25
م ي ح ر ل ا ن م ح ر ل له ا م الس ب ر ي ث ك ن ب ر ا سي ف ت ب ي هذ ت ي ف ر ي ث م لح ا ا ب ص م ل ا رون فا الك ورة س ت ب س ل ا مان ث ع ن ب الذ / خ خ ي س ل ا: ر ي ث ك ن بم ا ماG الإ ول ق ت: ورة س ر سي ف ت{ } َ ونُ رِ ف اَ كْ ال اَ هُ ّ تَ U ا اَ يْ لُ ق. ه ي ك م ي ه و، ورة س ل ة ا ذ ه تU را ف- م ل س ه و ي ل عه ل ي ال ل ص- ه ل الول س ر نU ا-ا م ه عنه ل ال ي ضر- ر ب ا خ ن ع م ل س م خ ي ح ص ي ف ت ب ث وب{ } ٌ ذَ خَ U اُ َ ّ اَ وُ هْ لُ ق واف لط ا ي عت ك ر ي ف( 1 ) . ر ج ف ل ا ي عت ك ر ي ف ما ه تU را ف- م سل ه و ي ل ع له ي ال صل- له ال ول س ر نU : ا رة ب ر ه ي بU ا ب ي خذ ن م م سل م خ ي ح ص ي ف و( 2 ) . ن ي ب ع ك ر ل ر وا ج ف ل ل ا ب ق ن ي ب ع ك ر ل ا ي فU را ف- م سل ه و ي ل ع له ي ال صل- له ال ول س ر نU ر: ا م ع ن ب ا ن ع مذ حU م ا ماG وروى الإ: رة م رة ش ع ع ض ب وU ا رة م ن ب ر ش ع ا وً ع ض ب رب مغ لذ ا ع ت} َ ونُ رِ ف ا َ كْ ال ا َ هُ ّ تَ U ا ا َ يْ ل ُ ق{ : رون فا كال[ 1 ] ، و{ } ٌ ذ َ خَ U اُ َ ّ اَ وُ هْ ل ُ ق لإص: خG الإ[ 1 ] ( 3 ) . اً س م ح وU ، ا رة م ن ب ر ش ع ا و ً ع ت رU ا- م ل س ه و ي ل عه ل ي ال ل ص- ي ت لن ا ت ف م ال: ر ر ق م ع ن ب ا ن ع ا:ً ض بU ذ ا م حU وروى ا ب رب مغ ل عذ ا ت ن ي ب ع ك ر ل ر وا ج ف ل ل ا ب ق ن ي ب ع ك ر ل ا ي فU را ق ت، رة م ن ب ر ش ع و} َ ونُ رِ ف ا َ كْ ال ا َ هُ ّ تَ U ا ا َ يْ ل ُ ق{ و{ } ٌ ذ َ خَ U اُ َ ّ اَ وُ هْ ل ُ ق( 4 ) . 1 ( م ق، ر- م سل ه و ي عل له ي ال صل- ي ت لن ا ه ج ح اب ، ي خ ح ل ا اب ب ك م، سل م رواة- 1218 .) 2 ا، م ه علن ة¤ ظ حاف م ل، وا ا م ه ف ي ف خ ت ا و م ه علن ت ح ل ر، وا ج ف ل ا ة ي س ي ت ع ك ر اب ب ح² ت س ا اب رها، ي ص ف و ن ب ر ف ا س م ل ا لإة ص اب ب ك م، ل س م رواة- ( م ق ما، ر ه ن قU را ق ت نU ا ت ح² تس ب ما ان ب ث و726 .) 3 ( م ق مذ، ر حU رواة ا- 4763 خ. ي ح ص ادة ب سG ا ذ: ب س م ل و ا ق ق خ م ال ، وق) " " 4 ( م ق مذ، ر حU رواة ا- 5741 خ. ي ح ص ادة ب سG ا ذ: ب س م ل و ا ق ق خ م ال ، وق) " " 1

التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

  • Upload
    others

  • View
    0

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

بسم الله الرحمن الرحيمالمصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير

سورة الكافرونالشيخ/ خالد بن عثمان السبت

وهي مكية. قل يا أيها الكافرون{}تفسير سورة: يقول اإلمام ابن كثير: ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنهما- أن رسول الل44ه -ص44لى

في ركع44تي ق44ل ه44و الله أح44د{}الله عليه وسلم- قرأ بهذه السورة، وب444.(1)الطواف

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله علي44ه.(2)وسلم- قرأ بهما في ركعتي الفجر

وروى اإلمام أحمد عن ابن عمر: أن رسول الله -صلى الله علي44ه وس44لم- قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بضعا وعشرين م44رة

قل ه44و الله}و،44 [1]الكافرون: }قل يا أيها الكافرون{أو بضع عشرة مرة: .(3)[1]اإلخالص: أحد{

ا: عن ابن عم44ر ق44ال: رمقت الن44بي -ص44لى الل44ه علي44ه وروى أحم44د أيض44 وسلم- أربعا وعشرين مرة، أو خمسا وعشرين مرة، يق44رأ في الركع44تين

ق44ل ه44و}و }قل يا أيها الك44افرون{قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ب4.(4)الله أحد{

وروى أحم4د عن ابن عم4ر ق4ال: رمقت الن4بي -ص4لى الل4ه علي4ه وس4لم- }ق44ل ي44ا أيه44ا الك44افرون{شهرا، وكان يقرأ في الركعتين قبل الفج44ر ب444

.قل هو الله أحد{}و وكذا رواه الترمذي وابن ماجه، وأخرج44ه النس44ائي من وج44ه آخ44ر عن أبي

.(5)إسحاق به، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن" وقد تقدم في الحديث: أنه44ا تع44دل رب44ع الق44رآن، وإذا زل44زلت تع44دل رب44ع

.(6)القرآن هذه من السور التي اختلفوا فيها ه$$ل هي مكي$$ة أو }قل يا أيها الكافرون{سورة مدنية.

الحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول: إنها مكية، وحكى علي$$ه االتف$$اق، ك$$ذلك حكى ه$$ذا االتفاق ابن عطي$$ة، وق$$ال ب$$ه جماع$$ة من الس$$لف ك$$ابن مس$$عود، وه$$و رواي$$ة عن ابن

عباس، وبه قال الحسن وعكرمة. ولكن هناك من قال: إنها مدنية، وهو أحد الروايتين عن ابن عباس -رضي الله عنهم$$ا-،

وبه قال قتادة والضحاك وابن الزبير.

(.1218 - رواه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، رقم )1 - رواه مسلم، كتاب صالة المسافرين وقصرها، باب استحباب ركع$$تي س$$نة الفج$$ر، والحث عليهم$$ا2

(.726وتخفيفهما، والمحافظة عليهما، وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما، رقم )(، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح".4763 - رواه أحمد، رقم )3(، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح".5741 - رواه أحمد، رقم )4 - رواه الترمذي، كتاب أبواب الصالة عن رس$$ول الل$$ه -ص$$لى الل$$ه علي$$ه وس$$لم-، ب$$اب م$$ا ج$$اء في5

(، وابن ماجه، كتاب إقامة الصالة، والسنة فيه$$ا، ب$$اب417تخفيف ركعتي الفجر والقراءة فيها، رقم ) (، وق$$ال محقق$$و5691(، وأحم$$د، رقم )1149م$$ا ج$$اء فيم$$ا يق$$رأ في الركع$$تين قب$$ل الفج$$ر، رقم )

المسند: "إسناده صحيح". - رواه الترمذي، أبواب فضائل القرآن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب م$$ا ج$$اء في إذا6

(، وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف".12488(، وأحمد، رقم )2895زلزلت، رقم )1

Page 2: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

}قل ي44ا أيه44ا الك44افرون{هذه السورة تذكر لها أسماء غير هذا االس$$م المش$$هور: فيقال لها اختصارا: "سورة الكافرون".

تمثالن اإلخالص }ق44ل ه44و الله أح44د{ويقال أيضا: سورة اإلخالص؛ ألنها مع س$$ورة: للمعبود، كما سيتضح من الموضوع الذي تدور حوله هذه السورة.

وهكذا سماها بعضهم ب$"سورة العبادة".وأيضا سميت ب$"سورة الدين".

ب$$$"المقشقش$$تين" بمع$$نى أنهم$$ا تبرئ$$ان من }قل هو الله أحد{وتسمى مع سورة الشرك وأوضاره، تقشقشان من الشرك، تبرئان منه، كم$$ا يق$$ال لس$$ورة ب$$راءة أيض$$ا:

"المقشقشة" هذا يذكر في أسمائها المتعددة. }ق44لوهذه السورة تتحدث عن موضوع واحد، وهو التوحيد العملي اإلرادي، وس$$ورة:

تتحدث عن التوحيد القولي. هو الله أحد{ ل$$ذلك س$$ميت بس$$ورة [2]الك$$افرون: }ال أعب44د{التوحي$$د القص$$دي اإلرادي العملي:

العبادة، وسورة اإلخالص، فاإلخالص يكون من العبد لخالقه -جل جالله. فهي في صفة المعب$$ود -تب$$ارك وتع$$الى-، فه$$ذا من }قل هو الله أحد{وأما سورة:

التوحيد القولي، ولهذا كان النبي -صلى الله علي$$ه وس$$لم- يق$$رأ به$$اتين الس$$ورتين في فهي }ال أعبد م44ا تعب44دون{هذه المواضع الم$$ذكورة، ف$$األولى في توحي$$د العب$$ادة:

تيئيس للمشركين من عبادة معب$وداتهم في جمي$$ع األوق$ات، في الحاض$ر والمس$تقبل،كما سيأتي في الكالم على تفسير اآليات.

فيما يتعلق هنا بهذه الرواية األخيرة يقول: "روى أحمد..." كون النبي -صلى الل$$ه علي$$ه وسلم- كان يقرؤها كثيرا كل ذلك ثابت عنه -عليه الصالة والسالم-، لكن األخيرة يقول:

ه$$ذا في$$ه ض$عف، وبعض أه$$ل العلم(7)وقد تقدم في الح$$ديث: أنه$ا تع$دل رب$$ع الق$$رآن حسنه، الشيخ األلباني قال: "حسن لغيره"، لكن دون ما ورد في الزلزلة، كون الزلزلة

تعدل ربع القرآن، وفي بعض الروايات: نصف القرآن هذا ال يصح.

بسم الله الرحمن الرحيم }قل يا أيها الكافرون * ال أعبد ما تعب44دون * وال أنتم عاب44دون م44ا أعب44د * وال أنا عابد ما عبدتم * وال أنتم عاب44دون م44ا أعب44د * لكم دينكم ولي دين{

.[6-1]الكافرون: هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آم44رة

يش44مل ك44ل ك44افر}قل يا أيه44ا الك44افرون{ باإلخالص فيه، فقوله تعالى: على وجه األرض، ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفار قريش.

وقيل: إنهم من جهلهم دعوا رس44ول الل44ه -ص44لى الل44ه علي44ه وس44لم- إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة، وأمر

رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية. السور المفتتحة باألمر للنبي -ص$$لى}قل يا أيها الكافرون{قوله -تبارك وتعالى-:

خمس سور، ثالث منها هي أم$$ر ل$$ه -علي$$ه الص$$الة}قل{الله عليه وسلم- أن يقول: قل أوحي إلي أنه}والسالم- بالتبليغ، يعني قل لهم ك$$ذا، كقول$$ه -تب$$ارك وتع$$الى-:

} ن الجن }قل هو اللهوهكذا أيضا هذه السورة، وكذلك: [1]الجن: استمع نفر مفهذه ثالث النبي -صلى الله عليه وسلم- مأمور بأن يبلغ ذلك، وأن يقوله. أحد{

والرابعة والخامسة هما المعوذتان، فذلك فيما يقوله هو -عليه الصالة والسالم-، لتعويذ.}قل أعوذ برب الناس{، قل أعوذ برب الفلق{}نفسه:

يشمل كل ك$$افر}قل يا أيها الكافرون{والحافظ ابن كثير -رحمه الله- هنا يقول: فيشمل كل كافر.}الكافرون{على وجه األرض، باعتبار أن "األلف والالم" للجنس:

- المصدر السابق.72

Page 3: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

ولكن الم44واجهين به44ذالكن ابن كثير -رحمه الله- هنا كغيره من المفسرين يقول: بأي اعتبار؟الخطاب هم كفار قريش،يمكن أن يكون ذلك باعتبارين:

االعتبار األول: المرويات الواردة في سبب النزول، وهذه المرويات لو ثبتت لكان له$$ذامستند.

واألمر الثاني: أن هذا أمر من الله لنبيه -صلى الله عليه وس$$لم- أن يقول$$ه، ف$$إذا قي$$ل: هذه السورة نازلة بمكة، فإن الخطاب يتوجه فيها أول ما يتوجه إلى كفار قريش، يعني كأنهم نظروا إلى هذين االعتبارين، فيكون هذا باإلضافة إلى إشكال يورده العلماء عادة في هذا الموضع، وهو من جهة المعنى أيضا، حيث إن الله -عز وج$$ل- أم$$ره أن يق$$ول:

ا عب4دتم ** }ال أعبد ما تعبدون وال أنتم عابدون ما أعب4د * وال أن4ا عاب4د ما وال أنتم عابدون ما أعبد{ يعني على تفسيرها بأن ذلك في الماضي والمستقبل أي

كان الموضع الذي يراد به الماض$$ي أو المس$$تقبل، س$$واء األول أو الث$$اني، على خالف، وال أنتم عابدون م44ا أعب44د{}كما سيأتي، فهنا السيما مع التعبير بالجملة االسمية:

يعني أنتم مالزمون لشرككم، لن تتحولوا عنه بحال من األحوال، ال في الحاض$$ر وال فيالمستقبل.

ومعلوم أن بعضهم قد أسلم، فكيف كان ذلك الخطاب بهذا العموم لهؤالء المش$$ركين،مع أن بعضهم دخل في اإلسالم؟.

فمن هن$$ا خص$$ه بعض أه$$ل العلم بفئ$$ة، ولم يحمل$$ه على العم$$وم، تن$$وعت عب$$اراتهم،$$ا لمن س$$بق في علم واختلفت في ذلك، يعني بعضهم يقول: لما كانت هذه اآلي$$ة خطاب الله -تبارك وتعالى- أنه ال يؤمن، قال: "ومن هن$$ا يمكن أن يق$$ال: إنه$$ا من قبي$$ل الع$$ام

المراد به الخصوص". اللفظ عام، القالب عام، ولكن يراد به فئة من الكافرين التي قضى الله أن تبقى على

، وعلى هذا مش$$ى ابن جري$$ر -رحم$$ه}قل يا أيها الكافرون{الكفر، وتموت عليه: الله- خروجا من هذا اإلشكال.

وشيخ اإلسالم -رحمه الله- لم ينح هذا المنحى في تفسيرها، وضعف هذا القول، مع أن هذا القول له وجه، يع$$ني ه$$و ليس بق$$ول س$$اقط ال وج$$ه ل$$ه، أو أن$$ه في غاي$$ة الوه$$اء

هذا بحسب المعنى الذي سيذكر بعده، فإذا فهم}قل يا أيها الكافرون{والضعف، يعني أنكم }وال أنتم عابدون ما أعبد{منه التأبيد -كما سيأتي- على بعض األقوال:

ستبقون على شرككم وكفركم، إذا هذا ال يصدق على جميع الكفار بهذا االعتبار. لكن شيخ اإلسالم -رحمه الله- يرى أن هذه اآلية في هذا الخط$$اب "أل" للجنس، وأن$$ه خطاب لعموم المشركين في كل زمان ومكان، وأن ذلك ال يختص بزمن الن$$بي -ص$$لى الله عليه وسلم- أو بق$$ريش وإنم$$ا ه$$و ع$$ام، وأن من أس$$لم من ه$$ؤالء خ$$رج من ه$$ذا

الوصف. وهذا يتضح في الكالم على التفاصيل المتعلق$ة باآلي$$ات، ف$إن ه$$ذا يمكن أن يتج$$ه على

بعض األقوال. "ولكن المواجهين" إذا قرأتها هك$ذا "ولكن"، وإذا قلت: "ولكن" فإنه$ا ال تك$$ون عامل$ة، فيصح هنا: "ولكن المواجهون" ولهذا هن$$ا عن$$دنا مكس$$ورة اللتق$$اء الس$$اكنين، وإال فهي ساكنة في األصل: "ولكن المواجهون" ف$"لكن" هن$$ا ال تعم$$ل، وإذا قرأته$$ا "لكن" فهن$$ا

تكون عاملة، تنصب المبتدأ وترفع الخبر. }وال أنتم عاب44دونيعني من األص44نام واألن44داد }ال أعبد ما تعبدون{فقال:

وهو الله وحده ال شريك له، ف4 "ما" هاهنا بمعنى "من". ما أعبد{ ما المراد؟ ما المعنى؟ وم$$ا }ال أعبد ما تعبدون{هذه المواضع تحتاج إلى مناقشة:

موقع "ما" هنا؟

3

Page 4: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

، هم يعب$$دون المالئك$$ة،يعني من األصنام واألن44داد }ال أعبد ما تعبدون{يقول: وعلى ق$$ول ش$$يخ اإلس$$الم أن ذل$$ك لعم$$وم، }ال أعبد م44ا تعب44دون{أليس ك$$ذلك؟

المشركين في أي زمان ومكان، هناك من يعب$$دون المس$$يح -علي$$ه الص$$الة والس$الم-، ب$$أياألصنام واألن44دادوهناك من يعبدون عزيرا، هناك من يعبدون الجن، فهنا ق$$ال:

اعتبار؟ باعتبار أن "ما" هذه لغير العاقل، أن قريشا ك$$انوا يعب$$دون األص$$نام في الجمل$$ة، ولكن

وهو الله وحده ال شريك له، هنا يرد }وال أنتم عابدون ما أعبد{يأتي مناقشة هذا: سؤال: هناك تحم$$ل على األص$$نام، غ$$ير العاق$$ل مثال، وس$$يأتي الكالم على ه$$ذا، لكن:

وهو الله -تبارك وتعالى- فكيف عبر ب$"ما"؟ }وال أنتم عابدون ما أعبد{ ف4"م4ا" هاهن44اباعتبار أنها موص$$ولة، وه$$ذا أح$$د األق$$وال، لكن هن$$ا ابن كث$$ير يق$$ول:

"ما" بمعنى "من" وكما هو معل$$وم أن }وال أنتم عابدون ما أعبد{ بمعنى "من" "من" هي التي تستعمل لمن يوصف بالعلم، أو العقل، لكن هنا يعبر ب$$العلم باعتب$$ار أن الله ال يوصف إال بما وصف ب$$ه نفس$$ه، فالل$$ه موص$$وف ب$$العلم، ف$$$ "من" لمن يعلم، و

"ما" لمن ال يعلم، هذا األصل. وأحسن ما يذكر في الجواب عن ه$ذا -والل$$ه أعلم- هن$$ا في ه$$ذا المق$ام: أن$$ه إن أري$$د

}وال أنتم عاب44دون م44ا أعب44د{صفة من يعلم -من يوصف بالعلم- فإنه يعبر ب$"م$$ا" فهم يعبدون الله -تبارك وتع$$الى- ب$$زعمهم، ويعب$$دون غ$$يره، ولكن الل$$ه ال$$ذي يعبدون$$ه

}ق44لبشركهم ليس هو الذي يعبده النبي -صلى الله عليه وس$$لم- بأوص$$افه الكامل$$ة: وا أح44د{ مد * لم يل44د ولم يول44د * ولم يكن ل44ه كف44 هو الله أح44د * الله الص44

فهؤالء يدعون أن المالئكة بنات الله، ويجعلون له األنداد والشركاء، وهن$$ا[4-1]اإلخالص: }واليقول: الله الذي تعبدونه ليس هو الذي أعبده، فج$$اءت "م$$ا" في ه$$ذا الموض$$ع:

مراعى فيه ص$فة المعب$ود، وأم$ا إذا أري$د ال$ذات فإن$ه ت$أتي أنتم عابدون ما أعبد{ "من"؛ ألنها تكون لمن يوصف بالعلم، هذا ذكره شيخ اإلسالم -رحمه الله-، وذكره أيضا

ابن القيم.ا عبدتم * وال أنتم عابدون ما أعب44د{ثم قال: أي: وال أعب44د }وال أنا عابد م

عبادتكم، أي: ال أسلكها وال أقتدي بها، وإنما أعبد الل44ه على الوج44ه ال44ذي أي: ال تقت44دون }وال أنتم عاب44دون م44ا أعب44د{يحبه ويرض44اه، وله44ذا ق44ال:

بأوامر الله وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفس44كم،بهمكما قال: }إن يتبعون إال الظن وما تهوى األنفس ولقد ج44اءهم من ر

. [23]النجم: الهدى{ فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه، فإن العاب44د الب44د ل44ه من معب44ود يعب44ده، وعبادة يسلكها إليه، فالرسول -صلى الله علي44ه وس44لم- وأتباع44ه يعب44دون الله بما شرعه، ولهذا كان كلمة اإلس44الم: "ال إل44ه إال الل44ه، محم44د رس44ول الله" أي: ال معبود إال الله وال طريق إليه إال بم4ا ج4اء ب4ه الرس4ول -ص4لى الله عليه وسلم-، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم ي44أذن به44ا الل44ه،

.}لكم دينكم ولي دين{: ولهذا قال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم }ال أعبد ما تعبدون * وال أنتم عابدون ما أعب44د * والهنا قوله -تبارك وتعالى-:

ه$$ذه أرب$$ع جم$$ل، ه$$ذه الجم$$لأنا عابد ما عبدتم * وال أنتم عابدون ما أعب44د{األربع هل فيها تكرار أو ال يوجد فيها تكرار؟.

من أهل العلم من يطلق بأنه ال يوجد تكرار في القرآن. وبعضهم يقيد، مثل شيخ اإلسالم -رحمه الله- يقول: ال يوجد جملتان متتابعتان مكررتان

في القرآن، ولكنه قد يكون التكرار بعد فاصل. فالحاصل أن الذين يطلقون، يقولون: ال يوج$$د تك$$رار، يحمل$$ون ك$$ل جمل$$ة على مع$$نى

}وي44ل يومئذآخر، وكما سبق في بعض المناسبات، مثل قوله في سورة المرسالت: 4

Page 5: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

أن هذا ك$$ل جمل$$ة تتعل$$ق بم$$ا قبله$$ا، وك$$ذلك أيض$$ا في[$$ 15 ]المرسالت:للمكذبين{ ك$$ل جمل$$ة تتعل$$ق[$$ 13 ]ال$$رحمن:فب44أي آالء ربكم44ا تك44ذبان{}س$$ورة ال$$رحمن:

بالمذكور قبله$ا، فال يك$ون ذل$ك من قبي$ل التك$$رار، وهن$$ا على ق$ول عام$ة أه$ل العلم، الجماهير من السلف والخل$$ف وإن اختلف$$وا في التفاص$$يل، فهم يقول$$ون: هن$$ا ال يوج$$د

}وال أنتمل$$ه محم$$ل ومع$$نى، }ال أعب44د م44ا تعب44دون{تك$$رار، بمع$$نى أن قول$$ه: ا عبدتم{له محمل ومعنى، عابدون ما أعبد{ يقولون: ه$$ذه غ$$ير }وال أنا عابد م

ه$$ذه أيض$$ا غ$$ير }وال أنتم عابدون م44ا أعب4د{األولى، هذه ت$$دل على مع$$نى آخ$$ر، األخرى، فلها محمل آخر، وإن اختلفوا في تفاصيل ذلك.

مع أن هناك من يقول: إن ذلك كرر للتوكيد، لتيئيسهم من تحول النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عبادة غير الله -عز وجل-، أن يعبد آلهتهم، فهو يؤيس$$هم من ذل$$ك، فك$$رره

بهذا االعتبار. لكن لو أردنا أن نستعرض اآلن بعض ما قيل في معنى الجملتين األوليين، مع الجملتين

األخيرتين، فما محمل ذلك؟. }ال أعبد م44ا تعب44دون * والبعضهم يقول: إن األوليين يعني قوله -تب$$ارك وتع$$الى-:

م44ا}في المس$$تقبل }ال أعب44د{ ه$$ذا في المس$$تقبل: أنتم عاب44دون م44ا أعب44د{ وق$$الوا: إن$$ه في الغ$$الب}ال أعبد ما تعبدون{، وإن "ال" هذه مثل "لن" تعبدون{

}ال أعبد{"ال" هذه ال تدخل إال على المضارع، "ال" النافية التي في معنى االستقبال: أي في المستقبل، ال أذهب مع$ك يع$ني في المس$تقبل، يقول$ون: كم$ا أن "م$ا" ت$دخل

على المضارع الذي في معنى الحال، هكذا قالوا. وهذا ليس محل اتفاق؛ ألن ه$ذه االختالف$ات واقع$ة بين أئم$$ة اللغ$ة، وأص$حاب مع$اني

القرآن. وكذلك أيضا لو نزلنا األقوال على هذا أق$$وال الس$$لف، وهم أه$$ل لغ$$ة، ف$$إنهم يفهم$$ون الم$$راد من مث$$ل ه$$ذا، وم$$ع ذل$$ك حمل$$ه بعض$$هم على الماض$$ي، وحمل$$ه بعض$$هم على

أعب$$د يع$$ني في }وال أنتم عاب4دون م4ا أعب4د{المستقبل، هؤالء يقولون: إن قوله: ا عب44دتم{}المس$$تقبل، وإن قول$$ه: وال أنتم}يع$$ني في الماض$$ي، وال أنا عاب44د م

ال أعبد م44ا تعب44دون * وال أنتم عاب44دون م44ا}يع$$ني ك$$ذلك، عابدون ما أعبد{ا عبدتم{}في المستقبل، أعبد{ }وال أنتم عاب44دونفي الماضي وال أنا عابد م

في الماضي. ما أعبد{ ويدخل فيه الحاضر ضمنا على هذا، لكن يأتي من صرح بأن ذلك في الحاضر، لكن هذا قول هؤالء أصحاب القول األول، شيخ اإلسالم -رحمه الله- يرى أن الجمل$$تين األول$$يين

أنهما للمستقبل، وأن األخيرتين في الزمن الماضي. وبعض أهل العلم يقول بعكس هذا، عكس الق$$ول األول، يق$$ول: إن الجمل$$تين األول$$يين

}والاآلن، }وال أنتم عابدون ما أعبد{، {ما تعبدون}اآلن }ال أعبد{للحاضر: ا عبدتم{في المستقبل أنا{ عابدون م44ا}في المس$$تقبل }وال أنتم{ ، }عابد م

لن تتحول$$وا إلى عب$$ادة إلهي، ولن أتح$$ول إلى عب$$ادة آلهتكم، فالح$$ال مف$$ترق، أعبد{ وهؤالء الذين قالوا بهذا القول ق$$الوا: إن قول$$ه: }لكم دينكم ولي دين{ولهذا قال:

ا عب44دتم{ مث$$ل ه$$ذا ي$$دل على االس$$تقبال، تق$$ول: أن$$ا ذاهب إلى}وال أن44ا عاب44د م الرياض، يعني سأذهب، تق$ول: أن$ا ض$ارب زي$دا، يع$ني تقص$د في المس$تقبل، وهك$$ذا،

}وال، {ما تعبدون}الساعة }ال أعبد{ولهذا قال مثل الفراء واألخفش: إن معناه: {}وال أنا عابدأن الجملتين األوليين للحاضر، ، ما أعبد{}الساعة أنتم عابدون{ ا عبدتم{في المستقبل: ،م44ا أعب44د{}في المس$$تقبل: }وال أنتم عاب44دون{، }م

وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-، ابن جرير يقول بعكس ما قاله ش$$يخ اإلس$$المابن تيمية -رحم الله الجميع-.

ابن جرير يقول: "األوليين للحاضر، واألخيرتين للمستقبل".5

Page 6: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

الزجاج يقول: نفى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه السورة عبادة آلهتهم عن نفس$$ه في الحال، وفيما يستقبل، ونفى عنهم أيضا كذلك، الزجاج يقول بهذا أيضا الذي اختاره

ابن جرير. وبعض أهل العلم يقول: كل واحدة من هذه الجم$ل -يع$ني األول$يين أو األخ$يرتين- ك$ل ذلك يصلح للحال والمستقبل، ويقولون: لكننا نخص إحداهما بالحال والثانية لالستقبال،

في }ال أعبد{أو العكس، رفعا للتكرار، يع$$ني س$$واء قلن$$ا ب$$أن األول$$يين للمس$$تقبل: المستقبل أو أن هذا في الح$ال، وأن األخ$يرتين في المس$تقبل، وه$ذا كل$ه ص$حيح في اللغة، واآلية تحتمله، و التأسيس مقدم على التوكيد، يعني كونك تؤسس مع$$نى جدي$$دا أولى من أن تقول: هذا هو نفس المعنى السابق، وإنما ك$$رر للتوكي$$د فق$$ط، ف$$إذا علىر ب$$ه األخيرت$$ان، إذا فس$$رت قول هؤالء: تفسر الجملت$$ان األولي$$ان بم$$ا يقاب$$ل م$$ا تفس$$ األوليين للحال، فس$$ر األخ$$يرتين لالس$$تقبال، وإذا عكس$$ت ف$$اعكس، يع$$ني هم رأوا أن اللفظ قابل لهذا في جميع هذه الجمل، وال إشكال عند هؤالء، م$$ع أن بعض أه$$ل العلم من ال يذهب إلى شيء من ذلك، ويقول: هذا فيه تكلف، وشيء من التعسف في حمل هذه اآلي$$ات وتفس$$يرها، وي$$ذكرون له$$ذا تعليالت وردودا ومناقش$$ات ال حاج$$ة للتطوي$$ل

بذكرها هنا.إذا ماذا يقال فيها؟.

يقولون: هذا جرى على طريق$$ة الع$$رب، أنهم يك$$ررون الكالم للتوكي$$د، يقول$$ون: يك$$ررالكالم، كرره هنا توكيدا لهذا المعنى، وتيئيسا لهم من عبادة معبوداتهم.

والذي عليه أهل العلم هو التفريق بين الجملتين األوليين واألخ$$يرتين، وإن اختلف$$وا فيتفاصيل ذلك.

وشيخ اإلسالم -رحمه الله- له كالم في هذا، سيأتي ذكره بعد نهاية تفسير السورة. }وإن ك44ذبوك فق44ل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئونكما قال تع44الى:

ا تعملون{ م ا أعمل وأنا بريء م }لن44ا أعمالن44ا ولكم، وقال: [44]ي44ونس: مم.[15]الشورى: أعمالكم{

اإلس44الم، ولم{ولي دين}الكف44ر }لكم دينكم{وق44ال البخ44اري: يق44ال: دين{}يقل: ديني؛ ألن اآلي4ات ب4النون فح4ذف الي4اء، كم4ا ق4ال: و يه4 فه4

.[80]الشعراء: }يشفين{ و، [78]الشعراء: يع$ني أنتم لكم مل$$ة ودين، }لكم دينكم ولي دين{مراعاة لفواص$ل اآلي$ات لتتح$د:

وأنا لي ملة ودين، ونحن على خالف وافتراق، ال يمكن أن نلتئم، وأن نجتم$$ع بح$$ال من األحوال، فهذا معنى الدين، الدين بمعنى: الملة هنا، وإن كان يأتي لمعان أخ$$ر، لكن$$ه ال يفسر بها هذا الموضع من كت$$اب الل$$ه، وإن ق$$ال طائف$$ة من أه$$ل العلم: إن المقص$$ود بالدين هنا الجزاء، لكم جزاء على أعمالكم وكف$ركم وعب$ادتكم لغ$ير الل$ه -ع$ز وج$ل-، ولي جزاء آخ$$ر على اإليم$$ان والتوحي$$د، لكم ج$$زاؤكم ولي ج$$زائي، لكم حس$$ابكم ولي

حسابي. والذي عليه عامة أهل العلم هو تفس$$ير ال$$دين بالمل$$ة، أنتم على دين وأن$$ا على دين، ال

يمكن أن نلتقى، وال يمكن أن نجتمع. وهذه السورة أصل في إبطال التقريب، أو الدعوة إلى التقريب بين األديان، أص$$ل في

}لكم دينكم ولي دين{ه$$ذا الب$$اب، لن تتحول$$وا إلى دي$$ني ولن أتح$$ول إلى دينكم: فنحن مفترقون ال يمكن أن نلتقي، وال يمكن أن نجتمع بح$$ال من األح$$وال؛ ألن الح$$ال على ما وصف، وكما قي$$ل: من خ$الف عق$ده عق$دك -يع$ني خ$الف اعتق$اده اعتق$ادك- خالف قلبه قلب$$ك، والب$$د، والن$$اس أس$$رى ألفك$$ارهم ومعتق$$داتهم، تق$$ودهم وتأس$$رهم،ا وبغضا، تقريبا وإبعادا، مواالة ومعاداة، إلى غير وينطلقون بناء على هذه المعتقدات حب ذلك من التصرفات الواقعية العملية الخارجية، كل هذا بن$$اء على ه$$ذه المعتق$$دات، فال يمكن أن يتحول ذلك إلى لون من الموادة، إال بالتخلي عن هذه العقائد، وهذا أمر غ$$ير

6

Page 7: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

ممكن، الناس تأسرهم عقائدهم، وانظر إلى كثرة ما يبذل من جهود في ه$$ذا الس$$بيل، وإذا حدث أمر كشر هؤالء عن أنيابهم، وظهرت الحقائق على م$$ا هي علي$$ه، انظ$$ر إلى البوذيين على سبيل المثال اآلن ماذا يفعلون في بورما في المسلمين، يحرقونهم حرقا بق$$راهم، وهم أحي$$اء، ال يفرق$$ون بين طف$$ل وال ام$$رأة، وه$$ؤالء ال يحمل$$ون س$$الحا، وال يق$$اتلون، وهم أض$$عف من ذل$$ك، هم في وض$$عهم الح$$الي اآلن أض$$عف من أن يفك$$روا مجرد تفكير في هذا، ما يسمى بالمنظمات اإلنسانية،هذه تح$$ارب غاي$$ة المحارب$$ة، وال يمكن أن تعم$$ل إال بص$$ورة س$$رية على ب$$ذل في غاي$$ة الض$$عف، في ه$$ذه المخيم$$ات البائسة، منتهى البؤس، تجتمع خالئق في خيم$$ة واح$$دة، من أس$$ر مختلف$$ة، ه$$ؤالء من الوثنيين الذين يعملون هذه األفاعيل، واألعمال الشنيعة، ويقودون تلك الجموع البائسة من الوثنيين يحرقون المسلمين حرقا، في وقت دع$$اوى حق$$وق اإلنس$$ان تمأل الفض$$اء،

فبماذا يفسر هذا؟. يفسر أن العقائد هذه تقود أصحابها، وال يمكن أن يطمس هذا بدوري كرة قدم، أو غير ذلك، يتبادل فيه الناس االبتسامات والضحكات والمجامالت، وم$$ا إلى ذل$$ك، ويص$$ورون مع بعضهم، أو نحو هذا، إذا جاء الجد كشر كل واحد عن أنيابه، الرافض$$ة مهم$$ا أنفقت، ومهما أعطيت، ومهما بذلت، ومهما حاولت، ومهما قربت، ومهما جلس$$ت على طاول$$ة مستديرة أو مستطيلة، ففي النهاية إذا جاء الجد ربط كل واحد عص$$ابته، وب$$دأ ال أق$$ول بالرصاص، بدأ بالسواطير، والعراق أكبر شاهد، يفعلون األفاعيل، يجمع$$ون الن$$اس في$$از ألن اس$$مه ميدان عام، يصبون عليهم البنزين، ويشعلون بهم الن$$ار، ويتض$$احكون، خبا؛ ألن اس$$مه "عم$$ر"، "عمر" فقط، رجل كبير في السن يدخل في النار، ويخرج مش$$وي وفي سوريا أشياء هائلة، نرى المقاطع، الطعن والضرب بالط$$ابوق على ال$$رأس، حق$$د ليس له نظير، تتقاص$$ر دون$$ه أفع$$ال اليه$$ود والنص$$ارى، اليه$$ود م$$ا يفعل$$ون ه$$ذا، غ$$زة ضربت، لكن ما فعلوا مثل ما فعل بشار، وإذا أراد اليهود أن يقصفوا بيتا، أو نح$$و ه$$ذا، قبل عشرين دقيقة يأتي اتصال ألهل هذا البيت، يقولون لهم: اآلن سيضرب هذا البيت، بعد عشرين دقيقة، اطلع$$وا، وت$$أتي ط$$ائرة وت$$وزع منش$$ورات في المحي$$ط قب$$ل م$$دة كافية، قبل يوم أو يومين، ويقولون: هذا البيت سيضرب، ابتعدوا عنه، هذا فعل اليه$$ود، أما هؤالء الرافضة، أو أولئك من الوثن$$يين من الب$$وذيين ال$ذين يق$$ودهم ه$$ؤالء الرهب$$ان باآلالف فإنهم يحاصرون القرية، ويحرقونها كاملة حرقا، والرافضة كما رأينا في الص$$ور والمش$اهد يأخ$ذون النس$اء واألطف$ال، يرم$ونهم على المزاب$ل بع$دما ي$ذبحونهم ذبح$ا$$ا بالس$$كاكين، بال رحم$$ة، يرم$$ون الطف$$ل، وال كأن$$ه س$$خلة، يلقي$$ه في المزبل$$ة، وأحيان

يحرقونهم بعد ذبحهم. هذه العقائد التي تحمل أصحابها على ذلك، فمهما بذل في تخفيف، أو إزالة مث$$ل ه$$ذه األمور الكامنة في النف$$وس ف$$إن ذل$$ك ال يمكن أن يت$$أتى، وه$$ذه الس$$ورة ق$$ررت ه$$ذا

}لكم دينكم ولي دين{األصل الكبير، لن تتحولوا إلى ديني، ولن أتحول إلى دينكم: تيئيسا لهم، انتهى، أنا أعبد الله، وأنتم تعبدون الشيطان، أن$ا من أولي$اء الل$ه، وأنتم من

أولياء إبليس، ال التقاء.ما السبيل؟.

باط الخيل ترهبون به عدو الله} ة ومن ر ا استطعتم من قو وأعدوا لهم م هؤالء ال يعرفون إال منطق القوة، عندك قوة ستحترم، وتقدر، [60]األنفال: وعدوكم{

ما عندك قوة سيتضاحكون عليك، ويفتلون شواربهم، وكل واحد يغمز لآلخر، فتارة تجد نفس$$ك في ملعب ه$$ذا، وت$$ارة تج$$د نفس$$ك في ملعب الث$$اني، وتض$$يع قض$$اياك في مح$افلهم الدولي$ة، ويمض$ي عليه$ا عش$رات الس$نين، وفي ك$ل م$رة تق$دم مزي$دا من التنازالت، ومزيدا من الترجي واالستجداء لهم، وهم يتضاحكون، وإذا ج$$اء الواح$$د منهم وشد نفسه أمام اإلعالم، وبدأ يتكلم ويصرح تصريحات، ترى مالمح الكذب جميع$$ا على تقاطيع وجهه، أنه كذاب، حينما يتحدث عن قضية من قضايا المس$$لمين، وأن$$ه س$$يفعل

7

Page 8: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

كذا، أو لن يقبل بكذا، والمسلمون يترجون وينتظ$رون وي$$أملون ويح$$اولون أن يحص$$لوا على مجرد تصريح إدانة، أو شجب، أو إنكار، أو تنديد لجريمة من هذه الجرائم العظام، ومن كان يتصور في هذا العصر- عصر الصورة والنق$$ل المباش$$ر- أن يج$$ري م$$ا يج$$ري اآلن في سوريا، أو في بورما؟ من كان يتصور؟ الناس قد يظنون ويتوهمون قب$$ل ذل$$ك أنه ال، اآلن عصر اإلعالم، واإلعالم سالح ضارب، وأن هذه الصور التي تنقل مباش$$رة ال يمكن حصول هذه التجاوزات معها، وأن العالم الحر ال يمكن أن يقبل هذا، وأن$$ا ال تق$$ل شفقتي ورحمتي إذا رأيت هؤالء من إخواننا الذين يقتلون هذه القتالت البشعة، ال تق$$ل شفقتي بهؤالء الذين ينقل$$ون ص$$ورا وهم مع$$ذورون، ه$$ذا ال$$ذي بي$$دهم، ينقل$$ون ص$$ور أطفال، هذا طفل على مزبلة، هذا طفل نائم على الرصيف، لع$$ل ض$$مير الع$$الم الح$$ر يتحرك، هذا عالم ميت، فهو ال يتحرك في قضايا المس$$لمين ص$$ور أطف$$ال أو ال تص$$ور، فال تتعب نفسك، وتنشر هذه الصور عل أحدا منهم يتعاطف إذا رأى األطف$$ال في ه$$ذه الصورة البائسة، ودماء هؤالء الصغار تنزف، والواحد منهم ملقى هنا أو هن$$اك، أو يأك$$ل من المزابل، أو نحو ذلك، هذا عالم ق$$د م$$ات ض$$ميره، وال يمكن أن ي$$رتجى من ه$$ؤالء الكفار الذين هم على دين ونحن على دين أن يقفوا معك، وأن ينص$$روك؛ ألنهم أع$$داء،

هم فعلوا مثل هذا أيضا في مواقف ومواطن، ومواقع أخرى، ماذا فعلوا؟ هذه األمة في كل لحظة ينتاشها عدو من هنا وهناك، تارة وثني، وتارة ملحد، وتارة من السيخ، وتارة من الهندوس، وتارة من اليهود، وتارة من النصارى، وت$$ارة من الرافض$$ة، فإذا نظرت إلى جرائم الرافض$$ة قلت: ه$$ؤالء أش$$د األع$$داء، وإذا س$$لطت الض$$وء على ج$$رائم النص$$ارى، وم$$ا فعل$$وا بالمس$$لمين في مواق$$ع، قلت: ه$$ؤالء أش$$د األع$$داء، وإذا سلطت الضوء على اليهود، وم$$اذا فعل$$وا، قلت: ه$$ؤالء أش$$د األع$$داء، وإذا نظ$$رت إلى

فعل المالحدة والروس، وما فعلوا بالمسلمين قلت: هؤالء أشد األعداء."استالين" ماذا فعل؟

$$ا، ه$$ذه $$ر القتلى من المس$$لمين، كم قت$$ل؟ من المس$$لمين أك$$ثر من أربعين مليون أكث أرقام، وقت$$ل من المس$$لمين ومن غ$$ير المس$$لمين، من المس$$لمين ال يق$$ل عن أربعينا منه$$ا، تحملهم الجراف$$ات، الجثث مث$$ل $$ا، ال$$ذين قتل$$وا، ص$$ور قديم$$ة رأين$$ا بعض$$ مليون الجبال، وهكذا إذا نظرت إلى جرائم كل طائفة من ه$$ذه الطوائ$$ف من األع$$داء، قلت:ا أن هؤالء أعدى األعداء، والنتيج$$ة من ه$$ذه الص$$ورة جميع$$ا إذا ركبته$$ا ص$$ار األم$$ر جلي ه$$ؤالء جميع$$ا هم أع$$داؤك، فال تنتظ$$ر منهم نص$$را، ولكن العجيب أن الكث$$ير من أبن$$اء المسلمين ال زال$$وا في س$$كرة في الش$$هوات، وفي غم$$رة في اإلعج$$اب به$$ؤالء، وفي تقليدهم، والتزيي بأزيائهم، ومحاكاتهم، واإلعج$$اب ب$$أذواقهم، ه$$ذا كي$$ف يك$$ون م$$ع م$$ا

يشاهد من فعلهم بالمسلمين؟! نسأل الله العافية. ولعلي أذكر جمال من كالم ش$$يخ اإلس$$الم -رحم$$ه الل$$ه- في تفس$$ير ه$$ذه اآلي$$ة وكالم$$ه طويل جدا، لكن سأقتصر على بعض الجمل، هنا عبارة ابن كثير -رحمه الله- نقله$$ا في

}اليقول: "إن المراد نفي الفع$$ل؛ ألنه$$ا جمل$$ة فعلي$$ة: }ال أعبد ما تعبدون{قوله: نفي قبوله ل$$ذلك بالكلي$$ة؛ ألن النفي بالجمل$$ة االس$$مية وال أنتم عابدون{}، {أعبد فكأنه نفى الفعل وكونه ق$$ابال ل$$ذلك، ومعن$$اه نفي الوق$$وع }وال أنتم عابدون{آكد:

ونفي اإلمكان الشرعي أيضا" وابن كثير يقول: "هذا قول حسن". }وال أنتم عاب44دون م44ا أعب44د{يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه الله-: "فقول$$ه:

ا يتناول شركهم، فإنه ليس بعبادة لله، فإن الل$$ه ال يقب$$ل من العم$$ل إال م$$ا ك$$ان خالص$$.(8)لوجهه، فإذا أشركوا به لم يكونوا عابدين له، وإن دعوه وصلوا له"

تأمل لما جاء هنا الكالم على "ما" والوصف.ا فم$$ا عب$$دوا م$$ا يعب$$ده، وه$$و الموص$$وف بأن$$ه معب$$ود ل$$ه على جه$$ة ويق$$ول: "وأيض$$ االختصاص، بل هذا يتن$$اول عبادت$$ه وح$$ده، ويتن$$اول ال$$رب ال$$ذي أخ$$بر ب$$ه، بم$$ا ل$$ه من

(.16/550 - مجموع الفتاوى )88

Page 9: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

األسماء والصفات، فمن كذب به في بعض ما أخبر به عنه فما عب$$د م$$ا يعب$$ده من ك$$ل.(9)وجه"

.}وال أنتم عابدون ما أعبد{يعني أن هذا مراعى فيه الصفة: ويقول: "إذا تبين هذا فنقول: الفعل المضارع هو في اللغة يتناول الزمن الدائم، س$$وى

ه$$ذا مض$$ارع يش$$مل الحاض$$ر{أعبد}الماض$$ي، فيعم الحاض$$ر والمس$$تقبل" -يع$$ني: والمستقبل- "كما قال سيبويه: "وبنوه لما مضى من الزم$$ان ولم$$ا ه$$و دائم لم ينقط$$ع

ولما لم يأت بمعنى الماضي والمضارع وفعل األمر". "فجعل المضارع لما هو من الزمان دائما لم ينقطع، وقد يتن$$اول الحاض$$ر والمس$$تقبل،

يتن$$اول نفي عبادت$$ه لمعب$$ودهم في الزم$$ان الحاض$$ر والزم$$ان ال أعب44د{}فقول$$ه: يتناول ما يعبدونه في الحاض$$ر والمس$$تقبل، كالهم$$اما تعبدون{}المستقبل، وقوله:

مضارع. ا عبدتم{}وقال في الجملة الثانية عن نفسه: فلم يقل: "ال أعبد" بل وال أنا عابد م

ا عبدتم{}ولم يقل: "ما تعبدون" بل قال: وال أنا عابد{ }قال: فاللفظ في فعله م وفعلهم مغ$$اير للف$$ظ في الجمل$$ة األولى، والنفي به$$ذه الجمل$$ة الثاني$$ة أعم من النفي

ا عبدتم{}باألولى، فإنه قال: بصيغة الماضي، فهو يتناول م$$ا عب$$دوه وال أنا عابد م في الزمن الماضي؛ ألن المشركين يعبدون آلهة ش$$تى، وليس معب$$ودهم في ك$$ل وقت هو المعب$$ود في ال$$وقت اآلخ$ر، كم$$ا أن ك$$ل طائف$$ة له$$ا معب$$ود س$$وى معب$$ود الطائف$$ة

األخرى".ا عبدتم{}ويقول -رحمه الله-: "فقوله: براءة من كل ما عب$$دوه في وال أنا عابد م

األزمنة الماضية، كما تبرأ أوال مما عبدوه في الحال واالستقبال. فتضمنت الجملتان البراءة من كل ما يعبده المشركون والكافرون في كل زمان ماض

ال يتناول هذا كله". ال أعبد ما تعبدون{}وحاضر ومستقبل. وقوله أوال: يقول: "هذا اسم فاعل قد عمل عمل الفع$$ل، ليس وال أنا عابد{}وتكلم على قوله:

مضافا، فهو يتناول الحال واالستقبال أيضا، لكنه جملة اسمية، والنفي ب$"ما" بعد الفعل فيه زيادة معنى، كما تقول: ما أفعل هذا، وما أنا بفاعله" يقول: "أبل$$غ من قول$$ك: "م$$ا يفعله أبدا" فإنه نفى عن الذات صدور هذا الفعل عنها، بخالف قولك: "م$$ا يفع$$ل ه$$ذا" فإنه ال ينفي إمكانه وجوازه من$$ه، وال ي$$دل على أن$$ه ال يص$$لح ل$$ه، وال ينبغي ل$$ه، بخالف

.(10)قوله: "ما هو فاعال، وما هو بفاعل" ه$$ذا ي$$دل على نفي اإلمك$$ان أص$$ال، ول$$ه كالم كث$$ير في ه$$ذا وال أنا عاب44د{ }يع$$ني:

ا عبدتم{}المعنى، يمكن مراجعته، يقول مثال في قوله: أي نفس$$ي "وال أنا عابد م ال تقبل، وال يصلح لها أن تعبد ما عبدتموه قط، ولو كنتم عب$$دتموه في الماض$$ي فق$$ط،

فأي معبود عبدتموه في وقت فأنا ال أقبل أن أعبده في وقت من األوقات". تأمل يعني الجملتين األوليين عنده في المستقبل، واألخيرتين في الماضي.

ويقول: "ففي هذا -أي في الجمل األربع- من عموم عبادتهم في الماضي والمس$$تقبل، ومن قوة براءته وامتناعه، وعدم قبول$$ه له$$ذه العب$$ادة في جمي$$ع األزم$$ان م$$ا ليس في الجملة األولى، تلك تضمنت نفي الفعل في الزمان غ$ير الماض$ي، وه$ذه تض$منت نفي إمكانه وقبوله لما كان معبودا لهم، ولو في بعض الزمان الماضي فق$$ط، والتق$$دير: م$$ا

،(11)عب$دتموه ولو في بعض األزم$ان الماضية فأنا ال يمكن$ني وال يسوغ لي أن أعب$ده أب$دا"إلى آخر ما ذكر.

ومما قال أيضا في الكالم على "ما" و"من" يقول هن$$ا: ف$$$"م$$ا" هي لم$$ا ال يعلم، يع$$ني يقولون لغير العاقل، ولصفات من يعلم، ولهذا تكون للجنس العام؛ ألن ش$$مول الجنس

- المصدر السابق.9(.553-16/552 - المصدر السابق ) 10(.16/554 - المصدر السابق )11

9

Page 10: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

ن النساء{لما تحته هو باعتبار صفاته، كما قال: ]النساء: }فانكحوا ما طاب لكم م أي: الذي طاب، والطيب من النس$$اء، فلم$$ا قص$$د اإلخب$$ار عن الموص$$وف ب$$الطيب [3

وقصد هذه الصفة، دون مج$$رد العين ع$$بر ب$$$"م$$ا" -العين يع$$ني ال$$ذات- أي: لم يقص$$د الذات فقط، ولو عبر ب$"من" كان المقص$$ود مج$$رد العين والص$$فة للتعري$$ف، ح$$تى ل$$و فق$$دت لك$$انت غ$$ير مقص$$ودة كم$$ا إذا قلت: ج$$اءني من يع$$رف، ومن ك$$ان أمس في المسجد، ومن فعل كذا، ونحو ذلك، فالمقصود اإلخبار عن عينه والصلة للتعري$$ف، وإن

، إلى آخر ما ذكر.(12)كانت تلك الصفة قد ذهبت" باعتب$$ار أن ه$$ذا دل }لكم دينكم ولي دين{والقول بأن ذلك قد نسخ، يع$$ني قول$$ه:

على المتاركة، مع أنه أمر بمجاهدتهم في آخر األمر، هذا غ$$ير ص$$حيح، والنس$$خ ال يثبت باالحتم$$ال، لكن$$ه هن$$ا ه$$ذا مق$$ام ال$براءة من دين المش$$ركين، ومن معب$$وداتهم، وليس

الكالم في ما يتصل بجهادهم وقتالهم. وفي كالم البن القيم تفاصيل جيدة، بعدما ذكر األقوال وناقشها واحدا واحدا، كالم في$$ه تفاص$$يل، وفي$$ه ش$$يء من الط$$ول، لكن نق$$رؤه ق$$راءة خفيف$$ة، ق$$راءة س$$ريعة، ن$$ترك األقوال ومناقشة األقوال، ونأتي للمعاني التي قررها والفوائد التي استخرجها، ذكر م$$ا يقرب من إحدى عشرة مسألة وفائدة من هذه السورة، فوائد جميل$$ة، وس$$ؤاالت ت$$رد،

ثم بعد ذلك بين وجه الجواب عنها. قال اإلمام ابن القيم -رحمه الل$$ه تع$$الى-: "وإذ ق$$د أفض$$ى الكالم بن$$ا إلى هن$$ا فلن$$ذكر فائدة ثانية: تكرير األفعال في هذه السورة، ثم فائدة ثالثة: كونه ك$$رر الفع$$ل في ح$$ق نفسه"، -تأمل هنا يورد المسائل أو الفوائد والقضايا ال$$تي س$$يتحدث عنه$$ا لم$$اذا ك$$ذا؟ لماذا كذا؟ بعدما ناقش األق$$وال-، "ك$$رر الفع$$ل في ح$$ق نفس$$ه بلف$$ظ المس$$تقبل في الموضعين، وأتى في حقهم بالماض$$ي، ثم فائ$$دة رابع$$ة: وهي أن$$ه ج$$اء في نفي عب$$ادة معبودهم عنه بلفظ الفعل المستقبل وجاء في نفي عبادتهم معبوده باس$$م الفاع$$ل، ثم فائدة خامسة: وهي كون إيراده النفي هنا ب$"ال" دون "لن"، ثم فائدة سادسة: وهي أن طريقة القرآن في مثل هذا أن يقرن النفي باإلثبات، فينفي عبادة ما سوى الل$$ه ويثبت عبادته، وهذا هو حقيق$$ة التوحي$$د، والنفي المحض ليس بتوحي$$د، وك$$ذلك اإلثب$$ات ب$$دون النفي، فال يكون التوحيد إال متضمنا للنفي واإلثبات، وه$$ذا حقيق$$ة "ال إل$$ه إال الل$$ه" فلم جاءت هذه السورة بالنفي المحض؟ وم$$ا س$$ر ذل$ك؟، وفائ$$دة س$$ابعة: وهي م$$ا حكم$$ة تقديم نفي عبادته عن معبودهم، ثم نفي عبادتهم عن معبوده؟، وفائدة ثامن$$ة: وهي أن

ي44ا}طريقة القرآن إذا خاطب الكفار أن يخاطبهم بالذين كفروا والذين هادوا، كقول$$ه: قل ي44ا أيه44ا الذين}وقوله: ،$$ [7]التح$$ريم: أيها الذين كفروا ال تعتذروا اليوم{

ولم يجئ "يا أيها الك$$افرون" إال في [6]الجمعة: هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله{ }لكمهذا الموضع، فما وج$$ه ه$$ذا االختص$$اص؟، وفائ$$دة تاس$$عة: وهي ه$$ل في قول$$ه:

معنى زائد على النفي المتقدم، فإنه يدل على اختصاص كل بدين$$هدينكم ولي دين{ ومعبوده، وقد فهم هذا من النفي فما أف$$اد التقس$$يم الم$$ذكور؟ وفائ$$دة عاش$$رة: وهي تقديم ذكرهم ومعبودهم في هذا التقسيم واالختصاص، وتق$$ديم ذك$$ر ش$$أنه وفعل$$ه في أول السورة، وفائدة حادية عشرة: وهي أن هذه السورة قد اشتملت على جنسين من األخبار: أحدهما: براءته من معبودهم، وب$$راءتهم من معب$$وده، وه$$ذا الزم أب$$دا، الث$$اني: إخباره بأن له دينه ولهم دينهم، فهل هذا متاركة وسكوت عنهم فيدخله النسخ بالس$$يف أو التخص$$يص ببعض الكف$$ار، أم اآلي$$ة باقي$$ة على عمومه$$ا وحكمه$$ا غ$$ير منس$$وخة وال

مخصوصة؟ فهذه عشر مسائل في هذه السورة وقد ذكرنا منها مسألة واح$$دة، وهي: وق$$وع "م$$ا" فيها بدل "من" فن$$ذكر المس$$ائل التس$ع مس$$تمدين من فض$$ل الل$$ه، مس$تعينين بحول$ه

(. 16/596 - المصدر السابق )1210

Page 11: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

وقوته، متبرئين إليه من الخطأ، فما كان من صواب فمنه وحده ال شريك له، وم$$ا ك$$انمن خطأ فمنا ومن الشيطان، والله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بريئان منه".

وكالم ابن القيم على "من" و "ما" مثل كالم شيخ اإلسالم. }ال"وأما المسألة الثانية، وهي: فائدة تكرار األفعال فقيل فيه وجوه: أحدها: أن قوله:

نفي للحال والمستقبل.أعبد ما تعبدون{ مقابلة، أي: ال تفعلون ذلك. }وال أنتم عابدون ما أعبد{وقوله: أي: لم يكن مني ذلك قط قبل نزول الوحي، ولهذا}وال أنا عابد ما عبدتم{وقوله:

فكأن$$ه ق$$ال: لم أعب$$د ق$$ط م$$ا}ما عب44دتم{أتى في عبادتهم بلفظ الماضي، فق$$ال: مقابله، أي: لم تعبدوا قط في الماضي}وال أنتم عابدون ما أعبد{عبدتم، وقوله:

ما أعبده أنا دائما، وعلى هذا فال تكرار أصال، وقد استوفت اآليات أقس$$ام النفي ماض$$يا وحاال ومستقبال -وهذا قول شيخ اإلسالم- عن عبادت$$ه وعب$$ادتهم ب$$أوجز لف$$ظ وأحض$$ره وأبينه، وهذا -إن شاء الله- أحسن ما قيل فيه$ا، فلنقتص$$ر علي$$ه وال نتع$داه غ$يره، ف$إن

الوجوه التي قيلت في مواضعها فعليك بها. وأم$$ا المس$$ألة الثالث$$ة: وهي تكري$$ره األفع$ال بلف$ظ المس$$تقبل حين أخ$$بر عن نفس$$ه، وبلفظ الماضي حين أخبر عنهم، ففي ذلك سر وهو اإلشارة واإليم$$اء إلى عص$$مة الل$$ه له عن الزيغ واالنحراف عن عبادة معبوده، واالستبدال به غيره، وأن معبوده واح$$د في الحال والمآل على الدوام ال يرضي به بدال، وال يبغي عنه حوال، بخالف الكافرين ف$$إنهم

يعبدون أهواءهم، ويتبعون شهواتهم في الدين وأغراضهم" باعتبار أن الجملة االسمية تدل على الثبوت "عابد" ال يتحرك وال ي$$تزعزع، وال يتغ$$ير وال

}ال أعبد ما تعب44دون * وال أنتم عاب44دونيبدل، وال يلتفت يمنة وال يسرة، أما هم: فهؤالء لهم معبودات مختلفة متفرقة، في كل حين لهم هوى يتبعونه. ما أعبد{

}ال أعبد م44ا تعب44دون{قال: "فهم بصدد أن يعبدوا اليوم معبودا وغدا غيره، فق$$ال: }وال أنا عاب44د م44ا أنا اآلن أيضا، ثم ق$$ال: }وال أنتم عابدون ما أعبد{يعني اآلن يعني وال أنا فيما يستقبل يصدر مني عبادة لما عبدتم أيها الكافرون، وأشبهتعبدتم{

"ما" هنا رائحة الشرط، فلذلك وق$$ع بع$$دها الفع$$ل بلف$$ظ الماض$$ي، وه$$و مس$$تقبل في المعنى، كما يجيء ذلك بع$$د ح$$رف الش$$رط، كأن$$ه يق$$ول: مهم$$ا عب$$دتم من ش$$يء فال

أعبده أنا. فإن قيل: وكيف يكون فيها الشرط وقد عمل فيها الفعل وال جواب له$$ا وهي موص$$ولة

فما أبعد الشرط منها؟ قلنا: لم نقل إنها نفسها شرط، ولكن فيها رائحة منه، وطرف من معناه، لوقوعها على غير معين وإيهامها في المعب$$ودات وعمومه$ا، وأنت إذا ذقت مع$نى ه$$ذا الكالم وج$دت معنى الشرط باديا على صفحاته، فإذا قلت لرجل ما تخالف$$ه في ك$$ل م$$ا يفع$$ل: أن$$ا ال أفعل ما تفعل، ألست ت$$رى مع$$نى الش$$رط قائم$$ا في كالم$$ك وقص$$دك، وأن روح ه$$ذا

ق44الوا}الكالم: مهما فعلت من شيء فإني ال أفعله، وتأمل ذلك من مثل قوله تعالى: كيف تجد معنى الش$$رطية في$$ه، [29]مريم: كيف نكلم من كان في المهد صبيا{

حتى وقع الفعل بعد "من" بلفظ الماضي والمراد به المس$$تقبل، وأن المع$$نى من ك$$انا كيف نكلمه؟ وهذا هو المعنى الذي حام حوله من ق$$ال من المفس$$رين في المهد صبيا"، بمعنى يكون، لكنهم لم يأتوا إلي$$ه من باب$$ه، ب$$ل ألق$$وه عطال والمعربين: "أن كان نبي من تقدير وتنزيل، وعزب فهم غ$$يرهم عن ه$$ذا للطف$$ه ودقت$$ه، فق$$الوا: "ك$$ان" زائ$$دة، والوجه ما أخبرتك فخذه عفوا، لك غنمه وعلى سواك غرمه، إال على من في اآلي$$ة ق$$د

}والعمل فيها الفعل وليس لها جواب، ومعنى الشرطية قائم فيها فكذلك في قول$$ه: ا عبدتم{ وهذا كله مفهوم من كالم فح$$ول النح$$اة كالزج$$اج وغ$$يره، ف$$إذا أنا عابد م

}والثبت هذا فقد صحت الحكمة التي من أجلها جاء الفعل بلفظ الماض$$ي من قول$$ه: لبعد م$$ا فيه$$ا عن}وال أنتم عابدون ما أعبد{ بخالف قوله: أنا عابد ما عبدتم{

11

Page 12: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

معنى الشرط، تنبيها من الله على عصمة نبيه أن يكون له معبود سواه، وأن يتنقل فيالمعبودات تنقل الكافرين.

أما المسألة الرابعة: وهي أنه لم يأت النفي في حقهم إال باسم الفاعل وفي جهته جاء بالفعل المستقبل تارة، وباسم الفاعل أخرى، فذلك -والل$$ه أعلم- لحكم$$ة بديع$$ة، وهي أن المقصود األعظم براءته من معبوديهم بكل وج$$ه وفي ك$$ل وقت، ف$$أتى أوال بص$$يغة الفعل الدالة على الحدوث والتجدد، ثم أتى في هذا النفي بعين$$ه بص$$يغة اس$$م الفاع$$ل في الثاني، أن هذا ليس وصفي وال شأني، فكأنه قال: عبادة غير الله ال تكون فعال لي، وال وصفا، فأتى بنفيين لمنف$يين مقص$ودين ب$النفي، وأم$ا في حقهم فإنم$ا أتى باالس$$م الدال على الوصف والثبوت دون الفعل، أي: أن الوصف الثابت الالزم العائد لله منت$$ف عنكم، فليس هذا الوصف ثابتا لكم، وإنما ثبت لمن خص الله وحده بالعبادة لم يش$$رك مع$$ه فيه$$ا أح$$دا، وأنتم لم$$ا عب$$دتم غ$$يره، فلس$$تم من عابدي$$ه، وإن عب$$دوه في بعض

وإذ}األحي$$ان، ف$$إن المش$$رك يعب$$د الل$$ه، ويعب$$د مع$$ه غ$$يره، كم$$ا ق$$ال أه$$ل الكه$$ف: أي: اع$$تزلتم معب$$ودهم إال الل$$ه، [16]الكه$$ف: اعتزلتموهم وما يعب44دون إال الله{

بون44ا}فإنكم لم تعتزلوه، وكذا قال المشركون عن معب$$ودهم: م44ا نعب44دهم إال ليقر فهم كانوا يعبدون الل$$ه، ويعب$$دون مع$ه غ$$يره، فلم ينت$ف [3]الزمر: إلى الله زلفى{

عنهم الفع$$ل لوقوع$$ه منهم، ونفى الوص$$ف؛ ألن من عب$$د غ$$ير الل$$ه لم يكن ثابت$$ا على عبادة الله، موصوفا بها، فتأمل هذه النكتة البديعة كيف تجد في طيها أنه ال يوصف بأنه عابد الله، وأنه عبده المستقيم على عبادته إال من انقطع إليه بكليته، وتبتل إلي$$ه تب$$تيال، لم يلتفت إلى غيره، ولم يشرك به أحدا في عبادته، وأنه وإن عب$$ده وأش$$رك ب$$ه غ$$يره فليس عابدا لله وال عبدا له، وهذا من أسرار هذه الس$$ورة العظيم$$ة الجليل$$ة ال$$تي هي إحدى سورتي اإلخالص ال$$تي تع$$دل رب$$ع الق$$رآن، كم$$ا ج$$اء في بعض الس$$نن، وه$$ذا ال

يفهمه كل أحد وال يدركه إال من منحه الله فهما من عنده، فلله الحمد والمنة. وأما المسألة الخامسة: وهي أن النفي في هذه السورة أتى بأداة "ال" دون "لن" فلم$$ا تقدم تحقيقه عن قرب، أن النفي ب$$$"ال" أبل$$غ من$$ه ب$$$"لن"، وأنه$$ا أدل على دوام النفي وطوله من "لن" وأنها للطول والمد الذي في نفيه$$ا ط$$ال النفي به$$ا واش$$تد، وأن ه$$ذا ضد ما فهمت$$ه الجهمي$$ة والمعتزل$$ة من أن "لن" إنم$$ا تنفي المس$$تقبل وال تنفي الح$$ال المستمر النفي في االستقبال، وقد تقدم تقري$$ر ذل$$ك بم$$ا ال تك$$اد تج$$ده في غ$$ير ه$$ذا

التعليق، فاإلتيان ب$"ال" متعين هنا، والله أعلم. وأما المسألة السادسة: وهي اشتمال هذه السورة على النفي المحض فهذا هو خاص$$ة هذه السورة العظيمة، فإنها سورة براءة من الشرك كم$$ا ج$$اء في وص$$فها أنه$$ا ب$$راءة من الشرك، فمقصودها األعظم هو البراءة المطلوبة بين الموحدين والمشركين، ولهذا أتى ب$$النفي في الج$$انبين تحقيق$$ا لل$$براءة المطلوب$$ة، وه$$ذا م$$ع أنه$$ا متض$$منة لإلثب$$ات

}وال أنتم عابدون ما أعبد{ براءة محضة }ال أعبد ما تعبدون{صريحا، فقوله: إثبات أن له معبودا يعبده وح$$ده، وأنتم بريئ$$ون من عبادت$$ه، فتض$$منت النفي واإلثب$$ات،

ا تعب44دون * إال الذي فط44رني فإنه}وطابقت قول إمام الحنفاء: م إنني ب44راء م }وإذ اعتزلتموهم وم44اوطابقت قول الفئة الموحدة: [27-26]الزخرف:سيهدين{

فانتظمت حقيقة "ال إل$$ه إال الل$$ه"، وله$$ذا ك$$ان الن$$بي -[16]الكهف:يعبدون إال الله{ في س$$نة الفج$$ر وس$$نة }قل ه44و الله أح44د{صلى الله عليه وسلم- يقرنها بسورة:

المغرب، فإن هاتين السورتين سورتا اإلخالص، وقد اشتملتا على نوعي التوحي$$د ال$$ذي ال نجاة للعبد وال فالح إال بهما، وهما توحيد العلم واالعتقاد المتضمن تنزي$$ه الل$$ه عم$$ا ال يليق به من الشرك والكفر والولد والوالد، وأنه إله أحد صمد لم يل$$د فيك$$ون ل$$ه ف$$رع، ولم يولد فيكون له أصل، ولم يكن له كفوا أحد فيكون له نظير، ومع ه$$ذا فه$$و الص$$مد الذي اجتمعت له صفات الكم$$ال كله$$ا، فتض$$منت الس$$ورة إثب$$ات م$$ا يلي$$ق بجالل$$ه من صفات الكمال، ونفي ما ال يليق به من الشريك أصال وفرعا ونظيرا، فهذا توحي$$د العلم

12

Page 13: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

واالعتقاد، والثاني: توحيد القص$$د واإلرادة، وه$$و أن ال يعب$$د إال إي$$اه، فال يش$$رك ب$$ه في }قل يا أيه44ا الك44افرون{عبادته س$$واه، ب$$ل يك$$ون وح$$ده ه$$و المعب$$ود، وس$$ورة:

مشتملة على هذا التوحيد، فانتظمت الس$ورتان ن$$وعي التوحي$$د، وأخلص$$تا ل$ه، فك$$ان - صلى الله عليه وسلم- يفتتح بهما النهار في سنة الفجر، ويختم بهما في سنة المغرب،وفي السنن أنه كان يوتر بهما، فيكونان خاتمة عمل الليل، كما كانا خاتمة عمل النهار.

ومن هنا تخريج جواب المسألة الس$$ابعة، وهي: تق$$ديم براءت$$ه من معب$$ودهم ثم أتبعه$$اببراءتهم من معبوده، فتأمله.

دون: يا أيها ال$$ذين{يا أيها الكافرون}وأما المسألة الثامنة، وهي: إثباته هنا بلفظ: ه -والله أعلم- إرادة الداللة على أن من كان الكفر وص$فا ثابت$$ا ل$ه الزم$ا ال كفروا فسر يفارقه فهو حقيق أن يتبرأ الله منه، ويكون ه$و أيض$$ا بريئ$$ا من الل$$ه، فحقي$ق بالموح$د البراءة منه، فكان في معرض البراءة التي هي غاية البعد والمجانبة بحقيقة حاله ال$$تي هي غاية الكفر، وهو الكفر الثابت الالزم في غاية المناسبة، فكأنه يقول: كما أن الكفر الزم لكم، ثابت ال تنتقلون عنه، فمجانبتكم والبراءة منكم ثابتة لي دائما أبدا، ولهذا أتى

فيها بالنفي الدال على االستمرار في مقابلة الكفر الثابت المستمر، وهذا واضح. وهل أفاد}لكم دينكم ولي دين{وأما المسألة التاسعة: وهي ما الفائدة في قوله:

هذا معنى زائ$دا على م$$ا تق$دم؟ فيق$ال: في ذل$$ك من الحكم$$ة -والل$$ه أعلم- أن النفيا ال األول أفاد البراءة، وأن$$ه ال يتص$$ور من$$ه، وال ينبغي ل$ه أن يعب$$د معب$$وديهم، وهم أيض$$ يكونون عابدين لمعب$$وده، وأف$$اد آخ$$ر الس$$ورة إثب$$ات م$$ا تض$$منه النفي من جهتهم من الشرك والكفر الذي هو حظهم وقسمهم ونصيبهم، فجرى ذلك مجرى من اقتس$$م ه$$و وغيره أرضا، فقال له: ال تدخل في حدي، وال أدخل في حدك، لك أرض$$ك ولي أرض$$ي، فتض$$منت اآلي$$ة أن ه$$ذه ال$$براءة اقتض$$ت أن$$ا اقتس$$منا خطتن$$ا بينن$$ا، فأص$$ابنا التوحي$$د واإليمان، فهو نصيبنا وقسمنا الذي نختص به، ال تشركونا في$$ه، وأص$$ابكم الش$$رك بالل$$ه والكفر به فهو نصيبكم وقسمكم ال$ذي تختص$ون ب$ه ال نش$رككم ب$ه، فتب$$ارك من أحي$$ا قلوب من شاء من عباده بفهم كالمه، وهذه المعاني ونحوه$$ا إذا تجلت للقل$$وب رافل$$ة في حللها فإنها تسبى القلوب، وتأخذ بمجامعه$$ا، ومن لم يص$$ادف من قلب$$ه حي$$اة فهي خود تزف إلى ضرير مقعد، فالحمد لله على مواهبه التي ال منتهى له$$ا، ونس$$أله إتم$$ام

نعمته. وأما المسألة العاشرة: وهي تقديم قس$$مهم ونص$$يبهم على قس$$مه ونص$$يبه، وفي أول السورة قدم ما يختص بهم، فهذا من أس$$رار الكالم وب$$ديع الخط$$اب ال$$ذي ال يدرك$$ه إال فحول البالغة وفرسانها، ف$$إن الس$$ورة لم$$ا اقتض$$ت ال$$براءة، واقتس$$ام دي$$ني التوحي$$د والشرك بينه وبينهم، ورضي كل بقسمه، وكان المحق هو صاحب القس$$مة، وق$$د أب$$رز النصيبين، وميز القس$$مين، وعلم أنهم راض$$ون بقس$$مهم ال$$دون ال$$ذي ال أردأ من$$ه، وال أدون، وأنه هو قد استولى على القسم األش$$رف، والح$$ظ األعظم، بمنزل$$ة من اقتس$$ما وشفاء، فرضي مقاسمه بالسم، فإنه يقول له: ال تشاركني في قسمي، هو وغيره سم وال أشاركك في قسمك، لك قسمك ولي قسمي، فتقدم ذكر قسمه هنا أحس$$ن وأبل$$غ، كأنه يقول: هذا هو قسمك الذي آثرته بالتقديم، وزعمت أنه أشرف القسمين، وأحقهما بالتقديم، فكان في تقديم ذكر قسمه من التهكم به، والن$$داء على س$$وء اختي$$اره، وقبح ما رضيه لنفسه من الحسن والبيان ما ال يوجد في ذكر تق$$ديم قس$$م نفس$$ه، والح$$اكم في هذا هو الذوق، والفطن يكتفي بأدنى إشارة، وأما غليظ الفهم فال ينج$$ع في$$ه ك$$ثرة

البيان. ووجه ثان وهو أن مقصود السورة براءته -صلى الله عليه وسلم- من دينهم ومعبودهم،ها ومغزاها، وجاء ذكر براءتهم من دينه ومعبوده بالقصد الثاني، مكمال لبراءته هذا هو لب ومحققا لها، فلما كان المقصود براءته من دينهم بدأ به في أول السورة، ثم جاء قوله:

13

Page 14: التاريــخ  · Web view2015-09-16 · مثل هذا يدل على الاستقبال، تقول: ... الحسن والبيان ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم

مطابقا لهذا المعنى، أي: ال أشارككم في دينكم، وال أوافقكم عليه، بل}لكم دينكم{هو دين باطل تختصون أنتم به وال أشرككم فيه أبدا، فطابق آخر السورة أولها، فتأمل. وأما المسألة الحادية عشرة: وهي أن هذا اإلخبار بأن لهم دينهم وله دينه هل هو إقرار فيكون منسوخا أو مخصوصا أو ال نسخ في اآلية وال تخص$$يص؟، فه$$ذه مس$$ألة ش$$ريفة من أهم المسائل المذكورة، وقد غلط في السورة خالئ$$ق، وظن$$وا أنه$$ا منس$$وخة بآي$$ة السيف، العتقادهم أن ه$$ذه اآلي$$ة اقتض$$ت التقري$$ر لهم على دينهم، وظن آخ$$رون أنه$$ا مخصوص$$ة بمن يق$$رون على دينهم، وهم أه$$ل الكت$$اب، وكال الق$$ولين غل$$ط محض، فال نسخ في السورة وال تخصيص، بل هي محكمة وعمومها نص محفوظ وهي من الس$$ور التي يستحيل دخول النسخ في مضمونها، فإن أحكام التوحيد الذي اتفقت علي$$ه دع$$وة الرسل يستحيل دخول النسخ فيه، وهذه السورة أخلصت التوحيد، ولهذا تسمى س$$ورة اإلخالص، كما تقدم، ومنشأ الغلط ظنهم أن اآلية اقتضت إق$$رارهم على دينهم، ثم رأوا

أن هذا اإلقرار زال بالسيف، فقالوا: منسوخ. وقالت طائفة: زال عن بعض الكفار، وهم من ال كتاب لهم، فقالوا: هذا مخصوص بأهل الكتاب، ومعاذ الله أن تكون اآلية اقتض$$ت تقري$$را لهم، أو إق$$رارا على دينهم أب$$دا، فلم يزل رسول الله -صلى الله علي$$ه وس$$لم- من أول األم$$ر وأش$$ده علي$$ه وعلى أص$$حابه، أشد على اإلنكار عليهم، وعيب دينهم وتقبيحه، والنهي عنه، والتهديد والوعيد ك$$ل وقت وفي كل ناد، وقد سألوه أن يكف عن ذكر آلهتهم وعيب دينهم ويتركونه وش$$أنه، ف$$أبىا على اإلنكار عليهم، وعيب دينهم، فكيف يقال: إن اآلية اقتض$$ت تقري$$ره لهم؟، إال مضي معاذ الله من هذا الزعم الباطل، وإنما اآلية اقتضت البراءة المحض$$ة، كم$$ا تق$$دم، وأن م$$ا هم علي$$ه من ال$$دين ال ن$$وافقكم علي$$ه أب$$دا، فإن$$ه دين باط$$ل، فه$$و مختص بكم، ال نش$$رككم في$$ه وال أنتم تش$$ركوننا في دينن$$ا الح$$ق، فه$$ذا غاي$$ة ال$$براءة والتنص$$ل من موافقتهم في دينهم، فأين اإلقرار حتى يدعوا النسخ أو التخصيص؟ أف$$ترى إذا جوه$$دوا

ب$$ل ه$$ذه ؟،}لكم دينكم ولي دين{بالسيف كما جوهدوا بالحجة ال يص$$ح أن يق$$ال: آية قائمة محكمة ثابتة بين المؤمنين والكافرين إلى أن يطهر الل$$ه منهم عب$$اده وبالده، وكذلك حكم هذه البراءة بين أتباع الرسول -صلى الله علي$$ه وس$$لم- أه$$ل س$$نته، وبين أهل البدع المخالفين لما جاء به الداعين إلى غ$$ير س$$نته، إذا ق$$ال لهم خلف$$اء الرس$$ول وورثته: لكم دينكم ولنا ديننا، ال يقتضي هذا إقرارهم على بدعتهم، بل يقولون لهم هذه براءة منهم ومن بدعتهم، وهم مع هذا منتصبون للرد عليهم ولجهادهم بحسب اإلمكان، فهذا ما فتح الله العظيم به من هذه الكلمات اليس$$يرة، والنب$$ذة المش$$يرة إلى عظم$$ة هذه السورة وجاللتها ومقصودها وبديع نظمها، من غير استعانة بتفس$$ير وال تتب$$ع له$$ذه الكلمات من مظان توجد فيه، بل هي استجالء مما علمه الل$$ه وألهم$$ه بفض$$له وكرم$$ه، والل$$ه يعلم أني ل$$و وج$$دتها في كت$$اب ألض$$فتها إلى قائله$$ا، ولب$$الغت في استحس$$انها، وعسى الله المان بفضله الواسع العطاء الذي عطاؤه على غ$$ير قي$$اس المخل$$وقين أن يعين على تعلي$$ق تفس$$ير على ه$$ذا النم$$ط وه$$ذا األس$$لوب، وق$$د كتبت على مواض$$ع متفرق$$ة من الق$$رآن بحس$$ب م$$ا يس$$نح من ه$$ذا النم$$ط وقت مق$$امي بمك$$ة وب$$البيت

.(13)المقدس، والله المرجو إتمام نعمته" لو كتب تفسيرا بهذه الطريقة ألغنى عن كتب التفسير -رحمه الله-، هذا من غير كت$$اب

وال رجوع إلى مصادر، فكيف لو رجع إلى المصادر؟!.فال تستطيلوا هذا الكالم، فهذا ال يوجد في كتب التفسير، وال قريب منه.

(.142-1/134 - انظر: بدائع الفوائد )1314