21
وق محفوظة جميع الحق© 2019 All rights reserved © 2019 تواصلم والع لجنة ا سلسلة حوارات1 2019 ا ستئناف النظر المنهجيميةسعلوم ا في ال حوار مع: مد خروبات الدكتور ى الحوار أجر: د. أخواض عبد ا

:عم راوح - maarifa-center.com

  • Upload
    others

  • View
    13

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

All rights reserved © 2019 2019© جميع الحقوق محفوظة

لجنة الإعلام والتواصل

2019 1سلسلة حوارات

النظر المنهجي ستئناف ا

في العلوم الإسلامية

الدكتور محمد خروبات :حوار مع

عبد الله أخواض.د: أجرى الحوار

1

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

عن يحتاج العقل المسلم المعاصر، إلى مساحات واسعة من النقاش العلمي الهادئ، بعيدا

التشنجات، والتوترات الظرفية لاختبار اختياراته، وقناعاته، وفتح قنوات الحوار حولها؛ القصد من

علاقته مع كثير من القضايا الراهنة، ذلك تجاوز الأعطاب وسد الثغرات والفجوات التي يعانيها في

وضعف قدراته في تدبير ها وبالتالي استشراف المستقبل، من خلال البحث عن شروط الاستئناف

عن النظر الراشد والولادة الجديدة، بعد سنوات عجاف ظل فيها عقل المعرفة الإسلامية عاجزا

مرجعية تتجاوز كل المرجعيات النسبية، والسوي، وفي استثمار تراث علمي ممتد في التاريخ، يملك

وتتصف بمحددات منهجية علمية دقيقة.

ولمناقش هذه الإشكالات والقضايا، يأتي هذا الحوار مع فضيلة الدكتور محمد خروبات على

موقع مركز دراسات المعرفة والحضارة، وهو أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية

عياض مراكش، خبير دولي ووطني في تحكيم البحوث العلمية، والدراسات الأكاديمية، جامعة القاض ي

وعضو في عدد من الهيئات العلمية الوطنية والدولية. والأستاذ خروبات متعدد الاهتمامات العلمية،

يشهد على ذلك غزارة إصداراته وإنتاجاته في مجالات السيرة النبوية، العقيدة، الفقه وأصوله،

لسفة والفكر، وغيرها من المجالات، وهو ما يعطي للحوار معه نكهة خاصة.الف

بداية نرحب بكم الأستاذ الكريم على موقع مركز دراسات المعرفة والحضارة، ونحن سعداء بهذا

حول قضايا ذات صلة بالمعرفة، والتراث شك سيفيد القارئ والمتابع المتخصص اللقاء العلمي الذي لا

من والنقد والفكر والفلسفة والبحث العلمي، وهي قضايا ماالمنهجي، يث حيزال القول المعاصر فيها مقلا

الكيف.

2

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

عرفتم بوسم أكاديمي منهجي دقيق، الأمر يتعلق بالدرس الحديثي وعلومه، ترجم ببحث علمي

عتقد وهو الدرس الذي ا "ي وجهوده في خدمة السنة النبوية"أبو حاتم الرازنلتم به دكتوراه الدولة

ولم تعد الحاجة إليه والحقيقة غير ذلك، حيث شكل هذا الدرس ، كثير من الباحثين أنه نضج واحترق

ر عن لحظة منهجية علمية لخصت عدة منهجية قائمة الأركان في كتابة التاريخ، وتدوين أحداثه، وعب

جي تاريخ الأفكار والمناهج والفلسفات، والعقل المسلم في حاجة إلى هذا التراث المنهعبقرية عقل الأمة في

النقدي الدقيق في بناء علومه.

: 1س فضيلة الدكتور كيف يمكن استثمار شبكة المفاهيم المنهجية والنقدية الت

بناء وتأسيس منظومة -أقصد مصطلح الحديث-أنتجها هذا الدرس العلم ف

كانت مصادرها منهجية نقدية معاصرة قادرة على إنتاج المعرفة ونقدها، أيا

الوقت ذاته وقت فقد فيه العقل المعايير العلمية الرصينة وتعير ف

وفلسفتها، ف

؟ على إعادة فصول الإبداع الحضاري الإسلام

الجواب:

على ثانيادراسات المعرفة والحضارة، وأشكركم على استضافتي في موقع مركز أولاأشكركم

ة، وهذا مؤشر يدل صياغتكم المنهجية للإشكالية المراد الكلام فيها، فليس كل سائل يمتلك هذه العد

على وضوح الرؤية وسلامة القصد.

بخصوص سؤالكم، "مصطلح الحديث" جزء من "علم الحديث"، فعلم الحديث بناء معرفي

لمصطلح والعلل والجرح والتعديل وتاريخ السنة والأعلام والمصادر والناسخ والمنسوخ ومنهجي يشمل ا

إلخ، وكل فن من هذه الفنون له خصوصيته التي تلتئم في " علم الحديث"، وهو علم وضع للحديث

من هذه الظاهرة، وقد تفاعل صلى الله عليه وسلم النبوي بعد تفش ي الكذب والوضع، فتأسس العلم لإنقاذ حديث النبي

العقل المسلم في هذه المرحلة مع ظاهرة الكذب والانتحال التي استفحلت بشكل ذريع كيف يواجهها،

وكان يعي جيدا أن نبي هذه الأمة نطق بالحديث "صحيحا " فكيف يبحثون عن الحديث الصحيح؟

3

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

يح، فقد عرفوا الصحيح، وكيف يخلصونه من ضده ونقيضه؟ من هنا جاء تعريفهم للحديث الصح

خذت هياكل علم الحديث مثل : فوه بالتعريف الاصطلاحي المشهور، ومن التعريف الاصطلاحي أ وعر

الرواية، والسند، والاتصال، والعدالة، والضبط إلخ، ولم يخرج المحدثون عن الهدف الذي رسموه حتى

ا، كل هذا خلص بقواعد وضوابط أخرجوا الصحيح صحيحا، و الضعيف ضعيفا والموضوع موضوع

منهجية ولدوها للحاجة وللضرورة، وكانوا يدركون جيدا أن الحديث يقوم على الرواية ومن رواها، والآفة

هي في من روى لأن الرواية غير ناطقة بذاتها، فقد نطق بها من رواها، ولذلك طلبوا الأسانيد وحققوا

فيها.

؟ كيف ستكون وضعية دعنا نتساءل: ماذا لو لم يكن "عل م الحديث" موجودا

المرويات والآثار؟

:الجواب ن دائرة الكذب ستتسع، وستختلط الأخبار، ويصيب الأمة ما أصاب أهل الكتاب في اختلاط إ

كلام أنبيائهم بكلام الله وكلام البشر، وهاهم المستشرقون تكلموا في كل ش يء إلا في الأسانيد، فقد

لو لم للمصادر، وجدوها انتهت، يعني أن السند انتهى بدخوله إلى مصادر السنة، وهذه أهمية أخرى

تابع السند من هذا العصر يخرج البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي وغيرهم الحديث في المصادر كيف ن

" معناه : اكتمال السند، وانتهاء الرواية اكتمل حتى احترق ، فهذا من المنهج، وقولهم" صلى الله عليه وسلمإلى عهد النبي

لأمور لا في غيرها، أما النقد )الجرح من حيث التخريج، وقولهم " ما ترك الأول للآخر شيئا " ففي هذه ا

والتعديل(، وشروح المتون، واستفادة الأحكام، ومعالجة قضايا الواقع

والمجتمع وظواهره من موقع الحديث فهذا لم يتوقف ولن يتوقف .

علم الحديث" بكل فنونه المنهجية لهذه الأمة أهم لقد حفظ "

لقرآن الكريم، فالبعض خاصية وهي سلامة الوحي وصيانته بما فيه ا

يفرق بين القرآن والسنة من دون أن يدرك أن القرآن هو نفسه رواية،

صلى الله عليه وسلملم يتلق القرآن كتابا أو في ألواح وصحف بل سمعه النبي صلى الله عليه وسلمفالنبي

من جبريل، وسمعه الصحابة من النبي فكان رواية مدارها على السماع،

4

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

القراءات القرآنية "، فوحي القرآن بالسماع هنا " ولذلك كان السماع من أرقى درجات التحمل ونعني

خرج من القراءة إلى الكتابة، فالقرآن قراءات، والقراءات مدارها على الرويات، وقد استفاد القراء من

المحدثين مسائل كثيرة في صنعتهم، أعني " علم القراءات القرآنية "، فالقرآن قراءات، والقراءة رواية،

ك قال ابن الجزري: )القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول( .وهي من السنة، لذل

ومن الخصوصيات أن العقل المسلم لم يستفد هذا العلم من اليونان أو الرومان أو من أية

م حضارة كانت، كل العلوم التي نشأت في الأمة يمكن الكلام عنها من جهة التأثر بالثقافة الوافدة إلا "عل

اءات القرآنية" و "علم الأنساب"، وهي علوم ما ثبت أن أحدا من المستشرقين الحديث" و "علم القر

دخل عالم بنيتهما.

أن علم أجد نفس ي في حاجة إلى هذا التقديم لنرتب عليه الجواب على سؤالكم، صحيح جدا

الحديث يضم شبكة من المصطلحات والمفاهيم والقواعد والضوابط المنهجية التي تضبط المعرفة

سلامية وتوصل إلى فهمها وإدراك مقاصدها، ونحن اليوم أمام ثلاثة قضايا: الإ

" فهم " هذه الشبكة، وإدراك مغزاها، ولا بد لفهم من منهج، فالمعرفة الحديثية اليوم تعاني -1

لا تفيد علم من التكرار والاجترار، وتدويل الجاهز، والكلام في العموميات، ومعلوم أن هذه جميعا

ولا المعرفة الإسلامية بصفة عامة، فإذا لم ترجع بالإفادة على " علم الحديث" فكيف ستفيد الحديث

المعرفة الإسلامية والعلوم الإسلامية الأخرى.

لقد ساهمت بعمل علمي محصور في الزمان والإنسان، خاص بجهود أبي حاتم الرازي في خدمة

قد امتد بي إلى سبعة أجزاء حاليا، وبقيت منه أجزاء السنة النبوية كما تفضلتم بيانه في تقديمكم، و

قليلة ستصدر قريبا إن شاء الله تعالى، الرسالة برمتها خضعت لبناء منهجي غير قابل للاختراق، كل جزء

هو لبنة في البناء العام للرسالة، وكل جزء خضع لبناء داخلي محكم؛ كان الغرض هو الكشف عن

م واحد من أعلام نعة الحديثية، فلو أن الباحثين فعلوا في كل الأعلام عبر القرون ما جهود عل علت فالص

ا من فهم الفهم، ومن ضبط الاصطلاحات، ومن توليد المعارف والفنون، وابتكار طرق النقد. لتمكن

وقد تمكنت بحمد الله وتوفيقه من الكشف عن علم جديد من علوم الحديث هو " علم الموازنة

واة "، وهو الجزء السابع من الأطروحة، وكشفت عن "علم العلل ووجوه التعليل "في الجزء بين الر

5

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

السادس الذي طبع حاليا ولله الحمد، وعن "علم المصطلح والنقد" وهو الممتد في الجزء الخامس،

د وقضايا علمية ومنهجية أخرى جديدة في هذه الرسالة لا أريد أن أكشف عليها الآن، كل هذا من جهو

أبي حاتم الرازي بصفة خاصة.

ي بامتياز، مدار هذه الشبكة على النقد، وهذا يبين أن هذا العلم بكل مكوناته هو علم نقد -2

ومصطلح "النقد" عند المحدثين ظهر في سياق خاص لحماية مرجعية

الاستمداد، فالمسلم يتحلى بعقل يقظ وواع، يفكر في الخبر قبل العمل

به، غير ملزم بالعمل بالخبر الضعيف، ويحرم عليه العمل بالخبر

ن الموضوع، لا يتكلم في الناس إلا على جنس الديانة، وأنتم تعلمون أ

مدار الإسلام على الخبر والرواية، فهذا العلم بكل تقنياته لضبط الخبر

بما فيها الفلسفة -والرواية وكل العلوم الإنسانيةـ ولا أتكلم عن الأديان

والتاريخ والأدب مدارها على الرواية، لذلك فنحن بحاجة إلى أن ندفع

فح الكذب بقواعد هذا العلم إلى مجاري العلوم الإنسانية، علم يكا

ويبحث عن الصدق في الرواية والرواة، وقد أثمر قواعد منهجية تميزت

بخصلتين: الأولى فطرية تكافح أمراض الفكر الطبيعي وسمومه المعرفية، والثانية لها صلة بالعمل،

وترفض النظر المعلق .

نقلانية نقدية توجد في هذا العلم نظريات علمية نقدية قابلة للبحث والتنقيب، تأتي في صورة

هادفة ومتخلقة، مواكبة لقضايا الثقافة والمجتمع، تشكل جدارا رصينا لخصوصية هذه الأمة، هي

اليوم في حاجة إلى تكوين وتطوير، عمدتها "المنهج النقلي " الذي قام على أرضية نقلية وعقلية.

من المتخصصين ومن المدرسين مردوا على السرقات الع كبيرا

لمية، لقد جف آسف أن عددا

نا نراهم يبحثون فيما بحثنا، ويكررون ما قلنا، ست معرفتهم، وتحجرت أفكارهم حتى بت عقلهم، وتيب

هو ابتكار ويقررون بالجزم أنهم لا يعلمون من بحث في هذا الموضوع، والش يء الذي برعوا فيه حقا

ي أخطر على السنة النبوية من أساليب جديدة في السرقة ما سبقوا إليها في التاريخ، وهؤلاء عند

6

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

الطاعنين فيها، لن نسكت على هؤلاء وفاء للعلم وتأدية للأمانة وذبا عن السنة النبوية، وبيانا لخيانتهم

لواجب الأمانة التي أناطتها بها دولهم.

هذا السؤال مرتبط بسابقه، يتعلق بمنهجية وبيداغوجية تدريس مصطلح : 2س

تطوير الجامعة المغربية. كيف تنظرون إلى معضلة المنهج ف

الحديث وعلومه ف

هذا الدرس بشكل خاص، والعلوم الإسلامية بشكل عام حت تستأنف رسالتها الوع الحضاري؟

المطلوبة ف

الجواب:

نحن في حاجة إلى دراسة ميدانية لصنف الأستاذ المدرس لمادة علوم الحديث داخل أسوار

الجامعة، هل المدرس لعلم الحديث له شهادة في العلم؟ وإذا كانت عنده شهادة ما هي إنتاجاته العلمية

رس في التخصص؟ وهل هذه الإنتاجات محاضرات تلقينية أم إبداعات منهجية ومعرفية؟ وهل للمد

أنشطة موازية في التخصص، هل يدير مختبرا أو بنية أو مجموعة بحث لها صلة بالموضوع؟ وما نوع

مساهماته في المؤتمرات والندوات داخليا وخارجيا في التخصص؟

أقول هذا لأن كفاءة الأستاذ تنعكس على بيداغوجية التدريس، فمن

الأساتذة من يحبب ويقرب، ومنهم من ينفر ويعسر.

ومن الآفات عدم التنسيق على مستوى المقررات والبرامج

والمحاضرات بين فصول الإجازة، تجد ثلاثة أساتذة يدرسون نفس

المادة ولا أحد يعرف ما يفعله الآخر، وهذا ينعكس على الجودة

للأسف.

كة لا بد من استثمار الطرق الحديثة في التدريس باستخدام تقنيات التواصل والتفتح على الشب

العنكبوتية، واستقدام أساتذة متخصصين بين الحين والآخر يحاضرون أمام الطلبة، وفتح باب الحوار

على مصراعيه، وتقديم إجابات كافية على تساؤلاتهم، وتسهيل لغة المحاضرة، والقيام بتطبيقات عملية

كتساب أدوات المعرفة على النص الحديثي، سواء على مستوى الأسانيد أو المتون، وتمكين الطلبة من ا

ومهارات الفهم في علم الحديث، والميل إلى الأعمال التطبيقية، لأن طبيعة العلم أنه تطبيقي، فهو مما

صلى الله عليه وسلم

7

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

يبنى عليه العمل كما تقدمت الإشارة لأنه يخص الأحكام الشرعية، واستمداد بعض التقنيات من

بنى على "النص"، وتث من العلوم والمعارف داخل الجامعة التي ت

بيت تكامل العلوم والمعارف انطلاقا

ففي إطار الشروح يمكن للأستاذ أن يختار الأحاديث التي لها صلة بالاجتماع حفظ الحديث وشرحه،

والعمران والنفس والعلم والكون والطب والإعلام وعالم الأخبار والإشهار التجاري والصناعي والعلمي

إلخ.

خطأ، ذاتخص علماء السنة وحدهم، ه صلى الله عليه وسلموقد يظن ظان أن السنة النبوية التي جاء بها النبي

فأهل العلم بها لا يملكون غير صنعتها العلمية التي مدارها على بيان درجة

الحديث ثم استنباط الحكم منه إن كان من نصوص الأحكام، وبعد أن

يخلص صحيحا يصبح في متناول الاجتماعيين والنفسانيين والاقتصاديين

"ليبلغ :صلى الله عليه وسلموقول النبي رف الأخرى،اوالسياسيين الحقوقيين وأصحاب المع

واضح الغائب الشاهد، فإن الشاهد عس ى أن يبلغ من هو أفقه منه"

الدلالة في أن المحدث لا يملك غير رواية التبليغ بشروطها العلمية، وغيره

يمكنه أن يستنبط من روايته ما يراه وفق صنعته لائقا للاستفادة من

يبا أو مهندسا أو بيولوجيا أو جغرافيا الحديث في أمور تخصصه وصنعته، سواء أكان هذا المستنبط طب

يصبح من الخطأ حصر السنة النبوية في قضايا معينة، أو حصرها على فرد بعينه أو على ولذلك إلخ،

فراد، إن السنة النبوية هي مقياس ومعيار للحياة كلها، إنها نظام كامل متكامل للفرد أمجموعة

كل هذا يجب أن يظهر للطالب الجامعي في للإسلام، والمجتمع، وللدولة وللأمة، وهي تجسيد عملي

درسه، وأن يستفيده بخطة منهجية بينة وواضحة.

8

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

نســـــــــــاق الحضـــــــــــارية المغايرة، تأثرت بســـــــــــياقات عاش الفكر الإســـــــــــلامي أطوارا متقلبة في علاقته مع الأ

في حين تعثرت التجربة ، التجربة التاريخية في ضــــــــــــبط إيقاعات تلك العلاقةتاريخية مختلفة، نجحت

غم مما توافر لها من وســـــائل وأدوات. ويحتاج الفكر الإســـــلامي المعاصـــــر إلى بناء رؤية المعاصـــــرة على الرم

معرفية متوازنة في التدافع الحضاري، تتجاوز التعاطي السياس ي الضيق للموضوع.

رأيكم فضيلة ا : 1س لدكتور ما ه أسباب نجاح التجربة الأولى، وتعير الثانية؟ف

الجواب:

لا يمكن فهم طبيعة "التدافع الحضاري " ما لم نضعه في إطاره التاريخي، الإطار فيه محطات

تاريخية رسمت بطريقة يراد لها أن تكون دقيقة ومحددة، كل مرحلة

ول عن التجربة السابقة أنها كانت ناجحة لأنها إن تتلوها أخرى، لا نق

كانت كذلك ما وقع العالم الإسلامي اليوم في هذا التردي غير المسبوق،

ولكن نقول إن الفكر الإسلامي كان يتجاوب مع واقعه، ولم يكن فيه

تباين كبير من جهة المرجعية والمنطلقات، ومن جهة أخرى الأهداف

مجمل الكتابات في الفكر الإسلامي تجده يمارس وإذا تأملت والمقاصد،

التدافع الحضاري بطريقة منسجمة وواضحة من دون غلو ولا انحراف، بخلاف التجربة الحالية فقد

رق ريد لها أن تكون على هذا الشكل، وهي مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الثقافة، لقد اخت

جاءت في مرحلة أ

مرجعياته ومنطلقاته، بل ساهم ويساهم في تقويض نفسه، وذلك الفكر الإسلامي وأصبح يعمل ضد

" الاستشراق والعلوم بالنيل من مرجعياته، وبالتشكيك في أصوله، وقد بينت هذه المحطات في كتابي

وما بعدها. 97الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل " الصفحة

9

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

ة : 2س مجال التعارف الحضيييييييييييياري ما الذي يمكن أن يقدمه درس السييييييييييييير النبوية ف

؟ ومنهجا

المعاصر، موضوعا

الجواب:

درس السيرة يمكنه أن يقدم في المجال الذي تفضلتم بذكره وهو "التعارف الحضاري المعاصر"

فوائد مهمة، من ذلك:

هي التي أن الحضارة لم تقدم للسيرة شيئا بل السيرة النبوية -أ

من كنف صلى الله عليه وسلمقدمت للحضارة دروسا، ذلك أن الله تعالى لم يبعث محمدا

الحضارة، بل بعثه من الجزيرة العربية، من قريش بالذات، وهذا يدل على

من صلى الله عليه وسلمأن الحضارة ليست مقصودة لذاتها، إذ لو كانت كذلك لبعث رسول

الحضارات المجاورة مثل حضارة الروم والفرس.

يعلمنا درس السيرة النبوية على أن المقصود هو العيش على حق وعلى صواب، وأن سيرة -ب

المرء يجب أن تكون سيرة طاعة وامتثال.

يعلمنا درس السيرة النبوية أننا لا نعبد الله بالحضارة ولكن نعبده بما أنزل وشرع، فالإسلام -ج

حجة على الحضارة لا العكس.

لنبوية أن الحضارات متى ما تفاعلت مع الإسلام، وقبلت بالهدى يعلمنا درس السيرة ا -د

والبينات فهي " حضارة إسلامية ".

أما الموضوعات التي يجب النزول عليها في السيرة النبوية والتي تفيد في مجال التعارف

الحضاري المعاصر فكثيرة جدا، منها:

أنظمة العلاقات في السيرة النبوية. -

لاق والقيم.أنظمة الأخ-

أنظمة التسيير والتدبير.-

أنظمة التلقين والتعليم. -

10

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

خر قيميييه حول معيييالم ر يييية معرفيييية منهجيييية تعييييد للتيييداف وللحوار م الآ : 3س

الإنسانية بدل الذي يجري اليوم؟

الجواب:لا يمكن أن يكون التدافع مع الآخر ناجحا ووفق القيم الإنسانية ما لم يتحقق التدافع الداخلي

والذي يخسر قيمه في العالم الإسلامي اليوم يخسر هذه القيم، وفق القيم الشرعية والإنسانية،

فالتجارب التي عاشها الفكر الإسلامي بالأمس ليست الداخل لا يمكنه أن ينجح في التدافع بها في الخارج،

هي التجارب نفسها التي يعيشها اليوم، لقد أصبحنا اليوم نوضح الواضح، ونفسر المفسر، ونظهر

اصرة غامضا، والمفسر أصبح غائما، الظاهر والسبب بكل بساطة أن الواضح أصبح في الثقافة المع

والظاهر أصبح مختفيا، وشطر من فكر)نا( أصبح متخصصا في قلب المفاهيم، وإثارة النعرات، لكن

سن ومن ﴿الذي يبقى موجها هو قوله تعالى ح لأ نقو م ٱإلدعام وقالصلحاوعمللل منإنن

لميٱ س [33]فصلت/﴾٣٣ل م

التزود بالقيم من المرجعيات هو الذي يطعم الفكر الإسلامي، ويحدد

توجهه، ويبعده عن الغلو والتطرف، ويدفع به نحو الوسطية والاعتدال، وهذا

هو الذي يجعل من الفكر الإسلامي يسترجع دوره في ممارسة التدافع الحضاري

فالدفع ضد الصرع، الدفع يعني القيام بعملية تحريك ناعمة بمفهومه الشرعي،

للآخر ليغير موقعه من موقع العدو إلى موقع الولي الحميم، وهذه إحدى

خصوصيات الفكر الإسلامي المبني على "الفطرة "، أما الصرع فيعني القتل والإبادة والقضاء على

اع الأجيال"، و" غزو الفضاء"، و "الصراع الخصم، وهذه إحدى خصوصيات الفكر الطبيعي، ومنها "صر

الطبقي"، و "موت الإله"، و "صراع الحضارات" إلخ . هل مازال الفكر الإسلامي اليوم محافظا على هذه

الخصوصية أم أنه انتعل خصائص ضده ومعاكسه؟

11

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

مثل الفلسفة وباقتدار ، رفية أخرى لم يمنعكم تخصصكم من الانفتاح على مجالات وأنساق مع

نطقكم لم" وهي سمة منحت خلاصة في نقد الفكر الطبيعيكبير حيث صدر لكم كتاب وسمتموه بـــ "

وترتيب الإشكالات.، العلمي قوة في الحجاج والاستدلال

الموضوع الذي تناوله الكتاب؟ : 1س ماه خلاصات هذا النقد العلم ف

الجواب:

لاصة"، وهي فعلا باختصار أن الرسالة اسمها "خ

لاصة من عمل كنت بسط الكلام فيه في الفصل الثامن "في خ

خصائص الحضارة الإسلامية والحضارات الأجنبية" من كتاب

"الفكر الاسلامي المعاصر دراسة في التدافع الحضاري"، بينت

فيه أن حالة الحضارة الإسلامية هي حالة فطرية، وحالة

الحضارات الغربية هي حالة طبيعية.

ة تباين، كل واحدة تشكل خاصية وبين الطبيعة والفطر

لحضارة معينة، وتاريخ الثقافة البشرية ينقسم وفق الحالتين،

وقد عمقت الموضوع في أبحاث لم تنشر بعد، وهي عبارة عن محاضرات قدمتها لطلبة الدراسات

واجهة الإسلامية في مادة "الفلسفة الإسلامية"، ومادة "تاريخ الفكر"، ومادة "الفكر الإسلامي في م

الحضارة الغربية" ومادة "تاريخ الأديان" في الإجازة والدراسات العليا في كل من مراكش والرباط، لهذا

إلى هذا الموضوع الذي لم يكتمل فيه البحث بعد بالنسبة إلي، وقد أثارني كتاب بقيت مشدودا

ت فيه محاضرات شاركت " لبديع الزمان سعيد النورس ي الذي وجدته خبيرا بالموضوع، وأنجز الطبيعة"

12

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

بها في ملتقيات علمية وطنية ودولية، وما لم يطبع هو أكثر مما طبع، وقد ربطت فيه الكلام عن الطبيعة

ببناء الإنسان، لأن الغرض في النهاية هو "الإنسان".

الإنسان الذي خاطبه ربه في القرآن وبسورة "الإنسان"، والعمل برمته يعالج قضايا الفكر

ان فقط بل يتصدى لمعالجة التواءاته الطبيعي، ليس بالعرض والبي

وقد اكتسبنا من "المنهج النقلي وإشكالاته وتياراته وبطريقة "نقدية"،

النقدي" المشبع بمقاصد الوحي ب "الحفظ" و"الإكمال" و"الإتمام" ما

يؤهلنا لخوض غمار هذا الموضوع، ويمكن لهذه الأفكار جميعها أن

امعة، وفي الرسالة تصنيف يليق تصاغ في إطار مشروع نقلانية نقدية ج

بطبيعة الموضوع ليس هذا مجال لسرده.

بشقيه العرب الإسلام : 2س ، حول العلاقة بير الدرس الفلسف

والدرس الفلسف

، واستئناف العل الر ية والمنهج؟وم الإسلامية لمسارها على مستوى الغرب

الجواب:منغلقا على ذاته منذ العصور الأولى لانطلاقه بل كان لم يكن الدرس الفلسفي العربي الإسلامي

منفتحا على ثقافة الآخر التي تمثلها في ذلك الوقت الفلسفة اليونانية والمنطق الأرسطي، بل التفتح إلى

الحدود القصوى حين كان العرب والمسلمون يترجمون التراث اليوناني إلى الثقافة العربية، وما زالت

فية سارية المفعول إلى اليوم نترجم ثقافته وعلومه ولم نكن نفكر في ترجمة ما لدينا الترجمة بهذه الكي

إلى الآخر حتى ظهر المستشرقون فبدأت عملية ترجمة الفلسفة الإسلامية ومعها بعض العلوم

طلق عليه " الاستشراق"، ومعلوم أن الإسلامية ومصادرها إلى الثقافة الغربية، وهي التي أعطت ما أ

ترجمة عند المستشرقين كانت تتم بدافع الحاجة المعرفية والسياسية .ال

الدرس الفلسفي يسير على ثلاثة زوايا : زاوية الواقع، وزاوية التراث، وزاوية الآخر، وهي الخطة

التي قام بها ابن رشد بنجاح حين عالج قضايا واقعه بالفكر والفقه، واستمد من التراث خصوصيته،

أرسطو إلى العربية بعد تمحيصه وغربلته من ونهل من خصوصية ثقافة الآخر حين ترجم أورغانون

13

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

براثين الفكر الطبيعي، كان ابن رشد واعيا بالمهمة، كان يراعي الثوابت، ومدرك لحاجة الواقع من تلك

وحين ترجمها لم يبتلعها بل عاينها ونقدها وغربلها، فهل الدرس الفلسفي الحديث والمعاصر الثقافة،

ة: الخصوصية، الواقع، الآخر، أم يطغى عليه جانب دون آخر؟ سؤال يتوفر في هذه التركيبة الثلاثي

يمكن الإجابة عليه في مناسبة أخرى.

نختم معكم فضيلة الأستاذ هذا الحوار بالحديث عن مساركم العلمي الأكاديمي، حيث

ت قرابة ثلاثة عقود، احتكت بالدرس المعرفي الإسلامي، راكمتم تجربة أكاديمية علمية غنية امتد

.، وكتابة

وإشرافا

تدريسا

الجامعة المغربية، على هذا ما : 1 س هو تقييمكم لتجربة البحث العلم ف

المستوى: إكراهاته، علله، مخرجاته؟

الجواب:

م -1 و قالعلوم الإنسانية والدراسات المعرفة العلمية في في علاقته بالبحث العلمي دعني أولا أ

الإسلامية، ذلك أن العلاقة بين "البحث العلمي" و "المعرفة العلمية" هي

علاقة السبب بالنتيجة، "المعرفة العلمية" نتيجة، و"البحث العلمي"

سببها، كلما كان البحث علميا كلما كانت المعرفة المتولدة عنه علمية،

"العلمية" لأن البحث بحثان: بحث ـبألة المثارة للنقاش سوقد قيدت الم

"الارتجالي" أنه غير مقيد بقواعد البحث علمي وبحث ارتجالي ومعنى

ولندع الكلام عن ، العلمي وضوابطه داخل حقل العلوم الإنسانية

الإنسانية ونتوقف عند العلوم الإسلامية التي تجسدها " العلوم

.الدراسات الإسلامية " التي هي مجال شغلنا، وإطار اهتماماتنا

14

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

البحث الارتجالي هو البحث الذي يتحرر من "العلمية" داخل حقل النقل، لأن الذي يميز العلوم

ج يتجاور فيه العقل والنقل في صورة الإسلامية أن نواة علومها يقوم على "المنهج النقلي"، وهو منه

"نقلانية" متكاملة، فالبحث المتحرر من قواعد المنهج النقلي وضوابطه وقواعده هو "بحث ارتجالي"، وما

المعرفة العلمية التي ننشدها،المعرفة هي الأخرى معارف : منها ، نقوله عن المعرفة أيضا قلناه عن البحث

والمعرفة الإرتجالية التي نستبعدها، وهي نتيجة البحث ، التي نذمهاوالمعرفة الخرافية الأسطورية

حلت المعرفة الأسطورية والخرافية، فالمعرفة الارتجالية وسط الارتجالي، وإذا لم يكن هناك بحث ارتجالي

.من لا بحثوالمعرفة الخرافية الأسطورة المتولدة بين المعرفة المتولدة من البحث العلمي

لا يخرج عن هذه "الدراسات الإسلامية" بكافة فروعها المعرفي في أن مدار الإنتاجأكاد أجزم ب

الأشكال الثلاثة، ونحن حينما نتشدد في البحث العلمي إنما نريد من الرؤية

أن تكون علمية، وإذا تساهلنا في البحث العلمي فسنحصل على معرفة من

.النوع المشار إليه سلفا

يحتاج م" المحسوب على الدراسات الإسلاميةأمامنا ركام من "الكلا

:إلى تقويم وفق المستويات الآتية

سرقة المناهج نجوز لهم راق معرفة، وهؤلاءبعض المتكلمين س -أ

ليعملوا بها في إنتاج المعرفة، لا ضرر في سرقة "المنهج"، ولكن الضرر في

ا ليس له وينسبه إلى نفسه، وهو في الأصل سرقة المعرفة، لأن السارق لا يبذل جهدا في الموضوع، يأخذ م

ة.عاجز على إنتاج معرفة علمي

وبعضهم يبحث في الدراسات الإسلامية بغير مناهجها، بل منهم من يلتمس المنهج من حقول -ب

إنسانية أخرى فيقحمها قسرا في العلوم الإسلامية، هؤلاء تتولد لديهم رؤية غير متجانسة مع المعرفة

"المنهج الاسلامية، بل ربما أفضت إلى الضد والنقيض تماما، العيب في هؤلاء أنهم عاجزون على تمثل

النقلاني"، وكثير من هؤلاء يبادلون هذا المنهج العداوة متطاولين في الوقت نفسه على مجاله، والسبب

يرجع إلى الجهل لا إلى المعرفة، أن تعرف وتفهم ثم تنقد وتتجاوز هذا ش يء، لكن أن تتجاوز وتنقد من

.دون فهم ولا معرفة هذا ش يء آخر

15

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

وبعضهم يأخذ من المنهج أجزاءه، ويتلمس أطرافه، فيقدم خليطا غير متجانس يفض ي إلى -ج

، وينتقلون من رؤية غير متجانسة، وغالبية هؤلاء من "الهواة" لا من المتخصصين، ينقرون هنا وهناك

، هؤلاء لا يملكون "روح العلم" بل جسده فقط، أفكارهم باردة، ومعرفتهم غير متماسكة هناك إلى هنا،

.إنما هي اشلاء من المنهج محسوبة على التخصص

م دعني ثانيا -2 و قعة لا وجود للجاممن حيث الدور والمكونات، الجامعة في علاقته ببحث العلمي ال أ

علمي فهو روحها ومادتها، فالجامعة لا تكون حية وحيوية وذات إشعاع وإشراق إلا من دون بحث

بالبحث العلمي، والبحث العلمي تتقاسمه أطراف ثلاثة: الإدارة الوصية بصفتها المجال المنظم، والطالب

بصفته المستهلك الأول لعملية البحث العلمي، والأستاذ الجامعي بصفته الباحث والمنتج والمكون

والمؤطر.

) الوزارة، الجامعة، الكلية، الشعب...( التي تسهر على تنظيم عملية البحث الإدارة الوصية

الطالب العلمي، وتحرس القوانين والقرارات المسيرة، وتقوم بدور الوسيط بين الأستاذ والطالب،

مناهج الدراسة وهو المقصود بعملية البحث العلمي، والذي يتحلى بمواصفات الطلب )تملك الجامعي

الباحث الذي من مواصفاته تملك الأستاذ الجامعي الجامعية، التحلي بأخلاق وآداب التحصيل(،

منهجية البحث العلمي، والمحافظة على جودة الإنتاج العلمي المرتبط بالتخصص، والدفع بالبحث نحو

التطبيق والواقعية، والحرص على التكامل بين العلوم والمعارف، وربط الجسور بين التشعب

ظة على القيم والأخلاق والثوابت الدينية والتخصصات، والتفتح على المحيطين الدولي والوطني، والمحاف

.والوطنية

م ودعني ثالثا -3 و قالمعرفة الإسلامية من حيث الإنتاج، لكن قبل ذلك يجب التمييز بين أ

نوعين من المعرفة الإسلامية : معرفة إسلامية شعبية، وهذه تتم خارج أسوار الجامعة، ومعرفة

نسهر على إنتاجها، والمنتج للمعرفة بالبحث العلمي هو الأستاذ الجامعي، إسلامية أكاديمية هي التي

ويقوم به على مستويين: المستوى الأول إنتاج ذاتي يقوم به الأستاذ إما داخل فصول والمدرجات

بمحاضراته، أو خارج الجامعة في مكتبه بالتأليف والتصنيف، والمستوى الثاني هو السهر على تكوين

16

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

دريبه لاكتساب مهارات البحث وتيسير سبل استفادة المعرفة من مصادرها، أي تأهليه الطالب، وت

لمرحلة العطاء العلمي بالبحث العلمي، فبحث الإجازة هو بحث علمي، وكذلك بحث الماستر والدكتوراه.

"البحث العلمي" هو مفهوم مشترك بين سائر القطاعات العلمية بأنول أخيرا ودعني أق -4

والمعرفية داخل الجامعة، لكن قضية " التخصص " هي التي تفرض عنصر

التمييز بين هذه الحقول، من هنا يجب التفريق بين البحث العلمي في

علمي في العلوم الإنسانية والبحث العلمي في العلوم الإسلامية والبحث ال

العلوم الطبيعية، والتمييز بين هذه الحقول الثلاثة لا يكون اعتباطا بل

بدافع من التجاور القائم بينها داخل جامعة واحدة، ثم بدافع الأزمة

القائمة في مجال البحث في هذه العلوم، ثم بدافع ما أصبح يعرف بربط

تطفل حقل الجسور وتحقيق الصلات، وهي مطالب لا تعني الاندماج أو

علمي على آخر، أو ميل كفة الاهتمام والرعاية إلى جانب دون جانب.

فإن سلامة البحث العلمي مرهونة بوضع مخرجات حقيقية، المخرجاتأما سؤالكم عن -5

تعكس سياسة الدولة في ميدان التعليم الجامعي والبحث العلمي، وتوجيه العملية التعليمية

والتكوينية صوب تلك المخرجات لتحقيقها، ما دامت المخرجات غير موجودة فإن الجودة في البحث

ض منها شيئا لكنها الأغلبية لا تدركها. العلمي تبقى مطلبا ملحا، قد يحقق البع

جات منبثقة من النصوص التشريعية والتنظيمية لا جودة من دون مخرجات حقيقة، مخر

للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ومخرجات الرؤية الإصلاحية تضعها الوزارة، وتوضع بين

يدي الجامعات التي تصيغ منها مخرجات، والجامعة تضعها بين يدي الكليات، والكليات تضع مخرجات

مخرجاتها التي تبنى على مخرجات الإجازة، ومخرجات الماستر، تتوافق مع تخصصاتها، وكل شعبة تضع

ومخرجات الدكتوراه، كما تسهر الشعبة على وضع مخرجات المواد المدرسة، وكل درس أكاديمي له

.مخرجاته

فالمخرجات يعرفها الطالب كما يعرف عناوين المحاضرات، ومصادر المادة، وأستاذ المادة،

، ولتحقيق المخرج ونجاحه لا بد يتخرجخرج يتحقق في الطالب لأنه هو الذي والغلاف الزمني للمادة الم

17

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

الأساليب، المخرج محرج جدا لأنه يدفع الأستاذ نحو تنويع المهارات: عمل جماعي، بحث من تنويع

تكوينية .... ولا يمكن أن أستطرد في ورشات علمية، دورات ، ميداني، أشغال تطبيقية، زيارات ميدانية

ات غائبة.الأساليب لأن المخرجذكر

كيف توضع المخرجات؟

توضع المخرجات بالتوافق والمواءمة، وتبدأ من أعلى إلى أسفل، لا العكس، والذي يوضع من

أسفل إلى أعلى هي "البرامج والمقررات" التي يضعها الأساتذة

المتخصصون في الدراسات الإسلامية، ويراعى فيها : التدرج

ي، التكامل المعرفي، التعمق الفهمي، تشجيع المبادرات، المعرف

التواصل مع التراث ومع المحيطين المحلي والدولي، وهي توضع

بطريقة المواءمة، أي تكييف أي تخصص مع مخرجات التعليم في

المغرب بما يتوافق مع متطلبات وحاجيات الدولة، ومادام أي

الرغبة الوطنية والحاجة الاجتماعية تخصص عليه إقبال، ويلبي

فلا بد أن تكون له مخرجات ضمن المخرجات العامة الوطنية

وتوضع برامجه على وفقها، ثم لا بد من مثل: المعرفة، القيم، التطوير الذاتي، القدرة على الاندماج ...،

الارتقاء بواقع مخرجات التعليم لتلبية المهارات والكفاءات والاحتياجات المطلوبة في سوق الشغل،

فأنا اقترح على وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر التفكير في ورشة لوضع لذلك

اءات وتحديد الحاجيات المطلوبة، والغرض من ذلك هو الانتقال المخرجات لتنمية المهارات وإعداد الكف

من مجال شحن المعرفة إلى مجال صقل المهارات وبناء الشخصية المغربية القوية والفاعلة .

من اهتماماتكم العلمية، إعادة بناء مفاهيم الفكر الإسلام وتنقيتها من : 2س

العقيدة العلمية والعقيدة العملية، ثم بها )على سبيل المثال: الشوائب العالقة

علاقتها بالفهم السليم (. كيف تنظرون إلى هذه القضية الشائكة ف

المصطلح الصوف

وإشكالات الواق ؟، والإنسانية لمصادر المعرفة الإسلامية

18

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

به موجود، هي قضايا شائكة من الجهات التي حددتموها، فالقضية قضية فعلا، ماتفضلتم

فهم بالدرجة الأولى وليست قضية معرفة، أصحاب المعارف من الباحثين كثر جدا، لكن الذين يفهمون

قلة، وقد أصبتم حينما حددتموها في الثلاثية المشار إليها، وقد سبق لي أن عالجت ما تفضلتم بالإشارة

بينت ، kharroubat.comمباحث قصيرة، قصدنا منها الدلالة والاختصار على موقعي الأكاديمي إليه في

:في خاتمة " العقيدة العلمية والعقيدة العملية" بأن "علم العقيدة" في حاجة إلى خمسة أساليب

الفهم ، وهذا الفهم يبنى على منهج علمي رصين، لأن المنهج السديد يؤدي إلى أسلوب في الفهم -أ

السديد، والمنهج المعوج يؤدي إلى الفهم المعوج.

، وهو ما عليه أهل البلد، خروجا من أسلوب في دعوة الناس إلى مذهب عقدي واحد -ب

الخلاف، ودرأ للفتنة، وتماشيا مع المنهج المشار إليه، وهذا يعد من الثوابت.

يط الأسلوب وتوضيح الأفكار ، بتبسأسلوب في تلقين المعارف العقدية للطلبة والباحثين -ج

بعيدا عن الأساليب الفلسفية، والإغراق في القضايا الكلامية، ويبقى الأمل معقودا على المنهج الذي

تمت الإشارة إليه.

، فللعوام الحق في المعلومة العلمية، لكن يجب أن لا تتجاوز المعلومأسلوب في تعليم العوام -د

لة بالعبادة والأركان، بعيدا عن التفاصيل والجزئيات التي لا تحتملها من العقيدة بالضرورة، ومما له ص

عقولهم، لأن عقولهم إذا احتملت أولت، وإذا أولت وقعت في نقيض المقصود، وفي الحديث الصحيح:

.)يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا(

وتعالى جعل دينه علما، لأنه ، أي ربط الناس بالعلم، فالله سبحانه أسلوب في العمل بالعلم -هـ

لا يعبد إلا بالعلم، ولذلك لا يتصدى لهذا الموضوع في مجال التعليم والتلقين إلا العلماء.

أما المصطلح الصوفي فدعوة وجهتها للباحثين للاهتمام بمصطلحات الزهد والتصوف وتناولها

اديمية أو المواد المدرسة في بالدراسة والتمحيص ضمن مشاريعهم العلمية في إطار التكوينات الأك

مختلف مسارات مسلك الدراسات الإسلامية، أو تسجيل أطروحات دكتوراه في الموضوع، أو إقامة

ندوات وطنية أو دولية بهذا الخصوص.

19

1 النظر المنهجي في العلوم الإسلاميةستئناف ا

وقد بدت لي الحاجة ملحة لتوجيه هذه الدعوة بعد أن سئلنا حول بعض المصطلحات، وقد

والتصوف، وهو غير مجال العلوم الإسلامية الأخرى مثل الفقه أدركنا أن المجال هو مجال الزهد

والأصول والمقاصد والتفسير والحديث وغيرها، فهذه العلوم مؤطرة بمصطلحاتها داخل سياق خطابها

.العلمي، ولا خلاف في ذلك

أما مجال الزهد والتصوف فله أسلوبه ولغته الموجودة في مصادره المتداولة والمعروفة، وقد

ستخدمت في الخطاب الصوفي مصطلحات دارجة على ألسنة أهل الحال، وكون تلك المصطلحات ا

موجودة في مصادر التصوف، وتجري مجرى الاتفاق بين المتصوفة فهذا يدل على أن لها مفاهيمها

المعروفة والمتداولة، وحتى لا تخضع هذه المصطلحات لتفسير الغالين، وتأويلات المبطلين، وتحديدات

، وذلك بجردها، وتصنيفها، وبحث مفاهيمها على طريقة علمياالجاهلين فإنه يجب التعامل معها تعاملا

"الدراسة المصطلحية" التي شقت طريقها ولله الحمد داخل مناهج البحث في العلوم الإسلامية

.والإنسانية

والغرض من كل هذا هو متابعة البحث في الموضوع منذ أن

رسم معالمه الكاشاني في معجم اصطلاحات الصوفية وغيره، وتلك

وبحسب الجهود غير كافية، ومفاهيم المصطلحات تتغير بحسب الزمن

المقامات والأحوال، وهي تختلف من زاهد لآخر، والبداية بالعموميات لا تعطي نتيجة علمية لأنها غير

وإذا غاب المنهج العلمي غابت المعرفة العلمية.منهجية،

أشكركم على الدعوة، وأسأل الله تعالى أن يوفقكم لخدمة العلم والمعرفة.

صدركم وقبولكم إجراء هذا الحوار العلمي، ونتمنى أن شكرا لكم فضيلة الدكتور على سعة

تتكرر هذه الفسحات العلمية لنقل الخبرات والتجارب إلى أجيال من الباحثين الشباب، ورسم معالم

دورة جديدة تنتظر المعرفة الإسلامية المعاصرة.

https://maarifa-center.com

All rights reserved © 2019 2019 ©جميع الحقوق محفوظة

لجنة الإعلام والتواصل

facebook.com/almaarifa.centre

maarifa-center.com……

maarifa2011@ gmail.com.....