بنعريب الدين حميي

تأليفالباقيرسور عبد طه

عربي بن الدين محيي

رسور الباقي عبد طه

١٣٤٩١ / ٢٠١٤ إيداع رقم٩٧٨ ٩٧٧ ٧١٩ ٩٦٤ ٣ تدمك:

والثقافة للتعليم هنداوي مؤسسةوالثقافة للتعليم هنداوي مؤسسة للنارش محفوظة الحقوق جميع

٢٦ / ٨ / ٢٠١٢ بتاريخ ٨٨٦٢ برقم املشهرة

وأفكاره املؤلف آراء عن مسئولة غري والثقافة للتعليم هنداوي مؤسسة إنمؤلفه آراء عن الكتاب يعرب وإنما

القاهرة ،١١٤٧١ نرص مدينة السفارات، حي الفتح، عمارات ٥٤العربية مرص جمهورية

+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ فاكس: + ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ تليفون:hindawi@hindawi.org اإللكرتوني: الربيد

http://www.hindawi.org اإللكرتوني: املوقع

سعيد. وفاء الغالف: تصميم

هنداوي ملؤسسة محفوظة الغالف وتصميم بصورة الخاصة الحقوق جميعللملكية خاضعة العمل بهذا الصلة ذات األخرى الحقوق جميع والثقافة. للتعليم

العامة.

Cover Artwork and Design Copyright © 2015 HindawiFoundation for Education and Culture.All other rights related to this work are in the public domain.

املحتويات

7 الثانية الطبعة يدي بني9 ونجم … أفق15 ونشأته مولده19 الدين ومحيي رشد ابن بني23 واللدني النظري العلم25 الطريق يف الشيخ مكانة27 الطريق يف وشيوخه الخرض31 واألحوال املقامات43 املغرب وملك الدين محيي49 املقدسة األرض إىل53 الدين محيي حياة يف املرأة57 اإلسالمي السائح59 بامللوك صالته63 األخري املعراج65 الصويف النهج71 اللدني العلم من الدين محيي مكانة75 ومراتبها العلوم أقسام81 األعظم الطريق83 اإلسالمية والفرق الدين محيي95 والفلسفة التصوف بني

عربي بن الدين محيي

101 التصوف مملكة105 الحي الكون109 املتصوفة أقسام117 الروح أرسار123 اإللهي والحب الدين محيي131 الوجود ووحدة الدين محيي143 الدين محيي كالم يف املتشابهات147 الوجود ووحدة املسترشقون155 الوجود ووحدة تيمية ابن159 الدين محيي عند املريد آداب165 األخالق ورسالة الدين محيي169 الكامل اإلنسان173 اإللهية الدين محيي عقيدة177 األوروبية النهضة يف الدين محيي أثر181 األكربية املدرسة185 األكرب الشيخ191 األرسار رجل195 الكتاب مصادر بعض

6

الثانية الطبعة بنييدي

سلطانك! وعظيم وجهك لجالل ينبغي كما الحمد لك اللهم …نفسك! عىل أثنيت كما أنت عليك، ثناء أحيص أن أستطيع ال اللهم …

له ت يرس إذ خاشعا؛ متبتال القلم هذا يسجد ولك خالدا، رسمديا الحمد لك اللهم …العالم والعابد العاملي، العبقري عن الضاد، بلغة كتاب أول إصدار رشف ينال أن وحده

عربي. بن الدين محيي اإلمام األكرب، التصوف شيخ املثايل،نسخه فنفدت كريما، حسنا قبوال كتابنا من األوىل الطبعة اإلسالمي العالم تقبل ولقدإلحاح يف تطالبنا الغالية الكريمة الرسائل اإلسالمية األقطار سائر من علينا وتوالت رساعا،

طبعه. بإعادة حبيبدراسات إليها أضفنا وقد الثانية، الطبعة لقرائنا نقدم هللا— من بتوفيق — نحن وهاواآلداب األخالقية، ورسالته التوحيدية، عقيدته — تناولت فيما — تناولت األكرب، للشيخاألكرب، الشيخ تراث من ملخطوطات محررة مركزة خالصات وهي للمريدين، ينشدها التي

به. وعرف عنه، أوثر الذي العبقري القوي القلم بذلك ة مجالالسموات بنوره أرشقت الذي لوجهه، خالصا العمل هذا يجعل أن أسأل، وهللااألعىل؛ األفق يف للعمل دائما يوفقنا وأن واليقني، والرضا بالهدى علينا يمن وأن واألرضني،

اإلسالمية. الروحانية أفقعابدون﴾. له ونحن صبغة هللا من أحسن ومن هللا ﴿صبغة

نعيم رسور الباقي عبد طه٢٨ / ١٢ / ١٩٥٥

أفق…ونجم

تحمل متدفقة، أمواج يف املدينة وأودية مكة هضاب من األصلية، العربية الخيل انطلقت …واإليمان. بالهدى رحيمة بالبأس، فوارة جديدة قوة الدنيا إىل

الطواف عن يصدها فلم أفريقيا؛ بوادي وطوت آسيا، سهول األمواج تلك وغمرتوالجنوب. الشمال يف املحيطات أمواج إال األريض بالكوكب

يرقب ألوروبا، املواجه األفريقي الشمال من بقعة أقىص يف نافع بن عقبة ووقفأعلم لو محمد، رب «اللهم هاتفا: املاء إىل بجواده دفع ثم مرئي، غري يشء يف ويفكر األفق،

لغزوتها.» سبيلك يف تغزى أرضا املاء هذا وراء أنالجواري جيادهم بصهوات يستبدلون الصحراء بفرسان فإذا سنون، ومضتجديد ميدان باملحيطات وإذا املاء، عروش يف املتحكمات كاألعالم، البحر يف املنشآت

واإليمان. بالهدى الرحيمة بالبأس، الفوارة القوة لتلكلها فيتم أوروبا؛ أبواب وتقرع البحار، تجوب العربية املاء سابحات وانطلقت

هلل. كله الدين يكون وحتى فتنة، تكون ال حتى األرض حول التطوافوبسيادة املفكر، ورأسها أوروبا مفتاح الخرضاء؛ الجزيرة عىل األوىل الوثبة وكانتله فتمت الحني؛ ذلك يف املعروفة الثالث الدنيا قارات اإلسالم أضاء األندلس عىل العرب

العاملية. السيادةبثقافاتوعادات وامتزجت والتقت جديدا، أفقا املحمدية الحضارة األندلسدخلت ويفاألبطال نفر — املنترصة الحربية للموجة مد أقىص وهي — األندلس وإىل جديدة. وأمممقر عن اإلسالمية املراكز أبعد وهي — وإليها والطموح، والعزم البأس أولو والرجال

الفكر. ورجال والعلماء األحرار هرع — والجاه العنفوان ذات الحاكمة الخالفة

عربي بن الدين محيي

وساحة مهدا تكون ألن فتهيأت املختارة؛ بالصفوة الجديدة األرض ظفرت وبذلكالقديم. العالم حضارات أعظم ملشاهدة وأعدت اإلسالم، يف الذهبي للعرص

متحدثا — الكنيسة ظالل — كتابه يف أبانيز» «بالسكوا األكرب إسبانيا كاتب يقولاملضيق، جانب من ملسو هيلع هللا ىلصيتدفقون محمد فرسان وأخذ …» إسبانيا: يف العرصاإلسالمي عنولدت الشوط، بعيدة بالحياة، نابضة األركان، املوطدة الغنية الثقافة تلك معهم فتستقربيزنطية، وعلم إرسائيل، وحي يف ما لها واجتمع مقدسة، حمية النبي فيها وبث منترصة،

الصني.» ومعارف فارس، وذخائر الهند، وتراثأجمل عرش، الخامس والقرن الثامن القرن بني ما إسبانيا يف نمت «لقد يقول: ثمواملعارك الدينية للفتن فريسة الشمال أمم فيه كانت الذي الوقت ويف وأغناها، الحضاراتبينهم تنسجم مليونا، ثالثني عىل فيزيدون يزدادون؛ العرب إسبانيا سكان كان الهمجية،نبضاته بأقوى االجتماعية الحياة قلب وخفق الدينية، والعقائد البرشية، العنارص جميعاملتحدة الواليات يف نجده ما غري به تقابله قرينا لها ترى فال التاريخ؛ عرفها التيظالل تحت األندلس يف فعاشت والنشاط؛ الحركة واتصال األجناس، تنوع من األمريكية،ذلك منهم فكان واملرشق، إسبانيا ويهود الجزيرة وأهل النصارى من طوائف العرباآلراء جميع — والعروق العنارص بني التفاعل ذلك بفضل — وعاشت العجيب، املزيجالقوى هذه تجاوب من — وانبعثت الفنية، واألنظمة العلمية الكشوف ت وتم والعادات،

والتجديد.» اإلبداع مواهب —تلك بعظمة عميقة حرارة يف تنطق متعصب، معارص أوروبي كاتب شهادة تلكمثيال الكاتب لها يجد لم حضارة وهي األندلس، يف أرشقت التي اإلسالمية، الحضارةالواليات حضارة إال العلمية واملعارف واإلنتاج، والرسعة، والضخامة، العظمة، حيث من

الحديثة. املتحدةالثاني؛ الحكم أيام تضارع أيام وأي األندلسية؟ الحضارة تلك تسابق حضارة وأيكما املجاني؟ للتعليم مدرسة وعرشين سبعا وحدها قرطبة يف س أس الذي ملوكها أحدالحدائق بني وجعلها مجلد، ألف ستمائة من أكثر ت ضم مكتبة، مروان قرص يف أنشأمن عجبا يومنا إىل يزال ال ملكيا أمرا أصدر كما والشعراء، واألدباء للعلماء والرياضيف ص خص فقد االجتماعي، اإلصالح رجال أحالم من حلما بل اإلنساني، التقدم أعاجيبيرشده هاد أمي ولكل يعالجه، طبيب مريض ولكل يقوده، مرشد أعمى لكل األمر هذا

ويثقفه.

10

ونجم … أفق

فرد كل كان «لقد بإسبانيا»: املسلمني «تاريخ كتابه يف دوزي املسترشق يقولالتوقيع حتى يعرفون ال أوروبا نبالء كان بينما والكتابة، القراءة يعرف األندلس يفتدرس العالم، يف تماثلها منارة تزاحمها ال للعلم، منارة قرطبة جامعة وكانت بأسمائهم،لها فأضاءت أوروبا؛ ورثتها دراسة والكيميائية والفلكية والرياضية الطبية العلوم فيها

العريض.» امللك هذا إىل الطريقالرابع القرن يف قرطبة واصفا اإلسالم؛ تراث مجموعة يف نرند» ب. «ح. األستاذ ويقولالخشوع بني يتسامعون — أوروبا من — الشمال من القادمون الة الرح «وكان الهجري:للجمهور.» حمام وتسعمائة للكتب، دار سبعون بها كان التي املدينة بأخبار والرهبة

إليهم فنظرت الجبارة؛ بأجنحتهم املسلمون فيه حلق الذي األندليس، األفق هو ذلكاإليمان، من وتقتات العلم، من لتنهل إليهم؛ هرعت ثم والرهبة، الخشوع بعني األمم

بالهدى. وتتزودوتضيف األرض، جنبات كالشمستنري شعاعها ترسل التي املنارة األندلسهي كانتالعلمية، الكشوف من وفيوضا اآلداب، من وألوانا العلوم، من فنونا اإلنسان أمجاد إىل

والدينية. والفكريةليشبهها حتى الهجري، الخامس القرن يف حالها بأجمل وتحلت األندلس، وتجلتالثقافة بتلك القديمة أوروبا ثقافات عنده تالقت الذي والجرس العاملي، باملمر دوزيحتى وزكت فنمت اإلسالمي؛ الرشق معارف إليها تدفقت كما املنترصة، املقدسة املحمدية

العاملي. اإلنساني للفكر أعىل مجمعا غدتويهبط بصعوده يصعد األول، يومه منذ اإلسالمي الفكر مع التصوف درج ولقدوالذكر والعزلة الزهد من طبيعيا، تدرجا الصوفية املعارف تدرجت كما بهبوطه؛كالم ألرسار وإدراك هللا، كتاب يف فهم من القلب صفاء يلهمه وما القلبية، والتصفيةانتقل إذ الثاني؛ القرن بها امتاز سمات إىل األول القرن صوفية يف نشاهد كما رسوله،وأقباسها، املحبة ومعاني وإلهاماتها، الروح معارف إىل وأشمل، أرحب آفاق إىل التصوفومذاهبه، وطرائقه ألوانه وتعددت التصوف، مدارس وتعددت وأشواقها، القلوب وحنني

التالية. والقرون الثالث القرن صوفية يف مرشقة واضحة آثاره ظهرت تعددابلغت والتوحيد، بالفقه املمزوج التصوف مدرسة وهي املسيب، بن سعيد فمدرسة

والجيالني. والرفاعي، الغزايل، الهداة: األعالم يف ذروتهاأنجبت املشبوبة، املحبة سمته الذي التصوف مدرسة وهي أدهم، بن إبراهيم ومدرسةتوضيح يف الفرد العلم والبسطامي النفسومقاماتها، عن املتحدثني أكرب املرصي، النون ذا

11

عربي بن الدين محيي

ساحاتها يف تنكشف حيث املحبني؛ قمة وأعىل املريدين مراتب أسمى وهي الفناء، حاالتالفيض مرتبة إىل رحابها يف الروح تسمو وحيث أهلها، غري عىل املكنونة اإللهية الحقائق

واإلرشاق.يف الفني اإلبداع ودور الجنيد، الطريقة شيخ يف ممثال الصويف، الكمال دور يأتي ثمللناس، فتنة فكان غرق؛ ثم انتىش حتى الحب، كأس من الذيرشب ج، الحال الفاني املحباإلرشاقيني، رئيس السهروردي؛ الدين شهاب العبقري يف متجليا العلمي الكمال ودور

الشارحني. وعمدة ين المفرس إمام الصيقيل سبعني وابنبسمات مميزة جامعة، مدرسة الهجري الخامس القرن يف للتصوف نمت فإذاالقوي نفوذ للتصوف تم وإذا ومريدوها، وأساتذتها وعلومها، عنارصها لها وعالمات،األسنى الرصح وشيد اإلسالمي، املجتمع أنحاء سائر يف والقلوب األرواح عىل الغالبالفيض علوم يف األكرب والزعيم واإلمام باملحراب يتحىل أن له آن فقد قواعده؛ ورفعتالحياة يهب الذي املصطفى والكاتب اللدنية، واملعارف اإللهية، العطايا وفنون واإللهام،

ونور. هدى من قلبه يف ينفث أو قلمه، ه يمس أو خواطره، تدركه ما لكل والخلود،وكانت رسالته، حقيقة يحمل اسمه فكان ، وأعد قدر عرش عىل الدين، محيي وجاءالدين: صفي اإلمام كلمة التصوف من مقامه وكان والسيادة، السلطنة الغالبة سمتههم من وهم — العارفني وتربية العارفني.» يربي الدين ومحيي املريدين، يربي «الجنيد

ختامها. أيضا وهو أولها فهو بها، تفرد التصوف يف قمة —عرص يف جاء األندلسية، اإلسالمية للحضارة الذهبي العرص يف الدين محيي جاءوهداه، بيانه ى تلق ما فيض من ألقى فلما السماء، بنجوم األفق عامر بالعلماء، مأهولاملبارك كالغيث اإلسالمي، العالم رحاب يف طوف ثم العقول، له ودانت القلوب، له خشعت

وأحيا. فأنبت هطل حل أينماكان فبينما حياته، يف حاسم تأثري الدين، محيي فيها وجد التي األندلسية وللبيئة

واملذاهب. والنحل امللل من بطوائف يموج اإلسالمي املرشقكانت وبينما واملعتزلة، واملاتردية األشاعرة من ومجادلني واملرجئة، الخوارج من أمماألندلستحت كانت والتالحي، الرصاع يف حويتها وتفني وتتالحى، تتصارع الطوائف هذه

والحوار. الجدل رضية املذهب، دة موح الفكر، متجانسة واحدة أمة الرحمة أجنحةبقليل سبقه الذي الغزايل فعل كما وقتاال، رصاعا حياته الدين محيي يفن لم ولهذا

املذاهب. ورجال والفقهاء الفالسفة مع ومجادالته، حروبه يف املرشق يف

12

ونجم … أفق

يف تيمية ابن يف نشاهد كما العنيفة، الخصومات من مستعر بأوار حياته تلظ ولمحياته امتازت بل وغريهم، والصوفية والفالسفة القرامطة مع بقليل بعده أيضا املرشق

ي. والتلق للتعبد املطمنئ والتفرغ والصفاء بالهدوءالرحب السمح، الهادي فهو — يشتبك ما وقليال — حوار أو جدال يف اشتبك وإذاوال الغزايل، فعل كما وألقاب، نعوت من الكفر إىل وما بالكفر، يرمي فال والصدر؛ األفقهو ه يوج ما وأجرح يرمي ما أقىص بل تيمية، ابن صنع كما والفجور، بالزندقة يقذفدة للمجس قال كما إيمانك.» يخطئ ولم عقلك، أخطأ «لقد سماحة: يف لخصمه يقول أنفمن اآلراء أما القلب، يف عنده فاإليمان الذات؛ صفات يف لهم مناقشته خالل واملعتزلة

العقول. وثباتوفيض، كشف علوم فعلومه الدين، محيي حياة يف واضحة أخرى صفة ة وثمإنه رصاحة: يف يقول وهو الرباني، والفتح اإللهي اإللهام هي والفيض الكشف ومصادروقد القرآن، خزائن من تصانيفه وأن روعه، يف نفث عن وإنما وفكر؛ روية عن يكتب ال

منها. واإلمداد فيها الفهم مفاتيح أعطيذوق علوم ألنها تناقش؛ أن يمكن وال تجادل، أن يمكن ال والفيض الكشف وعلوم

جدال. وال جدل الذوق يف وليس ق، وتذوانطلقت فقد حياته، يف والخصومة الجدل من سلم قد الدين، محيي كان وإذافيه اختصمت زلزاال؛ وأحدث دويا، الدنيا يف ترك فقد هادرة، جامحة أثره يف العواصفرجال عند األوحد الفرد والعالم اإلمام، القطب فهو العقول. حوله وتصارعت الدنيا،وبعض املاديني عند الوجود ووحدة بالحلول الهاتف املتفلسف، الزنديق وهو التصوف،لم — عقيدته يف وتصارعوا تجادلوا وإن — وهؤالء هؤالء ولكن الجامدين، الفقهاء

منه. االنتقاص عىل ألسنتهم تجرؤ ولم علمه، يف يختصمواا مم قلمه برئ فقد وحدها؛ أمة كتبه أن بها تفرد التي الدين محيي آيات من ولعلسابقة، عصور تراث أو عرصهم، معارف آثارهم يف تلمح الذين الكاتبني أقالم به أصيبتوعىل جيله عىل القلبية وكشوفه الدينية وبإلهاماته والروحية، العقلية بمواهبه تغلب فقدفعاش بعده، تعاقبت التي األجيال عىل وتفوقه بتفرده احتفظ لقد بل سبقته، التي األجيالاألفئدة. لديه وتخشع العيون، عنه ترتد ممردا شامخا ورصحا تطاول، ال منارة التاريخ يفوالرصاع إفرست، جبل قمة مخيلتي، يف وترتسم إال الدين، محيي يف يوما فكرت وماللوصول جاهدوا الذين هؤالء صور خواطري يف وتواثبت إليها، للوصول حولها دار الذي

13

عربي بن الدين محيي

والطامحني، الواثبني عجز تواىل وكيف ورهبتها، بجاللها املعتصمة الباذخة القمة تلك إىلمرتفعاتها. وأرهب الدنيا، قمم أعىل إىل الوصول يف ومجتمعة متفرقة الجهود فشلت وكيفوعلومها بأرسارها شامخة الرائع، سموقها يف شامخة قمة الدين، محيي عندي وكذلكوالدين، والفلسفة العلم ميادين يف المحلق الخيال إليه وصل ما أعظم هي قمة وإلهاماتها،من رضبا إليها الوصول غدا حتى والتهاويل، واملشاق بالصعاب صاحبها أحاطها قد قمة

األجنحة. لجبابرة حتى مرهقا قاسيا املرتقى وغدا ينتهي، ال كفاحإنها املناضل، القوي ها رس عن أيضا وترد بل املتخاذل، الضعيف عنها تدفع قمة

والتذوق. الذوق إىل أوال حاجة يف فهي والتذوق؛ الذوق ة لقموالذهب الجوهر فيها يقع امللوك، بساحات أشبه الكتاب إن يقول: األصمعي كان وإذارس أو مكنون، در عىل إال فيها تقع ال كاملحراب، الدين محيي فساحة والنوى، والرتابالسماء. وهدى السماء إىل متطلعة قمة قمة، فوق ساحة ألنها موهوب؛ نور أو مصون،

سحري مفتاح أو القمة، تلك إىل بك يرقى معراج الكتاب، هذا أن لك أزعم ولستوستظفر بعجائبه، وستحظى املحراب، ستشاهد وأنك املقدس، محرابها إىل يوصلك

األذواق. تدعيه وال األقالم، تطيقه ال مطمح فذلك ببدائعه؛ وستنعم بأرساره،دفعت أو العلوي، األفق ذلك منها تشاهد نافذة، لك فتحت قد أكون أن أرجو وإنما

الشامخة. القمة تلك من يرى أن يمكن ما ويوضح، يجلو ، مكرب بمنظار يدك إىل

14

ونشأته مولده

أخي حاتم بن هللا عبد ولد من الحاتمي، هللا عبد بن أحمد بن محمد بن عيل بن محمد هويكنى وإسالمها، جاهليتها يف العقيل والتفوق النبوغ مهد طيئ قبيلة من حاتم، بن عديتفريقا املرشق، أهل لدى عربي وبابن بالحاتمي ويعرف الدين، بمحيي ويلقب بكر أبانفسه هو ي يسم وكما املغاربة. لدى العربي وبابن العربي، بن بكر القايضأبي وبني بينه

األنصار. إىل خئولته نسب به ويصعد رساقة، بابن األندلس يف ويعرف كتبه، يفنطق كلما ذكراها تتجدد ليلة اإلسالم، تاريخ يف خالدة ليلة يف للدنيا هللا وهبه وقدرمضان من عرش سابع اإلثنني يوم يف مولده كان إذ اإليمان؛ وهتاف التوحيد بكلمة مسلمالذي الشهر يف أي: — السني وكرس الراء وسكون امليم بضم — «مرسية» يف ٥٦٠ه عاماألغر بدر يوم والنرص، الفتح ليوم املماثل اليوم ويف السماء، وحي وهبط القرآن فيه أنزل

ونرصا. فتحا فكان الذكرى؛ تلك ظالل تحت ولد امليمون،وهي األمويني، أيام يف األندلس يف املسلمون أنشأه إسالمي، بلد مولده مهبط ومرسيةالعلم ودور والبساتني املنازه بكثرة الخرضاء الجزيرة مفاتن إحدى األندلس، رشق يف

والعبادة. الطاعة ومساجدجده كان والنضال، الحروب يف عراقتها والتقوى، العلم يف عريقة أرسة سليل وهوقضاة أحد األدنى جده وكان والفتوحات، الحروب قادة أحد الحاتمي هللا عبد األعىلالزهد أعالم ومن والحديث، الفقه أئمة من محمد بن عيل أبوه وكان وعلمائها، األندلساألول الجزء يف لنا وصف فقد أبيه، عن يحدثنا الدين محيي ولنرتك والتصوف. والتقوىيف كان األوىل، يف لربه خالصا عبدا كان فمن مماتهم، بعد األولياء أحوال الفتوحات مناملوت يحجبه فال مظاهرها؛ يف زاهدا معرضا كان ومن وسيادته، جاهه له ملكا الثانيةمن أن املقام: هذا صاحب صفات فمن خالقها، إىل روحه صعود عند الفناء منه ينال وال

عربي بن الدين محيي

هللا رحمه — لوالدي ذلك رأيت «ولقد يقول: ثم حي. فيه: يقول ميت وهو وجهه يف نظرمن عليه كان ا ومم األحياء، صورة من وجهه يف عليه كان ا مم شك عىل دفناه فإنا —يوما عرش بخمسة يموت أن قبل وكان األموات، صورة من نفسه وانقطاع عروقه سكونمريضا وكان موته، يوم كان فلما كان، وكذلك األربعاء، يوم يموت وأنه بموته، أخربنيواللقاء. الرحيل يكون اليوم ولدي، يا … وقال: مستند، غري قاعدا استوى املرض، شديدجزاك يل: وقال بذلك، ففرح لقائك. يف لك وبارك هذا، سفرك يف هللاسالمتك كتب له: فقلتهو بعضه، أنكر كنت وربما أعرفه، وال منك أسمعه كنت ما فكل خريا، عني ولدي يا هللانور لها سوء، غري من جسده لون تخالف بيضاء ملعة جبينه عىل ظهرت ثم أشهده، أنا ذافقبلت بدنه. ت عم أن إىل وجهه عىل انترشت اللمعة تلك إن ثم الوالد، بها فشعر يتألأل،نعيك؛ يأتيني أن إىل الجامع املسجد إىل أسري أنا له: وقلت عنده، من وخرجت وودعته يدهنعيه، جاءني الظهر جاء فلما وبناته، أهله وجمع عيل، يدخل أحدا ترتك وال رح يل: فقالدفناه، الحالة تلك وعىل والحياة، املوت بني فيه الناظر يشك حالة عىل فوجدته إليه، فجئتحياته املقام هذا فصاحب يشاء، من برحمته يختص من فسبحان عظيم؛ مشهد له وكان

سواء.» وموتهخئولته، حيث من نبعه أما الدين، محيي أنجب الذي الزكي، األبوي النبع هو هذاعليه هللا صلوات — الرسول سلكه إال ا فج يسلكون ال الذين األطهار، األنصار سليل فهوواألنفاس: األحوال صاحب الصويف خاله عن يحدثنا أيضا الدين محيي ولنرتك معهم، —أنتما قائال: رجليه رضب اإلعياء أدركه فإذا الليل، يقوم الخوالني مسلم أبو خايل «كاندوننا، به يفوزوا أن — عليه هللا —صلوات محمد أصحاب أيظن دابتي، من بالرضب أحق

رجاال.»1 بعدهم من خلفوا أنهم يعلموا حتى عليه، ألزاحمنهم وهللافيه التقوى، بنور عامر جو يف خاله، ودار والده، بيت بني الدين محيي درج وهكذاوفوزا نرصا ينشدون أقوياء، لرجال عزمات وفيه لإليمان، العليا الرشفات نحو حار سباق

والطاعة. الهدى محاريب يفمن عاصمة وهي سعد، بن محمد السلطان حاكمها إىل إشبيلية، إىل والده وانتقليبني، لسانه كان وما ودرج، الدين محيي شب وفيها األندلس، يف والعلم الحضارة عواصم

املكية. الفتوحات من األول الجزء 1

16

ونشأته مولده

بالسبع الكريم القرآن عليه فقرأ الفقهاء، عميد خلف بن بكر أبي إىل والده به دفع حتىاملعاني يف ملهما القراءات، يف مربزا كان حتى عمره من العارشة أتم فما الكايف، كتاب يفشمس اإلمام لنا يذكرهم والفقه، الحديث رجال من طائفة إىل والده أسلمه ثم واإلشارات،والتفصيل، الجملة جميل «كان يقول: إذ الدين؛ محيي عن روايته يف مسدي بن الدينال الذي والتقدم يلحق، ال الذي الشأو األدب يف وله تحصيل، أخص العلم لفنون ال محصالوليد وأبي ، الجد بن والحافظ زرقون، ابن من الباكر، شبابه يف بالده يف سمع يسبق،

نرص…» بن الحسن أبي والشيخ الحرضمي،ومقدار شيوخه، عن وال الدين، محيي شباب عن شيئا ذلك بعد التاريخ لنا يذكر ال ثملنا يذكر فهو حياته، وجال نفسه خ أر الدين محيي ولكن والفنون. العلوم من ل حص ماهللا، محاريب إىل بروحه اتجه قد وأنه والشيوخ، العلم عن أعرض قد أنه الفتوحات: يفامللهم. املطهر الدائم الذكر وإىل واألرض، السموات خلق يف التفكر إىل إلهامه، ومهابط

تقواها، لتلهم نفسه ويزكي وجدانه، ر ويطه خواطره، ر يطه والخلوة، الجلوة إىل ثماللدنية. والعطايا الهبات شمس حياته يف وأرشقت الفيض، ينابيع قلبه يف رت تفج حتىالعاطفة، قوي والذوق، الحس مرهف صباه، يف كان بأنه يشهد الدين، محيي وتراث

والتطلع. الهمة يف اآلفاق رحب الوجدان، ب غالشيوخه من الرتيب التلقني ذلك تطيق أن من أعظم كانت روحه، بأن ويشهدبه، تحيط التي العواطف تلك من أكرب حبا تنشد انطلقت قد الروح تلك وأن وأساتذته،

واملعارف. العلوم من األلوان تلك من وأشمل أعظم أفقا وتبغيالطهارة يعطي التجرد فإن والفيض؛ الفتح أساس هي — يقول كما — والهمة

الرجال. وعزمات الهمة فأساسهما والفيض الكشف أما والطاعة،—صلوات محمد بأصحاب اللحوق عن به قعدت قد مسلم، أبي خاله همة كانت وإنالكشفوفنونه، يف والتفوق التحليق عن أجنحتها ضعفت قد عزيمته كانت —وإن هللاعليهال وهداف يسبق، ال لسباق وإنه لعزما، له وإن لهمة، الدين ملحيي فإن وعلومه؛ واإللهامييضء، يكاد لشيئا قلبه يف وإن األعىل، املأل إىل بها تذهب تكاد وثبات لروحه وإن يخطئ،

واملعارف. العلوم تلك تمسسه لم ولواململ وليخترصالطريق معارفهم، وأضابري شيوخه عن الدين فليعرضمحيي وإذن؛فيه تعيش الذي النور إىل ومصادرها، العلوم منابع إىل جبارة، روحية وثبات يف ، الشاق

علما. لدنه من وعلمها فوهبها وأحبها؛ عنها ريضهللا التي الفئة

17

عربي بن الدين محيي

السموات فاطر وبني بينه رس هي عزلة األوىل، عزلته الدنيا الدين محيي واعتزلأحدثت عزلة العظمى، الربانية العلمية القوة تلك لتكوين دت مه عزلة ولكنها واألرض؛أبو وأكربها لها خشع والفلسفة، العقل عالم يف جبار أكرب له خشع علما، وأورثت عجبا،الهبات علم بني االلتقاء عن الساحر، بقلمه يحدثنا الدين محيي ولنرتك رشد، بن الوليد… الفتوحات يف الدين محيي يقول املثقف، املتفوق العقل من املكتسب والعلم الربانية،

18

الدين وحميي رشد بنيابن

سمع ملا لقائي يف يرغب وكان رشد، بن الوليد أبي قاضيها عىل بقرطبة، يوما دخلت …»يف إليه، والدي فبعثني سمع؛ مما التعجب يظهر وكان خلوتي، يف عيل هللا فتح ما وبلغهوال وجهي، بقل ما صبي وأنا أصدقائه، من كان فإنه بي، يجتمع حتى منه؛ قصدا حاجةنعم؟ يل: وقال فعانقني وإعظاما، محبة إيل؛ مكانه من قام عليه دخلت فلما شاربي، طرله: فقلت ذلك، من أفرحه بما استشعرت ثم عنه، لفهمي بي، فرحه فزاد نعم؟ له: فقلتوالفيض الكشف يف األمر وجدتم كيف وقال: عنده، فيما وشك لونه، وتغري فانقبض ال؟فاصفر األرواح؛ تطري وال نعم وبني وال، نعم له: قلت النظر؟ أعطاه ما هو هل اإللهي،

إليه». به أرشت ما وعرف يحوقل، وقعد لونه،ذلك يف وله والفلسفة، الدين بني التوفيق إىل فلسفته يف يهدف كان رشد وابنرجل من اعرتافا يأخذ وأن يطمنئ، أن الدين ملحيي مقابلته يف نشد وقد وجوالت، محاوالتالدين غاية بعينها هي الفلسفة، إليها تصل التي ة القم بأن والكشف، الدين رجال من

املطاف. خاتمة يف بالروح يلتقي العقل وأن وهدفه،سبحانه — هللا لقدرة وتمثيل الكونية، للسنن رشح من الفلسفة إليه ذهبت ما وأن

وتدعمه. تؤيده بل الدين، مع تتعارض ال خلقه، يف وآياته —الدين، محيي استدرك ثم رشد، ابن ففرح نعم، البداية: يف الدين محيي قال وقدوالفيض الكشف يف األمر وجدتم هل … فقال: توضيحا، وأراد رشد، ابن فحزن ال، فقال:

وال. نعم الدين: محيي فقال النظر؟ أعطاه ما هواملجرد العقل ولكن الكون، أرسار ويلمس ويدرك هللا، إىل يهدي قد العقل ألن نعم؛عن ابتعاده عن فضال املتشابهات، يف ويضل وينزلق ينحدر القمة، تلك إىل وصوله مع

والرشعية. الخلقية الكماالت من وتحلله والتطهر، التعبد

عربي بن الدين محيي

تتطاير التي العقول، بني عليه يتفق حد وال يعصمه، قيد له ليس املجرد، والعقلوبني الدين: محيي له قال ولذلك والغايات؛ االتجاهات شتى يف الريح مع املعارف حول

األرواح. تطري وال، نعماملتناظرتني؛ املدرستني بني وال العظيمني، الرجلني بني فاصال االجتماع هذا يكن ولموما وتفوق الجلوة، يف وتعلم بالخلوة، كرب الذي الصبي، مع آخر لقاء إىل رشد ابن فسعى

شاربه. طر وال وجهه بقلليعرض بنا يلتقي أن االجتماع هذا بعد أبي من رشد ابن وطلب الدين: محيي يقولالعقيل، والنظر الفكر أرباب من كان فإنه يخالف، أم يوافق هو هل لنرى علينا، عنده ماالخروج، هذا مثل وخرج جاهال، خلوته دخل من فيه رأى زمان يف كان الذي هللا فشكرلها رأينا وما أثبتناها حالة «هذه وقال: قراءة. وال مطالعة وال بحث، وال درس غري منوالحمد أبوابها، مغاليق الفاتحني أربابها، من واحد فيه زمان يف أنا الذي هلل فالحمد أربابا؛

برؤيته.» خصني الذي هللكل أحب الرجلني ولكن رشد، ابن تريض نتيجة عن الثاني اجتماعهما يسفر ولم

وأكربه. وأجله اآلخر منهماوالتلقي. املعرفة يف طريقته وال الكشفية، علومه الدين محيي عىل رشد ابن ينكر ولمالخلوة دخل الذي الدين، محيي مثل فيه زمان يف فأوجده عليه؛ من الذي هللا حمد بل

مرشدا. إماما منها وخرج جاهالنطاق إىل وجذبه رشد، ابن هداية يف الدين محيي والحب اإليمان هذا أطمع ولقدينشد ملا الجو وهيأ اللقاء، ة عد وأعد ثالثة، مرة به يجتمع أن فأراد الراشدين؛ املتصوفة

يريد. ما غري أراد هللا ولكن ويريد،رضب قد منظر يف يل — تعاىل — هللا أراه به ألتقي أن قبل «ولكن عربي: ابن يقولنحن ملا مراد غري أنه فعلمت يبرصني؛ وال منه إليه أنظر فكنت رقيق، حجاب وبيني بينهونقل مراكش، بمدينة وخمسمائة وتسعني خمس سنة يف درج حتى به اجتمعت فما عليه،

بها.» ودفن قرطبة إىلالرقيق الحجاب وهذا الدين. محيي عن رشد ابن يفصل الذي هو رقيق، حجاب كانيقول كما أو واالصطفاء، واإلعراض والغضب، والرضا والضالل، الهدى بني الفيصل هو

أعظمه! وما بينهما ما أيرس وما األرواح، تطري وال نعم بني الدين: محييدخل أنه يف الرصاحة كل رصيح فهو الدين، محيي حياة يف حاسمة دقيقة فرتة وتلكالقراءة تكون ما أيرس إال مطالعة، وال قراءة بدون دخلها شاربه، يطر لم صغريا الخلوة

20

الدين ومحيي رشد ابن بني

ى ويرتق أنفاسه، مع يزداد أخذ علما الوهاب ربه لدن من وتعلم وألهم، فرشد واملطالعة؛وال تطاول ال التي الزعامة له ت تم وحتى له، ر قد ما ربه علم من بلغ حتى تسبيحاته، مع

القلب. وفيوضات اإليمان علوم يف تغالبهللا كلمات من علمي أستمد «وأنا فيقول: املوهوب علمه عن الدين محيي ويحدثناكلمات تنفد أن قبل البحر لنفد ربي لكلمات مدادا البحر كان لو ﴿قل تنفد: ال التينفدت ا م أبحر سبعة بعده من ه يمد والبحر أقالم شجرة من األرض يف أنما ﴿ولو ربي﴾،

هللا﴾.» كلماتموارد ولكنهما فرصة، أقرب لحرصيف فكر أو بحث نتيجة كان علمه أن لو ويقول:غيبه عالم من عليه تتنزل الربرة وأرواح العبد، قلب عىل تتواىل — وتعاىل تبارك — الحقفياض الدوام، عىل اب وه — تعاىل — والحق لدنه، من الذي وعلمه عنده، من التي برحمته

والرتقي. للتلقي الدوام عىل قابل البرشي والقلب االستمرار، عىل

21

واللدين النظري العلم

عليه تتنزل بررة ألرواح وإنها قلبه، عىل تتواىل — وتعاىل تبارك — الحق ملوارد إنهاأعد لروح وإنه والرتقي، للتلقي الدوام عىل قابل مختار، زكي لقلب وإنه غيبه، عالم منليتواىل الرباني، الفيض هذا وإن األولياء، من العلماء يصطفى ما ألكمل ربه، واصطفاهويفاخر. به يزاحم دنيويا علما قبل من ن يلق ولم وجهه، بقل وال شاربه يطر ولم عليه،الفكري النظر من سلم إذا القلب أن التصوف— أهل جمهرة ترى كما لريى— إنه بلفليس والفتح؛ الفيض يكون ما أكمل عىل اإللهي للفتح قابال كان البداية، يف وعقال رشعا

تناقضها. أو للواردات تتصدى سابقة، معارف من عوائق القلب يفمن وأغرتف مأخذهم، وآخذ سلكهم، يف أنخرط أن أردت «ملا الغزايل: اإلمام يقولبالذكر، نفيس وشغلت وفكري، نظري عن بنفيسواعتزلت خلوت منه، اغرتفوا الذي البحرللقوم، حصل ما يل حصل إنه وقلت: بذلك، ففرحت عندي؛ يكن لم ما العلم من يل فانقدحيل. خلص ما بعد أنه فعلمت ذلك؛ قبل عليه كنت مما فقهية قوة فيه فإذا فيه، لت فتأموأوضح أوال وجدت الذي مثل فوجدت القوم، استعمله ما واستعملت خلوتي إىل فعدتفعاودت يل، خلص وما أوال، عليه كنت مما فقهية قوة فيه فإذا فتأملت فرسرت، وأسنىولم املقدار، بهذا األفكار أصحاب النظار سائر عن فتميزت الحال؛ والحال مرارا ذلكاألول الصفاء عىل كالكتابة ليست املحو، عىل الكتابة أن وعلمت ذلك. يف القوم بدرجة ألحق

«… األوىل والطهارة

عربي بن الدين محيي

ه فتوال خلوته، دخل عندما األوىل، الطهارة وعىل األول، الصفاء عىل الدين محيي كانمن سلما له ومد هباته، من عليه وأفاض وعلمه، مننه خزائن له وفتح بدايته، من ربه

األعىل. املأل معارج إىل قلبه فيه يعرج الصفاءوالنظرية، العقلية العلوم إىل حاجة يف يكن لم وإن املصطفى، املختار املتصوف ولكنليجليه ويصوغه ليسعده، يملكه الذي الشيخ إىل املربي، املرشد إىل تجادل ال يفرضورة فهو

ونورا. صفاء ويحليه

24

الطريق يف الشيخ مكانة

وال به، إال السائر يهتدي ال للماء، كالفنار للطريق فهو عليا، مكانة التصوف يف وللشيخوالتلقني؛ التعليم فوق فوظائفه املدريس؛ واملربي العقيل، املعلم غري إنه بنوره، إال يرشدموارد مريده من يعرف الدين: محيي يقول كما أو والواردات. والخواطر القلب مراقبةوالنظرة، األنفاس ويعرف ومحمودها، مذمومها الخواطر وعلوم ومصادرها، حركاتهيسخط الذي الرش ومن هللا، يريض الذي الخري من عليه يحتويان وما لهما ما ويعرفاملزاج يصلح وما واألغذية، واألمكنة واأللسن، األزمنة ويعرف واألدوية، العلل ويعرف هللا،ويعلم اإللهي، التجيل ويعلم الخيايل، والكشف الحقيقي الكشف بني والفرق يفسده، ومايف التحكم يرتك متى ويعلم الكهولة، إىل الشباب إىل الطفولة من املريدين وانتقال الرتبيةاألحكام، من للنفس ما ويعلم خواطره، املريد يصدق ومتى عقله، يف ويحكم املريد، طبيعةقلبه، يف الشيطان إلقاء من اإلنسان تعصم التي الحجب ويعلم األحكام، من للشيطان وماباطنه يف عليه فتح إذا للمريد ويفرق املريد، به يشعر ال مما املريد نفس تكنه ما ويعلممن له يصلحون الذين الطريق أهل بالشم ويعلم اإللهي، الفتح وبني الروحاني الفتح بنيالحق. عرائس هم الذين املريدين نفوس بها يحيل التي التحلية ويعلم يصلحون، ال الذينملقامهم. والجامع الحرمة، من تستحقه وما الحرضة بآداب العاملون هللا أدباء فهموكشفه، تربيته حال يف السالك املريد إليه يحتاج ما جميع جمع ن عم عبارة الشيخ إنوقلبه خاطره مرض إذا املريد إليه يحتاج ما وجميع للشيخوخة، األهلية إىل ينتهي أن إىليف وعقوقه الشيخ، حرمة يف الحق وحرمة سقمها، من صحتها يعرف ال له وقعت بشبهة

عقوقه.تلك أساتذة فهم هللا؛ طريق يف الشيوخ مكانة عن يقال أن يمكن ما جماع هو ذلكإليهم يلجأ أن من األعظم الرصاط عىل السائر للمريد بد وال وأطباؤها، الربانية الجامعة

عربي بن الدين محيي

إنه سهال، هينا سلطانيا طريقا ليس التصوف فطريق الزلل، من حكمتهم تعصمه حتىإال عليها يقدر ال التي املرة، واملجاهدة والصرب واملهالك، واملحن باك، والش املزالق لطريقاالجتباء، وذاك: هذا وفوق والعقلية، القلبية والعظمة الروحية، واملناعة والقوة، الفتوة أهل

والرضاء. واملحبة، واالصطفاء،ابن به أذهل ما املصفى العلم من نهل فقد خلوته، من الدين محيي خرج ولهذاينشد خرج املعلم، غري والطبيب العلم، غري الرتبية ولكن عرصه، أئمة به حري وما رشد،

املصباح. وحامل والقائد، الدليل

26

الطريق يف وشيوخه اخلرض

األحوال أصحاب فحول أحد العريني، العباس أبو اإلمام الطريق يف شيوخه أول وكانالدين محيي علوم إىل ملتفت وال عابئ غري الطريق، رشعة شيخه عليه وطبق واألنفاس،من عليه اصطلح ما عىل ويتمرد بل أحيانا، الدين محيي يجمح كان ولهذا ومعارفه؛

معارفه. من وتمكنه علمه من لوثوقه وهاديه لشيخه املطلق املريد تسليمعليها ترتكز التي األوىل الدعامة وهي الرجال، هؤالء رس وهي — هللا عناية ولكنالخفي، الويل كافة الطريق شيوخ إمام له قيضت — شخصياتهم بها ن وتتلو حياتهم،الخرض؛ له قيضت النبي، موىس يطقه لم علما ربه لدن من أوتي بأنه القرآن له شهد الذيشيخنا أن «وذلك الدين: محيي يقول شيخه. إىل ورده نفسه غرب من وكفكف فأرشدهرسول بظهوره برش قد كان شخص، حق يف مسألة وبينه بيني جرت العريني العباس أباوما باسمه أعرفه شخصا يل ى وسم فالن. ابن فالن هو يل: فقال — عليه هللا هللا—صلواتباطنه، يف الشيخ فتأذى أمره؛ يف بصرية عىل لكوني بالقبول؛ آخذ ولم فيه فتوقفت رأيته،الطريق يف كنت وملا منزيل، إىل عنه فانرصفت أمري، بداية يف كنت فإني بذلك أشعر ولموقال مشفق، محب سالم ابتداء عيل فسلم أعرفه، ال شخص لقيني بإشبيلية الحنة بسوقذكره الذي الشخص يل ى وسم فالن، عن لك ذكر فيما مقاله الشيخ إىل سلم محمد، يا يل:بما ألعرفه شيخي؛ إىل حيني من ورجعت أراد، ما وعلمت نعم. له: فقلت العباس؛ أبوإذا معك أحتاج هللا، عبد أبا يا يل: قال أكلمه. أن قبل كلمني عليه دخلت فعندما جرى،سلم ويقول: إليك، يتعرض الخرض أن إىل قبولها عن خاطرك يقف مسألة لك ذكرتقلت: فتتوقف؟ مني تسمعها مسألة كل يف هذا لك يتفق أين ومن لك، ذكره فيما لفالنكان فلما واقع. التوبة وقبول فقال: مفتوح. التوبة باب إن قلت: نعم. قال: الخرض؟ أهو

عربي بن الدين محيي

يف غلط عىل كنت إني يل: وقال املسألة، تلك يف قويل إىل رجع قد شيخي رأيت مدة بعدوما بالتسليم، إال أوصاني ما الخرض أن الساعة علمت سيدي، يا له: فقلت املسألة؛ تلك

واجب.» التسليم ولكن الحالة؛ تلك يف مصيب بأنك عرفنيجراح اإلمام الثاني شيخه مع كان حينما أخرى؛ مرة بالخرض الدين محيي والتقىأني أخرى مرة يل اتفق «ثم فيقول: اللقاء هذا عن الدين محيي ويحدثنا خميس، بنجانب إىل فقمت ناموا، قد املركب وأهل بطني، يف وجع فأخذني البحر، يف مركب يف كنتالبدر، ليلة وكانت القمر، ضوء يف بعد عىل شخصا فرأيت البحر، إىل وتطلعت السفينة،عنده، كان بكالم معي تكلم ثم معي، ووقف إيل وصل حتى املاء وجه عىل يأتي وهوبيننا شاطئ، عىل تل نحو مائال املغارة يطلب وانرصف سلم ثم وأشياء، أشياء نني ولقصوته فسمعت ثالث، أو خطوتني يف املسافة تلك فقطع ميلني، عىل تزيد مسافة وبينهوكان الكتاني، خميس بن جراح شيخنا إىل مىش وربما هللا، يسبح املغارة ظهر عىل وهولقيت املدينة جئت فلما تلك، ليلتي من باألمس عنده من جئت وكنت القوم، سادات منوما لك قال ما الخرض؟ مع املركب يف البارحة ليلتك كانت كيف يل: فقال صالحا، رجال

الخرض.» أنه فعلمت له؟ قلتويحدثنا الكشف، علوم يف مرموقة ذروة هللا، عبد بن محمد أبو الثالث، شيخه وكانوتسعني خمس سنة بغرناطة هللا عبد بن محمد أبي شيخنا عىل «دخلت فيقول: عنهاالجتهاد، يف مثله طريقته يف أر ولم الطريق، هذا يف لقيته من أكرب من وهو وخمسمائة،

أربعة: الرجال يل: فقال محمديا، إرثا القرآن يف فهما أوتوا ن مم وكانالظاهر. رجال وهم عليه، هللا عاهدوا ما صدقوا رجال

— الحق جلساء الباطن، رجال وهم هللا، ذكر عن بيع وال تجارة تلهيهم ال ورجالاملشورة. ولهم — تعاىل

وهم رجال﴾، األعراف ﴿وعىل تعاىل: — هللا قال الحد، رجال وهم األعراف، ورجالالبسطامي. اليزيد أبو منهم كان لهم، صفة فال األوصاف، عن والرساح والتميز الشم أهل﴿وأذن تعاىل: — قال يركبون. ال اإلجابة لرسعة رجاال يأتونه الحق دعاهم إذا ورجال

املطلع. رجال وهم رجاال﴾، يأتوك بالحج الناس يففهم الباطن؛ رجال وأما والشهادة، الملك عالم يف الترصف لهم الظاهر فرجالفيما بهممهم العلوية األرواح فيستنزلون وامللكوت؛ الغيب عالم يف الترصف لهم الذينالكتب باطن يف الرجال لهؤالء فيفتح املالئكة، أرواح ال الكواكب أرواح أعني يريدونه.

28

الطريق يف وشيوخه الخرض

ما معانيها، جهة من واألسماء الحروف ونظم كله، العالم وكالم املطهرة والصحف املنزلةإلهيا. اختصاصا لغريهم؛ يمكن ال

الربزخ عالم وهو النارية، األرواح عالم يف الترصف لهم الذين فهم الحد: رجال وأمافيه باطنه برزخ والنار، الجنة بني حاجز سور واألعراف األعراف، رجال وهم والجربوت،الرجال وهؤالء األشقياء، ودار السعداء دار بني حد فهو العذاب؛ قبله من وظاهره الرحمة

واسترشاف. دخول حرضة كل يف ولهم السور، هذا بمعرفة الناس أسعدمنها بها فيستنزلون اإللهية؛ األسماء يف الترصف لهم الذين فهم املطلع؛ رجال وأماالثالثة، الرجال ترصف تحت هو ما كل بها ويستنزلون لغريهم، ليس وهذا هللا، شاء ما

منهم.» الدين محيي وكان «املالمتية». وهم الرجال، أعظم وهمفيقول: الدين محيي عنه يحدثنا الكومي، يوسف العابد الفقيه الرابع شيخه وكانمشكالت من مسألة عن وخمسمائة وثمانني ست سنة الكومي يوسف شيخي «سألني

فقال: التصوفحكمها؟ ما — تعاىل — هللا عند شهودية حرضة يف عارفان اجتمع إذا

تشهدها وال اثنني، تسع ال الحرضة ألن تقع؛ وال تفرض مسألة هذه سيدي، يا قلت:يجمعهما أن منهما واحد كل يخلو فال اجتمعا فإذا مثاال، افرتضناها فإن زائدة، عنيله املتجىل حيث ومن واحد، الظهور حيث من التجيل حكم ثم يجمعهما، ال أو واحد مقامورؤية وتجل وخطاب شهود يجتمع وال أعيانهما، يف الختالفهما متباين فالتذوق مختلف؛

غري.»أفق يف يرشق أن له وآن واإلمام، الشيخ مرتبة إىل باالنتقال الدين ملحيي ربك وتأذن

املرشدين. طالئع إىل املريدين ركب يغادر وأن رحب، جديدأعرفها ال وكنت بها، ني برش عظمى ببشارة عيل هللا أنعم «ولقد الدين: محيي يقولبه التقائي عند نهاني فقد القطب، خليفة اإلمام عليها فأوقفني حايل، وكانت حايل منلقيته ن مم ألحد فليس هللا؛ إىل إال تنتم ال يل: وقال الشيوخ. من لقيت من إىل االنتماء عنوال شئت، إن القيت من فضل فاذكر وعنايته، برعايته توالك هللا بل فيه، أنت مما يد عليك

هللا.» إىل إال تنتسبيتجاوزون ال الطريق يف قلة وهم واجتباهم، ربهم أدبهم الذين نطاق يف دخل وبذلكصاحبها هو عة رش وهي الربانية، العلمية القمة إىل الطريق أول عىل قدمه وضع بل اآلحاد،

األوحد. وإمامها وربانها

29

عربي بن الدين محيي

ومربيا، مرشدا إليه الخرض فأرسل شيوخه؛ مع حياته مطلع يف هللا اصطفاه وكمامن برس أمره أول باح فقد عليه، اللدنية األرسار إفاضات مطلع يف برحمته ه حف كذلك«ولقد فيقول: عنها يحدثنا مريد، أو مراد عواقبها من نجا قلما إباحة وهي املحب، أرسارفإني فأذعته وخمسمائة، وتسعني أربع سنة فاس بمدينة أرساره من ا رس هللا منحنيإال جواب يل يكن فلم املحبوب، من فيه فعوتبت تذاع؛ ال التي األرسار من أنه علمت مافإنك عليه؛ غرية لك كانت إن إياه، أودعته فيمن ذلك أمر أنت تول قلت: أني إال السكوت.ذلك، أتوىل أنا يل: فقال رجال، عرش ثمانية من نحوا أودعته قد وكنت أقدر، وال تقدربالوحشة يعاقبني لم حيث هلل؛ فالحمد إياه، وسلبهم صدورهم من سله أنه أخربني ثم

غريي.» عوقب كما والحرمان،

30

املقاماتواألحوال

األيام عنها ف ستتكش لرسالة رحمتها يف تعده الربانية العناية ألن الدين؛ محيي يعاقب لماألنباء. بها وتأتي

حديث عنهم الحديث الدين، كمحيي الربانيون والعلماء واألنفاس القلوب ورجالالربانية، والتجليات واإلرشاقات، األنوار، هي: تكونهم التي والعوامل وإيمان، وروح قلبكشف من أربابها عىل به تفيض وما املقامات، ومنح األحوال، أرسار يف والتقلب

وعلوم.تلك قمم وارتقى األحوال، تلك بحار هللا، إىل الطريق يف الدين محيي خاض ولقدبكشفه، أمر ما منها وكشف عنها، وتحدث ورياها، ثمارها وذاق بعطاياها، ونعم املقامات،من تراث هي لسواه، تمنح لم عطية الدين محيي منها كشف وما بحفظه، أمر ما وأكن

بها. وينفعون وينتفعون يتدارسونها، وأجياال قرونا الدنيا علماء يسع العلوماملقامات من ألفا ستني فبلغت الدين؛ محيي أحصاها علومها بكنوز اإللهية واملقاماتاإلمدادات هذه يف ذكرناه ما كل يف دخلنا «قد فيقول: نفسه عن ويتحدث الربانية، واألحوالالرياسة منه أخذنا — اآلخر —وهو إلهي باسم عليهم وزدنا هللا، أهل عامة مع ذوقا اإللهيةفروح * المقربني من كان إن ا ﴿فأم تعاىل: — قوله من املقربون يناله الذي هللا وروحوخمسمائة.» ثمانني سنة الطريقة هذه دخول يف املقام هذا ونلت نعيم﴾، وجنت وريحان

عربي بن الدين محيي

يتجاوز ولم املكانة، تلك بلغ أنه عىل تدل الدين محيي ذكرها التي السنة وتلكالعال. نحو رساعا املقامات تلك يجتاز أخذ املبكرة، السن تلك ويف عمره، من العرشينعن يحدثنا وهو إليه ولنستمع كواكبها، يف تنقل التي املقامات تلك يف جولة معه ولنجل

النور: مقام

النور مقام

أصيل وأنا العرص، صالة يف فاس بمدينة وخمسمائة، وتسعني ثالث سنة نلته مقام هذاأكشف خلفي من يكون يكاد غالبا، صافيا نورا فرأيته الجبل؛ عني بجانب املسجد بجماعةأفرق ولم ظهرا، يل رأيت وما الخلف، حكم عني زال رأيته ملا أني غري يدي؛ بني الذي من

بالفرض. إال جهة لنفيس أعقل ال الكرة مثل كنت بل جهاتي، بني الرؤيا تلك يف

والوله الوجد مقام

املحبة بحكم هللا سوى ما كل عن وذهاب ذهول وهو التصوف، مقامات أخطر من وهوالعناية ولكن أبدا، يعد ولم معه فذهب املقام؛ هذا عليه غلب إمام من وكم واإلرشاق،فيه أؤدي وقت عيل ومر املقام، هذا ذقت «ولقد الدين: محيي يقول كعهده، فحفظ شملتهأحوال وجميع والسجود، الركوع بإتمام يل، قيل ما عىل بالجماعة إماما الخمس الصلوات، بالحال وال باملحل وال بالجماعة، يل علم ال كله هذا مثل يف وأنا وأقوال، أفعال من الصالةكنت أني فأخربت غريي، وعن عني فيه غبت عيل غلب لشهود الحس؛ عالم من بيشء والمن الواقعة كالحركات حايل فكان بالناس؛ وأصيل الصالة أقيم الصالة، وقت دخل إذافعل كما ذنبا لساني عىل يجر ولم وقتي، عيل حفظ هللا أن فعلمت بذلك، له علم وال النائمهل أدري فال عنه، ورد ما عىل الصالة أوقات يف يرد الشبيل كان فقد ولهه. يف بالشبيلقال: عنه، للجنيد قيل فلما ل، فص ما الراوي فإن فيه؛ كنت ما مثل كان أو رده بعقل كانذاتي أشاهد غيبتي حال يف أوقات يف كنت أني إال ذنبا، لسانه عىل يجر لم الذي هلل الحمدبمعزل الحركة، عن عري وأنا بها يصيل العظيم بالعرش األعظم، والتجيل األعىل، النور يفكرؤية والساجد، الراكع ذلك أني أعلم وأنا وساجدة، راكعة يديه بني وأشاهدها نفيس، عنومن أنا، هو وال غريي ليس ذلك أن وأعلم ذلك، من أتعجب وكنت ناصيتي، يف واليد النائم

والتكليف.» املكلف عرفت هناك

32

واألحوال املقامات

العبارة يف الفتح مقام

وهو وكشفا، وفيضا وفصاحة إبانة التصوف، دنيا يف قلما حمل من أعظم الدين محييفيقول: عنه يحدثنا الذي املقام، هذا إىل املتفردة الخصائص وهذه الصفات تلك كل يرديف الصدق الفتح هذا صاحب مقام وأقوى الكامل، للمحمدي إال يكون ال العبارة يف «الفتحيف ما وجليسه صاحبه يعرف أن الصدق به يبلغ أن إىل وسكونه، وحركاته أقواله جميعيصور أن الفتح هذا لصاحب يمكن ال بحيث باطنة؛ أو ظاهرة حركة من وباطنه ظاهرهالذي اللفظ لذلك ره تصو زمان بل ذلك، بعد به ينطق ثم فكره يف ويرتبه نفسه، يف كالماالعبارة؛ يف له هللا فيفتح وصورته، نفسه يف املعنى ذلك قيام زمان نفسه يف ا عم به يعربالخشوع، استصحاب الفتح: هذا عالمات ومن بنفسه، تنفسه ا عم بلفظه أو بقلمه فيعربلقيت ما فتح وهذا تفرقت، قد أجزائه أن يحس أن بحيث جسده؛ يف عليه االقشعرار وتوايلالزمان يف يكون وقد أحد، يف منه أثرا كثرتهم عىل هللا رجال من لقيته فيمن عمري يفعىل الحمد ريب؛ وال عندي شك بال منهم أني غري ألقهم، ولم الفتح هذا لهم رجال

«… ذلكالفكرة وروعة التعبري وجمال اللفظ فصاحة يرد فهو الدين، محيي آيات من آية وهنالفظه بل لفظا، ق ينم وال كالما ق يزو ال بحيث األحاسيس؛ عن التعبري يف الصدق إىل عنده،

قوله. هو وتصوره تنفسه، هو

القيومية مقام

آيات ومن العقول، مواقف من وهي والغاية، الهدف توضح قصة املقام بهذا ولظفرهمعتزيل وكان الطائفة، شيوخ من جنيد بن هللا عبد أبا «لقيت قال: والوهب. الفيضإىل أتى قد وكان قولنا، إىل رجع حتى األمر له فرشحت العبد، أفعال بخلق يقول املذهب،جميع وكذلك مذهبه، عن ورددته بلده، يف زيارته إىل مشيت بلده إىل رجع فلما زيارتنا،

هلل.» فشكرا أصحابهله فتح وما فيها، اليقني يدري ال املعقدة، املسألة هذه يف متحريا كان «إنه يقول: ثم

فيه. شك ال الذي الوجه عىل قاطع برأي فيهاوستمائة، وثالثني ثالث سنة رجب السادسمن السبت ليلة وهي ليلة، ذات كان حتىالكسب بني الفصل عندي ويعرس الجانبني، ألحد األعمال خلق إضافة يل يتخلص لم فإنه

33

عربي بن الدين محيي

عىل برصي بكشف الحق فأوقفني قوم؛ به يقول الذي الخلق وبني قوم، به يقول الذيأمر هنا هل يل: وقال هللا. إال يكن لم إذ مخلوق؛ يتقدمه لم الذي األول، املخلوق خلقهأثر فيه ألحد ما املحدثات، من تراه ما جميع هكذا قال: ال. قلت: والحرية؟ التلبيس يوجبخلقت أمري، عن فتكون باألسباب، ال األسباب عند األشياء أخلق فأنا الخلق؛ من يشء وال

الطائر. يف التكوين وخلقت عيىس، يف النفخوأنصت. واسمع األدب، فالزم بأمر طالعتك إذا فقال: سؤاال، — سبحانه — وسألتهاآلن يخاطبك وما أنصت، حتى اإلنصات واخلق أسمع، حتى السمع اخلق لك، ذلك قلت:

عليه، املعلوم هو ما إال علمت وما علمت ما إال أخلق ما يل: فقال خلقت. ما سوىخاطرك يرجع سواه، فليس مشاهدة فالزم سلف، فيما بهذا أعلمتك وقد البالغة، الحجة

الرصاط.» عىل تجوز حتى ينقطع وال التكليف، ينقطع حتى تأمن والخلق — سبحانه — وله هللا، ومن باهلل، يقوم يشء فكل القيومية، مقام هو وهذا

الوهاب. الواحد هللا تعاىل باألسباب، ال األسباب عند األشياء يخلق وأفعاله، العبد

الفتح حالوة مقام

يهبها إلهية، وحالوة ربانية لذة وهو ونعم، الدين محيي به حظي مقام الفتح وحالوةمن الفتح هذا أصحاب «ومن الدين: محيي يقول عباده، من ويختار يصطفي لمن هللازمن، لبقائها فليس يوهب؛ ما حسب كل أكثر، أو يوما أو ساعة الحالوة هذه تالزمهثم ساعة فدامت الذوق، قضايا من قضية يف علينا نزلت فوقنا بقاؤها علينا اختلف فإنه

أياما. فدامت أخرى واقعة يف ونزلت ارتفعت،معنوية ألنها املحسوسة؛ اللذات من لذة تشبهها أن يمكن ال واللذة الحالوة وهذه

النفس. به تنعم أثر أعظم الحس يف وأثرها ربانية،يسطرون﴾؛ وما والقلم ﴿ن عيل: تيل ا لم املقام هذا يف فيه مت تنع لها مذاق وأعظمعظيم﴾ خلق لعىل ﴿وإنك تيل: فلما منها، أعظم بها نعمت التي اللذائذ من لذة أجد فلمفرح فاملؤمن عيل، وردت بشارة أعظم فهي وصفه؛ عن أعجز النعيم من حال إىل ذهبت

الهبات. تلك من قطرات يف أمل له الكامل واملؤمن لرسوله، يوهب بماعنده، يكن لم علما منحه بها، إليه فجذبه الحالوة بهذه عبده عىل الحق عطف فإذا

فتح.» حالوة تلك وال بجذب، فليس علما يكن لم فإذا

34

واألحوال املقامات

أدهم بن إبراهيم عنها يعرب التي اللذة هي الدين، محيي يقصدها التي والحالوةلذة اللذتني: ذاق وإبراهيم بالسيوف.» عليها لقاتلونا امللوك عرفها لو لذة يف «نحن بقوله:الجنة نعيم خالصة إنها الربانيني: بعض عنها يقول لذة وهي الفيض. وحالوة الملك،

املختار. املؤمن قلب يف يقطر ى المصفوال علم يصاحبها لم فإذا والعلم، الكشف يصحبها الدنيا يف الربانية اللذة وتلك

الحس. لذائذ من اعة خد لذة هي وإنما الفتح؛ بحالوة ليست فهي كشف؛

الفناء مقام

بذهاب وجودهم عن الذاهلني الوالهني املحبني ودرجة الهبات، وهبة املقامات، مقام وهوبل هللا، مع شيئا ترى فال خلقه؛ عن باهلل تفنى أن هو الفناء: وحال باريهم، إىل حسهمهللا رضوان — بكر أبو يقول كما أو وخالقه، الوجود وواهب الوجود، رب هو الوجود

قبله.» سبحانه هللا رأيت إال شيئا رأيت «ما عليه:املتصوفة فيه فرموا الفقهاء، عىل ظواهره التبست حتى أرساره ت دق حال وهوفيه هللا رجال فرموا واملتفلسفني؛ املتكلمني عىل وفتوحاته خواطره والتبست بالعظائم،وتجلياته هللا، إال الوجود يف يرون ال بأنهم املتصوفة تنادى حيث الوجود؛ ووحدة بالحلول

الكتاب. هذا يف آخر مكان فله هنا، موضعه ليس بحث وهو مخلوقاته، يف«أخربني قائال: يحدثنا األوىل، املرة يف فاس يف وهو الدين، ملحيي املقام هذا وكانيختلف وكان الفناء، حال ينكر وكان فاس، بمدينة زيدان بن العزيز عبد النحوي األستاذالذي الفناء قائال: مرسور فرح وهو عيل دخل يوم، ذات كان فلما إنابة، فيه وكانت إلينا،ألست قال: كيف؟ قلت: اليوم. شاهدته فقد ذوقا، عندي صحيح املتصوفة، ويذكره تذكرهاعلم قال: بىل. قلت: املدينة؟ هذه إىل األندلس من اليوم دخل قد املؤمنني أمري أن تعلمجميل منظر يف فشيئا شيئا العساكر فأقبلت املدينة، أهل مع عليه أتفرج خرجت أنيوجالله، رهبته بني إليه ونظرت والعظمة، األبهة تلك يف املؤمنني أمري وصل فلما اذ، أخأسمع ولم البنود أر لم حتى املشهد، سائر وعن العساكر نفيسوعن عن فنيت حتى ذهلت

الكاسات.وشعرت بنفيس، فأحسست املؤمنني؛ أمري موكب انتهى حتى معي الحال هذا ودام

الجماهري. وغبار الزحام وألم الناس ضغط من عنه فنيت بما

35

عربي بن الدين محيي

الرب، بمشهد فكيف عبد، مشهد من يحدث هذا كان فإذا حق، الفناء أن فتحققتالسمع.» ألقى لمن الحق هو ذلك

استغرق إذا اإلنسان حالة لنا تمثله — الدين محيي يقول كما — الفناء مراتب وأقلبني وتكون يسمعك، وال فتحدثه الدنيا، أمور من ما أمر أو العلم، مسائل من مسألة يفيف لخاطرين يتسع ال يشء، كل يسع الذي البرشي القلب أن ذلك: وسبب يراك، وال يديه

واحد. وقتمشهد وإما الحق، مشهد فإما ملشهدين: وال واحد، وقت يف لخاطرين يتسع ال القلب

الخلق. عنه غاب الحق شهد من الجنيد: يقول كما أو الخلق،الصائحني عليهم املنكرين وبني املتصوفة، من املقام هذا أصحاب بني ما آية وتلك

وخاطر. مشهد لكل بهم

الصديقية أو العبودية مقام

وأن الكاملة، العبودية بصفات تتصف وأن يشء، لكل فاعال هللا ترى أن الصادقة العبوديةما وخواطرك بطن، وما منها ظهر ما أعمالك تكون وأن عبوديتك، مشاهدة عن تغفل ال

الحدود. بتلك محددة القيد، بهذا مقيدة النفس أغوار يف مات وما عرفمن إليه فينسب والهيبة؛ والكمال الجمال حلل الحق يكسوه املقام هذا وصاحبألنه نفسه؛ تنخدع ال املقام هذا صاحب ولكن عليه، آثارها لظهور الصفات تلك يشاهدهأو الناس عرف مهما حسه، وحقيقة نفسه حقيقة تلك لعبد، إنه هللا ومن هلل ذلك أن يعلم

ومظاهره. حقائقه من ملسواهللا فتح فقد املثابة؛ بهذه أنه الشيخ من التلميذ عرف «وإذا الدين: محيي يقولعرف فإنه الشيخ، بتجرد الحق جانب إىل يتجرد فإنه سعادته، فيه بما التلميذ ذلك عىلحق يف الحال من عليه هللا يجري ما الشيخ يف ناظرا وبقي عليه، ال هللا عىل واتكل منه،عىل هللا من التلميذ فيأخذ يفيده؛ بعلم أو ينهاه، أو به، يأمره بأمر نطق من التلميذ ذلكمحل أنه نفسه من الشيخ يعلمه ما الشيخ من نفسه يف التلميذ ويعلم الشيخ، هذا لسانلعلمه املقام؛ ذلك التلميذ ذلك غري يقم لم الشيخ فقد لو حتى الربوبية، أحكام جريانبقي فما مات، حني — عليه هللا صلوات هللا— رسول مع الصديق بكر كأبي شيخه، بحالاليوم ذلك يف نفسه عىل وشهد يسمع، أن يمكن ال ما وقال اضطرب، إال الصحابة من أحدلعلمه الحال عليه تغري ما فإنه بكر؛ أبو إال اتبعه، الذي رسوله معرفة وعدم بقصوره،

36

واألحوال املقامات

وعرف الرسل﴾، قبله من خلت قد رسول إال د محم ﴿وما قارئا: املنرب إىل فصعد تم، بمااإلمامة.» فاستحق الصديق؛ فضل يومئذ الناس

لكمال الصديق فإن العبودية؛ مقام لتوضيح الدين محيي ساقه الذي املثال هو ذلكإمامه بتجرد الحق جانب إىل فتجرد هللا، عىل ويتوكل الرسول، من يسمع كان عبوديتهعباد خري انتقل فلما نبيه، لسان عىل هللا من يأخذ فكان — عليه هللا صلوات — األعظمعبوديته. كمال عن األعظم الهول يشغله فلم هللا، إىل ناظرا بكر أبو بقي ربه جوار إىل هللادعوى يجعلها وال هذا، مقامنا يكون أن هللا شاء إن «ونرجو الدين: محيي يقول ثمعن سمعته وما نفيس، من أعرفه فيه، مزاج ال ذوقا املقام هذا ذقت فإني صادقة؛ غري

بكر.» أبي غري تقدمني ن مم أحد

القربة مقام

الهدى إىل التحليق يف مراتبه أقىص أن املقامات معراج يف الدين محيي عن واملشهورمقام هو آخر مقام عن يحدثنا به، ظفر أن بعد ولكنه الصديقية، مقام هو واإليمان

النبوة. ودون الصديقية فوق وهو الخرض مقام وهو القربة،فيقول: عنه الدين محيي يحدثنا هللا، أحباب إليه يتطلع ما أسمى هو املقام، وهذابمنزل مسافر وأنا وخمسمائة، وتسعني سبع سنة محرم شهر يف دخلته املقام «هذامن فاستوحشت أحدا؛ فيه أجد ولم فرحا، املنزل ذلك يف فتهت املغرب، ببالد إنجيلبه وانفردت املقام هذا دخلت وملا واالفتقار، بالذلة يزيد أبي دخول وتذكرت الوحدة،ومخادعه، منازله يف وتنقلت فيه فسحت ألنكرني؛ أحد عليه اطلع لو فيه حايل أن علمتالحق أوامر ورأيت إياه، أتاه من به هللا اختص وما به، تحققي مع اسمه ما أدري ال وأنافرحلت مجالستي؛ وتطلب مؤانستي تبغي ، إيل تتنزل وسفراه عيل، ترتى — سبحانه —من رجال فلقيت بالجنس، يقع إنما واألنس باالنفراد، االستيحاش من الحال تلك عىل وأناواجني، بن يحيى أبو األمري فجاء جامعه، العرصيف فصليت أنحال، ى يسم بمنزل الرجالبيني وكان كاتبه، عند ونزلت فأبيت عنده، أنزل أن وسألني بي، وفرح صديقي وكانهو فبينما به، مرسور أنا بمقام انفرادي من فيه أنا ما عىل هللا فشكرت مؤانسة، وبينهفعانقني فرجا، عنده أجد عىس إليه فرايش من فنهضت شخص، ظل الح إذ يؤانسني؛له: فقلت رحمة، يل هللا بعثه روحه، يل دت تجس قد لمي الس الرحمن عبد هو فإذا فتأملتهفيه وحشتي له فذكرت أبرح. ال فيه فأنا مت، وعليه قبضت فيه فقال: املقام، هذا يف أراك

37

عربي بن الدين محيي

أن وبعد مقامه، الدنيا ليست املقام هذا فصاحب مستوحش، الغريب فقال: األنس، وعدمهذا له يحصل أخي يا ومن هللا، فاحمد املقام هذا يف بالحصول اإللهية العناية لك سبقتحاله، عليه موىس أنكر وقد املقام، هذا يف صاحبك الخرض يكون أن ترىض أال يرىض؟ ال

صحبته؟ عىل قدر ومامقام ى يسم هذا يل: فقال اسما؛ املقام لهذا أعرف ال الرحمن، عبد أبا يا فقلت:االجتهاد أهل من الرسوم لعلماء عظيم، مقام به فإذا به؛ فتحققت به فتحقق «القربة»هذا من إليهم يرسي اإللهي اإلمداد ورأيت فيه، أنهم يعرفون ال لكنهم راسخة، قدم فيهيستمدون ن مم يعلمون وال ذوقا، لهم حصل ما ألنهم بعضا بعضهم ينكر ولهذا املقام؛املحمدي الزمان هذا تقدم نبي لكل أن كما حق، عىل منهم واحد فكل ومكاشفة؛ مشاهدة

واحد. واإليمان ومنهاج، رشعةالوحي مقام تقوم وأدلتهم الترشيع، يف الرسل ورثة الرشيعة علماء من فاملجتهدونالكشف؛ لعدم الرسل مثل ليسوا أنهم إال األحكام، كاختالف األحكام واختالف لألنبياء،أهل غري وأما االجتهاد، علماء من الكشف أهل وكذلك بعضا، بعضهم يشد الرسل ألن

بعضا. بعضهم فيخطئ منهم الكشفقال ولو هللا، كالم يف الرتتيب وأرسار والتأخري، التقديم معرفة املقام هذا أرسار ومنعليه أنكره ما أمري؛ عن أفعله تراني مما شيئا أفعل ما صحبه: ما أول من الخرضملوىسأمر﴾، لك أعيص وال صابرا هللا شاء إن ﴿ستجدني بقوله: هللا أنطقه وقد عارضه، واللصرب املحمدي، يفعل كما املشيئة عىل الصرب قدم فلو يشق، ما عىل إال يكون ال والصربهللا علم عىل يحصل أن أراد فمن ملسو هيلع هللا ىلص، ملحمد تعليما األعالم يف قدمه هللا فإن يعرتض؛ ولمفإن هللا، ر أخ ما ر ويؤخ هللا، قدم ما فيقدم األشياء؛ يف حكمته ترتيب عند فليقف خلقه، يفخفي، نزاع فهو هللا، ره أخ ما قدمت أو هللا، ماقدم أخرت فإذا واملؤخر، املقدم أسمائه منهللا﴾. يشاء أن إال * غدا ذلك فاعل إني ء ليش تقولن ﴿وال تعاىل: — قال حرمانا. يورث

لصرب. ره أخ فلو يصرب. فلم موىس، وقدمه االستثناء ر فأخموىس، بن محمد بها أخربني يهودي، عن عجيبة حكاية املعنى هذا يف رويت وقدإذا فقال: والبحر، الرب بني سفره يف خاطره فرتدد الحج، أراد بالقريوان رجل كان قال:يهودي لقي من فأول به، أحكم يل يرجح فحيث أشاوره؛ ألقاه رجل أول غد صبيحة كانيف أميش هل هذا، سفري يف أشاورك يهودي، يا فقال: ألسألنه، وهللا، وقال: عزم ثم فتألم،أن تر ألم مثلك، يسأل هذا مثل ويف هللا! سبحان يا اليهودي: له فقال البحر؟ يف أو الرب

38

واألحوال املقامات

عىل الرب فقدم والبحر﴾ الرب يف كم يسري الذي ﴿هو كتابه: يف لكم يقول — سبحانه — هللاالرب. إىل سبيال املسافر يجد لم إذا إال بكم، أوىل وهو قدمه، ما ا رس فيه هلل أن فلوال البحر،

كثريا.» خريا فلقيت الرب يف وسافرت كالمه من فعجبت قال:والنبوة الصديقية بني «ليس وقال: عامة، بصفة املقام هذا الغزايل اإلمام أنكر وقد

مغلق.» باب والنبوة النبوة، يف وقع الصديقني رقاب تخطى ومن مقام،أن بعد رسالة وال نبوة فال النبوة؛ مرقى يرقى الويل بأن أبدا، يقل لم الدين ومحييوليس يشاء، لمن يهبه هللا فضل هذا الغزايل: عىل رده يف يقول بل هللا، خلق بأرشف ختمايذق لم لمن وليس عرف، ذاق ومن عطاياه، يف يتحكم أن لبرش وال قيد، هللا أفضال عىل

ذاق. من عىل حكمالرسوم، لعلماء ذوقا ال علما يعطي قد املقام هذا إن أيضا: يقول الدين ومحييتذوقهم لعدم علومهم؛ يف يختلفون وهم املعارف، يف والتبحر واالجتهاد الفكر علماء أي:والفيض. الكشف أهل عند الذوق بخالف وتخطئ، تصيب التي األدلة عىل والعتمادهم

واالجتهاد، والعقل الفكر علوم شأن من يعيل — للمتصوفة —خالفا كعادته هنا وهوما أنفسهم، هم يقولوه لم ما وهذا وتالحيهم؛ اختالفهم عىل جميعا بصوابهم ليقول حتى

األصول. يف ال الفروع يف والتالحي االختالف دامصدر وسعة أفق رحابة عىل يدل للعقول، إجالل وهذا الدين، فهم يف سماحة وتلكواالجتهاد. الفقه رجال من وأعنفه الهجوم أمر هوجموا الذين املتصوفة املتصوفة، إمامتعلمون لو — مقام وهو ربه، عطايا من له ر قد ما الدين ملحيي أكمل املقام وبهذا

عظيم. —

محمدية شعرة

كالصديقية العليا، باملقامات نعم وإذا والعطايا، الهبات تلك بكل الدين محيي ظفر فإذابعزماته يحمل ومحيي الهمة. قدر عىل الفتح إن الدين: محيي يقول بقي؟ فماذا والقربة،

لها. حدود ال — سبحانه — هللا وعطايا الجبال،عن تكن لم هدية الهدايا، كل دونها بهدية ذلك بعد ظفر إنه الدين: محيي يقول

ورعاية. عناية عن كانت وإنما سؤال،أوجس إنه لنا: ويقول عليه، هللا —صلوات الرسول من شعرة عن عبارة الهدية وتلكخيل حينما قلبه؛ يهلك أن البسطامي يزيد أبو كاد فقد نفسه؛ عىل وخيش خيفة، قلبه يف

39

عربي بن الدين محيي

ملسو هيلع هللا ىلص منه لنا حصل «وقد يحدثنا: الدين محيي ولنرتك طاقته، من أكرب ليشء ل أه أنه إليهعن نلت ما يكن لم ذلك، عىل — سبحانه — هللا أطلعني وملا عرف، لمن كثري وهذا شعرة،فلم بي، وعناية لدنه من رزقا باألدب فيه أيدني إنه ثم هللا، عناية عن كان وإنما سؤال؛

اليزيد. أبي من صدر ما مني يصدرذلك أن علمت املنحة، تلك بفضل أمور يل وتنكشف أرقى وأخذت األمر جاء فلماوسألت فتوقفت ترشيفا؛ االبتالء بعض يكون قد أنه عىل ترشيف، خطاب ال ابتالء خطاب

الحجاب.الشعرة، بتلك االختصاص عىل هللا فشكرت إلهيا؛ اختصاصا الشعرة منحت ولكنيهو الذي الحجاب أسأل وأنا ذلك، من الزيادة أطلب وكيف الزيادة، بالشكر طالب غري

العبودية؟!» كمال منلعلمه، اصطفاهم الذين الرحمن عباد ينال ما أكمل الدين ملحيي تم املنحة وبتلك

ورضاه. ملحبته واجتباهم

والكرامات الدين محيي

مع املنامية وأحاديثه األحوال، يف وتقلبه املقامات، يف معراجه يذكر ال الدين ومحييبكرامة، ليفتخر — سبحانه — الحق مشاهد يف وحضوره عليه، هللا صلوات — الرسولمقام من تحقق قد الدين فمحيي وعطايا، بحظوظ الناس عىل يتيه أو بهبة، يدل أوإىل ميل أو فخر إىل جنوح شذاها من وليس وأعالها، املراتب أسنى وهي وذاقها، العبودية

وتكرب. تيهيف يقسو رأيته وما نقاش، يف يعنف رأيته وما بها، وطال للكرامات لخصم إنه بلأستاذيته بأنامل ويتناول األحاديث، تلك يف العبقري القوي قلبه يغمس حني إال جدال،

أصحابها. آذان املرشدةعن أجنحته به تقعد من بها يشتغل سواها، من للعاطلني براقة حىل يراها فهو

وأكرم. أعز آفاق يف التحليقإال يعرفها ال التي الكرامات، ألوان أعىل هي الدين محيي عند املعنوية والكرامة

ومبتغاه. هدفه وهي سبحانه، — هللا عباد من الخواصهنا. سهم األوىل لطالب وليس نصيب، الكرامة تلك يف للعامة وليس

40

واألحوال املقامات

الرشيعة، آداب املختار للعبد — سبحانه — هللا يحفظ أن هي املعنوية: والكرامةأوقاتها، يف الواجبات عىل واملداومة سفاسفها، واجتناب األخالق، مكارم إلتيان يوفقه وأنالظن، وسوء والحقد والحسد صدره، من للناس الغل وإزالة الخريات، إىل واملسارعة

األنفاس. مع باملراقبة وتحليته مذمومة، صفة كل من القلب وطهارةأو السيئ، املكر يدخلها أن يمكن فكلها العامة، يعرفها التي املادية الكرامة أماوفاقا جزاء وفروضها، حاالتها أحسن عىل هي بل عقباه، تؤمن ال الذي الخفي االستدراجمن جانبا أخذ فقد أعماله، عىل الدنيا يف م تنع ومن متتابعة، وعبادات طيبة أعمال عىل

العطاء. يوم العطاء له ف فيخف الجزاء؛من يقطع إبليس فإن بيشء؛ ليس فقال: األرض، طي عن البسطامي اليزيد أبو سئل

هللا. عند بمكان هو وما لحظة، يف املغرب إىل املرشقورشعا هللاعقال عند واملؤمن الهواء، ليخرتق الطري إن فقال: الهواء، اخرتاق عن وسئل

طائر؟! فيها شاركه من كرامة يحسب فكيف الطري، من أفضللتني أه مهما له، لتهم وأه به، فشغلتهم ذكروه، ملا طلبوك قوما إن إلهي، قال: ثم

أرسارك. من أي: أشيائك، من ليشء لني فأه ليشء،﴿آتيناه تعاىل: — قال هللا. فضل يف ما أفضل والعلم العلم؛ إال اليزيد أبو طلب فما

علما﴾. لدنا من وعلمناه عندنا ن م رحمةيف فخلد الدين؛ محيي بها ظفر التي الكرامة وهي املعنوية، الكرامات أفضل فالعلم

هللا. برضوان وفاز دنياه

والفتوة الشطح بني

الشطح خصوم من أيضا فهو املادية، الكرامات خصوم من الدين محيي كان وكماوأصله والتطاول، املباهاة ألوان من لون أو الفخر، ألوان من لون الشطح ألن والشاطحني؛طريقة عىل إلهي أمر غري من له هللا أعطاها التي مرتبته عن الشاطح بها يفصح دعوى

الفخر.وال األكابر بعض من وقع «لقد الدين: محيي يقول كما أو املحققني، ذلة والشطحإىل بالنظر رعاع ألنهم معهم؛ لنا كالم فال سواهم من وأما نقص، صفة ألنه أسميهم؛

منا. العتب يقع فعليهم السادة، من هذا مثل وقع وإذا السادة، هؤالء

41

عربي بن الدين محيي

ألن عليهم؛ يتعاىل وال الخلق، يراعي ال فالفتي يدعون؛ كما الفتوة من الشطح وليسلحظ إيثارا نفسك حفظ عن تخرج أن الفتوة وأصل وتعاىل، سبحانه — هلل هو إنما التعايلنفسه، هوى عىل الرسل ألسنة عىل هللا من الوارد العلم اإلنسان يؤثر أن وحقيقتها غريك،

ونظره. فكره به حكم وما عقله، أدلة وعىلالرشع يعارض إلهي أمر بأنه أوهمه خاطر نفسه عىل ورد فإذا ، الفتي هو هذاالرشع حكم إىل ويرجع إليه، يلتفت وال به فريمي عليه، التبس أو له خيل فقد املقرر؛أحكام من يشء وال تحريم، وال تحليل ال أنه جميعا: الكشف أهل عند ثبت قد فإنه الثابت؛

هللا. خلق من ألحد والنبوة، الرسالة انقطاع بعد الرشع،الواردات؛ عليهم والتبست املقام، هذا عليهم التبس ن مم هللا أهل من بقوم وقفنا وقدأبدا.» هلل وليا شطحه عند الشاطح يكون ال فإنه ربهم، عن فابتعدوا وتفاخروا، فشطحواالشاطحني، من واملتفاخرين املادية، الكرامات يف الدين ملحيي الفيصل الرأي هو ذلك

ينبغي. ال بما العبادة محاريب يف لغوا الذين— ومقاماته فتوحاته عن حدثنا إذا — به يظن أن ينبغي وال الدين، محيي كان ومايبن وليضع واإلرشاد، للعلم يتحدث إنما فهو والتباهي؛ الغرور دعوى من السوء، ظن

تراثه. بها ويزخر كتبه، بها تفيض التي الكنوز تلك أيديناوهبات؛ منح من له هللا قدر ما املقامات تلك يف بعروجه الدين ملحيي أكمل وإذاوالعمل، القول من بالطيب هللا إىل هاديا اإلسالمي العالم آفاق يف ل يتنق أن له آن فقديرشد كما النجاة، إىل يرشد اجا وه ورساجا والربهان، الحجة من بالرائع بآياته، ا ومبرش

اإليمان. إىل

42

املغرب وملك الدين حميي

حياته، كانت كذلك أبراجها، يف لت وتنق السماء، آفاق الدين محيي أفكار جابت وكماومقيما. وعابدا وزائرا مطوفا األرض، جنبات يف وتنقالت رحالت

العظيم، اإلسالمي العالم رقعة يف والتطواف التنقل العرص هذا يف العلماء سنن وكانالهند. وسهول الصني هضاب إىل أوروبا من املمتد املتحد

وحفظ، وتعلم درس ما بعض من بعضهم ويأخذ ويتجادلون، يتالقون العلماء كانوأعطي. منح بما بعض إىل بعضهم ويفيض

وبعلومه ورماحه، بسيوفه سلطانه ويفرضعليها الدنيا يقود اإلسالمي العالم وكانيف األثر بعيدة جسام أحداث باطنه يف تغيل كانت كما والروحية، الفنية وكشوفه وآدابه،

بأرسها. اإلنسانية وغد كله العالم حارض يف بل وغده، حارضهمرص فرسان مع ويتصارعون األوسط، الرشق أبواب يقرعون الصليبيون كان

القبلتني. وأوىل الحرمني ثالث عىل األيوبيني وأبطالاملغرب بأمن يعيثون — بالرمح غضوبة بالسيف، ثائرة فئة وهم — املرابطون وكان

وسادته. ملوكه عروش سيوفهم وتسل ويفسدون، األقىصالجماهري تقود رهيبة، قوة وهناك هنا خاصة التصوف ورجال للعلماء وكان

واألمراء. السادة إليها ويتزلف إليها، وتتقرب امللوك وتجلها وتوجهها،الذي الدين، محيي إىل يسعى املرابطني، بثورة املهدد املغرب ملك رأينا إذا عجب فالوال واللسان، البيان وعالم التصوف دنيا يف ومكانه اسمه وعرف أفقه، وأرشق نجمه، بزغوجهة امللك هذا ه يوج أن يف كبار، آمال صدره تدفئ إليه، الدين محيي سعى إذا عجب

والينابيع. املناهل تلك إىل شعبه يوجه وبالتايل روحية، صوفية

عربي بن الدين محيي

من وخمسمائة تسعني عام مطلع يف املغرب إىل األوىل الدين محيي رحلة وكانتعمره. من الثالثني يف الدين ومحيي أي: الهجري، التاريخ

عىل عا موق الجديد، عمله الحياة وفورة الشباب رونق يف وهو الدين محيي وتقلداملالك. البيت ألبناء ومربيا للرسائل، ومنشئا املراسيم

بامللك وألصق نفوذا، وأعظم أفقا، منها أرحب كانت وإن بالوزارة، أشبه وظيفة وهيولقد والشباك، املكائد لها وتنصب والغايات، األهواء حولها تتصارع مكانة وهي وأقرب،عجبا. جوا فاصطىل والصفاء؛ والطهارة والدين، الروح رجل وهو الدين محيي اصطالهاونهجا نبويا، وهديا ربانيا، وعلما وإباء، كرامة نعرف من وهو الدين، محيي ولكنلم امللوك، بالط يف الخطورة شديدة الجو، هذا يف الخطورة شديدة صفات وهي صوفيا،وبينه الملك، وبني بينه رسيعا النفرة فوقعت لها؛ هو يطب لم أو الحياة تلك له تطبوطريقته، نهجه يف وغمزته البطانة ولمزته الظنون، الملك به وظن الحاشية، رجال وبني

وتفكريه. ومذاهبهآفاق يف ويحلق صباه، ومرتع نشأته مقر باألندلس، إشبيلية إىل الدين محيي ويعود

هللا. له شاء ما واملعرفة العلمأبو الصويف الشيخ بواسطة جديد، من املغرب إىل دعوة أعوام بعد سمعه يطرق ثمله، المقدر الدين، محيي وحبيب الروحي، ومرشده الملك صديق املرابط، بن هللا عبد

األوىل. الدين محيي رحلة يف مبارشا سببا كان والذيعربة إىل الدين محيي فطن فقد الدين، ومحيي الملك بني طيبة رخاء الريح وتميشوالحاشية، بالبطانة الرفق أكثر ق وترف آرائه، أعنف عىل جوانحه فطوى األوىل؛ الحوادثشئون يف يده فأطلق إليه؛ الملك واطمأن وأذناب، ذيول من والحاشية البطانة إىل ومامحيي عن عرفت التي التعاليم إىل دفعا ويدفعها الصويف، النهج عىل يقومها مملكته،

بها. وعرف الديناألعمال ولون الحياة لون توضح الفتوحات يف لنا يرويها التي الحادثة تلك ولعل

الجديد. عمله يف بها يقوم التيمجالس تطلب الدنيا، يف سائحة تطوف طائفة املالئكة من أن الدين محيي لنا يذكرإىل هلموا بعضا: بعضهم نادى القرآن، أهل وهم الذكر أهل وجدوا فإذا األرض، يف الذكرالدعاء أطيب لهم ويدعون الرحمة، أجنحة لهم ويبسطون بالذاكرين، ون فيحف بغيتكم؛

اإلجابة. يف وأرجاه

44

املغرب وملك الدين محيي

تقوم وبها وعليها يعيشون، وبها املالئكة، هؤالء رزق هي القرآنية، املجالس وتلكحياتهم.

والنهار؛ بالليل هللا آيات تتلو جماعة يقيم أن الحاكم أو اإلمام «وواجب يقول: ثماملالئكة.» من الطائفة لتلك ورزقا لرحمته، واستجالبا هللا إىل تقربا

أصحاب بموافقة املسلك هذا سلكنا قد املغرب، بالد يف كنا «وقد أيضا: يقول ثموهو الخالص، العمل هذا بفقدهم ففقدنا ففقدناهم وطائعني، سامعني لنا كانوا موفقني،

وأعالها.» األرزاق أرشفوهي سامعني، لحديثه كانوا الذين املوفقني، األصحاب عن حديثه يف رصيح هنا وهويزال ال — سنرى كما — ألنه العتاب؛ موقف يف الملك اسم يذكر أن يرد فلم جميلة، تكنية

إليه. العودة يف األمل حار آمال ويرجو خالصا، ا ود له يحملفقدهم، لمن العاطفة ثائر فهو عمله؛ مغادرة عىل أكره بمن أشبه أنه أيضا نلمس كما

وأعالها. األرزاق أرشف وهو الخالص، العمل هذا عىل والقدرة النفوذ بفقدهم ففقدتتغذى التي األرواح أجل من العلم بث يف هؤالء، مثل فقدنا ملا «فأخذنا يقول: ثموهو الروحاني الصنف لهذا مطلوب هو أصل من إال منه، شيئا نورد أال ورأينا بالذكر،

القرآن.»وخزائنه، القرآن حرضة من هو إنما وتصانيفي، مجاليس يف فيه نتكلم ما فجميعذاقه من إال قدره يعرف وال يمنح، ما أرفع وذلك منه؛ واإلمداد فيه، الفهم مفاتيح أعطيت

له. وشهدتأليفها، يف ابتدأ التي كتبه ويف العلمية، مجالسه يف أخذ أنه الدين محيي لنا ويذكرحرضة من املستمد العلم وهو املالئكة، أرواح به تتغذى الذي العلم نوع من علما يبثإقامة وهو الملك بمعاونة بدأه الذي الطيب، العمل هذا ينقطع ال حتى وخزائنه؛ القرآن

ونهارا. ليال بالقرآن الذاكرينله أخلص الذي وسيده، املغرب بأمري معلق وقلبه باألرض، الدين محيي ويطوفيرده. ولم عليه أكره الذي الفراق هذا إال جزاء ملودته وال لحبه يجد فلم واملودة؛ الحب

الملك عىل وعينه فيكتب «الفتوحات» املانع الجامع الخالد كتابه تأليف يف ويأخذفارقه، أن بعد لها حص املعارف من بفنون صديقه يعرف أن يريد ألنه يكتب بل الحبيب،فيه بما الكتاب هذا إليه يهدي أن يريد إنه فيقول: وأوضح، أفصح أخرى خطوة يتقدم ثميشاء. من — سبحانه — هللا يؤتيها التي الحكمة وآيات املعرفة، وكنوز العلم جواهر من

45

عربي بن الدين محيي

صادق، وحب ووالء، وفاء من فيها بما كلها القصة عن يحدثنا الدين محيي ولنرتك«فاعلم الفتوحات: تأليف يف وسببا مقدمة الدين محيي جعلها القصة وتلك وفراق، وعتابرصوف وحالت قسيمه، عن الدار به نأت إذا الحكيم أن الحبيب، والويل األديب، العاقل أيهاالحكمة؛ من حصله وما غيبته يف اكتسبه بما يعرفه أن بد ال حميمه، وبني بينه الدهرصفاء أصاب قد — هللا أبقاه — الويل كان وإن منه، عرف بما عنه غاب ما وليه فكأنذلك عن وليه غمض فقد غرض، لتتميم الوداع عند انقباض منه وظهر لعرض، كدر ه ودمن إال بك يهتم ال إذ االعتقاد؛ كريم من — هللا أبقاه — هللا من وجعله االنتقاد، جفنالجوانح بني — يعلم كما — والود سليم، القلب فإن هللا؛ أبقاه — الويل فليهنأ عنك، يسألقديما عنده هذا وثبت نفسيا، وال غرضيا ال إلهيا، كان فيه الود أن الويل علم وقد مقيم،كان وربما عقوبة، من حذر وال ملثوبة، طلب وال قلة، وال إليه فاقة وال علة غري من عنيإىل فيها التفات عدم وخمسمائة، تسعني سنة إليه رحلت التي األوىل، الرحلة يف الويل منيف وعذرته النقص، من فيها الحظ ملا ومذاهبي؛ مقاصدي عىل الجري عن ونفور جانبي،ما بنيه وعن عنه سرتت فإني النص، وشاهد الحال، ظاهر مني ذلك أعطاه فإنه ذلك؛أحيانا أسألهم كنت وربما حيس، ة ورش حايل سوء من لهم أظهرت بما نفيس، يف عليه كنتأسماعهم قرعت ولقد التنزيه، بعني منهم واحد يلحظني أن هللا فيأبى التنبيه، طريق عىلكتاب ويف أنشدتها بأبيات جالس، املجلس ذلك صدر يف والويل املجالس، بعض يف يوما

وهي: أودعتها األرسار

ال��م��ع��ان��ي روح ال ال��روح وروح ال��م��ث��ان��ي وال��س��ب��ع ال��ق��رآن أن��ال��س��ان��ي وع��ن��دك��م��و ي��ن��اج��ي��ه م��ق��ي��م م��ع��ل��وم��ي ع��ن��د ف��ؤاديب��ال��م��ع��ان��ي ��م ال��ت��ن��ع ع��ن وع��د ج��س��م��ي ن��ح��و ب��ط��رف��ك ت��ن��ظ��ر ف��الل��ل��ع��ي��ان ت��ب��دت م��ا ع��ج��ائ��ب ت��ب��ص��ر ال��ذات ذات ب��ح��ر ف��ي وغ��صال��م��ع��ان��ي ب��أرواح م��س��ت��رة م��ب��ه��م��ات ت��راءت وأس��رار

حكمة ذلك وسبب ميتا، أسمعته وكأني إال بيتا، املقطوعة هذه من أنشدت ما فوهللايف حاجة إال عندهم حرمتي بقلة معرفتي مع لهم إنشادي كان فما رضاها، أبغي كنت

قضاها.» يعقوب نفسوما بمودتها الثانية الرحلة عن يتحدث ثم حديثها، وهذا األوىل، الرحلة هي تلكيف بأعوام، ذلك بعد — هللا تواله — بالويل االجتماع كان ثم فيقول: ووالء، صفاء من فيها

46

املغرب وملك الدين محيي

عيش األهنى، األرغد العيش يف أيام، دون أشهر تسعة معه اإلقامة وكانت األسنى، محلهوسمح. صاحبه عىل بذاته منا واحد كل جاد وقد وشبح، روح

نويت كنت فإني ، املحال هذه ببعض قام النحراف الحال، هذه عىل ونحن افرتقنا ثمديوان آدم، ولد سيد وزيارة املقدس، بصخرة الكريم محله إىل أرسع ثم والعمرة، الحج

واإلحصاء. اإلحاطةيف لتها حص املعارف من بفنون — هللا أبقاه — الويل أعرف أن خاطري يف أقامفقيدت غربتي؛ يف اقتنتيها التي العلم جواهر من — هللا أكرمه — إليه وأهدي غيبتي،صفي، صاحب ولكل تميمة، الجهل ألعراض الحق أوجدها التي اليتيمة، الرسالة هذه له

صويف. ومحققاألغلب كان إذ وامللكية؛ املالكية األرسار معرفة يف املكية، الفتوحات رسالة وسميتهامراقبا قعودي أو املكرم، ببيته طوايف عند عيل به هللا فتح ما الرسالة هذه أودعته فيمااإلنسان فإن لطيفة؛ معاني وأودعتها رشيفة، أبوابا وجعلتها املعظم، املرشف بحرمه لهذلك من ذاق إن سيما وال الغاية، عىل برصه وقع إذا إال البداية، شدائد عليه يسهل ال

املنى. موقع منه ووقع الجنى، عذوبةالآللئ فاستخرج فنظر؛ الحكيم بصريته عني عليه وردد البرص، الباب حرص فإذانفوذ قدر عىل ربانية، ونكت روحانية حكم من فيه ما ذاك إذ الباب يعطيه والدرر،

علمه. بحار أعماق يف غطسه أجل من نفسه واتساع وهمه، عزمه وقوة فهمه،

ب��اآله��ي أك��ن ل��م ال��م��راق��ب ك��ن��ت ال��ل��ه ب��اب ق��رع ل��زم��ت ل��م��اه��ي إال ت��ك��ن ل��م ه��ل وإل��ي وج��ه��ه س��ب��ح��ة ل��ل��ع��ي��ن ب��دت ح��ت��ىال��ل��ه ب��غ��ي��ر ع��ل��م ق��ل��ب��ن��ا ف��ي ل��ن��ا ف��م��ا ب��ال��وج��ود ع��ل��م��ا ف��أح��ط��ته��ي؟ م��ا ال��ح��ق��ائ��ق ع��ن ي��س��أل��وك ل��م ��ت��ي م��ح��ج ال��غ��ري��ب ال��خ��ل��ق ي��س��ل��ك ل��و

والذي وغيابه، حضوره يف له وىف الذي املغرب، ملك مع الدين محيي قصة هي تلكالسوء قرناء ولكن املغرب، ربوع يف الصوفية تعاليمه نرش يف سببا يكون أن منه ل أم

الصديقني. بني ما أفسدوارس بل الفتوحات، رس أودعها فقد العقول، عندها تقف ملحات القصة ختام ويف

كشفه. وعجائب علمه ألرسار واإلدراك الفهم

47

عربي بن الدين محيي

الغاية، عىل برصه وقع إذا إال البداية، شدائد عليه تسهل ال اإلنسان إن يقول: فهوالدين. محيي فهم يف آية وتلك

أخذت فإذا قوله، يف ويبهم شعره، يف يلغز الفتوحات، يف أبوابه مطلع يف فهوسبحا معه سبح إذا أما املعاني، عليه وأغلقت قطع القارئ بنفس اإلبهام وأخذ األلغاز،كما البداية، عليه وسهلت البدائع، له فت تكش وغايته؛ الباب نهاية إىل يصل حتى طويال،

الغاية. معاني عليه وتسهل سهلتعليه وردد الفتوحات أبواب من باب عىل برصه، اإلنسان حرص إذا يقول: ثمربانية، ونكت روحانية، حكم من فيه ما الباب وأعطاه والدرر، الآللئ استخرج بصريته،العباب. لجج وخوض الغوص، يف نفسه واتساع عزمه، وقوة فهمه، قدر عىل كل ويعطىألهل السابحني، وجبابرة الغواصني وملهرة والعزمات، الهمم ألصحاب الدين محيي

هم. ما وقليل لهؤالء، الدين محيي والصفاء، والنور اإلرشاقفليلتمس النفس، ضيق البرص، زائغ البصرية، مطموس القوى، خائر العزم، فاتر أما

الفاتحني. للمحلقني القمة وليدع حوافيه، عىل يرضب هينا، سهال له

48

األرضاملقدسة إىل

األهنى؛ األرغد العيش يف أيام، إال أشهر تسعة بعد املغرب، يف مكانه الدين محيي فارقثم آدم، ولد سيد وزيارة والعمرة، الحج معتزما سلطانه، وبني بينه الحال النحراف

اإلسالمي. بالعالم التطواف ثم القبلتني، وأوىل الحرمني ثالث إىل اإلرساعخواطر عن يتحدث أن بعد فيقول حياته، من الحقبة تلك الدين، محيي لنا خ ويؤريف يل «كشف الكرى: إىل أخريا استسلم ثم فكره، فيها طوف ليالء، ليلة وعن نفسه،من طائرا فيها فرأيت زواياه، يف تطري حسنة طيورا فرأيت العرش؛ نور عن مناميبمدينة وكنت املرشق، بالد إىل صحبتي آخذه أن فيه يل فألقي عيل، فسلم الطيور، أحسنفاس، بمدينة الحصار، محمد يل: فقيل ومن؟ فقلت: كله، هذا عن يل كشف حني مراكش؛وهو — له فقلت والطاعة، السمع فقلت: معك، فخذه الرشق، بالد إىل الرحلة هللا سأل

هللا. شاء إن صحبتي تكون الطائر: ذلك عنيحاجة؟ يف هللا سألت هل له: فقلت فجاءني، عنه سألت فاس مدينة إىل جئت فلماأنتظرك وأنا يحملك، فالنا إن يل: فقيل الرشق، بالد إىل يحملني أن سألته نعم، فقال:الديار إىل وأوصلته وخمسمائة، وتسعني سبع سنة صحبتي فأخذته الزمان؛ ذلك من

بها.» ومات املرصية،رجال ورأى العرش، نور يف وتطري تطوف الصالحني، أرواح الدين محيي رأىليذهب ينتظره الرجل هذا أو الطائر وهذا جميل، طائر هيكل يف روحه تمثلت صالحاها فوج قدر، قد قدر عىل بصاحبه والتقى الرحيل، يف له أذن قد أنه فعلم املرشق؛ إىل معه

عمره. من والثالثني السابعة يف وهو النيل، أرض إىل معا ركبهما

عربي بن الدين محيي

ومعارفه، علومه، حول: ضخمة عواصف تتقدمه مرص، إىل الدين محيي وفدحلقات له فعقدوا بالجفاء؛ الفقه ورجال العلماء اه وتلق والروحية، القلبية وكشوفاتهكانوا بل شيئا، مكانته من ينالوا فلم واملوجدة، بالحقد عليه ونفخوا والجدل، املناظرة

إزالته. تريد جبل عىل نفخت ناموسة، حكم حكمهم اليافعي: يقول كمامن السفهاء به سعى مبرصة، واضحة آيته وبرزت علمهم، صحف طويت فلمامرص، حاكم إىل والحسد، الغل محاريب يف ويتهجدون بالحقد، يقتاتون الذين العلماءمطالبني املارقة، الدينية واألهواء الخبيثة السياسية واألغراض والبهتان اإلفك إليه ناسبنيرجال من رجال له فأتاح حفظه؛ بعنايته رعاه الذي هللا ولكن مقامه؛ وهدر بإعدامهسيد لدى له فشفع العابد، الفقيه القايض البجائي، الحسن أبو الشيخ هو والجاه، العلممن وله مرص، يف البقاء منه والتمس وأجله، مرص حاكم به ففتن بينهما؛ جمع ثم مرص،الحج؛ إىل الذهاب يف استأذنه ثم را، ومقد شاكرا الدين محيي فأبى شاء، ما مناصبها

له. فأذن عهد، عىل ألنه

الحرام هللا بيت يف

ملشوق إنه القلب، ثائر العاطفة، مشبوب الحرام، املسجد قبل وجهه الدين محيي وىلالتي املباركة األرض إىل مشوق والحبيب، والروضة املنرب إىل مشوق املعمور، البيت إىلالريح هادئة البدر، ليايل من ليلة ويف املالئكة، ساحتها إىل وهبطت األنبياء، بها طوف

مكة. إىل الدين محيي هبط األنفاس، معطرةذاك إذ البلد كان — هللا فها رش — مكة إىل الشيخ وصل «ملا آبادي: الفريوز يقولبني كالقمر بينهم نزل الشيخ ولكن والبيان؛ الفتيا وأهل والمحدثني، العلماء مجمعإىل يسارعون كلهم وكانوا فيه، تكلموا علم كل يف بينهم إليه املشار هو فكان النجوم؛

تصانيفه.» عليه ويقرءون يديه، بني بالحضور ويتربكون مجلسه،ومدرسة، ة محج اليماني الركن من واتخذ يفارقه، ال هللا بيت الدين محيي ولزمكتبه أخلد ألف هللا بيت ويف واإلحياء، كالقوت الرجال، كتب ويقرأ درسه، فيها يلقيوخزائن النور، وكشوف القلوب، ينابيع من ر تفج كتاب، أخلد بل الحياة، عىل وأبقاهايزال وال عرصه، يف والعقول األفكار أعجز الذي الكتاب املكية»، «الفتوحات القرآنللصفوة املوهوب الرباني للعلم وآية الناس، عىل حجة ليكون وسيعجزها يعجزها،

50

املقدسة األرض إىل

تبارك — فيه يقول الذي املجتبى، الرعيل إىل صاحبه به وليضاف عباده، من املختارةعلما﴾. لدنا من ﴿وعلمناه وتعاىل:

هللا فتح ما الرسالة هذه أودعته فيما «واألغلب الفتوحات: عن الدين محيي يقولالمعظم.» ف المرش بحرمه له مراقبا قعودي أو المكرم، بيته طوايف عند عيل به

املنازل تتفاضل وكما بقوله: بمكة، عليه هبطت التي العظمى الفتوح يعلل وهويف تجده مما أكثر مسجد يف قلبك تجد وقد الجسمانية، املنازل تتفاضل كذلك الروحانيةعلما وأعظمهم رتبة، وأعالهم األرض، جميع تعمر املالئكة إن ويقول: املساجد، من غريهيف الجلساء لهمم فإن وجودك؛ يكون جلسائك قدر وعىل الحرام. املسجد عمرة ومعرفة:وأربعة نبي ألف مائة بالبيت طاف وقد مراتبهم، قدر عىل وهممهم تأثريا، الجليس قلبألنه به؛ متعلقة ته هم ترك وقد إال ويل، وال نبي من وما األولياء، سوى ألفا وعرشون

البيوت. سائر عىل هللا اصطفاه الذي البيتكشوفات فيه عليه هبطت معراج فيه له فتح الذي املقام، هو وذلك البيت، هو هذا

وجاللها. الفتوحات نور كان وجالله، املكان هذا نور ومن املكية، الفتوحاتواألولياء األنبياء طواف من املتبقية والعزمات، الهمم آثار ووجد هنا، قلبه وجد لقدوعىل الهمة، تكون املرتبة قدر وعىل الجليس، يكون الجلساء قدر وعىل املعمور، بالبيتمنازل بني لها بابا فليتمس الدين، محيي همة يعرف أن يرد ومن األثر، يكون الهمة قدر

الفتوحات.

51

الدين يفحياةحميي املرأة

ومن طريقة، وأوسطهم أفقا، أرحبهم هو ولهذا التصوف؛ رجال أعلم هو الدين محييداخل يعش فلم الحياة؛ تنس ولم هلل، هلل ما أعطت محكمة، معتدلة آراؤه جاءت هناأعباء ببعض القائم امللوك جليس كان بل والدنيا، الناس يعتزل ولم واملغارات، الكهوف

ومعلما. ومرشدا هاديا باألرض، الطواف الوجود، أحداث يف املساهم حكمهم،الحب الرشيف، الحالل الحب لها، وحبه بل وإكباره، املرأة إىل نظرته جاءت ثم ومن

نة. والس الكتاب يف املأثور الدينيعليه: هللا صلوات — الرسول قال فقد إلهي، وحب نبوي، مرياث عنده النساء وحبحبه ينسب فلم الصالة.» يف عيني وقرة والنساء، الطيب، ثالث: دنياكم من إيل «حبب

«حبب.» قال: ولهذا سبحانه؛ — هللا إىل إال فيهنإىل يحبب ال ألنه زهدا؛ عنهن اإلعراض يجوز فال املحبة، هذه يف العارفني وكمالولهذا منه؛ يقربه ما إليه حبب بل ربه، من يبعده ما — عليه هللا صلوات — الرسول

بامرأته. صالته عىل الرجل يؤجرفهو النفس؛ يف فطرة املرأة إىل الرجل وحنني بالرسول، واقتداء فريضة فحبهنهو فالدين وجهها؛ يف يقف أو الفطرة ليحارب اإلسالم جاء وما الجزء، إىل الكل حنني

عليها. الناس — سبحانه — هللا فطر التي الفطرةصالح ويف الدين، صالح املزاج صالح ويف الفطرة، تعارضمع إذا املزاج يستقيم والهللا صلوات الشارع به أتى الذي اإللهي للميزان اإلنسان خضوع برشط السعادة، الدين

عليه.مطلع يف بإشبيلية عرفها زاهدة، عابدة أوالهن: نساء؛ ثالث الدين محيي حياة ويفبنفيس أنا «وخدمت فيقول: الفتوحات يف عنها يحدثنا روحية، ا أم له فكانت شبابه؛

عربي بن الدين محيي

خدمتها القرطبي، املثنى بنت فاطمة لها: يقال بإشبيلية، العارفات املخبآت من امرأةأنظر أن أستحي وكنت سنة، وتسعني خمس عىل إياها خدمتي وقت تزيد وهي سنني،أربع بنت تحسبها وجمالها، نعمتها وحسن يها، خد حمرة من السن هذا يف وجهها إىلمن كل عىل تؤثرني وكانت هللا، مع حال لها وكان ولطافتها. نعومتها من سنة عرشةمنه يرتك ال بكله دخل عيل دخل إذا فالن؛ مثل رأيت ما وتقول: أمثايل. من يخدمهاوسمعتها شيئا. منه عندي يرتك ال بكله خرج عندي من خرج وإذا شيئا، عني خارجايف ناظرة إليه عينه مشهود، وهو به، يفرح وال هللا يحب إنه يقول: لمن عجبت تقول:أما ويبكون، محبته يدعون كيف البكاءون فهؤالء عني، طرفة عنه يغيب وال عني، كلإليه قربة الناس أعظم واملحب إليه، املتقربني قرب من مضاعفا قربه كان إذا يستحون؟

ألعجوبة. هذه إن يبكي؟ من فعىل مشهوده، فهوقالت: قولك. القول أمي، يا لها: فأقول أقول؟ فيما تقول ما ولدي، يا يل: تقول ثمعنه. شغلتني ما فوهللا تخدمني، الكتاب فاتحة حبيبي أعطاني لقد ملتعجبة؛ وهللا إنينحن فبينما تخدمها، الكتاب فاتحة إن قالت: ملا املرأة هذه مقام عرفت اليوم ذلك فمنترى؟ فماذا وأريده، «رشيش» يف زوجي إن أخي، يا يل: فقالت امرأة، دخلت إذ قعودأم، يا لها: وقلت العجوز، إىل وجهي فرددت نعم. قالت: يصل؟ أن وتريدين لها: قلتهذا يف حاجتها قضاء قلت: ولدي؟ يا تريد وما قالت: املرأة؟ هذه تقول ما تسمعني أالبه. تجيء أن وأوصيها الكتاب بفاتحة إليه أبعث إني والطاعة، السمع فقالت: الوقت.وذلك الفاتحة؛ قراءتها عند مقامها فعلمت معها؛ وقرأت تقرأها الكتاب فاتحة وأنشأتفلما القرآن، عطايا أرسار من رس هي هوائية، مجسدة صورة بقراءتها تنشيها أنهاإىل وصل حتى يلبث فلم كذا. أطلب الكتاب، فاتحة يا لها: تقول سمعتها صورة أنشأتها

أهله.أفرح؛ إني وهللا، يل: فتقول لك، يف لها أقول فكنت وتفرح، بالدف ترضب وكانتأبناء عىل يختارني حتى أنا من لنفسه، واصطفاني أوليائه من وجعلني بي اعتنى حيثعليه باعتمادي يشء إىل التفت ما أصعبها! ما غرية عيل يغار إنه ربي، وعزة جنيس،فما ذلك، من عجائب أرتني ثم إليه، التفت الذي ذلك يف ببالء أصابني إال عالة عنفيه زالت فما قامتها، قدر عىل بيدي قصب من بيتا لها وبنيت بنفيس، أخدمها زلتإىل والدتي جاءت وإذا الرتابية، أمك ونور اإللهية، أمك أنا يل: تقول وكانت درجت، حتى

يه.» تعق وال فربيه ولدي هذا نور، يا لها: تقول زيارتها

54

الدين محيي حياة يف املرأة

بينهما واتصل وحاورته، اإللهية املحبة يف فحادثته مكة، يف بها تعرف والثانيةرها يصو واصف، يصفه ال ما املعارف لطائف من عندها فرأى الخالصة؛ املودة حبلفطاب بالبيت، ليلة ذات أطوف «كنت رائعا: تصويرا األشواق ترجمان رشح يف لناالرمل، عىل وطفت الناس، أجل من البالط من فخرجت أعرفه، كنت حال وهزني وقتي،

فقلت: أحد. هناك كان لو يليني، ومن نفيس بها أسمع فأنشدتها أبيات، فحرضتني

م��ل��ك��وا ق��ل��ب أي دروا ه��ل ش��ع��ري ل��ي��تس��ل��ك��وا ش��ع��ب أي درى ل��و وف��ؤاديه��ل��ك��وا ت��راه��م أم س��ل��م��وا أت��راه��موارت��ب��ك��وا ال��ه��وى ف��ي ال��ه��وى أرب��اب ح��ار

الروم. بنات من بجارية فإذا فالتفت ؛ الخز من ألني كتفي بني برضبة إال أشعر فلموال إرادة أدق وال معنى أطيب وال حاشية، أرق وال منطقا أعذب وال وجها أحسن أر لمسيدي يا فقالت: ومعرفة، وجماال وأدبا ظرفا زمانها أهل فاقت قد منها، محاورة أظرف

قلت: قلت؟ كيف

م��ل��ك��وا ق��ل��ب أي دروا ه��ل ش��ع��ري ل��ي��ت

معروف، مملوك كل أليس هذا؟ مثل تقول زمانك عارف وأنت منك عجبا فقالت:صدق؛ لسان والطريق بعدمها، يؤذن الشعور وتمني املعرفة، بعد إال امللك يصح وهل

فقلت: قلت؟ فماذا سيدي، يا قل هذا؟ مثل يقول أن ملثلك يجوز فكيف

س��ل��ك��وا ش��ع��ب أي درى ل��و وف��ؤادي

املعرفة؛ من له املانع هو والفؤاد، غاف الش بني الذي الشعب سيدي، يا فقالت:صدق؛ لسان والطريق املعرفة، بعد إال إليه الوصول يمكن ال ما مثلك يتمنى فكيف

فقلت: بعده؟ قلت فماذا سيدي؟ يا هذا مثل يقول أن ملثلك يجوز فكيف

وارت��ب��ك��وا ال��ه��وى ف��ي ال��ه��وى أرب��اب ح��ار

55

عربي بن الدين محيي

شأنه والهوى بها؛ يحار فضلة للمشغوف يبقى كيف عجبا! يا وقالت: فصاحتالذاهبني، يف بصاحبه ويذهب الخواطر، ويدهش العقول ويذهب الحواس، يخدر التعميم،الئق. غري مثلك من ز والتجو صدق، لسان والطريق فيحار، باق هنا ها وما الحرية؟ فأينثم وانرصفت، سلمت ثم يل. فقلت: العني. قرة فقالت: اسمك؟ ما الخالة، بنت يا فقلت:

واصف.» يصف ال ما املعارف لطائف من عندها فرأيت وعارشتها، ذلك بعد عرفتهافيها وله العلم، أهل من لرجل هيفاء، عذراء طفلة أيضا، مكة يف بها التقى والثالثة:

رائعة. رائقة وتكنيهات أشعارالعلم أهل من فاضل برجل حبله اتصل كيف األشواق، ترجمان رشح يف لنا يذكربنت — عنه هللا ريض — الشيخ لهذا «كان الساحر: بقلمه متحدثا يقول ثم والكمال،ب وتلق بالنظام، ى تسم املناظر، وتحري املحارض، وتزين النظر، تقيد هيفاء، طفلة عذراء،وزينة الحرمني، شيخة الزاهدات، السابحات العاملات العابدات من والبهاء، الشمس بعنيوإن أتعبت، أسهبت إن الظرف، عراقية الطرف، ساحرة بالمني، األعظم األمني البلدكرمت وإن ساعدة، بن قس خرس نطقت إن أوضحت، أفصحت وإن أعجزت، أوجزتفامتطاه، الغرور بظهر وأغري خطاه، موأل الس قرص وفت وإن زائدة، بن معن خنسهللا أودع ما رشح يف ألخذت األغراض السيئة األمراض، الرسيعة الضعيفة النفوس ولوالبني بستان العلماء، بني شمس املزن، روضة هو الذي خلقها ويف الحسن، من خلقها يفالكرم، سابغة عرصها، كريمة دهرها، يتيمة منظومة، عقد واسطة مختومة، ة حق األدباء،ومن السواد، العني من وبيتها جياد، مسكنها باديها، رشيفة والديها، سيدة الهمم، عاليةاملعارف، أعراف فنمت أكمامه؛ الروضملجاورتها وفتح تهامة، بها أرشقت الفؤاد، الصدرفراعينا ملك؛ وهمة ملك، مسحة عليها عملها، علمها واللطائف، الرقائق من تحمله بمامن فقلدناها والوالد، العمة صحبة من ذلك إىل انضاف ما مع ذاتها، كريم صحبتها يفولم الالئق، الغزل وعبارات الرائق، النسيب بلسان القالئد، أحسن الكتاب هذا يف نظمناولطافة عهدها، وقديم ودها كريم من األنس ويثري النفس، تجده ما بعض ذلك يف أبلغنفس عن فأعربت البتول؛ والعذراء واملأمول، السؤل هي إذ مغناها؛ وطهارة معناهاالكريم، ملجلسها وإيثارا القديم، باألمر اهتماما العالقة؛ من عندنا ما عىل ونبهت تواقة،

أعني.» فدارها أندبها دار وكل أكني، فعنها الجزء، هذا يف أذكره اسم فكلترجمان ديوانه يف أشعاره الدين محيي إىل أوحت التي الهيفاء العذراء هي تلكواألثر. الولد منها له وكان بها، وبنى الدين محيي أحبها التي العذراء هي وتلك األشواق،

56

اإلسالمي السائح

توثقت مكة ويف الفتوحات، كتب ففيه الدين؛ محيي حياة يف األثر بعيد الحرام البيت كانمعارفه بالدهم إىل ويحملون لهم، التدريس يتوىل فج كل من الوافد بالحجيج صالته

العاملي. املجتمع هذا إىل الوافدين وإمام املعمور، البيت علماء زعيم فهو وعلومه؛فودع اإلسالمية؛ بالعواصم تطوافه ليتم بالرحيل، األمر يلبي أن له آن وأخريامهابط من وغريهما والطائف املدينة وفارق وقلبه، روحه إىل املحببة العربية الجزيرة

الخوالد. الذكريات وملهمات الوحي،التصوف برجال والتقى ادها، وزه بعبادها وطاف املوصل، إىل الدين محيي وذهبالعلم دروس ويلقي ومساجدها، محاربها يف ويتهجد يركع بغداد، إىل وجهه وىل ثم فيها،

هللا. ورجال األئمة به ويلوذ ومعاهدها، مدارسها يفباإلمام بغداد يف الدين محيي «اجتمع اإلرشاد: يف اليافعي هللا عبد اإلمام يقوليف تقول ما عربي: البن فقيل افرتقا، ثم ساعة منهما كل فأطرق السهروردي،تقول ما للسهروردي: وقيل قدمه. إىل مفرقه من سنة مملوء فقال: السهروردي؟

العارفني.» وإمام الحقائق بحر فقال: الدين؟ محيي يفقدرت دارا، له ووهب وأكرمه، فأجله «قونية» بملك والتقى الروم، ببالد طوف ثمغري يل ما فقال: هلل. يشء له: فقال سائل به مر بها، وأقام نزلها فلما درهم، ألف بمائةشيئا. يملك وال الدنيا يملك الدين محيي وعاد السائل، فتسلمها لك، فخذها الدار هذه

— الرسول ألن بها؛ يموت أن ورغب أحبها التي األرض وهي الشام إىل هبط ثموالعلماء. األبدال بلد إنها قال: — عليه هللا صلوات

ومثابة للقاصدين كعبة بالشام الشيخ كان «وقد املخزومي: اإلسالم شيخ قالجميعا له يعرتفون األوفياء، به ويلوذ األدباء، به ويحف العلماء، إليه يرتدد للمتفقهني،

عربي بن الدين محيي

طويال، أمدا أظهرهم بني أقام وقد إنكار، غري من املحققني أستاذ وأنه املقدار، بجاللةالدعاء.» ويسألونه بينهم، ويتداولونها مؤلفاته، يكتبون

وسادتها؛ األرض ملوك عطايا إليه وحملت الدنيا، عليه وأقبلت بدمشق، واستقرالكرم. بريح لقب حتى إليه يصل ما بكل يتصدق فكان

بدمشق «ورأيت عرصه: سادات من رأى ن عم رسالته يف الدين، صفي اإلمام يقولالطريق، علماء أكابر من وكان العربي، بن الدين محيي الوحيد العارف اإلمام الشيخشهرية، ومنزلته الوهبية، العلوم من له وقر وما الكسبية، العلوم سائر بني جميع

القرآن. هو خلقه وحاال، وخلقا علما التوحيد عليه غلب وكان كثرية، وتصانيفهالباهرة.» وآيته الظاهرة هللا حجة وهو

58

بامللوك صالته

بالسلطان، التصوف يف ب يلق كما امللوك، صاحب التصوف، رجال بني هو الدين محييالروح ملوك من ملك ومواهبه وعزيمته وشمائله، خلقه يف وهو السلطنة، مقام ويعطى

يسامى. وال يطاول الوعمل وصافاه وصادقه مراكش، بملك شبابه مطلع يف الدين محيي اتصل ولقدفسمح والبقاء، الصحبة منه والتمس وأكربه واليها فأحبه مرص؛ إىل هبط ثم وله، معه

البقاء. وأبى بالصحبة لهيف الرشق وسادة الدنيا فرسان وهم األيوبيني، بملوك حبله فاتصل بالشام، استقر ثميلتمسون إليه وسعوا عليا، مكانا فرفعوه الصليبيني؛ وجه يف اإلسالم وحماة الوقت، ذلك

الدعاء.1 يلتمسون كما العلم، لديهوحاشاه هذا هللا لرجال ينبغي فما والتملق، الزلفى عىل بامللوك صالته تقم ولممقام الحق، كلمة مقام لديهم الدين محيي قام بل ومقاماته، أنواره يف هو من وهو منه،الناصح فهو الئم، لومة الحق يف تأخذه فال رسالته؛ عىل األمني العالم مقام املرشد، املربي

وإشاراته. لفتاته يف للحق النارص أبدا،حلب، مدينة صاحب الظاهر امللك عند مسموعة كلمة يل «كانت الدين: محيي يقولحوائج من إليه فرفعت أيوب، بن يوسف بن الدين صالح هللا لدين النارص امللك ابنيف كلمته أني منها: وكان كلها، قضاها حاجة عرش وثمان مائة واحد مجلس يف الناس

قتله. عىل وعزم بطانته، جملة من وكان ملكه، يف وقدح ه رس أظهر رجل

ومرشدا. وملهما ومحرضا، داعيا الصليبية الحروب يف كبري دور الدين ملحيي كان 1

عربي بن الدين محيي

من وأنه املذكور، هذا ذنب املوىل أعرف حتى وقال: أطرق، شأنه يف كلمته فلماوأنك امللوك، همة لك أن تخيلت هذا، يا له: فقلت امللوك، عنها تتجاوز ال التي الذنوبيقاوم وكيف رعيتك، من واحد وأنا عفوي، يقاوم ذنبا العالم يف أعلم ما وهللا سلطان.عنه، وعفا حه ورس فخجل الهمة؛ لدنيء إنك هللا، حدود من حد غري يف عفوك رجل ذنبرفعت ما املجلس ذلك وبعد امللوك. يجالس من مثلك جليس، من خريا هللا جزاك يل: وقال

كانت.» ما كانت ف توق غري من قضائها يف سارع إال حاجة إليهعىل ووضوح إرشاق يف يدل عظيم، ملك لدى عظيم رجل من عظيم ملوقف وإنهالدين محيي لريمي وحتى باملوىل، به ليلق حتى النارص، امللك لدى الدين محيي مكانةالعظيم، امللك يغضب وال الهمة، بنقص فيصفه ملك؛ إىل ه توج كلمة بأعنف وجهه يفخريا، هللا جزاك يقول: ثم امللوك، مثله عن تعفو ال الذي الذنب عن يعفو ثم يخجل، بل

امللوك. يجالس من فمثلكوميادينه. الشام ساحات يف متكاتفة مجتمعة أوروبا امللوك هؤالء هزم الخلق، وبهذاا رد الروم؛ بالد صاحب هللا بأمر الغالب السلطان إىل رسالة الدين محيي ويكتب

وستمائة: تسع سنة له أرسله خطاب عىل

الرحيم الرحمن هللا بسموالده إىل — سلطانه عدل هللا أدام — هللا بأمر الغالب السلطاني االهتمام وصلوالنصيحة الدينية، بالوصية الجواب عليه فتعني العربي، بن محمد له الداعييقدر أن إىل الكتاب، ويحتمله الوقت يعطيه ما قدر عىل اإللهية، السياسية

الحجاب. ويرتفع االجتماع

يقول: أن إىل

ضل الذين أعماال، الناس أخرس من املسلمني أئمة بني غدا أراك أن فاحذرشكرك يكون وال صنعا، يحسنون أنهم يحسبون وهم الدنيا، الحياة يف سعيهماملعايص، وإظهار النعيم، بكفران ملكك استواء من عليك به هللا أنعم ملاأقوى هللا فإن الضعيفة، الرعية عىل سلطانك بقوة السوء النواب وتسليطهذا، فيا ذلك. عن املسئول وأنت واألغراض، بالجهالة فيهم فيحتكمون منك،عليك ع وس هللا أن يغرنك وال الظالم، من املظلوم فأنصف إليك؛ هللا أحسن قدوتعدي والجور، املخالفة عىل إقامتك مع ومهدها لك البالد وسوى سلطانك،

60

بامللوك صالته

الحق من بإمهال الصفات هذه مثل عىل بقائك مع االتساع ذلك فإن الحدود؛إىل وتصل ى، المسم األجل بلوغ إال بأعمالك تقف أن وبني بينك وما إهمال، ال

وأجدادك. أباؤك إليها سافر التي الداررفع — هم ما وقليل — واملسلمني اإلسالم عىل يمر ما أشد ومن هذا، ياشاء إن ترشد كتابي فتدبر الرشك؛ كلمة وإعالء بالكفر، والتظاهر النواميس

والسالم. به العمل لزمت ما هللا،

الدنيا. علماء ال هللا علماء امللوك، إىل العلماء لغة هي هذهوالتقوى، العلم رجال أصحابه؛ من رفقة يف يسري كان أنه الدين محيي لنا ويرويفإن لديه؛ به أوقعت بالسالم، منكم بدأه من ألصحابه: فقال قادما، الخليفة فرأى ونظر

ذلك. الخليفة تعود وما املرتجل، عىل الراكب يسلم أن نة السفرأى نظر ولكنه الخليفة؛ ب وتعج بالسالم، إليه يلقوا فلم إليهم، الخليفة ووصلالسالم وعليكم فقالوا: هللا، ورحمة عليكم السالم وقال: دابته، بزمام فألوى الدين، محيي

وبركاته. ورحمتهوعلمتموني كريمة، محمدية سنة أحييتم لقد هللا، رحمكم وقال: الخليفة، م وتبس

واجبا.للملك كتبها الشيخ، بخط إجازة رأيت لقد القاموس: صاحب آبادي الفريوز قالوجميع كتبي عني يروي أن أيضا له «وأجزت آخرها: يف ورأيت حلب، صاحب المعظمالكبري، التفسري منها: مؤلف، وأربعمائة نيفا عد حتى وكذا كذا جملتها ومن مؤلفاتي،

علما﴾.» لدنا من ﴿وعلمناه تعاىل: — قوله إىل فيه وصل الذيله، امللوك تلمذة عىل تدل آبادي، الفريوز لنا ينقلها التي التاريخية؛ الوثيقة وتلك

مؤلف. أربعمائة عىل أربت التي مؤلفاته اقتناء عىل وحرصهمعندهم؛ الكلمة مسموع تكون أن إال امللوك، وصحبة «وإياك الدين: محيي يقولهللا.» عند الشقاء إىل يؤدي ما فعل عن سلطانا ترد أو مظلوم، عن تدفع أو مسلما فتنفعفكان الغالية، الكلمات تلك حدود يف فعاش ورشوطه؛ بقوله الدين محيي وىف ولقدللملوك ا راد والدين، للحق نارصا املظلومني، عن مدافعا امللوك، عند املسلمني لعامة شفيعا

هللا. عند الشقاء إىل يؤدي ما فعل عنومن الدين، محيي أمثال من واإليمان، الروح رجال إال بها ينهض ال رسالة وتلك

الدين؟ كمحيي الناس يف

61

األخري املعراج

األعىل، املأل معارف إىل بهمته ويعرج السماء، آفاق بروحه يجوب الدين محيي عاشهبات عليه تتنزل الصفاء، وأحوال النور مقامات يف عاش بربه، أبدا القلب معلق عاشرسالته، اكتملت ا فلم مرضيا، راضيا محبوبا، محبا عاش ومرشدات. مبرشات خالقهجديدا تفسريا له يصوغ القرآن عىل أقبل األعىل، الرفيق إىل والرحيل األجل، بقرب وأحس

قلبه. وإلهامات وفتوحاته كشوفاته هدى عىل

الشام. «بدمشق» عربي بن الدين محيي رضيح

وثالثني ثمان سنة اآلخر ربيع من والعرشين الثامن يف الجمعة، ليلة يف دمشق ويفآلي ا مفرس األكرب، بالفتح منطلقا يمناه يف والقلم يديه، بني واألوراق واملحابر وستمائة،

عربي بن الدين محيي

وقف علما﴾، لدنا من ﴿وعلمناه تعاىل: — قوله إىل وصل فلما الحكيم، والذكر القرآنإىل يتصاعد بنور فإذا صحبه؛ إليه وهرع الكبري، الرأس ومال الجسد، واهتز القلم

الخالدة. الحياة تلك رس معه يحمل السماء،— هللا إىل تهدي كانت التي املحجة تلك فتحطمت ربه، إىل الدين محيي ذهبومنهاجا رشعة تراثه غدا فقد وإرشاقا؛ وضوحا املحجة تلك زادت بل هللا، أستغفر

والتقوى. اإليمان إىل تهدي الرباني، الطريق يف وتيضء تيضء وساريةلهم وصفا أر فلم ورعودا؛ صياحا حوله الدنيا ملئوا الذين الدين محيي خصوم أمامكانه، من إزالته تريد جبل عىل نفخت ناموسة حكم حكمهم اليافعي: قول من أبلغوبها األرض، تثبث بها راسيات، شوامخ الجبال وتبقى الناموس، من بأمم الريح وتذهب

الدنيا. ميزان يحفظ

64

الصويف النهج

تبارك — فيقول العابدين؛ للمؤمنني األعىل واملقام املثىل، الحالة — سبحانه — هللا يصفموات الس خلق يف ويتفكرون جنوبهم وعىل وقعودا قياما هللا يذكرون ﴿الذين وتعاىل:

باطال﴾. هذا خلقت ما ربنا واألرضاآليات يدرك وفكر واملعرفة، الروحانية يلهم ذكر وفكر، ذكر الحق: فاإليمانوما الكونية، هللا آيات يف وتفكر واألرض، السموات لفاطر والنهار بالليل ذكر وأرسارها،سابحات بأمره، مسخرات وشموس، وأقمار وكواكب نجوم من السموات عليه اشتملتوثمرات األلوان، مختلف نبات من األرض حوت وما بعلمه، التدبري أحكم مدبرات بإذنه،له كل وكنوز؛ ومعادن واألريج، األكل يف بعضا بعضها ويفضل واحد، ماء من تسقى

الحياة. قيام يف نافع وسهم يؤديها، رسالةوتفكر هللا﴾، ويعلمكم هللا ﴿واتقوا الرباني: اللدني العلم إىل معارج والتقوى والذكرما استنباط وثانيهما: عليه. ويدل الحق عظمة إىل يرشد أولهما: رضبني: عىل هللا آيات يف

الدنيا. علوم وهي ورفاهيتها، وهداها اإلنسانية لخري قوى من اآليات تلك يفاآليات يف والتفكر والتأمل والتقوى، بالذكر معارفه اكتسب من الكامل فاملؤمن

يحيف. وال يميل ال الذي الرشع، بميزان االعتصام مع والبينات،ألوانها د تعد عىل املعرفة إىل الظمأ هو فالتصوف ومعناه، مبناه يف التصوف هو ذلك

الدنيا. وعلوم الدين علوم يف املثالية إىل الظمأ وصورها،املحبوب، املحب الوجود، الواجب املعبود — سبحانه — هللا غايتها الدين وعلومووجدانه، وروحه بقلبه إليه الصويف يذهب وعمادها، السماء وقيوم وربها، الحياة واهبكأنه حاالته، كل يف هلل املراقب واملحبة، الطاعة يف الفاني الساجد الراكع الذاكر أبدا فهو

ونجواه. رسه ويعلم يراه، هللا فإن يراه يكن لم فإذا مبرصة، مشاهدة هللا يرى

عربي بن الدين محيي

الحب وإشاعة العدوان، ومنع األذى وكف اإلنسان، سعادة غايتها الدنيا، وعلومره وسخ الكون، له وهب الذي وخالقه بربه خاطرة، أو لفتة كل يف وتذكريه والسالم،

وأراد. أحب ما وكنوزه خرياته من ليعطيه له، بأمرهخلقت ﴿وما لنفسه: وخلقنا ألرزاقنا، وساحة لعقولنا، ميدانا لنا، الكون هللا خلقهللا، بحمد نسبح ثم ونتدبرها، الكون آيات يف فلننظر ليعبدون﴾، إال واإلنس الجنيف وانطوى خفي ما األرض من ولنستنبط هللا، ونشكر األرض خريات من ولنطعمأفضاله، ذاكرين والشكر، بالحمد جميعها األشياء موجد إىل رءوسنا لنرفع ثم باطنها،

ومننه. لنعمه مقدرينحياتهم، به توزن الذي امليزان هو وهذا والتفكر، الذكر يف املتصوفة نهج هو ذلك

ومعارفهم. أعمالهم به وتوزنومنابعها، العلوم مناهل إىل معراج والتفكر والفكر الرباني، للعلم طريق فالتقوىاتخذ وما العلماء، هم هللا فأولياء الدين؛ محيي يقول كما هللا فضل يف ما أفضل والعلموالطاعة الطاعة، يوجب والعلم العلماء. عباده من هللا يخىش إنما أبدا؛ وليا جاهل من هللايقول كما أو واإللهام. واإلرشاق الفيض يصاحب هللا وحب هللا، من املحبة تستوجبمن قلوب يف هللا يقذفه نور هو وإنما والرواية؛ التلقني بكثرة العلم «ليس مالك: اإلمام

فأحبهم.» أطاعوهالعارفني، ومقامات الصالحني ألحوال منكرا أمري مبدأ يف «كنت الغزايل: اإلمام يقولبالواردات، حظيت حتى باملجاهدة يصقلني يزل فلم النساج، يوسف شيخي صحبت حتىقال: يكلمني؟ أوالشيطان فقلت: حامد. أبا يا يل: فقال املنام، يف — تعاىل — هللا فرأيتأقواما واصحب مساطرك زر حامد، أبا يا قال: ثم الست. بجهاتك املحيط هللا أنا بل ال؛أذقتني أال بعزتك قلت: بحبي. الدارين باعوا الذين هم نظري، محل أريض يف جعلتهمفاخرج الدنيا؛ بحب تشاغلك وبينهم: بينك والقاطع فعلت. قد قال: بهم. الظن حسن بردقديس. جوار من أنوارا عليك أفضت فقد صاغرا، منها تخرج أن قبل مختارا منهاالرؤيا عليه فقصصت النساج، يوسف شيخي إىل وجئت مرسورا، فرحا فاستيقظتبصريتك ستكحل صحبتني إن بل البداية، يف ألواحنا هذه حامد، أبا يا وقال: م، فتبستدركه ال ما تشاهد حتى بذلك، ترىض ال ثم حوله، ومن العرش ترى حتى التأييد بإثمدهللا من الخطاب وتسمع عقلك، طور عىل وترقى طبيعتك، األكدار من فتصفو األبصار؛

العالمني﴾.» رب هللا أنا ﴿إني كموىس: — تعاىل —

66

الصويف النهج

يف القائلون يقول «وماذا الصويف: النهج عن ومدافعا ثا متحد الغزايل؛ اإلمام ويقولالقلب استغراق ومفتاحها: تعاىل، — هللا سوى ا عم القلب تطهري رشوطها: أول طريقة

هللا. يف بالكلية الفناء وآخرها: هللا، ذكر يف بالكليةوأرواح املالئكة يشاهدون يقظتهم يف إنهم حتى املكاشفات، الطريقة: هذه وأولمشاهدة من الحال يرتقى ثم فوائد، منهم ويقتبسون أصواتا، منهم ويسمعون األنبياء،

النطق.» نطاق عنها يضيق درجات إىل واألمثال، الصورالضوء هذا وعىل املتصوفة، لدى العلم رس نعرف أن نستطيع الضوء، هذا وعىلاإلسالمي للفكر الدين محيي تركه الذي العظيم الرتاث ذلك وندرس نتدبر أن نستطيعالرشيعة أرسار يف لدنية وكشوف والقلوب، األرواح عوالم يف جوالت من العاملية، واملعارفالربانية، واألرسار اإللهية والنظم الكونية اآليات يف الزواخر كالبحار وفيوضات ومعارفها،والفكر، الذكر قوامه الذي اللدني، العلم وفيوضات القرآن خزائن من جميعها املستمدة

والرضا. واإلرشاق

اللدني العلم

معارفه تدفقت فقد الدين، محيي يف الحياة رس هما الرباني، والفيض الباطني الكشفبل اإلسالمي، الفكر رجال بني وتميز الفيض، ذلك من علومه وصيغت النبع، هذا منالحكمة أو اللدني، العلم هذا من األوفر والحظ األكرب النصيب صاحب بأنه العاملي،املتأدب املؤمن «إن الدين: محيي يقول عباده. من يشاء من هللا يؤتيها التي الربانيةوقعد سواه، ا مم فكره غ وفر والذكر، الخلوة لزم إذا رشيعته، عىل املحافظ ربه، بآدابواألرسار العلوم من ويعطيه — تعاىل — هللا يمنحه حينئذ ربه؛ باب عند له يشء ال فقريا— فقال الخرض، عبده عىل — سبحانه — بها من التي الربانية، واملعارف اإللهية،تعاىل: — وقال علما﴾، لدنا من وعلمناه عندنا ن م رحمة آتيناه عبادنا ن م ﴿عبدا تعاىل:سبحانه: — وقال فرقانا﴾، لكم يجعل هللا تتقوا ﴿إن وقال: هللا﴾، ويعلمكم هللا ﴿واتقوااإللهام.» فيوضات أعىل والفرقان العلم، هو والنور به﴾. تمشون نورا لكم ﴿ويجعل

يف والعلم الحكمة يفجر الذي الرباني، الفيض حقيقة يف محكمات، بينات آياتكل من خاليا مجردا خاشعا، ربه باب عىل جالسا يعيش الذي الذاكر، العابد املؤمن قلبيميش وفرقانا به، يعيش نورا قصده لمن يجعل الذي القادر الواهب إىل متوجها يشء،

هداه. عىل

67

عربي بن الدين محيي

جلت — ربه مع الخلوة يف الهمة لصاحب يحصل «فحينئذ الدين: محيي يقول ثممن ألنها البسيطة؛ عىل متكلم كل عندها يغيب ما العلوم من — منته وعظمت هيبته

العليم.» الوهاب منة ألنها طاقته؛ وال متناوله يف وليست العقل، أحكام وراءدوحة سنة، ثالثني الدوحة تلك تحت بجلويس فقال: نلت؟ ما نلت بم للجنيد: قيل

الكاملة. والعبودية والطاعة، املراقبةميتا علمكم أخذتم الرسوم: لعلماء محاججته يف يقول البسطامي يزيد أبو وكان

يموت. ال الذي الحي من علمنا وأخذنا ميت، عنأكتبه ما جميع «إن يقول: فهو املعاني، بهذه يكتب ما كل يف يرصح الدين ومحييويقول اإللهام.» ملك يد عىل روعي يف نفث عن هو وإنما وفكر؛ روية عن ليس تأليفي يفهذا يف وأكتبه كتبته ما «وجميع الفتوحات: من وثالثمائة والسبعني الثالث الباب يفذلك كل كياني؛ روح يف روحاني نفث أو رباني، وإلقاء إلهي إمالء من هو إنما الباب؛هي إنما «وتصانيفي يقول: ثم االستقالل.» بحكم ال لهم، والتبعية لألنبياء، اإلرث بحكم

منه.» واإلمداد فيه الفهم مفاتيح أعطيت فإني وخزائنه؛ القرآن حرضة من— الرسول قول لهم والتبعية لألنبياء اإلرث بحكم قوله: من الدين محيي ويقصديف والنفث والعلم، الكشف يف أي: إرسائيل.» بني كأنبياء أمتي «علماء عليه: هللا صلوات

اإللهي. والفيض واإلمداد، الروع،قديما األريض، الكوكب أنحاء سائر يف والحوار، الجدل حوله أثري الباطني، والكشف

وحديثا.ويقررون بعاملنا، املتصلة الخمس الحواس إال بابا والعلم للمعرفة يرون ال فاملاديونوالتصور الخيال كان وما والتصور. الخيال غري املعرفة منه تصدر هذا فوق مصدر ال أنالثابتة، الصحيحة والعلوم اليقينية، املعارف يف حكومته ترىض حكما األيام من يوماأصحاب من مسلكهم سلك ومن الباطني، والكشف الدين، برجال التهكم شديدو وهم

الروحي. والصفاء العقلية، الرياضةأن فيقررون ومذاهبهم، وألوانهم أديانهم اختالف عىل والروحانيون الصوفية أماأساسها املشاهد، امللموس الواقع بها ويعرتف املنصف، العقل يقرها باطنية وسائل للعلمالنفس بني أو الروحانيون، يقول كما الروحاني، والعالم اإلنسانية النفس بني الصلةاملعلم هو هللا «إن الدين: محيي يعرب كما أو املتصوفة. يقول كما وخالقها، اإلنسانيةمن الحكمة ويؤتي البيان، علمه اإلنسان خلق كله، للوجود الحقيقي والمؤدب الحقيقي،

68

الصويف النهج

اصطفى من ب وأد علما، لدنه من قربه، ويقرب نهجه يسلك ومن الخرض، وعلم يشاء،تأديبه.» فأحسن واختار

محاريب يف وتطهرت روحه وصفت وظلماتها، املادية شوائب من نفسه خلصت فمنوآياته، الوجود أرسار من عليه أفيض فأحبه؛ عنه هللا وريض املحبة، ومناجاة الطاعة،الخمس، الحواس تدركه وما الخمس، الحواس عىل يعلو ما وأرسارها العلوم وإرشاقاتأستاذه يقول كما أو الغزايل، يقول كما النطق، نطاق عنها يضيق وعلوم بمعارف وظفرتدركه ال ما يرى حتى يرىض ال ثم حوله، ومن العرش يرى حتى النساج، يوسف

العالمني﴾. رب هللا أنا ﴿إني كموىس: الخطاب يسمع حتى يرقى ثم األبصار،الصفاء تتبع الرحمن، عرش تحت من المفاضة السماء، من الهابطة واملعارفما أسمع ولكني أعمل ال أنا فقال: نفسه عن «موسيه» الروحاني الشاعر كتب وتالزمه،يقول: الحب صقله الذي «المارتني» وكان أذني. يف يناجيني مجهوال إنسانا فكأن أكتب،وشاعرها الهند زاهد «وطاغور» يل. تفكر التي أفكاري هي ولكن يفكر؛ الذي أنا لستذهنه. يف تامة فيجدها فيستيقظ تتم، لم الشعر من قطعة يف يعمل وهو ينام بأنه يقولما بأذني ألسمع إني فقال: تالمذته إىل تحدث فقد اليونان، فيلسوف «سقراط» أماتحل «الفارابي» اإلسالم فيلسوف وكان معاريف. استمددت ومنها مجهولة، روح إيل تلقيهالكمال نحو أخرى خطوة فيخطو سينا» «ابن أما املنام، يف الفكرية مشاكله أعظم لهفإذا وسبح، فصىل الصالة إىل هرع الفكر، أمور من أمر عليه استعىص إذا إنه فيقول:الفيض عىل النفسية الدراسات يف فلسفته بنى قد «وأرسطو» املبني. كالصبح يشء بكل

واإللهام.والهبات؛ الفيض يف الكمال ولكن املرشق، الجميل الروح وهبات الصفاء، ثمرات تلكالتلقني لهم فأولئك واملحبة؛ والرضا واملناجاة، والذكر والعبادة، الطاعة لرجال هو إنما

والفرقان. والنور واملشاهدةالطاعة لطريق السالكون هل اللسان: به يدور أن بد ال سؤال، ذلك بعد ويأتيالربانية، والعلوم الباطنية املعارف هذه إىل جميعا يصلون والصفاء، والذكر والعبادة

واملكاشفات؟ والفيوضات واإلرشاقاتقدر فعىل العرص، بلغة شئت وإن الهمة. قدر عىل الفتح إن الدين: محيي يقولوكما أيضا، الروح وطاقات مختلفة، العقول فطاقات الذاكر؛ للعابد الروحية الطاقةوجمودا هنا وعبقرية وانخفاضا، علوا الظاهرية: الدراسة يف العلماء كفاءات تتباين

والكشف. الفتح يف العابدين، املتطهرين كفاءات تتباين كذلك هناك،

69

اللدين العلم من الدين مكانةحميي

العابدين كثرة عىل يومنا، إىل والهدى بالخري الدنيا أسماع املحمدية الدعوة قرعت ومنذلخالقهم املتهجدين ربهم، إىل املنقطعني والصفاء، املحبة محاريب يف املتطهرين الذاكرينمن وألوانا األمم، من شتيتا ضمت والتي الدنيا، قلب تشغل التي املحمدية الرقعة تلك يفيزاحم ثانيا رجال األمة تلك تاريخ يعرف لم واألئمة، العباقرة أنجبت والتي الشعوب،الربانية. والعطايا والهبات، والفيض الكشف علوم يف الشامخة، قمته يف الدين محيي

مجتهد فيه نظر إن الدين محيي كالم «إن والجواهر: اليواقيت يف الشعراني يقولتعليالت وعىل االستنباط، وجوه يف أرسار عىل واطلع علمه، إىل علما ازداد الرشيعة، يفأو بالطبيعة، عالم أو للمنامات، معرب أو مقرئ، أو لغوي، أو عنده، تكن لم صحيحةعالم أو صويف، أو منطقي، أو نحوي، أو بالهندسة، عالم أو بالطب، خبري أو متحدث،العقل يذهل ما العلم من لديه وجد وأرسارها، والحروف األسماء وبعلم وطرقه، بالحديث

إنسان.» بال عىل قط تخطر لم علوما وغريها العلوم هذه يفيد فهو ه، ويحرياألغبياء «تنبيه أسماه: له كتاب يف منها علم آالف ثالثة نحو إىل الشعراني أشار ولقدومرتبة الدين محيي كالم «إن أيضا: الشعراني ويقول األولياء»، علم بحر من قطرة إىلالذهب.» مطلق إىل بالنسبة الذهب إكسري كمرتبة الصوفية، من لغريه بالنسبة علومه

صخابة، طاغية عبابه فأمواج ذاهلة؛ متحرية أبوابه عىل العقول تقف الدين ومحييغاصت مهما عمقا الغور عميقة صفائها، يف أو ضجيجها يف ولكنها رقراقة، هادئة ثم

بالقصور. شاهدة بالعجز، معرتفة ترتد أبدا فهي نهايته؛ عن بحثا العقولفهو والدنيا؛ الدين علوم من عجيب مزاج الدين محيي علوم أن هذا ومرجععوالم يف أودع وما الحسنى، أسمائه وأرسار — وجل عز — هللا صفات عن يحدثك

عربي بن الدين محيي

مزجها وأرسار املعادن خواص عن يحدثك ثم وآيات، آيات من والكلمات الحروفوحركاتها وسريها السماوية واألجرام الكواكب إىل يثب ثم وموازينها، وذارتها وتحولها،عىل بك يعطف ثم وعواملها، وجواهرها وخصائصها البحار إىل بك يعود ثم ونواميسها،والرشائع، األديان إىل ثم والجوارح، والهوى النفس إىل وينتقل ومعارجها، الروح دروبكل منه ن تكو الذي واملاء الكون، منه خلق الذي ل األو العماء إىل ثم وشارحا، مقارناإىل ثم ونشوره، وبعثه ومالئكته وموازينه ورصاطه األخروي العالم إىل وفجأة حي، يشءليعطيك بأذنك يأخذ تفيق أن وقبل وخواصها، والنباتات األدوية، وعجائب الطب دنياعالم من طائر جناحي عىل أبدا معه فأنت والدوائر؛ والزوايا واملثلثات الهندسة يف درسايف األعىل املأل وأحاديث املالئكة تسبيح يسمعك الرسعة، جبار الحركة، عنيف مسحور،واحدة. لحظة طريف يف املحيطات أعماق يف وتالطمها األمواج واصطخاب العليا، اآلفاقالفيوضات هذه كل متابعة عن عقلك وعجز الرهيبة، الرسعة هذه من رأسك دار فإذاباملقامات وحدثك أشعاره أسمعك أشياء، عنك وغابت شيئا ففهمت املتباينة؛ العلميةوالدقائق البيانية النكت عليك ورسد واألولياء، الصالحني بقصص وناجاك واألحوال،أغلق وما املفرسون، فيه تورط وما الفقهاء، فيه وقع وما الصوفية، والرقائق النحوية،قليال، الالهثة أنفاسك اسرتددت فإذا واألشاعرة. املعتزلة عىل ألبس وما املتكلمني، عىلمعنى، نقيضه وعىل شكال، عاملنا صورة عىل جديدة، دنيا إىل جامحا عنيفا بك قذفالتي واألرض يدك، إىل يثب الذي الشهي، والثمر الساري والخري والجمال الصفاء فهناكال التي الكريمة الرحيمة والنظم الخيال، صاغها التي والقصور قدمك، تحت تطوىمشكالت إىل يأخذك ساحرة، جميلة بها تحس التي النشوة تلك ويف إنسان، بها يشقىالتفجر وقوة بالنسبة، اليوم ى يسم ما أو املوازنة، ونظرية األرض، وكروية الفرد، الجوهريف الدين محيي مع التطواف تستطع فلم قواك، خارت فإذا بالذرة، اليوم ى يسم ما أو

كليلة. ضئيلة خطى إال ساحاته يف قطعت وما الشوط بداية يف بأنك فاعلم كتبه؛من ألوانا عليك يعرض رجل مع أنك عجبا، أمرا تذكرت بك، مر فيما تفكرت فإذاتمت وال سابقة، علوم إىل بصلة تمت ال املعارف من وألوانا العلم، من وألوانا الفكر،يذهب ال الدين فمحيي وحده؛ الدين محيي نبع لمن إنها كاتبة، مبدعة أقالم إىل بنسبةاإلمام يقول كما أو وحدها، قائمة شامخة، قمة هو بل غريه، مذاهب وعلومه معارفه يف

تخلفها.» أمة أن أحسب وما قبل، من أمة تماثلها لم خلت، قد أمة «تلك النووي:أعطيته، القرآن يف فهم هو إنما ألحد؛ تقليد هللا بحمد عندنا «ما الدين: محيي يقول

بأنواره.» أكرمني ربي من وفيض به، اختصصت رسويل من ومدد

72

اللدني العلم من الدين محيي مكانة

رمى «من يقول: كما ألنه الرشيعة؛ بميزان الدين محيي استمسك فقد هذا ومعكتبت، ما كتبت «لقد الدنيا: مسمع مع ويهتف هلك.» لحظة يده من الرشيعة بميزانالكتاب عن خرجت وما مرشوع، غري أمرا أذكر لم أني — تعاىل هللا بحمد — أقر وأنا

طريقي.» أنري وبهما استمددت، منهما بل يشء، يف نة والس

73

ومراتبها العلوم أقسام

بعد تحريم وال تحليل ال أنه عىل جميعا التصوف رجال أجمع «لقد الدين: محيي يقولالقرآن يف يعطى فهم هو وإنما عليه؛ هللا صلوات — النبيني وخاتم هللا رسول رشيعةفألهمه فأحبه أطاعه لمن يهبه العلم من وفيض عيل، حديث من ثبت كما هللا، لرجال

نورا. له وجعلوروحها، آدابها الباطن علماء يحفظ كذلك الرشيعة، حدود الظاهر علماء حفظ وكماوالحكم والفروع، الحدود واستخراج األدلة، استنباط يف االجتهاد الظاهر لعلماء أبيح وكمافكذلك واالستنباط؛ لالجتهاد أمره وترك ، نص فيه يرد لم ما عىل والتحريم بالتحليل

والعابدين.» للمريدين ونهجا وأذواقا آدابا يستنبطوا أن للعارفنيومكانتها أثرها العلوم ولتلك بها، يتفرد التي واجتهاداته علومه فللتصوف وإذن؛

اإلسالمية. واآلداب الترشيع يف ومقامهافيها، العقل وأثر وأقسامها، العلوم عىل رسالته لتوضيح الدين محيي يعطف ثمالحال، وعلم العقل، علم أقسام: ثالثة إىل العلوم م فيقس منها، واألرسار األحوال ومكانةتحت فمنضو فروع، من سواها وما كافة، املعارف جماع هي وهذه األرسار؛ وعلم

أعالمها.

العقل علم

ذلك وجه عىل الحصول برشط دليل، يف نظر نتيجة يحصل علم كل هو العقل، فعلمالفلسفة علم ومنه فاسد، ومنه صحيح منه النظر: يف يقولون ولهذا وشبهه؛ الدليل

النظرية. العلوم من وسواه

عربي بن الدين محيي

معناه، واتضح حسن عبارته بسطت كلما أنك خصائصه من أو العلم هذا وعالمةمنطقه. وقبله السامع، عند وعذب

األحوال علم

عاقل يقدر وال املشاهدة، أو بالذوق إال إليه سبيل وال األحوال، علم هو الثاني: والعلمذوقه، بلون صاحبه مع يتلون علم وهو ألبتة، دليال معرفته عىل يقيم أو ه، يحد أن عىلوالوجد والعشق الجماع ولذة الصرب، ومرارة العسل بحالوة كالعلم مشاهداته، بلون أومن يتذوقونه وما ومقاماتهم أحوالهم يف املتصوفة كحاالت أو كافة، الناس عند والشوق،

روحية. لذائذأو ويتذوقها، بحاالته يتصف أن إال حقيقته أحد يعرف أن املحال من علم فهو

والروح. الذوق عوالم يف جنسها من شبههافمه طعم عىل يغلب من فإن اآلفات، من والرباءة اإلدراك سالمة العلم هذا ورشط

كذلك. ليس وهو مرا، العسل يجد املرارةعىل الذوق إنكار يجوز وال ذاقه، من إال به يتحدث فال ألصحابه، يرتك العلم وهذا

السليمة. األذواق أصحاب إال ألوانها تعدد عىل حاالته بسماع يلتذ ال بل ذاق، من

األرسار علم

وهو اللدني، العلم أو املتصوفة، علم وهو وإدراكاته، العقل طور فوق الذي العلم وهوإىل يتسارع ولذلك الروع؛ يف والنفث الفيض وأساسها يشاء، من هللا يؤتيها التي الحكمةصفة وهو القبيل، هذا من ل الكم علوم وأكثر اإللهام، طريق من ألنه اإلنكار؛ صاحبه

الويل. عىل وخلعة ومنحة للنبي أساسيةبالعقل تحصيلها يمكن التي العلوم وهي بالعقل، يدرك منه نوع نوعان: وهوعن وال نظر عن يحصل لم هنا به العلم ولكن األقسام، هذه من األول كالقسم والفكر،

يعطاها. التي العلم ملرتبة مالزم ولكنه تفكر،ولكن األحوال، بعلم يلتحق منه رضب رضبني: عىل األرسار علوم من اآلخر والنوعالصدق يدخلها التي وهي األخبار، علوم من اآلخر والرضب أرشف، وحالة أعىل مقام عىلكإخبار ويقوله، به يخرب فيما وعصمته صدقه ثبت قد به املخرب يكون أن إال والكذب،

76

ومراتبها العلوم أقسام

إن القيامة: يف وقوله الخرب، علم من مثال جنة ثمة إن فقوله: فيها، وما بالجنة األنبياءيشء وال هللا كان وقوله: الذوق، علم وهو األحوال، علم من العسل من أحىل حوضا فيها

بالنظر. املدركة العقل علوم من ذلك، يشابه وما معه،هذا من أرشف علم فال ويستغرقها، كلها العلوم يعلم به فالعالم األرسار، علم أماصادقا به املخرب يكون أن إال بقي وما املعلومات، جميع عىل الحاوي املحيط العلمولكن العلم، هذا من إليه يرد ما يرمي أال لنفسه الناصح اللبيب العاقل وعىل معصوما،

كذبا. أو صدقا يكون أن عندي جائز هذا يقول:هللا عند صادقا كان وإن املعصوم، غري من العلم هذا أتاه إذا للعاقل، ينبغي وكذلكيتوقف ولكن تكذيبه، يلزمه ال بتصديقه، له السامع يلزم ال كما ولكن به، أخرب فيماأركان من ركنا يهدر وال زه، تجو بل العقول تحيله ال به أتى ما كان فإن ويتأمل،الشارع؛ عنه وسكت العقل، زه جو بأمر أتى أو أصولها، من أصال يبطل وال الرشيعة،تقتيض به املخرب حالة كانت فإن األمر، يف الخرية له بل أصال، يرده أن له ينبغي فالبشهادة واألموال األرواح يف نحكم أننا فكما األوىل. هو بل القبول، ه يرض لم العدالة،كان وإن ذكرناها. التي برشوطها العلوم بهذه يأتي من بصدق ونحكم نقبل الشهود،الوجوه من ما بوجه ا حق به أخرب الذي كان فإن ننظر، علمنا يف عدل غري بها املخربفإنها ميسء؛ بيشء قائله يف نتكلم ولم الجائزات، باب يف تركناه وإال قبلناه، الصحيحة

ويسألون﴾. شهادتهم ﴿ستكتب تعاىل: قال عنها. نسأل مكتوبة شهادةبأرسار لنا يأتون إنما األرسار؛ علم أصحاب أو — عليهم هللا رضوان — والصوفيةإال أبدا تنال وال والكسب، الفكر قوة عن خارجة هي مما الرشيعة، أرسار من وحكم

الطرق. هذه شاكل وما واإللهام باملشاهدةيكن «إن عليه: هللا صلوات — الرسول قول ندرك الضوء هذا وعىل نفهم، هنا ومنوبقوله والحكمة، العلم عىل املنطوي بالحديث يأتون أي: عمر.» فمنهم محدثون أمتي يفصدره يف وقر بما وإنما قيام؛ وال صالة بكثرة بكر أبو فضلكم «ما الصديق: بكر أبي يف

الدين.» هذا منيقع لم ولو األخيار، بها اختص التي األرسار، علوم هي هذه الدين: محيي يقول ثمقول يفد لم سليمة عقول أصحاب كلهم الناس وكان الوجود، يف العلوم لهذه اإلنكارفلو اآلخر وأما فبثثته، أحدهما أما علم: من وعاءين هللا رسول عن «حفظت هريرة: أبيسبع خلق الذي ﴿هللا تعاىل: — قوله يف عباس ابن وقول الحلقوم.» هذا مني لقطع بثثته

77

عربي بن الدين محيي

ويف لرجمتموني. تفسريه لكم ذكرت لو :﴾ بينهن األمر ل يتنز مثلهن األرض ومن سمواتكافر. إني لقلتم: رواية:

علوم من كافة البرش معارف تنطوي وفيها الدين، محيي عند العلوم أقسام هي تلكوالنظر، التفكر علم واإلقناع، الجدل علم األدلة، علم هو العقل: فعلم وباطنة؛ ظاهرةالعقل، إلدراكات خاضع ألنه والسدود؛ القيود حولها ومعارفه محددة، ونهايته وبدايتهعلم وهو وتباينها، العقول الختالف والفاسد، الصحيح منه جاء ولهذا الفكر؛ وقانون

العقول. كافة الناس رزق كما كافة، للناس مباحكمقامات ذاق، أو جرب من إال يعرفه ال والذوق، التجربة علم فهو األحوال، علم أماالحواس تذوق أو والغضب، الرضا من النفس حاالت أو أحوالهم، ودرجات املتصوفةاألشياء. عىل حكمه يفسد ال حتى صاحبه عند األداء صحة ورشطه والحالوة، للمرارة

وغريهم، املتصوفة فيه يشرتك ولهذا األرسار؛ وعلوم العقل علوم بني وسط علم وهوصاحب يشاهده أو يذوق ما عىل حكما يصدر أن ألحد وليس وشاهد؛ ذاق ما إنسان لكل

وحده. شاهد وما خاصة، ذاق ما يذكر إنما ألنه العلم؛ هذاواملكاشفة، املشاهدة علم وحدهم، املتصوفة علم فهو األرسار، علم الثالث: العلم أماولألولياء أصال، لألنبياء هو الذي العلم كافة، للمعارف الشامل املحيط الجامع العلميتعارض ال دام ما الحسن، بالقبول يتقبله أن عليه بل ينكر، أال العاقل وعىل منحة. خلعةويدعم األصول يرشح هو بل أركانها، من ركنا يهدم وال الرشيعة، أصول من أصل معبال العلوم هذه عىل واملعرتض الدين، محيي معارف كانت الفيض هذا ومن األركان،

والخري. الفهم من محروم العقل، ناقص متهور دليل

التجليات علم

يحدثنا فهو شئت إن أو بها، تكمل تتمة العلوم لهذه فيضيف الدين، محيي ويستطردأربابها. عىل املعارف منه تتنزل الذي املقام عن

العلوم ألن عليها؛ دخيلة ال البرشية النفس يف أصيلة املعارف بأن يؤمنون واملتصوفةكلها، األسماء آدم علم ومفيضها، واهبها — سبحانه — وهو مانحها، هو هللا، من كافة

يشاء. من ويعلميشد متماسكة، منظمة منسقة، جميلة صورة يف الكون الدين محيي لنا ر يصوالدائمة، الحركة الكون: هذا قانون ومن محكم، إلهي وقانون بناموس بعضا بعضها

78

ومراتبها العلوم أقسام

األنفاس مع الخلق إن يقول: كما أو وجوده، مصدر الكون يف هي كما الحركة، وهذهيف «العالم الدين: محيي يقول ومعارفه، أحواله مصدر اإلنسان يف أيضا هي يتجدد.هذه ومرد نفسني، كل بني التقلب ليحدث حتى متقلبة، أحوال ولإلنسان دائبة، حركة

شأن﴾. يف هو يوم ﴿كل تعاىل: — قوله إىل الكون يف الحركةعلم باهلل: العلم إىل الطرق وأعىل سبحانه، — باهلل العلم مرتبة هي العلوم وأعىلعلما﴾، زدني رب ﴿وقل فيه: نزل الذي هو التجليات وعلم النظر. علم ودونها التجليات،

بك. علما به تزيدني ما كالمك من زدني أي:ظاهر يشء ولكل األذواق، علوم وهي العلوم، تحصيل إىل الطرق أرشف والتجيلوتدرك أمورا، بالظاهر تدرك فهي وباطن؛ ظاهر لها اإلنسان نفس وكذلك وباطن،

أمورا. بالباطنعلوم يف الزيادة فتقع واستعدادها؛ حالتها بحسب البرشية للنفس يأتي والتجيلعلوم ويف منطقيا، كان إن املعنى، موازين علوم ويف الرشيعة، علماء من كان إن األحكام

علم. كل صاحب وكذلك نحويا، كان إن الكالم ميزانوعلوم اإللهية، العلوم يف واملعاني، الحقائق عالم يف الزيادة له فتقع الصويف، أما

لهم.» املنح منحة وتلك اآلخرة، بعلوم يتعلق وما الباطن، وعلوم األرسار،كل عىل التجيل مقام من الهابطة الروحية الهبات تلك «إن الدين: محيي يقول ثموتقلبات حواسه تعطيه ما ناحية من أبدا، علم زيادة يف اإلنسان تجعل علمه، بحسبوالوسوسة والشك الظن ألن العلوم؛ بهذه ينتفعون ال الناس أغلب ولكن خواطره،والشك، الظنة من برئوا الذين هللا أهل إال دائما يسلم وال الظلمة، بها تذهب كما تفسدها،نطاق يف فهم سبيل؛ من حياتهم إىل للظلمات وال سلطان، عليهم للوسوسة وليست

واملعارف.» العلوم من متالحقة دائمة زيادة ويف والعناية، الرحمةوال التجليات، معارج يف فيه يرقى ه، يخص سلم هللا، أهل من رجل «ولكل يقول: ثم

السلم. ذلك يف غريه معه يرقىالدرجتني: هاتني بني وما الفناء، وآخرها: االنقياد، أولها: درجات، املعارف ولسلم

لدنية.» وهبات وفيوضات، وأرسار، أنوار،ورمي الظنة، إىل القول هذا من يتطرق أن يريد من أفواه عىل الدين محيي ويربطالترشيعي اإللهي األمر «إن قائال: القسط بامليزان فيمسك القول؛ من بالباطل املتصوفةاإللهية، املناجاة إال العالم العابد للويل بقي فما الرسل، بخري وختم األنبياء، بانتهاء انتهى

79

عربي بن الدين محيي

إنه الكشف: أهل من قال من فكل ورضا، ومحبة وحديثا سمرا وإنما فيها؛ أمر ال التيالتبس فقد تكليفي؛ محمدي رشعي ألمر مخالف وسكناته، حركاته يف إلهي بأمر مأمور

منا.» وليس بيننا بنفسه زج أو عليه،

80

األعظم الطريق

علم وأسماها أرشفها وأن الثالث، أقسامها إىل العلوم تقسيم من الدين محيي انتهى فإذاالعلوم يف وأثره التجليات مقام من فرغ وإذا املتصوفة، من ل الكم علم وهو األرسار،األعظم الطريق وعىل الحياة، من الغاية عىل النور يلقي أخذ خاصة، هللا وعلوم عامة،هم الذين العباد، من املختارة الصفوة أهل أو الخالصة، أهل طريق وهو هللا، إىل املوصلهللا إىل الطريق أن «اعلم فيقول: خالقه، من والعناية النظر ومحل الوجود، هذا عطرالذين العامة دون نجاتهم، الطالبني املؤمنني من الخاصة عليه سلكت الذي — تعاىل —

شعب: أربع عىل له، خلقت ما بغري أنفسهم شغلواوالبواعث الدواعي هذه إىل دعاهم والذي وحقائق. وأخالق، ودواعي، بواعث،وحق للخلق، وحق سبحانه، — هللا حق عليهم: فرضت حقوق ثالث والحقائق واألخالقالذي والحق شيئا، به يرشكوا ال يعبدوه أن عليهم — تعاىل — هلل الذي فالحق ألنفسهم.املعروف وصنائع حد، إقامة من رشع به يأمر لم ما عنهم، كله األذى كف عليهم للخلقالغرض موافقة إىل سبيل ال فإنه رشع؛ عنه ينه لم ما واإليثار، االستطاعة عىل معهمالطريق إال الطرق من بها يسلكوا أال عليهم ألنفسهم الذي والحق الرشع. بلسان إالطبع؛ سوء أو بها قام فلجهل أبت فإن الفطرة، طريق وهو ونجاتها، سعادتها فيه الذييضاد فالجهل مروءة؛ أو دين الفاضلة األخالق إتيان عىل يحملها إنما األبية النفس فإن

املروءة.» يضاد الطبع وسوء الدين،مفروضة، مقدسة حقوق ثالثة ظالل تحت الحياة هذه يف يعيش فاإلنسان وإذنحياته. وقوام سعادته، مناط هي الحقوق وتلك واجبها، فيؤدي بها؛ ينهض أن عليه يجبخلقت ﴿وما لهذا: إال اإلنسان خلق فما وأوجبها، الحقوق أول وهو تعاىل، هللا— حقلوجهه خالصة عبادة ونهارا ليال — سبحانه — يعبده ليعبدون﴾. إال واإلنس الجن

عربي بن الدين محيي

من األصغر، الرشك وهي أدرانه ومن األكرب، الرشك من خالية المتفضل، المنعم الكريم«من الدين: محيي يقول كما أو وأخالق. صفات من والنفاق الرياء إىل وما ونفاق، رياء

ها.» رس أدرك وال معناها، ذاق وال بالعبودية، تحقق فما هللا، عباد من أحدا خافالحياة الفاضلة، االجتماعية الحياة قوام وهو عليه، الناس حق هو الثاني: والحقوبالتايل املجموع؛ يتكون األفراد ومن فرد، من تكونت فالدنيا للعالم؛ الكاملة السعيدةوصلحت الجماعات، صالت صلحت بالفرد، الفرد صالت صلحت فإذا اإلنسانية تتكونوالشقاء. التنافر إىل تؤدي صفات من البغضاء إىل وما البغضاء من وصفت الكون، حياةوكله الناس، عن كله األذى كف الدين: محيي يقول كما الحق، هذا واجبات وأولاإليماءة حتى وخفي، دق ما حتى كله، األذى ومجلدات، صحف إىل تحتاج آية هنا

األذى. وأمنية السوء خاطرة حتى البغيضة، واإلشارةمقام وهو النفس، عىل اإليثار أيضا بل فحسب، الخري حب وليس األذى، كف وليس

واإليمان. النور رجال إال يطيقه ال عظيم، الخلق منالدنيا ظلمات إىل بها يدفع أال وهو نفسه، واجب عليه بقي الناس، واجب أدى فإذابها فيسلك العظيم؛ الهول هذا من ينقذها أن واجبه وعذابها، اآلخرة وجحيم وأحزانها،عز — هللا طريق واملحبة، الرضا طريق والطاعة، العبادة طريق والسعادة، الخري طريق

وجل.فلجهل القويم، الطريق هذا يف تسري وأن الكريم، الباب هذا تلج أن النفس أبت فإنالناس هللا فطر الذي الرباني، الطريق هذا إىل بالنفس تدفع الفطرة ألن طبع؛ سوء أوالنفس وبني وفطرتها، النفس بني تحول التي العوائق هما الطبع وسوء فالجهل عليه؛

وسعادتها.عىل النفس بقهر إال الطبع لسوء دواء وال اإللهي، العلم بنور إال للجهل عالج والتجد ولن لعباده، ارتضاها التي وسنته عليها، الناس فطر التي هللا فطرة الصويف، النهج

تبديال. هللا لسنة

82

اإلسالمية والفرق الدين حميي

ل الموص األعظم الطريق إىل ترشد التي العالمات، وضع من الدين محيي فرغ فإذاوحق هللا، حق لنا وأوضح واملحبة، والصفاء، والعبادة، الطاعة طريق وهو هللا، إىلوموجدها، فاطرها إىل وتوجيهها وتطهريها بتزكيتها صاحبها، عىل النفس وحق الناس،بها فتفرقت محاريبه؛ يف وتعبدت الجدل احرتفت التي اإلسالمية الفرق عىل عطفالقلوب من اإلسالم فحولت والنقاش، الكالم ى حم فركبتها األهواء، مع وركضت السبل،عىل ورضبت باأللفاظ، وتبارز وتقاتل وخصام، رصاع إىل حولته والعقول، األلسن إىلفانرصفوا حياتهم؛ املسلمني عىل أخذت مرعدة، مظلمة بسحب األول، وصفائه فطرتهوأسلمهم والكالم، والجدل الخصومات منابر إىل واإليمان والعمل التقوى محاريب منبألسنتهم رضبوا ألنهم شملها؛ يجمع لم فرقة وإىل عقدته، تحل لم وعناد تالح إىل الجدلوهل أمواجه، وغضبة لعبابه نهاية ال اب، صخ محيط يف وسبحوا لها، حدود ال بيداء يفأفعال وخلق والقدر، القضاء مشاكل: يف أبوابا، بل بابا، للجدل دام ما القول ينتهي

ومثيالت؟ شبيهات من املعضالت تلك إىل وما سبحانه، — هللا وصفات العباد،وقفة املتعاملة املتشدقة املتالحية الفرق، تلك كل وجه يف الدين محيي وقف ولقديمينه ويف وقف عقيدته، من ونور أمره من بصرية عىل هللا إىل يدعو الذي العظيم، املؤمنيعرف ال وعمل، وإيمان تسليم اإلسالم بأن ويهتف إليهما، يدعو نبيه، وسنة هللا كتاباإليمان ألن له؛ محاربا للتأويل مخاصما حوار، إىل يحتاج وال الجدل، يقر وال الشك،التصور وابتدعه العقل، أوله بما ال واملعاني، األلفاظ من هللا أنزل بما يكون أن يجبيف نجادل أن كلفنا ما — تعاىل — فالحق إليه﴾؛ أنزل بما الرسول ﴿آمن املنطق، أوينسب بما بيانا إلينا طلب وما عنهما، عرب كما بهما، باإليمان أمرنا بل والقدر، القضاء

عربي بن الدين محيي

الصفات نسبة حقيقة نعلم أن أمرنا وما خالقه، إىل ينسب وما إليه، اإلنسان أفعال منلجميع مباينة — تعاىل — صفاته حقيقة فإن ذلك،1 عن بعجزنا لعلمه تعاىل؛ — إليهوالحوار، الجدل فعالم الفيصل، هو وهذا يشء، كمثله فليس وحقائقهم؛ خلقه صفاتعىل تسمو والتي فوقه، من هي التي املعارف من اللون بذلك البرشي للعقل طاقة وال

له؟ خلق وما وخصائصه إمكانياته

واإلسالم الجدل

التسليم، يعرف وال اليقني يصاحبه ال الجدل ألن عنه؛ ونهى الجدل اإلسالم حرم ولقدمن العقول تبتكر بما «إيمان عربي: ابن يقول كما أو الشك، عالمات من عالمة هو بل

الفرقان.» بها جاء كما اإليمان بحقائق ال وصور، ألوانوعواقبه، الجدل من به آمن ومن أصحابه — عليه هللا صلوات — الرسول حذر ولقدظلمات إىل يسلم ألنه ورسهما؛ القدر القضاء وراء البحث بتجنب األمر يف وأغلظ ونهىذاته يف ال هللا، آيات يف التفكر أتباعه من وطلب يقني. وال معهما نور ال الشكوك، من

هلكوا. وإال وصفاتهالجدل شعاب يف ورضبوا نبيهم، سنة عن بأعناقهم املسلمون ألوى فقد هذا، ومع

بالضحايا. يرمي يزال وال يخنق، يزال ال غبارا اإلسالم أفق يف وأثاروا والبحث،أوتوا إال عليه كانوا هدى بعد قوم ضل «ما ملسو هيلع هللا ىلص: هللا رسول قال قال: أمامة عن

الرتمذي). (رواه الجدل.»عليه هللا صلوات — هللا رسول خرج قال: جده، عن أبيه عن شعيب، بن عمر وعنعليهم، وقف حتى مغضبا فخرج القدر، يف يرتاجعون وهم يوم ذات أصحابه عىل —بعضه الكتاب بهم ورض أنبيائهم، عىل باختالفهم قبلكم األمم ضلت بهذا قوم، «يا فقال:بعضه فصدق القرآن نزل ولكن ببعض، بعضه لترضبوا ينزل لم القرآن وإن ببعض،

مسلم). (رواه به.» فآمنوا تشابه وما فاعملوا، منه عرفتم ما بعضا،فغضب القدر؛ يف نتنازع ونحن ملسو هيلع هللا ىلص، هللا رسول علينا خرج قال: هريرة أبي وعنقبلكم كان من هلك إنما إليكم؟ أرسلت بهذا أم أمرتم؟ «أبهذا قال: ثم وجهه، احمر حتى

تنازعوا.» أال عليكم عزمت األمر، هذا يف تنازعوا حني

هللا.» إال هللا يعرف «ال يقول: الجنيد اإلمام كان 1

84

اإلسالمية والفرق الدين محيي

ونحن هللاملسو هيلع هللا ىلص، رسول علينا خرج قالوا: مالك بن وأنس أمامة وأبي الدرداء أبي وعن«يا وقال: انتهرنا، ثم مثله، يغضب لم شديدا غضبا فغضب الدين؛ من يشء يف نتنازعنهيتكم؟ هذا عن أوليس أمرتكم؟ «أبهذا قال: ثم أنفسكم.» عىل تهيجوا ال محمد، أمة

بهذا.» قبلكم كان من هلك إنماجدال ببعض بعضها القرآن آيات ترضب ال بعده، بيان ال الذي البيان هو ذلكتخاصم وال الفشل، يعقبه تنازع فال تشابه؛ بما وإيمان تعرف، بما عمل وإنما وعنادا،اللحن بذلك هللا، من غضبا نفسه عىل املسلم يهيج وال الهالك، تورث وبغضاء وتنابز

املسموم. القول من البغيض،فتحت حتى عليهم، هللا رضوان — وصحبه — عليه هللا صلوات — محمد كان هكذا

الجحيم. هذا أبواب الكالم، وأئمة النظر وعلماء الجدل فرق علينااألحكام، مسائل من كثري يف الصحابة تنازع «وقد املوقعني»: «أعالم كتاب يف جاءمسألة يف يتنازعوا لم — هللا بحمد — ولكن إيمانا، األمة وأكمل املؤمنني سادات وهمالكتاب به نطق ما إثبات عىل كلهم بل واألفعال، والصفات األسماء مسائل من واحدةعن يحرفوها ولم تأويال، يسوموها لم آخرهم، إىل أولهم من واحدة، كلمة نة والسيف يدفعوا ولم أمثاال، لها رضبوا وال إبطاال، فيها ليشء يبدوا ولم تبديال، مواضعها

والتعظيم.» باإليمان وقابلوها والتسليم بالقبول تلقوها وأعجازها، صدورها

تعاىل هللا صفات

كقوله العقول، لديها تقف — وتعاىل سبحانه — هللا صفات من بكثري الكريم القرآن جاء،﴾ بيدي خلقت ﴿لما وجهه﴾، إال هالك ء يش ﴿كل أيديهم﴾، فوق هللا ﴿يد تعاىل: —

العرش﴾. عىل استوى ﴿ثم بأيد﴾، بنيناها ماء ﴿والستوهم التي الصفات، تلك من أيضا بالكثري الصحيحة النبوية األحاديث وجاءتالصحيحني: يف جاء كما — —صلواتهللاعليه كقوله والتشبيه، التجسيم الضعيفة العقولقدمه، فيها العزة رب يضع حتى مزيد؟ من هل وتقول: فيها، يلقى جهنم تزال «ال

بعض.» إىل بعضها فينزويهللا ألن حق؛ الصفات هذه كل بأن — عليهم هللا رضوان — األول الصدر فهم وقد﴿ليس إليها: احتكموا التي والقاعدة نفسه، وصف وكما نفسه، ى سم كما — سبحانه —أو حدوثا أو نقصا أوجب ما فكل أفعاله؛ يف وال صفاته يف وال ذاته يف ال ء﴾، يش كمثله

85

عربي بن الدين محيي

ال الذي للكمال مستحق — تعاىل — ألنه عنه؛ منزه — سبحانه — هللا فإن مشابهة،فوقه. غاية

وإلقاء وسوسة من النفوس يساور ما — عليه هللا صلوات — الرسول علم وقدفأوىص ومدلوالتها، الصفات هذه يف والنظر والبحث والتأويل الجدل باب فقفل بسوء؛أخرى: رواية ويف فتهلكوا.» ذاته يف تفكروا وال هللا، خلق يف «تفكروا بقوله: أصحابه

هللا.» يف تفكروا وال هللا، آالء يف «تفكروامن املسلمون أراق فقد هذا ومع عليه، هللا صلوات — األعظم إمامنا وصية تلكوالتنزيه والتشبيه التجسيم إىل وما والتنزيه، التجسيم وحول الذات، صفات حول املدادوال سواده، من بعد أثوابها نظفت وما اإلسالمية، األمة أغرق طوفانا ونعوت؛ صفات من

آثاره. من طهرتوالجسم اليد بأن والرافضة، الشيعة من صياحا والحجاز، والشام العراق شهد فقدألعضاء حقيقة نعوت هي — وتعاىل سبحانه — هلل القرآن يف وردت التي واألعضاء

كبريا. علوا يقولون ا عم هللا تعاىل ربانية. جسديةيقولون: الحديث رجال بعض والكفور، والقرى بل اإلسالمية، العواصم وشهدتمن كنزول شعبان، من النصف ليلة يف األوىل السماء إىل ينزل — سبحانه — هللا «إن

درجة.»2 إىل درجة من السلم من ينزليرصفون وأخذوا الصفات، تلك عن — سبحانه — هللا بتنزيه فتنادوا املعتزلة، وجاءباهلل — زعمهم يف — تليق أخرى صفات إىل أو املعنويات، إىل التجسيم يفيد ما كلوهكذا. القدرة، بمعنى واليد االستيالء بمعنى العرش، عىل االستواء كقولهم: سبحانه،

قد تأولت ملا أنها تخيلت أيضا، واألشاعرة املعتزلة «إن الدين: محيي يقول كما أوالتشبيه من انتقلت أنها إال فارقته ما وهي مة، المجس عىل تعيبه الذي التشبيه من خرجت

والحد.» الحقيقة يف القديمة للنعوت املفارقة املحدثة باملعاني، التشبيه إىل باألجسامبني اإلسالمي العالم يف األوار مستعر والحوار عنفوانه يف والجدل عربي، ابن وجاءفأرسل والمنزهة؛ والمشبهة مة المجس بني الذات، صفات حول واملذاهب، الفرق شتيتاملستقيم، السوي الدين رصاط عن وخروجها اآلراء هذه كل ببطالن جبارة صيحة

تيمية. ابن اإلمام إىل القول هذا ينسب 2

86

اإلسالمية والفرق الدين محيي

يف ورد ما بكل وتسليم إيمان من: الصالح السلف عليه كان ما إىل الرجوع وبرضورة— هلل أثبتوا إذ ألحدوا؛ قد مة المجس ألن سبحانه؛ — هللا وصفه وكما ورد، كما القرآنيشء. كمثله ليس — تعاىل — وهو املشابهة، تفيد البرش كصفات صفات — سبحانه

ارتضتها معاني لوها وحم الصفات، تلك أولوا قد واألشاعرة، املعتزلة من والمنزهةاملعنوية الصفات هذه ثم املعنوي، التشبيه يف ليقعوا د المجس التشبيه من فنجوا عقولهم؛كانت فإذا ويخطئ، يصيب والعقل خاطئة؟ تكون أن الجائز من أليس ابتدعوها، التي

يقله. لم ما — تعاىل — هلل نسبوا فقد خاطئة،يف كله والرش هللا، أنزل بما اإليمان يف كله الخري أن «اعلم الدين: محيي يقولعبدي، «كذبني الحديث: ويف ذلك، له ينبغي كان وما إيمانه، أحرج فقد ل أو فمن التأويل،له ويقول القيامة، يوم أوله ا عم ل مؤو كل يسأل أن بد فال ذلك.» له ينبغي كان وماح وترج إيمانك، عىل عقلك ح وترج عنه، فتنزهني شيئا نفيس إىل أضيف كيف تعاىل: —ألسنة عىل نفسه إىل أضافه أمر عن ربك تنزه أن أخي يا فاحذر ربك؟! علم عىل نظركأن العجيب «ومن يقول: ثم عليه.» ل يعو فال اإللهيات يف يخطئ العقل فإن رسله؛تعاىل — نفسه عن أخرب بما يأخذ وال صفات، ربه يقلد أن يف عقله عىل يعتمد اإلنسانفكر صاحب وكل الغلط، من العالم يف طرأ ما أعجب من فهذا نبيه؛ وسنة كتابه يف —

شك. بال الغلط هذا تحت فهو تأويل أوفيأتي املحكم، كتابه يف نفسه عن بيشء يخرب — تعاىل — هللا أن العجب: ومنال وفكري ذلك، يرد عقيل إن فيقول: والعلل، اآلفات صاحب القارص بعقله اإلنسانقبوله من أوىل نفسه، عن هللا به أخرب ما قبول أليس التأويل! يجب وإنما ذلك؛ يحتملخيالهم من يصوغوا أن والعقل، الفكر عىل املعتمد التأويل هذا عاقبة وأليس فكره؟ من

هللا؟» كتاب يف ما غري خالقا وتفكريهمأن «اعلم وموجها: ناصحا فيقول املعتزلة، عىل القوية حملته الدين محيي ويتابعجاءت؛ كما الكيف عدم مع بها اإليمان ووجوب الصفات، آيات تأويل عدم األدب منله بمراد هو ليس أم عليه، فنعتمد هللا مراد التأويل ذلك هل أولنا: إذا ندري ال فإناتعاىل، — هللا من علم فيه عندنا يكن لم ما كل يف التسليم التزمنا فلهذا علينا؟ فريدهالقرآن يف ورد كما يغضب، كيف أو مثال، يفرح كيف أو ربنا، يعجب كيف لنا: قيل فإذاجاء بما مؤمنون وإنا هللا، مراد عىل هللا عند من جاء بما مؤمنون إنا قلنا: واألحاديث؟رسوله، وإىل هللا إىل كله ذلك يف الكيف علم ونكل هللا، رسول مراد عىل هللا رسول عند منيشء.» كمثله ليس وإنما تشبيه؛ وال تجسيم وال تأويل فال السلف؛ طريقة كانت وهذه

87

عربي بن الدين محيي

وإحياء، خلق، من: نفسه به — تعاىل — الحق وصف ما جميع أن «اعلم يقول: ثموقدم وتبشبش، ورضا وغضب وتعجب، وفرح واستهزاء، ومكر وعطاء، ومنح وإماتة،أنفسنا؛ عند من به وصفناه ما فإننا لربنا؛ صحيح نعت كله ذلك، وغري وأعني، وعني ويدوهو وجودنا؛ قبل رسله ألسنة عىل نفسه بذلك وصف الذي — تعاىل — هو وإنما— يعلمه ما حد عىل ذلك ولكن العقلية. باألدلة الصادقون وهم الصادق — تعاىل —من يشء رد لنا يجوز ال بجالله، يليق وما ذاته، تقبله ما حد وعىل — وتعاىل سبحانهالذي الوجه غري وعىل أراده، الذي الوجه عىل إال هللا، إىل بنسبته نقول وال نكيفه وال ذلك،جاهلون فإنا به، نحن علمنا حد عىل هللا إىل ذلك نضيف أن باهلل ونعوذ إلينا، ينسبه

الحال. كيف ندري ال اآلخرة ويف الدار، هذه يف بذاتهجانب عىل والفكر العقل جانب لينرص إال التأويل إىل العقل صاحب جنح ومامصدق غري هلل تصديقه حال يف فكأنه القبول، يف عقله توقف حتى أول ما فإنه اإليمان؛

الخرب.» به أتى بما ال ل، أو بما إيمان هو إنما تأويله؛ حال يف فإيمانه له،

العارفني عند صفاتهللا

— تعاىل — هللا يف مقاالتهم اختلفت األفكار وأصحاب العقالء «إن الدين: محيي يقولإله — هو بل — كأنه اإليمان عن مجردا بالعقل يعبد الذي فاهلل نظرهم، قدر عىلعقل، كل إىل بالنظر حقيقته فاختلفت العقل؛ ذلك نظر أعطاه ما بحسب موضوع؛النظار من كانوا وإن باهلل، األخرى ل تجه العقول أهل من طائفة وكل العقول، وتفاوتتعليه — محمد إىل آدم عهد من والرسل األخرى، ر تكف طائفة فكل املتأولني؛ اإلسالمينيلسان عىل كلهم بل النعوت، من هللا إىل ينسبونه فيما اختالف عنهم نقل ما — السالمفيها اختلف ما واحد بلسان هللا حق يف تنطق كلها بها، جاءوا التي والكتب ذلك، يف واحد

االجتماع. وعدم األزمان طول مع بعضا بعضهم يصدق بل اثنان،نفوسهم يدخلوا لم الذين المصدقون املسلمون فهم بصرية؛ عىل بهم املؤمنون وكذلكوهو مات أن إىل إليه ذلك علم وجعل وسلم، آمن رجل إما رجلني: أحد فهم تأويل، يفالرسل؛ به جاء بما اإليمان واعتقد األحكام، فروع من علم بما عمل رجل وإما املقلد،— السالم عليه — بنبيه فعل كما شأنه، يف بصرية ذا ه وصري بصريته، عن هللا فكشفصلوات — نبيه حق يف قال كما بصرية، عىل هللا إىل ودعا وأبرص فكاشف عنايته، وأهلباهلل العلماء هم وهؤالء اتبعني﴾؛ ومن أنا بصرية عىل هللا إىل ﴿أدعو مخربا: — عليه هللا

88

اإلسالمية والفرق الدين محيي

جاء وبما به، علمهم يف ربهم من بينة عىل فهم أنبياء، وال رسال يكونوا لم وإن العارفون،والغضب واإلتيان، املجيء من املخلوقني صفات من بكثري نفسه وصف وكذلك عنده، منيف ورد صحيح خرب كل يف والكراهة، والرضا واليد، والوجه لألشياء، والتجيل والفرح،غري من بها مؤمن إال يقبلها ال مما تحىص، أن من أكثر واألخبار نبيه، سنة أو كتاب

إيمانه. إليه اضطره بتأويل املؤمنني، من النظر أرباب بعض أو تأويل،أصحابها لحق حيث أعظمها! ما الكشف أهل ومرتبة أعزها! ما املؤمن مرتبة فانظرألن الريب؛ وال الشك يدخله ال الذي اإللهي العلم من به اختصوا فيما واألنبياء، بالرسلنحن «إنما ملسو هيلع هللا ىلص: بقوله العلم ورثوا بل درهما، وال دينارا ورثوا وما األنبياء، ورثة العلماء

صدقة.» تركناه ما نورث، ال األنبياء معرش

يدركهللا ال العقل

إيمانا بربهم يؤمنون الذين باهلل، العارفني العلماء مكانة الدين محيي لنا أوضح فإذاأنه أوضح ثم البرشي، العقل وظائف يحدد أخذ التأويل، وال الشك يعرف ال يقينيا،وبني بينه مشاركة ال ألنه بها؛ يتعلق وما — تعاىل — هللا صفات إدراك يستطيع الما يدرك أو يعلم البرشي العقل ألن تعاىل؛ — هللا يدرك ال البرشي والعقل فقال: خالقه.والوحي، والكشف بالقلب هللا يدرك وإنما الطبيعة، أو الجنس أو النوع يف مشاركة بينه

التوحيد. لباب تعرف كتابه، يف نفسه به هللا وصف ما إىل فانظرواجتهاده جده بعد الكامل، العقل أعطاه وما العقل، بقوة نظرنا «لقد يقول: ثمأن طلبنا ألنا معرفته؛ عن بالعجز إال — سبحانه — به املعرفة إىل نصل فلم املمكن؛إال عرفنا فما عليها، األشياء التي الحقيقة جهة من كلها األشياء معرفة نطلب كما نعرفهوهذا العقل؟ يضبطه فكيف يدرك، وال الذهن يف ر يتصو وال مثل، له ليس موجودا ثم أنمنا، طلب الذي العلم وهو بالوجود عاملون فنحن بوجوده؛ العلم ثبوت مع يجوز ال مماالواجب كان منها؛ يشء يشبهه وال املخلوقات، من شيئا يشابه ال — تعاىل — كان وملاهللا صلوات — قال العلم. ما نعلم أن هللا﴾، إال إله ال ه أن ﴿فاعلم لنا: قيل كما أوال علينافأخرب أنتم.» تطلبونه كما يطلبونه األعىل املأل وإن األبصار، عن احتجب هللا «إن عليه:

البرص. يدركه لم كما بصريته، بعني وال بفكره. يدركه لم العقل أن ملسو هيلع هللا ىلصإال املشبهة من ضل من ضل وما والتشبيه، املماثلة ونفي التنزيه فليكن هكذانظر غري من األفهام إىل منها يسبق ما عىل واألخبار اآليات به وردت ما وحمل بالتأويل،

89

عربي بن الدين محيي

املحض الجهل إىل العقل عىل اعتمادهم فقادهم التنزيه؛ من — تعاىل — هلل يجب فيماعدول غري من جاءت ما عىل واألخبار اآليات وتركوا السالمة طلبوا ولو الرصاح، والكفريكفيهم لكان ندري؛ ال وقالوا: ورسوله، هلل ذلك علم ووكلوا ألبتة يشء إىل فيها منهمشيئا هللا أشبه فقد تشبيه، فيه حديث جاءهم فمتى ء﴾، يش كمثله ﴿ليس تعاىل: — قولهمن وجه له الخرب ذلك أن إال بقي فما نفسه، عن التشبيه نفى قد — سبحانه — وهوسبحانه، — هللا عىل تعدى فقد شبه؛ أو ل أو فمن تعاىل، — هللا يعرفه التنزيه وجوهموات والس القيامة يوم قبضته جميعا واألرض قدره حق هللا قدروا ﴿وما تعاىل: — قالالتشبيه من الضعيفة العقول إىل يسبق ملا قدره حق هللا قدروا وما بيمينه﴾. مطوياتثم ذلك، وجوهها من ما وجه من تعطي التي واألخبار، اآليات ورود عند والتجسيممن عرفنا قبضته﴾، جميعا ﴿واألرض العالمون: إال يعقله ال الذي التنزيه هذا بعد قاليدي يف ليس كان وإن حكمي، تحت أنه ويريد قبضتي، يف فالن يقال: أن العربي اللسانملكته ما عىل حكمي مثل قاض، عليه وحكمي ماض فيه أمري ولكن ألبتة، يشء منهإنما فالتعجب والغضب، والفرح والضحك ب التعج أيضا: ذلك ومن عليه. وقبضت ا حس

هللا.» عىل محال وهذا فيتعجب، يعلمه ثم منه ب املتعج ذلك يعلم ال موجود من يقعالحديث، ورجال دة والمجس املعتزلة بني والتنزيه التشبيه معركة يف الفيصل هو ذلكحتى السادس؛ القرن يف اإلسالمي العالم شغل الذي والحوار الجدل ذلك يف الفيصلرضوان — الصحابة منهج إىل الرجوع وهو الشام، ربوع يف بسببه الحرب نار أوقدتعىل القرآن به جاء بما إيمان وإنما حوار، وال جدال فال األول؛ الصدر يف — عليهم هللامخالف فهو يشء، كمثله وليس واإلجالل، الكمال صفات — سبحانه — وهلل جاء، ماللتنزيه، تأويل وال تشبيه فال ومعنوية؛ مادية مخالفة ولألفعال وللصفات للحوادثال باطل وكالهما املنزه، تحديد والتنزيه املشبه، تثنية الدين: محيي يقول كما فالتشبيه

يليق.وأطفأ اإلسالمي، العالم عىل فتح جهنم أبواب من بابا الدين محيي أغلق وبذلكإىل األوهام هذه وراء الجري من األمة بجمهرة وعاد خطره، واشتد مداه طال خصاماعليه — الرسول وسنة القرآن، ملنطق واالنقياد والتسليم اإليمان إىل الثابتة، الدين حقائق

السالم.يريد من أما كافة، املؤمنني عىل الواجب اإليمان حد هو «هذا يقول: الدين ومحييسبيله فليس — سبحانه — هللا صفات حقيقة من يراد ملا فهما ذلك فوق أو ذلك، بعد

90

اإلسالمية والفرق الدين محيي

عىل — تعاىل — هللا خلع فإذا يقول: تعاىل. — هللا من اإللهام هو وإنما والفكر؛ العقلعلوم من وهو الحديث، أو اآلية تلك من بمراده اإللهام طريق من أعلمه علمه، من عبده

العارفني.»

العباد أفعال – والقدر القضاء

الذات صفات حول املختلفة، اإلسالمية الفرق مع رصاعه من الدين محيي انتهى فإذامشكلة ومعضالته، الفكر مشكالت من آخر ميدان إىل انتقل والتأويل، والتنزيه والتشبيهالتأويل فيه لعب ميدان وهو عمله، من ونصيبه العبد أفعال وخلق والقدر، القضاء

خطريا. كبريا دورا أيضا والحوار والجدلوأعصاها وأغمضها، مسائلهم أدق من بأنها األصول رجال اعرتف الكسب: ومسألةفعالم وإذن؛ يكسب؟ ما له مقدر يفعل، ما عىل مجرب اإلنسان هل والعقل؛ الفكر عىلما تكييف يف ويسهم الحوادث، ويخلق نفسه، يصنع مخري اإلنسان أم والعقاب؟ الجزاء

له؟ ر قدعقولهم ودارت عقولهم، حول به فداروا اإلشكال هذا والنظر الفكر رجال ف تلق وقديجدون أبدا ولكنهم واألقاويل، الحلول ويبتدعون حوله، األحاديث قون يشق فراحوا به؛حيث من وينتهون ينتهون، حيث من يبدءون بأعناقهم، تأخذ مفرغة حلقة يف أنفسهم

فكر. لهم خلص وال رأي لهم سلم فما يبدءون؛ما عىل مقصورة مجبورة آلة واإلنسان هللا، من يشء كل بأن الجرب رجال هتفوراحوا النجار، يد يف واملنشار الكاتب يد يف كالقلم ترصيف، وال لها إرادة ال تفعل،عىل املقهور املجبور هذا يعاقب إذن فكيف لهم: قيل إذا حتى للناس، األمثال يرضبون

وارتباكا. حرية الطرف وأغضوا اللسان منهم صمت يفعل؟ ماسبحانه — وهو تعاىل، — هللا إىل الظلم نسبة فيه ألن يليق؛ ال هذا املعتزلة: وقالتأن هو عجبا، شيئا لهذا وابتدعوا والظنون، الريب عىل عدالته تسمو الذي العادل —أو الفعل حدوث بني الحكم هي اإلنسان وإرادة العمل، عند يقع معلق والقدر القضاءوالشكوك، الريب من النفوس أشفى وهل شيئا؟ الحق من قولهم أغنى هل ولكن عدمه،

األحاديث. وجاءت القرآن، نطق بهذا هللا، ومن هلل، يشء كل بأن تشهد النفوس وتلك

91

عربي بن الدين محيي

هللا من يشء كل الصالح، السلف نهج هو وسطا، مسلكا نهجوا فقد املتصوفة أماله خلق لما خالقه ه يرس إنسان وكل يعاقب، لهذا وهو مكلف؛ اإلنسان ولكن حق؛ هذا

والثواب. للعقاب محل لهذا وهو األزيل؛ هللا علم يفسلموا بل الحوار، شهوة مع عقولهم تركض ولم الجدل، مع املتصوفة يدر لم وبهذانفسه فمن سوء من يصيبه وما هللا، فمن خري من اإلنسان يصيب فما األدب؛ مع هلل األمر

عليه. انطوت وما وطاقتها، الستعدادها ها فيرس األزل، منذ خصائصها هللا علم التيوأنه أسبابها، وخالق األشياء خالق وأنه هللا، من يشء كل بأن التصوف رجال آمن

عقولنا. فوق هللا حكمة وأن ونتيجته، وحاصله السبب عند يكون — سبحانه —بني هللا، رسول يا فقال: جعشم بن رساقة جاء قال: — عنه ريضهللا — جابر عنأم املقادير؟ به وجرت األقالم، ت جف أفيما اآلن؟ العمل فيم اآلن، خلقنا كأننا ديننا لناالعمل؟ ففيم قال: املقادير.» به وجرت األقالم به ت جف فيما بل «ال، قال: يستقبل؟ فيما

مسلم). (أخرجه بعمله.» عامل وكل له، خلق ملا ميرس فكل «اعملوا قال:املحيط هللا علم يف له، خلق ملا ميرس كل اليقني: والنبأ الفصل، القول هو هذا

وجودها. وقبل حدوثها عند باألشياءوكرر تأملها من مسئلة «هذه الصويف: طاهر الشيخ عن رواية — الشعراني يقولال أن زعم من أن األمر: وملخص مراقيها؛ وصعوبة معانيها، غموض علم فيها النظروما وابتدع، أرشك فقد بالعمل مستبد أنه زعم ومن وجحد، عاند فقد أصال للعبد عمل

وعدمه.» للعمل االختيار من نفسه يف العبد يجده ما إال للتكليف مورد بقيالثواب محل ألننا إلينا؛ األعمال — تعاىل — هللا أضاف «إنما الدين: محيي ويقولأضافها لنا، وادعيناها أيدينا عىل بارزة األعمال شهدنا ملا ولكن حقيقة، هلل وهي والعقاب،تعاىل — هللا كشف إذا ثم الدعوى، ألجل منه ابتالء دعوانا؛ بحسب إلينا — تعاىل — هللا— تعاىل — فهو حسنا؛ إال نر ولم — تعاىل — هلل كلها األفعال رأينا بصريتنا، عن —فما باألدب، القيام من بد ال العظيم املشهد هذا مع ثم العاملون، نحن ما فينا فاعلإلينا أضفناه سيئ من كان وما ، محال وإلينا خلقا إليه أضفناه رشعا حسن من كان— وجل عز — هللا يرينا وحينئذ تعاىل؛ — هللا قول حاكني فنكون تعاىل؛ — هللا بإضافةسيئاتنا هللا فيبدل الحكمة، حيث من حسنا فنراه سوءا، ى المسم ذلك يف الحكمة وجه

عني.» تبديل ال حكم تبديل حسنات،يشء، بكل هلل يسلم أن باملؤمن الالئق هو وذلك التعبري، يف العايل األدب هو ذلكالحكمة بحسب اإللهية األحكام لجريان محال ليكون خلق بأنه نفسه الوقت يف يعلم وأن

92

اإلسالمية والفرق الدين محيي

، محال أنفسنا إىل أضفناه سوءا كان وما ينسب، هللا إىل فهو حسنا كان فما اإللهية؛الذي اليشء ولرأى الحكمة، لعرف قليال اإلنسان تأمل ولو خلقا، — سبحانه — هللا وإىلتبديل حسنات، سيئاته هللا يبدل وإيمانه تسليمه بفضل وحينئذ نافعا؛ جميال سيئا ظنهعباد من الرجال إال يدركها ال حكمة وتلك العظيم، الفضل هو وذلك عني، تبديل ال حكم

الرحمن.— تعاىل — لكونه إال العبد إىل الفعل أضاف ما — تعاىل — هللا أن «اعلم يقول: ثمأن غري تعاىل، — هلل إال الفعل يكن فلم العبد؛ جسم حجاب خلف من حقيقة، الفاعل هوهدى ن م ﴿فمنهم تعاىل: — قال ذلك. يشهده لم من ومنهم ذلك، أشهده من هللا عباد مندعوى من حفظه الذي هو هللا هداه الذي فالقسم اللة﴾. الض عليه ت حق ن م ومنهم هللاوهم يدر، ولم حار الذي فهو الضاللة عليه تحق الذي القسم وأما حقيقة، لنفسه الفعل

األفعال. وبخلق بالكسب القائلون— فقال به؟ تؤاخذني ثم آلدم، السجود عدم عيل ر تقد كيف رب، يا إبليس: قالقبلها؟ أم منك اإلباية أبعد السجود، عن اإلباية عليك قدرت أني علمت متى وعال: جل

آخذتك.» وبذلك فقال: بعدها. فقال:خلق ملا ميرس «كل ألن الرسول؛ يقول هكذا األقالم، به ت جف الكون يف يجري ما

أحدا. ربك يظلم وال األزيل، القديم هللا علم بحسب له»

93

بنيالتصوفوالفلسفة

وصل التي القمة هل رشد: ابن فسأله رشد، بابن شبابه مطلع يف الدين محيي التقىوالتجرد بالتصفية املتصوفة إليها وصل التي القمة هي والفكر، بالعقل الفالسفة إليها

األرواح. تطري وال» «نعم وبني وال. نعم، الدين: محيي له فقال والذكر؟ولكن وآياته، وعجائبه الكون أرسار ويلمس ويدرك هللا، إىل يهدي قد العقل ألن نعم،يف ويضل املتشابهات، يف ويضل وينزلق، ينحدر القمة تلك إىل وصوله مع املجرد العقلالكماالت من وتحلله والتطهر، التعبد عن ابتعاده عن فضال سبحانه، — هللا ذات م تفهبيننا كان رشد: ابن عن حديثه يف الدين محيي يقول كما أو الربانية. والعبادات الرشعية

يراني. وال أراه فكنت رقيق، حجابحول تتطاير التي سبحاته، من يعصمه ما القيود من له ليس املجرد، والعقلولهذا أحيانا، وتخطئ حينا فتصيب والغايات؛ االتجاهات شتى يف الريح مع املعارف

األرواح.1 تطري وال نعم وبني الدين: محيي قاللها وثبات النظرية والعلوم اإلنسانية باملعارف وثبت قد الفلسفة أن يف جدال والوراء ما ألن اإللهيات؛ يف ضلت قد الفلسفة ولكن اإلنساني، الفكر يف ومكانتها أثرها

واإللهام. الوحي لطريق إال فيها أمان وال العقل، مدارك فوق من الطبيعةأرسطو عهد من الفالسفة «إن الفالسفة»: «تهافت كتابه مقدمة يف الغزايل يقولويقني، تحقيق غري من وتخمني، ظن عىل اإللهيات يف مذاهبهم بنوا قد هذا، عهدنا إىلكانت ولو واملنطقية، الحسابية العلوم بظهور اإللهية علومهم صدق عىل ويستدلون

العالم. أرسار فهم عىل اآلن حتى للعقل قدرة ال أنه الفلسفة إليه وصلت ما آخر لوبون: غوستاف يقول 1

عربي بن الدين محيي

ملا واملنطقية؛ الحسابية كعلومهم التخمني، من نقية الرباهني، متقنة اإللهية علومهمواملنطقية.» الحسابية يف يختلفوا لم كما فيها اختلفوا

ولهذا الحياة؛ علوم يف يقينية معارف إىل وصلت قد الفلسفة أن يف رصيح قول وهووقع وإنما الخطأ وقع وإنما فيها؛ تختلف ولم املعارف هذه صحة عىل العقول اتفقتواحد رأي عىل الفالسفة يتفق لم ولهذا الطبيعة؛ وراء وما اإللهيات علوم يف االختالفظاهر خالف وتلمذة، صالت من بينهما ما عىل وأفالطون أرسطو فبني املعارف، تلك يفوحقيقة مخلوقاته، عىل وهيمنته اتصاله وحقيقة الخالق، حقيقة إىل نظرتهم يف ملموسرسله. من واملختارين عباده من لألصفياء وإلهامه والجزئيات، بالكليات وعلمه صفاتهبينما املعرفة، هذه حول قاطبة الفالسفة اختلف كما والطريقة، النهج يف اختلفواالدين محيي يقول كما — اتفقوا قد واملتصوفة، واألولياء والرسل األنبياء من هللا رجالبه، يتصف وما له يجب وما باهلل، اإليمان يف واحد نهج عىل يومنا إىل آدم لدن من —وموىس إبراهيم به ينا وص وما إليك أوحينا والذي نوحا به وىص ما ين الد ن م لكم ع ﴿رش

فيه﴾. تتفرقوا وال ين الد أقيموا أن وعيىسبالتعريف اإلسالم فالسفة هم واملتصوفة اإلسالم، فلسفة ريب بال هو والتصوف

الربانية. والحدود املحمديالعلم بأنها الفارابي: وعرفها األشياء. بجميع العلم بأنها الفلسفة: الكندي عرفاإلنسانية النفس استكمال الفلسفة إن الشريازي: وقال موجودة. هي بما باملوجوداتال بالرباهني، تحقيقا بوجودها والحكم عليها، هي ما عىل املوجودات حقائق بمعرفةالبرشية الطاقة حسب عىل عقليا نظما العالم نظم قلت: شئت وإن والتقليد. بالظن أخذا

العظمى. السعادة لتحصلمنها يستفيد نظر صناعة الحكمة: الحكمة»: ماهية «فصل يف سينا ابن ويقولينبغي مما عمله، عليه الواجب وما نفسه، يف كله الوجود عليه ما تحصيل اإلنسانللعالم مضاهيا معقوال عالما ويصري وتستكمل، نفسه بذلك لترشف فعله؛ يكتسب أن

البرشية. الطاقة بحسب وذلك القصوى، للسعادة نفسه وتستعد املوجود،املحيط، الجامع العلم أو العلوم، علم هي — الفالسفة عرفها كما — إذن فالفلسفةأسبابها س ويتلم األشياء، حقائق يف يبحث الذي العلم أو املعارف، يفلسف الذي العلم أو

العظمى. السعادة عىل فتحصل معارفها، النفس لتستكمل وعللها؛النهج يف الخالف وإنما التصوف، تعريفات بذاتها وهي الفلسفة، تعريفات هي هذه

والطريقة.

96

والفلسفة التصوف بني

بل والتجرد، بالتصفية ويؤمنون وأفكارهم، عقولهم عىل يعتمدون والفالسفةملعارفهم أساسا والتصفية التجرد اإلسكندرية مدرسة وفالسفة أفالطون جعل لقد

والتصفية. التجرد عىل تقوم بأرسها اإلرشاقية والفلسفة وفلسفتهم،التصوف وإنما ونهجه؛ بطريقته رصيح واعرتاف للتصوف، واضحة قربى وهيالدين من اإللهيات يف معارفه واستمداد والوحي، الدين عىل باعتماده يمتاز اإلسالميالفلسفة بأنه فامتاز اإللهيات، يف الخطأ من فلسفته سلمت ولهذا الوحي؛ به أتى وما

سواها. وأخطأ ضل بينما اإللهيات؛ يف وآمنت باملعارف ظفرت التي الوحيدة العاليةمن المربأة الكاملة الفلسفة هو التصوف إن نقول: إذ القول من ببدع نأتي ولسناالكاملة؛ اإلسالمية الفلسفة بمعنى اإلسالم فالسفة هم املتصوفة وإن والضالل، الخطأوالطاعة، الصفاء ذلك بعد ولهم املتصوفة، أجنحة تحت تنطوي كلها الفلسفة فأهداف

واملحبة. الرضا محاريب يف املؤمنة والسجداتكتاب يف — خليفة حاجي باسم املشهور — جلبي هللا عبد بن مصطفى يقولالعلوم من فهي اإلرشاق حكمة «وأما والفنون»: الكتب أسامي عن الظنون «كشفمنها واإللهية الطبيعية الحكمة أن كما اإلسالمية، العلوم من التصوف بمنزلة الفلسفيةالناطقة للنفس العليا واملرتبة العظمى السعادة أن ذلك: وبيان فيها. الكالم علم بمنزلةعنه صدر وبما النقصان، عن والتنزه الكمال صفات من له بما الصانع معرفة هيوالطريق واملعاد، املبدأ معرفة وبالجملة: واآلخرة، األوىل النشأة يف واألفعال اآلثار منطريقة وثانيهما: واالستدالل، النظر أهل طريقة أحدهما: وجهني: من املعرفة هذه إىل— األنبياء ملل من ملة التزموا إن األوىل؛ للطريقة والسالكون واملجاهدات. الرياضة أهلإىل والسالكون اءون، املش الحكماء فهم وإال املتكلمون، فهم — والسالم الصالة عليهمالحكماء فهم وإال الصوفية، فهم الرشع؛ أحكام رياضتهم يف وافقوا إن الثانية؛ الطريقة

اإلرشاقيون.»إنما الحقيقة عىل «الفلسفة والنحل»: امللل يف «الفصل كتابه: يف حزم ابن ويقولبأن النفس إصالح غري شيئا هو ليس تعلمها، من املقصود والغرض وثمرتها معناهاسياستها وحسن املعاد، يف سالمتها إىل املؤدية السرية وحسن الفضائل دنياها يف تستعمل

الرشيعة.» غرض هو غريه ال نفسه وهذا والرعية، للمنزلاالتصال»: من والحكمة الرشيعة بني فيما املقال «فصل كتابه: يف رشد ابن ويقولوالعلم الحق؛ والعمل الحق، العلم تعليم هو إنما الرشع مقصود أن تعلم أن «وينبغي

97

عربي بن الدين محيي

الرشيفة وبخاصة عليه، هي ما عىل املوجودات وسائر — تعاىل — هللا معرفة هو الحق:األفعال امتثال هو الحق: والعمل األخروي. والشقاء األخروية السعادة ومعرفة منها،الذي هو األفعال بهذه واملعرفة الشقاء، تقيد التي األفعال وتجنب السعادة، تقيد التي

الفلسفة.» أي: — العميل العلم ى يسمالكون لعقله ينجيل أن الفيلسوف فغاية والتصوف؛ الفلسفة بني الصالت هي تلكعن الشاملة العامة املعرفة إلهامات قلبه عىل تنزل أن الصويف وغاية وأرساره، بمعارفهالغايات غاية فريى الصويف أما الغايات، غاية هذه أن يرى والفيلسوف العبادة، طريق

اآلخرة. يف ونعيمه بلقائه والفوز هللا، رضا«ماسنيون» إن حتى االسترشاق، رجال بعض األهداف يف التشابه لهذا تنبه ولقد

اإلسالم. متصوفة من سينا وابن والفارابي الكندي اعتربتحته تنطوي التصوف ألن تنبه إذ أصاب؛ وأخطأ: هنا ماسينيون أصاب وقدالعبادة هو وقوامه التصوف أساس أن إىل يتنبه لم ألنه وأخطأ كافة، الفلسفية املعارفالتي الرشيعة وهي ومناهجها. وآدابها املحمدية بالرشيعة الكامل والتمسك والصفاء،والفارابي الكندي االنحراف هذا من أبرئ وال الفالسفة، من كثري رشوطها عن انحرفيحتكمون آية العقل حجة وجعلوا الوحي، مرتبة يف الكامل العقل جعلوا الذين سينا، وابن

ويحاربه. وينكره التصوف منه يربأ ما وهو اإلسالم، أحكام يف حتى إليهااإللهيات، حول رحاها دارت متعددة معارك يف للفالسفة، املتصوفة تعرض ولقدبالدين. تقيدها وعدم العقل، عىل العتمادها وضلت؛ الفلسفة فيها أخطأت التي وهي

العبادة، يف واالستغراق الزهد عليهم منكرين للمتصوفة، الفالسفة بعض وتعرضللوصول طريقا والتجرد والتصفية التطهري واتخاذهم شأنها، وتهوين الدنيا من والنفورتنكر لم الفلسفة رجال من الغالبة الكثرة ولكن والربانية، النظرية والعلوم املعارف إىلالسلطاني بالطريق ليس إنه قالوا: وإنما العلوم؛ إىل كمعراج والتصفية والتجرد التطهر

للناس. املباحمركبة أعني نظرية، طرقا ليست النظر يف فطرقهم الصوفية وأما رشد: ابن يقوليف يلقى يشء املوجودات، من وبغريه باهلل املعرفة أن يزعمون وإنما وأقيسة؛ مقدمات منويحتجون املطلوب، عىل بالفكرة وإقبالها الشهوانية، العوارض من تجريدها عند النفس﴿والذين هللا﴾، ويعلمكم هللا ﴿واتقوا تعاىل: — كقوله الرشع من بظواهر هذا لتصحيحمن ذلك وأشباه فرقانا﴾. لكم يجعل هللا تتقوا ﴿إن سبلنا﴾، هم لنهدين فينا جاهدوا

98

والفلسفة التصوف بني

وجودها، سلمنا وإن الطريقة هذه إن نقول: ونحن كثرية، بها يستدلون التي اآلياتللناس. عامة ليست فإنها

كامل واعرتاف النهج، بصحة للمتصوفة كامل اعرتاف وهو رشد، ابن يقوله ما هذاطريق والتصفية التجرد بأن والتجربة بالعقل يؤمنون الذين الفلسفة أعالم من رجل منالصوفية قال وما زاهد، متعبد لكل معراجا وليس للناس ا عام ليس وهو واملعرفة، للعلم

هذا. غرياملتعاملني من كثري يلمزه الذي الصويف، النهج صدق عىل الداللة يف هذا من واألبلغاملعرفة إىل سلكوا قد الفلسفة، أساتذة وهم أنفسهم، اليونان فالسفة أن وطيشا، جهال

صوفيا. نهجاالحكيم أفالطون أن اعلم «ثم السعادة»: «مفتاح كتابه يف زاده كربى طاش يقولالقدس، جناب يف الدائم الفكر وإعمال التصفية، بطريق تالميذه من بعضا يعلم كانالبحث بطريق منهم وبعضا نفسيا، إرشاقا كانت فيوضاتهم ألن باإلرشاقيني؛ وا وسم

املشائني.» وا فسم والنظر،الروح يكسب والتطهر، والتجرد التصفية أن يف التصوف تؤيد فالفلسفة وإذن؛

كافة. املعارف إىل به تصل إرشاقاضاللها من الفلسفة جردت إذا والفلسفة، التصوف بني وثيقة قربى فهناك وإذن؛هذا وليس اإللهيات، فهم يف الرشع دون العقل عىل اعتمدت ألنها الطبيعة؛ وراء فيماوطبيعته. إمكانياته فوق ومن طاقته، من أعىل معارج يف يلج أن له ينبغي وما للعقل،ملا هو وإنما االسم، ذلك ملجرد ت ذم ما الفالسفة أن «اعلم الدين: محيي يقولوالحكمة للحكمة، املحب الفيلسوف: معنى فإن باإللهيات؛ املتعلق العلم من فيه أخطئوا

عاقل.» كل غايةمذهب هذا وتقول: فيلسوف قالها مسئلة إنكار إىل تبادر أن «إياك يقول: ثمباطال، يكون الفيلسوف قاله ما كل ليس إذ له؛ تحصيل ال من قول هذا فإن الفالسفة؛كتبا الفالسفة من الحكماء وضع وقد الحق، من عنده مما املسألة تلك تكون أن فعىسمن عليه انطوت وما النفوس ومكايد الشهوات، من والتربؤ بالحكم مشحونة كثريةمثل يف الرد إىل أخي يا تبادر فال للرشائع، موافق صحيح علم ذلك فكل الضمائر؛ خفاياموافقا ا حق ذلك يكون فقد النظر، تحد حتى الفيلسوف، ذلك قول وأثبت ل وتمه ذلك،

للرشيعة.»

99

عربي بن الدين محيي

كل بها يمتاز بل الدين، محيي بها يمتاز التي الفكرية السماحة آيات من آية وتلكأنكر ما إال منها ينكر ال الفلسفة، من املنصف املتصوف موقف هو وذلك الحقائق، رجاليرد ما كل به يزنون الذي القسط املتصوفة فميزان الرشع؛ يقبله ما منها ويقبل الرشع،

أبدا. صاحبه يضل ال ميزان وهو الرشيعة، هو إليهم:من وإنها السالم، عليه — إدريس رشيعة كانت الفلسفة أن الدين: محيي وعنداملعاني يف ضالل من أصابها ما رس إىل ليصل كثريا فكره أعمل وإنه السماوية، املعارففرأيت اإلدريسية، الحقيقة عىل االطالع عىل وعملت الخلوة دخلت «لقد فيقول: اإللهية،عليه — إدريس عن العلم أخذوا ألنهم وذلك التأويل؛ من الفالسفة عىل دخل إنما الخطأهذا فأحل رشيعتنا، علماء اختلف كما رشيعته، يف اختلفوا السماء، إىل رفع فلما السالم،اإللهيات.» فهم يف األخطاء هذه فارتكبوا األيام بهم جرت ثم وبالعكس، ذلك حرم ما

مشاكل من إشكاال تحل وهي الدين، محيي لغري أحسبها ما الفلسفة إىل نظرة وهي— إلدريس سماوية رشيعة كانت لقد علومها؟ تكونت كيف الفلسفة نشأت كيف الفكر،عن الكلم وحرفوا وأولوا وتجادلوا مرياثهم، يف رفعه بعد أتباعه اختلف ثم السالم، عليه

الطبيعة. وراء ما إىل والضالل الخطأ وتطرق النظر، علوم فسلمت مواضعه؛ألنه صويف؛ لكل مرياث هو الفلسفة علوم من سلم ما أن الدين: محيي يرى ولهذاالقائم التعبدي بمنهجهم املتصوفة ينالها الصحيحة واملعارف الصحيحة، املعارف من

والرضا. املحبة عىل القائمة الربانية وبالفيوضات والتجرد، الطاعة عىلصويف، كل وهدف مؤمن، كل ضالة والحكمة الحكمة، غايتها الحقة: والفلسفةالفيلسوف هو الحقائق، لجميع الشامل املحيط العلم صاحب هو اإلسالمي فاملتصوفالرسل، وهدى األنبياء، مواكب يف يميش بإيمان وتميز كافة، املعارف جمع الذي العاملي

ومحبته. هللا ورضاء

100

التصوف مملكة

التي الحلوة، األماني أو الجميلة، باألحالم أشبه مملكة األنفاس، عالم أو التصوف، مملكةيعيش التي الفاضلة، املدينة أو السعيد، العالم عن الفكر رجال من األصفياء يتصورهاوال ألم، من فيها مس ال واإلرشاق، النور من آفاق يف طروبا مرحا ضفافها، عىل الخيال

وإخاء. ومحبة وطهارة وصفاء، وذكر عبادة وإنما شقاء؛ من فيها لغوبواتخذتهم فأذلتهم للحياة؛ استعبدوا الذين املاديون، ينكرها قد الروحية اململكة وتلك

ألباطيلها. وعبيدا لشهواتها، مطاياحتى السوء، ظن بالصوفية فظنوا أنفسهم، خدعتهم الذين الجهالء يخاصمها وقد

والحركة. البهجة ذات واملسابح املرسلة، واللحى املكورة، العمائم هذه حسبوهامن واإلثم القول، من بالزور الصوفية يرمون الذين املتعاملون، منها يسخر وقد

والهوان. بالضعف وتارة واالنحالل، بالتحلل تارة لديهم: متهمون فهم اللحن،والذين باملوجدة، ويقتاتون الحقد، يمضغون الذين السفسطة أهل يلمزها وقد

محاريبه. يف ويعيشون بالجدل، يتعبدونمحالة بالرحمة، مرشقة مملكة أمانيهم رغم ولكنها الطوائف، تلك تنكرها قدبربها آملة ومشاهدة، يقني عن عابدة مؤمنة باملحبة، منرية بالعبادة، سعيدة بالطهارة،نعمه، وآيات حمده، وأغاريد أنسه، بلحن وتتغنى تسمر محاريبه، يف متهجدة أبدا،نعرفها، ال دنيا يف ليعيشون إنهم واألرض، السموات بها أرشقت التي وجهه وسبحاتاملأل حول ترفرف فانطلقت أثقالها؛ من وتحررت قيودها، من األرواح فيها أطلقت دنيا

املنتهى. وسدرة العرش حول وتحوم األعىل،

عربي بن الدين محيي

وإكبار الدنيا تعظيم يف اإلرساف من نشأ إنما التصوف؛ فهم يف الخطأ ورسفأنساهم هللا ونسوا اآلخرة، نسوا حتى وأجلوها أكربوها لقد لذائذها، وتضخيم متاعهايرتعون فانطلقوا له؛ خلقوا ما وأنساهم لهم فرتكها يركضون، الدنيا عىل وأقبلوا أنفسهم،بحار يف غرقوا حتى رءوسهم، فوق القدر وسيف الفتات، عىل ويتقاتلون ويتخاصمون،

ينفد. ال شقاء يف وتقلبوا بالشهوات واحرتقوا الدم،سأله حينما املشهور؛ الحديث يف األنصاري حارثة قال كما فحياتهم الصوفية أمافإن «انظر؛ له: فقال ا، حق باهلل مؤمنا فقال: أصبح؟ كيف عليه: هللا صلوات — الرسولوأظمأت لييل، فأسهرت الدنيا، عن نفيس عزفت هللا، رسول «يا قال: حقيقة.» قول لكلوإىل فيها، يتزاورون كيف الجنة، أهل إىل أنظر وكأني بارزا، ربي بعرش فكأني نهاري؛

فيها.» يتعاوون كيف النار أهلفالزم.» «أبرصت عليه: وسالمه هللا صلوات — له فقال

متاعها، وتافه شأنها وضآلة لهوانها يراها؛ وال الدنيا يف يعيش األنصاري الفتى كانعن معرض بقلب ويحيا متعبدا، ساجدا خالقه؛ وجالل ربه عرش عىل وعينه يعيش كانوهم النار أهل يرى لكأنه وحتى بارزا، ربه عرش يرى لكأنه حتى بآخرته، معلق الدنيانور عىل يعيشون الصوفية. وكذلك برياها، ينعمون وهم الجنة وأهل لظاها، يف يتقلبونبقوى أرواحهم فظفرت واملناجاة؛ املحبة ساحات يف الروح أطلقوا لقد واملشاهدة، اليقني

الرضا. الصفا من مستمدة عظمى،واملادة؛ العمل ميادين يف هائلة بفتوحات ظفرت قد الحديثة، الحضارة كانت وإذايف ظفروا قد املتصوفة فإن والكهرباء، األثري وآيات الرادار، عجائب مصانعها فأنتجتوفيض املادة فتوحات حيالها تتضاءل وأرسار، وقوى وفيوضات، بفتوحات األرواح عالم

مصانعها.لهم رت وسخ والجنة، السعادة أبواب لهم فتحت وفيوضات بفتوحات ظفروا لقدفامتطوها الكنوز؛ بتلك أيديهم امتألت وأرسارها، الروح وقوى وعجائبها، املادة قوىعمارا، روا يدم فلم واإليمان، للهدى وأذاعوها والسالم، للخري وأطلقوها والعلوم، للمعارف

ونارا. لهبا يزرعوها ولم شقاء، يبثوا ولموأولو وأمراؤها وملوكها وحكامها، ومراتبها وأرسارها، أقسامها التصوف وململكةوأرزاق مقسمة، وحظوظ ومثل، وآداب ودساتري نظم التصوف وململكة فيها، األمرونفحات ربانية، وهبات لدنية ومعارف مبثوثة، وعجائب مصفوفة، ونمارق موهوبة،

102

التصوف مملكة

رضاء ويف القلوب، تريض ولكنها العقول؛ تذهل وعجائب سماوية، ومعارج نبوية،الرحمن. ورضاء اإليمان نعيم القلوب

ثم عليه، ولنتوكل الكريم، العيل باسم ولنسبح صافية، راضية بقلوب فلنتوجهاململكة تلك لحقائق الكاشفة املصابيح أقوى وهو الدين، محيي بمصباح لنمسك

وعجائبها. ساحاتها إىل معه لندخل ثم وأرسارها،

103

احلي الكون

ونباته، وجماده وجنه، وإنسه وأرضه، بسمواته العجيب الكون هذا بل الوجود، هذانابضة عامة روح تنتظمها متماسكة جميلة صورة عربي ابن عند وكلماته، وحروفهمحددة مدبرة، قة منس مرشقة، حياة إال الكون يف فليس بالقدرة، مسبحة بالحركة،

أجله. من وخلقت لها، ر قد ما إىل تجري رة، مسخمنغم كون وتسبيحه، صالته ألهم قد فيه من كل مسبح، عابد حوى بما كله والكونالرباني، والقول اإللهي «باإليقاع الدين: محيي يقول كما أو ربانية بموسيقى منعم،بع الس موات الس له ﴿تسبح الغطاء، عنه ورفع السمع، ألقى لمن سماع كله الكون

تسبيحهم﴾.» تفقهون ال ولكن بحمده يسبح إال ء يش ن م وإن فيهن ومن واألرضباألذن تمر األرضية، محطاتنا من الجو يف السابحات املوسيقى أمواج كانت وإذايف وأجهزة محطات إىل حاجة يف املوسيقى تلك فكذلك لها؛ املعد بالجهاز إال تسمعها وال

وأرسار! أرسار من والتقوى للذكر وكم والتقوى، بالذكر إال تتفتح ال أجهزة قلوبنا،يد تحركه وفنونه، عجائبه وله عباداته وله حياته له أبصارنا، تحت يقع يشء كلوأرادت، شاءت ما وأودعته يشء، كل خلق وأبدعت أحسنت التي الحاكمة، املدبرة الخالق

أحبت. ولمن شاءت لمن أودعت مما وكشفتبل فحسب، والنبات والحيوان والجن واإلنسان للملك الكون هذا يف الحياة ليستحتى السحاب، مر تمر وهي جامدة، تحسبها التي الجبال تلك حتى يشء، لكل الحياةيسبح ما ومنها هللا، خشية من يهبط لما منها وإن املاء، منه يتفجر ما منها األحجار تلكالصانع يعلم مما أكثر تعلم ربما ار النج آلة «إن عربي: ابن يقول بآياته. ويذكر بحمده

عربي بن الدين محيي

يف يشء فكل له، خلقت بما عاملة ربها، بحمد مسبحة بخالقها، عاملة حية فإنها بها؛منه.» يراد بما إليه أوحي قد الطبيعة

صالتها لها بذاتها، قائمة أمة فهي ودنياها، أرسارها لها نكتبها التي الحروف وهذهواألنبياء. الرسل برساالت وعالقة باإلنسان، مساس ولها والنجوم، بالسماء

املباركة كالشجرة الطيبة الكلمة وأليست هللا؟ كلمة عيىس أليس أيضا، الكلمات ثموعابدة. طائعة رة، مسخ أمة كانت إذا عجب فال السماء؟ يف وفرعها ثابت أصلها التي

جميل عالم — هللا قدرة وجلت تعالت — اإللهية القوة أبدعته جميل لعالم إنهأقنعة أرواحنا عن مزقنا ولو والروح، بالقلب إليه نظرنا لو فيه، نعيش الذي ذلك عجيب

الظلمات. وحجب الشهواتعاقلة مؤمنة محببة، جميلة مسحورة عوالم إىل بنا لتدلف القلب، مكاشفات إنيهبها اإللهية القدرة فيض من وفنون علوم وإىل الرحمن، بقدرة وتنادي باإليمان تهتفلدنيا وإنها التصوف، مملكة إنها واصطفى، اجتبى لمن لدنه من ويعلمها يشاء لمن هللا

الصوفية.واملالبس واملشارب، املطاعم وجميع واملاء، الخبز يف أن «فاعلم الدين: محيي يقوليراد ملا مودعة استجابة فيها غريبة، لطيفة أرواحا والثمر، والزهر واملجالس، واملراكبفيه ما له ر سخ حتى منزلته، وعلو لعبده هللا حب من تجل وفيها حياتها، رس هي منها،

والبقاء. والعلم السعادةهذا إىل تؤديها حتى الصور، تلك يف محبوسة األشياء، تلك عند أمانة األرواح وتلكتناديهم أبصارهم، عن هللا كشف الذين هللا ورجال له، قدرت التي اإلنساني، الروح

ومضارها.» بمنافعها ونباتاتها األرض أحجاريقول كما أو والكون، اإلنسان حياة يف وأثرها رسها أيضا الحسنى هللا وألسماءوإن هو، إال يعلمها ال التي األوىل املفاتيح وهي العالم، هذا يف املؤثرة هي الدين: محيي

األسماء. هذه من يخصها اسما حقيقة لكلوهذه املقسط، الجواد القائل، القادر، املريد، العالم، الحي هي: األسماء، فأمهاتيف أحكامك يثبت والعالم وجودك، يثبت فالحي ل؛ واملفص املدبر االسمني من األسماءعدمك، يثبت والقادر اختصاصك، يثبت واملريد تقديرك، يثبت وجودك وقبل وجودك،بد ال حقائق فهذه مرتبتك؛ يثبت واملقسط إيجادك، يثبت والجواد كالمك، يثبت والقائل

أربابها. هي التي أسمائها من بد فال وجودها، من

106

الحي الكون

تعاىل — هللا فأسماء به؛ يقوم الكون يف أثر الحسنى هللا أسماء من اسم لكل وهكذالو التي العبادة يف رسه اسم ولكل األشياء! بها تقوم التي وهي الكون، هذا رس هي —

والهبات. والنعم بالربكات يداه وتربت بالخري، لظفر املريد ملسهاوأرسار الحروف، أرسار عليك عارضا التصوف، مملكة بك عربي ابن يطوف وهكذاواألنهار، والبحار والجبال والكواكب النجوم وأرسار الحسنى، هللا أسماء وأرسار الكلمات،وتحولها ومرتبتها قوى، من فيها هللا أودع وما وأرسارها، وخصائصها واملعادن والنباتاتبهذه الدنيا مسامع مأل إذا حتى لإلنسان، ومنافعها الصور يف وتقلبها أعىل، إىل أدنى من

األنفاس. عالم وأقسام هللا، أهل مراتب عىل يتحدث أخذ العلوم!

107

املتصوفة أقسام

وهو األنفاس، بعالم ون المسم هم الطريقة، هذه يف هللا رجال أن «واعلم عربي: ابن يقولالحاالت له تجمع من فمنهم مختلفة؛ وأحوال كثرية، طبقات عىل وهم جميعهم، يعم اسمأهل من خاص لقب لها إال طبقة من وما هللا، شاء ما ل يحص من ومنهم والطبقات، كلهايظهرون﴾. عليها ﴿ومعارج تعاىل: — قوله يف عليها يظهرون التي واملقامات، األحوالله عدد ال من ومنهم ومكان، زمان كل يف عدد يحرصه من ومنهم جنسها، يف طائفة كل

ويكثرون. فيقلون الزم؛باختالف حظوظهم وتختلف العلية، الذات إىل النظر حيث من مراتب األنفاس وألهلنفسية، لذة ذلك من حظه من ومنهم عقلية، لذة النظر من حظه من فمنهم مراتبهم؛ثم وهكذا، خيالية، لذة ذلك من حظه من ومنهم حسية، لذة ذلك من حظه من ومنهمالربوبية نور من عليهم يفاض ثم سبحانه، — إليه النظر أورثها إلهية، خلع عليهم تخلع

والجالل.» البهاء يكسبهم ما

واألبدال واألئمة األقطاب

واملقامات لألحوال الجامعون وهم األقطاب؛ األنفاس رجال ومن عربي: ابن يقول ثمسيد وهو أيضا، الغوث وهو واحد، إال الزمان يف منهم يكون وال النيابية، أو باألصالة

زمانه. يف الجماعةالباطنة الخالفة حاز كما الظاهرة الخالفة فيحوز الحكم؛ ظاهر يكون من ومنهممن ومنهم واملتوكل، العزيز عبد بن وعمر وعيل وعثمان وعمر بكر كأبي املقام؛ جهة من

عربي بن الدين محيي

والسبتي الرشيد هارون بن كأحمد الظاهر، يف له حكم وال خاصة، الباطنية الخالفة حازالظاهر. يف لهم حكم ال األقطاب وأكثر والبسطامي؛

يخلفان اللذان وهما لهما، ثالث ال اثنني عن زمان كل يف يزيدون وال األئمة: ومنهمالوزيرين. بمنزلة للقطب وهما مات، إذا القطب

منهم يكون وقد ينقصون، وال يزيدون ال زمان كل يف أربعة وهم األوتاد: ومنهمالرجال. عليهم يغلب ولكن النساء،

عىل منهم واحد كل ينقصون، وال أيضا يزيدون ال سبعة وعددهم األبدال: ومنهمثم يوسف، ثم إدريس، ثم هارون، ثم الكليم، ثم الخليل، قدم عىل فاألول نبي؛ قدم

السالم. عليهم — آدم ثم عيىس،وقد لها، المقدرة املنازل يف ونزولها سريها وأرسار الكواكب، علم يعلمون وهؤالءالجوع وهي: املكي، طالب أبو اشرتطها التي األربعة باألمور املكانة بهذه األبدال كان

والعزلة. والصمت والسهرعىل ينقصون، وال يزيدون ال ومكان، زمان كل يف نقيبا عرش اثنا وهم النقباء: ثمفيه هللا أودع وبما برج، كل بخاصة عالم نقيب كل برجا، عرش االثنى الفلك أبراج عددالنفوس، خبايا عىل االطالع ولهم المنزلة، الرشائع علوم وبأيديهم والتأثريات، األرسار منأثر ويعلمون نفسه، أمر من يعلم ال ما أمره من يعلمون مكشوف عندهم وإبليس

سعيد. قدم وهذا شقي، قدم هذا فيقولون: األقدام،والنجدة، التحدي ومقامهم والحواريون: واالطالع، الكشف أهل وهم النجباء: ومنهم

والكشوفات. التجليات ولهم والرجبيون:املستورون هم وهؤالء همسا، إال يتكلمون ال خشوع أهل وهم األنفاس: رجال ومنهميشهدون وال سواه، يناجون فال أرضه؛ يف — سبحانه — الحق خبأهم يعرفون، ال الذيإذا الحياء، دأبهم سالما، قالوا الجاهلون خاطبهم وإذا هونا، األرض عىل يمشون غريه،الحال لغلبة ألنهم وذلك ويتعجبون؛ فرائصهم ترتعد كالمه، يف صوته يرفع أحدا سمعواويرون إنسان، كل يراه والحياء الخشوع عندهم أورث الذي التجيل أن يتخيلون عليهمتيل فإذا عليه، هللا صلوات — هللا رسول عند أصواتهم يغضوا أن عباده أمر قد هللا أن

القرآن. تالوة عند الصمت يجب كما عليه، الصوت رفع يجب ال هللا رسول حديثتخرق بحقوقه، قائمون الدنيا يف هللا بأمر ظاهرون قسمان: وهم الظاهرون: ومنهمسوى يرون ال وهؤالء الدنيا، يف يعرفون ال األعىل العالم يف وظاهرون عادة، لهم العوائد

الحق. مظاهر عندهم واألكوان األكوان، يف هللا

110

املتصوفة أقسام

من هؤالء ومن عنه، تذب ملقامها، عاشقة طبقة وكل ومقامات، طبقات أهل وهممشاهدة. عن يعرف ألنه ذاقها؛ من إال يعرفها ال مقامات يف هم

عىل اء ﴿أشد هللا: كتاب من آيتهم اإللهية، القوة رجال وهم الفتوة: أهل ومنهمالئم. لومة الحق يف تأخذهم ال ار﴾، الكف

آية هللا: كتاب من آيتهم اإللهي؛ والعطف الحنان رجال وهم الصفاء: أهل ومنهممؤمنهم هللا عباد عىل شفقة لهم أصاب، حيث رخاء بأمره تجري السليمانية، الريح

الجود. بعني الخلق إىل ينظرون وكافرهم،إىل يصل أن إىل ومئات، مئات وهي والطبقات املقامات لنا عربي ابن د يعد وهكذااألخالق، مكارم أهل وهم ويقلون، يكثرون بل يحرصهم عدد ال وهؤالء الصوفية، طبقة

عليك. التصوف يف زاد فقد عليك، خلقه يف زاد من وكلأو اململكة أهل ذروة عن يحدثنا أخذ التقسيم، هذا من الدين محيي انتهى فإذا

الليل. أهل وهم الرجال، هؤالء من خاصة وعن املالمتية، وهم األنفاس عالم

املالمتية

ر وطه نفوسهم، وصان واجتباهم، وعلمهم أدبهم سبحانه، — هلل عباد اململكة تلك ويف«باملالمتية»، الدين محيي أسماهم وقد اململكة، تلك ذروة هم لعبادته، واصطفاهم قلوبهموما معانيها، أصفى العلوم من ونهلوا درجاتها، أقىص يف الوالية من حلوا الذين وهممقام وهو القربة، مقام ى يسم ومقامهم النبوة، درجات إال اللدنية املعارج تلك يف فوقهموال عادة، بخرق يعرفون فال واالنطواء؛ االختفاء وعالمتهم الخلق. عن بالخالق االنشغالاألمناء األصفياء فهم العامة؛ تعرفه الذي بالصالح إليهم يشار وال الناس، بني يعظمونالغامضون. الناس يف وهم السماء، يف ويذكرون األعىل املأل يعرفهم هلل، أحباب األبرار

«إن وجل: عز — ربه عن — عليه هللا صلوات — هللا رسول فيهم قال الذين وهموأطاعه ربه، عبادة أحسن صالة، من حظ ذو الحاذ، خفيف لمؤمن عندي أوليائي أغبط

الناس.» يف غامضا وكان والعالنية، الرس يفمن السيادة إىل وما الدنيا، يف والسيادة عبابها، وخوض الحياة، يف الظهور ومسألةأن يرى فهو به؛ ونادى أوضحه رأي األشياء هذه كل يف الدين ملحيي وأهداف، أغراض

األولياء. يف ونقص لألنبياء، كمال الدنيا يف والسيادة بالدعوة الجهر

111

عربي بن الدين محيي

الترشيع ألجل والدعوة، الظهور إىل مضطرون — عليهم هللا صلوات — الرسل ألننعمته وأتم الدين أكمل ملا — سبحانه — أنه ترى أال ذلك، لهم ليس واألولياء والتبليغ،نفسه، إىل فيها نعاه التي السورة يف األمني، رسوله أمر كيف العظيم، بالقرآن الناس عىليدخلون الناس ورأيت * والفتح هللا نرص جاء ﴿إذا تعاىل: — إليه واالنقطاع باالستغفار

توابا﴾. كان ه إن واستغفره ربك بحمد فسبح * أفواجا هللا دين يفالرباني األمر بهذا فاقتطعه أهله، هو بما عليه والثناء ربك، بتنزيه نفسك أشغل أي:عن ليسرته باالستغفار وطالبه الرسالة، تبليغ منه أريد ما أكمل ملا نفسه، العالم من

دائما. خلقه دون به لينفرد صونه؛ حجاب يف خلقه،الظهور منهم أحد يخرت لم وأنفسهم، تركوا إذا األصفياء، السادة ل الكم واألولياءوإنما خلقه، من ألحد وال ألنفسهم خلقهم ما — تعاىل — هللا أن يعلمون ألنهم أصال؛

له. خلقوا بما أنفسهم فشغلوا سبحانه؛ — له خلقهمتعظيمهم الخلق قلوب يف يجعل بأن منهم، اختيار غري من الحق أظهرهم فإنوال ل تعم فيه لهم وما سبحانه، — إليه فذلك علومهم؛ من ي للتلق حولهم وااللتفافعن السرت اختاروا بد وال هم خري فإن سبحانه، — الحق اختيار مع لهم اختيار فال قصد،النيابة، بخلعة عليه خلع حني البسطامي؛ اليزيد ألبي قيل كما هللا، إىل واالنقطاع الخلقفإذا عليه، فغيش خطوة فخطا ربه أمر امتثال إال يسعه فلم خلقي، إىل اخرج له: وقيل

عني. له صرب فال حبيبي، عيل ردوا النداء:النجوى يف والروح والحس القلب مستغرق يشء، كل عن فانيا اليزيد أبو كان لقدعن زمن من لحظة يشغل أن خيش الناس، إىل أخرج فلما ربه، لعبادة الكامل والتفرغفرد الصاعقة، يشبه ما الخوف هذا من نفسه عىل فغيش خالقه؛ ونجوى ربه، عبادةوهي واالنكسار، واالفتقار الذلة خلع عليه وخلعت مقامه، وهو الفناء، مقام إىل به رحمةفظفر واقرتب، دنا ثم قلبه، وسجد عيشه، فطاب والهبات؛ األنفاس عالم يف الخلع، أسمى

األمانة. أعباء من روحه واسرتاح أنسه، فزاد باملشاهدة،صانوا ألنهم هللا؛ عند املرتبة هذه نالوا إنما الطائفة هذه إن «ثم الدين: محيي يقولحديث وال هللا، مع إال جلوس لهم فليس هللا؛ بسوى تتعلق أو هللا، غري يدخلها أن قلوبهمهللا وعن ومنقلبون، راحلون هللا وإىل ناظرون، هللا ويف قائمون، باهلل فهم هللا، مع إالسواه معروف لهم فما قاطنون؛ هللا وعند متوكلون، هللا وعىل آخذون، هللا ومن ناطقون،

112

املتصوفة أقسام

الحق ضنائن فهم نفوسهم، تعرفهم فال نفوسهم عن نفوسهم صانوا إياه، إال مشهود والسبحانه.» —

لقوة وال الناس من ألحد يرى ال صاحبه أن عنده: أيضا املقام هذا صفات ومنعليهم لك ليس عبادي ﴿إن ضعيف: ذليل لديهم وإبليس سلطان، عليه الخلق قوى منعليه يوجد أو الخلق، من ألحد ه توج إلهي عبد «فكل الدين: محيي يقول سلطان﴾.املخلوق ذلك فإن الحق، ذلك بقدر هلل عبوديته من نقص فقد حق، الناس من ألحدهو وهذا تعاىل، — هلل خالصا مخلصا عبدا يكون فال به؛ سلطان عليه وله بحقه، يطلبهالسياحات ولزومهم الخلق عن انقطاعهم — تعاىل — هللا إىل املنقطعني عند ح رج الذييفوزوا حتى تعاىل؛ — إليه واالنقطاع الناس من والفرار واملجاهل، والسواحل والرباري،

العظيم.» الفوز لهو وإنه الكاملة، العبودية بمقام

الليل رجال

التجيل وقت والصفاء، الذكر وقت والسمر، األنس وقت والجلوة، الخلوة وقت الليلواللمحات. والوثبات والومضات والحنني، واألنني الشوق وقت والتحيل،

صمته ويملئون اإليمان، بنور ظلمته يضيئون الليل، رجال هم األنفاس ورجالاألرواح تجلت السحر؟! وقت ما أدراك وما حر، الس وقت جاء إذا حتى الرحمن، بدعواتت؛ وحق لربها وأذنت وتحلت، لت وتجم تلقت، ما ربها من ت فتلق القلوب؛ واستيقظت

والعبادة. الذكر قدر وعىل والطاقة، الهمة قدر عىل المقدر، نصيبه فلكلمن ثناء فوجدوا الرضا، آيات إىل نظروا ألنهم مقام! أي مقام هللا رجال عند ولليلوالذين املضاجع، عن جنوبهم تتجاىف الذين األخيار، األصفياء عىل — سبحانه — الخالقربهم، إىل راكضني يقطعونه الليل عىل فأقبلوا يهجعون﴾، ما الليل ن م ﴿قليال كانوا

ومكربين. مهللنياالجتهاد، كثري الصوت، حسن عابد رجل بإشبيلية عندنا «كان الدين: محيي يقوليفرت، يكن فلم عدة؛ ليايل معه بت والتهجد، التفكر كثري العربة، دائم الدمعة، رسيع

خديه: عىل تنحدر ودموعه غرد، طيب بصوت ينشد األحايني بعض أسمعه فربما

وص��ل��وه ورج��ال رج��ال ال��ل��ي��ل ق��ط��ع

113

عربي بن الدين محيي

س��ه��روه وأن��اس رق��دوا أن��اس ف��ي��هي��س��ت��ع��ذب��وه وال م ال��ن��و إل��ى ي��م��ي��ل��ون الي��ع��رف��وه ي��ك��ون��وا ل��م ش��يء ال��ن��وم ف��ك��أنخ��ل��ع��وه ح��ت��ى م��ة ال��خ��د م��ن ث��وب��ا ل��ب��س��وان��زع��وه أن ف��م��ا ن ال��ح��ز م��ن ج��ل��ب��اب م��ع

وال النوم يعرفون ال يهجعون، ال وآخرون قوم وهجع عيون، ونامت أعني تنم لموشوق، وحزن ووجد، حب أسهدهم فقد يعرفونه، ال يشء النوم لكأن حتى يستعذبونه،الخلوة يف املشاهدة إىل وتطلع الرضا، عىل ف وتله األعىل، واملقام األسنى النور إىل وتطلع

واملغفرة.» القرب يف وأمل والجلوة،قدماه، أدميت حتى وشكرا حبا الليل قام لقد الحبيب، األمني عىل هللا وصلواتبشوقه والرحمة بنفسه، الرفق فرجته — عليها هللا رضوان — عائشة عليه أشفقت وحتى

ق.» فرتف ر تأخ وما ذنبك من تقدم ما لك هللا غفر «لقد قائلة:ذلك شكورا!» عبدا أكون أال عائشة، «يا عليه: هللا صلوات — األمني الحبيب فقالأراد لمن طويال، سبحا الليل يف لإلنسان فإن بأرسها؛ املقامات ولليل الشكر، مقام هو— منه القدس بروح هللا أيدك — «اعلم الدين: محيي ويقول شكورا. أراد أو يذكر أنلحجاب خلقه يف هللا فعل أحد يشهد ال فكما لنفسه، الغيب مثل ألهله، الليل جعل هللا أنلحجاب عبادتهم يف هللا مع الليل أهل فعل أحد يشهد ال كذلك دونهم؛ أرسله الذي الغيبحق يف فتية رش وهم هللا، حق يف عصبة خري فهم دونهم؛ هللا أرسلها التي الليل ظلمةمنهم واحد يف يقال وال النبوة، باب إغالق من ورد ملا ترشيع بأنبياء ليسوا أنفسهم،ذلك يقولون وال أولياء، فيهم: فيقال هللا، اسم مع املشاركة من فيه ملا ويل؛ إنه عندهم:عن اللباس هذا فيسرتهم يلبسونه، ألهله لباسا الليل فجعل وا، برش وإن أنفسهم، عنجعل ألنه رقيب؛ غري من فيناجونه بحبيبهم الليلية خلواتهم يف يتمتعون األغيار، أعنيطبيعية؟ للناس راحة هو كما إلهية، الليل ألهل راحة أي سباتا، الرقباء أعني يف النومقبول من يسألونه فيما ومعنى ا حس به وخلوا ربهم، مع هؤالء اسرتاح الناس نام فإذا— تعاىل — هللا وإن لهم، راحة الناس فنوم ذلك؛ وغري ومغفرة، دعوة، وإجابة توبة،إليهم ونزوله فلكي، حجاب وبينهم بينه يبقى فال الدنيا، السماء إىل بالليل إليهم ينزلادعى من كذب هللا: «يقول الخرب: يف ورد كما الدنيا، سماء يف لهم ويتجىل بهم، رحمةتجليت قد ذا أنا فها بحبيبه، الخلوة يطلب محب كل عني، نام الليل جنه فإذا محبتي،

114

املتصوفة أقسام

فأغفر مستغفر من هل عليه، فأتوب تائب من هل له، فاستجيب داع من هل لعبادي،وهذه الخلوة هذه يف الحظوة بهذه الفائزون هم الليل فأهل الفجر.» ينصدع حتى له،يف لهم يقول ملا أسماعهم ويفتحون كالمه، يتلون قائمون فهم محاربهم، يف املسامرة

سبحانه. — كالمههذا؟ ندائك يف ربنا يا منا تريد فما الناس، نحن يقولون: الناس. أيها يا قال: إذاإن ربكم ﴿اتقوا أنزله: الذي كالمه بتالوتهم لسانهم عىل — وجل عز — لهم فيقوللهم: فيقول ربنا، لبيك فيقولون: الناس. أيها يا ويقول: عظيم﴾. ء يش اعة الس زلزلةفأخرج ماء ماء الس من وأنزل بناء ماء والس فراشا األرض لكم جعل ﴿الذي ربكم اتقواخاطبتنا ربنا فيقولون: تعلمون﴾؛ وأنتم أندادا هلل تجعلوا فال لكم رزقا الثمرات من بهوتقواك؛ عبادتك من منا طلبته فيما واستعملنا قنا، وف ربنا فيا ففهمنا، وفهمتنا فسمعناوتطلب وتنادينا جاللك علو من إلينا تنزل حتى نحن ومن بك، إال قوة وال لنا حول ال إذالحياة تغرنكم فال حق هللا وعد ﴿إن فيقول: لبيك. فيقولون: الناس. أيها يا فيقول: منا.علينا؛ وتعطف فاعصمنا فعلمنا، وأعلمتنا فسمعنا، أسمعتنا ربنا، يا فيقولون: نيا﴾. الداإلنسان. أيها يا فيقول: خذلته. من واملخذول أيدته، من والمؤيد نرصته، من فاملنصوركرمك. فيقول: الكريم﴾. بربك غرك ﴿ما فيقول: رب. يا لبيك منهم: اإلنسان فيقولتقاته حق هللا «اتقوا فيقول: لبيك. فيقولون: آمنوا. الذين أيها يا ويقول: صدقت. فيقول:قوة وال حول ملخلوق وهل تقولنا، ما إال لنا قول وأي فيقولون: سديدا.» قوال وقولوافيقولون: آمنوا. الذين أيها يا فيقول: كتابك. تالوة وقولنا ذكرا نطقنا فاجعل بك؟ إالربنا فيقولون: اهتديتم﴾. إذا ضل ن م كم يرض ال أنفسكم ﴿عليكم فيقول: ربنا، لبيكوقلت: ون﴾، تبرص أفال أنفسكم ﴿ويف فقلت: إليمانك، محال جعلتها ملا بأنفسنا أغريتنامطلوبة ليست واآليات ،﴾ الحق ه أن لهم يتبني حتى أنفسهم ويف اآلفاق يف آياتنا ﴿سنريهموثابروا الزمونا أي: أنفسكم: عليكم قولك: يف تقول فكأنك مدلولها؛ وأنت عليه، تدل ملا إال

علينا.»ويف الحكيم، بقرآنه ذكرا وذكرا؛ استغفارا يقطعونه الذين الليل رجال هم ذلكأن يحس وهو التالوة، عند صالته يف يقف من هو القلب، الحارض املصيل أن الحديث:كالم القرآن ألن لسانه؛ عىل يتلو الذي هو — سبحانه — هللا وكأن يتلو أو يسمعه، هللا

تعاىل. — هللا

115

عربي بن الدين محيي

آية فكل بقرآنه؛ يكلمهم ربهم، إىل يستمعون وكأنهم يقرأون الليل، أهل وهكذاومقدار الليل، ألهل الرحمن هبات من هبة التذوق، من لون وذلك وجواب، سؤال عندهم

ذاق. من يعرفها إنما الهبة تلكمقام من ليله يف هللا مع حاله فالزاهد ذلك؛ يف طبقاتهم تختلف الليل وأهل يقول: ثملسان مقام ولكل مقام، كل صاحب وكذلك توكله، مقام من هللا مع حاله واملتوكل زهده،واملقامات، األحوال بحسب املراتب يف متباينون لهذا وهم فيهم؛ اإللهي الرتجمان هوفهم والخيالية، املحسوسة املواد عن املجردة املعاني أصحاب هم الليل أهل وأقطابمنازلهم، بحسب واألرسار واملعارف املعاني من كل فيعطى بالحق، الحق مع واقفونفإذا والسمر، والذكر والصفاء الوفاء أهل الرجال، وسادة القلوب، حكماء هم فهؤالء

ذكر؟ من مع قدم لك هل فانظر، الليل، أهل من أنك نفسك لك ادعت

116

الروح أرسار

يعرض أخذ العظمى، مملكتها داخل املتصوفة أقسام عىل الدين محيي بنا طاف فإذاالروحية. وأرسارها عجائبها من ألوانا

إن قلت: إذا أغايل ولست األعظم، والرس األعىل املكان التصوف عالم يف وللروحتزال ال امليدان، هذا يف عميقة كشوف من إليه وصلت ما رغم العاملية الروحية املذاهبراضوا الذين التصوف، رجال من واألئمة الجبابرة بجوار أقزاما فتوحاتها تزال وال تحبو،منامهم يف بل والسجود، اليقظة عند ذواتهم يف ال فتحكموا هداهم، من نور عىل أرواحهمأرادوا ما املنام يف خواطرهم — الدين محيي يقول كما — ليوجهون حتى الهجود، وعندقواها؟ ما أدراك وما األرواح قوى لهم رت سخ آفاقها، يف وتنقلوا أرسارها، وملسوا وأحبوا،

لهم؟ تجىل ما أدراك وماوكان الدين، محيي كتب عىل اطلع من كل «إن بك: لوجدي املعارف دائرة تقولاملعارف هذه يف متكلم كل سبق أنه تحقق العرصية، الروحانية الفلسفة مرامي عىل واقفاهو ن مم صدر أو كالمه، من مقتبس هو ما إال وغال عال مهما اآلن مقال فال العالية؛

إليه.» انتهى ما إىل منته

الروحية اإلذاعات

تلك لنشاهد خطوات نوره عىل ولنتقدم الدين، محيي بمصباح أخرى مرة ولنمسكاململكة. رجال عىل الصوفية األنباء تذيع التي الروحية املحطات

ببعض، بعضها مملكتهم أجزاء تربط التي الخاصة إذاعاتهم التصوف ولرجالومغاربها. األرض مشارق إىل أخبارهم تنقل والتي

عربي بن الدين محيي

— هللا كشف فلقد فتسخر! غشاوة بصريتك عىل اإلنكار يرضب وال تعجب والمنرب عىل وهو — عليه هللا رضوان — الخطاب بن عمر عيني عن الغطاء — سبحانهيقاتل العراق، بأرض بنهاوند وهو سارية وجيش سارية فرأى أصحابه، يخطب املدينةعمر: فهتف بجواره، بجبل يعتصم بأن إال له نجاة وال به أحيط وقد الرحمن، خصومالراحل يقطعها التي املسافة بعد عىل ملحة، يف الصوت سارية فسمع الجبل.» سارية، «ياكيف وانترص! فنجا الجبل إىل فالتجأ عمر؛ صوت أنه وعرف األيام، عرشات يف املجدوما هللا، فضل وذلك اإليمان، رس وذلك الروح، رس ذلك سارية؟ سمع وكيف عمر؟ أبرص

قليال. إال العلم من أوتيتمبد ال كثرت، أو قلت جماعة أو واحد أي أن الكشف علوم «ومن الدين: محيي يقولإىل أخبارهم ينقل الواحد فذلك يتحدثون؛ عندما واحد الغيب رجال من معهم يكون أن

العالم.صالة عند تونس جامع برشقي مثنى ابن بمقصورة الشعر من أبياتا عملت ولقدفاجتمع للقافلة، أشهر ثالثة مسرية وبينهما إشبيلية، فجئت معني، معلوم يوم يف العرصتلك لمن له: فقلت عينها. األبيات تلك االتفاق بحكم فأنشدني يعرفني، ال إنسان بيعملتها الذي التاريخ يل فذكر حفظتها؟ ومتى له: فقلت العربي. بن ملحمد فقال: األبيات؟ومر مجلس، يف إشبيلية بسوق ليلة جالسا كنت فقال: إياها؟ أنشدك ومن له: فقلت فيه،

لفالن.» فقال: هي؟ لمن له: فقلنا األبيات، هذه فأنشدنا غريب رجل بنايف أيضا ولهم واألثريية، الالسلكية ال والروحية، القلبية إذاعاتهم محطات هي تلكإىل حملها ثم وقيدها، املرئيات تسجيل وهو «بالتلفزيون»، نسميه ما يشبه ما مملكتهم

واالتجاهات. األماكن شتى إىل لحظات يف األثري أجنحة عىل األرض، أطرافعرض فلقد فتسخر، غشاوة بصريتك عيني عىل اإلنكار يرضب وال أيضا، تعجب واليوم — عليه هللا صلوات — الرسول عىل وساحاته ومقاصريه بأبوابه األقىص املسجدوتعجبوا، فأنكروا األقىص، املسجد يف إماما بالرسل صىل وأنه اإلرساء، بحديث قومه حدثوعالماته، بأبوابه األقىص املسجد لهم يصف أن — عليه هللا صلوات — منه طلبوا ثميكون أن جاز لنبي، معجزة كان وما مشاهدة؛ عليه — وتعاىل سبحانه — هللا فأطلعه

لويل. كرامةالعرص، صالة بعد يوما بإشبيلية العديس بجامع كنت «ولقد الدين: محيي يقولخراسان، يف به اجتمع أكابرهم، من الطريق أهل من كبري رجل عن يل يذكر وشخص

118

الروح أرسار

تراه، ال والجماعة قرب، عن إيل الشخص فإذا إليه، اشتقت حتى وعمله، فضله يل فذكرالرجل هذا املخرب: للرجل فقلت الرجل. هذا لك يصفه الذي الشخص هذا هو أنا يل: فقالله. أصفه فأخذت اسمع، له: فقلت نعم. فقال: صفته؟ أتعرف بخراسان، رأيته الذي

به.» تخرب فيما عندي يصدقك جالس ذا هو له: فقلت تذكر. ما وهللا هو فقال:الرسول رؤية أيضا ولهم املبني، الصبح كفلق الصادقة الرؤيا اململكة تلك ولرجال

واإلرشاد. للتعليم منه الجواب وتلقي وسؤاله املنام، يف — عليه هللا صلوات —رسول فرأيت فيه، الجمع وأقل العدد مسألة يف ا متحري «كنت الدين: محيي يقولفقلت: العدد؟ أقل ما يسمع: ملسو هيلع هللا ىلص وهو سائل سألني وقد يديه، بني وأنا منامي يف هللاملسو هيلع هللا ىلصكيف فقلت: وهؤالء. هؤالء أخطأ الرسول: فقال ثالثة. النحويني وعند اثنان، الفقهاء عندوالكل والوتر﴾ فع ﴿والش تعاىل: — هللا يقول ووتر، شفع العدد إن قال: أقول؟ إذندرهمني فرمى املباركة، بيده دراهم خمسة — عليه هللا صلوات — أخرج ثم فميز؟ عدد،للسائل: يقول أن املسألة هذه عن سئل لمن ينبغي يل: وقال بمعزل، ثالثة ورمى بمعزل،يده وضع ثم وترا؟ ى المسم العدد عن أم شفعا، ى المسم العدد عن تسأل؛ عدد أي عنرأيت فما الشفع. عدد يف الجمع أقل وهذا الوتر، عدد يف الجمع أقل هذا وقال: الثالثة عىل

معلما!» منه أحسن

املوت بعد األرواح

وإذا املوت، بعد ومناجاتها األرواح استحضار أنباء علينا يقص الحديث، العلم كان وإذافإن األرواح، بتلك معرفة تنتج صالت لهم إن يقولون: العلماء من الروحانيون كانتراب. من شرب — يقولون كما — بعض عن بعضهم يحجب ال مملكتهم داخل املتصوفة

القرب. عن كنايةأو مكة حيطان من بحائط مر — عليه هللا صلوات — النبي أن البخاري روىوما ليعذبان، «إنهما النبي: فقال قبورهما، يف يعذبان إنسانني صوت فسمع املدينة،يميش اآلخر وكان بوله، من يسترت ال أحدهما كان «بىل، قال: ثم كبري!» يف يعذبانالحديث يف وتزيدكم قلوبكم غ تمر «ولوال عنه: ريضهللا — أحمد اإلمام وزاد بالنميمة.»

أسمع.» ما لسمعتم

119

عربي بن الدين محيي

فرأت الحجب؛ عنها لكشفت وشهواتها الحياة أهواء يف البرشية القلوب تمرغ لواليعي، قلب له كان من لكل ورحمة وهدى للموقنني، شفاء فيه ما الكربى ربها آيات من

شهيد. وهو السمع ألقى أوبعد الجمعة يوم كنت «إني السبت: يوم منازل عن حديثه يف الدين محيي يقوليطوف وهو هيبة، له الهيئة حسن رجال فرأيت الطواف، دخلت قد بمكة، الجمعة صالةكان ملا سفر؛ من قادم عالمة عليه أر ولم عرفته، فما أعرفه أن منه بايل فجعلت أمامي،فيعرب الطواف يف املتالصقني الرجلني بني يمر رأيته ثم والنرضة، الغضاضة من عليهقدمي وضعت إال قدما يرفع ما أقدامه؛ بأقدامي أتتبع فجعلت يفصلهما، وال بينهمااملتالصقني بالرجلني أمر فكنت يفوتني، لئال معه؛ وعيني فيه وذهني قدمه، موضع يفأكمل فلما ذلك، من فتعجبت بينهما، أفصل وال فأجوزهما أثره يف بينهما يمر اللذينأرصف ال وأنا عيل، السالم ورد يل م فتبس عليه، وسلمت مسكته الخروج، وأراد طوافهالبرص أن وعلمت متجسد، روح أنه شككت ما فإني يفوتني، أن مخافة عنه؛ نظرييرحمك أنت فمن له: فقلت صدقت. فقال: د. متجس روح أنك ألعلم إني له: فقلت يقيده،عليه كنت حال عن أسألك أن أريد له: قلت الرشيد. هارون ابن بتي» الس «أنا قال: هللا؟كنت لكونك إال بتي الس يت سم ما أنك بلغني له: قلت قل. قال: الدنيا. يف حياتك أيام يفله: فقلت صحيح. بلغك الذي فقال: األسبوع. بقية يف تأكله ما بقدر سبت كل تحرتفخلق ابتدأ هللا أن بلغني فقال: األسبوع؟ أيام سائر دون وحده السبت يوم خصصت فلمهذا الملك. يل الملك أنا قال: السبت، يوم كان ا فلم الجمعة، يوم وأكمله األحد، يوم العالمهللا لعبادة فتفرغت هذا؛ عىل ألعملن وهللا فقلت: الدنيا، الحياة يف وأنا األخبار، يف بلغنيهللا إن وأقول: تعاىل، — بعبادته إال بيشء أشتغل ال األيام، الستة آخر إىل األحد يوم منبشغل أمزجها وال لعبادته، أتفرغ فأنا الستة، األيام هذه يف بنا اعتنى كما — تعاىل —

األسبوع. سائر يف يفوتها ما وأنظر لنفيس، أتفرغ السبت يوم كان فإذا نفيس،أنا. فقال: الدنيا؟ حياتك يف الزمان قطب كان ومن له: فقلت ذلك. يف يل وفتحفقلت املفارقة. يريد أمرك. عن قال: ثم عرفك، من صدق قال: التعريف. وقع بذلك قلت:مع أصحابي بعض وكان فارقته فلما وانرصف. محب سالم عيل فسلم إليك؛ ذلك له:من فرغت فلما الدين.1 علوم إحياء علينا: يقرأون كانوا لكونهم انتظاري؛ يف الجماعة

الغزايل. لإلمام 1

120

الروح أرسار

ما الوجه، حسن غريبا رجال تكلم رأيناك بعضهم: يل قال إليهم، وجئت الطواف ركعتيلكم.» ليس هذا قلت: جاء؟ ومتى هو؟ فمن نعرفه،

يف األرسار بحار نجمع أن بمستطيعني ولسنا لديهم، الروح عالم من قطرة هذهكتابا. لها ص فنخص يوفقنا؛ أن هللا عىس ميرسة، إىل فنظرة قطرة؛

والرضا، الهدى ظالل يف يعيشون الذين املتصوفة، ململكة رة مصغ صورة وتلكتهتف ومنائر منابر إىل الوجود أحالوا الذين املتصوفة واملحبة، باألشواق ويقتاتونيف بيننا يعيشون الذين املتصوفة والسجود، للركوع محاريب وإىل واإليمان، بالذكرالمسلحة؛ الغابة تلك من داخلها واعتصموا ألنفسهم ابتدعوها ونور، صفاء من مملكة

والشهوات. والدماء والبغضاء والهموم، األحزان غابةلنورا لهم وإن يعرفونها، التي ورموزهم وتقاليدهم لعادتهم لهم فإن وبعد؛الشذى رجال إال النور يبرص وال الشذى يعرف وال بشذاه، يعرفون وعطرا به، يتميزون

والنور.

121

واحلباإلهلي الدين حميي

هو جميعا، املتصوفة بني املشرتك والحال ودثاره، شعاره وهو التصوف، روح هو الحبواألنوار. األرسار كل فيها تكمن لديهم املحبة وكأس النهاية، نهاية أنه كما البداية، بدايةيحد وإنما حقائقه؛ رشح وال تعريفه، وال تحديده يمكن ال املتصوفة، عند والحبالحب حد «من الدين: محيي يقول كما أو واالصطالح، بالعرف ويعرف فقط، باللفظبال ب رش فالحب عرفه! ما منه رويت قال: ومن عرفه! ما رشبا يذقه لم ومن عرفه! ماالرجل اليزيد: أبو فقال أبدا. بعدها أظمأ فلم رشبة رشبت املحجوبني: بعض قال . ري

العطش.» من صدره عىل خارج ولسانه البحار، يحسو منألنه غاية؛ وال له حد ال دائم وظمأ مستمر، وشوق متجدد، حنني الحب، هو وهكذايبلغها حال من فما له، نهاية ال الحق أمر ألن له؛ نهاية ال فالشوق األنفاس، مع متجددالحالة تبلغ «إن الغزايل: اإلمام ويقول وأوىف؛ أتم هو ما ذلك وراء أن ويعلم إال املحب

هي.» ما تعرفأنا رشبت الشبيل: قال موهبته. قدر عىل أو ته، هم قدر عىل هواه من محب ولكل

طريقا. منا كل فسلك وسكر، فصحوت واحدة؛ كأس من ج والحاليتدبره لمن فالقرآن الكريم؛ القرآن نور من الحب هذا أصول املتصوفة استمد ولقدالفوز سبيل يف الحياة، طيبات كل بذل إىل رصيحة ودعوة اإللهية، باملحبة حار هتاف

هللا. بمحبةويسأله الحب، يسأله لربه مناجاته يف — عليه هللا صلوات — الرسول كان ولقدحبك اجعل «اللهم واملحبة: الوصول مراتب أسمى وهي الصالة؛ يف عينه قرة تكون أنإىل بالشوق الدنيا حاجات عني واقطع عندي، األشياء أخوف وخشيتك إيل، األشياء أحب

عبادتك.» يف عيني فأقرر دنياهم، من الدنيا أهل أعني أقررت وإذا لقائك،

عربي بن الدين محيي

يسمر محاريبه، يف ربه إىل املحب يخلو اإللهي؟! الحب مرتبة إىل تسمو مرتبة وأيالكربى، النشوة تأتي ثم ذكره، بجميل نهاره ويقطع وجهه، بنور ليله وييضء بطاعته

والرضا. باألنساملعرفة، بنسيم والتنسم الجلوة، يف الجلوس وأعالها: املجالس «أرشف الجنيد: قالرشاب ومن أجلها! ما مجالس من لها «يا قال: ثم الوداد.» بحر من املحبة بكأس والرشب

رزقه.» لمن طوبى ألذه! ماالشيوخ، فيها فتكلم املوسم، أيام بمكة املحبة مسألة «جرت الدين: محيي يقولودمعت برأسه فأطرق عراقي، يا عندك ما هات له: فقالوا سنا، أصغرهم الجنيد وكانإليه ناظر حقوقه، بأداء قائم ربه، بذكر متصل نفسه، عن ذاهب عبد قال: ثم عيناه،أستار من الجبار له وانكشف ه، ود كأس من رشبه وصفا هيبته، أنوار قلبه أحرق بقلبه،هللا، فمع سكن وإن هللا، فبأمر تحرك وإن هللا، فمن نطق وإن فباهلل، تكلم فإن غيبه؛

هللا!» ومع وهلل باهلل فهوكنزا «كنت القديس: الحديث ففي العالم، إيجاد سبب الحب أن يرى الدين ومحييأن فأخرب عرفوني.» فبي إليهم وتعرفت الخلق، فخلقت أعرف، أن فأحببت أعرف، لمهللا: لنعبد خلقنا وقد يعيش، وبالحب خلق بالحب فالعالم العالم، خلق سبب كان الحب

الحياة. رس هو وهذا ليعبدون﴾؛ إال واإلنس الجن خلقت ﴿وماوهما واملوجب السالب حتى ومحبوب؛ محب إال الدين محيي عند املوجودات يف وماق تعش ولوال تحول، أو تزول أن الحب يمسكها إنما الطبيعة، ذرات حتى الوجود، قوام

عرفا. وال امتزجا ما للكلمات املعاني حب ولوال وجودهما، تم ما للجسم النفسموجده بحب يتحرك كله والكون وبه، له ويعيش بالحب يتنفس إنما بأرسه فالعالممضمرة، لحقيقة ومظهرا حجبا الرباقة ألوانها اتخذت اعة، خد الحب صور ولكن ومبدعه؛الصور بحجب احتجب ولكنه خالقه؛ لغري الحقيقة عىل إنسان قلب يف الحب س تنف فماالشهوات ويف وليىل، وهند زينب بصور الجنس يف احتجب املشاكلة. بحسب الدنيويةللناس ﴿زين الحياة، شهوات من محبوب مرغوب وكل والجاه، والدينار الدرهم بحب

ة﴾. والفض الذهب من المقنطرة والقناطري والبنني النساء من هوات الش حبفإن منه، إال إحسان ثم وما واإلحسان هلل، عاله يف وهو الجمال سببان: وللحبفما للجمال، أحببت وإن املحسن، فإنه هللا إال الحقيقة يف أحببت فما لإلحسان، أحببت

واألرض. السموات نور الجميل فإنه هللا؛ إال أحببت

124

اإللهي والحب الدين محيي

بل الخيال، ويتصورها اللسان يلفظها دعوى ليس الحب أن يرى الدين ومحييلكالم إال يستمع فال سمعه يمسك أن املحب إىل فيطلب ورشوط؛ وشهود آيات للحبكالم كل عن لسانه ويخرس محبوبه، وجه سوى منظور كل عن برصه ويغض محبوبه،فبه محبوبه، صورة سوى يتخيل فال خياله، خزانة عىل ويرمي محبوبه، ذكر عن إالافرتضت، ما أداء بمثل عبدي إيل تقرب «ما القديس: الحديث ويف ويتكلم. ويبرص يسمعوبرصه به، يسمع الذي سمعه كنت أحببته فإذا أحبه، حتى بالنوافل إيل يتقرب يزال واليحب هللا إن السموات: يف ينادي أن الملك إىل أوحى العبد، هللا أحب وإذا به.» يبرص الذيوإن البواطن فتقبله األرض، يف القبول له يوضع ثم السماء، أهل فيحبه فأحبوه؛ فالنا،

الظواهر. أنكرتهباللقاء، يهيج االشتياق ألن الحب؛ ازداد املشاهدة ازدادت كلما أنه «واعلم يقول: ثمألن محبوبه؛ من القليل ويستكثر نفسه، من الكثري يستقل أنه املحب عالمات ومنطاعة يعانق أنه أيضا: نعته ومن قليل، فكثريه فقري واملحب كثري، فقليله غني، املحبوبوموافق بالكلية، نفسه عن خارج أنه الكربى: عالماته ومن مخالفته، ويجانب محبوبه

بهواه. القلب هائم محبوبه، ملحاب

ت��غ��ي��ب؟» ف��أي��ن ق��ل��ب��ي ف��ي وم��ث��واك ف��م��ي ف��ي وذك��رك ع��ي��ن��ي ف��ي خ��ي��ال��ك

خارج من محبوبي يل د يجس حبي كان أن الخيال قوة بي بلغ «ولقد يقول: ثمويخاطبني إليه، أنظر أقدر فال — عليه هللا صلوات هللا— لرسول يتجسد كان كما لعيني،املائدة يل قدمت كلما طعاما، أستطيع ال أياما تركني ولقد عنه وأفهم إليه، وأصغيجوعا، أجد وال الطعام عن فأمتنع تشاهدني؟ وأنت أتأكل بقلبي: أسمعه بلسان يل يقولمن يتعجبون بيتي وأهل أصحابي وكان الغذاء، مقام حبي يل فقام سمنت، حتى وأمتلئوال جوعا أجد وال طعاما، أذوق ال الكثرية األيام أميض كنت فقد الغذاء؛ عدم مع سمنيومشاهدة تعاىل، — الحق محبوبه كان إذا إال املحب الحب يستغرق ال أنه واعلم عطشا،

حبا. ازداد مشاهدة ازداد وكلما كالغذاء، املحبوبإرادة وال غرض للمحب يكون أال وعالمته: الحب، منها ألقاب: أربعة املحبة، وملقاماملحب يتودد أن عالمته ومن الودود، تعاىل: — اسمه من وهو الود، ثم محبوبه. مع— قوله ومنه املحبة، إفراط وهو العشق والثالث: ويحبه. يرضيه بما دائما للمحبوبحبها صار أي: حبا﴾، شغفها ﴿قد تعاىل: — وقوله هلل﴾، حبا أشد آمنوا ﴿والذين تعاىل:

125

عربي بن الدين محيي

ظرف فهي القلب؛ عىل تحتوي التي الرقيقة الجلدة وهي كالشغاف، قلبها عىل ليوسفبه.» والتعلق املحبوب يف اإلرادة استفراغ وهو الهوى: والرابع: به. محيط له

مفرطا عشقا تجد أن وهو وجدته، ما الحب يف ما «وألطف الدين: محيي يقول ثموذهابا ذهوال ثم بطعام، لذة وعدم نوم، وامتناع وتحوال، وغراما مقلقا، وشوقا وهوى

توصف.» ال ولذة وفيضا تجليا ثم وفناء،

املحبني صفات

أرواحهم وأنار محبته، صفاء من قلوبهم مأل عبادا هلل «إن املرصي: النون ذو يقولموفقهم سبحان هممهم! منه وأدنى إليه، شوقهم من فسبحان رؤيته، إىل بالشوقمنك الزيادة وإىل أبدانهم، تواضعت لك إلهي أسقامهم! وطبيب وحشتهم ومؤنسبه وأدمت عيشهم، به طيبت ما عنك، الفهم حالوة من فأذقتهم أيديهم؛ انبسطتنسيت ما بك ملكوتك، يف الجوالن لقلوبهم وأبحت سمواتك، أبواب لهم ففتحت نعيمهم؛أنست وبك العارفني، قلوب حنت وإليك املشتاقني، شوق ل معو وعليك املحبني، محبةقد املقرصين، أفئدة استجارت وبك الخائفني، رهبة عكفت وعليك الصادقني، قلوبفيما الفكرة محادثة إىل يسكنون ال فيهم، الغفلة طمع وقل فتورهم، من الراحة يئستإليه ويترضعون بألسنتهم، ربهم ويناجون والسهر، التعب عن يفرتون وال يعنيهم، الفهم أعمالهم؛ يف الخطأ من وقع ا عم والصفح تهم، زال عن العفو يسألونه بمسكنتهم،

األبرار.» خدمة وخدموه األحزان بفكر قلوبهم ذابت الذين— عنهم هللا ريض — صفاتهم «ومن فيقول: النون ذي عىل الدين محيي ويعقب

بأرواحهم. تعلقه بأجسامهم يتعلق نعت وهو النحول،ولطفت الحواس، إدراك عن لطفت وإن املحبني أرواح فإن بلطائفهم، تعلقه فأماالرساب أن وذلك أذكره؛ ملعنى الرساب لطافة يلطفها الحب فإن الخيال، تصوير عنفيلجأ حاجته، موضع املاء ألن ماء؛ حسبه ما ذلك لوال لظمئه، وذلك ماء؛ الظمآن يحسبههللا ووجد شيئا يجده لم جاءه فإذا الحياة، رس من فيه ملا ومحبوبه؛ مطلوبه لكونه إليه— أنه فكما سبحانه، — هللا يقصده يشء كل عند يجد فاملحب املاء؛ عن عوضا عندهإليه والرجوع االلتجاء يف بالعبد يعتني كذلك يشعر، ال حيث من بالعبد يمكر — تعاىلدائما هللا فيجد يشعر، ال حيث من إليه يبديها عندما عنه األسباب بقطع عليه، واالعتمادوانغلقت األسباب، به تقطعت ملا هللا إىل رجوعه وهو الرساب، يف له املتخيل املاء فقد عند

126

اإللهي والحب الدين محيي

هللا، من به املطلوب كان وهو يشء، كل ملكوت بيده من إىل ورجع األبواب، مطلوبه دونوبتقطع الدنيا، مطامع من بقطعهم واختيارا اضطرارا إليه يردهم أحبائه مع فعله هذا

رساب. الدنيا من يطلبونه يشء فكل دونهم؛ األسبابلحوم وذهاب ألوانهم، تغري من الحس به يتعلق ما فهو أجسامهم نحول وأمافبذلوا عليهم، افرتضه ا مم املحبوب كلفهم ما أداء يف عليهم الفكر الستيالء أبدانهم؛إيمانهم يف عليه وعقدوا ذلك، عىل هللا عاهدوا كانوا إذ بالعهود؛ بالوفاء ليتصفوا املجهود﴿وأوفوا وقال: بالعقود﴾، أوفوا آمنوا الذين أيها ﴿يا آمرا: يقول وسمعوه وبرسوله، بهفهذا كفيال﴾ عليكم هللا جعلتم وقد توكيدها بعد األيمان تنقضوا وال عاهدتم إذا هللا بعهد

أجسامهم. نحول سببأجسامهم يف أما وأجسادهم: ألرواحهم صحيح نعت وهو الذبول، أيضا نعوتهم ومنالحبيب أن رأوا ألنهم للنفوس؛ مستلذة وهي الدسمة، الشهية األطعمة مالذ ترك فسببهيخدر الطعام أن ورأوا النائمني، ونوم تجليه عند ليال ومناجاته يديه بني القيام كلفهملهم هللا ق فحق محبوبهم، يدي بني قيامهم ليكمل فهجروه النوم، إىل ويدفع الحواس،

ذلك. عىل بإعانتهم غايتهمإىل بحبهم نسبة لهم ألن والعلوم؛ باملعارف نعيما لهم فإن أرواحهم، ذبول وأماعليه — إرسافيل أن الخرب ويف وحبا. ذلة ذابلة؛ األعىل املأل وأرواح األعىل، املأل أرواحهللا عظمة الستيالء يوم كل نفسه يف يتضاءل العلوية، األرواح أرفع من وهو — السالم

املتوهمة. كالنقطة يصري حتى مرة، سبعني قلبه عىل — تعاىل —الذلة بمالزمة املحبوب، يف والفناء االستهالك وهو الغرام املحبني: صفات ومنفإن املحبوب، شهود ملالزمة مهلكا؛ أي: غراما﴾ كان عذابها ﴿إن تعاىل: — قال والكمد.بالرتاب، اللصوق وهو الرغام، ومقلوبه غراما، ي سم وبه الدين لزمه الذي هو الغريم

األذالء. أذل وهو بالرتاب، فألصقوه بالعزة يوصف األنف ألن أنفه؛ رغم ويقال:وكل األرقني، نفوس واألرق املشتاقني، قلوب والشوق املحبني، قلوب الحب الزم وملاصفته يت وسم مغرما، كلها: املالزمات هذه صاحب ي سم منه، موصوفها للحب صفةأعظم صفة للمحب فليس الحب، صفة من املحب يلزم ما جميع يعم اسم فهو غراما؛

الغرام.» من إحاطةهللا أعطانا «لقد يقول: ثم صفة، عرشين من أكثر للمحبني الدين محيي ويذكرألجد إني وهللا، وكمده، الحب أشواق عىل قوانا — سبحانه — أنه إال األوفر، الحظ منها

127

عربي بن الدين محيي

الجبال وعىل النكدرت، النجوم وعىل النفطرت، السماء عىل ظني يف وضع لو ما الحب منومنحه. فضله من قوة فيها الحق قواني لكن لها؛ ذوقي هذا ت، لسري

قدر عىل والحب واصف، وصف يبلغه ال ما املحبة عجائب من نفيس يف رأيت ولقدقصدي عرف أحكامها عليه وظهرت فيها ذاب من وكل املعرفة، قدر عىل والتجيل التجيل،

هنا.»

العارفني حب

فخلقنا، منه تفضال باملحبة بدأنا الذي هو — سبحانه — هللا «إن الدين: محيي يقولاألعمال لتعلمنا إلينا؛ الرسل بعث لنا: حبه ومن أحب، ما إال يخلق ال — تعاىل — وهومشمول األشقياء أشقى وأن غضبه، سبقت رحمته أن أخربنا ثم سعادتنا، إىل تؤدي التي

هلك.» وإال والعناية بالرحمةمتعلقة بجارية وإذا حزينا، صوتا فسمعت الطواف يف «كنت املرصي: النون ذو قال

تقول: وهي الكعبة، بأستار

ت��دري أن��ت ح��ب��ي��ب��ي ي��ا ح��ب��ي��ب��ي ي��ا ت��دري أن��تب��س��ري ي��ب��وح��ان ح وال��رو ال��ج��س��م ون��ح��ولص��دري ض��اق ح��ت��ى ـ��ح��ب ال��ـ ك��ت��م��ت ق��د ح��ب��ي��ب��ي ي��ا

إلهي تقول: سمعتها ثم وبكيت، انتحبت حتى سمعت ما فشجاني النون: ذو قاليكفيك أما جارية، يا وقلت: ذلك، فتعاظمني قال: يل. غفرت إال يل، بحبك وموالي وسيديقوما هلل أن علمت أما النون، ذا يا إليك فقالت: يل؟ بحبك تقويل حتى لك بحبي تقويل أنفسبقت يحبهم﴾، بقوم هللا يأتي ﴿فسوف يقول: هللا سمعت أما يحبوه، أن قبل يحبهمبطال، يا فقالت: النون؟ ذو أني علمت أين ومن فقلت: له، محبتهم قبل لهم محبتهفلم وجهي، فأدرت خلفك، من انظر قالت: ثم فعرفتك، األرسار ميدان يف القلوب جالت

ابتلعتها.» األرض أم اقتلعتها السماء أدراملحبني «إن فيقول: العارفني، عند املحبة صفات الفتوحات يف الدين محيي ويرويدنيوية، أبدانهم فصارت هللا؛ جالل عن القلوب بنور فأبرصوا قلوبهم، عن لهم شق هلل

128

اإللهي والحب الدين محيي

األمور تلك وتشاهد املالئكة، صنوف بني ترسح سماوية، وعقولهم حجبية، وأرواحهمنار.» من خوفا وال جنة يف طمعا ال له، حبا استطاعتهم بمبلغ فيعبدون باليقني؛

آفاق لهم الحب أنار الذين «هم وصفاتهم: العارفني محبة يف النون ذو ويقولورشبوا واألحزان، بالخوف فترسبلوا األشجان، سحب عليهم أمطرت ذاقوا، فلما السماءمحبوبهم؛ مشاهدة يف أعينهم قرة فكانت املوقنني، رياضة أنفسهم وراضوا اليقني بكأسالفكر، وأشعروها الصرب، وألزموها النظر، عن وها وغض بالسهر، أبصارهم لوا كح ولهذاذابة، وشفاه ناحلة بأبدان محبوبهم صحبوا ترتى، دموعهم واستهلت أرقا، ليلهم فقامواأعينهم.» نصب وعيده وكأن أقدامهم، تحت النار زفري فكأن قاتلة، وزفرات زائلة ودموعيستغرق ولهذا املعاني؛ عالم يف ما أسمى هو اإللهي «والحب الدين: محيي يقولتصوره، يمكن ال معنويا فناء محبوبه يف ويفنى نفسه، عن املحب فيذهل كلها، الطاقةالذين العارفني، حب هو وهذا صور؟ للمعنويات وليست بصورة ليس ما نتصور وكيفمعنويا، ال ذاتيا اتحادا الفناء تخيلوا الذين االتحاد أصحاب العوام عن به يمتازون

فطرتهم. نقص عىل دل هذا وتخيلهموحنينا وعبودية، ورجاء وذلة، افتقار فناء محبوبه يف يفنى إنما العارف: فاملحب

واملعرفة.» األدب كمال مع وشوقاتخدعهم أو املحبة، بروق تذهلهم الذين هؤالء ويحذر الدين، محيي يحذر ثمترك فوصل: نهل لمن يجوز «ال فيقول: الحرضة، بساط يف واألنس القرب بشاشاتوإال وأذواقها، آدابها فللحرضة واملحبة؛ األنس بساط عىل جلس لمن الخدمة عند الحرمة

فطرد. حرمورسها الحياة غاية نفهم وبه الحب مقدار وعىل اإليمان، ازداد الحب ازداد وكلما

منها. واملرادالفطرة، إىل بالنفس رجوع وهو العبادة، روح هللا فحب واملحبة، للعبادة إال خلقنا ما

األرواح. عىل وامليثاق العهد أخذ حينما سابق؛ بعهد وفاء وهوعنها يصدر ال مطمئنة، راضية لطائف إىل األرواح ل يحو — تعاىل — هللا وحبيشء كل محبة إىل باإلنسان يسمو ألنه وصفاء؛ وإخاء وإيمان، رضا بل عدوان، وال رشيرى املحبوب، صنع من الكون هذا يف يشء كل أن اإلنسان يتصور فحينما الوجود، يفكل يرى املحبوب؛ إرادة من الحياة أقدار أن يتصور وحينما وكماال، وجماال خريا الوجود

أبدا.» املحبوب إرادة مع املحب هوى ألن وفضال؛ وبركة وخريا، رحمة قدر

129

عربي بن الدين محيي

هللا ولقاء الحب

الهيكل هذا يف بالبقاء متربم فهو ربه، إىل دائمة أشواق يف املحب «إن الدين: محيي يقولعليه صت تنغ لهذا والبقاء؛ اللقاء حيث األخرى؛ الدار إىل الكربى النقلة عن يحجبه الذييف بها متربم الحياة طيب كدره، العيش صايف فهو اللقاء، ذلك إىل شوقا الدنيا حياتهدائما، باهلل أنس ذو ناظر، كل وهابه مخلوق، كل عنه ذهب قد نفسه، يف ال األمر نفسالدنيا من فارغ محتمل، صابر حليم، للحق مرآة وتعظيم، ذكر قلبه يف خجول، وقورعن يشتغل ال قلبه، ويضحك عينه تبكي هللا، غري يرى ال إذ يشء؛ عىل يأسف ال واآلخرة،جامع بحبه، الخلق من مستوحش أحواله، يف مهدي بربه، ربه عرف عني، طرفة الحقعنه، وريضهللا هللا، عن ريض املواقف يف محبوس بولهه، مستور به، مضنون للتجليات،

العظيم.» الفوز هو وذلك

130

الوجود ووحدة الدين حميي

محبوبه يف املحب فناء الفناء، حال هي املتصوفة أئمة من العارفني عند اإللهي الحب قمةصور للمعنويات وليس بصورة، ليس ما نتصور وكيف تصوره، يمكن ال معنويا فناءيمتازون الذين — الدين محيي يقول كما — العارفني حب هو وهذا ملموسة، محسوسة

االتحاد. أصحاب العوام عنوصور حبهم بألحان الدنيا األريض الحب أصحاب واألدباء، الشعراء مأل ولقدوربا، إلها بل السماء مالئكة من ملكا الحب وجعلوا الحب، هي الحياة فجعلوا غرامهم؛والحسية، املعنوية الصور بشتيت روه وصو وفناء، واستغراقا اتحادا الغرام وجعلوالهم وأقاموا إكبارا، لهم فصفقوا مهولة؛ وتشبيهات املبالغة، استعارات آفاقه يف وأطلقوا

الشهوانية. محاريبهم يف وتبتلوا، وسجدوا إعجابا، التماثيلكل يف محبوبه يرى املحب إن الجنيس: الهوى أصحاب من واألدباء الشعراء وقالويشاهده رشابه، كأس يف يراه والهواء، والسماء املاء يف يراه يشء، كل به ويتلون يشء،جهة كل يف يراه بل البدر. وشعاع الشمس، وإرشاقة الفجر بسمة ويف طعامه، ألوان يف

إليها. وجهه يويللهم وتخفق وإجالال، إعجابا الدنيا لهم فتصفق هذا؛ بالجنس املرتنمون يقول

وإشفاقا. رثاء العيون وتدمع وحنانا، رحمة القلوبواملحبة العظيم، حبه يف الغارق الساجد، الزاهد الصويف، املؤمن املتطهر، العابد أماونيس الشهود، عن وغاب الوجود، فنيس حبه يف الصويف استغرق إذا املحبوب، قدر عىلالخالق إال الكونية والصور األلوان يف يشاهد ولم العظيم، الحبيب إال ير ولم نفسه،واألمر الوجود! وحدة إىل وداع بالحلول! هاتف وهو متفلسف! وهو زنديق فهو املحبوب؛

واملحبوب. املحب إال هناك ما هذا، من وأهون أيرس

عربي بن الدين محيي

أرواحهم ورفرفت به أبصارهم فتعلقت األسنى؛ اإللهي النور عمرهم لقوم إنهمهللا. تعاىل سواه. الوجود يف رأوا فما واملشاهدة، التجيل من عقولهم وذهلت حوله،

والباطن. والظاهر واآلخر، األول هو يشء، كل هللايف لريون وشوقهم حبهم بعني إنهم

ال��واح��د أن��ه ع��ل��ى ت��دل آي��ة ل��ه ش��يء ك��ل وف��ي

الهندية العبادات يف عريقة قديمة، إلحادية فكرة الحلول وفكرة الوجود، ووحدة— سبحانه — هللا يرى فريق فريقني: إىل انقسموا أصحابها أن وخالصتها: والبوذية،وارتفع سما وتطهر، صفا إذا اإلنسان وأن الروح، لذلك جسما العالم ويرى روحا،

الكربى. السعادة فذاق فيها ففني هللا، هي التي بالروح فالتصقهو يشء فكل هللا؛ وجود غري لوجودها، حقيقة ال املوجودات جميع أن يرى وفريقيف يشء كل يف حقيقيا تجليا يتجىل — سبحانه — هللا إن أي: يشء، كل هو وهللا هللا،حقيقيا تعددا الصور بتعدد يتعدد ذلك ومع الواحد، الوجود إال موجود فال بذاته، الكونتعدد أن كما الوجود، ذات يف تعددا يوجب ال التعدد ذلك ولكن األمر، نفس يف واقعيا

اإلنسان. حقيقة يف تعددا يوجب ال اإلنسان أفرادبالرشائع تذهب سفسطة رشع، وال عقل وال منطق يقبلها ال سفسطة، وهيوالعقاب الجزاء وتبطل سبحانه، — هلل الواجب والكمال الجالل من وتنال واألديان،الخلق فتجعل واملخلوق، الخالق بني الحدود تبطل كما األخروية، والحياة والنار، والجنة

واحدا. شيئا والخالقاملتصوفة خصوم من القدامى بها قذف التي الوجود، وحدة فكرة خالصة هي تلك

االتهام. لهذا ومقعدا تكأة لربهم املتصوفة حب من متخذين اإللهي، الحب رجالاإلسالمية الثقافة بتجريح الغرام أكرب أغرموا الذين االسترشاق، بعضرجال جاء ثممحراب يف أقالمهم فغمسوا علمائها؛ يف والطعن رجالها بتجريح املحمدية، والفكرةوالذي اإلفك، بهذا املتصوفة فرموا عنه؛ والدفاع باإلسالم العلم ثوب ولبسوا املتصوفة،وقدر، فكر ثم وفكر، فكر الذي املفكر، اليهودي هذا تسهري»، «جولد هو: منهم كربه توىلالحمامة قصة من وفكرتهم فلسفتهم استمدوا علمهم، بشامخ الصفا إخوان أن فألهممثال: تقول أن إال شبيها العظيم االكتشاف لهذا أجد وال ودمنة، كليلة كتاب يف املطوقة،خليفة. الزناتي أو سالم، الزير قصة من فكرتهم استمدوا قد الذرية، القنبلة علماء إن

132

الوجود ووحدة الدين محيي

وحدة غبار أثاروا الذين هم االسترشاق، رجال عباقرة من وأمثاله هذا، تسهري جولداإللهي. والحب اإلسالمي التصوف رجال عىل الوجود

فتات عىل أفكارهم تعيش الذين كتابنا، من املتعاملني بعض أعقابهم يف وجرىالشائن. واالتهام املسموم، بالكلم فرموا األوروبية؛ املوائد

عالقة اإلسالمي للتصوف إن فيقولون: املتعاملون، ويتفلسف املسترشقون، ويتفلسفوملحات البوذية، الصوفية من اإلسالم متصوفة عند الوجود وحدة وإن والهند، ببوذا وثيقة

اإلرشاقية. املدرسة صوفية منيقرأ املسلم الصويف وأن نبيه، وهدي هللا كتاب عىل قام اإلسالمي التصوف أن ونسوايتعلمه الذي العلم خالصة فيقرأ البصري﴾ ميع الس وهو ء يش كمثله ﴿ليس ربه: كتاب يفكل ب الغال والنور املبني البالغ هذا تحت ويطوي والنحل، امللل سائر يف الالهوت طالب

والذات. الصفات ببحث تتشدق فلسفةيجعلوا أن يتجرءوا لم األوثان عباد إن «ولعمري، اليواقيت: يف الشعراني يقولهللا بأولياء يظن فكيف زلفى، هللا إىل ليقربونا إال نعبدهم ما قالوا: بل هللا، عني آلهتهم

عليهم.» هللا رضوان — حقهم يف محال هذا سبحانه؟! — بالحق االتحاد يدعوا أنفيمن رمي الذي األشهر، وفيلسوفهم األكرب، املتصوفة شيخ وهو الدين: ومحييتقواه، وتشهد إيمانه، ويشهد آثاره، وتشهد كتبه، تشهد اإلفك بهذا املتصوفة من رميمن مرق من عىل قسوة الناس وأشد التوحيد، عن املدافعني أكرب بأنه هلل، حبه وينطقبل وإلحاد، حلول من الوجود وحدة إىل وما الوجود، بوحدة هتف أو فنادى نطاقه،أو التأويل تحتمل التي األلفاظ حتى يقولوا أن واملحبني للشاطحني يبيح ال الدين محيي

والقصد. االتجاه من واملحب الشاطح براءة مع الشك،بإجماع، واحد — تعاىل — هللا أن «اعلم الوسطى: عقيدته يف الدين محيي يقول

بيشء.» يتحد أو يشء، يف هو يحل أو يشء، فيه يحل أن يتعاىل الواحد وقياميجوز وال يشء، هللا من أحد يف ليس أنه «اعلم الفتوحات: من الثالث الباب يف ويقول

الوجوه.» من بوجه عليه ذلكدرجات أقىص بلغ ولو هللا، أنا يقول: أن لعارف يجوز «ال األرسار: باب يف وقال

حاشاه.» هذا من العارف وحاشا القرب،وال للحوادث، محال قط يكون ال «القديم ومائة: والتسعني التاسع الباب يف وقالإضافة ربط ببعض، بعضه مربوط والقديم الحادث الوجود وإنما املحدث؛ يف حاال يكونأبدا.» واحدة مرتبة يف عبده مع يجتمع ال الرب فإن بعني؛ عني وجود ربط ال وحكم،

133

عربي بن الدين محيي

شهود نفى عارف وكل ، ورب عبد شهود العرفان كمال «من األنوار: لواقح يف وقالالحال وصاحب حال، صاحب لوقت ذلك يف هو وإنما بعارف؛ فليس ما، وقت يف العبد

عنده.» تحقيق ال سكرانبهارون روحي «اجتمعت الفتوحات: من وثالثمائة والستني السابع الباب يف ويقولتشمت ﴿فال قلت: كيف هللا، نبي يا له: فقلت املشاهدات، بعض يف — السالم عليه —إال فيه يشهد ال مقام إىل يصل منا والواحد تشهدهم، حتى األعداء ومن األعداء﴾، بييشهد لم إذا ولكن مشهدكم؛ يف قلت ما صحيح السالم: عليه — هارون يل فقال هللا؟يزل، لم باق العالم أم مشهدكم، يف هو كما األمر، نفس يف العالم زال فهل هللا؛ إال أحدكماألمر نفس يف باق العالم له: فقلت لقلوبكم؟ تجىل ما لعظيم شهوده؛ عن أنتم وحجبتمبقدر املشهد، ذلك يف باهلل علمكم نقص قد فقال: شهوده، عن نحن حجبنا وإنما يزل؛ لميكن لم علما — السالم عليه — فأفادني هللا. آيات كله فإنه العالم، شهود من نقص ما

عندي.»موقف ألنه عليها؛ الفكر ونرصد لديها نقف أن يجب التي املواقف من موقف هذابالحق والذهاب والفناء والتجيل، املشاهدة مسألة هي التصوف، يف مسألة أدق لنا يرشع

الخلق. ير لم الحق شهد من الجنيد: يقول كما أو الخلق، عن— املشاهدة؟! ما أدراك وما — املشاهدة عند حبه، يف الغارق املحب فاملتصوفعظيم موقف وهو ربه، أنوار من لقلبه تجىل ما لعظيم والعالم؛ الخلق شهود عنه يذهب

رهيب.هو وإنما وذاته؛ عينه عدمت أو تالىش، أو زال قد العالم أن هذا، معنى ليس ولكنرؤية عن رؤيته عند فيذهل مثال؛ الملك يشاهد كمن أدنى، هو ا عم أعىل هو بما ذهولاملثلني. بني تشبيه وال قياس وال حوله، من حجب قد جالله ألن غريه؛ يرى فال سواه، مايكون الكمال ولكن الرجال؛ مواقف من عظيم موقف فهو يعاب، ما هذا يف وليسآية موجود كل ألن الكونية؛ املوجودات مع الربانية األنوار مشاهد اقرتنت إذا وأعىل أتم

املعرفة. يف نقص العظمى: املشاهدة عند حتى عنها فالحجاب هللا، آيات منما أداء بمثل عبدي إيل تقرب «ما املشهور: القديس الحديث الدين محيي لنا ويرشحالذي سمعه كنت أحببته فإذا أحبه، حتى بالنوافل إيل يتقرب عبدي يزال وال افرتضت،

إلخ.» … بها يبطش التي ويده به، يبرص الذي وبرصه به، يسمعالوحدة، يفيد ما األغرار بعض فيه توهم الذي الحديث، هذا الدين محيي يرشحله فانكشفت املعرفة، أنوار عليه أفاض فأحبه، ربه إىل تقرب من إن «أي: فيقول:

134

الوجود ووحدة الدين محيي

القول فإن اتحاد، وال حلول «ال يقول: ثم املعرفة.» هذه بنور يشء كل فرأى الحقائق،قوله: إىل ترى أال وعينه، عينك أثبت فقد وبينه بينك فصل ومن يزول، ال مرض بالحلولباالتحاد قال وما عليك، ليدلك إليك؛ الضمري بإعادة فأثبتك به، يسمع الذي سمعه كنت

والفضول.» الجهل أهل من بالحلول القائل أن كما اإللحاد، أهل إالأيرمى والفضول. الجهل أهل إال بالحلول قال وما اإللحاد، أهل إال باالتحاد قال ماولكن األبصار، تعمى ال وإنها ربي! سبحانك والحلول؟! باالتحاد القول هذا صاحب

الصدور! يف التي القلوب تعمىالعاشق: قال كما تقول، أن فإياك هو، وهو أنت، «أنت األرسار: باب يف ويقول

أن��ا أه��وى وم��ن أه��وى م��ن أن��ا

ال والجهل جهل، فإنه استطاع، ما وهللا ال واحدة؟ العني يرد أن هذا قدر فهلا.» حق يتعقل

كما به، ألحطت هو كنت لو فإنك وتغالط؛ هو، أنا تقول: أن «إياك أيضا: وقالبنفسه.» — تعاىل — أحاط

قال: إذا العاشق أن «اعلم فكرته: توضيح يف اآليات من هو يقول ثم

أن��ا أه��وى وم��ن أه��وى م��ن أن��ا

يرجع ولذلك والتحقيق؛ العلم بلسان ال واملحبة، العشق بلسان كالما ذلك كانسكره.» من صحا إذا القول هذا عن أحدهم

القائل: قال إذا

أن��ا أه��وى وم��ن أه��وى م��ن أن��ا

لها، صور ال التي املعنويات لسان الحقيقة، ال الخيال ولسان الحب، لسان فهذابحاله. مقهور ألنه معذور؛ لسان وللمحبة

قبته يف كان — عليه هللا صلوات — سليمان «إن الفتوحات: يف الدين محيي يرويمعه لك أعيص ال حبا أحبك أنا لها: فقال عصفورة، يناجي عصفور أعالها ويف يوما،سليمان فأمره عليه، لحطمتها سليمان رأس عىل القبة هذه حطم يل: قلت لو حتى أمرا،

135

عربي بن الدين محيي

املحبة، بلسان تكلمت لقد هللا، نبي يا قال: تقول؟ ماذا له: قال هبط فلما يهبط، أن«… عنه وعفا سليمان م فتبس عليها؛ حساب ال املحبني وألسنة

نفي عىل األدلة أعظم «من ومائتني: والتسعني الثاني الباب يف الدين محيي ويقولالشمس نور من فيه ليس القمر أن عقال تعلم أن بعضهم: يتوهمه الذي واالتحاد، الحلولفكذلك بها؛ ومرشقا لها محال القمر كان وإنما بذاتها؛ إليه انتقلت ما الشمس وأن يشء،

فيه.» حل وال يشء خالقه من فيه ليس العبدكان لو إذ الحق؛ فيه حل وال الحق، عني هو ما العالم أن عىل يدلك «وهذا يقول: ثم

بديعا.» وال قديما — تعاىل — كان ملا فيه، حل أو الحق، عنيفيقول: العلية، الذات يف والفناء بالرتقي تنادوا الذين هؤالء عىل الدين محيي يرد ثم— تعاىل — بخالقه ويتحد ملكيته، عن والملك إنسانيته، عن اإلنسان يرقى أن صح «لووما ا! حق والخلق خلقا، الحق وصار إلها، كونه عن اإلله وخرج الحقائق، انقالب لصح

أبدا.» الحقائق قلب إىل سبيل فال واجبا؛ املحال وصار بعلم، أحد وثقمرتبة يف الخلق يكون أن يصح «ال الفتوحات: من واألربعني الثامن الباب يف ويقولإذن «وأين يقول: ثم العلة.» رتبة يف املعلول يكون أن يصح ال كما أبدا، — تعاىل — الحقبأسماء التخلق كمال فمن جاحدا؛ أو معاندا كان التكاليف ترك ومن التكاليف؟ تذهب

وبالخلق.» باهلل االشتغال الحقإن يقول: أن مشاهدته درجات ارتفعت ولو أحد يقدر «ال األنوار: لواقح يف ويقولتعاىل: — قوله معنى فهم إليه، أومأنا ما فهم ومن أبدا، به اتحد أو الحق عني العالمذلك عن هللا تعاىل حادث. ذاته يف العالم بابتداعه يحدث فلم ربي﴾، أمر من الروح ﴿قل

كبريا!» علوا— تعاىل — به فالقلوب «وبالجملة فيقول: الفصل بكلمة الدين محيي يأتي ثمالعالم عن بالكلية — تعاىل — يفصلوه أن العارفون يريد حائرة، فيه والعقول هائمة،فال القرب، شدة من العالم عني يجعلوه أن ويريدون يقدرون، فال التنزيه شدة منوتارة هو، ما يقولون: وتارة هو، يقولون: فتارة متحريون: الدوام عىل فهم لهم؛ يتحقق

تعاىل.» — عظمته ظهرت وبذلك هو! ما هو يقولون:والنور. الهدى يريد لمن ونور هدى وهو الكامل، املؤمن الحكيم، العارف كالم وهذافال التنزيه شدة من العالم عن — وتعاىل سبحانه — يفصلوه أن العارفون يريديقولون. ما لهم يتحقق فال القرب، شدة من العالم عني يجعلوه أن ويريدون يقدرون،

136

الوجود ووحدة الدين محيي

ليس الذي — تعاىل — هللا عظمة ظهرت وبذلك هائمة، والعقول حائرة، فالقلوبعىل وهو واألبصار، العقول يدرك وهو األبصار، وال العقول تدركه ال والذي يشء، كمثله

يصفون﴾. ا عم العزة رب ربك و﴿سبحان قدير، يشء كل

عليه المفرتى الدين محيي

الذي والحوار الجدل من أعنف وال أشد وحوارا، جدال اإلسالمي الفكر تاريخ يشهد لمدارت التي الراية هو الدين محيي إن قلت: إذا أغايل ولست الدين، محيي حول أثريالقرن منذ واملذاهب، والطوائف الفرق شتيت من وخصومهم املتصوفة بني املعارك حولها

يومنا. إىل الهجري السابعإجالال تراثه حول وطافوا وغراما، حبا بآثاره وهاموا قوم به فتن قد الدين، فمحييالعطايا ذرى وأعىل اإلسالمي، الفكر آثار أعظم هي الفتوحات بأن وتنادوا وإكبارا،والشيخ واإلمام والغوث القطب وأنه واملتصوفة، التصوف نهج يف اإللهية واملنح اللدنية،

األكرب.وألحدوا منه، والنيل تجريحه يف وتفننوا به وثاروا الدين، محيي عىل قوم وغضب

وآرائه. كتبه يف السوء من وأكثر بل السوء، وظنوا قال ما بكلأجنحته وقرصت الدين، محيي يفهم لم ففريق لونني؛ عىل الدين محيي وخصومفأنكر وأمواجه؛ عبابه مع الجري عن وسواعده أقدامه وعجزت آفاقه، يف التحليق عن

وأغراض. ملآرب والتقنع واإلبهام بالغموض ورماه وجحد،الدين محيي يف ورأوا كافة، املتصوفة وجحد جملة، التصوف أنكر آخر وفريقوأجروا إليه، ريحهم هوا فوج واملتصوفة؛ للتصوف الشاهق املمرد والرصح األكرب الحصنالسامر، وينفض أساسه، من الرصح ينتقض حتى عليه؛ والتطاول له، بالكيد سفنهم

والزعيم. البطل من ساحاته وتخلوتدبر التي املؤامرات تلك من ملؤامرة بل أشد، ملحنة الدين محيي تعرض لقد بلأئمة جرحت وطاملا اإليمان، ورجال بالعلماء أودت طاملا والتي الظلمات، أجنحة تحت

يومنا. إىل والحقته أعقابه يف جرت ثم حياته، يف بدأت مؤامرة والهدى، الفكرالعقيدة، واضح غري اليمن أهل من اقا أف «إن اليواقيت: مقدمة يف الشعراني يقولاإلسالمي، العالم أنحاء بسائر العلماء إىل وأرسلها درج يف مسائل كتب الخياط، ابن اسمهإلجماع خارقة ومسائل زائفة، عقائد فيها وذكر الدين. محيي الشيخ عقائد هذه وقال:

137

عربي بن الدين محيي

عىل وشنعوا السؤال بحسب فكتبوا ك، الرش يف منهم كثري ووقع العلماء وخدع املسلمني،بمعزل.» ذلك عن والشيخ تثبت، غري من ذلك يعتقد من

الخياط ابن أوجد أدري «فال قائال: الخياط ابن حادثة عىل آبادي الفريوز ب ويعقخالف عىل الشيخ كالم من هو فهمها أو الشيخ، عىل مدسوس كتاب يف املسائل تلك

نفسه؟» عند من ابتكرها أو مراده،الحديثة، الدعاية أساليب أحدث مع تماما يتفق التشهري، ألوان أعجب من للون وإنهومن خصومها، من لتنال األمم تطلقها التي املعارصة، املأجورة األقالم من ألفناه وما

والتمويه. واالخرتاع بالتلفيق ومذاهبهم، أفكارهموقد الخياط، ابن من السؤال إليهم ه وج الذين العلماء من الكثري رأينا إذا عجب والتمس خطرية مسائل أيديهم بني رأوا فقد ودهاء؛ بمهارة لهم نصب الذي الرشك يف وقعواصياحهم يزال وال وتشهريا، صياحا الدنيا فملئوا باإلجماع؛ الرأي عليه انعقد وما الدين،

األذهان. إىل به وتقذف التاريخ، أجنحة تحمله وتشهريهمرأى للفتوحات، مخترص تأليف يف أخذ عندما «إنه فيقول: أيضا، الشعراني ويحدثناثم فيها.» ف وتوق فحذفها والجماعة؛ نة الس أهل عليه ما مع تتفق ال كثرية، أشياء فيهاالدين، محيي الشيخ عن ثابتة غري حذفتها التي املواضيع أن أظن كذلك أزل «لم يقول:الطيب أبي السيد بن محمد الدين شمس الشيخ الرشيف العالم األخ علينا قدم حتىقابلها التي الفتوحات من نسخة يل فأخرج ذلك، يف فذاكرته ٩٥٥ه، سنة المتوىف املدني،مما شيئا فيها أر فلم «بقونيه»؛ نفسه الدين محيي الشيخ خط عليها التي النسخة عىلالتي النسخة عن كتبت كلها اآلن مرص يف التي النسخ أن فعلمت وحذفته؛ فيه توقفتكتاب يف ذلك له وقع كما والجماعة، نة الس أهل عقائد يخالف ما فيها الشيخ عىل وا دس

وغريه.» الفصوصعنه كتبوا من أكرب من وهو الدين، محيي تالمذة أخلص من وهو والشعرانيلعقائد مخالفا الفتوحات يف ما كل أن الجدل: تقبل ال رصاحة يف هنا يقرر له، وترجموادنيئة، ملؤامرة ضحية الدين محيي وأن الدين، محيي عىل دس قد والجماعة، نة الس أهل

والتزييف. التلفيق فيها: الخصوم سالحالدين محيي خصوم بأن االقتناع كل لمقتنع «إنه فيقول: بحثه الشعراني ويتابعحسن عن الجمهور ليرصفوا يقله؛ لم بما وأنطقوه كبرية زيادات مؤلفاته إىل أضافوا

به.» الظن

138

الوجود ووحدة الدين محيي

من عصبة له تجتمع أن يجب التاريخ، أحداث من خطري حادث أمام شك وال ونحنالتشويه من العظيم اإلسالمي الرتاث هذا وصون وبحثه، لدراسته واإليمان القدرة أويل

املتعمد. الخطري الزائفوالفصوص الفتوحات يف الزائف أن الرأي: وأهل التاريخ رجال من كثري ويرىنة؛ الس أهل من وال الفقه رجال من خصومه يتوله لم الدين، محيي كتب من وغريهماإىل فأضافوها بآرائهم، الجهر عن عجزوا الذين الباطنية، رجال بعض أثمه توىل وإنمااآلراء، تلك بحماية كفيلة وجاللها بمكانتها الجبارة شخصيته بأن إليمانهم الدين؛ محيي

وتقويتها. تدعيمها أوواألئمة، الرجال عىل واالفرتاءات الخصومات من بألوان الصفحات حافل والتاريخ

واألنبياء. الرسل وعىل بلالسفلة؛ من عدو له كان إال قط عرص يف كبري كان «ما السيوطي: الدين جالل يقولصلوات — والرسل األنبياء من األمثال يرضب ثم باألطراف.» تبتىل تزل لم األرشاف إذأبي بن كسعد الصحابة، بكبار ثم واالفرتاءات، بالخصومات ابتلوا الذين — عليهم هللايف هو من وهو الصالة، وال الوضوء يحسن ال أنه الكوفة أهل إليه نسب الذي وقاص«ولقد يقول: ثم وهكذا، جسده، مزق حتى رضب الذي حنبل بن وأحمد وإيمانه! كماله

االبتالء.» هذا من األكرب بالنصيب املتصوفة اختصمن فما الشك، إليها يرقى ال التي التاريخ حقائق من حقيقة يقرر هنا والسيوطينفوا لقد وافرتاء، ا ودس وتشهريا، تجريحا واإلفك، السوء عصبة به وأحاطت إال صويفاملرصي، النون ذي دم وأحلوا والزندقة، الكفر بتهمة بلده من مرات سبع البسطاميلها تنبه مسائل، عدة اإلحياء يف الغزايل عىل وا ودس واإللحاد، بالكفر الجنيد عىل وشهدوا

بإحراقها. وأمر إليها فأرشد عياض؛ القايضبل به، بألسنتهم والتشهري كتبه يف عليه بالدس الدين محيي خصوم يكتف ولمشيوخ ألسنة عىل يؤلفون أخذوا فقد وأنكى، أشد أخرى جريمة جريمتهم إىل أضافوامؤامرتهم، تدعيم يف ليزيدوا الدين؛ محيي إىل هة الموج الجارحة القاسية الكلمات اإلسالم

اشتعاال. النار وليزيدوايرددون فأخذوا الجديد؛ اللون لهذا سهلة فريسة التاريخ رجال من كثري ووقعمثال التفسري فكتب هذا، يف عجب وال األعالم، هؤالء إىل وينسبونها االفرتاءات، هذه أمثالوهو — عنه هللا ريض — عباس ابن إىل ظلما تنسب التي باإلرسائيليات موجا تموج

139

عربي بن الدين محيي

السالم عبد بن الدين عز اإلسالم شيخ إىل نسبوا فيما نسبوا ولقد ر، المطه الربيء منهاالتاريخ كتب نرى ثم مؤرخ، من أكثر عنه ورواها زنديق! إنه الدين: محيي عن قال أنهتالمذة من مريد لسان عىل األوىل، الرواية عن تكون ما أبعد حادثة علينا تقص الصحاحباب يف فجاء السالم، عبد الشيخ يدي بني الدرس مجلس يف كنا يقول: اإلسالم شيخالفضالء: بعض فقال أعجمية؟ أم عربية هي هل بعضهم: فقال زنديق. لفظة الردةالكفر يضمر الذي وهو املرأة، دين عىل أي: دين» «زن. أصلها معربة فارسية هي إنماعربي ابن مثل الشيخ: جانب إىل آخر فقال من؟ مثل بعضهم: فقال اإليمان. ويظهر

املجلس. يف من لها ووجم عليه، يرد ولم الشيخ ينطق فلم بدمشق؛فحرضت معه، لإلفطار دعاني الشيخ أن فاتفق اليوم، ذلك صائما وكنت املريد: قالزماننا؟ يف الفرد الغوث القطب تعرف هل سيدي، يا له: فقلت ولطفا. إقباال منه ووجدتابن هو يل: فقال الرجاء، يف وألححت فرجوته يعرفه؛ أنه فعرفت ولهذا؟ لك ما فقال:بالزندقة مجلسك يف بعضهم رماه أن اليوم حدث لقد سيدي، يا وقلت: فعجبت عربي؛تلك وقائل رضرا، إال تنتج ال املتعنت مع اللجاجة وقال: الشيخ م فتبس عليه! ترد ولم

جوفه. يف ما يفرغ حتى للجدل؛ بابا يريد حقود، لجوج الكلمة:

والويل النبي

إىل توصلوا وقد القصد، وسوء الدس صناعته لون لونني: عىل عربي ابن وخصوممحيي كتب يف وبثه القول وتزييف والعلماء، األئمة ألسنة عىل اآلراء بتزييف أغراضهمكالشعراني، التصوف رجال تنبه وقد والفصوصواملشاهد، الفتوحات يف حدث كما الدين،

ذلك. إىل الطيب نفح وصاحب آبادي، كالفريوز الثقات واملؤرخنيالدين. محيي لكلمات الفهم سوء أو الظن، سوء أساسها خصومته اآلخر: والفريقتعاىل — هللا إىل الدعاة كمال أن «لو يقول: الخواص عليا سيدي سمعت الشعراني: يقول— عليهم هللا صلوات — هللا رسل لكان تصديقهم؛ عىل الخلق إطباق عىل موقوفا كان —

ويكذبون.» يأرسون وفريقا يقتلون، فريقا الناس خاصمهم وقد بذلك، أوىلواملكذبني. املؤولني من الربانية دعوتهم تسلم لم الرسل فحتى الخواص، صدق ولقدمسئلة الفهم سوء أو التأويل طريق عن الدين محيي إىل نسبت التي األمور ومنعىل الويل ل فض قد الدين محيي بأن املرجفون هتف فلقد والويل، النبي بني املفاضلة

للخاصة. واألولياء للعامة، النبي إن قال: وأنه النبي،

140

الوجود ووحدة الدين محيي

ينبغي وال هذا، يقل لم الدين فمحيي األعاجيب، أعجب من فهم سوء أو افرتاء، وهومنه. يصدر أن يمكن وال يقوله، أن له

من عيبا اعتربوه سموا املحمدية النبوة بمقام سما بأنه اتهم الذي الدين محيييخرجوه أن أوشكوا حتى عيىس، يف املسيحية رجال غاىل كما بالغلو، رموه حتى عيوبه،

فعلوها. لقد بل برشيته، منأن عجب ومن النبي! عىل الويل ل يفض بأنه يرمى هذا، عليه عيب الذي الدين محيي

واحد. وقت يف بمتناقضني رجل يتهمالرسل كل تضم اصطالحية كلمة الويل أن يرى الدين محيي أن األمر: وحقيقةويل والنبي سبحانه، — هللا عن رسالة تبليغ يف إليه عهد ويل عنده فالرسول واألنبياء؛كل أساس هي فالوالية بالنبوة؛ خصوصيته بسبب ل مفض األولياء، من غريه عن متميزنبي فكل أبدا، والرسول النبي سمو الويل يسمو وال األول، وعنرصها الروحية املقامات

رسوال. أو نبيا ويل كل وليس هلل، ويل األصل يف هو رسول أوابن يقول وأدوم؟ أفضل الفضيلتني أي والنبوة، النبي يف الوالية بني املفاضلة وإنمامن أفضل — غريه والية ال — النبي فوالية دائمة، الوالية وإن طارئة النبوة «إن عربي:املفاضلة عىل ال وواليته، النبي رسالة عىل منصب إذن فالكالم وأسبق.» أدوم ألنها نبوته؛

والوالية. النبوة يف غريه وبني بينه

141

الدين املتشاهباتيفكالمحميي

ترد أن يجب معانيها، يف اختلف فإذا بها، اختصوا ولغة ورموز، اصطالحات للصوفيةيضعوا لم هللا أهل أن «اعلم الدين: محيي يقول بأرسارها. العلم وأويل أصحابها إىليف الرصيح الحق يعلمون فإنهم ألنفسهم؛ بينهم فيما عليها اصطلحوا التي اإلشاراتشيئا يسمع أن عليه شفقة فيه؛ هم ما يعرف ال حتى للدخيل؛ منعا وضعوها وإنما ذلك؛

فيعاقب.» هللا أهل عىل فينكره إليه، يصل لماملنطقيني من علما تحمل طائفة من ما أن الطريق يف األشياء أعجب من «إن ويقول:فيهم الدخيل يعلمه ال اصطالح ولهم إال واملتكلمني، والحساب الهندسة وأهل والنحاة،عنده وما طريقهم دخل إذا الصادق املريد فإن الطريق، هذا أهل إال منهم بتوقيف إالجميع فهم اإلشارات، من به يتكلمون ما وسمع معهم وجلس عليه، اصطلحوا بما خرب

املصطلحات.» لهذه الواضع كأنه حتى به، تكلموا مامن أعطاهم لألولياء، الكرامات هللا أعطى «كما آبادي: الفريوز الدين مجد ويقول

العلماء.» فحول فهمه عن يعجز ما العباراتنطقوا فإن إلهية، نفحات العارفني قلوب عىل يهب ما «كثريا الدين: محيي ويقولهللا أن عنهم وغاب الظاهر، أهل من األدلة أصحاب عليهم وردها يعلم، ال من لهم جه بها

املعجزة.» العبارات أعطاهم الكرامات، أولياءه أعطى كما — تعاىل —بلغة أوال اإلحاطة فيجب الخاصة؛ ولغته الفنية، اصطالحاته العلوم من علم لكل

واإلنكار. الجحود قبل ورموزه، التصوفالطائفة هذه كالم من يسمعه ملا التصديق بقلبه يقم لم «من الدين: محيي يقول

قاتل.» سم مجالسهم فإن يجالسهم، فال

عربي بن الدين محيي

أوتوا الذين العارفني، لكلمات التأويل سوء أو الفهم، سوء من الدين محيي يحذراملرشقة. والدقائق الغالية، والرقائق املعجزة، الكلمات أوتوا كما الكرامات،

مخاصمة إىل الفكر رجال من بالكثري دفع الذي هو التأويل، وسوء الفهم، وسوءلعرفوا ورجاله، أهله إىل أنكروه ما ردوا ولو عليه، واإلنكار به، والصياح الدين محيي

املبني. النور وملسوا اليقني،ونسبوا الوجود، وحدة إليه نسبوا أنهم الدين: محيي كالم يف املتشابهات تلك ومن

قال: حني واحدا؛ شيئا والخلق الحق جعل أنه إليه

وأع��ب��ده وي��ع��ب��دن��ي وأح��م��ده ف��ي��ح��م��دن��ي

صحة وعىل القرآني، األسلوب نهج عىل مبني، عربي منطق «هذا الشعراني: يقولتعاىل: — قوله يف كما أطعته، إذا يشكرني أنه يحمدني: فمعنى إليه، القول هذا نسبةكما دعائي، بإجابته يطيعني أي: وأعبده» «ويعبدني قوله: وأما أذكركم﴾. ﴿فاذكرونيالشيطان يعبد أحد فليس وإال تطيعوه، ال أي: يطان﴾ الش تعبدوا ﴿ال تعاىل: — قوله يف

سبحانه.» — هللا يعبد كماالتفسري هذا ضوء وعىل بنفسه، هو ها فرس والتي عنده، أيضا املتشابهات ومنوحقيقة معانيه حقيقة إدراك إىل يرشد الذي الدين، محيي بمفتاح نمسك أن يمكننامحيي قال وتراكيبه. بأسلوبه كاتب كل تميز كما به، تميز الذي نهجه حقيقة أو ألفاظه،

الدين:

ي��ران��ي وال أراه ذا ك��م أراه وال ي��ران��ي م��ن ي��ا

أنه تعلم وأنت يراك ال إنه تقول: كيف البيت: هذا سمع ملا صحبه بعض فسألهفورا: البديهة عىل الدين محيي فقال يراك؟

آخ��ذا أراه وال م��ج��رم��ا ي��ران��ي م��ن ي��االئ��ذا ي��ران��ي وال م��ن��ع��م��ا أراه ذا ك��م

أن تعلم وشبهه هذا «من القول: هذا عىل تعقيبا الطيب؛ نفح صاحب ري، املق قالبه؛ تليق محامل له وإنما ظاهره؛ يقصد ال وأنه ل مؤو — هللا رحمه — الشيخ كالم

144

الدين محيي كالم يف املتشابهات

بكالم وهللا أوىل، والتسليم كثري، كالم املعنى هذا يف وللناس اعتقد، بل به، الظن فأحسنأعلم.» أوليائه

أوال، والتذوق الفهم وجوب يف الطيب، نفح صاحب ري، املق العظيم املؤرخ قول ذلكبهم، وتليق به تليق محامل ل الكم العارفني لكالم ألن التسليم؛ وجمال الظن حسن ثم

القائل: العارف عىل هللا ورضوان

ت��وج��ه��ن��ا أي��ن ال��ن��اس ي��دري أي��ن ف��م��ن وراءن��ا ال��زاخ��رات ال��ب��ح��ار ت��رك��ن��ا

والحقوه حياته، يف صياحا حوله الدنيا ملئوا الذين الدين محيي خصوم ذهب ولقدإليه بالنسبة خصومه كان وما يبقى، الحق ألن الدين؛ محيي وبقي ذهبوا تاريخه، يفبأمم الرياح وتذهب إزالته، تريد جبل عىل نفخت ناموسة من بأكرب — قيل كما —الناس، بها وينفع األرض، بها هللا يثبت راسيات، شوامخ الجبال وتبقى الناموس، من

والخريات. الكنوز منها وتتدفق

145

الوجود ووحدة املسترشقون

كتابه يف أسد» «محمد باسم: ى وتسم أسلم، الذي النمسوي قايس» «ليوبولد مة العال يقولالهندوكية، أو البوذية الفلسفة تعاليم أوروبا تقبل ال «قد الطرق: مفرتق عىل اإلسالمتتجه حاملا أنها إال متزن، عقيل بموقف املذهبني بهذين يتعلق فيما دائما تحتفظ ولكنهااملسترشقني أبرز إن حتى بالترسب العاطفي امليل ويأخذ التوازن، يختل اإلسالم إىل

اإلسالم.» عن كتابتهم يف العلمي غري للتحزب فريسة أنفسهم من جعلوا األوروبيني،يحاول الذي العام، عي املد دور اإلسالم مع يمثلون املسترشقني بعض «إن يقول: ثم

الجريمة.» إثبات دائماأكثر يتبعها التي واالستنتاج االستقراء طريقة فإن الجملة «وعىل يقول: أن إىلالكنيسة أنشأتها التي الدواوين تلك التفتيش، دواوين بوقائع تذكرنا املسترشقني،أن أبدا لها يتفق لم الطريقة تلك إن أي: الوسطى، العصور يف لخصومها الكاثوليكيةعليه متفق باستنتاج تبدأ دعوى كل يف كانت ولكنها بتجرد، التاريخية القرائن يف نظرتاالستنتاج حسب شهودهم املسترشقون ويختار لرأيها، بها تعص عليها أماله قد قبل، منعمدوا للشهود، العريف االختيار عليهم تعذر وإذا مبدئيا، إليه يصلوا أن يقصدون الذياملتن، من فصلوها ثم الحارضون، الشهود بها شهد التي الحقيقة من أقسام اقتطاع إىل

القصد. سوء من علمي غري بروح الشهادات تأولوا أواإلسالمية، ولألمور لإلسالم، مشوهة صورة سوى املحاكمة تلك نتيجة وليست

أوروبا.» مسترشقو كتبه ما جميع يف تواجهنارجال بتفكري يفكر مسترشقا حياته بدأ عالمي، عالم شهادة أهلها، من شهادة تلكإىل فهداه هللا أنقذه حتى اإلسالمية، واملعارف اإلسالم إىل بنظرتهم وينظر االسترشاق،

الحق. وكلمة اإلسالم

عربي بن الدين محيي

بها يقذف التي املتتابعة املتالحقة الكتب تلك لها تشهد الواقع، لها يشهد كلمةظاهرها اإلسالمية، واملعارف اإلسالم ومحورها اإلسالمي العالم وجه يف االسترشاق رجالاإلسالم تجريح وباطنها واالستنتاج، االستقراء عىل يقوم الذي الحديث العلمي البحث

منه. والنيلمع يمثلون صليبية روح دائما تحدوهم «ليوبولد» يقول كما االسترشاق فرجالالجريمة! إثبات دائما يحاول الذي العمومي عي املد دور — وحده واإلسالم — اإلسالموبشهود قبل، من عليها متفق باستنتاجات املحاكمة تبدأ التي التفتيش، محاكم دورتلك تأويل من بد فال حق؛ بكلمة فنطق الشاهد، أخطأ إذا وحتى مأجورين، مدربني

املحدد. املرسوم الهدف إىل لتجنح الكلمةخاصة. بصفة اإلسالمي وللتصوف عامة، بصفة لإلسالم خصوم االسترشاق، ورجالاملؤمنة وفلسفته الحي، اإلسالم قلب هو التصوف أن معرفة: عن علموا ألنهمقال كما فقالوا خالقها؛ إىل الطريق املحمدية للقلوب ييضء الذي املصباح هو املبرصة،

تغلبون﴾. لعلكم فيه والغوا القرآن لهذا تسمعوا ﴿ال قبل: من املرشكونما أول فتنادوا دا، متعم خبيثا علميا عبثا التصوف بمحاريب االسترشاق رجال عبثال اإلسالم ألن اإلسالم؛ من ليس التصوف بأن — الحر العلمي االستنتاج باسم — تنادوايمت وليد هو وإنما الحياة؛ ماديات عن والرتفع املثالية يعرف ال كما الروحانية، يعرفاليونانية، اإلرشاقية الفلسفة إىل أيضا رصيح وبنسب الهندية، البوذية إىل رصيح بنسب

بالذات. املسيح شخصية وإىل املسيحية، الروحانية إىل الثالثة للمرة رصيح وبنسبالعلماء، مناهج إىل منها والفكاهة، العبث إىل أقرب بأدلة دعواهم عىل واستدلوا

سلفا؟ الحكم أضمر قد العمومي، املدعي كان إذا الدليل قيمة وما الفكر؛ ورجاليف والرشيعة «العقيدة كتابه يف يربهن مثال، تسهري» «جولد اليهودي فاملسترشقالشاعر: العتاهية أبو بقول الهندية، بالبوذية اإلسالمي التصوف صلة عىل — اإلسالم»1

ب��ال��ط��ي��ن ال��ط��ي��ن رف��ع ��ع ال��ت��رف ل��ي��س وزي��ن��ت��ه��ا ل��ل��دن��ي��ا ��ع ت��رف م��ن ي��ام��س��ك��ي��ن زي ف��ي م��ل��ك إل��ى ف��ان��ظ��ر ك��ل��ه��م ال��ن��اس ش��ري��ف أردت إذا

ص١٤٢. 1

148

الوجود ووحدة املسترشقون

بوذا؟ هو هذا ليس أو يقول: ثم!… أدلتهم وتلك منطقهم، هذا

دين كل إىل العجيبة ونسبتها التصوف، نشأة من االسترشاق رجال انتهى فإذاإنهم عجبا، تشويها التصوف؛ رجال أئمة تشويه إىل عمدوا اإلسالم، سوى األرض يفرجال عنه يدافع الذي اإلسالم باإلسالم، يكفرون إنهم يكفرون؟ وبماذا بالكفر، لريمونهم

ومسيحيني! يهود من الربرة، املؤمنون االسترشاقاإلسالمي التصوف رجال من يجعلوا حتى الزمن، مع وتكرب التهمة تتضخم ثمتعاىل واحدا! شيئا والخلق الحق بجعلهم — تعاىل — هللا ذات يف يلحدون فجرة، زنادقة

كبريا. علوا يقولون ا عم هللا

الوجود ووحدة نيكولسون

ومن الكربى، الفرية تلك طبل قارع هو األكرب، املسترشقني عميد نيكولسون واملسترشقدون من وحده الدين ومحيي الدين، محيي عىل املرعدة الضخمة طبوله أوقف أنه عجب

اإلسالمي. التصوف رجالعن ترجمه الذي اإلسالمي» التصوف «يف لكتاب مقدمته يف عفيفي الدكتور يقول

نيكولسون:قوله: عنه أثر الذي ج الحال عن حتى الوجود، بوحدة القول نيكولسون نفى «وقداإللهية، الحقيقة أي: هي.» «أنا قوله: عنه أثر الذي الفارض بن عمر وعن الحق.» «أنا

شأني.» أعظم ما «سبحاني قوله: عنه أثر الذي البسطامي يزيد أبي عن بلفلسفية فكرة عن ال روحي، جذب حالة يف قيلت قد جميعها، الكلمات هذه ألنعربي؛ ابن زمن منذ إال اإلسالمي التصوف يف يظهر لم الوجود وحدة مذهب ألن أصيلة؛

الفكرة.» تلك بطل وحده ألنهشيخه بتجريح وحده، اإلسالمي التصوف يجرح أن نيكولسون عىل عز وكأنماعالم يف دليل بأعجب اإلسالميني الكالم رجال عىل الوجود وحدة بتهمة فرمى األكرب؛

الفكر.

149

عربي بن الدين محيي

فكرة عن حديثه عند — اإلسالمي»2 التصوف «يف كتابه يف نيكولسون يقولاألول: متناقضني: أمرين تتضمن الصويف، الفناء أو الوجد «حالة التصوف: يف الشخصيةجميع يف متغلغل سار وجوده بأن الشعور والثاني: الخلق، صفات جميع عن هللا تنزيهطريق يخالف طريق من الوجود بوحدة القول إىل يؤدي الطرفني هذين من وكل الخلق،شعور األول: عاملني: إىل يرجع اإلسالمي التصوف يف الوجود بوحدة القول فإن اآلخر،التنزيه فهمه والثاني: الحق، مع الوجودية بالوحدة متحقق بأنه وجده حال يف الصويفوحدها هي املطلقة اإللهية اإلرادة بأن القول إىل به أدى فهما املتكلمون؛ عرفه حسبما

العالم. يف يشء كل وجود يف العلةوحدة يف مذهبا اإلسالم من يجعلون واملتكلمون الصوفية كاد الطريقة وبهذه

الوجود.»بأنه جملة اإلسالم يتهم أن عمد عن يريد فهو نيكولسون، غرض وضح فقد وإذن

الوجود. وحدة إىل يجنح دينفهي الصويف؛ والفناء الوجد بحالة هللا عبد إذا املسلم إن رصاحة: يف يقول فهومن املتكلمون عرفه حسبما التنزيه، أساس عىل عبده وإذا الوجود، وحدة أساسها عبادةالعالم؛ يف يشء كل وجود يف العلة وحدها هي املطلقة اإللهية اإلرادة بأن اإلسالم، رجال

الوجود. وحدة أساسها أيضا عبادة فهيمن الوجود وحدة إىل ينتهي منهما كل املتناقضني، القولني بأن يشهد نفسه وهو

اآلخر. يخالف طريقوحدة توهم التي الفارض ابن متشابهات عىل معلقا الكتاب3 نفس يف أيضا ويقولالتوحيد عقيدة تعدى قد الفارض ابن إن نقول: أن نستطيع ال ذلك «ومع الوجود:لكل الحقيقي الفاعل هو هللا بأن القائلة العقيدة أي: نة، الس أهل عليها التي اإلسالمية

الوجود.» وحدة بمذهب تكون ما أشبه عقيدة أنها والواقع يشء،محيي إىل أي: الوجود، وحدة أصحاب إىل أيضا نة الس أهل نيكولسون يضيف وبذلك

املسلمني. علماء من الكالم ورجال الدين،

ص١١٩. 2

ص١٢٤. 3

150

الوجود ووحدة املسترشقون

أن ح لنرج «وإننا كتابه: يف فيقول سافرا، وجهه عن القناع نيكولسون يرفع وأخرياهللا﴾.» وجه فثم تولوا ﴿فأينما الكون بوحدة يعتقد شموليا كان العربي النبي

محيي إىل املسمومة سهامه ه وج منذ نيكولسون إليها يهدف التي الغاية هي تلكالضخمة األكذوبة تلك يلصق أن هللا، نور يطفئ أن اإلسالم، يرمي أن يريد إنه الدين،براءة هدفه يدي بني يقدم فهو ناعما، ملتويا سبيال لذلك ويتخذ اإلسالم، وبنبي باإلسالمالجذب أساسه كالمهم أن بدعوى الوجود، وحدة من ج والحال والبسطامي الفارض ابن

والوجد. الحب فناء املعنوي، والفناء الروحيفآمن النبيل؛ الكريم القول لهذا املؤمن الصويف صدر املسلم، صدر انرشح فإذاعقله، يف ليلقي والريب، الظلمات ة أزق إىل الداهية قاده لنيكولسون، العلمية بالنزاهةاألكرب، الشيخ ألنه أوال الدين محيي يف الريبة بعد والريبة الشك، تلو الشك قلبه يف ويلقيالذي األعظم النبي وأخريا جميعا، نة الس أهل يف ثم اإلسالم، علماء من الكالم رجال يف ثمالكون، بوحدة ينادي شموليا — اإلسالم عىل الغيور املسترشق هذا يقول كما — كان

الوجود. وحدة صور من مصغرة صورة عنده والشمول

عفيفي العال أبو الدكتور

صورة فيه فنشاهد عفيفي؛ العال أبو الدكتور األستاذ تلميذه نيكولسون، أعقاب يف ويأتيحرفيا. أقواله يردد ألستاذه، مكررة

حولها تدور التي الكربى القضية «إن الفصوص:4 لكتاب مقدمته يف الدكتور يقولالوجود.» وحدة نظرية هي تفكريه، زمام عليه ملكت والتي الدين، محيي فلسفة

الكاملة صورته يف اإلسالم يف وجود الوجود، وحدة ملذهب يكن «ولم يقول: ثمملعانيه ل والمفص ملدرسته، س والمؤس لدعائمه، الحقيقي الواضع فهو عربي؛ ابن قبلاملذاهب بهذه تكلم من كل بها أخذ التي النهائية الصورة بتلك له ر والمصو ومراميه،

بعده.» من املسلمني من

و٢٦. ص٢٥ 4

151

عربي بن الدين محيي

الفارض ابن عن بل ج، والحال البسطامي يزيد أبي عن املأثورة األقوال «إن يقول: ثمأنهم عىل بل الوجود، وحدة يف اعتقادهم عىل دليال نظري يف ليست عربي،5 البن املعارصالوجود يف يشاهدوا فلم هللا، سوى ما كل وعن أنفسهم، عن هلل حبهم يف فنوا رجاال كانواالجذب، وشطحات العاطفة فيض بني وفرق وجود. وحدة ال شهود، وحدة وهذه غريه؛أحوال من حالة يف صاح الذي ج الحال بني فرق أي: اإللهيات، يف فلسفية نظرية وبنييشعر فلم نفسه، عن ملحبوبه حبه أفناه الذي الفارض ابن بني أو هللا.» «أنا بقوله: جذبه

فقال: به، التام باالتحاد إال

ح��ل��ت ف��ي إن��ه��ا ل��م��ث��ل��ي! وح��اش��ا أق��ل أو ه��ي.» «أن��ا ق��ول��ي: ع��ن ح��ل��ت م��ت��ى

مواربة ال رصاحة يف يقول الذي عربي، ابن وبني الرجلني هذين بني فرق أقول:وحدة عن بل محبوبه، يف فنائه عن وال اإللهية، بالذات وحدته عن ال معربا لبس، وال فيها

والخلق.» الحقبمشهد الكون»، «شجرة كتابه من الدين ملحيي بمشهد يأتي الدكتور أن عجب ومنبمحامده ويتغنى هللا، بحمد يسبح وهو العرش، لسان عىل الدين محيي فيه يتكلمعىل عجبا دليال منه ليتخذ ومواله؛ سيده هللا بحمد يسبح الكون يف يشء وكل وجالله،

الوجود.6 وحدةخلقني، لقد قدرته، وقوي عزته بعيل «أقسم العرش: لسان عىل الدين محيي يقولفينعشني، أبديته مطالع من يطلع تارة ني؛ حري أبديته بيداء ويف غرقني، أحديته بحار ويفوكلما فيسكرني، حبه بكاسات يواصلني وتارة فيطربني، لطفه بمناجاة يناجيني وتارةفرقا، هيبته من فذبت تراني.» «لن أحديته: لسان قال سكري، عربدة من استعذبتأفقت فلما صعقا، موىس خر كما عظمته، تجيل عند وصعقت فلقا، محبته من وتمزقتفال حجبناه، قد وحسن صناه، قد جمال هذا العاشق، أيها يل: قيل به، وجدي سكرة من

اصطفيناه.» قد حبيب إال ينظر

نظم أو … «التائية رشح يف عمر إىل بعث الدين محيي أن الفارض: بن عمر ترجمة يف املقريزي حكى 5

لها. رشح بالفتوحات ى المسم كتابك الشاعر: فقال السلوك»،عفيفي. طبع الفصوص. مقدمة 6

152

الوجود ووحدة املسترشقون

يف الدين محيي عقيدة عىل به ليستدل العظيم؛ اإليماني املشهد بهذا الدكتور يأتيفيه، االتهام أعد دليل االسترشاق، رجال أساتذته أدلة نوع من لدليل وإنه الوجود؛ وحدة

والربهان. البيان قراءة قبل حتىعنه: ريضهللا — البوصريي اإلمام يقول

ص��اب��ا ال��ج��ه��ل م��ن ال��ش��ه��د وج��د ذوق ال��ع��ل��م ي��ص��ح��ب ل��م وإذا

األستاذية تلك عىل يتمرد وال تماما، نيكولسون أستاذه أقوال يردد والدكتور هنا وإىلمحيي تربئة عىل روحية جذبة يف أستاذه أوشك فقد ويتمرد، يجزع التلميذ ولكن املحببة؛األكرب. املتصوفة شيخ تجريح عىل أستاذه من أحرص والتلميذ الوجود، وحدة من الدينبوحدة يدين ال «والصويف اإلسالمي»: التصوف «يف كتابه يف نيكولسون يقولالمشعرة األقوال من عنه صدر مهما — تعاىل — هللا بتنزيه يقول دام ما الوجود،فوق نفسه الوقت يف واعتربه يشء، كل يف هللا شاهد التنزيه جانب راعى فإذا بالتشبيه،

وجود.» وحدة ال شهود وحدة وهذه يشء؛ كليدرك أن دون التهمة من الدين محيي خرج نيكولسون اشرتطه الذي الرشط وبهذاأستاذه عىل ب يعق فأرسع األمر؛ خطورة أدرك التلميذ الدكتور ولكن الكبري، املسترشقالوجود، وحدة مذهب أساطني من وهو — الدين محيي أن نتذكر أن يجب «ولكننا قائال:يغفل ولم معا، والتشبيه بالتنزيه قال قد — اإلسالم يف املذهب هذا أساس واضع بلالشهود وحدة أصحاب من الصويف هذا كان فهل باآلخر، أحدهما قرن عن واحدة لحظة

األستاذ؟» تعبري حد عىل الوجود وحدة العلمية حقيقة عىل بني ألنه الحائر؛ السؤال هذا عىل التلميذ وال األستاذ يجب ولماملتهالك. اإلفك هذا من الدين محيي براءة إىل أدت التي الحقائق عىل بني صوفية، وحقيقةالرصاط دائما، املستقيم الرصاط إىل وترشد الصواب، إىل تهدي دائما والحقائقالعلماء يحاكمهم أن يجب وإليه يتحاكمون، وإليه الصوفية، شعار هو الذي املستقيم

الحقائق. ينشدون الذين الفكر وأحرار

153

الوجود ووحدة تيمية ابن

الفكر رجال من رجل وتلميذه، األستاذ من أكرب رجل القاعدة تلك فهم يف أخطأ ولقديهتدي أن قبل العلمية، القاعدة تلك إىل اهتدى فلقد تيمية؛ ابن مة العال هو اإلسالمي،عىل يجب لم أيضا ألنه وتلميذه؛ نيكولسون أخطأ كما أخطأ ولكنه نيكولسون؛ إليها

الحائر. السؤالوحرفية أساطينها، من وهو الدينية النصوص بحرفية تمسك ألنه تيمية؛ ابن أخطأأو الوجداني، الذوق يستعمل ولم قيودها، من عقله يطلق فلم علمائها؛ من وهو األلفاظاملعاني؛ ال األلفاظ رجال من القلوب، ال العقول رجال من كان تفهمها، يف القلبي الذوق

الروح. مواجيد يتذوق ولم القلب، لغة يفهم فلم— هللا بتنزيه يقول دام ما الوجود، بوحدة يدين ال الصويف «إن نيكولسون: يقولشاهد التنزيه، جانب راعى فإذا بالتشبيه، املشعرة األقوال من عنه صدر مهما — تعاىل

يشء.» كل فوق نفسه الوقت يف واعتربه يشء، كل يف هللايشء، كل فوق يعتربه نفسه الوقت ويف يشء، كل يف هللا يشاهد الفاني املحب الصويفعن الكالمية والرتاكيب القوالب عبيد األلفاظ، عباد عجز التي الصوفية الحقيقة هي تلكربهم لعبادة تطوعوا الذين الرحمن عباد وهم الوجود، وحدة باملتصوفة فظنوا فهمها؛أنفاسهم. من نفس كل يف عليهم واجبا العبادة ليعتربون حتى والنوافل، الفرائض فوقهلل، يشء كل وأن هللا، إال الوجود يف يرى ال مواله، يف الفاني املحب الحقيقي الصويفهللا رأى واملدبر، الفاعل هو يشء كل يف هللا ورأى هللا، إىل يشء كل فنسب وباهلل؛ هللا ومن

الوجود. وحدة أو الحلول إىل تؤدي مادية ال معنوية، رؤية يشء كل يفأم هلل الجواري فهل كاألعالم﴾، البحر يف المنشآت الجوار ﴿وله تعاىل: — يقول

لعباده؟

عربي بن الدين محيي

الزارعون﴾. نحن أم تزرعونه أأنتم * تحرثون ا م ﴿أفرأيتم جالله: جل — ويقولرميت إذ رميت ﴿وما هللا﴾، يشاء أن إال تشاءون ﴿وما وتعاىل: تبارك — ويقول

رمى﴾. هللا ولكنفهل الظاهرية، ال الحقيقية النسبة أي: هللا، إىل يشء كل بنسبة تنطق بينات آيات

المقدس. الطاهر الصايف التوحيد هو أم وجود؟ وحدة أيضا هذا يفاإللهية: املحبة يف الفناء مقام عن متحدثا العبودية1 كتابه يف تيمية ابن اإلمام يقولإال يتوكل وال إياه، إال يعبد وال هللا، إال يحب ال بحيث هللا؛ سوى ما إرادة عن «الفناءحيث يزيد؛ أبي الشيخ بقول يقصد أن يجب الذي املعنى وهو غريه، من يطلب وال عليه،العبد وكمال الدينية، باإلرادة املراد وهو املريض، املحبوب املراد أي: أريد. أال أريد قال:قوله يف قولهم معنى وهذا وأحبه، ورضيه هللا، أراده ما إال يرىض وال يحب وال يريد أالسوى مما أو هللا، سوى مما السليم هو قالوا: سليم﴾، بقلب هللا أتى من ﴿إال تعاىل: —إن املعنى وهذا واحد، فاملعنى هللا؛ محبة سوى مما أو هللا، إرادة سوى مما أو هللا، عبادة

وظاهره.» الدين وباطن وآخره، اإلسالم أول هو يسم، لم أو فناء، ي سمالنوع «وأما فيقول: الفناء مقامات من الثاني املقام عن تيمية ابن يتحدث ثملفرط فإنهم السالكني؛ من لكثري يحصل وهذا السوى، شهود عن الفناء فهو الثاني:تعبد، ما غري تشهد أن عن قلوبهم ضعفت ومحبته، وعبادته هللا ذكر إىل قلوبهم انجذاب— قوله يف قيل كما يشعرون، وال بل هللا، غري بقلوبهم يخطر ال تقصد، ما غري وترىقلبها﴾، عىل ربطنا أن لوال به لتبدي كادت إن فارغا موىس أم فؤاد ﴿وأصبح تعاىل:من أمر دهمه لمن يعرض ما كثريا وهذا موىس، ذكر من إال يشء كل من فارغا قالوا:أحبه قد مما إال يشء كل عن منرصفا قلبه يبقى رجاء؛ وإما خوف، وإما حب، إما األمور؛عىل قوي فإذا بغريه، يشعر ال ذلك يف استغراقه عند يكون بحيث طلبه؛ أو خافه أووبمذكوره شهوده، عن وبمشهوده وجوده، عن بموجوده يغيب فإنه هذا؛ الفناء صاحبن عم املبعدة املخلوقات وهو يكن، لم من يفنى حتى معرفته؛ عن وبمعروفه ذكره، عنوذكره، العبد شهود يف فناؤها واملراد تعاىل؛ — الرب وهو يزل، لم من ويبقى سواه،تمييزه، يف يضطرب حتى املحب ضعف هذا قوي وإذا يشهدها، أو يدركها أن عن وفناؤه

ص٩٦. 1

156

الوجود ووحدة تيمية ابن

نفسه محبه فألقى اليم، يف نفسه ألقى رجال أن يذكر كما محبوبه. هو أنه يظن فقدأني.» أنك فظننت عني، بك غبت قال: خلفي؟ أوقعك فمن وقعت أنا فقال: خلفه.

املتصوفة فيها يرمى التي املقامات هي الفناء، حاالت من املقامات تلك أليستالوجود؟ بوحدة

انجذاب لفرط «فإنهم الدين: محيي وخصم األكرب، التصوف خصم تيمية ابن يقولوترى تعبد، ما غري تشهد أن عن قلوبهم ضعفت ومحبته، وعبادته هللا ذكر إىل قلوبهم

تقصد.» ما غريالتصوف يهاجم تيمية ابن أن عجب ومن القول؟! هذا من أكرب املتصوفة قال وهلسواه، ا عم ويذهلون هللا، إال يرون ال الكربى نشوتهم يف إنهم يقولون: ألنهم واملتصوفة؛

تيمية. ابن يقول ما نفس أي:يشء، كل فوق — سبحانه — بأنه يوقنون ذلك ومع يشء، كل يف هللا لريون إنهم

التوحيد. درجات أكمل وهذاشعره: يف الشاعر قول وأما رسائله:2 مجموعة يف أيضا تيمية ابن ويقول

أن��ا أه��وى وم��ن أه��وى م��ن أن��ا

يحب الذي باآلخر، املحبني أحد كاتحاد املعنوي، االتحاد الشاعر به أراد إنما فهذايفعل، ما مثل ويفعل يقول، ما مثل ويقول يبغضه، ما ويبغض اآلخر، يحب ما أحدهمابه فني حتى محبوبه، يف استغرق قد كان إذ بالعني؛ العني اتحاد ال وتماثل، تشابه هذا

اآلخر: كقول نفسه، رؤية عن

أن��ي أن��ك ف��ظ��ن��ن��ت ع��ن��ي ب��ك غ��ب��ت

السائغ.» االتحاد هي املوافقة فهذههريرة، أبي عن صحيحه يف البخاري «روى الرسائل: يف أيضا تيمية ابن ويقولعبده معاداة فجعل باملحاربة.» بارزني فقد وليا يل عادى «من تعاىل: — قوله النبي عن

ص٥٢. 2

157

عربي بن الدين محيي

هما ليس معاداته، عني وليه، معاداة وعني عبده، عدو عني عدوه فعني له، معاداة الويلمتميزين.» شيئني

النبي: عن هريرة أبي عن صحيحه يف مسلم رواه حديثا تيمية ابن أيضا ويذكررب وأنت أعودك كيف رب، يا فيقول: تعدني! فلم مرضت «عبدي تعاىل: — هللا يقولجعت عبدي عنده. لوجدتني عدته فلو مرض؟ فالنا عبدي أن علمت أما فيقول: العاملني؟عبدي أن علمت أما فيقول: العاملني؟ رب وأنت أطعمك كيف رب فيقول: تطعمني! فلم

عندي.» ذلك لوجدت أطعمته فلو جاع؟ فالنامن أبلغ األكرب، شيخهم وعىل املتصوفة عىل هجومه يف تيمية ابن عىل ا رد أجد ولمفؤاد ﴿وأصبح الكريم: القرآن من هو به استشهد مما داللة أكرب شاهدا أجد ولم قوله،موىس. سوى مما فارغا فؤادها أصبح يقول: إذ تفسريه؛ من أعظم وال فارغا﴾، موىس أميحاربون ومن نة، الس بأهل ون يتسم من إمام ويا اإلسالم، شيخ يا — الصويف وقلبسبحانه — وربنا سواه، الوجود يف يرون فال هللا؛ سوى مما فارغا أصبح — املتصوفةكلمة تلك رسله؛ من برسول أو عباده، من بعبد يشبه أن من وأعظم أكرب — وتعاىلوهللا األكرب، توحيدهم وحقيقة الصوفية عند الفناء ومقامات الوجود، وحدة يف الفصل

السبيل. سواء إىل ويرشد الحق إىل يهدي

158

الدين عندحميي املريد آداب

ال التي الجامعة تلك الكربى، الصوفية الجامعة تتكون والشيخ املريد مدرسة من …العالم. يف أخرى جامعة تسامقها

الخلق عىل وتنشئته وإعداده، املريد لرتبية كاملة بمناهج التصوف زخر ولهذااملثايل. الصويف

الرتبية تنشده ما ألسمى صورة الصاعدة، لآلداب صادقة صورة تعترب مناهج وهيعالية. جامعة أية يف الصالحة

أيضا يتجىل كما ألوانه، وأجمل صوره، بأروع الصويف الذوق يتجىل املناهج هذه ويفوحديثها. قديمها الرتبية أساتذة عىل النفوس وآداب القلوب، طب يف الصوفية تفوق

منه.» للمريد بد ال ما كنه «يف هو: يقول كما أو املريد، آداب يف رسالة الدين وملحييالعايل. املنهج هذا أبدعها التي النماذج أجمل التصوف موازين يف تعترب

كيفية له ر وصو اإللهي، التوحيد حقائق ملريده رشح أن بعد الدين محيي يقولجميعا: هللا برسل اإليمان

للمسلمني والدعاء الصدر، وسالمة كافة، بالناس الظن حسن منه: لك بد ال ومماوجفاهم، أذاهم وتحمل كلفهم، وحمل لهم، المنة برؤية الفقراء وخدمة الغيب، بظهر

أخالقهم. عىل باهلل والصربأو الضال، إرشاد أو القرآن، وتالوة هللا ذكر عن إال الصمت منه: لك بد ال وممابل صدقة، عىل تحريض أو املتهاجرين، بني إصالح أو منكر، عن نهي أو بمعروف أمر

خري. كل عىلوإياك بسبيله، أنت ما عىل يعينك موافق أخ طلب حبيبي يا منه: لك بد ال ومما

الضد. وصحبة

عربي بن الدين محيي

صدق إذا املريد فإن املريد؛ شعار والصدق مرشد، شيخ طلب منه: لك بد ال وممافإن الخري، يلهمه ملكا حقه يف شيطان كل وصري بيده، يأخذ من له هللا قيض هللا، مع

عينه. قلب إال يشء عىل وضع ما الصدقاألمر. هذا عماد قام فعليها أساس؛ وهي اللقمة هذه عن البحث منه: لك بد ال ومماوال أحد، عىل تثقل وال الخلق، عن كلفتك ترفع أن حبيبي يا منه: لك بد ال ومماونظرك ونطقك كله، كسبك يف وتورع ف واحرت لغريك، وال لنفسك ال امرئ، من رفقا تقبلقليل الحالل فإن مأكل، وال ملبس وال مسكن يف ع تتوس وال وسكناتك، حركاتك جميع يف

الرسف. يحتمل والفيبعد أصولها نبتت الشهوات، اإلنسان فيها زرع إذا النفوس أن حبيبي يا واعلم:

للمريد. منه بد ال كله هذا راحة، وال سعة للمريد فليس ذلك؛ بعد تنقلع أنللطاعة النشاط يورث فإنه الطعام؛ من التقليل حبيبي يا منه: لك بد ال ومماالرشع دعاك التي الساعات فأما ونهار، ليل يف األوقات تقسيم وعليك الكسل، ويذهبسنها ما وبقي املفروضة، للصلوات أوقات خمسة فهي ربك يدي بني الوقوف إىل فيهامن كنت إن أيام، يف يقوتك ما يوم يف تعمل أن فاجتهد حرفة، ذا كنت فإن األوقات، منوال الشمس، تطلع أن إىل الصبح صالة بعد من مصالك تفارق وال الشغل، ذلك أهلالوقوف يفوتك وال وخشوع، بحضور هللا تذكر الشمس، تغرب أن إىل العرص صالة بعدركعة، بعرشين اآلخرة العشاء إىل املغرب ومن العرص، إىل الظهر من مصليا هللا يدي بنيثالث وترك واجعل العرص، وقبل الظهر، وقبل النهار، أول ركعات: أربع عىل وحافظبرد من وقاية عن إال تلبس وال حاجة، عن إال تأكل وال غلبة، عن إال تنم وال ركعة، عرشةأن يعرف ن مم كنت وإن ربك، عبادة عن القاطع األذى ودفع العورة، سرت بنية حر، أويدك وتلقي حجرك، من تمكنه املصحف، يف القرآن من وردا نفسك عىل فاجعل يكتب؛صوتك؛ وترفع إليه تنظر وأنت حروفه، عىل اليمنى بيدك وتميش املصحف، عىل اليرسىآيات يف وتعترب السؤال، توجب التي اآلية يف وتسأل القرآن، وترتل نفسك، تسمع بحيثذلك، وغري واالستغفار االستعاذة من عليه تدل ما بحسب آية كل يف وتعامل االعتبار،منها؛ فقدت ما وإىل الصفات، تلك من عندك ما إىل فانظر للمؤمنني، صفة قرأت وإذاوالكافرين، للمنافقني صفة قرأت إذا وكذلك فاتك، ما ل وحص عندك، ما عىل هللا فاشكر

ال. أم يشء الصفات تلك من فيك هل فانظرواستشعار األوقات، مع خواطرك ومراعاة نفسك، محاسبة منه: لك بد ال وممافيه يخطر أن قلبك منعت هللا، من استحييت إذا فإنك بقلبك؛ — تعاىل — هللا من الحياء

160

الدين محيي عند املريد آداب

يقيد شيخ لنا كان ولقد تعاىل، — هللا يرتضيها ال بحركة يتحرك أو هللا، ه ذم خاطرما عىل نفسه وحاسب يديه، بني صحيفته جعل أمىس فإذا بالنهار، كتابه يف حركاته

خواطري. بتقييد شيخي عىل أنا وزدت فيها،قال ما وتنظر فيه، أنت الذي الوقت تنظر بأن األوقات، مراعاة منه: لك بد ال ومماوإن إليه، فبادر ندب أو ه، فأد فرض وقت يف كنت فإن فافعله، فيه تعمله أن الرشع لكوإذا أنواعه، عىل الخري من إليه الحق ندبك بما فيه نفسك فاشغل مباح وقت يف كنتآخر، عمل إىل بعده تعيش بأنك نفسك تحدث فال قربة؛ يعطي مرشوع عمل يف رشعتأخلصت، هذا فعلت إذا فإنك عليه، ربك تلقى به الذي الدنيا، من عملك آخر ذلك واجعل

القبول. يكون اإلخالص ومعتوضأت ومتى توضأ، أحدثت ومتى دائما، طهارة عىل الجلوس منه: لك بد ال ومماعند أوقات: ثالثة وهي فيه، الصالة إيقاع عن نهي قد الوقت يكون أن إال ركعتني صلتجوز الصالة فإن خاصة، الجمعة يوم إال االستواء وعند غروبها، وعند الشمس، طلوع

االستواء. عندعليك تعني مهما ولتأتها األخالق، مكارم عن البحث حبيبي يا منه: لك بد ال ومما

كلها. اجتنبها األخالق سوء وكذلك خلق، منهاذميم. خلق بسوء تركه إنما كريما؛ خلقا ترك من كل أن واعلم:

أي تعرف أن فينبغي أصناف؛ عىل الخلق أن كما أصناف، األخالق أن واعلم:لهم، الراحة إيصال األصناف أكثر يعم والذي الكريمة، األخالق من معه تستعمله خلقأنهم واعلم حبيبي، يا ذلك يف فاجتهد تعاىل، — هللا مرضاة يف ولكن عنهم، األذى ودفع— والنبي محركهم، بيد ونواصيهم حركاتهم، يف مجبورون مسخرون، عبيد هللا، خلقفكل األخالق.» مكارم لكم م ألتم «بعثت فقال: املقام هذا يف أراحنا قد — السالم عليهإن فيه: لك قال أو تركت. شئت وإن انترصت، شئت إن فيه: الرشع لك قال موضعسيئة سيئة ﴿وجزاء قال: — تعاىل — فإنه للسيئة؛ محال نفسك فجعلت جازيت، شئتوإياك هللا، عىل وأجرك وأصلح عفا ن مم فكن والصفح، بالعفو قابلت شئت وإن ثلها﴾، ماملقتص يسوء ا مم كانت وإن بالجملة، سيئة اها سم هللا فإن إليك؛ أساء ن مم تقتص أنفيه: الرشع لك قال موضع وكل سيئتان، فهما يسوءه؛ مما رشعية سيئة واألوىل منه.األخالق مكارم من هلل الغضب فإن محمود؛ بخلق فليس تغضب لم وإن فاغضب، اغضبهللا فمع وصاحبه، عامله لمن فطوبى تعاىل؟ — هللا من معاملة أحسن ومن هللا، مع

وأوضحها. وبينها هللا عليها أثنى التي األخالق ترصف أن ينبغي

161

عربي بن الدين محيي

تعتقد أن غري من جنسك من ليس ومن األضداد، مجانبة منه: لك بد ال وممافكذلك عليهم، وإيثاره وأهله الحق صحبة بنية ولكن بخاطر، لك يخطر سوءا فيهملك؛ الحق سخرهم ن مم فإنهم لهم، والرحمة عليهم الشفقة من الحيوانات مع معاملتكمن اليمني ملك مع وكذلك أرشا، وال بطرا عليهم تركب وال طاقتهم، فوق لهم تحم فال— له عبد وأنت فيهم، تترصف كيف لريى نواصيهم؛ هللا ملكك إخوانك، فهم الرقيقتجز معهم، افعله بعينه فذلك والقبيح السوء من عنك يرصف أن تحب فما — سبحانهمن وأنت عيال فالكل معهم، العرشة فأحسن أهل لك كان فإن إليه، حاجتك يوم بذلك

العيال. جملةبقدم، قدما خلقه مع افعله معك، الحق يفعله أن تحب ما كل أن كله: األمر وجماعمحافظة وألزمه الدنيا، أغراض من لغرض ال هلل، هللا كتاب فعلمه ولد لك كان وإنوال يعتادها، حتى صغره من الرياضة عىل واحمله الدينية، واألخالق الرشعية اآلدابمن صاحبها إليه يئول ما وعرفه الدنيا، الحياة زينة إليه ض وبغ قلبه، يف الشهوات تزرعذلك تعمل وال اآلخرة، يف الحظ جزيل من تاركها إليه يئول وما اآلخرة، يف الحظ نقص

ومالك. درهمك عىل ا شحالدنيا؛ يف املتنافسني تصاحب وال السالطني، أبواب من تقرب أال منه: لك بد ال ومماوال بالنصيحة فعاملهم صحبتهم، إىل أمر اضطرك فإن هللا، عن بقلبك يأخذون فإنهمأحوالك عموم يف ولتكن بك، سخروا ذلك فعلت ومهما الحق، تعامل إنما فإنك تخفهم؛لك أحسن هو بما فيه أنت مما تخلصك يف — تعاىل — هللا إىل بالتوجه الهمة مرصوف

دينك. يفوأوصيك وسكناتك، حركاتك جميع يف الحق مع الحضور منه: لك بد ال ومماهللا، عند بما القلب ثقة عىل دليل ذلك فإن والرخاء؛ والشدة والرضاء، الرساء يف باإلنفاقأنققت إن له: ويقول عمره، عليه ويطيل أمله فيمد الشيطان، يأتيه جبان البخيل فإنلرصوف واستعد مالك، عليك فأمسك وأمثالك، أصحابك بني مثلة يشء بال وبقيت هلكتاملقبل، العام يف هللا يحدث ما تدري ال فإنك تراه، أنت الذي الرخاء بهذا تغرت وال الزمان،منه أحدا تعط وال مالك عليك أمسك له: فيقول والشدة، الرضاء وقت يف كان إن وأماواحفظه زيادة، يف إال األمر هذا تحسب وال الشدة، هذه تنقيض متى تدري ال فإنك شيئا؛الخلق، عىل وتثقل منك الناس وتنفر يشء، لك يبق لم إذا ينفعك ال أحدا فإن نفسك، عىلإىل ته أد املسكني قلب عىل الشيطانية الوسوسة هذه استمرت فإذا وجهك، ماء ويذهب

162

الدين محيي عند املريد آداب

هم فأولئك نفسه شح يوق ﴿ومن تعاىل: — قوله وبني بينه وحالت والشح، البخلنفسه﴾. عن يبخل فإنما يبخل ﴿ومن تعاىل: — قوله وبني المفلحون﴾،

بخل، ثم وبأوليائه — تعاىل — هللا بأهل لحق إذا الرجل أن الطريق: يف وعندنا— هللا قال الخلق، كرماء من كريما فيه يجعل ثم املقام، ذلك من وينزل يستبدل فإنهقوله وبني بينه وحالت غريكم﴾، قوما يستبدل تتولوا ﴿وإن اآلية: هذه عقيب — تعاىليف — تعاىل — قوله وبني بينه وحالت يخلفه﴾، فهو ء يش ن م أنفقتم ﴿وما تعاىل: —هللا يرزقهم أن عليهم دعا إهالكه أراد ملا فرعون، عىل — السالم عليه — موىس دعوةحتى فقراءهم فضيعوا قلوبهم﴾؛ عىل واشدد أموالهم عىل اطمس ﴿ربنا فقال: البخل،من تخش وال بالال «أنفق ملسو هيلع هللا ىلص: قوله وبني بينه أيضا وحالت هللا، فأخذهم جوعا، هلكواكل يف ملكني هلل «إن والسالم: الصالة عليه — قوله وبني بينه وحالت إقالال.» العرش ذيبينه وحالت تلفا.» ممسك وكل خلفا، منفق كل أعط اللهم صباح: كل عند يناديان يوم— بكر أبي فعل وبني أخذهما، عىل تركهما فاختار الكنزين، أعطي حني ملسو هيلع هللا ىلص حاله وبني«ما فقال: كله، ماله بجميع — السالم عليه — النبي إىل جاء حني — عنه تعاىل ريضهللاوترك ماله، بنصف — عنه هللا ريض — عمر وجاء ورسوله. هللا فقال: ألهلك؟» تركتاستخالف سبب فاإلنفاق كلمتيكما.» بني ما «بينكما ملسو هيلع هللا ىلص: النبي لهما فقال ألهله، النصفمعتمد، ماله وعىل متهم هلل فهو أمسك من فكل واآلخرة، الدنيا يف الرزاق من األرزاقالعافية، هللا نسأل إيمانه، يف طعنا هذا وكان بربه، ثقته من أعظم بدرهمه ثقته وكانتقال كما الرجل! فبئس الفقر من تفزع وال تخف وال والرخاء، الشدة يف باإلنفاق فعليكشئت وعدك ما لك موف وهللا وشماال.» يمينا وهكذا هكذا بماله قال من «إال ملسو هيلع هللا ىلص: النبي

قط. سخي هلك فما أبى، أو العالم وشاء أبيت، أم

163

األخالق ورسالة الدين حميي

اإلسالمية األمة أبناء إىل اتجه للمريد» منه بد ال ما «كنه من الدين محيي انتهى فإذامبينا لألخالق، األعىل األفق لهم يرسم ومكان، زمان كل يف اإلنسان بني إىل بل كافة،أول عن وانحرف حياته، وأضاع نفسه، فقد فقد بها؛ التحيل من تجرد إذا اإلنسان أن

اإلنسانية. واجباتهوهو وتمييز، فكر ذو الحيوان سائر بني من اإلنسان أن «اعلم الدين:1 محيي يقوليعدل لم إذا أنفسها، املقتنيات ومن أرشفها، املراتب ومن أفضلها، األمور من يحب أبدالنفسه اإلنسان اختاره ما وأوىل أغراضه، اتباع يف هواه يغلبه ولم اختياره، يف التميز عنتمام ومن وكماله، تمامه نهاية عن بالتقصري يرض ولم غايته، بلوغ دون يقف ولممساويها عن ومتنزها ومحاسنها، األخالق بمكارم مرتاضا يكون أن وكماله: اإلنسانالرذائل، طريق عن أفعاله كل يف عادال الفضائل، بقوانني أحواله جميع يف آخذا ومقابحها،من سليمة شيمة كل اكتساب قصده يجعل أن اإلنسان عىل واجبا كان ذلك كان فإذاجهده يبذل وأن الشوائب، من خالص كريم خلق كل اقتناء إىل همته ويرصف املعائب،دنية، مذمومة خلة كل إطراح يف وسعه ويستفرغ مروية، مكروهة خصلة كل اجتناب يفبحق ويباهي شمائله، بدماثة الجمال حلل ويكتيس خالئقه، بتهذيب الكمال يحوز حتى

واملجد. النباهة درجات من بالذرى ويلحق والفخر، السؤدد أهلعليه خفيت ربما املنزلة، هذه بلوغ يف والراغب املرتبة، هذه بطلب املبتدي أن إاليها، توق غرضه التي املستقبحة من له تتميز ولم تحريها، يعنيه التي املستحسنة الخالل

ص٤-٥. الدين ملحيي األخالق فلسفة 1

عربي بن الدين محيي

أنواعه وكم علته؟ وما الخلق؟ ما فيه نبني قوال األخالق يف نقول أن وجب ذلك أجل فمنفاعله املمقوت منها املشنو وما به؟ واملتخلق صاحبه املغبوط املريضمنها وما وأقسامه؟أبية ونفسه الفضل، أهل مباراة إىل تسمو همته كانت من بذلك ليسرتشد به؟ واملتوسممن باملحمود االرتياض طريق عىل أيضا وتدل والنقص، الدناءة أهل مساواة عن تنبووعادة ديدنا به املرتاض يصري حتى وتجنبه منها املذموم وتنكب به، والتدرب أنواعهالعادات عىل وجرى وألفها، السيئة األخالق عىل نشأ من به ليهتدي وطبعا، وسجيةاملناقب بجميع واملحيط األخالق، املهذب التام اإلنسان أيضا ونصف بها، وأنس الرديةصورته إىل ليشتاق الكمال، عليه وتحفظ التمام، إىل بها يصل التي وطريقته الجميلة،القصوى، الغاية إىل استرشف من سريته احتذاء إىل ويحن العليا، املرتبة إىل ق تشو منغاية يف أنه يظهر ذلك مع وهو عليه اشتبهت قد عيوب له كانت من نذكره بما ينتبه وقد

الكمال.»اختيار، وال روية بال أفعاله اإلنسان يعقل بها النفس حال هو «والخلق يقول: ثمبالرياضة إال يكون ال بعضهم ويف وطبعا، غريزة الناس بعض يف يكون قد والخلقوكالشجاعة ل، تعم وال رياضة غري من الناس من كثري يف يوجد كالسخاء واالجتهاد،فيهم يوجد الناس من وكثري املحمودة، األخالق من ذلك وغري والعدل، والعفة والحلم

بالرياضة.» ذلكوقد فضيلة، لكل وشارحا موضحا الفاضلة األخالق أنواع بيان يف ذلك بعد ويأخذ

األخالق. مكارم جماع هي ومحمدة، فضيلة سبعني من أكثر لديه فبلغت جمعهاوجدانه ومن روحه من خلقية صفة كل عىل يضفي أن الدين محيي استطاع ولقددستوره رشحه يف يبث أن واستطاع واألشواق، بالحياة تنبض األخالقية كلماته جعل ما

والرقائق. الدقائق لكل الشامل اآلفاق، الرحب الخلقيالتبذل، من ظ التحف وهو التصون، ومنها …» ن: التصو — لفضيلة شارحا يقولوضبط مجالسه، وحضور أهله، ومخالطة القبيح، الهزل من التحفظ ن التصو فمنومجالس املحافل يف وخاصة السخيف، واملزاح والقبيح الخنا وذكر الفحش من اللساناالنقباض أيضا التصون ومن فيه، ويفحش املزاح يف يرسف لمن أبهة وال املحتشمني،الرديئة، املعايش من والتحرز ومجالستهم، ومصادقتهم وأصاغرهم النفس أدنياء عنالناس لئام من الحاجات مسئلة عن والرتفع الخسيسة، الوجوه من األموال واكتساب

166

األخالق ورسالة الدين محيي

بالجلوس والتبذل حاجة، غري من مربوز من واإلقالل له، قدر ال لمن والتواضع وسفلتهم،«. مخل ذلك من اإلكثار فإن اضطرار، غري من الطريق وقوارع األسواق يف

ما استصغار وهو الهمة، عظمة ومنها …» ة: الهم علو لفضيلة موضحا ويقولاإلنسان به يجود ما واستحقار السامية، املراتب وطلب األمور، معايل من النهاية دونما وبذل يملكه، بما والتهاون الغايات وطلب األمور، بأوساط واالستخفاف العطية، عند

به. اعتداد وال امتنان غري من يسأله لمن يمكنهالدنية، األمور عن النفس وارتفاع والغرية، والحمية، األنفة، الهمة: عظم ومن

مذلة.» أو هوان ها مس إذا وثورتها وانتفاضها

167

الكامل اإلنسان

الجامع التام اإلنسان أوصاف بيان يف أخذ الخلقي، دستوره تبيان من انتهى فإذاوهذا رذيلة، تشنه ولم فضيلة، تفته لم الذي هو التام اإلنسان …» األخالق: ملحاسنمنه أشبه باملالئكة كان الحد هذا إىل اإلنسان انتهى وإذا إنسان، إليه ينتهي قلما الحدالرش، رضوب طبعه وعىل عليه مستول النقص، بأنواع مرضوب اإلنسان فإن بالناس؛فضيلة بكل ويحيط ومنقصة، عيب كل من نفسه تسلم حتى جميعها من يخلص فقلماإليه ينتهي ما غاية وهو ممكن، فإنه التناول؛ بعيد عزيزا كان وإن التمام أن إال ومنقبة،حقه، االجتهاد وأعطى اإلنسان عزيمة صدقت وإذا له، منتهى هو ما ونهاية اإلنسان،نفسه تسمو التي بغيته إىل ويصل له، منتهى هي التي غايته إىل ينتهي بأن قمينا كان

إليها.متيقظا أخالقه، لجميع دا متفق يكون أن فهو التام، اإلنسان أوصاف تفصيل فأمابلوغ يف مجتهدا فضيلة، لكل مستعمال نقصعليه، كل دخول من متحرزا معايبه، لجميعمعتنيا العادات، ملذموم متيقظا األخالق، بمحاسن ملتذا الكمال، لصورة عاشقا الغاية،الرذائل، من لليسري مستعظما الفضائل، من يقتنيه ما مستكثر غري نفسه، بتهذيبوالكمال محله، دون التمام يرى القصوى، للغاية مستحقرا العليا، للمرتبة مستصغرايرصف أن فهي الكمال؛ عليه وتحفظ التمام إىل توصله التي الطريقة فأما أوصافه، أقلاملوجودة، األمور بماهيات اإلحاطة غرضه ويجعل الحقيقية، العلوم يف النظر إىل عنايتهإىل بطرفه ورنا إال علمه من غاية عند يقف وال غاياتها، د وتفق وأسبابها عللها وكشفري الس كتب ح وتصف األخالق، كتب قراءة ونهاره ليله شعاره ويجعل الغاية، تلك فوق مااملتقدمون وأشار باستعماله، الفضل أهل أمر ما باستعمال نفسه وأخذ والسياسات.

عربي بن الدين محيي

من بيشء ويتحىل والبالغة، البيان أدب من طرفا أيضا وينشد باعتياده، الحكماء منالوقار أهل دائما ويعارش والحكمة، العلم أهل مجالس أبدا ويغىش والخطابة، الفصاحة

والعفة.»وعزيمته ته وهم التام، اإلنسان صفات عن الحديث يف الدين محيي يفيض ثم

واألرضني. السموات فاطر إىل أعماله لكل وتصعيدهوملبسه، ومأكله ورغباته، شهواته يف االعتدال جانب يلزم أن يحتم، ما أكرب ويحتم

بالناس. وصالتهالكربى الفتنة وهو املال، من التام اإلنسان موقف عن الحديث يف ذلك بعد ويأخذنافع؛ غري نفسه يف فإنه لذاته، مطلوبا هو وليس لغريه، يطلب إنما املال «إن فيقول:يعتقد أن يجب فال األغراض، بها تنال آلة فاملال به؛ تنال التي باألغراض االنتفاع وإنمااألغراض، من شيئا صاحبه ينل لم عليه وحرص ادخره فإذا مفيد، وادخاره اقتناءه أنالعايل الرأي للسديد فينبغي لغريه؛ مطلوب هو فاملال إليها، محتاج بالحقيقة هو التيمتوان غري ذلك مع ويكون وجهه، يف ويفرقه وجهه من فيكسبه بوزنه، يزنه أن الهمة،وجد إذا دونه هو لمن التواضع إىل يضطره املال عدم ألن طلبه؛ يف مقدم وال اكتسابه، يف

«… منزلته دنت وإن فوقه هو ن عم يغنيه املال ووجود حاجته، عندهيشعر أن الكمال ملحب «وينبغي فيقول: الغضب، من املقام هذا صاحب يحذر ثمفإذا روية، وال علم غري من يفعله ما يفعل والسباع، البهائم بمنزلة الغضبان أن نفسهأنه فيه اعتقد عليه، ه ويتسف خصمه يغضب أن إىل ت أد محاورة غريه وبني بينه جرىمنه، االقتصاص عن ويحجم مقابلته عن فيمسك والسباع؛ البهائم بمنزلة الحالة تلك يفلو البهيمة وكذلك نبحه؟ عىل مقابلته يستحسن يكن لم عليه نبح لو الكلب أن يعلم أالمن فإن جاهال يكون أن إال تصنعه، بما عاملة غري ألنها عقوبتها؛ يستحسن لم رمحتهالسفيه عثر وربما آذته، إذا رضبا ويوجعها رمحته، إذا البهيمة عىل يغضب من السفهاء

برجله!» ورفصه عثرته، موضع فشتموينبغي …» كافة: لإلنسانية الشاملة املحبة إىل بالدعوة العالية، الرسالة هذه ويختمعليهم، والتحنن إليهم، د والتود أجمع الناس محبة نفسه يعود أن أيضا: الكمال ملحبالقوة وحلية اإلنسانية، تجمعهم متناسبون، واحد قبيل الناس فإن بهم؛ والرحمة والرأفةصار النفس وبهذه العاقلة، النفس وهي منهم، واحد كل ويف جميعهم يف هي اإللهية،

«… إنسانا اإلنسان

170

الكامل اإلنسان

ومن بصريته، انفتحت رسيرته، صدقت «من الدين: محيي يقول كما وأخريا …هللا، من خوفك الدين إنما وصالة؛ صوم كثرة الدين وليس حاله، استقام مقاله صدقسواه، ما كل منه خاف مواله، هللا خاف ومن تمناه، ما كل أعطاه هلل توجهه صدق ومن

الحياة.» له سخرت بل

171

اإلهلية الدين عقيدةحميي

بقلمه

موته بعد ستالحقه العمياء الخصومات أن فعلم الغيب؛ بلحاظ الدين محيي نظر وكأنمالتكون العلية؛ الذات يف اإللهية عقيدته الفتوحات مقدمة يف ل فسج والبهتان، باإلفكريض أحبائي، ويا إخوتي «فيا قال: … وجهال ظلما عليه يتقول من عىل الكربى الحجةوطرفة، لحظة كل يف — تعاىل — هللا إىل فقري مسكني، ضعيف عبد أشهدكم عنكم، هللا— تعاىل — هللا أشهد أن بعد نفسه عىل أشهدكم ومنشئه، الكتاب هذا مؤلف وهوإله — تعاىل — هللا أن وعقدا قوال يشهد أنه وسمعه، املؤمنني من حرضه ومن ومالئكتهله، وزير ال ملك له، رشيك ال مالك والولد، الصاحبة عن منزه ألوهيته، يف له ثاني ال واحدسواه موجود كل بل يوجده، موجد إىل افتقار غري من بذاته موجود معه، مدبر ال صانعبالوجود متصف وحده وهو به موجود كله فالعالم وجوده؛ يف — تعاىل — إليه مفتقرليس بنفسه، قائم مقيد غري مطلق وجود بل لبقائه، نهاية وال لوجوده، افتتاح ال لنفسه،له فتكون بجسم وال البقاء، عليه فيستحيل بعرض وال املكان، له فيقدر متحيز بجوهراستوى شاء إذا واألبصار، بالقلوب مرئي واألقطار، الجهات عن مقدس والتلقاء، الجهةوله استوى، به سواه وما العرش أن كما أراده، الذي املعنى وعىل قاله، كما عرشه عىلمكان، يقله وال زمان، يحده ال العقول، عليه دلت وال معقول، مثل له ليس واألوىل، اآلخرةأنا وقال: الزمان، وأنشأ واملكان، املتمكن خلق كان، عليه ما عىل وهو مكان، وال كان بل

عربي بن الدين محيي

صنعة من عليها يكن لم صفة إليه ترجع وال املخلوقات، حفظ يئوده ال الحي، الواحداملصنوعات.

كان يقال: بل قبلها، يكون أو بعده، تكون أو يحلها، أو الحوادث، تحله أن تعاىلينام، ال الذي القيوم فهو أبدعه؛ الذي الزمان صيغ من والبعد القبل فإن معه، يشء والالكريس وأنشأ االستواء، حد وجعله العرش خلق يشء، كمثله ليس يرام، ال الذي والقهارخلقه يف بعلمه كاتبا وأجراه األعىل، والقلم اللوح اخرتع العىل، والسموات األرض وأوسعهالذي وأخلق الخلق وخلق سبق، مثال غري عىل كله العالم أبدع والقضاء، الفصل يوم إىلاألرض يف األرواح إليها املنزلة األشباح هذه وجعل أمناء، األشباح يف األرواح أنزل خلق،وعنه، إليه إال ذرة تتحرك فال منه؛ جميعا األرض يف ما السموات يف ما لنا ر وسخ خلفاء،يخلق بأن سبق علمه لكن عليه؛ ذلك أوجب موجب وال إليه، حاجة غري من الكل خلقيشء بكل أحاط قدير، يشء كل عىل وهو والباطن، والظاهر واآلخر األول فهو خلق؛ ماالصدور، تخفي وما األعني خائنة يعلم وأخفى، الرس يعلم عددا، يشء كل وأحىص علما،األشياء علم الخبري﴾؟ اللطيف وهو خلق من يعلم ﴿أال خلقه؟! هو شيئا يعلم ال كيفعلم له يتجدد لم باألشياء عاملا يزل فلم علمها، ما حد عىل أوجدها ثم وجودها، قبل منهاعلم وحكمها، شاء من عليها حكم وبه وأحكمها، األشياء أتقن بعلمه اإلنشاء، تجدد عندفهو واتفاق، الصحيح النظر أهل من بإجماع الجزئيات علم كما اإلطالق، عىل للكليات

يرشكون. ا عم هللا فتعاىل والشهادة؛ الغيب عالمبيشء قدرته تتعلق لم والسموات، األرض عالم يف الكائنات املريد فهو يريد، ملا ال فعأو يعلم، ال ما يريد أن العقل يف يستحيل إذ علمه؛ حتى يرده لم أنه كما أراده، حتىهذه نسب توجد أن يستحيل كما يريد، ال ما الفعل ذلك ترك من املتمكن املختار يفعليف فما بها، موصوفة ذات بغري الصفات تقوم أن يستحيل كما حي، غري يف الحقائقوال حر، وال برد وال حر، وال عبد وال خرسان، وال ربح وال عصيان، وال طاعة الوجودوال بر وال ميل، وال اعتدال وال ليل، وال نهار وال فوت، وال حصول وال موت، وال حياةترح، وال فرح وال مرض، وال صحة وال عرض، وال جوهر وال وتر، وال شفع وال بحر،وال تحليل، وال تركيب وال سماء، وال أرض وال ضياء، وال ظالم وال شبح، وال روح والظاهر وال سهاد، وال رقاد وال سواد، وال بياض وال أصيل، وال غداة وال قليل، وال كثريهذه من يشء وال ، لب وال قرش وال رطب، وال يابس وال ساكن، وال متحرك وال باطن، والال وكيف تعاىل، — للحق مراد وهو إال واملتماثالت، واملختلفات منها املتضادات النسب

174

اإللهية الدين محيي عقيدة

معقب وال ألمره راد ال يريد؟ ال ما املختار يوجد فكيف أوجده؟ وهو له مرادا يكونيشاء، من ويذل يشاء، من ويعز يشاء، ن مم امللك وينزع يشاء، من امللك يؤتي لحكمه،اجتمع لو يكن، لم يكون أن يشأ لم وما كان، شاء ما يشاء، من ويهدي يشاء، من ويضليفعلوا أو أرادوه، ما يريدوه أن — تعاىل — هللا يرد لم شيئا يريدوا أن عىل كلهم الخالئقوال فعلوه، ما يريدوه أن منهم أراد عندما وأرادوه إيجاده — تعاىل — هللا يرد لم شيئامشيئته من والعصيان، والطاعة واإليمان، فالكفر عليه؛ أقدرهم وال ذلك عىل استطاعوا

وإرادته. وحكمهوإن موجود، غري معدوم والعالم أزال، اإلرادة بهذه موصوفا — سبحانه — يزل ولمعلم، عدم أو جهل عن تدبر وال تفكر غري من العالم أوجد ثم عينه، يف العلم يف ثابتا كانالسابق، العلم عن أوجده بل ذلك، عن وعال جل جهل، ما علم والتدبر التفكر فعطيةوأكوان ومكان، زمان من عليه أوجدته بما العالم عىل القاضية المنزهة اإلرادة وتعينيتشاءون ﴿وما سبحانه: — القائل هو إذ سواه؛ الحقيقة عىل الوجود يف مريد فال وألوان،فأوجد وقدر ص، فخص وأراد فأحكم، علم كما — سبحانه — وأنه هللا﴾، يشاء أن إاليحجب ال واألعىل، األسفل العالم من الورى يف نطق أو سكن، أو تحرك ما ورأى كذلك،يف النفس كالم يسمع البعيد، فهو القرب برصه يحجب وال القريب، فهو البعد سمعهال املاء، يف واملاء الظلماء، يف السواد ويرى اللمس، عند الخفية املماسة وصوت النفس،

البصري. السميع وهو النور وال الظلمات وال االمتزاج يحجبهكسائر أزيل قديم بكالم م متوه سكوت وال متقدم، صمت عن ال — سبحانه — تكلموالزبور التنزيل اه سم السالم، عليه — موىس به كلم وقدرته، وإرادته علمه من صفاتهاألصوات خالق هو بل لغات، وال نغم وال أصوات وال حروف غري من واإلنجيل، والتوراةمن سمعه أن كما لسان، وال لهاة غري من — سبحانه — فكالمه واللغات؛ والحروفقلب غري يف إرادته أن كما أجفان، وال حدقة غري من برصه أن كما آذان، وال أصمخة غريغرت غري من حياته أن كما برهان، يف نظر وال اضطرار غري من علمه أن كما جنان، والوالنقصان؛ الزيادة تقبل ال ذاته أن كما األركان، امتزاج عن حدث قلب تجويف أو بخار

االمتنان. جسيم اإلحسان، عميم السلطان، عظيم دان، بعيد من سبحانه فسبحانهالعالم صنع أكمل والقابض، له الباسط وعدله فائض، جوده عن فهو سواه ما كلم فنع أنعم إن ملكه، يف معه مدبر وال ملكه، يف له رشيك ال واخرتعه، أوجده حني وأبدعه؛

فضله. فذلك

175

عربي بن الدين محيي

والحيف، الجور إىل فينسب غريه ملك يف يترصف لم عدله، فذلك فعذب أبىل وإنسلطان تحت سواه ما كل والخوف، لذلك بالجزع فيتصف حكم، لسواه عليه يتوجه والوهو والفجور، التقوى املكلفني نفوس امللهم فهو وأمره؛ إرادته عن ومترصف قهره،عدله يحكم ال النشور، يوم ويف هنا شاء، من بها واآلخذ شاء، من سيئات عن املتجاوزهؤالء فقال: منزلتني، لهم وأوجد قبضتني العالم أخرج عدله، يف فضله وال فضله، يفموجود ال إذ هناك؛ معرتض عليه يعرتض ولم أبايل. وال للنار وهؤالء أبايل، وال للجنةتحت وقبضة بالئه، أسماء تحت فقبضة أسمائه، ترصيف تحت فالكل سواه، ثم كانكان ملا شقيا أو لكان، سعيدا كله العالم يكون أن — سبحانه — أراد ولو آالئه، أسماءهنا والسعيد، الشقي فمنهم أراد؛ كما فكان يرد لم — سبحانه — لكنه شأن؛ يف ذلك منالصالة: يف — تعاىل — قال وقد القديم، عليه حكم ما تبديل إىل سبيل ال امليعاد يوم ويفملكي يف لترصيف للعبيد، بظالم أنا وما لدي القول يبدل ما خمسون، وهي خمس هيعليها تعثر ولم والبصائر، األبصار عنها عميت لحقيقة وذلك ملكي؛ يف مشيئتي وإنفاذوسبق عباده، من به هللا اعتنى لمن رحماني وجود إلهي بوهب إال الضمائر وال األفكاررقائق من وأنه التقسيم، هذا أعطت األلوهة أن أعلم حني فعلم إشهاده، بحرضة ذلك لهتعملون، وما خلقكم وهللا إياه! إال لنفسه موجود وال سواه، فاعل ال من فسبحان القديم،

أجمعني». لهداكم شاء فلو البالغة، الحجة يسألون، وهم يفعل ا عم يسأل وال

176

األوروبية النهضة يف الدين أثرحميي

رت أخ قد بواتيه، يف العرب هزيمة إن وأدبائها: فرنسا مؤرخي أحد فاريرا، كلود يقولقرون. ثمانية الغربية املدينة

أوروبا والتقاء إلسبانيا، العرب فتح إن يقول: أن أيضا فاريرا كلود ويستطيعبعث الذي وهو األوروبي، التاريخ مجرى غري الذي هو األندلس يف اإلسالمية بالحضارةالعلمية حضارتها إىل بها ذهب الذي العريض، الطريق عىل أقدامها ووضع أوروبا

الحديثة.الهدى ترسل التي املنارات هي األندلس، يف اإلسالمية العلمية املعاهد كانت لقداألوروبية، الطليعة رجال إليها هرع التي العذبة املناهل وهي أوروبا، أرجاء إىل والنورومنذرين مبرشين بالدهم إىل يعودون ثم نورها، من ويقتبسوا معارفها من ليتزودواكانت لقد لفولتري: املعارص املؤرخ «جونس» يقول اإلسالمي. والفكر العلم إىل وداعنيوكانت األوروبي، الفكر رجال من األحرار حولها يتقاتل التي الراية هي رشد ابن تعاليمإيطاليا يف العلم ومدارس الطب معاهد يف العالية القمم هي سينا وابن الرازي كتب

وفرنسا.تدين أوروبا، يف نفسها الدينية النهضة أن وأعجب: الداللة يف هذا من أعظم بل

والحياة. بالبعث خاصة، األندلس ومتصوفة عامة، األندلس ملسلميالرهبان أردية تظللها وأرسارا، وأحجية طالسم أوروبا يف الدينية املعارف كانت لقدوال جدال تقبل ال مظللة معارف العاملية، القسوة أصحاب طوائفهم وتحتكرها املقدسة،ونزواتها، ألهوائها ترى ما كل ر تسخ بل منطقا، ترىض وال علما، تطيق وال حوارا،

تفعل. ا عم إنسان يسألها أن ترىض وال تعلل ال مرتفعة متعالية

عربي بن الدين محيي

يريض أو ماال، يدفع من لكل األعىل، الفردوس ويهبون الجنة، يبيعون رجالها وكانوالهوى. السياسة مآرب من مآرب عىل يعني أو شهوة،

األندلس، يف اإلسالمية الدينية املعارف إىل والدهشة اإلجالل بعني أوروبا نظرت ثمللمناطقة، ومنتدى لآلراء، وساحة راغب، لكل يتدفق ومنهل قاصد، لكل مباحة ثروة وهيالكهان أردية تحت مخبوء الهوت وال أقنعة، وال أرسار فال وقوال؛ صوال لكل ومجاالوترشح الحياة، أحداث يف تساهم وعلوم معارف بل والظلمات، باألرسار محاط والرهبان،مبتكر، متفنن لكل صدرها وتفتح مجتهد، لكل وتلني الفكر، ومعضالت العقول مواقف

مؤمن. لكل بالقسط نورها وتهبالدين إىل النظر يف العرب بها يتمتع التي الهائلة، الحرية تلك إىل أوروبا نظرتعليه فأقبلت املحمدي؛ الهدي ينابيع من املتفجرة الهائلة القوة تلك وإىل اإلسالمي،وأن الحياة فيه تنفخ أن محاولة املسيحي؛ الهوتها يف نظرها تعيد ثم وتتزود، تسرتشدليكون العام؛ األفق إىل أبراجه من تنقله وأن الحرية، بسحر تمسه وأن باملنعشات، تلقحه

فحسب. والرهبان للقسس حماية ال كافة، للناس آيةالفلسفة «إن األوروبية»: الحضارة يف العرب «أثر كتابه يف العقاد األستاذ يقولالعالم يف الجديد التفكري آثار من ظهر ما منها ظهر التي الطريق هي اإلسالمية الصوفيةازدهر التي السنني أرقام إىل واحدة ونظرة اإلجمال، عىل األوروبية العقائد ويف املسيحي،قبل يحدث لم ذلك أن ترينا الديني، اإلصالح دعوة فيها ونجحت املسيحي، الالهوت فيها

األندلس.» يف اإلسالمية بالحضارة أوروبا احتكاكأقوال بني املشابهات إىل اإلسالم تراث مجموعة يف «نيكولسون» العالمة ويشرياألملاني، إكهارت مثل: األقدمني من األوروبيني الصوفية وأقوال املسلمني، الصوفيةلها تظهر لم األوروبية النهضة «إن يقول: ثم اإلنجليزي، كاربنرت إدوارد مثل: واملحدثنياألندلس جامعات يف العرب دروس فإن املسلمني، وبني بينهم االحتكاك قبل واحدة عالمة

«… أوروبا أنحاء سائر يف والدنيا الدين رجال حرضهالها تظهر لم األوروبية النهضة أن يف رصيحة معارص، أوروبي كاتب شهادة تلكيف العرب دروس أن يف أيضا ورصيحة املسلمني، وبني بينهم االحتكاك قبل واحدة عالمةإىل انقلبوا ثم أوروبا، أنحاء سائر يف والدنيا الدين رجال حرضها قد األندلس جامعات

األندلس. سموات يف املرشق الجديد العلم إىل وداعني مبرشين شعوبهمابن «إن فيقول: األوروبي البعث يف األندلس أثر يف بحثه «نيكولسون» يواصل ثميف الكربى ومشاهداته اإللهيات، يف الجريئة بدراساته األندلس، يف اإلسالم عبقري عربي

178

األوروبية النهضة يف الدين محيي أثر

ثم القيود.» من والتحلل للنهوض املسيحي الالهوت أمام السبل عبد قد الروح، عالمبعث يف آثاره له بل هذا، عىل يقترص لم األوروبية النهضة يف عربي ابن «وأثر يقول:اإللهية الكوميديا نظم حينما مثال دانتي كتبه ما بني قابلنا فإذا أيضا، األوروبي األدبالنهج يف واضحة تلمذة عربي ابن عىل تتلمذ قد دانتي أن نرى عربي، ابن كتبه ما وبني

الفنية.» واألساليب واالصطالحات واألمثال الصور ويف بل والطريقة، واألسلوبالكبري املسترشق أيضا نرى بل هذا، يقول الذي هو وحده «نيكولسون» وليسلعالم وأوصافه كتبه، يف الصوفية دانتي نزعات بأن يشهد اإلسباني» بالسيوس «آسنيهو عربي ابن «إن ذلك: بعد يقول ثم كبري، ترصف بغري عربي ابن من مستمدة الغيبقائال: يحدثنا إذ إليه ولنستمع أوروبا.» يف الدينية الصوفية للنهضة الحقيقي األستاذاألملاني» إكهارت «جوهان وهو الغربيني من الصوفيني الفالسفة أول أن املعلوم: «ومنالتي الجامعة هي باريس، جامعة يف ودرس عربي، ابن لعرص التايل القرن يف نشأ قدابن يقول كما يقول وإكهارت والعلوم، الحكمة يف األندلسية الثقافة عىل تعتمد كانتاإللهية الحقيقة وأن سواه، الحقيقة عىل موجود ال الحق، الوجود هو هللا بأن عربيباهلل االتصال يف الكربى سعادتها التي اإلنسان روح سيما وال األشياء، جميع يف تتجىلصلة من ألزم باهلل، الروح صلة وأن والتحميد، والتسبيح واملعرفة، الرياضة طريق عن

باألجسام. واألعضاء بالكل، واألجزاء بالصورة، املادةهولندا، يف نشأ الذي «سبينوزا»، مذهب يف واضحة قبسات الفلسفة هذه ومنالذات عن كالمه كان فقد املسيحي، الدين عىل أكرهوا الذين الربتغال، يهود من وأصلهبالبصرية الصحيحة املعرفة نور الخلق وتلقي مخلوقاته، يف الخالق وتجيل والصفات،

عربي. ابن فلسفة من نسخة واإللهام،— هللا أسماء عن معارفه اقتبس قد ندلول» «رايمو اإلسباني املتصوف والفيلسوفرايموند وكان الحسنى». هللا «أسماء عربي: ابن كتاب من الكون، يف وأثرها — تعاىلاملكتبة يزود وراح تراثه، من الكثري فانتحل عربي، ابن بعد وعاش العربية، يحسنلها؛ الدين محيي أبوة صحة عىل وجالء وضوح يف معانيها تدل التي بالروائع األوروبية

املسيحية.» الديانة قبل من تعرفه لم العلوم من اللون وهذا السيما

179

عربي بن الدين محيي

الحديثة األوروبية النهضة يف الدين محيي أثر عىل الدالالت نتصيد هنا ولسناخاصة، االسترشاق رجال وكتب عامة، األوروبي التاريخ فكتب واألدبي، الديني بشقيهاعقول يف األثر أكرب له كان — يسمونه كما — الصويف الفيلسوف عربي ابن بأن تشهدبل بعده، ظهروا الذين املسيحية فقهاء من واملتصوفة الديني اإلصالح ورجال النساك

قوله: يمثله الذي املحبة يف العاملي مذهبه إن

وإي��م��ان��ي دي��ن��ي ف��ال��ح��ب رك��ائ��ب��ه ��ه��ت ت��وج أن��ى ال��ح��ب ب��دي��ن أدي��ن

ودثارا. شعارا لهم فيها اإلصالح ورجال بل املسيحية، فقهاء اتخذه قدالالهوت يف الديني اإلصالح يف عربي ابن أثر أن إىل املسترشقني بعض ذهب ولقدوأنار الطريق، له مهد الذي هو األقل عىل أو نفسه، لوثر مارتن أثر عن يقل ال املسيحي،إىل وبدعوته املعرفة، تناول يف العلمية والحرية الفكرية، للحرية الحار بهتافه الجادةبقيودها؛ التقيد وعدم بل السابقة، اآلراء تقديس وعدم كافة، للناس بابه وفتح االجتهاد،

إلهية. حقائق من ال برشية، عقول عن صدرت قد دامت ماليقول حتى وغريه، دانتي أمثال من الربانيني، األدباء يف األثر أكرب له كان كماواألقباس السماء، إىل والعروج والنار، الجنة أوصاف «إن اإلسباني: «آسني» املسترشقابن من األوىل أصولها تستمد كلها الحديث، األوروبي األدب يف القلبية والنشوة الروحية،

الغربي.» األفق عىل قرونا الفضية أجنحتها نرشت التي الكربى، وفلسفته عربييقوله ما بعض وذلك األوروبية، النهضة يف الدين محيي أثر يف يقال ما بعض ذلكالفضية أجنحتها نرشت التي الكربى فلسفته وعن الدين، محيي عن أوروبا يف القلم أئمة

الغربي. األفق عىل قرونامن املتعالني من اليوم، بربوقه املعجبني أحد ضفافه من يأتي الذي الغربي، األفق

الدين؟ محيي من ويقول: ويبتسم، الدين محيي إىل فينظر رجالنا،… الجبال عىل تنفخ التي الناموسة قصة جديد من فيعيد

180

األكربية املدرسة

الطريق ولكن والغايات، األهداف متحدة متسقة وحدة عام، كأفق اإلسالمي التصوفاملدارس تعددت هنا ومن الرجال؛ أنفاس عدد عىل — املتصوفة يقول كما — هللا إىل

ومعارفه. بمناهجه وتلونت إمامها، بطابع مدرسة كل واتسمت الصوفية،األخالق، مكارم إىل الحارة ودعوتها املرشق، القلبي طابعها الغزالية فللمدرسة

األعمال. وفضائلوالتوحيد. الفقه يف ورسالتها والتصفية، الرتبية يف سمتها الجنيدية، وللمدرسة

الجوارح وعصمة وتزكيتها، النفس ومحاسبة والرقائق، الدقائق الشامية، وللمدرسةوتطهريها.

وهكذا والفناء؛ املحبة يف وسبحاتها وألحانها، مواجيدها جية، الحال وللمدرسةومناهجه. ومشاهده ذوقه منها لكل وحديثها، قديمها الصوفية املدارس

املدرسة أحدثت كما دويا الفكر عالم يف تحدث لم املدارس، تلك من مدرسة ولكناألكرب. الشيخ إىل تنتسب التي األكربية

مرجعه وإنما جمهورا؛ وأضخمها أتباعا، املدارس هذه أكثر أنها هذا مرجع وليسالروحانية مدرسة الشامخة، السامقة الثقافة مدرسة المحلق، الجبار العقل مدرسة أنها

الفاتحة. العنيفة صولتها يفومىش اإلسالمي، الفكر عرفها التي العقول أضخم املدرسة هذه عىل تتلمذ هنا ومن

واإليمان. الروح رجال من املنتقاة املختارة الصفوة مواكبها تحتعقل كل إليها فاجتذبت اإلسالمية؛ الحدود خارج إىل املدرسة هذه أفق وامتدعىل رجال هديه عىل سار نورا اإلسالمي األفق داخل وأشاعت كبري، روح وكل قوي،يحفظون وراحوا املقدسة، الشعلة فحملوا رسالتهم من يقني وعىل أمرهم، من بصرية

عربي بن الدين محيي

خاصة اإلسالمية الروحانية إىل ويضيفون اإليمان، قمم أعىل إىل ترشفه اإلسالمي للقلبوفتوحاته. ووثباته ثمراته بكل القوي الحي الزاد عامة العاملية والروحانية

فكرنا إذا إال أهميته نعرف ال عربي ابن إن …» مبارك:1 زكي الدكتور يقولومئات الصفحات، ألوف ترك أنه نتذكر أن يجب ضخمة، ثروة من ترك فيما جيدااللغة راض وأنه وجدانية، وثبة قصيدة كل ويف فكرية، ثورة صحيفة كل ويف القصائد،األحاديث أخطر يف يخوضون كيف الناس علم وأنه واإلشارات، للرموز الطواعية عىلاليهودية الديانة أصول ومن اليونانية، الفلسفة من درس ما هضم وأنه يسلمون، ثمالفلسفي الفكر من مزاج إىل كله ذلك أحال ثم اإلسالمية، والديانة املسيحية والديانة

ويطول. رامه من عىل يعز الدقيقحركة فتلك عنه؛ الدفاع أو عليه الرد يف صنفت التي املؤلفات خطر نتذكر أن ويجبأثر لبيان املجال يتسع وال الجليل، الباحث ذلك أثر تقويم عند إغفالها يمكن ال فكرية

عظيم.» ضخم يشء فذلك املفكرين؛ من بعده جاء فيمن عربي ابنرسى فقد ال، اإلسالمية؟ البيئات عند عربي ابن تأثري وقف هل «ولكن يقول: ثموبعد عرصه يف الناس شغل عربي ابن إن أفكارها، ن ولو املسيحية البيئات إىل روحهاملعارف إىل يتشوقون واإلسبانية، والفرنسية اإليطالية األقطار يف النصارى وكان عرصه،

أذاعها. التي الصوفية اإلسالميةيهمه إنسان الدنيا يف دام ما الناس سيشغل عربي ابن أن القارئ، يتذكر أن ويكفيما عىل الوقوف يهمه إنسان الدنيا يف دام ما الناس وسيشغل اإلسالمي، التصوف درس

الوجود.» أرسار درس يف الذكاء صنعبه ويعني املسلم»، «الفيلسوف القيم كتابه يف محمود الحليم عبد الدكتور ويحدثنايف تصدر كانت إيطالية عربية مجلة عن يحيى، الواحد عبد أو جينو» رينيه «العالمةهي املجلة هذه تسود التي الروح «كانت فيقول: النادي، ى وتسم ١٩٠٧م، عام القاهرةصدرت أخرى ملجالت طليعة تعترب املجلة هذه وكانت الدين، محيي األكرب الشيخ روحالنادي؛ مجلة محرري أملع من وكان وافر، بحظ «جينو» فيها وساهم فرنسا، يف بعد فيماأصل من هذا الهادي وعبد — الهادي عبد اإليطايل قسمها أو العربي، قسمها ذلك سواء

اإلسالمي. التصوف كتاب من األول الجزء 1

182

األكربية املدرسة

وتعلم اإلسالم، اعتنق ثم جوستاف، إيفان اسمه: وكان مسيحيا، ونشأ — فلندي لتوانيمن اإلسالمية الصوفية الرسائل فيها ويطبع املقاالت، املجلة يف يكتب وأخذ العربية،

النصوص.» بعض ويرتجم األكرب الشيخ مؤلفاتفيه شكره النادي، مجلة يف مقاال فكتب الهادي، بعبد الكبري عليش الشيخ وأعجبمن وكان الدين، بمحيي الناس تعريف هي جليلة، خدمة من للحضارة أداه ما عىلاألوسط الرشق ويف إيطاليا يف جمعية تأليف عن التايل العدد يف أعلن أن املقال، هذا ثمرات

التايل: هو منهاجا، ووضعت األكربية، يت وسم عربي، ابن لدراسة

وما بالرشيعة منها يتصل ما سواء الدين؛ محيي الشيخ تعاليم ونرش دراسة (١)خاصة محارضات وإلقاء ورشحها، تالميذه مؤلفات طبع عىل والعمل بالحقيقة، يتصل

آراءه. ترشح وأحاديث به،تقوم بينهم قوية صلة وعقد عربي، ابن الشيخ محبي من ممكن عدد أكرب جمع (٢)والغربيني. الرشقيني من املمتازة النخبة بني الفكري الرتابط عىل س وتؤس األخوة، عىل

يتبعون ن مم ذلك، إىل حاجة يف هم لمن األدبي والتشجيع املادية املساعدة تقديم (٣)دعوته ينرشون الذين الخصوصهؤالء وعىل عربي، بن الدين محيي اختطه الذي الطريق

بالعمل. أو بالقولالصوفية مشايخ دراسة إىل أيضا يتعداه بل ذلك، عىل الجمعية عمل يقترص وال (٤)عربي. ابن يستمر أن يجب الدائرة مركز أن بيد مثال؛ الرومي الدين كجالل الرشقيني

تخرج ال إنها إذ مظهرها؛ كان مهما السياسية باملسائل قط للجماعة صلة وال (٥)والحكمة. الدين يف البحث دائرة عن

تلك األكربية، أسسته ما عىل يبني فاستمر الجمعية، هذه يف الجهاد راية جينو وحملوالعقيدة اإلسالمي للتصوف مظهر أسمى وهو األكرب، الشيخ نهج تنهج التي الجماعة

اإلسالمية.جميع إىل الخطابات ويرسل املقاالت، ويكتب الكتب، يؤلف القاهرة يف جينو وأقاميطلب من كل إىل بسنائها ترسل وروحانية، فكرية حركة دائبة، حركة كان العالم، أنحاء

والرشاد. الهدايةالعاملني من الجزائري القادر عبد املجاهد األمري كان دمشق، ويف العربي، املغرب ويفالخطابي، الكريم عبد املقاتل األمري يزال وال كان وكذلك األكربية، الروحانية حقل يف

183

عربي بن الدين محيي

املكية الفتوحات يقرأ كان أنه األمري حدثنا ولقد الخطابي، محمد األمري البطل وشقيقهالقتال. ساحات يف وهو

الطبول دوي أو بالتوحيد، التكبري صوت فيه يرتفع مكان كل ويف وهناك، وهناللمدرسة أوفياء تالميذ البأس، أويل من واملقاتلني الفكر، رجال من العلماء ترى للجهاد،

األكرب. ولشيخها األكربية

184

األكرب الشيخ

ظفرت التي اإليمان، فلسفة أيضا وهو واملحبة، بالشوق الخافق اإلسالم قلب هو التصوفوالوحي. الدين عىل العتمادها اإللهيات يف وآمنت الكونية، بالعلوم

الحقائق، لجميع الشامل املحيط العلم صاحب هو اإلسالمي، فاملتصوف وبالتايلاألنبياء، مواكب يف يميش بإيمان، وتميز كافة، املعارف جمع الذي العاملي، الفيلسوف هو

ومحبته. هللا ورضاء الرسل، وهدىونتجه قصدا، الكلمة هذه إىل نقصد فإننا الكاملة، الفلسفة هو التصوف قلنا: وإذاأربابهم بعض قال كما سيقولون الناس من السفهاء أن نعلم ونحن عمد، عن إليهااإلسالمية؛ املجتمعات يف العقول عىل حجرت قد اإلسالم قيود إن االسترشاق: رجال منمن أربابهم بعض قال كما أيضا، وسيقولون والفلسفة. الفكر وبني بينها فباعدتالفلسفي التفكري تعرف لم خاصة والعربية عامة، اإلسالمية األمة إن أوروبا: متعصبيشواطئ عىل الجامدة الفاترة وحياتها الذاتي، لقصورها تعرفهما؛ ولن العلمي، والنهج

والخياالت. األوهاموتناولت الفاتحة، املوفقة جوالتها الكونية، املعارف يف اإلسالمية العقول جالت لقدجال كما الرباني، وكتابها إيمانها ضوء عىل الكربى الفلسفية املسائل تناولت فيما

ومعارجها. وسمواتها آفاقها يف خاصة بصفة املتصوفةلذاتها، الفلسفية املسائل يف ينظروا لم أنهم اليونان فالسفة وبني بينهم الفرق وإنماأجنحة تحت منطوية دينية مسائل اعتربوها بل األجزاء، مرتبط مستقل علم كموضوعات

الهدى. هذا عىل وتناولوها الضوء، هذا عىل فعالجوها الكربى؛ رسالتهميف مسائلها ترتب ولم عنه، تفصل ولم الدين من تجرد لم عندهم فالفلسفة وإذن؛املتصوفة يؤلف لم ولهذا واإليمان؛ الوحي دائرة عن خارجة بذاتها، قائمة مستقلة علوم

عربي بن الدين محيي

يف دراسات يرتكوا ولم وطرقهما، أصولهما لبيان والجدل املنطق يف كتبا اإلسالميونالكيل من بالقياس وتنزل الكيل، إىل الجزئي من باالستقراء تصعد التي العلمية املناهجومهدوا الطرق، وأوضحوا املنطق، إىل وتحاكموا جادلوا ذلك مع ولكنهم الجزئي؛ إىلتلك روح دامت ما القواعد، بحرفية تقيد دون العقل، فطرة مع جريا وقاسوا السبل،

ظاللهم. تحت وترعرعت وعاشت، سلمت قد القواعدالجسم تعريف يف وال واألخالق، النفس علم يف كتبا اإلسالميون املتصوفة يؤلف ولم

األوروبي. والنهج اليوناني املنهج نحو عىل واملكان، والزمان والحركةالنفسية الدراسات بأروع زاخرة عامرة اإلسالم مكاتب تركوا قد ريب بال ولكنهم

واملكان. الزمان وخصائص والحركات، األجسام تعريف يف اآلراء وأنضج والخلقية،أما وثنياتها، أو الفلسفة بقشور يتمسك الذي هو الفلسفة، من اإلسالم يجرد فالذيالتصعيد قمم أعىل اإلسالميون املتصوفة بهم بلغ فقد واإليمان، والجوهر الروح ينشد من

والتفوق.بمعارف أحاط الذي املسلم، الفيلسوف للصويف الكامل املثل هو الدين، ومحييمواهبها وتحشد قواها، تجهد اإلنسانية تزال ال آفاق إىل العرص، ذلك وسبق بل عرصه،

إليها. للوصولبلغة أو القلبية، واإللهامات الينابيع من دافق بفيض الدين محيي اختص كماتسامقها وال تحد، وال تنفد ال إلهية موارد وهي الربانية، والعطايا بالهبات التصوفقلوب عىل — تعاىل — لدنه من تتنزل فيوضات هي وإنما معارف؛ تطاولها وال عزمات،املعرفة. ورسالة العلم أمانة لحمل واجتباهم اصطفاهم من وأقالم محبيه، وألسنة عباده،اصطلحت ما عليه نطبق أن وفلسفته الدين محيي لعبقرية نؤرخ ونحن يمكننا، والوالكوامن والدوافع بها، تزود التي الدراسات وتقيص الهيئة، استنطاق من األقالم عليه

وصاغته. فكونته وأحاسيسه؛ عواطفه مع وتفاعلت به، أحاطت التي النفسيةصنائع من وصنيعة التصوف، عجائب من عجيبة الدين محيي ألن هذا؛ يمكننا الاألرواح يف يرشق الذي النور أقباس من وقبسا التقوى، لطائف من ولطيفة اإليمان،

العابدة. املتطهرةولم واألدباء، الشعراء ن تكو التي الجنسية، املحبة عوامل تكونه لم الدين، محيي إنوالزمان البيئة عوامل تدفعه ولم األذكياء، تلهب التي والقسوة، والريب الشكوك تصقله

واالعتالء. الوثوب إىل واملكان

186

األكرب الشيخ

والخلوة، الجلوة وأبرزته القلب، إلهامات وكونته الروح، سبحات صاغته وإنمان وتلق وتعلم املؤمنني، وتحابي ترعى التي هللا، عناية وحبته ورعته واملحبة، والحرضةانتظار يف أنفسهم من حتى مجردين األسنى، بابه عىل قعدوا الذين الساجدين، العابدينن م رحمة آتيناه عبادنا ن م ﴿عبدا الكريمة: اآلية ظالل تحت فدخلوا والهبات، النفحات

علما﴾. لدنا من وعلمناه عندنا

التأليف يف طريقته

نحن فيه نجري وال التآليف مجرى يجري ال وغريه هذا تأليفنا «فإن الدين: محيي يقولأو اختياره، يف مجبورا كان وإن اختياره، تحت هو إنما مؤلف كل فإن املؤلفني؛ مجرىالعلم يعطيه ما يلقي أو يشاء، ما ويمسك يشاء ما فيلقي خاصة، تعلمه الذي العلم تحتكذلك؛ لسنا تأليفنا يف ونحن حقيقتها، يربز حتى بصددها، هو التي املسألة عليه وتحكمخالية فقرية الباب، له ينفتح ملا مراقبة اإللهية، الحرضة باب عىل عاكفة قلوب هي إنمابرز فمهما إحساسها، لفقدها سمعت ما يشء، عن املقام ذلك يف سئلت لو علم، كل مناألمر.» يف لها حد ما حسب عىل وألقته المتثاله بادرت ما، أمر السرت ذلك وراء من لها

ما صفوة هو هذا الباب، له ينفتح ملا مراقبة اإللهية، الحرضة باب عىل عاكفة قلوبمتالحقة معارف الدين، محيي معارف كانت الباب هذا ومن هللا، أهل عبقرية يف يقالوال أبواب لها ليست التي املعارف، بدائرة أشبه متشابكة، متداخلة ممتزجة متدفقة،

األمواج. جبارة املعاني متالطمة زاخرات بحار هي بل مناهج،التصوف رجال أما مرير، وكفاح طويل صرب العبقرية إن الدنيا: رجال يقولاملريرة واملجاهدة والهدى، النور محراب يف الطويل، القلب سجود عندهم فالعبقرية

األسنى. الباب إىل توصل التي الشاقة،صفاء من مستفادة وهبة وخلعة، منحة التصوف رجال عند العلمية العبقريةهللا بذكر إال يهبط وال نفس يصعد فال األنفاس؛ مع هللا ومراعاة القلب، وطهارة الروح

رؤيته. ظالل تحت القلب وسجود بمحبته املشبوب الحار والشوق وخشيته،ومالزمة والفتوة، الحظوة أهل من الفحول إال يطيقه ال عظيم، عزم القلب وسجودالخلع تهبط فحينئذ إليه؛ قاصدا لربه مجردا نفسه، من حتى يشء كل من مجردا البابال املعارف من ينابيع القلب يف وتتدفق العلوم، وتتنزل والنفحات، الهبات وترتى واملنح،

هللا﴾. ويعلمكم هللا ﴿واتقوا تحرص، وال تحد

187

عربي بن الدين محيي

املعروف، التفسري صاحب العالمة اإلمام الرازي، الدين فخر إىل الدين، محيي كتبوإياك هللا وفقنا — أخي يا «اعلم هللا: أهل عن العلم يف درجته نقص فيها له يبني رسالةبال — وجل عز — هللا عن علمه يكون حتى العلم مقام يف عندنا يكمل ال الرجل أن —األخذ عن برح فما شيخ، أو نقل من مستفادا علمه كان فإن شيخ، أو نقل من واسطةاملحدثات معرفة يف عمره قطع ومن وجل، عز — هللا أهل عند معلول وذلك املحدثات، منالرجل يفني باملحدثات املتعلقة العلوم ألن وجل؛ عز — ربه من حظه فاته وتفاصيلها،— وجل عز — هللا أهل مسلك سلكت أخي يا أنك ولو حقيقتها، إىل يبلغ وال فيها عمرهالعلم هذا ما أدراك وما العلم عنه فتأخذ شهوده؛ حرضة إىل — تعاىل — هللا ألوصلك

السالم.» عليه — الخرض رجاله من الذيأن يرد ومن الدين، محيي ملعارف األعىل املصدر هو وهذا املتصوفة، علم هو ذلكوما الدين، محيي يعرف ويومئذ املعارف؛ تلك إىل بابا له فليلتمس الدين، محيي يعرف

الدين؟! محيي ما أدراك ما ثم الدين؟! محيي ما أدراك

واألسلوب الفكرة من مكانته

املثايل، لألديب الكامل املثل هو كما العقلية، لألرستقراطية األعىل املثل هو الدين محييبالنسبة الذهب بإكسري املتصوفة معارف إىل بالنسبة معارفه يمثل الشعراني، كان وإذاعمل يشبه — االسترشاق رجال بعض يقول كما — البياني أسلوبه فإن الذهب، إىليشبه مما أكثر حساسية، وأقىص عناية، بأكرب الغالية، الدرر يتخري الذي املدقق الفنان

الروحية. النشوة نوبات من لنوبة األوىل الثماربعناية وآللئه، جواهره يتخري الذي املدقق، الفنان أسلوب الدين، محيي أسلوبعن روعتها مع باأللفاظ يشغلك ال فهو القدير؛ الفنان وحساسية الخبري، املتذوقاألديب، العالم فهو ومكانه؛ نصيبه لكل بل األلفاظ، عن سموها عىل باملعاني وال املعاني،فكر قوة لديه والقوة بيانية، وصورة عقلية، معركة له جملة كل يف العالم، واألديب

وتهويل. زخرف قوة ال وبيان،املعلمة املوهبة عمل العقول يف فالتأثري قسمني: إىل تأثريها البالغة علماء م قس ولقد

الجاذبة. املرشقة املوهبة عمل القلوب يف والتأثري ة، املفرسيعرض الذي المفرس المعلم العقول لدى فهو املوهبتني؛ بني الدين محيي جمع ولقدل، ويفص يجمل عبقري، قلم سنان عىل واملعاني، الصور شتيت من متتابعة ألوانا عليك

188

األكرب الشيخ

من باملعارف يهبط الذي واملواجيد، باأللحان املرتنم املاهر، العازف القلوب لدى وهووالنور. باإلرشاق ة محال ة مجال إليك فيزفها خدورها،

العقول لغة إىل القلوب لغة من نقلها فلقد التصوف، لغة يف األثر أكرب الدين وملحييبه وعاش عنه، وعرف به تميز الذي الدين محيي أسلوب معا منهما فكان بينهما؛ ومزج

العامليني. املبتكرين إىل تضيفه جبارة، ولغوية عقلية وثبات به وثب والذي وله،أنها كما رسه وهي سواه، فيها يشاركه ال الدين ملحيي خصوصية ذلك بعد تأتي ثموأنه جديدا، خلقا خلق قد بأنه قراءته بعد يحس الدين، محيي قارئ أن وذلك مفتاحه،ب غال بحب ذلك بعد يشعر ثم عهد، بها له يكن لم والبيان الفكر من آفاق عىل اطلعكلمة كل يف الرضا، أهل من كان إذا يرى، ثم لديه، ويمسكه الدين بمحيي يربطه ار، قه

للسماء. وبابا محرابا الدين محيي كالم من

شخصيته

من اشتق قد املقام هذا ولعل السلطنة، مقام هو التصوف رجال بني الدين محيي مقاموشخصيته. مكانته

لها غالبة، جبارة بشخصية تميز قد الدين، محيي أن عىل التاريخ رجال أجمع ولقداملتكربون. منه ويرجف الطغاة لديه تخشع ووقار، ووسامة وسمت وبهاء، ورواء جاللتسامحا، ومنه عفوا، لديه والتمسوا خنعوا واجهوه إذا كانوا خصومه إن حتى

ورضا. مغفرة ويرجون بنجواه، ويتربكون بأطرافه، يتمسحون وأقبلوايقرع الذي ه، الموج الناصح امللوك مع مجالسه يف كان الدين محيي أن بنا مر ولقد

واإلنابة. اإلجابة إىل فيسارعون أسماعهم؛ القوية الحق بكلمةاأليوبي العادل وامللك باملوىل، يخاطبه حلب وملك بالوالد، يلقبه قونية ملك ورأينا

وروايتها. كتبه قراءة له تبيح بخطه إجازة منه يلتمسخرج فلما بعلمه، وينتفع ليزوره إليه يوما سعى الروم ملك أن التاريخ يحدثنا ثمهذا فقال: حاله، عن رجاله بعض فسأله الجوارح، مرتعد الوجه مصفر خرج عنده من

األسود. منه تذعر رجليف والسادة واألمراء بامللوك يأخذ الذي الرعب ذلك رس عن الدين محيي وسئل

خلقه.» أعز يل يذل أن هللا فدعا صالحا، رجال بمكة خدمت «لقد فقال: مجالسه،

189

عربي بن الدين محيي

السلطنة صاحب والسادة، األمراء له وذل امللوك، إليه سعى الذي الدين محييمؤمن، ألنه والتواضع؛ والقناعة الزهد يف اآليات آية كان الزاحفة، اآلخذة والشخصية

رسالته. ولون واجباته، وحقيقة نفسه، قدر يعرف ما أول يعرف واملؤمنبكلمة أسماعهم يقرع أن يحب ألنه والسادة؛ واألمراء امللوك لدى القوي العزيز هووالعزة. بالقوة إال ذلك إىل سبيل وال الضعفاء حقوق مخالبهم من ينتزع أن يحب الحق،الصالحني ركاب يف الساعي الخادم بل للضعفاء، التواضع آية الدين محيي كانوكان فقريا، صالحا رجال مكة يف وخدم عابدة، عجوزا امرأة إشبيلية يف خدم واألولياء،الدنيا. وعظماء املتصوفة عظماء بني ما فرق وهذا ومعينا، خادما أمثاله إىل دائما يسعىالكاملة: الشخصية بناء أساس هي التي العظمى، الروحية قوته أرسار من ولعلوتوالها ها وسري فأخضعها نفسه؛ عىل سلطه الذي عزمه به، تميز الذي القوي عزمه

منامها. يف حتىيف ته هم يستعمل أن للعبد ينبغي يقول: الدين محيي «كان عنه: شودكني ابن يقوليحكم كان كما نوما، بعقله يرصفه خياله عىل حاكما يكون بحيث مناماته؛ يف الحضوريشء.» كل يف به وانتفع ذلك، ثمرة وجد له خلقا وصار هذا للعبد حصل فإذا يقظته، عىلالجبارة الشخصية هذه بناء يف املساهمة الجبار: العزم هذا ثمرات من كان ولقد

ومنامها. يقظتها يف خيالها يف تحكمت التي املهابة،

190

األرسار رجل

من الكون هذا يف ما بكل محيطة شاملة، معارف بذاتها، قائمة أمة الدين محيي معارفواملعارف. العلوم ألوان

تكاد التي الصغرية، النقطة إىل العبقري بقلمه يدفع غواص، مقتحم الدين ومحييبني تضم كربى، دائرة إىل تتحول حتى وتتسع تكرب بها فإذا فيها، بقلمه فيجول ترى ال

وفنون. ألوان من الخيال يتصور ما أقىص محيطهاالعلم وجهة من لها عرض املسائل، من مسئلة الفياض امللهم هذا تناول وإذايف أحاديثه أكانت لديه وسواء عجبا، فرتى الباطن يف أرسارها إىل ينتقل ثم الظاهري،ورسه، وواضحه وباطنه، ظاهره علم فلكل والهندسة؛ السحر يف أم والتوحيد، الفقه

ورشه. وخريهإىل انتقل ثم الظاهر، علماء أقوال لك ص لخ مثال الفقه يف الطهارة عن حدثك فإذامعقولة غري طهارة طهارتان: طريقنا يف الطهارة أن «اعلم يقول: حيث الباطن؛ معارفاليشء يتطهر أن يمكن فكيف للعبد، نفيس والحدث الحدث، من الطهارة وهي املعنى،مكلفا يكون فمن عينه انتفت وإذا عينه، انتفت حقيقته من تطهر لو فإنه حقيقته؟ منمن الطهارة فصورة املعنى، معقولة غري الحدث من الطهارة إن قلنا: ولهذا بالعبادة؟

عباداتك.» جميع يف وبرصك سمعك الحق يكون أن عندنا، الحدثرجاله، أقوال عليك عرض الكون، رق يف مرقوم علم وهو السحر، عن حدثك وإذاالذي الوقت أي: حر، الس من مشتق هناك حر الس فإذا الباطن، مملكة إىل بوجهه وىل ثميف والفيصل وضالل، وهدى وحرام، ومباح وحق، باطل فهو ولهذا والنور؛ الظلمة بني

مرشوع. نفع وكل محرم، رضر فكل الرشع؛ ميزان األمر

عربي بن الدين محيي

فهذا وحدها؛ اللدنية األرسار عىل وأقبل الظاهر، العلم مع الدين محيي تهادن فإذافيه. يتىل بما طاقة آلذاننا وما أربابه، إال يلجه ال الذي والهيكل املحراب هو

املرصية الكتب بدار مخطوط كتاب الدين فلمحيي البحر، هذا من قطرة أردت وإذاأرسار دفتيه بني كتاب النعمانية؟! الشجرة ما أدراك وما النعمانية»، «بالشجرة ى يسمالساعة! قيام إىل عرصه من اإلسالم ملوك عن عجيب حديث بعضها: من وأرسار،وقد معارفنا، عنه تضيق مما وذاك هذا وغري اإلسالمية، باألمة تمر التي الكربى واألحداث

عقولنا. عنه تضيقبددتها ثروة يومنا، إىل تطبع لم األرسار كتب من ثروة الدين محيي خلف ولقدأكرب تراث من يعوض ال جانب فضاع اإلسالمي؛ العالم غفلة بها وذهبت األعاصري،

املحمدي. املحيط يف لألرسار كتاب وأعظم التصوف، رجال عباقرة

األكرب الشيخ

بأنه يومنا إىل الهجري السابع القرن منذ وأئمته التصوف رجال له اعرتف الدين محييقلم. قلمه معارج إىل يرقى ال الذي األكرب، الشيخ

وعلما، حاال الطريقة شيخ «كان الشريازي: عنه يقول وإمامهم، املتصوفة كاتب فهواملرء فكر تغلغل إذا واسما، معنى املعارف رسوم ومحيي ورسما، حقيقة الحقيقة وإمامعنه تتقارص وسحاب الدالء، تدركه ال عباب خواطره، فيه غرقت بحره، من طرف يف

اآلفاق. فتمأل بركاته وتفرتق الطباق، السبع تخرتق دعوته كانت األنوار،أول لها يعرف ال وجواهرها لكثرتها التي الزواخر، فالبحور ومصنفاته كتبه وأمافهو غرو وال أهلها، قدرها بمعرفة هللا خص وإنما مثلها، الواضعون وضع ما آخر، والوصفته.» ما فوق يقينا وهو أصفه، وإني الكربى، والصديقية العظمى، الوالية صاحبفجماع أجل؛ وصفته.» ما فوق يقينا وهو أصفه «وإني قوله: الشريازي كالم وأبلغوصفه فوق أبدا دائما فهو وصفه، عن بالعجز إال يوصف ال إنه الدين: محيي يف يقال ما

ونعته.مقدمة يف به وعدناك الذي املكرب، املنظار يدك يف نضع أن إىل قنا وف قد فلعلنا وبعد،

األكرب. الشيخ قمة من يرى أن يمكن ما ح ويوض يجلو الذي املنظار الكتاب، هذا

192

األرسار رجل

الدنيا يف دام ما العاملي، الفكر عالم بل اإلسالمي، العالم سيشغل الذي األكرب الشيخإىل وتطلع العالية، القمم رؤية إىل استرشاف العقول يف دام وما والبحث، للفكر رواد

الوجود. أرسار دراسة يف أعاجيب من واإللهام اإليمان صنع ما عىل الوقوفرجل يستطيع فلن أصاب، أو األكرب الشيخ أخطأ الفكر: رجال يقول أن لدينا وسواءوالطاعة، املناجاة يف كله العمر قىض أنه األكرب شيخنا عىل ينكر أن الفكر، رجال مناملسجد، بقداسة يليق ال لعمل محل فال مسجدا؛ الكون من وجعل والعبادة، والتطهررشعة الحب وجعل آياته، إىل يهدي ومعراجا هللا، إىل يرشد محرابا، الوجود من واتخذن م م قوال أحسن ﴿ومن واآلخرة. للدنيا ربانيا سلطانيا وطريقا هللا، إىل وسبيال الحياة،

المسلمني﴾. من إنني وقال صالحا وعمل هللا إىل دعا

193

الكتاب بعضمصادر

عربي. البن املكية الفتوحات •عربي. البن الحكم فصوص •عربي. البن األشواق ترجمان •

عربي. البن مغرب عنقاء •عربي. البن األبرار مسامرات •للغزايل. الدين علوم إحياء •للغزايل. العارفني منهاج •للغزايل. القرآن جواهر •للغزايل. العمل ميزان •

للطويس. اللمع •نعيم. ألبي األولياء حلية •

للسهروردي. املعارف عوارف •تيمية. البن العبودية •

تيمية. البن املستقيم الرصاط •تيمية. البن رسائل خمس •تيمية. البن نة الس منهاج •

القيم. البن الهجرتني دار الروح، •الجوزي. البن إبليس تلبيس •الفارض. ابن ديوان رشح •

عربي بن الدين محيي

للجييل. الكامل اإلنسان •رشد. البن املقال فصل •للطربي. الطربي تفسري •

للبغدادي. الفرق بني الفرق •للقشريي. القشريية الرسالة •

زاده. كربى لطاش السعادة مفتاح •للدهلوي. البالغة هللا حجة •اإلسالمية. املعارف دائرة •

تسهري. لجولد اإلسالم يف والرشيعة العقيدة •عفيفي. ترجمة لنيكولسون اإلسالمي التصوف يف •

ملاسنيون. الطواسني •أبانيز. لبالسكوا الكنيسة ظالل •لدوزي. بإسبانيا املسلمني تاريخ •

اإلسالم. تراث مجموعة •للشعراني. والجواهر اليواقيت •

سينا. البن الشفا •خليفة. لحاجي الظنون كشف •

حزم. البن والنحل امللل يف الفصل •كثري. البن والنهاية البداية •

أسد. ملحمد الطرق مفرتق عىل اإلسالم •للعقاد. األوروبية الحضارة يف العرب أثر •

196