تنبيه العقال ءمبا جاء يف

بقلم الداعية

�صفاء عابدين

حقوق الطبع غري حمفوظة

ولكل م�صلم حق الطبع ي�صرط التنويه بذكر امل�صادر

الطبعة الأوىل

2010 م - 1431 هـ

وجزاء اهلل كل من �صاهم بن�صر هذا الكتاب من غري حذف

اأو تعديل اأو اأ�صافة اإل بعد املراجعة

اإهداء

اأهدي كلماتي املتوا�صعة هذه اإىل روح

اأمي واأبي الطاهرة وبناتي

وعائلتي واأحبائي

يف اهلل

واإىل كل مكلوم

واأذكر نف�صي واأذكركم بقول اأم عمارة

»كل م�صيبة بعدك يا ر�صول اهلل جلل – تريد �صغرية«

كلمة مضيئةاحلمد اهلل وكفى وال�صالة وال�صالم على النبي امل�صطفى

ذين ذين اآمنوا منكم وال ال ]... وبعد قال تعاىل: {يرفع الل

ا تعملون خبري )11(} املجادلة 11 ب وتوا العلم درجات والل

اأ

قال ]: »من يرد اهلل به خريا يفقه يف الدين« متفق عليه

�صل�صلة حر�صت ال�صماوية التوجيهات لهذه وا�صتجابه

باأ�صدارتها معكم تتوا�صل اأن والألباين باز ابن العالمتني

بطريقة ال�صرعي العلم ن�صر يف م�صاهمة املتنوعة العلمية

امل�صلم ماينبغي معرفته من لي�صهل على مي�صرة وخمت�صرة

اأحكام الدين.

من ع�رشة احلادي الإ�صدار القارئ اأخي يديك وبني

والألباين بــاز ابــن العالمتني �صل�صلة م�صروع ــدارات اإ�ــص

الوقفي.

فن�صاأل اهلل اأن يعيننا على تعلم اأحكام ديننا اإنه ويل ذلك

والقادر عليه و�صلى اهلل على نبينا حممد ].

�صل�صة العالمتني

3

مقدمةبسم اهلل الرمحن الرحيم

و به نستعني ,,,

احلمد هلل ال�صبور ال�صكور, العلي الكبري, ال�صميع الب�صري

العليم القدير الذي �صملت قدرته كل خملوق, وجرت م�صيئته

املوعود لليوم دعوته واأ�صمعت الأمــور, بت�صاريف خلقه يف

اأ�صحاب القبور, قدر مقادير اخلالئق واآجالهم, وكتب اآثارهم

واأعمالهم, و ق�صم بينهم معاي�صهم و اأموالهم, قدر املوت واحلياة,

ليبلوهم اأيهم اأح�صن عمال وهو العزيز الغفور, القاهر القادر

فكل ع�صري عليه ي�صري, وهو املوىل الن�صري فنعم املوىل ونعم

الن�صري, ي�صبح له ما يف ال�صماوات وما يف الأر�ض, له امللك

وله احلمد وهو على كل �صيء قدير, هو الذي خلقكم فمنكم

كافر ومنكم موؤمن, واهلل مبا تعملون ب�صري, خلق ال�صماوات

والأر�ض باحلق, و�صوركم فاأح�صن �صوركم, واإليه امل�صري, يعلم

ما ت�صرون وما تعلنون, واهلل عليم بذات ال�صدور.

واأ�صهد اأن ل اإله اإل اهلل وحده ل �صريك له, اإله جل عن

ال�صبيه والنظري, وتعاىل عن ال�صريك والظهري, وتقد�ض عن

تعطيل امللحدين, كما تنزه عن �صبه املخلوقني, فلي�ض كمثله

�صيء وهو ال�صميع الب�صري .

بريته, من وخريته ور�صوله, عبده حممدا اأن واأ�صهد

واأن�صحهم لأمته, , واأمينه على وحيه و�صفوته من خليقته,

ربه, ر�صالت فبلغ , لنعمه واأ�صكرهم حلكمه, واأ�صربهم

هلل وقــام , �صواه ب�صر يتحمله مل ما مر�صاته يف وحتمل

بال�صرب وال�صكر حق القيام حتى بلغ ر�صاه , فثبت يف مقام

ال�صرب حتى مل يلحقه اأحد من ال�صابرين, وترقى يف درجة

ال�صكر حتى عال فوق جميع ال�صاكرين.

5

لقد خلقنا اإلنسان يف كبدل �صك اأن الإن�صان عموما يعي�ض حياته بني �صفو وكدر, وجملة

من الأخطار والأمرا�ض واحلوادث, وقد قرر اهلل هذه احلقيقة,

ان ف كبد } البلد 4 فقال �صبحانه وتعاىل: { لقد خلقنا الإن�س

قال ال�صاعر :

ومن عا�ض يف الدنيا فالبد اأن يرى

من العي�ض ما ي�صفو وما يتكدر

واهلل تعاىل جعل ال�صرب جوادا ل يكبو, و�صارما ل ينبو, وجندا

اأخوان والن�صر فهو يثلم, ول يهدم ل ح�صينا وح�صنا يهزم ل

مع والع�صر الكرب, مع والفرج ال�صرب, مع فالن�صر �صقيقان,

الي�صر, وهو اأن�صر ل�صاحبه من الرجال بال عدة ول عدد, وحمله

من الظفر كمحل الراأ�ض من اجل�صد, ولقد �صمن �صبحانه وتعاىل

يف حمكم الكتاب اأنه يوفيهم اأجرهم بغري ح�صاب, واأخربهم اأنه

معهم بهدايته ون�صره العزيز وفتحه املبني.

ابرين جاهدين منكم وال�س ى نعلم ال كم حت قال تعاىل : {ولنبلون

خباركم } حممد 31.ونبلو اأ

هم ياأ لنبلوهم لها ر���ض زينة

ا جعلنا ما على الأ قال تعاىل :{اإن

ن عمال } الكهف 7. ح�ساأ

8

اهلل تبارك وتعاىل جرت �صنته يف عباده املوؤمنني اأن يبتليهم

على ح�صب اإميانهم , فمن ازداد اإميانه زيد يف بالئه. فاإن كان

يف دينه �صالبة �صدد عليه البالء, واإن كان يف دينه رقه خفف

عنه البالء.

فاأ�صد النا�ض بالء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل , يبتلى الرجل

, بــالء اأ�صد النا�ض اأي [ النبي �صئل كما دينه ح�صب على

ح�صب على الرجل فيبتلى فالأمثل الأمثل ثم »الأنبياء فقال:

ا�صتد بالوؤه واإن كان يف دينه رقة دينه فاإن كان يف دينه �صلبا

ابتلى على ح�صب دينه فما يربح البالء بالعبد حتى يرتكه مي�صي

على الأر�ض وما عليه خطيئة« اأخرجه الرتمذي و ابن ماجة .

و البالء الذي ي�صيب املوؤمن نوعان :-

1. اأحدهما : بالء مبخالفة دواعي النف�ض والطبع كال�صرب

على الطاعات , و ال�صرب عن املعا�صي. وهذا من اأ�صد

, وال�صديقون الأنبياء اإل عليه ي�صرب ل فاإنه , البالء

والنا�ض فيه درجات متفاوتة .

اختياره بغري العبد على يجري الذي البالء : ثانيهما .2

الأمـــوال ونق�ض واخلـــوف والعط�ض واجلـــوع كاملر�ض

والأنف�ض والثمرات و نحو ذلك , وال�صرب هنا ل يتوقف

على الإميان , بل ي�صرب عليه الرب والفاجر ل �صيما اإذا

علم اأنه ل ممول له اإل ال�صرب , فاإن مل ي�صرب اختيارا

�صرب بل ا�صطرارا .

9

االمتحانواهلل تبارك وتعاىل ميتحن كل اإن�صان يف ثالثة مواطن :-

يف الدنيا ..... ويف القرب ...... ويف املح�صر

بال�صراء ب�صيئني: والمتحان البــتــالء يكون الدنيا: ففي

وال�صراء, وباخلري وال�صر وذلك ليعلم اهلل ال�صادق من الكاذب

ب ح�سواجلازع من ال�صابر, واملوؤمن من املنافق. قال تعاىل : {اأ

ذين ا ال ا وهم ل يفتنون )2( ولقد فتن ن يقولوا اآمنكوا اأ ن يت

ا�ض اأ الن

الكاذبني )3(}�صورة وليعلمن دقوا ذين �س ال فليعلمن الل قبلهم من

العنكبوت 2 , 3 .

فمن �صرب واأطاع اهلل فاز ... ومن جزع وع�صى خ�صر

ويف القرب : يكون االمتحان بثالثة اأ�صياء :

من ربك ..؟ ما دينك ..؟ ومن نبيك ..؟

فمن عرف ربه يف الدنيا , وعرف ر�صوله , وعمل بدينه اأجاب

بقوله: ربي اهلل , وديني الإ�صالم ونبيي حممد ] ففاز باجلنة,

ومن مل يعرف ذلك اأجاب بقوله هاه هاه, ل اأدري, فله النار .

12

اأما يف املح�صر فيكون االمتحان وال�صوؤال عن �صبعة اأ�صياء :

فيما �صبابه وعن .. ؟ اأفناه فيما عمره عن العبد في�صاأل

اأنفقه ؟... وعن اأين اكت�صبه ؟.. وفيم اأبــاله؟... وعن ماله من

عمله ماذا عمل به ؟

و �صي�صاأل النا�س جميعا عن اأمرين :

ماذا كنتم تعبدون ؟ .. وماذا اأجبتم املر�صلني ؟ واهلل بعباده

خبري ب�صري , وهو اأرحم الراحمني , ورحمته و�صعت كل �صيء ,

وهو اأرحم بعباده من الوالدة بولدها.

العبد م�صلحة اأن يعلم فاهلل مب�صيبته, الإن�صان اأ�صيب فاإذا

تتحقق هنا, ولو علم العبد ذلك حلمد اهلل على ذلك, ولكنه جلهله

ي�صكو ويت�صخط, والواجب والالئق بالعبد اأن مي�صي مع اأقدار ربه

اإن اأجره اأعلم مب�صلحته, و�صيوفيه اأو �صاءته , فاهلل �صواء �صرته

وا ب ن تى اأ ن تكرهوا �سيئا وهو خري لكم وع�س

�صرب و �صكر {وع�سى اأ

نتم ل تعلمون } البقرة 216 . يعلم واأ

�سيئا وهو �ش لكم والل

فكذلك امل�صائب تطهري للعبد من الذنوب , ت�صتحق من العبد

احلمد وال�صكر ويدرك هذا من حقق معنى ل اإله اإل اهلل . وفيها

واأهل , الكاذبني وال�صادقني من املنافقني للموؤمنني من متييز

اخلري من اأهل ال�صر , وبال�صرب عليها يرفع اهلل درجات العبد ,

وي�صاعف ح�صناته ويكفر �صيئاته .

13

الصرب ... صرب ساعةابرين } الأنفال 46 . مع ال�س

وا اإن الل ب قال تعاىل: {وا�س

واملعنى: اإن اهلل مع ال�صابرين بالعون والن�صر والتاأييد ولن

يخذلهم. التف�صري املي�صر .

فظفر ال�صابرون بهذه املعية بخريي الدنيا والآخرة, وفازوا

بها وبنعم اهلل الباطنة والظاهرة.

قال ابن القيم - رحمه اهلل -: قال بع�ض ال�صاحلني : يا

بني اإن امل�صيبة ما جاءت لتهلكك, واإمنا جاءت لتمح�ض �صربك

واإميانك, يا بني القدر �صبع, وال�صبع ل ياأكل امليتة .

ا وهم ل ن يقولوا اآمنكوا اأ ن يت

ا�ض اأ ب الن ح�س

قال تعاىل: {اأ

يفتنون } العنكبوت 2 .

بن بن حممد اهلل عبد حدثني و : الدنيا ــي اأب ابــن قــال

اإ�صماعيل التميمي : اأن رجال عزى رجال يف ابنه فقال : اإمنا

ي�صتوجب على اهلل وعده من �صرب له بحقه , فال جتمع اإىل ما

اأ�صبت به من امل�صيبة الفجيعة بالأجر فاإنها اأعظم امل�صيبتني

عليك.

و عزى ابن ال�صماك رجال فقال : عليك بال�صرب, فيه يعمل

من احت�صب , و اإليه ي�صرب من جزع .

16

و قال عمر بن عبد العزيز : اأما الر�صى فمنزلة عزيزة اأو

منيعة و لكن جعل اهلل يف ال�صرب معول ح�صنا .

و ملا مات عبد امللك ابنه �صلى عليه ثم قال : رحمك اهلل

لقد كنت يل وزيرا , و كنت يل معينا . قال والنا�ض يبكون و ما

يقطر من عينيه قطره .

و اأ�صيب مطرف بن عبد اهلل يف ابن له , فاأتاه قوم يعزونه

فخرج اإليهم اأح�صن ما كان ب�صرا , ثم قال : اإين اأ�صتحي من اهلل

اأن اأت�صع�صع مل�صيبة .

واأنواع خمتلفة الإن�صان يف حياته ملظاهر يتعر�ض وبالعادة

من البتالء فيعي�ض بني الفرح واحلزن, والغنى والفقر, والفرح

وال�صيق, والولدة واملوت, والذي مييز امل�صلم احلق يف �صمته اأن

ل يكون جاحدا لنعم اهلل تعاىل في�صرب يف ال�صراء, وي�صكر يف

ال�صراء.

, باليمني ال�صرب خري لأهله موؤكدا ذلك اأن تعاىل اأخرب و

ابرين« النحل 126, و اأخرب اأن ت لهو خري لل�س ب فقال: »ولئن �س

مع ال�صرب و التقوى ل ي�صر كيد العدو ولو كان ذا ت�صليط فقال

الل اإن �سيئا كيدهم كم ي�ش ل قوا وتت وا ب ت�س تعاىل: {واإن

اآل عمران 120, واأن ال�صرب و التقوى يط )120(} يعملون م ا ب

ه وال�صالة تو�صالن ال�صديق اإىل حمل العز والتمكني فقال: {اإن

نني} يو�صف 90 . ح�س جر اليع اأ ل ي�س

ب فاإن الل ق وي�س من يت

17

و اأخرب تعاىل اأن دفع ال�صيئة بالتي هي اأح�صن جتعل امل�صيء

ادفع ئة ي ال�س ول نة �سال توي ت�س {ول فقال: حميم ويل كاأنه

ه ول حميم} ن

ذي بينك وبينه عداوة كاأ ذا ال ن فاإ ح�س اأ

تي هي بال

ف�صلت 34. واأن هذه اخل�صلة ما يلقاها اإل الذين �صربوا و ما

يلقاها اإل ذو حظ عظيم .

�صاق و اإليها, يرجع ثم التي يجول املوؤمن ال�صرب جادة و

اإميانه الذي ل اعتماد له اإل عليها, فال اإميان ملن ل �صرب له ,

و اإن كان فاإميان قليل يف غاية ال�صعف , و �صاحبه ممن يعبد

اهلل على حرف فاإن اأ�صابه خري اطمئن به و اإن اأ�صابته فتنة

انقلب على وجهه خ�صر الدنيا و الآخــرة , و مل يح�ض منهما

اإل بال�صفقة اخلا�صرة, فخري عي�ض اأدركه ال�صعداء ب�صربهم,

وترقوا اإىل اأعلى املنازل ب�صكرهم , ف�صاروا بني جناحي ال�صرب

وال�صكر اإىل جنات النعيم .

ولذلك ترى اأبناء الدنيا متقلبني فيها بني خري و�صر , ونفع

و�صر, ول ترى لهم يف اأيام الرخاء اأنفع من ال�صكر والثناء, ول

يف اأيام املحنة والبالء اأجنع من ال�صرب والدعاء, وقد اقت�صت

حكمة اهلل �صبحانه وتعاىل اأنه ما من ليل اإل وبعده �صباح, وما

من �صيق و�صدة, اإل وبعده فرج وخري.

بالواجبني, للقيام احلالني, يف وفق ملن طوبى ثم فطوبى

اأو �صدة من مبكروه, ابتلي من اإليه يفزع �صيء اأف�صل وجتد

18

19

مر�ض اأو هم اأو غم اأو اأي �صيء �صارف من �صروف الدهر اأن

يفزع اإىل ال�صالة, كما كان يفعل امل�صطفى ]: كما يف حديث

حذيفة ر�صي اهلل عنه قال: »كان ر�صول اهلل ] اإذا حزبه اأمر

�صلى« اأخرجه اأحمد واأبو داود

وطماأنينة راحة فيه فاإن وخ�صوع, بتدبر القراآن قــراءة ثم

ذين اآمنوا وتطمئن و�صكينة للنف�ض الإن�صانية, قال عز وجل : {ال

تطمئن القلوب} الرعد 28 .

ل بذكر الل اأ

قلوبهم بذكر الل

من أسباب دفع البالءالعبد قوي الإميان اإن كان 1. لطف اهلل بعباده , خا�صة

بخالقه �صديد التعلق بربه .

يحفظك اهلل احفظ « : [ قــال ربــه, العبد 2. حفظ

احفظ اهلل جتده جتاهك« اأخرجه اأحمد والرتمذي .

اأوامــره و اجتناب 3. التعرف اإىل اهلل يف الرخاء بامتثال

�صعيد اأبي و عبا�ض ابن حديث من ثبت كما نواهيه,

ر�صي اهلل عنهما قال : قال ر�صول اهلل ] : »تعرف اإليه

يف الرخاء , يعرفك يف ال�صدة« .

4. التقرب اإىل اهلل �صبحانه وتعاىل بال�صدقات, فاإن �صدقة

ال�صر تدفع غ�صب الرب, و تداوي املر�ض قال ر�صول اهلل

الطرباين اأخــرجــه الــرب« غ�صب تطفئ ال�صر »�صدقة : [و�صححه الألباين.

5. الإكثار من قراءة الأوراد و الأذكار امل�صتمدة من القراآن

الكرمي و من ال�صنة النبوية املطهرة .

6. اللتجاء اإىل اهلل تعاىل و التعلق به , و العتقاد باأنه

املعطي و املانع, و اأن النفع و ال�صر بيده �صبحانه و تعاىل

وحده دون �صواه من �صائر اخللق .

22

ذين : قال اهلل تعاىل :{ال القيم - رحمه اهلل - ابن قال

ولئك ا اإليه راجعون )156( اأ ن واإ

ا لل ن يبة قالوا اإ ابتهم م�س �س

اإذا اأ

هتدون } �صورة البقرة ولئك هم الهم ورحمة واأ لوات من رب عليهم �س

.157 - 156

و يف امل�صند عنه ] اأنه قال : »ما من عبد ت�صيبه م�صيبة

اآجرين يف م�صيبتي اللهم راجعون اإليه اإنا و اإنا هلل : فيقول

واخلفني خريا منها, اإل اأجره اهلل يف م�صيبته و خلف له خريا

منها« . وهذه الكلمة اإنا هلل و اإنا اإليه راجعون من اأبلغ عالج

امل�صاب واأنفعه يف عاجلته و اآجلته فاإنها تت�صمن اأ�صلني عظيمني

اإذا حتقق العبد مبعرفتهما ت�صلى عن م�صيبته :-

االأول: اأن العبد و اأهله و ماله , ملك هلل عز و جل حقيقة,

وقد جعله اهلل عند العبد عارية , فاإذا اأخذه منه فهو كاملعري

ياأخذ متاعه من امل�صتعري .

الثاين: اأن م�صري العبد و مرجعه اإىل موله احلق , و لبد

خلقه كما فردا ربه يجيء و وراء ظهره الدنيا يخلف اأن من

اأول مرة, بال اأهل , و ل مال , ول ع�صرية و لكن باحل�صنات و

ال�صيئات.

23

حادي األرواح1. اأن يعلم علم اليقني اأن ما اأ�صابه مل يكن ليخطئه , و ما

اب �ساأخطاأه مل يكن لي�صيبه قال اهلل عز و جل : {ما اأ

كم اإل ف كتاب من نف�سر�ض ول ف اأ

يبة ف الأ من م�س

�سوا ري )22( لكيال تاأ ي�س

ها اإن ذلك على الل

اأ ن نب

قبل اأ

ل يحب كل اآتاكم والل ا على ما فاتكم ول تفرحوا ب

تال فخور )23} احلديد / 23-22 . م

2. اأن ينظر امل�صاب اإىل ما اأ�صيب به فيجد ربه قد اأبقى

عليه مثله اأو اأف�صل منه و ادخر له - اإن �صرب و ر�صي-

ما هو اأعظم من فوات تلك امل�صيبة باأ�صعاف م�صاعفة,

و اأنه لو �صاء جلعلها اأعظم مما هي .

و امل�صائب باأهل التاأ�صي بربد م�صيبته نار يطفئ اأن .3

لينظر مينة فهل يرى اإل حمنة ؟ ثم ليعطف ي�صرة فهل

يرى اإل ح�صرة ؟.

يف وهــو , ي�صاعفها بل ليــردهــا اجلــزع اأن يعلم اأن .4

احلقيقة من تزايد املر�ض .

: وهــو - الت�صليم و ال�صرب ثــواب فــوات اأن يعلم اأن .5

26

ال�صالة والرحمة و الهداية التي �صمنها اهلل على ال�صرب

و ال�صرتجاع - اأعظم من امل�صيبة يف احلقيقة

, �صديقه ي�صيء و عــدوه ي�صمت اجلــزع اأن يعلم اأن .6

ويغ�صب ربه , وي�صر �صيطانه و يحبط اأجره و ي�صعف

نف�صه .

7. اأن يعلم ما يعقبه ال�صرب و الحت�صاب من اللذة و امل�صرة,

ويكفيه من ذلك بيت احلمد الذي يبنى له يف اجلنة على

حمده لربه و ا�صرتجاعه .

27

الصرب عند الصدمة األوىلملا كان ال�صرب حب�ض الل�صان عن ال�صكوى اإىل غري اهلل, والقلب

عن الت�صخط, واجلوارح عن اللطم و �صق الثياب ونحوها, كان

ما ي�صاده واقعا على هذه اجلمله, فمنه: ال�صكوى اإىل املخلوق,

فاإذا �صكا العبد ربه اإىل خملوق مثله فقد �صكى من يرحمه اإىل

من ل يرحمه .

اأو باإر�صاده اإخبار املخلوق باحلال, فاإن كان لال�صتعانة اأما و

معاونته والتو�صل اإىل زوال �صرره مل يقدح ذلك يف ال�صرب, كاإخبار

املري�ض للطبيب ب�صكايته, و اإخبار املظلوم ملن ينت�صر به بحاله,

واإخبار املبتلى ببالئه ملن كان يرجو اأن يكون فرجه على يديه .

و قد كان النبي ] اإذا دخل على املري�ض ي�صاأله عن حاله ويقول:

»كيف جتدك؟« اأخرجه الرتمذي, وهذا ا�صتخبار منه وا�صتعالم بحاله .

و قد روي يف الأثر »اأن املري�ض اإذا بداأ بحمد اهلل ثم اأخرب

بحاله مل يكن �صكوى« .

و قال �صقيق البلخي: من �صكى من م�صيبة نزلت به اإىل غري

اهلل مل يجد يف قلبه حالوة لطاعة اهلل اأبدا .

و مما ينايف ال�صرب: �صق الثياب عند امل�صيبة , و لطم الوجه,

و ال�صرب باإحدى اليدين على الأخرى, و حلق ال�صعر , و الدعاء

بالويل , و لهذا برىء النبي ] ممن �صلق و حلق و خرق (رفع

30

�صوته عند امل�صيبة و حلق راأ�صه و �صق ثيابه) , و ل ينافيه البكاء

من عيناه ت , قال اهلل تعاىل عن يعقوب : {وابي�س و احلزن

زن فهو كظيم} يو�صف :84 قال قتادة : كظيم على احلزن, فلم ال

يقل اإل خريا. اأخرجه عبد الرزاق يف تف�صريه 1 / 2 / 327 .

قال احل�صن : ما جرعتان اأحب اإىل اهلل من جرعة م�صيبة

, و جرعة موجعة حمزنة ردها �صاحبها بح�صن عزاء و �صرب

غيظ ردها بحلم .

و قال عبيد بن عمري : لي�ض اجلزع اأن تدمع العني و يحزن

القلب , و لكن اجلزع القول ال�صيء و الظن ال�صيء .

والظن ال�صيء القول فقال: اجلــزع؟ عن ابن حممد و�صئل

ال�صيء.

و قال احل�صن بن عبد العزيز اجلروي : مات ابن يل نفي�ض,

فقلت لأمه اتقي اهلل و احت�صبي, و ا�صربي, فقالت : م�صيبتي

به اأعظم من اأن اأف�صدها باجلزع .

و ي�صاد ال�صرب الهلع , و هو: اجلزع عند ورود امل�صيبة, و املنع

اإذا )19( هلوعا خلق ان الإن�س النعمة قال تعاىل: {اإن عند ورود

ري منوعا )21(}املعارج 21-19.ه ال جزوعا )20( واإذا م�س ه ال�ش م�س

و هذا تف�صري الهلوع : قال اجلوهري : الهلع : اأفح�ض اجلزع,

و قد هلع بالك�صر , فهو هلع و هلوع , و يف احلديث : »�صر ما يف

العبد �صح هالع و جنب خالع« .اأخرجه اأبو داود و�صححه الألباين .

31

الآن اأيها الأحبة و قد علمنا اأن البتالء �صنة اإلهية لي�ض غايتها

اإميانه العبد اأن يربى هذا اإمنا املق�صود اإزالة معنى من الإميان,

بن�صمات يتلذذ اإىل رحمات اخلالق, وثقليه, و يعرب بهذا البتالء

القرب و املناجاة .

اأجر امل�صيبة و زيادتها و نق�ض الإميان, اإن اجلزع فيه فوات

فلماذا ؟ ل ن�صتثمر هذه املحنة فنقلبها منحة لنا, و ملن فقدنا من

اأحبابنا و قد حل البالء املكتوب بقلم قد جفت به ال�صحف, فاأي

فائدة ترجى من الت�صخط على رب الأرباب, و النياحة على ميت

قد فات, اأمل يقل معلمنا اخلري حممد ]: »اإن امليت ليعذب ببكاء

اأهله عليه؟« فلماذا ل اأترجم هذه امل�صاعر الفيا�صة من احلزن و

احلب و ال�صوق اإىل ح�صنات ماحيات, و اأجور رافعات للدرجات,

مبا ورد و�صح عن اأرحم اخللق باخللق حممد ] لنا و ملن فقدنا؟

فاإن الدال على اخلري كفاعله .

33

هل أنت راض عن اهلل؟ملاذا قل الر�صا عند النا�س ؟

عقوبات بع�ض من اإن الكايف: اجلــواب يف القيم ابن قال

املعا�صي فقدان الر�صا بالرب.

فكاأن املع�صية جالبة ملحق الر�صا من القلوب فقد قال تعاىل:

وا عنه} البينة 8. عنهم ور�س الل

ي {ر�س

ال�صاهد يف هذه الآية, اأن ر�صاهم عن اهلل ثمرة لر�صاه عنهم,

فاإذا �صخط اهلل اأ�صخطهم .

والر�صا ق�صمان :

> ر�صى اهلل عن العبد وهو الغاية .

> ر�صى العبد عن اهلل وهو و�صيلة ل�صتجالب ر�صاه.

يقول طبيب القلوب ابن القيم - رحمه اهلل - :

اإن الر�صا من اأعمال القلوب كمثل اجلهاد من اأعمال اجلوارح

[ الر�صا هو ما و�صحه ر�صول اهلل ال�صنام, فقمة وهو ذروة

دينا وبالإ�صالم ربــا بــاهلل ر�صى من الإميــان حــالوة (ذاق

36

ر�صاه به اهلل جعل ما املــرء يلزم اأن يعني ر�صول). ومبحمد

فري�صيه حتما موله.

ولكن ال�صوؤال يف هذا املقال، كيف نر�صى؟؟

اإن هلل يف كل �صكنة وكل وحركة عبودية . فلو اأعملنا جوارحنا

بطاعة اهلل لكت�صبنا ر�صاه , فاهلل يلقي ر�صاه يف قلوب الطائعني

فهو من ثمراتها.

كما الفرج وال�صرور بالرب – تبارك وتعاىل - من ثمراته ,

وي�صاد ذلك اأن ال�صخط هو ثمرة املع�صية. من اأعمل جوارحه

بالطاعة �صكب اهلل يف قلبه الر�صا واأراه عني احلكمة يف ق�صاءه

وقدره, ويف معر�ض ذلك ما ذكره ابن اجلوزي يف �صيد اخلاطر:

يف – وجــل عز – اهلل عن الر�صى حقيقة يعلم اأن اأراد من

اأحوال يف فليتفكر , الر�صا ين�صاأ اأين من يدري واأن اأفعاله,

راأى �صبحانه باخلالق معرفته تكاملت ملا فاإنه [ اهلل ر�صول

اأن اخلالق مالك, وللمالك الت�صرف يف مملوكه, وراآه حكيما ل

ي�صنع �صيئا عبثا ف�صلم ت�صليم مملوك حلكيم, فكانت العجائب

جتري عليه ول يوجد منه تغيري ول من الطبع تاأفف.

ول يقول بل�صان احلال : لو كان كذا , بل يثبت لالأقدار ثبوت

اأقــدار اهلل وهو �صاكت الرياح فتجري عليه لعوا�صف اجلبل

�صاكن.

37

ي�صح عن ل فهو ورد يف حديث �صعيف اأخــرى ومن جهة

الر�صول ] ولكن ل باأ�ض اأن ن�صتاأن�ض مبفرداته فالعبد لو اأعمل

به قلبه لوجد فيه مفاتيح احلكم.

قوله: اإن من عبادي من ل ي�صلحه اإل الفقر ولو اأغنيته لكفر.

واإن من عبادي من ل ي�صلحه اإل الغنى ولو اأفقرته لكفر.

واإن من عبادي من ل ي�صلحه اإل املر�ض فاإن اأ�صححته لكفر.

واإن من عبادي من ل ي�صلحه اإل العافية فاإن اأ�صقمته لكفر.

تغنى )7(} العلق 6.7 ن راآه ا�سغى )6( اأ

ان ليط قال تعاىل {اإن الإن�س

بعني مق�صود فقره حال اأن وا�صتيقن العبد ا�صت�صعر فلو

احلكمة, واأنه حال �صقمه اأريد له اخلري وبه حينئذ يتذوق حالوة

حكمة اهلل يف اأقداره .

بابني وفتح اإل بحكمة بابا اهلل اأغلق ما ال��ق��ي��م: اب��ن ق��ال

برحمة.

وقال �صفيان: قال احل�صن: من ر�صي مبا ق�صم اهلل له و�صعه,

وبارك اهلل له فيه, ومن مل ير�ض مل ي�صعه, ومل يبارك له فيه.

وقال اأبو عثمان اجلربي: منذ اأربعني �صنة ما اأقامني اهلل يف

حال فكرهته , وما نقلني اإىل غريه ف�صخطته.

فهذه هي الق�صية : اأنك اإذا كنت را�صيا دائما اأر�صاك اهلل

وبعث اإليك ما ير�صيك ومن ير�صيك.

38

وق�صة حدير خري �صاهد .. ملا م�صى القوم ووجدوا كل واحد

منهم يف يده الهدية , مل يقل واأنا , ومل يرجع ليقول : اأنا مل

اآخذ هديتي يا ر�صول اهلل ... ولو طلب لأعطاه الر�صول ] ولكن

الرجل كان را�صيا , فيكفيه اأن اهلل ذكره ... وملا ذكر الر�صول

] به اأر�صل اإليه هديته ب�صرعة . فحاز الهدية وذكر اهلل ... لر�صاه.

و�صعد بن اأبي وقا�ض [ معروف اأنه كان م�صتجاب الدعوة,

اأراك اأبت, يا : ابنه اآخر عمره , قال له وكان قد كف ب�صره

اأن يرد اهلل عليك ب�صرك, تدعو للنا�ض هال دعوت لنف�صك ,

قال : يا بني, ق�صاء اهلل اأحب اإيل من ب�صري.

اأحبائي ...

هل نحن را�صون عن اهلل ؟ هل فعال ق�صاء اهلل وقدره اأحب

التاأكد اأردنــا اإذا وغربة؟ وفتنة بالء من فيه اأنتم مما اإليكم

يف القيم ابــن ذكرها �صروط بثالثة ي�صح اهلل عن فالر�صا

املدارج.

االأول: ا�صتواء النعمة والبلية عند العبد , لأنه ي�صاهد ح�صن

اختيار اهلل له.

الثاين: �صقوط اخل�صومة عن اخللق, اإل فيما كان حقا هلل

ور�صوله ], فالرا�صي ل يخا�صم ول يعاتب اإل فيما يتعلق بحق

نور تطفئ فاملخا�صمة ,[ اهلل ر�صول كانت حال وهذه اهلل,

39

الر�صا وتذهب بهجته, وتبدل باملرارة حالوته وتكرث �صفوته.

تعاىل: قال والإحلاح, للخلق امل�صاألة الثالث: اخلال�ض من

ل يماهم ب�س تعرفهم ف عف الت م��ن غنياء اأ ��اه��ل ال بهم {يح�س

افا } البقرة 273. ل ا�ض اإ لون الناأ ي�س

قال ابن عبا�ض : اإذا كان عنده غداء مل ي�صاأل ع�صاء , واإذا

كان عنده ع�صاء مل ي�صاأل غداء.

عطاء, لعبده – تعاىل – اهلل منع اأن اهلل رحمه يبني ثم

وابتالءه اإياه عافية فيقول : فاإنه – �صبحانه – ل يق�صي لعبده

�صره, اأو الق�صاء ذلك �صاءه , له خريا كان اإل ق�صاء املوؤمن

فق�صاوؤه لعبده املوؤمن عطاء, واإن كان يف �صورة املنع. ونعمة واإن

كانت يف �صورة حمنة.

العبد ولكن جلهل بلية. �صورة يف كان واإن عافية وبــالوؤه

وظلمه ل يعد العطاء والنعمة والعافية اإل ما التذ به يف العاجل

, وكان مالئما لطبعه, ولو رزق من املعرفة حظا وافرا لعد املنع

نعمة والبالء رحمة, وتلذذ بالبالء اأكرث من لذته بالعافية, وتلذذ

بالفقر اأكرث من لذته بالغنى.

وكان يف حال القلة اأعظم �صكرا من حال الكرثة.

40

وختاما : -

نظر رجل اإىل قرحة يف رجل حممد بن وا�صع فقال : اإين

لأرحمك من هذه القرحة , فقال : اإين لأ�صكرها منذ خرجت

اإذ مل تخرج يف عيني .

اأربعمائة فيها مزرعة عنده وكــان الطربي بب�صري واأختم

جامو�صة - ثروة تقدر مبليون جنيه اليوم -. فهجم الروم يوما

يحر�صونها, مائة عنده وكان كلها اجلوامي�ض ف�صاقوا عليها,

فاأر�صل هوؤلء العبيد اإىل ب�صري اأن قد اأخذت اجلوامي�ض , فركب

يا ... العبيد لقيه املزرعة اإىل و�صل فلما اإليهم, له ولد مع

�صيدنا , يا مولنا, اأخذت اجلوامي�ض فقال: واأنتم اأي�صا, اذهبوا

فاأنتم اأحرار لوجه اهلل .. فقال له ابنه : اأفقرتنا يا اأبتاه , فقال:

ا�صكت يا بني, اإن اهلل اأراد اأن يبتلي ر�صائي به , فاأحببت اأن

اأزيده ... رحمك اهلل يا ب�صري .

اإن اهلل ميتحنني اأاأر�صى بق�صائه اأم ل؟ قلت له : ل , اأنا

اذهبوا ... يا رب اأجلك من اأي�صا الزيادة , وهذه را�ض جدا

فاأنتم اأحرار لوجه اهلل.

41

إليك أيها املبتلىل بد من وقفة تدبر وتاأمل عند وقوع البالء , فبعد تثبيت

اليقني اأن اهلل رحيم , واأن اهلل حكيم , يتوقف الإن�صان لينظر

يف �صبب وقوع البالء, ثم ي�صلم هلل العليم احلكيم ت�صليم مملوك

حلكيم... ولي�صاأل نف�صه: هل ما اأ�صابك بذنوبك ؟ اأم اأن اهلل

يرفع درجاتك باملر�ض؟

الذنوب من فالتوبة – الأغــلــب وهــي – الأوىل كانت اإن

واملعا�صي واجبة وهي يف املر�ض اأوجب.

قال ابن اجلوزي - رحمه اهلل - : غالب البالء يكون عقوبة.

واإن كانت الثانية, فاحلمد هلل و الثناء و ال�صكر على تودد

اهلل للعبد وتقريبه اإليه لوازم يقوم بها العبد فرحا بف�صل اهلل

عليه وا�صطفائه له , لتطهريه و متحي�صه باملر�ض .

يا�صر بن كنا قعودا عند عمار : قال ي�صاف بن عن هالل

فذكروا الأوجاع , فقال اأعرابي : ما ا�صتكيت قط , فقال عمار:

اأو ل�صت منا - , اإن امل�صلم ليبتلى ببالء فتحط ما اأنت منا –

عنه ذنوبه كما يحط الورق من ال�صجر , و اإن الكافر – اأو قال:

الفاجر - , يبتلى ببالء فمثله مثل بعري اأطلق فلم يدر مل اأطلق,

و عقل فلم يدر مل عقل.

فهو مل يفهم ملاذا مر�ض , و مل يفهم ملاذا �صفي .

44

قال الدين, و الهمة يف الرجال قدر على البالء اإن ثم <ر�صول اهلل ]: »فيبتلى الرجل على ح�صب دينه , فاإن كان دينه

�صلبا ا�صتد بالوؤه, و اإن كان يف دينه رقة ابتلى على ح�صب دينه,

فما يربح البالء بالعبد حتى يرتكه مي�صي على الأر�ض ما عليه

خطيئة« (�صحيح الرتغيب و الرتهيب : 3402) ل بد اأن نفهم حقيقة البالء

و العافية , فاإن البالء يف احلقيقة لي�ض اإل الذنوب و عواقبها,

والعافية املطلقة هي الطاعات وعواقبها, فاأهل البالء هم اأهل

اأبدانهم, واأهل العافية هم اأهل الطاعة املع�صية و اإن عوفيت

املبتلون هم احلقيقيني البالء اأهل فاإن اأبدانهم, مر�صت واإن

مبعا�صي اهلل والإعرا�ض والغفلة عن اهلل .

> و عن فقه البتالء يقول ابن اجلوزي - رحمه اهلل - : من اجلهل اأن يخفى على الإن�صان مراد التكليف , فاإنه مو�صوع على

عك�ض الأغرا�ض , فينبغي للعاقل اأن ياأن�ض بانعكا�ض الأغرا�ض,

اأعطي فاإن , بالدعاء اهلل تعبد بلوغ غر�ض �صاأل و دعا فاإن

مراده �صكر , و اإن مل ينل مراده فال ينبغي اأن يلح يف الطلب ,

ن لأن الدنيا لي�صت لبلوغ الأغرا�ض , و ليقل لنف�صه : {وع�سى اأ

تكرهوا �سيئا وهو خري لكم } (البقرة 216)

> و من الذي ح�صل له غر�ض ثم مل يكدر ؟�صاأل نوح و اأخــرج منها, و اآدم طاب عي�صه يف اجلنة هذا

اهلل يف ابنه فلم يعط مراده, و اخلليل ابتلي بالنار, و اإ�صماعيل

45

بالذبح, ويعقوب بفقد الولد, و يو�صف مبجاهدة الهوى, و اأيوب

هذا, على الأنبياء وجميع , بالفتنة �صليمان و وداود بالبالء,

واأما ما لقي نبينا حممد ] من اجلوع و الأذى و كدر العي�ض

فمعلوم .

فالدنيا و �صعت للبالء , فينبغي للعاقل اأن يوطن نف�صه على

, و ما مل املــراد فلطف اأن ما ح�صل من اأن يعلم , و ال�صرب

يح�صل فعلى اأ�صل اخللق و اجلبلة للدنيا , كما قيل :

طبعت على كدر و اأنت تريدها �صفوا من الأقذاء و الأكدار

و مكلف الأيام �صد طباعهـــــــا متطلب يف املاء جدوة نـــــــــار

و ها هنا تتبني قوة الإميان و �صعفه , فلي�صتعمل املوؤمن من

اأدوية هذا املر�ض الت�صليم للمالك و التحكيم حلكمته , و ليقل

ء} (اآل عمران : 128)مر �سي

ل�صيد النا�ض: {لي�ض لك من الأ

ثم لي�صل نف�صه باأن املنع لي�ض عن بخل, و اإمنا هو مل�صلحة ل

يعلمها, وليوؤجر ال�صابر عن اأغرا�صه, و ليعلم اهلل الذين �صلموا

ور�صوا .

و اإن من زمن البتالء مقدار ي�صري, و الأغرا�ض مدخرة تلقى

بعد قليل , و كاأنه بالظلمة قد اجنلت و بفجر الأجر قد طلع .

اأن ما جرى مراد احلق �صبحانه , اإىل و متى ارتقى فهمه

اقت�صى اإميانه اأن يريد ما يريد , و ير�صى مبا قدر , و اإذا مل

46

يكن كذلك كان خارجا عن حقيقة العبودية يف املعنى , و هذا

اأ�صل ينبغي اأن يتاأمل و يعمل عليه يف كل غر�ض انعك�ض .

> اأح�صر عقلك و ا�صمع.األي�ض قد ثبت اأن احلق �صبحانه مالك, و للمالك اأن يت�صرف

كيف ي�صاء ؟

األي�ض قد ثبت اأنه حكيم و احلكيم ل يعبث !؟

فال تعرت�ض على اهلل بعقلك و ل تنكر احلكمة اإذا مل تتو�صل

اإليها بفهمك .

فلم يبق اإل اأن نرجع العجز عن فهم ما يجري اإىل اأنف�صنا,

ونقول: هذا فعل عليم حكيم, و لكن ل يبني لنا معناه و ل نفهم

حكمته , و مل تتو�صل عقولنا اإىل �صببه.

عليه ال�صالم خفي عليه مو�صى فاإن , بعجب هذا لي�ض و

وجه احلكمة يف نق�ض ال�صفينة ال�صحيحة و قتل الغالم اجلميل

فلما بني له اخل�صر وجه احلكمة اأذعن , فلنكن مع اهلل - على

الأقل - كمو�صى مع اخل�صر.

> من اأ�صرار تاأخر الإجابة .اأحبائي ,,,

األ اأكــون قد اأطلت عليكم , فاأرجو من اهلل اأن اأخ�صى

, اأفكاركم اأ�صارككم اأن و اأوؤن�صكم اأن اأريد فاإمنا , متلوا مني

47

اأناق�صكم يف كل ما يجول اأفت�ض يف راأ�صكم , و اإنني مازلت و

بخواطركم, و اأراكم الآن قد تقولون : ال�صرب ..ال�صرب ..ال�صرب..

اإىل متى؟!

ها اأنا قد �صربت , و ها اأنا قد عبدت , و ها اأنا قد دعوت,

فاإىل متى ؟ و ما �صبب تاأخري الإجابة ؟!

اأتــرك الإمــام ابن اجلــوزي - رحمه اهلل -: يجيبك دعوين

على هذا الت�صاوؤل , لتعلم اأن هذا الت�صاوؤل وارد على كل النا�ض

و الإجابة عليه �صهلة.

يقول ابن اجلوزي - رحمه اهلل- :

راأيت من البالء العجائب اأن املوؤمن يدعو فال يجاب ,

فيكرر الدعاء , و تطول املدة و ل يرى اأثرا لالإجابة , فينبغي له

اأن يعلم اأن هذا من البالء الذي يحتاج اإىل ال�صرب , و ما يعر�ض

للنف�ض من الو�صوا�ض يف تاأخري اجلواب مر�ض يحتاج اإىل طب ,

و لقد عر�ض يل من هذا اجلن�ض , فاإنه نزلت بي نازلة فدعوت

و بالغت فلم اأر الإجابة , فاأخذ اإبلي�ض يجول يف حلبات كيده ,

فتارة يقول : الكرم وا�صع و البخل معدوم , فما فائدة تاأخري

اجلواب ؟ فقلت له: اخ�صاأ يا لعني , فما اأحتاج اإىل تقا�صي, ول

اأر�صاك و كيال .

ثم عدت اإىل نف�صي فقلت : اإياك م�صاكنة و�صو�صته , فاإنه لو

مل يكن يف تاأخري الإجابة اإل اأن يبلوك املقدر يف حماربة العدو

48

لكفى يف احلكمة .

قالت : ف�صلني عن تاأخري الإجابة يف مثل هذه النازلة .

فقلت : قد ثبت بالربهان اأن اهلل عز و جل مالك , و للمالك

الت�صرف باملنع و العطاء , فال وجه لالعرتا�ض عليه .

49

ماينفع املسلم بعد موته»ما من رجل م�صلم • ال�صالة عليه: قال ر�صول اهلل ]:

ميوت, فيقوم على جنازته اأربعون رجال ل ي�صركون باهلل

�صيئا اإل �صفعهم اهلل فيه«. و قال ]: »ما من ميت ت�صلي

عليه اأمة من امل�صلمني يبلغون مائة كلهم ي�صفعون له اإل

�صفعوا فيه«.رواهما م�صلم .

قال ابن القيم : و مق�صود ال�صالة على اجلنازة هو الدعاء

للميت . زاد املعاد 1 / 505 .

•الدعاء له و ال�صتغفار: حلديث ابن عمر ر�صي اهلل عنهما-: اأن النبي ] كان اإذا و�صع امليت يف القرب قال : »ب�صم اهلل,

و على �صنة ر�صول اهلل« اأخرجه اأبو داود و �صححه الألباين.

• اإذا فرغ و حلديث عثمان بن عفان [ قال: كان النبي ]

من دفن امليت وقف عليه فقال: »ا�صتغفروا لأخيكم, و �صلوا

له التثبيت, فاإنه الآن ي�صاأل« رواه اأبو داود و �صححه الألباين.

: تعاىل لقوله : له عامهم و خا�صهم امل�صلمني •دعــاء نا اغفر لنا ولإخواننا ذين جاءوا من بعدهم يقولون رب وال

ذين اآمنوا عل ف قلوبنا غال لل ذين �سبقونا بالإميان ول ت ال

ك رءوف رحيم } احل�صر / 10 . نا اإن رب

52

واأما الأحاديث فهي كثرية جدا وقد �صبق بع�صها يف زيارة

واأمره بذلك, ومنها ] لأ�صحابها, النبي املقابر ودعاء

قوله ]: »دعوة املرء امل�صلم لأخيه امل�صلم بظهر الغيب

م�صتجابة, عند راأ�صه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخري

قال امللك املوكل: به اآمني, ولك مبثل« رواه م�صلم.

غالبها لأن لذلك, �صاهد جعلت اجلنازة �صالة اإن بل

دعاء للميت, وا�صتغفار له, كما تقدم بيانه.

• »نف�ض املوؤمن معلقه حتى ق�صاء الدين عنه : لقوله ] :

يق�صى عنه« اأخرجه البخاري .

الدين عن �صداد [: حيث �صمن قتادة اأبي وحلديث

بع�ض الأموات, فلما ق�صاه عنه قال له النبي ]: »الآن

ووافقه , الإ�صناد , وقال �صحيح اأخرجه احلاكم بردت عليه جلدته«

الذهبي والألباين.

قال �صيخ الإ�صالم ابن تيمية : والدين ي�صح ق�صاوؤه من

كل اأحد , فدل على اأنه يجوز اأن يفعل ذلك من كل اأحد,

ل يخت�ض ذلك بالولد. جمموع الفتاوى 311/24

رضى • ق�صاء ما عليه من نذر, و�صيام, وغريه: عن ابن عبا�ض

الله عنهما: قال: ا�صتفتنى �صعد بن عبادة [: ر�صول اهلل فقال: تق�صيه, اأن قبل توفيت اأمه كان على نذر ]: يف

»اق�صه عنها« متفق عليه .

53

وقال ]: »من مات وعليه �صيام, �صام عنه وليه« متفق

عليه .

»اأن • عنها: اهلل ر�صي عائ�صة امليت: عن ال�صدقة عن

نف�صها ومل افتلتت اأمي اإن :[ لر�صول اهلل قال رجال

اإن اأجــر لها فهل ت�صدقت, تكلمت لو واأظنها تو�ض

ت�صدقت عنها ويل اأجر؟ قال : نعم, فت�صدق عنها« رواه

البخاري وم�صلم .

قال الإمام النووي: ال�صدقة عن امليت تنفع امليت, وي�صله

ثوابها وهو كذلك باإجماع العلماء .

قال �صيخ الإ�صالم ابن تيمية: فال نزاع بني علماء ال�صنة

كال�صدقة املالية, العبادات ثواب و�صول يف واجلماعة

كما بذلك, اهلل نفعه ب�صعيه الغري له تربع فاإذا والعتق

ينفعه بدعائه له, وال�صدقة عنه, وهو ينتفع بكل ما ي�صل

اأو غريهم كما اأقاربه اإليه من كل م�صلم, �صواء كان من

ينتفع ب�صالة امل�صلني عليه, ودعائهم له عند قربه. جمموع

الفتاوى 367/24 بت�صرف .

»اإن اأمي • احلج عن امليت: لقول النبي ]: للتي قالت :

نذرت اأن حتج فلم حتج حتى ماتت اأفاأحج عنها ؟ فقال :

حجي عنها, اأراأيت لو كان على اأمك دين , اأكنت قا�صيته

عنها؟ اق�صوا اهلل , فاهلل اأحق بالوفاء« رواه البخاري وم�صلم .

54

55

عن بريدة ر�صي اهلل عنها : »اأن امراأة قالت : يا ر�صول

اهلل, اإن اأمي ماتت ومل حتج, اأفيجزي اأو يق�صى اأن اأحج

عنها؟ قال: نعم« رواه م�صلم

ما ينفع امليت من كسبه موا واآثارهم} ي�ض/12 . قال تعاىل : {ونكتب ما قد

قال ابن كثري: نكتب اأعمالهم التي با�صروها باأنف�صهم واآثارهم

خريا اإن اأي�صا ذلك على فنجزيهم بعدهم, من اآثروها التي

فخري واإن �صرا ف�صر .

فاإن ال�صاحلة: الأعمال من ال�صالح الولد يفعله ما اأوال:

لوالديه مثل اأجره دون اأن ينق�ض من اأجره �صيء , لأن الولد من

ان اإل ن�س ن لي�ض لالإ�صعيهما وك�صبهما واهلل عز وجل يقول: {واأ

ما �سعى} النجم / 39 .

وقال ر�صول اهلل ]: : »اإن اأطيب ما اأكله الرجل من ك�صبه ,

واإن ولده من ك�صبه« اأخرجه اأبو داود و�صححه الألباين .

ثانيا: �صدقة جارية اأو علم ينتفع به اأو ولد �صالح يدعو له:

لقوله ]: »اإذا مات ابن اآدم انقطع عمله اإل من ثالث , من �صدقة

جارية, اأو علم ينتفع به , اأو ولد �صالح يدعو له« رواه م�صلم.

قال �صيخ الإ�صالم : مل يقل اإنه مل ينتفع بعمل غريه .. فاإذا

دعا له ولده كان هذا من عمله الذي مل ينقطع , واإذا دعا له

غريه مل يكن من عمله لكنه ينتفع به . جمموع الفتاوى 321/24 .

58

توريث امل�صاحف وبناء امل�صاجد والبيوت لبن ال�صبيل واإجراء

الأنهار, لقوله ]: »اإن مما يلحق املوؤمن من عمله وح�صناته بعد

موته, علما ن�صره اأو ولدا �صاحلا تركه اأو م�صحفا ورثه, اأو م�صجدا

بناه اأو بيتا بناه لبن ال�صبيل, اأو نهرا اأجراه اأو �صدقة اأخرجها من

اأخرجه ابن ماجه وح�صنه ماله يف �صحته وحياته تلحقه من بعد موته«

الألباين .

قال الإمام النووي : اأجمع امل�صلمون على �صحة وقف امل�صاجد

وال�صقايات واأن الوقف ل يباع ول يوهب ول يورث, واإمنا تتبع

فيه �صروط الواقف, وفيه ف�صيلة الوقف وهي ال�صدقة اجلارية

�صرح م�صلم 86/11 .

ثالثا: اإذا �صن امليت �صنة ح�صنة اأو دعا اإىل هدى, لقوله ]:

»من �صن يف الإ�صالم �صنة ح�صنه فله اأجرها ومثل اأجر من عمل

بها بعده من غري اأن ينق�ض من اأجورهم �صيء« اأخرجه م�صلم.

رابعا: الغر�ض والزرع : عن اأن�ض بن مالك [: قال ر�صول اهلل

]: »ما من م�صلم يغر�ض غر�صا , اأو يزرع زرعا فياأكل منه طري اأو اإن�صان اأو بهيمة اإل كان له به �صدقة« اأخرجه البخاري وم�صلم .

اإل كان ما اأكل منه له وقال ]: »ما من م�صلم يغر�ض غر�صا

له فهو منه ال�صبع اأكــل وما �صدقة, له منه �صرق وما �صدقة,

له اأحد كان يــرزوؤه له �صدقة, ول الطري فهو اأكلت �صدقة وما

�صدقة« رواه م�صلم .

59

اأبي اأنه �صهد على اأبي م�صلم , اإ�صحاق عن الأعز اأبي عن

هريرة و اأبي �صعيد اخلدري ر�صي اهلل عنهما اأنهما �صهدا على

ر�صول اهلل ]:

قال: اإذا قال العبد: »ل اإله اإل اهلل واهلل اأكرب, قال اهلل عز

و جل-: �صدق عبدي , ل اإله اإل اأنا واأنا اأكرب .

فاإذا قال: ل اإله اإل اهلل وحده , قال اهلل : �صدق عبدي , ل

اإله اإل اأنا وحدي .

فاإذا قال : ل اإله اإل اهلل و ل �صريك له , قال اهلل : �صدق

عبدي و ل اإله اإل اأنا , و ل �صريك يل .

اإله اإل اهلل له امللك و له احلمد , قال اهلل : فاإذا قال: ل

�صدق عبدي ل اإله اإل اأنا يل امللك و يل احلمد .

فاإذا قال: ل اإله اإل اهلل و ل حول و ل قوة اإل باهلل , قال اهلل:

�صدق عبدي, ل اإله اإل اأنا و ل حول و ل قوة اإل بي .

فقال من رزقهن عند املوت لن مت�صه النار«. �صحيح ابن ماجه.

60

بشرى

يف هذا احلديث اأخرب اأبو هريرة و اأبو �صعيد اخلدري ر�صي

اهلل عنهما عن ر�صول اهلل ] الذي قاله عن اهلل �صبحانه وتعاىل

و احلال اأنهما على يقني مما �صمعا منه و مبا اأخربا به.

ففي احلديث اأن اهلل تبارك و تعاىل ير�صى و ي�صدق على

ما يقول العبد من الأذكار املوجودة باحلديث اأعاله و ثمرة

ت�صديقه لذلك الذكر و اإثابة عبده عليه و عظيم الثواب اأن

ينجيه عز وجل من النار فال مت�ص�صه النار اأبدا .

61

اخلامتة

ينبغي لالإن�صان اأن يتذكر حاله و نهايته يف هذه الدنيا و اأن لي�صت

, الآخــرة , و هي اأعظم منها , بل وراءهــا غاية نهاية النهاية هذه

فينبغي لالإن�صان اأن يتذكر دائما املوت ل على اأ�صا�ض الفراق لالأحباب

و املاألوف , لأن هذه نظرة قا�صرة , و لكن على اأ�صا�ض فراق العمل و

احلرث لالآخرة فاإنه اإذا نظر هذه النظرة ا�صتعد و زاد يف عمل الآخرة

و اإذا نظر النظرة الأوىل حزن و �صاءه الأمر .

فيكون ذكره على هذا الوجه ل يزداد به اإل حت�صرا و ندما اإل اإذا

ذكره على الوجه الأول و هو اأن يتذكر املوت لي�صتعد له و يعمل لالآخرة,

فهذا ل يزيده حزنا واإمنا يزيده اإقبال على اهلل عز و جل, فاإذا اأقبل

الإن�صان على ربه فاإنه يزداد �صدره ان�صراحا و قلبه اطمئنانا .

و احلمد هلل رب العاملني , حمدا كثريا طيبا مباركا فيه, كما

يحب ربنا وير�صى, و كما ينبغي لكرمي وجهه وعز جالله حمدا ميالأ

ال�صماوات والأر�ض وما بينهما , وما �صاء ربنا من �صيء بعد, مبجامع

حمده كلها ما علمنا منها وما مل نعلم, على نعمه كلها ما علمنا منها

وما مل نعلم, عدد ما حمده احلامدون, وغفل عن ذكره الغافلون,

وعدد ما جرى به قلمه واأح�صاه كتابه, واأحاط به علمه.

اأجمعني و على �صائر اآله و �صحبه و ]: على �صيدنا حممد و

الأنبياء و املر�صلني .

و ر�صي اهلل عن التابعني لهم باإح�صان اإىل يوم الدين .

{ و ل حول و ل قوة اإل باهلل و ح�صبنا اهلل و نعم الوكيل }.

كلمة مضيئة

املقدمة

لقد خلقنا اإلنسان في كبد

االمتحان

الصبر ... صبر ساعة

من أسباب دفع البالء

حادي األرواح

الصبر عند الصدمة األولى

ترجم محبتك

هل أنت راض عن الله

كيف نفهم عن الله

ماينفع املسلم بعد موته

ما ينفع امليت من كسبه

بشرى

اخلامتة

الفهــــــــــــــــــــرسالصفحة املوضـــــــــــــــــــــــــوعرقم

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

3

5

7

11

15

21

25

29

33

35

43

51

57

60

62