2
ﻣﺼﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺘﺢ اﻹﺳﻼﻣﻲ أﺗﺎح ﺻﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ اﻟﺬى ﻋﻘﺪه ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻰ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻟﻠﮭﺠﺮة) 628 م( ﻣﻊ ﻗﺮﯾﺶ ﻓﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ أن ﯾﺒﻌﺚ ﺑﺴﻔﺎراﺗﮫ إﻟﻰ رؤﺳﺎء وﻣﻠﻮك اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻟﮫ ﯾﺪﻋﻮھﻢ إﻟﻰ دﯾﻦ ﷲ اﻟﺠﺪﯾﺪ وھﻮ اﻹﺳﻼم ﻓﺎﺗﺠﮭﺖ ﺳﻔﺎرﺗﺎن ﻣﻨﮭﺎ إﻟ ﻰ ھﺮﻗﻞ إﻣﺒﺮاطﻮر اﻟﺮوم وإﻟﻰ ﻧﺎﺋﺒﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻗﯿﺮس اﻟﻤﺸﮭﻮر ﻓﻰ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ وﻛﺎن ﻋﻠﻰ رأس ھﺬه اﻟﺴﻔﺎرة" ﺣﺎطﺐ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻠﺘﻌﺔ" وﻗﺪ ﻏﺎدرت اﻟﺴﻔﺎرة اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﻓﻰ ﺷﮭﺮ ذى اﻟﺤﺠﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ6 ھـ أﺑﺮﯾﻞ ﺳﻨﺔ628 م ووﺻﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺳﻨﺔ7 ھـ628 م وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻜﺘﺎب ا ﻟﺘﺎﻟﻰ: " ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل ﷲ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻘﺒﻂ ، ﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺗﺒﻊ اﻟﮭﺪي ، أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﺈﻧﻲ أدﻋﻮك ﺑﺪﻋﺎﯾﺔ اﻹﺳﻼم ﻓﺄﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻢ ، وأﺳﻠﻢ ﯾﺆﺗﻚ ﷲ أﺟﺮك ﻣﺮﺗﯿﻦ ، ﻓﺈن ﺗﻮﻟﯿﺖ ﻓﻌﻠﯿﻚ إﺛﻢ اﻟﻘﺒﻂ ﯾﺎ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺳﻮاء ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻨﻜﻢ أﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ ﷲ وﻻ ﻧﺸﺮك ﺑ ﮫ ﺷﯿﺌﺎ و ﻻ ﯾﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ أرﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ دون ﷲ ﻓﺈن ﺗﻮﻟﻮا ﻓﻘﻮﻟﻮا ﻓﺸﮭﺪوا ﺑﺄﻧﺎ ﻣﺴﻠﻤﻮن. " ﻓﻠﻘﺪ ﺟﺎءت ﺳﻔﺎرة اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ دﻟﯿﻼ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ وﺳﻂ أﻗﺮاﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻰ دﺧﻠﮭﺎ اﻹﺳﻼم وﻋﺎﺻﻤﺘﮭﺎ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة و إﻧﻘﺎذا ﻟﻤﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﻋﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ اﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺮ ﺑﮭﺎ وﻣﻦ اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﺬى ﻛﺎن ﯾﺴﻮد ﻣﺼﺮ ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻰ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ واﻟﺒﯿﺰﻧﻄﯿﯿﻦ واﻟﺘﻰ ﻛﺎن ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ رﻓﺾ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ ﺗﺪﺧﻞ اﻷﺑﺎطﺮة اﻟﺒﯿﺰﻧﻄﯿﻦ ﻓﻰ اﻟﺠﺪل اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺬى دار ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑ ﻊ اﻟﻤﯿﻼدى ﺣﻮل طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ، ﻓﻠﻘﺪ وﺟﺪ اﻟﻤﺼﺮﯾﻮن ﻓﻰ ھﺬا اﻟﺨﻼف اﻟﺪﯾﻨﻲ ﺳﺒﯿﻼ ﻟﻠﺨﺮوج ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺰﻧﻄﺔ واﻟﻘﯿﺎم ﺑﺤﺮﻛﺎت ﺿﺪ ﻣﺴﺎوئ اﻹدارة اﻟﺒﯿﺰﻧﻄﯿﺔ ﻓﻰ اﻟﺒﻼد واﻟﺘﻰ ﻛﺎن ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ ﺣﺮﻛﺎت اﻻﺿﻄﮭﺎد اﻟﺪﯾﻨﻲ ﺿﺪ ﻣﻦ ﯾﺨﺎﻟﻒ ﺑﯿﺰﻧﻄﺔ ﻓﻰ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ أﻧﺰﻟﺘﮫ ﻣﻦ ﺗﻌﺴﻒ وظﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻓﻰ ﺟﺒﺎﯾﺔ اﻟﻀﺮاﺋﺐ ﻓﺎﺗﺨﺬت اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ ﺣﺮﻛﺔ ھﺠﺮة ﻣﻦ اﻟﺮﯾﻒ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ واﻷدﯾﺮة ﺑﺎﻟﺼﺤﺮاء اﻷﻣﺮ اﻟﺬى أدي ﻣﻌﮫ إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻔﻮﺿﻰ ﺑﺎﻟﺒﻼد واﺧﺘﻠﻄﺖ ھﺬه اﻟﻔﻮﺿﻰ ﺑﮭﺠﻮم اﻟﻔﺮس اﻟﺴﺎﺳﺎﻧﯿﯿﻦ أﻋﺪاء ﺑﯿﺰﻧﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ واﻟﺸﺎم وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ھﺮﻗﻞ اﺳﺘﻄﺎع اﺳﺘ ﺮداد ﻣﺼﺮ واﻟﺸﺎم ﻣﻦ اﻟﻔﺮس ودﺧﻮل ﺑﻼد ﻓﺎرس ﻧﻔﺴﮭﺎ ﺳﻨﺔ628 م إﻻ أﻧﮫ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﺳﺘﻤﺮا اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ وﻣﺘﺎﻋﺒﮭﺎ. وھﻜﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﺖ ﺳﻔﺎرة اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﺳﻨﺔ7 ھـ/ 628 م أي ﺑﻌﺪ ﺟﻼء اﻟﻔﺮس ﻋﻦ اﻟﺒﻼد واﻧﺘﺼﺎر ھﺮﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮس أﺣﺴﻦ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﮭﺎ ﺳﻔﺮاء اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ اﻷﻣﺮ اﻟﺬى ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن دﻋﻮة اﻹﺳﻼم ﻏﺪت ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻠﻘﻰ أذاﻧﺎ ﺻﺎﻏﯿﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ اﻟﺴﺒﯿﻞ اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ ﺗﺮدد ﻓﻰ ﻗﺒﻮل اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ إﻻ أﻧﮫ ﺑﻌﺚ ﺑﮭﺪﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ وﻣﻌﮫ ھﺬا اﻟﺮد: " ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻘﺒﻂ ﺳﻼم ﻋﻠﯿﻚ ، أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪ ﻗﺮأت ﻛﺘﺎﺑﻚ وﻓﮭﻤﺖ ﻣﺎ ذﻛﺮت ﻓﯿﮫ وﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﯿﮫ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ أن ﻧﺒﯿﺎ ﺑﻘﻲ وﻛﻨﺖ أظﻦ أﻧﮫ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺸﺎم وﻗﺪ أﻛﺮﻣﺖ رﺳﻮﻟﻚ وﺑﻌﺜﺖ إﻟﯿﻚ ﺑﺠﺎرﯾﺘﯿﻦ ﻟﮭﻤﺎ ﻣﻜﺎن ﻓﻰ اﻟ ﻘﺒﻂ ﻋﻈﯿﻢ أھﺪﯾﺖ إﻟﯿﻚ ﺑﻐﻠﺔ ﻟﺘﺮﻛﺒﮭﺎ واﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ. " وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ھﺪﯾﺔ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻣﻦ أﺷﮭﺮ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﺼﺮ وﻣﻨﮭﺎ ﻋﺴﻞ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺑﻨﮭﺎ وﺛﯿﺎب ﻣﻤﺎ اﺷﺘﮭﺮت ﺑﮭﺎ ﻣﺼﺮ واﻟﺘﻰ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﺳﻢ" اﻟﻘﺒﺎطﻲ" ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ رأس ھﺪﯾﺔ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ إﺣﺪى ﺑﻨﺎت ﻣﺼﺮ وھﻰ اﻟﺴﯿﺪة" ﻣﺎرﯾﺔ" ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺔ ﺣﻔﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﻘﺎطﻌﺔ أﻧﺼﻨﺎ وﻣﻮﻗﻌﮭﺎ اﻵن ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻨﺼﻠﺔ ﺑﻤﺮﻛﺰ ﻣﻠﻮي ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻤﻨﯿﺎ ، وﻗﺪ ﺧﻠﻔﺖ ھﺪﯾﺔ اﻟﻤﻘﻮﻗﺲ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ رواﺑﻂ ﻗﻮﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺑﻼد اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ إﻧﺠﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺪة ﻣﺎرﯾﺔ وﻟﺪه إﺑﺮاھﯿﻢ وھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬى دﻋﻢ ﺻﻠﺔ اﻟﻨﺴﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ وﻣﮭﺪت ﻟﻠﻔﺘﺢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻤﺼﺮ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻟﻲ ﻋﻤﺮ اﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋ ﻨﮫ اﻟﺨﻼﻓﺔ وﻗﺪم اﻟﺠﺎﺑﯿﺔ- ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﺠﻮﻻن ﺣﺎﻟﯿﺎ- ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺮوم ﺑﺒﻼد اﻟﺸﺎم ﻗﺎم إﻟﯿﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص وﻗﺎل ﻟﮫ" : ﯾﺎ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﺋﺬن ﻟﻲ أن أﺳﯿﺮ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ وﺣﺮﺿﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻗﺎل: إﻧﻚ إن ﻓﺘﺤﺘﮭﺎ ﻋﻨﻮة ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮة ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻋﻮﻧﺎ ﻟﮭﻢ وھﻰ أﻛﺜﺮ اﻷرض أﻣﻮاﻻ وأ ﻋﺠﺰھﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﺎل واﻟﺤﺮب" ، ﻓﺘﺨﻮف ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻠﻢ ﯾﺰل ﻋﻤﺮو ﯾﻌﻈﻢ أﻣﺮھﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮ ﺣﺘﻲ أذن ﻟﮫ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﺎﻟﻤﺴﯿﺮ إﻟﯿﮭﺎ وﻗﺎل ﻟﮫ" : ﺳﺮ وأﻧﺎ ﻣﺴﺘﺨﯿﺮ ﷲ ﻓﻰ ﺳﯿﺮك وﺳﯿﺄﺗﯿﻚ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺳﺮﯾﻌﺎ إن ﺷﺎء ﷲ ﻓﺈن أدرﻛﻚ ﻛﺘﺎﺑﻲ آﻣﺮك ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻻﻧﺼﺮاف ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺪﺧﻠ ﮭﺎ أو ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ أرﺿﮭﺎ ﻓﺎﻧﺼﺮف وإن أﻧﺖ دﺧﻠﺘﮭﺎ ﻗﺒﻞ واﺳﺘﻨﺼﺮهͿ أن ﯾﺄﺗﯿﻚ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻓﺎﻣﺾ ﻟﻮﺟﮭﻚ واﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎ" ، ﻓﺴﺎر ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﯿﺶ ﻗﻮاﻣﮫ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻣﻘﺎﺗﻞ ودﺧﻞ رﻓﺢ ﺑﺎﻟﻌﺮﯾﺶ ﻓﻰ أواﺋﻞ ﺳﻨﺔ19 ھـ/ 640 م ﻗﺒﻞ أن ﯾﺼﻠﮫ ﺧﻄﺎب ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﺣﯿﺚ اﺳﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ ﺑﺴ ﺒﺐ ﺧﻠﻮھﺎ ﻣﻦ ﻗﻮات اﻟﺮوم ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻊ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص زﺣﻔﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﯾﺶ إﻟﻰ ﺑﻠﻮز اﻟﺘﻰ ﺳﻤﺎھﺎ اﻟﻌﺮب اﻟﻔﺮﻣﺎ وھﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺗﻘﻊ ﺷﺮﻗﻲ ﺑﻮرﺳﻌﯿﺪ ﺣﺎﻟﯿﺎ وﺳﻠﻚ ﻓﻰ ھﺬا اﻟﺰﺣﻒ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺮﻣﻠﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﺎطﺊ وھﻮ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺬى ﺳﻠﻜﮫ ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر ﻛﻞ واﻓﺪ ﻋﻠﻲ ﻣﺼﺮ أو ﺟﯿﺶ ﻣﺤﺎرب ﻟﮭﺎ إذ ﻋﺒﺮ ﻣﻦ ھ ﺬا

(2) مصر قبل الفتح الإسلامي

Embed Size (px)

DESCRIPTION

مصر قبل الفتح الإسلامي

Citation preview

Page 1: (2) مصر قبل الفتح الإسلامي

اإلسالميمصر قبل الفتح

مع ) م 628( أتاح صلح الحدیبیة الذى عقده محمد رسول هللا صلي هللا علیھ وسلم فى السنة السادسة للھجرة

قریش فى مكة المكرمة أن یبعث بسفاراتھ إلى رؤساء وملوك العالم المعاصر لھ یدعوھم إلى دین هللا الجدید وھو ى ھرقل إمبراطور الروم وإلى نائبھ على مصر قیرس المشھور فى المصادر اإلسالم فاتجھت سفارتان منھا إل

وقد غادرت السفارة المدینة " حاطب ابن أبي بلتعة " التاریخیة باسم المقوقس وكان على رأس ھذه السفارة م وكانت تحمل الكتاب 628ھـ 7م ووصلت مصر سنة 628ھـ أبریل سنة 6المنورة فى شھر ذى الحجة من سنة

:لتالى امن محمد رسول هللا إلى المقوقس عظیم القبط ، سالم على من اتبع الھدي ، أما بعد فإني أدعوك بدعایة اإلسالم "

فأسلم تسلم ، وأسلم یؤتك هللا أجرك مرتین ، فإن تولیت فعلیك إثم القبط یا أھل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بیننا ھ شیئا و ال یتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون هللا فإن تولوا فقولوا فشھدوا بأنا وبینكم أال نعبد إال هللا وال نشرك ب

" .مسلمون فلقد جاءت سفارة الرسول صلى هللا علیھ وسلم إلى المقوقس دلیال على تقدیر الرسول الكریم لمكانة مصر العالیة

إنقاذا لمصر من المتاعب االقتصادیة التى وسط أقرانھا من الدول التى دخلھا اإلسالم وعاصمتھا المدینة المنورة وكانت تمر بھا ومن االضطراب الذى كان یسود مصر فى ذلك الوقت وبخاصة فى االختالفات الدینیة التى كانت

بین المصریین والبیزنطیین والتى كان من أھمھا رفض المصریین تدخل األباطرة البیزنطین فى الجدل الدیني ع المیالدى حول طبیعة السید المسیح ، فلقد وجد المصریون فى ھذا الخالف الدیني الذى دار منذ القرن الراب

سبیال للخروج على بیزنطة والقیام بحركات ضد مساوئ اإلدارة البیزنطیة فى البالد والتى كان من أھمھا حركات بالمصریین وال سیما االضطھاد الدیني ضد من یخالف بیزنطة فى العقیدة الدینیة مع ما أنزلتھ من تعسف وظلم

فى جبایة الضرائب فاتخذت المقاومة المصریة حركة ھجرة من الریف إلى المعابد واألدیرة بالصحراء األمر الذى أدي معھ إلى انتشار الفوضى بالبالد واختلطت ھذه الفوضى بھجوم الفرس الساسانیین أعداء بیزنطة على

رداد مصر والشام من الفرس ودخول بالد فارس نفسھا سنة مصر والشام وعلى الرغم من أن ھرقل استطاع است .م إال أنھ عجز عن تحقیق االستقرار فى مصر بسبب استمرا المشكلة الدینیة ومتاعبھا 628

م أي بعد جالء الفرس عن 628/ ھـ 7وھكذا عندما وصلت سفارة النبي صلي هللا علیھ وسلم إلى مصر سنة أحسن المقوقس استقبالھا سفراء النبي صلي هللا علیھ وسلم األمر الذى یدل البالد وانتصار ھرقل على الفرس

على أن دعوة اإلسالم غدت فى ذلك الوقت تلقى أذانا صاغیة باعتبارھا السبیل األمثل للنجاة من المشاكل الدینیة الكریم ومعھ ھذا وعلى الرغم من أن المقوقس تردد فى قبول الدعوة اإلسالمیة إال أنھ بعث بھدیة إلى الرسول

:الرد بسم هللا الرحمن الرحیم لمحمد بن عبد هللا من المقوقس عظیم القبط سالم علیك ، أما بعد فقد قرأت كتابك "

وفھمت ما ذكرت فیھ وما تدعو إلیھ وقد علمت أن نبیا بقي وكنت أظن أنھ یخرج من الشام وقد أكرمت رسولك " .قبط عظیم أھدیت إلیك بغلة لتركبھا والسالم علیك وبعثت إلیك بجاریتین لھما مكان فى ال

لم من أشھر منتجات مصر ومنھا عسل من إنتاج مدینة بنھا ولقد كانت ھدیة المقوقس للنبي صلى هللا علیھ وسكما كان على رأس ھدیة المقوقس إحدى بنات " القباطي " وثیاب مما اشتھرت بھا مصر والتى عرفت باسم

من قریة حفن التابعة لمقاطعة أنصنا وموقعھا اآلن مدینة النصلة بمركز ملوي " ماریة " مصر وھى السیدة وقد خلفت ھدیة المقوقس إلى النبي صلى هللا علیھ وسلم روابط قویة بین مصر وبالد العرب بمحافظة المنیا ،

على عھد الرسول الكریم وبخاصة بعد إنجابھ من السیدة ماریة ولده إبراھیم وھو األمر الذى دعم صلة النسب مع المصریین ومھدت للفتح اإلسالمي لمصر

بعد االنتصار -مرتفعات الجوالن حالیا -نھ الخالفة وقدم الجابیة وعندما تولي عمر ابن الخطاب رضي هللا عیا أمیر المؤمنین ائذن لي أن أسیر إلى مصر : " على حملة الروم ببالد الشام قام إلیھ عمرو بن العاص وقال لھ

عجزھا من إنك إن فتحتھا عنوة كانت قوة للمسلمین وعونا لھم وھى أكثر األرض أمواال وأ: وحرضھ علیھا وقال ، فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمین فلم یزل عمرو یعظم أمرھا عند عمر حتي أذن لھ " القتال والحرب

سر وأنا مستخیر هللا فى سیرك وسیأتیك كتابي سریعا إن شاء هللا فإن : " عمر بن الخطاب بالمسیر إلیھا وقال لھ ھا أو شیئا من أرضھا فانصرف وإن أنت دخلتھا قبل أدركك كتابي آمرك فیھ باالنصراف عن مصر قبل أن تدخل

، فسار عمرو بن العاص إلى مصر على جیش قوامھ " أن یأتیك كتابي فامض لوجھك واستعن با واستنصره م قبل أن یصلھ خطاب عمر بن الخطاب حیث 640/ ھـ 19أربعة آالف مقاتل ودخل رفح بالعریش فى أوائل سنة

بب خلوھا من قوات الروم ثم تابع عمرو بن العاص زحفھ من العریش إلى بلوز التى استولي علیھا بسھولة بسسماھا العرب الفرما وھى مدینة تقع شرقي بورسعید حالیا وسلك فى ھذا الزحف الطریق الرملي البعید عن

ذا الشاطئ وھو الطریق الذى سلكھ منذ أقدم العصور كل وافد علي مصر أو جیش محارب لھا إذ عبر من ھ

Page 2: (2) مصر قبل الفتح الإسلامي

الطریق نبي هللا الخلیل إبراھیم حین قصد مصر كما اجتازتھ جیوش اإلسكندر كما سارت علیھ العائلة المقدسة .عند مجیئھا إلى مصر

وقد اتسمت حركات عمرو بن العاص بالسرعة فى التنقل واالبتعاد عن األماكن المراد ضربھا حتي وصل إلى

ذى انتصر علیھم فى موقعة ھلیوبولیس أو عین شمس وعقد صلح حصن بابلیون معقل الروم الرئیسي بمصر ال20بابلیون ثم قدر هللا بعد ذلك استكمال فتح مصر بدخولھ إلى مدینة اإلسكندریة بعد وفاة اإلمبراطور ھرقل سنة

م وإنزالھ 646م وعقد صلح عرف باسم صلح اإلسكندریة ، ثم دخولھا مرة أخرى واالستیالء علیھا سنة 641/ ھـ بحامیة الروم بھا ھزیمة فادحة ، وبذلك أصبحت مصر منذ ذلك الوقت دولة إسالمیة ، وخاصة بعد أن أسس

عمرو بن العاص أول مدینة عربیة أو إسالمیة بھا ھى مدینة الفسطاط وكانت تقع شمال حصن بابلیون ثم أسس .م 641/ ھـ 21أول جامع بھا عرف باسم جامع عمرو بن العاص وذلك سنة

قد كان أول تقریر بعث بھ عمرو بن العاص إلى الخلیفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنھ یصف فیھ مصر ولوأھلھا یحمل بین طیاتھ حقیقة ھامة وھى أن الفتح إسالمي لمصر وضع حدا للسیادة الرومانیة ثم البیزنطیة على

شتراك فى إدارة شئون بالدھم مصر والتى اتسمت بالتشریعات المجحفة للمصریین وحرمانھم من ممارسة اال.فضال عن حركات االضطھاد الدیني الذى تمیزت بھ ھذه الفترة