جنيب حمفوظ

2

القمرإىلالصعود وقلت . معنى وبال رموزأي من الفضاء خالية يفجتلت أرض البيت القديم مساحة شبه مربعة . اهلدم وبقيت األ�قاض مت

:صديقي للمهندس وهو أيضا

. صغريةهيأ�ظر كم - : فقال وهو يتأملها متفكرا

- كبريةكان فيها الكفاية إليواء أسرة ما شاء ا . : تأمالته ثم استطرديفو استغرق

.. أو عمارة صغرية ال جدوى اقتصادية من بناء مسكن - . ذلكيف ال أفكر �ينإقلت لك - لبيع العصائر و احللوى، وسوف يكون ى مشربا بن ي طريفا ومفيدا ، أن مشروعا إليك خارق، لكن ما تفكر فيه خيال -

. الوقت القريبيفجيار رض لإل ع إذام الستئجاره ن يتقد مألف هذا املكان األثري، ويفحتته : فابتسمت قائال

.رأسي يف لتنفيذ ما إال مل أقصدك لكنين و ة طيب فكرة - أشبه باللعب �ه خيال إ - : بإصرار فقلت

. الزمن من الوجود دون أد�ى تغيري حاذفا أريد أن أعيد البيت القديم كما كان أول مرة - فعندما وصفت له املدخل مرات ودار �قاش . عن الرسم والتخطيط ويده ال تكف بعناية إيل به وأصغى مكتيف إليهوخلوت

:م قال والسل

3

...، دعين متهيد أيويصدم القادم بوجوده دون . فج أسلوب - : بإصرار فقاطعته

.. أصلهإىل أن يرجع البيت إال ما أريد - : أخرى قال حلظة يفو

..جرتني أكربمها صغريةاملسكن لن يزيد عن ح - .أ�ا عارف - !! . وخبز وورد زهر أي ، بلدي لتطهري الزهر و الورد، وبناء فرن سع خلزان يت وتضيع �صف املساحة لبناء محام - . لرتبية الكتاكيت واألرا�ب ، وحجرات ة صغرية صيفي السطح، فيه حجرة هذا ما أريد، وال تنس -

أن أقيم ي وكان مرجو . االستثماريفر ال أفك ي أ� �ه يعلم جيدا إ. عن التخطيط مل تكف ولكن يده طويال صديقيوضحك خان تأثيثه وتزيينه من حمال من مهوم احلياة وضغوطها، وعندما يتم ناهتا الذكريات واألحالم، وتنفع مهربا لب شعبية اسرتاحة ولعله .واألهايلاح للسي إعدادهاملهندس من بناء املشرب و صديقي، ولكن مبعنى آخر غري ما قصده سيكون حتفة اخلليلي

: قائال ير� حذ ..أساء الظن

. فحذار من جتاوز التقاليد عريق حي قلب يفستكون - :فضحكت وقلت له

! وبناء هدم إىل لوجدت سبيلي دون حاجة مما تعين شيء يفلو فكرت -

ليه وكنت أتابع خطوات البناء األوىل ثم ا�قطعت عنه ألستمتع برؤية شكله بناء البيت أو إعادة بنائه على ما اتفقنا ع ومت : املهندسيلوقال . سعيدة اجلديد وكأهنا مفاجأة

.. كما تريد فأرجو أال تندم كل شيء مت -

الزمن يفوعندما أقبلت من أقصى الطريق تراءت املشربيتان كما كا�تا ترتائيان .م أخرية والتسل �ظرة إللقاءوذهبت معه تغيري بقيت على حاهلا دون أي اليت للدخول، قام البيت بني البيوت القدمية على �احيتيه دعتا�يوكعينني ترمقان .القديم

4

يف إال منهم ذكر غياهب املدينة ومل يرتدد ألحد يففقد تالشوا -جريان الزمان األول -اهنا القدامى ، أما سك خارجيوقال املهندس . العزيزة تقبض عليهااأليدي بالباب فرأيت ورأيت املطرقة معلقة . خيفققليبصفحة الوفيات، وجعل

:كاملعتذر

. أن أختذ االستعدادات إلدخال املياه والكهرباء ي كان عل - :فقلت له

..يت أن استعمل املصباح الغازي �ي يف - . حتى تفيق من اخليالإليها احتجت إذا ستكون جاهزة - ي غاب عن .ة الوراء البعيد بشد إىلذبت ج وحال بلوغي الطابق املعد .م العايل السل يفوأ�ا أرتقي اخليال يف أمعنت ولكنين

. عبق اخلبيزإىلقت لكن أين حرارة الدفء واللهب والس السعيد؟ وت .ها هو الفرن . كدت أ�ساه متاما ،صوت املهندس أ�ابيب التقطري تكاد تسيل بالرائحة هيوها .وض املفعم بالزهر والوردوها هو احلمام مبنوره املزركش وخزا�ه العريض واحل

قين الدهليز بني احلجرتني تطو يفوا�دفعت أجرى . التالوةإىل �شاطهما العذب وأستمع يفالذكية، وجلست أراقب اليدين مست عليه من الكرتون ر ناعا يضع على وجهه قالذيواختلط التهديد بالضحكات العالية، واعرتضنا .رة األصوات احملذ

السطح فهالين أن أجد احلجرة الصيفية إىل ، و صعدت »ال ترعبه فالرعب ال يزول «: معاتبا صورة الشيطان، وجاء صوت إىل صياح الديك جذبينم اخلشيب وحبال الغسيل، و من السل أرض السطح خالية من غطاء اللبالب واليامسني وأن خالية

.مجع فيه البيض بطرفه أل وأمسكت جلبابي ت د، و فردإليهافهرعت حجرة الدجاج

خيالء يفوطلع البدر . من خلف القباب واملآذناحلي لون املساء اهلابط على إىلوأشرت »ا�ظر «:و صحت فيمن يرافقين ،» قدرتإنخذه « : الصوت احلنونيلعند ذاك رفعت فوق الكتف ومهس . بشغف إليهعت من وراء البيوت العتيقة فتطل

!! ... الساطعر البدإىل مبنتهى احلب و األمل يديفمددت

5

الطاحو�ة حارتنا عند احلوار بني األمهات حتى يفوحديث األعمار يبوح بأسراره . واحد يوم يف الد�يا إىل خرجوا أهنم قيل كا�وا ثالثة

أما رزق .ر اللعب والتذك يف واستمر الصديقان وراء اجلدران جزت البنت لتصبح خفية عند ذاك ح .بلغوا السادسة للقلب على منذ تلك املبكرة كان يشعر هبا حبيبة من األلعاب، وأما عبده فحتما لعبة يف ثالث إىلفيتذكرها كلما احتاجوا

.ق أمله املشروع أدرك أن عليه أن ينتظر عشر سنوات قبل أن حيق املبكرة أيضا ومنذ تلك السن . ما حنو

وا�قطع رزق عن التعليم .اب كما تزامال يف اللعب وتزامال يف الكت .وكان عبده من الذين ميلكون، أما رزق فممن ال ميلكون يف القوة فائقا ل يف وجدان عبده مثاال ومنذ ذلك الزمن البعيد ورزق يتشك .بتدائيةاالحبكم فقره وواصله عبده حتى �ال

.جب به وتبعة رغم فارق الغنى والفقرع واجلرأة واملهارة فاحرتمه وأ

ال القدامى أخلصوا له به، كما أن العم وكان األب قد در . الفتى حمل أبيه يف مطحن النب الذي ورثه وملا مات والد عبده حل له يف فيا منهما يف التعليم كا له كل له، وكان كل ما حص إىل املطحن كمعاون ق صديقه رز ، ولكنه سرعان ما ضم ما إخالص أي

.عمله . حتميصه وطحنه وتعبئته وتوزيعهإىلأخضر النب رزق يف متابعة العمل من شرائه ةت أملعي وجتل

: قراره بتعيني رزق وقال ألسرته مفسرا

. معه إال أ�ا ال أجد الطمأ�ينة - . واملشورةبالرأييسعفه .جندة إىل جندته كلما احتاج إىلسارع ي .ةلصبيل أذى أي يدفع . عن خدمته قط مل يتخل . ذلك حق : احملل قال لهإىله وملا ضم

..يدي و ي و أذ�عيين احلارة، يف العمل ما كنته يفكن - يف، وأ�شط من قام بتوزيع النب الطاحو�ة الدائب على رعاية ،�ه الرقيب بني العمال إ.ب بالوكيل لق استحق أن ي قصري وقت يفو

أصبح هو باملقار�ة. عن طريقةإال من حملة أو صغرية وأصبح هو ال يدرى كبرية . ال ختمد قة يا له من طا .املقاهيالدكاكني و

6

.شيء و اآلخر كل شيءال

يف االستمتاع بالسهر كل ليلة إىل وحب احلياة اليسرية وامليل بع عليه من كسل وكان ارتياحه لذلك أضعاف ضيقه به ملا ط غاية يفوالحظ خال عبده ذلك وهو . شيء صدون رزق لعقد الصفقات وكأ�ه مالك كل وكان العمالء يق .املقهى أو الغرزة

:من االستياء ولكن الشاب قال له

املال وال أحب ، أريد أن جترى األمور على ما جترى عليه، وأ�ا يا خايل أحب شيء يتغري كل ي من ة واحد بكلمة - .. إىل ، وهو هدية ربنا العمل، ورزق أمني

: طريقها املرسوم حتى قال عبده لرزق يوما يفمور ومضت األ

.ر بالزواج قبل أن يسرقنا الوقت أن أفك يلآن - : على رزق أ�ه فوجىء وسأله ومل يبد

املوضوع؟يف هل فاحتت أحدا - ..ين أفاحته فيما يهم أول واحد أ�ت - .. اخلاص وا يهدينا سواء السبيليبأسلوب ى أحتر الزواج هو أردأ الطرق، فدعينإىلأحسنت، فالطريق املعتاد -

ولكنه مل حيب من جنس ، معدودة مرات إال ومل يكن هو رأى ظريفة طيلة السنني ، ضمن اختصاصاتهمه شئون قلبه هكذا سل :النساء سواها، غري أ�ه قال كاملعرتض

. التحرياتإىل وحسنة السمعة وال حاجة بنا ةب أسرهتا طي - .. كننا لن خنسر بالسؤال شيئا هذا كالم الناس الطيبني ول -

: حنق يف، ويتساءل وتوترا وا�تظر عبده وهو يزداد قلقا

.متى تنتهي تلك التحريات املشئومة - : املقهى فقرأ فيهما ما أثار خواطره وسألهيف مها إذوالتقت عيناه بعيين صاحبه

ماذا وراءك ؟ -

7

: شديد فقال حبزن

ليس خريا - :فهتف

قلت ؟يا خرب أسود،ماذا - .. احلقيقة لألسفهي - . لكن ظريفة مالك - إهنا ليست مالكا -

: فغمغم بعد تردد

أ�ا أريد البنت - : االمتعاضيفقال اآلخر باد

. حر أ�ت - بيته ملرض يفويرتدد بني اإلقدام واإلحجام، وضاعف من تعاسته أن رزق اعتكف .وا�طوى على �فسه يفكر ويفكر

ليخربه بأن رزق كتب على وجاءه عامل . أذ�ه زغرودة إىل املطحن ترامت يف بنفسه وهو منفرد وذات أصيل . طارىء . من أهله خاص و�فر حفل يفظريفة

ال جمازا اله كانون حقيقة جعلته يبدو بني عم وثار عبده ثورة

وضاعف االعتذار من . سيقع فيه ما كان حت كبري �ه فعل ما فعل لينقذه من شر أ وقوله هاعتذار إليهوزاره قريب لرزق حيمل . من ذلك ده بشر جنو�ه وأعلن طرده من املطحن وتوع

إىل عبده عاد مع األيام أن -وهو راوي قصة عبده ورزق وظريفة - احلارة شيخ يلوقال . حدث غري ذلكالذيولكن . مركزه السابقإىلأعاده وعفا عنه و . عمله ال يدرى ماذا يفعل فاقتنع بأ�ه ال غنى عن رزقيفوغرق .رشده

! بالزواج من أم ظريفة ه أ�ه فاجأ�ا ذات يوم واألعجب من ذلك كل

8

الظالميفالعشق

د أبواب الدكاكني، ويذهب وجييء مابني امليدان وممر لتفق . اخلفريإال فوق أرض احلارة عندما يغلق باب املقهى ال يبقى ساهرا وآخر يطلق �ذيره بندقيته مبنكبه وبني حني قا طريقه بغريزته املكتسبة من العمل ومعل ا متلمس ظالم دامس يف القرافة سائرا

.الظلمة يشق الذياحللق

ر مؤث الذاكرة الشعبية من اجلالل والرهبة، الواقع أ�ه ذو طول يفمبا يرمز له االسم »أبو اهلول «:طلق عليه منذ بدء خدمته أ ال يتوافق مع أغراض وقلبه طيب ا رأسه فصغري ، أما شاربه فيقف عليه الصقر، وأم ال يتناسب مع ذلك الطول وعرض

عن الليلي تراه وهو يبدأ عمله اليتة ، وتساءلت القل عينيه سحابة حزن يفع وتتجم رق يوظيفته، واحلق أ�ه مضى يهزل و :أ أحدهم فقال له وجتر .ر الس

. على ما يرام يا خفري بندق لست - : قائال موض فأجاب بغ

.م الد�يا يا معل هي - إىله ال تصل اصني، ولعل ريين واخلب اشني والسك الراجعني قبيل الفجر من احلش إال�ه يعاشر الظالم، وال يعرف من أهل احلارة إ

.�ه سيهزل ويهزل حتى تعجز األعني عن رؤيتهأات الشاكية، وقيل ـ األ�إال صمت الليل يفمسمعيه

بدروم البيت القائم أمام �افذة يتسلل من الذيهناك الصوت . تزحم أذ�يهاليت الوحيدةشاكية مل تكن األصوات ات ال ولكن األ� .السبيل

ل تتسل وجيزة ة مسكنه، وبعد فرتإىلح ويد�دن ثم يهبط عقب عودة النجار من سهرته، يرت� كل ليلة .أمسعه أ�ني احلب وأ�غامه إهنا . ه، و لكنه مل يرها أبدا يعرفه أن البدروم مسكن للنجار وامرأته ست بط نا استطاع أاأل�غام من منافذ النافذة، كل م

حتى عرفها من صوهتا آخر الليل، ومل يكن من أهل احلارة ولكنه عشق الصوت، وهام به هياما . غرفتهايفوهنا ؤتقضى ش

9

جامعة بعد أخرى وخيلق من تر�يماته وهتومياته صورة به ساعة بعد أخرى ويتشر ة يسمعه ليل . أ�فاسهيفد وترد . قلبهيف�بض فحاوره ودعاه وقال له ال د له مرات وحدته، وجتس يف سهرته الطويلة ويستغيث به يفحملاسن �ساء الريف واملدن، يناجيه

ة أ�ه لو أعياه السطول ليلوخطر له . مرتحنا كما يغيظه د�د�ة النجار وهو عائد شيء خالقه وال يغيظه إال يعرف األمل الدفني . الداخل لريى ست بطهإىل ه ل حلم فسقط

: و هو يغين مرة و القبيفوته ص ورن

» احليلهد�يبامسع �غم الليل عشق احلبايب «

:وأعجبه صدى صوته داخل القبو فأعاد الغناء وفاض به احلنني فتساءل

يش بعد الغناء يا بندق؟؟إو - :األثريحلصن من وراء باب ا وجاء صوت

.. العملإالما بعد الغناء - :ي بذراعه على بندقيته وسأل بلهجة مري ع ضاغطا ولكنه تشج .ان القبو ما يقوله أهل احلارة عن سك را فارتعد متذك

كيف دخلت احلصن؟ ...من أ�ت؟ - : باسم فأجاب بصوت

.اإل�سان يا خفري بندق، ولوال الشيطان ما كان أ�ا شيطان -

فرغت من حمفوظاهتا و لكن رأسه أ حاول أن يتلو سورة .حقيقي أ�ه حبضرة شيطان فلم يشك كيا�ه بقوة يفصوت وسرى ال : القليلة، وسأله مستسلما

ماذا تريد؟ - ماذا تريد أ�ت؟؟ - .واجيب أداء إال ما أريد - . أ�ت كذاب -

10

:باب املغلق وقال الصوت من وراء اله فخفق قلب د�د�ة النجار وهو راجع إليهوترامت

... بندقيتكأعطين - قت خمالبها ستار الليل، �ام ثوان �ارية فمز ت طلقة دو أة وفج .نزع من حول منكبة مل يذعن ومل يرفض ولكنه شعر بالبندقية ت

يها ق الدم من ف يتدف حتيط جبثة ة مساوية ورأى مل مركبة يف رأى شفافية الضياء الباكر هتبط ىا صح ومل .ى صح فحلم ثم : سأل وأكثر من صوت األبصار إليه فاجتهت دت عنه حركة ب وتندب أبا العيال وي تصرخ وتبكي وه ت فوق اجلثة امرأة وا�كب

من قتل الرجل يا خفري بندق؟؟ - ق فيهم شرفة السبيل وهو حيد إىلفرتاجع حتى استند

فمن قتل الرجل؟ .. شيء البد أ�ك رأيت كل - : فأجاب بذهول

!...انقتله الشيط - .، وآلخر مرة وكان يرى ست بطة ألول مرة

11

اهلتاف

.العصا واملركوبعرفه كثريون رغم طالء األهبة، رغم العباءة والعمامة و. حارتهإىل رجع أبو عبده ذات صباح ماذا أرجعك؟.يا للغرابة يا أبو عبده - كان يراقبة بامتعاض الذيجه حنو دكان شيخ احلارة ت و ا . حرية يف حوله ت كان يقيم فيه بني أسرته وتلف الذي الركن يفعاش

.سأله عن أهلهاه و وحي

: خبشو�ة وسأله شيخ احلارة

ما معنى هذه العودة؟ - : أفضل ع استقباال مل يكن يتوق الذي هفقال أبو عبد

.جئت لزيارة األهل - : فقال الرجل بغلظة

. من كالم الناس مات من مات ورحل من رحل هربا - :وم بالل مشحون صمت ةفرتثم بعد

.أصلهاوأ�ت أدرى باحلكاية و - : من حتد مل ختل فقال أبو عبده بلهجة

. يعيش بني السادة دا سي ترا�يها أ�ا أعود يا شيخ حارتنا، و سوف - : بضيق احلارةفقال شيخ

. األمن العام إال ين يهم اخرت لنفسك ما حيلو، أما أ�ا فال - . من االمشئزاز أكرب قدر مثريا احلارة يفوسرى اخلرب

12

ومجع ثروة احلي أطراف إىل غادر احلارة الذي لينزل به ذلك الرجل سراي إىل تتحول راحت خربة ممكنة وبأكرب سرعة . الرتابيفغ اسم حارتة لألفواه ومر السبل وأمحلها للعار حتى صار مضغة من أحط ضخمة

: الزاوية شيخ احلارةإمامو سأل

عن احلارة؟ بعيدا ه ملسكن الواسعة مكا�ا ا الد�ييف جيد أمل - :فقال شيخ احلارة

.�ه يؤمن بأن �قوده تستطيع أن تفعل املستحيلإ - .ف أبو عبده مع إعداد السراي ليبدأ ممارسة سيادته وتله

.فاسه مع أ�والكراهيةه كان يشعر باالحتقار كظل .إليه بالنظر أحد ولكن طوال مدة العمل مل يعن

: توجس يفو تساءل ؟ي وأ�ا ال أدر قيم لنفسي سجنا ترى هل أ - : شيخ احلارة قائال هو�صح

. فاشل �ه مشروع إ - : فقال بإصرار

.ه مع اآلخرين بأعمايل اخلريية بل سوف تلمس جناحه وتنو - : فقال أبو عبده، عنه فضحك شيخ احلارة رغما

.اخلريي مشروعي يفوسأستعني بك - : فقال ة فرمقه بريب

.. هبار�ي يذك منه مخسة قروش حني غادرت احلارة فا�صحه بأن كنت مقرتضا . األعمىأ�ت تعرف متبويل - : الزاويةإلماموقال .س و مل يرفض مقصده، مل يتحم احلارةفأدرك شيخ

..ر ر عن منكره فليكف أراد أن يكف إذا -

13

:اإلمامفقال

. دائما سوداء ة ات و هو ذو �ي األعمال بالني إن - :بو عبده و قال ألباإلخفاق باء ةرا شيخ احليغري أن سع

. يرفض املطالبة بدينه القديممتبويل - احلارة يف يسيل له لعاب الفقراء حادثا الدين ملتبويل رد ةم على أن جيعل من واقع صم .لكنه مل ييأس .وا�زعج أبو عبده

. واحدة فيكسب جبهتهم بضربة

وذهب بقدمني ثابتتني يشق . منه بولع أهل حارته باملظاهر إميا�ا وارتدى فاخر الثياب . يوم السوق ا كظيم وا�تظر صابرا .مام مقطفهأ حيث يقرفص عم متبويلإىل الزحام يف هطريق

: جهري قال بصوت

. صديق العهد القديميأحي - فتابعوا ما سيحدث باهتمام أ�اس إليهوا�تبه .كت شفتاه دون أن يصدر عنهما صوت عينيه الضعيفتني وحتر إليه فرفع متبويل

: أذن شيخ احلارةيفومهس إمام الزاوية .ودون أن يفارق الفتور وجوههم

. اليوم على خري أدعو ا أن مير - :ا أبو عبده فقال أم

.ده عنقي وجئتك اآلن ألسد يف لك دين - وساد صمت . مقطفهق ومني ووضعها بني يدي الرجل لضي كل حني إال احلارة يفرى مالية ال ت ق ا رزمة أوره وأخرج من عب

: أذن اإلماميفحتى مهس شيخ احلارة .زت على الرزمة األبصار ، وترك ثقيل

. حارتنا الطيبةيف من الفساد طويل التعسة فقد تكون بدء تاريخ اللحظةاذكر هذه - أزاح النقود مبقطفه حنو ل، ولكن متبويل توس إىللت االبتسامة إغراء، وال ترامى الزمن دون حركة حتويفوابتسم أبو عبده

: مسعه اجلميع صاحبها وصاح بصوت

14

.خذ �قودك يا قذر - : واحد عند ذلك هتف اجلميع بصوت

....و ليحيا اجلدعان .ا أكرب -

15

حديقة الورد

فقد عثر على محزة قنديل .ة الورد حديقيف و حنن جلوس يل حكاه ذكر أن شيخ حارة ومما ي . مضى زمن يفحدث ذلك . اخلالءيف هامدة وهو جثة طويل بعد اختفاء

أما من اجلثة، يسرية على مبعدة مطروحة د، عمامته ب اجللباب والعباءة بالدم املتجم خمض . حادة بآلة ه عنقيف د مطعو�ا ج و ت اجلهات الرمسية الفحص والتحقيق، وا�فجر وتول .جل السرقةرتكب من أ ، مما يقطع بأن اجلرمية مل ت فلم متس هساعته و�قود

. احلارة وذاع بسرعة النار و�شارة اخلشبيفاخلرب

من التوتر والرهبة، ومل ختل وترامى الصوات من بيته وجاوبته اجلارات باملشاركة الواجبة وتبادل الناس النظرات، وساد جو اع اللنب حني مهس بي ي من ذلك عم دكرور شيء مما يشبه الشعور بالذ�ب، وأفصح عن ، وأيضا خفي بعض السرائر من ارتياح

: الزاويةإلمام

!القتل أكرب مما يتوقعه أحد، رغم عناده وثقل دمه - :اإلمامفقال

.يفعل ا ما يشاء - يف عن عالقاته ا ئأهنا ال تعرف شي أرملته قالت . غامض متحفظ وسألت النيابة عن أعدائه، فكشف السؤال عن جو

إىلو�ظر املأمور . �افعة بشهادة أحد بل مل يدل . من أهل حارته بني القتيل وبني أحد بوجود عداوة ومل يشهد أحد .اخلارج : فقال شيخ احلارة متسائال

!كل ما الحظته أ�ه مل يكن له أصدقاء - :ل عن أسباب ذلك قال ئ ا س ومل

.رفة السبب مبع كا�وا يستثقلون دمه ومل أهتم -

16

.إيابه ذهابه أو يف ومل يكن يصحبه أحد . الرتبيعة وعودته منهيف ه عملإىل هت التحريات على أن اخلالء كان طريق ذهاب ودل ، ولكن هكذا جرت ق أحدا يصد حد أ القاطع، ومل يكن بالنفي أجابوا أحد يفون كا�وا يشك إذاا عم التقليديوأما السؤال

..احلارة؟ يف ذا مل يكن حلمزة قنديل صديق ولكن ملا .األمور

:قال شيخ احلارة.ح بأهنا كا�ت تضمر له العداء؟ وهو ما يرج يفلع عليها يط اليتث الناس عن عجائب الد�يا املقهى حيد يف من التعليم، فكان جيلس شيء إىلأ�ه كان ممن سبقوا -

برجال إال ال يراه الناس الئقا مركزا يكون فيه، واحتل جملس ر كل مهكذا صار ق. وجيذب اال�تباهالدهشةالصحف فيثري عن م ذات يوم وبلغ األمر هنايته من التوتر عندما تكل . بالسخط واحلسد مليئة ات، فحنقوا عليه وتابعوه بقلوب أو الفتو احلكومة :له أثناء حديث يفوذلك عندما قال . عن حدود العقل خارجا د ع كالما القرافة

!نا حي يف أمجل موضع يف تقع إهنا، القرافة إىل�ظروا ا - :ا يريد فقال وتساءل الناس عم

!، وجنوهبا حديقة سكنيا ا ا مشاهلا حي ور تصو -وكان بيومى روه حبرمة األموات وواجب الوالء هلم، ، وذك وتعنيفا وغضب الناس غضبا مل يغضبوه من قبل واهنالوا عليه لوما

: حديث القرافة وصرخ قائال إىلره من العودة اهلائجني فحذ زلط على رأس

. يوم يبعثونإىل قبور�ا يف بيوتنا سنني معدودة و�لبث يفحنن �عيش - :وتساءل قنديل

. من حقهم أيضا أليسوالناس - : ولكن زلط قاطعه هائجا

.حرمة األموات من حرمة الدين - ذلك يفومل تكد املعركة هتدأ بعض الشيء حتى محل شيخ احلارة .لدين عن ا ة واحد بذلك أفتى زلط الذي مل يعرف كلمة

. عمق اخلالءيف الناس إلقامة مقابر جديدة داعيا ة معين الوقت قرارا من احملافظة ينذر بإزالة القرافة بعد مهلة

17

قنديل أهون من أن إن :ية قالتواألكثر_ إثمو بعض الظن _ ة عالقة بني كالم قنديل والقرار، و لكن البعض ظن مل يكن مث سروره وهو من �احيته مل خيف .له اجلميع تبعة ما حدث على أي حال، ورغم ذلك مح احلكومة، و لكنة شؤم يفر يؤث

غ احلكام عوا أمام شيخ احلارة بني صياح الرجال وعويل النسوة وطالبوه بأن يبل فضاعف من غيظ الناس وحنقهم، وجتم .بالقرار على كرامة عنهم غرية وقال هلم شيخ احلارة أ�ه ال يقل . وضد الدين ضد كرامة األموات وحرام ر احلكومة باطل بأن قرا أن هذا يعينإن : إصرار يف مكان مع احملافظة الكاملة على احلرمة والكرامة، فقالوا إىل نتقلون من مكان ولكنهم سي .األموات

وا�صرف .بوا للتنفيذ وىل هبم أن يتأه وأن األ هنائيرحهم الرجل بأن قرار احلكومة وصا . ستحيق باحلارة ومن فيهاةاللعن : كالنهيق عنهم وزلط يقول بصوت

!! مثل ذلك منذ عهد الكفار شيء ما مسعنا عن - ذات ليلة خمرتقا زلط من سهرة يرجع بيومو . واحدا واختلط السخط على احلكومة بالسخط على قنديل فصار سخطا

.ه من دماغه دماغيفر زلط وطار ما ، فتسم بكفن متلفعا ي عظم وعند السبيل الصغري برز له هيكل . املقابرطريق

:قال اهليكل

. أمثن ما ميلك وهو القربيفالويل ملن ينسى موتاه أو يتهاون - خوفا ه أحد بشر ومل يبح . أ�ه قاتل قنديل على أحد واحلق أ�ه مل خيف . هبمسات املوتئ احلارة وقد امتلإىلورجع زلط

دت ي املدفون فيها أجداده، وق القرافة ضد �قل مأمور القسم، ولكنه كان أيضا إىل تلك احلقيقة ترامت أن :وقيل. واحنيازا . ح دم قنديل هدرا ا و ر القضية ضد جمهول

.نا العتيق قرافة حي ت يوم كا�ت ذااليت حديقة الورد يف آسفة وحنن جلوس ه معي بنغمة ثختم شيخ احلارة حدي

18

ذاكرة اجلريان . بني أسرتي برغوث وعمريةالنيب إال من األعوام البعيدة املاضية قامت خناقة ماهلا ليلة وقفة رمضان لعام يف

تت النساء وزاطت الصبية، ووقف إمام الزاوية غلقت الدكاكني وصو تلك الظروف اضطراب استقرار احلارة فأ يفوكاملألوف :هو يصيح بأعلى صوتهو

.ستقبل الشهر الفضيل ما هكذا ي ...دوا ا وح - والناصح يحممود الربغوت :ان مها صاب منهما رجالن مهم ن أهل اخلري من التخليص بني األسرتني قبل أن ي ولكن مل يتمك

أنن الوجوم واألسى وقال الناس م جو يف يومني متعاقبني، و هل رمضان يفوساءت حالتهما وتدهورت ففارقا احلياة .عمرية جمرى جديد مل يعد يف بعد أن ا�دفع تيارها لتلك العداوة املتوارثة، خاصة �ه جيب وضع حد أرضى ا وال خلقه، و هذا ال ي

ل وأن يبذل ما ميلك من قوة أن يتدخ �ه على صاحب �فوذ أل أول ضحيتني له من املوتى وقالوا يقنع باجلرحى ولكنه سج ر شيخ احلارة أن قر األهايل على بالغة إمام الزاوية وضغوط وبناء .إلقرار الصلح بني املتخاصمني منذ الزمن السحيق

يا م هلما القهوة و طلب منهما أن يقرءا الفاحتة ويصل برغوث وخليل عمرية، وقد يعل : دكا�ه كبريي األسرتنيإىلدعا .يتحرك .النيبعلى

.سنالنطرد الشيطان عن جمل - :ب عينيه بني الرجلني ثم قال وقل

، وضحاياه من اجلرحى ال حيصون على املدى الطويل، ولكن باألمس القريب مات رجالن وال كل ما بينكما قديم - العقل والدين إىل، فلنحتكم تنتهي املوت واملسألة مل تعد حمتملة واجلميع يريدون هلا أن إىلالرجال، واملوت يدفع

. جديدة القديم و �بدأ حياة احلساب ي لنصف :، فقال الشيخ و ضيقا منهما وراء صمته وعكست األعني صالبة فتوارى كل

19

للشر من و البد .ال داء بال عالج .ر عنها ف فعت أو كا�ت خطيئة ك ة د لزمت دي إنلنطرح أسباب اخلصام أمامنا، و - .هناية

سرتيهما صارتا تسلية املاجنني من أهل حارتنا، يضربون هبما املثل فيقولون راح يصارحهما بأن أ وعنادا ا أ�س منها رفضا ومل يتقابل الكهالن الوقوران منكم فيتبادالن الشتائم، ترتاءى املرأتان فيدور الردح .لربغوث وعمرية كما يقال عن القط والفأر، أكان حارتنا يعرف خلصومتكما سببا يف مل أعثر على شخص أ�ينومن عجب .والتشليق، أما لقاء الشباب فالعنف والدم

؟ أو جرمية خاسرة أو صفقة أو طالقا زواجا

.و بقيت العداوة وحدها. خمزن التاريخيفب هالظاهر أن السبب ذ

.ر عنها ف فعت، أو كا�ت خطيئة ك ة د ن لزمت دي إ، فلنطرح السبب بيننا، و أ�كما تعرفان السر ولكنكما كبريا األسرتني و البد

: بينهما وبينه فهدهد غيظه وتساءل جدار الصمت قائما ظل

ماذا تريد لرتضى؟ . يا معلم خليلأ�تو ماذا تريد لرتضى، .ييا معلم عل - :ه خطابه هلما ثم وج ..» يا صرب أيوب «:وبإزاء الصمت املستمر هتف

. عن سبب اخلصاميلاكشفا - : قال برجاء يسرية ثم بعد فرتة

. أن تتكلمافتكما باحلسني حل - : �ربته احلازمة وقال أعينهما فاسرتد يف الوقت �فسه قلقت �ظرة حرية يف، و لكنهما مل ينبسا بكلمة

.د�ا أن �عاجلها بأ�فسنا تعو اليتون ؤ الشيفال دعوت الشرطة والنيابة للتدخل إ من الكالم، و البد - : االجتماع وهو يتمتم وجهيهما فض يف اإلعياءا قرأ ومل

.ا عودةلن -، بل وضح له وتقص فسأل الكثريون من أفراد األسرتني عن سبب اخلصام ولكنه مل يظفر جبواب ت بشيخ احلارة فرتة حبث ومر

وركبه التصميم فقرر . ولكنهم ال يعرفون علة هلا يذكرون العداوة جيدا فإهنم، وكما قال إلمام الزاوية أهنم جيهلون السبب متاما

20

: هذه املرة و قال هلما بثقة . برغوث وخليل عمريةيعل : األسرتنيكبريي دكا�ه إىلا�ة ثم دعا أن يزور الدفرت خ

.. االستعداد لكشفه لكما على أمت �يإفن كنتما جتهال�ه كاآلخرين إال أحد يعرف السبب سواكما، و - :ة حبد يفسأله املعلم عل

من أين لك تلك املعرفة؟ - :فأجاب هبدوء الواثق

بني برغوث فاضح ووقع �زاع . دفرت أحدمهايف دفاتر شيوخ احلارة املعاصرين لألجداد وقرأت يف شت عن ذلك فت - .وعمرية

:عند ذاك صرخ املعلم خليل

.كفى - : فسكت شيخ احلارة قليال ثم قال

يوجب رت القيم فأصبح سبب النزاع مما الزمن القديم ولكن جرى الزمن وتغي يف هبذه الدرجة مل يكن األمر فاضحا - .السرت، فأمجع املتخاصمون على إغفاله حتى �سى و بقيت اخلصومة وحدها تتوارثها األجيال

: ف من وقع حديثه وقال برقة وجهيهما ليخف يفوابتسم

. حياة اجلريانإىل عن األذى والعودة الوحيد هو الكف هديف إن . معذرة -

21

صدى النسيان

ديد، و السعة اليت وقع فيها تغريه و ا�قالبة احلامسان، غادر عنرب بيته عند األصيل كا�وا حيلفون باليوم الذي شهد مولده اجل أما كشك احلنفي العمومية توقف وفيما هو مير . عباءته السوداء مرسال من خطاه الثقيلة �ذر الرهبة واخلوفيف وصار مزهوا

ت عقد من عينيه فحل حمله احنل . جديد بوجه لناساأحنى رأسه دقيقتني ثم رفعها فطالع .ه اعرتضه أو صد كأن جمهوال احلارة حتركا عشوائيا يفك وحتر . ا شيئي أو ال يدر شيء كأ�ه يبحث عن واألشياء الناس يفب �اظريه ح يقل اور . حائر وء هد . معهما من قبل ر مل ي وذهول وء هديف

ولكن ما هو؟ وال شك خطري شيء حدث .ر يتأث أهازيج امللق فالإليهو�ه فال يرد، ويلقون وكان الناس حيي

وتساءل شيخ . الزاوية وشيخ احلارةمإماع، وجاء فيمن جاء من القلق والتوق حال عنه وهم على أشد ع الناس بعيدا وجتم .احلارة

؟ حارتنايفماذا جيرى - :اإلمامفأجاب

. حكمة أمر ا ولكل أمر - :حد أعوان عنربأفقال

.�فسهي الناس و�سي �س أحدا مس إن النسيان، �ه عفريتإ -حتى صار هدوؤه . ذاهال وهو يهيم هادئا وراقبوه حبذر . األبدإىل النسيان يفوأن يذوب عنرب .صدقيمتنى الناس أن

. أحناء احلي كلما حال له ذلكيفل عنرب وجتو .واطمأن من كان يتوقع أذى . واخنفضت حرارة اخلوف عامة . مألوفا

ن شخصا أه عفريت النسيان، و أن عنرب مس كل مكان يفوذاع .رجعه أحد أعوا�ه وهو ال يعرفه سبيله في ما ضل وكثريا احلارة بعض الذين إىلوعاد . مللك الوهاب ة من د واعترب ذلك من عجائب النوادر كما ع . فيه مكان اآلخر حل طيبا جديدا

22

حارهتا، فرجع إىل خلقه رجعت وءس هربت من شغبه واليت» املظية«ته، وحتى قو و عهد بطشه يفطردهم سخطه منها ورأى عنرب خصومه السابقني فلم يعرف إليها طال حنني الناس اليت األ�غام العذبة دت من جديد معها السرور والطرب وترد

ر هلم الزمان، وجعل شيخ عوا�ه الذين تنك أإال ارتاحت احلارة مجيعا .حترك ساكنة و مل توقظ وعيه أة منهم وحتى املظي أحدا : رهم قائال احلارة حيذ

. احنراف ر ولن أمسح بأي الزمان تغي - أو يقع ما ليس كما فقده فجاءة وعيه فجاءة إىلقت آماهلم بأن يعود صاحبهم أهل احلارة فتعل وا يتحد وكا�وا أضعف من أن

. احلسبانيف

: لشيخ احلارة الزاويةإماموعقب صالة الفجر قال

.د عنرب على الزاوية ألول مرة يرتد - : فتساءل شيخ احلارة بدهشة

للهداية؟ ئ مفاج أهو ميل - !!ه لعل -

: فقال الشيخ مشجعا

. وعيه يوما اسرتد إذا للشر امأل قلبه بالدين كيال جيد فرغا -، وأقلق ذلك الناس لعفاريت ليشفوه من املس داءه تسعى لدى أهل العلم بالنجوم والسحر وااكتشفت اليترف أن املرأة وع

يقول اإلماموعاد . أخرى مل ترجع، وبدا أهنم يرفضون العودة للهوان مرة إذا وأ�ذروها بالشر ، عن سعيها وطالبوها بأن تكف :لشيخ احلارة

. اهلدايةيفأتباع الرجل السابقون يتبعو�ه - : فقال الشيخ راضيا

! حقا طيبة أخبار -

23

. مثل هذا منذ السلف الصاحل يء مع عن شس مل ي بأهنم على متام االستعداد للدفاع عن أ�فسهم ضد ب، وأعلن أ�اس ب باألخبار من رح ر شيخ احلارة الناس بذلك فرح وبش . ط تسل أي

وآمن كثريون تى بنظرة ح أو قول بفعل أحدا مل يؤذ . من عباد ا الطيبني وذهب وجاء كرجل ، مجلتهيفومل يتغري مظهر عنرب حتى غري قصرية ة يتشاورون، ثم توارى عن أعني الناس هو وأعوا�ه فرت على حذر أ�اس وظل . أصله أبدا إىلبأ�ه لن يعود

.تضاربت األقوال وثارت اخلواطر

:ح يصي برجل وإذا حنو الزاوية وء هديفن لصالة الظهر فمضى الناس يؤذ اإلمام يوم السوق وقف ويف

�ظرواا -مهم عنرب وتبعوه كالزمان األول تقد . وتفصيال مجلة ر املنظر فرأوا عنرب ورجاله قادمني، تغي .شري حيث ي إىلجهت األبصار فات قد البارزة والعضالت والع الصارمة الصورة القدمية بالنظرة إىل وجه عنرب وارتد . اجلالبيب والعمائم قابضني على �بابيتهميف

والسيطرة؟اإلتاوات أيام الطغيان وإىلهل رجعنا .املشدودة

وته وصاح بصوت وعند الزاوية وقفوا وضرب عنرب األرض بنب . وقع أقدامهم الثقيلةإالسمع وساد الصمت حتى مل يعد ي !!! »ا أكرب« يزلزل القلوب هتاف يفد الرجال وراءه فرد »ا أكرب«كالرعد

24

على لوز

وكمائن للغدر تسيل وقناديل، ورياحني ومزامري وطبل ورقص، زفة . من الزجيات الباهرة متعاقبة ل فرتات شباب البنت سفرجر ذلك مخس مرات استنفدت شباب تكر . بالعربدة، والتأوهات مفعمة عندها الدماء وترتطم النبابيت، ثم ليلة زفاف

حياة _ على طريقته كل _أوا هلا من عمالقة احلارة، هي طالئع الشيب والكرب، مخسة فتوات إىلسفرجل كله، احندرت هبا السجن، يف من الشرطة أو آخر أو محلة ، أمام فتوة يسقط الرجل قتيال . موعدهيف كل . وا�تهوا مجيعا .وسلطنة وجاه عز .هل التقوى والكرم لنجدهتا أحد أ وعلى احلديدة، تبحث عن مأوى حتى يهب نهب بيته وجتد سفرجل �فسها شبه عارية وي

أعاهد ا أمام ضرحيك «: ووقفت أمام ضرحيه، وباحت مبكنون قلبها املكلوماإلماموعقب دفن الزوج اخلمسة زارت جامع » بعد اليوم أبدا أال أتزوج من فتوة

إىل وحده هو ما دفعها ومل يكن الضيق باحلياة املضطربة .» والعنطزة والدم املسفوك ةأعوذ با من الفتو� «:ومهست لنفسها هلا من مجاهلا من مفرقها وذؤاباهتا، فلم يبق د، ولكنها كا�ت قد فقدت الشباب والنضارة، وأخذ الشيب يطل ذلك التعه

فعزمت . باملزيد من الشيخوخة والفقرإالها الغد حتت قناع الكدر واهلموم، ومل يعد يعد استحياء يف توارت مسحة إالالقديم وكان من ضمن ما أتقنته صنع حلوى . أوصدقة إحسان أي رافضة معا واستسالم بإصرار على مواجهة احلياة ادقة ص عزمة

م ة يومها عند طرف سل ثم جتلس بقي جولة يف احلي يف تسرح هبا كبرية منها كل يوم صينية إعدادفعملت على .. »على لوز«هكذا رضيت . هلا قديم مسكنا بدروم يف حلارة الضرير، واختارت حجرة السبيل حيث جيلس عند الطرف اآلخر شحاذ ا

. االستقرار والطمأ�ينةيف البساطة والقناعة أمال يف غاية حبياة

قت كلمته األخرية بعد، وتبادلت معها احلديث يوما فشر سفرجل مل يقل ت أم شاور اخلاطبة تؤمن بأن حظ وخبالف اجلميع ظل : هبا تسأهلااإذبت، ثم وغر

!ي بيحب العتاق أخرى معروف من حارة ة فتو عندي -

25

: ة فهتفت سفرجل حبد

- أعوذ با. :جعت لتقول هلارو . دون أن تقطع األمل وغابت عنها مدة

. مناسب شيء هذه املرة ي لن أتركك، لد - : لديها فقالتا حتى أفصحت هذه عم حبذر ر تلحظ أم شاوي، وه»على لوز« على يفراحت سفرجل تناد

!ال احلمول شي - : فقالت سفرجل بعتاب

!ات وسريهتم من الفتو اقلت لك أعوذ ب - .ال احلمول أبعد ما يكون عن الفتو�ة شي -

ظهره من ي حيم ات درعا ل الضرب فاستعمله بعض الفتو وكا�ت شهرة شيال احلمول قد ذاعت لطاقته اخلارقة على حتم : ذلك دة ور مؤك وقالت أم شا .الضربات الغادرة

الطلب وقلب عصفور، فهو عز هو كما وصفوه جسم فيل وال قدرة له على القتال، أ - : فقالت سفرجل حبزم

وبينه بيين ا ات واملعارك أقول حد من أجل عالقته بالفتو - : قائال إليها يتسلل بصوت إذا من اال�فعال، و امة دو يف اها إي تاركة وذهبت أم شاور يائسة

.. له وغين عن الشر ابعدي.أحسنت - : وهتفت اذ الضرير بدهشة فنظرت حنو الشح

!تسرتق السمع - : قائال هلا يده بقطعة �قود واقرتب منها الرجل، ومد

.سم من على لوز ما ق يهات -

26

جل روهو .معامل حياهتا من ثابتا ما وكان الضرير معل . معنىذي يدور بينهما ولكنه كان أول حوار مل يكن ذلك بأول حوار من احملسنني، ورمقته وهو ميضغ احللوى بامسا با يلفت النظر بعماه وصربه وقوة جسده، ومبا ينشده من مقاطع ملدائح �بوية تقر

ارتياح يف : و متتم

مجيلة حلوة من يد - : فقالت سفرجل ساخرة

.شهادة زور - .بأذ�ي أرى �ينإبل -

: ظاهرة فسألته دون مناسبة

؟؟ ي قو رجل أ�تملاذا تشحذ وو - : فقال حمتجا

. املدائح النبوية واإلهليةبإ�شاد يسرتزق مطرب إالما أ�ا ..أعوذ با ..!أشحذ - :وتنحنح ثم أ�شد بصوته اجلهري

بعد كأس شربنا احلب كأسا - فما �فد الشراب وما رويت

. بعيد منذ عهد صافية فضحكت من قلبها أول ضحكة

أ�ه يكنز النقود يف ، ومل تشك مضاعفة تالحظ أن دخله يفوق دخلها أضعافا أن التالية فأدهشها األيام يفاقبته واهتمت مبر .ات والكالم وأصبحا يتبادالن التحي . كبرية ته كرشا حول بطنه فيما ظن

.. وحرارة االتصال مودة يف ليبث »على لوز«ويتعلل بشراء

: وقالت بإغراء حتى تشجعت يوما

.هذا أفضل .ر عملك غي -

27

: كالعادة فقالت ولكنه دافع عن عمله حبماس

. للحلوى أفضل فتح دكان - : ثم تساءل مبكر ر قليال فتفك

؟ شريك إىلأال حيتاج ذلك - : فقالت ضاحكة

.، فاعزم وتوكل على ا جاهز شريك ي لد -

28

مدد ، وعاش رت له رزقا موفورا ن العطارة الصغرية عن أبيه، فيس جرت على كل لسان، ورث دكااليت رف عبدين يوما حبكايته ع

ز بني شباب احلارة برشاقة القوام ووداعة القسمات، ودماثة اخللق بيتهم القائم أمام الزاوية ومتي يف أخوتهمع أمه بعد زواج افني وولعه بزيارة وقلبه فهو إميا�ه بالعر ، أما أول ما اشتهر به من الطبائع وألصقها بعقله األصدقاءسن العالقات مع املعارف و وح

كان لعبدين جريان، صاروا لطول اجلرية حتى يستخرب أهل الذكر، ويستعطف القدر، أضرحة األولياء، ومل يكن خيطو خطوة يفدعى مشائل ولدت بعد عبدين بعامني، فعرفها منذ كا�ا يلعبان ت وحسن السرية وكأهنم من صميم األهل، وكا�ت هلم بنت

سن التكوين، ومجال األدب، وأتقنت منذ فرتة الوجه وح بإشراقرفت مشائل رمضان، وع يفة الفوا�يس احلارة أو جتمعهما زف وكماليات، وحتى اخلط كا�ت تفكه، فتكتب امسها كما كا�ت تكتب بسم ة البيت من ضرورات ون البيت، وما يلزم رب ؤش

.ا الرمحن الرحيم

عن ذلك فقد عروس عبدين، وأن عبدين هو عريس مشائل، وفضال هي احلارة أن مشائل يفعليه واملعروف فق وكان من املت .دت البسمات ملعجزة اليوم املوعود ربط احلب بينهما، ومه

:ك طبع الفتى الدفني، وقال ا اقرتب الوقت املناسب حتر ومل .حياتي مصري يفوال أقصده أو تافهة عادية سؤال الشيخ لدى كل حركة كيف ال يفوتين -

عرقه، ثم حبجرته بأم الغالم، وطرح سؤاله واآلخر يقبض على يده ويشم ي شيخه العارف با الشنوا�إىلوأخذ بعضه وذهب :قال له الشيخ

حتمل لك سعادتك اليت هي خترج منها، م أمرك ألول بنت حارتك وا�تظر عند مدخلها، وسل إىلاذهب اآلن - . اآلخرةيف إال هذه الد�يا، ولن حتظى خبري يفاملقسومة لك

يف سرياها، ولكن أين تذهب مشائل اليت من البنت من التوقع والتوتر، وكان على شبه يقني غاية يف حارته و هو إىلورجع

29

حسن على باب حارتنا « يسوق الطوق ويغنى ساعة الغروب؟ وكان سرحان األعمى أول من خرج من احلارة، وتاله غالم »عال اجلوافة«: ي يناد بصوت إذا، و» يا رب العاملنيأمري إليكمت سل «:ه سر يف قلق عبدين فقال ، واشتد »القهوجى

: ملا رأته وقالت مداعبة هيل عينيه عنها، وضحكت هل، مل حيو من اجلوافة تدفعها حليمة، ذ فوقها هرم وظهرت عربة يد

»يا رب لطفك و رمحتك «:امليدان، سار وهو يقول لنفسه، ومضت حنو » مثل غفري الدرك واقف «

هي حارتنا جيهل حليمة، ويف حليمة بنت أم حليمة بياعة املخلل و ابنة املرحوم أمحد املكارى؟ ال أحد الشيخ حقا أيعينوكا�ت مقبولة الوجه .، رغم رشاقة عودها وثرائه» بني الرجال رجل «: ها مفاخرة تتعامل مع اجلميع، ولكنه كما تقول أم أيضا

بني مشائل وحليمة، جييء �فسه يتفرغ للحرية، ويذهب مع خياله و إىل رغم قوة �ظرهتا النافذة، وخال عبدين أيضا وجذابة : فقال لهالذهيب صديقه إىله وشكا سر

أما عارف واجلريان، عرفت مشائل من خالل اجلرية واملعاملة وشهادة املوأ�ت ! للمقار�ة بني مشائل وحليمة وجه أي - . ال من السماء كالم األولياء فليس منز

. مناقشةأي كان فوق الويل عبدين بقول إميانولكن وصراع، و�زاع كثرية، وحصل كالم أعني يف، فأثارت الدهشة والضحك كما عثت الدموع رويدا وا�تشرت رائحة اخلرب رويدا

إىل ساعة العصرية، وقبل أن تتحرك حليمة بالعربة ذهب عبدين يف يتزعزع، و ال إميان بقوة ولكن عبدين صمد لكل معارضة الغرزة يف يقول الليايل إحدى يف حقيقة، ومسع محودة إىلل وطلب يدها من أمها، وأخذ اخليال يتحو الزاويحجرهتا، بربع

.» صورة دكان العطارة ولكن أعمتهاسواي انو�ة اجلشعة ما أحبت أحدا « : من مجيع املساطيل على مسمع

صورة يفت ت شعرها املسكون، فتبد احلمام لتزيل عن جسدها املمشوق عرق األعوام وغبار احلارة وفل إىلوذهبت العروس سبيلها بقلبه وبكل يفى ضح اليته أن يهبه السعادة أما السريجة، ودعا رب شقة يف الفتى العطار فأقام معها إىلت ف وز المعة .اعتبار

هتا ه األول ويدفن هواجسه وفقدت احلكاية جد على أصداء حب ي هواه اجلديد ليغطيف صافية، وا�غمس عبدين وكا�ت أياما من أسرار السعادة، ومنذ بدأ حتى ال يفوته سر ودهشتها فلم يعد يتندر هبا أحد، وكان ميارس احلياة ويالحظها با�تباه

30

واحلق أ�ه توقع أكثر مما كان ولكنه أقنع �فسه بأن السعادة .النافذة يضعف أمام �ظرهتا املعاشرة شعر بقوهتا وصالبتها وبأ�ه عميقة ذات سراديب فلينتظر، أما حياة إهنا جيود بذاته منذ اللحظة األوىل، سهال إحساسا بسيطة أو املوعودة ليست هبة

ر عبدين أمام دها على سجنها، وحتي ضجرها، وال متر يفخ البيت، ومل تعد ت يفحليمة فلم تنتظر، سرعان ما ضاقت حبياهتا : وجرأة ولكنها قالت له بصراحة . د�يا النساءيف غري مألوفة ظاهرة

.لقت لذلك أعمل فقد خ دعين - :وذهل عبدين، وأخرسه الذهول فاستطردت

ا؟ ال يهمك كالم الناس، متى سكتوا عن - منها، أمل يقل الشيخ ال مفر لسعادة ه احلوادث، باعتبارها مقدمات كن هتم ويرتاجع، ومل تل وتصمد وكان ينفع وكا�ت تصر

كلمته؟يالشنوا�

دكا�ه ورجع االتصال بينها وبني زبائنها القدامى، ورجع محودة أيضا بني الغمز يف تشارك زوجها هيوشهدت احلارة حليمة و :الذهيبر اللغط والضوضاء حتى سأله صديقه واللمز، وكث

جبك هذه السعادة؟أتع - : فقال له ولكن عبدين بدا صامدا مؤمنا

.الصرب طيب والنصر قريب - يعتذر رسوال إليه الدكان واختفت، وبعثت يفها من النقود املودعة ، استولت على ما اعتربته حق ة أولكن حليمة اختفت فج

تعا�قا حبرارة، مقبال الذهيب وملا رأى صديقه على عبدين، وقوض الزلزال صربه فبكى، شيء كل ويطلب الطالق، كب إليه :هوقال لصديق الكثري من روحه الضائعة، أثناء العناق اسرتد ويف

. احلاليفسأطلقها - : ثم قال صمت ة فرتيف طويال إليه صديقه فرحه، و�ظر عبدين فلم خيف

! ولكنها ستعود تائبة ب حظها بعيدا ستجر إهنا -

31

:لذاهلد ثم قال لصديقه ا وتنه

.. ال تكذبيكلمة الشيخ الشنوا� -

32

معركة احلصن القديم

ذهب يوم الكشف جبلبابه، وها هو يعود بالبدلة « ومهست امرأة غري قصرية بعد فرتة غياب إجازة أول يف احلارة إىلعاد ف ولكن أجل حن .طويل وال طربوشه ال على أحد وحذاؤه األسود الضخم مل خيف .»ي البدلة الكاكيف ه، ما أمجليالكاك

: سبق جتنيده وقال عجوز . من مشس الصحراء غميقة اكتست بشرته بسمرة .ب وصل عوده اشتد

. كسائر اجلنود املساكنية سخر أمامه مخس سنوات - : ضراعة يف شيخ احلارة وقالت له إىله هرعت أم . للتجنيد كان من أيام احلارة احلزينةعي د يوم

. عرضكيفحنن - :هلا الرجلفقال

. معها الشفاعةجدي ت قوا�ني احلكومة ال - تعفيه من القبول يوم الكشف، ولكن الشاب رفض الفكرة عاهة له باملهارة فيضمن له مشهود رجل إىلوأوصاها أن تذهب به

:وقال ألمه . تلتصق به طوال احلياة عن عاهة ل خدمة اجليش مخس سنوات �ه يفض أ -

.غاريد بال ز بل جنديا هكذا ق

الشوام، وتكأكأت النسوة فيما بني احلمام حي يلي من الطريق فيما اعا ل الرجال قط احت .ويوم احململ احتفلت به احلارة كلها .باألفراحوخفتت القلوب .واجلامع

و باعت ول بشيء عليه وعزمت أمه على أال تضن . من احلرية والراحة بشيء ليستمتع اإلجازة يف حارته إىلوعاد الشاب .ه وهو خيلع مالبسه وقال ألم . معصمهايف آخر أسورة

.حياة القشالق فوق طاقة البشر -

33

: بدورها فدعت له بالقوة والصرب ثم قالت متشكية

احلارة أصبحت مثل حياة القشالق وأسوأ، أمل تسمع مبا حصل؟يفوحياتنا - : ه قائلة اصلت أم متناثرة، ولكنه مل يدرك أبعاد احلكاية، فو بلى قد مسع كلمات

الناس الكفاية؟يف العفاريت، أمل يكن إالمل يكن ينقصنا - يوجد بابه املغلق حتت القبو الذين ص احل قلوب ساكينيف ك الشر حر رهيب قدر . ة مبحن الواقع أدرك الشاب أن احلارة متر حكايات الضحايا إىل اجلندياستمع . اهلولون من فسقط منهم جرحى وهم يفر وه رعبا ؤ على كل من ا�فردوا به ليال ، ومل

. شديد وعاين اجلراح والكسور ثم قال بامتعاض

. ة مؤمن أن تعبث العفاريت حبارة ما يصح - : ده مجيع السامعني وقال صوت فأي

. بطلإىل حاجة يفحنن - : احلماس الشاب وقال فهز

!!أ�ا هلا - : ح متحديا ا أمه فأسكره احلماس وص باستثناء س كل شخص ، وحتم وهتاف فثارت ضجة

!!أ�ا هلا - من التهاويل واألخيلة هالة يف، وهبط املساء ذلك اليوم يقت به اآلمال، وا�زوت أمه تبك وا�تظروا املغيب وقد تعل

ضوضاء زمحة اخللق فعلت اليف ه طريق م من القبو يشق وتقد . متقاعد بعصا أهداها إليه فتوة ممسكا اجلنديووقف .اخلارقة : صاحوا واحد ي قو صوت يفو .ت على حتذيرات أمه الباكية حتى غط

. الرجيم، بسم ا الرمحن الرحيمأعوذ با من الشيطان - الصدور ومال شيخ احلارة يف ودفنوا اهلمسات راجفة وأ�صتوا بقلوب . من باب احلصن القديماجلندي مرق ظاهر ثبات يفو

: و سألهاألمامحنو

34

املعركة؟نتهيتكيف - :اإلمامفأجاب

. النصر من يشاءيا يؤت - جوف القبو أصوات يف كالرعد، وا�تشرت ، تبعه صوت عنيفة ارتعدت هلا القلوب ثم كان ا�فجار و�دت من الداخل حركات

: مع األ�فاس املضطربة حار وزجمرة ودار مهس ق ومتز وكسر دق .دم الشاب على املعركةق حكمة ربنا ما ألوال .ن �رحل عن احلارةللينا كامل، لو اهنزم احلق ع الدقيقة بعام -

ئ فوا�يس الطواربإشعالوأمر شيخ احلارة . أخرى فاقتحم صريره سكون الليل تح باب احلصن مرة وف ة أوساد الصمت فج : الباب فهتف الناس جبنون يف اجلنديفاشتعلت وتراءت على أضوائها الوجوه الشاحبة والح

- اا . هل ذ ، من األشباح يتبعه بنفس املشية يسريون أربعة أربعة بطابور إذا عسكرية فأوسعوا له و مشية يفوتقدم حنو احلارة يسري

ك فوقوا وهم يتحركون حمل اجلنديوتوقف .الناس وهم يرون الطابور وهو يشغل سطح احلارة من القبو حتى خمرج امليدان . لصق اجلدرانإال تى مل جيد الناس مكا�ا ظلوا يتحركون هكذا ح .ر س

: شيخ احلارة وسأل رجل . وقشعريرة خوف ودهشة حمل ذلك تساؤل وأالف الناس الفرحة وأفاقوا من سكرهتا، وحل

؟! ...أال ترى أمامك يا أعمى - !!دام الثقيل وقع األقإال الليل يفسمع ومل يعد ي . حتذيراهتا حتى رميت باجلنونإطالقت األم على وأصر