الله. لهما ما روي عن عمر رضي الله عنه أنهوقاال: نوجعه ضربا ونحبسه"

ضرب شاهد الزور أربعين سوطا وسخم وجهه، وألن هذه كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد وليس فيها حد مقدر فيعزر. وله أن شريحا كان يشهر وال يضرب، وألن االنزجار يحصل بالتشهير فيكتفي به، والضرب وإن

كان مبالغة في الزجر ولكنه يقع مانعا عن الرجوع فوجب التخفيف نظرا إلى هذا الوجه. وحديث عمر رضي الله عنه محمول على السياسة بداللة التبليغ إلى األربعين والتسخيم ثم تفسير التشهير منقول عن شريح

رحمه الله فإنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا، وإلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا، ويقول: إن شريحا يقرئكم السالم ويقول: إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه. وذكر

شمس األئمة السرخسي رحمه الله أنه يشهر عندهما أيضا. والتعزير والحبس على قدر ما يراه القاضيعندهما، وكيفية التعزير ذكرناه في الحدود.

وفائدته أن"وفي الجامع الصغير: شاهدان أقرا أنهما شهدا بزور لم يضربا وقاال يعزران" شاهد الزور في حق ما ذكرنا من الحكم هو المقر على نفسه بذلك، فأما ال طريق إلى إثبات ذلك بالبينة ألنه

نفي للشهادة والبينات لإلثبات، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

 

كتاب الرجوع عن الشهادة      -132ص - ألن الحق إنما يثبت بالقضاء"إذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت"قال:

والقاضي ال يقضي بكالم متناقض وال ضمان عليهما ألنهما ما أتلفا شيئا ال على المدعي وال على المشهود ألن آخر كالمهم يناقض أوله فال ينقض الحكم"فإن حكم بشهادتهم ثم رجعوا لم يفسخ الحكم"عليه

Page 84: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وعليهم ضمان مابالتناقض وألنه في الداللة على الصدق مثل األول، وقد ترجح األول باتصال القضاء به إلقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان، والتناقض ال يمنع صحة اإلقرار، وسنقرره منأتلفوه بشهادتهم"

بعد إن شاء الله تعالى. ألنه فسخ للشهادة فيختص بما تختص به الشهادة من المجلس"وال يصح الرجوع إال بحضرة الحاكم"

وهو مجلس القاضي أي قاض كان، وألن الرجوع توبة والتوبة على حسب الجناية، فالسر بالسر واإلعالن باإلعالن. وإذا لم يصح الرجوع في غير مجلس القاضي، فلو ادعى المشهود عليه رجوعهما وأراد يمينهما ال

يحلفان، وكذا ال تقبل بينته عليهما ألنه ادعى رجوعا باطال، حتى لو أقام البينة أنه رجع عند قاضي كذا وضمنه "وإذا شهد شاهدان بمال فحكم الحاكم به ثم رجعا ضمنا المالالمال تقبل ألن السبب صحيح.

ألن التسبيب على وجه التعدي سبب الضمان كحافر البئر وقد سببا لإلتالف تعديا. وقالالمشهود عليه" الشافعي رحمه الله: ال يضمنان ألنه ال عبرة للتسبيب عند وجود المباشرة. قلنا: تعذر إيجاب الضمان على

المباشر وهو القاضي ألنه كالملجإ إلى القضاء، وفي إيجابه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفائه من المدعي ألن الحكم ماض فاعتبر التسبيب، وإنما يضمنان إذا قبض المدعي المال دينا كان أو عينا، ألن

اإلتالف به يتحقق، وألنه ال مماثلة بين أخذ العين وإلزام الدين. واألصل أن المعتبر في هذا بقاء من بقي ال رجوع من رجع وقد"فإن رجع أحدهما ضمن النصف"قال:

ألنه"وإن شهدا بالمال ثالثة فرجع أحدهم فال ضمان عليه"بقي من يبقى بشهادته نصف الحق بقي من بقي بشهادته كل الحق، وهذا ألن االستحقاق باق

 

"فإن رجع اآلخربالحجة، والمتلف متى استحق سقط الضمان فأولى أن يمتنع      -133ص - "وإن شهد رجل وامرأتان ألن ببقاء أحدهم يبقى نصف الحق ضمن الراجعان نصف الحق"

"وإن رجعتا ضمنتا نصف الحق" لبقاء ثالثة األرباع ببقاء من بقي فرجعت امرأة ضمنت ربع الحق" "وإن شهد رجل وعشرة نسوة ثم رجع ثمان فال ضمانألن بشهادة الرجل بقي نصف الحق

ألنه بقي"فإن رجعت أخرى كان عليهن ربع الحق" ألنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق عليهن" "وإن رجع الرجل والنساء فعلىالنصف بشهادة الرجل والربع بشهادة الباقية فبقي ثالثة األرباع

الرجل سدس الحق وعلى النسوة خمسة أسداسه عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما على ألنهن وإن كثرن يقمن مقام رجل واحد ولهذا ال تقبل شهادتهنالرجل النصف وعلى النسوة النصف"

إال بانضمام رجل واحد. وألبي حنيفة رحمه الله أن كل امرأتين قامتا مقام رجل واحد، قال عليه الصالة والسالم في نقصان عقلهن:

"وإن رجع فصار كما إذا شهد بذلك ستة رجال ثم رجعوا "عدلت شهادة اثنتين منهن بشهادة رجل واحد" لما قلنا.النسوة العشرة دون الرجل كان عليهن نصف الحق على القولين"

ألن الواحدة ليست"ولو شهد رجالن وامرأة بمال ثم رجعوا فالضمان عليهما دون المرأة"بشاهدة بل هي بعض الشاهد فال يضاف إليه الحكم.

"وإن شهد شاهدان على امرأة بالنكاح بمقدار مهر مثلها ثم رجعا فال ضمان عليهما،قال: ألن منافع البضع غير متقومة عند اإلتالف ألن التضمين يستدعيوكذلك إذا شهدا بأقل من مهر مثلها"

المماثلة على ما عرف، وإنما تضمن وتتقوم بالتملك ألنها تصير متقومة ضرورة الملك إبانة لخطر المحل ألنه إتالف بعوض لما أن البضع متقوم"وكذا إذا شهدا على رجل يتزوج امرأة بمقدار مهر مثلها"

حال الدخول في الملك واإلتالف بعوض كال إتالف، وهذا ألن مبنى الضمان على المماثلة وال مماثلة بين ألنهما"وإن شهدا بأكثر من مهر المثل ثم رجعا ضمنا الزيادة"اإلتالف بعوض وبينه بغير عوض

أتلفاها من غير عوض. ألنه ليس بإتالف معنى. "وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ثم رجعا لم يضمنا"قال:

Page 85: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألنهما أتلفا هذا الجزء بال عوض. وال "وإن كان بأقل من القيمة ضمنا النقصان"نظرا إلى العوض فرق بين أن يكون البيع باتا أو فيه خيار البائع، ألن السبب هو البيع السابق فيضاف الحكم عند سقوط الخيار

"وإن شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها ثم رجعا ضمناإليه فيضاف التلف إليهم ألنهما أكدا ضمانا على شرف السقوط،نصف المهر"

 

أال ترى أنها لو طاوعت ابن الزوج أو ارتدت سقط المهر أصال وألن الفرقة قبل الدخول      -134ص - في معنى الفسخ فيوجب سقوط جميع المهر كما مر في النكاح، ثم يجب نصف المهر ابتداء بطريق المتعة

فكان واجبا بشهادتهما. ألنهما أتلفا مالية العبد عليه من غير عوض"وإن شهدا أنه أعتق عبده ثم رجعا ضمنا قيمته"قال:

"وإن شهدوا بقصاص ثم رجعواوالوالء للمعتق ألن العتق ال يتحول إليهما بهذا الضمان فال يتحول الوالء وقال الشافعي رحمه الله: يقتص منهم لوجود القتل منهمبعد القتل ضمنوا الدية وال يقتص منهم"

تسبيبا فأشبه المكره بل أولى، ألن الولي يعان والمكره يمنع. ولنا أن القتل مباشرة لم يوجد، وكذا تسبيبا ألن التسبيب ما يفضي إليه غالبا، وهاهنا ال يفضي ألن العفو مندوب، بخالف المكره ألنه يؤثر حياته ظاهرا،

وألن الفعل االختياري مما يقطع النسبة، ثم ال أقل من الشبهة وهي دارئة للقصاص، بخالف المال ألنه يثبتمع الشبهات والباقي يعرف في المختلف.

ألن الشهادة في مجلس القضاء صدرت منهم فكان التلف مضافا"وإذا رجع شهود الفرع ضمنوا"قال: "ولو رجع شهود األصل وقالوا لم نشهد شهود الفرع على شهادتنا فال ضمان عليهم"إليهم

ألنهم أنكروا السبب وهو اإلشهاد فال يبطل القضاء ألنه خبر محتمل فصار كرجوع الشاهد، بخالف ما قبل "وإن قالوا أشهدناهم وغلطنا ضمنوا وهذا عند محمد رحمه الله. وعند أبي حنيفةالقضاء

ألن القضاء وقع بشهادة الفروع ألن القاضي يقضي بماوأبي يوسف رحمهما الله ال ضمان عليهم" "ولو رجعيعاين من الحجة وهي شهادتهم. وله أن الفروع نقلوا شهادة األصول فصار كأنهم حضروا

ألن القضاء وقع بشهادتهم:األصول والفروع جميعا يجب الضمان عندهما على الفروع ال غير" وعند محمد رحمه الله المشهود عليه بالخيار، إن شاء ضمن األصول وإن شاء ضمن الفروع، ألن القضاء وقع

بشهادة الفروع من الوجه الذي ذكرا وبشهادة األصول من الوجه الذي ذكر فيتخير بينهما، والجهتان "وإن قال شهود الفرع كذب شهود األصل أو غلطوا فيمتغايرتان فال يجمع بينهما في التضمين

ألن ما أمضي من القضاء ال ينتقض بقولهم، وال يجب الضمان عليهمشهادتهم لم يلتفت إلى ذلك"ألنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع.

"وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: القال: ألنهم أثنوا على الشهود خيرا فصاروا كشهود اإلحصان. وله أن التزكية إعمال للشهادة، إذيضمنون"

"وإذاالقاضي ال يعمل بها إال بالتزكية فصارت بمعنى علة العلة، بخالف شهود اإلحصان ألنه شرط محض شهد شاهدان باليمين وشاهدان بوجود الشرط ثم رجعوا

 

ألنه هو السبب، والتلف يضاف إلى مثبتيفالضمان على شهود اليمين خاصة"      -135ص - السبب دون الشرط المحض: أال ترى أن القاضي يقضي بشهادة اليمين دون شهود الشرط، ولو رجع شهود

الشرط وحدهم اختلف المشايخ فيه. ومعنى المسألة يمين العتاق والطالق قبل الدخول.

 

Page 86: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

كتاب الوكالة      -136ص - ألن اإلنسان قد يعجز عن"كل عقد جاز أن يعقده اإلنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره"قال:

المباشرة بنفسه على اعتبار بعض األحوال فيحتاج إلى أن يوكل غيره فيكون بسبيل منه دفعا للحاجة. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل بالشراء حكيم بن حزام وبالتزويج عمر بن أم سلمة رضي الله

عنهما. لما قدمنا من الحاجة إذ ليس كل أحد يهتدي إلى"وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق"قال:

وجوه الخصومات. وقد صح أن عليا رضي الله عنه وكل عقيال، وبعدما أسن وكل عبد الله بن جعفر رضي "وكذا بإيفائها واستيفائها إال في الحدود والقصاص فإن الوكالة ال تصح باستيفائهاالله عنه

ألنها تندرئ بالشبهات وشبهة العفو ثابتة حال غيبة الموكل، بل هومع غيبة الموكل عن المجلس" الظاهر للندب الشرعي، بخالف غيبة الشاهد ألن الظاهر عدم الرجوع، وبخالف حالة الحضرة النتفاء هذه

الشبهة، وليس كل أحد يحسن االستيفاء. فلو منع عنه ينسد باب االستيفاء أصال، وهذا الذي ذكرناه قول أبيحنيفة رحمه الله.

"وقال أبو يوسف رحمه الله: ال تجوز الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود أيضا" ومحمد مع أبي حنيفة، وقيل مع أبي يوسف رحمهم الله، وقيل هذا االختالف في غيبته دون حضرته ألن كالم

الوكيل ينتقل إلى الموكل عند حضوره فصار كأنه متكلم بنفسه. له أن التوكيل إنابة وشبهة النيابة يتحرز عنها وألبي حنيفة رحمه الله أن"كما في الشهادة على الشهادة وكما في االستيفاء"في هذا الباب

الخصومة شرط محض ألن الوجوب مضاف إلى الجناية والظهور إلى الشهادة فيجري فيه التوكيل كما في سائر الحقوق، وعلى هذا الخالف التوكيل بالجواب من جانب من عليه الحد والقصاص. وكالم أبي حنيفة

رحمه الله فيه أظهر ألن الشبهة ال تمنع الدفع، غير أن إقرار الوكيل غير مقبول عليه لما فيه من شبهة عدماألمر به.

"وقال أبو حنيفة رحمه الله: ال يجوز التوكيل بالخصومة إال من غير رضا الخصم إال أن

 

يكون الموكل مريضا أو غائبا مسيرة ثالثة أيام فصاعدا. وقاال: يجوز      -137ص - وهو قول الشافعي رحمه الله. وال خالف في الجواز إنما الخالف في اللزوم.التوكيل بغير رضا الخصم"

لهما أن التوكيل تصرف في خالص حقه فال يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بتقاضي الديون. وله أن الجواب مستحق على الخصم ولهذا يستحضره، والناس متفاوتون في الخصومة، فلو قلنا بلزومه يتضرر به فيتوقف

على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحدهما يتخير اآلخر، بخالف المريض والمسافر ألن الجواب غير مستحق عليهما هنالك، ثم كما يلزم التوكيل عنده من المسافر يلزم إذا أراد السفر لتحقق الضرورة، ولو

كانت المرأة مخدرة لم تجر عادتها بالبروز وحضور مجلس الحكم قال الرازي رحمه الله: يلزم التوكيل ألنهالو حضرت ال يمكنها أن تنطق بحقها لحيائها فيلزم توكيلها. قال: وهذا شيء استحسنه المتأخرون.

ألن الوكيل"ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه األحكام"قال: يشترط أن يكون"و"يملك التصرف من جهة الموكل فال بد أن يكون الموكل مالكا ليملكه من غيره.

ألنه يقوم مقام الموكل في العبارة فيشترط أن يكون من أهل"الوكيل ممن يعقل العقد ويقصده" "وإذا وكل الحر العاقل البالغ أوالعبارة حتى لو كان صبيا ال يعقل أو مجنونا كان التوكيل باطال.

"وإن وكال صبيا محجورا ألن الموكل مالك للتصرف والوكيل من أهل العبارة المأذون مثلهما جاز" ألنيعقل البيع والشراء أو عبدا محجورا جاز، وال يتعلق بهما الحقوق ويتعلق بموكلهما"

الصبي من أهل العبارة؛ أال ترى أنه ينفذ تصرفه بإذن وليه، والعبد من أهل التصرف على نفسه مالك له وإنما ال يملكه في حق المولى، والتوكيل ليس تصرفا في حقه إال أنه ال يصح منهما التزام العهدة. أما الصبي

لقصور أهليته والعبد لحق سيده فتلزم الموكل. وعن أبي يوسف رحمه الله أن المشتري إذا لم يعلم بحال

Page 87: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

البائع ثم علم أنه صبي أو مجنون له خيار الفسخ ألنه دخل في العقد على أن حقوقه تتعلق بالعاقد، فإذاظهر خالفه يتخير كما إذا عثر على عيب.

"والعقد الذي يعقده الوكالء على ضربين: كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيعقال: وقال الشافعي رحمه الله: تتعلق بالموكل؛ ألنواإلجارة فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل".

الحقوق تابعة لحكم التصرف، والحكم وهو الملك يتعلق بالموكل، فكذا توابعه وصار كالرسول والوكيل بالنكاح. ولنا أن الوكيل هو العاقد حقيقة؛ ألن العقد يقوم بالكالم، وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا حكما؛ ألنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل، ولو كان سفيرا عنه لما استغنى عن ذلك كالرسول، وإذا كان كذلك

كان أصيال في الحقوق فتتعلق به

 

"يسلم المبيع ويقبض الثمن ويطالب بالثمن إذاولهذا قال في الكتاب      -138ص - ألن كل ذلك من الحقوق والملك يثبتاشترى، ويقبض المبيع ويخاصم في العيب ويخاصم فيه"؛

للموكل خالفة عنه، اعتبارا للتوكيل السابق كالعبد يتهب ويصطاد هو الصحيح. قال العبد الضعيف: وفيمسألة العيب تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى.

"وكل عقد يضيفه إلى موكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد فإن حقوقه تتعلققال: ؛ ألنبالموكل دون الوكيل فال يطالب وكيل الزوج بالمهر وال يلزم وكيل المرأة تسليمها"

الوكيل فيها سفير محض؛ أال يرى أنه ال يستغنى عن إضافة العقد إلى الموكل، ولو أضافه إلى نفسه كان النكاح له فصار كالرسول، وهذا؛ ألن الحكم فيها ال يقبل الفصل عن السبب؛ ألنه إسقاط فيتالشى فال يتصور

صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا. والضرب الثاني من أخواته العتق على مال والكتابة والصلح على اإلنكار. فأما الصلح الذي هو جار مجرى البيع فهو من الضرب األول، والوكيل بالهبة والتصدق

واإلعارة واإليداع والرهن واإلقراض سفير أيضا؛ ألن الحكم فيما يثبت بالقبض، وأنه يالقي محال مملوكا للغير فال يجعل أصيال، وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس، وكذا الشركة والمضاربة، إال أن التوكيل

باالستقراض باطل حتى ال يثبت الملك للموكل بخالف الرسالة فيه. ألنه أجنبي عن العقد وحقوقه"وإذا طالب الموكل المشتري بالثمن" "فله أن يمنعه إياه"؛قال:

ألن نفس"فإن دفعه إليه جاز ولم يكن للوكيل أن يطالبه به ثانيا"؛لما أن الحقوق إلى العاقد الثمن المقبوض حقه وقد وصل إليه، وال فائدة في األخذ منه ثم الدفع إليه، ولهذا لو كان للمشتري على

الموكل دين يقع المقاصة، ولو كان له عليهما دين يقع المقاصة بدين الموكل أيضا دون دين الوكيل وبدين الوكيل إذا كان وحده إن كان يقع المقاصة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لما أنه يملك اإلبراء عنه

عندهما ولكنه يضمنه للموكل في الفصلين.

باب الوكالة في البيع والشراءفصل: في الشراء

"ومن وكل رجال بشراء شيء فال بد من تسمية جنسه وصفته أو جنسه ومبلغ ثمنه"قال: "إال أن يوكله وكالة عامة فيقول: ابتع لي ماليصير الفعل الموكل به معلوما فيمكنه االئتمار،

ألنه فوض األمر إلى رأيه، فأي شيء يشتريه يكون ممتثال. واألصل فيه أن الجهالةرأيت"؛

 

اليسيرة تتحمل في الوكالة كجهالة الوصف استحسانا، ألن مبنى التوكيل على التوسعة؛      -139ص - "ثم إن كان اللفظ يجمع أجناسا أو ماألنه استعانة. وفي اعتبار هذا الشرط بعض الحرج وهو مدفوع

Page 88: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن بذلك الثمن يوجد من كل جنس فالهو في معنى األجناس ال يصح التوكيل وإن بين الثمن"؛ ؛"وإن كان جنسا يجمع أنواعا ال يصح إال ببيان الثمن أو النوع"يدرى مراد اآلمر لتفاحش الجهالة

ألنه بتقدير الثمن يصير النوع معلوما، وبذكر النوع تقل الجهالة فال تمنع االمتثال. مثاله: إذا وكله بشراء عبد أو جارية ال يصح؛ ألنه يشمل أنواعا فإن بين النوع كالتركي والحبشي أو الهندي أو

السندي أو المولد جاز، وكذا إذا بين الثمن لما ذكرناه، ولو بين النوع أو الثمن ولم يبين الصفة والجودةوالرداءة والسطة جاز؛ ألنه جهالة مستدركة، ومراده من الصفة المذكورة في الكتاب النوع.

للجهالة"وفي الجامع الصغير: ومن قال آلخر اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فالوكالة باطلة" الفاحشة، فإن الدابة في حقيقة اللغة اسم لما يدب على وجه األرض. وفي العرف يطلق على الخيل

والحمار والبغل فقد جمع أجناسا، وكذا الثوب؛ ألنه يتناول الملبوس من األطلس إلى الكساء ولهذا ال يصح تسميته مهرا وكذا الدار تشمل ما هو في معنى األجناس؛ ألنها تختلف اختالفا فاحشا باختالف األغراض

والجيران والمرافق والمحال والبلدان فيتعذر االمتثال. معناه نوعه، وكذا إذا سمى نوع الدابة"وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز"قال:

بأن قال حمارا أو نحوه. "ومن دفع إلى آخر دراهم وقال اشتر لي بها طعاما فهو على الحنطة ودقيقها"قال:

استحسانا. والقياس أن يكون على كل مطعوم اعتبارا للحقيقة كما في اليمين على األكل إذ الطعام اسم لما يطعم. وجه االستحسان أن العرف أملك وهو على ما ذكرناه إذا ذكر مقرونا بالبيع والشراء وال عرف في

األكل فبقي على الوضع، وقيل إن كثرت الدراهم فعلى الحنطة، وإن قلت فعلى الخبز، وإن كان فيما بين "وإذا اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب فله أن يرده بالعيب ماذلك فعلى الدقيق. قال: "فإن سلمه إلى الموكل لم يرده إال ألنه من حقوق العقد وهي كلها إليه دام المبيع في يده"؛

ألنه انتهى حكم الوكالة، وألن فيه إبطال يده الحقيقية فال يتمكن منه إال بإذنه، ولهذا كان خصما لمنبإذنه"؛يدعي في المشتري دعوى كالشفيع وغيره قبل التسليم إلى الموكل ال بعده.

 

؛ ألنه عقد يملكه بنفسه فيملك"ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم"قال:      -140ص - التوكيل به على ما مر، ومراده التوكيل باإلسالم دون قبول السلم؛ ألن ذلك ال يجوز، فإن الوكيل يبيع طعاما

"فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض بطلفي ذمته على أن يكون الثمن لغيره، وهذا ال يجوز. ألنه ليس بعاقد والمستحق بالعقد"وال يعتبر مفارقة الموكل"؛ لوجود االفتراق من غير قبض العقد"

قبض العاقد وهو الوكيل فيصح قبضه وإن كان ال يتعلق به الحقوق كالصبي والعبد المحجور عليه، بخالف الرسول؛ ألن الرسالة في العقد ال في القبض، وينتقل كالمه إلى المرسل فصار قبض الرسول قبض غير

العاقد فلم يصح. "وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل"؛قال:

ألنه انعقدت بينهما مبادلة حكمية ولهذا إذا اختلفا في الثمن يتحالفان ويرد الموكل بالعيب على الوكيل وقد سلم المشتري للموكل من جهة الوكيل فيرجع عليه وألن الحقوق لما كانت راجعة إليه وقد علمه الموكل

"فإن هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولميكون راضيا بدفعه من ماله ألن يده كيد الموكل، فإذا لم يحبسه يصير الموكل قابضا بيده.يسقط الثمن"؛

لما بينا أنه بمنزلة البائع من الموكل. وقال زفر: ليس له ذلك؛"وله أن يحبسه حتى يستوفي الثمن" ألن الموكل صار قابضا بيده فكأنه سلمه إليه فيسقط حق الحبس. قلنا: هذا ال يمكن التحرز عنه فال يكون

راضيا بسقوط حقه في الحبس، على أن قبضه موقوف فيقع للموكل إن لم يحبسه ولنفسه عند حبسه وهو"فإن حبسه فهلك كان مضمونا ضمان الرهن عند أبي يوسف وضمان المبيع عند محمد"

قول أبي حنيفة رحمه الله وضمان الغصب عند زفر رحمه الله؛ ألنه منع بغير حق، لهما أنه بمنزلة البائع منه

Page 89: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فكان حبسه الستيفاء الثمن فيسقط بهالكه وألبي يوسف أنه مضمون بالحبس لالستيفاء بعد أن لم يكن وهو الرهن بعينه بخالف المبيع؛ ألن البيع ينفسخ بهالكه وها هنا ال ينفسخ أصل العقد. قلنا: ينفسخ في حق الموكل

والوكيل، كما إذا رده الموكل بعيب ورضي الوكيل به. "وإذا وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين رطال بدرهم من لحم يباعقال:

منه عشرة أرطال بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم عند أبي حنيفة، وقاال: يلزمه وذكر في بعض النسخ قول محمد مع قول أبي حنيفة ومحمد لم يذكر الخالف فيالعشرون بدرهم"

األصل. ألبي يوسف أنه أمره بصرف الدرهم في

 

اللحم وظن أن سعره عشرة أرطال، فإذا اشترى به عشرين فقد زاده خيرا وصار كما      -141ص - إذا وكله ببيع عبده بألف فباعه بألفين. وألبي حنيفة أنه أمره بشراء عشرة أرطال ولم يأمره بشراء الزيادة فينفذ شراؤها عليه وشراء العشرة على الموكل بخالف ما استشهد به؛ ألن الزيادة هناك بدل ملك الموكل

فيكون له، بخالف ما إذا اشترى ما يساوي عشرين رطال بدرهم حيث يصير مشتريا لنفسه باإلجماع؛ ألناآلمر يتناول السمين وهذا مهزول فلم يحصل مقصود اآلمر.

ألنه يؤدي إلى تغرير اآلمر حيث"ولو وكله بشراء شيء بعينه فليس له أن يشتريه لنفسه"قال: اعتمد عليه وألن فيه عزل نفسه وال يملكه على ما قيل إال بمحضر من الموكل، فلو كان الثمن مسمى فاشترى بخالف جنسه أو لم يكن مسمى فاشترى بغير النقود أو وكل وكيال بشرائه فاشترى الثاني وهو

غائب يثبت الملك للوكيل األول في هذه الوجوه؛ ألنه خالف أمر اآلمر فينفذ عليه. ولو اشترى الثاني بحضرةالوكيل األول نفذ على الموكل األول؛ ألنه حضره رأيه فلم يكن مخالفا.

"وإن وكله بشراء عبد بغير عينه: فاشترى عبدا فهو للوكيل إال أن يقول نويت الشراءقال: للموكل أو يشتريه بمال الموكل".

قال: هذه المسألة على وجوه: إن أضاف العقد إلى دراهم اآلمر كان لآلمر وهو المراد عندي بقوله أو يشتريه بمال الموكل دون النقد من ماله؛ ألن فيه تفصيال وخالفا، وهذا باإلجماع وهو مطلق. وإن أضافه إلى

دراهم نفسه كان لنفسه حمال لحاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة إذ الشراء لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر شرعا وعرفا. وإن أضافه إلى دراهم مطلقة، فإن نواها لآلمر فهو لآلمر، وإن نواها لنفسه فلنفسه؛ ألن له أن يعمل لنفسه ويعمل لآلمر في هذا التوكيل، وإن تكاذبا في النية يحكم النقد

باإلجماع؛ ألنه داللة ظاهرة على ما ذكرنا، وإن توافقا على أنه لم تحضره النية قال محمد رحمه الله: هو للعاقد؛ ألن األصل أن كل أحد يعمل لنفسه إال إذا ثبت جعله لغيره ولم يثبت. وعند أبي يوسف رحمه الله:

يحكم النقد؛ ألن ما أوقعه مطلقا يحتمل الوجهين فيبقى موقوفا، فمن أي المالين نقد فقد فعل ذلك المحتمل لصاحبه وألن مع تصادقهما يحتمل النية لآلمر، وفيما قلنا حمل حاله على الصالح كما في حالة

التكاذب. والتوكيل باإلسالم في الطعام على هذه الوجوه. "ومن أمر رجال بشراء عبد بألف فقال قد فعلت ومات عندي وقال اآلمرقال:

 

اشتريته لنفسك فالقول قول اآلمر، فإن كان دفع إليه األلف فالقول      -142ص - ألن في الوجه األول أخبر عما ال يملك استئنافه وهو الرجوع بالثمن على اآلمر وهو ينكرقول المأمور"؛

والقول للمنكر. وفي الوجه الثاني هو أمين يريد الخروج عن عهدة األمانة فيقبل قوله. ولو كان العبد حيا حين اختلفا، إن كان الثمن منقودا فالقول للمأمور؛ ألنه أمين، وإن لم يكن منقودا فكذلك عند أبي يوسف

ومحمد رحمهما الله؛ ألنه يملك استئناف الشراء فال يتهم في اإلخبار عنه. وعن أبي حنيفة رحمه الله: القول

Page 90: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لألمر؛ ألنه موضع تهمة بأن اشتراه لنفسه، فإذا رأى الصفقة خاسرة ألزمها اآلمر، بخالف ما إذا كان الثمن منقودا؛ ألنه أمين فيه فيقبل قوله تبعا لذلك وال ثمن في يده هاهنا، وإن كان أمره بشراء عبد بعينه ثم اختلفا

والعبد حي فالقول للمأمور سواء كان الثمن منقودا أو غير منقود، وهذا باإلجماع؛ ألنه أخبر عما يملك استئنافه، وال تهمة فيه؛ ألن الوكيل بشراء شيء بعينه ال يملك شراءه لنفسه بمثل ذلك الثمن في حال غيبته

على ما مر، بخالف غير المعين على ما ذكرناه ألبي حنيفة رحمه الله. "ومن قال آلخر بعني هذا العبد لفالن فباعه ثم أنكر أن يكون فالن أمره ثم جاء فالن وقال

ألن قوله السابق إقرار منه بالوكالة عنه فال ينفعه اإلنكار الالحق.أنا أمرته بذلك فإن فالنا يأخذه"؛ "إال أن يسلمه المشترى له فيكون ألن اإلقرار يرتد برده"فإن قال فالن لم آمره لم يكن له"؛

ألنه صار مشتريا بالتعاطي، كمن اشترى لغيره بغير أمره حتى لزمه ثم سلمهبيعا عنه وعليه العهدة"؛ المشترى له، ودلت المسألة على أن التسليم على وجه البيع يكفي للتعاطي وإن لم يوجد نقد الثمن، وهو

يتحقق في النفيس والخسيس الستتمام التراضي وهو المعتبر في الباب. "ومن أمر رجال أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمنا فاشترى له أحدهماقال:

ألن التوكيل مطلق، وقد ال يتفق الجمع بينهما في البيع "إال فيما ال يتغابن الناس فيه"؛ ألنه توكيلجاز"؛ "ولو أمره بأن يشتريهما بألف وقيمتهما سواء، فعند أبي حنيفةبالشراء، وهذا كله باإلجماع

ألنهرحمه الله إن اشترى أحدهما بخمسمائة أو أقل جاز، وإن اشترى بأكثر لم يلزم اآلمر"؛ قابل األلف بهما وقيمتهما سواء فيقسم بينهما نصفين داللة، فكان آمرا بشراء كل واحد منهما بخمسمائة ثم

"إال أنالشراء بها موافقة وبأقل منها مخالفة إلى خير والزيادة إلى شر قلت الزيادة أو كثرت فال يجوز ألن شراء األول قائم وقد حصل غرضهيشتري الباقي ببقية األلف قبل أن يختصما استحسانا"؛

"وقال أبو يوسفالمصرح به وهو تحصيل العبدين باأللف وما ثبت االنقسام إال داللة والصريح يفوقها ومحمد رحمهما الله: إن اشترى أحدهما بأكثر من نصف األلف بما يتغابن الناس فيه وقد

بقي من

 

ألن التوكيل مطلق لكنه يتقيد بالمتعارفاأللف ما يشترى بمثله الباقي جاز"؛      -143ص -وهو فيما قلنا، ولكن ال بد أن يبقى من األلف باقية يشترى بمثلها الباقي ليمكنه تحصيل غرض اآلمر.

ألن في"ومن له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه جاز"؛قال: تعيين المبيع تعيين البائع؛ ولو عين البائع يجوز على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

"وإن أمره أن يشتري بها عبدا بغير عينه فاشتراه فمات في يده قبل أن يقبضه اآلمرقال: "وقاال: هو وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله مات من مال المشتري، وإن قبضه اآلمر فهو له"

وعلى هذا إذا أمره أن يسلم ما عليه أو يصرف ما عليه. لهما أن الدراهمالزم لآلمر إذا قبضه المأمور" والدنانير ال يتعينان في المعاوضات دينا كانت أو عينا، أال يرى أنه لو تبايعا عينا بدين ثم تصادقا أن ال دين ال يبطل العقد فصار اإلطالق والتقييد فيه سواء فيصح التوكيل ويلزم اآلمر؛ ألن يد الوكيل كيده. وألبي حنيفة

رحمه الله أنها تتعين في الوكاالت؛ أال ترى أنه لو قيد الوكالة بالعين منها أو بالدين منها ثم استهلك العين أو أسقط الدين بطلت الوكالة، وإذا تعينت كان هذا تمليك الدين من غير من عليه الدين من دون أن يوكله

بقبضه وذلك ال يجوز، كما إذا اشترى بدين على غير المشتري أو يكون أمرا بصرف ما ال يملكه إال بالقبض قبله وذلك باطل كما إذا قال أعط مالي عليك من شئت، بخالف ما إذا عين البائع؛ ألنه يصير وكيال عنه في القبض ثم يتملكه، وبخالف ما إذا أمره بالتصدق؛ ألنه جعل المال لله وهو معلوم. وإذا لم يصح التوكيل نفذ

الشراء على المأمور فيهلك من ماله إال إذا قبضه اآلمر منه النعقاد البيع تعاطيا. "ومن دفع إلى آخر ألفا وأمره أن يشتري بها جارية فاشتراها فقال اآلمر اشتريتهاقال:

ومراده إذا كانت تساوي ألفا؛بخمسمائة. وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور"

Page 91: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألنه أمين فيه وقد ادعى الخروج عن عهدة األمانة واآلمر يدعي عليه ضمان خمسمائة وهو ينكر، فإن كانت تساوي خمسمائة فالقول قول اآلمر؛ ألنه خالف حيث اشترى جارية تساوي خمسمائة واألمر تناول ما

يساوي ألفا فيضمن. أما إذا كانت قيمتها خمسمائة فللمخالفة"وإن لم يكن دفع إليه األلف فالقول قول اآلمر" قال:

وإن كانت قيمتها ألفا فمعناه أنهما يتحالفان؛ ألن الموكل والوكيل في هذا ينزالن منزلة البائع والمشتري وقدوقع االختالف في الثمن وموجبه التحالف. ثم يفسخ العقد الذي جرى بينهما فتلزم الجارية المأمور.

"ولو أمره أن يشتري له هذا العبد ولم يسم له ثمنا فاشتراه فقال اآلمر اشتريتهقال:

 

بخمسمائة وقال المأمور بألف وصدق البائع المأمور فالقول قول      -144ص - قيل ال تحالف هاهنا؛ ألنه ارتفع الخالف بتصديق البائع، إذ هو حاضر وفي المسألةالمأمور مع يمينه"

األولى هو غائب، فاعتبر االختالف، وقيل يتحالفان كما ذكرنا، وقد ذكر معظم يمين التحالف وهو يمين البائع والبائع بعد استيفاء الثمن أجنبي عنهما وقبله أجنبي عن الموكل إذ لم يجر بينهما بيع فال يصدق عليه فيبقى

الخالف، وهذا قول اإلمام أبي منصور رحمه الله وهو أظهر. والله أعلم بالصواب.

فصل: في التوكيل بشراء نفس العبد "وإذا قال العبد لرجل: اشتر لي نفسي من المولى بألف ودفعها إليه، فإن قال الرجلقال:

ألن بيع نفس العبد منه إعتاقللمولى: اشتريته لنفسه فباعه على هذا فهو حر والوالء للمولى"؛ وشراء العبد نفسه قبول اإلعتاق ببدل والمأمور سفير عنه إذ ال يرجع عليه الحقوق فصار كأنه اشترى

ألن اللفظ حقيقة"وإن لم يعين للمولى فهو عبد للمشتري"بنفسه، وإذا كان إعتاقا أعقب الوالء للمعاوضة وأمكن العمل بها إذا لم يعين فيحافظ عليها. بخالف شراء العبد نفسه؛ ألن المجاز فيه متعين، وإذا

ثمنا "وعلى المشتري ألف مثله"؛ ألنه كسب عبده"واأللف للمولى"كان معاوضة يثبت الملك له للعبد فإنه في ذمته حيث لم يصح األداء، بخالف الوكيل بشراء العبد من غيره حيث ال يشترط بيانه؛ ألن

العقدين هناك على نمط واحد، وفي الحالين المطالبة تتوجه نحو العاقد، أما هاهنا فأحدهما إعتاق معقبللوالء وال مطالبة على الوكيل والمولى عساه ال يرضاه ويرغب في المعارضة المحضة فال بد من البيان. "ومن قال لعبد اشتر لي نفسك من موالك فقال لمواله بعني نفسي لفالن بكذا ففعل

ألن العبد يصلح وكيال عن غيره في شراء نفسه؛ ألنه أجنبي عن ماليته، والبيع يرد عليه منفهو لآلمر"؛ حيث إنه مال إال أن ماليته في يده حتى ال يملك البائع الحبس بعد البيع فإذا أضافه إلى اآلمر صلح فعله

؛ ألنه إعتاق وقد رضي به المولى دون المعاوضة،"وإن عقد لنفسه فهو حر"امتثاال فيقع. العقد لآلمر. "وكذا لووالعبد وإن كان وكيال بشراء شيء معين ولكنه أتى بجنس تصرف آخر وفي مثله ينفذ على الوكيل

ألن المطلق يحتمل الوجهين فال يقع امتثاال بالشكقال بعني نفسي ولم يقل لفالن فهو حر"؛فيبقى التصرف واقعا لنفسه.

 

فصل: في البيع      -145ص - "والوكيل بالبيع والشراء ال يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن ال تقبل شهادته له عندقال:

ألن التوكيل مطلق والأبي حنيفة. وقاال: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إال من عبده أو مكاتبه" تهمة إذ األمالك متباينة والمنافع منقطعة، بخالف العبد؛ ألنه بيع من نفسه؛ ألن ما في يد العبد للمولى وكذا للمولى حق في كسب المكاتب وينقلب حقيقة بالعجز. وله أن مواضع التهمة مستثناة عن الوكاالت، وهذا

Page 92: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

موضع التهمة بدليل عدم قبول الشهادة وألن المنافع بينهم متصلة فصار بيعا من نفسه من وجه، واإلجارةوالصرف على هذا الخالف.

"والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض عند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال:قال: ألن مطلق األمرال يجوز بيعه بنقصان ال يتغابن الناس فيه، وال يجوز إال بالدراهم والدنانير"؛

يتقيد بالمتعارف؛ ألن التصرفات لدفع الحاجات فتتقيد بمواقعها، والمتعارف البيع بثمن المثل وبالنقود ولهذا يتقيد التوكيل بشراء الفحم والجمد واألضحية بزمان الحاجة، وألن البيع بغبن فاحش بيع من وجه هبة من

وجه، وكذا المقايضة بيع من وجه شراء من وجه فال يتناوله مطلق اسم البيع ولهذا ال يملكه األب والوصي. وله أن التوكيل بالبيع مطلق فيجري على إطالقه في غير موضع التهمة، والبيع بالغبن أو بالعين متعارف عند

شدة الحاجة إلى الثمن والتبرم من العين، والمسائل ممنوعة على قول أبي حنيفة رحمه الله على ما هو المروي عنه وأنه بيع من كل وجه، حتى أن من حلف ال يبيع يحنث به، غير أن األب والوصي ال يملكانه مع أنه

بيع؛ ألن واليتهما نظرية وال نظر فيه، والمقايضة شراء من كل وجه وبيع من كل وجه لوجود حد كل واحدمنهما.

"والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة يتغابن الناس في مثلها، وال يجوزقال: ألن التهمة فيه متحققة فلعله اشتراه لنفسه، فإذا لم يوافقه ألحقهبما ال يتغابن الناس في مثله"

بغيره على ما مر، حتى لو كان وكيال بشراء شيء بعينه قالوا ينفذ على اآلمر؛ ألنه ال يملك شراءه لنفسه، وكذا الوكيل بالنكاح إذا زوجه امرأة بأكثر من مهر مثلها جاز عنده؛ ألنه ال بد من اإلضافة إلى الموكل في

العقد فال تتمكن هذه التهمة، وال كذلك الوكيل بالشراء؛ ألنه يطلق العقد. "والذي ال يتغابن الناس فيه ما ال يدخل تحت تقويم المقومين، وقيل في العروض اإللقال:

ألن التصرف يكثر وجودهنيم وفي الحيوانات اإلل يازده وفي العقارات اإلل دوازده"

 

في األول ويقل في األخير ويتوسط في األوسط وكثرة الغبن لقلة التصرف.      -146ص - ألن اللفظ مطلق عن قيد"وإذا وكله ببيع عبد فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة رحمه الله"؛قال:

"وقاال: الاالفتراق واالجتماع؛ أال ترى أنه لو باع الكل بثمن النصف يجوز عنده فإذا باع النصف به أولى ألن"إال أن يبيع النصف اآلخر قبل أن يختصما"؛؛ ألنه غير متعارف لما فيه من ضرر الشركة يجوز"

بيع النصف قد يقع وسيلة إلى االمتثال بأن ال يجد من يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق، فإذا باع الباقي قبل نقض البيع األول تبين أنه وقع وسيلة، وإذا لم يبع ظهر أنه لم يقع وسيلة فال يجوز، وهذا استحسان

"وإن وكله بشراء عبد فاشترى نصفه فالشراء موقوف، فإن اشترى باقيه لزمعندهما. ألن شراء البعض قد يقع وسيلة إلى االمتثال بأن كان موروثا بين جماعة فيحتاج إلى شرائهالموكل"؛

شقصا شقصا، فإذا اشترى الباقي قبل رد اآلمر البيع تبين أنه وقع وسيلة فينفذ على اآلمر، وهذا باالتفاق. والفرق ألبي حنيفة أن في الشراء تتحقق التهمة على ما مر. وآخر أن األمر بالبيع يصادف ملكه فيصح فيعتبر

فيه إطالقه واألمر بالشراء صادف ملك الغير فلم يصح فال يعتبر فيه التقييد واإلطالق. "ومن أمر رجال ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه بعيبقال:

ألن القاضيال يحدث مثله بقضاء القاضي ببينة أو بإباء يمين أو بإقرار فإنه يرده على اآلمر" تيقن بحدوث العيب في يد البائع فلم يكن قضاؤه مستندا إلى هذه الحجج. وتأويل اشتراطها في الكتاب أن

القاضي يعلم أنه ال يحدث مثله في مدة شهر مثال لكنه اشتبه عليه تاريخ البيع فيحتاج إلى هذه الحجج لظهور التاريخ، أو كان عيبا ال يعرفه إال النساء أو األطباء، وقولهن وقول الطبيب حجة في توجه الخصومة ال في الرد فيفتقر إليها في الرد، حتى لو كان القاضي عاين البيع والعيب ظاهر ال يحتاج إلى شيء منها وهو رد

على الموكل فال يحتاج الوكيل إلى رد وخصومة. ألن البينة حجة مطلقة، والوكيل "وكذلك إن رده عليه بعيب يحدث مثله ببينة أو بإباء يمين"؛قال:

Page 93: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

مضطر في النكول لبعد العيب عن علمه باعتبار عدم ممارسته المبيع فلزم اآلمر. ألن اإلقرار حجة قاصرة وهو غير مضطر إليه إلمكانه"فإن كان ذلك بإقراره لزم المأمور"؛قال:

السكوت والنكول، إال أن له أن يخاصم الموكل فيلزمه ببينة أو بنكوله، بخالف ما إذا كان الرد بغير قضاءوالعيب يحدث مثله حيث ال يكون له أن يخاصم بائعه؛ ألنه بيع

 

جديد في حق ثالث والبائع ثالثهما، والرد بالقضاء فسخ لعموم والية القاضي، غير أن      -147ص - الحجة قاصرة وهي اإلقرار، فمن حيث الفسخ كان له أن يخاصمه، ومن حيث القصور ال يلزم الموكل إال

بحجة، ولو كان العيب ال يحدث مثله والرد بغير قضاء بإقراره يلزم الموكل من غير خصومة في رواية؛ ألن الرد متعين وفي عامة الروايات ليس له أن يخاصمه لما ذكرنا والحق في وصف السالمة ثم ينتقل إلى الرد

ثم إلى الرجوع بالنقصان فلم يتعين الرد، وقد بيناه في الكفاية بأطول من هذا. "ومن قال آلخر أمرتك ببيع عبدي بنقد فبعته بنسيئة وقال المأمور أمرتني ببيعه ولمقال:

ألن اآلمر يستفاد من جهته وال داللة على اإلطالق. تقل شيئا فالقول قول اآلمر"؛ ألن األصل في"وإن اختلف في ذلك المضارب ورب المال فالقول قول المضارب" قال:

المضاربة العموم، أال ترى أنه يملك التصرف بذكر لفظ المضاربة فقامت داللة اإلطالق، بخالف ما إذا ادعى رب المال المضاربة في نوع والمضارب في نوع آخر حيث يكون القول لرب المال؛ ألنه سقط اإلطالق

بتصادقهما فنزل إلى الوكالة المحضة ثم مطلق األمر بالبيع ينتظمه نقدا ونسيئة إلى أي أجل كان عند أبيحنيفة، وعندهما يتقيد بأجل متعارف والوجه قد تقدم.

"ومن أمر رجال ببيع عبده فباعه وأخذ بالثمن رهنا فضاع في يده أو أخذ به كفيال فتويقال: ألن الوكيل أصيل في الحقوق وقبض الثمن منها والكفالة توثق به،المال عليه فال ضمان عليه"

واالرتهان وثيقة لجانب االستيفاء فيملكهما بخالف الوكيل بقبض الدين؛ ألنه يفعل نيابة وقد أنابه في قبضالدين دون الكفالة وأخذ الرهن والوكيل بالبيع يقبض أصالة ولهذا ال يملك الموكل حجره عنه.

فصل: "وإذا وكل وكيلين فليس ألحدهما أن يتصرف فيما وكال به دون اآلخر" وهذا في تصرف يحتاج فيه إلى الرأي كالبيع والخلع وغير ذلك، ألن الموكل رضي برأيهما ال برأي أحدهما،

والبدل وإن كان مقدرا ولكن التقدير ال يمنع استعمال الرأي في الزيادة واختيار المشتري. ألن االجتماع فيها متعذر لإلفضاء إلى الشغب في مجلس القضاء"إال أن يوكلهما بالخصومة"قال:

والرأي يحتاج إليه سابقا لتقويم الخصومة."أو بطالق زوجته بغير عوض أو بعتق عبده بغير عوض أو برد وديعة عنده أوقال:

 

ألن هذه األشياء ال يحتاج فيها إلى الرأي بل هو تعبير محض، وعبارةقضاء دين عليه"      -148ص - المثنى والواحد سواء. وهذا بخالف ما إذا قال لهما طلقاها إن شئتما أو قال أمرها بأيديكما ألنه تفويض إلى

رأيهما؛ أال ترى أنه تمليك مقتصر على المجلس، وألنه علق الطالق بفعلهما فاعتبره بدخولهما. ألنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به، وهذا ألنه رضي"وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به"قال:

برأيه والناس متفاوتون في اآلراء. إلطالق التفويض إلى رأيه، "أو يقول له اعمل برأيك" لوجود الرضا "إال أن يأذن له الموكل"قال:

وإذا جاز في هذا الوجه يكون الثاني وكيال عن الموكل حتى ال يملك األول عزله وال ينعزل بموته وينعزالنبموت األول، وقد مر نظيره في أدب القاضي.

Page 94: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن المقصود حضور رأي األول وقد "فإن وكل بغير إذن موكله فعقد وكيله بحضرته جاز"قال: ألنه فات رأيه إال أن يبلغه فيجيزه"وإن عقد في حال غيبته لم يجز"حضر، وتكلموا في حقوقه.

"ولو قدر األول الثمن للثاني فعقد ألنه حضر رأيه "وكذا لو باع غير الوكيل فبلغه فأجازه" ألن الرأي فيه يحتاج إليه لتقدير الثمن ظاهرا وقد حصل، وهذا بخالف ما إذا وكل وكيلينبغيبته يجوز"

وقدر الثمن، ألنه لما فوض إليهما مع تقدير الثمن ظهر أن غرضه اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري على ما بيناه، أما إذا لم يقدر الثمن وفوض إلى األول كان غرضه رأيه في معظم األمر وهو التقدير في

الثمن. "وإذا زوج المكاتب أو العبد أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة أو باع أو اشترىقال:

معناه التصرف في مالها ألن الرق والكفر يقطعان الوالية؛ أال يرى أن المرقوق ال يملك إنكاحلها لم يجز" نفسه فكيف يملك إنكاح غيره، وكذا الكافر ال والية له على المسلم حتى ال تقبل شهادته عليه، وألن هذه

والية نظرية فال بد من التفويض إلى القادر المشفق ليتحقق معنى النظر، والرق يزيل القدرة والكفر يقطعالشفقة على المسلم فال تفوض إليهما.

ألن الحربي أبعد من الذمي"قال أبو يوسف ومحمد: والمرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك" فأولى بسلب الوالية، وأما المرتد فتصرفه في ماله وإن كان نافذا عندهما لكنه موقوف على ولده ومال

ولده باإلجماع ألنها والية نظرية وذلك باتفاق الملة وهي مترددة، ثم تستقر جهة االنقطاع إذا قتل على الردةفيبطل وباإلسالم يجعل كأنه لم يزل مسلما فيصح.

 

باب الوكالة بالخصومة والقبض      -149ص - عندنا خالفا لزفر. هو يقول رضي بخصومته والقبض غير"الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض"قال:

الخصومة ولم يرض به. ولنا أن من ملك شيئا ملك إتمامه وإتمام الخصومة وانتهاؤها بالقبض، والفتوى اليوم على قول زفر رحمه الله لظهور الخيانة في الوكالء، وقد يؤتمن على الخصومة من ال يؤتمن على المال، ونظيره الوكيل بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية ألنه في معناه وضعا، إال أن العرف بخالفه وهو

قاض على الوضع والفتوى على أن ال يملك. ألنه رضي بأمانتهما ال بأمانة أحدهما، "فإن كانا وكيلين بالخصومة ال يقبضان إال معا"قال:

واجتماعهما ممكن بخالف الخصومة على ما مر. حتى لو أقيمت "والوكيل بقبض الدين يكون وكيال بالخصومة عند أبي حنيفة رحمه الله"قال:

عليه البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده، وقاال: ال يكون خصما وهو، رواية الحسن عن أبي حنيفة ألن القبض غير الخصومة، وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات فلم يكن الرضا

بالقبض رضا بها. وألبي حنيفة رحمه الله أنه وكله بالتملك ألن الديون تقضى بأمثالها، إذ قبض الدين نفسه ال يتصور إال أنه جعل استيفاء العين حقه من وجه، فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة والوكيل

بالشراء والقسمة والرد بالعيب، وهذه أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما قبل القبض كما يكون خصما قبل األخذ هنالك. والوكيل بالشراء ال يكون خصما قبل مباشرة الشراء، وهذا ألن المبادلة تقتضي حقوقا وهو

أصيل فيها فيكون خصما فيها. باالتفاق ألنه أمين محض، والقبض ليس"والوكيل بقبض العين ال يكون وكيال بالخصومة"قال:

"حتى أن من وكل وكيال بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده البينة أنبمبادلة فأشبه الرسول وهذا استحسان، والقياس أن يدفع إلى الوكيل ألنالموكل باعه إياه وقف األمر حتى يحضر الغائب"

البينة قامت ألعلى خصم فلم تعتبر. وجه االستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام الموكل في القبض فتقصر يده حتى لو حضر البائع تعاد البينة على البيع، فصار كما إذا أقام البينة على أن الموكل عزله عن ذلك

Page 95: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فإنها تقبل في قصر يده كذا هذا. ومعناه إذا أقامت المرأة البينة على الطالق "وكذلك العتاق والطالق وغير ذلك"قال:

 

والعبد واألمة على العتاق على الوكيل بنقلهم تقبل في قصر يده حتى يحضر الغائب      -150ص -استحسانا دون العتق والطالق.

"وإذا أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي جاز إقراره عليه، وال يجوز عندقال: عند أبي حنيفة ومحمد استحسانا إال أنه يخرج عن الوكالة. غير القاضي"

وقال أبو يوسف: يجوز إقراره عليه وإن أقر في غير مجلس القضاء. وقال زفر والشافعي رحمهما الله: ال يجوز في الوجهين وهو قول أبي يوسف رحمه الله أوال، وهو القياس ألنه مأمور بالخصومة وهي منازعة

واإلقرار يضاده ألنه مسالمة، واألمر بالشيء ال يتناول ضده ولهذا ال يملك الصلح واإلبراء ويصح إذا استثنى اإلقرار، وكذا لو وكله بالجواب مطلقا يتقيد بجواب هو خصومة لجريان العادة بذلك ولهذا يختار فيها األهدى

فاألهدى. وجه االستحسان أن التوكيل صحيح قطعا وصحته بتناوله ما يملكه قطعا وذلك مطلق الجواب دون أحدهما عينا. وطريق المجاز موجود على ما نبينه إن شاء الله تعالى فيصرف إليه تحريا للصحة قطعا؛ ولو

استثنى اإلقرار، فعن أبي يوسف رحمه الله أنه ال يصح ألنه ال يملكه. وعن محمد رحمه الله أنه يصح ألن للتنصيص زيادة داللة على ملكه إياه؛ وعند اإلطالق يحمل على األولى. وعنه أنه فصل بين الطالب

والمطلوب ولم يصححه في الثاني لكونه مجبورا عليه ويخير الطالب فيه؛ فبعد ذلك يقول أبو يوسف رحمه الله: إن الوكيل قائم مقام الموكل، وإقراره ال يختص بمجلس القضاء فكذا إقرار نائبه. وهما يقوالن: إن

التوكيل يتناول جواب يسمى خصومة حقيقة أو مجازا، واإلقرار في مجلس القضاء خصومة مجازا، إما ألنه خرج في مقابلة الخصومة، أو ألنه سبب له ألن الظاهر إتيانه بالمستحق وهو الجواب في مجلس القضاء

فيختص به، لكن إذا أقيمت البينة على إقراره في غير مجلس القضاء يخرج من الوكالة حتى ال يؤمر بدفعالمال إليه ألنه صار مناقضا وصار كاألب أو الوصي إذا أقر في مجلس القضاء ال يصح وال يدفع المال إليهما.

"ومن كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم لم يكن وكيال فيقال: ألن الوكيل من يعمل لغيره، ولو صححناها صار عامال لنفسه في إبراء ذمته فانعدم الركن، وألنذلك أبدا"

قبول قوله مالزم للوكالة لكونه أمينا، ولو صححناها ال يقبل لكونه مبرئا نفسه فينعدم بانعدام الزمه، وهو نظير عبد مديون أعتقه مواله حتى ضمن قيمته للغرماء ويطالب العبد بجميع الدين، فلو وكله الطالب بقبض

المال عن العبد كان باطال لما بيناه."ومن ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم أمر بتسليم الدين إليه"قال:

 

"فإن حضر الغائب فصدقه وإالألنه إقرار على نفسه ألن ما يقضيه خالص ماله      -151ص - ألنه لم يثبت االستيفاء حيث أنكر الوكالة، والقول في ذلك قوله مع يمينهدفع إليه الغريم الدين ثانيا"

ألن غرضه من الدفع براءة ذمته ولم"ويرجع به على الوكيل إن كان باقيا في يده"فيفسد األداء ألنه بتصديقه اعترف أنه محق"في يده لم يرجع عليه" ضاع "وإن كان"تحصل فله أن ينقض قبضه

في القبض وهو مظلوم في هذا األخذ، والمظلوم ال يظلم غيره. ألن المأخوذ ثانيا مضمون عليه في زعمهما، وهذه كفالة أضيفت"إال أن يكون ضمنه عند الدفع"قال:

إلى حالة القبض فتصح بمنزلة الكفالة بما ذاب له على فالن، ولو كان الغريم لم يصدقه على الوكالة ودفعه إليه على ادعائه، فإن رجع صاحب المال على الغريم رجع الغريم على الوكيل ألنه لم يصدقه على الوكالة،

وإنما دفعه إليه على رجاء اإلجازة، فإذا انقطع رجاؤه رجع عليه، وكذا إذا دفعه إليه على تكذيبه إياه في

Page 96: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الوكالة. وهذا أظهر لما قلنا، وفي الوجوه كلها ليس له أن يسترد المدفوع حتى يحضر الغائب ألن المؤدى صار حقا للغائب، إما ظاهرا أو محتمال فصار كما إذا دفعه إلى فضولي على رجاء اإلجازة لم يملك االسترداد

"ومنالحتمال اإلجازة، وألن من باشر التصرف لغرض ليس له أن ينقضه ما لم يقع اليأس عن غرضه. لم يؤمر بالتسليم إليه ألنه أقر له بمال الغير، بخالفقال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع"

الدين. ولو ادعى أنه مات أبوه وترك الوديعة ميراثا له وال وارث له غيره، وصدقه المودع أمر بالدفع إليه ألنه ال يبقى ماله بعد موته، فقد اتفقا على أنه مال الوارث. ولو ادعى أنه اشترى الوديعة من صاحبها فصدقه

المودع لم يؤمر بالدفع إليه ألنه ما دام حيا كان إقرارا بملك الغير ألنه من أهله فال يصدقان في دعوى البيععليه. "فإن وكل وكيال يقبض ماله فادعى الغريم أن صاحب المال قد استوفاه فإنه يدفعقال:

ألن الوكالة قد ثبتت واالستيفاء لم يثبت بمجرد دعواه فال يؤخر الحق. المال إليه" رعاية لجانبه، وال يستحلف الوكيل ألنه نائب. "ويتبع رب المال فيستحلفه"قال: "وإن وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري لم يرد عليه حتى يحلفقال:

ألن التدارك ممكن هنالك باسترداد ما قبضه الوكيل إذا ظهر الخطأ عندبخالف مسألة الدين" المشتري نكوله، وهاهنا غير ممكن ألن القضاء بالفسخ ماض على الصحة وإن ظهر الخطأ عند أبي حنيفة رحمه الله كما هو مذهبه، وال يستحلف المشتري عنده بعد ذلك ألنه ال يفيد، وأما عندهما قالوا: يجب أن يتحد الجواب

على هذا في الفصلين وال يؤخر، ألن التدارك ممكن عندهما لبطالن القضاء. وقيل األصح عند أبي يوسفرحمه الله أن يؤخر في الفصلين

 

ألنه يعتبر النظر حتى يستحلف المشتري لو كان حاضرا من غير دعوى البائع فينتظر      -152ص -للنظر. "ومن دفع إلى رجل عشرة دراهم ينفقها على أهله فأنفق عليهم عشرة من عندهقال:

ألن الوكيل باإلنفاق وكيل بالشراء والحكم فيه ما ذكرناه وقد قررناه فهذا كذلك.فالعشرة بالعشرة" وقيل هذا استحسان وفي القياس ليس له ذلك ويصير متبرعا. وقيل القياس واالستحسان في قضاء الدين

ألنه ليس بشراء، فأما اإلنفاق يتضمن الشراء فال يدخالنه، والله أعلم بالصواب.

باب عزل الوكيل ألن الوكالة حقه فله أن يبطله، إال إذا تعلق به حق "وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة"قال:

الغير بأن كان وكيال بالخصومة يطلب من جهة الطالب لما فيه من إبطال حق الغير، وصار كالوكالة التيتضمنها عقد الرهن.

ألن في العزل إضرارا به "فإن لم يبلغه العزل فهو على وكالته وتصرفه جائز حتى يعلم"قال: من حيث إبطال واليته أو من حيث رجوع الحقوق إليه فينقد من مال الموكل ويسلم المبيع فيضمنه فيتضرر

به، ويستوي الوكيل بالنكاح وغيره للوجه األول، وقد ذكرنا اشتراط العدد أو العدالة في المخبر فال نعيده. ألن "وتبطل الوكالة بموت الموكل وجنونه جنونا مطبقا ولحاقه بدار الحرب مرتدا"قال:

التوكيل تصرف غير الزم فيكون لدوامه حكم ابتدائه فال بد من قيام األمر وقد بطل بهذه العوارض، وشرط أن يكون الجنون مطبقا ألن قليله بمنزلة اإلغماء، وحد المطبق شهر عند أبي يوسف اعتبارا بما يسقط به الصوم. وعنه أكثر من يوم وليلة ألنه تسقط به الصلوات الخمس فصار كالميت. وقال محمد: حول كامل

ألنه يسقط به جميع العبادات فقدر به احتياطا. قالوا: الحكم المذكور في اللحاق قول أبي حنيفة ألن تصرفات المرتد موقوفة عنده فكذا وكالته، فإن أسلم نفذ، وإن قتل أو لحق بدار الحرب بطلت الوكالة، فأما عندهما تصرفاته نافذة فال تبطل وكالته إال أن يموت

Page 97: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

أو يقتل على ردته أو يحكم بلحاقه وقد مر في السير وإن كان الموكل امرأة فارتدت فالوكيل على وكالتهحتى تموت أو تلحق بدار الحرب ألن ردتها ال تؤثر في عقودها على ما عرف.

"وإذا وكل المكاتب ثم عجز أو المأذون له ثم حجر عليه أو الشريكان فافترقا، فهذهقال: لما ذكرنا أن بقاء الوكالة يعتمد قيام األمرالوجوه تبطل الوكالة على الوكيل، علم أو لم يعلم"

 

وقد بطل بالحجر والعجز واالفتراق، وال فرق بين العلم وعدمه ألن هذا عزل حكمي فال      -153ص -يتوقف على العلم كالوكيل بالبيع إذا باعه الموكل.

ألنه ال يصح أمره بعد جنونه وموته"وإذا مات الوكيل أو جن جنونا مطبقا بطلت الوكالة"قال: "وإن لحق بدار الحرب مرتدا لم يجز له التصرف إال أن يعود مسلما".

قال رضي الله عنه: وهذا عند محمد، فأما عند أبي يوسف ال تعود الوكالة. لمحمد أن الوكالة إطالق ألنه رفع المانع. أما الوكيل يتصرف بمعان قائمة به وإنما عجز بعارض اللحاق لتباين الدارين، فإذا زال العجز واإلطالق

باق عاد وكيال. وألبي يوسف أنه إثبات والية التنفيذ، ألن والية أصل التصرف بأهليته ووالية التنفيذ بالملك وباللحاق لحق باألموات وبطلت الوالية فال تعود كملكه في أم الولد والمدبر. ولو عاد الموكل مسلما وقد لحق بدار الحرب مرتدا ال تعود الوكالة في الظاهر. وعن محمد أنها تعود كما قال في الوكيل. والفرق له

على الظاهر أن مبنى الوكالة في حق الموكل على الملك وقد زال وفي حق الوكيل على معنى قائم به ولميزل باللحاق.

وهذا اللفظ ينتظم"ومن وكل آخر بشيء ثم تصرف بنفسه فيما وكل به بطلت الوكالة"قال: وجوها: مثل أن يوكله بإعتاق عبده أو بكتابته فأعتقه أو كاتبه الموكل بنفسه أو يوكله بتزويج امرأة أو بشراء

شيء ففعله بنفسه أو يوكله بطالق امرأته فطلقها الزوج ثالثا أو واحدة وانقضت عدتها أو بالخلع فخالعها، بنفسه ألنه لما تصرف بنفسه تعذر على الوكيل التصرف فبطلت الوكالة، حتى لو تزوجها بنفسه وأبانها لم يكن للوكيل أن يزوجها منه ألن الحاجة قد انقضت، بخالف ما إذا تزوجها الوكيل وأبانها له أن يزوج الموكل لبقاء الحاجة، وكذا لو وكله ببيع عبده فباعه بنفسه، فلو رد عليه بعيب بقضاء قاض؛ فعن أبي يوسف رحمه

الله أنه ليس للوكيل أن يبيعه مرة أخرى ألن بيعه بنفسه منع له من التصرف فصار كالعزل. وقال محمد رحمه الله: له أن يبيعه مرة أخرى ألن الوكالة باقية ألنه إطالق والعجز قد زال، بخالف ما إذا وكله بالهبة

فوهب بنفسه ثم رجع لم يكن للوكيل أن يهب ألنه مختار في الرجوع فكان ذلك دليل عدم الحاجة. أما الردبقضاء بغير اختياره فلم يكن دليل زوال الحاجة، فإذا عاد إليه قديم ملكه كان له أن يبيعه، والله أعلم.

 

كتاب الدعوى      -154ص - "المدعي من ال يجبر على الخصومة إذا تركها والمدعى عليه من يجبر على الخصومة"قال:

ومعرفة الفرق بينهما من أهم ما يبتنى عليه مسائل الدعوى، وقد اختلفت عبارات المشايخ رحمهم الله فيه، فمنها ما قال في الكتاب وهو حد عام صحيح. وقيل المدعي من ال يستحق إال بحجة كالخارج، والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة كذي اليد، وقيل المدعي من يتمسك بغير الظاهر والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر. وقال محمد رحمه الله في األصل: المدعى عليه هو المنكر، وهذا صحيح لكن الشأن في معرفته والترجيح بالفقه عند الحذاق من أصحابنا رحمهم الله ألن االعتبار للمعاني دون الصور، فإن المودع

إذا قال رددت الوديعة فالقول له مع اليمين وإن كان مدعيا للرد صورة ألنه ينكر الضمان معنى. ألن فائدة الدعوى اإللزام "وال تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره"قال:

بواسطة إقامة الحجة، واإللزام في المجهول ال يتحقق.

Page 98: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

، وكذا في الشهادةعليه كلف إحضارها ليشير إليها بالدعوى" "فإن كان عينا في يد المدعى واالستحالف، ألن اإلعالم بأقصى ما يمكن شرط وذلك باإلشارة في المنقول ألن النقل ممكن واإلشارة أبلغ في التعريف، ويتعلق بالدعوى وجوب الحضور، وعلى هذا القضاة من آخرهم في كل عصر، ووجوب الجوابإذا حضر ليفيد حضوره ولزوم إحضار العين المدعاة لما قلنا واليمين إذا أنكره، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

ألن العين ال تعرف بالوصف،"وإن لم تكن حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعى معلوما"قال: والقيمة تعرف به وقد تعذر مشاهدة العين. وقال الفقيه أبو الليث: يشترط مع بيان القيمة ذكر الذكورة

واألنوثة. ألنه تعذر التعريف"وإن ادعى عقارا حدده وذكر أنه في يد المدعى عليه وأنه يطالبه به"قال:

باإلشارة لتعذر النقل فيصار إلى التجديد فإن العقار يعرف به، ويذكر الحدود

 

األربعة، ويذكر أسماء أصحاب الحدود وأنسابهم، وال بد من ذكر الجد ألن تمام التعريف      -155ص - به عند أبي حنيفة على ما عرف هو الصحيح، ولو كان الرجل مشهورا يكتفي بذكره، فإن ذكر ثالثة من

الحدود يكتفى بها عندنا خالفا لزفر لوجود األكثر، بخالف ما إذا غلط في الرابعة ألنه يختلف به المدعى وال كذلك بتركها، وكما يشترط التحديد في الدعوى يشترط في الشهادة. وقوله في الكتاب وذكر أنه في يد

المدعى عليه ال بد منه ألنه إنما ينتصب خصما إذا كان في يده، وفي العقار ال يكتفى بذكر المدعي وتصديق المدعى عليه أنه في يده بل ال تثبت اليد فيه إال بالبينة، أو علم القاضي هو الصحيح نفيا لتهمة المواضعة إذ العقار عساه في يد غيرهما، بخالف المنقول ألن اليد فيه مشاهدة. وقوله وأنه يطالبه به ألن المطالبة حقه

فال بد من طلبه، وألنه يحتمل أن يكون مرهونا في يده أو محبوسا بالثمن في يده، وبالمطالبة يزول هذااالحتمال، وعن هذا قالوا في المنقول يجب أن يقول في يده بغير حق.

لما قلنا، وهذا ألن صاحب الذمة قد حضر فلم يبق"وإن كان حقا في الذمة ذكر أنه يطالبه به"قال: إال المطالبة لكن ال بد من تعريفه بالوصف ألنه يعرف به

"فإن اعترف قضي لينكشف له وجه الحكم "وإذا صحت الدعوى سأل المدعى عليه عنها"قال: لقوله عليه"وإن أنكر سأل المدعي البينة" ألن اإلقرار موجب بنفسه فيأمره بالخروج عنه عليه بها"

سأل ورتب اليمين على فقد البينة فال بد من" ألك بينة؟" فقال ال، فقال: "لك يمينه"الصالة والسالم: السؤال ليمكنه االستحالف.

"وإن عجز عن ذلك وطلب يمين خصمه النتفاء التهمة عنها "فإن أحضرها قضي بها"قال: لما روينا، وال بد من طلبه ألن اليمين حقه؛ أال يرى أنه كيف أضيف إليه بحرف الالم فالاستحلفه عليها"

بد من طلبه.

باب اليمين عند أبي حنيفة رحمه الله، معناه"وإذا قال المدعي لي بينة حاضرة وطلب اليمين لم يستحلف"

حاضرة في المصر وقال أبو يوسف: يستحلف ألن اليمين حقه بالحديث المعروف، فإذا طالبه به يجيبه. وألبي حنيفة رحمه الله أن ثبوت الحق في العين مرتب على العجز عن إقامة البينة لما روينا فال يكون حقه

دونه، كما إذا كانت البينة حاضرة في المجلس. ومحمد مع أبي يوسف رحمهما الله فيما ذكره الخصاف، ومعأبي حنيفة فيما ذكره الطحاوي رحمه الله.

"البينة على المدعي لقوله عليه الصالة والسالم:"وال ترد اليمين على المدعي"قال:

 

Page 99: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

قسم والقسمة تنافي الشركة، وجعل جنس األيمان علىواليمين على من أنكر"      -156ص -المنكرين وليس وراء الجنس شيء، وفيه خالف الشافعي رحمه الله.

وقال الشافعي: يقضى"وال تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق، وبينة الخارج أولى".قال: ببينة ذي اليد العتضادها باليد فيتقوى الظهور وصار كالنتاج والنكاح ودعوى الملك مع اإلعتاق واالستيالد والتدبير. ولنا أن بينة الخارج أكثر إثباتا أو إظهارا ألن قدر ما أثبته اليد ال يثبته بينة ذي اليد، إذ اليد دليل

مطلق الملك، بخالف النتاج ألن اليد ال تدل عليه، وكذا على اإلعتاق وأختيه وعلى الوالء الثابت بها. وقال"وإذا نكل المدعى عليه عن اليمين قضي عليه بالنكول وألزمه ما ادعى عليه"قال:

الشافعي: ال يقضى به بل يرد اليمين على المدعي، فإذا حلف يقضي به ألن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة واشتباه الحال فال ينتصب حجة مع االحتمال، ويمين المدعي دليل

الظهور فيصار إليه. ولنا أن النكول دل على كونه باذال أو مقرا، إذ لوال ذلك ألقدم على اليمين إقامة للواجبودفعا للضرر عن نفسه فترجح هذا الجانب، وال وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه.

"وينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثالثا، فإن حلفت وإال قضيتقال: وهذا اإلنذار إلعالمه بالحكم إذ هو موضع الخفاء.عليك بما ادعاه"

وهذا التكرار ذكره الخصاف رحمه"فإذا كرر العرض عليه ثالث مرات قضي عليه بالنكول"قال: الله لزيادة االحتياط والمبالغة في إبالء العذر، فأما المذهب أنه لو قضي بالنكول بعد العرض مرة جاز لما قدمناه هو الصحيح واألول أولى، ثم النكول قد يكون حقيقيا كقوله ال أحلف، وقد يكون حكميا بأن يسكت،

وحكمه حكم األول إذا علم أنه ال آفة به من طرش أو خرس هو الصحيح. عند أبي حنيفة رحمه الله، وال يستحلف عنده"وإن كانت الدعوى نكاحا لم يستحلف المنكر"قال:

في النكاح والرجعة والفيء في اإليالء والرق واالستيالد والنسب والوالء والحدود واللعان. وقال أبو يوسفومحمد رحمهما الله: يستحلف في ذلك كله إال في الحدود واللعان.

وصورة االستيالد: أن تقول الجارية أنا أم ولد لموالي وهذا ابني منه وأنكر المولى، ألنه لو ادعى المولى ثبت االستيالد بإقراره وال يلتفت إلى إنكارها. لهما أن النكول إقرار ألنه يدل على كونه كاذبا في اإلنكار على ما

قدمناه، إذ لوال ذلك ألقدم على اليمين الصادقة

 

إقامة للواجب فكان إقرارا أو بدال عنه، واإلقرار يجري في هذه األشياء لكنه إقرار فيه      -157ص - شبهة، والحدود تندرئ بالشبهات، واللعان في معنى الحد. وألبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه بذل ألن معه ال

تبقى اليمين واجبة لحصول المقصود وإنزاله باذال أولى كي ال يصير كاذبا في اإلنكار، والبذل ال يجري في هذه األشياء. وفائدة االستحالف القضاء بالنكول فال يستحلف، إال أن هذا بذل لدفع الخصومة فيملكه المكاتب والعبد المأذون بمنزلة الضيافة اليسيرة، وصحته في الدين بناء على زعم المدعي وهو ما يقبضه حقا لنفسه،

والبذل معناه هاهنا ترك المنع وأمر المال هين. ألن المنوط بفعله شيئان: الضمان ويعمل فيه "ويستحلف السارق، فإن نكل ضمن ولم يقطع"قال:

النكول. والقطع وال يثبت به فصار كما إذا شهد عليها رجل وامرأتان. "وإذا ادعت المرأة طالقا قبل الدخول استحلف الزوج، فإن نكل ضمن نصف المهر فيقال:

ألن االستحالف يجري في الطالق عندهم ال سيما إذا كان المقصود هو المال، وكذا فيقولهم جميعا" النكاح إذا ادعت هي الصداق ألن ذلك دعوى المال، ثم يثبت المال بنكوله وال يثبت النكاح، وكذا في النسب

إذا ادعى حقا كاإلرث والحجر في اللقيط، والنفقة وامتناع الرجوع في الهبة، ألن المقصود هذه الحقوق، وإنما يستحلف في النسب المجرد عندهما إذا كان يثبت بإقراره كاألب واالبن في حق الرجل واألب في حق

المرأة، ألن في دعواها االبن تحميل النسب على الغير والمولى والزوج في حقهما. "ثم إن نكل عن اليمين فيما باإلجماع "ومن ادعى قصاصا على غيره فجحده استحلف"قال:

Page 100: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وهذا عند أبيدون النفس يلزمه القصاص، وإن نكل في النفس حبس حتى يحلف أو يقر" حنيفة رحمه الله، وقاال: لزمه األرش فيهما ألن النكول إقرار فيه شبهة عندهما فال يثبت به القصاص ويجب

به المال، خصوصا إذا كان امتناع القصاص لمعنى من جهة من عليه، كما إذا أقر بالخطأ والولي يدعي العمد. وألبي حنيفة رحمه الله أن األطراف يسلك بها مسلك األموال فيجري فيها البذل، بخالف األنفس فإنه لو قال

اقطع يدي فقطعها ال يجب الضمان، وهذا إعمال للبذل إال أنه ال يباح لعدم الفائدة، وهذا البذل مفيد الندفاع الخصومة به فصار كقطع اليد لآلكلة وقلع السن للوجع، وإذا امتنع القصاص في النفس واليمين حق مستحق

يحبس به كما في القسامة. كي ال"وإذا قال المدعي لي بينة حاضرة قيل، لخصمه أعطه كفيال بنفسك ثالثة أيام"قال:

يغيب نفسه فيضيع حقه والكفالة بالنفس جائزة عندنا وقد مر من قبل، وأخذ الكفيل

 

بمجرد الدعوى استحسان عندنا ألن فيه نظرا للمدعي وليس فيه كثير ضرر بالمدعى      -158ص - عليه وهذا ألن الحضور مستحق عليه بمجرد الدعوى حتى يعدى عليه ويحال بينه وبين أشغاله فصح التكفيل بإحضاره والتقدير بثالثة أيام مروي عن أبي حنيفة رحمه الله، وهو الصحيح، وال فرق في الظاهر بين الخامل والوجيه والحقير من المال والخطير، ثم ال بد من قوله لي بينة حاضرة للتكفيل ومعناه في المصر، حتى لو

قال المدعي ال بينة لي أو شهودي غيب ال يكفل لعدم الفائدة. "إال أن يكون غريبا فيالزم مقدار مجلس كي ال يذهب حقه "فإن فعل وإال أمر بمالزمته"قال:

وكذا ال يكفل إال إلى آخر المجلس، فاالستثناء منصرف إليهما ألن في أخذ الكفيل والمالزمةالقاضي" زيادة على ذلك إضرارا به بمنعه عن السفر وال ضرر في هذا المقدار ظاهرا، وكيفية المالزمة نذكرها في

كتاب الحجر إن شاء الله تعالى.

فصل: في كيفية اليمين واالستحالف "من كان منكم حالفا فليحلف لقوله عليه الصالة والسالم: "واليمين بالله عز وجل دون غيره"قال:

"وقد تؤكد بذكر أوصافه" "من حلف بغير الله فقد أشرك" وقال عليه الصالة والسالم: بالله أو ليذر" وهو التغليظ، وذلك مثل قوله: قل والله الذي ال إله إال هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي يعلم

من السر ما يعلم من العالنية، ما لفالن هذا عليك وال قبلك هذا المال الذي ادعاه وهو كذا وكذا وال شيء منه. وله أن يزيد في التغليظ على هذا وله أن ينقص منه، إال أنه يحتاط فيه كي ال يتكرر عليه اليمين، ألن

المستحق يمين واحدة، والقاضي بالخيار إن شاء غلظ وإن شاء لم يغلظ فيقول: قل بالله أو والله، وقيل: اليغلظ على المعروف بالصالح ويغلظ على غيره، وقيل: يغلظ في الخطير من المال دون الحقير.

لما روينا، وقيل في زماننا إذا ألح الخصم ساغ للقاضي أن"وال يستحلف بالطالق وال بالعتاق"قال: يحلف بذلك لقلة المباالة باليمين بالله وكثرة االمتناع بسبب الحلف بالطالق.

"ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السالم، والنصرانيقال: لقوله عليه الصالة والسالم البن صوريا األعور:بالله الذي أنزل اإلنجيل على عيسى عليه السالم"

وألن اليهودي يعتقد نبوة موسى"أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا"والنصراني نبوة عيسى عليهما السالم فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه

 

وهكذا ذكر محمد رحمه الله في"المجوسي بالله الذي خلق النار"يستحلف      -159ص - األصل. يروى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر أنه ال يستحلف أحدا إال بالله خالصا. وذكر الخصاف رحمه

Page 101: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الله أنه ال يستحلف غير اليهودي والنصراني إال بالله، وهو اختيار بعض مشايخنا ألن في ذكر النار مع اسم "والوثني ال يحلف إالالله تعالى تعظيما وما ينبغي أن تعظم، بخالف الكتابين ألن كتب الله معظمة

ماوات� ألن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى، قال الله تعالى: بالله" }ولئ�ن سألتهم من خلق الس[.25 ]لقمان:واألرض ليقولن الله{

ألن القاضي ال يحضرها بل هو ممنوع عن ذلك."وال يحلفون في بيوت عبادتهم"قال: ألن المقصود تعظيم المقسم به وهو"وال يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان وال مكان"قال:

حاصل بدون ذلك، وفي إيجاب ذلك حرج على القاضي حيث يكلف حضورها وهو مدفوع. "ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحد استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيهقال:

"ويستحلف في الغصب بالله ما ألنه قد يباع العين ثم يقال فيه وال يستحلف بالله ما بعت" "وفي النكاح ألنه قد يغصب ثم يفسخ بالهبة والبيع يستحق عليك رده وال يحلف بالله ما غصبت"

"وفي دعوى الطالق بالله ما هي ألنه قد يطرأ عليه الخلع بالله ما بينكما نكاح قائم في الحال" ألن النكاح قد يجدد بعد اإلبانة فيحلفبائن منك الساعة بما ذكرت وال يستحلف بالله ما طلقها"

على الحاصل في هذه الوجوه، ألنه لو حلف على السبب يتضرر المدعى عليه، وهذا قول أبي حنيفة ومحمدرحمهما الله.

أما على قول أبي يوسف رحمه الله يحلف في جميع ذلك على السبب إال إذا عرض بما ذكرنا فحينئذ يحلف على الحاصل. وقيل: ينظر إلى إنكار المدعى عليه إن أنكر السبب يحلف عليه، وإن أنكر الحكم يحلف على

الحاصل. فالحاصل هو األصل عندهما إذا كان سببا يرتفع إال إذا كان فيه ترك النظر في جانب المدعي فحينئذ يحلف على السبب باإلجماع، وذلك أن تدعي مبتوتة نفقة العدة والزوج ممن ال يراها، أو ادعى شفعة

بالجوار والمشتري ال يراها، ألنه لو حلف على الحاصل يصدق في يمينه في معتقده فيفوت النظر في حق "كالعبد المسلم إذا ادعى العتقالمدعي، وإن كان سببا ال يرتفع برافع فالتحليف على السبب باإلجماع

ألنه يكرر الرق عليها بالردة واللحاق وعليه بنقض العهدعلى مواله، بخالف األمة والعبد الكافر" واللحاق، وال يكرر على العبد المسلم.

 

ألنه ال علم له بما صنع"ومن ورث عبدا وادعاه آخر يستحلف على علمه"قال:      -160ص - لوجود المطلق لليمين إذ"وإن وهب له أو اشتراه يحلف على البتات"المورث فال يحلف على البتات

الشراء سبب لثبوت الملك وضعا وكذا الهبة. وهو"ومن ادعى على آخر ماال فافتدى يمينه أو صالحه منها على عشرة فهو جائز"قال:

ألنه أسقط حقه،"وليس له أن يستحلفه على تلك اليمين أبدا" مأثور عن عثمان رضي الله عنه. والله أعلم بالصواب.

باب التحالف "وإذا اختلف المتبايعان في البيع فادعى أحدهما ثمنا وادعى البائع أكثر منه أو اعترفقال:

ألن فيالبائع بقدر من المبيع وادعى المشتري أكثر منه فأقام أحدهما البينة قضى له بها" "وإن أقام كل واحد منهما بينة كانت البينة المثبتةالجانب اآلخر مجرد الدعوى والبينة أقوى منها

"ولو كان االختالف في الثمن والمبيع ألن البينات لإلثبات وال تعارض في الزيادة للزيادة أولى" نظرا إلى زيادة اإلثبات.جميعا فبينة البائع أولى في الثمن وبينة المشتري أولى في المبيع"

"وإن لم يكن لكل واحد منهما بينة قيل للمشتري إما أن ترضى بالثمن الذي ادعاه البائع وإال فسخنا البيع، وقيل للبائع إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من المبيع وإال فسخنا البيع"

"فإن لمألن المقصود قطع المنازعة، وهذه جهة فيه ألنه ربما ال يرضيان بالفسخ فإذا علما به يتراضيان به

Page 102: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وهذا التحالف قبل القبض على وفاقيتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى اآلخر" القياس، ألن البائع يدعي زيادة الثمن والمشتري ينكره، والمشتري يدعي وجوب تسليم المبيع بما نقد والبائع

ينكره، فكل واحد منهما منكر فيحلف؛ فأما بعد القبض فمخالف للقياس ألن المشتري ال يدعي شيئا ألن المبيع سالم له فبقي دعوى البائع في زيادة الثمن والمشتري ينكرها فيكتفى بحلفه، لكنا عرفناه بالنص وهو

"إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا".قوله عليه الصالة والسالم: وهذا قول محمد وأبي يوسف آخرا، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله"ويبتدئ بيمين المشتري" قال:

وهو الصحيح ألن المشتري أشدهما إنكارا ألنه يطالب أوال بالثمن وألنه يتعجل فائدة النكول وهو إلزام الثمن، ولو بدئ بيمين البائع تتأخر المطالبة بتسليم المبيع إلى زمان استيفاء الثمن. وكان أبو يوسف رحمه الله

خصه"إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قاله البائع"يقول أوال: يبدأ بيمين البائع لقوله عليه الصالة والسالم:

 

"وإن كان بيع عين بعين أو ثمن بثمن بدأبالذكر، وأقل فائدته التقديم.      -161ص - "وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف الستوائهما القاضي بيمين أيهما شاء"

وقال في الزيادات: يحلف بالله ما باعه بألف ولقد باعهويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين" بألفين، يحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف يضمن اإلثبات إلى النفي تأكيدا، واألصح

"بالله ما قتلتم وال علمتم لهاالقتصار على النفي ألن األيمان على ذلك وضعت، دل عليه حديث القسامة قاتال". وهذا يدل على أنه ال ينفسخ بنفس التحالف ألنه لم يثبت"فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما"قال:

ما ادعاه كل واحد منهما فيبقى بيع مجهول فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة. أو يقال إذا لم يثبت البدل يبقىبيعا بال بدل وهو فاسد وال بد من الفسخ في البيع الفاسد.

ألنه جعل باذال فلم يبق دعواه معارضا لدعوى"وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى اآلخر"قال: اآلخر فلزم القول بثبوته.

"وإن اختلفا في األجل أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن فال تحالفقال: ألن هذا اختالف في غير المعقود عليه والمعقود به، فأشبه االختالف في الحط واإلبراء، وهذا ألنبينهما"

بانعدامه ال يختل ما به قوام العقد، بخالف االختالف في وصف الثمن وجنسه حيث يكون بمنزلة االختالف في القدر في جريان التحالف ألن ذلك يرجع إلى نفس الثمن فإن الثمن دين وهو يعرف بالوصف، وال كذلك

األجل ألنه ليس بوصف؛ أال ترى أن الثمن موجود بعد مضيه. ألنهما يثبتان بعارض الشرط والقول لمنكر"والقول قول من ينكر الخيار واألجل مع يمينه"قال:

العوارض. "فإن هلك المبيع ثم اختلفا لم يتحالفا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللهقال:

والقول قول المشتري. وقال محمد رحمه الله: يتحالفان ويفسخ البيع على قيمة الهالك" وهو قول الشافعي رحمه الله، وعلى هذا إذا خرج المبيع عن ملكه أو صار بحال ال يقدر على رده بالعيب.

لهما أن كل واحد منهما يدعي غير العقد الذي يدعيه صاحبه واآلخر ينكره وأنه يفيد دفع زيادة الثمن فيتحالفان؛ كما إذا اختلفا في جنس الثمن بعد هالك السلعة، وألبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أن التحالف بعد القبض على خالف القياس ألنه سلم للمشتري ما يدعيه وقد ورد الشرع به في حال قيام

السلعة، والتحالف فيه يفضي إلى

 

Page 103: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الفسخ، وال كذلك بعد هالكها الرتفاع العقد فلم يكن في معناه وألنه ال يبالي باالختالف      -162ص - في السبب بعد حصول المقصود، وإنما يراعى من الفائدة ما يوجبه العقد، وفائدة دفع زيادة الثمن ليست من موجباته وهذا إذا كان الثمن دينا، فإن كان عينا يتحالفان ألن المبيع في أحد الجانبين قائم فتوفر فائدة

الفسخ ثم يرد مثل الهالك إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل. "وإن هلك أحد العبدين ثم اختلفا في الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة إال أن يرضىقال:

البائع أن يترك حصة الهالك من الثمن. وفي الجامع الصغير: القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة إال أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي وال شيء له. وقال أبو يوسف:

يتحالفان في الحي ويفسخ العقد في الحي، والقول قول المشتري في قيمة الهالك. ألن هالك كل السلعة ال يمنع التحالفوقال محمد: يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك"

عنده فهالك البعض أولى. وألبي يوسف أن امتناع التحالف للهالك فيتقدر بقدره. وألبي حنيفة أن التحالف على خالف القياس في حال قيام السلعة وهي اسم لجميع أجزائها فال تبقى السلعة بفوات بعضها، وألنه ال

يمكن التحالف في القائم إال على اعتبار حصته من الثمن فال بد من القسمة وهي تعرف بالحذر والظن فيؤدي إلى التحالف مع الجهل وذلك ال يجوز إال أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك أصال ألنه حينئذ يكون

الثمن كله بمقابلة القائم ويخرج الهالك عن العقد فيتحالفان. هذا تخريج بعض المشايخ ويصرف االستثناء عندهم إلى التحالف كما ذكرنا وقالوا: إن المراد من قوله في الجامع الصغير يأخذ الحي وال شيء له، معناه: ال يأخذ من ثمن الهالك شيئا أصال. وقال بعض المشايخ: يأخذ من ثمن الهالك بقدر ما أقر به المشتري، وإنما

ال يأخذ الزيادة. وعلى قول هؤالء ينصرف االستثناء إلى يمين المشتري ال إلى التحالف، ألنه لما أخذ البائع بقول المشتري فقد صدقه فال يحلف المشتري، ثم تفسير التحالف على قول محمد ما بيناه في القائم. وإذا حلفا ولم يتفقا على شيء فادعى أحدهما الفسخ أو كالهما يفسخ العقد بينهما ويأمر القاضي المشتري برد

الباقي وقيمة الهالك. واختلفوا في تفسيره على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى، والصحيح أنه يحلف المشتري بالله ما

اشتريتهما بما يدعيه البائع، فإن نكل لزمه دعوى البائع، وإن حلف يحلف البائع بالله ما بعتهما بالثمن الذييدعيه المشتري، فإن نكل لزمه دعوى المشتري، وإن حلف يفسخان

 

العقد في القائم وتسقط حصته من الثمن ويلزم المشتري حصة الهالك ويعتبر قيمتهما      -163ص -في االنقسام يوم القبض.

"وإن اختلفا في قيمة الهالك يوم القبض فالقول قول البائع، وأيهما أقام البينة تقبل "اشترى عبدين وهو قياس ما ذكر في بيوع األصل بينته. وإن أقاماها فبينة البائع أولى"

وقبضهما ثم رد أحدهما بالعيب وهلك اآلخر عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده وينقسم الثمن على قيمتهما. فإن اختلفا في قيمة الهالك فالقول قول

ألن الثمن قد وجب باتفاقهما ثم المشتري يدعي زيادة السقوط بنقصان قيمة الهالك والبائع ينكرهالبائع" ألنها أكثر إثباتا ظاهرا إلثباتها الزيادة في قيمة"وإن أقاما البينة فبينة البائع أولى"والقول للمنكر

الهالك وهذا لفقه. وهو أن في األيمان تعتبر الحقيقة ألنها تتوجه على أحد العاقدين وهما يعرفان حقيقة الحال فبني األمر عليها والبائع منكر حقيقة فلذا كان القول قوله، وفي البينات يعتبر الظاهر ألن الشاهدين ال

يعلمان حقيقة الحال فاعتبر الظاهر في حقهما والبائع مدع ظاهرا فلهذا تقبل بينته أيضا وتترجح بالزيادةالظاهرة على ما مر، وهذا يبين لك معنى ما ذكرناه من قول أبي يوسف رحمه الله.

"ومن اشترى جارية وقبضها ثم تقايال ثم اختلفا في الثمن فإنهما يتحالفان ويعودقال: ونحن ما أثبتنا التحالف فيه بالنص ألنه ورد في البيع المطلق واإلقالة فسخ في حقالبيع األول"

المتعاقدين، وإنما أثبتناه بالقياس ألن المسألة مفروضة قبل القبض والقياس يوافقه على ما مر ولهذا نقيس

Page 104: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

اإلجارة على البيع قبل القبض والوارث على العاقد والقيمة على العين فيما إذا استهلكه في يد البائع غيرالمشتري.

"ولو قبض البائع المبيع بعد اإلقالة فال تحالف عند أبي حنيفة وأبي يوسف خالفاقال: ألنه يرى النص معلوال بعد القبض أيضا.لمحمد"

"ومن أسلم عشرة دراهم في كر حنطة ثم تقايال ثم اختلفا في الثمن فالقول قولقال: ألن اإلقالة في باب السلم ال تحتمل النقض ألنه إسقاط فال يعود السلم،المسلم إليه وال يعود السلم"

بخالف اإلقالة في البيع؛ أال ترى أن رأس مال السلم لو كان عرضا فرده بالعيب وهلك قبل التسليم إلى ربالسلم ال يعود السلم ولو كان ذلك في بيع العين يعود البيع دل على الفرق بينهما.

"وإذا اختلف الزوجان في المهر فادعى الزوج أنه تزوجها بألف وقالت تزوجني بألفينقال: "وإن أقاما البينة فالبينة بينة المرأة" ألنه نور دعواه بالحجة.فأيهما أقام البينة تقبل بينته"

 

"وإن لم يكن لهما بينةألنها تثبت الزيادة، معناه إذا كان مهر مثلها أقل مما ادعته      -164ص - ألن أثر التحالف في انعدام التسمية، وأنه ال يخل بصحةتحالفا عند أبي حنيفة وال يفسخ النكاح"

"ولكن يحكم مهرالنكاح ألن المهر تابع فيه، بخالف البيع ألن عدم التسمية يفسده على ما مر فيفسخ، ألن الظاهر شاهد لهالمثل، فإن كان مثل ما اعترف به الزوج أو أقل قضى بما قال الزوج"

"وإن كان مثل ما ادعته المرأة أو أكثر قضى بما ادعته المرأة، وإن كان مهر المثل أكثر مما ألنهما لما تحالفا لم تثبت الزيادةاعترف به الزوج وأقل مما ادعته المرأة قضى لها بمهر المثل"

على مهر المثل وال الحط عنه. قال رضي الله عنه: ذكر التحالف أوال ثم التحكيم، وهذا قول الكرخي رحمه الله ألن مهر المثل ال اعتبار له مع وجود التسمية وسقوط اعتبارها بالتحالف ولهذا يقدم في الوجوه كلها، ويبدأ بيمين الزوج عند أبي حنيفة

ومحمد تعجيال لفائدة النكول كما في المشتري، وتخريج الرازي بخالفه وقد استقصيناه في النكاح وذكرناخالف أبي يوسف فال نعيده.

"ولو ادعى الزوج النكاح على هذا العبد والمرأة تدعيه على هذه الجارية فهو كالمسألة ألنالمتقدمة، إال أن قيمة الجارية إذا كانت مثل مهر المثل يكون لها قيمتها دون عينها"

"وإن اختلفا في اإلجارة قبل استيفاءتملكها ال يكون إال بالتراضي ولم يوجد فوجبت القيمة معناه اختلفا في البدل أو في المبدل ألن التحالف في البيع قبل القبضالمعقود عليه تحالفا وترادا"

على وفاق القياس على ما مر، واإلجارة قبل القبض المنفعة نظير البيع قبل قبض المبيع وكالمنا قبل ألنه منكر لوجوب األجرة"فإن وقع االختالف في األجرة يبدأ بيمين المستأجر"استيفاء المنفعة

"وإن وقع في المنفعة يبدأ بيمين المؤجر، وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه، وأيهما أقام البينة قبلت، ولو أقاماها فبينة المؤجر أولى إن كان االختالف في األجرة، وإن كان في

المنافع فبينة المستأجر أولى، وإن كان فيهما قبلت بينة كل واحد منهما فيما يدعيه من نحو أن يدعي هذا شهرا بعشرة والمستأجر شهرين بخمسة يقضي بشهرين بعشرة. الفضل"

وهذا عند أبي حنيفة "وإن اختلفا بعد االستيفاء لم يتحالفا وكان القول قول المستأجر"قال: وأبي يوسف ظاهر، ألن هالك المعقود عليه يمنع التحالف عندهما، وكذا على أصل محمد ألن الهالك إنما ال

يمنع عنده في المبيع لما أن له قيمة تقوم مقامه فيتحالفان عليها، ولو جرى التحالف هاهنا وفسخ العقد فالقيمة ألن المنافع ال تتقوم بنفسها بل بالعقد وتبين أنه ال عقد. وإذا امتنع فالقول للمستأجر مع يمينه ألنه هو

 

Page 105: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإن اختلفا بعد استيفاء بعض المعقود عليه تحالفا وفسخالمستحق عليه      -165ص - ألن العقد ينعقد ساعة فساعة فيصيرالعقد فيما بقي وكان القول في الماضي قول المستأجر"

في كل جزء من المنفعة كأن ابتداء العقد عليها، بخالف البيع ألن العقد فيه دفعة واحدة، فإذا تعذر فيالبعض تعذر في الكل.

"وإذا اختلف المولى والمكاتب في مال الكتابة لم يتحالفا عند أبي حنيفة. وقاال:قال: وهو قول الشافعي ألنه عقد معاوضة يقبل الفسخ فأشبه البيع، والجامع أنيتحالفان وتفسخ الكتابة"

المولى يدعي بدال زائدا ينكره العبد والعبد يدعي استحقاق العتق عليه عند أداء القدر الذي يدعيه والمولى ينكره فيتحالفان كما إذا اختلفا في الثمن. وألبي حنيفة أن البدل مقابل بفك الحجر في حق اليد والتصرف للحال وهو سالم للعبد وإنما ينقلب مقابال بالعتق عند األداء فقبله ال مقابلة فبقي اختالفا في قدر البدل ال

غير فال يتحالفان. ألن"وإذا اختلف الزوجان في متاع البيت فما يصلح للرجال فهو للرجل كالعمامة"قال:

"وما يصلح لهما لشهادة الظاهر لها "وما يصلح للنساء فهو للمرأة كالوقاية"الظاهر شاهد له ألن المرأة وما في يدها في يد الزوج والقول في الدعاوى لصاحب اليد، بخالف ماكاآلنية فهو للرجل"

يختص بها ألنه يعارضه ظاهر أقوى منه، وال فرق بين ما إذا كان االختالف في حال قيام النكاح أو بعدما "فإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع اآلخر فما يصلح للرجال والنساء فهووقعت الفرقة.

ألن اليد للحي دون الميت، وهذا الذي ذكرناه قول أبي حنيفة رحمه الله. للباقي منهما" وقال أبو يوسف رحمه الله: يدفع إلى المرأة ما يجهز به مثلها، والباقي للزوج مع يمينه ألن الظاهر أن

"والطالقالمرأة تأتي بالجهاز وهذا أقوى فيبطل به ظاهر يد الزوج، ثم في الباقي ال معارض لظاهر فيعتبر "وقال محمد: وما كان للرجال فهو للرجل، وما كان لقيام الورثة مقام مورثهم والموت سواء"

"والطالق لما قلنا ألبي حنيفة للنساء فهو للمرأة، وما يكون لهما فهو للرجل أو لورثته" "وإن كان أحدهما مملوكا فالمتاع للحر في حالة لقيام الوارث مقام المورث والموت سواء"

"وهذا ألنه ال يد للميت فخلت يد الحي عن المعارض "وللحي بعد الممات" ألن يد الحر أقوىالحياة" ألنعند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: العبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر"

لهما يدا معتبرة في الخصومات.

 

فصل: فيمن ال يكون خصما      -166ص - "وإن قال المدعى عليه هذا الشيء أودعنيه فالن الغائب أو رهنه عندي أو غصبته منه

وكذا إذا قال: آجرنيه وأقام البينة ألنه أثبتوأقام بينة على ذلك فال خصومة بينه وبين المدعي" ببينته أن يده ليست بيد خصومة. وقال ابن شبرمة: ال تندفع الخصومة ألنه تعذر إثبات الملك للغائب لعدم

الخصم عنه ودفع الخصومة بناء عليه. قلنا: مقتضى البينة شيئان ثبوت الملك للغائب وال خصم فيه فلم يثبت، ودفع خصومة المدعي وهو خصم فيه

فيثبت وهو كالوكيل بنقل المرأة وإقامتها البينة على الطالق كما بيناه من قبل، وال تندفع بدون إقامة البينة كما قاله ابن أبي ليلى ألنه صار خصما بظاهر يده، فهو بإقراره يريد أن يحول حقا مستحقا على نفسه فال

يصدق إال بالحجة، كما إذا ادعى تحول الدين من ذمته إلى ذمة غيره. "وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان الرجل صالحا فالجواب كما قلناه، وإن كان معروفا

ألن المحتال من الناس قد يدفع ماله إلى مسافر يودعه إياه ويشهدبالحيل ال تندفع عنه الخصومة"عليه الشهود فيحتال إلبطال حق غيره، فإذا اتهمه القاضي به ال يقبله.

الحتمال أن يكون المودع هو هذا"ولو قال الشهود: أودعه رجل ال نعرفه ال تندفع عنه الخصومة" المدعي، وألنه ما أحاله إلى معين يمكن للمدعي اتباعه، فلو اندفعت لتضرر به المدعي، ولو قالوا نعرفه

Page 106: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

بوجهه وال نعرفه باسمه ونسبه فكذلك الجواب عند محمد للوجه الثاني، وعند أبي حنيفة تندفع ألنه أثبت ببينته أن العين وصل إليه من جهة غيره حيث عرفه الشهود بوجهه، بخالف الفصل األول فلم تكن يده يد

خصومة وهو المقصود، والمدعي هو الذي أضر بنفسه حيث نسي خصمه أو أضره شهوده، وهذه المسألة ألنه لما"وإن قال: ابتعته من الغائب فهو خصم"مخمسة كتاب الدعوى وقد ذكرنا األقوال الخمسة.

"وإن قال المدعي: غصبته مني أو سرقته مني ال تندفعزعم أن يده يد ملك اعترف بكونه خصما ألنه إنما صار خصما بدعوى الفعل عليه ال بيده،الخصومة وإن أقام ذو اليد البينة على الوديعة"

بخالف دعوى الملك المطلق ألنه خصم فيه باعتبار يده حتى ال يصح دعواه على غير ذي اليد ويصح دعوى "وإن قال المدعي: سرق مني وقال صاحب اليد: أودعنيه فالن وأقام البينة لم تندفعالفعل.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وهو استحسان، وقال محمد: تندفع ألنه لم يدع الفعل عليهالخصومة"فصار كما إذا قال: غصب مني على ما لم يسم فاعله. ولهما أن ذكر الفعل يستدعي الفاعل

 

ال محالة، والظاهر أنه هو الذي في يده إال أنه لم يعينه درءا للحد شفقة عليه وإقامة      -167ص - "وإن قاللحسبة السر فصار كما إذا قال: سرقت، بخالف الغصب ألنه ال حد فيه فال يحترز عن كشفه

المدعي: ابتعته من فالن وقال صاحب اليد: أودعنيه فالن ذلك أسقطت الخصومة بغير بينة" ألنهما توافقا على أن أصل الملك فيه لغيره فيكون وصولها إلى يد ذي اليد من جهته فلم تكن يده يد

خصومة إال أن يقيم البينة أن فالنا وكله بقبضه ألنه أثبت ببينته كونه أحق بإمساكها، والله أعلم.

باب ما يدعيه الرجالن "وإذا ادعى اثنان عينا في يد آخر كل واحد منهما يزعم أنها له وأقاما البينة بهاقال:

وقال الشافعي في قول: تهاترتا، وفي قول يقرع بينهما؛ ألن إحدى البينتين كاذبة بيقين الستحالةبينهما" اجتماع الملكين في الكل في حالة واحدة وقد تعذر التمييز فيتهاتران أو يصار إلى القرعة ألن النبي عليه

"أن رجلين اختصما ولنا حديث تميم بن طرفة: "اللهم أنت الحكم بينهما"الصالة والسالم أقرع فيه وقال: وحديثإلى رسول الله عليه الصالة والسالم في ناقة وأقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين".

القرعة كان في االبتداء ثم نسخ، وألن المطلق للشهادة في حق كل واحد منهما محتمل الوجود بل يعتمد أحدهما سبب الملك واآلخر اليد فصحت الشهادتان فيجب العمل بهما ما أمكن، وقد أمكن بالتنصيف إذ

المحل يقبله، وإنما ينصف الستوائهما في سبب االستحقاق. لتعذر "فإن ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة وأقاما بينة لم يقض بواحدة من البينتين"قال:

العمل بهما؛ ألن المحل ال يقبل االشتراك. ألن النكاح مما يحكم به بتصادق الزوجين، وهذا إذا لم"ويرجع إلى تصديق المرأة ألحدهما"قال:

وإن أقرت ألحدهما قبل إقامة البينة فهيتؤقت البينتان، فأما إذا وقتا فصاحب الوقت األول أولى " "ولو تفرد ألن البينة أقوى من اإلقرار "وإن أقام اآلخر البينة قضي بها" لتصادقهما امرأته"

أحدهما بالدعوى والمرأة تجحد فأقام البينة وقضى بها القاضي له ثم ادعى اآلخر وأقام "إال أن ألن القضاء األول قد صح فال ينقض بما هو مثله بل هو دونه البينة على مثل ذلك ال يحكم بها"

ألنه ظهر الخطأ في األول بيقين. وكذا إذا كانت المرأة في يد الزوج ونكاحهيؤقت شهود الثاني سابقا"ظاهر ال تقبل بينة الخارج إال على وجه السبق.

"وأقاما معناه من صاحب اليد "ولو ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد"قال: بينة فكل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصف العبد بنصف الثمن وإن شاء ترك"

 

Page 107: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن القاضي يقضي بينهما نصفين الستوائهما في السبب فصار كالفضوليين إذا باع كل      -168ص - واحد منهما من رجل وأجاز المالك البيعين يخير كل واحد منهما ألنه تغير عليه شرط عقده، فلعل رغبته في

"فإن قضى القاضي به بينهما فقال أحدهما: ال أختار لم يكنتملك الكل فيرده ويأخذ كل الثمن. ألنه صار مقضيا عليه في النصف فانفسخ البيع فيه، وهذا ألنه خصم فيه لظهورلآلخر أن يأخذ جميعه"

استحقاقه بالبينة لوال بينة صاحبه بخالف ما لو قال ذلك قبل تخيير القاضي حيث يكون له أن يأخذ الجميع ألنه يدعي الكل ولم يفسخ سببه، والعود إلى النصف للمزاحمة ولم توجد، ونظيره تسليم أحد الشفيعين قبل القضاء، ونظير األول تسليمه بعد القضاء ولو ذكر كل واحد منهما تاريخا فهو لألول منهما" ألنه أثبت الشراء

"ولو وقتت إحداهما ولم تؤقت األخرى فهو لصاحبفي زمان ال ينازعه فيه أحد فاندفع اآلخر به "وإن لم لثبوت ملكه في ذلك الوقت واحتمل اآلخر أن يكون قبله أو بعده فال يقضي له بالشك الوقت"

ومعناه أنه في يده ألن تمكنه من قبضه يدل على سبقيذكرا تاريخا ومع أحدهما قبض فهو أولى" شرائه، وألنهما استويا في اإلثبات فال تنقض اليد الثابتة بالشك، وكذا لو ذكر اآلخر وقتا لما بينا. إال أن يشهدوا

أن شراءه كان قبل شراء صاحب اليد ألن الصريح يفوق الداللة. "وأقاما بينة وال تاريخ معناه من واحد "وإن ادعى أحدهما شراء واآلخر هبة وقبضا"قال:

ألن الشراء أقوى لكونه معاوضة من الجانبين، وألنه يثبت الملك بنفسه والملكمعهما فالشراء أولى"في الهبة يتوقف على القبض، وكذا الشراء والصدقة مع القبض لما بينا

الستوائهما في وجه التبرع، وال"والهبة والقبض والصدقة مع القبض سواء حتى يقضي بينهما" ترجيح باللزوم ألنه يرجع إلى المآل والترجيح بمعنى قائم في الحال، وهذا فيما ال يحتمل القسمة صحيح،

وكذا فيما يحتملها عند البعض ألن الشيوع طارئ. وعند البعض ال يصح ألنه تنفيذ الهبة في الشائع وصاركإقامة البينتين على االرتهان وهذا أصح.

الستوائهما في"وإذا ادعى أحدهما الشراء وادعت امرأته أنه تزوجها عليه فهما سواء"قال: القوة فإن كل واحد منهما عقد معاوضة يثبت الملك بنفسه وهذا عند أبي يوسف. وقال محمد: الشراء أولى

ولها على الزوج القيمة ألنه أمكن العمل بالبينتين بتقديم الشراء، إذ التزوج على عين مملوكة للغير صحيح "وإن ادعى أحدهما رهنا وقبضا واآلخر هبة وقبضا وأقاما بينةوتجب قيمته عند تعذر تسليمه

وهذا استحسان، وفي القياس الهبة أولى ألنها تثبت الملك والرهن ال يثبته. وجهفالرهن أولى"االستحسان أن

 

المقبوض بحكم الرهن مضمون وبحكم الهبة غير مضمون وعقد الضمان أقوى. بخالف      -169ص - الهبة بشرط العوض ألنه بيع انتهاء والبيع أولى من الرهن ألنه عقد ضمان يثبت الملك صورة ومعنى، والرهن

"وإن أقام الخارجان البينة على الملكال يثبته إال عند الهالك معنى ال صورة فكذا الهبة بشرط العوض ألنه أثبت أنه أول المالكين فال يتلقى الملك إال من جهته ولموالتاريخ فصاحب التاريخ األقدم أولى"

يتلق اآلخر منه. "وأقاما البينة على تاريخين فاألول معناه من غير صاحب اليد "ولو ادعيا الشراء من واحد"قال:

"وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من لما بينا أنه أثبته في وقت ال منازع له فيه أولى" ألنهما يثبتان الملك لبائعيهما فيصير كأنهما حضرا ثم يخير كل واحد منهمافهما سواء" آخر وذكرا تاريخا ألن"ولو وقتت إحدى البينتين وقتا ولم تؤقت األخرى قضى بينهما نصفين" كما ذكرنا من قبل

توقيت إحداهما ال يدل على تقدم الملك لجواز أن يكون اآلخر أقدم، بخالف ما إذا كان البائع واحدا ألنهما اتفقا على أن الملك ال يتلقى إال من جهته، فإذا أثبت أحدهما تاريخا يحكم به حتى يتبين أنه تقدم شراء غيره.

"ولو ادعى أحدهما الشراء من رجل واآلخر الهبة والقبض من غيره والثالث الميراث من ألنهم يتلقون الملك من باعتهم فيجعلأبيه والرابع الصدقة والقبض من آخر قضى بينهم أرباعا"

Page 108: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

كأنهم حضروا وأقاموا البينة على الملك المطلق. "وإن أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا كانقال:

وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وهو رواية عن محمد. وعنه أنه ال تقبل بينة ذي اليد رجع إليه ألنأولى"البينتين قامتا على مطلق الملك ولم يتعرضا لجهة الملك فكان التقدم والتأخر سواء.

ولهما أن البينة مع التاريخ متضمنة معنى الدفع، فإن الملك إذا ثبت لشخص في وقت فثبوته لغيره بعده ال يكون إال بالتلقي من جهته وبينة ذي اليد على الدفع مقبولة، وعلى هذا الخالف لو كانت الدار في أيديهما والمعنى ما بينا، ولو أقام الخارج وذو اليد البينة على ملك مطلق ووقتت إحداهما دون األخرى فعلى قول

أبي حنيفة ومحمد الخارج أولى. وقال أبو يوسف وهو رواية عن أبي حنيفة: صاحب الوقت أولى ألنه أقدم وصار كما في دعوى الشراء إذا

أرخت إحداهما كان صاحب التاريخ أولى. ولهما أن بينة ذي اليد إنما تقبل لتضمنها معنى الدفع، وال دفع هاهناحيث وقع الشك في التلقي من جهته،

 

وعلى هذا إذا كانت الدار في أيديهما ولو كانت في يد ثالث، المسألة بحالها فهما سواء      -170ص - عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: الذي وقت أولى. وقال محمد: الذي أطلق أولى ألنه ادعى أولية الملك

بدليل استحقاق الزوائد ورجوع الباعة بعضهم على البعض. وألبي يوسف أن التاريخ يوجب الملك في ذلك الوقت بيقين. واإلطالق يحتمل غير األولية، والترجيح بالتيقن؛ كما لو ادعيا الشراء. وألبي حنيفة أن التاريخ يضامه احتمال عدم التقدم فسقط اعتباره فصار كما لو أقاما البينة على ملك مطلق، بخالف الشراء ألنه

أمر حادث فيضاف إلى أقرب األوقات فيترجح جانب صاحب التاريخ. ألن"وإن أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج فصاحب اليد أولى"قال:

البينة قامت على ما ال تدل عليه فاستويا، وترجحت بينة ذي اليد باليد فيقضي له وهذا هو الصحيح خالفا لما يقوله عيسى بن أبان إنه تتهاتر البينتان ويترك في يده ال على طريق القضاء, ولو تلقى كل واحد منهما

"ولو أقامالملك من رجل أقام البينة على النتاج عنده فهو بمنزلة إقامتها على النتاج في يد نفسه ألن بينته قامتأحدهما البينة على الملك واآلخر على النتاج فصاحب النتاج أولى أيهما كان"

على أولية الملك فال يثبت لآلخر إال بالتلقي من جهته، وكذلك إذا كانت الدعوى بين خارجين فبينة النتاج أولى "ولو قضى بالنتاج لصاحب اليد ثم أقام ثالث البينة على النتاج يقضي له إال أنلما ذكرنا

ألن الثالث لم يصر مقضيا عليه بتلك القضية، وكذا المقضي عليه بالملك المطلق إذا أقاميعيدها ذو اليد"البينة على النتاج تقبل وينقض القضاء ألنه بمنزلة النص واألول بمنزلة االجتهاد.

"وكذلك كل سبب في كغزل القطن "وكذلك النسج في الثياب التي ال تنسج إال مرة"قال: ألنه في معنى النتاج كحلب اللبن واتخاذ الجبن واللبد والمرعزى وجز الصوف، وإن كانالملك ال يتكرر"

يتكرر قضي به للخارج بمنزلة الملك المطلق وهو مثل الخز والبناء والغرس وزراعة الحنطة والحبوب، فإن أشكل يرجع إلى أهل الخبرة ألنهم أعرف به، فإن أشكل عليهم قضي به للخارج ألن القضاء ببينته هو األصل

والعدول عنه بخبر النتاج، فإذا لم يعلم يرجع إلى األصل. "وإن أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه كانقال:

ألن األول إن كان يدعي أولية الملك فهذا تلقى منه، وفي هذا ال تنافي فصار كما إذاصاحب اليد أولى"أقر بالملك له ثم ادعى الشراء منه.

 

Page 109: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من اآلخر وال تاريخقال:      -171ص - قال: وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعلىمعهما تهاترت البينتان وتترك الدار في يد ذي اليد"

قول محمد يقضي بالبينتين ويكون للخارج ألن العمل بهما ممكن فيجعل كأنه اشترى ذو اليد من اآلخر وقبض ثم باع الدار ألن القبض داللة السبق على ما مر، وال يعكس األمر ألن البيع قبل القبض ال يجوز وإن

كان في العقار عنده. ولهما أن اإلقدام على الشراء إقرار منه بالملك للبائع فصار كأنهما قامتا على اإلقرارين وفيه التهاتر باإلجماع، كذا هاهنا، وألن السبب يراد لحكمه وهو الملك وال يمكن القضاء لذي اليد إال

بملك مستحق فبقي القضاء له بمجرد السبب وأنه ال يفيده. ثم لو شهدت البينتان على نقد الثمن فاأللف باأللف قصاص عندهما إذا استويا لوجود قبض مضمون من كل جانب، وإن لم يشهدوا على نقد الثمن

فالقصاص مذهب محمد للوجوب عنده. ولو شهد الفريقان بالبيع والقبض تهاترتا باإلجماع، ألن الجمع غير ممكن عند محمد لجواز كل واحد من البيعين بخالف األول. وإن وقتت البينتان في العقار ولم تثبتا قبضا ووقت الخارج أسبق يقضى لصاحب اليد عندهما فيجعل كأن الخارج اشترى أوال ثم باع قبل القبض من

صاحب اليد، وهو جائز في العقار عندهما. وعند محمد يقضي للخارج ألنه ال يصح له بيعه قبل القبض فبقي على ملكه، وإن أثبتا قبضا يقضي لصاحب اليد ألن البيعين جائزان على القولين، وإن كان وقت صاحب اليد

أسبق يقضى للخارج في الوجهين فيجعل كأنه اشتراها ذو اليد وقبض ثم باع ولم يسلم أو سلم ثم وصل إليهبسبب آخر.

ألن شهادة كل الشاهدين علة "وإن أقام أحد المدعيين شاهدين واآلخر أربعة فهما سواء"قال:تامة كما في حالة االنفراد، والترجيح ال يقع بكثرة العلل بل بقوة فيها على ما عرف.

"وإذا كانت دار في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها واآلخر نصفها وأقاما البينةقال: اعتبارا بطريق المنازعة،فلصاحب الجميع ثالثة أرباعها ولصاحب النصف ربعها عند أبي حنيفة"

فإن صاحب النصف ال ينازع اآلخر في النصف فسلم له بال منازع واستوت منازعتهما في النصف اآلخر فاعتبرا طريق العول والمضاربة، فصاحب الجميع يضرب بكل "وقاال: هي بينهما أثالثا"فينصف بينهما

حقه سهمين وصاحب النصف بسهم واحد فتقسم أثالثا، ولهذه المسألة نظائر وأضداد ال يحتملها هذاالمختصر وقد ذكرنا في الزيادات.

 

"ولو كانت في أيديهما سلم لصاحب الجميع نصفها على وجه القضاءقال:      -172ص - ألنه خارج في النصف فيقضي ببينته، والنصف الذي في يديه صاحبه الونصفها ال على وجه القضاء"

يدعيه ألن مدعاه النصف وهو في يده سالم له، ولو لم ينصرف إليه دعواه كان ظالما بإمساكه وال قضاءبدون الدعوى فيترك في يده.

"وإذا تنازعا في دابة وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده، وذكرا تاريخا وسنقال: "وإن أشكل ذلك كانت ألن الحال يشهد له فيترجح الدابة يوافق أحد التاريخين فهو أولى"

ألنه سقط التوقيت فصار كأنهما لم يذكرا تاريخا. وإن خالف سن الدابة الوقتين بطلت البينتان، كذابينهما"ذكره الحاكم رحمه الله ألنه ظهر كذب الفريقين فيترك في يد من كانت في يده.

"وإذا كان عبد في يد رجل أقام رجالن عليه البينة أحدهما بغصب واآلخر بوديعة فهوقال: الستوائهما في االستحقاق.بينهما"

فصل: في التنازع باأليدي ألن تصرفه"وإذا تنازعا في دابة أحدهما راكبها واآلخر متعلق بلجامها فالراكب أولى"قال:

"وكذلك إذا كان أحدهما راكبا في السرج واآلخر رديفه فالراكبأظهر فإنه يختص بالملك "وكذا إذا تنازعا في بعير بخالف ما إذا كانا راكبين حيث تكون بينهما الستوائهما في التصرفأولى"

Page 110: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وكذا إذا تنازعا في قميص ألنه هو المتصرفوعليه حمل ألحدهما فصاحب الحمل أولى" "ولو تنازعا في بساط ألنه أظهرهما تصرفا أحدهما البسه واآلخر متعلق بكمه فالالبس أولى" معناه ال على طريق القضاء ألن القعود ليس بيدأحدهما جالس عليه واآلخر متعلق به فهو بينهما"

عليه فاستويا. ألن الزيادة من"وإذا كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر فهو بينهما نصفان"قال:

جنس الحجة فال توجب زيادة في االستحقاق. ألنه في يد"وإذا كان صبي في يد رجل وهو يعبر عن نفسه فقال: أنا حر فالقول قوله"قال:

ألنه أقر بأنه ال يد له حيث أقر بالرق"ولو قال أنا عبد لفالن فهو عبد للذي هو في يده"نفسه ألنه ال يد له على نفسه لما كان ال يعبر"وإن كان ال يعبر عن نفسه فهو عبد للذي هو في يده"

عنها وهو بمنزلة المتاع، بخالف ما إذا كان يعبر، فلو كبر وادعى الحرية ال يكون القول قوله ألنه ظهر الرقعليه في حال صغره.

"وإذا كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وآلخر عليه هرادي فهوقال:

 

ألن صاحب الجذوعلصاحب الجذوع واالتصال، والهرادي ليست بشيء"      -173ص - صاحب استعمال واآلخر صاحب تعلق فصار كدابة تنازعا فيها وألحدهما حمل عليها ولآلخر كوز معلق بها، والمراد باالتصال مداخلة لبن جداره فيه ولبن هذا في جداره وقد يسمى اتصال تربيع، وهذا شاهد ظاهر

لصاحبه ألن بعض بنائه على بعض بناء هذا الحائط. وقوله الهرادي ليست بشيء يدل على أنه ال اعتبار للهرادي أصال، وكذا البواري ألن الحائط ال تبنى لها أصال حتى لو تنازعا في حائط وألحدهما عليه هرادي

"ولو كان لكل واحد منهما عليه جذوع ثالثة فهو بينهما"وليس لآلخر عليه شيء فهو بينهما "وإن كان جذوع أحدهما أقل من ثالثة فهو لصاحبالستوائهما وال معتبر باألكثر منها بعد الثالثة

في رواية، وفي رواية لكل واحد منهما ما تحت خشبته، ثم قيل ما بينالثالثة ولآلخر موضع جذعه" الخشب بينهما، وقيل على قدر خشبهما، والقياس أن يكون بينهما نصفين ألنه ال معتبر بالكثرة في نفس

الحجة. وجه الثاني أن االستعمال من كل واحد بقدر خشبته. ووجه األول أن الحائط يبنى لوضع كثير الجذوع دون الواحد والمثنى فكان الظاهر شاهدا لصاحب الكثير، إال أنه يبقى له حق الوضع ألن الظاهر ليس بحجة

ويروى الثاني أولى. وجه "ولو كان ألحدهما جذوع ولآلخر اتصال فاألول أولى" في استحقاق يده األول أن لصاحب الجذوع التصرف ولصاحب االتصال اليد والتصرف أقوى. وجه الثاني أن الحائطين باالتصال يصيران كبناء واحد من ضرورة القضاء له ببعضه القضاء بكله ثم يبقى لآلخر حق وضع جذوعه لما قلنا، وهذه

رواية الطحاوي وصححها الجرجاني. "وإذا كانت دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت فالساحة بينهماقال:

الستوائهما في استعمالها وهو المرور فيها.نصفان" "أنها في يده لم يقض أنها في يد يعني يدعي كل واحد منهما "وإذا ادعى رجالن أرضا"قال:

ألن اليد فيها غير مشاهدة لتعذر إحضارها وما غابواحد منهما حتى يقيما البينة أنها في أيديهما" لقيام الحجة ألن اليد حق"وإن أقام أحدهما البينة جعلت في يده"عن علم القاضي فالبينة تثبته

"وإن كان لما بينا فال يستحق ألحدهما من غير حجة "وإن أقاما البينة جعلت في أيديهما"مقصود لوجود التصرف واالستعمال فيها.أحدهما قد لبن في األرض أو بني أو حفر فهي في يده"

النسب دعوى بابفإن جاءت به ألقل من ستة أشهر من "وإذا باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائعقال:

Page 111: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

وفي القياس هو قول زفر والشافعييوم باع فهو ابن البائع وأمه أم ولد له"      -174ص - رحمهما الله دعوته باطلة" ألن البيع اعتراف منه بأنه عبد فكان في دعواه مناقضا وال نسب بدون الدعوى.

وجه االستحسان أن اتصال العلوق بملكه شهادة ظاهرة على كونه منه ألن الظاهر عدم الزنا. ومبنى النسب على الخفاء فيعفى فيه التناقض، وإذا صحت الدعوى استندت إلى وقت العلوق فتبين أنه باع أم ولده

"وإن ادعاه المشتري مع ألنه قبضه بغير حق "ويرد الثمن"فيفسخ البيع ألن بيع أم الولد ال يجوز ألنها أسبق الستنادها إلى وقت العلوق وهذه دعوة استيالددعوة البائع أو بعده فدعوة البائع أولى"

ألنه لم يوجد اتصال العلوق"وإن جاءت به ألكثر من سنتين من وقت البيع لم تصح دعوة البائع" فيثبت النسب ويحمل على االستيالد بالنكاح، "إال إذا صدقه المشتري"بملكه تيقنا وهو الشاهد والحجة

وال يبطل البيع ألنا تيقنا أن العلوق لم يكن في ملكه فال يثبت حقيقة العتق وال حقه، وهذه دعوة تحرير وغير "وإن جاءت به ألكثر من ستة أشهر من وقت البيع وألقل من سنتين لمالمالك ليس من أهله.

ألنه احتمل أن ال يكون العلوق في ملكه فلم توجدتقبل دعوة البائع فيه إال أن يصدقه المشتري" الحجة فال بد من تصديقه، وإذا صدقه يثبت النسب ويبطل البيع والولد حر واألم أم ولد له كما في المسألة

األولى لتصادقهما واحتمال العلوق في ملكه. "فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به ألقل من ستة أشهر لم يثبت االستيالد فيقال:

"وإن ماتت ألنها تابعة للولد ولم يثبت نسبه بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك فال يتبعه استيالد األم األم" األم فادعاه البائع وقد جاءت به ألقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع"؛ ألن الولد هو األصل في النسب فال يضره فوات التبع، وإنما كان الولد أصال ألنها تضاف إليه يقال أم الولد،

والثابت لها حق الحرية وله حقيقتها،"أعتقها ولدها"وتستفيد الحرية من جهته لقوله عليه الصالة والسالم: "ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة. وقاال: يرد حصة الولد وال يرد حصةواألدنى يتبع األعلى

ألنه تبين أنه باع أم ولده، وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغصب فال يضمنها المشتري،األم"وعندهما متقومة فيضمنها.

وفي الجامع الصغير: وإذا حملت الجارية في ملك رجل فباعها فولدت في يد المشتري فادعى البائع الولد وقد أعتق المشتري األم فهو ابنه يرد عليه بحصته من الثمن. ولو كان المشتري إنما أعتق الولد فدعواه

باطلة. ووجه الفرق أن األصل في هذا الباب الولد، واألم تابعة له على ما مر. وفي الفصل األول قام المانع من الدعوة واالستيالد وهو العتق في التبع وهو األم فال يمتنع ثبوته في األصل وهو الولد، وليس من

ضروراته. كما في ولد

 

المغرور فإنه حر وأمه أمة لموالها، وكما في المستولدة بالنكاح. وفي الفصل الثاني      -175ص - قام المانع باألصل وهو الولد فيمتنع ثبوته فيه وفي التبع، وإنما كان اإلعتاق مانعا ألنه ال يحتمل النقض كحق استلحاق النسب وحق االستيالد فاستويا من هذا الوجه، ثم الثابت من المشتري حقيقة اإلعتاق والثابت في

األم حق الحرية، وفي الولد للبائع حق الدعوة والحق ال يعارض الحقيقة، والتدبير بمنزلة اإلعتاق ألنه ال يحتمل النقض وقد ثبت به بعض آثار الحرية. وقوله في الفصل األول يرد عليه بحصته من الثمن قولهما

وعنده يرد بكل الثمن هو الصحيح كما ذكرنا في فصل الموت. "ومن باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع األول فهو ابنهقال:

ألن البيع يحتمل النقض، وما له من حق الدعوة ال يحتمله فينقض البيع ألجله، وكذا إذا كاتبويبطل البيع" الولد أو رهنه أو أجره أو كاتب األم أو رهنها أو زوجها ثم كانت الدعوة ألن هذه العوارض تحتمل النقض

فينقض ذلك كله وتصح الدعوة، بخالف اإلعتاق والتدبير على ما مر، وبخالف ما إذا ادعاه المشتري أوال ثم

Page 112: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ادعاه البائع حيث ال يثبت النسب من البائع ألن النسب الثابت من المشتري ال يحتمل النقض فصار كإعتاقه. ألنهما من ماء واحد، فمن ضرورة ثبوت"ومن ادعى نسب أحد التوأمين ثبت نسبهما منه"قال:

نسب أحدهما ثبوت نسب اآلخر، وهذا ألن التوأمين ولدان بين والدتهما أقل من ستة أشهر فال يتصور علوقالثاني حادثا ألنه ال حبل ألقل من ستة أشهر.

وفي الجامع الصغير: إذا كان في يده غالمان توأمان ولدا عنده فباع أحدهما وأعتقه المشتري ثم ادعى البائع الذي في يده فهما ابناه وبطل عتق المشتري؛ ألنه لما ثبت نسب الولد الذي عنده لمصادفة العلوق والدعوة

ملكه إذ المسألة مفروضة فيه ثبت به حرية األصل فيه فيثبت نسب اآلخر، وحرية األصل فيه ضرورة ألنهما توأمان، فتبين أن عتق المشتري وشراءه القى حرية األصل فبطل، بخالف ما إذا كان الولد واحدا ألن هناك

"ولو لم يكنيبطل العتق فيه مقصودا لحق دعوة البائع وهنا ثبت تبعا لحريته فيه حرية األصل فافترقا ألن هذه دعوةأصل العلوق في ملكه ثبت نسب الولد الذي عنده، وال ينقض البيع فيما باع"

تحرير النعدام شاهد االتصال فيقتصر على محل واليته. "وإن كان الصبي في يد رجل فقال: هو ابن عبدي فالن الغائب ثم قال: هو ابني لمقال:

"وقاال: إذا جحد العبد فهو ابن وهذا عند أبي حنيفة يكن ابنه أبدا وإن جحد العبد أن يكون ابنه" وعلى هذا الخالف إذا قال: هو ابن فالن ولد على فراشه ثم ادعاه لنفسه.المولى"

 

لهما أن اإلقرار ارتد برد العبد فصار كأن لم يكن اإلقرار، واإلقرار بالنسب يرتد بالرد      -176ص - وإن كان ال يحتمل النقض؛ أال يرى أنه يعمل فيه اإلكراه والهزل فصار كما إذا أقر المشتري على البائع

بإعتاق المشترى فكذبه البائع ثم قال أنا أعتقته يتحول الوالء إليه، بخالف ما إذا صدقه ألنه يدعي بعد ذلك نسبا ثابتا من الغير، وبخالف ما إذا لم يصدقه ولم يكذبه ألنه تعلق به حق المقر له على اعتبار تصديقه

فيصير كولد المالعنة فإنه ال يثبت نسبه من غير المالعن؛ ألن له أن يكذب نفسه. وألبي حنيفة أن النسب مما ال يحتمل النقض بعد ثبوته واإلقرار بمثله ال يرتد بالرد فبقي فتمتنع دعوته، كمن شهد على رجل بنسب

صغير فردت شهادته لتهمة ثم ادعاه لنفسه، وهذا ألنه تعلق به حق المقر له على اعتبار تصديقه، حتى لو صدقه بعد التكذيب يثبت النسب منه، وكذا تعلق به حق الولد فال يرتد برد المقر له. ومسألة الوالء على هذا

الخالف، ولو سلم فالوالء قد يبطل باعتراض األقوى كجر الوالء من جانب األم إلى قوم األب. وقد اعترض على الوالء الموقوف ما هو أقوى وهو دعوى المشتري فيبطل به، بخالف النسب على ما مر. وهذا يصلح

مخرجا على أصله فيمن يبيع الولد ويخاف عليه الدعوة بعد ذلك فيقطع دعواه إقراره بالنسب لغيره. "وإذا كان الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني وقال المسلم هوقال:

ألن اإلسالم مرجح فيستدعي تعارضا، وال تعارض ألن نظر الصبيعبدي فهو ابن النصراني وهو حر" في هذا أوفر ألنه ينال شرف الحرية حاال وشرف اإلسالم مآال، إذ دالئل الوحدانية ظاهرة، وفي عكسه الحكم

"ولو كانت دعوتهما دعوة البنوةباإلسالم تبعا وحرمانه عن الحرية ألنه ليس في وسعه اكتسابها ترجيحا لإلسالم وهو أوفر النظرين.فالمسلم أولى"

ومعنى"وإذا ادعت امرأة صبيا أنه ابنها لم تجز دعواها حتى تشهد امرأة على الوالدة"قال: المسألة أن تكون المرأة ذات زوج ألنها تدعي تحميل النسب على الغير فال تصدق إال بحجة، بخالف الرجل

ألنه يحمل نفسه النسب، ثم شهادة القابلة كافية فيها ألن الحاجة إلى تعيين الولد. أما النسب فيثبت بالفراش القائم، وقد صح أن النبي عليه الصالة والسالم قبل شهادة القابلة على الوالدة

أبي حنيفة وقد مر في الطالق، وإن لم تكن منكوحة وال"ولو كانت معتدة فال بد من حجة تامة" عند "وإن كان لها زوج وزعمتمعتدة قالوا: يثبت النسب منها بقولها ألن فيه إلزاما على نفسها دون غيرها.

ألنه التزم نسبه فأغنى ذلك عن الحجة.أنه ابنهما منه وصدقها فهو ابنهما وإن لم تشهد امرأة""وإن كان الصبي في أيديهما وزعم

Page 113: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

ألنالزوج أنه ابنه من غيرها وزعمت أنه ابنها من غيره فهو ابنهما"      -177ص - الظاهر أن الولد منهما لقيام أيديهما أو لقيام الفراش بينهما، ثم كل واحد منهما يريد إبطال حق صاحبه فال يصدق عليه، وهو نظير ثوب في يد رجلين يقول كل واحد منهما هو بيني وبين رجل آخر غير صاحبه يكون الثوب بينهما إال أن هناك يدخل المقر له في نصيب المقر ألن المحل يحتمل الشركة، وهاهنا ال يدخل ألن

النسب ال يحتملها. "ومن اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل غرم األب قيمة الولد يومقال:

ألنه ولد المغرور فإن المغرور من يطأ امرأة معتمدا على ملك يمين أو نكاح فتلد منه ثم تستحق،يخاصم" وولد المغرور حر بالقيمة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم، وألن النظر من الجانبين واجب فيجعل الولد حر

األصل في حق أبيه رقيقا في حق مدعيه نظرا لهما، ثم الولد حاصل في يده من غير صنعه فال يضمنه إالبالمنع كما في ولد المغصوبة، فلهذا تعتبر قيمة الولد يوم الخصومة ألنه يوم المنع.

النعدام المنع، وكذا لو ترك ماال ألن اإلرث ليس ببدل عنه، والمال"ولو مات الولد ال شيء على األب" لوجود المنع وكذا لو قتله غيره فأخذ"ولو قتله األب يغرم قيمته"ألبيه ألنه حر األصل في حقه فيرثه

"ويرجع بقيمة الولدديته، ألن سالمة بدله له كسالمته، ومنع بدله كمنعه فيغرم قيمته كما إذا كان حيا ألنه ضمن له سالمته كما يرجع بثمنه، بخالف العقر ألنه لزمه الستيفاء منافعها فال يرجع بهعلى بائعه"

على البائع، والله أعلم بالصواب.

 

كتاب اإلقرار      -178ص -"وإذا أقر الحر البالغ العاقل بحق لزمه إقراره مجهوال كان ما أقر به أو معلوما".قال:

اعلم أن اإلقرار إخبار عن ثبوت الحق، وأنه ملزم لوقوعه داللة؛ أال ترى كيف ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا رضي الله عنه الرجم بإقراره وتلك المرأة باعترافها. وهو حجة قاصرة لقصور والية المقر عن غيره فيقتصر عليه. وشرط الحرية ليصح إقراره مطلقا، فإن العبد المأذون له وإن كان ملحقا بالحر في حق اإلقرار، لكن المحجور عليه ال يصح إقراره بالمال ويصح بالحدود والقصاص ألن إقراره عهد موجبا لتعلق

الدين برقبته وهي مال المولى فال يصدق عليه، بخالف المأذون ألنه مسلط عليه من جهته، وبخالف الحد والدم ألنه مبقى على أصل الحرية في ذلك، حتى ال يصح إقرار المولى على العبد فيه، وال بد من البلوغ

والعقل ألن إقرار الصبي والمجنون غير الزم النعدام أهلية االلتزام، إال إذا كان الصبي مأذونا له ألنه ملحق بالبالغ بحكم اإلذن، وجهالة المقر به ال تمنع صحة اإلقرار؛ ألن الحق قد يلزم مجهوال بأن أتلف ماال ال يدري قيمته أو يجرح جراحة ال يعلم أرشها أو تبقى عليه باقية حساب ال يحيط به علمه، واإلقرار إخبار عن ثبوت

"ويقال له: بين المجهول"الحق فيصح به، بخالف الجهالة في المقر له ألن المجهول ال يصلح مستحقا، ألنه"فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان"ألن التجهيل من جهته فصار كما إذا أعتق أحد عبديه لزمه الخروج عما لزمه بصحيح إقراره وذلك بالبيان.

"فإن قال: لفالن علي شيء لزمه أن يبين ما له قيمة ألنه أخبر عن الوجوب في ذمته،قال: فإذا بين غير ذلك يكون رجوعا. وما ال قيمة له ال يجب فيها"،

"وكذا إذا ألنه هو المنكر فيه "والقول قوله مع يمينه إن ادعى المقر له أكثر من ذلك"قال: لما بينا، وكذا لو قال: غصبت منه شيئا ويجب أن يبين ما هو مال يجري فيه التمانعقال لفالن علي حق"

"ولو قال: لفالن علي مال فالمرجع إليه في بيانه ألنه المجمل ويقبل قولهتعويال على العادة. "إال أنه ال يصدق في أقل منألن كل ذلك مال فإنه اسم لما يتمول بهفي القليل والكثير"

"ولو قال: مال عظيم لم يصدق في أقل من ألنه ال يعد ماال عرفا درهم"

Page 114: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

مائتي درهم" ألنه أقر بمال موصوف فال يجوز إلغاء الوصف والنصاب عظيم حتى اعتبر      -179ص - صاحبه غنيا به، والغني عظيم عند الناس. وعن أبي حنيفة أنه ال يصدق في أقل من عشرة دراهم وهي

نصاب السرقة ألنه عظيم حيث تقطع به اليد المحترمة، وعنه مثل جواب الكتاب، وهذا إذا قال من الدراهم. أما إذا قال من الدنانير فالتقدير فيها بالعشرين، وفي اإلبل بخمس وعشرين ألنه أدنى نصاب يجب فيه من

"ولو قال: أموال عظام فالتقدير بثالثة نصب من أيجنسه وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب وهذا عند"ولو قال: دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة"اعتبارا ألدنى الجمع فن سماه"

ألن صاحب النصاب مكثر حتى وجب عليه"وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين"أبي حنيفة مواساة غيره، بخالف ما دونه. وله أن العشرة أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع، يقال عشرة دراهم ثم يقال

ألنها أقل"ولو قال دراهم فهي ثالثة"أحد عشر درهما فيكون هو األكثر من حيث اللفظ فينصرف إليه "ولو قال: كذا ألن اللفظ يحتمله وينصرف إلى الوزن المعتاد "إال أن يبين أكثر منها"الجمع الصحيح

ألنه ذكر عددين مبهمين ليس بينهما حرفكذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما" "ولو قال: كذا وكذا درهما لم يصدق في أقل من أحدالعطف وأقل ذلك من المفسر أحد عشر

ألنه ذكر عددين مبهمين بينهما حرف العطف، وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون فيحمل كلوعشرين" "ولو ثلث كذا بغير واو فأحد ألنه تفسير للمبهم "ولو قال كذا درهما فهو درهم"وجه على نظيره

"وإن ثلث بالواو فمائة وأحد وعشرون، وإن ربع يزاد عليها ألف" ألنه ال نظير له سواه عشر"ألن ذلك نظيره.

صيغة إيجاب، وقبلي ينبئ عن" علي " ألن "وإن قال: له علي أو قبلي فقد أقر بالدين"قال: ألن اللفظ يحتمله مجازا"ولو قال المقر هو وديعة ووصل صدق"الضمان على ما مر في الكفالة.

حيث يكون المضمون عليه حفظه والمال محله فيصدق موصوال ال مفصوال. قال رضي الله تعالى عنه: وفي نسخ المختصر في قوله قبلي إنه إقرار باألمانة ألن اللفظ ينتظمهما حتى

"ولو قالصار قوله: ال حق لي قبل فالن إبراء عن الدين واألمانة جميعا، واألمانة أقلهما واألول أصح. ألن كلعندي أو معي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فهو إقرار بأمانة في يده"

"ولو قال لهذلك إقرار بكون الشيء في يده وذلك يتنوع إلى مضمون وأمانة فيثبت وأقلها وهو األمانة. ألنرجل: لي عليك ألف فقال اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار"

الهاء في األول والثاني كناية عن المذكور في الدعوى، فكأنه قال: اتزن األلف التي لك علي، حتى لو لميذكر حرف الكناية ال يكون

 

إقرارا لعدم انصرافه إلى المذكور، والتأجيل إنما يكون في حق واجب، والقضاء يتلو      -180ص - الوجوب ودعوى اإلبراء كالقضاء لما بينا، وكذا دعوى الصدقة والهبة ألن التمليك يقتضي سابقة الوجوب،

وكذا لو قال أحلتك بها على فالن ألنه تحويل الدين. "ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حاال"قال:

ألنه أقر على نفسه بمال وادعى حقا لنفسه فيه فصار كما إذا أقر بعبد في يده وادعى اإلجارة، بخالفاإلقرار بالدراهم السود ألنه صفة فيه وقد مرت المسألة في الكفالة.

"وإن قال: له ألنه منكر حقا عليه واليمين على المنكر. "ويستحلف المقر له على األجل"قال: علي مائة ودرهم لزمه كلها دراهم. ولو قال: مائة وثوب لزمه ثوب واحد، والمرجع في

وهو القياس في األول، وبه قال الشافعي ألن المائة مبهمة والدرهم معطوف عليهاتفسير المائة إليه"بالواو العاطفة ال تفسيرا لها فبقيت المائة على إبهامها كما في الفصل الثاني.

Page 115: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

وجه االستحسان وهو الفرق أنهم استثقلوا تكرار الدرهم في كل عدد واكتفوا بذكره عقيب العددين. وهذا فيما يكثر استعماله وذلك عند كثرة الوجوب بكثرة أسبابه وذلك في الدراهم والدنانير والمكيل والموزون،

لما"وكذا إذا قال: مائة وثوبان"أما الثياب وما ال يكال وال يوزن فال يكثر وجوبها فبقي على الحقيقة. ألنه ذكر عددين مبهمين وأعقبها تفسيرا إذ األثواب لم "بخالف ما إذا قال: مائة وثالثة أثواب"بينا

تذكر بحرف العطف فانصرف إليهما الستوائهما في الحاجة إلى التفسير فكانت كلها ثيابا. وفسره في األصل بقوله: غصبت تمرا في"ومن أقر بتمر في قوصرة لزمه التمر والقوصرة"قال:

قوصرة. ووجهه أن القوصرة وعاء له وظرف له، وغصب الشيء وهو مظروف ال يتحقق بدون الظرف فيلزمانه وكذا الطعام في السفينة والحنطة في الجوالق، بخالف ما إذا قال: غصبت تمرا من قوصرة ألن

كلمة من لالنتزاع فيكون اإلقرار بغصب المنزوع. ألن اإلصطبل غير مضمون بالغصب عند أبي "ومن أقر بدابة في إصطبل لزمه الدابة خاصة"قال:

حنيفة وأبي يوسف وعلى قياس قول محمد يضمنهما ومثله الطعام في البيت. "ومن أقر له ألن اسم الخاتم يشمل الكل. "ومن أقر لغيره بخاتم لزمه الحلقة والفص"قال:

"ومن أقر بحجلة فله ألن االسم ينطوي على الكل. بسيف فله النصل والجفن والحمائل". "وإن قال غصبت ثوبا في منديل لزماهالنطالق االسم على الكل عرفاالعيدان والكسوة"

 

ألنه"وكذا لو قال علي ثوب في ثوب" ألنه ظرف ألن الثوب يلف فيه. جميعا"      -181ص - "وإن قال: ثوب في عشرةظرف. بخالف قوله: درهم في درهم حيث يلزمه واحد ألنه ضرب ال ظرف

ألن النفيسأثواب لم يلزمه إال ثوب واحد عند أبي يوسف. وقال محمد: لزمه أحد عشر ثوبا" يستعمل" في "من الثياب قد يلف في عشرة أثواب فأمكن حمله على الظرف. وألبي يوسف أن حرف

باد�ي{في البين والوسط أيضا، قال الله تعالى: [ أي بين عبادي، فوقع الشك29 ]الفجر:}فادخل�ي ف�ي ع�واألصل براءة الذمم، على أن كل ثوب موعى وليس بوعاء فتعذر حمله على الظرف فتعين األول محمال.

ألن الضرب ال"ولو قال: لفالن علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة" "ولو قال أردت خمسة معيكثر المال. وقال الحسن: يلزمه خمسة وعشرون وقد ذكرناه في الطالق

"ولو قال له علي من درهم إلى عشرة أو قال ما بين ألن اللفظ يحتمله. خمسة لزمه عشرة" درهم إلى عشرة لزمه تسعة عند أبي حنيفة فيلزمه االبتداء وما بعده وتسقط الغاية، وقاال:

"ولو قال له من فتدخل الغايتان. وقال زفر: يلزمه ثمانية وال تدخل الغايتان. يلزمه العشرة كلها" وقدداري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائطين شيء"

مرت الدالئل في الطالق.

: أو: " فالن له أوصى قال فإن درهم، ألف علي فالنة لحمل قال ومن فصل

" صحيح فاإلقرار فورثه أبوه مات "ثم إذا جاءت به في مدة يعلم أنه كان قائما وقت اإلقرارألنه أقر بسبب صالح لثبوت الملك له

ألنه إقرار فيلزمه، فإن جاءت به ميتا فالمال للموصي والمورث حتى يقسم بين ورثته" "ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما،الحقيقة لهما، وإنما ينتقل إلى الجنين بعد الوالدة ولم ينتقل ألنه بين مستحيال. ولو قال المقر باعني أو أقرضني لم يلزمه شيء"

ألن اإلقرار من الحجج"وإن أبهم اإلقرار لم يصح عند أبي يوسف، وقال محمد: يصح"قال: فيجب إعماله وقد أمكن بالحمل على السبب الصالح. وألبي يوسف أن اإلقرار مطلقه ينصرف إلى اإلقرار

بسبب التجارة، ولهذا حمل إقرار العبد المأذون له وأحد المتفاوضين عليه فيصير كما إذا صرح به.

Page 116: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن له وجها صحيحا وهو"ومن أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح إقراره ولزمه"قال: الوصية به من جهة غيره فحمل عليه.

 

ألن الخيار للفسخ واإلخبار ال يحتمله"ومن أقر بشرط الخيار بطل الشرط"قال:      -182ص -"ولزمه المال" لوجود الصيغة الملزمة ولم تنعدم بهذا الشرط الباطل، والله أعلم.

معناه في وما االستثناء باب ألن االستثناء مع الجملة عبارة"ومن استثنى متصال بإقراره صح االستثناء ولزمه الباقي"قال:

"وسواء استثنى األقل أو األكثر، فإن استثنى الجميع لزمهعن الباقي ولكن ال بد من االتصال، ألنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا وال حاصل بعده فيكون رجوعا، وقد مر الوجه فياإلقرار وبطل االستثناء"

الطالق. "ولو قال: له علي مائة درهم إال دينارا أو إال قفيز حنطة لزمه مائة درهم إال قيمة الدينار

"ولو قال له علي مائة درهم إال ثوبا لم يصح وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف أو القفيز" وقال الشافعي: يصح فيهما. ولمحمد أن االستثناء ما لوالهاالستثناء وقال محمد: ال يصح فيهما"

لدخل تحت اللفظ، وهذا ال يتحقق في خالف الجنس. وللشافعي أنهما اتحدا جنسا من حيث المالية. ولهماأن المجانسة في األول ثابتة من حيث الثمنية، وهذا في الدينار ظاهر. والمكيل والموزون أوصافها أثمان.

أما الثوب فليس بثمن أصال ولهذا ال يجب بمطلق عقد المعاوضة وما يكون ثمنا صلح مقدرا بالدراهم فصارمستثنى من الدراهم، وما ال يكون ثمنا ال يصلح مقدرا فبقي المستثنى من الدراهم مجهوال فال يصح.

ألن االستثناء بمشيئة "لم يلزمه اإلقرار" بإقراره"ومن أقر بحق وقال إن شاء الله متصال"قال: الله إما إبطال أو تعليق؛ فإن كان األول فقد بطل، وإن كان الثاني فكذلك، إما ألن اإلقرار ال يحتمل التعليق

بالشرط، أو ألنه شرط ال يوقف عليه كما ذكرنا في الطالق، بخالف ما إذا قال لفالن علي مائة درهم إذا مت أو إذا جاء رأس الشهر أو إذا أفطر الناس ألنه في معنى بيان المدة فيكون تأجيال ال تعليقا، حتى لو كذبه

المقر له في األجل يكون المال حاال. ألن البناء داخل في هذا"ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء"قال:

اإلقرار معنى ال لفظا، واالستثناء تصرف في الملفوظ، والفص في الخاتم والنخلة في البستان نظير البناء "ولو قالفي الدار ألنه يدخل فيه تبعا ال لفظا، بخالف ما إذا قال إال ثلثها أو إال بيتا منها ألنه داخل فيه لفظا

ألن العرصة عبارة عن البقعة دون البناء، فكأنهبناء هذا الدار لي والعرصة لفالن فهو كما قال" قال بياض هذه األرض دون البناء لفالن، بخالف ما إذا قال مكان العرصة أرضا حيث يكون البناء للمقر له ألن

اإلقرار باألرض إقرار بالبناء كاإلقرار

 

"ولو قال له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه،بالدار.      -183ص - قال:فإن ذكر عبدا بعينه قيل للمقر له إن شئت فسلم العبد وخذ األلف وإال فال شيء لك"

وهذا على وجوه: أحدها: هذا وهو أن يصدقه ويسلم العبد، وجوابه ما ذكر، ألن الثابت بتصادقهما كالثابت معاينة. والثاني: أن يقول المقر له: العبد عبدك ما بعتكه وإنما بعتك عبدا غير هذا وفيه المال الزم على المقر إلقراره به عند

سالمة العبد له وقد سلم فال يبالى باختالف السبب بعد حصول المقصود. والثالث: أن يقول العبد عبدي ما بعتك. وحكمه أن ال يلزم المقر شيء ألنه ما أقر بالمال إال عوضا عن العبد

Page 117: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فال يلزمه دونه، ولو قال مع ذلك إنما بعتك غيره يتحالفان ألن المقر يدعي تسليم من عينه واآلخر ينكر "وإنوالمقر له يدعي عليه األلف ببيع غيره واآلخر ينكره، وإذا تحالفا بطل المال، هذا إذا ذكر عبدا بعينه

قال من ثمن عبد اشتريته ولم يعينه لزمه األلف وال يصدق في قوله ما قبضت عند أبي ألنه رجوع فإنه أقر بوجوب المال رجوعا إلى كلمة علي، وإنكاره القبض في غيرحنيفة وصل أم فصل"

المعين ينافي الوجوب أصال ألن الجهالة مقارنة كانت أو طارئة بأن اشترى عبدا ثم نسياه عند االختالط بأمثاله توجب هالك المبيع فيمتنع وجوب نقد الثمن، وإذا كان كذلك كان رجوعا فال يصح وإن كان موصوال. وقال أبو يوسف ومحمد: إن وصل صدق ولم يلزمه شيء، وإن فصل لم يصدق إذا أنكر المقر له أن يكون ذلك من ثمن عبد، وإن أقر أنه باعه متاعا فالقول قول المقر. ووجه ذلك أنه أقر بوجوب المال عليه وبين

سببا وهو البيع، فإن وافقه الطالب في السبب وبه ال يتأكد الوجوب إال بالقبض، والمقر ينكره فيكون القول له، وإن كذبه في السبب كان هذا من المقر بيانا مغيرا ألن صدر كالمه للوجوب مطلقا وآخره يحتمل انتفاءه

"ولو قال ابتعت منه بيعا إال أني لم أقبضهعلى اعتبار عدم القبض والمغير يصح موصوال ال مفصوال. باإلجماع ألنه ليس من ضرورة البيع القبض، بخالف اإلقرار بوجوب الثمن. فالقول قوله"

ومعنى المسألة إذا قال لفالن علي ألف من ثمن خمر أو "وكذا لو قال من ثمن خمر أو خنزير"قال: ألنه رجوع ألن ثمن الخمر"لزمه األلف ولم يقبل تفسيره عند أبي حنيفة وصل أم فصل" خنزير

ألنه بين بآخر كالمه أنه ما"وقاال: إذا وصل ال يلزمه شيء"والخنزير ال يكون واجبا وأول كالمه للوجوب أراد به اإليجاب وصار كما إذا قال في آخره إن شاء الله. قلنا: ذاك تعليق وهذا إبطال.

 

"ولو قال له علي ألف من ثمن متاع أو أقرضني ألفا وبين أنها زيوف أو      -184ص - نبهرجة وقال المقر له هي جياد لزمه الجياد عند أبي حنيفة رحمه الله، وقاال: إن قال ذلك

وعلى هذا الخالف إذا قال هي ستوقة أو رصاص وعلىموصوال يصدق وإن قال مفصوال ال يصدق" هذا إذا قال، إال أنها زيوف، وعلى هذا إذا قال لفالن علي ألف درهم زيوف من ثمن متاع. لهما أنه بيان مغير فيصح بشرط الوصل كالشرط واالستثناء، وهذا ألن اسم الدراهم يحتمل الزيوف بحقيقته، والستوقة بمجازه إال أن مطلقه ينصرف إلى الجياد فكان بيان مغيرا من هذاالوجه وصار كما إذا قال إال أنها وزن خمسة وألبي

حنيفة رحمه الله أن هذا رجوع ألن مطلق العقد يقتضي السالمة عن العيب والزيافة عيب، ودعوى العيب رجوع عن بعض موجبه، وصار كما إذا قال بعتك معيبا وقال المشتري بعتنيه سليما فالقول للمشتري لما بينا

والستوقة ليست من جنس األثمان والبيع يرد على الثمن فكان رجوعا وقوله إال أنها وزن خمسة يصح استثناء، ألنه مقدار بخالف الجودة ألن استثناء الوصف ال يجوز كاستثناء البناء في الدار بخالف ما إذا قال له

علي كر حنطة من ثمن عبد إال أنها رديئة ألن الرداءة نوع ال عيب. فمطلق العقد ال يقتضي السالمة عنها، وعن أبي حنيفة في غير رواية األصول في القرض أنه يصدق في الزيوف إذا وصل، ألن القرض يوجب رد

مثل المقبوض، وقد يكون زيفا كما في الغصب. وجه الظاهر أن التعامل بالجياد "ولو قال لفالن علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض قيلفانصرف مطلقه إلها

ألن مطلق اإلقرار ينصرف إلى العقود "وقيل ال يصدق" باإلجماع ألن اسم الدراهم يتناولهايصدق" "ولو قال اغتصبت منه ألفا أو قال أودعني ثم قاللتعينها مشروعة، ال إلى االستهالك المحرم

ألن اإلنسان يغصب ما يجد ويودع ما يملك فال مقتضى له هي زيوف أو نبهرجة صدق وصل أم فصل" في الجياد وال تعامل، فيكون بيان النوع فيصح وإن فصل ولهذا لو جاء زاد المغصوب، والوديعة بالمعيب كان

القول له، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه ال يصدق فيه مفصوال اعتبارا بالقرض إذ القبض فهيما هو الموجب للضمان ولو قال: هي ستوقة أو رصاص بعد ما أقر بالغصب والوديعة ووصل صدق وإن فصل لم يصدق ألن

ستوقة ليست من جنس الدراهم لكن االسم يتناولها مجازا فكان بيانا مغيرا فال بد من الوصل. ألن هذا استثناء"ولو قال في هذا كله ألفا إال أنه ينقص كذا لم يصدق وإن وصل صدق"

Page 118: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المقدار واالستثناء يصح موصوال بخالف الزيافة ألنها وصف واستثناء األوصاف ال يصح واللفظ يتناول المقدار دون الوصف، وهو تصرف لفظي كما بينا ولو كان الفصل ضرورة انقطاع الكالم بانقطاع نفسه فهو واصل

"ومن أقر بغصبلعدم إمكانية االحتراز عنه

 

"ومن قال ألن الغصب ال يختص بالسليم.ثوب ثم جاء بثوب معيب فالقول له"      -185ص - آلخر: أخذت منك ألف درهم وديعة فهلكت فقال ال بل أخذتها غصبا فهو ضامن، وإن قال

والفرق أن في الفصل األول أقر بسبب الضمانأعطيتنيها وديعة فقال ال بل غصبتنيها لم يضمن" وهو األخذ ثم ادعى ما يبرئه وهو اإلذن واآلخر ينكره فيكون القول له مع اليمين. وفي الثاني أضاف الفعل

إلى غيره وذاك يدعي عليه سبب الضمان وهو الغصب فكان القول لمنكره مع اليمين والقبض في هذاكاألخذ والدفع كاإلعطاء.

فإن قال قائل: إعطاؤه والدفع إليه ال يكون إال بقبضه. فنقول: قد يكون بالتخلية والوضع بين يديه، ولو اقتضى ذلك فالمقتضى ثابت ضرورة فال يظهر في انعقاده سبب الضمان، وهذا بخالف ما إذا قال: أخذتها منك وديعة وقال اآلخر ال بل قرضا حيث يكون القول للمقر

وإن أقر باألخذ ألنهما توافقا هنالك على أن األخذ كان باإلذن إال أن المقر له يدعي سبب الضمان وهو "وإن قال هذه األلف كانت وديعة لي عند فالن فأخذتها فقال فالنالقرض واآلخر ينكر فافترقا.

"ولو قال: ألنه أقر باليد له وادعى استحقاقها عليه وهو ينكر والقول للمنكر. هي لي فإنه يأخذها" آجرت دابتي هذه فالنا فركبها وردها، أو قال: آجرت ثوبي هذا فالنا فلبسه ورده وقال

"وقال أبو يوسف ومحمد: القول وهذا عند أبي حنيفةفالن كذبت وهما لي فالقول قوله" "ولو قال خاط وهو القياس وعلى هذا الخالف اإلعارة واإلسكان. قول الذي أخذ منه الدابة والثوب"

فالن ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فالن الثوب ثوبي فهو على هذا الخالف في وجه القياس ما بيناه في الوديعة. الصحيح"

وجه االستحسان وهو الفرق أن اليد في اإلجارة واإلعارة ضرورية تثبت ضرورة استيفاء المعقود عليه وهو المنافع فيكون عدما فيما وراء الضرورة فال يكون إقرارا له باليد مطلقا، بخالف الوديعة ألن اليد فيها

مقصودة واإليداع إثبات اليد قصدا فيكون اإلقرار به اعترافا باليد للمودع. ووجه آخر: أن في اإلجارة واإلعارة واإلسكان أقر بيد ثابتة من جهته فيكون القول قوله في كيفيته. وال كذلك

في مسألة الوديعة ألنه قال فيها كانت وديعة، وقد تكون من غير صنعه، حتى لو قال أودعتها كان على هذا الخالف، وليس مدار الفرق على ذكر األخذ في طرف الوديعة وعدمه في الطرف اآلخر وهو اإلجارة وأختاه؛

ألنه ذكر األخذ في وضع الطرف اآلخر في كتاب اإلقرار أيضا، وهذا بخالف ما إذا قال اقتضيت من

 

فالن ألف درهم كانت لي عليه أو أقرضته ألفا ثم أخذتها منه وأنكر المقر له حيث يكون      -186ص - القول قوله ألن الديون تقضى بأمثالها، وذلك إنما يكون بقبض مضمون، فإذا أقر باالقتضاء فقد أقر بسبب

الضمان ثم ادعى تملكه عليه بما يدعيه من الدين مقاصة واآلخر ينكره. أما هاهنا المقبوض عين ما ادعى فيه اإلجارة وما أشبهها فافترقا، لو أقر أن فالنا زرع هذه األرض أو بنى

هذه الدار أو غرس هذا الكرم وذلك كله في يد المقر فادعاها فالن وقال المقر ال بل ذلك كله لي استعنت بك ففعلت أو فعلته بأجر فالقول للمقر ألنه ما أقر له باليد وإنما أقر بمجرد فعل منه، وقد يكون ذلك في

ملك في يد المقر وصار كما إذا قال خاط لي الخياط قميصي هذا بنصف درهم ولم يقل قبضته منه لم يكنإقرارا باليد ويكون القول للمقر لما أنه أقر بفعل منه وقد يخيط ثوبا في يد المقر كذا هذا.

Page 119: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المريض إقرار باب "وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضهقال:

وقال الشافعي رحمه الله: دينبأسباب معلومة فدين الصحة والدين المعروف األسباب مقدم" المرض ودين الصحة يستويان الستواء سببهما وهو اإلقرار الصادر عن عقل ودين، ومحل الوجوب الذمة

القابلة للحقوق فصار كإنشاء التصرف مبايعة ومناكحة. ولنا أن اإلقرار ال يعتبر دليال إذا كان فيه إبطال حق الغير، وفي إقرار المريض ذلك ألن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء، ولهذا منع من التبرع

والمحاباة إال بقدر الثلث. بخالف النكاح ألنه من الحوائج األصلية وهو بمهر المثل، وبخالف المبايعة بمثل القيمة ألن حق الغرماء تعلق بالمالية ال بالصورة، وفي حالة الصحة لم يتعلق بالمال لقدرته على االكتساب

فيتحقق التثمير، وهذه حالة العجز وحالتا المرض حالة واحدة ألنه حالة الحجر، بخالف حالتي الصحة والمرض؛ ألن األولى حالة إطالق وهذه حالة عجز فافترقا، وإنما تقدم الديون المعروفة األسباب ألنه ال تهمة في ثبوتها إذ المعاين ال مرد له، وذلك مثل بدل مال ملكه أو استهلكه وعلم وجوبه بغير إقراره أو تزوج امرأة

بمهر مثلها، وهذا الدين مثل دين الصحة ال يقدم أحدهما على اآلخر لما بينا، ولو أقر بعين في يده آلخر لم يصح في حق غرماء الصحة لتعلق حقهم به، وال يجوز للمريض أن يقضي دين بعض الغرماء دون البعض؛ ألن

في إيثار البعض إبطال حق الباقين، وغرماء الصحة والمرض في ذلك سواء، إال إذا قضى ما استقرض فيمرضه أو نقد ثمن ما اشترى في مرضه وقد علم بالبينة.

 

"وفضل شيء يصرف إلى ما أقر به يعني الديون المقدمة "فإذا قضيت"قال:      -187ص - ألن اإلقرار في ذاته صحيح، وإنما رد في حق غرماء الصحة فإذا لم يبق حقهم ظهرتفي حالة المرض"

صحته. ألنه لم يتضمن إبطال حق الغير وكان المقر"وإن لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره"قال:

له أولى من الورثة لقول عمر رضي الله عنه: إذا أقر المريض بدين جاز ذلك عليه في جميع تركته وألنقضاء الدين من الحوائج األصلية وحق الورثة يتعلق بالتركة بشرط الفراغ ولهذا تقدم حاجته في التكفين.

وقال الشافعي في أحد"ولو أقر المريض لوارثه ال يصح إال أن يصدقه فيه بقية الورثة"قال: قوليه: يصح ألنه إظهار حق ثابت لترجح جانب الصدق فيه، وصار كاإلقرار ألجنبي وبوارث آخر وبوديعة

وألنه تعلق حق"ال وصية لوارث وال إقرار له بالدين"مستهلكة للوارث. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: الورثة بماله في مرضه ولهذا يمنع من التبرع على الوارث أصال، ففي تخصيص البعض به إبطال حق الباقين، وألن حالة المرض حالة االستغناء والقرابة سبب التعلق، إال أن هذا التعلق لم يظهر في حق األجنبي لحاجته

إلى المعاملة في الصحة؛ ألنه لو انحجر عن اإلقرار بالمرض يمتنع الناس عن المعاملة معه، وقلما تقع المعاملة مع الوارث ولم يظهر في حق اإلقرار بوارث آخر لحاجته أيضا، ثم هذا التعلق حق بقية الورثة، فإذا

صدقوه فقد أبطلوه فيصح إقراره. لما بينا، والقياس أن ال يجوز إال في الثلث ألن الشرع"وإذا أقر ألجنبي جاز وإن أحاط بماله"قال:

قصر تصرفه عليه. إال أنا نقول: لما صح إقراره في الثلث كان له التصرف في ثلث الباقي ألنه الثلث بعدالدين ثم وثم حتى يأتي على الكل.

"ومن أقر ألجنبي ثم قال: هو ابني ثبت نسبه منه وبطل إقراره، فإن أقر ألجنبية ثمقال: ووجه الفرق أن دعوة النسب تستند إلى وقت العلوق فتبين أنه أقر البنهتزوجها لم يبطل إقراره لها"

فال يصح وال كذلك الزوجية ألنها تقتصر على زمان التزوج فبقي إقراره ألجنبية. "ومن طلق زوجته في مرضه ثالثا ثم أقر لها بدين فلها األقل من الدين ومن ميراثهاقال: ألنهما متهمان فيه لقيام العدة، وباب اإلقرار مسدود للوارث فلعله أقدم على هذا الطالق ليصح إقرارهمنه"

لها زيادة على ميراثها وال تهمة في أقل األمرين فيثبت والله أعلم بالصواب.

Page 120: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

"ومن أقر بغالم يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه فصل:      -188ص - وصدقه الغالم ثبت نسبه منه وإن كان مريضا"

ألن النسب مما يلزمه خاصة فيصح إقراره به وشرط أن يولد مثله لمثله كي ال يكون مكذبا في الظاهر، وشرط أن ال يكون له نسب معروف ألنه يمنع ثبوته من غيره، وإنما شرط تصديقه ألنه في يد نفسه إذ

المسألة في غالم يعبر عن نفسه، بخالف الصغير على ما مر من قبل، وال يمتنع بالمرض ألن النسب من ألنه لما ثبت نسبه منه صار كالوارث المعروف فيشارك"ويشارك الورثة في الميراث"الحوائج األصلية

ورثته. ألنه أقر بما يلزمه وليس فيه"ويجوز إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى"قال:

"وال يقبل لما بينا "ويقبل إقرار المرأة بالوالدين والزوج والمولى"تحميل النسب على الغير. ألن الحق "إال أن يصدقها الزوج" ألن فيه تحميل النسب على الغير وهو الزوج ألن النسب منهبالولد"

ألن قول القابلة في هذا مقبول وقد مر في الطالق، وقد ذكرنا في إقرار"أو تشهد بوالدته قابلة"له المرأة تفصيال في كتاب الدعوى، وال بد من تصديق هؤالء، ويصح التصديق في النسب بعد موت المقر ألن

النسب يبقى بعد الموت، وكذا تصديق الزوجة ألن حكم النكاح باق، وكذا تصديق الزوج بعد موتها ألن اإلرث من أحكامه. وعند أبي حنيفة ال يصح ألن النكاح انقطع بالموت ولهذا ال يحل له غسلها عندنا، وال يصح التصديق على اعتبار اإلرث ألنه معدوم حالة اإلقرار، وإنما يثبت بعد الموت والتصديق يستند إلى أول

اإلقرار. "ومن أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو األخ والعم ال يقبل إقراره في النسب"قال:

"فإن كان له وارث معروف قريب أو بعيد فهو أولى بالميراثألن فيه حمل النسب على الغير "وإن لم يكن له وارث استحق ألنه لما لم يثبت نسبه منه ال يزاحم الوارث المعروف من المقر له"

ألن له والية التصرف في مال نفسه عند عدم الوارث؛ أال يرى أن له أن يوصي بجميعهالمقر له ميراثه" فيستحق جميع المال وإن لم يثبت نسبه منه لما فيه من حمل النسب على الغير، وليست هذه وصية حقيقة حتى أن من أقر بأخ ثم أوصى آلخر بجميع ماله كان للموصى له ثلث جميع المال خاصة ولو كان األول وصية

الشتركا نصفين لكنه بمنزلته، حتى لو أقر في مرضه بأخ وصدقه المقر له ثم أنكر المقر وراثته ثم أوصى بماله كله إلنسان كان ماله للموصى له؛ ولو لم يوص ألحد كان لبيت المال، ألن رجوعه صحيح ألن النسب

لم يثبت فبطل إقراره.

 

"ويشاركه في لما بينا"ومن مات أبوه فأقر بأخ لم يثبت نسب أخيه"قال:      -189ص - ألن إقراره تضمن شيئين: حمل النسب على الغير وال والية له عليه، واالشتراك في المال وله فيهاإلرث"

والية فيثبت كالمشتري وإذا أقر على البائع بالعتق لم يقبل إقراره حتى ال يرجع عليه بالثمن ولكنه يقبل فيحق العتق.

"ومن مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أبوه قبض منهاقال: ألن هذا إقرار بالدين على الميت ألن االستيفاء إنما يكونخمسين ال شيء للمقر ولآلخر خمسون"

بقبض مضمون، فإذا كذبه أخوه استغرق الدين نصيبه كما هو المذهب عندنا، غاية األمر أنهما تصادقا على كون المقبوض مشتركا بينهما، لكن المقر لو رجع على القابض بشيء لرجع القابض على الغريم ورجع

الغريم على المقر فيؤدي إلى الدور، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

 

Page 121: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

كتاب الصلح      -190ص - "الصلح على ثالثة أضرب: صلح مع إقرار، وصلح مع سكوت، وهو أن ال يقر المدعىقال:

لح خير{ إلطالق قوله تعالى: عليه وال ينكر وصلح مع إنكار وكل ذلك جائز" [128 ]النساء:}والص وقال"كل صلح جائز فيما بين المسلمين إال صلحا أحل حراما أو حرم حالال"ولقوله عليه الصالة والسالم:

الشافعي: ال يجوز مع إنكار أو سكوت لما روينا، وهذا بهذه الصفة ألن البدل كان حالال على الدافع حراما على اآلخذ فينقلب األمر، وألن المدعى عليه يدفع المال لقطع الخصومة وهذا رشوة. ولنا ما تلونا وأول ما

روينا وتأويل آخره أحل حراما لعينه كالخمر أو حرم حالال لعينه كالصلح على أن ال يطأ الضرة وألن هذا صلح بعد دعوى صحيحة فيقضى بجوازه ألن المدعي يأخذه عوضا عن حقه في زعمه وهذا مشروع، والمدعى

عليه يدفعه لدفع الخصومة عن نفسه وهذا مشروع أيضا إذ المال وقاية األنفس ودفع الرشوة لدفع الظلمأمر جائز.

"فإن وقع الصلح عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إن وقع عن مال بمال"قال: "فتجري فيه الشفعةلوجود معنى البيع وهو مبادلة المال بالمال بتراضيهما في حق المتعاقدين بتراضهما

ألنهاإذا كان عقارا ويرد بالعيب ويثبت فيه خيار الشرط والرؤية، ويفسده جهالة البدل" "وإن كانالمفضية إلى المنازعة دون جهالة المصالح عنه ألنه يسقط، ويشترط القدرة على تسليم البدل

لوجود معنى اإلجارة وهو تمليك المنافع بمال واالعتبار في العقودعن مال بمنافع يعتبر باإلجارات"لمعانيها فيشترط التوقيت فيها ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة ألنه إجارة.

"الصلح عن السكوت واإلنكار في حق المدعى عليه الفتداء اليمين وقطع الخصومةقال: لما بينا.وفي حق المدعي لمعنى المعاوضة"

"ويجوز أن يختلف حكم العقد في حقهما كما يختلف حكم اإلقالة في حق المتعاقدين وهذا في اإلنكار ظاهر، وكذا في السكوت فألنه يحتمل اإلقرار والجحود فال يثبت كونه عرضا فيوغيرهما"

حقه بالشك.

 

معناه إذا كان عن إنكار أو"وإذا صالح عن دار لم يجب فيها الشفعة"قال:      -191ص - سكوت ألنه يأخذها على أصل حقه ويدفع المال دفعا لخصومة المدعي وزعم المدعي ال يلزمه، بخالف ما إذا صالح على دار حيث يجب فيها الشفعة ألن المدعي يأخذها عوضا عن المال فكان معاوضة في حقه فتلزمه

الشفعة بإقراره وإن كان المدعى عليه يكذبه. "وإذا كان الصلح عن إقرار واستحق بعض المصالح عنه رجع المدعى عليه بحصة ذلكقال:

"وإن وقع الصلح عن سكوت ألنه معاوضة مطلقة كالبيع وحكم االستحقاق في البيع هذامن العوض" ألن المدعى عليه ما بذلأو إنكار فاستحق المتنازع فيه رجع المدعي بالخصومة ورد العوض"

العوض إال ليدفع خصومته عن نفسه، فإذا ظهر االستحقاق تبين أن ال خصومة له فيبقى العوض في يده غير مشتمل على غرضه فيسترده، وإن استحق بعض ذلك رد حصته ورجع بالخصومة فيه ألنه خال العوض في هذا

القدر عن الغرض. ولو استحق المصالح عليه عن إقرار رجع بكل المصالح عنه ألنه مبادلة، وإن استحق بعضه رجع بحصته. وإن كان الصلح عن إنكار أو سكوت رجع إلى الدعوى في كله أو بقدر المستحق إذا

استحق بعضه ألن المبدل فيه هو الدعوى، وهذا بخالف ما إذا باع منه على اإلنكار شيئا حيث يرجع بالمدعى ألن اإلقدام على البيع إقرار منه بالحق له، وال كذلك الصلح ألنه قد يقع لدفع الخصومة، ولو هلك بدل الصلح

قبل التسليم فالجواب فيه كالجواب في االستحقاق في الفصلين. "وإن ادعى حقا في دار ولم يبينه فصولح من ذلك ثم استحق بعض الدار لم يرد شيئاقال:

بخالف ما إذا استحق كله ألنه يعرى العوض عندمن العوض ألن دعواه يجوز أن يكون فيما بقي" ذلك عن شيء يقابله فيرجع بكله على ما قدمناه في البيوع. ولو ادعى دارا فصالحه على قطعة منها لم

Page 122: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يصح الصلح ألن ما قبضه من عين حقه وهو على دعواه في الباقي. والوجه فيه أحد أمرين: إما أن يزيددرهما في بدل الصلح فيصير ذلك عوضا عن حقه فيما بقي، أو يلحق به ذكر البراءة عن دعوى الباقي.

" األموال: " دعوى عن جائز والصلح فصلألنه في معنى البيع على ما مر.

ألنها تملك بعقد اإلجارة فكذا بالصلح، واألصل فيه أن الصلح يجب حمله على أقرب"والمنافع"قال: العقود إليه وأشبهها به احتياال لتصحيح تصرف العاقد ما أمكن.

ن أما األول فلقوله تعالى: "ويصح عن جناية العمد والخطأ"قال: ي له م� }فمن عف�

 

يه� شيء فاتباع{      -192ص - [ اآلية قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنها نزلت178 ]البقرة:أخ� في الصلح عن دم العمد وهو بمنزلة النكاح، حتى أن ما صلح مسمى فيه صلح هاهنا إذ كل واحد منهما

مبادلة المال بغير المال إال أن عند فساد التسمية هنا يصار إلى الدية ألنها موجب الدم. ولو صالح على خمر ال يجب شيء ألنه ال يجب بمطلق العفو. وفي النكاح يجب مهر المثل في الفصلين ألنه الموجب األصلي،

ويجب مع السكوت عنه حكما، ويدخل في إطالق جواب الكتاب الجناية في النفس وما دونها، وهذا بخالف الصلح عن حق الشفعة على مال حيث ال يصح ألنه حق التملك، وال حق في المحل قبل التملك. وأما

القصاص فملك المحل في حق الفعل فيصح االعتياض عنه وإذا لم يصح الصلح تبطل الشفعة ألنها تبطل باإلعراض والسكوت، والكفالة بالنفس بمنزلة حق الشفعة حتى ال يجب المال بالصلح عنه، غير أن في

بطالن الكفالة روايتين على ما عرف في موضعه. وأما الثاني وهو جناية الخطأ فألن موجبها المال فيصير بمنزلة البيع، إال أنه ال تصح الزيادة على قدر الدية ألنه مقدر شرعا فال يجوز إبطاله فترد الزيادة، بخالف

الصلح عن القصاص حيث تجوز الزيادة على قدر الدية ألن القصاص ليس بمال وإنما يتقوم بالعقد، وهذا إذا صالح على أحد مقادير الدية، أما إذا صالح على غير ذلك جاز ألنه مبادلة بها، إال أنه يشترط القبض في

المجلس كي ال يكون افتراقا عن دين بدين. ولو قضى القاضي بأحد مقاديرها فصالح على جنس آخر منها بالزيادة جاز ألنه تعين الحق بالقضاء فكان مبادلة بخالف الصلح ابتداء ألن تراضيهما على بعض المقادير

بمنزلة القضاء في حق التعيين فال تجوز الزيادة على ما تعين. ألنه حق الله تعالى ال حقه، وال يجوز االعتياض عن حق غيره، ولهذا ال"وال يجوز عن دعوى حد"قال:

يجوز االعتياض إذا ادعت المرأة نسب ولدها ألنه حق الولد ال حقها، وكذا ال يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة ألنه حق العامة فال يجوز أن يصالح واحد على االنفراد عنه؛ ويدخل في إطالق الجواب حد

القذف ألن المغلب فيه حق الشرع. "وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحا وهي تجحد فصالحته على مال بذلته حتى يتركقال:

ألنه أمكن تصحيحه خلعا في جانبه بناء على زعمه وفي جانبها بدالالدعوى جاز وكان في معنى الخلع"للمال لدفع الخصومة. قالوا: وال يحل له أن يأخذ فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان مبطال في دعواه.

قال رضي الله عنه:"وإذا ادعت امرأة على رجل نكاحا فصالحها على مال بذله لها جاز"قال: هكذا ذكر في بعض نسخ المختصر، وفي بعضها قال: لم يجز. وجه األول أن

 

يجعل زيادة في مهرها. وجه الثاني أنه بذل لها المال لتترك الدعوى فإن جعل ترك      -193ص - الدعوى منها فرقة فالزوج ال يعطي العوض في الفرقة، وإن لم يجعل فالحال على ما كان عليه قبل الدعوى

"وإن ادعى على رجل أنه عبده فصالحه على مال أعطاهفال شيء يقابله العوض فلم يصح. قال:

Page 123: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألنه أمكن تصحيحه على هذا الوجه في حقهجاز وكان في حق المدعي بمنزلة اإلعتاق على مال" لزعمه ولهذا يصح على حيوان في الذمة إلى أجل وفي حق المدعى عليه يكون لدفع الخصومة؛ ألنه يزعم

أنه حر فجاز إال أنه ال والء له إلنكار العبد إال أن يقيم البينة فتقبل ويثبت الوالء. "وإذا قتل العبد المأذون له رجال عمدا لم يجز له أن يصالح عن نفسه، وإن قتل عبد لهقال:

ووجه الفرق أن رقبته ليست من تجارته ولهذا ال يملك التصرف فيه بيعا فكذارجال عمدا فصالحه جاز" استخالصا بمال المولى وصار كاألجنبي، أما عبده فمن تجارته وتصرفه فيه نافذ بيعا فكذا استخالصا، وهذا

ألن المستحق كالزائل عن ملكه وهذا شراؤه فيملكه. "ومن غصب ثوبا يهوديا قيمته دون المائة فاستهلكه فصالحه منها على مائة درهم جازقال:

عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يبطل الفضل على قيمته بما ال يتغابن الناس ألن الواجب هي القيمة وهي مقدرة فالزيادة عليها تكون ربا، بخالف ما إذا صالح على عرض ألنفيه"

الزيادة ال تظهر عند اختالف الجنس، وبخالف ما يتغابن الناس فيه ألنه يدخل تحت تقويم المقومين فال تظهر الزيادة. وألبي حنيفة أن حقه في الهالك باق حتى لو كان عبدا وترك أخذ القيمة يكون الكفن عليه أو حقه في مثله صورة ومعنى، ألن ضمان العدوان بالمثل، وإنما ينتقل إلى القيمة بالقضاء فقبله إذا تراضيا على

األكثر كان اعتياضا فال يكون ربا، بخالف الصلح بعد القضاء ألن الحق قد انتقل إلى القيمة. "وإذا كان العبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه اآلخر على أكثر منقال:

وهذا باالتفاق، وأما عندهما فلما بينا. والفرق ألبي حنيفة رحمه الله أننصف قيمته فالفضل باطل" القيمة في العتق منصوص عليها وتقدير الشرع ال يكون دون تقدير القاضي فال يجوز الزيادة عليه، وبخالف

لما بينا أنه ال يظهر الفضل، والله أعلم"وإن صالحه على عروض جاز"ما تقدم ألنها غير منصوص عليها بالصواب.

به والتوكيل بالصلح التبرع باب"ومن وكل رجال بالصلح عنه فصالح لم يلزم الوكيل ما صالح عنه إال أن يضمنهقال:

 

وتأويل هذه المسألة إذا كان الصلح عن دم العمد أو كانوالمال الزم للموكل"      -194ص - الصلح عن بعض ما يدعيه من الدين ألنه إسقاط محض فكان الوكيل فيه سفيرا ومعبرا فال ضمان عليه

كالوكيل بالنكاح إال أن يضمنه ألنه حينئذ هو مؤاخذ بعقد الضمان ال بعقد الصلح، أما إذا كان الصلح عن مالبمال فهو بمنزلة البيع فترجع الحقوق إلى الوكيل فيكون المطالب بالمال هو الوكيل دون الموكل.

"وإن صالح رجل عنه بغير أمره فهو على أربعة أوجه: إن صالح بمال وضمنه تم الصلح"قال: ألن الحاصل للمدعى عليه ليس إال البراءة وفي حقها هو واألجنبي سواء فصلح أصيال فيه إذا ضمنه،

كالفضولي بالخلع إذا ضمن البدل ويكون متبرعا على المدعى عليه كما لو تبرع بقضاء الدين بخالف ما إذا كان بأمره وال يكون لهذا المصالح شيء من المدعى، وإنما ذلك للذي في يده ألن تصحيحه بطريق اإلسقاط،

"وكذلك إن قال صالحتك على ألفي هذه أو علىوال فرق في هذا بين ما إذا كان مقرا أو منكرا ألنه لما أضافه إلى مال نفسه فقد التزم تسليمه فصح الصلحعبدي هذا صح الصلح ولزمه تسليمها"

ألن التسليم إليه يوجب سالمة العوض له فيتم العقد لحصول"وكذلك لو قال علي ألف وسلمها" "ولو قال صالحتك على ألف فالعقد موقوف، فإن أجازه المدعى عليه جاز ولزمهمقصوده

ألن األصل في العقد إنما هو المدعى عليه ألن دفع الخصومة حاصل له، إالاأللف، وإن لم يجزه بطل" أن الفضولي يصير أصيال بواسطة إضافة الضمان إلى نفسه، فإذا لم يضفه بقي عاقدا من جهة المطلوب

فيتوقف على إجازته. قال رضي الله عنه: ووجه آخر وهو أن يقول صالحتك على هذه األلف أو على هذا العبد ولم ينسبه إلى

Page 124: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

نفسه ألنه لما عينه للتسليم صار شارطا سالمته له فيتم بقوله. ولو استحق العبد أو وجد به عيبا فرده فال سبيل له على المصالح ألنه التزم اإليفاء من محل بعينه ولم يلتزم شيئا سواه، فإن سلم المحل له تم

الصلح، وإن لم يسلم له لم يرجع عليه بشيء. بخالف ما إذا صالح على دراهم مسماة وضمنها ودفعها ثم استحقت أو وجدها زيوفا حيث يرجع عليه ألنه جعل نفسه أصيال في حق الضمان ولهذا يجبر على التسليم،

فإذا لم يسلم له ما سلمه يرجع عليه ببدله، والله أعلم بالصواب.

الدين في الصلح باب "وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة،قال:

وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه، كمن له على آخر ألف

 

درهم فصالحه على خمسمائة، وكمن له على آخر ألف جياد فصالحه على      -195ص - وهذا ألن تصرف العاقل يتحرى تصحيحه ما أمكن،خمسمائة زيوف جاز وكأنه أبرأه عن بعض حقه"

وال وجه لتصحيحه معاوضة إلفضائه إلى الربا فجعل إسقاطا للبعض في المسألة األولى وللبعض والصفة في ألنه ال يمكن جعله معاوضة ألن بيع"ولو صالح على ألف مؤجلة جاز وكأنه أجل نفس الحق"الثانية

ألن"ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز"الدراهم بمثلها نسيئة ال يجوز فحملناه على التأخير الدنانير غير مستحقة بعقد المداينة فال يمكن حمله على التأخير، وال وجه له سوى المعاوضة، وبيع الدراهم

بالدنانير نسيئة ال يجوز فلم يصح الصلح. ألن المعجل خير من "ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز"قال:

"وإن كانالمؤجل وهو غير مستحق بالعقد فيكون بإزاء ما حطه عنه، وذلك اعتياض عن األجل وهو حرام ألن البيض غير مستحقة بعقد المداينة وهيله ألف سود فصالحه على خمسمائة بيض لم يجز"

زائدة وصفا فيكون معاوضة األلف بخمسمائة وزيادة وصف وهو ربا، بخالف ما إذا صالح عن األلف البيض على خمسمائة سود حيث يجوز ألنه إسقاط كله قدرا ووصفا، وبخالف ما إذا صالح على قدر الدين وهو أجود

ألنه معاوضة المثل بالمثل، وال معتبر بالصفة إال أنه يشترط القبض في المجلس، ولو كان عليه ألف درهم ومائة دينار فصالحه على مائة درهم حالة أو إلى شهر صح الصلح ألنه أمكن أن يجعل إسقاطا للدنانير كلها

والدراهم إال مائة وتأجيال للباقي فال يجعل معاوضة تصحيحا للعقد أو ألن معنى اإلسقاط فيه ألزم. "ومن له على آخر ألف درهم فقال أد إلي غدا منها خمسمائة على أنك بريء منقال:

الفضل ففعل فهو بريء، فإن لم يدفع إليه الخمسمائة غدا عاد عليه األلف وهو قول أبي ألنه إبراء مطلق؛ أال ترى أنه جعل أداء الخمسمائةحنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ال يعود عليه"

عوضا حيث ذكره بكلمة على وهي للمعاوضة، واألداء ال يصح عوضا لكونه مستحقا عليه فجرى وجوده مجرى عدمه فبقي اإلبراء مطلقا فال يعود كما إذا بدأ باإلبراء. ولهما أن هذا إبراء مقيد بالشرط فيفوت بفواته ألنه

بدأ بأداء الخمسمائة في الغد وأنه يصلح غرضا حذار إفالسه وتوسال إلى تجارة أربح منه، وكلمة على إن كانت للمعاوضة فهي محتملة للشرط لوجود معنى المقابلة فيه فيحمل عليه عند تعذر الحمل على

المعاوضة تصحيحا لتصرفه أو ألنه متعارف، واإلبراء مما يتقيد بالشرط وإن كان ال يتعلق به كما في الحوالة،وستخرج البداءة باإلبراء إن شاء الله تعالى.

قال رضي الله عنه: وهذه المسألة على وجوه: أحدها ما ذكرناه.

 

Page 125: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

والثاني: إذا قال صالحتك من األلف على خمسمائة تدفعها إلي غدا وأنت بريء من      -196ص - الفضل على أنك إن لم تدفعها إلي غدا فاأللف عليك على حاله. وجوابه أن األمر على ما قال ألنه أتى

بصريح التقييد فيعمل به. والثالث: إذا قال أبرأتك من خمسمائة من األلف على أن تعطيني الخمسمائة غدا واإلبراء فيه واقع أعطى

الخمسمائة أو لم يعط ألنه أطلق اإلبراء أوال، وأداء الخمسمائة ال يصلح عوضا مطلقا ولكنه يصلح شرطا فوقع الشك في تقييده بالشرط فال يتقيد به، بخالف ما إذا بدأ بأداء خمسمائة ألن اإلبراء حصل مقرونا به، فمن حيث إنه ال يصلح عوضا يقع مطلقا، ومن حيث إنه يصلح شرطا ال يقع مطلقا فال يثبت اإلطالق بالشك

فافترقا. والرابع: إذا قال أد إلي خمسمائة على أنك بريء من الفضل ولم يؤقت لألداء وقتا. وجوابه أنه يصح اإلبراء

وال يعود الدين ألن هذا إبراء مطلق، ألنه لما لم يؤقت لألداء وقتا ال يكون األداء غرضا صحيحا ألنه واجب عليه في مطلق األزمان فلم يتقيد بل يحمل على المعاوضة وال يصلح عوضا، بخالف ما تقدم ألن األداء في

الغد غرض صحيح. والخامس: إذا قال إن أديت إلي خمسمائة أو قال إذا أديت أو متى أديت. فالجواب فيه أنه ال يصح اإلبراء ألنه علقه بالشرط صريحا، وتعليق البراءات بالشروط باطل لما فيها من معنى التمليك حتى يرتد بالرد،

بخالف ما تقدم ألنه ما أتى بصريح الشرط فحمل على التقييد به. ألنه "ومن قال آلخر ال أقر لك بمالك حتى تؤخره عني أو تحط عني ففعل جاز عليه"قال:

ليس بمكره، ومعنى المسألة إذا قال ذلك سرا، أما إذا قال عالنية يؤخذ به.

المشترك: الدين في فصل "وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار، إنقال:

شاء اتبع الذي عليه الدين بصفة، وإن شاء أخذ نصف الثوب إال أن يضمن له شريكه ربع وأصل هذا أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه فيالدين"

المقبوض ألنه ازداد بالقبض، إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض، وهذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق فتصير كزيادة الولد والثمرة وله حق المشاركة، ولكنه قبل المشاركة باق على مالك القابض، ألن العين غير الدين

حقيقة وقد قبضه بدال عن حقه،

 

فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه ويضمن لشريكه حصته، والدين المشترك يكون واجبا      -197ص - بسبب متحد كثمن المبيع إذا كان صفقة واحدة وثمن المال المشترك والموروث بينهما وقيمة المستهلك

المشترك. إذا عرفنا هذا فنقول في مسألة الكتاب: له أن يتبع الذي عليه األصل ألن نصيبه باق في ذمته ألن القابض قبض نصيبه لكن له حق المشاركة، وإن شاء أخذ نصف الثوب ألن له حق المشاركة إال أن يضمن له

شريكه ربع الدين ألن حقه في ذلك. "ثم لما قلنا "ولو استوفى نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض"قال:

ألنهما لما اشتركا في المقبوض ال بد أن يبقى الباقي على الشركة.يرجعان على الغريم بالباقي" ألنه صار"ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين"قال:

قابضا حقه بالمقاصة كامال، ألن مبنى البيع على المماكسة بخالف الصلح ألن مبناه على اإلغماض والحطيطة، فلو ألزمناه دفع ربع الدين يتضرر به فيتخير القابض كما ذكرنا، وال سبيل للشريك على الثوب في البيع ألنه ملكه بعقده واالستيفاء بالمقاصة بين ثمنه وبين الدين. وللشريك أن يتبع الغريم في جميع ما

ذكرنا ألن حقه في ذمته باق ألن القابض استوفى نصيبه حقيقة لكن له حق المشاركة فله أن ال يشاركه، فلو سلم له ما قبض ثم توى ما على الغريم له أن يشارك القابض ألنه رضي بالتسليم ليسلم له ما في ذمة

Page 126: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الغريم ولم يسلم، ولو وقعت المقاصة بدين كان عليه من قبل لم يرجع عليه الشريك ألنه قاض بنصيبه ال مقتض، ولو أبرأه عن نصيبه فكذلك ألنه إتالف وليس بقبض، ولو أبرأه عن البعض كانت قسمة الباقي على

ما بقي من السهام، ولو أخر أحدهما عن نصيبه صح عند أبي يوسف اعتبارا باإلبراء المطلق، وال يصح عندهما ألنه يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض، ولو غصب أحدهما عينا منه أو اشتراها شراء فاسدا وهلك

في يده فهو قبض واالستئجار بنصيبه قبض، وكذا اإلحراق عند محمد رحمه الله خالفا ألبي يوسف رحمه اللهوالتزوج به إتالف في ظاهر الرواية، وكذا الصلح عليه من جناية العمد.

"وإذا كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على رأس المال لم يجز عندقال: اعتبارا بسائر الديون،أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله يجوز الصلح"

وبما إذا اشتريا عبدا فأقال أحدهما في نصيبه. ولهما أنه لو جاز في نصيبه خاصة يكون قسمة الدين في الذمة، ولو جاز في نصيبهما ال بد من إجازة اآلخر بخالف شراء العين، وهذا ألن المسلم فيه صار واجبا بالعقد

والعقد قام بهما فال ينفرد أحدهما برفعه، وألنه لو جاز لشاركه في المقبوض، فإذا شاركه فيه رجع المصالحعلى من عليه بذلك فيؤدي

 

إلى عود السلم بعد سقوطه. قالوا: هذا إذا خلطا رأس المال، فإن لم يكونا قد خلطاه      -198ص -فعلى الوجه األول هو على الخالف، وعلى الوجه الثاني هو على االتفاق.

التخارج: في فصل "وإذا كانت الشركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أوقال:

ألنه أمكن تصحيحه بيعا. وفيه أثر عثمان، فإنه صالحعروض جاز قليال كان ما أعطوه إياه أو كثيرا"تماضر األشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار.

ألنه بيع"وإن كانت التركة فضة فأعطوه ذهبا أو كان ذهبا فأعطوه فضة فهو كذلك"قال: الجنس بخالف الجنس فال يعتبر التساوي ويعتبر التقابض في المجلس ألنه صرف غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا يكتفي بذلك القبض ألنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح وإن كان مقرا ال بد من

"وإن كانت التركة ذهبا وفضة وغير ذلكتجديد القبض ألنه قبض أمانة فال ينوب عن قبض الصلح فصالحوه على ذهب أو فضة فال بد أن يكون ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس حتى

احترازا عن الربا، وال بد من التقابض فيما يقابليكون نصيبه بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة" نصيبه من الذهب والفضة ألنه صرف في هذا القدر، ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا لعدم الربا، ولو

كان في التركة دراهم ودنانير وبدل الصلح دراهم ودنانير أيضا جاز الصلح كيفما كان صرفا للجنس إلى خالفالجنس كما في البيع لكن يشترط التقابض للصرف.

"وإذا كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح على أن يخرجوا المصالحقال: "وإن ألن فيه تمليك الدين من غير من عليه وهو حصة المصالح عنه ويكون الدين له فالصلح باطل"

ألنه إسقاط وهوشرطوا أن يبرأ الغرماء منه وال يرجع عليهم بنصيب المصالح فالصلح جائز" تمليك الدين ممن عليه الدين وهو جائز، وهذه حيلة الجواز، وأخرى أن يعجلوا قضاء نصيبه متبرعين، وفي الوجهين ضرر ببقية الورثة. واألوجه أن يقرضوا المصالح مقدار نصيبه ويصالحوا عما وراء الدين. ويجيلهم

على استيفاء نصيبه من الغرماء، ولو لم يكن في التركة دين وأعيانها غير معلومة والصلح على المكيل والموزون، قيل ال يجوز الحتمال الربا، وقيل يجوز ألنه شبهة الشبهة، ولو كانت التركة غير المكيل والموزون

لكنها أعيان غير معلومة قيل ال يجوز لكونه بيعا إذ المصالح عنه عين واألصح أنه يجوز ألنها ال تفضي إلىالمنازعة لقيام المصالح عنه في يد البقية من الورثة،

Page 127: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

وإن كان على الميت دين مستغرق ال يجوز الصلح وال القسمة ألن التركة لم يتملكها      -199ص - الوارث، وإن لم يكن مستغرقا ال ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه فتقدم حاجة الميت، ولو فعلوا قالوا

يجوز. وذكر الكرخي رحمه الله في القسمة أنها ال تجوز استحسانا وتجوز قياسا.

 

كتاب المضاربة      -200ص - المضاربة: مشتقة من الضرب في األرض؛ سمي بها ألن المضارب يستحق الربح بسعيه وعمله، وهي

مشروعة للحاجة إليها، فإن الناس بين غني بالمال غبي عن التصرف فيه، وبين مهتد في التصرف صفر اليد عنه، فمست الحاجة إلى شرع هذا النوع من التصرف لينتظم مصلحة الغبي والذكي والفقير والغني. وبعث

النبي صلى الله عليه وسلم والناس يباشرونه فقررهم عليه وتعاملت به الصحابة، ثم المدفوع إلى المضارب أمانة في يده ألنه قبضه بأمر مالكه ال على وجه البدل والوثيقة، وهو وكيل فيه ألنه يتصرف فيه بأمر مالكه،

وإذا ربح فهو شريك فيه لتملكه جزءا من المال بعمله، فإذا فسدت ظهرت اإلجارة حتى استوجب العاملأجر مثله، وإذا خالف كان غاصبا لوجود التعدي منه على مال غيره.

ومراده الشركة في الربح وهو يستحق"المضاربة عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين"قال: وال مضاربة بدونها؛ أال ترى أن الربح لو شرط كله "والعمل من الجانب اآلخر"بالمال من أحد الجانبين

لرب المال كان بضاعة، ولو شرط جميعه للمضارب كان قرضا. وقد تقدم بيانه من قبل، ولو دفع إليه عرضا وقال"وال تصح إال بالمال الذي تصح به الشركة"قال:

بعه واعمل مضاربة في ثمنه جاز له ألنه يقبل اإلضافة من حيث إنه توكيل وإجارة فال مانع من الصحة، وكذا إذا قال له اقبض ما لي على فالن واعمل به مضاربة جاز لما قلنا، بخالف ما إذا قال له اعمل بالدين الذي في ذمتك حيث ال تصح المضاربة، ألن عند أبي حنيفة رحمه الله ال يصح هذا التوكيل على ما مر في البيوع.

وعندهما يصح لكن يقع الملك في المشترى لآلمر فيصير مضاربة بالعرض. من الربح "ومن شرطها أن يكون الربح بينهما مشاعا ال يستحق أحدهما دراهم مسماة"قال:

ألن شرط ذلك يقطع الشركة بينهما وال بد منها كما في عقد الشركة. لفساده فلعله ال يربح إال هذا القدر فتنقطع الشركة في"فإن شرط زيادة عشرة فله أجر مثله"قال:

الربح، وهذا ألنه ابتغى عن منافعه عوضا ولم ينل لفساده، والربح لرب المال ألنه

 

 

نماء ملكه، وهذا هو الحكم في كل موضع لم تصح المضاربة وال تجاوز باألجر القدر      -201ص - المشروط عند أبي يوسف خالفا لمحمد كما بينا في الشركة، ويجب األجر وإن لم يربح في رواية األصل ألن أجر األجير يجب بتسليم المنافع أو العمل وقد وجد. وعن أبي يوسف أنه ال يجب اعتبارا بالمضاربة الصحيحة

مع أنها فوقها، والمال في المضاربة الفاسدة غير مضمون بالهالك اعتبارا بالصحيحة، وألنه عين مستأجرة في يده، وكل شرط يوجب جهالة في الربح يفسده الختالل مقصوده، وغير ذلك من الشروط الفاسدة ال

يفسدها، ويبطل الشرط كاشتراط الوضيعة على المضارب. ألن المال أمانة في"وال بد أن يكون المال مسلما إلى المضارب وال يد لرب المال فيه"قال:

يده فال بد من التسليم إليه، وهذا بخالف الشركة ألن المال في المضاربة من أحد الجانبين والعمل من

Page 128: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الجانب اآلخر، فال بد من أن يخلص المال للعامل ليتمكن من التصرف فيه. أما العمل في الشركة من الجانبين فلو شرط خلوص اليد ألحدهما لم تنعقد الشركة، وشرط العمل على

رب المال مفسد للعقد ألنه يمنع خلوص يد المضارب فال يتمكن من التصرف فال يتحقق المقصود سواء كان المالك عاقدا أو غير عاقد كالصغير ألن يد المالك ثابتة له، وبقاء يده يمنع التسليم إلى المضارب، وكذا أحد

المتفاوضين وأحد شريكي العنان إذا دفع المال مضاربة وشرط عمل صاحبه لقيام الملك له وإن لم يكن عاقدا، واشتراط العمل على العاقد مع المضارب وهو غير مالك يفسده إن لم يكن من أهل المضاربة فيه

كالمأذون، بخالف األب والوصي ألنهما من أهل أن يأخذا مال الصغير مضاربة بأنفسهما فكذا اشتراطهعليهما بجزء من المال.

"وإذا صحت المضاربة مطلقة جاز للمضارب أن يبيع ويشتري ويوكل ويسافر ويبضعقال: إلطالق العقد والمقصود منه االسترباح وال يتحصل إال بالتجارة، فينتظم العقد صنوف التجارة وما هوويودع"

من صنيع التجار، والتوكيل من صنيعهم، وكذا اإلبضاع واإليداع والمسافرة؛ أال ترى أن المودع له أن يسافر فالمضارب أولى، كيف وأن اللفظ دليل عليه ألنها مشتقة من الضرب في األرض وهو السير. وعن أبي

يوسف رحمه الله أنه ليس له أن يسافر. وعنه وعن أبي حنيفة رحمهما الله أنه إن دفع في بلده ليس له أن يسافر ألنه تعريض على الهالك من غير ضرورة وإن دفع في غير بلده له أن يسافر إلى بلده ألنه هو المراد

في الغالب، والظاهر ما ذكر في الكتاب.

 

ألن"وال يضارب إال أن يأذن له رب المال أو يقول له اعمل برأيك"قال:      -202ص - الشيء ال يتضمن مثله لتساويهما في القوة فال بد من التنصيص عليه أو التفويض المطلق إليه وكان

كالتوكيل، فإن الوكيل ال يملك أن يوكل غيره إال إذا قيل له اعمل برأيك، بخالف اإليداع واإلبضاع ألنه دونه فيتضمنه، وبخالف اإلقراض حيث ال يملكه. وإن قيل له اعمل برأيك ألن المراد منه التعميم فيما هو من صنيع التجار وليس اإلقرار منه وهو تبرع كالهبة والصدقة فال يحصل به الغرض وهو الربح ألنه ال تجوز الزيادة عليه،

أما الدفع مضاربة فمن صنيعهم، وكذا الشركة والخلط بمال نفسه فيدخل تحت هذا القول. "وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له أنقال:

ألنه توكيل. وفي التخصيص فائدة فيتخصص، وكذا ليس له أن يدفعه بضاعة إلى من يخرجها منيتجاوزها"تلك البلدة ألنه ال يملك اإلخراج بنفسه فال يملك تفويضه إلى غيره.

وكان ذلك له، وله ربحه ألنه تصرف بغير أمره "فإن خرج إلى غير ذلك البلد فاشترى ضمن"قال: وإن لم يشتر حتى رده إلى الكوفة وهي التي عينها برئ من الضمان كالمودع إذا خالف في الوديعة ثم ترك ورجع المال مضاربة على حاله لبقائه في يده بالعقد السابق، وكذا إذا رد بعضه واشترى ببعضه في المصر

كان المردود والمشترى في المصر على المضاربة لما قلنا، ثم شرط الشراء بها هاهنا وهو رواية الجامع الصغير، وفي كتاب المضاربة ضمنه بنفس اإلخراج. والصحيح أن بالشراء يتقرر الضمان لزوال احتمال الرد

إلى المصر الذي عينه. أما الضمان فوجوبه بنفس اإلخراج، وإنما شرط الشراء للتقرر ال ألصل الوجوب، وهذا بخالف ما إذا قال على أن يشتري في سوق الكوفة حيث ال يصح التقييد ألن المصر مع تباين أطرافه كبقعة واحدة فال يفيد

التقييد، إال إذا صرح بالنهي بأن قال اعمل في السوق وال تعمل في غير السوق ألنه صرح بالحجر والوالية إليه ومعنى التخصيص أن يقول له على أن تعمل كذا أو في مكان كذا، وكذا إذا قال خذ هذا المال تعمل به في الكوفة ألنه تفسير له، أو قال فاعمل به في الكوفة ألن الفاء للوصل أو قال خذه بالنصف بالكوفة ألن

الباء لإللصاق. أما إذا قال خذ هذا المال واعمل به بالكوفة فله أن يعمل فيها وفي غيرها ألن الواو للعطف فيصير بمنزلة

Page 129: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المشورة، ولو قال على أن تشتري من فالن وتبيع منه صح التقييد ألنه مفيد لزيادة الثقة به في المعاملة،بخالف ما إذا قال على أن تشتري بها من أهل الكوفة

 

أو دفع في الصرف على أن يشتري به من الصيارفة ويبيع منهم فباع بالكوفة من غير      -203ص - أهلها أو من غير الصيارفة جاز؛ ألن فائدة األول التقييد بالمكان، وفائدة الثاني التقييد بالنوع، وهذا هو المراد

عرفا ال فيما وراء ذلك. ألنه توكيل فيتوقت بما وقته"وكذلك إن وقت للمضاربة وقتا بعينه يبطل العقد بمضيه"قال:

والتوقيت مفيد وأنه تقييد بالزمان فصار كالتقييد بالنوع والمكان. ألن العقد وضع "وليس للمضارب أن يشتري من يعتق على رب المال لقرابة أو غيرها"قال:

لتحصيل الربح وذلك بالتصرف مرة بعد أخرى، وال يتحقق فيه لعتقه ولهذا ال يدخل في المضاربة شراء ما ال يملك بالقبض كشراء الخمر والشراء بالميتة. بخالف البيع الفاسد ألنه يمكنه بيعه بعد قبضه فيتحقق

المقصود. ألن الشراء متى وجد نفاذا على المشتري نفذ"ولو فعل صار مشتريا لنفسه دون المضاربة"قال:

عليه كالوكيل بالشراء إذا خالف. ألنه يعتق عليه نصيبه ويفسد"فإن كان في المال ربح لم يجز له أن يشتري من يعتق عليه"قال:

"وإن اشتراهمنصيب رب المال أو يعتق على االختالف المعروف فيمتنع التصرف فال يحصل المقصود ألنه يصير مشتريا العبد لنفسه فيضمن بالنقد من مال المضاربة وإن لم يكن فيضمن مال المضاربة"

"فإن زادت قيمتهمالمال ربح جاز أن يشتريهم ألنه ال مانع من التصرف، إذ ال شركة له فيه ليعتق عليه ألنه ال صنع من"ولم يضمن لرب المال شيئا" لملكه بعض قريبه بعد الشراء عتق نصيبه منهم"

جهته في زيادة القيمة وال في ملكه الزيادة، ألن هذا شيء يثبت من طريق الحكم فصار كما إذا ورثه مع ألنه احتسبت ماليته عنده فيسعى فيه كما في الورثة. "ويسعى العبد في قيمة نصيبه منه"غيره "فإن كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءتقال:

بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغالم ألفا وخمسمائة والمدعي موسر، فإن شاء ووجه ذلك أن الدعوةرب المال استسعى الغالم في ألف ومائتين وخمسين، وإن شاء أعتق"

صحيحة في الظاهر حمال على فراش النكاح، لكنه لم ينفذ لفقد شرطه وهو الملك لعدم ظهور الربح ألن كل واحد منهما: أعني األم والولد مستحق برأس المال، كمال المضاربة إذا صار أعيانا كل عين منها يساوي

رأس المال ال يظهر الربح كذا هذا، فإذا زادت قيمة الغالم اآلن ظهر الربح فنفذت الدعوة السابقة، بخالف ما إذا أعتق الولد ثم ازدادت القيمة. ألن ذلك إنشاء العتق، فإذا بطل لعدم الملك ال ينفذ بعد ذلك بحدوث

الملك، أما هذا

 

فإخبار فجاز أن ينفذ عند حدوث الملك كما إذا أقر بحرية عبد غيره ثم اشتراه، وإذا      -204ص - صحت الدعوة وثبت النسب عتق الولد لقيام ملكه في بعضه، وال يضمن لرب المال شيئا من قيمة الولد ألن عتقه ثبت بالنسب والملك والملك آخرهما فيضاف إليه وال صنع له فيه، وهذا ضمان إعتاق فال بد من التعدي

ألنه احتبست ماليته عنده، وله أن يعتق ألن المستسعى كالمكاتب"وله أن يستسعي الغالم"ولم يوجد عند أبي حنيفة، ويستسعيه في ألف ومائتين وخمسين، ألن األلف مستحق برأس المال والخمسمائة ربح والربح بينهما فلهذا يسعى له في هذا المقدار. ثم إذا قبض رب المال األلف له أن يضمن المدعي نصف

قيمة األم ألن األلف المأخوذ لما استحق برأس المال لكونه مقدما في االستيفاء ظهر أن الجارية كلها ربح

Page 130: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فيكون بينهما، وقد تقدمت دعوة صحيحة الحتمال الفراش الثابت بالنكاح وتوقف نفاذها لفقد الملك، فإذا ظهر الملك نفذت تلك الدعوة وصارت الجارية أم ولد له ويضمن نصيب رب المال ألن هذا ضمان تملك

وضمان التملك ال يستدعي صنعا كما إذا استولد جارية بالنكاح ثم ملكها هو وغيره وراثة يضمن نصيبشريكه كذا هذا؛ بخالف ضمان الولد على ما مر.

يضارب المضارب باب "وإذا دفع المضارب المال إلى غيره مضاربة ولم يأذن له رب المال لم يضمن بالدفعقال:

وهذا رواية الحسنوال يتصرف المضارب الثاني حتى يربح، فإذا ربح ضمن األول لرب المال" عن أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا عمل به ضمن ربح أو لم يربح، وهذا ظاهر الرواية. وقال زفر

رحمه الله: يضمن بالدفع عمل أو لم يعمل، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله ألن المملوك له الدفع على وجه اإليداع، وهذا الدفع على وجه المضاربة. ولهما أن الدفع إيداع حقيقة، وإنما يتقرر كونه للمضاربة بالعمل فكان الحال مراعى قبله. وألبي حنيفة أن الدفع قبل العمل إيداع وبعده إبضاع، والفعالن يملكهما المضارب

فال يضمن بهما، إال أنه إذا ربح فقد أثبت له شركة في المال فيضمن كما لو خلطه بغيره، وهذا إذا كانت المضاربة صحيحة، فإن كانت فاسدة ال يضمنه األول، وإن عمل الثاني ألنه أجير فيه وله أجر مثله فال تثبت

الشركة به. ثم ذكر في الكتاب يضمن األول ولم يذكر الثاني. وقيل ينبغي أن ال يضمن الثاني عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يضمن بناء على اختالفهم في مودع المودع. وقيل رب المال بالخيار إن شاء ضمن األول وإن شاء ضمن الثاني باإلجماع وهو المشهور، وهذا عندهما ظاهر وكذا عنده، ووجه الفرق له بين هذه وبين

مودع المودع أن المودع الثاني يقبضه لمنفعة األول فال يكون ضامنا.

 

أما المضارب الثاني يعمل فيه لنفع نفسه فجاز أن يكون ضامنا. ثم إن ضمن األول      -205ص - صحت المضاربة بين األول وبين الثاني وكان الربح بينهما على ما شرطا ألنه ظهر أنه ملكه بالضمان من

حين خالف بالدفع إلى غيره ال على الوجه الذي رضي به فصار كما إذا دفع مال نفسه، وإن ضمن الثاني رجع على األول بالعقد ألنه عامل له كما في المودع وألنه مغرور من جهته في ضمن العقد. وتصح المضاربة

والربح بينهما على ما شرطا ألن قرار الضمان على األول فكأنه ضمنه ابتداء، ويطيب الربح للثاني وال يطيب لألعلى ألن األسفل يستحقه بعمله وال خبث في العمل، واألعلى يستحقه بملكه المستند بأداء الضمان وال

يعرى عن نوع خبث. "فإذا دفع رب المال مضاربة بالنصف وأذن له بأن يدفعه إلى غيره فدفعه بالثلث وقدقال:

تصرف الثاني وربح، فإن كان رب المال قال له على أن ما رزق الله فهو بيننا نصفان ألن الدفع إلى الثانيفلرب المال النصف وللمضارب الثاني الثلث وللمضارب األول السدس"

مضاربة قد صح لوجود األمر به من جهة المالك ورب المال شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى فلم يبق لألول إال النصف فيتصرف تصرفه إلى نصيبه وقد جعل من ذلك بقدر ثلث الجميع للثاني فيكون له فلم

يبق إال السدس، ويطيب لهما ذلك ألن فعل الثاني واقع لألول كمن استؤجر على خياطة ثوب بدرهم "وإن كان قال له على أن ما رزقك الله فهو بيننا نصفانواستأجر غيره عليه بنصف درهم

ألنه فوض إليهفللمضارب الثاني الثلث والباقي بين المضارب األول ورب المال نصفان" التصرف وجعل لنفسه نصف ما رزق األول وقد رزق الثلثين فيكون بينهما، بخالف األول ألنه جعل لنفسه

"ولو كان قال له فما ربحت من شيء فبيني وبينك نصفان وقد دفعنصف جميع الربح فافترقا ألن األول شرط للثاني نصفإلى غيره بالنصف فللثاني النصف والباقي بين األول ورب المال"

الربح وذلك مفوض إليه من جهة رب المال فيستحقه. وقد جعل رب المال لنفسه نصف ما ربح األول ولم "ولو كان قال له على أن ما رزق الله تعالى فلي نصفه أو قاليربح إال النصف فيكون بينهما

Page 131: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فما كان من فضل فبيني وبينك نصفان وقد دفع إلى آخر مضاربة بالنصف فلرب المال ألنه جعل لنفسه نصف مطلقالنصف وللمضارب الثاني النصف وال شيء للمضارب األول"

الفضل فينصرف شرط األول النصف للثاني إلى جميع نصيبه فيكون للثاني بالشرط ويخرج األول بغير شيء، "وإن شرط للمضارب الثاني ثلثي الربحكمن استؤجر ليخيط ثوبا بدرهم فاستأجر غيره ليخيطه بمثله

فلرب المال النصف وللمضارب الثاني النصف ويضمن المضارب األول للثاني سدس الربح ألنه شرط للثاني شيئا هو مستحق لرب المالفي ماله"

 

فلم ينفذ في حقه لما فيه من اإلبطال، لكن التسمية في نفسها صحيحة لكون المسمى      -206ص - معلوما في عقد يملكه وقد ضمن له السالمة فيلزمه الوفاء به، وألنه غره في ضمن العقد وهو سبب الرجوع

فلهذا يرجع عليه، وهو نظير من استؤجر لخياطة ثوب بدرهم فدفعه إلى من يخيطه بدرهم ونصف.

" : ثلث: المال رب ولعبد الربح ثلث المال لرب المضارب شرط وإذا قال فصل

" جائز فهو الربح ثلث ولنفسه معه يعمل أن على الربح ألن للعبد يدا معتبرة خصوصا إذا كان مأذونا له واشتراط العمل إذن له، ولهذا ال يكون للمولى والية أخذ ما

أودعه العبد وإن كان محجورا عليه، ولهذا يجوز بيع المولى من عبده المأذون له، وإذا كان كذلك لم يكن مانعا من التسليم والتخلية بين المال والمضارب، بخالف اشتراط العمل على رب المال ألنه مانع من

التسليم على ما مر، وإذا صحت المضاربة يكون الثلث للمضارب بالشرط والثلثان للمولى، ألن كسب العبد "ولو عقدللمولى إذا لم يكن عليه دين، وإن كان عليه دين فهو للغرماء. هذا إذا كان العاقد هو المولى،

العبد المأذون عقد المضاربة مع أجنبي وشرط العمل على المولى ال يصح إن لم يكن عليه ألن"وإن كان على العبد دين صح عند أبي حنيفة" ألن هذا اشتراط العمل على المالك، دين"

المولى بمنزلة األجنبي عنده على ما عرف، والله أعلم.

والقسمة: العزل في فصل ألنه توكيل على ما تقدم، وموت الموكل"وإذا مات رب المال أو المضارب بطلت المضاربة"قال:

"وإن ارتد رب المال عن اإلسالم"يبطل الوكالة، وكذا موت الوكيل وال تورث الوكالة وقد مر من قبل. ألن اللحوق بمنزلة الموت؛ أال ترى أنه يقسم مالهبطلت المضاربة" "ولحق بدار الحربوالعياذ بالله

بين ورثته وقبل لحوقه يتوقف تصرف مضاربه عند أبي حنيفة رحمه الله ألنه يتصرف له فصار كتصرفه ألن له عبارة صحيحة، وال توقف في"ولو كان المضارب هو المرتد فالمضاربة على حالها"بنفسه

ملك رب المال فبقيت المضاربة. ألنه"فإن عزل رب المال المضارب ولم يعلم بعزله حتى اشترى وباع فتصرفه جائز"قال:

"وإن علم بعزله والمال عروض فله أن يبيعهاوكيل من جهته وعزل الوكيل قصدا يتوقف على علمه ألن حقه قد ثبت في الربح، وإنما يظهر بالقسمة وهي تبتنى على رأسوال يمنعه العزل من ذلك"

المال، وإنما ينقض بالبيع.

 

ألن العزل إنما لم يعمل ضرورة"ثم ال يجوز أن يشتري بثمنها شيئا آخر"قال:      -207ص - "فإن عزله ورأس المال دراهم أومعرفة رأس المال وقد اندفعت حيث صار نقدا فيعمل العزل

ألنه ليس في إعمال عزله إبطال حقه في الربح فالدنانير وقد نضت لم يجز له أن يتصرف فيها"

Page 132: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ضرورة. قال: وهذا الذي ذكره إذا كان من جنس رأس المال، فإن لم يكن بأن كان دراهم ورأس المال دنانير أو على

القلب له أن يبيعها بجنس رأس المال استحسانا ألن الربح ال يظهر إال به وصار كالعروض، وعلى هذا موترب المال ولحوقه بعد الردة في بيع العروض ونحوها.

"وإذا افترقا وفي المال ديون وقد ربح المضارب فيه أجبره الحاكم على اقتضاءقال: ألنه وكيل"وإن لم يكن له ربح لم يلزمه االقتضاء" ألنه بمنزلة األجير والربح كاألجر له الديون"

ألن حقوق"ويقال له وكل رب المال في االقتضاء"محض والمتبرع ال يجبر على إيفاء ما تبرع به، العقد ترجع إلى العاقد، فال بد من توكيله وتوكله كي ال يضيع حقه. وقال في الجامع الصغير: يقال له أجل مكان قوله وكل، والمراد منه الوكالة وعلى هذا سائر الوكاالت والبياع والسمسار يجبران على التقاضي

ألنهما يعمالن بأجر عادة. ألن الربح تابع وصرف الهالك"وما هلك من مال المضاربة فهو من الربح دون رأس المال"قال:

"فإن زاد الهالك على الربح فال ضمانإلى ما هو التبع أولى كما يصرف الهالك إلى العفو في الزكاة "وإن كانا يقتسمان الربح والمضاربة بحالها ثم هلك المال بعضه أو ألنه أمين على المضارب"

ألن قسمة الربح ال تصح قبل استيفاء رأسكله ترادا الربح حتى يستوفي رب المال رأس المال" المال ألنه هو األصل وهذا بناء عليه وتبع له، فإذا هلك ما في يد المضارب أمانة تبين أن ما استوفياه من

رأس المال، فيضمن المضارب ما استوفاه ألنه أخذه لنفسه وما أخذه رب المال محسوب من رأس ماله "وإذا استوفى رأس المال، فإن فضل شيء كان بينهما ألنه ربح وإن نقص فال ضمان على

"ولو اقتسما الربح وفسخا المضاربة ثم عقداها فهلك المال لم يترادا لما بينا المضارب" ألن المضاربة األولى قد انتهت والثانية عقد جديد، وهالك المال في الثاني ال يوجب انتقاضالربح األول"

األول كما إذا دفع إليه ماال آخر.

المضارب: يفعله فيما فصل ألن كل ذلك من صنيع"ويجوز للمضارب أن يبيع بالنقد والنسيئة"قال:

 

التجار فينتظمه إطالق العقد إال إذا باع إلى أجل ال يبيع التجار إليه ألن له األمر العام      -208ص - المعروف بين الناس، ولهذا كان له أن يشتري دابة للركوب، وليس له أن يشتري سفينة للركوب، وله أن

يستكريها اعتبارا لعادة التجار، وله أن يأذن لعبد المضاربة في التجارة في الرواية المشهورة ألنه من صنيع التجار. ولو باع بالنقد ثم أخر الثمن جاز باإلجماع، أما عندهما فألن الوكيل يملك ذلك فالمضارب أولى، إال أن

المضارب ال يضمن ألن له أن يقايل ثم يبيع نسيئة، وال كذلك الوكيل ألنه ال يملك ذلك. وأما عند أبي يوسففألنه يملك اإلقالة ثم البيع بالنساء. بخالف الوكيل ألنه ال يملك اإلقالة.

ألن الحوالة من عادة التجار، بخالف الوصي يحتال"ولو احتال بالثمن على األيسر أو األعسر جاز"بمال اليتيم حيث يعتبر فيه األنظر، ألن تصرفه مقيد بشرط النظر، واألصل أن ما يفعله المضارب ثالثة أنواع:

نوع يملكه بمطلق المضاربة وهو ما يكون من باب المضاربة وتوابعها وهو ما ذكرنا، ومن جملته التوكيل بالبيع والشراء للحاجة إليه والرهن واالرتهان ألنه إيفاء واستيفاء واإلجارة واالستئجار واإليداع واإلبضاع

والمسافرة على ما ذكرناه من قبل. ونوع ال يملكه بمطلق العقد ويملكه إذا قيل له اعمل برأيك، وهو ما يحتمل أن يلحق به فيلحق عند وجود

الداللة، وذلك مثل دفع المال مضاربة أو شركة إلى غيره وخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره ألن رب المال رضي بشركته ال بشركة غيره، وهو أمر عارض ال يتوقف عليه التجارة فال يدخل تحت مطلق العقد

ولكنه جهة في التثمير، فمن هذا الوجه يوافقه فيدخل فيه عند وجود الداللة وقوله اعمل برأيك داللة على

Page 133: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ذلك. ونوع ال يملكه بمطلق العقد وال بقوله اعمل برأيك إال أن ينص عليه رب المال وهو االستدانة، وهو أن يشتري بالدراهم والدنانير بعدما اشترى برأس المال السلعة وما أشبه ذلك ألنه يصير المال زائدا على ما انعقد عليه المضاربة وال يرضى به وال يشغل ذمته بالدين، ولو أذن له رب المال باالستدانة صار المشترى بينهما نصفين

بمنزلة شركة الوجوه وأخذ السفاتج ألنه نوع من االستدانة، وكذا إعطاؤها ألنه إقراض والعتق بمال وبغيرمال والكتابة ألنه ليس بتجارة واإلقراض والهبة والصدقة ألنه تبرع محض.

وعن أبي يوسف أنه يزوج األمة ألنه من باب"وال يزوج عبدا وال أمة من مال المضاربة"قال: االكتساب؛ أال ترى أنه يستفيد به المهر وسقوط النفقة. ولهما أنه ليس بتجارة والعقد ال يتضمن إال التوكيل

بالتجارة وصار كالكتابة واإلعتاق على مال ألنه

 

اكتساب، ولكن لما لم يكن تجارة ال يدخل تحت المضاربة فكذا هذا.      -209ص - "فإن دفع شيئا من مال المضاربة إلى رب المال بضاعة فاشترى رب المال وباع فهوقال:

وقال زفر: تفسد المضاربة ألن رب المال متصرف في مال نفسه فال يصلح وكيال فيهعلى المضاربة" فيصير مستردا ولهذا ال تصح إذا شرط العمل عليه ابتداء. ولنا أن التخلية فيه قد تمت وصار التصرف حقا للمضارب فيصلح رب المال وكيال عنه في التصرف واإلبضاع توكيل منه فال يكون استردادا، بخالف شرط

العمل عليه في االبتداء ألنه يمنع التخلية، وبخالف ما إذا دفع المال إلى رب المال مضاربة حيث ال يصح ألن المضاربة تنعقد شركة على مال رب المال وعمل المضارب وال مال هاهنا، فلو جوزناه يؤدي إلى قلب

الموضوع، وإذا لم تصح بقي عمل رب المال بأمر المضارب فال تبطل به المضاربة األولى. "وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال، وإن سافر فطعامه وشرابهقال:

ومعناه شراء وكراء في المال. ووجه الفرق أن النفقة تجب بإزاء االحتباس كنفقةوكسوته وركوبه" القاضي ونفقة المرأة، والمضارب في المصر ساكن بالسكنى األصلي، وإذا سافر صار محبوسا بالمضاربة

فيستحق النفقة فيه، وهذا بخالف األجير ألنه يستحق البدل ال محالة فال يتضرر باإلنفاق من ماله، أما المضارب فليس له إال الربح وهو في حيز التردد، فلو أنفق من ماله يتضرر به، وبخالف المضاربة الفاسدة

ألنه أجير، وبخالف البضاعة ألنه متبرع. النتهاء االستحقاق، ولو كان"فإن بقي شيء في يده بعدما قدم مصره رده في المضاربة"قال:

خروجه دون السفر فإن كان بحيث يغدو ثم يروح فيبيت بأهله فهو بمنزلة السوقي في المصر، وإن كان بحيث ال يبيت بأهله فنفقته في مال المضاربة ألن خروجه للمضاربة، والنفقة هي ما يصرف إلى الحاجة

الراتبة وهو ما ذكرنا، ومن ذلك غسل ثيابه وأجرة أجير يخدمه وعلف دابة يركبها والدهن في موضع يحتاج إليه عادة كالحجاز، وإنما يطلق في جميع ذلك بالمعروف حتى يضمن الفضل إن جاوزه اعتبارا للمتعارف بين

التجار. في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يدخل في النفقة ألنه "وأما الدواء ففي ماله"قال:

إلصالح بدنه وال يتمكن من التجارة إال به فصار كالنفقة، وجه الظاهر أن الحاجة إلى النفقة معلومة الوقوعوإلى الدواء بعارض المرض، ولهذا كانت نفقة المرأة على الزوج ودواؤها في مالها.

 

"وإذا ربح أخذ رب المال ما أنفق من رأس المال، فإن باع المتاعقال:      -210ص - ألنمرابحة حسب ما أنفق على المتاع من الحمالن ونحوه، وال يحتسب ما أنفق على نفسه"العرف جار بإلحاق األول دون الثاني، وألن األول يوجب زيادة في المالية بزيادة القيمة والثاني ال يوجبها.

Page 134: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"فإن كان معه ألف فاشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده وقد قيل لهقال: "وإن ألنه استدانة على رب المال فال ينتظمه هذا المقال على ما مراعمل برأيك فهو متطوع"

ألنه عين مال قائم به حتى إذا بيع كان لهصبغها أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيه وال يضمن" حصة الصبغ وحصة الثوب األبيض على المضاربة بخالف القصارة والحمل ألنه ليس بعين مال قائم به، ولهذا

إذا فعله الغاصب ضاع وال يضيع إذا صبغ المغصوب، وإذا صار شريكا بالصبغ انتظمه قوله اعمل برأيكانتظامه الخلطة فال يضمنه.

" : ثم بألفين فباعه بزا بها فاشترى بالنصف ألف معه كان فإن قال آخر فصل

وخمسمائة ألفا المال رب يغرم ضاعا حتى ينقدهما فلم عبدا باأللفين اشترى

." المضاربة على أرباعه وثالثة للمضارب العبد ربع ويكون خمسمائة والمضارب قال رحمه الله: هذا الذي ذكره حاصل الجواب، ألن الثمن كله على المضارب إذ هو العاقد، إال أن له حق الرجوع على رب المال بألف وخمسمائة على ما نبين فيكون عليه في األجرة. ووجهه أنه لما نض المال

ظهر الربح وله منه وهو خمسمائة، فإذا اشترى باأللفين عبدا صار مشتريا ربعه لنفسه وثالثة أرباعه للمضاربة على حسب انقسام األلفين، وإذا ضاعت األلفان وجب عليه الثمن لما بيناه، وله الرجوع بثالثة

أرباع الثمن على رب المال ألنه وكيل من جهته فيه ويخرج نصيب المضارب وهو الربع من المضاربة ألنه مضمون عليه ومال المضاربة أمانة وبينهما منافاة ويبقى ثالثة أرباع العبد على المضاربة ألنه ليس فيه ما

"وال ألنه دفع مرة ألفا ومرة ألفا وخمسمائة "ويكون رأس المال ألفين وخمسمائة"ينافي المضاربة ألنه اشتراه بألفين، ويظهر ذلك فيما إذا بيع العبد بأربعة آالف فحصةيبيعه مرابحة إال على ألفين"

المضاربة ثالثة آالف يرفع رأس المال ويبقى خمسمائة ربح بينهما. "وإن كان معه ألف فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة وباعه إياه بألف فإنه يبيعهقال:

ألن هذا البيع مقضي بجوازه لتغاير المقاصد دفعا للحاجة وإن كان بيع ملكهمرابحة على خمسمائة"بملكه إال أن فيه شبهة العدم، ومبنى المرابحة على األمانة واالحتراز عن شبهة

 

الخيانة فاعتبر أقل الثمنين، ولو اشترى المضارب عبدا بألف وباعه من رب المال بألف      -211ص - ومائتين باعه مرابحة بألف ومائة ألنه اعتبر عدما في حق نصف الربح وهو نصيب رب المال وقد مر في

البيوع. "فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجال خطأقال:

ألن الفداء مؤنة الملك فيتقدر بقدرفثالثة أرباع الفداء على رب المال وربعه على المضارب" الملك وقد كان الملك بينهما أرباعا، ألنه لما صار المال عينا واحدا ظهر الربح وهو ألف بينهما وألف لرب

المال برأس ماله ألن قيمته ألفان، وإذا فديا خرج العبد عن المضاربة، أما نصيب المضارب فلما بيناه، وأما نصيب رب المال فلقضاء القاضي بانقسام الفداء عليهما لما أنه يتضمن قسمة العبد بينهما والمضاربة تنتهي

بالقسمة، بخالف ما تقدم ألن جميع الثمن فيه على المضارب وإن كان له حق الرجوع فال حاجة إلى القسمة، وألن العبد كالزائل عن ملكهما بالجناية، ودفع الفداء كابتداء الشراء فيكون العبد بينهما أرباعا ال

على المضاربة يخدم المضارب يوما ورب المال ثالثة أيام، بخالف ما تقدم. "فإن كان معه ألف فاشترى بها عبدا فلم ينقدها حتى هلكت يدفع رب المال ذلكقال:

ألن المال أمانة في يده وال يصير مستوفيا،الثمن ورأس المال جميع ما يدفع إليه رب المال" واالستيفاء إنما يكون بقبض مضمون وحكم األمانة ينافيه فيرجع مرة بعد أخرى، بخالف الوكيل إذا كان الثمن مدفوعا إليه قبل الشراء وهلك بعد الشراء حيث ال يرجع إال مرة ألنه أمكن جعله مستوفيا، ألن الوكالة تجامع الضمان كالغاصب إذا توكل ببيع المغصوب، ثم في الوكالة في هذه الصورة يرجع مرة، وفيما إذا اشترى ثم

Page 135: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

دفع الموكل إليه المال فهلك ال يرجع ألنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده، أما المدفوع إليه قبل الشراء أمانة في يده وهو قائم على األمانة بعده فلم يصر مستوفيا، فإذا هلك رجع

عليه مرة ثم ال يرجع لوقوع االستيفاء على ما مر.

االختالف: في فصل "وإن كان مع المضارب ألفان فقال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال رب المال ال بلقال:

وكان أبو حنيفة يقول أوال القول قول رب المال وهو قولدفعت إليك ألفين فالقول قول المضارب" زفر، ألن المضارب يدعي عليه الشركة في الربح وهو ينكر والقول قول المنكر، ثم رجع إلى ما ذكر في

الكتاب ألن االختالف في الحقيقة في مقدار المقبوض وفي مثله القول قول القابض ضمينا كان أو أمينا ألنهأعرف بمقدار المقبوض؛

 

ولو اختلفا مع ذلك في مقدار الربح فالقول فيه لرب المال ألن الربح يستحق بالشرط      -212ص -وهو يستفاد من جهته، وأيهما أقام البينة على ما ادعى من فضل قبلت ألن البينات لإلثبات.

"ومن كان معه ألف درهم فقال هي مضاربة لفالن بالنصف وقد ربح ألفا وقال فالنقال: ألن المضارب يدعي عليه تقويم عمله أو شرطا من جهته أوهي بضاعة فالقول قول رب المال"

"ولو قال المضارب أقرضتني وقال رب المال هو بضاعة أو وديعةيدعي الشركة وهو ينكر، "ولو ادعى ألن المضارب يدعي عليه التملك وهو ينكر. فالقول لرب المال والبينة بينة المضارب"،

ألنرب المال المضاربة في نوع وقال اآلخر ما سميت لي تجارة بعينها فالقول للمضارب" "ولواألصل فيه العموم واإلطالق، والتخصيص يعارض الشرط، بخالف الوكالة ألن األصل فيه الخصوص.

ألنهما اتفقا على التخصيص، واإلذن يستفاد منادعى كل واحد منهما نوعا فالقول لرب المال" جهته، والبينة بينة المضارب لحاجته إلى نفي الضمان وعدم حاجة اآلخر إلى البينة، ولو وقتت البينتان وقتا

فصاحب الوقت األخير أولى ألن آخر الشرطين ينقض األول.

 

كتاب الوديعة      -213ص - "ليس على لقوله عليه الصالة والسالم: "الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها"قال:

وألن بالناس حاجة إلى االستيداع، فلوالمستعير غير المغل ضمان وال على المستودع غير المغل ضمان"ضمناه يمتنع الناس عن قبول الودائع فتتعطل مصالحهم.

ألن الظاهر أنه يلتزم حفظ مال غيره على"وللمودع أن يحفظها بنفسه وبمن في عياله"قال: الوجه الذي يحفظ مال نفسه، وألنه ال يجد بدا من الدفع إلى عياله ألنه ال يمكنه مالزمة بيته وال استصحاب

ألن"فإن حفظها بغيرهم أو أودعها غيرهم ضمن"الوديعة في خروجه فكان المالك راضيا به المالك رضي بيده ال بيد غيره، واأليدي تختلف في األمانة، وألن الشيء ال يتضمن مثله كالوكيل ال يوكل

غيره، والوضع في حرز غيره إيداع، إال إذا استأجر الحرز فيكون حافظا بحرز نفسه. "إال أن يقع في داره حريق فيسلمها إلى جاره أو يكون في سفينة فخاف الغرققال:

ألنه تعين طريقا للحفظ في هذه الحالة فيرتضيه المالك، وال يصدق علىفيلقيها إلى سفينة أخرى"ذلك إال ببينة ألنه يدعي ضرورة مسقطة للضمان بعد تحقق السبب فصار كما إذا ادعى اإلذن في اإليداع.

ألنه متعد بالمنع، وهذا ألنه"فإن طلبها صاحبها فحبسها وهو يقدر على تسليمها ضمنها"قال: لما طالبه لم يكن راضيا بإمساكه بعده فيضمنه بحبسه عنه.

Page 136: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإن خلطها المودع بماله حتى ال تتميز ضمنها ثم ال سبيل للمودع عليها عند أبيقال: مثل أن يخلط الدراهم البيض بالبيض والسودحنيفة وقاال: إذا خلطها بجنسها شركه إن شاء"

بالسود والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير. لهما أنه ال يمكنه الوصول إلى عين حقه صورة وأمكنه معنى بالقسمة فكان استهالكا من وجه دون وجه فيميل إلى أيهما شاء. وله أنه استهالك من كل وجه ألنه فعل

يتعذر معه الوصول إلى عين حقه، وال معتبر بالقسمة ألنها من موجبات الشركة فال تصلح موجبة لها، ولو أبرأ الخالط ال سبيل له على المخلوط عند أبي حنيفة ألنه ال حق له إال في الدين وقد سقط، وعندهما باإلبراء

تسقط خيرة الضمان فيتعين الشركة في المخلوط، وخلط الخل بالزيت وكل مائع بغير جنسه

 

يوجب انقطاع حق المالك إلى الضمان، وهذا باإلجماع ألنه استهالك صورة وكذا معنى      -214ص - لتعذر القسمة باعتبار اختالف الجنس، ومن هذا القبيل خلط الحنطة بالشعير في الصحيح ألن أحدهما ال يخلو

عن حبات اآلخر فتعذر التمييز والقسمة. ولو خلط المائع بجنسه فعند أبي حنيفة ينقطع حق المالك إلى ضمان لما ذكرنا، وعند أبي يوسف يجعل األقل تابعا لألكثر اعتبارا للغالب أجزاء، وعند محمد شركه بكل حال ألن الجنس ال يغلب الجنس عنده على ما مر في الرضاع، ونظيره خلط الدراهم بمثلها إذابة ألنه يصير مائعا

باإلذابة. كما إذا انشق الكيسان فاختلطا ألنه"وإن اختلطت بماله من غير فعله فهو شريك لصاحبها"قال:

ال يضمنها لعدم الصنع منه فيشتركان وهذا باالتفاق. ألنه خلط مال غيره"فإن أنفق المودع بعضها ثم رد مثله فخلطها بالباقي ضمن الجميع"قال:

"وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابةبماله فيكون استهالكا على الوجه الذي تقدم. قال: فركبها أو ثوبا فلبسه أو عبدا فاستخدمه أو أودعها غيره ثم أزال التعدي فردها إلى يده

وقال الشافعي: ال يبرأ عن الضمان ألن عقد الوديعة ارتفع حين صار ضامنا للمنافاة فال يبرأزال الضمان" إال بالرد على المالك ولنا أن األمر باق إلطالقه، وارتفاع حكم العقد ضرورة ثبوت نقيضه، فإذا ارتفع عاد حكم

العقد، كما إذا استأجره للحفظ شهرا فترك الحفظ في بعضه ثم حفظ في الباقي فحصل الرد إلى نائبالمالك.

ألنه لما طالبه بالرد فقد عزله عن الحفظ فبعد ذلك هو"فإن طلبها صاحبها فجحدها ضمنها"قال: باإلمساك غاصب مانع فيضمنها، فإن عاد إلى االعتراف لم يبرأ عن الضمان الرتفاع العقد، إذ المطالبة بالرد رفع من جهته والجحود فسخ من جهة المودع كجحود الوكيل الوكالة وجحود أحد المتعاقدين البيع فتم الرفع،

أو ألن المودع ينفرد بعزل نفسه بمحضر من المستودع كالوكيل يملك عزل نفسه بحضرة الموكل، وإذا ارتفع ال يعود إال بالتجديد فلم يوجد الرد إلى نائب المالك، بخالف الخالف ثم العود إلى الوفاق، ولو جحدها عند غير صاحبها ال يضمنها عند أبي يوسف خالفا لزفر ألن الجحود عند غيره من باب الحفظ ألن فيه قطعطمع الطامعين، وألنه ال يملك عزل نفسه بغير محضر منه أو طلبه فبقي األمر بخالف ما إذا كان بحضرته.

"وللمودع أن يسافر الوديعة وإن كان لها حمل ومؤنة عند أبي حنيفة وقاال: ليس لهقال: وقال الشافعي: ليس له ذلك فيذلك إذا كان لها حمل ومؤنة"

 

الوجهين، ألبي حنيفة رحمه الله إطالق األمر، والمفازة محل للحفظ إذا كان الطريق      -215ص - آمنا ولهذا يملك األب والوصي في مال الصبي. ولهما أنه تلزمه مؤنة الرد فيما له حمل ومؤنة، والظاهر أنهال يرضى به فيتقيد، والشافعي يقيده بالحفظ المتعارف وهو الحفظ في األمصار وصار كاالستحفاظ بأجر.

قلنا: مؤنة الرد تلزمه في ملكه ضرورة امتثال أمره فال يبالي به والمعتاد كونهم في المصر ال حفظهم، ومن

Page 137: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يكون في المفازة يحفظ ماله فيها، بخالف االستحفاظ بأجر ألنه عقد معاوضة فيقتضي التسليم في مكان ألن التقييد مفيد إذ الحفظ في المصر"وإذا نهاه المودع أن يخرج الوديعة فخرج بها ضمن"العقد

أبلغ فكان صحيحا. "وإذا أودع رجالن عند رجل وديعة فحضر أحدهما وطلب نصيبه منها لم يدفع إليه حتىقال:

وفي الجامع الصغير: ثالثة استودعوا رجال ألفايحضر اآلخر عند أبي حنيفة، وقاال: يدفع إليه نصيبه" فغاب اثنان فليس للحاضر أن يأخذ نصيبه عنده، وقاال: له ذلك، والخالف في المكيل والموزون، وهو المراد

بالمذكور في المختصر. لهما أنه طالبه بدفع نصيبه فيؤمر بالدفع إليه كما في الدين المشترك، وهذا ألنه يطالبه بتسليم ما سلم إليه وهو النصف، وهذا كان له أن يأخذه فكذا يؤمر هو بالدفع إليه. وألبي حنيفة أنه طالبه بدفع نصيب الغائب ألنه يطالبه بالمفرز وحقه في المشاع، والمفرز المعين يشتمل على الحقين، وال

يتميز حقه إال بالقسمة، وليس للمودع والية القسمة ولهذا ال يقع دفعه قسمة باإلجماع، بخالف الدينالمشترك ألنه يطالبه بتسليم حقه ألن الديون تقضى بأمثالها. قوله له أن يأخذه.

قلنا: ليس من ضرورته أن يجبر المودع على الدفع كما إذا كان له ألف درهم وديعة عند إنسان وعليه ألفلغيره فلغريمه أن يأخذه إذا ظفر به، وليس للمودع أن يدفعه إليه.

"وإن أودع رجل عند رجلين شيئا مما يقسم لم يجز أن يدفعه أحدهما إلى اآلخرقال: ولكنهما يقتسمانه فيحفظ كل واحد منهما نصفه، وإن كان مما ال يقسم جاز أن يحفظ

وهذا عند أبي حنيفة، وكذلك الجواب عنده في المرتهنين والوكيلين بالشراء إذا سلمأحدهما بإذن اآلخر" أحدهما إلى اآلخر. وقاال: ألحدهما أن يحفظ بإذن اآلخر في الوجهين. لهما أنه رضي بأمانتهما فكان لكل واحد منهما أن يسلم إلى اآلخر وال يضمنه كما فيما ال يقسم. وله أنه رضي بحفظهما ولم يرض بحفظ أحدهما كله ألن الفعل متى أضيف إلى ما يقبل الوصف بالتجزي تناول البعض دون الكل فوقع التسليم إلى اآلخر من غير

رضا

 

المالك فيضمن الدافع وال يضمن القابض ألن مودع المودع عنده ال يضمن، وهذا بخالف      -216ص - ما ال يقسم ألنه لما أودعهما وال يمكنهما االجتماع عليه آناء الليل والنهار وأمكنهما المهايأة كان المالك راضيا

بدفع الكل إلى أحدهما في بعض األحوال. "وإذا قال صاحب الوديعة للمودع ال تسلمه إلى زوجتك فسلمها إليها ال يضمن. وفيقال:

الجامع الصغير: إذا نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها إلى من ال بد له منه ال كما إذا كانت الوديعة دابة فنهاه عن الدفع إلى غالمه، وكما إذا كانت شيئا يحفظ في يد النساءيضمن"

فنهاه عن الدفع إلى امرأته وهو محمل األول ألنه ال يمكن إقامة العمل مع مراعاة هذا الشرط، وإن كان ألن الشرط مفيد ألن من العيال من ال يؤتمن على المال وقد"وإن كان له منه بد ضمن"مفيدا فيلغو

"وإن قال احفظها في هذا البيت فحفظها في بيتأمكن العمل به مع مراعاة هذا الشرط فاعتبر "وإنألن الشرط غير مفيد، فإن البيتين في دار واحدة ال يتفاوتان في الحرز آخر من الدار لم يضمن"

ألن الدارين يتفاوتان في الحرز فكان مفيدا فيصح التقييد، ولو كانحفظها في دار أخرى ضمن" التفاوت بين البيتين ظاهرا بأن كانت الدار التي فيها البيتان عظيمة والبيت الذي نهاه عن الحفظ فيه عورة

ظاهرة صح الشرط. "ومن أودع رجال وديعة فأودعها آخر فهلكت فله أن يضمن األول وليس له أن يضمنقال:

الثاني، وهذا عند أبي حنيفة، وقاال: له أن يضمن أيهما شاء، فإن ضمن اآلخر رجع على لهما أنه قبض المال من يد ضمين فيضمنه كمودع الغاصب، وهذا ألن المالك لم يرض بأمانة غيره،األول"

فيكون األول متعديا بالتسليم والثاني بالقبض فيخير بينهما، غير أنه إن ضمن األول لم يرجع على الثاني ألنه ملكه بالضمان فظهر أنه أودع ملك نفسه، وإن ضمن الثاني رجع على األول ألنه عامل له فيرجع عليه بما

Page 138: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لحقه من العهدة، وله أنه قبض المال من يد أمين ألنه بالدفع ال يضمن ما لم يفارقه لحضور رأيه فال تعدي منهما فإذا فارقه فقد ترك الحفظ الملتزم فيضمنه بذلك، وأما الثاني فمستمر على الحالة األولى ولم يوجد

منه صنع فال يضمنه كالريح إذا ألقت في حجره ثوب غيره. "ومن كان في يده ألف فادعاه رجالن كل واحد منهما أنها له أودعها إياه وأبى أنقال:

وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحةيحلف لهما فاأللف بينهما وعليه ألف أخرى بينهما" الحتمالها الصدق فيستحق الحلف على المنكر بالحديث ويحلف لكل واحد منهما على االنفراد لتغاير الحقين، وبأيهما بدأ القاضي جاز لتعذر الجمع بينهما وعدم األولوية. ولو تشاحا أقرع بينهما تطييبا لقلبهما ونفيا لتهمة

الميل، ثم إن حلف ألحدهما يحلف

 

للثاني، فإن حلف فال شيء لهما لعدم الحجة، وإن نكل أعني للثاني يقضي له لوجود      -217ص - الحجة، وإن نكل لألول يحلف للثاني وال يقضي بالنكول، بخالف ما إذا أقر ألحدهما ألن اإلقرار حجة موجبة

بنفسه فيقضي به. أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني فينكشف وجه القضاء، ولو نكل للثاني أيضا يقضي بها بينهما نصفين على ما ذكر في الكتاب الستوائهما في الحجة كما إذا أقاما البينة ويغرم ألفا أخرى بينهما ألنه أوجب الحق لكل واحد منهما ببذله أو بإقراره وذلك حجة في حقه، وبالصرف إليهما صار

قاضيا نصف حق كل واحد بنصف حق اآلخر فيغرمه، فلو قضى القاضي لألول حين نكل ذكر اإلمام علي البزدوي في شرح الجامع الصغير أنه يحلف للثاني وإذا نكل يقضي بها بينهما ألن القضاء لألول ال يبطل حق الثاني ألنه يقدمه إما بنفسه أو بالقرعة وكل ذلك ال يبطل حق الثاني. وذكر الخصاف أنه ينفذ قضاؤه لألول، ووضع المسألة في العبد وإنما نفذ لمصادفته محل االجتهاد ألن من العلماء من قال يقضي لألول وال ينتظر

لكونه إقرار داللة ثم ال يحلف للثاني ما هذا العبد لي ألن نكوله ال يفيد بعدما صار لألول، وهل يحلفه بالله ما لهذا عليك هذا العبد وال قيمته وهو كذا وكذا وال أقل منه. قال: ينبغي أن يحلفه عند محمد رحمه الله خالفا ألبي يوسف بناء على أن المودع إذا أقر الوديعة ودفع بالقضاء إلى غيره يضمنه عند محمد خالفا له وهذه

فريعة تلك المسألة وقد وقع فيه بعض اإلطناب والله أعلم بالصواب.

 

كتاب العارية      -218ص - "وقد استعار النبي عليه الصالة والسالم دروعا من صفوان", ألنها نوع إحسان "العارية جائزة"؛قال:

وكان الكرخي رحمه الله يقول: هو إباحة االنتفاع بملك الغير، ألنها"وهي تمليك المنافع بغير عوض" تنعقد بلفظة اإلباحة، وال يشترط فيها ضرب المدة، ومع الجهالة ال يصح التمليك ولذلك يعمل فيها النهي، وال يملك اإلجارة من غيره، ونحن نقول: إنه ينبئ عن التمليك، فإن العارية من العرية وهي العطية ولهذا تنعقد

بلفظ التمليك، والمنافع قابلة للملك كاألعيان. والتمليك نوعان: بعوض، وبغير عوض. ثم األعيان تقبل النوعين، فكذا المنافع، والجامع دفع الحاجة، ولفظة اإلباحة استعيرت للتمليك، كما في اإلجارة، فإنها تنعقد بلفظة اإلباحة، وهي تمليك. والجهالة ال تفضي إلى

المنازعة؛ لعدم اللزوم فال تكون ضائرة. وألن الملك يثبت بالقبض وهو االنتفاع. وعند ذلك ال جهالة، والنهي منع عن التحصيل فال يتحصل المنافع على ملكه. وال يملك اإلجارة لدفع زيادة الضرر على ما نذكره إن شاء

الله تعالى. "ومنحتك ألنه مستعمل فيه "وأطعمتك هذه األرض"؛؛ ألنه صريح فيه "وتصح بقوله أعرتك"قال:

ألنهما لتمليك العين، وعند عدم إرادتههذا الثوب وحملتك على هذه الدابة إذا لم يرد به الهبة"؛

Page 139: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الهبة تحمل على تمليك المنافع تجوزا. ألن معناه سكناها لك "وداري لك سكنى"؛ ألنه أذن له في استخدامه"وأخدمتك هذا العبد"؛قال:

ألنه جعل سكناها له مدة عمره. وجعل قوله سكنى تفسيرا لقوله لك؛ ألنه"وداري لك عمرى سكنى"؛يحتمل تمليك المنافع فحمل عليه بداللة آخره.

"المنحة مردودة والعارية لقوله عليه الصالة والسالم: "وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء"قال: وألن المنافع تملك شيئا فشيئا على حسب حدوثها فالتمليك فيما لم يوجد لم يتصل به القبض فيصحمؤداة"

الرجوع عنه. وقال الشافعي رحمه الله: يضمن"والعارية أمانة إن هلكت من غير تعد لم يضمن"قال:

 

ألنه قبض مال غيره لنفسه ال عن استحقاق فيضمنه، واإلذن ثبت ضرورة االنتفاع فال      -219ص - يظهر فيما وراءه، ولهذا كان واجب الرد وصار كالمقبوض على سوم الشراء. ولنا أن اللفظ ال ينبئ عن

التزام الضمان؛ ألنه لتمليك المنافع بغير عوض أو إلباحتها، والقبض لم يقع تعديا لكونه مأذونا فيه، واإلذن وإن ثبت ألجل االنتفاع فهو ما قبضه إال لالنتفاع فلم يقع تعديا، وإنما وجب الرد مؤنة كنفقة المستعار فإنها

على المستعير ال لنقض القبض. والمقبوض على سوم الشراء مضمون بالعقد؛ ألن األخذ في العقد له حكمالعقد على ما عرف في موضعه.

؛ ألن اإلعارة دون اإلجارة"وليس للمستعير أن يؤاجر ما استعاره؛ فإن آجره فعطب ضمن"قال: والشيء ال يتضمن ما هو فوقه، وألنا لو صححناه ال يصح إال الزما؛ ألنه حينئذ يكون بتسليط من المعير، وفي وقوعه الزما زيادة ضرر بالمعير لسد باب االسترداد إلى انقضاء مدة اإلجارة فأبطلناه، وضمنه حين سلمه؛

ألنه إذا لم تتناوله العارية كان غصبا، وإن شاء المعير ضمن المستأجر؛ ألنه قبضه بغير إذن المالك لنفسه، ثم إن ضمن المستعير ال يرجع على المستأجر؛ ألنه ظهر أنه آجر ملك نفسه، وإن ضمن المستأجر يرجع على

المؤاجر إذا لم يعلم أنه كان عارية في يده دفعا لضرر الغرور، بخالف ما إذا علم. وقال الشافعي: ليس له أن يعيره؛ "وله أن يعيره إذا كان مما ال يختلف باختالف المستعمل"قال:

ألنه إباحة المنافع على ما بينا من قبل، والمباح له ال يملك اإلباحة، وهذا؛ ألن المنافع غير قابلة للملك لكونها معدومة، وإنما جعلناها موجودة في اإلجارة للضرورة. وقد اندفعت باإلباحة هاهنا. ونحن نقول: هو تمليك

المنافع على ما ذكرنا فيملك اإلعارة كالموصى له بالخدمة، والمنافع اعتبرت قابلة للملك في اإلجارة فتجعل كذلك في اإلعارة دفعا للحاجة، وإنما ال تجوز فيما يختلف باختالف المستعمل دفعا لمزيد الضرر عن المعير؛

ألنه رضي باستعماله ال باستعمال غيره. قال رضي الله عنه: وهذا إذا صدرت اإلعارة مطلقة. وهي على أربعة أوجه:

أحدها: أن تكون مطلقة في الوقت واالنتفاع وللمستعير فيه أن ينتفع به أي نوع شاء في أي وقت شاء عمالباإلطالق.

والثاني: أن تكون مقيدة فيهما وليس له أن يجاوز فيه ما سماه عمال بالتقييد إال إذا

 

كان خالفا إلى مثل ذلك أو إلى خير منه والحنطة مثل الحنطة، والشعير خير من      -220ص -الحنطة إذا كان كيال. والثالث: أن تكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في حق االنتفاع.

والرابع: عكسه وليس له أن يتعدى ما سماه، فلو استعار دابة ولم يسم شيئا له أن يحمل ويعير غيره للحمل؛ ألن الحمل ال يتفاوت. وله أن يركب ويركب غيره وإن كان الركوب مختلفا؛ ألنه لما أطلق فيه فله أن يعين، حتى لو ركب بنفسه ليس له أن يركب غيره؛ ألنه تعين ركوبه، ولو أركب غيره ليس له أن يركبه

Page 140: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

حتى لو فعله ضمنه؛ ألنه تعين اإلركاب. ألن اإلعارة تمليك المنافع،"وعارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود قرض"؛قال:

وال يمكن االنتفاع بها إال باستهالك عينها فاقتضى تمليك العين ضرورة وذلك بالهبة أو بالقرض والقرض أدناهما فيثبت. أو؛ ألن من قضية اإلعارة االنتفاع ورد العين فأقيم رد المثل مقامه. قالوا: هذا إذا أطلق

اإلعارة. وأما إذا عين الجهة بأن استعار دراهم ليعاير بها ميزانا أو يزين بها دكانا لم يكن قرضا ولم يكن له إال المنفعة

المسماة، وصار كما إذا استعار آنية يتجمل بها أو سيفا محلى يتقلده. وإذا استعار أرضا ليبني فيها أو ليغرس فيها جاز وللمعير أن يرجع فيها ويكلفه قلعقال: "

أما الرجوع فلما بينا، وأما الجواز فألنها منفعة معلومة تملك باإلجارة فكذا باإلعارة. وإذاالبناء والغرس" صح الرجوع بقي المستعير شاغال أرض المعير فيكلف تفريغها، ثم إن لم يكن وقت العارية فال ضمان عليه؛ ألن المستعير مغتر غير مغرور حيث اعتمد إطالق العقد من غير أن يسبق منه الوعد وإن كان وقت العارية

"وضمن المعير ما نقصورجع قبل الوقت صح رجوعه لما ذكرناه ولكنه يكره لما فيه من خلف الوعد ألنه مغرور من جهته حيث وقت له، والظاهر هو الوفاء بالعهد ويرجع عليه دفعاالبناء والغرس بالقلع"؛

للضرر عن نفسه. كذا ذكره القدوري في المختصر. وذكر الحاكم الشهيد أنه يضمن رب األرض للمستعير قيمة غرسه وبنائه ويكونان له، إال أن يشاء المستعير أن يرفعهما وال يضمنه قيمتهما فيكون له ذلك؛ ألنه

ملكه. قالوا: إذا كان في القلع ضرر باألرض فالخيار إلى رب األرض؛ ألنه صاحب أصل والمستعير صاحب تبع "ولو استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد الزرع وقت أو لم يوقت"؛والترجيح باألصل،

ألن له نهاية معلومة، وفي الترك مراعاة الحقين، بخالف الغرس؛ ألنه ليس له نهاية معلومة فيقلع دفعاللضرر عن المالك.

؛ ألن الرد واجب عليه لما أنه قبضه لمنفعة "وأجرة رد العارية على المستعير"قال:

 

"وأجرة رد العين المستأجرة علىنفسه واألجرة مؤنة الرد فتكون عليه      -221ص - ألن الواجب على المستأجر التمكين والتخلية دون الرد، فإن منفعة قبضه سالمة للمؤجر معنى فالالمؤجر"

ألن الواجب عليه الرد واإلعادة إلى "وأجرة رد العين المغصوبة على الغاصب"؛ يكون عليه مؤنة ردهيد المالك دفعا للضرر عنه فتكون مؤنته عليه.

وهذا استحسان، وفي"وإذا استعار دابة فردها إلى إصطبل مالكها فهلكت لم يضمن"قال: القياس يضمن؛ ألنه ما ردها إلى مالكها بل ضيعها. وجه االستحسان أنه أتي بالتسليم المتعارف؛ ألن رد "وإنالعواري إلى دار المالك معتاد كآلة البيت، ولو ردها إلى المالك فالمالك يردها إلى المربط. فصح رده

"ولو رد المغصوب أو لما بينا استعار عبدا فرده إلى دار المالك ولم يسلمه إليه لم يضمن" ألن الواجب على الغاصب فسخ فعله، وذلك بالردالوديعة إلى دار المالك ولم يسلمه إليه ضمن"؛

إلى المالك دون غيره، الوديعة ال يرضى المالك بردها إلى الدار وال إلى يد من في العيال؛ ألنه لو ارتضاه لما أودعها إياه، بخالف العواري؛ ألن فيها عرفا، حتى لو كانت العارية عقد جوهر لم يردها إال إلى المعير؛ لعدم

ما ذكرناه من العرف فيه. والمراد باألجير أن يكون مسانهة أو"ومن استعار دابة فردها مع عبده أو أجيره لم يضمن"قال:

مشاهرة؛ ألنها أمانة، وله أن يحفظها بيد من في عياله كما في الوديعة، بخالف األجير مياومة؛ ألنه ليس في ألن المالك يرضى به؛ أال ترى أنه لو رده إليه فهو"وكذا إذا ردها مع عبد رب الدابة أو أجيره"؛عياله.

يرده إلى عبده، وقيل هذا في العبد الذي يقوم على الدواب، وقيل فيه وفي غيره وهو األصح؛ ألنه إن كان ال ودلت المسألة على أن المستعير ال يملك"وإن ردها مع أجنبي ضمن"يدفع إليه دائما يدفع إليه أحيانا

اإليداع قصدا كما قاله بعض المشايخ، وقال بعضهم: يملكه ألنه دون اإلعارة، وأولوا هذه المسألة بإنهاء

Page 141: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

اإلعارة النقضاء المدة. "ومن أعار أرضا بيضاء للزراعة يكتب إنك أطعمتني عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال:قال:

؛ ألن لفظة اإلعارة موضوعة له والكتابة بالموضوع له أولى كما في إعارة الدار. ولهيكتب إنك أعرتني" أن لفظة اإلطعام أدل على المراد؛ ألنها تخص الزراعة واإلعارة تنتظمها وغيرها كالبناء ونحوه فكانت الكتابة

بها أولى، بخالف الدار؛ ألنها ال تعار إال للسكنى، والله أعلم بالصواب.

 

كتاب الهبة      -222ص - "وتصح باإليجاب وعلى ذلك انعقد اإلجماع "تهادوا تحابوا"الهبة عقد مشروع لقوله عليه الصالة والسالم:

أما اإليجاب والقبول فألنه عقد، والعقد ينعقد باإليجاب، والقبول، والقبض ال بد منهوالقبول والقبض" لثبوت الملك. وقال مالك: يثبت الملك فيه قبل القبض اعتبارا بالبيع، وعلى هذا الخالف الصدقة. ولنا قوله

والمراد نفي الملك، ألن الجواز بدونه ثابت، وألنه عقد "ال تجوز الهبة إال مقبوضة"عليه الصالة والسالم: تبرع، وفي إثبات الملك قبل القبض إلزام المتبرع شيئا لم يتبرع به، وهو التسليم فال يصح، بخالف الوصية؛ ألن أوان ثبوت الملك فيها بعد الموت وال إلزام على المتبرع؛ لعدم أهلية اللزوم، وحق الوارث متأخر عن

الوصية فلم يملكها. "وإن قبض بعد استحسانا "فإن قبضها الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب جاز"قال:

والقياس أن ال يجوز في الوجهين وهو قولاالفتراق لم يجز إال أن يأذن له الواهب في القبض" الشافعي؛ ألن القبض تصرف في ملك الواهب، إذ ملكه قبل القبض باق فال يصح بدون إذنه، ولنا أن القبض

بمنزلة القبول في الهبة من حيث إنه يتوقف عليه ثبوت حكمه وهو الملك، والمقصود منه إثبات الملك فيكون اإليجاب منه تسليطا على القبض، بخالف ما إذا قبض بعد االفتراق؛ ألنا إنما أثبتنا التسليط فيه إلحاقا

له بالقبول، والقبول يتقيد بالمجلس، فكذا ما يلحق به، بخالف ما إذا نهاه عن القبض في المجلس؛ ألنالداللة ال تعمل في مقابلة الصريح.

ألن األول صريح فيه والثاني مستعمل فيه. قال "وتنعقد الهبة بقوله وهبت ونحلت وأعطيت"؛قال: وكذلك الثالث، يقال: أعطاك الله ووهبك الله بمعنى"أكل أوالدك نحلت مثل هذا؟"عليه الصالة والسالم:

"وكذا تنعقد بقوله أطعمتك هذا الطعام وجعلت هذا الثوب لك وأعمرتك هذا الشيءواحد أما األول فألن اإلطعام إذا أضيف إلى ما يطعموحملتك على هذه الدابة إذا نوى بالحمالن الهبة"

عينه يراد به تمليك العين، بخالف ما إذا قال: أطعمتك هذه األرض حيث تكون عارية؛ ألن عينها ال تطعمفيكون المراد أكل غلتها؛ وأما

 

الثاني فألن حرف الالم للتمليك. وأما الثالث فلقوله عليه الصالة والسالم "فمن أعمر      -223ص - عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده" وكذا إذا قال جعلت هذه الدار لك عمرى لما قلنا. وأما الرابع فألن

الحمل هو اإلركاب حقيقة فيكون عارية لكنه يحتمل الهبة، يقال حمل األمير فالنا على فرس ويراد بهالتمليك فيحمل عليه عند نيته.

}أو ك�سوتهم{ ألنه يراد به التمليك، قال الله تعالى: "ولو قال كسوتك هذا الثوب يكون هبة"؛ "ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية"[ ويقال كسا األمير فالنا ثوبا: أي ملكه منه 89]المائدة:

ألن العارية محكم."ولو قال داري لك هبة سكنى أو سكنى هبة فهي عارية"؛لما روينا من قبل في تمليك المنفعة والهبة تحتملها وتحتمل تمليك العين فيحمل المحتمل على المحكم، وكذا إذا قال عمرى

"ولو قال هبة تسكنهاسكنى أو نحلي سكنى أو سكنى صدقة أو صدقة عارية أو عارية هبة لما قدمناه.

Page 142: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن قوله تسكنها مشورة وليس بتفسير له وهو تنبيه على المقصود، بخالف قوله هبة سكنى؛فهي هبة"؛ألنه تفسير له.

"وال تجوز الهبة فيما يقسم إال محوزة مقسومة، وهبة المشاع فيما ال يقسم جائزة"قال: وقال الشافعي: تجوز في الوجهين؛ ألنه عقد تمليك فيصح في المشاع وغيره كالبيع بأنواعه، وهذا؛ ألن

المشاع قابل لحكمه، وهو الملك فيكون محال له، وكونه تبرعا ال يبطله الشيوع كالقرض والوصية. ولنا أن القبض منصوص عليه في الهبة فيشترط كماله والمشاع ال يقبله إال بضم غيره إليه، وذلك غير موهوب، وألن

في تجويزه إلزامه شيئا لم يلتزمه وهو مؤنة القسمة، ولهذا امتنع جوازه قبل القبض لئال يلزمه التسليم، بخالف ما ال يقسم؛ ألن القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به؛ وألنه ال تلزمه مؤنة القسمة. والمهايأة تلزمه

فيما لم يتبرع به وهو المنفعة، والهبة القت العين، والوصية ليس من شرطها القبض، وكذا البيع الصحيح، وأما البيع الفاسد والصرف والسلم فالقبض فيها غير منصوص عليه، وألنها عقود ضمان فتناسب لزوم مؤنة

القسمة، والقرض تبرع من وجه وعقد ضمان من وجه، فشرطنا القبض القاصر فيه دون القسمة عمال ألن الحكم يدار"ولو وهب من شريكه ال يجوز"؛بالشبهين، على أن القبض غير منصوص عليه فيه.

على نفس الشيوع. ألن تمامه"فإن قسمه وسلمه جاز"؛ لما ذكرنا "ومن وهب شقصا مشاعا فالهبة فاسدة"قال:

بالقبض وعنده ال شيوع. "ولو وهب دقيقا في حنطة أو دهنا في سمسم فالهبة فاسدة، فإن طحن وسلم لمقال: وكذا السمن في اللبن؛ ألن الموهوب معدوم، ولهذا لو استخرجه الغاصب يملكهيجز"

 

والمعدوم ليس بمحل للملك فوقع العقد باطال، فال ينعقد إال بالتجديد، بخالف ما تقدم؛      -224ص - ألن المشاع محل للتمليك، وهبة اللبن في الضرع والصوف على ظهر الغنم والزرع والنخل في األرض

والتمر في النخيل بمنزلة المشاع؛ ألن امتناع الجواز لالتصال وذلك يمنع القبض كالشائع. ألن العين "وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيها قبضا"؛قال:

في قبضه والقبض هو الشرط، بخالف ما إذا باعه منه؛ ألن القبض في البيع مضمون فال ينوب عنه قبضاألمانة، أما قبض الهبة فغير مضمون فينوب عنه.

ألنه في قبض األب فينوب عن قبض"وإذا وهب األب البنه الصغير هبة ملكها االبن بالعقد"؛قال: الهبة، وال فرق بين ما إذا كان في يده أو في يد مودعه؛ ألن يده كيده، بخالف ما إذا كان مرهونا أو مغصوبا أو مبيعا بيعا فاسدا؛ ألنه في يد غيره أو في ملك غيره، والصدقة في هذا مثل الهبة، وكذا إذا وهبت له أمه

"وإن وهب له أجنبي هبة تمت بقبضوهو في عيالها واألب ميت وال وصي له، وكذلك كل من يعوله. "وإن وهب لليتيم هبة ألنه يملك عليه الدائر بين النافع والضائر فأولى أن يملك المنافع. األب"؛

ألن لهؤالء والية عليه لقيامهم مقامفقبضها له وليه وهو وصي األب أو جد اليتيم أو وصيه جاز"؛ ؛ ألن لها الوالية فيما يرجع إلى حفظه وحفظ ماله."وإن كان في حجر أمه فقبضها له جائز"األب

"وكذا إذا كان في حجر أجنبي يربيه"؛وهذا من بابه؛ ألنه ال يبقى إال بالمال فال بد من والية التحصيل ألن له عليه يدا معتبرة. أال ترى أنه ال يتمكن أجنبي آخر أن ينزعه من يده فيملك ما يتمحض نفعا في حقه

معناه إذا كان عاقال؛ ألنه نافع في حقه وهو من أهله. وفيما"وإن قبض الصبي الهبة بنفسه جاز" وهب للصغيرة يجوز قبض زوجها لها بعد الزفاف لتفويض األب أمورها إليه داللة، بخالف ما قبل الزفاف

ويملكه مع حضرة األب، بخالف األم وكل من يعولها غيرها حيث ال يملكونه إال بعد موت األب أو غيبته غيبةمنقطعة في الصحيح؛ ألن تصرف هؤالء للضرورة ال بتفويض األب، ومع حضوره ال ضرورة.

"وإن ألنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فال شيوع "وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز"؛قال: ألن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليكوهبها واحد من اثنين ال يجوز عند أبي حنيفة، وقاال يصح"؛

Page 143: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

واحد فال يتحقق الشيوع كما إذا رهن من رجلين. وله أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما، ولهذا لو كانت فيما ال يقسم فقبل أحدهما صح، وألن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف فيكون التمليك كذلك؛ ألنهحكمه، وعلى هذا االعتبار يتحقق الشيوع، بخالف الرهن؛ ألن حكمه الحبس، ويثبت لكل واحد منهما كامال

 

إذ ال تضايف فيه فال شيوع ولهذا لو قضى دين أحدهما ال يسترد شيئا من الرهن.      -225ص - "وفي الجامع الصغير: إذا تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز، ولو تصدق

جعل كل واحد منهما مجازا عنبها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز، وقاال: يجوز للغنيين أيضا" اآلخر، والصالحية ثابتة؛ ألن كل واحد منهما تمليك بغير بدل، وفرق بين الصدقة والهبة في الحكم. وفي

األصل سوى بينهما فقال: وكذلك الصدقة؛ ألن الشيوع مانع في الفصلين لتوقفهما على القبض. ووجه الفرق على هذه الرواية أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد، والهبة يراد بها وجه الغني وهما اثنان. وقيل

هذا هو الصحيح، والمراد بالمذكور في األصل الصدقة على غنيين. ولو وهب لرجلين دارا ألحدهما ثلثاها ولآلخر ثلثها لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يجوز. ولو قال ألحدهما نصفها ولآلخر نصفها

عن أبي يوسف فيه روايتان، فأبو حنيفة مر على أصله، وكذا محمد. والفرق ألبي يوسف أن بالتنصيص على األبعاض يظهر أن قصده ثبوت الملك في البعض فيتحقق الشيوع، ولهذا ال يجوز إذا رهن من رجلين ونص

على األبعاض.

الهبة في الرجوع باب وقال الشافعي: ال رجوع فيها لقوله عليه الصالة"وإذا وهب هبة ألجنبي فله الرجوع فيها"قال:

وألن الرجوع يضاد التمليك، والعقد ال يقتضي"ال يرجع الواهب في هبته إال الوالد فيما يهب لولده" والسالم: ما يضاده، بخالف هبة الوالد لولده على أصله؛ ألنه لم يتم التمليك؛ لكونه جزءا له. ولنا قوله عليه الصالة

أي ما لم يعوض؛ وألن المقصود بالعقد هو التعويض للعادة،"الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها"والسالم: فتثبت له والية الفسخ عند فواته، إذ العقد يقبله، والمراد بما روي نفي استبداد والرجوع وإثباته للوالد؛ ألنه يتملكه للحاجة وذلك يسمى رجوعا. وقوله في الكتاب فله الرجوع لبيان الحكم، أما الكراهة فالزمة لقوله

وهذا الستقباحه. ثم للرجوع موانع ذكر بعضها فقال:"العائد في هبته كالعائد في قيئه"عليه الصالة والسالم: ألنه ال وجه إلى الرجوع فيها دون"أو تزيد زيادة متصلة"؛ لحصول المقصود "إال أن يعوضه عنها"

الزيادة؛ لعدم اإلمكان وال مع الزيادة؛ لعدم دخولها تحت العقد. ألن بموت الموهوب له ينتقل الملك إلى الورثة "أو يموت أحد المتعاقدين"؛قال:

 

فصار كما إذا انتقل في حال حياته، وإذا مات الواهب فوارثه أجنبي عن العقد إذ هو ما      -226ص -أوجبه.

ألنه حصل بتسليطه فال ينقضه، وألنه تجدد الملك بتجدد"أو تخرج الهبة عن ملك الموهوب له"؛قال: سببه. "فإن وهب آلخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخال أو بنى بيتا أو دكانا أو آرياقال:

ألن هذه زيادة متصلة. وقوله وكان ذلكوكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها"؛ زيادة فيها؛ ألن الدكان قد يكون صغيرا حقيرا ال يعد زيادة أصال، وقد تكون األرض عظيمة يعد ذلك زيادة في

قطعة منها فال يمتنع الرجوع في غيرها. "وإن لم يبع شيئا ألن االمتناع بقدر المانع"فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي"؛قال:

Page 144: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن له أن يرجع في كلها فكذا في نصفها بالطريق األولى. منها له أن يرجع في نصفها"؛ "إذا كانت لقوله عليه الصالة والسالم: "وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فال رجوع فيها"قال:

"وكذلك ما وهب وألن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها"؛ ألن المقصود فيها الصلة كما في القرابة، وإنما ينظر إلى هذا المقصود وقت العقد،أحد الزوجين لآلخر"؛

حتى لو تزوجها بعدما وهب لها فله الرجوع، ولو أبانها بعدما وهب فال رجوع. "وإذا قال الموهوب له للواهب خذ هذا عوضا عن هبتك أو بدال عنها أو في مقابلتهاقال:

"وإن عوضه لحصول المقصود، وهذه العبارات تؤدي معنى واحدا فقبضه الواهب سقط الرجوع" ألن العوض إلسقاط الحقأجنبي عن الموهوب له متبرعا فقبض الواهب العوض بطل الرجوع"؛

فيصح من األجنبي كبدل الخلع والصلح. "وإن استحق ألنه لم يسلم له ما يقابل نصفه "وإذا استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض"؛قال:

وقال زفر: يرجع بالنصف اعتبارانصف العوض لم يرجع في الهبة إال أن يرد ما بقي ثم يرجع" بالعوض اآلخر. ولنا أنه يصلح عوضا للكل من االبتداء، وباالستحقاق ظهر أنه ال عوض إال هو، إال أنه يتخير؛

ألنه ما أسقط حقه في الرجوع إال ليسلم له كل العوض ولم يسلم فله أن يرده. ؛ ألن المانعرجع الواهب في النصف الذي لم يعوض" "وإن وهب دارا فعوضه من نصفهاقال:

خص النصف.

 

ألنه مختلف بين"وال يصح الرجوع إال بتراضيهما أو بحكم الحاكم"؛قال:      -227ص - العلماء، وفي أصله وهاء وفي حصول المقصود وعدمه خفاء، فال بد من الفصل بالرضا أو بالقضاء، حتى لو كانت الهبة عبدا فأعتقه قبل القضاء نفذ، ولو منعه فهلك لم يضمن؛ لقيام ملكه فيه، وكذا إذا هلك في يده

بعد القضاء؛ ألن أول القبض غير مضمون، وهذا دوام عليه إال أن يمنعه بعد طلبه؛ ألنه تعدى، وإذا رجع بالقضاء أو بالتراضي يكون فسخا من األصل حتى ال يشترط قبض الواهب ويصح في الشائع؛ ألن العقد وقع

جائزا موجبا حق الفسخ، فكان بالفسخ مستوفيا حقا ثابتا له فيظهر على اإلطالق، بخالف الرد بالعيب بعدالقبض؛ ألن الحق هناك في وصف السالمة ال في الفسخ فافترقا.

"وإذا تلفت العين الموهوبة واستحقها مستحق وضمن الموهوب له لم يرجع علىقال: ألنه عقد تبرع فال يستحق فيه السالمة، وهو غير عامل له، والغرور في ضمن عقدالواهب بشيء"؛

المعاوضة سبب الرجوع ال في غيره. ألنه هبة ابتداء "وإذا وهب بشرط العوض اعتبر التقابض في العوضين، وتبطل بالشيوع"؛قال:

"فإن تقابضا صح العقد وصار في حكم البيع يرد بالعيب وخيار الرؤية وتستحق فيه ألنه بيع انتهاء. وقال زفر والشافعي رحمهما الله: هو بيع ابتداء وانتهاء؛ ألن فيه معنى البيع وهوالشفعة"؛

التمليك بعوض، والعبرة في العقود للمعاني، ولهذا كان بيع العبد من نفسه إعتاقا. ولنا أنه اشتمل على جهتين فيجمع بينهما ما أمكن عمال بالشبهين، وقد أمكن؛ ألن الهبة من حكمها تأخر الملك إلى القبض، وقد

يتراخى عن البيع الفاسد والبيع من حكمه اللزوم، وقد تنقلب الهبة الزمة بالتعويض فجمعنا بينهما، بخالف بيعنفس العبد من نفسه؛ ألنه ال يمكن اعتبار البيع فيه، إذ هو ال يصلح مالكا لنفسه.

" " : ؛: االستثناء وبطل الهبة صحت حملها إال جارية وهب ومن قال فصل ألن االستثناء ال يعمل إال في محل يعمل فيه العقد، والهبة ال تعمل في الحمل لكونه وصفا على ما بيناه في البيوع فانقلب شرطا فاسدا، والهبة ال تبطل بالشروط الفاسدة، وهذا هو الحكم في النكاح والخلع والصلح

"ولو أعتقعن دم العمد؛ ألنها ال تبطل بالشروط الفاسدة، بخالف البيع واإلجارة والرهن؛ ألنها تبطل بها.

Page 145: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ولو دبر ما في ألنه لم يبق الجنين على ملكه فأشبه االستثناء،ما في بطنها ثم وهبها جاز"؛ ألن الحمل بقي على ملكه فلم يكنبطنها ثم وهبها لم يجز"؛

 

شبيه االستثناء، وال يمكن تنفيذ الهبة فيه لمكان التدبير فبقي هبة المشاع أو هبة شيء      -228ص -هو مشغول بملك المالك.

"فإن وهبها له على أن يردها عليه أو على أن يعتقها أو أن يتخذها أم ولد أو وهب داراقال: أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه شيئا منها أو يعوضه شيئا منها فالهبة جائزة والشرط

ألن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد فكانت فاسدة، والهبة ال تبطل بها، أال ترى أن النبي عليهباطل". الصالة والسالم أجاز العمرى وأبطل شرط المعمر بخالف البيع؛ ألنه عليه الصالة والسالم نهى عن بيع

"ومن لهوشرط وألن الشرط الفاسد في معنى الربا، وهو يعمل في المعاوضات دون التبرعات. قال: على آخر ألف درهم فقال إذا جاء الغد فهي لك أو أنت منها بريء. أو قال: إذا أديت إلي

ألن اإلبراء تمليك من وجهالنصف فلك نصفه أو أنت بريء من النصف الباقي فهو باطل"؛ إسقاط من وجه، وهبة الدين ممن عليه إبراء، وهذا؛ ألن الدين مال من وجه ومن هذا الوجه كان تمليكا،

ووصف من وجه ومن هذا الوجه كان إسقاطا، ولهذا قلنا: إنه يرتد بالرد، وال يتوقف على القبول. والتعليقبالشروط يختص باإلسقاطات المحضة التي يحلف بها كالطالق والعتاق فال يتعداها.

لما روينا. ومعناه أن يجعل داره له"والعمرى جائزة للمعمر له حال حياته ولورثته من بعده"قال: عمره. وإذا مات ترد عليه فيصح التمليك، ويبطل الشرط لما روينا وقد بينا أن الهبة ال تبطل بالشروط

ألن"والرقبى باطلة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف: جائزة"؛الفاسدة قوله داري لك تمليك. وقوله رقبى شرط فاسد كالعمرى. ولهما أنه عليه الصالة والسالم أجاز العمرى ورد

الرقبى وألن معنى الرقبى عندهما إن مت قبلك فهو لك، واللفظ من المراقبة كأنه يراقب موته، وهذا تعليقالتمليك بالخطر فبطل. وإذا لم تصح تكون عارية عندهما؛ ألنه يتضمن إطالق االنتفاع به.

الصدقة: في فصل "فال تجوز في مشاع يحتمل ألنه تبرع كالهبة"والصدقة كالهبة ال تصح إال بالقبض"؛قال:

ألن المقصود هو الثواب وقد حصل. وكذا إذا "وال رجوع في الصدقة"؛ لما بينا في الهبةالقسمة" تصدق على غني استحسانا؛ ألنه قد يقصد بالصدقة على الغني الثواب. وكذا إذا وهب الفقير؛ ألن المقصود

الثواب وقد حصل. "ومن نذر أن يتصدق بماله يتصدق بجنس ما يجب فيه الزكاة، ومن نذر أنقال:

 

ويروى أنه واألول سواء، وقد ذكرنايتصدق بملكه لزمه أن يتصدق بالجميع"      -229ص - "ويقال له أمسك ما تنفقه على نفسك وعيالك إلى أنالفرق. ووجه الروايتين في مسائل القضاء

وقد ذكرناه من قبل.تكتسب، فإذا اكتسب ماال يتصدق بمثل ما أنفق"

 

كتاب اإلجارات      -230ص - ألن اإلجارة في اللغة بيع المنافع، والقياس يأبى جوازه؛ ألن"اإلجارة: عقد على المنافع بعوض"

Page 146: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المعقود عليه المنفعة وهي معدومة، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد ال يصح إال أنا جوزناه لحاجة الناس إليه، وقوله"أعطوا األجير أجره قبل أن يجف عرقه"وقد شهدت بصحتها اآلثار وهو قوله عليه الصالة والسالم:

وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة،"من استأجر أجيرا فليعلمه أجره"عليه الصالة والسالم: والدار أقيمت مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليها ليرتبط اإليجاب بالقبول، ثم عمله يظهر في حق

"وال تصح حتى تكون المنافع معلومة، واألجرةالمنفعة ملكا واستحقاقا حال وجود المنفعة. لما روينا، وألن الجهالة في المعقود عليه وبدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن فيمعلومة"

ألن األجرة ثمن المنفعة،"وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في اإلجارة"؛البيع فتعتبر بثمن المبيع. وما ال يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كاألعيان. فهذا اللفظ ال ينفي صالحية غيره؛ ل أنه

"والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور، للسكنى واألرضين للزراعةعوض مالي ألن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيهافيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت"؛

معلوما إذا كانت المنفعة ال تتفاوت. وقوله أي مدة كانت إشارة إلى أنه يجوز طالت المدة أو قصرت لكونها معلومة ولتحقق الحاجة إليها عسى، إال أن في األوقاف ال تجوز اإلجارة الطويلة كي ال يدعي المستأجر ملكها

وهي ما زاد على ثالث سنين هو المختار. "وتارة تصير معلومة بنفسه كمن استأجر رجال على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجرقال:

ألنه إذا بين الثوب ولون الصبغدابة؛ ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها"؛ وقدره وجنس الخياطة والقدر المحمول وجنسه والمسافة صارت المنفعة معلومة فيصح العقد، وربما يقال: اإلجارة قد تكون عقدا على العمل كاستئجار القصار والخياط، وال بد أن يكون العمل معلوما وذلك في األجير

المشترك، وقد تكون عقدا على المنفعة كما في أجير الوحد، وال بد من بيان الوقت. "وتارة تصير المنفعة معلومة بالتعيين واإلشارة كمن استأجر رجال، لينقل له هذاقال:

 

ألنه إذا آراه ما ينقله والموضع الذي يحمل إليه كانتالطعام إلى موضع معلوم"؛      -231ص -المنفعة معلومة فيصح العقد.

يستحق متى األجر باب "األجرة ال تجب بالعقد وتستحق بأحد معان ثالثة: إما بشرط التعجيل، أو بالتعجيل منقال:

غير شرط، أو باستيفاء المعقود عليه". وقال الشافعي: تملك بنفس العقد؛ ألن المنافع المعدومة صارت موجودة حكما ضرورة تصحيح العقد فيثبت الحكم فيما يقابله من البدل. ولنا أن العقد ينعقد شيئا فشيئا على حسب حدوث المنافع على ما بينا، والعقد

معاوضة، ومن قضيتها المساواة، فمن ضرورة التراخي في جانب المنفعة التراخي في البدل اآلخر. وإذا استوفى المنفعة يثبت الملك في األجر لتحقق التسوية. وكذا إذا شرط التعجيل أو عجل؛ ألن المساواة تثبت

ألن تسليم عين"وإذا قبض المستأجر الدار فعليه األجر وإن لم يسكنها"؛حقا له وقد أبطله. المنفعة ال يتصور فأقمنا تسليم المحل مقامه إذ التمكن من االنتفاع يثبت به.

ألن تسليم المحل إنما أقيم مقام تسليم المنفعة "فإن غصبها غاصب من يده سقطت األجرة"؛قال: "وإن وجد الغصب فيللتمكن من االنتفاع، فإذا فات التمكن فات التسليم، وانفسخ العقد فسقط األجر،

. إذ االنفساخ في بعضها. بعض المدة سقط األجر بقدره" "إال ألنه استوفى منفعة مقصودة"ومن استأجر دارا فللمؤجر أن يطالبه بأجرة كل يوم"؛قال:

"ومن لما بينا."وكذلك إجارة األراضي" ألنه بمنزلة التأجيل أن يبين وقت االستحقاق بالعقد"؛ ألن سير كل مرحلة مقصود. وكاناستأجر بعيرا إلى مكة فللجمال أن يطالبه بأجرة كل مرحلة"؛

أبو حنيفة يقول أوال: ال يجب األجر إال بعد انقضاء المدة وانتهاء السفر وهو قول زفر؛ ألن المعقود عليه جملة

Page 147: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

المنافع في المدة فال يتوزع األجر على أجزائها، كما إذا كان المعقود عليه العمل. ووجه القول المرجوع إليه أن القياس يقتضي استحقاق األجر ساعة فساعة لتحقق المساواة، إال أن المطالبة في كل ساعة تفضي إلى

أن ال يتفرغ لغيره فيتضرر به، فقدرنا بما ذكرنا. ألن العمل في البعض"وليس للقصار والخياط أن يطالب بأجره حتى يفرغ من العمل"؛قال:

غير منتفع به فال يستوجب به األجر، وكذا إذا عمل في بيت المستأجر ال يستوجب األجر قبل الفراغ لما بينا. لما مر أن الشرط فيه الزم. "إال أن يشترط التعجيل"قال:"ومن استأجر خبازا ليخبز له في بيته قفيزا من دقيق بدرهم لم يستحق األجرقال:

 

ألن تمام العمل باإلخراج. فلو احترق أو سقط منحتى يخرج الخبز من التنور"؛      -232ص - "فإن أخرجه ثم احترق من غير فعله فله األجر"؛يده قبل اإلخراج فال أجر له للهالك قبل التسليم،

ألنه صار مسلما إليه بالوضع في بيته، وال ضمان عليه؛ ألنه لم توجد منه الجناية. قال: وهذا عند أبي حنيفة؛ ألنه أمانة في يده، وعندهما يضمن مثل دقيقه وال أجر له؛ ألنه مضمون عليه فال يبرأ إال بعد حقيقة التسليم،

وإن شاء ضمنه الخبز، وأعطاه األجر. اعتبارا للعرف. "ومن استأجر طباخا ليطبخ له طعاما للوليمة فالعرف عليه"قال: "ومن استأجر إنسانا ليضرب له لبنا استحق األجر إذا أقامها عند أبي حنيفة، وقاال: القال:

ألن التشريج من تمام عمله، إذ ال يؤمن من الفساد قبله فصار كإخراج الخبزيستحقها حتى يشرجها"؛ من التنور؛ وألن األجير هو الذي يتواله عرفا وهو المعتبر فيما لم ينص عليه. وألبي حنيفة أن العمل قد تم

باإلقامة، والتشريج عمل زائد كالنقل، أال ترى أنه ينتفع به قبل التشريج بالنقل إلى موضع العمل، بخالف ماقبل اإلقامة؛ ألنه طين منتشر، وبخالف الخبز؛ ألنه غير منتفع به قبل اإلخراج.

"وكل صانع لعمله أثر في العين كالقصار والصباغ فله أن يحبس العين حتى يستوفيقال: ألن المعقود عليه وصف قائم في الثوب فله حق الحبس؛ الستيفاء البدل كما في المبيع، ولو حبسهاألجر"؛

فضاع ال ضمان عليه عند أبي حنيفة؛ ألنه غير متعد في الحبس فبقي أمانة كما كان عنده، وال أجر له لهالك المعقود عليه قبل التسليم. وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: العين كانت مضمونة قبل الحبس فكذا بعده، لكنه بالخيار إن شاء ضمنه قيمته غير معمول وال أجر له، وإن شاء ضمنه معموال وله األجر، وسيبين

من بعد إن شاء الله تعالى. "وكل صانع ليس لعمله أثر في العين فليس له أن يحبس العين لألجر كالحمالقال:

ألن المعقود عليه نفس العمل وهو غير قائم في العين فال يتصور حبسه فليس له والية الحبسوالمالح"؛ وغسل الثوب نظير الحمل، وهذا بخالف اآلبق حيث يكون للراد حق حبسه الستيفاء الجعل، وال أثر لعمله؛

ألنه كان على شرف الهالك وقد أحياه فكأنه باعه منه فله حق الحبس، وهذا الذي ذكرنا مذهب علمائنا الثالثة. وقال زفر: ليس له حق الحبس في الوجهين؛ ألنه وقع التسليم باتصال المبيع بملكه فيسقط حق

الحبس. ولنا أن االتصال بالمحل ضرورة إقامة تسليم العمل فلم يكن هو راضيا به من حيث أنه تسليم فاليسقط حق الحبس كما إذا قبض المشتري بغير رضا البائع.

 

"وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه ليس له أن يستعمل غيره"؛قال:      -233ص - "وإن أطلق له العملألن المعقود عليه العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه

ألن المستحق عمل في ذمته، ويمكن إيفاؤه بنفسه وباالستعانة بغيرهفله أن يستأجر من يعمله"؛بمنزلة إيفاء الدين.

Page 148: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فوجد: " فذهب بعياله فيجيء البصرة إلى ليذهب رجال استأجر ومن فصل

" ؛ بحسابه األجر فله بقي بمن فجاء مات قد بعضهم "وإن استأجره ليذهبألنه أوفى بعض المعقود عليه فيستحق العوض بقدره، ومراده إذا كانوا معلومين

هذا عند أبيبكتابه إلى فالن بالبصرة ويجيء بجوابه فذهب فوجد فالنا ميتا فرده فال أجر له" حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: له األجر في الذهاب؛ ألنه أوفى بعض المعقود عليه، وهو قطع المسافة، وهذا ألن األجر مقابل به لما فيه من المشقة دون حمل الكتاب لخفة مؤنته. ولهما أن المعقود عليه نقل

الكتاب؛ ألنه هو المقصود أو وسيلة إليه وهو العلم بما في الكتاب ولكن الحكم معلق به وقد نقضه فيسقط "وإن ترك الكتاب في ذلك المكان وعاداألجر كما في الطعام وهي المسألة التي تلي هذه المسألة

"وإن استأجره ليذهب بطعام إلى فالن ألن الحمل لم ينتقض. يستحق األجر بالذهاب باإلجماع"؛ ألنه نقض تسليم المعقودبالبصرة فذهب فوجد فالنا ميتا فرده فال أجر له في قولهم جميعا"؛

عليه، وهو حمل الطعام، بخالف مسألة الكتاب على قول محمد؛ ألن المعقود عليه هناك قطع المسافة علىما مر. والله أعلم بالصواب.

فيها خالفا ومايكون اإلجارة من يجوز ما باب ألن العمل"ويجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى وإن لم يبين ما يعمل فيها"؛قال:

"إال لإلطالق "وله أن يعمل كل شيء"المتعارف فيها السكنى فينصرف إليه، وأنه ال يتفاوت فصح العقد ألنه يوهن البناء فيتقيد العقد بماأنه ال يسكن حدادا وال قصارا وال طحانا؛ ألن فيه ضررا ظاهرا"؛

وراءها داللة. "وللمستأجر الشرب ألنها منفعة مقصودة معهودة فيها "ويجوز استئجار األراضي للزراعة"؛قال:

ألن اإلجارة تعقد لالنتفاع، وال انتفاع في الحال إال بهما فيدخالن في مطلقوالطريق، وإن لم يشترط" العقد، بخالف البيع؛ ألن المقصود منه ملك الرقبة ال االنتفاع في الحال، حتى يجوز بيع الجحش واألرض

السبخة دون اإلجارة فال يدخالن فيه

 

"وال يصح العقد حتى يسمي ما يزرعمن غير ذكر الحقوق وقد مر في البيوع      -234ص - "أو ألنها قد تستأجر للزراعة ولغيرها وما يزرع فيها متفاوت فال بد من التعيين كي ال تقع المنازعة فيها"؛

ألنه لما فوض الخيرة إليه ارتفعت الجهالة المفضية إلى المنازعة.يقول على أن يزرع فيها ما شاء"؛ ألنها منفعة تقصد "ويجوز أن يستأجر الساحة؛ ليبني فيها أو؛ ليغرس فيها نخال أو شجرا"؛قال:

ألنه"ثم إذا انقضت مدة اإلجارة لزمه أن يقلع البناء والغرس ويسلمها إليه فارغة"؛باألراضي ال نهاية لهما وفي إبقائهما إضرارا بصاحب األرض، بخالف ما إذا انقضت المدة والزرع بقل حيث يترك بأجر

المثل إلى زمان اإلدراك؛ ألن له نهاية معلومة فأمكن رعاية الجانبين. وهذا برضا"إال أن يختار صاحب األرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعا ويتملكه فله ذلك"قال:

صاحب الغرس والشجر، إال أن تنقص األرض بقلعهما فحينئذ يتملكهما بغير رضاه. ألن الحق له فله أن ال"أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا واألرض لهذا"؛قال:

يستوفيه. ألن"وفي الجامع الصغير: إذا انقضت مدة اإلجارة، وفي األرض رطبة فإنها تقلع"؛قال:

الرطاب ال نهاية لها فأشبه الشجر. "فإن أطلق الركوب ألنه منفعة معلومة معهودة "ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل"؛قال:

عمال باإلطالق. ولكن إذا ركب بنفسه أو أركب واحدا ليس له أن يركب غيره؛جاز له أن يركب من شاء" "وكذلك إذا استأجرألنه تعين مرادا من األصل، والناس يتفاوتون في الركوب فصار كأنه نص على ركوبه

Page 149: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإن قال: على أن إلطالق اللفظ وتفاوت الناس في اللبس ثوبا للبس وأطلق جاز فيما ذكرنا" ألنيركبها فالن أو يلبس الثوب فالن فأركبها غيره أو ألبسه غيره فعطب كان ضامنا"؛

الناس يتفاوتون في الركوب واللبس فصح التعيين، وليس له أن يتعداه، وكذلك كل ما يختلف باختالف المستعمل لما ذكرنا. فأما العقار وما ال يختلف باختالف المستعمل إذا شرط سكنى واحد فله أن يسكن

غيره؛ ألن التقييد غير مفيد لعدم التفاوت الذي يضر بالبناء، والذي يضر بالبناء خارج على ما ذكرناه. "وإن سمى نوعا وقدرا معلوما يحمله على الدابة مثل أن يقول خمسة أقفزة حنطةقال:

ألنه دخل تحت اإلذنفله أن يحمل ما هو مثل الحنطة في الضرر أو أقل كالشعير والسمسم"؛ "وليس له أن يحمل ما هو أضر من الحنطة كالملحلعدم التفاوت، أو لكونه خيرا من األول

"وإن استأجرها ليحمل عليها قطنا سماه فليس له أن يحمل عليها النعدام الرضا فيهوالحديد"

 

ألنه ربما يكون أضر بالدابة فإن الحديد يجتمع في موضع منمثل وزنه حديدا"؛      -235ص -ظهرها والقطن ينبسط على ظهرها.

"وإن استأجرها ليركبها فأردف معه رجال فعطبت ضمن نصف قيمتها وال معتبرقال: ألن الدابة قد يعقرها جهل الراكب الخفيف ويخف عليها ركوب الثقيل لعلمه بالفروسية، وألنبالثقل"؛

اآلدمي غير موزون فال يمكن معرفة الوزن فاعتبر عدد الراكب كعدد الجناة في الجنايات. "وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه فعطبت ضمنقال:

"إال ألنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه والسبب الثقل فانقسم عليهما ما زاد الثقل"؛ لعدم اإلذن فيها أصال لخروجهإذا كان حمال ال يطيقه مثل تلك الدابة فحينئذ يضمن كل قيمتها"

عن العادة. "وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة. وقاال: ال يضمن إذاقال:

ألن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد فكان حاصال بإذنه فال يضمنه. وألبيفعل فعال متعارفا"؛ حنيفة رحمه الله أن اإلذن مقيد بشرط السالمة إذ يتحقق السوق بدونه، وإنما هما للمبالغة فيتقيد بوصف

السالمة كالمرور في الطريق. "وإن استأجرها إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية ثم ردها إلى الحيرة ثم نفقت فهوقال:

وقيل تأويل هذه المسألة إذا استأجرها ذاهبا ال جائيا؛ لينتهي العقد بالوصول إلىضامن، وكذلك العارية" الحيرة فال يصير بالعود مردودا إلى يد المالك معنى. وأما إذا استأجرها ذاهبا وجائيا فيكون بمنزلة المودع إذا

خالف ثم عاد إلى الوفاق. وقيل ال، بل الجواب مجرى على اإلطالق. والفرق أن المودع بأمور بالحفظ مقصودا فبقي األمر بالحفظ بعد العود إلى الوفاق فحصل الرد إلى يد نائب المالك، وفي اإلجارة والعارية

يصير الحفظ مأمورا به تبعا لالستعمال ال مقصودا، فإذا انقطع االستعمال لم يبق هو نائبا فال يبرأ بالعود وهذاأصح. "ومن اكترى حمارا بسرج فنزع السرج وأسرجه بسرج يسرج بمثله الحمر فال ضمانقال:

ألنه إذا كان يماثل األول تناوله إذن المالك، إذ ال فائدة في التقييد بغيره إال إذا كان زائدا عليه فيعليه"؛ ألنه لم يتناوله اإلذن من جهته"وإن كان ال يسرج بمثله الحمر ضمن"؛الوزن فحينئذ يضمن الزيادة

لما قلنا في السرج، وهذا أولى"وإن أوكفه بإكاف ال يوكف بمثله الحمر يضمن"فصار مخالفا ألنه إذا"وإن أوكفه بإكاف يوكف بمثله الحمر يضمن عند أبي حنيفة، وقاال: يضمن بحسابه"؛

كان يوكف بمثله الحمر كان هو والسرج

 

Page 150: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

سواء فيكون المالك راضيا به، إال إذا كان زائدا على السرج في الوزن فيضمن الزيادة؛      -236ص - ألنه لم يرض بالزيادة فصار كالزيادة في الحمل المسمى إذا كان من جنسه. وألبي حنيفة رحمه الله أن

اإلكاف ليس من جنس السرج؛ ألنه للحمل، والسرج للركوب، وكذا ينبسط أحدهما على ظهر الدابة ما الينبسط عليه اآلخر فكان مخالفا كما إذا حمل الحديد وقد شرط له الحنطة.

"وإن استأجر حماال ليحمل له طعاما في طريق كذا فأخذ في طريق غيره يسلكهقال: وهذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت؛الناس فهلك المتاع فال ضمان عليه، وإن بلغ فله األجر"

ألن عند ذلك التقييد غير مفيد، أما إذا كان تفاوت يضمن لصحة التقييد فإن التقييد مفيد إال أن الظاهر عدم "وإن كان طريقا ال يسلكه الناس فهلك ضمن"؛التفاوت إذا كان طريقا يسلكه الناس فلم يفصل

ألنه ارتفع الخالف معنى، وإن بقي صورة. "وإن بلغ فله األجر"؛ألنه صح التقييد فصار مخالفا لفحش التفاوت بين البر والبحر"وإن حمله في البحر فيما يحمله الناس في البر ضمن" قال:

لحصول المقصود وارتفاع الخالف معنى."وإن بلغ فله األجر" ألن الرطاب أضر"ومن استأجر أرضا؛ ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها"قال:

باألرض من الحنطة النتشار عروقها فيها وكثرة الحاجة إلى سقيها فكان خالفا إلى شر فيضمن ما نقصها "ومن دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا ألنه غاصب لألرض على ما قررناه. قال: "وال أجر له"؛

بدرهم فخاطه قباء، فإن شاء ضمنه قيمة الثوب، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله ال قيل: معناه القرطف الذي هو ذو طاق واحد؛ ألنه يستعمل استعمال القميص، وقيل هويجاوز به درهما"

مجرى على إطالقه؛ ألنهما يتقاربان في المنفعة. وعن أبي حنيفة أنه يضمنه من غير خيار؛ ألن القباء خالف جنس القميص. ووجه الظاهر أنه قميص من وجه؛ ألنه يشد وسطه، فمن هذا الوجه يكون مخالفا؛ ألن

القميص ال يشد وينتفع به انتفاع القميص فجاءت الموافقة والمخالفة فيميل إلى أي الجهتين شاء، إال أنه يجب أجر المثل لقصور جهة الموافقة، وال يجاوز به الدرهم المسمى كما هو الحكم في سائر اإلجارات

الفاسدة على ما نبينه في بابه إن شاء الله تعالى. ولو خاطه سراويل وقد أمر بالقباء قيل يضمن من غير خيار للتفاوت في المنفعة، واألصح أنه يخير لالتحاد في أصل المنفعة، وصار كما إذا أمر بضرب طست من

شبة فضرب منه كوزا، فإنه يخير كذا هذا، والله أعلم.

 

باب اإلجارة الفاسدة      -237ص - ألنه بمنزلته، أال ترى أنه عقد يقال ويفسخ"اإلجارة تفسدها الشروط كما تفسد البيع"؛قال:

وقال زفر والشافعي: يجب بالغا"والواجب في اإلجارة الفاسدة أجر المثل ال يجاوز به المسمى" ما بلغ اعتبارا ببيع األعيان. ولنا أن المنافع ال تتقوم بنفسها بل بالعقد لحاجة الناس فيكتفى بالضرورة في

الصحيح منها، إال أن الفاسد تبع له، ويعتبر ما يجعل بدال في الصحيح عادة، لكنهما إذا اتفقا على مقدار في الفاسد فقد أسقطا الزيادة، وإذا نقص أجر المثل لم يجب زيادة المسمى لفساد التسمية، بخالف البيع؛ ألن

العين متقومة في نفسها وهي الموجب األصلي، فإن صحت التسمية انتقل عنه وإال فال. "ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقيةقال:

ألن األصل أن كلمة كل إذا دخلت فيما ال نهاية لهالشهور، إال أن يسمي جملة شهور معلومة"؛ تنصرف إلى الواحد لتعذر العمل بالعموم فكان الشهر الواحد معلوما فصح العقد فيه، وإذا تم كان لكل واحد

ألن المدة صارت"ولو سمى جملة شهور معلومة جاز"؛منهما أن ينقض اإلجارة النتهاء العقد الصحيح معلومة.

"وإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه ولم يكن للمؤجر أن يخرجه إلى أنقال: ألنه تم العقد بتراضيهما بالسكنى في الشهرينقضي، وكذلك كل شهر سكن في أوله ساعة"؛

الثاني، إال أن الذي ذكره في الكتاب هو القياس، وقد مال إليه بعض المشايخ، وظاهر الرواية أن يبقى الخيار

Page 151: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

لكل واحد منهما في الليلة األولى من الشهر الثاني ويومها؛ ألن في اعتبار األول بعض الحرج. ألن"وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يبين قسط كل شهر من األجرة"؛قال:

المدة معلومة بدون التقسيم فصار كإجارة شهر واحد فإنه جائز وإن لم يبين قسط كل يوم، ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره؛ ألن األوقات كلها في حق اإلجارة على

"ثم إن كان العقد حين يهل الهاللالسواء فأشبه اليمين، بخالف الصوم؛ ألن الليالي ليست بمحل له عند أبي"وإن كان في أثناء الشهر فالكل باأليام" ألنها هي األصل فشهور السنة كلها باألهلة"؛

حنيفة وهو رواية عن أبي يوسف. وعند محمد وهو رواية عن أبي يوسف األول باأليام والباقي باألهلة؛ ألن األيام يصار إليها ضرورة، والضرورة في األول منها. وله أنه متى تم األول باأليام ابتدأ الثاني باأليام ضرورة

وهكذا إلى آخر السنة، ونظيره العدة وقد مر في الطالق.

 

أما الحمام فلتعارف الناس ولم تعتبر"ويجوز أخذ أجرة الحمام والحجام"قال:      -238ص - وأما"ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن"الجهالة إلجماع المسلمين. قال عليه الصالة والسالم:

استئجار على عمل معلوم  وألنه"أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام األجرة"الحجام فلما روي بأجر معلوم فيقع جائزا.

وهو أن يؤجر فحال لينزو على اإلناث لقوله عليه الصالة"وال يجوز أخذ أجرة عسب التيس"قال: والمراد أخذ األجرة عليه."إن من السحت عسب التيس"والسالم:

واألصل أن كل"وال االستئجار على األذان والحج، وكذا اإلمامة وتعليم القرآن والفقه"قال: طاعة يختص بها المسلم ال يجوز االستئجار عليه عندنا. وعند الشافعي رحمه الله يصح في كل ما ال يتعين

"اقرءواعلى األجير؛ ألنه استئجار على عمل معلوم غير متعين عليه فيجوز. ولنا قوله عليه الصالة والسالم: "وإن وفي آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن أبي العاص:القرآن وال تأكلوا به"

وألن القربة متى حصلت وقعت عن العامل ولهذا تعتبر أهليته فالاتخذت مؤذنا فال تأخذ على األذان أجرا" يجوز له أخذ األجر من غيره كما في الصوم والصالة، وألن التعليم مما ال يقدر المعلم عليه إال بمعنى من قبل

المتعلم فيكون ملتزما ما ال يقدر على تسليمه فال يصح. وبعض مشايخنا استحسنوا االستئجار على تعليمالقرآن اليوم؛ ألنه ظهر التواني في األمور الدينية. ففي االمتناع تضييع حفظ القرآن وعليه الفتوى.

ألنه استئجار على المعصية"وال يجوز االستئجار على الغناء والنوح، وكذا سائر المالهي"؛قال: والمعصية ال تستحق بالعقد.

"وال يجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة إال من الشريك، وقاال: إجارة المشاع جائزة"قال: وصورته أن يؤاجر نصيبا من داره أو نصيبه من دار مشتركة من غير الشريك. لهما أن للمشاع منفعة ولهذا

يجب أجر المثل، والتسليم ممكن بالتخلية أو بالتهايؤ فصار كما إذا آجر من شريكه أو من رجلين وصار كالبيع. وألبي حنيفة أنه آجر ما ال يقدر على تسليمه فال يجوز، وهذا؛ ألن تسليم المشاع وحده ال يتصور،

والتخلية اعتبرت تسليما لوقوعه تمكينا وهو الفعل الذي يحصل به التمكن وال تمكن في المشاع، بخالف البيع لحصول التمكن فيه، وأما التهايؤ فإنما يستحق حكما للعقد بواسطة الملك، وحكم العقد يعقبه والقدرة على

التسليم شرط العقد وشرط الشيء يسبقه، وال يعتبر المتراخي سابقا، وبخالف ما إذا آجر من شريكه فالكليحدث على ملكه فال شيوع، واالختالف في

 

النسبة ال يضره، على أنه ال يصح في رواية الحسن عنه، وبخالف الشيوع الطارئ؛ ألن      -239ص - القدرة على التسليم ليست بشرط للبقاء، وبخالف ما إذا آجر من رجلين؛ ألن التسليم يقع جملة ثم الشيوع

Page 152: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

بتفرق الملك فيما بينهما طارئ.{ لقوله تعالى: "ويجوز استئجار الظئر بأجرة معلومة"قال: }فإ�ن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن

[ وألن التعامل به كان جاريا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله وأقرهم عليه. ثم6]الطالق: قيل: إن العقد يقع على المنافع وهي خدمتها للصبي والقيام به واللبن يستحق على طريق التبع بمنزلة

الصبغ في الثوب. وقيل إن العقد يقع على اللبن، والخدمة تابعة، ولهذا لو أرضعته بلبن شاة ال تستحق األجر. واألول أقرب إلى الفقه؛ ألن عقد اإلجارة ال ينعقد على إتالف األعيان مقصودا، كما إذا استأجر بقرة؛ ليشرب

لبنها. وسنبين العذر عن اإلرضاع بلبن الشاة إن شاء الله تعالى. وإذا ثبت ما ذكرنا يصح إذا كانت األجرةمعلومة اعتبارا باالستئجار على الخدمة.

ألن "ويجوز بطعامها وكسوتها استحسانا عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: ال يجوز"؛قال: األجرة مجهولة فصار كما إذا استأجرها للخبز والطبخ. وله أن الجهالة ال تفضي إلى المنازعة؛ ألن في العادة

التوسعة على األظآر شفقة على األوالد فصار كبيع قفيز من صبرة، بخالف الخبز والطبخ؛ ألن الجهالة فيه "وفي الجامع الصغير: فإن سمى الطعام دراهم ووصف جنس الكسوةتفضي إلى المنازعة

يعني باإلجماع. ومعنى تسمية الطعام دراهم أن يجعل األجرة دراهم ثم يدفعوأجلها وذرعها فهو جائز" لما قلنا، وال يشترط"ولو سمى الطعام وبين قدره جاز أيضا"الطعام مكانه، وهذا ال جهالة فيه

عند أبي حنيفة خالفا لهما، وقد ذكرناه في"ويشترط بيان مكان اإليفاء"تأجيله؛ ألن أوصافها أثمان. ألنه إنما يصير دينا في "وفي الكسوة يشترط بيان األجل أيضا مع بيان القدر والجنس"؛البيوع

الذمة إذا صار مبيعا، وإنما يصير مبيعا عند األجل كما في السلم. ألن الوطء حق الزوج فال يتمكن من إبطال"وليس للمستأجر أن يمنع زوجها من وطئها"؛قال:

حقه؛ أال ترى أن له أن يفسخ اإلجارة إذا لم يعلم به صيانة لحقه، إال أن المستأجر يمنعه عن غشيانها في "فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا اإلجارة إذا خافوا على الصبي منمنزله؛ ألن المنزل حقه

"وعليها أن تصلح طعام ألن لبن الحامل يفسد الصبي ولهذا كان لهم الفسخ إذا مرضت أيضا لبنها"؛ ألن العمل عليها. والحاصل أنه يعتبر فيما ال نص عليه العرف في مثل هذا الباب، فما جرى بهالصبي"؛

العرف من غسل ثياب الصبي وإصالح الطعام وغير ذلك فهو على الظئر أما الطعام فعلى والد الولد، وماذكر محمد رحمه الله أن الدهن

 

"وإن أرضعته في المدة بلبنوالريحان على الظئر فذلك من عادة أهل الكوفة.      -240ص - ألنها لم تأت بعمل مستحق عليها، وهو اإلرضاع، فإن هذا إيجار وليس بإرضاع، وإنما لمشاة فال أجر لها"؛

يجب األجر لهذا المعنى أنه اختلف العمل. "ومن دفع إلى حائك غزال لينسجه بالنصف فله أجر مثله. وكذا إذا استأجر حمارا يحملقال:

ألنه جعل األجر بعض ما يخرج من عمله فيصير في معنى قفيزطعاما بقفيز منه فاإلجارة فاسدة"؛ الطحان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وهو أن يستأجر ثورا ليطحن له حنطة بقفيز من دقيقه. وهذا أصل كبير يعرف به فساد كثير من اإلجارات، ال سيما في ديارنا، والمعنى فيه أن المستأجر عاجز عن

تسليم األجر وهو بعض المنسوج أو المحمول. إذ حصوله بفعل األجير فال يعد هو قادرا بقدرة غيره، وهذا بخالف ما إذا استأجره ليحمل نصف طعامه بالنصف اآلخر حيث ال يجب له األجر؛ ألن المستأجر ملك األجير

في الحال بالتعجيل فصار مشتركا بينهما. ومن استأجر رجال لحمل طعام مشترك بينهما ال يجب األجر ألن ما "وال يجاوز باألجرمن جزء يحمله إال وهو عامل لنفسه فيه فال يتحقق تسليم المعقود عليه. قال:

؛ ألنه لما فسدت اإلجارة فالواجب األقل ما سمى ومن أجر المثل؛ ألنه رضي بحط الزيادة، وهذاقفيزا" بخالف ما إذا اشتركا في االحتطاب حيث يجب األجر بالغا ما بلغ عند محمد؛ ألن المسمى هناك غير معلوم

فلم يصح الحط.

Page 153: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ومن استأجر رجال ليخبز له هذه العشرة المخاتيم من الدقيق اليوم بدرهم فهو فاسد،قال: ألنه يجعل المعقود عليهوهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد في اإلجارات: هو جائز"؛

عمال ويجعل ذكر الوقت لالستعجال تصحيحا للعقد فترتفع الجهالة. وله أن المعقود عليه مجهول ألن ذكر الوقت يوجب كون المنفعة معقودا عليها وذكر العمل يوجب كونه معقودا عليه وال ترجيح، ونفع المستأجر

في الثاني ونفع األجير في األول فيفضي إلى المنازعة. وعن أبي حنيفة أنه يصح اإلجارة إذا قال: في اليوم،وقد سمى عمال؛ ألنه للظرف فكان المعقود عليه العمل، بخالف قوله اليوم وقد مر مثله في الطالق.

ألن الزراعة"ومن استأجر أرضا على أن يكربها ويزرعها أو يسقيها ويزرعها فهو جائز"؛قال: مستحقة بالعقد، وال تتأتى الزراعة إال بالسقي والكراب. فكان كل واحد منهما مستحقا. وكل شرط هذه

"فإن اشترط أن يثنيها أو يكري أنهارها أوصفته يكون من مقتضيات العقد فذكره ال يوجب الفساد ألنه يبقى أثره بعد انقضاء المدة، وأنه ليس من مقتضيات العقد، وفيه منفعة ألحديسرقنها فهو فاسد"؛

المتعاقدين. وما هذا حاله يوجب الفساد؛ ألن مؤجر

 

األرض يصير مستأجرا منافع األجير على وجه يبقى بعد المدة فيصير صفقتان في      -241ص - صفقة واحدة وهي منهي عنه. ثم قيل: المراد بالتثنية أن يردها مكروبة وال شبهة في فساده. وقيل أن يكريها مرتين، وهذا في موضع تخرج األرض الريع بالكراب مرة واحدة والمدة سنة واحدة، وإن كانت ثالث سنين ال

تبقى منفعته، وليس المراد بكري األنهار الجداول بل المراد منها األنهار العظام هو الصحيح؛ ألنه تبقى منفعتهفي العام القابل.

وقال الشافعي: هو جائز، وعلى "وإن استأجرها ليزرعها بزراعة أرض أخرى فال خير فيه"قال: هذا إجارة السكنى بالسكنى واللبس باللبس والركوب بالركوب. أن المنافع بمنزلة األعيان حتى جازت اإلجارة بأجرة دين وال يصير دينا بدين، ولنا أن الجنس بانفراده يحرم النساء عندنا فصار كبيع القوهي بالقوهي نسيئة وإلى هذا أشار محمد، وألن اإلجارة جوزت بخالف القياس للحاجة وال حاجة عند اتحاد

الجنس، بخالف ما إذا اختلف جنس المنفعة. "وإذا كان الطعام بين رجلين فاستأجر أحدهما صاحبه أو حمار صاحبه على أن يحملقال:

وقال الشافعي: له المسمى؛ ألن المنفعة عين عنده وبيع العيننصيبه فحمل الطعام كله فال أجر له" شائعا جائز، وصار كما إذا استأجر دارا مشتركة بينه وبين غيره ليضع فيها الطعام أو عبدا مشتركا ليخيط له

الثياب ولنا أنه استأجره لعمل ال وجود له؛ ألن الحمل فعل حسي ال يتصور في الشائع، بخالف البيع؛ ألنه تصرف حكمي، وإذا لم يتصور تسليم المعقود عليه ال يجب األجر، وألن ما من جزء يحمله إال وهو شريك فيه

فيكون عامال لنفسه فال يتحقق التسليم، بخالف الدار المشتركة؛ ألن المعقود عليه هنالك المنافع ويتحقق تسليمها بدون وضع الطعام، وبخالف العبد؛ ألن المعقود عليه إنما هو ملك نصيب صاحبه وأنه أمر حكمي

يمكن إيقاعه في الشائع. ألن األرض"ومن استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها أو أي شيء يزرعها فاإلجارة فاسدة"؛

تستأجر للزراعة ولغيرها، وكذا ما يزرع فيها مختلف، فمنه ما يضر باألرض ما ال يضر بها غيره، فلم يكنالمعقود عليه معلوما.

وهذا استحسان. وفي القياس: ال يجوز وهو قول زفر؛ ألنه"فإن زرعها ومضى األجل فله المسمى" وقع فاسدا فال ينقلب جائزا. وجه االستحسان أن الجهالة ارتفعت قبل تمام العقد فينقلب جائزا، كما إذا

ارتفعت في حالة العقد، وصار كما إذا أسقط األجل المجهول قبل مضيه والخيار الزائد في المدة.

 

Page 154: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"ومن استأجر حمارا إلى بغداد بدرهم ولم يسم ما يحمل عليه فحملقال:      -242ص - ألن العين المستأجرة أمانة في يدما يحمل الناس فنفق في نصف الطريق فال ضمان عليه"؛

المستأجر، وإن كانت األجرة فاسدة. على ما ذكرنا في المسألة األولى. "فإن بلغ بغداد فله األجر المسمى استحسانا"قال: دفعا"نقضت اإلجارة" وفي المسألة األولى قبل أن يزرع "وإن اختصما قبل أن يحمل عليه"قال:

للفساد إذ الفساد قائم بعد.

األجير ضمان باب "األجراء على ضربين: أجير مشترك، وأجير خاص. فالمشترك من ال يستحق األجرةقال:

ألن المعقود عليه إذا كان هو العمل أو أثره كان له أن يعمل للعامة؛حتى يعمل كالصباغ والقصار"؛ألن منافعه لم تصر مستحقة لواحد، فمن هذا الوجه يسمى مشتركا.

"والمتاع أمانة في يده إن هلك لم يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قولقال: لهما ما روي عنزفر، ويضمنه عندهما إال من شيء غالب كالحريق الغالب والعدو المكابر"

عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما كانا يضمنان األجير المشترك؛ وألن الحفظ مستحق عليه إذ ال يمكنه العمل إال به، فإذا هلك بسبب يمكن االحتراز عنه كالغصب والسرقة كان التقصير من جهته فيضمنه كالوديعة إذا كانت بأجر، بخالف ما ال يمكن االحتراز عنه كالموت حتف أنفه والحريق الغالب وغيره؛ ألنه ال تقصير من جهته. وألبي حنيفة رحمه الله أن العين أمانة في يده؛ ألن القبض حصل بإذنه، ولهذا لو هلك بسبب ال يمكن

التحرز عنه لم يضمنه، ولو كان مضمونا لضمنه كما في المغصوب، والحفظ مستحق عليه تبعا ال مقصوداولهذا ال يقابله األجر، بخالف المودع بأجر؛ ألن الحفظ مستحق عليه مقصودا حتى يقابله األجر.

"وما تلف بعمله، فتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد بهقال: وقال زفر والشافعي رحمهما الله: الالمكاري الحمل وغرق السفينة من مده مضمون عليه".

ضمان عليه؛ ألنه أمره بالفعل مطلقا فينتظمه بنوعيه المعيب والسليم وصار كأجير الوحد ومعين القصار. ولنا أن الداخل تحت اإلذن ما هو الداخل تحت العقد وهو العمل المصلح؛ ألنه هو الوسيلة إلى األثر وهو

المعقود عليه حقيقة، حتى لو حصل بفعل الغير يجب األجر فلم يكن المفسد مأذونا فيه، بخالف المعين؛ ألنه متبرع فال يمكن تقييده بالمصلح؛ ألنه يمتنع عن التبرع، وفيما نحن فيه يعمل باألجر فأمكن تقييده. وبخالف

أجير الوحد على ما نذكره

 

إن شاء الله تعالى وانقطاع الحبل من قلة اهتمامه فكان من صنيعه.      -243ص - "إال أنه ال يضمن به بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كانقال:

ألن الواجب ضمان اآلدمي. وأنه ال يجب بالعقد. وإنما يجب بالجناية ولهذا يجب علىبسوقه وقوده"؛العاقلة، وضمان العقود ال تتحمله العاقلة.

"وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر، فإن شاءقال: ضمنه قيمته في المكان الذي حمله وال أجر له، وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي

أما الضمان فلما قلنا، والسقوط بالعثار أو بانقطاع الحبل وكل ذلك منانكسر وأعطاه األجر بحسابه" صنيعه، وأما الخيار فألنه إذا انكسر في الطريق، والحمل شيء واحد تبين أنه وقع تعديا من االبتداء من هذا

الوجه. وله وجه آخر وهو أن ابتداء الحمل حصل بإذنه فلم يكن تعديا، وإنما صار تعديا عند الكسر فيميل إلى أي الوجهين شاء، وفي الوجه الثاني له األجر بقدر ما استوفى، وفي الوجه األول ال أجر له؛ ألنه ما استوفى

أصال. "وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فال ضمان عليه فيماقال:

Page 155: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

عطب من ذلك. وفي الجامع الصغير: بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر وفي كل واحد من العبارتين نوع بيان. ووجهه أنه ال يمكنه التحرز عنمواله فمات فال ضمان عليه"

السراية ألنه يبتنى على قوة الطباع وضعفها في تحمل األلم فال يمكن التقييد بالمصلح من العمل، وال كذلكدق الثوب ونحوه مما قدمناه؛ ألن قوة الثوب ورقته تعرف باالجتهاد فأمكن القول بالتقييد.

"واألجير الخاص الذي يستحق األجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمنقال: وإنما سمي أجير وحد؛ ألنه ال يمكنه أن يعمل لغيره؛ ألناستؤجر شهرا للخدمة أو لرعي الغنم"

منافعه في المدة صارت مستحقة له واألجر مقابل بالمنافع، ولهذا يبقى األجر مستحقا، وإن نقض العمل. أما األول فألن "وال ضمان على األجير الخاص فيما تلف في يده وال ما تلف من عمله"قال:

العين أمانة في يده؛ ألنه قبض بإذنه، وهذا ظاهر عند أبي حنيفة، وكذا عندهما؛ ألن تضمين األجير المشترك نوع استحسان عندهما لصيانة أموال الناس، واألجير الوحد ال يتقبل األعمال فتكون السالمة غالبة فيؤخذ فيه

القياس، وأما الثاني فألن المنافع متى صارت مملوكة للمستأجر فإذا أمره بالتصرف في ملكه صح ويصيرنائبا منابه فيصير فعله منقوال إليه كأنه فعل بنفسه فلهذا ال يضمنه، والله أعلم بالصواب.

 

باب اإلجارة على أحد الشرطين      -244ص - "وإذا قال للخياط إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم، وإن خطته روميا فبدرهمينقال:

وكذا إذا قال للصباغ إن صبغته بعصفرجاز، وأي عمل من هذين العملين عمل استحق األجر به" فبدرهم، وإن صبغته بزعفران فبدرهمين، وكذا إذا خيره بين شيئين بأن قال: آجرتك هذه الدار شهرا بخمسة أو هذه الدار األخرى بعشرة، وكذا إذا خيره بين مسافتين مختلفتين بأن قال: آجرتك هذه الدابة إلى الكوفة

بكذا أو إلى واسط بكذا، وكذا إذا خيره بين ثالثة أشياء، وإن خيره بين أربعة أشياء لم يجز، والمعتبر في جميع ذلك البيع والجامع دفع الحاجة، غير أنه ال بد من اشتراط الخيار في البيع، وفي اإلجارة ال يشترط ذلك؛

ألن األجر إنما يجب بالعمل، وعند ذلك يصير المعقود عليه معلوما، وفي البيع يجب الثمن بنفس العقد "ولو قال: إن خطته اليوم فبدرهم، وإنفتتحقق الجهالة على وجه ال ترتفع المنازعة إال بإثبات الخيار

خطته غدا فبنصف درهم، فإن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة ال يجاوز به نصف درهم. وفي الجامع الصغير: ال ينقص من نصف درهم وال يزاد على

درهم. وقال أبو يوسف ومحمد: الشرطان جائزان". قال زفر: الشرطان فاسدان؛ ألن الخياطة شيء واحد، وقد ذكر بمقابلته بدالن على البدل فيكون مجهوال،

وهذا؛ ألن ذكر اليوم للتعجيل، وذكر الغد للترفيه فيجتمع في كل يوم تسميتان. ولهما أن ذكر اليوم للتأقيت. وذكر الغد للتعليق فال يجتمع في كل يوم تسميتان؛ وألن التعجيل والتأخير مقصود فنزل منزلة اختالف

النوعين. وألبي حنيفة أن ذكر الغد للتعليق حقيقة. وال يمكن حمل اليوم على التأقيت؛ ألن فيه فساد العقد الجتماع الوقت والعمل، وإذا كان كذلك يجتمع في الغد تسميتان دون اليوم، فيصح اليوم األول ويجب

المسمى، ويفسد الثاني ويجب أجر المثل ال يجاوز به نصف درهم؛ ألنه هو المسمى في اليوم الثاني. وفي الجامع الصغير ال يزاد على درهم وال ينقص من نصف درهم؛ ألن التسمية األولى ال تنعدم في اليوم الثاني

فتعتبر لمنع الزيادة وتعتبر التسمية الثانية لمنع النقصان، فإن خاطه في اليوم الثالث ال يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله هو الصحيح؛ ألنه إذا لم يرض بالتأخير إلى الغد فبالزيادة عليه إلى ما بعد الغد

أولى. "ولو قال: إن سكنت في هذا الدكان عطارا فبدرهم في الشهر، وإن سكنته حدادا

فبدرهمين جاز، وأي األمرين فعل استحق األجر المسمى فيه عند أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: اإلجارة فاسدة، وكذا إذا استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه عطارا فبدرهم وإن سكن

فيه حدادا

Page 156: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

فبدرهمين فهو جائز عند أبي حنيفة رحمه الله وقاال: ال يجوز، ومن      -245ص - ويحتملاستأجر دابة إلى الحيرة بدرهم وإن جاوز بها إلى القادسية فبدرهمين فهو جائز"

"وإن استأجرها إلى الحيرة على أنه إن حمل عليها كر شعير فبنصف درهم، وإنالخالف وجهحمل عليها كر حنطة فبدرهم فهو جائز في قول أبي حنيفة رحمه الله. وقاال: ال يجوز" قولهما أن المعقود عليه مجهول، وكذا األجر أحد الشيئين، وهو مجهول والجهالة توجب الفساد، بخالف

الخياطة الرومية والفارسية؛ ألن األجر يجب بالعمل وعنده ترتفع الجهالة. أما في هذه المسائل يجب األجر بالتخلية والتسليم فتبقى الجهالة، وهذا الحرف هو األصل عندهما. وألبي حنيفة أنه خيره بين عقدين صحيحين مختلفين فيصح كما في مسألة الرومية والفارسية، وهذا؛ ألن سكناه

بنفسه يخالف إسكانه الحداد؛ أال ترى أنه ال يدخل ذلك في مطلق العقد وكذا في أخواتها، واإلجارة تعقد لالنتفاع وعنده ترتفع الجهالة، ولو احتيج إلى اإليجاب بمجرد التسليم يجب أقل األجرين للتيقن به، والله أعلم

بالصواب.

العبد إجارة باب ألن خدمة السفر"ومن استأجر عبدا للخدمة فليس له أن يسافر به إال أن يشترط ذلك"؛قال:

اشتملت على زيادة مشقة فال ينتظمها اإلطالق، ولهذا جعل السفر عذرا فال بد من اشتراطه كإسكان الحداد والقصار في الدار، وألن التفاوت بين الخدمتين ظاهر، فإذا تعين الخدمة في الحضر ال يبقى غيره داخال كما

"ومن استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه األجر فليس للمستأجر أن يأخذفي الركوب وأصله أن اإلجارة صحيحة استحسانا إذا فرغ من العمل. والقياس أن ال يجوز النعدام إذنمنه األجر"

المولى وقيام الحجر فصار كما إذا هلك العبد. وجه االستحسان أن التصرف نافع على اعتبار الفراغ سالما ضار على اعتبار هالك العبد، والنافع مأذون فيه كقبول الهبة، وإذا جاز ذلك لم يكن للمستأجر أن يأخذ منه.

"ومن غصب عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب األجر فأكله فال ضمان عليه عند أبي ألنه أكل مال المالك بغير إذنه، إذ اإلجارة قد صحت على ما مر. وله أنحنيفة، وقاال: هو ضامن"؛

الضمان إنما يجب بإتالف مال محرز؛ ألن التقوم به، وهذا غير محرز في حق الغاصب؛ ألن العبد ال يحرز ألنه وجد عين ماله"وإن وجد المولى األجر قائما بعينه أخذه"؛نفسه عنه فكيف يحرز ما في يده.

ألنه مأذون له في التصرف على اعتبار الفراغ على ما"ويجوز قبض العبد األجر في قولهم جميعا"؛"ومن استأجر عبدا هذين الشهرين شهرامر.

 

ألن الشهر المذكوربأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز، واألول منهما بأربعة"؛      -246ص - أوال ينصرف إلى ما يلي العقد تحريا للجواز أو نظرا إلى تنجز الحاجة فينصرف الثاني إلى ما يلي األول

"ومن استأجر عبدا شهرا بدرهم فقبضه في أول الشهر ثم جاء آخر الشهر، وهوضرورة. آبق أو مريض فقال المستأجر أبق أو مرض حين أخذته وقال المولى لم يكن ذلك إال قبل أن تأتيني بساعة فالقول قول المستأجر، وإن جاء به، وهو صحيح فالقول قول المؤجر"؛ ألنهما اختلفا في أمر محتمل فيترجح بحكم الحال، إذ هو دليل على قيامه من قبل وهو يصلح مرجحا إن لم

يصلح حجة في نفسه. أصله االختالف في جريان ماء الطاحونة وانقطاعه والله سبحانه وتعالى أعلم.

اإلجارة في االختالف باب "وإذا اختلف الخياط ورب الثوب فقال رب الثوب أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياطقال:

Page 157: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

بل قميصا أو قال: صاحب الثوب للصباغ أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر وقال الصباغ ألن اإلذن يستفاد من جهته؛ أال ترى أنه لو أنكر أصلال بل أمرتني أصفر فالقول لصاحب الثوب"؛

اإلذن كان القول قوله فكذا إذا أنكر صفته، لكن يحلف؛ ألنه أنكر شيئا لو أقر به لزمه. ومعناه ما مر من قبل أنه بالخيار إن شاء ضمنه، وإن شاء أخذه،"وإذا حلف فالخياط ضامن"قال:

وأعطاه أجر مثله، وكذا يخير في مسألة الصبغ إذا حلف إن شاء ضمنه قيمة الثوب أبيض، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه أجر مثله ال يجاوز به المسمى. وذكر في بعض النسخ: يضمنه ما زاد الصبغ فيه؛ ألنه بمنزلة

"وإن قال: صاحب الثوب عملته لي بغير أجر وقال الصانع بأجر فالقول قول صاحبالغصب. عند أبي حنيفة؛ ألنه ينكر تقوم عمله إذ هو يتقوم بالعقد وينكر الضمان والصانع يدعيه والقول قولالثوب"

ألن سبق "فله األجر وإال فال"؛ أي خليطا له"وقال أبو يوسف: إن كان الرجل حريفا له"المنكر "وقال محمد: إن كان الصانع معروفا بهذهما بينهما يعين جهة الطلب بأجر جريا على معتادهما

ألنه لما فتح الحانوت ألجله جرى ذلك مجرى التنصيص على األجر اعتباراالصنعة باألجر فالقول قوله"؛ للظاهر، والقياس ما قاله أبو حنيفة؛ ألنه منكر. والجواب عن استحسانهما أن الظاهر للدفع، والحاجة هاهنا

إلى االستحقاق والله أعلم.

اإلجارة فسخ باب ألن المعقود عليه "ومن استأجر دارا فوجد بها عيبا يضر بالسكنى فله الفسخ"؛قال:

 

المنافع، وأنها توجد شيئا فشيئا فكان هذا عيبا حادثا قبل القبض فيوجب الخيار كما في      -247ص - البيع، ثم المستأجر إذا استوفى المنفعة فقد رضي بالعيب فيلزمه جميع البدل كما في البيع، وإن فعل

المؤجر ما أزال به العيب فال خيار للمستأجر لزوال سببه. "وإذا خربت الدار أو انقطع شرب الضيعة أو انقطع الماء عن الرحى انفسختقال:

ألن المعقود عليه قد فات، وهي المنافع المخصوصة قبل القبض فشابه فوت المبيع قبل القبضاإلجارة"؛ وموت العبد المستأجر. ومن أصحابنا من قال: إن العقد ال ينفسخ؛ ألن المنافع قد فاتت على وجه يتصور

عودها فأشبه اإلباق في البيع قبل القبض. وعن محمد أن اآلجر لو بناها ليس للمستأجر أن يمتنع وال لآلجر، "ولو انقطع ماء الرحى، والبيت مما ينتفع بهوهذا تنصيص منه على أنه لم ينفسخ لكنه يفسخ.

ألنه جزء من المعقود عليه.لغير الطحن فعليه عن األجر بحصته"؛ ألنه لو بقي العقد تصير "وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد اإلجارة لنفسه انفسخت"؛قال:

المنفعة المملوكة به أو األجرة المملوكة لغير العاقد مستحقة بالعقد؛ ألنه ينتقل بالموت إلى الوارث وذلك ال مثل الوكيل والوصي والمتولي في الوقف النعدام ما أشرنا إليه"وإن عقدها لغيره لم تنفسخ"يجوز

من المعنى. وقال الشافعي رحمه الله: ال يصح؛ ألن المستأجر ال يمكنه رد"ويصح شرط الخيار في اإلجارة"قال:

المعقود عليه بكماله لو كان الخيار له لفوات بعضه، ولو كان للمؤجر فال يمكنه التسليم أيضا على الكمال، وكل ذلك يمنع الخيار. ولنا أنه عقد معاملة ال يستحق القبض فيه في المجلس فجاز اشتراط الخيار فيه كالبيع والجامع بينهما دفع الحاجة، وفوات بعض المعقود عليه في اإلجارة ال يمنع الرد بخيار العيب، فكذا

بخيار الشرط، بخالف البيع، وهذا؛ ألن رد الكل ممكن في البيع دون اإلجارة فيشترط فيه دونها ولهذا يجبرالمستأجر على القبض إذا سلم المؤجر بعد مضي بعض المدة.

عندنا. وقال الشافعي رحمه الله: ال تفسخ إال بالعيب؛ ألن المنافع عنده "وتفسخ اإلجارة باألعذار"قال: بمنزلة األعيان حتى يجوز العقد عليها فأشبه البيع. ولنا أن المنافع غير مقبوضة وهي المعقود عليها فصار

العذر في اإلجارة كالعيب قبل القبض في البيع فتنفسخ به، إذ المعنى يجمعهما وهو عجز العاقد عن المضي

Page 158: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وهو كمن استأجر حدادافي موجبه إال بتحمل ضرر زائد لم يستحق به، وهذا هو معنى العذر عندنا ليقلع ضرسه لوجع به فسكن الوجع أو استأجر طباخا ليطبخ له طعام الوليمة فاختلعت منه

ألن في المضي عليهتفسخ اإلجارة"؛

 

"وكذا من استأجر دكانا في السوق ليتجرإلزام ضرر زائد لم يستحق بالعقد      -248ص - فيه فذهب ماله، وكذا من أجر دكانا أو دارا ثم أفلس، ولزمته ديون ال يقدر على قضائها إال

ألن في الجري على موجب العقد إلزامبثمن ما أجر فسخ القاضي العقد وباعها في الديون"؛ ضرر زائد لم يستحق بالعقد وهو الحبس؛ ألنه قد ال يصدق على عدم مال آخر. ثم قوله فسخ القاضي العقد

إشارة إلى أنه يفتقر إلى قضاء القاضي في النقض، وهكذا ذكر في الزيادات في عذر الدين، وقال في الجامع الصغير: وكل ما ذكرنا أنه عذر فإن اإلجارة فيه تنتقض، وهذا يدل على أنه ال يحتاج فيه إلى قضاء

القاضي. ووجهه أن هذا بمنزلة العيب قبل القبض في المبيع على ما مر فينفرد العاقد بالفسخ. ووجه األول أنه فصل مجتهد فيه فال بد من إلزام القاضي، ومنهم من وفق فقال: إذا كان العذر ظاهرا ال يحتاج إلى

القضاء لظهور العذر، وإن كان غير ظاهر كالدين يحتاج إلى القضاء لظهور العذر. ألنه لو مضى على موجب"ومن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بدا له من السفر فهو عذر"؛

"وإنالعقد يلزمه ضرر زائد؛ ألنه ربما يذهب للحج فذهب وقته أو لطلب غريمه فحضر أو للتجارة فافتقر "ولو مرض ألنه يمكنه أن يقعد ويبعث الدواب على يد تلميذه أو أجيره بدا للمكاري فليس ذلك بعذر"؛

على رواية األصل. وروى الكرخي عن أبي حنيفة أنه عذر؛ ألنه ال يعرى عنالمؤاجر فقعد فكذا الجواب" ألنه ال يلزمه الضرر"ومن آجر عبده ثم باعه فليس بعذر"؛ضرر فيدفع عنه عند الضرورة دون االختيار

بالمضي على موجب عقد، وإنما يفوته االسترباح وأنه أمر زائد. ألنه يلزمه الضرر بالمضي"وإذا استأجر الخياط غالما فأفلس وترك العمل فهو العذر"؛قال:

على موجب العقد لفوات مقصوده وهو رأس ماله، وتأويل المسألة خياط يعمل لنفسه، أما الذي يخيط بأجر "وإن أراد ترك الخياطة، وأن يعملفرأس ماله الخيط والمخيط والمقراض فال يتحقق اإلفالس فيه.

ألنه يمكنه أن يقعد الغالم للخياطة في ناحية، وهو يعمل في الصرف فيفي الصرف فليس بعذر"؛ ناحية، وهذا بخالف ما إذا استأجر دكانا للخياطة فأراد أن يتركها ويشتغل بعمل آخر حيث جعله عذرا ذكره

في األصل؛ ألن الواحد ال يمكنه الجمع بين العملين، أما هاهنا العامل شخصان فأمكنهما. ألنه ال يعرى عن إلزام ضرر زائد؛ ألن"ومن استأجر غالما يخدمه في المصر ثم سافر فهو عذر"؛

"وكذا إذاخدمة السفر أشق، وفي المنع من السفر ضرر، وكل ذلك لم يستحق بالعقد فيكون عذرا لما مر أنه يتقيد بالحضر، بخالف ما إذا آجر عقارا ثم سافر؛ ألنه ال ضرر إذ المستأجر يمكنه استيفاءأطلق"

المنفعة من المعقود عليه بعد غيبته، حتى لو أراد

 

المستأجر السفر فهو عذر لما فيه من المنع من السفر أو إلزام األجر بدون السكنى      -249ص -وذلك ضرر.

منثورة مسائل "ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد فاحترق شيء من أرض أخرى فالقال:

ألنه غير متعد في هذا التسبيب فأشبه حافر البئر في دار نفسه. وقيل هذا إذا كانت الرياحضمان عليه"؛هادئة ثم تغيرت، أما إذا كانت مضطربة يضمن؛ ألن موقد النار يعلم أنها ال تستقر في أرضه.

Page 159: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن "وإذا أقعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف فهو جائز"قال: هذه شركة الوجوه في الحقيقة، فهذا بوجاهته يقبل وهذا بحذاقته يعمل فينتظم بذلك المصلحة فال تضره

الجهالة فيما يحصل. وفي"ومن استأجر جمال ليحمل عليه محمال وراكبين إلى مكة جاز وله المحمل المعتاد"قال:

القياس ال يجوز؛ وهو قول الشافعي للجهالة وقد يفضي ذلك إلى المنازعة. وجه االستحسان أن المقصود هو الراكب وهو معلوم والمحمل تابع، وما فيه من الجهالة يرتفع بالصرف إلى المتعارف فال يفضي ذلك إلى

المنازعة وكذا إذا لم ير الوطاء والدثر. ألنه أنفى للجهالة وأقرب إلى تحقق الرضا. "وإن شاهد الجمال الحمل فهو أجود"؛قال: "وإن استأجر بعيرا ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق جاز له أن يردقال:

"وكذا غير الزاد من ألنه استحق عليه حمال مسمى في جميع الطريق فله أن يستوفيهعوض ما أكل"؛ ورد الزاد معتاد عند البعض كرد الماء فال مانع من العمل باإلطالق والله أعلم.المكيل والموزون"

 

كتاب المكاتب      -250ص - أما "وإذا كاتب المولى عبده أو أمته على مال شرطه عليه وقبل العبد ذلك صار مكاتبا"قال:

م خيرا{الجواز فلقوله تعالى: يه� �ن عل�متم ف� [ وهذا ليس أمر إيجاب بإجماع بين33 ]النور: }فكات�بوهم إ الفقهاء، وإنما هو أمر ندب هو الصحيح. وفي الحمل على اإلباحة إلغاء الشرط إذ هو مباح بدونه، أما الندبية

معلقة به، والمراد بالخير المذكور على ما قيل أن ال يضر بالمسلمين بعد العتق، فإن كان يضر بهم فاألفضل أن ال يكاتبه وإن كان يصح لو فعله. وأما اشتراط قبول العبد فألنه مال يلزمه فال بد من التزامه وال يعتق إال

"أيما عبد كوتب على مائة دينار فأداها إال عشرة دنانير فهو عبد"بأداء كل البدل لقوله عليه الصالة والسالم: وفيه اختالف الصحابة رضي الله عنهم، وما"المكاتب عبد ما بقي عليه درهم"وقال عليه الصالة والسالم:

اخترناه قول زيد بن ثابت رضي الله عنه ويعتق بأدائه وإن لم يقل المولى إذا أديتها فأنت حر ألن موجبالعقد يثبت من غير التصريح به كما في البيع، وال يجب حط شيء من البدل اعتبارا بالبيع.

وقال الشافعي رحمه الله: ال يجوز حاال"ويجوز أن يشترط المال حاال ويجوز مؤجال ومنجما"قال: وال بد من نجمين، ألنه عاجز عن التسليم في زمان قليل لعدم األهلية قبله للرق، بخالف السلم على أصله ألنه أهل للملك فكان احتمال القدرة ثابتا، وقد دل اإلقدام على العقد عليها فيثبت. ولنا ظاهر ما تلونا من

غير شرط التنجيم، وألنه عقد معاوضة والبدل معقود به فأشبه الثمن في البيع في عدم اشتراط القدرة عليه، بخالف السلم على أصلنا ألن المسلم فيه معقود عليه فال بد من القدرة عليه، وألن مبنى الكتابة على المساهلة فيمهله المولى ظاهرا، بخالف السلم ألن مبناه على المضايقة وفي الحال كما امتنع من األداء يرد

إلى الرق. لتحقق اإليجاب والقبول، إذ العاقل"وتجوز كتابة العبد الصغير إذا كان يعقل الشراء والبيع"قال:

من أهل القبول والتصرف نافع في حقه. والشافعي يخالفنا فيه وهو بناء على مسألة إذن الصبي فيالتجارة، وهذا بخالف ما إذا كان ال يعقل البيع

 

والشراء ألن القبول ال يتحقق منه فال ينعقد العقد، حتى لو أدى عنه غيره ال يعتق      -251ص -ويسترد ما دفع.

"ومن قال لعبده: جعلت عليك ألفا تؤديها إلي نجوما أول النجم كذا وآخره كذا فإذاقال: ألنه أتى بتفسير الكتابة، ولو قال: إذاأديتها فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق فإن هذه مكاتبة"

Page 160: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

أديت إلي ألفا كل شهر مائة فأنت حر فهذه مكاتبة في رواية أبي سليمان. ألن التنجيم يدل على الوجوبوذلك بالكتابة. وفي نسخ أبي حفص ال تكون مكاتبة اعتبارا بالتعليق باألداء مرة.

أما الخروج من يده"وإذا صحت الكتابة خرج المكاتب عن يد المولى ولم يخرج عن ملكه"قال: فلتحقيق معنى الكتابة وهو الضم فيضم مالكية يده إلى مالكية نفسه أو لتحقيق مقصود الكتابة وهو أداء

البدل فيملك البيع والشراء والخروج إلى السفر وإن نهاه المولى، وأما عدم الخروج عن ملكه فلما روينا، وألنه عقد معاوضة ومبناه على المساواة، وينعدم ذلك بتنجز العتق ويتحقق بتأخره ألنه يثبت له نوع مالكية

"وسقط عنه بدل ألنه مالك لرقبته"فإن أعتقه عتق بعتقه"ويثبت له في الذمة حق من وجه ألنه ما التزمه إال مقابال بحصول العتق به وقد حصل دونه. الكتابة"

ألنها صارت أخص بأجزائها توسال إلى المقصود بالكتابة"وإذا وطئ المولى مكاتبته لزمه العقر"قال: وهو الوصول إلى البدل من جانبه وإلى الحرية من جانبها بناء عليه، ومنافع البضع ملحقة باألجزاء واألعيان

ألن المولى"وإن أتلف ماال لها غرم" لما بينا "وإن جنى عليها أو على ولدها لزمته الجناية" كاألجنبي في حق أكسابها ونفسها، إذ لو لم يجعل كذلك ألتلفه المولى فيمتنع حصول الغرض المبتغى

بالعقد، والله أعلم بالصواب.

الفاسدة: الكتابة في فصل أما "وإذا كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير أو على قيمة نفسه فالكتابة فاسدة"قال:

األول فألن الخمر والخنزير ال يستحقه المسلم ألنه ليس بمال في حقه فال يصلح بدال فيفسد العقد. وأما الثاني فألن القيمة مجهولة قدرا وجنسا ووصفا فتفاحشت الجهالة وصار كما إذا كاتب على ثوب أو دابة،

وألنه تنصيص على ما هو موجب العقد الفاسد ألنه موجب للقيمة. وقال زفر: ال يعتق إال بأداء قيمة نفسه، ألن البدل هو القيمة. وعن أبي"فإن أدى الخمر عتق"قال:

يوسف رحمه الله: أنه يعتق بأداء الخمر ألنه بدل صورة، ويعتق بأداء القيمة

 

أيضا ألنه هو البدل معنى. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه إنما يعتق بأداء عين الخمر إذا      -252ص - قال إن أديتها فأنت حر ألنه حينئذ يكون العتق بالشرط ال بعقد الكتابة، وصار كما إذا كاتب على ميتة أو دم

وال فصل في ظاهر الرواية. ووجه الفرق بينهما وبين الميتة أن الخمر والخنزير مال في الجملة فأمكن اعتبار معنى العقد فيه، وموجبه العتق عند أداء العوض المشروط. وأما الميتة فليست بمال أصال فال يمكن اعتبار

"وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أنمعنى العقد فيه فاعتبر فيه معنى الشرط وذلك بالتنصيص عليه ألنه وجب عليه رد رقبته لفساد العقد وقد تعذر بالعتق فيجب رد قيمته كما في البيعيسعى في قيمته"

الفاسد إذا تلف المبيع. ألنه عقد فاسد فتجب القيمة عند هالك المبدل بالغة ما"وال ينقص عن المسمى ويزاد عليه"قال:

بلغت كما في البيع الفاسد، وهذا ألن المولى ما رضي بالنقصان والعبد رضي بالزيادة كي ال يبطل حقه في العتق أصال فتجب قيمته بالغة ما بلغت، وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة ألنه هو البدل. وأمكن

اعتبار معنى العقد فيه وأثر الجهالة في الفساد، بخالف ما إذا كاتبه على ثوب حيث ال يعتق بأداء ثوب ألنه اليوقف فيه على مراد العاقد الختالف أجناس الثوب فال يثبت العتق بدون إرادته.

ألنه ال يقدر على تسليمه. ومراده شيء"وكذلك إن كاتبه على شيء بعينه لغيره لم يجز"قال: يتعين بالتعيين، حتى لو قال كاتبتك على هذه األلف الدراهم وهي لغيره جاز ألنها ال تتعين في المعاوضات فيتعلق بدراهم دين في الذمة فيجوز. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه في رواية الحسن أنه يجوز، حتى إذا

ملكه وسلمه يعتق، وإن عجز يرد في الرق ألن المسمى مال والقدرة على التسليم موهوم فأشبه الصداق. قلنا: إن العين في المعاوضات معقود عليه والقدرة على المعقود عليه شرط للصحة إذا كان العقد يحتمل

Page 161: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الفسخ كما في البيع، بخالف الصداق في النكاح ألن القدرة على ما هو المقصود بالنكاح ليس بشرط، فعلى ما هو تابع فيه أولى. فلو أجاز صاحب العين ذلك فعن محمد أنه يجوز ألنه يجوز البيع عند اإلجازة فالكتابة

أولى. وعن أبي حنيفة أنه ال يجوز اعتبارا بحال عدم اإلجازة على ما قال في الكتاب، والجامع أنه ال يفيد ملك المكاسب وهو المقصود ألنها تثبت للحاجة إلى األداء منها وال حاجة فيما إذا كان البدل عينا معينا، والمسألة

فيه على ما بيناه. وعن أبي يوسف أنه يجوز أجاز ذلك أو لم يجز، غير أنه عند اإلجازة يجب تسليم عينه، وعند عدمها يجب تسليم قيمته كما في النكاح، والجامع بينهما صحة التسمية لكونه ماال، ولو ملك المكاتب

ذلك العين، فعن أبي حنيفة رواه أبو يوسف أنه إذا أداه ال يعتق، وعلى هذه الرواية لم ينعقد

 

العقد إال إذا قال له إذا أديت إلي فأنت حر فحينئذ يعتق بحكم الشرط، وهكذا عن أبي      -253ص - يوسف رحمه الله. وعنه أنه يعتق قال ذلك أو لم يقل، ألن العقد ينعقد مع الفساد لكون المسمى ماال فيعتق

بأداء المشروط. ولو كاتبه على عين في يد المكاتب ففيه روايتان، وهي مسألة الكتابة على األعيان، وقدعرف ذلك في األصل، وقد ذكرنا وجه الروايتين في كفاية المنتهى.

"وإذا كاتبه على مائة دينار على أن يرد المولى عليه عبدا بغير عينه فالكتابة فاسدةقال: عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: هي جائزة، ويقسم المائة الدينار على قيمة

ألن العبدالمكاتب وعلى قيمة عبد وسط فيبطل منها حصة العبد فيكون مكاتبا بما بقي" المطلق يصلح بدل الكتابة وينصرف إلى الوسط، فكذا يصلح مستثنى منه وهو األصل في أبدال العقود.

ولهما أنه ال يستثنى العبد من الدنانير، وإنما تستثنى قيمته والقيمة ال تصلح بدال فكذلك مستثنى. معناه أن يبين الجنس وال يبين النوع"وإذا كاتبه على حيوان غير موصوف فالكتابة جائزة"قال:

وقد مر في النكاح. "وينصرف إلى الوسط ويجبر على قبول القيمة"والصفة أما إذا لم يبين الجنس مثل أن يقول دابة ال يجوز ألنه يشمل أجناسا مختلفة فتتفاحش الجهالة، وإذا بين الجنس كالعبد والوصيف فالجهالة يسيرة ومثلها يتحمل في الكتابة فتعتبر جهالة البدل بجهالة األجل فيه.

وقال الشافعي رحمه الله: ال يجوز، وهو القياس ألنه معاوضة فأشبه البيع. ولنا أنه معاوضة مال بغير مال أو بمال لكن على وجه يسقط الملك فيه فأشبه النكاح، والجامع أنه يبتنى على المسامحة، بخالف البيع ألنه

مبني على المماكسة. معناه إذا كان مقدارا معلوما والعبد كافرا"وإذا كاتب النصراني عبده على خمر فهو جائز"قال:

ألن المسلم ممنوع"وأيهما أسلم فللمولى قيمة الخمر"ألنها مال في حقهم بمنزلة الخل في حقنا عن تمليك الخمر وتملكها، وفي التسليم ذلك إذ الخمر غير معين فيعجز عن تسليم البدل فيجب عليه قيمتها،

وهذا بخالف ما إذا تبايع الذميان خمرا ثم أسلم أحدهما حيث يفسد البيع على ما قاله البعض، ألن القيمة تصلح بدال في الكتابة في الجملة، فإنه لو كاتب على وصيف وأتى بالقيمة يجبر على القبول فجاز أن يبقى

العقد على القيمة، فأما البيع فال ينعقد صحيحا على القيمة فافترقا. ألن في الكتابة معنى المعاوضة. فإذا وصل أحد العوضين "وإذا قبضها عتق"قال:

 

إلى المولى سلم العوض اآلخر للعبد وذلك بالعتق، بخالف ما إذا كان العبد مسلما حيث      -254ص - لم تجز الكتابة ألن المسلم ليس من أهل التزام الخمر، ولو أداها عتق وقد بيناه من قبل. والله أعلم

بالصواب.

Page 162: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

يفعله أن للمكاتب يجوز ما باب ألن موجب الكتابة أن يصير حرا يدا، وذلك بمالكية"ويجوز للمكاتب البيع والشراء والسفر" قال:

التصرف مستبدا به تصرفا يوصله إلى مقصوده وهو نيل الحرية بأداء البدل، والبيع والشراء من هذا القبيل، وكذا السفر ألن التجارة ربما ال تتفق في الحضر فتحتاج إلى المسافرة، ويملك البيع بالمحاباة ألنه من صنيع

التجار، فإن التاجر قد يحابي في صفقة ليربح في أخرى. ألن هذا الشرط مخالف"فإن شرط عليه أن ال يخرج من الكوفة فله أن يخرج استحسانا"قال:

لمقتضى العقد وهو مالكية اليد من جهة االستبداد وثبوت االختصاص فبطل الشرط وصح العقد ألنه شرط لم يتمكن في صلب العقد، وبمثله ال تفسد الكتابة، وهذا ألن الكتابة تشبه البيع وتشبه النكاح فألحقناه بالبيع في شرط تمكن في صلب العقد، كما إذا شرط خدمة مجهولة ألنه في البدل وبالنكاح في شرط لم يتمكن في صلبه هذا هو األصل. أو نقول: إن الكتابة في جانب العبد إعتاق ألنه إسقاط الملك، وهذا الشرط يخص

العبد فاعتبر إعتاقا في حق هذا الشرط، واإلعتاق ال يبطل بالشروط الفاسدة. ألن الكتابة فك الحجر مع قيام الملك ضرورة التوسل إلى المقصود،"وال يتزوج إال بإذن المولى"قال:

"وال يهب وال يتصدق إال بالشيء اليسير"والتزوج ليس وسيلة إليه، ويجوز بإذن المولى ألن الملك له ألن الهبة والصدقة تبرع وهو غير مالك ليملكه، إال أن الشيء اليسير من ضرورات التجارة ألنه ال يجد بدا من

ألنه "وال يتكفل"ضيافة وإعارة ليجتمع عليه المجاهزون. ومن ملك شيئا يملك ما هو من ضروراته وتوابعه "والتبرع محض، فليس من ضرورات التجارة واالكتساب وال يملكه بنوعيه نفسا وماال ألن كل ذلك تبرع

"وإنألنه تبرع ابتداء "فإن وهب على عوض لم يصح" ألنه تبرع ليس من توابع االكتسابيقرض" ألنه اكتساب للمال فإنه يتملك به المهر فدخل تحت العقد. زوج أمته جاز"

والقياس أن ال يجوز وهو قول زفر والشافعي، ألن مآله العتق والمكاتب"وكذلك إن كاتب عبده"قال: ليس من أهله كاإلعتاق على مال. وجه االستحسان أنه عقد اكتساب للمال فيملكه كتزويج األمة وكالبيع وقد

يكون هو أنفع له

 

من البيع ألنه ال يزيل الملك إال بعد وصول البدل إليه والبيع يزيله قبله ولهذا يملكه األب      -255ص - والوصي ثم هو يوجب للمملوك مثل ما هو ثابت له. بخالف اإلعتاق على مال ألنه يوجب فوق ما هو ثابت له.

ألن له فيه نوع ملك. وتصح إضافة "فإن أدى الثاني قبل أن يعتق األول فوالؤه للمولى"قال: اإلعتاق إليه في الجملة، فإذا تعذر إضافته إلى مباشر العقد لعدم األهلية أضيف إليه كما في العبد إذا اشترى

شيئا يثبت الملك للمولى. ألن المولى جعل معتقا والوالء ال ينتقل "فلو أدى األول بعد ذلك وعتق ال ينتقل الوالء إليه"قال:

ألن العاقد من أهل ثبوت الوالء وهو األصل"وإن أدى الثاني بعد عتق األول فوالؤه له"عن المعتق فيثبت له.

ألن هذه األشياء ليست"وإن أعتق عبده على مال أو باعه من نفسه أو زوج عبده لم يجز"قال: من الكسب وال من توابعه. أما األول فألنه إسقاط الملك عن رقبته وإثبات الدين في ذمه المفلس فأشبه

الزوال بغير عوض، وكذا الثاني ألنه إعتاق على مال في الحقيقة. وأما الثالث فألنه تنقيص للعبد وتعييب لهوشغل رقبته بالمهر والنفقة، بخالف تزويج األمة ألنه اكتساب الستفادته المهر على ما مر.

ألنهما يملكان االكتساب"وكذلك األب والوصي في رقيق الصغير بمنزلة المكاتب"قال: كالمكاتب، وألن في تزويج األمة والكتابة نظرا له، وال نظر فيما سواهما والوالية نظرية.

"فأما المأذون له فال يجوز له شيء من ذلك عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف:قال: وعلى هذا الخالف المضارب والمفاوض والشريك شركة عنان هو قاسه على المكاتبله أن يزوج أمته"

Page 163: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

واعتبره باإلجارة. ولهما أن المأذون له يملك التجارة وهذا ليس بتجارة، فأما المكاتب يتملك االكتساب وهذا اكتساب، وألنه مبادلة المال بغير المال فيعتبر بالكتابة دون اإلجارة، إذ هي مبادلة المال بالمال ولهذا ال يملك

هؤالء كلهم تزويج العبد، والله أعلم بالصواب.

"وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه دخل في كتابته"قال:فصل: ألنه من أهل أن يكاتب وإن لم يكن من أهل اإلعتاق فيجعل مكاتبا تحقيقا للصلة بقدر اإلمكان، أال ترى أن

"وإن اشترى ذا رحم محرم منه ألوالد له لم يدخل فيالحر متى كان يملك اإلعتاق يعتق عليه كتابته عند

 

اعتبارا بقرابة الوالد إذ وجوب الصلة ينتظمهما ولهذا الأبي حنيفة. وقاال: يدخل"      -256ص - يفترقان في الحر في حق الحرية. وله أن للمكاتب كسبا ال ملكا، غير أن الكسب يكفي الصلة في الوالد

حتى أن القادر على الكسب يخاطب بنفقة الوالد والولد وال يكفي في غيرهما حتى ال تجب نفقة األخ إال على الموسر، وألن هذه قرابة توسطت بين بني األعمام وقرابة الوالد فألحقناها بالثاني في العتق، وباألول في

الكتابة وهذا أولى ألن العتق أسرع نفوذا من الكتابة، حتى أن أحد الشريكين إذا كاتب كان لآلخر فسخه، وإذاأعتق ال يكون له فسخه.

ومعناه إذا كان معها ولدها، أما"وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتابة ولم يجز بيعها"قال: دخول الولد في الكتابة فلما ذكرناه. وأما امتناع بيعها فألنها تبع للولد في هذا الحكم، قال عليه الصالة

وإن لم يكن معها ولدها فكذلك الجواب في قول أبي يوسف ومحمد ألنها أم ولد"أعتقها ولدها"والسالم: خالفا ألبي حنيفة. وله أن القياس أن يجوز بيعها وإن كان معها ولد ألن كسب المكاتب موقوف فال يتعلق به

ما ال يحتمل الفسخ، إال أنه يثبت به هذا الحق فيما إذا كان معها ولد تبعا لثبوته في الولد بناء عليه، وبدون لما بينا في "وإن ولد له ولد من أمة له دخل في كتابته"الولد لو ثبت ثبت ابتداء والقياس ينفيه

ألن كسب الولد كسب كسبه ويكون كذلك قبل الدعوة فال"فكان حكمه كحكمه وكسبه له"المشترى ألن حق امتناع البيع ثابت فيها مؤكدا"وكذلك إن ولدت المكاتبة ولدا"ينقطع بالدعوة اختصاصه،

فيسري إلى الولد كالتدبير واالستيالد. "ومن زوج أمته من عبده ثم كاتبهما فولدت منه ولدا دخل في كتابتها وكان كسبه لها"قال:

ألن تبعية األم أرجح ولهذا يتبعها في الرق والحرية. "وإن تزوج المكاتب بإذن مواله امرأة زعمت أنها حرة فولدت منه ثم استحقتقال:

فأوالدها عبيد وال يأخذهم بالقيمة، وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزويج، وهذا عند أبي ألنه شارك الحر في سبب ثبوت هذاحنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: أوالدها أحرار بالقيمة"

الحق وهو الغرور، وهذا ألنه ما رغب في نكاحها إال لينال حرية األوالد، ولهما أنه مولود بين رقيقين فيكون رقيقا، وهذا ألن األصل أن الولد يتبع األم في الرق والحرية، وخالفنا هذا األصل في الحر بإجماع الصحابة

رضي الله عنهم، وهذا ليس في معناه ألن حق المولى هناك مجبور بقيمة ناجزة وهاهنا بقيمة متأخرة إلى مابعد العتق فيبقى على األصل وال يلحق به.

 

"وإن وطئ المكاتب أمة على وجه الملك بغير إذن المولى ثمقال:      -257ص - استحقها رجل فعليه العقر يؤخذ به في الكتابة، وإن وطئها على وجه النكاح لم يؤخذ به

ووجه الفرق أن في الفصل األول ظهر الدين في حق المولى ألنحتى يعتق وكذلك المأذون له"

Page 164: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

التجارة وتوابعها داخلة تحت الكتابة، وهذا العقر من توابعها، ألنه لوال الشراء لما سقط الحد وما لم يسقط الحد ال يجب العقر. أما لم يظهر في الفصل الثاني ألن النكاح ليس من االكتساب في شيء فال تنتظمه

الكتابة كالكفالة. "وإذا اشترى المكاتب جارية شراء فاسدا ثم وطئها فردها أخذ بالعقر في المكاتبة،قال:

ألنه من باب التجارة، فإن التصرف تارة يقع صحيحا ومرة يقع فاسدا، والكتابةوكذلك العبد المأذون له"واإلذن ينتظمانه بنوعيه كالتوكيل فكان ظاهرا في حق المولى.

" : مضت: شاءت إن بالخيار فهي المولى من المكاتبة ولدت وإذا قال فصل

" له ولد أم وصارت نفسها، عجزت شاءت وإن الكتابة، على "ونسب ولدها ثابت من المولى وهوألنها تلقتها جهتا حرية عاجلة ببدل وآجلة بغير بدل فتخير بينهما،

ألن المولى يملك اإلعتاق في ولدها وما له من الملك يكفي لصحة االستيالد بالدعوة. وإذا مضت علىحر", الكتابة أخذت العقر من موالها الختصاصها بنفسها وبمنافعها على ما قدمنا. ثم إن مات المولى عتقت

باالستيالد وسقط عنها بدل الكتابة، وإن ماتت هي وتركت ماال تؤدى منه مكاتبتها وما بقي ميراث البنها جريا على موجب الكتابة، وإن لم تترك ماال فال سعاية على الولد ألنه حر، ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إال أن يدعي لحرمة وطئها عليه، فلو لم يدع وماتت من غير وفاء سعى هذا الولد ألنه مكاتب تبعا لها، فلو مات

المولى بعد ذلك عتق وبطل عنه السعاية ألنه بمنزلة أم الولد إذ هو ولدها فيتبعها. لحاجتها إلى استفادة الحرية قبل موت المولى وذلك بالكتابة،"وإذا كاتب المولى أم ولده جاز"قال:

لتعلق عتقها بموت السيد"فإن مات المولى عتقت باالستيالد" وال تنافي بينهما ألنه تلقتها جهتا حرية ألن الغرض من إيجاب البدل العتق عند األداء، فإذا عتقت قبله لم يمكن"وسقط عنها بدل الكتابة"

توفير الغرض عليه فسقط وبطلت الكتابة المتناع إبقائها بغير فائدة، غير أنه تسلم لها األكساب واألوالد ألن الكتابة انفسخت في حق البدل وبقيت في حق األكساب واألوالد، ألن الفسخ لنظرها والنظر فيما ذكرناه.

ولو أدت المكاتبة قبل موت المولى عتقت بالكتابة ألنها باقية.

 

لما ذكرنا من الحاجة وال تنافي، إذ الحرية غير ثابتة،"وإن كاتب مدبرته جاز"قال:      -258ص - "وإن مات المولى وال مال له غيرها فهي بالخيار بين أن تسعىوإنما الثابت مجرد االستحقاق

وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: تسعى في أقل منهما.في ثلثي قيمتها أو جميع مال الكتابة" وقال محمد: تسعى في األقل من ثلثي قيمتها وثلثي بدل الكتابة، فالخالف في الخيار والمقدار، فأبو يوسف

مع أبي حنيفة في المقدار، ومع محمد في نفي الخيار. أما الخيار ففرع تجزؤ اإلعتاق عنده لما تجزأ بقي الثلثان رقيقا وقد تلقاها جهتا حرية ببدلين معجل بالتدبير ومؤجل بالكتابة فتخير. وعندهما لما عتق كلها بعتق

بعضها فهي حرة وجب عليها أحد المالين فتختار األقل ال محالة فال معنى للتخيير. وأما المقدار فلمحمد رحمه الله أنه قابل البدل بالكل وقد سلم لها الثلث بالتدبير فمن المحال أن يجب البدل بمقابلته، أال ترى أنه

لو سلم لها الكل بأن خرجت من الثلث يسقط كل بدل الكتابة فهنا يسقط الثلث وصار كما إذا تأخر التدبير عن الكتابة. ولهما أن جميع البدل مقابل بثلثي رقبتها فال يسقط منه شيء، وهذا ألن البدل وإن قوبل بالكل

صورة وصيغة لكنه مقيد بما ذكرنا معنى وإرادة ألنها استحقت حرية الثلث ظاهرا، والظاهر أن اإلنسان ال يلتزم المال بمقابلة ما يستحق حريته وصار كما إذا طلق امرأته ثنتين ثم طلقها ثالثا على ألف كان جميع

األلف بمقابلة الواحدة الباقية لداللة اإلرادة، كذا هاهنا، بخالف ما إذا تقدمت الكتابة وهي المسألة التي تليهألن البدل مقابل بالكل إذ ال استحقاق عنده في شيء فافترقا.

"ولها الخيار، إن شاءت مضت على الكتابة، وإن لما بينا. "وإن دبر مكاتبته صح التدبير"قال: ألن الكتابة ليست بالزمة في جانب المملوك، فإن مضت علىشاءت عجزت نفسها وصارت مدبرة"

Page 165: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

كتابتها فمات المولى وال مال له غيرها فهي بالخيار إن شاءت سعت في ثلثي مال الكتابة أو ثلثي قيمتها عند أبي حنيفة. وقاال: تسعى في األقل منهما، فالخالف في هذا الفصل في الخيار بناء على ما ذكرنا. أما المقدار

فمتفق عليه، ووجهه ما بينا. ألنه ما"وسقط بدل الكتابة" لقيام ملكه فيه "وإذا أعتق المولى مكاتبه عتق بإعتاقه"قال:

التزمه إال مقابال بالعتق وقد حصل له دونه فال يلزمه، والكتابة وإن كانت الزمة في جانب المولى ولكنهيفسخ برضا العبد والظاهر رضاه توسال إلى عتقه بغير بدل مع سالمة األكساب له ألنا نبقي الكتابة في حقه.

"وإن كاتبه على ألف درهم إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة فهو جائز"قال:

 

استحسانا. وفي القياس ال يجوز ألنه اعتياض عن األجل وهو ليس بمال والدين مال      -259ص - فكان ربا، ولهذا ال يجوز مثله في الحر ومكاتب الغير. وجه االستحسان أن األجل في حق المكاتب مال من وجه ألنه ال يقدر على األداء إال به فأعطي له حكم المال، وبدل الكتابة مال من وجه حتى ال تصح الكفالة به

فاعتدال فال يكون ربا، وألن عقد الكتابة عقد من وجه دون وجه واألجل ربا من وجه فيكون شبهة الشبهة،بخالف العقد بين الحرين ألنه عقد من كل وجه فكان ربا واألجل فيه شبهة.

"وإذا كاتب المريض عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ثم مات وال مال لهقال: غيره ولم تجز الورثة فإنه يؤدي ثلثي األلفين حاال والباقي إلى أجله أو يرد رقيقا عند أبي

ألن له أن يتركحنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يؤدي ثلثي األلف حاال والباقي إلى أجله" الزيادة بأن يكاتبه على قيمته فله أن يؤخرها وصار كما إذا خالع المريض امرأته على ألف إلى سنة جاز، ألن

له أن يطلقها بغير بدل، ولهما أن جميع المسمى بدل الرقبة حتى أجري عليها أحكام األبدال وحق الورثة متعلق بالمبدل فكذا بالبدل، والتأجيل إسقاط معنى فيعتبر من ثلث الجميع، بخالف الخلع ألن البدل فيه ال

يقابل المال فلم يتعلق حق الورثة بالمبدل فال يتعلق بالبدل، ونظير هذا إذا باع المريض داره بثالثة آالف إلى سنة وقيمتها ألف ثم مات ولم تجز الورثة فعندهما يقال للمشتري أد ثلثي جميع الثمن حاال والثلث إلى أجله

وإال فانقض البيع، وعنده يعتبر الثلث بقدر القيمة ال فيما زاد عليه لما بينا من المعنى. "وإن كاتبه على ألف إلى سنة وقيمته ألفان ولم تجز الورثة يقال له أد ثلثي القيمةقال:

ألن المحاباة هاهنا في القدر والتأخير فاعتبر الثلث فيهما.حاال أو ترد رقيقا في قولهم جميعا"

العبد عن يكاتب من باب "وإذا كاتب الحر عن عبد بألف درهم، فإن أدى عنه عتق، وإن بلغ العبد فقبل فهوقال:

وصورة المسألة أن يقول الحر لمولى العبد كاتب عبدك على ألف درهم على أني إن أديت إليكمكاتب" ألفا فهو حر فكاتبه المولى على هذا يعتق بأدائه بحكم الشرط، وإذا قبل العبد صار مكاتبا، ألن الكتابة كانت موقوفة على إجارته وقبوله إجازة، ولو لم يقل على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر فأدى ال يعتق قياسا ألنه ال شرط والعقد موقوف على إجازة العبد. وفي االستحسان يعتق ألنه ال ضرر للعبد الغائب في تعليق العتق

بأداء القائل فيصح في حق

 

هذا الحكم ويتوقف في حق لزوم األلف على العبد. وقيل هذه هي صورة مسألة      -260ص - ألنه متبرع."ولو أدى الحر البدل ال يرجع على العبد"الكتاب

"وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمواله وهو غائب، فإن أدى الشاهد أو الغائبقال: ومعنى المسألة أن يقول العبد كاتبني بألف درهم على نفسي وعلى فالن الغائب، وهذه كتابة جائزةعتقا"

Page 166: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

استحسانا. وفي القياس: يصح على نفسه لواليته عليها ويتوقف في حق الغائب لعدم الوالية عليه. وجه االستحسان أن الحاضر بإضافة العقد إلى نفسه ابتداء جعل نفسه فيه أصال والغائب تبعا، والكتابة على هذا

الوجه مشروعة كاألمة إذا كوتبت دخل أوالدها في كتابتها تبعا حتى عتقوا بأدائها وليس عليهم من البدل شيء وإذا أمكن تصحيحه على هذا الوجه ينفرد به الحاضر فله أن يأخذه بكل البدل ألن البدل عليه لكونه

أصال فيه، وال يكون على الغائب من البدل شيء ألنه تبع فيه. أما الحاضر فألن البدل عليه. وأما الغائب فألنه"وأيهما أدى عتقا ويجبر المولى على القبول"قال:

ينال به شرف الحرية، وإن لم يكن البدل عليه وصار كمعير الرهن إذا أدى الدين يجبر المرتهن على القبوللحاجته إلى استخالص عينه وإن لم يكن الدين عليه.

ألن الحاضر قضى دينا عليه والغائب متبرع به غير مضطر"وأيهما أدى ال يرجع على صاحبه"قال: إليه. "فإن قبل العبد الغائب أو لم يقبل لما بينا "وليس للمولى أن يأخذ الغائب بشيء"قال:

ألن الكتابة نافذة عليه من غير قبول الغائب فال تتغيرفليس ذلك منه بشيء، والكتابة الزمة للشاهد"بقبوله، كمن كفل عن غيره بغير أمره فبلغه فأجازه ال يتغير حكمه، حتى لو أدى ال يرجع عليه، كذا هذا.

"وإذا كاتبت األمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين فهو جائز، وأيهم أدى لم يرجعقال: ألنها جعلت نفسها أصال في الكتابة وأوالدها تبعاعلى صاحبه ويجبر المولى على القبول ويعتقون"

على ما بينا في المسألة األولى وهي أولى بذلك من األجنبي، والله أعلم بالصواب.

المشترك العبد كتاب باب "وإذا كان العبد بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه بألف درهم ويقبضقال:

بدل الكتابة فكاتب وقبض بعض األلف ثم عجز فالمال للذي قبض عند أبي حنيفة، وقاال: هو وأصله أن الكتابة تتجزأمكاتب بينهما وما أدى فهو بينهما"

 

عنده خالفا لهما بمنزلة اإلعتاق، ألنها تفيد الحرية من وجه فتقتصر على نصيبه عنده      -261ص - للتجزؤ، وفائدة اإلذن أن ال يكون له حق الفسخ كما يكون له إذا لم يأذن، وإذنه له بقبض البدل إذن للعبد

باألداء فيكون متبرعا بنصيبه عليه فلهذا كان كل المقبوض له. وعندهما اإلذن بكتابة نصيبه إذن بكتابة الكل لعدم التجزؤ، فهو أصيل في النصف وكيل في النصف فهو بينهما والمقبوض مشترك بينهما فيبقى كذلك بعد

العجز. "وإذا كانت جارية بين رجلين كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئهاقال:

ألنه لما ادعى أحدهما الولد صحت دعوتهاآلخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فهي أم ولد لألول" لقيام الملك له فيها وصار نصيبه أم ولد له، ألن المكاتبة ال تقبل النقل من ملك إلى ملك فتقتصر أمومية

الولد على نصيبه كما في المدبرة المشتركة، وإذا ادعى الثاني ولدها األخير صحت دعوته لقيام ملكه ظاهرا، ثم إذا عجزت بعد ذلك جعلت الكتابة كأن لم تكن وتبين أن الجارية كلها أم ولد لألول ألنه زال المانع من

االنتقال ووطؤه سابق. ألنه تملك نصيبه لما استكمل االستيالد. "ويضمن نصف قيمتها"قال: لوطئه جارية مشتركة."ونصف عقرها"قال: ألنه بمنزلة المغرور، ألنه حين وطئها "ويضمن شريكه كمال عقرها وقيمة الولد ويكون ابنه"قال:

كان ملكه قائما ظاهرا. وولد المغرور ثابت النسب منه حر بالقيمة على ما عرف لكنه وطئ أم ولد الغيرحقيقة فيلزمه كمال العقر.

ألن الكتابة ما دامت باقية فحق القبض لها الختصاصها"وأيهما دفع العقر إلى المكاتبة جاز"قال:

Page 167: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"كله قول أبي الذي ذكرنا"وهذا"بمنافعها وأبدالها، وإذا عجزت ترد العقر إلى المولى لظهور اختصاصه ألنه لما ادعى األولحنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: هي أم ولد لألول وال يجوز وطء اآلخر"

الولد صارت كلها أم ولد له ألن أمومية الولد يجب تكميلها باإلجماع ما أمكن، وقد أمكن بفسخ الكتابة ألنها قابلة للفسخ فتفسخ فيما ال تتضرر به المكاتبة وتبقى الكتابة فيما وراءه، بخالف التدبير ألنه ال يقبل الفسخ، وبخالف بيع المكاتب ألن في تجويزه إبطال الكتابة إذ المشتري ال يرضى ببقائه مكاتبا. وإذا صارت كلها أم

ولد له فالثاني وطئ أم ولد الغير. غير أنه ال يجب الحد عليه للشبهة.:"فال يثبت نسب الولد منه وال يكون حرا عليه بالقيمة"قال

ألن الوطء ال يعرى عن إحدى الغرامتين، وإذا بقيت "ويلزمه جميع العقر"قال:

 

الكتابة وصارت كلها مكاتبة له، قيل يجب عليها نصف بدل الكتابة ألن الكتابة انفسخت      -262ص - فيما ال تتضرر به المكاتبة وال تتضرر بسقوط نصف البدل. وقيل يجب كل البدل ألن الكتابة لم تنفسخ إال في

حق التملك ضرورة فال يظهر في حق سقوط نصف البدل وفي إبقائه في حقه نظر للمولى وإن كان ال تتضرر المكاتبة بسقوطه، والمكاتبة هي التي تعطي العقر الختصاصها بأبدال منافعها. ولو عجزت وردت في

الرق ترد إلى المولى لظهور اختصاصه على ما بينا. "ويضمن األول لشريكه في قياس قول أبي يوسف رحمه الله نصف قيمتها مكاتبة"قال:

ألنه تملك نصيب شريكه وهي مكاتبة فيضمنه موسرا كان أو معسرا ألنه ضمان التملك. "وفي قول محمد: يضمن األقل من نصف قيمتها ومن نصف ما بقي من بدل الكتابة"قال:

ألن حق شريكه في نصف الرقبة على اعتبار العجز، وفي نصف البدل على اعتبار األداء فلتردد بينهما يجبأقلهما.

ألنه لم يصادف الملك. أما"وإذا كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها ثم عجزت بطل التدبير"قال: عندهما فظاهر ألن المستولد تملكها قبل العجز. وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فألنه بالعجز تبين أنه تملك

نصيبه من وقت الوطء فتبين أنه مصادف ملك غيره والتدبير يعتمد الملك، بخالف النسب ألنه يعتمد الغرورعلى ما مر.

ألنه تملك نصيب شريكه وكمل االستيالد على ما بينا."وهي أم ولد لألول" قال: لوطئه جارية مشتركة. "ويضمن لشريكه نصف عقرها"قال: ألنه تملك نصفها باالستيالد وهو تملك بالقيمة."ونصف قيمتها"قال: ألنه صحت دعوته لقيام المصحح، وهذا قولهم جميعا. ووجهه ما بينا."والولد ولد األول"قال: "وإن كانا كاتباها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر ثم عجزت يضمن المعتق لشريكه نصفقال:

ألنها لما عجزت وردت في الرققيمتها ويرجع بذلك عليها عند أبي حنيفة، وقاال: ال يرجع عليها" تصير كأنها لم تزل قنة، والجواب فيه على الخالف في الرجوع وفي الخيارات وغيرها كما هو مسألة تجزؤ اإلعتاق وقد قررناه في اإلعتاق، فأما قبل العجز ليس له أن يضمن المعتق عند أبي حنيفة ألن اإلعتاق لما

كان يتجزأ عنده كان أثره أن يجعل نصيب غير المعتق كالمكاتب فال يتغير به نصيب صاحبه ألنها مكاتبة قبلذلك وعندهما لما كان ال يتجزأ بعتق الكل فله أن يضمنه قيمة نصيبه مكاتبا إن كان

 

موسرا، ويستسعى العبد إن كان معسرا ألنه ضمان إعتاق فيختلف باليسار واإلعسار.      -263ص - "وإذا كان العبد بين رجلين دبره أحدهما ثم أعتقه اآلخر وهو موسر، فإن شاء الذيقال:

دبره ضمن المعتق نصف قيمته مدبرا، وإن شاء استسعى العبد، وإن شاء أعتق، وإن أعتقه

Page 168: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

أحدهما ثم دبره اآلخر لم يكن له أن يضمن المعتق ويستسعى أو يعتق، وهذا عند أبي حنيفة ووجهه أن التدبير يتجزأ عنده فتدبير أحدهما يقتصر على نصيبه لكن يفسد به نصيب اآلخررحمه الله"

فيثبت له خيرة اإلعتاق والتضمين واالستسعاء كما هو مذهبه، فإذا أعتق لم يبق له خيار التضمين واالستسعاء، وإعتاقه يقتصر على نصيبه ألنه يتجزأ عنده، ولكن يفسد به نصيب شريكه فله أن يضمنه قيمة

نصيبه، وله خيار العتق واالستسعاء أيضا كما هو مذهبه ويضمنه قيمة نصيبه مدبرا ألن اإلعتاق صادف المدبر. ثم قيل: قيمة المدبر تعرف بتقويم المقومين، وقيل يجب ثلثا قيمته زهو قن ألن المنافع أنواع ثالثة: البيع

وأشباهه، واالستخدام وأمثاله، واإلعتاق وتوابعه، والفائت البيع فيسقط الثلث. وإذا ضمنه ال يتملكه بالضمان ألنه ال يقبل االنتقال من ملك إلى ملك، كما إذا غصب مدبرا فأبق. وإن أعتقه أحدهما أوال كان لآلخر

الخيارات الثالث عنده، فإذا دبره لم يبق له خيار التضمين وبقي خيار اإلعتاق واالستسعاء ألن المدبر يعتق ألنه ال يتجزأ عندهما"وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دبره أحدهما فعتق اآلخر باطل"ويستسعى

فيتملك نصيب صاحبه بالتدبير ألنه ضمان تملك فال يختلف باليسار واإلعسار،"ويضمن نصف قيمته موسرا كان أو معسرا"قال:

ويضمن نصف قيمته قنا ألنه صادفه التدبير وهو قن. ألن اإلعتاق ال يتجزأ فعتق كله فلم يصادف التدبير"وإن أعتقه أحدهما فتدبير اآلخر باطل"قال:

الملك وهو يعتمده. ويسعى العبد في ذلك إن كان معسرا ألن هذا ضمان"ويضمن نصف قيمته إن كان موسرا"قال:

اإلعتاق فيختلف ذلك باليسار واإلعسار عندهما، والله أعلم.

المولى وموت وعجزه المكاتب موت باب "وإذا عجز المكاتب عن نجم نظر الحاكم في حاله، فإن كان له دين يقبضه أو مالقال:

نظرا للجانبين، والثالث هي المدةيقدم عليه لم يعجل بتعجيزه وانتظر عليه اليومين أو الثالثة"التي ضربت إلبالء األعذار كإمهال الخصم للدفع والمديون للقضاء فال يزاد عليه.

"فإن لم يكن له وجه وطلب المولى تعجيزه عجزه وفسخ الكتابة، وهذا عندقال:

 

أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ال يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان"      -264ص - لقول علي رضي الله عنه: إذا توالى على المكاتب نجمان رد في الرق علقه بهذا الشرط، وألنه عقد إرفاق

حتى كان أحسنه مؤجله وحالة الوجوب بعد حلول نجم فال بد من إمهال مدة استيسارا، وأولى المدد ما توافق عليه العاقدان. ولهما أن سبب الفسخ قد تحقق وهو العجز، ألن من عجز عن أداء نجم واحد يكون

أعجز عن أداء نجمين، وهذا ألن مقصود المولى الوصول إلى المال عند حلول نجم وقد فات فيفسخ إذا لم يكن راضيا بدونه، بخالف اليومين والثالثة ألنه ال بد منها إلمكان األداء فلم يكن تأخيرا، واآلثار متعارضة، فإنالمروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن مكاتبة له عجزت عن أداء نجم واحد فردها فسقط االحتجاج بها.

ألن الكتابة تفسخ"فإن أخل بنجم عند غير السلطان فعجز فرده مواله برضاه فهو جائز"قال: بالتراضي من غير عذر فبالعذر أولى.

ألنه عقد الزم تام فال بد من القضاء أو الرضا"ولو لم يرض به العبد ال بد من القضاء بالفسخ"قال: كالرد بالعيب بعد القبض.

"وما كان في يده من األكساب النفساخ الكتابة "وإذا عجز المكاتب عاد إلى أحكام الرق"قال: ألنه ظهر أنه كسب عبده، وهذا ألنه كان موقوفا عليه أو على مواله وقد زال التوقف.فهو لمواله"

"فإن مات المكاتب وله مال لم تنفسخ الكتابة وقضى ما عليه من ماله وحكم بعتقهقال: وهذا قول علي وابنفي آخر جزء من أجزاء حياته وما بقي فهو ميراث لورثته ويعتق أوالده"

Page 169: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

مسعود رضي الله عنهما، وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله. وقال الشافعي رحمه الله: تبطل الكتابة ويموت عبدا وما تركه لمواله، وإمامه في ذلك زيد بن ثابت رضي الله عنه وألن المقصود من الكتابة عتقه وقد تعذر إثباته

فتبطل، وهذا ألنه ال يخلو إما أن يثبت بعد الممات مقصودا أو يثبت قبله أو بعده مستندا، ال وجه إلى األول لعدم المحلية، وال إلى الثاني لفقد الشرط وهو األداء، وال إلى الثالث لتعذر الثبوت في الحال والشيء يثبت

ثم يستند. ولنا أنه عقد معاوضة، وال يبطل بموت أحد المتعاقدين وهو المولى فكذا بموت اآلخر، والجامع بينهما الحاجة إلى إبقاء العقد إلحياء الحق، بل أولى ألن حقه آكد من حق المولى حتى لزم العقد في جانبه،

والموت أنفى للمالكية منه للمملوكية فينزل حيا تقديرا، أو

 

تستند الحرية باستناد سبب األداء إلى ما قبل الموت ويكون أداء خلفه كأدائه، وكل ذلك      -265ص -ممكن على ما عرف تمامه في الخالفيات.

"وإن لم يترك وفاء وترك ولدا مولودا في الكتابة سعى في كتابة أبيه على نجومه فإذاقال: ألن الولد داخل في كتابته وكسبه ككسبه فيخلفه فيأدى حكمنا بعتق أبيه قبل موته وعتق الولد"

"وإن ترك ولدا مشترى في الكتابة قيل له إما أن تؤدي الكتابةاألداء وصار كما إذا ترك وفاء وهذا عند أبي حنيفة. وأما عندهما يؤديه إلى أجله اعتبارا بالولد المولود في الكتابة،حالة أو ترد رقيقا"

والجامع أنه يكاتب عليه تبعا له ولهذا يملك المولى إعتاقه بخالف سائر أكسابه. وألبي حنيفة وهو الفرق بين الفصلين أن األجل يثبت شرطا في العقد فيثبت في حق من دخل تحت العقد والمشترى لم يدخل ألنه لم

يضف إليه العقد وال يسري حكمه إليه النفصاله، بخالف المولود في الكتابة ألنه متصل وقت الكتابة فيسري "فإن اشترى ابنه ثم مات وترك وفاء ورثه ابنه"الحكم إليه وحيث دخل في حكمه سعى في نجومه

ألنه لما حكم بحريته في آخر جزء من أجزاء حياته يحكم بحرية ابنه في ذلك الوقت، ألنه تبع ألبيه في الكتابة ألن الولد إن كان"وكذلكم إن كان هو وابنه مكاتبين كتابة واحدة"فيكون هذا حرا يرث عن حر

صغيرا فهو تبع ألبيه وإن كان كبيرا جعال كشخص واحد، فإذا حكم بحرية األب يحكم بحريته في تلك الحالةعلى مامر.

"وإن مات المكاتب وله ولد من حرة وترك دينا وفاء بمكاتبته فجنى الولد فقضي بهقال: ألن هذا القضاء يقرر حكم الكتابة، ألن منعلى عاقلة األم لم يكن ذلك قضاء بعجز المكاتب"

قضيتها إلحاق الولد بموالي األم وإيجاب العقل عليهم، لكن على وجه يحتمل أن يعتق فينجر الوالء إلى "وإن اختصم موالي األم وموالي األب فيموالي األب، والقضاء بما يقرر حكمه ال يكون تعجيزا

ألن هذا اختالف في الوالء مقصودا، وذلك يبتنيوالئه فقضى به لموالي األم فهو قضاء بالعجز" على بقاء الكتابة وانتقاضها، فإنها إذا فسخت مات عبدا واستقر الوالء على موالي األم، وإذا بقيت واتصل بها

األداء مات حرا وانتقل الوالء إلى موالي األب، وهذا فصل مجتهد فيه فينفذ ما يالقيه من القضاء فلهذا كانتعجيزا.

"وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مواله ثم عجز فهو طيب للمولى لتبدل الملك"قال: فإن العبد يتملكه صدقة والمولى عوضا عن العتق، وإليه وقعت اإلشارة النبوية في حديث بريرة رضي الله

وهذا بخالف ما إذا أباح للغني والهاشمي، ألن المباح له يتناوله على"هي لها صدقة ولنا هدية" تعالى عنها ملك المبيح، ونظيره المشتري شراء فاسدا إذا أباح لغيره ال يطيب له ولو ملكه يطيب، ولو عجز قبل األداء

 

إلى المولى فكذلك الجواب، وهذا عند محمد ظاهر ألن بالعجز يتبدل الملك عنده، وكذا      -266ص - عند أبي يوسف، وإن كان بالعجز يتقرر ملك المولى عنده ألنه ال خبث في نفس الصدقة، وإنما الخبث في

Page 170: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

فعل اآلخذ لكونه إذالال به. وال يجوز ذلك للغني من غير حاجة وللهاشمي لزيادة حرمته واألخذ لم يوجد من المولى فصار كابن السبيل إذا وصل إلى وطنه والفقير إذا استغنى وقد بقي في أيديهما ما أخذا من الصدقة

فإنه يطيب لهما، وعلى هذا إذا أعتق المكاتب واستغنى يطيب له ما بقي من الصدقة في يده. ألن هذا"وإذا جنى العبد فكاتبه مواله ولم يعلم بالجناية ثم عجز فإنه يدفع أو يفدي"قال:

موجب جناية العبد في األصل ولم يكن عالما بالجناية عند الكتابة حتى يصير مختارا للفداء إال أن الكتابة لما"وكذلك إذا جنى المكاتب ولم يقض به حتى عجز"مانعة من الدفع، فإذا زال عاد الحكم األصلي

النتقال الحق من "وإن قضى به عليه في كتابته ثم عجز فهو دين يباع فيه"بينا من زوال المانع الرقبة إلى قيمته بالقضاء، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقد رجع أبو يوسف إليه، وكان يقول أوال يباع فيه

وإن عجز قبل القضاء، وهو قول زفر ألن المانع من الدفع وهو الكتابة قائم وقت الجناية، فكما وقعت انعقدت موجبة للقيمة كما في جناية المدبر وأم الولد. ولنا أن المانع قابل للزوال للتردد ولم يثبت االنتقال

في الحال فيتوقف على القضاء أو الرضا وصار كالعبد المبيع إذا أبق قبل القبض يتوقف الفسخ على القضاءلتردده واحتمال عوده، كذا هذا، بخالف التدبير واالستيالد ألنهما ال يقبالن الزوال بحال.

كي ال يؤدي إلى إبطال حق المكاتب، إذ الكتابة"وإذا مات المولى المكاتب لم تنفسخ الكتابة"قال: ألنه "وقيل له أد المال إلى ورثة المولى على نجومه"سبب الحرية وسبب حق المرء حقه

استحقاق الحرية على هذا الوجه والسبب انعقد كذلك فيبقى بهذه الصفة وال يتغير، إال أن الورثة يخلفونه فياالستيفاء.

ألنه لم يملكه، وهذا ألن المكاتب ال يملك بسائر أسباب الملك"فإن أعتقه أحد الورثة لم ينفذ عتقه" فكذا بسبب الوراثة. وإن أعتقوه جميعا عتق وسقط عنه بدل الكتابة ألنه يصير إبراء عن بدل الكتابة فإنه

حقهم وقد جرى فيه اإلرث، وإذا برئ المكاتب عن بدل الكتابة يعتق كما إذا أبرأه المولى، إال أنه إذا أعتقه أحد الورثة ال يصير إبراء عن نصيبه، ألنا نجعله إبراء اقتضاء تصحيحا لعتقه. والعتق ال يثبت بإبراء البعض أو

أدائه في المكاتب ال في بعضه وال في كله، وال وجه إلى إبراء الكل لحق بقية الورثة، والله أعلم.

 

كتاب الوالء      -267ص - الوالء نوعان: والء عتاقة ويسمى والء نعمة وسببه العتق على ملكه في الصحيح، حتى لو عتق قريبه عليه

بالوراثة كان الوالء له. ووالء مواالة، وسببه العقد ولهذا يقال والء العتاقة ووالء المواالة، والحكم يضاف إلى سببه، والمعنى فيهما التناصر، وكانت العرب تتناصر بأشياء، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم تناصرهم

والمراد بالحليف مولى المواالة ألنهم كانوا"إن مولى القوم منهم وحليفهم منهم"بالوالء بنوعيه فقال: يؤكدون المواالة بالحلف.

وألن"الوالء لمن أعتق"، لقول عليه الصالة والسالم: "وإذا أعتق المولى مملوكه فوالؤه له"قال: التناصر به فيعقله وقد أحياه معنى بإزالة الرق عنه فيرثه ويصير الوالء كالوالد، وألن الغنم بالغرم، وكذا

"ومات معتق البنة حمزة رضي الله عنهما عنها وعن بنت فجعل النبي عليه الصالةالمرأة تعتق لما روينا، ويستوى فيه اإلعتاق بمال وبغيره إلطالق ما ذكرناه.والسالم المال بينهما نصفين".

ألن الشرط مخالف للنص فال يصح."فإن شرط أنه سائبة فالشرط باطل والوالء لمن أعتق"قال: ألنه عتق عليه بما"وإذا أدى المكاتب عتق ووالؤه للمولى وإن عتق بعد موت المولى"قال:

"وكذا العبد الموصى بعتقه أو بشرائه وعتقهباشر من السبب وهو الكتابة وقد قررناه في المكاتب "وإن مات المولى عتق مدبروه ألن فعل الوصي بعد موته كفعله والتركة على حكم ملكه بعد موته"

ألنه أعتقهم بالتدبير واالستيالد. "ووالؤهم له" لما بينا في العتاقوأمهات أوالده" لوجود السبب وهو العتق "ووالؤه له" لما بينا في العتاق"ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه"

عليه

Page 171: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإذا تزوج عبد رجل أمة آلخر فأعتق مولى األمة األمة وهي حامل من العبد عتقت وعتق ألنه عتق على معتق األمحملها، ووالء الحمل لمولى األم ال ينتقل عنه أبدا"

 

مقصودا إذ هو جزء منها يقبل اإلعتاق مقصودا فال ينتقل والؤه عنه عمال بما روينا      -268ص - "أو ولدت ولدين للتيقن بقيام الحمل وقت اإلعتاق "وكذلك إذا ولدت ولدا ألقل من ستة أشهر"

ألنهما توأمان يتعلقان معا. وهذا بخالف ما إذا والت رجال وهي حبلىأحدهما ألقل من ستة أشهر" والزوج والى غيره حيث يكون والء الولد لمولى األب ألن الجنين غير قابل لهذا الوالء مقصودا، ألن تمامه

باإليجاب والقبول وهو ليس بمحل له. ألنه عتق تبعا لألم"فإن ولدت بعد عتقها ألكثر من ستة أشهر ولدا فوالؤه لموالي األم"قال:

"فإن أعتقالتصاله بها بعد عتقها فيتبعها في الوالء ولم يتيقن بقيامه وقت اإلعتاق حتى يعتق مقصودا ألن العتق هاهنا في الولد يثبت تبعااألب جر والء ابنه وانتقل عن موالي األم إلى موالي األب"

"الوالء لحمة كلحمة النسب اللألم، بخالف األول، وهذا ألن الوالء بمنزلة النسب قال عليه الصالة والسالم: ثم النسب إلى اآلباء فكذلك الوالء والنسبة إلى موالي األم كانت لعدم أهلية األبيباع وال يوهب وال يورث"

ضرورة، فإذا صار أهال عاد الوالء إليه؛ كولد المالعنة ينسب إلى قوم األم ضرورة، فإذا أكذب المالعن نفسه ينسب إليه، بخالف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت أو طالق فجاءت بولد ألقل من سنتين من وقت الموت

أو الطالق حيث يكون الولد مولى لموالي األم وإن أعتق األب لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت والطالق البائن لحرمة الوطء وبعد الطالق الرجعي لما أنه يصير مراجعا بالشك فأسند إلى حالة النكاح فكان

الولد موجودا عند اإلعتاق فعتق مقصودا. "وفي الجامع الصغير وإذا تزوجت معتقة بعبد فولدت أوالدا فجنى األوالد فعقلهم على

ألنهم عتقوا تبعا ألمهم وال عاقلة ألبيهم وال مولى، فألحقوا بموالي األم ضرورة كما في ولدموالي األم" "وال يرجعون على لما بينا "فإن أعتق األب جر والء األوالد إلى نفسه"المالعنة على ما ذكرنا

ألنهم حين عقلوه كان الوالء ثابتا لهم، وإنما يثبت لألب مقصودا ألن سببه مقصودعاقلة األب بما عقلوا" وهو العتق، بخالف ولد المالعنة إذا عقل عنه قوم األم ثم أكذب المالعن نفسه حيث يرجعون عليه، ألن

النسب هنالك يثبت مستندا إلى وقت العلوق وكانوا مجبورين على ذلك فيرجعون. "ومن تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أوالدا فوالء أوالدها لمواليها عندقال:

وقال أبو يوسف: حكمه حكم أبيه، ألن النسبأبي حنيفة رحمه الله وهو قول محمد رحمه الله". إلى األب كما إذا كان األب عربيا، بخالف ما إذا كان األب عبدا ألنه هالك معنى. ولهما أن والء العتاقة قوي

معتبر في حق األحكام حتى اعتبرت الكفاءة فيه، والنسب في حق العجم ضعيف فإنهم ضيعوا أنسابهم ولهذالم تعتبر الكفاءة فيما بينهم

 

بالنسب، والقوي ال يعارضه الضعيف، بخالف ما إذا كان األب عريبا ألن أنساب العرب      -269ص - قوية معتبرة في حكم الكفاءة والعقل، كما أن تناصرهم بها فأغنت عن الوالء. قال رضي الله عنه: الخالف

في مطلق المعتقة والوضع في معتقة العرب وقع اتفاقا. "وفي الجامع الصغير: نبطي كافر تزوج بمعتقة كافرة ثم أسلم النبطي ووالى رجال ثم

ولدت أوالدا. قال أبو حنيفة ومحمد: مواليهم موالي أمهم. وقال أبو يوسف: مواليهم ألن الوالء وإن كان أضعف فهو من جانب األب فصار كالمولود بين واحد من الموالي وبينموالي أبيهم"

العربية. ولهما أن والء المواالة أضعف حتى يقبل الفسخ، ووالء العتاقة ال يقبله، والضعيف ال يظهر في مقابلة

Page 172: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

القوي، وإن كان األبوان معتقين فالنسبة إلى قوم األب ألنهما استويا، والترجيح لجانبه لشبهه بالنسب أو ألنالنصرة به أكثر.

لقوله عليه الصالة والسالم"ووالء العتاقة تعصيب وهو أحق بالميراث من العمة والخالة"قال: "هو أخوك وموالك، إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو خير لك وشرللذي اشترى عبدا فأعتقه:

وورث ابنة حمزة رضي الله عنهما على سبيل العصوبة معله، ولو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته" "فإن كانقيام وارث وإذ كان عصبة تقدم على ذوي األرحام وهو المروي عن علي رضي الله عنه:

ألن المعتق آخر العصبات، وهذا ألن قوله عليهللمعتق عصبة من النسب فهو أولى من المعتق"، قالوا: المراد منه وارث هو عصبة بدليل الحديث الثاني فتأخر عن العصبة"ولم يترك وارثا"الصالة والسالم:

دون ذوي األرحام. "وإن لم يكن له عصبة من لما ذكرنا"فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهو أولى"قال:

النسب فميراثه للمعتق". تأويله إذا لم يكن هناك صاحب فرض ذو حال، أما إذا كان فله الباقي بعد فرض ألنه عصبة على ما روينا، وهذا ألن العصبة من يكون التناصر به لبيت النسبة وبالموالي االنتصار على ما مر والعصبة تأخذ ما بقي

وليس للنساء من الوالء "فإن مات المولى ثم مات المعتق فميراثه لبني المولى دون بناته، أو كاتب من كاتبن بهذا اللفظ ورد الحديث عن النبيإال ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن"

وصورة الجر قدمناها، وألن ثبوت المالكية والقوة في"أو جر والء معتقهن"صلى الله عليه وسلم وفي آخره العتق من جهتها فينسب بالوالء إليها وينسب إليها من ينسب إلى موالها، بخالف النسب ألن سبب النسبة

فيه الفراش، وصاحب الفراش إنما هو الزوج، والمرأة مملوكة ال مالكة، وليس حكم ميراث المعتق مقصوراعلى بني المولى بل

 

هو لعصبته األقرب فاألقرب، ألن الوالء ال يورث ويخلفه فيه من تكون النصرة به، حتى      -270ص - لو ترك المولى أبا وابنا فالوالء لالبن عند أبي حنيفة ومحمد ألنه أقربهما عصوبة، وكذلك الوالء للجد دون األخ عند أبي حنيفة ألنه أقرب في العصوبة عنده. وكذا الوالء البن المعتقة حتى يرثه دون أخيها لما ذكرنا، إال أن

"ولو ترك المولى ابنا وأوالد ابنعقل جناية المعتق على أخيها ألنه من قوم أبيها وجنايته كجنايتها هو المروي عن"فميراث المعتق لالبن دون بني االبن ألن الوالء للكبر" معناه بني ابن آخر آخر"

عدة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ومعناهالقرب على ما قالوا، والصلبي أقرب.

المواالة: والء في فصل "وإذا أسلم رجل على يد رجل ووااله على أن يرثه ويعقل عنه أو أسلم على يد غيرهقال:

وقالووااله فالوالء صحيح وعقله على مواله، فإن مات وال وارث له غيره فميراثه للمولى" الشافعي رحمه الله: المواالة ليس بشيء ألن فيه إبطال حق بيت المال ولهذا ال يصح في حق وارث آخر

ولهذا ال يصح عنده الوصية بجميع المال وإن لم يكن للموصي وارث لحق بيت المال وإنما يصح في الثلث.يبهم{ولنا قوله تعالى: [ واآلية في المواالة. وسئل33 ]النساء:}والذ�ين عقدت أيمانكم فآتوهم نص�

"هو أحق الناس به محياهرسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل أسلم على يد رجل آخر ووااله فقال: وهذا يشير إلى العقل واإلرث في الحالتين هاتين، وألن ماله حقه فيصرفه إلى حيث شاء، والصرفومماته"

إلى بيت المال ضرورة عدم المستحق ال أنه مستحق. "وإن كان له وارث فهو أولى منه، وإن كانت عمة أو خالة أو غيرهما من ذوي األرحام"قال:

ألن المواالة عقدهما فال يلزم غيرهما، وذو الرحم وارث، وال بد من شرط اإلرث والعقل كما ذكر في الكتاب

Page 173: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألنه بااللتزام وهو بالشرط، ومن شرطه أن ال يكون المولى من العرب ألن تناصرهم بالقبائل فأغنى عنالمواالة.

ألنه عقد غير الزم بمنزلة"وللمولى أن ينتقل عنه بوالئه إلى غيره ما لم يعقل عنه"قال: الوصية، وكذا لألعلى أن يتبرأ عن والئه لعدم اللزوم، إال أنه يشترط في هذا أن يكون بمحضر من اآلخر كما في عزل الوكيل قصدا، بخالف ما إذا عقد األسفل مع غيره بغير محضر من األول ألنه فسخ حكمي بمنزلة

العزل الحكمي في الوكالة.

 

ألنه تعلق به حق"وإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول بوالئه إلى غيره"قال:      -271ص - الغير، وألنه قضى به القاضي، وألنه بمنزلة عوض ناله كالعوض في الهبة، وكذا ال يتحول ولده، وكذا إذا عقل

عن ولده لم يكن لكل واحد منهما أن يتحول ألنهم في حق الوالء كشخص واحد. ألنه الزم، ومع بقائه ال يظهر األدنى."وليس لمولى العتاقة أن يوالي أحدا"قال:

 

كتاب االكراه      -272ص - ألن"اإلكراه يثبت حكمه إذا حصل ممن يقدر على إيقاع ما توعد به سلطانا كان أو لصا"قال:

اإلكراه اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره مع بقاء أهليته، وهذا إنما يتحقق إذا خاف المكره تحقيق ما توعد به، وذلك إنما يكون من القادر والسلطان وغيره سيان عند تحقق القدرة،

والذي قاله أبو حنيفة إن اإلكراه ال يتحقق إال من السلطان لما أن المنعة له والقدرة ال تتحقق بدون المنعة. فقد قالوا هذا اختالف عصر وزمان ال اختالف حجة وبرهان، ولم تكن القدرة في زمنه إال للسلطان، ثم بعد

ذلك تغير الزمان وأهله، ثم كما تشترط قدرة المكره لتحقق اإلكراه يشترط خوف المكره وقوع ما يهدد به،وذلك بأن يغلب على ظنه أنه يفعله ليصير به محموال على ما دعي إليه من الفعل.

"وإذا أكره الرجل على بيع ما له أو على شراء سلعة أو على أن يقر لرجل بألف أوقال: يؤاجر داره فأكره على ذلك بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس فباع أو اشترى فهو

ألن من شرط صحة هذه العقودبالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه ورجع بالمبيع"نكم{التراضي، قال الله تعالى: [ واإلكراه بهذه األشياء29 ]النساء:}إ�ال أن تكون ت�جارة عن تراض م�

يعدم الرضا فيفسد، بخالف ما إذا أكره بضرب سوط أو حبس يوم أو قيد يوم ألنه ال يبالي به بالنظر إلى العادة فال يتحقق به اإلكراه إال إذا كان الرجل صاحب منصب يعلم أنه يستضر به لفوات الرضا، وكذا اإلقرار

حجة لترجح جنبة الصدق فيه على جنبة الكذب، وعند اإلكراه يحتمل أنه يكذب لدفع المضرة، ثم إذا باع مكرها وسلم مكرها يثبت به الملك عندنا، وعند زفر ال يثبت ألنه بيع موقوف على اإلجازة؛ أال ترى أنه لو

أجاز جاز والموقوف قبل اإلجازة ال يفيد الملك، ولنا أن ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى محله والفساد لفقد شرطه وهو التراضي فصار كسائر الشروط المفسدة فيثبت الملك عند القبض، حتى لو قبضه وأعتقه

أو تصرف فيه تصرفا ال يمكن نقضه جاز، ويلزمه القيمة كما في سائر البياعات الفاسدة وبإجازة المالك يرتفع المفسد وهو اإلكراه وعدم الرضا فيجوز إال أنه ال ينقطع به حق استرداد البائع وإن تداولته األيدي ولم

يرض البائع بذلك بخالف سائر البياعات الفاسدة ألن الفساد فيها لحق الشرع وقد تعلق بالبيع الثاني حق

 

Page 174: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

العبد وحقه مقدم لحاجته، أما هاهنا الرد لحق العبد وهما سواء فال يبطل حق األول      -273ص -لحق الثاني.

قال رضي الله تعالى عنه: ومن جعل البيع الجائز المعتاد بيعا فاسدا يجعله كبيع المكره حتى ينقض بيع المشتري من غيره، ألن الفساد لفوات الرضا، ومنهم من جعله رهنا لقصد المتعاقدين، ومنهم من جعله

باطال اعتبارا بالهازل ومشايخ سمرقند رحمهم الله جعلوه بيعا جائزا مفيدا بعض األحكام على ما هو المعتادللحاجة إليه

ألنه دليل اإلجازة كما في البيع الموقوف وكذا إذا "فإن كان قبض الثمن طوعا فقد أجاز البيع"قال: سلم طائعا، بأن كان اإلكراه على البيع ال على الدفع ألنه دليل اإلجازة، بخالف ما إذا أكرهه على الهبة ولم يذكر الدفع فوهب ودفع حيث يكون باطال، ألن مقصود المكره االستحقاق ال مجرد اللفظ، وذلك في الهبة

بالدفع وفي البيع بالعقد على ما هو األصل، فدخل الدفع في اإلكراه على الهبة دون البيع. لفساد العقد."وإن قبضه مكرها فليس ذلك بإجازة وعليه رده إن كان قائما في يده"قال: معناه والبائع مكره"وإن هلك المبيع في يد المشتري وهو غير مكره ضمن قيمته للبائع"قال:

ألنه آلة له فيما يرجع إلى"وللمكره أن يضمن المكره إن شاء"ألنه مضمون عليه بحكم عقد فاسد اإلتالف، فكأنه دفع مال البائع إلى المشتري فيضمن أيهما شاء كالغاصب وغاصب الغاصب، فلو ضمن

المكره رجع على المشتري بالقيمة لقيامه مقام البائع، وإن ضمن المشتري نفذ كل شراء كان بعد شرائه لو تناسخته العقود ألنه ملكه بالضمان فظهر أنه باع ملكه، وال ينفذ ما كان له قبله ألن االستناد إلى وقت قبضه،

بخالف ما إذا أجاز المالك المكره عقدا منها حيث يجوز ما قبله وما بعده ألنه أسقط حقه وهو المانع فعادالكل إلى الجواز، والله أعلم.

ذلك: " على أكره إن الخمر، يشرب أو الميتة يأكل أن على أكره وإن فصل

على أو نفسه على منه يخاف بما يكره أن إال له يحل لم قيد أو ضرب أو بحبس

" عليه أكره ما على يقدم أن وسعه ذلك على خاف فإذا أعضائه، من عضو وكذا على هذا الدم ولحم الخنزير، ألن تناول هذه المحرمات إنما يباح عند الضرورة كما في المخمصة لقيام

المحرم فيما وراءها، وال ضرورة إال إذا خاف على النفس أو على العضو، حتى لو خيف على ذلك بالضرب

 

"وال يسعه أن يصبر على ما توعد به، فإنالشديد، وغلب على ظنه يباح له ذلك      -274ص - ألنه لما أبيح كان باالمتناع عنه معاونا لغيره على هالك نفسهصبر حتى أوقعوا به ولم يأكل فهو آثم"

فيأثم كما في حالة المخمصة. وعن أبي يوسف أنه ال يأثم ألنه رخصة إذ الحرمة قائمة فكان آخذا بالعزيمة. قلنا: حالة االضطرار مستثناة بالنص وهو تكلم بالحاصل بعد الثنيا فال محرم فكان إباحة ال رخصة إال أنه إنما

يأثم إذا علم باإلباحة في هذه الحالة، ألن في انكشاف الحرمة خفاء فيعذر بالجهل فيه كالجهل بالخطاب فيأول اإلسالم أو في دار الحرب.

"وإن أكره على الكفر بالله تعالى والعياذ بالله أو سب رسول الله صلى الله عليهقال: وسلم بقيد أو حبس أو ضرب لم يكن ذلك إكراها حتى يكره بأمر يخاف منه على نفسه أو

ألن اإلكراه بهذه األشياء ليس بإكراه في شرب الخمر لما مر، ففي الكفرعلى عضو من أعضائه"وحرمته أشد أولى وأحرى.

"وإذا خاف على ذلك وسعه أن يظهر ما أمروه به ويوري، فإن أظهر ذلك وقلبهقال: لحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه حيث ابتلي به، وقد قال له النبيمطمئن باإليمان فال إثم عليه"

"فإن عادواقال: مطمئنا باإليمان، فقال عليه الصالة والسالم:"كيف وجدت قلبك؟" عليه الصالة والسالم:

Page 175: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

{ وفيه نزل قوله تعالى: فعد"، [. وألن بهذا اإلظهار106 ]النحل:}إ�ال من أكر�ه وقلبه مطمئ�ن ب�األ�يمان�ال يفوت اإليمان حقيقة لقيام التصديق، وفي االمتناع فوت النفس حقيقة فيسعه الميل إليه.

ألن خبيبا رضي الله عنه صبر على ذلك"فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا"قال: "هو رفيقي في الجنة"حتى صلب وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء، وقال في مثله

وألن الحرمة باقية، واالمتناع إلعزاز الدين عزيمة، بخالف ما تقدم لالستثناء. "وإن أكره على إتالف مال مسلم بأمر يخاف على نفسه أو على عضو من أعضائهقال:

"ولصاحب ألن مال الغير يستباح للضرورة كما في حالة المخمصة وقد تحققت وسعه أن يفعل ذلك" "وإن ألن المكره آلة للمكره فيما يصلح آلة له واإلتالف من هذا القبيلالمال أن يضمن المكره"

أكرهه بقتله على قتل غيره لم يسعه أن يقدم عليه ويصبر حتى يقتل، فإن قتله كان آثما"ألن قتل المسلم مما ال يستباح لضرورة ما فكذا بهذه الضرورة.

قال رضي الله عنه: وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، "والقصاص على المكره إن كان القتل عمدا"قال:وقال زفر: يجب على المكره. وقال

 

أبو يوسف: ال يجب عليهما. وقال الشافعي: يجب عليهما. لزفر أن الفعل من المكره      -275ص - حقيقة وحسا، وقرر الشرع حكمه عليه وهو اإلثم، بخالف اإلكراه على إتالف مال الغير ألنه سقط حكمه وهو اإلثم فأضيف إلى غيره، وبهذا يتمسك الشافعي في جانب المكره، ويوجبه على المكره أيضا لوجود التسبيب إلى القتل منه، وللتسبيب في هذا حكم المباشرة عنده كما في شهود القصاص، وألبي يوسف أن القتل بقي

مقصورا على المكره من وجه نظرا إلى التأثيم، وأضيف إلى المكره من وجه نظرا إلى الحمل فدخلت الشبهة في كل جانب. ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياته فيصير آلة للمكره فيما يصلح آلة له

وهو القتل بأن يلقيه عليه وال يصلح آلة له في الجناية على دينه فيبقى الفعل مقصورا عليه في حق اإلثم كما نقول في اإلكراه على اإلعتاق، وفي إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير ينتقل الفعل إلى المكره في

اإلتالف دون الذكاة حتى يحرم كذا هذا. خالفا"وإن أكرهه على طالق امرأته أو عتق عبده ففعل وقع ما أكره عليه عندنا"قال:

للشافعي وقد مر في الطالق. ألنه صلح آلة له فيه من حيث اإلتالف فيضاف إليه، فله"ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد"قال:

أن يضمنه موسرا كان أو معسرا، وال سعاية على العبد ألن السعاية إنما تجب للتخريج إلى الحرية أو لتعلقحق الغير ولم يوجد واحد منهما، وال يرجع المكره على العبد بالضمان ألنه مؤاخذ بإتالفه.

"ويرجع بنصف مهر المرأة إن كان قبل الدخول، وإن لم يكن في العقد مسمى يرجعقال: ألن ما عليه كان على شرف السقوط بأن جاءت الفرقة من قبلها،على المكره بما لزمه من المتعة"

وإنما يتأكد بالطالق فكان إتالفا للمال من هذا الوجه فيضاف إلى المكره من حيث إنه إتالف. بخالف ما إذا "ولو أكره على التوكيل بالطالق والعتاق ففعلدخل بها ألن المهر قد تقرر بالدخول ال بالطالق.

ألن اإلكراه مؤثر في فساد العقد، والوكالة ال تبطل بالشروط الفاسدة، ويرجعالوكيل جاز استحسانا" على المكره استحسانا ألن مقصود المكره زوال ملكه إذا باشر الوكيل، والنذر ال يعمل فيه اإلكراه ألنه ال

يحتمل الفسخ، وال رجوع على المكره بما لزمه ألنه ال مطالب له في الدنيا فال يطالب به فيها، وكذا اليمين، والظهار ال يعمل فيهما اإلكراه لعدم احتمالهما الفسخ، وكذا الرجعة واإليالء والفيء فيه باللسان ألنها تصح مع الهزل، والخلع من جانبه طالق أو يمين ال يعمل فيه اإلكراه، فلو كان هو مكرها على الخلع دونها لزمها

البدل لرضاها بااللتزام.

 

Page 176: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

"وإن أكرهه على الزنا وجب عليه الحد عند أبي حنيفة، إال أن يكرههقال:      -276ص - وقد ذكرناه في الحدود.السلطان، وقال أبو يوسف ومحمد ال يلزمه الحد"

ألن الردة تتعلق باالعتقاد، أال ترى أنه لو كان قلبه"وإذا أكرهه على الردة لم تبن امرأته منه"قال: مطمئنا باإليمان ال يكفر وفي اعتقاده الكفر شك فال تثبت البينونة بالشك، فإن قالت المرأة قد بنت منك وقال هو قد أظهرت ذلك وقلبي مطمئن باإليمان فالقول قوله استحسانا، ألن اللفظ غير موضوع للفرقة وهي بتبدل االعتقاد ومع اإلكراه ال يدل على التبدل فكان القول قوله، بخالف اإلكراه على اإلسالم حيث

يصير به مسلما، ألنه لما احتمل واحتمل رجحنا اإلسالم في الحالين ألنه يعلو وال يعلى، وهذا بيان الحكم، أما فيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يعتقده فليس بمسلم، ولو أكره على اإلسالم حتى حكم بإسالمه ثم رجع لم يقتل لتمكن الشبهة وهي دارئة للقتل. ولو قال الذي أكره على إجراء كلمة الكفر أخبرت عن أمر ماض ولم

أكن فعلت بانت منه حكما ال ديانة. ألنه أقر أنه طائع بإتيان ما لم يكره عليه، وحكم هذا الطائع ما ذكرناه. ولو قال أردت ما طلب مني وقد خطر ببالي الخبر عما مضى بانت ديانة وقضاء، ألنه أقر أنه مبتدئ بالكفر

هازل به حيث علم لنفسه مخلصا غيره. وعلى هذا إذا أكره على الصالة للصليب وسب محمد النبي عليه الصالة والسالم ففعل وقال نويت به الصالة لله تعالى ومحمدا آخر غير النبي عليه الصالة والسالم بانت منه قضاء ال ديانة، ولو صلى للصليب وسب محمدا النبي عليه الصالة والسالم وقد خطر بباله الصالة لله تعالى وسب غير النبي عليه الصالة والسالم بانت منه ديانة وقضاء لما مر، وقد قررناه زيادة على هذا في كفاية

المنتهى، والله أعلم.

 

كتاب الحجر      -277ص - "األسباب الموجبة للحجر ثالثة: الصغر، والرق، والجنون، فال يجوز تصرف الصغير إالقال:

أما الصغيربإذن وليه، وال تصرف العبد إال بإذن سيده، وال تصرف المجنون المغلوب بحال". فلنقصان عقله، غير أن إذن الولي آية أهليته، والرق لرعاية حق المولى كي ال يتعطل منافع عبده. وال يملك رقبته بتعلق الدين به، غير أن المولى باإلذن رضي بفوات حقه، والجنون ال تجامعه األهلية فال يجوز تصرفه

بحال، أما العبد فأهل في نفسه والصبي ترتقب أهليته فلهذا وقع الفرق. "ومن باع من هؤالء شيئا وهو يعقل البيع ويقصده فالولي بالخيار، إن شاء أجازه إذاقال:

ألن التوقف في العبد لحق المولى فيتخير فيه، وفي الصبيكان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه" والمجنون نظرا لهما فيتحرى مصلحتهما فيه، وال بد أن يعقال البيع ليوجد ركن العقد فينعقد موقوفا على

اإلجازة، والمجنون قد يعقل البيع ويقصده وإن كان ال يرجح المصلحة على المفسدة وهو المعتوه الذي يصلح وكيال عن غيره كما بينا في الوكالة. فإن قيل: التوقف عندكم في البيع. أما الشراء فاألصل فيه النفاذ على المباشر. قلنا: نعم إذا وجد نفاذا عليه كما في شراء الفضولي، وهاهنا لم نجد نفاذا لعدم األهلية أو لضرر

المولى فوقفناه. ألنه ال مرد لها لوجودها حسا "وهذه المعاني الثالثة توجب الحجر في األقوال دون األفعال"قال:

"إال إذا كان فعال يتعلق بهومشاهدة، بخالف األقوال، ألن اعتبارها موجودة بالشرع والقصد من شرطه فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبيحكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص"

والمجنون. "وال يقع طالقهما وال لما بينا"والصبي والمجنون ال تصح عقودهما وال إقرارهما"قال:

واإلعتاق يتمحض مضرة،"كل طالق واقع إال طالق الصبي والمعتوه" لقوله عليه الصالة والسالم: عتاقهما" وال وقوف للصبي على المصلحة في الطالق بحال لعدم الشهوة، وال وقوف للولي على عدم التوافق على

اعتبار بلوغه حد الشهوة، فلهذا ال يتوقفان على إجازته وال ينفذان بمباشرته، بخالف سائر العقود. إحياء لحق المتلف عليه، وهذا ألن كون اإلتالف"وإن أتلفا شيئا لزمهما ضمانه"قال:

Page 177: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

 

موجبا ال يتوقف على القصد كالذي يتلف بانقالب النائم عليه والحائط المائل بعد      -278ص -اإلشهاد، بخالف القول على ما بيناه.

رعاية "غير نافذ في حق مواله" لقيام أهليته"فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه"قال: لجانبه، ألن نفاذه ال يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه، وكل ذلك إتالف ماله.

لوجود األهلية وزوال المانع ولم يلزمه في الحال لقيام المانع "فإن أقر بمال لزمه بعد الحرية"قال: ألنه مبقى على أصل الحرية في حق الدم حتى ال يصح"وإن أقر بحد أو قصاص لزمه في الحال"

"ال يملك العبد والمكاتب لما روينا، ولقوله عليه الصالة والسالم: "وينفذ طالقه"إقرار المولى عليه بذلك وألنه عارف بوجه المصلحة فيه فكان أهال، وليس فيه إبطال ملك المولى وال تفويت منافعهشيئا إال الطالق"

فينفذ، والله أعلم بالصواب.

للفساد الحجر باب "قال أبو حنيفة رحمه الله: ال يحجر على الحر البالغ العاقل السفيه، وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما ال غرض له فيه وال مصلحة. وقال أبو يوسف ومحمد

رحمهما الله وهو قول الشافعي رحمه الله: يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ألنه مبذر ماله بصرفه ال على الوجه الذي يقتضيه العقل فيحجر عليه نظرا له اعتبارا بالصبي بلماله"

أولى، ألن الثابت في حق الصبي احتمال التبذير وفي حقه حقيقته ولهذا منع عنه المال، ثم هو ال يفيد بدون الحجر ألنه يتلف بلسانه ما منع من يده. وألبي حنيفة رحمه الله أنه مخاطب عاقل فال يحجر عليه اعتبارا

بالرشيد، وهذا ألن في سلب واليته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم وهو أشد ضررا من التبذير فال يتحمل األعلى لدفع األدنى، حتى لو كان في الحجر دفع ضرر عام كالحجر على المتطبب الجاهل والمفتي الماجن

والمكاري المفلس جاز فيما يروى عنه، إذ هو دفع ضرر األعلى باألدنى، وال يصح القياس على منع المال ألن الحجر أبلغ منه في العقوبة، وال على الصبي ألنه عاجز عن النظر لنفسه، وهذا قادر عليه نظر له الشرع مرة

بإعطاء آلة القدرة والجري على خالفه لسوء اختياره، ومنع المال مفيد ألن غالب السفه في الهباتوالصدقات وذلك يقف على اليد.

ألن"وإذا حجر القاضي عليه ثم رفع إلى قاض آخر فأبطل حجره وأطلق عنه جاز"قال: الحجر منه فتوى وليس بقضاء؛ أال يرى أنه لم يوجد المقضي له والمقضي عليه، ولو كان قضاء فنفس

القضاء مختلف فيه فال بد من اإلمضاء، حتى لو رفع تصرفه بعد الحجر إلى

 

القاضي الحاجر أو إلى غيره فقضى ببطالن تصرفه ثم رفع إلى قاض آخر نفذ إبطاله      -279ص - "ثم عند أبي حنيفة إذا بلغ الغالم غير رشيد لم يسلمالتصال اإلمضاء به فال يقبل النقض بعد ذلك

إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه، فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد. وقاال: ال يدفع إليه ماله أبدا

ألن علة المنع السفه فيبقى ما بقي العلة وصارحتى يؤنس منه رشده، وال يجوز تصرفه فيه" كالصبا. وألبي حنيفة رحمه الله أن منع المال عنه بطريق التأديب، وال يتأدب بعد هذا ظاهرا وغالبا؛ أال يرى أنه قد يصير جدا في هذا السن فال فائدة في المنع فلزم الدفع، وألن المنع باعتبار أثر الصبا وهو في أوائل

البلوغ ويتقطع بتطاول الزمان فال يبقى المنع، ولهذا قال أبو حنيفة: لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها ال يمنع المال عنه ألنه ليس بأثر الصبا، ثم ال يتأتى التفريع على قوله وإنما التفريع على قول من يرى الحجر.

فعندهما لما صح الحجر ال ينفذ بيعه إذا باع توفيرا لفائدة الحجر عليه، وإن كان فيه مصلحة أجازه الحاكم ألن

Page 178: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ركن التصرف قد وجد والتوقف للنظر له وقد نصب الحاكم ناظرا له فيتحرى المصلحة فيه، كما في الصبي الذي يعقل البيع والشراء ويقصده. ولو باع قبل حجر القاضي جاز عند أبي يوسف ألنه ال بد من حجر القاضي

عنده، ألن الحجر دائر بين الضرر والنظر والحجر لنظره فال بد من فعل القاضي. وعند محمد ال يجوز ألنه "وإنيبلغ محجورا عنده، إذ العلة هي السفه بمنزلة الصبا، وعلى هذا الخالف إذا بلغ رشيدا ثم صار سفيها

وعند الشافعي ال ينفذ. واألصل عندهما أن كل تصرف يؤثر فيه الهزلأعتق عبدا نفذ عتقه عندهما". يؤثر فيه إلخ وما ال فال، ألن السفيه في معنى الهازل من حيث إن الهازل يخرج كالمه ال على نهج كالم

العقالء التباع الهوى ومكابرة العقل ال لنقصان في عقله، فكذلك السفيه والعتق مما ال يؤثر فيه الهزل فيصحمنه.

واألصل عنده: أن الحجر بسبب السفه بمنزلة الحجر بسبب الرق حتى ال ينفذ بعده شيء من تصرفاته إال "كان على العبد أن إذا صح عندهما "و"الطالق كالمرقوق، واإلعتاق ال يصح من الرقيق فكذا من السفيه

ألن الحجر لمعنى النظر وذلك في رد العتق إال أنه متعذر فيجب رده برد القيمة كمايسعى في قيمته" في الحجر على المريض. وعن محمد أنه ال تجب السعاية ألنها لو وجبت إنما تجب حقا لمعتقه والسعاية ما

ألنه يوجب حق العتق فيعتبر بحقيقته إال"ولو دبر عبده جاز"عهد وجوبها في الشرع إال لحق غير المعتق أنه ال تجب السعاية ما دام المولى حيا ألنه باق على ملكه وإذا مات ولم يؤنس منه الرشد سعى في قيمته

مدبرا ألنه عتق بموته وهو مدبر، فصار كما إذا أعتقه بعد التدبير

 

"ولو جاءت جاريته بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية      -280ص - "وإن لم يكن معها ولد وقال ألنه محتاج إلى ذلك إلبقاء نسله فألحق بالمصلح في حقه أم ولد له"

هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد ال يقدر على بيعها، وإن مات سعت في جميع قيمتها" ألنه كاإلقرار بالحرية إذ ليس له شهادة الولد، بخالف الفصل األول ألن الولد شاهد لها. ونظيره المريض إذا

ادعى ولد جاريته فهو على هذا التفصيل. "وإن سمى لها ألنه ال يؤثر فيه الهزل، وألنه من حوائجه األصلية"وإن تزوج امرأة جاز نكاحها"قال:

ألنه ال ضرورة فيه، وهذا"وبطل الفضل" ألنه من ضرورات النكاح مهرا جاز منه مقدار مهر مثلها" "ولو طلقها قبلالتزام بالتسمية وال نظر له فيه فلم تصح الزيادة وصار كالمريض مرض الموت

"وكذا إذا تزوجألن التسمية صحيحة إلى مقدار مهر المثل الدخول بها وجب لها النصف في ماله" لما بينا.بأربع نسوة أو كل يوم واحدة"

"وينفق على أوالده وزوجته ومن تجب ألنها واجبة عليه "وتخرج الزكاة من مال السفيه"قال: ألن إحياء ولده وزوجته من حوائجه، واإلنفاق على ذي الرحم واجب عليهنفقته من ذوي أرحامه"

لقرابته، والسفه ال يبطل حقوق الناس، إال أن القاضي يدفع الزكاة إليه ليصرفها إلى مصرفها، ألنه ال بد من نيته لكونها عبادة، لكن يبعث أمينا معه كي ال يصرفه في غير وجهه. وفي النفقة يدفع إلى أمينه ليصرفه ألنه ليس بعبادة فال يحتاج إلى نيته، وهذا بخالف ما إذا حلف أو نذر أو ظاهر حيث ال يلزمه المال بل يكفر يمينه

وظهاره بالصوم ألنه مما يجب بفعله، فلو فتحنا هذا الباب يبذر أمواله بهذا الطريق، وال كذلك ما يجب ابتداءبغير فعله.

"وال ألنها واجبة عليه بإيجاب الله تعالى من غير صنعة "فإن أراد حجة اإلسالم لم يمنع منها"قال: كي اليسلم القاضي النفقة إليه ويسلمها إلى ثقة من الحاج ينفقها عليه في طريق الحج"

استحسانا الختالف العلماء في وجوبها،"ولو أراد عمرة واحدة لم يمنع منها"يتلفها في غير هذا الوجه ألنه ال يمنع من إفراد السفر لكل واحد "وال يمنع من القران"بخالف ما زاد على مرة واحدة من الحج

تحرزا عن موضع الخالف، إذ عند عبد"وال يمنع من أن يسوق بدنة"منهما فال يمنع من الجمع بينهما

Page 179: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

الله بن عمر رضي الله عنه ال يجزئه غيرها وهي جزور أو بقرة. ألن"فإن مرض وأوصى بوصايا في القرب وأبواب الخير جاز ذلك في ثلثه"قال:

 

نظره فيه إذ هي حالة انقطاعه عن أمواله والوصية تخلف ثناء أو ثوابا، وقد ذكرنا من      -281ص -التفريعات أكثر من هذا في كفاية المنتهى.

"وال يحجر على الفاسق إذا كان مصلحا لماله عندنا والفسق األصلي والطارئ سواء"قال: وقال الشافعي: يحجر عليه زجرا له وعقوبة عليه كما في السفيه ولهذا لم يجعل أهال للوالية والشهادة

م أموالهم{عنده. ولنا قوله تعالى: �ليه� نهم رشدا فادفعوا إ [. وقد أونس6 ]النساء:}فإ�ن آنستم م� منه نوع رشد فتتناوله النكرة المطلقة، وألن الفاسق من أهل الوالية عندنا إلسالمه فيكون واليا للتصرف،

وقد قررناه فيما تقدم، ويحجر القاضي عندهما أيضا وهو قول الشافعي بسبب الغفلة وهو أن يغبن فيالتجارات وال يصبر عنها لسالمة قلبه لما في الحجر من النظر له.

البلوغ: حد في فصل "بلوغ الغالم باالحتالم واإلحبال واإلنزال إذا وطئ، فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم لهقال:

ثماني عشرة سنة، وبلوغ الجارية بالحيض واالحتالم والحبل، فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم لها سبع عشرة سنة، وهذا عند أبي حنيفة وقاال: إذا تم الغالم والجارية خمس عشرة سنة

وهو رواية عن أبي حنيفة، وهو قول الشافعي، وعنه في الغالم تسع عشرة سنة. وقيل المرادفقد بلغا"، أن يطعن في التاسع عشرة سنة ويتم له ثماني عشرة سنة فال اختالف. وقيل فيه اختالف الرواية ألنه ذكر

في بعض النسخ حتى يستكمل تسع عشرة سنة. أما العالمة فألن البلوغ باإلنزال حقيقة والحبل واإلحبال ال يكون إال مع اإلنزال، وكذا الحيض في أوان الحبل،

فجعل كل ذلك عالمة البلوغ، وأدنى المدة لذلك في حق الغالم اثنتا عشرة سنة، وفي حق الجارية تسعسنين.

}حتى يبلغوأما السن فلهم العادة الفاشية أن البلوغ ال يتأخر فيهما عن هذه المدة. وله قوله تعالى: [ وأشد الصبي ثماني عشرة سنة، هكذا قاله ابن عباس وتابعه القتبي، وهذا أقل ما152 ]األنعام:أشده{

قيل فيه فيبنى الحكم عليه للتيقن به، غير أن اإلناث نشوءهن وإدراكهن أسرع فنقصنا في حقهن سنةالشتمالها على الفصول األربعة التي يوافق واحد منها المزاج ال محالة.

"وإذا راهق الغالم أو الجارية الحلم وأشكل أمره في البلوغ فقال قد بلغت، فالقولقال: ألنه معنى ال يعرف إال من جهتهما ظاهرا، فإذا أخبرا بهقوله وأحكامه أحكام البالغين"

 

ولم يكذبهما الظاهر قبل قولهما فيه، كما يقبل قول المرأة في الحيض.      -282ص -

الدين بسبب الحجر باب "قال أبو حنيفة: ال أحجر في الدين، وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه

"فإن كان له ألن في الحجر إهدار أهليته فال يجوز لدفع ضرر خاص. والحجر عليه لم أحجر عليه" "ولكن ألنه نوع حجر، وألنه تجارة ال عن تراض فيكون باطال بالنص مال لم يتصرف فيه الحاكم"

"وقاال: إذا طلب غرماء إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه" المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه، ومنعه من البيع والتصرف واإلقرار حتى ال يضر

Page 180: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

ألن الحجر على السفيه إنما جوزاه نظرا له، وفي هذا الحجر نظر للغرماء ألنه عساه يلجئ مالهبالغرماء" فيفوت حقهم، ومعنى قولهما ومنعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل، أما البيع بثمن المثل ال يبطل

حق الغرماء والمنع لحقهم فال يمنع منه. ألن البيع"وباع ماله إن امتنع المفلس من بيعه وقسمه بين غرمائه بالحصص عندهما"قال:

مستحق عليه إليفاء دينه حتى يحبس ألجله، فإذا امتنع ناب القاضي منابه كما في الجب والعنة. قلنا: التلجئة موهومة، والمستحق قضاء الدين، والبيع ليس بطريق متعين لذلك، بخالف الجب والعنة

والحبس لقضاء الدين بما يختاره من الطريق، كيف ولو صح البيع كان الحبس إضرارا بهما بتأخير حق الدائنوتعذيب المديون فال يكون مشروعا.

وهذا باإلجماع، ألن للدائن حق"وإن كان دينه دراهم وله دراهم قضى القاضي بغير أمره"قال: "وإن كان دينه دراهم وله دنانير أو على ضد ذلك باعهااألخذ من غير رضاه فللقاضي أن يعينه

وهذا عند أبي حنيفة استحسان. والقياس أن ال يبيعه كما في العروض، ولهذا لم يكنالقاضي في دينه" لصاحب الدين أن يأخذه جبرا. وجه االستحسان أنهما متحدان في الثمنية والمالية مختلفان في الصورة،

فبالنظر إلى االتحاد يثبت للقاضي والية التصرف، وبالنظر إلى االختالف يسلب عن الدائن والية األخذ عمال "ويباع فيبالشبهين، بخالف العروض ألن الغرض يتعلق بصورها وأعيانها، أما النقوذ فوسائل فافترقا

لما فيه من المسارعة إلى قضاء الدينالدين النقود ثم العروض ثم العقار يبدأ باأليسر فاأليسر" ألن به كفاية وقيل "ويترك عليه دست من ثياب بدنه ويباع الباقي" مع مراعاة جانب المديون

دستان وهو اختيار شمس األئمة الحلواني، ألنه إذا غسل ثيابه ال بد له من ملبس. ألنه تعلق بهذا"فإن أقر في حال الحجر بإقرار لزمه ذلك بعد قضاء الديون"،قال:

 

المال حق األولين فال يتمكن من إبطال حقهم باإلقرار لغيرهم، بخالف االستهالك ألنه      -283ص - ألن حقهم لم يتعلق به لعدمه "ولو استفاد ماال آخر بعد الحجر نفذ إقراره فيه" مشاهد ال مرد له

وقت الحجر. "وينفق على المفلس من ماله وعلى زوجته وولده الصغار وذوي أرحامه ممن يجبقال:

ألن حاجته األصلية مقدمة على حق الغرماء، وألنه حق ثابت لغيره فال يبطله الحجر، ولهذا لونفقته عليه"تزوج امرأة كانت في مقدار مهر مثلها أسوة للغرماء.

"فإن لم يعرف للمفلس مال وطلب غرماؤه حبسه وهو يقول ال مال لي حبسه الحاكمقال: وقد ذكرنا هذا الفصل بوجوهه في كتاب أدب القاضي منفي كل دين التزمه بعقد كالمهر والكفالة"

هذا الكتاب فال نعيدها, إلى أن قال: وكذلك إن أقام البينة أنه ال مال له: يعني خلى سبيله لوجوب النظرة إلى الميسرة، ولو مرض في الحبس يبقى فيه إن كان له خادم يقوم بمعالجته، وإن لم يكن أخرجه تحرزا عن هالكه، والمحترف فيه ال يمكن من االشتغال بعمله هو الصحيح ليضجر قلبه فينبعث على قضاء دينه، بخالف ما إذا كانت له جارية وفيه موضع يمكنه فيه وطؤها ال يمنع عنه ألنه قضاء إحدى الشهوتين فيعتبر

بقضاء األخرى. "وال يحول بينه وبين غرمائه بعد خروجه من الحبس يالزمونه وال يمنعونه من التصرفقال:

أراد باليد المالزمة وباللسان التقاضي. "لصاحب الحق يد ولسان" لقوله عليه الصالة والسالم: والسفر" "وقاال: إذا فلسه الستواء حقوقهم في القوة "ويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص"قال:

ألن القضاء باإلفالس عندهما يصحالحاكم حال بين الغرماء وبينه إال أن يقيموا البينة أن له ماال" فتثبت العسرة ويستحق النظرة إلى الميسرة. وعند أبي حنيفة رحمه الله: ال يتحقق القضاء باإلفالس، ألن مال الله تعالى غاد ورائح، وألن وقوف الشهود على عدم المال ال يتحقق إال ظاهرا فيصلح للدفع ال إلبطال حق المالزمة. وقوله إال أن يقيموا البينة إشارة إلى أن بينة اليسار تترجح على بينة اإلعسار ألنها أكثر إثباتا،

Page 181: الهداية في شرح بداية المبتديdata.nur.nu/Kutub/Arabic/_docx/Marghinani_alHidaya_docx/... · Web viewالهداية في شرح بداية المبتدي - الجزء

إذ األصل هو العسرة. وقوله في المالزمة ال يمنعونه من التصرف والسفر دليل على أنه يدور معه أينما دار "ولو دخل داره لحاجته ال يتبعه بل يجلس على باب داره إلى أنوال يجلسه في موضع ألنه حبس

ألن اإلنسان ال بد أن يكون له موضع خلوة، ولو اختار المطلوب الحبس والطالب المالزمة فالخياريخرج"إلى الطالب ألنه أبلغ في حصول المقصود الختياره األضيق عليه إال إذا

 

علم القاضي أن يدخل عليه بالمالزمة ضرر بين بأن ال يمكنه من دخوله داره فحينئذ      -284ص - لما فيها من الخلوة باألجنبية "ولو كان الدين للرجل على المرأة ال يالزمها"يحبسه دفعا للضرر عنه

ولكن يبعث امرأة أمينة تالزمها. "ومن أفلس وعنده متاع لرجل بعينه ابتاعه منه فصاحب المتاع أسوة للغرماء فيه"قال:

وقال الشافعي رحمه الله: يحجر القاضي على المشتري بطلبه. ثم للبائع خيار الفسخ ألنه عجز المشتري عن إيفاء الثمن فيوجب ذلك حق الفسخ كعجز البائع عن تسليم المبيع وهذا ألنه عقد معاوضة، ومن قضيته المساواة وصار كالسلم. ولنا أن اإلفالس يوجب العجز عن تسليم العين وهو غير مستحق بالعقد فال يثبت

حق الفسخ باعتباره وإنما المستحق وصف في الذمة: أعني الدين، وبقبض العين تتحقق بينهما مبادلة، هذا هو الحقيقة فيجب اعتبارها، إال في موضع التعذر كالسلم ألن االستبدال ممتنع فأعطى للعين حكم الدين،

والله أعلم بالصواب.تم الجزء الثالث، ويليه الجزء الرابع

وأولهكتاب المأذون