26
ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺩﻭﻟﻳﺔ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟ ﺳﺎ ﺑﻊ ﻭﺍﻟﺛﻼﺛﻭﻥ} ١١٩ { ﺍﻟﻣﻘﺩﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﺩء ﻛﺎﻧ�ﺕ ﺍﻟﺳ�ﻠﻁﺔ ﺷ�ﻳﺋﺎ ﻳﻘ�ﻭﻡ ﻋﻠ�ﻰ ﺍﻟﻘ�ﻭﺓ؛ ﺳ�ﻭﺍء ﺃﻛﺎﻧ�ﺕ ﻗ�ﻭﺓ ﺭﻭﺣﻳ�ﺔ ﻣﻌﻧﻭﻳ�ﺔ ﺃﻡ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﺍﻟﻣﺟﺭﺩ ﻭﺭﺑﻣﺎ ﺟﺎءﺕ ﻣﻘﻧﻌﺔ ﺑﻘﻳﻡ ﻭﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻭﺭﺑﻣﺎ ﻗﺎﻣﺕ ﺃﻳﺿﺎ ﻋﻠ�ﻰ ﺃﺳ�ﺎﺱ ﻣﻥ ﺍﻟﺛ�ﺭﻭﺓ، ﻭﻣ�ﻊ ﺫﻟ�ﻙ ﺗﺿ�ﻝ ﺍﻟﻘ�ﻭﺓ ﻓ�ﻲ ﺃﺳ�ﺎﺱ ﻛ�ﻝ ﺳ�ﻠﻁﺔ. ﻣ�ﺎ ﻛ�ﺎﻥ ﻟﻠﻘ�ﻭﺓ ﺑﻣﻌﻧﺎﻫ�ﺎ ﺍﻟﻣﺟ�ﺭﺩ ﺃﻥ ﺗﺳﺗ ﻣﺭ ﻭﺗﺣﻘﻕ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺭﺍﺩ ﻟﻬﺎ ﻣﻥ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺭﻯ ﻣ�ﻥ ﺗﺣ�ﻭﻝ ﻓ�ﻲ ﻁﺑﻳﻌﺗﻬ�ﺎ ﻭﻣﺣﺗﻭﺍﻫﺎ. ﻓﺎﻟﻘﻭﺓ ﻟﻭﺣ�ﺩﻫﺎ ﻻ ﻳﻣﻛ�ﻥ ﺃﻥ ﺗﺧﻠ�ﻕ ﺣﻘﻭﻗ�ﺎ ﺩﺍﺋﻣ�ﺔ ﻭﻣﺳ�ﺗﻘﺭﺓ ﻷﻧﻬ�ﺎ- ﺃﻱ ﺍﻟﻘ�ﻭﺓ- ﺑﻁﺑﻌﻬ�ﺎ ﻏﻳ�ﺭ ﻣﺳ�ﺗﻘﺭﺓ ﻣ�ﻥ ﻧﺎﺣﻳ�ﺔ ﻭﺗﺗﻣﻳ�ﺯ ﺑﻧﺳ�ﺑﻳﺗﻬﺎ ﻣ�ﻥ ﻧﺎﺣﻳ�ﺔ ﺃﺧ�ﺭﻯ. ﻭﺇﺫﻥ ﻓ�ﻼ ﺑ�ﺩ ﻟﻠﺗﺣ�ﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺄﺧ�ﺫ ﻁﺭﻳﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺫﺍﺗ ﻬﺎ ﻛﺑﻧﻳﺔ ﻭﻛﻣﺣﺗﻭﻯ، ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﺣﻭﻟﻬ�ﺎ ﺇﻟ�ﻰ ﻗﻳﻣ�ﺔ ﺗﺳ�ﺗﻠﺯﻡ ﻣ�ﻥ ﺃﻓ�ﺭﺍﺩ ﺍﻟﺟﻣﺎﻋ�ﺔ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺑﻬﺎ ﻭﻁﺎﻋﺗﻬﻡ ﻟﻠﺷﺭﻭﻁ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ، ﻭﻫ�ﺫﺍ ﻳﻌﻧ�ﻲ ﺍﻻﻋﺗ�ﺭﺍﻑ ﺑﺣ�ﺩﻭﺩ ﻣﻌﻳﻧ�ﺔ ﻟﻠﻘ�ﻭﺓ ﺍﻟﺗ�ﻲ ﺳﺗﺗﺧﺫ ﻫﻧﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﺍﻹﻛﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻝ ﻫﺎﻣﺵ ﻣﻌﻳﻥ ﻟﺣﺭﻳﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻗﺑﻠﻬ�ﺎ ﻭﺑﺎﻟﺗ�ﺎﻟﻲ ﻗﺑ�ﻭﻟﻬﻡ ﻟﻠﺳ�ﻠﻁﺔ ﻭﺍﻹﻗ��ﺭﺍﺭ ﺑﺎﻟﻁﺎﻋ��ﺔ ﻟﺷ��ﺭﻭﻁﻬﺎ. ﻭﻫ��ﻭ ﻣ��ﺎ ﺃﻟﻔﺗ��ﻪ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻌ��ﺎﺕ ﺍﻟﺗ��ﻲ ﺣﺿ��ﻳﺕ ﺑﻘ��ﺩﺭ ﻣ��ﻥ ﺍﻟﺗﻘ��ﺩﻡ ﻭﺍﻻﺳﺗﻘﺭﺍﺭ. ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﺇﺫﻥ ؟ ﻭﻣﺎ ﻫ�ﻭ ﻣﻭﺿ�ﻌﻬﺎ ﻓ�ﻲ ﺍﻹﻁ�ﺎﺭ ﺃﻟﻣ ﻔ�ﺎﻫﻳﻣﻲ ﻟﻌﻠ�ﻡ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳ�ﺔ ؟ ﻛﻳ�ﻑ ﺗﻁﻭﺭﺕ ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺳﺗﻬﺩﻓﻪ ؟ ﻭﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫ�ﺫﻩ ﻭﻏﻳﺭﻫ�ﺎ ﻣ�ﻥ ﺍﻟﺗﺳ�ﺎﺅﻻﺕ ﺳ�ﻧﺣﺎﻭﻝ ﺑﺩﺍﻳﺔ ﺍﻟﺗﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ. ﺃﺻﻝ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ: ﻗﺑﻝ ﺍﻟﺩﺧﻭ ﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻌﺭﻳﻑ ﺑﺄﺻﻝ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﻻﺑ�ﺩ ﺑﺩﺍﻳ�ﺔ ﻣ�ﻥ ﺍﻹﻟﻣ�ﺎﻡ ﺑ�ﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﺍﻟ�ﺫﻱ ﻳﺣﻣﻠ�ﻪ ﺍﻟﻣﻔﻬﻭﻡ ﻗﻳﺩ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﻭﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻧﻅﺭﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ. ﻓﻌﻧﺩﻣﺎ ﻳﺗﻛﻠﻡ ﺃﺣﺩﻧﺎ ﻋﻥ ﺷﺧﺹ" ﻛﻐﺎﻧﺩﻱ" ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ ﺃﻭ ﻋ�ﻥ ﺍﻟﺟﺎﻣﻌ�ﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳ�ﺔ ﻓﺳﺗﺄﺗﻲ ﻛﻠﻣﺎﺗﻧﺎ ﻣﺣﺩﺩﺓ ﺑﻬﻭﻳﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺷﺧﺹ ﺃﻭ ﺍﻟﺷﻲء ﺃﻭ ﺍﻟﺣﺩﺙ ﻭﻻ ﺗﺗﻌﺩﺍﻩ، ﺑﻣﻌﻧ ﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺷ�ﻳﺭ، ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻭ ﺛﺎﺑﺕ ﺃﻭ ﺭﺑﻣﺎ ﻣﻠﻣﻭﺱ. ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻻﻗﺗﺻﺎﺭ ﻣﻥ ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺃﺧﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﺛﻝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻅﻝ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺃﻋﺩﺍﺩ ﻣﺎ ﻳﺗﻡ ﺗﺳﻣﻳﺗﻪ ﻣﻥ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﻭﺃﺷﻳﺎء ﻓﺳﻳﻌﻧﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﻗ�ﺕ ﻭﺍﻟﺟﻬﺩ ﻭﺭﺑﻣﺎ ﺳ�ﻳﻌﺟﺯﻧﺎ ﻋ�ﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣ�ﺎ ﻧﺣﺳ�ﻪ ﺃﻭ ﻧﺷ�ﺎﻫﺩﻩ ﻭﻣ�ﻥ ﺛ�ﻡ ﺳﻳﺻ�ﻳﺏ ﻣﻌﺭﻓﺗﻧ�ﺎ ﺑﺎﻟﺷ�ﻠﻝ. ﻟﺫﻟﻙ ﻧﺣ�ﻥ ﻧﻌﻣ�ﺩ ﻛﺣ�ﻝ ﻟﻣﺛ�ﻝ ﻫ�ﺫﻩ ﺍﻟﻣﺷ�ﻛﻠﺔ ﺇﻟ�ﻰ ﺍﻟﺗﺟﺭﻳ�ﺩ ﺑﻣﻌﻧ�ﻰ ﻣﻼﺣﻅ�ﺔ ﺍﻟﻅ�ﻭﺍﻫﺭ ﻭﺍﻷﺷ�ﻳﺎء ﺑﺣﺛﺎ ﻋ�ﻥ ﺻ�ﻔﺔ ﺃﻭ ﻣﺑ�ﺩﺃ ﻋ�ﺎﻡ ﻣﺷ�ﺗﺭﻙ) ﺃﻭ ﺻ�ﻔﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﺑ�ﺎﺩﺉ ﻋﺎﻣ�ﺔ ﻣﺷ�ﺗﺭﻛﺔ( ، ﻭﺍﻟﺗﻔﺭﻗ�ﺔ ﻓﻳﻣ�ﺎ ﺑﻳﻧﻬﺎ ﻭﻓﻕ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺗﺷﺎﺑﻪ ﻭﺍﻻﺧﺗﻼﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺗﻡ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻣﻥ ﺑﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻓﺋ�ﺎﺕ ﻭﺃﺻ�ﻧﺎﻑ ﻣ�ﻊ ﺇﻁ�ﻼﻕ ﺗﺳ�ﻣﻳﺔ ﺧﺎﺻ�ﺔ ﻋﻠ�ﻰ ﻛ� ﻝ ﺗﻠ�ﻙ ﺍﻟﺻ�ﻔﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻣﺑ�ﺎﺩﺉ ﺍﻟﻣﻧﺿ�ﻭﻳﺔ ﺗﺣ�ﺕ ﻫ�ﺫﻩ ﺃﻭ ﺗﻠ�ﻙ ﻣ�ﻥ ﻣﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ: ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻧﻅﺭﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ اﻻﺴﺘ ﺎذ اﻟﻤﺴﺎﻋد اﻟدﻛﺘور رﻋد ﻋﺒد اﻟﺠﻠﻴﻝ(*) (*) ﺳﺗﺎﺫ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ، ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺩﻳﻥ.

60450.pdf

  • Upload
    walid

  • View
    217

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١١٩{

المقدمةفي البدء كان�ت الس�لطة ش�يئا يق�وم عل�ى الق�وة؛ س�واء أكان�ت ق�وة روحي�ة معنوي�ة أم مادية بمعناها المجرد وربما جاءت مقنعة بقيم ومفاهيم معينة وربما قامت أيضا عل�ى أس�اس

م�ا ك�ان للق�وة بمعناه�ا المج�رد أن . من الث�روة، وم�ع ذل�ك تض�ل الق�وة ف�ي أس�اس ك�ل س�لطةمر وتحقق ما كان يراد لها من نتائج دون أن تعاني هي األخرى م�ن تح�ول ف�ي طبيعته�ا تست

بطبعه�ا -أي الق�وة-فالقوة لوح�دها ال يمك�ن أن تخل�ق حقوق�ا دائم�ة ومس�تقرة ألنه�ا. ومحتواهاوإذن ف��ال ب��د للتح��ول أن يأخ��ذ . غي��ر مس��تقرة م��ن ناحي��ة وتتمي��ز بنس��بيتها م��ن ناحي��ة أخ��رى

ها كبنية وكمحتوى، بمعنى تحوله�ا إل�ى قيم�ة تس�تلزم م�ن أف�راد الجماع�ة طريقه إلى القوة ذاتاإلقرار بها وطاعتهم للشروط التي تضعها، وه�ذا يعن�ي االعت�راف بح�دود معين�ة للق�وة الت�ي ستتخذ هنا معنى اإلكراه في مقابل هامش معين لحرية األفراد قبله�ا وبالت�الي قب�ولهم للس�لطة

وه��و م��ا ألفت���ه المجتمع��ات الت��ي حض���يت بق��در م��ن التق���دم . واإلق��رار بالطاع��ة لش���روطها .واالستقرار

ف�اهيمي لعل�م السياس�ة ؟ كي�ف ؟ وما ه�و موض�عها ف�ي اإلط�ار ألمما هي السلطة إذن؟ وما الذي تستهدفه ؟ ومن أجل اإلجابة على ه�ذه وغيره�ا م�ن التس�اؤالت س�نحاول تطورت

. بداية التعرف على السلطة :أصل السلطة

ل في التعريف بأصل السلطة الب�د بداي�ة م�ن اإللم�ام ب�المعنى ال�ذي يحمل�ه قبل الدخو .المفهوم قيد البحث وعالقته بالنظرية السياسية

على سبيل المثال أو ع�ن الجامع�ة العربي�ة " كغاندي"فعندما يتكلم أحدنا عن شخص ى أنها تش�ير، فستأتي كلماتنا محددة بهوية ذلك الشخص أو الشيء أو الحدث وال تتعداه، بمعن

إال أن االقتصار من ناحية أخرى على مثل هذا . في العادة، إلى ما هو ثابت أو ربما ملموسالمسعى في ظل زيادة أعداد ما يتم تسميته من ظواهر وأشياء فسيعنى ذلك الكثير من الوق�ت . والجهد وربما س�يعجزنا ع�ن إدراك م�ا نحس�ه أو نش�اهده وم�ن ث�م سيص�يب معرفتن�ا بالش�لل

لذلك نح�ن نعم�د كح�ل لمث�ل ه�ذه المش�كلة إل�ى التجري�د بمعن�ى مالحظ�ة الظ�واهر واألش�ياء و، والتفرق�ة فيم�ا )أو ص�فات أو مب�ادئ عام�ة مش�تركة( بحثا ع�ن ص�فة أو مب�دأ ع�ام مش�ترك

بينها وفق قاعدة التشابه واالختالف على أن يتم وضعها من بعد ذلك في فئ�ات وأص�ناف م�ع ل تل��ك الص��فات أو المب��ادئ المنض��وية تح��ت ه��ذه أو تل��ك م��ن إط��الق تس��مية خاص��ة عل��ى ك��

: مفهوم السلطة السياسية مساهمة في دراسة النظرية السياسة

المساعد الدكتوراذ االست (*)رعد عبد الجليل

.ستاذ العلوم السياسية، جامعة صالح الدينا (*)

Page 2: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٠{

فبتحديد الصفات أو المميزات العامة وتسميتها نكون ق�د قمن�ا بعملي�ة بن�اء . الفئات واألصنافالمفه�وم ه�و " Dykeيق�ول . إذ المفهوم ببساطة هو اسم معطى لصفة أو ميزة عام�ة. مفهوم

وبعب�ارة أخ�رى أكث�ر توس�عا، المفه�وم ه�و .0F۱"االسم المعطى ألي عنصر عام في تجربة م�ا بناء ذهني، فكرة مجردة تشير إما إلى فئة أو طبقة من الظواهر أو األشياء أوال�ى جوان�ب أو

1Fمميزات خاصة معين�ة يمتلكه�ا ص�نف م�ن الظ�واهر وتش�ترك فيه�ا عل�ى وج�ه العم�وم

ه�ذا . ۲من خالل البحث عن " غيل وبونتون " ويمكن التوصل لصياغة المفهوم كما يذهب إلى ذلك

المع��اني والنص��وص المعت��رف به��ا للفك��رة والقي��ام م��ن ث��م بالبح��ث ع��ن المعن��ى الج��وهري 2Fالمشترك لتلك النصوص، والقيام بالتنقيحات الالزمة من قبلنا كي تتالءم مع أغراضنا

۳. تتمتع المفاهيم بأهمية كبيرة في صياغة النظرية بصفة بخاص�ة والعل�وم االجتماعي�ة

أن هناك تفاعل بين إدراك األشياء والظواهر في المحيط الخارجي اآلتي إلين�ا ع�ن بعامة، إذ طريق الح�واس وب�ين التص�ور والتخي�ل أو االنطب�اع، األس�اس ف�ي تولي�د الفك�رة أو األفك�ار، وحالم�ا تتط�ور تص�وراتنا ح�ول موض�وع م�ا قي�د النظ�ر فإنن�ا س�نكون أمي�ل إل�ى البح�ث ع�ن

ستكون مؤش�را عل�ى وج�ود م�ا ت�م تس�ميته م�ن أش�ياء وظ�واهر تسمية له، ومثل هذه التسمية فالن�اس ال . ومن ثم ستدفع إلى االنتباه واالهتمام بها وربما البحث عن تفسير ألسبابها وعللها

وبعكسه فإننا ق�د . يبحثون بشكل طبيعي، عن شيء ما لم يكن لديهم سبب للتفكير بأنه موجودإال أن مثل هذه العملية قد ال تخلو من مخاطر، . اهنانسمح للظواهر أن تمر دون أن تثير انتب

بقدر ما يعمينا تركيزنا على موضوع معين عن رؤية ظواهر أخرى، وإذا ص�ادف ورأيناه�ا 3Fفقد نلجأ إلى إقحامها في إطارنا ألمفاهيمي الذي أقمناه

ث�م هن�اك نقط�ة أخ�رى يج�رد أخ�ذها . ٤ر مف��اهيم معين��ة ف��ي الوق��ت ال��ذي بنظ��ر االعتب��ار ف��ي ه��ذا الخص��وص، وتتمث��ل ف��ي اس��تمرا

الظواهر التي تعالجها، وبذلك تستمر النظريات باألخ�ذ ، تغيرت فيه المواضيع التي تعالجها أ4Fبتلك المفاهيم، بكل ما ينتج عنه من سوء ف�ي التفس�ير

كم�ا وق�د يح�دث أحيان�ا أن نرف�ع م�ن . ٥د إل�ى تك�ذيب الوق�ائع شأن المفهوم إلى الدرجة الت�ي يص�بح فيه�ا ذا طبيع�ة موض�وعية، فنعم�

5Fوخصوص�ا مت�ى م�ا تعارض�ت مفاهيمن�ا م�ع الظ�واهر المدروس�ة

ويبق�ى أن نؤك�د عل��ى أن . ٦النظرية إنما تتعامل مع مفاهيم، فالمف�اهيم ه�ي الم�ادة األس�اس ألي�ة نظري�ة، وه�ي ت�دخل ف�ي

وه�ي . أغلب عناصر النظرية سواء في تك�وين الف�روض أم الق�وانين والتعميم�ات أم النم�اذجثم تتحقق عن طريق تحويل مجموعة م�ن الظ�واهر إل�ى مف�اهيم أو تص�ورات موض�وعة من

1 Vernon van Dyke, Political science: a philosophical analysis, Stanford university press, Stanford, California, 1960, p.62. 2 See, Ibid.

ش��ورات الجامع��ة األردني��ة، محم��د مص��الحة، من: انظ��ر، بيت��ر غي��ل و جيف��ري بونت��ون، مقدم��ة ف��ي عل��م السياس��ة، ت ۳ .۱۹-۱۸، صص۱۹۹۷، عمان، ۲/ط

4 See, V. V. Dyke, op. cit., p.24, and see, Thomas P. Jenkin, The study of political theory, Random House, (3rd. ed.), N.Y., 1963, p.25. 5 See, T. P. Jenkin, op. cit., p.25. 6 See, Austin Ranny, "The concept of party," in, Oliver Garceau, (ed.),

Political research and political theory, Harvard University press, Cambridge, Massachusetts, 1968, p.162.

Page 3: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢١{

6Fفي نظام أو خطة مفاهيمية، إذا ما ثبتت صحتها فسيتحول ذلك إلى نظري�ة

واآلن لنع�د إل�ى . ۷فالسلطة مثلت بؤرة اهتمام لكل من تقل�د مهم�ة البح�ث ف�ي عل�م . موضوعنا الرئيسي السلطة

دور حوله جوانب ومحت�وى العدي�د م�ن الظ�واهر السياس�ية ب�ل السياسة، فهي عنصر أساس ت7Fأن الكثير من تلك الظواهر ال يمكن أن تقوم بدون سلطة على اختالف أشكالها وأنواعها

۸. وبدورها فان السلطة مهما تنوعت أشكالها ه�ي ف�ي جوهره�ا ال تع�دو كونه�ا عالق�ة

يس�تجيب الث�اني لمطالب�ه، وح�ول االستجابة؛ طرف يأمر كي -تقوم بين طرفين قوامها األمرإال أن االتف�اق عل�ى الج�وهر ق�د ال يعن�ي اتفاق�ا . ذلك دارت أغلب التعريفات ووجهات النظ�ر

فكثي�را م�ا أدى . على التفسيرات أو األشكال واألنم�اط الت�ي اتخ�ذها ه�ذا الن�وع م�ن العالق�اتعهم م�ن ث�م م�ن االتف�اق االختالف في هذا الجانب إلى إيقاع الباحثين في الخل�ط واإلبه�ام وم�ن

على خطوط عام�ة، ناهي�ك عم�ا أدت إلي�ه االنتم�اءات الفكري�ة والمنطلق�ات األيديولوجي�ة م�ن .تشوش وارتباك أصاب الكثيرين منهم باإلحباط

أما مكمن االختالف، كم�ا نعتق�ده، ب�ين أص�حاب مث�ل ه�ذه اآلراء، فالب�د م�ن البح�ث ه أو قدرت�ه عل�ى األم�ر أو الت�أثير، م�ن ناحي�ة عنه في المصادر التي سيستمد منها اآلم�ر قوت�

ونوعية االستجابة التي سيكون موضوعها الطرف الثاني، من ناحية أخرى، وهو م�ا يجعلن�ا نواج��ه م��ن جرائ��ه بثنائي��ة تتمي��ز أواله��ا بكونه��ا اس��تجابة تتخ��ذ ش��كل خض��وع وإذع��ان، أم��ا

، وه�و تعبي�ر ع�ن رض�ا ذات�ي ثانيتهما فتتخذ شكل التزام من قبل من يقع عليه مثل هذا الفع�لولكن دعونا نتساءل عن كنه مثل هذا التأثير؟ هل هو مج�رد ت�أثير . معين في التحليل األخير

نفسي أم اجتماعي أم سياسي أم أي شيء آخر ؟ وليتناول السؤال األخر في ه�ذا الخص�وص وال بتحدي��د ماهي��ة ه��ذه الوظ��ائف الت��ي يفت��رض أن يؤديه��ا ه��ذا الن��وع م��ن العالق��ات ؟ فلنب��دأ أ

. معنى السلطةللسلطة معان متعددة تختل�ف دالالته�ا ب�اختالف مواض�ع اس�تخدامها؛ فه�ي س�لطة شخص�ية وسلطة فردية لإلش�ارة إل�ى م�ا يمتلك�ه الش�خص م�ن ص�الحيات ه�ي مطلق�ة بالض�رورة س�واء أك�ان

ع�ن وظ�ائف زعيما لدولة أم لتنظيم سياسي أم لحركة اجتماعية، كما قد تستخدم مرة أخ�رى للتعبي�ر . معينة للدولة وخصوصا عند حديثنا عن السلطات الثالث؛ الس�لطة التش�ريعية والتنفيذي�ة والقض�ائية

۲٤وربما نتجاوز كي نصف ونحن نتحدث عن اختصاصات هيئات معين�ة مث�ل م�ا ج�اء ف�ي الم�ادة س�لطات من ميثاق األمم المتحدة في فقرت�ه الثاني�ة الت�ي تح�دثت ع�ن س�لطات معين�ة لمجل�س األم�ن و

هذا ولم يجد الباحثون م�ا يش�ير ص�راحة إل�ى كلم�ة الس�لطة س�واء ف�ي . أخرى لمحكمة العدل الدوليةالقرآن الكريم أم في معاجم اللغة العربية وما وجدوه هو فعل سلط والذي يحمل معن�ى الق�وة والغلب�ة

8Fوالقهر

۹. ول��ن يقتص��ر وض��ع الس��لطة عل��ى الجوان��ب السياس��ية فللمجتم��ع حظ��ه م��ن مراك��ز وم��ؤثرات الس��لطة نج��دها ف��ي أغل��ب جوان��ب حياتن��ا، ف��األب لدي��ه س��لطة ولك��ن عل��ى زوج��ه وأبنائ���ه والمعل���م والطبي���ب كالهم���ا يتمتع���ان بس���لطة معين���ة عل���ى م���ن يليهم���ا م���ن التالمي���ذ

كما أن المؤسسات والهيئات االجتماعية واالقتصادية تزخر هي األخرى بالعدي�د . والمرضى

س�ة العربي�ة للدراس�ات والنش�ر،ف�اروق عب�د الق�ادر، المؤس: كوهان، مقدمة ف�ي نظري�ات الث�ورة، ت. أس. انظر، أي ۷ .٥۰، ص۱۹۷۹يروت،

۱۸، ص۱۹۸۳باريس، –، بيروت ۳/انظر، جان وليام البيار، السلطة السياسية، ت؛ حنا الياس، منشورات عويدات، ط ۸، ۱۹۹۱أسس��ه وأبع��اده، دار الحكم��ة للطباع��ة والنش��ر، بغ��داد، : عل��م االجتم��اع السياس��ي. ص��ادق األس��ود. انظ��ر، د ۹

.۱۲٦ص

Page 4: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٢{

مك��ن الق��ول دون خ�وف الوق��وع ف�ي خط��أ كبي�ر أن أب��رز م��ا وم��ع ذل�ك ي. م�ن أش��كال الس�لطة. فهي شاخصة في كل مكان وممتدة عب�ر الزم�ان. تكون عليه السلطة هو في الحقل السياسي

حيث ارتبط بها تاريخ أول اجتم�اع للج�نس البش�ري ف�ي أول�ى مس�تعمراته عل�ى األرض، ث�م م يخل تنظيم أو تجمع ما منها أخذت تتطور بتطور المجتمع وتطور تنظيماته المختلفة حتى ل

.تقريبايمكن الخلوص من كل م�ا تق�دم إل�ى تأكي�د قض�يتين عل�ى جان�ب م�ن األهمي�ة تخ�ص السلطة بعامة، وهي أن السلطة عالقة إنسانية من نوع ما؛ فهي أوال عالقة جمعية بمعنى أن

لظ�اهرة، البد لها من أطراف متعددة تش�ترك م�ن خ�الل تفاعله�ا م�ع بعض�ها ف�ي إنت�اج ه�ذه افليس من المستغرب أن يتساءل المرء بعد كل ذل�ك ع�ن ج�دوى الس�لطة عن�دما يك�ون الم�رء بمفرده وقد اعتزل الناس ف�ي رأس جب�ل أو منقطع�ا ف�ي جزي�رة م�ن ج�زر المح�يط مث�ل تل�ك

وم�ع ذل�ك فق�د نص�ب ه�ذا األخي�ر نفس�ه . التي وجد روبنسون كروزو نفسه في يوم من األيامر الموضوع الذي كان يبحث عنه في شكل إنسان ساقه قدره الع�اثر صاحب سلطة عندما توف

فالسلطة إذن بحاجة إلى موضوع تمارس تأثيره�ا علي�ه متخ�ذة ش�كل أوام�ر وتوجيه�ات . إليهوم�ا ش��ابه بغي��ة تحقي��ق أغ�راض معين��ة يراه��ا ك��ل م�ن طرف��ي العالق��ة ض��رورية لالس��تمرار

م�ن الب�احثين إل�ى التس�اؤل ع�ن حقيق�ة ب�ل لق�د دف�ع ه�ذا الوض�ع ب�البعض. وربما للبقاء أيض�افل�و قلن�ا . السلطة ووجودها أصال وخصوصا متى م�ا نس�بنا س�لطة معين�ة إل�ى ش�خص مع�ين

فس�لطة م�اذا .. مثال أن فالن لديه سلطة، فإننا سنتساءل عندها والشك عن طبيعة هذه السلطةنس�ان بمع�زل يا ترى ؟ وعلى من تمارس هذه السلطة ؟ فالس�لطة ليس�ت بخاص�ية لص�يقة باإل

عن اآلخرين بل هو ما يحصل عليه في مجرى عالقت�ه ب�اآلخرين وف�ي ض�وء التفاع�ل ال�ذي أو ت�أثير معن�وي ربم�ا وال�ذي يج�ري بين�ه وب�ين اآلخ�رين وق�د /قد يتخذ شكل نض�ال م�ادي و

. يحصل عليه بالنتيجة متوجا باعتراف اآلخرين العلني أو الضمني بهبمعنى أن ظهور الجماعة مرتبط بش�كل م�ن األش�كال والسلطة ثانيا عالقة تنظيمية،

بوجود التنظيم الذي سيعني في التحلي�ل األخي�ر واقع�ة س�لطة والش�ك، وذل�ك بق�در م�ا يحمل�ه التنظ��يم م��ن تم��ايز ف��ي األدوار واالختصاص��ات م��ن أج��ل تحقي��ق وظ��ائف وأغ��راض معين��ة

.سندها وأساسها فيهضرورية من أجل استمرار الجماعة واستقرارها وبقائها تجد السلطة واآلن وق��د عرفن��ا جانب��ا مم��ا تعني��ه الس��لطة فلنح��اول البح��ث فيم��ا ذه��ب إلي��ه الكت��اب

أن�ه يمك�ن : إذ يق�ول ف�ي تعريف�ه للس�لطة" رس�ل"اآلخرون في تع�ريفهم له�ا ولنب�دأ بم�ا أورده 9Fالنظر إليها بوصفها عملية تميل إلى إحداث تأثير مقصود

وهو بذلك يك�ون ق�د ح�دد ه�دف . ۱۰ملية وقصرها على جانبها الشكلي المجرد الذي ال يرى فيه سوى إح�داث أث�ر م�ا مطل�وب الع

من قبل من قام بالعملية دون أن يعنيه أمر الغاية أو أهداف وم�ن ث�م بواع�ث م�ن م�ارس ه�ذا الفعل أو التأثير ونتائجه على موضوع التأثير ومن ثم ردود أفعالهم نح�وه ونقص�د به�م أف�راد

تؤدي إلى التزام هؤالء األخيرين به بقدر ما تنطوي عليه من رض�ا وتقب�ل الجماعة، فهي قد .أو ربما قد تدفع إلى التمرد عليه

10 See, B. Russell, Power: a new social analysis, George Allen and Unwin, London, 1954,p.35

Page 5: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٣{

فينظ��ر إل��ى الس��لطة م��ن زاوي��ة اش��تمالها عل��ى الق��وة س��واء ف��ي ش��كلها " الس��ويل"أم��االمجرد المعلن أم الضمني حيث يعتبرها عملي�ة ت�أثير ف�ي س�لوك اآلخ�رين م�ن خ�الل ف�رض

الضغط والجزاءات عليهم أو التهديد بها بغية تحقيق امتث�الهم للسياس�ة المعروض�ة الحرمان و10Fللتنفي��ذ

هن��ا يجع��ل م��ن الج��زاءات والحرمان��ات الم��بطن منه��ا والمعل��ن ش��رطا " الس��ويل"و. ۱۱ويمكن القول، كم�ا ي�ذهب . الزما من أجل ضمان استجابة األفراد لها بوصفها أساس السلطة

يتجاه�ل الجوان�ب األخ�رى للس�لطة " الس�ويل"الموض�وع، أن إلى ذلك ع�دد مم�ن تن�اول ه�ذاوالمتمثلة في موضوعة الرضا والتي ه�ي أح�د أه�م نتاج�ات ش�رعية الس�لطة والت�ي ال يمك�ن

ويؤكد بدال من ذل�ك عل�ى الق�وة . لها أي السلطة أن تبقى وتستمر في حال غياب هذا العنصرح�ين يؤك�د عل�ى دور الق�وة " دي جوفن�ال"وفي نفس االتجاه ي�ذهب . واإلكراه أو التهديد بهما

في هذا المجال فالتاريخ يدل حسب زعمه على أن المجتمعات اإلنسانية مدين�ة عل�ى اخ�تالف 11Fأوضاعها ال لشيء إال للقوة والقوة لوحدها

ذلك يعني نفي نفس الشيء ذلك الذي مال إلي�ه . ۱۲إذ . أي ح�ال م�ن األح�والالسويل والذي يطلق عليه الشرعية وهو أمر ال يمك�ن القب�ول ب�ه ب�

أن بقاء السلطة واس�تمرارها م�دين ل�يس للق�وة بمعن�ى اإلك�راه، ذل�ك أن الق�وة لوح�دها س�وف ال يط��اق، حي��ث س��تجعل الس��لطة عرض��ة تجع��ل م��ن الحي��اة السياس��ية واالجتماعي��ة وض��ع

لمطالب كل من يأنس في نفسه القوة على ف�رض نفس�ه عل�ى اآلخ�رين وإغ�راء دائ�م له�م م�ن ولة تجريب قوتهم م�ن أج�ل الوص�ول إل�ى الس�لطة والبق�اء فيه�ا، وه�ي حال�ة ت�ذكرنا أجل محا

بحالة الطبيعة لدى هوبز حيث يقف الك�ل ض�د الك�ل ول�ن يك�ون نتيج�ة ذل�ك س�وى أن يص�بح تاريخ السلطة بخاصة وتاريخ الدول بعامة مجرد تاريخ لتعاقب المتغلبين وتحكمات يفرضها

وا بم��ا أوت��وا م���ن ق��وة أن يفرض���وا أنفس��هم عل���ى غ��زاة مغ��امرون وقط���اع ط��رق اس���تطاعالمجتمعات التي ابتليت أو التي ستبتلى بهم، ولن نتوقع غير االكراهات أو التهديد به�ا وس�يلة

وهذا م�ا فهم�ه . من أجل االستمرار في فرض أهوائهم وأغراضهم عل أفراد تلك المجتمعاتسيطرة تستعين بتنظيم إداري م�ن بالضبط، عندما نظر إلى السلطة بوصفها مجموعة " فيبر"

فعل��ى . أج��ل ف��رض إرادته��ا مس��تخدمة اإلجب��ار الم��ادي الش��رعي أو التهدي��د ب��ه وس��يلة ل��ذلكالرغم من تأكيده على جانب اإلكراه كما فعل ذلك آخرون إال أن فيب�ر يعم�د هن�ا إل�ى وص�ف

جتمع�ات ل�م وسواء أكانت الشرعية ناتجة ع�ن التقالي�د واألع�راف ف�ي م. اإلكراه بأنه شرعيتعرف التغيير أم ارتكنت إلى حكم العادة منذ القدم كما هو الحال في ال�نظم التقليدي�ة أم كان�ت هذه بسبب مزايا الزعيم وشخصيته المتفوق�ة الت�ي ارتبط�ت بآم�ال الخ�الص ف�ي ظ�ل أزم�ات حادة يمر بها المجتمع المعني، وهي حالة امتازت بها وأحاط�ت بظه�ور الس�لطة الملهم�ة، أم

بالقواع�د الدس�تورية والقانوني�ة، -هي�اكال وأش�خاص وسياس�ات -انت بس�بب اقت�ران الس�لطةكفس��وف تبق��ى النتيج��ة واح��دة وه��ي التخفي��ف م��ن ح��دة عنص��ر الق��وة ف��ي الس��لطة باش��تراط أن

.تكون هذه القوة محكومة بشيء آخر هو الرضا من قبل من تمارس عليهم هذه القوةعل�ى -فإنن�ا واج�دون ف�ي حناي�ا م�ا كتب�ه منظروه�ا األوائ�لوإذا ما انتقلنا صوب الماركس�ية

م��ا يش��ير إل��ى ربطه��ا بواقع��ة االس��تغالل -ال��رغم م��ن ع��دم تق��ديم تعري��ف أو مفه��وم نظ��ري للس��لطة

11 See, Lasswell and M. Kaplan, Power and society: a framework for social enquiry, Yale Univ. press.,1950, p.76

.۱۳۳صادق األسود، مصدر سبق ذكره، ص. أورده د ۱۲

Page 6: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٤{

12Fالطبقي

فهي أداة من أجل اضطهاد الطبقات الدنيا م�ن قب�ل الطبق�ة المالك�ة وه�ي ب�ذلك أداة مهم�ة . ۱۳كي وسائل اإلنتاج ومن ال يملك سوى قوة عمل�ه ابت�داء م�ن من أدوات الصراع يلجأ إليها كل من مال

النظم العبودية مرورا باإلقطاع ووصوال إلى النظ�ام الرأس�مالي، ف�ي س�بيل ف�رض هيمنت�ه أو دفاع�ا فه��ي إذن س��لطة طبق��ة مهيمن��ة تس��تخدم أدوات القم��ع واإلك��راه . ع��ن مص��الحه ف��ي وج��ه مض��طهديه

حين�ا أو اللج�وء إل�ى م�ا يزي�ف وع�ي أفراده�ا ع�ن طري�ق الجسدي أو التهديد به ضد الطبقات ال�دنيااستخدامه األيديولوجيات وبعض األفكار الماورائية إما بغي�ة إقن�اعهم بض�رورة القب�ول بم�ا ه�و ق�ائم

واآلن م��ا ه��ي .. باعتب��اره ق��درا عل��يهم قبول��ه أو إله��ائهم أو وع��دهم بتحقي��ق بع��ض المنج��زات اآلني��ة السلطة ؟

:تشريح السلطةكفي من أجل وضع مفهوم لظاهرة ما مجرد اإلتيان بتعريف لها، ق�د يوص�ف قد ال ي

ال يخدم إال في إعطاء فهم أولي للظاهرة قيد الدراسة ول�ذا " أسمي"ذلك اإلجراء بأنه تعريف بمعنى حذف األع�راض والمظ�اهر واإلبق�اء عل�ى م�ا -ال بد من اللجوء إلى التحليل والتجريد

الممي�زات أو األح�داث المتش�ابهة ف�ي نف�س الطبق�ة أو الفئ�ة ومن ثم وضع -هو مشترك وعام13Fتسمية معينة –أي للفئة -وإعطائها

وهكذا فان تعرف يعن�ي دائم�ا أن تح�ذف وأن تخت�ار، ، ۱٤ونحن في محاولتنا هنا سنحاول إن نتبع ه�ذا اإلج�راء ب�أن نحل�ل . 14F۱٥"دويتش"على حد تعبير

.ونجرد ونصنف، واليكم التفاصيل :تمايزالسلطة واقعة - أ

ونح�ن نقص�د بالتم�ايز ف�ي ه�ذا المج�ال تل�ك النزع�ة الت�ي ت�دفع باإلنس�ان إل�ى تطل��ب وهذه غالبا ما تعبر عن نفسها في بحث اإلنس�ان ال�دائب ع�ن ك�ل . البروز والتفوق على الغير

ما يمكن أن ندعوه مجدا ونف�وذا و س�لطانا بوص�فه تعبي�را ع�ن طم�وح س�وف ل�ن يتوق�ف ه�و راد فحسب بل والج�نس البش�ري عام�ة بوص�فها مكافأت�ه العظم�ى عل�ى اآلخر على أولئك األف

وتتكشف واقعة التمايز هذه بمرور الزمن عن حقائق معين�ة، إذ . 15F۱٦"برتراند رسل" حد تعبيرمن شأنها أن ت�دفع باتج�اه تفاوت�ات وال مس�اواة ق�د تك�ون غي�ر ظ�اهرة ف�ي البداي�ة العتب�ارات

ا وبشراسة حينما يستدعي األم�ر ذل�ك وحينم�ا تت�وفر عديدة إال أنها سرعان ما تعبر عن نفسهالظروف، ومن ثم تبعية بوصفها رابطة تقوم بين القلة المتمي�زة م�ن الموه�وبين وب�ين الكث�رة مم��ن ل��م يس��عفهم الح��ظ ول��م تت��وفر له��م المص��ادر م��ن أج��ل إثب��ات تف��وقهم وامتي��ازهم عل��ى

.اآلخرينبمعناه��ا النفس��ي الص��رف، والعتب��ارات تخ��ص البح��ث س��وف نلق��ي بنزع��ة التمي��ز،

جانبا ونأخذ في التركيز على ما تحدثه هذه النزعة من نتائج التفاوت والالمساواة وذل�ك بغي�ة أن يضل الجهد محصورا في الجانب السياس�ي وتغليب�ه عل�ى الجوان�ب الس�يكولوجية األخ�رى

.۱٤۲صادق األسود، المصدر نفسه، ص. انظر، د ۱۳

14 See, Vernon Van Dayke, Political science: a philosophical analysis, Stanford university press, Stanford, California, 1960, p.62, 15 See, Karl W. Deutsch, The nerves of government: models of political communication and control, The Free Press, (2nd. Ed.), N.Y., London, 1967, p.5.

، ۱۹۹۳عب�اس حك�يم، مطبوع�ات مؤسس�ة ك�ورجي، دمش�ق، : أورده، جون كينيث جالبريث، تشريح الس�لطة، ت ۱٦ .۱٥ص

Page 7: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٥{

س�تقوم من البحث بوص�فها الفيص�ل ف�ي عالق�ة الس�لطة ال�ذي س�يتقرر بموجب�ه األس�اس ال�ذي تب�دأ بتف�اوت ف�ي الملكي�ة " متص�لية"هن�ا س�نكون إزاء م�ا يش�به . عليه حالة التبعي�ة أو الهيمن�ة

والمراك��ز واألدوار والمكان��ة، س��تؤدي مت��ى م��ا تكرس��ت وت��م االعت��راف به��ا إل��ى ال مس��اواة تنطلق من األفراد كي تصل إلى الجماع�ات فتظه�ر عن�دها الفئ�ات والطبق�ات؛ فئ�ات وطبق�ات

فة للمميزات المادية، المكانة والنفوذ وفئات أخرى محرومة من كل أو بعض مم�ا تملك، إضاتحرص الفئات والطبقات المالك�ة عل�ى االس�تحواذ علي�ه وعن�دها ال مف�ر م�ن خض�وع وتبعي�ة

والتفاوت في مفهوم الباحث قدر طبيع�ي يتج�اوز . من ال يمتلك أي شيء لمن يمتلك كل شيءل��ى المخلوق��ات غي��ر العاقل��ة؛ حي��ث اس��تغلته وعب��رت عن��ه المخلوق��ات العاقل��ة م��ن البش��ر إ

يظه��ر ف��ي البداي��ة عل��ى ش��كل مزي��ة . تجمع��ات الق��ردة وقطع��ان الماش��ية وحيوان��ات الب��راريخاص��ة ف��ي البني��ة الفردي��ة كالض��خامة والق��وة الجس��مية أو حت��ى ق��درة عل��ى التعبي��ر و اإلقن��اع

ك�ز الت�ي ق�د ي�ؤهلهم وض�عهم لش�غلها لتشمل الثروة والمرا -أي حالة التفاوت -وتأخذ طريقهاوبعبارة واحدة كل ما من شأنه إشعار اآلخرين بأفضليتهم عليهم وق�درتهم م�ن ث�م عل�ى إل�زام

، ل�وال ش�عورهم أو اقتن�اعهم اهؤالء بفعل ما كان يمكن لهؤالء األخي�رين إن يقوم�وا ب�ه، ربم�األب بفض�ل دوره المتمي�ز فبإمك�ان . بالمكانة الخاصة التي أضفتها عل�يهم حال�ة التف�اوت تل�ك

في العائلة أن يأمر األوالد، وهؤالء األخيرين قد ال يج�دون ب�دا م�ن إب�داء االحت�رام والن�زول عند رأي أبيهم وكذا الحال بالنسبة للزوج قبل زوجه والمالك قبل المستأجر وشرطي الم�رور

ص�فة أو إمكاني�ة -أي حال�ة التف�اوت -إنه�ا إذن. وهو يشير بي�ده إل�ى س�ائقي الس�يارات وهك�ذاتؤهل المرء للتدخل في خيارات وتصرف آخر أو آخ�رين ودفعه�م للتص�رف بش�كل م�ا ك�انوا

.ليفعلونه لوال هذا التدخلحالة التفاوت تبدأ إذن على الصعيد االجتماعي ويمكن تتبعها في العائل�ة خصوص�ا،

وت والالمس��اواة نم��وذج للتف��اوت فهن��اك ت��درجيات ف��ي التف��ا" دوفرجي��ه" فالعائل��ة كم��ا ي��ذهبنالحظها بوضوح في هذه الجماعة األولية فلألجيال السابقة من أعمام وأخوال وأجداد حرم�ة على م�ا ع�داهم م�ن األجي�ال الالحق�ة، كم�ا يتمت�ع األخ�وة الكب�ار بأفض�لية عل�ى األص�غر س�نا

المختلف�ة وإذا ما انتقلن�ا إل�ى العالق�ات ب�ين األس�ر . واألوالد على البنات والرجال على النساءالمنض��وية تح��ت جماع��ة أو مجتم��ع أكب��ر كالعش��يرة أو القبيل��ة أو م��ا ش��ابه س��نجد نف��س ه��ذه التراتبيات تقريبا وه�ي تط�ل برأس�ها م�ن ب�ين ه�ذه الحش�ود، فاألفض�لية للس�ن ال�ذي يأخ�ذ هن�ا تعبيرا مؤكدا على الخبرة والتجربة والحكمة وبذلك تض�اف عوام�ل أخ�رى ف�ي إط�ار الفئ�ات

تعطي مي�زة إض�افية ك�الثروة والمحت�د والق�وة البدني�ة لتض�في عل�ى م�ن يتمت�ع به�ا المتشابهة فشكال من أشكال االحترام فكلمته مسموعة وله رأي فيما يدور وبالتالي تحقيق م�ا يطم�ح إلي�ه

16Fم��ن وض��ع خ��اص ف��ي تلك��م األوس��اط

-والتف��اوت به��ذا المعن��ى م��دعاة م��ن جه��ة أخ��رى . ۱۷قص�ود م�ن أج�ل الت�دخل ف�ي خي�ارات اآلخ�رين م�ن وخصوصا متى ما تم اس�تخدامه بش�كل م

نق�ول م�دعاة لتحقي�ق م�ا اتف�ق -أجل دفعهم للتصرف بشكل ما كانوا ليفعلونه لوال ه�ذا الت�دخل

حس��ن ص��عب، دار العل��م : م��اكيفر، تك��وين الدول��ة، ت. ح��ول ه��ذه النقط��ة ولمزي��د م��ن اإلط��الع انظ��ر، روب��رت م ۱۷

.۱٤۹، ص۱۹٦٦نيويورك، -للماليين، بيروت

Page 8: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٦{

والنفوذ م�ن ناحيت�ه عنص�ر مه�م ف�ي بن�اء الس�لطة ولك�ن عل�ى أن يقت�رن . على تسميته بالنفوذ17Fبالنفوذ المشروع" داهل"بالقبول واالعتراف به من قبل الجماعة وهو ما يطلق عليه

۱۸. ولكن ما هو الوضع إذا لم تتوفر حال�ة التف�اوت ؟ ه�ذا االفت�راض يض�عنا أم�ام حال�ة

فهل المساواة بهذا المعنى تنفي صفة النفوذ وم�ن ث�م الس�لطة ؟ ونس�ارع . من المساواة الكاملةعل�ى تحدي�د إن إلى اإلجابة بنعم، ذلك إن المساواة بقدر عملها على إلغاء التف�اوت إنم�ا تعم�ل

فالتعام�ل ب�ين األف�راد والجماع�ات سيتس�م . لم نقل بعملها على إلغاء ما يمكن أن ن�دعوه نف�وذابطابع الندي�ة، وتص�ل الندي�ة أعل�ى درجاته�ا عن�دما يق�رر المجتم�ع آلي�ات التعام�ل ب�ين أف�راده

ى القاعدة على أساس من المساواة وخصوصا ما تعلق األمر منها بالثأر، فالثأر الذي يقوم علالمساواتية الشهيرة؛ العين بالعين والسن بالسن يعد واحدا من أشكال التعبير العنيف�ة ع�ن ه�ذه

والعقد وسواء أكان مرتبطا بالمال أم بعالقات اجتماعي�ة أم سياس�ية أخ�رى إن ه�و إال . الحالةاة تل�ك، شكل آخر من أشكال المساواة وتعبير في نفس الوقت عن آلية لتنظيم عالق�ات المس�او

ويمك�ن هن�ا إض�افة عملي�ة القرع�ة بوص��فها آلي�ة ت�نجم ع�ن المس�اواة، والديموقراطي�ة األثيني��ة طافح��ة بنم��اذج وأش��كال منه��ا وخصوص��ا ف��ي اختي��ار األش��خاص للمناص��ب والمش��اركة ف��ي

ومع ذلك فال بد أن تخلي هذه األوضاع المساواتية المك�ان للتف�اوت س�واء ف�ي . الخدمة العامةفالمساواة الكاملة كم�ا ه�ي ف�ي حال�ة الطبيع�ة عن�د ه�وبز ال يمك�ن أن . في األدوارالمراكز أم

تستمر فهي محكومة إما بالفوضى الكاملة أو بظهور الطغي�ان فف�ي الحال�ة األول�ى ه�ي إي�ذان فإذا ما أضفنا إلى م�ا . بانتهاء المجتمع وفي الثانية تبشير بظهور سلطة مطلقة بشكل أو بآخر

قد الحياة ومطالب ورغبات متجددة في إشباع الحاجات اإلنس�انية المتزاي�دة ذهب إليه هوبز تعوهو أمر الشك أنه سيفض�ي إل�ى اعتم�اد متب�ادل أكب�ر ل�ن يمك�ن مع�ه تلبي�ة المطال�ب الفردي�ة والجماعية بالمقابلة بالمثل كما هو الحال مع الثأر أو بعقود تتم بين الجماع�ات المختلف�ة رغ�م

ف�ي ت�أمين الحق�وق أو أنه�ا س�تكون م�ن الكث�رة والتعقي�د درج�ة س�تؤدي أهمية مثل هذه العقودع�اجال أم آج��ال إل�ى ب��روز الحاج��ة إل�ى أدوار لوس��طاء ك��أفراد أو وك�االت وهيئ��ات يمك��ن أن تأخذ على عاتقها أو التوس�ط ب�ين األف�راد والجماع�ات م�ن أج�ل تس�وية الخالف�ات وأم�ر تنفي�ذ

م االعتراف للقائمين عل�ى أم�ر الوس�اطة وتنفي�ذ العق�ود وسرعان ما يت. تلك العقود واالتفاقاتبالمكانة الخاصة لهم في المجتمع، وبذلك س�تخلي عالق�ات المس�اواة م�ن الناحي�ة الواقعي�ة ف�ي البداية على األقل المكان ألشكال من النفوذ االجتماعي لممارسي مثل هذه األدوار، ليصبحوا

سلطات عام�ة مكلف�ة بف�رض " دوفرجيه"تعبير بعدها وبمرور الزمن حكاما وقضاة وعلى حد18Fالج�زاءات والتس�ويات

ه�ذا إذا ل�م نق�ل ب�أن العق��ود ذاته�ا تعب�ر ع�ن درج�ة م�ا م�ن التف��اوت . ۱۹الواقعي إن لم نقل القانوني، بقدر ما تعط�ي ألح�د أو بع�ض أط�راف العق�د مكن�ة عل�ى ف�رض

19Fآرائه أو توجهاته على بقية األطراف

۲۰.

خي��ري حم��اد، ال��دار القومي��ة للطباع��ة والنش��ر، الق��اهرة، : روب��رت داه��ل، الجدي��د ف��ي التحلي��ل السياس��ي، ت انظ��ر، ۱۸

وحول التمايز ودور ف�ي خل�ق الس�لطة والمحافظ�ة عليه�ا ولمزي�د م�ن اإلط�الع انظ�ر، م�اكيفر، تك�وين . ۷۸، ص۱۹٦٥ .۱٥۷در سبق ذكره، ص، وحول النفوذ يراجع أيضا، األسود، مص٦٥-٦۳الدولة، المصدر السابق، صص

، ۱۹۹۱انظر، موريس دوفرجيه، علم اجتماع السياسة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزي�ع، بي�روت، ۱۹ .۸٥، ٥۳، وهو ما يذهب إليه ماكيفر، تكوين الدولة، مصدر سبق ذكره، صص۱۲۷ص .۱۲۸انظر ولمزيد من اإلطالع حول هذه النقطة، دوفرجيه، المصدر نفسه، ص ۲۰

Page 9: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٧{

لتف��اوت وم��ن ث��م التم��ايز ف��ي خل��ق النف��وذ إال ان��ه م��ع ذل��ك وإذا م��ا اتفقن��ا عل��ى دور اسيضل قاصرا عن بلوغ مستوى السلطة، إذ الب�د للنف�وذ أو لممارس�ي ه�ذا الن�وع م�ن الت�أثير إن يتم االعت�راف ب�ه ليص�بح بع�دها ق�ادرا عل�ى ممارس�ة فع�ل م�ادي يمك�ن م�ن خالل�ه إجب�ار

ق مع ما يريده أو يح�دده ل�ه ص�احب موضوع التأثير، بمعنى النفوذ، على التصرف بشكل يتفوهو ما سنحاول إيضاحه في موضوعة القوة أو اإلكراه ولكن بعد أن نستكمل ح�ديثنا . التأثير

. عن واقعة التمايزنخلص من كل ما سبق إلى القول بأن الس�لطة ف�ي أساس�ها ه�ي واقع�ة تم�ايز، وه�ذه

من يأمر من ناحية ومن يقوم على تنفي�ذ تنشأ عادة في ظل الجماعة أو المجتمع السياسي بين إل�ى الق�ول " بروس�و"وهو ما ح�دا . ذلك يعني تأشير حالة من التمايز في المراكز. ذلك األمر

إن أشكال الحكومات المختلفة تعود بأص�ولها إل�ى الف�روق الكبي�رة أو الص�غيرة الت�ي كان�ت " أفراد الجماعة م�ن ش�أنها أن تنف�ي إذ المساواة بين. 20F۲۱"قائمة بين األفراد عندما أنشء النظام

السلطة، أو إذا شئنا الدقة فإنها ستكون موزعة عل�ى ك�ل األف�راد بالتس�اوي بق�در م�ا ال يك�ون فف�ي مجتم�ع حي�ث يتمت�ع في�ه األف�راد بوض�ع متس�او م�ن الناحي�ة . هناك من يأمر وم�ن يطي�ع

آلخ�رين ف�تحملهم عل�ى الواقعية ال يمكن للسلطة، بمعنى المكنة على إصدار أوامر تؤثر ف�ي اإن م��ا يمك��ن أن . إع��ادة ترتي��ب خي��اراتهم واإلذع��ان لمطال��ب م��ن بي��دهم الس��لطة، أن تتحق��قحال�ة "ه�ذه ه�ي . يحدث ف�ي ظ�ل تجم�ع كه�ذا ه�و س�لطة ك�ل ف�رد ف�ي مواجه�ة ك�ل ف�رد آخ�ر

وه�ي حال�ة سيس�ود فيه�ا بن�اء عل�ى تس�اوي الك�ل ف�ي ادع�اء . التي نبهن�ا إليه�ا ه�وبز" الطبيعةوهنا لن يكون بمستطاع أح�د اإلف�الت . الصراع والصراع المرير في أغلب األحيان السلطة،

إنه�ا حال�ة ستتس�م ب�الخوف وع�دم األم�ن عل�ى األنف�س واألم�وال، أم�ا الحري�ة إذا . من الهالك .كان هناك من حرية، فهي حرية األقوى ولكن إلى حين ريثما يظهر من هو أقوى وهكذا

:السلطة فعل قوة -بف��نحن ال يمكنن��ا . ف اثن��ان عل��ى أن الس��لطة ف��ي جوهره��ا إنم�ا ه��ي فع��ل ق��وةال يختل�

التوج�ه إل�ى اآلخ�رين ك�ي نق�نعهم بالتص�رف وخصوص�ا إذا ك�ان مث�ل ذل�ك التص�رف مم�ا ال ف�إذن الب�د م�ن ش�يء م�ا . يتفق ورغبات أو مصالح أولئك الذين نتوجه إليهم بمثل ه�ذا الطل�ب

وإذا ك�ان الق�ول باإلجب�ار يعن�ي . عل�ى فع�ل ذل�كآخر يجبرهم وربما يق�نعهم ف�ي نف�س الوق�ت ببساطة توفر أداة ما تعطي لإلجبار معناه، فان اإلقناع وما يمك�ن أن يتل�وه م�ن اقتن�اع بمعن�ى . االعتراف لهذا الطرف أو ذاك بحقه في إصدار مثل هذا األمر مسألة فيها الكثير من التعقي�د

ى الرض�ا ف�ي جانب�ه االيج�ابي س�يتطلب ذلك أن ه�ذا الن�وع م�ن االعت�راف وال�ذي يعط�ي معن�أوضاعا وشروط بعضها ق�ائم مترس�خ ف�ي عقائ�د الن�اس وآم�الهم، ف�ي أس�اطيرهم وأحالمه�م، وبعض��ها اآلخ��ر نتاج��ات آني��ة ل��دعوات ونش��اطات م��ن ي��دعي الس��يطرة عل��ى مقالي��د الس��لطة

ت ويطال��ب ب��االعتراف ب��ه، ناهي��ك عم��ا يش��به االقتن��اع ال��ذي س��يوفره خ��وف التع��رض ألدوا .اإلكراه في حال ما إذا لم يتم االستجابة إلى من يمسك بيده مقاليدها

نحن إذن إزاء مفارقة ال يمكن تجاهلها، فمن ناحية البد للس�لطة م�ن ق�وة ك�أداة الب�د منها من أجل وضع مطالبها موضع التنفيذ وبالقسر، إن لم يكن هناك مناص م�ن ذل�ك، وه�ي

ناء عن الرضا بها وبمطالبه�ا، بعي�دا ع�ن أش�كال القس�ر ليس بامكانها من ناحية أخرى االستغ

.۱۰٦، ص ۱۹۷۲بولس غانم، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع، بيروت، : جان جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس، ت ۲۱

Page 10: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٨{

إذ م�ن . ل�ذا ك�ان لزام�ا عل�ى ماس�كي الس�لطة التوفي�ق ب�ين النهج�ين. تجاه من تتوجه بها إل�يهمالثابت أن ال بقاء للسلطة لو اعتمدت على القوة السافرة أو حتى المبطنة لوحدها كم�ا يص�عب

وهن�ا يج�ب . هامه�ا والوص�ول إل�ى أغراض�هاتخيل االستناد عل�ى الرض�ا لوح�ده ف�ي إنج�از موما هي عالق�ة ..فما المقصود بذلك يا ترى. التعرض للقوة باعتبارها أداة إكراه وموئل رضا

كل منهما في موضوع السلطة ؟بادئ ذي بدء البد أن نقرر أن نظاما وسلطات ومن ثم مجتمعا متماسكا ال يمك�ن ل�ه

الخارجين على قيمه سواء المادية منها أم المعنوي�ة أن يقوم ويستمر دون قوة تأخذ على أيدي ان عليه من قبل المجتمعات األخرىوتحميه من العدو

فيما مضى كانت السلطة وكانت القوة عنصرا أساسيا لقيامها واستمرارها حتى لقد تس�مت ألول إحدى النظريات المفسرة لظهور السلطة بنظرية القوة، وجعلت من هذه األخيرة سبب السلطة ا

وتعن�ي الق�وة ف�ي المق�ام األول هن�ا ك�ل . والمعول عليه في دوامها وتغيره�ا وانتقاله�ا م�ن ي�د ألخ�رىعناصر اإلكراه المادية والمعنوية، بمعنى تلك التي تعمل على إيقاع األذى الجسدي والنفسي بالن�اس

حرم�ان والمن�ع تح��ت س�واء ف�ي ح�ال اس�تخدامها بش�كلها الس��افر أم الم�بطن، أي التهدي�د بالفع�ل أم بالهكذا كان حال السلطة في شكلها البدائي قوة سافرة فجة إذا صح التعبي�ر، إال أنه�ا م�ا . طائلة العقوبة

عتمت أن تبدل بها الحال مع تقدم البشرية في سلم التطور وظهور األديان والفلسفات فأص�بحت ق�وة . تي اش�تملت عليه�ا الش�رائع والق�وانينمستبطنة بمعنى أن الناس بدأوا باستبطان األوامر والنواهي ال

وأخ��ذ نط��اق الق��وة والس��افرة بش��كل أخ��ص ب��التقلص روي��دا روي��دا ليط��ال المش��اغبين والمتم��ردين والمجرمين وبعبارة واحدة أنها وضعت في مواجه�ة ك�ل م�ن يته�دد أو يعتق�د بأن�ه يه�دد النظ�ام الع�ام

لي�ه مث�ل ه�ذه الممارس�ات، فمث�ل ه�ذا رغم أن مثل هذا الوصف ال يعني سوى القلي�ل مم�ا اش�تملت عال يخل�و بطبيع�ة -كم�ا يحل�و ألص�حاب الس�لطة ع�ادة وص�ف خص�ومهم ب�ه -التصنيف ألعداء النظام

الحال من تبسيط لألمور واختزال للحقائق، فمن الثابت أن التاريخ البعيد والقريب حاف�ل ب�الكثير م�ن مع لديها ل�يس م�ن أج�ل ف�رض النظ�ام وإنم�ا المناسبات التي استخدمت فيها النخب الحاكمة أدوات الق

ف�ي -من أجل قمع والتخلص من أعدائها ومناوئيها، وكانت تلك اإلج�راءات س�ببا ب�ل وس�بب رئيس�يث�م إن الس�لطة ل�م تق�ف ف�ي اعتماده�ا م�ن . من أسباب ض�ياع النظ�ام وع�دم االس�تقرار -أحيان معينة

ا ب���ل تجاوزته��ا ناحي��ة ادخ��ل الق���وة أج��ل ف��رض قواع��دها وتوجهاته��ا عل���ى الق��وة الس��افرة لوح��ده .االقتصادية في مدار فلكها

وسوف نحاول فيما يلي إلقاء الضوء عل�ى ك�ل م�ن األش�كال الت�ي تتخ�ذها الق�وة ف�ي الع�ادة ونوع التأثير الذي تحدثه كل منها، ولنبدأ باالقتص�اد عل�ى أن نس�تكمل ح�ديثنا ع�ن األش�كال األخ�رى

يتص�ل ب�ه م�ن ملكي�ة وإنت�اج وتوزي�ع للخي�رات إنم�ا ه�و موض�وع فاالقتصاد وكل م�ا. للقوة فيما بعد. يت�أثر بم��ن يمتل��ك مص��ادر الق�وة األخ��رى، كم��ا أن أث��ره واض��ح ف�ي تق��ديم ال��دعم ألص��حاب الس��لطة

ولندع جانبا القول أن االقتصاد والسيطرة على موارده ومن ثم إعادة توزيعها إنم�ا ه�و ه�دف رئ�يس . طة ما في ذلك شكيسعى إليه في العادة كل مدع للسل

يتمت�ع االقتص��اد بوص�فه أح��د جوان�ب الق��وة الت��ي تق�وم عليه��ا الس�لطة بمي��زتين عل��ى األق�ل فه�و م�ن ناحي��ة يعم�ل بش�كل خف�ي غي��ر واض�ح وذل�ك ح�ين يك��ره م�ن يتع�رض لطائل��ة

وخصوصا عندما يتم تجريده م�ن ملكيت�ه بوص�فها وس�يلة الحي�اة والبق�اء -الحرمان من فوائدهفانه الش�ك -فرد من نظام توزيع المنافع والقيم السائد أو حين يتم تهديده بذلك أو حين يستثنى

سيضطر إلى اإلذعان والخض�وع وال نق�ول الطاع�ة، إذ الطاع�ة مبني�ة عل�ى فع�ل مس�تمد م�ن وتكش��ف المي��زة . وس��وف ن��أتي عل��ى بي��ان ذل��ك الحق��ا. قناع��ة ورض��ا نفس��ي قب��ل ك��ل ش��يء

Page 11: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٢٩{

الس��لطة الحقيقي��ة ومراك��ز األف��راد والجماع��ات األخ��رى وبش��كل علن��ي وس��افر ع��ن توجه��ات عل���ى س���لم اله���رم الس���لطوي وه���و م���ا ال تفعل���ه الق���وانين وال الل���وائح المنظم���ة لس���ير عم���ل

إذ أن م��ن ش��أن الق��وة االقتص��ادية، وس��واء عمل��ت م��ع عناص��ر الق��وة . المؤسس��ات السياس��يةوال أدل عل�ى . بير آخ�راألخرى أم بمعزل عنها، أن تخلق حالة من الالمساواة أو التفاوت بتع

حال��ة التف��اوت ه��ذه م��ن األمثل��ة الت��ي تس��اق ح��ول العدي��د م��ن الحق��وق المنص��وص عليه��ا ف��ي الدساتير والبيانات الدس�تورية ول�وائح حق�وق اإلنس�ان والت�ي تؤش�ر بم�ا ال يقب�ل الش�ك أفك�ارا

رص ع�ن المس��اواة ف��ي ش��كلها المث��الي، إال أن م��ن ي��دقق ف�ي م��دى تمت��ع الن��اس بمث��ل تل��ك الف��21Fالمساواتية ال يجد في الواقع سوى مساواة ولكنها في انعدام المساواة

۲۲. وسوف نحاول فيما يلي إلقاء الضوء على م�ا تبق�ى م�ن األش�كال الت�ي تتخ�ذها الق�وة

بداية يمكن القول أن القوة بشكلها السافر،بمعنى االقتص�ار . ونوع التأثير الذي تحدثه كل منها22Fستتخذ م�ا يمك�ن تس�ميته بس�لطة اإلك�راه أو الس�لطة القس�ريةعلى عنصر اإلكراه المادي،

۲۳ ،أم��ا . والس��لطة المس��تبطنة) بالمن��افع(تميي��زا له��ا ع��ن األن��واع األخ��رى مث��ل س��لطة اإلغ��راء

النتيج��ة المتوقع��ة م��ن ه��ذا الن��وع م��ن الق��وة فه��و الخض��وع الكام��ل والمطل��ق لمطال��ب الس��لطة مقرون�ا ل�ى س�طح س�فينة ف�ي ع�رض البح�رويمكن تصويره في حالة العبد الذي وجد نفسه ع

لذا فهو لن يج�د أمام�ه م�ن مه�رب . بمدى استجابته إلرادة ربانها بالسالسل وقد تعلق مصيرهسوى الخضوع الكامل لمطالب ربان تلك السفينة، هذا إن أراد أن يجن�ب نفس�ه الع�ذاب تح�ت

.السياط أو الموت غرقال للوض��ع ال��ذي يمك��ن أن تتخ��ذه مث��ل ه��ذا المض��مون المتط��رف ال��ذي س��قناه كتمثي��

عالقة السلطة برعاياها سيكون كافيا من أجل إلقاء الضوء عل�ى طبيع�ة األدوات والتنظيم�ات التي ستأخذ على عاتقها عملية فرض هذا النوع من العالقة وربما سيصاب بالدهش�ة ك�ل م�ن

الس�لطة في�ه بوصفه ممثال لعهد اتس�مت عالق�ة" يحموراب" تطلع إلى ما اشتملت عليه شرائعفم��ا ك�ان ق�د ن��ص علي�ه ف��ي بنوده�ا وم�ا حوت��ه مواده�ا م��ن . برعاياه�ا بس�يطرة عنص��ر الق�وة

إشارات واضحة إلى لجوء المشرع إل�ى الق�وة ف�ي ك�ل ص�غيرة وكبي�رة، حت�ى ليخي�ل للق�ارئ لها إن قيم القسر وأدوات اإلكراه كانت قد تغلغلت في كل جانب م�ن جوان�ب حي�اة أمث�ال تل�ك

ولنا في القوانين والتعاليم الكنسية التي وض�عت إب�ان هيمن�ة الكنيس�ة عل�ى الحي�اة .المجتمعات -عام�دة. االجتماعية والسياسية في أوربا الق�رون الوس�طى مث�ال آخ�ر عل�ى مث�ل ه�ذا االتج�اه

من خاللها على ضمان خضوع المؤمنين من أتباعها حتى يتسنى لها تأمين ذل�ك -أي الكنيسةعلم��ا " اله�ول" ي تتطلب��ه تعاليمه�ا، إل�ى الدرج�ة الت��ي أص�بح وص�فالش�كل م�ن الخض�وع الت�

على ممارسات العديد من محاكم التفتيش منذ القرون الخ�امس عش�ر م�رورا بالم�ذابح الديني�ة ناهي��ك ع��ن . وق��بلهم المس��لمين واليه��ود" الهيغون��وت" وغيره��ا لتش��مل" س��انت ب��ارتلمي"ف��ي

منه�ا، تل�ك الت�ي ل�م تس�لم منه�ا حت�ى نف�س االستخدامات األخرى لإلكراه وخصوصا المعنويةحيث تفنن القديسون ورجال الدين في تص�وير . اإلنسان وروحه سواء في حياته أم بعد مماته

العذابات التي تنتظر الناس الخاطئين على مواقد النار، كم�ا بش�رت ب�ذلك تع�اليم الكنيس�ة أنف�ة

.۱٤۷-۱٤٦صادق األسود، علم االجتماع السياسي، مصدر سبق ذكره، صص. لمزيد من اإلطالع، انظر، د ۲۲ .۱۸شريح السلطة، مصدر سبق ذكره، صحول هذه التسمية وما يحيط بها من مصطلحات، انظر، جالبريث، ت ۲۳

Page 12: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٠{

23Fال��ذكر

يغل��ب عليه��ا الط��ابع و المحت��وى وبمث��ل تل��ك األس��اليب اإلرهابي��ة، واألفع��ال الت��ي . ۲٤الرمزي تكون مثل هذه السلطات قد توصلت ومن خالل استبطان اإلكراه إلى تش�كيل ارادات األفراد وبشكل يضمن الخضوع لمطالبها وحتى دونما حاجة إلى اإلس�راف أو بعب�ارة أخ�رى

إط�الق تس�مية هذا النوع من السلطة هو ما يمكن. االقتصاد في ممارسة أفعال القوة واإلكراهالسلطة المس�تبطنة علي�ه تميي�زا ل�ه ع�ن األن�واع األخ�رى كالس�لطة القس�رية وس�لطة اإلغ�راء

".جالبرث"بالمنافع أو التعويضية على حد تعبير وينظر إلى السلطة المستبطنة التي تقوم على استبطان اإلكراه بوصفها الشكل ال�ذي

فع�ن طري�ق التربي�ة والتثقي�ف وم�ا . ي�ر ب�ارزتأخذ فيه القوة دورا آخر مختلف يتميز بكونه غتمارسه وسائل اإلعالم والدعاية م�ن ت�أثير ف�ي عق�ول الن�اس وف�ي نفوس�هم تك�ون الس�لطة ق�د نجحت في تشكيل شخصيات هؤالء الناس عاملة في الوقت نفسه عل�ى تولي�د قناع�ات خاص�ة

لطة ل��ديهم بطري��ق غي��ر مباش��ر تض��عها ف��ي مس��ارب بحي��ث تص��ب ف��ي خدم��ة أغ��راض الس�� .وسياستها بالنتيجة

فالفرد سيجد نفسه مسوقا بقوة خفي�ة، إذا ص�ح الوص�ف، نح�و اإلذع�ان والقب�ول بم�ا ربم�ا يكف�ي م�ن أج�ل تحري�ك ه�ذه الق�وة . هو قائم دونما حاجة إلى من يجب�ره عل�ى فع�ل ذل�ك

الخفية لديه مجرد رؤية شرطي أو اللون األحمر وهو يضيء في منعطف طريق كي يتوق�ف وربم�ا يعت�رض ال�بعض ب�القول أن انص�ياع ه�ذا أو . ة بفع�ل ال إرادي ف�ي الغال�بعن الحرك�

غيره من األشخاص ال يأتي استجابة لدافع الخوف الذي قد يثيره لديهم منظر الش�رطي وإنم�ا كتعبي��ر ع��ن ال��وعي بمص��الحهم ه��م بال��ذات وألم��نهم الشخص��ي م��ن التع��رض لحادث��ة ج��راء

نجيب، أن مثل ذلك التصرف الذي يبدي�ه الف�رد ف�ي تل�ك مخالفة اإلشارة المرورية، ونسارع فاللحظة، ه�ي ف�ي اعتقادن�ا اس�تجابة ال ش�عورية ألم�ر موج�ه إلي�ه ي�أتي كتعبي�ر ع�ن إك�راه م�ا

فيس�تجيب له�ا ف�ورا دون أن يج�د مستبطن أو كامن في نفس الف�رد تس�تثيره اإلش�ارة الحم�راءش�ارة بمص�لحته الخاص�ة أو مص�لحة الوقت الكافي كي يحلل ويفلسف األمور، فيربط ه�ذه اإل

وخصوص�ا عن�دما ال يك�ون هن�اك ثم�ة م�ن مخ�اطر أو إذا ش�ئنا الدق�ة . من يمرون م�ن أمام�ه . مصلحة ما تستدعي وقوفه

أما االستخدام األكثر خطورة وفاعلية لمحتوى االستبطان فقد كان ذل�ك ال�ذي لج�أت إل��ى ذل��ك ونقص��د به��م رج��ال إلي��ه ال��نظم الس��لطوية والش��مولية جري��ا عل��ى ع��ادة م��ن س��بقهم

ف��ي فرنس��ا ووص��لت " العه��د الق��ديم" الكنيس��ة إب��ان الق��رون الوس��طى والس��لطة الت��ي أعقب��تكم��ا . ۱۷۹۳-۱۷۹۱خ��الل األع��وام Reign of Terror "عه��د اإلره��اب"ذروته��ا إب��ان

استخدمتها من بعدهم العديد من الحركات الثورية ف�ي روس�يا والص�ين وف�ي أفريقي�ا وأميرك�ا عب�ر اللج�وء إل�ى " العقوب�ة النموذجي�ة"وتدور محور هذه الممارسات حول مضمون. ينيةالالت

وهؤالء ال يستهدفون م�ن وراء . ممارسة أسلوب التعذيب العام والعلني للمجرمين والهراطقةإنزال هذا الن�وع م�ن العقوب�ة مج�رد إيق�اع األذى الجس�دي ب�المحكوم عل�يهم فحس�ب، ب�ل ه�ي

ونفوس كل أولئك الذين يشهدون عذاب هؤالء فتؤثر فيهم فتش�ل تستهدف بشكل خاص عقول

ت��ونس، -، دار الجي��ل، بي��روت۲۳/ح��ول ه��ذه النقط��ة ولمزي��د م��ن االط��الع انظ��ر، ول ديوران��ت، قص��ة الحض��ارة، ج ۲٤

ن�ور ال�دين ح�اطوم، ت�اريخ عص�ر النهض�ة األوربي�ة، دار الفك�ر، المك�ان . كذلك انظ�ر، د. ۸۲، ۹۰، ۷۸، صص۱۹۸۸ .۲۰۰، ص۱۹٦۸بال،

Page 13: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣١{

إرادتهم فتقع�د به�م بالنتيج�ة ع�ن أي م�ا م�ن ش�أنه الخ�روج عل�ى الطاع�ة كم�ا يراه�ا ويري�دها 24Fالقيمون عل�ى أم�ر الس�لطة أو الحرك�ة السياس�ية

" وه�ذا بالض�بط م�ا دف�ع ب�األمير الروس�ي. ۲٥رك�ات اإلرهابي�ة ف�ي أورب�ا الق�رن التاس�ع ال�ذي ع�د وقته�ا أح�د أب�رز رم�وز الح" كروبوتكين

عشر، إلى القول بأن حالة عدم االكتراث أو الالمباالة اثر كل عملي�ة إرهابي�ة م�ن ه�ذا الن�وع هو أمر مستبعد بل هو إلى المستحيل أقرب، فمن خالل ه�ذه األعم�ال المدوي�ة الت�ي ستس�تأثر

في رؤوس الناس كي تخلق التح�ول باالهتمام ستندس الفكرة، التي يحمل اإلرهابيون لواءها، وعليه فان لمثل هذه العمليات من نتائج وما تحدثه من تأثير في لحظات ما ال تس�تطيع . لديهم

25Fفعله آالف الكتيبات في سنوات

۲٦. :السلطة بنية تنظيم -ج

" أو" ح��ي ب��ن يقض��ان" عن��دما ك��ان اإلنس��ان وحي��دا، كم��ا افترض��ه م��ن أل��ف قص��ةالهمجي في حالة الطبيعة، لم يك�ن بحاج�ة إل�ى س�لطة، " روسو"أو إنسان " روبنسون كروزو

فحاجاته بسيطة لم تكن لتتعدى البقاء على قيد الحياة، دونما حاجة إلى كماليات ودونما رغب�ة في الظهور أو التظاهر أمام أقرانه كما أنه لم يكن بحاجة إلى التن�افس والص�راع س�واء أك�ان

عن كل ما يشبع رغبة الهيبة والتمت�ع بم�ا تض�فيه المكان�ة ذلك سعيا وراء لقمة العيش أم بحثا ث���م تص���بح وق���ائع التن���اقض والص���دام م���ن مقوم���ات الحي���اة . االجتماعي���ة م���ن منزل���ة ونف���وذ

االجتماعية، وتأخذ وتائرها باالزدياد كما ونوعا ودرجة كلما تعقد المجتمع وازدادت بالتبعي�ة 26Fمطالب وحاج�ات أف�راده وجماعات�ه

تص�ل ح�دا ق�د تته�دد بالفوض�ى مجم�ل إال أنه�ا س�وف. ۲۷الكيان االجتم�اعي الق�ائم وهن�ا ك�ان الب�د م�ن إيج�اد ش�كل م�ن أش�كال االتف�اق بامكان�ه ض�مان

وبمعن���ى آخ���ر بن���اء هيكلي���ة للنظ���ام عل���ى ح���د . الوج���ود والع���يش المش���ترك لك���ل الفرق���اءتوحي�د وتكمن أهمية التنظيم في هذا المجال وخصوص�ا عن�دما يعم�ل عل�ى . 27F۲۸"كالفال"تعبير

األفراد والجماعات من أجل تحقيق هدف مشترك، وهو أمر ال يمكن الوص�ول إلي�ه عل�ى أي�ة حال إال عبر تشكيل م�ا يمك�ن أن نطل�ق علي�ه الوح�دة م�ن خ�الل الخصوص�ية الجماعي�ة، فم�ا

: الذي يعنيه مثل هذا القولق كن�ا ق�د تح�دثنا ف�ي مبح�ث التم�ايز ع�ن عالق�ات س�لطة بمعن�ى أث�ر التم�ايز ف�ي خل��

النفوذ بوصفه مصدرا سلطويا يعمل على رب�ط األف�راد والجماع�ات بمص�در الس�لطة والنف�وذ وذلك بقدر ما يؤدي إلى اعتراف هؤالء بالمكانة التي يشغلها صاحب النفوذ، وم�ع ذل�ك فه�ي

وموض��وع -أص��حاب الس��لطة -عنص��ر تفريق��ي تم��ايزي بم��ا تض��عه م��ن فاص��ل ب��ين الم��ؤثرتجاوزه، فهي أدوار محددة تستلزم تصرفات معينة تجاه كل م�نهم التأثير ال يستطيع كل منهم

اآلخر، كما أنها ال تهدف إلى الس�يطرة أو ف�رض التوجه�ات إال ف�ي نط�اق مح�دد وال�ى م�دى

الرضا الطعان، محاضرات في مفهوم الث�ورة ف�ي إط�اره النظ�ري، مجموع�ة محاض�رات غي�ر منش�ورة عبد. انظر، د ۲٥

.۱۹۷۹-۱۹۷۸ألقيت على طلبة الدراسات العليا، قسم السياسة، جامعة بغداد، T. P. Thornton, "Terror as a weapon ofح��ول ه��ذه النقط��ة ولمزي��د م��ن اإلط��الع انظ��ر، ۲٦

political agitation," in, Harry Eckstein, (ed.), internal war, F. P. of Glencoe, London, 1964, p.82.

.۷٥-۷٤انظر، روسو، المصدر السابق، صص ۲۷ .٤۲، ص۱۹۹۰عبد األمير إبراهيم، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، . د: انظر، بول كالفال، المكان والسلطة، ت ۲۸

Page 14: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٢{

أم�ا ف�ي التنظ�يم فالعالق�ات تأخ�ذ طابع�ا آخ�ر . محدد هو اآلخر وأبرز مث�ال عل�ى ذل�ك العائل�ة .لتنظيم الذي هو السلطةتجميعي فهي تربط الفرد والجماعة بمصدر ا

يبدأ التنظيم في أخذ شكله حين ي�ؤدي تعق�د الحي�اة االقتص�ادية والثقافي�ة إل�ى تك�وين جماعات من الناس متشابهة ف�ي ظ�روف حياته�ا وص�عوباتها وك�ذلك مش�اكلها، وعن�دما تأخ�ذ

ون العالقات بين أفرادها وبين الجماعة والجماعات األخ�رى بالتج�ذر والتح�دد ف�تجعلهم ي�دركأبع���اد وج���ودهم الفري���د وس���ط الك���ل االجتم���اعي يمك���ن بنتيجته���ا أن نص���نفهم أو أن نص���نف

.عالقاتهم بكونها عالقات طبقية أو عنصرية أو طائفية وهكذاولكن هي يكفي مثل هذا الوعي واإلدراك لخصوصية المشاكل واآلمال التي يحتفظ

جماع�ات ؟ الحقيق�ة أن فع�ل ذل�ك بها أفراد هذه الجماعات لوح�ده أن ي�ؤدي إل�ى خل�ق وح�دة اليعوزه شيء آخر، البد منه، من أجل رفع ح�دة اإلدراك بخصوص�ية الجماع�ة وف�تح مج�االت

28Fالعمل أمامها من أجل تأكيد ذاتها وهذا هو فعل التنظيم

۲۹ . بوص�فه مص�درا -وخصوصا في مجال بحثن�ا -ومهما قيل في التنظيم فهو ال يتعدى

حقي��ق غرض��ين؛ الخض��وع ال��داخلي م��ن قب��ل األعض��اء م��ن مص��ادر الس��لطة، عمل��ه عل��ى تلمطال��ب وأه��داف التنظ��يم م��ن ناحي��ة والخض��وع الخ��ارجي ل��إلرادة ولأله��داف الت��ي وض��عها

29Fالتنظيم لنفسه من لدن أعضاء الجماعة االجتماعية من غير المنتسبين له

۳۰ . وهناك جملة مبادئ تحك�م عملي�ة التنظ�يم بوص�فها مص�درا مهم�ا م�ن مص�ادر ق�درة

وذل�ك م�ن -أي التنظ�يم -سلطة على فرض الخضوع الذي يوفرها ه�ذا الن�وع م�ن المص�ادرالخ��الل عمل��ه عل��ى تركي��ز مكون��ات الق��وة؛ البحت��ة واالقتص��ادية والنفس��ية، ف��ي ي��ده م��ن ناحي��ة

إذ م�ن الثاب�ت أن�ه كلم�ا زاد . وقدرت�ه عل�ى تحدي�د األه�داف والعم�ل عل�ى تقل�يص التن�وع فيه�االتنظيمات على خدمتها كلم�ا قل�ت درج�ة الخض�وع المتحص�ل لك�ل تنوع األهداف التي تعمل

30Fهدف من تلك األهداف، من ناحية أخرى

ويكاد يك�ون اإليم�ان العمي�ق باأله�داف م�ن قب�ل . ۳۱. األعضاء ومركزية القرار المتخذ في هذا اإلطار من ب�ين أه�م ه�ذه العناص�ر عل�ى اإلط�الق

ء األوساط المهيمنة فيه، وبهذا الوصف فه�و فالتنظيم يعني مركزية التعبير عن توجهات وآراإذ ليس هناك من شيء يضعف السلطة ك�التعبير . معاد إلى حد كبير للتعدد في وجهات النظر

وه�و م�ا يفس�ر مبل�غ العقوب�ات الت�ي . عن التوجهات المتعارضة والنقد المتبادل داخ�ل التنظ�يمتف��رض عب��ر ت��اريخ الس��لطة عل��ى الهراطق��ة والمت��ورطين بأعم��ال وص��فت بكونه��ا كان��ت

كما أنه يبرر إلى حد كبير وصف المبادئ التي تحك�م الس�لطة المنظم�ة بأنه�ا تتب�دى . انشقاقية31Fبشكل استبدادي وطاغ في غالب األحيان

۳۲ . كن��ا ق��د تح��دثنا ع��ن فرض��ية التم��ايز بوص��فها قاع��دة الس��لطة بم��ا ت��وفره م��ن تف��اوتوخلقها للنفوذ فيؤدي ذلك إلى ضرورة مواجهتها بعنصر قادر على ضم جمي�ع الفرق�اء تح�ت لوائه متخذا ش�كل التنظ�يم ال�ذي س�يوفر ه�و اآلخ�ر عنص�را جدي�دا م�ن عناص�ر الس�لطة، فم�ا

المقصود بذلك يا ترى وما عالقة ذلك بالسلطة؟

.٥٦انظر، المصدر نفسه، ص ۲۹ .۸۰جالبريث، تشريح السلطة، مصدر سبق ذكره، ص. ك. انظر، ج ۳۰ .۸۲-۸۱انظر، المصدر نفسه، صص ۳۱ .۸٥انظر، المصدر نفسه، ص ۳۲

Page 15: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٣{

لبش�ر الب�د ل�ه م�ن بداية البد من الق�ول أن أي ش�كل م�ن أش�كال االجتم�اع ب�ين بن�ي اأم ش�عبية أو م�ا ةسلطة بمعنى عالقة آمرة ولنس�مها م�ا نش�اء أبوي�ة كان�ت أم غيبي�ة م�ا ورائي�

ش���ابه ذل���ك، وه���ي به���ذا الوص���ف ال تعن���ي خصوص���ية فردي���ة ب���ل ه���ي مرتبط���ة بالجماع���ة واستمرارها مرتبط بالنتيجة بدوام الجماعة وبقائها، وه�و م�ا دف�ع إل�ى الق�ول كم�ا ذهب�ت إل�ى

32Fأن�ه ب�دون ش�عب أو جماع�ة فل�ن تك�ون هن�اك س�لطة" رن�تأ" ذل�ك

ومهم�ا تك�ن بدائي�ة تل�ك . ۳۳إذ م�ن الثاب�ت أن . السلطة، فستقوم مقام الضابط في مبدأ األم�ر الن�دفاعات اإلنس�ان الغريزي�ة

دوام المجتمعات رهن بوجود ضابط أو ض�وابط كه�ذه، تح�د م�ن رغب�ات اإلنس�ان الت�ي تتس�م . االنضباط إذن من مهمات الس�لطة األول�ى ونت�اج م�ن نتاجاته�افالضبط و. باالتساع والشمول

. فالنظام االجتماعي إذن عملي�ة إرادي�ة أري�د به�ا الوق�وف بوج�ه غرائ�ز اإلنس�ان الت�ي ال تح�دوالنظام من ناحية أخرى الب�د ل�ه م�ن مص�الح وتوجه�ات يعم�ل عل�ى ال�دفاع عنه�ا وتكريس�ها

م�ا م�ن مراح�ل تط�ور الجماع�ة إل�ى ظه�ور داخل الجماعة وإذن فهي البد ستدفع في مرحل�ةالتعارضات والتنافس بين األطراف المكون�ة للجماع�ة وإذن الب�د هن�ا م�ن تقب�ل فك�رة اإلك�راه تقيه��ا ش��ر الج��ذب والش��د والخص��ام وتض��من له��ا االس��تقرار واالنتظ��ام، وهن��ا يص��بح التنظ��يم

33Fبمثابة مصدر للسلطة

۳٤. ذ تك�ون الخلي��ة االجتماعي�ة األول��ى ويمك�ن مالحظ�ة عنص��ر التنظ�يم وتتب��ع آث�اره من��

ففي نطاقها تكم�ن الص�ياغات األول�ى لشخص�ية اإلنس�ان االجتماعي�ة وحي�ث . المتمثلة بالعائلةيتم تكييف هؤالء على ما ينتظرهم من مهام، ففيها ي�تم تنش�ئة األطف�ال عل�ى ع�ادات الجماع�ة

ترفض�ه وبعب�ارة واح�دة ومعتقداتها وأساليب حياتها؛ م�ا تقدس�ه وم�ا تحرم�ه وم�ا ترتض�يه أو وضع الحدود أمام تصرفا أفرادها وإلزامهم بما يجب عليهم أن يكون�وه أو يقوم�ون ب�ه، وم�ن ثم فان فرض حدود كه�ذه وإل�زام األف�راد ب�ذلك إنم�ا يعن�ي إنن�ا بص�دد تطل�ب س�لطة م�ن ن�وع

34Fما

هذا الشكل الجنيني للتنظيم السلطوي سيخلي مكانه بتط�ور الجماع�ة وخصوص�ا عن�دما. ۳٥تبدأ الجماعة نفسها باالستيالء على األدوار التي كانت تمثله�ا العائل�ة س�ابقا، فتظه�ر عن�د ذاك المؤسس�ة الت�ي ه�ي م��ن نتاج�ات ظ�اهرة التم��ايز الت�ي تأخ�ذ طريقه�ا إل��ى المجتم�ع للقي�ام به��ذا الدور بمرور الزمن وخصوصا عندما تأخذ وقائع التفاوت في المراكز والمكان�ة ب�ين األف�راد

كرس جراء التكرار فتتحول واقعة ما إل�ى س�ابقة فتتط�ور ك�ي تتح�ول الحق�ا إل�ى مؤسس�ة بالت" وبمث�ل ه�ذه الطريق�ة ظه�رت مؤسس�ات سياس�ية مهم�ة. يتم االعتراف به�ا م�ن قب�ل األغلبي�ة

عندما أقدم زعيم قوي وطموح في مرحلة من مراحل التاريخ على اختيار " كالملكية الوراثيةيك�ون خليفت�ه عل�ى ملك�ه م�ن بع�ده وبتك�رار ه�ذا الح�دث وتقب�ل ابن أو شخص مقرب ل�ه ك�ي

.الناس له أصبح هناك ما يطلق عليه الملكية الوراثية في التاريخوإذا كان���ت ص���ياغة شخص���يات األف���راد وتعي���ين الح���دود أم���ام تص���رفات األف���راد والحف��اظ عل��ى التض��امن االجتم��اعي م��ن ب��ين وظ��ائف التنظ��يم الس��لطوي و واجبات��ه عل��ى

يد ال��داخلي، ف��ان للح��رب وموجباته��ا الخاص��ة ال��دور الب��ارز ف��ي تأكي��د دور التنظ��يم الص��ع . وضروراته وآثاره على السلطة على الصعيد الخارجي

.۳۹انظر، حنه آرندت، في العنف، مصدر سبق ذكره، ص ۳۳ .٦۳انظر، ماكيفر، مصدر سبق ذكره، ص ۳٤ .٤۸انظر، المصدر نفسه، ص ۳٥

Page 16: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٤{

ربما يكون للحرب آثارها المدمرة األخرى عندما تعمل على تمزيق الجماعة وه�دم رى م�ن ب�ين الح�وافز السلطة بالتالي، إال أن الخوف من نتائج كهذه يمكن أن تك�ون ه�ي األخ�

التي قد ت�دفع ب�أفراد الجماع�ة إل�ى تض�امن أكب�ر وان�دماج أش�د وق�د تقب�ل بنظ�ام غي�ر مس�بوق وربم��ا ك��ان لمث��ل ه��ذا الخض��وع األعم��ى . بص��رامته وغلب��ة أش��كال م��ن الخض��وع العمي��اء

والتضامن في مواجهة التهديدات الخارجية الفض�ل ف�ي انكف�اء الجماع�ات عل�ى نفس�ها وربم�ا ، ولتسهم بالت�الي xenophobiaتكرس أمراض اجتماعية معينة مثل كره األجنبي أيضا في

ب�ل أن هن�اك م�ن . في ظهور أشكال من النظم السلطوية كالفاشية والنازية عل�ى س�بيل المث�ال35Fيذهب أبعد من ذلك كي يفسر ظهور العبودية ويبررها على أساس من هذا المنطلق

۳٦. :قيامها على قاعدة الرضا -د

جعنا إلى الوراء قل�يال وبحثن�ا ف�ي أص�ل الرض�ا لرأين�ا أن الرض�ا وض�ع نفس�ي لو روالطاع�ة قض�ية ق�د ش�غلت ب�ال الفالس�فة والكت�اب . نابع من الرغبة أو الموافق�ة عل�ى الطاع�ة

بل إن فكرة الطاعة نجدها في أساس األديان والفلس�فات واألي�ديولوجيات . والباحثين منذ القدمفالطاعة ألولي األم�ر والتأكي�دات المختلف�ة م�ن . ر عنها بعناوين ملتبسةالمختلفة وان تم التعبي

لدن الفالسفة والمنظرين في بحثهم عن النظام األمثل أو األصلح إنما يؤكدون بشكل أو ب�آخر ع��ن الحاج��ة إل��ى، أو أن مث��ل ه��ذا النظ��ام أو ذاك وبش��كله ال��ذي تص��وروه وس��عوا م��ن أج��ل

وخي�ر م�ا . اد الجماعة أو المجتمع الذي يتم التوجه به إل�يهمإقراره إنما هو األجدر بطاعة أفرولك��ن ل��م ك��ل ه��ذه ". أطيع��وني م��ا أطع��ت هللا ف��يكم" عب��ر ع��ن ه��ذه الواقع��ة الق��ول المش��هور

وم�ا ه�ي أهميته�ا للس�لطة موض�وعنا قي�د .. األهمية المزجاة لموضوعة الطاعة ؟ م�ا حقيقته�ا البحث ؟

:مفهوم الطاعةللسلطة ومنذ البداية أن السلطة في جوهرها، عالقة تق�وم عل�ى كنا ذهبنا في تعريفنا

ف�التنظيم ق�ائم عل�ى أس�اس . هذا أيضا نابع من حقيقة العملية التنظيمية ذاته�ا. الطاعة –األمر تراتبية معينة وتوزيع لالختصاصات والصالحيات؛ قلة في هرم التنظيم يتم تفويض�ها عملي�ة

ة بسير عمل التنظيم ثم يأتي دور القاع�دة بمعن�ى األغلبي�ة إصدار األوامر والتوجيهات المتعلقفي األدوار والمستويات الدنيا للتنظيم من أجل تنفي�ذ م�ا يوك�ل إليه�ا م�ن مطال�ب أو أوام�ر إذا

فالجماعة في بيئة تنظيمية محددة البد لها من رأس كما هو حال الكائنات الحية الراقي�ة . شئناق توجهاته إذا ما أري�د لمث�ل ه�ذا الك�ائن، رأس�ا وجس�دا، أن على األقل يتحرك باقي الجسد وف

يحي��ا حي��اة منظم��ة له��ا حاجاته��ا وأغراض��ها الت��ي ينبغ��ي عليه��ا تحقيقه��ا، فم��ا بال��ك باإلنس��ان .وبجماعة البشر

وإذا كانت الطاعة لدى الجماعة بمثابة حاجة تنظيمي�ة بحت�ة فإنه�ا م�ن ناحي�ة أخ�رى موض��وع الس��لطة حاج��ة فردي��ة طبيعي��ة بمعن��ى وكم��ا ي��ذهب إل��ى ذل��ك العدي��د مم��ن درس

فاألفراد، هكذا يقولون، مجبولون عل�ى غري�زة الخض�وع وم�ن ث�م الطاع�ة والتس�لط . غريزيةوهذه الشك مفارق�ة، ب�ل إن م�ا يزي�د األم�ر . أو الحكم والزعامة لدى هؤالء أنفسهم أم غيرهم

ل��ى اآلخ��رين م��ن ناحي��ة تعقي��دا ه��و اعتب��ار أن الرغب��ة ل��دى األف��راد ف��ي ممارس��ة الس��لطة ع

ران��د رس��ل، الس��لطة والف��رد، الهيئ��ة المص��رية العام��ة للكت��اب، وانظ��ر أيض��ا، برت. ٥٥انظ��ر، المص��در نفس��ه، ص ۳٦ .۳۰، ص۱۹۹٤القاهرة،

Page 17: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٥{

ورفض الخضوع لمطالب هذه السلطة من قبل آخرين إنما ه�ي تجلي�ات بش�كل م�ن األش�كال لحاجة نفسية تستقر عميقا في الالوعي من اإلنسان وه�ي ف�ي حالتيه�ا أي الخض�وع والتم�رد عليها إنما هي تعبيرات عن الطاعة ذاتها، أو هي كم�ا ي�ذهب إل�ى ذل�ك ج�ون س�تيوارت مي�ل

36Fابة حالتين للطاعة ليس إالبمث

بق�در م�ا ه�و مالئ�م للحك�م "وخير ما يدعم ذلك المثل القائ�ل . ۳۷ . 37F۳۸"بقدر ما هو مالئم للطاعة

وإذا كان��ت الطاع��ة بحالتيه��ا، إذا م��ا اتفقن��ا عل��ى مث��ل ه��ذا الوص��ف، ه��ي وض��عية و رف�ض غريزية فيمكن النظر إليها بوصفها استعداد نفسي لدى اإلنسان يدفعه إما إل�ى تقب�ل أ

وب��ذا يح��ق لن��ا ط��رح التس��اؤالت . عالق��ات آم��رة م��ن ذل��ك الن��وع ال��ذي اش��تملت علي��ه الس��لطةوتحت أي م�ن الظ�روف؟ .. ومتى يرفض الطاعة أو يتمرد.. التالية؛ ترى متى يطيع اإلنسان

وبعبارة أخرى ما هي الوضعية التي يجد اإلنسان نفس�ه مس�وقا إل�ى طاع�ة أو رف�ض ه�ذه أو تلك من العالقات؟

ق�وة ف�ي "في تحليله لواق�ع الس�لطة أن ه�ذه األخي�رة م�ا ه�ي إال" جورج بوردو"يقولبل هو يذهب أبعد حين يقدم الفكرة على الق�وة، ويحص�ر ف�ي الفك�رة الج�وهر . 38F۳۹"خدمة فكرة

39Fالحقيقي للس�لطة

أن جناح�ا الس�لطة تتمث�ل ف�ي ق�وة اإلك�راه م�ن " ب�ردو " ، ذل�ك يعن�ي وف�ق ٤۰نية، ولقد أتينا على مفهوم الق�وة فيم�ا س�بق م�ن البح�ث، أم�ا الفك�رة ناحية والفكرة من ناحية ثا

ويج��د ه��ذا . فه��ي ل��دى ب��ردو ش��كل م��ن أش��كال التص��ور ال��ذي عل��ى المجتم��ع الوص��ول إلي��هالوص��ف للفك��رة حقيقت��ه ف��ي اعتب��ار الس��لطة أداة ترتك��ز ف��ي وجوده��ا عل��ى اله��دف ال��ذي ق��ام

.المجتمع وتشكل على أساسهي البداي��ة ج��راء المطال��ب والحاج��ات الغريزي��ة، بوص��فها ف��المجتمع ال��ذي تش��كل ف��

ض��رورات ألزم��ت اإلنس��ان باالنض��مام إل��ى اآلخ��رين والتع��اون معه��م م��ن أج��ل تلبي��ة تل��ك الحاجات، ما لبث وتحت حكم ضرورات من نوع آخر ربما أن تحول نحو العمل على إبراز

در م��ن الس��عة ش��كل م��ن أش��كال االنتظ��ام ح��ول تص��ور مع��ين؛ كمش��روع مس��تقبلي عل��ى ق��والش��مول أو الض��يق والتح��دد، يحك��م حرك��ة المجتم��ع ويس��تثير جه��دا جمعي��ا مش��تركا باتج��اه

السلطة إذن وفق هذا التصور تأتي بمثابة عملية تجسيد لما يخلقه هذا المثال للنظ�ام . المستقبلى فه�ي ق�وة عل�. االجتماعي الذي تستهدفه الجماعة طاقة وإرادة عل�ى العم�ل ف�ي ه�ذا االتج�اه

يخلقها الوعي االجتماعي تقوم مهمتها ف�ي آن واح�د عل�ى ت�أمين ديموم�ة " بوردو" حد تعبير المجموعة وقيادتها في الس�عي نح�و م�ا تعتب�ره خيره�ا وه�ي ق�ادرة عن�د الحاج�ة عل�ى ف�رض

40Fالموقف الذي يفترضه هذا السعي على األعضاء

٤۱ . ي تقبل���ه الجماع���ة، فالطاع���ة تتوج���ه إذن إل���ى الفك���رة أو المش���روع المس���تقبلي ال���ذ

ولنحاول التحقق م�ن ه�ذا االتج�اه بإلق�اء نظ�رة عل�ى أنم�اط الس�لطة الت�ي ظه�رت عب�ر ت�اريخ

.۳٤أوردته، آرندت، المصدر السابق، ص ۳۷ . ۳٥المصدر نفسه، ص ۳۸، ۲۰۰۲، بي�روت، ۳/سليم حداد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنش�ر والتوزي�ع، ط. د: الدولة، ت، جورج بوردو ۳۹

. ۱۱۳ص .۲۱فسه، صانظر، المصدر ن ٤۰ .۲۰انظر، المصدر نفسه، ص ٤۱

Page 18: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٦{

أج��ل تحدي��د موق��ع الطاع��ة منه��ا، ولنب��دأ أوال بالوض��ع الخ��اص ال��ذي نالتجرب��ة البش��رية، م�� .اتخذته السلطة إبان العصور األولى لظهور التجمعات البشرية

ن عن�دها كان��ت ق��د اقتص�رت عل��ى مج�رد االنهم��اك ف��ي فم�ن الثاب��ت أن حي�اة اإلنس��اتحص��يل الق��وت وعل��ى مج��رد البق��اء عل��ى قي��د الحي��اة، ف��ي وج��ه ع��دوان الطبيع��ة وهجم��ات الجماع��ات البش��رية األخ��رى بحي��ث ل��م تت��رك ل��ه س��وى هامش��ا ض��ئيال ومح��دودا م��ن الوق��ت

ون علي�ه للتفكير ووضع تصوراته وتصورات الجماعة الخاص عن نفسها وعما يج�ب أن يك�نمط تطورها المستقبلي بوصفه هدفا يجتمع أفراد الجماعة حوله ويضمن وح�دتهم وتع�اونهم،

كان كافيا حتى ذلك التاريخ مجرد التعاون الفعلي م�ن أج�ل البق�اء وال�دفاع ع�ن ال�نفس ك�ي ذإ .تتحقق للجماعة وحدتها واستمرارها

مدنية كان ق�د حم�ل مع�ه إال إن التطورات التي واكبت حركة التجمع البشري نحو الوخصوصا بظه�ور األدي�ان والفلس�فات كثي�را م�ن اآلراء والتص�ورات الت�ي كان�ت تحم�ل ف�ي طياته��ا مش��اريع للوج��ود وألنم��اط التط��ور اإلنس��اني المفت��رض تحقيق��ه م��ن قب��ل أعض��اء تل��ك

وك��ان ظه�ور األبط��ال والغ�زاة والف��اتحين العظ�ام، م��ن ناحيت�ه، مناس��بة م�ن أج��ل . الجماع�اتأم�ا ه�ؤالء فل�م يكون�وا . ليل على مدى القوة التي تمتعت بها الفكرة ل�دى أعض�اء الجماع�ةالتد

41Fسوى أدوات وجدت فيها األفكار المناسبة والفرصة الس�انحة م�ن أج�ل أن تظه�ر وتتط�ور

٤۲ .وف��ي وقتن��ا الحاض��ر عن��دما يعل��ن ش��خص م��ا ع��ن ترش��يحه للرئاس��ة أو الوالي��ة ويأخ��ذ الن��اس

أن ما يجذب الناس له ليس صفات شخصية ذاتية تعلق بها الناس وإنم�ا بالهتاف له فإننا نعتقد يستقر في غالب األحيان في م�ا ي�دعو ه�ذا الش�خص إلي�ه أو م�ا ي�دافع عن�ه م�ن قض�ايا، وه�و بوص��فه ذاك إنم��ا يختص��ر ويعل��ن ف��ي نف��س الوق��ت ع��ن نم��ط مع��ين م��ن الحي��اة الجماعي��ة

42Fالموع��ودة

ص��ية المباش��رة والفردي��ة ب��ين الن��اس وربم��ا يتص��ور ال��بعض أن العالق��ات الشخ. ٤۳وحك��امهم إب��ان س��يطرة ال��نظم اإلقطاعي��ة وف��ي البل��دان الت��ي س��ادت فيه��ا الترتيب��ات العش��ائرية والقبلي��ة ف��ي الع��الم الثال��ث وطبع��ت كنتيج��ة ل��ذلك الحي��اة السياس��ية ف��ي تل��ك البيئ��ات بطابعه��ا

وابط ب�ين الس�يد والم�ولى أو الخاص، استثناء من القاعدة بمعنى انتفاء دور الفكرة لصالح ال�ر" القاع�دة المج�ردة"إن ما حدث إن هو إال تقدم دور الزعامات عل�ى الفك�رة أو. الزعيم والتابع

كم�ا يحل��و لب��وردو وص��فها به��ا ول�يس نفيه��ا، إن فيه��ا تأكي��د م��ن ن�وع م��ا بق��در م��ا يتمث��ل دور محاولة من أجل إنزال الزعامة في هذا المجال في تجسيد ذلك النوع من اإليمان بالفكرة، انه

الفكرة من عليائها وإحاللها في صورة كاهن الكاتدرائية أو ساحر القبيلة أو زعيمها أو الس�يد وه��ذه نتيج��ة لك��ون األذه��ان ت��درك بص��عوبة المج��ردات وال . اإلقط��اعي أو الس��لطان ال ف��رق

حج��ر لك��ي يؤمن��وا ك��انوا بحاج��ة إلل��ه محف��ور ف��ي ]فالن��اس ["تتعل��ق إال بم��ا ه��و ملم��وس .43F٤٤"الكاتدرائية ولكي يطيعوا كانوا بحاجة لرؤية خيال البرج ينساب في األفق

تأسيسا على ما سبق يمك�ن الق�ول أن الس�لطة عل�ى اخ�تالف أش�كالها ودرجاته�ا إنم�ا ص�حيح أنه�ا بحاج�ة إل�ى الق�وة وه�ذه األخي�رة . تولد الطاعة عن طري�ق الفك�رة أو المش�روع

إذ القوة يمكن أن تعمل بمثاب�ة أداة . م الفكرة بشكل خاصعنصر البد منه ولكن من أجل تدعي

.۲۱انظر، المصدر نفسه، ص ٤۲ .۲٤انظر، المصدر نفسه، ص ٤۳ .۲٥أورده بوردو، المصدر نفسه، ص ٤٤

Page 19: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٧{

م��ن أج��ل إض��فاء الهيب��ة والج��الل عل��ى الفك��رة أوال وعل��ى الس��لطة ثاني��ا، فاآلله��ة الض��عيفة ال يمك��ن أن يك��ون له��ا مك��ان ف��ي ص��دور الم��ؤمنين وه��ي " لوب��ون"الس��اقطة عل��ى ح��د تعبي��ر

44Fبالتالي ال تستطيع أن تموه على الجماهير

٤٥. تصر أصحاب السلطة على مطال�ب األم�ن وعل�ى أدوار موس�عة للق�وة وم�ا أما أن يق

يمكن أن تضفيه عليهم سيطرتهم الخاصة على الموارد االقتصادية م�ن إمكان�ات تس�تخدم م�ن أجل فرض الوالء، فما ذاك إال دليل على هشاشة الفكرة أو المش�روع الل�ذان ترف�ع لواءاهم�ا،

وحينه�ا . تمحض�ها الجماع�ة وأفراده�ا للس�لطة القائم�ةوبالتالي مسخ للطاعة التي يفت�رض أن س��نكون إزاء م��ا يطل��ق علي��ه الخض��وع، وتتح��ول الس��لطة ف��ي ظله��ا إل��ى م��ا يمك��ن تس��ميته

. وانه لفارق كبير ذل�ك ال�ذي يفص�ل ب�ين الس�لطة والتس�لط وب�ين الطاع�ة والخض�وع. بالتسلطمرغم عل�ى الطاع�ة بمعن�ى فأنت. ففي كل مرة يذكر فيها التسلط سيعني ذلك أن هناك إرغام

ومن شأن حالة كهذه أن يجد المرء نفسه في ظلها غير مل�زم به�ا أي الطاع�ة، ألن . الخضوعوال أدل عل�ى . بإمكانك خرقها وخصوصا متى آنست أمنا من التهدي�د أو حص�انة م�ن العق�اب

ع�اد ف�ي ه�ذا المج�ال وذل�ك ح�ين ين�اقش قض�ية ابت" روس�و"هذه الحالة من المث�ال ال�ذي ي�وردهالذي يعني بدوره أي القانون تصورا للح�ق -الحكام عن التصرف طبقا لما نص عليه القانون

وال�ذي يح�دث عن�دها ه�و -وأداة في خدمة المشروع أو الفكرة الت�ي كن�ا نوهن�ا عنه�ا م�ن قب�لالحكومة كي تح�ل محله�ا -شكل مختلف من أشكال العالقة التي تم التعبير عنها بثنائية الشعب

هن�ا يص�بح ). أو الت�ابع(العب�د -)أو الطاغي�ة(يدة يمك�ن وص�فها بكونه�ا عالق�ة الس�يد عالقة جدف�إذا كان�ت الطاع�ة نت�اج . المواطنون مرغمين على الطاعة، ومع ذلك فإنهم غير ملزمين بها

القوة واإلكراه، فلماذا تتحول الطاعة إلى واج�ب عل�ى أن أؤدي�ه، ف�ي ك�ل ح�ين؛ ف�ي الس�ر أو ك ف��ي ص��الحي ف��ي بع��ض األحي��ان أو يض��ر به��ا ف��ي غال��ب األحي��ان، العل��ن إذا ل��م يك��ن ذل��

وخصوصا متى كان بإمكاني اإلفالت من التزامات الطاع�ة الت�ي عل�ى قب�ل الح�اكمين؟ فه�ل سيكون من واجبي الطاعة، على سبيل المثال، لمطالب قد تف�رض عل�ي إذا م�ا وقع�ت ف�ي ي�د

ما كان بإمكاني التحل�ل أو ال�تخلص قاطع طريق في مكان ما منقطع في غابة أو صحراء إذا45Fمن التهديد الذي قد أتعرض له من قبل قاطع الطريق المذكور

؟ ومع ذلك فهن�اك ح�االت ال ٤٦فهن�اك ش�كل . يكون فيها اإلكراه على الطاعة خضوعا وال تتحول السلطة من جرائه�ا تس�لطا

ه، إال إن ه�ذا ف�ي ظ�ل العق�د االجتم�اعي وه�و يق�وم عل�ى اإلك�را" روس�و"آخر للطاع�ة ي�وردهالمعب��ر عن��ه ف��ي اإلرادة العام��ة المنبثق��ة ه��ي ) المش��روع(األخي��ر وف��ي ظ��ل اإليم��ان ب��الفكرة

األخرى عن عقد أو ميثاق اجتماعي تم بين األفراد بإرادتهم الح�رة، س�وف ل�ن يك�ون إكراه�ا على الخضوع ال في شكله وال في محتواه وذلك بقدر م�ا يعب�ر مث�ل ه�ذا اإلك�راه ع�ن إرادت�ه

لخاصة بالذات ولكن الذائبة اآلن في إط�ار المجم�وع، والت�ي ستس�تهدف بالنتيج�ة حماي�ة م�ن ايقع عليه فعل اإلكراه من أي خضوع لسيد أو متسلط، فمن يه�ب نفس�ه للجمي�ع ال يه�ب نفس�ه

46Fألح��د

وألن اإلرادة العام��ة الممثل��ة للمجم��وع ال يمك���ن أن يك��ون له��ا ولك��ل االعتب���ارات . ٤۷

.۱٤٥ص، ۱۹٤٦انظر، غوستاف لوبون، روح الثورات والثورة الفرنساوية، مطبعة الشرق، دمشق، ٤٥ .۸۱لكريم أحمد، دار سعد مصر، القاهرة، التاريخ بال، صعبد ا: روسو، العقد االجتماعي، ت، انظر، لوك، هيوم ٤٦ .۹۱-۹۰انظر، المصدر نفسه، صص ٤۷

Page 20: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٨{

خ�الف مص�لحة األف�راد المك�ونين له�ا، ل�ذا س�يكون م�ن المنطق�ي العم�ل السابقة، من مصلحة 47Fعلى حمل كل من يرفض الطاعة عليها وبالقوة إن لزم األمر

٤۸ . -ف��ي جانبه��ا المعن��وي وه��و األه��م -خلص��نا فيم��ا س��بق إل��ى الق��ول بارتب��اط الطاع��ة

ام بق�در م�ا بالفكرة أو المشروع، فالناس تطيع أصحاب السلطة وما يضعونه من قوانين وأحكيتحق��ق له��م م��ن قناع��ة بأحقي��ة ه��ؤالء باإلتب��اع، المت��أتي ب��دوره ع��ن اإليم��ان ب��الفكرة الت��ي ت��م

ولكن كيف تأتى لهذه األفكار أن تالقي مثل هذا التقبل ومن ثم اإليمان بها؟. التعبير عنهاأي -ل��يس م��ن قبي��ل المبالغ��ة أن يلج��أ المتخصص��ون ف��ي عل��م السياس��ة إل��ى تعريفه��ا

. فالصراع هو قدر السلطة ف�ي ك�ل زم�ان ومك�ان. بوصفها صراع من أجل السلطة -السياسةوغالب��ا م��ا اتص��ف ب��العنف وخصوص��ا عن��دما يك��ون موض��وعه انتق��ال الس��لطة وت��داولها ب��ين

48Fحيث ظل العنف سمة ب�ارزة الزمت�ه عب�ر الت�اريخ. السالالت والحكام

أخ�ذ الص�راع عل�ى . ٤۹لكب��رى كالمس��يحية واإلس��الم، فبس��يادة األدي��ان الس��لطة منح��ى آخ��ر جدي��د بظه��ور األدي��ان ا

الكب����رى ب����دأت أس����اليب الص����راع السياس����ي بالتب����دل والتكي����ف حس����ب المطال����ب الفكري����ة ص��حيح أن وتي��رة الق��وة والعن��ف . واأليديولوجي��ة الت��ي فرض��تها ه��ذه األدي��ان عل��ى معتنقيه��ا

، وه�و م�ا ش�هدت المتبادل بين األطراف المتخاص�مة ل�م تتب�دل إن ل�م يك�ن ق�د ازدادت بش�اعةعلي��ه العدي��د م��ن المآس��ي الت��ي عانته��ا وال ت��زال جماع��ات وأم��م وطوائ��ف وخصوص��ا إب��ان الح��روب الص��ليبية ومح��اكم التفت��يش س��يئة الص��يت الت��ي انعق��دت ف��ي العدي��د م��ن ب��دان أورب��ا

ف��ي ب��ارثيلميو ف��ي فرنس��ا أو غيره��ا م��ن ) الهيغون��وت(وم��ذابح م��ن ت��م تس��ميتهم بالهراطق��ة .البلدان

أن وقائع الصراع كانت قد شهدت تطورا نتج من ج�راء تب�دل محت�وى الص�راع إال الخ��اص، فبع��د أن ك��ان الن��اس يس��اقون بالترهي��ب م��رة وبالترغي��ب الم��ادي والوع��ود م��رات أخرى، إذا بهم وتحت تأثير العقائد الجديدة ينساقون متطوعين تحدوهم تل�ك اآلم�ال الغامض�ة

زعام�اتهم السياس�ية الت�ي اكتس�بت لبوس�ا ديني�ا ه�ذه بالتطهر الروحي والخالص، تح�ت ألوي�ةإال أن أعدادها قد تقلصت ه�ذه الم�رة وأمك�ن لفت�رات م�ن الس�لم واالس�تقرار أن تط�ول . المرةإل�ى تقل�يص أع�داد -أي العقائ�د الجدي�دة -وذلك راجع من بين أسباب أخرى إل�ى عمله�ا. نسبيا

ن ص�فات م�ن يح�ق له�م ادع�اء الطاع�ة المشاركين في الصراع، وذلك م�ن خ�الل؛ أوال، تعي�يف�ي الت�اريخ –ألشخاصهم ولم�ا يمثل�وه م�ن أفك�ار وعقائ�د وانتم�اءات وه�و م�ا نج�ده واض�حا

ف��ي مطالب��ات العل��ويين والعباس��يين وم��ا دارت علي��ه مح��اوالتهم -اإلس��المي بش��كل خ��اص ال�ك اإلس�المية وت�اريخ المم. العديدة من أجل إقناع الناس ب�أحقيتهم باإلمام�ة وخالف�ة الرس�ول

منذ انتقال عاصمة الخالفة اإلس�المية م�ن المدين�ة المن�ورة إل�ى دمش�ق الش�ام فبغ�داد فالق�اهرة حاف��ل بوق��ائع الص��راع ال��ذي انحص��ر بش���كل خ��اص ب��ين األم��ويين م��ن جان��ب والعل���ويين والعباسيين من جانب آخر، وثم بين العباسيين الذين وصلوا إل�ى الس�لطة وب�ين حلف�اء األم�س

وثانيا، وه�و األه�م برأين�ا عل�ى األق�ل وبق�در م�ا يتص�ل األم�ر ببحثن�ا، . علويين وأتباعهممن الوذلك عن طري�ق إل�زام الن�اس بطاع�ة أولي�اء أم�ورهم عل�ى اخ�تالف ص�فاتهم خلف�اء ك�انوا أم أمراء ملوكا كانوا أم أباطرة، وسواء أتم ذل�ك م�ن خ�الل ال�نص عل�ى ح�دود معين�ة يلت�زم به�ا

.۹٦انظر، المصدر نفسه، ص ٤۸

49 See, F. Gross, Violence in politics, Mouton, The Huge, 1972, p.5.

Page 21: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٣٩{

وها، وبذلك يمكن وصفها بكونها طاعة محدودة كما كان العم�ل جاري�ا به�ا الحكام فال يتجاوزإب��ان الخالف��ة الراش��دة، أو طاع��ة مطلق��ة ال تع��رف التح��دد، عل��ى األق��ل ف��ي مواجه��ة الرعاي��ا

ليتم إرساء أس�س للش�رعية . والمحكومين كما هو الحال لدى من اتبع مبدأ حق الملوك اإللهياس وطاعتهم ألولياء األمور، بقدر ما ك�ن يس�تمد، ف�ي كلت�ا وللحكم الشرعي المدعم برضا الن

الح��التين م��ن غاي��ات ال��دين ومقاص��ده أو م��ا ك��ان يفس��ر عل��ى أن��ه ك��ذلك كم��ا كان��ت الكنيس��ة الكاثوليكية في روما تفعله في الق�رون الوس�طى، األس�باب الموجب�ة للطاع�ة ولش�رعية الحك�م

ساس���ية المكون���ة للمش���روع ال���ذي العناص���ر األ –أي غاي���ات ال���دين ومقاص���ده –بوص���فهما ارتضته الجماعة لنفسها، معبرا عن آمالها ليس في الحياة الدنيا فحسب وإنما لتتجاوزه�ا ه�ذه المرة إلى وع�د يقين�ي بحي�اة أخ�رى أكث�ر ع�دال وإش�راقا، كان�ت رؤاه�ا وبش�اراتها تل�وح أم�ام

ثير عواط�ف الن�اس هي مقنعة بم�ا يكف�ي ك�ي تس�ت. ناظري اإلنسان فيراها البعض رأي العينولهفتهم، التي أذكتها الحرمانات الدنيوية واآلالم وظلم اإلنسان ألخيه اإلنس�ان، فط�ال انتظ�ار

كان��ت النتيج��ة إض��فاء ش��كل م��ن أش��كال االس��تقرار عل��ى العالق��ة ب��ين الح��اكم . أم��ل تحقيقه��اأن تحق�ق والمحكوم بخاصة والحي�اة السياس�ية بعام�ة وبالت�الي دوام الس�لطة واس�تمرارها بع�د

ب��ل لق��د دف��ع ه��ذا الوض��ع حت��ى بالمتنافس��ين م��ن . الرض��ا بالوض��ع الق��ائم م��ن ل��دن الن��اسالمعارضين والمنشقين على السلطة في بلدانهم إلى اللجوء إلى أس�لوب إقن�اع الن�اس ب�أحقيتهم

.في ادعاء السلطة وشرعية طاعتهم لهم، بتبني المنطق الذي اتبعته النخب الحاكمة ذاتهاى ما هو قائم معبرا عنه بالطاعة ألولي األمر والحكام، واالمتناع من ثم فالرضا عل

عن القيام بك�ل م�ا م�ن ش�أنه إث�ارة المش�اكل والص�عوبات للس�لطة، ه�و ف�ي أح�د جوانب�ه نت�اج لعالقة نفسية تأخذ بربط الرعايا والش�عوب بحكامه�ا، فيص�دقوهم ويتج�اوبون معه�م، وم�ن ث�م

ق�د ي�ذهب ال�بعض م�نهم إل�ى تق�ديس مل�وكهم ونس�ب الص�فات يهبونهم االحت�رام ال�الزم، ب�ل وذلك يعني أنها تعتبر وجودهم على رأس الهرم السلطوي أمرا شرعيا مسلما ب�ه . الخارقة لهم

49Fوضرورة ال بد منها الستقرار الحياة

وسيكون من بع�ض نتائجه�ا تض�ييق ه�امش الحرك�ة . ٥۰ح�دوث عوائ�ق مهم�ة أم�ام وحرية عمل خص�وم الس�لطة ومعارض�يها والح�ؤول م�ن ث�م دون

سير العملية السياسية التي ربما قد يثيرها رفض الجماع�ة االمتث�ال لمطال�ب الس�لطة أو حت�ى السلبية التي قد تنطبع بها مواقف الجماعة تجاه نشاطات الس�لطة وادعاءاته�ا القي�ام عل�ى أم�ر

فحي�ث تقب�ل . ذكرالجماعة بما يصلحه في إطار المشروع الكلي الذي ارتضته الجماعة أنفة الالن��اس س��لطة حك��امهم بش��كل تلق��ائي دون ف��رض أو إك��راه قل��ت احتمالي��ة ظه��ور أم��ارات العصيان والتمرد لدى المحكومين، وق�ل بالمقاب�ل لج�وء الحك�ام إل�ى الق�وة واإلك�راه م�ن أج�ل

.ضمان طاعتهم لهموبظه��ور الفلس��فات والنظري��ات السياس��ية الحديث��ة وخصوص��ا من��ذ عص��ر النهض��ة،

أسس وقواعد جديدة للطاعة المعبر عنها بالش�رعية تأخ�ذ مكانه�ا عل�ى س�طح األح�داث، بدأتعن�دما ب��دأت مب��ادئ كح�ق المل��وك اإلله��ي ب��الحكم ف�ي التحل��ل لتخل��ي المك�ان ف��ي وق��ت الح��ق لمب��ادئ تس��تند إل��ى الق��انون الطبيع��ي والعق��د االجتم��اعي م��ن أج��ل اكتس��اب الش��رعية وتبري��ر

. هو بحث حول شرعية السلطة قبل ك�ل ش�يء" ألبير كامو " يقولفالعقد االجتماعي . الطاعة

50 See, Seymour Martin Lipset, Political man, Mercury Books, (2nd. Ed.), 1963, p.77.

Page 22: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٤٠{

فه��و عن��دما ي��تكلم ع��ن المب��ادئ إنم��ا يش��كل إنك��ارا لك��ل أش��كال الش��رعية التقليدي��ة الت��ي اس��تمد ويبش�ر م�ن ث�م . الملوك حقهم في طاعة المحك�ومين له�م والت�ي يفت�رض أنه�ا م�ن أص�ل اله�ي

50Fى ع��ن تل��ك الس��ابقةبش��رعية أخ��رى تق��وم عل��ى مب��ادئ مختلف��ة ه��ي األخ��ر

فم��ا المقص��ود .٥۱ وما هي عالقتها بالطاعة؟... بالشرعية إذن

كنت��اج للمح��اوالت المبذول��ة م��ن أج��ل تحدي��د legitimacyظه��ر مفه��وم الش��رعية وأس��باب ونت��ائج المواق��ف المتخ��ذة م��ن قب��ل الن��اس تج��اه الس��لطة أشخاص��ا ومؤسس��ات ةطبيع��

ه التسمية فهي لديه صفة تنسب للنظام الق�ائم من أوائل من أخذ بهذ" فيبر" ويعتبر . وتوجهاتاستحقها بنظر الجماعة بسبب اعتماده على اعتبارات معترف بها من قب�ل أفراده�ا أو غالبي�ة منهم، سواء جاءت هذه منسجمة وما ألفته من قيم وتقاليد معتبرة في حياة الجماع�ة أم كتعبي�ر

يم��ة مطلق��ة أم بس��بب اس��تناها إل��ى ع��ن مواق��ف عاطفي��ة أم ع��ن طري��ق االعتق��اد العقالن��ي بق51Fأساليب قانونية معت�رف به�ا

لأله�داف والسياس�ات supportوهن�اك م�ن ي�رى فيه�ا دعم�ا .٥۲52Fوقد تمتد لتشمل الحكام أنفسهم

فيميلون إل�ى " ماكيفر"ويتفق معهما " السويل وكابالن"أما . ٥۳political myth" باألس��طورة السياس��ية"ربطه��ا 53F

ق��رب إل��ى م��ا ق��د يك��ون أ" ب��اي"إال أن. ٥٤ف�الوالء واقع�ة ال يمك�ن . نذهب إلي�ه ف�ي ه�ذا الص�دد ح�ين يمي�ل إل�ى إق�ران الش�رعية ب�الوالء

افتراض حدوثها دون أسباب وعلل معينة إذ البد لتحققها من شروط ت�أتي ف�ي مق�دمتها إيم�ان معمم لدى الناس أن لهم أهدافا موحدة يسعون إلى تحقيقها وإحساس بالمنفعة المش�تركة مت�أت عن إدراك أعضاء الجماعة للدولة بوصفها شكل م�ن أش�كال الت�رويج وال�دفاع ع�ن ه�ذه الق�يم

54Fواألهداف والمصالح

من هنا جاء مفهوم الش�رعية ليجي�ب ع�ن التس�اؤل المتعل�ق باكتس�اب . ٥٥لتل�ك النش�اطات الت�ي –أي المفه�وم -رضا الناس وطاعتهم للسلطة، وذلك م�ن خ�الل وص�فه

مقبول��ة م��ن أف��راد الجماع��ة آخ��ذة ف��ي اعتباره��ا ق��يم تل��ك الجماع��ة تمارس��ها الس��لطة بكونه��ا . ومصالح أفرادها وأهدافهم العليا

منطلق الشرعية وش�روطها إذن ف�ي عالقته�ا بالش�رعية يب�دأ ف�ي الم�دى ال�ذي يمك�ن فالس��لطة . في��ه للس��لطة أن تص��له ف��ي تأدي��ة الوظ��ائف المنوط��ة به��ا أو المفت��رض أن تؤديه��ا

وسياس�ية أمني�ة يث المبدأ على إنجاز وظائف معينة اجتماعية واقتصاديةالسياسية تقوم من حتخ�دم بمعنى الحفاظ عل�ى المجتم�ع وص�يانته داخلي�ا وخارجي�ا وه�ي تتق�دم أبع�د م�ن ذل�ك ك�ي

أهدافا مثالية وأخالقي�ة وتص�ورات معين�ة لم�ا يج�ب أو يؤم�ل أن يك�ون علي�ه وض�ع الجماع�ة حتواء آمال الناس وتطلعاتهم لحياة يمكن له�م وألجي�ال المستقبلي، ساعية ما وسعها ذلك إلى ا

.۱٥۲، ص۱۹٦۳انظر، ألبير كامو، اإلنسان المتمرد، منشورات عويدات، بيروت، ٥۱

52 See, Max Weber, The theory of social and economic organization, The Free Press, 6th. Print, N. Y., 1969, P. 130. 53 See, David Easton," Responses of political system to stress on support," in, Ada W. Finifter, (ed.), Alienation and the social system, John Willey and sons, N. Y., 1972, pp.319, 345. 54See,| H. Lasswell and A. Kaplan, Power and society, vol. 2,Yale univ. press, 4th.print, New Haven, U. S., 1971, pp.116-125. 55 See, Douglas Pye," Dimension of social conflict in Latin America," in, James C. Davies, (ed.), When men revolt and why, F. P., N. Y., 1971, pp.274-291.

Page 23: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٤١{

ستتلوهم تحقيق أبعاد شخصياتهم ضمنها بوصفهم بشرا وشركاء ف�اعلين ف�ي ص�نع مص�يرهم الجمعي والتخلص م�ن ع�بء الض�رورات المادي�ة وتج�اوز مرحل�ة إش�باع المطال�ب الجس�دية

55Fالتي أثقلت كاهل من سبقهم

قائمة على الرضا بها من وبقدر ما ستكون كذلك فهي ستكون . ٥٦فالس�لطة العام�ة عل�ى ح�د تعبي�ر . من قبل المحكومين أو أغلبي�ة م�نهم، بمعن�ى س�لطة ش�رعية

إذ تج��د س��ندها االجتم��اعي ف��ي كونه��ا تح��يط ب��الوجود االجتم��اعي بقص��د " الج��رف ةطعمي��صيانته وتطويره فإنه�ا ال تح�يط به�ذا الوج�ود الجم�اعي ف�ي ص�ورته الراهن�ة فحس�ب ولكنه�ا

قب�ل ك�ل ش�يء تعتم�د ف�ي ... به أيضا في صورته المستقبلية ول�ذلك ف�ان الس�لطة العام�ةتحيط وجودها وفي شرعية تصرفاتها على رضا المحكومين فيها وقبولهم له�ا بس�بب أنه�ا تن�تظمهم

.56F٥۷"حول فكرة معينة عن المستقبلبش�كل ولكن هل تمنع متطلبات الرضا ومن ثم شروط الطاعة إلى نبذ فكرة اس�تخدام الق�وة

مطلق من لدن السلطة؟ الواقع أن الرضا والموافقة المتحصلة عليها من ل�دن أف�راد المجتم�ع ال يمن�ع من ناحيته من لجوء السلطة إلى اعتم�اد الق�وة طالم�ا أن مث�ل ه�ذا النش�اط س�يكون محكوم�ا بالص�الح

ن يخ�دم ورغم أن مص�طلح كالص�الح الع�ام يحم�ل ف�ي طيات�ه جان�ب م�ن الغم�وض م�ن ش�أنه أ. العامإال أن . أغراض��ا متع��ددة ومتعارض��ة ف��ي نف��س الوق��ت علي��ه ال ينبغ��ي أن يت��رك للتفس��يرات المختلف��ة

جانب من الغموض سوف يزول متى ما تم قصر تفسيره واستخدامه على هيئات معينة ي�تم تحدي�دها سلفا ومن ثم جعل مثل هذا النشاط يدور ف�ي إط�ار م�ا ه�و مرس�وم ومنص�وص علي�ه ف�ي الق�انون أو

العرف ال يتعداه ومس�تهدفا ت�أمين ودع�م العالق�ات والحق�وق وتحدي�د المس�ؤوليات وإدارة واإلش�راف 57Fعلى االتفاقات العامة والخاصة في المجتمع

وبقدر أهمي�ة الوظ�ائف ف�ي حي�اة المجتم�ع، ف�ان م�ن .٥۸ت�ؤدي إل�ى شأن فشل السلطة في أدائها أو في تجاوزها للحدود المرسومة لها أثناء ممارس�تها له�ا أن

وق�د تنته�ي . ويجعلها معرضة لالنتقاض وشق عصا الطاعة عليه�ا. وضع شرعيتها موضع التساؤلفي أحوال معينة بالمنش�قين عليه�ا إل�ى جع�ل قض�ية الوج�ود الكل�ي للس�لطة ف�ي موض�ع التس�اؤل م�ن

ي�ة ه�ذه األهم. خالل التفكير بنم�وذج آخ�ر يعي�د تنظ�يم المجتم�ع وف�ق تص�ور جدي�د للتط�ور اإلنس�انيالمعقودة للفكرة في هذا المجال تدفعنا للتعرف على الكيفية التي يمكن أن تدرك الفكرة باالستناد إليها

هنا يمكن القول أن الرض�ا وطاع�ة الن�اس لحك�امهم س�تكون . بوصفها عمال مشروعا أو مرضيا عنهالجماع�ة ف�ي تقي�يمهم في التحليل األخير، في أحد جوانبها على األقل، بمثابة نتيجة يصل إليها أف�راد

لمدى مطبقة دعاوى السلطة وسياساتها ومؤسساتها لصورة قد تشكلت ف�ي أذه�ان الن�اس ع�ن النظ�ام ربما يكون للتجرب�ة التاريخي�ة والمعيش�ة المش�تركة، الت�ي اس�تقرت ف�ي وع�ي الن�اس . األصلح للحكم

مث�ل ه�ذا . ي ه�ذا المج�الواستمرت عبر الزمن والتي احتوتها وعبرت عنه العادات والتقاليد، دور فاالعتراف بما للتقاليد والعادات من دور في تقبل الناس لنماذج معينة من النظم واألفك�ار وماله�ا م�ن التأثير فيهم، كان وراء حرص العديد من الزعام�ات وال�نظم السياس�ية ف�ي الع�الم الثال�ث عل�ى إق�رار

عين�ة فاس�تقرت ف�ي أس�اطيرهم وخراف�اتهم تقاليد سياسية معينة سادت في بلدانهم في حق�ب تاريخي�ة مفانعكست في تص�رفاتهم وتحكم�ت م�ن ) الفولكلورية(فحفظتها لهم مالحمهم وآدابهم وفنونهم الشعبية

عل��ى س�بيل المث��ال ف��ي " س�وكارنو" وال أدل عل��ى ذل�ك م��ا ق�ام ب��ه. ث�م ف��ي نظ�رتهم وتقي��يمهم لألم�ورنتين حي�ث الزال�ت أص�داء م�ا ن�ادى ب�ه ه�ؤالء في األرج" بيرون"في تنزانيا و" نيريري"اندونيسيا و

56 See, R. E. Flathman, Concepts in social and political philosophy, Macmillan, N. Y., 1973, p.123.

، ۱۹٦۸ج��رف، نظري��ة الدول��ة واألس��س العام��ة للتنظ��يم السياس��ي، مكتب��ة الق��اهرة الحديث��ة، الق��اهرة، طعيم��ة ال٥۷ .۷٥ص

58 See, H. Nieburg, Political violence, p.11.

Page 24: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٤٢{

القادة كتأكيد على دور التقاليد سواء في توصيف طبيع�ة المرحل�ة الت�ي تعيش�ها بل�دانهم أم ف�ي تحدي�د أس�بابها ونوعي�ة التح�والت الت�ي ينش�دونها، وه�و م�ا انعك�س ف�ي أي�ديولوجياتهم ونم�اذج التنمي�ة الت�ي

أو كم�ا تكت�ب " أوجماع�ة"ري�ري ك�ان ي�رى ف�ي أيديولوجي�ة فجولي�وس ني. حاولوا تطبيقها في بلدانهمفه�ي . خطأ أوجاما بوصفها شكال من أشكال الديموقراطية التقليدية التي مارسها األس�الف ف�ي ب�الده

تعني لنا البن�اء ال�ذي يس�تند إل�ى أس�س ماض�ينا ويس�تجيب لوجه�ات نظرن�ا القومي�ة " على حد تعبيره .58F٥۹"الخاصة

لتوجهات���ه السياس���ية واالقتص���ادية تس���مية الديموقراطي���ة أم���ا س���وكارنو فق���د اخت���ارالموجهة التي لم تك�ن لتش�به التج�ارب األخ�رى ف�ي خصوص�ية منطلقاته�ا وطبيع�ة أغراض�ها

حي��ث اس�تخدم ه��ذا المص��طلح ". المرهني��ة" والت�ي عب��رت فك��رة ثالثي�ة األبع��اد تب��دأ بمص�طلح يمل�ك أرض�ا أو أدوات إنت�اج ذل�ك اإلندونيس�ي ال�ذي ال. لوصف واقع الرجل المع�دم الص�غير

59Fبل إن ما يحصل عليه من مورد ال يكفيه من أجل إعالته وعيال�ه

ه�ذا الوض�ع المف�روض . ٦۰عل��ى اإلندونيس��ي الع��ادي، ج��راء ق��رون النه��ب االس��تعماري، ك��ان بمثاب��ة ارث م��ن التعاس��ة

هم اش��ترك ف��ي حمل��ه أبن��اء الج��زر االندونيس��ية رغ��م بع��د الش��قة بي��نهم وعل��ى اخ��تالف ع��روقإال أنه من ناحية أخرى كان يمكن تكييفه كي يتح�ول إل�ى إرادة ش�عبية وق�وة ف�ي . وانتماءاتهم

يد السلطة وفي خدمة أغراضها مت�ى م�ا نجح�ت ف�ي وض�عه ف�ي س�ياق قاع�دة فكري�ة تحت�وي هذا العنصر، وربما عناصر أخرى سنأتي على ذكرها تباعا، فيتحقق رض�ا الن�اس وط�اعتهم

.من خاللها للسلطةالتقلي���دي الب���ن الش���عب " المرهن���ي"م تقتص���ر المس���ألة عن���د ح���د ه���ذا التوص���يف ل���

االندونيس��ي الع��ادي المس��حوق ب��ل امت��دت لتش��مل ه��ذه الم��رة التأكي��د عل��ى فك��رة األبوي��ة أو 60Fالوصائية بمعنى آخر

بوصفها سمة عامة لمجتمعات الزالت القيم والتقاليد تجثم بك�ل ثقله�ا . ٦۱نا أن األمر سيان إن كانت مثل هذه السمة مما يتفق والنزع�ات ويبدو ل. على سلوكيات أبنائها

فمث�ل . السلطوية التي غلبت على أحالم قادة العالم الثال�ث وتوجه�اتهم وم�نهم س�وكارنو، أم الهذا الوضع ما كان له أن يروج ويستمر لوال توفر أرضية نفسية وفكرية لدى كل من الح�اكم

فاعا عنها من قب�ل الح�اكم تح�ت مختل�ف ال�ذرائع وإذعان�ا والمحكوم تملي عليهما األخذ بها؛ د .لمطالبها من لدن الناس

العنص��ر الثال��ث ف��ي من��تظم س��وكارنو الفك��ري " Mushawaret" وت��أتي المش��اورةال��ذي اس��تمده م��ن ال��دين والت��راث الفك��ري اإلس��المي عام��دا إل��ى خل��ق االنطب��اع ل��دى الن��اس

. مية في مجتمع يدين غالبية أبنائه باإلسالمبارتباط السلطة القائمة بالتوجهات اإلسالمثل هذا الميل إلتباع العادات والتقاليد من قبل الناس ك�ان ق�د وعت�ه ال�نظم السياس�ية المختلفة من ناحيتها فعم�دت إل�ى معالجت�ه واس�تخدامه، وذل�ك م�ن خ�الل اللج�وء إل�ى أس�اليب

إذ م�ن الثاب�ت أن م�ن . ع�ة وااللت�زامالتنشئة السياسية المختلفة بغية إكساب الناس عادات الطاشأن اس�تبطان االكراه�ات الخارجي�ة، وه�ي م�ن ب�ين موجه�ات الس�لوك المعتم�دة ف�ي أس�اليب

كلية الق�انون والسياس�ة، بغ�داد، -رياض عزيز هادي، المشكالت السياسية في العالم الثالث، جامعة بغداد. أورده، د ٥۹

.۸٥، ص۱۹۷۹ .۸۹المصدر نفسه، ص ٦۰ .۹۱انظر، المصدر نفسه، ص ٦۱

Page 25: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٤٣{

التنش��ئة السياس��ية، أن تتح��ول إل��ى ع��ادات وس��لوكيات يلت��زم الن��اس تح��ت تأثيره��ا ب��القوانين .وطاعة ما يعتقدونه أوامر وتوجيهات متعارف عليها

خالصةال

المفهوم عنصر أساس في بناء أية نظرية، وهو قد يتخذ شكل تعري�ف أس�مي، ق�د ال ، وه�و "حقيقيا"، أو أن يأتي بوصفه تعريفا "القاموسي" يخدم سوى في تحديد معنى الظاهرة

م���ا يعن���ي اإللم���ام بطبيع���ة الظ���اهرة أو الش���يء قي���د البح���ث وتحدي���د عناص���رها ومتغيراته���ا وقد عمد الباحث في هذا اإلطار إلى التعريف بالسلطة السياس�ية . مثالوعالقاتها على سبيل ال

فالس�لطة السياس�ية س�تعني . من خالل سعيه إلى النظر في الطبيعة الخاصة بالسلطة السياس�يةوق�د تب�ين . في هذا اإلطار عالقة اجتماعية من ن�وع م�ا وليس�ت أم�را أو ص�فة لص�يقة ب�الفرد

فره�ا عل�ى ع�دد م�ن الف�روض أو المقترح�ات الت�ي ت�أتي من خالل تشريح ظاهرة السلطة، توهن��ا بمثاب��ة ش��روط ت��ؤدي وظ��ائف معين��ة الب��د منه��ا لقي��ام المجتمع��ات وف��ي أدوار أدته��ا ف��ي تطورها وكذا في انهيارها، وهي ستوفر من ثم إمكانيات من أجل التقدم باقتراحات لش�رح أو

عل�ى أن ال . رتبطة بالس�لطة السياس�يةربما تفسير عدد من الظواهر السياسية واالجتماعية الميعني أمر ترتيبها بالشكل الذي بدت عليه في البحث بما يوحي بأنه ترتيب م�ن حي�ث األهمي�ة بأي حال من األحوال، بل بما اعتقده الباحث بوصفه ترتي�ب منطق�ي دفع�ه إلي�ه س�ياق البح�ث

واقع�ة -أي الس�لطة –ها ويأتي من بين هذه العناصر أو الشروط كون. في الظاهرة قيد البحثتمايز، وهو أمر لصيق باإلنس�ان تمث�ل ف�ي س�عي دائ�ب للب�روز والتف�وق بك�ل م�ا تحمل�ه وم�ا تؤدي إليه من تفاوتات وتم�ايزات، الزم�ت اإلنس�ان ف�ي مجتمع�ه، وم�ا آل�ت إلي�ه م�ن ظ�واهر

Page 26: 60450.pdf

والثالثون بعساالالعدد دراسات دولية

}١٤٤{

العنصر الثاني، ويتمثل بكونه�ا فع�ل ق�وة، وه�ذا مت�أت م�ن. وحاالت رضا وتمرد على واقعهوه���و م���ا . حقيق���ة االخ���تالف ف���ي المص���الح واألغ���راض س���واء ل���دى األف���راد أم الجماع���ات

وستكون هذه النقطة بالذات مادة للنق�اش . سيستدعي التحول من اإلقناع إلى اإلرغام واإلكراهوه�و العنص�ر الراب�ع ف�ي . والتعارض ب�ين الق�ائلين ب�القوة وآخ�رين ين�ادون باالتف�اق والرض�ا

تحت عنوان قيام السلطة على قاعدة الرضا، بوصفه، أي الرضا، عنص�را العالقة والذي أتىمهما من عناص�ر الطاع�ة والت�ي تع�د بمثاب�ة األس�اس ال�ذي ال يمك�ن االس�تغناء عن�ه ف�ي بن�اء

ه�و ) ثالث حسب الترتيب أن�ف ال�ذكر(وبين العنصرين يتدخل عنصر آخر . السلطة السياسيةا ب��ل عملي��ة تنظيمي��ة ترس��م لنفس��ها أه��دافا وأغراض��ا فالس��لطة ليس��ت إكراه��ا عش��وائي. التنظ��يم

فهي وم�ن خ�الل تركي�ز عناص�ر الق�وة المادي�ة والمعنوي�ة . ووسائل عبر بنية تنظيمية خاصةوتحديد األهداف ومن ثم تقليص التن�وع فيه�ا، إنم�ا تس�هم ف�ي خل�ق اإليم�ان المعم�م بمث�ل تل�ك

ك�ز معني�ة متخصص�ة معت�رف له�ا األه�داف والتوجه�ات، وحص�ر أم�ر تأديته�ا وتنفي�ذها بمرا .بمثل هذه الوظيفة