باولو كويلو.. الخيميائي

في بيتها، وكانت لهذه أخت تدعى مريم وفيما هم سائرون، دخل قرية فقلبته امرأة اسمها مرثاوأما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة والتي جلست عند قدمي يسوع، وكانت تسمع كالمه،

:فوقفت وقالت

:فأجاب يسوع وقال لها. ، فقل لها أن تعيننيقد تركتني أخدم وحدي يارب، أما تبالي بأن أختي - فاختارت مريم . أنت تهتمين وتضطربين ألجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد مرثا،! مرثا -

.الصالح الذي ينزع منها النصيب

– 38إنجيل لوقاه اإلصحاح العاشر

:: تمهيـد :: أفراد القافلة، لم يكن للكتاب غالف، ولكنه حدتناول الخيميائي بيده كتابا، كان قد أحضره أوهو يقلب صفحاته، وقع " أوسكار وايلد " الكاتب استطاع على الرغم من ذلك التعرف على اسم

" نرجس " الشك أن الخيميائي يعرف أسطورة … " نرجس" نظره على قصة كانت تتحدث عن .ميز على صفحة ماء البحيرةليتأمل بهاءه المت هذا الشاب الوسيم الذي يذهب كل يوم

أنه سقط ذات يوم في البحيرة، وغرق فيها، في المكان الذي كان متباهيا للغاية بصورته، لدرجة ."وردة النرجس: "باسمه سقط فيه، نبتت وردة سميت

أنه عند موت نرجس، جاءت اإلريادات لم ينه روايته بهذا الشكل، بل قال" أوسكار " لكن الكاتب فوجدتها قد تحولت إلى زير من الدموع المرة، إلى ضفة البحيرة العذبة المياه،) الغابةآلهة (

:فسألتها لماذا تبكين؟ -

.اجابت البحيرة. نرجسا أبكي - :فعلقت اإلريادات قائلة

وعلى الرغم من أننا كنا دوما في إثره في الغابة، فقد كنت الوحيدة ليس في هذا مايدهشنا، - .تأمل حسنه عن كثب مكنت منالتي ت

كان نرجس جميال إذا ؟ -

:قالت مكثت البحيرة صامتة للحظات ثمفي كل مرة انحنى فيها أنا أبكي نرجسا لكنني لم ألحظ من قط أنه كان جميال، إنما أبكيه ألنه -

.على ضفافي كنت أتمكن من أن أرى في عينيه انعكاسا لحسني .قال الخيميائي. داإنها لقصة جميلة ج -

:: الجزء األول ::

.كان يدعى سنتياغوبقطيعه أمام كنيسة قديمه مهجورة، سقفها قد انهار منذ زمن كان النهار يتالشى عندما وصل

.يوجد فيه الموهف نمت شجرة جميز عمالقة وفي الموضع الذي كان. بعيده من الباب المحطم، ووضع بضع ألواح بطريقه نعاج قرر أن يقضي الليل في هذا المكان، أدخل

لم يكن هناك ذئاب في تلك المنطقة، فذات مرة هربت دابة .بمنعها بها من الفرار أثناء الليل .في البحث عن النعجة الفارة فكلفه ذلك إضاعة نهار بكامله

.من قراءته وسادة مد معطفه على األرض وتمدد، وجعل من كتابه الذي فرغوسيكرس إلنهائها وقتا أكبر، يغرف في النوم أكثر فكر بأن عليه قراءة كتب أكبر،قبل أن

.وسوف يكون له منها وسادات أكثر راحة من أجل الليلخالل السقف عندما أفاق، كانت العتمة التزال قائمة، نظر إلى األعلى فرأى النجوم تلمع، من

.الذي انهار نصفه :فقال في نفسه

.أطول فعال لو نمت لوقتكنت أتمنى -

وشرب جرعة من نهض. فقد رأي حلما، إنه حلم األسبوع الفائت، ومن جديد أفاق قبل نهايتهالحظ أن معظم البهائم الخمر، ثم تناول عصاه، وأخذ بإيقاظ نعاجه التي كانت ماتزال راقدة، وقد

أنما هناك قدرة غريبة قد وك تستعيد وعيها وتتخلص بسرعة من نعاسها ولما يسعد وعيه هو، .منذ عامين سعيا وراء الماء والكأل ربطت حياته بحياة تلك األغنام، والتي تطوف معه البالد

مواقيتي ـ قال في نفسه بصوت منخفض، وبعد قد تعودت على فعال لدرجة أنها صارت تعرف -اعتار عليها وعلى الصحيح، إذ أنه هو الذي قد لحظة من التفكير تراءى له أن العكس هو

.مواقيتهاباالستيقاظ، فكان يوقظها واحدة إثر أخرى بعصاه، مناديا كل نعجة كانت بعض النعاج تماطل

كان مقتنعا دائما بمقدرة النعاج على فهم مايقول، وكان يقرأ لها مقاطع من منها باسمها، فقد ي الريف، ويفسر لها آخرالكتب، أو يتحدث إليها عن عزلة أو سرور راع، بحياته ف بعض

.المستجدات التي قد رآها في المدن التي اعتاد أن يمر بهاأمس، لم يكن لديه عمليا، موضوع محادثة آخر سوى تلك الشابة التي مع ذلك منذ قبل يومالتي سيصل إليها بعد أربعة أيام، لم يكن قد زارها إال لمرة واحدة في العام تسكن في المدينة

.الفائتيتحاشى كان التاجر يملك متجرا للقماش، وكان يحبذ أن يجز صوف أغنامه على مرأى منه، كي

.المتجر الوقوع ضحية للغش، لقد قاد الراعي قطيعه إليه ألن أحد أصدقائه قد دله على

× × × .أنا بحاجة ألن أبيع قليال من الصوف ـ قال للتاجر -

فذهب ليجلس قد طلب التاجر من الراعي االنتظار حتى المساء،كان المتجر يغص بالزبائن، لذا ف

.على رصيف المتجر وأخرج من حقيبته كتابا .الرعاة قراءة الكتب لم أكن أعلم أن بإمكان -

لنساء منطقة األندلس بشعرها قال صوت امرأة كانت بجانبه، كانت هذه الشابة تمثل نموذجا .بالفاتحين العرب القدماء تذكران توعا مااألسود المسدول، وعينيها اللتين

.أجاب الراعي الشاب ذلك ألن النعاج تعلم أشياء أكثر مما هو في الكتب ـ -وتحدثت عن الحياة في القرية، بقيا يثرثران أكثر من ساعتين، هي أخبرته بأنها ابنة التاجر،المستجدات التي رآها في المدن آخر وعن رتابة األيام فيها، والراعي حدثها عن األندلس، وعن

.التي مر فيها .مجبرا على التحدث مع أغنامه دائما كان سعيدا ألنه لم يكن

.كيف تعلمت القراءة؟ سألت الشابة لتوها - .كسائر الناس، في المدرسة -

إال مجرد راع؟ لكن، وربما أنك تعرف القراءة، لماذا لم تصبح - .الفتاة لن تفهمه على هذا السؤال، ألنه كان متأكدا من أنوارب الراعي كي اليرد

قم تنغلقان بفعل االنذهال تابع رواية سير ترحاله، وعيناها العربيتان الصغيرتان تحملقان .والمفاجأة

اليوم أال ينتهي، ولوالد الفتاة أن يبقى مشغوال كان يشعل أن الوقت يمر سريعا، وتمنى لهذا .ثالثة أيام يطلب منه االنتظارلزمن أطول، وأن

االستقرار في مدينة بالذات مع إنه الرغبة في: وانتابه إحساس لم يكن قد ألم به من قبل أبدامتشابهة، لكن التاجر، ظهر أخيرا، فطلب منه الشابة ذات الشعر األسود، فلن تكون األيام رتيبة

ف ودعاه إلى المجيء في السنة التاجر ثمن الصو أن يجز له صوف أربع نعاج، دفع إليه .القادمة

إال أربعة أيام، من أجل الوصول إلى تلك البلدة نفسها، كان مبتهجا حتى اآلن لم يكن يعوزهمرتابا من أن تكون الفتاة قد نسيته، فالرعاة الذين يمرون من هنا لجز صوف وبالوقت نفسه

.ليسوا قالئل أغنامهم .أخريات، في مدن أخرى فأنا أيضا أعرف فتيات_ ى أغنامه غير مهم ـ قال متحدثا إل -

وأن الرعاة كالبحارة أو التجار لكنه كان في قرارة نفسه يعترف أن لقاءه بها له أهميته،يجعلهم ينسون متعة التجوال في العالم بملئ المتجولين، يعلمون دائما أن مدينة يوجد فيها من

.حريتهم

.الشمس األولى، بدأ الراعي يتقدم بأغنامه باتجاه الشمس المشرقة بينما أخذت تبدو خيوط ربما لهذا السبب فإنها - فكر–فهي ليست بحاجة على اإلطالق إلى اتخاذ قرار إنها تتبعني، -

األغنام بقربي، وبقدر ماسيبقى راعيها عارفا بأفضل المراعي األندلسية بقدر ماستبقى تلك تبقىطلوع شابهت األيام بعضها ببعضها اآلخر، مكونة ساعات ممتدة بينصديقاته، فحتى لو ت

حتى لو الشمس وغروبها، حتى لو أن تلك النعاج لم تقرأ قط أي كتاب خالل حياتها القصيرة،وهذا جهلت لغة البشر الذين يررون ماكان يحصل في القرى، فهي تكتفي بالماء والكأل،

لحمها صوفها، وصحبتها بسخاء، ومن وقت آلخروفي المقابل فهي تمنح. بالمحصلة كاففإنها . األخرى أيضا، ولو أنني بين لحظة وأخرى قد تحولت إلى غول وأخذت بذبحها وحدة إثر

بي، ولم تعد تعتمد لن تستوعب نايحصل، إال عندما يوشك القطيع على الهالك، وذلك ألنها تثق .لى المراعيعلى غرائزها، وهذا كله ألنني أنا الذي أسوقها إ .أخذ الراعي يفاجأ بأفكاره، وصار يجدها غريبة

هل كان هذا هو . الجميز المنتصبة في الداخل مسكونة باألرواح ربما بدت الكنيسة، مع شجرةالحلم يعاوده أيضا، وهل لهذا يعاني من شعور الغضب تجاه نعاجه، السبب الذي جعل هذا دوما؟ صديقاته المخلصات

جسده، فهو يعلم من الخمر الذي تبقى لديه من عشاء ليلة األمس، وشد معطفه علىشرب قلياللدرجة لن يستطيع أن الشمس ستكون في أوجها بعد بضع ساعات، وسيصبح الطقس حارا جدا،

.معها اصطحاب قطيعه عبر الريفلليل، وخالل إسبانية كلها غافية، الحرارة مرتفعة حتى في ا في تلك الساعة من الصيف، كانت

.أن يحمل معطفه معه ذلك الوقت كله يتوجب عليهكان يتذكر أنه بفضله يجابه وكلما كانت تتملكه الرغبة في الشكوى من هذا العبء تحديدا،

.برودة الصباح الباكردائما لمفاجآت الطقس ـ تخيل عندئذ وتقبل بامتنان ثقل معطفه الذي علينا أن نكون مستعدين -

لوجوده كمثل الشاب، فبعد سنين من تطواف سهول األندلس، صار يعرف عن هناك مبرركان ... مدن المنطقة كلها، وكان هذا ما أعطى لحياته معنى، إنه الترحال ظهر قلب، أسماء

ينوي هذه المرة أن يشرح للفتاة الشابة، لماذا يعرف راع بسيط القراءة؟ فقد كان يتردد كان

قسيسا، شرة عاما على المدرسة األكليريكية، وأهله أرادوا له أن يصبححتى سن السادس ع .كأغنامه تتشرف به عائلة متواضعة، من وسط فالحي، تكد من أجل لقمتها وهي بذلك

بمعرفة العالم، ويكسب درس الالتينية واإلسبانية والالهوت، لكنه منذ طفولته المبكرة كان يحلم .الذات اإللهية أو آثام البشرمعرفة أفضل من مجرد معرفة

أن يكون ذات مساء جميل، وهو ذاهب لرؤية ذويه، تسلح بالشجاعة وأخبر والده بأنه اليريد .راهبا بل يريد السفر

هنا، ومروا آنفا بهذه القرية، إنهم يأتون إلى هنا ياولدي، رجال من العالم بأسره قد أتوا إلى -يبقون الرجال أنفسهم، يذهبون إلى الهضبة لزيارة القصر نهمليبحثوا عن أشياء جديدة، لك

الحاضر، أكانوا ذوي شعر فاتح، أو ذوي بشرة غامقة، فهم ويجدون أن الماضي أفضل من .يشبهون رجال قريتنا

:الشاب قال .لكنني ال أعرف قصور البالد التي قدم منها هؤالء الرجال -

:األب تابع .جال حقولنا ونساءنا حبذوا العيش هنا إلى األبدعندما رأى هؤالء الر -

:قال اإلبنهؤالء الرجال، إنهم ال أريد أن أتعرف على نساء وحقول وأراضي البالد التي قدم منها -

.يديمون البقاء بيننا

:قال األبلف يملكون المال الوفير، أما عندنا فالرعاة وحدهم من يستطيع رؤية مخت لكن هؤالء الرجال -

.البلدان .إذا سأصبح راعيا -

كيس نقود يحتوي على ثالث قطع لم يضف األب شيئا بعد، وفي صباح اليوم التالي أعطى لولده .ذهبية إسبانية قديمة

الحقول، وكنت أفكر أنها حق للكنيسة بمناسبة ترقيتك فيها، لكن ذات يوم، وجدتها في أحد -ذهب عبر العالم، إلى أن يأتي اليوم الذي تعلم فيه أن قصرنا قطيعا، وا خذها واشتر لنفسك بها

.ونساءنا هن أجمل النساء، ومنحه بركته هو األعظم،

تطواف العالم أيضا، رغبة كانت تحيا معه رغم عشرات قرأ الولد في عيني والده الرغبة في .فيه كل ليلةمقيما في المكان نفسه يأكل ويشرب ويغفو السنين التي حاول أن يمضيها

× × ×

.األفق باللون األحمر، ثم بدت الشمس تلون

أبيه، فأحس بالسعادة، كان قد عرف من قبل كثيرا تذكر الشاب المحادثة التي دارت بينه وبينأيا منهن ال تعادل تلك التي ينتظرها بعد مسيرة يومين من من القصور، وكثيرا من النساء، لكن

وكتابا وبإمكانه أن يبادله مقابل آخر، وقطيعا من الغنم، واألكثر أهمية معطفا،اآلن، كان يمتلك ... الترحال: أنه كل يوم يتحقق حلم حياته الكبير من هذا كله

ريف األندلس، فإنه سيستطيع بيع أغنامه ليصبح بحارا، وعندما وعندما سيتعب من التجوال في

ى مدن كثيرة، ونساء كثيرات، وفرص عديدة ليظل قد تعرف عل سيمل البحر، فإنه سيكون .سعيدا

:يشاهد بزوغ الشمس ثم تساءل وهو

.كيف يمكن للمرء أن يبحث عن اإلله في مدرسة إكليريكية؟ - .لم يكن قد جاء إطالقا حتى هذه الكنيسة، مع أنه مر من هنا مرات عديدة

أشياء لو لبعض الوقت، لوصل إلى اكتشافالعالم كبير، المتناه، ولو ترك أغنامه تقوده، و .جديدة ومفعمة بالفائدة

كل يوم، وال تالحظ أن المراعي تغيرت، وأن المشكلة هي انها ال تعي أنها تعبر دروبا جديدة - .سوى الماء والكأل الفصول متباينة، ألنها ال تملك من هاجس

لي أنا الذي لم أفكر بنساء بالنسبةإن الشيء نفسه يجري لكل الناس ـ فكر الراعي ـ حتى - .أخريات منذ التقيت ابنة ذلك التاجر

... قبل وقت الغداء، هناك " طريفه " وقدر أنه سيكون ـ تبعا لحساباته ـ في نظر إلى السماء، مبادلة كتابه بآخر أكبر حجما، وتعبئة زجاجته خمرا، وأن يحلق ذقنه، ويقص ضعره، سيستطيع

احتمال على أتم استعداد للقاء الفتاة الشابة، ولم يكن يريد حتى أن يتصورعليه أن يكون .امكانية وصول راع آخر قبله، يملك من الغنم أكثر منه، قاصدا طلب يدها

السماء وهو إنها تماما إمكانية تحقيق حلم يجعل الحياة ذات أهمية ـ تخيل رافعا نظره نحو - .يسرع في خطواته

تعرف تفسير األحالم، في هذه الليلة حلم امرأة عجوز" طريفه " توه أن هناك في لقد تذكر ل .. نفسه الحلم القديم... بالحلم الذي كان يراوده

× × ×

يفصلها عن الصالة ستار من البالستيك قادت المرأة العجوز الشاب إلى داخل المنزل، إلى غرفة

.المقدس السيد المسيح، وكرسيان لألبمتعدد األلوان، كانت هناك طاولة، وصورة بيديه وأخذت بالدعاء بصوت منخفض جدا، جسلت العجوز، ورجته أن يفعل مثلها، ثم أمسكتكثيرا من الغجر في دربه من قبل، فقد كانوا كان هذا أشبه مايكون بصالة غجرية، لقد التقى

شائع بين الناس هو أن الغجري بالغنم، بل ان ال يسافرون أيضا، لكنهم لم يكونون يهتمونأن هناك عهدا بينهم وبين الشيطان، وأنهم يسرقون يقضي وقته في خداع الناس، ويقال أيضا

.في مخيماتهم الغامضة األطفال، ليجعلوا منهم عبيدا لهموتراوده فكرة أن يختطفه العجر، عندما كان الراعي الشاب طفال صغيرا كان كثير التخوف

.بيديه هذا الخوف القديم عندما كانت العجوز تمسكوعاوده

يريد ليديه أن فكر محاوال أن يطمئن نفسه، لم يكن_ لكن توجد هنا صورة السيد المسيح -

. ترتجفا، أو أن تالحظ العجوز خوفه، وفي صمت تال صالة- قالت العجوز دون أن تفارق عيناها يد الولد! مثير أمر.

كان يشعر من وقت إلى آخر بثورة أعصابه، يداه أخذتا ترتجفان يد، أما هو فقدوابتسمت من جد :العجوز ذلك، صمم أن يسحبها على الفوز ثم قال رغما عنه، والحظت

.قراءة خطوط يدي أنا لم آت إلى هنا من اجل -رة يدفع قيمة االستشا وهو اآلن يتأسف دخوله هذه الدار وحسب أنه سيكون من األفضل أن

.تكرر وينصرف دون أن يعرف شيئا، فقد علق دون شك أهمية كبرى على حلم :قالت العجوز

وعندما يتكلم اهللا بلغة البشر فأنا أستطيع أتيت تسألني على األحالم، واألحالم هي لغة اهللا، -ع فلن يفهمه أحد سواك، وعلى أية حال، عليك أن تدف تفسيرها، لكنه عندما يتكلم بلغة روحك،

.قيمة استشارتي

إنه . فكر الشاب، وعلى الرغم من كل شيء فإن الراعي قد قرر المجازفة حيلة أخرى ـ -لخطر الذئاب، أو لخطر الجفاف، وهذا تماما ما يجعل من مهنته مهنة هامة يتعرض دائما

.ومثيرة :قال الشاب

على أرض أحد المراعي، ميكنت متواجدا مع أغنا. حلمت بالحلم نفسه مرتين على التوالي -يأتي أحد ليلهو مع نعاجي، فهي حينما ظهر طفل وأخذ يلعب مع البهائم، وأنا ال أحبذ كثيرا أندائما في اللهو معها دون أن يسببوا تخاف من رؤية أشخاص ال تعرفهم، لكن األطفال ينجحون

رفة أعمار الكائنات تستطيع الحيوانات مع لها الخوف، إنني أجعل لماذا، وال أعرف كيف .البشرية

ـ فلدي قدر على النار، باالضافة إلى أنك التملك الكثير من ارجع إلى حلمك ـ قالت العجوز - .المال وتأخذ وقتي كله

بيدي وقادني تابع الطفل اللعب مع النعاج لفترة ـ أردف الراعي مرتبكا قليال ـ وفجأة أخذ - .حتى أهرامات مصر

تعرف ماتكون أهرامات مصر، لكنها بقيت الكالم لحظة، ليرى إن كانت العجوزعدل الشاب عن :خرساء، ثم تابع

، كان )لفظ هذه الكلمى بمنتهى الدقة، لتستطيع العجوز فهمها جيدا(مصر، عندئذ أمام أهرامات - أن يرينيوفي اللحظة التي كان يكاد" . إن تأت حتى هنا، فستجد كنزا مخبأ : " لي الطفل يقول

.فيها المكان المحدد كنت استيقظ في المرتين .وأمسكت بيدي الشاب اللتين تفحصتهما بانتباه مكثت العجوز صامتة للحظات، ثم عادت

.أريد عشر الكنز إن وجدته لن أدعك تدفع اآلن أي شيء، لكنني -

ل الذي يملكه بفضل القليل من الما أخذ الشاب يضحك، إنها ضحكة انشراح ورضا، فهكذا سيدخرالمرأة الطيبة العجوز غجرية، فالغجر البد أن تكون! حلم صار عبارة عن مسألة كنز مخبأ

.أغبياء . الحلم ؟ حسن، كيف تفسرين هذا - .سأقوله لك اقسم لي أنك ستعطيني العشر من كنزك مقابل ما. أوال يجب أن تقسم -

.صورة السيد المسيح رر القسم، وهو يثبت عينيه فيأقسم الراعي، وطلبت منه العجوز أن يك :قالت العجوز

تأويله، لكنه تأويل صعب جدا، يبدو لي أني استحق إنه حلم باللغة الكونية، حلم أستطيع - :حصتي مما ستجد، والتأويل هو ذا

فل، ط عليك أن تذهب حتى أهرامات مصر، لم أسمع عنها مطلقا لكن إن كان من أراك إياها " ." فهذا يعني أنها موجودة فعال، هناك ستجد كنزا سيجعل منك رجال غنيا

أجل شيء ذهل الشاب للوهلة األولى، ثم غضب، لم يكن بحاجة للمجيء، لرؤية هذه المرأة من .تافه، لكنه تذكر في نهاية األمر أنه لم يدفع شيئا

. قال الشابإلضاعة وقتي مادام األمر هكذا ـ لم تك لدي حاجة -حلمك صعب التفسير، األشياء البسيطة هي األشياء األكثر أنت ترى، لقد كنت قد قلت لك أن -

يراها، وبما أنني لست واحدة منهم فإنه يتوجب علي معرفة فنون روعة والعلماء وحدهم من .مثال قراءة الكف: أخرى

وماذا علي أن أفعل من أجل الذهاب حتى مصر ؟ -

علي أن بتفسير األحالم وليس بمقدوري تحويلها إلى حقيقة، ولهذا السبب ال أقوم إالأنا - .تعطيني إياه بناتي أعيش مما

وإن لم أصل حتى مصر ؟ - .تكون هذه المرة األولى حسن، عندها لن أوفى أجري ولن -

.ر من الوقتجعلها تضيع الكثي ولم تضف العجوز شيئا، بل طلبت من الشاب االنصراف ألنه

× × ×

على أال يعتقد باألحالم بعد اآلن، ثم تذكر أن عليه القيام بأشياء انصرف الراعي خائبا وعازماعن شيء يأكله، ولمبادلة كتابه مقابل آخر أكبر حجما، وجلس على مقعد مختلفة، ذهب للبحث

.ليتذوق الخمرة الجديدة التي ابتاعها في الساحة، .تأثيراته الخفية التي يملكها، يستطيع أن يكون مرطبا له ، ولعل الخمر، بفضل أحدإنه نهار حار

تعرف على الكثير من الناس . المدينة، في حظيرة أحد االصدقاء الجدد كانت أغنامه عند مدخل

وهذا ماجعله يحب السفر أليام متتلية، فعندما نرى األشخاص أنفسهم كما هي في هذه األنحاء، في المدرسة اإلكليريكية ـ فإننا نتوصل إلى اعتبارهم جزءا من حياتنا، وبما أنهم عليهالحال

رضى، يشكلون جزءا من حياتنا، فإنهم يبحثون في نهاية األمر عن تغييرها كما يرغبون بغيرقطعا كيف ألن كل الناس يعتقدون معرفة كيف يجب أن نعيش تماما، لكن أيا كان ال يعرف

التي تجهل كيف ليه أن يعيش هو نفسه حياته الخاصة، كما لدى هذه المرأة المنجمةيتوجب ع .تحول األحالم إلى واقع

يذهب إلى الريف مع نعاجه، فبعد ثالثة أيام سيلتقي ثانية قرر االنتظار حتى حلول الظال، قبل أن .ابنة التاجر

كان مؤلفا ضخما يتعرض لمسألة. بقراءة الكتاب الذي كان قد حصل عليه من خوري طريفه بدأ

بأنه لو ثم حدث نفسه،. دفن من بدايته، باالضافة إلى ذلك كانت أسماء الشخصيات معقدة للغايةلقرائه حفظ قدر لو يوما أن يؤلف كتابا، فسوف يورد الشخصيات واحدة واحدة، كي يوفر

.أسمائها دفعة واحد عن ظهر قلبالجميلة عن دفن في الثلج، والتي منحته احساسا بالرطوبة القصةعندما كان يقرأ بتركيز تلك

.رجل عجوز للجلوس بجانبه والحديث معه جاء... رغم الشمس المحرقة .إلى المارة في الساحة ماذا يفعل هؤالء ؟ سأل العجوز مشيرا -

:أجاب الراعي بلهجة جافة .بالقراءة وتظاهر... إنهم يعملون -

تلمس بنفسها مقدرته فقد كان يحلم بالذهاب لجز صوف نعاجه أمام ابنة التاجر كيوفي الواقع،وأن الشابة . عشرات المرات على الثيام بالكثير من األمور الهامة، كان قد تخيل هذا المشهدمن الخلف إلى األمام، لقد بذل تبدو له مندهشة عندما يشرح لها عن الغنم وكيف يجز الصوف

عملية الجز، كانت في الغالب قصصا كر بعض القصص الجيدة وروايتها لها أثناءمابوسعه لتذبنفسه، ولن تعرف مطلقا الفرق طالما أنها قرأها في الكتب، وهو يرويها، كما لو أنه عاشها

.تجهل قراءة الكتب الكالم حينذاك، واخبره أنه متعب وعطش، وطلب أن يشرب جرعة من الخمر، أصر العجوز على .زجاجته عله يذهب ويتركه بحاله فقدم له الشاب

.الراعي عن الكتاب الذي يقرأه لكن العجوز كان يريد الثرثرة بإلحاح، فسألأن أباه قد علمه أن يحترم المسنين، عندها فكر الشاب أن يكون فظا ويغير مقعده، لكنه تذكر

يجد نفسه فعال غير قادر على لفظ أوالهما، ألنه كان :ناول الرجل العجوز الكتاب لسببين .العجوز مقعده إن كان يجهل فعال القراءة حتى ال يشعر بالذل العنوان، وثانيهما، كي يغير

العجوز متفحصا الكتاب من وجوهه كلها كم لو كان شيئا غريبا ـ إنه كتاب مهم هم ـ تنحنح - .ممل جدا ولكنه

. قرأ من قبل هذا الكتاب وأنه كان قد. أن العجوز يجيد القراءةولشد ماتفاجأ الراعي عندما وجد .يستبدله بآخر وأنه كتاب ممل كم أكد العجوز، فالوقت ال يزال مناسبا كي

:تابع العجوزالكتب كلها تقريبا، عن عجز الناس في إنه كتاب يتحدث عن الشيء نفسه الذي تحدثت عنه -

.في العالم درك أكبر خدعواختيار مصيرهم، وأخيرا يجعلنا ن .سأل الشاب مندهشا! ماهي أكبر خدعة في العالم ؟ -في إحدة لحظات وجودنا، نفقد السيطرة على حياتنا التي ستجد نفسها محكومة " :هي ذي -

" .وهنا تكمن خديعة العالم الكبرى بالقدر، :قال الشاب

كانوا يريدون أن يجعلوا مني كاهنا لكنني قررت بهذه الطريقة، فقد بالنسبة لي، لم تجر األمور - .أن أكون راعيا

.هكذا أفضل لك، ألنك تحب الترحال -بينما كان العجوز يتصفح الكتاب، دون أن يظهر أية لقد حدس أفكاري ـ قال لنفسه سنتياغو، -

.نية لردهبي الهيئة، وهذا شيء مألوف العجوز يرتدي زيا غريبا، فقد كان يبدوا أنه عر الحظ الراعي أن

ويكفي اجتياز المضيق الصغير " طريفة " المنطقة، فإفريقية على بضع ساعات من في تلك القارب وغالبا مايأتي العرب للتسوق من المدينة فالناس يشاهدونهم وهم يصلون عدة بواسطة

.مرات في اليوم بطريقة تدعو للفضول .من أين أنت ؟ سأل الشاب -

.عدة أماكنمن -أماكن مختلفة، اليمكن ألحد أن يكون من أماكن عدة، فأنا راع، ومن الممكن أن أتواجد في -

.ولدت لكنني أنتمي لمكان واحد، مدينة قريبة من قصر قديم جدا، فهناك لنقل إذن إنني ولدت في سالم -

.شعر بأنه سخيف نتيجة جهلهلكنه لم يطرح سؤاال، كي الي لم يكن الراعي يعرف أين تقع سالم،

.للحظة، فالناس يذهبون ويجيئون، ويبدون منشغلين للغاية انهمك بمراقبة الساحة :سأل الشاب

.سالم؟ باحثا عن أية عالمة ال على التعيين كيف هي - .كما هي دائما من األزل -وإال لم ليست في األندلس،يكن في هذا أية عالقة تدل عليها، لكن على األقل كان يعلم أن سا لم

.لكان عرفها وماذا تفعلون أنتم في سالم؟ - !ما أفعله في سالم؟ -

... ! انفجر للمرة األولى العجوز ضاحكا، لكنني أنا ملك سالم، أي سؤال هذامع النعاج الناس يقولون الكثير من الكلمات الغريبة، ومن المستحسن أحيانا أن يعيش المرء

التصدق، أما ويكتفي بالبحث عن الماء والغذاء، أو مع الكتب التي تحكي قصصاالخرساء،جاهلين كيف نتابع عندما يتكلم المرء مع البشر فإن هؤالء يقولون بعض األمور التي تجعلنا

.الحديث :قال العجوز

من الغنم؟ ، كم تملك"ملكي صادق " أنا أدعى - .ما يلزم -

. يعرف األكثر عن حياتهكان العجوز يريد أن .لدينا مشكلة إذن، فأنا ال أستطيع أن أساعدك، مادمت تفكر بامتالك ما يلزمك من الغنم -

العجوز هو فالشيخ. بدأ الشاب يعاني نوعا من الضيق، فهو لم يكن قد طلب منه أية مساعدة .ابالذي كان قد طلب خمرا، وأراد أن يثرثر، وهو الذي كان قد اهتم بالكت

.أعد إلي الكتاب، يجب أن أذهب للبحث عن أغنامي ومتابعة طريقي - .منها العشر، وسأعلمك كيف تصل إلى كنزك المخبأ أعطني -

.صار كل شيء واضحا له تذكر الفتى حلمه، وفجأة

سينجح في تحصيل مبلغ أكبر مقابل فالمرأة العجوز لم تجعله يدفع شيئا، لكن هذا الشيخ، .أيضا ويمكن أن يكون زوجها مة لم تكن تتعلق بأي واقع، البد أنه غجريمعلو

العجوز، والتقط غصنا من األرض، وشرع في تلك األثناء، ودون أن يقول أية كلمة، انحنىانحنى فيها، لمع شيء ما على صدره، كان يكتب شيئا على رمل الساحة، وفي اللحظة التي

.شاب شبه أعمىالضوء باهرا لدرجة جعلت ال .لكن وبحركة سريعة ومدهشة لرجل في عمره، سارع العجوز لشد معطفه على صدرهواسم أمه زال انبهار عيني الفتى، فاستطاع أن يرى بوضوع ماكان الرجل يكتبه، قرأ اسم أبيه،

باردة، اإلكليريكية ال على رمال الساحة الرئيسية للمدينة الصغيرة، ألعاب طفولته، ليالي المدرسةألحد قط، كتلك المرة التي ثم قرأ سيرة حياته حتى هذه اللحظة، قرأ أشياء لم يكن قد رواها

.كتجربته الجنسية األولى والوحيدة سرق فيها سالح أبيه وذهب الصطياد الوعول الجبلية، أو

.أنا ملك سالم ـ قال العجوز -

.رةيثرثر ملك مع راع؟ تساءل الفتى في ذهول وحي لماذا - . " أسطورتك الشخصية" أهمها هو أنك كنت قادرا على انجاز توجد عدة أسباب، لكن لنقل أن -

. " أسطورة شخصية: " ماكان العجوز يقصد بقوله لم يكن الشاب يعرففكل واحد منا يعرف ماهي أسطورته الشخصية وهو في هي ماكنت دائما تتمنى أن تفعل، -

الحياة، يكون كل شيء واضحا، كل شيء ممكنا، وال يخاف لفترة منريعان شبابه، في هذه اوكلما جرى الوقت، فإن قوى خفية . مايحب أن يفعله في حياته المرء من أن يحلم أو يتمنى

.تحقيق األسطورة الشخصية تنشط إلثبات استحالة .لم يكن لقول العجوز أي معنى بالنسبة للراعي الشاب

! فاها إن ابنة التاجر ستبقى فاغرة". القوى الخفية " ة ماهية هذه لكنه كان يريد معرفأسطورتك إنها قوى قد تبدو سيئة، ولكنها في الواقع هي تلك التي تعلمك كيف تحقق -

:العالم الشخصية، إنها هي التي تعد عقلك، وإرادتك ألن هناك حقيقة كبرى في هذاأن هذه الرغبة قد ولدت ا تريد شيئا بالفعل، فهذا يعنيفأيا كنت، وأي شيء فعلت، فإنك عندم "

" . ، وأنها رسالتك على األرض" النفس الكلية " في حتى لو كانت الرغبة فقط هي رغبة في الترحال ؟ أو في الزواج من ابنة تاجر أقمشة؟ -الرغبة، ، منأو البحث عن الكنز، فإن النفس الكلية تتغذى من سعادة الناس أو من شقائهم -

شيء ليس إال من الغيرة، وإنجاز األسطورة الشخصية هو االلتزام األول واألوحد للناس، وكل .شيئا واحدا

. " ليوفر لك تحقيق رغبتك وعندما تريد شيئا ما، فإن الكون بأسره يتضافر " في إعادة فتح وكان العجوز هو المبادر احتفظا بالصمت للحظة، راقبا فيها الساحة والمارة،

:الحديث لماذا ترعى الغنم؟ -

.أحب الترحال ألنني - :الساحة وقال أشار العجوز إلى بائع البوشار بعربته الحمراء في إحدى زوايا

لكنه فضل شراء عربة صغيرة ليبيع هذا الرجل أيضا كان دائما يريد الترحال عندما كان طفال، -يصبح عجوزا سيسافر ليمضي شهرا في نين عديدة، وعندماالبوشار ويجمع المال طيلة س

.القدرة لينفذ مايحلم به إفريقية، إنه لم يدرك أبدا أن االنسان يمتلك .فكر الشاب بصوت عال كان عليه أن يكون راعيا ـ -التي هم لقد فكر في ذلك ـ قال العجوز ـ لكن باعة البوشار ذوو شخصيات أكبرم ن تلك -النجوم، والناس يها الرعاة، فباعة البوشار لديهم بيوت تؤويهم، بينما الرعاة يناموت تحتعل

.يفضلون تزويج بناتهم من باعة بوشار على تزويجهم من الرعاة

بالتأكيد الراعي بغصة في الصميم، وهو يفكر بابنة التاجر، ففي المدينة حيث تعيش يوجد شعر .بائع بوشار

باعة البوشار وعن الرعاة يصبح ردف العجوز ـ فإن مايفكر به الناس عادة عنوأخيرا ـ أ - .لديهم أهم من األسطورة الشخصية

الكتاب وتسلى بقراءة صفحة منه، انتظر الراعي قليال ثم قاطعه بنفس الطريقة تصفح العجوز :قوطع هو بها التي

لماذا قلت لي هذه األشياء؟ - .الشخصية، وألنك على وشك العدول عنها ش أسطورتكألنك تحاول أن تعي - وأنت تظهر دائما في هذه اللحظات؟ -جديدة، أو فمرة أظهر على شكل فكرة... ليس بهذا الشكل دائما، لكنني ال أتخلى عنه أبدا -

االشياء سهلة كطريقة للتخلص من ورطة، ومرة اخرى أظهر في لحظة روحانية، أجعل فيها .لكن أغلب الناس ال يالحظون شيئا... وهكذا المنال،

االسبوع الماضي، كان مجبرا على الظهور ألحد المنقبين على شكل حجر، فقد كان روى أنه في .الرجل قد تخلى عن كل شيء، ورحل سعيا للحصول على الزمرد هذا

ر خاللها تسعمائة بتكسير االحجار على طول أحد األنهار، كان قد كس خمس سنوات عمل خاللها ألفا وتسعمائة وتسعا وتسعين حجرا، محاال أن يجد زمردة، في تلك األثناء فكر وتسعا وتسعين

دأب في بالتراجع، ولم يكن ينقصه عندئذ إال حجر واحدة، ليكتشف زمردته، وبما أنه كان رجالأقدامه، ر تدحرجت عندالجد خلف أسطورته الشخصية، فقد قرر العجوز التدخل، فتحول إلى حج

الحجر وتحت وطأة غضبه واحساسه باستالبه خالل خمس سنوات ضاعت من عمره، قذف بتلكزمردة في إلى البعيد، ورماها بقوة كبيرة جعلتها ترتطم بحجر أخرى، فتفتت لتكشف عن أجمل

.العالم

:قال العجوز وفي عينيه شيء من المرارة رر حياتهم، وربما لهذا السبب نفسه أيضا، يتخلون عن عاجال عنيتعلمون مبكرا مب إن الناس -

.المتابعة، لكن هكذا هي الدنيا .للمحادثة التي دارت بينهما كانت الكنز المخبأ تذكر الشاب حينئذ أن نقطة البداية بالنسبة

السيل نفسها، الجاري ـ قال العجوزـ ودفنت نتيجة ارتفاع مياه لقد نبشت الكنوز بفعل السيل - .المزيد عن كنزك، عليك أن تتنازل عن عشر قطيعك وان كنت تريد معرفة

باألمر؟ أفال يمكن لعشر الكنز أن يفي - :بدا الشيخ خائبا

.الرغبة في الحصول عليه إذا وعدت بشيء ال تملكه بعد، فإنك ستفقد - .قال له الراعي بأنه كان قد وعد الغجرية بعشر الكنز

: العجوز وصرختأوهفي الحياة ثمنا، وهذه هي الفكرة محتالون، على أية حال، انه لجميل أن تتعلم أن لكل شيء -

.التي حاول مجاهدو عهد األنوار تعليمها

:أعاد الكتاب إلى الشاب قائال ثموسوف أرشدك كيف تجد كنزك بنجاح، غدا وفي مثل هذه الساعة تصحب لي عشر قطيعك، -

.مت مساءهيا ع .واختفى عبر إحدى زوايا الساحة

× × ×

التركيز، فقد كان مضطربا ومتوترا، ألنه حاول الشاب الرجوع إلى قرائته، لكنه لم يتمكن منعن البائع المتجول، واشترى منه كيسا من البوشار أدرك أن العجوز يقول الحقيقة، ذهب للبحث

.يخبره بما قال العجوز أنمتسائال في قرارة نفسه هي عليهدون أن يقول شيئا، فلو تكلم ألمضى من األفضل أحيانا، أن نترك األشياء كما هي عليه ـ فكر

سيتخلى عن كل شيء، لكنه كان قد اعتاد العربة بائع البوشار ثالثة أيام بالتفكير ليقرر إن كان .الصغيرة

لم، أخذ يهيم في المدينة، ونزل حتى الميناء، حيث هذا االرتياب المؤ كان يستطيع أن يوفر عليهإنها ... ذو نوافذ خاصة، كان الناس يأتون لشراء بطاقات السفر منها مصر يوجد مبنى كبير،

.إفريقية توجد في .ماذا تريد؟ سأل موظف الحجز -

.ربما غدا ـ أجاب مبتعدا -لكن هذه إلى الجهة األخرى من المضيق،عندما يبيع واحدة من نعاجه، فإنه سيستطيع االنتقال

.الفكرة أرعبتهالشاب يبتعد ـ ليس لديه مايغطي نفقات هاهو حالم آخر ـ قال قاطع التذاكر لزميله بينما كان -

.سفرهفخالل . كان قد فكر بنعاجه، وامتلكه الخوف من الذهاب إليها في حين أنه عندما كان امام الكوة،

شيء عن تربية الغنم، وتلعم كيف يجز الصوف، والعناية بالنعاج م كلهاتين السنتين تعلمن الذئاب، كان يعرف حقول ومراعي األندلس كلها، ويعرف السعر الحوامل، وحماية قطيعه .من دوابه الدقيق ومبيع كل واحده

أيضا، أراد تسلق قرر العودة إلى حظيرة صديقه عبر أطول الطرق، كان في المدينة قصرأفريقية، فأحدهم كان قد المنحدر الحجري والذهاب للجلوس على حائط السوق ليستطيع رؤية

طويل قد جاؤوا من هناك، لكنه يكره شرح له أن العرب الذين احتلوا إسبانية كلها تقريا، ولزمن .العرب ألنهم جاؤوا بالغجر

لساحة التي تحدث فيها مع يستطيع أن يرى أيضا الجزء األكبر من المدينة وا ومن األعلى، .العجوز

للبحث عن لعن اهللا الساعة التي التقيت فيها بهذا العجوز ـ فكر ـ فهو قد ذهب بكل بساطة -يعلقا أية أهمية على كونه امرأة قادرة على تفسير االحالم، فال تلك المرأة، وال ذاك العجوز، لم

واليفهمان أن الرعاة ينتهون في في الحياة،راع، فقد كانا شخصين منعزلين ال يعتقدان بشيء ويعرف أن كانت بينها واحدة عرجاء، االرتباط بدوابهم، فالراعي يعرف بدقة كل واحدة منها،

وان قرر . منها ومتى يكون جزها وذبحها وأيا منها ستضع بعد شهرين، إنه يعرف الكسوالت .الرحيل يوما، فإنها ستتألم كثيرا

" رقية تعصف، فمع هذه الريح جاء قوم من السفهاء الكفار، وقبل أن يعرفالريح الش أخذت

كبيرا، فالعرب ، لم يكن ليخيل إليه أن إفريقية كانت قريبة جدا، األمر الذي يشكل خطرا"طريفه .أخذت الريح تعصف بقوة أكبر. يستطيعون غزو البالد من جديد

وآخر وكان عليه أن يقرر أن يختار بين شيء ألفههاأنذا بين أغنامي والكنزـ قال لنفسه، -بالنسبة إليه، يحب كثيرا لو يحصل عليه، وهناك ابنة التاجر، لكنها ليست بأهمية النعاج

األيام كلها : انتبهت إلى ذلك وماجعله يتأكد من ذلك هو لو أنها لن تلتقيه مابعد الغد، لما كانتفهذا يعني أن الناس قد توقفوا عن به بعضها بعضا،متشابهة لديها، وعندما تكون األيام تش

.أن الشمس تعبر السماء باستمرار مالحظة األشياء الطيبة التي تخطر في حياتهم طالمافيها ـ حدث نفسه ـ لقد تعودنا على ذلك، لقد غادرت أبي، أمي، وقصر المدينة التي ولدت -

.واالغنام سوف تعتاد على غيابيشابان االعلى، راقب الساحة، كان البائع المتجول يتابع بيع بوشاره، جاء زوجانهناك، في من

.ليجلسا على المقعد الذي شهد حواره مع العجوز، ثم تبادال قبلة طويلةأقوى، ـ تمتم في نفسه دون أن يتم الجملة، ألن الرياح أخذت تعصف بشكل... بائع البوشار -

الصحراء، العرب بال شك، لكنها كانت تأتي أيضا برائحةوشعر بها تلطم وجهه، إنها جلبت بحثا عن وبالنساء المحجبات، وتحمل عرق وأحالم أولئك الذين كانوا قد رحلوا ذات يوم

.المجهول، أو عن الذهب، والمغامرات واألهرامات

غنام، على حريتها، وأدرك أن الشيء يمنعه أن يكون شبيها بها، فاأل أخذ الشاب يغبط الريح .وحقول األندلس لم تكن إال مراحل من أسطورته الشخصية وابنة التاجر،

× × ×

:ظهيرة الغد التقى الراعي الشاب بالعجوز، وكان قد أحضر معه ستا من أغنامه، وقال له عند

راعيا، إنني مندهش فصديقي اشتري مني القطيع على الفور، فطيلة حياته كان يحلم بأن يكون .ذا فأل خيرإذن ه

:قال العجوز

، فأنت عندما تلعب للمرة األولى "المبدأ المناسب: " نسمي هذا األمور تسير دائما هكذا، ونحن - .مؤكدا، إنه حظ المبتدئ فإنك ستربح ربحا

ولماذا هذا؟ - .الحقيقة ألن الحياة تريدك أن تعيش أسطورتك -

شرح له بأن هذا ليس ن إحداها عرجاء، لكن الفتى قدثم بدأ يتفحص النعاج الستى، وقد الحظ إ :سأله بذي أهمية، ألنها كانت الدابة األكثر ذكاء واألوفر صوفا، ثم

أين يوجد الكنز؟ - .الكنز موجود في مصر قرب األهرامات -

.رجفة، فالغجرية العجوز كانت قد قالت له الشيء نفسه، لكنها لم تأخذ أجرها اعترتهلكل صل إلى كنزك عليك أن تكون يقظا للعالمات، فقد كتب اهللا قدرنا على جبيننا، واختارت كي -

.منا الحياة التي عليه أن يحياها، وليس عليك إال أن تقرأ ما كتب لك أن يتمكن الشاب من أن يقول أي شيء، أخذت فراشة ليل تحوم بينه وبين الرجل العجوز، وقبل

نفسه ه يقوم عندما كان طفال، إن فراش الليل عالمة حظ، والشيءفتذكر جده، ذاك الذي سمع .األربعة بالنسبة للجنادب، والجراد األخضر، والسحالي الرمادية، والحندقوقات ذات األوراق

علمك جدك، هنا تكمن هذا هو تماما ـ قال العجوز الذي كان بمقدوره قراءة أفكاره ـ كما - .العالمات

رآه عندئذ، وتذكر األلق الذي بهر عينيه عشية الذي يتلف به، فتأثر الفتى بماثم فتح المعطف .قالدة من الذهب مرصعة باالحجار الكريمة البارحة، فقد كان العجوز يتقلد

.عليه أن يتنكر بهذا الزي ليتحاشى قطاع الطرق قد كان ملكا حقيقيا، وكان لزاماضاء وأخرى سوداء، كانتا مثبتتين في وسط قالدته ـ إنهما بي خذ ـ قال وهو ينتزع حجرا -

فعندما ال تتوصل إلى فهم . السوداء تعني نعم والبيضاء تعني ال ،" أوريم وتوميم" تسميان الحجرين سيفيدانك، لكن ليكن سؤالك الذي تطرحه موضوعيا دائما، اسع العالمات، فإن هاتين

كنز موجود قرب األهرامات وهذا تعرفه مسبقا، وعليك أن التخاذ قرارك بنفسك، فال باستمرار .مقابل ذلك ست غنمات، فأنا من ساعدك على اتخاذ القرار تدفع

.جعبته، وسيأخذ من اآلن فصاعدا قراراته بنفسه وضع الشاب الحجرين فيأن تمضي واحد، التنس لغة العالمات، والتنس على الخصوص التنس أن الكل ليس إال شيئا -

.وقبل أن أودعك أحب أن أروي لك حكاية صغيرة .حتى آخر أسطورتك الشخصيةسر السعادة عند أكثر الرجال حكمة، مشى الولد أربعين ثمة تاجر كبير، أرسل ابنه ليكتشف "

أمام قصر جميل يقع على قمة جبل، وهناك كان يعيش الحكيم يوما في الصحراء، ووصل إخيرا . البحث عنهالذي يجد في

ويخرجون، تجار يدخلون: فبدل أن يلتقي رجال مباركا، فإن بطلنا داخل صالة تعج بنشاط كثيفوكان هناك وأناس يثرثرون، وفي إحدى الزوايا فرقة موسيقية صغيرة تعزف ألحانا هادئة،

كيم الذي هو الح هذا. مائدة محملة بمأكوالت من أطيب وأشهى ما تنتج تلك البقعة من العالم .دوره يتحدث مع هذا وذلك، وكان على الشاب أن يصبر طيلة ساعتين حتى يأتي

أن الوقت لديه كي أصغى الحكيم إلى الشاب الذي كان شرح له دوافع زيارته، لكن الحكيم أجابه .لرؤيته بعد ساعتين يكشف له سر السعادة، وطلب منه القيام بجولة في القصر ثم العودة

الشاب ملعقة كان قد صب فيها أطلب منك معروفا ـ أضاف الحكيم وهو يعطي إلىأريد أن - .وحاول أال ينسكب الزيت منها قطرتين من الزيت ـ ، أمسك الملعقة بيدك طوال جولتك

دائما على الملعقة، وبعد ساعتين عاد إلى أخذ الشاب يهبط، ويصعد ساللم القصر، مثبتا عينيه .حضرة الحكيم

رأيت السجاد العجمي الموجود في صالة الطعام؟ هل رأيت الحديثة التي ـ سأل هذا، هلإذا - الحدائقيين سنوات عشرة في تنظيمها؟ هل الحظت أروقة مكتبتي الرائعة؟ أمضى كبير الشاب المرتبك أن يعترف بأنه لم ير شيئا من كل هذا على االطالق، فشاغله الوحيد كان على

.قطرتا الزيد التي عهد له الحكيم بهماكان أال تنسكب عجائب عالمي ـ قال له الحكيم ـ فال يمكن الوثوق برجل تجهل حسن، عد وتعرف على -

.البيت الذي يسكنهالمرة لكل روائع اطمأن الشاب أكثر، وأخذا الملعقة، وعاد يتجول في القصر، معيرا انتباهه هذه

والجبال المحيطة بها وروعة وفي السقوف، رأي البساتينالفن التي كانت معلقة على الجدران،مكانها المناسب، وعند عودته إلى الزهور، واالتقان في وضع كل واحدة من تلك الروائع في

.الحكيم، روى له ما رآه بالتفصيل قطرتي الزيت اللتين كنت عهدت لك بهما؟ ولكن أين -

.اسكبه نظر الشاب إلى الملعقة والحظ أنه قدسر السعادة هو بأن " :حسن ـ قال حكيم الحكماء ـ هاك النصيحة الوحيدة التي سأقولها لك -

. " قطرتي الزيت في الملعقة تنظر إلى عجائب الدنيا كلها، ولكن دون أن تنسى أبدا وجود

يس له فيمكن لراع أن يحب السفر، لكن ل مكث الراعي صامتا، كان قد فهم حكاية الملك العجوز، .أن ينسى نعاجه أبدا

الشاب، وبكفيه المبسوطتين، قام ببعض الحركات الغريبة فوق رأيه ثم جمع نظر العجوز إلى .غنامه ومضى

× × ×

مضى، ومن الصغيرة كان هناك حصن قديم بناه العرب فيما" طريفة " على أحد مرتفعات مدينة

. البوشار وجزءا من إفريقيةيجلس على أسواره يستطيع أن يرى من هناك بائع ، يجلس هذا المساء على متاريس الحصن، ويشعر بالريح"سالم " ملك " ملكي صادق "

راعيها الشرقية تلطم وجهه، كانت األغنام قريبة منه تتوقف عن الحركة كدرة وقلقة بسبب تبدل .شربهوسيدها، والتغيرات التي حصلت، فإن كل ماكانت ترغب به، هو ماتأكله وت

وذلك بعد أن كان يراقب القارب الصغير الذي يبتعد عن الميناء، لن يلتقي هذا الشاب من جديد،خاصة، وليس لها يجعله يدفع العشر مثلما أنه لم يكن قد لقى إبراهيم، ألن لآللهة أساطير

.أمنيات .النجاح ، ومن عميق ضميره قد تمنى للشاب"سالم " غير أن ملك

عديدة، حتى إذا ماتحدث عني ينسى إسمى عما قريب، كان علي أن أكرره له مراتس! لألسف ." سالم" ملك " ملكي صادق " استطاع أن يقول إنني

:ثم رفع عينيه إلى السماء، مشوشا قليال مما كان يفكر به لتوه

أحيانا العجوز يشعرأدرك أن هذا ليس إال أباطيل، كما قلت أنت نفسك يا إلهي، لكن الملك أنا - .بالحاجة للشعور باالعتزاز بالنفس

× × ×

.حدث الشاب نفسه! غريب إفريقية هذه يالها من بلد -

المقاهي التي استطاع رؤيتها، وهو يعبر أزقة كان جالسا في مكان ما يشبه المقهى، وسائر .دلونه من فم إلى فميدخنون غليونا ضخما يتبا كان هناك رجال،. المدينة الضيقة

يتجولون يدا بيد، ونساء محجبات، ورجال دين يصعدون إلى قمم وخالل عدة ساعات رأى رجاال .بينما كان سائر الناس يركون، ويلطمون رؤوسهم باألرض أبراج عالية، ويؤذنون،

.قال في سره إنها ممارسات الكفار ـ -ممتطيا حصانه " جاك األعظم " ة قريته تمثاال للقديسفعندما كان طفال، اعتار أن يرى في كنيس

.لهؤالء الناس األبيض، مجردا سيفه، واطئا بقدميه شخصيات مشابهةفي غمرة الترحال الطويل كان يشعر بالغم والوحدة بشكل مخيف، نظرة تشاؤم، زد على ذلك أنه

في تلك البالد : را من الوقتكثي قد نسي واحدة من الجزيئات، يمكن لها أن تبعده عن كنزه .يتكلمون العربية

إليه بإصبعه أن يحضر له مشروبا كان قد رآه يقدمه لطاولة اقترب صاحب المقهى، فأشار،وتمنى لو كان خمرا أخرى، إنه الشاي المر.

آلن إال األمور، فأولى به أال يفكر ا لكن الوقت كان غير مناسب بالتأكيد ألن يشغل باله بمثل هذهفبيع أغنامه مكنه من امتالك مبلغ مهم نسبيا، بكنزه، والطريقة التي تمكنه من الحصول عليه،

يمنح االنسان الشعور باألمان وبأنه ليس وحيدا تماما، كان يعلم أن للمال جانبه السحري، فهولرجل المسن، وبهذا خالل أيام، ويجد نفسه عند أقدام األهرامات، فا ومن الممكن أن ينتهي األمر

.صدره، ليس بحاجة مطلقا ألن يروي األكاذيب كي يحصل على ست غنمات الذهب الالمع على .الملك العجوز عن عالمات، وخالل عبور المضيق، فكر كثيرا بها لقد حدثه

أنتماما عما يتحدث، فطيلة الوقت الذي كان قضاه في أرياف األندلس كان معتادا نعم إنه يدركطائرا يقرأ على األرض وفي السماوات المؤشرات المتعلقة بالدرب التي عليه أن يسلكها، وان

بضع معينا على يدل على وجود أفعى بالقرب منه، وشجرة تدل على وجود الماء على .كيلومترات من المكان، األغنام علمته كل هذه األشياء

و الذي سيهدي اإلنسان ـ قال لنفسه، فشعر باالطمئنان، األغنام فعال، وه اإلله هو الذي يهدي - .الشاي أقل مرورة وبدا له

.من أنت؟ سمع سؤاال باللغة االسبانية - .كبير، فهو كان يحلم بعالمات، وهاهو قد ظهر من ينبئ بها شعر بارتياح

.اإلسبانية؟ سأل الشاب كيف لك أن تتكلم -بشرته يجعل المرء يحسبه من أبناء الزي العربي، أما لونكان القادم الجديد، شابا يرتدي

.المدينة، وكانا يبدوان متقاربين في السن والطول .من ساعتين كل الناس هنا يتكلمون اإلسبانية تقريبا، فليس بيننا وبين أسبانية إال أقل - .ئز من هذا الشايأشم اجلس واطلب لنفسك شيئا على حسابي، أما أنا فاطلب لي خمرا، فأنا -

.اليوجد خمر في بالدنا، فالدين يمنعه - .الشاب بأن عليه أن يتوجه إلى األهرامات عندئذ أخبره

أخيرا أال يقول شيئا، فقد كان بمقدور العربي أن وقد أوشك أن يتحدث عن كنزه، لكنه فضل .وز حول موضوع االقتراحاتالكنز، وتذكر ما كان قد قاله العج يقوده إلى هناك مقابل حصة من

.هناك إن كان هذا ممكنا، أستطيع أن أدفع لك ما تستحقه كدليل أود لو تقودني إلى -

كيفية الذهاب إلى هناك؟ هل لديك فكرة عن -بانتاه إلى المحادثة، أزعجه الحظ عندئذ أن صاحب المقهى كان على مقربة منه، يصغي

.الفرصه ي بدليل ولن يضيع هذهحضوره قليال، لكن البأس فقط حظسيتطلب منك المال، فقبل كل عليك اجتياز الصحراء اإلفريقية الكبرى، وهذا: قال القادم الجديد -

.شيء أريد أن أعلم إن كنت تملك ما يكفي

سؤال الفتى شيئا من الفضول، لكنه كان يثق بالرجل العجوز، الذي قال له أنه وجد الشاب في . المرء على تحقيق شيء ما، فإن العالم كله يتضافر في صالحهيصمم عندما

جيبه، وأراها لرفيقه الجديد، اقترب صاحب المقهى ونظر أيضا، تبادل الرجالن سحب نقوده من .كلمات باللغة العربية، وبدا صاحب المقهى غاضبا بضع

.اليريد بقاءنا هنا هيا بنا ـ قال الفتى ـ فهو -صاحب المقهى أخذه من ذراعه، فسه أكثر اطمئنانا، قام لكي يدفع الحساب، لكنأحس الشاب بن

لكنه في بلد غريب، أما صاحبه وراح يملي عليه محاضرة طويلة دون توقف، كان الشاب قويا .الجديد، فقد دفع صاحب المقهى جانبا وصحبه للخارج

تكون دائما ن هنا في ميناء، والموانئليست كسائر إفريقية، نح" طنجة " إنه يريد مالك، فـ - .وكرا للصوص

في الوقت الذي وجد نفسه في موقف كان يستطيع أن يثق بصديقه الجديد، الذي هب لمساعدته، .صعب، سحب ماله من جيبه وعده

:يتناول المال قال اآلخر وهو

.غدا نستطيع الوصول إلى األهرامات، لكن يجب أن أشتري جملين -بضائع الضيقة، وفي كل الزوايا والحنايا، كانت هناك" طنجة " نطلق اإلثنان في أزقة وا

أسبوعي، معروضة على مباسط للبيع، وصال أخيرا إلى وسط ساحة كبيرة كان يشغلها سوقالجديد، فهو آالف من األشخاص يتحادثون، يبيعون ويشترون، لم يرفع الشاب نظره عن صديقه

استرجاعه، لكن شعر كله صار اآلن بين يديه، كان يود لو يستطيع أن يطلبلم ينس أن مالهعادات هذه البالد العربية في قرارة نفسه أن في هذا شيئا من عدم اللباقة، فهو لم يكن يعرف

.التي يطأ أرضها اآلن .قال في نفسه تكفي مراقبه، فهو أقوى منه ـ -

رآه في حياته، غمده ئع، وقعت عيناه على أجمل سيففجأة، وفي وسط هذه األكوام من البضاأن يشتري هذا السيف فعاهد نفسه على. من فضة، ومقبضه أسود، مرصع باألحجار الكريمة

.عندما يعود من مصر :قال لصاحبه

اسأل التاجر كم سعره؟ -

لو أن صدره اوقد الحظ أنه استغرق ثانيتين من الغفلة فقط وهو يتأمل السالح، انقبض قلبه كممسمر العينين في تقلص فجأة، خشي االلتفات حوله، فهو يعلم جيدا ما الذي ينتظره، وبقيالناس الذين كانوا السيف، وأخيرا تسلح بالشجاعة واستدار، كان كل شيء حوله، السوق،أطباق النحاس، يروحون ويجيئون، يصرخون، يشترون السجاد، والبندق والخس بجوار

الغريبة، لكن مامن أثر جال الذين كانوا يسيرون يدا بيد، والنساء المحجبات، والعطوروالر

.لصديقه، مامن شيء على اإلطالق، الظل لهنفسه في بداية األمر، أنه وصديقه قد ضال بعضهما وغابا عن أبصار بعضهما حاول أن يقنع

.يه صديقه قريباصدفة، فقرر أن يبقى في مكانه على أمل أن يعود إل بعضا

قصير صعد رجل إلى أحد تلك األبراج المشهورة، وبدأ باآلذان، وكل الموجودين وبعد وقت ولطموا األرض، بجباههم، وأخذوا يرتلون، ثم بعد ذلك، وكمستعمرة من النمل في غمرة جثوا،

ائعهمو بض العمل، حزموا يرتلون، ثم بعد ذلك، وكمستعمرة من النمل في غمرة العمل، حزموا .انصرفوا

البيوت البيضاء المحيطة راقب الشاب الشمس فترة طويلة، إلى أن اختفت هي أيضا خلف. مايزال على أرض قارة أخرى بالساحة، وتخيل كيف أنه عندما أشرقت عليه ذات صباح كان

الفتاة الشابة، وفي الصباح أثناء ستون غنمة، وكان على موعد مع كان راعيا، وكان لديهإليه، واآلن ومع الشمس التي تغيب في بلد تجواله في األرياف، كان يعلم مايمكن أن يتعرض

.يستطيع حتى أن يفهم اللغة التي يتكلمونها آخر، يجد نفسه غريبا على أرض غريبة الوالحتى المال الالزم كي يعود على أعقابه ويستدرك كل لم يعد راعيا، ولم يعد يمتلك شيئا،

.شيءشروق وغروب الشمس نفسها ـ قال في نفسه ـ راثيا لحاله، مفكرا بأن حصل كل هذا مابين -

.أحيانا في الحياة في مدى وجيز اليسمح للمرء أن بالتعود على ما آلت إليه األشياء تتغير يخجل من االستسالم للبكاء، لم يكن قد بكى إطالقا أمام أغنامه، لكن ساحة السوق كانت كان

.خاوية، وكان هو بعيدا عن وطنه .الناس الذين يؤمنون بأحالمهم الخاصة بكى وبكى، ألن اإلله كان ظالما، وألنه يجازي

بسعادتي كل من يحيطون بي، وكان الناس يرونني عندما كنت مع أغنامي، كنت سعيدا أشارك -س، ماذا سأفعل؟ سأصبح أشد لؤما، أما اآلن فأنا حزين وتعي قادما، ويستقبلونني استقباال جيدا،

هناك شخصا خانني، وسأكل كل هؤالء الذين وجدوا كنوزا . اآلن ولن أثق بأي إنسان كان بعدكنزي، وسأسعى باستمرار الدخار المال الذي املكه، فأنا مازلت ضعيفا مخبأة ألنني لم أجد

.لمواجهة العالمعلى حافة ا بقي شيء من الوجبة التي كان يأكلهافتح جعبته ليتفحص ماكان لديه فيها، فربم

اللتين كان العجوز قد القارب، لكنه لم يجد إال الكتاب الضخم، والمعطف، والحجرين الكريمتينفقد كان دفع مقابلها ست أعطاه إياهما، وعند رؤيته لهما اعتمل في صدره شعور بالعزاء،

بمقدروه بيعهما وهكذا يستطيع أن ة ذهبية، كانغنمات، إنهما حجران ثمينتان انتزعتا من قالد .يحصل على بطاقة عودته

خبثا ـ فكر وهو يستخرج الحجرين ليخبئهما في قعر جيبه، كان في سأصبح من اآلن أكثر - .الميناء يعج دائما باللصوص: الصادق الوحيد الذي قاله ذلك اللص الميناء والشيء

ليائسة، فقد كان يحاول أن يقول له بأال يثق بذلك الرجل، أنا صاحب المقهى ا فهم اآلن جهود .أنظر إلى العالم كما أتمنى أن يكون، وليس كما تجري األمور في الواقع: اآلخرين ككل

نزه بقي يتفحص الحجرين الثمينتين، داعبهما بلطف وتحسس حرارتهما ونعومتهما، إنهماكانتا تذكرانه نفسه نوعا من الشعور بالسكينة فقدالوحيد، ومجرد لمسهما كفيل ألن يزرع في

." ليهيئ لك الحصول عليه عندما تريد شيئا بالفعل، فإن الوجود كله يتضافر: " بالرجل العجوز .كان يتمنى لو يفهم كيف يمكن لهذا أن يكون صحيحا

يحرسها في أغناماآلن يجد نفسه هناك على ساحة سوق مقفرة، اليملك درهما في جيبه، دون ملكا يعرف أسطورته الليل، أما الحجران فقد كانتا تشكالن الدليل الذي يثبت أنه قد التقى

.الجنسية األولى الشخصية، وعلى اطالع بما قد فعله بسالح أبيه، وبتجربتهقرر أن إلى مكانهما في الجعبة و ، أعادهما"أوريم وتوميم " الحجران تفيدان في التنبؤ وتدعيان

أسئلة واضحة، ألن الحجرين التفيدان يقوم بالتجربة، فالعجوز كان قد قال له أن عليه طرح .السائل في شيء إن لم يكن يعرف مايريد

الحجرين فكانت عندئذ سأل الشاب إن كانت بركة العجوز ترافقه دائما، سحب من جيبه واحد منعندها انزلقتا كلتاهما ه ليمسك بواحدة منها،، ثم سأل هل سأجد كنزي؟ وضع يده في جيب"نعم"

انحنى ليلتقط أوريم وتوميم، من ثقب موجود في القماش، لم يكن قد الحظ قط أن جعبته مثقوبة،تعلم : " مرت في ذاكرته جملة أخرى ليعيدهما إلى الكيس، ولكن عند رؤيته لهما على األرض،

.قاله الملك العجوز أيضا ، هذا ماكان قد"أن تتبع وأن تحترم العالمات أعادهما إلى جعبته الفتوقة، والتي وشرع الشاب بالضحك لوحده، ثم التقط الحجرين،! عالمة

الهرب من هذا الثقب إن أرادتها، كان قد تستطيع الحجران. لم يكن لديه أية رغبة في إصالحها .رب من قدره المحتومأن يطلبها كي اليه فهم أن هناك بعض األشياء التي اليجوز للمرء

ـ قال في نفسه، لكن الحجرين كانتا قد أحبرتاه لقد وعدت أن أتخذ قراراتي الخاصة بنفسي -نظر مليا من جديد إلى . وهذا الجواب أعاد له الثقة بنفسه بأن العجوز كان دائما إلى جانبه،

يعد العالم الذي يحيط به يشعر باليأس الذي كان يعذبه من قبل، ولم السوق المقفرة، ولم يعد معرفة عوالم جديدة،: " بل صار عالما جديدا، فبعد كل شيء، هذا ماكان يرمي إليه عالما غريبا،

." فحتى لو لم يصل إلى أهرامات مصر، فقد ذهب إلى أبعد مما يذهب إليه أي راع آخراألشياء المختلفة الكثير منليتهم يعلمون أنه بأقل ساعتين من السفر في القارب يوجد ! آه -

.ـ قال لنفسه... أسبوعية مقفرة، في حين كان قد رأى هذا تبدى العالم الجديد أمام ناظريه على شكل سوقتذكر السيف الذي دفع ثمنا غاليا من أجل تأمله المكان من قبل يغص بالحياة، وهو لن ينساه،

إما من خالل نظرة ضحية السارق البائسة، أو من ينظر للعالم لحظة، وفجأة شعر أن بإمكانه أن .يسعى وراء كنز خالل نظرة المغامر الذي

.نوم عميق إنني مغامر يسعى بحثا عن كنز ـ فكر قبل أن يغط منهكا في -

× × ×

نام وسط ساحة السوق األسبوعي الذي أفاق وهو يحس بأن أحدا ما يهزه من كتفه، كان قدلكنه تنبه إلى أنه اآلن في عالم آخر، الحركة، نظر حوله باحثا عن أغنامه،بدأت تدب فيه

السعادة، وأصبح بمقدوره اآلن االنطالق، وأن واستبدل اإلحساس بالحزن الذي يكابده بإحساسأكثر إصرارا في البحث عن الكنز، لم يكن لديه درهم يكد للبحث وراء الطعام والشراب، وصار

بالحياة، ومساء األمس اختار أن يكون مغامرا مشابها لشخصيات ه يملك اإليمانفي جيبه، لكن .الكتب اعتاد أن يقرأ عنها في

براكاتهم، فساعد رجال أخذ يتنزه على أرض الساحة بتريث، حيث كان التجار قد أخذوا بنصبالمثيل لها، كان ابتسامة يبيع السكاكر على نصب براكته، وكانت ترتسم على وجه هذا الرجل

.للقاء يوم عمل جيد جذال للغاية، يفيض حبورا، ومنفتحا على الحياة، ومستعدا .الذي كان قد تعرف عليه ابتسامته تذكر نوعا ما بالشيخ، ذلك الملك العجوز الغريب،

اكر ألنه ابنة تاجر، كال إنه يصنع السك هذا اليصنع الحلوى، ألنه يريد السفر، أو الزواج من -كان قادرا على فعل مايفعله الشيخ، وهو معرفة يحب هذه المهنة ـ فكر الشاب ـ ثم الحظ أنه

.أسطورته الشخصية إن كان المرء قريبا أو بعيدا عن .هذا سعل مع أنني لم أكن قد تبينت ذلك أبدا -

شكره أكلها بسرور كبير، ثمفرغا من تركيب البراكة، قدم له الرجل ما أعد من الحلوى، ف عندمامن قبل وانطلق في طريقه، وبعد أن ابتعد قليال عنه رواده التفكير بأن البراكة قد نصبت

.متفاهمين شخصين اثنين، أحدهما يتكلم العربية، واآلخر األسبانية، ومع ذلك كانا قبل األغنام من توجد لغة فيما وراء الكلمات ـ حدث نفسه ـ لقد حصلت على هذه الخبرة -

.وهاأنذا أتوصل إلى ذلك مع البشرومتنوعة كان قد اختبرها من قبل، ومع ذلك فهي جديدة ألنها قد وجدت إنه يتعلم أشياء جديدة .دون أن يكون قد حسب لها حسابا، هذا ألنه اعتاد على مثل هذه األشياء مصادفة عبر دربه

.غة التي تتجاوز الكلمات الستطعت فك رموز العالمأستطيع أن اتعلم فك رموز هذه الل لو - .، هذا ماقاله الرجل العجوز" كل شيء هو شيء واحد وفريد " -

الصغيرة، فبهذه الطريقة فقط سينجح بإدراك " طنجة " بكل هدوء شوارع قرر أن يجوبة األولى التي يتطلب دون شك قدرا كبيرا من الصبر، لكن الصبر هو الفضيل العالمات، وهذا

.الراعي يتعلمهاالتي تعلمها من ومرة أخرى فهم كيف يطبق عمليا، في هذا العالم الغريب، الدروس نفسها

.أغنامه

.العجوز ، كان قد قال الرجل"فكل شيء هو شيء واحد وفريد " -

× × ×

مطلع كل صباح، فهو كان يكابده عند رأى تاجر الزجاجيات شروق الشمس، فأحس بالغم الذيمتجره يقع في قمة طريق منحدرة، ومن في المكان نفسه منذ مايقارب الثالثين عاما، وكانعلى التاجر كي يغير مهنته، فكل ماكان قد النادر مرور زبون واحد من هناك، وقد فات األوان

.الزجاجيات تعلمه عبر حياته كلها هو بيع وشراء

.ره معروفا من قبل كثير من الناسجاء وقت صار فيه متج عرب، جيولوجيون فرنسيون وإنكليز، وجنود ألمان، وكلهم لديهم المال الوفير، في حين تجار

غنيا، أن بيع الزجاج في ذلك الوقت كان يشكل مغامرة كبيرة، وقد تخيل كيف سيصبح رجال .وسيكون عنده تلك االنسوة الجميالت كلهن عندما يشيخ

وأخذت " طنجة " أكثر من " سبتة " والمدينة على حالها، وازدهرت مدينة مضى الوقت بطيئا، آخر، ولم يبق بعد زمن قليل إال بعض المحالت القليلة في المرتفع، ولن يأتي من التجارة منحنى

.يتسلق طريقا منحدرة من أجل هذه المخازن التعيسةلخيار، فقد عاش الثالثين عاما من عمره في بيع وشراء ليملك ا أما تاجر األواني فلم يكن .متأخرا كي ينخرط باتجاه آخر الزجاجيات، وصار الوقت

القالئل في الطريق الصغيرة، وهذا ماكان طوال فترة الصباح، كان يراقب الرائحين والغادين .فردا فردا يفعله منذ سنوات حتى صار يعرف عادات المارة

كان يرتدي كسائر .لغداء بلحظات قليلة توقف شاب غريب أمام واجهة المتجروقبل موعد ا .المال الناس، لكن تاجر الزجاجيات اكتشف ببصيرته الثاقبه أنه لم يكن يملك

.ينصرف الشاب وعلى الرغم من ذلك، فقد قرر أن يعود إلى متجره وينتظر بضع دقائق حتى

× × ×

لمح الشاب . أن صاحبه يجيد التكلم بعدة لغات قت يافطة تشير إلىعلى باب المتجر، كانت قد عل :له أحدهم يظهر خلف طاولة مبسط السلع، فقال

أحدا لن يشتريها، إنني أستطيع تنظيف هذه المزهريات، ففي هذه الحالة التي هي عليها، فإن - .هذا إن أردت ذلك

.نظر التاجر دون أن ينبس ببنت شفة

إنك سوف تعطيني شيئا آكله، اتفقنا؟بالمقابل، ف -كان معطفه في جعبته، ولم يكن بحاجة .أن عليه أن يتخذ قرارا بقي الرجل صامتا، وفهم الشاب

تناوله وأخذ ينظف به األواني الزوجاجية، وبعد نصف ساعة كان قد نظف إليه في الصحراء،دا منها، وعندما فرغ من تنظيفها كلها، الواجهة بينما دخل زبونان واشتريا عد ماكان يوجد في

.صاحبها أن يعطيه شيئا يسد به رمقه طلب من

.هيا نتغد ـ قال تاجر الزجاجيات -على علق لوحة على الباب، وذهبا إلى مقهى صغير في أعلى المرتفع، وبينما كانا جالسين

:الطاولة الوحيدة هناك، قال بائع الزجاجيات مبتسما داع لتنظيف أي من الزجاجيات، فالشرع القرآني يرغم على إطعام الجائع لم يكن هناك أي -

.هذا الجائع كائنا من كان

لكن لماذا تركتني أقوم بهذا العمل؟ - .متسخة، وأنت مثلي، كالنا بحاجة لتطهير رأسه من األفكر السيئة ألن الزجاجيات كانت -

:ت التاجر نحو الشابالطعام، التف عندما فرغا منزبونان بينما كنت تنظف الزجاجيات، إن في ذلك أريدك أن تعمل في متجري، فقد دخل اليوم -

.لعالمة حسنة كثيرا عن العالمات ـ فكر الراعي ـ لكنهم على األصح ال يعلمون عم يتكلمون، يتكلم الناس -

أغنامي لغة ة كثير من السنين كنت أتكلم معمثلهم مثلي، أنا الذي لم أكن قد الحظت أنه طيل .دون كلمات

.هل تريد أن تعمل لدي؟ ألح تاجر الزجاجيات - أستطيع أن أعمل طيلة الوقت المتبقي من اليوم ـ أجاب الشاب ـ سأنظف حتى طلوع الفجر -

.الزجاجيات كلها، بالمقابل يلزمني بعض المال كي أكون غدا في مصر :التاجر بالضحك وقال فجأة أخذ

جيدة لقاء بيع أي قطعة منها، سيلزمك لو نظفت زجاجياتي طيلة عام بأكمله، أو كسبت عمولة -عن " طنجة " الكيلومترات الصحراوية تفصل اقتراض المال الكثير كي تذهب حتى مصر، فآالف

.أهرامات مصر

ية، فما عاد يلمح فيها أي نشاط، الصمت، وفجأة بدت معه المدينة غاف عندها خيم فاصل منالتجار فيما بينهم، وآذان الرجال الذين كانوا يصعدون إلى المئذنة قد توقف، وانتهت محادثات

.يرى تلك السيوف الجميلة ذات المقابض المرصعة ولم يقدن يشعر كبار ال أساطير شخصية، ال كنز ، ال أهرامات بعد اآلن، كا ال رجاء، ال مغامرة، ال ملوك

.بأسره قد صار أخرس، ألن روحه قد غلفت بالصمت كم لو أن العالمإخفاق، بكل بساطة لم يكن يملك إال نظرة جوفاء تعبر باب الحانة لم يبق هناك ألم، أو عذاب، أو

.لدى رؤيته كل شيء ينتهي في هذه اللحظة وإلى األبد ورغبة عارمة في الموت

را، فذلك السرور الذي كان قد لمحه على وجهه في ذاك الصباح قد محتا نظر إليه ذلك التاجر .اختفى فجأة

الشاب بقي أستطيع أن أعطيك المال كي ترجع إلى بالدك يا بني ـ قال تاجر الزجاجيات، لكن - .صامتا، ثم نهض، أصلح ثيابه، ولملم جعبته

.أضاف بعد فترة أخرى من الصمت سأعمل عندك ـ قال، ثم - . يلزمني المال لشراء بعض األغنام -

× × × :: الجزء الثاني ::

مضى أكثر من شهر على عمل الشاب عند بائع الزجاجيات، لكن هذا العمل لم يكن لم يكن قد يطمح إليه حقا، فالتاجر لم يكن يكف عن التذمر طوال النهار، آمرا إياه من وراء هو الذي

بقي، لى الدوام إلى الحاجات المعروضة خشية أن ينكسر منها شيء، ولكنهطاولته بأن ينتبه عيتلقى منه عمولة فعلى الرغم من أن التاجر كان متذمرا، فهو على األقل لم يكن ظالما، فقد كان

المال، وبعد أن قام بحساباته البأس بها لقاء كل قطعة تباع، وقد استطاع حتى اآلن ادخار بعضالشروط للزمه عام كامل كي يستطيع ، ألفى أنه لو عمل طوال اليوم، وبنفس هذههذا الصباح

.شراء بعض األغنامالزجاجيات خارج المخزن، سيكون من المستطاع وضع رف في إنني أود ولو أقوم بعرض -

.هناك في أسفل الجبل الخارج، إنه سيجذب المارة منإن الناس ستصطدم به في الممر، ! أجاب التاجر ـ رفلم يسبق لي أن فعلت شيئا مماثال ـ -

.والزجاج سوف يتهشم

في القرى، فقد كان من الممكن أن يتعرض بعضها للدغة أفعى، عندما كنت اطوف بأغنامي - .الخطر يشكل جزءا من حياة األغنام والرعاة وتذهب ضحية ذلك، هذا

باع اآلن ثالث مزهريات من الكريستال، فقد نشط البيع الزبائن، لقد راح التاجر يلبي طلبات أحدمضى، وكأن العالم قد عاد إلى ماكان عليه عندما كانت الطريق المؤدية إليهم أكثر من أي وقت

." طنجة" أهم الطرق التي تجذب الزبائن في واحدة منف الزبون ـ وإن ـ قال التاجر لمستخدمه عندما انصر أصبح المارة يتزايدون أكثر فأكثر -

معيشة أفضل، ويمكن أن يسمح لك بشراء أغنامك في وقت مانكسه اآلن يمكن أن يؤمن لي من هذا؟ وجيز، ماذا نريد من الحياة أكثر

لكنه تأسف ألنه تكلم هذا ألنه يتوجد علينا أن نقتفي العالمات ـ أجاب الشاب دون تفكير ـ - . بفرصة لقاء ملكهكذا، فالتاجر لم يكن قد مني أبدا

لإلنسان أن ، ألن الحياة تريد"حظ المبتدئين " أو " المبدأ المناسب " هذا هو ماداعه الشيخ - .يحيا أسطورته الشخصية

مستخدمه، فحضور هذا األخير يمثل بحد ذاته على كل حال، فهم التاجر جيدا عم كان يتحدثه صار يكسبه بعد مجيئه لم يعد نادما على استئجار الذي عالمة، وعلى مر األيام وبازدياد المال

أجر هذا األخير كان أكثر من العادي، وبما أنه كان يعتقد بأن البيع هذا الشاب األسباني، غير أنلكن حدسه كان ينبئه أن . األفضل، فإنه قد دفع للشاب مايستحقه كعمولة سيسر أيضا نحو : كي يغير الحديث بخصوص عرض البضائععما قريب إلى أغنامه، سأله الشاب سيعود

تريد الذهاب لرؤية األهرامات؟ لماذا كنت - .متحاشيا الكالم عن حلمه ألنهم تحدثوا لي كثيرا عنها ـ أجاب الشاب -

.يحاول أن يمنع نفسه من التفكير به بعد فالكنز صار اآلن مسألة ذكرى مؤلمة باستمرار، وكان

:قال التاجرأحدا هنا أراد اجتياز الصحراء فقط كي يرى األهرامات، فهي ليست إال كومة ني ماعرفتإن -

.حتى أنك لتستطيع أنت أن تبني لنفسك هرما في حديقتك من الحصى،بالسفر ـ قال الشاب وهو يمضي ليلبي طلب زبون آخر آتى لتوه إلى إنك لم تحلم إطالقا -

.المخزن :الشاب إلى التحدث مع معلمه عن رف البضائع، قالاليوم الثالث، عاد وفي

أبدا ، ذلك التاجر الغني الذي لن يتأثر"حسان " أحب التغيير كثيرا، فأنت وأنا لسنا من أنا ال - .أخطائنا في حال خسارته بصفقة، أما نحن اإلثنين، فسوف يتوجب علينا أن نتحمل تبعة

.هذا صحيح ـ أجاب الشاب - :تاجرسأل ال

على رف العرض هذا؟ لماذا تصر كثيرا -أن نغتنمها، وأن نعمل مابوسعنا أريد العودة بسرعة إلى أغنامي، وعندما تهب رياحنا فعلينا -

. " المبتدئ حظ" أو " المبدأ المناسب " كي يحالفنا مايسمونه بـ :بقي التاجر صامتا للحظة ثم قال

فرض علينا خمسة فروض فقط، علينا مراعاتها في حياتنا، األكثر منحنا النبي القرآن، الذي -

الصالة خسمة أوقات في اليوم، صيام : وحدانية اإللة، والفروض األخرى هي :أهمية منها هو ذاالزكان لمساعدة الفقراء، صمت بينما كانت عيناه مغرورقتين بالدموع وهو رمضان، وواجب

للغاية، وحتى لو كان يبدو غالبا لجوجا ونافذ الصبر، فإنهكان رجال ورعا. النبي يتحدث عن

.يجهد للعيش منسجما مع الشرع اإلسالمي وماهو الفرض الخامس ؟ ـ سأل الشاب -أن يقوم كل الفرض الخامس هو. منذ يومين سألتني إن لم أكن قد حلمت إطالقا بأحالم السفر -

األقل إلى مدينة أن نقوم خالل عمرنا برحلة واحدة علىفأنه يتوجب علينا . مسلم مؤمن بالسفروعندما كنت فتيا . األهرامات أيضا هي مدينة تبعد عنا أكثر من" مكة " فـ ". مكة المكرمة"

شق طريقي في هذه التجارة، على أمل أن فضلت أن أستثمر القليل نم المال الذي كنت أملكه فيألستطيع أن أعهد ألحد بعناية الزجاجيات، ألنها أشياء ي لم أكنأصبح غنيا، وأملك المال، لكنن

، " مكة " مجموعات من الناس يمرون على مخزني، في طريقهم إلى حساسة، حينذاك كنت أرى. أثرياء يرافقهم موكب من الخدم، وجمال لكن معظمهم كان أكثر فقرا مني كان من بينهم حجاج

داء، وكانوا يضعون على أبواب مساكنهم رموز قيامهم بالحج، يذهبون ويعودون سع كلهم كانوا أولئك الحجيج كان حذاء، وكان يعيش من خالل إصالح أحذية هذا وذاك، وقد أخبرني أنه وأحد

عليه قد مشى عاما بكامله في الصحراء، ولكنه كان يشعر بالتعب أكثر عندما كان يتوجب . لشراء الجلد"طنجة " المرور على منازل كثيرة في

:سأل الشاب التذهب اآلن إلى مكة ؟ لماذا - القوة لتحمل هذه األيام الرتيبة، وهذه ألن مكة تجعلني اتمسك بالحياة، وهي التي تمنحني -

والعشاء في هذا المطعم البائس، وأخشى أن أحقق المزهريات المنضدة على الرفوف، والغداءفإنك تحلم باألغنام، وباالهرامات، أنت لست ... أما أنت . حيا بقىحلمي، ثم أفقد كل رغبة بأن أ

، لقد تخيلت من قبل "مكة " أحالمك، أما أنا فكل ما أريده هو أن أحلم بـ مثلي ألنك تريد تحقيق المرات، عبور الصحراء ووصولي إلى الساحة التي يوجد بها الحجر المقدس، والدورات آالف

من أتمها قبل أن أستطيع لمسه، وتخيلت من سيكون بجانبي أو أمامي،السبع التي علي ان خيبة كبيرة، لكنني أخشى أال يكون ذلك سوى. األقاويل والدعوات التي سنقولها ونتبادلها معا

.ولهذا أفضل أن أكتفي بالحلمش بإنشاء رف عرض البضائع، فليس بنفس الطريقة يعي وفي ذلك اليوم سمح التاجر للشاب

.الناس كلهم أحالمهم

× × ×

األمر الذي جعل مر شهران، وصار رف البضائع يجذب إلى المتجر عددا كبيرا من الزبائن،ستين غنمة، فبأقل من الشاب يحسب أنه سيستطيع خالل أشهر ستة العودة إلى أسبانية وشراء

.تعلم هذه اللغة الغريبة عام سيستطيع مضاعفة قطيعه، وأن يتاجر مع العرب ألنه نجح فييستخدم أبدا أوريم وتوميم، ألن منذ هذا الصباح المشهود على أرض ساحة السوق، لم يعد

يبعد عنه كما تبعد مكة عن بائع الزجاجيات، مصر قد أصبحت بالنسبة له حلما بعيد المنال، حلمافكير باليوم الذي سيرسو فيه ولم يكن يتوقف عن الت على كل حال صار مقتنعا بعمله اآلن،

."طريفه"كمنتصر في دائما أن تعرف ماتريد ـ هكذا كان قد قال الملك العجوز، والشاب كان يعرف مايريد أن تذكر -

.يعمل في هذا الصددوأن يلتقي بسارق، وأن فمن الممكن أن يكون كنزه هو أن يأتي إلى هذه األرض الغريبة،

. أن ينفق قرشا واحدايضاعب أغنامه مرتين دون بنفسه، ألنه تعلم أشياء هامة كتجارة األواني الزجاجية، لغة دون كلمات، وتفسير كان فخورا .العالمات

ألنه لم يستطع أن يجد في عصر ذات اليوم، رأي رجال في أعلى المرتبفع، كان هذا الرجل يشكو .المنحدر ناء، من تسلقمكانا مناسبا يشرب فيه شيئا مابعد كل هذا الع

:قائال كان الشاب يعرف اآلن لغة العالمات فراح يبحث عن معلمه ليكلمه .علينا أن نقدم الشاي للناس الذين يتسلقون المنحدر -

:التاجر أجاب .يوجد هنا الكثر من األماكن التي يمكن أن يشرب فيها الشاي -سيعجبون لزبائن في أقداح من الكريستال، بهذه الطريقةسيكون بإمكاننا تقديم الشاي إلى ا -

.بالشاي، وسيبتاعون األواني الزجاجية ألن أكثر مايفتن الناس هو الجمال

أن أدى أخذ التاجر يطلب رأي مستخدمه دون أن يجيب بشيء لكن في ذلك المساء بالذات، وبعدالغليون الغريب ن النرجيلة، هذاصواته، وأغلق مخزنه، جلس على الرصيف، ثم دعاه إلى تدخي

! الذي يدخنه العرب .العجوز وراء أي شيء أنت تجري؟ سأل تاجر الزجاج - .المال كنت قد أخبرتك أنني بحاجة إلى تعويض أغنامي، ومن أجل هذا يلزمني -

.وضع الرجل جمرات جديدة في النرجيلة وأخذ نفسا طويالرتي هذا المخزن، فإنا أعرف الرجاج الجيد من الرديء، واعرف عاما مرت على إدا ثالثون -

خصوصيات هذه التجارة كلها، فأنا معتاد على مخزني، وعلى حجمه، وعلى زبائني، ولو بعمقوسيتوجب شرعت في بيع الشاي بأقداح من الكريستال، فإن القضية ستزداد أهمية أكثر فأكثر،

.علي أن أغير طريقتي في الحياة ألن يكون في هذا شيء حسن ؟ - معتاد على نمط حياتي، فقبل مجيئك كنت أفكر بأنني قد أضعت وقتي بالمكان نفسه، بينما أنا -

أصدقائي كلهم، على العكس، قد غيروا أعمالهم، فبعضهم خسر، وبعضهم من ازدهر عمله، وهذا ماجعلني أغرق في الغم، وأنا أعرف أن األمر لم يكن فعال هكذا،

مخزني بالمستوى الذي كنت أتمناه دائما، وال أريد التغيير ألنني ال أعرف كيف فقد أصبح - .وقد أصبحت منسجما مع نفسي أتغير،

:لم يكن الشاب يعرف مايقول، عندئذ أردف العجوزإلى أن تنلقب أن أية نعمة ترفض يمكن: لقد كنت بالنسبة لي بركة وها أنذا اليوم أفهم شيئا -

استشفاف ثروات، وآفاق لم نقمة، فأنا ال أنتظر بعد شيئا من الحياة، وأنت، أنت تجبرني علىالالمحدودة، وسأتألم كثيرا ألنني لم أكن تخطر على بالي، وقد عرفتها اآلن، وعرفت إمكانياتي

.امتالك كل شيء، لكنني ال أريد ذلك هكذا من قبل، ألنني أدرك اآلن إنني أستطيع .البوشار ـ قال الشاب في نفسه لحسن الحظ أنني لم أكن قد قلت شيئا لبائع -

...العربية، بيمكا كانت الشمس تميل للغروب تابع اإلثنان تدخين النرجيلة والتحدث باللغةالعربيو فمنذ عهد بعيد اعتقد أن نعاجه تستطيع تعليمه كل شيء، كان الشاب مسرورا ألنه يتكلم

.تعليمه اللغة العربية اجزة عنلكنها كانت علإلنسان، فكر وهو ينظر للتاجر دون أن هناك أشياء أخرى في العالم ال تحسن النعاج تعليمها -

غير الماء والكأل، أظن أنها ليست هي التي يقول شيئا، هذا ألنها التبحث عن أي شيء آخر .تعلم، وإنما انا من يتعلم

.خيراـ قال التاجر أ " مكتوب " - ماذا يعني هذا؟ -

: " ذلك، لكن يمكن أن تكون الترجمة شيء من هذا القبيل كان يجب أن تولد عربيا كي تفهم -كان يطفي جمرات النرجيلة قال للشاب إنه يستطيع أن يقدم ، وبينما"هو شيء قد كتب علينا

الزجاج، للزبائن الشاء في أقداح من

.ى المرء أن يسيطر على مجرى الحياةفي بعض األحيان، يستحيل عل

× × ×

.يشعرون بالتعب لدى وصولهم أعالها صار الناس يتسلقون الطريق المنحدرة، وكانوا

للزجاجيات الجميلة، وشاء بالنعناع يشرب كمرطب لذيذ، في علية ذلك المنحدة كان هناك متجر .ي كؤوس زجاجية رائعةالشاس الذي يقدم لهم ف كان الناس يدخلون لتناول

الفكرة ـ قال رجل وقد اشترى بضع أكواب زجاجية، فقد لم تخطر ببال زوجتي إطالقا هذه -وسوف يفتنون بروعة هذه األكواب، زبون آخر أكد من جهته كان لديه زوار في ذلك المساء،هته، فشرب يقدم بكؤوس زجاجية، فهي تحافظ على طيب نك أن الشاي سيكون أفضل عندما

.تقاليد الشرق بسبب مغرياته السحرية الشاي بكؤوس زجاجية واحد منالكثير منهم يتقصدون الصعود حتى قمة وفي وقت قصير انتشر الحبر بين الناس، وبدأالتجديد لتجارة مندثرة، وافتتحت متاجر آخرى المنحدر، ليتعرفوا على المتجدر الذي دشن هذا

موقعها لم يكن في عالية طريق منحدرة، األمر الذي لم س من الزجاج، لكنتقدم الشاي في كؤوواضطر التاجر إلى تشغيل عاملين جديدين، وقد توجب عليه أن يجلب لها الزبائن بسرعة كبيرة

الزجاجيات كميات كبيرة من الشاي كي تفي بحاجة االستهالك المتزايد يستورد باالضافة إلى .بل الناس والرجال المتعطشين لألشياء الجديدةمن ق يوما إثر يوم،

. وهكذا مرت أشهر ستة

× × ×

أيام قد مرت عليه منذ أن وطئت قدميه أفاق الشاب قبل طلوع السمي، أحد عشر شهرا وتسعة .إفريقية للمرة األولى. أجل هذا اليومالمصنوعة من الكتان األبيض، لقد اشتراها خصيصا من لبس البدلة العربية

بعمامة مثبتا إياها بعقال مصنوع من جلد الجمل، وأخيرا انتعل صندال جديدا، ونزل غطى رأسه .بهدوء

الشاي الساخن كانت المدينة ماتزال غافية، تزود بفطور خفيف مكون من خبز وسمسم، وشرب .وحدهفي كأن زجاجية، ثم جلس على عتبة المخزن وأخذ يدخن النرجيلة

كانت تصفر دخن بصمت، دون أن يفكر بشيء، دون أن يسمع إال وشوشة الريح المستمرة التيواحدة من جيوبه، حاملة معها رائحة الصحراء، ثم عندما انهى تناول الشاي، وضع يده داخل

يمكن أن يشتري له مائة وظل للحظات يتأمل ماكان قد سحبه منها، إنه مبلغ جيد من المالوالبلد الذي يقيم فيه في وعشرين غنمة، مع بطاقة عودته ورخصة استيراد وتصدير من بلده

.الوقت الحاضروهكذا سيتناوال . العجوز من نومه، قم جاء لفتح المخزن انتظر بفارغ الصبر استيقاظ التاجر

.الشاي سوية هذا الصباح ال الالزم لشراء أغنامي، وأنتفي هذا اليوم سأنصرف ـ قال الشاب ـ فقد صار لدي الم -

.أيضا لديك مايكفي كي تذهب إلى مكة

.لم يقل التاجر العجوز شيئا .مباركتك ـ ألح الشاب ـ ساعدتني كثيرا أطلب -

:ألي استدار نحو الشاب وقال تابع العجوز تحضير الشاي بصمت، وبعد مكن، أنت تعرف ذلك جيدا مثلما أنت أذهب إلى أنا فخور بك، لقد أنعشت مخزني، ولكنني لن -

.أبدا على يقين بأنك لن تشتري األغنام

.من قال لك هذا؟ سأل الشاب مندهشا - :بكل بساطة أجاب تاجر الزجاجيات العجوز

.، ثم باركه" مكتوب " -

× × ×

ماما انتبه إلى إلى غرفته، وجمع متاعه الذي مأل ثالثة أكياس، ولحظة الرحيل ت ذهب الشابلها، العتيقة، جعبته كراع، التي كانت ماتزال في إحدى زوايا الغرفة، وهي في حالة يرثى جعبته

سحبه منها، لقد تناسى تماما وجودها، وفي داخلها يوجد كتابه القديم، ومعطفه، والذي عندما" أوريم وتوميم " أرضا فكر أن يقدمه كهدية ألول ولد يلتقيه في طريه، ثم تدحرجن الحجران

أن زمنا طويال قد مر دون أن يفكر فتذكر عندئذ الملك العجوز، وقد اندهش تماما لدى إدراكهانقطاع لكسب المال الذي يجنبه العودة ذليال، في لقائه معه، فانصرافه كليا إلى العمل دون

.ن تذكر ذلكسيطر عليه ومنعه م خافض الرأي إلى أسبانية، هذا الشعور .ـ كان قد قال له العجوز" العالمات التتراجع عن أحالمك، وكن متيقظا إلى " -

تملكه من جديد إحساس غريب بأن الملك على مقربة التقط أوريم وتوميم من على األرض، وقدسنة، وهاهي العالمات تشير إلى أن لحظة االنطالق قد منه، وأنه قد عمل بشكل شاق طيلة

.أتبد

.ماكانت عليه تماما ـ فكر ـ فالنعاج لم تعلمني أبدا أن أتحدث العربية سألفي نفسي على - ذلك فقد علمته شيئا مهما آخر، وهو أن هناك لغة ما في العالم يفهمها الجميع، وقد ومع

يقوم ياءاستخدمها هو طيلة ذلك الوقت كي يعمل على االرتقاء بالمتجر، إنها لغة الحماي، أشبالنسبة إليه " طنجة" بها المرء بحب وولع كي يحصل على نتيجة يأملها أو يؤمن بها، لم تعد

المكان، فإنه بالمثل يستطيع مدينة غريبة، فقد تولد لديه شعور بأنه مثلما استطاع اكتشاف هذا .اكتشاف العالم

لك تحقيق مبتغاك، كان قد قال الملك العالم بأسره يسعى ليسمح عندما تبتغي شيئا بالفعل، فإن - .العجوز

العجوز لم يتكلم عن لصوص الصحراء الشاسعة، وال عن الناس، الذين يعرفون لكن الملكيريدون تحقيقها، الملك العجوز لم يتحدث عن االهرامات على أنها كومة من أحالمهم والاء قطيع أكبر من ذلك الذي كنت نسي أن يقول أيضا أنه عند امتالك المال لشر الحصى، وقد .قبل فال تتردد بشرائه تملكه من

كان التاجر العجوز يلبي طلبات . السلم التقط الجعبة، وتناولها مع بقية األمتعة األخرى ونزلبالنسبة . الشاي في المخزن في أقداح من الزجاج زوجين أجنبيين، بينما زبائن أخرون يتناولون

.جيدة لنهار جديد ح، كانت بدايةلهذه الساعة من الصبا

ثم تذكر . كشعر الملك العجوز ومن المكان الذي نظر فيه للتاجر، الحظ للمرة األولى أن شعرهلم يكن لديه أية فكرة أين يذهب، ولم حيث" طنجة " ابتسامة بائع السكاكر أول يوم أفاق فيه .اطره ذكرى الملك العجوزاستدعت في خ يكن لديه مايؤكل، فقط تلك االبتسامة التي

الشاب، ربما كا واحد من هؤالء األشخاص سنحت له إنه قد مر من هنا وترك بصمة ـ فكر -أخرى من حياته، لقد قال في الحقيقة أنه يظهر دائما فرصة التعرف على الملك في لحظة أو

.لمن يعيش أسطورته الشخصيةهذا الوضع، كان باالمكان رؤيته في: ريد أن يبكيرحل دون أن يودع تاجر الزجاجيات فهو الي

.لكنه سيتحسر على تلك الحقبة وعلى كل األشياء الحسنة التي تعلمها .وازدادت ثقته بنفسه وأحس برغبة عارمة في اكتشاف العالم

.باتجاه الريف الذي أعرفه جيدا من قبل ألرعى أغنامي من جديد لكنني ذاهب -

بقراره، إذ أنه عمل سنة بكاملها من أجل تحقيق حلم، صار مع مرور الوقت يفقد لم يعد مقتنعا .شيئا فشيئا، ربما ألنه لم يكن في المحصلة حلمه أهميته

أليس من األفضل أن نكون كتاجر الزجاجيات الذي قرر عدم السفر من يعلم؟ في نهاية األمر، -، هاتان الحجران اللتان "أوريم وتوميم"ا؟ لكنه تناول مع رغبة السفر إليه مطلقا إلى مكة والعيش

فإنه تمدانه بقوة وإرادة ذلك الملك العجوز، ولعله بفعل مصادفة أو عالمه ـ حدث نفسه، كانتافقد أحضر دخل المقهى الذي دخله في اليوم األول، سارقه لم يكن هناك، أما صاحب المقهى،

.إليه كوبا من الشايفقد تعلمت العناية باالغنام، وهذا ماال أنساه ائما أن أعود راعيا ـ حدث نفسه ،بمقدوري د -

فرصة أخرى للذهاب إلى أهرامات مصر، فالرجل العجوز كان أبدا، لكن ربما، لن تتوفر لي بعد .يعرف قصتي، إنه ملك حقيقي، ملك عالم يمتلك على قالدة من ذهب، وكان

سهول األندلس، لكن بينه وبين االهرامات هناك سفر بالقارب منفهو على بعد أقل من ساعتي .صحراء شاسعةأنه اآلن على بعد ساعتين من كنزه، لكن حتى : أيضا تصور الموقف كما يلي لقد فهم أنه يمكن

.التي ال تستغرق أكثر من ساعتين من السفر قد كلفته تكريس سنة كاملة من العمل هذه المسافة العمل، رف جيدا لماذا أريد العودة إلى اغنامي، ألنني أعرف أنها ال تتطلب كثيرا منإنني أع -

علما بأن وأن المرء يستطيع أن يحبها، لكن ال أعرف إن كانت يمكن للصحراء أن تحب،إلى بلدي، ومع الصحراء هي التي تحتوي على كنزي، وإذا لم أستطع إيجاده فبإمكاني الرجوع

أحتاجه، فلماذا أحجم إذن؟ ة قد أعطتني فجأة المال الكافي، ولدي كل الوقت الذيذلك فإن الحيا

أن يعود راعيا، ويستطيع أن يعود في هذه اللحظة عاوده شعور عارم بالغبطة، فهو يستطيعالكنوز األخرى، لكنه حلم بحلم تكرر، والتقى بائع أوان زجاجية، وربما يخفي العالم كثيرا من

.هذا ال يحصل لكل الناسملكا، ووالذي كان كان مسرورا للغاية عندما خرج من المقهى، فقد تذكر أحد ممولي التاجر بالبضائع،

.يحمل إليه أوانيه الزجاجية بواسطة القوافل التجارية العابرة للصحراءي به تؤد احتفظ بأوريم وتوميم بين يديه، فبسبب هاتين الحجرين هاهو يعود إلى الدرب التي

.إلى كنزه .قد قال الملك العجوز كان. إنني دائما مع هؤالء الذين يعيشون أسطورتهم الشخصية -

.بعيدة فعال ولم يفته الذهاب حتى المرفأ، ليعلم إن كانت األخرامات

× × ×

رائحة الدواب والعرف والغبار، وكأنه ليس كان االنكليزي جالسا في مدخل مبنى تصدر منه .فأ وإنما حظيرة للماشيةبمر

هذه األيام ألمر على مكان كهذا ـ حدث االنكليزي نفسه وهو يتسلى بتقليب مجلة أمضي جل - ! كيميائة ـ عشر أعوام من الدراسة كي أنتهي إلى حظيرة ماشية

طريقه وأن يؤمن بالعالمات، فكل حياته ودراساته قد كرست في البحث عن كان عليه أن يتابع التي يتحدث بها الكون، في البداية كان قد اهتم باالسبرانتو، ثم باألديان، ولينتهي للغة الفريدة،ا

لكنه لم يصبح بالخيمياء، لقد أجاد التكلم بلغة االسبرانتو وانسجم تماما مع مختلف األديان،ة لم يعد إلى مرحل خيميائيا بعد، وقد نجح دون شك بتحليل أشياء هامة، لكن أبحاثه وصلت

.يستطيع تجاوزهاالتعيين، فالخيميائيون شخصيات غريبة ال حاول إقامة عالقة مع أحد الخيميائيين، ال على

األحيان عن تقديم مساعدتهم، من يعلم إن كانوا لم يفكرون إال بأنفسهم، ويمتنعون في أكثر

ولهذا السبب يتغلقون على ،" حجر الفالسفة " وبعبارة أخرى، يكتشفوا بعد سر االنجاز العظيم، .أنفسهم بصمت

على أنفق جزءا من الثروة التي تركها له والده باحثا دون جدوى عن حجر الفالسفة، وتردد لقدكان قد اكتشف أن أكبر مكتبات العالم، واشتري أهم وأندر الكتب المتعلقة بالخيمياء، ففي إحداها

مائتي عاما وأنه اكتشف عديدة، قيل أن عمره أكثر منخيميائيا عربيا زار أوروبا منذ سنواتباالنكليزي كثيرا، وكان يمكن لهذه الرواية لقد أثرت هذه القصة. حجر الفالسفة، وإكسير الحياة

األساطير الكثيرة، لوال أن واحدا من أصدقائه العائدين من أن تبقى مجرد أسطورة من بين سائر . قد حدثه عن أعرابي يملك قدرات خارقةكان رحلة أثرية في الصحراء

قد قال له ـ والناس يروون أن عمره مائتي عاما، ـ كان" الفيوم " إنه يعيش في واحة عندها عرف االنكليزي الذي أثارته القصة انفعاال بال ويستطيع تحويل أي معدن إلى ذهب،

تبه واآلن هاهو ذا هنا في هذا المرفأ التزاماته السابقة، وجمع أهم ك حدود، فألغى في الحل كافة .الماشية المشابه لحظيرة

. الجتياز الصحراء وفي هذه األثناء كانت قافلة تجارية كبيرة على أهبة االستعداد لالنطالق .وكانت هذه القافلة ستمر في طريقها إلى الفيوم

.أن ألتقي هذا الخيميائي اللعين ـ فكر اإلنكليزي البد لي من - .محتملة بعض الشيء صبحت رائحة الحيواناتوأ

.االنكليزي وحياه دخل شاب عربي يحمل أمتعته أيضا إلى المبنى الذي يحل فيه .أين تذهب؟ سأل العربي -

:أجاب االنكليزي الصحراء، وعاد إلى قراءته، لم تكن لديه الرغبة في المحادثة حينذاك، إذ كان بحاجة إلى -

لنوع من تعلمه خالل تلك السنوات العشرة، ألن الخيميائي سيخضعه بالتأكيدلمراجعة ماكان قد .االختبار

الكتاب باللغة األسبانية ـ ياللحظ ـ تناول الفتى العربي كتابا أيضا وأخذ يقرأ بدوره، لقد كتبلفيوم، العربية، وإن كان هذا الفتى سيذهب إلى ا فكر االنكليزي، فهو يجيد األسبانية أكثر من

.بأشياء ذات قيمة فسوف يتحدث معه عندما الينهمك

× × × بينما كان يحاول قراءة مشاهد الدفن الذي بدأت به هذا مضحك، على أية حال ـ فكر الشاب -

.القصة

قراءتي لهذا الكتاب، وحتى اآلن لم أتوصل إلى تجاوز أكثر من بضع سنتان مرتا على بداية

التركيز، فهو مازال مترددا في القرار الذي عليه اتخاذه، لكنه يدرك طعصفحات منه، لم يست هاما، وهو أن القرارات التمثل إال البداية، فعندما يتخذ أي انسان قرارا فإنه اآلن أن األمر

حتى في. ينجرف في الحقيقة ضمن تيار عنيف يحمله نحو مصير لم يكن قد استشفه مطلقا

.لتي اتخذ فيها القرارالحلم، في اللحظة افإنني لم أكن اتصور أبدا أنني سأعمل في متجر عندما اخترت الرحيل بحثا عن كنزي، -

استنتاجه ـ وبالطريقة نفسها، فإنه يمكن لهذه القافة أن الزجاجيات ـ فكر في نفسه ليؤكد .مسيرتها ستبقى دائما غامضة تنسجم مع قرار اتخذته، لكن

فقد نظر إليه باحتقار لدى دخلوه، كان من روبي يقرأ كتابا أيضا، إنه سمج،في قبالته، أواألوروبي قطع الطريق في الحال، أغلق الشاب كتابه الممكن أن يكونا صديقين حميمين، لكنأوريم وتوميم " فيه مشابها لهذا األوروبي، تناول من جيبه ولم يرد أن يتصرف بأي شيء يبدو

.حجرينوأخذ يلعب بال"

:فجأة أطلق الغريب صرخة ! أوريم وتوميم -

.الحجرين إلى جيبه وبأقصى سرعة أعاد الشاب - .ليستا للبيع -االنكليزي، إنما بلورات صخرية ليس إال، فهناك ماليين إنهما ال تشكالن شيئا قيما ـ قال -

وتوميم، لم أكن أعرف أنهما ولكن بالنسبة لها إنها أريم البلورات الصخرية على األرض، .العالم موجودتان في هذه البقعة من

.لقد قدمهما لي ملك كهدية ـ قال الشاب - .غرز يديه في جيبه وأخرج منها وهو يرتجف حجرين مماثلتين مكث الغريب مطرق الرأس ثم

!لقد تحدثت عن ملك ؟ -

المرة أن يضع حدا أجاب الشاب راغبا هذهلكنك ال تعتقد بأن ملكا يستطيع التحدث إلى راع ـ - .للحديث

رفض بقية الناس االعتراف به، وليس من بالعكس تماما، إن الرعاة أول من رد االعتبار لملك - .الغرابة أن يتحدث الملوك إلى الرعاة

:أضاف خشية أن يستعصي الفهم على الراعي ثم

ي علمني كيف أصنع هاتين الحجرين، كانتا األداة الذ لقد ورد هذا في التوراة، فهو الكتاب، - .واألساقفة يحملونها ضمن قالدة ذهبية الوحيدة للتنبؤ الذي يبيحه اهللا،

.أحس الشاب بالسعادة لوجوده في هذا المكان .ربما في هذا عالمة ـ قال االنكليزي، كما لو كان يفكر بصوت عال - .الذي كان اهتمامه يزداد شيئا فشيئاحدثك عن العالمات؟ قال الشاب من -

في الحياة عالمة ـ قال االنكليزي الذي أغلق اآلن المجلة التي يقرأهاـ لقد صنع كل شيء - بلغة يستطيع العالم فهمها، لكن األنسان نسيها، وأنا أبحث، من بين أشياء أخرى، عن الكون

.إنه خيميائي .ال يعرف هذه اللغة الكونيةهذه اللغة الكونية، ولهذا أنا هنا، علي أن ألتقي رج

:لكن المحادثة قط قطعت من قبل مسؤول المرفأ .الفيوم بعد ظهر هذا اليوم ستنطلق قافلة - .لكنني ذاهب إلى مصر ـ قال الشاب - .في مصر ـ أجاب الرجل الضخم، وأنت تبدو لي كعربي غريب الفيوم - .إنني إسباني -ي بذلك، حتى لو ارتدى الشاب الزي العربي، فهو على األقل أوروبياالنكليز سر. يسمى العالمات بالحظ ـ قال االنكليزي لدى خروج اآلخر ـ ولو كنت استطيع أللفت إنه -

.موسوعة ضخمة بخصوص كلمتي حظ ومصادفة، فبهاتين الكلمتين كتبت اللغة الكونية

يمسك بأنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون التقاه وهوتابعا الحديث، وقد قال له االنكليزي ثم .بأوريم وتوميم، وسأله إن كان هو أيضا يمضي للبحث عن الخيميائي

. اجاب الشاب، وقد ندم على ذلك حاال أمضي للبحث عن كنز ـ انا - :يعلق أية أهمية على ماقاله الشاب لتوه، ثم قال لكن األنكليزي لم

.ر أنا أيضابشكل أو بآخ -المرفأ في إنني ال أعرف ماتكون الخيمياء ـ أجاب الشاب في اللحظة التي ناداهما فيها رئيس -

.الخارج

× × × لحية طويلة وعينين سوداوين ـ وإن حياة أو موت هؤالء أنا رئيس القافلة ـ قال رجل ذو -

.اء، فهي تجعل الرجال مجانين أحياناالصحراء امرأة متقلبة األهو الذين أقودهم منوط بي، ألن. وطيورا جماال، خيوال، بغاال،: تضم مايقارب المائتي شخصا، وكثيرا من الحيوانات كانت القافلة

كتفه كان هناك وإلى جانب الرجال الذين كان بعضهم يحمل سيفا في حزامه، أو بندقية علىجلبة كبيرة كانت تهيمن ئب سفر، مليئة بالكتبة،نسوة وأطفال، كان في حوزة األنكليزي عدة حقا

.يفهمه الجميع على الساحة، وقد توجب على الرئيس أن يكرر خطابه عدة مرات كياآللهة، أما أنا فإلهي الوحيد هو يوجد هنا أنواع مختلفة من الناس، في قلوبهم مختلف أنواع -

جهدي كي أقهر الصحراء ثانية، لكنني قصارى اهللا، وأقسم باهللا أنني سأفعل مابوسعي، وسأبذلمن أعماق قلبه، بأن يمتثل لقيادتي في كل الظروف، أريد أن يقسم كل منكم باإلله الذي يؤمن به

.الموت ألن التمرد في الصحراء يعنيإلهه شاهدا ارتفع ضجيج يصم اآلذان من الحشد الذي أخذ كل فرد من أفراده يقسم متخذا

.لقسمه

بصمته، وقد استمرت التمتمة وقتا يتجاوز لشاب بالسيد المسيح، أما اإلنكليزي فقد احتفظأقسم ا .السماء أيضا أداء القسم، فقد كان الناس يرجون عناية

اإلنكليزي والشاب كانا قد .انطلق رنين بوق يؤذن باالنطالق، وامتطى كل واحد سرج دابتهعبر الشاب عن شفقته على مطية ي مطيتيهما، وقداشتريا جملين، وواجها صعوبة بارتقاء ظهر .االنكليزي المحملة بأكياس ثقيلة مليئة بالكتب

إنه ليس هناك مصادفات ـ قال االنكليزي محاوال متابعة المحادثة التي بدأت في المرفأ ـ - ... واحد من أصدقائي من دفعي إلى المجيء إلى هناك ألنه كان يعرف عربيا يـ

الحال قافلة انطلقت وصار من المستحيل أن يسمع ماكان يرويه، لكن الشاب فهم فيلكن الليصبح راعيا، وأن ماكان يرمي إليه، فهذه السلسلة الغامضة التي تربط شيئا بآخر والتي قادته

إفريقية، وأن يلتقي ملكا في يحلم مرات عديدة بالحلم نفسه، وإلى تواجده في مدينة قريبة من ... وليسرق، وليتعرف على تاجر الزجاجيات وساحة،

للحياة ـ استنتج كلما اقتربنا من تحقيق أحالمنا ، أصبحت األسطورة الشخصية دافعا حقيقيا - .الشاب محدثا نفسه

فكانوا يجدون في المسير في الصباح ويتوقفون اتخذت القافلة في سيرها وجهة المشرق،يواصلون السفر عندما تبدأ باالنخفاض، لم يكن الشمس حارقة ، ثملإلستراحة عندما تصبح

.الذي كان يمضي معظم وقته غارقا في كتبه الشاب يتكلم كثيرا مع االنكليزي،عبر الصحراء، حيث صار كل شيء مختلفا عما كان بدأ يرقب بصمت مسير الحيوانات والناس

فوضى، وعال الصراخ، وبكاء االطفال، وحمحمة عمت ال عليه يوم االنطالق، ففي ذلك اليوم .هناك أوامر االدالء والتجار اللجوجة الدواب، وفي وسط هذه المعمعة كان

األزلية، والصمت الذي ال يبدده إال وقع حوافر أما في الصحراء، فلم يكن هناك سوى الريح .فيما بينهم إطالقا الدواب، حتى األدالء لم يتحدثوا

الجمالة ذات مساء ـ لكن زت مرات عديدة امتدادات من الرمال كهذه ـ قال أحدلقد اجت -جدا أمامها، ويجبر على أن يلوذ الصحراء واسعة واآلفاق بعيدة بحيث يشعر اإلنسان بأنه صغير

.بالصمتعلى الرغم من أنه لم يكن قد طرق الصحراء من قبل، ولكن فهم الشاب ماكان يريد الجمال قوله

البحر أو النار ، كان بمقدوره أن يقضي ساعات عديدة دون أن ي كل مرة كان ينظر فيها إلىف .قلب البعد الهائل والقدرة العجيبة لهذه العناصر ينطق بكلمة، غارقا في

أغنامي، وتعلمت وأنا أبيع الزجاجيات، أستطيع أيضا أن أتعلم من لقد تتلمذت من معاشرة - .لي أكثر شيخوخة وأكثر حكمة الصحراء، فهي تبدو

على األسوار، ربما تداعب هذه الريح صوف عندما كان جالسا" طريفه " كانت الريح نفسها في .وراء الماء والكأل نعاجه اآلن، وهي تطوف أرياف األندلس سعيا

مسقط رأسه ـ ولعلها تعودت لم تعد أغنامي ـ قال لنفسه دون أن يشعر بحنين حقيقي إلى -اعتاد على الترحال، كاألغنام يعرف على راع آخر ونسيتني بالتأكيد، فالوضع أفضل فكذا، فمن

.المفر منه أنه ال بد أن يأتي وقت يكون فيه الرحيل أمرامن بائع بوشار، أو من تذكر من ذلك ابنة التاجر، وشعر كأنه متأكد من انها قد تزوجت، ربما

الذي يستطيع أن يفعل ذلك، عجائب الحكايات فهو ليس الوحيدراع يجيد القراءة، يقص عليهاكان يتعلم بدوره هذه اللغة هل: لكن هنا االحساس الباطني ولد عنده شيئا من االضطرابإنها هواجس ـ كانت أمه تقول ذلك الكونية الشهيرة التي تعرف ماضي وحاضر الناس قاطبة؟

.باستمرارعن غطسات سريعة للروح في التيار الكوني للحياة، سيس عبارةوقد بدأ يدرك أن هذه األحا

بطريقة نتمكن معها أن نعرف كل شيء، : متحد بتاريخ واحد والذي في رحمه تاريخ كل الناس .ألن كل شيء مكتوب

.ـ قال وهو يفكر بتاجر الزجاجيات" مكتوب " - تصل أما حجر كبير كانت تلف حولها، فلما كانت القافلة كانت الصحراء من رمل ومن حجارة،

كانت ترسم لتجاوزها منعطفا واسعا، وعندما يكون الرمل ناعما وإن كانت كتلة صخرية فإنهاالجمال، فقد كانوا يبحثون عن ممر يكون فيه الرمل أكثر مقاومة، وأحيانا جدا بالنسبة لخف

وعندما كانت الحيوانات تعاني من مغطاة بالملح وذلك في موقع بحيرة قديمة، تكون األرضالجمالة ينزلون األحمال عن ظهورها ويساعدونها بحمل االمتعة على ظهورهم، التعب، كان

كانوا يعبون المرر الصعب، ثم يعيدون تلك األمتعة من جديد إلى ظهور الدواب، وإذا وهكذا .عنهأو مات أحد األدالء، فإنهم كانوا يقترعون ليختاروا بديال مرض

فقيام القافلة بكل هذه األنعطافات ال يهم كثيرا ، طالما أن القافلة: إال سبب واحد لم يكن لكل هذا .تيمم شطر هدف واحد

تهتدي به إلى الوجهة التي توجد وبعد أن تغلبت على كل العقبات لمحت أماها النجم الذي كانتريق هذا النجم في السماء أدركوا أنه يدلهم ب فيها الواحة، وعندما رأى الناس أمامهم عند الفجر

.والتمر على مكان فيه الماء والنساء والنخيلكان منهمكا بقراءة كان االنكليزي الشخص الوحيد الذي لم يالحظ البتة شيئا من كل هذا، لقد

.كتبهوجد في األيام األولى من السفر ولكنه والشاب أيضا كان معه كتاب، وقد حاول قراءته منذ

.من القراءة بكثير مراقبة القافلة واالصغاء إلى الريح أمرا أهمعبئه، ومع ذلك فإنه في كل مرة فمنذ أن تآلف مع جمله، وتعلق به، ألقى كتابه، واستراح من

.ذا أهمية كان يفتح فيها هذا الكتاب كان يتخيل أنه سيلقى أحدا

جانبه، وعند استراحة ذي كان يتواجد باستمرار إلىصداقة وثيقة قامت بينه وبين الجمال ال .كان راعيا المساء، أثناء السهرة حول النار، كان يروي له مغامراته عندما :وقال له وخالل إحدى تلك المحادثات، أخذ الجمال يحدثه أيضا عن حياته،

الممكن أال تتغير حتى كنت أسكن في بلدة قرب القاهرة، كان لدي بستاني، وأطفالي، وحياة من -المعتاد، فسافرنا جميعا مماتي، وفي إحدى السنوات أعطى البستان محصوال أفضل بكثير من

الحين، فأحسست بعد ذلك إلى مكة ألداء الفرض الوحيد الذي لم أكن قد أديته حتى ذلكاألرض تهتز، من األيام أخذت وفي يوم. بالطمأنينة والراحة، وباستعدادي للقاء الموت بسالم

أنه لن يحصل إال لآلخرين، حصل وأخذ نهر النيل الفائض يخرج من مجراه، والذي كنت أعتقدالفيضان، وخافت زوجتي أن ترى لي أيضا، خاف جيراني من فقد بساتين الزيتون بسبب .عمري ينهار األطفال يغرقون، وخفت أنا من رؤية ماقد جنيته طيلة

:وبعد لحظة تابعالحصول عليه من األرض، فصرت مضطرا إليجاد ن في اليد حيلة، ولم يكن هناك مايمكنلم يك -

لكنني تمكنت أن استجيب لكالم اهللا، يجب على .وسيلة أخرى للعيش، فها أنذا اليوم جمال. انساء قادر على اكتساب مايريد، وماهو ضروري له االنسان أال يخاف من المجهول، ألن كل

سواء مايتعلق بحياتنا أو بزروعنا، لكن هذا الخوف يتالشي أن نخسر مانملك،فكل مانخشاه هو . وصيرورة العالم قد خطتها يد واحدة عندما نفهم ان صيرورتنا

× × ×

تتالقى في محطة المساء، لدى كل واحدة مايلزم لألخرى، كم لو أن كل شيء كان كانت القوافل .كتب بيد واحدة فعال قد

حول المواقد ليسردوا الجمالة يتبادلون المعلومات عن العواصف الرملية، ويجتمعونكان من البدو الذين يراقبون حكايات الصحراء، وفي أوقات أخرى يزورهم رجال مثلثمون، كانوا

الطرق أو عن القبائل المتمردة، الطريق التي تسلكها القوافل، ويقدمون المعلومات عن قطاعاللون القاتم، ومثلثمين بطريقة ال ويرحلون بصمت ملفحين بجالبياتهم ذاتيصلون بصمت،

.تظهر منها إال عيونهمالتي عقدت حول النار، انضم الجمال إلى الشاب واالنكليزي اللذين كانا وفي إحدى السهرات

:النار، فقال الجمال يجلسان قرب .تنتشر إشاعات بأن حربا ستقوم بين القبائل - الرجال الثالثة صامتين، الحظ الشاب األسباني أن نوعا من الخوف الغامض يسري بينهم، لظ

.الكونية علما بأن أحدا منهم لم يتفوه بكلمة، لمرة أخرى ميز لغة دون كلمات، إنها اللغة .بعد فترة من الوقت سأل االنكليزي إن كان هناك ثمة خطر

:الجمال أجابالنستطيع الرجوع إلى الصحراء اليستطيع العودة على اعقابه، وعندماإن من يتوغل في -

األمام، والباقي على اهللا، الخلف، فلن يكون أمامنا سوى التفكير بالطريقة األفضل للمضي إلى .بما في ذلك الخطر

! " مكتوب: " الغامضة وختم قوله وهو يلفظ هذه الكلمةلالنكليزي بعد رحيل الجمال ـ فهي لقوافل ـ قال الشابعليك أن تعطي انتباهك أكثر إلى ا -

.نفسها تلف وتدور كثيرا، لكنها تتوجه دائما نحو النقطة .تماما كالقوافل وأنت عليك أن تقرأ أكثر عن العالم ـ علق االنكليزي ـ فالكتب هي -

تسارعا أكثر، لم يعد الصمت يتقدم م ذلك الرتل الكبير من الرجال والحيوانات، أخذ مذ ذلك الحينفشيئا في المساء أيضا، حتى في اللحظة التي اعتاد يخيم في النهار وحسب، وإنما بدأ يحل شيئا

مجتمعون حول النار، كما أن رئيس القافلة قرر ذات يوم عدم فيها الناس على الثرثرة وهمدئذ ينامون ضمن حلقة مكونة من اليلفتوا االنتباه، صار المسافرون عن إشعال النار ليال كي

.يحموا أنفسهم من برد الليل الحيوانات كي .كذلك عين الرئيس خفراء مسلحين لحماية المخيم

تمشيا معا بين وفي إحدى الليالي، لم يستطع االنكليزي النوم، فذهب إلى الشاب األسباني يثمحياته، بدا االنكليزي ليزي كل شيء عنالكثبان القريبة، كان القمر بدرا وروى الشاب لإلنك

الزجاجيات الذي ازدهر يوما عن مهتما بشكل خاص لما رواه الشاب عن فترة عمله في متجر .يوم منذ أن بدأ الشاب يعمل به

النفس الكلية" المبدأ الذي يؤثر في كل شي ـ قال ، هذا مايسمونه في الخيمياء بـ هنا يكمن -إنها لقوة الرغبة في شيء ما بكل جوارحنا نكون أكثر قربا من النفس الكلية،، فعندما تمتلك "

.إيجابية دائما

فكل ماهو موجود على سطح األرض له :ثم قال أيضا بأن هذا ليس من امتيازات البشر فقط .حيوانا ، أو فكرة روح أيضا سواء كان معدنا ، او نباتا ، أو

ألن األرض كائن حي ولها فوق سطح األرض ال يتوقف عن التحول،وكل ماهو موجود تحت أوفي مصلحتنا، وحتى في متجر روح، ونحن جزء من هذه الروح التي نادرا ماندرك أنها تعمل .لمساعدتك على النجاح الزجاجيات عليك أن تعلم أن المزهريات نفسها كانت تتعاون

: األبيض، ثم قال أخيرا لقمر والرملاحتفظ الشاب بالصمت لبعض الوقت متأمال االصحراء، أدركت أنها هي والصحراء تتكلمان من خالل مراقبتي للقافلة التي كانت تسير عبر -

بعبورها، ولم تتوقف الصحراء عن مراقبة كل خطوة من اللغة نفسها، ولهذا السبب سمحت لهان األمر كذلك، فإن القافلة ستصل حتى ائتالف كامل معها، وإن كا خطواتها لتتحقق إن كانت على

منا وعلى الرغم من الشجاعة التي يملكها، لم يفهم هذه اللغة لهلك من الواحة، ولو أن الواحد .اليوم األول

.ثم تابعا معا مراقبة القمر الوضاءلقد رأيت كيف يقرأ األدالء عالمات الصحراء، هذا هو سحر العالمات ـ أردف الشاب ـ - .الصحراء ف أن روح القافلة تتحاور مع روحوكي

:وبعد فترة وجيرة من الزمن جاء دور االنكليزي في الحديث، فقال .علي في الواقع أن أمنح القافلة انتباها أكثر -

:فأردف الشاب- أن أقرأ كتبك وأنا علي.

× × ×

لملح، عن التنبؤات، عن الملوك، لكنه عن الزئبق، عن ا كانت كتبا غريبة فعال ، إذ أنها تتحدثاالطالق، مع ذلك كانت هناك فكرة تذكر دوما في كل الكتب تقريبا، لم يكن ليفهم منها شيئا على

.كلها ليست إال تجليات لشيء واحد وفريد وهي أن االشياءطر فقط، أهمية هو عن الخيمياء ويشتمل على بضعة أس واكتشف في أحد الكتب أن النص األكثر

.وكانت مكتوبة على زمردة بسيطة .شيئا هذا هو لوح الزمرد ـ قال له االنكليزي بكل فخر، فقد استطاع أن يعلم رفيقه - ولكن لماذا هذا العدد الكبير من الكتب؟ -السطور القالئل ـ اجاب االنكليزي دون أن يكون هو نفسه مقتنعا لكي أتمكن من فهم هذه -

.هذا الجوابتماما بتاريخ مشاهير أما الكاتب الذي أثار اهتمام الشاب أكثر من بقية الكتب كلها، فقد كان يروي

وكانوا . مختبراتهم الخيميائيين، لقد كانوا رجاال نذروا حياتهم كلها في تنقية المعادن فينوعية، خواصه ال يعتقدون بأنه لدى تسخين معدن ما لسنوات وسنوات، فإنه يتحرر من كل

سيمكن الكيميائيين من فهم كل فعندئذ لن يبقى في مكانه إال النفس الكلية، وهذا الشيء الفريداألشياء تتواصل مع بعضها بعضا، هذا هو مايوجد على األرض، ألنه اللغة التي بفضلها كانت

االكتشاف الذي سموه بـ

.لبوالذي يتآلف من جزء سائل وجزء ص" العظيم االنجاز " :سأل الشاب

البشر والعالمات الكتشاف هذه اللغة؟ أال تكفي مراقبة -

:أجاب االنكليزي بانزعاجمفرط في تبسيط األشياء، فالخيمياء عمل جاد ودؤوب، ومن المحتم متابعة كل لديك هوس -

.السيرورة كما علمها المعلمون طور منإكسير الحياة " هو المادة التي كانت تدعى العظيماكتشف الشاب أن الجزء السائل من االنجاز

األمراض فحسب، بل يحمي الخيميائي من الشيخوخة ، وهذا اإلكسير لم يكن يشفي"المديد . " حجر الفالسفة" يدعى أما الجزء الصلب فهو ماكان. أيضا

:قال االنكليزييون كانوا يمضون سنوات عديدة ، فالخيميائ"حجر الفالسفة " ليس من السهل أبدا اكتشاف -

التي تنقي المعادن، وطوال مراقبتهم للنار، كانوا يتخلصون من في مختبراتهم لمراقبة النارمن كل أباطيل العالم، إلى أن الحظوا ذات يوم أن تنقية المعادة كانت تطهر ضمائرهم شيئا فشيئا

.أيضا نفوسهمالزجاجية ألنهما الذي قال أن عليهما تنظيف أوانيهماتذكر الشاب حينذاك بائع الزجاجيات

أكثر فأكثر بأنه يمكن تعلم سيجدان نفسيهما أيضا قد تخلصا من األفكار السيئة، ولقد اقتنع .الخيمياء في الحياة اليومية أيضا

تماما، ذلك ـ تابع االنكليزي ـ فإن حجر الفالسفة يمتلك خاصية خارقة للمألوف باإلضافة إلى - .جزء صغير منها لتحويل كميات كبيرة من معدن بخس إلى ذهب فيكفي

اهتمام الشاب بالخيمياء صار أكبر بكثير، فقد فكر بأنه بقليل من الصبر انطالقا من هذا، فإن .تحويل كل شي إلى ذهب سوف يستطيع

فيتيوس، إيلي، فولكانولي، ذلك، هيل لقد قرأ سير الحياة لشخصيات مختلفة، كانوا قد وفقوا إلىالشخصية حتى النهاية، كانوا يسافرون، جابر، وكانت سيرهم جذابة، فكلهم عاشوا أساطيرهمعيون المشككين، وكانوا يملكون حجر يتلقون العلماء ويصنعون المعجزات على مرأى من

.الفالسفة وإكسير الحياة المديدة يفية استخالص هذا االنجاز العظيم، فقد كان يجد نفسهكان يريد أن يتعلم بدوره ك لكنه عندما

.محتارا، فلم يكن يجد في تلك الكتب إال رسوما، وتعليمات مرمزة ونصوص غامضة .لماذا يستعملون لغة يصعب فهمها جدا ؟ سأل االنكليزي ذات مساء -

ي المزاج، كما لو انه ذلك الحظ ـ وفي هذه المناسبة ـ أن االنكليزي لم يكن صاف باالضافة إلى .يفتقد كتبه كان

المسؤولية الكافية للقدرة على كي اليكون هذا مفهوما إال من قبل هؤالء القلة الذين لديهم -

الرصاص إلى ذهب، عندئذ وخالل زمن تصور لو أن كل الناس أخذوا يحولون_ أجابه _ الفهم وحدهم فقط أصحاب العقول العنيدة . يئا أبداش قصير جدا، فإن الذهب سيفقد قيمته ولن يساوي

هذا هو سبب وجودي في وسط . يتوصلون إلى اإلنجاز العظيم من الباحثين المثابرين هم الذين .خيميائيا حقيقيا يعينني على فك الرموز الصحراء، وبالتحديد كي ألتقي

:سأل الشاب الكتب؟ في أي وقت كتبت هذه -يتسنى لكل الناس ي ذلك الزمن لم تكن المطبعة قد اخترعت بعد، فلم يكنمنذ عدة قرون، زف -

.التوصل إلى معرفة الخيمياء وكل هذه الرسوم واألشكال؟ لماذا إذن هذه اللغة الغريبة؟ -

هذا السؤال، بل اكتفى بأنه قال أنه منذ على الرغم من هذا اإللحاح، فإن االنكليزي لم يجب علىجديدا، وأنه لم يالحظ إال شيئا واحدا، إنهم ب القافلة دون أن يكتشف شيئاعدة أيام يراق

.يتحدثون أكثر فأكثر عن الحرب

× × ×

.أعاد الشاب الكتب إلى االنكليزي ذات يوم هل تعلمت الكثير؟ ـ سأل االنكليزي بفضول لجوج، فقد كان بحاجة إلى من يثرثر معه حسن، -

.لينسى الخوف من الحربالروح سيكون مقدوره إدراك لغة األشياء، تعلمت أن للعالم روحا، وأن من يستطيع إدراك هذه -

الشخصية، وتوصلوا إلى اكتشاف النفس علمت أن خيميائيين عديدين قد عاشوا أساطيرهمأن هذه األشياء على لكنني تعلمت على األخص .الكلية وحجر الفالسفة وإكسير الحياة المديدة .زمردة درجة من البساطة بحيث يمكن أن تنقش على

الغامضة، والكلمات شعر االنكليزي بالخيبة لدى رؤيته أن حصيلة سنوات الدراسة والرمزو .انتباه الشاب المتعذرة الفهم، وأجهزة المختبرات، الشيء من كل هذا قد جذب

نفسه، ثم تناول كتبه سس هذه األشياء ـ قال فيالبد أن نفسه فظة وغير مصقولة لتح - .وأعادها إلى األكياس المعلقة بسرج الجمل

.قافلتك، هي أيضا لم تعلمني شيئا يذكر عد إلى - .الصامت والرمال التي تثيرها الحيوانات في سيرها عاد الشاب إلى تأمل اتساع الصحراء

في سره ـ فنهجه ليس نهجي، ونهجي ليس نهجه، التعلم ـ كرر الشاب لكل طريقته في -

.يسعى وراء اسطورته الشخصية، ولهذا فإنني احترمه ولكن كل واحد منانهارا، وفي كل لحظة كان يظهر لهم الرسل ذوو الوجوه الملثمة، صارت القافلة تسير ليال

ت، وانهم سيكونون صديقا للشاب، نبأ بأن الحرب بين القبائل قد شب والجمال الذي غدافي الوصول إلى الواحة، فلقد أنهكت الحيوانات، والناس سادهم الصمت محظوظين لو نجحوارغاء جمل ما يخيف كل الناس، والذي لم يكن سابقا سوى جمل يرغي، لعل أكثر فاكثر، وأصبح

لبدى هجوم ما ؟ في ذلك مؤشر .الحرب ر اندالعومع ذلك فإن الجمال، اليبدو مضطربا جدا من خط

.وخمدت النار أنا حي ـ قال الشاب وهو يلتهم حفنة من البلح في ليلة غاب فيها القمر -فإنني أمشي، هذا كل شيء، عندما آكل فإنني ال أفعل شيئا آخر سوى األكل، وعندما أمشي، -

ضي وال في فأنا ال أحيا في ما وإذا اضطررت يوما للقتال، فكل األيام تتساوى عند الموت،يهمني، وإن كنت تستطيع ان مستقبلي، فليس لي سوى الحاضر ألعيشه، وهو وحده الذي

وفي السماء نجوم، الصحراء حياة، ستدرك أن في. تعيش الحاضر دوما، فأنت إذا رجل سعيد اإلنسانية، والحياة ستصبح عندئذ احتفاال وأن المتقاتلين يتحاربون ألن هذا جزء من الحياة

.تعيشها فقط كبيرا ألنها تمثل دائما اللحظة التيإلى السماء، نحو النجم بعد انتقضاء ليلتين، وبينما كان الشاب على وشك النوم، نظر الفتى

انخفاضا بقليل من المعهود، ألن الذي كان يرشدهم إلى وجهة سيرهم، تراءى له أن األفق أكثر .مئات النجوم كانت تعلو الصحراء

. ـ قال له الجمال إنها الواحة - لماذا إذن النذهب إليها حاال ؟ - .ألننا بحاجة للنوم -

× × ×

وأمامه، هناك حيث كانت النجوم الصغيرة تتألأل فتح عينيه عندما كانت الشمس تنبثق من األفق .صحراءأشجار النخيل ويحتل كل اتساع ال في الليل، كان يمتد صف النهاية له من

.أفاق لتوه فرحا وصلنا إليها ـ هتف االنكليزي الذي -بمشاهدة أشجار النخيل تنتصب ظل الشاب صامتا، فقد تعلم الصمت من الصحراء، واكتفىاألهرامات، وفي يوم ما لن يكون أمامه، كان مايزال عليه أن يقطع دربا طويلة كي يصل إلى

العيد الذي تكلم الجمال عنه، وكان إنها لحظة الحاضر،هذا الصباح سوى ذكرى، أما اآلن،

استقاها من ماضيه، واألحالم التي يرسمها من أجل يحاول أن يعيش هذه اللخظة مع العبر التيهذه اآلالف من أشجار النخيل سوى ذكرى، لكنها اآلن تعني مستقبله، ويوما ما لن تكون رؤية

. من الحربومالذا بالنسبة إليه الظل والماء

نفسه عندما يمكن لصف من بالطريقة نفسها التي يبدو فيها جمل يرغي عالمة للخطر، والشيء .أشجار النخيل أن يمثل معجزة

.لغة ـ قال لنفسه العالم يتكلم بأكثر من -

× × ×

و يرى مئات القوافل أيضا تغذ بالمسير ـ فكر الخيميائي وه عندما يتسارع مرور الزمن، فإنيصلون إلى الواحة، وسكانها الذين يندفعون للقاء القادمين الجدد، والغبار األشخاص والحيوانات

.الذي كان يحجب شمس الصحراء واألطفال يقفزون مبتهجين لدى رؤية الغرباء المتصاعد جتماعهمالخيميائي أن شيوخ القبائل كانوا يتجمعون من أجل لقاء رئيس القافلة، وان ا الحظ

الناس معه قد طال، لكن هذا لم يثر اهتمامه بشيء، لقد استطاع أن يرى من قبل الكثير منملوكا، يصلون ويرحلون، ومع ذلك كانت الواحة والصحراء ثابتتين ال تتغيران، كان قد رأي

انت الرياح، لكنها ك ومتسولين يجوبون هذه المساحات المديدة والرمال التي يتغير شكلها بفعللم يكن يستطيع أن يخمد هي نفسها تلك التي عرفها مذ كان صغيرا، وعلى الرغم من ذلك فإنه

وذلك عندما رأى اخضرار في أعماق قلبه شيئا من ذلك الحبور الذي يشعر به كل مسافر، .النخيل يحل محل صفرة األرض وزرقة السماء

د مشهد أشجار النخيل ـ فكر ـ عزم إذن أنخلق اهللا الصحراء كي يبتهج اإلنسان عن ربما قد -أن يفكر بمسائل أكثر عملية، كان يعلم أن مع هذه القافلة سيصل االنسان الذي يتوجب عليه

لكن عينيه لم يكن يعرف بعد هذا اإلنسان،. يعلمه جزءا من أسراره، أخبرته العالمات بذلك .السابق أن يكون موهوبا كتلميذهالخبيرتين ستتعرفان عليه لمجرد رؤيته، كان يأمل

الخيميائي ـ هذا ليس إال لست أدري لماذا ينبغي لهذه األشياء أال تنقل إال بالسر فقط ـ فكر - .أسراره بحرية إلى كل المخلوقات ألن األمر يعني تماما أسرارا حقيقية، فاهللا قد كشف

ألشياء قد توجب عليها االنتقال بهذه الطريقة، هذه ا لم يكن يرى لهذا إال تفسيرا واحدا، هو أنوأنه من الصعب لهذا النموذج من الحياة أن يحد . حياة طاهرة ألنها دون شك قد استخلصت من

كلمات، ألن الناس يستسلمون إلغراء الرسوم والكلمات، واخيرا ينسون على شكل رسوم أو .اللغة الكونية

× × ×

واحة الفيوم، لم يكن الفتى ليستطيع أن جدد في الحال إلى حضرة شيوخ قبائلاقتيد القادمون الحسب الوصف الذي كان (محاطة ببعض أشجار النخيل فبدل أن يرى يئرا: يصدق ماتراه عيناه

.(قد قرأه مرة في أحد كتب التاريخثالثمائة بئرا، الحظ أن الواحة أكبر بكثير من العديد من قرى في إسبانية، فهي تحتوي على

.النخيل وخمسين ألف نخلة، وعدد كبير من الخيام الملونة تنتشر بين أشجار

.الخيميائي كأننا نعيش حكاية ألف ليلة وليلة ـ قال االنكليزي المستعجل لمقابلة -والناس القادمين، كان وخالل لحظات أحيطوا بأطفال ينظرون بفضول إلى المطيات والجمال

يتنازعن على االقمشة واألحجار يدون أن يستعلموا عن عالمات معركة، والنساء كنالرجال يرحلما بعيدا، فالجيمع يتكلمون دون الكريمة التي أحضرها الباعة، حينئذ بدا صمت الصحراء

أصواتهم، وكأنهم خرجوا من عالم الروح، ليجدوا انقطاع، يضحكون، ويهزجون ويغنون بأعلىفرحين وراضين، على الرغم من الحفظات التي اتخذت لم البشر، كان الناسأنفسهم في عا

الواحات في الصحراء، تعتبر دائما أرضا حيادية، ألن أمس، فإن الجمال قد شرح للشاب أناألطفال والنساء، وهناك واحات في هذا الجانب كما في الجانب معظم من يعيش بها هم من

بين كانوا يذهبون ليتعاركوا وسط رمال الصحراء تاركين الواحات المتحار اآلخر، بحيث أن .مالذ بسالم كأماكن

سيحلون ضيوفا لدى جمع رئيس القافلة كل أفرادها، ولم يكن هذا ليتم بسهولة، واعلمهم أنهمالمكان طالما أن الحرب سكان الواحات الذين سيستقبلونهم في خيامهم وسيقدمون لهم صدر

من الجميع بما فيهم حراسه، ثم طلب. العشائر، فهذا هو قانون الضيافة التقليديقائمة بين .بتسليم أسلحتهم إلى الرجال الذي عينهم رؤساء العشائر

.هذه هي قواعد الحرب ـ وضح ـ فالواحة اليمكن أن تكون مالذا للمتحاربين -الكرون ويسلمه سدسا مطليا بمعدنولشد ما ذهل الفتى عندكا رأي االنكليزي يخرج من جيبه م

.للرجل المكلف بجمع األسحلة .لماذا تحمل مسدسا؟ سأل الشاب - .غاية هدفه كي يساعدني على الثقة بالناس ـ أجاب االنكليزي الذي كان سعيدا لتوصله إلى -

صعوبة، ولم يعد تبدو أكثر من جهته كان الشاب يحلم بكنزه، وكلما اقترب منه أكثر بدت األموريعرف ذلك، يبدأ البرهان على ، واآلن كان"بحظ المبتدئ " يتجلى ماسماء الملك العجوز

عليه أال يظهر أي تعجل أو اإلصرار والشجاعة لمن يبحث عن أسطورته الشخصية، كما أن .اهللا في طريقه نفوذ صبر، كل ال يجازف بعدم رؤية العالمات التي وضعها

يعتبر العالمات كشيء وضعها في دربي ـ فكر مندهشا، فهو نفسه حتى اآلنإن اهللا من -

الحب أو عن العمل، لكنه لم ينتمي إلى العالم، شيء ما كاألكل، أو النوم، كالرحيل بحثا عن .ليرشده إلى ماعليه أن يفعل يخطر بباله أبدا، أن يكون لغة يخاطب اهللا بها عبده

كل عندما يحين وقت الطعام، وسر : " الجمال ذهنه ـ ومثلما قالالتكن لجوجا ـ كرر في - ." عندما تزف ساعة السير

األول كان الجميع نائمين تحت تأثير التعب، بما فيهم اإلنكليزي، ألفى الشاب نفسه في اليوم .بعيدا في خيمة يشعلها خمسة فتيان آخرين من أقرانه

ى سماع قصص عن المدن الكبرى، تحدث الشاب عن ويتوقون إل كانوا من سكان الصحراء،على ذكر تجربته في مخزن الزجاجيات عندما تخل االنكليزي وقطع حياته كراع، وكان أن يأتي

.عليه ذلك بحثت عنك طوال فترة الصيف ـ قال االنكليزي وهو يصحب رفيقه إلى الخارج ـ يجب أن لقد -

.يتساعدني على معرفة أين يسكن الخيميائ

للخيميائي أن يعيش بنمط مختلف عن باقي سكان حاوال إيجاده بوسائلهما الخاصة، فالبدمشتعل على الدوام في خيمته، وبعد طول مسير، انتهيا الواحة، ومن المحتمل كثيرا وجود فرن

الواحة أكثر اتساعا مما كانا يتصوران، وأن فيها مئات ومئات إلى إدراك شيء واضح وهو أن . الخياممن .أضعنا نهارا كامال ـ قال االنكليزي، وهو يجلس مع رفيقه قرب أحد آبار الواحة لقد - .ربما كان من األفضل لو سألنا عنه ـ قال الشاب - يرغب في أن يفصح عن سبب وجوده في الفيوم، وبدا مترددا، لكنه وافق لم يكن االنكليزي -

.يفوقه في تكلم العربية، أن يأخذ األمر على عاتقهمن الشاب الذي في النهاية وطلب :عندئذ من امرأة وصلت لتوها كي تمأل قربتها ماء وسألها تقدم الشاب

.أود لو أعرف أين يقيم خيميائي يعيش في هذه الواحة! ياسيدتي مساء الخير -

نها قبل أن ترحل نبهت الشاب لك. بأنها لم تسمع على االطالق أحدا أتى على ذكره أجابت المرأة عدم حقه في التوجه بالحديث إلى نساء يتشحن بالسواد، ألنهن نساء متزوجات، وهذا من إلى

.التقاليد التي يجب احترامها، ثم انصرفت في الحالرفيقه ! حادة، هكذا يكون قد قام بكل هذه الرحلة من أجل الشيء أحس االنكليزي بخيبة أمل

فاالنكليزي مثله كان يجري وراء اسطورته الشخصية، وعندما يكون المرء يضا،أحس باألسف أفإن العالم بأسره يتضافر ليجعله يحصل على مبتغاه، هكذا كان قد قال الملك في هذا الصدد،

.واليمكن له أن يخطئ العجوز،لكنت حاولت قال الشاب ـ وإال لم أكن قد سمعت قط أحدا يتكلم عن خيميائيين أمامي ـ -

.مساعدتك

:وهتف قائال بريق من األمل شع من نظرة االنكليزيعن الرجل الذي يعالج استعلم... لكن هذا مؤكد، فربما ليس هنا من يعرف ماهو الخيميائي -

.أمراض القرية كلها

الرغم إلحضار الماء، لكن الشاب لم يتحدث إليهن على عدة نساء يرتدين السواد، جئن إلى البئر :اقترب رجل منهما، فسأله الشاب من إلحاح االنكليزي، أخيرا

هل تعرف أحدا يعالج األمراض في القرية؟ -الغريبين، إن اهللا هو الذي يعالج األمراض كلها، أجاب الرجل وقد بدا عليه الخوف من هذين -

.. ! انتما تبحثان عن سحرة، أنتما اإلثنين .عدة آيات من القرآن تالومضي في طريقه بعد أن

.فطرح الشاب عليه السؤال نفسه ظهر رجل آخر، كان أكبر عمرا من سابقه يحمل دلوا صغيرا،درجة كبيرة من القوة ـ أجاب الرجل إن كان هناك وجود لهذا الرجل، فهو البد أنه على -

هواهم عون رؤيته علىشيوخ العشائر اليستطي العجوز بعد قليل من التفكير ثم تابع ـ حتى أنباألحرى نهاية الحرب، وارحال مع القافلة، والتسعيا يجب أن يقرر هو ذلك، انتظرا. عند الحاجة

.الواحة، ختم قوله مبتعدا أبدا إلى التوغل في حياةاالنكليزي، لقد كان على الطريق الصحيح، كانت عندئذ بدت شابة ترتدي ثيابا مختلفة، فابتهج

اقترب الشاب . رأسها، لكنها كانت سافرة الوجه على كتفها، وتضع خمارا حولتحمل جرة .ليسألها عن موضوع الخيميائي

الشاب كما لو أن الزمن كان يتوقف، وكما لو أن النفس الكلية كانت تنبعث بكل قوتها أحس .أمامه

فهم الجزء الرئيسي ساموعندما رأى عينيها السوداوين، وشفتيها المترددتين بين الصمت واالبت .كلها أن تفهمها عبر القلوب من اللغة التي يتحدثها العالم، والتي باستطاعة كائنات األرض

البشر، ووجود الصحراء، والذي كان ومايزال كان هذا هو مايدعى بالحب، شيء أقدم من وجود

ن هاتان النظرتان قرب تلتقي نظرتان كما تلتقي اآل ينبثق دائما وبقوة، وفي كل مكان عندماابتسامة، إنها عالمة، عالمة كان قد انتظرها دون أن يعلم انفرجت الشفتان عندئذ عن. البئر

ولطالما قد بحث عنها في الكتب، وقرب نعاجه، وفي الزجاجيات، خالل فترة طويلة من حياته، .وفي صمت الصحراء

تفسير ألن الكون ليس بحاجة إلى أيهاهي ذي لغة الكون الخالصة، مفهومة دون أدنى شرح، .كي يتابع دورانه في الفضاء الالمتناهي

أمام امرأة حياته، وعليها أن تعلم ذلك دونما أية ضرورة إن مافهمه في تلك اللحظة هو انهأكثر من تأكده من أي شيء آخر في العالم، على الرغم من أن آبائه للكالم، كان متأكدا من هذا

قد قالوا إن على االنسان أن يحب أوال، ثم يخطب، أن يعرف اآلخر، وأن يملك كانواوآباء آبائه من كان يقول ذلك، لم يكن يعرف مطلقا اللغة الكونية، ألن المرء عندما. أن يتزوج المال قبل

يغوص في هذه اللغة يسهل عليه أن يدرك أن في هذا العالم يوجد شخص ينتظر شخصا آخر،

ا في وسط الصحراء أو في قلب المدن الكبرى، وعندما يلتقي هؤالء الشخصان،سواء أكان هذ. تبقى وتتقاطع نظرتاهما، فإن الماضي والمستقبل ال أهمية، ولحظة الحاضر وحدها هي التي

اليد التي أنجحت وهذا اليقين العجيب بأن كل شيء يوجد تحت قبة السماء قد خطته اليد نفسها،عن الكنوز في ائن روح شقيقة، وهذا الكائن يعمل، ويستريح، ويبحثالحب، وخلقت لكل ك

.البشري وضح النهار، ولو أن األمر لم يكن كذلك، لما وجد أي معنى ألحالم الجنس .مكتوب ـ قال في نفسه -

:صاحبه قائال نهض االنكليزي الذي كان جالسا، وحرك .هيا اذهب واسألها -

:جديد، فابتسم وسألها التي ابتسمت مناقترب الشاب من الفتاة ماذا تدعين؟ -

.فاطمة ـ أجابت وهي تغض من طرفها - .إنه اسم تحمله بعض النسوة في البلد الذي جئت منه - .ـ قالت فاطمة ـ ومجاهدونا قد نقلوه إلى هناك إنه اسم ابنة النبي -

يزي يقف جانبا يلح، فسألها الشاب إن المجاهدين، واالنكل كانت الشابة الحلوة تتحدث بفخر عن .الذي يشفي األمراض كانت تعرف شيئا عن الرجل

:أجابت .الصحراء، والجن هم جن الخير وجن الشر إنه رجل يعرف أسرار العالم، وهو يتكلم مع جن -

حيث تسكن هذه الشخصية الغريبة، ثم مألت جرتها وأشارت الشابة بإصبعها باتجاه الجنوب،عن الخيميائي، وبقي الشاب جالسا بجانب البئر لوقت رحلت، وانصرف االنكليزي أيضا للبحثو

التي كانت قد حملت إليه ذات يوم عطر هذه المرأة، وأنه أحبها طويل، وقد أدرك أن ريح الشرقموجودة فعال، وأن الحب الذي يكنه لها سوف يدفعه إلى اكتشاف أسرار قبل أن يعلم إن كانت

.الكون كلهايتأمل الصحراء وفي الغد عاد الفتى إلى البئر لينتظر فتاته هناك، لكنه تفاجأ بوجود االنكليزي

.للمرة األولى :قال االنكليزي

والمساء، لقد وصل عندما ظهرت أولى النجوم في السماء، لقد انتظرت طوال مابعد الظهر -كنت قد حولت الرصاص إلى ذهب، فأجبته بأن عنه، وسألني إن أخبرته عن الشيء الذي أبحثالتحديد، طلب مني عندئذ أن أحاول، ولم يقل شيئا آخر سوى هذا ما أتمنى فعله على وجه

." وجرب إذهب: " هاتين الكلمتينماعرفه من قبل، مكث الشاب صامتا، وهكذا فإن االنكليزي قد قطع كل هذه المسافة ليسمع

.نتيجة مشابهة نفسه قد أعطى ست نعاج إلى الملك العجوز مقابلوتذكر الشاب أنه هو

.حاول ـ قال لإلنكليزي! حسن - .وسأباشر حاال هذا فعال ما سأفعله، -

.بعد انصرافه بقليل، وصلت فاطمة إلى البئر كي تمأل قربتها .قد أحببتكأتيت ألقول لك شيئا واحدا ـ قال الشاب ـ أريد أن تكوني زوجتي، فإنني -

:تركت الشابة آنيتها تطفح بالماء، وتابع الشابعبرت الصحراء باحثا عن كنز موجود قرب األهرامات، كانت سأنتظرك هنا كل يوم، فقد -

.واآلن اعتبرها نعمة ألنها تبقيني هنا قربك الحرب بالنسبة لي نقمة، .قالت الفتاة البد للحرب أن تنتهي يوما ما ـ -

أما فاطمة فهي بالنسبة له أهم شجار النخيل، لقد كان راعيا وكان يملك قطيعا من الغنم،تأمل أ .من الكنز بكثير

قالت فاطمة، كما لو أنها كانت تقرأ أفكاره ـ ونساء المقاتلون يبحثون عن كنوزهم ـ - .مألت جرتها من جديد وانصرفت الصحراء فخورات بمقاتليهم، ثم

فاطمة، يحدثها عن حياته كراع، عن لقائه ل يوم إلى البئر ينتظر قدومصار الشاب يأتي ك .بالملك، وعن مخزن األواني الزجاجية

التي كان صارا صديقين، وصار يجد الوقت طويال جدا بقية النهار ماعدا الخمس عشرة دقيقة .يقضيها بصحبتها

عا رئيس القافلة الناس كلهم إلى د كان قد مضى على وجوده في الواحة شهر تقريبا، عندما :االجتماع، وقال لهم

ستنتهي الحرب ولن نستطيع استئناف السفر، فالمعارك ستستمر دون نحن النعرف أبدا متى -وفي كل جانب يوجد مقاتلون شجعان وأشداء، وكل من ... وربما سنوات شك وقتا طويال،خيار واألشرار، إنها حرب بين قوى تتصارع بالقتال، ليس هناك حرب بين األ الجيشين يعتزالسلطة نفسها، وعندما تنشب معركة من هذا النوع، فإنها تستمر أكثر ألنه في للوصول إلى

.الحالة يكون اهللا مع الجانبين في آن واحد مثل هذه

.الشاب فاطمة من جديد ونقل لها مادار في االجتماع تفرق الناس، وفي ذلك المساء رأى قالت الشابة ـ حدثتني عن حبك، ثم علمتني الكثير من األشياء الجميلة في مقابلتك الثانية ـ -

.الكلية مثال، وكل هذا قد جعل مني شيئا فشيئا جزءا منك كلغة النفس :صوتها فيجده أجمل من حفيف سعف النخيل، ثم تابعت كان الشاب يصغي إلى

نا، قرب البئر النتظارك، إنني لم أتوصل ألتذكر ماضي ه منذ زمن طويل وأنا أجيء إلى -التي يرغب بها الرجال أن تسلكها نساء الصحراء، منذ صغري كنت أحلم والتقاليد، وال للطريقة

الصحراء يوما ما أجمل حاضر في حياتي، وهاهي ذي تمنحني هذا الحاضر الذي بأن تمنحني .هو أنت

:ثم أردفت. كن فاطمة كانت تمسك بعروتي الجرةأراد الشاب أن يمسك بيدها، لمايجعلني ال لقد حدثتني عن أحالمك، عن الملك العجوز، عن الكنز، حدثتني عن العالمات، ذاك -

ومن أسطورتك أخشى شيئا، ألن العالمات هي التي قادتك إلي، وصرت جزءا من حلمكطريقك نحو ماجئت من الذات، أريد لك أن تتابعالشخصية، مثلما تقول باستمرار، ولهذا السبب ب

أما إذا كان عليك أن تسافر، أجله، إن كان يتوجب عليك االنتظار حتى تنتهي الحرب فهذا عظيم،بفعل الرياح، لكن الصحراء تبقى دائما فانطلق إذن نحو أسطورتك الشخصية، فإن الكثبات تتغير

مكتوب، ولو كنت حقا أمثل جزءا من أسطورتك قدرنفسها، وهذا ماسيكون عليها حبنا، إنه ل .الشخصية فإنك ستعود يوما ما

كثيرا لقد أحس بالحزن حين غادرها، كان يفكر بالناس الذي عرفهم، فالرعاة كانوا يعانونيتطلب البقاء إلقناع زوجاتهم بالضرورة التي تفرض عليهم التجوال في األرياف، لكن الحب

.بوبقرب المح :وفي الغد حدث فاطمة عن كل هذه األشياء، فقالت

على ذلك، الصحراء تأخذ منا رجالنا، والتعيدهم في بعض األحيان، ينبغي علينا أن نعتاد -تختبئ وسط وعندئذ نراهم حاضرين في السحب التي تمر دون أن تمطر، وفي الحيوانات التي

من كل شيء األرض، فهم ساعتها يشكلون جزءاالحجارة، والماء الفياض الذي ينبجس من ألن الرجال ويصبحون النفس الكلية، البعض يعود، وحينذاك تلقى النساء األخريات سعيدات

وأحسدهن على سابقا، كنت أرى تلك النسوة،. الذين ينتظرنهم يمكن ان يعودوا ذات يومنساء الصحراء وأنا ته، فأنا إحدىسعادتهن، وها أنذا اآلن مثلهن، وسيكون لي من انتظر عود

الكثبان، أريد أن أحظى برؤيته أريد لزوجي أيضا أن يسير حرا كالريح التي تحرك. فخورة بذلك .في السحب، وفي الحيوانات، وفي الماء

للقاء االنكليزي ليحدثه عن فاطمة وقد تفاجأ عندما الحظ أنه قد بنى فرنا صغيرا ذهب الشابالنار بالحطب، ته، كان فرنا غريبا، وضعت فوته قارورة شفافة، وكان االنكليزي يلقمبجانب خيم

.ويتأمل الصحراء .عندما كان يمضي كامل وقته غارقا بين الكتب عيناه كانتا تبدوان أكثر لمعانا مما كانت عليه

:بادر االنكليزي قائالأال يت الشائب، وحتى أتوصل إلى ذلك ينبغي عليأولى مراحل العمل، علي أن أفصل الكبر هذه -

اآلن أبدأ أخشى االخفاق، ألن خوفي هو الذي منعني من اكتشاف هذا االنجاز العظيم، ها أنذا

انتظر عشرين سنه ماكان يجب ان أقوم به منذ عشرات السنوات، لكنني مع ذلك سعيد، ألنني لمالوقت، حتى الساعة التي بقي الشاب قربه بعضوتابع إذكاء النار وهو يرقب الصحراء،. أخرى

برغبة عارمة بالذهاب إلى هناك تلونت بها الصحراء بلون غروب الشمس الوردي، عندئذ شعر .لعل بمقدور الصمت اإلجابة على أسئلته

الوقت دون هدف، دون أن تغيب عن ناظريه نخالت الواحة، مصغيا إلى الريح، مشى لبعض تحت أقدامه، كان يجد بعض األصداف، وكان يعلم أن هذه الصحراء كانت منذ الحصى متحسسا

يكن لم. بعيد بحرا واسعا، جلس على حجر كبيرة، وتركنفسه يسحر باألفق الذي كان قبالته عهدالصحراء، يستطيع أن يتصور الحب مجردا من فكرة التملك، لكن فاطمة كانت واحدة من نساء

.دوره أن يعينها على اإلدراك هو الصحراءولعل أهم شيء بمقأن يفكر بشيء، إلى أن احس بشيء يتحرك فوق رأسه، نظر في الجو فرأى مكث هكذا دون .عاليا في السماء صقرين يحلقان

طيرانهما، كانت في الظاهر خطوطا راقب الطيرين الجارحين واألشكال التي كانا يرسمانها فيمعنى، إال أنه لم يستطع تحليل معناها، قرر أن مع ذلك كانت بالنسبة له ذاتغير منتظمة، لكنها

يكتشف رسالة ما، ربما يمكن للصحراء أن تفسر له الحب يتابع حركات الطائرين بنظره عله .دون تملك

يتلسلل إليه، لكن قلبه كان يأبى عليه ذلك، وبالعكس تماما ينبغي عليه أن أحس بالنعاسها أنذا من يدخل صميم لغة الكون، فكل شيء في األرض صار له معنى حتى طيران يستسلم ـ .نفسه الصقور

:لنفسه لقد أحس بنفسه مكنا بالعرفان لهذا الحب الذي يحمله إلمرأة، فقال .عندما نحب يصبح لألشياء معنى أكبر -

يد الحت للشاب رؤيا مفاجئة لمهاجمة اآلخر، في هذه اللحظة بالتحد وفجأة انتفض أحد الصقرينكانت تجتاح الواحة، والسويف كانت مسلولة، وامحت الرؤيا في الحال زمرة مسلحة: ووجيزةكان قد سمع من قبل عن السراب، وكان قد رأي بعضها، إنها رغبات . انطباعا حادا تاركة فيه . يستولي على الواحةعلى رمال الصحراء، ومع ذلك لم يكن يرغب بالتأكيد رؤية جيس تتجسد

الوردية أراد أن ينسى هذا ويعود إلى تأمله، وهو يحاول من جديد أن يركز على الصحراء .وعلى الحجارة، لكن شيئا ما في داخله كان يخطف السكينة من قلبه

. " اتبع العالمات دائما: " قول العجوز تذكرحدس بأنها قريبا سوف تتحول إلى واقع، بصعوبة تجلت له، و فكر بفاطمة، ثم تذكر الرؤيا التي

نهض ثانية وبدأ يمشي صوب أشجار النخيل، ومن . الضيق الذي يختنقه استطاع أن يتغلب علىأصبحت الصحراء اآلن موطن األمان، طالما أن الواحة قد غدت : األشياء الجديدة جديد أدرك لغة

.الخطر موطن

الشاب قادما من لنخالت، يرقب أيضا غروب الشمس، عندما رأىكان الجمال جالسا قرب إحدى ا :وراء الكثبان، فبادر الشاب قائال

.حصلت لدي رؤيا هناك جيس يتقدم، فقد -

.الجمال الصحراء توحي إلى قلوب الناس بالكثير من الرؤى ـ أجاب - .في النفس الكلية ص فجأةلكن الشاب حدثه عن الصقرين، لقد كان يراقب طيرانهما، عندما غاأي شيء على وجه األرض لم يجب الجمال بشيء لقد فهم ماكان محاوره يقول، كان يعلم أنصفحة ما ال على التعيين، أو يمكن له أن يحطي قصة األشياء كلها وعندما نفتح كتابا علىللعب، أو أي شيء ننظر في ورق ا عندما نتفحص كف انسان ما، أو نراقب طيران الطيور، أو

وفي . تلك الرابطة بين كل ماهو حي آخر كائنا ماكان، فإن كل واحد منا سيستطيع اكتشافوإنما هم البشر الذين يراقبون هذه الحقيقة ليست األشياء هي التي تكشف أي شي بذاتها،

.النفس الكلية األشياء ويكتشفون الطريقة التي تمكنهم من دخول

الكلية بسهولة، وقد ل يكسبون معيشتهم ألن باستطاعتهم اقتحام النفسالصحراء آهلة برجاولم يكن المحاربون ليستشيرونهم ، وكان المسنون والنساء يهابونهم،"العرافين " عرفوا باسم

كان . تعرف مسبقا اللحظة التي تموت فيها إال فيما ندر، ألنه الداعي للذهاب إلى المعركة عندماالمخاطر، ولمس المجهول، فالمستقبل قدر كتبه اهللا، ضلون نكهة القتال، وركوبالمقاتلون يف

إذن، فالمحاربون يعيشون الحاضر فقط ألن . دائما لخير الناس وأيا كان هذا المكتوب، فإنهأين يوجد سيف العدو، : وعليهم أن يكونون متيقظين للكثير من األشياء الحاضر يعج بالمفاجآت،

.عليه أن يضرب ليتحاشى الموت وأينأين فرسه العرافين، الكثيرون منهم ذكروا أشياء حقيقية وأخبره لم يكن الجمال مقاتال، وكان قد استشار

اله أحدهم ذات يوم وهو األكبر سنا واألكثر هيبة عن سر اهتمامه آخرون بأشياء خاطئة إلى أن .بمعرفة المستقبل

:أجاب الجمال .يقع لي ع القيام بأشياء عدة، ولكي أغير مجرى ماال أحب أنكي أستطي -

.عندئذ لن يكون هذا مستقبلك ـ علق العراف - معرفة المستقبل ألحضر نفسي لتلقي ماينبغي أن يحصل لكن ربما أريد -

:أجاب العراف

بب لك العذاب أمورا جيدة، لحصلت على مفاجأة جميلة، ولو كانت سيئة فإنها ستس لو كانت - .وقوعها قبل

:قال الجمال .تبعا لمستقبلهم أريد أن أعرف المستقبل ألنني إنسان، والناس يعيشون -

العيدان، التي يلقيها أرضا، يفسر مكث العراف لحظة دون أن ينطق بشيء، اختصاصه كان بلغة

مل العيدان، بل لفها في ذلك اليوم لم يستع الطريقة التي توزعت بها على األرض، لكنه في :قماش قطني، وأعادها إلى جيبه قائال

كيفية إنني أكسب معيشتي كعراف يتنبأ بمستقبل الناس، إنني أعرف علم العيدان، وأعرف -أقرأ استعمالها، كي أوغل في هذا الفضاء، حيث كل شيء كتب مسبقا، واستطيع فيه أن

أقرأ الحاضر، وعندما يستشيرني الناس فإنني الالماضي، واكتشف المنسي، وأفهم عالماتالمستقبل؟ مستقبلهم، أنا أخمنه ألن المستقبل ملك هللا ووحده يكشف ستره، كيف لي أن أخمن

إلى حاضرك، وإذا تنبهت. الفضل في ذلك يعود لعالمات الحاضر، فالسر يكمن في الحاضرالمستقبل وعش كل به يكون جيدا، انسبإمكانك جعله أفضل، وإن حسنت الحاضر، فإن مايعق

فكل يوم يحمل الخلود في يوم من حياتك حسب تعاليم الشريعة، وثق بعناية اإلله تجاه أبنائه، .طياته

.االستثنائية التي يسمح اإلله فيها بمعرفة المستقبل أراد الجمال أن يعرف ماهي تلك الظروف إنه مستقبل كتب : ونادرا مايكشفه، وذلك لسبب واحديزيح الستر عنه، هذا عندما هو نفسه -

.ليتغيرنفسه، ثم قال لقد أظهر اهللا للشاب مستقبال ما، ألنه أراد أن يجعل منه أداته ـ حدث الجمال -

:للشاب .يقتربون اذهب للقاء شيوخ القبائل، وحدثهم عن المقاتلين الذين - .سيسخرون مني - .العالمات صحراء، وهم معتادون علىإنهم من أبناء ال - .إذا فهم يعلمون ذلك مسبقا -بأنه لو أراد اهللا لهم أن يعلموا بشيء، فإن اهللا سيعمل على ذلك ليس هذا همهم، فهم يعتقدون -

.به، وهذا ماحدث مرارا، أما اليوم فإنك أنت هذا الرسول وسيأتي من يخبرهم

.اب للقاء شيوخ القبائلوقرر الذه فكر الشاب بفاطمة،الذي كان يقوم على حراسة خيمة بيضاء إنني أحمل رسالة من الصحراء ـ قال للحارس -

.الشيوخ كبيرة مقامة في مركز الواحة ـ أريد التحدث إلىأعرابي شاب يرتدي لم يجب الخفير بشيء، دخل الخيمة، مكث فيها وقتا طويال ثم خرج بصحبة

منه العربي أن ينتظر قليال ثم قلد الذهب، وروى له الشاب ماكان قد رآه، فطلبثيابا بيضاء ويت .عاد إلى خيمته

وخرجوا، وشيئا فشيئا كانت نيران الوقد تخمد، وأضحت هبط الليل، عرب وتجار كثر، دخلواور الصحراء، لم يبق مشتعال إال ضوء الخيمة الكبيرة، وبمر الواحة خالل لحظات صامتة كصمت

التفكير بفاطمة، دون أن يفهم جيدا ما أسفرت عنه المحادثة التي الوقت لم يتوقف الشاب عن

.تمت مابعد الظهر .أخيرا، وبعد ساعات عديدة من االنتظار أدخله الحارس

ذهول شديد، فلم يكن ليتخيل قط وجود خيمة كهذه في وسط الصحراء، مارآه جعله يشرد فيبأجمل السجاد الذي لم يسبق له أن مشى عليه، من األعلى ثريات تتدلى، كانت أرضها مغطاةومنقوشة تحمل شموعا مشتعلة، وشيوخ العشائر يجلسون في الخيمة على شمعدانات مذهبةمتكئين على أرائك حريرية مطرزة بأبهة، خدم يأتون ويروحون حاملين شكل نصف حلقة،

يقدمون الشاي، آخرون يسهرون على إبقاء جمرات مالذ وطاب من الطعام و أطباقا عليها .مشتعلة، ورائحة تبغ طيبة تعطر الجو النراجيل

إنه عربي يرتدي البياض ويضع الذهب، وكان يجلس في لكنه فهم في الحال أيهم األعلى قدرا، .الشاب الذي كان قد تحدث معه منذ وقت قصير مركز نصف الحلقة، وبجانبه يجلس

.رسالة؟ سأل احد الشيوخ وهو ينظر إليه الغريب الذي يتحدث عنمن هو -

.إنه أنا، وروى ماكان قد رآه -أجيال للصحراء أن تقول هذه األشياء لرجل قدم من مكان آخر، وهي تعلم أننا نقيم هنا منذ هل -

.عديدة؟ قال شيخ آخرن أرى ماال تستطيع العيون أستطيع أ ألن عيني لم تعتادا بعد على الصحراء بحيث أنني -

الكلية ـ قال لنفسه، لكنه لم يضف شيئا ألن المعتادة عليها أن تراه، وألنني أعرف ماهي النفس .العرب اليعتقدون بتلك األشياء

:شيخ ثالث قال .الواحة أرض محايدة، ولن يهاجمها أحد - .لوا شيئاوإذا كنتم ال تريدون تصديقي، فال تفع إنني أروي مارأيته، -

أعقبته مشاورة حادة بين الشيوخ العشائر، كانوا يتكلمون بلغة أطبق الصمت على الخيمة، ثميفهمها الشاب، لكنه عندما تظاهر بأنه يريد الخروج، طلب منه الحارس أن عربية محلية، لم

ام وتأسف يكابد بعض الخوف، فالعالمات كانت تنبئه بأن شيئا ما اليسير على ماير بدأ. يبقى .أخبر الجمال عن هذا األمر ألنه

لم . ابتسامة شبه خفية، فاطمأن الشاب فجأة ابتسم الرجل المسن الذي كان يحتل مركز الخيمةبعد قد نطق بأية كلمة، لكن الشاب كان معتادا يكن الشيخ العجوز قد ساهم في النقاش، ولم يكن

سالم تجوب الخيمة من طرف إلى آخر، حدسه برعشة على اللغة الكونية، واستطاع أن يشعر .قال بأنه قد فعل خيرا بمجيئه

ذلك إلى انتهى النقاش، وصمت الجميع لينصتوا إلى ذلك الرجل العجوز يتكلم، وقد التفت إثر .الغريب، وقد بدت اآلن تعابير وجهه صارمة ومتحفظة

بيع كعبد، كان يؤمن باالحالم وقد اشتراه بالد بعيدة، ألقي برجل في بئر، و منذ ألفي عام، في -

.عندنا، واصطحبوه إلى مصر، وكلنا يعلم أن من يعتقد باألحالم يعرف تفسيرها تجار من .أنه اليصل دائما إلى تحقيقها ـ فكر الشاب متذكرا الغجرية العجوز ومع -

:الشيخ وتابع

استطاع ذلك الذي حلمه فرعون، فقدوبفضل الحلم بالبقرات العجاف، والبقرات السمان، -أرض غريبة، وكان ، وكان مثلك غريبا في"يوسف " الرجل إنقاذ مصر من المجاعة، كان يدعى

.له تقريبا نفس عمرك .امتد الصمت، وبقيت نظرة العجوز صارمة

جعلت من آنذاك، و نحن نتبع التقاليد دائما ـ ردد ـ فالتقاليد قد انقذت مصر من المجاعة -عبور الصحراء، وتزويج شعبها أكثر الشعوب ثراء، التقاليد تعلم كيف ينبغي على الرجال

المعسكرين يمتلكان واحات وهي ضعيفة بناتهم، التقاليد تقول أن الواحة تمثل أرضا محايدة ألن .أمام العدوان

.كان الرجل العجوز يتكلم لم يلفظ أحد أدنى كلمة عندما .وكل مانعرفه، فإنما الصحراء علمتنا إياه تقاليد أيضا تدعونا للوثوق برسائل الصحراء،لكن ال -

واقفين، فقد انتهى االجتماع، واطفئت النراجيل، وعدل الحراس أشار بإصبعه، فهب كل األعراب .وضعيتهم

:الشاب لمغادرة المكان لكن العجوز استأنف الكالم تهيأبمنع حمل السالح في الواحة، وسننتظر العدو أثناء النهار، اق القاضيغدا سنفسخ االتف -

فإن الرجال سيعيدون لي أسلتحهم، ومقابل كل عشرة قتلى من وعندما تميل الشمس للغروب،على كل حال، ال يمكن لألسلحة أن تخرج إال إلى المعركة، إنها .العدو ستلقى قطعة من الذهب

إن أخرجناها من أجل الشيء فبإمكانها رفض إطالق النار، وإن لم كالصحراء، و متقلبة المزاج .أيا منها غدا، فإن واحدة على األقل ستستخدم ضدك تستعمل

الواحة مضاءة إال بنور القمر، وعليه أن يمشي عشرين دقيقة كي عندما غادر الخيمة لم تكن .دربه يصل إلى خيمته، فمضى في

وربما سيدفع حياته ثمنا ن جراء ما حصل، لقد غاص في النفس الكلية،كان يقاسي ألما شديدا مفيه أغنامه لكي يتبع أسطورته لذلك، اختبار عسير، لكن كان قد راهن منذ اليوم الذي باع

.الشخصيةسواء أكانت غدا، أو في يوم آخر، وماوجد أي يوم إال الميتة واحدة: " ومثلما قال الجمال

" مكتوب: الدنيا، وكل شيء من الوجود مبني على كلمة واحدة لنخرج فيه منلنعيشه أوشيء، وإن كان سيفترض أن يموت غدا، فليس هذا إال ألن اهللا سار بصمت، غير آسف على

ولكنه سيموت بعد أن اجتاز المضيق، وعمل في متجر الزجاجيات، اليريد تغيير المستقبل،

فمنذ أن غادر بلده وهو يعيش أيامه بحدة، وكان هذا منذ فاطمة، وعرف الصحراء، وعيونله أن يموت غدا، فال بأس ألن مارأته عيناه من الدنيا يفوق مارأته عيون زمن طويل، وإن قدر

.الرعاة اآلخرين، وهو فخور بذلك الكثيرين من

العنف، أرضا، مدفوعا بهبة ريح شديدة فجأة، رن في أذنه صوت أشبه بالدوي، وسقطضوء القمر، وأمامه شب حصان ضخم ذو واجتاحت المكان سحابة من الغبار غطت تقريبا

.صهيل مرعبعندما تبدد الغبار أحس برعب فظيع لم يسبق إطالقا أن أحس كان يميز مايجري بصعوبة، ولكن

فه األيسر يمتطي صهوة الحصان، ويرتدي ثيابا سوداء، يعلون كت بمثله، فقد برز أمامه رجلبعمامة ولثام يحجب كل وجهه ماعدا عينيه، يبدو أنه رسول الصحراء، صقر، وقد غطى رأسه .إليه أحد في العالم وله حضور اليرتقي

معلقا بسرج حصانه، إنه من وامتشق هذا الفارس الغريب سيفا كبيرا ذا نصل مقوس، كان .الفوالذ ويتألق تحت ضوء القمر

يفسر طيران الصقرين؟ نمن تجرأ أ -

.سأل بصوت قوي، حتى لكأنه يرجع صدى خمسين ألف شجرة نخيلإلى شطرين، أنا من تجرأ ـ قال الشاب متذكرا في الحال تمثال القديس جاك، شاطر العرب -

! الوضع اآلن معكوس ساحقا الكفار بسنابك حصانه األبيض، إنه الشيء نفسه تماما، ماعدا أنالسيف، العديد من األرواح البشرية تجرأت ـ كرر الشاب، وأحنى رأسه مستعدا لضربةأنا -

.الكلية سيكتب لها النجاة، ألنك لم تحسب حسابا للنفسالمس جبهة لم يخفض السالح بسرعة، ويد الفارس نزلت على مهل، ورأس السالح الذي

.الشاب كان حادا، فسالت منه قطرة من الدماءفي مكانه ال يتزحزح، وحتى فكرة الهروب لم تخطر بباله، جذل غريب الفارس والشاب كلكان

سيموت في سبيل اسطورته الشخصية ومن أجل فاطمة، والعالمات في استحوذ على فؤاده،فالعدة هنا وليس عليه أن يأبه بالموت طالما أن النفس الكلية حاضرة، بعد النهاية لم تخطئ،

.جزءا منها، وغدا سيصبح العدو جزءا منها قليل سيصبح

.السيف على جبهته اكتفى الغريب بتثبيت رأس لماذا قرأت في طيران الصقرين؟ -الطيور أن تحكيه، فهي تريد أن تنقذ الواحة وأنت وجماعتك قرأت فقط ماكانت تريد -

.زال موضوعا على حبهتهعددا منكم ـ وطرف السيف الحاد ماي ستموتون، فرجال الواحة أكثر

القدر الذي خطته يد اهللا؟ من أنت كي تغير -

أطلعني على لغة الطيور، فكل شيء قد خلق اهللا الجيوش، وخلق الطيور أيضا، واهللا هو الذي - .الجمال كتب بيد واحدة ـ قال الفتى، متذكرا ماقاله

.الهرب ر أنه لم يكن يستطيعأخيرا رفع الفارس سيفه، وأحس الشاب باالنفراج، غي

.لتالفيها حذار من التنبؤات، فعندما تكون األمور مكتوبة، فليس هناك مجال - .لقد رأيت جيشا، ولم أر نهاية المعركة -

:باالجابة، لكنه بقي محتفظا بسيفه في يده، ثم سأله بدا الفارس مقتنعا غريبة؟ ماذا يفعل غريب في أرض - .سطورتي الشخصية، هذا شيء لن تستطيع فهمه أبداأبحث عن أ -

الفارس سيفه إلى غمده، أطلق الصقر الجاثم على كتفه صرخة غريبة، فبدأ الشاب أعاد .يستريح

.الكونية كان علي أن أمتحن شجاعتك، فالشجاعة هي الفضيلة األولى لمن يبحث عن اللغة -

.يعرفها إال قلة من الناسدهش الشاب، هذا الرجل يتحدث عن أشياء التابع الفارس يجب عدم االستسالم إطالقا، حتى لو توصل االنسان في معرفته إلى مدى بعيد ـ -

إنها : محك الرجال ـ فعليه أن يحب الصحراء، ولكن عليه أال يثق بها تماما، فالصحراء هي .تمتحن االنسان من خالل خطواته وتقتل من ينصرف للعبث

.كانت تذكره بكلمات الملك العجوز كلماته :ثم أضاف الفارس

.بقي رأسك فوق كتفيك، فغدا وبعد غروب الشمس تعال ألراك إن جاء المقاتلون، وإن -بالسيف صار فيها سوط، ثم شب الحصان من جديد، مثيرا سحابة من واليد التي كانت تقبض

.الغبار .لجنوباليد الممسكة بالسوط على جهة ا ودلت

.الشاب كان قد التقى الخيميائي

× × ×

أشجار نخيل الفيوم، وقبل أن تبلغ صباح الغد كان هناك ألفا رجل مدججين بالسالح وسط .الشمس أوج السماء، ظهر عند األفق خمسمائة محارب

برانسهم تحت دخل الفرسان الواحة من الشمال، كانت الحملة سلمية، لكن األسلحة كانت مخبأةالواحة، أظهروا سيوفهم البيضاء، وعندما وصلوا بالقرب من الخيمة الكبيرة المنتصبة في مركز

.المعقوفة، وبنادقهم وهاجموا خيمة خالية

الواحة فرسان الصحراء، وفي ظرف نصف ساعة، كانت هناك أربعمائة وتسعة طوق رجالجهة األخرى من بستان النخيل، ولم يروا مبعثرة على األرض، كان األطفال في ال وتسعين جثة

.والنساء كن في الخيم يبتهلن من أجل أزواجهن، وهن لم يرين شيئا أيضا شيئا،

.الرغم من كثرة الجثث الهامدة في كل مكان، فإن الواحة بدت وكأنها تعيش يوما عاديا وعلىاقتيد في كان يقود المقتحمين، وقدمحارب واحد فقط نجا من الموت في الموقعة، هو ذاك الذي

.التقاليد المساء ليمثل أمام شيوخ القبائل الذين سألوه عن سبب انتهاكه لحرمةطال أمدها، فعزموا أجاب أن رجاله كانوا يقاسون الجوع والعطش، منهكين من المعركة التي

.على االستيالء على واحة ما، كي يستطيعوا استئناف القتالالتقاليد في لواحة عن حزنه تجاه هؤالء المحاربين الذين كان ينبغي عليهم احترامأعرب شيخ ا

.الريح أي ظرف كان، فالشيء الوحيد الذي يتغير في الصحراء هو الكثبان عندما تهباألبيض، أو بطلقة من ثم حكم الشيخ على المعادي بميتة غير مشرفة، فبدل أن يقتل بالسالم

جثته تتأرجح في مهب ريح شنقا، معلقا بجذع نخلة يابسة، وستبقىبندقية، فإنه سيموت .الصحراء

خمسين قطعة ذهبية، ثم ذكر من جديد بسيرة استدعى شيخ القبيلة الشاب الغريب، وأعطاء .اعتبارا من اآلن مستشار القبيلة يوسف في مصر، وطلب من الشاب أن يظل

× × ×

، )لم تكن تلمع كثيرا ألن القمر كان بدرا( أولى النجوم بالظهور، وبدأت عندما غابت الشمس،نحو الجنوب ولم يكن هناك إال خيمة واحدة، وحسب بعض العرب الذين كانوا ذهب الشاب .هناك فإن المكان مسكون بالجن، لكنه جلس وانتظر طويال يمرون من

.سماء حامال على كتفه صقرين ميتينكان القمر مايزال عاليا في ال ظهر الخيميائي بينما .قال الشاب ها أنذا ـ - المجيء؟ كان ينبغي عليك أن تكون هنا، أم أن أسطورتك الشخصية اقتضت عليك - .هناك حرب بين العشائر وليس من الممكن عبور الصحراء -

لكل الخيامالخيميائي عن حصانه، وأشار إلى الشاب أن يدخل معه خيمته، كانت مشابهة نزلفخامتها بحكايات التي تمكن من رؤيتها في الواحة، باستثناء الخيمة المركزية الكبيرة التي تذكر

.الجنشيئا من ذلك، كان هناك فقط جال بنظره باحثا عن أجهزة وعن أفران خيمياء، لكنه لم ير .يبةمزخرفة برسوم غر أكداس من الكتب، وموقد صغير لتحضير الطعام، وسجادات

.الصقرين أجلس سأحضر الشاي ـ قال الخيميائي ـ وسوف نأكل معا هذين -البارحة، لكنه لم يقل تساءل الشاب، إن كان هذان الصقران، هما نفسهما اللذان رآهما عشية

.شيئا

رائحة لحم شهية، كانت ألطف بكثير من أشعل الخيميائي النار، وبعد قليل عبقت في الخيمة .لنرجيلةرائحة ا

.سأل الشاب لماذا كنت تريد رؤيتي؟ - :أجاب الخيميائي

.وبأنك ستحتاج للمساعدة بسبب العالمات، فالريح قد أخبرتني بأنك ستأتي - .كان يبحث عنك ال ليس أنا، إنه الغريب اآلخر، فاالنكليزي هو الذي -الصحيحة، فقد بدأ بتمعن طريقسينبغي عليه أن يجد أشياء أخرى قبل أن يراني، لكنه على ال -

.الصحراء

وأنا؟ -الخيميائي الكون كله يتضافر ليسمح له بتحقيق حلمه ـ قال عندما يريد اإلنسان شيئا، فإن -

.العجوز مرددا كلمات الملك .فهم الشاب، أن إنسانا آخر ينتظره، كي يقوده إلى أسطورته الشخصية

.ستعلمني إذن -فقط إلى الدرب التي تقودك إلى ت تعرف مسبقا ماعليك معرفته وبكل بساطة سأرشدككال، فأن -

.كنزك .هناك الحرب بين العشائر ـ كرر الشاب - .لكنني أعرف الصحراء -متجر الزجاجيات، والقطع الذهبية لقد وجدت كنزي، لدي جمل، والمال الذي كسبته من -

.بلدي سانا غنيا فيالخمسون، فأنا أسطيع أن أكون إن .الشيء من كل هذا يوجد قرب األهرامات -

.استطعت الحصول عليه لدي فاطمة، إنها أعظم كنز - .هي أيضا ليست قرب األهرامات -

وفتح الخيميائي زجاجة، وصب منها سائال أحمر في قدح ضيفه، كان أكال الصقرين بصمت، .ي شربها في حياتهانواع النبيذ الت نبيذا من أطيب

.لكن الشرع يحرم الخمر - :رد الخيميائي

.الشر ليس بما يدخل فم االنسان، وإنما بما يخرج منه -ثم ذهبا . يحس بأنه على أحسن مايرام، لكن الخيميائي كان يخيفه قليال وما إن شرب حتى أخذ

.النجومالخيمة، وبدآ يتأمالن نور القمر الذي يغمر ضوء ليجلسا خارجوقتك ـ قال الخيميائي مالحظا أن الشاب أصبح مرحا أكثر فأكثر ـ اشرب وتمتع بجزء من -

يستريح مقاتل قبل ذهابه إلى المعركة، لكن التنس أن فؤادك يوجد حيث واستراح دائما كما .والبد لكنزك أن يكتشف، حتى يكون هناك معنى لكل ماكتشفته في دربك يوجد كنزك،

غدا، واشتر حصانا، فالجمال غدارة، ألنها تقطع آالف الخطوات دون أن تدعك ترى ع جملكب - داللة على أنها متعبة، وفجأة تخر على ركبها وتموت، أما الخيول فإنها تتعب تدريجيا أية

.وستعرف دائما الحد الذي يمكنك أن تطالبها به، واللحظة التي ستموت فيها

× × × حصانا، انتظر لحظة حتى ظهر له راكبا ي الغد وصل الفتى أمام خيمة الخيميائي، ممتطياوف

.بدوره حصانا، والصقر جاثم على كتفه األيسر

:قال الخيميائيفيها الحياة يستطيع أن يكتشف فيها أرني الحياة في الصحراء، فوحده الذي يستطيع أن يجد -

.الكنوز .القمر يغمرهما الرمال، وضوءمضيا في طريقهما عبر

الشاب ـ فأنا ال أعرف لست أدري إن كنت سأنجح في إيجاد ثمة حياة في الصحراء ـ فكر - .الصحراء بعد

لكنه كان يخافه، وهاهما قد وصال اآلن إلى أراد أن يلتفت كي يعلن للخيميائي عن فكرته، .ي السماءالصقرين ف المكان الكثير الحصى حيث كان قد رأى فيه .اآلن، كل شيء كان يلفه الصمت والريح

التواصل إلى لقاء الحياة في الصحراء، فأنا أعلم أنها موجودة، لكنني ال أتوصل إلى ال أستطيع

.إيجادها .الحياة تجذب الحياة ـ أجاب الخيميائي -

لى هواه وسط بقوله، وفي الحال أرخى عنان حصانه الذي أخذ يعدو ع فهم الشاب ماكان يقصد .الخيميائي يتبعه واستمر حصان الشاب يسير هكذا لمدة نصف ساعة الحجارة والرمال، كان

يستطيعان أن يميزا نخيل الواحة، لم يكن هناك إال صفاء السماء العجيب، يجعل لم يكن الرجالناب أن تلمع كلمعان الفضة، وفجأة وفي مكان لم يأت إليه مطلقا من قبل أحس الش الصخور .قد توقفت مطيته

حصاني يعرف لغة هنا توجد الحياة ـ قال الخيميائي ـ فإنني ال أعرف لغة الصحراء، لكن - .الحياة

.تأمل الحجارة وهو يتقدم ببطء تسمرا في األرض، لم يقل الخيميائي شيئا، بل أخذ في

بين األحجار، أدخل الخيميائي هناك في األرض توقف فجأة وانحنى بدراية فائقة، فإن جحرا كانشيء ما تحرك هناك في الداخل، واغمضت عينا فيه يده، ثم مد ذراعه كلها حتى الكتف،يبذله، يبدو أن اليد كانت في عراك مع مايوجد داخل الخيميائي لتشهدا على الجهد الذي كان

، كانت يده تمسك صاحبه وقد سحب ذراعه ونهض واقفا وثب الكيميائي وثبة أخافت. الجحر .بأفعى من ذيلهاالخلف، حيث كانت األفعى تتخبط بجنون، وتصدر فحيحا يقطع صمت الصحراء، قفز الشاب إلى

.كوبرا يمكن لسمه أن يقتل رجال في بضعة دقائق إنه ثعبان .حذار من السم ـ نبهه الشاب -

كانت هيئته لسع، على الرغم من ذلكلكن الخيميائي الذي أدخل يده في الحجر ال بد أن يكون قد .مشرقة

هكذا كان قد قال له االنكليزي، .الخيميائي رجل طاعن في السن وهو يبلغ من العمر مائتي عام .والبد أنه يعرف كيف يتعامل مع ثعابين الصحراء

على رأى الشاب صاحبه يعود إلى حصانه، ويتناول سيفه الهاللي الكبير، وبه رسم دائرة .ألرض، ثم وضع األفعى وسط هذه الدائرة، وفي الحال شلت حركتهاا

قال الخيميائي ـ فهي لن تخرج من هنا أبدا، وقد اكتشفت الحياة في الصحراء، إنها التقلق ـ - .العالمة التي أحتاجها

لم ؟ هل لذلك أهمية كبيرة؟ - .وسط الصحراء ألن األهرامات تقع -

مجهدا وحزينا منذ مساء األمس، أن يسمع حديثا عن األهرامات، فؤاده كانلم يكن الشاب يريد .فاطمة وجده في طلب الكنز يعني في الحقيقة تخليه عن

.سأقودك عبر الصحراء: قال الخيميائي ,الفتى ـ لقد التقيت بفاطمة، وهي أغلى لدي من أي كنز أريد البقاء في الواحة ـ أجاب -هي وجدت كنزها الذي . تعلم أن على الرجال الرحيل كي يعودوا لصحراء، فهيفاطمة بنت ا -

.تجد ماتبحث عنه هو أنت، وهي تنتظر منك أن وإن قررت البقاء؟ -الذهب مايكفي لشراء عدد جيد من األغنام والجمال ستكون مستشار الواحة، وستملك من -

.وستتزوج فاطمة، وستعيش سعيداألفا، ستتعلم حب الصحراء، وستعرف كل نخلة من أشجار نخيلها الخمسينفي السنة األولى

في تحليل ستدرك كيف تنمو، وسوف تريك عالما ال يتوقف أبدا عن الغيير، وستصبح ضليعا .العالمات، ألن الصحراء أعظم معلم بين المعلمين

بإلحاح، وستحاول أال تهتم ستتذكر وجود الكنز، والعالمات ستحدثك عنه في السنة الثانية،معارفك لخير الواحة وساكنيها فقط، وسيكون شيوخ القبائل في غاية االمتنان بذلك، وستسخر

.وجمالك ستجلب لك الغنى والسلطة لك،عن الكنز، وعن أسطورتك الشخصية، ستقضي في السنة الثالثة، ستستمر العالمات في التحدث

فاطمة حزينة ألن مسيرتك انقطعت بسببها، لكنك الواحة، وستصبحالليالي هائما على وجهك في الحب، ستتذكر أنها لم تطالبك البقاء، ألنها امرأة من ستستمر في حبها لك وستتقاسمان هذا

زوجها، لن تحقد عليها، لكنك ستمشي الليالي في رمال الصحراء، تحسن انتظار عودةبما كنت تستطيع متابعة طريقك، معتمدا أكثر على ظانا أنك ر الصحراء، وسط أشجار النخيل،

سيجعلك تبقى في الواحة هو فقط خوفك من عدم تمكنك من الرجوع إليها حبك لفاطمة، ألن ماتصل إلى هذا الحد فإن العالمات ستبين لك أن كنزك قد توارى إلى األبد تحت أبدا، وعندما

.التراب

شيوخ القبائل عالمات، ألنك لم ترد االصغاء لها وسيفهم ذلكفي السنة الرابعة، ستتخلى عنك المن الجمال، ووفرة من وسوف تخلع من عملك كمستشار، ستصبح عندئذ تاجرا ثريا، يملك عددا

والصحراء، وأنت تعرف أنك البضائع، لكن ستقضي مابقي من أيامك هائما وسط أشجار النخيللم يكن يحبا حقيقيا، ذاك الذي ما يحصل ذلك فهذا يعني أنهلم تكمل أسطورتك الشخصية، وعند

.يتكلم اللغة الكونيةالتي خطها على الرمل، وثعبان الكوبرا هرب بسرعة ليختفي بين محى الخيميائي الدائرة

.الحجارة يتخيل تاجر الزجاجيات الذي طالما أراد الذهاب إلى مكة، واالنكليزي الذي يبحث كان الفتى

.قلبها جاهدا عن الخيميائي، وامرأة تثق بالصحراء التي ساقت إليها االنسان الذي أحبهالريح تحمل ضجيج كانت. امتطيا حصانيهما، وفي هذا المرة فإن الشاب هو الذي تبع الخيميائي

يتمكن من الذهاب إلى الواحة، وكان الشاب يحاول التعرف على صوت فاطمة، ففي ذلك اليوم لمالثعبان داخل الدائرة، فإن الفارس لكن في تلك الليلة، وبينما كان يشاهد. لبئر بسبب المعركةا

الحب والكنوز وعن نساء الصحراء وعن الغريب مع صقره الذي يحط على كتفه، قد تكلم عن .أسطورته الشخصية

.وأحس فورا باألمان يستقر في داخله سأذهب معك ـ قال الشاب، - . غدا قبل شروق الشمسسننطلق -

.هذه هي إجابة الخيميائي الوحيدة كانت

× × ×

ينام تلك الليلة، فقبل الفجر بساعتين أيقظ وحدا من الفتيان الذين في لم يستطع الشاب أن .منه أن يرشده إلى مكان سكنى فاطمة الخيمة، وطلب

.خرج اإلثنان وذهبا إلى هناك ديله مايكفي ألن يشتري له نعجه، ثم ترجاه أن يبحث عن خيمتها، وأنأعطى الشاب ل وبالمقابل

ماال يكفي يوقظها، ويخبرها بأنه ينتظرها في الخارج، نفذ الفتى العربي مهمته، وتلقى كأجر .لشراء نعجة أخرى

بالسعادة لمساعدته مستشار الواحة، اآلن دعنا وحدنا ـ قال للفتى الذي عاد وهو يشعر - .ه من مال يكفي لشراء نعجتينوماكسب فاطمة على باب الخيمة، فراحا يتمشيان معا وسط أشجار النخيل، كان يعلم أن هذا ظهرت

.مخالف للتقاليد التي يقدر أهميتها في هذه اللحظة :قال ... تعلمي أنني سأعود، أنا أحبك ألن سأرحل وأريد أن -

.ألننا نحب، اليوجد سبب آخر كي نحب نحبالتقل شيئا ـ قاطعته فاطمة ـ إننا - :مع ذلك فقد استأنف

حلما، ثم التقيت ملكا، بعت الزجاجيات، عبرت الصحراء، ثم تقاتلت العشائر، أحبك ألنني رأيت - .قرب بئر ألعلم أين يسكن خيميائي، أحبك ألن الكون كله قد تضافر ليوصلني إليك وجئت

.رة األولى التي يتالمس فيها جسداهماتعانقا، وكانت تلك الم

.الشاب أيضا سأعود ـ قال -أما اآلن فسوف يستحيل من قبل، عندما كنت أنظر إلى الصحراء، فقد كنت أنظر إليه بشوق، -

أمي، ومايزال يعود في كل مرة هذا الشوق إلى أمل، فقد سافر والدي ذات يوم، لكنه عاد إلى .يسافر فيها .قليال وسط صريمة النخيل ثم أوصلها حتى مدخل خيمتها ئا بعد، وإنما مشيالم يقوال شي

.إلى أمك ـ قال لها، وقد الحظ أن عينيها قد اغرورقتا بالدموع سأعود مثلما عاد أبوك - أنت تبكين؟ - .صحيح أنني بنت الصحراء ـ أجابت وهي تخفي وجهها ـ لكنني امرأة فوق كل اعتبار -

ستخرج طمة إلى خيمتها، بينما كانت الشمس تشرف على الشروق، وعند مطلع النهارعادت فا .الواحة لتفعل ماكانت تفعله منذ سنوات، لكن كل شيء قد تغير، فالشاب لم يعد في

تصبح بعد اآلن، تلك والواحة فقدت ذلك المعنى الذي كانت تنطوي عليه حتى ذلك الحين، لنالثالثمائة بئرا، والتي كان يبتهج سين ألفا من أشجار النخيل، وذاتالبقعة الكبيرة ذات الخم

واعتبارا من هذا اليوم لن تكون الواحة سوى مكان الحجيج عند الوصول إليها بعد سفر طويل،أهمية من الواحة، وستقضي وقتها مراقبة السماء، خاو، منذ اآلن ستكون الصحراء أكثر

بحثه عن كنزه، ولسوف ترسل له قبالتها عبر األثير لشاب فيمتسائلة أي نجم سيكون دليل اعلى قيد الحياة، وأنها بانتظاره، كامرأة تنتظر رجال جسورا آملة أن تالمس وجهه وتخبره بأنها

.الكنوز واألحالم يتابع طريقه بحثا عن .من اليوم لن يكون من الصحراء إال األمل بعودته ثانية

× × × بدءا مسيرتهما في الصحراء ـ كل شيء ر بمن خلفت وراءك ـ قال الخيميائي عندماالتفك -

.منقوش في النفس الكلية وسيبقى فيها إلى األبد :قال الشاب الذي بدأ يألف صمت الصحراء من جديد

.أكثر مما يحلمون بالرحيل الرجال ال يحلمون بالعودة -

يفسد مطلقا، ولسوف تستطيع العودة إليه لنقية فإنه لنإن كان ماوجدته يتكون من المادة ا -نجم، فإنك لن تجد شيئا عند عودتك، ولكنك تكون يوما، وإن لم تكن إال ومضة مؤقتة، كانفجار .أن يعاش قد رأيت ضوءا يومض، وهذا وحده يستحق

.ةفاطم كان الرجل يتحدث بلغة الخيمياء، لكن رفيق دربه فهم بأنه يلمح إلىالواحد في كل لقد كان من الصعب جدا عدم التفكير بمن خلف وراءه، فالصحراء ذات الشكل

واآلبار، ووجه محبوبته، مكان التتوقف عن االكتناز باألحالم، والشاب مازال يرى أشجار النخيل .ال يعلم ذلك كان يرى االنكليزي ومختبره، والجمال الذي كان معلما وهو

.خيميائي لم يحب امرأة في حياته ـ قال لنفسهقد يكون ال - الخيميائي يسير في المقدمة، وعلى كتفه الصقر، إنه يعرف لغة الصحراء، فعندما كانا كان

األول يتوقفان كان الصقر يفارق كتف الخيميائي ويطير للبحث عن الغذاء، وقد أحضر في اليوم .أرنبا بريا وفي اليوم التالي طائرين

كانت ليالي الصحراء باردة، . األرض، لكنهما لم يشعال النار لمساء مدا أغطيتهما علىفي ا .أخذ القمر يفك تصالبه في القبة الزرقاء وظلمتها تشتد أكثر كلما

يتحدثا إال عن االحتراسات التي صارت حتمية لتالفي خالل أسبوع بكامله، تقدما بصمت، لمفحرب العشائر كانت مستمرة، والريح كانت تحمل أحيانا ة،الوقوع في خضم المعارك الدائر

معركة قد شبت في هذه النواحي، والريح مازالت تذكر الشاب بلغة رائحة الدماء النقية، فلعل .دوما أن تكشف له ماال تستطيع عيناه أن تراه العالمات المستعدة

.م في العراء، أبكر من المعتادقرر الخيميائي أن يخي في مساء اليوم السابع من السفر،

:طريدة، فتناول الخيميائي قربة من الماء وقدمها إلى الشاب قائال انطلق الصقر بحثا عن .ستصل قريبا إلى نهاية رحلتك، لقد تتبعت أسطورتك الشخصية، وأنا أهنئك ها أنت ذا - مك كله، فمنذ بعض الوقت ألفيتقدتني دون أن تقول كلمة، لقد ظننت أنك ستعلمني عل لكنك -

.شيئا نفسي في الصحراء، بصحبة رجل كان بحوزته كتب في الخيمياء لكنني لم أستطع أن أتعلم

:أجاب الخيميائي

، إنه السفر من يعلمك ماكنت "بواسطة العمل التعلم: " ليس هناك إال طريقة واحدة للتعلم - .واحد يءبحاجة إلى معرفته، وال ينقصك إال ش

يراقب عودة أراد الشاب أن يعرف ماهو، لكن الخيميائي حافظ على نظره محدقا في األفق .الصقر

لماذا يدعونك بالخيميائي؟ - .ألنني كذلك - األمر الذي جعل الخيميائيين يخفقون في بحثهم عن الذهب؟ وماهو -الشخصية دون رغبة بأن يعيشوا الذهب، فقد بحثوا عن أسطورتهم لقد اكتفوا بالبحث عن -

.األسطورة نفسها .وما الذي مايزال ينقص معرفتي؟ ألح الشاب - .لكن الخيميائي ظل يحدق في األفق -

رؤية ضوء وبعد أن عاد الصقر بفريسته، حفرا حفرة، وأشعال النار فيها حتى ال يتمكن أحد من .اللهب

وجبتهما ـ وقد أخذت هذا العلم بينما كانا يحضرانإنني خيميائي، ألنني خيميائي ـ أجاب -التوالي منذ خلق الكون، حيث كان من عن أسالفي الذين أخذوه عن أسالفهم، وهكذا علىلكن البشر لم يعطوا أية أهمية . زمردة بسيطة الممكن لإلنجاز العظيم كله أن يكون مكتوبا على

ترجمات ودراسات فلسفية، وادعوا بأنهم قد عرفوا و لألشياء البسيطة وبدأوا بكتابة مؤلفات .اآلخرون السبيل بشكل أفضل مما عرفه

:سأل الشاب ما الذي كان مدونا على لوحة الزمرد؟ - .عندها الخيميائي بالرسم على الرمل، ولم يستغرق معه هذا العمل أكثر من خمس دقائق بدأ

وقد بدا له العجوز، والمكان الي ضمهما في يوم غابروبينما كان يرسم فقد تذكر الشاب الملك

.ذلك مغرقا في القدم :قال الخيميائي

.الزمردة هذا ماسجل على لوح -

.عندما انتهى، اقترب الشاب وقرأ الكلمات المكتوبة على الرملكتب ودة فيإنها رموز ـ قال وقد خاب ظنه قليال بلوح الزمرد، وحسبها تلك التي كانت موج -

,اإلنكليزي :أجاب الخيميائي

هو أن لوح الزمرد معبر : أن يفهم وذلك لسبب وحيد وال ينبغي لهذا. ال إنه كطيران الصقرين -ولقد فهم الحكماء أن هذا العالم الطبيعي ليس إال صورة مباشر يفضي إلى النفس الكلية،د، فهذا وحده دليل كاف على أن هناك وطالما أن العالم موجو مشابهة او نسخة عن الجنة،

وقد خلقه اهللا كي يستطيع البشر إدراك تعاليمه الروحانية، ومعاجز عالما أكثر كماال منه، .أدعوه بالعمل حكمته، وهو ما

.هل يتوجب علي أن أفهم لوح الزمرد ـ سأل الشاب -

طرق لفهم لوح الزمرد، لكنك فيفلو كنت في مخبر خيميائي، لتسنت لك دراسة أفضل ال ربما، - الصحراء، فخير لك أن تتوغل بها أكثر، فهي تفيد بفهم الكون أكثر من أي شيء آخر على

سطح األرض، حتى أنك لست بحاجة إلى فهم الصحراء، بل يكفي أن تتأمل حبة رمل بسيطة، .لترى فيها عجائب الخلق كلها

حراء؟كيف علي أن أتصرف كي أوغل في رحم الص - .سيعود أصغ إلى قلبك، إنه يعرف كل شيء، ألنه ولد من النفس الكلية، وإليها ذات يوم -

× × ×

أكثر، ألنهما كانا يقتربان من منطقة المعارك سارا بصمت طيلة يومين، بدا الخيميائي محترسا .نفسه في سبيل اإلصغاء إلى قلبه األكثر ضراوة، بينما كان الشاب يجهد

مستعدا دائما للرحيل، أما اآلن فهو يريد الوصول كان قلبا عصيا على االستجابة، فمن قبل كان .مهم كلف الثمن

قلبه مرات عديدة قصصا تلهب عنده الحنين إلى الوطن، وأحيانا كان قلبه يتأثر عن لقد روى له كان يخفق بسرعة عندماشروق الشمس في الصحراء، فيجعله يبكي ويبكي في الخفاء، لكنه

.يحدثه عن الكنز، وتتباطأ دقاته كلما شردت عينا الفتى في أفق الصحراء الالمتناهي .الخيميائي غير أنه لم يكن ليصمت أبدا حتى عندما لم يكن الشاب يتبادل أية كلمة مع

.ن في استراحةيتوقفا لماذا علينا أن نصغي إلى قلوبنا ؟ ـ سأل في ذلك المساء بينما كانا - .ألنه حيث يكون قلبك يكون كنزك -

:قال الشاب

- قلبي مضطرب، إنه يحلم، يفكر، وهو عاشق لفتاة من الصحراء، ويطالبني بأشياء تقض .مضجعي عندما أفكر بها

.هذا جيد فقلبك حي، واظب على االصغاء لما يقوله لك -األفق، بدأ قلب الشاب اتلين، ولمحا آخرين أيضا عند خطوخالل ثالثة أيام متتالية، التقيا عدة مق

عن رجال ارتحلوا بحثا يتحدث عن الخوف، روى قصصا قد سمعها من النفس الكلية، قصص .عن كنوزهم، لكنهم لم يجدوها على اإلطالق

أحيانا، من احتمال فكرة عدم توفقه في إدراك الكنز، أو احتمال موته في كان قلبه يخيفه كان يقول له بأنه اآلن راض من فوزه بلقاء حبه واكتسابه العدد كبير من القطع الصحراء، أو

.الذهبيةإنه ال يريد لي أن أتابع قلبي خائن ـ قال الشاب للخيميائي عندما توقفا إلراحة حصانيهما ـ -

.طريقي :أجاب الخيميائي

ه لشيء طبيعي أن تخاف مبادلة كل مانجحت في برهان على أن قلبك يحيا، وإن هذا جيد، فهذا -

.من قبل مقابل حلم الحصول عليه إذن لماذا علي أن أصغي إلى قلبي؟ -أبدا إلى إسكاته، حتى لو تظاهرت بعدم سماع ما يقوله لك، سيبقى هنا في ألنك لن تتوصل -

.ينقطع عن ترديد مايفكر به حول الحياة والكون صدرك، ولن .و خائنحتى وه -

هي الضربة التي التتوقعها، وإن كنت تعرف قلبك جيدا، فإنه لن يستطيع مباغتتك على الخيانة - حين غرة، ألنك ستعرف أحالمه، ورغباته وستعرب كيف تتحسب لها، ال أحد يستطيع التنكر

.القلبه، ولهذا يكون من األفضل سماع مايقول كي اليوجه لك ضربة لم تكن تتوقعها أبدمعرفة حيله تابع الفتى اإلصغاء إلى قلبه بينما كانا يتقدمان في الصحراء، وقد توصل إلىالرغبة في العودة ومناوراته، وانتهى إلى قبوله كما هو عليه، عندئذ أحجم عن الخوف، وعن

ألنني تذمرت قليال، فهذا حتى لو: " على أعقابه، ألن قلبه قال له ذات مساء أنه كان مسروراأعظم أحالمهم، ألنهم يظنون إنهم قلب رجل وقلوب الرجال هي هكذا دوما، إنهم يخافون تحقيق

بلوغها، فنحن القلوب نموت لمجرد التفكير إما ال يستحقون بلوغها، أو ال يستطيعون النجاح فيلكنوز التي وكان من الممكن لها أن تكون رائعة، وبا بحب توارى إلى األبد، أو بلحظات وئدت،

مطمورة في الرمال، وأخيرا عندما يحصل هذا فإننا نتعذب بشكل لم يقدر لها أن تكتشف وبقيت ." رهيب

.يخشى العذاب ـ قال الشاب للخيميائي في ليلة كانا يراقبان فيها السماء المظلمة إن قلبي -

عندما يتبع قلب يتعذبقل له إن الخوف من العذاب أسوأ من العذاب نفسه، وليس هناك من - .أحالمه، ألن كل لحظة من البحث هي لحظة لقاء مع اهللا و الخلود

لحظة في البحث هي لحظة لقاء ـ قال الشاب لقلبه ـ عندما كنت أبحث عن كنزي، فإن كل - كلها كانت ساطعة، ألنني علمت أن كل ساعة تمر كانت جزءا من حلم إيجاده، عندما كنت أيامي

كنزي اكتشفت في طرقي أشياء لم أكن أحلم أبدا بمصادفتها لو لم أملك الشجاعةأبحث عن .لمحاولة القيام بأشياء مستحيلة على الرعاة

ظهيرة ذلك اليوم، وفي الليل نام بهدوء، وعندما أفاق أخذ دبت الطمأنينة في قلبه طيلة مابعد سعيد كان هو ذاك الذي اعتنق اهللا في النفس الكلية، قال إن كل رجل قلبه يقص عليه أشياء عن

للسعادة أن تكون موجودة في حبة رمل بسيطة في الصحراء على حد قول داخله، وأنه يمكنالرمل هي لحظة من عملية الخلق، وأن الكون قد كرس ماليين وماليين الخيميائي، ألن حبة .السنين في خلقها

مانتحدث قال له قلبه ـ فنحن القلوب، نادرالكل امرئ على األرض كنزه الذي ينتظره ـ " -لألطفال الصغار، عنها، ألن البشر اليريدون العثور على هذه الكنوز، نحن ال نتحدث عنها إال

ولسوء الحظ فإن قليال من وبعد ذلك ندع للحياة أن تتحمل مسئولية قيادة كل واحد نحو قدره،الوصول إلى األسطورة الشخصية اة، والذي هو سبيلالبشر يتبعون الدرب الذي خطته لهم الحي

.وإلى السعادةتهديد، ولهذا السبب فإن العالم يصبح في الواقع شيئا جل الناس ينظرون إلى العالم كمصدر

القلوب نبادر إلى الحديث بصوت منخفض أكثر فأكثر لكننا النصمت مهددا، عندئذ فإننا نحنن كالمنا مسموعا، نحن النريد للبشر أن يتعذبوا ألنهم لم يسلكوا الطريق يكو إطالقا، ونتمنى بأال

." أرشدناهم إليها التي

.الشاب الخيميائي لماذا التقول القلوب للناس أن عليهم مالحقة أحالمهم ؟ سأل - .العذاب ألن القلب هو من يتعذب في هذه الحالة، والقلوب التحب -

وأن ينقبض في صدره اب إلى قلبه فطلب منه أال يتخلى عنه أبدا،منذ ذلك اليوم، أصغى الشسيأخذ حذره في كل مرة عندما يكون بعيدا عن أحالمه وأن يعطيه إنذار الخطر، وأقسم أنه

.يسمع فيها هذا اإلنذار .الشاب ماذا علي أن أفعل اآلن؟ سأل -

:قال الخيميائيللعالمات، فقلبك اآلن قادر أن يدلك على مكان متيقظاواصل السير باتجاه األهرامات، وابق -

.الكنز !حتى اآلن ؟ كان هذا إذن ما أجهله - :ال، والشيء الذي ماتزال معرفتك تفتقر إليه هو التالي -

وعندما تحقيق حلم ما، تريد النفس الكلية أن تقوم كل ما اكتسبه المرء أثناء تجواله، قبل "الدروس التي نتيجة عدوانية تجاهنا، وإنما كي نستطيع وحلمنا اكتسابتفعل، فليس ذلك

وهذا مانسميه بلغة تعلمناها ونحن ماضون نحوها، إنها اللحظة التي يتراجع فيها معظم الناس،إن أي بحث . األفق الموت عطشا عندما تكون أشجار النخيل على مرمى النظر في: الصحراء

." بامتحان الفاتحيبدأ بحظ المبتدئ، ويكتمل

:المثل الشعبي القديم والشائع في بلده الذي يقول تذكر الشاب ." تلك التي تسبق طلوع الشمس أشد ساعات اليوم ظلمة هي "

× × ×

الحقيقي بدت في الغد، فقد ظهر ثالث محاربين، وسألوا المسارفين لدى أولى إشارات الخطر .عالن هناكعم كانا يف اقترابهم منها، :أجاب الخيميائي

.جئت ألصطاد مع صقري - .أن نفتشكما كي نرى إن كنتما التحمالن أسحلة ـ قال أحد المقاتلين علينا - .الخيميائي عن حصانه بكل هدوء، وصاحبه حذا حذوه نزل

.المقاتل لذى رؤيته كيس نقود الشاب لماذا كل هذا المال؟ سأل - .للوصول حتى مصر -

الخيميائي وجد معه قارورة صغيرة من الزجاج مليئة بسائل، وبيضة من الرجل الذي كان يفتش .اللون بحجم بيضة الدجاج تقريبا الزجاج صفراء

.ماهذا؟ سأل -الحياة، إنجاز الخيميائيين العظيم، من يشرب من هذا السائل لن إنه حجر الفالسفة، وإكسير -

.سرة صغيرة جدا من هذا الحجر تحول أي معدن إلى ذهبوإن ك يتعرض للمرض أبدا،ضحكا، وشاركهم الخيميائي بالضحك، فقد وجدوا الجواب مضحكا، ثم انفجر الرجال الثالثة .مع كل مايملكانه دون أن يعرقال مسيرتهما أكثر سمحوا لهما بالذهاب

ـ لماذا أجبت هكذا؟عندما صارا على مسافة منهم ـ سأل الشاب،! هل أنت مجنون ؟ -

عندما تكون كنوزنا قريبة جدا : " العالم، قانونا بسيطا للغاية كي أظهر لك واحدا من قوانين - ." نالحظها أبدا، أتعلم لماذا؟ ألن الناس ال يؤمنون بالكنوز منا، فإننا ال

كثر فأكثر إلى الصحراء، وكلما كانت األيام تمر كان قلب الشاب يميل أ تابعا مسيرهما فيليهتم بأشياء الماضي أو المستقبل بل اكتفى بتأمل الصحراء واالرتواء مع لم يكن. الصمت

فقلبه وهو صارا صديقين حميمين غير قادرين بعد اآلن على أن يخون. النفس الكلية الشاب من .أحدهما اآلخر

أيام الصمت الطويلة متعبة جدفعندما كان القلم يتكلم، كان بقصد حث وتشجيع الشاب الذي كان يالشجاعة التي هونت عليه هجران :بشكل مقيت، وللمرة األولى حدثه قلبه عن مزاياه العظيمة .في متجر الزجاجيات أغنامه ليعيش أسطورته الشخصية، والحماس الذي أبداه

م يتبينها، ففي يسير بمحاذاتها ول األخطار التي كان: أخبره بشي آخر لم يالحظه الشاب من قبلأبيه، وأوشك فعال أن يصيب نفسه به، إحدى المرات كان قد أخفى المسدس الذي اختلسه من

تقيأ، ثم نام زمنا البأس به، بينما كان : الريف ذكره في يوم كان قد تألم فيه، وهو في وسط واغتياله، مسافة منه، وكانا قد عزما على سرقة أغنامه هناك اثنان من قطاع الطرق على

.منهما بأنه غير خط سيره وعندما لم يأت فقد رحال ظنا :سأل الشاب الخيميائي

للناس دائما؟ هل القلوب تكون عونا -كثيرا األطفال، والسكيرين إنها تساعد فقط الذين يعيشون أسطورتهم الشخصية، لكنها تساعد -

.والمسنين ه؟هل هذا يعني أن الخطر الوجود ل - .هذا يعني بكل بساطة أن القلوب تعمل كل مابوسعها ـ أجاب الخيميائي - ذات مساء على مضرب خيام إلحدى العشائر المتحاربة، حيث كان هناك الكثير من األعراب مرا

عن بزيهم الرائع، وأسلحتهم الجاهزة، كان الرجال يدخنون النرجيلة ويثرثرون، متحدثين .لم يعر اهتماما للمسافرينالحروب، لكن أحدا

.بعد أن ابتعدا اليوجد أي خطر ـ قال الشاب - :غضب الخيميائي قائال

الصحراء، فعندما يتحارب الناس فإن النفس الكلية هي أيضا ثق بقلبك، والتنس أبدا أنك في - .أحد في منجى مما يمكن أن يحصل تحت السماء تسمع صيحات القتال، وال

.الشاب في نفسه ء هو شيء واحد وفريد ـ قالكل شي -تثبت حكمة الخيميائي وفجأة ظهر فارسان وراء المسافرين، فكأن الصحراء كانت تريد أن

.الشيخ :قال أحدهما

.في منطقة المعارك لن تستطيعا المضي بعيدا، فأنتما - .أنا لست بذاهب إلى أبعد من ذلك -

عيون المحاربين اللذين لم ينبسا ببنت شفة للحظات، ثم أذنا لهما وهو ينظر في قال الخيميائي .المسير، كان الشاب قد عاين الموقف وهو مفتون بمتابعة

.لقد قهرتهما بنظرتك ـ قال - :أجاب الخيميائي

.العيون تظهر قوة الروح -حاربي المخيم قد الشاب نفسه ـ فقد تذكر أن مقاتال في جمهرة م كان هذا صحيحا ـ حدث -

وبه، علما بأنه كان بعيدا، بشكل ال يمكن للمرء أن يميز مالمحه، لكنه كان حدق بالخيميائي .من مراقبته لهما متأكدا

على طول األفق، قال الخيميائي أخيرا، وبينما كانا يتأهبان الجتياز سلسة جبلية كانت تمتج .األهرامات إلىبأنهما صارا على مسافة يومين، حتى يصال

.ـ قال الشاب إن كان ينغي علينا أن نفترق عما قريب، فأرجو أن تعلمني الخيمياء -النفس الكلية، وأن أنت تعرف مسبقا مايجب عليك معرفته، ليس عليك إال أن تنفذ داخل -

.تكتشف الكنز، الذي تدخره لكل واحد منا .عن تحويل الرصاص إلى ذهبمعرفته، إنني أتكلم ليس هذا ما أريد -

:ولم يجب إال في اللحظة التي توقفا فيها كي يأكال احترم الخيميائي صمت الصحراء،وبالنسبة للذين يعلمون، فإن الذهب هو أكثر المعادة تطورا، كل شيء يتطور في الكون، -

دائما صحيح، لكن البشر أجهل ذلك، أنا أعلم فقط أن ما تعلمه التقاليد هو التسألني لماذا، فأنا أخطئوا في تفسير كالم الحكماء، وبدل أن يكون الذهب رمزا للتطور فقد صار عالمة هم الذين .للحرب

مجرد رغاء، ثم تحول األشياء تتحدث بلغات عديدة، فقد الحظت أن رغاء الجمل، لم يكن إال -الشاب أن يقوله لكنه صمت، فال شك ادإلى إشارة تنذر بالخطر، ثم عاد أخيرا مجرد رغاء ـ أر

.أن الخيميائي يعرف هذا كله خيميائيين حقيقين ـ أردف الخيميائي ـ كانوا ينزوون في مختبراتهم، وكانوا يحاولون عرفت -

شيء ما فإن التطور كالذهب، وقد اكتشفوا حجر الفالسفة، هذا ألنهم قد أدركوا أنه عندما يتطورمن الموهوبين، أيضا، وآخرون نجحوا مصادفة باكتشاف الحجر، فهم كانواكل ماحوله يتطور

بالحسبان ألنهم قلة، وأرواحهم كانت متيقظة أكثر من أرواح اآلخرين، لكن هؤالء لم يؤخذوايتوصلوا إلى السر أبدا، فقد وأخيرا هناك آخرون كانوا يبحثون عن الذهب فقط، وهؤالء لم

أسطورتهم الشخصية التي يجم اص والحديد والنحاس، هم أيضا لهمغرب عن بالهم أن الرص

لن يجد على اإلطالق اسطورته اتمامها، وأن من يدخل ويندمج في أسطورة اآلخرين، فإنه .الخاصة

.نفسه كلمات الخيميائي كان لها وقع اللعنة في

:انحنى الخيميائي والتقط قوقعة من األرض وقال .بحرا من قبل رضلقد كانت هذه األ - .لقد سبق والحظت ذلك ـ ردد الشاب -

يضع القوقعة على أذنه، فهو قد قام بهذه الحركة كثيرا عندما كان طفال، طلب منه الخيميائي أن فالبحر يقبع دائما في هذه الصدفة، ألنها أسطورته الشخصية، ولن. منها صوت البحر وقد سمع

. وتغمر الصحراء ثانيةيفارقها إلى أن تعود البحار .وأخذا وجهة أهرامات مصر إثر ذلك امتطيا حصانيهما،

قلبه يعطي إشارة خطر ما، كانا قد أحس الفتى بأن كانت الشمس تميل نحو الغروب، عندماالخيميائي، الذي يبدو أنه لم يالحظ شيئا، وبعد أحيطا بكثبان رميلة هائلة، والشاب نظر إلى

فارسين، كان خياالهما يبدوان واضحين من جهة الغرب، أمامهما مباشرةخمس دقائق لمحاللخيميائي أي شيء، فإن عدد الفرسان قد تزايد، بدل االثنين صار وقبل أن يتمكن من أن يقول

.وأخيرا غطى عدد هائل منطقة الكثبان بكاملها .هناك عشرة، ثم مائةون عقاالت سوداء حول العمامات، وجوههم ملثمة زرقاء، ويضع كانوا محاربين يرتدون ثياباوعلى الرغم من بعد المسافة، كانت . إال فسحة صغيرة، إنها عيونهم بألثمة زرقاء ال يظهر منها

.الروح وتنطق بالموت العيون تبدي قوة

× × ×

يائي الذي كان في الجوار، ودفع أحد المحاربين الخيم اقتيد المسافران حتى المعسكر الحربيعن خيام الواحة التي عرفاها، كان هناك قائد حربي محاط وصاحبه داخل خيمة مختلفة تماما

.بأركانه .الجاسوسان ـ قال أحد الرجال إنهما - .نحن لسنا إال مسافرين ـ أجاب الخيميائي - .لقد رأيناكما في المعسكر المعادي منذ ثالثة أيام، وقد تكلمتما مع أحد المقاتلين -معلومة أنا رجل أسير في الصحراء، ولي خبرة بالنجوم ـ قال الخيميائي ـ وليس لدي أية -

.عن الجيوش، أو عن تحركات القبائل، كنت أرشد صاحبي إلى هنا فقط .صديقك؟ سأل الشيخ من هو -ويرغب أن يطلع القائد على إنه خيميائي ـ قال الخيميائي ـ إنه يعرف قدرات الطبيعة، -

.قدراته الخارقة

.كان الشاب يصغي وهو خائف .يفعل غريب في أرض غريبة؟ سأل وحد من الرجال ماذا -لعشيرتكم ـ تدخل الخيميائي قبل أن ينطق الشاب بأية كلمة، ثم أخذ لقد حملت ماال ألقدمه -

قول شيئا، الشاب، وأعطى القطع الذهبية لكبير القوم الذي تناولها دون أن ي كيس المال من .مايكفي لشراء كم كبير من األسلحة ففيها

.من هو الخيميائي؟ سأل العربي أخيرا -في ذلك قوة إنه رجل يعرف الطبيعة والكون، ولو أراد الستطاع تهديم هذا المخيم مستعمال -

.الريح فقط الريح ال تستطيع أن وكانوا يعلمون أن ضحك الرجال، فقد كانوا قد تمرسوا على قسوة الحرب،

بقلبه ينقيض في صدره، فهم من رجال ومع ذلك شعر كل واحد منهم. توجه ضربة قاضية .الصحراء ويخافون من السحرة

.شيئا من هذا ـ قال الزعيم بودي أن أرى -ليس إال ليطلعكم على قدراته الخاصة، فإن يلزمنا لذلك ثالثة أيام ـ أجاب الخيميائي ـ وهذا -

.إكراما لشرف العشيرة ينجح، نقدم لكم بكل تواضع حياتنالم بتعجرف، لكنه منح مهلة ثالثة أيام التستطيع أن تهدي إلي ماهو ملكي مسبقا ـ أعلن الشيخ -

.للمسافرينالقيام بأية حركة، فانبغى على الخيميائي سحبه من ذراعه كي كان الشاب الذعور عاجزا عن

.الخيمة منيساعده على الخروج .التظهر لهم أنك خائف، فهم رجال بواسل ويحتقرون الجبناء -لم . المخيم الفتى كالمبكوم، ولم يستعد صوته إال بعد فترة من الزمن بينما كانا يمشيان وسط كان

وهاهي مرة أخرى يكن هناك داع لسجنهما، فاألعربا بكل بساطة قد اكتفوا بانتزاع حصانيهما،فضاء رحبا، الحدود له، فالصحراء التي كانت حتى اآلن: لعالم عن لغات التحصىيفصح فيها ا

.قد تحولت إلى سور يتعذر عبوره ! كنزي كله ـ قال الشاب ـ كل ماستطعت أن أجنيه خالل حياتي كلها لقد أعطيتهم - غالبا أن يفيد المال إن كنت ستموت؟ مالك أنقذك من الموت لثالئة أيام، وليس وبماذا يفيدك -

.في تأخير األجل المالفهو اليعرف كيف ينقلب إلى أما الشاب فقد كان مذعورا جدا كي يستطيع سماع كالم الحكمة،

.ريح، فهو لم يكن خيميائياأحد المحاربين، وسكب بعضا منه على رسغي الشاب، فانتشرب طلب الخيميائي الشاي من

نما كان الخيميائي يلفظ بعض الكلمات التي لم يوفق الفتى بي موجة من السكون في أعماقه،

.بفهمها .لليأس ـ قال الخيميائي بصوت عذب للغاية ـ فإن هذا يمنعك من التحادث مع قلبك التستسلم

.لكنني ال أعرف أن أحول نفسي إلى ريح -

شيء واحد بحاجة لمعرفته، وليس هناك إال من يعيش أسطورته الشخصية، يعرف كل ماهو .اإلخفاق إنه الخوف من: يمكن أن يجعل الحلم مستحيال

.إلى ريخ أنا لست خائفا من اإلخفاق، وكل مافي األمر أنني ال أعرف أن أتحول - .حياتك معلقة بذلك! حسن، عليك أن تتعلم - .ذلك وإن لم أتوصل إلى -ميتة هؤالء وهذه ميتى أثمن بكثير منستموت فداء لنضالك في سبيل أسطورتك الشخصية، -

بشكل عام، فإن الذين قضوا دون أن يعلموا شيئا من وجود أسطورة شخصية، لكن ال تقلق، .الموت يدفع اإلنسان ألن يكون أكثر تيقظا للحياة

األول، وجرت خالله معركة حامية في الجوار، ونقل إلى المعكسر عدد كبير من مضى اليوم .الجرحى

عنهم بآخرين الشيء يتغير بالموت ـ فكر الشاب ، فالمقاتلون الذين ماتوا، سيستعاض -

.والحياة تستمرقال أحدهم مخاطبا جثة أحد رفاقة ـ كان كان من الممكن لك أن تموت فيما بعد يا صديقي ـ -

ستموت في ميتة واحدة، ومهما يكن من أمر فإنك من الممكن أن تموت حين حلول السالم، فهي .النهاية

:يلتقي الخيميائي الذي كان يصطحب الصقر معه في الصحراء وكرر عند المساء ذهب الشاء .أتحول إلى ريح ال أعرف كيف -والخيمياء هي نقل للكمال الروحي إلى العالم ليس إال الجزء المرئي من اهللا،: " تذكر ماقلته لك -

. " العالم المادي ماذا تفعل؟ -

.صقري أطعم - إن لم أنجح في التحول إلى ريح، ستموت، فما الحاجة إلى إطعام الصقر؟ - .أنت ستموت ـ أجاب الخيميائي ـ أما أنا، أنا أعرف كيف أتحول إلى ريح -يمر، اليوم الثاني تسلق الشاب ذروة صخرة تقع على مقربة من المعسكر، وقد تركه الخفراء في

باالضافة إلى ذلك ن ساحر يتحول إلى ريح، ولم يكونوا يودون االقتراب منه،كانوا يتحدثون ع .فإن الصحراء كانت تشكل سورا يتعذر عبوره

اليوم الثاني في تأمل الصحراء، أصغى إلى قلبه، وأصغت الصحراء إلى قضى بقية ظهيرة

.يتملكه الخوف الذي .كالهما كان يتكلم اللغة نفسها

.أعوانه الرئيسيين الثالث جمع الزعيمفي اليوم

.للخيميائي هيا بنا نر ذلك الولد الذي يتحول إلى ريح ـ قال - .هيا بنا ـ أجاب الخيميائي -

.قد جاء إليه يوم أمس، ثم طلب من الجميع أن يجلسوا قادهم الشاب إلى المكان الذي كان .ائيالوقت ـ قال الخيمي إن هذا سيتطلب قليال من - .لسنا مستعجلين ـ أجاب الزعيم ـ فنحن من رجال الصحراء -

ونباتات زاحفة أخذ الشاب يتأمل األفق قبالته، جبال كانت تبدو من بعيد، كثبان رميلة، صخور،التي جابها طيلة وحيث كانت تجثم الصحراء. تتشبث بالحياة، هناك حيث البقاء شبه مستحيل

في ذلك الجزء كان قد .منها على الرغم من ذلك إال جزءا يسيراشهور وشهور، ولم يكن يعرف خمسين ألف شجرة نخيل، وثالثمائة التقى إنكليزيا، وقوافل، ونزاعات بين العشائر، وواحة ذات

.بئرا

ألم نتأمل بعضنا بعضا كفاية يوم البارحة؟ ماذا تريد مني اليوم ـ سألت الصحراء ـ -التي أحبها، وعندما أتأمل مساحتك الرملية الشاسعة فأنا كان ما بتلكأنت تحتفظين في م -

الرجوع إليها، وأحتاج إلى مساعدتك كي أتحول إلى ريخ أتأملها هي أيضا، أريد .الصحراء ماهو الحب؟ سألت -يعد منه قط دون الحب هو عندما يحلث الصقر فوق رمالك، ألنك بالنسبة له ريف أخضر، لم -

.ة، وهو يعرف صخورك، كثبانك، جبالك، وأنت كريمة معهفريس :الصحراء قالت

أعوام، رويتها بالقليل من إن منقار الصقر ينتزع مني قطعا، هذه الفريسة قد غذيتها طيلة -قوتها، ويوم كبرت وأوشكت أشعر بها الماء الذي أملكه، وأرشدها إلى المكان الذي تجد فيه

.ليختطف ما كنت جعلته ينمو ويكبر هو الصقر ينتفض من السماءتحبو على رمالي، ها

كان لهذه الغاية بالذات ـ أجاب الشاب ، لتطعم ماكنت فعلته لهذه الطريه من إطعام ورعاية -واإلنسان سيطعم رمالك يوما ما، ومنها ستولد الطريدة من الصقر، والصقر سيطعم اإلنسان،

.جديد، وهكذا يسير العالم

هل هذا هو الحب؟ -إلى إنسان، واإلنسان إلى تراب، هو ذا نعم، هو من يجعل الفريسة تتحول إلى صقر، والصقر -

.ليختبئ في بطن األرض هو من جعل الرصاص يتحول إلى ذهب، ويجعل الذهب يعود .لم أفهم كالمك ـ قالت الصحراء -اك امرأة تنتظرني، ولكي أستجيب إلى األقل، أن في بقعة ما وسط رمالك هن إذن افهمي على -

.علي أن أتحول إلى ريح انتظارهاال أستطيع شيئا، أطلب مساعدة أقدم لك رمالي كي تستطيع الريح أن تهب، لكن بمفردي -

.الريح

يرقبون من بعيد الشاب الذي كان يتكلم لغة نسمة خفيفة أخذت تهب، وزعماء الحرب كانوا .ممجهولة بالنسبة له

.يبتسم الخيميائي كانالرياح وصلت الريح إلى الشاب، وداعبت وجهه، كانت قد سمعت حديثه مع الصحراء، ألن

.موقع تموت فيه تعرف دائما كل شيء، فهي تطوف العالم دون أن يكون لها موقع تولد فيه، أو .ساعديني ـ قال الشاب ـ فأنا قد سمعت فيك صوت حبيبتي ذات يوم - علمك التكلم بلغة الصحراء والريح؟من -

.قلبي ـ أجاب الشاب - كانت تحمل عدة أسماء فهي تدعى هنا بالسيروكو أو السموم، العرب كانوا يعتقدون بأنها الريح

الذي قدم كانت تأتي من األراضي ذات المياه الغزيرة والمأهولة بسكان سود، وفي البلد البعيدوصيحات العرب رقية ألن الناس كانوا يظنون بأنها تحمل الرملمنه الشاب كانت تسمى بالش

يعتقد الناس فيه بأنها القتالية، وربما في مكان آخر بعيد عن الحقول التي ترتعي فيها القطعان، .تنشأ في األندلس

جهة، لذلك فهي أقوى من الصحراء، فمن الممكن يوما أن لكنها التولد من جهة، والتنتهي إلىوحتى أن نربي فيها األغنام، لكننا النستطيع إطالقا أن نتحكم س األشجار في الصحراء،تنغر

.بالريح أو نقهرها .أنت التستطيع أن تكون ريحا فطبيعتانا مختلفتان ـ قالت الريح للشاب - في أملك هذا ليس صحيحا، فأنا قد تعلمت أسرار الخيمياء، بينما كنت أجوب العالم معك، فأنا -

خلقتنا يد داخلي الرياح، والصحاري، والمحيطات، والنجوم، وكل ماخلق في الكون، وكلناالبحار، أنتزع الرمل الذي واحدة، ولنا الروح نفسها، أريد أن أكون مثلك أخترق كل مكان، أعبر

.يغطي كنزي، وأقرب صوت حبيبتي مني، كان يقول أن لكل شيء أسطورته محادثتك مع الخيميائي، في ذلك اليوم لقد سمعت -

.ال يمكن لهم أن يتحولوا إلى ريح الشخصية، والبشر :طلب الشاب

لحظات، كي نستطيع التحدث سوية عن االمكانات غير المحدودة علميني أن أكون ريحا لبضع - .للرياح والبشر

كانت تعرفه الكثير منالرياح فضولية وكان هناك شيء ما لم تكن تعرفه، علما بأنها كانت

األشياء، كانت تستطيع إنشاء صحراء، إغراق مراكب، إبادة غابات بأسرها، وأن تتجول في كانت تؤمن بقدراتها الالمحدودة، وهاهي. مدن تعج بالموسيقى وأنواع غريبة من الضوضاء

.اآلن أمام شاب يؤكد أن بإمكان الريح أن تقوم بأشياء أخرى

ـ قال الشاب لدى رؤيته أن الريح قد أوشكت أن تستجيب لطلبه ـ الحبهذا مايسمونه -نكون شيئا من الخليقة، ولسنا بحاجة لفهم مايجري، ألن كل شيء وعندما نحب، نستطيع أنوإن الناس يستطيعون أن يتحولوا إلى ريح بشرط أن تساعدهم الريح إنما يجري في داخلنا،

.طبعا قاله الشاب أثار سخطها، فراحت تعصب بقوة كبيرة، مذرية رمالالريح متعالية، وما كانت

تجهل الصحراء، لكن عليها أن تعترف أنها وبعد كل هذا التطواف في العالم بأسره، فهي مازالت .تحويل رجل إلى ريح، وانها لم تكن تعرف الحب

:قالت الريح

ن عن الحب، وهم ينظرون إلى جوالتي عبر العالم الحظت، الكثير من الناس يتحدثو خالل - .ساخطين ألن عليهم أن يسلموا بحدودها، ربما من األفضل لك أن تستعيد بالسماء السماء

:أجاب الشابالشمس دون أن أصاب إذن ساعديني، وغطي هذا المكان بالغبار، كي أستطيع النظر في -

.بالعمى .تى بدت السماء مجرد قرص ذهبيح عصفت الريح بشكل أقوى، فاكتسحت الرمال وجه السماء

الصحراء خبروا جيدا هذه الريح، ريح في المعسكر، صار من الصعب تمييز أي كان، فرجاليعرفون البحر، وأخذت الخيول تصهل، السموم، كانت أسوأ من عاصفة البحر، لكنهم ال

.واألسلحة تغطت بالرمال :عيم وقالرجل من أعيان الحرب نحو الز على الصخرة التفت

.الحد ربما سيكون من األقضل التوقف عند هذا - .القلق والذعر كانوا يميزون بصعوبة الشاب، كانت وجوهم ملثمة، ونظراتهم يبدو فيها

.لننه األمر ـ ألح رجل أعيان حرب آخر - إلى اهللا، قال الزعيم بصوت فيه كل الخشوع ـ أريد أن أرى تحول رجل أريد أن أرى عظمة -

.ريح

سجل في ذهنه اسمي هذين الرجلين الخانثين، وبمجرد أن تهدأ الريح، سيخلعهما من لكنه .مهامهما فليس من حق رجال الصحراء أن يخافوا

:قال الشاب للشمس الكلية التي أخبرتني الريح بأنك تعرفين الحب، وإن كنت تعرفين الحب فالبد أنك تعرفين النفس -

.حبخلقت من ال :اجابت الشمس

النفس الكلية، فهي على اتصال مع روحي، ومع تعاوننا نحن من مكاني هذا أستطيع رؤية -وتندفع األغنام التي تبحث عن الظل، ومن حيث أنا استطعت أن أحب، اإلثنين تنمو النباتات،ل ماعليها، مكاني هذا، واعلم أنني لو اقتربت قليال من األرض ألنقرض ك قدرت أن أحب من

النفس الكلية عن الوجود، وهكذا فنحن اإلثنين نتبادل النظر ونحب بعضنا بعضا، فأنا ولتوقفت .أمدها بالحياة والحرارة، وهي تعطيني سبب البقاء

:كرر الشاب تعرفين الحب؟ أنت -

:تابعت الشمسفرنا األبدي في هذا الكون، لقد التنتهي أثناء س إنني أعرف النفس الكلية، ألن بيننا أحاديث -

هو أن المعادن والنباتات وحدها فقط، قد أدركت أن كل حدثتني بأن أفدح مشكالتها حتى اآلنليس من الضروري أن يكون الحديد مشابها للنحاس، والنحاس شيء هو واحد وفريد، لهذا فإنه

، وسوف يكون من الكل وظيفته الدقيقة في هذا الشيء األوحد مشابها للذهب، فكل يشغلاليد التي كتبت كل هذا توقفت في اليوم الخامس، لكن كان هناك يوم سيمفونية السالم، لو أن

.سادس :الشاب قاليكن هناك اليوم أنت عالمة ألنك ترين كل شيء عن بعد، لكنك ال تعرفين الحب، لو لم -

لكل أسطورته الشخصية .لرصاص رصاصاالسادس، لما وجد اإلنسان، ولكان النحاس نحاسا، واإلى ماهو أرقى، إلى ـ هذا صحيح ـ لكن هذه األسطورة ستكتمل ذات يوم، فيجب التحول

.واحدا وفريدا أسطورة شخصية جديدة، إلى أن تصبح النفس الكلية حقا شيئا

ة بهذه المحادثة كانت معجب ظلت الشمس حالمة، ثم أخذت تلمع لمعانا عجيبا، والريح التي .عصفت بقوة أيضا كي التذهب الشمس ببصر الشاب

وجدت الخيمياء ـ قال هذا األخير ـ كي يبحث كل انسان عن كنزه ويجده، ويسعى أن لهذا - فيما بعد أفضل مما كان عليه، والرصاص سيقوم بدوره إلى أن يصبح العالم بغنى عنه، يعيش

. ذهبعندئذ ينبغي عليه أن يتحول إلىالتحول، ويبينون لنا أنه عندما نسعى ألن نكون أفضل الخيميائيون يتوصلون إلى تحقيق هذا

.حولنا يتحسن مما نحن عليه، فإن كل شيء :سألت الشمس

ولماذا قلت أنني ال أعرف الحب؟ -

ل شيء ال يستدعي الجمود كالصحراء، وال تجواب العالم كالريح، وال النظر في ك ألن الحب - الحب هو القوة التي تحول وتصقل النفس الكلية، فعندما دخلت عالمها للمرة. مثلك من بعيد

وكانت لها األولى، كنت أظنها كاملة، أما فيها بعد، فقد رأيت أنها كانت انعكاسا لكل ماخلقفإنها ستصبح عليها، نزعاتها وأهواؤها، نحن الذين نغذي النفس الكلية، أما األرض التي نحيا

الحب، ألننا عندما نحب بأفضل أو أسوأ، بقدر مانكون نحن أفصل أو أسوأ، وهنا تتدخل قوة .فإننا النريد دائما أن نكون أفضل مما نحن عليه

تنتظر مني؟ سألت الشمس ماذا - .أن تساعديني كي أتحول إلى ريح - .نني أجهل كيف أحولك إلى ريحكأكبر عالمة بين كل المخلوقات، لك الطبيعة تعرفني - إذن؟ إلى من أتوجه -محدودية علمها، صمتت الشمس لحظة، وكانت الريح تصغي وتستعد لتفشي في العالم بأسره -

.الكونية فلم يكن بوسعها التهرب من هذا الشاب الذي كان يتكلم اللغة .توجه إلى اليد التي كتبت كل شيء ـ قالت الشمس أخيرا -

الريح صرخة رضى، وهبت بقوة العهد لها بها، اقتلعت الخيام المنتصبة في الصحراء، أطلقت وتحررت الحيوانات من قيودها، وعلى الصخرة صار الناس يتشبثون ببعضهم خوفا من أن

.تحملهم الريح الكون أدنى كلمة، فقد أحس أن عندئذ التفت الشاب إلى اليد التي كتبت كل شيء، وبدل أن يقول

.كله مكث من حوله صامتا، ومكث هو صامتا أيضاكانت صالة اندفاع من الحب انبثق من قلبه، وأخذ بالصالة، صالة لم يفعل مثلها من قبل، ألنها

ألغنامه، لم يكن يبتهل من دون كالم، لم يطلب شيئا من خاللها، لم يكن يشكر ألنه وجد مرعىالتي التقاها عودته ات، لم يكن يطلب أن تنتظر المرأةألنه باع المزيد من الزجاجي.

والشمس، كانت هي أيضا تبحث لكنه أدرك من خالل الصمت الذي خيم، أن الصحراء والريحمتابعة طريقها، وتدرك ماكان منقوشا عن العالمات، التي كانت تلك اليد قد خطتها، وكانت تريد

منتشرة على األرض وفي الفضاء والتي ليس العالماتعلى زمردة بسيطة، كان يعلم أن هذه بحيث أن ال الصحارى، وال الريح وال االشمس، لوجودها أي مبرر من حيث الظاهر، أي معنى،

لماذا خلقوا، لكن تلك اليد كان لها سببها بالنسبة لكل وال البشر في النهاية لم يكونوا ليعلمواجزات، وتحويل المحيطات إلى صحاري، والبشر إلى صنع المع هذا وهي وحدها القادرة، علىأن هناك هدفا ساميا دفع الكون إلى النقطة التي تحولت فيها أيام ريح، ألنها وحدها التي تفهم

.إنجاز عظيم الخلق الستة إلىروح اإلله، وأن روح واندمج الشاب في النفس الكلية، ورأى أن النفس الكلية هي جزء من

.وحه الخاصةاإلله هي ر

هبت رياح السموم في ذلك اليوم على . يحقق المعجزات وأنه كان يستطيع منذ ذلك الوقت أناإلطالق، وعلى مدى أجيال فإن العرب كانوا يروون أسطورة شاب نحو لم يسبق له مثيل على

ماء وكاد أن يزيل معسكرا متحديا بذلك بأس أهم زعيم حربي من زع كان قد تحول إلى ريح، .الصحراءتوقفت ريح السموم عن العصف، حملقوا كلهم باتجاه المكان الذي كان فيه الشاب الذي عندما

.يعد هناك، بل كان في الجانب اآلخر يراقب العاصفة لمالخيميائي ألنه وجد تلميذه : الشعوذة، وشخصان كانا يبتسمان آنذاك كان الناس مذعورين من

. هذا التلميذ قد أدرك مجد اإللهالزعيم، ألن الحقيقي، ثموالخيميائي، وسير معهما موكبا من الحرس ليرافقهما إلى المكان وفي الغد ودع الزعيم الشاب

.إليه الذي يبغيان الذهاب

× × ×

قبطي، فطلب الخيميائي من مرافقيه مشيا نهارا كامال، وعند هبوط المساء وصال أمام دير :م قال للشابالعودة وترجل، ث

.اآلن بمفردك، لم يبق لك إال ثالث ساعات من السير كي تصل إلى األهرامات ستذهب منذ - :الشاب أجاب

.شكرا، إنك علمتني اللغة الكونية -

.كنت تعرفه مسبقا لم أعمل إال على تذكيرك، بما -باب، تحادثا للحظات باللغة ال قرع الخيميائي باب الدير، وجاء راهب يرتدي السواد ليفتح لهما

.القبطية، ثم أدخل الخيميائي الشاب .يسمح لي باستعمال المطبخ لبعض الوقت ـ قال الخيميائي طلبت منه أن -

أشعل الخيميائي النار، وأحضر الراهب قليال من الرصاص الذي صهره ذهبا إلى مطبخ الدير،اص سائال تناول من جعبته البيضة الصفراء من الحديد، وعندما صار الرص الخيميائي في وعاء

الغريبة التي كانت بحوزته، وكشط عنها قشرة لتتجاوز سماكتها الشعرة، وغلفها الزجاجيةورماها في اإلناء الذي كان يحتوي على الرصاص المصهور، تلون المزيج باألحمر بالشمع، برد، وبانتظار ذلك تجاذب أطرافعندئذ رفع الخيميائي الوعاء عن النار، وتركه ي القاني،

الحديث مع الراهب الذي كان مساء ـ فمنذ زمن طويل، قد شلت حركة القوافل في الجيزة .بانتظار نهاية النزاع

.لكنها مشيئة اهللا - .آمين ـ أجاب الخيميائي -

الداخل عندما برد المستحضر، نظر الراهب والشاب بتعجب، فالمعدن كان قد جف حول الجانب

.لإلناء، لكنه لم يعد من الرصاص وإنما أصبح من الذهب .أتعلم مافعلته؟ سأل الشاب هل أستطيع أن -الخيميائي ـ لكنني أردت أن أبين لك أن إنها أسطورتي الشخصية، وليست أسطورتك ـ أجاب -

.هذا ممكن . قطع متساويةجزأ الخيميائي القرص إلى أربع عاودا إلى مدخل الدير، وهناك

.من هذه األجزاء إلى الراهب ـ لقاء كرمك تجاه الحجاج هذه لك ـ قال وهو يقدم واحدا - .بكثير ـ أجاب الراهب هذا أكثر مما أستحق - .األقل مرة أخرى التتكلم هكذا، فإن الحياة تستطيع أن تسمعك، وتعطيك -

:ثم اقترب من الشاب .منك، وبقي في حوزة الزعيم الحربي ب الذي سلبهذا لك كي أعوضك الذه -

خسره، لكنه سمع ماقال الخيميائي للراهب، فأمسك أوشك الشاب أن يقول أن هذا أكثر بكثير مما .عن الكالم

فهي لي ـ قال الخيميائي ـ ألنه ينبغي علي أن أعود من جديد مجتازا أما هذه الحصة -

. بين العشائرمازالت مستمرة الصحراء، والحربأيضا، هذا الجزء من أجل الشاب الموجود هنا تناول حينذاك القطعة الرابعة، وأعطاها للراهب

.في حال احتاج إليها :أجاب الشاب

.لكنني ذاهب للبحث عن كنزي، وها أنذا صرت قريبا جدا منه اآلن - .متأكد من أنك ستجده ـ قال الخيميائي وأنا - ذا الجزء اإلضافي؟إذن لماذا ه - ألنك فقدت المال الذي جنيته مرتين في غضون سفرك، مرة مع اللص، وأخرى مع الزعيم ذلك -

يمكن أال مايحصل مرة: الحربي، وأنا عربي عجوز أعتقد بحكم وأمثال بلدي، وإليك واحدا منها .يحصل ثانية أبدا، لكن مايحصل مرتين يحصل بالتأكيد مرة ثالثة

.ا فرسيهماامتطي ثم

.أود أن أقص عليك قصة عن األحالم ـ قال الخيميائي .قرب الشاب حصانه منه

عاش رجل طيب، كان أبا لولدين، األول في روما القديمة، وفي عهد اإلمبراطور تيباريوس، " -اإلمبراطورية، والثاني كان شاعرا سحر روما انخرط في الجيش، وأرسل إلى أقصى أقاليم

.عره، البديعبش

حلما، فقد ظهر عليه مالك ليقول له أن كالم واحد من أبنائه سيعرف وسيردد ذات ليلة حلم األب أفاق الرجل العجوز وهو يبكي من الفرح ألن. العالم بأسره، وعبر أجيال المستقبل كلها في

.فخورا كان أباالحياة أظهرت له سخاءها، وتجلى له الوحي يبشره بشيء يجعل من أي أب

عربة، ولما كان بعد زمن وجيز، مات األب وهو يحاول إنقاذ طفل أوشك أن يدهس تحت عجالتمباشرة، وهناك التقى المالك عادال وطيبا في سلوكه طيلة حياته، فقد صعدت روحه إلى السماء

.الذي كان قد تراءى له في الحلممالك ـ عشت محاطا بالحب، ومت بكرامة، أستطيع اآلن أن طيبا ـ قال له ال لقد كنت رجال -

.واحدة من أمنياتك أحقق لكوعندما ظهرت لي في الحلم، قد الحياة أيضا كانت جميلة بالنسبة لي ـ أجاب العجوز ـ -

ذاكرة الناس إلى األبد، فأنا ليس لدي فهمت أن في هذا مباركة لي، ألن أشعار ولدي ستبقى فيبمشاهدة من رعاه صغيرا وهذبه يافعا، ذائع من أجل نفسي، غير أن كل أب يعتزأي طلب

.المستقبل البعيد الصيت، أتمنى أن تريني كلمات ابني فيبعيد، فشاهدا أمامها ساحة ربت المالك على كتف العجوز، ومن ثم انقذفا معا إلى مستقبل

.مكتظة بآالف الناس الذين يتكلمون بلغة غريبةتقول العجوز فرحا، كنت اعلم ـ قال للمالك ـ أن أشعار ابني جميلة وخالدة، أال تريد أن بكى

لي أيا من قصائده التي يرددها هؤالء اآلن؟بكثير من اللباقة، وجلسا على أحد مقاعد تلك الساحة الفسيحة وقال اقترب منه المالك عندئذ،

:له ة جدا في روما، وكل الناس قد أحبوها، واستمتعوا بها، ولكنابنك الشاعر، كانت شعبي قصائد -

كلمات عندما انتهى حكم تيباريوس، فإنهم نسوها، الكلمات التي يرددها هؤالء الناس اآلن هي .ابنك اآلخر، الجندي

:نظر العجوز للمالك بدهشة، وتابع المالك لقد كان رجال) سانتوريون( المائة ذهب للخدمة العسكرية في والية بعيدة، وصار قائد ابنك -

طيبا وعادال، ذات مساء مرض أحد خدمه وأشرف على الموت، وسمع ولدك برجل اسمه كان يشفي المرضى، فقضى أياما طواال بالبحث عنه، أثناء تجواله، اكتشف أن من يبحث يسوع،

. يديهعنه هو ابن اإلله، وقد التقى أشخاصا آخرين، وقدر لهم الشفاء على

يسوع، يتعلم تعاليمه، ورغم أنه قائد مئة، فقد اعتنق دينه، أخيرا ذات صباح جاء إلى جوار فبدأقائد المائة، روى له أن أحد خدمه كان مريضا وأبدى يسوع استعداده لمرافقته حتى بيته، لكن

بن اهللا، فقد كان أمام ا كان رجال مؤمنا، فعندما نظر إلى يسوع بعمق، أيقن أنه كان بحق يقف .الناس المحيطون به ينهضون إجالال له

يارب لست : " الكلمات لم تكن لتنسى إطالقا. ابنك ـ قال المالك للعجوز كانت هذه كلمات

." تدخل تحت سقفي، لكن قل كلمة الغير فيبرأ فتاي مستحقا أن .السير حث الخيميائي حصانه على

.وهو اليدري ى األرض يلعب الدور الرئيس في سيرة العالمعلى أية حال، إن كل شخص عل -

.تكون مهمة جدا بالنسبة لراع ابتسم الشاب، لم يكن قد تصور إطالقا، أنه من الممكن للحياة أن .وداعا ـ قال الخيميائي - .أجابه وداعا ـ -

× × ×

اء بانتباه لحديث قلبه، فهو االصغ مشى في الصحراء لمدة ساعتين ونصف الساعة، محاوال .الذي سيكشف له المكان المخبأ فيه الكنز

.حيث يكون كنزك، يكون قلبك: وتذكر ماكان الخيميائي يقوليتحدث عن أشياء أخرى، فقد كان يروي بكبرياء سيرة راع ترك أغنامه من أجل لكن قلبي كان

الشخصية، بالنسبة لكل الرجال الذين قدبحلم حلم به مرتين، كان يتحدث عن األسطورة اللحاق عملوا الشيء نفسه، ورحلوا بحثا عن أراض جديدة أو نساء حسناوات، متصدين لرجال

.عصرهم، بما حملوا من أفكار وادعاءاتاالكتشافات، عن الكتب، عن االضطرابات الكبيرة، وبينما طيلة هذه المسافة، كان يتحدث عن

رملي، سمع قلبه يهمس ـ انتبه جيدا إلى المكان الذي ستبكي لق كثيبكان يجهز نفسه لتس .الذي أوجد أنا فيه، وهو المكان الذي تجد كنزك فيه فيه، ألنه هو المكان

كانت السماء مليئة بالنجوم، والبدر يضيئهما من جديد، كانا قد مشيا أخذ بتسلق الكثيب ببطء، القمر يضيء الكثيب، وأخذ سحر الظالل يعطي الصحراء هيئة الصحراء، وهاهو شهرا كامال في

الهائج، كان يعود ويذكر الشاب باليوم الذي أرخى فيه لجام حصانه، وأعطى للخيميائي البحر كان ضوء القمر يغمر صمت الصحراء، وذلك السفر الطويل الذي. العالمة التي كان ينتظرها

.يقوم به الرجال بحثا عن الكنوزهاهي ذي أمامه تنتصب : خفق قلبه في صدره ما وصل بعد عدة دقائق إلى قمة الكثيبوعند

.القمر بعظمة وجالل أهرامات مصر، يضيئهما ضوءذات يوم ملكا وتاجرا جثا على ركبتيه وبكى، وشكر اهللا ألنه آمن بأسطورته الشخصية، وللقائه

جعلته يفهم أنه اليمكن للحب أبدا ة من الصحراءوانكليزيا وخيميائيا، وفوق كل ذلك لقاؤه بامرأ .أن يبعد االنسان عن أسطورته الشخصية

لكان األهرامات بما مر عليها من أجيال تراقب من عليائها ذاك الذي عند أقدامها، لو أراد كانتللغنم، ألن باستطاعته اآلن العودة إلى الواحة، والزواج من فاطمة، والعيش كراع بسيط

الرغم من انه خيميائي كان يعيش في الصحراء، على الرغم من أنه يفهم لغة العالم، وعلىال

وبينما هو ذاهب .خبر تحويل الرصاص إلى ذهب، ولم يكن بحاجة ألن يشرح ألحد علمه وفنهوعاش كل ما حلم أن لتحقيق أسطورته الشخصية، كان قد تعلم كل ما كان بحاجة لمعرفته

.يعيشه

إدراك الهدف، هناك من على قمة الكثيب ا قد توصل إلى كنزه، واإلنجاز اليتم إال عندهاهو ذفيه دموعه جعال يمشي، وقد تعلم مما نظر إلى األرض فرأى في المكان الري سقطت. بكى

.مصر أمضاه في الصحراء أن الجعالن رمز لإلله فيأمضى االنسان حياته حتى لو: جر الزجاجياتإنها عالمة أيضا، لذلك فقد بدأ يحفر، متذكرا تا

.حديقته كلها في تكويم األحجار، فإنه لن ينجح إطالقا في بناء هرم فياألهرامات، كانت القرون حفر في المكان المحدد طيلة الليل، دون أن يجد شيئا، ومن أعالي

، مصارعا الريح التي كانت توقف الغابرة تتأمله بصمت، لكنه لم يتراجع، كان يحفر ويحفر دونوجرحتا، لكنه استمر باالعتقاد بقلبه، تعيد أكثر من مرة الرمل إلى داخل الحفرة، وتعبت يداه

.فيه دموعه وقلبه قال له أن يحفر في المكان الذي ستسقطالصباح، سمع وقع فجأة، وبينما كان يحاول انتزاع بعض األحجار التي كان قد كشف عنها في

يستطع رؤية عيونهم أو بضع رجال كانوا يقتربون، وبما أن القمر كان خلفهم فإنه لم. ..خطى .وجوههم

.ماذا تفعل هنا؟ سأل أحد القادمين - .بشيء، لكنه خاف، فعليه أن ينبش كنزه من التراب ولهذا خاف لم يجب

.لى المالقال آخر ـ ونريد أن نعرف ما تخبئ هنا، فنحن بحاجة إ نحن الجئوا حرب ـ - .شيئا ـ أجاب الشاب أنا لم أخبئ -

.آخر بتفتيشه لكن أحد الرجال أخذه من ذراعه، وجره خارج الحفرة، وأخذ .ووجدوا قطعة الذهب التي كانت في إحدى جيوبه

.ـ قال أحد المهاجمين إنه يملك الذهب - .هحتف أضاءت أشعة القمر وجه ذلك الذي كان يفتشه، وفي عينيه رأى

:البد أن يكون لديه أيضا من الذهب المخبأ في األرض ـ قال آخر -زمنا طويال، ضربوه. اجبروه على مواصلة الحفر، وألنه لم يجد شيئا فقد انهالوا عليه ضربا

.قريبا حتى ظهور خيوط الشمس األولى، ثيابه صار مزقا وأحس بأن الموت صار يستطيع المال إنقاء أحد من لمرء أن يموت؟ فإنه لمن النادر أنمانفع المال، إن كان على ا -

.الموت ـ هكذا قال الخيميائيأدمت فمه المتورم إثر اللكمات أخيرا، وعلى الرغم من الجروح التي ابحث عن الكنز ـ قال -

مات فقد روى لمهاجميه أنه كان قد حلم مرتين بكنز مطمور على مقربة من أهرا التي تلقاها،

.مصر .ذاك الذي يبجو عليه زعيمهم، بقي صامتا لفترة، ثم توجه إلى واحد من أتباعه

.نستطيع أن نتركه ينصرف، فليس معه شيء آخر، وهذا الذهب قد سرقه على األرجح -

زعيم العصابة، سقط الشاب منكبا على األرض، وعينان اثنتان كانتا تبحثان عن عينيه، لقد كان .ب كان ينظر صوب األهراماتلكن الشا

: ألصحابه ثم التفت نحو الشاب قائال قال الزعيم! هيا بنا نذهب -المرء أن يكون غبيا بهذا القدر، فهنا لن تموت، سوف تعيش، وتعلم أنه ليس من حق -

ومنذ عامين تقريبا، كنت قد حلمت بحلم تكرر، بالضبط، وفي هذا المكان الذي أنت فيه اآلنإسبانيه، أبحث في الريف عن كنيسة صارت أطالال، حيث لمت أنه كان ينبغي علي الذهاب إلىح

مع أغنامهم، وحيث تنبت شجرة جميز في الموهف، وأنني لو كان الرعاة يذهبون إليها غالبا لوجدت كنزا مخبأ، لكنني لست غبيا للحد الذي يجعلني أجتاز حفرت عند أسفل شجرة الجميز،

.ألنني حلمت بالحلم نفسه مرتين، ثم انصرف الصحراء كلها، فقط

.إلى األهرامات نهض الشاب بصعوبه، ونظر مرة أخرى .بالفرح ابتسمت له األهرامات، وابتسم لها هو بالمقابل، وقلبه مفعم

! كان قد وجد كنزه

× × × :: الخاتمة :: يدعى سانتياغو كان

.الهبوط لصغيرة المهجورة، عندما كان الليل على وشكوصل إلى الكنيسة اتلمع من خالل كانت شجرة الجميز ماتزال في الموهف، وكان مايزال باإلمكان رؤية النجوم

أمضى ليلة هادئة السقف المتهدم، وتذكر أنه جاء ذات مرة إلى هناك مع أغنامه، وكان قد .باستثناء الحلم الذي رآه

.مجرفة ال قطيعه لكن كان معهإنه هناك اآلن ب

وفجأة تذكر تلك الليلة في بقي وقتا طويال يتأمل السماء، ثم تناول من جعبته زجاجة من الخمر،الخيميائي، لقد تذكر كل الدروب التي الصحراء، والتي شاهد فيها النجوم وشرب الخمر أيضا مع

، ولو أنه لم يكن يؤمن باألحالم التي كانت كنزه سلكها، والطريقة الغريبة التي أظهر اهللا بهاالقائمة طويلة جدا، هذا ... وال الملك العجوز وال اللص ال تتكرر، لما كان قد التقى الغجرية

مرسومة بالعالمات، ولم يكن هناك سبب ألضل الطريق ـ قال في صحيح، لكن الدرب كانت

.نفسهنت الشمس في أوج إشراقها، عندها أخذ يحفر عند يعرف كيف نام، وعندما أفاق كا نام دون أن

.شجرة الجميز أسفل

أنك كنت قد تركت لي أيها الساحر العجوز ـ حدث نفسه ـ كيف تحيط علما بكل شيء، حتى -الراهب كثيرا عندما رآني لقد ضحك. قليال من الذهب كي أستطيع العودة حتى هذه الكنيسة

العناء؟ بإمكانك أن توفر علي كل هذاأعود بثوب رث ممزق، ألم يكن :سمع الريح تجيبه

األهرامات، فهي جميلة جدا، ألم تجدها كذلك؟ ال، فلو كنت قد قلت لك ذلك لما كنت رأيت -ثم أخذ يحفر، وبعد انقضاء نصف ساعة، اصطدمت كان هذا هو صوت الخيميائي، ابتسم

صندوق مليء بقطع الذهب األسبانية أمامه المجرفة بشيء قاس، وبعد ساعة كان هناكوأقنعة ذهبية مزينة بريش أحمر وأبيض، وتماثيل القديمة، كان فيها أيضا أحجار كريمة،كانت البالد قد نسيتها منذ زمن بعيد، وكان الفاتح قد نسي مرصعة باأللماس، إنها مخلفات فتح

.أن يذكرها إلى أحفاده

ذات فهو لم يكن قد استخدم هاتين الحجرين إال مرة واحدةسحب من جعبته أوريم وتوميم، .صباح في السوق األسبوعي

.الحياة ودربه كانتا محفوفتين دائما بالعالماتكنزه، وضع أوريم وتوميم في صندوق الذهب، فهاتان الحجران تمثالن هنا أيضا جزءا من

.عد اآلن أبدافربما تذكرانه بذلك الملك العجوز الذي لن يلتقيه ب .الحقيقة إن الحياة كريمة مع من يعيش أسطورته الشخصية ـ قال في سره في -

.عندئذ بأن عليه الذهاب إلى مدينة طريفه، ليعطي العشر من كل هذا للغجرية وتذكر .قال لنفسه ـ ربما ألنهم يرتحلون كثيرا! الغجر خبثاء كم -

لريح الشرقية القادمة من إفريقية، فهي لم تكن تحمل رائحة إنها ا لكن الريح أخذت تعصف، .غزو عربي الصحراء، والخطر

برفق، وبكل رفق، وعوضا عن ذلك، كانت تحمله رائحة عطر يعرفه جيدا، وهفيف قبلة وصلت .لتستقر على شفتيه

:تفعل بها هذا، وصاح قائال ابتسم، تلك كانت المرة األولى التي

.نذا يا فاطمة، إني قادمها أ -

* تمـــت *

منتدى حدیث المطابع موقع الساخر

www.alsakher.com