دموع أموية

دموع أمويةrرواية

محمود رمضان السامرائي

لمزيد من الكتب الحصرية

زوروا موقعنا

موقع عصير الكتب

www.booksjuice.com

الإهداءإلى

يجب أن لا تتوقف أو هبة

ي وأنت مؤمن أن الكتابة أ�ب

تنضب، بل تب�ق دافقة كالأحلام.

والى

حنايا ويلف والروح، العروق إلى يتسلل ئ د�ف وأنت أمي . ودعة

ا وراحة

القلب أمان

محمود

مسرح الأحداث

. ، ويظهر مسجدها الكب�ي قنيطرة قرطبة على نهرها الكب�ي

مسرح الأحداث

ي الصورة أطلال دارسة. مدينة الزهراء، و�ف

. مسجد قرطبة الكب�ي

ة واتبعوا

ل ف من بعدهم خلف أضاعوا الصخل

ف

.يلقون غيا

سوفهوات ف الش

مريم)59(

رطبــةن على أبواب ق

ا ك ني

مغ

ما غنــى ـ ــلتبكي عليه قريش ك

أجود مجبل

15

شر والتوزيععصير الكتب للن

)0(

قرطبة 403هـ:ل الزمان واآخره، المبتداأ والمنتهى، حا�ضرة الدنيا ومجمع »قرطبة اأوالأ�ضداد، ال�ضاحة والمعترك، قاعدة الخلفاء والأمراء والعلماء، وحانة اإلى ال�ضقوط ومنحدر الذروة اإلى ال�ضعود �ضلم والذعار، الف�ضاق

الجحيم، النار والنعيم قرطبة«. اأنا لم اأر اإل بوؤ�ضها وجحيمها ومنحدرها، ما معنى اأن تعي�ش ملكا الرعية وتعظمك الأعداء تهابك �ضيئا؟ واأنت ل تملك الدنيا تهابك جمعته في الخطيب يذكرني عابرا ا�ضما اإل ل�ضت �ضيء، ل واأنت ويدعو لي، وليته بقي على هذا الحد بل �ضاركني حتى في هذه، رغبته وطموحه ل يقفان عند هذا، بل تجاوز اأكثر من ذلك بكثير، األم يكفه �ضلب ملكي، وحكم الدنيا با�ضمي، وتركي في ق�ضري اأ�ضيرا مع اأهلي

وخدمي؟ ولكن اأين ملكه الذي �ضيده ب�ضلب ملكي؟ قد انهار ك�ضرح كاأن لم يكن، حتى مدينته وحا�ضرة ملكه التي ق�ضى دهرا في بنائها وت�ضييدها واأنفق الأموال العظيمة قد خربت �ضريعا، لعمري هل اعتقد يوما اأن ملكه �ضينهار هكذا؟ لو اأن الأماني تتحقق لما اخترت اإل اأمنية واحدة: ماذا واأ�ضاأله: �ضويا. ب�ضرا لي فيتمثل قبره من يخرج اأن األقاه، اأن نفعك ملكك في قبرك؟ وهل اأغنى عنك �ضيئا؟ هل دفع عنك عذابا

16

شر والتوزيععصير الكتب للن

ويتركونه النا�ش يذهب عندما الإن�ضان �ضعور ما ثم جنة؟ ب قر اأو وحيدا في قبره؟ كيف اأجبت عن �ضوؤال الملكين وقد ق�ضيت عمرك في طلب الملك! ت�ضلطت علي اأنا، لم اأنا من دون النا�ش اأجمعين؟ لم ق�ضت

الأقدار اأن اأعي�ش عمري كله اأ�ضيرا في ق�ضر كانت الدنيا تخ�ضع له؟

مثـــلىي أن العجائـــب مـــن يـــس

أل

يـــــهعل ـــا ـ ممــتنعـ ـــل

ق مـــا يـــرى

جميــــعا نيـــا الد باســـــمه ـــك مل

وت

ي يديـــهء �ف ي

ومـــا مـــن ذاك �ش

حق من ملكي؟ في وطامع معي كان ومثله العجب اأين ولكن اأن ي�ضجلني ملكا ذليل منخدعا اأن يعجبوا ومن حق التاريخ النا�ش اإذا عرفوا �ضبره وحنكته ولكن واأجداده، اأبيه لم يحافظ على ملك و�ضذاجتي وعرفوا �ضعفي غايته، بلوغ وحيلته في وذكاءه وا�ضتبداده و�ضغري لأدركوا كيف �ضاع ملكي وعذروني. اآه! منذ طفولتي وتهواني اأفئدة الطامعين الحالمين بالملك، ولكن كلهم ت�ضاءلوا اأمامه وانك�ضروا وتبددوا، حتى اأمي؛ اأمي يا وجعا لم اأن�ضه، كيف انخدعت به اأي�ضا؟ اأهي نزوة ال�ضباب التي اأن�ضتك ملك ولدك الذي حاولت فيما بعد اأن من اأنت تك�ضرا«؟ اأن بعد الزجاج يعود »وهل عبثا، ولكن ت�ضترديه ، بقيت تعي�ضين في اأحاديث الحب ولهوه و�ضحره، ولم مكنه واأدخله اإلياأن اأن هذا الحبيب الجميل الظريف �ضيفعل ما فعله، حاولت تدرك ت�ضلحي ما اأف�ضده �ضبابك ونزقك، ولكن هيهات اأن ن�ضلح في الكهولة ما اأف�ضدناه في طر ال�ضباب وعنفوانه، كانت محاولتك كزورق �ضغير

17

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضحية �ضقطت وهكذا الأمواج. متلطم بحر في ي�ضير اأن حاول اأنت من لي�ش من مثلك، اأن يع�ضقن، ولكن الن�ضاء �ضبابك، من حق

مكنته مني، وما هذه الثورة الهوجاء اإل منكما، األ ت�ضمعين؟ اأين هو واأين عظمته؟ اأين اأولده؟ فلياأت وي�ضمع اأ�ضوات الجنود الذين �ضنعهم كيف يقتلون، وكيف اقتحموا قرطبة وعاثوا فيها ف�ضادا، وعهوده، الإ�ضلم ون�ضوا قرطبة اأهل ويقتلون يثاأرون البربر هم ها ا�ضتمع اإلى اأ�ضواتهم النتقامية وهم ي�ضفكون بل خوف اأو وجل، هكذا هي ذمة الإ�ضلم بيد رجالك الذين ا�ضطنعتهم؟ ويبحثون عني بكل مكان وكاأن الفتن التي ع�ضفت بهم لم يرتكبها �ضواي، هل ن�ضوا اأنك الع�ضر ال�ضنوات اأن اأم معنى؟ بل وخليفة ملك، بل �ضورة جعلتني اأن�ضتهم؟ انظر اإلى الهلك كيف �ضاد قرطبة، اإلى الجثث المتعفنة في المعارك اإلى وانظر والق�ضور الخربة، المنهوبة الأ�ضواق واإلى اأزقتها

الم�ضتمرة ليل نهار، حتى المكتبة لم ت�ضلم.ث نف�ضه ويم�ضي بل جهة، ودون اأن يحاول اأن بينما هو �ضائر يحدي�ضتر نف�ضه من غ�ضب الثوار البرابرة ول من جند الخليفة الجديد، الخليفة على الق�ضاء هو ملكه ليثبت فري�ضة اأول اأن يرى الذي �ضوارع في يم�ضي هدى، اأو اإدراك اأو وعي بل ي�ضير ولكنه ال�ضابق، قرطبة باأهل والفتك القتل اإلى وينظر واأرب�ضتها واأ�ضواقها قرطبة اأ�ضد اأو الحال هذا اإلى �ضيوؤول الذي م�ضيره ويتخيل يتح�ضر وهو �ضوءا، يتخيل اأن اأهل قرطبة اإذا اأ�ضفر ال�ضبح ف�ضيجدون راأ�ضه معلقا على باب الزهراء، واأن ج�ضده �ضيتعفن وربما تقطع ولن ينزل راأ�ضه

اإل بثورة اأخرى كعادة ال�ضابقين.

18

شر والتوزيععصير الكتب للن

كان قد �ضار فوق القنيطرة، فنظر اإلى ملكه الم�ضلوب واإلى نهر الوادي الكبير واإلى الجامع الكبير، وكان الليل قد انقلب نهارا بفعل الما�ضي في والغوغاء اأول وفي كل مكان، القلوب الم�ضتعلة في النيران القتل والفتك وال�ضفك، وبينما هو يعاين الخراب ويتح�ضر على ملكه المنهوب وينتظر اأجله المحتوم؛ اإذا بجند اأقبلوا من جهة باب الجامع، اأنهم وعلم ل�ضفكه، متعط�ضا لمعا �ضرا البربرية اأعينهم في وراأى عرفوه، ثم ا�ضتدار اإلى الجهة الأخرى هاربا واإذا بجند الم�ضتعين تقبل نحوه وعلى راأ�ضهم ولده، فوقف حائرا ل يعرف ما ي�ضنع ك�ضائر مدة حكمه، واإذا بابن الخليفة الجديد ي�ضيبه ب�ضهم في كتفه بل هوادة، منه وي�ضيل م�ضاب وكتفه اإليهم ونظر عليه، تهجم بالجنود واإذا الدم، فاأقدم على فعلة جريئة مجنونة، وقال لنف�ضه: كن �ضجاعا ولو

لمرة واحدة!الموت له الحياة كطيف عابر بين بفعلته تراءت وبينما هو يهم وبين نحوه الراك�ضين الخليفة ابن وجند البرابرة بين والحياة،

ما�ضيه الغابر.الرحمن عبد بن الم�ضتن�ضر الحكم بن الموؤيد ه�ضام الأمير اأنا

النا�ضر، الذي ملك الدنيا بدون ملك، وخليفة بل معنى.

r

السفر الأولr

23

شر والتوزيععصير الكتب للن

)1(عجبـــت وقـــد ودعتهـــا كيـــف لـــم أمـــت؟

وكيـــف انثنـــت بعـــد الـــوداع يـــدي مـــ�ي

دمـــا ي اســـك�ب عليهـــا ى العـــ�ب ي مقلـــ�ت فيـــا

تقطـــ�ي عليهـــا ا الحـــر كبـــدي ويـــا

قرطبة 356هـ: حيث الم�ضحفية، بالمنية المو�ضومة الغناء الحديقة تلك في الأزهار النا�ضرة والثمار اليانعة، والأطيار المغردة والبرك الدافقة، والأ�ضيل الناعم وهو ي�ضتقبل ليل قرطبة البهيج؛ كان يجل�ش الحاجب الم�ضحفي القائم بدولتنا و�ضوؤونها مع القا�ضي محمد بن اإ�ضحاق بن خليفتنا على الله نعم وعن الدولة �ضاأن في يتحدثان وكانا ال�ضليم،

ومولنا الحكم الم�ضتن�ضر بالله -اأعزه الله-.فقال ابن ال�ضليم:

ينتظر ذلك � اأبيه وهو يعي�ش خم�ضين عاما في ظل �ضبحان الله! الولد اإلى اأن ولي الإمارة حتى جاء الولد، ذلك ف�ضل الله يوؤتيه

من ي�ضاء.فقال الم�ضحفي وقد ازداد جذل وهو ي�ضمع �ضرب الدفوف والطبول

والرق�ش واأكل الحلوى في اأحياء قرطبة بهذه المنا�ضبة:

24

شر والتوزيععصير الكتب للن

ثلثون عاما وهو ينتظر مولنا عبد الرحمن، وها قد اأتى اأمتعه �الله بالأن�ش واأدام دولتنا علينا، اأمير الموؤمنين رجل ورع، يخاف فهذه دعوته، يجيب اأن الله على فحقيق ويعبد، يجاهد الله، قرطبة تعج فرحا وابتهاجا بهذه المنا�ضبة العظيمة، والآن نبحث

عن وكيل له وكاتب لل�ضيدة �ضبح اأمه. فانتبه ابن ال�ضليم لجملته الأخيرة، وقال متمهل:

اأعرف فتى هو اأهل لهذه المهمة، �ضاحب مواهب متعددة، وعلم �وفير، طالما نال اإعجابي، وقد عمل معي فترة قد خلت، فوجدته لهذه تختاره من اأن�ضب وهو كاتبا، ل قا�ضيا يكون اأن ي�ضلح

المهمة.وهل يح�ضن الكتابة؟ �

فقال وهو فرح:القالي � علي اأبي تلميذ فهو وبيانا، اإن�ضاء منه اأح�ضن تجد لن

كاتبا وقد عمل عندي المهمة، لهذه اأ�ضلح رجل وهو البغدادي، كما اأ�ضلفت، واإن له غزل رقيقا لطيفا واأ�ضلوبا ر�ضينا متينا.

ا كعادته التي يكرهها كل من عرفه: فقال الم�ضحفي معار�ضاأم � لل�ضيدة كاتبا اأريد قلت اللطيف؟ الرقيق لغزله وما لي وما

ياعه عبد الرحمن ووكيل للأمير عبد الرحمن، يتابع اأعماله و�ضواأمواله.

فقال ابن ال�ضليم ببطء متكلف:يا اأبا الح�ضن، تعلم اأن ق�ضدي باأن له غزل لأثبت لك اأنه �ضاعر �

وكاتب ماهر، يح�ضن ال�ضناعتين، وقلت اإن له غزل رقيقا لطيفا؛ اأي يح�ضنه، ولم اأقل لك اأنه ماجن ل يح�ضن �ضوى الغزل.

25

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال الم�ضحفي بعد تردد:اأقطع لك ب�ضيء، عمله متوقف على موافقة � اأر�ضله لي، ولكن ل

ال�ضيدة اأم مولنا عبد الرحمن، فاإن وافقت فهو الماأمول، واإن لم توافق...

فقاطعه قائل وهو يداري فرحته ب�ضيء من الجد:اأعرف اأنك ل تقطع ب�ضيء، فلتره، ول�ضوف يعجبك، اإني متاأكد. �

كان القا�ضي ابن ال�ضليم يعرف الحاجب الم�ضحفي وبخله الذي ال�ضعب من كان الأنف�ش. ب�ضق اإل �ضيء منه يوؤخذ ول به، ا�ضتهر كان حيث المعمورة، اأيامها من اليوم ذلك تن�ضى اأن قرطبة على يوما م�ضهودا، يوم ولي مولنا الحكم الخلفة، حيث قدم له �ضديقه كرم تنم عن �ضخية الم�ضحفي هدية بن عثمان منه جعفر والمقرب فيا�ش، اإذ قدم له مئة مملوك من الفرنج نا�ضئة على خيول �ضافنة، والترا�ش والدرق والرماح ال�ضيوف من والأ�ضلحة ال�ضيكة كاملوا والقلن�ش الهندية، وثلثمئة ونيف وع�ضرين درعا مختلفة الأجنا�ش، وثلثمئة خوذة كذلك، ومئة بي�ضة هندية، وخم�ضين خوذة حب�ضية من �ضلطانية تر�ش ومئة اإفرنجية، حربة وثلثمئة الإفرنجة، حب�ضيات الجن�ش، وع�ضرة جوا�ضن نقية مذهبة وخم�ضة وع�ضرين قرنا مذهبا من قرون الجامو�ش، فكان م�ضهدها فخما �ضخما رائقا رائعا، وبعد ب�ضعة اأيام تم تعيين جعفر الم�ضحفي حاجبا باأمر من مولنا الحكم، وتتويجه بهذا المن�ضب الرفيع لم يخل من ح�ضد غير قليل، فهو لم يكن

�ضاحب مكانة تذكر ومف�ضلة اأثيرة، عدا �ضحبته للحكم طبعا. ومعظم النا�ش يعزون تولي الم�ضحفي لهذا المن�ضب العظيم لأنه اأن ربيبه ورفيق عمره، واأنه فوق ذلك بخيل، ولكن الذي ل يعرفونه الم�ضحفي هذا �ضاحب مواهب عظيمة، ولكن هذه المواهب ل ترقيه

26

شر والتوزيععصير الكتب للن

لي�ضبح حاجبا قائما بدولة مولنا الحكم الم�ضتن�ضر، بل هي ت�ضلح والت�ضنيع التطريز يح�ضن كاتب فهو الديوان، �ضاحب يكون لأن ثقافته اإلى اإ�ضافة متقن، و�ضاعر الحميد، عبد وكاأنه والتدبيج مكان اإلى �ضديقه يرفع الحكم جعلت ال�ضفات وهذه ال�ضا�ضعة، اقا للكتب نهاما �ضغوفا باقتنائها، واأعجب عال، اإذ مولنا الحكم ع�ضبالم�ضحفي النبه الح�ضيف في العلم والأدب، فقربه و�ضحبه، ف�ضار م�ضتودع اأ�ضرار الحكم، وبدت من الم�ضحفي جلدة في حفظ الأ�ضرار، براعة في اإر�ضاء الحكم، ولكن مع هذه ال�ضفات كان جبانا، ل يح�ضن الدولة، والحجابة ولو كان من ينفق �ضيف، بخيل �ضحيحا ل م�ضك دولة نخر خلل وهذا الم�ضيرية، القرارات اتخاذ في ل�ضجاع تحتاج يتحمل اأن ي�ضتطيع الهاوية، هو ل تتاأرجح على حافة مولنا وجعلها م�ضاهدة خروج �ضناديق الذهب والف�ضة واإنفاقها لأمر ل يعد اإل نزوة

من نزوات الملوك، اأو هبة في لحظة اأن�ضه.

r والطموح الت�ضميم فيهما عرفت منهما اقتربت اإذا عينان على تدل واثقة بخطى ي�ضير وال�ضكيمة، ال�ضخ�ضية وقوة والعناد ، الكبرياء والثقة بالنف�ش، وله فم مفوه خلق ليكون خطيبا، واأنف اأ�ضمهو �ضاب موؤتلق ال�ضباب، نا�ضر العود، بهي الطلة حلو الطلعة، معتدل

القامة و�ضيم الوجه.ناظريها، تاأ�ضر و�ضناعة عمارة راأى ما ويل ويا الزهراء دخل جمال وتفنن قل مثيله ونظيره، كيف ل ومولنا الحكم هو من اأ�ضرف اأمينا على عليه بنف�ضه؟ فلم يكن يثق والده برجل �ضواه حتى يجعله والإتقان ال�ضناعة وجودة البناء طريقة عن يحكى ما اأما بنائها، اإليه قرطبة. ومما جذب اآلت اأو طيفا عابرا، لما فيكاد يكون خيال،

27

شر والتوزيععصير الكتب للن

عجيب، �ضيء وهو الغريب الحو�ش ذلك و�ضحره وا�ضتوقفه نظره ر ع بالد اإذ تجد في اأركانه اثنا ع�ضر تمثال من الذهب الأحمر المر�ضالنفي�ش العالي على �ضكل اأ�ضود وتخرج الماء من فيها، فبقي ينظر اإليه

برهة واإلى جماله.ثم راح يتهادى نحو الم�ضحفي بعد اأن اأر�ضدوه لمكانه، وما اأن وقعت

عين الم�ضحفي عليه حتى قال له وقد اأ�ضيب بده�ضة:لم اأكن اأتوقعك بهذا العمر. �

فاأجاب على البديهة وفي لهجته احترام واإجلل عظيمين للحاجب:المرء باأ�ضغريه: قلبه ول�ضانه. �

ف�ضكن تعجب الم�ضحفي بكلمته الق�ضيرة هذه، فقد اأظهر ف�ضاحة فقال تبهره هيبة الحاجب. اأن دون الرد تح�ضن متفوهة و�ضخ�ضية

بتريث:نعم، يقال اأن لك مواهب، وعقل راجحا، وعلما. �اأنا قيد التجربة. �اأنك كاتب حاذق وماهر � ال�ضليم، وقال ابن اأثنى عليك قا�ضينا

عبد الأمير مولنا وكيل لمن�ضب فر�ضحتك الإن�ضاء، فنون في الرحمن بن اأمير الموؤمنين الحكم اأدامه الله، وكاتب ال�ضيدة اأم

عبد الرحمن.�ضاأكون عند ح�ضن ظنك يا �ضيدي. �اذهب حيث ياأخذك هذا الرجل لتراك ال�ضيدة �ضبح. �

فخرج مع الرجل.فقال الم�ضحفي لنف�ضه: ل اأعلم لماذا ينتابني �ضعور �ضيء نحو هذا الفتى، ولكن اأثر النجابة والنباهة باد عليه. ثم قال �ضاخرا: واأين اأنا

28

شر والتوزيععصير الكتب للن

بدولته والقائم مولنا الحكم اأنا حاجب منه؟ اأرتاب واأين هو حتى وهو فتى يطلب العي�ش.

هل كان الم�ضحفي يدرك العاقبة حتى خطر له هذا الخاطر؟

r

هي الأثير عند مولنا الحكم، المحببة اإلى قلبه، والم�ضتحوذة على عقله، قد هام بها حبا و�ضغفا، وبلغت مبلغا عظيما عنده بعد اأن ولدت له عبد الرحمن بعد اأن كاد يياأ�ش من الإنجاب، فقال فيها من �ضعره

الرقيق يناجي �ضحرها:أمـــت لـــم كيـــف ودعتهـــا وقـــد عجبـــت

مـــ�ي يـــدي الـــوداع بعـــد انثنـــت وكيـــف

دمـــا ي اســـك�ب عليهـــا ى العـــ�ب ي مقلـــ�ت فيـــا

تقطعـــــي عليــــها ى الــــحر كبـــــدي ويـــا

وكيف يكون مقامها وقد قال ما قال فيها؟ كل اإلى تنفذ التي ال�ضاحرة النظرات تلك فيها ما اأجمل وكان قلب، لم ت�ضرق �ضم�ش الأندل�ش على اأجمل واأن�ضر واأ�ضبح من وجهها.اءه، بي�ضاء الج�ضد، �ضقراء احة الوجه و�ض كانت هذه المراأة و�ضالأندل�ضي، بالترف الم�ضقول الب�ضنكجي الجمال تحمل ال�ضعر، راأيتها اإذا بديعا، هند�ضيا �ضكل لي�ضكل الأموي بالدلل والمحفوف الطويلة، الليل ل�ضدرة ال�ضاق المنبثق ال�ضوء ح�ضبته بب�ضمتها تتاألق وهو )الوقاية( تلب�ش كانت الن�ضر، الع�ضريني �ضبابها فوقها وزاد عبارة عن �ضريط �ضد �ضعرها، وفوقها الطرحة؛ وهي عبارة عن قطعة

29

شر والتوزيععصير الكتب للن

رقيقة من القما�ش الم�ضنوع من الحرير، وتن�ضدل قليل اإلى الخلف، الجبة وتلك �ضحرا، اإل تزده فلم لتغطيه الوجه على انعطاف ولها الف�ضفا�ضة من الحرير الرمادي المطرزة اأكمامه بالذهب، اأما نعلها ا بالدر والياقوت، وما اإن دخل عليها وهو خجل وجل فقد كان مف�ض�ض

من مقامها ال�ضامي، حتى ا�ضتغربت من �ضغر �ضنه فقالت له:ما ا�ضمك؟ �

فقال دون اأن ينظر اإلى عينيها خوفا ورهبة:محمد بن اأبي عامر المعافري. �

فعجبت ل�ضوته الذي ينم عن نف�ش متزنة واثقة. فقالت:

هل اأنت من �ضكان قرطبة؟ �ل، اأنا طالب علم، قدمت من الجزيرة الخ�ضراء. �

فقالت:يقال اأنك تح�ضن الإن�ضاء اإح�ضانا كبيرا، وتح�ضن التدبيج والكتابة �

البديعة ب�ضائر فنونها.طوع بنانك يا مولتي، وما قيل عني لن يثبت اإل بالتجربة. �

فقالت بلهجة وقعت في نف�ضه موقعا غريبا واأخذت الظنون تاأخذ اتجاها اآخر:

�ضنجربك. �اأخذه ب�ضكنجيا قد ت�ضجع فراأى جمال فرفع عينيه نحوها وقد اإلى عالم ي�ضمو به اإلى عالم اآخر، تختلج النظرات، يت�ضمر في مكانه وهو مدهو�ش مبغوت، ل يعلم ماذا يقول اأو يجيب على كلمتها وكيف

ال�ضبيل اإلى الكلم وقد �ضحر.

30

شر والتوزيععصير الكتب للن

بعد اأن ارتد له وعيه وعاد اتزانه الأول، قال خا�ضعا ب�ضره:اأمر مولتي. �ياعه؟ � وكيف �ضتدير اأملك عبد الرحمن و�ضفاأرى � اإليها واأم�ضي اأملكه، �ضاأراجع كل الواجب، كما يقت�ضيه

ما تحتاجه وتطلبه الحاجة، فن�ضارع ل�ضد النق�ش والتق�ضير اإن وجد، ومن ثم اإلى التو�ضيع والتطوير، وكله بعلم مولتي واأمرها.

كان يتكلم وهي كاأنها هائمة في غير مكان.فقالت:

افعل ما تراه ح�ضنا واأطلعني عليه. �ورفع راأ�ضه مرة اأخرى ليجيبها فلجم، لما وجدها ب�ضامة الثغر، ل تهتم ب�ضيء اإل ب�ضبابه الطر، وحديثه الف�ضيح ولهجته التي ارتبكت

بع�ش ال�ضيء.ثم م�ضتدركة:

، وربما �ضتلقى اأمير الموؤمنين. � اإذا كان من الغد فاغد عليفرفع راأ�ضه وهو يبت�ضم ابت�ضامة الظافر المنت�ضر.

فخرج من الق�ضر وهو يتطير فرحا وابتهاجا، هكذا تنفرج له الذي حلمه نحو الطريق اأول هو قل بل له، مطمح اأول عند الدنيا ن�ضجه و�ضنعه لنف�ضه، بل تلك النبوءة، وما زال يكبر ويكبر حتى الغاية نحو الو�ضيلة اأول وامتطى د فمه مخيلته، في كامل تج�ضد اأن واآن الأماني ليل فرحا، فقد طال اأن تطير تريد نف�ضه العظمى. ي�ضرق فجرها، فنف�ضه م�ضطربة ول ياأتيه النوم في الليل اإل اأقله، فما اإن ي�ضع راأ�ضه على الو�ضادة حتى ياأتي ال�ضهاد ممتطيا خيل الطموح

31

شر والتوزيععصير الكتب للن

فيق�ش عليه م�ضجعه ويفزع من نومه، ويبقى �ضاهرا مت�ضهدا يحدث تلك الغاية ويخطط لها، وها هو الآن في الزهراء العظيمة.

الباهرة منت�ضيا بر�ضا �ضبح، فقال اأمام ق�ضورها الزاهية وقف لنف�ضه وهو ي�ضم عبق الزهراء:

يبا�ضك �ضيقلب اأنا من له، منتهى ل الذي الطريق اأول الزهراء فجرا الفتيان ال�ضقالبة بظلم طال الذي ليلك ويقلب اخ�ضرارا، ي�ضوده العدل الذي ل يحيد، اأما والله يا زهراء ل اأرى اإل خليفة كهل، رجال هناك دام ما ولكن الطامعين، من وجموع طفل، عهد وولي

مثلي فلن يدوم! و�ضتتحقق النبوءة!

r

32

شر والتوزيععصير الكتب للن

)2(ه حق.

ي سماء الذين يدركون أن

الحق ما زال لامعا ساطعا �ف

م�ضتمتعا كتابه، على مكبا مكتبه، على ب�ضخامته متربعا كان من غفارة تحتها من ومن�ضدل عمامته متعجرا كعادته، م�ضتاأن�ضا حرير، كان عامة اأهل قرطبة ل ي�ضتح�ضنون لب�ش العمامة، بل تجاوز بن يحيى الفقيه اأن حتى الدولة، رجال وبع�ش الفقهاء اإلى ذلك يحيى الليثي وهو من هو لم يكن يتعجر عمامته اإل ل�ضلة الجمعة. هذا الحكم مولنا اأن حتى الخلفاء خ�ضو�ضية من العمامة كانت اأمر باأن ينادى في �ضوارع قرطبة )باأل يتعمم رجل القابع في المكتبة ل يحمل جامع المدونة حفظا وفقها( فزاد عدد المعممين في قرطبة. ولكن البربر كانوا يهتمون بلب�ش العمائم باإتقان كعادة اأهل الم�ضرق، ولكن تبقى العمامة في الأندل�ش من �ضمات الخلفاء والأمراء والفقهاء

فح�ضب، اأما من هم دونهم فتكون عليهم ن�ضازا بين النا�ش.ولكن النا�ش قد ا�ضتح�ضنت لب�ش القلن�ضوة وهي ما يغطي الراأ�ش من الو�ضي اأو الخز اأو ال�ضوف اأو الفراء، وكانت محببة عندهم، وكان الدولة ورجال العامة بها يباهون وملونة، مرق�ضة يلب�ضها بع�ضهم الألب�ضة من يعتبر عندهم الذي القمي�ش يرتدون وكانوا الب�ضطاء، ف�ضفا�ش، طويل ثوب وهي والجبة والأزار، وال�ضراويل الداخلية، يغطي الج�ضم كله، من على الكتفين اإلى القدمين، وهو وا�ضع الكمين،

ي�ضبه �ضعة كرم مولنا.

33

شر والتوزيععصير الكتب للن

فوقف الم�ضحفي ومعه الفتى العامري، فقال بهدوء وخ�ضوع:ال�ضلم على اأمير الموؤمنين. �

بتفر�ش، الرجلين اإلى ونظر بحمرة الم�ضرب راأ�ضه الرجل فرفع فقال ب�ضوته الجهوري:

وعليكم ال�ضلم. �مولي، هذا محمد بن اأبي عامر، الذي اختارته ال�ضيدة اأم عبد �

الرحمن لوكالة مولنا عبد الرحمن حفظه الله.فنظر ب�ضيء من التفر�ش اإلى محمد، وقال له:

من اأي البلد اأنت، ومن اأي قوم؟ �ة واأناة: فقال محمد بروي

محمد بن اأبي عامر، الجزيرة الخ�ضراء، وجدي هو عبد الملك �المعافري.

فقال الحكم با�ضما:عبد الملك المعافري! �ضاحب الأثر الجميل في فتح الأندل�ش، )ثم �

ولوله هو الذكرى الجميلة( تفتحت اأن بعد ليتكئ اأعاد جذعه ورفاقه لما اأقمنا هذا الملك، جدك له اأثر طيب في هذه الأر�ش، واإن �ضاء الله اأنت مثله يكون لك اأثر بارز في ولدنا عبد الرحمن.

اأرجو اأن اأكون عند ح�ضن ظن مولنا. �هات ذلك الكتاب. �

وكان جلو�ش الخليفة في غرفة من مكتبة الزهراء العظيمة، فاأخذ فقال يديه، بين وو�ضعه الخليفة اإليه اأ�ضار الذي الرف من الكتاب

الخليفة:

34

شر والتوزيععصير الكتب للن

هذا جزء من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأ�ضفهاني، موؤكد اأنك �لم ت�ضمع به، فهذه الن�ضخة الأولى من الكتاب وحجمه كبير.

ف�ضعر محمد اأن الخليفة يمتحنه، فم�ضى معه قائل:بلى �ضمعت به، ما زلنا ن�ضمع عنه وعن مو�ضوعته التي يكتبها في �

الأدب، واأن كتابه �ضيكون جماعا ل�ضتى فنونه و�ضنوفه.الفرج، باأبي معرفته من الر�ضا علمة وتعلوه نحوه راأ�ضه فرفع

فقال الخليفة:ما زلت اأبعث له الر�ضول بعد الر�ضول واأد�ش له المال الوفير حتى �

بعث لي بالن�ضخة الأولى منه، حتى قبل اأن يظهره في بغداد، ولكن فيه كلم كبير غير �ضحيح عن اأجدادي.

اإن التاريخ ل يطلب من كتب الأدب يا مولي، بل غالبها في ترجمة �ال�ضاعر هذا والخطيب ذاك، وبين ال�ضاعر هذا والخطيب ذاك ونحل راو، بد�ضي�ضة التاريخ ووقائع حقائق من الكثير ت�ضقط ال�ضاأن بهذا المعنية الكتب في يقراأ منا الرجل زال وما �ضاعر،

فتجد الكثير من الكذب والزيف وهو الكتاب المخت�ش.مثل ماذا؟ �جمعه � في م�ضنفه وجهد �ضخامته، فترى الطبري، تاأريخ مثل

وتاأليفه، ولكنه لم ي�ضلم من كثرة المو�ضوعات والأحاديث المختلقة ال�ضعيفة.

وكيف نجد تاريخا �ضحيحا حقيقيا؟ �فقال با�ضما:

يا مولي، ولكن من مثلكم ويملك هذه المكتبة الأثيرة هو � العفو اأقدر على معرفة التاريخ الحقيقي ومنابعه.

35

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال الخليفة وقد اأعجبه تفرع الحديث:نحن نعرف التاريخ الحقيقي، ولكن اأتعرف ما م�ضكلتنا؟ �ما هي يا مولي؟ �الم�ضكلة في تقبل التاريخ وتف�ضيره، كل يقنع بتاريخ يوافق اأهواءه �

عليه والقائمون اأربابها و�ضارع اإل ملة اأو نحلة ترى ول وملته، بخلق تف�ضير يملوه على اأتباعهم واأعوانهم وقوادهم، ويبثونه في اأحاديث فخلق اأميال، الحد هذا تجاوز من ومنهم الأم�ضار، هذا مثل؛ كالعبا�ضيين و�ضلم، عليه الله �ضلى للنبي ون�ضبها اأول خطبة له وا�ضتدل على خلفتهم من �ضفاحهم قد وقف في عليه لر�ضولنا ون�ضبه حديثا اختلق قد ومن�ضورهم القراآن! اإل الزمان يم�ضي فل بالخلفة، حقهم في وال�ضلم ال�ضلة ل التي المو�ضوعة المختلقة بالروايات متخمة مكتبتنا وجدت تمييز ن�ضتطيع نحن تاريخيا، وقوعها عن ف�ضل عقل ت�ضح التاريخ ولكن العلة فينا نحن الذين نميز ونحرف، ونقنع اأنف�ضنا التاريخ اأتباعنا، ال�ضذج من اإل على بتف�ضيرات واهية ل تنطلي

معروف ولكن كيف نت�ضرف معه؟نت�ضرف بما يمليه الحق الذي نراه. �وكيف نعرف اأنه الحق؟ �الحق ما زال لمعا �ضاطعا في �ضماء الذين يدركون اأنه حق. �

فقام الخليفة وهو يهم بالخروج، ويقول:العمر � بلغت من اأن وبعد الكبر بعد ولدي جاءني الرحمن عبد

ابن الوزير اأن علمت كبيرة، عناية به تعتني اأن اأريدك عتيا، ال�ضليم قد ر�ضحك، وثقتي به عظيمة، وال�ضيدة اأم عبد الرحمن

قد ر�ضيت عنك، فاخترناك مع كثرة الطلب.

36

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأ�ضكر عظيم ثقتك مولي. �ثم م�ضى يم�ضي خارجا من المكتبة وكان اأعرجا، مخترقا �ضفوف الكتب الكثيرة ولكن فرحة الخليفة هذا بطفله الذي جاءه بعد الكبر وبعد اأن بلغ من العمر عتيا لم تدم طويل، ف�ضرعان ما تدهورت �ضحة عبد الرحمن لت�ضعد روحه اإلى بارئها، ولتعود تلك الأحزان وح�ضرة

الولد اإلى قلب الخليفة.

r

37

شر والتوزيععصير الكتب للن

)3(ـــع البـــدر مـــن حجابـــه

ل اط

قرابـــه مـــن ـــيف الس ـــرد واط

المعـــالي وارث وجاءنـــا

نصابـــه ي �ف الملـــك ليثبـــت

الحزن ملذنا الذي نلوذ به من ق�ضوة الحياة وزمجرة الأيام وكاآبتها، من يقنع الملك اأن الدنيا تخ�ضع بين يديه فل يحزن؟ وكيف يقنع نف�ضه باأل يبقى مكفهر الوجه كا�ضف البال؟ ملك مملكة عري�ضة عن الجزية له يقدمون طائعة، خا�ضعة يديه بين الممالك ودانت قرطبة مدينتنا ويدخل وينت�ضر، يغزو مهانون، �ضاغرون وهم يد ونحييه، العريقة مدينتنا كعادة ن�ضتقبله ونحن ظافرا، العظيمة يعز ويذل، يرفع ويخف�ش، وكله باإ�ضارة منه، بيده �ضلم ال�ضعود اإلى ولده بقي حزينا على ولكنه اإلى الجحيم، ال�ضقوط ومنحدر الذروة الراحل ومتوج�ضا من فعل الزمان بولده القادم، وال�ضيدة �ضبح فاتنة الأندل�ش و�ضيدتها تق�ضي ليلها مطرقة كا�ضفة ذابلة مع دموع دائمة النهمار، فما لبثت ال�ضيدة �ضبح اأن حملت مرة اأخرى، ولكن ال�ضعد اأبعد ما يكون عن قلب مولنا الحكم، وخواطره المفزعة التي ما زالت ت�ضليه �ضجنا وح�ضرة وكمدا، وتحدثه بالمفزعات القادمات، فها هو

على عتبة ال�ضتين ولم ياأت الولد.

38

شر والتوزيععصير الكتب للن

المذهبة �ضمرتها وتبعث المغيب نحو تميل وال�ضم�ش ع�ضرا وقف على حدائق الزهراء العليلة منظرا رائقا ومعه الم�ضحفي، وهو �ضاكن

ل ي�ضمع في كلها اإل �ضوت خرير الماء في نافورتها.فقال الحكم بهدوء:

كيف ال�ضبيل اإلى ال�ضعد؟ دانت لي ممالك، والأندل�ش هذه الأر�ش �فيتك�ضب فقيرها يغدو ووئام، و�ضلم هدوء في تعي�ش العظيمة وهو مطمئن �ضعد، ويروح طالب العلم اإلى م�ضجده ليتعلم ويدر�ش من عي�ش اأف�ضل يوجد فهل العلم، ويطلب يعمل الكل ويتفقه، هذا؟ وقرطبة العامرة انظر اإليها، اإن العمران يدل على عظيم ال�ضاأن، ولكن عظيم ال�ضاأن هذا رجل �ضعيف عاجز واهن، اقترب من ال�ضتين ولم ينجب ولي عهده ووارث ملكه العري�ش، فاإذا مت بداأ �ضراع بني اأمية من بعدي �ضرو�ضا على كر�ضي الخلفة، واأني اإذا مت وعهدت لرجل اخترته؛ بهم كلهم ينتظرون موتي حتى قام الكل فقالوا: لم اخت�ش فلنا دوننا ونحن اأحق بالملك، وهكذا

يتدخل ال�ضيطان الذي ثقل عليه هذا الزدهار.اأطال الله بقاءك. �يا اأبا الح�ضن، لكل اأجل كتاب، واأنا متوج�ش خائف على هذا الملك �

�ضريعا ينهار اأن الداخل اأجدادي منذ عهد بناه الذي العظيم، اأر�ش الى الق�ضور وهذه الأر�ش فتتحول هذه مريعة، وب�ضورة للتطاحن والتقاتل في �ضبيل ال�ضلطة، اإني اأفكر منذ اأن رحل عبد يكون اأن ي�ضتحق ومن بعدي؟ من الدولة �ضتوؤول كيف الرحمن �ضراعا يتحول اأن اأخ�ضى عمومتي؟ واأبناء اإخوتي من خليفة

للبقاء في الذروة، ولكنه �ضيورثهم الفناء.ما يراه اأمير الموؤمنين هو الأ�ضلح. �

39

شر والتوزيععصير الكتب للن

كنت اأفكر في اأبي رحمه الله واأقارن بيني وبينه، بيني وبينه بعد �الثرى عن الثريا، نعم، �ضيد ملكه وعظمته فمن ال�ضعب اأن اأبلغ

ما بلغ اأو ثلثه.توليت � اأن منذ زائد ونعماء رخاء في الرعية ولكن الله، اأعزك

الخلفة.فم�ضى الخليفة يتكلم كاأنه لم ي�ضمع جملة الم�ضحفي الأخيرة:

عبد الرحمن النا�ضر قتل ولده بل هوادة! عندما علم بخيانته، �واأنا عاجز عن اإنجاب ولد واحد يكون وريثا لعر�ضي، انظر اإلى عظمة ال�ضقة بيني وبينه، كم كان يمتلك قلبا �ضجاعا �ضلبا حتى بيني وا�ضع �ضا�ضع الفرق اأن كيف اأراأيت بولده؟ فاتكا م�ضى

وبينه؟ وربما نهاية ملكي �ضتكون بعدي بقليل.ل تقل هذا يا مولي، فال�ضيدة �ضبح بين �ضلوعها بدر التمام، وما �

اإن ت�ضعه حتى يزيل حزنك وكربك.وبينما هم يتحدثون جاء الفتى جوؤذر م�ضرعا، فقال:

مولي اأب�ضروا، فقد و�ضعت ال�ضيدة �ضبح ولدا! �فقال الحكم وهو يداري �ضروره بتعجب:

ولد! واأخيرا ولد، الحمد لله. �فقال الم�ضحفي مرتجل:

حجابـــه مـــن البـــدر ـــع ل اط

قرابـــه مـــن ـــيف الس ـــرد واط

المعـــالي وارث وجاءنـــا

نصابـــه ي �ف الملـــك ليثبـــت

40

شر والتوزيععصير الكتب للن

ايـــا ال�ب ســـيد نـــا بسرش

كتـــــابه فـــــي الله بنعــــــمة

عـــ�ي البشـــ�ي عمـــريلـــو كنـــت أ

بـــه أ�ت لمـــا ـــا حق أقـــض لـــم

ودخل على �ضبح ووجد الطفل بين يديها، فحمله ليجده اأبي�ش عن وانزاح ال�ضنين، كد القبلة بتلك زال برفق فقبله اأ�ضهل، اأعين ن في اأذنه، وحمد الله كثيرا، ففرق ال�ضدقات القلب نطع التوج�ش، واأذوقد الأمير ولدة بمنا�ضبة قرطبة في والحتفالت الموائد واأقيمت

�ضماه ه�ضاما.وهكذا يبتهج الخليفة وتتطاير اأفراحه وينقلب اإلى اأهله م�ضرورا،

ا-: فقال ل�ضبح -وكان ي�ضميها جعفرا اأي�ضماذا فعلت بي يا جعفر؟ اأ�ضعد الله قلبك كما اأ�ضعدتني. �وهو جل غايتي يا مولي. �قد بلغتيها وتخطيتها بمراحل كبيرة. �

فرح، اإلى حزن من الخليفة انقلب واأخرى لحظة بين وهكذا مقلب ف�ضبحان وحبور، �ضرور كلها في قرطبة بل الزهراء واأ�ضحت

الأمور بين اآن واآن.

r

41

شر والتوزيععصير الكتب للن

)4(يع�ي الجوز من لا عنده أسنان!

�ضوق الوراقين في قرطبة مختلف عن �ضائر اأ�ضواقها، فهو الذي اأهل قرطبة رجال ون�ضاء، علماء وعامة، موالي وعرب يرتاده جميع اء، قر معظمهم قرطبة فاأهل الدوام، على ن�ضط وال�ضوق وفرنجة، دين على فالنا�ش فر�ش، عندهم المكتبات وبناء منعدمة، والأمية ملوكهم، ومولنا الحكم من اأكثر النا�ش عناية بالمكتبات والكتب، جمع من الكتب ما ل يحد اأو يعد اأو يو�ضف كثرة ونفا�ضة حتى اإنها كانت -فيما يقال- اأكثر من اأربعمئة األف مجلد، وكان ي�ضتجلب الم�ضنفات اأمكن من الأموال حتى �ضاقت الأقاليم والنواحي باذل فيها ما من الملوك، ات لذ على ذلك اآثر قد بها غرام ذا وكان خزائنه، عنها ت ا�ضتفادته وكان في المعرفة بالرجال فا�ضتو�ضع علمه ودق نظره وجموالأخبار والأن�ضاب ال�ضيء العظيم، يق�ضي وقته في مكتبته العظيمة،

اأما عن المكتبات الكبيرة العامة والخا�ضة ف�ضيء يدعو للإعجاب.اق، من اأحذق النا�ش في هذه في هذا الدكان يقطن معمر الورفي توظيفه تم اأن اإلى �ضنعته في بارعا زال وما واأبرعهم، المهنة المكتبة الأموية بالزهراء، وجمعته معرفة باأمير الموؤمنين الحكم، وما مكتبة ورفعه في اطلعه، وخ�ضه الحكم و�ضعة بالحكم معجبا زال اأمناء المكتبة وهي التي يجل�ش فيها مولنا اأ�ضهر الق�ضر، و�ضار من اأنه اإل اأهل �ضنعته بلغها معمر بين التي الرفعة والمرتبة كثيرا، ومع

42

شر والتوزيععصير الكتب للن

ومعه �ضتين العمر من البالغ اأبوه يبقى اإذ الوراقين، �ضوق في بقي �ضانع، اإلى اأن ياأتي معمرا من عمله في الزهراء.

ودخل معمر اإلى دكانه، وقال لأبيه:و�ضلت اإلى مكتبة الق�ضر كتب جديدة من الم�ضرق. �

فقال الأب في ف�ضول ثقافي لذيذ:حقا؟ وما هي؟ �كتب جديدة لم تعر�ش حتى في الم�ضرق، وواحد منها كبير، اأكثر �

من ع�ضرين مجلدا، عنوانه )الأغاني لأبي الفرج الأ�ضفهاني(، اإلى و�ضلتنا الأولى ون�ضخته ال�ضعراء، تراجم في مو�ضوعة وهو

الق�ضر.الن�ضخة الأولى؟! قبل بغداد! �نعم، اإنه الحكم يا اأبت. �وفي راأيك كم دفع له الحكم حتى و�ضل؟ �الله اأعلم، ل بد اأنه اأنفق مال كبيرا، وهو �ضخي في هذه الأمور، �

بل ويت�ضفح كلل، بل يقراأ المكتبة في يومه من �ضطرا يق�ضي ملل، وكاأن عمله في المكتبة، ومع هذا دولتنا عامرة، نفاخر بها

اأهل الم�ضرق.فقال الأب با�ضما:

بغداد؟ ظلمت قرطبة اإذا ق�ضتها ببغداد، بغداد الآن م�ضتعلة في ��ضراع دائم ل تكاد تجمعها كلمة، رحم الله اأيامها.

�ضدقت. �عدت اليوم مبكرا. �

43

شر والتوزيععصير الكتب للن

عمل � فل ه�ضام، ولدة بمنا�ضبة م�ضتمرة زالت ما الحتفالت عندنا.

وهل فرح الخليفة بالمولود؟ �وكيف ل يفرح؟ ل تكاد ت�ضعه الدنيا فرحا. �اأ�ضعده الله. �

ثم كمن تذكر �ضيئا، فقال:ا. � راأيت الفتى العامري، محمد، هذا الذي ي�ضتري منهذا الفتى العامري النبه؟ �نعم، وعلمت اأنه تم ترفيعه واأ�ضبح �ضاحب ال�ضكة! �ال�ضكة؟ �نعم يا اأبت. �واأنت منذ �ضنين تعمل في تلك المكتبة ولم يزد مرتبك اإل قليل، �

واأهل �ضنعتك لك حا�ضدون.الحمد لله على كل حال. �

وجاء رجل يطلب كتابا منذ مدة، فقال معمر:هذا هو الكتاب قد و�ضل، وهو بخط جيد وتجليد مليح ظريف. �

فتب�ضمت اأ�ضاريره، وقال بفرح:واأخيرا! ما اأجمله! �هو لك، واأنت ت�ضتحقه، ولكن ثمنه لي�ش قليل. �بكم؟ �

44

شر والتوزيععصير الكتب للن

خم�ضة ع�ضر دينارا. �ماذا؟ خم�ضة ع�ضر؟ هذا كثير. �الكتاب قيم، وهذا �ضعره. ��ضاأدفع لك ثمانية دنانير. �ل، هذا قليل، هات اأربعة ع�ضر دينارا. �وياأخذه منك � الكتاب يزيد في هذا اأرني من يا هذا كثير جدا،

بهذا الثمن.وجاء رجل عليه لبا�ش الريا�ضة، فقال:

اأنا اأ�ضتريه بع�ضرين دينارا. �فقال معمر للرجل الذي كان يعامله:

زد عليه. �فقال بعد تردد:

اثنان وع�ضرون دينارا. �فقال الآخر:

ثلثون دينارا. �فقال معمر للرجل:

زد. �فقال:

واحد وثلثون. �فقال الرجل الآخر:

45

شر والتوزيععصير الكتب للن

خم�ضون دينارا. �فلم ي�ضتطع الرجل الذي كان يعامل اأن يزيد، وقال للرجل الآخر

م�ضت�ضلما:اأعز الله �ضيدنا الفقيه اإن كان لك غر�ش في هذا الكتاب تركته �

لك فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده.فاأجابه:

ل�ضت بفقيه ول اأدري ما فيه ولكني اأقمت خزانة كتب واحتفلت �هذا ي�ضع مو�ضع فيها وبقي البلد اأعيان بين بها لأتجمل فيها الكتاب فلما راأيته ح�ضن الخط جيد التجليد ا�ضتح�ضنته ولم اأبال

بما اأزيد فيه، والحمد لله على ما اأنعم به من الرزق فهو كثير.فغ�ضب الرجل، وقال بغ�ضب:

نعم، ل يكون الرزق كثيرا اإل عند مثلك، يعطي الجوز من ل عنده �اأ�ضنان، واأنا الذي اأعلم ما في هذا الكتاب واأطلب النتفاع به يكون

الرزق عندي قليل وتحول قلة ما بيدي بيني وبينه.ثم م�ضى الرجل �ضاخطا ناقما، ودفع الآخر ثمنه.

ولكنها اأ�ضنان! عنده ل من الجوز يعطي وقال: معمر ف�ضحك تجارة.

r

46

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأن تعتني به�ضام عناية خا�ضة، فهو المر�ضح � اأريدك اأبا عامر يا فتى في لم تع ل اأنك بالك ف�ضع في تعلم، كما لمن�ضب الخلفة الرابعة من عمره، بل اأمير �ضيحكم اأ�ضقاع هذه الأر�ش، اأريده اأن ين�ضاأ على حب الكتاب، وحفظ القراآن وال�ضعر وتاريخ اأجداده، ل اأريد اأن ينظر اإلى الحياة من هنا، من ق�ضره المنيف، بل اأريده اأن يكون في البادية ي�ضمع زهيرا ولبيدا وامراأ القي�ش، اأريده يبكي اأن اأريده لبوؤ�ش الجائعين وكاأنه لم يلد في هذه المدينة العريقة، تو�ضد الحكم اإذا عائلته، حتى بتاريخ ملما عالما ح�ضيفا يكون تراءى له عثمان بن عفان ومعاوية بن اأبي �ضفيان وعبد الملك بن مروان والوليد وجده ه�ضام و�ضقر قري�ش واأبي ينظرون اإليه من مكان ق�ضي ويراقبون عمله، وينتظرون منه الإجادة وبلوغ الغاية وقب�ش عرف �ضلطانا �ضار اإذا حتى لها، حياتهم كر�ضوا التي قري�ش ك�ضقر اأعداءه فيمحق ومخالبها، ال�ضيا�ضة زمام على ويحطمهم تحطيما، واإذا نظر اإلى �ضعبه عطف عليه وكاأنه عمر اإذا اأما الملك، ا�ضتد فكاأنه ه�ضام بن عبد واإذا العزيز بن عبد اأراد العمران فكاأنه اأبي رحمه الله، اأريد اأن ينتابه ال�ضعور بعظمة

الملك، حتى يبني اأعظم من الزهراء.فنظر اإلى الزهراء وعظمتها نظرة فخر و�ضموخ وقال:

يتمثل كان اأنه حتى العمران، عظمة يدرك الله رحمه اأبي كان بهذه الأبيات كثيرا والتي اأريد اأن يوؤمن بها ه�ضام يا اأبا عامر:

ذكرهـــا أرادوا إذا الملـــوك همـــم

البنيـــان فبألســـن بعدهـــم مـــن

وكـــم بقيـــا قـــد ف الهرمـــني تـــرى مـــا أو

الأزمـــان حـــوادث محـــاه ملـــك

47

شر والتوزيععصير الكتب للن

شـــأنه تعاظـــم إذا البنـــاء إن

الشـــان عظيـــم عـــلى يـــدل أضـــى

اأريد عهده مكمل لعهدي فهل عرفت مق�ضدي وغايتي؟فقال ابن اأبي عامر:

لأمير الموؤمنين ما ي�ضاء، ونحن ندرك باأعماق اأنف�ضنا اأن هذا من �لمن�ضب وتجهيزه الملك اأ�ضول ه�ضام فتعليم الواجبات، اأوجب

الخليفة هو من الواجب، ومن ل يتم الواجب اإل به فهو واجب.فقال وقد اطمئن لبن اأبي عامر كعادته:

اأن � بعد واأنت عندنا عزيز مكين، وفطنتك، كيا�ضتك قد جربنا المهمة لهذه ادخرتك وقد وحكمتك، ونجابتك بلءك راأينا

العظيمة، مهمة تعليم ه�ضام، فاأنت وكيله.اأنا في خدمة مولي ه�ضام. �

فقال الخليفة م�ضتدركا:وقد اأثنت اأم ه�ضام عليك وعلى عملك. �اأنا في خدمة مولتي. �

ازداد وقد عامر اأبي ابن مع الحديقة يخترق الخليفة ويم�ضي �ضعفا وهرما، وهو يحاول توطيد ملكه قبل اأن ياأتي الأجل، كل عمل

يقوم به يتذكر والده، ذلك الملك العظيم.

r

48

شر والتوزيععصير الكتب للن

)5(إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء.

كان والد مولنا الحكم الم�ضتن�ضر -اأعزه الله واأدام اأيامه- هو عبد الرحمن النا�ضر، كان �ضيفا �ضقيل لمعا، يراه الأعداء قاطعا رعيته واأما خلفهم، ويحل �ضملهم، ويق�ضم جيو�ضهم يفل في�ضل، فهو الإ�ضلم، و�ضورة ل�ضورتهم وانعكا�ضا لمعانه اإل منه يرون فل وغرة اأمية بني مجد اآية الموؤمنين، على رحيم الكفار على �ضديد بوجود الخلفة يلج جعله مما وذكاء نجابة حمل الميمونة، دولتهم اأعمامه، كان �ضديدا بل ظلم، حازما بل جور، عادل فاتحا ظافرا، وراأت دولتنا في عهده من المجد غايته، ومن العز تمامه، ومن ال�ضلطان بن بكلمة من منذر يبكي بغداد وما حولها، به والح�ضارة ما فاقت النا�ضر علم الق�ضام. ح�ضامه اإل الأعداء ير لم الذي وهو �ضعيد العبا�ش نحو النحدار والنهيار، ودولته في ذروة المجد اأن دولة بني والزدهار، فاأقدم على فعل ما وجل منه �ضقر قري�ش؛ اإعلن الخلفة في الأندل�ش. لم يكن يهتم ب�ضيء كاهتمامه بالبنيان والعمران واأبهة ال�ضلطان، هذا جانب ظفره الميمون الذي فر�ضه على الممالك والدول، فلم يبق ملك اإل وطلب الهدنة، ومنهم ملك الق�ضطنطينية الأعظم، راكعة الدنيا كاأن و�ضعر الخبر لهذا وب�ش وه�ش النا�ضر، فانت�ضى خا�ضعة بين يديه، يملكها بيديه ي�ضرفها كيف ي�ضاء، فاإذا �ضاء عذب اأو اأنعم، عفا اأو عاقب، رفع اأو اأخ�ضع، يقيم ويبيد كيف ي�ضاء، وراية

49

شر والتوزيععصير الكتب للن

مملكته خفاقة فوق هذه الأرا�ضي ال�ضا�ضعة والأ�ضقاع المترامية التي ل تكاد تحدها حدود، ت�ضهد كلها بما بلغ له من عظمة �ضلطان، فقال

لولده الحكم وكان قد عينه وليا لعهده ووريثا لعر�ضه:اأننا � يعني لنا وبخ�ضوعهم اأوروبا، قلب تعتبر الق�ضطنطينية

اأحكمنا القب�ش على دفتي العالم في اأوروبا.فقال الحكم منت�ضيا ومتحم�ضا:

ولن نقنع يا مولي اإل باأوروبا كلها، وخيرهم ل يراك اإل وهو راكع �خا�ضع.

فقال النا�ضر با�ضما:لكل � كتفيه(، على ربت )ثم اليوم ذلك اأرى اأن األحق لن ربما

اأجل كتاب، واأنا لن اأخلد اأبد الدهر، وقد �ضنعتك لتكمل ما بداأه الم�ضرق في �ضفيان اأبي بن معاوية اأيام منذ قبل، من اأجدادك و�ضقر قري�ش في الأندل�ش اإلى يومنا هذا، ف�ضع هذه الغاية ن�ضب عينيك، وا�ضع لها، واجعل غايتك عظيمة كمجد دولتنا، فاإن لم �ضع نحوها، الطريق معظم قطعت فقد العظيمة الغاية تحقق اإليه ف�ضتجد نف�ضك عينيك نحو القمر، فاإن لم ت�ضله ولم تهتد بين النجوم، واقترب من الرعية اقتراب الأب العطوف، واحنن يجلونك واجعلهم الخائف، ل الروؤوف؛ القادر حنان عليهم ويهابونك حبا ل خوفا، فل خير في ال�ضلطان اإن لم يحبه رعيته، ل �ضعرة النا�ش وبين »بيني الله: رحمه معاوية قال كما وكن الرعية فهوؤلء �ضددت«. اأرخوا واإذا اأرخيت، �ضدوا اإذا تنقطع؛ التي ويدك ت�ضربه، الذي و�ضهمك بها، تعتد التي عدتك هم واأمرك، عطفك منتظرون وكلهم اأبناوؤك، وهم بها، تبط�ش

فيفدونك باأرواحهم وهم فرحون.

50

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأطال الله بقاءك يا اأبت. �بليغا مفوها � تعد خطيبا م�ضقعا اأن واأريد الوفد، وغدا �ضي�ضل

يوؤم ال�ضعراء والبلغاء، نباهي به العالم، فكما تعلم فاإن اأبا علي القالي �ضيفنا، وهو بحر اللغة، اأريد خطيبا يجعل اأبا علي يبقى

م�ضدوها مبهوتا، ي�ضيد بعظمة ملكنا وما بلغت الأندل�ش.هو موجود يا اأبتاه. �ومن ذا؟ �

فقال الحكم وفي لهجته فخر:الفقيه البليغ محمد بن عبد البر الك�ضنياني، فهو يتيم دهره وبليغ �

ع�ضره، ويح�ضن تاأليف الكلم ون�ضج الخطب ما ل يح�ضنه اأحد غيره في المعمورة كلها، عقل فقيه، وقلم اأديب بليغ، وفم خطيب

مفوه، ل يقارعه اأحد، واأنا اأعده لمثل هذه المنا�ضبات.قد اأكثرت الثناء والإطراء. �لم اأزد اإل ما ي�ضتحقه. �

مره أن يستعد غدا.

وفي اليوم التالي ا�ضتعدت قرطبة لل�ضتقبال المهيب لذلك الوفد ي�ضتقبلونهم، وقواده وزرائه من طلئعا النا�ضر بعث وقد المنتظر، فجل�ش النا�ضر مجل�ضا مهيبا يدل على عظمته، وعن يمينه ولي العهد الحكم ثم �ضائر اأولده ووزرائه يمينا و�ضمال، ثم ال�ضعراء والعلماء، ودخل ر�ضل ملك الروم ق�ضطنطين بن ليون وهم متعجبون من عظمة الملك والبنيان، ودخلوا حاملين كتاب ملكهم في رق مكتوب بالذهب،

وقد نعت في الكتاب النا�ضر بقوله:

51

شر والتوزيععصير الكتب للن

)عظيم ال�ضتحقاق، المفخر �ضريف الن�ضب عبد الرحمن الخليفة الحاكم على العرب بالأندل�ش؛ اأطال الله بقاءه(

دور جاء الأبهة هذه الح�ضور �ضحر وقد الفخامة، تلك وو�ضط الألباب بخطبته، الأ�ضماع وي�ضحر الخطيب الم�ضقع؛ الذي �ضي�ضنف فقام الفقيه محمد بن عبد البر يتخطى النا�ش بتوؤدة، اإلى اأن وقف في المقام المخ�ض�ش لإلقاء الخطبة، ونظر اإلى الجموع من عل، راأى اأمير الموؤمنين عبد الرحمن واأولده ورجال الدولة، وتجلت له عظمة الخلفة واأبهتها، و�ضرت في نف�ضه ق�ضعريرة من مقام اأمير الموؤمنين، اأمام ومنها الوجوه تفح�ش كلمته؛ منتظر والكل اللحظة تلك وفي اأن و�ضعر عليه، وارتج فعجز، �ضفته يحرك اأن فاأراد القالي، اللغة مداد الكلمات بين فيه وجوفه قد انقطع و�ضربات قلبه قد ازدادت دقا حزنا على ذلك المداد المنقطع، وبدا ك�ضوفي تجلى له نور الإله عندما يخرج من عالم الماديات لعالم ال�ضماوات، واأمير الموؤمنين توج�ش من

�ضكوته و�ضحوب وجهه، وتهام�ش الح�ضور فخر �ضعقا مغ�ضيا عليه!واأ�ضرع الخدم وحملوه ف�ضار الكل يتهام�ش، ونظر النا�ضر لولده الحكم نظرة عتاب في غير اأوانه، واأدرك النا�ضر اأن عليه اأن يتلفى الموقف، فقال بهدوء ولهجته لم تخل من عظمة وكاأن �ضيئا لم يح�ضل:

اأبا علي القالي! قم واخطب. �فقام بحر اللغة الم�ضرقي المفوه و�ضعد، واإذا به ي�ضدم من عظمة المكان هو الآخر، ولكنه م�ضى يحمد الله وي�ضلي على ر�ضوله الم�ضطفى )�ضلى الله عليه و�ضلم(، وما اأن قال اأما بعد حتى ارتج عليه وانقطع

مداد الكلمات وبقي واقفا ل ينب�ش ببنت �ضفة! ف�ضعر النا�ضر كاأن جيو�ش روما كلها واقفة تهزاأ به وت�ضخر منه، يقف اأن يعجز انك�ضر؛ وما بالأعداء وماج وظفر، انت�ضر الذي هو

52

شر والتوزيععصير الكتب للن

خطيب اأمامه؟ هل من المعقول اأن عظمته بلغت هذا الحد؟؟ لم يعد هيبته هل الحد؟ هذا اإلى قا�ش هو هل اأمامه؟ يقف اأن اأحد يقدر اأبو علي، اأ�ضد �ضاك ال�ضلح يرعب كل من وقف؟ ولكنه تحولت اإلى

م�ضرقي وهو �ضيف، فلم هو خائف؟اأو الفقيه المتبحر ت�ضاوؤلته نهو�ش رجل ل يبدو عليه هيئة وقطع

الخطيب، فارتقى مكان اأبي علي، وقال دون تفكر اأو تمهل: اأما بعد حمد الله والثناء عليه، والتعداد لآلئه، وال�ضكر لنعمائه، وال�ضلة وال�ضلم على محمد �ضفيه وخاتم اأنبيائه، فاإن لكل حادثة مقاما، ولكل مقام مقال، ولي�ش بعد الحق اإل ال�ضلل، واإني قد قمت في مقام كريم، بين يدي ملك عظيم، فا�ضغوا اإلي، مع�ضر الملأ باأ�ضماعكم، والقنوا عني باأفئدتكم، اإن من الحق اأن يقال للمحق �ضدقت، وللمبطل كذبت، واإن الجليل تعالى في �ضمائه، وتقد�ش ب�ضافته واأ�ضمائه، اأمر يذكر اأن اأنبيائه، جميع وعلى نبينا على الله �ضلم مو�ضى، كليمه قومه باأيام الله جل وعز، وفيه وفي ر�ضول الله �ضلى الله عليه و�ضلم باأيام الله عندكم، وتلفيه لكم بخلفة اأذكركم اأ�ضوة ح�ضنة، واإني نت �ضربكم، ورفعت فرقكم، األم اأمير الموؤمنين التي لمت �ضعثكم، واأمتكن بلد الم�ضلمين خرابا فعمرها؟ وثغور الم�ضلمين مهت�ضمة فحماها ون�ضرها؟ فاذكروا اآلء الله عليكم بخلفته، وتلفيه جمع كلمتكم بعد افتراقها باإمامتكم، حتى اأذهب الله عنكم غيظكم، و�ضفى �ضدوركم، وفود و�ضارت بينكم، باأ�ضكم كان اأن بعد عدوكم، على يدا و�ضرتم اإليه الروم وافدة عليه وعليكم، واآمال الأق�ضين والأدنين م�ضتخدمة واإليكم، ياأتون من كل فج عميق، وبلد �ضحيق، لأخذ حبل بينه وبينكم جملة وتف�ضيل ليق�ضي الله اأمرا كان مفعول )وعد الله الذين اآمنوا منكم وعملوا ال�ضالحات لي�ضتخلفنهم في الأر�ش كما ا�ضتخلف الذين من قبلهم( ولي�ش في ت�ضديق ما وعد الله ارتياب، ولكل نباأ م�ضتقر

53

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكل اأجل كتاب، فاحمدوا الله اأيها النا�ش على اآلئه وا�ضاألوه المزيد من نعمائه(

النا�ضر وكان كلمه، بلغة عن يتحدثون كلهم والنا�ش ونزل اأ�ضدهم، فمال على الحكم وقال له:

من هذا الفقيه البليغ؟ �هذا منذر بن �ضعيد البلوطي. �لقد اأح�ضن ما �ضاء الله، فلئن كان حبر خطبته واأعدها مخافة �

اأن يدور ما دار فيتلفى الوهي فاإنه لبديع من قدرته واحتياطه، ولئن كان اأتى بها على البديهة فاإنه لأعجب واأغرب. ولئن اأخرني الله بعد لرفعن من ذكره، ف�ضع يدك يا حكم عليه، وا�ضتخل�ضه

وذكرني ب�ضاأنه فما لل�ضنيعة مذهب عنه.كان النا�ضر ب�ضيرا بالرجال، يعرف مقامهم، وينزلهم -بفطنته- منازلهم، ولم يغب اأمر منذر بن �ضعيد عنه، خا�ضة بعد اأن اأن�ضد منذرا

بعد خطبته تلك:مقال كحد الســـيف وســـط المحافل

وباطـــل حـــق ف بـــني مــــا بـــه فرقـــت

ـــه جنبات ترتـــ�ي ذكي بقلـــب

الأنامـــل رعـــش عنـــد رعـــد كبـــارق

فاأعجب النا�ضر وقال لولده الحكم: حق له اأن يتفاخر. و�ضرعان ما عينه اأمام الم�ضجد الجامع بالزهراء، ثم وله من�ضب )قا�ضي الجماعة( بقرطبة. كان النا�ضر جبارا فتاكا ولكنه �ضرعان

54

شر والتوزيععصير الكتب للن

ما ينقلب بين يدي منذر بن �ضعيد فقير اأ�ضيف، اأ�ضعف من العليل اإذا احت�ضر، واأرق من ال�ضعرة في راأ�ش الأ�ضلع، من ذاك موقف القا�ضي

منذر عندما بنى النا�ضر الزهراء.بها، اإل و�ضطوته هيبته تكتمل ل بالعمارة، مولع النا�ضر كان ال�ضا�ضعة الآفاق في دولته رايات وعلت النت�ضارات زادت وعندما

ترفرف في كبرياء، وكاأنها تقول: ها اأنا فمن ينازلني؟ كانت الدولة على عهده قد ق�ضمت الخزينة اإلى ثلثة اأق�ضام: ثلث اآنئذ من الأندل�ش وكانت جباية للجباية، وثلث للبناء، وثلث للجند، دينار، األف وثمانين األف واأربعمئة األف اآلف والكور: خم�ضة القرى اأخما�ش واأما دينار، األف و�ضتين وخم�ضة األف �ضبعمئة ال�ضوق ومن الغنائم واأموال الذين يموتون ول وارث لهم فهذا ما ل يح�ضيه ديوان اأبد اإن�ضاء �ضيء يخلد ذكره النا�ضر يفكر في اأو يعده كاتب، فم�ضى اإن ماتت له �ضرية، وتركت له مال كثيرا وفيرا، فقال الدهر، واتفق

لولده الحكم: فلنفك بها اأ�ضرى الم�ضلمين.وم�ضوا يبحثون عن اأ�ضرى الم�ضلمين فلم يعثروا على اأ�ضير واحد، )الزهراء(، لقلبه المحببة جاريته حجرة في وهو له الخبر وو�ضل

ف�ضجد لله �ضكرا وحمدا فقالت له الزهراء وهي تتغنج وتتدلل:اأراأيت يا مولي كم هو وجهي ح�ضن عليك؟ �راأيت يا زهراء، اطلبي ما �ضئت و�ضياأتيك. �

فقالت بدلل:األم تكن تريد بناء مدينة ملوكية لك؟ �

فعادت به اإلى حلمه الذي ل يفارقه، وقال وفي نف�ضه لوعة وح�ضرة لتلك الغاية:

55

شر والتوزيععصير الكتب للن

عمري � ويطيل الله يمنحني اأن رجوت لطالما زهراء، يا اأجل اأخفيك �ضرا، فاإن الق�ضر �ضار اأبداأ بناء تلك المدينة، ول حتى مزدحما، و�ضاقت قرطبة بما رحبت، اأريد بناء مدينة مخ�ض�ضة

للإمارة.وهذا المال بين يديك. �ماذا تعنين؟ �ا�ضتهيت لو بنيت لي به مدينة ت�ضميها با�ضمي، وتكون خا�ضة لي. �

فاطرق مفكرا، ثم قال:لك ما �ضئت. �

والحق اأن فكرة بناء مدينة ملوكية له قد ا�ضتوت في ذهنه منذ تاأتي بها واإذا النطلق، �ضرارة اإلى احتاج ولكنه قليل، غير زمن من الزهراء، ف�ضرع بهذا البناء على جبل خارج قرطبة، تبعد عنها اأميال، وبداأ بناءها في الأول من محرم عام ثلثمئة وخم�ش وع�ضرين اآلف ع�ضرة والفعلة الخدام من يوميا فيها يعمل وكان للهجرة، رجل، ومن الدواب األف وخم�ضمئة دابة، وكان ي�ضرف يوميا فيها من ال�ضخر المنحوت المعدل �ضتة اآلف �ضخرة عدا الآجر وال�ضخر غير المعدل. وجعل طولها من ال�ضرق اإلى الغرب ت�ضعمئة األف ذراع وت�ضعون من والأخ�ضر المرية، من الأبي�ش الرخام اإليها وجلب ذراع، األف اأفريقيا، والحو�ش المنقو�ش المذهب من ال�ضام، وفيه نقو�ش وتماثيل ال�ضرقي المجل�ش و�ضط بن�ضبه النا�ضر فاأمر الإن�ضان، �ضور على ق�ضرها وبنى تمثال، ع�ضر اإثني عليه ون�ضب بالموؤن�ش، المعروف والرخام الذهب من �ضمكه وكان الخلفة، بق�ضر الم�ضمى المجل�ش حيطان وكانت اأجنا�ضه، المتلونة لونه ال�ضافي جرمه في الغليظ المجل�ش مثل ذلك، وكانت قراميد هذا الق�ضر من الذهب والف�ضة،

56

شر والتوزيععصير الكتب للن

وهذا المجل�ش في و�ضطه �ضهريج عظيم مملوء بالزئبق، وكان في كل جانب من هذا المجل�ش ثمانية اأبواب قد انعقدت على حنايا من العاج �ضواري على قامت الجواهر، واأ�ضناف بالذهب المر�ضع والأبنو�ش تلك على تدخل ال�ضم�ش وكانت ال�ضافي، والبلور الملون الرخام من الأبواب في�ضرب �ضعاعها في �ضدر المجل�ش وحيطانه في�ضير من ذلك نور ياأخذ بالأب�ضار. ففرغوا من بناء الق�ضر والم�ضجد واجهة الدولة، وا�ضتمر العمل في باقي الزهراء اأمدا طويل، وكان الق�ضر متناهيا في الجللة والفخامة وال�ضخامة، اإذ �ضار اأعجوبة الزمان، وخا�ضة تلك القناة العجيبة التي يجري فيها الماء العذب من جبل قرطبة، فكانت نافورة عظيمة عليها الأ�ضد العظيم المطلي بالذهب والذي ي�ضيل الماء هذا جنان فيه من وت�ضقى الناظر وي�ضحر فيبهر فيه، من العذب

الق�ضر على �ضعتها. وبداأت ال�ضلة في الم�ضجد عام ثلثمئة وثمان وع�ضرين للهجرة، ولكنه قطع �ضهود الجمعة فيه مرارا لأغرا�ش التعمير، وبعد انقطاع خطيبا، �ضعيد بن منذر فقام النا�ضر، ح�ضر متتابعة جمع ثلثة

فافتتح خطبته بقوله:وإذا ون، ل ت كم

عل

ل مصانع وتتخذون تعبثون، آية ريع بكل تبنون

أ

خرة

ليل ،والنيا ق طيعون فـ متاع الد

اتقوا الله وأ

بطشتم بطشتم جبارين، ف

خي لمن اتق، وهي دار القرار ومكان الجزاء.

تقوى بنيانه ع س سأ فمن

أ وم�ضى يذم ت�ضييد البنيان اإلى اأن قراأ

انهار به ف نار جهنم شفا جرف هار ف س بنيانه ع س

ن أ م م

ورضوان خي أ من الله

المين. ثم ذكر هادم اللذات والآخرة م�ضت�ضهدا قوم الظ يهدي ال

ل والله

بالقراآن اإلى اأن خ�ضع القوم فرقوا واعترفوا وبكوا، وبكى النا�ضر خوفا ورهبانية من الله بعد اأن ا�ضت�ضعر اأن زخرف الزهراء يكاد يهوي به في جرف هاو خاو في جهنم، وتراءت له عظمة ملكه هباء اأمام ذكر

57

شر والتوزيععصير الكتب للن

الموت الآتي ل محالة، فلم يعمر هذا وهو �ضي�ضكن بذاك؟ وم�ضى كلم منذر كال�ضواعق المنذرة وال�ضهب الحارقة حتى انقلب الم�ضجد ماأتما

ل�ضدة النحيب والن�ضيج.وما اإن عاد النا�ضر اإلى ق�ضره حتى وثب اإلى ر�ضده، وقال لولده

الحكم:والله لقد تعمدني منذر بخطبته، وما عني بها غيري، فاأ�ضرف �

علي واأفرط في تقريعي، ولم يح�ضن ال�ضيا�ضة في وعظي، فزعزع قلبي، وكاد بع�ضاه يقرعني، فوالله الذي ل اإله اإل هو لن اأ�ضلي

بعد خلفه، بل في قرطبة.وال�ضتبدال � بك ال�ضلة عن منذر عزل من يمنعك الذي فما

بغيره منه اإذ كرهته؟ لك- � اأم وعلمه -ل ف�ضله وخيره �ضعيد في بن منذر اأمثل �ضه!

يعزل لإر�ضاء نف�ش ناكبة عن الر�ضد، �ضالكة غير الق�ضد؟ هذا ما ل يكون، واإني لأ�ضتحي من الله األ اأجعل بيني وبينه في �ضلة ورعه و�ضدقه، )ثم تابع الجمعة �ضفيعا مثل منذر بن �ضعيد في اإلى �ضبيل اأجد اأني ولوددت اأحرجني، ولكنه ك�ضيرة( بلهجة �ضاء اإن وحياتنا حياته بالنا�ش ي�ضلي بل بملكي، يميني كفارة

الله تعالى، فما اأظننا نعتا�ش منه اأبدا.يا اأمير الموؤمنين، اإنه رجل �ضالح، وما اأراد اإل خيرا، ولو راأى ما �

اأنفقت وح�ضن تلك البنية لعذرك.فوجد النا�ضر رد الحكم ين�ضجم مع هوى نف�ضه، فاأمر المتابعة في

البناء!فعزم وجدبا، قحطا النا�ضر خلفة في عاما الأندل�ش واأ�ضيبت ال�ضلة اأن اأعلنوا لعماله: وقال ال�ضت�ضقاء، �ضلة على النا�ضر

58

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضتكون بعد خم�ضة اأيام، فلي�ضوموا ولي�ضلوا وليدعوا الله، فقد كثرت ذنوبنا، واذهب اإلى منذر بن �ضعيد، وقل له: اإن اأمير الموؤمنين ياأمرك

اأن ت�ضلي بنا.اإلى منذر فا�ضتغفر النا�ش وتابوا و�ضاموا، وذهب ر�ضول النا�ضر

بن �ضعيد واأبلغه اأمر اأمير الموؤمنين.فقال منذر:

ليت �ضعري، ما الذي ي�ضنعه الخليفة اأمير الموؤمنين؟ �منتبذ حائر منفرد � اإنه يومنا هذا، اأخ�ضع منه في راأينا قط ما

به على رمد وقد التراب، الثياب، مفتر�ش اأخ�ش بنف�ضه، لب�ش راأ�ضه وعلى لحيته، وبكى واعترف بذنوبه وهو يقول: هذه نا�ضيتي بيدك، اأتراك تعذب بي الرعية واأنت اأحكم الحاكمين؟ لن يفوتك

�ضيء مني.فتب�ضم منذر ولحت الب�ضرى في وجهه، وقال وهو ب�ضام الثغر:

قيا، اإذا خ�ضع جبار � يا غلم احمل المطر معك فقد اأذن الله بال�ضالأر�ش فقد رحم جبار ال�ضماء.

ف�ضقاهم الله كما قال منذر.لوزرائه يوما للعمارة والفخر، فقال النا�ضر بقي ع�ضاقا اأن على فقال وف�ضة، ذهبا �ضقفه جعل الذي بمجل�ضه جل�ش وقد وخا�ضته

النا�ضر مفاخرا:هل راأيتم اأو �ضمعتم ملكا كان قبلي فعل مثل هذا اأو قدر عليه؟ �ل والله يا اأمير الموؤمنين، واإنك لأوحد في �ضاأنك كله وما �ضبقك �

اإلى مبتدعاتك هذه ملك راأيناه، ول انتهى اإلينا خبره.

59

شر والتوزيععصير الكتب للن

فعلت �ضحكات مولنا النا�ضر مجلجلة بهجة و�ضرورا، وبينما هو الرحمن وتابع عبد �ضعيد، بن �ضروره وجذله دخل منذر م�ضتمر في �ضعده وفخره ب�ضقف مجل�ضه المذهب، ولم يقطع فرحه اإل تغير وجه منذر، اإذ �ضرعان ما ا�ضفر وجهه وعله كرب وقتر، و�ضرعان ما بداأ

يذرف الدموع، فقال النا�ضر: ما بك يا قا�ضينا؟ �

فقال بلهجة تقطر حزنا وكمدا:والله يا اأمير الموؤمنين ما ظننت اأن ال�ضيطان لعنه الله يبلغ منك �

هذا المبلغ، ول اأن تمكنه من قيادة هذا التمكين، مع ما اآتاك الله لك به على العالمين، حتى ينزلك منزل من ف�ضله ونعمته، وف�ض

منازل الكافرين.فهب اأمير الموؤمنين قائما وقام الح�ضور كلهم معه واأمارات الغ�ضب

قد لحت في وجهه، وقال �ضاخطا ناقما عليه:قول � اإنما هذا الكلم؟ له هذا يقال اأمثلي �ضعيد! بن يا ويحك

حاقد ل ناقد، انظر ما تقول! وكيف اأنزلتني منزلتهم؟قاعدا بقي بل لهجته، تتغير ولم القائمين مع منذر يقم فلم

والنا�ضر ورهطه قائمون، فقال بنف�ش اللهجة ال�ضابقة:علنا � ة واحدة ل ن يكون الناس أم

أ

ول

نعم، األي�ش الله تعالى يقول ول

.يها يظهرونة ومعارج عل لمن يكفر بالرحمن ليوتهم سقفا من فض

ال�ضغفي وحلمه �ضباته من النا�ضر توقظ مطرقة الآية فكانت غ�ضبه، امت�ضت ووقارا �ضكينة الآية فكانت والبنيان، بالعمارة منذر اإلى وتقدم وخوفا، الله من خ�ضية دموعه �ضالت ما و�ضرعان

بخطى وئيدة، فقال له:

60

شر والتوزيععصير الكتب للن

جزاك الله يا قا�ش عنا وعن نف�ضك خيرا وعن الدين والم�ضلمين �اأجل جزاءه، وكثر في النا�ش من اأمثالك، فالذي قلت هو الحق.

ثم عاد اإلى مجل�ضه وهو يردد: اأ�ضتغفر الله، اأ�ضتغفر الله.ثم اأمر باإزالة الذهب والف�ضة.

r

61

شر والتوزيععصير الكتب للن

)6(ي المروءة.

فإنها تثبت العقل وتزيد �فة م العربي

عل

ت

منذ ال�ضباح الباكر يدخل محمد ابن اأبي عامر اإلى ق�ضر الرو�ضة وهو يريد اأخذ ه�ضام اإلى اأول يوم في التعليم، بعد اأن جهز ابن اأبي القراآن لتعليمه واأمهرهم اأحذقهم فاختار والموؤدبين المعلمين عامر

والفقه والأدب والتاريخ.واأتت ال�ضيدة �ضبح باأناقتها ال�ضاحرة، وزينتها الباهرة، فقالت:

هو في ذمتك، ولن اأخ�ضى عليه ما دام بين يديك يا اأبا عامر. �من � هو ر�ضاك ثم الموؤمنين اأمير غاية عليه، مولتي فلتطمئن

يحفزنا على الإجادة والم�ضي في خدمة مولي ه�ضام.فقالت با�ضمة:

واأنا مطمئنة كل الطمئنان. �فقال وعلى ثغره الب�ضمة التي تخور كل قواها عندما يبت�ضمها:

�ضنوؤدبه اأدبا ملوكيا )ثم يغمزها(: لملك الغد. �فقالت ب�ضوت خفي�ش هو اأقرب للهم�ش:

ما زال اأمامنا طريق طويل حتى تتج�ضد هذه الغاية حقيقة. ��ضدقيني �ضتكون حقيقة، تمهلي وزيدي من )ثم يخف�ش �ضوته(: �

الهم�ش اللطيف في اأذن مولنا الحكم.

62

شر والتوزيععصير الكتب للن

وهل كففت لحظة عن الهم�ش اللطيف؟ ما زلت اأجهد نف�ضي في �الرقة لعلنا نبلغ ماأربنا الذي نرجوه.

و�ضنبلغه ل ت�ضتعجلي، وكله فداء لمولنا ه�ضام. �فم�ضك بخدي الطفل الذي لم يبلغ ال�ضاد�ضة بعد برقة، وقبله وهو يقول: هذا الأ�ضد �ضيحكم الم�ضرقين، لن يقتنع بالأندل�ش والمغرب، بل

�ضتخفق راياته فوق بغداد و�ضامراء ودم�ضق والقاهرة.ثم خرج به اإلى الدار التي يتلقى درو�ضه في الزهراء، كان مكانا �ضا�ضعا وفيه منا�ضد فخمة للدر�ش، ووجد مجموعة من الأولد الذين اأوتي بهم لتلقي الدرو�ش مع الأمير كي ل يمل اأو ي�ضجر، وكان الأولد بهم تو�ضم ممن كلهم فكانوا بعناية، عامر اأبي ابن اختارهم قد النجابة والنبوغ ومن اأبناء الوزراء والأمراء و�ضادة الموالي، اإل واحدا من العامة وهو ه�ضام بن معمر الوراق، الذي ولد بنف�ش اليوم الذي ولد فيه ه�ضام، ف�ضمي على ا�ضمه، ولما علم الخليفة فرح جدا، واختاره ربيبا له�ضام، فكان ياأتي اإلى الق�ضر بين الفينة والأخرى في �ضحبة اأبيه وي�ضمح له باللعب مع ه�ضام، وطلب الحكم نف�ضه من اأبي عامر

اأن ي�ضمه اإلى ال�ضبية الذين �ضيدر�ضون مع ه�ضام. وكان ال�ضيخ قد ح�ضر مبكرا، فجل�ضوا وجل�ش ابن اأبي عامر هذه

المرة معهم يراقب الأمير عن كثب.كان كما وفهما نجابة يبد لم ه�ضام الأمير ولكن الأيام وم�ضت ياأمل الحكم وابن اأبي عامر، فكان هما جديدا لقلب الخليفة العجوز.

rالتعليم، ولده ه�ضام ذكاء في يبد قلق الخليفة الحكم عندما لم الموؤمنين اأمير اإلى ت�ضل لم وحوادث ق�ض�ش معلميه مع وله�ضام

63

شر والتوزيععصير الكتب للن

ذات ال�ضعر در�ش ه�ضام جاء فقد بحنكته، عامر اأبي ابن تلفاها تدري�ضها المعلم ارتاأى التي الأ�ضعار ن�ضخوا قد الن�ضاخون وكان يوم له�ضام، فقال له المعلم: اقراأ الق�ضيدة الأولى جيدا يا ه�ضام قبل اأن �ضاأله ال�ضرح المعلم يبداأ اأن وقبل التالي اليوم وفي الدر�ش، تح�ضر

ه�ضام قائل:�ضيخي ما معنى )الكموج(؟ �

اأتى اأين من لنف�ضه: وقال وب�ضر، عب�ش ثم برهة؛ المعلم فتوقف بهذه الكلمة التي لم اأ�ضمع بها؟ وماذا ع�ضاي اأن اأقول لبن اأبي عامر اإن علم جهلي باأ�ضئلة الأمير؟ حتما �ضيطردني، قاتل الله الجهل، ثم ب وجهه حمرة: حاول اأن يبدد خوفه من �ضوؤال الأمير، وقال وقد خ�ض

واأين قراأت هذه الكلمة يا ه�ضام؟ �فقال ه�ضام:

اأرخى � البحر كموج )وليل القي�ش امرئ ال�ضاعر قول في معنى فما جيدا؟ الق�ضيدة اقراأ اأم�ش: تقل األم �ضدوله...(،

الكموج؟غيظه، كظم ولكنه لغبائه ه�ضاما ي�ضفع وكاد وفار، المعلم فثار

وقال با�ضما وفي طيها �ضاخرا:)الكموج( حمار يقراأ ول يفهم. �

فندت من التلميذ �ضحكات مجلجلة، فقال المعلم حازما: �ضكوت.ويحفظها خطاأ كلمات يقراأ كان بل الحد، هذا عند يقف ولم نهم

ضل

ول التغيير، فمثل قوله تعالى ثم ي�ضر على الخطاأ ول يقبل

الله ق خل ن يغي

لف مرنهم

ول نعام

ال آذان يبتكن

لف مرنهم

ول منينهم

ول

اأن يقراأ اأياما طوال وهو ل يح�ضن اأم�ضى في هذه الآية وحدها فقد

64

شر والتوزيععصير الكتب للن

( فقد كان ي�ضع التاء بدل الباء والباء بدل التاء، واإن اأعاد كن )فليبتعليه المعلم قال له: لم يا �ضيخي والله ل فرقا بينهما! فغ�ضب المعلم

وقال: ولماذا التنوين في )فرق( قل )ل فرق(. ومرة قال له المعلم:ما فعلت بدر�ضك؟ �

فقال وهو يخرج كل حرف بتوؤدة وترفق:قراأته. �ولم تجرها؟ �

فقال ه�ضام متاأففا:يا معلمي تغ�ضب مني اإذا تكلمت من تلقاء نف�ضي، فها اأنا اأحذو �

حذوك.فقال المعلم بغ�ضب:

لم تجرها؟ �فلم اأنت تجرها فتقول )بدر�ضك(؟! �اأنا جررته بالباء. �

فقال ه�ضام با�ضما كمن قب�ش على �ضر:؟ األي�ش الباء والقاف حرفان �ضيان؟ � فلم باوؤك تجر وقافي ل تجر

فنزع المعلم عمامته بغ�ضب وقال: اعتزلت التدري�ش.فقال ه�ضام وهو ل يدرك غ�ضب معلمه:

حفظت الق�ضيدة التي اأعطيتها لي اأم�ش. �فقال المعلم وقد عاد له �ضيء من وعيه وتذكر اأبا عامر:

قل )الق�ضيدة( بالفتح. �

65

شر والتوزيععصير الكتب للن

فنزل ه�ضام لرغبة اأ�ضتاذه مع العلم اأن ملمحه لم تخل من تذمر قائل:الق�ضيدة طويلة. �

فقاطعه المعلم قائل:قل )الق�ضيدة طويلة( �

فكظم ه�ضام غيظه مرة اأخرى وتابع:بالق�ضيدة مئة بيت. �

فقال المعلم:قل )بالق�ضيدة( بالك�ضر! �

فانفجر الأمير ه�ضام قائل:وترميني � تلمزني اأن اإل تاأبى ولكنك لراأيك اأنزل اأنا كفاك!

بالخطاأ.فقال المعلم بهدوء تنزل عليه بغتة:

يا ولدي اأنت �ضتكون راأ�ش هذه الدولة م�ضتقبل، ول�ضوف تحافظ �عليها بقدر ما حفظت ل�ضانك، ولن تحافظ عليها قدر ميل.

اأذنب اأنه الأمير و�ضعر البال، كا�ضف ثم خرج حزينا كلمته قال في حق معلمه، ولكنه �ضرعان ما م�ضى نا�ضيا، وفي اليوم التالي م�ضى ه�ضام لعبا في الق�ضر فرحا مرحا ولكنه �ضرعان ما تذكر الدر�ش، ف�ضعر بالملل وال�ضجر يت�ضلل اإلى نف�ضه من ذكر الدر�ش، ولكنه تذكر المعلم فوجد الدر�ش ودخل الذهاب، فقرر اأم�ش لمعلمه اأ�ضاء اأنه ينتظره هو والتلميذ، فقال له: اجل�ش يا اأمير، فهذا الدر�ش الأخير، اأو اأحببت اأن اأ�ضرح لكم هذا الدر�ش، اجل�ش يا مولي، فلن اأغلطك

66

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأ�ضحح لك اأو اأوبخك، اأعلم اأنك لم تقراأ در�ضك ولكن ل �ضير في ذلك ، فاإن اأبا عامر اختار لك معلما جديدا ولكني اأحببت اأن األقي عليك هذا الدر�ش، حافظوا على لغتكم، فبحفظها يحفظ القراآن وهو حبل

الله المتين، وبحفظه من اللحن تحفظ قواعد الدين، كما قيل:علينـــا اللغـــات حفـــظ

الصـــلاة ـــرض ف

ك فـــرض

ديـــن يحفـــظ يـــس لف

إلا بحفـــظ اللغـــات

وقد قال ف�ضيح العرب علي بن اأبي طالب ر�ضي الله عنه )تعلم ة فاإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة( وقوله: )تعلموا العربية العربي، اأ�ضلحوا من كما تتعلمون الفرائ�ش وال�ضنن(، وقال رجل لبنيه: يا بنياأل�ضنتكم، فاإن الرجل تنوبه النائبة فيحب اأن يتجمل فيها، في�ضتعير

من اأخيه دابته اأو ثوبه ول يجد من يعيره ل�ضانه!!و�ضمع ر�ضول الله �ضلى الله عليه و�ضلم رجل يلحن في كلمه فقال: للمعنى واأقل حركة مغيرة ي�ضل ل وكيف . ل �ض فقد اأخاكم اأر�ضدوا ت اإلى الكفر، كما حكي: اأن اأعمى �ضمع رجل يقول )يا من وربما اأداأولدي، �ضمع يا اأنا ذا(. الأعمى )لبيك ها له يرى ول يرى( فقال الماأمون لحنا في ولده، فقال )ما على اأحدكم اأن يتعلم العربية! ي�ضلح اأمته، اأو يكون كعبده اأن اأحدكم اأي�ضر اأقرانه، بها ويفوق ل�ضانه بها فل يزال طول دهره اأ�ضير كلمته!( وهذا بليغ العرب وغرة بني اأمية عبد الملك بن مروان رحمه الله يقول: اللحن في النطق اأقبح من اآثار الجدري في الوجه، فتعلموا العربية فهي �ضر بقاء دولتنا، و�ضت�ضقط

هذه الدولة العظيمة ومجدنا �ضوف ياأفل.

67

شر والتوزيععصير الكتب للن

ثم هم بالقيام وهو مكفهر الوجه، فقال اأحد التلميذ: هل تو�ضينا ب�ضياء؟ فقال با�ضما: نعم، بتقوى الله واإ�ضقاط هذه الألف. وخرج.

الذي هو قلبه، الياأ�ش يدخل من هو ولي�ش عامر، اأبو يياأ�ش ولم دخل القلوب كما �ضاء، دخلها حامل قنديل؛ فقلب القلوب كما �ضاء؛ هذا ولكن جديدا، معلما له اأر�ضل ما و�ضرعان فتى؟ تعليم اأيعجزه الأخير كان ع�ضبيا على اإتقانه وعلمه وف�ضله، ل يجامل على ح�ضاب العلم، ولو خ�ضر اأعز ما يملك، دخل اإلى قاعة الدرا�ضة الفخمة فتقزز منها، وقال ب�ضوت هادئ: هذا مكان باذخ ي�ضلح لل�ضمر وال�ضهر ل

العلم.يون�ش تخفيفا القراآن، فبداأ معه من �ضورة وم�ضى يحفظ ه�ضام عليه وعلى رفاقه، ومع ذلك ق�ضى اأربعة اأ�ضهر ولم يتقنها، كان حفظه ركيكا، وبعد الأربعة اأ�ضهر قال له: اقراأ، فلم يقراأ اإل الآيات الخم�ش الأولى ثم �ضكت، ولم يتذكر الباقي. ف�ضفعه المعلم �ضفعة قوية، وقال اأنه يعلم العوام في الم�ضجد ل ابن الخليفة: له وقد ن�ضي نف�ضه وظن

اأنت حمار، ت�ضلح اأن تكون حمارا ل طالب علم.وخرج الأمير باكيا وانتهى الأمر بهذا المعلم اإلى ال�ضجن!

وجل�ش محمد بن اأبي عامر مطرقا مفكرا في اأمره، يقلب الأفكار فلمعت فكرة مجنونة في عرف الملوك، معقولة عنده.

rماذا؟ ولدي يجل�ش مع العامة يتعلم؟ )هكذا ردت �ضبح على اأبي �

عامر(.فقال اأبو عامر:

68

شر والتوزيععصير الكتب للن

يا مولتي، ل فرق في العلم بين اأمير وفقير، �ضغير وكبير، عربي �ومولد، كلهم واحد، ووحده العقل ما يميز النابه عن غيره، وعلى

الأمير ه�ضام اأعزه الله اأن يكون اأكثرهم فهما ونبوغا.فقالت كيائ�ضة وقد اأعيتها حججه:

هنا � اإلى النابهون والطلب المعلمون ياأتي اأن المانع ما لكن كالعادة؟

وهو � والدعة، الراحة اإلى يركن ه�ضام �ضيدي اإن مولتي، يا يجعله وهذا بالح�ضم، محاطا بالخدم، محفوفا الدر�ش يدخل درو�ش لجج في نزجه اأن عندي والراأي �ضيوخه، على متكبرا الخليفة هو األي�ش النا�ش، �ضغار يتعلم كما فيتعلم الجامع، القادم؟ )وتفنن في طرح الجملة الأخيرة لعلمه بوقع هذا الأمر في نف�ضها(، فالنا�ش مختلفون في الأل�ضن والألوان، وفيهم الطيب وال�ضعيف، والقوي والكافر، والموؤمن والفاجر، والبر والخبيث، والعالم والجاهل، والأمين والجاهل، واللطيف والقا�ضي، والمتبع مجتمعنا بل والم�ضيب، والمخطئ والجائر، والمن�ضف والمبتدع، فعلى وفقراء، وزراء وعبيد، اأحرار ومولدون، عرب فيه نف�ضه

الأمير اأن يعرفهم، واأل يبقى مح�ضورا في حنايا الق�ضر.فقالت:

واأمير الموؤمنين؟ �ما به؟ �هل �ضير�ضى ولده اأن يكون مع النا�ش؟ �

فتب�ضم �ضاحكا، وقال:بل �ضيكون �ضعيدا. �

69

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضعيدا؟! �و�ضوؤون � والريا�ضة ال�ضيا�ضة باأمور النا�ش اأعلم الموؤمنين اأمير

الحكم، فهو يدرك اأن من اأوجب واجبات الخليفة هو التقرب من الرعية، والتعرف عليهم عن كثب وقرب، ثم اإنك تريدين رجل �ضديد المرا�ش قوي ال�ضكيمة، يعرف ما ل يعرفه �ضواه، ويح�ضن ما ل يح�ضنه غيره، واأنت تعلمين اأن مولنا اأمير الموؤمنين محاط ب�ضدنة قوية، وحا�ضية متينة، واأخوة فاغرون اأفواههم، وكل واحد يقول: اأنا لها، فاإذا تركنا اأمير الموؤمنين محاطا بالق�ضر المنيف،

اأنى له معرفة اأمور التدبير وفنونه؟ولما علم اأمير الموؤمنين بعزم اأبي عامر فرح، وقال له: دوما تح�ضن

الختيار، افعل ما تراه منا�ضبا.وفعل ما كان يريد، وو�ضعه في م�ضجد في �ضواحي قرطبة، بعيدا هو ه�ضام اأن للمعلم يقل ولم العامة، لبا�ش واألب�ضه الق�ضر، عن

الأمير، بل قال له: قريب لي.وركبا في العربة التي يجرها ح�ضان، وعندما خرجت العربة من يكثر و�ضار ه�ضام، ابتهج قرطبة اأزقة في تم�ضي و�ضارت الزهراء اللتفات ب�ضرور بالغ واأبو عامر ي�ضحك، كيف ل؟ وهو يرت�ضف الحرية والحب، الوئام رائحة ت�ضع عذبا، نقيا الهواء هنا معانيها، باأ�ضمى الحياة، تتجلى بالبيا�ش المطلية وجدرانها ودروبها قرطبة اأزقة في وتبدو مترفة على ب�ضاطتها، منعمة على ي�ضرها، فهذا بائع ينادي اإلى ب�ضاعته، وذاك عامل ي�ضعى لرزقه، وتلك عيون فتاة فاتنة تبدو من والبزازين، النحا�ضين �ضوق وذاك حبيبها، تراقب البيت �ضرا�ضيب هناك في الزهراء ينبثق الطمع والج�ضع والموؤامرات فجاأة من حيث ل تحت�ضب، وتح�ضب كل خادم هو عين تتج�ض�ش. فقال اأبو عامر وهو

�ضحك:

70

شر والتوزيععصير الكتب للن

ه�ضام � كن بل ه�ضام، واأنك اأمير اأنك اأحدا تخبر ل مولي، يا فح�ضب، فاإن هذا مما يرفع قدرك، وحذار اأن تنب�ش بكلمة خارج الدر�ش، اأو اأن تغ�ضب فتك�ضف عن �ضخ�ضك، فاأنت اأمير، وعلى ا�ضتحكم اإذا عدته فهم برعيته، رفيقا رقيقا يكون اأن الأمير

البلء.فقال بتاأفف:

فهمت يا اأبا عامر. �اإلى ا�ضتحالت قد الأ�ضيل �ضم�ش وكانت الم�ضجد باب اإلى فو�ضل �ضديق وديع في ذلك النهار ال�ضتائي. فدخل اإلى الم�ضجد وكان ال�ضيخ وراءه ال�ضغار والطلب زلزالها( الأر�ش زلزلت )اإذا يتلو جال�ضا يرددون كبلبل تجرب التغريد وتتباهى به، وما اإن راأى المعلم محمد نظر معه؛ التحدث بداأ وبينما به، ورحب توقف عامر حتى اأبي بن ب�ضطاء كانوا ف�ضول، اأعناقهم ا�ضراأبت الذين الطلب اإلى ه�ضام جدا، ملب�ضهم العتيقة تنم عن فقرهم، ولكنها نظيفة ومرتبة، اأما

ه�ضام فل يخفى عليهم ما عليه من اأثر النعمة.فقال اأبو عامر له�ضام:

يا ه�ضام اأنا ذاهب واأنت �ضتبقى هنا اإلى الع�ضر. �اإلى الع�ضر! �اأجل يا ه�ضام، هيا اأنا ذاهب، لدي اأعمال. �

ثم ذهب، ثم اأ�ضار المعلم بع�ضاه اإلى مكان ناء في نهاية المجل�ش، كالغريب، ه�ضام و�ضعر طالبا، ثلثين من اأكثر الطلب عدد وكان

فجل�ش �ضامتا.

71

شر والتوزيععصير الكتب للن

وكان جلو�ضه اآخر المجل�ش هذا يعني اأنه مع الأغبياء، وما اإن جل�ش حتى نظر اإليه الطالب الذي بجانبه، فقال له هام�ضا:

من اأين ا�ضتريت هذا الثوب؟ �فنظر اإليه ه�ضام �ضزرا، وقال له:

ل تتدخل فيما ل يعنيك. �فقال �ضاخرا:

ولم يا �ضيدي؟ �فقال ه�ضام بحنق:

لأنه ل يعنيك. �ثوب ل يرتديه اإل الملوك. �

فقال ه�ضام بل اكتراث:ول�ضت غريبا عليهم. �

فقهقه الولد ب�ضوت خفي�ش، وقال هازئا:لعلك الأمير ه�ضام بن مولنا الحكم؟! �

ف�ضرت �ضحكات مكتومة بين �ضفوفهم، فقال المعلم: ا�ضكتوا!قليل، قبل قهقه الذي الولد اإلى واأ�ضار يا هذا. قم المعلم: فقال

فقام الولد وهو خائف وجل، فقال المعلم: والتعريف � الإعراب في لمتبوعه تبعا التابع ياأتي الفتى، اأيها

والتنكير، والعطف من التوابع، األي�ش كذلك؟فقال الفتى وهو مرتبك:

نعم. �

72

شر والتوزيععصير الكتب للن

فلم عطف ال�ضاعر المن�ضوب على المجرور؟ في قوله: �ـــانا حس بهـــا داينـــت كنـــت قـــد

انـــا ي الإفـــلاس والل

مخافـــة

)ثم �ضارخا(: اأجب!واأنى له اأن يجيب وقد ق�ضى الدر�ش �ضحكا وا�ضتهزاء به�ضام؟

فلم يجب �ضيئا، فقال المعلم:وكيف تجيب وقد ق�ضيت الدر�ش في اللغو مع ه�ضام؟؟ �

لتلويحها وي�ضمع الم�ضجد اأفق في تلوح وبدت ع�ضاه اأخرج ثم حفيفا يخطف القلوب رعبا وهلعا، واأ�ضار المعلم بها فانبرى تلميذان وبطحا التلميذ الذي لم يجب كما يبطح الجزار �ضاته، وم�ضكا قدمه ي�ضرخ، وهو ب�ضربه المعلم وبداأ ي�ضرخ، والتلميذ للمعلم ماها وقدكانت �ضرخاته المجلجة ت�ضب في نفو�ش الطلب خوفا ورهبة قا�ضية، وه�ضام يرى ذلك المنظر ونف�ضه طارت رعبا، وعاد لمجل�ضه وقد تورمت

قدماه.واأ�ضار اإلى ه�ضام قائل:

اأيها الفتى قم. �اإليه حتى بداأ يرتع�ش خوفا، و�ضحب وجهه، اأ�ضار المعلم اإن وما تاأتيه وبداأت هذا عالمه من وخرج عروقه، في الدم جمد وقد وقام نف�ضه وفي خائفة بخطى وتقدم الم�ضجد، من الهروب اأهمها اأفكار �ضورة �ضاحبه الذي �ضرب، وما اإن وقف اأمام المعلم حتى قال له: ما

اإعراب البيت الآتي...

73

شر والتوزيععصير الكتب للن

من فارا ا راك�ض وم�ضى الباب اإلى نظر حتى يكمل يتركه ولم الم�ضجد، وم�ضى يرك�ش كالمجنون، ولفرط خوفه ن�ضي اأن يلب�ش نعله يعدو وهو خلفه يرك�ضون تلميذ ثلثة فقام حافيا، يعدو خرج بل اأن بعد اأحدهم قفز اأن اإلى خلفه يرك�ضون والطلب كالمجنون، �ضار بعد ذراع عنه ووقع عليه وقعة عنيفة فارتطما في الأر�ش وطار اأولد وم�ضى اآه. و�ضرخ: عبه، في ي�ضعه كان نقود كي�ش ه�ضام من الزقاق ياأخذون الدراهم المتناثرة، وحمل التلميذ ه�ضام اإلى المعلم وهو ي�ضرخ، فقال له المعلم: لماذا ت�ضرخ يا ه�ضام؟؟ اأنا لن اأ�ضربك، كنت اأريد اأن اأرى م�ضتواك فح�ضب، عد الآن واجل�ش، ولم يم�ش هنية حتى اأذن اآذان الظهر، وانتف�ش الطلب للو�ضوء، فقال اأحد الطلب

له�ضام:لم تحمل كل هذه النقود؟؟ ءاأبوك من الوزراء والكبراء؟ �

فقال ثان:وكم كان يحمل في جعبته؟ �

فقال اأحدهم:الكثير من الدراهم والتي نهبها الأولد. �ماذا يعمل اأبوك حتى تحمل كل هذا. �

فقال اأحدهم:ا�ضمك ه�ضام! ع�ضى اأن تكون الأمير ه�ضام بن الحكم. �

ثوبه، بتنظيف م�ضغول كان هو بينما منه، �ضاخرين ف�ضحكوا فقام عفريت منهم ولكزه ف�ضقط على الأر�ش التي كانت مبتلة، فقام ه�ضام و�ضرب الذي دفعه، و�ضرعان ما ن�ضبت م�ضاجرة بينهم، واأتى ال�ضيخ م�ضرعا، ولكن بعد اأن تمزقت ثياب ه�ضام وبدا منظره م�ضينا،

74

شر والتوزيععصير الكتب للن

فاحتار المعلم: ماذا يقول لأبي عامر؟ وما اإن فرغ من ال�ضلة حتى قاد ه�ضام معه، فقال ه�ضام:

اأين نذهب؟ �اإلى بيتي. �ل، اأنا اأنتظر اأبا عامر. �اأن � يتاأخر، ثم هل تقبل ياأتي الآن، بل �ضوف اأبا عامر لن ولكن

يراك بهذه ال�ضورة؟ هلم بنا. وكانت الأزقة �ضيقة مكتظة بالبيوت ولكنها نظيفة اأنيقة، وفيها بهاء الطرق زادت والتي الطريق طول المنت�ضرة اليانعة الأزهار

ون�ضارة ونظافة، فقال المعلم:ح�ضرة الأمير. �

فقاطعه ه�ضام قائل:وكيف عرفت اأني اأمير؟ اأقال لك اأبو عامر؟ �

فقال با�ضما:كل، لم يقل محمد ت�ضريحا، بل تلميحا، ومن ذا الذي ل يعرفك؟ �تعرفني؟ واأين راأيتني؟ �لم اأرك من قبل، ولكن اأخلقك اأخلق ملوك، وزينتك وم�ضيتك �

كل �ضيء يعرف بك، ثم اإن محمدا عمله هو العناية بك.

r

75

شر والتوزيععصير الكتب للن

)7( هوجاء، تس�ي نحوك، وسيبدأ عصفها عندك، ستكون

هناك عاصفة

مظلمة كليل بهيم، طويلة تأ�ب الركون أو السكون، وستقتلع أشجارا

ي تستظل سامقات، وأول شجرة تقتلعها من جذورها هي الشجرة ال�ت

بظلالها!

كان قد و�ضل اإلى بيته، لم تكن م�ضاكن العامة في قرطبة تنبئ باب وكان تقريبا، مت�ضاوية البيوت كل بل الجتماعي، بم�ضتواهم من مكونا قفل ويحمل الخ�ضب، من قرطبة بيوت ك�ضائر البيت الباب، ففتح المعلم الباب، وقرع لقرع مزلج خ�ضبي وفوقه مقرعة اأحد اأولده، وما اإن دخل حتى �ضارا في )ال�ضطوان( وهو الممر الذي يلي الباب الخارجي، والموؤدي اإلى و�ضط المنزل، وكان هذا ال�ضطوان �ضيقا، ثم ينحرف هذا ال�ضطوان على �ضكل كوع الذراع ويوؤدي اإلى باب اآخر لم يكن على نف�ش خط الباب الخارجي، ومنه اإلى ال�ضحن، وبذلك ي�ضتحيل على ال�ضابرة اأن يروا ما يحدث في ال�ضحن ولو كان الذي )ال�ضحن( الدار و�ضط اإلى ودخل مفتوحا. الخارجي الباب كان �ضاجا بحركة اأهل البيت ن�ضاء واأولدا، ودخل والمعلم يقول: يا الأندل�ضية، وطبعا البيوت �ضائر البيت، وهو طراز مولي، هذا فناء

ل تراها واأنت في ق�ضرك، هذا الفناء الرائع الذي قال فيه ال�ضاعر:رامـــة

ي ظـــل عـــز دائـــم وك

�ف

خيـــم

ز ـــود بالوف دارك وفنـــاء

76

شر والتوزيععصير الكتب للن

من الن�ضف حوالي ي�ضكل اإذ �ضا�ضعة، ال�ضحن م�ضاحة وكانت م�ضاحة البيت الإجمالية، وتناثرت غرف ثلث حوله ومطبخ، ويتو�ضط اأ�ضجار بع�ش هناك كان ال�ضحن وفي دافقة، ماء بركة ال�ضحن النارنج التي اأ�ضافت للبيت م�ضحة من الجمال، فالتف حولهما اأولد المعلم وبناته، وله ولدان بعمر ه�ضام، وثلث بنات تتراوح اأعمارهن ما بين ال�ضاد�ضة ع�ضر والع�ضرين، فقالت كبراهن وكانت تعجن العجين

للخبز:من هذا الفتى القذر يا اأبتاه؟ �

فردت ال�ضغرى:تاأتي بالمت�ضولين اإلى هنا؟ انظر اإلى وجهه! �

فقهقت الو�ضطى ب�ضوت قبيح، فقال المعلم:ا�ضكتن يا بنات. �

�ضوت المطبخ اأق�ضى من اأتى �ضاحكات، �ضاخرات هن وبينما اأمهن يرعد ويزبد:

الخبز؟؟ � يجهز ولم الغداء وقت حان فتيات! من الله قبحكن والله لأوؤدبكن غير هذا الأدب، لم ياأت عري�ش قذر وياأخذكن من

اأمام وجهي، وكيف ياأتي لفتيات قذرات قبيحات مثلكن؟فقال المعلم:

يا �ضميرة ا�ضكتي، معنا �ضيف. �فخرجت من المطبخ، ونظرت اإلى ه�ضام، وقالت:

ومن هذا؟ �اإنه اأمير اأموي. �

77

شر والتوزيععصير الكتب للن

ف�ضحكن كلهن ب�ضوت مرتفع، وقالت �ضميرة:ما اأجمل مزحك، اأمير اأموي! �ل�ضت مازحا. �ماذا تعني؟ �اأعني اأنه امير. �اأمير اأموي وبهذه القذارة وهنا؟ �ت�ضاجر مع الأولد. �وما الذي اأتى به عندك؟ �نتكلم في وقت اآخر، والآن جهزن الطعام، هيا، عندنا عمل. �وما هذا العمل؟ �قلت جهزن الطعام. �

وبداأت البنت الكبرى تخبز في فرن مو�ضوع في ناحية من نواحي والأم عاكفة في الموؤن، اإلى مخزن الو�ضطى دخلت والبنت ال�ضحن، ذلك وكان ال�ضحن، و�ضط مجل�ضه اإلى تهادى المعلم بينما المطبخ، من بال�ضجاد مغطاة بالق�ش مفرو�ضة اأر�ضية عن عبارة المجل�ش المح�ضوة النمارق من مجموعة الفرا�ش فوق ن�ضدت ثم ال�ضوف،

بال�ضوف، فقال المعلم با�ضما وهو ي�ضير اإلى ه�ضام بالجلو�ش:، إلا بساط من صوف ي

عمد يا أ�ف

ومخايـــد عليهـــا يـــد صفـــوف

�ضاخنة، باأرغفة الكبرى البنت اأتت حتى قليل اإل يجل�ضا ولم وو�ضعت مائدة خ�ضبية �ضغير م�ضتديرة ذات اأرجل ثلثة، واجتمعت

78

شر والتوزيععصير الكتب للن

العائلة كلها حول المائدة، واأتت الأم تحمل �ضحفتين م�ضنوعتين من الخ�ضب فيهما اأرز وفوقها لحم م�ضوي.

فقال المعلم:�ضموا الله وكلوا، )ثم بلهجة رقيقة( كل يا اأمير. �

الأ�ضرة اأفراد كل فراأى راأ�ضه رفع اإن وما خجول، الأمير وكان بدت التي الكبرى البنت ل�ضيما بترقب، اإليه وينظرون يرمقونه نظراتها مخيفة بالن�ضبة له، و�ضرعان ما خ�ضب خده بحمرة، فقال

المعلم: كلوا. وبداأوا بالأكل، و�ضار الأمير يداري خجله بلهم الطعام الذي لم يعتد اأن ياأكله بهذه ال�ضورة؛ هناك في الزهراء يقدم له الطعام على طاولة خ�ضبية كبيرة ويو�ضع فوقها �ضفر الأديم التي ا�ضتحدثها زرياب على فتو�ضع الزجاجية، الطعام اأطباق وتاأتي الأندل�ش، دخوله بعد ا، ويجل�ش مع اأبيه واأمه المائدة بتن�ضيق وكاأن وا�ضعها مهند�ضا مخت�ضاأحيانا ووحده اأحيانا كثيرة، ويجل�ش الخدم منتظرين اإ�ضارة منه حتى وكم الوراق، بن معمر كثيرا مع ه�ضام يجل�ش كان وكم يلبوا طلبه، تعارك معه على المائدة هازلين، بل اأمه كانت تتفنن في اختراع طرق لتقديم الطعام مما كان يده�ش الخدم، فمرة �ضجر من الكوؤو�ش التي ، فاأمرتهم باأن ي�ضنعوا كان ي�ضرب بها، فاأتت له بكوؤو�ش من ذهب فمل

كاأ�ضا من المرجان! فقال المعلم:

يا �ضميرة، بعد اأن يكمل الأمير غداءه اأدخليه الحمام هو وابنك ��ضعيد، واأنا �ضاأنطلق اإلى ال�ضوق واأ�ضتري له حلة جديدة.

فقالت �ضميرة دون روية:

79

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولم ل تذهب به اإلى حمام ال�ضوق؟ فتخت�ضر الوقت. �من � فيه الأولد؟! اإليه يذهب ل الحمام اأن مرارا لك اأقل األم

ال�ضفلة وقليلي الذوق ما ل يح�ضى وهم كما و�ضفهم ال�ضاعر:تقابلـــوا مـــا إذا أقـــوام ل ف ومـــ�ف

ورئيســـه وغـــده فيـــه تشـــابه

كربـــه ينفـــس إذ ي كـــر�ب ـــس ينف

أنيســـه يقـــل إذ انـــ�ي ويعظـــم

إذا مـــا أعـــرت الجـــو طرفـــا تكاثـــرت

بـــه أقمـــاره وشموســـه عـــلى مـــن

فقالت ال�ضغرى:لم اأفهم �ضيئا يا اأبت من هذا ال�ضعر. �الأف�ضل األ تفهمي. �

فقالت الو�ضطى:رحم الله ال�ضاعر الم�ضرقي عندما يقول: �

للوفـــودوحمامكـــم كعبـــة

وعـــراه حفـــاة إليـــه تحـــج

أنابيبـــه صـــوت يكـــرر

بـــاب الميـــاه كتـــاب الطهـــارة

80

شر والتوزيععصير الكتب للن

ف�ضرب المعلم الطاولة بيده �ضربة عنيفة، وقال لها:ثكلتك اأمك من ذا الذي علمك هذه الأ�ضعار؟ �

فقالت مرتع�ضة:قراأتها في الكتب التي في حجرتك. �وتقراأين اأ�ضعارا مثل هذه؟ �وما بها؟ �وتردين اأيتها البلهاء؟ قومي من اأمامي هيا. �

فقالت الأم:قمن كلكن، يا ربي متى ياأتي ن�ضيبهن والله تعبت، بنات ل نجني �

من ورائهن اإل الهم والغم، والله تعبت.وم�ضت تولول وتندب حظها وت�ضكو �ضخطا، فقال المعلم:

ظاهرة � نعمة ورب نعمة، وباطنها ظاهرة نقمة رب امراأة، يا وباطنها نقمة.

فقالت وهي تكفكف دموعها:المثل: � ن�ضيت الن�ضيب؟ ياأتي تعبت من همهن متى تعبت والله،

، واإن رفعت القدح لفمها )اإذا قالت البنت دد فكر لها في مخدتحتاج ما تحتاج اأمها( اأن�ضيت؟ وها هي الكبيرة تبلغ الع�ضرين، وي على من مات وخلى �ضبع اأن يبقين بل زوج ونرحل، اأخ�ضى

بنات.وجل�ضت للأمير، ثوبا ي�ضتري المعلم وخرج الغداء فترة وم�ضت �ضميرة على حافة النافورة واأخذت تغترف ماء تغ�ضل ولدها والأمير و�ضطه على لف اأزار من اإل عار فهو مخزيا، له�ضام بدا منظر في

81

شر والتوزيععصير الكتب للن

وامراأة تغ�ضله وحوله اأعين ثلث فتيات مراهقات، عان�ضات في نظر ، واأتى المعلم بحلة جديدة ب�ضيطة، وارتداها، ومن يره الآن حقا اأمهناأبي ابن اأين ولكن الأندل�ش، عامة من فقير بل اأمير، اأنه يعرف ل عامر؟ لم غاب كل هذا الوقت؟ اأذن الع�ضر ولم يعد، اأيعقل اأنه ن�ضيه؟ ولكن كيف ين�ضاه وهو موكل به، وكل عمله معه، هناك اأمر ما ح�ضل،

�ضيء ي�ضعب التكهن به )هكذا كان يفكر ه�ضام(.ل�ضلة خرج فالمعلم واأمهن، البنات مع وحيدا ه�ضام وبقي بل معهما، اللعب ي�ضتطب ولم الزقاق، يلعبان في والولدان الع�ضر، الدافقة، البركة يتاأمل ال�ضحن حافة على جال�ضا ال�ضحن بقي في حوله، وجل�ضن حجرتهن، من البنات فخرجت عامر، اأبا وينتظر

فقالت الكبرى بتودد على كره ه�ضام لها اأول الأمر:قال � وخالدة، ميمونة اأختاي وهاتان �ضعاد، اأنا الأمير، ح�ضرة

اأن نحظى اأمير يا اأنك ابن مولنا الحكم، ل�ضيء رائع اأبونا لنا و�ضرت الأيام �ضارت فاإذا ق�ضيرة، لبرهة ولو معك بالجلو�ش يوما، عرفناك اأننا العمر اأبد نفتخر بقين الم�ضلمين خليفة ول�ضيما واأنت ظريف طريف، واأمك ال�ضيدة �ضبح، التي تتحدث

�ضائر النا�ش بجمالها.ا: فقال منتف�ض

ومن قال اأن اأمي جميلة؟ �فقالت ميمونة:

وكيف ل تكون جميلة يا اأمير؟ النا�ش كلها تعرفها. �فزاد حنقه وغ�ضبه، بل كاد يتحول خجله اإلى كره لهن، ثم قال:

وكيف يعرف كل النا�ش اأن اأمي جميلة؟ �

82

شر والتوزيععصير الكتب للن

ف�ضحكت خالدة بملء �ضدقيها، فقالت �ضعاد ببطء:يا اأمير وكيف ل يعلم النا�ش بجمالها واأنت ولدها بهذا الح�ضن �

اأبويه، فاإذا كان الفرع هكذا فكيف لو والبهاء، فالبن فرع عن الأثيرة عند مولنا الحكم، والحظية، اإنها ثم الأ�ضل؟ �ضاهدنا

األم يقل فيها:أمـــت لـــم كيـــف ودعتهـــا وقـــد عجبـــت

مـــ�ي يـــدي الـــوداع بعـــد انثنـــت وكيـــف

دمـــا ي اســـك�ب عليهـــا ى العـــ�ب ي مقلـــ�ت فيـــا

تقطـــ�ي عليهـــا ى الحـــر كبـــدي ويـــا

وما اأدراك اأن اأبي قال في اأمي هذ؟ �بالتهكم، الزاخرة ال�ضاخبة ال�ضحك موجة اإلى ثلثتهن فعدن

فقالت ميمونة:هذه اأبيات معروفة م�ضهورة الكل يحفظها. �

فقالت �ضعاد بمرح:كفى هزل، لنلعب لعبة لطيفة مع الأمير. �

ف�ضفقت البنتان بجذل.قالت �ضعاد: �الدولة، � وت�ضتقر م�ضتقبل الخلفة الأمير يتولى عندما

�ضيخ�ض�ش لكل واحدة منا وظيفة محترمة، فلتختر كل واحدة منا وظيفة من الآن من�ضبا مرموقا ون�ضمع راأي الأمير.

فقالت خالدة:

83

شر والتوزيععصير الكتب للن

مرحى مرحى يا اأمير، وافق. �فقال خجل:

موافق. �فعل الت�ضفيق مجددا.

فقالت �ضعاد:على � لأق�ضي المدينة، �ضاحبة بدء ذي بادئ اأكون اأن اأريد اأنا

�ضاحب الم�ضحفي ابن المعتوه المغرور هذا واأولهم الل�ضو�ش المدينة، هو موكل لخدمتها ولكنه ل�ش ومحتال ول يخاف الله، فاإذا م�ضى ن�ضف الليل وبدت قرطبة كعرو�ش ترفل بثوبها الأنيق يتو�ضط �ضماءها قمر منير؛ بداأ الل�ضو�ش عملهم وما اأخزاه من

عمل، اأريد اأن اأرجع الأمان اإلى قرطبة.ح�ضنا. �

فقالت ميمونة:الأمور � وتدبير ق�ضرك ب�ضوؤون والقائمة وكيلتك اأكون اأن اأريد

الخا�ضة بالق�ضر.ولم؟ �لأن الف�ضول �ضيقتلني، هناك في الزهراء، ترفع اأقوام وتخف�ش، �

وال�ضقاء، ال�ضعادة الق�ضور، اإلى وبع�ضهم القبور اإلى تخرج م�ضائر اأمم مترامية ل تكاد تجمعها راية، ما �ضرها؟

ح�ضنا. �فقالت خالدة:

84

شر والتوزيععصير الكتب للن

واأبي � بالأ�ضواق مولعة لأني ال�ضوق، اأمر اأم�ضك اأن اأريد واأنا يمنعني.

ولم تكمل حتى دق الباب، فخرجت الأم من الحجرة قائلة:لعلها اأم معاذ، افتحي يا �ضعاد. �اأخاف اأن ياأتي اأبي. �افتحي يا بنيتي، اأبوك في در�ش الع�ضر. �

ودخلت عجوز ترتدي ال�ضواد من اأعلى راأ�ضها اإلى اأخم�ش قدميها، وا�ضمئزازا، وهلعا رعبا يمتلئ وجهها تجاعيد في قليل يتاأمل ومن

ف�ضكلها مقزز منفر مكفهر، ولكنه اكفهرار يدعوك لل�ضحك.وبعد اأن ا�ضتقر بها المجل�ش في ال�ضحن، قالت لها الأم:

لواحدة، � ولو الآن اإلى ياأت عري�ش ولم بناتي، معاذ هذي اأم يا خائفة واأنا م�ش، بهن اأو م�ضحورات، وكاأنهن بهن، ما اأعلم ل

عليهن.�ضيئا، � ي�ضكين ول ونعمة، �ضحة في الله �ضاء ما فهن تخافي، ل

الن�ضيب.ولكنه تاأخر. ��ضياأتي قريبا. �

فقالت الأم وقد لمعت عيناها فرحا:اأ�ضحيح؟ �اأجل، راأيت �ضعاد في الحلم. �

فقالت الأم بخيبة:

85

شر والتوزيععصير الكتب للن

في المنام! �ما بها الأحلم؟ اإن اأحلمي ل اأراها اإل وتاأتي مثل فلق ال�ضبح! �

فقالت ميمونة �ضاخرة:فلق � مثل تتحقق الأنبياء، روؤيا مثل معاذ اأم يا روؤياك اأن يبدو

ال�ضبح.فلكزتها اأمها على كتفها، وقالت لها:

قومي اأيتها الرعناء. �عن وتحدثت غدا، �ضتقع وكاأنها روؤياها عليهن تق�ش فم�ضت اأ�ضيل، اأ�ضهل كميت على معه �ضعاد �ضت�ضعد وكيف �ضعاد قرين �ضبح الأميرة وكاأنها ورغد عز في تعي�ش ويجعلها �ضيغنيها وكيف ت�ضعها تحت اأن واأو�ضتها ردنها عقدة اأخرجت من ثم الب�ضكنجية، وطول معاذ، لأم وناولتها دنانير �ضرة الأم واأخرجت نمروقتها، اإليه، فقالت النظر وتختل�ش الأمير ترمق بقيت ال�ضحن مكوثها في

قبل اأن تذهب:من الفتى؟ �

فقالت الأم بعد تردد:ابن �ضديق زوجي. �تعال يا فتى. �

�ضاأقراأ وقالت: بكفه فم�ضكت يديها، بين وجل�ش نحوها فتقدم كفك.

تقوم ثم وت�ضرح، عيناها تغم�ش ثم كفه، باطن تتاأمل و�ضارت بحركات غريبة اأ�ضبه بدرو�ضة ال�ضوفي، ثم قالت ببطء: �ضتعي�ش في

86

شر والتوزيععصير الكتب للن

نعيم دائم، تحت �ضجرة وارفة الظلل، طيبة الثمار، ولكن هذا الثمار تمجها نف�ضك، وتبغ�ضها روحك.

ثم م�ضت تتاأمل وفجاأة اكفهر وجهها و�ضاح باأمارات التعجب، ثم قالت:

عندك، ع�ضفها و�ضيبداأ نحوك، ت�ضير هوجاء، عا�ضفة هناك و�ضتقتلع ال�ضكون، اأو الركون تاأبى بهيم، طويلة كليل �ضتكون مظلمة اأ�ضجارا �ضامقات، واأول �ضجرة تقتلعها من جذورها هي ال�ضجرة التي

ت�ضتظل بظللها!وهنا و�ضلت العربة التي �ضتاأخذ الأمير اإلى الزهراء وكانت ال�ضم�ش

قد مالت اإلى المغيب.

r

87

شر والتوزيععصير الكتب للن

)8(ي ما زوي لي منها(

ويت لي مشارق الأرض ومغاربــها، وسيبلغ ملك أم�ت

)ز

النجوم يراقب �ضاهرا، مت�ضهدا ليله عامر اأبي ابن يق�ضي يزداد خليفة ربه، وتغ الأفكار رقه ت�ض المنير، القمر حول المتناثرة �ضيخوخة و�ضعفا وتم�ضي به ال�ضنون انحدارا وقد اأغ�ضاه حب الولد، وطفل بليد ل يفقه �ضيئا، واأمه عا�ضقة هائمة تم�ضي ورائي بل هدى، فمن طمعا، بالخلفة المترب�ضين الق�ضر حول الطامعين من وثلة

للأندل�ش ومن منقذها �ضواك؟ ويبقى هذا حاله اإلى اأن يوقظ اأفكاره اآذان الفجر، وكان ي�ضتعذب

ذلك الذي ين�ضاب في اأذنيه وي�ضكب طماأنينة وهوادة.يقطع الظلمة الكثيفة نحو الم�ضجد، وكثيرا ما كان يع�ضق ن�ضمات الفجر الهادئة، وما اإن عاد وراأى قرطبة حين يتلألأ الفجر، وتعجب ب�ضحرها الذي ل يمل منه؛ الأندل�ش �ضيء عجيب، كغ�ضن رطيب، تبقى الطامعة النفو�ش مرتع هنا الفجر، اأول هنا الموا�ضم، طول رطوبته الأندل�ش ير من م�ضتهاة، فتنة هي النا�ضكة، والزاهدة المترب�ضة منتظرا يبقى ي�ضاويها، اأو يعدوها جمال ل اأن يوؤمن فيها ويع�ش في هناك الحكاية؟ بداأت كيف م�ضتحب، ولكنه ينفك، اأن �ضحرها المدينة المنورة حيث يجل�ش ذلك الرجل العظيم، و�ضر عظمته يكمن في ب�ضطاته اللمتناهية، حوله اأ�ضحابه �ضامتون خا�ضعون وكاأن على روؤو�ضهم الطير، وكانت ال�ضم�ش تميل للغروب فبعثت ال�ضم�ش اأ�ضعتها

88

شر والتوزيععصير الكتب للن

المذهبة من بين �ضقوق �ضعف والتي كانت �ضقفا تتلألأ م�ضيئة في وجه ذلك العظيم وتفرح ال�ضم�ش في مطرحها وقد طربت �ضرورا وازادت فخرا وحبورا، فقال لهم والم�ضهد الذي يراه اأبو عامر قد �ضار اأمامه: زوي لي ما اأمتي ملك و�ضيبلغ ومغاربها، الأر�ش م�ضارق )زويت لي

منها(من لثلة اأتركك لن والله الحديث: هذا يتذكر وهو لنف�ضه قال

الزعار الطامعين، والموالي المترب�ضين. ثم غدا مبكرا اإلى الزهراء.

rاإذا؟ تخ�ضى اأن تتفلت الأمور من زمامنا؟ �

فقال ابن اأبي عامر:نعم، هكذا بدت توحي ملمح الخليفة. �

فقالت �ضبح وهي تتوقف عن الم�ضير في الحديقة المخ�ض�ضة لها وقد خ�ضب وجهها بحمرة زادتها �ضحرا:

لم؟ لم غير راأيه؟ �الأمير � لتعليم يطمئن لم ولكن ل، اأو راأيه غير كان اإن اأعلم ل

ه�ضام، وهذا �ضيجعله يراجع نف�ضه مرارا، اإن الأمير لم يبد من العبقرية ما يعتمد عليه لتوليته من�ضبا مهما رفيعا لهذه الدرجة.

األم تقل اأنك �ضتعلمه، والآن اأنت تاأخذه اإلى معلم خارج الق�ضر؟ �يا مولتي، ح�ضابات الخليفة بعيدة. �

فقالت غا�ضبة:

89

شر والتوزيععصير الكتب للن

بعيدة! �على ر�ضلك يا مولتي. �

فقالت �ضبح حازمة غا�ضبة:-ولن اأترك حق ولدي يذهب اإلى اإخوته اأو اأحدا من المروانيين، �

الخلفة لولدي ولن اأر�ضى دونها ب�ضيء.وهذا ما نبغاه. �

ثم قالت كطفلة:ما العمل؟ �العمل عملك الآن. �

ففهمت مق�ضده. وقالت:ال�ضلطان، � عقل على الولد حب �ضيغلب عامر، اأبا يا عليك ل

واعلم اإذا تناف�ش العقل والهوى.فقاطعها ابن اأبي عامر قائل:

ف�ضينت�ضر الهوى اإذا كان ذلك مدعوما بكيد الن�ضاء. �ف�ضحكت �ضحكة المحبة العا�ضقة ولم تكن ت�ضن بها عليه على اأي

حال.

r

90

شر والتوزيععصير الكتب للن

)9(ي لخائف على ما بيده!

إنه لساحر عليم، أو خادم لبيب، وإ�ف

ويقبل الفواح، جمالها عطر يتنف�ش بها، تحيط ذراعيه كانت �ضبابها المتاألق جمال واإغراء، ويداوي �ضيبته و�ضيخوخته ب�ضبابها.

فقالت له بلهجة عذبة مسكرة:

مولي. �فقال وهو يتعربد منت�ضيا جمالها:

مولك فداءك، قولي. �ولية العهد �ضتكون له�ضام! �

فقال وهو يداري مباغتة ال�ضوؤال بلهجة المحب الودود:مولك � على تتعجلي ول �ضغيرا، زال ما بعد، الوقت يحن لم

بالهلك.حا�ضا، اأطال الله بقاءك، ولكن المن�ضب من حق ولدك الذي من �

الملك في ذريتك خالدا، ويبقى يبقى ذكرك حيا، �ضلبك، حتى نعم، الخلود يا مولي، كتب علينا الموت واأل نخلد، ولكن هناك �ضبل اأخرى حتى نخلد، واأنتم الملوك اأكثر من يخلدهم التاريخ، فاإذا و�ضعت عهدك لولدك واأم�ضيت عليه، وبايعه النا�ش ف�ضيعيد

91

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولينا ولدك دام ما فينا مج�ضدا وتبقى الأولى، �ضيرتك ولدك و�ضلطاننا.

ما اأجمل ل�ضانك. �ل�ضاني فح�ضب؟ �بل اأنت درة الن�ضاء وخيرتهن. �م�ضتمدة � بك، العالمين ن�ضاء �ضيدة فاأنا منك، بهذا اأكتفي ولن

اأنا قوية بك، تهابني النا�ش كجبار ماآثري منك، ومن �ضحرك، عتي، وتخاف الخدم مني، ولكني اأرق من ال�ضعرة بين يديك.

فقال �ضاحكا:ل�ضت �ضاحرا. �بل �ضاحر القلوب يا مولي. �ولكن لي�ش كالعامري. �محمد! �اأجل، ما له ملك عليكن قلوبكن يا ن�ضاء الق�ضر؟ �ما به من �ضيء اإل اأنه ح�ضن الخدمة، يح�ضن الت�ضرف والتعامل، �

ولي�ش كالفتيان ال�ضقالبة، ل بارك الله بهم.وما بهم؟ �المهمة، � يتمون فل وتكلفهم قليل، اإل يطيعون فل تاأمرهم

النق�ش من �ضيمهم.يح�ضنونها � بعيد، اأمد منذ الدولة وخدم الق�ضر زينة هم

ويح�ضنون دقائقها مما ل يح�ضنه العامري، فلي�ش كل �ضيء نوكله لبن اأبي عامر، ثم اإن النق�ش طبع بني اآدام.

92

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكن اأبا عامر يح�ضن كل �ضيء. �فقال منهيا الحديث:

وهل �ضنق�ضي الليل ونحن نتحدث هكذا؟! �

rهديته يحملون وخدمه داره من عامر اأبي بن محمد يخرج ينظر والكل قرطبة �ضوارع قاطعا يم�ضي ه�ضام، اأم �ضبح لل�ضيدة ولم الزهراء يدخل وعظمتها، الهدية فخامة من متعجبين اإليهم يكن الأمر اأقل، فبقوا ينظرون اإليهم واإلى هديتهم اإلى اأن دخل ق�ضر الرو�ضة، وجاءت ال�ضيدة �ضبح ويا عجب ما راأت، راأت ق�ضرا م�ضغرا اأن اإلى م�ضنوعا من الف�ضة، وق�ضى مدة وهو ينفق عليه ويعتني به اأنفق مال ج�ضيما، فكان من اأعظم ما راأته الأعين بداعة وجمال وفنا،

وبقي اأهل قرطبة يذكرونه ويتحدثون في �ضاأنه ردحا من الزمن.اإتقان من مدهو�ضات مبهوتات وهن جنبها الجواري ووقفت

�ضنعته، وجمال مظهره.عامر اأبي بن زلن معجبات بمحمد ما الق�ضر ن�ضاء وهكذا هن لي�ش لجماله و�ضدادة راأيه وف�ضاحة ل�ضانه فح�ضب، بل لمعرفة ما تهوى

قلوب الن�ضاء من طيب الكلم ولين المعاملة، فهو اأثير عندهن.اإن ال�ضيدة �ضبح بقيت كل مجل�ضها ليل مع الحكم تتحدث حتى

ب�ضاأنه وعظيم �ضنعه.فقلق الحكم مما و�ضل اإليه ابن اأبي عامر، وقال يوما للم�ضحفي

وقد تحدثا ب�ضاأن هدية ابن اأبي عامر:

93

شر والتوزيععصير الكتب للن

مع � ، قلوبهن الفتى حرمنا حتى ملك به هذا ا�ضتلطف الذي ما ، حتى �ضرن ل ي�ضفن اإل هداياه، اجتماع زخرف الدنيا عندهنول ير�ضيهن اإل ما اآتاه؟! اإنه ل�ضاحر عليم، اأو خادم لبيب، واإني

لخائف على ما بيده!فقال الم�ضحفي:

ولم الخوف يا مولي؟ �قلوب � وملك الق�ضير، الوقت بهذا مثله المراتب اأعلى بلغ من

الن�ضاء فلم يعد في الرجال اإل هو، مع هذه المواهب العظيمة هل تح�ضب اأنه يقنع باأقل من مكانك؟! بل ربما اأكثر!

هو بما علم لو وماذا الموؤمنين؟ اأمير يعني ماذا ويله يا اأكثر! يبعث هو يعلم؟ ل اأنه قال ومن العامة؟ األ�ضن به تلوك مما اأعظم

اإ�ضارات ولمحات.)هكذا كان يحدث الم�ضحفي نف�ضه بعد ذاك الحوار(

هل اأنت خائف منه يا مولي؟ �اأنا! )ثم با�ضما( بل اأنتم من يخاف على ما بين يديه، اأنا ما�ش، �

واأنتم باقون.اإلى ف�ضوا ما ف�ضرعان ي�ضكتوا، لم عامر اأبي ابن ح�ضاد ولكن اأغرا�ضه في ال�ضكة اأموال ا�ضتخدم عامر اأبي ابن باأن الخليفة الكثير من اإتلف اإلى واأنه �ضعى ا كبيرا، واأن فيها نق�ض ال�ضخ�ضية

اأموال ال�ضكة.فقال الحكم للم�ضحفي: ابعث له ليتم التحقيق ليتبين الر�ضد من

الغي!

r

94

شر والتوزيععصير الكتب للن

كما � القديم فاأبوك �ضاحبي اأثير عندي، اأبا عامر يا والله اأنت تعلم، �ضل ما تريد.

هكذا رحب الوزير ابن حدير بابن اأبي عامر.مال، اأريدك اأن تعيرني بع�ش المال. �

ابن حدير وزير في دولة مولنا، قد اأغناه الله من ف�ضله، فغدا ذا مال كثير، له �ضحبة لأبي محمد اأيام �ضبابه، وق�ضده محمد اأول ما و�ضل قرطبة فاأح�ضن اإليه وقربه و�ضعى اأن يجد له عمل عند قا�ضي

الجماعة ابن ال�ضليم، وهذا الأخير بدوره وجد له عمل الزهراء.

rيا مولي الأموال تامة، ول نق�ش فيها. �

ال�ضكة، وقال الذي قام بمراجعة ح�ضابات للعامل فتب�ضم الحكم لبن اأبي عامر:

اإل � ال�ضاأن عندنا، وما قام هوؤلء المفترون ب�ضيء ما زلت عظيم بتعزيز ثقتنا بك، وتعظيمك في اأعيننا.

اأنا طوع اأمر اأمير الموؤمنين. �

r

السفر الثانيr

99

شر والتوزيععصير الكتب للن

)10(قد تواطأت الفكرة مع الرغبة!

قرطبة 365هـ:نجمه فيقترب عمره، من وال�ضتين الثانية اإلى الحكم يم�ضي تاألقا جمالها يزداد و�ضبح وفتور، �ضعف في و�ضحته الأفول، من و�ضطوعا، فيرى الخليفة العجوز ج�ضده وكيف يوؤول رويدا رويدا اإلى الفناء؛ ويرى �ضبح تزداد اأنوثة وح�ضنا، فل ي�ضتطيع مقاومة اأنوثتها واإغرائها، فاأقدم على فعل ما ل بد منه، على ما ل تقنع �ضبح دونه، يتاألم كان وكم اإلحاحها، من تزيد جوابها عن يتغا�ضى كان وكلما وهي ي�ضتعذب �ضوتها كان وكم منك�ضرة، ها رد يحاول وهو ويتعذب

تغني له فهل يطيق تعذيبها وهي تطلب؟مترامية الأ�ضقاع، كثيرة البقاع، عظيمة دولة م�ضير ولكنه طوته قد وهو عمره من التا�ضعة في ل�ضبي ي�ضلمها هل الأطراف، ال�ضنون وج�ضده النحيل يزداد �ضعفا وهزل؟ ولكنه ولده والأثر الباقي ل هوؤلء كل ومع و�ضبح، عامر اأبي بن الم�ضحفي ومحمد ومعه له، يخ�ضى عليه اإلى اأن يبلغ الر�ضد، فاإذا بلغ وا�ضتد عوده كان الوريث الحق لدولة اأبيه وجده النا�ضر رحمه الله، بل ملك بني اأمية العظيم، الذين الطاهرة، الزكية بدمائهم عنها ودافعوا وبنوها البلد هذه فتحوا اأن يديه، يخاف ينهار على اأن العظيم الملك ولكن يخاف على هذا

ع البلد كلها ويدخلها في دوامة من الحروب والخطوب. ي�ضي

100

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضبح �ضورة تعود وقرر؛ عليه عزم عما يبتعد اأن حاول وكلما اأن اأمامه وهي تلح عليه وتطلب منه الوفاء بحق ولدها، ولكنه يريد

ينحاز اإلى العقل الذي يعار�ش ما تميل له النف�ش وتلح في طلبه.اأيهما خير؟

يذكر ل اأ�ضم عظيم كطود الباقية العهود طوال ذكره يبقى اأن ا�ضمه اإل وخ�ضعوا وذلوا كما هو حال اأبيه في اأيامه؟

اأم يكون اأثرا دار�ضا في �ضبيل بقاء دولتهم العظيمة؟النق�ضان، اإل الكمال بعد وما الكمال، حد بلغت الدولة ولكن فما الذي يرجوه من ولده اأو غيره؟ وهل يفكر الإن�ضان في الدار التي باق اأنه الدار حتى ليظن اأ�ضيرا في هذه اأم يبقى لها تنتظره فيبني

فيفاجئه الموت على حين بغتة دون اأن يمهله؟ت�ضرقه الأفكار وتغربه ويم�ضي في )الفكرة( جادا في تفكيره، ولمع

تاريخ اأ�ضرته الملوكية على حين بغتة.عثمان بن عفان -ر�ضي الله عنه- كان زاهدا عابدا �ضالحا، قتل

مظلوما، ولم يعهد لولد اأو قريب، ولكن معاوية فعلها و�ضلمها لولده.هل اأ�ضاب اأم اأخطاأ؟

فعل الأر�ضد اأم الأف�ضد؟�ضنة �ضنها لملوك الإ�ضلم فهل كان فعله �ضائبا لدرجة اأن يحتذى

حذوه؟من يعتبر لم كاأن ير�ضمها وهل الأحداث نف�ش يعيد هل ولكن عر�ش لها ح�ضر ل التي بالكتب ي�ضرب هل كلها؟ للتاريخ درا�ضته بعد حدث ما واأن خا�ضة هوادة؟ بل هواه طائعا ويم�ضي الحائط

معاوية )رحمه الله( ل يب�ضر بخير.

101

شر والتوزيععصير الكتب للن

ذلك يعيد فكيف دولتهم تاريخ في عار و�ضمة ة، الحر الح�ضين، ويرجع الرجع البعيد؟

الملك عبد ولده تولية في يخطئ لم الحكم بن مروان ولكن خليفة اإثر خليفة بقوا بل الوليد، تولية في الملك عبد ول بعده، من

م�ضلحين �ضالحين مجاهدين.الأفكار ت�ضادم بين وهكذا الآخر؟ هو حذوهم يحتذى ل فلم هل ولكن الرغبة، مع الفكرة تواطاأت فقد منه، مفر ل الذي يقرر اتفاق الرغبة مع الفكرة هي الفكرة نف�ضها؟ اأم هذا التفاق والإتلف الولد بحب الم�ضربل القلب يمليها �ضكرة �ضكرة؟ مح�ش اإل هو ما

وع�ضق فكرة الخلود.وما فكرة الخلود بحد ذاتها اإل بدع من الوهم المبهرج.

r

تزوجت �ضعاد!ذلك وو�ضفت توقعت كما �ضار هل معاذ؟ اأم روؤية تحققت هل

العري�ش الذي �ضياأتي على كميت اأ�ضيل؟قدمت اأم معاذ مبكرا بعد اأن بعثت خبرا قبل يوم، فتجهزت �ضعاد، ودخلت اأم معاذ واأم العري�ش وقت ال�ضحى، وا�ضتقبلتهن اأم �ضعاد عند

الباب بالتهليل والترحاب بعد اأن جل�ضن في فناء المنزل.ال�ضبعين، تخطت قد عجوز الب�ضر، دقيقة العري�ش اأم كانت فقالت: ولدي رجل ونعم الرجال، بزاز، يعرف في الن�ضاء ما ل نعرفه فلذلك النا�ضري، مرارا في جي�ش غالب ويعمل، وجاهد يبيع نحن، ن�ضي نف�ضه، ولم يتزوج، واإن قلت له اأجابني بالمثل الأندل�ضي )زوجوه

102

شر والتوزيععصير الكتب للن

وتركوه في عذابه(. ويظن اأني اأريد التخل�ش منه، اأين العرو�ش؟فقالت ام سعاد:

كم عمره يعني؟ �خم�ضة واأربعون عاما. �

فندت من اأم �ضعاد بل وعي ندة ا�ضتنكارية:كم؟! �

فقالت اأم العري�ش:يقترن � الذي ذا ومن الع�ضرين، تخطت �ضغيرة لي�ضت وبنتك

ببنت في الع�ضرين؟فكظمت اأم �ضعاد غيظها عندما اأتت �ضعاد تتهادى بتريث، فنظرت

اإليها اأم العري�ش وتفح�ضتها جيدا، فقالت:لي�ضت �ضقراء، وولدي يريد �ضقراء، ولكن ل باأ�ش ننتظر الرد. �

ولما اأتى المعلم واأخبرنه، �ضاأل �ضعاد، فرف�ضت! وبداأت اأمها تولول وت�ضرخ وتقول: من كثر بنات كانوا الكلب اختان.

فقال المعلم:لن�ضتمع لها. �

فاأجابت باأبيات يحيى الغزال:شـــيخ ف بـــني أبوهـــا هـــا وخ�ي

كثـــ�ي المـــال أو حـــدث فقـــ�ي

إن ومـــا خســـف تـــا ط

خ فقالـــت

أرى مـــن خطـــوة للمســـتخ�ي

103

شر والتوزيععصير الكتب للن

ء ي�ش فـــكل عزمـــت إن ولكـــن

الكبـــ�ي مـــن وجـــه إلي أحـــب

ى يـــ�ث الفقـــر بعـــد المـــرء لأن

صغـــ�ي إل يعـــود لا وهـــذا

كبير يا اأبت. ما اأتمت مقالتها حتى �ضرخت الأم في وجهها: ومن ذا الحدث

الذي تقدم لك؟ قبحك الله من بلهاء. م�ضكلة فواجهتهم العري�ش، على �ضعاد وافقت وجزر مد وبعد للزوج، ابنته يجهز من هو الفتاة اأبا اأن عرف �ضاد فقد عظمى؛ بار قد قرطبة ون�ضاء الغزو، بفعل كثيرات ال�ضقراوات فالن�ضاء �ضوقهن، ومن اأين لهم اأن يجهزوها، وهنا بزغت مفاجاأة، وانفرجت العقد؛ فقد زارهم ه�ضام قبل يوم، و�ضمعهم يتهام�ضون، فاأخبر �ضبح، وف�ضة ذهب تجهيز! اأي ولكن �ضعاد، تجهيز �ضبح ال�ضيدة فقررت

وحرير وحلل لم تحلم �ضعاد باقتنائها يوما، وكان تجهيزا ملوكيا. بيت في متوا�ضلة اأيام �ضبعة الفرح وبقي الزفاف، حفل وجاء وت�ضيف ترحب �ضعاد واأم وابتهاج، فرح الأندل�ضيين، كعادة المعلم الحمام، اإلى الن�ضاء مع ذهبت بيوم زفافها وقبل غامرة، ب�ضعادة

واأقمن حفلهن هناك، وغ�ضلت بالكافور واأنواع عديدة من العطور.�ضبح ال�ضيدة ح�ضرت اإذ الكبيرة؛ المفاجاأة كانت جلوتها وفي ن�ضاء الحي كلهن ل ويا ويل ما ح�ضل، فقد اجتمعت برفقة ه�ضام، لروؤية العرو�ش، بل لم�ضاهدة ال�ضيدة �ضبح، الأميرة التي �ضارت باأخبار وتلب�ش الفاخرة، بحليها ترفل البيت وهي ودخلت الركبان، جمالها

104

شر والتوزيععصير الكتب للن

تاجا من الياقوت اختطف الأب�ضار، بل بقيت �ضعاد بثوبها جال�ضة ول اأحد يقترب منها، فقد تجمهرت الن�ضاء حول ال�ضيدة �ضبح، وقامت كي�ش فوقها ونثرت فقبلتها، العرو�ش نحو واتجهت �ضبح ال�ضيدة

الذهب.ودواب العري�ش ومعهم الرجال من المحتفلين جموع واأقبلت لحمل اأغرا�ش العرو�ش، تتقدمهم فرقة مو�ضيقية وغنائية وقد جلجل �ضخبهم الزقاق كله، وفي داخل البيت كانت ال�ضيدات في رق�ش وهز

للنحور والقدود، يتمايلن لعل ال�ضيدة �ضبح تثني على اإحداهن.

r

105

شر والتوزيععصير الكتب للن

)11(رقـــة مـــن خـــره تقطـــع مـــن يـــا

بـــال قلبـــك لا يكـــون رقيقـــا؟ مـــا

كعظيمة مزهوة براأ�ضها وت�ضمخ العبق، الزهراء عطر تتنف�ش لم ينجب الدهر قرينتها، تقف فوق الزهراء فترى قرطبة من عل، له وخططت اأرادته ما ح�ضل هل تراه؟ ما حقا هل نف�ضها: وت�ضاأل ولكن الرجال؟ الن�ضاء على حكمة كيد وهل حقا غلب الي�ضر؟ بهذا لم ت�ضميه كيدا؟ األي�ش هو �ضرب من الحيلة اأن �ضمته بهذا ال�ضم؟ بل هو حق ولدها الذي كافحت من اأجله، فليكتب اأهل الأخبار والتاأريخ اأن �ضبح الب�ضنكنجية، تلك ال�ضيدة التي دخلت منذ اأحد ع�ضر عاما اأمة اإلى �ضوق النخا�ضين يدلل بها ويعر�ضها تاجر للبيع قد غدت الآن تتحكم بملكها العظيم، الذي ملك كل هذه الأم�ضار، اليوم غدا الحكم بين يديها كطفل يحبو ويتعثر ول ي�ضتطيع الوقوف اإل بم�ضاعدة اأمه، اأطاعها تاأمره فيطيع، وتزجره فينتهي، كيف تو�ضف وقد التي وهي الخليفة في تغيير م�ضائر الأندل�ش؟ ماكرة؟ ي�ضت�ضغر فيها الو�ضف ي�ضنع ال�ضحر وهل �ضاحرة؟ ترى، ل �ضغيرة )المكر( �ضفة وتبدو ع�ضر ما �ضنعت؟ اأو يغير من اأمة في �ضوق العبيد اإلى ملكة يخ�ضع بين يديها �ضلطان عظيم؟! ولكن لو جمعت كل هذه ال�ضفات وركبتها فلن

اأجد اإل �ضفة واحدة ول يقال لها اإل اإياها: اإنك اأنثى!

106

شر والتوزيععصير الكتب للن

يوم المطيرة؟ الليلة تلك دعواتها في ا�ضتجاب الله اأن يعقل هل �ضيقت كما ت�ضاق الدواب نحو قرطبة، كانت مكبلة ب�ضل�ضل واأغلل طويلة هي واأترابها، كانت ال�ضماء ترعد وتزمجر غ�ضبا، وفوق هذا لها وهل ن�ضرانية؟ ب�ضكنجية األأنها مقيدة؟ هي ذنب باأي مطر، ذنب في دينها وموطنها وجن�ضها؟ هي التي لم تختر واحدة، بل ولدت غلطة، ما هي اإل نتيجة خطيئة. مذ اأن وعت وهي في دير، ن�ضاأت مع عله، في للرب خدمة حياتهن وهبن اللواتي المتن�ضكات الراهبات الدنيا ثوب وخلعن الدنيا ومتاع وملذاتهن �ضهواتهن عن ا�ضتغنين اإذا اأعلى الجبل، القابع الدير وهي في ذلك عينيها فتحت الفانية، �ضمخت براأ�ضها بدت تلك القرية الهادئة، وكانت ترى الفلحين وهم يعملون في الحقول وقد اأ�ضناهم الن�ضب، وكانت تقف اأعلى التلة عند

الغروب، وتراقب الفلحين وهم يعودون لبيوتهم.عندما ن�ضاأت في ذلك الدير وهي ت�ضمع تلك الحكايات التي ملئت بها نف�ضها، و�ضغفت بها؛ ومعظمها تدور عن الي�ضوع وفقره وت�ضحياته ور�ضالته الخالدة، وعن زاهدات تن�ضكن فنلن اأجزل الأجر، فكانت تحلم وهي تراقب الحقول عند الغروب كيف �ضت�ضبح راهبة م�ضرب المثل، الخير الذي يجب اأن تكر�ش نف�ضها فداء له، كانت تكبر وتكبر مجتمع عادة عن �ضاذا �ضيئا اأحلمها تكن لم والآمال، الأحلم الراهبات، ولكن كلما �ضدت �ضيء من علم اللهوت ا�ضطربت تلك اأين كافيا؛ جوابا تريد التي الأ�ضئلة نف�ضها في وا�ضطربت الفتاة

والديها كيف؟ اأين اأمها؟ ولكن الجواب كان �ضعبا اأن تعثر عليه. كانت ت�ضاأل ال�ضيدة الطيبة ماري، فتقول: اأين اأمي؟ فكانت ماري هذه تجيب باإبهام وا�ضتفهام يزيد تلك الأ�ضئلة، اأجوبة كثيرة �ضائعة

في اأجوبة ماري الغام�ضة، كانت تقول لها:

107

شر والتوزيععصير الكتب للن

وهي � ترمقنا هناك ال�ضماء، اإلى الملئكة ت�ضعد كما �ضعدت م�ضرورة جذلة، ت�ضير اإلينا مبت�ضمة، وتهدي اإلينا قبلت حنونة،

فقد غدت جن�ضا من الحنان وقطعا منه.وهل ماما من الملئكة الآن؟ �ال�ضماء � اإلى ماري ت�ضير )ثم هناك. ملكا حبيبتي، يا اأجل

مبت�ضمة(.وهل ترى الم�ضيح؟ �بل مع حواريه. �

ثم تبداآن تلوحان اإلى ال�ضماء ويجبن تحيتها!كان طفولة بريئة تختزل جميع الأجوبة المنتظرة، وتكتفي بالرمز، ولكن �ضرعان ما ذهب هذا العتقاد عنها بذهاب الطفولة، و�ضرعان ما تبين لها اأن )ماري( كانت تكذب، فلم تكن اأمها من الملئكة، بل لم تكن اأكثر من غانية ت�ضاجع الذين يدفعون، وفجاأة تحمل، تحمل ول تدري الذي ي�ضكن بين اأ�ضلعها ابن من! ن�ضاأت من الخطيئة في لحظة

نزوة من اأبيها! عليه ينت�ضب الذي والجبل القرية غطى قد والجليد يوم وذات الدير، خرجت اإحدى الراهبات تتهادى نحو مخزن الموؤن لت�ضمع �ضوتا ي�ضق عتمة الغل�ش، فقالت لنف�ضها: )لعله رجل من القرية يحمل طفله مر من هنا(، ولكن ال�ضوت بقي مجلجل فتوج�ضت، ثم بعد اأن هداأت األ فعلمت ال�ضمع ا�ضترقت اأن بعد ال�ضوت ذلك اإلى الم�ضي قررت الكني�ضة! باب على لتجد طفل بخطى مرتجفة فتقدمت معه، اأحد عقت: )يا ي�ضوع، ثمرة الخطيئة، فلتمت القلوب الآثمة فقالت وقد �ضفاأخذتها جميلة، نا�ضرة طفلة بها فاإذا المولود( هذا تركت التي وهي تدمدم: )اأي قلب يترك هذا الجمال( وكان هذا الأمر معروفا

108

شر والتوزيععصير الكتب للن

عندهم، تحبل الموم�ش وتنجب فتتخل�ش منه على باب دير اأو م�ضجد اإن كان في بلد الإ�ضلم.

اأن اأن عرفت بعد تغيرت قد نف�ضها ولكن الراهبات، مع ون�ضاأت ثم حيوانية، و�ضهوة خطيئة لحظة ولدت واأنها تكذب كانت ماري نك�ضت عن عالم الراهبات وارتدت في نف�ضها بعد اأن علمت عن عالمهن ما ل يعلمه �ضواها من �ضوء وارتكاب الراهبات للخطايا والرزايا، في كانت زنديقات؟ اأم قدي�ضات هن هل ت�ضك، كانت الأحايين بع�ش تتطلع وت�ضمع ما ل ي�ضمعه غيرها، فهي ل تن�ضى )كاترينا( وعلقتها �ضمعت الحديقة في ت�ضير يوم ذات هي بينما الحوذي، مع ال�ضرية حركة مريبة في ال�ضطبلت، )لعلها حركات الخيول( ولكن �ضرعان ما تبين اأن الخيل لي�ش هنا، فم�ضت اإلى ال�ضطبلت، وفتحت الباب ت فارتد ت�ضاجع الحوذي، كاترينا كانت اإذ راعها، ما فراأت بهدوء

راجعة اإلى مثواها وقد ثارت �ضدها.قد �ضاهدت كل �ضيء يا كترينا، لم تمار�ضين الخطيئة؟ �

ف�ضعقت كاترينا وقالت بخجل باد:لم اأ�ضتطع مقاومة �ضهواتي ورغباتي، اغفري لي. �لي�ش اأنا من يغفر يا كاترينا، بل الإله. �

وقد حلفت كاترينا اأغلظ الأيمان وحلفت بالعذراء كثيرا اأن تترك ممار�ضة البغاء، ولكن لم تفعل، بل بقيت تلتقي بالحوذي خل�ضة، ولكن ما حدث بعد اأن طوت ربيعها الرابع ع�ضر كان اأفظع من اأن ت�ضدق وقوعه يوما ولكنه وقع معها! وذلك عندما راودتها عن نف�ضها اإحدى )بوؤرة باأنه واآمنت الدير ذلك على الحقد في فاأوغلت الراهبات! الخطايا(، األم يرد في الكتاب المقد�ش عن الم�ضيح: )الذي بذل نف�ضه لأجل خطايانا، لينقذنا من العالم الحا�ضر ال�ضرير ح�ضب اإرادة الله

109

شر والتوزيععصير الكتب للن

واأبينا(؟ وهو الم�ضيح الذي فدى الجميع، نعود فنرتكب هذه الخطايا؟ بالحب تنعم حياة الدير، عن بعيدا اأخرى حياة عن تبحث فبداأت وال�ضلم والوئام، وكانت تراقب الحقول عند المغرب عندما راأت ذلك ال�ضاب اأول مرة، كان بهيا مهيبا جميل قد اقترب من التا�ضعة ع�ضر، اإذا اقترب منك علمت اأن في عينه ال�ضهلء وت�ضرفاته ما يبعث �ضعورا قويا باأنه من طبقة النبلء، واأنه متعلم، وهذه مكرمة عظيمة، عندما وقف عندها وقف كما يقف حبيب جنب حبيبه، راأت في عينيه الحب

قد تلألأ، راأت ال�ضلم الروحي قد �ضع منه، فقال لها:هل علمت بالنباأ؟ �اأي نباأ؟! �الم�ضلمون، باتوا قاب قو�ضين اأو اأدنى. �الم�ضلمون الكفرة؟! �نعم، اإن لهم قوة ل ي�ضتهان بها، وحاكمهم النا�ضر هذا يبدو اأنه �

يريد الخلود في الدنيا، متى يموت ل اأحد يعلم، اأكثر من خم�ضة واأربعين عاما وهو حاكم.

فقالت وقد راعها الخبر:وهل �ضحيح ما يحكى عنهم من اأنهم يحرقون ويقتلون وينهبون �

واأن �ضعار قائدهم: اإما طريقا اإلى الن�ضر اأو اإلى القبر؟كانوا � الذين باأجدادهم مقتدون اإنهم بكثير، ذلك اأ�ضد من بل

جوفاء يمتطونها، التي دوابهم كقلوب غلظا قلوبا يحملون اأكل دون يقنعون ل هامج، همج عليها، ي�ضيرون التي كالأر�ش

الأكباد و�ضق ال�ضدور.

110

شر والتوزيععصير الكتب للن

وماذا عن الح�ضارة الرائعة والمدن الباهرة التي �ضيدها النا�ضر �وولده؟

�ضيدها الم�ضلمون لهم، ولي�ش لنا اإل ال�ضيف والنطع. �اإنني خائفة. �كلنا خائفون. �

ثم دلفت الكني�ضة وفي نف�ضها دولكت مخاوف معفرة برعب �ضديد، لهم اأكباد غلظ، اآه جاءنا جزارون ل يعلمون اإل لغة الذبح، لماذا ل

اأتزوج الموت قبل اأن يتزوجني عربي غليظ؟!ثم جثت اأمام �ضورة العذراء تدعو ربها.

ومرت الأيام، وكر �ضبح وظلم، وت�ضارعت الأخبار التي تتحدث اأ�ضوات عن غلظة الم�ضلمين و�ضماجتهم، وا�ضتيقظوا ذات يوم على الدير، بوابة وقف عند الذي والجي�ش الجرار ت�ضهل، التي الخيول قامت �ضبح مرعوبة ونظرت من النافذة التي تطل على القرية واإذا ال�ضيوف اإل �ضوت ت�ضارب ي�ضمع بالقرية قد قلبت كتلة حمراء، ول وتطاير الروؤو�ش، دخلت ماري عليها وهو ت�ضرخ: اإلى الكني�ضة، اإلى

الكني�ضة.واجتمعن كلهن في الكني�ضة، يتلون ال�ضلوات، وما اإن انبج�ش نور ال�ضبح حتى هداأت اأ�ضوات القتال ولم يعد ي�ضمع �ضيء، وفتحت اأبواب و�ضقن اأ�ضلحتهم، �ضاكين يدخلون الم�ضلمين بالجنود واإذا الكني�ضة ويقف مكبلة هي بينما �ضبح ولكن واقتدن، الكني�ضة خارج كلهن جنبها ذلك الجندي؛ �ضقط فجاأة م�ضرجا بدمه، واإذا بذلك ال�ضاب؛ لهوؤلء اأتركك لن لها: فقال الغروب، عند معها الذي تحدث الفتى اأحاط ما �ضرعان ولكن الهرب واأراد قيدها، وفك اأبدا، الوحو�ش �ضيفه وهو �ضاهرا الفتى الم�ضلمون من كل جانب، فبقي بهما الجند

111

شر والتوزيععصير الكتب للن

عنك، �ضاأدافع هوؤلء، يدي بين اأتركك لن ل�ضبح: ويقول م�ضعوق، لأني اأحبك، وانبرى اأحد الجنود لمنازلته، و�ضبح تبكي وت�ضرخ، وبدءا مرتبك وهو الجندي يهاجم فاأخذ خائف، مرتبك والفتى المبارزة متوتر، و�ضرباته ع�ضوائية غير دقيقة، وما اإن تقدم ثانية وبخطواته على بن�ضله هوى بهلوانية وبحركة الجندي قفز حتى الع�ضوائية؛ الفتى وف�ضل ج�ضده عن راأ�ضه، وراح يتهدى ج�ضده وهو ير�ضر�ش دما، هذا على مقيدة وم�ضت مجنونا، �ضياحا وازدادت �ضبح ف�ضرخت الحال في تلك الليلة المطيرة �ضبية اإلى قرطبة وكم بكت و�ضرخت اإلى

اأن دخلت اإلى قرطبة. وباعها اأحد الجنود لتاجر في �ضوق النخا�ضين، وكانت عنيدة ذات دراهمه اأنقذته اأن بعد التاجر من الجندي اأخذها اإن فما �ضكيمة، حتى فلتت منه وم�ضت راك�ضة كالمجنونة والجندي يرك�ش خلفها، وما

م�ضكوها اإل بعد اأن ملأت الزقاق زعاقا وعياطا م�ضتهجنا.فيه يطول مما فهذا تنظيفها يريد وهو معها التاجر ق�ضة اأما للحمام ي�ضحبها وهو التاجر ع�ضت وقوتها فلغلظتها الحديث، قذارتها على للبيع يعر�ضها اأن فقرر األما، ي�ضرخ وتركته للتنظف

وو�ضخها، وعر�ضها في نف�ش اليوم ذلك.وما اإن عر�ضها حتى �ضمع رجل يتهادى نحوه وين�ضد:

ي العيش حلوا صافياإن كنت تب�ف

فالشـــعر أعزبـــه وكـــن نخاســـا

تنـــل الطرائـــف مـــن ظـــراف نهـــد

يحدثـــن كل عشـــية أعراســـا

112

شر والتوزيععصير الكتب للن

فلما راأى التاجر هذا الرجل ويعرفه نهاما للجواري ع�ضاقا لهن، قال له:

كما � بي�ضاء ظريفة، جميلة ال�ضقراء، هذه اإلى انظر �ضيدي يا تحب، لها نهد البكر وت�ضليك متعة الثيب، وثمنها بخ�ش، اأظنها

ملكة فرنجية ولي�ضت اأمة.فقال الرجل �ضاخرا:

والملكة تبقى عندك اأم ت�ضرح في ظلل الزهراء؟ �ل فرق بين الأميرة والحقيرة، المهم ال�ضكل والج�ضد المغري، واأنا �

اأن�ضحك بها، ل تفوت هذه.كم تطلب بها؟ �لن اأطلب بها كثير، ولكن )ول تن�ش ن�ضيبك من الدنيا(؟ �ما �ضاء الله، قلب عامر بالإيمان، ول�ضان حافظ للقراآن. �مئة دينار. �مئة دينار! �لي�ش بكثير. �لي�ش بكثير؟! اأنت لم تترك �ضيئا لآخرتك. �

ف�ضرخت بهم:تعاملونني كدابة! �

وبينما هي ت�ضرخ، وقف رجل اأنيق يراقب الم�ضهد، فنادى التاجر، ورمى له �ضرة المال، وقال: هي لي.

اأنيق هو من اإلى بيت اأن و�ضل اإلى واأخذها الرجل وهي ت�ضرخ تناولتها ما و�ضرعان و�ضعة، ون�ضارة بهاء القرطبية البيوت اأروع

113

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأيدي الجواري واأخذنها اإلى الحمام وهو ت�ضرخ ب�ضلفة، وبعد برهة جميلة فبدت ف�ضيح، اأندل�ضي بثوب ترفل وهي الحمام من خرجت بجمالها الب�ضكنجي وقد خالطها الجمال الأندل�ضي واأفرغ ما فيه من لأهله، قليل تهب وللأندل�ش طابع خا�ش في الجمال اإفراغا، �ضحر اذ الأخ واأفرغت �ضحرها اأغدقت عليه بجمالها اأحد اإليها فاإذا وفد ن�ضد ثم كالم�ضعوق، ووقف ا�ضتراها، الذي الرجل فده�ش اإفراغا،

اأبيات مليح الأندل�ش ابن عبد ربه وهو يكاد ياأكلها بعينيه:أنيقـــا العقـــول ي يســـ�ب ا

لؤلـــؤ يـــا

رفيقـــا القلـــوب بتقطيـــع ورشـــا

مـــا إن رأيـــت ولا ســـمعت بمثلـــه

عقيقـــا الحيـــاء مـــن يعـــود درا

وإذا نظـــرت إل محاســـن وجهـــه

ــا ي ســـناه غريقـأبـــرت وجهـــك �ف

رقـــة مـــن خـــره تقطـــع مـــن يـــا

بـــال قلبـــك لا يكـــون رقيقـــا؟ مـــا

فقالت بجذل:اأحقا اأنا هكذا؟ �اأجل. �تعني اأني قا�ضية! �من قال هذا؟ �

114

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأنت، األم تقل: �رقـــة مـــن خـــره تقطـــع مـــن يـــا

ـــا؟بـــال قلبـــك لا يكـــون رقيق مـــا

فقال �ضاحكا: �اأجل يا عزيزتي، األم تكوني قا�ضية؟ لنبداأ في العمل، عندنا عمل �

كثير.اأي عمل؟ هل �ضتتخذني اأمة عندك وتريدني اأن اأخدمك؟ خ�ضئت. �رائعا، � �ضوتا طروبا لك اإن مغنية، بل البلهاء؟ اأيتها اأي خدمة

�ضتكونين �ضيدة مجال�ش الغناء؟فقالت ب�ضذاجة:

وهل لكم مجال�ش غناء وطرب؟ �فقهقه، وقال:

قرطبة مدر�ضة الطرب. �األي�ش محرما في دينكم؟ �يا حبيبتي، هذا ابن عبد ربه �ضاحب الأبيات الرائعة التي قراأتها �

النف�ش، ومرتع ال�ضمع، مراد باأنه: الغناء وا�ضفا لنا يقول لك الوحيد، واأن�ش الكئيب، وم�ضلة الهوى، ومجال القلب، وربيع واأخذه القلب، من الح�ضـن ال�ضوت موقع لعظم الراكب؛ وزاد

بمجامع النف�ش.

115

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأيقول مثل هذا الكلم من يحرم الغناء؟ وذاك قا�ضي الجماعة اأيام النا�ضر خرج يوما لح�ضور جنازة، وكان لرجل من اإخوانه منزل بالقرب من المقبرة، فزاره قبل الذهاب للجنازة، واأح�ضر له طعاما،

وجارية تغني:الأقـــداح لثاتـــك بطيـــب طابـــت

التفـــاح وجهـــك بحمـــرة وزهـــا

أرواحـــه ـــمت تنس الربيـــع وإذا

الأرواح نســـيمك بعـــرف ـــت نم

ألبـــس ظلماءهـــا الحنـــادس وإذا

ي الد�ب مصباحفضياء وجهك �ف

على لل�ضلة خرج ثم يده، على الأبيات وكتب القا�ضي فطرب الجنازة، على يكبر وهو يده ظهر على الأبيات النا�ش فراأى الميت وقد كان هذا القا�ضي من اأزهد النا�ش واأعدلهم، بل لنا مدار�ش في الغناء، ولكن لم نعرف الغناء حقا اإل بعد اأن دخل زرياب الأندل�ش، وهو من ح�ضنة الم�ضارقة، فقد كان بارعا، واختلف مع اأ�ضتاذه اإبراهيم الأندل�ش اأهل الأندل�ش، فراأينا ما كنا نجهله، وعلم المو�ضلي، فقدم ولكن طروبة، قرطبة اأهل نفو�ش اأن والحق الحق، الطرب على الطريق، فكان زرياب، وهو ذو مواهب لنا يوؤ�ض�ش ينق�ضنا من كان متعددة، حيث كان يدعي اأن الجن كانت تعلمه كل ليلة �ضوتا واحدا، عودهما فتاأخذان له، جاريتين فيدعو �ضريعا نومه من يهب فكان

116

شر والتوزيععصير الكتب للن

وياأخذ عوده، فيطارحهما ليلته ويكتب ال�ضعر، وزاد في اأوتار عوده وترا خام�ضا اختراعا منه، اإذ كان هذا العود الذي ترينه ذا اأربعة اأوتار، يح�ضى، ل ما الأدب فنون من وحوى بالنجوم، لعلمه اإ�ضافة هذا اإلى اختراعه لأنواع من اإ�ضافة الملوك، هذا اأدب خدمة اإلى اإ�ضافة

الطبخ، والآن اآن لك اأن تدخلي هذه المدر�ضة.واأنت ما دخلك؟ �

ف�ضحك �ضحكة مجلجلة وقال:اأنا كبير المغنين هنا، اأنا تعلمت الغناء على يد ابنة زرياب نف�ضها، �

فقد عمرت اإحدى بناته وتخطت المئة عام!اأن اإلى العود، على وت�ضرب تغني وكيف الألحان يعلمها وبداأ اتقنت الغناء في وقت ق�ضير، واختارها للغناء في حفل للأمير الحكم وبينما الغناء الزهراء حديقة وفي الق�ضر، داخل الرحمن عبد بن الجداول الرقراقة ت�ضقي الأ�ضجار الوارفة وقد بدا القمر كامل، في الآفاق يخترق رخيما هادئا عذبا �ضوتها م�ضى جميلة، رطيبة ليلة

وي�ضحر القلوب قبل الأ�ضماع: واعتنـــاق بزفـــرة ي

ودعتـــ�ف

التـــلاق يكـــون مـــ�ت نـــادت ثـــم

الصبـــح منهـــا ق فـــأ�ش وتصـــدت

والأطـــواق الجيـــوب تلـــك ف بـــني

117

شر والتوزيععصير الكتب للن

يـــا ســـقيم الجفـــون مـــن غـــ�ي ســـقم

العشـــاق مـــرع عينيـــك ف بـــني

يـــوم أفظـــع الفـــراق يـــوم إن

الفـــراق يـــوم قبـــل مـــت ي ليتـــ�ف

وما اإن انتهت حتى فتن بها الحكم واختارها جارية له بعد اأن اأخذ المغني مال طائل بدل عنها.

r

118

شر والتوزيععصير الكتب للن

)12(

المون

ئك هم الظ

ول

أ ف زل الل

نم بما أ

م يحك

ومن ل

يدخل محمد بن اأبي عامر اإلى الخليفة الحكم بعد اأن طلب منه، الأندل�ضية، وما البلد ارتفع ذكره في �ضائر اأبي عامر قد ابن وكان قام به في عدوة المغرب وتولي الق�ضاء، وكانت الحرب مع الأدار�ضة قد ا�ضتنفذت الخزائن، وابن اأبي عامر قد اأبلى بلء ح�ضنا فذاع �ضيته

وانت�ضر خبره.فقال الحكم:

يا اأبا عامر قد عزمت على اأمر عظيم ج�ضيم، وقد خ�ض�ضتك به �لما نعلم من بلئك وح�ضن تدبيرك، فاأوكلته اإليك.

فقال وقد ت�ضارعت خفقات قلبه، لعله �ضينطقها، لعله �ضينطق اأول الأمر نحو الغاية، والنبوءة!:

اأمر مولي، واأنا اأجتهد في خدمتكم وخدمة مولي ه�ضام. �العهد ليكون خليفة من � اإلى ولدي ه�ضام بولية اأعهد اأن قررت

بعدي، واأنت اأعرف النا�ش به�ضام، فاأنت وكيله منذ ولد، وتعرفه فلذلك وتثقيفه، وتعليمه تربيته على واأ�ضرفت اأبويه، من اأكثر من له لناأخذها وتجهيزها، البيعة اأخذ بترتيب اإليك اأعهد طاعتنا في وما الأندل�ش، كور و�ضائر بقرطبة ة والعام ة الخا�ض

من بلد المغرب.

119

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأمر مولي. �فقال الحكم بلهجة تنم عن ال�ضعف:

محمد، اقترب الأجل، ول اأعلم متى تحين �ضاعتي، فعليك به�ضام، �وكن يده التي يبط�ش بها وعقله الذي يفكر به، كن كالأب له، لذ عنه، وقدم له الم�ضورة، فقد عرفتك نا�ضحا اأمينا، و�ضاحب راأي

�ضديد.�ضاأبقى خادما مطيعا ل�ضيدي ومولي الحكم وولده ه�ضام اإلى اأن �

يحين اأجلي وينقطع نف�ضي.وهذا عهدي بك يا اأبا عامر. �

خرج ابن اأبي عامر وهو يحمل على عاتقه ملك الأندل�ش كلها، عليه اأن يكون يد الخليفة القادم ويواجه هوؤلء كلهم، الفتيان ال�ضقالبة، الحاجب الم�ضحفي، والأعداء المنتظرين عند الثغر، كلهم يبغي فر�ش نف�ضه وينفرد بالحكم، ويجب اأن يكون لها من يخاف على �ضعيفهم وينت�ضر له، نبوءة جده التي دانت من التحقيق، هذا هو محمد، دخل قرطبة مع ابن عمه، ول يحمل بين اأكمامه �ضوى دراهم معدودة، وبين

اأ�ضلعه نبوءة خفق بها قلب �ضيخ وهو يحت�ضر.

rمن عنه اأعلن ما لمناق�ضة اأحدهم بيت في الحكم اإخوة اجتمع اأحد في الخلفة تبقى اأن ياأملون وكانوا له�ضام، البيعة اأخذ موعد

اأولد النا�ضر، ل اأن تنتقل ل�ضبي واإن كان ابن الحكم. فقال كبيرهم:

قد قرر اأخونا الحكم، وهذا اأمره وهو من يقرر، وعلينا الطاعة. �

120

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال الآخر:ولكن �ضت�ضيع الخلفة اإن اآلت ل�ضبي. �

فقال الآخر:اأطال الله بقاء الحكم. �وكيف �ضيطول بقاءه هو بهذا الحال؟ �

ال�ضاد�ضة في �ضاب المغيرة، وهو غ�ضبا، اأ�ضدهم اأ�ضغرهم وكان و�ضرا�ضة، وتهور طي�ضان فيه نزق �ضاب وهو عمره، من والع�ضرين

فقال:كيف ن�ضلم الخلفة؟ ملك النا�ضر العظيم رحمه الله بيد �ضبي �

الجارية اأمه اأمرها؟ �ضيتولى ومن الحكم، على يقوى لن غر الب�ضكنجية القانية التي ع�ضقها وهي تغني في المجال�ش، وابن اأبي نجعل فهل ارتفع، وكيف ظهر كيف نعرف ل الذي ذلك عامر

الدولة بين يد العامري و�ضبح؟ األ تعلمون ما يقال عنهما؟فقال الأخ الأكبر وقد ا�ضت�ضاط غ�ضبا:

ل تتهم النا�ش زورا وبهتانا، ول تن�ش اأن من تتحدث عنها هي اأم �ولي العهد.

يوم � بين الرتفاع هذا مثله فتى يرتفع كيف لي قل عليك بالله وليلة؟ ل اأرى اإل اأن اأخانا قد غلب على اأمره و�ضار لعبة بين يد بلغ اأن اإلى العامري فرفعت به، تاأمره ما فيفعل لعوب، جارية

هذه المنزلة الرفيعة.واإن حدثتهم اأمرهم، اتباع هواهم ومخالفة ولي الأخوة رف�ش نفو�ضهم بما يقوله المغيرة ولكنهم يعلمون عاقبة حديث النف�ش هذا اإن

121

شر والتوزيععصير الكتب للن

ظهر ولو �ضرا، بل قرروا الذهاب اإلى البيعة طائعين، فطاعة الحكم واجبة على كل حال واإن كانت اأفعاله خطاأ.

بل ه�ضام، خلفة يرف�ش كان الذي الوحيد هو المغيرة ولي�ش هناك الفتيان ال�ضقالبة، كانوا يبلغون األفا في ق�ضر الخليفة، وجرت اأول المبايعين للخليفة الجديد، ولكن فائقا وجوؤذرا العادة اأن يكونوا اأبي عامر فابن األ يجعل ه�ضام خليفة، ال�ضقالبة قررا كبار وهما حكام �ضيكونون واأنهم معهم، وفاق على لي�ضوا والم�ضحفي و�ضبح

الدولة الفعليين، ولما علما اأمر المغيرة ورف�ضه قررا الو�ضول اإليه.

r

اأبي عامر ليلة اأخذ البيعة له�ضام وهو يعلمه يق�ضي محمد ابن كيف يجل�ش جلو�ش الملوك عندما يقدم المبايعون اأفواجا متموجة، مع اآداب الملوك وعاداتهم ال�ضلطانية اأن يعلمه يفته �ضابقا اأنه لم العلم

بما يبعث من هيبة و�ضلطان في قلوب الناظرين والوافدين اإليه. واأ�ضرقت �ضم�ش ال�ضباح على الزهراء فبدت كعرو�ش وقد كملت المتموج ونهرها اأمية، بني كتاأريخ ال�ضامخة بماأذنتها ترفل زينتها، الحكم، مولنا كع�ضر ال�ضامخات والجبال الحكم، جي�ش كعظمة الموؤمنين اأمير مولنا �ضيعهد ففيها قرطبة، اأيام اأعظم من اليوم الحكم بن عبد الرحمن النا�ضر بالخلفة لولده الأمير ه�ضام، واأي اأمير؟ هو لم يكمل العا�ضرة، هو ال�ضلطان الذي عمى عين الحكم عن عظيم بملك تعهد اأن عظيم �ضلل هو �ضلل؟ واأي وروؤيته، الحق

وارث بني اأمية ل�ضبي مع وجود من هم اأف�ضل منه.يجل�ش الحكم في مجل�ش الحكم البهي الذي بناه اأبوه عبد الرحمن النا�ضر وما زال اأعجوبة الدنيا، فما دخله �ضفير اأو وزير اأو اأمير اإل

122

شر والتوزيععصير الكتب للن

وتعجب وا�ضت�ضغر ما راأى في باقي الممالك، وذلك هدف عبد الرحمن النا�ضر رحمه الله.

العهد، وقد جل�ش عليه وجنب كر�ضي الخلفة كان كر�ضي ولي الأمير ال�ضغير، وجنبه وقف ابن اأبي عامر والم�ضحفي وفائق وجوؤذر، وجموع الوزراء والق�ضاة والوجهاء من اإخوة الحكم و�ضائر بني اأمية.

فبداأ الحكم قائل:الحمد لله رب العالمين، من اختار بني اأمية لحمل لواء هذا الدين، فجعلهم خلفاءه في الأر�ش يحكمون بما اأنزل، فاأجزل العطاء والنعماء الرحمن الله ب�ضم بعد كتابه في وجل عز فقال عدل؛ لمن والمحبة مقسطين، والعذاب والباأ�ضاء لمن حاد

سطوا إن االله يب ال

قالرحيم وأ

المون الظ هم ك

ولأف الله نزل

أ بما يكم م

ل ومن قال حيث وانحرف،

المتقين واإمام العادلين �ضيد وال�ضلم على وال�ضلة )المائدة: 54(، �ضيدنا محمد �ضلى الله عليه و�ضلم.

وبعد: مانات

وا ال ن تؤد

مركم أ

يقول الله تعالى في محكم كتابه: )إن الله يأ

ا يعظكم به إن عدل إن الله نعمموا بال

ك ن ت

متم بين الناس أ

هلها وإذا حك

أ إل

الله كن سميعا بصيا(. اأمرنا الله اأن نحكم بالعدل وهذا داأب بني اأمية ت�ضاهد كما الأم�ضار فعمرنا الأندل�ش، الداخل جدي دخل اأن منذ وعزة و�ضلطان بلغت من عظمة ما الأندل�ش بلغت اأن اإلى الأب�ضار،

ومنعة وبنيان، فراأيتم ملوك الن�ضارى عند اأقدامنا راكعين مهانين.الم�ضتن�ضر بالله الحكم الم�ضطر الحقير الذليل الفقير العبد اأنا بن عبد الرحمن النا�ضر اأعهد بالخلفة اإلى ولدي ه�ضام الموؤيد بالله، ب�ضوؤون للقيام الكافية والمهارة النجابة من به تو�ضمت لما اخترته الخلفة من بعدي، واأعلم اأن هناك اأ�ضحاب مطامع ومطامح ي�ضعون

123

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضعيا حثيثا، ولكن �ضتان ما بين اللهي والمتذكر، وال�ضاهي والمتفكر، وما ي�ضتوي الظل والحرور، والحزن وال�ضرور، والظلمات والنور، فها والخلفاء ر�ضوله وعهد الله عهد وعليه لولدي بالخلفة اأعهد اأنا

الرا�ضدين والموؤمنين، واأنتم عليه �ضهود الحق والعدل.القوم وكبار الق�ضاة جباه فانحنت العهد، اأخذ مرا�ضم وبداأت هل منا؟ ي�ضخر به ما تقول كانت قلوبهم لكاأن مبايعين، لل�ضبي ح�ضبنا بلهاء اإلى هذه الدرجة؟ وهكذا تقترب الأندل�ش من الهاوية، وينت�ضر راأي �ضبح عند الخليفة على راأيي العقل، ويم�ضي بالخلفة

نحو النتحار والندحار.الإن�ضان ي�ضحي اأن حد الحد؟ هذا اإلى الولد حب يعمي وهل خبط يتخبط بالعظمة كالمجنون ويم�ضي يملكه، ما وكل بالوطن

ع�ضواء!

r

124

شر والتوزيععصير الكتب للن

)13( لم نرسلك لتحقق معه، بل لتنفذ أمرنا،

ذ لشأنك أو فانرف.غررتنا من نفسك، فانف

بـ)الفالج(، اإ�ضابته بعد وذلك اأفوله، ودنا الحكم رحيل قرب فخفقت القلوب، و�ضاع في قرطبة اأن مولنا الحكم قد مات، وكان قد قعد في فرا�ضه ل يقوى على الحراك، فدخل محمد بن اأبي عامر على

الم�ضحفي وقال وكان يعلم قلة حيلته و�ضعف تدبيره:يخرج ولي العهد في موكب مهيب، مولنا ه�ضام الموؤيد بالله، فاإذا �

خرج في عظمته، هابته الأعداء، وخاف من كان في قلبه ذرة �ضك في قدرة �ضيدي ه�ضام، لن�ضرع قبل اأن ت�ضطرب الأو�ضاع وتزداد

ال�ضائعات.فقال بل حيلة:

ليكن ذلك. �فخرج الجي�ش ويت�ضدره ابن اأبي عامر مع ه�ضام و�ضط قرطبة في القوي الجي�ش مظهر من والرهبة النفو�ش في العظمة يبعث م�ضهد

يت�ضدره ولي العهد، ليقول للنا�ش اأجمع اإني: قادر على الحكم.حق واأخذ وكيدها مكرها بانت�ضار فرحتها تداري �ضبح اأما ولدها بال�ضطبار، خا�ضة واأن مر�ش الحكم قد جاء على عجل دون

125

شر والتوزيععصير الكتب للن

القائم على اأبا عامر لم يكف عن زيارتها ولقائها فهو تريث، ولكن �ضوؤون الق�ضر، وبقي يزين لها من�ضب اأم الخليفة!

والفتيان ال�ضقالبة محيطون بالخليفة يتحينون وينتظرون لحظة النق�ضا�ش.

r

غلقت الأبواب، وتكتم الفتيان ال�ضقالبة على خبر وفاة الحكم، فقال جوؤذر لفائق:

عنقه، � فن�ضرب الحاجب، عثمان بن جعفر نح�ضر اأن ينبغي فبذلك يتم اأمرنا.فقال فائق متعجبا:

�ضبحان الله يا اأخي! ت�ضير بقتل حاجب مولنا و�ضيخ من م�ضايخنا �دون ذنب! ولعله ل يخالفنا فيما نريده، مع افتتاحنا الأمر ب�ضفك

الدم!واإن لم يوافقنا فيما ذهبنا اإليه؟ �عندها نقتله. �

واأتى الم�ضحفي ودخل اإلى الق�ضر. فقال له جوؤذر:اأح�ضن الله عزاءك في اأمير الموؤمنين، ولله ما اأخذ وما اأعطى. �

فقال الم�ضحفي م�ضلما:اأخذ � هياأتم وهل بالله، ال قوة ول حول ل الموؤمنين! اأمير مات

البيعة ل�ضيدنا ه�ضام؟

126

شر والتوزيععصير الكتب للن

قد عزمنا على تغيير الأمر! �فرفع راأ�ضه متعجبا، وقال:

وما عزمكم؟ �اأن نبايع المغيرة بن عبد الرحمن النا�ضر، فهو اأ�ضلح للموؤمنين. �وعهدنا للحكم رحمه الله؟ والبيعة التي رقابنا لولده؟ �لن ننكث عهد الحكم، معاذ الله، بل نعطيه الولية بعد المغيرة، �

عندها �ضيكون قد تمر�ش بال�ضيا�ضة ودقائقها و�ضار قادرا على حكم البلد وتدبير �ضوؤونها، و�ضتكون ولية العهد له بعد المغيرة، فهل اأنت معنا فيما عزمنا عليه من �ضرف الخلفة اإلى المغيرة؟واأدرك متاأهبين، مت�ضلحين فوجدهم حوله الم�ضحفي فنظر

بفطنته اإن رف�ش ف�ضيقتل.فقال:

هذا والله اأ�ضد راأي واأوفق عمل، والأمر اأمركما، واأنا وغيري فيه �الم�ضيخة، بم�ضورة وا�ضتعينا اأردتما، ما على فاعزما لكما، تبع بنف�ضي، فاأ�ضبطه الباب اإلى اأ�ضير واأنا للخلف، اأنفى فهي

وانفذا اأمركما اإلي بما �ضئتما.واجتمع الأبواب و�ضبط هو وخرج به، ووثقا وجوؤذر فائق ففرح ب�ضحبه وبطانته وقواده الذين يثق بهم كمحمد ابن اأبي عامر وابن اأخيه ه�ضام بن محمد، فاأخبرهم بما عزم ال�ضقالبة عليه، وبعد طول

النقا�ش قال لهم:نيا في � نا على اأنف�ضنا، و�ضارت الد اإن حب�ضنا الدولة على ه�ضام، اأم

اأيدينا، واإن انتقلت اإلى المغير ا�ضتبدل بنا، وطلب �ضفاء اأحقاده.فقال اأحدهم:

127

شر والتوزيععصير الكتب للن

فلم وافقت على ما قاله الفتية ال�ضقالبة؟ �لو لم اأوافقهما لقتلوني من فورهم. �

فقال اأحدهم:نقتل المغيرة قبل اأن يبلغه وفاة اأخيه، عندها �ضنقطع دابرهم. �

وبعد النقاش استقر القوم عند هذا الرأي. فقال المصحفي:

من يكفنا المغيرة؟ �فجبنوا و�ضكتوا كلهم، فبادر محمد بن اأبي عامر قائل:

يا قوم، اإني اأخاف ف�ضاد اأمركم، ونحن تبع لهذا الرئي�ش )واأ�ضار �ل ذلك عنكم اإلى الم�ضحفي(، فينبغي األ نختلف عليه، واأنا اأتحم

اإن اأنفذني، فخف�ضوا عليكم. ففرح الم�ضحفي من �ضجاعته وب�ضالته وتبعيته له، فقال له:

من � ومحلك ه�ضام، بالخليفة لخا�ضتك كبره، بتولي اأحق اأنت الدولة.

من ثلة معه الم�ضحفي واأر�ضل فوره من عامر اأبي ابن وقام الفر�ضان ال�ضجعان الثقات، واقتحم ابن اأبي عامر دار المغيرة، فوجده

�ضاكنا مطمئنا لم يدر ب�ضيء بعد.وذعر من روؤية الجند مع ابن اأبي عامر، فقال اأبو عامر:

رحم الله اأمير الموؤمنين الحكم، قد توفاه الله منذ قليل. �فقال المغيرة مذعورا وقد اأدرك اأن ال�ضقالبة ف�ضحوا اأمره:

رحمه الله! �اأمير � بيعة نك�ش من وفائق، جوؤذر الفتى عليك اعترف وقد

الموؤمنين ه�ضام الموؤيد بالله اأعزه الله، واأن الخلفة تطلبها لك.

128

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال متو�ضل:قد غرر بي يا اأبا عامر. �للتاأكد من �ضحة � بعثوني والم�ضورة الراأي اأهل و�ضائر الم�ضحفي

الخبر.فقال وهو يرتع�ش خوفا وذعرا:

اأعلمهم اأني �ضامع مطيع، واف ببيعتي فتوثقوا مني كيف �ضئتم، �لكم مطيع لخادم واإني دمي احفظ عامر اأبا يا الله نا�ضدتك

وخادم لمولنا ه�ضام.ورق ابن اأبي عامر لتو�ضلته وكانت زوجه تقف اأمامه هي واأطفاله، فكان منظرهم وهم يبكون مدعاة لراأفة ابن اأبي عامر، فاأر�ضل ر�ضول

يخبر الم�ضحفي باأمر المغيرة، فقال الم�ضحفي بغ�ضب:قل له لم نر�ضلك لتحقق معه، بل لتنفذ اأمرنا، غررتنا من نف�ضك، �

فانفذ ل�ضاأنك اأو فان�ضرف. فقراأ محمد جواب الم�ضحفي وناوله للمغيرة، فخرج واأمر جنوده نف�ضه، �ضنق كمن منظره فكان فعلقوه في مجل�ضه، يقتلوه خنقا، اأن �ضنق المغيرة اأن العامة بين المد�ضو�ضون عامر اأبي ابن عمال واأ�ضاع نف�ضه بعد اأن اأكرهوه على مبايعة ابن اأخيه، ولم ي�ضتطع حرم المغيرة

واأهله اأن ينكروا اأو ينب�ضوا ببنت �ضفة حفاظا على اأنف�ضهم. وا�ضتقبل الم�ضحفي اأبا عامر وهو فرح مبتهج بما اأفاء عليه من وحا�ضية بطانة يبغ�ش كان فالمغيرة و�ضياعه، ومن�ضبه ملكه حفظ

اأخيه الحكم.

r

129

شر والتوزيععصير الكتب للن

وده�ش جوؤذر وفائق من وقع الخبر، فقال فائق:هل يعقل اأن المغيرة �ضنق نف�ضه؟! �اأيها الأبله بل قتلوه و�ضفكوا دمه. �وما العمل؟ �قد ن�ضحت لك، فلم ت�ضمع مني. �

ومثل بين يدي الم�ضحفي وهما يعتذران، فقال جوؤذر:ا اأر�ضدك الله اإليه، فجزاك الله عن ابن � اإن الجزع قد اأذهلنا عم

مولنا خيرا، وعن دولتنا وعن الم�ضلمين.ح�ضل خير، والآن جهزا اأمير الموؤمنين الحكم للدفن. �

r

130

شر والتوزيععصير الكتب للن

)14(تم فنعم عق�ب الدار( )سلام عليكم بما ص�ب

كجثة �ضاكنة كئيبة، حزينة فبدت قرطبة على ال�ضم�ش اأ�ضرقت هامدة بعد ليلة �ضاخبة، بعد اأن كادت تتغير م�ضائر الأندل�ش، وكان عر�ش الخلفة ك�ضعف النخيل الذي يتقلب في الهواء، ولكن اأبا عامر اأثبت باأ�ضا وجدارة في المواقف الع�ضيبة نالت حظوة عند الم�ضحفي، فهو عليه يعتمد واحد؛ اآن في منه ويتوج�ش عليه يعتمد �ضار الذي الوحيد الذي ل يهاب المهام ال�ضعاب ويظهر ولءه له، ويتوج�ش من يديه، بين ما على ي�ضتحوذ اأن يخاف حيلته، و�ضعة ودهائه فطنته اإذا قي�ش ببخله وقلة اأبي عامر يخاف من كرم و�ضخاء وعطايا ابن اإنفاقه. ل ي�ضمع في الزهراء غير البكاء والعويل واللطم اإ�ضافة اإلى

ال�ضراخ العالي، وهذه �ضبح تبكي وها هو الجمال يرى الدموع!و�ضتين �ضت �ضنة �ضفر من خلون لأربع الثنين يوم �ضباح اإنه بن بالله الموؤيد ه�ضام الموؤمنين اأمير مولنا فيه و�ضيجل�ش وثلثمئة،

الحكم، واأقبلت جحافل المبايعين ولم يتخلف اأحد اأبدا. كانت جثة المغيرة المعلقة في بيته قد بعثت الرهبة في قلوب اأهل قرطبة، و�ضار عبرة لكل طامع في الخلفة من المروانيين وغيرهم، واإن لم تنطق بالحادثة الأل�ضن وت�ضاهدها الأعين، ولكن القلوب وعت

الدر�ش جيدا.

131

شر والتوزيععصير الكتب للن

كان النا�ش في المقبرة متو�ضحين بالبيا�ش كعادة اأهل الأندل�ش، هم يتقنون الحزن لدرجة اأن خ�ض�ضوا ثيابا له، هنا يحتفون بالموت، اأن نرتدي له األ ي�ضتحق األي�ش هو الحقيقة الرا�ضخة التي ل تحيد؟ زيا؟ البيا�ش لبا�ش حزن في اأندل�ضنا وهذا من ال�ضواب، األم تر ال�ضيخ ع �ضبابه ب�ضيب حزنا؛ تودع يحزن على �ضبابه بلبا�ش ال�ضيب؟ ككهل ودربيع اآخر الحكم كان البيا�ش، بلب�ش انتهى الذي �ضبابها الأندل�ش ربيعهم خاتمة هو الحكم اأن علموا وهل اأهلها، ودعه وهكذا اأموي

المثمر الغدق؟ وبعد �ضلة الظهر حملوا الحكم، الربيع المزهر لأندل�ضنا، كان كيف الأر�ش؟ �ضتحويه فكيف قرطبة كجبال �ضامخا را�ضيا جبل

�ضتحوي جبل انت�ضب اأمدا فوقها؟ ا�ضتطعت كيف بربك لي قل اأنت؟ كيف الموت؟ خليفتنا، رحل الأمم، يديه بين ركعت الذي هذا النا�ش ليتحامله منا تخطفه اأن راأ�ضه لوحة عند وتو�ضع ليدفن الحكم، له يرحل؟ الطغاة وخ�ضعت ويكتب عليها :)�ضلم عليكم بما �ضبرتم فنعم عقبى الدار(، هذا قبر اأمير الموؤمنين الحكم الم�ضتن�ضر بن عبد الرحمن النا�ضر، غفر الله

له ولوالديه وللم�ضلمين.واأخذت البيعة له�ضام وهو جال�ش ل يدرك �ضيئا، ولم ي�ضغل قلبه اإل اأبوه الذي دفن منذ قليل، األ يحق له اأن يبكي كما يبكي الأبناء على

اآبائهم؟ وهو يرى اأعاظم الرجال تقبل يده وتخ�ضع له كان يحدث نف�ضه: لم يا اأبا عامر حذرتني من البكاء والنحيب؟ تقول: اأنت �ضلطان ولك هيبة، والبكاء ي�ضقط هيبة الخليفة في اأعين رعيته، ولكني طفل قبل اأن اأكون خليفة، لم اأعقل من الدنيا بعد �ضيئا حتى اأقيد بهذه الآداب ال�ضلطانية، اأريد اأن اأ�ضرخ، اأن اأبكي كما يبكي النا�ش العاديون على

132

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأر اأحدا اأ�ضاهد اأحدا يبكي على فراق اأحد، لأني لم اأنا لم موتاهم، يفارق حبيبه اأو خليله، ولكن �ضيئا في اأعماقي يريد اأن ي�ضرخ اأن يبكي كثيرا، لأني اأتعذب كال�ضعراء الذين قراأت �ضيرتهم وهم يعانون من األم الوجد، مات اأبي وعلي األ اأبكي اأمام اأحد، كي ل ت�ضقط هيبة الملوك، �ضاأق�ضي هل الغفيرة، الجموع هذه كل تبايعني اأن يجب هذا وفوق عمري واأنا اأتحلى باأدب الملوك والخلفاء؟ اإذا متى األعب مع ال�ضبيان؟ ومتى اأجرب كل تلك الألعاب التي يتقنها ه�ضام بن معمر الوراق ولم يعلمني اإل ال�ضيء الي�ضير؟ يقول اأن كل �ضبيان قرطبة يعرفونها واأنا اأح�ضن اأح�ضن ما يح�ضنه ال�ضبية، واإن لم اأحكم كل قرطبة ل الذي ما يح�ضنه ال�ضبية فهل �ضاأح�ضن تدبير الملك وال�ضلطان؟ ولكن اأنا ل اأدبر �ضيئا، اأبو عامر هو من يدير كل �ضيء، منذ اأن وعيت على هذه اأ�ضنع �ضيئا غير ما يريده وي�ضور به محمد، حتى هذه واأنا ل الدنيا الجل�ضة هو من قال لي هذا، اإني �ضبي فلم يتوجب علي اأن اأقوم بما

يبهر الرجال الكبار؟ محمد بن اأبي عامر هو القائم ب�ضوؤون البيعة مع الم�ضحفي، وما المن�ضط والطاعة في ال�ضمع بيعة ه�ضام على القوم من كبار اأن فرغ فقام ليم، ال�ض ابن القا�ضي اإلى عامر اأبي ابن اأ�ضار حتى والمكرب وحمد الله واأثنى عليه بما هو اأهل له، وبين للقوم ف�ضل اجتماع الكلمة

على �ضلطان واحد، واأو�ضاهم بالطاعة لأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد.

rمولي اأرى خير ما تفتتح به عهدك هو تقربك للرعية، والعطف �

عليهم، واأول ما ينبغي فعله هو اأن نعفيهم من دفع �ضريبة الزيت، فقد اأثقلت كاهل ال�ضعفاء من الرعية.

133

شر والتوزيععصير الكتب للن

كان ابن اأبي عامر يتحدث وه�ضام مطرق ل يعي �ضيئا وجنبه اأمه وو�ضيته �ضبح، فقالت:

نعم يا ولدي، ما قاله محمد هو ال�ضواب. �فقال اأبو عامر وقد اطمئن للهجة �ضبح ولثقتها به:

اأول عهده رفع � ال�ضلطان كريما منفقا، ومن كان اأن يكون يجب باإذن العباد من ثقلها فعهده �ضيكون م�ضرقا ال�ضرائب وتحرير

الله تعالى.فقالت �ضبح:

وهذا هو الراأي يا ولدي. �عت �ضريبة الزيت عن العامة ففرح العامة وا�ضتب�ضروا باأيامه. وو�ض

حتى اإن ه�ضام بن معمر الوراق �ضاأل اأباه:كل النا�ش تثني على �ضديقي ه�ضام الذي اأعرفه؟! �يا ولد قل مولنا ه�ضام. �ولكنه �ضديقي، ول كلفة بيننا. �

فقال معمر مترفقا:والمجاملة، � الحترام فبالغ في وراأيته ق�ضره وطئت اإن ولدي يا

اأمير ت�ضاحب فاأنت ونزقهم، ال�ضبيان طي�ش من واحذر ال�ضحبة كما فعل توثقت اإذا الموؤمنين، وربما رفعك مكانا عليا اأمير الموؤمنين الحكم مع الم�ضحفي، فهذا الم�ضحفي )ثم ب�ضوت خفي�ش( رجل �ضحيح، خال من �ضفات الكرم والمروءة ال�ضامية، اأو �ضيا�ضة اأو اإلى الحجابة بمهارة و�ضل بلغه حتى ما يبلغ فلم

134

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضجاعة، فهو بخيل جبان، لم يغز يوما، اإنما بلغ ما بلغ ب�ضحبة الحكم رحمه الله، كان رفيق طفولته و�ضبابه، هل فهمت؟

فقال ه�ضام ببلدة:فهمت، تريدني اأن اأكون كالم�ضحفي، األي�ش كذلك؟ �

ف�ضرب معمر جبهته براحته وهو يقول:والحمق، وجنب � والخرق البله واأعوذ بك من ربي، يا �ضاعدني

ولدي هذا الأخرق من الغباء الموغل، وارزقه ذكاء وفطنة كابن اأبي عامر.

فهل تريدني اأن اأكون كاأبي عامر؟ �فقال ب�ضوت عال:

ل اأريدك اأن تكون �ضيئا، اللهم اأعني عليه. �

r

135

شر والتوزيععصير الكتب للن

)15(نحن نركع للقوي، فنقدسه ما دام حسامه مسلولا.

اأن نختار الم�ضحفي حاجبا، فما زالت � يا مولتي والراأي عندي �ضوكته قوية وله اأن�ضار كثر، ول تن�ضي اأن ولده �ضاحب المدينة، اأن وتعلمين دولتنا، في والتدبير العقد اأهل من اأخيه وابن الم�ضحفي من �ضيوخ الموالي، وما زالت له كلمة م�ضموعة في قومه اأن منذ قرطبة في وال�ضر الف�ضاد كثر وقد و�ضحه، ف�ضاده على

تولى ولده اأمر المدينة.فقالت �ضبح:

فلم ل نعزل ولده؟ ونبعد ابن اأخيه، فيبقى وحده منعزل، وقبل �اأن يعرف ماذا ح�ضل له نهوي عليه بال�ضربة القا�ضية، وهذا لن

ي�ضعب عليك يا محمد، فتريح وت�ضتريح.التريث التريث يا اأم ه�ضام، ل�ضوف تبقى هذه الدولة كلها لمولنا �

رجال باأمور عليم واأنا وق�ضمته، اإل اأحد فيها ينازعه ل ه�ضام الدولة.

م�ضتقبل ولدي بين يديك يا محمد. �وهل عرفتني اإل خادما مطيعا؟ �

فقالت م�ضت�ضلمة:بلى. �

136

شر والتوزيععصير الكتب للن

والآن لي�ضدر قرار تولية الم�ضحفي الحجابة. �األم تجهز كتابا؟ �بلى، هذا، ول يحتاج اإل توقيع اأمير الموؤمنين، وهذا الآخر. �وما هذا الآخر؟ �تقليدي الوزارة. �

واأعلن تقليد الم�ضحفي الحجابة وابن اأبي عامر الوزارة، ولم يلبث جوؤذر فعلة الم�ضحفي ين�ش فلم ال�ضقالبة، لمحق الثنان خطط اأن وفائق من محاولة قلب نظام الحكم، وو�ضلت اإلى اأ�ضماع الم�ضحفي، ف�ضيقا على ال�ضقالبة واأغلقا الباب المخ�ض�ش لهم للدخول والخروج،

وكله بتوقيع ه�ضام وختمه. ثم اإن جوؤذرا ا�ضتاأذن ه�ضام اأن يترك خدمته واأن ي�ضتعفيه فعفاه

من فوره، وكان يظن اأن الخليفة يهتم به اأو يقيم له وزنا.اأرا�ش اأبي عامر جاء كبير فتيانهم واتهمه باأخذ وبمكيدة من اأبي يقتل وكاد فتجاذبا بال�ضهود، عامر اأبو واأتى وجبرا، اغت�ضابا وقب�ضوا وجاوؤوا الجند على ف�ضاح منه، الفتى تمكن اأن بعد عامر بهم، عامر اأبي ابن فنكل ليلته، من وقتل داره اإلى واأعادوه عليه،

ولحقهم، وقتل الكثير منهم. وما كادوا يفرغون منهم حتى جا�ش العدو اأر�ش الأندل�ش وتمادى،

فغ�ضب محمد بن اأبي عامر.

r

137

شر والتوزيععصير الكتب للن

العدو و�ضل اإلينا، بالقرب من قرطبة، األ ننازله ونرده؟ وقد راأى �اأننا ل نقدر البلد بعد وفاة الحكم رحمه الله، ظن ا�ضطراب ينتظرك الثغر ل يحاربونه، النا�ضري وجي�ش على رده، وغالب

اأنت.وغالب؟ ما عمله؟ �بل اأنت ما عملك؟ �األي�ش هو راأ�ش الجي�ش، جي�ش الثغر، وهذا العدو قادم ل محالة، �

فلينبري له هو، وليقاتلهم كما يتوجب عليه.الذي � الأو�ضط الثغر جهة من لي�ش العدو جي�ش الح�ضن، اأبا يا

جي�ش بحوزتك األي�ش اأنت، ينتظرك غالبا اإن ثم غالب، يتوله للنا�ش فيقول عاجزا، تقف اأن اللحظة هذه ينتظر الح�ضرة؟ اأجمع: هذا الم�ضحفي الذي تولى اأمر دولة اأمير الموؤمنين ه�ضام ل ي�ضتطيع اأن يرد جي�ضا لم يكن ي�ضتطيع اأيام الحكم اأن يتفوه علينا بكلمة بل كان يطلب ال�ضلح والأمان، والآن يتقدم نحو قرطبة، وهذا الم�ضحفي وبحوزته جي�ش جرار عاجز عن رده، ثم �ضرعان ما �ضينب�ش الحقد القديم الذي بينكم، اأم تراك ن�ضيت؟ ن�ضيت

الم�ضاحنة والمباغ�ضة القديمة؟يف�ضي تاأثرا عامر اأبي ابن بخطبة متاأثرا الم�ضحفي فقال

لل�ضت�ضلم:�ضنجهز جي�ش الح�ضرة للخروج، فمن يقود الجي�ش؟ �

ف�ضكت كل اأعوان الم�ضحفي ومنهم ابن اأخيه، فقال ابن اأبي عامر:اأنا لها يا اأبا الح�ضن. �وهل تقدر؟! �

138

شر والتوزيععصير الكتب للن

باإذن الله ولكن لي �ضرطان: الأول اأن اأختار من يخرج معي من �الرجال، والثاني اأن اآخذ مئة األف دينار للغزو.

فاعتر�ش ابن اأخي الم�ضحفي قائل:مئة األف دينار كثير. �

فرد اأبو عامر كال�ضهم: خذ �ضعفها وام�ش، وليغن غناوؤك. �

فوافق الم�ضحفي على م�ض�ش، اإذ ل حل �ضواه، فغالب النا�ضري القائد العظيم، كان بينه وبين الم�ضحفي مناف�ضة، فهو يرى اأنه اأحق من الم�ضحفي بتلك الرتب، فهو يحاول ذله، لأن الم�ضحفي ل يح�ضن القتال ف�ضل عن قيادة جي�ش ورد عدو، وعرف ابن اأبي عامر كيف اأن ا�ضترط حتى الجي�ش لقيادة انتهز اإن فما العداوة، هذه ي�ضتغل يختار الرجال، كي يختار اأ�ضجعهم، ومئة األف دينار ليبهرهم بكرمه

و�ضعة جنوده، فيبقوا له اأوفياء.وبعد ثلث وخم�ضين يوما يدخل محمد بن اأبي عامر قرطبة ظافرا اأن نازل الأعداء وانت�ضر عليهم، و�ضبى وغنم، و�ضط منت�ضرا، بعد ترحيب العامة به، والهتاف له، وكانت العامة تهتف له: اأبو عامر يا

من�ضور. فهو الذي رد العدو وخرج مجاهدا يوم قعد الم�ضحفي ورهطه وهو

اأولى بالمهمة. بالهتافات متوجا ودخل الن�ضر، حاز قد عامر، اأبو هو هذا

والنداءات، وما اأكثر ما �ضتهتفه قرطبة للقواد؟

139

شر والتوزيععصير الكتب للن

هم ي�ضفقون للقوي دائما، لمن يجلب الن�ضر، وما اأكثر ت�ضفيقهم؟ وما اأكثر تقلبهم؟ ي�ضفقون اليوم له، وقد يب�ضقون غدا عليه، وهم نركع نحن الأ�ضبال، ونف�ش الحناجر ونف�ش الوجوه نف�ش اأنف�ضهم،

للقوي فنقد�ضه ما دام ح�ضامه م�ضلول.

r

140

شر والتوزيععصير الكتب للن

)16(سيظهر لك بهذا الفتح اسم عظيم وذكر جليل.

في حدائق الزهراء المخ�ض�ضة للحريم وقد حفتها الزهور من كل لها ي�ضرح �ضبح مع عامر اأبي بن محمد جل�ش ن�ضرة فبدت جانب خلف الم�ضحفي مع غالب النا�ضري، وما له من اآثار على الأندل�ش،

فقال لها:علينا اأن نختار واحدا منهما، اأما النا�ضري اأو الم�ضحفي، ومن �

نختاره يكون هو الأثير المكين عندنا، اأما جعفر الم�ضحفي فلم يوؤت حظا من ال�ضجاعة التي يمتلكها النا�ضري، واإن ف�ضلناه واأبقيناه مقدما في دولتنا، ويتمتع هو واأبناء قومه من الموالي خ�ضرنا غالب النا�ضري، وهو حامي الثغور وقائد جيو�ضها، فاإذا �ضحينا به في �ضبيل الم�ضحفي ازدادت الدولة �ضعفا، وهزل، وف�ضادا، ح�ضبك اأن تعرفي ن�ضبة ال�ضرقات في قرطبة وطي�ش الزعار منذ اأن تولى اإنه يجل�ش مع يا مولتي اأمر المدينة، بل قيل لي ابن الم�ضحفي �ضحبه من الزعار والف�ضاق في المكان المخ�ض�ش للحكم، يلعبون

وي�ضربون، واآن اأن نتخل�ش منهم.فقالت �ضبح:

وكيف �ضتتجاوز الم�ضحفي وله ما له من الأن�ضار والأعوان؟ �

141

شر والتوزيععصير الكتب للن

وتلقيبه � الوزارتين، النا�ضري غالب بتولية قرارا �ضن�ضدر الآن بهذا اللقب، عندها �ضيدرك الم�ضحفي عظم الخطب الذي وقع

به، واأنه ل منا�ش من المواجهة.هذا بمثابة اإعلن الحرب عليه. �وهو كذلك يا �ضيدتي، يجب اأن نتخل�ش من الم�ضحفي واأعوانه. �

وقع الخبر على الم�ضحفي، فغم غما �ضديدا، واأدرك اأن اأبا عامر قد عزم على الفتك به، فهذا اأمر الخليفة يقلد غالبا خطة الوزارتين اأبي عامر فابن ال�ضوائف، والتدبير على التعاون ويطلب من غالب

يقود جي�ش الح�ضرة، وغالب جي�ش الثغر. جي�ش الح�ضرة!

يوم اأ�ضحى بين الذي كان الم�ضحفي يتح�ضر على هذا الجي�ش وليلة تحت اإمرة ابن اأبي عامر، ولكن األم يعلم الم�ضحفي اأن الجي�ش

لل�ضجعان؟راأ�ش جي�ش الح�ضرة وهو على اأبي عامر ابن الغزو والتقى في بغالب النا�ضري، فم�ضيا فاتحين، واأبلى غالب بلء ح�ضنا، وخدم ابن اأبي عامر خدمة ل تو�ضف، اإذ ن�ضب كل انت�ضاراتهم لبن اأبي عامر، وكتب بذلك غلى الخليفة، ي�ضرح له �ضدة باأ�ضه وقوة نكاله بالأعداء، ولم يكن تنازل النا�ضري لبن اأبي عامر من فراغ، فقد وعده اأن يق�ضي على الم�ضحفي ونفوذه، واأول ما يبداأ به هو محمد ين جعفر الم�ضحفي �ضاحب المدينة ومدبر �ضوؤونها، فقد ظهر ف�ضاده وغيه، حتى اأن غالبا قال لبن اأبي عامر عند وداعه: �ضيظهر لك بهذا الفتح ا�ضم عظيم ة، وذكر جليل، ي�ضغلهم ال�ضرور به عن الخو�ش فيما تحدثه من ق�ضفاإياك اأن تخرج عن الدار حتى تعزل ابن جعفر عن المدينة وتتقلدها

دونه.

142

شر والتوزيععصير الكتب للن

فعاد ابن اأبي عامر وقد ذاع �ضيته، و�ضار القائد الأوحد، ولم يعد يهاب الم�ضحفي اأو غيه، فمعه العامة والجي�ش، وفوق ذلك اأم الخليفة

�ضبح.

r وما اإن و�ضل ابن اأبي عامر اإلى قرطبة حتى �ضدر اأمر الخليفة بعزل محمد بن جعفر وتولية محمد بن اأبي عامر ذلك، وكله دون علم الم�ضحفي وهو الحاجب ومدبر الدولة، وكان محمد بن جعفر جال�ضا في اأبهته، فدخل عليه ابن اأبي عامر باأمر العزل، فكان م�ضهده اأمام اأهل قرطبة مذل له ولأبيه، وظل يذكر اأهل قرطبة هذا الم�ضهد وكيف

طرد مهانا، وما اأكثر الظالمين الذين ولوا اأمر قرطبة ثم اأذلوا؟اأبي بن ومحمد الم�ضحفي الرجلين، بين �ضامتة حرب وبدت عامر اأبي ابن فمخالفة عامر؟ اأبي ابن يغلب اأن له كيف عامر، وحدها انتحار، الجاه والقوة، الذكاء والحيلة، النفوذ وقوات الجي�ش فكيف ا، حب �ضغفها وقد الخليفة اأم بعدهم ومن اأمرته، تحت كلها للم�ضحفي اأن يواجهه؟ منذ اأن تولى اأمر المدينة قد �ضبطت اأحوالها، واأقام العدل، ال�ضجن ماأوى ومثوى، وارتاع زعارها، ولم يجدوا غير فاأمنت البلد من �ضر ال�ضراق والف�ضاد الذي �ضاع اأيام ابن الم�ضحفي، و�ضد باب ال�ضفاعات وقمع اأهل الف�ضق والفجور، واأقام الحدود، حتى بيده وجلده �ضرب الخمر، عليه حد فاأقام له عم ابن على اأنه عثر

جلدا مبرحا، فانتهى ال�ضر في اأيامه.وارتفاعه، المراتب عامر اأبي ابن بلوغ �ضر في الم�ضحفي وفكر لي�ضلح اأمره الذي بداأ يخرج من يده، فاأدرك عداوته لغالب النا�ضري،

فقال لولده وابن اأخيه:

143

شر والتوزيععصير الكتب للن

نجدد العهد مع النا�ضري، ون�ضاحبه بالم�ضاهرة! �فقال ولده ببلهة و�ضفاقة بعد:

وكيف هذا؟ �فرد الم�ضحفي كاظما غيظه:

له بنت ح�ضناء! �فقال ه�ضام ابن اأخيه:

فكرة ح�ضنة يا عماه، نبعث اإليه بذلك. �اأبي اأن ك�ضف ابن وكاتب الم�ضحفي غالبا، وكاد الأمر يتم، ولول ابنته النا�ضري فا�ضت�ضار له، يطلبها له وبعث �ضريعا، الأمر عامر فف�ضلت محمد ابن اأبي عامر، وكانت اأ�ضماء هذه من اأجمل الن�ضاء،

فزفت اإلى محمد، فكان عر�ضا فخما، و�ضار حديث النا�ش.بتوليته الحجابة بال�ضتراك مع اأمرا اأخرج الخليفة و�ضرعان ما

الم�ضحفي، وتولية ابن عمه عمرو بن اأبي عامر اأمر المدينة!

r

144

شر والتوزيععصير الكتب للن

)17(هذا وقت إجابة الدعوة!

وماذا بعد هذه القرارات اإل عذلي والتنكيل بي؟ ها اأنا اأجل�ش في بيتي بين اأهلي، ل ملك ول �ضلطان، بل اأنتظر لحظة الختام، لم يعد في

اليد حيلة، ولم يبق لي عمل اإل اأن اأنتظر نهايتي.كلمه في ما�ش هو وبينما اأهله( الم�ضحفي يحدث كان )هكذا

�ضمع طرق عنيف، فقال: و�ضلوا. فتح الباب واإذا بابن اأبي عامر وجنده، فقال له: جعفر بن عثمان وابن وولدك اأنت باعتقالك اأمرا الموؤمنين اأمير اأ�ضدر الم�ضحفي،

اأخيك. فتب�ضم الم�ضحفي وقال: كنت اأنتظرك، اإني اآت، �ضاأودع اأهلي.

اإجابة اإليهم مبت�ضما ابت�ضامة باهتة مجروحة: هذا وقت فالتفت الدعوة! واأنا اأرتقبه منذ اأربعين �ضنة!

ف�ضئل عما ذكره؛ فقال ونف�ضه الناكبة عن الر�ضد تعترف: رفع على فلن اأيام النا�ضر و�ضعى به اإليه؛ فاأ�ضرفت على اأعماله؛ فاآل اأمره اإلى �ضربه وتغير نعمته واإطالة حب�ضه، فبينما اأنا نائم ذات ليلة، اإذ اأتاني اآت؛ فقال لي: )اأطلق فلنا؛ فقد اأجيبت دعوته فيك؛ الرجل، واأح�ضرت مذعورا، فانتبهت لقيه!( بد ل اأنت اأمر ولهذا ؛ فا�ضتحلفته على اإعلمي بما خ�ضني به و�ضاألته اإحللي؛ فامتنع علي

145

شر والتوزيععصير الكتب للن

من الدعاء؛ فقال: )نعم! دعوت الله اأن يميتك في اأ�ضيق ال�ضجون كما اأعمرتنيه حقبة( فعلمت اأنه قد وجبت دعوته، وندمت حيث ل ينفع الندم، واأطلقت الرجل؛ ولم اأزل اأرتقب ذلك في ال�ضجن، وعندما راأيت ابن اأبي عامر هذا الذي يقف في الباب و�ضيذلني جاءني خاطر ذاك

الذي ظلمته، ولكني لم اأخ�ضه لأنه كان �ضغيرا، فانظر اإلى الأقدار.رب عنق وخرج الم�ضحفي مقيدا م�ضفدا مذلول، و�ضرعان ما �ض

ابن اأخيه ه�ضام بن محمد لعداوته ال�ضديدة لبن اأبي عامر.اأبواب ال�ضجن عليه وجل�ش وحيدا في محب�ضه، ول اأغلقت اإن وما

يكاد يب�ضر اأطرافه من الظلمة الحالكة كليل المظلومين حتى قال: بـــا

ل

ق

ت الزمـــان مـــن ف أمـــنف

ت لا

ـــبل

يتق بأهلـــــــــه

مـــــــان الز

إن

يهابـــ�ف

ت

والليـــوث ي

أرا�ف ـــد ق

ول

علـــبي مـــن بعـــد ذاك الث

وأخافـــ�فـــة

ل

ومذ

مهانـــة ريـــم

الك حســـب

بيــــــــطل ئيــــــم

ل إل يـــزال ألا

كتابة من يمل ل وهو ذلك وكل �ضيء، له يعد ولم ماله، واأخذ ق�ضائد ال�ضتعطاف، فبعث له يوما: رحمـــة ألا عنـــك الله ـــا

عف

ابعـــدا أن ـــوك بعف جـــود

ت

أعتمـــده ـــم ول نـــب

ذ جـــل ف لـــنئ

بـــدا

وأعـــلى أجـــل أنـــت ف

146

شر والتوزيععصير الكتب للن

طـــوره عـــدا عبـــدا ـــر

ت ـــم

أل

هـــدى ورشـــيدا ـــا عف ومـــولي

تلافيتـــه أمـــر ومفســـد

أفســـدا مـــا ـــح أصل

ف عـــاد

ف

يـــزل لـــم مـــن ـــك ال

أق ي

أقلـــ�ف

دى الـــر عنـــك ف ويـــر بقيـــك

فقال اأبو عامر:يح�ضبني اأعفو عنه بهذا الكلم! �

فقال ابن عمه:ا للدنيا، حتى اأنه يتو�ضل � اأبا عامر، اإن جعفرا من اأ�ضد النا�ش حب

لك اأن تجعله ولو موؤدبا لولديك.فتب�ضم المن�ضور �ضاخرا، وقال بحزم:

اأراد اأن ي�ضتجهلني وي�ضقطني عند النا�ش، وقد عهدوا مني ببابه �موؤمل؛ ثم يرونه اليوم بدهليزي معلما!

ناق�ضه فيما ارتكب. � ثم جد ابن اأبي عامر في مكروهه، واأدق ح�ضابه، واأمر باإح�ضاره اإلى مجل�ش الوزراء بق�ضر الخلفة، ليناظر بين اأيديهم فيما ادعى مرة اآخر واأقبل مرارا، المجل�ش هذا اإلى فتردد الخيانة؛ من عليه اإليه، وواثق ال�ضاغط يزعجه، وال�ضن قد ها�ضاه، والموكل به يحذوه

147

شر والتوزيععصير الكتب للن

وي�ضتحثه؛ فيقول له جعفر: يا بني رفقا؛ ف�ضتدرك ما تريد! ويا ليت اأن الموت بيع، فاأغلى الله �ضومه.

وبعد طول النقا�ش لم ي�ضفر �ضيء جديد، بقي في محب�ضه، وكتب اإليه ي�ضتعطفه بقوله:

والكــــرم العفـــو فأيـــن أســـأت ي هبـــ�ف

والنـــدم الإذعــــــان نــحــــوك ي قـــاد�ف إذ

ي الســـخط فاصفـــح صفـــح مقتـــدر بالغـــت �ف

رحــــموا حموا اســـ�ت مـــا إذا الملـــوك إن

ت�ضرما اإل الأبيات اأفادته وما وحقدا حنقا اإل ذلك زاده فما ووقدا، ف�ضار ابن اأبي عامر يتمثل بهذه الأبيات:

القـــدم بـــك زلـــت جاهـــا يـــا الآن

الكـــرم فاتـــك لمـــا التكـــرم ي تبـــ�ف

تثبتـــه لـــولا ا ملـــك ي �ب أغريـــت

كلـــم ولا نطـــق عنـــده لي جـــاز مـــا

ي طبـــق فايـــأس مـــن العيـــش إذ قـــد صرت �ف

نقمـــوا اســـتنقموا مـــا إذا الملـــوك إن

براضيـــة ليســـت ســـخطت إذا نفـــ�ي

والعجـــم العـــرب فيـــك تشـــفع ولـــو

148

شر والتوزيععصير الكتب للن

وما لبث اأن خرج من �ضجنه ميتا، وقيل مات م�ضموما، ولكن ل اأحد يعلم، وما اأكثر اأ�ضرار قرطبة اأيام ابن اأبي عامر!

r يقف كليث منت�ضر ظافر، يتحدى الأعداء فهل من مبارز؟ كلهم جبنوا وانك�ضروا، من عانده وخالفه ق�ضمه، ومن انحرف بط�ش به، لم

يبق اإل �ضديق �ضدوق، اأو عدو لذ بال�ضمت جبنا وخوفا من نكاله. والمجد العظمة �ضلم في ي�ضعد عليه، يقدر من هناك يعد لم

�ضريعا.اأبي اأثناء حكم الحاجب محمد بن اأيام قرطبة وهكذا تم�ضي عامر، رخاء واأمان و�ضلم ووئام، اأيامها هادئة م�ضتقرة، يغزو �ضائفا

و�ضاتيا، وفوق ذلك يهابه الن�ضارى.

r

السفر الثالثr

153

شر والتوزيععصير الكتب للن

)18(إنما الحكم عقل وسيف، فإذا فقدت أحدهما اختل السلطان.

اأبي عامر يركب فر�ضه مع ابن عمه، وم�ضيا اإلى طرف كان ابن اأ�ضجارها، يداعب العليل الهواء حيث الكبير، نهرها وعلى قرطبة وعند الأ�ضيل وليلة قرطبة البهيج قد اأقبل وبما يحمل بين طياته من

المرح وال�ضرور، فقال ابن اأبي عامر:اأ�ضخم � تكون اأن اأريدها لنا هنا مدينة ملوكية عظيمة، �ضتكون

وتكون كلها، الدولة و�ضوؤون الدواوين فيها ننقل الزهراء، من حا�ضرة ملكنا.

ولم يا اأبا عامر؟ �الزهراء من ماآثر النا�ضر رحمه الله، واألي�ش هو من كان يتغنى �

بهذه الأبيات؟:أرادوا ذكرهـــا إذا الملـــوك همـــم

البنيـــان فبألســـن بعدهـــم مـــن

ف قـــد بقيـــا وكـــم أو مـــا تـــرى الهرمـــني

الأزمـــان حـــوادث محـــاه ملـــك

شـــأنه تعاظـــم إذا البنـــاء إن

أضـــى يـــدل عـــلى عظيـــم الشـــان

154

شر والتوزيععصير الكتب للن

ال�ضعراء، بها يتغنى حا�ضرة �ضاأجعلها البنيان، األ�ضن اأجل، وفيها اأمية، بني ماآثر من الزهراء اأن تن�ش ول الزهراء، وتن�ضيهم وتذكر الزهراء وراأى لها اأحد دخل وكلما الموؤيد، ه�ضام الخليفة النا�ضر رحمه الله واأيامه والحكم وعهده، عاد ي�ضاأل اأين ه�ضام، األم يبلغ الحلم؟ فتكون الزهراء كالمنبه؛ تذكرهم ما حاولت اأن اأن�ضيهما،

اأريدهم اأن ين�ضوه تماما، هذا هدفي.األن � تقول؟ ما له األن يح�ضل وحيدا في ق�ضره بقي ه�ضام واإن

فل�ضوف عليك؛ يقلبه اإن لم وحتى عليك؟ يقلبه من اإليه ي�ضل حقه وعرف عوده ا�ضتد اإذا حتى �ضدك، يقلبه ما فيه ينفث

اأخرج ما في نف�ضه من دفائن قد نفثت فيه.وهل �ضي�ضل اإليه اأحد؟ األ تعلم منذ اأن ولي الأمر وهو وحيد في �

ق�ضره، ل ي�ضل اإليه اأحد من اأهل النفوذ اإل اأنا واأمه.الذروة � بين الرفيع الخيط هي ه�ضام اأم اأمه! قلتها، واأنت

بل عليه ال�ضد دائم اأنت الرفيع الخيط وهذا والح�ضي�ش، هوادة؛ فل بد اأن ينقطع يوما.

ماذا تعني؟ تريد اأن تقول ... �نعم، ولم ل؟ اأم ح�ضبت اأنها �ضتبقى اأبد الدهر طائعة لك، ت�ضير �

خلفك من غير تفكير؟ مهما طال خداعك لها �ضتفيق يوما؟ومن قال اأني خدعتها وخدعت ه�ضام؟ �في � وحيدا وتركته المعترك عن ه�ضام عزلت يوم خدعتهم، بل

ق�ضره اأ�ضيرا، واإن لم يكن خداعا فماذا ت�ضميه اإذا؟ ول تح�ضب النا�ش ل تعلم ما قمت به، ولكنهم يهابونك، يهابون بط�ضك.

155

شر والتوزيععصير الكتب للن

لو علمت اأن ه�ضاما قادر على الحكم لما بقيت لحظة اإل خادما �اأعلم مطيعا له، وما زلت مطيعا، ولكنه ل يح�ضن التدبير، واأنا بنف�ضي منكم، اأنا اأعلم اأني قادر على خدمة الإ�ضلم اأف�ضل من �ضائر الذين ذهبوا الم�ضحفي، المغيرة، ال�ضقالبة، كلهم يظنون مغارمها، دون مغانمها يريدون غنيمة، هو والملك المن�ضب اأن فهل تر�ضى؟ لو بقي الحال ولم اأفعل ما فعلت لما بقي اإ�ضلم في الأندل�ش، ولن تبقى اأندل�ش اإذا حكمها اأنا�ش طامعون في المغانم والمال واأبهة ال�ضلطان، دون اأن يلجوا �ضاحات الوغى، اإنما الحكم

عقل و�ضيف، فاإذا فقدت اأحدهما اختل ال�ضلطان.واإن قامت ال�ضيدة �ضبح و�ضحت من �ضباتها؟ اأنت تعلم اأن �ضبحا �

�ضلطانا تريده ولدها، يهمها بل الأندل�ش اأو الإ�ضلم يهمها ل عندها بحقه؛ طالبت رجل واأ�ضحى الر�ضد بلغ فاإذا حقيقيا،

�ضتكون كالثور الهائج اإذا اأفلت.فقال اأبو عامر �ضاخرا:

وماذا �ضتفعل اآنذاك؟ �تجمع اأن�ضار الخليفة، اأم ن�ضيت اأنك عظمت اأمر الخليفة و�ضار �

الكل يهاب قوته؟ اأم تريدنا اأن نكذب الكذبة ول ن�ضدقها؟ �ضدقتها العامة. �وهل تح�ضب اأنهم ل يعلمون اأنه كذب؟ ولكنهم ي�ضدقون الكذب �

بالقوة.وقوته هي قوتي، وقوتي قوته، واأنا من �ضنع قوة زائفة له، ولي�ش �

هو، وبعد بناء مدينتي الملكية لن يبقى �ضيء في الزهراء، �ضاحب و�ضتغلق �ضيء في مدينتي، وكل ال�ضجلت، الدواوين، ال�ضرطة،

الزهراء ولن يدخل لها اأحد، فاأنى لها القوة؟

156

شر والتوزيععصير الكتب للن

والحق ما قاله اأبو عامر هو ال�ضواب، فلم يعد هناك مناف�ش، ول يزال ذاك ال�ضاعر الذي تناقل بع�ش اأعداء اأبي عامر اأبياته هم�ضا:

الهـــلاك وحـــان الوعـــد ب اقـــ�ت

ل مـــا تكرهـــه قـــد أتـــاكوك

مكتـــب ي �ف يلعـــب

خليفـــة

وأمـــه حبـــلى وقـــاض ينـــاك

عبرة لغيره، اإذ ما لبث اأن عرفت اأعين الحاجب ابن اأبي عامر قائلها، ولم يعرف من يومه اأين هو، وهكذا يم�ضي وهو يقطع كل من يعاديه اأو ينكر عليه، اإلى اأن ا�ضتقرت الأندل�ش على يديه، و�ضكنت من

الزوابع، فلم يبق اإل الن�ضارى وهو ما�ش بالفتك بهم.عن اأهل من الكثير عند يجري حديثا اأن عامر اأبي ابن يدرك ولكنه الخليفة، اأم الب�ضكنجية �ضبح وبين بينه علقة عن قرطبة م�ضيره كان نطقه ومن نطقه، على الأل�ضن تجروؤ ل طفيف حديث مجهول كم�ضير ذلك ال�ضاعر، ولكن على اأي حال تحدثت به نفو�ضهم.

r

157

شر والتوزيععصير الكتب للن

)19(ــة ـهـ ريـ

ل ك

ــول ك ــت بنفـــ�ي هـ رميـ

ريم مخاطراطرت والحر الك

وخ

و�ضماها اإليها عامر اأبي بن محمد انتقل ،073 �ضنة وفي )الزاهرة(، ونزلها بخا�ضته وعامته؛ فتبواأها و�ضحنها بجميع اأ�ضلحته، واأمواله واأمتعته، واتخذ فيها الدواوين والأعمال، ثم اأقطع ما حولها لوزرائه وكتابه، وقواده وحجابه؛ فاقتنوا باأكنافها كبار الدور، واأجمل

الق�ضور، واتخذوا خللها الم�ضتغلت المفيدة، والمتنزهات الم�ضيدة.في النا�ش وتناف�ش الأرفاق؛ فيها وكثرت الأ�ضواق، بها وقامت وتناهى الدولة، للدنو من �ضاحب باأطرافها، فيها، والحلول النزول الغلو في البناء حوله، حتى ات�ضلت اأربا�ضها باأربا�ش قرطبة، وكثرت

بحوزتها العمارة، وا�ضتقرت فيها الإمارة.هو ذلك و�ضير ال�ضم، من اإل �ضيء كل من الخليفة واأفرد اأمرائه، وروؤو�ش وزرائه، جلو�ش فيها ورتب العافي، الذاهب الر�ضم وندب اإليها كل ذي خطة بخطته، ون�ضب على بابها كر�ضي �ضرطته، الرتبة تلك ر�ضم كر�ضي الخليفة، وفي �ضفة واليا على عليه واأجل�ش

المنيفة. وكتب اإلى الأقطار بالأندل�ش والعدوة باأن تحمل اإلى مدينته تلك طلب وينتابها الوليات، اأ�ضحاب ويق�ضدها الجبايات، الأموال

158

شر والتوزيععصير الكتب للن

الحوائج، وحذر اأن يعوج عنها اإلى باب الخليفة اأحد، فانح�ضد النا�ش اإليها من جميع الأقطار، وتم لمحمد بن اأبي عامر ما اأراد، وانتظم بلبة من و�ضبره بمعزل من جميعه، الخليفة ق�ضر وعطل المراد؛ اأمانيه �ضامعه ومطيعه، و�ضد باب ق�ضره عليه، وجد في خبر األ ي�ضل اإليه، الملوك والخلفاء من ح�ضد ما ي�ضنعه اأن �ضنع يفته دولته، ولم تلك

الأدباء على بابه.

r وفي ليلة من ليال الزاهرة العامرة البهيجة؛ وما اأكثر ما ابتهجت والأدباء الوزراء عامر اأبو يجمع كالقمر منيرة بدت وقد الزاهرة؟ اأهل بب�ضاعته. اأديب كل وياأتي القيان، فترق�ش لل�ضمر، والقواد قرطبة من اأ�ضد النا�ش ولعا و�ضغفا بال�ضهر وال�ضمر، األي�ش �ضاعرهم

من قال: يـــوم

ة

لا تنـــم واغتنـــم ملـــذ

طويـــا نومـــا اب الـــ�ت تحـــت

إن

فل تكاد تم�ضي �ضلة الع�ضاء حتى يبداأ البهج والأن�ش، فهم اأهل طرب ووله، ول يكاد يخلو بيت اأمير اأو عظيم من رق�ش القيان و�ضرب العودان، ودائما تكون هناك جارية لعوبة جميلة تغني روائع الغزل، وبع�ضهن ل يغنين منه اإل اأفح�ضه، فاإذا �ضكن الليل وجل�ضوا يتنادمون ويت�ضامرون، وغنت ح�ضناء كان �ضوتها اأعذب من خرير مياه الجنة،

ين�ضاب في اآذانهم عذبا دافئا.ابن العريف النحوي يدخل على المن�ضور بالعامرية وعنده �ضاعد اللغوي البغدادي، وعلى ابن اأبي عامر �ضمة الملوك وجل�ضتهم فاأن�ضده

وهو طامع في عطائه راج ر�ضاه:

159

شر والتوزيععصير الكتب للن

تـــزه فالعامريـــة

يالمبـــا�ف جميـــع عـــلى

كســـيف فيهـــا وأنـــت

غمـــدان ي �ف حـــل قـــد

ف�ضحك اأبو عامر �ضحكت الم�ضرور الذي دانت له الدنيا.فقام �ضاعد اللغوي البغدادي وكان مناف�ضا لبن العريف وندا له،

فقال:ال�ضعر � هذا �ضلطانه! ومكن الأجل! الحاجب تعالى الله اأ�ضعد

الذي قاله قد اأعده وروى فيه، اأقدر اأن اأقول اأح�ضن منه ارتجال.بحديث ي�ضتاأن�ش كان ما فكثير با�ضم، وهو المن�ضور له فقال

ال�ضعراء في ليل الزاهرة البهيج وخا�ضة اإن كان المتحدث �ضاعد:قل ليظهر �ضدق دعواك. �

فقال مرتجل:المعــــ الحاجـــب أيهـــا يـــا

كيـــوان عـــلى تـــلىي

تنـــاه قـــد بـــه ومـــن

يمـــان كل فخـــار

أضحـــت العامريـــة

الرضـــوان كجنـــة

لفريـــد فريـــدة

الزمـــان أهـــل ف بـــني مـــا

160

شر والتوزيععصير الكتب للن

ثم م�ضى في ال�ضعر اإلى اأن قال في و�ضفها:فيهـــا النهـــر إل انظـــر

كالثعبـــان ينســـاب

شـــكرا يخطـــب والطـــ�ي

الأغصـــان ذرا عـــلى

ســـكرا تلتـــف والقضـــب

القضبـــان بميـــس

زهـــوا يفـــ�ت والـــروض

عن مبســـم الأقحوان

يرنـــو الغـــض جـــس وال�ف

النعمـــان بوجنـــة

تمتـــار ـــح ـ ـ ـ الريـ وراحـــة

الريحـــان نفحـــة

الدهـــر فيهـــا مـــدى فـــدم

وأمـــان غبطـــة ي �ف

فا�ضتح�ضن ابن اأبي عامر ارتجاله، وقال لبن العريف:ما لك فائدة في مناق�ضة من هذا ارتجاله، فكيف تكون رويته؟ �

161

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال ابن العريف:اإنما اأنطقه وقرب عليه الماأخذ اإح�ضانك. �

فقال له �ضاعد:فيخرج من هذا اأن قلة اإح�ضانه لك اأ�ضكتتك وبعدت عليك الماأخذ. �

ف�ضحك المن�ضور وقال: غير هذه المنازعة األيق باأدبكما. �

وكان من الح�ضور في هذه الجل�ضة ال�ضاعرية الأني�ضة ابن حدير، من له الف�ضل في التو�ضط عند ابن ال�ضليم ليجد عمل لبن اأبي عامر، �ضديق هو اإذ مرة، لأول عليه قدم منذ به معجب حدير ابن وكان

قديم لأبيه.فقال ابن حدير:

�ضمعنا � اأن بعد ودولته، ملكه واأدام المن�ضور الحاجب الله اأعز ال�ضعراء األ ن�ضمع �ضعرك؟ ونعلم اأنك اأديب اأريب قبل اأن تكون

�ضاحب �ضيا�ضة وتدبير.فقال �ضاعد:

مرحى مرحى، �ضن�ضمع �ضعر الحاجب. �اأن يرد طلب ابن حدير، اأبي عامر معتدل فلم يحب وكان مزاج وكثيرا ما لح ال�ضعراء عليه لي�ضمعهم نظمه ولكنه يردهم ردا جميل

اأو �ضارما. فقال وقد تداخلت �ضور الخ�ضوم والأنداد في باله:

162

شر والتوزيععصير الكتب للن

ــة ـهـ ريـل ك

ــول ك ــت بنفـــ�ي هـ رميـ

ريم مخاطراطرت والحر الك

وخ

ـــيع

مش جنـــان إلا ي صاحـــ�ب ومـــا

باتـــر وأبيـــض ـــ�ي

خ وأســـمر

ـــاء الجيـــوش إل الـــو�ف زجي ل

وإ�ف

ـــوادر

خ أســـود لاقيهـــا ت أســـود

ل ســـيادة ث بنف�ي أهل ك

ســـدت

ل

كاثـــرـــم أجـــد مـــن أ

ـــرت حـــ�ت ل

اث

وك

زيـــادة ولكـــن

بنيانـــا شـــدت ومـــا

عـــلى مـــا بـــ�ف عبـــد المليـــك وعامـــر

عنـــا المعـــالي بالعـــوالي حديثـــة

رف

معافـــر ديـــم الق ي

�ف ناهـــا وأورث

فتعجبوا من �ضعره وبراعة نظمة، واأثنوا عليه، ولكن �ضاعرا منهم اعتر�ش قائل:

اأعز الله الحاجب لو ذكر تلك المفخرة العظيمة لتم فخره. �الق�ضطلي، وكان مقربا ال�ضاعر فاإذا هو الأعناق نحوه فا�ضراأبت

من اأبي عامر، فقال اأبو عامر:ويحك يا ابن دراج، ما هي؟ �

163

شر والتوزيععصير الكتب للن

وقد � تذكرها لم طرفيه، من ال�ضرف حزت وقد تميمية اأمك ورثتها.

ف�ضحك اأبو عامر ورد جذعه الذي انت�ضب من ا�ضتفزازه، ولكن الق�ضطلي لم يمهله اإذ ارتجل اأبياتا متممة لقوله دون تفكر اأو تدبر:

ميـــم ويعـــرباقـــت عليـــه مـــن ت

ت

وبـــدور

ي العـــلىـــموس تـــألا �ف

ش

هـــمف

أك الذيـــن ف يـــني الحم�ي مـــن

ـــدى وبحـــور ســـحائب تهـــ�ي بالن

وي�ضتمر ال�ضمر و�ضرب العودان، واإذا ب�ضاعد اللغوي يقول:الحديقة � هذه منظر تطيق تعد لم نف�ضي اإن الحاجب مولي

الرائقة. ولم؟ �كل هذا الجمال وتريدني اأن اأ�ضبر؟ �

فقال ابن اأبي عامر �ضاحكا:ا�ضمعنا! �

هـــا الملـــك المنصـــور مـــن يمـــن يـــا أي

ســـباانت الـــذي ـــ�ي

غ

ســـبا

ن والمبتـــ�ف

ك راتعـــة الـــسرش لـــوب ق ي

ـــزوة �فبغ

ضبـــاوالق ـــمر الس نـــا�ف

ت المنايـــا ف بـــني

164

شر والتوزيععصير الكتب للن

مرمرها وق

جري ف

ف ت رى العني

أما ت

ربـــا الط أحســـائها عـــلى تجـــري ف هـــوا

ز

الـــزاهي بجريتهـــا طمـــا ف أجريتهـــا

والعربا العجم سدت ف طموت ما

ك

رافلـــة المـــاء جنـــود فيـــه ـــال

تخ

بـــاوالبل الـــدرع ربـــك

ت مســـتلئمات

اهـــرة

نـــون الأيـــك ز

هـــا مـــن ف

حف

ت

هبـــاذ مـــرت

أث إذ

ـــة فض أورقـــت قـــد

ـــك ناظرهـــا الملـــك مـــا ينف

بديعـــة

عجبـــا آيـــة منهـــا ـــمع الس عـــلى ـــو

يتل

ا ها مث

ي ل هر أن ين�ش لا يحسن الد

بـــاطل فســـه

ن فيهـــا ـــت عن

ت ولضـــو

فقال اأبو عامر:�ضمعنا نظمك و�ضنجزل لك العطاء بما يليق بك. �

وي�ضتمر مجل�ضه وقد طاب له ال�ضمر، فقال اأحد خدمه: مولي األ تنام فيرتاح ج�ضدك؟

اإذا بلغت، ما بلغت لما �ضاهرا ل نائما الليل ق�ضيت لو له: فقال نامت الرعية وجب على ملكهم اأن يكون م�ضتيقظا.

165

شر والتوزيععصير الكتب للن

دون يكذب و�ضاعا، به، يثق ل كذابا هذا البغدادي �ضاعد كان العلماء، ول اقتربوا اأعر�ش عنه اأن تختلج نف�ضه، فلما دخل قرطبة منه ول اقتدوا به ول اأخذوا عنه، اإلى ان طرق اأبواب المن�ضور بن اأبي عامر، فلما تكلم عنده قليل؛ عرف اأنه عالم، ودعاه اإلى مجل�ش اأن�ضه

في الزاهرة.في تلك الليلة ح�ضر مجل�ش المن�ضور اأبو بكر الزبيدي، والعا�ضمي،

وابن العريف، فقال لهم المن�ضور:هذا الرجل الوافد علينا �ضاعد يزعم اأنه متقدم في هذه الآداب اأنتم �ضرجها ال�ضاحية، واأهلتهم ال�ضارية، واأحب اأن يمتحن ما التي

عنده. واأ�ضار اإليه فا�ضراأبت الأعناق نحوه، فقال المن�ضور:

هل تعرف ال�ضيرافي؟ �نعم يا مولي، وقد قراأت عليه كتاب �ضيبويه. �هذا ح�ضن، اأيها العا�ضمي، �ضله. �

فبداأ العا�ضمي بعر�ش م�ضائل من كتاب �ضيبويه فلم يجب، فقال مرتبكا:

اعذرني يا ح�ضرة الملك الكريم، فاإن النحو لي�ش جل ب�ضاعتي، �ول راأ�ش �ضناعتي.

فبادر الزبيدي قائل:فما تح�ضن اأيها ال�ضيخ؟ �حفظ الغريب. �فما وزن اأولق؟ �

166

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال �ضاعد �ضاحكا:اأمثلي ي�ضاأل هذا ال�ضوؤال؟ اإنما ي�ضاأل عنه �ضبيان المكتب. �فقد �ضاألناك، ول ن�ضك اأنك تجهله. �

فتلعثم وتردد، وقال:اأفعل. �

فقال الزبيدي �ضاخرا:�ضاحبكم ممخرق! �اأخال ال�ضيخ �ضناعته الأبنية؟ �اأجل. �وب�ضاعتي اأنا حفظ الأ�ضعار، ورواية الأخبار، وفك المعمى، وعلم �

المو�ضيقى.اإل كلمة يقول ل وجعل يجيبه، فم�ضى له، العريف ابن فانبرى

وقال عليه �ضاهدا اأو �ضعرا.�ضخما، كتابا المن�ضور فحمل اإعجابا، وازداد المن�ضور ف�ضحك

وقال:هذا كتاب النوادر لأبي علي القالي، رحم الله الحكم كان يحبه، �

واأنت يا �ضاعد، كاأنك تحفظه.فقال �ضاعد وهو يداري غروره:

اإذا اأراد المن�ضور اأمليت عليه مقيدي خدمته وكتاب دولته كتابا �اأرفع منه قدرا، واأجل خطرا، ل اأدخل فيه حبرا مما اأدخله اأبو

علي.

167

شر والتوزيععصير الكتب للن

لك ما طلبت، و�ضاأجعل هوؤلء العلماء رقباء عليك، و�ضتمليه هنا �في الزاهرة.

اأنا خادم المن�ضور. �وم�ضى في العمل و�ضماه )الف�ضو�ش( اإلى اأن اأكمله، ودخل العلماء

على المن�ضور، فقال لهم:�ضمعت اأن �ضاعدا قد اأتم الكتاب الذي وعدنا فيه، فكيف راأيتموه؟ ��ضيدي المن�ضور، �ضاعد البغدادي رجل مقتدر على تاأليف الكذب، �

من عيون الأدب، ي�ضندها اإلى �ضيوخ لم يرهم ول اأخذ عنهم.فقال اأحدهم:

وتغيير � اأبي�ش بكاغد كتابه ن�ضفر اأن مولي يا عندي والراأي بهجته ليدل على القدم.

وتم تجليده، وكتب على غلفه: )النكت. تاأليف الغوث ال�ضنعاني(.فلما جل�ش �ضاعد جنب المن�ضور، ناوله الكتاب، فقراأ عنوانه وقال:

التوحيدي. وبهذا � اأبي حيان يد بغداد، على اإني والله قراأته في الخط، �ضبحان الله!

فاأخذه المن�ضور، وقال:اإن كنت راأيته كما تزعم، فعلم يحتوي؟ �وراأ�ضك لقد بعد عهدي به ل اأن�ش منه �ضيئا، ولكنه يحتوي على �

لغة منثورة ل ي�ضوبها �ضعر ول خبر.كتاب � هذا منك، اأكذب هو الذي راأيت فما مثلك! الله اأبعد

الف�ضو�ش، اأيها الحار�ش، ارمه في النهر.فقام �ضاعر وقال:

168

شر والتوزيععصير الكتب للن

الفصـــوص كتـــاب البحـــر ي �ف غـــاص قـــد

يغـــوص ثقيـــل كل وهكـــذا

فرد �ضاعد بديهة:إنمـــا معدنـــه إل عـــاد

الفصـــوص. البحـــار قعـــر ي �ف توجـــد

اإنجازاته عن اأمامهم المن�ضور يتحدث هذه مجال�ضه في وكان في من ويذعر واأن�ضاره، محبوه له فيبارك �ضكيمته، وقوة وف�ضله الموؤمنين اأمير اأن عهد اأنا�ش المرة: زعم لهم هذه فقال �ضرا. نف�ضه ه�ضام الموؤيد اأيده الله مقفر اإذا ق�ضناه بعهد اأبيه وجده! وهذه مح�ش دولتنا، فنحن ت�ضويه �ضورة اإل يق�ضد منها ترمى جزافا، ل اأوهام ل�ضاب ر�ضالة فهذه والبرهان، بالحجة بل ال�ضيف، بحد نجيبهم ل اأيها باري�ش، في لوالده اأر�ضلها قرطبي م�ضت�ضفى في يتعالج فرن�ضي

ال�ضاقي، خذ الكتاب واقراأه على م�ضمع من رجالنا.فقراأ:

»والدي العزيزكي النقود بع�ش لي تبعث �ضوف باأنك ر�ضالتك في ذكرت لقد اأ�ضتعين بها في علجي، لكني ل اأحتاج اإلى النقود مطلقا؛ لأن المعالجة

في هذا »الم�ضت�ضفى الإ�ضلمي« مجانية!بل اإن الم�ضت�ضفى يدفع اإلى كل مري�ش تماثل لل�ضفاء مبلغ 5 دنانير، العمل في اإلى ي�ضطر ل كي الم�ضت�ضفى؛ يغادر وملب�ش جديدة حين

فترة النقاهة!والدي العزيز

169

شر والتوزيععصير الكتب للن

الجراحة ق�ضم في تجدني ف�ضوف لزيارتي وجئت تف�ضلت لو و�ضالون مكتبة، غرفتي بجانب ت�ضاهد و�ضوف المفا�ضل، ومعالجة للمطالعة والمحا�ضرات، حيث يجتمع الأطباء فيه يوميا لل�ضتماع اإلى

محا�ضرات الأ�ضاتذة.�ضاحة من الثاني الجانب في فيقع الن�ضائية الأمرا�ش ق�ضم اأما

الم�ضت�ضفى ول ي�ضمح للرجال اأن يدخلوا اإليه.مخ�ض�ضا كبيرا �ضالونا تجد ال�ضاحة من اليمنى الجهة وفي النقاهة، فترة فيه يق�ضون حيث لل�ضفاء؛ تماثلوا الذين للمر�ضى

ويحتوي ال�ضالون على مكتبة خا�ضة واآلت مو�ضيقية.والدي العزيز

النظافة، في غاية الم�ضت�ضفى هذا في مكان وكل نقطة كل اإن فالفرا�ش والو�ضادة التي تنام عليها مغلفة بقما�ش دم�ضقي اأبي�ش، اأما

الأغطية فم�ضنوعة من المخمل الناعم اللطيف.اإليها ي�ضل الذي النقي بالماء مزودة الم�ضت�ضفى غرف وجميع

بوا�ضطة اأنابيب خا�ضة! وفي كل غرفة مدفاأة لأيام ال�ضتاء!اأما الطعام فهو من لحم الدجاج والخ�ضار، حتى اأن بع�ش المر�ضى

ل يريدون مغادرة الم�ضت�ضفى طمعا بالطعام اللذيذ!«الر�ضالة: فهذا هو عهد اأتم خادمه قراءة اأن بعد المن�ضور فقال

اأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد بالله!اأنه يعلم وهو الذهبي، عامر بني عهد هو العهد هذا اأن والحق اأن ل يد له�ضام في هذا، ولكنه كذب �ضار اأجمع تعلم عهده والنا�ش

�ضدق بالقوة!

r

170

شر والتوزيععصير الكتب للن

)20(واحـــدة ي الصـــ�ب ف عطـــني

ت لا

بعنف الطل

خرى بأ

ب أ

يطل

ما زال يذكر ذلك اليوم، يوم ولي الخلفة، محفورا في ذاكرته، تعليمات المرا�ضيم هي من و�ضائر البيعة واأخذ وجل�ضته وقفته كانت لما وهو ذلك له وكيف �ضيء، الأمر من له يكن لم عامر، اأبي ابن يبلغ العا�ضرة بعد؟ لم يكن اآنذاك قد تعلم �ضيئا اإل النزر الي�ضير من القراآن وال�ضنة والفقه وال�ضعر، وكان كثير الملل، �ضريع الغ�ضب، وما ذاك اإل لأنه راأى رعاية في غاية التدلل، فالكل يخافه ويهابه، والكل

يجل�ش بين يديه خا�ضعا طائعا مهطعا.ومنذ اليوم الأول ياأتي ابن اأبي عامر اإليه ومعه الكتاب يطلب منه اأن يوقع عليه، وكان يخبره اأول الأمر عن القرار وماهيته ولكن �ضرعان الدولة اأمور في بعد �ضيئا يفقه ل لأنه الطريقة، هذه من �ضجر ما ، واأمه كانت مع ابن اأبي عامر موؤيدة اأول حتى ي�ضتطيع القبول اأو الردالأمر، تخبر ه�ضام بما يجب عليه فعله، وكيف له اأن يدرك اأن اأمه هي الأخرى ل تفقه �ضيئا في ال�ضيا�ضة ل قليل ول كثير، اإنما ت�ضير كالأعمى خلف ابن اأبي عامر، فاأتاه ابن اأبي عامر ثاني يوم توليه الخلفة ما

زال حزينا على فقد اأبيه، فقال اأبو عامر:

171

شر والتوزيععصير الكتب للن

مولي اأرى خير ما تفتتح به عهدك هو تقربك للرعية، والعطف �عليهم، واأول ما ينبغي فعله هو اأن نعفيهم من دفع �ضريبة الزيت،

فقد اأثقلت كاهل ال�ضعفاء من الرعية.كان ابن اأبي عامر يتحدث وه�ضام مطرق ل يعي �ضيئا وجنبه اأمه

وو�ضيته �ضبح، فقالت:نعم يا ولدي، ما قاله محمد هو ال�ضواب. �

فقال اأبو عامر:يجب اأن يكون ال�ضلطان كريما منفقا، ومن كانت اأول عهده رفع �

باإذن العباد من ثقلها فعهده �ضيكون م�ضرقا ال�ضرائب وتحرير الله تعالى.

فقالت �ضبح:وهذا هو الراأي يا ولدي. �

فوقع على القرار كما اأرادا، بل ل قرار له فما قاله اأبو عامر وبت به هو ما �ضي�ضير وينفذ، وما عداه زائل.

بالمر�ضاد، كان عامر اأبا ولكن غيرهما، منه يتقرب اأن حاول اإلى ي�ضتطيبه، ولكن ه�ضام ل يتقرب منه مرارا، فائق الفتى فذاك

اأن قال يوما:اأعفني يا اأمير الموؤمنين من خدمتك. �

فقال بغير تردد اأو مبالة:قد اأعفيتك! �

ولكن لم يعد اأحد يدخل عليه من رجال ال�ضيا�ضة والتدبير، حتى نهاره يق�ضي الدخول على الخليفة، �ضار منع من نف�ضه، الم�ضحفي

172

شر والتوزيععصير الكتب للن

ال�ضبية لبع�ش عامر اأبو �ضمح اإذ ال�ضبية، مع واللعب الدر�ش بين فقد الم�ضاء اأقبل اإذا اأما وقته. ليق�ضي ه�ضام، مع واللعب بالدخول وجد اأبو عامر متنف�ضا له�ضام يق�ضي به الليل، فقد حبب اإليه الغناء و�ضعر الغزل الماجن، وكله و�ضبح موافقة را�ضية، ول ين�ضى ذلك اليوم عندما جل�ش هو واأبو عامر للتب�ضط وال�ضهر ومجال�ش ال�ضمر، يجل�ش معه وت�ضرب العودان وترق�ش القيان باديات ال�ضدر والنحر، وتدار الكوؤو�ش، واإذا بجارية ح�ضناء ندية ال�ضوت جميلة بكل مفاتنها، مغرية بكل تفا�ضيلها تغني اأبيات اأبي نوا�ش ب�ضوت عذب طروب وكاأنه خرير

اأنهار خمر الجنة، وكان ي�ضتعذب اأبو عامر �ضوتها: بهـــا فـــزت

ف

ـــة

بل

ق لتها

ســـأ

التــــــعب ة وشـــد امتنـــاع بعـــد

يبـــ�ت

معذ يـــا بـــالل لـــت

ق

ف

ي ر�بي بهـــا أ

قـــيفخـــرى أ

جـــودي بأ

ـــا مث ت

رســـل

أ ـــم

ث ســـمت

ابت

ف

ـــذب ـ بالكــــ يـــس ل العجـــم ـــه

يعرف

واحـــدة ي الصـــ�ب ف عطـــني

ت لا

ـــبعنـــف الطل

خـــرى بأ

ـــب أ

يطل

و�ضكر ه�ضام حتى الثمالة، ولم يبلغ الحلم بعد، وتقوده تلك الجارية اإلى مخدعه، اإلى اأن بلغ �ضريره وهو يقول:

�ضاألتها قبلة ففزت بها بعد امتناع و�ضدة التعب �

173

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقالت باإغراء:ولكني لم اأبخل عليك بقبلة واأنت لم تطلبها حتى تفوز بها. �

فقال ه�ضام بلهجة �ضكير متعربد:ولكني اأمير الموؤمنين واأطلب ما اأ�ضاء ومتى اأ�ضاء. �

فقالت بتغنج ودلل:اأمير الموؤمنين وهو يلعب كالأطفال؟ متى يترك � ولكن متى ي�ضاء

لعب ال�ضغار ويبداأ بلعب الكبار؟ اأهكذا تقولين عن مولك و�ضيدك؟ �وماذا اأقول عن اأمير الموؤمنين اإن لم ينفذ ما يقوله؟ �وما الذي قاله ولم ينفذه اأميرك اأيتها الح�ضناء اللعوب؟ �

فقالت ب�ضوت ي�ضتعذبه قلب اأمير الموؤمنين الطري:�ضاألتها قبلة ففزت بها بعد امتناع و�ضدة التعب، ولكنك لم ت�ضاأل �

ولم تقبل.فهاتي قبلة. �

ثم اأبداأت تقبله من فيه وهي م�ضتمتعة ولكن �ضرعان ما ارتد عنها وج�ضده يرتع�ش، فقالت بنف�ش الإغراء:

لم يتم الأمير قبلته. �فقال لها:

ا، وقبح الله القائل: � اخرجي، هيبهـــا ففـــزت قبلـــة ســـألتها

التعـــب وشـــدة امتنـــاع بعـــد

174

شر والتوزيععصير الكتب للن

فليتني لم اأفز بها ولم اأذقها.المنع�ش الزهراء �ضباح ولكن واأرهقه الندم حفه ما و�ضرعان وتناول الفطور في رو�ضها وعلى م�ضمع من خرير ماء حو�ضها النازل من النهر الكبير كفيل باأن ين�ضيه ذلك الندم العابر، ويوم طلب اأبو عامر عزل محمد بن جعفر الم�ضحفي عن اأمر المدينة وتقليده اإياها تردد قليل، فالم�ضحفي �ضديق الحكم، ولكن �ضبحا اأمه اأقرته فوقع

على عزله.الغزل اأ�ضعار وحفظ ولعبا لهوا يق�ضيها وهو الأيام وتم�ضي وال�ضتماع اإلى الأنا�ضيد التي تن�ضدها تلك الجارية م�ضتعذبا �ضوتها، وكلما تذكر تلك اللحظة حين هبطت على فيه ي�ضعر بالقرف نحوها وكيف تقبله بجنون ا�ضتقبحته نف�ضه وبغ�ضته، ف�ضار يمنعها من رفقته اإلى الغرفة اأو القتراب منه، ولم يطردها خوفا من اأن يعلم ابن اأبي اأبا اأن ال�ضاذجة البريئة بطفولته وح�ضب �ضبب طردها، واأمه عامر

عامر ل يعلم!

r

175

شر والتوزيععصير الكتب للن

)21(ة ي ر

سد الذ

ف

ت

ة الأرحام الردي

إن

رموه تحت قدميه مكبل مذلول، وقال الجندي: عبد الرحمن بن المطرف يا مولي.

نظر اإليه ابن اأبي عامر نظرة الغ�ضب والتي لم ينظر بها لرجل اإل ومحقه، فقال الرجل المكبل:

مولي الحاجب، اأنا بريء فيما اتهمني به هوؤلء الرجال، اأنا ل �اأعرفهم فكيف اأكون قد اأخذت حقهم واغت�ضبت اأر�ضهم.

فقال اأبو عامر:اأنك بريء مما رماك به هوؤلء الرجال، فاأنا الذي دبرت � اأعلم

اأن�ضى اأني ل واأنت تعلم واأ�ضنع، اأعظم �ضهادتهم، ولكن جرمك الخيانة، ومن يخن فم�ضيره معروف.

فعرف الرجل ماآله، وقال:العفو يا مولي. �

فقال بتوؤدة واأناة:�ضاخطا � وكان �ضرق�ضطة، في عندك مقيم الله عبد ولدي كان

ناقما علي، لأنني ظلمته اإذ قدمت عليه عبد الملك اأخاه وف�ضلته نف�ضك، خدعتك حتى بهذا علمت اإن وما دونه، مني واأدنيته لك ف�ضورت ومغانمها، وبهرجها ال�ضلطة جمال لك وزخرفت

176

شر والتوزيععصير الكتب للن

بما الدنيا حاز ملكها ومن ولهو، ولعب مال اأنها على ال�ضلطة فيها، ولم تدرك اأنك اأمام فار�ش الأندل�ش الأوحد محمد بن اأبي بنف�ضك فجازفت الن�ضارى، واأركع ال�ضعاب خا�ش من عامر، وولدي، فاتفقتما على الوثوب علي، والإطاحة بي، وبعدها تق�ضما الأندل�ش اإلى ق�ضمين، الح�ضرة لعبد الله ولدي، والثغر لك، األي�ش

هذا ما ح�ضل؟العفو يا مولي المن�ضور. �ولم تعتبر بالم�ضحفي وغالب النا�ضري، وابن حمدون. �

به �ضاب في فاإذا للحار�ش فاأدخل عبد الله ولده فدخل، واأ�ضار عن �ضديد اختلف وهلة لأول عينيه في وتلحظ والع�ضرين، الثانية اأبيه، فل تجد فيه تلك الملمح العامرية التي تج�ضدت في عبد الملك

بن المن�ضور.فقال اأبو عامر:

عفوت عن ولدي ولكن لن اأعفو عنك، اأيها الحر�ش ا�ضربوا عنقه. �واأخرجوه وهو ي�ضرخ: العفو يا مولي.

فنظر المن�ضور محمد بن اأبي عامر اإلى ولده الثائر عليه، وقال: عفوت عنك مرة ولن اأعفو ثانية، ثم قال ب�ضوت ينم عن عطفه الذي

�ضبق غ�ضبه: اأتعرف لم عفوت عنك؟ لأن نف�ضي لم تطاوعني، اأنا اأقوى منك واأ�ضتطيع البط�ش بك ولكنك ولدي، فاإن اأخطاأت مرة اأخرى ونازعتني نف�ضي فلن ا�ضتمع لها، بل �ضاأكبحها ب�ضيف عظمة الملك ولن اأراك على

اأنك ولدي، ل، بل �ضتكون عدوا حاول انتزاع ملكي.

r

177

شر والتوزيععصير الكتب للن

ا�ضتبك الجي�ضان، ذاك المن�ضور بن اأبي عامر بب�ضالته و�ضجاعته ي�ضرب الأعناق، وجي�ش الن�ضارى في تراجع وتخاذل وهو داأبهم منذ انبرى الحاجب المن�ضور لجهادهم، و�ضرعان ما علت راية الم�ضلمين

عند ذاك الح�ضن.عبد ولدك �ضيدي، له: وقال المن�ضور، اإلى م�ضرع جندي وجاء الله، هرب مع غلمانه اإلى عدو الله غر�ضية بن فرذلند �ضاحب األبة،

فغ�ضب اأبو عامر و�ضعر اأن الأر�ش تكاد ل ت�ضتقيم تحته.فقال:

ابعثوا له فلي�ضلمنا عبد الله. �ولكننا بعثنا له. �وماذا؟ �رف�ش ت�ضليمه لنا! بل فرح به. �

فقال المن�ضور وهو يتفجر غ�ضبا و�ضخطا:اأبو � والله لآتينه في عقر داره، واأفتح ح�ضنه، واأخرب بلدته واأنا

عامر.اأن بولده، ولكن غر�ضية رف�ش األبة، وطالبه اإلى وو�ضل بجي�ضة ي�ضلمه، واأ�ضر على المواجهة، و�ضرعان ما ن�ضبت معركة بين الجي�ضين، وظفر جي�ش المن�ضور على خ�ضمه، وارتد غر�ضية على عقبيه، ودخل

ح�ضنه، فا�ضطر غر�ضية اأن ي�ضلمه.ووقف عبد الله ولده بين يديه، وعلى رغم اختلفه عن اأبيه تماما من م�ضتمدة �ضلفة يمتلك اأنه اإل هواه واتباع الطي�ش اإلى بنزعه

�ضجاعة اأبيه.فقال المن�ضور:

178

شر والتوزيععصير الكتب للن

األم تعدني اأن تتوب وتعود اإلى الحق فعفوت عنك؟ األم تخن مرة �فاأ�ضفحت؟ وقلت لك اأني لن اأعفو ثانية.

فقال عبد الله بل مبالة:واأنا لم اأطلب عفوك ثانية. �لماذا تفعل بي هذا؟ لماذا تجبرني على قتلك والفتك بك، األ تعلم �

اأن خ�ضارة الملك اأفدح من خ�ضارة الولد األم تتعلم اأن البقاء لي، يا ولدي اإن نزاع البقاء يوؤدي اإلى الفناء، وها اأنت �ضتفنى.

فقال بلهجة تف�ضح غيظه وحقده:لأنك لم تعدل يوما، لم تن�ضفني، ف�ضلت اأخي عبد الملك علي واأنا �

اأحق منه بالتقديم، فهو لم ينفرد عني بذكاء اأو دهاء، بل اأنا، اأنا الذكي الفطن النبه، ولكنك لم ت�ضعرني يوما اأنك اأبي ف�ضل عن

تقديمك لي.فقال المن�ضور �ضاخرا منه ومن �ضذاجته:

راأيت ذكاءك! �هذا هو الذكاء بعينه يا اأيها المن�ضور المبجل. �

فقال غا�ضبا:ولن يغني ذكاءك عنك �ضيئا، �ضتموت. �بك � اأتو�ضل ولن الرحمن، كعبد لك اأركع ولن ب�ضرف! �ضاأموت

كالم�ضحفي والمغيرة، ولن اأخاف منك اأو اأهابك كعامة قرطبة. فاأمر المن�ضور ب�ضرب عنقه، وجاء من ينفذ، وا�ضتدار ابن اأبي عامر كي ل ي�ضاهد لحظة قطع عنقه، فجاء �ضوت عبد الله مزلزل مجلجل وهو يقول له: لقد ملكت الدنيا، وحكمت الأندل�ش، واألجمت

179

شر والتوزيععصير الكتب للن

الخ�ضوم، وق�ضيت على الأعداء، ولكنك لم ت�ضتطع اأن تكون اأبا، كنت ظالما لأولدك، و�ضيكتب التاريخ الذي تعتز به مع ما �ضيكتب لك من عظمة الطموح وبراعة الو�ضول اإلى الغاية اأن الملك المن�ضور بن اأبي عامر قتل ولده، ولم يفلح في الحفاظ على بيته، لن تطول دولتك، فمن

لم يحافظ على ولده لن يحافظ على الأندل�ش. وكان ي�ضمعه وهو يعت�ضر وكاأن كلماته التي ينطقها �ضحابة �ضيف تمطر فجاأة لتوقظه من �ضكرة العظمة والملك وال�ضلطان، كان يتعذب يتمزق يوما، ينت�ضر لم كاأن يتاألم الزاهرة، ق�ضور ي�ضكن لم كاأن كاأن لم ي�ضل لغاية يوما، من ذاك ال�ضوت الجنوني الذي يمزق قلبه المتعربد بن�ضوة النت�ضارات، يعريه من �ضخ�ضيته العظيمة الم�ضتبدة،

ويذر مجده في تلك الرياح كاأن لم يكن، بل يجعله قاعا �ضف�ضفا.اأحكم المرة خافت �ضئيل، فقد وياأتيه �ضوت عبد الله ولكن هذه

الجند تقييده:اأنت عار على الأندل�ش، مذلول ل من�ضور، �ضالب ملك ل ملك.

فانبعث من المن�ضور �ضوتا مخنوقا بل �ضعور: اقتلوه.ليجد فا�ضتدار الله، عبد �ضوت انقطع حتى لحظة اإل هي وما ب�ضوت فقال بالدماء، م�ضرج وهو يرف�ش وج�ضده يتدحرج راأ�ضه

متهدج يقطر حزنا وكمدا:الموؤمنين ه�ضام اأمير اإلى ة، اكتب ي ر الذ تف�ضد ة الردي اإن الأرحام

باأمر الفتح مع راأ�ش عبد الله.وملئت قلوبهم، اإلى الرعب وت�ضلل الخبر، لهذا قرطبة وغمت نفو�ضهم وح�ضة وذعرا، ولم يعد يقدر اأحد حتى على الهم�ش في �ضاأن ابن اأبي عامر، فولده الذي من �ضلبه ق�ضمه ولم يبال، و�ضارت جملته �ضوؤال يبقى ولكن مرعبة، كلمة ة« ي ر الذ تف�ضد ة الردي الأرحام »اإن

180

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأ�ضيفا يحدثون اأنف�ضهم والذي ل يبوحون به حتى لأزواجهم خوفا من جنده واأعينه: من اأين ا�ضتمد �ضلبته حتى قتل ولده ولم يبال؟!

اأن �ضاأله بع�ش خا�ضته في اإلى النا�ش، اأمر عبد الله ي�ضغل وبقي مجل�ش:

اأيد الله المن�ضور! لقد �ضرت من قتله في غاية يعدم ال�ضبر في �مثلها، فما �ضبب ذلك؟

فقال:اإل اأني لما عر�ضت اأمه، علقت بها، وتمكن � اأن له �ضببا، ل اأعلم

اأ�ضلو عنه، فابتعتها، متجاوزا اأن اأقدر من قلبي حبها تمكنا لم النهاية في ثمنها، وجعلتها عند قريبة لي، وكنت كل يوم اأخطر بها، وكلفي لها، بحبي اأح�ضت فلما ا�ضتبراءها؛ اأتعرف عليها في كاذبة وهي ا�ضتبراأت، قد اأنها لي وذكرت ر�ضائي، توخت فدخلت مرادي؛ وا�ضتعجال م�ضاري موافقة بذلك تريد ذلك،

بها، وهي لم ت�ضتبرئ؛ فكنت �ضاكا فيه. ف�ضمت جميع الح�ضور، ف�ضعر المن�ضور بتوج�ضهم وذعرهم من

ت�ضرفه، فقال لنف�ضه: �ضقينا بهذا الملعون في حياته وبعد موته!

r

181

شر والتوزيععصير الكتب للن

)22( فالناس يا مولاي على دين ملوكهم

إن صلحوا صلحت الرعية وإن فسدوا فسدت

تم�ضي الأيام ويبقى ه�ضام الموؤيد اأ�ضير ق�ضره، ل يعلم عن الحياة الوراق كان يعلم كل �ضيء، فكان يخبر �ضيئا، ولكن ه�ضام بن معمر اأ�ضوارها، اأمام اأ�ضوار الزهراء، وكم وقف ه�ضام بما هو واقع خارج فارعة الطول عظيمة البناء، يتاأمل ويحلم اأن يخرج خارجها، ي�ضمع الحياة و�ضجيج البائعين نداءات من خارجها، مختلفة اأ�ضواتا و�ضخبها، واإذا دخلت جيو�ش قرطبة بقيادة اأبي عامر منت�ضرة على الأعداء -وهذا داأب ابن اأبي عامر، فهو لم يهزم في غزوة قط- علت الأ�ضوات �ضاكرة داعية، وتبداأ الأفراح، مع الدعاء له بالن�ضر المبين.

ويجعلهم ينت�ضر عامر، اأبو هو عجيب دوما: نف�ضه ي�ضاأل كان يدعون لي، وكلما ازداد فتحا وبالأعداء فتكا زاد تعظيم النا�ش لي مع العلم اأنهم لم يروني، فلم يعظمونني هكذا؟ غريب اأمر النا�ش كيف عليهم، فر�ضني عامر اأبا ولكن يروني لم لأنهم هكذا؟ للقوة تركع

فغدت الكل تهابني واأنا ل �ضيء، ك�ضراب في الفيافي.بن ه�ضام مع الأموية المكتبة زار عندما مرة الوراق معمر �ضاأل معمر وزار مكان الحكم )رحمه الله(، فقال معمر: يا اأمير الموؤمنين اإن اأبا عامر يعظم �ضاأن الخلفة ومقامها في اأعين النا�ش، فكلما زاد مقامكم رفعة وعزة �ضمت الأمة بكم، فالنا�ش على دين ملوكهم، األم

182

شر والتوزيععصير الكتب للن

ت�ضمع يا مولي ما رواه الطبري في تاريخه عن اأجدادكم رحمهم الله، اإذ يحكي اأن الوليد بن عبد الملك رحمه الله كان يحب العمارة والبناء، ف�ضار زمانه، واأعجوبة ع�ضره حا�ضرة وكان الأموي الم�ضجد فبنى �ضليمان ولج كر�ضي الخلفة اإن وما والعمارة، البناء يحبون النا�ش على النا�ش اأكب حتى والطعام، والن�ضاء الزواج يحب وكان �ضقيقه حب الزواج، فل تجد رجل اإل وله اأكثر من امراأة، واإذا راأى الرجل

الرجل، �ضاأله: كم زوجة عندك، وكم تملك من المال.ولما تولى عمر بن عبد العزيز الخلفة وكان زاهدا ورعا، يعي�ش حياة الن�ضك والزهد، ولم يذق من الحياة اإل �ضظفها وخ�ضانتها، ولم يذق من ال�ضلطة اإل مغارمها دون مغانمها، �ضار الرجل يلقى الرجل ال�ضهر؟! في القراآن تختم مرة وكم الليل من تقيم كم له: فيقول واإن الرعية �ضلحت �ضلحوا اإن ملوكهم دين على مولي يا فالنا�ش الذي وهذا للإ�ضلم، تعظيم هو مقامكم فتعظيم ف�ضدت، ف�ضدوا فاإذا اإليه، الو�ضول في ويطمع عامر اأبي بن محمد الحاجب يريده بلغت رجل را�ضدا، و�ضرت قادرا على تحمل القيادة والريادة واأمور

الريا�ضة وال�ضيا�ضة؛ �ضلمك ال�ضلطة الفعلية وهو خادم لك ولعر�ضك.بقي هذا الحلم يراوده وهو الخروج خلف اأ�ضوار الزهراء العظيمة،

واأن يرى ب�ضرا من العوام.و�ضفلة، قتلة ون�ضاكا، فقراء النا�ش من اأن التاريخ كتب يقراأ في تجارا واأ�ضحاب مهن، ويعلم اأن كل العالم فيه: اأثرياء وطبقة متو�ضطة الحال وفقراء. ولكن اأين هم؟ هو ل يرى اأحدا اإل الجواري والقيان �ضل له: قالوا الخروج اراد واإذا والمعلمين، عامر وابو واأمه والخدم

تعط، اطلب ما �ضئت كله �ضياأتي بين يديك.ولكنه يريد �ضيئا اأعظم من ذلك كله، يريد حريته الم�ضلوبة، وطفولته ال�ضائعة بين طيات هذا الق�ضر العظيم وهذه المدينة الملوكية، ولكن

183

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضمع من مدر�ش التاريخ اأن خلفاء الم�ضلمين الأوائل كانوا يعي�ضون كما �ضعبهم، وقد يجل�ش ياأكل عامة وياأكلون مما يقتاتون النا�ش، يعي�ش الخليفة فياأتي ال�ضفير ول يعرف اأيهم الأمير، الآن تغير الحال، و�ضار الخليفة حبي�ش هذا المكان، ولكن لم ي�ضكت على هذا الحال، اإذ اأمر معمر الوراق اأن يخرجه من الق�ضر �ضرا، و�ضرعان ما �ضعق معمر من

اأمر الأمير، وقال له:كيف ذلك يا مولي؟ �

فقال ه�ضام بلهجة الأمر التي تعود عليها ول يتنازل عنها اإل عندما تطلب منه اأمه:

الأمير يطلب ذلك ول تطيعه يا اأبا ه�ضام؟ �فقال معمر مرتبكا:

هناك � بهذا، موكل ل�ضت اأنا ولكن الموؤمنين، اأمير يا الله معاذ خدم كثر ينبرون لهذه المهام.

وت�ضتنكف عن خدمتي؟ �فقال معمر وهو يرتع�ش خوفا:

ا�ضتغفر الله! ولكن. �فقاطعه قائل:

وتعال � وولدك، اأنت معكما، غدا �ضاأخرج اأمرنا، �ضدر انتهى! مبكرا، كي نخرج عند ال�ضحى.

والحر�ش؟ ��ضاألب�ش لب�ش العامة. �ولكن الحر�ش يعلمون اأن لي ولدا واحدا ياأتي معي. �

184

شر والتوزيععصير الكتب للن

وهل يعدون عدد الأولد؟ �اإن علم، اأبي عامر ثم م�ضى، وبقي معمر وهو خائف من مكر ونظر اإلى ولده وكان م�ضاغبا فبدا هذه المرة هادئا وبين فكيه �ضحكة

فارة ف�ضحت �ضمته، فقال معمر:اأنت من و�ضعت الفكرة في ذهنه األي�ش كذلك؟ �

فقال الولد وهو يهم بالهروب من اأبيه خوفا من �ضربة مباغتة:؛ اأخبرني عن الخارج اأخبرني. � هو من يلح علي

rالحر�ش اأخبر اأن بعد الأموية المكتبة اإلى مبكرا ه�ضام خرج اأنه لن ياأتي على الغداء، بل �ضيبقى في المكتبة يدر�ش، وكان ابن اأبي عامر في اإحدى غزواته، و�ضبح ذهبت منذ يومين اإلى ق�ضر قرطبة لغر�ش ما، و�ضل اإلى المكتبة فوجد معمر ينتظر وهو قلق وولده �ضاكن ل يتحرك بعد ال�ضرب المبرح الذي اأ�ضابه في الأم�ش، كما اأن تعليمات

والده �ضارمة. خرج معمر ومعه اله�ضامان، والثنان نف�ش الملب�ش؛ اإل اأن ه�ضام باب واجتازوا وجهه، من جزءا و�ضتر عادية عمامة تعجر الموؤيد الزهراء فكانت دنيا ثانية في نظر ه�ضام الموؤيد، اأنا�ش عاديون كثر، اأخلط واأم�ضاج ومن مختلف البقاع، كبار و�ضغار، حكماء ومجانين، كلهم هنا، ولفت نظره عدد من كتاب الرقاع، فوقف ينظر اإليهم وهم يخطون للنا�ش، هو ل يرى هذه المرحلة من اأعداد الكتب التي يجلبها وهو ي�ضير خلف معمر الموؤيد كان ه�ضام عليه، ليوقع اأبي عامر ابن متعجب م�ضتغرب، تحكم الأندل�ش با�ضمه ولكنه ل يعلم اأن الدنيا بعد

185

شر والتوزيععصير الكتب للن

باب الزهراء غير الدنيا التي في الزهراء، وكان معمر متوج�ضا فهو اأرجعه فاإن يتركه، اأن يقدر ل كما يزجره، اأو ياأمره اأن ي�ضتطيع ل وتخل�ش من مكر اأبي عامر مكر به هذا ال�ضبي نف�ضه، واإن �ضار معه

واكت�ضف اأمرهم فقد وقع بيد اأبي عامر، فاأين المفر؟ وبينما هم �ضائرون جاء مت�ضول يطلب الم�ضاعدة، فقال له معمر: قبحك الله من رجل، اأما ت�ضتحي واأنت ت�ضاأل النا�ش وتطلب الم�ضاعدة؟

ا. وفوق ذلك معافى ل ت�ضكو من علة؟ ا�ضتح واذهب واعمل، هيفقال ه�ضام الموؤيد:

لم زجرته؟ �يا اأمير الموؤمنين، من المعيب على الإن�ضان اأن يطلب من غيره وهو �

�ضحيح معافى، فليتعلم �ضنعة يقتات منها اأو يطلب علما ينتفع به وينفع غيره ويعمل مدر�ضا اأو قا�ضيا، والعمل كثير، اإ�ضافة اإلى ما تفر�ضونه من عطايا و�ضدقات لهم، وفوق كل ذلك ي�ضاأل النا�ش!

قبحها الله من عادة، هذه عادة م�ضرقية.وهل في الم�ضرق هم كثر؟ �نعم، واأعجب ما �ضمعته عنهم مع انت�ضار ال�ضحذة والمت�ضولين اإل �

اأن مدر�ضيهم ل ياأخذون اأجرة على التدري�ش في الجامع ويرونه األجاأته قد م�ض�ش على ياأخذها فاإنما اأجرة ياأخذ ومن عيبا، الحاجة لأخذها مع العلم اأنه حقه! هناك مفرطون في كل �ضيء.

فقال محاول اأن يداعب معمر:الأندل�ش � اأمر من فرفعت ه�ضام، اأبا يا مغربية عن�ضرية لعلها

على ما فيها من بخل و�ضح، وا�ضت�ضغرت من اأمر الم�ضرق على ما فيه من كرم فيا�ش.

186

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال �ضاحكا: تبسطها �

عنقك ول ة إل

ول

عل يدك مغل ت

مولي، اإنما هذا الحق ول

الأمر من يتبعون الأندل�ش فاأهل سورا م وما مل فتقعد بسط

ال ك

اأو�ضطه، وخير الأمور اأو�ضطها.و�ضاهدوا �ضبية يرك�ضون، فنظر اإليهم ه�ضام، وقال:

اإلى اأين هم ذاهبون؟ �اأعتقد اإلى الكتاب يا مولي. �ما اأجمل لعبهم! �

فقال ه�ضام بن معمر:لنرك�ش معهم. �

لولده محاول فقال معمر واحمر وجه معمر، الموؤيد ففرح ه�ضام كظم غيظه:

عيب يا ه�ضام، هذه لي�ضت اأخلق الملوك اأن يلعبوا. �فقال ه�ضام الموؤيد:

اأريد اأن األعب! �يا مولي هذا لي�ضت من �ضيم الملوك.

بن الموؤيد، فقال ه�ضام ت�ضلط على ه�ضام ال�ضبية قد نزق ولكن معمر: الحقني.

و�ضار يرك�ش و�ضط ال�ضوق وه�ضام الموؤيد يلحق به ومعمر يرك�ش وراءهما كالمجنون ويكاد يبكي هلعا وفزعا وي�ضرخ: مولي، مولي.

وي�ضلن اإلى �ضوق الخ�ضار وه�ضام بن معمر يرك�ش بكل خفة ل الموؤيد ه�ضام ولكن ب�ضاعتهم، فوق من ويقفز الدكاكين ويتجاوز

187

شر والتوزيععصير الكتب للن

باإن�ضان، يعثر وقد الب�ضاعة يجو�ش ف�ضار كقرينه، الرك�ش يتقن ومعمر خلفهم يرك�ش ويتعذر لهذا اأو ذاك، اإلى اأن �ضجر اأهل ال�ضوق بخفة ويقفز الكرة يعيد معمر وابن مطاردة، �ضاحة اإلى تحول اإذ فم�ضك مهيبا، الجثة �ضخم برجل ا�ضطدم اأن اإلى خلفه وه�ضام

ه�ضام الموؤيد من اأذنه، وهو يقول:اأيها ال�ضبي ال�ضقي قلبت ال�ضوق راأ�ضا على عقب، تقفز كالقطط �

وتهرب، من اأنت واأين اأهلك الذين �ضيبوك؟!فقال ه�ضام الموؤيد وهو يتاألم:

اغرب عني اأيها الرجل، األ تعلم من اأنا؟ �ومن �ضتكون اإل �ضقيا ابن �ضقي؟ �اأنا اأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد بالله بن الحكم! �

ف�ضحك من كان موجودا من اأهل ال�ضوق، وقال اأحدهم �ضاخرا:مرحى مرحى يا اأمير الموؤمنين. �

د الرجل على اأذني ه�ضام اأكثر وهو يقول: ف�ضواأنا محمد بن اأبي عامر قاهر الأعداء. �

فقال ه�ضام:ا�ضكت واإل اأمرت رجالي اأن يزجوا بك في ال�ضجن. �

ا، فقال له�ضام: ف�ضحكوا مجلجلين من حديثه، وجاء معمر راك�ضاأنت هنا؟ �

فقال الرجل ال�ضخم:هذا ولدك المنفلت ال�ضقي؟ �

188

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال معمر:ق�ضر ل�ضانك اأيها الرجل. �اأمير الموؤمنين في ال�ضجن؟ � اأق�ضر ل�ضاني فهل �ضيزج بي واإن لم

وهل �ضكلكم �ضكل اأمراء اأمويين؟فا�ضتدار معمر ذاهبا وهو يم�ضك بيد ه�ضام الموؤيد، فو�ضع الرجل يده على كتف معمر، وقال: اأنقدني ما اأتلفه ال�ضبي واإل �ضكوتكم عند

القا�ضي.فاأخرج معمر �ضرة من النقود ورماها له، وم�ضى.

rوقبيل اأن ي�ضلوا اإلى الدكان، هم�ش معمر في اأذن ه�ضام الموؤيد:

تتحمل، � تعد اأع�ضابي لم فاإن قليل، بي ترفق الموؤمنين اأمير يا اأمامه تتحدث فل العجوز اأبي ووجدت الدكان و�ضلنا فاإذا ب�ضيء، واأنا �ضاأقول له ولغيره اأنك ابن �ضديق لي، واأن اأباك ذهب

في م�ضوار و�ضيعود الع�ضر لأخذك.على بركة الله. �

طي�ش من وترتفع والأخرى الفينة بين ت�ضتوي لهجته كانت ال�ضبية اإلى اآداب الملوك، في�ضعر معمر لوهلة اأنه ي�ضبقهم باأمد ق�ضي

في الآداب والحديث، فهو يتمايل وينخف�ش ويرتفع من غير ا�ضتواء.ونداء النا�ش لكثر راأ�ش ه�ضام ودار الوراقين، �ضوق اإلى و�ضل

الباعة وتعامل النا�ش في البيع وال�ضراء، ودخلوا الدكان.فقال الرجل العجوز:

189

شر والتوزيععصير الكتب للن

من ذا ال�ضبي؟ �فقال معمر:

هذا ابن رفيق لي، رحل اأبوه في م�ضوار قد ي�ضتغرق اإلى الع�ضر �وتركه عندي.

فقال اأبوه وكان داهية ذا ب�ضيرة:وكاأن اأباه من اأهل الجاه، اأو هو م�ضرقي، ولول المبالغة لخلته من �

اأولد الكبراء والوزراء.فتلعثم معمر، وقال:

وكيف ذاك يا اأبي؟ هو اأندل�ضي. �اأما ترى العمامة في راأ�ضه؟ وهل يرتدي العمامة في الأندل�ش اإل �

الفقيه اأو الأمير اأو �ضاحب من�ضب اأو م�ضرقي الن�ضاأة؟فقال معمر وهو يداري ارتباكه:

اأجل، �ضحيح ما تقوله، ولكن، نعم، اأبوه م�ضرقي وفقيه، وهو ياأمل �اأن يكون فقيها مثله، عائلته م�ضرقية م�ضهورة بالفقه، وما زالت

تتم�ضك بعاداتها كاأهل الم�ضرق.فقال العجوز:

علماء � بكل عليم خبير فاأنا وجده؟ اأبوه هو ومن ح�ضن، هذا النا�ضر اأن تولى عبد الرحمن واأنا في دكاني هذا منذ قرطبة،

الخلفة رحمه الله، تعال يا ولد، من اأبوك؟ه وهو فقام ه�ضام الموؤيد اإلى العجوز ولكن معمرا م�ضكه برفق و�ضد

يقول:

190

شر والتوزيععصير الكتب للن

يريد اأن يلعب، لنتركه يا اأبي ول نزعجه بالأ�ضئلة، اأبوه هو الفقيه �اأبو محمد الم�ضرقي.

ما � اإطلقا، ال�ضم بهذا اأ�ضمع لم ولكني الم�ضرقي؟! محمد اأبو ا�ضمه وا�ضم عائلته.

ل اأعلم، منذ اأن عرفته في المكتبة الأموية وهكذا ينادونه. � ولم يم�ش من الوقت اإل اأقله حتى دخل رجل على معمر، يتعامل

ب�ضاأن كتاب، فنظر اإلى ه�ضام الموؤيد، وقال:يا ولد ما قلة الأدب هذه؟! �

فقال معمر:اأ�ضلح الله الرجل، اأي قلة اأدب في هذا ال�ضبي؟ �كل هذا وتقول اأي قلة اأدب؟ األ تراه متعجرا عمامته وكاأنه فقيه، �

و�ضائر الأندل�ش مك�ضوفة الراأ�ش. عادة م�ضرقية، واأبوه م�ضرقي. �مع � دكاني اإلى الكتب فليحمل اأدب، قلة هي بل العادة، بئ�ضت

�ضبيك.فقال معمر:

ولدي ه�ضام احمل الكتب، هيا. �كتاب بحمل معمر فقام الكتب، لحمل معه الموؤيد ه�ضام وقام الموؤيد: ه�ضام اأذن في وهم�ش ووجل، حياء يتمزق يكاد وهو معهم

اخلع عمامتك.معمر بن وه�ضام الموؤيد ه�ضام ومعه الرجل ال�ضوق، في و�ضارا التي الكتب بحمل مبتهج الموؤيد وكان ه�ضام الكتب، يحملون ومعمر

191

شر والتوزيععصير الكتب للن

الخلفاء كمثل مثله باأن ينبهه �ضعور يجتاحه اإذ حملها، على اأ�ضر الأوائل يعي�ضون مع العوام وياأكلون مما ياأكل فقيرهم. و�ضلم عليهم

رجل، وكان �ضديقا لذلك الرجل �ضاحب الكتب، فقال:الحمد لله، منذ اأن تولى محمد بن اأبي عامر اأمر المدينة طابت �

وال�ضراق، الزعار �ضرور اأنف�ضنا من ناأمن على نفو�ضنا، و�ضرنا وكله بف�ضل اأبي عامر، وها هو غدا الحاجب.

فقال الرجل �ضاحب الكتب:الحمد لله الذي ا�ضتبدل العامري بابن الم�ضحفي. �ابن الم�ضحفي كان يجل�ش مع اأهل ال�ضرور وهو م�ضرور، ما عدا �

داأب وهذا اأبيه، عن ورثها الدولة وكاأن والوا�ضطة، الر�ضوة الطغاة، يظنون اأن البلد لهم، وكاأنها مزرعة ورثوها عن اآبائهم.

فقال معمر �ضاخرا:يقال اأن الم�ضحفي بعث كتابا اإلى اأبي عامر؛ يطلب منه اأن يجعله �

مربيا لولديه.ف�ضحكوا �ضاخرين.

قال اأحدهم ب�ضوت خفي�ش:�ضبيل � في وئيدة بخطى ي�ضير وهو تولى اأن منذ عامر اأبي ابن

المدينة حتى حرق جميع اأمر تولى اإن فما اأهل قرطبة، اإر�ضاء كتب الفل�ضفة التي كانت في المكتبة الأموية.

فقال معمر بح�ضرة:اآه، كم تعب الحكم رحمه الله في جمعها! �

فتابع الرجل بذلك ال�ضوت الخفي�ش:

192

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأبي عامر، � اأعرف رجل كان تلميذا في الم�ضجد الجامع مع ابن اأبا عامر كان ي�ضتغل بالفل�ضفة والمنطق، ويرغب فيها، اإن يقول

وكان من اأ�ضد المدافعين عنها.فلم حرقها اإذا؟ �للفل�ضفة � كارهون مبغ�ضون فهم الأندل�ش، لأهل وزلفى تقربا

واأهلها! ولم يم�ش النهار على معمر اإل ب�ضق الأنف�ش، وعاد اإلى الزهراء عند الع�ضر، وارتدى ه�ضام ملب�ضه الملكية في اإحدى حجرات المكتبة وودع معمرا وهو يقول: كان يوما جميل يا اأبا ه�ضام، �ضنكرره اإن �ضاء

الله.الم�ضاهد عن حياة عوام بتلك نف�ضه وقد ملئت مثواه اإلى وعاد اإلى وت�ضلل الأني�ضة، الرحبة الحياة تلك في يفكر وجل�ش قرطبة، �ضورتها ويبغ�ش �ضوتها ي�ضتعذب التي الجارية تلك �ضوت م�ضمعه

وهي تن�ضد اأبيات ابن عبد ربه في ليل قرطبة البهيج:لا

ســـأ مـــا عطيتـــه

أ

عـــــدلا لـــو متـــه حك

فمـــا رو�ي وهبتـــه

فعـــــلا مـــا بـــه أدري

يـــده ي �ف أســـلمته

قتــــــلا أم ـــه

ش عي

193

شر والتوزيععصير الكتب للن

لـــغ

ش ي

�ف بـــه ي قلـــ�ب

لاـــغ

الش ذاك مـــل لا

كمـــا الحـــب ـــده قي

جمــــــلا راع ـــــــــد يق

r

194

شر والتوزيععصير الكتب للن

)23(الهـــلاك

وحـــان الوعـــد ب

اقـــ�ت

أتـــاك ـــد ق كرهـــه

ت مـــا ل

وك

مكتـــب ي �ف يلعـــب ليفـــة

خ

وقـــاض

حبـــلى وأمـــه

اأن والقليل من العلم، وخا�ضة بعد يق�ضي جل وقته لعبا ولهوا، عرف لهوا اأكبر متعة لحياته الملوكية؛ فذات يوم راأى في منامه ذلك الم�ضهد؛ عندما غنت اأمامه تلك الجارية التي ا�ضتعذب �ضوتها، وبعد ال�ضمر اأخذته اإلى مخدعه وطلبت منه اأن يقبلها فقبلها وانف�ش منها، ولكن في هذا المنام لم يقرف من تقبيلها، بل تلذذ وا�ضتمتع، وتكرر رجل �ضار اأنه فاأعلمه معمر بن ه�ضام �ضاأل اأن اإلى الم�ضهد ذلك

را�ضدا. الرق�ش يحب ف�ضار الح�ضان، الجواري مع وعربدته لهوه وكثر ويدمن الخمر، وهو ابن ال�ضابعة ع�ضر، واأبو عامر قد تو�ضعت �ضلطته بلغ اإن وما يغلب، ل الذي والفار�ش المن�ضور، الحاجب هو و�ضار تعفف يتعفف لبلهته كان الذي وهو طي�ضه، ازداد حتى لهوه وزاد

ال�ضالحين، فذات يوم وهو لم يبلغ الحلم بعد قالت له اأمه: اأتحب الغناء يا ه�ضام؟ �

فقال لها:

195

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأما �ضمعتي قول ال�ضاعر؟!: �والغـــزل ي

الأغـــا�ف ذكـــرى ل ف اعـــ�ت

وقـــل الفصـــل وجانـــب مـــن هـــزل

الحال هذا على هو وبينما �ضحكاتها، واعتلت �ضبح فقهقهت دخلت لبنى؛ كاتبة الحكم �ضابقا، وهي مقربة من �ضبح، فقالت لبنى

بعد اأن �ضمعت الق�ضة:مولي هوؤلء ال�ضعراء يمرحون في �ضبابهم، فاإذا كبروا و�ضاخوا، �

بداأوا يدبجون الق�ضائد في الزهد والعفاف علما باأنهم نف�ضهم كانوا غير عفيفين في �ضبابهم، هل �ضمعت ب�ضاعر الأندل�ش يحيى

الغزال؟نعم. �ماذا تحفظ له؟ �لعمري ما ملكت مقودي ال�ضبا �فاأمطو للذات من ال�ضهل والوعر �

قلبـــه اللهـــو يؤثـــر ممـــن أنـــا ولا -

ي سكري سكر وأصبح �ف

فأم�ي �ف

حجـــة ف تســـعني عمـــرت لـــو وبـــالله

إل مثلها ما اشتقت فيها إل خمر

ولا مزهـــر إل نفـــ�ي طربـــت ولا

ي نحـــو عـــود ولا زمـــر ف قلـــ�ب تحـــنف

196

شر والتوزيععصير الكتب للن

ف�ضحكت لبنى برقة، وقالت:وماذا تحفظ له اأي�ضا؟ �

حبهـــا لـــك بـــدا وإن الفتـــاة -إن

ف دفـــني عليـــك داء فبقلبهـــا

فإنمـــا الكبـــ�ي هـــو ف ادعـــني وإذا

وقـــرون خديعـــة للكبـــ�ي هـــو

ف�ضحكن كثيرا، ثم قالت لبنى:هل تعلم يا مولي اأن حديثه هذا ناجع عن تجربة عاطفية ناءت �

بالف�ضل؟ وانه قد قال:كاذبـــة قلـــت: أحبـــك قالـــت:

ينتقـــد ليـــس مـــن ذا غريـــب

أقبلـــه لســـت كلام هـــذا

أحـــد يحبـــه ليـــس الشـــيخ

يا مولي، هذا الغزال ف�ضل في الحب، فكتب هذا ال�ضعر.وقال ذات يوم له�ضام بن معمر:

ما راأيك اأن نخرج من الق�ضر دون م�ضاعدة والدك؟ �فا�ضتغرب ه�ضام، وقال له:

وكيف ذاك؟ �

197

شر والتوزيععصير الكتب للن

مع الداخلين والخارجين. �واأبو عامر؟ �اأبو عامر في الغزو. �اأعلم، اأعني رجاله. �ل يدخل علي اأحد �ضوى اأمي وهو، اأما اأمي فتعلم، ولن ت�ضتطيع �

الرف�ش.ولكن �ضبحا اأبت اأن يخرج خوفا عليه، وقالت:

اأنت ل تعرف اأحدا، وكيف لك اأن تدور على الرعية؟ �فقال ه�ضام:

والله لأخرجن ولو اجتمعت الجن والإن�ش. �اأن تريد وكانت الموافقة، �ضوى اأمامها خيار هناك يكن ولم فها منهم، فكلهم رجاله وقد تبعث خلفه رجال يلحقون به، ولكن خو

اختارهم بحنكة. وخرجا من الزهراء، وهم متخفون بزي موظفي المكتبة، وما اإن ابتعد ه�ضام الموؤيد قليل عن بابها حتى �ضار يرك�ش في اأزقتها كاأ�ضير اإلى اأن و�ضل اإلى العذب؟ الهواء اأجمل ما ويقول: ال�ضجن، فر من

النهر الكبير، ونظروا اإلى جمال النهر، فقال ه�ضام الموؤيد:اأتى بماء هذا النهر من � اأتعب نف�ضه جدي عبد الرحمن عندما

هنا اإلى الزهراء، وكاأنه كان يعلم اأني �ضاأكون حبي�ضا فاأتى بماء انظر اأجملها! ما اإلى قرطبة انظر اأراه في ق�ضري، لكي النهر

اإلى طبيعتها!فقال ه�ضام بن معمر:

198

شر والتوزيععصير الكتب للن

وهوؤلء كلهم �ضاكرون لك ولعهدك، فلولك لما كان هذا العهد من �الرخاء.

فقال ه�ضام الموؤيد �ضاخرا:الكل � يكذب؟ اأنه نعلم ونحن عامر اأبي ابن كذبة ن�ضدق وهل

ل للدولة المالك الحقيقي واأنه ملكي، وعلى علي �ضيطرته يعلم اأنا، فعلم نعانق الملك زورا؟

ل بد اأن يعود الحق اإلى ن�ضابه. �اأنا � مثله؟ من مجابهة على قادر مثلي من وهل �ضيعود؟ وكيف

وهو الن�ضاء، واأح�ضان وال�ضعر وال�ضهر وقتي بين الخمر اأق�ضي بنى مجده في غفلتي.

فقال ه�ضام فاكهة، لي�ضتريا ال�ضوق الفاكهة في بياع وقفا عند الموؤيد للبائع الذي كان يزن:

ما الأخبار؟ وكيف حال ال�ضوق هذه الأيام؟ �من � خير المن�ضور، الحاجب الله اأعز يكون؟ اأن تريده وكيف

عرفنا من الحجاب والخلفاء.الموؤيد � الموؤمنين ه�ضام اأمير باأمر ياأتمر اإنما لي�ش خليفة، ولكنه

بالله اأعزه الله.فقال البائع �ضاخرا:

اأبا عامر � اأن اأنت ت�ضخر مني يا رجل؟ الكل يعلم ه�ضام الموؤيد؟ في اأمية بني ملك وانتهى له، الدولة و�ضارت بالملك ا�ضتبد الأندل�ش والمغرب كما انتهى بالم�ضرق من قبل، ولم يبق اإل القليل له الخلفة �ضوته( وخف�ش منهم )فتقرب �ضمعت كما ويعلن و�ضيفتك به�ضام واأمه كما فعل مع الم�ضحفي وال�ضقالبة و�ضائر

الخ�ضوم.

199

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال ه�ضام وقد غلى دمه:ماذا تقول اأيها الرجل؟! �

فقال البائع هم�ضا:ويقال اأن اأم ه�ضام على علقة غرامية بابن اأبي عامر، فقد �ضغفها �

حبا، وكانت تخون الخليفة الحكم مع �ضبيها هذا العامري، حتى بلغ ما بلغ من القوة والفتوة، اأما �ضمعت ذاك ال�ضاعر الذي يقول

فيهما:الهـــلاك

وحـــان الوعـــد ب

اقـــ�ت

أتـــاك ـــد ق كرهـــه

ت مـــا ل

وك

مكتـــب ي �ف يلعـــب ليفـــة

خ

ينـــاك وقـــاض

حبـــلى وأمـــه

ففار وثار ه�ضام من قوله وم�ضكه من تلبيبه بقوة و�ضار ي�ضربه اأيها تتحدث عمن تعلم األ بوجهه: ي�ضرخ وهو هوادة وبل بقوة هذه فتح من هم اأمية بنو الدولة، هذه واأميرة مولك اأم الحقير، وغد، يا مني خذها هنا، ها تقفون واأمثالك اأنت وجعلوك البلد

حقير. وم�ضى به �ضربا ولطما ولكما، واجتمع النا�ش على �ضراخ البياع

وجاء الع�ض�ش يرك�ضون ففر اله�ضامان م�ضرعين.

r

200

شر والتوزيععصير الكتب للن

اإلى قرطبة من عل، فقال ه�ضام بن معمر قاطعا ال�ضمت ينظر الكئيب:

ا لنعد اإلى الزهراء. � اقترب الم�ضاء، هيفقال ه�ضام الموؤيد ب�ضوت متهدج:

كيف اأعود؟ األ ت�ضمع ما يقولون؟ �اقترب الوعد وحان الهلك وكل ما تكرهه قد اأتاك

خليفة يلعب في مكتب ....... ثم يدخل في نوبة بكاء ه�ضتيرية، ويقول ب�ضوت عال وقد تبدد في

ذلك الف�ضاء المن�ضرح:قرطبة، لماذا لم اأر خيرا منك؟ لماذا لم اأر منك اإل بوؤ�ضا وكمدا؟ �

هل يجب اأن ت�ضفقي للقوي وترفعيه؟ وتذلي ال�ضعيف وتدع�ضيه؟ رفقا بي.

ثم ي�ضتدير اإلى �ضاحبه وهو يقول: قل لي يا ه�ضام ماذا اأ�ضنع؟ الثقيل وتركني وحيدا؟ الذي عهد لي بهذا الحمل اأبي ال�ضبب؟ من

اأجبني! اأم ابن اأبي عامر؟ الأمراء وا�ضتمال المقادير، و�ضاعدته اأمي، مع له علقة غرامية اأح�ضن ل اأخرقا وبقيت الرجال، لهيبته ودانت بالأموال، والجي�ش

�ضيئا.ثم جل�ش يبكي على نف�ضه.

م�ضى وقت وحل الم�ضاء وه�ضام الموؤيد ينظر اإلى قرطبة من مكان عال خارج اأ�ضوارها، فقال ه�ضام بن معمر:

لنعد الآن، فلربما يبحثون عنك الآن. �

201

شر والتوزيععصير الكتب للن

يبحثون! فليبحثوا. �في يت�ضكعان وعادا مو�ضدة! الأبواب فوجدا الزهراء اإلى ورجعا

الأزقة، فقال ه�ضام الموؤيد:خذنا لحانة يا ه�ضام. �حانة! �نعم، األ ت�ضمع؟ اأر�ضدني اإلى حانة ن�ضهر فيها ونق�ضي اأوطارنا. �ل يوجد! �ماذا؟ �تغلق � اأن اأمر المدينة اأمر عامر اأبي ابن الحاجب تولى اأن منذ

وتمنع وتهرق في الطرق، وكان القرار بخط يدك، األ تعلم؟فقال بياأ�ش:

على � التوقيع اإل لي عمل ل ذلك؟ اأعلم اأن لي اأين ومن اأعلم! اأح�ضد اأني اأمي، يا ه�ضام هل ت�ضدق التي يتخذها مع قراراته اأب�ضط رجل في قرطبة على ما له من حق وحرية؟ ها اأنا اأخرج من ق�ضري متخفيا هاربا، لأروح على نف�ضي ب�ضيء من التب�ضط، يا اأدخل ق�ضري، قل لي اأن اأ�ضتطع قليل لم الوقت تاأخر فاإذا

ه�ضام نا�ضدتك الله:مثـــلىي

أن العجائـــب مـــن يـــس

أل

يـــهعل ممتنعـــا ـــل

ق مـــا يـــرى

جميعـــا نيـــا الد باســـمه ـــك مل

وت

يديـــه ي �ف ء ي

�ش ذاك مـــن ومـــا

به ويتكلمون يتحدثون وما قرطبة اأهل اأت�ضمع اأمي، ذلك وفوق عن اأمي وعنه؟ يا للعار، والله اإني لأهم الآن اأن اأهوي من فوق جبل

202

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأمي وتكون في راأ�ضي تلك اأنظر اإلى اأن فلتقطني الطير خير لي من الأبيات الم�ضينة.

وتبا�ضره � الحكم وت�ضتلم غدا، ف�ضتكبر الموؤمنين، اأمير يا �ضبرا بنف�ضك.

ومتى ذلك؟ �لم يبق اإل القليل. �

وبينما هم �ضائرون نحو بيت معمر الوراق راأوا فتاة في الخام�ضة ع�ضر من عمرها وهي هائمة على وجهها، وما اإن راأتهما حتى ت�ضمرت بل والبوؤ�ش، الت�ضرد عن تنم ملب�ضها قبل، من ب�ضرا تر لم كاأنها ال�ضديد، ج�ضدها الهزيل البوؤ�ش كل �ضيء في ج�ضدها ينم عن ذلك وعيناها فرنجية، ب�ضفرة الم�ضراأب الأ�ضعث و�ضعرها النحيل، غائرا خلف فيها جمال اأن يدرك يتفح�ضها جيدا ومن الزرقاوان،

هذا البوؤ�ش.فقال ه�ضام الموؤيد:

من اأنت؟ وماذا تفعلين هنا؟ �فلم تجب، بل بقيت �ضامتة وت�ضع راحتيها على فيها، وت�ضير اإلى

الطريق، واإذا برجل �ضكير خلفها، فقال لها زاجرا:تعالي اأيتها البلهاء. �

فتقدم ه�ضام نحوه وقال:دعها واغرب من هنا. �من � خدن الفتاة( مخاطبا )ثم الزعر، الل�ش اأيها اأنت ومن

اأخدانك يا بنت الزانية.

203

شر والتوزيععصير الكتب للن

اإثرها مغ�ضيا عليه، الموؤيد �ضربة قوية �ضقط على ف�ضربه ه�ضام واأخذ الفتاة وم�ضوا م�ضرعين اإلى بيت معمر.

يراقب الباب عند يقف ومعمر باد، بنهم الح�ضاء تاأكل جل�ضت الطريق وهو متوتر خائف.

فلما �ضاأل الفتاة بعد اأن �ضكن جوعها وملئت معدتها، قالت: اأنا �ضعب، ل اأهل لي ول اأعرف اأحدا، منذ اأن فتحت عيني واأنا ل اأعرف لي اأبا، اأمي امراأة فرنجية، تعمل في حانة هنا، عندما كانت حانات وعندما كان لها طلب، ولكن �ضاحب المدينة منعها، ولحقوا كل من يمار�ش الدعر والعهر، ولكن ماذا ت�ضنع اأمي وهي ل تح�ضن �ضواها، وما تتقن عداها؟ هي فرنجية اأتت �ضبية اإلى قرطبة، وعملت اأبي، اأو ولدت خطاأ، ل اأعرف اأتيت �ضدفة، عند �ضاحب حانة، واأنا فاأنا نزوة من نزواته بثها في عاهرة، وبقيت اأمي تمار�ش مهنتها خفاء، ولكن رقباء �ضاحب المدينة كانوا لها بالمر�ضاد مرارا، فلم تخرج من ال�ضجن منذ اأن �ضجنت قبل �ضهرين، ومنذ ذلك الحين واأنا اأعي�ش على فاآواني يلحقني كان الذي الرجل هذا وجدني اأن اإلى ال�ضدقات، مقابل اأن اأخدم زوجته، ولكنه يتقرب مني مرارا، فعلمت زوجته بي، واتهمتني باأني اأحاول خطف زوجها منها، فحب�ضتني، ت�ضربني كثيرا

وتعذبني، اإلى اأن تمكنت من الهروب قبل قليل.كان ه�ضام الموؤيد ي�ضتمع اإليها وقد تاأثر بحديثها.

�ضيح�ضل ماذا يعلم ول باأحر من الجمر، ال�ضباح ينتظر معمر غدا، هل يقطع راأ�ضه؟ اإنه ل ي�ضتطيع اأن يتخيل ما �ضيفعل به، ولما راأى

عطف ه�ضام الموؤيد على الفتاة، احتار، حتى اأنه قال لزوجه: عجيب هذا الفتى، تارة اأقول اأنه �ضاذج طائ�ش متهور، ل يفقه من �

لأ�ضاأل اأني والملك، حتى ال�ضلطان اأمور �ضيئا ف�ضل عن الحياة

204

شر والتوزيععصير الكتب للن

نف�ضي: لول الحاجب محمد بن اأبي عامر وقوته و�ضلبته وبط�ضه يعلم ما ت�ضمره اأنه اأقول وتارة بالأندل�ش؟ بالخ�ضوم ماذا حل ال�ضرائر ف�ضل عن الظاهر، ولكني اأعطف عليه جدا وعلى اأمه، وهل الحياة، له من هذه اأف�ضل العامة من رجل خلق لو نعم، على عامر اأبي ابن ا�ضتحواذ على ت�ضمت �ضبحا اأن تح�ضبين

ملك ولدها كما تزعم؟فقالت زوجته:

وهل الملك اإل لولدها؟ �فتب�ضم معمر، وقال:

هكذا يظن النا�ش، ولكن الملك لمن ي�ضتحقه، الإ�ضلم جعل تداول �الملك �ضورى ل وراثة.

وفي اليوم التالي ومنذ ال�ضباح الباكر و�ضل خبر اإلى قرطبة مفاده اأن اأبا عامر �ضي�ضل قرطبة هذا اليوم!

وملكتهم الحيرة والده�ضة، وقال معمر وهو مرعوب: مولي اأمير هل عامر اأبو الحاجب اأرواحنا، نخ�ضر تدعنا ول الآن عد الموؤمنين

تدرك بط�ضه؟ففكر قليل، ثم قال: والفتاة؟

فنظروا اإليها، فقال معمر: دعها عندنا، اأنا اأعرف اأين اأدعها. فخرج متخفيا متلثما، اإلى اأن و�ضل اإلى الزهراء وكان الحاجب

قد و�ضل وبث رجاله في كل مكان باحثين عنه.فقال وم�ضكوه، الجند، به اأحاطت حتى بابها اإلى و�ضل اإن وما

�ضاحب ال�ضرطة: تاأخرت يا مولي، اأبو عامر ينتظرك.

r

205

شر والتوزيععصير الكتب للن

)24(الـــد�ب أقمـــار أيـــن أميـــة ي

أبـــ�ف

منكـــم وأيـــن نجومهـــا والكوكـــب

غابهـــا عـــن منكـــم أســـود غابـــت

فلـــذاك حـــاز الملـــك هـــذا الثعلـــب

واأغلقت الأم�ش، في تغن لم كاأن عرو�ضها على الزهراء وخوت )الزاهرة( اإلى الحكم و�ضوؤون الدواوين ونقلت وفرغت، اأبوبها المدينة العامرية الجديدة، وطوقت الزهراء باأ�ضوار عالية متينة، ولم

يعد هناك منفذ اأو مخرج منها.يتاأمل الزهراء، باب اأمام ه�ضام يجل�ش المكان، يلف الهدوء الحياة في قرطبة وكيف ت�ضير، يحلم اأن ياأتي ذلك اليوم الذي يخرج فيه ويتحرر من هذا ال�ضجن، وقد علم اأن اأبا عامر اأ�ضاع بين النا�ش تفرغ الخليفة اإلى العبادة واأنه فو�ضه اأمر البلد، و�ضدقه النا�ش اإذ ل �ضيء ي�ضتطيعون فعله غير الت�ضديق، ميمونة وخالدة و�ضعاد، هل

بقين ينتظرن اأن اأحقق وعدي؟ ه�ضام بن معمر واأبوه �ضارا من الما�ضي بعد اأن تم طرد معمر من المكتبة الأموية، هو ي�ضعر دائما بالندم لأنه ت�ضبب لمعمر الوراق بقطع

الرزق وربما قطعت رقبته، من يدري!

206

شر والتوزيععصير الكتب للن

في اأحد فل وال�ضكر، للخمر كبير مكان اإلى كله الق�ضر تحول الق�ضر والزهراء �ضواه هو وخدمه واأمه.

وبينما هو يتاأمل اأ�ضوار الق�ضر ت�ضلل اإلى اأذنه �ضوت رقيق عذب:مولي. �

فا�ضتدار نحوها، وطوقها بيديه وهو يقول:كيف � �ضعب يا تعلمين هل الحلل، بال�ضحر توجك من �ضبحان

بينك الفرق ما اأراك، عندما الحياة؟ هذه في واأ�ضعد اأنب�ضط نقبل عليه في فرح ومرح، كفرحة اأن �ضحرك اإل ال�ضحر؟ وبين ال�ضيخ اإذا اأدبر ال�ضباب وراأى في منامه ما يراه ال�ضبي اأول بلوغه

الحلم.فقالت بتغنج وتدلل:

ل تبالغ يا مولي. �الثاني � واأنا عبدك، وتارة �ضيدك تعني فتارة معنيان: للمولى

اأزقة في التقيتك يوم اليوم؟ ذلك تذكرين هل لك. بالن�ضبة قرطبة؟!

ف�ضحكت وقد توردت خدودها وبدت قمراء تنير قلب ه�ضام، هي ال�ضنعة عملت فقد اليوم، ذلك في كانت عما تماما مختلفة اليوم وتلمعت تنظفت ما و�ضرعان الق�ضر، جواري اإلى و�ضمت يدها فبدا جمالها الغائر �ضاحرا، وهكذا داأب الزهراء وهكذا �ضنعها مع الح�ضناوات تفرغ لهن من �ضحرها، كان يع�ضق �ضمها اإليه؛ لأنه ي�ضعر

بنقاوة �ضريرتها وبراءتها ال�ضاحبة.اأمه، وهي بوؤ�ضه، وزاد عليه م�ضجعه ق�ش ولكن طارئا جديدا فبعد مرور �ضنين عددا اأدركت اأن الأمر خرج منها ومن يدها، واأنه لم

207

شر والتوزيععصير الكتب للن

تعد �ضلطة بيدها وهي اأم الخليفة وال�ضلطانة، ولم يمتلك ولدها �ضيئا وحده هو بمغانمه فاز قد عامر اأبي مع تدبيرها واأن ال�ضلطة، من

دونها هي وولدها.فلم يعد باليد حيلة اإل الوقوف في وجهه، ليتحول الحبيب القريب اإلى عدو لدود، ذلك الرجل الذي �ضارت خلفه دون اأن تب�ضر، ودا�ضت معه على كل خ�ضم اأو ند قد انقلب وانفرد بالملك وحده، هل هي بلهاء لهذه الدرجة؟ بط�ضت معه، فاإذا ا�ضتقامت الدولة وم�ضت في ربيعها نهاية هو وهذا بال�ضلطة، وحلمها خيالتها ت�ضارع وحيدة، تركها

الحب اإذا ن�ضاأ على مطمع.فقالت لأبي عامر يوما:

اأريد اأن يبا�ضر ه�ضام الخلفة بنف�ضه، ويمتلك ال�ضلطة الفعلية. �هو فعل يمتلك �ضلطة وتحكم الدنيا با�ضمه. �تحكم با�ضمه لكنه ل يحكم �ضيئا بيده. �واأنا اأكفيه مغارمها ومثالبها وله مغانمها. �وكيف ذاك؟ ولو كان على هذا فقط لهان، ولكنك تاأ�ضره في بيته، �

وت�ضيع بين العامة اأن الخليفة تفرغ للعبادة وتلوة القراآن، واأنه فو�ش اأمر الخلفة اإليك دون �ضائر الأمويين وهم اأولد الخلئف.

واأولد الخلئف ل يريدون خيرا بكم بل مكرا. �واأنت ماذا تريد بنا؟ �

فقال بهدوء ينم عن خيبة:بعد كل الذي �ضنعته في �ضبيله؟! ثم تقولين لي هذا، لم اأفعل ما �

فعلته اإل وفاء مني لحقه وحق اأمير الموؤمنين الحكم الم�ضتن�ضر، ق�ضيت على خ�ضومه وحطمتهم وناجزت الأعداء بعد اأن كاد يطاأ

208

شر والتوزيععصير الكتب للن

الجللقة قرطبة اأيام الم�ضحفي، فقاتلت وما زلت اأقاتل، وتاأتين وتقولين هذا!

لم تفعله اإل في �ضبيل غر�ضك. �اإذا كان كما تقولين فلم اأبقيته حاكما؟ وما غر�ضي اإل طاعة اأمير �

الموؤمنين وتوطيد دولته، وهذا داأب الحاجب المطيع.اأبقيته حاكما ا�ضميا خوفا من العامة وثورتهم. �

فتركها وخرج، ف�ضرخت به: كنا قد �ضنعناه معا، اأنا واأنت، �ضبح اأخذتها فلم ه�ضام، �ضبيل في عامر، اأبي بن محمد الفتى وكاتبها

دونه؟هادئة تبقى لن �ضبحا اأن بفطنته المن�ضور الحاجب اأدرك لتقليب عقل ورجاحة باأ�ش من اأوتيت ما بكل و�ضت�ضعى م�ضتقرة،

النا�ش عليه وتحطيم مجده التليد.اأح�ضان بين لتجده ملكك، وا�ضتعد قم له�ضام لتقول وخرجت

�ضعب، والأخيرة كانت تن�ضد اأبيات اأبي نوا�ش:والجيـــد ف المقلتـــني ســـاحر يـــا

بالمـــواعيــــــد مـــــنك وقاتلــــــي

يتخلفـــ�ف ثـــم الوصـــل ي

توعـــد�ف

ي مـــن خلـــف موعـــوديفـــوا بـــلا�ئ

عـــن المحـــدث الأزرق ي حدثـــ�ف

شـــمر وعـــوف عـــن ابـــن مســـعود

209

شر والتوزيععصير الكتب للن

كافـــرة غـــ�ي الوعـــد يخلـــف مـــا

مصفـــود الجحيـــم ي �ف وكافـــر

rالخطوة، هذه على الإقدام في تتردد راأ�ضها، في الفكرة تدور اأمرها على الخروج الى بد منه، فعزمت ل ما تفعل اأن ولكن يجب اأ�ضياخ بني اأمية لتجهز ثورة على ابن اأبي عامر، ملك ولدها �ضائع، ودولة بني اأمية في الأندل�ش تحت�ضر عما قليل، فلم يكفه بناء مدينة ملوكية، والحجر على الخليفة وت�ضمية نف�ضه )الحاجب المن�ضور( ثم )الملك المن�ضور( بل عهد لولده بولية العهد وكاأنه خليفة، بل و�ضل اإلى �ضمعها ما زلزل كيانها؛ وذلك خبر اجتماع المن�ضور برجال كثر اأخذ على بعزمه واأنباأهم والم�ضورة، الراأي واأهل وق�ضاة علماء من الخلفة له؛ واإنهاء بني اأمية في الأندل�ش، ولكن بع�ش الفقهاء عار�ش الفترة ركد هذه ولئن عليه، منقلبهم و�ضوء العامة من ذلك، خوفا فلن يركد كثيرا حتى يطبق اأمره بقوته ولكنها لن تنتظر، بل �ضتحاول اأن ت�ضنع ثورة �ضده، هي تعلم اأن اأهل قرطبة متقلبو الأهواء منفلتو

الجماح ل يكبحهم اإل خليفة قوي ذو �ضرعية. تقف �ضبح اأمام اأ�ضياخ بني اأمية ومواليهم فتقول محاولة ك�ضبهم: يا بني اأمية، اأولد الخلئف واأهل الحل والعقد، هل تر�ضون ما يح�ضل لخليفتكم؟ ملك بني اأمية في زوال واأنتم خا�ضعون لهذا الم�ضتبد الطاغية، الذي حب�ش الخليفة واأعلن للنا�ش اأنه متفرغ للعبادة، وانفرد بالملك و�ضمى نف�ضه الملك المن�ضور وعهد لولده بالحجابة، وها اأنتم قد راأيتم كيف �ضرب اأنداده بع�ضهم ببع�ش حتى فرغ الملك ووقف يزاأر:

هل من مناف�ش؟

210

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأين اأنتم يا اأحفاد �ضقر قري�ش؟ هل �ضيعتموه وفرطتم في حقه؟ حتى تركتم ال�ضاعر يقول دون خوف اأو وجل:

الـــد�ب أقمـــار أيـــن أميـــة ي أبـــ�ف

منكـــم وأيـــن نجومهـــا والكوكـــب

غابهـــا عـــن منكـــم أســـود غابـــت

فلـــذاك حـــاز الملـــك هـــذا الثعلـــب

هل اأدركتم حجم الم�ضيبة؟ ملككم في طريقه اإلى الزوال، فاأنقذوا الموؤمنين ه�ضام اأمير اأمركم واأدركوا خليفتكم وولي اإنقاذه ما يمكن

الموؤيد بالله، فهذا عهد الحكم رحمه الله فيكم.فقال رجل منهم:

ف�ضتت � علينا، واأغلقه اإل بابا المن�ضور لنا ولم يترك العمل وما القوة هذه في وهو عليه القيام لنا فكيف جمعنا، ودمر �ضملنا

ونحن في هذا ال�ضعف؟فقالت:

هناك، في المغرب اأعظم اأمرائها ملكا واأ�ضدهم لبني اأمية ولء؛ �قد عطية بن زيري اأن تعلمون ل وربما عطية(، بن )زيري اأ�ضحى اأعظم اأمراء المغرب بعد اأن ق�ضى على األد خ�ضومه وهم و بن يعلى، فلما هزمه واأر�ضل راأ�ضه لبن بني يفرن واأميرهم يداأبي عامر عظم ملكه، و�ضيد لنف�ضه مدينة وجدة جنوبي �ضرقي مليلة، وبنى لنف�ضه ق�ضرا ويعي�ش كالملوك، ولكن ظاهره مع ابن

اأبي عامر وباطنه �ضده.وكيف عرفت اأنه غير موال لبن اأبي عامر في باطنه؟ �

211

شر والتوزيععصير الكتب للن

هل تذكرون قدومه اإلى قرطبة قبل ب�ضعة �ضنين عندما اأر�ضل له �ابن اأبي عامر؟

اأجل. �عندها اأكرمه واأنزله في ق�ضر الم�ضحفي وخلع عليه لقب الوزارة. �وهذا يدل على �ضلتهم القوية. �

فقالت با�ضمة:واأ�ضمر في نف�ضه �ضرا وعداوة � ولكن زيري لم يبتهج، بل غ�ضب

يرى لأنه منه، خوفا علنا بها ي�ضرح لم لكنه عامر، اأبي لبن نف�ضه اأهل للإمارة ل الوزارة، فلذلك: نف�ضه تجي�ش بما تجي�ش به نفو�ضنا وتنقمه على ابن اأبي عامر، فاإذا اأعطيناه �ضرعية وطلبنا اأن يجتاز بجي�ضه ويدخل الأندل�ش ليحرر خليفتكم من �ضر منه وفاء لي�ضتري وفير بمال واأمددناه وا�ضتبداده، عامر اأبي ابن وحب جنده، عندها �ضتجتمع القوة معنا من الخارج، واأنتم من الداخل تنخرون ببنائه، وت�ضفون �ضره وغيه وتجبره وا�ضتحواذه على الملك زورا وبهتانا للعامة، فاإذا اأقبل زيري بن عطية بجي�ضه اأبي عامر لنزاله، فاإذا خرج من يزمجر قوة وباأ�ضا ا�ضتعد ابن قرطبة هو وجي�ضه انق�ض�ضتم على الزاهرة واأ�ضقطموها وحررتم

خليفتكم، ثم تغيرون عليه من ظهره فيطبق عليه.واقتنع �ضائر الأ�ضياخ والموالي بما قالته �ضبح، وخا�ضة بعد ا�ضطهاد المن�ضور لبني اأمية وحرمانهم من المنا�ضب واإبعادهم عنها، وكيف ل يقنعون و�ضدورهم تنطوي على جذوة دائمة ال�ضتعال ل يطفئوها اإل

�ضطوة الملك؟

r

212

شر والتوزيععصير الكتب للن

)25(ماذا تريد من رجل يصعد إل الملك على أكتاف النساء؟!

ودخلت �ضبح اإلى خزينة الزهراء واإذا بها مليئة بالذهب والنقود، وجهزت ع�ضرة �ضناديق كاملة، وكتبت معها كتاب اإلى زيري، وخرج وفائه من وتاأكدت كتاب قبله بعثت قد وكانت خفية، الغلمان بها

وولئه المطلق.كانت �ضبح قد اأعلنت الحرب على المن�ضور وهي تدرك في اأعماق نف�ضها اأنها ل ت�ضتطيع اأن تقاوم اأمامه، اأو ت�ضمد اأمام طغيانه الذي ل يحده حد اأو �ضقف، تدرك اأنه قوي ك�ضجرة �ضربت جذورها في اأعماق الأر�ش وراأ�ضها ناطح الجبال فل تزعزعه ريح تحف ب�ضعف وت�ضير في ظلل الوجل، ولكن ال�ضعيف اإذا اأح�ضر ل يمتلك حل اإل المقاومة

بما اأوتي من �ضعف! ولم يم�ش يوم حتى اأ�ضبحت �ضبح لتجد الزهراء مطوقة بالجند، ثم دخلوا كال�ضيل العرم م�ضرعين مقتحمين بوابة الق�ضر بل وجل من )اأمير الموؤمنين(، ودخل عبد الملك بن محمد بن اأبي عامر ومعه رجال

الدولة وزراء وق�ضاة.ودخل اإلى مجل�ش الخليفة في الزهراء.

وجاء ه�ضام وهو خائف من قدومهم واقتحامهم الزهراء.فقال عبد الملك وكان حدثا ولكنه قوي كاأبيه:

213

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأموال � على عثرنا قد بالله، الموؤيد ه�ضام الموؤمنين اأمير مولي اأن هذه التحقيق الق�ضر، وعلمنا بعد طائلة مع فتيان من هذا اأعلن الع�ضيان الأموال ذاهبة لعدو الله زيري بن عطية، الذي دبر ومن المال هذا اأر�ضل من اأنت فهل و�ضدك، الدولة �ضد

لتقلبوا نظام الحكم؟فقال ه�ضام وهو خائف متردد:

معاذ الله اأن اأحر�ش �ضد دولتي و�ضلطاني. �فقاطعه قائل:

الله، � اأعزه المن�ضور الملك �ضد بل دولتك، �ضد تحر�ش ل اأنت فبعثتم اإلى زيري بن عطية ليدبر �ضدنا، اأهذا عهدنا بك؟ اأهذا هو جزاء المن�ضور منك؟ األم تكن طفل تحبو والمن�ضور من علمك واأدبك؟ األم تتول الخلفة واأنت �ضغير ل تح�ضن التدبير فكفاك �ضرها، وق�ضى على اأعدائك في حين اأن الجللقة اأيام الم�ضحفي

كادوا يدخلون قرطبة؟ فقام المن�ضور وانت�ضر؟بلى، واأنا على عهدي. �اإذا فعليه تاأخذ اأموال خزينة الزهراء كلها، لأننا نعلم من يدبر �

اإياه، �ضيكفيكم بن عطية فنحن من زيري اأما عدو الله الأمر، وعليه ي�ضهد جميع الوزراء وقا�ضينا ابن ذاكوان.

وحملت تلك الأموال الطائلة و�ضبح ت�ضرخ خلفهم: اتركوها، اإنها اأموال اأمير الموؤمنين.

ولكن دون مجيب، فقد �ضبق الحزم الراأفة.ودخل اأبو عامر الزهراء مزمجرا بكتاب بيده، فخل به�ضام، وقال

له:

214

شر والتوزيععصير الكتب للن

ماذا فعلت؟ �واأي �ضيء فعلته؟ �األ تدري؟ �

فقال متهكما:اأنا متفرغ للعبادة، األ تدري؟ �

فقال المن�ضور بتريث:في � ت�ضرف للموؤمنين، هي كانت الزهراء في التي الأموال اإن

�ضوؤونهم وم�ضالحهم، ل للع�ضاة المتمردين.فقال ه�ضام بل مبالة:

لم اأفعل �ضيئا. �فقال المن�ضور وقد تملكه الغ�ضب:

ولكن اأمك التي فعلت، والآن �ضتخرج اإلى الق�ضاة والفقهاء وهم �جال�ضون في مجل�ش الخلفة وتوقع على كتاب ل لب�ش فيه، مفاده اأنك عهدت لي بتدبير �ضوؤون الدولة كافة، واأمام ال�ضهود، فاإذا تحفه مهيب موكب في الموؤمنين اأمير ف�ضيخرج الغد من كان العظمة من كل جانب، ليرى العامة اأنه بخير ل كما ي�ضيع اأندادنا

ومن يمكرون بنا.فقال بل مبالة:

كما تريد. �وخرج اإلى مجل�ش الخلفة ووقع على القرار بل مبالة، وفي اليوم التالي خرج ه�ضام الموؤيد بالله في موكب عظيم يتقدمه المن�ضور بن

215

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأبي عامر وولده عبد الملك وعن اليمن وال�ضمال جي�ش كثيف، وهكذا قطع المن�ضور �ضكوك خ�ضومه بيقين ملكه.

rالديوان، من ا�ضمه الوزارة، ومحينا رزق عنه قطعنا وقد )هذا واعتبرناه خارجا عا�ضيا، بعد اأن قطع ذكرنا في الخطبة وطرد عمالنا في المغرب، واأعلن الخروج والثورة. وقد انتدبتك لقتاله، لما نعلم من فاإذا عبرت والذخائر، بالأموال واأمددتك و�ضدة ولئك، باأ�ضك قوة البحر بقواتك وو�ضلت اإلى طنجة فل�ضوف تن�ضم اإليك جموع غفيرة وعدو الله عدو قتال على و�ضيحالفونك و�ضنهاجة عمارة بربر من اأمير الموؤمنين وعدوي وعدو الموؤمنين زيري بن عطية، ف�ضر على بركة

الله(اأن بعد كثيف عظيم بجي�ش وموله المن�ضور فتى وا�ضح ف�ضار تلقى تعليماته الأخيرة اإلى اأن اجتاز البحر وو�ضل اإلى طنجة وان�ضمت

له جموع عظيم من �ضنهاجة وبربر عمارة.

وادي زارات - جنوب طنجة:اقتربت وقد العظيم الكثيف جي�ضه اأمام عطية بن زيري يقف

�ضاعة الف�ضل، فجي�ش الأندل�ضيون اأمامهم بقيادة وا�ضح.�ضفوفهم بين وي�ضير يحر�ش جي�ضه وهو الجهوري ب�ضوته فقال

راكبا فر�ضه: يا رجال الحق ال�ضادقين، ا�ضبروا و�ضابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، واعلموا اأنكم على الحق ما�ضون، فمن مات منكم فهو

216

شر والتوزيععصير الكتب للن

الفوز العظيم، ومن عا�ش فهو المنت�ضر، فاإما طريقا اإلى الن�ضر، واإما ن�ضره بـ )المن�ضور( ل نف�ضه لقب الذي اأبو عامر وهذا القبر، اإلى الله، و�ضمى نف�ضه )ملكا( وهو ل يملك �ضيئا، قد جاءكم قواده بعد اأن ا�ضت�ضرخت بنا وا�ضتنجدت اأم الخليفة ه�ضام الموؤيد بالله، وهذا كتابها )فاأخرج كتابا( تقول فيه اأن ابن اأبي عامر لم يكفه ال�ضتحواذ اإذ حب�ش وا�ضتبداده؛ �ضره وغيه وبط�ضه زاد في بل ولدها على ملك

الخليفة في ق�ضره بعد اأن بلغ و�ضار را�ضدا قادرا على الملك.كان خليفة �ضبيا فانفرد في الملك، فقلنا و�ضية الحكم، فاإذا بلغ وعرف طرق التدبير �ضلمت الخلفة والإمارة له، وعلى هذا عاهدنا وبايعنا، ولكن اأبا عامر اأخذ الملك له وا�ضتاأثر به دون اأميرنا، والأدهى والأمر اأنه حب�ش عليه، واأ�ضاع بين العامة والنا�ش اأجمعين: اأن الخليفة برن�ضا مرتد وهو خرج ق�ضره من الخروج اأراد واإذا للعبادة، تفرغ كالن�ضاء، خوفا على نف�ضه، حتى �ضار ال�ضاعر يهزاأ ببني اأمية الذين

بايعناهم ويقول:الـــد�ب أقمـــار أيـــن أميـــة ي

أبـــ�ف

منكـــم وأيـــن نجومهـــا والكوكـــب

غابهـــا عـــن منكـــم أســـود غابـــت

فلـــذاك حـــاز الملـــك هـــذا الثعلـــب

اإل باجتياز البحر فقاتلوا قتال من خ�ضر ماله واأهله، ول تر�ضوا ودخول قرطبة وا�ضتعادة الحق اإلى ن�ضابه، فاأنتم تكثرون وقت الفزع وتنفرون وقت الطمع، وهذا عهد خليفتكم ه�ضام الموؤيد بالله اأعزه الله

واأمه، الله اأكبر.

217

شر والتوزيععصير الكتب للن

الله الجي�ضين: تكبيرات وعلت اأغمادها من ال�ضيوف واأخرجت اأكبر.

والتحم الجي�ضان وبداأ القتال عنيفا، وبين �ضهل الخيول وتطاير الروؤو�ش؛ كان ه�ضام في ق�ضره وتدار في مجل�ضه الكوؤو�ش، في �ضاحة الوغى جي�ش زيري يقاتلون قتال من فقد اأهله في �ضبيل ه�ضام وهو في اأح�ضان �ضعب يترنح وين�ضد �ضعرا ماجنا، فذاك يفقد كلتا يديه ولم يعد يقوى على حمل ال�ضيف فينزل ويرك�ش نحو الجي�ش المقبل عليهم ليكون جدار �ضد لأ�ضحابه في�ضيبه �ضهم في رقبته في�ضقط م�ضرجا

بدمه. وينظر زيري اإلى جنوده فيراهم مقبلين على عدوهم بكل ب�ضالة و�ضجاعة، في�ضرخ بهم بعين ت�ضيل منها الدمع فرحا: قاتلوا فوالله لن

يخذلكم الله، فاإن هزمتم فل خير بالعي�ش بعد اإخوانكم.ويفتك فتكا مروعا بالجي�ش الأندل�ضي، ويبداأ الجنود بالفرار من

�ضاحة القتال.الأندل�ش جي�ش انك�ضر الدامية، المعارك من اأ�ضهر ثلثة م�ضت كل من الألوف خ�ضارة بعد الخ�ضراء، الجزيرة اإلى وا�ضح وعاد الجي�ضين، وهكذا ت�ضير الحياة، ي�ضكن ال�ضهداء القبور في �ضبيل من

ي�ضكن الق�ضور.

r

218

شر والتوزيععصير الكتب للن

)26(يــــح ي �يعا فأريــــح وأس�ت

ليته يأ�ت

اإليها يعود هو ها راأ�ضه، وم�ضقط بلدته الخ�ضراء! الجزيرة المرة يعود وهو والقيود، ولكن هذه ال�ضدود والحدود مجددا، يطوي المغرب، نحو جرارا جي�ضا لي�ضير يعود الأمم، تهابه عظيم ملك المترامية القرى هذه وانك�ضارهم، جنده خيبة ليداري بولده يلتقي وهذه ال�ضهول المنب�ضطة، وهذه الجبال والوديان، كلها ت�ضكل ذكريات

الطفولة ومطلع ال�ضباب. ي�ضل اإلى ذلك البيت الخاوي، طلل باق، هذه الأطلل البائ�ضة هي م�ضكنه، من هنا كان يحلم بالملك العظيم، حلم لم يقف بوجهه حد، بل كان محفوفا بنبوءة �ضيخ فان، لم يكن لدى �ضاحبيه وابني عمه اأي �ضيء عدا الفخر باأبي زراعة جدهم �ضاحب طارق بن زياد، اأو لمزهم وهم في فقرهم المدقع، �ضرخوا بوجهه: فاإذا حدثهم اأحد هو لوله الذي المعافري، الملك عبد اأحفاد نحن نحن؟ من تعلم األ

و�ضحبه لما كنتم هنا. اأما هو فكان يريد اأن يبلغ غايته، لم يكن ذكاوؤه بدعا من قومه، ولكنه ح�ضيف يعرف ما يريد واإلى اأين ي�ضل، كان جده لأمه رجل

زاهدا عابدا، وبينما هو يرى محمد ولما يبلغ الثالثة بعد، قال لأمه: ولدك هذا لن ير�ضى بهذه القرية. �

219

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقالت له اأمه:ماأربي، � غاية فهذه كاأبيه، فقيها و�ضار العلم تعلم اإن اأبتاه، يا

و�ضيكون قا�ضيا باإذن الله فاإذا بلغ الق�ضاء لم اأخ�ش الفقر بعد.فقال لها:

اأي ق�ضاء واأي فقر؟؟ ولدك هذا �ضيملك الأندل�ش كلها. �فقالت با�ضمة:

حكمتك � اأعرف ولكني ا، م�ض فيك اأن لقلت اأبي، تكن لم لو وب�ضيرتك، ولكن اأقول لك قد اأخطاأت التقدير هذه المرة، فنحن �ضقاء بعد اإل نبيعه ل الذي ال�ضوف هذا اإل �ضيئا، نملك ل

ون�ضب.)�ضتبدي لك الأيام ما كنت جاهل(، و�ضترين. �

وم�ضت الأيام، وبداأ ذلك ال�ضبي بالذهاب اإلى ال�ضيخ في الم�ضجد، الفقه، ودرا�ضة ال�ضعر، بحفظ وبداأ قليلة، اأ�ضهر في القراآن فحفظ فاأبدى ح�ضافة ونباهة فاقت اأقرانه؛ اإذ در�ش كتاب �ضيبويه على يد �ضيخ في قرية نائية، ولكن تبين لل�ضيخ هذا اأن محمدا ي�ضتوعب ويفهم

ما ل يفهمه هو نف�ضه من كتاب �ضيبويه، فقال له:يا ولدي اإن لك عقل راجحا، ونباهة قلت عند اأقرانك، واأنت اأكبر �

والعلماء، العلم منارة اإلى وجهك فول عندي، الذي العلم من وانهل من جامعها.

قرطبة! �اأجل يا محمد، قرطبة، من لم يزر قرطبة؛ لم ير الدنيا، واأبوك �

يعلم ذلك، األم ين�ضحك؟

220

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأبي رحل منذ �ضهور اإلى الحجاز حاجا، ولم يعد اإلى الآن، وقد �عاد الحجيج منذ زمن غير قليل.

اأبوك له معارف كثر، لعله اأقام في بلدة مان قل لأمك عن هذه �الفكرة.

عاد اإلى البيت، فراأى جده يعالج �ضكرات الموت، فقال له:يا محمد، �ضوف تبلغ غاية عظمى ومن�ضبا يجعل اأهل الأندل�ش �

اأمرهم ووليت فيك فرا�ضتي تحققت فاإذا يديك، بين كلهم فاعدل بينهم، واجعل النا�ش تترحم على اأجدادك فاإن لهم باعا

في العلم والجهاد. فثقلت عليه ال�ضكرة وهو يو�ضيه: الغاية يا محمد.

ومات جده، وقبل اأن تم�ضي �ضهور جاءهم خبر وفاة اأبيه، فحزن محمد حزنا بالغا، وبقي معينا لأمه، وطول تلك الأيام التي ق�ضاها بحمل ال�ضوف اإلى ال�ضوق وبيعه والعمل باأر�ضهم ال�ضغيرة يقلب تلك الفكرة، وبقي يفكر بو�ضية جده، جده الذي له فرا�ضة ل تخطئ تنبئ له بهذه الغاية، وما حديث ال�ضيخ اإل اأول علمات تلك الفرا�ضة التي

ل تخيب.ترحل اإلى قرطبة وتتركني وحيدا؟ ومن الذي �ضيبقى عندي اإن �

رحلت وتركتني؟اأماه، عامان وقد تزيد قليل، ثم اأعود، بعد اأن اأنهل من نبع قرطبة �

وعلمها، مثلي مثل اأبي، لم يعد �ضيء هنا يمكن تح�ضيله، وال�ضيخ جهابذة الوفير، للعلم تواقة اأماه يا نف�ضي هذا، لي قال نف�ضه م�ضجدها يجل�ش في نف�ضه القالي علي اأبو العلماء هناك، حتى الكبير، فهل اأفرط في نف�ضي وما وهبني الله من ذكاء قابل للعلم ومواهب عظيمة، وهذه الكتب التي عندي فرغت منها واأعدتها،

221

شر والتوزيععصير الكتب للن

واأريد كتبا جديدة وكثيرة، وبع�ضها نفي�ش ل اأجده اإل في قرطبة، ولكن اإذا اأردت اأن اأبقى �ضاأبقى بين يديك.

ل والله، لن اأقف عثرة في طريقك، ام�ش على بركة الله، ولكن �ل تتاأخر علي.

وم�ضت الأيام واأقنع ابني عمه بالذهاب معه، وطال التفكير في اأمه، وا�ضطربت نف�ضه، فدخل عليها في ليلة �ضفره، وقال لها:

اأماه لن اأذهب اإلى قرطبة! �فقالت هلعة:

لم؟ هل ح�ضل مكروه؟ �لمن اأتركك؟ قد اأطلت التفكير، فراأيت جدي رحمه الله قد رحل �

الذي زوجك واأبي اإليه، تاأوين و�ضندا اإليه، تركنين عونا وكان ت�ضكنين اإليه قد توفاه الله، واأنت هنا على هذا الحال من القلة

والعوز وال�ضنك، فكيف �ضاأتركك؟ والله ل يفعلها اإل قليل البر.ل تقل هذا، بل �ضتذهب، وت�ضبح فقيها عالما وقا�ضيا، وتتعرف �

بقرة قابعا ها هنا، اذهب، عندي تبقى لن الدنيا، على علماء وهذه الأر�ش ال�ضغيرة وعملي في ال�ضوف، وهذه تدر علي مال

وفيرا، ثم اإن اأعمامك هنا، هل ن�ضيت؟وعند الوداع قال لها:

هل تو�ضيني ب�ضيء؟ �طاعة الله والإخل�ش في العمل. �فهل تطلبين �ضيئا من قرطبة اإن عدت؟ �

222

شر والتوزيععصير الكتب للن

خا�ضع � ال�ضريرة، طاهر ذهبت، كما لي تعيدك اأن منها اأطلب فل فيك، جدك فرا�ضة وتحققت الله قدر واإن طيبا، القلب تظلم، لأن الظلم اإثم عظيم، وهذا ج�ضدي النحيل اإذا ردم عليه القبر فل ي�ضتطيع تحمل عذابه، ويل لي اإذا قال لي ربي: كيف

ربيته؟ اأخ�ضى اأن تظلم النا�ش فيحا�ضبني الله بذنبك.كل نف�ش بما ك�ضبت رهينة، ل تخافي. �

ثم ابتعد عنها، و�ضوتها يملأ نف�ضه: يا محمد، اإن كان في الأجل م علينا. بقية و�ضعة تلقينا، واإل فترح

من الطريق يقطع جده، نبوءة عينيه، ن�ضب والنبوءة يم�ضي ذلك �ضياأتي حقا هل يتاأمل؛ وهو قرطبة اإلى الخ�ضراء الجزيرة اليوم؟ يوم يمتلك هذه الأ�ضقاع، فتاأتمر باأمره وتركع بين يديه، يرى الفلحين المنهمكين في حرثهم، ويرى الطرق المعبدة، والترع الممتدة، وذلك النهر الممتد، وتلك الأ�ضجار المتناثرة على طول الطريق، وتلك

ال�ضتراحات التي اأن�ضاأتها الدولة للم�ضافرين. اإلى اأن ي�ضل قرطبة فيرى العجب العجاب، هي حقا كما و�ضفت، جنة ونعيم، ولكنها للفقراء جحيم، يت�ضكعون في اأزقتها وفي اأ�ضواقها،

وترك ولدي عمه وذهب اإلى وزير في الدولة!على وجل�ش محمد دخل فلما فارها، حدير ابن م�ضكن كان الأرائك الأثيرة بهر بعظمة م�ضكنه، كاأنه م�ضكن ملك عظيم ل وزير.

اأنا محمد بن اأبي عامر، والدي هو عبد الله بن اأبي عامر، رفيقك �اأيام الطلب.

فقال ابن حدير:اأهل بابن اأعز رفيق، اأين اأبوك؟ �

223

شر والتوزيععصير الكتب للن

توفي منذ �ضنة. �ل حول ول قوة اإل بالله. �واأنا هنا اأطلب العلم في قرطبة، واأبحث عن عمل. �

و�ضرعان ما وجد له عمل عند القا�ضي ابن ال�ضليم والذي وجد له هذا الأخير عمل الزهراء.

r انقطع �ضيل الذكريات عندما اأتى حار�ش مقبرة القرية، فقال له

المن�ضور:هل تعرف قبر اأمي؟ �اأجل يا �ضيدي. �قدني اإليه. �

منظر في والأعوان بالجند محفوف وهو المقبرة نحو وتهادى الحار�ش مع ودخل المقبرة باب على الوقوف الجند فاأمر مهيب، وحيدين. قد تجددت ذكرها، كانت تخاف من هذه اللحظة، لحظة تحقق فرا�ضة جده، تخاف اأن تحا�ضب وهي في قبرها، ها هي نف�ضه اأيام اأمامه، حية الذكريات وتتقافز نف�ضه تعت�ضر نحوها، تحدو

ال�ضبا، اأيام القرية والفقر. ي�ضير الحار�ش اإلى قبر منزو وحيدا كالغرباء تحت �ضجرة وارفة، دفونها في اآخر المقبرة وحيدة، فلما بعث عماله ي�ضاأل عنها وعلم اأنها اأمامه وقف الن�ضرة، والأ�ضجار بالزهور يحيطوه اأن اأمرهم ماتت،

وحيدا، وجثا على ركبتيه، فقال بعيون دامعة:

224

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأماه، لم اأ�ضتطع اأن اأفي بالوعد واأعود بعد �ضنتين، ها هي اأكثر في قابعة اإنك اأماه اللقاء، حان اأن اإلى م�ضت قد عاما ثلثين من القلب، بيني وبينك خيط رفيع، الروح، ونائمة في حنايا هذا اأركان كنت ال�ضهام، اإطلق من باأ�ضرع ت�ضعد الروح، ت�ضعد ما مقدار فرا�ضة تتحقق اأن خائفة كنت بل طاغيا، م�ضتبدا اأكون اأن خائفة جدي، وها قد تحققت، ولكن �ضدقيني اأن الثمن كان باهظا، ولو كان المرء يعلم قدره لما قمت بال�ضعي اإلى الملك، لأني خ�ضرت كثيرا، قتلت اأدري، ل حيث من دفعته من اأنا ولكني م�ضتحق، وهو قتلته ولدي، الروح هذه وت�ضعد واأ�ضتريح، فاأريح �ضريعا ياأتي ليته الموت، اإلى تقولين: ربما الع�ضو�ش، الملك هذا توطيد في ال�ضعي اأ�ضناها التي فلم ل تتركه؟ لأني ل اأ�ضتطيع، الملك تملكني، وا�ضتقر بين جوانحي، فكيف لي اأن اأتحرر منه؟ اإن له هوى في القلب و�ضلطانا على العقل، يجعلني اأت�ضرف بجنون في �ضبيله، فكان الثمن غاليا، كم وددت اأن اأعود فاأر�ضخ بين يديك واأقبل راأ�ضك، اأنا الآن اأ�ضير، اأ�ضير الرغبة، رغبة ال�ضلطان، ولكني اأتوق اإلى حنانك، ها اأنا قد ع�ضت اأكثر منك، وخ�ضرت اأكثر منك كذلك، ولكن اأتعلمين ماذا يحز في نف�ضي ويجعلني اأتمنى اأن اأعود �ضغيرا كي اأطيعك واأر�ضخ بين يديك واأبقى عامل في اأر�ضنا ال�ضغيرة؟ هو اأنت، اأخ�ضى اأني غدوت م�ضتبدا، واأنت تعذبين في ثراك! فليرحمك الله، لكاأن قلبي غدا حجرا �ضلدا كبيد انحب�ش عنه المطر؛ ولكن الآن وقد وقفت عندك قد لن، فقد تفتحت في هذه البيد اأروع زهرة كانت على عط�ش البقاء تكافح وتنافح، ولم يبق لي

اإل لقياك.

r

225

شر والتوزيععصير الكتب للن

يعود الجي�ش الأندل�ضي بقيادة عبد الملك بن محمد بن اأبي عامر الأندل�ضية الجيو�ش معظم المن�ضور معهم اأر�ضل اأن بعد طنجة اإلى

واأكثرها تمر�ضا في القتال لقتال زيري.وقف الجي�ضان، فقال عبد الملك:

يا زيري، اأيها الخوان، تعال وبارزني اإن كنت رجل، فقد قلت عن �الملك المن�ضور اأعزه الله اإنه جبان خواف بعث لك فتيته وغلمانه، فها اأنا عبد الملك بن المن�ضور، تعال ونازلني، فقد جئت لنزالك

اأنا، ابن المن�ضور وفلذة كبده ووريثه.فقال زيري متهكما:

اأخ�ضى على اأبيك )ثم �ضاخرا( الملك المن�ضور اأن يحزن فيموت �اأرفق بولده منه كمدا وح�ضرة، فقد قتل ابنه من قبل، و�ضاأكون

ولن اأقتلك.تعال اأيها الجبان. �

لينازله، فر�ضانه اأ�ضجع واأخرج الكلمة، تلك زيري من فغ�ضب ب�ضيفه و�ضربه �ضرعه من �ضرعان المغوار الفار�ش الملك عبد ولكن

فف�ضل راأ�ضه عن ج�ضده وتركه يتر�ضر�ش دما.القتال بين ون�ضب الأندل�ضي، تكبيرات ومعنويات الجي�ش فعلت الجي�ضين، فدارت الدائرة على زيري وقومه، وفي منت�ضف القتال راأى عبد الملك زيري بن عطية، فتبارزا، وبينما هم يتقاتلن، قال زيري:

الن�ضاء � اإلى بالتملق بل ب�ضجاعة الملك اإلى اأبوك ي�ضعد لم على الملك اإلى ي�ضعد رجل من تريد فماذا منهن، والتقرب

اأكتاف الن�ضاء؟!فقال عبد الملك بعد لكزه بقدمه �ضقط على اإثرها:

226

شر والتوزيععصير الكتب للن

واأنت تقاتلنا باأمر الن�ضاء. � ف�ضربه عبد الملك ب�ضربة لم تقتله، بل اأثخن جرحه، فغار زيري و�ضط جنده الكفيف الذي �ضرعان ما نك�ش على عقبيه موليا وهاربا. وجا�ش عبد الملك خلل الديار، ليبعث اإلى المن�ضور كتاب الن�ضر

الذي انت�ضى وزاد عظمة بعد اأن وقف �ضاعره اأمامه مهنئا وقائل:ببغيهـــم قـــوم صديـــت ف لـــنئ

ي راحتيـــك صقيـــلفســـيف الهـــدى �ف

فإن يح�ي فيهم ب�ف جالوت جدهم

مثـــول لديـــك داوود فأحجـــار

هـــدى وتـــىت يـــؤدى الظـــلام لديهمـــا

كفيـــل ف المبطلـــني يدفـــع وحـــق

يجمـــع لـــه منـــه قائـــد النـــر عاجـــل

دليـــل ف اليقـــني حســـن ومـــن إليـــه

rوها � لقد �ضحقت ومحقت، انتهى وولى، �ضيء يبق �ضيء، كل لم

اأنا اأجل�ش ذليلة منك�ضرة، �ضاأتفرغ للعبادة والعزلة مثلك، اأكفكف دموعي بالتلوة، واأكفر عن ذنوبي بالعبادة اإلى اأن يحين الأجل.

هكذا خاطبت �ضبح الب�ضكنجية ه�ضام، فقال لها ه�ضام:

227

شر والتوزيععصير الكتب للن

نحن اأوهن من اأن نغلب ابن اأبي عامر، ولم يكن حراكنا اإل اإذن �منك باأن ي�ضربني ال�ضربة القا�ضية، فها هو قد اأخذ ما يريد،

و�ضارت ال�ضلطة له مطلقة، وكله لأنك...فقاطعته:

لأني ماذا؟ هل ت�ضدق ما يقوله المرجفون والناقمون علينا؟ �عداوة، � ثم له، حبك عن ويروي يقول والكل اأ�ضدقه؟ ل كيف

اأنت لدود، عدو ثم قريب حبيب بينكما؟ التناق�ش هذا لماذا من �ضنعته، والآن التباين بينكما والبعد كالليل والنهار، كالجنة

والنار.كفى ل تقتلني. �

فنظر اإليها بعين دامعة. ف�ضرخت به:ل تبك كالن�ضاء. �وهل عملت �ضيئا طول حياتي اإل ما تفعله الن�ضاء؟ �

r

228

شر والتوزيععصير الكتب للن

)27(ا

ر مو� صعق

ا وخ

ه دك

ه للجبل جعل رب

جلى

ا ت فلم

بعد اأن ازداد مهابة في قلوب الخلق، ولم يعد هناك مناف�ش، يعانق ولم )المن�ضور( نف�ضه �ضمى اأن يكفه فلم العظمة، عامر اأبي ابن يكفه عهد الحجابة لولده عبد الملك من بعده، بل �ضمى نف�ضه )الملك الكريم(، وتم�ضي الأيام، ويتعاقب نور وظلم، وتعظم الأحلم ، حتى منى نف�ضه بملك الم�ضرق، هناك في بغداد و�ضامراء ودم�ضق والقاهرة قد �ضرح ب�ضره، فقال يوما وهو �ضاهر مع جل�ضائه في المنية العامرية:

المنامـــا تـــذوق أن ف العـــني منـــع

والمقامـــا ـــا ف الص ـــرى

ت أن هـــا حب

نـــاسأ عنـــد ق بالـــسرش

ديـــون لي

الحرامـــا بالمشـــعرين ـــوا أحل ـــد

ق

وإلا ي مـــا�ف

الأ نالـــوا ضوهـــا

ق

إن

وهمـــا رقابـــا هـــا

دون جعلـــوا

يـــول هشـــام

ـــرى خريـــب ت

عـــن ق

والشـــاما طوهـــا

خ النيـــل ـــغ يبل

فقال ابن حدير:لي�ضت هذه الغاية ببعيدة على اأبي عامر. �

229

شر والتوزيععصير الكتب للن

فليدم الله علينا الزاهرة. �اأ�ضلح الله �ضيدنا الحاجب، لم يقول هذا الكلم؟ �

اآن في الفتور اإلى ال�ضرور من حاله تغير اأن بعد عامر اأبو فقال واحد:راأيت مناما ب�ضعا، هذه زاهرة الح�ضن لم يبق منها اإل الأطلل، �

فلما �ضاألت ابن الهمذاني، اأنباأني بخرابها.ربه ل

ت ا فلم وحده ملكه يدوم من �ضبحان متهدج: ب�ضوت ثم

.ه دك وخر موس صعقاللجبل جعل

اأبعد الله الهموم والغموم عن مولنا الملك. �اإلى الزاهرة وهي م�ضيئة منيرة، وقد تم ح�ضنها فنظر المن�ضور

وكمل، فقال ب�ضوت خفي�ش: ويها لك يا زاهرة الح�ضن! لقد ح�ضن مراآك، وعبق ثراك، وراق �

ليت فيا �ضربك، وعذب تربك وطاب مخبرك، وفاق منظرك �ضعري، من المريد الذي يهدمك ويهدم ج�ضمك ويعدمك؟

يا اأيها المن�ضور هون عليك، فهذه مجرد اأ�ضغاث اأحلم واأوهام. �من � �ضلفك وعند عندك هو عمرو؟ اأبا يا بهذا ت�ضمع لم كاأنك

عدونا عليها �ضيظهر نعم، تتجاهل، ولكنك الحكم �ضاحبك فيهدمها ويلقي حجارتها في هذا النهر.

وظلت هذه الأفكار توؤرقه وتزعجه دائما، وبقيت قرطبة في �ضائر اأيامه مطمئنة ل يكدرها �ضيء، ومن ذا الذي يقدر على التخريب في

دولة اأبي عامر؟!

r

230

شر والتوزيععصير الكتب للن

)28(درك إلا يوم الحساب

أنت كأعمال المؤمن لا ت

ل را�ش كجبل �ضلدا كان ال�ضتين، تخطى وقد عامر اأبو وجاء ت�ضدعه العوا�ضف ول ال�ضيول، عظيما �ضامخا فقد و�ضل اإلى ما لم

ي�ضله ملك قبله، جل�ش في حديقة الزهراء الخالية الخاوية.هي هذه منك�ضرة، مكفهرة كهلة بدت وقد �ضبح عند جل�ش �ضبح الب�ضكنجية، اأين جمالها الذي اأ�ضر الحكم؟ اأين هم�ضات حبها الم�ضتبدة التي جعلت الحكم يعهد بالخلفة لفتى �ضغير؟ كله غار مع الأيام وطوته ال�ضنون، فلم يعد اإل جمال يذكرها بعهد الأيام ال�ضالفة.

فقالت:اأخيرا يا محمد انت�ضرت! كنت اأعلم اأنك منت�ضر ل محالة. �

فقال بح�ضرة:فلم الحرب اإذا؟ لم جعلت النفو�ش تزهق هدرا؟ �لأني منذ اأن اأنجبت ه�ضام واأنا كالملوك، اأحكم دون ا�ضم واأ�ضير �

الأمور كما اأريد، ولم يف�ضل عني الملوك اإل لأنهم رجال، فجعلتك وقد الذروة بلغت ا فلم اأريد، كنت كما والمنا�ضب المراتب تبلغ جعلتك تبلغها في �ضبيل ه�ضام؛ اأنزلتنا اإلى اأ�ضفل ال�ضافلين وبقيت قلبي ير�ضاها حتى عقلك ير�ضاها فهل �ضلطانا، وحدك اأنت ونف�ضي التي لم تر�ضخ لأحد؟ ولكنك قلبت المعادلة فجعلت ولدي

231

شر والتوزيععصير الكتب للن

خليفة ا�ضما ولكنه ل يملك �ضيئا، عندها �ضاألت نف�ضي: هل كان اأتنازل عن ملك الأندل�ش؟ ولكني لم عقابا لي لما اقترفته بحق والجمود، بالركود يقنع ل الطموح لأن والهوادة، بالرفق ولدي

والورد ياأبى اإل اأن يتفتح ويزهر وال�ضم�ش تاأبى اإل اأن ت�ضرق.ولو اأ�ضرقت �ضم�ضك على الأندل�ش فهل �ضت�ضيئين ظلمها الحالك �

الذي ت�ضبب به الم�ضحفي و�ضيا�ضته الخرقاء، اأم اأن ولدا اأحمقا اأخرقا يت�ضلع بهذا الملك العظيم؟

لم تتكلم عن مولك بهذه الطريقة؟ �لأنك ل تقنعين اإل بب�ضاعة الحقيقة. �

واأراد اأن يهم بالقيام، ف�ضكت كمن تذكر �ضيئا، فقال بلهجة متنغمة باأنغام الحب العذب في الأيام الخوالي:

�ضبح! �فقالت وقد عادت اأفراح روحها العذبة اإلى اأيام ال�ضباب وال�ضلطان:

ما زلت تذكرها؟! �يتح�ضر على بل عجوز ال�ضلطان، قوة وقد خل منظره من فقال

اأيام ال�ضباب:وهل ين�ضى المرء مثلك؟ اأنت الحبيب والعدو، الجنة والنار، الليل �

والنقمة، النعمة والعذاب، الراأفة والمنتهى، المبتدى والنهار، البائ�ش الغائر، الم�ضطهدة والم�ضتبدة، الجمال الطري والجمال وفوق كل هذا اأنت كاأعمال الموؤمن ل تدرك اإل يوم الح�ضاب، نبقى اأبد العمر نحكم ونجزم؛ ولكن ل �ضيء يقين، وكل يبقى ينت�ضر اإل عند لراأيه ومذهبه ويدعمه بحججه وبراهينه ولكن ل يقين

رب العالمين، هكذا اأنت.

232

شر والتوزيععصير الكتب للن

ال�ضيخوخة �ضعف هو هل ولعمري �ضعفه بدا وقد يتخطى وقام وعمل الأيام؟ اأم عذاب الغرام المرهق؟

ولم تم�ش من الأيام اأقلها حتى توفيت �ضبح!فحزن اأبو عامر، كم هو ذو باأ�ش و�ضلبة؟ ولكنه وقف في جنازتها وهو حزين كئيب، تف�ضحه الدموع بين اآن واآن بانهمارها لتروي ذلك الخد الذي اأرهقه الحب والحرب، لقد وقف �ضامخا اأمام كل زلزل

الأندل�ش الفاتكة، ولكنه عجز اأن يقف �ضامخا اأمام رحيل الحبيب.وياأتي �ضاعره ليرثيها اأمامه لما راأى من �ضدة حزنه وتاأثره:

المنـــو الملـــك يملـــك ريـــب هـــل

ن أم العـــز يـــرف صرف القضـــاء

يـــدا اســـتباحت كيـــف نـــر ألـــم

ه حريـــم الملـــوك وعلـــق النســـاء

الملـــو بعـــزم أودى الـــرزء هـــو

ك مصابـــا وأودى بحســـن العـــزاء

الصالحـــا ي �ف أياديـــك لبيـــض

ت تمسك وجه الضى بالضياء

التـــىت ي �ف مآثرهـــا فتلـــك

مـــا بهـــا مـــن خفـــاء اللـــى وبـــذل

الزاكيـــا بأعمالـــك جـــزاك

ت خـــ�ي المجازيـــن خـــ�ي الجـــزاء

233

شر والتوزيععصير الكتب للن

يـــــــح ولقيـــت مـــن ضنـــك ذاك الرف

الثـــواء وطيـــب النعيـــم نســـيم

rمدينة سالم 393هـ:

بدنو و�ضعر وال�ضتين، الخام�ضة عامر اأبي بن المن�ضور تجاوز اأجله، وها هو في غزوته الرابعة والخم�ضين ولم يهزم في واحد منها، يعد فلم �ضاأنه، من الكثير اأ�ضلح قد الأخيرين العامين هذين وفي ي�ضرب الخمر، بل تركه خوفا من الموت، ويحمل كفنه معه اأينما رحل، يدرك اأن اأجله قد حان، يم�ضك بيد عبد الملك ولده والذي عهد اإليه

بالحجابة، فيقول له:قد م�ضورتي: تعدين فل مني لك اأن�ضح تجد ل�ضت بني، يا جردت لك راأيي ورويتي على حين اجتماع من ذهني، فاجعلها مثال بين يديك. قد وطاأت لك مهاد الدولة، وعدلت لك طبقات اأوليائها، وغايرت لك بين دخل المملكة وخرجها، وا�ضتكثرت لك من اأطعمتها فل ونفقتك؛ ينويك لجي�ضك ما على تزيد جباية وخلفت وعددها، تطلق يدك في الإنفاق، ول تقب�ش لظلمة العمال، فيختل اأمرك �ضريعا، اأمرك جهدك، فاق�ضد في اختلل ل محالة. اإلى راجع �ضرف فكل

وا�ضتثبت فيما يرفع اأهل ال�ضعاية اإليك.تاأمن اأن مناها واأعظم تقويمها، لك ا�ضتق�ضيت قد والرعية البادرة وت�ضكن اإلى لين الجنبة، و�ضاحب الق�ضر قد علمت مذهبه، واأنه ل ياأتيك من قبله �ضيء تكرهه، والآفة ممن يتوله ويلتم�ش الوثوب با�ضمه، فل تنم عن هذه الطائفة جملة، ول ترع عنها �ضوء ظن وتهمة،

234

شر والتوزيععصير الكتب للن

وعاجل بها من فته على اأقل بادرة، مع قيامك باأ�ضباب �ضاحب الق�ضر على اأتم وجه؛ فلي�ش لك ول لأ�ضحابك �ضيء يقيكم الحنث في يمين البيعة اإل ما تقيمه لوليها من هذه النفقة. فاأما النفراد بالتدبير دونه مع ما بلوته من جهله وعجزه عنه، فاإني اأرجو اأني واإياك منه في �ضعة

ما تم�ضكنا بالكتاب وال�ضنة.لحاجة وعدة مملكتك، ذخيرة هو والدتك عند المخزون والمال تنزل بك، فاأقمه مقام الجارحة من جوارحك التي ل تبذلها اإل عند ال�ضدة تخاف منها على �ضائر ج�ضدك، ومادة الخراج غير منقطعة

عنك بالحالة المعتدلة.واأخوك عبد الرحمن قد �ضيرت اإليه في حياتي ما رجوت اأني قد خرجت له فيه عن حقه من ميراثي، واأخرجته عن ولية الثغر لئل نق�ش في ذلك في�ضرع و�ضيتي خلف في بينكما م�ضاغا العدو يجد فاكفه فيه الحيرة كفيتك وقد دولتي، على الفاقرة ويجلب اأمري،

الحيف منك.به قدرت ما بح�ضب فيهم �ضنعت فيما اأهلك �ضائر وكذلك اأجدى عليهم بعدي الذي في يدي، وخلفتك خل�ضي من مال الله ظهم بعيني، فاإنك اأبوهم مما �ضرفته؛ فل ت�ضيع اأمر جميعهم، والحاإناثهم جناحك، جبر واألحف با�ضتخدامك، ذكورهم فخرج بعدي،

الله جماعتهم، واأح�ضن الخلفة عليكم.فاإن انقادت لك الأمور بالح�ضرة فهذا وجه العمل، و�ضبيل ال�ضيرة، واإن اعتا�ضت عليك فل تلقين بيدك اإلقاء الأمة، ول تطبيك واأ�ضحابك اأمية و�ضيعتهم بقطربة، فاإن ال�ضلمة فتن�ضوا ما لكم في نفو�ش بني قاومت من توثب عليك منهم فل تذهل عن الحزم فيهم، واإن خفت ال�ضعف فانتبذ بخا�ضتك وغلمانك اإلى بع�ش الأطراف التي ح�ضنتها

235

شر والتوزيععصير الكتب للن

لك، واختبر غدك اإن اأنكرت يومك، واإياك اأن ت�ضع يدك في يد مرواني ما طاوعتك بنانك، فاإني اأعرف ذنبي اإليهم.

ثم نظر اإلى من حوله من الموالي وهم حا�ضيته و�ضدنته، وكانوا لم الذي العظيم المن�ضور فهذا الملك، عبد ببكاء متاأثرين يبكون

ينك�ضر يوما ولم يعرفوا غيره قائدا ينازع ال�ضكرات، فقال لهم: تنبهوا لأمركم، واحفظوا نعمة الله عليكم، في طاعة عبد الملك يطلب من ومواعيد اأمية، بني بوارق نكم تغر ول ومولكم، اأخيكم من بقرطبة �ضيعتهم وقلوب قلوبهم في ما وقدروا �ضتاتكم، منهم الحقد عليكم، فلي�ش يراأ�ضكم بعدي اأ�ضفق عليكم من ولدي، وملك فاإنه ل واحد، تكون جماعتكم كرجل واأن الأحقاد تن�ضوا اأن اأمركم

يفل فيكم. و�ضغل اأخرى حتى �ضعف بعد لطائفة و�ضبهه يكرر هذا زال وما

بنف�ضه.وهكذا رحل المن�ضور بن اأبي عامر ودفن في مدينة �ضالم، وكتبوا

على قبره اأبياتا وبقي اأن�ضاره يرددونها دائما:أخبـــاره عـــن نبيـــك

ت آثـــاره

تـــــــراه بالعيـــــــون ـــك كأن حـــ�ت

ـــهمثل

الجزيـــرة ـــك

مل مـــا تـــالله

ســـواه الجيـــوش قـــاد ولا ـــا حق

ورحل عن قرطبة اأعظم من مر عليها!

r

السفر الرابعr

239

شر والتوزيععصير الكتب للن

)29(ف يوما وصدقوها ي بال الأندلسيني

وكأن فكرة خلود المنصور قد تبلورت �ف

به � الله رحمة ومن �ضالم، مدينة في ربه رحمة اإلى رحل وقد األم عليه يطل ولم ورباط، جهاد اأر�ش في وهو روحه قب�ش اأن المر�ش، ف�ضرعان ما �ضعدت روحه طاهرة اإلى ربها، لقد رزئنا

رزءا عظيما، رحمه الله.فقال ه�ضام الموؤيد وهو ي�ضمع الخبر:

بل � مقبل مكافحا مجاهدا اإل نعرفه لم عامر، اأبا الله رحم اأدبار، واأنت يا عبد الملك �ضر على منهاج اأبيك وكما اأرادك هو

رحمه الله. فقدم عبد الملك اإلى الخليفة كتاب توليته الحجابة ليوقع عليه، كان ه�ضام وعلى الرغم من بلوغه ال�ضاد�ضة والثلثين اإل اأنه ل يملك �ضائر في وليذاع العادة، جرت كما الكتاب على فوقع به، يبت راأيا

الأم�ضار والكور. عاد اإلى ق�ضره الفارغ اإل من حرمه، وهو ل يكاد ي�ضدق اأو يعقل، هل حقا مات؟ كيف يموت؟ كان العدو الذي يمني النف�ش بالفتك به؛

ولكنه هو نف�ضه الذي يريد اأن يعانقه عناق الولد لوالده. كان من ال�ضعب عليه ا�ضتيعاب فكرة موت المن�ضور، منذ اأن ولد

وهو ل يعرف �ضواه مربيا ومعلما وقائما بدولته.

240

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأمي، كم انتظرت هذا فقال وعادت به الذكرى بعيدا: رحم الله اليوم؟ ولكنها ماتت قبل اأن يتحقق!

r

و�ضار المنادي ب�ضوارع قرطبة ومعه من يدق الطبل وينادي:)قرر اأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد بالله بن الحكم _اأعزه الله_ لأبيه، وخلفا له حاجبا عامر اأبي بن المن�ضور بن الملك عبد تعيين وت�ضعين ثلث �ضنة م المعظ رم�ضان والع�ضرين من ال�ضابع وذلك في

وثلثمئة(وغمت قرطبة لهذا الخبر، هل حقا رحل؟ المن�ضور العظيم رحل؟

من قاد الجيو�ش واأذل الأعداء ومحقهم؟ كان نباأ موت المن�ضور �ضعب الت�ضديق، وكاأن قرطبة كانت تظن الموت ل ياأتيه، وكاأن فكرة خلود المن�ضور قد تبلورت في بال الأندل�ضيين يوما و�ضدقوها، اإلى اأن راأت ولده عبد الملك وهو يفتك بالمروانيين، اإذ ظنوا اأن عبد الملك �ضاب �ضعيف ل يبلغ ما بلغه المن�ضور فقب�ش عليهم

دون جهد يذكر واأمر بنفيهم اإلى العدوة.مثله، �ضلب فهو اأبيه، عن ب�ضيء يختلف الملك عبد يكن لم ينظر في عينيه فيا�ش، ومن للمنا�ضب، جواد فار�ش �ضجاع، متطلع ويمعن فيهن يرى المن�ضور متج�ضدا، اإل اأنه لم يوؤت حظا من العلم اأو الأدب كاأبيه ولو قليل، اإذ ن�ضاأ والمن�ضور حاجبا تخر له جباه الطغاة �ضاجدة، فانهمك في �ضوؤون ال�ضيا�ضة منذ نعومة اأظافره وكان المن�ضور اأولده وقدمه على عبد الله مما اأنه خليفته فاآثره على �ضائر يدرك

دفع الأخير للنتفا�ش.

241

شر والتوزيععصير الكتب للن

عندما ف�ضل عبد الملك في العلوم والأدب و�ضكاه الموؤدب لأبيه؛ لم اأن ولده قادر يخف المن�ضور عليه، فقد كان يدرك المن�ضور بفطنته على الحكم وال�ضلطة، فقد تمر�ش في الإدارة والقيادة، فعلمه ما يلزمه لأمر الرعية، اإل اأن عبد الملك هذا كان رحيما، ينخدع بدمعة �ضاك م�ضتجد، وقد يهب �ضاعرا مال طائل ل لجودة �ضعره؛ بل لأنه اأح�ضن الإلقاء، فهو ل يفهم من الأدب اإلى درجة اأن يفرق بين جيده ورديئه

تفريق الناقد الب�ضير، بل يعطي لمجرد الإعجاب بح�ضن اللقاء. لم يواجه عبد الملك جهدا في توطيد الأمن في قرطبة، فالدولة م�ضتقرة مطمئنة، والأنداد والأعداء راكدون �ضاكنون، فدولة اأبيه في ذروة المجد وعليه اأن يبقيها في الذروة، ورجل ح�ضيف مثل عبد الملك توليته الحجابة من كتاب اإن خرج فما المهمة؛ على هذه الأقدر هو ه�ضام وتعميمه في �ضائر الأندل�ش حتى اأ�ضدر قرارا باإ�ضقاط �ضد�ش الرعية ا�ضتمالة في الخلفاء عادة وهذه الأندل�ش، اأهل عن الجباية

وتحبيبهم بهم. وجل�ش عبد الملك في اليوم التالي بالزاهرة العامرة مكان المن�ضور، مظهرا عظمة ملكه ومتحديا لأهل ال�ضرور والمطامع، فقدمت ال�ضعراء

والق�ضاة مهنين بمن�ضبه ومعزين برزئه العظيم.ودخل على اأمه، فقالت له:

هل اأحدثت تغييرا في رجالك؟ �فقال با�ضما:

ل حاجة لذلك، فالدولة تامة في ذروتها. �وهل توثقت من ولئهم لك؟ �

242

شر والتوزيععصير الكتب للن

يا اأماه هل ن�ضيت المن�ضور؟ هل هو من ي�ضبر على من ي�ضك به �اأو بولئه؟

وابن زيري؟ �المعز بن زيري اأقررته على ما بيده من بلد المغرب، فقد كتب لنا �

يعزينا ويجدد الولء.كيف تثق به؟ وقد راأيت ما فعل بك اأبوه من قبل. �لم يكن ذنبه، بل مكر �ضبح. �يا ولدي ا�ضمعني واعزله. �ا �ضاأتركه � اأي�ض اأقر ولده، واأنا اأباه على ما فعل معنا ثم اأقر اأبي

واليا ما دام �ضاكنا مواليا، ثم ل اأريد اأن اأدخل معهم في حرب ل طاقة لنا بها الآن.

والوزراء؟ �اأبقيت عي�ضى بن �ضعيد وزيري و�ضائر رجال اأبي. �اأ�ضت�ضيغه، � اأن يبقى وزيرا لك، فاأنا ل اأريده عي�ضى بن �ضعيد ل

من وقبحه الله اأخزاه دارك، اإلى العقربة تلك اأدخل اأن منذ رجل، وهو �ضر لك.

فقال بغ�ضب داراه ببره لها:اأماه، من تتكلمين عنها هي زوجي، وعي�ضى بن �ضعيد لم يبد �ضرا. �

فقالت بغ�ضب:وهل ننتظر اأن يبدي �ضرا؟ مطامع هوؤلء تبداأ من حيث بداأ هذا �

الرجل، األم يطلب يد اأختك ال�ضغرى لولده؟ فماذا ت�ضمي هذا؟ ول�ضوف ي�ضتاأثر بال�ضلطة وينفرد بها دونك؟ وتراه الآن يحلم كما

كان اأبوك يحلم.

243

شر والتوزيععصير الكتب للن

كفى. �هل تكلمت خطاأ؟ �

كانت الذلفاء اأم عبد الملك تبغ�ش الوزير عي�ضى بن �ضعيد لأنه ي�ضر زواج عبد الملك من جاريته التي هام بها حبا وع�ضقا، و�ضهدت اأروقة الزاهرة ق�ضة حبهما، كان من ال�ضعب اأن ي�ضير ابن المن�ضور خلف فتاة وت�ضحره وتجعله يهيم بها في وجود الذلفاء وقوتها وعلمها تعمل في خدمة عبد ، )قينة( جارية ح�ضناء وكانت الن�ضاء، بمكر الملك، فاأعجب بها ووقع عليها، و�ضار ل يرى اإل هي، فجزعت الذلفاء بعد علمها، واتهمت قينة بال�ضحر وال�ضعوذة ورمتها ب�ضتى التهامات الخادمات جناح اإلى يت�ضلل كان الملك عبد ولكن منها، للتخل�ش ليلقاها �ضرا، وينفذ لها الهدايا الثمينة، وتحرك عي�ضى بن �ضعيد عند المن�ضور ليغلب راأيه على راأي الذلفاء عند المن�ضور ويتم الزواج رغم

معار�ضتها، اإذ لم يكن المن�ضور من يتاأثر باأقوال الن�ضاء.

r

244

شر والتوزيععصير الكتب للن

)30(وأك�ث ما أخافه على السلطان هو همس النساء وإغراؤهن

وفي مجل�ضه؛ بالمنية العامرية يجل�ش عبد الملك مع وا�ضح ووزيراه هون، وكان طرفة وعي�ضى بن �ضعيد، بمنا�ضبة عيد الفطر، كانوا يتفك

عبد الملك يحب رجال اأبيه المخل�ضين، فيثق بهم ثقة تامة.فقال عبد الملك:

الموؤمنين � لأمير الزاهرة في �ضخم فخم جناح اإن�ضاء في فكرت ه�ضام الموؤيد بالله، فاإني كما تعلمون اأريد اأن اأخرج اإلى الغزو على المرجفون فاإذا خل ه�ضام ودخل عليه اأبي -رحمه الله-، �ضنة ومن ي�ضمرون ال�ضر لنا ويريدون بنا كيدا وقد قوت نفو�ضهم بعد وفاة اأبي وقوى ه�ضام نف�ضه وربما طالب بملكه، فاإذا دخل عليه من ل ناأمن جانبه �ضول له�ضام بالتمرد والمطالبة بحقة كما كانت تفعل �ضبح، وقد راأيتم كم كلفنا قتال زيري بن عطية من الأرواح واإذا �ضول له واإن لم يجبهم فقد علم الطرق وال�ضبل والأموال، بحديث تبداأ الثورات ومعظم علينا، القيام اإلى تو�ضل التي

النف�ش وهم�ش المرجفين وال�ضياطين.فقال طرفة:

ولكن �ضبحا توفيت، فل تخف يا مولي. �فقال با�ضما وفي نبرة ذات مغزى:

245

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأم تراه يق�ضي � ماتت �ضبح ولكن هناك ن�ضوة كثيرة في ق�ضره، ليله و�ضمره بل ن�ضاء اأو �ضراب؟ وهناك �ضعب؛ الجارية الأثيرة هو ال�ضلطان على اأخافه ما واأكثر ماكرة، اأنها ويقولون عنده، هم�ش الن�ضاء واإغراوؤهن المبطن باأهداف وغايات ل نعلم مداها، بل هن اأ�ضد وطئا من الن�ضارى، لأن اأولئك تعلم كيف يخططون ويفكرون ونزرع فيهم العيون، اأما الن�ضاء الح�ضناوات فل تدرك ما يطلبن من اأزواجهن، وكيف لك اأن تعلم ما تنفث به في غرفة طائع فهو الفواح ب�ضحرها اأ�ضكرته وقد الليل ظلمة في نومها اإل هي، وهوؤلء الرجال تراهم يقاتلون مجيب لما تقول ول يرى الح�ضافة، في اآية وهم ال�ضوق في ويتعاملون و�ضجاعة، بب�ضالة م�ضجعه على وجل�ش ثلثه وم�ضى �ضدوله الليل اأرخى فاإذا الفكرية �ضجاياه عنه ان�ضلخت متاأنقة، متعطرة وجاءته الوثير وح�ضافته التجارية وبدى كالآبق اإذا عثر عليه �ضيده، فل غاية يدي بين الله( )اأعزه الموؤمنين اأمير نترك فهل ر�ضاه، اإل له جواريه؟ ويبقين يهم�ضن له وهو هم�ش ي�ضتغرق كر الملوين، فاإذا قنع دانت له الطرق، فاإذا وقع ما ح�ضل وتحققت غاية الخ�ضوم �ضيذهب فكله المن�ضور، �ضنعه وما الأندل�ش اأ�ضعنا قد نكون اأنكاثا، قوة بعد من غزلها نق�ضت كالتي نكون وعندها �ضدى، ليبقى الزاهرة في ه�ضام الموؤمنين اأمير اأنزل اأن قررت وعليه

اأمامي وناأمن على الأندل�ش، فما تقولون؟فقالوا كلهم:

نعم الراأي هو. �

r

246

شر والتوزيععصير الكتب للن

ه�ضام الموؤيد تخطى الخام�ضة والثلثين عاما، ن�ضج وكبر، فهذه لحيته المدببة الم�ضرئبة بحمرة كاأبيه، وهذا �ضبابه قد غار ولم يكف ا�ضتعادة تبدد حلمه في اأمه بعد موت تارة، ولعبه وعبادته لهوه عن دخل عندما وحتى واأمورها، الخلفة ب�ضئون يبالي يعد ولم ملكه، عبد الملك واأخبره بوفاة المن�ضور، لم يحاول اأن يعيد ملكه، بل ر�ضي في حياته كما هي وقنع، ولم ي�ضت�ضلم ل�ضغط �ضعب عندما حاولت اأن ت�ضحذ عزمه وتطلب منه اأن ي�ضتعيد حقه بالخلفة، بل قال لها: اأمي بكل عظمتها وجبروتها وحياتها الملوكية لم ت�ضتطع اأن ت�ضتعيد ملكي، فهل ت�ضتطيعين اأنت، التي وجدتها م�ضردة طريدة في �ضوارع قرطبة ؟ ولكن ه�ضام ن�ضي اأن اأمه جارية ولم تتحرر اإل بوفاة الحكم، واأنه اأعجب ب�ضوتها قبل جمالها فا�ضطفاها من دون �ضائر ن�ضوته، وجعلها

ملكة قلبه بعد اأن اأنجبت عبد الرحمن، ولكن اآفة ابن اآدم الن�ضيان. فغ�ضبت �ضعب، وقالت محاولة اأن تن�ضى ما�ضيها المخزي: ولكن ذاك الملك المن�ضور، ولم تكن اأنت الذي حاول اأن ي�ضتعيد ملكه، والآن لي�ش الخ�ضم المن�ضور، بل ولده ال�ضاب المفجوع بفقد والده، وخ�ضمه

اأنت، بل اأنت الخ�ضم والحكم، اأمير الموؤمنين، مره وكن �ضيده. اأن ه�ضام بلغ من ال�ضعف والحمق و�ضعف لكن �ضعبا لم تدرك

الراأي لدرجة اأن لم يعد يبالي بدولته اأو ي�ضاأل عن رعيته.ياأتي عبد الملك، ويجل�ش معه، فيقول له:

يا اأمير الموؤمنين، اإن اأ�ضعب �ضيء على ال�ضلطان هو البلوغ بعهده �الذروة، والأ�ضعب منه هو البقاء في الذروة، واأنت تعلم ما فعله العظمة من بلغ ما بدولتك بلغ حتى الله رحمه المن�ضور الملك فخما جناحا لك فاأقمت الدنيا، ح�ضارة �ضارت حتى والتقدم ها الله، لتقيم فيها بالقرب مني واأمام في الزاهرة العامرة اأعز

247

شر والتوزيععصير الكتب للن

في�ضعر كثب، عن رعيته ويرى الموؤمنين، اأمير لي�ضتاأن�ش عيني، بهم وي�ضمع �ضكواهم، فما تقول؟

فقال بل مبالة:افعل ما �ضئت، ولكن لي طلب. �اأمير الموؤمنين ياأمرنا. �، اأريد اأن اأراه. � هناك �ضخ�ش عزيز عليما ا�ضمه؟ و�ضيكون اليوم عندك. �ه�ضام بن معمر الوراق. �

r

هل حقا اأن الأيام كفيلة بطي ال�ضداقة؟ يقف ذاك الرجل الأ�ضيب اأمام ه�ضام وقد بدا في بداية الكهولة،

فقال ه�ضام في �ضوق:اأنت؟ � هو حقا هل بك! اأ�ضعدني ما الوراق! معمر بن ه�ضام

ع�ضرون عاما تفعل بك هذا؟ واأنا ل�ضت اأح�ضن حال منك.فقال ه�ضام بن معمر وقد بدا رزنا:

اأنا هنا يا مولي. �لم لم تحاول الدخول اإلى الق�ضر بحيلة اأو باأخرى، األ تعلم اأنه ل �

�ضديق اأو اأني�ش لي �ضواك؟وما فائدة ال�ضديق اإن خ�ضرت ب�ضببه اأبي؟ �اأبوك! معمر الوراق! �

248

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأبي الذي كان يخرجك من الق�ضر معه خفية، هل تذكره؟ وهل �تذكر خروجنا لآخر مرة عندما وجدنا �ضعب وبت فيها عندنا؟

نعم، ولكن اأبا عامر اأوعدني اأنه �ضيتركه، وتركه كما اأخبرني. �اأجل تركه، ولكن قتل اأبي غيلة بعد اأيام! �قتل! �اأجبت � اأمرا اإن كان ح�ضوري عندك هنا الموؤمنين اأمير يا والآن

وبقيت...فقاطعه قائل:

ل، بل �ضديق العمر. �اإذا فاأنا ل اأرغب ب�ضداقتك ورفقتك، هذه لعبة اأكبر منا، لأنك يا �

ه�ضام، اأو اأمير الموؤمنين ل�ضت ملك نف�ضك.ثم م�ضى ه�ضام بن معمر ما�ضيا وتاركا ه�ضام الموؤيد فاغرا فاه.

r

249

شر والتوزيععصير الكتب للن

)31(سميناك المظفر

لم تلحظ تغيرا ملحوظا في �ضيا�ضة عبد الملك عن �ضيا�ضة اأبيه، فاأيامه تم�ضي هادئة كربيع قرطبة البديع، يغزو وينت�ضر، ولم يفرق كثيرا، وجال�ضه �ضادقه فقد الموؤيد، ه�ضام على الحجر بتخفيف اإل اأمه باآراء التاأثر �ضريع وكان مكرما، معززا الزاهرة في واأجل�ضه اأنا تتلمذت على يد الملك الذلفاء، وكانت تقول له عندما يعار�ضها:

المن�ضور العظيم في ال�ضيا�ضة ودقائقها، واأفقهها اأكثر منك.الأندل�ش وبلغت ودعة، راحة في قرطبة واأهل ال�ضنون وتم�ضي منتهى الكمال والجمال، و�ضار عهده هو عهد ازدهار الأندل�ش وحد

كمالها.اأخاه عبد اأخبر اإن اأن يلقب نف�ضه بالمظفر، وما فقرر عبد الملك

الرحمن حتى غ�ضب هذا الأخير، وقال له:قد حان وقتها، فلنفعلها الآن. �لم يفعلها المن�ضور، ولو اأراد لفعلها. �والق�ضاة � الفقهاء يجمع األم بها؟ يفكر لم اأنه لك قال ومن

والقواد وي�ضت�ضرهم؟ فخافوا وتوج�ضوا من ثورة العامة، وقالوا اإن الحاجب المن�ضور ل يحتاج للقب الخليفة، واأنه يمتلك �ضلطتها.

واأنا على �ضنته ما�ش. �

250

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكن الوقت حان لإعلن الدولة العامرية، واإنهاء حكم بني اأمية �في الأندل�ش، وخا�ضة اأنه لم يبق منهم اأحد يذكر، ف�ضبح ماتت وفاتها بعد فا�ضتقر الأعداء، األد مات وبموتها بعيد، اأمد منذ منه يجنوا لن الذي الملك على ال�ضلمة واآثروا اأمية بنو وركد

�ضيئا ذا بال ي�ضتحق الذكر.)ذي � لقب ولدي واأعطي بالمظفر، نف�ضي �ضاألقب ولكن ل،

الوزارتين(.فقال عبد الرحمن باإ�ضرار:

لنعلنها خلفة! �ل حاجة لنا با�ضمها ونحن نمتلك فعلها. �

rه�ضام الموؤيد ر�ضي كل الر�ضا على عبد الملك وعهده الذهبي، فلم يكن يدرك ما تكن له الرعية من حب اإلى اأن راآهم في عهد عبد الملك في الزاهرة، ولم يكن يعلم ما في قرطبة من عمران متقدم وح�ضارة باهرة عامرة، والحق اأن ملمح هذه الح�ضارة قد توطدت وبنيت في عهد المن�ضور، ولكن ه�ضام لم يكن ليخرج حتى يرى هذا التقدم، كان م�ضغول طول حياة المن�ضور بين طفولة لهية ومراهقة داعرة ورجولة التي اأمه وع�ضيان ملكه على ح�ضرة بين الق�ضر، اأروقة في �ضائعة

امتطت كل ال�ضبل في �ضبيل ا�ضتعادة ملكه.يدخل عليه عبد الملك وقد بدا م�ضتريحا، فقال:

كيف حال اأمير الموؤمنين في هذا النهار العليل؟ �فقال ه�ضام:

251

شر والتوزيععصير الكتب للن

بخير، وكيف ل نكون بخير وجهود اأبي مروان مبذولة في خدمتنا؟ �اأنا خادم لبيب يا مولي. �ندرك ذلك. �يعلم اأمير الموؤمنين -اأعزه الله- بلئي وخدمتي له ولمقامه، وقد �

راأى في عينيه كيف اأن النا�ش تخافه وتهابه، وكيف عظمت مقامك في اأعين العامة، فلو تكرم اأمير الموؤمنين ولقبني بـ)المظفر( فهذا

لقب اأ�ضت�ضيغه واأحبه.فقال ه�ضام با�ضما:

لك الألقاب كلها يا اأبا مروان. �بارك الله فيك، ولو زاد اأمير الموؤمنين في مكرمته واأنعم على عبده

وخادمه محمد ولدي بلقب )ذي الوزارتين(.هات � الله، رحمه بجده ت�ضبها عامر( بـ)اأبي وليكن فليكن،

الكتاب لنوقعه.

r)ب�ضم الله الرحمن الرحيم

نعمه، عليك الله اأتم بالله، الموؤيد بن الحكم ه�ضام الخليفة من ا اأريناك �ضلمك الله، من �ضنع الله الج�ضيم، واألب�ضك عفوه وعافيته، اإنوف�ضله العظيم، لنا عليك ما �ضفى ال�ضدور واأقر العيون، فا�ضتخرنا ر، فن�ضاأل الله تعالى �ضوؤال اإلحاف يناك المظف الله �ضبحانه في اأن �ضمويحليك ال�ضم، بركة هذا واإياك فنا يعر اأن اإلهي وابتهال و�ضراعة ة الم�ضلمين ف�ضل ما حملت منه، واأن يخير معناه، ويعطينا واإياك وكاف

252

شر والتوزيععصير الكتب للن

لنا ولهم في جميع اأق�ضيته، ويقرنه بيمينه و�ضعادته بمنه وخفي لطفه، الجارية الكتب وفي ومحافلنا مجال�ضنا في التكني اأبحناك وكذلك ودوننا؛ معنا فيه يجري ما و�ضائر �ضلطاننا اأعمال في واإليك منك فنا فتاك ا، وكذلك ما �ضر اإنافة بمحلك لدينا، ودللة على مكانك منة د بن المظفر تلدنا، اأ�ضعده الله، بالإنها�ش اإلى خط اأبا عامر محماإثرك والترتيب، الم�ضيخة على التكني في بها وجمعناه الوزارتين، لأنك المزيد عليه، منا بذلك كله، وبجميل واأنت الحقيق الدولة، في اأدبنا، وخريج نعمتنا، ون�ضاأة دعوتنا، وولي دولتنا، و�ضيف تربيتنا، اأقطار اإلى بها واكتب الخدمة، واأهل الموالي في حددناه ما فاأظهر المملكة، وت�ضد فيه ل�ضكر النعمة، اأح�ضن الله توفيقك، واأمتعنا طويل

بمعافاتك، واآن�ضنا مليا بدوام �ضلمتك، اإنه ولي قادر عزيز قاهر(وكتب بهذا الكتاب اإلى الأم�ضار، وبداأ عبد الملك يكتب في كتبه )من المن�ضور(، بن الملك عبد مروان اأبي الدولة �ضيف ر المظف الحاجب

فعجب النا�ش من تلقيب نف�ضه بلقبين، ولم يحدث ذاك من قبل.وما اإن خرج بكتاب الخليفة حتى اأمر بك�ضي الجنود حلل جديدة ون�ضوة والعظمة الأبهة الزاهرة وتحيطه وابتهاجا، وجل�ش في فرحة

ال�ضتبداد.وما اإن جل�ش حتى دخل الوزير عي�ضى بن �ضعيد، وقال:

يا �ضيدي جاء النا�ش وال�ضعراء من كل حدب و�ضوب للتهنئة. �فقال با�ضما ب�ضمة المن�ضور:

فليدخلوا. �فتتابع ال�ضعراء، فقراأ الأول ق�ضيدة مطلعها:

نـــا وافخـــر فمثلـــك يفخر ي الدتـــه �ف

مظفـــر وأنـــت منصـــور فأبـــوك

253

شر والتوزيععصير الكتب للن

وقال الثاني: ـــرا

يت لمـــا أن ظفـــرت المظف تســـم

ا غضنفراوصرت على الأعداء ليث

وقال اآخر:اك الإمـــام المظفـــرا ظفـــرت فســـم

ك مظهرا ي السرشوما زلت ســـيف النر �ف

المنا�ضبة بهذه ورديئهم جيدهم ال�ضعراء لكل العطاء واأجزل ل من اإنفاق ينفق للعظمة، متممة ويراها الألقاب يع�ضق العظيمة، يخ�ش الفقر وهو كرم عامري، ويم�ضي في احت�ضاء خمر العظمة حد ولهوه، اإلى �ضربه به، فان�ضرف الرعية وفرحت اأمنت الثمالة، فقد

ويترك الدولة بيد وزيره الأمين عي�ضى بن �ضعيد.

r

254

شر والتوزيععصير الكتب للن

)32( فلم يستطع كبح جماح نفسه المتعطشة للملك والعظمة

تعطش الروض الماحل للغيث الهاطل

عي�ضى بن �ضعيد �ضار رجل الدولة الأول، القائم بها، وهو حار�ش بعهد المنا�ضب في تقلب وقد ل كيف به، يثق الذي الأمين، المظفر اأبيه برجال يثق المظفر الملك وعبد الوزارة؟ و�ضل اأن اإلى المن�ضور األم وتقلباتهم، و�ضنوفهم بالرجال النا�ش اأعلم كان فقد تامة، ثقة ت�ضلل العظيم جعفر بن حمدون بمجرد المغربي القائد يتخل�ش من �ضبه ال�ضك اإلى م�ضمعه؟ على رغم ما بدا من ابن حمدون من �ضجاعة يترك ل المن�ضور كان هكذا النا�ضري؟ غالب قتال في باأ�ش و�ضدة اأو وفيا، طائعا �ضعيفا اإل يترك جنبه فلم �ضره، يخ�ضى قويا رجل المن�ضور، فمن كان رجل موثوقا عند �ضعيد بن وعي�ضى تابعا، قويا هو كي ي�ضتبدل عمال المن�ضور العظيم؟ ولكن الذلفاء اأمه حذرته من عي�ضى ومكره، اإذ لم يبلغ اأحد في عهد المن�ضور ما بلغه هو من �ضعة بل الغفيرة، والموالي الخدام واإعداد يمتلكها، التي الكثيرة ال�ضياع بات يرى نف�ضه عظيما كالمن�ضور، كان يجل�ش في ق�ضره فياأتي طلب الحاجات عنده، وعلت منزلته حتى غلب على دولة عبد الملك، وعبد وتحفه الزاهرة اإلى ق�ضره من ي�ضير وكان و�ضكره، لهوه في الملك اإليهم الحر�ش ذات اليمين وذات ال�ضمال وياأتيه الطلب فل يلتفت اأو يب�ضر نحوهم، وزاد من نفوذه بم�ضاهرته لآل حدير واآل فطي�ش ومع نفوذه، تعزيز محاول الدولة، وجهاء كبار من بطنان وهما

255

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأنه ف�ضل في ترك ن�ضب العداوة لأم عبد اإل محاولته لجذب النفوذ ره حذ ما وكثيرا العداوة، مظهرا لها كارها بقي بل الذلفاء، الملك رفاقه من عداوتها وقد تودي به، ولكن طي�ضه وفرحه بالعظمة اأعماه عنها، ون�ضي اأنها زوج المن�ضور اأي تلميذته، تلقت ال�ضيا�ضة من نبعها، ولم ي�ضعر بفداحة خطئه اإل عندما كان يجل�ش يوما مع عبد الملك في

مجل�ش �ضرابه، فقال:لو ي�ضمح لي مولي الحاجب بالن�ضراف، فكما يعلم ل�ضت �ضرابا �

له، وقد ولى ال�ضباب ولم يعد لي ا�ضتطاعة على تناوله.فقال عبد الملك بلهجة ذات مغزى:

اإن لم يرقك مجل�ضنا هذا فاأح�ضن اختيار جل�ضائك، ول تجال�ش �من ل ناأمن جانبه، فاإن ال�ضاحب �ضاحب، واأول ال�ضر م�ضاحبة

اأهل ال�ضرور.فقال ب�ضوت مرتبك متح�ضرج:

وكيف ذاك يا مولي، هل �ضمع مولي المظفر ما ي�ضوءه؟ �اأنت تعرف ما اأق�ضد، اأو )ه�ضام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن �

النا�ضر(، علمت اأن لك به �ضلة و�ضحبة، واأنه جلي�ضك ونديمك، اأباه عبد اأن اأمية، وممن يرون فاحذره، وكما تعلم هو من بني الجبار كان اأحق بالخلفة من ه�ضام الموؤيد، ولكن الحكم رحمه الله اآثر ولده فقدمه، وعلى رغم �ضمت ه�ضام هذا اإل اأني لم اأرتح اتعظ من وال�ضعيد الحذر، فالحذر لك، و�ضحبته منك لتقربه

بغيره. وما اإن اأكمل كلمه حتى كان عي�ضى قد ا�ضتحال قطعة جامدة،

واعتله الخوف.

256

شر والتوزيععصير الكتب للن

ثم قال عبد الملك: قبل اأن اأن�ضى، ل تكثر اأعداءك فتهلك كما هلك الذين من قبلك، �

وتذكر جيدا اأن الرعية هم يد ال�ضلطان الذين يبط�ش بهم، فل تتكبر عليهم، واعطف عليهم، فبينك وبينهم �ضعرة، فل ت�ضد كي

ل تقطع تلك ال�ضعرة.اأمر مولي. �

عاد وهو متغير النف�ش، وعلم اأن الذلفاء تعمل على اإزالته، فاأطال التفكير والتدبير لعله ينجو من مكر وكيد الذلفاء، ثم قلب المو�ضوع في راأ�ضه، ووجد نف�ضه اأكبر من الذلفاء وولدها، فعلم الخوف وهو قادر عليهما معا؟ اأجل، هو من يحكم الدولة فعل، وهو من يديرها ويدبر اأمرها، فلم ل يفعل كما فعل المن�ضور وياأخذ الملك له، وياأتي بخليفة

اآخر ويدبر الدولة بدل عنه ويق�ضي على ملك بني عامر؟واقع اإلى الفكرة وتحولت نف�ضه، في هوى الفكرة هذه فلقت ملمو�ش، فتلم�ش الطرق وال�ضبل لهذا النقلب الذي �ضيقوم به على واأعلمهم بهم يثق الذين قواد الجي�ش فاختار عددا من العامريين،

بذاك �ضرا.اإلى ه�ضام بن عبد الجبار، فا�ضتغرب ه�ضام ليل متخفيا وخرج بن عبد الجبار من زيارته �ضرا وهو الوزير الأول في الدولة والقائم

ب�ضوؤونها.فقال ب�ضوت خفي�ش:

عيون المظفر علينا منفتحة، وقد بداأ ي�ضك بي. �فقال ه�ضام م�ضتغربا:

ي�ضك بك؟ ولم؟ �

257

شر والتوزيععصير الكتب للن

مكر الذلفاء اأمه، األ تعلم ما بيننا من عداوة؟ �بلى. �اأن حذرني � اإلى ، الملك وتحر�ضه علي اأنها بقيت تقنع عبد يبدو

منك ومن �ضحبتك.فقال وقد تملكه الذعر القديم؛ الذعر الذي اأ�ضاب اأباه يوم قتل

المغيرة:اأنا؟ لم؟ وما �ضاأني؟ �اأحق � كان اأباك اأن يعتقد لأنه ك، �ضر يخ�ضى وهو اأموي لأنك

وتحاول له�ضام ال�ضر ت�ضمر واأنك الموؤيد، ه�ضام من بالخلفة النقلب عليه.

� ....�ضخ�ش، � بكل ي�ضكون المن�ضور، اأيام منذ العامريين منهج هذا

ويظنون اأنف�ضهم م�ضتهدفين من كل النا�ش، يح�ضبون كل �ضيحة عليهم، هم العدو قاتلهم الله.

اأتعرف ما تقول؟! اأنت ت�ضفهم بالنفاق والعداوة. �وهم كذلك، هل ن�ضيت ما فعله هو واأبوه بكم؟ األم ي�ضلب ملك بني �

اأمية ويحجر على خليفتكم في ق�ضره؟ وترككم اأراذل النا�ش بعد اأن كنتم اأعزة وملوكا.

فقال ه�ضام بعد اأن هاجت المواجع:ل تفتح جرحا لم يندمل بعد. �بل لنفتحه، ونق�ضي على العامريين وه�ضام الموؤيد معه! �

258

شر والتوزيععصير الكتب للن

و�ضرعان ما تذكر ه�ضام اأيام عزهم وقوة باأ�ضهم وملكهم، وما يحكى عن اأجداده من �ضعة ال�ضلطان وعظمة الملك.

هل تعرف ما تقول؟ كيف نق�ضي عليهم؟ �يعلم فهو �ضالته، وجد اأنه وعلم عي�ضى نف�ش ا�ضتقرت عندها �ضحر ال�ضلطان والملك، وكيف اإذا ا�ضتقر في النف�ش بحث عن ال�ضبل التي تو�ضل لتلك الغاية الماأمولة المن�ضودة. فقال عي�ضى معظما ذاك

ال�ضحر في نف�ضه:اأنا واأنت، واإن نجحنا نن�ضبك خليفة وهذا حقك. �

ينظر و�ضار نف�ضه فانت�ضت و�ضلطان؟ وملك واحدة مرة خليفة لمجدهم التليد وعزهم الغابر ويتخيله غده، فقال وقد ولجت مخيلته

كر�ضي الخلفة:واأنت؟ �

فقال عي�ضى دون تردد:حاجبك، وخادمك المطيع. �

ليلة الم�ضوؤومة؛ الليلة لتلك الذكرى به عادت ما �ضرعان ولكن م�ضنوق معلق وهو المغيرة عمه ومنظر الخلفة، الموؤيد ه�ضام تولي المن�ضور الملك مكر وتذكر قاتله، با�ضم يجهروا اأن ي�ضتطيعوا ولم ببني اأمية وكيف فرقهم ودمرهم وولده الما�ضي على �ضنته، فقال وقد

تحدث ب�ضوت العقل وقد تخلى من �ضكرة الملك الكاذبة:اأنى لنا القوة؟ �

فقال عي�ضى وهو ي�ضر اإ�ضرارا:بل القوة كلها عندي، والدولة بين يدي، ماذا قلت؟ �

259

شر والتوزيععصير الكتب للن

وتزين له كر�ضي الخلفة كغادية لعوب، وتذكر منظر عمه الحكم تراءى ولكن يديه، بين الملوك وخ�ضوع اأبيه مع يدخل كان عندما الذي يقطر خوفا وجبنا من العقل فاآثر �ضوت العامريين، له بط�ش

العامريين قائل:اأنا خائف يا عي�ضى. �ل تخف، ولم الخوف؟ والدولة كلها بين يدي، وه�ضام الموؤيد رخو �

اأخرق ل يقوى على ملك، مد يدك لنبايعك.للملك والعظمة تعط�ش المتعط�ضة ي�ضتطع كبح جماح نف�ضه فلم

الرو�ش الماحل للغيث الهاطل، فمد يده وبايعه على المن�ضط والمكرب!

r

260

شر والتوزيععصير الكتب للن

)33(من كتابة الرقاع إل مالك هذه الأصقاع

البيعة توؤخذ �ضرا، ي�ضير بع�ش القواد اإلى مكان تجمعهم في الظلمة الحالكة، يتغطون بدياجير الظلم القاتمة، وينير عتمتهم �ضقوق �ضوء الثورة المرتقبة، الثورة التي �ضتن�ضف بني عامر وتوئد �ضيطرتهم، وما اإن يقتربون من الو�ضول اإلى منية ه�ضام حتى يخرج لهم جنود مدججون بال�ضلح، فيخاطبون الجنود قائلين: )اأعد ال�ضيف اإلى قرابه، واأعد الحق اإلى ن�ضابه، والملك اإلى اأهله(. فيتركونهم يم�ضون، فهذه كلمة وكل ه�ضام، يبايعون محدد مكان وفي المنية اإلى ويدخلون �ضرهم، ذلك من تدبير عي�ضى، وكان متعجل مت�ضرعا، فهو خائف من بط�ش يتخطف وقد اقتربت، قد �ضاعة هلكه اأن يعلم المظفر، الملك عبد

روحه بين لحظة واأخرى.فكلما عي�ضى، من اأح�ضن حاله يكن لم الجبار عبد بن وه�ضام من وتوج�ضه خوفه زاد التحقق من حلمه واقترب له المبايعون زاد العامريين، يعلم اأن اأبا مروان المظفر �ضاك اأنيابه على الدوام، ينتظر الملك عبد لهو عن له عي�ضى حكاه ما وكل هوادة، دون ليبتلعه نده وان�ضرافه عن �ضوؤون الملك لم يركد له اأو يطمئن، فكل ما يعرفه عن اأبي مروان اأنه خليفة الملك المن�ضور ووريثه، فكيف �ضيكون؟ المن�ضور

ذلك ال�ضم المرعب.

261

شر والتوزيععصير الكتب للن

لذلك جل�ش مع ولده محمد يوما؛ ولم يكن محمدا هذا يفرق عن اأبيه ب�ضيء يذكر، بل يزيد مجونا وطي�ضا ونزقا، ولم يتركهما المن�ضور اإل لجبنهم وبعدهم عن القوة والفتوة واأمور ال�ضيا�ضية والريا�ضة، اإذ �ضرعان ما ا�ضتولى الخوف عليهم، وجاءوا اإلى ه�ضام الموؤيد مبايعين مطيعين، ولم يبد بعد ذاك التاريخ البعيد منهم اأي زوابع اأو محاولت ا�ضتقبل قد وكان لولده ه�ضام فقال لعي�ضى، هذا ه�ضام �ضحبة اإل اأمر عظيم، وخطب ج�ضيم، فاإذا اإني مقبل على يا ولدي الع�ضرين: تم لنا هذا الأمر اأقبلت علينا الدنيا اإقبال من ل يخ�ش الإدبار، وكان �ضعدنا ومجد اآبائنا قد ا�ضترد اإلينا عن حق، توجتك وليا لعهدي من بعدي، اأما اإذا خاب اأمرنا وف�ضد تدبيرنا فابتعد عني، واأنا �ضاأ�ضتقر في منيتي، واأنت ابق هنا في قرطبة بعيدا عني، وعينا لي، فاإذا ف�ضد اأمرنا ف�ضاأ�ضحي بنف�ضي دونك، واإن قتلت ف�ضتكون اأنت بعيدا عني، بل اأنت م�ضغول بال�ضكر واللهو والعبث، فاإذا قتلت فا�ضتكن من بعدي اإلى حين اأن ترى الفر�ضة مواتية، فاإذا راأيت الفر�ضة قد حانت فانق�ش على ملك بني عامر ودمرهم تدميرا، ول ترحم منهم اأحدا ل هم ول فتيانهم، و�ضاأعلمك اأ�ضماء القواد والزعماء الموالين لي والناقمين على العامريين، حتى اإذا اأردت القيام كانوا ركنا اآمنا تاأوي اإليه، وملذا وتقوم بهم، دولتك و�ضت�ضتقيم به، تمتنع منيعا وح�ضنا به، تلوذ اأمية، ونعيد �ضيرة جدنا اأن ن�ضتعيد ملك بني عليهم، المهم يا ولدي عبد الرحمن النا�ضر العظيم، واإذا توليت هذا الأمر من بعدي فل العي�ش، ف�ضل ي�ضتحق حتى الموؤيد، فهو ل الق�ضاء على ه�ضام تن�ش

عن اأن يحكمنا ويرث ملك �ضقر قري�ش. وهكذا تغلبت نف�ضه الطامعة على جبنه وخوفه، فقد خرج يوما اإلى قرطبة واأ�ضواقها العامرة، ثم خرج منها ونظر اإليها من عل فراآها �ضاكنة با�ضمة كرو�ش ال�ضباح ال�ضذي، فتب�ضم وقال: اآن اأن يعود الحق

اإلى ن�ضابه.

262

شر والتوزيععصير الكتب للن

الأربا�ش من حولها وما قرطبة �ضاهد كلما وطمعه اأمله زاد بل للقيام تخطيطه اأكمل قد �ضعيد بن وعي�ضى والأملك، والمنيات منية الأمر في راأ�ش على ومن هم القواد فجمع الموعود، بالنقلب

ه�ضام بن عبد الجبار ليل.فقال:

�ضلبه � الذي بني عامر، والق�ضاء على ملك بالحق، نقوم اأن اآن يعلم فكلنا الن�ضاء، وا�ضتمالته والمكيدة بالحيلة عامر اأبي ابن اأبا عامر المن�ضور كان فتى يبيع ال�ضوف لأمه في الجزيرة اأن الخ�ضراء، فجاء اإلى قرطبة طالب علم وكاتب رقاع، ومن كتابة التي �ضبح مع بالتعاون وكله الأ�ضقاع، هذه مالك اإلى الرقاع بها، بلغ ما وبلغ بولدها، الموكل فتاها فع�ضقت ، الحب عماها اإذا ملك تجبر، وطغى ال�ضجعان، حتى الفتيان بطرق وما هذه وا�ضتكبر، وا�ضطهد بني اأمية وقتل المغيرة، وكله خدمة له�ضام، وما اإن بلغ ه�ضام الحلم و�ضار قادرا، قال له: ا�ضكن في ق�ضرك، على م�ضتوليا وبقي مغارمها، دون مغانمها ولك بها، اأقوم واأنا العهد بولية لولده وعهد ملكا! نف�ضه �ضمى اأن اإلى الحكم اأبيه وكاأن الدولة ملكه، وهذا ولده عبد الملك ما�ش على طريق ولده بت�ضمية ذلك من زاد بل الحق، عن واعوجاجا ا�ضتبدادا )ذي الوزارتين(، وتقريبه وتقديمه اأخيه عبد الرحمن في �ضوؤون اأخيه عند مرارا �ضعى طائ�ش فتى هذا الرحمن وعبد الدولة، لنزع الخلفة لهم، وجده �ضنجة! )ثم هازئا( وغدا يتولى علينا عبد الرحمن �ضنجول ونحن العرب وبني اأمية موجودون! ولذلك ارتاأينا اأنا واأمير الموؤمنين ه�ضام بن عبد الجبار اأن نعيد الملك له وفي بني اأمية، واأن نتخل�ش من الفتية العامريين، بعد اأن نتخل�ش الرحمن الرحمن )ثم �ضاخرا( عبد واأخيه عبد الملك من عبد

�ضنجول!

263

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال اأحدهم:وكيف ذاك؟ �

فقال عي�ضى بتمهل وتوؤدة:الدولة � �ضيف تهكمية( الحاجب بلهجة )ثم �ضاأدعو اأني وذلك

مائدة عظيمة اإلى �ضنجول واأخوه الملك عبد مروان اأبو المظفر العودان وت�ضرب بهيجة، قمراء ليلة في ق�ضري، في اأقيمها وترق�ش القيان، فاإذا �ضكروا وثملوا وترنحوا في ن�ضوتهم، انق�ش وجنودكم اأنتم �ضتقتحمون عندها وقتلوهم، عليهما، جندي الزاهرة وتقتلون ه�ضام الموؤيد وكل من يقف معه، ثم ندعو ه�ضام ه�ضام وجل�ش اإل ال�ضبح يطلع فل ونبايعه، الجبار عبد بن

لي�ضتقبل المبايعين والمادحين له، فما قولكم؟فقال اأحدهم:

واإن لم يوافق على دعوتك؟ �فقال عي�ضى بتوكيد:

�ضياأتي، اأنا متاأكد. �

r وي�ضتجيب عبد الملك لدعوة وزيره عي�ضى بن �ضعيد والتي كانت

بمنا�ضبة ولدة حفيده، والمظفر هو خال هذا الحفيد.اإلى الدعوة يوم �ضبيحة ق�ضره من �ضعيد بن عي�ضى يخرج الزاهرة، في�ضير في قرطبة متكبرا مغرورا، وكيف ل يتكبر وهو يم�ضي نا�ضفا ملك المن�ضور العظيم؟ المن�ضور الذي فرت منه الأعداء وملئت

264

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضاكيا ووقف ال�ضمال، وذات اليمن ذات بعثرهم فقد رعبا، منه �ضلحه ينتظر من ينازله، ولكن هيهات اأن يلد من �ضيهزم المن�ضور، ولكن عي�ضى يرى نف�ضه قادرا على المظفر، ولكن كلما تذكر اأبا عامر تكدر �ضفوه، لأنه يقارن نف�ضه به فيرى �ضعفه وقلة حيلته اأمامه، ولكن �ضرعان ما يطمئن لقوته عندما يرى نف�ضه �ضائرا على فر�ضه والنا�ش من تحته تدعو له وتطلب منه، فيركن اإلى قوته ويبدد خوفه من قوة

العامريين بهذا ال�ضعور. ويحل الم�ضاء، ويجل�ش عي�ضى ينتظر عبد الملك وعبد الرحمن، فلم ياأت اأحد، وطال لبثه هو ورهطه، فلم ير حل غير البقاء في النتظار.

وجاء ر�ضول من الزاهرة، فقال:ق�ضره، � في يطلبك المظفر مروان اأبو الحاجب الوزير، �ضيدي

ويقول لك: اإن مجل�ش ال�ضمر �ضيكون عنده!فزلزل كيانه، وقال ب�ضوت م�ضطرب متهدج:

اأنا في خدمة مولي الحاجب. �اأنت وكل �ضحبك. �

r

265

شر والتوزيععصير الكتب للن

)34( بعبد المليك ودهر ين�ي

عبد الملك المظفر ما�ش في �ضكر العظمة، ينهل من نبعها المتدفق وترك وهزله، للهوه وتفرغ هذا، بلقبه مراده تحقق فقد بغزارة، الدولة بيد عي�ضى بن �ضعيد وهو مطمئن عليها، فما اإن يحل الظلم بجنوده حتى ت�ضرق اأنوار الزاهرة، فتقلب ظلمة الليل اإلى نهار بهيج، تجد كل ما لذ وطاب من طعام ون�ضاء وقيان ومنظر عليل، فحديقة الزاهرة والتي يق�ضي عبد الملك فيها �ضمره اآية في الجلل والجمال، معجبا الملك عبد وكان الزهراء، حدائق غرار على المن�ضور بناها بذوق اأبيه حتى جعل هذه الحديقة تزهو جمال وعطرا فواحا �ضذيا

لهذا الحد، حتى اأنه قال ل�ضاعره ونديمه �ضاعد البغدادي:ولو طلبت منك اأن تمدح هذا الورد الفواح، فما �ضتقول؟ �

فقال �ضاعد مرتجل:عســـكره المنثـــور قائـــد ليرفـــن -

وردا قـــد الـــورد جيـــش إن وينهـــزم

ي معـــرض ســـجد الـــروض الأنيـــق لـــه�ف

ولـــو أتـــاه فتيـــت المســـك مـــا ســـجدا

تحـــدروه ـــل الط وســـقيط هته شـــب

يـــدا إليـــه ت مـــد وقـــد الريـــاح عنـــه

266

شر والتوزيععصير الكتب للن

جلتـــه

خ أبكتـــه خجـــل ذي بخـــد

بـــددا دمعـــه فيـــه ق تفـــر حـــ�ت

يو�ف بـــوح الص يشـــ�ف امـــه أي غـــ�ي ي

�ف

رشـــدا الهـــوى ي�ف فليكـــن أيامـــه

ف�ضحك المظفر ملء �ضدقيه، وقال:اأجدت وقد اأجزلنا لك عطاء لم يعطه ملك من قبلي؛ ما لم يقم �

اأحد.فقال �ضاعد منت�ضيا:

ومن ذا الذي يقوى على مثل هذا ارتجال؟ هه؟ ل يقوى عليه اإل �اأنا.

اج: فقال ابن در�ضعر � في جيدا يب�ضر من ولكن مروان، اأبا الحاجب الله اأعز

اأرتجل اأن لقادر واإني وا�ضح، الت�ضنيع اأثر يرى هذا �ضاعد اأح�ضن منه، ولأغلبن ب�ضيطه بكاملي.

فقال عبد الملك:اأ�ضمعنا. �

ضحـــك الزمـــان لنـــا فهـــاك وهاتـــه

شـــجراته ي �ف الـــورد رأيـــت مـــا أو

أغصانـــه مـــن بالنارنـــج جـــاء قـــد

وبخجلـــة المعشـــوق مـــن وجناتـــه

267

شر والتوزيععصير الكتب للن

ســـندس غلائـــل مولانـــا وكســـاه

عداتـــه دمـــاء يسربلـــه يومـــا

يكن �ضاحب الملك -ولم فقال عبد وثناء، مدحا الأ�ضوات فعلت ذائقة �ضعرية-:

والله قد احترت من اأجزل، فكلكما قد اأح�ضن واأجاد. �فقال �ضاعد محاول مدارة كبرياءه بلهجة التوا�ضع الم�ضطنع:

وهل يقا�ش والفرق بيننا كالفرق بين الثرى والثريا؟ �فقال رجل من اآخر المجل�ش، وتقدم اأمام عبد الملك، وقال:

والله ما اأن�ضفت يا ح�ضرة الحاجب اإن اأكرمت اأحدهما. �فاأنزل عبد الملك كاأ�ضه من فيه، وقال:

ويحك، ما تقول؟! �مدحوا الورد واأطنبوا في مدحه، وطمعوا في عطاياك، فوالله ما �

اأن�ضفا، فقد اأعماهما الطمع عن مدحك، واأنت من اأنت، طمعا وتركوا كبائر الجلل، مولنا الحاجب �ضيف ب�ضغائر الجمال،

الدولة المظفر بن المن�ضور:جديـــد وصنـــع جديـــد

زمـــان

تزيـــد ونعـــ� تـــروق ودنيـــا

يصـــوب وعيـــش يطيـــب

وغيـــث

يعـــود وعيـــد يـــدوم وعـــز

المليـــك بعبـــد ينـــ�ي ودهـــر

ـــعود ـــى ســـاعدتها الس كشـــمس الض

268

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال عبد الملك:قد اأجزلناك ما لم يجزله ملك قبلنا، فاأنت عندنا اأثير مكين. �

فنظر �ضاعد لبن دراج وكلهما مبهوت م�ضدوم. كما كان في مجال�ضه تلك ي�ضمع الحكايات التي تتناقلها قرطبة عن اأبيه الملك الكريم، وكيف كان ح�ضيفا، فيجل�ش ي�ضتمع لها ب�ضغف اأمامه، ولكن مع ذلك اأنه �ضمعها مرارا، بل بع�ضها جرت على رغم زيادة عن يتغا�ضى كان ما وكثيرا مرة، اأول كاأنه وي�ضتمع يجل�ش

الحكاء، فهذا نديمه قام يوما وقال: كان ابن �ضهيد البغدادي رجل هرما يحفظ النوادر، وكان الملك المن�ضور رحمه الله يحبه، وان�ضرف مرة اإلى غزوة وتخلف ابن �ضهيد بنف�ضه المن�ضور يذكره اإلى ابن �ضهيد المن�ضور، فكتب ون�ضيه عنها،

واأنه من محبي ال�ضبايا: والشـــيخ يهـــوى الصبابـــا

أنـــا شـــيخ

الرزايـــا كل أقيـــك فبنفـــ�ي

يالـــىف ي

�ف أســـهم الإلـــه ورســـول

المطايـــا فيـــه

يحـــث لمـــن ء

فبعث له المن�ضور ثلث فتيات بكر كاأنهن بدور، وكتب له:النهـــار بهـــا كشـــمس بعثنـــا قـــد

أبـــكار المهـــا مـــن ثـــلاث ي �ف

كنــــ إن الغيـــد بعـــذرة وامتحنـــا

الأعـــذار بـــوادر تـــو�ف ــــت

269

شر والتوزيععصير الكتب للن

شـــيخ فإنـــك واجتهـــد فاتئـــد

قـــد جـــلا الليـــل عـــن بيـــاض النهـــار

فيهـــا كلالـــك مـــن الله صانـــك

المســـمار ـــة كل العـــار فمـــن

فافت�ضهن ابن �ضهيد من ليلته، وكتب في اليوم التالي:قـــد فضضنـــا ختـــام ذاك الســـوار

واصطبغنـــا مـــن النجيـــع الجـــاري

عيـــش أطيـــب ظـــل ي �ف وصبونـــا

بالـــدراري أو بالـــدر ولعبنـــا

وقـــيف الشـــيخ مـــا قـــيف بحســـام

بتـــار الظبـــا عضـــب مضـــاء ذي

فاصطنعـــه فليـــس يجزيـــك كفـــرا

الكفـــار عـــلى فحـــلا واتخـــذه

فقهقه عبد الملك كثيرا.اإل اأيامه بين ندمائه ول يرى وزيره عي�ضى ويم�ضي عبد الملك عند به المكر الندماء هوؤلء ويحاول يم�ضي، ثم النهار من طرفا المظفر، فيدخل ال�ضك اإلى نف�ضه، وتزيد الو�ضاو�ش في نف�ش عبد الملك حاول ما و�ضرعان منه، ليتخل�ش عليه �ضغطا الذلفاء زادت كلما

270

شر والتوزيععصير الكتب للن

التخل�ش من تلك ال�ضكوك وقطعها بن�ضل اليقين، ففت�ش في �ضجلت اأخبره اأن بعد �ضكه فزاد المال، ببيت كبيرا فوجد عجزا الدواوين، اأحد ندمائه ب�ضحبة عي�ضى له�ضام بن عبد الجبار، وخ�ضي على نف�ضه ودولته من �ضره، واأدرك اأن عي�ضى قد ارتقى مرتقا عاليا، فبث عيونه حوله، وبعث من يح�ضي ملكيته، فعلم اأن له �ضياعا كبيرة، واأملكا ف�ضدق فطي�ش، واآل حدير اآل بم�ضاهرة اأركانه ثبت واأنه كثيرة، �ضكوك اأمه، وعلم اأنه اأخطاأ خطاأ ج�ضيما بتركه عي�ضى يكبر اإلى اأن

ا�ضتفحل اأمره.ودعاه لماأدبة وجل�ضة �ضمره عنده في بيته، فا�ضتغرب، وقال: يعلم عي�ضى اأن مجل�ضي ل يحلو اإل بخمر، وهو ل ي�ضرب الخمر اأو يميل اإلى

ال�ضمر، وكيف يدعو اأخي عبد الرحمن وهو يبغ�ضه؟ ولكن لم يكن له تلك الح�ضافة لدرجة اأن يكت�ضف موؤامرة وزيره،

بل ا�ضتجاب للدعوة.ودخلت عليه الذلفاء اأمه وهو في مخدعه نائم وبين اأح�ضانه قنية،

وقالت له:قم، كفاك نوما وعبثا مع العاهرات، قم. �

فقام من نومه فزعا هلعا، وقال لأمه:كيف تدخلين علي هكذا؟ �اأيها المغفل ملكك ي�ضلب من بين يديك، واأنت راقد هنا؟! �ماذا ح�ضل؟ �حتما ل تعرف ماذا ح�ضل، اأنى لك ذلك؟ �ماذا جرى؟ �

ف�ضرخت به:

271

شر والتوزيععصير الكتب للن

اإن الملأ ياأتمرون بك ليقتلوك! �ماذا؟ �اأقام لك ماأدبة فخمة هذا الم�ضاء، لك � وزيرك عي�ضى بن �ضعيد

ولأخيك.اأجل. �الموؤيد � ه�ضام بعدها ويقتل يقتلكما، حتى اإليه تذهبا اأن وما

يجهز اإنه للموؤمنين! اأميرا الجبار عبد بن ه�ضام وين�ضب لنقلب هذا الم�ضاء!

اأدخلت اأحد القواد الذين ح�ضروا في المنية وبايعوا ه�ضام وعي�ضى، وقال:معهم � وح�ضرت وافقت بهذا، القواد اأحد اأخبرني لما مولي،

هذا منك التخل�ش وقرروا موؤامرتهم، اأك�ضف لكي وبايعت، الم�ضاء.

له المخل�ضين رجاله وجمع القائد، هذا مع فوره من فقام وفتيانهم، وقرر اأن يقلبها بعي�ضى، فقال: جهزوا مجل�ش ال�ضمر هنا في بيتي و�ضندعو جناب الحاجب الم�ضتقبلي لي�ضهر عندنا، وبقيت عيونه

حول عي�ضى طول النهار، اإلى اأن بعثوا اإليه لياأتي م�ضاء.

r

272

شر والتوزيععصير الكتب للن

)35(عقلـــه لا ســـعده قـــوم ويقـــول

خـــ�ي الســـعادة مـــا حماهـــا العاقـــل

وجاء عي�ضى بن �ضعيد اإلى الزاهرة، ودخل على عبد الملك، فرحب به قائل: اأهل باأبي عبد الملك، وزيرنا المخل�ش الأمين، ا�ضتقنا لك، وتكا�ضلنا عن ح�ضور ماأدبتك لأمر األم بنا، فقلنا ندعوك عندنا، ولكن يقوى ول ي�ضرب الخمر، ل وهو الوزير عي�ضى اأن الغريب األي�ش من

على ال�ضهر، اأن ينظم مجل�ش �ضمر لنا؟فتلعثم وتعثرت الكلمات في فيه، فقال:

يعلم الحاجب اأعزه الله اأن ولدنا عبد الملك قد رزق بولد، فحري �بمن كان المن�ضور جده اأن يقام له ماأدبة عظيمة.

ا؟ ال�ضبي ابن اأختي! اأترى ذلك يا عبد الرحمن؟ ابن اأختنا، � حقاأبا عبد ا�ضق ال�ضاقي، اأيها نحن مق�ضرون، لم نح�ضر ماأدبته،

الملك و�ضحبه.ثم قام المظفر وا�ضتدار خلف عي�ضى، وقال ب�ضوت خفي�ش عازفا على اأع�ضاب عي�ضى لحنا هادئا: ولكن جد ال�ضبي قد ا�ضتحوذ على اأموال بيت مال الم�ضلمين، وجده ملك �ضياعا وق�ضورا وجاها عظيما،

وذلك لأنه الوزير والقائم بدولتنا و�ضوؤونها.

273

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكنه محالة، ل مقتول اأنه وعلم حمرة، عي�ضى وجه فاخ�ضب �ضكت لعل هناك فرج.

واأكمل عبد الملك قائل: �ضقر قري�ش كان حاذقا ماهرا �ضاحب طريدا وحيدا الأندل�ش دخل اأن بعد البلد، وطد وتدبير، �ضيا�ضة ا �ضريدا، فارا بنف�ضه من فتك العبا�ضيين، ويذكر اأهل الأخبار ن�ضو�ض

يروي ق�ضة فراره العجيبة، هل ت�ضدقها يا عي�ضى؟ وهم بالنطق، ولكن المظفر قال: ل تعرف، واأعرف اأنك ل تعرف، لذلك �ضيئا، العلم من توؤت لم فاأنت جدا، قليل علمك لأن ذلك �ضاأكمل لك �ضيئا من �ضيرة �ضقر قري�ش وملكه العظيم الذي حاولت ا�ضترجاعه! اأقام �ضقر قري�ش الدولة الأموية العظيمة، وجعلها دولة ت�ضاهي دولة بني العبا�ش اأيام المن�ضور وولده، ولكن هناك �ضيئا لم وتدبير حكمة من اأوتي ما على منه التخل�ش قري�ش �ضقر ي�ضتطع

وعقل، هل تعرفه يا عي�ضى؟�ضار وقد يجيب، اأن ي�ضتطع ولم المكان، على ال�ضكون فخيم المجل�ش مرعبا، فقد بدا ال�ضر في عين المظفر، وكاد عي�ضى يت�ضاءل اأن اأنا�ش قد �ضاعدوا �ضقر قري�ش من الخوف، فقال المظفر: فزعم لولهم ما �ضار عبد الرحمن الداخل ملكا، اأتعرف ماذا قال قبل اأن

يقتل قائلها وا�ضمه اأبو �ضباح اليح�ضبي؟ قال:

ســـعدي وحـــزمي والمهنـــد والقنـــا

حائـــل وحـــال بلغـــت ومقـــادر

إن الملـــوك مـــع الزمـــان كواكـــب

آفـــل ونجـــم يطالعنـــا نجـــم

274

شر والتوزيععصير الكتب للن

يغفلـــوا ألا الحـــزم والحـــزم كل

غافـــل؟! يـــة ال�ب تدبـــ�ي أيـــروم

عقلـــه لا ســـعده قـــوم ويقـــول

خـــ�ي الســـعادة مـــا حماهـــا العاقـــل

فجثى عي�ضى ما�ضكا يد عبد الملك ومتو�ضل قائل:العفو يا مولي. �قم كالرجال، ومت ب�ضرف. �

اإلى عبد الملك، فقال عبد فقام وهو يرتع�ش خوفا وذعرا، ونظر اتعظ من وال�ضعيد فغويت، نف�ضك غرتك ولكن بك يغرر لم الملك:

بغيره، وال�ضقي من اتعظ بنف�ضه.البرق وبلمح �ضيفه ا�ضتل حتى كلمته الملك عبد اأكمل اإن وما �ضربه بوجه عي�ضى ليخر �ضريعا معفرا بدمه، واأ�ضار لرجاله فهبروه

ب�ضيوفهم.واأمر بقتل الرجلين اللذين قدما معه، فقتل.

فقال عبد الملك:باب على وعلقوه عي�ضى راأ�ش واقطعوا الكبير، بالنهر ارموهم كل فيعتقلوا عي�ضى، دار اإلى الجي�ش من فريق وليم�ش الزهراء، فغير الجبار، عبد بن ه�ضام اأما مال، من فيه بما وياأتوا الرجال،

موجود ببيته، واأقرب الظن اأن يكون في منيته، ف�ضعوا عيونكم عليه.

r

275

شر والتوزيععصير الكتب للن

وفي اليوم التالي كان راأ�ش عي�ضى معلقا على باب الزاهرة ليكون يوم قبل كان لروؤيته، اأياما يتوافدون قرطبة اأهل وبقي واآية! عبرة مهانا معلقا راأ�ضه كان حتى يوم يم�ش ولم مغرورا متبخترا يم�ضي مذلول، ليعود كل رجل طامع طامح في �ضلكة وي�ضاأل نف�ضه: لمن تدوم

هذه الحياة؟ تمر ولم بيته اإلى يومين بعد فعاد الجبار عبد بن ه�ضام واأما �ضاعة حتى كان عبد الرحمن وجنده مطوقين البيت، فخرج م�ضت�ضلما

م�ضالما، وذهب معهم ولم ي�ضمع عنه �ضيء بعد ذلك.

r و�ضحى عبد الملك من غفلته، وعاد اإلى ملكه، و�ضرعان ما ق�ضى على المتمردين بحد ال�ضيف، وترك لهوه ولعبه، وهجر احت�ضاء الخمر ومجال�ش ال�ضمر، فاأقام العدل، واأعاد قرطبة اإلى عهدها القديم اأيام

المن�ضور، فانتع�ش اقت�ضادها، واآمنت النا�ش على اأنف�ضها.اإلى قرطبة من عل، فبدت بالزاهرة فنظر و�ضعد فوق ق�ضره هادئة اآمنة، جميلة رغيدة، ترقد ببهائها الطاغي، كغانية تتمايل وقد ا�ضتبد في مكامن القلب حبها، بل كانت في عينه اأكثر ا�ضتبدادا من اأول بلوغه الحلم، الأنثى النا�ضجة متكاملة الجمال في عين ال�ضبي بقي يطوف بنظره اإليها من مكانه ال�ضاهق، وينظر اإليها واإلى حاراتها واحد المن�ضور كان هناك ووئام، ب�ضلم وتعي�ش باأمان ت�ضكن وهي منهم، وينظر اإلى الزهراء حالما ويقول: هناك الحل والعقد، وهناك

تقرر الم�ضائر. المدينة يتاأمل وهو ووقوفه العظيم وحلمه المن�ضور ذكرى وبين ال�ضاحرة ت�ضكل م�ضهد اأ�ضطوري، فقد بلغت المنتهى في الجمال، هي

276

شر والتوزيععصير الكتب للن

واإعجابا، قرطبة العيون حبا تلتهمها تبدو في عينيه كراق�ضة فاتنة على قائمة اأنك وبجمالك بك ي�ضتمتعون الذين يعلم هل ال�ضاحرة كتل من البراكين والعذاب والجمر الملتهب؟ هل يعلم اأهلك كم قطعت روؤو�ش و�ضالت دماء وحملت خطايا اأرواح مزهوقة بطلنا لكي يعي�ضوا

هم؟ هل تعلم ما يجري من �ضراع وعراك عليها؟م�ضتلذا يجعله الزاهرة فوق من الأ�ضطوري م�ضهدها كان

بال�ضتبداد.ذروة المن�ضور بن الملك عبد ظل في قرطبة عا�ضت وهكذا قد رزء عظيم يوم على ا�ضتيقظت ذات اأن اإلى والأمان، ال�ضتقرار اأ�ضابها، وهو وفاة الحاجب المظفر عبد الملك بن المن�ضور، ولم يتجاوز

عمره الرابعة والثلثين!

r

277

شر والتوزيععصير الكتب للن

)36(ي وليا لعهدك!

اجعل�ف

ل الهادئة ال�ضباح كن�ضمة المظفر، فكان عهده الملك ورحل عبد وفدح التدبير �ضوء من بعده ح�ضل لما وحبورا، �ضرورا اإل تزيدك الخطب، ف�ضار القرطبي يقف م�ضتعبرا ويقول بح�ضرة: رحم الله اأبا

مروان المظفر.وحكمة وحنكة ا�ضتبداد بين الرفيع الخيط المظفر الملك عبد المن�ضور العظيم وطي�ضان عبد الرحمن و�ضره وطمعه، الحد الو�ضط كال�ضلة هو بل والثريا، الثرى بين وح�ضي�ضها، الذروة قمة بين بالن�ضبة للموؤمن؛ حد فا�ضل بين الكفر والإيمان، بين الفو�ضى والأمان،

بين الحرب وال�ضلم. وطويت بموته �ضفحة لمعة من األمع ما عرفته الأندل�ش، كان مقلدا لأبيه ولكنه لم ينجح في اأن يحكمها كاأبيه، لم يفلح في اأن يكتم على اأنفا�ضهم ويجعلهم يهابون الحديث مع اأزواجهم خوفا من رقبائه، بل عهد رخاء وراحة ودعة، وما اإن مات في تلك الظروف الغام�ضة حتى اأينع ثمر ال�ضر وحان وقت قطافه، والكل ت�ضاءل: كيف مات المظفر؟

لياأتي �ضوت الذلفاء مزلزل: القاتل هو عبد الرحمن بن المن�ضور! وغمت قرطبة لما نطقت به األ�ضن فتيان الق�ضر نقل عن الذلفاء،

ا اأن عبد الرحمن �ضقى اأخاه ال�ضم! واأ�ضيع اأي�ض

278

شر والتوزيععصير الكتب للن

وما اإن دفن المظفر حتى عاد عبد الرحمن اإلى الزاهرة ثم ذهب اإلى الزهراء حيث دخل على اأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد وقد بدا كهل لحاجبه، الطوعية اإل �ضيء الأمر من له يعد ولم الأربعين، تخطى

فح�ضن ه�ضام عبد الرحمن، وقال:كان خادما � لميتكم، وغفر واأح�ضن عزاءكم، اأجركم، الله عظم

لبيبا، مطيعا رحيما، غفر الله له، واأ�ضكنه ف�ضيح جناته ونعمائه.بارك الله فيك يا اأمير الموؤمنين، ونحن على عهد المن�ضور )رحمه �

الله( باقون.فعرف ه�ضام ماأربه، فقال:

و�ضتكون حاجبا مثل المن�ضور والمظفر. �و�ضنكون مخل�ضين لك. �

فتقدم ه�ضام نحو كر�ضي الخلفة الذي م�ضى زمن طويل منذ اأن جل�ش عليه اآخر مرة، وقبل اأن ي�ضل اإليه ا�ضتدار اإلى عبد الرحمن

فلمح نظرة الطمع متلألأة نحو كر�ضيه، فقال:وماذا �ضت�ضمي نف�ضك؟ �

فتهلل وجه عبد الرحمن، وقال ب�ضيء من الرفق الذي كان يفتقده:النا�ضر! �

فوقع ال�ضم في نف�ش ه�ضام كال�ضاعقة �ضدة وعنفا، كيف ي�ضمي نف�ضه النا�ضر؟ األ يعلم اأنه لقب جدي الملك العظيم؟ وهل يظن هذا الأحمق بجهالته اأنه ي�ضل اإليه؟ ولم يلقب جدي بالنا�ضر اإل بعد اأن �ش الدولة بين يديه واأعلن نف�ضه اأميرا للموؤمنين بعد طول الكفاح رو

والدفاع؟ اأم يظن اأنه اإن �ضابهه في ال�ضم ف�ضي�ضابهه في الفعل؟ فقال ه�ضام بجراأة غير معهودة:

279

شر والتوزيععصير الكتب للن

اإنه لقب خلئفي يا اأبا المطرف. �فقال عبد الرحمن وقد ا�ضت�ضاط غ�ضبا ب�ضرعة جنونية:

واأنا اأ�ضتحقه يا مولي. �هذه األقاب خلفاء، واأنت حاجب ل خليفة. �ولكن اأبي كان حاجبا و�ضمى نف�ضه )الملك المن�ضور(. �

فقال ه�ضام بعد تردد:ولكن... �

فقاطعه قائل:الثغور؟ � على ورباطهم عامر بني الموؤمنين جهاد اأمير ن�ضي هل

بلوغه هو لك، الذي المجد وكل القمة، اإلى بالدولة �ضمو وكيف وهكذا �ضيدونه كتاب الأخبار بعد قرون، وقد اعتاد اأبي )رحمه الله( اأن يخ�ضك بمغانمها دون مغارمها، ونحن نكفيك �ضرها،

اترك الدفاع عن حماك وحمى ملكك لنا.فقال ه�ضام يائ�ضا:

فليكن ما ت�ضاء. �

rعبد الرحمن بن المن�ضور لم يتجاوز الخام�ضة والع�ضرين، وجده اأ�ضبه لأنه )�ضنجول( اأمه ت�ضميه وكانت الن�ضراني، الملك �ضنجة النا�ش بجده )�ضنجة( فغلبت عليه هذه الت�ضمية، وكان طائ�ضا فا�ضقا غارقا في ملذاته، كا�ضفا عن مطامعه، فلم يكفه الحجر على الخليفة، بل طالب اأن تكون ولية العهد له من بعد الخليفة ه�ضام، فلم يعتر�ش

280

شر والتوزيععصير الكتب للن

لم ومن الدولة، رجال جميع �ضكت بل والقواد، الوزراء من اأحد ي�ضمت فقد اأيده مثل قا�ضي الجماعة ابن ذكوان، والكاتب البليغ اأبو

حف�ش بن برد. فلم يم�ش اإل اأيام على وفاة عبد الملك حتى دخل عبد الرحمن

على ه�ضام، فقال له:يا اأمير الموؤمنين، اجعلني ولي عهدك من بعدك! �

اأن الطمع به بلغ هل لنف�ضه: وقال طلبه، من ه�ضام فا�ضتغرب يطلبها علنا حتى على طلبها المن�ضور يجروؤ له؟ لم يطلب الخلفة

ولده بكل �ضلفة؟فقال ه�ضام:

وكيف هذا يا اأبا المطرف؟ لكم الحجابة، ولبني اأمية الخلفة، �)ثم ب�ضيء من التهكم( واأنتم الخدام الكرام، ل تطلبون من�ضبا، بل لكم مغارم الخلفة ولي مغانمها، واأنت ما�ش على �ضنة اأبيك

واأخيك.فقال بجراأة منكرة:

بن � النا�ضر الرحمن عبد اأنا، عهدي وهذا واأخي اأبي ذاك المن�ضور!

ولكنك لم توؤت ن�ضبا يوؤهلك لكي تتبواأ هذا المن�ضب الج�ضيم! �بل � بالن�ضب؟ وال�ضيا�ضة والقدرة الكفاءة تقا�ش ومذ متى ن�ضب!

العمل يا اأمير الموؤمنين واأنت راأيت عملنا على مدى �ضنين، وهل هذا بلغت ما اأبي ولول بك؟ العظمة من بلغت ما الدولة تبلغ

المجد.

281

شر والتوزيععصير الكتب للن

كان عبد الرحمن يتحدث ويفاخر باأبيه ون�ضي اأن يقدم �ضيئا حتى ومداراته كبح طمعه ي�ضتطع بل هو رجل طامع، لم الولية، ي�ضتحق بالفتوح ومرابطة الثغور كما كان يفعل المن�ضور من قبل، بل تعرى من

كل ح�ضنة وبقي طمعه عاريا وحده.ل اأ�ضتطيع اأن اأ�ضلب حق بني اأمية! �

)هكذا قال ه�ضام بلهجة قطعية!(فقال عبد الرحمن محاول تهدئة نف�ضه الم�ضتعلة ب�ضهوة الملك:

ولكني ل�ضت عاريا عن ن�ضب الخلفة يا مولي! �فقال ه�ضام متعجبا:

وكيف ذاك؟! �اأن�ضيت اأن لي قرابة بك؟ �قرابة! ومن اأين اأتت؟ �ا، وهذا الن�ضب � اأمي ب�ضكنجية نافارية، واأمك �ضبح ب�ضكنجية اأي�ض

من جهة اأمي يربطنا ببع�ش، وهذا الذي يف�ضلني عن اأبي واأخي، ويجعلني موؤهل للخلفة!

يقتنع لم فه�ضام غا�ضب، وهو ه�ضام عند من �ضنجول وخرج وهو العظيمة، الغاية خلفها تختبئ اإذ رخوة حجته وبدت بحجته، وقلب ففكر عامرية، خلفة وجعلها الأموية، الخلفة على الق�ضاء فكره لعله يجد حيلة يحتال بها على ه�ضام، وهو فوق ذاك ترك الدولة

و�ضوؤونها لوزرائه وفتيانه.ليقنعه ه�ضام اإلى اأعوانه اأحد اأر�ضل فقد حيلة، وجد واأخيرا اأم بالتنازل، ومما قاله ذاك الرجل له�ضام: احذر مكره، فاإن �ضئت

282

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأبيت فل�ضوف ي�ضتحوذ عبد الرحمن على الخلفة، واإن لم تعطه ولية العهد فاإنه عازم على قتلك والفتك بك اأنت واأهلك، وبذاك يكون قد انقلب عليك بالقوة، واأنت لم تملك �ضيئا يوما، فعلم تتم�ضك بالملك؟

احفظ على نف�ضك واعطه ولية العهد!فوافق هشام على مضض، خوفا على نفسه وأهله.

ف�ضحك عبد الرحمن، واأر�ضل لأبي حف�ش بن برد، فقال له اآمرا: اأريدك اأن تحبر لي كتابا بليغا، بمنا�ضبة اأخذي ولية العهد، واأريده كتابا بليغا مدبجا اأح�ضن ديباجة، وم�ضنع بروائع ال�ضجع، هل فهمت؟

r

283

شر والتوزيععصير الكتب للن

)37(ومن كان المنصور أباه والمظفر أخاه فلا غرو أن يبلغ من سبل ال�ب مداه،

ويحوي من خلال الخ�ي ما حواه

وفي �ضباح اليوم التالي اأحيط ق�ضر الخليفة في قرطبة ب�ضفوف كثيفة من الجند، وح�ضر في �ضاحة الق�ضر الكبرى الوزراء والق�ضاة الخلفة بملب�ش الموؤيد ه�ضام وخرج الدولة، رجال واأكابر والقادة ا�ضراأبت حتى ه�ضام طل اإن وما المن�ضور، بن الرحمن عبد وجنبه الأعناق نحوه، فهم لم يروه منذ اأمد ق�ضي، وجل�ش في مقامه، ونظر اإلى وزرائه ورجال دولته وبدا و�ضطهم كالغريب الذي ل يعرفهم، فهو ل يعرف اأحدا منهم، ونظر ه�ضام اإلى اأق�ضى المجل�ش فراأى �ضادة بني اأبناء عمومته وقد �ضربت عليهم الذلة والم�ضكنة، و�ضرعان اأمية من ما ا�ضتحقر نف�ضه في اأعماقه على هذه الخيانة النكراء، ها هو ملك �ضقر قري�ش العظيم والذي تركه لنا ي�ضيع بيد مجنون طائ�ش، يبني �ضقر ملك يدمر الحياة؟ اأتع�ش ما �ضفهاوؤنا، فيدمره لنا العظماء قري�ش من لم يكن لينب�ش ببنت �ضفة اأمام رجل من رجاله، فيحطمه كئيبة مكفهرة فيراها اأمية بني وجوه اإلى ينظر يكن، لم كاأن كله

كا�ضفة البال، فيرد نظره وقد خجل من �ضعفه. وياأتون بالكتاب الذي وقع عليه اأمير الموؤمنين ه�ضام، فيقوم اأحد

العمال ويقراأه على الملأ:

284

شر والتوزيععصير الكتب للن

الله -اأطال بالله الموؤيد ه�ضام الموؤمنين اأمير به عهد ما )هذا بقاءه- اإلى النا�ش عامة، وعاهد الله عليه من نف�ضه خا�ضة، واأعطى واأطار ال�ضتخارة، النظر اأمعن اأن بعد تامة، ببيعة به �ضفقة يمينه واأهمه ما جعل الله اإليه من الإمامة، وع�ضب به من اأمرة الموؤمنين، واتقى حلول القدر بما ل يوؤمن، وخاف نزول الق�ضاء، بما ل ي�ضرف، وخ�ضي اإن هجم محتوم ذلك عليه، ونزل مقدوره به، ولم يرفع لهذه الأمة علما تاأوي اإليه، وملجاأ تنعطف عليه، اأن يكون يلقى ربه تبارك

وتعالى مفرطا فيها، �ضاهيا عن اأداء الحق اإليها.وغيرهم، قري�ش اأحياء من الرجال طبقات ذلك عند ونف�ش عليه، به القيام في ل ويعو اإليه، الأمر هذا ي�ضند اأن ي�ضتحق ممن الهوادة، اإطراح بعد وورعه، وهديه واأمانته بدينه ي�ضتوجبه ممن والتبروؤ من الهوى، والتحري للحق، والتزلف اإلى الله جل جلله بما ير�ضيه، وبعد اأن قطع الأوا�ضر، واأ�ضخط الأقارب، عالما باأن ل �ضفاعة اأر�ضى من اإليه و�ضيلة اأن ل وموقنا ال�ضالح، العمل اأعلى من عنده اإليه اأن يوليه عهده، ويفو�ش اأجدر اأحدا الدين الخال�ش، فلم يجد الخلفة بعده، لف�ضل نف�ضه، وكرم و�ضرف مرتبته، وعلو من�ضبه، مع الجيب، النا�ضح الغيب، الماأمون من وحزمه، ومعرفته وعفافه تقاه بن الرحمن عبد المطرف اأبي الدولة نا�ضر عيب، كل عن النازح اأمير كان اإذ الله، وفقه عامر اأبي ابن محمد عامر اأبي المن�ضور الموؤمنين اأيده الله تعالى قد ابتله واختبره، ونظر في �ضاأنه واعتبره، فراآه م�ضارعا في الخيرات، �ضابقا في الحلبات، م�ضتوليا على الغايات، اأن اأخاه فل غرو والمظفر اأباه المن�ضور كان ومن للموؤثرات، جامعا اأن مع حواه، ما الخير خلل من ويحوي مداه، البر �ضبل من يبلغ اأمير الموؤمنين اأيده الله بما طالع من مكنون العلم، ووعاه من مخزون

285

شر والتوزيععصير الكتب للن

الأثر، يرى اأن يكون ولي عهده القحطاني الذي حدث عنه عبد الله بن عمرو بن العا�ش واأبو هريرة اأن النبي -�ضلى الله عليه و�ضلم- قال: ل تقوم ال�ضاعة حتى يخرج رجل من قحطان ي�ضوق النا�ش بع�ضاه، فلما ا�ضتوى له الختيار، وتقابلت عنده فيه الآثار، ولم يجد عنه مذهبا، ول اإلى غيره معدل، خرج اإليه من تدبير الأمور في حياته وفو�ش اإليه الخلفة بعد وفاته، طائعا را�ضيا مجتهدا، غير محاب له، ول ماثل الختيار اإليه وجعل فيه، واأهله الإ�ضلم ن�ضح مترك ول بهواه، له لهذه الأمة بولية عهده فيها، واأم�ضى اأمير الموؤمنين اأعزه الله هذا، واأجازه واأنجزه واأنفذه، ولم ي�ضرط فيه مثنوية ول خيارا، واأعطى على الوفاء به في �ضره وجهره، وقوله وفعله، عهد الله وميثاقه وذمة نبيه اآبائه من الرا�ضدين، الخلفاء وذمم و�ضلم، عليه الله �ضلى محمد على الله واأ�ضهد يزول ول يحول ول يغير ول يبدل األ نف�ضه، وذمة ذلك والملئكة وكفى بالله �ضهيدا، واأ�ضهد من اأوقع ا�ضمه في هذا وهو اأبي الماأمون القول والفعل بمح�ضر من ولي عهده الأمر ما�ش جائز المطرف عبد الرحمن بن المن�ضور -وفقه الله تعالى- وقبوله ما قلده،

واإلزامه نف�ضه ما األزمه، وذلك في �ضهر ربيع الأول �ضنة 993(بن الله عبد بن اأحمد الجماعة قا�ضي ب�ضهادة الكتاب وذيل ذكوان، و�ضهادة الوزراء وهم ت�ضعة وع�ضرون وزيرا، ويليها �ضهادة مئة وثمانين رجل، من اأكابر اأهل الدولة والحكام والفقهاء، وكان الكتاب يقراأ، فرفع ه�ضام الموؤيد راأ�ضه اإلى ال�ضم�ش المتوهجة في كبد ال�ضماء، ال�ضتائي اليوم هذا في �ضعاعها عبر الدفء تبعث رقيقة فكانت

الكئيب، وكاأنها تعزيه وتخفف ح�ضرته. فكان ذاك اليوم انقلبا خطيرا في تاريخ الخلفة الإ�ضلمية.

286

شر والتوزيععصير الكتب للن

هل حقا اأن الخلفة الأموية �ضتزول؟؟ بل اأين هو منهم؟ لو كان معاوية هنا ل�ضخر منه، ولأنكره، اأين عقله؟ اأين دهاوؤه حتى ارتخت الخلفة اإلى هذا الحد؟ األم يقل معاوية رحمة الله لذلك الرجل الذي اأخذ وياأخذ ال�ضبيان غ�ضب يغ�ضب فاإنه وال�ضلطان، اإياك غمزه:

الأ�ضد، واإن قليله يغلب كثير الرجال. اأما هو فيعي�ش عي�ضة ال�ضبيان، ل يبت باأمر، ول حول له ول قوة.

r

287

شر والتوزيععصير الكتب للن

)38(إن ابـــن ذكـــوان وابـــن بـــرد

العهـــد ف حـــني الديـــن ناقضـــا قـــد

أقامـــا إذ الحـــق وعانـــدا

عهـــد ولي شـــنجة حفيـــد

الأر�ش تكاد ل مرح، فرح وهو ق�ضره اإلى الرحمن عبد وعاد اإلى الآن، اإنه مدهو�ش ت�ضعه، هل حقا ما ح�ضل؟ هل تحقق حلمه؟ ل ي�ضتطيع اأن ي�ضتيقظ من ن�ضوة الفرح خوفا من اأن يكون حلما، هل حقا حقق ما عجز عنه المن�ضور بعظمته وعبد الملك وتدبيره وحققه �ضهد قد والفقهاء العلماء كبير وهو الجماعة قا�ش ل؟ لم هو؟ اأبو حف�ش بن برد خط واأيد فعله وا�ضتح�ضنه، وكاتب الدولة الكبير باأنامله ما لم يفكر فيه وهو �ضاحب الأمر من قبل ومن بعد، والوزراء والكبراء ووجهاء بني اأمية الذين ازدحموا على بابه للبيعة، وال�ضعراء المادحون، ماذا يدل هذا؟ ل يدل اإل على حقيقته بالملك، فهو اأهل لأن اأمام تبق عقبة الموؤيد، لم الأخرق ه�ضام واأف�ضل من هذا به يت�ضلع الدولة العامرية لتكون دولة خلفة �ضرعية، اإل اللهم ه�ضام هذا، وهو اأقل من اأن يخ�ضى منه، اأما �ضائر وجوه بني اأمية فهم �ضعفاء اأذلة، وي�ضتطيع اأن يقتل ه�ضام الموؤيد غيلة، اأو ي�ضقيه �ضما، كما فعل المظفر

288

شر والتوزيععصير الكتب للن

والمن�ضور من قبل مع كثير من اأعدائهم، عندها يبداأ عهدا جديدا، اأبو لدين الله النا�ضر الموؤمنين اأمير واأول خلفائها العامرية، الدولة

المطرف عبد الرحمن الماأمون بن المن�ضور اأعزه الله. ولما نطق ا�ضمه وهو يحدث نف�ضه، توقف، فنظر اإلى عظمة ال�ضم وفخامته، وقام ما�ضيا في ق�ضره وقد ا�ضطف الخدم، وارتدى ملب�ش بين راكعين خروا حتى الخدم راآه اإن وما فاخرة، خلئفية ملكية يديه، ف�ضار ي�ضعر اأن قلبه يخفق �ضريعا، واأن �ضعورا خافتا يو�ضو�ش له ويزين له؛ اأنه يملك كل �ضيء في هذه الأ�ضقاع الممتدة، وتابع م�ضيه اإلى حديقة ق�ضره فراأى الجند م�ضتعدين وهو فرح م�ضرور، فخرج وم�ضطفين بكثافة بمنا�ضبة توليه ولية العهد، وما اإن راأوه حتى ركعوا له كلهم اأجمعين، فعاد ذاك ال�ضعور الخافت بقوة، لي�ضعر اأنه اأعظم من يملك في هذا الوجود، واأعظم ملك موجود، ف�ضرخ و�ضط ق�ضره من اأعماق نف�ضه: اأنا النا�ضر عبد الرحمن بن المن�ضور، الذي يملك

ما لم يملكه ملك قبلي. وهكذا ليكون عبد الرحمن حبي�ش نف�ضه القابعة في ظلل العظمة

التواقة لثمرها، الباحثة عن الخلود في هذا الوجود. يق�ضي وقته لهيا لعبا وينتظر موت ه�ضام الموؤيد بفارغ ال�ضبر، حتى قال بعد توليه ولية العهد: متى يموت ه�ضام هذا؟ منذ اأن ولد وهو اأمير ومنذ �ضغره وهو خليفة، األم يكتف ويترك لنا ن�ضيبا مما

ك�ضب؟ اأم يظنها له وحده.والهزل، المجون في يتفننون فا�ضدة، داعرة حا�ضية به وتحيط حوله من انف�ضوا بل به، محيطون ق�ضاة اأو وزراء هناك يعد فلم

289

شر والتوزيععصير الكتب للن

زعار -وهم ورفاقه اأ�ضدقاءه رفع لهوه. في وتركوه الدولة يدبرون �ضيئون- اأعلى الدرجات وجعلهم جل�ضاءه، يزينون له اآثامه وخطاياه،

وي�ضجعونه على الم�ضي بها، فقال لهم يوما: قد �ضئمنا الجواري والح�ضناوات، ومللنا من ال�ضدور والنحور، �

لنا فمن العجزاء، وموؤخرتهن الهيفاء خ�ضرهن من و�ضجرنا بغير جن�ضهن؟

فقال اأحدهم:وهل ن�ضنع جن�ضا اآخر يا مولي؟ �

فقال الآخر:اأعرف يا مولي جن�ضا من الرجال ولكن لي�ش كالرجال. �

فقال عبد الرحمن وهو يرفع قارورة الخمر:قبحك الله من رجل، وما هذا الجن�ش؟ �يا مولي هم ذكور م�ضطفون من الأ�ضرى الفرنج، اأمرد اأبي�ش، �

غانية من تره لم ما الدنيا ملذات من يريك الملم�ش، ناعم فرنجية، يعطيك لذة ل تقدر اأن تعطيه لك الن�ضاء الح�ضناوات.

وهل هم رجال يملكون ما نملك؟ ��ضجاعة � يملكون ول ال�ضيء، لهذا معدون ولكنهم مثلنا، نعم،

يت�ضرفون هادئون ناعمون هم بل مثلنا، ال�ضجعان الفر�ضان كالمراأة اللعوب عندما ت�ضتكن فل تاأخذ من هدوئها اإل ما يرفع

�ضهوتك وجعلك تلتهمها قبل اأن تفرغ من كلمها المع�ضول.اأرنا منهم. �

290

شر والتوزيععصير الكتب للن

اأحدهم في مرد، �ضقر فتية هم بهم، جاء التالي اليوم وفي روح الأنثى دون ج�ضدها، فاإذا بعيونهم اأحلى من الن�ضاء، فهم خدم مطيعون، و�ضنف جديد للمجون معهم لم يذوقوه من قبل، فاأمر عبد يقبلهم، فذاك هازلين، معهم يلعبون وبقوا الن�ضاء، طرد الرحمن

وذاك يميل عليهم.

rمولي اإني لكم من النا�ضحين، ل تخرج لغزوك، وتترك قرطبة. �

قالها الفتى وا�ضح نا�ضحا عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن:ويحك يا وا�ضح! وماذا تريد النا�ش اأن تقول عني؟ هل �ضتقول: �

اأن عبد الرحمن بن المن�ضور ركن للمنا�ضب و�ضكن، وترك �ضنة المن�ضور والمظفر؟

فقال وا�ضح:بل قالوا اأكثر من ذاك يا مولي؟ �وماذا قالوا؟ �

فقال وا�ضح بعد تردد:مولي لم اأعد اأ�ضتطيع اأن اأكتمك ما يقال عنك من �ضوء. �لم ت�ضتطع؟ اإذا هو كثير م�ضت�ضر! �هناك �ضاعر �ضيء -قبحه الله- وقد بعثت رجالي يبحثون عنه �

لياأتوا...فقاطعه �ضارخا:

291

شر والتوزيععصير الكتب للن

ماذا قال؟ �يقول هو ولي�ش اأنا... �قل واإل قطعت راأ�ضك! �

بـــرد وابـــن ذكـــوان ابـــن -إن

العهـــد ف حـــني الديـــن ناقضـــا قـــد

أقامـــا إذ الحـــق وعانـــدا

عهـــد ولي شـــنجة حفيـــد

�ضخط اأن نف�ضه يقنع اأن حاول ولكنه الرحمن، عبد فغ�ضب ال�ضعراء ي�ضتكن عند الفتح، واأنه �ضيخرج للفتح و�ضي�ضكت اأهل قرطبة، بل �ضيهتفون له كما هتفوا لأبيه من قبل، و�ضرعان ما ا�ضتقرت نف�ضه

لهذا الراأي.فقال لوا�ضح:

جهز القواد، �ضنخرج بحملة كبيرة. �فقال وا�ضح ب�ضوت خفي�ش:

يا مولي، اترك الغزو، لأنك اإذا خرجت وتركت قرطبة ا�ضطرب �الو�ضع، وربما �ضادت الفو�ضى، فقد علمنا اأن المروانيين و�ضيعهم ي�ضعون �ضعيا حثيثا للقيام عليك، وبداأت العامة تميل لهم، ولول زال وما م�ضتطيرا، �ضرا لكان بالمر�ضاد لهم كانوا جنودنا اأن

ال�ضر قائما، بنو اأمية يرونك مغت�ضبا لحقهم.فقال هازئا:

292

شر والتوزيععصير الكتب للن

ما � نائم واأنا مرقدي على مروان بنو اجتمع لو والله اأمية! بنو اأيقظوني! الآن حان وقت الجهاد!

وكاد ي�ضرخ به ويقول له: اأي جهاد؟ الجهاد يطلب اأنا�ضا تخاف اآثر ولكنه ملك، ومغت�ضبي وعابثين و�ضكيرين زناة ل وتطيعه، الله

ال�ضلمة على الندامة! وتجهز الجي�ش، وبعد اأن اأخذ اإذن الخليفة خرج اإلى جامع قرطبة الكبير في م�ضهد مهيب م�ضهود، ومعه الوزراء وكاتبه ابن برد وكبراء الدولة، ولم يفته اأن ياأخذ معه ال�ضاعر ابن دراج الق�ضطلي ليدبج له الق�ضائد الطوال بمنا�ضبة ن�ضره العظيم الذي �ضيحرزه! وعقد لواء غزوته من هناك، وم�ضى خارجا بجي�ضه واأهله وهو ينظر في الوجوه وتذكر الأمر، لذلك فحزن �ضامتون، ولكنهم له، تهتف اأن وينتظر حديث فتاه عن الثورة المرتقبة، ولكن �ضرعان ما تبدد ذاك ال�ضعور التي نف�ضه اإلى الطماأنينة فعادت له، هتافا اأ�ضواتهم علت اأن بعد �ضابها �ضك في �ضيء عظيم �ضيح�ضل! وظن اأن الهتاف هذا هو هتاف

المجد، واأن هذه الأ�ضوات �ضترافقه عندما ي�ضنع مجدا كاأبيه. فتودعه النفو�ش وهي تدعو عليه باأل يعود، فقد �ضجرت الرعية منه ومن ظلم وزرائه وفتيانه؛ الذين ا�ضتفحل �ضرهم، واأعادوا �ضيرة اأكتاف على وظفر ظهر المن�ضور األي�ش الأولى، ال�ضقالبة الفتيان من القوم اأعزة واأذل بهم، ف�ضاد اأمثالهم؟ من العامة الفقراء اأملك على وا�ضتحواذهم لظلمهم وذلك والم�ضحفيين، المروانيين واأموال الدولة ظلما وزورا، فما بال فتيانه يعيدون تلك ال�ضيرة ال�ضيئة؟ وما بالهم ياأخذون الملك ومغانمه دون اأن يقدموا �ضيئا لل�ضعب يذكر؟ له، ول عمل الولية ثم تولى الحجابة اأن الرحمن منذ زال عبد ما ، وعاد ال�ضراق والل�ضو�ش في بل ف�ضاد حا�ضيته ا�ضت�ضرى، وعم ال�ضراأنحاء قرطبة، فل ي�ضحون اإل على خبر �ضرقة فلن، ومقتل فلن،

293

شر والتوزيععصير الكتب للن

له عم ابن جلد عندما العظيم المن�ضور فاأين فيهم، الرعب فدب لأنه �ضرب الخمر؟ فجعله عبرة لغيره، واأين هم منه عندما قتل ولده المن�ضور طمع تبخر لقد وتقربا؟ طاعة الخليفة اإلى راأ�ضه واأر�ضل على وا�ضتحواذه ا�ضتبداده يد ف�ض به، قام الذي بالعمل بال�ضلطة والإ�ضلح العمل ال�ضلطة والحجر على الخليفة بح�ضن ح�ضين من والفتوحات يخفي وراءها، وما اإن تولى عبد الرحمن حتى انق�ضع ذاك وقد العامة! اأمام عارية اأطماعه وبقيت اأ�ضله من واجتث الح�ضن فف وق�ضف، وهو ما لم يح�ضل اأ�ضاب فقراء اأهل قرطبة من العي�ش �ض

في تاريخ المن�ضور.

r

294

شر والتوزيععصير الكتب للن

)39(فلولاك ما ثبت عزمنا

لم يكن هدوء قرطبة في ال�ضهور التي �ضبقت خروج عبد الرحمن طائعين النهار في اأمية بنو فكان العا�ضفة، ي�ضبق الذي الهدوء اإل الليل اإن يرخي الرحمن، وما الموؤيد وولي عهد عبد مهطعين له�ضام والزعار، الل�ضو�ش بط�ش بيوتها خوفا من النا�ش في وت�ضكن �ضدله الجبار! عبد بن ه�ضام بن محمد بيت اإلى المروانيون يخرج حتى

متخفين بظلمة الليل وعتمته.ورحم الله اأياما كان المرواني يخرج بزينته وحر�ضه حتى يقول لكل من يراه: اإني اأمير مرواني، ولي �ضلة بالخليفة. فتهابه النا�ش لهيبة الخليفة، والآن يخرجون متخفين وجرمهم اأنهم مروانيون، واإذا اأ�ضفر دول، الأيام وتلك وقتر، وعلى وجوههم ذل لهدوئهم ال�ضبح عادوا

فهم يحاولون اإرجاع ملكهم.ملك لإنهاء اقتربت قد الفر�ضة اأن علموا المظفر، مات اأن وما بني عامر والتخل�ش من ه�ضام الموؤيد و�ضعفه، ولم يجدوا �ضعوبة في اإعادة ت�ضكيل قواتهم، فما زال تنظيم ه�ضام بن عبد الجبار وعي�ضى بن �ضعيد قائم ولكنهم متخفون، فهرعوا اإلى محمد بن ه�ضام بن عبد الجبار فوجدوه يغلي حقدا دفينا على بني عامر، وقد عاهد نف�ضه يوم �ضيق اأبوه اإلى ال�ضجن اأن ينتقم له، وانتقامه هو ملك بني عامر كله،

فقال له اأحدهم:

295

شر والتوزيععصير الكتب للن

لقد اقتربت غايتنا من التحقق، ولن يكفينا ثاأرا لعمنا اإل كر�ضي �نعلم حتى قوانا ت�ضكيل نعيد اأن علينا ولكن نف�ضه، المن�ضور الموؤيدين من غيرهم، فنخطط مع موالينا ونعرف ال�ضبيل القويم

لقيام ثورتنا.فقال محمد:

باأ�ضماء � موته قبل الله( )رحمه اأبي اأعلمني فقد عندي، وهو وكانوا عامر، بني ملك على للنق�ضا�ش الم�ضتعدين رجالنا م�ضتعدين للنق�ضا�ش على عبد الملك المظفر وهو من هو، فما

بالك بحفيد �ضنجة؟�ضنجول � لجعل ظريفة طريقة وجدت وقد نريد، ما غاية وهذا

اأن يوالوننا ممن الق�ضر، فتيان من علمت بنف�ضه، ثقته يفقد المظفر، بقتل الرحمن عبد تتهم الظفر الملك عبد اأم الذلفاء والذلفاء هذا امراأة قوية قادرة، ولها مال كثير، كما اأنها �ضاحبة اأن نبث كلمها بين العامة ونن�ضره، ون�ضعى كيد وتدبير، فعلينا للإيقاع بينها وبين عبد الرحمن، وهو واقع ل محالة، فاإذا وقع ما نريد �ضارت الذلفاء اآفة في بيت عبد الرحمن ت�ضعى في الق�ضاء ولدها، ذكرى نهيج نحن ونبقى ويدا، لنا عينا فتكون عليه، فنذكر محا�ضنه وماآثره، ونذكر بالمقابل ف�ضاد عبد الرحمن، وهو ببع�ش، بع�ضهم العامريين ن�ضرب اأن اإلى قاتله، حال اأي على

وهكذا نحطم ملك ابن اأبي عامر!المف�ضوح المبكر الرحمن عبد وطمع هازلة، �ضحكات ف�ضحكوا �ضاعدهم في الو�ضول اإلى غايتهم، وقبل اأن يخرجوا من بيت محمد بن ه�ضام، قال اأحدهم: ل تخرجوا قبل اأن تعينوا اأميرا عليكم، كي ل

يت�ضتت �ضملكم ويتفرق راأيكم.

296

شر والتوزيععصير الكتب للن

فنظروا كلهم اإلى محمد، وقالوا: اأنت اأحق رجل به منا، فلولك ما اأكثر رجل مت�ضرر بنا، فتكون اأحكم تدبيرنا، واأنت ثبت عزمنا، ول

اأكثرنا مرا�ضا. وتمت البيعة لمحمد بن ه�ضام في تلك الليلة، عازمين على اإ�ضقاط ه�ضام بن ومحمد ال�ضلطة، على الحاجب وا�ضتيلء الحكم نظام حازم وعازم على ح�ضر ال�ضلطة بيد بني اأمية والبيوت العربية عدا

بني عامر.الملوكية عن عبد الألقاب اأيام ع�ضرة حتى خلع ه�ضام ولم تم�ش �ضحية �ضنجول وقع عمومته: لأبناء �ضاحكا محمد فقال الرحمن، لغروره وج�ضعه في ح�ضر ال�ضلطة بيده، وهنا �ضتاأتي ال�ضربة القا�ضية القا�ضمة، �ضيعلن قرارا على اأنه ولي العهد، عندها �ضيطمئن، وتاأخذه اأذلة واأنتم مبايعين �ضتذهبون اأمية بني وجهاء واأنتم بالإثم، العزة فاح�ش عنه ن�ضيع ال�ضر وفي و�ضكونا، طماأنينة و�ضيزداد منك�ضرون، فيم�ضي كالبركان، تنفجر اأن اإلى تغلي الثورة تبقى وهكذا القول،

حارقا ملكهم. ويم�ضي اأ�ضراف بني اأمية اإلى بيعة �ضنجول، وينظرون اإلى البيعة مزدرين على ه�ضام فعله، وح�ضل ما زاد من غ�ضب محمد بن ه�ضام؛ من الحر�ش فمنعه البيعة، لح�ضور اأمية بني اأ�ضراف مع اأتى اإذ اإلى اأنه طائ�ش �ضعلوك، ل ي�ضمو الدخول! فقد كان معروفا عندهم م�ضتحقر فهو العهد، لولي البيعة اأخذ يح�ضر اأن لدرجة عال مقام

عندهم م�ضت�ضغر!فغل حقده اأكثر فاأكثر، واجتمع برهطه ليل، فقال محمد:

لي تدبير جديد، وحتما �ضيطيح ب�ضنجول وملكه، وت�ضفو الدولة �لنا خال�ضة ل ينازعنا فيها اأحد!

297

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال اأحد اأبناء عمه:وكيف ذاك؟ �حمل، � النا�ش على وحمله به، له حق ل ما �ضنجول اأخذ لقد

فا�ضتولى على ولية العهد، كخطوة ما قبل الأخيرة لي�ضتولي على الخلفة، و�ضيحاول بعد مرور مدة ي�ضيرة التخل�ش من )ه�ضام الموؤيد(، ثم يق�ضي علينا كما فعل اأبوه من قبل عندما لفق لفائق غير ال�ضقالبة على للق�ضاء ذريعة اتخذها ثم تهما، وجوؤذر ورث فقد المن�ضور محا�ضن �ضنجول يرث لم لئن له، الموالين محا�ضنه اأبيه عن يرث لم اإن الإن�ضان وهكذا و�ضيئاته، مثالبه ورث مثالبه، ونحن لن نتركه ي�ضل لهذه الخطوة، بل �ضنبداأ من الآن ن�ضيع بفعلته ال�ضيئة واأنه اأجبر ه�ضام الموؤيد على هذه الفعلة، وا�ضتمروا ببثها ول تن�ضوا ما فعله ب�ضاأن اأخيه وكيف قتله، كما ل اأن ت�ضهروا بالقا�ضي ابن ذكوان والكاتب ابن برد، لقبح تن�ضوا نظمت وقد باأنامله، الكتاب والثاني لخطه الأول بتاأييد فعلهما

هذين البيتين فيهما:إن ابـــن ذكـــوان وابـــن بـــرد

العهـــد ف حـــني الديـــن ناقضـــا قـــد

أقامـــا إذ الحـــق وعانـــدا

عهـــد ولي شـــنجة حفيـــد

دت النا�ش هذا الكلم فان�ضروا هذا ال�ضعر بين النا�ش، فاإذا ردوعلم به القا�ضي والداني، لم ي�ضتطع جنده مقاومة هذه الأقوال لأنها انت�ضرت على األ�ضن كل النا�ش فل ي�ضتطيع �ضجن كل من نطق، فاإذا اأراد اأن ي�ضجن كل من نطق �ضده كما كان يفعل اأبوه عليه اأن يتخل�ش

298

شر والتوزيععصير الكتب للن

من جديدا �ضيل جهزنا وا�ضت�ضرت انت�ضرت فاإذا كله! ال�ضعب من ال�ضائعات �ضده.

وماذا �ضتثير؟ �ل � قاعد و�ضنجول قبله، من والخلفاء المن�ضور �ضنة الجهاد!

�ضيخرج عندها الفكرة، هذه نثير اأن �ضنحاول فتح، ول جهاد فاإذا خرج فرغت قرطبة، اإلى الجهاد، اأنفه �ضنجول رغما عن وبقيت خالية لنا، عندها تقوم دولتنا على اأكتاف العامة ونحطم

الزاهرة كاأن لم تكن.الله اأكبر. �الله اأكبر. �

فعلت التكبيرات.

r

299

شر والتوزيععصير الكتب للن

)40(ي سبيله كيف سيسقط

ي المنصور ويشاهد ملكه الذي قيف عمره �فلو يأ�ت

ي حرب زوجه وولده!صريعا �ف

اإل ال�ضحى وقت خاليا الم�ضجد كان رتيبة، وثيقة بخطى ي�ضير اأركان اأحد القادمين لحرا�ضتها، وقف في محاذاتها في من جنودها

الم�ضجد وقد ف�ضل بينهما حجاب من برن�ش طويل يجب النظر.اأمر مولتي. �

فقالت بلهجة اآمرة وواثقة:اأنت محمد بن ه�ضام بن عبد الجبار؟! �نعم، اأنا هو. �وهل علم اأحد بح�ضورك اإلي؟ �حا�ضا يا مولتي. �

فقالت بل مقدمات:علمت اأنكم تعدون لنقلب �ضد القاتل الفاتك حفيد �ضنجة عليه �

لعنة الله.فقال ب�ضيء من الرتباك:

300

شر والتوزيععصير الكتب للن

الذي � اأمية بني ن�ضابه، حق اإلى لرد الحق ن�ضعى نحن ذا، هو اغت�ضبه )وكان يريد اأن يقول المن�ضور والمظفر فتذكر اأنها زوج

الأول واأم الثاني( �ضنجول.وكيف ترى المن�ضور وولده؟ �

فقال كاذبا وهو يعلم اأنه كاذب لكن م�ضلحته تقت�ضي ذلك:رحم الله المن�ضور وولده، كانوا حماة مخل�ضين للدولة، اأما هذا �

كما والدولة واعتدائه، وكفره بف�ضقه يجاهر �ضفاح، فمغت�ضب ترين �ضائبة بيد اأعوانه الفا�ضقين، وهو متفرغ للهوه وف�ضقه.

فقالت باألم مكبوت ولهجة تقطر دموعا:اأن � له كيف قبل؟ من هذا بمثل �ضمعت هل اأخاه، قتل المجرم!

يقتله في �ضبيل من�ضب زائل؟ )ثم انهمرت دموعها( ماذا اأفعل مر الجميل كالحلم بلحظة، رحل كبدي! فلذة الملك عبد بعد ورحل، بريء كالملئكة، لم يوؤذ اأحدا طول عمره، رحل بدم بارد وهو �ضاب يافع! وقد عاهدت نف�ضي اأن اأجعل ذاك الكر�ضي الذي �ضعى له وقتل اأخاه لأجله قبره، �ضاأجعلها حربا �ضرو�ضا لن تنتهي اإل بقتله واأخذ العر�ش منه، �ضاأمول الجيو�ش الجرارة واأجهزها بكل العدة للفتك به، و�ضاأترك اأمه تندب عليه ول تجد قبرا له، وتقفر رقاب، وتطير روؤو�ش �ضت�ضقط به، تبكي مكانا حتى اأو

الأندل�ش كلها في �ضبيل ثاأر ولدي من حفيد �ضنجة!فقال:

وماذا تاأمرين الآن؟ �ما هو مخططكم؟ �الإطاحة ب�ضنجول، وهـ �ضـ ام. �

301

شر والتوزيععصير الكتب للن

ومن الخليفة من بعده؟ �منا. �من هو؟ �لم نحدده بعد. �لكم مني كل ما تريدونه من �ضلح وعدة لمواجهة جي�ضهم. �

r خرج من الم�ضجد وبرد الخريف لفح وجهه المتعرق من هول ما و�ضار خيال؟ اأم حقيقة وهم؟ اأم حلم ا؟ حق يح�ضل ما هل �ضمع، اأ�ضرع عامر بني في والت�ضقق الت�ضتت بداأ لقد ويقول: نف�ضه يحدث لقد يعقل؟ هل �ضمعت، ما اأعي اأعد لم اأنا له، خططت مما واأكبر مهما لولدها تثاأر اأن تريد الذلفاء التناق�ضات، من بحر غرقت في كلفها من مال و�ضلح، ولدها هو عبد الملك المظفر قاتل اأبي، اأي اأنني �ضاآخذ ثاأر اأبي وثاأر قاتله في اآن؟! كيف ي�ضتقيم هذا العد؟ اإذا تعاونت مع الذلفاء في �ضلب ملك العامريين ف�ضاأكون �ضريكا لها، وربما طلبت تعيين محمد بن عبد الملك حاجبا لي بعد نجاح هذا الأمر، وعندها �ضاأعود واأترك ابن قاتل اأبي في حمايتي، واأنا اأ�ضل انتقمت لأبيه الذي هو قاتل اأبي، وكله في �ضبيل الق�ضاء على �ضنجول، لأنه اغت�ضب الملك، يا الله ماذا اأفعل؟ لم ل اأ�ضتغل الذلفاء في خدمتي ثم اأتخل�ش منها؟ اأجل، اآخذ اأموالها خدمة لثورتنا وثاأرنا، ويكون اتفاقنا �ضرا، ثم اإذا ولجت الخلفة نكثت عهدي ودمرت ملك بني عامر اأجمع، واجتثثتهم من اأ�ضولهم، وتركت الذلفاء خاوية اليدين، تنظر اإلى مقامي فتقول:

هو الذي اأخذ ملكنا منا.

302

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضاعدته وكما قبل، من اأجدادي ملك زوجها اغت�ضب كما اأجل �ضبح كعادتها، �ضاآخذ ملكهم من بين اأيديهم، وبم�ضاعدة زوج الملك مال ذات كانت �ضبحا ولكن ك�ضبح، و�ضتكون العظيم، المن�ضور وجمال، اأما الذلفاء ف�ضاأ�ضتولي على مالها وهي عجوز �ضمطاء، لتبقى وحيدة تتح�ضر وتنتظر موتها، ليته ياأتي هنا ويرى مجده كيف �ضي�ضيع.اآه فقال: اآمنة، قرطبة وبدت ال�ضهيرة، القنطرة بلغ قد وكان ياأتي لو تعلمين ما يجري في �ضبيلك من �ضراع وقتال؟ لو يا قرطبة �ضي�ضقط كيف �ضبيله في عمره ق�ضى الذي ملكه وي�ضاهد المن�ضور

�ضريعا في حرب زوجه وولده!

r وزادت ال�ضائعات في قرطبة على عبد الرحمن، وانت�ضرت الأ�ضعار الهازئة ال�ضاخرة منه ومن ن�ضبته ل�ضنجة، ف�ضل عن تهمته بقتل اأخيه، الذي بالمال للجند �ضراوؤهم وزاد اأمية في قرطبة، بني اأن�ضار وزاد اأمدتهم الذلفاء به، فنقموا و�ضخطوا عليه وعلى ظلم عماله، وقعوده عن الجهاد هو البلء الأكبر، فالن�ضارى لن ي�ضكتوا على اندحارهم الكبير اأما جيو�ش المن�ضور والحكم والنا�ضر، وكاد ال�ضعب يثور، فقرر

�ضنجول اأن يخرج غازيا.في لهم ه�ضام بن محمد وقال الخبر، لهذا اأمية بنو ففرح عامر، لبني الهلك« وحان الوعد »اقترب الآن ال�ضري: اجتماعهم �ضيخرج عبد الرحمن �ضنجول لغزوته، علينا اأن نحث اأكثر عليه كي ا من فتيانه يحذرونه من الغزو، خوفا منا، يخرج، فقد بلغني اأن بع�ضوتخلو الرحمن القا�ضية، عندما يخرج عبد لل�ضربة ا�ضتعدوا ولكن قرطبة نقوم بما يلزم فعله ون�ضتحوذ على ق�ضر الخلفة والزهراء،

303

شر والتوزيععصير الكتب للن

تودعوه اأن يخرج عندما تن�ضوا ول هوادة! بل الزاهرة نحطم ثم بالهتاف حتى ليخيل له اأنه هتاف المجد.

r وكالعادة يلتقي بالذلفاء في الم�ضجد، وت�ضلمه الدفعة الأخيرة من المبالغ، وقبل اأن يذهب تناديه الذلفاء فينظر اإليها لأول مرة من دون حجب، فراآها وما زالت تحتفظ باأطياف هزيلة من الجمال الغابر،

فقالت له: النتقام ول �ضبيل لراحة �ضميرنا �ضواه. فخرج من الم�ضجد، وقد كمل مخططه وجهز ولم يبق اإل خروج

عبد الرحمن ليترك قرطبة لهم.الأهبة، وعليه وعدته بجي�ضه قرطبة من الرحمن عبد ويخرج وكان محمد بن ه�ضام ينظر اإلى الجي�ش من بعيد، ولفت انتباهه اأن له ليهتفوا لهم: وقال رجاله اإلى ف�ضارع له، يهتفوا لم قرطبة اهل

اأخ�ضى اأن تك�ضف حيلتنا، و�ضرعان ما علت الأ�ضوات هاتفة له.اإل فرق قليلة تحر�ش المدينة، ولم تبق من فلول الجي�ش العامري

وقد علموا بالخطر الداهم فزادوا في الحيطة والحذر. وعندما خرج الجي�ش، اجتمع محمد بن ه�ضام برهطه في اأحد فر�ضانكم من مجموعة �ضتجهزون لهم: وقال قرطبة، جبال كهوف ال�ضجعان يرابطون عند ق�ضر الخليفة، ولكن ل ي�ضهروا �ضلحهم بل اأر�ش يخبئونه تحت ثيابهم، فاإذا و�ضلت الأخبار بعبور �ضنجول اإلى

الن�ضارى تكون �ضاعة ثورتنا المن�ضودة قد اأزفت.

r

304

شر والتوزيععصير الكتب للن

)41(باب

ل ولي الأ

لأ

ة صصهم ع�ب

ي ق

�فان

د ك

ق

ل

كان يوما عبو�ضا قمطريرا، فاتح ال�ضر ومبتداه، لم ير اأهل قرطبة بعد ذلك اليوم خيرا قط، بل كان فاتح البوؤ�ش الذي لن يبلغ منتهاه، فقد و�ضلت الأنباء اإلى ق�ضر الخليفة باأن �ضنجول قد عبر اإلى اأر�ش

الن�ضارى! وكان محمد بن ه�ضام يقف عند النهر الكبير، عند ال�ضفة المقابلة لق�ضر الخليفة، فو�ضل اإلى باب الق�ضر، وكان عند باب الق�ضر مقام �ضاحب المدينة، له حجرات ي�ضكن بها هو وعماله، فوقف محمد اأمام حرا�ش �ضاحب المدينة ومعه رجال بزي العامة، فقال اأحد الحر�ش:

من اأنت اأيها الرجل؟ ام�ش من هنا واإل رميتك ب�ضجن الق�ضر. ولم يكمل كلمته حتى ا�ضتل محمد �ضيفه وب�ضرعة خاطفة ت�ضبه بدمه. م�ضرجا لي�ضقط الحار�ش ف�ضرب العامريين على قلبه حقد

فقال محمد: واأنت لن ت�ضكن ب�ضجن الق�ضر بل في القبر!تم�ش ولم المدينة، �ضاحب حرا�ش مع قتال ن�ضب ما و�ضرعان المدينة �ضاحب مقام اإلى فدخلوا هامدة، جثثا كانوا حتى ال�ضاعة و�ضاحبها هو عبد الله بن اأبي عامر ابن عم المن�ضور، فوجدوه ثمل، بيده قارورة الخمر وجنبه جارية يداعبها، فدخل محمد ورهطه وهو

ل يدري �ضيئا.

305

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقال محمد �ضاخرا: هل راأيتم اإلى اأين و�ضلت الدولة؟ بيد �ضكير عربيد مثل هذا، رحم الله المن�ضور كم اأكرهه؟ ولكني عندما راأيت وفي ونا�ضل، كافح كم عليه، حزنت وفتيته عمه واأولد ولده ف�ضاد النهاية ت�ضتقر الدولة بيدكم، ا�ضربوا عنقه وعلقوه على باب الق�ضر.الق�ضر، باب على وعلقوه راأ�ضه وا واحتز قتلوه ما و�ضرعان اإلى راك�ضة واأتت وفزعت، ذعرت المعلق الراأ�ش النا�ش راأت فلما حتى المدينة �ضاحب راأ�ش يب�ضرون تجمهروا اإن وما الق�ضر، باب �ضهرت ال�ضيوف المخباأة، وقام الم�ضلحون وهم يكبرون، فخرج محمد بن ه�ضام من مقر �ضاحب المدينة وهو يحمل �ضيفه الذي ي�ضيل دما، فقال: اليوم يوم الملحمة، يوم زوال ملك بني عامر، و�ضيعود الحق اإلى

ن�ضابه. فلم يكمل كلمته حتى قام اأحد رجاله، و�ضرخ: الآن بداأ عهد اأمير الموؤمنين محمد بن ه�ضام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن النا�ضر،

من فقد اأباه في �ضبيلكم، فبايعوه، وكونوا معه، الله اأكبر.فالتموا نحوه مكبرين، وهكذا هي قرطبة تقف من القوي دائما.

ولما �ضمع ه�ضام الموؤيد، بغت، وعلم اأن العامة مع الثوار الم�ضلحين اأدرك ما و�ضرعان خوفا، يرتع�ش ف�ضار الق�ضر، باب عند يقفون القوم قاتليه ل محالة، فتذكر خدعة )معاوية( في �ضفين، فاأمر اأن خادميه بحمل م�ضاحف معهم، و�ضعدوا ال�ضطح، فبرز من فوق ومعه الخادمين رافعين الم�ضاحف، فكان م�ضهدا ينم عن ال�ضعف والخوف

الذي و�ضل اإليه.اأجمعين اأهل قرطبة، )ف�ضمتوا يا يف�ضح خوفه: و�ضوته فقال اأميركم، ه�ضام الموؤيد بالله بن الحكم، اأنا م�ضددين نظرهم نحوه( منازلكم اإلى بالرجوع اآمركم واأنا رقبتكم، بيعة في ن�ضيتم؟ لي هل

اآمنين مطمئنين.

306

شر والتوزيععصير الكتب للن

على اأميرا تكون ل لماذا اأميرنا؟ الآن اأحدهم: به ف�ضاح وا�ضت�ضلم نف�ضك اخلع الم�ضت�ضعفين؟ الفقراء على العامريين؟ فقط

اإلى م�ضيرك كالرجال.فعلت الأ�ضوات الناقمة عليه، وارتد خائفا مرعوبا.

واأمرهم العامة، من كثيف كبير جي�ش له ن تكو ما و�ضرعان فخرج اأبوابه وك�ضروا عليه فهجموا العامريين، �ضجن باقتحام محمد حول التفوا ما �ضرعان مهرعين والقتلة والزعار الل�ضو�ش وخرج العامريين. بالفتيان يفتكون جنده، من و�ضاروا ه�ضام بن المروانيون من كل حدب و�ضوب فرحين بعودة الملك، ف�ضارت جموع

ابن عبد الجبار غفيرة، وه�ضام الموؤيد في ق�ضره محا�ضر.اأبوابه. و�ضرعان ما فقال لجنده: انقبوا اأ�ضوار الق�ضر واقتحموا اقتحموا الق�ضر وو�ضلوا اإلى مخازن الأ�ضلحة، فت�ضلح من ل �ضلح له،

وبداأ النهب وال�ضلب و�ضط تلك الفو�ضى.فاأدرك ه�ضام الموؤيد اأن النهاية قد لحت في الأفق، فبعث خادمه

اإلى ابن عبد الجبار.اأمير الموؤمنين ه�ضام الموؤيد بالله. �

فقاطع محمد بن ه�ضام الخادم قائل:لو كنا ن�ضهد اأنه اأمير الموؤمنين ما قاتلنا، بل قل ه�ضام بن الحكم. �الحكم، � في و�ضاركه تعال ويقول: اإليك يبعث الحكم بن ه�ضام

واأقم مقام بني عامر، اأنت و�ضحبك.ف�ضخر منه محمد وت�ضاحكوا.فقال وال�ضر يتطاير من عينيه:

307

شر والتوزيععصير الكتب للن

قل له لي�ضت�ضلم وليحافظ على روحه وروح اأهله، والله ل اأقنع اإل �بروؤيته مقيدا م�ضفدا في الأغلل.

فعلم األ منا�ش من ال�ضت�ضلم، ودخل محمد بن ه�ضام بن عبد الجبار ق�ضر الخلفة في م�ضاء ذلك اليوم بعد اأن تمت ال�ضيطرة على يائ�ضا يقف الموؤيد ه�ضام ووجد الخلفة مجل�ش اإلى ودخل قرطبة،

مذلول، فجل�ش على عر�ش الخلفة، وحوله رجاله، فقال:يا ه�ضام �ضتعلن خلع نف�ضك بمح�ضر من العلماء والفقهاء، كفاك �

بن يا )محمد عاما، وثلثون ثلثة اأمية، لبني وخذلنا �ضعفا عينتك وقد عظيما، جهدا بذلت وقد عمنا ابن اأنت المغيرة(

�ضاحب ال�ضرطة.فقال محمد بن المغيرة مذعنا:

اأنا طوع اأمير الموؤمنين وخادمه. �يا )عبد الجبار بن المغيرة(، عينتك حاجبا لي. �نحن خدم اأمير الموؤمنين. �ا�ضرفا � والآن عهدي، ولي ه�ضام( بن )�ضليمان عينت وقد

العامة، ولت�ضكن المدينة، اأما اأنت يا ه�ضام فقبحك الله من رجل ملك ت�ضييع من ت�ضتحي األ الن�ضاء، زير يا اأخرق، اأحمق اأبله اإلى حالك، كم العامريين وانظر لعبة بين يدي اأجدادك عبثا؟ اأنت بائ�ش تع�ش، ق�ضيت عمرك في المذلة والمهانة، ك�ضبي حب�ش عنه الطعام، اأنت اأيها المغفل الذليل، هكذا ع�ضت وهكذا �ضتموت، اأمثالك ل ي�ضتحقون اأن يعي�ضوا �ضبيانا عاملين في �ضوق البزازين

ف�ضل عن الخلفة والإمارة.

308

شر والتوزيععصير الكتب للن

كان يريد اأن يجيبه، اأن ي�ضرخ به، ويقول له: لم اأع�ش كما يعي�ش النا�ش، بل ع�ضت كجوهر ثمين، الكل يبغي الفوز به لي�ضتفيد منه ل قادر التحليق، ماذا ي�ضنع وهو غير ي�ضتطيع ليفيده، كان كطائر ل ومن ذلك؟ له اأنى ولكن المتتابعة، اإهاناته رد ول بكلمة ينب�ش اأن اأبوك وجدك له: وتقول تذله النا�ش الرد؟ ال�ضجاعة في ي�ضتمد اأين والأمويون، ولكن لماذا ين�ضى النا�ش اأنه لم يع�ش مع اأبيه من العمر اإل

اأقله، واأنه راأى اأبا عامر في �ضباه اأكثر مما راأى اأباه؟ و�ضيق اإلى ال�ضجن واأطبق عليه واأم�ضى اأ�ضيرا.

لم ولكن عليها وهجموا الزاهرة اإلى الثوار جموع واتجهت ي�ضتطيعوا اقتحامها.

rاأبي بويعت بالخلفة بعد موت اأنا ه�ضام الموؤيد بالله بن الحكم، الم�ضتن�ضر بالله الحكم من عام �ضت و�ضتين وثلثمئة، ليكتب علي منذ اأنا ذا بعد ثلثة وثلثين اآيات ال�ضقاء، ها البوؤ�ش وكل التاريخ ذلك تنازلي لأعلن اإلى مجل�ش الخلفة اأ�ضاق الأغلل بهذه مقيدا عاما وخلع نف�ضي لهذا التافه الخ�ضي�ش محمد بن ه�ضام، األي�ش من المحزن

اأن تاأول دولة اأجدادي العظيمة اإلى رجل فا�ضق زنديق مثل هذا؟ لم تنق�ش النا�ش على ملك بني عامر اإل لظلمهم وطمعهم ولكن هل يعلمون ما �ضيفعله هذا بملك �ضقر قري�ش الذي يباهون به؟ ها هم الفقهاء الذين جمعهم ووجوههم كالحة متهالكة تكاد تنطق كل جارحة من جوارحهم بخيانتهم، كيف تبقى الدولة وفقهاوؤها يذعنون للفا�ضق وي�ضلمونه للدولة؟ ذلك لأنه واجه ا�ضتبداد العامريين، فمن �ضيواجه ا�ضتبداده هو؟ اأنا �ضاأكون في طيات الأر�ش عندما يحكم هو،

309

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكن يقال اأن الميت ي�ضتفهم من القادمين الجدد عن دنياه، ف�ضاأبقى اأهل يا منا�ش حين ولت و�ضتندمون �ضيفعله، ما اأنتظر قبري في

قرطبة على ما فرطتم به في جنبي.وتمت البيعة في ذلك اليوم لمحمد بن ه�ضام، ولقب نف�ضه المهدي، واأول ما فعله بعد اأن تمت له البيعة اأن قال لحاجبه: يا عبد الجبار �ضر على راأ�ش الجي�ش الجديد واذهب اإلى الزاهرة واقتحمها وانهب اأموالها، وخرب اآثارها، واجعلها ر�ضما دار�ضا متهدما متاآكل، فاأنت

الذي �ضتهدمها وتوهن ج�ضمها وتعدمها. وخرج عبد الجبار بن المغيرة على راأ�ش الجي�ش الكثيف الغفير من العامة نحو الزاهرة، يتقدمهم راأ�ش عبد الله بن اأبي عامر معلقا بالرماح، فو�ضلها، وكان ق�ضر عبد الملك المظفر خارج اأ�ضوار الق�ضر فهجموا ونهبه، باقتحامه الجبار عبد فاأمر والذلفاء، اأهله وفيه ف�ضرخت دهرا، عنهم حب�ضت وقد لل�ضرقة تواقين تافهين كاأوغاد

بهم الذلفاء: اأنا الذي مولت �ضيدكم وجعلته يقوم بثورته. ولكن �ضوتها �ضاع عبثا و�ضط نهم الل�ضو�ش المتعط�ضين لل�ضرقة

بعد اأن تعفنت اأج�ضادهم في �ضجن ولدها وزوجها.وعلم حرا�ش الزاهرة اأن المقاومة لن تجدي نفعا، فطلبوا اأمانا كي

ي�ضلموها، فكتب اإليهم المهدي بالأمان المن�ضود.كالذئاب فبدت الغفيرة، الجموع قبل من الزاهرة واقتحمت الجائعة وقد اأفلتت على فري�ضتها، تدمر كل �ضيء وت�ضرق كل �ضيء، يو�ضف، ل مما الأثيرة والجواهر الثمينة والنفائ�ش المتاع فنهبت حتى الزهور التي تغزل بها ابن دراج، دخل فوجدوها قد كمل بهاوؤها وو�ضلت اإلى منتهى الجمال، فنظر اإلى ب�ضاتينها فوجدها فتانة تبعث

في النفو�ش بهجة، حتى اإن �ضاعدا قد قال فيها:

310

شر والتوزيععصير الكتب للن

جمـــال تخـــال فيـــه جنـــود المـــاء رافلـــة

مســـتلئمات تريـــك الـــدرع واليلبـــا

زاهـــرة الأيـــك فنـــون مـــن تحفهـــا

قد أورقت فضة إذ أورقت ذهبا

ناظرهـــا ينفـــك مـــا الملـــك بديعـــة

يتلـــو عـــلى الســـمع منهـــا آيـــة عجبـــا

ي لهـــا مثـــلالا يحســـن الدهـــر أن ينـــ�ش

طلبـــا نفســـه فيهـــا تعنـــت ولـــو

فم�ضى الجمع وكاأنه همج هامج يدمر كل �ضيء، وياأخذ كل ثمين نقية، ولم يجل�ضوا على فر�ش نظيفة، تر عينهم �ضم�ضا نهبا، هم لم كان الغوغاء هذا �ضعد ولكن ملوكية؟ مدينة دخلوا وقد بهم فكيف ويرمي الأنوف تزكم ورائحته م�ضرعا ياأتي باأحدهم واإذا بنهبها، نف�ضه في بركة الماء تلك، والتي كان يجل�ش اأمامها المن�ضور وقد قال

�ضاعره وهو يتاأمل المن�ضور في تلك المنية وتلك البركة:الأول أيامـــك ي

�ف يـــوم كاليـــوم لا

والظلـــل المـــاء ذات بالعامريـــة

ي جميـــع الدهـــر معتـــدلهواؤهـــا �ف

طيبا وإن حل فصل غ�ي معتدل

مـــا إن يبـــالي الـــذي يحتـــل ســـاحتها

بالسعد ألا تحل الشمس بالحمل

311

شر والتوزيععصير الكتب للن

تلك و�ضماجة، بهمج به يعبثون وهم قذرا وحل ماوؤها ف�ضار مهانون، مذلون والكفرة الطغاة اإليها تاأتي التي اأخي يا الزاهرة العظيم المن�ضور يقودها خفاقة الفتح رايات منها تخرج التي تلك والمظفر، هنا تحت هذه ال�ضجرة قد تفياأ المن�ضور، هنا في هذا المجل�ش الذي ي�ضرقه هذا الأ�ضعث كان المن�ضور يبت في اأمور هذه الدنيا ويقرر

م�ضائرها.وما اإن ا�ضتحوذ عبد الجبار على اأموالها وكنوزها حتى اأمر بهدم الزاهرة، وتخريب جمالها، وتركها ر�ضما دار�ضا، ولم يمر يوم حتى ا�ضتبدل بالأن�ش وح�ضة وبال�ضياء ظلمة، و�ضارت خاوية على عرو�ضها

كاأن لم تغن بالأم�ش.الزاهرة من الثائرين جموع انق�ضعت التالي اليوم ظهر وعند المعالم، موح�ضة م�ضوهة فاأم�ضت نهبوها، اأن بعد خرابا وتركوها واأملكها واأموالها مغانم، وهكذا اأم�ضت مدينة المن�ضور في ذلك اليوم ماأوى للكلب ال�ضائبة، تلعب بها الريح يمنة وي�ضرة وي�ضفع مجدها

من اليمين قول ال�ضاعر:أهلهـــا بشاشـــة مـــن عليهـــا ديـــار

بقايـــا تـــسر النفـــس أنســـا ومنظـــرا

ربوع كساها المزن من خلع الحيا

بـــرودا وحلاهـــا مـــن النـــور جوهـــرا

تـــسرك طـــورا ثـــم تشـــجيك تـــارة

تذكـــرا وتشـــىب تأنيســـا تـــاح ف�ت

312

شر والتوزيععصير الكتب للن

اب

ل ول ال

ة ل صصهم عب

قد كن ف ق

وي�ضفعه من الي�ضار قول الله: ل

كتاب ليكتب كئيبة، حزينة نهاية المن�ضور دولة انتهت وهكذا الثلثاء لأربع اأنه من ن�ضف نهار يوم اأعجب ما روي الأخبار: ومن بقين من جمادى الآخرة اإلى ن�ضف نهار يوم الأربعاء فتحت قرطبة، وهدمت الزاهرة، وخلع خليفة وهو الموؤيد، وولي خليفة وهو المهدي، وزالت دولة بني عامر العظيمة، وقتل وزيرهم عبد الله بن اأبي عامر، الوزارة وولي الوزراء، من خلق ونكب العامة، من جيو�ش واأقيمت وجزارين فحامين رجال ع�ضرة يد على كله ذلك وكان اآخرون،

وزبالين ول�ضو�ش وقتلة وهاربين وهم جند المهدي!

r

السفر الخامس والأخيرr

317

شر والتوزيععصير الكتب للن

)42(ف الجوارح، تصلح الجوارح ف لقلب بني المؤمنني »والإمام العدل يا أم�ي

فسد بفساده«بصلاحه، وت

كان من ال�ضعب على قرطبة اأن تن�ضى ذلك الم�ضهد المخيف؛ م�ضهد راأ�ش عبد الرحمن بن المن�ضور معلقا على باب الزهراء! كان م�ضهد محمد بن اأبي عامر وهو يترفع في المراتب يبعث في نف�ضك الطموح؛ ولكن راأ�ش ولده المعلق يبعث في نف�ضك الياأ�ش، من يره وجنود الدولة يركعون له مهطعين مقنعين يوحي لك بالخلود، ولكن راأ�ضه المقطوع المعلق يوحي لك بالفناء، من ير ا�ضتبدادهم يخال اأن الملك نعمة، ومن

ير راأ�ضه يعلم اأنه نقمة.عاد خلفه ح�ضل الذي بالنقلب الرحمن عبد علم اأن بعد وحيدا وتركوه حوله من جي�ضه انف�ش ما �ضرعان ولكن متعجل،

ليذهب ويلقى م�ضيره المحتوم.ولم تطل اأيام محمد بن ه�ضام الذي لقب نف�ضه بـ )المهدي(، فبعد بني ا�ضتبداد باعتباره بطل منقذا من العامة اأكتاف اأن �ضعد على نزقه �ضهوة امتطى اأن بعد ومجونه ف�ضقه ظهر ما �ضرعان عامر؛ وطي�ضه، فبداأ الظلم والجور بعد قلة الحبور، و�ضرعان ما عاد ال�ضخط يملأ نفو�ضهم، فعبر �ضاعرهم عما ت�ضمره نفو�ضهم ولم تعد تخ�ضى

اإظهاره:

318

شر والتوزيععصير الكتب للن

ولكـــن مهدينـــا قـــام قـــد

بملـــة الفســـق والمجـــون

ي حريـــموشـــارك النـــاس �ف

بالمصـــون مـــا زال لـــولاه

مـــن كان مـــن قبـــل ذا أجمـــا

فاليـــوم قـــد صـــار ذا قـــرون

وتفرغ المهدي هذا لعبثه بال�ضلطة ولهوه، فن�ضب العداوة للبربر باعتبارهم يد العامريين التي كانوا يبط�ضون بها، و�ضرعان ما خلع ولي عهده وزج به في ال�ضجن مع عدد من كبار القر�ضيين الذين �ضك في ولئهم، فبدا طي�ضه مدمرا، وا�ضتفراده بال�ضلطة عن طي�ش و�ضفاقة ل براعة و�ضيا�ضة، وانت�ضرت اأخبار ف�ضقه وعبثه بين العامة تقول: اأن

غلما حيا المهدي في مجل�ش �ضرابه، فرد عليه المهدي:الميـــاس قوامـــك شـــبه أهديـــت

آس مـــن ناعمـــا رطيبـــا غصنـــا

حركاتـــه ي �ف يحكيـــك وكأنمـــا

الأنفـــاس ي �ف تحكيـــه وكأنمـــا

واأحاديث ابن ه�ضام مع المخنثين مما تتعفف الأل�ضن عن ذكره كثيرة، فقد انت�ضر بين العامة اأن ابن ه�ضام هذا قد غدا قوادا لوطيا، القوم، اأراذل من �ضعلوكا كان فقد الأولى، �ضيرته يعلمون ل وهم وتكبر المن�ضور عن الفتك باأبيه وبه لعلمه بجهالتهم وجبنهم، وكانت

له �ضمعة �ضيئة يعرفها رهطه، ولكن النا�ش ل تعلم.

319

شر والتوزيععصير الكتب للن

وحدثت بعد ذلك عداوة �ضارية بين البربر والعرب، فبعد م�ضرع البربر واجتمع فهزم، بالبربر، المهدي لقتال اأبوه خرج العهد ولي على ابن اأخيه �ضليمان بن الحكم ولقبوه بـ)الم�ضتعين(، ليدخل حربا لتم�ضي بالن�ضارى، وا�ضتعان جيو�ضه جمع الذي المهدي مع �ضارية الأندل�ش في �ضراع مرير حول الخلفة، و�ضاء الحال، و�ضارت النا�ش تترحم على اأيام بني عامر، وعلى ا�ضتبدادهم القاتم، فاأيامهم حالكة ال�ضواد، متهالكة، فقد تهاوى ح�ضن الإ�ضلم عندما ا�ضتعان المهدي

بالن�ضارى وتنازل عن ح�ضون وقلع لهم.

r

320

شر والتوزيععصير الكتب للن

)43(اطلب الموت توهب لك الحياة

قرطبة التي كانت حا�ضرة الدنيا، وقد ا�ضت�ضغرت جنبها بغداد، ها هي قد خفتت منذ اأن تولى اأمرها الداعر الفا�ضق محمد المهدي، للأقوى، والبقاء ذئاب، غابة واأ�ضحت قرونا، الوراء اإلى فعادت ولكن المهدي ترك لقرطبة عداوة البربر التي لن تر�ضى اإل بالدماء خ�ضرة من مقفرة قاحلة مجدبة قرطبة لتعود غليلها، ي�ضفى حتى بل البهي، �ضموخها تزين كانت التي ال�ضذية، العدل وورد الرحمة اأحد اأو ت�ضمع لها ركزا، لم يعد عدمت الإن�ضانية فلم تعد تح�ش بها ياأمر بمعروف اأو ينهى عن منكر، بل �ضب ا�ضم النبي )�ضلى الله عليه و�ضلم( من يهودي علنا في اأ�ضواق قرطبة فلم ينهروه اأو يجيبوه! و�ضاد الف�ضاد بعد مقتل المهدي وتقديم راأ�ضه له�ضام الموؤيد، والذي قتله هو الفتى وا�ضح الذي اأقنع المهدي اأنه موال له، وما اإن �ضنحت الفر�ضة وا�ضح واأعاد العامريين! ل�ضحبه انتقاما وقتله عليه انق�ش حتى بقيادة البربر ال�ضلطة، ولكن قرطبة قد حا�ضرها اإلى الموؤيد ه�ضام اأعوانه فاجتمع مجموعة من الفرار وا�ضح فاأراد الم�ضتعين، �ضليمان

وقتلوه! لأنه حاول الفرار وتركهم و�ضط الجحيم.

r

321

شر والتوزيععصير الكتب للن

�ضهور منذ المحا�ضرة قرطبة في الدولة وكبار الفقهاء اجتمع طويلة ودخلوا على ه�ضام الموؤيد.

فقال ابن ذكوان:يا اأمير الموؤمنين، قد اأ�ضنانا الجوع، ولم نعد نتحمل ما يح�ضل �

من �ضيق العي�ش و�ضظفه، اأهل قرطبة كلهم يعي�ضون على بركان نموت و�ضرنا يعود، فل اأحدهم يخرج والرعب، الخوف من جوعا، فعلم التح�ضن؟ والموت اآت ل محالة، يا مولي �ضيدنا اأبو بكر ال�ضديق ر�ضي الله تعالى عنه يقول )اطلب الموت توهب لك الحياة(، ولم يعد هناك حاجب تتكل عليه، فلم نحن خائفون؟

لنقاتل، اأعطنا الأمر، اأو تنازل عن الخلفة لهم.فقال ه�ضام الموؤيد بعد �ضكوت طويل با�ضتلم مخذول:

ولكني ل اأ�ضتطيع اأن اآمركم! اأنا �ضعيف ذليل، حقي اأن اأكون عبدا �الحاكم الموؤمنين، اأمير ل ق�ضرت اإن بال�ضوط �ضيدي يجلدني

لهذه الأكوار والبلدان.لم تقول هذا يا اأمير الموؤمنين؟ �

يعد فلم اإعدامه حكم اأ�ضدر وقد الأ�ضير �ضرخة ه�ضام ف�ضرخ يبالي ب�ضيء:

األ�ضت � الجماعة! قا�ش يا لي قل اأنا؟ فماذا هكذا اأكن لم واإن كاأ�ش اأتجرع اأن وي�ضر ، علي في�ضن الموت اأطلب اإن�ضانا حقيرا البوؤ�ش اإلى اآخره، كفى، قد مللت من ال�ضراعات، اأنا عاجز )ثم

�ضارخا( عاجز.ثم تقدم و�ضط الوزراء وقال ب�ضجاعة مخنوقة بجبن الأيام:

322

شر والتوزيععصير الكتب للن

منه � اأملك ل اأمري، على مغلوب واأنا الأمر هذا توليت اأن منذ كل هكذا واأمي، عامر اأبي ابن قرره ما على التوقيع اإل �ضيئا اأهل واأراذل عليها اأح�ضد تعي�ضة وحياة مغت�ضب، ملك عهدي،

قرطبة يعي�ضون اأف�ضل مني.التي بكلماته عليه التغلب حاول ولكنه الدموع انهمار غلبه ثم

خرجت من الأعماق والتي يكررها دائما:

مثـــلىي أن العجائـــب مـــن يـــس

أل

يـــهعل ممتنعـــا ـــل

ق مـــا يـــرى

جميعـــا نيـــا الد باســـمه ـــك مل

وت

يديـــه ي �ف ء ي

�ش ذاك مـــن ومـــا

ثم جثى على ركبتيه باكيا، فاأمر ابن ذكوان الكل بالخروج فخرجوا اأجمعين.

اأبت اأن اأ�ضتحق ل فاأنا ترونه منا�ضبا، افعلوا ما له ه�ضام: فقال باأمركم.

r يا لله وللم�ضلمين، ذهبت قرطبة واأهلها في انحدار نحو الزوال ال�ضحيق، ولم يبرح من النا�ش جهلها، ما ذاك اإل لأن ال�ضيطان ي�ضعى الريح، به تعبث وهباء �ضف�ضفا، قاعا ويجعله فين�ضيه الحق لمحو والباطل باق منت�ضر، وعادت في قرطبة كل �ضفات الجاهلية المنبوذة، والتنابز والت�ضاوؤم والكهانة والتف�ضيل والطعن والتفاخر كالنياحة

323

شر والتوزيععصير الكتب للن

حتى والفجور، والف�ضق والكذب والج�ضع والطمع والح�ضد بالألقاب ا بالطلب والقراء كاأنهم ل يعرفون الدين، لم يعد �ضوق الوراقين عاجفقد خوى، حتى المكتبة الأموية العظيمة التي بذل فيها الحكم بن عبد اأقفرت من القراء، اأموال طائلة في جمع كتبها قد الرحمن النا�ضر

والنا�ش في �ضغل من فتك البربر الذين ل ير�ضون اإل بالدماء.

r

324

شر والتوزيععصير الكتب للن

)44(ـــوف

خ ألا لفهـــم

مـــن خ بهـــم ـــوا

يلحق ـــم

ل ذيـــن

ل با

ون ويســـتبسرش

ـــون

يحزن هـــم ولا يهـــم

عل

م�ضجيا، ن�ضجا ين�ضج الموؤيد ه�ضام ترك وقد ذكوان ابن خرج فخرج يقطع حدائق الزهراء، فوقف اأمام الأ�ضد المذهب الذي ت�ضيل الماء من فيه، فتاأمل دقة ال�ضناعة وعظمة العمارة، وقال لنف�ضه: اإن و�ضي�ضيع بالأر�ش، و�ضوي اإل حجر على حجر يبقى لن ا�ضت�ضلمنا الجميلة الأزهار هذه اقتلعت وقد العمل؟ ما ولكن كله، الملك هذا البنيان القلوب موح�ضة، فل عتب على واأم�ضت قلوبنا، الن�ضرة من

اإذا اأوح�ضت. لم يكن هناك �ضيء بدل ال�ضت�ضلم اأو القتال حتى الموت، فمنذ تلك الحادثة التي ح�ضلت منذ �ضهور عندما راأى اأهل قرطبة بالقرب من اأبوابها فر�ضانا يتجولون، فاأقبلوا عليهم، فعرفوا اأنه ابن اأخ كبير وح�ضية، قتلة وقتلوه عليه فاجتمعوا با�ضل، �ضجاعا وكان البربر، عوا ج�ضده، فما اإن علم البربر بذاك حتى اأعلنوا الهجوم ال�ضامل وقطعليها، فدمروا الأربا�ش وحرقوا الب�ضاتين التي تحيط بها، وقتلوا كل اأهل قرطبة لقتالهم مرارا اأن خرج اإلى اأو مقبل عليها، خارج منها على الجحيم ينتهي فمتى المرهق، الح�ضار هذا تحطيم محاولين

اأهل قرطبة؟ ومتى تعود اأيامها الجميلة؟

325

شر والتوزيععصير الكتب للن

وقف ابن ذكوان خطيبا في اأهل قرطبة كلهم اأمام الجامع الكبير، فقال: يا قوم، لن ين�ضحب البربر من اأمام قرطبة اأبدا، واإذا دخلوها �ضاك اآت والموت الهوان وعي�ش الخوف فلم دمائكم، كل تكفهم لم اأنيابه؟ »اطلبوا الموت توهب لكم الحياة« ها اأنتم منذ اأن تولى المعتوه وخوف، ذلة في تعي�ضون المهدي محمد الفا�ضق بعده ومن �ضنجول ها

عل خرة ن

ار ال ك الد

فاإلى متى؟ فاخرجوا وقاتلوهم يرحمكم الله، تل

متقين، وهوؤلء البربر عاقبة لل

سادا وال

ف

رض ول

وا ف ال

يريدون عل

ين ل

لل

الفا�ضدون قد قتلوا ودمروا فقاتلوهم وكفاكم خنوعا وخ�ضوعا وحبا مغفرة من

و متم ل

تم ف سبيل الله أ

تل

ئ ق

للدنيا وجبنا، وقد قال المولى ول

ا ون، وقال اأي�ض الله حش

ل

تم لتل

و ق

ئ متم أ

ا يمعون * ول الله ورحمة خي مم

خرة ومن يقاتل ف سبيل الله

نيا بال ياة الد ون ال ين يش

قاتل ف سبيل الله ال لاأكبر حي، على الجهاد، عظيما. الله جرا

أ نؤتيه

سوف

ف يغلب و

أ فيقتل

الله اأكبر.تجتمع الجموع وخلفه قرطبة اأزقة يجوب ذكوان ابن واأخذ م�ضلحين بما وجدوا من �ضلح، حتى اجتمع في قرطبة من اأهلها جي�ش

غفير، كلهم من العامة، وا�ضتعدوا للخروج والقتال.اأعلنت قد المواجهة لحظة اأن فعلموا بتكبيراتهم البربر و�ضمع وال�ضاعة المنتظرة قد بداأت، ف�ضاووا �ضفوفهم وكان معهم الن�ضارى الذين وعدهم الم�ضتعين باإخلء كل الح�ضون والأرا�ضي التي فتحها

المن�ضور وولده المظفر من قبل.وكاأنهم البربر وهجم ال�ضيوف، والتحمت قرطبة اأهل وخرج وحو�ش غاب انطلقت نحو فري�ضتها، وبداأ القتال، وم�ضى البربر بهم قتل وفتكا، واأهل قرطبة ل خبرة لهم بالحرب وعامة جي�ش المن�ضور

كان من البربر، فاأنى لهم خبرة الحروب؟

326

شر والتوزيععصير الكتب للن

ف�ضارت اأول لحظاتها، منذ خا�ضرة قرطبة اأهل معركة كانت ابن وخرج اأحمرا. لي�ضبح الأر�ش لون وتغير �ضيل، ت�ضيل دماوؤهم المقتلة بعد البربر مع�ضكر اإلى الفقهاء من مجموعة مع ذكوان

العظيمة وطلب منهم الأمان مقابل اأن ي�ضلمهم قرطبة!دون فوافق الأمان، مقابل عهد باهظة �ضروطا عليه فت�ضرطوا تردد! وفتحت اأبواب المدينة لهم؛ فانطلقوا نحوها كالوحو�ش المفتر�ضة الأ�ضلحة �ضاكين متدافعة متموجة واأفواجا اأمواجا دخلوا الجائعة، النتقام المجنونة، وفي عقولهم نفو�ضهم �ضهوة واأعينهم محمرة، في فكرة الثاأر لإخوانهم الملعونة، وقلوبهم قد خلت من الأيمان، و�ضارت كالحجر ال�ضوان، ل تهتدي ول تلين ول ي�ضقي �ضلدها اإل الدماء، قد خوى قلبهم من الرحمة، وتجرد منها، ونزلت الروح اإلى القاع موحلة

في قذارتها، وناهمة طعمها المقزز بتلذذ. واأول ما دخلوا كان اأمامهم �ضف مترا�ضف من الأهالي فهجموا عليهم كالمجانين، وما اإن راأى النا�ش فوجهم المنطلق نحوهم كال�ضهم الم�ضموم، وال�ضيف القاطع الم�ضلول، حتى هلعوا وفزعوا، وبداأ فرارهم ملئوا رعبا، فتعثر بع�ضهم مع بع�ش و�ضار منهم تحت المدا�ش، وقد فدا�ضوه، وكاأنه يوم الح�ضر لم تعد تعرف الأمة ربتها اأو الوالدة ولدها، اأمامهم يظهر كل من ي�ضربون واأخذوا بال�ضيوف، البربر فطردهم ناهز قد رجل فذاك مهل، على يقتلوه اأن يعجبهم وقد بال�ضيف،

الثمانين، م�ضكوه، فقالوا له: انزع ثيابك وابق عاريا!والمن�ضور النا�ضري غالب مع قاتلت اأنا ولدي يا لهم: فقال ب�ضيفه اإل اأن يم�ضني الإ�ضلم لأمة اأكبر عدو ي�ضتطع العامري، ولم ل الذين البرابرة من ومجموعة اأنت تاأتي فهل نف�ضه، عن مدافعا

نعرف اأ�ضلهم فتاأمرونني بهذا؟!

327

شر والتوزيععصير الكتب للن

فغ�ضب اأحدهم، وم�ضكه من رقبته فذبحه كما يذبح ال�ضاة، ولم يكتف اإل ب�ضل بلعومه واإخراجه وهو ي�ضحك، وبقيت الجموع تفر يمنة وي�ضرة وما هم بفارين من ال�ضيف مهما فعلوا، فذاك يرك�ش هاربا ويده مقطوعة مبتورة، وذاك يزحف اآمل بالنجاة، وفرغت �ضوارعها متقطعة واأ�ضلء جثث �ضوى بها يبق ولم الأحياء، من الكبيرة متراكمة، فانت�ضروا بالأزقة كالحمر الم�ضتنفرة، واإذا باأحدهم يم�ضي بالأزقة يقتل كل من يراه، ف�ضمع �ضوت طفل ر�ضيع ي�ضرخ، فبحث عن م�ضدر ال�ضوت، فوجد امراأة مختبئة تحت ظل �ضجرة مركونة جنب بيت مهجور وقد ف�ضحها طفلها الر�ضيع، كان دمعها ملكوم بالخوف، اأ�ضنانها فوجد نحوها و�ضار ماكرة، ب�ضمة عن اأ�ضنانه فانفرجت ت�ضطك خوفا وهلعا، فم�ضك ولدها بيد قوية لم تعرف الرحمة يوما، وم�ضك راأ�ضه بيده وج�ضده باليد الأخرى يريد ف�ضلهما والأم ت�ضرخ بالحائط و�ضربه م�ضكه الج�ضد؛ عن الراأ�ش ف�ضل عن عجز فلما ليتطاير راأ�ضه ويتناثر، كملك هادئ �ضكن لترتقي روحه اإلى ال�ضماء خالية من دن�ش الخطايا، فقد غدت الأر�ش دن�ضا موحل، ف�ضرخت تباد وهكذا اأحد، يجبها ولم ال�ضماء عنان لها ت�ضققت الأم �ضرخة المتحجر فوؤاده بذلك، ولم يمزق يكتف باآثام الخطيئة، ولم الرحمة خلقت كما ويعريها بقوته، ليم�ضكها المتناثر ولدها على الأم �ضراخ وهي ت�ضرخ بجنون، فرمى عدته وبداأ بنزع ملب�ضه اأمام النا�ش التي لم تعد تهتم حتى بالنظر لهذه الم�ضاهد، وما اإن تم خلع ملب�ضه والمراأة عارية وت�ضرخ حتى قامت ب�ضرعة خاطفة م�ضدرها العفاف وعدتها ترك�ش وهي ارتدته ردائها، نحو ورك�ضت �ضيفه واأخذت العر�ش؛ فظهر وح�ش اآخر اأمامها وذاك من خلفها فا�ضتلت الن�ضل وغرزته في

قلبها لت�ضقط �ضريعة قبل اأن يهتك �ضرفها!ر�ضعت، ا عم مر�ضعة كل ذهلت فقد قامت، قد القيامة وكاأن وو�ضعت كل ذات حمل حملها بعد اأن بقر الوحو�ش بطونهن بال�ضيوف،

328

شر والتوزيععصير الكتب للن

يريد كل قريب اأو ولد عن ي�ضاألون ول �ضيئا، يعون ل النا�ش وترى من بالقتلى قرطبة �ضوارع وملئت العظيم، الهول هذا من النجاة الرجال الم�ضفوحة، والن�ضاء المغت�ضبة ثم المقتولة، والأطفال الراقدين وقد �ضعدت روحهم لمكان عال با�ضم، كانوا اأقمارا ينيرون عتمة الظلم م يلحقوا بهم

ين ل

القاتمة، تظنهم يلقون عليك التحية: ويستبشون بال

المخ�ضبة اأج�ضادهم وتظن ،يزنون هم ول يهم عل

خوف

أل خلفهم من

بدماء الخلود ت�ضب اللعنة على ال�ضفاكين الجلدين، لتعانق الأر�ش دماءهم ويفيح �ضذاها الطيب في �ضماوات الخلود.

ثم التدمير و�ضعه ما فدمر الزهراء اإلى الهامج الهمج ودخل حرق المكتبة الأموية! و�ضبت النيران في اأرجائها لي�ضعد دخانها اإلى

ال�ضماء في عليائها �ضاكيا ظلم هذه القرية. ودخل �ضليمان الم�ضتعين قرطبة ظافرا با�ضما يمتع عينه بم�ضهد اأو يظفر، بل خ�ضر الدماء وي�ضحك بن�ضره الكاذب، هو لم ينت�ضر اإن�ضانيته ونف�ضه التي باعها لل�ضيطان في �ضبيل الملك، ي�ضير في قرطبة برائحة المكان زكم وقد المكتظة والجثث الخربة، البيوت فيرى دماء تكن لم ولكنها وانزعج، جريمته رائحة من ف�ضجر الدماء، م�ضفوكة ت�ضيل، بل هي جداول رقراقة بين ال�ضهول، ودخل اإلى ق�ضر وهو جذل اإلى مجل�ش الحكم ودخل نف�ضه، ان�ضرحت وقد الخلفة، م�ضرور، فجل�ش على الكر�ضي وقد �ضعد نف�ضه ودخل في �ضكرة الملك وقع على اإل �ضكرته من يفق ولم الأندل�ش، بملك ال�ضلطان ون�ضوة

الأقدام؛ واإذا به�ضام الموؤيد بينهم م�ضفدا، فقال �ضليمان الم�ضتعين: ه�ضام، يا فال ال�ضوء وم�ضدر ال�ضر والبوؤ�ش، األم تمت اإلى الآن؟ �

قرطبة كلها جثث هامدة راكدة، واأنت متى تموت؟فقال ه�ضام دون اكتراث:

329

شر والتوزيععصير الكتب للن

خرون ساعة ول يستقدمون{ �هم ل يستأ

جل

إذا جاء أ

جل ف

ة أ م

أ

}ولك

�ضحيح، ولكنك تاأبى اأن تموت، �ضقط ملوك وخلفاء تغير الزمان �واأنت باق هنا، األم ياأت منهم رجل فيف�ضل راأ�ضك عن ج�ضدك

ويريح الخلق منك؟فقال ه�ضام بلهجة ا�ضتفزازية:

كن رجل اأنت وافعلها. �فقال وقد ا�ضت�ضاط عليه:

لتكون عبرة � الزهراء، ولأ�ضلبنك على قتلة، �ضر لأقتلنك وربك لغيرك.

افعلها. �لم فعلت هذا؟ لم رف�ضت التنازل عن الخلفة؟ حتى بلغ الأمر �

�ضبعة تاأخذه على مدار فلم لم ملكا؟ تريد اإلى هذا الحد، هل وثلثين عاما؟ فقال م�ضت�ضلما:

� ! لأنه مغلوب عليها قد اعترفت، واأنت الم�ضوؤول عن كل هذه الدماء. �

فقال ه�ضام �ضاخرا �ضخرية اليائ�ش:واأنت ماذا كنت تفعل؟ �

قام الم�ضتعين وتقدم نحوه، فقال له مرتجل:زورا الأضـــواء تعانـــق عـــلام

الأذان رغـــم كاذب وفجـــرك

330

شر والتوزيععصير الكتب للن

فيـــه عشـــت ـــا زمان تخـــدع فـــلا

الهـــوان خيـــل تمتـــ�ي وضيعـــا

نـــزال ي �ف يقـــوى ليـــس فمثلـــك

ـــان))) ـــد القي ـــا عب ـــرار ي ـــع الأح م

خذوه، فغلوه في حديقة الق�ضر، اإلى اأن يحين موعد قتله، �ضاأتركك تتاأمل ملك اآبائك الذي اأ�ضعته على مدى تلك ال�ضنين، ول تن�ش واأنت ت�ضم رائحة الموتى والدماء اأن تذكر الأبيات التي كان يتمثل بها جدك

عندما بنى الزهراء:أرادوا ذكرهـــا إذا الملـــوك همـــم

البنيـــان فبألســـن بعدهـــم مـــن

ف قـــد بقيـــا وكـــم أو مـــا تـــرى الهرمـــني

الأزمـــان حـــوادث محـــاه ملـــك

شـــأنه تعاظـــم إذا البنـــاء إن

أضـــى يـــدل عـــلى عظيـــم الشـــان

خنت وكيف تركته الذي العفن مدى لترى وتاأمل وتفكر فانظر اأمانة اأجدادك.

يقيدونه في حديقة الق�ضر في منظر مذل له، يبقى جال�ضا يبكي ومهانة، ذلة في وهو الخم�ضين من اقترب وقد ال�ضائع عمره على

فحاول اأن يفكر لم قذفت به الأيام هنا؟

)1)الأبيات للشاعر الدكتور عبد الله السامرائي، وضعناها على لسان المستعين لغرض درامي.

331

شر والتوزيععصير الكتب للن

وبقي يفكر ويقلب النظر، و�ضرعان ما تذكر ق�ضة جده النا�ضر مع منذر بن �ضعيد، جل�ش بمجل�ضه الذي جعل �ضقفه ذهبا وف�ضة، فقال

النا�ضر مفاخرا لوزرائه:هل راأيتم اأو �ضمعتم ملكا كان قبلي فعل مثل هذا اأو قدر عليه؟ �ل والله يا اأمير الموؤمنين، واإنك لأوحد في �ضاأنك كله وما �ضبقك �

اإلى مبتدعاتك هذه ملك راأيناه، ول انتهى اإلينا خبره. فعلت �ضحكات مولنا النا�ضر مجلجلة بهجة و�ضرورا، وبينما هو الرحمن وتابع عبد �ضعيد، بن �ضروره وجذله دخل منذر م�ضتمر في �ضعده وفخره ب�ضقف مجل�ضه المذهب، ولم يقطع فرحه اإل تغير وجه منذر، اإذ �ضرعان ما ا�ضفر وجهه وعله كرب وقتر، و�ضرعان ما بداأ

يذرف الدموع، فقال النا�ضر: ما بك يا قا�ضينا؟ �

فقال بلهجة تقطر حزنا وكمدا:والله يا اأمير الموؤمنين ما ظننت اأن ال�ضيطان لعنه الله يبلغ منك �

هذا المبلغ، ول اأن تمكنه من قيادك هذا التمكين، مع ما اآتاك الله لك به على العالمين، حتى ينزلك منزل من ف�ضله ونعمته، وف�ض

منازل الكافرين.واأمارات معه، كلهم الح�ضور وقام قائما الموؤمنين اأمير فهب

الغ�ضب قد لحت في وجهه، وقال �ضاخطا ناقما عليه:قول � اإنما هذا الكلم؟ له هذا يقال اأمثلي �ضعيد! بن يا ويحك

حاقد ل ناقد، انظر ما تقول، وكيف اأنزلني منزلتهم؟قاعدا بقي بل لهجته، تتغير ولم القائمين مع منذر يقم فلم

والنا�ضر ورهطه قائمين، فقال بنف�ش اللهجة ال�ضابقة:

332

شر والتوزيععصير الكتب للن

علنا � ة واحدة ل ن يكون الناس أم أ

ول

نعم، األي�ش الله تعالى يقول ول

.يها يظهرونة ومعارج عل لمن يكفر بالرحمن ليوتهم سقفا من فض

ال�ضغفي وحلمه �ضباته من النا�ضر توقظ مطرقة الآية فكانت غ�ضبه، امت�ضت ووقار �ضكينة الآية فكانت والبنيان، بالعمارة و�ضرعان ما �ضالت دموعه خ�ضية من الله وخوفا، وتقدم ناحية منذر

بخطى وئيدة، فقال له: ا وعن نف�ضك خيرا وعن الدين والم�ضلمين � جزاك الله يا قا�ش عن

اأجل جزائه، وكثر في النا�ش من اأمثالك، فالذي قلت هو الحق.ثم عاد اإلى مجل�ضه وهو يردد: اأ�ضتغفر الله، اأ�ضتغفر الله.

ثم اأمر باإزالة الذهب والف�ضة.لم يكن منذرا يخاف النا�ضر، لأنه يعلم اأن النا�ضر ملك ذو هيبة و�ضطوة ولكنه يخ�ضع قلبه اإذا اأجزل له الوعظ، فلم ياأبه اأن ي�ضدمه بحقيقة الدنيا اإذا حلق في �ضماء العظمة وا�ضتوى على عر�ش الكبرياء، الزاهر، العامر النا�ضر مجل�ش في ال�ضعراء اأحد وقف يوم فذات

واأن�ضده:سيشـــهد مـــا أبقيـــت أنـــك لـــم تكـــن

نت للدين والدنيامضيعا وقد مك

فبالجامع المعمور للعلم والتىت

وبالزهرة والزهراء للملك والعليا

فطرب النا�ضر وابتهج، وقال لل�ضاعر: ل ف�ش الله فاك.مكان فقام المديح، وهذا الغرور هذا �ضعيد بن لمنذر يرق فلم

ال�ضاعر مرتجل:

333

شر والتوزيععصير الكتب للن

ي الزهـــراء مســـتغرقايـــا بـــا�ف

تمهـــل أمـــا فيهـــا أوقاتـــه

رونقـــا أحســـنها مـــا لله

لـــو لـــم تكـــن زهرتهـــا تذبـــل

فقال النا�ضر:اإذا هب عليها ن�ضيم التذكار والحنين، و�ضقتها مدامع الخ�ضوع يا �

اأبا الحكم ل تذبل اإن �ضاء الله.فقال منذر بحزم ولهجته ل تخاف في الله لومة لئم:

اللهم اأ�ضهد اأني قد بثثت ما عندي ولم اآل ن�ضحا. �هل حان الذبول؟ هل اأزف الأفول؟

r

ودخل محمد بن الم�ضتعين على اأبيه م�ضرعا، فقال:يا اأبتاه م�ضيبة وقد حلت علينا! �ماذا؟ م�ضيبة؟ �قد فعلها الأبله الأخرق بنا، ه�ضام الموؤيد. �ما به؟ �كتابا � اأخرج حمود بن علي �ضبتة والي اأن تقول اأخبار، و�ضلت

يدعي اأنه من ه�ضام الموؤيد وهذا الكتاب -كما يزعم- تعيينه وليا للعهد! واأن عليا هذا يجهز جي�ضا للعبور اإلى الجزيرة الخ�ضراء،

واأنه يطالب بالخلفة، ول حق لنا بها!

334

شر والتوزيععصير الكتب للن

فقام الم�ضتعين قائل:ك؟ ءاتوني به! � ه�ضام الأخرق الأحمق، األن ينتهي �ضر

وخرج الحر�ش اإلى الحديقة ليجلبوا ه�ضام، لكنهم لم يجدوه! فدخل الحار�ش على الم�ضتعين نذيرا وقائل: مولي اأمير الموؤمنين،

ه�ضام الموؤيد قد هرب!م�ضرجا لي�ضقط الحار�ش و�ضرب �ضيفه وا�ضتل الم�ضتعين فقام اإل تعد ول الآن، راأ�ش ه�ضام اأريد وقال: كيف هرب؟ محمد بدمه،

وهو معك حيا اأو ميتا.

r

335

شر والتوزيععصير الكتب للن

)45(فاغد وودعها و� سالما

ف إن كنـــت أزمعـــت عـــلى البـــني

يتهادى بل هدى، خطواته مرتبكة ويده مرتع�ضة، هل حقا اأنه نجى من مخالب الموت؟ واأنه حر في �ضوارع قرطبة وما عليه اإل الهروب؟

ل يدري. هو نف�ضه ي�ضير في ليل قرطبة المخيف ول يعلم هل �ضيطلع ال�ضبح عليه؟ يقطع الظلمة الكثيفة وتغ�ضاه فرحة النجاة من الموت المحقق، هل حقا هو نف�ضه الحاكم لهذه البقاع لمدة تزيد عن الخم�ضة وثلثين نف�ضه فتنقب�ش الدام�ش، ليلها في عهده مخلفات اإلى ينظر عاما؟ زال وما وتكرارا، اإنه مات مرارا بطنه، يعت�ضر في �ضيئا اأن وي�ضعر الذي الف�ضاد الطويل فيرى التفكير في عهده الآن يموت، يطيل اإلى تنطفئ لم قبلهم من الذين والخلفاء والنا�ضر الحكم اأيام خلفه،

اأنوار قرطبة يوما، ولم تمر محنة كهذه.ولكن لم يرمي كل اللوم على نف�ضه؟ لم ينكر دور المن�ضور واأولده هذه خلف الذي ال�ضيت �ضيء والمهدي ال�ضلطة، على وا�ضتيلءهم هذه ارتكب من هم األي�ش نعم، هم، البربر بل البربر، مع العداوة و�ضيكتب هو، الأول الم�ضوؤول ولكن الب�ضعة؟ الطريقة بهذه المجازر بن بالله الموؤيد ه�ضام )عهد كبير: عري�ش عنوان الأخبار كتاب

336

شر والتوزيععصير الكتب للن

نفو�ش �ضت�ضمئز تاريخ، اأب�ضع العنوان بعد هذا ي�ضردون ثم الحكم( القراء ويطووها طيا دون اهتمام، وقد ي�ضبون اللعنات، وقد يقارنون

بينه وبين اأبيه وجده، فيعلمون فداحة الخطب وعظم الم�ضيبة.ولكن األي�ش من ال�ضذاجة اأن يفكر ما �ضيكتبه الإخباريون والموؤرخون اأ�ضحت مدينة الموت، بل هي ول يفكر كيف �ضينجو من قرطبة وقد والقتلى في كل والدماء في كل مكان، اأ�ضباح، مظلمة مقفرة، مدينة زال وما عفنا، الجو فاأ�ضحى انت�ضرت قد ورائحتهم وزقاق، رب�ش م�ضيطرا الرعب زال وما م�ضتمر، الآن اإلى وال�ضفك والفتك القتل على كل اأهل قرطبة الأحياء منهم، اأما الأموات فل كرامة لهم، بل باقون في ال�ضوارع ي�ضيرون بل غاية وقد خلت الطرق من ال�ضابلة، اإل اأ�ضوات للبع�ش من البربر الذين لم يكتفوا بعد ولم ي�ضبعوا غريزتهم

الحيوانية ب�ضفك الدم.�ضال ك�ضيلن الذي الدم؟ اأر�ش اأم الرائقة الرائعة هذه قرطبة

الماء من اأفواه الأ�ضود في ق�ضر الزاهرة. وو�ضل اإلى زقاق فارتعدت نف�ضه، وا�ضطرب ا�ضرابا عنيفا، هل يعقل اأنه هو؟ هل تعيد الأقدار الكرة؟ ل يمكن هذا، ولكنه هو نف�ضه، اأن ي�ضتطيع ما زالت ذكراه مطبوعة فيه ومحفورة في مخيلته، وهل ين�ضى معمر الوراق وهربه من الق�ضر في ذلك اليوم؟ هنا وجد �ضعب،

ا اأين هو؟ لعله...! ومن هنا اأخذها مع ه�ضام، ه�ضام! حق ثم م�ضى في الطريق نف�ضه وهو حافظ له ويعرفه، البيت نف�ضه هناك، �ضوء �ضئيل خارج من اأبوابه، اقترب اأكثر ليجد رجل جال�ضا العينين نف�ش هو! منه، واقترب معمر، لعله يميزه، لم الباب، عند اأنه ظن حتى الرجل راآها اإن وما الكهولة، بتجاعيد غائرة ولكنها قال جنبه، و�ضار منه اقترب فلما منه فتوج�ش البربر، من قاتله

ببرود: ه�ضام الموؤيد!

337

شر والتوزيععصير الكتب للن

فعاد لجل�ضته القلقة، وجل�ش ه�ضام الموؤيد جنبه.فقال ه�ضام الوراق بلهجة تنم عن �ضرخ عميق في اأعماق نف�ضه:

اأو � خدمتك على قادر غير فاأنا الموؤمنين، اأمير يا اعذرني �ضلبت الموؤمنين، اأمير يا ا اأي�ض واأنت كبرت، فقد ا�ضت�ضافتك، منك الخلفة مرارا، وتعود لك، وتارة اأخرى يعلنون موتك، الملك

يا مولي كذبة كبيرة.فتنف�ش ه�ضام الموؤيد تنف�ش المغ�ضي عليه اإذا عاد وعيه، وقال:

اأدركت هذا يا ه�ضام؟ واأنا اأعرف � الملك كذبة كبيرة! الآن حتى ذلك منذ اأول يوم ولجت الكر�ضي، في ذلك اليوم البعيد، عندما جل�ضت جنب اأبي في الزهراء كي يبايعوني بولية العهد، انحنت جباه الكبراء لتقبل يدي، عندها عرفت اأ�ضياء كثيرة عنهم، قد يكون اإلهاما اأو فرا�ضة اأو �ضمه ما �ضئت، في تلك اللحظة �ضعرت انحنى كل من �ضريرة ال�ضرائر، به اأقتحم اأحمل م�ضباحا اأني ، اأدرك طمع الكثير في لي، واأطوف به واأعرف خباياه وخفاياه، اأن اإلى الحاجة دون يرتدونه كانوا الذي القناع زيف واأدرك يف�ضحوا عما ت�ضمره تلك النفو�ش من �ضر م�ضتطير، كان قناع الله طاعة ظاهره مف�ضوحا، زائفا قناعا الأمر لولي الطاعة من طاعة ولي الأمر وباطنه يحكمه القوة، فكلما كان الملك قويا ح�ضيفا ازدادت تلك الأقنعة الزائفة ظهورا، حتى اإذا مات الملك القوي ظهرت تلك الوجوه عارية كا�ضفة عن دفائن نفو�ضها، مات اأبي فظهر عمي المغيرة وتدبيره مع ال�ضقالبة ومحاولة قلب نظام ب�ضيء من الح�ضرة الإدارة و)ثم الحكم، والم�ضحفي وف�ضله في كذبة هي الخلفة، على العظيم وانقلبه عامر واأبو والألم(

كبيرة نت�ضارع عليها.

338

شر والتوزيععصير الكتب للن

ثم مال على ه�ضام الوراق وقال ب�ضوت خفي�ش:هل تريد اأن اأ�ضدقك القول يا �ضديقي القديم والوحيد؟ �� ....اأنت ل ترد، ولكني �ضاأقولها، لو علمت اأنها �ضتكلفني هذا لتنازلت �

له فتح كطائر الزهراء من ولهربت وليتها، يوم اأول من عنها فلة في لم�ضيت التحليق، في الطير معنى اأن واأدرك القف�ش اأهلي اأبدل اأن ثانية، ولو ا�ضتطعت اأبني حياة اأعود، بل الله ول

لبدلتهم من ذلك الوقت المبكر.فالتفت اإليه ه�ضام الوراق قائل:

تبدل �ضبح؟ ��ضبح! كم ن�ضيت هذا ال�ضم، ا�ضم اأمي.

هل � ال�ضبح(، )اأول الب�ضكنجي بالأ�ضل ا�ضمها هي اأو �ضبح، وكلما منها! اأخجل واأنا الدنيا هذه على وعيت مذ ت�ضدق؟ ل يذكرها الذي اأن واأ�ضعر بالعار، اأ�ضعر اأمامي اأحد ذكرها ليوخز قلبي بن�ضل اإنما يذكرها اأو حبا بذكرها، يترحم عليها لم هي متاألما، ذكراها مع اأعي�ش اأمي جعلتني القاتلة، الذكرى واإن كانت بريئة واأ�ضنعه، القبح اأقبح تترك لي �ضيئا ح�ضنا، بل مما رميت به، ولكنه بقي معي كل هذا العمر، واإن ن�ضوا اأمي فهل

�ضين�ضون قول ال�ضاعر:الهـــلاك

وحـــان الوعـــد ب

اقـــ�ت

أتـــاك ـــد ق كرهـــه

ت مـــا ل

وك

مكتـــب ي �ف يلعـــب ليفـــة

خ

ينـــاك وقـــاض

حبـــلى وأمـــه

339

شر والتوزيععصير الكتب للن

قل لي يا ه�ضام بالله عليك، كيف �ضتعي�ضه؟ اأنا ل اأتاألم من كلم النا�ش بقدر الألم الناتج عن عذاب النف�ش الذي ينطلق كاأنه ال�ضيل

ار. الهديا اأمير الموؤمنين ل ت�ضيق ما ات�ضع وعظم، ل ت�ضيق نف�ضك وتجعلها �

فري�ضة الظنون و�ضطحات الهوى.ليتني اأ�ضتطيع. �اأنت لم ت�ضتطع ترك ظنونك، ول حكم الرعية، ول اأن تحفظ من �

�ضنعه اأح�ضنت الذي ما الموؤمنين اأمير يا عليك فبالله اأحببت، طيلة ت�ضلعك بالملك؟ ل �ضيء، ل �ضيء!

فهداأ ه�ضام الموؤيد، و�ضعر اأن طائف الموت يطوف حوله والذي لم عالم اإلى خرج وقد فقال واأخذا، ح�ضادا اأ�ضهر منذ قرطبة يغادر

ال�ضبا واللعب البريء، والخروج خفية من الزهراء:هل تذكر ذلك اليوم؟ الذي خرجنا فيه معا نلعب ونمرح جذلين �

بخفة ترك�ش اأنت كنت يومها قرطبة، اأ�ضواق في م�ضرورين اأحد مع لأبيك م�ضكلة ف�ضببت الحركة، ثقيل واأنا ور�ضاقة،

الباعة، هل تذكره؟واأذكر يوم عودتك اإلى الزهراء وبعدها اختفى اأبي! �ل تزد عذابي اأكثر يا ه�ضام. �واأنا لم ينق�ش من عذابي �ضيء منذ اأن رحل اأبي! �ل تعذبني يا ه�ضام. �والجرح اليوم تجدد يا اأمير الموؤمنين، ثلثون عاما منذ اأن فقدت �

اأبي، وها هو ذا يتكرر. وكيف ذاك؟ �

340

شر والتوزيععصير الكتب للن

فرفع راأ�ضه وانهمرت دموعه وقال ب�ضوت مت�ضنج:ابني يا مولي، لم يعد اإلى الآن، محمد ابني وفلذة كبدي، ل اأعلم �

اأين هو، بحثت بين اأكوام الجثث لعلي اأجد له اأثرا اأو جثة ولكن عبثا، اأق�ضى ما اأطلبه هو قبر له، اأزوره بين الفينة والأخرى، فهل

هذا �ضعب؟ �ضعب اأن اأجد مثوى ولدي؟فارتبك ه�ضام الموؤيد وتلعثم، فقال ه�ضام الوراق �ضارخا:

والله � كذبة، وهي حولها تت�ضارعون اأمثالك، ومن منك كله الم�ضلمين، يا حام حمى يا مولي، قل لي و�ضيعة، كذبة حقيرة بطون تبقر حتى نحن زمن اأي في نعرفها؟ التي قرطبة اأهذه هوادة؟ بل والأطفال ال�ضيوخ وتقتل الن�ضاء وتغت�ضب الحوامل قرطبة ذات الأزهار النا�ضرة، والثمار اليانعة، والأطيار المغردة، الناعم، والأ�ضيل الرائع، ال�ضافر وال�ضبح الدافقة، والأنهار الغابر، الما�ضي من غدا كله ال�ضاجي، والليل ال�ضاهر، والبدر وبقي ليلنا دام�ش، و�ضبحنا بائ�ش، وبدرنا غائب، واأنهارنا قذرة ولدي يعيد لي �ضيدي؟ ومن يا الم�ضوؤول؟ بالدماء، من مختلطة الذي لم اأعثر على جثته في هذا الكم العظيم؟ األي�ش اأنت؟ وليت اأو عادل تكون اأن بك حري الموؤمنين اأمير يا و�ضيعتنا، اأمرنا يا العدل الإمام العادل؟ الإمام ما تعرف وهل اأ�ضل، تكون ل ت�ضلح الجوارح ب�ضلحه، بين الجوارح، كالقلب الموؤمنين اأمير الف�ضاد وال�ضعف والمذلة؟ اأ�ضل اأنت فاإذا كنت وتف�ضد بف�ضاده. يا ه�ضام، وارحم الأمة وق�ش عليها بقية دولتك، ارحل من هنا الأندل�ضية بذهابك، ارحل بهدوء، وكفانا قتل، نفعل كل ما تفعله

الوحو�ش ال�ضارية في الغاب وما ل تفعله، ارحل بهدوء.ولكنه والمهدي، وولده المن�ضور ذنب لي، األ له: يقول اأن يريد

تقبل وجعه.

341

شر والتوزيععصير الكتب للن

يقطع ه�ضام �ضار ثم دموعه، يداري وهو الموؤيد ه�ضام قام ثم يتابع الوراق ه�ضام وكان اليائ�ش، بقلبه ال�ضبيهة الدام�ضة الظلمة بب�ضره ذهاب ه�ضام الموؤيد والذي لم يره بعده، وكان قلبه ينطق بقول

ال�ضاعر:

يوداعـــا لـــن أراك ولـــن تـــرا�ف

يي رحيلـــك مـــا أعـــا�ف

ســـيف�ف �ف

وبينما هو ي�ضير �ضمع �ضوتا �ضئيل يتهادى اإلى �ضمعه ي�ضبه النواح:الزيـــن قرطبـــة عـــلى ابـــك

ف العـــني نظـــرة دهتهـــا فقـــد

بأســـلافه الدهـــر أنظرهـــا

يـــن الد جملـــة تقـــا�ف ثـــم

كانـــت عـــلى الغايـــة مـــن حســـنها

ف اللـــني المســـتعذب وعيشـــها

تـــرى إن فمـــا الأمـــر فانعكـــس

ف اثنـــني ف بـــني �ورا بهـــا

ســـالما و� وودعهـــا فاغـــد

ف البـــني عـــلى أزمعـــت كنـــت إن

r

342

شر والتوزيععصير الكتب للن

)46(؟ ي ملكي

ي ومثله كان م�ي وطامع �في حكاي�ت

ولكن أين العجب �ف

الدنيا حا�ضرة والمنتهى، المبتدى واآخره، الزمان اأول )قرطبة والأمراء الخلفاء قاعدة والمعترك، ال�ضاحة الأ�ضداد، ومجمع والعلماء، وحانة الف�ضاق والزعار، �ضلم ال�ضعود اإلى الذروة ومنحدر

ال�ضقوط اإلى الجحيم، النار والنعيم قرطبة.(ما الذل، في القابع ومنحدرها وجحيمها بوؤ�ضها اإل اأر لم اأنا معنى اأن تعي�ش ملكا تهابك الدنيا واأنت ل تملك �ضيئا؟ تهابك الأعداء وتعظمك الرعية واأنت ل �ضيء، ل�ضت اإل ا�ضما عابرا يذكرني الخطيب في جمعته ويدعو لي وهو يعلم اأني ل �ضيء، وليته بقي على هذا الحد اأبي عامر حتى في هذه، رغبته وطموحه ل يقفان عند هذا، بل ابن الدنيا وحكم ملكي، �ضلب يكفه األم بكثير، ذلك اأكثر من بل تجاوز

با�ضمي، وتركي في ق�ضري اأ�ضيرا مع اأهلي وخدمي؟ الرغبة، الطموح، ال�ضتبداد، النفراد بالملك، كلها غاياته التي

خطط لها وق�ضى عمره في خدمتها، ورو�ش كل الو�ضائل. ولكن اأين ملكه الذي �ضيده ب�ضلب ملكي؟ قد انهار ك�ضرح وتهاوى كاأن لم يكن، حتى مدينته وحا�ضرة ملكه التي ق�ضى دهرا في بنائها وت�ضييدها واأنفق الأموال العظيمة قد خربت �ضريعا، لعمري هل اعتقد يوما اأن ملكه �ضينهار هكذا؟ لو اأن الأماني تتحقق لما اخترت اإل اأمنية

343

شر والتوزيععصير الكتب للن

واحدة: اأن األقاه، اأن يخرج من قبره فيتمثل لي ب�ضرا �ضويا، واأ�ضاأله: دفع عنك �ضيئا؟ هل اأغنى عنك وهل نفعك ملكك في قبرك؟ ماذا عذابا اأو قرب جنة؟ ثم ما �ضعور الإن�ضان عندما يذهب النا�ش ويتركوه وحيدا في قبره؟ كيف اأجبت عن �ضوؤال الملكين واأنت ق�ضيت عمرك في طلب الملك! ت�ضلطت علي اأنا، لم اأنا من دون النا�ش اأجمعين؟ لم ق�ضت

الأقدار اأن اأعي�ش عمري كله اأ�ضيرا في ق�ضر كانت الدنيا تخ�ضع له؟

مثـــلىي أن العجائـــب مـــن يـــس

أل

يـــهعل ممتنعـــا ـــل

ق مـــا يـــرى

جميعـــا نيـــا الد باســـمه ـــك مل

وت

يديـــه ي �ف ء ي

�ش ذاك مـــن ومـــا

ولكن اأين العجب في حكايتي ومثله كان معي وطامع في ملكي؟ من حق النا�ش اأن يعجبوا، ومن حق التاريخ اأن ي�ضجلني ملكا ذليل منخدعا، لم يحافظ على ملك اأبيه واأجداده، ولكن اإذا عرفوا �ضبره �ضعفي وعرفوا غايته، بلوغ في وحيلته وذكاءه وا�ضتبداده وحنكته

و�ضذاجتي و�ضغري لأدركوا كيف �ضاع ملكي ولعذروني.ولكن بالملك، الطامعين الحالمين اأفئدة وتهواني اآه، منذ طفولتي اأمي يا وجعا لم اأمي، اأمامه وانك�ضروا وتبددوا، حتى كلهم ت�ضاءلوا ا؟ اأهي نزوة ال�ضباب التي اأن�ضتك ملك اأن�ضه، كيف انخدعت به اأي�ضولدك الذي حاولت فيما بعد اأن ت�ضترديه ولكن عبثا! وهل يعود الزجاج بعد اأن تك�ضرا؟ اأنت من مكنه واأدخله اإلي، بقيت تعي�ضين في اأحاديث الظريف الجميل الحبيب هذ اأن تدركي ولم و�ضحره، ولهوه الحب �ضيفعل ما فعله، حاولت اأن ت�ضلحي ما اأف�ضده �ضبابك ونزقك، ولكن ال�ضباب وعنفوانه، اأف�ضدناه في طر الكهولة ما اأن ن�ضلح في هيهات

344

شر والتوزيععصير الكتب للن

متلطم بحر في ي�ضير اأن حاول �ضغير كزورق محاولتك كانت الأمواج، وهكذا �ضقطت �ضحية �ضبابك.

من حق الن�ضاء اأن يع�ضقن، ولكن لي�ش من مثلك، اأنت من مكنته مني، وما هذه الثورة الهوجاء اإل منكما، األ ت�ضمعين؟

اأين هو واأين عظمته؟ اأين اأولده؟ فلياأت وي�ضمع اأ�ضوات الجنود الذين �ضنعهم كيف يقتلون، وكيف اقتحموا قرطبة وعاثوا فيها ف�ضادا، وعهوده، الإ�ضلم ون�ضوا قرطبة اأهل ويقتلون يثاأرون البربر هم ها اأ�ضتمع اإلى اأ�ضواتهم النتقامية وهم ي�ضفكون بل خوف اأو وجل، هكذا هي ذمة الإ�ضلم بيد رجالك الذين ا�ضطنعتهم؟ ويبحثون عني بكل مكان وكاأن الفتن التي ع�ضفت بهم لم يرتكبها �ضواي! هل ن�ضوا اأنك الع�ضر ال�ضنوات اأن اأم معنى؟ بل وخليفة ملك، بل �ضورة جعلتني اأن�ضتهم؟ انظر اإلى الهلك كيف �ضاد قرطبة، اإلى الجثث المتعفنة في المعارك اإلى وانظر والق�ضور الخربة، المنهوبة الأ�ضواق واإلى اأزقتها

الم�ضتمرة ليل نهار، حتى المكتبة لم ت�ضلم.بينما هو �ضائر يحدث نف�ضه ويم�ضي بل جهة، ودون اأن يحاول اأن ي�ضتر نف�ضه من غ�ضب الثوار البرابرة ول من جند الخليفة الجديد، الخليفة على الق�ضاء هو ملكه ليثبت فري�ضة اأول اأن يرى الذي �ضوارع في يم�ضي هدى، اأو اإدراك اأو وعي بل ي�ضير ولكنه ال�ضابق، قرطبة باأهل والفتك القتل اإلى وينظر واأرب�ضتها واأ�ضواقها قرطبة اأ�ضد اأو الحال هذا اإلى �ضيوؤول الذي م�ضيره ويتخيل يتح�ضر وهو �ضوءا، يتخيل اأن اأهل قرطبة اإذا اأ�ضفر ال�ضبح ف�ضيجدون راأ�ضه معلقا على باب الزهراء، واأن ج�ضده �ضيتعفن وربما تقطع ولن ينزل راأ�ضه

اإل بثورة اأخرى كعادة ال�ضابقين.اإلى ملكه الم�ضلوب واإلى نهر كان قد �ضار فوق القنطرة، فنظر الوادي الكبير واإلى الجامع الكبير، وكان الليل قد انقلب نهارا بفعل

345

شر والتوزيععصير الكتب للن

والفتك القتل في الما�ضي والغوغاء مكان كل في الم�ضتعلة النيران المنهوب ملكه على ويتح�ضر الخراب يعاين هو وبينما وال�ضفك، وراأى اأقبلوا من جهة باب الجامع، اإذا بجند اأجله المحتوم؛ وينتظر في عينهم البربرية �ضرا لمعا متعط�ضا ل�ضفكه، وعلم اأنهم عرفوه، ثم ا�ضتدار اإلى الجهة الأخرى هاربا، واإذا بجند الم�ضتعين تقبل نحوه وعلى راأ�ضهم ولده، فوقف حائرا ل يعرف ما ي�ضنع ك�ضائر مدة حكمه، واإذا بابن الخليفة الجديد ي�ضيبه ب�ضهم في كتفه بل هوادة، واإذا بالجنود تهجم عليه، فنظر اإليهم وكتفه م�ضاب ي�ضيل منه الدم، فاأقدم على

فعلة جريئة مجنونة، وقال لنف�ضه: كن �ضجاعا ولو لمرة واحدة.الموت بين عابر كطيف الحياة له تراءت بفعلته يهم هو وبينما وبين نحوه الراك�ضين الخليفة ابن وجند البرابرة بين والحياة، ما�ضيه الغابر، نظر اإلى النهر فخيل اإليه اأقمار بني اأمية قد تج�ضدوا بين �ضاع الذي ملكهم واإلى اإليه وينظرون ين، م�ضطف النهر على اأبي بن �ضعفه و�ضراعاته، عثمان بن عفان ر�ضي الله عنه، معاوية قري�ش، و�ضقر العزيز، عبد بن وعمر واأبنائه، الملك وعبد �ضفيان،

وعبد الرحمن النا�ضر، والحكم، متتج�ضدون على النهر.اإني قادم اإليكم.

اإني اآت معكم.كن �ضجاعا ولو لمرة!

�ضاأكون �ضجاعا.ل م�ضلول، يكون يكاد ج�ضدي بالنطلق، اأهم مني، يقتربون

�ضاأنطلق، انطلق!اإلى القنيطرة من ويقفز ا راك�ض نف�ضه يحمل خاطفة وب�ضرعة النهر الكبير، تتداخل ال�ضور، تمر الحياة في راأ�ضه �ضريعا، اأبو عامر

346

شر والتوزيععصير الكتب للن

ياأخذه اإلى المعلم، معمر الوراق، اأمه، �ضعب، وكلهم مجتمعون وب�ضور �ضتى، فاأبو عامر هذا يظهر وهو �ضاب ن�ضر يتوقد �ضبابا وعزما، وتارة يراه وهو ال�ضيخ العجوز الذي اأرعب العالم، وذاك الحكم ينظر اإليه

نظرة عتاب.يبداأ يجدف بيده، يحاول التم�ضك بالحياة؛ ولكنه �ضرعان ما تذكر وهو ي�ضارع الموج المتم�ضك به، المتو�ضل به ليطاأ جوفه؛ قرطبة وبوؤ�ضها �ضديق اأنه على الكبير النهر تجلى عندها المتاأججة، و�ضراعاتها �ضيكون الكبير النهر لقيهم، الذين كل من اأ�ضدق بل وديع، حميم العادل، اأيها تعال اإنه الموت، اأخرى، عادل، �ضيبتلعه وليقذفه لحياة اأنت ل ت�ضتبد بالب�ضر وتفرد كما هم عندما يتولون، بل عادل ك�ضعرة

معاوية، فيا لعدالة الموت المطلقة! وياأتي ابن الم�ضتعين والجند وينظرون اإلى مكان �ضقوطه، فل يرون

اأثرا، فقد اختطفه الماء �ضريعا وت�ضبث به.فيقول: مات حتف اأنفه!

r

347

شر والتوزيععصير الكتب للن

)00(

كلمات تحلق؛ للأ�ضطورة يكون ما اأقرب �ضحيق؛ بعيد كحلم الح�ضن الب�ضري التي ن�ضح بها عمر بن عبد العزيز والتي كان خلفاء بني اأمية يدعون التحلي بها في �ضماء قرطبة القرمزي، تقف ك�ضحابة

�ضيف زاخرة، فتنظر اإلى ال�ضراع العنيف:ت�ضلح الجوارح، بين كالقلب الموؤمنين اأمير يا العدل »والإمام

الجوارح ب�ضلحه، وتف�ضد بف�ضاده«فت�ضن على قرطبة بغيثها وتم�ضي تاركة �ضراعها على اأ�ضده.

وعلى رغم من ال�ضراع المحتدم والمتلطم كاأمواج نهرها الكبير؛ وكذلك والت�ضوف، والعلم والورع الزهد مدينة قرطبة بقيت فقد في ت�ضير تكاد ل حتى للذات، العنان واإطلق والمجون اللهو مدينة زقاق من اأزقتها اإل وت�ضمع �ضوت القراآن �ضداحا في اأرجائه، وكذلك

الغناء ورق�ش القيان مهتدين بقول �ضاعرهم: يـــوم

ة

لا تنـــم واغتنـــم ملـــذ

طويـــا نومـــا اب الـــ�ت تحـــت

إن

)انتهت(

348

شر والتوزيععصير الكتب للن

349

شر والتوزيععصير الكتب للن

ملحقحوادث لم يسعها السرد،

ولكن وسعها التاريخ

وجه على الموؤيد ه�ضام م�ضير قرطبة اأهل من اأحد يعرف ولم التحديد.

اإلى ورحل باأعجوبة نجى اأنه وقيل الليلة، تلك في مات اأنه قيل الم�ضرق حاجا، ثم عمل فلحا في الحجاز اإلى اأن مات، وقيل اأنه هاجر

يا. اإلى الثغر الأدنى وعا�ش في قرية متخف

rاأظهر علي بن حمود الح�ضني والي �ضبتة كتابا يزعم اأنه تلقاه من الخليفة ه�ضام الموؤيد يوليه فيه ولية عهده، ويطلب اإليه اأن ينقذه من اأر�ضل اإلى �ضبتة هذا الكتاب اأ�ضر البربر والم�ضتعين، وكان ه�ضام قد والي اأن�ضارا منهم: المحتومة، ووجد علي بن حمود بنهايته لما علم مالقة، و�ضرعان ما عبر من �ضبتة اإلى الجزيرة الخ�ضراء، وبويع علي

بن حمود بولية العهد في حالة ظهور ه�ضام حيا.

350

شر والتوزيععصير الكتب للن

انت�ضر اأن بعد قرطبة دخل ال�ضديدة، المعارك من �ضل�ضلة وبعد اأخفاه الم�ضتعين الموؤيد قد اأن ه�ضام على جي�ش الم�ضتعين، وكان يظن ولم يقتله، ولما علم اأن ه�ضام قد قتل؛ اأتى بالم�ضتعين وذويه وقتلهم بيده انتقاما وثاأرا له�ضام الموؤيد، وبويع بالخلفة في القرطبة، ولكن اأيامه لم تدم طويل؛ اإذ خا�ش حروبا مع بني اأمية، وقتله فتيان الق�ضر الموالين لبني اأمية في الحمام، وبقيت قرطبة في �ضراع مرير بعد مقتل ه�ضام الموؤيد، وتحولت الأندل�ش بعدها اإلى معترك للفو�ضى والتمزق، وبقيت على هذا الحال ولم ينته الربع الأول من القرن الخام�ش الهجري حتى لم تبق راية موحدة تجمعهم، بل اأعلن كل �ضيد قوم دولة ون�ضب نف�ضه

ملكا، ليبداأ عهد )ملوك الطوائف(.

rلم تظهر �ضعب ولم يعرف م�ضيرها، قيل اأنها حملت في اأواخر اأيام

ه�ضام، ولكن بقي م�ضيرها مجهول بعد ذلك اليوم.

rبداأ ولما منهم، لفتى الملك بعودة ياأملون بقوا العامريون الفتيان عهد ملوك الطوائف ا�ضتقر كل واحد بما تحت يديه من اأر�ش واأعلن نف�ضه ملكا، اإلى اأن جاء يو�ضف بن تا�ضفين وق�ضى عليهم كما ق�ضى

على �ضائر ملوك الطوائف.

r

351

شر والتوزيععصير الكتب للن

ال�ضظف، ملوؤها الملك عي�ضة ابنها عبد الدلفاء مع عائلة عا�ضت وبقيت تتح�ضر على اأيام زوجها وولدها، ولكنها اطماأنت بعد اأن قتل �ضنجول والمهدي من بعد، وبقيت على حلم العودة اإلى الق�ضور اإلى اأن

ماتت.

rحاكما نف�ضه جهور ابن ب ن�ض الطوائف ملوك عهد بداية في

لقرطبة.

r)ه�ضام اأنه عوا اد رجل ا�ضبيلية( )اأ�ضحاب عباد ابن اأظهر الموؤيد( وطلب البيعة له، واأطاعته بع�ش المدن ومنها قرطبة، و�ضرعان

ما تبين اأنها كذبة اخترعها ابن عباد لل�ضتيلء على الأندل�ش.

rولكن الوليد محمد، اأبو ولده �ضنة 534هـ وخلفه ابن جهور توفي اأبا الولد اآثر الراحة، و�ضلم الدولة لولده عبد الملك، وكان هذا الأخير نزقا �ضيء ال�ضيرة، فم�ضك زمام قرطبة وزيره ابن ال�ضقاء، ف�ضبط بينه واأوقع للوزير د�ش بن عباد المعت�ضد ولكن الأمن، واأعاد الأمور

وبين عبد الملك اإلى اأن فتك عبد الملك بوزيره وقتله �ضنة 554هـ.

r

352

شر والتوزيععصير الكتب للن

عمت الفو�ضى في قرطبة عندما ق�ضم اأبو الوليد �ضلطة قرطبة بين يديه ولديه عبد الملك و�ضقيقه، فتغلب عبد الملك على �ضقيقه و�ضجنه.و�ضط تلك الفو�ضى جهز الماأمون بن ذي النون �ضاحب )طليطلة( عباد، بن بالمعتمد الملك عبد فا�ضتنجد قرطبة، على وهجم جي�ضه دبر المعتمد ولكن النون، ذي ابن جي�ش رد جي�ضا المعتمد واأر�ضل خديعة م�ضبقة، اإذ هجم على قرطبة وق�ضى على ملك بني جهور في تحت قرطبة ودخلت ا�ضبيلية، في واأخاه الملك عبد و�ضجن قرطبة،

حكم المعتمد بن عباد.

rح�ضل اأمير المرابطين )يو�ضف بن تا�ضفين( على تاأييد من العلماء واقتحم فحاربوه؛ الغزالي- -ومنهم الطوائف ملوك على للق�ضاء قرطبة وكان واليها ابن المعتمد بن عباد فقتل، وكان ذلك عام 784هـ،

عندها دخلت قرطبة تحت �ضلطة المرابطين هي و�ضائر الأندل�ش.

rاإذ خرج ابن تومرت وجماعة الموحدين، اأيام المرابطين، لم تطل

واأعلنت دولتهم 145هـ، و�ضيطروا من ذلك العام على قرطبة.

rاإ�ضبانيا يدي بين �ضقطت حيث 336هـ، عام اإلى قرطبة بقيت الن�ضرانية في الثالث والع�ضرين من �ضهر �ضوال من ذلك العام بعد

353

شر والتوزيععصير الكتب للن

ل م�ضجدها الكبير ح�ضار لمدة �ضهور، و�ضقط ثلثة اآلف م�ضجد، تحواإلى كني�ضة في نف�ش اليوم، وهكذا مالت �ضم�ضها نحو الغروب المدوي

بعد اأن بقيت حا�ضرة الإ�ضلم لأكثر من خم�ضمئة �ضنة.

rم�ضرع كانت فكذلك الطغاة اأفئدة مهوى قرطبة كانت ولئن اآية تحكي للزمان عن ق�ض�ش الم�ضتبدين الطغيان و�ضريحه، لتبقى

والظالمين، وما اأكثرهم!

r