442
ائر الجمهورية الجز ية اطية الشعبية الديمقرلعالييم ا ارة التعم وزمي والبحث العم كليةعلىم النسانية ا وعلىم الهيةس ا قسنعلىم الهيةس ا أطروحة هقذهةنيل ل شهادة الذكتىراه فيعلىم الهيةس اص تخص الفقو و أصىلو إعذاد: حت ت إشراف الذكتىر: ىم صرم رابحخضر ا لخضاريلوناقشةء لجنة ا أعضا: أ. دىسي ي الهىاري جامعت وهران1 يئـ رئئـ أ. د لخضر لخضاري جامعت وهران1 ر وم رـ وم أ. د عبذلقادر ا به عسوز جامعت الجسائر ـامـ وم رع د. حمسةذيت العي جامعت وهران1 ـامـ وم رع د. بلخثير بىمذيه جامعت تلمسان ـامـ وم رع د. عثمان بلخير جامعت تلمسان ـامـ وم رع السنت الذراسيت: 1435 ه/ 1436 ه- 2014 م/ 2015 م. منهج النقد في الفقه ا س مي المذهبلمالكي ا أنموذجا- اسة در تحميمية-

ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

  • Upload
    others

  • View
    3

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الديمقراطية الشعبية يةالجمهورية الجزائر

والبحث العممي وزارة التعميم العالي

اإلسالهية العلىم و اإلنسانية العلىم كلية

اإلسالهية العلىم قسن

أصىلو و الفقو تخصص اإلسالهية العلىم في الذكتىراه شهادة لنيل هقذهة أطروحة

:الذكتىر إشراف تحت :إعذاد

لخضاري األخضر رابح صرمىم

:أعضاء لجنة الوناقشة

رئئـيئا 1وهران جامعت الهىاري يىسي د.أ وم را وم را 1وهران جامعت لخضاري لخضر د.أ

ع را ومـاما الجسائر جامعت عسوز به القادر عبذ د.أ ع را ومـاما 1وهران جامعت العيذيت حمسة.د ع را ومـاما تلمسان جامعت بىمذيه بلخثير.د ع را ومـاما تلمسان جامعت بلخير عثمان.د

.م 2015 /م 2014 -ه 1436 /ه 1435 :الذراسيت السنت

ميسالاإل الفقه في النقد منهج أنموذجا المالكي المذهب

- تحميمية دراسة-

Page 2: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

....تقديرشكر و

...أوال و آخرا ا!ي وفق� إ� إ�از هذا العمل - عزوجل- الشكر هللا

...و ال يشكر اهللا من ال يشكر ا'اس

فأتوجه >زيل الشكر إ� األستاذ ا8كتور 45 األخضاري لقبو. اإل,اف

.....C هذا اBحث و مراجعته

D C دEأ Fكما أشكر األخ و الصديق ا8كتور ربا Kساعدات الNا

O قدمها...

Rو ال أن...

....أعضاء Vنة اNناقشة

...أو `ف^...أو فائدة...D من ساهم Z هذا العمل بتوجيهو

...فلهم م� bيعا D الشكر و اaقدير

&&&&&&&&&&

و أفنيت lر ا'طق Z ا'ظم و ا'i......ولو أن� أوتيت D بالغة

و معqفا بالعجز عن واجب الشكر......مقnاNا كنت بعد القول إال

Page 3: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

....اإلهداء

r الفضل بعد اهللا D ماs من � ...إ

tالوا8ين الكريم...uو أ vأ

أم أنس...إ� الزوجة اwانية

أنس...الغاO...إ� ثمرة الفؤاد و بهجة ا'فس و نسيم الروح

صغ�ها و كب�ها...إ� D أفراد العائلة

D � ثنية اwد...الزمالء Z ثانوية بربارة �مدإ

....إ� D من أحبنا Z اهللا و أحببناه Z اهللا

....أهدي إ�هم bيعا هذا العمل

رابح...

Page 4: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املقـــــــدمة

Page 5: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:مقدمة

أنفسنا ، و من سيئات إن احلمد هللا حنمده ، و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ باهللا من شرور أعمالنا ، من يهده اهللا فال مضل له ، ومن يضلل فال هادي له ، و أشهد أن ال إله إال اهللا ، وحده

.ال شريك له، و أشهد أن حممدا عبده ، ورسوله

)تأن إال و نوتمال ت و هقاتت ققوا اهللا حوا اتنءام ينا الذهآ أيونيملسآل - 102:اآلية[ ) م م

.]عمران

يآ أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلقها منها زوجها و بث ( األر و آءلون بهسي تقوا اهللا الذات اء ونس ريا واال كثا رجمهنم كمليإن اهللا كان ع امح

.]النساء-01:اآلية[) رقيبا

) لكم رفغي و الكممأع لكم حلصيدا يدال سقولوا قو قوا اهللا ووا اتنءام ينا الذهآ أيي ]. األحزاب- 70/71:اآلية[ ) ذنوبكم ومن يطع اهللا و رسوله فقد فاز فوزا عظيما

:أما بعد

اب اهللا ، و خري اهلدي هدي حممد ، وشر األمور حمدثاا ، و كل حمدثة فإن أصدق احلديث كت .بدعة، و كل بدعة ضاللة ، و كل ضاللة يف النار

:وبعد

، ولقد قوميها ، وأحد أسباب تطور العلوميعترب النقد منهجا لبناء املعرفة الصحيحة ، و أساسا لت نقد اجلانب ، فكان للمحدثني عناية بية ذا اهتم علماء اإلسالم يف خمتلف جماالت العلوم الدين

، وهكذا علماء التاريخ و السري ، ، ولعلماء التوحيد عناية بنقد الفرق و العقائد احلديث ودراسته ...و األصول

Page 6: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

علم فقد كان هلم اهتمام كبري بنقد املادة الفقهية، بل إن ومل يشذ الفقهاء عن هذه القاعدة ، من أهم العلوم اليت كانت جماال خصبا لتطور منهج النقد ، ورسم معامله يف الفكر يعدالفقه

اإلسالمي ، ملا بني النقد و اخلالف من ارتباط ، حيث العالقة بينهما مطردة ، فكلما كثر اخلالف منهجا وجد النقد ، وعلم الفقه كثرية مدارسه ، متشعبة مذاهبه ، فكان لزاما أن يؤسس الفقهاء

.، ويقوم به االستداللد املادة الفقهية ، تناقش به األقواللنق

، إىل التأسيسقد واكبت حركة النقد الفقه اإلسالمي يف مجيع مراحله ، من مرحلة النشأة ول بعدة عوامل ، - أي حركة النقد -مرحلة التطور و االزدهار ، فمرحلة الضعف واجلمود ، متأثرة

اإلمام أيب : رس الفقهية ، من أمثالقاد يف مجيع املذاهب و املدافقهاء نمنها برز يف كل مرحلة و اإلمام النووي ، و ابن تيمية ، و ابن املقدسي احلنبلي، ابن قدامةو ، املالكياللخمي احلسن

.....ناطيب، و ابن عابديالشالقيم، و

الثروة الفقهية انصب جهد هؤالء الفقهاء النقاد يف كل مرحلة على مراجعة و متحيص و تنقيح اليت ورثوها عن سابقيهم خاصة بعد استقرار املذاهب ومجع املادة الفقهية يف مؤلفات و دواوين، فبينوا صحيحها من ضعيفها، وما يصلح منها و ما ال يصلح، سواء ما تعلق بالروايات و األقوال و

.أو ما تعلق باملصنفات الفقهيةاآلراء الفقهية املذهبية، أو ما تعلق بأصول االستدالل و االجتهاد،

وقد عرفت هذه احلركة النقدية يف الفقه اإلسالمي نوعا من الفتور نتيجة اجلمود و التقهقر الذي عرفه الفقه اإلسالمي بعد انتشار ظاهرة التقليد و التعصب املذهيب، لكن ذلك مل مينع كثريا من

.قد الفقهي و الدعوة إىل تفعيلهالفقهاء املتحررين من ربقة التقليد من ممارسة الن

، فكل ما تفقد مذاهبهمفعلى هذا جيب على أهل العصر :" )هـ684ت(يقول اإلمام القرايف ، لكنه قد يقل و قد و ال يعرى مذهب من املذاهب عنه وجدوه من هذا النوع حيرم الفتوى به ،

).78الفرق -2/205(الفروق". يكثر

الفكر ". عدم تنقيح كتب الفقه من موجبات هرمهإن ):"هـ1376ت(ويقول احلجوي ).4/235(السامي

Page 7: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و األصوات تتعاىل بضرورة جتديد الفقه بدأت الدعوات تتكاثر املعاصرة النهضة الفقهيةو مع ملواجهة االختالالت و االحنرافات اليت عرفها النشاط اإلسالمي، و مراجعة التراث الفقهي ونقده،

، من أجل النهوض بالفقه اإلسالمي و إعادة بعثه و درسا أو تأليفا أو فتوىالفقهي يف كل جماالته .إحيائه

و ، وجد ضمن هذه األصوات و الدعوات التجديدية اجتاه جتديدي منحرف تأثر بالفكر الغريب ، يريد إخضاع الفقه اإلسالمي لقواعد نقد العلوم اإلنسانية ، داعيا استلهم من مناهج النقد احلديثة

ظر يف مجيع أصوله و قضاياه، و معظم دعاة هذا االجتاه كانوا من تالميذ املستشرقني إىل إعادة النو ....أو ممن تأثر بأفكارهم من أمثال حممد أركون، و حسني حنفي، وعابد اجلابري، وغريهم

الفلسفة "، أو"الفكر اإلسالمي"لألسف أم يتكلمون بلسان علماء اإلسالم حتت مسمى ".يةاإلسالم

لقي هذا االجتاه معارضة من العلماء و دعاة التجديد، فحذروا من خطره و شنعوا على أصحابه، كونه ال ينطلق يف مراجعة التراث الفقهي و نقده من املكونات الذاتية للفقه اإلسالمي، بل يعتمد

التارخيي، و على علم النفس على نظريات غربية ال صلة هلا بالفقه اإلسالمي، و إمنا تقوم و ،و التركيبية ،و التفكيكية ،و األلسنة ،االنتربولوجيا االجتماعية و الثقافية ، مثل نظرية البنيوية

، إال أنه و رغم التحذير من خطر هذا االجتاه التجديدي املنحرف، فإننا ال جند عند .....التارخييةب اعتماده يف مراجعة التراث الفقهي دعاة التجديد احلق بيانا واضحا ملنهج النقد الصحيح الذي جي

. و تنقيحه، بل يركزون على ضرورة أن يكون املنهج نابعا من الفقه اإلسالمي نفسه

أصبح من الضروري وضع دراسة ملنهج النقد عند الفقهاء ، حتدد معامله ، هلذه االعتبارات كلها .تساعد أهل االختصاص، و تبني أصوله و ضوابطه ، تقصي الدخالء على هذا العلم ، و

إال النقدي الذي سلكه الفقهاء يف مراجعة و تنقيح املادة الفقهية نهح ورغم احلاجة املاسة لبيان امل ، أغفلت هذا اجلانب املهم ، إال يف الفقه اإلسالمي - على كثرا–أننا جند الدراسات العلمية

يف إثراء هذا املوضوع بدراسة فوجدت من نفسي رغبة ارات لطيفة يف ثنايا بعض البحوث، إش

Page 8: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

دي يف الفقه اإلسالمي، حتدد معامله و أسسه، وألن تتبع معامل هذا املنهج يف تستقرئ املنهج النق .اقتصرت يف ذلك على املذهب املالكي كأمنوذج هلذه الدراسة، املذاهب كلها أمر صعب املنال

و استنتاج و استخالص املالمح العامة و مما ينبغي أن أنبه عليه أن املقصود من هذه الدراسة ه للمنهج النقدي الذي اعتمده املالكية يف دراسة املذهب ، حبيث يكون ذلك أساسا و نقطة انطالق للباحثني للتوسع يف دراسة هذا املنهج، ذلك أين ملست من خالل حبثي يف هذا املوضوع شساعة

حاطة باملوضوع من كل جوانبه يف جوانبه، و اتساع نطاقه، إذ يصعب على أي باحث فيه اإلولست أبالغ إذا قلت أن كل عنصر من عناصر هذه الدراسة يصلح ألن يكون دراسة واحدة،

.عنوانا لدراسة أخرى مستقلة

هو اجلانب النظري، حيث كان : وقد تناولت دراسة هذا املوضوع يف جانبني ، اجلانب األول الفقه اإلسالمي، و ما يرتبط به من املصطلحات، و أهم عبارة عن دراسة تأصيلية ملفهوم النقد يف

.اجلوانب اليت يتعلق ا

فهو اجلانب التطبيقي، و قد خصصته لدراسة موضوع النقد الفقهي يف : أما اجلانب الثاين املذهب املالكي ، بينت من خالله مدى عناية املالكية و اهتمامهم بالنقد الفقهي ، كما تتبعت

النقدية يف املذهب املالكي عرب مراحله التارخيية، مث توقفت عند اجلهود النقدية لفقهاء مسار احلركة املالكية استخلصت من خالهلا املعامل و املالمح العامة للمنهج الذي سلكه فقهاء املالكية يف النقد

.الفقهي

:وقد عنونت هذه األطروحة بـ

".دراسة حتليلية-أمنوذجا املذهب املالكي- منهج النقد يف الفقه اإلسالمي"

:أمهية املوضوع

Page 9: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و املذهب املالكي على وجه ، عموماهذه الدراسة تؤسس لقضية مهمة يف الفقه اإلسالمي فموضوع النقد جدير بالبحث و الدراسة ، لبالغ أمهيته ، و كبري قيمته ، سواء يف اخلصوص ،

.جانبه التارخيي ، أو املوضوعي ، أو املنهجي

احلركة ث جانبه التارخيي فإن هذه الدراسة متكن من معرفة العوامل املتحكمة يف تطور فمن حي ارخيية اليت أسست ، و املنعطفات التخصوصا النقدية يف الفقه اإلسالمي عموما و املذهب املالكي

.هلذه النظرية، وجهود فقهاء املالكية و دورهم يف خدمة و تطوير منهج النقد يف الفقه اإلسالمي

على مفهوم النقد الفقهي، و أمهيته يف و أما يف جانبه املوضوعي فتفيد هذه الدراسة يف التعرف .و أهم ااالت اليت يتناوهلا، جمال الدراسات الفقهية

، ية اليت يقوم عليها النقد الفقهيو أما يف جانبه املنهجي فالدراسة تساعد على فهم األسس العلم ، وكيف نستثمر ذلك يف تقومي اآلراء الفقهية و تصحيحها املتبعة يف وفهم الطرق و املسالك

.دراستنا النقدية املعاصرة ، للتقليل من حدة اخلالف الفقهي ، و مواجهة ظاهرة التعصب الفكري

و إثرائه بالبحث ال أمام كل الباحثني لإلسهام يف هذا املوضوع املهمكما تفتح هذه الدراسة ا . وعا ضخما حيتاج إىل تضافر جهود كل الباحثني و املهتمني بالفقه اإلسالميعد مشر، إذ ي

:أسباب اختيار املوضوع

:تتلخص األسباب اليت دفعتين إىل اختيار هذا املوضوع فيما يلي

أمهية هذا املوضوع ، إذ يعد النقد أحد األسس املنهجية لتقومي املعارف العلمية و -1نظرية متكاملة ، واضحة املعامل ، وحمددة الضوابط و تصحيحها، وهذا يتطلب وضع

املعايري ، تؤسس ملنهج النقد قي الفقه اإلسالمي ، وخباصة يف الوقت احلايل الذي كثرت .فيه الدعوات إىل ضرورة مراجعة و جتديد املنظومة الفقهية بأصوهلا و فروعها

Page 10: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املهتمون بالدراسات عدم وجود دراسات سابقة يف املوضوع ، إذ أغفل الباحثون و -2الفقهية، وخباصة األكادميني منهم هذا اجلانب ، رغم أننا جند يف توصيات كثري من

.البحوث ضرورة إجياد منهج علمي يف النقد الفقهي

الرغبة يف اإلسهام ذا اجلهد ، ليضاف إىل جهود كثرية سبقتين يف خدمة املذهب املالكي، -3، يف احلياة العلمية عموما و البحث الفقهي خصوصا دوره حتاول أن تعيد للفقه املالكي

و مكانة املذهب املالكي ، و عظم منظومته الفقهية ، وتظهر للمشككني و املرتابني . تكاملها يف مجيع جوانبها

:إشكالية البحث

:يطرح هذا املوضوع إشكاليات عدة ميكن صياغتها يف األسئلة التالية

و إذا مل يستعمل وهل يوجد هذا املصطلح يف الفقه اإلسالمي؟ما هو مفهوم النقد الفقهي؟ -1 الفقهاء قدميا هذا املصطلح ، فما هي املصطلحات املرتبطة به؟

ما هي أمهيته يف جمال البحث الفقهي؟ ، وما مدى انعكاس ذلك على الدراسات و البحوث -2هذه النظرية اتانعكاسهي ما ، و الفقهية املعاصرة؟ وما عالقة هذا املوضوع بالتجديد الفقهي

على قضية جتديد املنظومة الفقهية؟

و هل ميكن ما هي األدوات و املعايري املعتمدة و الشروط املطلوبة ملمارسة النقد الفقهي؟، -3 و آلياته؟يثة يف تطوير أدواته االستفادة من مناهج النقد احلد

كان لفقهاء املالكية عناية ذا اجلانب ما هو موقع النقد الفقهي يف املذهب املالكي؟ وهل -4 .املهم يف دراسام الفقهية؟ و ما هي إسهامام يف هذا اال؟

ما هي أهم ااالت اليت عين ا املالكية يف دراستهم الفقهية النقدية؟-5

هي هل كان هناك منهج واضح املعامل سار عليه الفقهاء املالكية يف عملية النقد الفقهي؟ و ما -6 األدوات والوسائل املطبقة يف ذلك؟

Page 11: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:الدراسات السابقة

سبقت اإلشارة إىل أن هذا املوضوع رغم قيمته ، مل حيظ باهتمام كبري من قبل الباحثني يف اال الفقهي ، إذ حبثت يف القواعد البيانية عرب الشبكة العنكبوتية ملختلف اجلامعات فلم أجد دراسة

:تناوله ، و من البحوث النادرة اليت تناولت هذا املوضوع ثالث كتب هييا علمية، أو حبثا أكادمي

، طبعةنوار بن الشلي: لألستاذ" نظرية النقد الفقهي ، معامل لنظرية جتديدية معاصرة "كتاب-1 .2010دار السالم بالقاهرة ، الطبعة األوىل ، سبتمرب

و أصله جمموعة أوراق عمل شارك ص ، 120وهو كتاب من احلجم الصغري ، عدد صفحاته حنو تفعيل النقد إلصالح :" ا األستاذ يف ندوة علمية جبامعة الدوحة يف قطر حتت عنوان

، و الكتاب نسخة 04/01/2010:، نظمت بتاريخ"منوذجاالنقد الفقهي -الدراسات اإلسالمية "العقل الفقهي" طبق األصل لكتاب سابق للمؤلف عنوانه

:الحظات على هذا الكتاب أوجزها فيما يليوقد سجلت بعض امل

أن الكتاب و إن كان يوحي من خالل عنوانه و مقدمته إىل دراسة املوضوع من كل جوانبه ، -أ إال أن مضمونه ال يعكس ذلك، فقد افتقر إىل جانب التأصيل و التقعيد ، وخباصة فيما يتعلق

يق للنقد الفقهي ، تفصيل جماالته ، العوامل وضع مفهوم دق: باملباحث املؤسسة هلذه النظرية مثل .املؤثرة يف تطوره إجيابا أو سلبا

.عدم حتديد ضوابط و معايري دقيقة للنقد الفقهي - ب

أمهل الكتاب اجلانب التارخيي لعملية النقد الفقهي ، وهو جانب مهم يرسم لنا معامل املنهج - ج .النقدي عند فقهائنا

ؤلفه الدكتور عبد احلميد عشاق مل" اخلالف الفقهي عند اإلمام املازريمنهج النقد و " كتاب -2قد تناول الكتاب يف أحد جوانبه املنهج النقدي عند اإلمام املازري ، و املدرسة القريوانية يف ، و

.تونس بشكل عام

Page 12: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

دكتور ال: ملؤلفه" اإلمام اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي" كتاب -3حممد املصلح ، تناول الكتاب بالدراسة و التحليل منهج اإلمام اللخمي يف النقد الفقهي من خالل

".التبصرة" كتابه

:منهج البحث و منهجيته

الوصفي التحليلي االستقرائي التارخيي تبعا لطبيعة املوضوع فإن املنهج املتبع يف دراسته هو املنهج فقه اإلسالمي عموما و املذهب املالكي يف الالفقهي وحركة النقد، فاالستقراء لتتبع مسرية

خصوصا عرب مراحله املختلفة ، و تتبع جهود املالكية وعنايتهم ذا اجلانب املهم يف دراستهم .املذهب و خدمته

و أما الوصف و التحليل فهو لدراسة املنهج النقدي الذي اعتمده املالكية ، من خالل حتديد .النقد الفقهي ، و استخراج أسسه و أدواته، و حتديد املعامل املنهجية للنقد الفقهيجماالت

:يف هذا كله املنهجية التالية سلكت

نسبة األقوال و املذاهب إىل أصحاا معتمدا على املصادر األصلية ، إال ما مل أجده -1 .فأكتفي باإلحالة على املصدر املنقول عنه

. كتاب اهللا بذكر رقم اآلية و اسم السورةعزو اآليات إىل مواضعها يف -2

أخرج األحاديث و اآلثار الواردة يف البحث بعزوها إىل مصادرها ، فإن كان احلديث -3 .يف الصحيحني أو أحدمها اكتفيت بذلك ، و ال أذكر درجة احلديث

4- م من أترجم لألعالم الذين ورد ذكرهم يف البحث إال الذين استفاضت شهر .ألئمة األربعة ، و األعالم املعاصرينالصحابة، و ا

:أضع الفهارس العلمية للبحث وهي -5

.فهرس اآليات - أ

.فهرس األحاديث و اآلثار - ب

.فهرس التراجم و األعالم - ت

Page 13: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

. فهرس املواضيع - ث

:الصعوبات و العراقيل

يواجه أي باحث يف هذا املوضوع جمموعة من الصعوبات و العراقيل ، أذكر من الصعوبات اليت :واجهتها

عدم وجود دراسات سابقة كافية يف املوضوع تساعد على تصوره، مما جيعل املادة العلمية -1 .قليلة و صعبة املنال

.زئياته أمرا عسرياشساعة نطاق البحث يف هذا املوضوع مما جيعل الوقوف على كل ج-2

:خطة البحث

لإلجابة عن اإلشكاليات اليت يطرحها البحث ، وضعت خطة مكونة من مقدمة،و ثالثة أبواب :، و خامتة ، على النحو التايل

، ومنهج إىل اختياره ، والدراسات السابقةفيها أمهية املوضوع ، و األسباب الداعية تبين :املقدمة .البحث و منهجيته

.مصطلحات و مفاهيم :األولالباب

.املنهج ، النقد ، الفقه : مصطلحات البحث : الفصل األول

.مفهوم املنهج: املبحث األول

".املنهج"املعىن اللغوي لكلمة : املطلب األول

".املنهج" املعىن االصطالحي لكلمة : املطلب الثاين

.العلوم الشرعيةأنواع مناهج البحث يف : املطلب الثالث

Page 14: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مفهوم النقد: املبحث الثاين

".النقد"املعىن اللغوي لكلمة : املطلب األول

".النقد"املعىن االصطالحي لكلمة : املطلب الثاين

.أنواع النقد و أمهيته: املطلب الثالث

.مفهوم الفقه:املبحث الثالث

".الفقه"املعىن اللغوي لكلمة: املطلب األول

".الفقه"املعىن االصطالحي لكلمة: املطلب الثاين

.أدوار الفقه اإلسالمي: املطلب الثالث

.املذهب املالكي ، نشأته ، و خصائصه:الفصل الثاين

.نشأة املذهب املالكي و انتشاره: املبحث األول

.-رمحه اهللا-ترمجة اإلمام مالك: املطلب األول

.املدينة و انعكاساا على املذهب املالكيفضائل : املطلب الثاين

.انتشار املذهب املالكي: املطلب الثالث

.املدارس الفقهية يف املذهب املالكي: املبحث الثاين

.املدرسة املدنية: املطلب األول

.املدرسة املصرية: املطلب الثاين

.املدرسة العراقية: املطلب الثالث

.سة املغربيةاملدر: املطلب الرابع

Page 15: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أصول املذهب املالكي و خصائصه: املبحث الثالث

.أصول املذهب املالكي: املطلب األول

.خصائص املنهج األصويل للمذهب املالكي: املطلب الثاين

."النقد الفقهي" تأصيل مفهوم النقد يف الفقه اإلسالمي:الباب الثاين

.الفقهي و املصلحات املرتبطة به حتقيق مفهوم النقد: الفصل األول

.مفهوم النقد الفقهي و أمهيته: املبحث األول

.أصول النقد الفقهي يف الشرع و علومه: املطلب األول

.مفهوم النقد الفقهي: املطلب الثاين

.أمهية النقد الفقهي: املطلب الثالث

.املصطلحات املرتبطة بالنقد الفقهي : املبحث الثاين

.اخلالف الفقهي: املطلب األول

.اجلدل الفقهي: املطلب الثاين

.املناظرة الفقهية: املطلب الثالث

.النقد الفقهي و عالقته بالتجديد الفقهي :املبحث الثالث

.مفهوم التجديد الفقهي: املطلب األول

.التجديد املنحرف و موقف العلماء منه: املطلب الثاين

.العالقة بني التجديد و النقد الفقهي: الثالثاملطلب

.النقد يف الفكر الغريب و ترتيله على النقد الفقهي: املطلب الرابع

Page 16: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.شروط النقد الفقهي ، و معوقاته ، و جماالته: الفصل الثاين

.شروط النقد الفقهي: املبحث األول

.النقد الفقهي و عالقته باالجتهاد: املطلب األول

.شروط الناقد الفقهي: املطلب الثاين

.مسألة جتزؤ االجتهاد: املطلب الثالث

.معوقات النقد الفقهي: املبحث الثاين

.ضعف امللكة الفقهية: املطلب األول

.التقليد: املطلب الثاين

.التعصب املذهيب: املطلب الثالث

.جماالت النقد الفقهي: املبحث الثالث

.نقد األقوال و الروايات و االجتهادات الفقهية :املطلب األول

.نقد األصول و األدلة: املطلب الثاين

.نقد املصنفات و طرائق التدوين: املطلب الثالث

.النقد الفقهي يف املذهب املالكي: الباب الثالث

الرتعة النقدية يف املذهب املالكي : الفصل األول

.التحجر يف املذهب املالكيدعوى اجلمود و : املبحث األول

.مضمون هذه الدعوى و أصحاا: املطلب األول

Page 17: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مرتكزات هذه الدعوى و مربراا: املطلب الثاين

.تعليل املستشرقني لدعوى مجود املالكية: املطلب الثالث

حقيقة دعوى اجلمود و التحجر عند فقهاء األندلس: املبحث الثاين

.رسوخ املذهب املالكي باألندلس: املطلب األول

.غلبة االجتاه الفروعي باألندلس: املطلب الثاين

.إنكار علماء األندلس اتهدين على هذا االجتاه: املطلب الثالث

.الرد على دعوى اجلمود و التحجر يف الفقه املالكي: ث املبحث الثال

.بيان بطالن هذه الدعوى: املطلب األول

.-رمحه اهللا- الرتعة النقدية عند اإلمام مالك: املطلب الثاين

.الرتعة النقدية عند تالميذ مالك و أتباع مذهبه: املطلب الثالث

.التطور التارخيي للنقد الفقهي يف املذهب املالكي و عوامله:املبحث الرابع

.نشأة النقد الفقهي يف املذهب املالكي:املطلب األول

.النقد الفقهي يف مرحلة تأسيس املذهب:املطلب الثاين

.ظهور االجتاه النقدي يف املذهب املالكي:املطلب الثالث

.أسباب و عوامل تطور النقد الفقهي يف املذهب املالكي:املطلب الرابع

يف املذهب املالكي النقد الفقهي اخلارجي: الفصل الثاين

.كية بالنقد الفقهي اخلارجيعناية املال: املبحث األول

.منهج اإلمام مالك يف نقد املخالفني و الرد عليهم: املطلب األول

Page 18: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.تأثر املالكية مبنهج اإلمام مالك يف النقد الفقهي اخلارجي: املطلب الثاين

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة العراقية: املطلب الثالث

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املصرية: املطلب الرابع

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املغربية:املطلب اخلامس

.املؤلفات املالكية يف النقد الفقهي اخلارجي: املبحث الثاين

.املؤلفات املالكية يف نقد احلنفية و الرد عليهم: املطلب األول

.املؤلفات املالكية يف نقد الشافعية و الرد عليهم: ايناملطلب الث

.املؤلفات املالكية يف نقد الظاهرية و الرد عليهم: املطلب الثالث

.املعامل املنهجية للنقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

يف املذهب املالكي النقد الفقهي الداخلي: الفصل الثالث

.النقد الفقهي املتعلق بفروع املذهب و مسائله: األول املبحث

.عناية املالكية بنقد فروع املذهب ومسائله: املطلب األول

.مظانه و مصادره: املطلب الثاين

.مناذج و صور عن نقد فروع املذهب و مسائله: املطلب الثالث

.أسسه و أدواته: املطلب الرابع

.النقد الفقهي املتعلق باملصنفات الفقهية ومناهج التدريس: املبحث الثاين

.نقد املصنفات الفقهية يف املذهب، أمهيته، و عناية املالكية به: املطلب األول

.نقد املصنفات الفقهية من حيث مضموا: املطلب الثاين

Page 19: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.تدوينهانقد املصنفات الفقهية من حيث طرائق : املطلب الثالث

.نقد مناهج التعليم و طرائق التدريس: املطلب الرابع

.النقد املتعلق باملنهجية األصولية: املبحث الثالث

.نقد بعض أصول املذهب:املطلب األول

.نقد ظاهرة التقليد و التعصب:املطلب الثاين

.نقد البدع و احملدثات:املطلب الثالث

. املنهجية للنقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكياملعامل: املطلب الرابع

.و تضمنت أهم نتائج البحث اليت توصلت إليها و بعض املقترحات :خامتة

Page 20: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مصطلحات و مفاهيـــم : الباب األول

.املنهج، النقد، الفقه:البحثمصطلحات :الفصل األول

.املذهب املالكي نشأته و خصائصه:الفصل الثاين

Page 21: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املنهج، النقد، الفقه:مصطلحات البحث :الفصل األول

.مفهوم املنهج: املبحث األول

.النقدمفهوم : املبحث الثاين

.مفهوم الفقه: املبحث الثالث

Page 22: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مصطلحات و مفاهيم:الباب األول

.املنهج، النقد، الفقه: مصطلحات البحث:الفصل األول

.مفهوم املنهج: املبحث األول

".املنهج"املعىن اللغوي لكلمة: املطلب األول

يف داللتها على الطريق النهج ، و املنهج ، و املنهاج يف اللغة مبعىن واحد ، و كلها تشترك .املستقيم الواضح الذي يوصل إىل الغاية بسهولة و يسر

:)1(قال ابن فارس

املنهج ، : النهج ، وهو الطريق ، و الثاين:النون و اهلاء و اجليم أصالن متباينان ، األول" )2.("وهو الطريق أيضا و اجلمع املناهج

وضح و أوضح ، و ج : ، و أج النهج الطريق الواضح ، كاملنهج و املنهاج" و )3(."سلك مسلكه: سلكه ، و ج فالن سبيل فالن:الطريق

أي استبان و صار جا واضحا بينا ، قال يزيد بن : و أج الطريق :" )4(قال الفريوزأبادي

--------------------

احملدث، املالكي، أصله من قزوين ولد ا أمحد بن فارس بن زكريا، القزويين، الرازي، أبو احلسني، اللغوي، -1 .106-17/103:سري أعالم النبالء.هـ395هـ، وانتقل إىل الري فتويف اسنة329سنة

.5/361 م ،1991/ـه1411، دار اجليل ، لبنان ، 1لغة ، طمعجم مقاييس ال-2

الدين حممد بن يعقوب بن جمد -4 . 210ص/1ت، ج،ط، د،القاموس احمليط ، مكتبة النوري ، سوريا ، د-3هـ، جال البالد شرقا و غربا، و أخذ عن علمائها، برع 729حممد ، أبو الطاهر، الشريازي، الفريوزأبادي، ولد سنة

.39-3/38:املقري، أزهار الرياض.هـ817يف العلوم كلها، تويف باليمن سنة

Page 23: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:احلذاق العبدي

)1(."ريق و أجتسبل املسالك و اهلدى تعدي ولقد أضاء لك الط

:)2(قال ابن منظور

لكل جعلنا منكم شرعة و :(وضحه ، و املنهاج كاملنهج و يف الترتيل: ومنهج الطريق " رضي -الطريق الواضح ، و يف حديث العباس: و املنهاج ، ]املائدة:سورة-48:اآلية[) منهاجا )3("، حىت ترككم على طريق ناهجة-اهللا عليه وسلمصلى - مل ميت رسول اهللا:" -اهللا عنه

.واضحة ، بينة: أي

سلكته ، و فالن يستنهج سبيل : أبنته و أوضحته ، و جت الطريق : وجت الطريق لغتان إذا : الطريق املستقيم ، وج األمر و أج : أي يسلك مسلكه ، و النهج : فالن )4(".وضح

فيظهر من خالل هذا أن املنهج يف اللغة هو الطريق الواضح و املستقيم الذي يسلكه .اإلنسان، ويوضحه ، و يبينه لغريه ، فيسلك مسلكه

--------------------

.الفريوزأبادي ، املصدر السابق -1

السيوطي ، ). هـ735(عثمان بن حيى ، ابن منظور ، كان صدرا يف علماء بلده ، برز يف الفقه و العربية ، ت -2 . 2/136بغية الوعاة يف طبقة النحاة ، ج

.1930/1970، دار الناشر ، جنوب إفريقيا ، 1األعظمي ، ط:،حتقيق5/434:أخرجه عبد الرزاق يف املصنف -3

.3/383م، ج1992/هـ1412در، لبنان، ، دار صا1لسان العرب ، ط -4

Page 24: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

".املنهج" املعىن االصطالحي لكلمة: املطلب الثاين

الخيتلف مدلول كلمة املنهج يف االصطالح عن مدلوهلا اللغوي ، حيث يعرف علماء الطريق املؤدي إىل الكشف عن احلقيقة يف العلوم بواسطة طائفة من "املناهج املنهج بأنه ، يمن على سائر العقل ، و حتدد عملياته الفكرية ، حىت يصل إىل نتيجة القواعد العامة

)1(".معلومة

الطريقة أو األسلوب الذي ينتهجه العامل يف حبثه أو دراسة مشكلته و الوصول إىل "أو هو )2(".حلول هلا، أو إىل بعض النتائج

فيظهر من خالل هذين التعريفني املتقاربني أن املنهج ميثل جمموعة من القواعد العلمية اليت .يضعها أهل كل علم من أجل الوصول إىل املعرفة الصحيحة

إذ تصبح هذه القواعد طريقا واضحة يسلكها الباحث للوصول إىل املعرفة و النتائج اليت فن ، وال ميكن الوصول إىل هذه القواعد إال بالنظر يف وصل إليها األوائل يف هذا العلم وال

.السبل اليت سلكها هؤالء العلماء أنفسهم يف الوصول إىل املعرفة و احلقيقة كل يف ميدانه

مبثابة من يقوم بإشعال الشمعة أوال مث بضوء هذه الشمعة ينكشف لنا :" فاملنهج كما يقال )3(".يةالطريق الذي علينا أن نسلكه حىت النها

--------------------

.05م ، ص1977، وكالة املطبوعات ، الكويت ، 3عبد الرمحن بدوي ، مناهج البحث العلمي ،ط -1

عبد الفتاح حممد العيسوي و عبد الرمحن حممد العيسوي ، مناهج البحث العلمي يف الفكر اإلسالمي و الفكر -2 .12ص ط ،.، د1996احلديث، دار الراتب اجلامعية ،

.07عبد الرمحن بدوي ، املصدر السابق ، ص-3

Page 25: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

واملنهج هو امليزان الذي تقاس به قيمة املعرفة ، فقد تكون املعرفة ذات قيمة علمية عالية أو منعدمة ، أو تتأرجح بني هذين الطرفني املتعارضني ، و يبدو أن احلد الفاصل بني املعرفة

صراحة أو -كتابات يف مناهج البحوث العلميةالعلمية و األخرى كما يقول لسان حال الهو وجود منهج جيد للوصول إىل تلك املعرفة بالنسبة للمعرفة العلمية ، و يقابله - تلميحا

.غياب املنهج اجليد بالنسبة للمعرفة غري العلمية

فاملنهج يتيح لنا فرصة التحقق من مصداقية املعرفة اليت حصلنا عليها ، أما يف حال غياب املنهج فال تكون لدينا مثل هذه الفرصة ، و بقدر ما يكون املنهج متقنا و حمددا تكون املعرفة

.علمية أكثر

:و يشترط يف املنهج اجليد للحصول على املعرفة ذات القيمة العلمية ما يلي

وضوح الطريقة اليت مت مبوجبها حتليل املادة العلمية ، أو معاجلتها ، و من مث استنتاج : أوال .املعرفة منها، أو احلصول على اخلالصة منها

إمكانية تطبيق هذه الطرق من الباحثني اآلخرين الختبار درجة ثباا ، و مصداقيتها ، : ثانيا )1(.ئج متقاربةإلعادة تطبيق املنهج نفسه و اخلروج بنتا

--------------------

،1415/1994، مؤسسة الرسالة ، سوريا ، 1ط سعيد إمساعيل صيين ، قواعد أساسية يف البحث العلمي ، -1 .21-20ص

Page 26: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أنواع مناهج البحث يف العلوم الشرعية: املطلب الثالث

خيتلف تصنيف مناهج البحث من دارس آلخر ، إما بسبب اختالف ااالت العلمية اليت درست يف إطارها ، كما هو الشأن بالنسبة ملناهج البحث األديب مع مناهج البحث

، و إما بسبب تبين بعض الدارسني ملناهج منوذجية ...االجتماعي ، أو النفسي ، أو العلمي ناهج األخرى جزئية متفرعة عن املناهج النموذجية ، كما قد يعترب رئيسية ، و اعتبار امل

)1(.بعض املناهج جمرد أدوات ، أو أنواع للبحث و ليس مناهج -أو غريهم-هؤالء

بشيء من -و أما مناهج البحث املرتبطة مبجال العلوم الشرعية و الدينية فيمكن حصرها )2(:يف أربعة مناهج وهي -التجاوز

: املنهج التوثيقي -1

وهو طريقة حبث دف إىل تقدمي حقائق التراث العريب و اإلسالمي ، مجعا أو حتقيقا أو تأرخيا ، و يفيد هذا النوع من املناهج يف رصد تاريخ العلوم الشرعية و املراحل اليت مرت ا

:يف نشأا ، ومير البحث ذه الطريقة عرب مراحل أربعة وهي

.تقراء التام للمادة العلمية يف مظاااالس -أ

.تصنيف املادة العلمية- ب

توثيق املادة العلمية بدراسة أسانيدها ، و صحة نسبة النص أو الوثيقة إىل صاحبها ، مث -جـ .دراسة متوا ، أي نقد حمتوى النص أو الوثيقة

--------------------

.227ص ،1996، املكتبة األكادميية ، مصر ، 9ط أمحد بدر ، أصول البحث العلمي و مناهجه ، ،-1

.65،ص 1417/1997،دار الفرقان ،املغرب،1فريد األنصاري ،أجبديات البحث يف العلوم الشرعية، ط-2

Page 27: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(:املنهج احلواري -2

وهو املنهج الذي يقوم على دراسة التفاعل احلاصل بني القضايا العلمية ، من حيث رصد وهلذا املنهج أو االئتالف ، أو التقابل و التناظر بني قضيتني أو أكثر ،عالقات االختالف ،

:ثالثة طرق

وهي اليت دف إىل إبراز مواطن اخلالف أو الوفاق بني قضيتني أو عدة : الطريقة املقارنة-أ ....األصولية ، أو الفقهية ، أو احلديثية: قضايا ، مع تفسري ذلك و تعليله ، يف شىت ااالت

ودف إىل دراسة العالقات التأثريية ، أو التأثرية ، أو كالمها معا ، يف : طريقة التفاعل- ب .....القضايا العلمية ، كمحاولة تبيني أثر النقد احلديثي يف العلوم اإلسالمية

وهي تقوم على صراع املتناقضات الفكرية ، دف جتاوز الغالب : الطريقة اجلدلية-جـ .منها للمغلوب

وهو منهج يقوم على دراسة اإلشكاالت العلمية املختلفة ، تفكيكا ، )2(:املنهج التحليلي-3التفسري ، النقد ، : أو تركيبا ، أو تقوميا ، فاملنهج التحليلي يقوم على عمليات ثالث هي

.االستنباط

بدو بصورة معناه شرح املادة العلمية ، بتحليل نصوصها ، و تأويل مشتبهاا ، لت: فالتفسري .واضحة متكاملة

--------------------

.95-90فريد األنصاري ، املصدر السابق ، ص-1

.100-96املصدر نفسه ، ص-2

Page 28: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهو عملية رصد ملواطن اخلطأ و الصواب ، يف موضوع علمي معني ، يستند فيها : والنقد الباحث إىل األصول و الثوابت العلمية املقررة ، يف جمال العلم الشرعي الذي ينتمي إليه

.املوضوع ، و ذلك من أجل تقومي و تصحيح بعض املفاهيم و القضايا املتعلقة به

كل عمل يهدف إىل وضع نظرية علمية ، أو تركيبها ، أو دراسة فهو: و أما االستنباط .إشكال من اإلشكاالت النظرية

)1(:املنهج الوصفي-4

هو منهج تقريري ، تقدم فيه املادة العلمية كما هي يف الواقع ، بال تعليل أو تفسري ، و املوضوعات أو يكون يف اية املطاف عبارة عن دليل علمي ، يهدي إىل القضايا أو

املصطلحات أو اإلشكاالت العلمية فيصفها كما أو كيفا ، أو مها معا ، بطريقة منهجية ، .صورة العرض ، أو صورة التكشيف و الفهرسة: تتخذ يف الغالب إحدى صورتني

و اجلدير باملالحظة أن املناهج العلمية و إن اختلفت يف التفاصيل فإا تشترك يف مسات وهذا يعتمد على درجة التشابه أو االختالف يف املشكالت املراد دراستها من زوايا كثرية ،

حمددة ،كما أن الفصل بني هذه املناهج يف عملية البحث أمر غري ممكن ، فهي كلها يف )2(.الواقع خطوات خمتلفة يف منهج واحد عام

ه املناهج ، و فمن خالل عرض هذ" النقد:" وأما فيما يتعلق مبوضوع دراستنا وهو منهجا منفردا يف البحث يكون هدفه الوقوف " النقد" االختالف يف تصنيفها ، ميكن أن نعد

--------------------

.65املصدر السابق ، ص-1

.16عبد الرمحن بدوي ، مناهج البحث العلمي ، ص-2

Page 29: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ج سواء الوصفية ، على األخطاء و تقوميها و ترشيدها ، كما ميكن تصنيفه ضمن بقية املناهأو التوثيقية ، أو احلوارية ، أو التحليلية ، إذ حتتاج هذه املناهج يف كل خطواا إىل النقد

.كخطوة أو أداة حبث

وهذا كله يؤكد أمهية النقد إن اعتربناه منهجا مستقال ، أو أمهيته كأداة حبث إن جعلناه .ضمن املناهج األساسية

Page 30: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مفهوم النقد: املبحث الثاين

".النقد"املعىن اللغوي لكلمة: املطلب األول

يف اللغة للداللة على عدة معان ، نذكر منها ما له صلة باملعىن " النقد"تستعمل كلمة :االصطالحي للكلمة

نقد الرجل :" على تفحص الشيء و النظر إليه ، قال ابن منظور" النقد"فتطلق كلمة اختلس النظر حنوه ، و مازال فالن ينقد الشيء بعينه ، : الشيء بنظره ينقده نقدا و نقد إليه

)1(".وهو خمالسة النظر لئال يفطن له

:" هاره ، قال ابن منظوروتستعمل الكلمة أيضا يف تقشري الشيء ، و الكشف عنه ، و إظ )2(".النقد تقشر يف احلافر و تأكل يف األسنان

متقشر ، و النقد يف :النقد يف احلافر وهو تقشره ، تقول حافر نقد:"أبادي قال الفريوز )3(".تكسره وذلك بتكشف ليطه عنه:الضرس

، ]و معرفة أحواله الختباره [ونقد الشيء ينقده نقدا إذا نقره بإصبعه كما تنقر اجلوزة )4(].ليكشف عما وراءه من أمن أو خوف[ ونقد الطائر الفخ مبنقاره أي ينقره

--------------------

.3/425لسان العرب ، ج -1

.3/426املصدر نفسه ، ج -2

.5/467معجم مقاييس اللغة ، ج -3

.3/426ابن منظور ، املصدر السابق ج -4

Page 31: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

نقد الدراهم ، وذلك : ومن الباب:" أبادي متييز اجليد من الرديء ، قال الفريوز" النقد"و )1(".عن حاله يف جودته أو غري ذلك بأن يكشف

)3(".ونقدت الدراهم وانتقدا ، إذا أخرجت منها الزيف:" )2(وقال الرازي

:زيف منها ، أنشد سيبويهمتييز الدراهم و إخراج ال: و النقد و التنقاد :" قال ابن منظور

)4(".تنفي يداها احلصى يف كل هاجرة نفي الدنانري تنقاد الصياريف

إظهار عيوب الشيء ، ومنه ذكر معايب اإلنسان ، و يف حديث أيب الدرداء أنه " النقد"و )5(".إن نقدت الناس نقدوك ، و إن تركتهم تركوك:" قال

)6(.وك مبثلهعبتهم و اغتبتهم قابل: معىن نقدم

)7(.مناقشة األمر ، تقول ناقدت فالنا إذا ناقشته يف األمر" النقد"و

--------------------

.5/467معجم مقاييس اللغة ، ج-1

. 2/05ج:بغية الوعاة).هـ660(مشس الدين ، أبو بكر حممد بن أيب بكر الرازي ، لغوي ، حنوي ، ت -2

.345، ص1986لبنان ، لبنان ، خمتار الصحاح يف اللغة ، مكتبة -3

.3/425لسان العرب ، ج -4

م، 1995/هـ1415حمب الدين أيب سعيد العمري، دار الفكر، لبنان، :رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، حتقيق -5 .179-47/178ج

. 5/87ط ، ج.، د2008/ 1429ابن األثري ، النهاية يف غريب احلديث ، املكتبة العصرية ، لبنان ، -6

.345خمتار الصحاح يف اللغة ، ص -7

Page 32: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املعىن االصطالحي للنقد: املطلب الثاين

اجتهد الباحثون يف جمال املناهج العلمية لوضع تعريف حيدد مفهوم النقد ، و تنطلق خمتلف هذه التعريفات يف حتديد مفهوم النقد من خالل بيان وظيفته ، اليت هي احلكم على

.نه و عيوبه ، بعد دراسته و تفحصهالشيء من خالل إظهار حماس

التعبري املنطوق أو املكتوب من متخصص يطلق عليه اسم الناقد " فمن التعريفات للنقد أنه عن سلبيات و إجيابيات أفعال ، أو إبداعات ، أو قرارات يتخذها اإلنسان أو جمموعة من البشر يف خمتلف ااالت من وجهة نظر الناقد ، كما يذكر مكامن القوة و الضعف فيها ،

و خمتلف ااالت ...حللول أحيانا ، ويكون النقد يف جمال األدب ، و السياسة ،وقد يقترح ا )1(".األخرى

النظر يف كالم اآلخرين و أقواهلم أو أفعاهلم ، و متييز الصحيح منها من :" وعرف النقد بأنه )2(."غريه ، حبسب نظر الناقد ، يف القضايا الشائعة و املنتشرة يف خمتلف جماالت حياة الناس

النظر يف األقوال و األفعال ، و متييز صحيحها و حسنها من سقيمها :" وعرف كذلك بأنه )3(".و معيبها، و إخراج الزيف منها ، و اإلبقاء على الصحيح احلسن

بيان أوجه احلسن و العيب يف شيء من األشياء بعد فحصه و :" ومن تعريفاته أيضا )4(".دراسته

--------------------

http://ar.wikipedia.org/wiki :موقع املوسوعة احلرة ويكيبيديا -1

املصدر -3 .01، ص17إمساعيل حريري ، النقد مفهومه و مشروعيته ، جملة اللقاء ، هيئة علماء بريوت ، العدد -2 .45، ص2013، 195عائشة العاجل ، النقد و حكاية الذات ، جملة الرافد ، قطر ، ع-4. 02نفسه ، ص

Page 33: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

عملية رصد ملواطن اخلطأ و :" وبعد عرض هذه التعريفات ميكن أن نعرف النقد بأنه الصواب ، يف موضوع علمي معني ، بعد دراسته و فحصه ، يستند فيه الباحث إىل األصول و الثوابت العلمية املقررة يف جمال العلم الذي ينتمي إليه هذا املوضوع ، وذلك من أجل

)1(".فاهيم املتعلقة بذلك املوضوعتقومي و تصحيح بعض امل

فمن خالل هذه التعريف و التعريفات السابقة يتبني لنا أن النقد يتوجه إىل كل إنتاج ، وال ....موقف ، كالم ، مشروع ، تأليف : بشري اجتهادي يعتريه النقص و اخلطأ مثل

.ميكن أن يتوجه إىل الوحي اإلهلي ألنه معصوم عن ذلك

وال يكون النقد إال بعد دراسة و متحيص للموضوع ، فليس وليد رؤية سطحية ، كما أنه .البد أن يكون من شخص متخصص يف ذلك العلم يعرف أصوله و قواعده

و بالرجوع إىل املعىن اللغوي لكلمة النقد جند ترابطا واضحا بينه و بني املعىن .ة النقد مراحله ووظيفته االصطالحيةاالصطالحي؛ إذ تشكل املعاين اللغوية لكلم

:فعملية النقد تتطلب

.تفحص ودراسة املوضوع املراد نقده و النظر إليه-1

.الكشف عن املوضوع و تشرحيه من مجيع جوانبه-2

. إظهار النقائص و العيوب املوجودة فيه -3

.و تصحيحها املناقشة العلمية هلذه األخطاء و العيوب باحلجج و الرباهني لتقوميها -4

--------------------

مع بعض التصرف.98فريد األنصاري ، أجبديات البحث يف العلوم الشرعية ، مصدر سابق ،ص -1

Page 34: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مهارة : ومن خالل هذه املراحل يتضح أن عملية النقد تتطلب جمموعة مهارات تتمثل يف )1(.التحليل ، التركيب ، التقومي ، االستنتاج ، التفسري

التايل عملية مركبة تقوم على أساس املالحظة والفحص الدقيق ملوضوع املناقشة ، فهو ب وما يتبعها من حتليل و تفسري و تركيب ، مث تقييم هذه املوضوع للوصول إىل جوانب اخلطأ

.و اخللل ، مث احلكم عليه بطريقة منطقية سليمة

وقوف عليها ، و إمنا اهلدف وليس الغرض من النقد بيان العيوب و األخطاء فقط ، و ال .منه التقومي أيضا ، و تصحيح املفاهيم اخلاطئة

--------------------

.30،ص2005/هـ1426، )18(خالد بن أمحد بوقحوص ، التفكري الناقد ، جملة جامعة امللك سعود ، العدد -1

Page 35: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أنواع النقد و أمهيته:املطلب الثالث

)1(:يقسم الباحثون النقد يف العلوم إىل قسمني

وهو الذي يتعلق بدراسة نسبة الوثائق التارخيية ، أو األقوال إىل أصحاا، :النقد اخلارجي-1 .لتحديد مدى صحتها

وهذا النوع من النقد هو املعروف يف الدراسات اإلسالمية بنقد األسانيد ، وقد أبدع .النقد من خالل بيان القواعد الدقيقة هلذا الفناحملدثون يف هذا النوع من

وهو الذي يهتم بتحليل النصوص و الوثائق نفسها ، و مقابلة ): الباطن(النقد الداخلي-2 .بعضها ببعض

وهذا النوع من النقد يعرف يف الدراسات اإلسالمية بنقد املنت ، و قد وضع احملدثون و . يضااألصوليون القواعد اخلاصة ذا الفن أ

وأما عن أمهية النقد يف العلوم ، فالنقد عملية تقوميية تعترب خامتة لعمليات املعرفة و الفهم و .االستنتاج، و لذلك جند الدراسات النقدية يف العلوم تأيت يف املرحلة األخرية لكل علم

األفراد ، و إن أطوار العلوم يف األمة تشبه أطوارها يف:" يقول األستاذ الطاهر بن عاشور :ذلك أن العلم يف األمة كما هو يف الفرد له أربعة أطوار

طور احلفظ و التقليد و القبول للمسائل من غري انتساب بعضها من بعض وال تفكر : األول .يف غاياا بل لقصد العمل ا

--------------------

.205ص ،1403/1983املطابع األمريية ،مصر،جممع اللغة العربية ، املعجم الفلسفي ،اهليئة العامة لشؤون -1

Page 36: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.طور انتساب بعضها من بعض و تنويعها و االنتفاع ببعضها يف بعض: الثاين

.طور البحث يف عللها و أسرارها و غاياا: الثالث

)1(.احلكم عليها باعتبار تلك العلل بالتصحيح و النقد وهو طور التضلع و التحرير: الرابع

)2(:ء النقد أحد مقاصد التأليف يقول الناظمولذلك جعل العلما

لكل لبيب يف النصيحة خالص أال فاعلمن أن التآليف سبعة

فشرح إلغالق، و تصحيح خمطئ وإبداع حرب مقدم غري ناكص

وتقصري تطويل ، وتتميم ناقص وترتيب منثور ، ومجع مفرق

ألمهية الكبرية يف كل جماالت احلياة و خباصة اال و النقد يعترب من أمناط التفكري ذات ا العلمي ، فممارسته تساعد على مواجهة كل معوق وقف حجر عثرة ، و يسهم يف التقدم

.العلمي و الثقايف ، كما يعصم من الزلل و اخلطأ يف إصدار األحكام

معينة حىت وهو يتصدى لآلراء فيفحص مسلماا و حججها ، و يقومها باستخدام معايري ، ففيه تقومي دقيق للموضوع ، و احلكم على مصداقية نستطيع الوقوف على الصاحل و الطاحل

املصدر ، وحتديد األسباب و النتائج ، و التفتح الذهين ، و احلصول على معلومات سليمة ، .و تنمية القدرة على الدفاع عن املواقف يف موضوعية

--------------------

.37/38،ص1427/2006، دار السالم ، القاهرة ، 1بن عاشور ، أليس الصبح بقريب ، طالطاهر -1

م 1942/هـ1361مصطفى السقا ، مطبعة جلنة التأليف و النشر ، القاهرة ، :املقري ، أزهار الرياض ،حتقيق-23/35.

Page 37: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و النقد وسيلة من وسائل حترير األفكار ، وهو املطور للعلوم و املكمل للمعارف ، و العني الفاحصة ، و اللسان الناصح ، و ممارسته بصورته اإلجيابية خيلق الروح اإلصالحية الساعية

.إىل التنمية على كافة أصعدة احلياة ، و التحلي به من مسات أهل النظر و التجديد

Page 38: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مفهوم الفقه: املبحث الثالث

".الفقه " املعىن اللغوي لكلمة : املطلب األول

الفاء و القاف و اهلاء أصل واحد :" الفقه يف لغة العرب الفهم و العلم ، قال ابن فارس )1(".صحيح يدل على إدراك الشيء و العلم به

)2(".الفهم له ، و الفطنةالفقه بالكسر العلم بالشيء ، و :" وقال ابن منظور

[ ) ليتفقهوا في الدين(:علمه ، قال اهللا عز وجل: علمه ، وفقهه و أفقهه : وفقه الشيء

البن عباس -صلى اهللا عليه وسلم- أي ليكونوا علماء به ، ودعا النيب ] التوبة:سورة-122:اآليةفهمه تأويله و معناه ، وكل عامل بالشيء أي )3(" اللهم علمه الدين و فقهه التأويل:" فقال

)4(".فهو فقيه

فمدار كلمة الفقه يف لغة العرب على الفهم و العلم ، ال يفرقون يف هذا بني كالم و كالم و علم و علم ، وكل من علم علما فهو فقيه يف ذلك العلم ، و الذي أحاط بعلوم كثرية

)5(.فذلك هو فقيه العرب و عاملها

--------- -----------

.4/442معجم مقاييس اللغة ، ج-1

.13/522لسان العرب ، ج -2

.11/282ج:أمحد شاكر ، و البزار يف املسند:حتقيق.5/41ج: رواه اإلمام أمحد يف املسند-3

.13/522لسان العرب ، ج -4

.11صهـ ، 1982/1402، 1تاريخ الفقه اإلسالمي ، دار الفالح ، الكويت ،ط سليمان األشقر، -5

Page 39: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أن الفقه غري العلم ، وقول ) 1(وهذه النقول عن أئمة اللغة ترد قول بعض األصوليني البعض اآلخر أن الفقه فهم األمور اخلفية دون الواضحة ، حيث مل يرد يف كالم العرب هذه

.الفروق

والقرآن يؤكد استعمال هذه الكلمة يف مطلق الفهم ، قال اهللا عزوجل على لسان موسى .يفهموه: أي ،]طه"سورة- 27/28:اآلية[)و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي(:يف دعائه

سورة - 91:اآلية[)قولقالوا يا شعيب ما نفقه كثريا مما ت:(وقال على لسان قوم شعيب

.ال نفهمه: ، أي]هود

]الكهف:سورة-78:اآلية[).فمال هؤآلء القوم لا يكادون يفقهون حديثا:(وقال تعاىل

]الكهف:سورة - 93:اآلية[).لا يكادون يفقهون قولا(:وقال أيضا

ولعل الذي دفع بعض األصوليني إىل هذا هو االستعمال العريف للكلمة إذ بعد جميء على علم الدين لسيادته و شرفه و فضله على سائر أنواع العلم ، "اإلسالم غلب اسم الفقه

وقد جعله العرف خاصا : كما غلب النجم على الثريا و العود على املندل ، قال ابن األثري )2(".، شرفها اهللا تعاىل، و ختصيصا بعلم الفروع منهابعلم الشريعة

--------------------

.ومنهم ابن القيم و أبو إسحاق الشريازي و اآلمدي والفخر الرازي -1

.13/523لسان العرب ، ج -2

Page 40: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

".الفقه"املعىن االصطالحي لكلمة : املطلب الثاين

سبق أن كلمة الفقه وردت يف القرآن على أصلها اللغوي وهو مطلق الفهم و العلم دون تقييد أو ختصيص ، إال أن استعماهلا يف السنة النبوية وأقوال الصحابة و التابعني و أتباع التابعني أعطاها مدلوال خاصا نقلها به من حقيقتها اللغوية إىل حقيقة شرعية وهي علم

.الدين

فإنه ينصرف يف عرفهم إىل علم الدين دون " الفقه"ذا أطلق علماء الصدر األول اسم فإ –غريه من العلوم ، و كان علم الدين يف ذلك الوقت يتمثل يف كتاب اهللا و سنة رسوله

، و الفقهاء هم أصحاب البصرية النافذة يف دين اهللا ، الذين فهموا - صلى اهللا عليه و سلم .- اهللا عليه و سلم صلى- عن اهللا ورسوله

نضر اهللا امرىء مسع منا حديثا فحفظه :"-صلى اهللا عليه وسلم-فقد جاء يف احلديث قوله )1(".حىت يبلغه، فرب حامل فقه إىل من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غري فقيه

والتأمل يف احلديث يدلنا على أن الفقيه هو صاحب البصرية يف دين اهللا الذي خلص إىل معاين النصوص و استطاع أن خيلص إىل األحكام و العرب و الفوائد اليت حتويها النصوص ،

أي أقدر منه على التعرف على مراد " أفقه منه"-صلى اهللا عليه وسلم-يدل على ذلك قوله )2(.تشريعاته اهللا و أحكامه و

أي ليس عنده القدرة على استخالص األحكام و العلم الذي تضمنته " ليس بفقيه"وقوله

--------------------

.حسن صحيح:وقال)2657:، رقم5/34(و الترمذي) 4157:، رقم1/436(أخرجه أمحد -1

.12األشقر ، املصدر السابق ، ص -2

Page 41: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النصوص

)1(".من فقه الرجل أن يقول ملا ال يعلم اهللا أعلم:" -لمصلى اهللا عليه وس-ومن ذلك قوله

)2(".إن طول صالة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه:" -صلى اهللا عليه وسلم- وقوله

على لسان الصحابة و التابعني و أتباع التابعني ، فقد " الفقه"وهكذا ورد استعمال كلمة احلج يف أمر مهم فقال له عبد الرمحن بن أن خيطب يف موسم -رضي اهللا عنه–أراد عمر

إن املوسم جيمع رعاع الناس و غوغاءهم ، و إين أرى أن متهل حىت تقدم :" عوف )3(".وختلص ألهل الفقه.....املدينة

)5(".أخربين رجل من األنصار من أهل الفقه:" قال )4(ويف املسند عن الزهري

فقهاء أرضنا إال يسلمون يف كل ثنتني من ما أدركت :" )6(وقال حيىي بن سعيد األنصاري

--------------------

.1/381:، و أمحد يف املسند2798:رواه مسلم ، كتاب صفة القيامة و اجلنة و النار ، باب الدخان ، رقم-1

.4/263:، و أمحد يف املسند869:رواه مسلم ، كتاب اجلمعة ، باب ختفيف اخلطبة و الصالة ، رقم-2

.7/310، ج3928:رقم- صلى اهللا عليه وسلم املدينة-كتاب مناقب األنصار ، باب مقدم النيب البخاري ،-3

حممد بن مسلم بن عبد اهللا بن شهاب ، أبو بكر ، اإلمام العلم ، حافظ زمانه ، تابعي ، من أهل املدينة ، روى عن -4اء ، و أول من دون احلديث ، تويف سنة هـ، أحد أكابر احلفاظ و الفقه50ابن عمر و جابر بن عبد اهللا ، ولد سنة

.349_5/326:سري أعالم النبالء.هـ124

.1/06:مسند أمحد-5

حيىي بن سعيد بن قيس بن عمرو ، أبو سعيد األنصاري اخلزرجي ، اإلمام العالمة اود ، عامل املدينة يف زمانه ، و -6سري أعالم .، و شعبة ، ومالك ، و الثوري ، واألوزاعي شيخ عامل املدينة ، وتلميذ الفقهاء السبعة ، روى عنه الزهري

.481-5/468:النبالء

Page 42: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".النهار

وقد كان الفقه عند أهل الصدر األول فقها شامال للدين كله ، غري خمتص جبانب منه ، وقد كان الفقيه عندهم يعىن باألصول قبل الفروع ، ويعىن بأعمال القلوب قبل أعمال

معرفة :" ا اإلطالق حىت عصر اإلمام أيب حنيفة فإنه عرف الفقه بأنه األبدان ، وظل هذ، فالفقه " الفقه األكرب"ولذلك مسى ورقات وضعها يف العقيدة باسم" النفس ما هلا وما عليها

يف ذلك العهد كان يشمل علم العقيدة، و أحكام الفروع ، و األخالق ، يقول ابن ون بأحكام اهللا تعاىل اعتقادا و عمال ، ألن تسمية علم املراد بالفقهاء العامل:" )2(عابدين

)3(".الفروع فقها حادثة

فكانت كلمة الفقه من الصدر األول إىل عصر نشأة املذاهب عامة يف داللتها على كل )4(.، فالفقه يعين الشريعة و الدين"الدين"و كلمة " الشريعة"األحكام الشرعية مرادفة لكلمة

ح تغري إطالقه بعد هذا العصر ، ملا بدأت العلوم تتمايز و يستقل بعضها لكن هذا املصطل عن بعض فضاقت دائرة الفقه ، ودخل التخصيص على ذلك اإلطالق العام الذي مشل كل األحكام ، فأصبح خاصا باألحكام الشرعية العملية املكتسبة من أدلتها التفصيلية سواء من

.حيث فهمها ، أو إطالق االسم عليها

--------------------

.3/58البخاري ، كتاب التهجد ، باب ما جاء يف التطوع مثىن مثىن ،ج-1

هـ ، وتويف 1198حممد أمني بن عمر ، املعروف بابن عابدين ، الدمشقي ، إمام احلنفية يف عصره ، ولد سنة -2 . 6/42الزركلي ، األعالم ، .هـ1252سنة

.1/33هـ، 1272ة املصرية ، ، املطبع1حاشية ابن عابدين ، ط-3

.15-14األشقر ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، ص-4

Page 43: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

بعد الصدر األول اختص علم الفقه باستنباط األحكام الشرعية :" )1(يقول صدر الشريعة العملية من أدلتها التفصيلية بطريق العموم و الشمول ، أو بطريق االستتباع ، فتصرفوا فيه

)2(".تحويلبالتخصيص ال بالنقل و ال

ولذلك جند تعريفات العلماء للفقه بعد هذا العصر ختصه بعلم الفروع العملية ، وهكذا .كانت مصنفام الفقهية خاصة ذا اجلانب من علوم الشريعة

العلم احلاصل جبملة من األحكام الشرعية الفروعية :" الفقه بقوله )3(فقد عرف اآلمدي )4(".بالنظر و االستدالل

)6(".العلم باألحكام الشرعية العملية املكتسب من أدلتها التفصيلية:" بأنه )5(السبكي وعرفه

--------------------

عبيد اهللا بن مسعود بن تاج الشريعة ، امللقب بصدر الشريعة األصغر ، ولد يف خبارى من أسرة أصيلة يف العلم ، -1 .4/197الزركلي،األعالم،.هـ747مؤلفات كثرية ، تكان فقيها ، أصوليا ، متكلما ، حنفي املذهب ، له

، دار الكتب العلمية ، لبنان ، 1زكريا عمريات ، ط: التوضيح يف حل غوامض التنقيح ، حتقيق-2 .1/78م ، 1996/هـ1416

هـ ، كان حنبليا ، مث 551أبو احلسن سيف الدين علي بن أيب علي اآلمدي ، الثعليب ، أصويل ، ولد بآمد سنة -3حتول إىل املذهب الشافعي ، تفنن يف أصول الدين و أصول الفقه ، رحل إىل مصر ، مث إىل الشام ، وتويف ا سنة

.4/332الزركلي، األعالم،.هـ631

.1/20م، 2003/هـ1434،دار الصميعي،السعودية،1عبد الرزاق عفيفي،ط:اإلحكام يف أصول األحكام،حتقيق-4

هـ، مث رحل إىل 727الدين السبكي ، فقيه شافعي ، أصويل ، ولد بالقاهرة سنة تاج الدين عبد الوهاب بن تقي -5 .185-4/184:األعالم.هـ، له مؤلفات كثرية771دمشق وتويف ا سنة

م، 2002/هـ1424، دار الكتب العلمية ، لبنان ، 2عبد املنعم خليل ، ط:مجع اجلوامع يف أصول الفقه ، حتقيق-6 .13ص

Page 44: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

طالحي اجلديد خرجت من مفهوم الفقه األحكام االعتقادية و األخالقية وذا املعىن االص .و صار مدلوله مقصورا على األحكام العملية ، أي العبادات و املعامالت

يف مدلوهلا كل األحكام " الفقه"واصطلح املتأخرون من الفقهاء على أن تشمل كلمة وته و داللته ، أو النظر و االجتهاد ، أو العملية سواء كان طريق العلم ا النص القطعي يف ثب

)1(. التخريج و الترجيح على قواعد األئمة

--------------------

م ، 1999/هـ1420حممد الدسوقي ، أمينة جابر ، مقدمة يف دراسة الفقه اإلسالمي ، دار الثقافة ، قطر ، -1 .54-53ص

Page 45: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أدوار الفقه اإلسالمي: املطلب الثالث

درج الباحثون يف تاريخ الفقه اإلسالمي ، على تقسيم حياة التشريع اإلسالمي إىل أدوار متعددة ، تبعا لتطوره من بناء و تأسيس ، فانتشار و تفريع ، فازدهار و توسيع ، مث مجود و تقليد ، إىل ضة و جتديد ، أو تبعا للعصور اليت عرفها كل دور حسب األحداث السياسية

.تماعية اليت كان هلا التأثري العميق على سري الفقهو االج

ولذلك كان تقسيم الباحثني هلذه األدوار خمتلفا باختالف مناهجهم يف الكتابة ، فمنهم من قصرها على ثالثة أدوار ، و منهم من يراها أربعة ، و منهم من عددها مخسة ، أو ستة ، بل

.لقد أوصلها بعضهم إىل سبعة أدوار

ملراعى يف تقسيم هذه األدوار إمنا هو املميزات الغالبة و احلالة العامة اليت تكون عليها و ا :، وقد اخترنا تقسيم الفقه إىل ستة أدوار وهي)1(تلك الفترة من تاريخ الفقه و أهله

:دور النشأة و التأسيس-1

ور هو يف هذا الد -صلى اهللا عليه وسلم–وهو ميثل عصر النبوة ، حيث كان الرسول املرجع الوحيد ملعرفة األحكام الشرعية ، فكان الفقه يف هذا العصر هو فقه الوحي فقط ،

، )أي القرءان(بلفظها و معناها -صلى اهللا عليه وسلم-تترتل فيه األحكام الشرعية على النيب ، )2(بتبليغها للناس -صلى اهللا عليه و سلم- ، ويقوم النيب) أي السنة( أو مبعناها فقط

--------------------

).35(ص ت ،.ط ، دار النهضة ، لبنان ، د.بدران أبو العينني ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، د-1

.1/17م ، ج2010/ه1431، دار ابن حزم، لبنان ، 1إلياس دردور ، تاريخ الفقه اإلسالمي، ، ط-

).108(ص ت،.ط ،د.مر بن اخلطاب ، مصر ، دعبد الكرمي زيدان ، املدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية، ، دار ع-2

Page 46: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فكانت هذه مرحلة نشأة الفقه اإلسالمي و تأسيسه ، و اكتمال مصادره الكربى وهي .القرءان و السنة النبوية

:دور التطور و االزدهار-2

وهو ميثل عصر اخللفاء الراشدين إىل سقوط الدولة األموية ، حيث بدأ الفقه بالنمو و واجهوا - صلى اهللا عليه وسلم-هذا الدور ، ذلك أن الفقهاء بعد وفاة النيباالتساع يف

، نتيجة للحروب -صلى اهللا عليه وسلم-وقائع و أحداثا مل يكن هلم ا عهد يف حياة النيباليت وقعت و ما نتج عنها من قضايا و عالقات بني املسلمني و غريهم يف أثناء احلرب و

سالمية و ما ترتب عنها من اتصال املسلمني بأهل تلك البالد، بعدها ، كذلك الفتوحات اإلولكل بلد أعرافه و عاداته و نظمه ، كل هذا أدى إىل ظهور مسائل و قضايا جديدة تستلزم

، فكان البد من االجتهاد و القياس ، وهو ما قام به الصحابة حيث )1(معرفة حكم اهللا فيها اتفقوا و رمبا اختلفوا يف حكمها ، فظهر بذلك املصدر الثالث اجتهدوا يف هذه املسائل فرمبا .من مصادر الفقه وهو اإلمجاع

وعلى ج الصحابة يف الفقه و استنباط األحكام سار التابعون من بعدهم ، ألم تلقوا عنهم، إال أن دائرة االختالف بني الفقهاء بدأت تتسع ، حيث متايزت مناهج االجتهاد ،

ستان مها قطب االجتهاد يف هذا الدور ، أعين مدرسة احلديث و مدرسة وظهرت مدر .الرأي

:دور الكمال و االستقرار -3

--------------------

).118(عبد الكرمي زيدان ، املصدر السابق ، ص -1

Page 47: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يبدأ هذا الدور من أوائل القرن الثاين و ميتد إىل منتصف القرن الرابع ، وقد منا الفقه يف هذا الدور منوا عظيما ، و ازدهر ازدهارا عجيبا ، و نضج نضوجا كامال ، وصار بناؤه شاخما ، وعلمه متميزا عن غريه ، قائما بذاته، و آتى مثارا طيبة للناس ، وزود الدولة

.مية باألحكام القانونية لتنظيم خمتلف أمورهااإلسال

ففي هذا الدور ظهرت املذاهب الفقهية ، و متيزت معاملها ، ووضحت اجتاهاا ، وصار لكل مذهب أتباع ينشرون آراءه ، و ينهجون جه ، ودون الفقه ، وضبطت قواعده ،

نباط وقواعد ومجعت أشتاته، و ألفت الكتب يف مسائله ، كما ضبطت أصول االست )1(.استخراج األحكام يف علم خاص وهو علم أصول الفقه

:دور الضعف و التقليد-4

بعد هذه العصور الزاهرة للفقه اإلسالمي ، بدأ يدب إليه الضعف و الوهن ، ويبدأ هذا الدور من منتصف القرن الرابع إىل منتصف القرن السابع ، حيث جنح الفقهاء إىل التقليد

مذاهب معينة ال حييدون عنها و ال مييلون ، حىت وصل م احلد إىل اإلفتاء بسد باب والتزام )2(.االجتهاد

فكان عمل الفقهاء يف هذا الدور مقتصرا على تعليل األحكام املنقولة عن أئمتهم ، و ار التفريع عليها، أو التخريج منها ، أو الترجيح بني األقوال املنقولة عن األئمة ، و االنتص

)3(.للمذهب يف املسائل اخلالفية مع املذاهب األخرى

--------------------

).146(املصدر نفسه ، ص -2). 145(عبد الكرمي زيدان ، املصدر نفسه ص -1

، 1418/1998، مكتبة التوبة ، اململكة العربية السعودية 2عبد العزيز الطريفي ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، ،ط -3 ).171(ص

Page 48: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

: دور الركود و اجلمود-5

و يبدأ هذا الدور من منتصف القرن السابع إىل منتصف القرن الثالث عشر ، ففي هذا العصر مل يغري الفقهاء جهم ، ومل ينهض الفقه من كبوته ، بل ازداد األمر سوءا ، فالتقليد

رغم وجود قلة من قد فشا و شاع بني الفقهاء و طالب الفقه حىت صار أمرا مألوفا ، ، إال أم مل )3(و الشوكاين )2(وابن القيم )1(العلماء نادت باالجتهاد املطلق مثل ابن تيمية

.يسلموا من النقد و اإلنكار من مجهور الفقهاء املقلدين

اجته الفقهاء يف هذا الدور إىل التأليف ، وكان الغالب عليه االختصار حىت وصل إىل درجة اإلخالل باملعىن و خفاء املقصود ، وصارت العبارات أشبه شيء باأللغاز ، هذه املختصرات مسيت باملتون ، واحتاجت هذه املتون لشروح لغموض ألفاظها ، مث ظهرت جبانب الشروح

لتعليقات ، فشاعت هذه األمناط من التأليف وصار طالب الفقه و العلماء احلواشي و ا )4(.يعكفون عليها

:دور اليقظة و التجديد-6

--------------------

-هـ661( أمحد بن عبد احلليم ، تقي الدين ، احلراين ، الدمشقي ، أبو العباس ، شيخ اإلسالم ، ولد يف حران-1 . 4/1496:اظالذهيب ، تذكرة احلف).هـ728

، تلميذ شيخ اإلسالم ) هـ751-691(حممد بن أيب بكر بن أيوب ، املشهور بابن قيم اجلوزية ، ولد بدمشق -2 . 1/230ج:تذكرة احلفاظ.ابن تيمية

هـ، و نشأ 1173حممد بن علي بن حممد الشوكاين ، فقيه ، جمتهد ، من كبار علماء اليمن ، ولد بشوكان سنة -3 .6/298الزركلي، األعالم، .هـ1250العلم على شيوخها ، تويف ا سنة بصنعاء ، وتلقى

.153عبد الكرمي زيدان ، املصدر السابق، ص -4

Page 49: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ويبدأ من النصف الثاين للقرن الثالث عشر اهلجري و ميتد إىل وقتنا احلاضر ، حيث يف أوساط ظهرت تباشري ضة فقهية ، من مظاهرها االهتمام امللحوظ بالفقه اإلسالمي

التعليم اجلامعي ، و دراسة الفقه دراسة مقارنة ، و إظهار مزاياه و خصائصه ، و كثرة )1(.التأليف يف مباحثه ، و ظهور املربزين فيه

فكان من معامل هذه النهضة كثرة املؤلفات و املوسوعات الفقهية ، وإنشاء اامع و عقد د و الكليات اليت تعىن بفقه الشريعة ، فكانت هذه املؤمترات الفقهية ، و كذلك إنشاء املعاه

العوامل سببا يف بعث الروح يف الفقه اإلسالمي و النهوض به بعد عصور من الركود و . اجلمود

واجلدير باملالحظة أن بعض الباحثني املعاصرين يف دراسته لتاريخ الفقه اإلسالمي جاء -، حيث ينتقد تسمية الدور اخلامس )2(سالمي مبقاربة نقدية جديدة لتقسيم أدوار الفقه اإل

بدور التقليد و اجلمود ، أو -املمتد من منتصف القرن اخلامس إىل منتصف القرن السابعالركود، أو غريها من املصطلحات ، وأكد على أنه يعترب مرحلة إجيابية يف تاريخ الفقه

منهج النقد و التنقيح و " اإلسالمي ، حيث عرف الفقه يف هذه املرحلة منهجا جديدا هو )1(.اختاره الباحث هلذه املرحلة ، وهي التسمية و الوصف الذي" االختيار

عرف الفقه خالل هذه الفترة الطويلة نشاطا اتسم بالنقد و التنقيح ، و :"حيث يقول هو تنازل االجتهاد فيها عن مرتبة االجتهاد يف املسائل إىل اجتهاد الترجيح و االختيار الذي

--------------------

).154(املصدر نفسه ، ص -1

.2/780وهو الدكتور إلياس دردور يف كتابه تاريخ الفقه اإلسالمي ، ج -2

).2/771ج(إلياس دردور ، املصدر نفسه ، ص -3

Page 50: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تصرف يف األقوال بفحص أدلتها ، أو فحص أساليب نقلها ، أو فحص مالءمتها لألحوال ، .و الراجح املأخوذ به ، و ما هو غري الراجح حىت خيتار منها ما ه

وهكذا أدخل فقهاء هذا الدور نزعة اجتهادية جديدة على املنهج الذي كان يسري عليه الفقهاء يف دراسة الفقه خالل الدور السابق ، و سلكوا طريقة جديدة يف خدمة احلكم هي

ح ، و درج على هذه الطريقة الطريقة النقدية ، حيث صاروا يتصرفون يف الفقه تصرف تنقيأقطاب فقهاء هذا الدور يف سائر املذاهب ، فتكونت ا مذاهبهم تكونا جديدا ، حيث ميكن القول أن املذاهب الفقهية عرفت وضعا جديدا ، ولبست ثوبا جديدا ، بأعالم هذا

)1(".الدور الذين وضعوا هذه الطريقة النقدية يف خدمة مذاهبهم

بالنظر إىل املؤلفات و الكتب اليت وجدت يف هذه - يف رأيي-الطرح سديدا و يعترب هذا املرحلة ، اليت اهتمت جبانب النقد الفقهي كما سيأيت معنا يف الفصول القادمة ، واعتبار كثري

.من الفقهاء الذين عاشوا يف هذه الفترة حمققي املذاهب و نقادها

كما أن وجود مرحلة نقدية يف تاريخ العلوم ، يعترب أحد األدوار الطبيعية حلياة العلم ، اليت و من غري :" ألي علم من العلوم أن خيلو منها ، يقول الدكتور فريد األنصاري ال ميكن

النشأة ، و التطور ، و املآل ، دون : املعقول أن خنتصر تاريخ العلوم يف سرد املراحل الثالث )2(".نقد و تصحيح

--------------------

.781-2/780املصدر السابق ، ج -1

).89(أجبديات البحث يف العلوم الشرعية ، مصدر سابق ، ص -2

Page 51: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املذهب املالكي نشأته و خصائصه : الفصل الثاين

.نشأة املذهب املالكي و انتشاره: املبحث األول

.املدارس الفقهية يف املذهب املالكي :املبحث الثاين

.أصول املذهب املالكي و خصائصه: املبحث الثالث

Page 52: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املذهب املالكي نشأته و خصائصه: الفصل الثاين

.نشأة املذهب املالكي و انتشاره: املبحث األول

)1(-رمحه اهللا- ترمجة اإلمام مالك:املطلب األول

:امسه و مولده

قبيلة –هو اإلمام مالك بن أنس بن مالك بن أيب عامر األصبحي ، نسبة إىل ذي أصبح صلى اهللا -، جده األعلى أبو عامر صحايب جليل ، شهد املشاهد كلها مع النيب - من اليمن

إال بدرا ، وجده األدىن مالك من كبار التابعني و علمائهم ، و أمه امسها العالية -عليه وسلم .األزدية بنت شريك

هـ ، و قد روي 93اختلف العلماء يف السنة اليت ولد فيها ، و أشهر األقوال أنه ولد سنة )2(".ولدت سنة ثالث و تسعني:" عن مالك أنه قال

:حياته و نشأته

ولد اإلمام مالك باملدينة املنورة ، مدينة العلم ، وموطن الشرع ، و موئل السنة ، و .مرجع العلماء ، ومقر اخلالفة اإلسالمية

--------------------

، ابن فرحون ، 58-8/49:، الذهيب ، سري أعالم النبالء 144-1/44ج:القاضي عياض ، ترتيب املدارك-1 .75-24، أبو زهرة ، مالك حياته و آراؤه ، ص 133-1/82الديباج املذهب

.8/49الذهيب ، سري أعالم النبالء ، -2

Page 53: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كان من )1(نشأ مالك يف بيت عرف باشتغاله بعلم احلديث ، و تتبع اآلثار ، فجده مالككبار التابعني و علمائهم ، و ثقام ، روى عن عمر ، و عثمان ، و طلحة ، و عائشة ، و

- رضي اهللا عنه-، وكان ممن يكتب املصاحف حني مجع عثمان........أيب هريرة، و )2(يستشريه ، و أعمامه نافع - رمحه اهللا- املصاحف، و كان عمر بن عبد العزيز

، من الرواة الذين رووا عن أبيهم مالك و غريه ، و نافع ممن روى )4(، و الربيع )3(أويس )5(، و عنه روى مالك ، و أخوه النضروغريه ....عن ابن عمر ، و سهل بن سعد ، و أنس

.أخو النضر: من العلماء ، و كان مالك يعرف به يف أول األمر فكان يقال

حفظ مالك القرآن يف صدر حياته ، مث اجته إىل حفظ احلديث ، و جالس العلماء ناشئا .صغريا

:شيوخه

--------------------

أنس ، من كبار التابعني ، روى عن عمر ، وطلحة ، وعائشة ، و أيب مالك بن أيب عامر بن عمرو ، كنيته أبو -1 .1/85:الديباج املذهب.هـ112هريرة ، يروي عنه بنوه أنس ، و نافع ، و الربيع ، تويف سنة

نافع بن مالك بن أيب عامر بن عمرو األصبحي ، املدين ، حدث عن ابن عمر ، وسهل بن سعد ، و سعيد بن -2 .5/283:سري أعالم النبالء.اإلمام مالك ابن أخيه ، و ابن شهاب املسيب ، روى عنه

أويس بن مالك بن أيب عامر األصبحي ، املدين ، حليف بين متيم من قريش ، هو جد إمساعيل بن عبد اهللا بن عبد -3 .1/48:ترتيب املدارك.اهللا بن أويس ، روى عنه مجاعة من أهل املدينة

مات سنة ستني و : األصبحي ، أبو مالك ، من حلفاء بين متيم ، قال ابن أيب أويس الربيع بن مالك بن أيب عامر-4 .1/48:ترتيب املدارك.مائة

.1/48:ترتيب املدارك-5

Page 54: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

درس مالك على مشايخ كثر قاربوا التسعمائة شيخ ، كان بعضهم من أبناء الصحابة أو .تالمذم ، و البعض اآلخر من تابعي التابعني

، أقام معه مدة طويلة ،مل خيلطه )1(الزمه من علماء املدينة عبد الرمحن بن هرمز وأول من .)2("ربيعة الرأي"بغريه، و شيخه يف الفقه ربيعة بن عبد الرمحن املعروف بـ

، و )3(، و ابن شهاب الزهري ، و هشام بن عروة )3(نافع موىل ابن عمر: و من مشاخيه ).6(، و زيد بن أسلم )5(عبد اهللا بن الزبري ، و عامر بن)4(سعيد بن املسيب

--------------------

أبو داود عبد الرمحن بن هرمز املدين األعرج ، اإلمام ، احلافظ ، احلجة ، املقرئ ، مسع أبا هريرة ، و أبا سعيد ، -1سري أعالم .ـه127كان يكتب املصاحف ، حدث عنه الزهري ، وأبو الزناد ، مات مرابطا يف اإلسكندرية سنة

.5/70:النبالء

الشريازي ، .هـ163ربيعة بن أيب عبد الرمحن ، املعروف بربيعة الرأي ، أدرك بعض الصحابة و عامة التابعني ،ت-2 . 65ص:طبقات الفقهاء

أيب نافع موىل ابن عمر، أبو عبد اهللا القرشي ، املدين ، اإلمام ، الثقة ، الثبت ، روى عن ابن عمر ، و عائشة ، و -3 .101-5/95:سري أعالم النبالء.هـ117هريرة ، تويف سنة

هـ، مسع من أبيه وعمه 61هشام بن عروة بن الزبري بن العوام ، شيخ اإلسالم أبو منذر القرشي املدين ، ولد سنة-4سري .ـه140ابن الزبري ، و طائفة من كبار التابعني ، حدث عنه شعبة ، ومالك ، وخلق كثري ، تويف يف بغداد سنة

.47-6/35:أعالم النبالء

عامر بن عبد اهللا بن الزبري بن العوام ، اإلمام الرباين ، أبو احلارث األسدي املدين ، أحد العباد ، تويف بعد سنة -5 .5/220:سري أعالم النبالء.هـ120

، حدث عن عبد اهللا بن زيد بن أسلم ، أبو عبد اهللا العدوي العمري املدين ، اإلمام ، احلجة ، القدوة ، الفقيه -6 .5/316:سري أعالم النبالء.هـ136عمر، وجابر بن عبد اهللا ، حدث عنه مالك ، و الثوري ، و األوزاعي ،تويف

Page 55: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وحني اكتملت ملالك دراسة احلديث و األثر و الفقه اختذ جملسا يف املسجد النبوي للدرس و ، و كان جملسه جملس وقار و حلم ، و كان رجال اإلفتاء، فقصده طالب الفقه و الفتوى

)1(.نبيها نبيال ، ليس يف جملسه شيء من املراء و اللغط و ال رفع الصوت

:ثناء العلماء عليه

لقد تواترت أقوال أئمة األمة و علمائها، و اجتمعت كلمتهم من شيوخ مالك ، و أقرانه، ، بل تأول كثري منهم احلديث الذي رواه و تالميذه، ومن جاء بعدهم على الثناء عليه

.الترمذي يف عامل املدينة أنه مالك

صلى اهللا عليه -أن النيب -رضي اهللا عنه-روى الترمذي و غريه من حديث أيب هريرة ويف رواية يلتمسون - يوشك أن يضرب الناس أكباد اإلبل يف طلب العلم:" قال -وسلم )2(".من عامل املدينة -واية أفقهويف ر -فال جيدون عاملا أعلم -العلم

)................................................5(و ابن عيينة )4(قال عبد الرزاق: )3(قال الترمذي

--------------------

.2/156ج ط،.هـ، د1340مطبعة إدارة املعارف، املغرب، احلجوي،الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، -1

.5/47الترمذي ، كتاب العلم ، باب ما جاء يف عامل املدينة ، رواه -2

حممد بن عيسى بن سورة بن موسى الترمذي ، احلافظ ، العلم ، اإلمام ، البارع ، مصنف اجلامع ، وكتاب العلل ، -3 .277-13/271:سري أعالم النبالء.هـ279هـ،و ارحتل فسمع خبراسان و العراق و احلرمني، تويف 210ولد سنة

هـ، حدث عن الثوري و األوزاعي و مالك ، من 126أبو بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعاين ، ولد باليمن سنة -4 .9/570:سري أعالم النبالء.تالميذه حيىي بن معني و أمحد بن حنبل

لكوفة سنة سفيان بن عيينة بن أيب عمران ، أبو حممد اهلاليل الكويف ، اإلمام الكبري ، حافظ العصر ، ولد با-5 .465-8/455:سري أعالم النبالء.هـ، طلب احلديث ، ولقي كبارا فحمل عنهم علما مجا ، مجع وصنف 107

Page 56: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)2(".أنه مالك )1(و ابن جريج.....

)3(.إنه عامل الناس: قال عبد الرمحن بن هرمز شيخه

جمتمع على مالك من حجج اهللا على خلقه ، إمام من أئمة املسلمني ، : )4(قال حيىي بن معني )5(.فضله

مالك نبيل الرأي ، و نبيل العلم ، أخذ املتقدمون عن مالك ووثقوه ، و كان صحيح :وقال )6(.الرواية

)7(.ما ترك على األرض مثله - ملا بلغته و فاته- قال سفيان بن عيينة

مالك إمام ، و مالك عامل أهل احلجاز ، و مالك حجة يف زمانه ، و مالك سراج : وقال )8(.ة ، و ما حنن و مالك؟ إمنا كنا نتبع آثار مالكاألم

--------------------

عبد امللك بن عبد العزيز بن جريج ، أبو خالد ، اإلمام ، العالمة ، احلافظ ، شيخ احلرم ، رومي األصل ، أول من -1و الليث ، و األوزاعي دون العلم مبكة، حدث عن عطاء ، و نافع ، و طاوس ، وحدث عنه السفيانان و احلمادان ،

.336-6/326: سري أعالم النبالء.هـ149روى له الستة ، تويف سنة

.1/61:ترتيب املدارك - 3 .5/48سنن الترمذي ، -2

هـ، مسع من ابن املبارك ، و 158أبو زكريا حيىي بن معني بن عون بن زياد بن بسطام ، شيخ احملدثني ، ولد سنة -4 .84-11/72:سري أعالم النبالء.روى عنه أمحد بن حنبل ،و البخاري ، ومسلم ابن عيينة ،

.1/75تطريز الديباج ، ج -5

.1/64ترتيب املدارك ، ج -6

.1/74تطريز الديباج ، ج -8 . 1/149املصدر نفسه ، ج -7

Page 57: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و أيب )2(مالك ، و ابن أيب ليلى: ما رأيت أعلم من ثالثة : )1(قال أبو يوسف )3(".حنيفة

علم مالك علم تقي ، علم مالك نقي ، مالك أمان ملن أخذ عنه :) 4(وقال الليث بن سعد )5(".من األنام

)7(".لو قيل يل اختر لألمة إماما ، اخترت هلا مالكا:" )6(قال ابن املبارك

--------------------

، و تويف ) هـ113(و تلميذه ، ولد بالكوفة يعقوب بن إبراهيم ، القاضي ، صاحب أيب حنيفة -1 .8/535:الذهيب ، سري أعالم النبالء.، أول من لقب بقاضي القضاة)هـ182(ببغداد

حممد بن عبد الرمحن بن أيب ليلى ، أبو عبد الرمحن األنصاري ، الكويف ، العالمة ، اإلمام ، مفيت الكوفة ، ولد سنة -2شعبة ، و الثوري ، وابن عيينة ، وكان نظريا أليب حنيفة يف : اء ، وحدث عنهنيف و سبعني ، أخذ عن الشعيب و عط

.316-4/311:سري أعالم النبالء.هـ148الفقه ، تويف سنة

.1/63ترتيب املدارك ، ج -3

، الليث بن سعد بن عبد الرمحن ، أبو احلارث الفهمي ، اإلمام احلافظ ، و شيخ اإلسالم ، و عامل الديار املصرية -4ابن هليعة و ابن وهب و : هـ، مسع من عطاء و الزهري ، وروى عنه خلق كثري منهم 94ولد بقرقشندة مبصر سنة

.147- 8/134:سري أعالم النبالء.ابن املبارك

.1/153ترتيب املدارك ، -5

مري األتقياء يف وقته ، عبد اهللا بن املبارك بن واضح ، أبو عبد ارمحن احلنظلي املروزي ، احلافظ ، عامل زمانه ، و أ-6سري أعالم .هـ، مسع من هشام بن عروة و األعمش ، وحدث عنه معمر و الثوري ، وطائفة من أقرانه 118ولد سنة

.384-8/379:النبالء

. 1/63ترتيب املدارك ، -7

Page 58: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

عامل العلماء ، و عامل أهل املدينة ، و مفيت : أنه كان إذا ذكره قال )1(وحكى األوزاعي )2(.نياحلرم

مالك أستاذي ، و عنه أخذت العلم ، و ما أحد أمن علي من مالك ، و :" قال الشافعي جعلت مالكا حجة بيين و بني اهللا ، و إذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب ، و مل يبلغ أحد

)3(".مبلغ مالك يف العلم ، حلفظه و إتقانه و صيانته

ديث و الفقه ، و قدمه على األوزاعي ، و هو إمام يف احل:"وقال أمحد ابن حنبل )5(".، و الليث)4(الثوري

: كتبه

آثارا متعددة ، تعرب بوضوح عما يتمتع به اإلمام من سعة - رمحه اهللا-ترك اإلمام مالك العلم وقوة املدرك االجتهادي ، و اآلثار اليت تركها بعضها كتبه بنفسه ، و بعضها رواه عنه

:تالمذته ، و من أهم مؤلفاته

--------------------

، إمام أهل الشام يف عصره ، من تابعي التابعني ، سكن دمشق ، و ) هـ88(عبد الرمحن بن عمرو ، ولد ببعلبك -1 .7/107:سري أعالم النبالء).هـ157(انتقل إىل بريوت ، كان جمتهدا مطلقا ، انتشر مذهبه مث انقرض ، ت

.1/74الديباج املذهب ، ج -2

.1/62ترتيب املدارك ، ج -3

احملدثني ، نشأ يف الكوفة ، مث انتقل إىل البصرة ، سفيان بن سعيد بن مسروق ، الثوري ، من أعالم -4 .7/229:سري أعالم النبالء).هـ161(ت

.1/63املصدر السابق ، ج -5

Page 59: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:املوطأ

يعد املوطأ من أول الكتب املدونة يف احلديث و الفقه اإلسالمي ، فقد كان الناس قبله يعتمدون على الذاكرة أكثر من اعتمادهم على الكتب ، و إن كان مثة شيء فهو تلك اموعة اخلاصة ، أما التدوين و التأليف احلق فقد ابتدأ باملوطأ ، كما يقول أهل اخلربة يف

.قهاحلديث و الف

:وقد سلك اإلمام مالك يف تصنيفه للموطأ منهجا مجع فيه بني

.، و فتاوى الصحابة و التابعني -صلى اهللا عليه وسلم- رواياته من أحاديث النيب -1 .اجتهاداته و استنباطاته -2

.وقد رتبه على أبواب الفقه ، فهو كتاب فقه و حديث معا

القدر ، و رسالة يف األقضية ، و و لإلمام مالك مؤلفات أخرى متعددة منها رسالة يفكتاب يف النجوم ، و كتاب يف التفسري بغريب القرآن ، و له إمالءات كثرية ، قال

أملى إمام دار اهلجرة يف مذهبه حنوا من مائة و مخسني جملدا يف األحكام :" )1(القرايف )2(".الشرعية ، فال يكاد يقع فرع إال و يوجد له فيه فتيا

--------------------

شهاب الدين ، أبو العباس ، أمحد بن أيب العالء إدريس بن عبد الرمحن ، البهنسي ، املصري ، وحيد دهره ، -1انتهت إليه الرئاسة يف الفقه على مذهب مالك ، كان إماما ، بارعا يف الفقه و األصول ، ألف كتبا مفيدة انعقد على

.239-1/236ج:الديباج.ـه684كماهلا لسان اإلمجاع ، ت

.1/34م، 1994، دار الغرب اإلسالمي ، لبنان ، 1حممد حجي ، ط:الذخرية ، حتقيق-2

Page 60: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

له أوضاع كثرية ، و تآليف غري املوطأ رواية عنه ، أكثرها :" )1(و قال القاضي عياض إمنا بأسانيد صحيحة يف غري فن من العلم ، لكن مل يشتهر عنه غري املوطأ ، و سائر تآليفه

)2(".رواها عنه من كتب ا إليه، أو سأله إياها ، أو آحاد من أصحابه ، ومل يروها الكافة

--------------------

أبو الفضل عياض بن موسى اليحصيب ، األندلسي ، إمام وقته يف العلوم و احلديث ، فقيه ، أصويل ، مفسر ، -1 .51- 2/46ج:الديباج).هـ544(حافظ ملذهب مالك ، ت...حنوي

.1/109ترتيب املدارك ، -2

Page 61: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.فضائل املدينة و انعاكاساا على املذهب املالكي:املطلب الثاين

لقد كان للمدينة املنورة فضل كبري على املذهب املالكي من خالل بيئتها العلمية وموقعها .الديين يف نفوس املسلمني

بعد هجرته ، وهي مقر الدولة - صلى اهللا عليه وسلم-كانت املدينة املنورة موطن الرسول اإلسالمية األوىل ، وعاصمة الدولة اإلسالمية بعد انتشار اإلسالم ، عاش يف أكنافها املهاجرون و األنصار ، وبعد انتقال عاصمة اخلالفة منها بقيت هلا الزعامة الدينية ، فقد كان

.ورثة العلم النبوي ، وكان أهلها امتدادا للمجتمع اإلسالمي األول علماؤها

كان اتمع العلمي فيها أكثر اتمعات صفاء ، و نقاء ، وبعدا عن التأثريات العقدية ، و الرتاعات اخلارجية الفاسدة ، و االجتاهات السياسية اليت سادت أحناء أخرى من اتمع

أهلها احنراف عن منهج السلف مثلما حدث يف غريها من املدن، اإلسالمي ، فلم يعرف عنفقد خرج من البصرة القدر و االعتزال ، وخرج من الكوفة التشيع و اإلرجاء ، و أما الشام فكان ا النصب و القدر ، و أما خراسان فكان ا التجهم ، وقد اكتسب املذهب املالكي

ي علمائه احنراف عقدي ، وال زيغ فكري ، و إمنا مسة أهل املدينة ، فلم يعرف عن متقدم )1.(هم متبعون على طريقة السلف

كما وفرت املدينة لإلمام مالك مجيع وسائل املعرفة الشرعية ، إذ كانت يف عهده تزخر و بآثار الصحابة و فتاويهم ، متفوقة يف -صلى اهللا عليه وسلم- بالروايات املنقولة عن النيب

مصار ، و متميزة عنها بسالمتها من نفوذ الوضاعني و املدلسني يقول ابنذلك على سائر األ

--------------------

60-59اخلليفي ، االختالف الفقهي يف املذهب املالكي ، ص -1

Page 62: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ومل يكن الوضاعون ، و املدلسون بالذين تنفق باملدينة خزعبالم ، و ال :" -رمحه اهللا-تيميةاملدينة مكتظة بأهل العلم و األثر ، هجرياهم الرواية و التحديث ، تروج ترهام ، إذ كانت

ودراسة العلم ، و ديدم التمسك باحلق الصريح ، فلو رمى أحد الوضاعني بني ظهرانيهم )1(".حبصاة لنفوه ، فإن املدينة كالكري تنفي خبثها و ينصع طيبها

ار الفقهي ، فهي مأوى الفقهاء ، أما يف اجلانب الفقهي فقد كانت املدينة ميدانا للحو وجممع العلماء، فكانت مركزا عظيما حلركة االجتهاد ، أبدى أعالمها من التابعني جهدا كبريا يف متابعة احلوادث باالفتاء ، و إسعاف اتمع اإلسالمي املتحرك مبا حيتاجه من نظام

القرآن و : سالم األوىلتشريعي متكامل مغط جلميع جماالت احلياة و مؤسس على مصادر اإل . السنة

اشتهر من علمائها الفقهاء السبعة الذين انتشر عنهم فقه أهل املدينة ، و على يدهم خترج من جاء بعدهم من الفقهاء ، ومتيز املنهج الفقهي هلذه املدرسة خبصائص جنملها فيما

)2(:يلي

و فتاوى - عليه وسلمصلى اهللا- اجتاه فقهاء هذه املدرسة إىل حفظ أحاديث النيب/ أ .الصحابة ، ووقوفهم يف الفتوى عند الرواية غالبا ، و عدم استعماهلم الرأي يف األحكام

صحة ما يروونه من احلديث ، الستيثاقهم منها ، و لذلك يرون أن األحاديث اليت / ب

--------------------

.2/300ابن تيمية ، جمموع الفتاوى ، ج -1 .1984/هـ1404، الشركة املتحدة للتوزيع ، سوريا 1تارخيية للفقه و أصوله ، طسعيد اخلن ، دراسة -2

.79-77ص

Page 63: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.يرووا هم تقدم على األحاديث اليت يرويها أهل العراق و الشام

.وقوفهم عند ظواهر النصوص من غري حبث عن عللها يف األعم الغالب/ جـ

.مسائل مل تقع بعدقلة تفريعهم الفروع ، و كراهيتهم السؤال عن / د

والبد هنا من اإلشارة إىل أن متيز املدرسة املدنية باالعتماد على احلديث و األثر هي السمة الغالبة و ال يعين أبدا إمهاهلم للرأي ، فقد وجد فيهم فقهاء الرأي يف كل طبقة يقول الدكتور

عض الكتاب ، إذ يف كل إن الرأي باملدينة مل يكن قليال ، كما توهم عبارات ب:" أبو زهرةطبقة من طبقات فقهاء املدينة وجد ذوي الرأي ، وكان له مكان يف تكوين فقهها ، ففي طبقة الصحابة كابن عمر ، و زيد ، و ابن عباس ، وغريمها ، و يف طبقة التابعني كان ة الفقهاء السبعة و مخسة منهم كانوا من ذوي الرأي ، و يف الطبقة اليت تليهم كان ربيع

)1(...".الرأي ، و حييي بن سعيد ،

مع مالحظة اختالف منهاج الرأي عند املدنيني عن منهاج الرأي عند العراقيني ، يقول و يف احلقيقة أنه قد اختلف منهاج الرأي عند العراقيني عن منهاج الرأي :" الدكتور أبو زهرة

س اتباعا لعبد اهللا بن مسعود ، و عند املدنيني ، فقد كان منهاج الرأي عند العراقيني القيا ، )3(علي بن أيب طالب ، و من نقل عنهما من التابعني كعلقمة

--------------------

.375أبو زهرة ، تاريخ املذاهب الفقهية ، ص -1

، عداده علقمة بن قيس ، أبو شبل النخعي ، الكويف ، اإلمام ، العالمة ، اود ، فقيه الكوفة و عاملها و مقرئها -2. هـ61يف املخضرمني ، حدث عن عثمان ، و علي ، و عائشة ، وغريهم ، حدث عنه الشعيب و النخعي ، تويف سنة

.61-4/54:سري أعالم النبالء

Page 64: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و إن الرأي عند املدنيني خمرج على اآلثار ، و سائر على ....، و غريمها )1(و إبراهيم النخعي، فهو رأي يشبه اآلثار ، وال خمرج عنها ...ملصلحة منهاج عمر و من جاء بعده من األخذ با

)2(".إال ما هو يف معناها

--------------------

أبو عمران ، إبراهيم بن يزيد بن قيس ، النخعي ، الكويف ، كان مفيت أهل الكوفة ، فقيها ، متوقيا ، تويف -1 .529- 4/521:سري أعالم النبالء.هـ96سنة

.376سه ، صملصدر نفا أبو زهرة ، -2

:تعقيب

لقد دأب كثري من الباحثني يف تاريخ الفقه اإلسالمي عند احلديث عن عصر التابعني إىل تقسيم مناهج الفقهاء يف هذا العصر إىل اجتاهني متمايزين ، أحدمها حمافظ مستمسك بالنص ال يعدوه ، وال يتجه إىل الرأي إال عند الضرورة

يتوقفون عن الفتوى يف حالة عدم وجود النص ، و أن هؤالء هم القصوى ، بل إم يرون أن أصحاب هذا االجتاه قد ".أهل احلديث" أهل احلجاز أصحاب مدرسة

ويرى الباحثون أم يرون أن أحكام " أهل الرأي" و أما االجتاه الثاين ، فهو اجتاه فقهاء العراق أصحاب مدرسة الشرع معقولة املعىن ، و بالتايل فهي معللة ، و على الفقيه أن جيتهد يف مواجهة القضايا املستجدة اعتمادا على مبدأ

حثني ينتقد هذا التقسيم و يطرح إشكالية اخللط و التناقض يف تطبيق هذا التعليل و القول بالرأي ، إال أن بعض البااملصطلح ، و أن التقسيم اجلغرايف للمنهجني غري دقيق ، لوجود أتباع لكال املدرستني يف كال القطرين ، أقصد وجود

األولية اليت استعملت إن املصادر :"أهل الرأي يف احلجاز ووجود أهل احلديث يف العراق ، يقول الدكتور احلميدانمصطلح أهل احلديث و أهل الرأي مل تتنب التقسيم اإلقليمي، فلم يقل أحد أن أهل احلديث هم احلجازيون و أن أهل الرأي هم العراقيون، وقد تبني أن البيئة يف كال القطرين متشاة، كما أن اجلميع قد أخذوا باآلثار، و استخدموا

حد سواء، لذلك ال ميكن التفريق بينهم على هذا األساس ، بل إن االستنتاج الواضح من التعليل و القول بالرأي علىجملة -محيدان احلميدان".(املناقشة يبني أن املنهج االجتهادي الذي اتبعه علماء التابعني يف كال القطرين كان واحدا

).120/122(ص-الد الرابع-جامعة امللك سعود

Page 65: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

عاشه مالك ، و درس فيه ، و منه نشأ مذهبه ، و ترعرع ، هذا هو الوسط العلمي الذي فكان وال بد أن يؤثر فيه ، فأهله ذلك ألن يعترب حبق وارث علم جيلي الصحابة و التابعني بكل اجتاهاته الفكرية و مشاربه االجتهادية ، و قد متخض من خالل هذا املرياث مذهبه

.واضحا يف أصوله جليا يف معامله

---------- ----------

و اجلواب عن هذا اإلشكال أنه ال تناقض يف تقسيم املدارس الفقهية إىل أهل احلديث ، وموطنهم احلجاز ، و إىل أهل الرأي وموطنهم العراق ، ألن التقسيم أغليب ، وال ينفي وجود أتباع ملدرسة احلديث يف العراق ، و أتباع ملدرسة

الفصل بني الرأي و احلديث كليا ، فما دام مثة فقه فال بد أن يكون لألثر و الرأي الرأي يف احلجاز كما أنه ال ميكن و -اشتهر العراق بأنه موطن فقه الرأي ، و اشتهر احلجاز :" جمال ، وجييب الدكتور أبو زهرة عن هذه اإلشكالية بقوله

املقررات يف تاريخ الفقه بأنه موطن فقه األثر ، وراج ذلك رواجا شديدا ، حىت أصبح من -خصوصا املدينةاإلسالمي، وحنن ال نشك يف أن فقهاء الرأي بالعراق كانوا أكثر عددا من إخوام يف احلجاز ، و أكثر أخذا به منهم ، و لكننا ال نستطيع أن نقول أن فقه العراق كله فقه رأي ، و أن فقه احلجاز مجلة فقه أثر ، فإن األثر كان مأخوذا به

.الرأي كان مأخوذا به يف املدينة يف العراق ، و

منهاج الرأي عند العراقيني عن منهاج الرأي عند املدنيني ، فقد كان منهاج الرأي عند ويف احلقيقة أنه قد اختلف و إبراهيم العراقيني القياس اتباعا لعبد اهللا بن مسعود ، و علي بن أيب طالب ، و من نقل عنهما من التابعني كعلقمة ،

و إن الرأي عند املدنيني خمرج على اآلثار ، و سائر على منهاج عمر و من جاء بعده من األخذ ي ، و غريمها ، النخع . ، فهو رأي يشبه اآلثار ، وال خمرج عنها إال ما هو يف معناها...باملصلحة

ل بلد طائفة من العلماء تقود و إن اآلثار عند العراقيني ختتلف عن اآلثار عند احلجازيني مقدارا و شيخا ، إذ صار لك .الفكر فيه ، و تغديه بالرواية ، حىت أخذت هذه القيادة الفقهية تتكون مذاهب و مناهج

ومع أن الرأي كان عند املدنيني ، كما كان عند العراقيني ، فإنه ال بد أن مثة اختالفا أساسه اختالف التابعني الذين بال –أن يكون مثة اختالف من حيث مقدار الرأي و الرواية ، فالرواية اختصت كل مدرسة بطائفة منهم ، وال بد

كانت باملدينة أكثر، ألا كانت مقام الصحابة أوال ، و مأواهم و مأوى أكثر التابعني آخرا ، و فوق ذلك -ريب من كان قبله من هناك اختالف آخر ، وهو أن أكثر التابعني كانت أقواهلم هلا مقام عند فقهاء املدينة كمالك و

Page 66: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:" موضحا مدى انعكاس البيئة املدنية على فضل مذهب املالكية )1(يقول ابن فخار القرطيب و حرمه و مهاجره و مدفنه ، ا أحكمت األحكام -صلى اهللا عليه وسلم-مدينة الرسول

فاستقرت ، ووكدت معامل الدين فاطمأنت ، و عنها انتشرت الشرائع ، و منها أخذت و الفرائض ، فهي أصل و كل بلد سواها فرع ، وهي مفتتحة بالقرآن و اإلسالم ، إذ السنن

كل مدينة غريها فتحت بالسيف ، ا كان أئمة اهلدى و أفاضل الصحابة و كلهم فاضل ، صلى اهللا -و منها انتشر من انتشر منهم إىل غريها ، وفيها خيار التابعني ، و أزواج الرسول

أهلها بعد اهلداية ، ومل تشب أديام شوائب الغواية ، ال يعرف فيها ومل يضل - عليه وسلم .مبتدع هلوى حنلة ، وال يعهد من أهلها ملحد يف امللة

ا مشاهدة ، و أقواله فيها مسموعة ، يقدم -صلى اهللا عليه وسلم-كانت أفعال الرسول رن ،فلما كانت أهلها على رعاية ذلك خلف عن سلف ، و نسل عن جنل ، و قرن عن ق

فاستفاض بني -صلى اهللا عليه وسلم- على ما بيناه و شرحناه ، كان ما نقل عن رسول اهللاأهلها من قول أو عمل متصال حمفوظا برعاية القوم إياه ، و إنكارهم على من أخل بشيء ،

ال و قلة صربهم ألحد من الناس على خمالفته ، أو إحداثه حادثة غري معروفة فيه ، و ألم - جيوز أن يغيب عن كافتهم ما قد جيوز أن يغيب عن سواهم ، ألن كل قول قاله الرسول

، أو فعل فعله من األقوال و األفعال الشرعية ، منذ أن هاجر إىل أن -صلى اهللا عليه وسلم

--------------------

تاريخ املذاهب ".(فقهاء العراق أخذ اتباعمل يأخذ ا أكثر -ولو كانوا كبارا -مشيخته ،بينما آراء التابعني ... ).374/376(ص-الفقهية

أبو عبد اهللا ، حممد بن عمر بن يوسف بن الفخار ، القرطيب املالكي ، شيخ اإلسالم ، عامل األندلس ، ولد سنة -1سري أعالم . هـ590، تويف سنة " نوادر بن أيب زيد"و " املدونة"نيف وأربعني و ثالمثائة ، كان رأسا يف الفقه ، حيفظ

.374-17/372: النبالء

Page 67: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فباملدينة قاله و فعله ، و حيضره معظم أهلها ، و كافتهم من -صلى اهللا عليه وسلم-تويفرضي -صحبه ، فقد قال عبد الرمحن بن عوف وهو يف املوسم يف خطبة أراد أن يقوهلا عمر

إذ الكتاب فيهم نزل ، و " أمهل حىت تقدم املدينة ، فإا دار اهلجرة و السنة:" -اهللا عنهفيهم سن ، و عمل مبعاين الكتاب و السنة م من بعدهم ، - صلى اهللا عليه وسلم-الرسول

فعملوا عمال و عيانا ، ال نقال وال رواية ، و تأويال يدخله ذلك التأويل و خطأ الظن و )1(".الرأي

--------------------

، مركز الدراسات و األحباث و إحياء 1حممد التمسماين ، ، ط:صار ألهل املدينة ، حتقيقابن فخار القرطيب ، االنت-1 ).91/93(ص م ،2009/هـ1430التراث ، املغرب ،

Page 68: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.انتشار املذهب املالكي: املطلب الثالث

من فضل املدينة على اإلمام مالك أن وفر له موقعها يف نفوس املسلمني فرصة التعريف به و مبذهبه لدى زائريها الذين ما إن حتققوا إمامته حىت أقبلوا عليه من كل البالد و األصقاع ،

يعرف ال "راغبني يف اإلفادة من علمه ، و التفقه عليه ، و الرواية عنه ، و الشرف مبالقاته ، و )2(.أن إماما من األئمة كان له من التالميذ مثل عدد تالميذ اإلمام مالك

لقد تلقى عن اإلمام مالك مذهبه مجهور غفري من التالميذ القادمني من أحناء متعددة ، الزموه و أخذوا عنه العلم بشقيه احلديثي و الفقهي ، و التزموا مسلكه االجتهادي ، و ملا

م محلوا معهم هذا املنهج الشمويل يف الدراسات الشرعية ، فحملوا موطأه رجعوا إىل بلداوهو حصيلة جهده يف مجع السنة النبوية و نقد مروياا ، مع ما تضمنه من آثار الصحابة و التابعني ، و محلوا معهم فقهه و أقواله و مسلكه يف التفقه ، وهو حصيلة اجتهاده ، كما

.ال و تقديرا إلمامهممحلوا معهم يف نفوسهم إجال

لقد كان لتالميذ اإلمام مالك أكرب الفضل يف نشر املذهب بعد عودم إىل بالدهم ، لكوم رجعوا علماء تصدوا للتدريس و اإلفتاء ، ورواية السنة ، و بعضهم توىل القضاء ،

يف مث واصل علماء املذهب من بعدهم مهمة استقرار املذهب يف تلك البالد ، و ساهمتثبيت جذوره و دعم مكانته على مر العصور تصدر علماء املذهب و تألقهم يف احلياة

.االجتماعية

--------------------

-100:اخلليفي ، االختالف يف املذهب املالكي-.18-16أبو زهرة ، مالك ، -.26- 1/24ترتيب املدارك ، -1109.

.194أبو زهرة ، مالك حياته و آراؤه ،ص -2

Page 69: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

انتشر املذهب املالكي يف بالد كثرية، وقد كان من منطق احلوادث أن يكثر انتشاره يف بالد احلجاز حيث نشأ و انتضم ، ولكن بتوايل األيام على بالد احلجاز قد اختلفت أحواله ،

.فكان تارة يغلب ، و تارة خيمل

ا تالميذه عبد الرمحن بن وظهر املذهب املالكي يف مصر يف حياة اإلمام مالك ، أدخله إليه وغريهم من التالميذ الذين اختذوا مصر ....)3(، و أشهب )2(و عثمان بن احلكم )1(القاسم

مستقرا و مقاما ، و قد استمر للمذهب املالكي الغلب يف مصر ، حىت جاء املذهب الشافعي .فنازعه السلطان فيها حىت صار املذهبان مها الغالبني

ن دخوله على يد تالميذ مالك الذين أخذوا عنه مباشرة كعلي بن و يف بالد تونس كا و غريمها ، فبثوا ذلك العلم و نشروا املذهب ، وملا توىل ...)5(، و البهلول بن راشد )4(زياد

--------------------

، ولد سنة عبد الرمحن بن القاسم العتقي ، صاحب مالك ، اإلمام ، احلافظ ، احلجة ، فقيه الديار املصرية-1 .258-1/250:ترتيب املدارك.هـ191هـ، و تويف سنة 132

عثمان بن عبد احلكم اجلذامي ، من بين نصر ، مشهور يف أصحاب مالك املصريني ، روى عنه ابن وهب كثريا ، -2 . 1/175:ترتيب املدارك.هـ163تويف سنة

قب ، روى عن مالك و الليث ، كان فقيها امسه مسكني ، و أشهب ل:أشهب بن عبد العزيز ، أبو عمرو ، قيل -3 .271-3/262ج:ترتيب املدارك.هـ203هـ و قيل 204نبيال ، حسن النظر ، من املالكيني احملققني ، ت

علي بن زياد التونسي العبسي ، مسع من مالك و غريه ، و مسع منه البهلول بن راشد و سحنون ، -4 .187- 1/185: ترتيب املدارك.هـ183ت

البهلول بن راشد ، أبو عمر ، من أهل القريوان ، مسع من مالك ، و الليث بن سعد ، و سفيان الثوري ، و علي -5ترتيب .هـ183بن زياد و غريمها ، و مسع منه سحنون و غريه ، ثقة ، جمتهد ، عنده علم كثري ، ت

.193-1/188:املدارك

Page 70: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.بالد املغرب على مذهب مالك محل أهل تونس و ما واالها من)1(احلكم املعز بن باديس

ويف األندلس كان املذهب املالكي صاحب السلطان ، و قد أخذوا قبل ذلك مبذهب األوزاعي الذي كان فقيه الشام ، حىت جاء املذهب املالكي فاستوىل عليها ، و نشر مذهبه

، )2(بشبطون ا املرحتلون منها إىل مالك و اآلخذون عنه ، مثل زياد بن عبد الرمحن امللقب، فنشروا علمه ، مث محل أمري األندلس هشام )4(، وقرعوس بن العباس )3(و الغازي بن قيس

.الناس على مذهب مالك)5(بن عبد الرمحن

أما بالنسبة للمغرب األقصى فقد تأخر دخول املذهب إليه نسبيا عن بقية األقطار األخرى، ، و تعزز و عظم شأنه و زاد نفوذه يف عهد دولة بين إذ انتقل إليه من األندلس أيام األدارسة

.تاشفني

وهكذا نرى أن املذهب املالكي انتشر يف غرب البالد اإلسالمية ، ومل ينتشر إال قليال يف

--------------------

املعز بن باديس بن منصور احلمريي الصنهاجي ، السلطان ، صاحب إفريقية ، كان بطال شجاعا ، مهيبا -1 . 19/264:سري أعالم النبالء.ائساس

زياد بن عبد الرمحن اللخمي ، املعروف بزياد بن شبطون ، يكىن أبا عبد اهللا ، فقيه األندلس ، مسع من مالك -2 .122-3/116ج:ترتيب املدارك).ه204(وقيل)ه199(وروى عن الليث، وروى عنه حيىي بن حيى املوطأ ، ت

الغازي بن قيس ، أموي يكىن أبا حممد ، من أهل قرطبة ، رحل قدميا فسمع من مالك املوطأ ، ومسع من األوزاعي -3 . 1/199:ترتيب املدارك.هـ199و ابن جريج ، أول من أدخل موطأ مالك و قراءة نافع األندلس ،تويف سنة

رحل فسمع من مالك و الثوري و ابن جريج، قرعوس بن العباس بن قرعوس ، من أهل قرطبة ، يكىن أبا الفضل ،-4 .286-1/285:ترتيب املدارك.هـ220تويف سنة

هشام بن عبد الرمحن بن معاوية ، اخلليفة األموي باألندلس ، توىل بعد أبيه عبد الرمحن الداخل ، تويف سنة -5 .4ابن الفرضي ، تاريخ علماء األندلس ، ص.هـ180

Page 71: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، حيث انتقل املذهب إليها و ظهر ا ظهورا واضحا ، و شرقها ببالد العراق و ما وراءها، و )1(زاحم فيه مذهب األحناف ، و استقر بالبصرة وغلب عليها بواسطة ابن مهدي

. ، إىل بداية القرن السادس اهلجري حيث ضعف املذهب بالعراق) 2(القعنيب

دة عوامل ، من أمهها إن هذا االنتشار الواسع الذي حققه املذهب املالكي يرجع إىل ع عامالن رئيسيان مها نفوذ السلطان و تأثري العلماء ، أي العاملني السياسي و العلمي ، فهما الدعامتان اللتان استند عليهما املذهب عند أتباعه ، و رمبا اجتمع هذان العامالن يف بلد ، و

.انفرد أحدمها دون اآلخر يف بالد أخرى

ة يف تعيني املذهب املتبع عند عامة الشعب فإنه أهم عامل يف رأي أما تأثري السلطة احلاكم . ، و القاضي عياض )3(كثري من العلماء كابن حزم

فال شك أن ما يتمتع به احلاكم عادة من قوة و نفوذ كفيالن بتحقيق االستجابة إىل أوامره و توجيهاته ، و السيما إذا تعلق مضمون القرار الرمسي باتباع مذهب سين ألحد علماء اإلسالم األعالم مثل مالك بن أنس ، فإنه سيحظى باالحترام النابع من قناعات املخاطبني

حيث -يف بعض مراحل حكمه-ا حصل يف األندلس ، و إفريقية ، و املغرب به، و هذا م

--------------------

عبد الرمحن بن مهدي بن حسان العنربي ، الزم مالكا و أخذ عنه كثريا من الفقه و احلديث ، و مسع من شعبة و -1 .209-3/202ج:ترتيب املدارك).هـ198(غريمها ، تويف بالبصرة سنة

بن مسلمة القعنيب ، مدين سكن البصرة ، روى عن الليث ، و الداروردي ، وروى عن مالك كثريا ، عبد اهللا -2 .201-3/198ج:ترتيب املدارك).هـ221(وهو من أثبت الناس فيه ، ت

أبو حممد ، علي بن أمحد بن سعيد بن حزم ، الظاهري ، العالمة ، احلافظ ، الفقيه ، اتهد ، ولد بقرطبة سنة -3 .3/1146الذهيب ، تذكرة احلفاظ ، .هـ457هـ، وتويف سنة 384

Page 72: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.ألزم احلكام العامة باتباع مذهب مالك

أما العامل الثاين يف سعة انتشار املذهب فهو تأثري علمائه يف األوساط االجتماعية اليت عاشوا فيها ، ولقد أجنب املذهب علماء أفذاذا بلغوا رتبة عالية يف فهم الدين و العمل بأحكامه ، و احتلوا مكانة مرموقة يف نفوس الناس ، فكان لذلك اإلعجاب الشديد

. يف دفع الناس إىل التعلق باملذهب املالكي بشخصيام أثر قوي

Page 73: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

. املدارس الفقهية يف املذهب املالكي: املبحث الثاين

.املدرسة املدنية: املطلب األول

املدرسة املدنية هي املدرسة األم ، و النبع الذي انبثقت منه كل روافد املذهب ، لقد ل أفذاذ من تالمذة مالك رمحه اهللا ، برزوا يف نشأت هذه املدرسة و تطورت على يد رجا

.العلم يف حياته ، و احتلوا مكانته العلمية بعد وفاته ، وهم تالمذة كثر

، الذي قعد )1(ويتصدر هذه املدرسة تالميذ اإلمام مالك املدنيون ، وهم عثمان بن كنانة الذي )2(بن نافع الصائغ جملس مالك بعد وفاته ، و كان مقربا لديه يف حياته ، وعبد اهللا

، وعبد )4(، و حممد بن مسلمة )3(جلس جملس ابن كنانة بعد وفاته ، و حممد بن دينار ..............................................................، )5(امللك بن املاجشون

--------------------

، كان من فقهاء املدينة ، أخذ عن مالك ، و -رضي اهللا عنه-عفانعثمان بن عيسى بن كنانة ، موىل عثمان بن -1- 3/21ج:ترتيب املدارك).هـ186(، و قيل ) هـ185(كان جملسه عن ميينه ال يفارقه ، اختلف يف سنة وفاته فقيل

22.

منه ، مسع" القرينني"عبد اهللا بن نافع الصائغ ، صحب مالكا أربعني سنة ، وهو قرين أشهب ، يعرف معه بـ-2 .1/409ج:الديباج-130-3/128ج:ترتيب املدارك).هـ186(سحنون و كبار أصحاب مالك ، ت

حممد بن إبراهيم بن دينار ، كان فقيها فاضال ، صحب مالكا و ابن هرمز ، كان يفيت أهل املدينة مع مالك ، ت -3 .20-3/18ج:ترتيب املدارك).هـ182(

: ملدينة من أصحاب مالك ، و كان أفقههم ، اختلف يف سنة وفاته فقيلحممد بن مسلمة ، أبو هشام ، أحد فقهاء ا-4 2/156ج:الديباج-3/131ج:ترتيب املدارك.هـ210،206،216

عبد امللك بن عبد العزيز بن أيب سلمة املاجشون ، موىل قريش ، كان فقيها فصيحا ، دارت عليه الفتوى يف أيامه -5 .7-2/6ج:الديباج-3/136ج:ترتيب املدارك.هـ212،213،214: إىل أن تويف، اختلف يف وفاته قيل

Page 74: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.و مطرف بن عبد اهللا....

وهذان األخريان كانا األكثر تأثريا يف انتشار املذهب و تطوره ، محال لواء هذه املدرسة ردحا من الزمن ، حىت عدا أشهر من علم مالك ، و كانت آراؤمها و خترجياما من

)2(.، لكثرة ما يتفقان عليه من األحكام" األخوين" ا استحقا لقباالتفاق، حىت أم

ظلت املدرسة املدنية مصدر إشعاع لكل البالد اليت انتشر فيها املذهب املالكي ، فقد كانت إليها الرحلة من األندلس ، و إفريقية ، و مصر ، و العراق ، وغريها من بالد

.اإلسالم، مما نتج عنه انتقال روايات و آراء أئمتها إىل تلك البالد

مطرف إىل بالد األندلس ، و إفريقية ، و مصر بواسطة ابن فقد انتقل فقه ابن املاجشون و ، الذي يعترب من أمهات كتب الفقه " الواضحة " حبيب، الذي دون آراءمها يف كتابه

.املالكي

الذي عزا له الكثري من )3(و انتشر فقه ابن نافع يف إفريقية بواسطة تلميذه سحنون .الروايات و اآلراء يف مدونته

كنانة ، و حممد بن دينار ، فقد كانت هلم كتب انتشرت عنهم يف إفريقية بواسطة و أما ابن

--------------------

، صحب - رضي اهللا عنها–مطرف بن عبد اهللا بن سليمان اليساري ، أبو مصعب ، موىل ميمونة أم املؤمنني -1ترتيب .هـ220، تويف باملدينة سنة مالكا سبع عشر سنة ، روى عن مالك و غريه ، و درس على ابن املاجشون

.2/340ج:الديباج -3/133ج:املدارك

.64م، ص1421/2000،دار البحوث، ديب،1حممد إبراهيم علي،اصطالح املذهب عند املالكية،ط -2

سحنون ، عبد السالم بن سعيد بن حبيب التنوخي ، كان عامل إفريقية يف عهده بال منازع ، وهو صاحب املدونة -3 .626- 3/585ج:ترتيب املدارك.ة اليت تعترب من أمهات املذهب املالكياملشهور

Page 75: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.حممد بن بسطام

كما انتشرت آراء حممد بن مسلمة ، و ابن املاجشون وغريمها يف العراق بواسطة ابن )4(.و غريمها )3(، و إمساعيل بن إسحاق )2(املعذل

ظلت مدرسة املدينة نشطة يف أداء رسالتها إىل أن أصاا ما أصاب املدارس السنية األخرى حتت سيطرة الشيعة على املدينة يف منتصف القرن الرابع ، وحكمهم مبذهبهم حىت خلت

ابن : ائيا من أحكام أهل السنة ، مث عاد إليها نشاطها بظهور قاضي املدينة املالكي د متيزت هذه املدرسة بانتهاج منهج معني ، اختصت به عن بقية املدارس لق، )5(فرحون

املالكية األخرى، ذلكم هو منهج االعتماد على احلديث بعد القرآن مرجعا لألحكام دون صلى - النظر إىل كون العمل موافقا أو غري موافق ، ما دام ذلك احلديث ثابتا عن رسول اهللا

)6(.-اهللا عليه وسلم

--------------------

. 2/188ج:الديباج.هـ313أبو عبد اهللا ، حممد بن بسطام الضيب السوسي،كان كثري الروايات و الكتب ،ت -1

أمحد بن املعذل ، من أصحاب ابن املاجشون ، و حممد بن مسلمة ، فقيه مبذهب مالك ، كان أهل البصرة يلقبونه -2 .7-4/5ج:رتيب املداركت.لفقهه و نسكه ، ال تعرف سنة وفاته" الراهب"بـ

إمساعيل بن إسحاق بن إمساعيل اجلهضمي ، األزدي ، املعروف بإمساعيل القاضي ، له كتب كثرية ، -3 .287- 1/282:الديباج.292- 4/278ج:ترتيب املدارك.هـ282ت

-52ص، 1422/2002، مركز زايد للتراث،اإلمارات،1حممد املامي، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ، ط-454.

إبراهيم بن علي بن حممد ، ابن فرحون ، اليعمري ، املدين ، نشأ باملدينة وويل قضاءها ، و صنف و مجع ، له -5 .32-30ص:نيل االبتهاج.هـ799الديباج املذهب ، ت:مؤلفات عدة منها

.65اصطالح املذهب عند املالكية ، ص -6

Page 76: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

بد امللك بن املاجشون و مطرف إذ وقد برز هذا املنهج عند إمامني من أئمتها مها ع .تعاضدت جهودمها فيه ، و احتدت رؤامها

، )2(، و عبد امللك بن حبيب )1(وقد سار معهم على هذا النهج عبد اهللا بن وهب املصري .آراء ابن املاجشون و مطرف إذ دون

كره ولعل هذا النهج كان سبب التأثر جبانب من شخصية مالك رمحه اهللا ، حيث كان ي الرأي و يذمه ، و حيث على التمسك بالدليل مىت صح ، فحمل تالميذه املدنيون ذلك على إطالقه ، و رأوا أن عرض احلديث على العمل بعد أن صح هو نوع من الرأي الذي ذمه

) 3(.مالك

--------------------

مؤلفات منها مساعه من عبد اهللا بن وهب بن مسلم القرشي، صحب مالكا ثالثني سنة ، له -1 .242-3/228ج:ترتيب املدارك.هـ197مالك،ت

عبد امللك بن حبيب بن سليمان السلمي ، مسع من ابن املاجشون و مطرف و عبد اهللا بن عبد احلكم ، و أصبغ بن -2 .12-2/11ج:الديباج.141-4/122ج:ترتيب املدارك.الفرج ، له كتب أشهرها الواضحة

.57-55املالكي مدارسه و مؤلفاته ، صاملامي ، املذهب -3

Page 77: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املدرسة املصرية: املطلب الثاين

تعد املدرسة املصرية أول مدرسة مالكية تأسست بعد مدرسة املدينة املشرفة ، و ذلك جبهود كبار تالمذة مالك رمحه اهللا ، الذين أخذوا عنه علمه مث رحلوا إىل مصر ، كعثمان

، اللذين يعتربان أول من قدم )2(الرحيم بن خالد اجلمحي، وعبد )1(بن احلكم اجلذامي، و سعيد بن عبد اهللا )3(مصر مبسائل مالك ، و من بعدمها طليب بن كامل اللخمي

.، وغريهم ممن كانت له اليد الطوىل ، يف نشر مذهب مالك رمحه اهللا يف مصر )4(املعافري

سسوها احلقيقيون ، كابن القاسم ، و وعن هؤالء العلماء ، أخذ أقطاب هذه املدرسة ومؤ فيما يبدو -، قبل رحلتهم إىل مالك ، اليت كان اهلدف منها )5(، و عبد اهللا بن احلكم أشهب

التوثق مما أخذوا عن شيوخهم من تالميذ مالك ، أو نيل شرف -و خباصة عند ابن القاسم .علو اإلسناد

--------------------

ترتيب .هـ163، من أصحاب مالك املصريني ، روى عنه ابن وهب ، تعثمان بن احلكم اجلذامي -1 .3/53ج:املدارك

ترتيب .هـ163عبد الرحيم بن خالد اجلمحي ، روى عن مالك املوطأ ، وروى عنه ابن وهب ، ت-2 .3/55ج:املدارك

.3/61ج:ترتيب املدارك.هـ173طليب بن كامل اللخمي ، أندلسي ، سكن اإلسكندرية ، ت-3

ترتيب .هـ173بن عبد اهللا املعافري ، من أصحاب مالك املصريني ، أعان بن وهب على تآليفه ، تسعيد -4 .57-3/56ج:املدارك

عبد اهللا بن احلكم ، ولد مبصر ، مسع من مالك ، وروى عن ابن وهب ، و ابن القاسم و أشهب ، كان أعلم -5 .3/363ج:ترتيب املدارك.هـ214أصحاب مالك مبختلف قوله ، ت

Page 78: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ما عادوا إىل مصر عادوا مبذهب مالك أصوال و فروعا ، و أخذوا ينشرونه بني الناس عرب فلحلقات التدريس و التأليف ، و قد ساعدهم يف ذلك اتصاهلم الدائم مبالك أيام حياته ، سواء

.عن طريق املراسلة فيما أشكل عليهم ، أو عن طريق زيارم املتكررة له

... )2(، و احلارث بن مسكني )1(من بعدهم أصبغ بن الفرج مث محل لواء هذه املدرسة و .... )4(، و حممد بن املواز )3(وغريمها ، و من بعدهم حممد بن عبد اهللا بن عبد احلكم

)5(.غريمها

ظلت املدرسة املصرية تؤيت مثارها يانعة ، و توايل القيام بدورها يف النشاط املذهيب حىت بيدي ملصر باضطهاده ، و مضايقاته لعلماء املالكية حىت أفضى ذلك أصاا وباء احلكم الع

إىل قتل الكثري منهم، و نفي و تشريد مابقي منهم ، و ذلك مما ميكن أن يعد سببا يف اية )6(.العطاء هلذه املدرسة

--------------------

فدخلها يوم مات ، صحب ابن القاسم ، و أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع ، رحل إىل املدينة ليسمع من مالك ، -1ترتيب .هـ225أشهب ، و ابن وهب ، كان من أفقه أهل مصر ، و عليه تفقه ابن املواز و ابن حبيب، ت

.22-4/17ج:املدارك

احلارث بن مسكني ، أبو عمرو ، مسع من ابن القاسم ، و ابن وهب ، و أشهب ، دون أمسعتهم و بوا ،له كتاب -2 .36-4/26ج:ترتيب املدارك.هـ250يه رأيهم ، ت فيما اتفق ف

حممد بن عبد اهللا بن احلكم ، مسع من أبيه ، و أشهب ، و ابن وهب ، و ابن القاسم ، صحب الشافعي و أخذ عنه -3 .4/157ج:ترتيب املدارك.هـ268كتاب الرد على أهل العراق ، ت:، إليه انتهت الفتيا مبصر ، له تآليف كثرية منها

ن إبراهيم بن زياد اإلسكندراين، املعروف بابن املواز، تفقه على ابن عبد احلكم، و اعتمد على أصبغ و حممد ب-4 .164-2/166ج:الديباج.هـ281هـ و قيل269احلارث بن مسكني،وغريهم ، ألف كتابه املشهور باملوازية، ت

.71املصدر نفسه ، ص-6 . 69-67املامي ، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ، ص-5

Page 79: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

احتلت املدرسة املصرية مركز القيادة بني املدارس املالكية ، فهي يف احلقيقة اجلذع السامق لشجرة املذهب ، فعلى مساعات ابن القاسم و ما قدمه يف املدونة من آراء مالك ، و آرائه

)1(.هو الشخصية ، اعتمدت املدارس املالكية كلها بعامة

، جنبا إىل جنب مع " العمل " ملدرسة املصرية رائدة منهج اعتماد السنة األثرية و تعترب ا احلديث ، أي العمل بالسنة اليت وافقها سلف أهل املدينة ، وهو ما كان مالك رمحه اهللا

.يعرب عنه بإمجاع أهل املدينة

قد كان للسري وهو املنهج الذي ساد املذهب املالكي ، و تبنته أكثرية مدارس املذهب ، و يف هذا املنحى دور كبري يف تبين أحكام كثرية يف املذهب ، إذ يعد أحد أهم األصول

)2(.االجتهادية فيه

--------------------

.70اصطالح املذهب عند املالكية ، ص-1

. 72املصدر نفسه ،ص-2

.72املامي ، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ، ص-

Page 80: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املدرسة العراقية:الثالثاملطلب

انتشر املذهب املالكي يف العراق ، و ازدهر خصوصا يف البصرة و بغداد ، بواسطة أصحاب مالك رمحه اهللا مثل عبد الرمحن بن مهدي ، و عبد اهللا بن مسلمة القعنيب ، مث

أسرة آل و غريمها ، مث بأتباعهم من )1(بأتباعهما ، كابن املعذل ، و يعقوب بن أيب شيبة، وابن عمه أيب عمر حممد بن يوسف بن ، كالقاضي إمساعيل بن إسحاق )2(محاد

.و غريهم )4(، و من غري آل محاد ، كالقاضي أيب الفرج البغدادي )3(يعقوب

............................................................................................)5(مث باألري

--------------------

ترتيب ).هـ262(يعقوب بن أيب شيبة بن الصلت السدوسي ، كان باررعا يف مذهب مالك ، ت -1 .154-4/150ج:املدارك

كانت هذه البيت على كثرة رجاهلا ، وشهرة أعالمها ، من أجل بيوت العلم يف العراق ، و أرفع مراتب السؤدد -2أقطار األرض ، و انتشر ذكرهم ما بني املشرق و املغرب ، و تردد العلم يف طبقام يف الدين و الدنيا ، روي عنهم يف

حنو ثالمثائة عام ، من زمن جدهم اإلمام محاد بن زيد إىل وفاة آخر من وصف منهم بالعلم ، املعروف بابن أيب .277- 4/276ج:ترتيب املدارك.يعلى

محاد ، كان حاجب إمساعيل القاضي ، مث توىل القضاء بعده ، أبو عمر حممد بن يوسف بن يعقوب بن إمساعيل بن -3 .8-5/3ج:ترتيب املدارك).هـ320(ت

القاضي عمر أبو الفرج بن حممد بن الليث البغدادي ، من الفقهاء الثقات ، صحب القاضي إمساعيل و تفقه معه ، -4اللمع يف أصول الفقه ، احلاوي يف مذهب مالك ، و: أخذ عنه أبو بكر األري ، له مؤلفات منها

.23-5/22ج:ترتيب املدارك).هـ320(ت

حممد بن عبد اهللا بن صاحل ، املكنى أبا بكر ، و املشهور باألري ، كان القيم مبذهب مالك يف العراق ، له كتاب -5 .23-5/22ج:ترتيب املدارك).هـ320(الرد على املزين ، و كتاب األصول ، وكتاب إمجاع أهل املدينة ، ت

Page 81: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و القاضي عبد )3(، و ابن القصار )2(، و ابن اجلالب )1(و كبار أتباعه كالباقالين... )5(. )4(الوهاب البغدادي

أدت املدرسة العراقية دورا مهما يف تطوير املذهب املالكي تأصيال و تفريعا ، لكن مع بداية القرن اخلامس اهلجري بدأ جنم املذهب املالكي يأفل بالعراق ، بل انقطع املذهب

.ببغداد، فلم يبق ا إمام من حنو اخلمسني و األربعمائة

هجرة القاضي عبد الوهاب إىل مصر ، إال والشك أن أوىل بوادر هذا الضعف ظهرت مع أن هذا الضعف يف هذا اجلناح املالكي ، مل حيرم آراء املدرسة العراقية و ترجيحاا و كتبها

)6(.أن تؤدي دورا مهما يف املذهب و آرائه و تطوره الفقهي

ي تأثر بالبيئةو بالرغم من أن املدرسة العراقية وليدة املدرسة املدنية ، إال أن منهجها الفقه

--------------------

حممد أبو بكر بن الطيب بن حممد ، املعروف بالباقالين ، انتهت إليه رئاسة املالكيني يف وقته ، كانت له حلقة -1 2/288ج:الديباج).هـ403(عظيمة جبامع املنصورة ببغداد ، ت

اخلالف ، و كتاب التفريع يف املذهب مشهور ، عبد اهللا أبو احلسن بن القاسم بن اجلالب ، له كتاب يف مسائل -2 .1/461ج:الديباج).هـ378(تفقه على األري و كان من أحفظ أصحابه و أنبلهم ، ت

علي بن أمحد البغدادي ، املعروف بابن القصار ، كان أصوليا نظارا ، ويل قضاء بغداد ، له كتاب يف اخلالف -3 .2/100ج:الديباج).هـ398(، ت" عيون األدلة يف مسائل اخلالف:"عنوانه

عبد الوهاب بن نصر البغدادي ، أخذ عن األري و تفقه على كبار أصحابه ، كابن اجلالب ، و ابن القصار -4النصرة ملذهب إمام دار اهلجرة ، : وغريهم ، له كتب كثرية ، ألف يف املذهب ، و اخلالف ، و األصول ، من مؤلفاته

.29- 2/26ج:الديباج).ه422(، كتاب التلقني ، املعونة يف الفقه ، تويف يف مصر سنةاإلشراف على مسائل اخلالف

.80-79املامي ، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ، ص -5

.70-69اصطالح املذهب عند املالكية ، ص -6

Page 82: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.السائد فيها و املتغلب" أهل الرأي" الفقهية يف العراق ، و اليت كان منهج مدرسة

و نتيجة هلذا التأثر متيزت مدرسة العراق املالكية مبيلها إىل التحليل املنطقي للصور الفقهية ، و االستدالل األصويل ، و ذلك بإفراد املسائل ، و حترير الدالئل ، على رسم اجلدليني و أهل النظر من األصوليني ، وهو املنهج الذي يشار إليه عند املالكية املتأخرين بطريقة

)2(:، و من مميزات املدرسة العراقية )1(العراقيني

اهتمام أئمة هذه املدرسة بالتقعيد و التأصيل ، أكثر من اهتمامهم بشروح األلفاظ و تتبع -أاملرويات و السماعات ، ولعل هذا يرجع إىل احتكاكهم باملذاهب األخرى ، كاملذهب

كفن يف مرحلة مبكرة مقارنة باملذهب احلنفي و املذهب الشافعي اللذين بدأ فيهما التقعيد .املالكي

االعتناء بالفقه االفتراضي ، و التوسع يف استعمال القياس وتوليد املسائل و تفريعها ، - بوذلك أيضا لعله من التأثر بالبيئة ، فقد كان مالكية العراق يعايشون فقهاء احلنفية الذين

.ازدهر لديهم فقه االفتراض

راق كانوا أكثر ميال إىل االستدالل و املناظرة و املناقشة و الرد على أن مالكية الع-جـ .املخالفني

.أن مالكية العراق كانوا األسبق إىل التصنيف يف األصول و القواعد الفقهية و الفروق-د

--------------------

.68-67اصطالح املذهب عند املالكية ، ص-1

الة األردنية للدراسات -مسات املدرسة العراقية يف املذهب املالكي –بيشي عبد ايد الصالحني ، إمساعيل الد-2املامي ، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته - .م2010/ه1431-)89-61(ص-1:العدد-6:الد -اإلسالمية

.87-85ص

Page 83: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1.(املدرسة املغربية: املطلب الرابع

تشمل املدرسة املغربية ذا االصطالح بالد مشال إفريقية و األندلس ، لقوة االتصال بني هذه البالد، و تداخل نشاطهما العلمي ، لذا ال جند عند املتأخرين فصال بني املدرستني ، بل ء يعدون علماء املدرسة األندلسية من املدرسة املغربية ، خاصة و أن الكثري من هؤالء العلما

.هجروا األندلس بعد حمنتها و التجأوا إىل املغرب ، و مشال إفرقية عموما

لقد غمر املذهب املالكي بالد املغرب اإلسالمي ، بواسطة تالميذ اإلمام مالك الوافدين إليه ، و ، و البهلول بن راشد منها و الذين ربا عددهم عن ثالثني تلميذا ،و يعترب علي بن زياد

احلجر األساس يف هيكلة الفقه اإلسالمي ،)3(، و عبد اهللا بن غامن )2(ن أشرسعبد الرحيم ب .باملغرب ، و نواة الشجرة اليت تولدت عنها جنة باسقة

أسد بن : مث محل لواء هذه املدرسة من بعدهم تالميذهم ، و الذين برز منهم اإلمامان تدوين فقه هذه املدرسة ، من خالل ، و سحنون ، اللذان كان هلما أكرب األثر يف )4(الفرات

--------------------

116-95املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ص-املامي-1

.بتصرف 81-72اصطالح املذهب عند املالكية ص-

ترتيب .عبد الرحيم بن أشرس ، أبو مسعود ، مسع من مالك و ابن القاسم ، مل تذكر سنة وفاته -2 .86-3/85ج:املدارك

ترتيب ).هـ190(عبد اهللا بن غامن القاضي ، مسع من مالك و سفيان الثوري ، ويل القضاء ، ت -3 .79-3/65ج:املدارك

أسد بن الفرات بن سنان ، أبو عبد اهللا ، أخذ عن علي بن زياد قبل رحلته إىل املشرق ، -4 .1/305ج:الديباج).هـ213(ت

Page 84: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

سحنون ، وقد عرفت املدرسة " مدونة"، و " األسدية"كتاب أسد بن الفرات املعروف بـ .يف عهدمها ازدهارا كبريا

، و أصحابه خاصة )1(مث خلفت هؤالء كوكبة من العلماء كان من أبرزها أبو بكر اللباد ، الذي أسس فرعا هلذه املدرسة مبدينة فاس باملغرب األقصى ، و الذي )2(دراس بن إمساعيل

ي يف املغرب بعامة و األندلس خباصة بعد استقرار أضحى فيما بعد املمثل للمذهب املالكالذي مجع )3(املهاجرين من علماءه يف أحناء املغرب العريب ، وكذلك ابن أيب زيد القريواين

النوادر و "ما تناثر من روايات و آراء أئمة املذهب يف املدونات املالكية يف كتابه املعروف بـ، و ابن )4(تالميذ تالميذه من مثل الرباذعي،مث جاء من بعده تالميذه و " الزيادات

...............................................................)6(، و اللخمي)5(يونس

--------------------

أبو بكر حممد بن حممد بن وشاح ، املعروف بابن اللباد ، كان رجال صاحلا ، فقيها ، عاملا باختالف أهل املدينة و -1 . 295-5/286ج:ترتيب املدارك).هـ333(جتماعهم، تا

ترتيب ).هـ375(دراس بن إمساعيل ، من أهل مدينة فاس ، أخذ عن أيب بكر اللباد و غريه ، ت-2 .84-6/81ج:املدارك

أبو حممد عبد اهللا بن أيب زيد القريواين النفزي ، كان إمام املالكية يف عصره حىت عرف مبالك الصغري ، له مؤلفات-3 .221-6/210ج:ترتيب املدارك).هـ386(الرسالة ، النوادر و الزيادات ، ت:كثرية منها

أبو سعيد خلف بن القاسم الرباذعي ، تفقه على ابن أيب زيد و غريه ، له كتاب مشهور معروف بالتهذيب اختصر -4 .7/356ج:ترتيب املدارك).هـ438(فيه املدونة، ت

مي ، كان فقيها إماما ، هو أحد األربعة الذين اعتمدهم خليل يف خمتصره ، له أبو بكر عبد اهللا بن يونس التمي-5. 241-2/240ج:الديباج).ه451(كتاب مشهور باجلامع ، مجع فيه مسائل املدونة و النوادر البن أيب زيد ، ت

أبو احلسن علي بن حممد الربعي املعروف باللخمي ، هو أحد األربعة الذين اعتمدهم خليل يف خمتصره ، له كتاب -6 . 105-2/104ج:الديباج).هـ478(التبصرة، ت

Page 85: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، فكانت عنايتهم باملدونة اختصارا و ذيبا ، أو مجعا بينها و بني )1(، و املازري... .احتوت عليه بواطن أبواا ، و تصحيح رواياااملدونات األخرى ، أو حتقيق ما

هذا عن جناح املدرسة املغربية يف تونس و ما جاورها اليت لقيت من جور العبيديني و اضطهادهم الكثري ، إال أا كافحت يف سبيل البقاء ، و صمدت لكل عوامل الظلم و

.االستبداد ، إىل أن ضعفت دولة العبيديني

ألندلسي فإن املؤرخني يعدون زياد بن عبد الرمحن امللقب بشبطون املؤسس و أما جناحها ا هلذه املدرسة فهو أول من أدخل إليها موطأ مالك ، إال أن فضل تثبيت املذهب املالكي

الذي أخذ عن مالك املوطأ ، مث توجه إىل مصر بعد )2(يرجع إىل اإلمام حيىي بن حيىي الليثي ).ابن القاسم و ابن وهب(زعيمي املدرسة املدنية و املصريةوفاة مالك ، لينهل من علم

الذي أخذ عنه كما أخذ عن اإلمام سحنون مث )3(مث محل لواء املدرسة بعده تلميذه العتيب دون مستخرجته اليت مجع فيها أقوال مالك و أصحابه فاعتىن ا أهل األندلس و عكفوا

الذي )4(أفضى األمر بعده إىل تلميذه ابن لبابةعليها و اعتمدوها و هجروا ما سواها ،مث

--------------------

التلقني ، شرح الربهان :أبو عبد اهللا بن علي التميمي املازري ، بلغ رتبة االجتهاد ، له مؤلفات كثرية منها -1 .251-2/250ج:الديباج).هـ536(للجويين، ت

، مسع من مالك و ابن القاسم ، وبه " عاقل األندلس"حيىي بن حيىي بن كثري الليثي ، إمام أهل بلده ، مساه مالك -2 . 394-3/379ج:ترتيب املدارك).هـ233(انتشر مذهب مالك يف األندلس ، ت

ون و غريمها ، كتابه حممد بن أمحد بن عبد العزيز العتيب ، كنيته أبو عبد اهللا ، مسع من حيىي بن حيىي و سحن-3 . 254-4/252ج:ترتيب املدارك).هـ254(، ت"العتبية"املشهور بـ

.156-5/153ج:ترتيب املدارك).هـ314(حممد بن عمر بن لبابة ، أبو عبد اهللا ، أخذ عن العتيب و غريه ، ت-4

Page 86: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.دارت عليه األحكام ، و تدريس الرأي أكثر من ستني سنة

يتها ، و يطري ذكرها ، و ينمو عطاؤها على يد زمرة من ومل تزل هذه املدرسة يذيع ص ، و القاضي عياض، )3(، و ابن العريب )2(، و الباجي )1(ابن عبد الرب:أفذاذ العلماء من أمثال

.)6(، و الشاطيب )5(و ابن رشد

الذين اجتهوا إىل دراسة الفقه ، دراسة مقارنة ، خترجه من املقارنة بني آراء علماء املذهب، إىل املقارنة بني آراء أئمته ، وآراء غريهم من األئمة اآلخرين ، و اختيار الصاحل منها ، تبعا لقوة دليله ، ومل ينقطع عطاء هذه املدرسة إال بعد احملنة اليت أصابت بالد األندلس حيث

.هجرها كثري من العلماء وتفرقوا يف البالد اإلسالمية

--------------------

عبد اهللا بن عبد الرب النمري القرطيب ، أبو عبد اهللا ، احلافظ ، شيخ علماء األندلس و كبري حمدثيها ، يوسف بن -1ترتيب . هـ 463التمهيد ، االستذكار ، االستيعاب ، ت:ألف تواليف كثرية طارت باآلفاق منها

.130-8/127ج:املدارك

، حمدث ، له كتاب املنتقى يف شرح املوطأ ، اإلشارة يف أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي ، فقيه ، نظار ، حمقق -2 .8/117ج:ترتيب املدارك.هـ474أصول الفقه ، ت

أبو بكر حممد بن عبد اهللا املعافري ، املعروف بابن العريب ، هو ختام علماء األندلس ، من أهل التفنن يف العلوم،و -3-2/252ج:الديباج. هـ 543، له تصانيف كثرية ، تاالستبحار فيها ، كان نبيال ، فصيحا ، شاعرا ، أديبا

256.

أبو الوليد حممد بن أمحد بن رشد احلفيد ، قرطيب ، فقيه ، أديب ، أحد أئمة املالكية يف عصره ، له مؤلفات كثرية -4 .259- 2/257ج:الديباج.هـ595بداية اتهد ، ت:منها

القدم الراسخة يف الفتوى ، فقها و أصوال و تفسريا و أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي ، الشاطيب ، له -5-46:نيل االبتهاج.هـ790املوافقات ، االعتصام ، ت: حديثا، مع التحري و التحقيق ، له تآليف كثرية نفيسة منها

49 .

Page 87: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و ) العراقية-املصرية-املدنية(تعترب املدرسة املغربية حبق ، نتاجا ملدارس املالكية الثالث فقد مجعت مميزات تلك املدارس ، و ذلك بتضافر جهود أئمتها ، بدءا من علي بن بالتايل

زياد الذي كان يتبىن الفقه التنظريي الفرضي ، و أسد بن الفرات ، الذي أخذ عنه تلك الفكرة، ومناها بدراسته األكادميية يف مدرسة الرأي بالعراق ، اليت أمثرت فرضيات األسدية ،

ي ربط فقه األسدية باألثر على طريقة أهله املدينة ، دون أن يهمل ما مرورا بسحنون الذعليه العمل من ذلك األثر على سنن أهل مصر ، و ابن أيب زيد و ابن عبد الرب اللذين عمقا ذلكم املفهوم جبمعهما ما تناثر يف أمهات دواوين فقه مدارس املالكية املختلفة سالكني يف

نة ، و انتهاء بالقرايف و غريه ، ممن اعتىن جبمع فكر مدارس فقه ذلك مسلك إمامهم يف املدواملالكية املختلفة و الترجيح بني آرائها و اختيار ما هو راجح منها و دعا إىل االستمرار يف

.ذلك املنهج دون تعصب

ونظرا لسلوك أئمة هذه املدرسة هذا النهج ، فإنك من الصعب أن جتدهم انفردوا بالرأي لة، إذ هم يف غالب آرائهم تابعون للمدارس األخرى ، فنجد بعضهم يرجح رأي يف مسأ

املدنيني و جتد البعض اآلخر يرجح رأي املصريني ، بل رمبا رجحوا رأيا خارجا عن آراء املالكيني ، كما هو معروف عند ابن عبد الرب و ابن العريب و بن رشد احلفيد ممن اعتنوا

.باخلالف العايل

------ --------------

.116-115املامي ، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ص-1

Page 88: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أصول املذهب املالكي و خصائصه: املبحث الثالث

.أصول املذهب املالكي: املطلب األول

امتاز املذهب املالكي بكثرة أصوله و تعددها ، إال أن الباحثني يف تاريخ املذهب املالكي هل حدد هذه األصول اإلمام مالك نفسه و نص عليها ؟ أم أا استنبطت من : اختلفوا

)1(:أقواله و منهجه االجتهادي؟ على ثالث اجتاهات

الدارسني ، يرى أصحابه أن اإلمام مالكا وهو املشهور بني جل الباحثني و : االجتاه األولرمحه اهللا مل يضع منهجا خاصا به وال بينه ، لكن املالكية ممن جاؤوا بعده اعتنوا ببيان األصول اليت كان مالك يصدر عنها يف اجتهاده الفقهي ، و اليت تعد أسسا يف املرجعية

على هذه األصول هو استقراء التدليلية ملذهبه ، و كان األساس الذي اعتمدوا عليه للوقوفالفروع و االستدالالت اجلزئية و النظر فيها لتلمح أصول املذهب ، و استخالص املنهج االجتهادي لإلمام ، فخلصت املالكية إىل مجلة أدلة و أصول ، اعتربت األعمدة التدليلية اليت

)2(.بين املذهب عليها

نهجه إمجاال ، مبعىن أنه أشار و نبه ، ومل ينص يرى أصحابه أن اإلمام ذكر م: االجتاه الثاينو :"بقوله -رمحه اهللا تعاىل-إال على مسائل قليلة جدا ، عرب عن هذا الرأي الشيخ أبو زهرة

إننا إذ نتجه إىل دراسة فقه مالك ، البد أن تكون بني أيدينا املادة الفقهية اليت نتعرف منها

--------------------

.94، املؤمتر العلمي لدار البحوث ديب ،ص)اخلصائص و اآلثار(اين، منهجية اإلمام مالك األصوليةحممد التمسم -1

، دار الوعي اإلسالمي، الكويت، 1حامت باي ، األصول االجتهادية اليت يبىن عليها املذهب املالكي،ط-2 .23ص م،2011/هـ1433

Page 89: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

هية اليت أفىت بأحكامها ثابتة السند مسالكه االجتهادية و أصوله يف االستنباط ، و الفروع الفقمؤكدة النسبة إليه ، أو راجحتها ، و لكننا عند هذه الدراسة سنجد مالكا كما أشرنا يف صدر كالمنا مل يدون أصوله ، و إن كان قد ذكر منهاجه إمجاال يف كثري من عبارات

)1(.اشتمل عليها املوطأ و عبارات رويت عنه بطريق تالميذه و املعاصرين له

رسم ووضع لنفسه -رمحه اهللا تعاىل-يذهب أصحابه إىل أن اإلمام مالكا : االجتاه الثالث )2(.منهجية خاصة به ، بين معاملها و مسالكها ، و نص على جل أصوهلا و قواعدها

و الذي يظهر يل عند التأمل أنه ميكن حصر هذا االختالف يف اجتاهني فقط ال ثالث :اجتاهات

الذي يرى أن اإلمام مالكا مل ينص على كل أصوله ، و إمنا ذكر بعضها نصا، : األولاالجتاه و أشار إىل البقية ضمن أقواله و اجتهاداته ، وحصر هذه األصول حيتاج إىل عملية استقراء و تتبع ، حىت نتمكن من معرفة هذه األصول مجيعها ، ويشترك يف هذا أصحاب االجتاه األول

.ذكرهم و الثاين السابق

الذي يرى أصحابه أن اإلمام مالكا نص على أصول مذهبه ، و بين معاملها و : االجتاه الثاينمسالكها ، على أنه ميكن اجلمع بني هذين االجتاهني أيضا ، إذ يتفق اجلميع على أن اإلمام

عد أو مالكا مل ينص على كل املصادر و األصول االجتهادية ، و إمنا أشار إليها يف سياق قوا تطبيقات فقهية، فيحتاج حتديدها إىل نظر و تتبع واستقراء ، و هي األصول الداخلة ضمن

--------------------

.168أبو زهرة ، مالك حياته و آراؤه ، ص -1

. 96حممد التمسماين ، املصدر السابق ص-2

Page 90: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.دائرة الرأي

ي يف فقه مالك ما صنعه فقهاء ولقد صنع فقهاء املذهب املالك:" يقول الدكتور أبو زهرة املذهب احلنفي ، فجاؤوا إىل الفروع ، و تتبعوها ، و استخرجوا منها ما يصح أن يكون أصوال قام عليها االستنباط يف ذلك املذهب العظيم ، و دونوا تلك األصول اليت استنبطوها

)1(".على أا أصول مالك

ولقد اهتم غري واحد من املالكية بتعداد األدلة التشريعية اليت بين عليها مذهب مالك ، لكن الناظر يف إحصاء هذه األصول لدى املالكية يلحظ اختالفا يف عدد األصول اليت عزوها ملذهبهم ، فمن املالكية من جعل أصول املذهب أربعة أصول ، و منهم من بلغ ا العشرين

)2(.صال ، و بني هذا اإلحصاء و ذاك إحصاءات تتردد بينهمادليال و أ

و السبب الذي أدى إىل هذا االختالف يف عملية اإلحصاء ما بني مقتصد يف العد و بني )3(:مبالغ يرجع إىل أسباب

أن بعض املالكية يف تعدادهم ألصول املذهب مل يلتزموا االستيعاب وال قصدوه ، و : األول .ذكر أهم األصول و أجالها يف املذهب إمنا كان غرضهم

بعض املالكية جيعل بعض األصول عامة حبيث تشمل أصوال أخرى مفردة عند : الثاين، وهو الشك شامل لكثري " االجتهاد:"غريهم، فمثال جند ابن العريب عد من مجلة األصول

.من األصول كاالستحسان و غريه

--------------------

.272، صاملصدر السابق -1

.23-22املصدر نفسه ، ص -3 .22حامت باي ، املصدر السابق ، ص -2

Page 91: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

االختالف بني املالكية يف االعتداد ببعض األصول و عدها من مجلة أدلة الشرع ، : الثالثوعدم االعتداد ا ، فمن جعلها دليال من أدلة الشرع يف املذهب أدخلها يف سلك أصول

.قول الصحايب: ف مل يدرجها يف إحصائه ، مثلاملالكية ، و من خال

القصور يف اإلحصاء من بعض العلماء يف تعداد بعض أصول املالكية ، فليس من التزم : الرابعاالستيعاب يف اإلحصاء مت له ذلك ، ألن للتقصري مدخال يف عملية اإلحصاء ، إذ هي عملية

.اجتهادية تتعلق بالنظر

أن أصول املذهب املالكي ومن أدق إحصاءات األصول املالكية و أوفاها ما ذكره القرايف القرآن ، السنة ، اإلمجاع ، إمجاع أهل املدينة ، القياس ، قول الصحايب ، املصلحة :" هي

)1(".املرسلة ، العرف و العادات ، سد الذرائع ، االستصحاب ، االستحسان

لك ، وهي أصول بعضها جممع على اعتمادها بني املذاهب ، هذه هي أمهات أصول ما .كالكتاب، و السنة ، و اإلمجاع ، و القياس ، و أخرى يشاركه يف اعتمادها بعض املذاهب

و النظر يف طبيعة األصول اليت بين عليها املذهب املالكي يفضي إىل تقسيمها إىل قسمني هي : فالقسم األول : لنظر أو النقل و السمع من حيث ارتكازها يف حقيقتها على الرأي و ا

.هي األصول النظرية االجتهادية: األصول السمعية النقلية ، و القسم الثاين

هي األصول اليت مرجعها يف األصالة إىل النقل عن الشارع ، و يندرج : فاألصول السمعية اإلمجاع ، وقول : ول الكتاب و السنة ، و يلتحق ا من األص: يف سلك األصول النقلية

.الصحايب ، و شرع من قبلنا ، و عمل أهل املدينة

--------------------

.350م ، ص2004/هـ1424ط ، دار الفكر ، لبنان ، .القرايف ، شرح تنقيح الفصول ، د -1

Page 92: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

القياس، و املصلحة املرسلة، و االستحسان ، : و األصول النظرية االجتهادية عند املالكية هي )1(.سد الذرائع ، و مراعاة اخلالف ، و االستصحابو

--------------------

.36حامت باي ، املصدر السابق ، ص -1

Page 93: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.خصائص املنهج األصويل املالكي:املطلب الثاين

متيز املنهج األصويل للمذهب املالكي عن غريه من املذاهب بعدة خصائص ميكن إمجاهلا :فيما يلي

)1:(كثرة تعداد األدلة و األصول و تنوعها:أوال

لقد فتح اإلمام مالك باب املصادر و األدلة و أكثر منها ، فكان مذهبه خصبا من حيث أصول االستنباط و أدلة االجتهاد ، سواء يف ذلك األدلة النقلية و األدلة االجتهادية ، فقد

ا أصوال نفاها غريهم تأصيال و عملوا ا متسك املالكية بأصول مل يقل ا غريهم ، و قرروفإنه أكثر املذاهب أصوال ، حىت :" ...تفريعا ، قال أبو زهرة يف التنويه بكثرة أصول املالكية

إن علماء من املذهب املالكي حياولون الدفاع عن هذه الكثرة ، و يدعون على املذاهب )2(".كن ال تسميها بأمسائهااألخرى أا تأخذ مبثل ما يأخذ به من أصول عددا ، ول

وهذه الكثرة يف أصول األدلة كان هلا بالغ األثر يف التفريع الفقهي و التخريج املذهيب ، ذلك أن تنوع أصول االحتجاج ، و اختالف أدلة االستنباط ، أعطت املذهب املالكي قوة و

اط مما يؤهلهم حيوية ، ووضعت بني أيدي علمائه من وسائل االجتهاد و أدوات االستنب .لبلوغ درجة االجتهاد ، و ميكنهم من ممارسته

)3.(انفراد املالكية ببعض األصول: ثانيا

--------------------

.110- 109التمسماين ، املصدر السابق ، ص-1

.385مالك حياته و آراؤه ، ص -2

.46حامت باي ، املصدر السابق ، ص -3

Page 94: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

انفرد املذهب املالكي ببعض األصول تفردا كامال ، حبيث مل يشركه فيها غريه من ببعض األصول لكثرة اعتنائه ا ، و تفريعه على مقتضاها ، - كذلك–املذاهب، و اختص

.مع مشاركة غريه من العلماء يف القول ا

، و املصلحة عمل أهل املدينة : و أهم األصول اليت عدت من مميزات مذهب مالك .املرسلة، و سد الذرائع ، و مراعاة اخلالف

:اجلمع بني أصول أهل الرأي و أصول أهل احلديث: ثالثا

أا مجعت بني أصول مدرسة أهل األثر ، و :من أجل خصائص أصول مذهب مالك هل أصول مدرسة أهل الرأي ، فمرتلة األثر عند مالك و أتباعه باحملل األعلى ، فمالك إمام أ

كتاب أثر و حديث ، " و موطؤه"احلجاز اليت كانت موطن أهل احلديث و متبوأهم ، فاألثر معتمده و احلديث مستنده ، و أما الرأي فقد ضرب فيه مالك حبظ وافر ، و أصوله شاهدة على ذلك ، فإنه رمحه اهللا مل يكتف يف الرأي بالقياس ، بل إنه جاوزه ليشمل

ملرسلة وسد الذرائع ، و كل هذه األصول عنده من االجتهاد االستحسان و املصاحل ا )1(.، و إن الناظر يف ذلك ليكاد يصنف مالكا يف سلك جمتهدي الرأي...بالرأي

.مراعاة املصلحة:رابعا

حامل راية العمل -رمحه اهللا–تتفق كلمة أهل العلم من احملققني على أن اإلمام مالكا باملصلحة ، و أن فقهه مصلحي ، يربط األصول الشرعية مبصاحل الناس ، فغالب األصول االجتهادية من قياس و مصلحة مرسلة و استحسان و سد للذرائع و مراعاة للخالف ، هي

--------------------

.50حامت باي ، املصدر السابق ، ص-1

Page 95: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:" و صادرة يف منطقها عنها ، يقول أبو زهرة يف بيان هذه اخلصيصة حائمة حول املصلحة ،إن أصل املصاحل الذي أخذ به مالك ، و سيطر على أكثر فقه الرأي عنده ، حىت أصبح ذلك

، و إنك لو فتشت يف فروع ذلك املذهب ، ..األصل عنوانه ، و ميسمه الذي اتسم به حلكومة يف كل هذه الفروع ، سواء ألبست لوجدت أن املصلحة كانت هي احلكم املرضي ا

املصلحة لبوس القياس و محلت امسه ، أم ظهرت يف ثوب االستحسان و محلت عنوانه ، أم ).1(".كانت مصلحة مرسلة ال حتمل غري امسها ، وال تأخذ غري عنواا

م ينظر إىل روح النص و مآله ، و ذا اختلف مفهو -رمحه اهللا-لقد كان اإلمام مالك الرأي عنده مع مفهوم الرأي عند اإلمام أيب حنيفة ، فلم يكن يف منحاه يف الرأي منحى فقهاء العراق ، بل كان منحاه أن يتعرف على املصاحل ، فجلب املصلحة و رفع احلرج هو

)2(.األصل الوحيد الذي ينتهي إليه الرأي عند مالك و إن تنوعت و سائله

هلا انعكاس على اجلانب العملي و التطبيقي فقد أكسبت وهذه اخلصائص األصولية كان :هذه األصول املذهب املالكي ميزات نذكر منها

قابليته للتطور و التجديد و مواكبته للعصر و املستجدات يف ظل الشريعة اإلسالمية و -أحتت مراقبتها و داخل إطارها الفقهي و حميطها الفلسفي و اخلاليف بفضل أخذه مببادئ

ف و املصلحة املرسلة و سد الذرائع ، فإن هذه األمور ختتلف من عصر إىل عصر و من العربلد إىل بلد ، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل باحث مقتدر ، وكل فقيه جمتهد يتمتع

.باألهلية الضرورية الستنباط ما حيتاج الستنباطه من أحكام

--------------------

.359ه ، ص مالك حياته و آراؤ -1

.110التمسماين ، املصدر السابق ص-2

Page 96: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املرونة يف معاجلة كثري من القضايا الشائكة و احلاالت املستعصية و العمل على حل - ب .املشاكل الطارئة ، بفضل مبدأ مراعاة اخلالف الذي اختذه أصال من أصوله الفقهية

تاب و السنة و ما استنبط السماحة و التيسري يف أحكامه و آرائه رائده يف ذلك الك-جـ منهما

من قواعد أصولية و مبادئ فقهية ،ساعدته على اختاذ أيسر احللول و أخف األحكام ، يف الفقه من العبادات و املعامالت ، و املنازعات ، و شؤون األسرة ، و غري ذلك خمتلف أبواب

تساحما و استجابة حلاجات من أبواب الفقه اليت جاء فيها املذهب املالكي أكثر تيسريا و .الناس يف عبادام و معامالم

البعد املقاصدي حيث يعترب الفقه املالكي من أعمق املذاهب فهما لروح الشريعة -داإلسالمية و مقاصدها و أبعدها نظرا و اعتبارا ملآالا ، و أكثر التزاما مبراعاة حكمها و

. أسرارها عند استنباط األحكام من نصوصها

Page 97: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

."النقد الفقهي" تأصيل مفهوم النقد يف الفقه اإلسالمي: الباب الثاين

.حتقيق مفهوم النقد الفقهي و املصطلحات املرتبطة به :األول فصلال

.شروط النقد الفقهي، و معوقاته، و جماالته: ينالثا فصلال

Page 98: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.حتقيق مفهوم النقد الفقهي و املصطلحات املرتبطة به :األول فصلال

.مفهوم النقد الفقهي و أمهيته: املبحث األول

.املصطلحات املرتبطة بالنقد الفقهي: املبحث الثاين

.النقد الفقهي و عالقته بالتجديد الفقهي: املبحث الثالث

Page 99: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.حتقيق مفهوم النقد الفقهي و املصطلحات املرتبطة به: الفصل األول

.مفهوم النقد الفقهي و أمهيته: املبحث األول

.أصول النقد الفقهي يف الشرع و علومه: املطلب األول

ارتبط النقد وجودا و عدما بوجود اإلنسان و ظهور فكره ، فاإلنسان ناقد بالطبع ، ملا ت ذهنية و نفسية خاصة به ، جعلته يرتاح للحسن و ينقبض عن القبيح ، و أويت من مؤهال

حيثما كان حلركته يف احلياة فكرا و أثرا ثقافيا ، كان النقد يتحرك يف روحه و يسري إىل .جانب فكره ، إن مل نقل إن فكره باألساس كان نقدا

[ فيه اخلطأ ، كان النقد و إذا كان الفكر البشري يعتريه النقص و يشوبه السهو و حيتمل واجبا و ضروريا ، بل البد منه ، إذ بالتقييم املستمر و التقومي املتالحق الذي ] هلذا الفكر

يؤديه النقد تكون املقاربة للحق ، و املالبسة للصواب ، و اجتناب اخلطأ و مفارقة )1(.الباطل

و ذلك من خالل تقرير النقد و الشريعة اإلسالمية راعت هذا اجلانب الطبيعي يف اإلنسان .كأصل شرعي ، فكان النقد تقليدا ممهدا ، ووضعا مألوفا يف الثقافة اإلسالمية عموما

وإن مل ترد كلمة النقد بأي من اشتقاقاا يف القرآن الكرمي و كذلك يف السنة النبوية فيهما إىل هذا باملعىن الذي نريده أي باالصطالح اآليت ذكره ، لكن مثة إشارات كثرية

.األصل

فأما أصول النقد يف القرآن الكرمي فتظهر يف التوجيه القرآين العام الداعي إىل إعمال النظر ،

--------------------

.05ص ،1427/2007، دار اهلادي ، لبنان ، 1إحسان األمني ، منهج النقد يف التفسري ،ط -1

Page 100: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فقد قام األسلوب القرآين من أول األمر على و تطلب الربهان ، وعدم التسليم للدعاوى ، انتقاد السلوكيات و األفكار و العادات السيئة اليت ختالف الفطرة السليمة و الصراط املستقيم ، وقد انتقد اهللا تعاىل يف كثري من اآليات أقواما يف عقائدهم و سلوكيام و بين

التفكر فيما هو احلق و اتباعه بعقل زيف ما يعتقدون و ما يعملون ، و دعاهم إىل النظر و ]الزمر:سورة 19: اآلية[)الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه:(وروية ودراية ،قال تعاىل

فاتباع األحسن من القول يتقدمه االستماع الواعي و النظر يف هذا القول و فحصه، مث من النصوص القرآنية إرشاد إىل منهج النقد و احلكم عليه ، وهذا هو النقد ، ويف كثري

.آدابه ، وهو ما نلمسه يف حوار األنبياء مع أقوامهم ، و دعوم باحلسىن

بالنصوص الكثرية اليت فيها تقرير ملنهج النقد و تصويب -أيضا–وقد حفلت السنة النبوية ها و مصححا مرات كثرية موج -صلى اهللا عليه وسلم-املخطئني ، و قد قام النيب

السلوكيات اليت يراها ال تتناسب و تعاليم اإلسالم ، كتلك اليت ترتع إىل أعراف اجلاهلية ، )1(.أو تلك اليت ترتع إىل التأثر بأهل الكتاب

وقد سار الصحابة على هذا النهج القرآين و اهلدي النبوي،فقد نقلت لنا دواوين السنة و الصحابة لبعضهم البعض و أثرت عنهم أقوال و مواقف اليت وجهها اآلثار تلك االنتقادات

:" ملا ويل اخلالفة - رضي اهللا عنه-تؤكد حبهم للنقد و رحابة صدورهم له ،فقد قال أبو بكرفإن أحسنت فأعينوين ، و إن أسأت أيها الناس ، إين قد وليت عليكم و لست خبريكم،

)2(."فقوموين

--------------------

- 2 . 22،ص2010/هـ1431، دار السالم ، مصر ، 1نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، ط -1م، 2003/هـ1424، دار الكتب العلمية ، لبنان ، 3حممد عبد القادر عطا ، ط:البيهقي ، السنن الكربى ،حتقيق

.6/353، ج12788:رقم

Page 101: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

صلى اهللا عليه و - داق زوجات النيبملا منع زيادة املهر على ص - رضي اهللا عنه -وهذا عمر و آتيتم إحداهن :( وبناته ، قامت إليه امرأة منتقدة عليه قراره هذا حمتجة بقوله تعاىل - سلم

كل أحد أفقه منك يا عمر حىت :" -رضي اهللا عنه–، فيقول ] النساء:سورة- 20:اآلية[)قنطاراقلت عنها انتقادات و استدراكات كثرية على ن - رضي اهللا عنها-، وهذه عائشة )1("النساء

)2(.فتاوى بعض الصحابة

وعلى هذا النهج أيضا سار علماء األمة يف ممارسة النقد يف خمتلف جماالت علوم الشريعة ، وقد حظي علم ... فوجد النقد يف علوم احلديث ، و التفسري ، و علم الكالم و العقيدة

الفقه من ذلك بنصيب كبري ملا متيز به من كثرة اآلراء و تشعب املذاهب وتعدد املدارس .الفقهية

" النقد الفقهي" هذا و قد اصطلح املعاصرون على تسمية النقد يف جمال الفقه و علومه بـ . الذي يأيت يف املطلب التايل بيان مفهومه

--------------------

، 14366:ال وقت للصداق قل أو كثر ، رقم: البيهقي ، السنن الكربى ، كتاب الصداق ، باب :أخرجها -1 .7/233ج ع،هذا سند منقط: وقال

167-1/166ج ، 5598:سعيد بن منصور يف السنن ، رقم: و أخرجها-

،1429/2008، العربية السعودية، 1سليمان بن صاحل الثنيان ، استدراك بعض الصحابة،ط -2 ).2/759ج(

Page 102: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مفهوم النقد الفقهي: املطلب الثاين

النقد الفقهي مصطلح حادث و معاصر ، ال يوجد له تعريف يف الكتب اليت عنيت باحلدود و التعريفات قدميا ، ولذلك اجتهد بعض الباحثني املعاصرين يف وضع تعريف له

.لبيان مفهومه

مطلق التغاير يف الرأي يف إبداء مواضع القصور أو :" فعرفه الدكتور نوار بن الشلي بأنه ، وهذا التعريف قاصر جدا ألنه ال حيدد مفهوم النقد الفقهي بدقة ، وال )1(."صري فيهالتق

يشري إىل موضوع النقد الفقهي الذي هو املادة الفقهية ، و إمنا يصلح تعريفا للنقد مبفهومه العام ، و إن كان الباحث ساقه ضمن حديثه عن الفرق بني اخلالف و النقد الفقهي حيث

فال تقتصر دائرته على األحكام ، و لذلك فقد يتعلق :" الذي ذكره بقوله تعقب التعريفبالنظريات ، أو القواعد األصولية أو احلدود و االصطالحات ، أو غري ذلك من فنون

).2(."الفقه

فهذا التعقيب منه يشري إىل أنه يقصد ذا التعريف النقد الفقهي ، لكن كما سبق بيانه أنه . تعريف قاصر جدا

العملية البحثية اليت تروم حترير مسائل املذهب، :" وعرفه الدكتور عبد احلميد عشاق بأنهسواء من حيث الروايات و األقوال،أو من حيث توجيهها و التخريج عليها،بتمييز أصحها و

)3(".أقواها من ضعيفها و مرجوحها ، و ذلك باعتماد طرق معلومة و مصطلحات خمصوصة

------------- -------

.14نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، مصدر سابق ، ص -1

عبد احلميد عشاق ، منهج النقد و اخلالف الفقهي عند املازري ، دار -3 .16املصدر نفسه ، ص -2 .1/09، ج1426/2005، 1البحوث و إحياء التراث ، اإلمارات العربية املتحدة، ط

Page 103: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهذا التعريف للنقد الفقهي فيه قصور أيضا ، ألنه يتناول نوعا و جانبا واحدا من جوانب النقد الفقهي وهو النقد الداخلي يف املذهب الذي يعىن بتمحيص الروايات و األقوال داخل املذهب ، لكنه يغفل نوعا آخر من أنواع النقد الفقهي وهو النقد اخلارجي للمذهب ، وهو

حبجاج املذاهب األخرى ضمن ما يعرف بالردود و مسائل اخلالف ، كما أنه مل الذي يعىنيتناول جوانب أخرى تدخل ضمن النقد الفقهي تتجاوز دراسة الروايات و األقوال إىل

.دراسة االستدالالت و املؤلفات و طرق تدريس املادة الفقهية

تبيان الصحيح :" الفقهي بأنه وهناك تعريف آخر للدكتور حممد املصلح حيث عرف النقد )1(."و الضعيف من فروع املذهب انطالقا من عرضها على أصوله و قواعده و ضوابطه

وهذا التعريف قريب من التعريف السابق ، كما أنه حصر موضوع النقد الفقهي يف دراسة سبق اإلشارة فروع املذهب و مسائله ، و أمهل اجلوانب األخرى املتعلقة باملادة الفقهية اليت

إليها يف التعليق على التعريف السابق وهي جانب االستدالل و املؤلفات الفقهية و طريقة عرض املادة الفقهية و تدريسها ، وهذه اجلوانب كلها تعرض الفقهاء هلا بالنقد و التقومي

.ولذلك تعترب جانبا مهما يف النقد الفقهي ال ينبغي إغفاله

ة هلذه التعريفات يقترح الباحث التعريف التايل للنقد الفقهي ومن خالل هذه املناقش هو عملية دراسة وتقومي اإلنتاج الفقهي ملذهب من املذاهب : النقد الفقهي:" فأقول ".الفقهية

فالنقد الفقهي يندرج ضمن منظومة املنهجية الفقهية اليت تنطلق من االستنباط و االستدالل

--------------------

حممد املصلح ، اإلمام اللخمي و جهوده يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي ، دار البحوث و إحياء -1 .1/09، ج1428/2007التراث ، اإلمارات العربية املتحدة ،

Page 104: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

لتأيت بعد ذلك مرحلة النقد كخامتة لدراسة و تقييم اإلنتاج الفقهي، وذلك بالنظر يف الفروع للمذهب مث عرضها على أصوله وقواعده، أو أصول االجتهاد و االستنباط و املسائل الفقهية

، ملعرفة مدى توافقها مع هذه األصول أو خمالفتها هلا، فهو عبارة عن عملية تنقيح و متحيص .و غربلة لألقوال و الروايات و االستدالالت يف املذهب ، لبيان الصحيح من الضعيف منها

على املسائل و الفروع الفقهية فقط ، و إمنا يشمل كل ماله عالقة وال يقتصر النقد الفقهي بالنشاط واإلنتاج الفقهي ، كدراسة املؤلفات الفقهية و تقوميها من حيث طريقة عرض املادة

.الفقهية ، كما يتناول بالدراسة و التقومي طرائق تدريس املادة الفقهية

ية العامة ملذهب أو اجتاه فقهي معني ، مثل وقد ينصب النقد الفقهي على املنظومة الفقه االنتقادات املوجهة من مدرسة الرأي إىل مدرسة احلديث ، و العكس ، أو ينصب على جزء

.منها كانتقاد أصل من األصول أو قول من األقوال

ويتوىل عملية النقد علماء املذهب نفسه ، أو يكون النقد متوجها من علماء املذاهب )1(:الفة ، ولذلك مييز الباحثون بني نوعني من النقد الفقهياألخرى املخ

وهو النقد الذي يكون داخل املذهب نفسه ، حيث يهتم علماء : النقد الفقهي الداخلي -أاملذهب بتصحيح أبنيته األصولية و املنهجية ، و سرب املعاين الفقهية و حتليلها و متحيصها ،

.بدراسة أصول املذهب و فروعه

وهو الذي يعىن حبجاج املذاهب األخرى و الرد عليها ، ضمن : نقد الفقهي اخلارجيال - ب .ما يعرف بالردود و علم اخلالف

--------------------

حممد مجيل،منهج االستدالل والنقد و الترجيح عند القاضي عبد الوهاب،حبوث امللتقى األول للقاضي عبد -1 .266ص/4، ج2004/هـ1،1425اإلسالمية و إحياء التراث، اإلمارات،طالوهاب،دار البحوث للدراسات

Page 105: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أمهية النقد الفقهي: املطلب الثالث

يعترب الفقه أكثر العلوم اليت حتتاج إىل وضع مناهج نقدية لكيفية التوصل إىل احلكم ، دالل ، فاالستدالل جهد عقلي و حيتاج إىل كفاءة عالية وموهبة يف دقة الفهم و سالمة االست

وال يستقيم االستنباط إال بوضع منهج نقدي سليم ميكن الباحث من معرفة الضوابط و املعايري املتبعة يف دراسة النصوص النقلية و األقيسة العقلية الستنباط احلكم الشرعي ومدى

يما التزام اتهد ذه املعايري و خباصة يف جمال االستدالل ، كما تربز أمهية النقد الفقهي ف :يلي

النقد الفقهي يساعد على فهم األحكام الفقهية بطريقة أفضل ، إذ يكشف لنا عن كيفية -أاستنباط األئمة للمسألة من مصادرها ، و يبين دقة النظر و البحث و التحقيق فيها ، مث كيفية املناقشة و إيراد األدلة و ردها ، و الكشف عن صحيحها و سقيمها ، و التعرف على كيفية تناول كل جمتهد للمسألة و كيفية تصوره و تكييفه هلا ، و ما هي األدلة اليت اختذها أساسا حلكمه ، و طريقة توجيهه لتلك األدلة ، مث تقييم كل هذا تقييما موضوعيا على

.أسس علمية

النقد الفقهي جيعلنا نقف على أسباب االختالف ، و كيفية نشوئها ، و إىل أي املوارد - بتنتمي فيقدر الباحث من خالله الثروة الفقهية و حيترم املذاهب ، و مييز بني اخلالف املعترب الصادر عن أهله و يف حمله عن غريه ، فينهج ج الصواب يف الفهم و االعتبار ، و ينأى بنفسه عن شواذ املسائل ، و غرائب األقوال، فيكتسب بذلك الدقة ، و ضبط النفس ، و

.يف إصدار األحكامعدم التسرع

النقد الفقهي فيه إحياء للمذهب، و شحذ لطاقاته، و توسيع آلفاقه و إمكاناته عن -جـ

Page 106: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

طريق احملاورة، نصرة للمذهب باألدلة مع التجرد و اإلنصاف، و االبتعاد عن التجني و .االعتساف

لفقهي يصل يف النقد الفقهي يساهم يف إصالح املنظومة الفقهية و جتديدها ، فالبحث ا -دمراحل كثرية من الزمن إىل اهلرم و الشيخوخة ، فيحتاج إىل إعادة بعثه من جديد و لن

.يكون ذلك إال برؤية ناقدة لواقع البحث الفقهي ، ترمي إىل إصالح اخللل املوجود

النقد الفقهي متحيص للفقه و تصفية له من اآلراء الضعيفة و الشاذة ، ففيه إزالة - هـ، فإن من -و النقد يف أحد معانيه اللغوية عملية تقشري للرواسب -اليت علقت به للرواسب

موجبات هرم الفقه عدم تنقيح كتبه ، و إمعان النظر فيما تتضمنه من مسائل و أحكام ، و التأكد من مدى مالئمة ما فيها ألصول املذاهب و قواعدها ، و تفقدها باملراجعة ، و

و قد نبه أهل التحقيق يف املذاهب إىل ضرورة تنقيح الكتب املعتمدة التنقيح ، و التصحيح ، يف الفتوى ، و االحتياط عند النقل يف تاليف ما يصادم النص و اإلمجاع أو القياس ، يقول

فعلى هذا جيب على أهل العصر تفقد مذاهبهم ، فكل ما وجدوه من هذا :" اإلمام القرايفال يعرى مذهب من املذاهب عنه ، لكنه قد يقل و قد النوع حيرم عليهم الفتيا به ، و

)1(".يكثر

النقد الفقهي يكون امللكة الفقهية و ينميها ، حيث مينح الدارس قدرة على املوازنة و -والترجيح ، و دربة على املناقشة و اجلدل ، فيهيء له بذلك طاقة اإلبداع و العطاء العلمي

ط و االجتهاد ، فإن من خصائص اإلبداع الفكري التفاعل األصيل و تكوين ملكة االستنبا . مع أفكار اآلخرين عن طريق تصورها، ومعرفة عوامل التفاوت بينها

--------------------

.2/205، ج 1418/1998دار الكتب العلمية ، لبنان ،، 1ط القرايف ، الفروق ، -1

Page 107: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فالنقد الفقهي هو دراسة ما لدى اآلخرين من آراء و نظريات دراسة يسودها االستقالل يف التفكري و احلكم ، وهذا ما يثمر لنا العقلية الفقهية العلمية اإلبداعية ، ففيه تكوين ألصالة الفكر االجتهادي ، و صقل للملكة الراسخة ، و حتقيق الشخصية العلمية الرتيهة ، إظهارا

قائق الشرع ، و حمافظة على قصد الشارع ، و حتريا له ، باتباع مقتضيات األدلة مجلة و حل .تفصيال

النقد الفقهي حترير للعقل الفقهي من ربقة التقليد الذي أدى إىل العقم الكلي لإلنتاج -ز الفقهي ، فكان من جراء استفحال داء التقليد يف األمة أن ظهرت آثاره السلبية على النشاط

)1(:الفقهي ومنها

الزج بالفقه و الفقهاء يف دائرة الركود و اجلمود ، فقد ركد الفقه ، و تعطلت -1فيه أنفاس احلياة و النشاط ، و توقف الفقهاء عن العطاء ، و مجدوا على نتاج من سبقهم من اتهدين ، و عكفوا على استهالك املوروث ، فتعطلت فيهم

حوته الكتب املذهبية دون مناقشة ، كل هذا جعل امللكات ، و اكتفوا بتقبل ماحركة االجتهاد تفقد قوا يوما بعد يوم ، وخيفت بريقها شيئا فشيئا ، و أصبح الفقهاء يدورون يف حلقة مغلقة من الشروح و احلواشي و التعليقات و املتون و

.املناظراتاليت أصبحت ومن مظاهر الركود و اجلمود شيوع طريقة املتون و املختصرات -2

عبارة عن ألغاز حتتاج إىل من يفكك عباراا ، و حيل ألفاظها ، فكان عصر الشروح و احلواشي و الطرر ، فانصرف الفقهاء عن النقد و اشتغلوا باختزال

--------------------

.166-162، ص2008/هـ1429ط ، دار احملتسب ، اجلزائر ، .خالد عالل ، التعصب املذهيب ، د-1

Page 108: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.حرف أو نقص كلمة ، و ضيعوا األوقات يف اخلصومة يف معاين الكلمات

و من مظاهره شيوع املناظرات و اجلدل ، و انكباب املتأخرين على االشتغال ا، يرغبهم فيها التنافس و التعصب ، و يدفعهم إليها مناصرة املذاهب و النيل

. من املخالفني

نرى مصنفا يف اخلالف ينتصر لغري مذهب مث إنا مع ذلك ال :" )1(يقول املقريصاحبه ، مع علمه برؤيته للحق يف بعض آراء خمالفيه ، و هذا تعظيم للمقلدين

)2(".بتحقري الدين ، و إيثار للهوى على اهلدى

عدم تفقد الفقهاء أقوال مذاهبهم ، ألا جعلت يف مرتلة النصوص الشرعية فهي -3إن اإلمام ملن التزم تقليد مذهبه ، :" قال بعضهمغري قابلة للنقد و املراجعة حىت

)3(".كالنيب عليه السالم مع أمته ال حيل له خمالفته

فاملقلدة ال يتعهدون كتب املذاهب و أقوال األئمة ، و ال يتفقدوا باملراجعة ، و التنقيح ، و التصحيح ، و التأصيل ، بل يرضون ا ، و يسلمون مبا فيها على أنه

س ، ال يقبل املناقشة فضال عن النقد و الرد ، فلم يك من السهل على وحي مقد الواحد منهم أن يقف حلظة ليتأمل مقررات املذهب ، و أقوال األصحاب ، و

--------------------

، أديب ، قاض ، من أكابر علماء )هـ759ت(حممد بن حممد بن أيب بكر ، املقري ، التلمساين ، أبو عبد اهللا -1املذهب املالكي، ولد بتلمسان ونشأ ا ، ورحل إىل تونس و املغرب و بالد املشرق، أحد حمققي املذهب الثقات، و

.1/232شجرة النور الزكية، .أكابر فحوله األثبات، ألف كتاب القواعد مل يسبق إليه

.2/397ت ،ج.ط ، د.، د أمحد بن عبد اهللا احلميد ، دار إحياء التراث اإلسالمي ، مكة:القواعد ،حتقيق -2

.1/30القاضي عياض ، ترتيب املدارك ، مصدر سابق ، ج -3

Page 109: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يعمل فكره يف اختيار أصحها و أقواها ، و أقرا إىل الكتاب و السنة ، و أصول اإلمام و مقاصده ، بل حىت لو وقف على ضعف قول ، أو جمانبته للصواب فال

اإلعالن عن ضعفه ، يقول العز بن ميلك القدرة للتخلي عنه ، أو تصحيحه ، أو و من العجب العجيب أن الفقهاء املقلدين يقف أحدهم على :" )1(عبد السالم

ضعف مأخذ إمامه ، حبيث ال جيد لضعفه مدفعا ، و مع هذا يقلده فيه ، و يترك ما شهد الكتاب و السنة و األقيسة الصحيحة ملذهبه ، مجودا على تقليد إمامه ،

ظواهر الكتاب و السنة ، و يتأوهلما بالتأويالت البعيدة نضاال بل يتحيل لدفع )2(".عن مقلده

ح و يقضي على الرتعات النقد الفقهي حيارب التعصب املذهيب و يشيع روح التسام - حالذاتية اليت سارت يف الفقه اإلسالمي ألمد بعيد ، إذ من خالله ميكن تضييق دائرة اخلالف و

د من مجيع اآلراء الفقهية و نستمد منها العالج ملشكالتنا دون التعصب للرأي ، فنستفيالتعصب ، هذا الداء الذي كانت له أيضا آثار و خيمة مست خمتلف جوانب احلياة ، حيث

طوائفه يف نزاعات و صراعات مذهبية لداخلي للمجتمع اإلسالمي ، و دخلتتفكك البناء او االزدراء ، و التناحر و التنافر ، و التباغض و عنيفة ، ختللها السب و الطعن ، و التشهري

.التدابر ، و التبديع و التفسيق ، بل التكفري و التضليل

--------------------

هـ، 578أبو حممد عبد العزيز بن عبد السالم ، الدمشقي مث املصري الشافعي، امللقب بسلطان العلماء ،ولد سنة -1األرناؤوط،دار ابن كثري ، :، ابن العماد احلنبلي ، حتقيق524- 7/522ج:الذهبشذرات -هـ660وتويف سنة .م1991/هـ1،1412دمشق ،ط

.275-2/274م،ج1421/2000،دار القلم،دمشق،1نزيه محاد ،ط:قواعد األحكام يف مصاحل األنام ،حتقيق-2

Page 110: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الطائفة فضعف رباط األخوة اإلسالمية ، و حل التعصب املذهيب حمله ، كرباط جيمع أبناءالواحدة ، و يباعد بينهم وبني أبناء الطوائف األخرى ، فأدى ذلك إىل الشقاق ، و اختصاص كل طائفة مبساجدها ، و مدارسها ، و طالا ، و أساتذا ، بل و أحيائها

.السكنية

وأورث يف املتمذهبني الضعف و السلبية و عدم اجلرأة على ختطئة األئمة ، فهم يف الغالب عم ال ينتقدون أئمتهم ، وال يردون عليهم ، و يبالغون يف تعظيمهم و تقديسهم و األ

االعتذار هلم و البحث هلم عن خمارج حىت و إن كانت آراؤهم ضعيفة مرجوحة ، مع اإلغراق يف اجلدل و اخلالف و إمهال التحقيق العلمي الرتيه القائم على الكتاب و السنة و

.املذهبيةالفقه املتحرر من القيود

أدخل التعصب غالبية أهل العلم يف قوقعة الفقه املذهيب و كبلهم به ، و صرفهم عن و االطالع على ما عند املذاهب األخرى من علم صريح ، و حرمهم من االنتفاع به ، كماأبعدهم عن التعامل املباشر مع القرآن الكرمي و السنة النبوية ، و عن فقه السلف ، ففوت

)1(".االنتفاع الصحيح الكامل ، و أغرقهم يف الفقه املذهيب املتعصب الضيق األفقعليهم

ويف :" يقول الطاهر بن عاشور مبينا دور النقد يف التقليل من حدة اخلالفات املذهبية )2(".احلقيقة أن غلق باب النظر هو املانع من تقليل اخلالف أو توحيد املذاهب

النقد الفقهي دليل على حياة البحث الفقهي يف اتمع ، فهو ظاهرة صحية تنبئ عن -ط

--------------------

.166-162خالد عالل ، التعصب املذهيب ، مصدر سابق ،ص-1

.172الطاهر بن عاشور ، أليس الصبح بقريب ، مصدر سابق ، ص-2

Page 111: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

العلمية يف أي زمان و مكان ظهور األثر التقدم يف البحث الفقهي ، فمن روافد احلركة الفعلي لتلك احلركة ، و ما ينتج عنها من مناخ علمي يتمثل يف مجلة من املعطيات و أبرزها

، اليت توحي إىل مستوى النضج و النبوغ يف البحث العلمي ، على ) النقد( الردود العلميةلذي هو مظهر من مظاهر خالف حالة الركود و طمس معامل احلركة العلمية و قهرها ا

التخلف ، كما يعرب النقد الفقهي عن مظهر من مظاهر احلرية الفكرية يف الثقافة اإلسالمية ، .و آية على أن اإلسالم حيترم العقل اإلنساين كل االحترام ، و حيضه على النظر و التدبر

Page 112: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املصطلحات املرتبطة بالنقد الفقهي: املبحث الثاين

.اخلالف الفقهي: األول املطلب

أن جييئ شيء بعد شيء : أحدها : اخلاء و الالم و الفاء أصول ثالثة :" قال ابن فارس )1(" .التغري: خالف قدام ، و الثالث : يقوم مقامه ، و الثاين

واألصل األول هو املقصود هنا ، كقولك اختلف الناس يف كذا ، فهم خمتلفون ، ألن كل .نحي قول صاحبه و يقيم قوله مقام الذي حناهواحد منهم ي

)2(".مل يتفقا : املضادة ، و ختالف األمران و اختلفا : اخلالف :" وجاء يف اللسان

املخالفة ، تقول خالفت فالنا أخالفه خمالفة و خالفا ، و ختالف :اخلالف:" ويف املصباح ذهب إليه اآلخر ، فاخلالف ضد إذا ذهب كل واحد منهم إىل خالف ما: القوم و اختلفوا

)3(".الوفاق

أن يأخذ كل واحد طريقا غري طريق اآلخر يف : االختالف و املخالفة :" )4(وقال الراغب حاله أو قوله ، و اخلالف أعم من الضد ، ألن كل ضدين خمتلفان ، و ليس كل خمتلفني

)5(".ضدين

--------------------

.9/90لسان العرب ، مصدر سابق ، ج -2 .2/210ر سابق ، جمعجم مقاييس اللغة ، مصد -1

.69ط،ص.هـ، د1322الفيومي ، املصباح املنري ، مطبعة التقدم العلمية ، مصر، -3

احلسني بن حممد بن املفضل األصبهاين ، أبو القاسم ، امللقب بالراغب ، العالمة املاهر ، احملقق الباهر ، صاحب -4 .121-18/120:أعالم النبالءسري .التصانيف

.172م، ص2006/هـ1427، املكتبة العصرية ، لبنان ، 1مفردات ألفاظ القرآن ، ط -5

Page 113: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و ملا كان االختالف بني الناس يف القول، قد يفضي إىل التنازع، استعري ذلك للمنازعة و .اادلة

االتفاق ، و ذلك أن يف لغة العرب تعين املضادة ، و عدم " خلف"فتبني مما سبق أن مادة .يأخذ كل واحد طريقا غري طريق اآلخر سواء يف األقوال أو األفعال

منازعة جتري بني :" بأنه )1(وأما املعىن االصطالحي للخالف فقد عرفه اجلرجاين )2(".املتعارضني، لتحقيق حق أو إبطال باطل

والناظر يف املعىن اللغوي للخالف و املعىن االصطالحي له جيد بينهما تطابقا يف املعىن إذ إن اخلالف يف لغة العرب يعين عدم االتفاق ، و ذهاب كل شخص إىل خالف ما ذهب إليه

عدم االتفاق يف تلك املسألة أو : اآلخر ، فاخلالف يف األقوال و األفعال بني الناس معناه ا يؤدي إىل ذهاب كل فريق إىل خالف رأي الفريق اآلخر ، و ينشأ عنه منازعة و الرأي مب

.مناقشة إلظهار احلق و تزييف الباطل يف تلك املسألة

تغاير أحكام الفقهاء يف مسائل الفروع :" و بناء على هذا يعرف اخلالف الفقهي بأنه مسألة باجلواز ، و يقول سواء كان ذلك على وجه التقابل ، كأن يقول بعضهم يف حكم

البعض اآلخر فيها باملنع ، أو كان على وجه دون ذلك ، كأن يقول أحدهم حكم هذه )3(".املسألة الوجوب ، و يقول غريه حكمها الندب أو اإلباحة

--------------------

له مؤلفات كثرية تويف هـ جبرجان ،740الشريف أبو احلسن علي بن حممد اجلرجاين ، احملقق احلنفي ، ولد سنة -1حممد صديق املنشاوي ، دار :معجم التعريفات ، حتقيق -2 .160-5/159:الزركلي ، األعالم .هـ816سنة

حتقيق أمحد البوشيخي ، وزارة الفندالوي ، ذيب املسالك ، -3 .89ت ، ص.ط ، د.الفضيلة ، مصر ، د . 1/104،مقدمة احملقق ج1، ط1419/1998رب، الشؤون اإلسالمية و األوقاف املغربية، املغ

Page 114: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وقد يقع اخلالف بني الفقهاء يف املذهب الواحد ، و يعرب عنه باخلالف املذهيب ، أو باخلالف الكبري ، أو التعليق -لتمييزه –الصغري، و قد يقع بني املذاهب ، و حينئذ يعرب عنه

.يف اصطالح كثري من احملدثنيالكبري ، أو اخلالف العايل ، أو الفقه املقارن كما

و مجهور الفقهاء ال يفرقون بني مصطلحي اخلالف و االختالف ، كما يدل على ذلك واقع أحباثهم يف مصنفام اخلالفية حيث جندهم يف الفقرة الواحدة ، و أحيانا يف السطر

.الواحد يعربون عن املعىن الواحد مرة باخلالف ، و مرة بلفظ االختالف

و مما ينبغي التنبيه عليه أن مصطلح اخلالف الفقهي غري مصطلح علم اخلالف الفقهي علم يعرف به كيفية إيراد احلجج الشرعية ، و دفع الشبه، :" حيث يعرفه حاجي خليفة بأنه

فعلم اخلالف الفقهي يدرس القواعد اليت " و قوادح األدلة اخلالفية ، بإيراد الرباهني القطعيةحفظ أحكام املذهب ، و الدفاع عنها و الرد على خمالفها ، وهو املسمى باجلدل يتم ا

)1(.الفقهي ألنه يستمد قواعده من علم اجلدل

--------------------

.2/553ط ، ج.،د1994/هـ1414كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون، دار الفكر، لبنان، -1

Page 115: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.اجلدل: املطلب الثاين

اجليم و الدال و الالم أصل واحد وهو من باب استحكام الشيء يف :" فارس قال ابن )1(".استرسال يكون فيه و امتداد اخلصومة و مراجعة الكالم

: إذا شددت فتله ، و اجلدل : شدة الفتل ، و جدلت احلبل :اجلدل:" وقال ابن منظور أي خاصمه : اللدد يف اخلصومة و القدرة عليها ، و قد جادله جمادلة و جداال ، و جادله

إذا كان أقوى يف : جمادلة و جداال ، و االسم اجلدل وهو شدة اخلصومة ، و رجل جدل ادلة : ل اخلصام ، و اجلداملناظرة و اخلصومة ، و جدله جدال : مقابلة احلجة باحلجة ، و ا

كل عظم موفر كما هو ال : أي صرعه و رماه باألرض ، و اجلدل و اجلدل : فاجندل : البلحة إذا اشتدت نواا ، ودرع جدالء: حمكم الفتل ، و اجلدالة : يكسر، و رجل جمدول

)2(".حمكمة النسيج

ظ أن كلمة اجلدل تدور يف اللغة حول الشدة ، فاجلدل شدة الفتل إىل حد اإلحكام، فنالح و شدة املخلوق إىل حد القوة ، و شدة املصنوع إىل حد املتانة ، و شدة اخلصومة إىل حد

.الغلبة دف إظهار احلق

فتل علم أو آلة يتوصل ا إىل:" بأنه )3(و أما اجلدل يف االصطالح فقد عرفه الطويف )4(".اخلصم عن رأيه إىل غريه بالدليل

--------------------

.11/103لسان العرب ، ج -2. 1/433معجم مقاييس اللغة ، ج -1

سليمان بن عبد الكرمي بن سعيد الطويف ، الفقيه األصويل املتفنن ، جنم الدين أبو الربيع ، حنبلي املذهب ، ولد -3 .2/366:ابن رجب احلنبلي ، ذيل طبقات احلنابلة. هـ716له تصانيف كثرية ، تويف سنة بقرية طوف يف العراق ،

. 04م، ص 1987ط ، دار أنثرفرانز ، أملانيا ، .علم اجلذل يف علم اجلدل ، د -4

Page 116: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)2(".الفتل للخصم عن املذهب إىل مذهب بطريق احلجة:" بقوله )1(وعرفه ابن عقيل

)4(".م حبجة أو شبهةدفع اخلص" بـ )3(و عرفه اجلويين

هو دفع املرء خصمه عن إفساد قول حبجة أو شبهة أو يقصد به :" وعرفه اجلرجاين فقال )5(".تصحيح كالمه

)6(".اجلدل هو املفاوضة على سبيل املنازعة و املغالبة:" وقال الراغب يف تعريفه

:عناصروهذه التعريفات كلها متقاربة يتبني منها أن اادلة تشتمل على

.املدافعة بني شخصني أو أكثر ، فتأمل الشخص يف ذهنه ال يسمى جداال - أ

أن املقصود من اادلة ظهور أرجح األقوال و إقناع اخلصم بالرأي أو إبطال - ب .رأيه

:و ارتباط املعىن اللغوي باالصطالحي يظهر يف أمور

--------------------

، اإلمام ، العالمة البحر ، شيخ احلنابلة ، و )هـ513-هـ431(أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي ، احلنبلي -1 . 459-19/443:سري أعالم النبالء.صاحب التصانيف

.03ت ، ص .ط ، د.اجلدل على طريقة الفقهاء ، دار الثقافة الدينية ، مصر ، د -2

، فقيه و ) هـ487-419(ويين ، أبو املعايل ، امللقب بإمام احلرمني، عبد اهللا بن عبد امللك بن يوسف ، اجل -3 .477-18/468:سري أعالم النبالء.أصويل شافعي

.21-20، ص 1979/هـ1399فوزية حممود ، مطبعة عيسى البايب ، مصر ، :الكافية يف اجلدل ،حتقيق -4

.67التعريفات ، مصدر سابق ، ص -5

.102املفردات ، مصدر سابق ، ص -6

Page 117: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أن املتجادلني يفتل كل واحد منهما اآلخر عن رأيه -1

أن األدلة اليت يستدل ا كل من اخلصمني و األجوبة اليت يوردوا حمكمة و فيها قوة و -2 .صالبة و شدة

.أن املتجادلني كل منهما حياول أن يصرع صاحبه -3

.أن اجلدل غالبا ما يكون مظنة اخلصومة -4

Page 118: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املناظرة: املطلب الثالث

النون و الظاء و الراء أصل صحيح ترجع فروعه إىل معىن واحد وهو :" قال ابن فارس )1(".تأمل الشيء و معاينته

:و املناظرة مفاعلة من النظر ، و يطلق النظر يف اللغة على عدة معان منها

.النظر احلسي - أ

.النظر املعنوي أي التفكر - ب

.االنتظار - ت

تقليب البصر و البصرية إلدراك الشيء و رؤيته ، و قد يراد به : النظر :" الراغب قال )2(".التأمل و الفحص ، وقد يراد به املعرفة احلاصلة بعد الفحص وهو الروية

و يؤخذ من كالمه أن النظر يقع يف احملسوسات و املعاين ، فما كان من احملسوسات .املعاين فالنظر إليه بالبصرية و العقل فالنظر إليه بالبصر ، و ما كان من

أن تناظر أخاك يف : الفكر يف الشيء تقدره و تقيسه ، و املناظرة : النظر:" وقال ابن منظور : التراوض يف األمر ، وتناظرت الداران: أمر إذا نظرمتا فيه معا كيف تأتيانه ، و التناظر

، املثل : الذي يراوضك و تناظره ، و النظري : قابلك ، و نظريك : تقابلتا، و نظر إليك اجلبل )3(".ناظرت فالنا أي صرت له نظريا يف املخاطبة: أي مثلك ، و يقال: وفالن نظريك

--------------------

.5/444معجم مقاييس اللغة ، ج -1

. 517املفردات ، ص -2

.5/297لسان العرب ، ج -3

Page 119: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املباحثة و املباراة : املناظرة :" وأما تعريف املناظرة يف االصطالح فقد عرفها الراغب فقال )1(".يف النظر و استحضار كل ما يراه ببصريته

النظر بالبصرية من اجلانبني يف النسبة بني شيئني إظهارا :" وقال اجلرجاين يف تعريفها )2(".للصواب

فيظهر من هذين التعريفني أن املناظرة عملية حماورة بني شخصني أو أكثر ، ألن الغالب يف يف اللغة تدل على املشاركة بني اثنني أو أكثر ، وأن اهلدف و القصد من صيغة املفاعلة

املناظرة إظهار احلق و الصواب يف قضية معينة و الدفاع عنها بشىت الوسائل العلمية و . املنطقية و استخدام األدلة و الرباهني على تنوعها

ون املناظرة حيصل فيها التدبر و ويظهر الترابط بني املعىن اللغوي و املعىن االصطالحي يف ك التفكر و البحث ، كما أن فيها معىن التقابل بني املتناظرين و بني قوليهما و أدلتهما ، و فيها معىن االنتظار لكون كل من املتناظرين ينتظر صاحبه حىت يتم كالمه مث جييب عنه و يناظره

ره ليسمع كالمه و يستوعب قوله و فيه ، و فيها معىن النظر احلسي فكل منهما ينظر يف مناظ .حجته

:ولفظ املناظرة يطلق و يراد به أحد معنيني

.املعىن االصطالحي السابق ذكره وهو احملاورة بني اثنني بقصد إظهار الصواب: األول

علم املناظرة أو املسمى بآداب البحث و املناظرة و اجلدل وهو جمموعة القواعد و : الثاين .ستعملها املناظر للدفاع عن رأيه إو إبطال رأي خصمهالوسائل اليت ي

--------------------

.195التعريفات ، مصدر سابق ، ص -2 . 518املصدر السابق ، ص -1

Page 120: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ومن خالل تعريف املصطلحات الثالثة والنظر فيها يبدو جليا واضحا أن بينها وبني النقد الفقهي قواسم مشتركة ، وهذه مسة غالبة يف العلوم املتقاربة يف مواضيعها إذ يصعب يف كثري من األحيان التفريق بينها إال من ناقد بصري ، و مطلع خبري ، يقول حاجي خليفة يف معىن

مث اعلم أن موضوع كل علم جيوز أن يكون موضوع علم آخر ، و أن :" من هذا قريب يكون أخص منه أو أعم ، و أن يكون مباينا له لكن يندرجان حتت أمر ثالث ، أو أن يكون

، وبعد الدراسة و )1("مباينا له غري مندرجني حتت ثالث لكن يشتركان بوجه دون وجه :الفروق التالية النظر يف هذه املصطلحات ظهرت يل

أما الفرق بني النقد الفقهي و اخلالف الفقهي أن اخلالف الفقهي يقوم على إبراز -1مواطن اخلالف و الوفاق بني اآلراء و املذاهب الفقهية يف مسألة من املسائل أو ما يسمى

. اليوم بالدراسات املقارنة ، و أما هدف النقد الفقهي فهو بيان مواطن اخلطأ و الصواب

و أما الفرق بني النقد الفقهي و اجلدل الفقهي أن هدف اجلدل هو دفع قول املخالف -2ورد حجته ولو كان القول يف ذاته صوابا ولذلك كان منه احملمود و املذموم ، و أما النقد

.الفقهي فيقصد به التصحيح و التقومي و إحقاق احلق و كشف الباطل ال املغالبة و االنتصار

جلدل و املناظرة و اخلالف الفقهي جماهلا مناقشة األدلة و االستدالالت يف املسائل أن ا -3الفقهية فقط ، أما النقد الفقهي فهو أوسع يف جماالته كما يأيت بيانه إذ يتناول مناقشة األقوال وبيان صحتها و ضعفها ، كما يناقش األدلة و االستدالالت ، و طريقة التأليف ، وطرق

...ادة الفقهيةتدريس امل

أن اجلدل و املناظرة الفقهية ختضع لقواعد خاصة وهي علم البحث و املناظرة ألن -4

--------------------

.1/27كشف الظنون ، مصدر سابق ، ج -1

Page 121: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

القصد منها االعتراض على املذهب املخالف وهو املسمى بالسؤال و حفظ أوضاع املذهب .باجلواب ، و أما النقد الفقهي فال خيضع هلذه القواعدمن اعتراض اخلصم وهو املسمى

أن اجلدل و اخلالف و املناظرة تكون بني مذهب و آخر من املذاهب الفقهية ، و أما -5 . النقد الفقهي فيكون بني املذاهب املختلفة و داخل املذهب نفسه

Page 122: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.الفقهيالنقد الفقهي و عالقته بالتجديد : املبحث الثالث

رأينا يف املبحث السابق عالقة النقد الفقهي مبجموعة من املصطلحات املقاربة له اليت استعملها الفقهاء قدميا يف كتبهم ، ونتناول يف هذا املبحث عالقته مبصطلح آخر معاصر بدأ

".التجديد الفقهي" احلديث عنه مع النهضة الفقهية املعاصرة أال وهو مصطلح

.مفهوم التجديد الفقهي: ولاملطلب األ

التجديد لغة مصدر للفعل أجد الشيء و جدده و استجده أي صريه جديدا ، و جتدد أي كرره و : جدد الوضوء أي أعاده ، وجدد العهد :الشيء يعين صار جديدا ، يقال

)1(.أكده، و اجلديد نقيض البايل

ا ، مث طرأ عليه ما غريه و أباله ، فإذا فالتجديد لغة يعين وجود شيء كان على حالة م .أعيد إىل مثل حالته األوىل اليت كان عليها قبل أن يصيبه البلى و التغيري كان ذلك جتديدا

و أما مفهومه االصطالحي فقد استعمل مصطلح التجديد يف الفكر اإلسالمي أخذا من إن اهللا :" قال -هللا عليه و سلمصلى ا- احلديث الذي أخرجه أبو داود عن أيب هريرة أن النيب

)2(".يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سنة من جيدد هلا دينها

إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب و السنة و األمر : معىن التجديد:" )3(قال العلقمي )4(".مبقتضامها

--------------------

.4291:داود ، السنن ، كتاب املالحم ، رقمرواه أبو -2. 2/202ابن منظور،لسان العرب، ج -1

)7/68ج:األعالم للزركلي(هـ969حممد بن عبد الرمحن العلقمي ، فقيه شافعي ، له مؤلفات كثرية ،ت-3

.1/14م ، ج1972/هـ1391، دار املعرفة ، لبنان ، 2املناوي ، فيض القدير ،ط -4

Page 123: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أحكام الشريعة ، وما ذهب من أي ما اندرس من : جيدد هلا دينها :" )1(وقال املناوي )2(".معامل السنن ، وخفي من العلوم الدينية الظاهرة و الباطنة

إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب و السنة ، و األمر : التجديد:" )3(ويقول العظيم أبادي )4(".مبقتضامها ، و إماتة ما ظهر من البدع و احملدثات

)5(:ىن التجديد يف احلديث أنه يقوم على ثالثة حماورو نستنتج من خالل هذه الشروح ملع

إحياء ما انطمس و اندرس من معامل السنن و نشرها بني الناس ، و محل : احملور األول -أ .الناس على العمل ا

قمع البدع و احملدثات ، و تعرية أهلها و إعالن احلرب عليهم ، و تنقية : احملور الثاين - ب .اإلسالم مما علق به

ترتيل األحكام الشرعية على ما جيد من وقائع و أحداث ، و معاجلتها : احملور الثالث -جـ .معاجلة نابعة من الوحي

--------------------

).6/204األعالم،ج.( هـ1031حممد عبد الرؤوف املناوي الشافعي ، ولد يف القاهرة ، له مؤلفات كثرية ، ت-1

.1/10فيض القدير ، مصدر سابق ، -2

حممد مشس احلق العظيم أبادي ، اهلندي ، حمدث مشهور ، أشهر كتبه عون املعبود شرح سنن أيب داود ، ت -3 ).10/166معجم املؤلفني ، ج.( م 1858

.11/391، ج2005/هـ1426، دار ابن حزم، لبنان، 1عون املعبود شرح سنن أيب داود ،ط-4

-16ص .2004/هـ1،1424دار ابن اجلوزي ، السعودية ، ط عدنان أمامة ، التجديد يف الفكر اإلسالمي ،-519.

Page 124: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إحياء و بعث ما اندرس منه ، و :" وعليه ميكن صياغة تعريف جامع للتجديد يف الدين أنه ".ختليصه من البدع و احملدثات ، و ترتيله على واقع احلياة و مستجداا

ومما سبق يتبني أن التجديد يف أصل معناه اللغوي و يف االستعمال النبوي يدل على اإلحياء :و البعث و اإلعادة حيث جتتمع ثالث معان يستلزم كل واحد منها اآلخر

.أن الشيء ادد قد كان يف أول األمر موجودا و قائما و للناس عهد به -أ

.ابه البلى و صار قدمياأن هذا الشيء أتت عليه األيام فأص - ب

. أن ذلك الشيئ قد أعيد إىل مثل احلالة اليت كان عليها قبل أن يبلى -جـ

وعليه فتجديد الدين ليس معناه تبديله أو تغيريه ، أو إضافة ما هو جديد ، فهذا ابتداع يف عليها ، و إزالة الدين ، لكنه إعادة إحياء القدمي بعد دروسه ، إىل حالته األوىل اليت أنزله اهللا

كل ما تراكم عليه من مسات و مظاهر ، طمست جوهره ، و شوهت حقيقته ،يقول جتديد شيء ما ، هو حماولة العودة به إىل ما كان عليه يوم نشأ و :" الدكتور القرضاوي

ظهر حبيث يبدو مع قدمه كأنه جديد ، و ذلك بتقوية ما وهي منه ، و ترميم ما بلي ، )1(".، حىت يعود أقرب ما يكون إىل صورته األوىل ورتق ما انفتق

ويظهر من خالل احلديث و تعريفات العلماء للتجديد أنه يشمل كل جماالت الدين ، و العلوم املرتبطة ا ، و إعادة بعثها و إحيائها ، و الشك أن الفقه يعترب من أوىل ااالت اليت

عف ووهن ، و لذلك انصرفت جهود كثري من حتتاج إىل التجديد ، ملا أصاب الفقه من ض .اددين إىل هذا اال

--------------------

.28م ، ص2001/هـ1421، دار الشروق ، مصر ، 1من أجل صحوة راشدة ،ط-1

Page 125: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

والشك أن احلديث عن التجديد الفقهي ينطلق أوال من وضع مفهوم له ، إال أن الغريب اليت كتبت حول هذا املوضوع ، و امللتقيات و الندوات اليت يف األمر أنه رغم كثرة البحوث

عقدت ألجله ، ال يوجد من عرفه ، ورمبا اكتفى كثري ممن تكلم فيه بتعريف التجديد عموما . أو بيان جماالت التجديد الفقهي

و من التعريفات القليلة اليت وجدا ملصطلح التجديد الفقهي ، تعريف الدكتور القرضاوي إمنا التجديد احلق هو تنمية الفقه اإلسالمي من داخله ، و بأساليبه هو ، مع :"يقول حيث

)1(".االحتفاظ خبصائصه األصيلة ، و بطابعه املتميز

و انطالقا من هذا التعريف و ما سبق من تعريف التجديد عموما ميكن تعريف مصطلح ائه، و إحياء ما اندرس من معامله، إعادة نضارة الفقه اإلسالمي و:" التجديد الفقهي بأنه

مع االحتفاظ خبصائصه األصيلة، و تفعيله يف احلياة بالتصدي لكل املستجدات، وبيان احلكم ".الصحيح هلا

:فالتجديد الفقهي يدور على حمورين أساسني

هو العودة بالفقه إىل عصوره املزدهرة ، وذلك بتخليصه مما علق به عرب : احملور األول .العصور املختلفة للرجوع به إىل ما كان عليه يف القرون األوىل

هو إعادة تفعيل دوره يف معاجلة مشكالت احلياة و مستجداا ، و ذلك من : احملور الثاين .خالل فتح باب االجتهاد

وهكذا فتجديد الفقه اإلسالمي كما سبق هو تنميته من داخله ، و بأساليبه ، مع االحتفاظ --------------------

.28، ص1419/1999، مكتبة وهبة ، مصر، 2الفقه اإلسالمي بني األصالة و التجديد، ط-1

Page 126: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

خبصائصه ، فهو يقتضي االحتفاظ جبوهره القدمي ، و اإلبقاء على طابعه األصلي ، و ترميم ري من ما بلي منه ، و تقوية ما ضعف من أركانه ، و إدخال التحسينات عليه ، اليت ال تغ

صفته ، و ال تبدل من طبيعته ، فالتجديد يأيت من داخل املفاهيم اإلسالمية ، و ليس من خارجها ، فليس من التجديد تعديل أي نص من نصوص الشرع ، و ليس من التجديد تفسري النصوص تفسريا خيالف الطرق الصحيحة اليت أمجع عليها علماء األمة ، فهي تعترب

، وليس من التجديد تطويع الفقه )1(الزلل يف فهم النصوص الشرعية سياجا قويا مينع من اإلسالمي ليساير القوانني الغربية ، وليس من التجديد إسقاط نظريات غربية حديثة على

. الفقه ، وليس من التجديد االستخفاف بالتراث الفقهي القدمي

--------------------

.84-83ص م،1994/هـ1414، 2إلسالمي آفاقه و تطوره ، طعباس حسين حممود ، الفقه ا-1

Page 127: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

. التجديد املنحرف و موقف العلماء منه: املطلب الثاين

يف كل جماالته تاريخ أسود ، بسبب دعاة للتجديد أرادوا " التجديد " ارتبط بكلمة التجديد و طمس هويتنا التارخيية ، و ذاتيتنا اإلسالمية باسم التجديد ، امتطوا شعار

.اإلصالح ، هلدم الدين و ختريبه

ولئن شهد التاريخ عرب حقبه املتعاقبة من قام مبحاولة تشويه الدين و هدمه و حتريف نصوصه و معانيه، إال أن أشرس تلك احملاوالت و أعتاها هي اليت شهدها القرن امليالدي العشرون و

ى اختالف عقائدها و أهوائها و ال تزال قائمة حىت اآلن، حيث تواطأت قوى الكفر علمصاحلها على حرب اإلسالم و القضاء على أهله و إلغاء أحكامه و تعاليمه، وحني أدركوا استحالة إلغاء اإلسالم و إبادة أهله عن طريق القوة عمدوا إىل حرب من نوع آخر متثلت يف

الم، و كان أخطر ما فعلوه الغزو الثقايف، و إشاعة املفاهيم و القيم الغربية ليحلوها حمل اإلساستخدامهم حلفنة من أبناء املسلمني ، يتسمون بأمساء املسلمني و يتكلمون بألسنتهم و يلبسون مسوح العلماء و اتهدين و يتظاهرون بالشفقة و اإلخالص و احلرص على مصلحة

م أشد فتكا من أعداء اإلسالم اخلارجيني، و جل هؤالء ممن م احلضارة الدين ، و إذارالغربية املادية، و سقطوا صرعى أمام الغزو الثقايف األوريب، و اهتزت ثقتهم بدينهم و

.بصالحيته للحياة، و ظنوا أن ختلف املسلمني و ضعفهم ناجم عن متسك املسلمني بدينهم

ر فأرادوا نقل النموذج األوريب يف اإلصالح و التقدم إىل عاملنا اإلسالمي ، فرفعوا شعا عصرنة اإلسالم و حتديثه ، و جتديد الفكر الديين عن طريق قراءة جديدة لنصوص الشريعة ،

)1(.و فهم جديد هلا يتالءم مع معطيات احلضارة الغربية

--------------------

).7(عدنان أمامة ، التجديد يف الفكر اإلسالمي ،ص-1

Page 128: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ا معاصرا باستخدام تقنيات النقد إن هذه الدعوة تقوم على تفسري النصوص الشرعية تفسري .و الفلسفة الغربية ، و تدعو إىل حركة لتجديد اإلسالم ، مشاة حلركة جتديد الكنيسة

وقد ظهرت مؤلفات كثرية لطائفة من الباحثني ذوي امليول العلمانية و احلداثية ممن صرفوا يسريون فيه على خطى لفهم الشريعة ، - جتديدي بزعمهم–مهمهم إىل بناء ج حداثي

)1(.أسالفهم من املستشرقني و تالمذم األولني

وقد أثرت بعض أفكار الدعاة إىل عصرنة اإلسالم و تطويعه ملفاهيم احلضارة الغربية على عقول بعض الدعاة ، و من يسمون باملفكرين اإلسالميني ، و بعض رموز احلركات

حى آخر مل يألفه السلف ، حتت غطاء العصرانية و اإلسالمية احلديثة ، فنحوا بالتجديد منالتقدمية ، و اليسار اإلسالمي ، و التوجه احلضاري ، و الفكر املستنري ، و غريها من

)2(.الشعارات الرباقة

لكن باملقابل وقف أمام هذه الدعوة أئمة و علماء معاصرون ، فبينوا أن هذا الفهم ع ، و ينقض على ثوابته و حقائقه باإللغاء أو احملو أو املنحرف للتجديد يناقض مطلوب الشر

التهوين أو التذويب ، و أن التجديد احلق ينطلق من أصول اإلسالم نفسه ، و السري وفق قواعده ، وهو يهدف إىل ربط األمة بتراثها املاضي ، ال القطيعة معه و جتاوزه ، إذ ال

سالمية الراسخة و القبض على األصول ، تعارض بني التجديد و بني االحتفاظ جبذورنا اإلفال يصح حبال ولو حتت لواء التجديد و التطوير أن تضيع معامل الدين ، يقول الدكتور

وجتديد الدين البد أن يكون من داخله و بأدواته الشرعية ، وعن طريق أهله و :" القرضاوي

--------------------

.83م ،ص2007/هـ1428، املكتبة اإلسالمية، مصر، 3اددون، طعبد السالم عبد الكرمي ، التجديد و -1

.22ص م،2009/هـ1،1430عبد العزيز خمتار، العصرانيون ومفهوم جتديد الدين ،مكتبة الرشد،السعودية،ط-2

Page 129: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

علمائه ، ال باإلغارة عليه وال باالفتيات على أهله ، و ال بإدخال عناصر غريبة عنه وفرضها )1(".عليه عنوة

و كل حماولة للبتر أو اإلضافة أو التحوير هي خروج :" - رمحه اهللا–ويقول الشيخ الغزايل عن اإلسالم ، و افتراء على اهللا ، وافتيات على الناس ، و جم على احلق بغري علم ، وليس

هذا نص فات أوانه ، أو هذا حكم انقضت أيامه ، أو أن : يقبل من أحد ألبتة أن يقولبلغت طورا يقتضي ترك كذا من األحكام ، أو التجاوز عن كذا من الشرائع ، احلياة قد

فلنلعم أن جتديد الدين ال يعين : مث يقول....فهذه حماوالت هلدم اإلسالم و إعادة اجلاهليةارتكاب شيئ من هذه احملاوالت املذكورة ، ومل يفهم أحد من العلماء األولني أو اآلخرين

تسويغ البدع و مطاوعة الرغبات ، و إتاحة العبث بالنصوص و :أن جتديد الدين يعين )2(".األصول لكل متهجم

وعليه فالتجديد الصحيح الذي ورد على لسان الشرع ، هو التجديد الذي ينطلق من أصول اإلسالم ، و يعتمد على منهج السلف و أساليبهم يف التجديد ، و يستوعب نظرام

ا يتفق و حتديات العصر ، و أما التجديد الذي يتنكر ألصول و مقاصدهم ليضيف إليها ماإلسالم ، وقواعد السلف يف الفهم ، و خيترع أصوال جديدة ، و يعتمد على نظريات و

.فلسفات فاسدة ، فهو جتديد باطل ، و حتريف و تبديد

--------------------

.http://www.qaradawi.net/fatawaahkam/30/1328.htmlالقرضاوي ،موقعه على الشبكة -1

.183، ص ،2005ضة مصر للنشر و التوزيع ، مصر ، 3الغزايل ، كيف نفهم اإلسالم ، ط-2

Page 130: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.العالقة بني التجديد و النقد الفقهي: املطلب الثالث

حىت نستطيع حتديد العالقة بني التجديد الفقهي و النقد الفقهي البد من العودة إىل حتديد .مفهوم التجديد الفقهي و أهم حماوره و معامله

وعند التأمل يف مفهوم التجديد الفقهي الذي سبق ذكره ، خنلص إىل أنه يدور على )1(:احملاور اجلوهرية التالية

أي إعادة بعث ما اندرس من املفاهيم الشرعية ، و : شر و اإلحياء التجديد مبعىن الن-1 .نشرها وتعريف الناس ا

و املراد من هذا املعىن تنمية الفقه و توسعه ، و إثراء : التجديد مبعىن اإلضافة و اإلثراء -2 .مادته ، و إضافة أمور هلا صلة وثيقة به ، حىت يكتمل بنيانه

أي تنقيح موضوع التجديد من خالل حذف ماحلق : اإللغاء التجديد مبعىن احلذف و -3به مما ليس منه ، و ذلك دف إعادته إىل أصله األصلح يوم أن كان جديدا ، ويكون ذلك

.يف اجلانب الفقهي بتمحيص املادة الفقهية و حتريرها ، و ترجيح ما تنازع فيه الفقهاء

املعامل األساسية لعملية التجديد الفقهي و و من خالل هذه احملاور اجلوهرية ميكن حتديد :اليت ميكن إمجاهلا فيما يلي

.إجياد األحكام الشرعية املناسبة للمستجدات و النوازل-1

.ترتيل احلكم الشرعي الصحيح على الواقع املعاش-2

--------------------

).6(م،ص2006/هـ1427الشرعية السادس ،رياض اخلليفي ، معامل التجديد يف فقه املعامالت ، مؤمتر اهليئات -1

Page 131: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.احلرص على بيان احلكمة من التشريع-3

.ربط جزئيات الفقه مبقاصد الشريعة الكلية-5

.تقريب الفقه للناس و تيسريه ، و كتابته بأسلوب يناسب العصر-6

.استخدام معارف العصر و علومه يف دراسة املسائل الفقهية-7

.وجود الها يف عصرنا التخفف من املسائل اليت ال-8

.مراجعة التراث الفقهي مراجعة متحيص -9

إنه بالنظر يف احملاور اجلوهرية لعملية التجديد الفقهي و معامله األساسية تتضح لنا العالقة اجللية بني عملية التجديد الفقهي و النقد الفقهي ، إذ يشكل النقد الفقهي حمورا أساسيا يف

.، كما أنه يعترب معلما و ملمحا مهما يف هذه العملية عملية التجديد الفقهي

فإذا كان احملقق أن التجديد الفقهي ليس تغيريا و ال إضافة و ال نقصانا ، و إمنا هو تطهري الفقه مما علق به من شوائب و رده إىل صورته األوىل ، فإنه ال ميكن حتقيق هذا اهلدف إال

ترمي بدورها إىل إصالح املنظومة الفقهية من خالل من خالل عملية النقد الفقهي اليت دراسة اإلنتاج الفقهي و الوقوف على مواضع اخللل و النقص املوجودة فيه ، و ذلك من خالل تصفية املادة الفقهية من اآلراء الضعيفة و الشاذة ، و الوقوف على األسباب الرئيسية

يف البحث الفقهي و جتاوزها ، سواء يف و اجلوانب السلبية اليت أدت إىل الركود و اجلمود .جانب التأليف الفقهي أو تدريس املادة الفقهية ، أو تكوين الشخصية و امللكة الفقهية

إن النقد الفقهي يعطينا نظرة كاملة عن الفقه اإلسالمي ، و يشخص لنا بصورة واضحة لنا بعد ذلك معامل التجديد و حالته ، وحيدد لنا مواضع اخللل اليت ينبغي معاجلتها ، لتتضح

.النهضة الفقهية املرجوة

Page 132: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهلذا جند أن كل من تكلم عن قضية التجديد الفقهي و جماالته إال و يشري إىل ضرورة مراجعة التراث الفقهي مراجعة نقد ومتحيص، بل و يعترب ذلك من األولويات يف عملية

دية يف الفقه إال على إثر حركة نقدية التجديد الفقهي ، ألنه ال ميكن أن تقوم حركة جتدي . حتدد مواضع اخللل و جوانب اإلصالح

Page 133: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد يف الفكر الغريب و ترتيله على النقد الفقهي:املطلب الرابع

و تفعيل النقد الفقهي ضرورة التجديد يف الفقه اإلسالمي،يف ظل تعايل األصوات املنادية ب و إعادة بعثه واجلمود و العقم اليت عرفها الفقه،كآلية من آليات التجديد لتجاوز مرحلة

، و ي متأثر بالنظريات الغربية للنقد، برز تيار نقدي جتديدالنهوض به ملواجهة مشاكل احلياة، إىل الفكر اإلسالميهذه التجربة حماوال نقلارب الفكر الغريب يف نقد معارفه،استلهم من جت

.تأثر بأفكارهم فأخذ يدافع عنها و معظم رموز هذا التيار هم من تالمذة املستشرقني أو ممن

أن بعض املتعلمني و املثقفني : و مما يؤسف له غاية األسف:" يقول الدكتور أبو شهبة يديها ، و بثقافة غري إسالمية ، وال سيما من صنعتهم أوربا على عينيها ، وربتهم على

، فيما زعموا ، و صاروا أبواقا هلميتسمون بأمساء املسلمني ، قد تابعوا سادم املستشرقني )1(".يرددون ما يقوله هؤالء، ألم ينظرون إليهم على أم قمم يف العلم و املعرفة

وقد حظي الفقه باهتمام كبري من قبل أصحاب هذه التيار كونه ميثل جوهر الفكر المي ، حيث يتفق دعاة هذا التيار أن املذاهب و اآلراء الفقهية إمنا كانت خاضعة اإلس

ملؤثرات نفسية و شخصية أو بيئية و اجتماعية ، ولذلك فإن عملية النقد و التمحيص هلذه املذاهب و اآلراء تتطلب إخضاع التراث الفقهي إىل نظريات النقد احلديثة اليت تعتمد على

خيي، و االنتربولوجيا االجتماعية و الثقافية ، مثل نظرية البنيوية و األلسنة و علم النفس التار )2(.التفكيكية و التركيبية و التارخيية

--------------------

م،1986/هـ1407، مصر ، مكتبة وهبة ، 3ط اإلسرائيليات و املوضوعات يف كتب التفسري،حممد أبو شهبة، -1 .06ص

.16م، ص2000/هـ1420، دار الفكر، دمشق، 1التجديد يف الفقه اإلسالمي، ط مجال الدين عطية، -2

Page 134: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إنه باملمارسة العقالنية النقدية يف تراثنا ، و :" -أحد رموز هذا التيار-يقول عابد اجلابري باملعطيات املنهجية لعصرنا ، ذه املمارسة وحدها ، ميكن أن نزرع يف ثقافتنا الراهنة روحا

)1(".ة و عقالنية مطابقة ، و مها الشرطان الضروريان لكل ضةنقدية جديد

وهكذا ميكننا أن نتوصل إىل احلقيقة التالية وهي أن املصدر :" ويقول حممد أركون األساسي للفقه و بالتايل القضاء ليس هو القرآن بقدر ما هو التفسري ، نقصد بذلك أن

معينة و اختذوا بعد ذلك قرارام ، و قد الفقهاء قد قرؤوا القرآن و فسروه بطريقة استخدموا يف تفسريهم املعارف اللغوية و اإلخبارية السائدة يف عصرهم ، و كل هذه

)2(".ضوء التاريخ النقدي احلديث األدبيات تتطلب اليوم مراجعة و إعادة قراءة على

النقد يف الفكر الغريب إن حماولة نقل هذه التجربة إىل واقع الفكر اإلسالمي وترتيل مفهوم أو استعمال أدواته املنهجية يف النقد الفقهي هي حماولة استنبات يف أرض غري صاحلة لذلك ، ألن الفقه اإلسالمي له خصائصه و مميزاته ، و كل حماولة لنقده و جتديده ال بد أن تكون من

دين ال بد أن يكون من وجتديد ال:" داخله ، و بأساليبه و أدواته ، يقول الدكتور القرضاويداخله و بأدواته الشرعية ، و عن طريق أهله و علمائه ال باإلغارة عليه و ال باالفتيات على

)3(".ريبة عنه و فرضها عليه عنوةأهله ، وال بإدخال عناصر غ

--------------------

، سات الوحدة العربيةمركز درا ،9ط ،)بنية العقل العريب(حممد عابد اجلابري، نقد العقل العريب -1 .568،ص2009لبنان،

دار الساقي ، ،1ط ، ترمجة هاشم صالح حممد أركون، من االجتهاد إىل نقد العقل اإلسالمي ، -2 .68م،ص1991لبنان،

�h، الموقع على الشبكة القرضاوي - 3p://www.qaradawi.net/fatawaahkam/30/1328.html

Page 135: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إن هذه النظريات الغربية يف النقد تقوم على مبدأ إلغاء كل املسلمات ، وال تعترف بالقطعيات و األمور امع عليها اليت ليست قابلة للنقد يف الفقه اإلسالمي ، مثل قضية

اخل....، واحلدود الشرعية حجاب املرأة و حقها يف املرياث ، و حترمي الربا

إن الفقه مل تعد له سلطة حقيقية على احلياة بسبب تغري أوضاع اتمع :" يقول أحدهم املادية ، و بسبب انفتاح عقل املسلم على القيم احلديثة ، فكان لزاما على اتهدين أن

الواقع من التكيف مع يتخففوا من بعض مسلمام حىت يضمنوا ألنفسهم حدا أدىن )1(".اجلديد

قد مسحوا ) أي الفقهاء(فإن املشرعني:"ويقول حممد أركون منتقدا نظام املرياث يف اإلسالم يتناسب مع اإلكراهات ) علم للتوريث(ألنفسهم بالتالعب باآليات القرآنية من أجل تشكيل

اء األوائل بكل و القيود االجتماعية و االقتصادية اخلاصة باتمعات اليت اشتغل فيها الفقه )2(".لفئات و عاداا و تقاليدهامصاحل هذه ا

ومل يتوقف األمر عند نقد القطعيات و املسلمات بل جتاوزه إىل ضرورة إلغاء أصول الفقه ووضع أصول جديدة لفهم الشريعة و االستنباط -الذي يعترب قاعدة االجتهاد و ركيزته-

.صوصها تتالءم مع الواقع احلديث من ن

علم األصول التقليدي مل يعد مناسبا للوفاء حباجاتنا املعاصرة حق الوفاء ، :" يقول الترايب )3(".وف التارخيية اليت نشأ فيهاألنه مطبوع بأثر الظر

--------------------

، دار الطليعة ،1ط ، ، التشريع اإلسالمي بني طموح اتهد و قصور االجتهاد نور الدين بوثوري -1 .67حممد أركون ، من االجتهاد إىل نقد العقل اإلسالمي ، مصدر سابق ،ص -2 .116م،ص2000لبنان،

.40، ص1987/هـ1407، الدار السعودية ،2الترايب، التجديد يف الفكر اإلسالمي، ط -3

Page 136: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فنحن نرى أن علينا وضع أسس و أصول معاصرة جديدة إذا أردنا: من هنا:" ويقول آخر )1(".سالمي جديدإنتاج فقه إ

و لذلك فإن تطبيق هذه النظريات الغربية واستعمال أدواا املنهجية يف عملية النقد الفقهي سيؤدي ال حمالة إىل هدم الفقه و ختريب املنظومة الفقهية كليا ، ولذلك وجب التحذير من

، و مل نكن خطرها ، و بيان أثرها على عملية النقد الفقهي حىت ال يلتبس احلق بالباطل حباجة إىل الكالم عن هذا التيار النقدي و بيان مفاسده ، لوال أن الذين حيملون هذه األفكار

" و" الثقافة اإلسالمية" و " الفكر اإلسالمي" يتكلمون بلسان علماء اإلسالم حتت غطاء اس ، فكم من املصائب ارتكبوها حتت هذه األمساء ، و كم خدعوا الن" الفلسفة اإلسالمية

.بتلك االصطالحات الفضفاضة الرباقة الكاذبة

--------------------

/ هـ 1420، سوريا ، ، األهايل للنشر و التوزيع 1، ط ، حنو أصول جديدة للفقه اإلسالمي حممد شحرور -1 .332ص ، 2000

Page 137: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.معوقاته، و جماالتهشروط النقد الفقهي، و : ينالثا فصلال

.شروط النقد الفقهي: املبحث األول

.معوقات النقد الفقهي: املبحث الثاين

.جماالت النقد الفقهي: املبحث الثالث

Page 138: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.شروط النقد الفقهي ، معوقاته ، جماالته: الفصل الثاين

شروط النقد الفقهي : املبحث األول

.عالقته باالجتهادالنقد الفقهي و : املطلب األول

سبق يف تعريف النقد الفقهي أنه عملية حبثية تقوم يف أحد جوانبها على حترير مسائل املذهب و فروعه ، سواء من حيث الروايات و األقوال ، أو من حيث توجيهها و التخريج عليها ، بتمييز أصحها و أقواها من ضعيفها و مرجوحها ، من خالل عرضها على أصول

.ضوابطهاملذهب ، و قواعده ، و

و أما اجلانب الثاين من هذه العملية ، فهو دراسة أقوال املخالفني من املذاهب األخرى ، و .الرد عليها و مناقشتها ، أو نصرة املذهب و أقواله

و يتبني مما سبق أن عملية النقد الفقهي تندرج ضمن منظومة االجتهاد الفقهي اليت تنطلق تأيت بعد ذلك مرحلة التفريع و التخريج ، مث مرحلة النقد و من االستنباط و االستدالل ، ل

التحقيق ، و ذلك بالنظر يف فروع املذهب و مسائله مث احلكم عليها من خالل عرضها على .أصول املذهب و قواعد االجتهاد

:ولذلك ميكن تقسيم االجتهاد الفقهي إىل ثالث مراحل يف كل مذهب

.يلمرحلة التأص: املرحلة األوىل-أ

.مرحلة التفريع و التخريج: املرحلة الثانية- ب

.مرحلة النقد و التحقيق: املرحلة الثالثة- ج

ولكل مرحلة من هذه املراحل جمتهدوها الذين عنوا ذا النوع من العمل االجتهادي، يقول

Page 139: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الدكتور الفاضل بن عاشور يف حديثه عن دور اإلمام اللخمي يف إحياء العمل االجتهادي و إذا حنن نظرنا إىل هؤالء اخلمسة القرويني ، و :" ملذهب عن طريق النقد الفقهي يف ا

األربعة األندلسيني ، و الثالثة العراقيني ، و الواحد املصري ، الذين أخذناهم مثال هلذا الدور يتبني لنا أن واحدا من بينهم هو املتأخر عن مجيعهم زمانا قد بدأ يدخل على املنهج الذي

، بدأ )1(عليه يف دراسة الفقه من منتصف القرن الثالث إىل منتصف القرن اخلامسساروا يدخل عليه نزعة جديدة وهو اإلمام أبو احلسن اللخمي فهو الذي ابتدأ يتصرف ، مبعىن أنه ابتدأ جينح إىل اللحاق برجال دور التفريع يف مرتلتهم من االجتهاد املقيد ، فكان يف شرحه

يعتمد أحيانا على نقد األقوال من ناحية إسنادها ، فيعترب أن أحد " تبصرةال"على املدونة القولني أصح من القول اآلخر أي إسنادا ، و أحيانا ينتقدها من ناحية رشاقة استخراجها من األصول اليت استخرجت منها ، وهو ما يعرب عنه باألوىل ، أو ينظر إىل أنه األقرب إىل حتقيق

و تكون ....وهذا أرفع: ن الشرع يف تفريع احلكم وهو ما يقول فيه أحيانااملصلحة املرعية مباإلمام اللخمي أبو عبد اهللا املازري فكان مع احللبة اليت عاصرته من الفقهاء الذين نستطيع

، و ابن رشد الكبري ، )2(املازري ، و ابن بشري : أن نذكر منهم على سبيل املثال أربعة وهمهؤالء الذين سلكوا طريقة جديدة يف خدمة احلكم هي الطريقة النقدية و القاضي عياض ، ف

اليت أسس منهجها اإلمام أبو احلسن اللخمي ، فصاروا يف الفقه يتصرفون فيه تصرف تنقيح، وينتصبون يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم الذي يقضي بأن هذا مقبول و هذا غري مقبول ،

ا ضعيف النظر يف األصول ، وهذا مغرق النظر يف وهذا ضعيف السند يف النقل ، وهذ

--------------------

.و يقصد بذلك مرحلة التفريع و التخريج-1

أبو الطاهر ، إبراهيم بن عبد الصمد بن بشري التنوخي ، اإلمام العامل اجلليل الفقيه ، تفقه على أيب احلسن اللخمي ، -2 .1/126:خملوف ، شجرة النور الزكية.قطاع الطرق يف طريقه إىل احلج ورد عليه يف اختياراته ، تويف شهيدا قتله

Page 140: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فكان املذهب املالكي قد ...األصول ، وهذا حمرج للناس أو مشدد على الناس أو غري ذلك ،تكون ؤالء تكونا جديدا ، إذ دخل عليه عنصر النقد و التنقيح و االختيار ، وحدث أن

ى يف غري املذهب املالكي كما جرى يف املذهب ، و هذا العمل الذي هو عمل التنقيح جردرج على هذه الطريقة أقطاب فقهاء هذا الدور يف سائر املذاهب ، فتكونت ا مذاهبهم

)1(".ولبست ثوبا جديدا

ضح السياق املراد يطلق علماء األصول لفظ االجتهاد و يريدون به معاين متعددة يو ولذلك )2(:بكل واحد منها

وهو االجتهاد يف فروع الشريعة ، من حيث استنباط األحكام الفرعية : اد املطلقاالجته-1 .من أدلتها الشرعية ، و إذا اطلق لفظ االجتهاد عند األصوليني فهو املراد

وهو االجتهاد يف الفروع ، لكن ليس من حيث االستنباط ، و إمنا : االجتهاد يف املذهب-2 .ماممن حيث ختريج الوجوه على نصوص اإل

وهو االجتهاد يف الترجيح أي ترجيح قول لإلمام على آخر : االجتهاد يف الفتوى-3أطلقهما ذلك اإلمام ، بأن مل ينص على ترجيح واحد منهما على اآلخر ، فريجح جمتهد الفتوى أحد القولني على اآلخر معتمدا يف ترجيحه على نصوص إمامه ، أو قواعده أو حنو

.ذلك

فهذا العمل الذي هو النظر و النقد و التحقيق ، هو الذي صعد بكثري من الفقهاء إىل

--------------------

.74-72ط، ص.م،د1999الفاضل بن عاشور ، احملاضرات املغربيات ،مركز النشر اجلامعي، تونس، -1

.429-15/428، ع13مي ، السنةخمتار بابا ، جتزؤ االجتهاد عند األصوليني ، جملة جممع الفقه اإلسال -2

Page 141: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مراتب اتهدين ، الذين يستطيعون معاجلة احلوادث بصورة ميكن أن تأخذ من أقوال املتقدمني ، أو من الترجيح على أصوهلم ، ما يكون كفيال بتحقيق احلكم الشرعي املناسب

.للمصاحل اليت أمر اهللا مبراعاا

تهاد ، القدرة على التأصيل و التفريع ، و الرباعة يف ومن املالمح الدالة على بلوغ رتبة االج املناقشة و التعليل و النقد ، و مكانة الفقيه تتضح من خالل جهوده الفقهية يف مناقشة آراء اآلخرين وعدم قبوهلا و كأا من املسلمات ، فإذا ترقى اإلنسان إىل هذه الدرجة ، و

.قا ، و إماما صدقاأصبح فقيها ح - النقد- صارت عنده هذه امللكة

ولذلك يعترب الفقهاء الذين مارسوا النقد الفقهي حمققي املذاهب وجمتهديها ، و إن نزلوا عن رتبة االجتهاد يف املسائل إىل اجتهاد الترجيح و االختيار ، يقول صاحب كتاب

و االختالف يف املذهب املالكي عند ذكره للعلماء الذين عرفوا باالجتهاد يف املذهب ،، و ابن )1(كانت هلم أقوال معتمدة فيه ، فقد ذكر املازري ، و ابن رشد ، و ابن يونس

هذه طائفة من علماء املذهب الذين تبوأوا مرتلة االجتهاد املذهيب ، و :" وغريهم...بشري ،تسنموا غارب الترجيح ، و اعتمدهم املصنفون يف التشهري و التصحيح ، و هناك آخرون

)2(".ممن أدركوا شأو هؤالء و أحرزوا مكانتهم

ب حمققي املذهب ، أو فحوله ، أو نظاره ، و وقد يطلق على هذا الصنف من اتهدين لق .كلها ألقاب توحي إىل بلوغهم رتبة االجتهاد

--------------------

أبو بكر حممد بن عبد اهللا بن يونس الصقلي ، اإلمام احلافظ النظار ، أحد العلماء وأئمة الترجيح و االختيار ، أخذ -1 . 1/111:شجرة النور الزكية.هـ451سي ،تويف باملنستري سنة عن أيب عمران الفاسي و عن أيب احلسن القاب

.200عبد العزيز اخلليفي ، االختالف يف املذهب املالكي ، مصدر سابق ، ص -2

Page 142: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.شروط الناقد الفقهي: املطلب الثاين

ملا كان النقد الفقهي نوعا من االجتهاد فإنه ميكننا استمداد شروط الناقد الفقهي من واقع ، إذ ال جيوز أن يتصدى للنقد الفقهي " شروط اتهد"الدراسة اليت عقدها األصوليون يف

عوام الناس و أشباههم من اجلهال و املتجرئني و املتقحمني ألسوار الشريعة بال فقه و ال .دراية ، و رمبا مع قلة ورع و ديانة

مع ذلك فإن مجيع ما ذكروه وقد اختلفت عبارات األصوليني يف حتديد شروط اتهد ، و من شروط مرده إمجاال إىل معرفة مصادر الشريعة و مقاصدها ، و فهم أساليب اللغة العربية، و أن يكون اتهد على درجة من الصالح ، جتعله يتحرى يف اجتهاده ، و حيرص على

.مطابقة شرع اهللا و تقدميه على هواه

:اتهد ، و له شرطان: الركن الثاين:" )1(يقول الغزايل

متمكنا من استثارة الظن بالنظر فيها ، وتقدمي ما أن يكون حميطا مبدارك الشرع ، : أحدمها .جيب تقدميه ، وتأخري ما جيب تأخريه

أن يكون عدال جمتنبا للمعاصى القادحة ىف العدالة ، وهذا الشرط جلواز االعتماد : والثاىن إن أخذه باالجتهاد فتواه ، أما هو ىف نفسه فال ، أي تقبلعلى فتواه ، فمن ليس عدال فال

)2(". لنفسه اليشترط له ذلك

--------------------

، الفقيه ، )هـ500-450(حممد الغزايل ، الطوسي ، أبو حامد ، حجة اإلسالم ، ولد خبراسان و تويف ا-1 .183-4/101ج:طبقات الشافعية.ةاألصويل ، الشافعي ، برع يف علوم كثرية ، وصاحب مصنفات عظيم

.383-2/382،ج1417/1997، 1املستصفى ، مؤسسة الرسالة ، لبنان ، ط -2

Page 143: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:و ميكن إمجال الشروط العلمية للمجتهد فيما يلي

فالقرآن الكرمي هو أصل الشريعة ، و لذلك يشترط يف اتهد أن يكون : معرفة الكتاب-1الرتول ، و الناسخ و املنسوخ من اآليات ، عاملا بآيات عاملا بكتاب اهللا ، عاملا بأسباب

.األحكام من حيث داللتها و مواقعها

السنة هي املصدر الثاين ، فيجب على اتهد معرفة السنة على النحو :معرفة السنة-2 .السابق يف معرفة القرآن ، و أن يكون له متييز بني الصحيح منها و احلسن و الضعيف

يشترط للمجتهد معرفة قواعد اللغة العربية ، و كيفية دالالت األلفاظ :ة العربيةمعرفة اللغ-3على املعاين ، من عبارة و إشارة ، و داللة و اقتضاء ، و معرفة أقسام اللفظ من عام و

.خاص ، و مطلق و مقيد ، و مشترك و جممل ، و ظاهر و مؤول و حنوها

معرفة أصول الفقه ، بفهم قواعده العامة و فعلى طالب االجتهاد :معرفة أصول الفقه-4أدلته اإلمجالية و كيفية االستفادة منها ، فيعرف مباحث السنة املقبول منها و املردود على وجه اإلمجال ، و يعرف اإلمجاع من حيث ضوابطه و شروطه و حجيته ، و كذلك يعرف

يضا االستحسان و القياس صحيحه و فاسده ، و مسالك العلة و قوادحها ، و يعرف أ .االستصحاب ، و املصاحل املرسلة و غريها من األدلة اليت اختلف فيها العلماء

وهذا ليلتزم اتهد يف اجتهاده باألهداف العامة اليت قصد التشريع :معرفة مقاصد الشريعة-5الدين ، و النفس ، و العقل ، و :محايتها ، و اليت تدور حول حفظ مصاحل الناس ، وهي

.سب ، و املالالن

فيجب على اتهد العلم التام مبواقع اإلمجاع ، حىت ال جيتهد أو :معرفة مواقع اإلمجاع-6 .يفيت خبالف ما وقع عليه اإلمجاع

Page 144: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فيجب على اتهد معرفة أحوال عصره ، و ظروف جمتمعه الذي :معرفة أحوال عصره-7يها ، فيقع حكمه عليها سليما ، و يعيش فيه ، ليتمكن بذلك من تكييف الوقائع اليت جيتهد ف

.فهمه هلا صحيحا

أمر مهم للغاية حىت ال يتسور باب النقد ملن ميارس النقد الفقهي و اإللزام ذه الشروط الفقهي من ليس من أهل البيت ، من أنصاف املتفقهني و من يسمون باملثقفني من كتاب

ذي كثر فيه خباصة يف هذا الزمن الالصحف و االت ، فضال عن غريهم من اجلهلة ، وئيات و مواقع على شبكة انتشرت فيه وسائل اإلعالم من فضاالتأليف و الكتابة ،و

.، و كثر مع ذلك الدخالء على هذا العلم املتمسحون بلبوس أهلهاملعلومات

إن فإذا اشترط الفقهاء يف املشتغل باخلالف و املناظرات الفقهية ما يشترط يف اتهد ، ف و املناظر يف :" )1(اشتراط ذلك فيمن ميارس النقد الفقهي من باب أوىل ، يقول ابن خلدون، كما حيتاج إليها اخلالفيات البد له من معرفة القواعد اليت يتوصل ا إىل استنباط األحكام

تلك اتهد ، إال أن اتهد حيتاج إليها لالستنباط ، و صاحب اخلالفيات حيتاج إليها حلفظ )2(".املسائل املستنبطة من أن يهدمها املخالف بأدلته

وهكذا احلال نفسه بالنسبة للناقد الفقهي فهو أيضا حيتاج هلذه العلوم و القواعد للحكم على القول و الرأي داخل املذهب أو خارجه بالصحة أو الضعف ، فأدوات النقد الفقهي و

--------------------

هـ، احلافظ 732رمحن بن حممد بن خلدون احلضرمي اإلشبيلي أصال ، التونسي مولدا ، ولد سنة أبو زيد عبد ال-1. هـ807املتبحر يف سائر العلوم، الرحال املطلع ، اإلخباري العجيب ، رحل إىل املغرب و األندلس ، تويف سنة

.228-1/227:شجرة النور الزكية

.2/203م، 2004/هـ1425بة اهلداية ، دمشق ، ، مكت1عبد اهللا درويش ، ط:املقدمة ، حتقيق-2

Page 145: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

طرائقه هي نفسها آالت االجتهاد ، وهذه األدوات هي جمموع العلوم و املعارف املكتسبة )1(.اليت تؤهل صاحبها ملمارسة النظر االجتهادي وصوال إىل درك صحيح ألحكام الشريعة

وقد ذهب بعض الباحثني ممن كتب يف موضوع النقد الفقهي وهو الدكتور نوار بن الشلي إىل عدم اشتراط آلة االجتهاد يف أهلية الناقد الفقهي ،" نظرية النقد الفقهي" يف كتابه

حتديد املهر حيث - رضي اهللا عنه-مستدال على قوله بقصة املرأة اليت اعترضت على عمرميتنع النقد على أحد ، و الرأي مشترك ، و األصل حرية الفكر ، و الناس فليس :" يقول

وليس من العدل أن نسوي بني ...يتفاوتون يف قدرام العقلية و يتباينون يف جودة الرأي ،مجيع مواضيع النقد فنشترط هلا شروطا و مؤهالت ، و الواقع يؤكد أن للخربة باحلياة ، و

ع ، و سرعة البديهة ، أثرا ال ينكر يف تفاوت األحكام ، و قد رجاحة العقل ، وسعة االطالرأيه يف حتديد الصداق ، وهو -رضي اهللا عنه- انتقدت امرأة من عامة الصحابة على عمر

و بناء عليه فالذي أراه يف اشتراط أهلية الناقد أن ...من هو يف االجتهاد و إصابة احلق ، يعته ، و يف مقام البحث و التفقه ال أجد مسوغا ذلك خيتلف باختالف موضوع النقد و طب

)2(".ألي شرط أو قيد

:و اجلواب عن ذلك من وجوه

ضعف القصة اليت استدل ا على رأيه هذا ، فقصة املرأة مع عمر رواها سعيد بن -1 .....................................................يف السنن ، و أخرجها )3(منصور

------- -------------

.40/41نظرية النقد الفقهي ،ص -2. 2/648احلميد عشاق ،منهج النقد الفقهي عند املازري،ج/ع -1

سعيد بن منصور بن شعبة ، أبو عثمان اخلراساين املروزي ، شيخ احلرم ، اإلمام احلافظ ، مؤلف كتاب السنن ، -3 .590-10/587:سري أعالم النبالء.هـ227عيينة ، تويف سنة مسع من مالك و الليث ، وروى عنه أمحد و ابن

Page 146: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و ) 1(هذا منقطع : قال البيهقي يف السنن الكربى ، و أعلها باالنقطاع ، )1(البيهقي... . بالتايل فال يصح بناء احلكم عليها

وعلى فرض التسليم بصحة القصة فإن جمرد االعتراض لشيء ينقدح يف الذهن ال يؤهل -2ألن يكون ناقدا فقهيا باملعىن االصطالحي الذي ذكرناه للنقد الفقهي ، حيث يكون صاحبه

الناقد متخصصا يف نقد الروايات و األقوال و االستدالالت ، ألنه ال يتأهل هلذه الرتبة إال .من كان له علم وفقه و آلة االجتهاد

ننا بذلك الزمن ، وعلى فرض التسليم بصحة القصة أيضا فإنه ال ميكن إحلاق أهل زم-3الذي عرف أصحابه بصفاء الذهن ، وجودة القرحية ، و التشبع من منابع الوحي ، وقلة الشبهات الصارفة عن احلق ، مما ميكنهم من إدراك أحكام الشرع و فهم مقاصده ، و هذا

. األمر نفتقده اليوم يف زمننا

الفقهي البد أن يتوفر على آلة االجتهاد اليت أن الناقد -والعلم عند اهللا–فالذي يظهر يل تؤهله ملمارسة النقد الفقهي ، و أن يغلق الباب أمام عامة الناس ممن مل حيصل هذه اآللة ، وال يشترط بلوغه رتبة االجتهاد املطلق ، بل يكفي حتصيل آلة االجتهاد و ملكته ، وهذه

.يتم حبثها يف املطلب التايل، واليت س" جتزؤ االجتهاد"املسألة تعرف أصوليا بـ

--------------------

سري ).هـ458-384(أمحد بن احلسني ، أبو بكر البيهقي ، احلافظ ، العالمة ، الفقيه ، ولد يف بيهق بنيسابور -1 .17/216:أعالم النبالء

.7/233السنن الكربى ، ج -2

Page 147: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مسألة جتزؤ االجتهاد: املطلب الثالث

هو أن يكون العامل قد حتصل له يف :" يف بيان املراد بتجزؤ االجتهاد الشوكاينيقول اإلمام )1(".بعض املسائل ما هو مناط االجتهاد من األدلة دون غريها

أن يكون الفقيه جمتهدا يف باب من أبواب الفقه دون غريه أو : فاملقصود بتجزؤ االجتهاد .يف مسألة دون مسألة

أن التجزؤ املراد هو جتزؤ يف املسائل ال يف امللكة اليت حتصل للمجتهد ، و مما ينبغي أن يعلم مبعىن أن جتزؤ االجتهاد يراد به أن من حصل شرط االجتهاد إال شرط اإلحاطة بنصوص و أحكام مجيع أبواب الشريعة فهل له أن جيتهد يف باب دون باب أو مسألة دون مسألة ، هذه

:ني ، فقد اختلفوا يف جواز جتزؤ االجتهاد على مذهبنياملسألة حمل نزاع بني األصولي

يرى جواز جتزؤ االجتهاد ، فإن من توفرت فيه شروط االجتهاد يف بعض : املذهب األولاملسائل جيوز له االجتهاد فيها بنفسه بدون التقيد مبذهب جمتهد آخر ، و إىل هذا ذهب

، )3(ن تيمية و ابن القيم ، و النووي، واب )2(مجهور األصوليني اختاره الغزايل و الرازي ..........................................................................و، واآلمدي

--------------------

.224ت ، ص.ط ، د.إرشاد الفحول ، دار املعرفة ، بريوت ، د -1

هـ، 544العالمة الكبري ، األصويل املفسر ، ولد سنة فخر الدين حممد بن عمر بن احلسني البكري الطربستاين ، -2 .21/500:سري أعالم النبالء.هـ606انتشرت تواليفه شرقا و غربا ، تويف سنة

- 631(حيىي بن شرف املري ، الثوري ، النووي ، الشافعي ، احملدث ، الفقيه ، صاحب التصانيف ، عاش بني -3 .5/535:شذرات الذهب).هـ671

Page 148: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)2(:، و استدلوا مبا يلي )1(الزركشي.....

.)2("استفت قلبك و إن أفتاك الناس و أفتوك:" - صلى اهللا عليه وسلم-قوله-1

أمر اتهد باستفتاء نفسه ، -صلى اهللا عليه و سلم- أن الرسول:وجه الداللة من احلديث لى هذا فالعامل ببعض و إن أفتاه غريه، و يف ذلك ترجيح الجتهاده على اجتهاد غريه ، و ع

مسائل الفقه له أن جيتهد فيها بنفسه ، و ليس له أن يقلد فيها غريه، فدل ذلك على جواز .جتزؤ االجتهاد

أن اتهد يف بعض املسائل يعرف حكم هذه املسائل اليت اجتهد فيها عن دليل منصوب -2عه ، و ال يسوغ له من قبل الشارع ، فيحصل له معرفة حكم اهللا تعاىل فيجب عليه اتبا

.تركه بقول أحد اتهدين إال إذا عجز عن معرفة ذلك احلكم بنفسه

لو مل يتجزأ االجتهاد ، و احنصر يف اجتهاد اتهد يف مجيع املسائل و األبواب للزم من -3وهو -رمحه اهللا-ذلك علم اتهد جبميع األدلة و األحكام و هذا باطل قطعا ، فهذا مالك

ال أدري ، فدل على : مجاع سئل عن أربعني مسألة فقال يف ست و ثالثني منهاجمتهد باال .جتزئة االجتهاد

لو مل يكن االجتهاد جائزا يف بعض املسائل دون بعض ملا توقف كثري من الصحابة و-4

--------------------

نعة الزركش اليت كان يشتغل ا ، ولد بدر الدين أبو عبد اهللا حممد بن عبد اهللا بن ادر الزركشي ، نسبة إىل ص -1 .6/335:شذرات الذهب.هـ794هـ، فقيه شافعي ، أصويل ، حمدث ، مفسر ، تويف سنة 745سنة

.429-15/428، ع13، جتزؤ االجتهاد عند األصوليني ، جملة جممع الفقه اإلسالمي ، السنةآدوخمتار بابا -2

، 17545 :رواه أمحد يف املسند ، رقم-3

Page 149: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

التابعني و تابعيهم عن الفتوى يف بعض املسائل ، و عدم البت فيها حبكم ، و ذلك دليل .واضح على جواز جتزؤ االجتهاد

نفي جتزؤ االجتهاد ، وهو مذهب بعض علماء األصول منهم الشوكاين، و : املذهب الثاين )1(:استدلوا مبا يلي

ز تعلقها باحلكم الذي يبحث عنه ، حيتمل أن تكون كل مسألة يقدر جهل اتهد ا جيو-1و األحكام الشرعية مرتبطة بعضها ببعض ، وعلى هذا فال يتمكن اتهد املقيد من استخراج

.احلكم هلذه املسألة املفروضة

نقصان امللكة عند اتهد املقيد ، فمن ليست عنده املقدرة على االجتهاد يف بعض -2الجتهاد يف مجيع املسائل ، ألن العلوم الشرعية متعلق املسائل ال تكون عنده املقدرة على ا

بعضها ببعض ، فمن نقصت عنده امللكة ، و االستعداد الذهين ال يكون قادرا على استنباط .األحكام الشرعية كلها من أدلتها

و الذي رجحه مجهور األصوليني هو الصواب يف أن االجتهاد يقبل التجزئة ، يقول ابن تهاد حالة تقبل التجزؤ و االنقسام ، فيكون الرجل جمتهدا يف نوع من العلم االج:" القيم

)2(".مقلدا يف غريه ، أو باب من أبوابه

و اجتماع هذه العلوم الثمانية إمنا يشترط يف حق اتهد املطلق الذي يفيت يف :" وقال الغزايلن ينال العامل منصب مجيع الشرع ، و ليس االجتهاد عندي منصبا ال يتجزأ ، بل جيوز أ

)3(".االجتهاد يف بعض األحكام دون بعض

--------------------

ابن القيم ، إعالم املوقعني ، دار ابن اجلوزي ، -2 .429-428خمتار بابا آدو، املصدر السابق ، ص -1 .2/389املستصفى ، مصدر سابق ، ج -3 .6/129، ج1423/2003، 1السعودية ، ط

Page 150: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.معوقات النقد الفقهي: املبحث الثاين

.ضعف امللكة الفقهية: املطلب األول

يقف أمام أداء النقد الفقهي دوره الكامل يف إصالح املنظومة الفقهية و النهوض ا،و ".ضعف امللكة الفقهية"حتقيق الغايات و األهداف اليت يرمي إليها،عوائق كثرية لعل من أمهها

بيان شروط النقد الفقهي أن املمارس لعملية النقد الفقهي البد أن حيصل فقد سبق معنا يف آلة االجتهاد و ملكته ، و إال كانت ممارسته هلذا العمل اخلطري سلبية إذ يؤول بذلك النقد

.الفقهي من عامل بناء و إصالح إىل معول هدم و ختريب

على أسس سليمة ، و التمييز بني اخلطأ إذا كان للنقد دوره اخلطري يف عملية اهلدم و البناءف"و الصواب و احلق و الباطل و اجلمال و القبح ، فإنه ال يتصور أن يشتغل به و يتصدى له إال من كان عاملا موهوبا ، فال يتصدى لنقد موضوع أو مذهب مامل يكن قد بلغ الغاية يف

صني فيه ، فإنه ال يقف دراسته ، دراسة متخصصة عميقة ، جتاوز درجة أصحابه أو املتخصعلى فساد أو صالح فن أو صناعة ، من ال يقف على منتهى علم أصحاا فيها ، حىت

، مامل يطلع أربابه من غور وغائله يساوي أعلمهم مث يزيد عليه و يتجاوز درجته، فيطلع علىفهمه و والوقوف على فساد املذاهب قبل اإلحاطة مبداركها حمال ، ورد الشيء أو قبوله قبل

)1(".االطالع على كنهه و مقاصده رمي يف العمى و الضالل كما يقول الغزايل

فال ميكن للباحث يف اال الفقهي أن يتأهل ملرتبة النقد الفقهي إال إذا كانت له ملكة

--------------------

، 15ويت ، العدد محدي عبد العال ، قيم النقد يف الثقافة اإلسالمية ، جملة الشريعة ، الك -1 .237م،ص1989/هـ1409

Page 151: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

القدرة العلمية على ممارسة االجتهاد الفقهي من :" املقصود بامللكة الفقهية فقهية قوية ، و )1(".مصادره حبثا و دراسة

)2(:وهي -حسب جماالت البحث و االجتهاد الفقهي -و امللكة الفقهية ثالثة أنواع

استخراج األحكام الفقهية من األدلة الشرعية من غري وهي القدرة على : ملكة االستنباط -أ .تقليد ، أو من خالل القواعد اليت قررها أئمة املذاهب

وهي القدرة على ختريج الوجوه الفقهية على القواعد الكلية و املسائل : ملكة التخريج - ب .الفرعية إلمام من األئمة األربعة

دراسة اآلراء الفقهية ، و متحيصها ، و بيان وهي القدرة على : ملكة الترجيح و النقد - ج . الراجح و املرجوح ، و الصحيح و الضعيف منها

و تضعف امللكة الفقهية عند الباحث الفقهي أو تنشأ قاصرة ألسباب كثرية من أمهها ضعف آلة االجتهاد لديه وعدم متكنه من أدواته ، سواء من الناحية اللغوية أو احلديثية أو

أو األصولية ، وهذا هو املالحظ على أغلب املنتسبني إىل البحث الفقهي اليوم من الفقهية خرجيي اجلامعات و الكليات الشرعية ، اليت تضطلع اليوم بتكوين الفقهاء و املتخصصني يف الدراسات الشرعية ، مما انعكس على واقع البحث الفقهي يف مجيع جماالته ومن ذلك جمال

.النقد الفقهي

تعاين الدراسات الفقهية و الشرعية بشكل عام اليوم من ضعف آلة االجتهاد لدى إذ

--------------------

، وزارة األوقاف ، قطر ، 19، السنة72عثمان شبري ، تكوين امللكة الفقهية ، سلسلة كتاب األمة ، العدد -1 .70-62ص املصدر نفسه ، -2 .57-56هـ، ص1420

Page 152: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف الغالب -املتخصصني فيها ، فالكليات و املعاهد الشرعية خترج لنا حفظة و محلة فقهو ال خترج لنا فقهاء ، خترج نقلة ميارسون عملية الشحن و التفريغ و التلقني ، و ال -األعم

و األصل فيها أا قائمة على البحث -خترج جمتهدين ، وليست الدراسات العليا يف معظمهابأحسن حاال ، إذ هي امتداد لعملية النقل و الشحن و - و الدراسة و التقومي و الترجيح

)1(.التفريغ ، بعيدا عن اإلبداع و التفكري و االبتكار

لذلك جند أن الدراسات الفقهية اليوم اليت تقوم على النقد هزيلة وال تكاد تذكر إذا ما قورنت بتلك اليت تبىن على التجميع و التركيب أو التحليل و التفسري ، فمن النادر أن ترى اليوم دراسة أكادميية يتجه فيها الباحث إىل جعل النقد حمور اهتمامه و دراسته ، وإذا نظرناإىل ما يقدم يف مشاريع البحث الفقهي رأينا كثريا منه تقليدا و انغماسا يف إبراز مآثر الفقهاء

فالن و " أو" منهج فالن"و العلماء املاضني ، و قد غدا طموحا للكثريين أن يكتب يف )2(.اخل....، أو مجع آرائه يف عملية استقرائية"منهجه

نبئ عن حالة الضعف و التدين يف مستوى التحصيل إن واقع البحوث الفقهية أكرب مؤشر ي العلمي الذي يعاين منه الباحثون اليوم يف اال الفقهي ، و اليت غدت حاجزا و عائقا أمام تطور الدراسات النقدية يف هذا اال ، و هذه احلالة تشبه احلالة اليت عرفها الفقه اإلسالمي

.ن و املختصرات و اهلوامش و احلواشييف مرحلة الضعف و اهلرم حيث شاعت املتو

كما كان لضعف التأصيل العلمي لدى طالب الكليات و اجلامعات الشرعية انعكاس على الشخصية العلمية ، مما جعلها قليلة الطموح ، حمدودة امللكة ، قليلة املعرفة ، ال تقوى على

--------------------

.39املصدر السابق ، ص -1

.15م،ص2008/هـ1429، دار السالم ،مصر ، 1الشلي ، العقل الفقهي ، ط نوار بن -2

Page 153: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

. تأسيس األحكام ، أو نقضها ، أو ترجيح األقوال

و إن من أهم أسباب هذا الضعف هو ضعف املناهج العلمية املعتمدة يف هذه الكليات . سلك ضابطحبيث خيرج الطالب مبعلومات مبتورة ومشتة ال يربطها رابط ، و ال ينظمها

ولذلك فإن ترقية العقل الفقهي للباحث إىل مرتبة النقد ال يكون إال بتنمية امللكة الفقهية لديه من خالل منهج علمي حيرك فكر الطالب ، و ينمي فيه روح اإلبداع ، ويولد لديه

تلقني اعلم أن ":يقول ابن خلدون، القدرة على التفكري و االستدالل ، و االبتكار و التفنن وقليال فقليال، يلقى عليه افشيئ اإذا كان على التدريج شيئ العلوم للمتعلمني إمنا يكون مفيدا

مسائل من كل باب من الفن، هي أصول ذلك الباب، ويقرب له يف شرحها على سبيل أوال، ويراعى يف ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حىت ينتهي إىل آخر الفن، اإلمجال

، وغايتها أا هيأته لفهم الفن وعند ذلك حيصل له ملكة يف ذلك العلم إال أا جزئية ضعيفة، فريفعه يف التلقني عن تلك الرتبة إىل أعلى منها، وحتصيل مسائله، مث يرجع به إىل الفن ثانية

فتجود ، ويذكر له ما هنالك من اخلالف ويستويف الشرح والبيان وخيرج عن اإلمجال، ه، مث يرجــع به وقد شــذا فال يترك عويصا وال مهما وال مغلقا إال وضحهملكت

.)1("، فيخلص من الفن وقد استوىل على ملكته وفتح له مقفله

بالذكاء و : االستعداد الفطري: و يؤثر يف تكوين امللكة الفقهية وتطويرها عامالن ، األول التكوين العلمي اجليد ، من خالل : ،الثاين الفطنة و قوة اإلدراك ، وهذه منحة ربانية

. اإلحاطة مببادئ العلم و قواعده

وذلك أن احلذق يف العلم و التفنن فيه و االستيالء عليه ، إمنا هو :" يقول ابن خلدون

--------------------

.2/347ج م2004/هـ1425،، دار يعرب ، دمشق 1اهللا الدرويش ، ط/ع:، حتقيقابن خلدون ، املقدمة -1

Page 154: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

حبصول ملكة يف اإلحاطة مببادئه و قواعده ، و الوقوف على مسائله، واستنباط فروعه من )1(".أصوله ، مامل حتصل هذه امللكة مل يكن احلذق يف ذلك الفن املتناول حاصال

د وعليه فإن تفعيل النقد الفقهي يف جمال الدراسات و البحوث الفقهية حيتاج إىل إعدا الفقيه وتنمية ملكته الفقهية و قدرته العلمية ، وفق منهج علمي أصيل ، يقوم على دراسة الفقه دراسة علمية حمكمة يف اجلانب النظري ، مع دربة و ممارسة عملية يف كل جماالت

.البحث الفقهي لتقوية امللكة و ترسيخها يف نفس الباحث حىت يتأهل يف كل جمال

--------- -----------

.2/166املصدر السابق ، ج -1

Page 155: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.التقليد: املطلب الثاين

من أهم العوائق اليت وقفت حاجزا أمام تفعيل النقد يف جمال البحث الفقهي ظاهرة : السبب السابع:" التقليد، يقول الطاهر بن عاشور يف بيان أسباب تقهقر العلوم و تأخرها

التقليد ، وهو ناشئ عن األسباب املاضية ، فإن تداخل العلوم ، وحب املشاركة يف مجيعها ، فتفيئ إىل التقليد ، وتلك شنشنة البد أن يسلب من النفوس حكم النقدوحرمة األقدمني

)1(".قدمية أضرت العلوم اإلسالمية

وقد عرفه العلماء التقليد بعبارات خمتلفة تكاد تتفق يف املعىن ، و العبارة الشائعة عندهم يف ، فالتقليد هو القبول بآراء اآلخرين )2("قبول قول الغري من غري حجة:" ذلك أن التقليد هو

. و أفكارهم ، و التسليم بصحتها ، دون نظر و فحص

إن التقليد يقيد حركة العقل ، و يشله ، و يعطل مكنة التفكري ، ويولد حالة من اجلمود و االنغالق الفكري ، و حيول دون اإلبداع و االبتكار ، أو املناقشة و النقد ، ألنه يقتضي

ليم بصحة الرأي ، فيغلق الباب أمام أي حماولة للتجديد و اإلصالح ، ولذلك كانت التسظاهرة التقليد سببا يف تأخر كل أصناف العلوم و املعارف ، ألنه يغيب ملكة الفحص و

. النقد

لقد عرف الفقه اإلسالمي هذه الظاهرة مع بداية القرن اخلامس فأثرت يف احلركة ت ا القهقرى ، فأبدلتها من القوة ضعفا ، و من النشاط فتورا ، و أماتت الفقهية، ورجع

--------------------

.156الطاهر بن عاشور ، أليس الصبح بقريب ، مصدر سابق ، ص -1

هـ ، 1399ط،مطابع الدوحة ، قطر ، .العظيم الديب ، د/ع:اجلويين ، الربهان يف أصول الفقه ، حتقيق-2 .2/1357ج

Page 156: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

لعلماء روح االستقالل الفكري وماتت معها ملكة البحث ، فلم يكن هلم نصيب إال يف احكاية أقوال من سبقهم ، و القناعة مبا يف أيديهم من شروح و حواش و تقارير ، و بذلك فنيت شخصيات الفقهاء يف هذه املرحلة يف شخصيات متبوعهم من األئمة ، فبخسوا

ال تقوى على تلقي العلم من الكتاب و السنة ، و أم أنفسهم حقها ، وظنوا أن أقدارهم ليسوا أهال للنظر و االستنباط منهما، ورضوا ألنفسهم بالتقليد ، فأصبحوا عالة على فقه أيب حنيفة ، ومالك و الشافعي ، وأمحد، وحصروا أنفسهم يف دوائر اختذوها من أصول تلك

والتزم كل منهم مذهبا معينا ال يتعداه ، املذاهب ال يعدوا ، و ال يتجاوزون حميطها ، ويبذل كل ما أويت من قوة يف نصرة ذلك املذهب مجلة و تفصيال ، و صارت مؤلفام ال تعدوا أن تكون اختصارا ملؤلف سبق ، أو شرحا له ، أو مجعا ملا تفرق ، و ال يستجيز

م الفقهاء أنفسهم بالعجز أحدهم لنفسه أن جيتهد يف مسألة مبا خيالف ما استنبط إمامه ، فاو الضعف ، و يبوا من االجتهاد ، و فترت اهلمم ، و احنلت العزائم ، و ظنوا أن اخلري يف التقيد مبذهب و الدوران يف فلكه ، ونادوا بضرورة غلق باب االجتهاد حبجة أنه ال يوجد

).1(من يصلح هلذا املنصب

التقليد يف األمصار عند هؤالء األربعة ووقف :" يقول ابن خلدون يصف هذه الظاهرة ودرس املقلدون ملن سواهم ، وسد الناس باب اخلالف و طرقه، ملا كثر تشعب االصطالحات يف العلوم ، وملا عاق عن الوصول إىل رتبة االجتهاد ، وملا خشي من إسناد

وردوا الناس ذلك إىل غري أهله ومن ال يوثق برأيه وال بدينه ، فصرحوا بالعجز و اإلعواز،ومل يبق إال نقل مذاهبهم وعمل كل ... إىل تقليد هؤالء ، كل مبن اختص به من املقلدين ،

، ال حمصول للفقه اليوم إال هذا ، و مدعي االجتهاد هلذا ...مقلد مبذهب من قلده منهم

--------------------

.115الفقه اإلسالمي ، األشقر ، صتاريخ -94تاريخ الفقه اإلسالمي ، بدران أبو العينني ،ص:ينظر-1

Page 157: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".العهد مردود منكوص على عقبه ، مهجور تقليده

ويشهد هلذا اجلمود تلك احلرب اليت أعلنها املقلدة على كل من حياول التحرر و اخلروج :" عن ربقة التقليد ، أم أصحاب بدعة جديدة ، و أم خالفوا اإلمجاع ، يقول ابن العريب

هلم من له معرفة ، أو جاءهم بفائدة يف الدين ، و طريقة من سلف الصاحلني ، فإذا ظهروسرد هلم الرباهني ، غمزوا جانبه ، و قبحوا عجائبه ، و عيبوا حقه استكبارا ، وعتوا ، و جحدوا علمه ، وقد استيقنته أنفسهم ظلما وعلوا ، وسعوا يف إمخال ذكره ، و حتقري قدره ،

)2(."ردوا كل عظيمة إليهفافتعلوا عليه ، و

وذا كبل التقليد العقل الفقهي ، و قيد حركته ، فأثر على بنية البحث الفقهي ، حيث أصبح االنتماء املذهيب حيكم مقدمات البحث و نتائجه ، مما أفقد البحث الفقهي القدرة على

ألنه صري أقوال أئمة اجتهاد جديد أو مستقل ، أو نقد اجتهادات الفقهاء السابقة ونقضها ، املذاهب حجة يف ذاا ، و أكسبها موقع الدليل الشرعي يف البحث الفقهي ، فهي غري قابلة للنقد و املراجعة ، بل اعتربت حماولة إخضاعها لالختبار و النقد و التحقيق طعنا يف شخصية

.األئمة العلمية ، و خدشا يف مسعة الباحث

ذاهب و أقوال األئمة ، و ال يتفقدوا باملراجعة ، و التنقيح ، فاملقلدة ال يتعهدون كتب امل و التصحيح ، و التأصيل ، بل يرضون ا ، و يسلمون مبا فيها على أنه وحي مقدس ، ال يقبل املناقشة فضال عن النقد و الرد ، فلم يك من السهل على الواحد منهم أن يقف حلظة

صحاب ، و يعمل فكره يف اختيار أصحها و أقواها ،ليتأمل مقررات املذهب ، و أقوال األ

--------------------

.189-188املقدمة ، مصدر سابق ، ص -1

.369ت ،ص .ط، مكتبة دار التراث، مصر، د.عمار طاليب ، د:ابن العريب، العواصم من القواصم ، حتقيق -2

Page 158: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ىت لو وقف على ضعف و أقرا إىل الكتاب و السنة ، و أصول اإلمام و مقاصده ، بل حقول ، أو جمانبته للصواب فال ميلك القدرة للتخلي عنه ، أو تصحيحه ، أو اإلعالن عن

و من العجب العجيب أن الفقهاء املقلدين يقف أحدهم :" ضعفه ، يقول العز بن عبد السالمعلى ضعف مأخذ إمامه ، حبيث ال جيد لضعفه مدفعا ، و مع هذا يقلده فيه ، و يترك ما شهد الكتاب و السنة و األقيسة الصحيحة ملذهبه ، مجودا على تقليد إمامه ، بل يتحيل لدفع

)1(".و السنة ، و يتأوهلما بالتأويالت البعيدة نضاال عن مقلده ظواهر الكتاب

فإن يف علماء املذاهب األربعة من هو أوسع علما أو أعلى قدرا :" ويقول اإلمام الشوكاين من إمامه الذي ينتمي إليه ، و يقف عند رأيه ، و يقتدي مبا قاله يف عبادته ومعاملته ، ويف فتاواه و فضائله ، و يسري ذلك يف مصنفاته ، فريجح فيها ما يرجحه إمامه ، و إن كان

عيفا ، أو موضوعا ، أو ال دليل بيده أصال ، بل جمرد حمض الرأي ، و يدفع من دليال ضاألدلة املخالفة له ما هو أوضح من مشس النهار ، تارة بالتأويل املتعسف ، و حينا بالزور

)2(".امللفق

وهلذا كله فإن إعادة إحياء و بعث روح النقد يف جمال البحث الفقهي يتطلب التحرر التام قيود التقليد املذهيب ، فريقى الباحث الفقيه بنفسه إىل الفكر املستقل ، و يكتسب مهارة من

الفحص و النقد و التحقيق يف دراسة التراث الفقهي ، فال يتهيب من نقد قول أو رأي ال يقتنع بصحته ، مىت رأى من نفسه أنه قد تأهل لذلك ، يقول اإلمام الشوكاين مبينا ضرورة

وليس لك أن تعتقد أن صوابه صواب :" لتقليد لبناء الشخصية العلمية املستقلة التحرر من ا

--------------------

.275-2/274قواعد األحكام يف مصاحل األنام ، مصدر سابق ، ج-1

.157،ص1419/1998،دار ابن حزم،لبنان،1اهللا السرحيي، ط/ع:الشوكاين،أدب الطلب ومنتهى األرب،حتقيق-2

Page 159: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ه خطأ عليك ، بل عليك أن توطن نفسك على اجلد و االجتهاد ، و البحث لك ، أو خطأمبا يدخل حتت طوقك ، و حتيط به قدرتك ، حىت تبلغ إىل ما بلغ إليه من أخذ األحكام

)1(".الشرعية من ذلك املعدن الذي ال معدن سواه

طالب يقرأها و أما القواعد اليت أسسها لنا السلف ، فإن ال:" ويقول الطاهر بن عاشور يكتسبها لتخدم فكره ، ال لتستعبد أفكاره ، ومىت استأسرت القواعد األفكار بان خطأ

)2(".النظر

ويقول يف موضع آخر مبينا أن ممارسة النقد هو استمرار ملنهج العلماء السابقني ، وليس شيدوه، نقيصة من قدرهم ، وهو سبب لرقى للعلوم اليت أسسوها ، و إعالء للبناء الذي

ال أقول هذا حطيطة من األقدمني وال نقيصة من مقاديرهم ، فإين أعلم :" فيقول رمحه اهللاعظمتهم و جاللتهم ، و لكين ال أعتقد فيهم العصمة ، يقرأون ما نقرأ ، و يفهمون كما نفهم ، و أنا من اجلانب الذي أجلهم به و أنظر إليهم منه نظر املبهوت ، من ذلك اجلانب

واعلم أنا مىت اقتصرنا ... إم غرسوا لننمي ، و أسسوا لنشيد ، و ابتدأوا لرتيد : أقولنفسه يف تعليمنا على ما أسسه لنا سلفنا ووقفنا عند ما حددوا ، رجعنا القهقرى يف التعليم و العلم، ألن اقتصارنا على ذلك ال يؤهلنا إال للحصول على بعض ما أسسوه ، و حفظ ما

فنحن قد غلبنا مبا فاتنا من علومهم ولو قليال ، أما مىت ما جعلنا أصوهلم أسسا استنبطوه ، لنا نرتقي بالبناء عليها ، فإنا ال يسوؤنا فوات جزء من تعلمام مىت كنا قد استفدنا حظا

)3(".وافرا قد فام

--------------------

.87أدب الطلب ، ص الشوكاين، -1

.156-141املصدر نفسه ، ص -3 . 155أليس الصبح بقريب ، ص -2

Page 160: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.التعصب املذهيب: املطلب الثالث

وهو العائق الثالث من معوقات النقد ، وهو نتيجة حتمية للتقليد و اجلمود الفقهي ، و إنه ينشأ عن التقليد التعصب ، فإن قدسية اآلراء اليت يقلدها :" يقول الدكتور أبو زهرة

)1(".الشخص تدفعه إىل التعصب هلا

توقف ا عقل اإلنسان ، إن التعصب يولد بدوره حالة من اجلمود و االنغالق الفكري ، ي فتجعله يقبل بكل ما يرد إليه ممن يتعصب ألجله و إن كان خطأ ، و متنعه القبول من غريه و إن كان صوابا ، ومن آثار ذلك سطحية التفكري ومجود الفكر، وتقديس األشخاص ،

كات وافتقار الروح النقدية ، و افتقاد املوضوعية ، و يصاحب التعصب دائما مشاعر و سلوسلبية جتاه املخالف ، فمن أبرز السمات الفكرية للشخصية املتعصبة باإلضافة إىل اجلمود و االنغالق الفكري ، كراهية و معاداة املخالف ، وشدة االنفعال و االندفاع و العدوان و العنف و الغضب عند أقل استثارة ، فالكراهية مطلقة و عنيفة للمخالف أو املعارض للرأي ،

)2(.ب الذي يصل إىل التقديس لرموز هذا الرأيو احل

التمسك و املغاالة يف االنتصار للمذهب أو الرأي الفقهي و :" واملراد بالتعصب الفقهي )3(".اجلمود عليه ولو كان خمالفا للحق و الصواب

--------------------

.9تاريخ املذاهب اإلسالمية ، مصدر سابق ، ص -1

جوري ، ظاهرة التعصب الفكري و آثارها الثقافية ، حبث تكميلي للحصول على درجة املاجستري، العزيز احل/ع -2 .6هـ، ص1432جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ، السعودية ،

حسن اجلوجو،التعصب املذهيب و التطرف الديين،حبوث مؤمتر الدعوة اإلسالمية و متغريات العصر،اجلامعية -3 .1045م، ص2005غزة ، اإلسالمية ،

Page 161: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

لقد كان للتعصب الفقهي آثار وخيمة مست خمتلف جوانب البحث الفقهي ، فهو أحد التعصب : أما أسباب التأخر فهي ، األول:" أهم أسباب تأخره ، يقول الطاهر بن عاشور

للمذاهب ، و العكوف على كالم إمام املذهب ، و استنباط احلكم منه بااللتزام و حنوه ، ، وعوضوا ذلك باالنتصار ...لقى أتباع األئمة مذاهبهم برهبة منعتهم النظر يف الفقه فت

)1(".للمذاهب ال يلوون غري ذلك

سلب احلرية عن العلوم :السبب الثامن:" ويقول يف موضع آخر يف بيان أسباب تأخر العلوم بسبب قصر العلم يف نظر اجلمهور على نقل كالم السلف ، و احنصار التآليف يف نقل ما مضى من غري حبث ، وهذا من صنيع شيع متعصبني لتمجيد آراء أساتذم فعدوا فهم

صارت خمالفتهم معدودة من اهلوس ، فلم يسع الناس إال خدمة كالمهم اية العلم ، و كالمهم ، وتطويل املسودات باملناقشات يف أفهامهم ، و لذا أصبح املبتكر عرضة للنكاية و

)2(".االضطهاد ، ناهيك باملعترض على بعض املتقدمني

طئة األئمة ، لقد أورث التعصب يف املتمذهبني الضعف و السلبية ، وعدم اجلرأة على خت فهم يف الغالب األعم ال ينتقدون أئمتهم ، و اليردون عليهم ، و يبالغون يف تعظيمهم و تقديسهم و االعتذار هلم ، و البحث هلم عن املخارج و إن كانت آراؤهم ضعيفة مرجوحة، مع اإلغراق يف اجلدل و اخلالف ، و إمهال التحقيق العلمي الرتيه القائم على الكتاب و

سنة و الفقه املتحرر من القيود املذهبية ، وأدخل غالبية أهل العلم يف قوقعة الفقه املذهيب و ال كبلهم به ، و صرفهم عن االطالع على ما عند الطوائف األخرى من علم صريح ، و

--------------------

.172أليس الصبح بقريب ، ص -1

.156املصدر نفسه ، ص -2

Page 162: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".حرمهم من االنتفاع به

و من العجب العجيب أن الفقهاء املقلدين يقف أحدهم على :" يقول العز بن عبد السالم ضعف مأخذ إمامه ، حبيث ال جيد لضعفه مدفعا ، و مع هذا يقلده فيه ، و يترك ما شهد الكتاب و السنة و األقيسة الصحيحة ملذهبه ، مجودا على تقليد إمامه ، بل يتحيل لدفع

)2(."و السنة ، و يتأوهلما بالتأويالت البعيدة نضاال عن مقلده ظواهر الكتاب

ومن خالف عندهم الرواية اليت ال يقف على معناها و :" -رمحه اهللا-ويقول ابن عبد الرب و لتقصريهم يف علم ...أصلها و صحة وجهها فكأنه خالف نص الكتاب و ثابت السنة ،

ن يقول بقول أيب حنيفة أو الشافعي أو داود أصول مذهبهم صار أحدهم إذا لقي خمالفا ممأو غريهم من الفقهاء ، و خالف يف أصل قوله بقي متحريا ومل يكن عنده أكثر )3(بن علي

هكذا قال فالن و هكذا روينا ، و جلأ إىل أن يذكر فضل :من حكاية قول صاحبه فقال :)4(مالك و مرتلته ، ويف مثل ذلك يقول منذر بن سعيد البلوطي

يري من قوم يقولون كلما طلبت دليال هكذا قال مالكعذ

وقد قاله ابن قاسم الثقة الذي على قصد منهاج اهلدى هو سالك

فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب وقد كان ال ختفى عليه املدارك

------------------ --

.275-2/274قواعد األحكام يف مصاحل األنام ، ج -2 . 166-162خالد عالل ، التعصب املذهيب ، ص -1

أبو سليمان داود بن علي بن خلف الظاهري األصبهاين،أحد األئمة اتهدين يف اإلسالم ، وإمام الظاهرية، ولد -3 .2/333ج:نبالءسري أعالم ال-)هـ270(، وتويف ببغدادسنة ) هـ201(بالكوفة سنة

منذر بن سعيد البلوطي ، أبو احلكم األندلسي ، قاضي اجلماعة بقرطبة ، كان فقيها حمققا ، و خطيبا مفوها ، -4 .178-16/173سري أعالم النبالء ،ج -)هـ355(تويف سنة

Page 163: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فإن زدت قالوا قال سحنون مثلهم ومن يقل ما قاله فهو آفك

اهللا ضجوا و أكثروا وقالوا مجيعا أنت قرن مماحكو إن قلت قال

)1(".وإن قلت قد قال الرسول فقوهلم أتت مالكا يف رد ذاك املسالك

وهلذا فإن إحياء الروح النقدية وغرسها يف نفوس الباحثني ال ميكن أن يتم إال بالتخلص من التعصب املذهيب ، فالواجب على الباحث يف اال الفقهي أن يتجرد ملعرفة احلق ، و أن يتحرر من اهلوى و التعصب آلراء األشخاص ، أو أقوال املذاهب ، فإن التعصب و التحيز

)2(.رأي فقهي معني يؤثر تأثريا بالغا يف مسار البحث و نتائجهملذهب أو

فاهلدف من البحث الفقهي هو كشف احلق و إجالء احلقيقة ، فمىت الح للباحث الصواب بادر إىل االنقياد له ، و إن كان على خالف املذهب الذي يقلده أو الرأي الذي يعتقده ،

، و يراها أخلق باالتباع من آراء غريه ، فقد كان فمن اخلطأ أن يتعصب اإلنسان آلراء إمامأئمة املذاهب ال يرون أن آراءهم فوق مستوى األخذ و الرد ، و يعلنون أن ما ذهبوا إليه هو أحسن ما قدروا عليه ، فآراؤهم اجتهادات حتتمل اخلطأ و الصواب ، و من مث ال قداسة

)3(.هلا

يضا عند نقده آلراء املخالفني و التحلي باألمانة كما أنه جيب عليه التحرر من التعصب أ العلمية و املوضوعية حىت يكون النقد بناء هدفه إظهار احلق ال جمرد النقد و الرد ، فيكون

--------------------

.1414/1994،2/328،دار ابن اجلوزي،السعودية،1أبو األشبال الزهريي ،ط:جامع بيان العلم و فضله،حتقيق -1

.17اعيل عبد العال ، البحث الفقهي ، مصدر سابق ، صإمس -2

.189م،ص1999/هـ1420ط،دار الثقافة للنشر ،قطر ،.حممد الدسوقي ،مقدمة يف دراسة الفقه اإلسالمي، د -3

Page 164: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف -رمحه اهللا–قوله قائما على العدل و اإلنصاف ال التجين و االعتساف ، يقول ابن القيم حيب اإلنصاف ، بل هو أفضل حلية حتلى ا الرجل ، خصوصا من و اهللا تعاىل :" هذا الشأن

لدعأل ترمأو:(نصب نفسه حكما بني األقوال و املذاهب ، و قد قال اهللا لرسولهبيكنمنصبهم العدل بني - صلى اهللا عليه وسلم- ، فورثة الرسول]15:اآلية-الشورى:سورة[)م

وذوي مذهبه و متبوعه بل يكون احلق مطلوبه يسري الطوائف و أال مييل أحدهم مع قريبه )1(".بسريه و يرتل برتوله ، يدين بدين العدل و اإلنصاف وحيكم احلجة

قبل كل شيء أريد :" كالما مجيال يف املوضوعية و اإلنصاف- رمحه اهللا-ويقول ابن حزم أن تنظر يف كالمي بعني سليمة من اإلعراض و االستحسان معا ، و بنفس بريئة من النفار و السكون معا ، ال كما ينظر املرء مبا مل يسمعه قط ، فيسبق إليه قبول يسهل عليه الباطل ، أو

)2(".ر عليه احلق ، فمن هذين السعيني تاه أكثر الناس و فارقوا احملجةنفار يوع

وقد ابتلي الفقه اإلسالمي ببعض الفئات اليت أعماها التعصب املذهيب فعمدت إىل حتريف النقل ، و االفتئات على املخالفني هلم ، فقولوهم مامل يقولوه ، فجاءت حكايتهم آلراء

م هلا حمرفة ، وفهمهم هلا معكوسا على غري ما أراده اآلخرين مغلوطة ، و استدالال، هلذا اشترط العلماء األمانة العلمية و املوضوعية ملن يتصدى لنقد آراء املخالفني )3(أصحاا

)4(:و االعتراض عليها حيث يقتضي ذلك

--------------------

.4/497إعالم املوقعني ،ص -1

.2/198، ج1987،املؤسسة العربية للنشر ،بريوت ، 2باس ،طإحسان ع:رسائل ابن حزم ،حتقيق - 2

.151،ص1424/2000،املكتبة املكية، السعودية،2الوهاب أبوسليمان ،منهج البحث يف الفقه اإلسالمي،ط/ع-3

.194-192املصدر نفسه ، ص -4

Page 165: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

التأكد التام من صحة الرأي إىل صاحبه ، و التثبت منه من مصادر صحيحة ، و ذكر : أوال .القول املعتمد يف مذهبه ، أو املشهور عنه ، ال ما كان من قبيل الروايات الشاذة

نقل الكالم املعترض عليه نصا ، دون زيادة أو نقص ، إذ ال يسمح يف جمال النقد و : ثانيا . املعارضة نقل كالم املخالف باملعىن حبال ، أو اقتطاع جزء منه حبيث يغري معناه

له يتبني لنا أن النهوض بالنقد يف جمال الدراسات الفقهية يتطلب تكوين من خالل هذا ك باحث مستقل يف فكره ، متجرد عن التعصب ، احلق ضالته وهدفه أىن وجده ، ال يقدس

و النهضة احلقيقية لألمة و الفقه هي أن يوجد يف :" شخصا و ال مذهبا ، يقول احلجويهدون يأخذون األحكام من الكتاب و السنة رأسا ، األمة فقهاء مستقلون يف الفكر ، و جمت

)1(".عارفني ما معرفة كافية ، نابذين لكل خالف و تقليد

--------------------

.4/463الفكر السامي ، ج -1

Page 166: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.جماالت النقد الفقهي: املبحث الثالث

.نقد األقوال و الروايات و االجتهادات الفقهية: املطلب األول

تتنوع جماالت النقد الفقهي بتنوع املادة الفقهية ، و تتشكل املادة الفقهية من خالل ثالث االستنباط واستخراج احلكم مث االستدالل له مث تدوين ذلك ، وعليه فالنقد : عمليات هي

نقد األحكام و األقوال و الفتاوى ، نقد الدليل : الفقهي يرتبط ذه ااالت الثالث ، وهي .االستدالل ، نقد املصنفات و طرائق التدوينو

نقد األحكام و الفتاوى ، ويقصد به نقد : أما اال األول من جماالت النقد الفقهي فهو االجتهادات و االستنباطات و األحكام أو الفتاوى اليت تصدر عن اتهدين سواء كانت

ة املنتسبني إىل هذه املذاهب ، أو اجتهادات أئمة املذاهب ، أو اجتهادات الفقهاء و األئماجتهادات كل من انتسب إىل الفقه و توىل عملية االجتهاد و اإلفتاء يف أي عصر من

.العصور

لغلبته و " النقد الفقهي" وهذا النوع هو الذي يتبادر إىل األذهان عادة عند مساع مصطلح مراحله األوىل وهذا لتمايز املدارس ، وقد ظهر هذا النوع يف الفقه اإلسالمي منذ )1(شيوعه

الفقهية و تشعبها ، و اختالف املذاهب أيضا ، بل إننا جند يف املذهب الواحد اختالفا يف .الروايات و األقوال ، وهذا ما جعل هذا النوع هو الغالب يف النقد الفقهي

خالفة إىل رد والنقد الفقهي لألقوال إما أن يكون خارجيا متوجها من فقهاء املذاهب امل قول أو تضعيفه يف مذهب معني ، كأن يتوجه النقد من فقهاء املالكية إىل قول يف املذهب

--------------------

.49نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، مصدر سابق ، ص -1

Page 167: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الشافعي أو العكس ، وجند هذا النوع من النقد يف الكتب اليت تعىن بالردود على املذاهب ، و احمللى البن حزم ، و اموع للنووي:ة ، أو كتب اخلالف العايل ، مثل املخالف

).1( االستذكار البن عبد الرب ، و املغين البن قدامة

و إما أن يكون النقد الفقهي لألقوال داخليا ، وهو الذي ميارسه علماء املذهب نفسه يف دراسة مسائل املذهب و فروعه ، من خالل حترير األقوال و الروايات يف املذهب ، أو

ملعرفة ما يعتمد منها يف توجيهها ، و متييز أصحها و أقواها ، من ضعيفها و مرجوحها ، .قضاءجمال اإلفتاء و ال

وقد تطور هذا النوع من النقد يف القرن اخلامس اهلجري بعد خروج الفقه اإلسالمي من مرحلة التطبيق إىل مرحلة التنقيح ، فقد وجد الفقهاء يف هذه املرحلة خلطا بني الروايات و ه األقوال املنقولة يف املذهب ، ومزج الصحيح منها بغريه ، أو رمبا اختالفا و تناقضا بني هذ

الروايات ، فبدؤوا يف متحيص هذه األقوال و الروايات ونقدها ، مث تصنيفها تصنيفا تقديريا . )2(يف سلم من التفاوت حبسب قيمتها

و إذا حنن نظرنا إىل هؤالء اخلمسة القرويني ، و األربعة :" يقول الفاضل بن عاشور لذين أخذناهم مثال هلذا الدور يتبني األندلسيني ، و الثالثة العراقيني ، و الواحد املصري ، ا

لنا أن واحدا من بينهم هو املتأخر عن مجيعهم زمانا قد بدأ يدخل على املنهج الذي ساروا عليه يف دراسة الفقه من منتصف القرن الثالث إىل منتصف القرن اخلامس ، بدأ يدخل عليه

--------------------

امة املقدسي، الدمشقي، احلنبلي، صاحب املغين، الشيخ، اإلمام، القدوة، موفق الدين حممد بن عبد اهللا بن قد-1 .173-22/166:سري أعالم النبالء.هـ620العالمة، اتهد، كان من حبور العلم، تويف سنة

.782-2/781إلياس دردور ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، مصدر سابق ، ج -2

Page 168: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الذي ابتدأ يتصرف ، مبعىن أنه ابتدأ جينح نزعة جديدة وهو اإلمام أبو احلسن اللخمي فهو، فكان يف شرحه على املدونة يف مرتلتهم من االجتهاد املقيد إىل اللحاق برجال دور التفريع

يعتمد أحيانا على نقد األقوال من ناحية إسنادها ، فيعترب أن أحد القولني أصح " التبصرة"ناحية رشاقة استخراجها من األصول اليت من القول اآلخر أي إسنادا ، و أحيانا ينتقدها من

استخرجت منها ، وهو ما يعرب عنه باألوىل ، أو ينظر إىل أنه األقرب إىل حتقيق املصلحة و تكون باإلمام ....وهذا أرفع: املرعية من الشرع يف تفريع احلكم وهو ما يقول فيه أحيانا

ته من الفقهاء الذين نستطيع أن نذكر اللخمي أبو عبد اهللا املازري فكان مع احللبة اليت عاصراملازري ، و ابن بشري ، و ابن رشد الكبري ، و القاضي : منهم على سبيل املثال أربعة وهم

عياض ، فهؤالء الذين سلكوا طريقة جديدة يف خدمة احلكم هي الطريقة النقدية اليت أسس يه تصرف تنقيح، وينتصبون منهجها اإلمام أبو احلسن اللخمي ، فصاروا يف الفقه يتصرفون ف

يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم الذي يقضي بأن هذا مقبول و هذا غري مقبول ، وهذا ضعيف السند يف النقل ، وهذا ضعيف النظر يف األصول ، وهذا مغرق النظر يف األصول ،

فكان املذهب املالكي قد تكون ...وهذا حمرج للناس أو مشدد على الناس أو غري ذلك ،ؤالء تكونا جديدا ، إذ دخل عليه عنصر النقد و التنقيح و االختيار ، وحدث أن هذا العمل الذي هو عمل التنقيح جرى يف غري املذهب املالكي كما جرى يف املذهب ، و درج على هذه الطريقة أقطاب فقهاء هذا الدور يف سائر املذاهب ، فتكونت ا مذاهبهم ولبست

)1(".ثوبا جديدا

:رتكز النقد الفقهي لألقوال و الروايات املنقولة يف املذهب على جانبني وي

--------------------

.75-74احملاضرات املغربيات ، مصدر سابق ، ص -1

Page 169: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

نقد األقوال و الروايات من ناحية إسنادها ، والتمييز بني املشهور و الشاذ ، : اجلانب األول فقهاء املذهب أن أحد القولني أو الروايتني أصح منو القوي و الضعيف منها ، فيعترب

.اآلخر، أي إسنادا ، من حيث النظر إىل صفات معينة يف أشخاص الرواة و القائلني

بالترجيح خاصةوقواعد مصطلحات -يف كل مذهب- الفقهاء لذلكقد وضع و املشهور ، اجح ، والر: مثلميكن من خالهلا التعرف على صحة القول أو ضعفه والتضعيف )1( اخل....، و الظاهر، و األوجه ، و املعتمدو األشهر

)2(:نقد األقوال و الروايات من ناحية الدراية ، ويكون ذلك عن طريق : اجلانب الثاين

وذلك من خالل بيان عدم انسجام األقوال أو الروايات مع األصول : نقد التخريج -1 .املخرجة عليها يف املذهب

و املقصود به نقد تفسري الروايات املنقولة عن أئمة املذاهب وحماملها ، : يهنقد التوج -2 .فقد ترد بعض الروايات عنهم جمملة ، فيحملها املتلقي على غري حماملها وخيطئ يف تفسريها

أي نقد العلة اليت بين عليها احلكم يف املذهب ، ببيان عدم ارتباط احلكم : نقد التعليل -3 . بالعلة اليت أنيط ا

، أو التخريج ، أوالتعليل: منهجية للنقد وهيو يستعمل الفقهاء يف هذا النوع أدوات ذهب و قواعده التوجيه ، للوصول إىل احلكم على القول و الرواية باالنسجام مع أصول امل

--------------------

.2/782إلياس دردور ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، ج -1

.وما بعدها 2/609احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، مصدر سابق ، ج/ع -2

Page 170: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.أو خمالفتها له

ويدخل يف هذا اال من النقد الفقهي نقد الفتاوى الشاذة اليت تصدر عن اتهد و املفيت ، )2(:و الشذوذ يف الفتوى نوعان

الشذوذ االستنباطي ، وهو أن تكون الفتوى تتضمن خمالفة صرحية لنصوص الكتاب : األول .و السنة أو اإلمجاع، أو كانت خارجة عن القواعد الشرعية العامة

الشذوذ الترتيلي ، و هو أن يكون انطباق احلكم الشرعي على الواقع انطباقا غري : الثاين .صحيح

ومن األمثلة على نقد األقوال و الفتاوى الشاذة قول ابن عبد الرب معقبا على قول الظاهرية فهذا قول داود و أهل الظاهر ، فما أرى هذا الظاهري إال :" بوجوب إعادة احلائض للصالة

قد خرج عن مجاعة العلماء من السلف و اخللف ، و خالف مجيع فرق الفقهاء و شذ )3(".عنهم

أمجع أهل العلم على أن دية املرأة: و ابن عبد الرب )4(قال ابن املنذر:" ل ابن قدامةويقو

--------------------

.1/169حممد املصلح ، اإلمام أبو احلسن اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، مصدر سابق ،ج -1

حكام الفقهية ، جملة دراسات علوم الشريعة و حممد خالد منصور ، العمل بالقول الشاذ و أثره يف اضطراب األ -2 .37،ص 2008، 1، العدد35القانون ، اجلامعة األردنية ، الد

.1/82االستذكار ، -3

أبو بكر حممد بن إبراهيم بن املنذر، شيخ اإلسالم، اإلمام احلافظ العالمة، الفقيه، صاحب التصانيف، ولد يف حدود -4 .492-14/491:سري أعالم النبالء.هـ310فقهاء الشافعية، تويف سنة موت أمحد بن حنبل، وعداده يف

Page 171: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ديتهما كدية : أما قاال)2(و األصم )1(نصف دية الرجل ، و حكى غريمها عن ابن علية، وهذا قول شاذ )3("يف النفس املؤمنة مائة من اإلبل:"-صلى اهللا عليه و سلم- الرجل لقوله

)4(".-صلى اهللا عليه و سلم- خيالف إمجاع الصحابة و سنة النيب

و يدخل يف هذا النوع من النقد ، نقد بعض املظاهر التعبدية اليت ختالف هدي السلف ، و ، و هي البدع و احملدثات ، وكان للفقهاء الذين التزموا منهج )5(ليس هلا أصل فقهي

القيم ، و الشاطيب، ابن تيمية ، و ابن : اإلصالح و التجديد الفقهي دور كبري يف ذلك أمثال .و الشوكاين

وسبب إدخال هذا النوع ضمن جماالت النقد الفقهي ، و إن مل تكن بعض هذه البدع أخذت صفة احلكم الشرعي ) البدع(اجتهادات فقهية ، أن هذه املمارسات التعبدية احملدثة

ىل الفقه عن باإلضافة إىل دفاع كثري من املنتسبني إ....من حيث االستحباب أو التحرمي .البدع احملدثة أو التلبس ا

كتاب احلوادث و البدع أليب : وقد ألفت كتب كثرية يف رد احملدثات و البدع ونقدها مثل

--------------------

هـ، 110إمساعيل بن إبراهيم بن مقسم، املشهور بابن علية، وهي أمه، اإلمام، العالمة، احلافظ، ولد بالكوفة سنة -1 . 120-9/108:سري أعالم النبالء.هـ193اما، فقيها، مفتيا، من أئمة احلديث، تويف سنةكان إم

عبد الرمحن األصم، كنيته أبو بكر، شيخ املعتزلة، أستاذ ابن علية، له تفسري، وكتاب خلق القرآن، تويف سنة -2 .9/402:سري أعالم النبالء. هـ201

.8/71، 14837:رواه البيقهي ، السنن الكربى ، رقم-3

.12/56م، 1997/هـ1417، دار عامل الكتب، السعودية، 3احملسن التركي، ط/ع:املغين ،حتقيق -4

.5/268حممد مجيل بن مبارك ،منهج النقد و االستدالل و الترجيح عند القاضي عبد الوهاب ،مصدر سابق،ج -5

Page 172: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، )2(اج املالكي، و االعتصام للشاطيب ، وكتاب املدخل البن احل )1(بكر الطرطوشي املالكي، و كتاب األمر باالتباع و )3(و الباعث على إنكار البدع و احلوادث أليب شامة املقدسي

. )4(النهي عن االبتداع للسيوطي

--------------------

اإلسكندرية، اإلمام، العالمة، القدوة، شيخ املالكية، أبو بكر حممد بن خلف بن وليد، الطرطوشي، الفقيه، عامل -1 .496-17/490:سري أعالم النبالء.هـ520الزم الباجي و أخذ عنه، و دخل العراق، تويف سنة

حممد بن حممد بن حممد العبدري، الفاسي، املالكي، املشهور بابن احلاج، نزيل مصر، فاضل، تفقه ببالده ، وقدم -2 . هـ737مصر، وتويف بالقاهرة سنة

براهيم، املقدسي، الشافعي، النحوي، املفسر، املقرئ، الفقيه، مسع من املوفق بن قدامة عبد الرمحن بن إمساعيل بن إ-3 .5/318:ابن العماد، شذرات الذهب.هـ665و العز بن عبد السالم، تويف سنة

هـ، رحل إىل الشام و 849عبد الرمحن بن أيب بكر، جالل الدين السيوطي، نسبة إىل أسيوط يف مصر، ولد سنة-4 .8/264ابن العماد، شذرات الذهب ،.هـ911مصنف، تويف سنة 600املغرب و اهلند، لهاليمن و

Page 173: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد األصول و األدلة: املطلب الثاين

نقد األصول و األدلة اليت تبىن عليها األحكام : اال الثاين من جماالت النقد الفقهي هو القواعد اليت مت وضعها لتبىن ويتجه عمل الفقهاء يف هذا النوع إىل نقد األصول والفقهية ،

عليها الفروع يف مرحلة ثانية ، وقد تطلب هذا النوع كثريا من العناء و اجلهد لطبيعة )1(.و تركيب للجزئيات أو استقرائها األصول ذاا وما تقتضيه من تداخل

طريقة وكان النقد يأخذ شكل مناقشات يف االس العلمية أو يف احللقات الدراسية ، أو ب التخاطب و املشافهة ، أو عن طريق رسائل قصرية تبني فيها وجهة نظر املخالف ورأيه ، مث

بعد استقالل علم أصول الفقه بالتدوين )2(تغري األسلوب فأخذ طابعا آخر هو طابع التأليفأمثال الغزايل كتب يف علم األصول نمع كتاب الرسالة لإلمام الشافعي ، مث من جاء بعده مم

.ابن تيمية و ابن القيم إىل الشاطيب و

وقد انطلقت أسسه األوىل من االنتقادات املوجهة من مدرسة احلجاز إىل مدرسة العراق فقد عرف فقهاء العراق يف التوسع باألخذ بالرأي ، إذ يرون أن أحكام يف األخذ بالرأي ،

، و أا بنيت على أصول الشريعة معقولة املعىن ، مشتملة على مصاحل راجعة إىل العباد حمكمة ، و علل ضابطة لتلك األحكام ، فكانوا يبحثون عن تلك العلل و احلكم اليت شرعت األحكام ألجلها ، و جيعلون احلكم دائرا معها وجودا و عدما ، و رمبا ردوا بعض

إىل األحاديث ملخالفتها هذه العلل ، و السيما إذا وجدوا هلا معارضا ، كما دفعهم ميلهم الرأي إىل االجتهاد يف مسائل افترضوها ومل تكن قد وقعت ، فبدأ فقههم واقعيا مث تعداه إىل

--------------------

.53نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، ص -1

.513ص، 2006ط ،دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة، .الرأي و أثره يف الفقه اإلسالمي ، إدريس مجعة ، د -2

Page 174: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أرأيت لو كان كذا : الفقه االفتراضي ، لذلك شاع يف مناقشام أن يقولوا يف فروضهم )1(.وكذا ، حىت مساهم خصومهم باألرأيتيني

وقد عارض فقهاء مدرسة احلديث هذا االجتاه و انتقدوه،فقد رأوا أن هذه الطريقة خمالفة صلى اهللا عليه و -و سار عليها رسول اهللالطريقة الصحابة،اليت اختطها لنا كتاب اهللا و بينها،

)2(.،ورأوا أا باب شر يصرف املسلمني عن الكتاب و السنة،و يشغلهم بأراء الرجال- سلم

- بعد استقرار املذاهب الفقهية و أصوهلا-مث بدأت مالمح هذا النوع من النقد تتكامل إثبات األصول و تأسيس القواعد نتيجة احلوار العلمي و التناظر املعريف بني املذاهب يف

ومن األمثلة على ذلك االنتقادات اليت وجهت لعمل أهل املدينة اخلاصة بكل مذهب ،، وأول االنتقادات اليت وجهت له جاءت من طرف بعض أقرانه الذي قال به اإلمام مالك

ملعي املربزين وهو الليث بن سعد يف رسالته املشهورة ، مث من أخص خواص نبهاء و أ، ) احلجة على أهل املدينة(يف كتابه )3(تالمذته املباشرين ، ومها حممد بن احلسن الشيباين

، و من األئمة ابن حزم ) اختالف مالك و الشافعي(وحممد بن إدريس الشافعي يف كتابه :، وأهم ما وجه له من االنتقادات ما يلي)اإلحكام(الظاهري يف كتابه

اعلموا أنه ال:" من قبيل اإلمجاع ، و يف ذلك يقول اإلمام الشافعي عد عمل أهل املدينة -1

--------------------

.20-18،ص2011/هـ1432،كتاب ناشرون،لبنان،1قحطان الدوري،مناهج الفقهاء يف استنباط األحكام،ط-1

.82تاريخ الفقه اإلسالمي ، عمر سليمان األشقر ، مصدر سابق ، ص -2

هـ، مسع من الثوري ،و اإلمام 132يباين ،صاحب أيب حنيفة و ناشر مذهبه، ولد بالعراق سنةحممد بن احلسن الش-3 .136-9/135سري أعالم النبالء،).هـ189(مالك، والزم أبا يوسف وانتهت إليه رئاسة الفقه بالعراق بعده، ت

.218-4/202م، 1983/هـ1403، دار اآلفاق، بريوت، 2ابن حزم ، اإلحكام يف أصول األحكام ،ط-4

Page 175: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

جيوز أن أن تقولوا أمجع الناس باملدينة حىت ال يكون باملدينة خمالف من أهل العلم ، و لكن اخترنا كذا ، ال تدعوا اإلمجاع ، فتدعوا ما يوجب على ألسنتكم : قولوا فيما اختلفوا فيه

اع وال تدعوا اإلمج...خالفه ، فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إىل العلم أقبح من هذا ، )1(".أبدا إال فيما ال يوجد يف املدينة فيه اختالف

.ابتداع اإلمام مالك هلذا األصل و أنه مل يكن له يف ذلك سلف -2

خمالفة أقوال مالك لعمل أهل املدينة ، ويف هذا يقول حممد بن احلسن بعد أن ذكر -3فهذه :" صلي أثناء الصالةاألحاديث اليت رواها مالك يف املوطأ و اليت متنع املرور بني يدي امل

أحاديث أهل املدينة حيتج عليهم وهم يأخذون خبالفها ، وممن يأخذ خبالفها مالك بن أنس وهو الذي رواها ، فكيف يكونون أصحاب أثر وهو يدعون عيانا ما يرون ، ولو أردنا أن

)2(".حنتج عليهم بأحاديث كثرية من األحاديث يف هذا أو حنوه الحتججنا عليهم

من األمثلة أيضا انتقاد االستحسان الذي قال به احلنفية و املالكية ، وقد انتقده اإلمام و ، يقول اإلمام ) الرد على حممد بن احلسن(و ) إبطال االستحسان(الشافعي من خالل كتابيه

ال جيوز ملن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا أن حيكم وال أن يفيت إال من جهة :" الشافعيالزم ، وذلك الكتاب مث السنة ، أو ما قاله أهل العلم ال خيتلفون فيه ، أو قياس على خرب

بعض هذا ، ال جيوز له أن حيكم وال يفيت باالستحسان إذ مل يكن االستحسان واجبا وال يف )3(".واحد من هذه املعاين

--------------------

. 7/203،ج1983/هـ1393، دار املعرفة ،لبنان، ) مطبوع مع كتاب األم(اختالف مالك و الشافعي -1

.1/222ت، .ط، د.احلجة على أهل املدينة ، عامل الكتب، بريوت، د-2

.7/314، ) مطبوع مع األم(إبطال االستحسان-3

Page 176: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ذي اختطه اجلمهور ، و نلحظ قوة النقد و شدته إذا كان االحنراف عن منهج االستدالل ال ، وتقصريهم إذ تلقى الظاهرية انتقادات الذعة لرفضهم القول بالقياس و اعتباره أصال شرعيا

يف فهم النصوص حبصرهم الداللة يف جمرد ظاهر اللفظ ، وحتميل االستصحاب فوق ما لكن داود غال يف ذلك فترك القياس مجلة ، فأحدث هو و :" يقول القاضي عياض ،يستحقه

أصحابه من القول بالظاهر ما خالف فيه أئمة األمة ، فخانه التمسك برفع أدلة الشريعة و أعرض عما مضت عليه من االجتهاد و االعتبار ومسى مامل جيد فيه نصا ظاهرا عفوا ، و

اضطربت أقوال أصحابه يف ذلك لضيق املسلك فيه ، فتهافت أطلق على بعضه اإلباحة ، و )1(".مذهبه ، و اختل نظره ، و جاء أتباع الظاهر مبقاالت ميج الكثري منها السمع و ينكره

ومن ذلك نقد االحنرافات و االختالالت اليت حصلت يف منهج االستنباط و االستدالل سالمي يف بعض أطواره ، فمع توسع الفقهاء يف نتيجة التقليد و التعصب الذي عرفه الفقه اإل

مبدأ التخريج اختذ االستنباط من نصوص أئمة املذاهب وأفعاهلم وسكوم مصدرا يقيس الفقهاء عليه جديد احلوادث، فكأن هذه النصوص صارت أصوال ، بل صار لفظ اإلمام يرتل

صادر األحكام ، بل أقيمت عند مقلده مرتلة ألفاظ الشارع ، وهكذا صارت أقوال الفقهاء مهذه الطريقة انتقد كثري من الفقهاء ولذلك ، سدا بني األمة و بني نصوص الكتاب و السنة )2(.للقياس عليها مبرتلة نصوص الشرع اليت جتعل أقوال األئمة و أفعاهلم وسكوم حمال

ولا :( قوله تعاىل يقول القاضي ابن العريب معتربا التخريج بالقياس على قول األئمة داخال يفلمع به لك سا ليم قفرمحة اهللا–ولذلك قال علماؤنا :" ]36:اآلية- سورة اإلسراء[) ت

--------------------

.1/40ترتيب املدارك ، مصدر سابق ، ج -1

.54نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، ص -2

Page 177: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الرواية يف نص النازلة عمن قلده ، أنه مذموم إن املفيت بالتقليد إذا خالف نص : - عليهمداخل يف هذه اآلية ، ألنه يقيس و جيتهد يف غري حمل االجتهاد ، و إمنا االجتهاد يف قول اهللا وقول الرسول ، ال قول بشر بعدمها ، ومن قال من املقلدين هذه املسألة خترج من قول

)1(".مالك يف موضع كذا فهو داخل يف هذه اآلية

ال جتوز نسبة التخريج و اإللزام بطريق املفهوم : قاعدة:" يقول اإلمام املقري يف قواعده و أو غريه إىل غري املعصوم عند احملققني ، إلمكان الغفلة ، أو الفارق ، أو الرجوع عن األصل عند اإللزام ، أو التقييد مبا ينفيه ، أو إبداء معارض يف السكوت أقوى ، أو عدم اعتقاده

)2(".عكس إىل غري ذلك ، فال يعتمد يف التقليد ، و ال يعد يف اخلالفال

إن قول اإلنسان ما نص عليه، أو دل عليه مبا جيري جمرى النص ، :" )3(ويقول الشريازي ال ينسب لساكت : وما مل يقله ، ومل يدل عليه فال حيل أن يضاف إليه ، وهلذا قال الشافعي

)4(".قول

سواء من ، االستدالالت على املسائل اجلزئيةين يف هذا النوع فهو نقد أما اجلانب الثا ب اخلالفيات وهذا اجلانب عليه مدار كتخالل نقد الدليل نفسه أو نقد وجه االستدالل به ،

، و أكثر ما يكون متجها عند انبنائه على بيان التناقض الذي يقع فيه و املناظرات و اجلدل

--------------------

.201- 3/200، ج2003/هـ1424، دار الكتب العلمية ، لبنان ، 3أحكام القرآن ، ط -1

.1/348أمحد بن عبد اهللا محيد ،مركز البحث العلمي و إحياء التراث،مكة املكرمة ،ج:،حتقيق1القواعد،ط -2

عصره ، انتهت إليه ، اإلمام الفقيه ، شيخ الشافعية يف )هـ476-هـ393(أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشافعي -3 .464-18/453سري أعالم النبالء، .رئاسة املذهب الشافعي

.517،ص1980/هـ1400حممد حسن هيتو،دار الفكر،دمشق ، :التبصرة يف أصول الفقه،حتقيق-4

Page 178: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أو بيان ضعف الدليل إن كان عد و املقررات اليت التزمها سلفا،الطرف املنتقد ملخالفته القوا )1(.مما يعرفه الدارسون لعلم اخلالف،رد الدليل على حمل الدعوى واأو عدم تمن املنقوالت،

وقد تناول األصوليون طرق نقد االستدالالت و االعتراض عليها و فصلوا ذلك كما هو املعونة يف اجلدل أليب إسحاق الشريازي الشافعي، و : مشهور يف كتب اجلدل و املناظرة مثلل احلنبلي، و املنهاج يف ترتيب احلجاج أليب الوليد اجلدل على طريقة الفقهاء البن عقي

. الباجي املالكي

باب الكالم على :" فيقول الشريازي مثال فيما ميكن أن يوجه من انتقاد لالستدالل بالسنة الكالم على اإلسناد ، و : الرد ، و الثاين: أحدها: االستدالل بالسنة ، وذلك من ثالثة أوجه

)2(".ملنتالكالم على ا: الثالث

فإن االعتراض على االستدالل به :" ويقول الباجي يف بيان طرق نقد االستدالل باإلمجاع نقل اخلالف ، :املطالبة بتصحيح اإلمجاع و ظهوره ، و الثاين: أحدها: يقع من ثالثة أوجه

)3(".أن يتكلم على ما نقل منه: والثالث

أصول الفقه و قواعده ، : ات النقدية منهاويستعمل الفقهاء يف هذا النوع عددا من األدو )4(.مقاصد الشريعة ، التفسري ، قواعد علم احلديث ، مقتضيات اللغة وقواعدها

--------------------

.60نوار بن الشلي ، املصدر السابق ، ص -1

.بعدهاوما 48، ص1987/هـ1407، مركز املخطوطات و التراث ، الكويت ، 1املعونة يف اجلدل ، ط -2

.138،ص2001عبد ايد التركي،دار الغرب اإلسالمي ، لبنان،:،حتقيق3املنهاج يف ترتيب احلجاج ، ط -3

.وما بعدها 2/647احلميد عشاق ،منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، مصدر سابق ، ج/ع -4

Page 179: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد املصنفات و طرائق التدوين: املطلب الثالث

ذلك أن ومن جماالت النقد الفقهي اليت عين ا الفقهاء تنقيح دواوين الفقه و كتبه ، املؤلفات هي األساس يف كل علم ، و إصالحها هو إصالح للعلم ذاته يقول الطاهر بن

إذا كنا نترقب من إصالح التعليم إصالح املعلمني و طريق اختيارهم ، فإن التآليف :" عاشورأجدر بأن تعطى لفتة من –ل للتلميذ و املذكر و املرشد للمدرس وهي املعلم األو–

اإلصالح ، ولو وازن الناس بني إصالح التآليف و إصالح املعلم لوجدوا أن إصالح التآليف )1(".يصل بنا إىل غرضنا

الكتب و املؤلفات الفقهية فلم يألوا جهدا يف نقد ولقد أدرك الفقهاء هذه احلقيقة العلمية .متييز جيدها من رديئها ، سواء تعلق األمر باملضمون أو بالشكلو

العتماد عليها يف احلكم و فمن حيث املضمون اعتىن الفقهاء ببيان الكتب اليت يصح ا ، و تلك اليت ال يصح االعتماد عليها ، إما مطلقا أو يف مواضع معينة ، فوضعوا الفتوى

)2(:طني لالعتماد على الكتب ومهاشر

.صحة نسبتها إىل مؤلفيها -أ

.صحتها يف نفسها - ب

، أو املعروفة بنقل األقوال الضعيفة ، فقد بينوها و حذروا فأما الكتب اليت جيهل حال مؤلفها .من االعتماد عليها يف األحكام و الفتاوى ، وهذا األمر معلوم لدى أتباع كل مذهب

--------------------

عبد العزيز اخلليفي ، االختالف الفقهي يف املذهب -2 .138أليس الصبح بقريب ، ص -1 . 221، ص1414/1994، 1املالكي ،ط

Page 180: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كالنهر ، و شرح : إنه ال جيوز اإلفتاء من الكتب املختصرة:" )1(يقول اإلمام اللكنوي ، وشرح الكرت للعيين ، و الدر املختار ، أو لعدم االطالع على حال مؤلفيها كشرح الكرت

)2(".النقاية، أو لنقل األقوال الضعيفة فيها كالقنية

اعلم أن كتب املذهب فيها خالف شديد بني األصحاب ، حبيث ال :" يقول اإلمام النووي حيصل للمطالع وثوق بكون ما قاله املصنف منهم هو املذهب ، حىت يطالع معظم كتب

)3(".املذهب املشهورة

قد استباح الناس يف النقل من املختصرات الغريبة أرباا ، و نسبوا ول:" )4(يقول املقري ظاهر ما فيها إىل أمهاا ، وقد نبه عبد احلق يف تعقيب التهذيب على ما مينع من ذلك لو كان من يسمع ، مث تركوا الرواية فكثر التصحيف ، و انقطعت سلسلة االتصال ، فصارت

زيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها ، و قلة الفتاوى تنقل من كتب ال يدرى ما ي الكشف عنها ، ولقد كان أهل املائة السادسة و السابعة ال يسوغون الفتوى من تبصرة أيباحلسن اللخمي لكونه مل يصحح على مؤلفه ، ومل يؤخذ عنه ، و أكثر ما يعتمد اليوم من

فصار يؤخذ من كتب املسخوطني هذا النمط ، مث انضاف إىل ذلك عدم االعتبار بالناقلني ،

--------------------

هـ، من فقهاء 1264أبو احلسنات، حممد عبد احلي بن عبد احلليم، األنصاري، اللكنوي، اهلندي، ولد سنة -1 .6/187الزركلي، األعالم، .هـ1304احلنفية، له مؤلفات كثرية، تويف سنة

17ت ،ص.إدارة القرآن و العلوم اإلسالمية ، كراتشي ، دط ، .النافع الكبري شرح اجلامع الصغري ، د -2

.1/18ت ، ج.ط ، مكتبة اإلرشاد ، السعودية، د.حممد جنيب املطيعي، د:، حتقيقاموع شرح املهذب -3

، نشأ باملغرب ، و تويف ) هـ1041-986(أبو العباس أمحد بن حممد املقري ، التلمساين ، ولد يف تلمسان -4 .301-1/300شجرة النور الزكية، .عالمة ، أديب ، وفقيهبالقاهرة ،

Page 181: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

) 1(".د جتد من يفرق بني الفريقنيكما يؤخذ من كتب املرضيني ، بل ال تكا

كما انتقد كثري من الفقهاء عدم اتباع املنهج العلمي يف توثيق املادة العلمية ، واشتكى ق العلمي ، وخباصة يف جمال رواية كثري من حمققي العلماء من املؤلفات اخلالية من التحقي

احلديث و كثرة االستدالل باألحاديث الضعيفة يف املصنفات الفقهية ، يقول أبو شامة مث إن املصنفني من أصحابنا املتصفني بالصفات املتقدمة قد وقع يف مصنفام خلل :" املقدسي

:كثري من وجهني عظيمني

من نصوص الشافعي ، و فيما يصححونه منها ، أم خيتلفون كثريا فيما ينقلونه : األولوصارت هلم طرق خمتلفة خراسانية و عراقية ، فترى هؤالء ينقلون عن إمامهم خالف ما ينقل هؤالء و املرجع يف هذا كله إىل إمام واحد ، وكتبه مدونة مروية موجودة ، أفال كانوا

.يرجعون إليها و ينقون تصانيفهم من كثرة اختالفهم عليها

ما يفعلونه يف األحاديث النبوية و اآلثار املروية من كثرة استدالهلم باألحاديث : الثاينالضعيفة على ما يذهبون إليه نصرة لقوهلم ، و ينقصون من ألفاظ احلديث و تارة يزيدون

)3(".فيه

والشك أن االستدالل باألحاديث دون التمسك بصحيحها ميثل ثغرة كبرية يف املؤلفات هية ، وهو خلل يف األسس إىل كل ما بين عليها من آراء و ترجيحات ، فمن مث ترتعالفق

--------------------

.277-5/276ت .ط ، دار صادر ، لبنان ، د.إحسان عباس،د:نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب، حتقيق -1

هـ، 1343الدمشقي، املطبعة املنريية،حممد منري :خمتصر املؤمل، مطبوع مع جمموعة الرسائل املنريية، حتقيق -23/28.

Page 182: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.عنها الثقة و تفقد قيمتها العلمية

وقد سد احملدثون هذه الثغرة يف املؤلفات الفقهية ، فاجتهوا إىل ختريج األحاديث يف كتاب اهلداية يف فقه )2(املؤلفات الفقهية املشهورة املتداولة ، فخرج احلافظ الزيلعي

. كتاب الرافعي الكبري يف فقه الشافعية )3(بن حجر العسقاليناألحناف ، وخرج ا

أما من حيث الشكل ، فقد تعالت أصوات الفقهاء يف كل املذاهب تنادي بضرورة تغيري مناهج التأليف و طرائق التدوين ، و من ذلك االنتقادات اليت وجهها الفقهاء للمختصرات و

يف دائرة اجلمود و التعقيد و إدخاله الفقه ا يف إفسادتون اليت اعتربوها سبباحلواشي و امل .بسبب منهجيتها العقيمة يف تقدمي املادة الفقهية

و املختصرات يف الفقه اإلسالمي ضرب من صناعة التأليف يف العلوم تتميز بدقة األسلوب .و إجياز العبارة ، ختتلف أهدافها عن تأليف الكتب املتوسطة و املوسعة

ضعف اهلمم عند املتأخرين ، و فتور عزائمهم عن " وسبب ظهور هذه املختصرات هو )4(".جرد املطوالت و استيعاب ما فيها

--------------------

. 142عبد الوهاب أبو سليمان ، منهج البحث يف الفقه اإلسالمي ، مصدر سابق ، ص -1

احملدث الفاضل املفيد، مجال الدين أبو حممد عبد اهللا بن يوسف، احلنفي ،اشتغل كثريا ومسع عن الفخر الزيلعي -2 . 3/95:ابن حجر ، الدرر الكامنة.هـ762وابن التركماين ، تويف بالقاهرة سنة

ني، ولد بالقاهرة سنة أبو الفضل، أمحد بن علي بن حممد بن حجر العسقالين، الشافعي، أصله من عسقالن بفلسط-3 .1/74:ابن العماد ، شذرات الذهب.هـ852هـ، وتويف ا سنة 773

.4/219احلجوي ، الفكر السامي ، مصدر سابق ،ج -4

Page 183: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مجع ما تفرق يف : تقليل األلفاظ تيسريا للحفظ ، و الثاين:فكان اهلدف األول من وضعها غالوا يف االختصار حىت جاوزوا كتب املذهب من الفروع ، وهذه مقاصد حسنة لوال أم

احلد املعقول ، جبمعهم أكرب عدد من املعاين يف أقل عدد من األلفاظ الشيء الذي أضر بالفقه ضرار بليغا ، كان من أثره أن الناظر يف املختصرات ال يستطيع إدراك سر ما قصده

-نتيجة ذلك-املختصر، مما أثار اجلدل بني الفقهاء و أوقعهم يف اضطراب شديد فحدثهفوات و أخطاء بسبب طبيعة هذه املختصرات ، إذ أصبحت عبارة عن ألغاز حتتاج إىل من يفكك عباراا ، و حيل ألفاظها ، فكان عصر الشروح ، وضاع بذلك القصد الذي ألجله حدث االختصار ، و أدى احلال ببعض املختصرين من فرط تعمقهم يف االختصار أن

ا سطره يف خمتصره كما وقع البن احلاجب ، إذ حيكى أنه ملا كان بعضهم مل يعد يفهم ممشتغال بوضع كتابه كان جيمع األمهات مث جيمع ما اشتملت عليه تلك األمهات يف كالم موجز ، مث يضمنه كتابه حىت أاه ، مث يأيت بعد ذلك إىل بعض التعابري اليت وضعها فيحتاج

)1(.يف فهمها إىل فكر و تأمل

)2(:ا أن نوجز املفاسد الناجتة عن املختصرات يف النقاط التاليةوميكنن

إغراق املؤلفني يف االختصار أدى إىل اإلخالل بالبالغة ، و صعوبة الفهم ، ولذلك -1 .إىل الشروح ، و الشروح احتاجت إىل احلواشي احتاجوا

زمون الطلبة املبتدئني إفساد التعليم ، ألم يقصدون إىل املدونات اليت غايات يف العلم ويل-2 .بدراستها ، والطالب املبتدئ ينبغي أن توضع له أوائل العلوم

--------------------

.222-4/220احلجوي ، الفكر السامي ، -1

. 152-151األشقر ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، مصدر سابق ، ص -2

Page 184: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

عانيها لشدة اختصارها ، ضياع الوقت يف أمر ليس له فائدة حبل رموز العبارة وبيان م-3وكان الواجب الرجوع إىل الكتب الواضحة العبارة اليت تبني عن نفسها بنفسها ، وبذلك

.يزول اإللغاز ، و تتضح املعاين

.هذه الطريقة فيها إفساد للملكة العلمية ، فإا تنعدم أو تنشأ قاصرة-4

ذهب كثري من املتأخرين إىل :"منتقدا هذه الطريقة و مبينا سلبياا يقول ابن خلدون ون برناجما خمتصرا يف كل علم يشتمل اختصار الطرق و األحناء يف العلوم يولعون ا و يدون

على حصر مسائله و أدلتها باختصار يف األلفاظ،وحشو القليل منها باملعاين الكثرية من ذلك إىل الكتب األمهات ورمبا عمدوا الفن ، وصار ذلك خمال بالبالغة و عسريا على الفهم ،

املطولة يف الفنون للتفسري و البيان فاختصروها كما فعله ابن احلاجب يف الفقه و أصول الفقه عليم ، و فيه إخالل بالتحصيل ، وذلك ألن فيه ختليطا على املبتدئ بإلقاء وهو فساد يف الت...

ري على املتعلم بتتبع الغايات من العلم عليه ، وهو مل يستعد لقبوهلا بعد ، مث فيه شغل كبألفاظ االختصار العويصة للفهم بتزاحم املعاين عليها ، وصعوبة استخراج املسائل من بينها ، ألن ألفاظ املختصرات جتدها ألجل ذلك صعبة عويصة ، فينقطع يف فهمها حظ صاحل من

سداده ، ومل الوقت ، مث بعد ذلك فامللكة احلاصلة من التعليم يف تلك املختصرات إذا مت على تعقبه آفة ، فهي ملكة قاصرة عن امللكات اليت حتصل من املوضوعات البسيطة املطولة لكثرة ما يقع يف تلك من التكرار و اإلحالة املفيدين حلصول امللكة التامة ، و إذا اقتصر على

فقصدوا إىل تسهيل التكرار قصرت امللكات لقلته كشأن هذه املوضوعات املختصرة ، )1(".ل امللكات النافعة و متكنهاعلى املتعلمني فأركبوهم صعبا يقطعهم عن حتصي احلفظ

--------------------

.2/346املقدمة ، ج -1

Page 185: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ويقول احلجوي مربزا مفاسد املختصرات و انعكاسها سلبا على األهداف اليت وضعت إال بواسطة الشراح أو إم ملا أغرقوا يف االختصار صار لفظ املنت مغلقا ال يفهم:" ألجلها

الشروح و احلواشي ففات املقصود الذي ألجله وقع االختصار وهو مجع األسفار يف سفر واحد و تقريب املسافة ، وختفيف املشاق ، و تكثري العلم ، و تقليل الزمن ، بل انعكس

راد األمر إذ كثرت املشاق يف فتح األغالق ، وضاع الزمن من غري مثن ، و أما من حيث املوتقليل األسفار فقد وقع هلم غلط فيما أملوه ، وصرنا من مجع القلة إىل مجع الكثرة ، و ذلك أن املدونة مثال فيها حنو ثالثة أسفار ضخام وهي مفهومة بنفسها ال حتتاج لشرح يف غالب مواضعها ، لكن خمتصر خليل ال ميكننا أن نفهمه ونثق مبا فهمنا منه إال بستة أسفار

ي ، و مثانية للزرقاين ، و مثانية للرهوين ، اجلميع اثنان و عشرون سفرا ، مع طول للخرشالزمن املتضاعف يف الدروس و املطالعة يف تفهم العبارات املغلقة ، فلم حيصل املقصود من

)1(".االختصار ، بل انعكس األمر و أصبحنا يف التطويل

را بال فائدة ، و تكرار املادة الفقهية و من اجلوانب اليت انتقدت يف التآليف هو كث اعلم أنه مما أضر بالناس يف حتصيل العلوم والوقوف على غاياته :" نفسها، يقول ابن خلدون

، ويضرب املثل )2("كثرة التآليف ، و اختالف االصطالحات يف العلوم ، وتعدد طرقها :" من الشروحات الفقهية فيقولعلى ذلك بكتاب املدونة يف الفقه املالكي ، وما كتب عليها

و ميثل ذلك من شأن املذهب املالكي بالكتب املدونة مثال ، وما كتب عليها من الشروحات ابن يونس ، و اللخمي ، و ابن بشري ، و التنبيهات و املقدمات البيان و :الفقهية مثل كتاب

--------------------

.222-4/221جالفكر السامي ، مصدر سابق ، -1

.2/344املقدمة ، ج -2

Page 186: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".التحصيل على العتبية ، وكذلك كتاب ابن احلاجب و ما كتب عليه

وهذا هو سبب تشتت الكتب و إضرار كثرا ، إذ مل تبق فائدة :" يقول الطاهر بن عاشور و ذيب، من صنع املتأخر بعد املتقدم ، أما لو كان التكثري من التآليف لفوائد نافعة من نقد )2(".و إصالح و حتقيق فإنه ال بد أن ينضبط ، و إذا تكاثر ال تكون كثرته مضرة بالعلم

--------------------

.2/344املصدر السابق ، ج -1

.156أليس الصبح بقريب ، ص -2

Page 187: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املذهب املالكيالنقد الفقهي يف : الباب الثالث

.الرتعة النقدية يف املذهب املالكي :األول فصلال

.النقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي : ينالثا فصلال

.النقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي: الفصل الثالث

Page 188: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املذهب املالكيالرتعة النقدية يف : الفصل األول

دعوى اجلمود و التحجر يف الفقه املالكي: املبحث األول

.حقيقة دعوى اجلمود و التحجر عند فقهاء األندلس : املبحث الثاين

.الرد على دعوى اجلمود و التحجر يف الفقه املالكي :املبحث الثالث

املالكي و التطور التارخيي للنقد الفقهي يف املذهب :املبحث الرابع .عوامله

Page 189: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.الرتعة النقدية يف الفقه املالكي: الفصل األول

.دعوى اجلمود و التحجر يف الفقه املالكي: املبحث األول

.مضمون هذه الدعوى و القائلون ا:املطلب األول

التقليد املطلق يذهب بعض الباحثني إىل رمي فقهاء املذهب املالكي باجلمود و التحجر مع لإلمام مالك دون اخلروج على رأيه ، و غياب احلس النقدي لديهم ، يقول الدكتور عمر

مسألة اجلمود و التحجر يف الفكر املالكي ، و تقليد املالكية املطلق لإلمام مالك :" اجليديال يرددها دون اخلروج على رأيه ، أثارها قدميا العالمة ابن حزم يف كتابه األحكام ، و ال يز

بعض الباحثني حىت اليوم ، وهي دعوى يف نظرنا ال تستند على أساس ، إذ ال يوجد ما .يؤيدها ، و ينهض دليال لتصديقها ، بل لدينا ما يفندها ويبطلها

وحنن ال نستغرب صدور هذه التهمة من احلافظ ابن حزم ، فصراعه مع مالكية عصره معروف ، و مضايقتهم له ، و اامهم إياه ، و إحراقهم كتبه ، و استخفافهم بآرائه و مذهبه ، كل ذلك كان له األثر يف نفسيته و الشك ، ولذلك فإن رأيه هذا ال ميكن إال أن

.ذهبية و الصراعات الفكريةيصنف ضمن اخلصومات امل

يفترض فيه أن يطبق يف النقد )1(و لكننا نستغرب صدور هذه األحكام من باحث معاصرالضوابط العلمية ، و املقاييس املوضوعية ، حىت إذا أصدر رأيا كان له فيه ما يربر قوله ،

هناك ظاهرة خطرية سجلت على الفقهاء املالكية ، وهي أم لشدة : "فهذا الباحث زعم أن

--------------------

ي مكي ، وحبثه منشور يف جملة املعهد املصري للدراسات اإلسالمية يف يشري بذلك إىل الباحث الدكتور حممود عل -1 .وما بعدها59م، ص 1956/هـ1375مدريد ، الد الرابع ، سنة

Page 190: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تقليدهم لشيوخهم ، و اتباع آرائهم و التزامها دون أن يرتعوا إىل التجديد مما أدى بالفقه أن فقهاء املالكية يعارضون كل :" ، مث يضيف هذا الباحث " املالكي إىل اجلمود و التحجر

)1(".من حياول أن خيرج عن املذهب الرمسي للدولة

و احلق أن وصم املالكية بالتقليد و اجلمود هي نظرة تكاد تكون سائدة لدى كثري من أم جيهلون تراث هذا املذهب ، أو أم مل -يف نظرنا–الباحثني املعاصرين ، و مرد ذلك

قدر الذي يؤهلهم ألن يصدروا يف حقه الرأي الصائب ، ولو تتبعوا هذا يطلعوا عليه بالالتراث و اطلعوا على خفاياه ، و درسوا بعمق عقلية أصحابه ، كانوا سيغريون نظرم إىل هذا الفقه ، ولن أذهب بعيدا يف هذا اال ، ألن املوضوع ال يسمح بالتوسع و البسط يف

على أن خمالفة أتباع مالك إلمامهم ، و اخلروج على كثري هذه النقطة ، و يكفي أن أؤكد من آرائه ، بدأت مع تالميذه ، و استمرت يف تالميذهم ما انقطعت يف فترة من فترات

)2(".تاريخ هذا الفكر

فمن خالل هذا الكالم يقرر الدكتور عمر اجليدي أن ابن حزم هو أول من أثار هذه كل ما قاله ابن حزم و كتبه يف اإلحكام عن املالكية ، ومن ذلك الدعوى ، وهذا إشارة إىل

و أما أهل بالدنا :" و تقليدهم -ويقصد م املالكية طبعا–قوله عن مجود علماء بلده إمنا يطلبه كما -يف الندرة-فليسوا ممن يتعىن بطلب دليل على مسائلهم ، و طالبه منهم

ذكرنا آنفا ، فيعرضون كالم اهللا تعاىل و كالم الرسول عليه السالم على قول صاحبهم ،

--------------------

كتاب أحكام السوق ليحىي بن عمر األندلسي دراسة و حتقيق ، جملة املعهد املصري حممود علي مكي ، -1 ).79-78(، ص4، الد1375/1956للدراسات اإلسالمية يف مدريد ، وزارة التربية و التعليم ، مصر ،

. )150-149(عمر اجليدي ، مباحث يف تاريخ املذهب املالكي يف الغرب اإلسالمي ، مصدر سابق ، ص -2

Page 191: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهو خملوق مذنب خيطئ و يصيب ، فإن وافق قول اهللا تعاىل وقول رسوله عليه السالم قول صاحبهم أخذوا به ، و إن خالفاه تركوا قول اهللا تعاىل جانبا ، وقوله عليه السالم ظهريا ، و

)1(".ثبتوا على قول صاحبهم

صحيفة (حبث منشور يف و أما كالم الباحث املعاصر الذي يشري إليه الدكتور اجليدي فهو م ، وعنوان 1956، الد الرابع ، سنة ) العهد املصري للدراسات اإلسالمية يف مدريد

.)2(دراسة يف كتاب أحكام السوق ، تأليف حيىي بن عمر األندلسي: البحث هو

إال أنه ال يسعنا إال االعتراف مبا كان يبدو :" فيقول الباحث يف ترمجة حيى بن عمر األندلسيو اتباع آراء شيوخه و التزامها دون أن يرتع إىل " التقليد" على الفقيه األندلسي من ميل إىل

اإلتيان جبديد ، وقد أدى هذا بالفقه املالكي إىل اجلمود و التحجر ، و إن كان له ما يربره ية من اعتقاد هؤالء الفقهاء أنه ليس هناك بد من ذلك إذا كانوا يريدون االحتفاظ بوحدة دين

يف بالدهم ، وهو ما رأيناه كذلك يف األندلس يف القرن الثالث اهلجري حيث كان فقهاء )3(".املالكية يعارضون كل من حياول اخلروج على املذهب الرمسي للدولة

ويبدو من كالم الباحث هنا أنه يعمم احلكم باجلمود و التحجر على مجيع فقهاء املذهب إذ ميثل حيىي بن عمر األندلسي املدرسة املغربية بشقيها املالكي يف املغرب اإلسالمي ،

باعتبار املؤلف أندلسيا ممن هاجروا إىل :" األندلسي و اإلفريقي ، فهو كما يقول الباحث

--------------------

.118-6/117ابن حزم ، اإلحكام يف أصول األحكام ، دار اآلفاق اجلديدة ، بريوت ، ج -1

، وقضى ا طفولته ، مث )هـ223(يوسف ، أبو زكريا الكناين األندلسي ، ولد باألندلس حيىي بن عمر بن -2 .2/505:ترتيب املدارك).هـ289(رحل إىل إفريقية ، فاستوطن سوسة وتويف ا سنة

.79-78حممود علي مكي ، املصدر السابق ، ص-3

Page 192: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و يؤكد هذا " البلدينو استقروا ا ، جامعا بذلك بني ثقافيت ) تونس(العدوة اإلفريقية وهو ما رأيناه يف األندلس يف القرن :" بقوله حني يصف فقهاء هذه البالد باجلمود و التحجر

.، يعين أن الشيء نفسه كان موجودا ببالد املغرب عموما" الثالث اهلجري

الذي خصص جزأه ) ظهر اإلسالم(وهذا الرأي نفسه سجله الدكتور أمحد أمني يف كتابه :" -واصفا علماء املالكية باجلمود و التقليد-للحياة العلمية يف بالد األندلس ، فيقول الثالث

)1(".وقد كان األندلسيون مقلدين مذهب مالك من غري حبث

ومما ينبغي إضافته و التنبيه عليه يف هذا املقام أن وصف املالكية بالتحجر و اجلمود هي ستشرقني يف موقفهم الناقم على املالكية و املنحاز من الدعاوى اليت ركز عليها كثري من امل

إىل الفرق اخلارجة عن السنة و اجلماعة مثل املعتزلة و اخلوارج و غالة املتصوفة ، فلم يتردد املستشرقون يف إرجاع كل السلبيات يف تاريخ املغرب و األندلس إىل فقهاء املالكية ،

قفوا يف وجه حرية الفكر ، و قمعوا مجيع فاملالكية يف رأيهم متحجرون و متزمتون ، و .أصحاب الفكر املخالف ، ولذلك ينعتوم باجلمود و التحجر

وكان فقهاء األندلس املالكيون من أشد الناس كراهة ) :" آخنيل باالنثيا(يقول املستشرق يف لكل حركة ترمي إىل التجديد و خمالفة ما كانوا سائرين عليه ، و شدت الدولة أزرهم

حسم ، فحرمت على الناس كتب الفقه غري املالكي ، ولو كان أصحاا من أجالء أهل السنة ، بل اضطهد املالكيون كل مذهب فقهي خيالف مذهبهم ، بل مل يتساحموا مع نفر من الناس صدرت عنهم أقوال متس الدين يف ساعة الضيق ، أو اشتداد املرض ، أو يف حلظة خفة

---------------- ----

.3/63م، ج2009/هـ1430، شركة نوابغ الفكر ، القاهرة ، 1أمحد أمني ، ظهر اإلسالم ،ط -1

Page 193: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".و انبساط ، فعاقبوا بعضهم و قتلوا البعض اآلخر

ومما سبق ":" منهج الفتوى يف املدرسة املالكية األندلسية"وتقول إحدى الباحثات يف رسالتها الذي وصف علماء األندلس ) 2() سانشيث ألبورنوث(عرضه يتبني للباحثة أن املستشرق

وفقهاءها باجلمود و التحجر و التعصب للمذهب املالكي مل يتتبع جيدا تاريخ أعالم املدرسة ألندلسية و ما متيزوا به من سعة االطالع و التفتح على آراء من خارج املذهب ، املالكية ا

التعصب ، و اجتزاء بعض -يف الغالب-ويبدو أن حكمه عليهم فيه كثري من احليف منشؤه آسني ( األقوال و النصوص للمتقدمني ، فعمدته فيما ذهب إليه ما ورد يف كتاب املستشرق

م ، الذي انتقد فيه بعض علماء األندلس عندما عارضوا دخول عن ابن حز) 3() باالثيوسإىل األندلس و متسكهم مبذهب مالك ، فأصدر -كاالعتزال–بعض األفكار املشرقية

)4(".ومن تبعه من املستشرقني حكما مطردا ينعت فيه مجيع الفقهاء بالتحجر) آسني(

ابع من منهج استشراقي يف ويؤكد باحث آخر أن وصف املالكية بالتحجر و اجلمود ن دراسة تاريخ احلركة العلمية يف األندلس ، يتهم املستشرقون فيه علماء األندلس ويرموم

فهذا منهج استشراقي خاطئ يطبقه هؤالء يف كل :" باالنغالق و التحجر الفكري ، فيقولاألندلس ، جماالت اإلسالميات، و يكفينا يف الرد على هذه الفرية العظيمة يف حق علماء

االستشهاد بابن حزم نفسه الذي كتب رسالة عظيمة يف فضل علماء األندلس و نبوغهم

--------------------

.324-323ت، ص.ط،د.حسني مؤنس ، مكتبة الثقافة الدينية ، د:أخنيل باالنثيا،تاريخ الفكر األندلسي،ترمجة-1

.340، موسوعة املستشرقني ، ص عبد الرمحن بدوي:، انظر)م1984-1893(مستشرق إسباين -2

.121عبد الرمحن بدوي ، موسوعة املستشرقني ،ص:، انظر) م1944-1871(مستشرق إسباين-3

.126دريد الزواوي ، منهجية الفتوى يف املدرسة املالكية األندلسية ، رسالة ماجستري ، املغرب ، ص-4

Page 194: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تفكريهم ، و قد بلغ من محاسة الفكري و العلمي ، أبان فيها عن عظيم شأم ، و أصالة ابن حزم أن وضع مقابل كل عامل مشرقي شهري من يوازيه من العلم و التخصص نفسه من علماء األندلس ، فكيف يكون البن حزم وهو املتعصب ألندلسيته ، أن يتهم عامة علماء

شد و ابن األندلس باجلمود و التقليد ، وقد ظهر قبله و بعده من العلماء كالباجي و ابن ر )1(".العريب و الشاطيب ، و غريهم ممن اشتهر يف اآلفاق

--------------------

حسني عزوزي ، التجربة األندلسية يف دراسة املستشرقني ، جملة كلية الشريعة ، جامعة الفرويني ، املغرب ، -1 .336، ص20م ، العدد 1995

Page 195: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.راامرتكزات هذه الدعوى و مرب: املطلب الثاين

املالحظ من خالل املطلب السابق أن دعوى التحجر و اجلمود يف الفقه املالكي ترتكز أساسا على انتشار التقليد بني فقهاء األندلس خاصة و مجودهم على املذهب املالكي ، لكن يبدو أن أصحاا قد عمموا احلكم بالتحجر و اجلمود على املذهب كله ، و جعلوه صفة

:إىل سببني - من وجهة نظر الباحث-يرجع ذلك الزمة لفقهائه ، و

أن املدرسة األندلسية متثل جزءا مهما من املدرسة املغربية ، اليت تشمل بالد مشال -1إفريقية و األندلس ، لذا ال جند عند املتأخرين فصال بني املدرستني ، بل يعدون علماء

ثري من هؤالء العلماء هجروا املدرسة األندلسية من املدرسة املغربية ، خاصة و أن الك .األندلس بعد حمنتها و استقروا يف مشال إفريقية عموما

وملا كانت للمدرسة املغربية مكانة خاصة بني املدارس املالكية باعتبار أن املذهب املالكي استقر ائيا باملغرب اإلسالمي و بسط نفوذه يف هذه البالد ، وبدأ يتالشى وجوده يف البالد

المية األخرى ، أصبحت هذه املدرسة هي املمثل الرئيسي للمذهب املالكي ، وكل اإلسحكم يصدر على املذهب املالكي يكون بناء على تقييم هذه املدرسة و آرائها و توجهاا ،

-أعين وصف املذهب املالكي باجلمود و التحجر -ولذلك ال يبعد أن تكون هذه الدعوى .األندلس من متسكهم باملذهب املالكي مبنية على ما غلب على علماء

أن ظاهرة التقليد و اجلمود على أقوال املذهب املالكي ظهرت يف األندلس يف وقت -2مبكر فقد بدأت مالحمها تظهر منذ القرن الثالث اهلجري ، مقارنة بظهورها متأخرة يف

ذ جيمع الباحثون املذاهب األخرى ، كما هو واضح يف دراسة مراحل تطور الفقه اإلسالمي إ .على التأريخ لبداية هذه املرحلة مع القرن اخلامس اهلجري

Page 196: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و ختتلف مربرات القائلني ذه الدعوى يف تعليل سبب جنوح مالكية األندلس إىل التقليد .و اجلمود على املذهب املالكي

لوظائف فابن حزم يرى أن مجود املالكية يف األندلس على رأي مالك كان من أجل نيل ا : مذهبان انتشرا يف بدء أمرمها بالرياسة و السلطان : " الدينية عند السلطان ، حيث يقول

مذهب أيب حنيفة ، فإنه ملا ويل القضاء أبو يوسف كانت القضاة من قبله من أقصى املشرق إىل أقصى عمل إفريقية ، فكان ال يويل إال أصحابه و املنتسبني ملذهبه ، ومذهب مالك

باألندلس ، فإن حيىي بن حيىي كان مكينا عند السلطان مقبول القول يف القضاء ، و عندنا كان ال يلي قاض يف أقطار األندلس إال مبشورته و اختياره ، و ال يشري إال بأصحابه و من

)1(".كان على مذهبه ، و الناس سراع إىل الدنيا ، فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به

زم هذا يوحي بأن فقهاء األندلس مل خيتاروا مذهب مالك وال قلدوه و مجدوا فكالم ابن ح على آرائه تدينا أو لقناعة علمية ، و إمنا كان متسكهم به طلبا للدنيا و والية القضاء ،

، " و الناس سراع إىل الدنيا ، فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به:" ويؤكد هذا قولها يتسابقون على قبول الوظائف ، و لتحقيق هذه الغاية يقبلون على يعين أن الفقهاء كانو

دراسة املذهب ، و يظهرون متسكهم بأقواله ، ولو عن غري قناعة منهم من أجل تويل منصب .القضاء

و إذا مأل الناس حب :" وقد أيد أمحد أمني وجهة نظر ابن حزم هذه و أكد عليها بقوله )2(".نصبالدنيا رغبوا يف املذهب للم

--------------------

. 2/218املقري ، نفح الطيب ، مصدر سابق ، ج -1

.3/53أمحد أمني ، ظهر اإلسالم ، مصدر سابق ، ج -2

Page 197: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف دراسته لكتاب -الذي سبقت اإلشارة إليه-و أما على رأي الدكتور حممود علي مكي ، فهو يرى أن سبب مجود املالكية و متسكهم باملذهب املالكي كان ) أحكام السوق(

إال أنه ال يسعنا إال االعتراف مبا كان :" اهلدف منه احلفاظ على الوحدة الدينية ، حيث يقولو اتباع آراء شيوخه و التزامها دون أن " التقليد" األندلسي من ميل إىل يبدو على الفقيه

يرتع إىل اإلتيان جبديد ، وقد أدى هذا بالفقه املالكي إىل اجلمود و التحجر ، و إن كان له ما يربره من اعتقاد هؤالء الفقهاء أنه ليس هناك بد من ذلك إذا كانوا يريدون االحتفاظ

)1(".همبوحدة دينية يف بالد

وقد حيمل ذلك بعض املؤرخني أو :" ويوضح وجهة نظره هذه أكثر يف حبث آخر بقوله األندلسيني ، ولكن األمر حيتاج إىل نظرة أعمق حتاول أن تفسر ) تعصب(الباحثني ما دعوه

تلك الظاهرة تفسريا يتفق مع واقع األندلس ، و ال سيما خالل القرون األوىل اليت سلختها ا اإلسالمية ، و ذلك أن األندلس كان أبعد الثغور اإلسالمية يف الغرب ، ورأس من حيا

حربة اإلسالم املغروس يف جسم القارة األوربية ، وذا فقد ظلت منذ استقرار املسلمني فيها حىت اية دولتهم ميدانا للصراع الذي مل ينقطع قط بني اإلسالم و النصرانية ، وقد أدى

إىل احلفاظ على وحدم الدينية و املذهبية بكل طاقتهم ، بل اعتربوا هذه ذلك باألندلسينيالوحدة جزءا من وحدم السياسية ، ورأوا يف كل ما يتهدد متاسكهم الديين و املذهيب

)2(".خطرا يهدد كيام السياسي يف الصميم

فضالء الوالة إن احلفاظ على وحدة األندلس كان هاجسا يشغل أهل احلل و العقد ، من

--------------------

. 79-78حممود علي مكي ، دراسة كتاب أحكام السوق ، مصدر سابق ، ص-1

حممود علي مكي ، :عبد الوهاب خالف ، ثالث وثائق يف حماربة أهل البدع يف األندلس ، مراجعة و تقدمي-2 .7م ، ص1981ة ، ، املركز العريب الدويل لإلعالم ، القاهر1مصطفى كامل إمساعيل ، ط

Page 198: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

جبميع مستوياا السياسية و املذهبية ، -أي الوحدة –و العلماء ، اليت كانوا يرون فيها ضمانا لدولة اإلسالم يف جزيرم و استمرارها ، بسبب ما كانت تعانيه من خماطر التمزيق و

.التشتيت ، بل و االجتثاث تتهدد مجاعة املسلمني و دولتهم

وقد أدرك الفقهاء املالكية األندلسيون األوائل ما يف مذهب مالك إمام دار اهلجرة من الكتاب و السنة ، ومها حافالن : عناصر التوحد و التجمع ، فهو فضال عن اعتماده األصلني

بقيم التآلف و التضامن ، يستند يف إطار مبدأ اإلمجاع على عمل أهل املدينة ، و يف استناده إىل الوحدة ونفوره من الفرقة ، ولذلك حرص أمراء بنو - أي املذهب-ا يؤكد نزوعهعليه م

أمية، بتوجيه من الفقهاء املشار إليهم على توحيد الرعية يف إطار منظومة فقهية شاملة جامعة )1(.يرسون عليها ركائز الوحدة السياسية للبالد

جلمود على املذهب املالكي هو فيبدو من خالل هذا كله أن الذي دفع الفقهاء إىل ا رغبتهم يف احلفاظ على الوحدة الدينية و احترام قوانني الدولة اليت جعلت املذهب املالكي

، ذلك أن السلطة احلاكمة " دستور الدولة"املذهب الرمسي للدولة ، أو لنقل بعبارة معاصرة الوطنية و الوحدة يف األندلس من األمويني أدركت أن العمل مبذهب واحد خيدم الوحدة

التشريعية و الوحدة االجتماعية ، فوقع اختيارهم على مذهب مالك لذلك ناصروه و أيدوه )2(.ببالدهم ، لضمان هذه الوحدة

--------------------

األندلس قرون من " حسن عبد الكرمي الوراكلي ، التراث األندلسي و مسألة الوحدة ، السجل العلمي لندوة -1 .74-1/73م،ج1417/1996،مطبعة امللك عبد العزيز العامة، السعودية ،1، ط" و التقلبات العطاءات

ط، وزارة األوقاف و الشؤون اإلسالمية ، .مصطفى اهلروس ، املدرسة املالكية األندلسية نشأة و خصائص ،د-2 .90م، ص1997/هـ1418املغرب ،

Page 199: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

حينئذ ، حىت إن " دستور الدولة " فكانت خمالفة املذهب املالكي مبثابة خرق أحد بنود أصدر يف عهده مرسوما مينع خمالفة مذهب مالك ، ومن خالف هذا ) 1(احلكم املستنصر

)2(.األمر أنزل به من النكال ما يستحق

بالفتوى أو -رمحه اهللا- فمن خالف مذهب مالك بن أنس:" فيقول يف إحدى رسائله ا يستحق ، و جعلته شرادا ، و قد اختربت فيما غريه، وبلغين خربه ، أنزلت به من النكال م

رأيت يف الكتب أن مذهب مالك و أصحابه أفضل املذاهب ، ومل أر يف أصحابه و ال فيمن )3(".تقلد مذهبه غري السنة و اجلماعة ، فليتمسك ذا ففيه النجاة إن شاء اهللا

بن أنس ، و أم و بلغين أن قوما يفتون بغري مذهب مالك :" وقال يف رسالة أخرى يرخصون يف الطالق ، وكل من زاغ عن مذهب مالك فإنه قد رين على قلبه ، وزين له

)4(".سوء عمله

، و جترم اخلروج " مقدسات الدولة" فهذه النصوص تؤكد على اعتبار مذهب مالك من عليه ألنه يعترب خروجا عن السلطة ، وقد عرف عن األمويني شدة عصبيتهم هلذه األفكار ،

وقد جمدوا هذه التقاليد ، حىت عرف أن من أراد :" و يف ذلك يقول الدكتور أمحد أمني ها ، كما كان يفعل اخلارجون على بين العباس بلبس البياض ، و اخلروج عليهم خرج علي

--------------------

احلكم بن عبد الرمحن ، املستنصر ، كان حسن السرية ، جامعا للعلوم ، حمبا ألهلها ، مجاعة للكتب ، ويل و -1 .46-1/42احلميدي ، جذوة املقتبس ، .هـ366سنة ، تويف سنة 47عمره

.60-59وس ، املصدر السابق ، صمصطفى اهلر -2

، دار احلديث، القاهرة، 1حيى مراد، ط:عيسى بن سهل، ديوان األحكام الكربى، حتقيق-3 .1332-1/1331املصدر نفسه ، ج -4 .1/1327م، ج1995/هـ1415

Page 200: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".لذلك رأينا خارجني عليهم يتخذون عالمة خروجهم اخلروج من مذهب مالك

ظل " العقوبة" ، و اخلروج عليه يستوجب " مقدسات الدولة " واعتبار مذهب مالك من ومل يزل :" )2(، قال ابن وصول ساري املفعول حىت بعد سقوط اخلالفة األموية] قانونا[

اخللفاء الراشدون حيملون الناس جبزيرة األندلس على مذهب مالك بن أنس جيال بعد جيل ، )3(".وقرنا بعد قرن

ويؤكد هذا كله على أن فقهاء املالكية التزموا ذه القوانني اليت وضعتها السلطة رغبة منهم يف احلفاظ على الوحدة الدينية ، فمنعهم ذلك كله من النظر و االستقالل الفكري ، و

يقصد –نفذ إىل هذه البالد :" حبسهم على التمسك باملذهب ، ويف ذلك يقول ابن العريب أمحي : بعض األموية، فألفى هنا عصبية ، فثاروا به ، و أظهر احلق ، و قال - األندلس

السنة، فال فقه إال فقه أهل املدينة ، و ال قراءة إال قراءم ، فألزموا الناس العمل مبذهب مالك ، و القراءة على رواية نافع ، و مل ميكنهم النظر و التخيري يف مقتضى األدلة ، مىت

)4(".ي أهل املدينةخرج ذلك عن رأ

--------------------

. 3/46ظهر اإلسالم ، مصدر سابق ، ج-1

ابن فرحون، الديباج . أمحد بن خلف بن وصول، الطليطلي، كان فقيها، حافظا، مشاورا، وله كتاب يف األحكام -2 .83:رقم.1/201:املذهب

جملة األمحدية ،دار البحوث للدراسات اإلسالمية و مسري القدوري ، الردود على ابن حزم باألندلس و املغرب ، -3 .283، ص13م، العدد 2003/هـ1424إحياء التراث ، ديب ،

.2/490العواصم من القواصم ، مصدر سابق ، ج-4

Page 201: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.تعليل املستشرقني لدعوى مجود املالكية: املطلب الثالث

لقد كان موقف املستشرقني من فقهاء املالكية و وصفهم بالتحجر و اجلمود مستمدا من موقف املالكية املعادي للفرق الضالة و األفكار املنحرفة عن منهج أهل السنة و اجلماعة ، وقد عرف عن املستشرقني موقفهم الداعم هلذه الفرق و الدفاع عنها و عن أصحاا ، و

ددوا يف وصف فقهاء املالكية بالتحجر و االنغالق الفكري ، و التزمت و بالتايل مل يتر .الرجعية

فقد عرفت بالد األندلس و املغرب عموما ، يف خمتلف العهود و العصور ، حركات مذهبية خارجة عن خط أهل السنة و اجلماعة ، كان يتزعمها شيعة و خوارج و معتزلة

ألفكار و يعملون على نشرها ، غري أم على رغم ما ومتصوفة و فالسفة ، يدعون هلذه ابذلوا يف ذلك مل يتحقق هلا من الذيوع ما حتقق هلا يف غري األندلس و املغرب ، ومرد ذلك

.عقدي: سياسي ، و الثاين :أحدمها: إىل عاملني

يف فيتمثل فيما كان هلذه املذاهب من غايات سياسية مرسومة جيتهد دعاا : فأما األول تنفيذها ، وهو ما فطن إليه األمراء األمويون يف األندلس ، وقدروا آثاره اخلطرية على دولتهم الناشئة ، فلم يتهاونوا يف حماربة أصحاا و الضرب على متزعميها ، ذيادا عن كيام

.السياسي من أطماع الشيعة و اخلوارج و غريهم

اعتبار الفقهاء املالكية هذه املذاهب بالنظر إىل وهو العامل العقدي ، فيكمن يف: العامل الثاينمحولتها العقدية و مضموا الفكري ، مذاهب بدعية تدعو للخروج عن السنة و خمالفة

)1(.اجلماعة ، لذلك استنكروها ، و شنعوا على أصحاا ، و حذروا العامة و اخلاصة منهم

--------------------

.1/75ألندلسي و مسألة الوحدة ، مصدر سابق ،جحسني الوراكلي ، التراث ا -1

Page 202: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و تأثرا -رمحه اهللا -لقد عرف مالكية املغرب و األندلس باجتاههم السين اتباعا ملالك منهم مبنهجه الفكري و العقدي ، ولذلك كانت مواقفهم متشددة مع أصحاب األهواء و

ة مهما كان احنرافه ، ال البدع ، فقاوموا كل فكر منحرف عن منهج أهل السنة و اجلماعيفرقون بني أحد منهم ، ومل تكن هذه املقاومة على منط واحد ، بل اختذت أمناطا خمتلفة ، و

)1(.أشكال متعددة ، فاستعمل العلماء كل وسيلة ميكنهم ا أن يصلوا إىل غرضهم

ية لألمة يف لقد كان الفقهاء من موقع مسؤوليتهم يف احلفاظ على الوحدة العقدية و الفكر إطار مذهب أهل السنة و اجلماعة ، يتشددون يف إدانة الفرق البدعية و أتباعها ، ومتدنا

)2(.فتاواهم مبا يعكس دورهم يف حماربة هذه الفرق ، و تنفري الناس منها

وال خيفى على املطلع على أحباث املستشرقني و كتابام سعيهم احلثيث إىل إحياء مناهج ك الفرق البدعية ، و إبراز تارخيها ، و تصويرها بصورة املصلح املظلوم ، و أن ما و أفكار تل

.قاموا به من ثورات إمنا كان إلصالح احلال و إزالة اجلور

كما عملوا على الثناء على رجال تلك الفرق و املنتسبني إليها ، و اإلعالء من شأم ، و الفالسفة ، و حاولوا إظهارهم بصورة املفكرين حيث أسبغوا الثناء على املعتزلة و الباطنية

.املتنورين ، و أصحاب الفكر احلر ، الذين انتفضوا على مجود أهل ذلك العصر و ختلفهم

وباملقابل عملوا على تشويه صورة أهل السنة و اجلماعة ، و كل من وقف يف وجه هذه .الفرق ، ووصفهم باجلمود و التزمت و الرجعية

--------------------

،مؤسسة الرسالة ناشرون ، بريوت ، 1إبراهيم التهامي، جهود علماء املغرب يف الدفاع عن عقيدة أهل السنة ،ط-1 .1/76حسني الوراكلي ، املصدر السابق ، ج -2 .210م ، ص2005/هـ1426لبنان ،

Page 203: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يكره الفقهاء بكل قلبه ، ويف )1(عريب وقد كان ابن):" آسني بالثيوس(يقول املستشرق هذا يشارك كل الصوفية الذين كانوا يتمردون على سلطان الفقهاء الرمسيني ، أولئك اجلامدون الشكليون املتمسكون بدين متحجر ، يفسرون عقائده بتزمت شديد لدى اجلمهور ، و تساهل و ترخيص شديد ألنفسهم و للسالطني ، هذا باإلضافة إىل تشكك

)2(".الفقهاء و سخريتهم من علماء الصوفية

وكان القوم ميقتون الفالسفة و يعدوم زنادقة ، ينبغي :" )3()دوزي(يقول املستشرق حرقهم و رمجهم دون رمحة أو شفقة ، ومن مث أكره املفكرون األحرار على كتم

)4(".آرائهم

بهم لإلحراق ، ومن خالل هذه فتعرض الفالسفة لالضطهاد ، و كت:" ويقول أحدهم النظرة السريعة ميكن أن نفهم بسهولة أن الفقهاء اإلسبان املسلمني صنعوا كل ما يستطيعون

)5(".لكي ال تكون حرية التعليم كاملة ، فيما يتصل باألفكار العلمية

و لألسف فإنه قد تأثر ذا الفكر و املنهج االستشراقي بعض الباحثني فأصبح يردد و احلق أن أهل األندلس تلقوا الطب و التنجيم :" المهم ، فيقول الدكتور أمحد أمني ك

--------------------

حميي الدين بن عريب ، الصويف املشهور ، كان على مذهب أهل الظاهر يف الفقه ، و مذهب أهل الباطن يف -1 .23/48:أعالم النبالءسري .هـ638هـ ، وتويف 560االعتقاد ، ولد مبرسية باألندلس سنة

.79، ص1965عبد الرمحن بدوي ، مكتبة األجنلو مصرية ، :آسني باالثيوس، ابن عريب حياته و مذهبه، ترمجة-2

.259ص:عبد الرمحن بدوي ، موسوعة املستشرقني). م1883-1820(مستشرق هولندي-3

.ط.،د2/13،ج1994كتاب،حسني احلبشي،اهليئة املصرية لل:دوزي ، املسلمون يف األندلس ، ترمجة-4

.32،ص1994،دار املعارف، القاهرة،2الطاهر مكي،ط:خوليان ريبريا ، التربية اإلسالمية يف األندلس،ترمجة-5

Page 204: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

قبوال حسنا ، لكن مل يتلقوا اإلهليات هذا القبول احلسن ، مليلهم إىل الفقه املتزمت ، يسلم فيلسوف خرج عن وتشددهم يف التفسري و احلديث و ما إىل ذلك فقط ، ولذلك مل

الطب و التنجيم إىل الفلسفة من رمي بالزندقة و الكفر و اإلحلاد ، و طلب توقيع العقوبات الشديدة عليه كاإلعدام ، و يكاد تاريخ الفالسفة األندلسيني يكون سلسلة اامات من هذا

)1(".القبيل إىل آخرهم

هل كانت حقا مجعية :" حبماسة )2(ويقول أحد الباحثني وهو يدافع عن حركة ابن مسرة مارقة ملحدة دد العقائد و النظام و األمن ؟ أم هل كانت حركة تفكري فلسفي حرة مل يتسع هلا أفق التفكري املعاصر ، و كانت كمعظم احلركات املماثلة ضحية لنقمة املتزمتني

3(".م املطلقالرجعيني من الفقهاء و احلكام ، يدافعون بسحقها عن نفوذهم و سلطا(

--------------------

.3/240ظهر اإلسالم ، مصدر سابق ، ج -1

هـ، كان مشتغال بعلم الكالم و الفلسفة ، ام 269أبو عبد اهللا حممد بن مسرة ، من أهل قرطبة ولد ا سنة -2 .257-1/255ابن الفرضي، تاريخ العلماء و الرواة، .هـ319بالزندقة ، تويف سنة

عبد اهللا عنان ، اكتشاف السفر اخلامس من املقتبس البن حيان ، جملة املعهد املصري للدراسات اإلسالمية يف -3 .137، ص13مدريد ، العدد

Page 205: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.حقيقة دعوى اجلمود و التحجر عند فقهاء األندلس: املبحث الثاين

.رسوخ املذهب املالكي باألندلس: املطلب األول

لس و أهلها على مذهب أيب عمرو األوزاعي إمام أهل الشام ، إىل منذ دخل اإلسالم األند أن رحل إىل املشرق مجاعة من أبنائها قاصدين احلجاز من أجل احلج و طلب العلم ،

هو اإلمام مالك ، فتتلمذوا -يومئذ-وكانت رحلتهم يف البداية مقصورة عليها ، و إمامهاالنتهاء من كتابته ، فلما عادوا إىل األندلس عنه ، و أخذوا عنه مباشرة كتاب املوطأ قبل ا

أخذوا ينشرون علمه و فقهه بني الناس ، و تولوا وظائف التدريس و الفتيا و القضاء و .الشورى

ومل يكن هؤالء الراحلون يهتمون بنشر علم مالك و فقهه فحسب ، و إمنا كانوا حريصني ، و اقتداء األمة به يف سلوكه و على أن يصفوا من صدقه ، و جاللة قدره ، و سعة علمه

أخالقه ، ما عظم به صيته يف األندلس ، واحتلت هذه النخبة من العلماء الصدارة يف االس، و اجتذبوا الناس إليهم مبا حيكونه من أنباء رحلتهم العلمية ، و أحوال مشاخيهم و

الصحيحة اليت أخبارهم ، و لطائف احلكم و طرائف النكت اليت مسعوها ، و الوقائعصادفوها ، فاستنهضوا بذلك معهم طلبة العلم ، ورغبوهم يف سبيل الرحلة ، و األخذ عن كبار علماء املشرق عامة ، و االلتقاء باإلمام مالك خاصة ، فرحل يف هذه املرحلة مجاعة من

لبناء أبناء األندلس كان هلم شرف السبق يف االلتقاء باإلمام مالك ، ووضع اللبنات األوىلمدرسته الفقهية ببالد املغرب اإلسالمي،فأخذت املدرسة األوزاعية تتخلى عن مكانتها ،

)1(.فاسحة اال للمدرسة املالكية، إذ مل يبق ملذهب األوزاعي من يناصره ، إال أفراد قليلون

--------------------

. 37مصطفى اهلروس ، املدرسة املالكية األندلسية ،ص–. 92-91الغلربوزي ،املدرسة املالكية باألندلس،ص -1

Page 206: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و أما أهل األندلس فكان رأيهم منذ فتحت على رأي األوزاعي :" يقول القاضي عياض إىل أن رحل إىل مالك زياد بن عبد الرمحن ، و قرعوس بن العباس ، و الغازي بن قيس ،

اء األمة به ، فعرف حقه ، و درس وغريهم ، فجاءوا بعلمه ، و أبانوا للناس فضله ، و اقتدمذهبه ، إىل أن أخذ أمري األندلس إذ ذاك هشام بن عبد الرمحن بن معاوية بن هشام بن عبد امللك بن مروان الناس مجيعا بالتزام مذهب مالك ، و صير القضاء عليه ، و ذلك يف عشرة

)1(".اىليف حياة مالك رمحه اهللا تع) هـ170(السبعني و املائة من اهلجرة

وقد اختلف املؤرخون و تباينت آراؤهم يف أول من أدخل املذهب املالكي لألندلس ، الذي ) آخنيل باالنثيا(حىت إن بعض الباحثني اعترب املسألة غامضة ، كالباحث اإلسباين

)2(".ال زالت مسألة من أدخل املالكية إىل األندلس غامضة:" خلص إىل القول

ومن الصعب أن حتدد من هو :" إحسان عباس املسألة صعبة التحديد فقالواعترب األستاذ أول من أدخل مذهب مالك إىل األندلس ، فمن قائل إنه زياد بن عبد الرمحن املعروف

أن الغازي بن قيس دخل : بشبطون ، ألنه أول من أدخل املوطأ إىل بلده ، ومن قائل )3(".األندلس باملوطأ يف أيام عبد الرمحن الداخل

و اجلمع بني الرأيني ممكن ، باعتبار أن الغازي بن قيس أول من أدخله ، إال أن املذهب مل يشتهر و يذاع بني الناس على نطاق واسع إال بعد ما جاء زياد الذي تصدى إلقرائه و

)4(.إمساعه للناس

--------------------

.417يخ الفكر األندلسي ، مصدر سابق ، صتار-2 . 27-1/26ترتيب املدارك ، ج -1

.28م، ص1960، دار الثقافة ، بريوت ، 1تاريخ األدب األندلسي ، ط-3

.93-92الغلربوزي ، املصدر السابق ، ص -4

Page 207: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أما عن األسباب اليت أدت باملذهب إىل أن ينتشر و يشيع يف هذه الربوع ، و يتقلص املعهود ، فالباحثون يف ذلك خمتلفون ، على خالف -موطن نشأته–نفوذه يف املشرق

من يرده إىل مالءمة : من يرجع ذلك إىل شخصية صاحب املذهب القوية ، و منهم: فمنهم من يرده إىل تشابه البيئة يف كل من احلجاز و : مذهبه لطبيعة املغاربة و األندلسيني ، و منهم

ة األندلسيني و املغاربة إىل من يرجع ذلك إىل رحل: بالد املغرب كابن خلدون ، ومنهم .احلجاز غالبا من أجل احلج

إا كانت من العوامل اليت ساعدت على انتشار املذهب : هذه بعض األسباب اليت قيل على ذيوع -يف اجلملة-املالكي باألندلس ، وهي و إن كانت من العوامل اليت ساعدت

، و احلقيقة )1(يقية النتشار هذا املذهباملذهب يف هذه الربوع ، إال أا ال تظهر أسبابا حقأن املذهب املالكي انتشر باألندلس بسبب قوة : اليت ميكن اعتمادها يف هذا الباب هو

رجاالته ، و نصرة احلكام و مساندم له ، بإلزام اتباع مذهب مالك يف القضاء و الفتيا ، : مرمها بالرياسة و السلطان مذهبان انتشرا يف بدء أ :"ويف ذلك يقول ابن حزم رمحه اهللا

مذهب أيب حنيفة ، فإنه ملا ويل القضاء أبو يوسف كانت القضاة من قبله من أقصى املشرق إىل أقصى عمل إفريقية ، فكان ال يويل إال أصحابه و املنتسبني ملذهبه ، ومذهب مالك

القضاء ، و عندنا باألندلس ، فإن حيىي بن حيىي كان مكينا عند السلطان مقبول القول يفكان ال يلي قاض يف أقطار األندلس إال مبشورته و اختياره ، و ال يشري إال بأصحابه و من

)2(".كان على مذهبه

--------------------

.93الغلربوزي ، املصدر السابق ، ص -1

.2/218املقري ، نفح الطيب ، مصدر سابق ، ج -2

Page 208: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

شيوخ العصر باألندلس أن يقيموا ألنفسهم يف املدن فقد استطاع أتباع املذهب املالكي ، و اليت استقروا فيها سلطانا روحيا و سياسيا ، و كانت هلم مكانة يف قلوب الناس ، فهم تالميذ إمام دار اهلجرة ، و حفاظ احلديث و السنة ، وهم الذين درسوا املوطأ و أدخلوه

و إرشاد الناس إىل الطريق القومي يف األندلس ، فإليهم املرجع يف معرفة الشرع و القانون الدين و املعامالت ، وهم بذلك املؤهلون إلضفاء الصبغة الشرعية على السلطة احلاكمة ومن ذلك احلني أصبحت السيادة يف القضاء و الفتيا باألندلس للفقه املالكي ال ينافسه فيها

)1(.غريه

--------------------

.60-59، املدرسة املالكية األندلسية ، صمصطفى اهلروس -1

Page 209: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.روعي املقلد يف األندلسغلبة االجتاه الف: املطلب الثاين

لقد سبق البيان يف املبحث السابق أن دعوى اجلمود و التحجر لدى علماء املذهب أساسا على إمنا ترتكز -اليت تبناها بعض الباحثني–املالكي و غياب احلس النقدي عندهم

انتشار هذا االجتاه بني فقهاء األندلس خاصة ، حيث إن القائلني ذه الدعوى قد عمموا هذا احلكم على مجيع فقهاء املذهب املالكي ، و جعلوا ذلك صفة الزمة هلم ، و ميزة من

.مميزات املذهب املالكي

ميكن إنكارها ، تنبه هلا أجلة وغلبة االجتاه الفروعي املقلد يف املدرسة األندلسية حقيقة ال و نستطيع :" )1(من فقهاء األندلس يف خمتلف العصور و انتقدوها ، يقول أحد الباحثني

القول بأن املذهب املالكي باألندلس عرف اجتاهني داخل نفس املدرسة الفقهية ، و منذ :نشأا املبكرة

.اجتاه تأصيلي متبع: اجتاه فروعي مقلد ، و الثاين: األول

و يبدو ذلك جليا لكل من أمعن النظر يف تاريخ املذهب املالكي باألندلس و أعالمه وتواليفه، و يف هذا البحث أدلة على أن االجتاه األول هو الغالب يف األندلس ، و قد اختذ طابع التمسك بفروع املذهب و مسائله مع قلة البضاعة ، أو عدم الدراية يف علم احلديث و

.نصراف عن علوم السنة إىل الفقه احملض ارد عن األدلةاألثر ، و اال

أن املدرسة املالكية يف األندلس سلكت هذا املسلك يف بداية نشأا و : ومما يؤسف له قرعوس بن العباس ، :ظهور أمرها ، و يف ظين أن أول من خط هذا االجتاه باألندلس هو

--------------------

، 63املدرسة املالكية يف األندلس بني التقليد و االتباع، جملة الشريعة، الكويت ، العددتوفيق الغلربوزي، -12005 .

Page 210: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.تلميذ مالك و راويته ، ومن أوائل الذين أدخلوا املذهب إىل األندلس

العتبية أو " و كتاب ) هـ238ت(لعبد امللك بن حبيب " الواضحة" ويعترب كتاب .هرا من مظاهر هذا االجتاهمظ) هـ254ت (للعتيب " املستخرجة

رأس املالكية باألندلس عبد اهللا بن : ومن أعالم هذا االجتاه الذين ذكروا يف كتب التراجم، و حيىي بن إبراهيم بن مزين القرطيب )1()هـ256ت (حممد بن خالد بن مرتنيل

)2().هـ259ت(

أصبغ بن : الكية باألندلس ومن أسوأ من مثل هذا االجتاه الفروعي املقلد يف تاريخ املدرسة امل، تلميذ قرعوس بن العباس ، و الغازي بن قيس ، وحيىي بن حيىي )3()هـ273ت(خليلدارت الفتيا عليه باألندلس مخسني عاما ، و مل :" )4(وغريهم ، قال ابن الفرضي......الليثي

يكن له علم باحلديث ، وال معرفة ، بل كان يباعده و يطعن على أصحابه ، وكان متعصبا لرأي مالك ، والبن القاسم من بينهم ، وبلغ به التعصب ألصحابه أن افتعل حديثا يف ترك

--------------------

عبد اهللا بن حممد بن خالد بن مرتنيل ، قرطيب ، مسع من أبيه ، وحيىي بن حيىي ، و سحنون بالقريوان، و أصبغ يف -1 . 444-1/442:ترتيب املدارك.مصر، ومل يكن له علم باحلديث

يب ، و مسع حيىي بن مزين ، أصله من طليطلة ، وانتقل إىل قرطبة ، رحل إىل املشرق ، دخل العراق و مسع من القعن-2 .442-1/441:ترتيب املدارك.هـ259مبصر من أصبغ بن الفرج ، كان حافظا للموطأ فقيها فيه ، تويف سنة

أصبغ بن خليل، يكىن أبا القاسم، قرطيب، مسع باألندلس من الغازي بن قيس، و حيىي بن حيىي، ورحل فسمع من -3 . 449-1/448:داركترتيب امل.سحنون و أصبغ، كان حافظا للرأي، معاديا لآلثار

هـ، رحل إىل 351عبد اهللا بن حممد بن يوسف، األزدي، أبو الوليد، مؤرخ، حافظ، أديب، ولد بقرطبة سنة-4 .1/452:ابن فرحون، الديباج املذهب. هـ403املشرق، و استقر بقرطبة، تويف سنة

.1/93م، ج1408/1988، مكتبة اخلاجني ، القاهرة ، 2ابن الفرضي ، تاريخ العلماء و الرواة ،ط-5

Page 211: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)5(".رفع اليدين يف الصالة بعد اإلحرام ، ووقف الناس على كذبه فيه

فهذا رأس من رؤوس املالكية باألندلس ، كان متعصبا لذلكم االجتاه الفروعي املقلد ، وكان معاديا لآلثار ، :" يعادي أصحاب احلديث حىت قال فيه ابن الفرضي يف موضع آخر

وكان معاديا لآلثار ، ليس له معرفة :" ، وقال فيه ابن عبد الرب )1("شديد التعصب للرأي )2(".باحلديث ، شديد التعصب لرأي مالك و أصحابه والبن القاسم من بينهم

ولذا كان يعادي أشد العداء مدرسة احلديث و األثر باألندلس ، وواجهها مواجهة عنيفة ، ه إىل كتب السنة املعتمدة نفسها ، قال ومل يقتصر عداؤه ألهل احلديث فحسب بل جاوز

ألن أمحل يف تابويت رأس خرتير أحب إيل :" مسعت أصبغ بن خليل يقول: )3(قاسم بن أصبغصلى - ، وبلغ به التعصب أن كذب على النيب )5(")4(من أن يكون فيه مسند بن أيب شيبة

)6(.د مذهبهوسلك مسلك الوضاعني اهلالكني ، ووضع حديثا لتأيي -اهللا عليه وسلم

--------------------

. 1/94املصدر السابق ، ج -1

.1/448ترتيب املدارك ، -2

قاسم بن أصبغ بن حممد بن ناصح وقيل واضح، اإلمام احلافظ العالمة، حمدث األندلس، أبو حممد القرطيب، مسع -3 .15/473:أعالم النبالءسري .هـ340من بقي بن خملد وحممد بن وضاح و أصبغ بن خليل، تويف سنة

عبد اهللا بن حممد بن القاضي بن أيب شيبة، اإلمام العلم، سيد احلفاظ، صاحب كتاب املصنف و املسند، من أقران -4 .127-11/123:سري أعالم النبالء.أمحد بن حنبل و ابن املديين، بقي إىل سنةبضع و عشرين وثالمثائة

.1/94ابن الفرضي ، املصدر السابق ، ج -5

.1/448ترتيب املدارك ، -6

Page 212: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الغالب على املدرسة املالكية باألندلس ، فحجروا على -لألسف الشديد -وكان هذا االجتاهيف مسألة جواز شرائه )1(من سواهم ، ولذلك عندما أفىت ابن لبابة للخليفة الناصر لدين اهللا

، ثار عليه الفقهاء ملكان من أحباس املرضى بقرطبة خبالف املذهب تابعا ملذهب الكوفينيسبحان اهللا ، نترك قول مالك الذي أفىت به أسالفنا ، ومضوا عليه ، و :" املقلدون صائحني

اعتقدناه بعدهم و أفتينا به ، ال حنيد عنه بوجه ، وهو رأي أمري املؤمنني ، ورأي األئمة )2(".آبائه

أما يف األندلس فمذهب :" يف تعريف األقاليم عن أهل األندلس ، قال )3(وما ذكره املقدسيالنعرف إال كتاب اهللا و موطأ مالك ، فإن ظهروا على حنفي أو : مالك ، وهم يقولون

شافعي نفوه ، و إن عثروا على معتزيل أو شيعي رمبا قتلوه ، و سائر املغرب إىل مصر ، ال ا ، و كنت يوم - رمحهما اهللا-يعرفون مذهب الشافعي ، إمنا مذهب أيب حنيفة و مالك

اسكت من هو الشافعي ، إمنا كان : أذاكر بعضهم يف مسألة فذكرت قول الشافعي ، فقال )4(".أبو حنيفة ألهل املشرق ، و مالك ألهل املغرب ، أفتتركهما و تشتغل بالساقية: حبران

، أنه حن إىل ألبرية ) هـ319ت()5(وذكر القاضي يف ترمجته لفضل بن سلمة األلبريي

--------------------

أبو املطرف، عبد الرمحن بن حممد، الناصر لدين اهللا، ثامن حكام الدولة األموية يف األندلس، وأول خلفاء قرطبة، -1 .6/90ترتيب املدارك ، ج -2 .2/259:املقري، أزهار الرياض.هـ350هـ، و تويف سنة 277ولد سنة

هـ، 336البشاري، رحالة جغرايف، ولد يف القدس سنةمشس الدين حممد بن أمحد بن أيب بكر املقدسي، يقال له -3 .5/312الزركلي ، األعالم،.هـ380وتويف سنة

.236م، ص1991/هـ1411،مكتبة مدبويل ، القاهرة ، 3أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم ،ط -4

ة ، ورحل فسمع فضل بن سلمة بن حرير بن منخل اجلهين ، يكىن أبا سلمة ، من أهل جبانة، مسع ا و بألبري-5 .395-1/394ابن الفرضي ، تاريخ العلماء و الرواة ، .هـ319بالقريوان، تويف سنة

Page 213: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

بلده، فلما حلها ، وجد فقهاءها قد متكن سؤددهم ، و تفننهم يف املدونة خاصة ، فلما دع عنك هذا ، فلسنا حنتاج إليه ، طريقنا : جالسهم و ذكر هلم أقوال أصحاب مالك ، قالوا

)2(هـ بتصرف.ا".)1(ابن القاسم ال غريه ، فرأى زهدهم يف علمه فانصرف إىل جبايةكالم

يف األندلس أحد الشواهد على تعصب أصحاب )3() هـ 276ت (وقصة بقي بن خملد هذا االجتاه و رفضهم لكل أشكال اخلروج عن أقوال املذهب املالكي أو نقدها ، فقد عاىن

ني و انغالقهم على مذهب املالكية فقط ، حيث رحل إىل بقي بن خملد من مجود األندلسي" األم"و كتاب " مصنف ابن أيب شيبة"املشرق ومما جلبه من الكتب يف رحلته هذه

للشافعي، وكان متبعا لألثر يفيت خبالف ما عليه املالكية ، فأنكر عليه الفقهاء هذا االستقالل موه بالزندقة ، وألبوا عليه عامة الناس ، و الذي كان يسري عليه ، وقاموا عليه و بدعوه و ر

ألن يكون يف :" أغروا به السلطان، و كان ألد خصومه ابن مرتنيل و أصبغ بن خليل القائل )4(".تابويت رأس خرتير أحب إيل من أن يكون فيه مسند ابن أيب شيبة

مأل بقي بن خملد األندلس حديثا ، فأنكر عليه أصحابه األندلسيون ما :" قال ابن الفرضي )5(".أدخله من كتب االختالف ، و غرائب احلديث ، فأغروا به السلطان و أخافوه به

--------------------

.5/222ترتيب املدارك ، ج -1

.105-79االتباع و التقليد ، ص الغلربوزي ، املدرسة املالكية باألندلس بني -2

هـ، رحل إىل املشرق فلقي مجاعة من كبار احملدثني، فمأل 201بقي بن خملد، من أهل قرطبة، ولد سنة -3 .109- 1/107ابن الفرضي، تاريخ العلماء و الرواة، .هـ276األندلس حديثا ورواية، تويف سنة

م 1986/هـ1405ماجستري، جامعة أم القرى، السعودية، سعد البشري ، احلياة العلمية يف األندلس ، رسالة -4 .بتصرف43-42ص

.1/108تاريخ العلماء و الرواة ، مصدر سابق ، -5

Page 214: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

موصوفا بالعلم و إكرام أهله فحقق يف أمر هذه )1(وكان األمري حممد بن عبد الرمحن و براءة بقي مما الدعوى وما قام به خصوم بقي فتبني له جمانبتهم للحق وما اقترفوه من إمث ،

)2(.يزعمون فأعلى مكانته ، و رفع مرتلته ، و أمر بنشر علمه بني الناس

وهكذا يتبني أن هذا االجتاه الفروعي املقلد باألندلس ، خالف يف الواقع اجتاه مدرسة يقوم يف -رضي اهللا عنه-، فمذهب مالك بن أنس] القائم على األثر و اتباع الدليل[مالك

أساسه على احلديث ، حىت مسيت مدرسة مالك باحلجاز مدرسة احلديث ، ولكن هذا يلتزم منهج مالك ، بل فعل ضده ، فانصرف فقهاؤه من وقت مبكر االجتاه يف األندلس مل

عن دراسة احلديث و اقتصروا على الرجوع إىل كتب الفروع اليت آثرها شيوخ املذهب )3(.والسيما ابن القاسم ، وأصبح ذلك تقليدا ثابتا هلم ال حييدون عنه

الل األثري مقارنة بكتب وهذا ما جعل كتب املذهب املالكي خالية يف الغالب من االستد املذاهب األخرى ، فال جيد القارئ فيها إال آراء جمردة و أقواال متناقضة أحيانا ، بل لقد بلغ من إعراضهم عن الدليل أم يضعفون أقوال أئمة املذهب املعروفني بامليل إىل الدليل و العمل

وال هؤالء و أمثاهلم ال تذكر يف مبا يقتضيه ، كابن عبد الرب ، و الباجي ، وابن العريب ، فأق .كتب املتأخرين إال مشفوعة بالتضعيف غالبا

--------------------

هـ، كان حمبا للعلم و 207أبو عبد اهللا حممد بن عبد الرمحن، خامس أمراء الدولة األموية يف األندلس، ولد سنة -1 .6/189زركلي، األعالم، ال.هـ273أهله، كثري اإلحسان للرعية، عاقال، عادال، تويف سنة

.43البشري ، احلياة العلمية يف األندلس ، ص-2

.104الغلربوزي ، املصدر السابق ، ص-3

Page 215: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.إنكار علماء األندلس اتهدين على هذا االجتاه: املطلب الثالث

لقد تنبه هلذه الظاهرة علماء أجالء يف خمتلف العصور باألندلس ، وانتقدوا أصحاا ، و شنعوا عليهم تنكبهم عن املنهجية الفقهية الصحيحة إدراكا منهم خلطرها على املنظومة

.الفقهية

) هـ355ت(وكان من أوائل هؤالء الفقهاء الفقيه الظاهري منذر بن سعيد البلوطي على املالكية تقليدهم األعمى ، و مجودهم على املذهب ، و تركهم طريق الدليل الذي عاب

:يقول فيها" جامع بيان العلم وفضله"يف أبيات مشهورة أوردها ابن عبد الرب يف كتابه

عذيري من قوم يقولون كلما طلبت دليال هكذا قال مالك

ذي على قصد منهاج اهلدى هو سالكوقد قاله ابن قاسم الثقة ال

فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب وقد كان ال ختفى عليه املدارك

فإن زدت قالوا قال سحنون مثلهم ومن يقل ما قاله فهو آفك

وقالوا مجيعا أنت قرن مماحك و إن قلت قال اهللا ضجوا و أكثروا

)1(".وإن قلت قد قال الرسول فقوهلم أتت مالكا يف رد ذاك املسالك

الذي )2()هـ276ت(احملدث األندلسي الشافعي قاسم بن يسار: وقبله يف زمن مبكر جدا

--------------------

.2/328جامع بيان العلم و فضله ، -1

مد بن قاسم بن يسار، حمدث ، مييل إىل رأي الشافعي، أندلسي، روى عنه ابن لبابة، له تواليف يف الرد قاسم بن حم-2 .1293:رقم.1/446:بغية امللتمس.278،تويف سنة"الرد على املقلدة"على خمالفيه منها

Page 216: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ألف كتابا يرد فيه على رؤوس اجتاه الفروع و التقليد باألندلس ، كالعتيب ، وابن ".الرد على املقلدة" أو " اإليضاح يف الرد على املقلدين:" مزين،وغريمها ، و مساه

العالمة ابن حزم ، الذي شنع على املالكية املقلدين : وبعدمها إمام مدرسة الظاهر باألندلس و أما أهل بالدنا فليسوا ممن يتعىن بطلب دليل على مسائلهم ، و طالبه منهم :" حينما قال

إمنا يطلبه كما ذكرنا آنفا ، فيعرضون كالم اهللا تعاىل و كالم الرسول عليه -ندرةيف ال-السالم على قول صاحبهم ، وهو خملوق مذنب خيطئ و يصيب ، فإن وافق قول اهللا تعاىل وقول رسوله عليه السالم قول صاحبهم أخذوا به ، و إن خالفاه تركوا قول اهللا تعاىل جانبا،

)1(".ظهريا ، و ثبتوا على قول صاحبهم وقوله عليه السالم

كان ينعى على أرباب االجتاه األول من أهل ) هـ463ت (مث إن احلافظ ابن عبد الرب بلده، ما صاروا عليه ، من ابتعاد عن الكتاب و السنة ، و العمل بالفروع اليت ال حد هلا و

واعلم رمحك اهللا ، أن طلب العلم يف زمننا هذا ، ويف بلدنا ، وقد حاد :" ال اية ، يقولريق سلفهم ، و سلكوا يف ذلك مامل يعرف أئمتهم ، وابتدعوا يف ذلك ما بان به أهله عن ط

جهلهم و تقصريهم عن مراتب العلماء قبلهم ، فلم يعنوا حبفظ سنة ، وال الوقوف على معانيها ، وال بأصل من القرآن ، وال اعتنوا بكتاب اهللا جل و عز ، فحفظوا ترتيله ، وال

له ، وال وقفوا على أحكامه ، وال تفقهوا يف حالله و حرامه ، قد عرفوا ما للعلماء يف تأوي .طرحوا علم السنن و اآلثار ، وزهدوا فيهما ، و أضربوا عنهما

بل عولوا على حفظ ما دون هلم من الرأي و االستحسان الذي كان عند العلماء آخر العلم م ، وهم مع ذلك ال ينفكون و البيان ، فلذلك اعتمدوا على ما قد كفاهم اجلواب فيه غريه

--------------------

.118-6/117اإلحكام يف أصول األحكام ، مصدر سابق ، ج-1

Page 217: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

من ورود النوازل عليهم فيما مل يتقدمهم فيه إىل اجلواب غريهم ، فهم يقيسون على ما حفظوا من تلك املسائل ، ويفرضون األحكام فيها ، و يستدلون منها ، و يتركون طريق

الستدالل من حيث استدل األئمة و علماء األمة ، فجعلوا ما حيتاج أن يستدل عليه دليال ا )1(".على غريه

يف ) هـ543ت(القاضي ابن العريب : و أكثر علماء املالكية تشنيعا على أصحاب الفروع لس، حيث صور لنا فيه حالة هذا االجتاه الفروعي املقلد باألند" العواصم من القواصم"كتابه

فصار التقليد دينهم ، و االقتداء :" و ملكانة كالمه يف الداللة على املراد نسوقه بنصه ، قاليقينهم ، فكلما جاء أحد من املشرق بعلم ، دفعوا يف صدره ، و حقروا من أمره ، إال أن يتستر عندهم باملالكية ، وجيعل ما عنده من علوم على رسم التبعية ، منهم بقي بن خملد ، رحل فلقي علماء األمة ، و سادة العلم ، ورفعاء امللة ، كأمحد بن حنبل ، و أكرم فارتبط ، وظفر فاغتبط ، وجاء بعلم عظيم ، ودين قومي ، ومل يكن له أن يرتبط مبذهب أحد ، وقد

.كان رقي من العلم يفاعه ، مع تفنن يف العلوم ، ومنة يف نفسه

بن خملد فكان مهجورا حىت مات ، و أما ابن وضاح وجاء ابن وضاح مبثله ، فأما بقي ، فلقي سحنون ، و تشرف بأصحاب مالك ، وتتلمذ ليحىي بن حيىي ، وأعان املطالب لبقيشهادة فكأنه رقي املنازل ، وطار يف الدولة جبناح ، و بقيت احلال هكذا ، فماتت العلوم إال

لى موت العلم وطهور اجلهل ، عند آحاد حيب بشيئ من احلديث ، واستمرت القرون عاتبع الرسول ، فكان : فكل من ختصص مل يقدر على أكثر من أن يتعلق ببدعة الظاهر فيقول

.هذا عونا على الباطل ، وذلك بقدر اهللا و قضائه

--------------------

.2/328جامع بيان العلم و فضله ، -1

Page 218: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املالكية فنظروا فيها بغري علم فتاهوا ، و جعل حدثت حوادث مل يلقوها يف منصوص مث اخللف منهم يتبع السلف ، حىت آل املآل أن ال ينظر إىل قول مالك و كرباء أصحابه ، ويقال قد قال يف هذه املسألة أهل قرطبة و أهل طلمنكة و أهل طلبرية و أهل طليطلة ،

.فانتقلوا من املدينة و فقهائها إىل طلبرية و طريقها

وحدثت قاصمة أخرى تعلم العلم ، فكان الصيب عندهم إذا عقل ، فإن سلكوا به أمثل طريقة هلم ، علموه كتاب اهللا ، فإذا حذقه ، نقلوه إىل األدب ، فإذا ض فيه ، حفظوه

، مث خيتمون له " وثائق ابن العطار" ، مث ينقلونه إىل " املدونة"، فإذا لقنه ، نقلوه إىل" املوطأ"قال فالن الطليطلي ، وفالن اريطي ، وابن مغيث ، ال أغاث : ، فقال " بن سهل أحكام"

.اهللا نداءه ، وال أناله رجاءه ، فريجع القهقهرى أبدا ، إىل وراء على أمه اهلاوية

ولوال أن طائفة نفرت إىل دار العلم ، وجاءت بلباب منه ، كاألصيلي و الباجي ، فرشت القلوب امليتة ، وعطرت أنفاس األمة الزفرة ، لكان الدين قد من ماء العلم على هذه

)1(".ذهب

منهج الدليل و : فهذه الطائفة من الفقهاء اليت ذكرها ابن العريب خطت منهجا خمتلفا هو .التأصيل ، و استقلت باالجتهاد ، وإن بقيت وفية ألصول مذهب مالك يف االستنباط

اجتاه التأصيل و الدليل ، وهو قليل ، : يف األندلس اجتاهنيوهكذا اجتهت املدرسة املالكية واجتاه الفروع و التقليد ، وهو الغالب ، الذي اجته إليه كثري من فقهاء املذهب املالكي

).)2ا

--------------------

.367-365العواصم من القواصم ، مصدر سابق ، ص -1

.117لكية باألندلس ، صالغلربوزي ، املدرسة املا -2

Page 219: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.الرد على دعوى التحجر و اجلمود يف املذهب املالكي: املبحث الثالث

.بيان بطالن هذه الدعوى: املطلب األول

لقد سبق البيان فيما مضى من املباحث األسس و املرتكزات اليت انطلق منها أصحاب هذه الدعوى يف رمي فقهاء املذهب املالكي باجلمود و التحجر على أقوال املذهب و

أن أصحاا : "-كما يذكر األستاذ عمر اجليدي-التعصب آلرائه ، ومرد هذه الدعوىم مل يطلعوا عليه بالقدر الذي يؤهلهم ألن يصدروا يف جيهلون تراث هذا املذهب ، أو أ

حقه الرأي الصائب ، ولو تتبعوا هذا التراث و اطلعوا على خفاياه ، و درسوا بعمق عقلية ، ولنفي هذه الدعوى و إبطاهلا يكفي ) 1("أصحابه ، كانوا سيغريون نظرم إىل هذا الفقه

:القول

كلهم جامدين متحجرين كما يزعم أصحاب هذه أن أتباع املذهب مل يكونوا: أوال الدعوى ، بل كان فيهم من يطور هذا الفقه و جيدده يف خمتلف مراحله اليت مر ا ، و يبدي رأيه يف أقوال صاحب املذهب ، فيأخذ مبا رآه صوابا ، و يرفض ما ثبت لديه ضعف

بال استثناء ، كما سنبينه فعلوا ذلك -كغريهم- مأخذه، و كبار فقهاء املالكية يف األندلسالحقا ، فمخالفة أتباع مالك إلمامهم ، و اخلروج على كثري من آرائه ، بدأت مع تالميذه،

.و استمرت يف تالميذهم ما انقطعت يف فترة من فترات تاريخ هذا الفكر

ويكفي للتأكد من ذلك مراجعة تراجم املالكية يف كتب الطبقات و الفهارس ، و كتب ع ، للوقوف على آرائهم و اجتهادام وكيف طوروا التشريع و جعلوه مسايرا الفرو

للمستجدات ، إذ كانوا يالحقون التطور الزماين بإجيادهم احللول املالئمة للحوادث و

--------------------

.150مباحث يف املذهب املالكي باملغرب ، ص -1

Page 220: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مع باستمرار ، و ذلك بقياسهم النظري على الوقائع اليت ترتل بالناس ، و تطرأ على اتالنظري، و إحلاقهم الفرع باألصل ، يعملون فكرهم يف النصوص ، و يستنبطون منها األحكام، يشهرون و يرجحون ، و يعطون حكما لكل قضية إما جريا مع املصلحة أو درءا

ا على األقوال ملفسدة ، أو متشيا مع الضرورة ، ومل جيمدوا على املنصوص ، وال حتجرواملشهورة يف املذهب كما زعم الزاعمون ، و لكنهم كانوا يفتون أحيانا بالقول الشاذ و الضعيف ، مىت رأوا املصلحة تقتضيه ، و تعذر عليهم الذهاب مع ما شهر من األقوال يف املذهب ، و أثبتوا بذلك أن الفقه املالكي مبا احتواه من أصول و قواعد صاحل ألن يليب

جات الناس ، و كفيل بإعطاء احللول لكل ما جيد من قضايا و نوازل ، ما دام هذا الفقه حاقد احتوى على قدر هائل من القواعد الكلية و املبادئ العامة اليت تندرج حتتها كل اجلزئيات

)1(.و التفصيالت

جبمودهم ما أوردوه من تعليل لوجهة نظرهم من أن فقهاء املالكية كانوا يريدون : ثانيا على املذهب احملافظة على الوحدة الدينية ال ينهض دليال على صحة هذا الرأي ، و ال يقوم حجة على صحة هذه الدعوى ، بل هناك من األدلة ما يرده و يبطله ، ذلك أن األندلس مل تكن خالية من املذاهب ، و ال كان األندلسيون جيهلوا ، فاملذاهب اإلسالمية كلها

األندلس ، و إن ظلت الغلبة للفقه املالكي باعتباره املذهب الرمسي للدولة ، فقد تعايشت يف )2(.....عرفت األندلس املذهب األوزاعي ، و الشافعي ، و الظاهري ، و الشيعي

وكذلك التعليل بأم كانوا يتزلفون للسالطني بالتزام املذهب رغبة يف املناصب كما ذكر

--------------------

.154اجليدي ، املصدر السابق ، ص -1

.150-149املصدر نفسه ، ص -2

Page 221: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ذلك ابن حزم ، باطل ، فقد اشتهر الفقهاء الوالة يف هذه الفترة باخلري و الزهد ، و الفضل و الصالح مع العفة و القناعة ، و البعد عن الرياسة و السلطان ، ورفضهم لقبول القضاء و

. ذلك كثريةالفرار منه ، و الشواهد على

أن ظاهرة التقليد و اجلمود وجدت يف املذهب املالكي كما وجدت يف غريه من : ثالثا املذاهب ، وهذه حقيقة قد أقر ا حىت فقهاء املذهب املالكي و اشتكوا منها كما سبق يف كالم ابن عبد الرب و ابن العريب و غريهم ممن حاربوا التعصب و اجلمود ، لكن من

ن جنعل ذلك خاصية من خصائص املذهب املالكي يف كل عصوره و أزمنته ، اإلجحاف أحنن أناس خليليون إن ضل ضللنا ، و :" وصفة الزمة لفقهائه ، فإن وجد يف املالكية من قال

و إن قاهلا مالك فلسنا له :" ، فقد وجد فيهم أيضا من قال )1("إن اهتدى اهتدينا )2(".مبماليك

على قدر واحد من التقليد و -بل علماء املذهب الواحد - اهبفلم يكن علماء املذ التمذهب ، بل كان هذا األمر فيهم على مراتب ، أدناها االنتماء ارد ، و أعالها التعصب املقيت ، فهناك فئة من الفقهاء انتمت إىل املذهب مع قوهلا بفروع عديدة خمالفة ملا يف

.املذهب

منع املالكية أئمتهم من اخلروج عن قواعد املذهب و أصوله يف ينبغي التفريق بني :رابعا الفتوى و العمل وبني التعصب و اجلمود ، فمنعهم اخلروج عن أصول املذهب وقواعده إمنا

هو محاية ملنصب الفتوى من غوائل الفوضى و اتباع الرخص ، و ضبط للفقه بضابط

--------------------

. 4/79ج:، احلجوي ، الفكر السامي) هـ958ت(القائل هو الناصر اللقاين -1

.263، نيل اإلبتهاج ، ص) هـ204ت(القائل هو أشهب-2

Page 222: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، أما إذا كان اخلروج عن املذهب لقوة الدليل ومن الفقيه املؤهل لذلك فهم ال )1(األصول مينعون ذلك و ال يعيبونه ، وقد وجد من فقهاء املذهب املالكي خمالفات كثرية آلراء فقهيةيف املذهب اتباعا لقوة الدليل ، مع التزامهم بأصول املذهب وقواعده ، و هللا در احلجوي

وأما عقيديت فسنية سلفية ، أعتقد : " -يترجم حلياته ، معربا عن منهجه الفقهي-عندما قال وخلفاؤه الراشدون ، -صلى اهللا عليه وسلم- عن دليل قرآين برهاين ما كان عليه النيب

)2(".ب ما قام الدليلمالكي املذه

عرف عنه تشربه باحلس النقدي سواء يف جمال رواية -رمحه اهللا-أن اإلمام مالك:خامسا كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إال صاحب هذا :" احلديث أو يف جمال الفتوى وهو القائل

الروح ، وقد تأثر تالميذه به يف ذلك كما سيأيت معنا بيانه ، ومما يدل على تأصل )3("القربالنقدية يف الفقه املالكي أم جعلوا النقد الفقهي أحد القواعد الفقهية اليت يقوم عليها

ال جيوز التعصب إىل املذاهب :قاعدة:"يف قواعده -رمحه اهللا-املذهب ، يقول املقريباالنتصاب بوضع احلجاج ، و تقريبها على الطرق اجلدلية مع اعتقاد اخلطأ، أو املرجوحية

4(".يب ، كما يفعله أهل اخلالف ، فاحلق أعلى من أن يعلى و أغلب من أن يغلبعند ا (

ويف املطلبني التاليني بيان هلذه الرتعة النقدية اليت عرف ا مالك و أخذها عنه تالميذه و .أتباع مذهبه ، مما يؤكد على بطالن دعوى اجلمود و التحجر لدى فقهاء املذهب

--------------------

.1/69عبد احلميد عشاق ، منهج النقد و اخلالف الفقهي عند اإلمام املازري ، مصدر سابق ، ج-1

، دار الكتب العلمية ، بريوت ، 1احلجوي ، الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي ، ط -2 .1/10م ، ج1995/هـ1416

.321، ص815:،رقم1979/هـ1399، دار الكتب العلمية بريوت ، 1السخاوي ،املقاصد احلسنة ،ط -3

.2/397املقري ، القواعد ، مصدر سابق ، ج-4

Page 223: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.-رمحه اهللا-الرتعة النقدية عند اإلمام مالك: املطلب الثاين

اليت عرفت ا - رمحه اهللا–إن من أهم و أبرز مالمح الرتعة النقدية عند اإلمام مالك ، فلقد كان للعمر الطويل الذي قضاه صفة التحري و النقد يف العلم : شخصيته العلمية هي

يف اإلفتاء و التدريس ورواية احلديث النبوي أثره يف بلورة منهج يف تقومي - رمحه اهللا-مالك :اجتهاده ، يقوم على املراجعة و إعادة النظر املستمرين و ذلك يف أمرين

.يف روايته للسنة النبوية اليت ضمنها موطأه:األول

)1(.و فتاويه يف اجتهاداته: الثاين

أما يف جانب رواية السنة فقد عرف عنه شدة حتريه و صرامة منهجه يف ذلك ، فإذا كان ، " إذا كتبت فقمش ، و إذا رويت ففتش:" من العبارات املشهورة عند أهل احلديث قوهلم

: لفإنه ميكن أن نرى هلذه القاعدة تطبيقا يف حياة اإلمام مالك ، فقد روى بعضهم عنه أنه قا، ولكنه مل يثبت أنه روى هذا القدر وال قاربه ، ذلك )2("كتبت بيدي مائة ألف حديث"

أنه ملا بلغ مرتبة التحديث كان أشد ما يكون يف التمييز و النقد للمرويات ، فال يروي من احلديث إال ما صح عنده ، وال حيدث إال عن ثقة ، وكان ذا أول من انتقى الرجال من

)3(.دينةالفقهاء بامل

--------------------

.374أبو زهرة ، تاريخ املذاهب اإلسالمية ، مصدر سابق ، ص-1

.1/57القاضي عياض ، ترتيب املدارك ، ج-2

.65اخلليفي ، االختالف الفقهي يف املذهب املالكي ، مصدر سابق ، ص -3

Page 224: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

هذا العلم دين فانظروا إن : "ولقد نصح مالك طالب العلم حني قال مبينا منهجه يف الروايةعند -صلى اهللا عليه وسلم-قال رسول اهللا:عمن تأخذونه ، لقد أدركت سبعني ممن يقول

فما أخذت عنهم شيئا ، و إن أحدهم لو ائتمن -و أشار إىل املسجد-هذه األساطني ، )1(".على بيت مال لكان أمينا ، إال أم مل يكونوا أهل هذا الشأن

ما كان أشد انتقاد مالك للرجال و أعلمه :" لك حىت قال ابن عيينةولقد اشتهر عنه ذ إمنا كنا نتبع آثار مالك و ننظر إىل الشيخ إن كتب عنه و إال :" ، وقال أيضا" بشأم )2(".تركناه

)4(".ما يعد مالك إال مثل نقاد بيت املال:" )3(وقال مفضل بن فضالة

ولذلك كانت له مراجعة دائمة ملوطئه ، فكلما أعاد روايته إال كان له فيه مراجعة وتنقيح، )5(بإسقاط بعض األحاديث و اآلثار ، و تغيري آرائه الفقهية اليت فيه ، فعن عتيق الزبريي

وضع مالك املوطأ على حنو من عشرة آالف حديث ، فلم يزل ينظر فيه سنة و يسقط :" قال )6(". بقي هذا ، ولو بقي قليال ألسقطه كلهمنه ، حىت

--------------------

.1/57ترتيب املدارك ، ج-1

.1/61املصدر نفسه ، ج -2

املفضل بن فضالة بن عبيد ، أبو معاوية القتباين ، أحد أهل الفضل و خيار الناس ، و أول من ويل القضاء مبصر إىل -3 .265- 1/264ج:ترتيب املدارك).هـ181(هـ، كان يفيت بقول مالك ، ت179سنة

.1/73ترتيب املدارك ، ج -4

عتيق بن يعقوب بن صديق الزبريي، أبو بكر، املدين، األسدي، القرشي، كان مالزما ملالك، كتب عنه املوطأ -5 .1/102ترتيب املدارك ، -6 . 3/173:ترتيب املدارك.هـ228وغريه، تويف سنة

Page 225: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كان علم الناس يف زيادة و علم مالك يف نقصان ، ولو عاش مالك :" قال )1(القطانوعن )2(".ألسقط علمه كله

)4(".بكثرة متييزه: مالك قل حديثه ، فقال : قلت البن معني:" )3(وقال ابن أيب حامت

ومل تكن صفة التحري و الضبط و النقد و املراجعة مقصورة على جانب علم احلديث من ته العلمية ، بل هي صفة متأصلة يف شخصيته ، ألننا إذا انتقلنا إىل جانبها الفقهي يف حيا

ميدان اإلفتاء ملسنا ذات الصفة ، فكان شديد التحري فيما يقول ، دائم املراجعة الجتهاداته و فتاويه كلما استجد له ما يقتضي إعادة النظر يف املسألة ، بإعمال دليل طارئ قوي عنده،

)5(.غاء دليل ظهر له ضعفهأو إل

رمبا وردت علي املسألة متنعين من الطعام و الشراب و النوم ، :" -رمحه اهللا- يقول مالك يا أبا عبد اهللا ما كالمك عند الناس إال كنقش يف احلجر، : )6(فيقول له عبد اهللا العمري

--------------------

هـ، مسع من هشام بن 120حيىي بن سعيد بن فروخ، القطان، اإلمام الكبري، أمري املؤمنني يف احلديث، ولد سنة -1 . 188-9/176:سري أعالم النبالء.عروة، وعطاء، روى عنه سفيان و شعبة

.1/102ترتيب املدارك ، -2

هـ، كان من العبادة و 240ولد سنة عبد الرمحن بن حممد بن إدريس بن املنذر ،الرازي، نسبة إىل الري، -3 .13/246:سري أعالم النبالء.هـ327الورع و احلفظ على جانب كبري، تويف سنة

.1/73ترتيب املدارك ، ج -4

.374أبو زهرة ، تاريخ املذاهب اإلسالمية ، ص-.65اخلليفي ، االختالف الفقهي ، ص -5

، العمري، املدين، احملدث، اإلمام الصدوق، أخو عامل املدينة عبد اهللا بن عمر ، أبو عبد الرمحن القرشي، العدوي-6 .341-7/340:سري أعالم.هـ171أبو عبيد اهللا بن عمر، تويف سنة

Page 226: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فمن أحق أن يكون كذا إال من كان : ما تقول شيئا إال تلقوه منك ، فأجابه مالك )1(".هكذا

اجلنة و النار ، من أحب أن جييب عن مسألة فليعرض نفسه قبل أن جييب على :"وقال )2(".وكيف يكون خالصه فيجيب

.ال أدري: وقد دفعه هذا التحري يف دين اهللا إىل اإلكثار من قول

وقد حتلي مالك بالرتعة النقدية منذ بداية طلبه و تلقيه العلم على يد شيوخه ، فلم يكن :" يقبل و يسلم بكل ما يتلقاه من شيوخه ، بل يفحصه و ميحصه ، يقول الشيخ أبو زهرة

وكان مالك يتلقى من هؤالء الشيوخ ، وال يزدرد ما يلقى ازدرادا ، بل يفحصه ، و و يرد بعضه ، وقد كان مع تقديره البن هرمز يفحص ما يقول و ميحصه، ويقبل بعضه

يناقشه فيه ، وقد كان هلذا خيصه ابن هرمز بكثرة احملادثات العلمية ، و يشركه فيها صاحبه نسألك فال جتيبنا ، و يسألك مالك و عبد : عبد العزيز بن أيب سلمة ، وقد قيل البن هرمز

دين ضعف ، وال آمن أن يكون قد دخل على عقلي مثل حل يف ب:" العزيز فتجيبهما؟ فيقولذلك ، و أنتم إذا سألتموين عن الشيء فأجبتكم ، قبلتموه ، و مالك وعبد العزيز ينظران

)3(".فيه، فإن كان صوابا قباله ، و إن كان غريه تركاه

ه رمح- وقد خلص علم فقهاء املدينة إىل مالك بن أنس:" ويقول الشيخ الطاهر بن عاشور و كانت زكانة رأيه ، و صالبة دينه ، وقوة نقده قد هيأت له بتوفيق اهللا تعاىل ذلك - اهللا

--------------------

.1/70ترتيب املدارك ، ج-1

.1/71املصدر نفسه ، ج-2

.374أبو زهرة ، املصدر السابق ، ص-3

Page 227: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".مقام الضبط ، و التصحيح ، و التحرير: املقام اجلليل

حريصا على غرس هذه الروح النقدية يف نفوس تالميذه و -رمحه اهللا–وقد كان مالك أتباعه ، فكان حيثهم على النظر و االجتهاد ، وينهاهم عن التعصب لرأيه ، ويدعوهم إىل متحيص ما يتلقونه عنه من العلم ، و عرضه على األصول ، و أن ال يقبلوا من العلم إال ما

إمنا أنا بشر :" األصول ، مهما عظمت مرتلة قائله ، ولذلك اشتهر عنه قوله كان موافقا هلذهأخطئ و أصيب ، فانظروا يف رأيي فكلما وافق الكتاب و السنة فخذوا به ، و ما خالف

)2(".الكتاب و السنة فاتركوه

-كل يوخذ من كالمه و يرد إال صاحب هذا القرب ، و أشار إىل قرب النيب:" وقال أيضا )3(".-ى اهللا عليه وسلمصل

وهكذا فقد كان هلذه الشخصية النقدية اليت متيز ا مالك و املنهج الذي اتبعه يف نقد الروايات و الفتاوى و تنقيحها ، كان لذلك األثر البالغ على تالميذه من بعده ، فقد تشربوا

.عنه هذا احلس النقدي كما يأيت بيانه يف املطلب التايل

--------------------

،دار السالم ، 1حممد الطاهر بن عاشور ، كشف املغطى من املعاين و األلفاظ الواقعة يف املوطأ ، ط-1 .8،ص2006/هـ1427القاهرة،

.1/72ترتيب املدارك ، ج-2

.321، ص815:السخاوي ، املقاصد احلسنة ،مصدر سابق ، حديث رقم -3

Page 228: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.د تالميذ اإلمام مالك و أتباع مذهبهالرتعة النقدية عن: املطلب الثالث

لقد ورث تالميذ اإلمام مالك عن إمامهم الفقه ، كما أم ورثوا عنه كثريا من الصفات املتعلقة بشخصيته العلمية ومنهجه العلمي ، ومن الصفات العلمية و املنهج العلمي الذي

نفوس تالميذ اإلمام مالك ، ورثوه عنه منهج النقد و التنقيح ، فقد سرت الروح النقدية يفو استمرت يف تالميذهم ما انقطعت يف فترة من فترات تاريخ املذهب املالكي ، ولذلك يعز أن توجد مسألة يف املذهب ليست حمل اختالف بني مالك و أصحابه ، أو بني أصحابه و

.تالمذم

قوله عن قول بنفسه قد اختلف - رمحه اهللا–فإن مالكا :" يقول الطاهر بن عاشور أصحابه و تالميذه ، و اختلف أصحابه و تالميذه فيما بني بعضهم و بعض يف مسائل فرعية كثرية ، حبيث إنه يعز أن توجد مسألة يف الفقه املالكي ليست حمل خالف بني مالك وواحد

)1(".من أصحابه ، من ابن القاسم أو ابن وهب أو غريمها

هـ328ت()2(ال كتبا كثرية ، فقد ألف أبو عبيد اجلبرييوقد ألف املالكية يف هذا ا (، كما ألف حيىي " التوسط بني مالك وابن القاسم فيما اختلفا فيه من مسائل املدونة"كتاب

املبسوطة يف اختالف أصحاب مالك "كتاب ) هـ303ت ()3(بن إسحاق بن حيىي الليثي

--------------------

.344ر سابق ، صاحملاضرات املغربيات ، مصد-1

قسم بن خلف ، أبو عبيد اجلبريي ، قاض أندلسي ، أصله من طرطوسة ، ولد وتفقه بقرطبة ، رحل إىل املشرق -2 .2/151:ابن فرحون، الديباج املذهب).هـ378(عاما ، ويل قضاء بلنسية و طرطوسة ، ت13فغاب

بالرقيعة ، مسع من أبيه ، ورحل إىل مصر فسمع حيىي بن إسحاق بن حيىي الليثي ، أبو إمساعيل القرطيب ، يعرف -3 .2/357:ابن فرحون، الديباج املذهب).هـ303(من أصبغ بن الفرج ، و بالعراق من إمساعيل القاضي ، ت

Page 229: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، وألف حيىي بن عمر الكناين، وهو من كبار علماء القريوان يف القرن الثالث " و أقوالهاختالف "ب ، و ألف ابن عبد الرب كتاب اهلجري، كتابا يف اختالف ابن القاسم و أشه

، بل امتد هذا االجتاه يف التأليف إىل أول عهد املتأخرين ، فألف " أقوال مالك و أصحابهرأي مالك : االتفاق و االختالف يف مذهب مالك ، وكتاب: )1()هـ361ت(اخلشين

)2(.الذي خالفه فيه أصحابه

ومن أبرز األمثلة على تشرب أصحاب مالك احلس النقدي مواقف اإلمام عبد الرمحن بن ، فقد وقف مستدركا و خمالفا لكثري من اآلراء اليت -أشهر تالميذ اإلمام مالك –القاسم

ذهب إليها شيخه كما دلت عليه مدونة سحنون ، وعارض مالكا يف مسائل بلغت من " يؤلف كتاب ) هـ378ت (القاسم بن خلف اجلبريي الكثرة حدا جعلت أبا عبيد

يف املسائل اليت اختلفا فيها من مسائل املدونة ، وهو جملد " التوسط بني مالك و ابن القاسمما يزال شاهدا ، وكان ذلك مثار خالف طويل و جدل حاد بني املالكية يف كون ابن

.القاسم هل هو جمتهد داخل املذهب أو جمتهد مطلق

فهذا عبد الرمحن بن القاسم و كان من أخص أصحابه و أكثرهم اتباعا :" ل اجلبريييقو لرأيه ، و تقليدا له فيما أشكل عليه ، وكان ال فوقه أحد عنده ، ومل يستسهل تقليده فيما

)3(".قام له الدليل على صحة القول به

--------------------

بن أسد اخلشين ، القرطيب ، نشأ بالقريوان مث رحل إىل األندلس ، تويف اإلمام احلافظ أبو عبد اهللا حممد بن حارث-1 .2/168:ترتيب املدارك.هـ361بقرطبة سنة

، 2003،دار الغرب اإلسالمي ،لبنان ، 1محيد حلمر،ط:ابن عبد الرب،اختالف أقوال مالك و أصحابه، حتقيق-2 . مقدمة احملقق-9ص

. 22-21، ص1426/2005،دار الضياء ، مصر،1فى باجو ،طمصط:التوسط بني مالك وابن القاسم ،تح-3

Page 230: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:" وقد شهد له قرينه يف العلم أشهب بقوة النقد و جودته فذكر القاضي عياض يف الترتيب رمحك اهللا يا عبد اهللا قد كنا نترك : وقف أشهب على قرب ابن القاسم فقال: قال بعضهم

)1(".كثريا خوفا من نقدك ، فسنهلك بعدك

كان خيالف شيخه مالكا يف كثري من –تلميذ مالك -أشهب بن عبد العزيز نفسه وهذا ، فقد ) و إن قاله مالك فلسنا له مبماليك:( آرائه فإذا عوتب يف ذلك قال قولته الشهرية

من حلف بعتق أمته أن ال يفعل كذا ، فولدت بعد اليمني و قبل احلنث؟ :" سئل يف مسألة و إن قاله مالك : يعتقون معها ، فقال: إن مالكا يقول: قيل لهال يعتقون معها ، ف: قال

)2(".فلسنا له مبماليك

وجلس أشهب يوما إىل ابن القاسم فسأله رجل عن مسألة ، فتكلم فيها عبد الرمحن " الشيخ يقوله ، : ليس هو كذلك ، فقال له ابن القاسم: فصعر له أشهب وجهه ، وقال

)3(".لو قاله ستني مرة: فقال أشهبعافاك اهللا ، يعين مالكا ،

وهو من تالمذة اإلمام ، ومن رواة موطئه ، ) هـ234ت(وهذا حيىي بن حيىي الليثي أنه ال يرى القنوت يف صالة الصبح و ال غريها ، اقتداء : خيالفه يف كثري من املسائل منها

بالليث بن سعد ، و خالفه يف األخذ باليمني مع الشاهد فلم ير القضاء به ، مرجحا يف ذلك عد أيضا ، وقضى بدار أمني إذا مل يوجد من أهل الزوجني حكمان ، ورأى رأي الليث بن س

)4(".كراء األرض مبا خيرج منها ، وكان ال يرى احلكمني

--------------------

.1/251ترتيب املدارك ، ج-1

.442م، ص 1989/هـ1389، كلية الدعوة، طرابلس، ليبيا، 1التنبكيت، نيل االبتهاج، ط-2

.1/312املصدر نفسه ،-4. 1/261املدارك ، جترتيب -3

Page 231: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف التعليق على املدونة أمثلة عدة " التنبيه على مبادئ التوجيه" وذكر ابن بشري يف كتابه و الذي مسعناه يف املذاكرات ، أن هذه :" على خمالفات تالميذ مالك ألقوال مالك مث قال

ه يف هذه املسائل ، و إن كانوا رواا ملا املسائل كلها ضعاف ، وقد خالفه كثري من أصحابصلى -فال تعتقد أن كل ما يف املدونة صحيح ، و إن يف حديث النيب... يرون من ضعفها ،

)1(".صحيح و سقيم-اهللا عليه وسلم

ومن األمثلة أيضا على التعامل النقدي ما صنعه اإلمام سحنون بن سعيد يف املدونة ، فقد ونة مذيلة بأحاديث صحيحة ختالفها لينبه على أنه خيتار غريها ، وقد كان خيرج فروع املد

حصل توتر بينه و بني أسد بن الفرات حيث امتنع أسد بن الفرات إمساع سحنون األسدية وحصل عليها فيما بعده عن غريه ، فدرسها و تكون لديه رأي و انتقادات عليها ، حيث

ا ، وعدم تذييلها باآلثار ، وعدم مقابلتها الحظ ضعف عزو رواا ، و اختالط مسائلهبأصول ابن القاسم اليت مسعها من مالك ، فرحل إليه ا و راجع معه مسائلها ، ليحقق نقوهلا ، و ليتيقن عزو مسائلها طرحا للشك ، و دفعا لالشتباه ، فأجرى عليها بعض

املدونة ، ومن مث ميكن أن التغيريات ، وهنا مرت األسدية باملرحلة الثانية و أصبحت تعرف بنعد عمل سحنون يف ذيب األسدية و تبويبها و تصحيحها عمال نقديا باملفهوم الفقهي

)2(.للنقد

وهؤالء أتباع مذهبه من األندلسيني برغم ما عرف عنهم من شدة التمسك مبذهب مالك

--------------------

علياء هاشم املشهداين، -. 1/11قهي عند اإلمام املازري ، جعبد احلميد عشاق ، منهج النقد و اخلالف الف-1 .37فقهاء املالكية دراسة يف عالقام العلمية باملغرب و األندلس،أطروحة دكتوراه ، جامعة املوصل ، العراق ،ص

185،ص1428/2007،دار ابن حزم ،لبنان،1حممد بلحسان،ط:ابن بشري،التنبيه على مبادئ التوجيه،حتقيق-2

Page 232: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

التعصب له إال أن ذلك مل مينعهم من خمالفته يف كثري من املسائل ، بل لقد بلغ من و برسالة فيما شذوا فيه ، وضجر الباجي من كثرة )1(خمالفتهم له أن رد عليهم األصيلي

ال أعلم قوما أشد خالفا على مالك من أهل األندلس ، ألن مالكا ال :" خمالفتهم ملالك فقال، و ذكر ذلك احلافظ ابن عبد الرب عندما )2(" وهم ال يعتمدون غري ذلك جييز تقليد الرواة

)3(".وكم هلم من خالف أصول مذهبه ، مما لو ذكرناه لطال الكتاب بذكره:" قال

:يف أربع مسائل وهي -رمحه اهللا-خالف أهل األندلس مذهب مالك :" )4(قال ابن هشام

، و أجازوا كراء األرض باجلزء مما خيرج و ال بالشاهد و اليمني- أال حيكموا باخللطة بمنها ، وهو مذهب الليث بن سعد ، وأجازوا غرس الشجر يف املساجد ، وهو مذهب

.األوزاعي

:وخالفوا ابن القاسم يف مثان عشر مسألة وهي

مراعاة الكفاءة يف النكاح يف املآل و احلال ، و إن ما التزمته نفسها يف اخللع من نفقة ابنها مل يول عليه ، قاله مالك وهو دليل قوله يف كتاب املديان ، فيمن ابتاع منه أو باع فهو بعد

مردود ، و أجازوا التفاضل يف املزارعة إذا سلم املتزارعان من كراء األرض بالطعام أو ببعض

--------------------

ا، طلب العلم باآلفاق، تفقه بقرطبة، ورحل عبد اهللا بن إبراهيم بن حممد األصيلي، أبو حممد، ولد بأصيال و نشأ -1 .244-2/241:ترتيب املدارك. هـ292إىل املشرق، انتهت إليه رئاسة املالكية باألندلس، تويف سنة

.2/396املقري، القواعد ، مصدر سابق ، -2

.2/328جامع بيان العلم و فضله ، -3

القاضي أبو الوليد هشام بن عبد اهللا بن هشام، األزدي، املالكي، من أهل قرطبة ، وصاحب األحكام ا، تويف -4 . 8/88الزركلي، األعالم،.هـ606سنة

Page 233: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ما خيرج منها قاله عيسى بن دينار ، و ال تنعقد املزارعة إال بالشروع يف العمل قاله ابن حىت يصري لكل واحد من الشركاء من البيوت ما ينتفع كنانة ، ومل جييزوا القسمة يف البيوت

به و يستتر فيه عن صاحبه ، وأوجبوا الشفعة فيما ال ينقسم قاله مالك ، و أوجبوها يف األموال املوظفة ، ومل جييزوا احلميل باحلق إال بشاهدين قاله سحنون ، و أوجبوا احلميل

ز عنه و كانت البينة غائبة سجن قاله على من ال تعرف عينه البينة على عينه ، و إن عجأشهب ، ومنها الشئ املستحق يدخل يف ضمان املستحق منه وتكون له الغلة و جيب توقيفه وقفا حيال بينه و بينه إذا ثبت بشاهدين ، ومل جييزوا الشهادة على خط الشاهد إال يف

، و أوجبوا القسامة مع شهادة األحباس املعقبة ، قاله مالك يف املوطأ و قاله الغري يف املدونة غري العدول مع اللفيف ، ومل جييزوا الشهادة على خط الشهادة إال يف األحباس املعقبة املوقوفة إذا اقترن ا السماع الفاشي ، ومنعوا من النظر ألوالد حمجورة إال بتقدمي مستأنف،

ا إىل القبلة قاله ابن و أوجبوا على احلالف إذا وجبت عليه اليمني أن حيلف قائما متوجه )1(".املاجشون

وعلى هذا السنن سار أئمة املذهب وخباصة بعد القرن اخلامس اهلجري من أمثال اللخمي، و املازري ، وابن بشري ، وابن رشد ، و القاضي عياض ، و ابن عبد الرب ، و ابن

قة النقدية ، فهؤالء سلكوا طريقة جديدة يف احلكم وهي الطري...." العريب ، وغريهمفصاروا يتصرفون يف الفقه تصرف تنقيح ، وينتصبون يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم

الذي يقضي بأن هذا مقبول ، وهذا ضعيف ، وهذا غري مقبول ، وهذا ضعيف السند يف

--------------------

خدمة التراث، القاهرة، ، مركز نيجبويه للمخطوطات و 1عبد القادر بوجلخة ،ط:مفيد احلكام ، حتقيق -1 .2/720م، 2012/هـ1433

Page 234: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

النقل ، وهذا ضعيف النظر يف األصول ، وهذا مغرق النظر يف األصول ، وهذا حمرج للناس )1(".أو مشدد على الناس ، إىل غري ذلك

فهذه بعض األمثلة اليت تبني بوضوح مبا ال يدع جماال للشك أن املذهب املالكي منذ مبدأ النقد ، و التحرر الفكري ، و االستقالل يف الرأي و االجتهاد ، وليس تأسيسه قام على

.مذهب مجود و حتجر

--------------------

.73احملاضرات املغربيات ، مصدر سابق ، ص-1

Page 235: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.التطور التارخيي للنقد الفقهي يف املذهب املالكي وعوامله: املبحث الرابع

.النقد الفقهي يف املذهب املالكي نشأة:املطلب األول

يعترب بعض الباحثني ممن كتب يف تاريخ املذهب املالكي و تطوره النقد الفقهي مرحلة متأخرة من مراحل تطور املذهب ، ظهرت بعد استقرار املذهب و تطوره ، وأن النقد

الفاضل بن عاشور الفقهي مل يوجد يف املذهب املالكي قبل هذه املرحلة ، ويبدو أن األستاذ تطور "يف حماضرته املوسومة بـ" احملاضرات املغربيات" هو أول من أشار إىل ذلك يف كتابه

: حيث قسم تطور املذهب إىل مخسة أدوار كما اصطلح على ذلك ، وهي" املذهب املالكي

دور التأصيل ، دور التفريع ، دور التطبيق ، دور النقد والتنقيح ، دور اجلمع و )1(.صاراالخت

مباحث يف املذهب املالكي " و اقتبس هذا التقسيم الدكتور عمر اجليدي يف كتابه مرحلة التأصيل ، مرحلة التفريع ، : لكنه اقتصر على ذكر أربع مراحل فقط وهي" باملغرب

مرحلة التطبيق ، مرحلة التنقيح و النقد ، لكنه أشار إىل املرحلة األخرية وهي مرحلة اجلمع لقد مر املذهب املالكي :" حديثه عن مرحلة التنقيح ، فيقول يف ذلك و االختصار ضمن

مرحلة -مرحلة التطبيق ، د- مرحلة التفريع ، ج- مرحلة التأسيس ، ب- أ: مبراحل أربع )2(".التنقيح و النقد

)3(:مث يفصل يف هذه املراحل كما يلي

--------------------

.و ما بعدها 62احملاضرات املغربيات ، ص -1

.48-47املصدر السابق ص -3 . 47مباحث يف املذهب املالكي باملغرب ، ص -2

Page 236: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهي مرحلة تأصيل قواعد هذا املذهب على يد صاحبه مالك بن أنس، : مرحلة التأصيل-1الذي عمل على متهيد الطريق ملن جاء بعده ، و ذلك بتأصيل األصول ، و تقعيد القواعد ،

.الذي سلكه األتباع من بعدورسم املنهج العام

وتبتدئ من اية القرن الثاين اهلجري و تستمر إىل منتصف القرن : مرحلة التفريع-2الثالث، ويف هذه املرحلة توسع نفوذ املذهب ، و امتد إىل العراق و مصر و إفريقية و

ملالكية ، و األندلس ، على يد تالميذ اإلمام مالك الذين تكونت م و على أيديهم املدرسة اأصبح هلا منظرون يف املذهب ، يفرعون املسائل اجلزئية على ما أصله اإلمام يف األحكام

كاملدونة و الواضحة و العتبية :العملية ، و بدأ التدوين على نطاق واسع ، فظهرت األمهات .، واتسعت املسائل ، و كثرت التفريعات...و املوازية

صف القرن الثالث اهلجري ومتتد إىل أواسط القرن وتبتدئ من منت: مرحلة التطبيق-3اخلامس ، و تتميز بدراسة املسائل اليت ضمتها املدونات اجلامعة اليت سبق ذكرها ، حبيث أصبح فقهاء هذا الدور يوازنون بني تلك املسائل ، و مييزون بعضها عن بعض ، رابطني

قع االتفاق و االختالف بني تلك األصول بالفروع ، ملحقني الشبيه بالشبيه ، ضابطني موااألقوال ، مضيفني إليها ما استجد بطريق القياس ، مدرجني إياها حتت الكليات اليت قررت، والقواعد اليت ضبطت ، وهذا ما يسمى عندهم باجتهاد املسائل ، أي تطبيق األقوال على

.ختصار و الشرحاحلوادث ، وعكفوا على خدمة املصنفات السابقة ، بطريقة التهذيب و اال

أي متحيص أقوال املذهب املتسربة من العصور السابقة ، واعتبار : مرحلة النقد و التنقيح-4الدليل األقوى منها رواية و دراية ، فأهم تطور سجل يف هذه املرحلة ظهور حركة نقدية

دا يف على أقوال املتقدمني ، بقصد إخضاعها للنقد و التمحيص بطريقة مغايرة ملا كان سائالسابق ، مما تولد عنه ج جديد يف ميدان نقد الفقه ، ومن أبرز أعالم هذه احلركة النقدية

Page 237: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

اإلمام اللخمي الذي كان له تأثري واضح فيمن جاء بعده كاملازري و ابن بشري و ابن رشد ، وغريهم ممن سلك مسلكه يف طريقة نقد الفقه ، فنقحوا ما ...اجلد و القاضي عياض

تنقيحه من املسائل الفقهية ، و أولوا بعض الروايات حاكمني بذلك على صحة أمكنهم .بعضها ، وضعف البعض اآلخر

فيبدو من خالل هذا الطرح و التقسيم املرحلي لتطور املذهب على رأي الدكتورين الفاضل بن عاشور و عمر اجليدي ، أن ظهور النقد الفقهي يف املذهب املالكي كان متأخرا

احلركة النقدية يف املذهب مل تكن مرافقة للمراحل األوىل لنشأة املذهب و تأسيسه ، و وأن إمنا جاءت كمرحلة خامتة بعد استقرار املذهب و رسوخه ، وهذا بداية من منتصف القرن اخلامس اهلجري إىل منتصف القرن السادس ، ومؤسس هذه الطريقة النقدية هو اإلمام أبو

و إذا حنن نظرنا إىل هؤالء اخلمسة القرويني ، :" الدكتور بن عاشور احلسن اللخمي ، يقولو األربعة األندلسيني ، و الثالثة العراقيني ، و الواحد املصري ، الذين أخذناهم مثاال هلذا

يتبني لنا أن واحدا من بينهم هو املتأخر عن مجيعهم زمانا قد بدأ يدخل ] دور التطبيق[الدور ذي ساروا عليه يف دراسة الفقه من منتصف القرن الثالث إىل منتصف على هذا املنهج ال

القرن اخلامس ، بدأ يدخل عليه نزعة جديدة وهو اإلمام أبو احلسن اللخمي فهو الذي ابتدأ وتكون باإلمام اللخمي اإلمام أبو عبد اهللا .....، ] ينتقد األقوال يف املذهب[ يتصرف

اصرته من الفقهاء الذين نستطيع أن نذكر منهم على سبيل املازري ، فكان مع احللبة اليت عوهم املازري و ابن بشري و ابن رشد الكبري و القاضي عياض ، فهؤالء : املثال الواضح أربعة

هم الذين سلكوا طريقة جديدة يف خدمة احلكم هي الطريقة النقدية اليت أسس منهجها )1(".اإلمام أبو احلسن اللخمي

--------------------

.73املصدر السابق ، ص-1

Page 238: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و أهم تطور حصل يف هذا الطور ، هو متحيص األقوال :" ويقول الدكتور اجليدي املتسربة من العصور السابقة ، هذا التطور الذي حصل على يد أيب احلسن اللخمي صاحب التبصرة و أبرز فقهاء هذا العصر إذ بدأ خيضع أقوال املتقدمني للنقد و التمحيص بطريقة

)2(".السابق ، فجاء يف هذا مبنهج جديد يف ميدان نقد الفقه مغايرة ملا كان سائدا يف

ويل على هذا الرأي و الطرح مالحظة ، فالذي استنتجته كباحث يف املوضوع أن عملية النقد الفقهي ظهرت يف املذهب املالكي مع بداية تأسيس املذهب و الشواهد على ذلك كثرية كما سيأيت بيانه ، فقد كان لتالميذ اإلمام مالك عدة استدراكات و انتقادات على

ة ، كما كان هلم انتقادات و ردود على فقهاء املذاهب األخرى ، لكن أقواله و آرائه الفقهيو مل يربز كاجتاه يف املذهب إال بعد استقرار املذهب و -النقد الفقهي–مل يتميز هذا العمل

رسوخه ، فقد كان النقد الفقهي قبل بروز هذا االجتاه عبارة عن آراء و مواقف متناثرة و الكي ، لكنه متيز بعد ذلك كاجتاه خاص يف املذهب يعىن بنقد متشتتة يف مدونات الفقه امل

اآلراء الفقهية له منهجه و مؤلفاته و أعالمه من الفقهاء الذين برزوا يف ذلك ، وهذا من ومن تأثر بطريقته من " التبصرة" خالل العمل الذي قام به أبو احلسن اللخمي يف كتابه

.الفقهاء كاملازري و ابن بشري و غريهم

فاخلالصة أن ظهور النقد الفقهي يف املذهب املالكي كان منذ بداية تأسيس املذهب ، لكن متيزه و بروزه كاجتاه و حركة منظمة يف املذهب هلا منهجها و أعالمها مل يكن إال بعد القرن اخلامس اهلجري ، ولعل هذا هو الذي قصده الدكتوران الفاضالن يف حديثهما عن

.ب املالكي مراحل تطور املذه

--------------------

.48املصدر السابق ، ص -1

Page 239: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد الفقهي يف مرحلة تأسيس املذهب: املطلب الثاين

رمحه –لقد ظهرت أوىل بوادر النقد يف املذهب املالكي مع مؤسس املذهب نفسه مالك ملا متيز به من احلس النقدي يف شخصيته العلمية ، ومنهجه القائم على املراجعة و - اهللا

قال - رمحه اهللا–الفحص الدائمني الجتهاداته و فتاويه ، فقد ذكر القاضي عياض أن مالكا ال تكتب فإين ال أدري أثبت عليها أم :" ألشهب وقد رآه يكتب جوابا له على مسألة

ك كانت له مراجعة دائمة ملوطئه ، فكلما أعاد روايته إال كان له فيه مراجعة ، ولذل)1("ال .وتنقيح ، بإسقاط بعض األحاديث و اآلثار ، و تغيري آرائه الفقهية اليت فيه

هذا على مستوى النقد الداخلي أعين مراجعته الجتهاداته و آرائه الفقهية اخلاصة ، و أما فقد عرف عنه منذ بداية طلبه انتقاده آلراء شيوخه و - اء غريهأي نقده آلر-النقد اخلارجي

فحصه ملا يتلقى عنهم كما شهد له بذلك شيخه ابن هرمز ، ويف بيان هذا اجلانب يقول وكان مالك يتلقى من هؤالء الشيوخ ، وال يزدرد ما يتلقى ازدرادا ، بل :"الشيخ أبو زهرة

، وقد كان مع تقديره البن هرمز يفحص ما يفحصه ، و ميحصه، ويقبل بعضه و يرد بعضهيقول و يناقشه فيه ، وقد كان هلذا خيصه ابن هرمز بكثرة احملادثات العلمية ، و يشركه فيها

نسألك فال جتيبنا ، و يسألك مالك : صاحبه عبد العزيز بن أيب سلمة ، وقد قيل البن هرمزوال آمن أن يكون قد دخل على حل يف بدين ضعف ، :" و عبد العزيز فتجيبهما؟ فيقول

عقلي مثل ذلك ، و أنتم إذا سألتموين عن الشيء فأجبتكم ، قبلتموه ، و مالك وعبد العزيز )2(".ينظران فيه، فإن كان صوابا قباله ، و إن كان غريه تركاه

--------------------

.1/73ج:ترتيب املدارك-1

. 374تاريخ املذاهب اإلسالمية ، مصدر سابق ، ص -2

Page 240: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهكذا كان مالك ينتقد اآلراء الفقهية ملن عاصرهم من الفقهاء ومن ذلك رسالته املشهورة اليت كتبها لليث بن سعد ينتقد فيها فتاويه و خروجه على عمل أهل املدينة فقد جاء فيها

بأشياء خمالفة ملا عليه مجاعة الناس عندنا ، واعلم رمحك اهللا أنه بلغين عنك أنك تفيت:" قولهو ببلدنا الذي حنن فيه ، و أنت يف إمامتك و فضلك ، و مرتلتك من أهل بلدك ، وحاجة من قبلك إليك ، و اعتمادهم على ما جاءهم منك ، حقيق بأن ختاف على نفسك ، و تتبع

)1(".ما ترجو النجاة باتباعه

باع مذهبه فإن اإلرهاصات األوىل يف هذا اال تعود إىل وأما من جانب تالميذه و أت - حسب املعطيات املتوافرة حلد اآلن-زمن مبكر من مرحلة تأسيس املذهب ، ولعل أقدمها

أحد التالمذة الكبار لإلمام ) هـ191ت(تلك اليت ظهرت على يد عبد الرمحن بن القاسمو خمالفات لشيخه مالك يف كثري من مالك بن أنس ، فقد كانت له استدراكات و تعقيبات

وغريها ) هـ240ت(فروع املذهب ، كما تشهد بذلك املدونة الكربى لسحنون بن سعيد .من املصادر األوىل للفقه املالكي

" اخليار"ومن األمثلة على انتقادات ابن القاسم آلراء مالك و اجتهاداته ما جاء يف كتاب ال مالك يف الرجل يشتري من الرجل من حائطه مثر أربع ق: قال ابن القاسم :" من املدونة

".خنالت خيتارها ، أو من ثيابه ثوبا ، أو من غنمه شاة خيتارها ، ذلك جائز

وما رأيت أحدا من أهل املعرفة يعجبه :"فعقب ابن القاسم بقوله منتقدا رأي اإلمام مالكرأيته حني كلمته يف ذلك قول مالك يف ذلك ، فال يعجبين أيضا الذي قال مالك ، وما

يعين-ما أراها: عنده حجة ، ولقد أوقفين فيها حنوا من أربعني ليلة ينظر فيها ، مث قال يل

--------------------

.22-1/21ترتيب املدارك ، ج-1

Page 241: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إال مثل الغنم يبيعها الرجل على أن خيتار منها عشرة شياه ، فلم يعجبين ألن الغنم -النخيل )1(". بأس به متفاضال ، و التمر بالتمر ال خري فيهبعضها ببعض ال

فهل : ال ، قلت:هل تقسم اآلبار يف قول مالك؟ قال: قلت ":" القسمة"وجاء يف باب أما يف قول مالك فنعم ، و أما أنا فال أرى ذلك ، ألن : تقسم املواجل يف قول مالك؟ قال

على " ماجل"ن لكل واحد منهما يف ذلك ضررا إال أن يكون الضرر إن اقتسماه ، ويكو )2(".حدة ينتفع به ، فال أرى به بأسا

املسائل اليت خالف "التوسط بني مالك و ابن القاسم :" يف كتابه املشهور وقد مجع اجلبريي . فيها ابن القاسم مالكا وانتقده فيها يف املدونة فبلغت أربعا و أربعني مسألة

مناذج عن انتقادات تالميذ " التنبيه على مبادئ التوجيه" كما ذكر ابن بشري يف كتابه اإلمام مالك آلرائه و خمالفتهم له ، ليوضح جبالء حترر املالكية ، و متسكهم باآلراء الراجحة، وخمالفة اآلراء املرجوحة ، ولو كانت آراء اإلمام نفسه ، وهذا نص كالمه أسوقه كامال

و الذي مسعناه يف املذاكرات ، أن هذه املسائل كلها :"ته و نفاسته ، يقول ابن بشريألمهيضعاف ، وقد خالفه كثري من أصحابه يف هذه املسائل ، و إن كانوا رواا ملا يرون من

أكره حفر بيوت اجلاهلية ، وقبورهم للطلب : ضعفها ، فروى أشهب عن مالك أنه قالحفر قبورهم ، وفتشهم ، وأخذ سلبهم ، وليست حرمتهم بل جيوز: فيها، وقال أشهب

.موتى أعظم من حرمتهم أحياء

وقد قال مالك يف الذي حيلف بطالق كل امرأة يتزوجها ، إىل ثالثني سنة ، مث خياف

--------------------

-2 . 3/233م ، ج1995/هـ1415، دار الكتب العلمية، بريوت، 1املدونة الكربى ، ط-1 .307ص/ 3املصدر نفسه ،ج

Page 242: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إن تزوج طلقت عليه ، وبه قال املاجشون ، : جيوز له أن يتزوج ، قال ابن نافع: العنتلست آخذ فيه بقول مالك ، فله أن يتسرى ، وهو لو خص بلدا أو قبيلة لزمه ، : وقال

.وكذلك إذا خص زمانا يبلغه غريه

ال تطلق عليه ، و لكنها : لبتة ، وقال ابن وهبمن باع امرأته ، طلقت عليه ا: وقال مالك إن طاوعته على البيع وهي رشيدة و أقرت أن مشتريها وطئها طائعة رمجت ، وإن ادعت

: تطلق طالق اخللع ، وقال أصبغ بن الفرج: اإلكراه صدقت ، وقال ابن القاسم و ابن نافع .فهي ثالث تطليقات إن باعها من أهلها فهي طلقة خلع ، و إن باعها من غريهم ،

من قال لرجل أو امرأة ، دلين على من يشتري مين جارييت ولك كذا ، فيدله : وقال مالك : فإنه يلزمه ما مسي له ، و إن قال دلين على امرأة أتزوجها ولك كذا وكذا بذلك ، قال

ال :ونالشيء له ، ألن النكاح ال بيع فيه ، وال إكراه ، وبه قال ابن القاسم ، وقال سحن .أقول به ، بل يلزمه ، ألن املؤمنني عند شروطهم

وقال مالك يف رجل يكون له على رجل دينار قرضا ، فيأخذ منه سدس دينار ، أو يأخذ منه عند األجل به درهم ، إن ذلك جائز ، وكذلك إن أخذ بنصفه أو ثلث عرضا جاز ،

أرى أنه يصري ذهبا وورقا بذهب و : لفإن أخذ مبا بقي من الدينار درمها ، فال خري فيه ، قا .عرضا بذهب

بل جيوز أن يأخذ باقيه ذهبا ، فإنه بعض ديناره ، فإنه قد كان بقي له من : وقال أشهباجلزء ، وأخذه إذا مل يكن ذلك بالشرط عند التبايع ، وكذلك يف أخذ العوض باجلزء ، و

.لكن يف عقد األول مشروطالدراهم جبزء آخر ، فإن ذلك مل يكن يف صفقة واحدة ، و

ال أرى به بأسا و ال : أكره أن يكون ولد الزنا إماما راتبا ، وقال ابن نافع: قال مالك ].احلجرات-13[)ماكقتاهللا أ دنع مكمركأ نإ:( أدري فإن اهللا تعاىل قال

Page 243: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

من سرق من بيت مال املسلمني ، تقطع يده ، و إن كان له فيها سهم ، وقال : قال مالك احلق ما قال : ال تقطع عليه حىت يسرق فوق سهمه بربع دينار ، وقال سحنون: عبد امللك

.عبد امللك ، إذا كان له زيادة ربع دينار على حظه من ذلك املسروق منه

أا مىت ما طلبت الذي أعطته ، فهي امرأته كما كانت، من خلع امرأته على: وقال مالك يفرق بينهما و ال يتناكحان أبدا ، ألنه : فطلبت ذلك فرده إليها ، وراجعها مث أصاا ، قال

سألت عنها غري واحد : نكحها يف عدا منه ، رواه أشهب عن مالك ، قال حممد بن املواز .، وال حيرم عليه التأبيدمن أصحاب مالك ، وكلهم يقول ال نأخذ به

وقال مالك يف الرجل يبتاع عشر خنالت ، خيتارها من حائط البائع ، فذلك جائز، وقال .ما رأيت أحدا من أهل املعرفة يعجبه قول مالك وال يعجبين: ابن القاسم

أرى أن يقسم البيت الصغري و إن مل يقع ألحدهم ما ينتفع به ، و كذلك : وقال مالك ).مما قل منه أو كثر:(القليلة ، و الدكان الصغري و احلمام ، وكل شيء ، لقوله تعاىلاألرض

وأنا ال أرى ما مل ينقسم إال بضرر من أرض ، أو دار ، أو محام ، مل ينقسم : قال ابن القاسم . إال حبيث أن يظهر لكل واحد منهم ما ينتفع به على طريق االستقالل ، فيقسم ، و إال فال

وهذا قول مجيع الرواة من أصحاب مالك إىل غري ذلك مما يكثر تتبعه،فال تعتقد أن : قالمث )1(".صحيح و سقيم-صلى اهللا عليه وسلم-كل ما يف املدونة صحيح،و إن يف حديث النيب

فهذه النماذج اليت ذكرها ابن بشري لالنتقادات اليت وجهت لبعض اجتهادات اإلمام مالك و آرائه الفقهية يف خمتلف املسائل من طرف تالميذه تؤكد على االنطالقة املبكرة للنقد

--------------------

.187-1/185بنان، ج،دار ابن حزم،ل1حممد بلحسان،ط:ابن بشري،التنبيه على مبادئ التوجيه،حتقيق-1

Page 244: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.الفقهي يف جمال نقد الفروع الفقهية للمذهب منذ مرحلة التأسيس

كما كانت املصنفات الفقهية األوىل يف هذه املرحلة حمال للدراسة و النقد و يربز يف هذا كمثال واضح على ذلك ، ) هـ213(لصاحبه أسد بن الفرات" األسدية" اال كتاب

وان من أصحاب مالك فأنكروا ما فيها ، إذ وجدوا فيها حيث عرضها على أهل القريجئتنا بأخال ، و أظن ، و :" عبارات و مسائل ال تنسجم مع مذهب مالك و أصوله فقالوا

)1(".أحسب ، وتركت اآلثار ، وما عليه السلف

، فلم -وكان أسد بن الفرات قد امتنع عن إمساعه إياها-وملا وقعت األسدية عند سحنون ه كبقية أصحاب مالك ، حيث درسها و تكون لديه رأي و انتقادات عليها ، فرحل إىل ترق

وعاد بالرواية املصححة حيث هذا و نسقها تنسيقا " األسدية" ابن القاسم فراجع معه، و أحلق ا من خالف كبار -وقد كانت قبل ذلك خمتلطة األبواب- جديدا ، وبوا

يل أبواا باحلديث و اآلثار ، ومن مث ميكن أن نعد أصحاب مالك ما اختار ذكره ، و ذ )2(.و تبويبها و تصحيحها عمال نقديا" األسدية"عمل سحنون يف ذيب

أما يف اجلانب الثاين من جوانب النقد الفقهي ، وهو النقد اخلارجي للمذاهب األخرى ، نتقادات ، وخباصة من فقد تعرض املذهب املالكي منذ نشأته حلملة واسعة من الردود و اال

حملمد بن احلسن الشيباين ، و" احلجة على أهل املدينة"جهة األحناف و الشافعية ، ككتاب لإلمام الشافعي ، ورسالة الليث بن سعد " الرد على مالك فيما خالف فيه السنة"كتاب

املشهورة إىل اإلمام مالك ، وهذا ما دفع أئمة املالكية من خمتلف مدارس املذهب للرد ونقد

--------------------

.2/273ترتيب املدارك ، ج-1

.1/11عند املازري ، مصدر سابق ، ج عبد احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي-2

Page 245: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الرد على الشافعي و "كتاب يف ) هـ256(هذه املذاهب أيضا ، فلإلمام حممد بن سحنون، " الرد على الشافعي"كتاب يف ) هـ269ت(، ولعبد اهللا بن احلكم املصري" أهل العراق

)1(".افعيالرد على الش"كتاب أيضا يف ) هـ282(وإلمساعيل بن إسحاق القاضي البغدادي

--------------------

،مركز الدراسات و إحياء التراث ، 1حممد العلمي ،ط :حتقيق ابن أيب زيد القريواين ، الذب عن مذهب مالك ، -1 مقدمة التحقيق.45-1/36م، ج2011/هـ1432املغرب ،

Page 246: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.ظهور االجتاه النقدي يف املذهب املالكي: املطلب الثالث

دخل املذهب املالكي بعد مرحلة التأسيس يف مرحلة جديدة هي مرحلة التطور ، حيث عرفت هذه املرحلة نشاطا فقهيا كثيفا ناسب التوسع الذي عرفه املذهب ، إذ انصبت جهود الفقهاء املالكية على جتميع فروع املذهب و التخريج عليها ، و تطبيق هذه الفروع على

فتشكلت بذلك مادة فقهية غزيرة ، وحيث إن هذه املادة كانت نتيجة املسائل املستجدة ، اجتهادات فقهاء املذهب فإا كانت حتتاج إىل النظر و التمحيص و الدراسة ملعرفة مدى انسجامها مع منهج اإلمام مالك و أصوله ، فكان من املفروض أن يشهد النقد الفقهي يف

ر املادة الفقهية ، للعالقة املطردة بينهما ، حيث إن هذه املرحلة تطورا أيضا يتماشى مع تطوموضوع النقد الفقهي هو املادة الفقهية ذاا فكلما زادت املادة الفقهية البد أن يزيد معها

. مستوى النقد الفقهي

لكن غلبة التقليد و شيوعه وانتشار التعصب يف هذه املرحلة حال دون تطور االجتاه النقدي، كان للتقليد و التعصب من آثار سيئة و خطرية على املنهج الفقهي عموما حىت و ال خيفى ما

، الذي قضى على روح االجتهاد و االستقالل الفكري ، )1("املنهج اجلمودي" وسم بـوقضى على الروح النقدية اليت تعترب مسة ومؤشرا مهما يدل على مدى تطور الفكر

رحلة األوىل لتأسيس املذهب ، و لذلك كانت االجتهادي يف املذهب كما ظهر ذلك يف املاجلهود املبذولة من تالمذة اإلمام و أتباعه األوائل يف جمال النقد الفقهي تعد ممارسة عادية ، باعتبار أن روح االجتهاد كانت ما تزال يومئذ سارية يف العطاء الفقهي على العموم لكن مع

.، و الفتا لألنظار، و مثريا للتساؤالت شيوع التقليد أصبح من يعىن بذلك ملحوظا عليه

--------------------

.135حممد التمسماين ، منهجية مالك األصولية ، مصدر سابق ، ص -1

Page 247: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

-النقد الداخلي لفروع املذهب-وعلى الرغم من ذلك كله ظل هذا النوع من النقد ب األحيان ، ومل ينقطع ميارس لدى عدد كبري من فقهاء املذهب ، و بشكل تلقائي يف غال

سريان الروح النقدية عند الفقهاء يف هذه املرحلة وخباصة العراقيني منهم ، فقد عرف النقد الفقهي تطورا ملحوظا عند فقهاء هذه املدرسة كأيب بكر األري ، و أيب احلسن بن

اصل القصار، و القاضي إمساعيل ، و القاضي عبد الوهاب ، بيد أن خطوات هؤالء مل توبعدهم يف العراق ، نظرا لعجز املذهب املالكي هناك عن الصمود أمام املذاهب األخرى اليت

)1(.استأثرت بامليدان

ويرجع تطور النقد الفقهي بشكل نسيب عند املدرسة العراقية ملا متيزت به هذه املدرسة عن غريها من املدارس املالكية يف منهجها الفقهي العام القائم على التأصيل و االستدالل و املناقشة و اجلدل تأثرا بالبيئة العلمية اليت وجدت فيها هذه املدرسة ، ولذلك عرف عن

لعراق ميلهم إىل التحليل املنطقي للصور الفقهية ، و التوسع يف االستدالل للمسائل مالكية او مناقشتها عن طريق احلجاج و املناظرة متأثرين يف ذلك باملذهب احلنفي ، باإلضافة إىل

فأهل العراق جعلوا يف مصطلحهم مسائل املدونة :" بروزهم يف علم احلديث ، يقول املقري ا عليها فصول املذهب باألدلة والقياس ، ومل يعرجوا على الكتاب كاألساس ، و بنو

بتصحيح املرويات ، ومناقشة األلفاظ ، و دأم القصد إىل إفراد املسائل و حترير الدالئل ، )2(".على رسم اجلدليني ، و أهل النظر من األصوليني

رة وهلذه اخلصائص اليت فكان هلذا املنهج الفقهي الذي سلكوه القائم على اجلدل و املناظ

--------------------

.1/10حممد املصلح ، اإلمام أبو احلسن اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، مصدر سابق ، ج -1

ط، مطبعة جلنة التأليف و النشر و الترمجة ، .مصطفى السقا ، د:املقري ، أزهار الرياض يف أخبار عياض، حتقيق-2 . 3/22م، ج1942-هـ1361القاهرة،

Page 248: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

متيزوا ا عن غريهم من فقهاء املدارس املالكية األخرى أثر يف تطور احلس النقدي لديهم ، فإن اجلدل الفقهي الصحيح من طرائق التدقيق و التحقيق ، ومن مسالك النقد و التنقيح ،

را ، و هذا العلم من أرفع العلوم قد:" يقول الباجي يف معرض الكالم عن أمهية علم اجلدلأعظمها شأنا ، ألنه السبيل إىل معرفة االستدالل و متييز احلق من احملال ، ولو ال صحيح الوضع يف اجلدال ملا قامت حجة و ال اتضحت حمجة ، و ال علم الصحيح من السقيم وال

)1(".املعوج من املستقيم

عله الفقيه أيب عبد اهللا ومن الشواهد على عناية فقهاء املدرسة العراقية بالنقد الفقهي ما ف مع خمتصر ابن عبد احلكم حيث أخضعه إىل متحيص ) 309ت ( )2(الربكاين البغدادي

عرضت خمتصر ابن احلكم على كتاب اهللا و :" منهجي دقيق و نقد علمي صارم حيث قال، فوجدت لكلها أصال إال اثنيت عشر - يعين مسائله-سنة رسوله صلى اهللا عليه وسلم

)3(".أجد هلا أصال ، وعدد مسائله مثانية عشر ألف مسألةمسألة فلم

أال وهو النقد اخلارجي للمذاهب -وقد عرف اجلانب الثاين من جوانب النقد الفقهي تطورا كبريا على يد فقهاء املدرسة العراقية و ألفوا فيه املصنفات الكثرية يف الرد -األخرى

--------------------

، 2001،دار الغرب اإلسالمي ، لبنان ، 3عبد ايد التركي ، ط:اج يف ترتيب احلجاج ، حتقيقالباجي ، املنه-1 . 8ص

أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن سهل الربكاين، تفقه بالقاضي إمساعيل، وروى عنه احلديث، له كتاب فيما سئل عنه -2 .1/78:ة النور الزكيةخملوف، شجر.هـ309إمساعيل القاضي، وكتاب يف فضائل مالك، تويف سنة

.2/243ترتيب املدارك ، ج-3

Page 249: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

على األحناف و الشافعية و الظاهرية و كانوا فيه أنضج من غريهم فأصبحوا بذلك قدوة و رحلت إىل بغداد :" )1(مرجعية لغريهم من فقهاء املدارس األخرى ، يقول أبو عمران الفاسي

، و أيب حممد األصيلي ، )2(القابسي و كنت قد تفقهت باملغرب و األندلس عند أيب احلسنوكانا عاملني باألصول ، فلما حضرت جملس القاضي أيب بكر ، ورأيت كالمه يف األصول و الفقه مع املوالف و املخالف حقرت نفسي ، وقلت ال أعلم من العلم شيئا ، ورجعت عنده

)3(".كاملبتدئ

باالعتماد على مصنفات العراقيني للحذق ولذلك كان ابن أيب زيد القريواين يوصي طلبته وإن كان لك رغبة يف الرد على املخالفني من أهل :" بطرق النقد و أساليبه حيث يقول

العراق و الشافعي ، فكتاب ابن جهم إن وجدته ، و إال اكتفيت بكتاب األري إن كسبته، )4(".ابن العالء وكتاب األحكام إلمساعيل القاضي ، وإال اكتفيت باختصارها للقاضي

و بالفعل فإنه نتيجة للتواصل العلمي الذي حصل بني املدرسة العراقية و املدارس املالكية سواء كان هذا التواصل مباشرا عن طريق الرحالت -األخرى و خباصة املغربية و األندلسية

على مصنفات العلمية اليت قام ا فقهاء هاتني املدرستني إىل بغداد أو عن طريق االطالع

--------------------

أصله من فاس ، وبيته به مشهور ، تفقه بالقريوان عند القابسي ، )هـ430-هـ363(موسى بن عيسى ، -1 .282-2/280ج:ترتيب املدارك.ورحل إىل قرطبة فتفقه عند األصيلي ، رحل إىل املشرق و دخل العراق

رب، أبو احلسن علي بن حممد بن خلف املعافري، القروي، القابسي، اإلمام احلافظ الفقيه، العالمة عامل املغ-2سري أعالم . هـ403هـ، كان عارفا بالعلل و الرجال، و الفقه و األصول،تويف324املالكي،ولد سنة

.17/546سري أعالم النبالء ، -3 . 162- 17/159:النبالء

، مركز الدراسات و األحباث و 1حممد العلمي ، ط:حتقيق ، ابن أيب زيد القريواين ، الذب عن مذهب مالك -4 .1/245، ج1432/2011إحياء التراث ، املغرب ،

Page 250: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ظهر جليا تأثر فقهاء هاتني املدرستني باملنهج الفقهي للمدرسة -هذه املدرسة و دراستها .العراقية يف دروسهم و مؤلفام

ومن اإلجيابيات اليت أمثرها هذا التواصل بني املدرستني إعادة بعث نفس جديد يف االجتهاد و إحياء الروح النقدية لدى فقهاء هذا العصر بعد أن كاد التقليد و التعصب يف املغرب و األندلس يقضي على ذلك كله ، ويف ذلك يقول ابن العريب بعد أن صور حالة اجلمود

ولوال أن طائفة نفرت إىل بالد :" فه هذا القطر نتيجة التقليد و التعصب الفقهي الذي عر، وجاءت بلباب منه ، كاألصيلي ، و الباجي ، فرشت من ماء العلم - يقصد العراق–العلم

)1(".على هذه القلوب امليتة ، و عطرت أنفاس األمة الزفرة ، لكان الدين قد ذهب

قية دور مهم يف تفعيل النقد الفقهي بنوعيه اخلارجي و لقد كان للتأثر بالطريقة العرا الداخلي يف بالد املغرب و األندلس ، أما على مستوى النقد اخلارجي فقد بدأ اهتمام املغاربة و األندلسيني بالرد على املذاهب املخالفة و الدخول معهم يف مناظرات فقهية ومن أشهرها

كما ألفوا كتبا يف الرد على املخالفني و االنتصار مناظرات الباجي مع ابن حزم األندلسي ،الذب عن " ، و البن فخار القرطيب" االنتصار ألهل املدينة" ملذهب مالك مثل كتاب

" ذيب املسالك يف نصرة مذهب مالك " البن أيب زيد القريواين ، و" مذهب مالك قادات للمذاهب األخرى مثل ، وألفوا كتبا يف اخلالف مل ختل من ردود و انت )2(للفندالوي

.كتب الباجي واملازري و ابن العريب و القاضي عياض و ابن عبد الرب و غريهم

--------------------

. 367العواصم و القواصم ، ص-1

اإلمام أبو احلجاج، يوسف بن دوناس، املغريب، الفندالوي، املالكي، خطيب بانياس، زمدرس املالكية بدمشق، -2 .210-20/209سري أعالم النبالء،.هـ543لتعصب ألهل السنة، تويف سنةكان شديد ا

Page 251: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أما على مستوى النقد الداخلي يف دراسة مسائل املذهب ، فبانتقال الطريقة العراقية إىل أعين النقد الذي يتعلق حبقيق الروايات و األقوال ، و النقد : بالد املغرب التأم شكال النقد

الذي خيتص باالستنباط و التخريج ، فظهرت يف املذهب طبقة من العلماء حتاول التحرر من )1(.قليد ، و تتعامل مع نصوص املذهب بعقلية نقدية و حتاكمه إىل قواعده و أصولهالت

وقد ظهر هؤالء و كثر عددهم بشكل ملحوظ يف القرن اخلامس وبداية السادس ، حيث قامت هذه الثلة من املالكية بدور كبري يف هذه املرحلة و حبركة أحدثت صدى ظاهرا يف

يف هذه املرحلة منوا مطردا إىل أن صار -النقد الداخلي-ا االاملذهب ، فنما العطاء يف هذاجتاها ميثله أعالم بارزون ينتهجون فيه خطة واضحة ، ظاهرة املعامل و السمات ، حمددة

، ويعترب اإلمام أبو احلسن اللخمي رائد هذا االجتاه النقدي من )2(األساليب و املرتكزات بطريقته عدد كبري من الفقهاء الذين أصبحوا من أعالم هذا ، و تأثر " التبصرة"خالل كتابه

االجتاه كاملازري ، و ابن بشري ، و ابن رشد ، و القاضي عياض و غريهم ، فسلكوا مسلكه يف طريقة نقد الفقه ، فنقحوا ما أمكنهم تنقيحه من املسائل الفقهية ، و نبهوا على ما

. مرحلة جديدة هي مرحلة التنقيحوجدوا فيها من صحة وضعف ، ودخل املذهب يف

و تكون باإلمام اللخمي أبو عبد اهللا املازري فكان مع احللبة :" يقول الفاضل بن عاشور ، املازري: سبيل املثال أربعة وهم اليت عاصرته من الفقهاء الذين نستطيع أن نذكر منهم على

ذين سلكوا طريقة جديدة يف و ابن بشري ، و ابن رشد الكبري ، و القاضي عياض ، فهؤالء ال خدمة احلكم هي الطريقة النقدية اليت أسس منهجها اإلمام أبو احلسن اللخمي ، فصاروا

--------------------

. 1/13منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، ج-1

.1/12اإلمام اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي ، ج-2

Page 252: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

قه يتصرفون فيه تصرف تنقيح، وينتصبون يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم الذي يف الفيقضي بأن هذا مقبول و هذا غري مقبول ، وهذا ضعيف السند يف النقل ، وهذا ضعيف النظر يف األصول ، وهذا مغرق النظر يف األصول ، وهذا حمرج للناس أو مشدد على الناس

لكي قد تكون ؤالء تكونا جديدا ، إذ دخل عليه عنصر فكان املذهب املا...أو غري ذلك ، )1(".النقد و التنقيح و االختيار

برز هذا االجتاه و انتشر يف بالد املغرب خصوصا يف إفريقية و األندلس ، و كثر أعالمه ، وتعددت مظانه ، بيد أن عمره مل يتجاوز حدود منتصف القرن السادس اهلجري ، فبالرغم من أن أعالمه كانوا من النظار الكبار و كان هلم تالميذ و أتباع كثر ، فإن طريقتهم مل

تستمر بعد هذه الفترة ، حيث دخل الفقه املالكي بعد ذلك يف مرحلة الضعف يكتب هلا أنو التقهقر ، فاقتصر عمل الفقهاء يف هذه املرحلة على وضع املختصرات الفقهية ، أو شرحها، أو وضع احلواشي عليها ، وأصبح املتأخرون دائرين يف فلك املتقدمني ، عاكفني

تقدمهم ، ما أدى ضرورة إىل ضعف حاسة النقد لديهم على ما انتهى إليهم من أقاويل من )2(.إذ أصاا شيء من الفتور و الضمور

--------------------

.73احملاضرات املغربيات ، ص -1

.1/13اإلمام اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، ج-2

. 48-47عمر اجليدي ، مباحث يف املذهب املالكي يف املغرب ، ص -

Page 253: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أسباب و عوامل تطور النقد الفقهي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

لقد كان لعوامل عدة تأثري يف الظهور املبكر حلركة النقد الفقهي يف املذهب املالكي وتطورها بعد ذلك لتصبح اجتاها بارزا ترك بصمته يف الفقه املالكي نذكر من هذه العوامل و

:األسباب ما يلي

.الشخصية النقدية لإلمام مالك و تأثري ذلك يف تالميذه: أوال

فقد عرف عن اإلمام مالك منذ بداية طلبه للعلم مبيله إىل النقد و التحري يف العلم ، فلم يكن يقبل و يسلم بكل ما يتلقاه من شيوخه ، بل يفحصه و ميحصه ، وهكذا كان منهجه

لى املراجعة الدائمة و التقومي املستمر ملا يقوله و يف التدريس و اإلفتاء ورواية احلديث قائما عيصدر عنه من الفتاوى و االجتهادات ، كلما استجد له ما يقتضي إعادة النظر يف ذلك ،

-رمحه اهللا- وقد خلص علم فقهاء املدينة إىل مالك بن أنس:" يقول الشيخ الطاهر بن عاشورقد هيأت له بتوفيق اهللا تعاىل ذلك املقام و كانت زكانة رأيه ، و صالبة دينه ، وقوة نقده

)1(".مقام الضبط ، و التصحيح ، و التحرير: اجلليل

حريصا على غرس هذه الروح النقدية يف نفوس تالميذه و -رمحه اهللا–وقد كان مالك أتباعه ، فكان حيثهم على النظر و االجتهاد ، وينهاهم عن التعصب لرأيه ، ويدعوهم إىل

تلقونه عنه من العلم ، و عرضه على األصول ، و أن ال يقبلوا من العلم إال ما متحيص ما يإمنا أنا بشر :" كان موافقا هلذه األصول ، مهما عظمت مرتلة قائله ، ولذلك اشتهر عنه قوله

أخطئ و أصيب ، فانظروا يف رأيي فكلما وافق الكتاب و السنة فخذوا به ، و ما خالف

--------------------

.8الطاهر بن عاشور ، كشف املغطى ، مصدر سابق ص -1

Page 254: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".الكتاب و السنة فاتركوه

كل يوخذ من :" و رفع صفة التقديس و العصمة من اخلطأ عن كل رأي فقال رمحه اهللا )2(".-صلى اهللا عليه وسلم-كالمه و يرد إال صاحب هذا القرب ، و أشار إىل قرب النيب

وهكذا فقد كان هلذه الشخصية النقدية اليت متيز ا مالك و املنهج الذي اتبعه يف نقد الروايات و الفتاوى و تنقيحها ، كان لذلك األثر البالغ على تالميذه و أتباع مذهبه من بعدهم ، فقد تشربوا عنه هذا احلس النقدي ، وهذا ما ظهر واضحا يف نقدهم آلراء اإلمام

.فتهم له يف كثري منهامالك و خمال

.االنتقادات اليت تعرض هلا املذهب من أتباع املذاهب األخرى:ثانيا

لقد تعرض املذهب منذ نشأته حلملة واسعة من الردود و االنتقادات يف أصوله و فروعه ، ومن أقدمها رسالة الليث بن سعد ، وما كان من حممد بن احلسن الشيباين ، و ابن علية ، و

، و غريهم من )4(و الطحاوي )3(م الشافعي ، مث ما كان من تالميذهم كاملزيناإلما ، فكان ذلك أحد العوامل اليت أسهمت يف تطور االجتاه النقدي يف )5(املتقدمني و املتأخرين

--------------------

.1/72ترتيب املدارك ، ج -1

.815:السخاوي ، املقاصد احلسنة ، مصدر سابق، رقم -2

أبو إبراهيم إمساعيل بن حيىي املزين، املصري، تلميذ الشافعي، حدث عن الشافعي و نعيم بن محاد، كان رأسا يف -3 .497-12/493:سري أعالم النبالء.هـ264الفقه، حدث عنه ابن خزمية و الطحاوي، تويف سنة

مد بن سالمة، املصري الطحاوي احلنفي، اإلمام العالمة احلافظ الكبري، حمدث الديار املصرية، أبو جعفر أمحد بن حم-4 .33-15/28:سري أعالم النبالء. هـ321هـ، وتويف 239صاحب التصانيف، ولد سنة

.68،ص2010، 1،ع6عبد ايد الصالحني،مسات املدرسة العراقية، الة األردنية للدراسات اإلسالمية ، مج-5

Page 255: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تصنيف يف اخلالفيات و الرد على املذهب املالكي، من خالل اجتاه فقهاء املذهب إىل الاملذاهب األخرى ، و مناظرة أتباع هذه املذاهب ، كما كان له أثر يف تشرم للحس النقدي الذي كروا به على أصول املذهب و فروعه تنقيحا و حتريرا ، فقد دفعتهم هذه

)1(.االنتقادات إىل متحيص اختيارام و استيفاء حججهم و حترير دالئلهم

. تأثري البيئة العراقية: لثاثا

كانت بغداد موطنا ملذاهب فقهية كربى متنافسة كاملذهب احلنفي و املذهب الشافعي و املذهب احلنبلي و املذهب الظاهري و املذهب املالكي ، وقد كان علماء هذه املذاهب

. يسعون لنشر مذاهبهم و التعريف ا ، و بيان صحة أصوهلا و سداد آرائها

و أمام االتصال اليومي املستمر لعلماء هذه املذاهب بعضهم ببعض ، و انتشار كتبهم ، مل يكن متيسرا للواحد منهم عند الدرس أو التأليف أن يغمض عينيه عن خمالفة املذاهب األخرى ملذهبه ، أو أن يصرف النظر عن االطالع على آرائهم و دراسة أدلتهم و الرد

بل كان حبكم البيئة العلمية هذه اليت ن وجهة نظر مذهبه ،عليها، و نقضها ، كل متضطرب بوجهات النظر املختلفة يف األصول و الفروع ، كان مضطرا إىل تقرير آراء املدارس األخرى ، و بيان حججها و املدرك الذي اعتمدته ، مث يعود على االستدالل

ظهار أن مدرك مذهبه يف القضية املخالف بالنقد لبيان اخلطأ الذي وقع فيه املستدل و إ .املبحوث فيها أقوى يف النظر و أحق باالعتماد عليه و أوىل بأن يؤخذ مبا أفضى إليه

لذلك أدرك علماء املذاهب أنه ال يستقيم هلم نصرة مذاهبهم و اإلقناع ا إال إذا قابلوها مبا

--------------------

.1/11املازري ، جمنهج اخلالف و النقد الفقهي عند -1

Page 256: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

عند خمالفيهم ، وقاموا بالرد عليهم ، و إبطال احتجاجام ، مث بإقامة أدلتهم ، كما قامت .بينهم املناظرات ، وعقدت ألجل ذلك االس

و أمام هذا النشاط العلمي املتميز ببغداد على وجه اخلصوص ، مل يكن للمالكية ا إال أن تنشيط احلوار بني املذاهب ، و أن يستعملوا نفس املنهج يدلوا بدلوهم ، ويسامهوا يف

املتداول بني أصحاب املذاهب للتعريف مبذاهبهم و الرد على خمالفيهم و نقض آرائهم ، فعمل علماء املالكية ذا القطر على اكتساب هذه اخلاصية و التمرس على أساليبها و

عن - يف دراسة املذهب و التأليف فيه–ية قواعدها ، و أصبحوا بذلك يتميزون ذه اخلاصنظرائهم يف بقية األقطار ، فكانت مؤلفام ببغداد مطبوعة ذا املنهج ، منهج املقارنة و

، ولذلك متيزت مؤلفات مالكية العراق بالعناية باخلالف و الردود و )1(النقض و االستدالل لفيهم من املذاهب األخرى فحسب اادالت الفقهية حيث تنضح كتبهم ا ، ليس مع خما

بل كذلك فيما بينهم طلبا للراجح يف املذهب إعماال مبا قام عليه من القواعد و األصول أو موافقة للحجة و الدليل ، وقد تألق يف هذه الناحية حذاق مالكية العراق كبكر بن العالء

و أيب بكر الباقالين ، و ، و أيب بكر األري ، )3(، و أيب احلسن ابن القصار)2(القشريي

--------------------

،دار ابن حزم ، 1احلبيب بن الطاهر ، ط:القاضي عبد الوهاب ، اإلشراف على نكت مسائل اخلالف ، حتقيق -1 مقدمة احملقق.1/62، ج1999/هـ1420

أهل البصرة، انتقل إىل مصر، بكر بن حممد بن العالء ، القشريي، كنيته أبو الفضل، من كبار الفقهاء املالكيني، من -2 .11-2/10:ترتيب املدارك.هـ344له رواية يف احلديث، مسع من كبار تالميذ إمساعيل القاضي، تويف مبصر سنة

علي بن عمر بن أمحد البغدادي، أبو احلسن القصار، شيخ املالكية، من كبار تالمذة أيب بكر األري، تويف سنة -3 .17/108:سري أعالم النبالء.هـ397

Page 257: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

القاضي إمساعيل ، و القاضي عبد الوهاب و أمثاهلم ممن اشتهروا بدقة النظر و نفوذ النقد يف . حترير الدالئل ، و استنباط املسائل و تعليلها

والشك أن هذا املنهج القائم على الردود العلمية و اادالت و املناظرات الفقهية ، و استدالال و تصحيحا ، كان له أثر يف إذكاء الروح و دراسة املسائل ، و مناقشتها تقسيما و

الرتعة النقدية ، وبناء املنهج النقدي و ازدهاره لدى علماء املذهب يف هذا القطر وعند من تأثر بطريقتهم و سلك مسلكهم من فقهاء املدارس األخرى ولذلك كان ابن أيب زيد

ني للوقوف على أساليب احلوار و القريواين يوصي طلبته باالعتماد على مصنفات العراقي . النقد و طرقه

إثر اختفاء املذاهب استئثار املذهب املالكي بالساحة الفقهية يف بالد املغرب:رابعااألخرى اليت كان هلا وجود قوي يف تلك الربوع ، إذ يالحظ أن كثريا من املالكية بعد انفراد مذهبهم بامليدان ، عكفوا على دراسته و النظر يف إنتاجه عرب املراحل السابقة بعقلية

خر ، وقد اختذ متأثرة بأساليب احلجاج و املناظرة اليت كانت مستخدمة لديهم يف مناقشة اآل )1(.معظمهم مدونة سحنون منطلقا لدراسة أقوال املذهب بتلك األساليب

، اخللط الذي وقع بني روايات و أقوال املذهب و مزج الصحيح منها بغريه:خامسافقد نتج عن مرحلة التفريع و التخريج ثروة فقهية غزيرة ، امتزجت فيها األقوال و الروايات

احتاجت هذه املادة الفقهية الغزيرة إىل من يقوم بتنقيحها و غربلتها الصحيحة بالضعيفة ، فو متييز صحيحها من سقيمها و مشهورها من شاذها ، فتفرغ هلذا األمر كثري من الفقهاء

الذين عملوا على دراسة مسائل املذهب بعقلية نقدية ، كما فعل ذلك ابن رشد اجلد يف

--------------------

.13-1/12لخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي ، جاإلمام ال -1

Page 258: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و املازري ، و ابن بشري ، و من تأثر " التبصرة " و اللخمي يف " البيان و التحصيل" كتابه إن مذهب مالك ، كان قبل املازري مشكال :" )1(بطريقتهم ، يقول أبو القاسم النويري

قوال أصحابه ، فيبقى املقلد فيه حائرا يف الفتوى و القضاء و يف لكثرة رواياته ، و اختالف أما يتدين به ، و لذلك اختار عنه املشارقة مذهب الشافعي و أيب حنيفة ، حىت قام املازري فاعتىن بنخل املشهور عن الضعيف ، و رجح هو كثريا فتبعه من بعده فسهل املذهب

)2(".حينئذ

، املذهب يف التقليد و اجلمود على نصوص املذهبمبالغة كثري من أتباع : سادساوعدم اخلروج عن زاويته مكتفني بآراء إمام املذهب الذي كفاهم مؤونة أتعاب البحث و استفراغ اجلهد و الوسع و الطاقة يف استخراج األحكام الشرعية و يف استدالله ، فكل ما

عليه ، وقد سادت هذه الرتعة استنبطه من فروع كان له أصل و مدرك ، حىت ولو مل نطلع املذهبية عندما قوي املذهب ، و استغىن الناس مبختصراته ومتونه عن كتب اآلثار ، و خاصة

.عندما أقفل باب االجتهاد

وهذا ما دفع غريهم من الفقهاء الذين رفضوا هذا اجلمود إىل اإلنكار عليهم و التصدي ي مييل إىل التقليد احملض اجتاه مييل إىل االنفتاح ملسلكهم ، فقد ظهر يف مقابل هذا االجتاه الذ

و التبصر ، وينكر التقليد و التعصب ، فهو و إن كان يقر بأنه من أتباع املالكية ، إال أنه مل يتعامل مع النصوص بالتقليد و االنغالق و اجلمود ، بل تعامل معها مبا هو أوسع و أعمق من

--------------------

حممد بن حممد، أبو القاسم، حمب الدين النويري، فقيه مالكي، عامل بالقراءات، ولد يف مصر حممد بن -1 .48-7/47الزركلي، األعالم، .هـ857هـ،تويف مبكة سنة801سنة

،دار ابن حزم ، 2حممد أبو األجفان ، ط:ابن سراج ، فتاوى قاضي اجلماعة ابن سراج ، حتقيق-2 قق مقدمة احمل.61، ص2006/هـ1427لبنان،

Page 259: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ذلك ، ومن أشهر أعالم هذا االجتاه ابن العريب ، و ابن رشد ، و القاضي عياض ، والباجي، . و ابن عبد الرب

–ويعود ظهور هذا االجتاه النقدي يف مقابل االجتاه التقليدي باإلضافة إىل العامل السابق ن كان هلما أثر بالغ يف تطور سببني آخري -أي كونه ردة فعل على اجتاه التقليد و التعصب

:االجتاه النقدي ومها

و تأثر كثري من فقهائه دخول مؤلفات العراقيني املالكية إىل الغرب اإلسالمي:السابعمبنهجهم يف دراسة املذهب ، وقد كان ملالكية بغداد إسهامات واضحة يف هذا اخلط النقدي

)1(.الذي عرف امتدادا عند املغاربة يف هذه املرحلة

.و اآلثار إىل بالد املغرب اإلسالمي دخول كتب احلديث:الثامن

إن استئثار املذهب املالكي بالساحة الفقهية يف بالد املغرب و هيمنته على كل جوانبها من درس و فتيا و قضاء ، جعل أحكام املذهب و مسائله حتفظ و تدرس و تتداول مبسلك التقليد ، و قد أثر ذلك على طبيعة التحصيل الفقهي ، حيث أمهلت دعامة أساسية من

اية باحلديث الشريف ، فقد عرف عامة أهل العلم يف بالد املغرب أم دعائم التفقه وهي العن، )2(أقل عناية باحلديث ، خبالف مالكية العراق ، الذين امتزج يف درسهم احلديث و الفقه

وكان من مثار رحلة علماء املغرب إىل العراق و احتكاكهم بفقهاء املدرسة العراقية و تأثرهم و اآلثار إىل البالد املغرب و التفقه منها، وقد كان لذلك دور ا ، إدخال كتب احلديث

--------------------

.1/13اإلمام اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي ،ج -1

، مركز الدراسات و األحباث و 1حممد العلمي ، املستوعب لتاريخ اخلالف العايل و مناهجه عند املالكية ، ط-2 .570-2/563م، ج2010/هـ1431حياء التراث ، املغرب ، إ

Page 260: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كبري يف تفعيل النقد الفقهي و حماربة اجلمود و التعصب على أقوال املذهب و الدعوة إىل األصيلي ، و : اتباع ما يقتضيه النظر و احلديث ، و من أبرز علماء هذا االجتاه األثري

:" هم ، يقول القاضي ابن عبد العريب يف ذلكالباجي ، و ابن العريب ، و ابن عبد الرب و غريولو ال أن طائفة نفرت إىل دار العلم و جاءت بلباب منه ، كاألصيلي ، و الباجي ، فرشت

)1(".من ماء العلم على هذه القلوب امليتة ، لكان الدين قد ذهب

.اخلالفات العقدية مع الفرق و الطوائف الضالة و املناهج املنحرفة: التاسع

فقد كانت بالد املغرب و األندلس أرضا سنية ، نشأت على مبدأ التسليم و االتباع ، لكن دخول املصنفات الكالمية ، و تلمذة املغاربة على املشارقة ، وظهور دول الطوائف مثل دولة العبيديني و دولة املوحدين ، أدى إىل نبات بعض النحل كالشيعة و اخلوارج و املعتزلة

، فكان للمالكية دور مهم يف الدفاع عن العقيدة السنية و نقد العقائد الباطلة ....ة و املتصوفو املناهج املنحرفة ، وامتزجت يف هذه الردود و االنتقادات الفروع باألصول ، خاصة يف ردودهم على رموز التشيع و الرفض ، وذلك ملا للشيعة من فقه جبانب ماهلم من عقيدة ال

.نة ، وارتباط بعض املسائل الفرعية بأصول عقديةيقر ا أهل الس

مسائل يف املواريث ، : ومن أشهر القضايا الفقهية اليت كانت حمل االنتقاد و الرد و املناظرة )2(.و األذان ، و مواقيت الصيام و الفطر، و الزكاة ، و حنوها

--------------------

.367العواصم من القواصم ، ص -1

عبد احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي - .1/422العلمي ، املستوعب لتاريخ اخلالف العايل ، ج -2،مؤسسة الرسالة 1إبراهيم التهامي ، جهود املغاربة يف الدفاع عن عقيدة أهل السنة ، ط-. 1/47عند املازري ، ج .336-325،ص 1426/2005ناشرون ، لبنان ،

Page 261: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

النقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي: الفصل الثاين

.عناية املالكية بالنقد الفقهي اخلارجي: املبحث األول

.املؤلفات املالكية يف النقد الفقهي اخلارجي: املبحث الثاين

Page 262: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املالكيالنقد الفقهي اخلارجي يف املذهب : الفصل الثاين

.عناية املالكية بالنقد الفقهي اخلارجي: املبحث األول

.منهج اإلمام مالك يف نقد املخالفني و الرد عليهم:املطلب األول

مذهبه يف الرأي على االنتصار و الرد على اخلصوم و -رمحه اهللا-مل يؤسس اإلمام مالك ذاهب املوجودة و اإلسهاب يف املخالفني ونقد آرائهم ، ولذلك مل يعرف عنه منازعة امل

إبطاهلا أو الرد على أصحاا ، كما أنه مل يؤلف أي كتاب يف الرد على أي مذهب أو رأي قبله ، ومل ينح مسالك اجلدل و احلجاج و املناظرة إلثبات مذهبه ، بل بناه على االختيار من

أهل العلم و توارثوه أقاويل أهل بلده ، و من حديث أهل احلجاز ، و ما استقر عليه عمل ، خالفا لصنيع عدد من علماء عصره فمن -صلى اهللا عليه و سلم-من السنن عن النيب

بعدهم كأيب حنيفة و الشافعي ، اللذين جعال من اجلدل و احلجاج أساسا ملذهبهما ، و )1(.ركنا ركينا يف درس أصحاما الفقهي

ليس اجلدال يف :" لدين ، فكان يقولوقد كان مالك من أشد الناس كراهة للجدل يف ا ، )3("املراء و اجلدال يف العلم يذهب بنور العلم يف قلب العبد:" ، وقال )2("الدين بشيء

ال ، ولكن ليخرب بالسنة ، فإن قبل : الرجل له علم بالسنة جيادل عنها ؟ قال: وقيل ملالك " )4(".منه ، و إال سكت

--------------------

، مركز الدراسات و األحباث و 1حممد العلمي ، ط:ابن أيب زيد القريواين ، الذب عن مذهب مالك ، حتقيق -1 . ، مقدمة احملقق29-1/25، ج 1432/2011إحياء التراث ، املغرب ،

.1/115الديباج املذهب، -2

.املصدر نفسه -4املصدر نفسه -3

Page 263: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مذهب أهل اجلدل تعود إىل ثالثة أسباب متداخلة و مترابطة ، و العلة يف إعراض مالك عن )1(:هي

.كراهة مالك للجدل و املراء يف الدين اقتداء بالسلف-1

.أن اجلدل هو األساس الذي بنت عليه الفرق و أهل األهواء مقاالم و طروحام -2

عرف عن مالك أنه أن اجلدل هو املبدأ الذي قام عليه الفقه و الرأي بالعراق ، وقد -3 .أبعد الناس عن مذاهب املتكلمني ، و أشدهم بغضا للعراقيني

سن مالك -البعد عن اجلدل و الردود على املخالفني و انتقاد آرائهم-وعلى هذا املنوال جمالس درسه ، و أدب تالميذه من أهل األمصار ، فكان يعلم و يذاكر و يستدل ، و لكن

)2(.جمادلة ، و ال رد للقولدون حجاج و ال جلاج و ال

ويعد املوطأ شاهدا حيا على مرتع مالك إىل االختيار ، دون االنتصار و اادلة ، فإننا نرى االختيار من األقاويل سائدا يف كل أبوابه و مسائله ، ورمبا أومأ إىل ضعف بعض اآلراء

، )3(بطال على منط أهل اجلدلو توهينها ، لكنه مل يرد عليها ردودا مباشرة ، و ال تعقبها بإو إمنا يقتصر على إيراد األحاديث و اآلثار و تراجم األبواب اليت تتضمن الرد على املخالف

:و توهني مرتعه و انتقاد رأيه دون التصريح بذلك ، ومن األمثلة على ذلك

صلى اهللا عليه -أن رسول اهللا:( أخرج مالك يف املوطأ عن ابن شهاب إىل عائشة -1

--------------------

.135-1/132حممد العلمي ، املستوعب يف تاريخ اخلالف العايل يف املذهب املالكي ، مصدر سابق ، ج -1

.1/29حممد العلمي ، مقدمة حتقيق كتاب الذب عن مذهب مالك ، ج -2

.1/30املصدر نفسه ، ج -3

Page 264: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1().كان يغتسل من إناء هو الفرق من اجلنابة-وسلم

وليس يف حديث مالك هذا إال االقتصار على ما يكفي من املاء من غري :" قال ابن عبد الرب حتديد ، و أن اإلسراف فيه مذموم ، وذلك رد على اإلباضية ومن ذهب مذهبهم يف اإلكثار

)2(".من املاء ، وهو مذهب ظهر قدميا ، فلذلك سيق هذا احلديث و مثله

( عن نافع أن عبد اهللا بن عمر- ما ال جيب منه الوضوء باب:حتت ترمجة–وروى مالك -2 )3().حنط ابن سعيد بن زيد ، و محله مث دخل املسجد فصلى و مل يتوضأ

صلى اهللا عليه -و إمنا أدخل مالك هذا احلديث إنكارا ملا روي عن النيب:" قال ابن عبد الرب )4(".من غسل ميتا فليغتسل ، ومن محله فليتوضأ:" أنه قال -وسلم

وهكذا يظهر أن نقد آراء املخالفني و الرد عليهم مل يكن مسلكا أصيال يف املنهج الفقهي لإلمام مالك ، لكنه اضطر أحيانا إىل الذب عن اختياره ورأيه ، و املناظرة على مذهبه ، و

.انتقاد خمالفيه و من رد عليه من علماء عصره

مسألة الوقوف ، حيث كان أبو يوسف ينكرها فقد ناظر أبا يوسف صاحب أيب حنيفة يف اتباعا لشيخه أيب حنيفة ، و ناظره يف األميان بالطالق على ماال يوقف عليه ، و يف الصداق

)5(.و جهاز املرأة ، و يف الصاع ، و يف الرواة ، و يف الصالة بعرفة إذا وافق يوم اجلمعة

--------------------

م، كتاب 2007/هـ1428، دار الكتب العلمية، لبنان، 2، ط)تنوير احلوالكمع (رواه مالك يف املوطأ-1 .66، ص68:الطهارة، باب العمل يف غسل اجلنابة، رقم

.3/73م، 1993/هـ1413، دار قتيبة، لبنان، 1أمني قلعجي، ط:االستذكار،حتقيق-2

املصدر السابق ، -4 . 48، ص18:املوطأ، كتاب الطهارة، باب ما ال جيب الوضوء منه، رقم-3 .123-1/119ترتيب املدارك ، -5. 2/137

Page 265: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ويف سياق مناظرة مالك لعلماء عصره يف مسائل اخلالف ، و انتقاده الختيارام ، و الرد .دام لرأيه ، كتب مالك إىل الليث بن سعد ، يكلمه يف حجية عمل أهل املدينةعلى انتقا

، أنه ينحو إىل االختصار و )1(ويظهر مما نقل عن اإلمام مالك من مناظرات و مذاكرات االقتضاب يف املناقشة ، و االلتزام جبانب األدب ، و التركيز على ما متس إليه احلاجة ،

ناقشاته من نفس املناظرة ، و من الفنقلة و استقصاء وجوه االعتراض لذلك خلت ردوده و م )2(.و اجلواب ، و التعرض إىل إبطال شبه اخلصم بأساليب أهل اجلدل

ومن خالل هذا كله ميكن الوقوف على املالحظات التالية فيما يتعلق مبنهج اإلمام مالك يف :نقد املخالفني و الرد عليهم وهي

مالك مل يؤسس منهجه الفقهي على نقد املخالفني من الفقهاء و الرد على أن اإلمام -1آرائهم و منازعتهم فيها ، إال إذا اضطر إىل ذلك ، و كثريا ما كان ينتقد اآلراء الضعيفة و يرد على أصحاا بطريقة غري مباشرة من خالل إيراد األحاديث و اآلثار اليت توهن الرأي

.املخالف و تضعفه

حنوه إىل االختصار و االقتضاب يف مناقشة اآلراء الضعيفة و املخالفة ، و التركيز على -2 .ما متس إليه احلاجة

.إعراضه عن اجلدل و أساليبه، مع االلتزام جبانب األدب يف احلوار و النقد -3

--------------------

.146-1/143ج:ينظر كتاب املستوعب يف اخلالف العايل -1

.1/32مذهب مالك ، مقدمة احملقق ، ج الذب عن -2

Page 266: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.تأثر املالكية مبنهج اإلمام مالك يف النقد الفقهي اخلارجي: املطلب الثاين

لقد بقي املالكية أوفياء ملنهج إمامهم و طريقته يف التعامل مع املخالفني من أصحاب لرد على املخالفني و املذاهب األخرى ، فلم يولوا يف دروسهم و مؤلفام عناية و اهتماما با

انتقاد آرائهم ، و إمنا كان جهدهم و تركيزهم يف مؤلفام و دروسهم على فنون الفقه العملي اليت تطورت يف الفقه املالكي ، فانصرفوا إىل تدوين مسائل املذهب و مجع فتاويه ،

د الفقهي فدونت املدونة و ألفت املختصرات و األمهات األوىل يف املذهب، ولذلك كان النقاخلارجي يف املذهب استثناء ميثل ردة فعل على انتقادات املخالفني و ردودهم على مالك و

)1(.أصحابه

فنالحظ أن انتقاد املالكية و ردودهم على أصحاب املذاهب املخالفة كانت متفرعة عن ردود أهل تلك املذاهب على مالك ، وذا نفسر ردودهم على أيب حنيفة و الشافعي واملزين ، كما نفسر به ردودهم على ابن حزم ملا نقض على أهل املذهب مسائلهم ووهن

)2(.اختيارام

لقد تعقب مالكا يف بعض آرائه و أصوله أئمة كثر ، لكنها مل تنل من الصيت و األمهية ما عليه ، وردود حممد بن احلسن الشيباين " اختالف مالك" نالته ردود الشافعي عليه يف كتابه

، فكان ذلك دافعا للمالكية إىل العناية بالنقد الفقهي و " احلجة على أهل املدينة" يف كتابه الرد على املخالفني و خباصة الشافعية و احلنفية و الظاهرية بعد ذلك ، من خالل بيان

.مآخذهم على املسائل الضعيفة يف هذه املذاهب

--------------------

.1/32الذب عن مذهب مالك ، مقدمة احملقق ، ج–. 1/158ج:ف العايلاملستوعب يف اخلال -1

.1/37الذب عن مذهب مالك ، مقدمة احملقق ، ج -2

Page 267: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:وميكن الوقوف على بعض وجوه النقد الفقهي اخلارجي للمالكية من خالل

انتقادات املالكية املناظرات الفقهية بني أئمة املالكية و غريهم من املذاهب ، فقد بدأت : أوالو ردودهم على املخالفني مبناظرات فقهية دافع فيها أصحاب على مالك عن اختياراته ،

يف مناقشة هذه املذاهب يف بعض فروعها ، حيث كان يدور حمور هذه -أحيانا- واستطردوا )1(:املناظرات حول

.الدفاع عن املذهب فيما انتقدت فيه أصوله -أ

.الفروع الفقهية الدفاع عنه يف بعض - ب

.إبطال و انتقاد بعض األصول و الفروع الفاسدة عند املذاهب األخرى-جـ

أليب يوسف ، و مناظرة ابن )2(ومن األمثلة على ذلك مناظرة سعيد بن سليمان املساحقي .مع احلنفية يف النبيذ )3()هـ181ت(املاجشون مع الشافعي ، و مناظرة ابن املبارك

يف الرد على املذاهب األخرى و االنتصار للمذهب ، حيث تضمنت هذه املصنفات : ثانيا )4(:الكتب صنفني من املسائل

--------------------

.1/168ج:املستوعب يف اخلالف العايل-1

سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق ، كان من جلساء مالك و أصحابه ، هو أول قاض استقضاه املهدي -2 .167-1/165:ترتيب املدارك.مسددا يف قضائه باملدينة ، كان

هـ ،كان من أصحاب أيب حنيفة مث ترك 118عبد اهللا بن املبارك ، مروزي و كنيته أبو عبد الرمحن ، ولد سنة -3 .384-8/379سري أعالم النبالء، .هـ181مذهبه ، و تفقه مبالك ، تويف سنة

.35-1/34الذب عن مذهب مالك ، مقدمة احملقق ، ج-4

Page 268: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

صنف صححوا فيه مسائل املذهب اليت انتقده فيها خصومه من احلنفية و الشافعية -أ .وغريهم ، و خطئوهم يف ردهم على مالك ، و بينوا صحة قوله فيما اختاره

.صنف نقضوا فيه و انتقدوا مسائل تلك املذاهب الضعيفة و الشاذة - ب

ملسكر ، و كتاب األشربة ، يرد يف حترمي ا ومن األمثلة على ذلك كتاب حممد بن سحنون مسائل أيب " فيه على احلنفية و ينتقد مذهبهم يف األشربة ، و ألف ابن الفخار رسالة مساها

، و ألف إمساعيل القاضي كتابا يف الرد على " حنيفة اليت احتال فيها لنقض أصول الشريعةلة ينتقد فيها الشافعي الشافعي يف مسألة اخلمس و غريه ، كما ألف ابن فخار القرطيب رسا

".تناقض الشافعي و ما غلط فيه من املسائل:" ويرد عليه و عنواا

كتب اخلالف العايل و الفقه املقارن ، اليت تعىن بذكر أقوال اإلمام مالك و أقوال : ثالثاخمالفيه ، و االحتجاج ملالك و الرد على خمالفيه من خالل انتقاد بعض آرائهم و اختيارام

" عارضة األحوذي "البن عبد الرب ، و " االستذكار"كتب شروح احلديث ككتاب :مثللبكر بن العالء " كتاب أحكام القرآن "البن العريب ، و كتب أحكام القرآن كـ

عيون "البن العريب و كتب مسائل اخلالف ككتاب " أحكام القرآن "، و )1(القشريياإلشراف على مسائل " ن القصار ، و كتاب أليب احلسن اب" األدلة يف مسائل اخلالف

.للقاضي عبد الوهاب البغدادي و غريها من كتب اخلالف العايل" اخلالف

فهذه باجلملة املظان اليت ميكن من خالهلا الوقوف على املسائل اليت انتقد فيها املالكية .غريهم من أهل املذاهب و ردوا فيها عليهم

--------------------

كر بن حممد بن العالء القشريي ، أبو الفضل ، من أهل البصرة ، و انتقل إىل مصر ، وهو من كبار فقهاء ب -1 . 13-2/11:ترتيب املدارك.هـ344املالكيني ، تويف سنة

Page 269: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(:وقد سلك املالكية منهجني يف النقد اخلارجي ومها

، وقد متيز أصحاب هذا املنهج اجلديل ، وهو الذي يعتمد على طرق اجلدل و مسالكه : أوالاالجتاه بنصرة املذهب يف وجه املذاهب األخرى ، وعدم التعرض إىل نقد أقوال بقية الفقهاء من غري مذهب الشافعي و أيب حنيفة و الظاهرية ، ألا املذاهب املخالفة و املتداولة يف كتب

.اخلالفيات و احلجة و الرد

هور خالفت فيه أو شذت فيه عن مذهب الكافة وال يرد ذكر املذاهب األخرى إال يف مش .كالشيعة

املنهج األثري ، ويقوم على انتقاد املذاهب املخالفة من خالل تعقب اآلراء لضعف :ثانيامدركها من احلديث ، فيضعف املذهب لضعف حديثه ، فصحة احلديث معيار أساسي

قواعد الصناعة احلديثية يف للحكم على الرأي ، إذ حيرص أصحاب هذا االجتاه على اعتماد التصحيح و التضعيف ، فريبطون بني إعالل النقاد للحديث ، و بني ضعف الرأي املبين

.عليه، فبضعف احلديث يوهن كل مذهب يبىن عليه

وال يقتصر أصحاب هذا االجتاه على نقد املذاهب األربعة فقط و إمنا يكثرون من ذكر صحابة و التابعني و األئمة ، وقد متيز ذا املنهج شراح األقوال و استقصائها من أقوال ال

.احلديث من املالكية كابن عبد الرب و ابن العريب و غريهم

--------------------

.203-1/201عبد احلميد عشاق ، منهج اخلالف ة النقد الفقهي عند املازري ، ج -1

.2/894ملالكي ، جحممد العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل يف املذهب ا -

Page 270: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة العراقية: املطلب الثالث

كان العلم باخلالف و حجاج املخالفني و الرد عليهم و انتقادهم داخال ضمن صلب عملية التفقه يف الدرس الفقهي العراقي ، فقد اعتنت هذه املدرسة مبقومات اخلالف و شرائطه و أعرافه دراسة و تصنيفا ، و أنتجت فيه أعالما نظارا كبارا ، متبعني لدى أهل

التأصيل ، حمكمني يف حجاج املذاهب األخرى و الرد عليها ، املذهب يف االستدالل وحيث أنتجوا للدرس الفقهي املالكي الالحق من املصنفات ما عول عليه الالحقون من أهل احلجة و النظر األمر الذي أقر هلم به شيوخ مدارس املذهب و أئمته ، و تعد الوصية اليت

ه الراحلني إىل العراق ، األخذ عن علمائه شاهدا أوصى ا ابن أيب زيد القريواين بعض طلبت )1(.صرحيا على هذا املعىن

وهذا ما يوضح جبالء الدور البارز الذي لعبته هذه املدرسة يف بلورة منهج النقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي من خالل املؤلفات الكثرية اليت صنفها فقهاء هذه املدرسة يف

.الردود على املخالفني من املذاهب األخرىجمال اخلالفيات و

:ويرجع ذلك إىل عاملني

كانت بغداد موطنا ملذاهب فقهية كربى يعود إىل البيئة العلمية بالعراق ، فقد : أوهلمامتنافسة كاملذهب احلنفي و املذهب الشافعي و املذهب احلنبلي و املذهب الظاهري و

ذاهب يسعون لنشر مذاهبهم و التعريف ا ، و املذهب املالكي ، وقد كان علماء هذه املبيان صحة أصوهلا و سداد آرائها ، و الرد على خمالفيهم و نقد مذاهبهم ، من خالل

.املناظرات و املؤلفات الفقهية

--------------------

.1/184حممد العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، ج -1

Page 271: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و أمام هذا النشاط العلمي املتميز ببغداد على وجه اخلصوص ، مل يكن للمالكية ا إال أن يدلوا بدلوهم ، ويسامهوا يف تنشيط احلوار بني املذاهب ، و أن يستعملوا نفس املنهج

املتداول بني أصحاب املذاهب للتعريف مبذاهبهم و الرد على خمالفيهم و نقض آرائهم ، املالكية ذا القطر على اكتساب هذه اخلاصية و التمرس على أساليبها و فعمل علماء

عن - يف دراسة املذهب و التأليف فيه–قواعدها ، و أصبحوا بذلك يتميزون ذه اخلاصية نظرائهم يف بقية األقطار ، فكانت مؤلفام ببغداد مطبوعة ذا املنهج ، منهج املقارنة و

)1(. النقض و االستدالل

حتصيل املالكية للردود و االنتقادات اليت وجهها إىل مذهب مالك جلة من األئمة ، : ثانيهماأعين نقد املخالفني و الرد -مما دفع باملالكية إىل العناية ذا اجلانب املهم يف الدرس الفقهي

، من خالل االطالع املكني على خمتلف مذاهب العلماء ، و دراسة مصنفاا ، و - عليهمإلحاطة بأقوال أصحاا ، قصد حجاجها بأدوات منهجية مكتملة سواء كان ذلك يف شكل ا

.مناظرات أو مؤلفات يف الرد على املخالفني ونقد مذاهبهم

:ومن أشهر الفقهاء العراقيني الذين برزوا يف هذا اال نذكر

ملذاهب كانت دروسه جمالس مناظرة و تصحيح و رد على ا):هـ282ت(القاضي إمساعيل-1 )3(".ورد على املخالفني من أصحاب الشافعي و أيب حنيفة:")2(األخرى،قال الشريازي

--------------------

مقدمة احملقق.1/62القاضي عبد الوهاب ، اإلشراف على نكت مسائل اخلالف ، مصدر سابق ، ج -1

هـ، انتقل إىل 393أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشريازي ، شيخ الشافعية ، اإلمام الفقيه ، ولد بفريوزأباد سنة -2 . 18/452:سري أعالم النبالء.هـ476البصرة مث إىل بغداد ، كان مدرسا باملدرسة النظامية ، تويف سنة

.1/465القاضي عياض ، ترتيب املدارك ، ج-3

Page 272: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

) 2(قال اخلطيب البغدادي): هـ329ت()1(هم املروزيأبو بكر بن اجل -2

له مصنفات حسان حمشوة باآلثار حيتج ملالك و ينصر مذهبه، ويرد على ):" هـ463ت( )3(".من خالفه

وله التصانيف يف شرح مذهب مالك و :" قال األصيلي):هـ375ت(أبو بكر األري -3 )4(".االحتجاج و الرد على من خالفه

" عيون األدلة يف مسائل اخلالف"له مصنف):هـ398ت(القصار أبو احلسن بن -4استوعب فيه األقاويل ، و أقام اخلالف على اخلصوم ، يف إيراد االعتراض و اجلواب على

.رسم اجلدليني النظار

كانت له مناظرات مع الشافعية ، و كتب يف ):هـ422ت(القاضي عبد الوهاب -5، و كتاب " اإلشراف على مسائل اخلالف" مثل كتاب اخلالف العايل و الرد على املخالفني

".الرد على املزين"

--------------------

حممد بن أمحد بن حممد بن اجلهم ، املروزي ، أبو بكر ، املعروف بابن الوراق ، فقيه و حمدث ، تفقه بإمساعيل -1 .5/19ترتيب املدارك،.هـ329سنة القاضي و أيب بكر األري ، ألف كتبا جليلة على مذهب مالك ، تويف

هـ ، و نشأ يف 392أمحد بن عبد ايد، املعروف باخلطيب البغدادي ، احلافظ ، املؤرخ ، ولد يف احلجاز سنة -2 .283-18/270سري أعالم النبالء،.هـ463، تويف سنة " تاريخ بغداد"بغداد ، له مصنفات كثرية من أشهرها

.1/287م، ج1422/2001، دار الغرب اإلسالمي، ديب، 1د،طبشار عوا:تاريخ بغداد ،حتقيق-3

.2/125القاضي عياض ، ترتيب املدارك ، ج -4

Page 273: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املصرية: املطلب الرابع

أما يف اجلانب املصري فقد كانت عناية املدرسة املالكية املصرية بالنقد الفقهي اخلارجي قليلة ، حيث غلب على الدرس الفقهي املصري الرواية و الفتوى ، ذلك أن مصر كانت بيئة

.فقهية مالكية

حيث بدأ بنشره ) هـ200(إىل أن قدم الشافعي إىل مصر من العراق مبذهب جديد سنة االحتجاج له ، ونقض مذهب مالك و الرد عليه ، فحدثت بني املالكية و الشافعية و

مناظرات و جمادالت فقهية أوجدت واقعا علميا جديدا ، اجته فيه املالكية إىل الرد على .الشافعي و انتقاده

ول أما العامل الثاين الذي أدى مبالكية مصر إىل االشتغال بالنقد الفقهي اخلارجي فهو دخ ت ( )1(املذهب احلنفي إىل مصر على يد بعض القضاة و الفقهاء مثل القاضي بكار بن قتيبة

، الذين ملؤوا جمالس الدرس الفقهي ) هـ321ت (، و اإلمام الطحاوي) هـ270مناظرة و تصنيفا ، فتعامل املالكية مع املذهب احلنفي كما تعاملوا مع املذهب الشافعي

.ياه اخلالفيةحيث ناقشوا مسائله و قضا

يضاف إىل ذلك عامل ثالث أسهم يف تفعيل النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املصرية أال الذين كان هلم دراية و عناية بالنقد -وهو نزول بعض فقهاء املالكية من املدارس األخرى

--------------------

العالمة احملدث ، أبو بكرة ، الفقيه احلنفي ، قاضي القضاة بكار بن قتيبة بن أسد بن عبيد اهللا ، القاضي الكبري ، -1سري أعالم .هـ270هـ بالبصرة ، حدث عنه أبو عوانة و ابن خزمية ، تويف سنة 182مبصر ، ولد سنة

.604- 12/599:النبالء

Page 274: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و ) هـ422ت ( مصر و استيطام ا مثل القاضي عبد الوهاب البغدادي -الفقهي ).هـ520ت ( )1(األندلسي أيب بكر الطرطوشي

:ومن أشهر الفقهاء املصريني الذين كانت هلم جهود يف النقد الفقهي اخلارجي ، نذكر

من املالكيني احملققني متيز بشخصية ):هـ204ت(أشهب بن عبد العزيز املصري -1جدلية ، كان مائال إىل احلجة متمكنا من أساليب احلجاج ، كانت له مذاكرات مع

)2(.الشافعي

--------------------

أبو بكر بن حممد بن الوليد بن خلف بن سليمان الفهري األندلسي الطرطوشي ، الفقيه ، عامل اإلسكندرية ، و -1 . 496-19/490:سري أعالم النبالء.هـ520طرطوشة ، الزم الباجي ، ودخل العراق ، ومصر ، تويف سنة

: مالحظة -2

ها أن أشهب ضاق ذرعا بالشافعي فكان يدعو عليه باملوت ، ذكر هذه القصة يروي أصحاب التراجم قصة مفاد ، و ابن عماد احلنبلي يف " توايل التأسيس يف معايل حممد بن إدريس"القاضي عياض يف ترتيب املدارك ، و ابن حجر يف

.الشذرات

باملوت ، فذكرت ذلك له فأنشد مسعت أشهب يدعو على الشافعي : قال حممد بن عبد احلكم :" قال القاضي عياض :متمثال

متىن رجال أن أموت و إن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خالف الذي مضى يأ ألخرى مثلها فكأن قد

من فمات الشافعي و اشترى أشهب من تركته غالما طباخا ، فمات بعده بثمانية عشر يوما ، و اشتريت أنا الغالم اللهم أمت الشافعي و إال ذهب : مسعنا أشهب يدعو يف سجوده : تركة أشهب ، و حكى الربيع بن سليمان ، قال

.263-1/262ج:ترتيب املدارك".علم مالك ، فبلغ ذلك الشافعي ، فأنشأ يقول البيتني

...بعضهم يف بعض ، الودعاء أشهب على الشافعي من باب كالم املتعاصرين :" قال الذهيب معلقا على هذه القصة

Page 275: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كان متعصبا ملالك و اشتهر مبجافاته لإلمام ):هـ205ت ()1(فتيان بن أيب السمح -2بيع احلر بالدين ، و يف اإلمامة ، : الشافعي ، كانت له مناظرات معه منها مناظرته يف مسألة

ية ، قال و يف صدقة البقر ، وكانت هذه املناظرة سببا يف العداوة بني املالكية و الشافعو لعصبيته ملالك ، و إفراطه فيها ، نشأت العداوة بني املالكيني و الشافعيني يف :" عياض )2(".مصر

--------------------

.9/503ج:سري أعالم النبالء " يعبأ به ، بل يترحم على هذا و على هذا ، و يستغفر هلما ...

ن فقيها من أصحاب مالك ، ومن املتعصبني ملذهبه ، اختلف يف أبو اخليار فتيان بن عبد اهللا بن أيب السمح ، كا -1 .266-1/265ج:ترتيب املدارك.هـ233:هـ، وقيل سنة205:وفاته فقيل سنة

.1/266ج:ترتيب املدارك-2

:مالحظة

توايل التأسيس " يتهم بعض متعصبة الشافعية فتيان بن أيب السمح بقتل اإلمام الشافعي ، يقول ابن حجر يف كتابه أن فتيان بن أيب السمح املالكي املصري وقعت بينه و : قد اشتهر أن سبب موت الشافعي ":" عايل حممد بن إدريسمل

بني الشافعي مناظرة ، فبدرت من فتيان بادرة فرفعت إىل أمري مصر فطلبه و عزره ، فحقد على ذلك ، فلقي الشافعي ".ومل أر ذلك من وجه يعتمد: ن مات ، قال ابن حجر فضربه مبفتاح من حديد فشجه فمرض الشافعي منها إىل أ

:مث ذكر أبياتا أليب حيان التوحيدي يف مدح الشافعي ضمنها هذه القصة ، يقول فيها

وملا أتى مصر انربى إليذائه أناس طووا كشحا على بغضه طيا

أتى ناقدا ما حصلوه و هادما ما أصلوا إذ كان بنيام وهيا

وا عليه عندما انفردوا به شقيا هلم شل له اإلله يديافدس

.185ص:توايل التأسيس".فشج مبفتاح احلديد جبينه فراح قتيال ال بواء و ال نعيا

ونفى صحتها ،" انتصار الفقري السالك" يف كتابه ) هـ853ت(ونقل كالم ابن حجر مشس الدين الراعي األندلسي

Page 276: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ألف يف الرد على الشافعي كتابا ): هـ268ت()1(بن عبد اهللا بن احلكم حممد-3وهو معارضة منه لكتاب " الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب و السنة:"مساه

و حملمد بن عبد احلكم :" الرد على مالك فيما خالف فيه السنة ، قال ابن عبد الرب: الشافعي، وله عليه رد يف مسألة النكاح " الف للحديث املسندرد على الشافعي ، فيما وقع له من خ

)2(.باإلجارة ، وله مراجعات مع املزين ، كما ألف يف الرد على أهل العراق

النوادر و " خصص جزءا من كتابه ): هـ269ت()3(حممد بن إبراهيم بن املواز-4كلم فيه على و يف هذا اجلزء ت:" للرد على احلنفية و الشافعية ، قال عياض" الزيادات

)4(".الشافعي و على أهل العراق ، مبسائل من أحسن الكالم و أنبله

--------------------

.309-307، ص" انتصار الفقري السالك:"ينظر.وعقب على أبيات أيب حيان بكالم طويل و الذع ...

ملناظرة ، و احلجة ، مسع من أبيه و ابن وهب و أبو عبد اهللا ، كان من العلماء الفقهاء ، مربزا من أهل النظر ، و ا -1 .401-1/400ج:ترتيب املدارك.أشهب و ابن القاسم ، صحب الشافعي ، و كتب كتبه

.1/401:ترتيب املدارك -2

هـ، تفقه على يد ابن املاجشون 180حممد بن إبراهيم بن رباح ، اإلسكندراين ، املعروف بابن املواز ، ولد سنة -3 .407-1/405ج:ترتيب املدارك.هـ269احلكم ، كان راسخا يف الفقه و الفتيا ، تويف سنة و ابن عبد

.1/406ج:ترتيب املدارك-4

Page 277: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املغربية: املطلب اخلامس

لواء املذهب املالكي بعد - بشقيها اإلفريقي و األندلسي–لقد محلت املدرسة املغربية .بالعراق و الضعف الذي شهدته املدرسة املصرية املالكيةأفول جنمه

وقد كانت مشاركة هذه املدرسة يف جمال النقد الفقهي اخلارجي هامة من خالل الرد على املخالفني و انتقاد مذاهبهم و الدفاع عن املذهب املالكي ، حيث متثل ذلك يف جمموعة من

جمالس الدرس يف املدرسة املغربية عن مواكبة املناظرات و املؤلفات الفقهية ، ومل تتخلف )1(.حركة النقد الفقهي اخلارجي اليت كان مالكية املشرق روادها

ففي القريوان كان فقهاء املالكية القرويون أهل دراية و نباهة ورسوخ يف الرد على ر يف هذا املذاهب املخالفة و حماججتها ، و خباصة املذهب احلنفي الذي كان واسع االنتشا

القطر ، فقد التقى املذهبان احلنفي و املالكي منذ أواخر القرن الثاين للهجرة ، وكانت هلم قدم واحدة يف جمالس الدرس ، و كانت السمة املميزة هلذا االلتقاء ، أن العالقة العلمية بني

شكل املذهبني مل يغلب عليها اجلدل و احملاججة و اخلصام ، بل كانت العالقة هادئة بملموس ، ومل يكن يثري النقاش إال يف بعض املسائل اخلالفية الشهرية بني املذهبني كمسألة

.النبيذ ، اليت طاملا تطارحتها مناظرات أعالمهم

وقد بدأت املناظرات بني املذهبني تشهد احتدادا يف طبقة حممد بن كان موضوع ، حيث طغى على جمالس املناظرة طابع اجلدل ، وقد )هـ256ت(سحنون

صالة التراويح، و مسألة األشربة ، و املياه ، و قضايا من السياسة الشرعية ، : املناظرات )2(.حيث كثرت املناظرات بني الفريقني يف هذه املسائل اخلالفية

--------------------

.422-1/420العايل،جاملستوعب يف اخلالف -2. 1/47منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، ج-1

Page 278: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

خفتت املناظرات و الردود الفقهية ) هـ297ت(و مع دخول العبيديني القريوان سنة بني املالكية و احلنفية ، حيث انشغل املالكية يف هذه الفترة باملواجهة مع العبيديني ، وقد

ى آخر كانت املناظرات العلمية جبهة من جبهات هذه املواجهة ، فأخذ النقد الفقهي منحالعقدي ، و اختلطت الفروع باألصول يف املناظرات اليت مجعت املالكية حيث امتزج بالنقد

الرفض بالقريوان ، وذلك ملا للشيعة من فقه جبانب ما هلم من عقيدة ال يقر برموز التشيع و، و مسائل يف املواريث : ا أهل السنة ، ومن القضايا اليت تناظر فيها الفقهاء من الفريقني

.)1(األذان ، ومواقيت الصيام و الفطر ، و الزكاة و حنوها

الرمز األملعي للمالكية يف هذه احلقبة ، ) هـ302ت()2(ويعد أبو عثمان سعيد بن احلداد .ونلمس يف املناظرات اليت حفظت لنا عنه التداخل الشديد بني الفقه و العقيدة

ومن يف ) هـ386ت(بن أيب زيد القريواينمث ازدهر النقد الفقهي اخلارجي يف عصر ا طبقته من خالل اعتمادهم على التراث البغدادي يف احلجة و النظر ، حيث عرفت كتب اخلالف ملالكية العراق طريقها إىل القريوان ، فقد اعتمد علماء القريوان على مصنفام

على أهل العراق و أصوال و فروعا و مصادر يف النقد الفقهي و احلوار املذهيب يف الرد الشافعي ، وهذا منصوص يف الوصية الشهرية اليت حفظت عن ابن أيب زيد القريواين اليت يوصي فيها طلبته بضرورة االطالع على مصنفات العراقيني للتمرس على طرق النقد و

.أساليبه

--------------------

.1/47و النقد الفقهي عند املازري ، ج منهج اخلالف -1/422املستوعب يف تاريخ اخلالف العايل ، ج-1

سعيد بن حممد بن صبيح بن احلداد املغريب ، أبو عثمان ، شيخ املالكية ، صاحب سحنون ، هو أحد اتهدين ، -2 .214-14/205:سري أعالم النبالء.هـ302كان حبرا يف الفروع ، بصريا بالسنن ، تويف سنة

Page 279: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

دور ) هـ403ت( كما كان لدخول كتب احلديث و اآلثار على يد اإلمام القابسي مهم يف تطور االجتاه النقدي يف القريوان ، فقد ألفت يف هذه املرحلة شروح على صحيح

، و ابن ) هـ402ت()1(اإلمام البخاري و تعاليق عليه ، منها كتاب أيب جعفر الداوديو انضافت اجلهود حول الصحيحني إىل اجلهود حول و غريمها ، )2()هـ611ت(التني

املوطأ ، اليت ابتدأت من قبل، لتكون دعائم لالجتاه األثري الذي أخذ موقعا مهما يف جمال .النقد الفقهي باملدرسة املغربية عموما

و املالحظ على حركة النقد الفقهي اخلارجي يف إفريقية و القريوان بشكل خاص أن ردود و مناقشتهم للمذاهب األخرى تركزت على املذهبني الساريني يف القريوان آنئذ ، املالكية

لتشمل -ولكن بشكل قليل- مذهب أيب حنيفة و مذهب الشيعة ، و امتدت تلك الردود .مذهب الشافعية و مذهب الظاهرية نظرا لضعف حضورمها و قلة أتباعهما يف ربوع إفريقية

:دور يف النقد الفقهي اخلارجي يف إفريقية ، نذكر ومن أشهر الفقهاء الذين كان هلم

كان ثالث ثالثة من نظار املالكية الذين اجتمعوا يف ):هـ256ت(حممد بن سحنون-1القاضي إمساعيل بالعراق ، و ابن : عصر واحد ، و برزوا يف النقد الفقهي اخلارجي ، وهم

.عبد احلكم مبصر ، وهو باملغرب

--------------------

من بسكرة ، من أئمة املالكية باملغرب ، كان : بوجعفر أمحد بن نصر الداودي األسدي ، أصله من املسيلة وقيلأ-1 .229-2/228:ترتيب املدارك.هـ402فقيها فاضال متفننا مؤلفا جيدا ، له شرح على البخاري ، تويف سنة

حملدث ، له شرح على البخاري مشهور ، اعتمده أبو حممد عبد الواحد بن التني الصفاقسي ، الشيخ اإلمام العالمة ا-2 .1/168:شجرة النور الزكية.هـ611احلافظ ابن حجر يف شرحه للبخاري ، تويف بصفاقس سنة

Page 280: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وقد كان ابن سحنون معروفا برده على العراقيني ومناظرته هلم ، فله كتاب يف حترمي املسكر، كتاب " الرد على الشافعي و كتاب األشربة ، ومها رد على أهل العراق ، وله يف

)1(".اجلوابات

تلميذ ابن سحنون ، و كان من : )2()هـ275ت(عبد اهللا بن أمحد بن طالب التميمي-2أجنب تالمذة حممد بن عبد احلكم وعليه اعتمد يف احلجة و النظر ، له من املؤلفات يف النقد

عي ، و األمايل ثالثة أجزاء ، الرد على املخالفني من الكوفيني و على الشاف: الفقهي اخلارجي )3(.و الرد على من خالف مالكا

، ومع ذلك ال )5(كان شجا على العراقيني):هـ289ت()4(حيىي بن عمر الكندي-3 )6(.يعرف له مصنف يف الرد عليهم ، لكنه ألف كتابا يف الرد على الشافعي

--------------------

.1/425ترتيب املدارك ، ج-1

هـ، تفقه بسحنون ، وكان من أكابر أصحابه، 217أبو العباس ، عبد اهللا بن أمحد بن طالب التميمي ، ولد سنة-2- 1/480:ترتيب املدارك.هـ275ويل قضاء القريوان مرتني ، كان فطنا ، جيد النظر ، حيسن املناظرة ، تويف سنة

491 .

.1/481ترتيب املدارك ، ج-3

هـ ، سكن القريوان ، وعداده 213الكناين ، أبو زكريا ، نشأ بقرطبة ومولده ا سنة حيىي بن عمر بن يوسف -4ترتيب .هـ289يف اإلفريقيني ، مسع من سحنون ، وابن حبيب ، كان فقيها ، حافظا للرأي ، تويف يف سوسة سنة

.509-1/505:املدارك

.1/508ترتيب املدارك ، ج-5

.1/506املصدر نفسه ، -6

Page 281: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كان عاملا بالذب و الرد على الفرق ، وكان ):هـ302ت(ن سعيد بن احلدادأبو عثما-4 )1(.كثري الرد على الكوفيني ، كما ألف يف الرد على الشافعي و الظاهرية

من تالميذ ابن احلداد ، الذين ساروا طريقته و اقتفوا ):هـ333ت:(أبو بكر بن اللباد-5 )2(".الرد على الشافعي:" ف كتابا مشهورا هوأثره ، كان عاملا باملذاهب و الرد عليها ، أل

كانت له معرفة راسخة و اطالع جيد على ):هـ386ت(حممد ابن أيب زيد القريواين-6مصنفات البغداديني اخلالفية فتأثر مبنهجهم و طريقتهم ، كان له باع طويل يف الذب عن

الذب عن :" ارجيمذهب مالك و إثبات احلجة له ، و من مصنفاته يف النقد الفقهي اخل )3(".مذهب مالك

باخلالف و النقد و - يف بدايتها-أما يف الشق األندلسي فلم تكن عناية هذه املدرسة الردود على املخالفني عناية كبرية ، وهذا راجع إىل سيطرة املذهب املالكي على إقليم

لذلك قل نشاط األندلس و انعدام املذاهب املخالفة أو ضعف وجودها يف هذا اإلقليم ، فحركة النقد الفقهي اخلارجي يف هذه املرحلة ألن نشاطها مرتبط دائما بوجود املنافسة املذهبية ، فكلما ضعفت املنافسة املذهبية قل و ضعف معها نشاط حركة النقد الفقهي اخلارجي ، فكان الدرس الفقهي لدى فقهاء األندلس يقوم على االكتفاء بدراسة مسائل

فنون الفقه العملية ، كالقضاء و ما يتصل به ، و النوازل ، خاليا من اجلدل واملذهب ، و

--------------------

.14/207الذهيب ، سري أعالم النبالء ، مصدر سابق ، ج -1

.2/21ترتيب املدارك ، -2

الطبعة األوىل ، سنة الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور حممد العلمي من إصدرات الرابطة احملمدية للعماء باملغرب ،-3 .م2011/هـ1432

Page 282: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املناظرة و نقد املذاهب املخالفة ، واهتم مالكية األندلس بتدوين مساعات مالك و كتب .أصحابه ، كما اعتنوا بشرح املدونة و التأليف يف األحكام و النوازل و الوثائق

دلس و بالد لكن الوضع تغري بعد ذلك نتيجة للرحالت و التواصل العلمي بني األن املشرق، فقد أوجدت هذه الرحالت العلمية لطالب األندلس وضعا فقهيا جديدا دفع باملالكية إىل العناية بالنقد الفقهي اخلارجي و أسهم يف نشاط حركة النقد الفقهي اخلارجي ،

)1(:فكان من نتائج هذه الرحالت العلمية ما يلي

تماؤهم إىل مذاهب أخرى أو التأثر ا و حتول بعض األندلسيني عن مذهب مالك و ان -أعبد اهللا :إدخال مصنفاا إىل بالد األندلس ، فقد دانت مجاعة منهم باملذهب الظاهري منهم

، و أبو ) هـ327ت(، ومنذر بن سعيد البلوطي) هـ270ت()2(بن قاسم بن هالل ).هـ456ت(حممد علي بن حزم

، و ) هـ302ت()3(و اخليار هارون بن نصرأب: وجند مجاعة اتبعت اإلمام الشافعي منهم ).هـ320ت()4(عثمان بن سعيد الكناين

--------------------

.595-2/573العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، ج-1

أبو حممد ، عبد اهللا بن قاسم بن هالل القيسي ، فقيه ظاهري ، كان مالكيا مث مال إىل املذهب الظاهري بعد -2ابن الفرضي،تاريخ العلماء . هـ270عراق ، التقى بداود الظاهري ، وكتب عنه كتبه كلها ، تويف سنة رحلته إىل ال

.258-1/257:و الرواة

هارون بن نصر ، أبو اخليار ، من أهل قرطبة ، صحب بقي بن خملد ، مال إىل كتب الشافعي و تفقه ا ، كان -3 .167-2/166:فرضي، تاريخ العلماء و الرواةابن ال.هـ302من أهل النظر و احلجة ، تويف سنة

أبو سعيد عثمان بن سعيد الكناين ، و يعرف حبرقوص ، من أهل قرطبة ، مسع من بقي بن خملد ، كان جامعا -4 .347- 1/346:تاريخ العلماء و الرواة.هـ320للكتب ، ومناظرا على مذهب الشافعي ، تويف سنة

Page 283: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

حممد بن عيسى : هب أيب حنيفة منهمتأثرت مبذ -أقل عددا-كما جند مجاعة ). هـ290ت()2(، و أمحد بن إبراهيم اللخمي) هـ221ت()1(املعافري

وقد نشطت هذه املذاهب ، و برز هلا أعالم و أئمة ناظروا املالكية ، و جادلوهم يف أصوهلم و فروعهم ، و نقضوا عليهم مسائل مذهبهم ، خاصة من الظاهرية الذين كان هلم حضور قوي وانتشر مذهبهم بشكل واسع بني طلبة العلم حىت كاد أن يعصف باملذهب

.حزم ، وهذا ما دفع باملالكية إىل الرد عليه و نقد مذهبهاملالكي خصوصا بعد ظهور ابن

دخول مصنفات احلديث و اآلثار ، اليت محلها طالب الرحلة من املشرق ، حيث تأثر - بذه الكتب عدد من علماء األندلس الذين عرفوا باتباع النظر و احلديث و خمالفتهم ملذهب

و غريهم ، ما ) هـ305ت()3(يم بن حيونبقي بن خملد ، و حممد بن إبراه: مالك منهم .جعل املالكية حيملون على هذا االجتاه يف األندلس و يردون على أصحابه

تلمذة مالكية األندلس على أئمة اخلالف و اجلدل من مالكية العراق ، حيث أدخلوا -جـعن كتبهم و مصنفام يف اخلالف و احلجة ، و تأثروا بطريقتهم يف املناظرة و الذب

.املذهب، و نقد املذاهب املخالفة

--------------------

حممد بن عيسى بن خالد بن أيب عقيل املعافري ، من أهل إلبرية ، كان عاقدا للشروط ، منسوبا للفقه ، تويف سنة -1 .93-2/92:ابن الفرضي، تاريخ العلماء و الرواة.هـ379

أبو عبد الرمحن ، من أهل قرطبة ، ورحل إىل العراق ، كان يذهب أمحد بن إبراهيم بن فروة اللخمي الفرضي ، -2 .34-1/33:ابن الفرضي، تاريخ العلماء و الرواة.هـ290مذهبهم يف شرب النبيذ ، تويف سنة

أبو عبد اهللا ، حممد بن إبراهيم بن حيون ، مسع من ابن وضاح و ابن مسرة ، رحل إىل املشرق ، و دخل بغداد -3 .30-2/28:ابن الفرضي، تاريخ العلماء و الرواة.هـ305ة من أهل احلديث ، تويف سنة فسمع من مجاع

Page 284: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فكان هلذه العوامل الثالثة أثر كبري يف تطور حركة النقد الفقهي اخلارجي يف األندلس ، :وقد برز عدد من فقهائها يف هذا اال ، منهم

، " االنتصار ألهل املدينة"به ألف كتا):هـ418ت(حممد بن عمر بن الفخار القرطيب -1، و طبع مع الكتاب رسالتني له ، )1(رد فيه على ابن حزم كما أكد ذلك حمقق الكتاب

مسائل أيب حنيفة اليت : يف ذكر تناقض الشافعي و ما غلط فيه من مسائل ، و الثانية: إحدامها )2(.احتال فيها لنقض نصوص الشريعة

ذي عاصر املرحلة األخرية من مدرسة بغداد ال):هـ474ت(أبو الوليد الباجي -2املالكية، و انتهى إليه عطاؤها و منهجها درسا و تأليفا ، فتصدى ملناظرة ابن حزم و الرد

)3(.عليه

" له رسالة يف الرد على ابن حزم مساها ): هـ486ت ()4(عيسى بن سهل األسدي -3 )5(".التنبيه على شذوذ ابن حزم

--------------------

، دار األمان للنشر و التوزيع ، املغرب ، 1حممد التمسماين ، ط:االنتصار ألهل املدينة ، حتقيق: ينظر -1 .55، ص 2009/هـ1430

.املصدر نفسه-2

.2/708العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، ج-3

حمد بن عتاب و الزمه ، هـ، تفقه مب413عيسى بن سهل األسدي املالكي ، يكىن أبا األصبغ ، ولد جبيان سنة -4ترتيب . هـ486اإلعالم بنوازل األحكام ، تويف سنة:" من أشهر تالميذه ابن العطار صاحب الوثائق ، من مؤلفاته

. 188-8/182املدارك،

، 15الرسالة عبارة عن خمطوط حقق جزءا منه الدكتور مسري القدوري ، ونشر يف جملة الذخائر ، لبنان ، العدد -5 .108-95، ص 1424/2003: رابعةالسنة ال

Page 285: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

اختصار مشكل اآلثار " ألف كتاب ):هـ520ت(أبو الوليد ابن رشد اجلد -4 )2(.، رد فيه على أيب جعفر الطحاوي و على احلنفية)1(" للطحاوي

ذيب " ألف كتاب ):هـ543ت()3(يوسف بن دوناس أبو احلجاج الفندالوي-5ني االحتجاج للمذهب و الرد على املذاهب ، مجع فيه ب" املسالك يف نصرة مذهب مالك

)4(.املخالفة

اهتم كثريا بالذب عن املذهب و الرد على املذاهب ):هـ543ت(أبو بكر بن العريب -6األخرى ، فرد على الشافعية ، ورد على احلنفية و الظاهرية ، لكنه كان أقسى ما يكون على

، و " الدواهي و النواهي" عليهم احلنفية ، و كان أشذ من ذلك على الظاهرية ، و ألف )5(.، و أطال النفس يف تعقب ابن حزم و أهل الظاهر يف العواصم و القواصم" الغرة"رسالة

--------------------

. 1/129ط، ج.، د1349حممد خملوف ، شجرة النور الزكية ، املطبعة السلفية ، القاهرة ،-1

. 2/717العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، ج-2

أبو احلجاج،يوسف بن دوناس املغريب املالكي،خطيب بانياس ، مث مدرس املالكية بدمشق، روى عنه ابن عساكر ، -3 .20/209:سري أعالم النبالء.هـ543كان حسن املفاكهة ، شديد التعصب ملذهب أهل السنة ، تويف سنة

.1998الدكتور أمحد البوشيخي ، طبعة وزارة األوقاف املغربية سنة :حقيقالكتاب مطبوع بت-4

.2/727العلمي ، املصدر السابق ، ج -5

Page 286: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.قهي اخلارجياملؤلفات املالكية يف النقد الف: املبحث الثاين

.نقد احلنفية و الرد عليهماملؤلفات املالكية يف : املطلب األول

ظهر اخلالف الفقهي بني املذهبني املالكي و احلنفي مبكرا مع بداية تأسيس املذهب املالكي على يد اإلمام مالك ، و هو امتداد طبيعي للخالف الفقهي التارخيي بني مدرسة احلديث اليت ميثلها املذهب املالكي و مدرسة الرأي اليت ميثلها املذهب احلنفي ، و ألن

ذهب قائم على اجلدل و الرد على املخالفني فقد بدأ احلنفية محلة الردود و املذهب احلنفي ماالنتقادات للمذهب املالكي على يد تالميذ أيب حنيفة ، و أشهر الردود و االنتقادات احلنفية

، " احلجة على أهل املدينة" للمالكية كانت موجهة من طرف حممد بن احلسن يف كتابه ىل التأليف يف الرد و نقد املذهب احلنفي ، و أغلب الردود و وهو ما دفع باملالكية إ

:االنتقادات كانت حول مسألة النبيذ و احليل ، ومن أشهر املؤلفات يف ذلك نذكر مايلي

: ففي الرد على أيب حنيفة و أهل العراق عموما

، و " ةكتاب األشرب" ، و" حترمي املسكر:" ألف حممد بن سحنون يف الرد على احلنفية -1 )1(".الرد على أهل العراق" كتاب

)2(".الرد على أهل العراق" وألف حممد بن عبد احلكم كتاب -2

)3(.للرد على أيب حنيفة" املوازية" وخصص حممد بن املواز جزءا يف آخر كتابه -3

--------------------

.1/425ترتيب املدارك ، ج-1

.1/401املصدر نفسه ، ج -2

.1/406فسه ، جاملصدر ن -3

Page 287: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".الرد على أيب حنيفة" و ألف إمساعيل القاضي كتابه -4

)2(.الرد على املخالفني من الكوفيني: و ألف عبد اهللا بن طالب -5

مسائل أيب حنيفة اليت احتال فيها :" رسالة مساها) هـ419ت(و ألف ابن الفخار -6 )3(".لنقض نصوص الشريعة

: خصوصا ويف الرد على حممد بن احلسن

)4(".الرد على حممد بن احلسن:" كتاب القاضي إمساعيل -1

)5(".الرد على حممد بن احلسن): " هـ329ت (و كتاب أيب بكر بن اجلهم -2

:كما رد املالكية على أشهر فقهاء املذهب احلنفي ، وهو اإلمام الطحاوي

، " حترمي املسكر "كتاب ) هـ333ت()6(فألف أبو الفضل العباس بن عيسى املمسي -1 )7(.ناقض به كتاب الطحاوي

--------------------

.1/481:املصدر نفسه-2 .1/465:ترتيب املدارك-1

.االنتصار ألهل املدينة:الرسالة مطبوعة مع كتابه-3

.1/471:ترتيب املدارك-4

.1/287م، 2001اإلسالمي،لبنان،،دار الغرب 1بشار عواد، ط:اخلطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ،حتقيق-5

العباس بن عيسى املمسي ، أبو الفضل ، كان فقيها فاضال ، مل يكن يف طبقته أفضل منه ، عين باخلالف و النظر، -6 .29-2/26:ترتيب املدارك.كان مالكيا حمضا ، من أهل احلفظ و الذكاء ، و العلم بالوثائق

.2/27:ترتيب املدارك-7

Page 288: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.، وهو نقض لكتاب الطحاوي" األشربة" الء القشريي كتاب وألف بكر بن الع -7

، وفيه " مشكل اآلثار" ذيب كتاب الطحاوي ) 520ت(و ألف ابن رشد الفقيه -8 )2(.رد على الطحاوي و على احلنفية يف مسائل

--------------------

.2/12:ترتيب املدارك-1

.1/129الزكية ، حممد خملوف ، شجرة النور-2

Page 289: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.و الرد عليهم الشافعيةلفات املالكية يف نقد مؤ: املطلب الثاين

مل يكن الشافعية مبنأى عن الصراع الفقهي بني املالكية و املذاهب املخالفة ، إال أن موقف كان أقل حدة على اعتبار أن املذهب الشافعي -مقارنة مبوقفهم من احلنفية- املالكية منهم

ذهب املالكي ، و إن كان خمالفا له و خارجا عنه ، إال أن انتقادات اإلمام الشافعي وليد امليف األصول ، كأصل سد الذرائع ، و -الذي كان يعترب من أشهر تالميذه–لإلمام مالك

عمل أهل املدينة، ويف مسائل الفروع أيضا، كان له وقع خاص على املالكية ، وهذا ما على كتابة ردود كثرية على الشافعية ، فما أكثر مصنفام يف انتقاد محل كثريا من املالكية

إن الرد : املذهب الشافعي ، و الرد على مؤسسه وعلى بعض أتباعه ، حىت إنه ميكن القولعلى اإلمام الشافعي يعد ظاهرة عامة كانت مثار اهتمام و عناية املالكية يف املشرق و

)1(.املغرب

:على الشافعي ومن املؤلفات يف الرد

، يف الرد على " كتاب اجلوابات :" وهو) هـ256ت(كتاب حممد بن سحنون -1 )2(.الشافعي و أهل العراق

كتاب : مؤلفان يف الرد على الشافعي ، األول) هـ268ت(وحملمد بن احلكم املصري -2الشافعي ، وهو معارضة منه لكتاب " الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب و السنة" الرد عليه يف مسألة النكاح : ، و الثاين )3("الرد على مالك فيما خالف فيه السنة "

)4(.باإلجارة

--------------------

.مقدمة احملقق.30ابن الفخار ، االنتصار ألهل املدينة ،ص-.286عمر اجليدي ، مباحث يف املذهب املالكي ، ص-1

.1/348:العلمي،املستوعب يف اخلالف العايل -4. 1/401:داركترتيب امل-3. 1/425ترتيب املدارك،ج-2

Page 290: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.كتابا يف الرد على الشافعي) هـ267ت(كما ألف محاد بن إسحاق -3

للرد على الشافعي ، " املوازية" جزءا من كتابه) هـ269ت(وخصص حممد بن املواز -4لى أهل و يف هذا الكتاب جزء تكلم فيه على الشافعي و ع:" قال القاضي عياض

)2(".العراق

كتابا يف الرد على الشافعي يف ) هـ282ت (و ألف إمساعيل بن إسحاق القاضي -5 )3(.مسألة اخلمس و غريه

ردا على الشافعي ، قال ابن ) هـ289ت()4(و ألف يوسف بن حيىي املغامي األندلسي -6 )5(".له تأليف حسن يرد فيه على الشافعي:" حارث

احلجة يف الرد " ردا على الشافعي ، يسمى) هـ289ت(الكنديو ألف حيىي بن عمر -7 )6(".على اإلمام الشافعي

--------------------

.1/472ترتيب املدارك ، -1

.1/406املصدر نفسه ، -2

.1/471املصدر نفسه ، -3

حيىي بن حيى ، يوسف بن حيىي بن يوسف األزدي ، املعروف باملغامي ، يكىن أبا عمر ، من أهل قرطبة ، مسع من-4- 2/200:تاريخ العلماء و الرواة.وروى عن ابن حبيب ، كان حافظا للفقه ، عاملا بالذب عن مذهب احلجازيني

201.

.382م،ص 1991ماريا لويسا، الس األعلى لألحباث العلمية، مدريد، : أخبار الفقهاء و احملدثني ، حتقيق-5

.1/406ترتيب املدارك ، -6

Page 291: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كتابا يف الرد على ) هـ298ت( )1(بن مروان أبو بكر الدينوري املالكي و ألف أمحد -8 )2(.الشافعي

كتبا يف الرد على ) هـ297ت(و ألف عبد اهللا بن طالب التميمي القريواين -9 )3(.الشافعي

رسالة صغرية يف الرد على ) هـ302ت (و ألف أبو عثمان سعيد بن احلداد -10 )4(.الشافعي

)5(".الرد على الشافعي" كتابه الشهري ) هـ333ت(ر بن اللبادمث ألف أبو بك -11

ردا على الشافعي يف مسألة الصالة ) هـ344ت(و ألف بكر بن العالء القشريي -12: و ألف بكر كتبا جليلة ، منها:" ، قال القاضي عياض -صلى اهللا عليه وسلم-على النيب

)6(".-صلى اهللا عليه و سلم-كتاب الرد على الشافعي ، يف وجوب الصالة على النيب

--------------------

أبو بكر ، أمحد بن مروان ، الدينوري ، املالكي ، الفقيه العالمة احملدث ، كان بصريا مبذهب مالك ، مصنف -1 . 428-15/427:سري أعالم النبالء.هـ298، تويف سنة " االسة"كتاب

.15/427الذهيب ، سري أعالم النبالء ، -2

.1/481ترتيب املدارك ، -3

.204م، ، ص 1994/هـ1415، مكتبة اخلاجني، القاهرة، 2ابن احلارث ، علماء إفريقية ، ط-4

.1986/هـ1406عبد ايد بن محدة ، دار العرب للطباعة بتونس ، :الكتاب مطبوع بتحقيق-5

.2/12ترتيب املدارك ، -6

Page 292: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

صغرية يف الرد على الشافعي رسالة ) هـ419ت(كما ألف ابن الفخار القرطيب -13االنتصار " ، وهي مطبوعة مع كتابه " تناقض الشافعي و ما غلط فيه من املسائل:" عنواا

)1(".ألهل املدينة

:كما كان للمالكية ردود على بعض الشافعية ، كردهم على املزين ، ومن املؤلفات يف ذلك

)2(.رد على املزين، كتاب ال) هـ344ت(فألف بكر بن العالء القشريي -1

)3(و ألف حممد بن عبد اهللا أبو جعفر األري الصغري الشهري بابن اخلصاص -2 )4(.، الرد على مسائل املزين)هـ365ت(

كتاب الرد ) هـ375ت(و ألف أبو بكر حممد بن عبد اهللا بن صاحل األري الكبري -3 ) 5(.على املزين

)6(. كتاب الرد على املزين) هـ422ت(و ألف القاضي عبد الوهاب البغدادي -4

--------------------

.2009/هـ1430، الرابطة احملمدية ، املغرب ، 1حممد التمسماين ، ط:الكتاب مطبوع بتحقيق-1

.2/12ترتيب املدارك ، -2

األري ، حممد بن عبد اهللا ، أبو جعفر ، يعرف باألري الصغري ، و بالوتلي ، وابن اخلصاص ، تفقه بأيب بكر -3 .2/215:ترتيب املدارك.هـ365ورحل إىل مصر ، فتفقه عليه خلق كثري ، تويف سنة

.2/215:ترتيب املدارك -4

.2/127: ترتيب املدارك-5

.2/273:ترتيب املدارك-6

Page 293: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.و الرد عليهم الظاهريةلفات املالكية يف نقد املؤ: املطلب الثالث

واجه املالكية صدامات فكرية مع الظاهرية خاصة يف األندلس حيث كانت الظاهرية قوية احلضور و نافست املالكية هناك ، وعارضتها بأقصى العنف ، وكان رائدها آنذاك أبو حممد علي بن حزم الظاهري الذي حاول أن يهدم كل األصول املالكية ، و استطال على فقهائهم

و التقليد ، وكان حادا يف نقده هلم ، قاسي العبارة معهم ، يقول الذهيب يف فرماهم باجلمود مث أداه اجتهاده إىل القول بنفي القياس كله جليه و خفيه ، و األخذ بظاهر النص :" وصفه

وعموم الكتاب و احلديث ، و القول بالرباءة األصلية ، و استصحاب احلال ، و صنف يف عليه ، وبسط لسانه وقلمه ، ومل يتأدب مع األئمة يف اخلطاب ، ذلك كتبا كثرية ، و ناظر

، ولذلك نشط علماء املغرب و األندلس يف تتبع )1("بل فجج العبارة ، وسب و جدعأقوال ابن حزم و إفرادها بالنقد و املعارضة ، ومل تغادر الردود شيئا من آرائه يف الفقه و

ال وفتشته و عارضته ، وعددت أغالطه ، وال شك أصوله ، أو يف العقيدة ، أو يف اآلداب إأن هذه الردود لعبت دورا كبريا يف احلد من انتشار مذهب ابن حزم ، ومن أشهر املؤلفات

-وإن كان معظمها مفقودا–املالكية يف الرد على الظاهرية عموما و ابن حزم خصوصا )2(:نذكر ما يلي

--------------------

.187- 18/186أعالم النبالء ، الذهيب ، سري -1

، 13مسري القدوري ، الردود على ابن حزم باألندلس و املغرب ، جملة األمحدية ، ديب ، العدد :ينظر-2 .مقدمة احملقق.45-1/44ابن أيب زيد القريواين ، الذب عن مذهب مالك ،-.338-282ص ، هـ1424

Page 294: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.د فيه على الظاهريةر) هـ344ت(بكر بن العالء القشريي" القياس"كتاب -1

، ذكر فيه طرفا من جمالسه ) هـ474ت (أليب الوليد الباجي" فرق الفقهاء" كتاب -2 )2(.يف مناظرة ابن حزم ، و الكتاب نقل عنه القاضي عياض يف الترتيب ، و الذهيب يف السري

ت (أليب األصبغ عيسى بن سهل األسدي" التنبيه على شذوذ ابن حزم" كتاب -3 )3().ـه486

، ) هـ505ت( )4(جزء يف الرد على ابن حزم ، تأليف أيب بكر بن مفوز الشاطيب -4وهو كتاب ال يزال مفقودا نقل عنه ابن رشد يف البداية ، و ابن دقيق العيد يف شرح اإلملام ،

)5(.و ابن حجر يف ذيب التهذيب

: " الظاهرية وهييف الرد على ابن حزم و ) هـ543ت(مؤلفات أيب بكر بن العريب -5 )6(".كتاب النواهي عن الدواهي" ، و " الغرة يف الرد على كتاب الدرة

--------------------

.2/12:ترتيب املدارك-1

.305مسري القدوري ، الردود على ابن حزم ، مصدر سابق ، ص-2

، 15الذخائر ، لبنان ، العدد الرسالة عبارة عن خمطوط حقق جزءا منه الدكتور مسري القدوري ، ونشر يف جملة -3 .108-95، ص 1424/2003: السنة الرابعة

حممد بن حيدرة بن مفوز املعافري ، أبو بكر ، من أهل شاطبة ، وسكن قرطبة ، خامتة احلفاظ يف األندلس -4 .3/182ابن األبار ، التكملة لكتاب الصلة ،.هـ505للحديث و علله ، املربزين يف صناعته ، تويف بقرطبة سنة

.314-313مسري القدوري ، الردود على ابن حزم ، ص -5

.317-316املصدر نفسه ، ص -6

Page 295: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

).هـ580ت()1(، تأليف احلسن بن علي املسيلي" الرد على منكر القياس"كتاب -6

أليب بكر بن خلف األنصاري " املسائل املنتقدة على ابن حزم"كتاب-7 )2().هـ599ت(املواق

، تأليف القاضي أيب طالب عقيل بن عطية " يف موازنة األعمالحترير املقال "كتاب -8 )3().هـ608ت(القضاعي

، تأليف أيب زكريا حيىي بن علي الزواوي " الرد على ابن حزم"كتاب -9 )4().هـ611ت(

ت (تأليف أيب احلسن ابن زرقون" املعلى يف الرد على احمللى و الى"كتاب-10 )5().هـ621

--------------------

أبو علي احلسن بن حممد املسيلي ، مجع بني العلم و الورع ، له مصنفات حسنة ، ويل قضاء جباية ، تويف سنة -1 .36-33الغربيين ، عنوان الدراية فيمن عرف من علماء جباية ، ص.هـ580

مدينة فاس ، كان حافظا يف الفقه ، له أبو بكر بن خلف األنصاري ، ابن املواق ، فقيه من أهل قرطبة ، سكن -2 .181- 2/180ابن األبار ، التكملة ، .هـ599عناية باحلديث ، ويل قضاء فاس ، تويف ا سنة

عقيل بن عطية املالقي ، يكىن أبا طالب ، ويل قضاء غرناطة ، مث قضاء سجلماسة ، كان من جلة العلماء ، -3 .329ابن عسكر ، أعالم مالقة ، ص.هـ608، تويف سنة مشاركا يف كثري من العلوم ، حمققا فيها

حيىي بن علي الزواوي ، أبو زكريا ، الشيخ الفقيه ، الصاحل الورع العابد ، رحل إىل املشرق ، و أخذ عن أعالمه ، -4 .185-1/184حممد خملوف ، شجرة النور الزكية ، .هـ611منهم أبو الظاهر السلفي ، تويف سنة

د اهللا ابن زرقون ، أبو احلسن ، األنصاري ، من أهل إشبيلية ، ويل قضاء سبتة ، تويف سنة حممد بن أيب عب-5 .380ص:الديباج املذهب.هـ621

Page 296: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1().هـ628ت(، أليب احلسن علي بن القطان الفاسي" الرد على احمللى" كتاب -11

)2().هـ631ت(، تأليف عبد احلق بن عبد اهللا األنصاري" الرد على ابن حزم"كتاب-12

،تأليف عبد احلميد أبو الربكات "الرد على نفاة القياس"كتاب-13 )3().هـ684ت(الطرابلسي

، تأليف إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع " الرد على ابن حزم" كتاب -14 )4().هـ734ت(التونسي

--------------------

، العامل الفقيه ، الراوية العارف بصناعة احلديث و أبو احلسن بن علي بن عبد امللك املكناسي ، يعرف بابن القطان -1 .1/179شجرة النور الزكية ، .هـ628أمساء رجاله ، تويف سنة

عبد احلق بن عبد اهللا األنصاري ، قاضي اجلماعة بإشبيلية و مراكش ، أصله من املهدية بتونس ، كان فقيها مالكيا -2 .126-2/125، التكملة البن األبار . هـ631نظارا ، تويف سنة

عبد احلميد بن أيب الربكات ، الصديف الطرابلسي ، فقيه مالكي ، له مصنفات جليلة ، توىل قضاء اجلماعة -3 .261الديباج املذهب ص . هـ684بتونس، تويف سنة

إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع التونسي ، قاضي اجلماعة بتونس ، يكىن أبا إسحاق ، كان عالمة زمانه ، و -4 .1/207:شجرة التور الزكية.هـ734فريد عصره ، الفقيه ، األصويل ، تويف سنة

Page 297: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املعامل املنهجية للنقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

من خالل عرضنا لعناية املالكية بالنقد الفقهي اخلارجي و أهم مؤلفام يف هذا اال املنهجية اليت ترسم وحتدد لنا املنهج العام الذي سار عليه ميكن الوقوف على بعض املعامل

:املالكية يف النقد الفقهي اخلارجي ، جنمل ذلك فيما يلي من النقاط

أن نقد املخالفني و الرد عليهم مل يكن مسلكا أصيال يف املذهب املالكي ، و إمنا جاء :أوالخالفة للمذهب املالكي من كردة فعل على االنتقادات اليت وجهها أصحاب املذاهب امل

احلنفية و الشافعية و الظاهرية ، وخيالف املالكية مبنهجهم هذا منهج احلنفية و الشافعية اللذين جعال من النقد و الرد على املخالفني أساسا ملذهبيهما ، وركنا ركينا يف الدرس

.الفقهي

دل و كراهتهم له متبعني يف ويظهر أثر هذا املسلك الذي جه املالكية يف بعدهم عن اجل ، ولذلك كان اجلدل يف املذهب مؤقتا مبا فرضه - رمحه اهللا-ذلك طريقة اإلمام مالك

املخالفون بردودهم على مالك و أصحابه ، وكانت مؤلفات املالكية يف اجلدل الفقهي قليلة . مقارنة مبؤلفام يف فنون الفقه األخرى

: لنقد املخالفني و الرد عليهم اعتمد املالكية على طريقتني: ثانيا

املناظرات الفقهية مع املذاهب املخالفة ، وهذه املناظرات كانت تطول أحيانا فتنتج -أمؤلفات ، و تقصر أحيانا فتأيت يف ورقة أو ورقات ذوات العدد ، وذلك حبسب املسألة

هم ، وقوة املتناظر فيها ، و درجة املتناظرين من حيث سعة علومهم ، و كثرة اطالع .عارضتهم يف املناقشة ، أسلوبا و استحضارا

Page 298: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

التأليف يف الرد على املذاهب املخالفة ، من خالل جمموعة من املصنفات اليت نقضوا و - ب .يف تلك املذاهب انتقدوا فيها املسائل الضعيفة و الشاذة

:سلك املالكية منهجني خمتلفني يف الرد على املخالفني و انتقادهم:ثالثا

املنهج اجلديل ، وهو الذي يعتمد على طرق اجلدل و مسالكه ، وقد متيز أصحاب هذا -أ .االجتاه بنصرة املذهب يف وجه املذاهب األخرى

املنهج األثري ، وهو الذي يعتمد على قواعد الصناعة احلديثية يف التصحيح و - بمدركها من التضعيف، فريد على املخالفني من خالل تعقب اآلراء و توهينها لضعف

.احلديث

اعتمد املالكية يف النقد الفقهي اخلارجي األدوات اليت يعتمدها العلماء يف احلجاج وهي :رابعاتدور على بيان املناقضة و االضطراب ، و خمالفة القرآن و السنة و القياس ، و اجلمع بني

.املفترقات ، و التفريق بني النظائر

يف املذهب املالكي األئمة األربعة و كبار الفقهاء ، فال طال النقد الفقهي اخلارجي :خامسايوجد أحد يعلو على الرد و النقد ، و ال تقوم اإلمامة و ال التربيز لدى إمام من األئمة مانعا من أن يكون حمال للنقد ، ومن أهم خصائص منهج النقد اخلارجي يف املذهب املالكي عدم

ناقدين املتحاملني ، ومما يدل على ذلك كتاب ذكر اسم املردود عليه إذا كان من الالبن أيب زيد " الذب عن مذهب مالك "البن فخار القرطيب ، و " االنتصار ألهل املدينة"

القريواين ، حيث مل حيددا يف كتابيهما الشخص املردود عليه و ال مذهبه ، تقليال من شأنه ، الرد على " ، " الرد على أيب حنيفة"ه ، مثل أما إذا كان املنتقد من األئمة فإم يذكرونه بامس

".الرد على املزين"، " الرد على الشافعي"، " حممد بن احلسن

Page 299: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:التزام املالكية بالقواعد العلمية يف النقد و الرد ، ومن ذلك :سادسا

التزامهم باإلنصاف و املوضوعية ، فبالرغم من أن فقهاء املالكية كانوا يدافعون عن -أدفاعا و يذبون عنه ذبا، و ال يتركون وجها حسنا من وجوه النظر و االختيار إال املذهب

وصفوا به املذهب املالكي إمامه و علماءه ، لكنهم مع ذلك ال يتوانون يف التعبري عن احترامهم للرأي السديد مهما كان خمرجه و مأتاه ، و اجلهر بأن صاحبه كان على

قد آثرت التنبيه على مذاهب :" لقرايف يف كتابه الذخريةالصواب، يشهد لذلك قول اإلمام ااملخالفني لنا من األئمة الثالثة ومآخذهم يف كثري من املسائل ، تكميال للفائدة و مزيدا يف االطالع ، فإن احلق ليس حمصورا يف جهة ، فيعلم الفقيه أي املذهبني أقوى للتقوى ، و

)1(".أعلق بالسبب األقوى

علمي ، و الوسطية و االعتدال يف الرد على املخالف ونقده ، وذلك من التواضع ال - بخالل تقدير أهل العلم و الثناء عليهم ، و اجتناب التعصب املقيت و العبارات اجلارحة وسوء األدب مع العلماء ، فقد تواترت عن كثري من علماء املذهب أقوال تعبق بروح التقدير

الذي يرتضى أن من قلد إماما من :" ول اإلمام املقريو اإلجالل لألئمة األعالم ، يقاتهدين ال ينبغي له أن يغض من قدر غريه ، و إن كان و البد من االنتصار ملذهبه و تقوية

فإم على هدى من -رضي اهللا تعاىل عنهم–حجته ، فليكن ذلك حبسن أدب مع األئمة )2(".رم

-املذهب ، أكدها العالمة أبو زهرة حيث يقول هذه امليزة املنصوص عليها من لدن أئمة

--------------------

.38-1/37:الذخرية -1

.2/522نفح الطيب ، -2

Page 300: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فإنه من احلق علينا ، وحنن ندرس إمام دار اهلجرة ، أن نعترف بأن الكتب اليت :"-رمحه اهللااقب أيب حنيفة ألفت يف مناقب اإلمام مالك ، مل تكن يف غلوها كالكتب اليت كتبت يف من

، ومل تصل إىل ما وصلت إليه هذه الكتب يف اإلغراق و -رضي اهللا عنهما-أو الشافعي )1(".التحامل على غريه ، و إن وجدت مبالغة أحيانا ففي دائرة حمدودة

ومن األمثلة على هذه احلاالت النادرة اليت شدد فيها أئمة املالكية العبارة يف انتقاد األئمة ، ضي أبو بكر بن العريب ألئمة املذاهب ، فقد أغلظ القول يف أيب حنيفة و الشافعي ، نقد القا

إذ رمى أبا حنيفة بالغلو و الغباء ، و أنه أعجمي ال يفهم العربية ، و أحلقه بالكفار يف قصور و أما أبو حنيفة فهو أعجمي ، فال يستنكر عليه اجلهل ذه :" الفهم ، حيث يقول

)2(".املسألة

صف الشافعي بالتقصري و قلة الفهم يف الفقه ، و أنه ال يأيت إال باللغو من القول و وو )3(.السفساف من املقال ، ورماه مبخالفة اللغة و أصول الشريعة و مقاصدها

األمانة العلمية ، فقد حرص أئمة املالكية عند مناقشتهم لألقوال الضعيفة و نقد املذاهب - ج . على نسبة أقوال املخالفني إىل املصادر األصلية املعتمدة يف هذه املذاهب

شدة إنكار املالكية على أصحاب األقوال الشاذة ، و تغليظ القول يف ذلك ، ومن :سابعا وله إغراق يف القياس و شذوذ عن العلماء :" يف الرد على ابن علية ذلك قول ابن عبد الرب

--------------------

.12مالك ، مصدر سابق ، ص -1

.3/1019م، 1992، دار الغرب اإلسالمي، لبنان، 1حممد عبد اهللا ولد كرمي ،ط:القبس ،حتقيق-2

، دار ابن حزم ، لبنان ، 1املذهب املالكي ، ط أمحد حمرز علوي ، القاضي أبو بكر بن العريب وجهوده يف خدمة-3 .330-1/320م ، 2013/هـ1434

Page 301: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وقد شذ داود عن اجلماعة بإجازة :" ، و قوله )1("كثري ، و ليس عندهم ممن يعتمد عليهوقد روي عن طائفة من :" ، وقوله)2(" القرآن للجنب ، وهذا قول مل يتابع عليه قائله

أم أجازوا أن يرد السالم كالما وهو يصلي ، وقال من ذهب التابعني منهم احلسن وقتادة أن الكالم املنهي عنه يف الصالة هو ما ال : مذهبهم من املتأخرين السالكني سبيل الشذوذ

)3(".حيتاج إليه يف الصالة ، و أما رد السالم فهو فرض

يني بالتعرض إىل و املالحظ أن أصحاب املنهج اجلديل يف املذهب املالكي مل يكونوا معن أكثر من مذهب الشافعي و أيب حنيفة و داود و أمحد ، ألا هي املذاهب املخالفة ، وهي

. املذكورة و املتداولة يف كتب اخلالفيات و احلجة و الرد

وال يرد ذكر املذاهب األخرى إال يف مشهور ما خالفت فيه أو شذت فيه عن مذهب .فيكثرون من ذكر األقوال و استقصائها الكافة، أما األثريون من املالكية

--------------------

، 1993/هـ1413، دار الوعي ، القاهرة ، 1عبد املعطي أمني قلعجي ، ط: االستذكار ، حتقيق-14/377.

.8/15املصدر نفسه ، -2

.295-6/294املصدر نفسه ، -3

Page 302: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

النقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي: الفصل الثالث

.النقد الفقهي املتعلق بفروع املذهب و مسائله:األولاملبحث

النقد الفقهي املتعلق باملؤلفات الفقهية و مناهج : املبحث الثاين .التدريس

.النقد الفقهي املتعلق باملنهجية األصولية:املبحث الثالث

Page 303: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي النقد:الفصل الثالث

.النقد الفقهي الداخلي املتعلق بفروع املذهب و مسائله: املبحث األول

)1.(عناية املالكية بنقد فروع املذهب و مسائله:املطلب األول

سبقت اإلشارة يف مفهوم النقد الفقهي الداخلي أنه يعىن بدراسة فروع املذهب و مسائله ول املذهب و قواعده ، ملعرفة مدى توافقها مع هذه األصول أو خمالفتها و عرضها على أص

. هلا

ومن هنا حيتل نقد الفروع و املسائل يف املذهب مكانة عظيمة و أمهية بالغة ، ألنه عبارة عن عملية تنقيح و متحيص و غربلة لألقوال و الروايات و االستدالالت يف املذهب ، لبيان

منها ، وتصحيح أبنية املذهب األصولية و املنهجية ، و سرب املعاين الصحيح من الضعيف .الفقهية و حتليلها و متحيصها

ونظرا هلذه األمهية و املكانة اليت حيتلها هذا اجلانب من النقد الفقهي فقد كانت عناية حلة املالكية به مبكرة ، حيث تعود اإلرهاصات األوىل يف هذا اال إىل زمن مبكر من مر

تلك اليت ظهرت على -حسب املعطيات املتوافرة حلد اآلن- تأسيس املذهب ولعل أقدمها يد عبد الرمحن بن القاسم أحد التالمذة الكبار لإلمام مالك بن أنس ، فقد كانت له استدراكات و تعقيبات و انتقادات لشيخه مالك يف كثري من فروع املذهب ، كما تشهد

و غريها من املصادر األوىل للفقه ) هـ240ت(حنون بن سعيدبذلك املدونة الكربى لس .املالكي ، مث توالت اجلهود يف هذا اال من قبل التالمذة اآلخرين لإلمام و أتباعه

--------------------

.13-1/9املصلح ، اإلمام أبو احلسن اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب املالكي ، ج-1

Page 304: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وكانت االنتقادات املوجهة إىل املذهب من الفقهاء املنتمني إليه ، تنطلق على العموم من املكونات الذاتية للمذهب نفسه ، مبعىن أا تقوم على عرض فروع املذهب على أصوله و

.ضوابطه ، ومراعاة مدى االنسجام بينها

تباعه األوائل كانت تعد ممارسة و اجلهود املبذولة يف هذا االجتاه من تالمذة اإلمام و أ عادية ، باعتبار أن روح االجتهاد كانت ما تزال يومئذ سارية يف العطاء الفقهي على

.العموم

لكن بعد شيوع التقليد أصبح من يعىن بذلك ملحوظا عليه ، و الفتا لألنظار ، و مثريا من األتباع ، و بشكل للتساؤالت ، لكن مع ذلك ظل هذا النوع من النقد ميارس لدى عدد

.تلقائي يف غايل األحيان

وقد عرف تطورا ملحوظا عند فقهاء املدرسة املالكية العراقية كأيب بكر األري ، و أيب احلسن بن القصار ، و القاضي إمساعيل ، و القاضي عبد الوهاب ، بيد أن خطوات هؤالء مل

ي هناك عن الصمود أمام املذاهب تواصل بعدهم يف العراق ، نظرا لعجز املذهب املالك .األخرى اليت استأثرت بامليدان

اليت تركز -إىل بالد املغرب -القائمة على التأصيل و االستدالل-و بانتقال الطريقة العراقية أعين النقد الذي : التأم شكال النقد - يف الدرس الفقهي على تصحيح الروايات ومناقشتها

قوال ، و النقد الذي خيتص باالستنباط و التخريج ، فظهرت يف يتعلق حبقيق الروايات و األاملذهب طبقة من العلماء حتاول التحرر من التقليد ، و تتعامل مع نصوص املذهب بعقلية

)1(.نقدية و حتاكمه إىل قواعده و أصوله

--------------------

.1/13احلميد عشاق ، منهج املازري يف اخلالف و النقد الفقهي ، ج/ع-1

Page 305: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وقد ظهر هؤالء و كثر عددهم بشكل ملحوظ يف القرن اخلامس وبداية السادس ، حيث قامت هذه الثلة من املالكية بدور كبري يف هذه املرحلة و حبركة أحدثت صدى ظاهرا يف

يف هذه املرحلة منوا مطردا إىل -نقد الفروع و املسائل- املذهب ، فنما العطاء يف هذا االاها ميثله أعالم بارزون ينتهجون فيه خطة واضحة ، ظاهرة املعامل و السمات ، أن صار اجت

، ويعترب اإلمام أبو احلسن اللخمي رائد هذا االجتاه النقدي )1(حمددة األساليب و املرتكزات ، و تأثر بطريقته عدد كبري من الفقهاء الذين أصبحوا من أعالم " التبصرة"من خالل كتابه

ملازري ، و ابن بشري ، و ابن رشد ، و القاضي عياض و غريهم ، فسلكوا هذا االجتاه كامسلكه يف طريقة نقد الفقه ، فنقحوا ما أمكنهم تنقيحه من املسائل الفقهية ، و نبهوا على

. ما وجدوا فيها من صحة وضعف ، ودخل املذهب يف مرحلة جديدة هي مرحلة التنقيح

اإلمام اللخمي أبو عبد اهللا املازري فكان مع احللبة و تكون ب:" يقول الفاضل بن عاشور ، املازري: سبيل املثال أربعة وهم اليت عاصرته من الفقهاء الذين نستطيع أن نذكر منهم على

خدمة احلكم هي الطريقة النقدية اليت أسس منهجها اإلمام أبو احلسن اللخمي ، فصاروا ووينتصبون يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم الذي يف الفقه يتصرفون فيه تصرف تنقيح،

يقضي بأن هذا مقبول و هذا غري مقبول ، وهذا ضعيف السند يف النقل ، وهذا ضعيف النظر يف األصول ، وهذا مغرق النظر يف األصول ، وهذا حمرج للناس أو مشدد على الناس

يدا ، إذ دخل عليه عنصر فكان املذهب املالكي قد تكون ؤالء تكونا جد...أو غري ذلك ، )2(".النقد و التنقيح و االختيار

--------------------

.1/12املصلح ، املصدر السابق ، ج -1

.73احملاضرات املغربيات ، ص-2

Page 306: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

برز هذا االجتاه و انتشر يف بالد املغرب خصوصا يف إفريقية و األندلس ، و كثر أعالمه ، تجاوز حدود منتصف القرن السادس اهلجري ، فبالرغم وتعددت مظانه ، بيد أن عمره مل ي

من أن أعالمه كانوا من النظار الكبار و كان هلم تالميذ و أتباع كثر ، فإن طريقتهم مل يكتب هلا أن تستمر بعد هذه الفترة ، حيث دخل الفقه املالكي بعد ذلك يف مرحلة الضعف

لى وضع املختصرات الفقهية ، أو و التقهقر ، فاقتصر عمل الفقهاء يف هذه املرحلة عشرحها، أو وضع احلواشي عليها ، وأصبح املتأخرون دائرين يف فلك املتقدمني ، عاكفني على ما انتهى إليهم من أقاويل من تقدمهم ، ما أدى ضرورة إىل ضعف حاسة النقد لديهم

)1(.إذ أصاا شيء من الفتور و الضمور

--------------------

.48-47عمر اجليدي ، مباحث يف املذهب املالكي باملغرب اإلسالمي ، ص-1

Page 307: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مظانه و مصادره: املطلب الثاين

يالحظ على النقد الفقهي املتعلق بفروع املذهب ومسائله أنه ورد يف أمناط خمتلفة من ؤلفات التأليف الفقهي الذي عرف يف املذهب املالكي ، وميكن حصرها يف ثالثة أنواع من امل

:وهي

.كتب اخلالف العايل و الردود: أوال

، و ابن عبد " أحكام القرآن" فقد تناوله بعض املصنفني يف اخلالف العايل كابن العريب يف ، و يسجل على هؤالء أم " بداية اتهد" ، و ابن رشد احلفيد يف " االستذكار" الرب يف

وورد عندهم يف سياق املقارنة بني فروع مارسوا هذا النوع من النقد بنسب متفاوتة ، .املذاهب الفقهية املختلفة

و تناوله بعض املؤلفني يف اخلالف العايل أيضا ممن غلب عليهم االنتصار للمذهب و ، و أيب عبد اهللا املازري " املعونة"الدفاع عنه ، مثل القاضي عبد الوهاب البغدادي يف كتابه

".شرح التلقني"و "املعلم بشرح مسلم"يف كتابيه

.كتب الفروع و املسائل يف املذهب: ثانيا

وتعترب أكثر املصنفات اليت تناولت هذا اجلانب من النقد الفقهي ، حيث إن الذين مارسوا هذا النوع من النقد يف دراستهم للمذهب ممن ألفوا يف فروعه خاصة أكثر من غريهم عددا ، فقد ورد عندهم يف الشروح و التعاليق و األحكام و املوسوعات و غريها من أشكال

:، نذكر منها ما يلي )1(املذهب املصنفات يف فروع

--------------------

.1/11املصلح ، املصدر السابق ، ج-1

Page 308: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أليب احلسن اللخمي ، الذي يعترب رائد االجتاه النقدي يف املذهب املالكي "التبصرة"كتاب-1بال منازعة ، ولعله أول فقيه تناول دراسة املذهب بالطريقة النقدية ، يقول الفاضل بن

-دور التطبيق-وإذا حنن نظرنا إىل هؤالء الذين أخذناهم مثال هلذا الدور:" عنه عاشوروجدنا أن واحدا من بينهم املتأخر عن مجيعهم زمانا ، بدأ يدخل على هذا املنهج الذي ساروا عليه يف دراسة الفقه نزعة جديدة ، وهو اإلمام أبو احلسن اللخمي ، الذي ابتدأ

يعتمد أحيانا على نقد األقوال من ناحية " التبصرة" لى املدونةيتصرف ، فكان يف شرحه عإسنادها ، و أحيانا ينتقدها من ناحية رشاقة استخراجها من األصول اليت استخرجت

).")1ا

و أهم تطور حصل يف هذا الطور هو متحيص األقوال :" ويقول الدكتور عمر اجليدي الذي حصل على يد أيب احلسن اللخمي صاحب املتسربة من العصور السابقة ، هذا التطور

التبصرة و أبرز فقهاء هذا العصر ، إذ بدأ خيضع أقوال املتقدمني للنقد و التمحيص بطريقة )2(".مغايرة ملا كان يف السابق ، فجاء يف هذا مبنهج جديد يف ميدان نقد الفقه

هذه الطريقة اجلديدة اليت اعتمدها اللخمي يف دراسة الفقه تقوم على نقد األقوال و الروايات يف املذهب من خالل أسسها و مستنداا ، دون االلتفات إىل شهرا ، ولذلك كثرت انتقاداته و خمالفاته للمذهب ، و مشلت أئمته كلهم بدون استثناء ، ومل ينج منها حىت

)3(.-رمحه اهللا- نفسه مالكمؤسس املذهب

--------------------

.74احملاضرات املغربيات ، ص-1

.49املصدر السابق ، ص-2

.169-1/168املصلح ، املصدر السابق ، ج-3

Page 309: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

من املصادر املهمة يف جمال النقد الفقهي الداخلي ، ألنه أحد " التبصرة " وهلذا يعترب كتابه الكي ، حيث مجع املؤلف فيه معظم الروايات املنقولة عن املوسوعات الكربى يف املذهب امل

، وكذا أقوال تالميذه ، و اختيارام ، مع مناقشتها و توجيهها و - رمحه اهللا-مالك . انتقادها

أليب عبد اهللا املازري ، و املازري أحد رواد " شرح التلقني" و " التعليقة على املدونة" -2الكي ، و أحد تالمذة اللخمي الذين تأثروا مبنهجه النقدي ، و االجتاه النقدي يف املذهب امل

و تكون :" إن كان أقل منه جرأة يف خمالفة املذهب و نقد أئمته ، يقول الفاضل بن عاشورباإلمام اللخمي اإلمام أبو عبد اهللا املازري ، فسلك مع احللبة اليت عاصرته من الفقهاء طريقة

يقة النقدية اليت أسس منهجها أبو احلسن اللخمي ، فصاروا جديدة يف خدمة احلكم هي الطريتصرفون يف الفقه تصرف تنقيح ، و ينتصبون يف خمتلف األقوال انتصاب احلكم الذي يقضي بأن هذا مقبول ، و أن هذا غري مقبول ، و أن هذا ضعيف السند ، وهذا ضعيف النظر يف

، وهي الطريقة اليت درج عليها أبو عبد إىل غري ذلك....األصول ، وهذا مشدد على الناس )1(".اهللا املازري يف شرحه على التلقني

سلك املازري يف كتابيه طريقة يف التعامل مع روايات املذهب و أقواله تعتمد على حصرها و تصنيفها حسب قوة مستنداا إىل مشهور و شاذ ، وقد مكنته هذه الطريقة من متييز

.األقوال من غريه الصحيح من الروايات و

--------------------

.73املصدر السابق ، ص-1

Page 310: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

هذا غري : كما كان يوجه اخلالف و يعلله ، و يناقش مستندات أصحابه و ينتقدها فيقول التعليقة على "، كما تعرض يف الكتابني و خاصة .....صحيح ، أو ال يصح ، وهذا فيه نظر

)1(.ناقشه و انتقده يف كثري منهاالختيارات شيخه اللخمي و " املدونة

إلبراهيم بن بشري ، يندرج هذا الكتاب ضمن " التنبيه على مبادئ التوجيه" كتاب-3التعاليق على املدونة ، ويعد حلقة مهمة يف سلسلة املصنفات اليت تعامل أهلها مع املذهب

. بعقلية نقدية متحررة من أسر التقليد و التعصب

فابن بشري يعترب امتدادا ملدرسة اللخمي و من أبرز املتأثرين بطريقته يف دراسة الفقه ، حيث جنده يف هذا الكتاب يناقش فروع املذهب و أقوال فقهائه ، و يوازن و يرجح و ينتقد ،

.حمتكما يف ذلك إىل األدلة و القواعد دون االلتفات إىل شهرة الروايات و األقوال

ابن بشري يف كتابه اجتهادات شيخه اللخمي و اختياراته الفقهية و ناقشه فيها كما تتبع بكل صرامة ، و انتقده يف آرائه اليت الحظ فيها خمالفته للمذهب ، و تعقبه يف كثري من

.الترجيحات و التخرجيات غري املنسجمة مع أصوهلا و مستنداا

ومل يكن جهد ابن بشري النقدي مقتصرا على اللخمي فقط ، بل انتقد كل من رأى أن )2(.قوله ال ينسجم مع أصول املذهب و رواياته و قواعده

أليب الوليد بن رشد ، حيث يعد ابن رشد حلقة مهمة يف سلسلة " البيان و التحصيل" -4 البيان و التحصيل ، و: لفقهية الثالثةأعالم االجتاه النقدي يف املذهب ، فالناظر يف كتبه ا

--------------------

.381، 359-1/358املصلح ، املصدر السابق ، ج-1

مقدمة احملقق .1/154حممد بلحسان ، مصدر سابق ، ج:التنبيه على مبادئ التوجيه ، حتقيق-2

Page 311: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ذهب ال خيتلف املقدمات و املمهدات ، و الفتاوى ، يلحظ أن منهجه العام يف التعامل مع امل .كثريا عن منهج اللخمي ، و املازري ، و ابن بشري ، ونظرائهم من أعمال هذا االجتاه

" العتبية" ، وهو عبارة عن تعليق على" البيان و التحصيل" وقد جتسد هذا املنهج يف كتابه ، ذلك أن املستخرجة فيها روايات صحيحة و أخرى شاذة ، و فيها أقوال" املستخرجة"أو

مشهورة و أخرى غريبة أو منكرة ال أصل هلا ، وقد فات مؤلفها أن مييز بني الصحيح و .السقيم ، فانتدب أبو الوليد ابن رشد فغربل مسائلها و نبه على الصحيح و الضعيف منها

باستقراء الروايات و األقوال ، وعرضها على أصول " البيان و التحصيل" فاهتم يف كتابه ، وتعامل معها بعقلية نقدية متحررة من أسر التعصب و العاطفة ، كما املذهب وقواعده

)1(.عين بتوجيه أقوال املذهب و تعليلها و تفسريها ، و املوازنة بينها

للقاضي عياض ، وهو بدوره أحد رموز االجتاه النقدي " التنبيهات على املدونة"كتاب -4نهج املدرسة النقدية ، يقول الفاضل بن يف املذهب ، حيث سلك طريقة اإلمام اللخمي و م

وهي الطريقة اليت درج عليها القاضي عياض أيضا يف شرحه على املدونة أو :" عاشور ". تعليقاته على املدونة اليت تسمى التنبيهات

، حيث "التنبيهات املستنبطة على كتب املدونة و املختلطة" جتلى ذلك من خالل كتابه بتنقيح نصوص املدونة و تصحيحها ، كما يذكر عددا كبريا من عين فيه القاضي عياض

مسائل الفروع و يورد اخلالف فيها ، يرجح بعض األقوال على بعض ، و يوجه األدلة ، و )2(.يناقش املخالفني

--------------------

.459-1/456املصلح ، املصدر السابق ، ج-1

33م،ص2012/هـ1433،املكتبة التوفيقية،مصر،1د جنيب،طأمح:القاضي عياض،التنبيهات املستنبطة،حتقيق-2

Page 312: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

) هـ919ت( )1(البن غازي املكناسي" شفاء الغليل يف حل مقفل خليل" كتاب-5هـ يف )805ت()2(الذي انتقد فيه بعض اختيارات خليل و انتقد كذلك شارحه ابن رام )3(:مواضع عدة يف الكتاب ، و يظهر عمله النقدي يف الكتاب من خالل

انتقاده ما يراه خالف الصواب من كالم صاحب املختصر مما خالف فيه أصول املذهب ، -أ .أو نسب إىل غري ما استقرت عليه أصوله

.مناقشته للمصنف يف استدالالته و تصحيح نسبة األقوال إىل قائليها - ب

. هبنقد بنائه ، و نقض كالمه يف بعض املواطن من شرح) ابن رام(تعقبه الشارح -جـ

، الذي يعترب من )هـ1230ت()4(لإلمام الرهوين "حاشية الرهوين على الزرقاين"-6الفقهاء النظار يف وقته ، انتقد الرهوين يف هذه احلاشية من سبقه من احملشني على شرح الزرقاين ، وصحح كثريا من األخطاء اليت وقع فيها الزرقاين ، و دقق يف كثري من نصوص

:الوا عنهاملالكية ، حىت ق

--------------------

حممد بن أمحد ، املشهور بابن غازي ، العثماين ، املكناسي ، مث الفاسي ، شيخ اجلماعة ، خامتة علماء املغرب و -1 .1/276:شجرة النور الزكية.هـ919آخر حمققيهم ، تويف

، حامل لواء مذهب مالك مبصر يف هـ724تاج الدين رام بن عبد اهللا، أبو البقاء، قاضي القضاة، ولد سنة -2 .101ص:نيل االبتهاج.هـ805زمنه، تويف سنة

، مركز جنيبويه للمخطوطات و التراث ، 1أمحد جنيب ، ط:ابن غازي ، شفاء الغليل يف حل خمتصر خليل ، حتقيق-3 . مقدمة احملقق43-37م ، ص 2008/هـ1429موريتانيا ،

لرهوين ، نسبة إىل رهونة بالضم ،قبيلة جببال غمارة باملغرب ، أخذ العلم بفاس أبو عبد اهللا حممد بن أمحد احلاج ، ا-4 .4/129:الفكر السامي للحجوي.هـ1230كان حافظا متقنا و فقيها متفننا ، تويف

Page 313: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كذا الرهوين على رسوخه قد أكثر الرد على شيوخه

)1(وذاك عندي أن حق احلق مقدم على حقوق اخللق

دلت على فضله و متكنه من علم الفقه ، أجاد فيها كل اإلجادة و زاد :" يقول احلجوي على شيخيه املذكورين كثريا فأحسن اإلفادة ، و سلك يف التحقيق طريقا صحيحا و مهيعا صحيحا ، فضح أغالطا كثرية وقعت ملن قبله يف االختصار و التلخيص أفسدوا ما كالم

)2(".خريا عن عمله ، و حرية فكره ، ووضوح طريق نقده املتقدمني فجزاه اهللا

.ردود فقهاء املالكية على بعض أئمة املذهب:ثالثا

ومن مصادر نقد الفروع و املسائل يف املذهب و مظانه ، مؤلفات رد فيها بعض املالكية على بعض أئمة املذهب ، حيث كان النقد فيها موجها إىل كتاب أو شخص بعينه ، ومن

:ذلك

ردود ابن الفخار القرطيب على ابن أيب زيد القريواين حيث انتقده يف بعض كتبه ، فله -1 )3(:يف ذلك

يف الرد على رسالة ابن أيب زيد القريواين ، تتبع فيها و انتقد مسائل رآها " التبصرة" كتاب-أ )4(.أا ال تتفق ومذهب عامل املدينة

--------------------

. هـ1323القائل هو حممد مولود ولد فال اليعقويب ت-1

.4/129الفكر السامي ، مصدر سابق ، -2

.ت.ت ،د.، أمهات الكتب الفقهية ، دار الكلمة ، مصر ، د عبد السالم فيغو-3

.118-92هـ،ص1425، سنة 17بدر بن عبد اإلله العمراين، جملة األمحدية، ديب، العدد :الرسالة حققها-4

Page 314: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.رد عليه يف بعض مسائله" اختصار لنوادر ابن أيب زيد" وله - ب

". وثائق ابن عطار" كما له رسالة يف الرد على - ج

رد أيب حممد األصيلي على علماء األندلس يف بعض املسائل اليت شذوا فيها عن -2 )1(".الرد على األندلسيون فيما شذوا فيه"املذهب، حيث ألف رسالته

--------------------

.2/244ترتيب املدارك ، -1

Page 315: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.مناذج وصور عن نقد الفروع و املسائل يف املذهب:املطلب الثالث

و االجتهادات الفقهية املختلفة و )1(متيز املذهب املالكي بكثرة الروايات و تعدد األقوال املتعارضة ، حبيث إنه يعز أن توجد مسألة يف الفقه املالكي ليست حمل اختالف ، وقد سئل

لكثرة نظاره يف زمن إمامه ، وقد أخذ :" قال" ما ملذهبكم كثري اخلالف؟:" بعض املالكية )2(".و ألفني كلهم جمتهد أو قارب االجتهادعنه حن

ومع منو املذهب بعد الصدر األول ، اتسع هذا األمر أكثر فأكثر ، نتيجة عملية التفريع و التخريج ، فوجد العلماء أنفسهم أمام تراث فقهي ضخم ، واختالف كثري ، األمر الذي

ل للتمييز بني الصحيح و الضعيف تطلب النظر يف هذا التراث و نقد هذه الروايات و األقواو املقبول و املردود منها ، وقد اختذ نقد الروايات و األقوال يف املذهب عدة صور ، نقتصر

:على املهم منها ، فمن ذلك

: نقد الرواية و القول ملخالفته املشهور يف املذهب -1

:ومن أمثلته

، أن املشهور عن مالك إثبات الرفع ما ذكره املازري يف مسألة رفع اليدين يف الصالة -أ النهي عن الرفع أصال ، و : عن ابن القاسم عن مالك )3(وروى ابن شعبان:" مجلة ، قال

--------------------

أقوال األصحاب ومن بعدهم :أقوال اإلمام مالك ، و املراد باألقوال: القاعدة يف املذهب املالكي أن املراد بالروايات-1 .237ص:اخلليفي، االختالف يف املذهب املالكي. املتأخرين كابن رشد و املازري وغريمهامن

.358م، ص1989/م1389، منشورات كلية الدعوة، ليبيا،1بابا أمحد ، التنبكيت ، نيل االبتهاج ،ط -2

: انيف البديعة منهاحممد بن القاسم بن شعبان ، أبو إسحاق ، شيخ املالكية مبصر ، و أحفظهم للمذهب ، له التص-3 .16/79:سريأعالم النبالء.هـ355كتاب الزاهي يف الفقه ، و كتاب أحكام القرآن ، و مناقب مالك ، تويف

Page 316: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".تأوله بعض أصحابنا على املدونة ملا ذكر الرفع و ضعفه

ويف مسألة ختليل اللحية هل هو واجب أو مندوب ، فاملشهور عن مالك أنه سنة ، - بو الطريقة األوىل اليت قدمنا هي اليت عليها :" وهب أنه واجب ، قال املازري ونقل عنه ابن

)2(".احلذاق

:نقد الرواية و القول لشذوذه -2

:ومن أمثلة ذلك

اختلف فيما يشك جناسته من األبدان ، هل ":" البيان و التحصيل"قول ابن رشد يف -أعليه قول مالك عدم جواز النضح ، حكمه أن يغسل ، أو جيزئ فيه النضح؟ ، فالذي يدل

".أن النضح جيزئ يف اجلسد كالثوب: و يف كتاب ابن شعبان

)3(".وهو شاذ:" قال ابن رشد منتقدا قول ابن شعبان

ليس على أهل مىن أضاحي من حج منهم ، و إن : قال مالك:" وقال يف موضع آخر - ب ".ال يضحي أحد مبىن: كان من أهلها مل حيج فعليه ، و يف املبسوط البن كنانة

)4(".ظاهره و إن مل يكن من احلجاج ، وهو شذوذ: "قال ابن رشد منتقدا ذلك

--------------------

.549م، ص1997، دار الغرب اإلسالمي، لبنان، 1املختار السالمي،ط:املازري ، شرح التلقني ، حتقيق-1

.213املصدر نفسه ، ص -2

م، 1408/1988، دار الغرب اإلسالمي، لبنان،2حممد حجي،ط:حتقيقابن رشد، البيان و التحصيل، -3 .1/129ج

.3/345املصدر نفسه ، -4

Page 317: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

هذا فيه " قول ابن بشري فيمن به سلس احلدث لكنه يفارقه يف أكثر األوقات ، قال -جـ )1(".إسقاطه - وهو رأي مجاعة من البغداديني- قوالن ، املشهور إجياب الوضوء ، و الشاذ

:نسبة القول إىل املذهب و ليس له أصل فيهنقد -3

:ومن أمثلة هذا النوع

وحكى أبو احلسن اللخمي عن أيب مصعب أنه طاهر مطهر من غري :" قال ابن بشري -أ )2(".كراهة ، وهذا ال يوجد يف املذهب ، بل مقول البغداديني على رواية أيب مصعب

وال فيمن أيقن بالوضوء وشك يف وحكى أبو احلسن اللخمي مخسة أق:" وقال أيضا - باحلدث ، وهذا ال يوجد يف املذهب من اخلمسة األقوال ، و إمنا يف املدونة القوالن

)3(".خاصة

و ما أضافه :" انتقاد املازري للباجي يف نسبة حكم إباحة القصر للمذهب ، فقال -جـور به إما إجيابا أو للمذهب من اإلباحة ال يكاد يوجد ، التفاق املذهب على أن القصر مأم

)4(".ندبا

جيوز فعل اخلطبة قبل : و حكى بعض من صنف يف اخلالف عن مالك أنه قال:" وقوله -د )5(".الزوال ، و ال جيوز فعل الصالة حينئذ ، و ما أرى هذا الناقل إال وهم عن مالك

--------------------

.1/256التنبيه على مبادئ التوجيه ، -1

.1/225، املصدر نفسه -2

.1/262املصدر نفسه ، -3

.991املصدر نفسه ، ص-5. 889شرح التلقني ، ص-4

Page 318: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:نقد القول ملخالفته أصول املذهب -4

لو كان للواحد جارح و :قال ابن شعبان:" ومن أمثلته ، ما جاء يف التبصرة للخمي قالعلى أجزاء خمتلفة ، كان لآلخر اثنان اقتسما الصيد نصفني ، ولو كان جارح واحد ميلكانه

.ذلك أيضا

وليس هو املعروف من املذهب ، و أصل قول مالك و أصحابه أنه :"قال اللخمي معلقا )1(".بينهما على قدر أجزائهما فيه

:نقد اخلروج عن املذهب -5

:ومن أمثلته

زئ اختلف فيما يشك جناسته من األبدان ، هل حكمه أن يغسل ، أو جي:" قال ابن رشد -أأن : فيه النضح؟ ، فالذي يدل عليه قول مالك عدم جواز النضح ، و يف كتاب ابن شعبان

.النضح جيزئ يف اجلسد كالثوب ، وهو شاذ

".وقد ذهب ابن لبابة إىل أن النضح ال جيزئ يف واحد منهما

)2(".وهو خروج عن املذهب مجلة:" علق على ذلك ابن رشد فقال

أن العروس خيرج إىل اجلمعة يف أسبوعه األول ، و الشاذ املشهور :" قال ابن بشري - بإسقاطها عنه ، و أراد أبو احلسن أن جيعل القول بالسقوط على القول بأن اجلمعة على

".الكفاية ال على األعيان

--------------------

أم القرى ، السعودية ، توفيق الصائغ ، رسالة ماجستري ، جامعة :، حتقيق) من كتاب احلج إىل اجلهاد(التبصرة-1 .1/129:البيان و التحصيل-2. 298هـ، ص 1429/1430

Page 319: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهذا ال يقوله أحد من أهل املذهب ، و إمنا يقوله أهل الظاهر و :" قال ابن بشري منتقدا )1(".بعض أصحاب الشافعي ، ومجهور األئمة على خالفه

:نقد األقوال املخرجة يف املذهب -6

:على ذلكومن األمثلة

إذا سجد املصلي مع اإلمام يف صالة اجلمعة ، مث رعف ، :" ما ذكره املازري يف التلقني -أ .جاز له أن يبين على الركوع و إحدى السجدتني و يكملهما ظهرا

إذا أمتها مجعة كانت صحيحة ، وخرج ذلك على قول أشهب يف :وقال أبو احلسن اللخمي من اجلمعة ، مث ذكر بعد سالم اإلمام سجدة فإنه يسجدها و أن من أدرك الثانية: املوازية

".يأيت بركعة ، و جتزيه اجلمعة

ومجلة األمر أن مسألة ....وهذا التخريج للنظر فيه جمال :" قال املازري منتقدا هذا التخريج أشهب يف املوازية إمنا بناها على أن السالم ال حيول بني املصلي و اإلصالح ، وهو قول

.هور عندنامش

و أما إذا كانت ركعة واحدة فإا متنع الغافل من العود لإلصالح من غري خالف عندنا )2(".فيه نظر - رمحه اهللا–أعلمه ، ومن تدبر هذا تبني أن خترجيه

إذا أسقط الشفيع الشفعة قبل البيع ، فاملعروف من املذهب أن ذلك :" ويف باب الشفعة- ب .يستقر و مل ينعقدال يلزمه لكون البيع مل

--------------------

.635-2/634التنبيه على مبادئ التوجيه ، -1

.859-858شرح التلقني ، -2

Page 320: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

جيري يف ذلك قول آخر أن ذلك يلزمه قياسا على من :" وقال الشيخ أبو احلسن اللخمي ة الطالق إىل ختريج ذلك على مسأل - رمحه اهللا- إن تزوجتك فأنت طالق ، فأشار:قال المرأته .قبل امللك

وهذا التخريج فيه نظر ، ألن املشهور من املذهب يف الطالق قبل :" قال املازري منتقدا امللك لزومه ، و املعروف من املذهب و املشهور منه ال يلزمه ذلك يف الشفعة ، فال ينبغي أن

أحكام يقاس شاذ على مشهور و ال مشهور على شاذ ، و أيضا فإن أحكام الشفعة غري الطالق ، و القياس يصح يف املسائل بعضها على بعض فيما اتفقت أحكامه ال فيما

)1(".اختلفت

هنا مقتضى الروايات :" ما ذكره ابن بشري فيمن قصد اللمس ووجد اللذة ، قال -جـاإلجياب و اإلسقاط ، و إمنا : وجوب الوضوء ، و األشياخ حيكون عن املذهب قولني

اخلالف يف الوضوء هل يرفض بالنية ، ويف املذهب يف ذلك قوالن ، يعولون يف ذلك علىوهذا الذي يعولون عليه ليس بشيء ، ألن اللمس هاهنا قد وجد منه فعال خبالف الرفض

)2(".مبجرد النية من غري فعل

إذا أرسل الصائد اجلارح فتوقف يف الطريق و انشغل بشيء ، :" وقال يف موضع آخر -دالطلب ، فال يؤكل صيده ، وعلى هذا املذهب ، لكن إذا كان يسريا فخرجه فهو مبرتلة ترك

أبو احلسن على قولني من أحد األقوال يف اجلارح يقتل اثنني فأكثر بإرسال واحد فإنه يؤكل .ما قتله

--------------------

.يقة على املدونة للمازري نقله عن خمطوط التعل-1/386املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ،-1

.254التنبيه على مبادئ التوجيه ، ص-2

Page 321: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهذا التخريج فيه نظر ، ألنه مل يشتغل هاهنا بغري الصيد خبالف املسألة :" قال ابن بشري .)1(".األوىل

:نقد توجيه الروايات و تعليلها -7

و املقصود بذلك نقد تأويل لرواية منصوصة يف املذهب و حتميلها معىن ال تدل عليه ، قد يدل ظاهر املدونة على :وقال بعض املتأخرين من األشياخ:" ومن أمثلة ذلك قول املازري

أن املريض الذي ال ميكنه مس املاء يتيمم وسط الوقت ، ألنه ال جيوز أن يزول مرضه يف )2(".وسائر الشيوخ على خالف هذاأثناء الوقت ،

إذا وكل رجل رجال على أن يزوجه بألف :" ومن أمثلة انتقاد التعليل ما ذكره يف مسألة ".فزوجه بألفني ، فإن قال الوكيل أنا أغرم األلف الزائدة فإنه ال يلزمه النكاح

تكون على قدر علل الشيوخ بأن فيه ضررا على الزوج بكثرة النفقة ألا:" قال املازري )3(".الصداق ، وهذا ضعيف

و مما يدل على أن األفضل للرجل أن ":" البيان و التحصيل"ومن أمثلته أيضا ما جاء يف يبقي على نفسه بعض ماله ، و أن يكره له أن يتصدق جبميعه ، أن من نذر أن يتصدق

-عليه السالم-ثلثه لقوله جبميع ماله ال يلزمه عند مالك و مجيع أصحابه أن يتصدق منه إال ب

--------------------

.نقال عن خمطوط لكتاب التنبيه.1/456املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

.299املازري ، شرح التلقيني ، ص-2

.630-2/629احلميد عشاق ، منهج املازري يف اخلالف و النقد الفقهي ، /ع -3

Page 322: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و أما صدقة )1("جيزئك من ذلك الثلث:" -أن يتصدق جبميع ماله وقد نذر-البن لبابةأيب بكر جبميع ماله فقيل إا كانت الستئالف الناس و استنقاذهم من الكفر ، وذلك حينئذ

)2(".واجب، قاله اللخمي ، وفيه نظر

:نقد األقوال يف املذهب ملخالفتها الدليل -8

وهذا امللحظ متسع األطراف ، حيث تدخل فيه أمثلة كثرية على نقدهم خمالفة احلديث و اآلثار، وترك إعمال األصول ، وقد كان لفقهاء املدرسة األثرية دور بارز يف ذلك فال

.يدعون قوال يف املذهب خيالف احلديث و األصول إال توجهوا إليه بالنقد

:ومن األمثلة على ذلك

عن أكل كل ذي خملب من الطري، - صلى اهللا عليه و سلم-املازري املالكية يف يه انتقاد -أوهذا ضعيف ، و ال ميكن ترك :" إذ ذهب املالكية إىل أن أكلها ليس حبرام ، قال املازري

)3(".األحاديث مبثل هذا التقدير

قال مالك يف :" وانتقاد اللخمي لترجيح مالك اإلفراد على التمتع يف احلج ، حيث قال -ب .فإن مل يفرد فالقران أوىل من التمتع: إفراد احلج أحب إيل ، و قال أشهب: املدونة

)4(".التمتع أوىل للحديث و القياس:" قال اللخمي

--------------------

م،كتاب 1991/هـ1412، مؤسسة الرسالة، سوريا، 1بشار عواد، ط:املوطأ برواية أيب مصعب،حتقيق-1 .1403:الوصية يف الثلث ال يتعدى، رقم الوصايا، باب

، بيت احلكمة، تونس، 1حممد النيفر،ط:املعلم بفوائد مسلم، حتقيق -3 . 13/395البيان و التحصيل ، -2 .39اللخمي ، التبصرة ، مصدر سابق ، ص -4 .74-3/37م، 1987

Page 323: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

بعد ذكره ألحاديث - أن احلبوب ال خترص ، فقالوانتقاد ابن عبد الرب لرأي مالك يف -جـ )1(".ومل يعرف مالك قدر هذه اآلثار:" - اخلرص

وانتقاد ابن العريب ملالكية املغرب يف مسألة احلكمني عند الشقاق بني الزوجني أهما -دو عجبا ألهل بالدنا حني غفلوا عن :" جيعالن على يدي أمني بدل احلكمني ، حيث يقول

جيعالن على يدي أمني ، ويف هذا معاندة النص ما ال خيفى : ب و السنة وقالواموجب الكتا )2(".عليكم

:نقد األقوال يف املذهب لضعف مستنداا -9

و يتعلق األمر هنا بتمحيص األقوال و سربها و حتقيقها بالنظر إىل صحة االستدالل ، و التمييز بني درجاته املنتقدة فقها أو أصوال ، كمخالفة ظواهر النصوص ، أو خمالفة القياس ،

.أو خمالفة مقاصد الشريعة ، أو اجلمع بني خمتلفني أو التفريق بني متماثلني

:ذلكومن األمثلة على

اختلف :" انتقاد اللخمي املذهب يف األصناف اليت خترج منها زكاة الفطر ، حيث يقول -أخترج من :املذهب يف األصناف اليت خترج منها زكاة الفطر ، فقال ابن القاسم يف املدونة

ال : القمح و الشعري و األرز و الذرة و الدخن و التمر و األقط ، وقال مالك يف كتاب حممدال خترج من السويق و إن : ن القطنية و التني و إن كانت عيش قوم ، و قال حممدخترج م

.كان عيش قوم

--------------------

.9/249االستذكار، -1

.2/759القبس ، -2

Page 324: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وظاهر احلديث التوسعة يف ذلك ، و أرى أن خيرج كل قوم من عيشهم أي :" قال اللخمي )1(".صنف كان

املسجد احلرام و (اللخمي فيمن صلى مجاعة يف غري املساجد الثالثة انتقاد ابن بشري - بو ألزمه :" أنه جيب عليه إعادا فيها منفردا ، حيث يقول) املسجد النبوي و املسجد األقصى

و ....أبو احلسن اللخمي أن يعيد يف هذه املساجد فذا ، وإن صلى أوال يف غريها يف مجاعة .)2( ".و املوضع موضع عبادة فال يتعدى به ما ورد ألزمه ذلك من طريق القياس ،

انتقاد ابن بشري ملن أوجب الوضوء من اللذة على من تفكر أو نظر من املالكية ، حيث -جـ .)3(".وهذا ال أصل له وهو من احلرج الذي تسقطه الشريعة السمحة:" يقول

أجاز مالك يف املدونة " :انتقاد اللخمي مالك التفريق بني املتماثلني ، ففي كتاب احلج-د .اإلحرام مبا ال طيب فيه ، ومنع ذلك عنه بعد اإلحرام

)4(".و القياس أن ال فرق بينهما مجيعا ، فيمنع قبل اإلحرام ، كما مينع بعده:" قال اللخمي

--------------------

.1/270املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

.2/412ى مبادئ التوجيه ، التنبيه عل -2

.1/255املصدر نفسه ، -3

.229التبصرة ، ص -4

Page 325: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.أسسه و أدواته: املطلب الرابع

اعتمد فقهاء املالكية يف منهجهم النقدي لدراسة املذهب و متحيص رواياته و أقواله ، ومناقشتها ، على أسس و مقررات علمية يعتمد عليها أهل االجتهاد يف استنطاق النصوص و تقومي ما يستنبط منها ، ومل تكن تلك االنتقادات قائمة على جمرد التشهي أو االحتكام إىل

)1(.فةدواعي العاط

وملا كان النقد الفقهي نوعا من أنواع االجتهاد يف املذهب ، فإن أدواته و طرائقه هي نفسها آالت االجتهاد املعتمدة يف كل عمليات البحث الفقهي ، وهذه األدوات هي جمموع العلوم و املعارف املكتسبة اليت تؤهل صاحبها ملمارسة النظر االجتهادي وصوال إىل فهم

حكام الشريعة و ترتيلها ، و حتقيق املعاين الفقهية و نقدها ، فتشمل العلوم الدينية صحيح ألاألصول ، واحلديث ، و التفسري ، و اللغة ، باإلضافة إىل االستعانة بالعلوم العقلية و : مثل

)2(.كالطب ، و الفلك ، و املنطق و غريها من العلوم: التجريبية

أن : لنقدية اليت قام ا فقهاء املذهب املالكي ، ميكن القولوبعملية استقرائية للجهود ا النقد الفقهي املتعلق بفروع املذهب و مسائله يقوم على ثالثة أسس ميكن من خالهلا حتديد

:األدوات اليت اعتمدها فقهاء املالكية يف دراستهم النقدية للمذهب ، وهي

.قواعدهحماكمة الروايات و األقوال إىل أصول املذهب و -أ

.حماكمة روايات املذهب و أقواله إىل أصول االستنباط و وقواعده - ب

--------------------

بتصرف.1/265املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

بتصرف .2/648احلميد عشاق ، منهج املازري يف اخلالف و النقد الفقهي ،/ع -2

Page 326: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.العقلية و التجريبيةحماكمة األقوال للعلوم -جـ

.حماكمة الروايات و األقوال إىل أصول املذهب و وقواعده: األساس األول

حيث يعتمد الفقهاء يف عملية النقد الفقهي على املكونات الذاتية للمذهب نفسه ، من خالل عرض فروع املذهب و مسائله على أصوله و قواعده ، ومراعاة مدى االنسجام بينها،ذلك أن لالجتهاد املذهيب حدوده اليت يتعني على اتهد مراعاا و استجماع شروطها و

مبا يف ذلك -التوفر على أدواا ، و البحث الفقهي داخل املذهب بكل صوره و أشكاله .ال حييد عن هذا املنهج –النقد الفقهي

الكية ، يف توجيهها ، أو فغالبا ما تكون فروع املذهب و مسائله حمال الختالف فقهاء امل خترجيها ، أو االستدالل عليها ، وهذا األمر يتطلب الدراية بضوابط املذهب و قواعده اخلاصة ، من حيث معرفة أصول الروايات و األقوال ، ودرجاا قوة وضعفا ، و مؤدى

لكلية و معانيها ، ومعرفة طرق تأويلها و توجيهها ، و إدراك عللها ، و استيعاب قواعدها امجوعها و فروقها ، ومتحيص أدلتها النقلية و العقلية ، و معرفة املعايري اليت يوزن ا يف سائر

، والدراية بكتب )1(نقال ، و توجيها ، و خترجيا ، و استنباطا: مناحي البحث الفقهي .املذهب املعتمدة ، و تبين درجاا

املطلب السابق لنقد الفروع و املسائل يف ومن خالل األمثلة و الصور اليت عرضناها يف املذهب املالكي ، ميكن أن نستخلص بعض األدوات النقدية اليت اعتمدها الفقهاء املالكية

فمن -أعين حماكمة الروايات و األقوال إىل أصول املذهب و وقواعده–ضمن هذا األساس :هذه األدوات

--------------------

بتصرف.2/606املصدر السابق ، احلميد عشاق ، /ع -1

Page 327: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:الترجيح-1

حيث اعتمد املالكية الترجيح بني األقوال وسيلة و أداة للتمييز بني املشهور و الشاذ ، و .الصحيح و الضعيف ، و املقبول و املردود من الروايات و األقوال

)1(:فالرأي الفقهي يف املذهب املالكي له إحدى الدرجات اآلتية

.هو ما قوي دليلهو: الراجح-أ

.ما كثر قائلوه: و املعتمد عند املتأخرين يف تفسريه أنه:املشهور - ب

.فالضعيف يقابل الراجح ، و الشاذ يقابل املشهور: الضعيف و الشاذ -جـ

وقد اعتمد املالكية يف دراستهم النقدية على هذا املعيار كثريا يف احلكم على روايات هذا : ن يف ذلك مصطلحات التمييز الروائي و النقلي حنو قوهلماملذهب و أقواله و يستعملو

)2(.اخل......شاذ ، وفيه شذوذ ، وهو خالف املشهور ، وهذا ال يصح

:التوجيه-2

من املعايري و األدوات النقدية يف احلكم على الروايات و األقوال معيار التوجيه ، واملقصود أن ميضي فيه الرواية و القول ، حيث إن بعض بيان احململ و السياق الذي ينبغي : به

الروايات وردت جمملة عن أئمة املذهب ، وقد حيملها بعضهم على غري حماملها ، وقد يقع

--------------------

390حممد إبراهيم علي،اصطالح املذهب عند املالكية،ص-1

.174اخلليفي،االختالف يف املذهب املالكي،ص -

. 2/607احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ،/ع-2

Page 328: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، وهذا ما جعل فقهاء املذهب يعنون بتتبع هذه التوجيهات )1(اضطراب يف تفسريها ومتحيصها و بيان ما ال يصح منها ، معتمدين يف ذلك على توجيهات حذاق املذهب

بواعثها و حماملها املختلفة و جماريها أصحاب البصرية مبآالت النصوص و بأسباا والصحيحة ، اليت تعترب املعيار احلاكم على مدى صحة هذه التوجيهات أو ضعفها ، ويتردد

وهذا ال وجه له ، وهو وهم ، مل يبق : يف استعماهلم املصطلحات املعربة عن ذلك حنو قوهلم )2(.اخل....كر احلذاق ذلكلقول فالن أي وجه ، وسائر األشياخ على خالف هذا ، وقد أن

:التخريج-3

لتغطي كل املستجدات ، -على كثرا–مل تكن الفروع اليت رويت عن مؤسس املذهب و جتيب عن كل التساؤالت ، مما أجلأ فقهاء املذهب إىل التخريج على أقوال مالك ورواياته

للمذهب بتتبع هذه املسائل املخرجة املختلفة ، و قد اعتىن فقهاء املالكية يف دراستهم النقدية ومراجعتها والتدقيق يف مدى استكماهلا شروط صحة التخريج من خالل عرضها على أصول مالك و مروياته ، و مبادئ التخريج و قواعده ، فانتقدوا كثريا من هذه املسائل املخرجة و

)2(.ضعفوها لعدم سالمتها ، أو عدم استيفاء شرائط التخريج فيها

:التنظري -4

وذلك من خالل املوازنة بني األشباه و النظائر يف جمال الفروع و املقارنة بني ما هو متجانس وما هو متناقض ، فنجد الفقهاء ينتقدون القول ألن صاحبه مجع بني شيئني خمتلفني

--------------------

. 1/234ملالكي ، املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي يف املذهب ا -1

.2/607املصدر نفسه ، -3. 2/224احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، /ع-2

Page 329: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف حكم واحد ، أو ينتقد القول ألن صاحبه فرق بني شيئني متماثلني ، وهذا األمر يتطلب ، و إملام شامل دراية باألصول و الفروع ، ووعي عميق بالعلل و املقاصد و املعاين

)1(.بالروايات و األقوال يف خمتلف مظاا

:التقعيد -5

وذلك من خالل الكشف عن الضوابط الفقهية اليت اعتمدها فقهاء املذهب وكانت مطردة عندهم يف خمتلف األبواب الفقهية ، فتوضع الفروع الفقهية على بساط النقد بعرضها على

مدى أئمة املذهب هلا ، فحني يوجد فرع خيرج عن هذه األصول و الضوابط ، للنظر يفخالف أصل :أصل املذهب أو األصل الذي اعتمده قائله يف سائر املسائل ينتقد يف ذلك بأنه

املذهب ، أو خالف أصله ، أو أجاب على غري أصله ، أو أن هذا القول خمالف )2(.وغريها من العبارات...ألصله

:التعليل -6

دية اليت اعتمد عليها املالكية يف دراستهم النقدية لفروع املذهب ، التعليل، من األدوات النق وذلك من خالل النظر يف مدى ارتباط الروايات و األقوال بعللها املناسبة هلا ، فنجد أن كثريا من األقوال يف املذهب غري مرتبطة بعللها ، و املعلل منها حيتاج بعضه إىل تقومي و

هد نقاد املالكية يف الكشف عن هذه علل األقوال غري املعللة ، و تتبع متحيص ، ولذلك اجت . األقوال املعللة ، ومناقشة أصحاا يف تعليالم و انتقادهم يف كثري منها

--------------------

.1/242املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

.1/250املصدر نفسه ، -2

Page 330: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إذن فهذه هي أهم األدوات اليت استعملها فقهاء املالكية يف حماكمة الروايات و األقوال إىل أصول املذهب و وقواعده ، و املالحظ على الطريقة اليت سار عليها أئمة املذهب الذين

أم يشتركون يف هذا املنهج -أعين الدراسة النقدية لفروع املذهب - برزوا يف هذا االجتاه، من حيث استخدامهم لألدوات و األساليب النقدية نفسها، إال أم خيتلفون يف عموما

.درجة توظيفها من فقيه آلخر

.حماكمة األقوال يف املذهب إىل أصول االستنباط و وقواعده: األساس الثاين

وهو من األسس املهمة اليت سار عليها فقهاء املالكية يف دراستهم النقدية لفروع املذهب و مسائله ، من خالل النظر و التدقيق يف أصول الروايات و األقوال ومستنداا اليت بنيت

.عليها ، ألن القول ال اعتبار له و ال حجية له إال مبقدار ما يستند إليه من قوة الدليل

و االستدالل على األقوال جهد عقلي حيتاج إىل كفاءة عالية وموهبة يف دقة الفهم و سالمة االستنباط ، وال يكون على منط واحد بل يكون فيه املقبول و املردود ، و اجليد و السقيم ، وذلك تبعا ملدى التزام اتهد بقواعد االستنباط األصولية ، وقدرته على ربط

)1(.ة على نظام سليم ودقيقالفروع باألدل

ولذلك كانت أصول الفقه و وقواعده أحد األسس النقدية اليت اعتمدها املالكية يف دراسة فروع املذهب و مسائله من خالل حماكمة الروايات و األقوال يف املذهب هلذه األصول و

ملتبعة يف دراسة القواعد ، و حتديد مدى التزام أصحاب هذه األقوال بالضوابط و املعايري اداللة النص و : النصوص النقلية و األقيسة العقلية الستنباط احلكم الشرعي منها ، مثل

الظاهر ، و املطلق و املقيد ، و العام و اخلاص ، ومفهوم املوافقة و املخالفة ، و العلل و

--------------------

.2/625ازري ، احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي عند امل/ع-1

Page 331: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وغريها من األدوات املنهجية األصولية اليت استعملوها يف صلب دراسة الفروع ...املقاصد الفقهية ، دف التثبت من صحة االستدالل أو ضعفه ، فينتقد القول يف املذهب بناء على

.ضعف مدركه من الناحية االستداللية

ة يف دراستهم النقدية لفروع املذهب و وهذا األساس و املنهج الذي سار عليه املالكي مسائله ، من خالل حماكمة رواياته وأقواله و إخضاعها لقواعد االستنباط و أصوله ، يعرب عن درجة التحرر من قيود التقليد و التعصب ، و االستقالل الفكري الذي متيز به فقهاء

وله إال إذا سانده الدليل ، وهذا املالكية يف جمال البحث الفقهي ، فالقائل أيا كان ال يعترب قما جعلهم ينتقدون حىت اإلمام مالك وغريه من أئمة املذهب ، و خالفوا به املذهب يف كثري من أقواله ، و خروجوا عنه يف كثري من اختيارام ، ملا رأوا أن مستندات املذهب و أدلته

. النظر األصويليف املسألة ضعيفة ، ال تنهض كحجة و ال تقوم كدليل معترب يف

.حماكمة أقوال املذهب إىل العلوم العقلية و التجريبية: األساس الثالث

لقد ارتبطت كثري من األقوال و احلقائق الفقهية يف املذهب املالكي و غريه من املذاهب علم الطب ، و علم الفلك ، و : األخرى ببعض مقررات العلوم العقلية و التجريبية حنو

وغريها من العلوم ، ولذلك كان من األسس املنهجية اليت اعتمدها بعض فقهاء ... اهلندسةقد ودراسة فروع املذهب و مسائله ، استحضار هذه احلقائق العلمية و املالكية يف ن

.استثمارها يف حماكمة األقوال يف املذهب و دراستها

:ونذكر على ذلك بعض األمثلة ، فمنها

انتقاد ابن الفخار القرطيب البن أيب زيد القريواين يف معرفة وقت صالة العصر ، حيث -أ ".الشمس بوجهك و أنت قائم إذا استقبلت: قوله:" يقول

Page 332: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فانظر يف هذا القول أي نظر يوجبه ، وهي ثالمثائة و ستون مشرقا، :" قال ابن الفخار منتقداوثالمثائة و ستون مغربا يف السنة ، ففي أي زمن يكون هذا القياس ، يف الشتاء أو يف الصيف

فيحتاج يف الصيف أن الختالف مطالع الشمس و مغارا؟ ، فإن زعم أن ذلك يف الشتاء ، يرفع رأسه حىت يستقبلها بوجهه ، و إن قال يف الصيف ، فيحتاج أن يطأطئ رأسه ، فال حيتاج يف كشف عوار هذا القول ، و بيان ما فيه من التخليط إىل أكثر من حكايته ، ألنه

)1(".لغو

".حدوحول املاشية و العني وا: قوله:" -منتقدا إياه يف مسألة أخرى -ويقول - ب

هذا غلط ألن بني حوليهما أحد عشر يوما ، فحول العني باألهلة ، و :" قال ابن الفخار حول املاشية باألشهر العجمية ، ألن السعاة كانت تبعث قبل الصيف يف الربيع عند اجتماع

)2(".الناس على مياههم

لقريواين أا كانت فاملالحظ على هذه االنتقادات اليت وجها ابن الفخار البن أيب زيد ا .مبنية على جمموعة من احلقائق الفلكية

انتقاد املازري لعبد احلق الصقلي الذي افترض وقوع خسوف واستسقاء و عيد و مجعة - جومل أزل أعجب من إغفاله فيه إذ ال يكون كسوف يوم عيد :" يف يوم واحد ، حيث يقول

)3(".لشهر و انسالخهو اليتفق ذلك ، و إمنا يكون كسوف الشمس يف آخر ا

--------------------

.110بدر عبد اإلله العمراين ، مصدر سابق ، ص:التبصرة ، حتقيق -1

.112املصدر نفسه ، ص -2

.2/1098شرح التلقني ، -3

Page 333: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تضعيف املازري و انتقاده القول بنجاسة الشعر بناء على أنه متصل باحلي و ينمو و -د ألن القوة املغذية يشترك فيها احليوان و النبات وهي سببوهذا ضعيف ، :" يزيد، قال

النماء و الزيادة فال داللة هلا على احلياة ، و القوة اليت ا احلس ختتص باحليوان ، فكان )1(".داللتها على احلياة أوىل ، فإذا مل توجد دلت على عدم احلياة

قد هذين القولني ، األوىل حقيقة فنالحظ أن املازري اعتمد على حقيقتني علميتني يف ن .فلكية ، و الثانية حقيقة متعلقة بعلم األحياء

هذا املنهج الذي سلكه فقهاء املذهب يف الدراسة النقدية لفروع املذهب من خالل مقررات العلوم العقلية و التجريبية ، يؤكد حاجتنا املاسة اليوم إىل استثمار كل احلقائق

يف خمتلف جماالت العلوم ، من أجل -و ما أكثرها- عصرنا احلديثالعلمية اليت تقررت يفمراجعة تراثنا الفقهي املرتبط ذه احلقائق العلمية ، يف سياق نسق استداليل مشويل متنوع ، ال يقتصر يف فهم النصوص و تفسريها على كالم األولني الذين غابت يف زمنهم مثل هذه

. احلقائق و املقررات العلمية

--------------------

.1/263شرح التلقني ، -1

Page 334: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.النقد الفقهي املتعلق باملصنفات الفقهية و مناهج التدريس: املبحث الثاين

)1.(نقد املصنفات الفقهية يف املذهب ، أمهيته ، وعناية املالكية به: املطلب األول

ال تكتمل معرفة الروايات و األقوال الصحيحة املعتمدة يف املذهب يف احلكم و الفتوى إال مبعرفة مظاا ، سواء كان القول راجحا أو مشهورا ، ولذلك فال غىن عن الوقوف على كتب املذهب الستقاء أقوال املالكية منها ، وقد زخر املذهب املالكي بكثري من املؤلفات

روايات و التفريعات و الترجيحات ، لكنها ليست على درجة واحدة من املستوعبة للالتحقيق و االستيعاب ، وليست متساوية يف دقة العزو و االستنباط ، فهناك مؤلفات حررها الشيوخ الراسخون يف علم الفقه ، ممن اتصفوا حبدة الذهن ، وسعة احلفظ ، وشدة التدقيق ،

لنقل ، سديدة يف الترجيح أو التشهري ، ولذلك فهي عالية فجاءت حمررة املسائل ، دقيقة ااملرتلة ، قد حازت القبول ، و استحقت أن تعتمد من الكافة ، وهناك مؤلفات مل تدرك

.مجيع الصفات املتقدمة ، فتأخرت رتبتها عند القوم وقل اعتمادهم عليها

اآلراء و الكتب اليت يؤخذ وقد وقف علماء املالكية موقفا صارما من التساهل يف اعتماد منها املذهب ، واعتىن املتأخرون منهم ببيان هذا اجلانب املهم من املذهب املالكي ، فعينوا الكتب اليت يصح االعتماد عليها ، وتلك اليت ال يصح االعتماد عليها ، إما مطلقا أو يف

.مواضع معينة منها

يف زماننا من اشتغال بعض الفقهاء بالفتوى ينبغي أن حيذر مبا وقع:" يقول اإلمام القرايف من الكتب الغريبة اليت ليست فيها رواية املفيت عن اتهد بالسند الصحيح ، وال قام مقام

--------------------

حممد إبراهيم ، اصطالح املذهب عند -. 222-217اخلليفي ، االختالف يف املذهب املالكي ، ص -1 .28- 26املالكية ، ص

Page 335: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ذلك شهرة عظيمة متنع من التصحيف ، و التحريف ، وبلغ بعضهم يف التساهل حىت إذا )1(".وجد حاشية يف كتاب أفىت ا ، وهذا عدم دين ، و بعد شديد عن القواعد

ولقد استباح الناس يف النقل من املختصرات الغريبة أرباا ، و نسبوا :" و يقول املقري أمهاا ، وقد نبه عبد احلق يف تعقيب التهذيب على ما مينع من ذلك لو ظاهر ما فيها إىل

كان من يسمع ، مث تركوا الرواية فكثر التصحيف ، و انقطعت سلسلة االتصال ، فصارت الفتاوى تنقل من كتب ال يدرى ما يزيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها ، و قلة

سة و السابعة ال يسوغون الفتوى من تبصرة أيبالكشف عنها ، ولقد كان أهل املائة الساداحلسن اللخمي لكونه مل يصحح على مؤلفه ، ومل يؤخذ عنه ، و أكثر ما يعتمد اليوم من هذا النمط ، مث انضاف إىل ذلك عدم االعتبار بالناقلني ، فصار يؤخذ من كتب املسخوطني

)2(".الفريقني د جتد من يفرق بنيكما يؤخذ من كتب املرضيني ، بل ال تكا

وبلغ من حرص املالكية على االعتماد على الكتب الصحيحة املوثوق ا أن اإلمام الشاطيب )3(.كان ال يأخذ الفقه إال من كتب املتقدمني ، و ال جييز ألحد أن ينظر يف الكتب املتأخرة

إىل الكتب وعلى هذا قرر القرايف حرمة الفتوى من الكتب اليت مل تشتهر بعزو ما فيها حترم الفتوى من الكتب الغريبة اليت مل تشتهر ، حىت تتظافر عليها :" املشهورة ، فيقول

اخلواطر ، و يعلم صحة ما فيها ، وكذلك الكتب حديثة التصنيف إذا مل يشتهر عزو ما فيها من النقول إىل الكتب املشهورة ، أو يعلم أن مصنفها كان يعتمد هذا النوع من الصحة،

--------------------

، دار الغرب 2الوهاب أبو سليمان، ط/ع:املشاط، اجلواهر الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة ، حتقيق-1 .277-5/276نفح الطيب ، مصدر سابق ، -2 .286م،ص 1990/هـ1411اإلسالمي،لبنان،

.1/65ط، .م،د2006/هـ1427عبد اهللا دراز، دار احلديث، القاهرة، :املوافقات ،حتقيق -3

Page 336: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".وهو موثوق بعدالته

فاملطلوب يف الكتب اليت يعتمد عليها يف الفتاوى و األحكام ، وتنهل منها اآلراء الفقهية ، )2(:أن يثبت فيها أمران

صحة نسبتها إىل مؤلفها ، مساعا بسند صحيح ، وهو األصل ، أو مبا يرتل مرتلته ، : أوال .الكتاب بني العلماء معزوا للمؤلفوهو اشتهار

.صحتها يف نفسها ، و يثبت مبوافقتها ملا جيب به العمل: ثانيا

كل هذه املواقف تدل على عناية املالكية ذا اجلانب وهو نقد املؤلفات الفقهية ، ذلك أن املؤلفات هي األساس يف كل علم ، و إصالحها هو إصالح للعلم ذاته يقول الطاهر بن

إذا كنا نترقب من إصالح التعليم إصالح املعلمني و طريق اختيارهم ، فإن التآليف :" شورعاأجدر بأن تعطى لفتة من –وهي املعلم األول للتلميذ و املذكر و املرشد للمدرس –

اإلصالح ، ولو وازن الناس بني إصالح التآليف و إصالح املعلم لوجدوا أن إصالح التآليف )3(".يصل بنا إىل غرضنا

نقد : وقد انصبت انتقادات املالكية للمصنفات الفقهية يف املذهب على جانبني ، األول . نقد املصنفات الفقهية من حيث شكلها: املصنفات الفقهية من حيث مضموا ، الثاين

--------------------

.262اإلحكام يف متييز الفتاوى من األحكام ، ص -1

، مكتبة اإلمام مالك ، موريتانيا ، 1، نور البصر يف شرح خطبة املختصر ،طأبو العباس اهلاليل -2 .129م ، ص2008/هـ1428

.138أليس الصبح بقريب ، مصدر سابق ، ص -3

Page 337: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

. نقد املصنفات الفقهية يف املذهب من حيث مضموا: املطلب الثاين

لقد تنوعت اجلهود النقدية لفقهاء املالكية يف هذا اال لتشمل كل أشكال املؤلفات و املصنفات الفقهية يف املذهب املالكي من مطوالت و خمتصرات و شروح و حواشي و

:غريها، ومن الصور و األمثلة على ذلك ، نذكر ما يلي

:نقد املصنفات اليت ال تصح نسبتها ألئمة املذهب -1

لقد حذر فقهاء املالكية من تآليف موجودة بأيدي الناس تنسب إىل األئمة و نسبتها إليهم .باطلة و غري صحيحة

، " كتاب السر"، املعروفة بـ )1(من ذلك موقفهم من رسالة مالك إىل هارون الرشيد حيث أنكروها لضعف طريقها و شذوذ مسائلها ، و ضعف أحاديثها ، قال القاضي

إمساعيل القاضي ، و األري ، و أبو حممد بن أيب زيد، : د أنكرها بعض مشاخيناوق:" عياضإا ال تصح ، و إن طريقها ملالك ضعيف ، و فيها أحاديث ال نعرفها ، قال : و قالوافيها أحاديث لو مسع مالك من حيدث ا أدبه ، و أحاديث منكرة ختالف أصوله ، : األري

)2(".من مذهب مالكو أشياء ال تعرف : قالوا

وهذا الطعن يف الرسالة من مالكية العراق و نظرائهم كان ملا حوته من شذوذات فقهية ، املشهور من مذهب مالك و أصحابه أن :" منها توقيت مدة املسح على اخلفني ، قال الباجي

--------------------

هـ، و بويع باخلالفة سنة 148ني ، ولد سنة هارون الرشيد بن املهدي حممد بن املنصور ، أمري املؤمن-1ابن كثري ، البداية و النهاية، دار عامل الكتب ، .هـ193هـ، روى احلديث عن أبيه و جده ، ت170 .48-14/29، ج2003/هـ1424

.1/110:ترتيب املدارك -2

Page 338: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وقال غري واحد من أصحابنا البغداديني يف :مدة املسح غري مقدرة ، قال الشيخ أبو حممد )1(".إا ال تصح عنه ، و فيها أحاديث ال تصح عنه: الرسالة املنسوبة ملالك يف التوقيت

وقد روي عن مالك التوقيت ، و أنكر بعض البغداديني ما نسب إليه من :" وقال املازري )2(".التوقيت يف الرسالة املضافة إليه أنه كتب ا إىل هارون الرشيد

:" ذه الرسالة إجازة وطء النساء يف أدبارهن ، قال ابن احلاجومن املسائل املنكرة يف ه وليحذر أن يفعل مع زوجته أو جاريته هذا الفعل القبيح الشنيع ، ألن من نسبها إىل مالك

)3(".إمنا نسبها لكتاب السر

)4(:ومن املصادر غري املوثوقة يف املذهب اليت حذر منها العلماء و انتقدوها

.ونأجوبة ابن سحن -أ

.التقريب و التبيني ، ينسب إىل ابن أيب زيد القريواين - ب

.الدالئل و األضداد ، ينسب إىل أيب عمران الفاسي -د . أحكام ابن الزيات -جـ

أجوبة ابن سحنون ال جتوز الفتوى مبا فيها ، وكذلك أجوبة :" )5(قال اإلمام القوري

--------------------

.1/362م، 1999/هـ1420،دار الكتب العلمية،لبنان،1حممد عبد القادر عطا،ط:الباجي،املنتقى،حتقيق -1

.4/161املدخل ، -3 .1/312شرح التلقني ، -2

.131- 130اهلاليل ، نور البصر ، مصدر سابق ، -4

نسبة إىل بلدة قريبة من إشبيلية ، ولد سنة " القوري"بـحممد بن قاسم بن حممد اللخمي ، املكناسي ، املشهور -5شجرة .هـ872هـ مبكناس ، ونشأ ا و أخذ عن شيوخها ، ويل ا التدريس و الفتيا مث بفاس ، تويف سنة 804

.1/261، 958رقم :النور الزكية

Page 339: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

داد املعزو القرويني، و حذر األشياخ من الفتوى من أحكام ابن الزيات ، و الدالئل و األضأليب عمران ، و خمتصر التبيني املعزو البن أيب زيد ، وقد رأيت مجيع تلك التآليف ، و

)1(".اليشبه ما فيها قوال صحيحا ، وهي موضوعة غري صحيحة النسبة

)2(":البوطليحية"يقول صاحب

قد حذروا من كتب منسوبة للعلماء نسبة مكذوبة

ن أيب زيد له تبينيمن ذلك التقريب و التبيني الب

كذاك ذو الفصول و الدالئل البن أيب زيد بال دالئل

ومنه األجوبة للسحنوين فعزوها له من اجلنون

والقرويون إليهم تنسب أجوبة وهي لزور أنسب

وما من األحكام للزيايت يعزى على ج الضالل آت

:نقد الكتب األمهات -2

املدونة لسحنون ، و الواضحة البن : الكي أربعة كتب هيالكتب األمهات يف املذهب امل حبيب ، و العتبية أو املستخرجة للعتيب ، و املوازية البن املواز ، اعتربها املالكية زبدة

املذهب، و مرجعه األساسي ، ولذلك اختصوها مبزيد من االهتمام ، شرحا ، وذيبا ، و

--------------------

.131السابق ، اهلاليل ، املصدر-1

-102، ص2005/هـ1425، املكتبة املكية ، السعودية ، 2حيىي بن الرباء ، ط:الغالوي، البوطليحية ، حتقيق -2104.

Page 340: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.تعليقا ، ومن أوجه عنايتهم ذه املصادر انتقاد و تنقيح مضامينها

ال ، حيث انتقد أول جهد نقدي يف هذا ا" املدونة"اليت هي أصل " األسدية" ويعترب نقد اختالط مسائلها ، وعدم تذييلها باآلثار ، وعدم مقابلتها -أعين األسدية–عليها املالكية

بأصول ابن القاسم اليت مسعها من مالك ، فقام سحنون بدراسة مسائلها ، وتكون لديه رأي و انتقادات عليها ، فقرر الرحلة إىل مصر لسماعها مباشرة من ابن القاسم ، و طرح

مع سحنون و أجرى بعض " األسدية"انتقاداته عليها لديه ، و إزاء ذلك راجع ابن القاسم ، فمن هنا يعد عمل سحنون " املدونة"تعرف بـ" األسدية"التغيريات فيها ، وهنا أصبحت

)2(.عمليا نقديا" املدونة" و تدوين " األسدية"يف ذيب

سأهلا أسد بن الفرات البن القاسم ، فلما ارحتل و أصل املدونة أسئلة:" يقول اإلمام الذهيب سحنون ا عرضها على ابن القاسم ، فأصلح فيها كثريا ، و أسقط ، مث رتبها سحنون و بوا ، و احتج لكثري من مسائلها باآلثار من مروياته ، مع أن فيها أشياء ال ينهض دليلها،

م عليها ، وهم بإسقاطها ، و ذيب بل رأي حمض ، وحكوا أن سحنون يف أواخر األمر عل )3(".، و كرباء املالكية يعرفون تلك املسائل -رمحه اهللا- املدونة ، فأدركته املنية

تتمة جلهد سحنون يف -"املدونة"و بالفعل فقد تتابعت جهود كبار فقهاء املالكية يف نقد ومن أشهر هذه من خالل الشروح و التعاليق اليت وضعوها عليها، -نقدها وذيبها

التنبيه على مبادئ" ، و ابن بشري يف" التبصرة" االنتقادات ما كان من اللخمي يف كتابه

--------------------

.144اصطالح املذهب عند املالكية ، ص -1

.1/13احلميد عشاق ، منهج اخلالف و النقد الفقهي عند املازري ، /ع-2

.12/68سري أعالم النبالء ، -3

Page 341: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

" التنبيهات املستنبطة" ، و القاضي عياض يف "التعليقة على املدونة"، و املازري يف " يهالتوجحيث مل متنعهم مكانة املدونة و قيمتها يف املذهب ، من انتقادها ، و التنبيه على

)1(.أخطائها،اتباعا للصواب، و استمساكا بقوانني النظر الفقهي

املعدودة ضمن أمهات -" العتبية "ومن املالحظات النقدية يف هذا الباب ما تعرضت له أبو عبد اهللا حممد بن أمحد العتيب -من نقد الذع ، مجع فيها مؤلفها -املذهب

روايات اإلمام مالك و أقوال تالميذه ، بيد أنه توسع يف ذلك ، فلم - ) هـ255ت(ن مييز بني الصحيح و السقيم ، ففيها روايات صحيحة و ميحص تلك الروايات ، و فاته أ

أخرى شاذة ، و أقوال مشهورة و أخرى غريبة منكرة ال أصل هلا ، فهي خليط فيه الغث و )2(.السمني ، ولذلك كان معاصرو العتيب من العلماء يطعنون فيها

رأيت جلها مكذوبا ، و مسائل ال أصول هلا ، ):"هـ268ت(قال حممد بن عبد احلكم )3(".و مما قد أسقط و طرح ، و شواذ من مسائل االس مل يوافق عليها أصحابه

)4(".ويف املستخرجة خطأ كثري):" هـ286ت(و قال حممد ابن وضاح

ة ، و أكثر فيها من الروايات وهو الذي مجع املستخرج):" هـ314ت(و قال ابن لبابة أدخلوها يف : املطروحة و املسائل الشاذة ، و كان يؤتى باملسائل الغريبة ، فإذا أعجبته قال

)5(".املستخرجة

--------------------

مقدمة احملقق.185-1/184ابن بشري ، التنبيه على مبادئ التوجيه ، مصدر سابق ، -1

املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه -. 251ي مدارسه و مؤلفاته ، ص خمتار املامي ، املذهب املالك-2 .1/459النقدي ،

.450-1/449املصدر نفسه ، -5. 1/450املصدر نفسه ، -4. 1/450ترتيب املدارك ، -3

Page 342: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

البيان و "يف كتابه العظيم ) هـ520ت(وهلذا السبب اعتىن ا اإلمام ابن رشد اجلد )1(.ربل مسائلها ، ونبه على الصحيح و الضعيف منها، فغ" التحصيل

:نقد بعض املصادر األساسية يف املذهب -3

فمن املصادر األساسية اليت اعتمدت يف املذهب املالكي و اليت كانت عرضة لالنتقاد ، البن أيب زيد القريواين ، اليت ميكن اعتبارها املصدر الثالث يف املذهب بعد " الرسالة"كتاب

" مساها "الرسالة "املوطأ و املدونة ، فقد ألف الفقيه ابن فخار القرطيب رسالة لطيفة يف نقد :" ، تتبعه يف مسائل رآها بأا ال تتفق و مذهب عامل املدينة ، يقول يف مقدمتها" التبصرة

يف رسالته يف -رضي اهللا عنه–فقد فهمت ما ذكرته من إغفال أيب حممد عبد اهللا بن أيب زيد ما سها عنه وغلط فيه من قلة النظر ، و إمهال الفكر ، وقد عزمت ملا رأيت تطلعك إىل

)2(".قائق أن أبني ذلك مبا أقول فيه و أنبه عليهمعرفة احل

ومن املواقف النقدية للمصادر األساسية يف املذهب ، انتقاد أيب حممد عبد احلق الصقلي ، وهو خمتصر جاء على نسق املدونة ) هـ438ت(لتهذيب الربادعي) هـ460ت(

ور الدرس العلمي ، بل معتمدا فيه على خمتصر ابن أيب زيد ، و احتل مكانتها حىت أصبح حم .)3(أصبح من اصطالحهم إطالق املدونة عليه

وقد انتقد عليه عبد احلق اإلشبيلي أشياء أحاهلا يف االختصار عن :" قال احلجوي )4(".معناها

--------------------

.1/459املصلح ، اللخمي و دوره يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

.92صالتبصرة ، مصدر سابق ، -2

.املصدر نفسه-4. 4/45احلجوي ، الفكر السامي ، -3

Page 343: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إال أن أبا حممد :" إال أن القاضي عياض رد على عبد احلق الصقلي انتقاده للتهذيب ، فقالإن الرباذعي بنجوة من : عبد احلق ، ألف عليه جزءا فيما وهم فيه على املدونة ، و أنا أقول

)1(".ع ما انتقد عليه لفظ أيب حممد رمحه اهللانتقاد عبد احلق ، فإن مجي

أليب احلسن اللخمي ، وهو تعليق " التبصرة"ومن األعمال النقدية كذلك انتقاد كتاب :" على املدونة ، انتقد عليه الفقهاء خمالفته و خروجه عن املذهب يف اختياراته ، قال عياض

خرجت اختياراته يف الكثري عن قواعد ورمبا تبع نظره فخالف املذهب فيما ترجح عنده ، ف )3(":البوطليحية"، قال ناظم )2(" املذهب

واعتمدوا تبصرة اللخمي ومل تكن جلاهل أمي

لكنه مزق باختياره مذهب مالك لدى امتياره

أن :" -نقال عن املقري-ابن بشري ، و املازري ، قال الونشريسي : ومن أكثر املنتقدين له )4(".سة وصدر من السابعة كانوا ال يسوغون الفتوى من تبصرته أهل املائة الساد

اجلواهر "يأيت انتقاد الفقهاء لكتاب -انتقاد اخلروج عن املذهب-ويف هذا السياق أيضا ، وهو أحد الكتب اليت عكف عليها املالكيون شرقا و ) هـ616ت(البن شاس " الثمينة )5(.غربا

--------------------

.8/109املصدر نفسه، -2. 7/257املدارك ، ترتيب -1

.76-75نظم البوطليحية ، مصدر سابق ، ص -3

.2/479م، 1981/هـ1401حممد حجي، دار الغرب اإلسالمي، لبنان، : املعيار املعرب ،حتقيق -4

.1/34الذخرية ، -5

Page 344: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فقد أبدى بعض املتضلعني يف الفقه املالكي نوعا من التحرز إزاءه ، وذلك نتيجة ملا لوحظ " الوجيز "عليه من دخول مسائل جارية على املذهب الشافعي فيه ، و أصلها من كتاب

وحذر من الكتاب )1(للغزايل ، وقد نبه على ذلك اإلمام أبو عبد اهللا حممد بن مرزوقوفيما وافق املذهب و خالفه ، ولقد -أي مسائل الطالق-لتأمل فيهاو ينبغي ا:" بقوله

ذكر يف - رمحه اهللا-حدثين بعض الفقهاء األذكياء املخلصني من أصحابنا أن الشيخ ابن عرفةكتابه أن شيخه أبا عبد اهللا السطي حدثه أنه وضع كتابا فيما خالف فيه ابن شاس

)2(".املذهب

و " اجلواهر " يف بعض املسائل من كتاب " املعيار املعرب" تابه وقد تعقبه الونشريسي يف ك )3(.ناقشه فيها

:نقد شروح خمتصر خليل -4

يعترب خمتصر خليل من أهم و أشهر املختصرات يف الفقه املالكي ، وقد اعتىن املالكية به عناية فائقة ، تظهر من خالل ما كتبوا عليه من الشروح و احلواشي و الطرر ، كان من هذه

، و كان منها ما تعرض )4(املؤلفات على املختصر ما نال القبول و قصب السبق على غريه

--------------------

هـ، 710مشس الدين ، حممد بن أمحد بن مرزوق العجيسي ، التلمساين ، الشهري باخلطيب ، ولد بتلمسان سنة -1أخذ مبادئ العلوم عن علماء بلده ، مث رحل إىل احلجاز ، و استقر مدة بغرناطة ويل فيها اخلطابة جبامع احلمراء ، له

.849:رقم،1/236:شجرة النور الزكية.هـ781مشاركات علمية يف فنون شىت ، تويف سنة

.4/165الونشريسي ، املعيار املعرب ، -2

، دار الغرب اإلسالمي ، لبنان 1أبو األجفان ، ط:ابن شاس ، عقد اجلواهر الثمينة ، حتقيق -3 .447اصطالح املذهب عند املالكية ،ص -4مقدمة التحقيق .44م، ص1995/هـ1415،

Page 345: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.ادلالنتق

الزرقاين ، و : و تالمذته وهم )1(فمن الشروح اليت تعرضت لالنتقاد شرح األجهوري ومن الكتب اليت ال تعتمد على ما :" )4(، يقول اهلاليل )3(، و اخلرشي )2(الشربخييت

انفردت به ، شرح العالمة الشهري األجهوري على املختصر ، وما قيل فيه يقال يف شروح من املشارقة ، كالشيخ عبد الباقي ، و الشيخ الشربخييت ، و الشيخ اخلرشي تالمذته و أتباعه

)5(".ألم يقلدونه غالبا

)6(:ويقول ناظم البوطليحية

--------------------

هـ، شيخ املالكية يف عصره ، 967أبو اإلرشاد علي زين العابدين بن حممد بن أمحد األجهوري ، ولد سنة -1شجرة . هـ1066لعمل ، ألف تآليف كثرية منها ثالثة شروح على خمتصر خليل ، تويف سنة مجع بني العلم و ا

.1174:رقم، 303- 1/302:النور الزكية

برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن مرعي بن عطية الشربخييت ، الفقيه ، اإلمام ، العمدة ، املتفنن ، احملقق ، أخذ -2شجرة النور .هـ1106منها شرحه على خمتصر خليل تويف سنة عن األجهوري و تفقه به ، له مؤلفات

. 1236:رقم، 1/317:الزكية

هـ ، الفقيه ، العالمة ، شيخ املالكية ، أخذ عن 1010أبو عبد اهللا حممد بن عبد اهللا اخلرشي ، ولد سنة -3 .1234:رقمهـ،1/317:شجرة النور الزكية.هـ1101األجهوري ، له شرح كبري على املختصر ، تويف سنة

هـ 1113أبو العباس ، أمحد بن عبد العزيز ، اهلاليل ، السجلماسي ، املالكي ، عامل و شاعر ، ولد سنة -4 .4/123:الفكر السامي.هـ1175بسجلماسة ، رحل إىل مكة مث عاد إىل سجلماسة و تويف ا سنة

.132-131نور البصر ، مصدر سابق ، -5

.92-89، ص نظم البوطليحية ، مصدر سابق -6

Page 346: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

بيان ما من كتب ال يعتمد ما انفردت بنقله طول األمد

من ذلك األجهوري مع أتباعه مع اطالعه و طول باعه

إذ خلط احلصباء بالدر الثمني ومل مييز بني غث من مسني

و ما يقال فيه قل يف الباقي كالشربخييت و عبد الباقي

رابع للدوله و اخلرشي بالكسر لكل قوله و النشريت

ألم قد قلدوا ما قاله شيخهم و نقلوا أنقاله

فكل ما بنقله قد انفرد أوالء مل يقبله غريهم فرد

عليهم بالقول و البنان كالتودي و اهلاليل و البناين

و ال يقبل نظر الزرقاين إال مع التاودي أو البناين

و الشرح الكبري ملختصر خليل الذي ألفه األجهوري وقعت فيه أوهام :" ويقول احلجوي عند النقل و التخريج اعتىن املغاربة بتصحيحها ، وقد كان للسلطان سيدي حممد بن عبد اهللا موقفا انتقاديا من شروح خليل خصوصا املتأخرة ، حيث منع القضاة و املفتني من احلكم و

من اشتغل بالزرقاين و أمثاله من شراح خليل : خليل املتأخرة ، و أثر عنه قوله اإلفتاء بشروح )1(".يكون كمن تبع السراب

وكم يف شروح األجهوري ، و الزرقاين ، و اخلرشي من ذلك :"ويقول يف موضع آخر )2(".الغلط ، حىت التجأ املغاربة إلصالح غلطهم

--------------------

.4/220املصدر نفسه ، -2. 4/250:الساميالفكر -1

Page 347: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فقام مالكية املغرب بإخضاع آراء هؤالء الشراح و نقوالم و ترجيحام و اختيارام للنقد و التمحيص ، و انصب جل اهتمامهم على شرح الزرقاين ، إذ هو تلخيص آلراء

، و " الفتح الرباين فيما ذهل عنه الزرقاين" كتاب )1(حممد البناينأستاذه األجهوري ، فألف .حاشية عليه أيضا )2(ألف التاودي

وذين الكتابني حرر املغاربة آراء مدرسة األجاهرة و ترجيحام و أصبح من الضوابط :املسلم ا عند املغاربة بعامة أنه

ناينوال يتم نظر الزرقاين إال مع التاودي أو الب

-فأصبحت اآلراء و الترجيحات اليت انفرد ا الزرقاين معتمدة شريطة تأييدها و إقرارها من البناين أو التاودي ، وبقيت مواضع حيتاج إىل التنبيه عليها مل تقع منهما -نصا أو سكوتا

إشارة إليها ، اعتقدها الطلبة من كالمه صحيحة ، ألنه سكت عنها من ميز سقيمه من ه ، كما أما اعترضا على مسائله الصحاح ، و لتحرير ذلك ألف الرهوين حاشيته صحيح

)3(.على الزرقاين ، وبذلك أصبح نقل الزرقاين ال يتم إال حبواشيه

--------------------

متقنة ، تويف أبو عبد اهللا حممد بن احلسن البناين ، الفاسي ، إمام ، فقيه ، حمقق و مشارك ، له حاشية على الزرقاين-1 .4/125:الفكر السامي. هـ1194سنة

أبو عبد اهللا حممد التاودي ، الفاسي ، فقيه ، حمقق ، مشارك ، انتهت إليه رياسة العلم يف املغرب ، إقراء و إفتاء ، -2 .4/127:الفكر السامي.هـ1209له حاشية على الزرقاين ، تويف سنة

.581-578د املالكية ، صحممد إبراهيم علي ، اصطالح املذهب عن-3

Page 348: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد املصنفات الفقهية من حيث طرائق تدوينها:املطلب الثالث

باملوازاة مع عناية املالكية بنقد املصنفات الفقهية من حيث مضامينها ، فإم اعتنوا كذلك بنقدها من حيث شكلها ، وذلك من خالل نقد مناهج التأليف و طرائق تدوين املادة الفقهية و عرضها ، فقد ظهرت صيحات يف األوساط املالكية تنادي بضرورة تغيري مناهج

.املذهبالتأليف يف فروع

و يأيت يف هذا السياق االنتقادات الشديدة اليت وجهت ملنهج التلخيص و االختصار الذي لقي معارضة بعض الفقهاء و رفضهم له ، حيث اعتربوه منهجا عقيما أدخل املذهب يف

. دائرة من اجلمود و التعقيد ، وقد جتلى هذا املوقف لدى كثري من أعالم املدرسة املالكية

وكان قد اجتمع )1()هـ759ت(ؤالء الفقهاء أبو العباس أمحد بن قاسم القبابمن ه بابن عرفة يف تونس فأراه ما كتب من خمتصره الفقهي ، وقد شرع يف تأليفه ، فقال له

ال يفهمه املبتدئ و ال حيتاج إليه : ومل؟ ، قال: ما صنعت شيئا ، فقال له ابن عرفة:" القباب )2(".املنتهي

رى أن هذه الطريقة هي اليت أفسدت الفقه ، كما نقل ذلك عنه تلميذه الشاطيب وكان ي حبمد –ما ذكرت لكم من عدم اعتمادي على كتب املتأخرين مل يكن مين :" حيث يقول

حمض رأي ، ولكن اعتمدت بسبب اخلربة عند النظر يف كتب املتقدمني من كتب - اهللا

--------------------

د بن قاسم بن عبد الرمحن اجلذامي الفاسي ، الشهري بالقباب ، اإلمام ، احلافظ ، القاضي اخلطيب ، أبو العباس أمح-1الفقه ، و احلديث ، و اللغة ، : هـ، أخذ عن أعالم املغرب و شيوخ املشرق ، ومتكن من علوم724ولد بفاس عام

. 104-102:التنبكيت ، نيل االبتهاج.ـه778تأهل بفضلها لإلفتاء و القضاء و التدريس و اخلطابة ، تويف سنة

.3/37املقري ، أزهار الرياض ، مصدر سابق ، ج-2

Page 349: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املتأخرين ، و أعين باملتأخرين كابن بشري ، وابن شاس ، وابن احلاجب ، ومن بعدهم ، و ألن بعض من لقيته من العلماء بالفقه أوصاين بالتحامي عن كتب املتأخرين ، و أتى بعبارة

)1(".السمع ، لكنها حمض النصيحةخشنة يف

- رمحه اهللا-العبارة اخلشنة اليت أشار إليها كان:" وقد فسر الونشريسي هذه العبارة فقال ينقلها عن شيخه أيب العباس أمحد القباب ، وهي أنه كان يقول يف ابن بشري و ابن احلاجب

)2(".أفسدوا الفقه:و ابن شاس

وممن عارض نزعة التلخيص و االختصار أيضا العالمة عبد الرمحن بن خلدون ، فقد ذهب إىل أن كثرة املختصرات املؤلفة يف العلوم خملة بالتعليم ، مشريا إىل ما ينشأ عنها من املفاسد،

ذهب كثري من املتأخرين إىل اختصار الطرق و األحناء يف العلوم يولعون ا و :" حيث يقولون برناجما خمتصرا يف كل علم يشتمل على حصر مسائله و أدلتها باختصار يف األلفاظ، نيدو

وحشو القليل منها باملعاين الكثرية من ذلك الفن ، وصار ذلك خمال بالبالغة و عسريا على ورمبا عمدوا إىل الكتب األمهات املطولة يف الفنون للتفسري و البيان فاختصروها الفهم ،

عليم ، و فيه إخالل وهو فساد يف الت...ن احلاجب يف الفقه و أصول الفقه كما فعله اببالتحصيل ، وذلك ألن فيه ختليطا على املبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه ، وهو مل يستعد لقبوهلا بعد ، مث فيه شغل كبري على املتعلم بتتبع ألفاظ االختصار العويصة للفهم بتزاحم

صعوبة استخراج املسائل من بينها ، ألن ألفاظ املختصرات جتدها ألجل املعاين عليها ، و ذلك صعبة عويصة ، فينقطع يف فهمها حظ صاحل من الوقت ، مث بعد ذلك فامللكة احلاصلة

--------------------

.121-120م، ص1985/هـ1406، مطبعة تونس، 2حممد أبو األجفان، ط:فتاوى الشاطيب، حتقيق-1

.11/142املعرب ، مصدر سابق ، املعيار -2

Page 350: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

من التعليم يف تلك املختصرات إذا مت على سداده ، ومل تعقبه آفة ، فهي ملكة قاصرة عن امللكات اليت حتصل من املوضوعات البسيطة املطولة لكثرة ما يقع يف تلك من التكرار و

رت امللكات لقلته اإلحالة املفيدين حلصول امللكة التامة ، و إذا اقتصر على التكرار قصفقصدوا إىل تسهيل احلفظ على املتعلمني فأركبوهم كشأن هذه املوضوعات املختصرة ،

)1(".ل امللكات النافعة و متكنهاصعبا يقطعهم عن حتصي

)2(:يف النقاط التالية -من خالل كالمه-وميكننا أن نوجز املفاسد الناجتة عن املختصرات

دى إىل اإلخالل بالبالغة ، و صعوبة الفهم ، ولذلك إغراق املؤلفني يف االختصار أ-1 .إىل الشروح ، و الشروح احتاجت إىل احلواشي احتاجوا

إفساد التعليم ، ألم يقصدون إىل املدونات اليت غايات يف العلم ويلزمون الطلبة املبتدئني -2 .بدراستها ، والطالب املبتدئ ينبغي أن توضع له أوائل العلوم

ت يف أمر ليس له فائدة حبل رموز العبارة وبيان معانيها لشدة اختصارها ، ضياع الوق-3وكان الواجب الرجوع إىل الكتب الواضحة العبارة اليت تبني عن نفسها بنفسها ، وبذلك

.يزول اإللغاز ، و تتضح املعاين

.هذه الطريقة فيها إفساد للملكة العلمية ، فإا تنعدم أو تنشأ قاصرة-4

ن للحجوي املوقف نفسه ، حيث انتقد طريقة االختصار و اعتربها سببا من أهم وقد كا فإذا كان ابن :" األسباب اليت أدت إىل دروس الفقه و ذهابه ، فقال معلقا على عبارة القباب

--------------------

.2/346مقدمة ابن خلدون ، مصدر سابق ، -1

.152-151سابق ، ص األشقر ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، مصدر -2

Page 351: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".شاس و ابن بشري و ابن احلاجب أفسدوا الفقه ، فإن خليل أجهز عليه

وعلى كل حال فغالب العلماء من املائة :" ويقول مبينا مفاسد هذا املنهج و أثره على الفقهن الثامنة مل حيفظ هلم كبري اجتهاد ، و ال هلم أقوال معتربة يف املذهب ، و إمنا هم نقالو

اشتغلوا بفتح ما أغلقه ابن احلاجب مث خليل و ابن عرفة و أهل القرون األوىل ، إذ هؤالء السادة قضوا على الفقه و على من اشتغل بتواليفهم و ترك كتب األقدمني ، بشغل أفكارهم

إم ملا ، ...حبل الرموز اليت عقدوها ، فجنت األفكار ، و ختدرت األنظار بسبب االختصار يف االختصار صار لفظ املنت مغلقا ال يفهم إال بواسطة الشراح أو الشروح و أغرقوا

احلواشي ففات املقصود الذي ألجله وقع االختصار وهو مجع األسفار يف سفر واحد و تقريب املسافة ، وختفيف املشاق ، و تكثري العلم ، و تقليل الزمن ، بل انعكس األمر إذ

وضاع الزمن من غري مثن ، و أما من حيث املراد وتقليل كثرت املشاق يف فتح األغالق ،األسفار فقد وقع هلم غلط فيما أملوه ، وصرنا من مجع القلة إىل مجع الكثرة ، و ذلك أن املدونة مثال فيها حنو ثالثة أسفار ضخام وهي مفهومة بنفسها ال حتتاج لشرح يف غالب

ونثق مبا فهمنا منه إال بستة أسفار مواضعها ، لكن خمتصر خليل ال ميكننا أن نفهمهللخرشي، و مثانية للزرقاين ، و مثانية للرهوين ، اجلميع اثنان و عشرون سفرا ، مع طول الزمن املتضاعف يف الدروس و املطالعة يف تفهم العبارات املغلقة ، فلم حيصل املقصود من

ا بستان الفقه حبيطان شاهقة ، فأحاطو...االختصار ، بل انعكس األمر و أصبحنا يف التطويلمث بأسالك شائكة ، و وضعوه فوق جبل وعر ، بعدما صريوه غثا ، و ألقوا العثرات يف

)2(".طريق ارتقائه

--------------------

.222-4/220املصدر نفسه ، -2. 4/79الفكر السامي ، -1

Page 352: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

تأيت االنتقادات اليت اال ا ابن شاس على - نقد مناهج التأليف-ومن هذا الباب أيضا ، حيث الحظ ابن شاس " عقد اجلواهر الثمينة" فقهاء املذهب و مصنفام يف مقدمة كتابه

العزوف عن دراسة املذهب املالكي و اإلقبال على غريه ، ملا يف مصنفاته من تكرار ، و سوء ترتيب ، و تباين املسائل و عدم حصرها حتت ضوابط ، مما أدى إىل مشقة الفهم و تنظيم و

عسر التناول و بعد االستفادة ، فيواجه الباحث عن مسألة فقهية يف موسوعات املذهب مثل .املدونة و املوازية و العتبية و غريها صعوبة كبرية يف العثور عليها و االهتداء إىل موضعها

شاس ذلك إىل ارتباط معظم كتب املذهب باملدونة اليت فيها خلط بني وقد أرجع ابن قضايا خمتلفة و سؤاالت متباعدة ، ومل جيتهد أصحاب تلك الكتب يف ترتيبها و مجعها حتت

)1(.ضوابط ، بل علقوا عليها يف أماكنها املتفرقة

م املدينة إمام دار فهذا كتاب بعثين على مجعه يف مذهب عل: أما بعد :" - رمحه اهللا- يقول اهلجرة أيب عبد اهللا مالك بن أنس ، ما رأيت عليه كثريا من املنتسبني إليه يف زماننا من ترك االشتغال به و اإلقبال على غريه ، حىت لقد صار ذلك دأب كثري ممن يرى نفسه ، أو يرى ،

و ال بلغين عنه من املتميزين ، وجل من يعد من حذاق املتفقهني ومل أستمع من أحد منهم ،أنه كره منه سوى تكريره و عدم ترتيبه ، حىت اعتقد بعضهم أنه ال ميكن ترتيبه ، بل يشق و يتعذر ، و ال تنحصر مسائله حتت ضوابط ، بل تتباين و تتبتر ، فصرفهم عدم اعتناء أئمة

و استنباط املذهب بترتيبه عن استفادة ما اشتمل عليه من حتقيق املعاين النفيسة الدقيقة ، األحكام اجلارية على سنن السلف بأحسن طريقة ، و استثارة األسباب و احلكم اليت هي

على التحقيق عني احلقيقة ، فكانوا كاملعرض عن املعاين النفيسة ملشقة فهمها ، و املضرب

--------------------

لح ، اللخمي ودوره يف تطور االجتاه املص-مقدمة احملقق .1/28ابن شاس ، عقد اجلواهر الثمينة ،-1 . 226- 1/225النقدي،

Page 353: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".عن اجلواهر الثمينة لتكلف نظمها

هذه االنتقادات و املالحظات اليت سجلها على مصنفات املذهب ، هي اليت دفعته إىل لترتيب مسائل املذهب و وضعها حتت ضوابط لتقريبها و " عقد اجلواهر الثمينة" تأليف كتابه

ا ، حيث متيز كتابه جبمع املسائل املستبحرة من أبواب الفقه ، مع حسن التنظيم و تيسريهالربط بالقواعد ، و العناية باملباين و األسلوب ، و سالمة التعبري ، ودقته ، حماكيا يف ذلك

)2(".الوجيز"أسلوب الغزايل يف كتابه

وقد استخرت اهللا تعاىل ، و شرعت يف نظم املذهب بأسلوب يوافق :" -رمحه اهللا- يقول مقاصدهم و رغبام ، و خيالف ظنوم فيه و معتقدام ، فحذفت التكرار الذي عيبوا أئمة املذهب إذ مل حيذفوه ، و حللت النظام الذي كرهوه ، مث نظمته على ما جنحوا إليه و

)3(".ألفوه

--------------------

.4-2/3املصدر السابق ، -1

.مقدمة احملقق.1/42املصدر نفسه ، -2

.2/3املصدر نفسه ،-3

Page 354: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد مناهج التعليم و طرائق التدريس: املطلب الرابع

مل تكن عني الرقابة العلمية يف املذهب املالكي مقتصرة على املؤلفات و املصنفات الفقهية فقط ، بل كان فقهاء املالكية حراسا للدرس الفقهي أيضا ، ينفون عن طلبته الشوائب و املزالت سواء يف جانب اخللق و الديانة ، أو يف جانب املنهج و الطرائق ، أو يف جانب القيم

، ولذلك اهتموا بتقومي مسار التحصيل العلمي للمتفقه و دعوا إىل )1(وية املستصحبةالترب .ضرورة حتسني أساليب التعليم

ومن األمثلة على ذلك تلك االنتقادات اليت وجهت لطريقة التفقه يف األندلس ، فقد ملذهب كانت األولوية يف الدرس الفقهي باألندلس للمذهب املالكي ، حيث كانت أحكام ا

و مسائله حتفظ و تدرس مبسالك التقليد ، وهذا املنهج التعليمي و إن مل يكن معيبا ملا فيه من استقرار األحكام و وحدة القضاء و انضباط الفتوى ، إال أنه أمهل دعامة من دعائم التفقه وهي العناية باخلالف الفقهي و الفقه املقارن ، وقد أثر هذا االختيار على طبيعة

حصيل العلمي و الفقهي يف األندلس ، حيث ضاقت دائرة االتصال باملقارنات الفقهية اليت التبرز فيها خالل املرحلة نفسها علماء املشرق من شىت املذاهب ، بينما درج املالكية باألندلس

)2(.على االقتصار على معرفة أقوال مالك أو بعض أصحابه

اء باألندلس على املدونة و املستخرجة ، فعن عبد اهللا فانتقد أبو بكر األري اقتصار الفقه كيف صفة : قال يل أبو بكر حممد بن صاحل:" قال) هـ392ت(بن إبراهيم األصيلي

يقرأ املدونة ورمبا املستخرجة ، فإذا حفظ مسائلها رمبا:الفقيه عندكم باألندلس؟ فقلت له

--------------------

.1/62و اخلالف الفقهي عند املازري ، احلميد عشاق ، منهج النقد /ع-1

بتصرف.572-2/563حممد العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، -2

Page 355: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

أمجعت األمة على من هذه صفته ال حيل : نعم ، فقال:هذا ما هو؟ فقلت له: أفىت ، فقال يل )1(".له أن يفيت

و هذا امللحظ نفسه سجله فقهاء أندلسيون ، أحسوا بأن االكتفاء مبعرفة املذهب و العزوف عن حتصيل مصنفات اخلالف ، يقصر باملتفقه عن إدراك شأو أهل العلم املعتربين ، ولذلك نص نظارهم على أن من شرط الفقيه أن يطالع االختالف ، ومن مل يطالعه مل يشم

ن حممد بن حممد أبو عبد اهللا بن أيب دليم رائحة الفقه ، فقد كاال يرى أن يسمى طالب العلم فقيها حىت يكتهل و يكتمل :" )2()هـ372ت(األندلسي

سنه ، ويقوى نظره ، و يربع يف حفظ الرأي ، ورواية احلديث ، و يبصره و مييز طبقاته و يعرف مذاهب رجاله ، و حيكم عقد الوثائق و يعرف عللها ، و يطالع االختالف ، و

العلماء و التفسري و معاين القرآن ، فحينئذ يتحقق أن يسمى فقيها ، و إال فاسم الطالب أليق )3(".به

وقد نقلت أقوال لكبار اخلالفيني النظار من مالكية األندلس تربموا فيها من احلالة العلمية ، من اخلالف و النظر ، وتوجهوا بالنقد فيها على الدرس الفقهي املالكي و قلة ما فيه

كالباجي و ابن عبد الرب و ابن العريب ، وكل النقاد الذين اعترضوا على هذه احلالة العلمية كانوا يقارنوها باملشرق و العراق ، حيث كان العلم أشد نشاطا ، و أرسخ درسا ، و أكثر

)4(.شيوخا ، و أجنب طالبا

--------------------

حممد بن حممد بن عبد اهللا بن أيب دليم ، أبو عبد اهللا ، من أهل - 2. 5/120ابن حزم، اإلحكام،-1ابن .هـ372هـ،كان ضابطا لكتبه ، متفننا بروايته ، ثقة مأمونا ، عابدا متهجدا ، تويف 288قرطبة ، ولد سنة

. 6/145، ترتيب املدارك-3 . 86-2/85الفرضي ، تاريخ العلماء و الرواة ، .2/613العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، -4

Page 356: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

وهذا ما نسجله من مواقف اإلمام الباجي الذي كان له رحلة طويلة إىل املشرق بلغت حوايل الثالثة عشر عاما ، قضاها يف الرحلة إىل العواصم اليت كانت مهدا للثقافة اإلسالمية،

املوصل و فلسطني و القاهرة ، تكونت له من خالهلا انتقادات و ذلك كاملدينة و بغداد و على طريقة التفقه يف األندلس ، حيث الحظ ضعف تكوين الفقهاء يف جوانب النظر و

فإين : أما بعد:" حيث يقول" ترتيب املنهاج "اجلدل الفقهي ، وهذا ما دفعه إىل تأليف كتابه ناكبني ، وعن سنن اادلة عادلني ، خائضني ملا رأيت بعض أهل عصرنا عن سبيل املناظرة

فيما مل يبلغهم علمه، ومل حيصل هلم فهمه ، مرتبكني ارتباك الطالب ألمر ال يدري حتقيقه ، و القاصد إىل ج ال يهتدي طريقه ، أزمعت على أن أمجع كتابا يف اجلدل يشتمل على مجل

)1(".أجوبته أبوابه ، و فروع مسائله ، و ضروب أسئلته ، و أنواع

وكان له مشاركة بآرائه العلمية و جتاربه يف حتسني أسلوب التفقه و التعليم ، فقد شرح يف وصيته املشهورة ألوالده السياسة التعليمية اليت جيب على الطالب تتبعها ، و اعتربها أفضل سياسة يف التعليم ، و جيمل هذه السياسة يف حفظ القرآن الكرمي ، وحفظ احلديث النبوي

ف ، و التعرف على ما كان صحيحا منه وما كان منه غري صحيح ، و دراسة علم الشريأصول الفقه الذي هو أصل ملعرفة القرآن و معرفة احلديث ، و يوجب على الطالب أن

)2(.يتدرب تدريبا سليما على أصول النظر و املناقشة و النقد السليم ملسائل العلم

جمال سياسة التعليم و التفقه ، حيث كانت رحالته و كما كان البن العريب آراء نقدية يف أسفاره العلمية و لقائه العلماء يف خمتلف األقطار ، و مشاهدته لطرائق و مناهج التعليم يف

تلك البلدان قد كونت له آراء و نظرات علمية متميزة ، ففيما يتعلق ذا اجلانب جند ابن

--------------------

جودة عبد الرمحن :وصية القاضي الباجي لولديه ، حتقيق-2. 7تيب احلجاج ، مصدر سابق ، صاملنهاج يف تر -1 . 242سعد البشري ، احلياة العلمية يف األندلس ، ص-.1955، 3، ع1هالل ، جملة املعهد املصري ، مج

Page 357: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يف العريب قد تناول نظام األندلسيني يف التعليم بنقده الالذع ، وكانت الطريقة األندلسية التعليم تعتمد على تعليم القرآن أوال باعتباره أصال جلميع العلوم ، مث يتبعونه تعليم األطفال قوانني العربية و رواية الشعر ، و جتويد اخلط و الكتابة ، حىت إذا بلغ الطالب سن الشباب

لف يكون قد أخذ من العلوم الضرورية ما ميكنه من مواصلة طريق التعليم و التبصر يف خمت )1(.الفنون و العلوم

وقد أشار ابن العريب إىل أن هذه الطريقة عقيمة ، ال تكون امللكة الفقهية لدى الطالب ، ألا تركز على جانب احلفظ و التلقني ، و مل جانب الفكر و النظر ، فالطالب يقرأ ما

تعلم العلم ، :قاصمة أخرى:" -رمحه اهللا-ال يفهم ، و يدرس ما ال يدركه فهمه ، يقولفصار الصيب عندهم إذا عقل ، فإن سلكوا به أمثل طريقة هلم ، علموه كتاب اهللا ، فإن حذقه ، نقلوه إىل األدب ، فإذا ض فيه ، حفظوه املوطأ ، فإذا لقنه نقلوه إىل املدونة ، مث

ن قال فال: ، مث خيتمون له بأحكام ابن سهل ، فقال" ابن العطار"ينقلونه إىل وثائق الطليطلي، و فالن اريطي ، و ابن مغيث ، ال أغاث اهللا نداءه ، و ال أناله رجاءه ، فريجع

.القهقرى أبدا إىل وراء على أمه اهلاوية

ولو ال أن طائفة نفرت إىل دار العلم ، و جاءت بلباب منه ، كاألصيلي و الباجي ، فرشت اس األمة الزفرة ، لكان الدين قد من ماء العلم على هذه القلوب امليتة ، وعطرت أنف

)2(".ذهب

و قد حاول أبو بكر بن العريب اإلتيان مبنهجية جديدة يف التعليم خيالف ا طريقة أهل بلده

--------------------

.241سعد البشري ، احلياة العلمية يف األندلس ، ص-1

.367العواصم من القواصم ، ص-2

Page 358: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

العربية و الشعر على سائر العلوم ، ألن الشعر ديوان العرب ، مث يف التلقني ، فاقترح تقدمي ينتقل املتعلم إىل احلساب ، وبعده يبدأ يف حفظ القرآن و دراسته ، مع العناية باحلديث و

)1(.علومه اليت كان أهل األندلس يهملوا و ال يهتمون ا

م ، كان أبا أو وصيا ، أو و الذي جيب على الويل يف الصيب املسل:" يقول ابن العريب حاضنا، أو اإلمام ، إذا عقل أن يلقنه اإلميان ، و يعلمه الكتابة ، و احلساب ، و حيفظه أشعار العرب العاربة ، و يعرفه العوامل يف اإلعراب ، و شيئا من التصريف ، مث حيفظه إذا

ملشرق ، مث حيفظه اشتد يف العشر الثاين ، كتاب اهللا ، وهو أمر وسط بيننا و بني أهل اأصول سنن الرسول، وهي حنو من ألفي حديث يف األبواب ، تضمنها البخاري و مسلم ،

)2(".وهي عماد الدين ، و يأخذ هو بعد ذلك نفسه بعلوم القرآن ، ومعاين كلماته

وقد أثىن ابن خلدون على هذه الطريقة و استحسنها ، غري أنه استصعب تطبيقها و اقع ، ألن أحوال الناس و عادام تنايف تأخري قراءة القرآن و تعلمه ، فهم ممارستها يف الو

)3(.حريصون على تقدميه لنيل املثوبة و التفاؤل بربكته يف هذا الطور من النشأة

إىل طريقة : ولقد ذهب القاضي أبو بكر بن العريب يف كتاب رحلته:" -رمحه اهللا-يقول ذلك و أبدأ ، وقدم تعليم العربية و الشعر على سائر غريبة يف وجه التعليم، و أعاد يف

الدين، العلوم، كما هو مذهب أهل األندلس ، مث ينتقل إىل درس القرآن ، مث ينظر يف أصولرمحه –مث أصول الفقه ، مث اجلدل ، مث احلديث و علومه ، هذا ما أشار إليه القاضي أبو بكر

".د ال تساعد عليه ، وهي أملك باألحوالوهو لعمري مذهب حسن ، إال أن العوائ - اهللا

--------------------

البشري ، -3. 370العواصم من القواصم ، ص-2. 329مصطفى اهلروس ، املدرسة األندلسية ، -1 .2/355املقدمة ، -4. 241احلياة العلمية يف األندلس ، ص

Page 359: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املتعلق باملنهجية األصوليةالنقد الفقهي : املبحث الثالث

.النقد املوجه إىل بعض أصول املذهب: املطلب األول

لقد كان اهتمام املالكية بتصحيح أبنية املذهب األصولية واضحا مثل اهتمامهم بتصحيح فروع املذهب و مسائله ، ولذلك وجه املالكية سهام النقد إىل بعض أصول املذهب ، خاصة

ها انتقادات من املذاهب املخالفة ، أو اليت الحظوا عليها احنرافا عن تلك اليت توجهت إلي .املنهجية الصحيحة لالستنباط و االستدالل

رمحه -وقد كان لألصوليني من فقهاء املذهب دور كبري يف ذلك ، و خباصة اإلمام الباجي تابعة جلميع الذي يعد حبق رائدا من رواد النقد األصويل ، فقد تبني من خالل امل - اهللا

القضايا األصولية اليت ناقشها الباجي أنه يعتمد الدراسة النقدية لآلراء األصولية بدل النظرة االستعراضية السردية ، ومل مينعه انتماؤه للمذهب املالكي عن إبداء وجهة نظره اليت قد

األجيال ختالف املذهب يف بعض األحيان ، و كأنه بذلك يعلم أهل عصره من األندلسيني و )1(.الالحقة من بعده، املنهج الصحيح لبناء املعرفة األصولية الصحيحة

فقد انتقد الباجي بشدة القائلني حبجية أهل املدينة املبين على النظر و االجتهاد ، و " اعتربهم املسؤولني عن محلة االنتقادات إىل درجة التشنيع اليت تعرض هلا مذهب مالك بسبب

.تأسس على إمعان النظرقوهلم الذي مل ي

وقد حاول الباجي حتري الدقة و املوضوعية يف حسم النقاش الدائر حول مسألة إمجاع أهل املدينة االجتهادي فأكد أن ما نقله أهل املدينة من السنة من طريق اآلحاد ، و كذلك

--------------------

.278، ص1432/2011الكتب احلديث ، األردن ، ، عامل 1حممد رفيع ، الفكر األصويل املالكي ، ط -1

Page 360: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ما توصلوا إليه باالجتهاد و االستنباط يتساوون فيه مع غريهم من العلماء ، حيث تكون .العربة بالدليل و الترجيح

و إنصافا للمذهب يف هذه القضية ، يؤكد الباجي براءته مما نسب إليه من غري حتقيق النظر ن طريق و ال وجه أن إمجاع أهل املدينة فيما طريقه االجتهاد بأن مالكا ، مل حيفظ عنه م

.حجة عنده

وخيتم الباجي احتجاجه بدليل أقوى حسما للجدل ، يورده على املالكية املتشبثني حبجية اإلمجاع االجتهادي ألهل املدينة ، وهو أن هذه احلجية ال ميكن أن تكون إال بدليل شرعي

ل املدينة خباصة و اإلخبار عن عصمتهم ، كما ورد الشرع يوجبها و ينص على تصويب أهبتصويب املؤمنني و عصمة ما أمجعوا عليه ، فأكد أال دليل على ذلك ، و كل ما هنالك ورود الشرع بتفضيل الصحابة و ترتيههم ، وقد خرجت مجاعة من أفاضلهم من املدينة ،

لزم أن إمجاع هؤالء الصحابة ولذلك فاعتبار إمجاع أهل املدينة حجة على هؤالء يست )1(".اخلارجني من املدينة حجة على أهل املدينة أيضا

أما التعلق :" و النتيجة احلامسة اليت توصل إليها الباجي بعد طول التحقيق و املناقشة قوله بإمجاع أهل املدينة من جهة االستنباط ، فال يكاد يصح من جهة النظر و ال ينتصر

)2(".جبدل

إن :" ما انتقد الباجي املذهب املالكي يف تقدميه القياس على خرب الواحد ، حيث يقولك مقدم على القياس ، و كذلك الصحابة الذين بإمجاعهم - صلى اهللا عليه وسلم-خرب النيب

--------------------

. 215-214املصدر السابق ، ص -1

.143املنهاج يف ترتيب احلجاج ، ص-2

Page 361: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".ثبت لنا القياس ، كانوا إذا ظفروا باخلرب تركوا القياس و رأوا اخلرب مقدما عليه

و تعارض القياس مع خرب الواحد من القضايا األصولية اليت شغلت الفكر األصويل عموما .و الفكر األصويل املالكي خصوصا ، و هي تندرج يف إطار تعارض األدلة

فقد ذهب مالك و معظم أصحابه إىل تقدمي القياس على خرب الواحد عندما يتعارضان ، .العتبارات متعددة

أما الباجي فال يرى يف كل ما قدمه املالكية من أدلة مسوغا لتقدمي القياس على خرب الواحد ض بالقياس ألنه يرى أن االحتجاج باخلرب ال يقوى القياس على وقفه ، بينما اخلرب إذا عور

.يقوى على وقف االحتجاج به و إبطاله

وقد أسس الباجي رأيه هذا على مجلة من األدلة سواء من السنة أو من وقائع جرت بني )2(.الصحابة تؤكد إمجاعهم على تقدمي اخلرب على القياس

أصل "ومن األصول االجتهادية اليت انتقدها بعض فقهاء املالكية و وهنوا االعتماد عليها ، و املالحظ أن الذين خالفوا هذا األصل و استشكلوه هم من العلماء " مراعاة اخلالف

)3(.املربزين الذين هلم وزم و أثرهم يف املذهب املالكي

إن مراعاة اخلالف قد عابه مجاعة من الفقهاء منهم اللخمي و عياض :" يقول الونشريسي

--------------------

. 124، 89ب احلجاج ، ص املنهاج يف ترتي-1

.389-388حممد رفيع ، معامل الفكر األصويل املالكي ، مصدر سابق ، ص-2

، دار البحوث للدراسات اإلسالمية ، 1حممد شقرون ، مراعاة اخلالف عند املالكية ،ط-3 .152م، ص2002/هـ1423ديب،

Page 362: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".يعضده القياسالقول مبراعاة اخلالف ال : و غريمها من احملققني ، حىت قال عياض

القول مبراعاة اخلالف ال يعضده القياس ، و كيف يترك العامل :" يقول القاضي عياض مذهبه الصحيح عنده و يفيت مبذهب غريه املخالف ملذهبه ، هذا ال يسوغ إال عند عدم

)2(".الترجيح و خوف فوات النازلة فيسوغ له التقليد و يسقط عنه التكليف يف تلك احلادثة

كما ذكر الشاطيب طائفة أخرى أشكلت عليها هذه القاعدة منهم ابن عبد الرب و بعض )3(.شيوخ أهل املذهب من املتأخرين

وهذا موضع اضطرب فيه أصحاب مالك أيضا ، و ذلك ملراعام :" يقول ابن عبد الرب اإلمجاع أو االختالف فيما ال جيب مراعاته ، ألن االختالف ال يوجب حكما ، إمنا يوجبه

)4(".الدليل من الكتاب و السنة و بذلك أمرنا عند التنازع

وهو مسلك اجتهادي يؤدي الوظيفة " أصل ما جرى به العمل"كما انتقد املالكية االستداللية نفسها لعمل أهل املدينة ولكن على مستوى االجتهاد املذهيب ، شاع العمل به

املفيت أو احلاكم عند تعارض األقوال املذهبية فيأخذ يف األندلس و املغرب ، حيث يلجأ إليه بقول ضعيف أو شاذ يف مقابل الراجح أو املشهور ، ملصلحة أو ضرورة أو عرف يوجب

--------------------

، 2006/هـ1427، دار ابن حزم ، لبنان ، 1الصادق الغرياين، ط:إيضاح املسالك إىل قواعد مالك ، حتقيق-1 . 66ص

.12/36ر املعرب ، املعيا-2

.4/403املوافقات، مصدر سابق، -3

.1/423االستذكار، -4

Page 363: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(.ذلك

وقد اشتهر هذا األصل و اعتمد يف األندلس و إفريقية و املغرب ، فكانوا حيتجون مبا أفىت به علماؤهم و قضى به قضام ، وقد توسع املتأخرون من املالكية يف األخذ به حىت أصبح مصدرا أساسيا للتشريع ، لذلك جند املغاربة أكثروا منه ، و أقبلوا عليه ، و تنافسوا يف األخذ

ه ، و صار لكل قطر عمله اخلاص ، بل إن كل حاضرة علمية اختذت هلا عمال تسري عليه ، ب )2(.وأصبح مبرور الزمن يتنوع حىت يف البلد الواحد بتنوع مدنه و أقاليمه

و اعتربوه )3(وقد القى هذا األصل معارضة شديدة من بعض فقهاء املذهب فانتقدوه فيه من خمالفة و مصادمة للنصوص الشرعية و حتريف موجبا من موجبات هرم الفقه ، ملا

أبو بكر الطرطوشي ، و ابن العريب ، و : هلا، وهذا املوقف عرب عنه بعض الفقهاء منهم )4(.املقري اجلد صاحب القواعد الفقهية

مث حدثت حوادث مل يلقوها يف منصوص املالكية فنظروا :"- رمحه اهللا-يقول ابن العريب فتاهوا ، و جعل اخللف منهم يف ذلك يتبع السلف ، حىت آلت احلال أن ال فيها بغري علم

أهل قرطبة ، و : ينظر إىل قول مالك ، و كرباء أصحابه ، ويقال قد قال يف هذه املسألة أهل طلمنكة ، و أهل طلبرية ، و أهل طليطلة ، فانتقلوا من املدينة و فقهائها ، إىل طلبرية و

--------------------

حنو منهج علمي "، ملتقى 1240عبد الفتاح الزنيفي ، مصطلح ما جرى بع العمل و أثره على تغري الفتوى ، ص-1 . 1431/2011أصيل لدراسة القضايا الفقهية املعاصرة ، جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ، السعودية ،

.371، ص1982ط، .لة ، املغرب ، دعمر اجليدي ، العمل و العرف يف املذهب املالكي، مطبعة فضا-2

.419-413ينظر االنتقادات اليت وجهت هلذا األصل املصدر نفسه ، ص-3

.1241الزنيفي ، املصدر السابق ،ص -.367املصدر نفسه ، ص-4

Page 364: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(".طريقها

وشنع املقري على علماء األندلس و املغرب الذين جعلوا عمل أهل قرطبة مسلكا يف :" االحتجاج به ، فاعترب ذلك خطرا على اإلسالم و بادرة للتبديل و التغيري فيه ، فيقول

وعلى هذا الشرط ترتب إجياب عمل القضاة باألندلس ، مث انتقل إىل املغرب ، فبينا حنن أهل املدينة ، و نصيح بأهل الكوفة مع كثرة من نزل ا من علماء ننازع الناس يف عمل

:األمة كعلي و ابن مسعود ومن كان معهما

ليس التكحل يف العينني كالكحل

:سنح لنا بعض اجلمود و معدن التقليد

اهللا أخر مديت فتأخرت حىت رأيت من الزمان عجائبا

أهلها ، و مل يربح من الناس جهلها ، ما ذاك إال ألن يا هللا و للمسلمني ، ذهبت قرطبة و )2(".الشيطان يسعى يف حمو احلق فينسيه ، و الباطل ال زال يلقنه و يلقيه

ومن املخالفات الصرحية للنصوص اليت سجلها الفقهاء كأمثلة استدلوا ا على فساد هذا هللا ، و أن عدة املطلقة ثالثة أشهر ال األصل ، جريان العمل بترك اللعان ، مع أنه يف كتاب ا

ثالثة قروء ، خمالفا يف ذلك لفظ القرآن العظيم ، و أن الطالق كله بائن ، مع أن الطالق إذا )3(.أطلق يف القرآن انصرف إىل الرجعي ، و ال يكون بائنا إال بأسباب

--------------------

. 367العواصم من القواصم ، ص-1

.1/556نفح الطيب ، -2

.4/229الفكر السامي ، -3

Page 365: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد ظاهرة التقليد و التعصب املذهيب: املطلب الثاين

احنرافا و خلال يف منهجية االستنباط و -كغريه من املذاهب-لقد شهد املذهب املالكي االستدالل بعد انتشار ظاهرة التقليد و التعصب للمذهب ، وذلك بعد منتصف القرن الرابع اهلجري ، حيث فترت مهم الفقهاء عن االجتهاد املطلق ، وظنوا أن أقدارهم ال تقوى على

لكتاب و السنة ، فقصرت جهودهم عن النظر يف النصوص و االستنباط تلقي العلم من امنها، و رضوا ألنفسهم التقليد احملض ، و التعصب البحت ، فأضحت نصوص إمام املذهب عندهم كنصوص الشارع ، و ال يستجيز أحدهم لنفسه أن جيتهد يف مسألة مبا خيالف ما

أو جمانبته للصواب ، فال ميلك القدرة استنبط إمامه ، بل حىت لو وقف على ضعف قوله ،على التخلي عنه ، أو تصحيحه ، أو التصريح بضعفه ، و ادعى هؤالء القوم انقطاع االجتهاد ، وغلق أبوابه على رأس املائة الرابعة ، ومل يبق جمتهد مطلق ، بل اتهد عندهم

)1(.صر االحنطاطالذي يفهم نصوص إمامه ، و يفرع على أصوله ، وهكذا دخل الفقه ع

ويف خضم هذا اجلمود الفكري و الركود الفقهي ، برز كثري من علماء املذهب املالكي ، حترروا من قيود التقليد ، و خرجوا إىل فضاء النظر و االستدالل ، و متيزوا بسعة األفق و

أبوابه ، و النظرة اإلصالحية للمشاكل العلمية ، كان هلم دور بارز يف إحياء االجتهاد و فتحبعثه من جديد ، فدعوا إىل ضرورة العودة بالفقه إىل ما كان عليه يف العهد األول ، و أنكروا الوقوف عند نصوص األئمة و االستدالل عليها ، دون الرجوع إىل النصوص

)2(.الشرعية و االحتجاج ا ، و االستنباط منها

--------------------

.115األشقر ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، ص - 94ريخ الفقه اإلسالمي ، صبدران أبو العينني ، تا -1

ايد مجعة ، دور علماء املالكية يف تقرير االجتهاد ، جملة راية اإلصالح ، اجلزائر، السنة السادسة، /ع-2 .19م، ص2012ماي /هـ1433،مجادى األوىل 31العدد

Page 366: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و اعلم أنه :" و اجلمود على املذهب ، فيقول فهذا ابن عبد الرب ينكر على أهل بلده التقليد مل تكن مناظرة بني اثنني أو مجاعة من السلف إال لتفهم وجه الصواب فيصار إليه ، و يعرف أصل القول و علته ، فيجري عليه أمثلته و نظائره ، و على هذا الناس يف كل بلد إال عندنا

ب ، فإم ال يقيمون علة ، و ال ومن سلك سبيلنا من أهل املغر -كما شاء اهللا ربنا–ومن فيها رواية لفالن و رواية لفالن ، : يعرفون للقول وجها ، وحسب أحدهم أن يقول

خالف عندهم الرواية اليت ال يقف على معناها و أصلها و صحة وجهها ، فكأنه خالف نص م ، و ذلك الكتاب و ثابت السنة ، و جييزون محل الروايات املتضادة يف احلالل و احلرا

خالف أصل مالك ، و كم هلم من خالف أصول خالف مذهبهم مما لو ذكرناه لطال الكتاب بذكره ، و لتقصريهم يف علم أصول مذهبهم صار أحدهم إذا لقي خمالفا ممن يقول

أو غريهم من الفقهاء ، و خالف يف أصل قوله بقول أيب حنيفة أو الشافعي أو داود بن عليهكذا قال فالن ، و هكذا :يكن عنده أكثر من حكاية قول صاحبه ، فقال بقي متحريا ، ومل

روينا ، و جلأ إىل أن يذكر فضل مالك و مرتلته ، فإن عارضه اآلخر بذكر فضل إمامه أيضا :يف املثل كقول األول - صار-

شكونا إليهم خراب العراق فعابوا علينا حلوم البقر

السها و تريين القمر فكانوا كما قيل فيما مضى أريها

:ويف مثل ذلك يقول منذر بن سعيد البلوطي

عذيري من قوم يقولون كلما طلبت دليال هكذا قال مالك

وقد قاله ابن قاسم الثقة الذي على قصد منهاج اهلدى هو سالك

وقد كان ال ختفى عليه املدارك فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب

Page 367: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فإن زدت قالوا قال سحنون مثلهم ومن يقل ما قاله فهو آفك

و إن قلت قال اهللا ضجوا و أكثروا وقالوا مجيعا أنت قرن مماحك

أتت مالكا يف رد ذاك املسالك وإن قلت قد قال الرسول فقوهلم

و أجازوا النظر يف اختالف أهل مصر و غريهم من أهل املغرب فيما خالفوا فيه مالكا من غري أن يعرفوا وجه قول مالك و ال وجه قول خمالفه منهم ، ومل يبيحوا النظر يف كتب من

م ، وقلة نصح ، خالف مالكا إىل دليل يبينه ، ووجه يقيمه لقوله و قول مالك جهال منه )1(".وخوفا من أن يطلع الطالب على ما هم فيه من النقص و التقصري فيزهد فيهم

ومثل هذا املوقف وقفه كل احملققني من علماء املذهب كابن العريب الذي يقول مشنعا على م، فصار التقليد دينهم ، و االقتداء يقينهم ، فكلما جاء أحد من املشرق بعل:" التقليد و أهله

دفعوا يف صدره ، و حقروا من أمره ، إال أن يستتر عندهم باملالكية ، و جيعل ما عنده من العلوم على رسم التبعية ، منهم بقي بن خملد ، رحل فلقي علماء األمة ، و سادة العلم ، و رفعاء امللة ، كأمحد بن حنبل و أكرم ، فارتبط ، و ظفر فاغتبط ، و جاء بعلم عظيم ، و

ومي ، ومل يكن له أن يرتبط مبذهب أحد ، وقد كان رقي من العلم يفاعه ، مع تفنن يف دين قالعلوم ، ومنة يف نفسه ، و جاء ابن وضاح مبثله ، فأما بقي بن خملد فكان مهجورا حىت مات ، و أما ابن وضاح فلقي سحنون ، و تشرف بأصحاب مالك ، و تتلمذ ليحىي بن

، شهادة فكأنه رقي املنازل ، و طار يف الدولة جبناح ، وبقيت حيىي ، و أعان املطالب لبقي احلال هكذا ، فماتت العلوم إال على آحاد حيب بشيء من احلديث ، و استمرت القرون

--------------------

.2/328جامع بيان العلم و فضله ، -1

Page 368: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

يتعلق ببدعة على موت العلم و ظهور اجلهل ، فكل من ختصص مل يقدر على أكثر من أن .اتبع الرسول ، فكان هذا عونا على الباطل ، وذلك بقدر اهللا و قضائه: الظاهر ، فيقول

مث حدثت حوادث مل يلقوها يف منصوص املالكية فنظروا فيها بغري علم فتاهوا ، و جعل اخللف منهم يف ذلك يتبع السلف ، حىت آلت احلال أن ال ينظر إىل قول مالك ، و كرباء

أهل قرطبة ، و أهل طلمنكة ، و أهل طلبرية ، و : ه ، ويقال قد قال يف هذه املسألة أصحاب ...أهل طليطلة ، فانتقلوا من املدينة و فقهائها ، إىل طلبرية و طريقها

أو جاءهم بفائدة يف الدين ، و طريقة من سلف فإن ظهر هلم من عنده معرفة بالدين ، مزوا جانبه ، و قبحوا عجائبه ، و عيبوا حقه استكبارا ، الصاحلني ، وسرد هلم الرباهني ، غ

وعتوا ، و جحدوا علمه ، وقد استيقنته أنفسهم ظلما وعلوا ، وسعوا يف إمخال ذكره ، و .حتقري قدره ، فافتعلوا عليه ، وردوا كل عظيمة إليه

ي فرشت ولوال أن طائفة نفرت إىل دار العلم ، و جاءت بلباب منه ، كاألصيلي و الباج من ماء العلم على هذه القلوب امليتة ، وعطرت أنفاس األمة الزفرة ، لكان الدين قد

)1(".ذهب

وهذا اإلمام املقري يتجه االجتاه نفسه يف نبذ التقليد و التعصب ، و معارضة النصوص ا بأقوال أئمة املذهب ، و قد ذكر ضمن قواعده قاعدتني مهمتني منتقدا من خالهلما م

الحظه من اخللل احلاصل يف منهجية االستنباط و االستدالل و ذلك بالتعسف يف تأويل النصوص حىت تتالءم مع نصوص املذهب ، أو التعسف يف االستدالل لألقوال الضعيفة يف

:"املذهب تعصبا له، ، فيقول

--------------------

.369-367العواصم من القواصم ، ص-1

Page 369: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

ال جيوز رد األحاديث إىل املذاهب على وجه ينقص من جتها ، و يذهب الثقة :قاعدة بظاهرها ، فإن ذلك إفساد هلا ، و غض من مرتلتها ، ال أصلح اهللا املذاهب بفسادها ، و ال

صلى اهللا -رفعها خبفض درجاا ، فكل كالم يؤخذ منه و يرد ، إال ما صح لنا عن حممدز الرد مطلقا ، ألن الواجب أن ترد املذاهب إليها ، كما قال ، بل ال جيو - عليه و سلم

.الشافعي ، ال أن ترد هي إىل املذاهب ، كما تسامح فيه احلنفية خصوصا ، و الناس عموما

ال جيوز التعصب إىل املذاهب باالنتصاب لالنتصار بوضع احلجاج ، و تقريبها على :قاعدة املرجوحية عند ايب ، كما يفعله أهل اخلالف ، إال الطرق اجلدلية مع اعتقاد اخلطأ ، أو

على وجه التدريب على نصب األدلة ، و التعليم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو احلق ، )1(".قاحلق أحق من أن يعلى ، و أغلب من أن يغلب

و إا إلحدى الكرب:" ويقول يف موضع آخر منتقدا ظاهريت التقليد و التعصب يف املذاهب دواهي التقليد ، فالتقليد مذموم ، و أقبح منه حتيز األقطار ، و تعصب النظار ، فترى الرجل يبذل جهده يف استقصاء املسائل ، و يستفرغ وسعه يف تقدير الطرق و حترير الدالئل ، مث ال خيتار إال مذهب من انتصر له وحده حملض التعصب له ، مع ظهور احلجة الدامغة ، مث ينكف

حمجتها إىل الطرق الزائفة ، فال حيمل نفسه على احلق إذا رآه ، و لكن يطلب التوفيق و عن ولو اتبع احلق أهواءهم لفسدت السموات و األرض و ( لو على أبعد طرف بينه و بني هواه

فتراهم يؤولون النصوص اليت خيالف ظاهرها مبا يوافق مذهبهم على ما )....من فيهن ".أخلوا مباله معىن أم اليوافقهم، و ال يبالون

--------------------

. 397-2/396القواعد ، مصدر سابق ، -1

.2/483املعيار املعرب ، -2

Page 370: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.نقد البدع و احملدثات: املطلب الثالث

شديد البعد عن البدع ، مبغضا هلا ، جمانبا ملواقعها ، مفارقا - مالك رمحه اهللا- كان اإلمام ت (ألصحاا ، ولذلك كثري التحذير من خمالفة السنة و االبتداع يف الدين ، قال ابن وضاح

، و قال عنه )1("وقد كان مالك يكره كل بدعة ، و إن كانت يف خري):" هـ286 )2(".وقد كان من أشدهم اتباعا ، و أبعدهم عن االبتداع):" هـ790ت(الشاطيب

يا أبا عبد اهللا من أين : مسعت مالك بن أنس و أتاه رجل فقال: عن الزبري بن بكار قال : ، فقال - صلى اهللا عليه و سلم-من ذي احلليفة ، من حيث أحرم رسول اهللا: أحرم؟ قال

ال تفعل ، فإين أخشى عليك الفتنة ، : ، قالإين أريد أن أحرم من املسجد من عند القربأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت : و أي فتنة هذه؟ إمنا هي أميال أزيدها ، قال: فقال

رذحيلف:(، إين مسعت اهللا يقول - صلى اهللا عليه و سلم-إىل فضيلة قصر عنها رسول اهللا )3(.]63:النور[)يملأ ابذع مهيبصي وأ ةنتف مهيبصت نأ هرمأ نع ونفالخي ينذال

أخذه مببدأ -وهو االتباع و ترك االبتداع- ومما يدل على شدة اهتمامه ذا األصل العظيم سد الذرائع ، الذي يعد أصال من أصول املذهب املالكي ، يقول الطرطوشي

اعلم أن احلرف الذي يدور عليه هذا املذهب إمنا هو محاية الذرائع ، و ):" هـ520ت( )4(".نن املسننةأال يزاد يف الفروض و ال يف الس

--------------------

.83م، ص1429/2008، مكتبة ابن تيمية ، 3عمرو عبد املنعم ، ط: كتاب البدع ، حتقيق-1

.1/299ت، .ط، د.مشهور حسن ، مكتبة التوحيد ، السعودية ،د:االعتصام ، حتقيق-2

.228-1/227املصدر نفسه ، -3

. 66، ص1411/1990، دار ابن اجلوزي ، السعودية ، 1علي احلليب ، ط: احلوادث و البدع ، حتقيق-4

Page 371: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

لقد ورث فقهاء املالكية عن اإلمام مالك منهج االتباع و كراهية البدع ، فظل املذهب أي علماء –اعلم أن األصحاب :" املالكي مدافعا عن السنة مقاوما للبدعة ، يقول القرايف

)1(".فيما رأيت متفقون على إنكار البدع ، نص على ذلك ابن أيب زيد و غريه -لكيةاملا

فكانت عني الرقابة الفقهية يقظة يف حصر كل من زن ببدعة ، أو نطق كالمه أو رشح مبا يفيد تلبسه خبالف السنة ، ولذلك كانت مواقف املالكية متشددة مع أصحاب البدع و

مون كل فكر منحرف عن خط أهل السنة و اجلماعة مهما كان األهواء ، فكانوا يقاواحنرافه ، ال يفرقون بني أحد منهم ، فقاوموا االعتزال و التشيع و الفكر اخلارجي و حركات التصوف ، ووقفوا يف وجه علم الكالم و الفلسفة ، وكانوا حريصني على إقامة

م بني االتباع و املذهب ، ولذلك فإن أي السنة و إحياء قيم االتباع ، وكانوا يعتقدون التالزمالكي رمي باالعتزال أو التشيع تسلب منه صفة املالكية ، فال يترجم له يف طبقام ، و ال

)2(.يعتد به يف مسائل مذهبهم

سريا على هذا املنهج يف الدفاع عن السنة و مقاومة البدعة ، اهتم علماء املالكية ببيان لى السنن ، و أنكروا على من مل يرضوا بالشرع املبني ، وابتدعوا احملدثات اليت دخلت ع

أحكاما يف الدين ، و شرعوا واجبات و سننا و مستحبات ، و اخترعوا عبادات و قربات ، فأنكروا هذه البدع و انتقدوا االبتداع يف الدين من خالل فتاويهم و جمالس دروسهم و

.مصنفام

حملمد بن وضاح القرطيب" البدع و النهي عنها"البدع كتاب ومن أشهر املصنفات يف إنكار

--------------------

.4/345م ، 1998/هـ1418، دار الكتب العلمية ، بريوت ، 1الفروق ، ط-1

.1/402العلمي ، املستوعب يف اخلالف العايل ، -2

Page 372: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، ساق فيه نصوصا كثرية يف التحذير من البدع ، و بني خطورة االبتداع ، ) هـ286ت( .و ذكر ما جاء يف اتباع اآلثار

، أنكر فيه " احلوادث و البدع"فألف كتابا مساه ) هـ520ت(مث تاله أبو بكر الطرطوشي ر فيه مجال من هذا كتاب أردنا أن نذك:" عددا من البدع و احملدثات ، يقول يف مقدمة كتابه

بدع األمور و حمدثاا ، اليت ليس هلا أصل يف كتاب اهللا ، و ال سنة ، و ال إمجاع ، و ال :غريه ، فألفيت ذلك ينقسم إىل قسمني

قسم يعرفه العامة و اخلاصة أنه بدعة حمدثة ، إما حمرمة ، و إما مكروهة ، و قسم يظنه .بات ، و طاعات ، و سنناعبادات ، و قر - إال من عصم اهللا -معظمهم

فأما القسم األول ، فلم نتعرض لذكره ، إذ كفينا مؤنة الكالم فيه ، العتراف فاعله أنه .ليس من الدين

)1(".و أما الثاين ، فهو الذي قصدنا مجعه ، و إيقاف املسلمني على فساده و وبال عاقبته

يف كتابه املدخل على ) هـ737ت (جكما تكلم أبو عبد اهللا العبدري املشهور بابن احلا :" كثري من البدع و احملدثات ، و أطال يف الرد على من أجاز بعضها ، يقول يف كتابه

أن يغتر أو مييل إىل بدعة لدليل قام عنده على إباحتها من أجل -أي العامل -وليحذرعذار ما استئناس النفوس بالعوائد أو بفتوى مفت قد وهم أو نسي أو جرى عليه من األ

جيري على البشر وهو كثري ، بل إذا نقل إباحة شيء من هذه األمور عن أحد من العلماء ، فينبغي للعامل بل جيب عليه أن ينظر إىل مأخذ العامل للمسألة ، و جتويزه إياها ، من أين

--------------------

.22-21احلوادث و البدع ، مصدر سابق ، ص -1

Page 373: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إجازته هلا ، ألن هذا الدين و هللا احلمد حمفوظ فال ميكن ألحد أن يقول اخترعها و كيفية فيه قوال أو يتركه بغري دليل ، ولو فعل ذلك أحد مل يقبل منه ، وهو مردود عليه ، إال أن تكون قواعد الشرع تشهد بصحته ، فريجع للقواعد و الدالئل القائمة ، و يكون قول هذا

طا للقواعد و الدالئل ، و إن أتى على ما يقوله بدليل فينظر يف العامل بيانا و تفهيما و بسالدليل ، فإن كان موافقا قبل و كان له أجران أجر االجتهاد و أجر اإلصابة ، و إن كان خمالفا مل يقبل و كان له أجر واحد وهو أجر االجتهاد ، و ذلك راجع إىل نيته و جده و

.نظره

ال يأيت مبسألة إال و يأيت مبأخذها و دليلها فيسندها إىل -رمحه اهللا-أال ترى أن مالكا ، أو إىل إمجاع ، أو إىل أقوال -صلى اهللا عليه وسلم- الكتاب العزيز ، أو إىل حديث النيب

و على ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا ، و بذلك : العلماء أو فتاويهم أو أحكامهم ، فيقولإىل غري ذلك من اآلثار املروية عنه يف ....ن املسيب حكم عمر بن اخلطاب ، أو أفىت سعيد ب

)1(".إسناده كل مسألة يردها إىل أصلها و يعزوها إىل ناقلها

ومن أشهر علماء املالكية حماربة للبدع و احملدثات العالمة األصويل أبو إسحاق الشاطيب ول يف كتابه االعتصام ، وهو أحسن مصنف على اإلطالق يف بيان أص) هـ790ت(

-البدع و وقواعدها ، و الفرق بينها و بني املصاحل املرسلة و االستحسان ، و قد أنكر فيه ، و يبدو أن الشاطيب مل يقتنع مبا كتبه غريه يف البدع ، فألف )2(عددا من البدع -رمحه اهللا

--------------------

.163-1/162ت، .ط، د.املدخل ، مكتبة دار التراث ، القاهرة، د-1

م ، 2007/هـ1428،جريدة السبيل ، املغرب ، 1مصطفى باحو ، علماء املغرب و مقاومتهم للبدع ، ط -2 .27-26ص

Page 374: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

)1(. هذا الكتاب

و أنا أرجو أن يكون كتب هذا الكتاب الذي وضعت يدي :" -رمحه اهللا-يقول الشاطيب جدا ، إال من النقل فيه من هذا القبيل ، ألين رأيت باب البدع يف كالم العلماء مغفال

اجلملي ، كما فعل ابن وضاح ، أو يؤتى فيه بأطراف من الكالم ال يشفي الغليل بل التفقه فيه كما ينبغي ، مل أجده على شدة حبثي عنه إال ما وضع فيه أبو بكر الطرطوشي ، وهو

ني ، وهو يسري إىل جنب ما حيتاج إليه فيه ، و إال ما وضع الناس يف الفرق الثنتني و السبعفصل من فصول الباب و جزء من أجزائه ، فأخذت نفسي بالعناء فيه ، عسى اهللا أن ينفع به

)2(".واضعه و قارئه و ناشره و كاتبه و املنتفع به و مجيع املسلمني

لقد كتب كثري من العلماء يف البدع ، و كان أكثر ما كتبوا يف الترهيب و التنفري ، و " الرد على املبتدعني ، و ما رأينا أحد منهم هدي إىل ما هدي إليه أبو إسحاق الشاطيب من

حيث عين فيه جبانب التأصيل و التقعيد و [البحث العلمي األصويل يف هذا املوضوع ، ].التقسيم

خصصه لذمها و : للتعريف بالبدع و بيان معانيها ، و الثاين: عل الباب األول منهفج : توضيح آثارها السيئة يف الناس ، و جعل الباب الثالث مكمال له ، و بني يف الباب الرابع

فخصصه لبيان : طرق استدالل املبتدعة على ما زعموه من صحة بدعهم ، أما الباب اخلامسقيقية و البدع اإلضافية ، و فصل يف الباب السادس أحكام البدع ، و يف الفرق بني البدع احل

تكلم عن البدع من حيث سرياا يف قسمي الشريعة من عبادات ، و: الباب السابع

--------------------

.12-1/11: االعتصام ، مصدر سابق ، مقدمة احملقق-1

.3/17املصدر نفسه ، -2

Page 375: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الفرق بني البدع و االجتهاد الذي أصله املصلحة املرسلة : الثامنمعامالت ، وحدد يف الباب )1(.هـ.ا"و االستحسان

يعرض البدع فيكشف عن أصلها و طبيعتها ، ولذلك انتقد -رمحه اهللا-فكان املصنف و تبعه فيه تلميذه القرايف يف " القواعد" التقسيم الذي تورط فيه العز بن عبد السالم يف كتابه

.من أن البدع منها ما هو حسن ، ومنها ما هو مذموم" روقالف"كتابه

فقد ذهب الشاطيب أن البدعة ال تكون إال مذمومة ، و أن ما تومهه العز بن عبد السالم و القرايف من أنه بدعة حسنة ليس من البدعة يف شيء ، و إمنا هو جار على األصول الشرعية

عة هي ما خرج عن أصول الشريعة ، و مل يكن من استحسان أو مصلحة مرسلة ، بينما البد )2(.هلا أصل إال هوى مبتدعها

إن هذا التقسيم أمر خمترع ال يدل عليه دليل شرعي ، بل هو يف نفسه :" -رمحه اهللا-يقول متدافع ، ألن من حقيقة البدعة أال يدل عليها دليل شرعي ، ال من نصوص الشرع وال من

ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب إو إباحة ملا كان مثة قواعده ، إذ لو كان هناك بدعة ، ولكان العمل داخال يف األعمال املأمور ا أو املخري فيها ، فاجلمع بني عد تلكاألشياء بدعا ، و بني كون األدلة تدل على وجوا أو ندا أو إباحتها ، مجع بني

)3(".املتناقضني

--------------------

.1/8: االعتصام ، مقدمة احملقق-1

.9-1/8املصدر نفسه ، -2

.1/321املصدر نفسه ، -3

Page 376: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كما بني الشاطيب وجه الفرق بني ما مسوه البدع املستحسنة ، و االستحسان الفقهي و املصاحل املرسلة ، فبني أن البدع ليست من هذين األصلني يف ورد و ال صدر ، و ال تتفق

غرض ، فإن البدعة كيفما كانت صفتها استدراك على الشرع و افتيات معهما يف علة و ال )1(.عليه ، و أما مسائل املصاحل املرسلة و االستحسان فهي موافقة حلكمه

مذهبا من مذاهب املبتدعة إال تناوله " االعتصام"وذا يتبني أن الشاطيب مل يترك يف كتابه )2(.الوهن بالتحليل و النقد ، و كشف ما يف بنائه من

--------------------

.1/9:املصدر نفسه ، مقدمة التحقيق-1

.1/11املصدر نفسه ، -2

Page 377: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

.املعامل املنهجية للنقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

بعد استعراضنا االت النقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي و مظان الوقوف عليه و أسسه و أدواته، ميكننا حتديد املعامل املنهجية اليت ترسم مالمح املنهج العام الذي اعتمده

:فقهاء املالكية يف هذا اجلانب من جوانب النقد الفقهي، حيث نلخص ذلك يف النقاط التالية

:النقطة األوىل

أن النقد الفقهي الداخلي كان شامال للمادة الفقهية من مجيع جوانبها من خالل نقد األقوال و الروايات املذهبية ، ونقد املصنفات و مناهج التدوين ، و نقد طرائق التدريس و

.التعليم

صادر اليت كما عين املالكية بتصحيح األبنية األصولية للمذهب من خالل نقد بعض امل اعتمدها املذهب يف االستنباط و االستدالل ، و انتقدوا كل أشكال االحنراف عن املنهجية الصحيحة يف االستنباط و االستدالل ، و خباصة التقليد و التعصب للمذهب و اجلمود على كل ما ورد فيه حىت لو ثبت ضعف الدليل ، و القول يف الدين بالرأي دون االستناد إىل

.أو دليل صحيح ، وهو ما فتح باب البدع يف املذهبأصل

هذه اجلهود اليت بذهلا فقهاء املالكية يف خدمة املذهب و تنقيته من شوائب الفهم و أخطاء الترتيل أو اإلفتاء أو التأليف ، و معاجلة كل أشكال اخللل املنهجي ، و القصور العلمي ، و

ة فقهية إصالحية شاملة ، و نزعة جتديدية متيز ا حماربة االنغالق الفكري ، تعبر عن رؤي )1(.بعض املتنورين من فقهاء املذهب الذين كانوا يتسمون بسعة األفق ، و بعد النظر

--------------------

مع تصرف.301اجليدي ، مباحث يف املذهب املالكي ، ص-1

Page 378: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إن هذه الرؤية اإلصالحية ميكننا اعتمادها كأساس لنهضتنا الفقهية احلديثة ، وذلك من خالل توجيه جهود اإلصالح و التجديد الفقهي هلذه ااالت اليت اهتم ا فقهاء املالكية ، و معاجلة االختالالت و النقائص املوجودة فيها ، أعين بذلك أربعة جماالت أساسية يف عملية

:جديد و اإلصالح الفقهي وهيالت

تنقية الفقه من اآلراء الشاذة و الضعيفة ، من خالل دراسة كل الفروع و املسائل الفقهية -أ .دراسة نقدية بعيدا عن اجلمود و التقليد

النظر يف املصنفات الفقهية و إعادة صياغة املادة الفقهية وفق طرق علمية ناجعة يستفيد - ب .ث الفقهيمنها الطالب و الباح

النظر يف طريقة التفقه و إصالح أساليب تدريس املادة الفقهية ، من أجل تكوين -جـملكة فقهية راسخة لدى الطالب ، متكنه من معرفة الفروع الفقهية بأصوهلا من كتاب و سنة و إمجاع و قياس ، وعلة احلكم اليت ألجلها شرع ، وفهم أسرار الفقه و ما هنالك من

ف و كيفية استنباطهم و مداركهم ، فإن الفقيه الذي يستحق لقب فقيه هو أفكار السل .العارف بذلك ، أما الذي يسرد آالفا من مسائله غري عارف بأصلها ، فإمنا هو حاك نقال

معاجلة كل أشكال اخللل يف املنهجية األصولية و االحنرافات اليت حصلت يف منهجية -د .و السليمةاالستنباط و االستدالل الصحيحة

: النقطة الثانية

:سار نقاد املالكية يف نقد أقوال املذهب و رواياته يف اجتاهني

--------------------

.4/232احلجوي ، الفكر السامي ، -1

Page 379: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

كان يف نقده حريصا على اتباع املذهب و التمسك مبشهور الروايات و : االجتاه األولذهب يف اختياراته و ترجيحاته ، و أبرز من ميثل هذا األقوال فيه ، لذلك قلت خمالفاته للم

.االجتاه اإلمام أبو عبد اهللا املازري

كان يف نقده ال يلتفت إىل شهرة الروايات و األقوال و ال إىل صحة ثبوا ، بل :االجتاه الثاين كان نظره متجها إىل أسسها و مستنداا ، ولذلك كثرت انتقاداته و خمالفاته للمذهب ، ومشلت أئمته كلهم بدون استثناء و مل ينج منها حىت مؤسس املذهب مالك بن أنس ، و أبرز

)1(.من ميثل هذا االجتاه اإلمام أبو احلسن اللخمي

وهذا األمر يؤكد أن الذين مارسوا النقد الفقهي و اعتنوا به من فقهاء املذهب املالكي جتهاد املطلق املنتسب ، أو االجتهاد كلهم قد وصل درجة االجتهاد يف املذهب ، إما اال

.املقيد

و اتهد املطلق املنتسب ، هو الذي ال يقلد غريه يف املذهب و ال يف الدليل ، و إمنا يقلده يف .املنهج الذي سلكه يف االستنباط تلك األحكام

اليت مل و اتهد املقيد ، هو الذي يتبع إمامه يف األصول و الفروع ، و لكنه يستنبط أحكامينص عليها إمامه على ضوء قواعد إمامه و منهجه و ينظر يف ترجيح األقوال ، و التنبيه على مسالك التعليل و مدارك األدلة ، و بيان ترتيل الفروع على األصول ، و إيضاح املشكل ، و

)2(.تقييد املهمل ، و مقابلة األقوال بعضها ببعض ، و النظر فيها من حيث القوة و الضعف

--------------------

.1/169املصلح ، اإلمام اللخمي و جهوده يف تطوير االجتاه النقدي ، -1

.301اجليدي ، مباحث يف املذهب املالكي ، ص -2

Page 380: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:النقطة الثالثة

مجع الفقهاء يف دراسة أقوال املذهب و رواياته ومناقشتها ونقدها بني جانيب الرواية و الدراية ، حيث مزجوا بني الطريقة العراقية والطريقة القروية يف دراسة فروع املذهب و مسائله ، فبينما تركز الطريقة العراقية على جانب الدراية من خالل التوسع يف االستدالل و

جوبة و املناقشات و توجيه األدلة، تركز الطريقة القروية على جانب الرواية من سوق األ .خالل تتبع الروايات و السماعات و تصحيحها، و بيان وجوه االحتماالت

يف تدريس -رضي اهللا عنهم-وقد كان للقدماء:" يقول املقري مبينا الفرق بني الطريقتني اصطالح قروي ، فأهل العراق جعلوا يف اصطالح عراقي ، و : املدونة اصطالحان

مصطلحهم مسائل املدونة كاألساس ، و بنوا عليها فصول املذهب باألدلة و القياس ، ومل يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات ، و مناقشة األلفاظ ، و دأم القصد إىل إفراد

.األصولينياملسائل ، و حترير الدالئل ، على رسم اجلدليني ، و أهل النظر من

البحث عن ألفاظ الكتاب ، و التحرز عما احتوت عليه : و أما االصطالح القروي فهوبواطن األبواب ، و تصحيح الروايات ، وبيان وجوه االحتماالت ، و التنبيه على ما يف الكتاب من اضطراب اجلوابات ، و اختالف املقاالت ، مع ما انضاف إىل ذلك من تتبع

ب أساليب األخبار ، و ضبط احلروف على حسب ما وقع يف السماع ، وافق اآلثار ، و ترتي )1(".ذلك عوامل اإلعراب أو خالفها

وقد تبىن بعض األعالم من فقهاء املغرب اإلسالمي ، و خباصة فقهاء القريوان الطريقة

--------------------

.3/22املقري ، أزهار الرياض ، -1

Page 381: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

، و مزجوها بالطريقة القروية القائمة أساسا على ضبط نصوص -الداخلييف النقد - العراقيةاملدونة و تصحيحها، و حتقيق الروايات و األقوال ، و متحيص أسانيدها ، فالتأم بذلك

النقد الذي يتعلق بتحقيق الروايات و األقوال ، و النقد الذي خيتص باالستنباط : شكال النقد .و التخريج

وقد سلك القاضي عياض يف تنبيهاته مسلكا مجع فيه بني الطريقتني ، و :" يقول املقري )1(".املذهبني ، و ذلك لقوة عارضته

:النقطة الرابعة

أن النقد الفقهي الداخلي كان قائما على أسس و مقررات علمية ، ومل يكن قائما على اء إىل جمموعة من األدوات النقدية اليت التشهي و االحتكام إىل العاطفة ، حيث احتكم الفقه

متثل يف األساس آالت االجتهاد و طرائقه ، وهي جمموعة العلوم و املعارف املكتسبة اليت .تؤهل صاحبها ملمارسة النظر االجتهادي

متثل هذه األدوات قواسم مشتركة بني الفقهاء ، ولذلك نالحظ اشتراك الفقهاء املعروفني ة يف املذهب يف املنهج العام الستنهاض معاين الروايات و األقوال ، و بدراستهم النقدي

استقراء خمتلف دالالا ، و استخدام األساليب و األدوات نفسها كالتخريج ، و الترجيح ، و التوجيه ، و التعليل ، و التنظري وغريها من مكونات هذا املنهج ، و ال خيتلفون إال يف

.درجة توظيفها

حظ منهجي مهم وهو أن ممارسة النقد الفقهي ال يكفي فيها التحكم يف علم وهذا مل

--------------------

.3/23املقري ، أزهار الرياض ، -1

Page 382: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

احلديث و املعرفة باآلثار كما هو حال كثري من املنتسبني إىل البحث الفقهي يف عصرنا ممن إمنا يتطلب مع ذلك التحكم يف يدعون إىل التفقه املباشر من كتب احلديث و اآلثار ، و

. مجيع أدوات النظر و البحث الفقهي

:النقطة اخلامسة

أن فقهاء املالكية مل يعتمدوا يف النقد الفقهي الداخلي لفروع املذهب و مسائله على األدوات الفقهية فقط ، و إمنا وظفوا كذلك بعض العلوم و املعارف النظرية مثل علم الفلك و الطب و غريها من العلوم ، وهذه النقطة املنهجية يستفاد منها أنه ال بأس من االستعانة

لعلوم العصرية يف جمال البحث الفقهي عموما و النقد الفقهي خصوصا إذا كانت مبختلف اهذه العلوم تقرر حقائق ميكن االستفادة منها يف هذا اال ، وإذا كانت املسألة الفقهية مبنية

. على هذه احلقائق العلمية

Page 383: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ
Page 384: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

اخلــــــــــامتة

Page 385: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

:اخلامتة

:و تتضمن ما يلي

.نتائج البحث: أوال

:توصلت من خالل البحث يف هذا املوضوع إىل النتائج التالية

النقد منهج من مناهج البحث العلمي املهمة، حيث يعترب أساسا لبناء املعرفة الصحيحة، -1اخللل احلاصل يف كل و أداة لتقوميها، و أحد أسباب تطور العلوم، ووسيلة إلصالح

.جوانب املعرفة

عملية رصد ملواطن اخلطأ و الصواب ، يف موضوع علمي معني ، :" يعرف النقد بأنه -2بعد دراسته و فحصه ، يستند فيه الباحث إىل األصول و الثوابت العلمية املقررة يف جمال

املفاهيم املتعلقة العلم الذي ينتمي إليه هذا املوضوع، وذلك من أجل تقومي و تصحيح بعض ".بذلك املوضوع

يتناول النقد كل إنتاج بشري يعتريه النقص و اخلطأ، وال يكون إال بعد دراسة و -3متحيص للموضوع، و ال ميارسه إال شخص متخصص يف ذلك العلم يعرف أصوله و

.قواعده

بالطبع ، ملا ارتبط النقد وجودا و عدما بوجود اإلنسان و ظهور فكره ، فاإلنسان ناقد -4أويت من مؤهالت ذهنية و نفسية خاصة به ، جعلته يرتاح للحسن و ينقبض عن القبيح ، و حيثما كان حلركته يف احلياة فكرا و أثرا ثقافيا ، كان النقد يتحرك يف روحه و يسري إىل

.جانب فكره ، إن مل نقل إن فكره باألساس كان نقدا

Page 386: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

اجلانب الطبيعي يف اإلنسان و ذلك من خالل تقرير وقد راعت الشريعة اإلسالمية هذا النقد كأصل شرعي ، فكان النقد تقليدا ممهدا ، ووضعا مألوفا يف الثقافة اإلسالمية عموما ، وإن مل ترد كلمة النقد بأي من اشتقاقاا يف القرآن الكرمي و كذلك يف السنة النبوية، لكن

.مثة إشارات كثرية فيهما إىل هذا األصل

سريا على هدي القرآن و السنة يف تقرير هذا األصل، اهتم علماء اإلسالم بالنقد يف -5، فوجد النقد يف علوم احلديث ، و التفسري ، و علم الكالم و خمتلف جماالت العلوم الشرعية

وقد حظي علم الفقه من ذلك بنصيب كبري ملا متيز به من كثرة اآلراء و تشعب ... العقيدة .وتعدد املدارس الفقهية املذاهب

، "النقد الفقهي" اصطلح املعاصرون على تسمية النقد يف جمال الفقه و علومه بـ -6وحيث مل يوجد هذا املصطلح يف كتب املتقدمني ، اجتهد املعاصرون يف وضع تعريف مناسب له، حيث عرفوه بتعريفات كثرية مل ختل من قصور، اختار الباحث بعد مناقشتها

عملية دراسة وتقومي اإلنتاج الفقهي ملذهب من املذاهب :"النقد الفقهي بأنهتعريف ".الفقهية

اختار الباحث هذا التعريف لتناوله جلميع اجلوانب يف عملية النقد الفقهي، إذ ال يقتصر -7النقد الفقهي على دراسة املسائل الفرعية يف املذهب كما يصوره بعض الباحثني، و إمنا

له عالقة بالنشاط واإلنتاج الفقهي ، كدراسة املؤلفات الفقهية و تقوميها من يشمل كل ماحيث طريقة عرض املادة الفقهية ، كما يتناول بالدراسة و التقومي طرائق تدريس املادة

.الفقهية

:مييز الباحثون بني نوعني من النقد الفقهي، مها -8

Page 387: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

اخل املذهب نفسه ، حيث يهتم علماء وهو النقد الذي يكون د: النقد الفقهي الداخلي -أاملذهب بتصحيح أبنيته األصولية و املنهجية ، و سرب املعاين الفقهية و حتليلها و متحيصها ،

.بدراسة أصول املذهب و فروعه

وهو الذي يعىن حبجاج املذاهب األخرى و الرد عليها ، ضمن : النقد الفقهي اخلارجي - ب .ما يعرف بالردود و علم اخلالف

اجلدل، :" مبصطلحات استعملها الفقهاء قدميا وهي" النقد الفقهي"يرتبط مصطلح -9قواسم مشتركة، " النقد الفقهي"، حيث توجد بني هذه املصطلحات و "اخلالف، املناظرة

. كما توجد بينها و بني هذا املصطلح فروق واضحة

، إذ يشكل "لفقهيالتجديد ا" كما يرتبط هذا املصطلح مبصطلح آخر معاصر وهو -10وهلذا جند أن كل من تكلم عن النقد الفقهي حمورا أساسيا يف عملية التجديد الفقهي ،

قضية التجديد الفقهي و جماالته إال و يشري إىل ضرورة مراجعة التراث الفقهي مراجعة نقد تقوم ومتحيص، بل و يعترب ذلك من األولويات يف عملية التجديد الفقهي ، ألنه ال ميكن أن .حركة جتديدية يف الفقه إال على إثر حركة نقدية حتدد مواضع اخللل و جوانب اإلصالح

ترتيل مفهوم النقد يف إن حماولة نقل التجربة الغربية يف النقد إىل الفكر اإلسالمي و -11الفكر الغريب أو استعمال أدواته املنهجية يف النقد الفقهي هي حماولة استنبات يف أرض غري صاحلة لذلك ، ألن الفقه اإلسالمي له خصائصه و مميزاته ، و كل حماولة لنقده و جتديده ال

.بد أن تكون من داخله ، و بأساليبه و أدواته

يعطينا النقد الفقهي عملية مهمة يف منظومة البحث الفقهي، و تربز أمهيته يف كونه -12واضحة حالته ، وحيدد لنا مواضع نظرة كاملة عن الفقه اإلسالمي ، و يشخص لنا بصورة

من خالل دراسة اإلنتاج الفقهي و الوقوف على مواضع اخللل و اخللل اليت ينبغي معاجلتها ،

Page 388: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

األسباب الرئيسية و اجلوانب السلبية اليت أدت إىل الركود و و حتديد النقص املوجودة فيه ،الفقهي أو تدريس املادة اجلمود يف البحث الفقهي و جتاوزها ، سواء يف جانب التأليف

لتتضح لنا بعد ذلك معامل التجديد و النهضة ية و امللكة الفقهية، الفقهية ، أو تكوين الشخص .الفقهية املرجوة

أن النقد الفقهي عملية اجتهادية، وعليه فإن الناقد الفقهي البد أن يتوفر على آلة -13يشترط بلوغه رتبة االجتهاد املطلق ، بل االجتهاد اليت تؤهله ملمارسة النقد الفقهي ، وال

يكفي حتصيل آلة االجتهاد و ملكته ، و البد أن يغلق الباب أمام عامة الناس ممن مل حيصل هذه اآللة ، فال جيوز أن يتصدى للنقد الفقهي عوام الناس و أشباههم من اجلهال و املتجرئني

.رمبا مع قلة ورع و ديانة و املتقحمني ألسوار الشريعة بال فقه و ال دراية ، و

يقف أمام أداء النقد الفقهي دوره الكامل يف إصالح املنظومة الفقهية و النهوض ا ، -14ضعف امللكة :و حتقيق الغايات و األهداف اليت يرمي إليها ، عوائق كثرية لعل من أمهها

.الفقهية للناقد ، و التقليد ، و التعصب املذهيب

ة العقل الفقهي للباحث إىل مرتبة النقد يتطلب تنمية امللكة الفقهية لديه ولذلك فإن ترقي من خالل منهج علمي حيرك فكر الطالب، و التحرر التام من قيود التقليد املذهيب، و التجرد

.ملعرفة احلق و الصواب بعيدا عن التعصب املذهيب

ن حصرها يف ثالث جماالت تتنوع جماالت النقد الفقهي بتنوع املادة الفقهية، وميك -15نقد األحكام و الفتاوى، نقد األصول و األدلة، نقد املصنفات و طرائق : أساسية ، هي

.تدريس املادة الفقهية

أوىل املالكية عناية كبرية للنقد الفقهي يف منهجهم الفقهي ، وهذا يؤكد بطالن -16فقهاء املالكية مقلدون مطلقا الدعوى اليت ترمي املذهب املالكي باجلمود و التحجر، و أن

Page 389: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

إلمامهم، و ال خيرجون عن مذهبه و رأيه، و أن احلس النقدي غائب لديهم يف دراستهم أو أم مل يطلعوا عليه للمذهب، ومرد هذه الدعوى جهل أصحاا بتراث املذهب املالكي،

.بالقدر الذي يؤهلهم ألن يصدروا يف حقه الرأي الصائب

–لقد تبلورت الروح النقدية يف املذهب املالكي يف شخصية مؤسس املذهب نفسه -17بالرتعة النقدية منذ بداية طلبه و تلقيه العلم على - رمحه اهللا-، فقد حتلي مالك -اإلمام مالك

.يد شيوخه ، فلم يكن يقبل و يسلم بكل ما يتلقاه من شيوخه ، بل يفحصه و ميحصه

حريصا على غرس هذه الروح النقدية يف نفوس تالميذه و -رمحه اهللا–وقد كان مالك أتباعه ، فكان حيثهم على النظر و االجتهاد ، وينهاهم عن التعصب لرأيه ، ويدعوهم إىل متحيص ما يتلقونه عنه من العلم ، و عرضه على األصول ، و أن ال يقبلوا من العلم إال ما

سرت الروح النقدية يف لة قائله ، ولذلك فقد كان موافقا هلذه األصول ، مهما عظمت مرتنفوس تالميذه، و استمرت يف تالميذهم ما انقطعت يف فترة من فترات تاريخ املذهب

.املالكي

أن ظهور النقد الفقهي يف املذهب املالكي كان منذ بداية تأسيس املذهب ، لكن -18 و أعالمها مل يكن إال بعد متيزه و بروزه كاجتاه و حركة منظمة يف املذهب هلا منهجها

القرن اخلامس اهلجري، وقد أسهمت عوامل كثرية يف ظهور وتطور هذا االجتاه النقدي يف .املذهب

كانت عناية املالكية بالنقد الفقهي بنوعيه اخلارجي و الداخلي، لكن اهتمامهم بالنقد -19يف ذلك باملنهج الفقهي الداخلي كان أكثر من عنايتهم بالنقد الفقهي اخلارجي، متأثرين

حيث مل يؤسس مذهبه على االنتصار و الرد على اخلصوم و ،- رمحه اهللا- لإلمام مالكاملخالفني ونقد آرائهم، ومل ينح مسالك اجلدل و احلجاج و املناظرة إلثبات مذهبه، ولذلك

Page 390: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

و كان النقد الفقهي اخلارجي يف املذهب استثناء ميثل ردة فعل على انتقادات املخالفنيردودهم على مالك و أصحابه، وخيالف املالكية مبنهجهم هذا منهج احلنفية و الشافعية اللذين جعال من النقد و الرد على املخالفني أساسا ملذهبيهما ، وركنا ركينا يف الدرس

.الفقهي

عين املالكية بنقد خمالفيهم و الرد عليهم من خالل املناظرات، و املصنفات يف الردود -20يعتمد على طرق اجلدل :اخلالف العايل ، و سلكوا يف ذلك مسلكني، مسلك جديل و

يعتمد على قواعد الصناعة احلديثية ، وقد برز يف جمال النقد :وقواعده، و مسلك أثري . الفقهي اخلارجي فقهاء املدرسة العراقية و من تأثر مبنهجهم من املغاربة

يمة عند فقهاء املالكية، وكان شامال للمادة احتل النقد الفقهي الداخلي مكانة عظ -21الفقهية من مجيع جوانبها، فعاجل كل أشكال اخللل املنهجي ، و القصور العلمي من خالل نقد أقوال املذهب و رواياته ، ونقد أصوله و أدلته ، ونقد املصنفات و مناهج التدوين ، و

.نقد طرائق التدريس و التعليم

املتعلق بفروع املذهب و مسائله حيزا كبريا من جهود املالكية يف أخذ النقد الفقهي -22الدراسة النقدية للمذهب، وقد ورد يف أمناط خمتلفة من التأليف الفقهي الذي عرف يف

.املذهب املالكي

اعتمد فقهاء املالكية يف منهجهم النقدي لدراسة املذهب و متحيص رواياته و أقواله ، -23سس و مقررات علمية يعتمد عليها أهل االجتهاد يف استنطاق النصوص ومناقشتها ، على أ

و تقومي ما يستنبط منها ، ومل تكن تلك االنتقادات قائمة على جمرد التشهي أو االحتكام إىل . دواعي العاطفة

Page 391: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

لقد كان اهتمام املالكية بتصحيح أبنية املذهب األصولية واضحا مثل اهتمامهم -24املذهب و مسائله ، ولذلك وجه املالكية سهام النقد إىل بعض أصول بتصحيح فروع

املذهب ، خاصة تلك اليت توجهت إليها انتقادات من املذاهب املخالفة ، كما انتقدوا كل أشكال االحنراف عن املنهجية الصحيحة لالستنباط و االستدالل، و خباصة التقليد و

يه حىت لو ثبت ضعف الدليل ، و القول يف التعصب للمذهب و اجلمود على كل ما ورد ف .الدين بالرأي دون االستناد إىل أصل أو دليل صحيح ، الذي فتح باب البدع يف املذهب

نقد : انصبت انتقادات املالكية للمصنفات الفقهية يف املذهب على جانبني ، األول -25ية من حيث شكلها ، نقد املصنفات الفقه: املصنفات الفقهية من حيث مضموا ، الثاين

قد تنوعت اجلهود النقدية لفقهاء املالكية يف هذا اال لتشمل كل أشكال املؤلفات و واملصنفات الفقهية يف املذهب املالكي من مطوالت و خمتصرات و شروح و حواشي و

.غريها

فقط ، مل تقتصر الرقابة العلمية يف املذهب املالكي على املؤلفات و املصنفات الفقهية -26بل كان فقهاء املالكية حراسا للدرس الفقهي أيضا، ولذلك اهتموا بتقومي مسار التحصيل

.العلمي للمتفقه ، و دعوا إىل ضرورة حتسني أساليب التعليم

هذه اجلهود اليت بذهلا فقهاء املالكية يف خدمة املذهب و تنقيته من شوائب الفهم و -27أليف ، و معاجلة كل أشكال اخللل املنهجي ، و القصور أخطاء الترتيل أو اإلفتاء أو الت

العلمي ، و حماربة االنغالق الفكري ، تعبر عن رؤية فقهية إصالحية شاملة ، و نزعة جتديدية متيز ا فقهاء املالكية ، هذه الرؤية اإلصالحية ميكننا اعتمادها كأساس لنهضتنا

.الفقهية احلديثة

Page 392: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

مادة خصبة و ثرية للبحث ، وحيتاج إىل دراسات أخرى أن هذا املوضوع مازال -27 .تعاجل جوانب مهمة فيه

.االقتراحات: ثانيا

:يقترح الباحث ما يلي

أن جتعل هذه الدراسة نقطة انطالق لدراسات أخرى مرتبطة ذا املوضوع، تقترح على -1لرسائل البحث يف الطلبة يف الدراسات العليا، و ميكن أن جتعل عناصر هذه الدراسة مواضيع

.مرحلة املاستر و الدكتوراه

املذهب : أن تنجز دراسات أخرى على شاكلة هذه الدراسة يف املذاهب األخرى حنو -2احلنفي ،و الشافعي، و احلنبلي، حىت تتشكل لدينا رؤية متكاملة عن منهج النقد يف الفقه

".اإلسالميلنظرية النقد يف الفقه "اإلسالمي، ميكن من خالهلا التأسيس

: نظرا التساع نطاق البحث يف موضوع النقد الفقهي ينبغي تقييده مبجال حمدد حنو -3النقد الفقهي عند النووي، ابن عابدين، ابن : شخصية فقهية معينة يف املذهب مثل

، أو كتاب حمدد يف املذهب ، أو مدرسة فقهية يف املذهب، أو فترة زمنية، أو ......تيمية .جماالت النقد الفقهي، وهذا حىت يتمكن الباحث من معاجلة املوضوع بدقة جمال حمدد من

Page 393: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

الفهارس

فهرس اآليات

فهرس األحاديث و اآلثار

فهرس األعالم

املصادر و املراجع

فهرس املوضوعات

Page 394: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس اآليات

اآلية الرقم رقمها

الصفحة السورة

99 النساء 20 و آتيتم إحداهن قنطارا 1 21 املائدة 48 و منهاجا لكل جعلنا منكم شرعة 2 36 التوبة 122 ليتفقهوا في الدين 3 37 هود 91 قالوا يا شعيب ما نفقه كثريا مما تقول 45 لمع به لك سا ليم قفلا ت174 اإلسراء 36 و

37 الكهف 78 يكادون يفقهون حديثافمال هؤآلء القوم لا 6 37 الكهف 93 لا يكادون يفقهون قولا 7-27 و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي 8

28 37 طه

مهيبصت نأ هرمأ نع ونفالخي ينذال رذحيلف 9فتأ ةنو يصيبهم ذعأ ابليم

368 النور 63

10 هنسون أحبعتل فيون القوعمتسي 98 الزمر 19 الذين 11 أومرأل تعلد بيكن162 الشورى 15 م 240 احلجرات 13 ماكقتاهللا أ دنع مكمركأ نإ 12

فهرس اآليات

Page 395: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األحاديث و اآلثار

الصفحة طرف احلديث أو األثر الرقم 39 .أخربين رجل من األنصار من أهل الفقه 01 146 .استفت قلبك وإن أفتاك الناس و أفتوك 02هو الفرق كان يتوضأ بإناء-صلى اهللا عليه وسلم-أن رسول اهللا 03

.من اجلنابة262

39 إن طول صالة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه 04 262 .أن عبد اهللا بن عمر حنط ابن سعيد بن زيد 05 39 .إن املوسم جيمع رعاع الناس و غوغاءهم 06 29 .إن نقدت الناس نقدوك 07 98 .إين قد وليت عليكم و لست خبريكم 08 .مائة من اإلبليف النفس املؤمنة 09

169

حىت ترككم على -صلى اهللا عليه وسلم-مل ميت رسول اهللا 10 .طريق ناهجة

21

99 .كل الناس أفقه منك يا عمر 11 36 .اللهم علمه الدين و فقهه التأويل 12 39 .ما أدركت فقهاء أرضنا إال يسلمون يف كل ثنتني 13 262 من غسل ميتا فليغتسل 14 39 .الرجل أن يقول ملا ال يعلم اهللا أعلممن فقه 15 38 .نضر اهللا امرىء مسع منا حديثا فحفظه حىت يبلغه 16 320 .جيزئك من ذلك الثلث 17 53 يوشك أن يضرب الناس أكباد اإلبل 18

فهرس األحاديث و اآلثار

Page 396: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

رقم الصفحة:..........................................................االسم

294....................................إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع، التونسي -1

137.............................................إبراهيم بن عبد الصمد، ابن بشري-2

175...................................................الشريازيإبراهيم بن علي، -3

73...................................................إبراهيم بن علي، ابن فرحون-4

84.........................................إبراهيم بن موسى، أبو إسحاق الشاطيب-5

62......................................................إبراهيم بن يزيد، النخعي -6

281................................................... أمحد بن إبراهيم بن فروة-7

144.....................................................أمحد بن احلسني، البيهقي-8

198....................................................أمحد بن خلف بن وصول-9

20..........................................أمحد بن فارس بن زكريا، ابن فارس-10

346..................................................أمحد بن القاسم، القباب-11

46................................................أمحد بن عبد احلليم، ابن تيمية-12

343...............................................أمحد بن عبد العزيز، اهلاليل-13

فهرس األعالم

Page 397: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

180..........................................أمحد بن علي بن حجر، العسقالين-14

178.....................................................املقريأمحد بن حممد، -15

289................................................أمحد بن مروان، الدينوري-16

73..............................................................أمحد بن املعذل-17

277..................................................أمحد بن نصر ، الداودي-18

81.............................................................أسد بن الفرات-19

169..............................................إمساعيل بن إبراهيم ، ابن علية-20

73................................................إمساعيل بن إسحاق، القاضي -21

252...................................................إمساعيل بن حيىي، املزين-22

67.......................................................أشهب بن عبد العزيز -23

208...........................................................أصبغ بن خليل-24

76.............................................................أصبغ بن الفرج -25

51.................................................أويس بن مالك بن أيب عامر -26

343..................................الشربخييت برهان الدين إبراهيم بن مرعي،-27

146.......................................................بدر الدين الزركشي-28

211.............................................................بقي بن خملد-29

Page 398: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

271............................................................قتيبةبكار بن -30

254...................................................بكر بن العالء القشريي-31

293...................................أبو بكر بن خلف األنصاري، ابن املواق-32

67............................................................البهلول بن راشد-33

210..........................................................تاج الدين رام-34

41................................تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين، السبكي-35

252......................................................أبو جعفر الطحاوي-36

76..........................................................احلارث بن مسكني-37

140...........................................................أبو حامد الغزايل-38

293.................................................احلسن بن حممد، املسيلي-39

294.............................................أبو احلسن بن علي، املكناسي-40

247.......................................................أبو احلسن القابسي-41

100........................................احلسني بن حممد، الراغب األصفهاين-42

197............................................احلكم بن عبد الرمحن، املستنصر-43

270........................................................اخلطيب البغدادي-44

82...................................................خلف بن القاسم، الرباذعي-45

Page 399: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

160..........................................خلف، األصفهاين داود بن علي بن-46

82............................................................دراس بن إمساعيل-47

52.....................................................ربيعة بن أيب عبد الرمحن-48

51..................................................الربيع بن مالك بن أيب عامر-49

68.................................................زياد بن عبد الرمحن، شبطون-50

52................................................................زيد بن أسلم-51

343........................................زين العابدين بن حممد، األجهوري-52

265..............................................سعيد بن سليمان، املساحقي-53

75...................................................سعيد بن عبد اهللا، املعافري-54

276...................................................احلدادسعيد بن حممد، -55

143...........................................................سعيد بن منصور-56

56.....................................................سفيان بن سعيد، الثوري-57

53.............................................................سفيان بن عيينة-58

84....................................................سليمان بن خلف، الباجي-59

113.............................................سليمان بن عبد الكرمي، الطويف-60

41........................................سيف الدين علي بن أيب علي، اآلمدي-61

Page 400: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

29.........................................مشس الدين حممد بن أيب بكر، الرازي-62

210.......................................مشس الدين حممد بن أمحد، املقدسي-63

57......................................شهاب الدين أمحد بن أيب العالء، القرايف-64

75....................................................طليب بن كامل، اللخمي-65

52.............................................................عامر بن عبد اهللا-66

285...............................................العباس بن عيسى ، املمسي-67

294..........................................عبد احلق بن عبد اهللا، األنصاري-68

294...............................................عبد احلميد بن أيب الربكات-69

169.........................................................عبد الرمحن األصم-70

170...........................................مساعيل، املقدسيعبد الرمحن بن إ-71

56..............................................عبد الرمحن بن عمرو، األوزاعي-72

67................................................عبد الرمحن بن القاسم، العتقي-73

142...........................................ونعبد الرمحن بن حممد، ابن خلد-74

223........................................عبد الرمحن بن حممد، ابن أيب حامت-75

210..............................................عبد الرمحن بن حممد، الناصر-76

69.......................................................مهديعبد الرمحن بن -77

Page 401: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

52.........................................................عبد الرمحن بن هرمز-78

81.......................................................عبد الرحيم بن أشرس-79

75...............................................عبد الرحيم بن خالد، اجلمحي-80

53................................................عبد الرزاق بن مهام، الصنعاين-90

72................................................عبد السالم بن سعيد، سحنون-91

230..............................................األصيليعبد اهللا بن إبراهيم، -92

287................................................عبد اهللا بن أمحد بن طالب-93

82.................................................عبد اهللا بن أيب زيد، القريواين-94

75...................................................عبد اهللا بن احلكم، املصري-95

114..............................................عبد اهللا بن عبد امللك، اجلويين-96

223.................................................عبد اهللا بن عمر، العمري-97

81.............................................................عبد اهللا بن غامن-98

79...............................................عبد اهللا بن القاسم، ابن اجلالب-99

280..............................................عبد اهللا بن قاسم، القيسي-100

55.........................................................املباركعبد اهللا بن -101

209..........................................عبد اهللا بن حممد، ابن أيب شيبة-102

Page 402: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

208....................................عبد اهللا بن حممد بن خالد بن مرتنيل-103

208................................ابن الفرضي ،عبد اهللا بن حممد بن يوسف-104

69.................................................عبد اهللا بن مسلمة، القعنيب-105

71...................................................عبد اهللا بن نافع، الصائغ-106

74.................................................املصريعبد اهللا بن وهب، -107

180..............................................عبد اهللا بن يوسف، الزيلعي-108

82................................................عبد اهللا بن يونس، التميمي-109

83..............................................أبو عبد اهللا بن علي، املازري-110

345..............................................أبو عبد اهللا حممد، التاودي-111

74.......................................................عبد امللك بن حبيب-112

54........................................عبد امللك بن عبد العزيز، ابن جريج-113

71.........................................عبد امللك بن عبد العزيز، املاجشون-114

41..........................................عبيد اهللا بن مسعود، صدر الشريعة-115

277........................................عبد الواحد بن التني، الصفاقسي-116

79............................................عبد الوهاب بن نصر ، البغدادي-117

222.......................................................عتيق بن يعقوب-118

Page 403: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

67..................................................عثمان بن احلكم، اجلذامي-119

280..............................................بن سعيد ، الكناين عثمان-120

71...............................................عثمان بن عيسى ، ابن كنانة-121

21.................................................عثمان بن حيىي، ابن منظور-122

293.................................................عقيل بن عطية، املالقي-123

61............................................................علقمة بن قيس-124

69...................................................علي بن أمحد ، ابن حزم-125

79.........................................علي بن أمحد البغدادي، ابن القصار-126

67.....................................................علي بن زياد، التونسي-127

114...........................................................علي بن عقيل-128

111..................................................علي بن حممد، اجلرجاين-129

82...........................................علي بن حممد، أبو احلسن اللخمي-130

78..........................................عمر بن حممد، أبو الفرج البغدادي-131

247.....................................................أبو عمران الفاسي-132

58.................................................عياض بن موسى ، القاضي-133

197........................................................عيسى بن سهل-134

Page 404: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

68...........................................................الغازي بن قيس-135

273........................................أيب السمح فتيان بن عبد اهللا، ابن -136

145.......................................................فخر الدين الرازي -137

210........................................................فضل بن سلمة-138

209........................................................قاسم بن أصبغ-139

213................................................قاسم بن حممد بن يسار-140

226................................................قسم بن خلف، اجلبريي-141

68.........................................................العباسقرعوس بن -142

55............................................................الليث بن سعد-143

51...............................................مالك بن أيب عامر، األصبحي-144

20....................................فريوزأباديجمد الدين حممد بن يعقوب، ال-145

40.............................................حممد أمري بن عمر، ابن عابدين-146

281..............................................حممد بن إبراهيم بن حيون-147

71.................................................دينارحممد بن إبراهيم، ابن -148

168...............................................حممد بن إبراهيم، ابن املنذر-149

76.........................................حممد بن إبراهيم بن زياد، ابن املواز-150

Page 405: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

46.................................................حممد بن أيب بكر، ابن القيم-151

293........................................حممد بن أيب عبد اهللا، ابن زرقون-152

84.............................................حممد بن أمحد، ابن رشد احلفيد-153

310...........................................حممد بن أمحد احلاج، الرهوين-154

246........................................حممد بن أمحد بن سهل، الربكاين-155

83......................................................حممد بن أمحد، العتيب-156

342...............................................العجيسيحممد بن أمحد، -157

310..............................................حممد بن أمحد، ابن غازي-158

270........................................حممد بن أمحد، أبو بكر املروزي-159

73...........................................................حممد بن بسطام-160

227...............................................حممد بن احلارث، اخلشين-161

345.................................................حممد بن احلسن، البناين-162

172..................................................حممد بن احلسن الشيباين-163

292.............................................حممد بن حيدرة، ابن مفوز-164

170..............................................حممد بن خلف، الطرطوشي-165

79...........................................حممد بن الطيب، أبو بكر الباقالين-166

Page 406: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

212...................................................مد بن عبد الرمحنحم-167

55..........................................حممد بن عبد الرمحن، ابن أيب ليلى-168

120............................................حممد بن عبد الرمحن، العلقمي-169

290.....................................أبو جعفر األريحممد بن عبد اهللا، -170

76.................................................حممد بن عبد اهللا بن احلكم-171

343..............................................حممد بن عبد اهللا، اخلرشي-172

78.................................ألريحممد بن عبد اهللا بن صاحل، أبو بكر ا-173

84........................................حممد بن عبد اهللا املعافري، ابن العريب-174

46..................................................حممد بن علي، الشوكاين -175

83....................................................لبابةحممد بن عمر، ابن -176

64.................................حممد بن عمر بن يوسف، ابن فخار القرطيب-177

281...........................................حممد بن عيسى بن أيب عقيل-178

53..................................................حممد بن عيسى، الترمذي-179

313............................................حممد بن القاسم، ابن شعبان-180

336...............................................حممد بن القاسم، القوري-181

170........................................حممد بن حممد العبدري، ابن احلاج-182

Page 407: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

353............................................حممد بن حممد، ابن أيب دليم-183

82............................................حممد بن حممد، أبو بكر بن اللباد-184

106...................................................حممد بن حممد، املقري-185

256................................................حممد بن حممد، النويري-186

202..........................................................حممد بن مسرة-187

39.........................................حممد بن مسلم بن شهاب، الزهري-188

71...........................................................حممد بن مسلمة-189

78........................................حممد بن يوسف بن إمساعيل بن محاد-190

121...........................................حممد مشس احلق، العظيم أبادي-191

178...................................حممد عبد احلي بن عبد احلليم، اللكنوي-192

121...............................................حممد عبد الرؤوف، املناوي-193

107........................حممد عبد العزيز بن عبد السالم، العز بن عبد السالم-194

201......................................................عريبحميي الدين بن -195

72.........................................................مطرف بن عبد اهللا-196

68............................................................املعز بن باديس-197

222.......................................................مفضل بن فضالة-198

Page 408: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

160...................................................منذر بن سعيد البلوطي-199

165............................................موفق الدين بن قدامة املقدسي-200

51..................................................نافع بن مالك بن أيب عامر-201

52.........................................................نافع موىل ابن عمر-202

280........................................................هارون بن نصر-203

335.........................................................الرشيدهارون -204

68.............................................هشام بن عبد الرمحن بن معاوية-205

230............................................هشام بن عبد اهللا، ابن هشام-206

52............................................................عروةهشام بن -207

226.........................................حيىي بن إسحاق بن حيىي، الليثي-208

39.................................................حيىي بن سعيد ، األنصاري-209

223...................................................حيىي بن سعيد القطان-210

145....................................................حيىي بن شرف النووي-211

293................................................. حيىي بن علي، الزواوي-212

189.................................................حيىي بن عمر بن يوسف-213

208..........................................................حيىي بن مزين-214

Page 409: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

فهرس األعالم

54..............................................................حيىي بن معني-215

83........................................................حيىي بن حيىي، الليثي-216

78........................................................يعقوب بن أيب شيبة-217

55.............................................يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف-218

248.........................................يوسف بن دوناس، الفندالوي -219

84............................................عبد اهللا، ابن عبد الربيوسف بن -220

288................................................يوسف بن حيىي، املغامي-221

Page 410: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

.القرآن الكرمي -1

،مركز 1حممد العلمي ،ط :القريواين ، الذب عن مذهب مالك ، حتقيق ابن أيب زيد -2 .م2011/هـ1432الدراسات و إحياء التراث ، املغرب ،

، 2008/ 1429ابن األثري ، النهاية يف غريب احلديث ، املكتبة العصرية ، لبنان ، -3 .ط.د

،مؤسسة 1السنة ،طإبراهيم التهامي، جهود علماء املغرب يف الدفاع عن عقيدة أهل -4 .م2005/هـ1426الرسالة ناشرون ، بريوت ، لبنان ،

دار اهلادي ، لبنان ، ، 1إحسان األمني ، منهج النقد يف التفسري ،ط -5 .م1427/2007

.م1960، دار الثقافة ، بريوت ، 1تاريخ األدب األندلسي ، طإحسان عباس، -6

الفكر ، القاهرة ، ، شركة نوابغ 1أمحد أمني ، ظهر اإلسالم ،ط -7 .م2009/هـ1430

، املكتبة األكادميية ، مصر ، 9أمحد بدر ، أصول البحث العلمي و مناهجه ، ، ط -8 .م1996

، مؤسسة الرسالة، لبنان، 1أمحد شاكر، ط:قيقأمحد بن حنبل، املسند، حت -9 .م1998/هـ1419

املصادر و املراجع

Page 411: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

خدمة املذهب املالكي ، أمحد حمرز علوي ، القاضي أبو بكر بن العريب وجهوده يف -10 .م2013/هـ1434، دار ابن حزم ، لبنان ، 1ط

دار إحياء الكتب العربية ، ط ،.، دلرأي و أثره يف الفقه اإلسالمي اإدريس مجعة، -11 .2006القاهرة،

إمساعيل حريري ، النقد مفهومه و مشروعيته ، جملة اللقاء ، هيئة علماء بريوت ، -12 .17العدد

عبد الرمحن بدوي ، مكتبة األجنلو :باالثيوس، ابن عريب حياته و مذهبه، ترمجةآسني -13 .1965، ، مصرمصرية

، دار ابن حزم، لبنان ، 1إلياس دردور ، تاريخ الفقه اإلسالمي، ، ط -14 .م2010/ـه1431

دار الصميعي، ،1ط عبد الرزاق عفيفي،:حتقيق اآلمدي، اإلحكام يف أصول األحكام، -15 .م2003/هـ1434السعودية،

حسني مؤنس ، مكتبة الثقافة الدينية ، :ترمجة تاريخ الفكر األندلسي، أخنيل باالنثيا، -16 .ت.د ط،.د

كلية الدعوة، ليبيا، ، منشورات1ط االبتهاج ، نيل التنبكيت، بابا أمحد، -17 .م1989/م1389

ر الكتب العلمية، لبنان، ، دا1حممد عبد القادر عطا، ط:الباجي، املنتقى، حتقيق -18 .م1999/هـ1420

Page 412: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

دار الغرب عبد ايد التركي،:حتقيق ،3الباجي، املنهاج يف ترتيب احلجاج ، ط -19 .2001اإلسالمي ، لبنان،

جودة عبد الرمحن هالل ، جملة املعهد :الباجي، وصية القاضي الباجي لولديه ، حتقيق -20 .3، ع1، مجمدريداملصري

، دار 1حمب الدين اخلطيب، ط:اجلامع الصحيح مع فتح الباري، حتقيقالبخاري، -21 .م1986/هـ1407الريان للتراث، القاهرة،

.ت.ط ، دار النهضة ، لبنان ، د.بدران أبو العينني ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، د -22

م، ، مكتبة العلوم و احلك1حمفوظ الرمحن زين اهللا، ط:البحر الزخار،حتقيقالبزار، -23 .م1989/هـ1409املدينة املنورة،

دار ابن حزم ، ،1ط حممد بلحسان،:حتقيق التنبيه على مبادئ التوجيه، ابن بشري، -24 .1428/2007 لبنان،

، دار الكتب العلمية ، 3حممد عبد القادر عطا ، ط:البيهقي ، السنن الكربى ،حتقيق -25 .م2003/هـ1424لبنان ،

.م1987/هـ1407، الدار السعودية ،2طالترايب، التجديد يف الفكر اإلسالمي، -26

ط، .فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العريب، لبنان، د:ي، السنن، حتقيقالترمذ -27 .ت.د

جملة الشريعة، املدرسة املالكية يف األندلس بني التقليد و االتباع، توفيق الغلربوزي، -28 .م2005، 63العدد، الكويت

Page 413: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

.ت.ط، د.جمموع الفتاوى، مجع عبد الرمحن القاسم، السعودية، د ابن تيمية، -29

دار الضياء ، ،1ط مصطفى باجو ،:تح التوسط بني مالك وابن القاسم ،اجلبريي، -30 .1426/2005مصر،

، حممد صديق املنشاوي ، دار الفضيلة ، مصر :اجلرجاين، معجم التعريفات ، حتقيق -31 .89ت ، ص.ط ، د.د

، دار الفكر، دمشق، 1مجال الدين عطية، التجديد يف الفقه اإلسالمي، ط -32 .م2000/هـ1420

ط، مطابع الدوحة ، .العظيم الديب ، د/ع:اجلويين ، الربهان يف أصول الفقه ، حتقيق -33 .هـ 1399قطر ،

عيسى البايب ، مصر ، فوزية حممود ، مطبعة :حتقيق اجلويين، الكافية يف اجلدل ، -34 .1979/هـ1399

، دار الوعي 1حامت باي ، األصول االجتهادية اليت يبىن عليها املذهب املالكي،ط -35 .م2011/هـ1433اإلسالمي، الكويت،

حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون، دار الفكر، لبنان، -36 .ط .،د1994/هـ1414

.ت.ط، د.تبة دار التراث، القاهرة، دن احلاج، املدخل، مكاب -37

مطبعة إدارة املعارف، املغرب، احلجوي،الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، -38 .ط.هـ، د1340

Page 414: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، دار اآلفاق، 2طأمحد شاكر، : حتقيق ابن حزم ، اإلحكام يف أصول األحكام ، -39 .م1983/هـ1403بريوت،

حبوث مؤمتر الدعوة اإلسالمية و التطرف الديين،التعصب املذهيب و حسن اجلوجو، -40 .م2005اجلامعية اإلسالمية ، غزة ، متغريات العصر،

حسن عبد الكرمي الوراكلي ، التراث األندلسي و مسألة الوحدة ، السجل العلمي -41لك عبد العزيز العامة، مطبعة امل ،1، ط" األندلس قرون من العطاءات و التقلبات" لندوة .م1417/1996،ديةالسعو

، جملة كلية الشريعة ، حسني عزوزي ، التجربة األندلسية يف دراسة املستشرقني -42 .20م ، العدد 1995رويني ، املغرب ، جامعة الق

محدي عبد العال ، قيم النقد يف الثقافة اإلسالمية ، جملة الشريعة ، الكويت ، العدد -43 .م1989/هـ1409، 15

، )18(بوقحوص ، التفكري الناقد ، جملة جامعة امللك سعود ، العددخالد بن أمحد -44 .2005/هـ1426

ط ، دار احملتسب ، اجلزائر ، .خالد عالل ، التعصب املذهيب ، د -45 .2008/هـ1429

ماريا لويسا، الس األعلى لألحباث : أخبار الفقهاء و احملدثني ، حتقيقاخلشين، -46 .م1991العلمية، مدريد،

.م1994/هـ1415، مكتبة اخلاجني، القاهرة، 2اخلشين ، علماء إفريقية ، ط -47

Page 415: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

مي، ، دار الغرب اإلسال1ط بشار عواد،:حتقيق اخلطيب البغدادي، تاريخ بغداد ، -48 .م1422/2001لبنان ،

، مكتبة اهلداية ، دمشق ، 1عبد اهللا درويش ، ط:ابن خلدون ، املقدمة ، حتقيق -49 .م2004/هـ1425

يف املذهب املالكي،رسالة ماجستري، دار احلديث احلسينية، اخلليفي، االختالف الفقهي -50 .م1990املغرب،

،دار املعارف، 2الطاهر مكي،ط:خوليان ريبريا ، التربية اإلسالمية يف األندلس،ترمجة-51 .1994القاهرة،

، رسالة ماجستري ، دريد الزواوي ، منهجية الفتوى يف املدرسة املالكية األندلسية -52 .املغرب

اهليئة املصرية حسني احلبشي،:دوزي ، املسلمون يف األندلس ، ترمجة -53 .1994للكتاب،

.م1996/هـ1416م النبالء، مؤسسة الرسالة، سوريا، الذهيب، سري أعال -54

.1986الرازي، خمتار الصحاح يف اللغة ، مكتبة لبنان ، لبنان ، -55

، املكتبة العصرية ، لبنان ، 1ين، مفردات ألفاظ القرآن ، طالراغب األصفها -56 .م2006/هـ1427

، دار الغرب اإلسالمي، 2حممد حجي،ط:ابن رشد، البيان و التحصيل، حتقيق -57 .م1408/1988لبنان،

Page 416: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، مؤمتر اهليئات الشرعية رياض اخلليفي ، معامل التجديد يف فقه املعامالت -58 .م2006/هـ1427السعودية، ،السادس

.م1986/هـ1406، دار العلم للماليني، لبنان، 7األعالم، طالزركلي، -59

.ت.، دار الفكر العريب، مصر، د2و حياته، ط أبو زهرة ، مالك آراؤه -60

.ت.ط، د.قهية، دار الفكر العريب، مصر، دأبو زهرة، تاريخ املذاهب الف -61

، دار الكتب 2عبد املنعم خليل ، ط:، حتقيقالسبكي، مجع اجلوامع يف أصول الفقه -62 .م2002/هـ1424العلمية ، لبنان ،

، دار الكتب العلمية بريوت ، 1ط املقاصد احلسنة ، السخاوي ، -63 .1979/هـ1399

دار ،2حممد أبو األجفان ، ط:ابن سراج ، فتاوى قاضي اجلماعة ابن سراج ، حتقيق -64 .2006/هـ1427ابن حزم ، لبنان،

رسالة ماجستري، جامعة أم القرى، يف األندلس، سعد البشري، احلياة العلمية -65 .م1986/هـ1405السعودية،

سسة الرسالة ، ، مؤ 1سعيد إمساعيل صيين ، قواعد أساسية يف البحث العلمي ، ط -66 .1415/1994سوريا ،

للتوزيع ، سوريا ، الشركة املتحدة 1سعيد اخلن ، دراسة تارخيية للفقه و أصوله ، ط -67 .1984/ هـ1404

Page 417: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، العربية السعودية، 1ط سليمان بن صاحل الثنيان ، استدراك بعض الصحابة، -681429/2008.

مسري القدوري ، الردود على ابن حزم باألندلس و املغرب ، جملة األمحدية ، ديب ، -69 .هـ1424، 13العدد

، دار الغرب اإلسالمي ، 1ط األجفان ، أبو:ابن شاس ، عقد اجلواهر الثمينة ، حتقيق -70 م1995/هـ1415،لبنان

.ت.ط، د،مشهور حسن ، مكتبة التوحيد ، السعودية،د:الشاطيب، االعتصام ، حتقيق -71

، مطبعة تونس، 2حممد أبو األجفان، ط:الشاطيب، فتاوى الشاطيب، حتقيق -72 .م1985/هـ1406

ديث، القاهرة، دراز، دار احلعبد اهللا :الشاطيب، املوافقات ،حتقيق -73 .ط.م،د2006/هـ1427

، دار املعرفة ،لبنان، ) مطبوع مع كتاب األم(الشافعي، اختالف مالك و الشافعي -74 .1983/هـ1393

دار ابن حزم، ،1اهللا السرحيي، ط/ع:حتقيق أدب الطلب ومنتهى األرب، الشوكاين، -75 .1419/1998لبنان،

.ت.ط ، د.، دار املعرفة ، بريوت ، دالشوكاين، إرشاد الفحول -76

تو، دار الفكر، دمشق ، حممد حسن هي:حتقيق الشريازي، التبصرة يف أصول الفقه، -77 .1980/هـ1400

Page 418: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، مركز املخطوطات و التراث ، الكويت ، 1الشريازي، املعونة يف اجلدل ، ط -78 .1987/هـ1407

، دار 1زكريا عمريات ، ط: حتقيقصدر الشريعة، التوضيح يف حل غوامض التنقيح ، -79 م1996/هـ1416الكتب العلمية ، لبنان ،

، دار السالم ، القاهرة ، 1الطاهر بن عاشور ، أليس الصبح بقريب ، ط -801427/2006.

،دار 1واقعة يف املوطأ ، طالطاهر بن عاشور ، كشف املغطى من املعاين و األلفاظ ال -81 . 2006/هـ1427، القاهرة،السالم

، دار ابن اجلوزي ، 1علي احلليب ، ط: الطرطوشي، احلوادث و البدع ، حتقيق -82 .1411/1990السعودية ،

.م1987ط ، دار أنثرفرانز ، أملانيا ، .الطويف، علم اجلذل يف علم اجلدل ، د -83

،2013، 195عائشة العاجل ، النقد و حكاية الذات ، جملة الرافد ، قطر ، ع -84

.م1994/هـ1414، 2حسين حممود ، الفقه اإلسالمي آفاقه و تطوره ، طعباس -85

دار الغرب ،1ط محيد حلمر،:اختالف أقوال مالك و أصحابه، حتقيق ابن عبد الرب، -86 .2003اإلسالمي ،لبنان ،

لبنان، ، دار قتيبة، 1، ط أمني قلعجي : حتقيق ابن عبد الرب، االستذكار، -87 .م1993/هـ1413

Page 419: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

دار ابن ،1ط ،أبو األشبال الزهريي:حتقيق عبد الرب، جامع بيان العلم و فضله، ابن -88 .1414/1994السعودية، اجلوزي،

.2003/هـ1424، دار الكتب العلمية ، لبنان ، 3ابن العريب، أحكام القرآن ، ط -89

ط، مكتبة دار التراث،.عمار طاليب ، د:ابن العريب، العواصم من القواصم ، حتقيق -90 .ت.مصر، د

حممد عبد اهللا ولد :س،حتقيقابن العريب، القبس ي شرح موطأ مالك بن أن -91 .م1992، دار الغرب اإلسالمي، لبنان، 1،طكرمي

.ت.ط ، د.ابن عقيل، اجلدل على طريقة الفقهاء ، دار الثقافة الدينية ، مصر ، د -92

ملازري ، دار البحوث و عبد احلميد عشاق ، منهج النقد و اخلالف الفقهي عند ا -93 .1426/2005، 1إحياء التراث ، اإلمارات العربية املتحدة، ط

، وكالة املطبوعات ، الكويت ، 3عبد الرمحن بدوي ، مناهج البحث العلمي ،ط -94 م1977

، دار الناشر ، جنوب إفريقيا ، 1األعظمي ، ط:عبد الرزاق الصنعاين، املصنف، حتقيق -951930/1970.

.ت.ت ،د.عبد السالم فيغو ، أمهات الكتب الفقهية ، دار الكلمة ، مصر ، د -96

، املكتبة اإلسالمية، مصر، 3عبد السالم عبد الكرمي ، التجديد و اددون، ط -97 .م2007/هـ1428

Page 420: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

العزيز احلجوري ، ظاهرة التعصب الفكري و آثارها الثقافية ، حبث تكميلي عبد -98املاجستري، جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ، السعودية ، للحصول على درجة

.هـ1432

، مكتبة التوبة ، اململكة العربية 2العزيز الطريفي ، تاريخ الفقه اإلسالمي ، ،طعبد -99 .1418/1998 ،السعودية

،مكتبة )22(عبد العزيز خمتار، العصرانيون ومفهوم جتديد الدين ،ص -100 .م2009/هـ1430 ،1ط الرشد،السعودية،

عبد الفتاح الزنيفي ، مصطلح ما جرى بع العمل و أثره على تغري الفتوى ، -101حنو منهج علمي أصيل لدراسة القضايا الفقهية املعاصرة ، جامعة "، ملتقى 1240ص

. 1431/2011اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ، السعودية ،

الرمحن حممد العيسوي ، مناهج البحث العلمي يف عبد الفتاح حممد العيسوي و عبد -102 .ط.، د1996الفكر اإلسالمي و الفكر احلديث، دار الراتب اجلامعية ،

، عبد الكرمي زيدان ، املدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية، ، دار عمر بن اخلطاب -103 .ت.ط ،د.مصر ، د

البن حيان ، جملة املعهد عبد اهللا عنان ، اكتشاف السفر اخلامس من املقتبس -104 .13ت اإلسالمية يف مدريد ، العدد املصري للدراسا

ايد مجعة ، دور علماء املالكية يف تقرير االجتهاد ، جملة راية اإلصالح ، عبد -105 .م2012ماي /هـ1433، مجادى األوىل 31زائر، السنة السادسة، العدداجل

Page 421: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

رسة العراقية يف املذهب مسات املد ،يشي عبد ايد الصالحني ، إمساعيل الدب -106 .م2010/ـه1431، 1:، العدد6:لة األردنية للدراسات اإلسالمية، الدااملالكي،

عبد الوهاب خالف ، ثالث وثائق يف حماربة أهل البدع يف األندلس ، مراجعة و -107الدويل لإلعالم ، ، املركز العريب 1حممود علي مكي ، مصطفى كامل إمساعيل ، ط:تقدمي

.م1981القاهرة ،

، 19، السنة72عثمان شبري ، تكوين امللكة الفقهية ، سلسلة كتاب األمة ، العدد -108 .هـ1420وزارة األوقاف ، قطر ،

عدنان أمامة ، التجديد يف الفكر اإلسالمي ، دار ابن اجلوزي ، السعودية ، -109 .2004/هـ1،1424ط

،دار 1نزيه محاد ،ط:قواعد األحكام يف مصاحل األنام ،حتقيقم، العز بن عبد السال -110 .م1421/2000القلم،دمشق،

دار الفكر، لبنان، حمب الدين أيب سعيد العمري،:ابن عساكر، تاريخ دمشق، حتقيق -111 .م1995/هـ1415

، دار ابن حزم، لبنان، 1العظيم أبادي، عون املعبود شرح سنن أيب داود ،ط -112 .2005/هـ1426

علياء هاشم املشهداين، فقهاء املالكية دراسة يف عالقام العلمية باملغرب و -113 .األندلس،أطروحة دكتوراه ، جامعة املوصل ، العراق

دار ابن كثري ، دمشق ، األرناؤوط،:حتقيقشذرات الذهب، ابن العماد احلنبلي ، -114 .م1991/هـ1،1412ط

Page 422: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، 1تاريخ الفقه اإلسالمي ، دار الفالح ، الكويت ،ط األشقر،سليمان عمر -115 .هـ1982/1402

، دار احلديث، 1حيى مراد، ط:عيسى بن سهل، ديوان األحكام الكربى، حتقيق -116 .م1995/هـ1415القاهرة،

، مركز 1أمحد جنيب ، ط:ابن غازي ، شفاء الغليل يف حل خمتصر خليل ، حتقيق -117 .م2008/هـ1429و التراث ، موريتانيا ، جنيبويه للمخطوطات

، ضة مصر للنشر و التوزيع ، مصر ، 3الغزايل ، كيف نفهم اإلسالم ، ط -1182005.

.1417/1997، 1الغزايل، املستصفى ، مؤسسة الرسالة ، لبنان ، ط -119

ية ، املكية ، السعود، املكتبة 2حيىي بن الرباء ، ط:الغالوي، البوطليحية ، حتقيق -120 .2005/هـ1425

.م1991/هـ1411، دار اجليل ، لبنان ، 1معجم مقاييس اللغة ، طابن فارس، -121

مركز النشر اجلامعي، تونس، الفاضل بن عاشور ، احملاضرات املغربيات ، -122 .ط.د م،1999

، دار األمان 1حممد التمسماين ، ط:ابن الفخار، االنتصار ألهل املدينة ، حتقيق -123 .2009/هـ1430لنشر و التوزيع ، املغرب ، ل

جملة األمحدية، ديب، العدد بدر عبد اإلله العمراين، :يقصرة، حتقابن الفخار، التب -124 .هـ1425، سنة 17

Page 423: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

ط، .حممد األمحدي، دار التراث، مصر، د: باج املذهب، حتقيقابن فرحون، الدي -125 . ت.د

، مكتبة اخلاجني ، القاهرة ، 2الرواة ،طابن الفرضي ، تاريخ العلماء و -126 .م1408/1988

دار الفرقان ، ،1أجبديات البحث يف العلوم الشرعية، ط فريد األنصاري ، -127 .م1417/1997املغرب،

، وزارة الشؤون 1حتقيق أمحد البوشيخي ، ط الفندالوي ، ذيب املسالك ، -128 ،1419/1998اإلسالمية و األوقاف املغربية، املغرب،

.ت،ط، د،مكتبة النوري ، سوريا ، دالفريوزأبادي ، القاموس احمليط ، -129

.69ط،ص.هـ، د1322الفيومي ، املصباح املنري ، مطبعة التقدم العلمية ، مصر، -130

احلبيب بن :القاضي عبد الوهاب ، اإلشراف على نكت مسائل اخلالف ، حتقيق -131 .1999/هـ1420 دار ابن حزم ، ،1الطاهر ، ط

، وزارة 2حممد بن تاويت الطنجي، ط:ض، ترتيب املدارك، حتقيقالقاضي عيا -132 .م1983/هـ1403األوقاف املغربية،

، املكتبة التوفيقية، 1أمحد جنيب، ط:القاضي عياض، التنبيهات املستنبطة، حتقيق -133 .م2012/هـ1433مصر،

، كتاب ناشرون ،1ط ، استنباط األحكاممناهج الفقهاء يف ، قحطان الدوري -134 .2011/هـ 1432لبنان،

Page 424: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، دار عامل الكتب، السعودية، 3احملسن التركي، ط/ع:حتقيق املغين ،ابن قدامة، -135 .م1997/هـ1417

، دار الغرب اإلسالمي ، لبنان ، 1حممد حجي ، ط:القرايف، الذخرية ، حتقيق -136 .م1994

.م2004/هـ1424ط ، دار الفكر ، لبنان ، .الفصول ، دالقرايف ، شرح تنقيح -137

.1418/1998، دار الكتب العلمية ، لبنان ،1ط القرايف ، الفروق ، -138

، مكتبة وهبة ، مصر، 2القرضاوي، الفقه اإلسالمي بني األصالة و التجديد، ط -1391419/1999.

، ، دار الشروق ، مصر 1القرضاوي، من أجل صحوة راشدة ،ط -140 .م2001/هـ1421

وزي ، السعودية ، دار ابن اجلمشهور حسن، : حتقيقابن القيم ، إعالم املوقعني ، -141 .1423/2003، 1ط

.2003/هـ1424ابن كثري ، البداية و النهاية، دار عامل الكتب ، -142

توفيق الصائغ ، رسالة :، حتقيق) من كتاب احلج إىل اجلهاد(التبصرةاللخمي، -143 . هـ1429/1430ماجستري ، جامعة أم القرى ، السعودية ،

ط ، إدارة القرآن و العلوم .اللكنوي، النافع الكبري شرح اجلامع الصغري ، د -144 .ت.اإلسالمية ، كراتشي ، د

Page 425: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، دار الغرب اإلسالمي، 1ط ختار السالمي،امل:املازري ، شرح التلقني ، حتقيق -145 .م1997لبنان،

، بيت احلكمة، تونس، 1يفر، طحممد الن:املازري، املعلم بفوائد مسلم، حتقيق -146 .م1987

.م1415/1995، دار الكتب العلمية ، بريوت، 1مالك، املدونة الكربى، ط -147

لعلمية، لبنان، ، دار الكتب ا2، ط)مع تنوير احلوالك(مالك، املوطأ -148 .م2007/هـ1428

، مؤسسة الرسالة، 1بشار عواد، ط:حتقيق مالك، املوطأ برواية أيب مصعب، -149 .م1991/هـ1412سوريا،

مصر، اهليئة العامة لشؤون املطابع األمريية ، جممع اللغة العربية ، املعجم الفلسفي ، -1501403/1983.

دار البحوث، ،1ط عند املالكية،اصطالح املذهب حممد إبراهيم علي، -151 .م1421/2000ديب،

، 1حممد أركون، من االجتهاد إىل نقد العقل اإلسالمي ، ترمجة هاشم صالح ، ط -152 .1991دار الساقي ، لبنان،

، مكتبة وهبة ، 3حممد أبو شهبة، اإلسرائيليات و املوضوعات يف كتب التفسري، ط -153 .م1986/هـ1407مصر،

Page 426: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، املؤمتر العلمي )اخلصائص و اآلثار(التمسماين، منهجية اإلمام مالك األصوليةحممد -154 .لدار البحوث ديب

حبوث منهج االستدالل والنقد و الترجيح عند القاضي عبد الوهاب، حممد مجيل، -155دار البحوث للدراسات اإلسالمية و إحياء التراث، امللتقى األول للقاضي عبد الوهاب،

.2004/هـ1،1425ط اإلمارات،

ط، .حممد بن احلسن الشيباين، احلجة على أهل املدينة ، عامل الكتب، بريوت، د -156 .ت.د

حممد خالد منصور ، العمل بالقول الشاذ و أثره يف اضطراب األحكام الفقهية ، -157 2008، 1، العدد35جملة دراسات علوم الشريعة و القانون ، اجلامعة األردنية ، الد

، قه اإلسالمي ، دار الثقافة ، قطرحممد الدسوقي ، أمينة جابر ، مقدمة يف دراسة الف -158 .م 1999/هـ1420

، عامل الكتب احلديث ، األردن ، 1حممد رفيع ، الفكر األصويل املالكي ، ط -1591432/2011.

، األهايل للنشر و 1حممد شحرور ، حنو أصول جديدة للفقه اإلسالمي ، ط -160 .م2000/ هـ 1420التوزيع ، سوريا ،

البحوث للدراسات ، دار 1حممد شقرون ، مراعاة اخلالف عند املالكية ،ط -161 .م2002/هـ1423،اإلسالمية ، ديب

، مركز دراسات 9، ط)بنية العقل العريب(حممد عابد اجلابري، نقد العقل العريب -162 .2009الوحدة العربية ، لبنان،

Page 427: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

، 1، املستوعب لتاريخ اخلالف العايل و مناهجه عند املالكية ، ط حممد العلمي -163 .م2010/هـ1431مركز الدراسات و األحباث و إحياء التراث ، املغرب ،

زايد ، مركز 1حممد املامي، املذهب املالكي مدارسه و مؤلفاته ، ط -164 .م1422/2002للتراث،اإلمارات،

كية ، املطبعة السلفية ، شجرة النور الز، حممد خملوف، شجرة النور الزكية -165 ط .، د1349،القاهرة

ب حممد املصلح ، اإلمام اللخمي و جهوده يف تطوير االجتاه النقدي يف املذه -166 .1428/2007، دار البحوث و إحياء التراث ، اإلمارات العربية املتحدة ، املالكي

مر األندلسي دراسة و بن عحممود علي مكي ، كتاب أحكام السوق ليحىي -167، جملة املعهد املصري للدراسات اإلسالمية يف مدريد ، وزارة التربية و التعليم ، مصر ، حتقيق

.4، الد1375/1956

.13خمتار بابا ، جتزؤ االجتهاد عند األصوليني ، جملة جممع الفقه اإلسالمي ، السنة -168

، دار طيبة، السعودية، 1الفاريايب، طأبو قتيبة :مسلم، صحيح اجلامع، حتقيق -169 .م2006/هـ1427

الوهاب أبو سليمان، /ع:املشاط، اجلواهر الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة ، حتقيق -170 .م1990/هـ1411، دار الغرب اإلسالمي،لبنان،2ط

السبيل ، ،جريدة 1مصطفى باحو ، علماء املغرب و مقاومتهم للبدع ، ط -171 .م2007/هـ1428املغرب،

Page 428: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

ط، وزارة .مصطفى اهلروس ، املدرسة املالكية األندلسية نشأة و خصائص ،د -172 .م1997/هـ1418األوقاف و الشؤون اإلسالمية ، املغرب ،

،مكتبة مدبويل ، القاهرة ، 3املقدسي، أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم ،ط -173 .م1991/هـ1411

حممد منري :مطبوع مع جمموعة الرسائل املنريية، حتقيقاملقدسي، خمتصر املؤمل، -174 .هـ1343الدمشقي، املطبعة املنريية،

ط، مطبعة جلنة .مصطفى السقا ، د:املقري ، أزهار الرياض يف أخبار عياض، حتقيق -175 .م1942-هـ1361التأليف و النشر و الترمجة ، القاهرة،

مركز البحث العلمي و ، 1ط محيد ،أمحد بن عبد اهللا:حتقيق ،املقري ، القواعد -176 .ت.ط، د.مكة املكرمة، د إحياء التراث،

ط ، دار .إحسان عباس،د:قيقاملقري، نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب، حت -177 .ت.لبنان ، د صادر،

.م1972/هـ1391، دار املعرفة ، لبنان ، 2املناوي ، فيض القدير ،ط -178

م،1992/هـ1412، دار صادر، لبنان، 1العرب، طابن منظور ، لسان -179

.م2008/هـ1429، دار السالم ،مصر ، 1نوار بن الشلي ، العقل الفقهي ، ط -180

دار السالم ، مصر ، ،1نوار بن الشلي ، نظرية النقد الفقهي ، ط -181 .م2010/هـ1431

Page 429: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

قصور االجتهاد ، نور الدين بوثوري ، التشريع اإلسالمي بني طموح اتهد و -182 .م2000، دار الطليعة ، لبنان،1ط

ط ، مكتبة .يب املطيعي، دحممد جن:اموع شرح املهذب ، حتقيقالنووي، -183 .ت.، السعودية، داإلرشاد

، مركز نيجبويه 1عبد القادر بوجلخة ،ط:ابن هشام، مفيد احلكام ، حتقيق -184 .م2012/هـ1433للمخطوطات و خدمة التراث، القاهرة،

، مكتبة اإلمام مالك ، موريتانيا ، 1اهلاليل ، نور البصر يف شرح خطبة املختصر ،ط -185 .م2008/هـ1428

، دار 1لصادق الغرياين، طا:إيضاح املسالك إىل قواعد مالك ، حتقيقالونشريسي، -186 .2006/هـ1427، لبنان ، ابن حزم

حجي، دار الغرب اإلسالمي، لبنان، حممد : املعيار املعرب ،حتقيق الونشريسي، -187 .م1981/هـ1401

، مكتبة ابن تيمية ، 3عمرو عبد املنعم ، ط: ابن وضاح، كتاب البدع ، حتقيق -188 .م1429/2008

Page 430: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

:مقدمة

.مصطلحات و مفاهيم :الباب األول

.املنهج ، النقد ، الفقه : مصطلحات البحث : الفصل األول

.مفهوم املنهج: املبحث األول

20ص.................................".املنهج"املعىن اللغوي لكلمة : املطلب األول

22ص...........................".املنهج" املعىن االصطالحي لكلمة : املطلب الثاين

24ص.......................أنواع مناهج البحث يف العلوم الشرعية: الثالثاملطلب

.مفهوم النقد: املبحث الثاين

28ص..................................".النقد"املعىن اللغوي لكلمة : املطلب األول

30ص..............................".النقد"املعىن االصطالحي لكلمة : املطلب الثاين

33ص..........................................أنواع النقد و أمهيته: املطلب الثالث

.مفهوم الفقه:املبحث الثالث

36ص....................................".الفقه"املعىن اللغوي لكلمة: املطلب األول

38ص................................".الفقه"املعىن االصطالحي لكلمة: املطلب الثاين

43ص.........................................أدوار الفقه اإلسالمي: املطلب الثالث

.املذهب املالكي ، نشأته ، و خصائصه:الفصل الثاين

فهرس املوضوعات

Page 431: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

.نشأة املذهب املالكي و انتشاره: املبحث األول

50ص..................................-رمحه اهللا-ترمجة اإلمام مالك: املطلب األول

59ص...................فضائل املدينة و انعكاساا على املذهب املالكي: املطلب الثاين

66ص.........................................انتشار املذهب املالكي: املطلب الثالث

.املدارس الفقهية يف املذهب املالكي: املبحث الثاين

71ص.................................................املدرسة املدنية: املطلب األول

75ص................................................املدرسة املصرية: املطلب الثاين

78ص................................................املدرسة العراقية: املطلب الثالث

81ص.................................................املدرسة املغربية: املطلب الرابع

.أصول املذهب املالكي و خصائصه: املبحث الثالث

86ص..........................................أصول املذهب املالكي: املطلب األول

91ص.......................املالكيخصائص املنهج األصويل للمذهب : املطلب الثاين

."النقد الفقهي" تأصيل مفهوم النقد يف الفقه اإلسالمي:الباب الثاين

.الفقهي و املصلحات املرتبطة به حتقيق مفهوم النقد: الفصل األول

.مفهوم النقد الفقهي و أمهيته: املبحث األول

97ص..........................أصول النقد الفقهي يف الشرع و علومه: املطلب األول

99ص............................................مفهوم النقد الفقهي: املطلب الثاين

Page 432: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

103ص...........................................أمهية النقد الفقهي: املطلب الثالث

.املصطلحات املرتبطة بالنقد الفقهي : املبحث الثاين

110ص..............................................اخلالف الفقهي: األولاملطلب

113ص................................................اجلدل الفقهي: املطلب الثاين

116ص..............................................املناظرة الفقهية: املطلب الثالث

.قد الفقهي و عالقته بالتجديد الفقهيالن :املبحث الثالث

120ص.......................................مفهوم التجديد الفقهي: املطلب األول

125ص..........................التجديد املنحرف و موقف العلماء منه: املطلب الثاين

128ص............................العالقة بني التجديد و النقد الفقهي: املطلب الثالث

131ص.................النقد يف الفكر الغريب و ترتيله على النقد الفقهي: املطلب الرابع

.شروط النقد الفقهي ، و معوقاته ، و جماالته: الفصل الثاين

.شروط النقد الفقهي: املبحث األول

136ص...............................النقد الفقهي و عالقته باالجتهاد: املطلب األول

140ص.........................................شروط الناقد الفقهي: املطلب الثاين

145ص.........................................مسألة جتزؤ االجتهاد: املطلب الثالث

.معوقات النقد الفقهي: املبحث الثاين

148ص..........................................مللكة الفقهيةضعف ا: املطلب األول

Page 433: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

153ص.......................................................التقليد: املطلب الثاين

158ص.............................................التعصب املذهيب: املطلب الثالث

.الفقهيجماالت النقد : املبحث الثالث

164ص..................نقد األقوال و الروايات و االجتهادات الفقهية: املطلب األول

171ص.........................................نقد األصول و األدلة: املطلب الثاين

177ص...............................نقد املصنفات و طرائق التدوين: املطلب الثالث

.النقد الفقهي يف املذهب املالكي: الباب الثالث

الرتعة النقدية يف املذهب املالكي : الفصل األول

.دعوى اجلمود و التحجر يف املذهب املالكي: املبحث األول

187ص.........................مضمون هذه الدعوى و القائلون ا: ألولاملطلب ا

193ص...........................مرتكزات هذه الدعوى و مربراا: املطلب الثاين

199ص......................تعليل املستشرقني لدعوى مجود املالكية: املطلب الثالث

حقيقة دعوى اجلمود و التحجر عند فقهاء األندلس: املبحث الثاين

203ص.............................الكي باألندلسرسوخ املذهب امل: املطلب األول

207ص................................غلبة االجتاه الفروعي باألندلس: املطلب الثاين

213ص...............إنكار علماء األندلس اتهدين على هذا االجتاه: املطلب الثالث

.حجر يف الفقه املالكيالرد على دعوى اجلمود و الت: ث املبحث الثال

Page 434: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

217ص.....................................بيان بطالن هذه الدعوى: املطلب األول

221ص......................-رمحه اهللا- الرتعة النقدية عند اإلمام مالك: املطلب الثاين

226ص.................الرتعة النقدية عند تالميذ مالك و أتباع مذهبه: املطلب الثالث

.التطور التارخيي للنقد الفقهي يف املذهب املالكي و عوامله:املبحث الرابع

233ص...........................نشأة النقد الفقهي يف املذهب املالكي:املطلب األول

237ص..........................النقد الفقهي يف مرحلة تأسيس املذهب:املطلب الثاين

245ص........................ظهور االجتاه النقدي يف املذهب املالكي:املطلب الثالث

251ص...........أسباب و عوامل تطور النقد الفقهي يف املذهب املالكي:املطلب الرابع

يف املذهب املالكي النقد الفقهي اخلارجي: الفصل الثاين

.لفقهي اخلارجيعناية املالكية بالنقد ا: املبحث األول

260ص..............منهج اإلمام مالك يف نقد املخالفني و الرد عليهم: املطلب األول

264ص.......تأثر املالكية مبنهج اإلمام مالك يف النقد الفقهي اخلارجي: املطلب الثاين

268ص....................النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة العراقية: املطلب الثالث

271ص.....................النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املصرية: املطلب الرابع

275ص....................النقد الفقهي اخلارجي يف املدرسة املغربية:املطلب اخلامس

.املؤلفات املالكية يف النقد الفقهي اخلارجي: املبحث الثاين

284ص...................املؤلفات املالكية يف نقد احلنفية و الرد عليهم: املطلب األول

Page 435: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

287ص..................املؤلفات املالكية يف نقد الشافعية و الرد عليهم: املطلب الثاين

291ص................املؤلفات املالكية يف نقد الظاهرية و الرد عليهم: املطلب الثالث

295ص........املعامل املنهجية للنقد الفقهي اخلارجي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

يف املذهب املالكي النقد الفقهي الداخلي: الفصل الثالث

.النقد الفقهي املتعلق بفروع املذهب و مسائله: املبحث األول

301ص....................ومسائلهعناية املالكية بنقد فروع املذهب : املطلب األول

305ص...........................................مظانه و مصادره: املطلب الثاين

313ص...............مناذج و صور عن نقد فروع املذهب و مسائله: املطلب الثالث

323ص.............................................أسسه و أدواته: املطلب الرابع

.النقد الفقهي املتعلق باملصنفات الفقهية ومناهج التدريس: املبحث الثاين

332ص....نقد املصنفات الفقهية يف املذهب، أمهيته، و عناية املالكية به: املطلب األول

335ص......................نقد املصنفات الفقهية من حيث مضموا: املطلب الثاين

346ص................نقد املصنفات الفقهية من حيث طرائق تدوينها: املطلب الثالث

352ص..........................نقد مناهج التعليم و طرائق التدريس: املطلب الرابع

.النقد املتعلق باملنهجية األصولية: املبحث الثالث

357ص......................................نقد بعض أصول املذهب:املطلب األول

363ص..................................نقد ظاهرة التقليد و التعصب:املطلب الثاين

Page 436: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

368ص........................................نقد البدع و احملدثات:املطلب الثالث

375ص.........املعامل املنهجية للنقد الفقهي الداخلي يف املذهب املالكي: املطلب الرابع

382ص.......................................................................خامتة

:الفهارس

391ص..............................................................فهرس اآليات

392ص...................................................فهرس األحاديث و اآلثار

393ص..............................................................فهرس األعالم

407ص..........................................................املصادر و املراجع

427ص.........................................................فهرس املوضوعات

Page 437: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

ملخص البحث

:ملخص البحث

حتديد املنهج الذي اعتمده الفقهاء يف : تتناول هذه الدراسة قضية مهمة يف البحث الفقهي وهي جمال الدراسة النقدية يف الفقه اإلسالمي، وقد اختار الباحث تتبع مالمح هذا املنهج ضمن إطار

.املذهب املالكي كنموذج

دراسة بعض املصطلحات و خصصته ل: تناولت هذا املوضوع يف ثالثة أبواب، الباب األول .املنهج، و النقد، و الفقه: املفاهيم، فالفصل األول كان متعلقا بدراسة املصطلحات التالية وهي

Page 438: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

أما الفصل الثاين فكان متعلقا بدراسة املذهب املالكي، من حيث نشأته وتطوره، ومدارسه .الفقهية، و أصوله، و اخلصائص اليت متيز ا هذا املذهب

لباب الثاين فهو دراسة تأصيلية ملفهوم النقد يف الفقه اإلسالمي، وذلك من خالل حتقيقأما ا هذا املصطلح مل يستعمل لدى الفقهاء قدميا أن الفقه اإلسالمي، حيث بينت مفهوم النقد يف جمال

، و اخترت "النقد الفقهي"رون على تسميته بـاصطلح املعاصو إمنا هو مصطلح معاصر، حيث عملية تقومي اإلنتاج الفقهي ملذهب من املذاهب :" أنه–بعد مناقشة خمتلف التعريفات -له تعريفا ".الفقهية

كما تطرقت إىل املصطلحات الفقهية اليت استعملها الفقهاء قدميا و اليت هلا صلة ذا املصطلح، اجلدل، و اخلالف، و املناظرة، حمددا أوجه االتفاق و االختالف بينها و بينه، حيث تبني : وهي

و بينه فروق قواسم مشتركة، كما أن بينها " النقد الفقهي" أن بني هذه املصطلحات الثالثة و بني .واضحة

، وهو من املصطلحات "التجديد الفقهي"صلة وثيقة مبصطلح" النقد الفقهي"كما أن هلذا املصطلح ركيزة أساسية لعملية التجديد الفقهي، ذلك أنه حيدد لنا " النقد الفقهي"املعاصرة، حيث يعترب

.جوانب النقص و اخللل اليت جيب جتديدها و إصالحها

اين فقد تناولت فيه الشروط اليت ينبغي توفرها يف الفقيه حىت ميكنه ممارسة النقد أما الفصل الث جزء من العملية االجتهادية، يشترط فيمن ميارسه ما " النقد الفقهي" الفقهي، حيث بينت أن

.يشترط للمجتهد، حىت يغلق الباب على من ال ميلك األهلية لذلك

ضعف امللكة : و تعرقله، وهي" النقد الفقهي"ل دون تفعيل كما تناولت فيه أهم العوائق اليت حتو .الفقهية لدى الباحث الفقهي، و التقليد، و التعصب املذهيب

Page 439: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

و تطرقت يف املبحث األخري من هذا الفصل إىل أهم جماالت النقد الفقهي حيث حددا يف ثالثة صول االستدالل، نقد املؤلفات نقد االجتهادت و الفتاوى ، نقد األدلة و أ: جماالت أساسية وهي

.الفقهية و طرق تدريس املادة الفقهية

يف املذهب املالكي، من " النقد الفقهي"أما الباب الثالث من هذه الدراسة، فقد خصصته لدراسة .أجل الوقوف على املنهج الذي اعتمده فقهاء املالكية يف دراستهم النقدية للمذهب املالكي

ل منه قضية مهمة وهي نفي الدعوى القائلة بأن املذهب املالكي مذهب عاجلت يف الفصل األومجود و تقليد، و ال يعتمد يف منهجه الفقهي على النقد، حيث بينت أن هذه الدعوى عارية عن الدليل، و أن الرتعة النقدية يف املذهب املالكي معروفة يف شخصية اإلمام مالك مؤسس هذا

الميذه، و سرت هذه الروح النقدية يف أتباع هذا املذهب يف كل املذهب، وغرس ذلك يف نفوس تمراحله، و لتأكيد ذلك حتدثت عن التطور التارخيي للنقد الفقهي يف املذهب املالكي، حيث بينت

لتأسيس املذهب ، وتواصل يف مجيع أن انطالقته كانت مع املراحل األوىل لتأسيس املذهب، رات تاريخ هذا املذهب، حىت أصبح اجتاها متميزا يف املذهب له مراحله مل ينقطع يف فترة من فت

.أسسه و أعالمه ، وقد سامهت عدة عوامل يف ظهور و تطور هذا االجتاه النقدي يف املذهب

أما الفصل الثاين فقد تطرقت فيه إىل مدى عناية املالكية بالنوع األول من أنواع النقد الفقهي، الذي يهتم بالرد على املذاهب املخالفة و انتقاد آرائها الفقهية واجلهود وهو النقد الفقهي اخلارجي

اليت بذهلا املالكية يف ذلك من خالل املؤلفات اليت صنفوها يف جمال الرد على املذاهب املخالفة من األحناف، و الشافعية، و الظاهرية، حمددا من خالل ذلك معامل املنهج النقدي يف جمال النقد

.خلارجيالفقهي ا

أما الفصل الثالث من هذا الباب تناولت فيه جهود املالكية يف النوع الثاين من أنواع النقد الفقهي، وهو النقد الفقهي الداخلي الذي اهتم فيه فقهاء املالكية بنقد املادة الفقهية للمذهب من

قد طرق تدريس املادة خالل نقد فروع املذهب و مسائله، و نقد املؤلفات الفقهية يف املذهب، و ن

Page 440: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

الفقهية، حيث وصلت من خالل ذلك إىل حتديد معامل املنهج الذي سلكه املالكية يف جمال النقد .الفقهي الداخلي

.النقد، الفقه، املذهب املالكي: الكلمات الداللية

SUMMURY OF THE RSEARCH :

This study discusses an important issue in the islamic jurisprudence (fiqh) ,

It is the method followed by scholars in the critic study of the islamic

Page 441: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

jurisprudence , the researcher chose the Maliki School as a model to discuss

this method .

There are two basic sides for this theme :

_The first one is dedicated to the theoritical study by difinning the concept

of « critics » in the field of Islamic jurisprudence , where, the researcher

clarified that critics in the jurisprudence studies is called « jurisprudence

critics » by contemporary scholars.

The researcher defined this term and discussed its diffrent definitions to

eventually find a conclusive definition for it, that is a process of studing and

evaluation of the jurisprudence production for one of the schools.

In addition, the researcher treated the terms related to « jurisprudencial

critics » and compared them with each other, then discussed the conditions

that scholars should have, in ordes to be able to practice the jurisprudencial

critics, besides recognizing all the difficulties.

Finally, he discussed the most important field of the jurisprudence critics in

three principal sides « critics of diligence and fatawa », « critics of evidence and

assets of inference », and « critics of the jurisprudencial works and the way of

teaching it ».

-The second side of this study is about the method followed by the scholars

of the Maliki School in thier study.

The researcher began the historical evaluation of the jurisprudencial critics

in the Maliki School, that its beginning went hand by hand with the foundation

of the school, and there are so many factors that helped emerge this stream of

critics in the school.

By fixing basis of the method followed by the scholars of the Maliki School

in the jurisprudencial critics ; the researcher also treated the efforts made by

the Maliki School and its concern with the first type of jurisprudencial critics ;

that the first type is the external jurisprudencial critics which responds to the

schools that are against, and criticizes thier jurisprudencial views to set the

basis for the critical method in this side.

Page 442: ةي - theses.univ-oran1.dz · ﻢﻠﻋ ﻥﺇ ﻞﺑ ،ﺔﻴﻬﻘﻔﻟﺍ ﺓﺩﺎﳌﺍ ﺪﻘﻨﺑ ﲑﺒﻛ ﻡﺎﻤﺘﻫﺍ ﻢﳍ ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻓ ، ﺓﺪﻋﺎﻘﻟﺍ

املصادر و املراجع

In the second type, he discussed the efforts of the Maliki School. This type

is the internal jurisprudencial critics in which, scholars focussed on criticizing

the jurisprudencial matter for the school, criticizing the jurisprudencial work

and teaching methods, to finally set the basis for the method followed by the

Maliki School.

Indicative words :

-Critics.

-Jurisprudence.

-The Maliki School.