العظمى؟ الوالية لمن

الشيرازي الحسيني مرتضى السيد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، ب��ارئ الخالئ��ق أجمعين، ب��اعث األنبي��اء

والمرسلين. ثم الصالة والسالم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاس��م المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، األب��رار المنتج��بين،

الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.واللعنة الدائمة األبدية على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

هيقول الله س��بحانه وتع��الى في كتاب��ه الك��ريم: كم الل م��ا ولي إن��اة وهم ك ��ون الز الة ويؤت ذين يقيم��ون الص�� ��وا ال ذين آمن وله وال ورس��

��وا ف��إن ح��زب الله هم راكعون ذين آمن وله وال ه ورس�� ��ول الل ومن يت.( 1)الغالبون

: األول الفصل

؟ العظمى الوالية لمنتوطئة

ونحن نعيش في الق��رن الواح��د والعش��رين وفي ع��الم مليء بالحروب واالنتهاكات، عالم يصنع من االنسان مجرد ال��ة تتج��ه نح��و المزيد من التجرد من العواطف والمشاعر بل واالنس��انية ، ويح��ول حياته الى حياة بؤس و شقاوة ومادة، ما اجدر بنا ب��ل بك��ل البش��ر ان نبحث عن االس��باب ال��تي ادت الى ظه��ور مث��ل ه��ذه الظ��واهر

المرة في الحياة البشرية. ان المشكلة كل المشكلة تتمثل في نم�ط القي�ادة و شخص�ية

القائد في العصر الحاضر والعصور السابقة التي تلت عصر الوحي، وض��ياع االنس��انية في اختياراته��ا للقائ��د الح��ق و القي��ادة الحق��ة ، وفقدانها البصيرة في تمييز صاحب الوالي��ة والت��ولي عن غ��يره، من هنا اتت هذه الكلمات ل��تركز على من ه��و ص��احب الوالي��ة العظمىبع و يقتفى اث��ره، ومفه��وم بالحق ، ومن هو القائد الذي يجب ان ي�ت

الوالية وفلسفتها.زمزم شفير على التاريخ

.56 �55المائدة: سورة )?(1

لندع الحاض��ر هنيئ��ة و نحل��ق للحظ��ات الى غ��ابر الزم��ان الى قب��ل سنة، نهبط في بقع��ة ط��اهرة بق��رب الكعب��ةةحوالي الف و أربعمائ

الشريفة ما اقدسها و اروعها من مكان، وعلى شفير زمزم، نرص��د هنال��ك مجموع��ة من الجلس��اء ، وفيهم متح��دث و واع��ظ يخ��اطب الجالسين ، انه عبد الله بن عباس وه��و يس��رد الرواي��ات عن الن��بي االعظم صلى الله عليه واله رواية تلو رواية، قال رسول الله )صلى الله عليه وآله( كذا، وقال رسول الله )صلى الل��ه علي��ه وآل��ه( ك��ذا، وبينا هو ماض في شانه و حديثه، يقتحم الجمع الحاضر رج��ل معمم ملثم ، قد ال تكاد تظهر من لمحات وجهه اال عين��اه ، ج��اء الرج��ل و ولج في دائرة القوم ،كان كلم��ا ح��دث ابن عب��اس عن الن��بي ص��لى الله عليه واله حديثا ، ينبري الرجل الغريب مؤكدا كالم��ه ق��ائال: نعم

قال رسول الله كذا. قد ظهر من طيات حديث الرجل وكالمه ومن حركاته وس��كناته واسلوبه، أنه بح��ر علم، وبح��ر أدب وخل��ق ومعرف��ة وفض��يلة، وان��ه

يمتلك شخصية متميزة فريدة. اس��تغرب ابن عب��اس من الرج��ل وال��ذي يكش��ف منطق��ه عن

مخبره، فقال له: سألتك بالله من أنت؟ فالرجل لم يرد في بادئ االم��ر أن يكش��ف عن شخص��يته، ول��ذلك

لف وجهه بعمامة، ولع��ل ابن عب��اس لم يكن اس��تفهامه عن حقيق��ة الرجل بدافع حب االستطالع فقط، بل كان يريد تأكيد صحة روايات��ه

.(2)و تمامية أحاديثه بشهادة الرجل المجهول ظاهرا هنا أماط الرجل اللثام، ثم قال: من عرفني فق��د عرف��ني، ومن

لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري. ولعل اسلوبه ه��ذا ك��ان تمهي��دا لتك��ون ش��هادته الالحق��ة اق��وى،والوقع في النفوس اشد ، والحجة للسامعين ومن يبلغه حديثه اتم. و بعد ان تعرف الجالس�ون علي��ه أكم��ل أب��و ذر الغف��اري كالم��ه قائال: سمعت من رسول الله )صلى الل��ه علي��ه وآل��ه( ب��أذني ه��اتين وإال صمتا، ورأيته )صلى الله علي��ه و آل��ه( بعي��ني ه��اتين وإال عميت��ا،

يقول: وقاتل الكفرة، منصور من نصره ، ومخ��ذول،علي قائد البررة

.من خذلهالكرم عظيم وإمام الصبر قليل سائل

)ص( الله رسول أحاديث تأكيد والغرض بينهما، مسبق باتفاق ذلك يكون أن ويحتمل )?(2وأنكروها. الناس من قسم عنها أعرض التي

بعد ذلك حدث أبو ذر الغف��اري الجالس��ين والمس��تمعين بقض��ية حدثت معه في المسجد النبوي، فلنكن معه في رحلته الى المسجد النبوي الشريف وحديثه، حيث يص��ور لن��ا مش��هدا عظيم��ا من ص��الة يؤمها الرسول و يأتم به علي صلى الل��ه عليهم��ا والهم��ا وجم��ع من صحابته االخيار المؤمنين، قال: بينا كنت أصلي الظهر م��ع الرس��ول ص��لى الل��ه علي��ه وال��ه في مس��جده، واذا بس��ائل دخ��ل المس��جد ،

في صالتهم، فرفع رأسه إلى السماء وق��ال: اللهمواالناممستعطيا أشهد أنني سألت في مسجد رسول الل��ه، فلم يعط��ني أح��د ش��يئا( هنا وبعد ان سمع الناس مقال الرجل، وبينما كان علي عليه السالم راكع��ا، اش��ار الي��ه بخنص��ره وفيه��ا الخ��اتم، أن خ��ذها، فأخ��ذها ذاك

الرجل الفقير المستعطي. لق��د ك��ان ينبغي على الس��ائل أن ي��تريث قليال كي تتم ص��الة المص��لين، كم��ا ك��ان علي��ه ان ال يقط��ع عليهم انقط��اعهم الى الل��ه تع��الى، اال ان��ه ق��د يب��دو من س��ياق الرواي��ة و الحيثي��ات المكتنف��ة بالواقعة ان السائل كان قليل الصبر، ولذلك اظهر ردة فعل سريعة من نفسه تجاه ما حدث، بالرغم عن مش��اهدته لواق��ع من ك��ان في المسجد، ولعل عليا عليه الس��الم لم يش��ر للس��ائل بالخ��اتم بمج��رد دخول��ه المس��جد وطلب��ه المس��اعدة، من حيث ان الحال��ة الطبيعي��ة لمثل سائل يواجه موقفا كهذا ان ينتظ��ر لحين انته��اء المص��لين من صالتهم، غير ان اإلمام )عليه السالم( عندما رأى نفاد صبر الس��ائل، وشكواه ممن في مسجد رسول الله )صلى الله علي��ه وآل��ه( وفيهم

نفسه، إذ قال السائل: )اللهم أشهد أن��ني في مس��جدرسول الله رسول الله أطلب وال أجد أحدا يعطيني شيئا( أش��ار بي��ده للس��ائل، أي خذ الخاتم، فقام السائل بأخذه، فكان ه��ذا التص��رف من اإلم��ام

)عليه السالم( نتيجة لحدوث عنوان ثانوي جديد. ولعل من وجوه العنوان الثانوي لالستجابة الس��ريعة من االم��ام لطلب السائل بعد ان تفوه بكالمه ذاك - وهو راكع في حال الص��الة -: أن��ه كث��يرا م��ا ينق��ل الخ��بر مج��ردا من قرائن��ه وتفاص��يله، فمن الممكن ان تنقل الحادثة لألجيال القادمة على نمط يش��وه الص��ورة تماما و يحرف واقع ما كانت عليه تل��ك الواقع��ة ، بحيث يق��ع الل��وم على الحاض��رين في المس��جد ال الس��ائل نفس��ه، كم��ا اذا ص��ورت الواقعة: أن سائال دخل المس��جد فاس��تعطى فلم يعط��ه أح��د ش��يئا،

فاشتكى السائل إلى الله.

ومن الطبيعي انه ل��و تم نق��ل الواقع��ة به��ذا النح��و المقتض��ب ، ومن دون ذكر أن الرسول وأصحابه كانوا في ح��ال الص��الة، ك��ان ال جرم سيلقى مستمع الحديث ومتلقيه الل�وم على الحاض�رين وربم�ا على الرسول نفسه ، وتتولد لديهم اس��ئلة ش��تى مث��ل لم��اذا اهم��ل الحاضرون بما فيهم الرسول، السائل من غير تجاوب منهم معه وال عطاء منهم له، خاصة لو الحظنا كثرة أع��داء الرس��ول والمغرض��ينفي الحقائق والتاريخ ، وتربصهم لكل واردة وش��اردة ليوجه��وا ومحر ضربة قاضية ، ويشوهوا الصورة المشرقة للن��بي االعظم و وص��يه، لذلك ولغيره من االسباب أشار اإلمام )علي��ه الس��الم( ف��ورا وبينم��ا هو في الص��الة ومن دون ان يؤج��ل العط��اء لم��ا بع��د الص��الة، بي��ده

للسائل ليأخذ الخاتم.ولنسترجع تفاصيل الرواية من جديد:

من هو ناقلها؟ وعند من؟ وأين؟ وكيف؟ إن��ه أب��و ذر الغف��اري في محض��ر ابن عب��اس، و ق��رب ال��بيت

الحرام، وهم جالسون على حافة زمزم. ثم إن الرس��ول األعظم )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه( بع��د رؤيت��ه، و للمشاهد المتتالية، بدأ هو ايضا بمسألته وطلبه من الله عز وجل لننظر ما الذي سأله بعد هذه الحادثة مباشرة، فإن كل سائل يسال بقدر ما اوتى من معرفة و وع��اء و قابلي��ة ، ولئن ك��ان الس��ائل في المسجد قد طلب شيئا ماديا ثم توجه بخطابه الى الله تع��الى، ف��ان الرسول صلى الله عليه واله ايضا اخذ يسال ربه سؤاال يتناسب م��ع عظمته وعقله وحكمته، فإنه أعق��ل العقالء وأحكم الحكم��اء، وأك��ثر

الناس علما ومعرفة وذكاء وفطنة وكماال. لذا نجده )صلى الله عليه وآله( قد انتهز الفرص��ة، ف��التفت إلى

السماء وقال: ر لياللهم إن موسى سألك فقال: ) رب اشرح لي صدري ويس��

أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا ق��ولي واجع��ل لي وزي��را من(.أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري

كانت ه��ذه الكلم��ات بمثاب��ة التمهي��د و التوطئ��ة لطلب��ات الن��بي صلى الله عليه واله من الله عز وجل ، وبيان اهمية ما سيطلبه بعد قليل، فقد بين الرسول في كلماته تلك، نوعية الطلبات التي وجهها نبي عظيم من انبياء اولى العزم وهو موس��ى بن عم��ران، الى الل��ه تعالى ، انها طلبات ليس��ت بص��غيرة الش��أن ب��ل هي عظيم��ة بعظم

سائلها، فكلما كان السائل عظيم��ا ال ج��رم ك��ان م��ا يروم��ه عظيم��ايتناسب مع مقامه العالي.

من هنا كان والبد أن يكون طلب النبي محمد )صلى الل��ه علي��ه وآله( يتناسب مع ق��در عظمت��ه أيض��ا، وحيث أن الن��بي )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه( أعظم من موس��ى )علي��ه الس��الم( و حيث أن��ه أعظم الخالئق والكائنات، والممكنات على اإلطالق، فيك��ون م��ا س��أله من

ربه آنذاك من اعظم المسائل والطلبات.اذن لنر ما الذي سأله الرسول صلى الله عليه واله من ربه:

ثم التفت النبي محمد )صلى الله علي��ه و آل��ه( إلى الل��ه وس��ألالله تعالى قائال:

اللهم وأنا محمد نبيك وص��فيك، رب اش��رح لي ص��دري، ويس��ر .لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أشدد به ظهري

ولنركز اآلن على ثالثة مشاهد اساسية في هذه الرواية:المشهد األول: سائل يأتي المسجد يستعطي على قدر حاله.

المش��هد الث��اني: موس��ى )علي��ه الس��الم( على ق��در عظمت��هوبمستوى عقله وإدراكه الرفيعين العاليين، يستعطي الله تعالى.

المشهد الث��الث: الرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه( وه��و أعظم خالئق الله يبدا بمسائلة ربه: أن يجعل عليا ظه��يرا وظه��را ل��ه، وأن

ر له أمره( يشركه في أمره، وييس يقول ابوذر مكمال: )فما استتم رسول الله الكلم��ة ح��تى ن��زل

عليه جبرئيل من عند الله فقال: يا محمد اقرأ قال: وما اقرأ؟ قال:الةإقرأ: ) ذين يقيم��ون الص�� ��وا ال ذين آمن ه ورسوله وال كم الل ما ولي إن

كاة وهم راكعون .(3 ) ((ويؤتون الز هذه الرواية هي شأن نزول ه��ذه اآلي��ة القرآني��ة الكريم��ة، وهيهرة القطعي��ة مما اجمع أعالم األمامي��ة عليه��ا، و ق��امت عليه��ا الش�� للمخ��الفين وأه��ل العام��ة، فالرواي��ة منقول��ة في العش��رات من

مصادرهم، وذكرها الكثير منهم. يقول المرجع الديني السيد عبداألعلى السبزواري )رحمة الله

)لق��د تعالى عليه( في كتابه )مواهب الرحمن في تفس��ير الق��رآن(: أجمعت اإلمامية على هذه اآلية ونزولها في هذا الشأن، وعليه أك��ثر الجمهور من العامة، بل يمكن دع��وى ت��واتر األخب��ار في ذل��ك، فق��د نقلها أئمة الحديث، والحف�اظ في كتب األخب�ار، واش�ترك في نقله�ا جمع وجمهرة من الصحابة كابن عب��اس، وأب��و ذر، وأنس بن مال��ك،

(.35-25) طه: اآلية سورة من بينات آيات في جاء الطلب وهذا )?(3

ونقله��ا أئم��ة المفس��رين وعمار، وجابر، وس�لمة، وابي راف��ع... الخ. بالم���أثور كأحم���د، والنس���ائي، والط���بري، والط���براني، وأورده���ا المتكلمون في الكتب البياني��ة، وتس��لموها ب��القبول، وك��ذلك نقله��ا،

ذلك بالقبول جمي��ع الص��حابة في عص��ر ال��نزول، والت��ابعون،وتلقى وأئمة األدب، وفحول المفسرين، كالزمخش��ري في الكش��اف، وأبي

(.(4)حيان في تفسيره، وغيرهم فالرواية مسلمة الصدور ، وان حاول بعض العامة المناقش��ة فيه��ا ، اال انه���ا كم���ا س���بق من المجم���ع عليه���ا عن���د االمامي���ة ، و من

المشهورات عند غيرهم وان ابى البعض االعتراف بها. ف��األولى - بع��د القط��ع بص��دورها- ان نتوق��ف عن��د بعض المب��احث

الهامة، والدقيقة حول هذه اآلية المباركة، ضمن نقاط عديدة:(.الذين آمنواو)( احتماالت ثالثة في المراد بـ 1)

ذين يقيم�ون) م�ا ه�و المقص�ود ب��: :النقط�ة االولى �وا ال ذين آمن والكاة وهم راكعون (.الصالة ويؤتون الز

هناك ثالثة احتماالت:االحتمال األول:

عليهم��ا الس��الم-–إن هذه اآلية نزلت في اإلمام علي بن أبي طالب على ذل��ك إال5بإجم��اع اإلمامي��ة، وش��هرة كاس��حة من اه��ل العامة

الشاذ النادر المتعصب المغرد خ��ارج الس��رب، المغ��الي في تعص��به وال اإلجم��اع يضعف ال المتعصبين من الشاذ خروج أن يخفى وال، منهم وأن مبن��اهم، المس��لمين( على جماعة مع )الحق فإن يؤكده بل يوهنه

ف��إن الن��ادر الش��اذ الجماع��ة( و)دع مع الله لل��ذئب( و)يد )الش��اذةفيه(. ريب ال عليه المجمع

فهذا االحتمال الذي انعقد عليه اإلجماع هو: أن هذه اآلية نزلت في اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم.

االحتمال الثاني: وه��ذا م��ا ادع��اه نف��ر من المتعص��بين، من انه��ا ن��زلت في عامة

��وا)المؤمنين ف��� ذين آمن وله وال ه ورس�� كم الل م��ا ولي ذين يقيم��ون إن ال�اة وهم راكع�ون ك �ون الز يع�ني ان الوالي��ة ثابت��ة لك��ل(،الصالة ويؤت

ممن اق��ام الص��الة واتىالمؤم��نين في مش��ارق األرض ومغاربه��ا الزكاة وهو راكع.

اآلية المائدة سورة تفسير ذيل419- 418( ص11) : الجزء الرحمن مواهب تفسير )?(4(55)486 ص2 ج البرهان تفسير راجع 5

االحتمال الثالث: وهو األصح أن اآلية نزلت في اثنى عشر شخصا جعلهم الل��ه تع��الى أولياء على خلقه وخالئقه ولم تنزل في شخصية واحدة فحسب، بل ن��زلت في اإلم��ام علي بن أبي ط��الب، واإلم��ام الحس��ن المجت��بى، واإلمام الحسين الشهيد بك��ربالء، ثم اإلم��ام زين العاب��دين، واإلم��ام محم��د الب��اقر، واإلم��ام جعف��ر الص��ادق، واإلم��ام موس��ى الك��اظم، واإلمام علي بن موسى الرضا، واإلمام محمد الجواد، واإلم��ام علي

عج��ل الل��ه–الهادي، واإلمام الحس��ن العس��كري، واإلم��ام المنتظ��ر تعالى فرجه الشريف- وهؤالء هم أئمة المسلمين المعروفون، وهم

ص��لى–عدل القرآن والثقل الثاني بعد الكتاب، كما قال رسول الله )إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتما بهماالله عليه وآله وسلم-:

لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يفترقا ح��تى ي��ردا(6)علي الحوض(.

هذا االحتم��ال الث��الث ه��و األص��ح، وه��و ال ينفي األول، فال تض��اد وال تدافع بينهما بل أنه يتضمن األول ويؤكده ويزيد عليه، نعم تدل اآلي��ة على علي عليه السالم بالداللة المطابقي��ة على االول، و بالتض��منية

على الثاني. إن–وس��نتطرق إلى ه��ذا االحتم��ال في النقط��ة الثالث��ة من البحث

شاء الله- ونقيم البرهان عليه؛ استنادا الى اآلي��ة الش��ريفة بنفس��ها، وانها بنفسها دليل على أن المقصود بها كل األئمة االثني عش��ر من بع��د رس��ول الل��ه من ق��ريش، ب��دءا من اإلم��ام علي )علي��ه الص��الة وازكى السالم( ووصوال إلى اإلمام المهدي )عجل الله تعالى فرج��ه

أيضا- برواي��ات عدي��دة دال�ة–الشريف(، فنستدل بها أوال ثم نستدل على هذا المطلب إنشاء الله.

لكل المؤمنين (الذين آمنواوأدلة ستة على عدم عموم ) أما االحتمال الثاني فبالرغم من وضوح بطالنه في حد ذات��ه، اال انن��ا

نستدل باآلية الكريمة على بطالنه بوجوه ستة: الوجه األول: وه��و المش��هور بين المفس��رين، م��ا ذك��روه في ش��أن النزول، اذ يظهر به وبدون شك تواتر شأن مورد نزول اآلي��ة، و ان��ه هو امير المؤم��نين علي بن ابي ط��الب عليهم��ا الس��الم فان��ه ال��ذي

)يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون(. مصادر من العشرات في الرواية هذه وردت . وقد9ح ،34ص ،27الشيعة: ج وسائل )?(6

االمام مولد اخبار تواتر مبحث في المحاضر السيد اليه اشار كما ايضا، العامة اهلالشريف. فرجه الله عجل المنتظر

ما)الوجه الثاني: هو ان كم)انم��ا أداة حصر في قول��ه تع��الى (إن وليذين وله وال ه ورس�� فاآلي��ة ص��ريحة في أن الل��ه س��بحانه يحص��ر(الل

الوالية في أناس معدودين، ولو رجع االمر الى ثبوت الوالية لعم��وم المؤمنين فسيكون الحصر حينئذ لغوا وباطال، بل غلطا فإنه إذا ك��ان المقصود: أن الوالي��ة ثابت��ة لعام��ة المؤم��نين، فكي��ف يس��تخدم اداة

الحصر الصريحة؟ وكتدليل على ذلك نس��تعين بمث��ال ع��رفي واض��ح، ل��و افترض��نا ان��ه يوجد في المسجد عشرة أشخاص، وكان زيد فقط هو العالم فيصح القول: إنما العالم منهم زي��د، أم��ا إذا ك��انوا كلهم علم��اء ، ثم قي��ل:

إنما العالم زيد ف��ان اس��تخدام اداة الحص��ر هن��ا س��يكون غلط��ا ال م��برر خط��ابي

تفيد عقدي الس��لب واإليج��اب؛ تحص��ر)انما(الستعماله،، ألن لفظة الحكم في شخص، وتنفيه عن أشخاص آخرين.

قول��ه:فقول القائل: انما زيد ع��الم، يع��ني أن غ��يره ليس بع��الم، و جاء زيد، يعنى أن عمرا لم يجيء، واما إذا جاء زيد ومعه عم��ر،انما

فقال القائل: )إنما جاءني زيد( فهو خطأ وتهافت بالقول. والحاصل: ان أداة الحصر )انما( في اآلية بينة الداللة على أن هؤالء قلة، وانهم اولي��اء وق��ادة، والبقي��ة هم األتب��اع والم��ولى عليهم، وانهذه المجموعة التي أثبتت لها الوالية، هي مجموعة متميزة خاصة.

الوجه الثالث: تفكيك المضاف عن المضاف اليه في قول��ه )وليكم(؛ من الواضح وج��ود مغ��ائرة بين المض��اف والمض��اف الي��ه، ف��وليإذ

مثلم��ا نق��ول: خ��القكمالمضاف غير كاف الخط��اب المض��اف الي��ه، الله، فالخالق مغائر للمخل�وق )كم(، وكق�ول القائ�ل للعب�د: مالك��ك

زيد، وغيرها من االمثلة، صديقك و زوجتك ودارك.كموفي قول��ه تع��الى: ) م��ا ولي ه إن ، ف��ان )ال��ولي( ه��و المض��اف،(الل

والضمير )كم( هو المضاف إليه، فكيف يعقل أن يكون المضاف هو عين المضاف إليه، اي ان يكون الولي هو جميع المؤمنين والم��ولى

عليه هو جميع المؤمنين أيضا؟ الوجه الرابع: مفهوم الولي والمولى عليه، فان الوالية من المع��اني االضافية التي تتحقق بتحقق اطرافها المتباينة بال��ذات، فهن��اك ولي وهناك م��ولى علي��ه وهن��اك نس��بة اض��افية بينهم��ا، وه��ذه االط��راف متغايرة بالبداهة، كتغ��اير المال��ك والممل��وك، وال��رازق والم��رزوق ،

والمعلم والمتعلم.

كم)وفي قوله تعالى م��ا ولي ه إن يوج��د ولي ويوج��د م��ولى علي��ه،(الل فل��و ك��ان ال��ولي ه��و عام��ة المؤم��نين فمن س��يكون الم��ولى علي��ه

حينئذ.؟ الوجه الخامس: الحصر بالصفات، فإنن��ا نالح��ظ أن الل��ه تع��الى في مقام جعل الوالي��ة لألولي��اء، يب��دأ بتض��ييق ال��دائرة ش��يئا فش��يئا من خالل التقييد باألوصاف، مم��ا يرش��دنا الى ارادت��ه مجموع��ة مح��ددة

تنطبق عليها المواصفات.وله)فبداية تطرق الى وص�ف االيم��ان فق��ال: ه ورس� كم الل م�ا ولي إن

ذين آمنوا الة ا) ثم اضيفت صفة اخرى (وال ذين يقيم��ون الص�� ف��ان ( ل اقامة الصالة غ��ير اداء الص��الة، فليس ك��ل مص��ل بمقيم له��ا، و هي

)أش��هدمرتبة أس��مى واعلى واخص من اإلتي��ان بالص��الة، ول��ذا ورد (7)أنك قد أقمت الصالة(

قت الدائرة أكثر فأكثر ب�) ��اةثم ضي ك قت ال��دائرة( ثويؤتون الز ي م ض�� . إذن ليس من المحتم��ل وال من المعق��ول أن(وهم راكعوناكثر ب�)

يكون المقصود )وليكم كل المؤم��نين أو ك��ل المس��لمين( أي: كلكم ولي لكلكم، لوضوح انه في الواقع الخارجي هناك من المؤمنين من

ال تنطبق عليه المواصفات المذكورة. هذا مضافا الى ان مثل هذا المعنى يرفضه ال��ذوق الس��ليم، و بعي��دعن الفطرة السليمة، اذ كيف يقال: )إنما وليكم كلكم على كلكم(.

الوجه السادس: نسبة الولي والوالية إلى الله سبحانه وتعالى، ف��ان المالحظ ان الله سبحانه بدأ بإسناد الوالية لذاته ثم لرس��وله فق��ال:

وله) ه ورس��� كم الل م���ا ولي ، من دون ان يبت���دأ في االس���ناد الى(إنالرسول اوال،

ولعل الوجه في ذلك إلفادة ان ه��ذه الوالي��ة تتم��يز عن غيره��ا من االنواع االخرى من الواليات، ولو ال هذا التميز في ن��وع الوالي��ة ك��ان باإلمكان االكتفاء بذكر الرسول من دون ذك��ر نفس��ه ج��ل جالل��ه، اذ ان كل مسلم يدرك جي��دا ان الوالي��ة لل�ه تع�الى، فالس�ير الط�بيعي

ان يبتدأ الكالم بإثب��ات الوالي��ة– لو ال النكتة التي اشرنا لها –للكالم للرسول، فيقول: إنما وليكم رسول الل��ه وال��ذين آمن��وا( لكن��ه ق��ال

��وا)ج��ل اس��مه: ذين آمن وله وال ه ورس�� كم الل م��ا ولي أي أن��ه ب��دأ(إن بنفسه ، لم��اذا؟ ألن اآلي��ة في ص��دد اثب��ات ن��وع متم��يز وخ��اص من الوالية للرسول و الذين امنوا، وهو نفس الوالية ال��تي اس��ندها الل��ه تعالى لنفس��ه، فكان��ه تع��الى اراد الق��ول: هن��اك ش��يء متم��يز وه��و

السالم. عليهم المسلمين ألئمة الشريفة الزيارات معظم في وردت )?(7

واليتي، وهذا المتميز والمنسوب لي أعطيه للرسول وال��ذين آمن��وا، اي ان��ه جع��ل امت��داد واليت��ه للرس��ول وال��ذين آمن��وا، و بالطولي��ة ب��المعنى الحقيقي، و ه��ذا الش��يء الث��ابت لي أعطيت��ه أيض��ا له��ذه

السلسلة النورية. يعطي عن��دما الله أن الب��ديهي من و أعطى فلو يفق��ده، ال فإنه ش��يئا

الم���راد ان ايضا الب���ديهي من إن كما أعطى؟ ما س���يفقد فهل العلم عليهم ولألئمة للرس���ول تع���الى له ال���تي الوالية ذات إعط���اء ليس

وذلك الطولية، الوالية أي امتدادها، أي منها، شعاع إعطاء بل السالم، الموكل يعطيه الذي كالوكيل امت��داد فإنها العق��ود إج��راء صالحية مثال

.بعينها أعطاها وقد فقدها أنه ال واليتهكم)وبعبارة اخرى: ان كلمة الولي في قوله تعالى: ما ولي عن��دما(إن

ا لمع��نى ال��ولي ولمع��نى زا خاص�� أس��ندت إلى الل��ه أف��ادت هن��ا تميز أعطي شعاع منه للرس��ول )ص��لى الل��ه الوالية، وهذا المعنى التمي علي��ه وآل��ه وس��لم( وأعطى لل��ذين آمن��وا ال��ذين يقيم��ون الص��الة،

ويؤتون الزكاة. واما لو قلنا بتعميم هذه الوالية لعامة المؤمنين والناس، فان الكالم حينئذ سيكون بال وجه متين وال معنى خاص، إن الله سبحانه وتعالى

يقول: أنا وليكم، كلكم مثلي في هذا الشأن، وكلكم أولياء لكلكم(والحاصل: ان القول الثاني واضح البطالن.

ام��ا االحتم��االن االخ��ران فالمتحص��ل ان الث��الث ه��و الص��حيح وه��و المتعين، وذل��ك لوج��ود الش��واهد من اآلي��ة نفس��ها، مض���افا الى الروايات الدالة عليه، ب��أن المقص��ود )األئم��ة من بع��دي اثن��ا عش��ر،

ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه–كم��ا ق��ال رس��ول الل��ه (8)كلهم من ق��ريش(وسلم- في روايات نقلها الفريقان: شيعة وعامة.

كما سياتي بيان ذلك عن قريب بإذن الله تعالى في النقطة الثالثة من البحث.

دالة على ؟(وليكم)( لماذا أفردت صيغة 2)

رسول خلفاء عدد باب387 ص الصدوق الشيخ الشيعة: امالي مصادر من راجع )?(8 األنوار بحار و واله، عليه الله صلى النبي بعد واالئمة الخلفاء باب469 ص والخصال ، الله

مصادر ومن الباب، في ومفيدة عديدة روايات ففيه ،231ص ،36المجلسي: ج للشيخ والخالفة لقريش تبع الناس باب3 و2 ص6 ج المسلم و ،127 ص ج العامة: البخاري

قريش. في

النقطة الثاني��ة: لكن قب��ل ذل��ك نتس��اءل: لم��اذا أف��رد الل��ه س��بحانهكم)وتعالى صيغة وجعلها مفردة؟ دون استخدام صيغة الجم��ع،(ولي

فلم يقل: ) اوليائكم(؟ هناك حكم عديدة نذكر بعض التي يحتمل منها في المقام، مع االخذ بعين االعتب��ار ان ذل��ك ال يع��دو كون��ه احتم��اال دون ان ي��رقى الى تفسير، ف�ان الحكم في ذل�ك ق�د تك�ون اك�ثر بكث��ير م�ا يعج�ز على ال��ذهن البش��ري االحاط��ة به��ا كله��ا، فق��د تك��ون هن��اك من الحكم

ج��ل وعال- م��ا ال يع��د وال–الموجودة في كل كلمة من كلم��ات الل��ه يحصى، فان كالم الله بحر عميق، ال تنف��ذ خزائن��ه وال عجائب��ه، كم��ا قال��ه علي علي��ه الس��الم في خطب��ة ل��ه في نهج البالغ��ة: )ال تف��نى

، وقد شرح اإلم��ام علي بن أبي ط��الب(9)غرائبه وال تنقضي عجائبه( عليهما السالم نقطة باء )بس��م الل��ه ال��رحمن ال��رحيم( البن عب��اس

(10)ليلة للصباح ولم ينته

فالمذكور هنا وعلى سبيل االحتمال ال الجزم هو بعض الحكم:الحكمة االولى: لبيان أن الوالية طولية

وهي بحاجة إلى دقة وتدبر وتعمق وبيانها: ان من الحكم في إف��رادكم) اإلش��ارة إلى أن ه��ذه الوالي��ة المعط��اة هي والي��ة واح��دة( ولي

فق��ط، ولكنه��ا طولي��ة، وليس��ت والي��ات عرض��ية، وأفقي��ة، ب��ل هيامتدادية عمودية.

امتداد سلسلة األئمة إلى يومعلى ما سياتيكما يستفاد منها أيضا القيامة، وأن األرض ال تخلو من حجة.

وبيان ذلك يتضح عند مالحظة االشباه والنظائر فان االش��ياء تع��رفبأشباهها كما تعرف بأضدادها، ضمن ما يأتي:

والية المراجع: عرضية. لق��د ق��ال الرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه و آل��ه وس��لم(: اللهم أرحم خلفائي، قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال: ال��ذين ي��أتون من

والس��ر في اس��تخدام ص��يغة(11)بع��دي ، ي��روون ح��ديثي وس��نتي(. الجمع الخلفاء، دون ص��يغة المف��رد الخليف��ة حيث لم يق��ل : ) اللهم ارحم خليف��تي(، لبي��ان ان خلف��اؤه وهم العلم��اء ومراج��ع التقلي��د بعضهم في عرض البعض اآلخر، ففي كل زمن هن��اك مجموع��ة من

.152 رقم البالغة: خطبة نهج )?(9 ج ظله دام الشيرازي صادق السيد للمرجع القرآن، السالم- في عليه– علي اإلمام )?(10الشافعي. للقندوزي المودة ينابيع عن ،13 ص1 العاملي: للحر الشيعة ايضا: وسائل و ،5919 حديث420 ص4 ج راجع: الفقيه )?(11

(.91) ( صفحة27) الجزء

الذين جمعوا الصفات من مراجع التقلي��د ال��ذين هم من اس��تخلفهم الرس��ول لزم��ان بع��د الغيب��ة، واحتم��ال ارادة المعص��ومين عليهم الس��الم من الرواي��ة وان ك��ان وجيه��ا اال ان الظ��اهر ان��ه تفس��ير بالمصداق، خاصة بلحاظ ما ذكره صلى الله علي��ه وال��ه بع��د ذل��ك :

) ويروون حديثي وسنتي( فانه علة او بمنزلتها. وهذه الرواية من الروايات التي تدل بوضوح على أن الوالي��ة ��� ألي حد كانت � هي لك��ل الفقه��اء الج��امعين للش��رائط، وليس��ت لفقي��ه واحد، كما لو قال شخص: )هؤالء وكالئي( ف��إن المش��ار اليهم كلهم وكالء في عرض واحد، بال طولية ، وبال ان يكون احدهم تابع��ا لآلخ��ر او محكوما له، م��ادامت الكلم��ة ال��تي منحتهم الوكال��ة كلم��ة عام��ة شاملة لهم جميعا، وحينئذ فال يحق ألحدهم أن يتسلط على اآلخرين

ويدعي أنه الولي عليهم؟ وعند تصفح كل أدلة والية الفقيه المذكورة، ومنها: الفقه��اء حص��ون

نجد اللسان نفس اللسان، )الفقهاء( وليس فقيها واح��دا،(12)اإلسالم )حصون( وليس حصنا واح��دا، ف��ان ك��ل فقي��ه ج��امع للش��رائط ه��و

حصن من حصون اإلسالم.هنا وبالمقارنة بين التعبيرين يظهر وجه إفراد )وليكم(:

كم )فان )اللهم أرحم خلفائي( تفيد العرض��ية، بينما م��ا ولي وليس(إن )أوليائكم( تفيد الطولية، و أنه ليس بعض منهم بعرض البعض اآلخر

بل هم في طول اآلخر. س��بحانه وتع��الى- هي لل��ه–والحاصل: ان��ه توج��د والي��ة واح��دة لل��ه

تعالى باألصالة، ثم لهؤالء االطهار طوليا بالتبع واحدا أثر آخر وك��ابرابعد كابر.

ل، من عبة وش��عاع من الموك ل والوكي��ل، فالوكي��ل ش�� مث��ل الموكواليته، من سلطته وسلطنته.

الحكمة الثانية: لكي تفسرها سائر اآليات.ما)فقال: مفردة )ولي( إن الله تعالى استخدم الحكمة الثانية: إن

كم بم��ا مف��ردة )ولي( ولم يقل )إنما أولياؤكم( ألن نفس هذه ال(ولي هي مفردة وبصيغة المفرد، استخدمت في مواضع اخرى من اآليات القرآنية الكريمة، بمعنى عميق ذي داللة عميقة، فك��أن الل��ه تع��الى يوضح لن��ا به��ذا التط��ابق ال��دقيق في إس��تخدام المف��ردات، تفس��ير

هذه اآلية الشريفة، فيفهمنا: أن معناه هنا هو نفسكلمة )ولي( في(.46) ( صفحة1) الكليني: الجزء للشيخ الكافي )?(12

المعنى المراد به في آي�ات أخ�رى، وان�ه ال ي�راد ب�ه س�ائر المع�اني االخرى التي توهمها القوم في تفسير ال��ولي ال��وارد في ايتن��ا مث��ل )الناصر( و )المحب( وال نظائرها، بل هو معنى أوسع وأشمل بكثير،

فان القرآن يفسر بعضه بعضا. وسنتوقف قليال عند كلمة )الولي( الواردة في سائر اآليات االخرى،

ليتضح ان معناها هنا هو نفس المعنى الذي يراد به هنالك.ه ه��و ال��ولي وه��و يحيي) قال تعالى: خذوا من دونه أولياء فالل أم ات

فماذا يعني الولي هن��ا؟ ان��ه(13 ) (الموتى وهو على كل شيء قدير يع��ني: المال��ك األولى بالت��دبير، األولى بالتص��رف، فه��و ال��ولي بم��ا

خ��ذوا من) من معنى، ردا لمن اتخذ االصنام اولياء دونه للكلمة أم اته هو الولي وهم األصنام، فيقول جل شانه: )(دونه أولياء .(فالل

إن القوم ال يكابرون في هذه اآلي��ة، وال يح��اولون ص��رف )ال��ولي( إلى معاني ثانوية، و ال يطاولون لي��دفعوا ح��ق من ن��زلت في ش��انه آيتنا المباركة وهو علي بن ابي طالب عليهما السالم، م��ا دام االم��ر هن��ا في ه��ذه اآلي��ة ال يرتب��ط باإلم��ام علي بن أبي ط��الب )عليهم��ا الس��الم( ح��تى يتكب��دوا عن��اء التأوي��ل وص��رف المع��نى الى معاني��ه

االخرى. و لنسال كل المفسرين بعامتهم وشيعتهم ونواص��بهم، ان��ه م��ا ه��و

��ه )تفسير الولي هنا، وما هو معنى اآلية الكريمة: خ��ذوا من دون أم اته هو الولي ؟( وما هي الوالي��ة المس��ندة الى الل��ه تع��الى أولياء فالل

سيجاب من دون ريب انه هو األولى بالتصرف واألولى بالتدبير، كمايقول القائل في )ولي األمر( و )ولي الطفل( وما أشبه ذلك.

بل نقول مض��افا الى ذل��ك و م��ع قط��ع النظ��ر عن المع��نى اللغ��وي لل��ولي، يمكن االس��تدالل في ان الم��راد ب��ه هن��ا االولى بالت��دبير

)والتص��رف، ب���قرينة المقابل��ة في المقط��ع الس��ابق من اآلي��ة أمخذوا من دونه أولياء أيضا، إذ ما الذي ك��انوا يعتقدون��ه في الهتهم(ات

من أصنام وغيرها؟ هل كان مجرد اعتقاد منهم بانها المحب؟ أو انها الناصرة؟ كال، بل كانوا يعتقدون أنها األولى بالتصرف والتدبير، وأنها المهيمنة عليهم، وأن بيدها خيرهم وشرهم، وأنها وسائط لل��رزق أو

هي الرازقة لهم. وك��ذلك نج��د مع��نى كلم��ة )ولي( في آي��ة أخ��رى، في قول��ه تع��الى:

يرا) ا وكفى بالله نص�� ه أعلم بأع��دائكم وكفى بالله ولي حيث(14)(والل(.9) الشورى: اآلية سورة )?(13(.45) النساء: اآلية سورة )?(14

لم يقصد ب� )وليا( هنا النصير، لتعقبه تعالى ب��ذكر النص��ير، ب��ل اري��دمنه االولى بالتصرف والتدبير.

ع المرء اآليات القرآنية الكريمة االخرى يجد أن كلمة وهكذا فإذا تتب )ال�ولي( ظ�اهرة الدالل�ة على مع�نى الوالي�ة دون ش�ك، اس�تخدمها

اروكواسندها الى ذاته القدسية فقال تارة: ) ( ، واخرى:فى بالله وليذين) فالل��ه ه��و ال��ولي(، واخ��رى كم��ا في ايتن��ا: ) ��وا ال ذين آمن وال

كاة وهم راكعون (يقيمون الصالة ويؤتون الز و هذه الحكمة الثانية استفدناها من السيد السبزواري ق��دس س��ره

وهو تفسير جي��د(15)في تفسير )مواهب الرحمن في تفسير القرآن( حاولوا أن تقتنوه الى جوار التبيان للشيخ الطوسي وتفس��ير مجم��ع البيان والصافي والبرهان ونور الثقلين و تقريب القرآن الى االذهان ، ثم انه قدس س��ره ي��ذكر أيض��ا آي��ات عدي��دة اخ��رى، وي��دفع بعض

الشبهات التي يمكن أن ترد على ما ذكر في هذا الوجه الثاني.كم)وصفوة القول: لقد أفرد الله س��بحانه وتع��الى كلم��ة ، لكي(ولي

تفيد ان المعنى المقص��ود لكلم��ة )ال��ولي( ه��و نفس المع��نى ال��ذي قصد به )الولي( في اآليات القرآنية األخرى استخدمت كلمة ال��ولي فيها بصيغة المفرد وال��تي أس��ندت فيه��ا )ال��ولي( إلى الل��ه س��بحانه

وتعالى.

( دون )والذي آمن(؟الذين آمنوا( لماذا عبر الله بـ )3) في البحث: انه قد يتسائل: أم��ا ك��ان من الممكنالنقطة الثالثة

أو من األولى أن يق��ول الل��ه س��بحانه وتع��الى: )إنم��ا وليكم الل��ه، ورسوله، والذي آمن، الذي أعطى الزكاة وهو راكع( بصيغة المف��رد

ال الجمع ؟ اجماعا من االمامية وشهرة لدى العامة كم��ا–فان اآلية نزل شانها

س��بق - في حادث��ة خاص��ة هي تص��دق أم��ير المؤم��نين علي بن أبي طالب )عليهما السالم( بالخاتم في مسجد رس�ول الل�ه وه�و راك�ع،

كم��ا ق��د يتوهم��ه البعض - )إنم��ا وليكم الل��ه،–فالمفروض أن يق��ال ورسوله، والذي آمن الذي أعطى الزكاة وهو راك��ع( للت��دليل االك��ثر على نزوله في حق علي عليه السالم، حيث ان التعب��ير ب��الجمع ق��د

يوهم التعميم مع ان اآلية ليست بعامة.

سورة تفسير ( ذيل399) السبزواري: الجزء للسيد الرحمن مواهب تفسير )?(15(.55) اآلية المائدة،

ان العدول عن هذا الى ذاك هو لوجه وجي��ه ج��دا ولنكت��ةوالجوابدقيقة هامة جدا وتوضيحه:

انه توجد ههنا قضيتان تستفادان من اآلية القرآني��ة الش��ريفة، وكلت��ا ..يقيم��ونكلم��ة )االستفادتين اساسيتان، االستفادة األولى من هيئة

صيغة المضارع في هاتين المادتين، واالستفادة الثاني��ة( وهي يؤتون��وا)من كلم��ة ذين آمن وهي ص��يغة الجم��ع، وهي ال��تي تفي��د ان(ال

الوالية هي لمجموعة االئمة االثني عشر )عليهم السالم(.- لم تكن القضية حادثة يتيمة1

االس��تفادة األولى: و به��ا يظه��ر بطالن من ت��وهم ان الحادث��ة ك��انت حادثة واحدة يتيمة وت�را، ان المس�تظهر من اآلي�ة الش�ريفة نفس�ها معتضدة بروايات متعددة: أن انفاق علي عليه الس��الم وزكات��ه وه��و راكع تكرر منه عليه السالم في مواطن عديدة، وان اآلي��ة الش��ريفة نزلت على رسول الله ص��لى الل��ه علي��ه وال��ه م��رارا كلم��ا تك��ررت الزكاة من أمير المؤمنين في الصالة، وذل�ك تكريس�ا لمق��ام اإلم��ام علي بن أبي طالب )عليه السالم(، فهذه اآلية المباركة مث��ل اآلي�ات االخرى لم تنزل مرة واحدة بل نزلت مرارا على رسول الله ص��لى

الله عليه واله. والذي يدلنا على المطلب و تعدد الحادثة ، هو اآلية نفس��ها، بلح��اظ

الةقول�ه: )استخدام صيغة المض�ارع في ( وفي قول�ه:يقيم�ون الص���اة) ك ��ون الز ( وهي ص��يغة دال��ة على التج��دد واالس��تمرار، الويؤت

تستعمل عادة اذا صدر الفعل مرة واحدة في الماضي، ويتضح ذلك إننا إذا رأينا أحدهم قام بفع��ل م��ا فانن��ا ال نق��ول عن��ه: ان��هبالمثال ف

يفعل كذا، بل نقول فعل كذا، ف��إذا ض��رب رج��ل زي��دا، نق��ول: إنم��ا نستخدم ص��يغة المض��ارع اذا ص��درالظالم هو الذي ضرب زيدا، وال

فص��يغة المض��ارعمنه هذا الفعل في الماضي لم��رة واح��دة فق��ط، الواردة في اآلية الشريفة تدلنا بنفسها إن هذه الحادثة وقعت أك��ثر

من مرة.تكرر التصدق وتعدد نزول اآلية الكريمة.

و انطالقا من تعدد الحادثة و تعدد نزول اآلية الكريم��ة يظه��ر ان��ه ال ته��افت وال تع��ارض بين الرواي��ات ال��تي اختلفت في بعض تفاص��يل شأن النزول، ف��ان ك��ل رواي��ة تش��ير الى حادث��ة من تل��ك الح��وادث بخصوصياتها، فبعض الرواي��ات مثال تق��ول: أن علي��ا تص��دق بالخ��اتم

وهو في خنصره.رواية ثانية: حلة النجاشي.

و رواية أخرى تقول: انه كانت عليه )عليه السالم( حلة قيمتها أل��ف دينار أهداها النجاشي لرسول الله فأهداها الرسول ألمير المؤمنين، وكان علي عليه الس��الم م��ع زه��ده و تقش��فه يرت��دي الحل��ة اكرام��ا واجالال لرسول الله صلى الله عليه واله و اعتزازا بهديت��ه، فان��ه من غير المحبذ ان يرد االنسان هدية الشخص العادي، فم��ا بال��ك بهدي��ة

رسول الله صلى الله عليه و آله. وقد كانت قيمة الحلة ألف دينار آنذاك، و القوة الش��رائية لل��دينار

ك�انت ش��اة، ف��ألف دين��ار على ه��ذا تع�ادل في ال��وقت الحاض�ر م��ا، وهي القيمة االجمالية للحلة. 16يقارب مائة وثالثين ألف دوالر

ج��اء علي علي��ه الس��الم الى المس��جد وق��د ارت��داها، ف��أتى س��ائل مستعطيا من في المسجد، فبادر االمام صلوات الل��ه علي��ه بإعط��اء

الحلة بال تردد. وفي غ��يره وله��ا(17)وه��ذه الرواي��ة م��ذكورة في الك��افي الش��ريف

تفصيل وليس هذا محل التطرق اليه.رواية ثالثة: في مقابل اليهود.

ومن الروايات: أن مجموعة من اليهود منهم ابن صوريا، ومنهم ابن يامين، ومنهم ثعلبة، ومنهم أسد، أس��لموا فج��اؤوا إلى رس��ول الل��ه )صلى الله عليه وآله وسلم( وقالوا: يا رس��ول الل��ه أن موس��ى ق��د أوصى ليوشع بن نون فجعله وصيا له، فمن وص��يك؟ ف��نزلت اآلي��ة:

ه ورسوله) كم الل ما ولي فقال النبي )صلى الله عليه واله(: قوموا)إن إلى المس��جد؛ ]وال يخفى ان الن��بي ك��ان يعلم حقيق��ة األم��ر فان��ه مخط��ط إلهي س��ابق والن��بي مطل��ع على المخط��ط، ولكن البش��ر

فك��انقاصرون ومقصرون وجاهلون، وبعضهم معاند ومتكبر ومكابر واتم��ام وترس��يخها االلهية االوامر لتأكيد متنوعة ط��رق اس��تخدام من البد

[المختلفة بأنواعها الحجة فنهضوا جميعا النبي ومن معه الى المسجد، وإذا بسائل يخرج من

المس��جد، فق��ال ل��ه الرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( ه��لأعطاك أحد شيئا؟

]وهو أعلم بالجواب إال أنه أراد أن نطلع عليه من لسان السائل[ قال: نعم أعطاني هذا الخاتم، من؟

فقال: علي بن أبي طالب! الشاة سعر يبلغ وقد تختلف البالد بان دوالرا. علما130 هي شاة كل ان على بناء 16

دوالر. ثالثمائة وتفسير (. والوسائل،289) صفحة االول، الجزء الكليني، للشيخ الشريف، الكافي )?(17

الهامة. المصادر من كثير وغيرها الثقلين، ونور والبرهان، الصافي،

في أي حالة؟فقال: في حالة الركوع!

فكبر الرسول، وكبر الجمع معه كلهم، وقالوا: الله أكبر. ولنسأل انفسنا لماذا كبر النبي، وماذا تعني التكبير في هذا المقام؟ والجواب: ان هذا التكبير له دالالت كثيرة، منها: ان الله أكبر من أن

من حيث يشعرون أوال يشعرون- بالجه��ل–يوصف بالجهل، إذ رموه ألنه ال يعرف ضرورة أن يعين وصيا لنبي آخ��ر الزم��ان، وه��و أفض��ل األديان وأسمى األديان و هو ال�دين الخال��د إلى آخ��ر الزم��ان، فالل��ه أكبر من أن يجهل ضرورة أن يعين لن��بي آخ��ر الزم��ان وص��يا، أ من المعقول أن يعين الله لكل األنبياء وصيا وأوص��ياء، وهم أدنى مرتب��ة من رس��ول الل��ه ، مض��افا لمحدودي��ة ف��ترتهم، وال يعين للن��بي وه��و

الرسول حتى نهاية العالم وصيا؟ كيف؟ أيعقل ذلك؟ ثم قال الرسول صلى الل��ه علي��ه وال��ه لهم: علي وليكم من بع��دي،��ا، وبعلي ولي��ا، ف��انزل الل��ه ع��ز ��ا، وبمحم��د نبي فقالوا رضينا بالله رب

ذين آمنوا ف��إن(وجل تتمة اآلية الشريفة ه ورسوله وال ومن يتول الل19(18)(.حزب الله هم الغالبون

ولنس�ترجع في مخيلتن��ا ه�ذا التسلس�ل اللطي��ف، من بداي��ة القص��ةم��اوإلى سؤالهم عن الوصي، من وصيك؟ وإلى مجيء الج��واب: ) إن

��ون الة ويؤت ذين يقيم��ون الص�� ��وا ال ذين آمن وله وال ه ورس�� كم الل ولي��اة وهم راكع��ون ك ثم مج��يئهم إلى المس��جد ومش��اهدتهم ه��ذه)الز

الحادثة، فقد أشهدهم النبي )صلى الله عليه وآل��ه وس��لم( الحادث��ة،�ا، �ا، وبمحم�د نبي �ر، ثم ق�ولهم: رض�يانا بالل�ه رب ليط�ابق الخ�بر الخب

وله(وبعلي وصيا، ثم نزلت بقية اآلية الكريمة: ه ورس�� ومن يتول اللذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (.وال

وهن��اك رواي��ات أخ��رى عدي��دة تختل��ف في تفاص��يلها تطلب منالمفصالت.

دفع توهم وعليه نقول: انه قد يتوهم متوهم وق��وع تع��ارض بينه��ا وتض��اد، لكن هذا التعارض الظاهري المتوهم، يندفع إذا عرفنا أن القضية لم تكن

(.56) المائدة: اآلية سورة )?(18 ص9 العاملي: ج للحر الشيعة ووسائل ،108-107 ص الصدوق الشيخ ( آمالي 19

السالم. عليهم البيت أهل ائمة عن بالمأثور التفسير كتب ومعظم ،478

حادثة واحدة، بل ك��انت ع��دة ح��وادث وقض��ايا، وأن اإلم��ام علي بن أبي ط��الب )علي��ه الس��الم( تص��دق م��رارا عدي��دة وه��و في الص��الة وبأشياء مختلفة، فمرة تصدق بالخاتم، وأخرى بالحلة وبغيرها، م��رة في صالة الظهر، وأخرى في النافلة، إذ تصرح احدى الرواي��ات ب��أن ذلك كان في النافل��ة، فيم��ا تفي��د رواي��ة ثاني��ة ان��ه تص��دق وه��و في الفريضة، وكل ذلك صحيح، إذ ليست هي حادثة واحدة ح��تى يت��وهم

التناقض وإنما هي عدة حوادث.( يقصد بها كل األئمة عليهم السالم.الذين آمنوا- )2

االستفادة الثانية: قد يقال ان من الوجوه في اس��تخدام الجم��ع فيذين آمنوا)و هو التنبيه على ان من جعلت له الوالي��ة( دون المفرد ال

من قبل الله تعالى هم مجموعة من البشر المتم��يزين والمص��طفاةوهم االئمة االثنا عشر عليهم السالم.

فاألئمة االثنا عشر على مر الزمن هم االولي��اء ال فق��ط االم��ام عليعليه السالم، وإال لكان من األنسب أن يقال )الذي آمن(.

وقبل أن أطالع الروايات خطر هذا المعنى على البال، ثم اطم��أننت اك��ثر عن��دما وج��دت ان الرواي��ات دال��ة على ذل��ك ايض��ا، خاص��ة اذا الحظنا أن الله وجه خطابه وكالمه لكل البشر على مر التاريخ، وهو في مقام التحدث عن اولياء االمة على م��ر الت��اريخ والى اين يحين موعد القيامة، وفي معرض تب��يين القي��ادة المرتض��اة من قب��ل الل��ه تع��الى، فالس��بب في اس��تخدام ص��يغة الجم��ع ) ال��ذين امن��وا( دون

الوالي��ةالمفرد ) الذي امن( عائد الى أن الله تعالى يريد إفهامنا أن لمجموع��ةوالقي��ادة الرباني��ة جعلت من قب��ل الب��اري ج��ل ش��انه

ممتسلس��لة موج��ودة على م��ر الت��اريخ، وليس شخص��ا واح��دا ، وهذين) ذين آمنوا ال . الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون( يقيمون ال

كما يستفاد ايضا من اآلية وجود امام و ولي منصوب من قب��ل الل��ه ، بمالحظة ان الخط��اب الق��رآنيتعالى في كل عصر و زمان ومكان

ليس لزمان دون زمان وال لمكان دون مكان، ب��ل ه��و خط��اب ع��ام لكل األجيال على مر التاريخ، ففي كل جيل و كل زمان وكل مك��ان تهتف اآلية: ) انما وليكم الله ورسوله وال��ذين امن��وا ال��ذي يقيم��ون

الصالة...( فلكل عصر ولك��ل جي��ل ولك��ل زم��ان هن��اك ولي حي، ق��ائم بت��دبير شؤون الناس والتصرف فيها، علموا به أم لم يعلموا، وآمن��وا ام لم

يؤمنوا واذعنوا ام انكروا.

هذا ما ترشدنا اليه نفس اآلية واما الروايات: فهناك رواي��ات كث��يرة ، ت��دل على20دال��ة على ذل��ك، ذك��رت في الك��افي الش��ريف وغ��يره

مطلوبنا ه��ذا، وان المقص��ود ك��ل االئم��ة االطه��ار )عليهم الس��الم(، وانهم بأجمعهم تأسوا بج��دهم أم��ير المؤم��نين )علي��ه الس��الم( وق��د انطبقت عليهم تلك الصفات باجمعه��ا، فق��د دلت الرواي��ات على أن اإلمام الحسن المجتبى )عليه السالم( كان يؤتي الزك��اة وه��و راك��ع اضافة الى كونه مقيما للصالة باعلى درج�ات اقامته�ا ومؤمن�ا بالل�ه باس���مى واجلى واعلى واتم واكم���ل درج���ات اإليم���ان، ثم اإلم���ام الحسين )عليه السالم( كذلك، وصوال إلى اإلم��ام المه��دي المنتظ��ر )عجل الله تعالى فرجه الشريف( فكلهم كانوا ك��ذلك، وكلهم هك��ذا

صنعوا، وكانوا يصنعون، وليس مرة أو مرتين، وإنما مرارا عديدة.

الثاني الفصل

ولوازمها: فلسفتها، حقيقتها، الواليةخمسة على اإلسالم بني

علي��ه الس��الم- في رواي��ة زرارة–جاء في الحديث عن اإلمام الباقر أنه قال: )بني اإلس�الم على خمس�ة أش�ياء، على الص��الة، والزك�اة،

وفي رواي��ة أخ��رى: )ولم ين��اد بش��يء(21)والحج، والصوم، والوالي��ة( و سنتوقف قليال عند جملة)كما نودي بالوالية((22)كما نودي بالوالية(

الدالالت العميقة لكلمة )كما نودي بالوالية( علينا أن نتدبر في كل كلمة كلمة من هذه الرواية المحورية، اال اننا سنختار كلمة )نودي( منطلقا للتأمل والتدبر، فنتس��اءل: م��اذا يع��ني

النداء؟ والجواب: اننا عندما نتتبع كتب اللغة نجد أن اللغويين ذك��روا للن��داء معاني عديدة، لكن الجامع بين المعاني المذكورة في كتب اللغة هو

معنيان:

ح فواحد واحد االئمة على ورسوله وجل عز الله نص ما باب1 ج الشريف الكافي راجع 20 فيتصدقون مثله النعمة بهذه يكون االمامة مبلغ اوالده من بلغ من قوله: ) فكل وفيه ،3

الكثير. وغيرها483 و478 و476 و475 ص2 ج البرهان و ، ...( الحديث راكعون وهم(.5) رقم حديث اإلسالم، دعائم ( باب18) ( صفحة2) للكليني: الجزء الكافي )?(21(.3 و1) رقم حديث اإلسالم، دعائم ( باب18) ( صحفة2) للكليني: الجزء الكافي )?(22

المعنى األول: النداء ه��و )ص��وت أو ص��رخة باس��تغاثة( ف��إذا ن��اديت واحدا مستغيثا به، فتقول: ناديت��ه، أو أنادي�ه، أو ن��ادى فالن فالن�ا، ف�

)ناداه( أي )صاح به مستغيثا(. المعنى الثاني: )الطلب(: وهو مطلق الخطاب الموج��ه للغ��ير ح��تى إذا لم تكن هناك استغاثة، أو لم يكن هن��اك ص��راخ، أو ن��داء بص��وت

عال. وقد يقال: إن مجرد الطلب ال يطلق علي��ه الن��داء، وأم��ا االس��تعمال فهو أعم من الحقيقة، ولع�ل الطلب ه�و ج�زء الموض�وع ل�ه فق�ط، واللغوي شأنه بيان موارد االستعمال، ال الموض��وع ل��ه. ف��إذا ن��اديت شخصا بص��وت ع��ال، فه��و المس�مى ن��داء، وإال فالح��ديث الط�بيعي والطلب الع��ادي ال يس��مى ن��داء، نعم يمكن أن يق��ال: س��أله، طلب من��ه، تح��دث مع��ه، خاطب��ه، لكن ال يق��ال: ن��اداه، م��ا لم تكن هن��اك

استغاثة، أو لم يكن هناك صوت عال. دالالت )النداء( في آيات قرآنية اخرى

وللتثبت من ذل��ك علين��ا ان نرج��ع أوال للق��رآن الك��ريم، وان نتأم��ل المع��اني المتض��منة في كلم��ة )ن��ادى( في الم��وارد االخ��رى في

االستعماالت القرآنية:��ا(كقوله تعالى: وا علين ة أن أفيض�� حاب الجن ار أص�� ونادى أصحاب الن

مهم������ا على ه حر ه ق������الوا إن الل من الم������اء أو مما رزقكم الل فإنن��ا نج��د أن ن��داء اص��حاب الن��ار هن��ا انم��ا ه��و ن��داء(23 ))الكافرين

ارباس��تنجاد، ون��داء مص��حوب باس��تغاثة، ف��اين ) حاب الن ( واينأص��ة) ( ؟ فيجب أن يصرخوا بصوت عال حتى يصل صوتهمأصحاب الجن

لهم، صراخا مصحوبا باستغاثة.��ا ووكقوله تعالى: ) ��ا بني اركب معن نادى نوح ابنه وكان في معزل ي

(24)(،وال تكن مع الكافرين

فان نداء نوح على نبينا واله وعليه السالم البنه ، ك��ان ن��داء بص��وت عال وباستغاثة ، الن ابنه كان في مع��رض الهالك والغ��رق و اص��ابة

العذاب االلهي، والخلود في النار ، و مجابهة غضب الجبار.ي)وكقوله تعالى: بحانك إن ��ه إال أنت س�� فنادى في الظلمات أن ال إل

باس��تغاثة، واس��تنجادتعني هنا نداء )فنادى )(25)(كنت من الظالمين

(.50) األعراف: االية سورة )?(23(.42) هود: االية سورة )?(24(.87) األنبياء: اآلية سورة )?(25

��ذلك ننجي(ح��تى ج��اء الج��واب ��اه من الغم وك ين ��ه ونج تجبنا ل فاس��(26)(.المؤمنين

ففي هذه الموارد وغيرها نجد ان��ه ق��د اش��رب في مع��نى الن��داء ، االستغاثة واالستنجاد ، كما اشرب الصوت العالي والصراخ.

وبذلك نعرف بعض مداليل )نودي( في الرواية الش��ريفة: )ولم ين��ادبشيء كما نودي بالوالية(.

وعلى أي تقدير وسواء أقلنا بأن المنصرف من النداء هو ماذكرن��اه، وأن االستغاثة هي جزء المعنى الموضوع له، وكذا الص��وت الع��الي، وأن الطلب باس��تغاثة وبص��وت ع��ال ه��و المع��نى الحقيقي، وأم��ا المجرد عنهما فه��و مج��از، أم قلن��ا: بأن��ه يطل��ق عليهم��ا باالش��تراك اللفظي، أم قلنا بأن االستغاثة والصوت العالي هما أيض��ا من ش��أن االستعمال ال من قيود الموضوع له، فإن��ه ال ش��ك في دالل��ة ق��رائن المق��ام في تل��ك الرواي��ات وفي ه��ذه الرواي��ة عليهم��ا، أي على االستغاثة والصوت العالي، وذلك بلحاظ سياق اآلي�ة، وقرين��ة الحكم

والموضوع، وبقرينة سائر الروايات. وم��وجز الق��ول: انن��ا نج��د في روايتن��ا أن مف��ردة )الن��داء( ق��د

استخدمت فقيل: )وما نودي( من غير اختيار كلمة اخ��رى ك���: )وم��ائل(، وذل��ك لتض��من ه��ذا الن��داء مفه��وم طلب من أحد( أو )وم��ا س��

االستغاثة واالستنجاد.لماذا االستغاثة واالستنجاد للتولي والوالية؟

صلى الله عليه وآله–ولكن ماذا يعني ذلك؟ وماذا يعني ان الرسول وسلم- ينادي بالوالية، و يس��تغيث بأمت��ه في ش��ان الوالي��ة، وفي ان تت��ول علي��ا واألئم��ة من بع��ده؟ وك��ذا ن��داء اإلم��ام أم��ير المؤم��نين، واإلمام الحسن وسائر األئمة االطهار )عليهم السالم( ، واس��تغاثتهم

واستنجادهم بنا في ذلك؟النبي وعلي عليهما السالم ابوا االمة

– في ذل��ك تكش��فه لن��ا رواي��ة أخ��رى، حيث ورد عن الن��بي والسر (27)صلى الله عليه وآله وسلم-: )يا علي أن��ا وأنت أب��وا ه��ذه األم��ة(

ر الن��بي ص��لى28وفي تعبير اخر: )انا وعلي ابوا هذه االم��ة( فق��د عب الله عليه واله بأروع تعبير عن العلقة الموجودة بينهما وبين االم��ة ،

(.88) األنبياء: اآلية سورة )?(26) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار ،1015 ح755 ص الصدوق الشيخ امالي)?(27

(.59) ( الحديث7) ( الباب128) ( صفحة23 2 ج السالم عليه الرضا اخبار وعيون (،127) ( صفحة1) للصدوق: الجزء الشرائع علل 28

92-91 ص

ويتضمن هذا التعب��ير في طيات��ه س��ر االس��تغاثة واالس��تنجاد والن��داء عليهما والهما السالم- حيث كان��ا لألم��ة–للوالية ، فان النبي واإلمام

بمنزلة األب الرحيم بل كانا هما االب، فإنهما من دون ريب أح��رص الناس على مصالح األمة وعلى حفظهم وهدايتهم وإرش��ادهم، ومن الب���ديهي بمك���ان ان األب ال يري���د البن���ه الض���الل وال الض���ياع وال االنحراف، كما ال يريد له أن يسلك طري��ق الن��ار، ف��إذا رأى ان ابن��ه سيخرج عن الجادة، فانه يناديه مستغيثا به لكي يع��ود، ف��ان الض��رر الذي يلحق باالبن يلحق باألب ايضا، ألنه قطعة منه، و بضعة من��ه، و

جزء منه، ألنه يحبه ويخاف عليه من الهالك.– تمت��د من الن��بي (29)ثم إن هذه الرواية: )أنا وعلي أبوا هذه األم��ة(

علي��ه–ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم- واإلم��ام علي بن أبي ط��الب السالم- لتعم بداللتها األئم��ة واح��دا أث��ر آخ��ر وص��وال لإلم��ام الحج��ة

عجل الله تع��الى فرج��ه الش��ريف- ذل��ك ألنهم ن��ور واح��د–المنتظر وامت��داد واح��د، فكلهم جميع��ا بمنزل��ة األب ال��رحيم ب��ل هم االب

الرحيم. من هنا استعملت لفظة النداء، ومن هنا كانت االس�تغاثة لالم�ة، كي تسلك سبيل الهدى، وتبتعد عن طري��ق ال�ردى، لنتأم��ل م��رة اخ��رى

ونادى نوح ابنه وكان في مع��زلنداء الرحمة التي ناداها نوح البنه ) ، إنه يستغيث ب��ه كي ال يهل��ك ويغ��رق ويخل��د في)يا بني اركب معنا

النار. وبتعبير آخر: ان محبة النبي واإلمام التباعهما كحب األب أبنائه، بل

علي��ه–لعل��ه تف��وق ذل��ك، ولق��د نظرن��ا كي��ف بكى اإلم��ام الحس��ين السالم- يوم الطف على أعدائه، فلماذا هذا البكاء وحرقة قلب من��ه عليه السالم ؟ ألنه يحبهم بما هم خلق الله، ح��تى ع��دوه ك�ان يحب��ه بالعنوان األولي، بمعنى انه لم يكن يريد أن يذهب ع��دوه إلى الن��ار، بل يريد له أن يدخل إلى الجن��ة، ذل��ك ان ه��ذا عب��د من عبي��د الل��ه، لكنه بسوء اختياره يريد أن يدخل النار وب��القوة، أليس ه�ذا مقتض��يا للبكاء عليه؟ وعيسى المسيح )عليه السالم( يقول: فيم��ا روي عن��ه )أحبوا أعداءكم( الن هذا العدو عبد من عبيد الله وخلق من خالئقه، ف��أحبوهم ب��ذواتهم، ال بص��فاتهم، أحب��وهم ب��العنوان األولي، ام��ا اذا اصروا على الضار واللجاج والطغيان والكف��ر فال محب��ة وال وداد ب��ل

تجب البراءة منه ويجب بغضه و كراهيته.

السابق المصدر )?(29

فان��ه إذا أص��ر على اختي��ار طري��ق الن��ار، وبقي على ه��ذا ال��درب الموبق المهلك، فإن من الواضح أنه يجب علينا حينئ��ذ أن نت��برأ من

أعداء الله. وليس��ت ه��ذه الش��فقة والمحب��ة من��ه ومنهم عليهم الس��الم لهم اال ب���العنوان األولي اي في المرحل���ة األولى، وعلى حس���ب مقتض���ى الطبع األولي وبلحاظ فطرت��ه، ال بمالحظ��ة أن��ه دنس فطرت��ه، ففي الرواي��ة: )ك��ل مول��ود يول��د على الفط��رة، إال أن أبوي��ه يهودان��ه أو

وبعب��ارة أخ��رى: المحب��ة ل��ه )ال بش��رط( عن ص��فاته(30)ينص��رانه( العارضة، ب�ل )بش�رط ال( عن ص�فاته، والبغض ل�ه )بش�رط ص�فاته

العارضة(. ان الرس��ول االعظم )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( وس��ائر

المعص��ومين عليهم الس��الم ين��ادون البش��رية واالم��ة بالوالي��ة لكي تتوالهم، ألنهم القادة الذين ينجح��ون مس��يرة االم��ة والبش��رية كله��ا

في الدنيا وفي اآلخرة أيضا. فالقائد الكفوء والذي وضع في موضع القيادة بح��ق و بأهلي��ة، إذا

ك��ان محب��ا حق��ا لرعيت��ه فان��ه يستص��رخهم: )ايه��ا الن��اس! هلم��وا، تمسكوا بالقيادة الصحيحة، ان العدو سيغزو البلد وسيقض��ي عليكم جميع��ا وال مخلص منكم وال مف��ر من الهالك اال بالتمس��ك بالقائ��د و ال��تزام تع��اليم القي��ادة( ش��فقة من��ه برعيت��ه ورحم��ة من��ه لهم بع��د معرفت��ه ب��ان غ��يره س��يجر االم��ة الى الهالك و ال��ردى، وي��دفعهم

للسقوط في الهاوية ، فيتحطمون كما لم يتحطم احد من قبل.منا في ه��ذه وفي هذا الحديث، نجد بوض��وح مع��نى االس��تغاثة متض�� الكلمة، وما أرق هذا المعنى وما أدقه؛ ان الواحد منا اذا عرف ه��ذا المعنى، وعرف والديه وعرف قدرهما، ومدى حبهم��ا ل��ه ورحمتهم��ا وش��فقتهما، إذا ع��رف من ه��و أب��وه ومن ه��و قائ��ده وإمام��ه، فإن��ه سيبادله المحبة، والشوق، والرغب��ة، والطاع��ة، وسيس��لم ل��ه قي��ادة

ويكون له أطوع من بنانه.الموازنة بين الوالية وبين الصالة والصوم والحج والزكاة.

الص��الة، الزك��اة، الص��وم، الحج، الوالي��ة، ه��ذه هي العن��اوين ال��تي اشارت اليه الرواية وعلينا دائما ان نفك��ر به��ذه العن��اوين الخمس��ة، ونتس��اءل م��ا ه��و الراب��ط بينه��ا؟ ولم��اذا ب��ني اإلس��الم على ه��ذه

الخمسة؟

الرابط بين األربعة األولىأبواه..(. )وإنما ( وفيه61) للمفيد: صفحة االعتقاد تصحيح )?(30

يحدد اإلجابة على الرابط بين هذه االربعة ، البحث عن انماط عالقة االنسان، فان اإلنسان له عالقة بربه، وله عالقة بنفسه، ول��ه عالق��ة

بمجتمعه، وهذه العالقة لها شعبتان أيضا.و)الصالة( تجسد عالقة اإلنسان بربه.

و)الزكاة( تجسد عالقة اإلنس��ان بمجتمع��ه في وجهه��ا االقتص��ادي، وذل��ك أن الحي��اة تبت��ني فيم��ا تبت��ني علي��ه على االقتص��اد اذ )من المعاش له ال معاد له( حتى اآلخرة، في الجملة تبتني على االقتصاد.

و)الصوم(، يجسد عالقة اإلنسان بنفسه، إذ عليه أن يمتنع عن األكل والشرب والمفطرات المعروفة، فهو بذلك يضبط نفس��ه، ويس��يطر عليها، ويتحكم فيها، فيكون هو الذي يسير س��فينته في لجج البح��ار،

فألهمهاوال تكون اللجج هي التي تأخذ به يمينا وشماال، قال تعالى: )اها اها وق��د خ��اب من دس�� فه��و (31)(فجورها وتقواها قد أفلح من زك

يسلك بها سبيل الرشاد والهدى، بدل سبل الضالل والردى.د � فيما يجسد ��� عالق��ة اإلنس��ان ب��المجتمع، وأما )الحج(، فإنه يجس

فإن واحدا من ابرز وجوه الحج هو الوجه االجتماعي. إذن عالقة اإلنسان بربه، تجسدها الص��الة، وعالق��ة اإلنس��ان بنفس��ه يه��ذبها الص��وم، وعالق��ة اإلنس��ان بمجتمع��ه في الوج��ه االجتم��اعي يوجهها الحج، وعالقة اإلنسان بمجتمعه في وجهه االقتص��ادي تتحكم

بها الزكاة، والزكاة تشمل الخمس أيضا. وبالمناسبة ان السيد الوالد )قدس سره( كان يق��ول: )ق��د يتس��اءل

ح��ول الزك��اة؟المرء: لماذا توج��د في الق��رآن الك��ريم آي��ات كث��يرة اكقوله تعالى: ) ك��وة م��ا دمت حي لكن(32)(و أوص��نى بالص��لوة و الز

الق��رآن الك��ريم: في الخمس لم يذكر به��ذا اللف��ظ إال م��رة واح��دةه) ه خمس�� ما غنمتم من شيء فأن لل وفي الرواي��ات(33)(واعلموا أن

ق�دس– وك�ان يجيب (34) الصالة وآتيت الزك�اة()أشهد أنك قد أقمت س��ره- ب��أن: )الزك��اة تش��مل الخمس أيض��ا، فإنه��ا أعم وه��و من

مصاديقها(. وال يخفى أن ه��ذه األرك��ان األربع��ة كله��ا ذات أبع��اد مختلف��ة غ��ير منحصرة فيما ذكرناه، لكن ق�د يق��ال أن م�ا ذك�ر ق�د يع�د من أب�رز

الوجوه في ذلك.

(.10) الشمس: اآلية سورة )?(31(.31) مريم: آية سورة )?(32(.41) األنفال: آية سورة )?(33والزيارة. الدعاء كتب السالم- في عليه– الحسين اإلمام زيارات )?(34

السر في أرجحية الوالية على الصالة وغيرها، كونها مفتاحهن واآلن ننتقل الى الركن الخامس لنفاجئ ب�)ولم يناد بشيء كما

نودي بالوالية( فماذا يعني ذلك؟ ولماذا )لم يناد بشيء كما نودي عليه السالم- في تتمة رواية زرارة يجيب–بالوالية(؟ اإلمام الباقر

على هذا السؤال عندما سأله زرارة: أي شيء من ذلك أفضل؟ ذلك ألنه(35)فأجابه اإلمام )عليه السالم(: )الوالية، ألنها مفتاحهن(.

ة لله لوال الوالية لكانت عالقة اإلنسان بربه عالقة غير مرضي فيما يحكموك حتى يؤمنون ال وربك )فالتعالى: قالسبحانه وتعالى،

انفسهم في يجدوا ال ثم بينهم شجر تسليما( و ويسلموا قضيت مما حرجاالمتقين(. من الله يتقبل )انما قال

وكذلك عالقته بنفس��ه غ��ير س�ليمة، كم��ا أن عالقت��ه بمجتمع��ه في وجهيها االجتماعي واالقتصادي، ستكون مختلة مضطربة.

ونكرر السؤال: لماذا لم يناد بشيء كما نودي بالوالية؟�راد به�ا )الوالي�ة العظمى(، حيث يوج�د والجواب: ألن الوالية ه�ذه ي هنالك نمطان من الوالية هم��ا: والي��ة ص��غرى، وهي والي��ة تجزئيي��ة، ووالية مبعضة، مثل والية األب أو الجد على االبن، أو والي��ة الم��ولىم، على العبد، أو والية الوصي أو ما أشبه ذل��ك، وتس��مى والي��ة القي

وتوجد )والية عظمى( عاملة شاملة. والوالية المناداة بها في قوله علي��ه الس��الم )و لم ين��اد بش��يء كم��ا نودي بالوالية( تشير إلى الوالية العظمى، وهي ال��تي أش��ير له��ا في

هاآلي��ة القرآني��ة الكريم��ة ال��تي ابت��دأنا به��ا بحثن��ا: ) كم الل م��ا ولي إن��اة وهم ك ��ون الز الة ويؤت ذين يقيم��ون الص�� ��وا ال ذين آمن وله وال ورس��

فأي�ة والي�ة هي الثابت��ة لل�ه س�بحانه وتع�الى؟ إنه�ا الوالي�ة)راكعون العظمى، المطلقة، هذه الوالية جعلها الله سبحانه وتعالى للرس��ول

عليه السالم- من–صلى الله عليه وآله وسلم- وجعلها لإلمام علي – بعد الرسول، ثم لألئمة االطهار واح��دا بع��د آخ��ر فهي من الم��راتب

الطولية لواليته جل اسمه.

االستدالل بآية الوالية على العصمة الكبرى. ثم ان��ه توج��د أدل��ة عدي��دة يمكن أن نس��تنبطها من ه��ذه اآلي��ة، في

عليهم الس��الم- وس��وف–االستدالل على عص��مة الرس��ول واألئم��ة نش���ير ههن���ا الى اس���تداللين منه���ا، االس���تدالل األول يعتم���د على

ما(. كم(، و االستدالل الثاني يعتمد على كلمة )إن مفردة)ولي

(.43) ( صفحة2) للكليني: الجزء الكافي )?(35

العصمة.( دليلوليكم)االستدالل األول: كم( ف��داللتها ظ��اهرة، ألن الوالي��ة ال��تي جعلت لل��ه أم��ا كلم��ة )ولي س��بحانه وتع��الى هي والي��ة مطلق��ة، ونفس ه��ذه الوالي��ة أعطيت

ه ورسولهللرسول فاإلمام، فان الوالية المعطاة في ) كم الل ما ولي إنياق للوالي��ة وال��ذين آمن��وا...( هي على نفس ال��وزان، ونفس الس��

األم��ر أنفهي من حيث الص��الحية ص��الحية مطلق��ة، منتهىااللهية، هذا بالذات، وذاك بالعرض، ، والله هو األص��ل والمعطي، والرس��ول واإلمام هو الخليف��ة والن��ائب والمعطى. ه�ذه مرتب��ة الخ�الق، وتل�ك مرتبة المخل��وق، لكن الوالي��ة بلح��اظ الس��لطة وص��الحية التص��رف، والسلطنة هي صالحية مطلق��ة من جمي��ع الجه��ات، فاآلي��ة مطلق��ة،

والعي��اذ بالل��ه- على–ومن البديهي ان الله س��بحانه ال يطل��ق الكالم عواهنه بل كل كلمة عنده بميزان ومقدار وحساب كاشد م��ا يك��ون

المقدار والميزان. ثم انن��ا نج��د ال دلي��ل على تقيي��د ه��ذه الوالي��ة المطلق��ة الممنوح��ة

مع انه لو ك��انت واليتهم��اللرسول واإلمام بنص هذه اآلية الشريفة الممنوحة من قبل الباري تعالى مقيدة للزم التنبيه لها في اآلية.

وهنا يبرز سؤال هام والذي يستكش��ف ب��ه دالل��ة اآلي��ة على عص��مة اولى الوالية وهو: هل من المعقول ان تمنح مثل هذه الوالية العامة

المطلقة الشاملة لغير المعصوم؟ والج���واب واض���ح ب���ديهي حيث من غ���ير المعق���ول بحكم العق���ل والفطرة أن تجعل هذه الوالية بما للوالية من مع��نى وبم��ا للس�لطة

من معنى وشمول، لغير المعصوم. فه��ل من المعق��ول أن يمنحه��ا الل��ه وه��و الحكيم غاي��ة الحكم��ة، لشخص غير معص��وم، ج��ائز الخط��أ واالش��تباه يحتم��ل في حق��ه ان يزل في أي موقع من المواقع، وفي اية قض��ية من القض��ايا، كال ثم

كال؛ فان ذلك خالف الحكمة، و وضع للشيء في غير موضعه. وبذلك نعرف أن تقنين وجعل هذا العيار الثقي��ل وال��وزن الكب��ير من الوالية العظمى الثابتة له سبحانه وتعالى وهي والية مطلقة من كل الجه��ات، للرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( ولإلم��ام )علي��ه السالم( لهو دليل على عص��متهم الك��برى وإال ك��ان خالف الحكم��ة،

وخالف العدل واالنصاف والعقل أيضا.( دليل الوالية المطلقةإنمااالستدالل الثاني: )

يستفاد من كلمة )انما( الدالة على الحصر، فإنه�ا ت�دل على الوالي�ة المطلقة و هي تدل على عصمتهم، ببيان : ان��ه ل��و ك��ان الم��راد من الوالية الوالية الجزئية أي المحدودة او الضيقة، لم يكن من الصحيح

استخدام كلمة انم��ا الحاص��رة ، اذ ان من الث��ابت ان األب ل��ه ن��وع والية على ابنائه، وكذلك األجداد، و ك��ذا القيم��ون على األيت��ام ومن أشبههم، فان لهؤالء الوالية التجزيئي��ة، فعلى م��اذا ي��دل الحص��ر في قوله تعالى )انم��ا وليكم الل��ه ورس��وله وال��ذين آمن��وا( ، فم��ا ال��ذييحصره الله سبحانه وتعالى في ذاته القدسية وفي رسوله وإمامه؟ الريب إنه يحصر مفهوما استثنائيا خاص�ا واال لم يكن هنال�ك م�وجب للحصر لو اريد بالوالية تلك المشابهة لب��اقي ان��واع الوالي��ات، وليس ذلك المفه��وم االس��تثنائي إال الوالي��ة العظمى المطلق��ة، واين ه��ذه

الوالية من تلك الواليات؟ وال��تي هي في–والحاصل إن هذه الوالية المجعولة للن��بي، ولإلم��ام

الل��ه س��بحانه وتع��الى- هي الوالي��ة العظمى، فإنه��ا هيط��ول والية المحصورة في الله، ثم الرسول واإلمام، اما غيرها فليس بمحصورفي الله، والرسول، واإلمام، وال يعقل الحصر أيضا إال بعد العصمة.

ول��ذلك ق��ال علي��ه الص��الة والس��الم: )ولم ين��اد بش��يء كم��ا ن��ودي بالوالية( ألنها الوالية العظمى، والية الله الممنوحة للرسول واالئم��ة

االطهار صلوات الله عليهم اجمعين. وعلى هذا فل��و ان انس��انا رفض ه��ذه الوالي��ة ولم ي��ذعن به��ا، ف��ان عباداته و اعماله ستكون باطل��ة، من ص��الته وص��ومه وحج��ه، وعلى

أحسن الفروض والصور، تكون غير مقبولة.

لماذا صالة غير الموالي مرفوضة؟ وبذلك يظهر لنا السر في ان صالة غير الموالي مرفوضة لدى الل��ه تعالى، وذل��ك ألن الرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( يق��ول:

فالصالة تك��ون مرفوض��ة و باطل��ة أو(36))صلوا كما رأيتموني أصلي( غير مقبولة، إذا لم تطابق ما أمر به رسول الله، ولم يقت��د ب�ه، ب��ان صلى على غير ما صلى عليه رسول الل�ه، كم��ا ل��و لم يص��ل مس��بال يديه واض��عا جبهت��ه على ال��تراب مثال، حيث ان مس��جد الرس��ول لم يكن مفروشا بشيء، وك�ان )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( يص��لي على التراب. كما ق��ال )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم(: )جعلت لي

والملفت أن ه��ذه الرواي��ة موج��ودة في(37)األرض مسجدا وطهورا((38)بعض صحاحهم، وفي البخاري بالذات.

(.279) ( صفحة82) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار)?(36 ( الحديث12) ( الباب149) ( الصفحة77) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار )?(37

(.130) صفحة الصدوق أمالي ( عن1) رقم(.113) ( صفحة1) البخاري: الجزء)?(38

ان )الوالية( بتصريح اإلم��ام الب��اقر )علي��ه الس��الم( هي )مفت��احهن( فبدونها ال صالة مقبولة وال صيام، فان الله يق��ول: ص��ل كم��ا ص��لى رس��ول الل��ه )ص��لى الل��ه علي��ه وآل��ه وس��لم( ف��إذا ص��لى المص��لي بطريقة ثانية لم يكن المأتي به مطابقا للمأمور ب�ه، فتك��ون الص�الة غير مرضية لله تعالى، وبالت��الي لم يكن هن��اك مص��حح للعالق��ة م��ع الرب، فإن أطر تلك العالقة مع الرب، يجب أن يح��ددها الل��ه وليس

هذا الشخص او ذاك. الله سبحانه وتعالى يقول صل به��ذه الطريق��ة والكيفي��ة، ف��اذا ق��ال الشخص: انني إنسان عابد صالح ولكن ارغب في ان أص��لي خمس ركعات، أو ان أصلي ألف ركعة متصلة، فهل صالته مقبولة؟ كال، إن صالته باطلة. الن الله سبحانه وتعالى يقول، ص��ل مث��ل م��ا أمرت��ك، وليس بطريقة أخرى، سواء أكان ذلك في األجزاء أم في الش��رائط

ام في الموانع والقواطع. وكذلك الحال بالنسبة للصوم، فإن االنسان اذا أفطر قبل المغرب، ح��تى ل��و أفط��ر م��ع الغ��روب، ف��إن ص��ومه باط��ل، حيث أن عالق��ة اإلنسان مع نفسه أيضا، قد رسم حدودها وشرائطها وموانعه��ا الل��ه

سبحانه وتعالى، الخالق للعباد والمشرع لألحكام والعبادات. والموضوع نفسه ينطبق على فريضة الحج، ف��إن االنس��ان إذا أخ��ل بالموقفين فان حجه باطل ولو لم يطف طواف النساء، فإن زوجته تحرم عليه اقتضاءا، وإن كان من الناحي��ة الظاهري��ة ل��ه حكم آخ��ر، ومن الواضح أن مرتب��ة االقتض��اء واإلنش��اء ثابت��ة، لكن الح��ديث في

، وهل ترتفع العقوبة بالتزامه بمذهب آخ��ر؟ إن ذل��ك39مرتبة التنجيز يرتبط بكون��ه قاص��را أو مقص��را، وله��ذا البحث مج��ال واس��ع ي��ترك

لمظانه من مباحث كيفية الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي. وكذلك فالزكاة فانه إذا لم يكن هناك ولي من قبل الله تسلم له او باذنه، فإن الزكاة ال تقبل بل تراها تذهب إلى جيوب اإلرهابيين التي تنتج هذه التفجيرات، والتلويث لسمعة اإلسالم وس�معة المس�لمين،

هذا من الناحية الظاهرية والشكلية والقانونية. م��ع قط��ع النظ��ر عن–وام��ا من الناحي��ة الواقعي��ة، ف��إن الوالي��ة

الشروط الشرعية- هي شرط القبول لكل األعمال. ويوضح ما سبق ان الشخص ل��و ص��لى وه��و ال يعتق��د برس��ول الل��ه )صلى الله عليه وآله وسلم( فهل صالته مقبولة؟ كال، وإذا لم يعتقد

الجملة. فتأمل. ايضافي الفعلية المرتبة في اذ 39

عليهم السالم- ف��إن ص��الته أيض��ا ليس��ت مقبول��ة، ه��ذا من–باألئمة الناحية الجوهرية، على ان بعضها شرط الصحة كما هو واضح.

تأكيد ما مضى ونسأل مرة اخرى لماذا )ولم يناد بشيء كما نودي بالوالية(، م��اهي

االسباب الكامنه وراء ذلك؟وفي مقام الجواب نقول:

أوال: الن المراد بالوالي��ة: )الوالي��ة العظمى( وهي العم��ود والعم��اد والجوهر، لسائر العبادات وهي سر القب��ول لألعم��ال ومالك الص��حة

الثبوتية بالمعنى األخص فتدبر. ثانيا: الن )الوالية العظمى( أمان من الفتن التي اقبلت كقطع الليل

المظلم. ثالثا: الن )الوالية العظمى( تشكل الحصانة من )المحن( التي تؤدي

الى تدمير البالد وتحطيم اسس الحياة. رابعا: أن هذه الوالية هي سر س��عادة اإلنس��ان في ال��دنيا واآلخ��رة، فان اإلنسان البد له من مولى، اذ ال احد اال وهو محت��اج إلى ولي، و قيم، و رئيس، و حاكم، وسلطان، لكن هذا الس��لطان من ه��و؟ ه��ل هو الشهوة؟ هل هو حب الرياسة؟ هل هو المال؟ هل هو الفاسق؟ هل هو السلطان الجائر؟ أو سلطانه ووليه ه��و رس��ول الل��ه محم��د )صلى الله عليه وآله وس��لم( ثم من بع��ده ائم��ة المس��لمين وص��وال

الى اإلمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ ودلي��ل وه��ادي(40)ان اإلنسان بذاته وتركيبته يحتاج إلى مولى وقائد

(، و ذل��ك41ومرشد كما قال تعالى )انما انت من��ذر ولك��ل ق��وم ه��اد من وج��وه ض��رورة ه��ذه الوالي��ة، ذل��ك أن ه��ذه الوالي��ة هي س��ر السعادة في الدنيا واآلخرة، فلو ان المرء كان عبدا لل��ه، ولرس��وله، وال��ذين آمن��وا، أي ك��ان حقيق��ة عب��دا لهم، لتح��رر إذن من ك��ل سلطان ، تحرر من سلطان األهواء والش��هوات ومن س��لطان عب��اد االهواء والشهوات، وعندئذ ستجد أن الشهرة ليست مهمة عن��ده، و الرياسة ليست مهمة عنده، والمال ليس مهما عنده، ليس��ت ب��ذات قيمة لديه وال تشكل مقياسا لدي��ه، وعندئ��ذ يك��ون س��عيدا حق��ا وإن ك�ان مع�دما، وعندئ��ذ يك��ون مجتمع�ه س�عيدا ب��ه ص�دقا، وذل�ك ان��ه اليسرق وال يخون وال يرتشي وال ..وال.. النه ليس عبدا للم��ال، كم��ا انه ال يظلم وال يصادر حقوق الن��اس وال يس��جن او يقت��ل الن��ه ليس

البالغة: فاجر( نهج أو بر أمير من للناس السالم-: )البد عليه– المؤمنين أمير قال )?(40(.40) رقم ( الحديث91) ( صفحة1) الجزء

7 اآلية الرعد سورة 41

عب��دا للس��لطة والرياس��ة وال يخ��ادع والي��دلس الن��ه ليس عب��دا للشهرة.. فهو الحر حقا يستنشق عبير الحرية، ويحل��ق في هوائه��ا،

ويحبه ربه فوق ذلك أيضا. إن حياة اإلنسان هي سلسلة من التحديات المستمرة مع الشيطان وااله��واء والش��هوات وس��ائر )االغالل(، تص��وروا إنس��انا يمش��ي في الشارع فيقع بصره على أمرأة أجنبي�ة، فيغض طرف�ه، فإن�ه بمج��رد أن يغض طرفه، يحس بل��ذة ال توص��ف، وسيستش�عر قيمت��ه وقيم��ة إرادته وسموه، بل ويستشعر رض��ا الل��ه تع��الى عن��ه، وفي الرواي��ة:

يرتد لم بص��ره غمض أو الس��ماء إلى بصره فرفع امرأة إلى نظر من) ( ف��إذا تع��رض الم��رء(42 )العين الحور من الله يزوجه حتى بصره إليه

مائة مرة في اليوم الواحد لهذا المأزق، وخرج منه بسالم فإن مائ��ةحورية تنتظره في الجنة، وتزداد كل يوم وهكذا وهلم جرا.

وكذا اذا عن له أن يكذب، فإذا أمسك نفسه فإنه ق��د نجح في ه��ذه التحدي ويحس عندئذ بقيمة لنفسه، ويستشعر عندئذ أنه أصبح سيد نفسه، وعبدا لربه ورسوله وإمامه، وب��العكس إذا ك��ذب فإن��ه يحس��دفن ض��ميره ويس��كت ص��وته بمهان��ة وذل��ة وأس��ر، وإن ح��اول أن ي

��و ألقىالمجلجل في داخله، لكن ) بل األنسان على نفسه بصيرة ول (43)(.معاذيره

وكذلك المؤمن في قبال شتى المعاص��ي والموبق��ات: ف��إذا أوش��ك على الغيبة، أو التهمة، أو النميمة، أو الحسد، أو الكبر، أو العجب او الس��رقة او الخيان��ة او الغش او الرب��ا والميس��ر ونظائره��ا، ولكن أمسك نفسه، فان رصيد معنوياته يرتفع ف��ورا ويتح��ول الى ش��خص ذي قيمة، ذلك أن قيمة اإلنسان كل القيمة ب��أن يك��ون معن��ا حرفي��ا

بالنسبة للعبودية.��ل لكم مث��الين من وحي المناس��بة في اتج��اهين متعاكس��ين وألمث

متضادين:معاوية وامخاخ عشرة آالف عصفور!.

المثال األول عن معاوية: يروى الت��اريخ ان اح��دهم ن�زل ض�يفا عن��د لعن��ة الل��ه علي��ه- ويح��دثنا ق��ائال: أت��وا بس��فرة م��ا أفخمه��ا،–معاوية

وأعظمها، وأشملها لصنوف الطعام، وك��ان من جملته��ا طع��ام لذي��ذ جدا، لم أر ولم أسمع بمثله، فسألت معاوية: م��ا ه��و ه��ذا الطع��ام؟ فقال: هذا الطعام مادته األساسية هي )مخ العصافير(، حيث يم��زج

(9) رقم ( الحديث193) ( صفحة20) الشيعة: الجزء وسائل )?(42(.15) القيامة: آية سورة )?(43

ب�عسل وسمن وكذا وكذا، وأضاف معاوي��ة: إن لن��ا ص��يادين ش��أنهم صيد العصافير وهم يصيدون عشرة آالف عصفور لكل وجبة واح��دة من هذا الطعام! اقول: لننظر كيف يؤدي االبتعاد عن القيادة الحق��ة والوالية العظمى وتعاليم اهل البيت الى هذا المستوى من الطغيان واالسراف والظلم وتبذير االموال العامة، يأمر بصيدها ليأك��ل مخه��ا فق���ط، فكم حجم مخ العص���فور؟ وكم يبل���غ وزن���ه؟ عش���رة آالف عصفور يصيدونها ويذبحونها وينتزعون مخه��ا ليطبخ��وه م��ع العس��ل وغ��يره، ح��تى يتمت��ع ه��ذا الطاغي��ة بوجب��ة لذي��ذة تنتهي في دق��ائق، ويبقى علي���ه وزره���ا ووزر من س���اهم فيه���ا، حيث أتل���ف أم���وال المسلمين بهذه الصورة الفاحشة(. وصدق ربنا حيث يقول: )وسيق

ى أعم��ل ص���لحا فيم��ا  ويقول:)44الذين كفروا الى جهنم زمرا..( لعل��ون(. ��وم يبعث ��رزخ إلى ي ها كلمة هو قائلها ومن ورائهم ب إن تركت كال

(45) إن معاوي��ة وأش��باهه، هم حق��ا ممن يص��دق عليهم: انهم عبي��د أذالء للبطن، كما هم عبيد حقراء أذالء للش�هرة والم�ال، وأع��راض ال�دنيا

الزائلة. ولقد تأخر ذات مرة على رسول الله )صلى الله عليه وآل��ه وس��لم( بعد ان كان الرسول بعث يطلبه، لكنه اعتذر بانه مشغول باألكل،ثم تكرر ذلك م��رة ثاني�ة فثالث��ة، فق��ال رس��ول الل��ه )ص�لى الل�ه علي��ه

فه��ذا نم��وذج العب��د ال��ذليل الحق��ير، فه��ل(46)وآله(: ال أش��بعه الل��ه، اإلنس��ان قيمت��ه ان يك��ون عب��دا للبطن، أو للف��رج، أو للرياس��ة، أو

للشهرة، أو ما أشبه ذلك؟ إن سعادة اإلنسان هي بأن يكون وليا لله، ورسوله، واإلمام المهدي

عجل الله تعالى فرجه الشريف- طائع��ا لهم، مهت��ديا بهم،–المنتظر ه حقا سائرا على دربهم، فإذا استشعر اإلنسان هذا المعنى، وأن ولي��ر، وصدقا هو اإلمام المنتظر، ف��إن معادل��ة الحي��اة كله��ا س��وف تتغي وسيكون كما قال تعالى: )عبدي أطع��ني تكن مثلي، أق��ول للش��يء

و)من خ��اف الل��ه أخ��اف(47)كن فيكون وتقول للش��يء كن فيك��ون(

71 اآلية زمر سورة 44(.100) المؤمنون: آية سورة )?(45 (3) للذهبي: الجزء النبالء أعالم ( وسير27) ( صفحة8) مسلم: الجزء صحيح )?(46

(.140) ( صفحة1) آشوب: الجزء شهر البن طالب أبي آل ( ومناقب123) صفحة(.164) صفحة ( هامش102) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار )?(47

علي��ه الس��الم-:– ول��ذلك ق��ال اإلم��ام الب��اقر (48)الله منه كل شيء()ولم يناد بشيء كما نودي بالوالية(.

الموازنة بين الوالية وبين الدنيا بحذافيرها المثال الث��اني: نس��تلهمه من رواي��ة عظيم��ة له��ا أبل��غ الدالل��ة، فعن

علي��ه الس��الم-:–يونس بن يعقوب بن قيس انه قال لإلمام الصادق ف���ني الل���ه من حقكم، أحب إلي من ال���دنيا )ل���والئي لكم وم���ا عر

(49)بحذافيرها(.

يعني والئي لكم وكوني مولى، تابعا، عبدا لكم )وما عرفني الله من حقكم( وهو بذلك يرجع الفضل لرب األرباب فكما أنه الرازق للعلم–والعقل والسمع والبصر، كذلك هو الرازق لمعرفة حق أهل البيت

عليهم السالم- )أحب إلي من الدنيا بحذافيرها(. ما اروع هذا المعنى السامي والرفيع والدقيق، ولنتأمل في أنفسنا،

فهل )الدنيا بح��ذافيرها(احب الين��ا؟ أم والي��ة أم��ير المؤم��نين )علي��هالسالم(؟ أيهما األحب إلينا؟

إن االجابة الشفوية في عالم الشعارات واالقوال، س��هل، ولكن فيمقام العمل ستجدونه في غاية الصعوبة.

ومما يشهد ذلك: إن اإلنس��ان إذا خس��ر مبلغ��ا من الم��ال، أو أهان��ه شخص في المجلس، فإنه يتألم وربما ال ينام الليل، وقد يؤرقه ذلك أليام، أو قد يتخذ مواقف تمتد آثارها ألش��هر وس��نين، وفي المقاب��ل إذا س���مع في بعض اإلذاع���ات والفض���ائيات او الجرائ���د والمجالت هض��ما وبخس��ا لح��ق أم��ير المؤم��نين اإلم��ام علي بن أبي ط��الب )عليهما السالم( فهل يتألم لذلك بتلك الدرجة؟ وهل يتخ��ذ سلس��لة

من المواقف العملية؟ ان هذه الكلم��ة ج��دا عظيم��ة: )لوالي��تي لكم وم��ا عرف��ني الل��ه من حقكم أحب إلي من الدنيا بحذافيرها( وذلك يعني: بشهرتها، بماله��ا،

برياستها، بكل شيء فيها، بحذافيرها. و هل نحن صادقون في ذلك بحيث تكون واليتن��ا لهم عليهم الس�الم

احب الينا من الدنيا بحذافيرها.؟ هل أحدنا يضحي كل يوم بساعة من نومه على األقل لنصرة ال��دين والذب عن حياض عترة رسول رب العالمين للكتابة عنهم أو لهداية

مخالفيهم، أو شبه ذلك؟ وهل يضحي بنصف ثروته لذلك؟

(.3) رقم الحديث والرجاء، الخوف ( باب68) ( صفحة2) الكافي: الجزء )?(48(.177) رقم ( الحديث265) ( صفحة75) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار )?(49

والتعبير ب� )يضحي( انما هو من ض��يق التعب��ير، وذل��ك الن من ي��دفع واحدا ليربح المليار ليس بمضحي بل هو أك��بر ت��اجر، أليس ك��ذلك؟ حسنا، أال يربح الواحد منا بكل دقيقة جهاد في سبيل الل��ه ورس��وله

عليهم السالم- المليارات بل وأكثر واكثر واك��ثر، ب��ل ان–وأهل بيته المضحي حقيقة هو من اليفعل ذلك!!.

–وهناك رواية أقوى داللة، وأشد وقعا، يقول موالنا اإلم��ام الص��ادق علي��ه الس��الم- كلم��ة يجب أن تكتب ب��النور على ص��فحات القل��وب والصدور: )واليتي لعلي بن أبي طالب )عليه الس��الم( أحب إلي منوالدتي منه، ألن واليتي لعلي بن أبي طالب ف��رض، ووالدتي فض��ل(

(50)

عتاب اإلمام ليونس لقياس الوالية بالدنيا وعودا الى رواية يونس الس��ابقة: ف��ان الغ��ريب م��ع ذل��ك كل��ه نج��د اإلمام )عليه السالم( قد غضب من قوله هذا فاراد اإلم��ام ان ينبه��ه

إلى خطأ كالمه، وإنه من المعيب هذا القياس. يقول يونس فتبينت الغض��ب في��ه، وق��ال )علي��ه الس��الم(: )ي��ونس، قستنا بغير قياس(. والمالحظ ان االم��ام لم يس��تخدم مع��ه كني��ة او لقب بل ناداه باسمه المجرد ما يكشف عن ان هن��اك عالق��ة محب��ة وأخوة، وانه كان جليال جدا، قال له: )يونس، قستنا بغير قياس، وما الدنيا وما فيها هل هي اال سد فورة او ستر عورة وانت لك بمحبتن��ا

الحياة الدائمة()يونس، قستنا بغير قياس وما الدنيا وما فيها ..(

ماذا تقول يا يونس؟ هل توازن بين ال��دنيا بح��ذافيرها، وبين معرف��ة حقنا والوالية لنا ، وتق��ول ه��ذا أحب إلي��ك من ذاك؟ وكم هي قيم��ة ال��دنيا؟ اليس ذل��ك كق��ول أح��دهم: الملي��ار أحب إلي من الفلس الواحد، أو رض��وان الل��ه والجن��ة أحب إلي من قطع��ة من حالوة، او

يقيس الذرة بالمجرة.؟ أ فه��ل يص��ح القي��اس بين األم��رين؟ وه��ل ه��ذا القي��اس طب��ق

الموازين.؟كال وكال.

(.299) ( صفحة33) المجلسي: الجزء للشيخ األنوار بحار )?(50

)وهل هي إال سد فورة أو ستر عورة( فورة الجوع يسدها االنسان بقليل من الطعام، فتمتلئ المعدة بطعام قليل مهما ك��ان، ثم ي��أتي الحساب والعقاب، أو الجزاء األوفى والثواب، فلم��اذا ه��ذا التك��الب

على حطام الحياة الدنيا؟ فان الدنيا ليست أكثر من هذا، س��واء الغ��ني أو الفق��ير ، س��واء من اك�ل الخ��بز الي��ابس ام الطع��ام الدس�م، فبالنتيج��ة الك��ل يعيش�ون،

ويأكلون ويموتون وانتهى األمر. ولكن: )وإن لك بمحبتنا الحياة الباقية( ما ال يحصى من الس��نين وال

يعد سيربحها الموالي وصاحب الوالية، ك��ل ذل��ك بس��بب محبتهم، هك��ذا يري��دنا اإلم��ام )علي��ه الس��الم(: أن

نفهم، وأن نكون، وأن نسموا.. فنسموا.. فنسموا.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا وإياكم من محب��ة محم��د وأه��ل بيته )عليهم السالم(، وواليتهم يوما بعد ي��وم ب��ل س��اعة بع��د س��اعة وآن��ا بع��د آن، ان��ه س��ميع مجيب وآخ��ر دعوان��ا أن الحم��د لل��ه رب

العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.