25

Click here to load reader

benaa. Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

  • Upload
    dothuan

  • View
    223

  • Download
    4

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

(3عمدة الفقه )الدرس الثامن

فضيلة الشيخ/ د. عبد الله بن منصور الغفيلي

��ا، الحم��د لل��ه ملء الحم��د لل��ه أوال وآخ��را، وظ��اهرا وباطن السموات واألرض، وملء ما شاء من شيء بعد، وص��لى الل��ه وسلم على رسول الله، محمد بن عب��د الل��ه، علي��ه وعلى آل��ه

وصحبه ومن وااله، أما بعد..ها الطالب والطالبات، المتابعون والمتابعات، فحياكم الله أي في هذا البرنامج، برن��امج البن��اء العلمي، من خالل األكاديمي��ة اإلسالمية المفتوحة التي عنيت بنشر العلم الص��افي الم��أخوذ من كتاب الله وس��نة رس��وله ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم، فهنيئا لمن ق��ام عليه��ا، وانتس��ب إليه��ا، وب��ارك الل��ه في الجه��ود

المبذولة فيها. وها نحن نواصل معا ما كنا بدأناه في ه��ذه الحلق��ات ح��ول أحكام ال��بيوع، وه�ذا ه�و ال��درس الث��امن، وال�ذي نتن��اول في��ه أحكام ال��دين م��ع م��ا يتص��ل ب��ذلك من أحك��ام الحوال��ة وذل��ك

التصال الحوالة بالدين.ها اإلخوة قد تناولت في الدرس الماضي ما يتص��ل وكنت أي ب��القرض، ولعلن��ا نط��الع بعض الش��رائح -على عج��ل- ال��تي

لخصت بعض األحكام. : وأن��ه دف��ع م��المن ذلك ما يتعلق بتعريف الق''رض

لمن ينتفع به ويرد بدله، ومنه تعلم أن األصل في القرض، أن��ل م��ا اق��ترض، وه��ذا يرد البدل وهو المثل ال القيمة، فيرد بمث يعني: العملة التي كان بها القرض انخفضت، ف��أنت اقترض��ت مني ألف جنيه، والجنيه مثال نزل، أرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقر إال إذا كانت العملة قد أصيبت بكس��اد أفق��دها

أكثر قيمتها، فعندئذ تقويم ذلك بالعدل له وجه معتبر. فالقرض من عقود اإلرفاق كما نشاهد في هذه الش��ريحة، والقاعدة تقول: يصح القرض في كل ما يص��ح بيع��ه، وح��ديث أبي رافع أصل في القرض، من جهة أن النبي صلى الله عليه وس��لم استس��لف من رج��ل بك��را، واالستس��الف هن��ا ه��و االقتراض، فلما ق��دمت علي��ه إب��ل الص��دقة أم��ر أب��ا راف��ع أن

1

Page 2: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

يقضي هذا الرجل، فلم يجد بكرا، فأمره النبي صلى الله عليه.»إن خير الناس أحسنهم قضاء«وسلم أن يقضيه وقال:

وقد ذكرنا فوائ��د من ه��ذا الح��ديث، كم��ا هي موج��ودة بينيديكم.

جواز القرض.-جواز المطالبة بالدين الحال.- جواز القض��اء بأفض��ل من المث��ل بال اش��تراط، وال ينبغي-

للمقترض أيضا مجافاة حق المقرض. هنا مسائل مهمة في القرض أيضا تعرضنا لها في ال��درس

الماضي، هي كما بين يديكم، منها:رد خير من مثل القرض بال شرط.-اشتراط رهن أو كفيل للتوثيق، هذا أيضا جائز.- اشتراط تأجيل رد القرض، هذا مح��ل خالف، والجمه��ور-

على منع��ه، وذكرن��ا أن ق��ول المالكي��ة واختي��ار ش��يخاإلسالم ابن تيمية، جواز هذا االشتراط.

أما اشتراط منفعة في القرض، فإذا كانت زائدة متمحض��ة للمق��رض على المق��ترض، فهي من الرب��ا الممن��وع، لكن إذا كانت هذه المنفعة من غير المقترض، فثم خالف بين الفقهاء، والقول بجوازها قول قوي، وهكذا إذا كانت المنفع��ة متبادل��ة،لن��ا على ه��ذا بمث��ال جمعي��ة الم��وظفين، فهي كما ذكرن��ا، ومث يصدق عليها أن االشتراط للمنفعة من غير المقترض، ألنه م��ا هو سيكون اآلن أمامك ناس لن يتحقق في��ه أن الق��رض وق��ع منك عليهم، ول��ذلك يق��ال إن المنفع��ة هن��ا متبادل��ة، وهي في ال��وقت نفس��ه ق��د وقعت من غ��ير المق��ترض في مث��ل ه��ذه

الصورة من بعض هؤالء. وبالتالي هذه الصورة التي لم تكن فيها المنفع��ة متمحض��ة زائ��دة للمق��رض على المق��ترض، ق��ال جم��ع من أه��ل العلم

بجوازها. أيضا هذه أمثلة للزيادة المحرمة للق��رض، أش��رنا له��ا عن��د الكالم عن الربا، وهن��ا تج��دون في ه��ذه الش��ريحة جمع��ا له��ا،

ومن أظهر صورها:

2

Page 3: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

ما يك��ون من الفوائ��د ال��تي تعطيه��ا البن��وك للعمالء ال��ذين يفتحون الحسابات الجارية، وق��د تق��دم ل��و ت��ذكرون في الرب��ا حيث قلنا: إن الحسابات الجارية عبارة عن قروض، فأخذ هذه الفوائد عندئذ يكون من الزيادة المحرمة التي توق��ع الش��خص

في الربا الممنوع شرعا. اآلن نواصل ما كنا بدأناه في ال��درس الماض��ي في أحك��ام الدين، ولعلك تب��دأ من أول الب��اب ي��ا ش��يخ س��عد، ح��تى ن��أتي

على المسائل إن شاء الله تباعا. } الحمد لله، وصلى الل��ه وس��لم على رس��ول الل��ه، وعلى

آله وصحبه ومن وااله، أما بعد.. فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمش��اهدين وجمي��ع

المسلمين.قال ابن قدامة رحمه الله:

)باب أحكام الدين��ل أجل��ه، ولم يحج��ر من لزمه دين مؤجل، لم يطالب به قب��ة ق��ه الورث ��ه، إذا وث ه، وال بموت عليه من أجله، ولم يحل بفلس��

{برهن، أو كفيل( إذن من لزمه دين مؤجل لم يطالب به قبل األجل المتف��ق

وق��د اش��ترط»المس��لمون على ش��روطهم«علي��ه للح��ديث: األجل، وهذا كما ذكرنا ثابتعندئذ بالنسبة لهذا العقد؛ ألن��ه عق��د بي��ع أج��ل وه��و ش��رط مواف��ق لمقتض��ى العق��د، يل��زم عندئ��ذ الطرفان االلتزام به ال سيما فيما يتعلق في ح��ق ال��دائن، وإال فإن المدين لو عجل هذا الثمن أو المبلغ ك��ان مس��قطا لحق��ه

في األجل عندئذ. ومن أوجه ل��زوم ه��ذا األج��ل على ال��دائن وع��دم مطالبت��ه الم��دين بال��دين أن ه��ذا األج��ل ل��ه وق��ع في الثمن، فعندئ��ذ ال يجوز إسقاط هذا األجل، أي هو لما باعك سيارةمثال بخمسين ألفا على مدى سنتين، والحقيقة أن ه��ذه الس��يارة ل��و باع��ك إياها نقدا ربما كانت أقل من ذلك، فهو قد أخذ عليك في ك��ل سنة ما ال يقل عن خمسةمثال بالمائة أو عشرة بالمائة أرباحا، لكن لو أن��ك اش��تريت ه��ذه الس��يارة نق��دا ح��اال� ألخ��ذت ربم��ا بأربعين ألفا، فكيف تطالبني بسداد الخمسين ألفا كامل��ة اآلن

3

Page 4: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

وأنا متفق معك أن تكون بعد مدة من الزمن، وهذا الزمن ل��ه وقع في الثمن، وهذا األصل فيه، وه��ذا من المع��اني ال��تي لم يج��وز الفقه��اء ال��ذين منع��وا، لم يج��وزوا اش��تراط الحل��ول أو

التعجيل لما كان مؤجال. قال: ولم يحجر عليه قبل أجله، يع��ني م��ا يحكم بكون��ه ق��د أفلس، فيحجر عليه عندئذ لحظ الغرماء ال��ذين يطالبون��ه بن��اء على أنه والله عليه دين، مليون ري��ال، نق��ول: نعم ه��و اآلن ال يملك لها وفاء، لكن متى يجب عليه أص��ال أن يس�ددها، ق��الوا:ا في ه��ذه الحال��ة، أو غ��ير بعد سنة، نقول: إذن ال يع��د مفلس�� قادر أدائها، ألنه لم يأت وقت المطالب��ة به��ا، يمكن بع��د س��نة يأتيه رزق فيستطيع عندئذ الوفاء، فكيف تحجرون عليه، دعوه

يترزق، دعوه يبيع ويشتري، دعوه يعمل ويتصرف في ماله. قالوا: ال، نحن نخشى أنه بعد سنة ما يكون عنده مال أبدا، اآلن عنده خمسمائة ألف فقط، س��نحجر علي��ه ونقتس��م ه��ذه الخمسمائة ألف، يأخذ كل واحد من��ا نص��ف حق��ه، أحس��ن من

أن يذهب عليه كل المال. نق��ول ليس ه��ذا من حقكم، بع��د س��نة ربم��ا يك��ون عن��ده الملي��ون ك�امال، وربم�ا ال يك�ون عن��ده ش�يء، لكن ألن ال�دين مؤج��ل فال تملك��ون المطالب��ة ب��ه قب��ل أجل��ه إذ ه��و وقت

استحقاقه.ه(قال: ه، وم��ا ي��ترتب)ولم يح��ل بفلس�� ، أي: الحكم بفلس��

على الفلس أو اإلفالس عندئذ من األحكام، منها الحجر عليه.��ه(ق��ال: ، أي: إن ال��دين ال يح��ل بموت��ه إذا م��ات)وال بموت

المدين بدين مؤجل. : رجل عليه مائة ألف بعد سنة، م��ات اآلن، ه��ل يح��قمثال

للدائن أن يطالب الورثة؟؟لماذا قلنا الورثة

ألن الحقوق انتقلت للورثة. هل يحق أن يطالبهم بسداد الدين ك��امال اآلن؟يق��ول: مائ��ة

ألف ريال أريدها اآلن.��ل( ق��ال: ��رهن، أو كفي ��ة ب ق��ه الورث فإن��ه يبقى على)إذا وث

أجله، فإن تع��ذر علي��ه ذل��ك، أي أن الورث��ة م��ا اس��تطاعوا أن4

Page 5: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

يأتوا رهنا وال من يكفل سداد هذا ال��دين، فإن��ه على الم��ذهب عندنا يكون الدين حاال� بالوفاة، فيلزم عندئذ الورثة إخراج هذا الدين؛ ألجل أال يتضرر الدائن المستحق من ذلك فيذهب عليه دينه، وهذا القول الذي ذك��ره المؤل��ف ه��و م��ا ق��رره ص��احب

الكتاب هنا.��ه، أو الغ��زو}ق��ال: ��ل مدت فرا يح��ل ال��دين قب )إن أراد س��

�قه بذلك( أن يوث {تطوعا، فلغريمه منعه، إال نعم ألنه يلحق��ه ب��ذلك ض��رر، ه��ذا الس��فر طوي��ل، وال��دين سيحل قبل أن يعود فيترتب عليه تأخير حق��ه، والمط��ال في��ه،��ا، فيتمكن ق، أي ما لم يضع رهن فله عندئذ أن يمنعه ما لم يوث عندئ��ذ ال��دائن من االس��تيفاء به��ذا ال��رهن، أو عن��ده كفي��ل،

فيطالب هذا الكفيل باألداء إذا حل األجل.وهذا ظاهر.

� على معسر، وجب إنظاره(}قال: {)وإن كان حاال إن كان الدين حاال� قد جاء أجله، لكنه معس��ر م��ا يس��تطيع، المعسر هو ال��ذي ال يج��د وف��اء، حقيق��ة أو حكم��ا، فه��ذا يجب

��ان ذو﴿إنظاره، أي الص��بر علي��ه، وذل��ك لقول��ه تع��الى: وإن كرة رة فنظ��رة إلى ميس�� [، وق��د ج��اء في280البق��رة: ]﴾عس��

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عن��ه أن رجال أص��يب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دين��ه،

،»تص��دقوا علي��ه«فقال رسول الله صلى الل��ه علي��ه وس��لم: فتصدق الناس عليه، فلم يبل�غ ذل�ك وف�اء دين�ه فق�ال رس�ول

»خذوا م��ا وج��دتم، وليسالله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: .لكم إال ذلك«

؟وهل يحبس المعسر في هذه الحالة أم ال األصل أال يحبس كما قال ابن هبيرة ليس ل��ذلك أص��ل في الشريعة، وجمهور أهل العلم علي��ه، إال أن بعض الفقه��اء ق��رر

الحبس في هذه الحالة استظهارا، كيف استظهارا؟ ح��تى يثبت فعال إعس��اره؛ ألن الن��اس اآلن ك��ثر إدع��اؤهم باإلعسار وأنهم ال يجدون، ولربما كانوا قادرين، فيستظهر هذا ويتأكد منه بحبسه، فيحبس مدة من الزمان يق��رره القاض��ي، ثم بع��دها ي��أتي بثالث��ة من ذوي الحجى، ممن يش��هد لهم من

5

Page 6: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

أصحاب العقل والديانة أن فالنا أصابته فاق��ة، وليس لدي��ه م��ا يؤدي دينه، أو يوفي ويسدد ما عليه، وعندئذ يخرج من سجنه،

أو حبسه. أنه للماطل، لقوله صلى الله عليهواألصل في الحبس

، والحبس»مطل الغني ظلم، يحل عرض��ه وعقوبت��ه«وسلم: نوع من العقوبة، فيعد الن��اس الممتنع��ون من األداء أو الوف��اء في حكم المماطل ح��تى يثبت العكس، لفس��اد ذمم كث��ير من الناس في هذا الزمان، ولحفظ الحقوق، فإن قض��ى القاض��ي

بذلك فله وجه وعليه العمل عندنا في هذه البالد. أن}ق��ال: بيله، إال ي س�� ف، وخل ار، حل )وإن ادعى اإلعس��

�ان ��ة، وإن ك ن ببي ��ه، إال �ل قول �ك، فال يقب ��ل ذل يعرف له مال قب{موسرا به، لزمه وفاؤه(

وه��ذا ظ��اهر في أن من ادعى أن��ه معس��ر، فق��ال: يحل��ف ويخلى سبيله، وذلك تصديقا له، واألصل في المعس��ر أال يثبت كالمه، حتى يقول ثالثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت

فالنا فاقة، وهذا الذي عليه العمل القضائي عندنا. قال ف��إن ك��ان موس��را لزم��ه الوف��اء، إن ك��ان ق��ادرا على الوفاء فيلزمه عندئ��ذ أن ي��وفي ه��ذا ال��دين، لألدل��ة المت��واترةا مم�ا يخص االس��تدالل ق�ول على وجوب أداء الحق�وق، وأيض��

، والمط��ال»مطل الغ��ني ظلم«النبي صلى الله عليه وسلم: هو التأخير وعدم الوفاء عند حلول الدين، هذا مطال.

والمط��ال يقابل��ه المالءة، والمالءة تك��ون ب��القول، وتك��ون البدن، وتك��ون بالم��ال، تك��ون ب��القول ب��أن ال يماط��ل بقول��ه، فيوافق على سداد دينه، وتكون بالمال بأن يؤدي ه��ذا ال��دين، وتكون بالفعل بأن يحضر إذا استدعي من الحاكم أو القاض��ي ألجل هذا الدين، ولذلك كان الغ��ني المماط��ل مس��تحق�ا له��ذه العقوبة، وللكالم فيه بسبب مطاله كما قال النبي ص��لى الل��ه عليه وسلم في هذا الحديث وه��و أص��ل في ه��ذا الب��اب، وق��د

.»مطل الغني ظلم«رواه الشيخان: قال: فإن أبى حبس ح��تى يوفي��ه، أي إن أبى من الوف��اء ال إلعساره، وإنما لمطاله، يحبس حتى يوفيه للحديث المتق��دم، وفي لف��ظ لي الواج��د، أي الق��ادر على األداء، يح��ل عقوبت��ه،

والحبس نوع من أنواع العقوبة.6

Page 7: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

��ان مال��ه ال يفي}قال: ى يوفيه، ف��إن ك )فإن أبى، حبس حته، فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه،لزمه إجابتهم( {بدينه كل

وذلك حماية لحقوقهم، ألن الدين هنا ال يفي بالم��ال ك��امال، مثال المال مليون، والدين خمسمائة ألف، فعندئ��ذ الغرم��اء إذا س��ألوا الح��اكم أن يحج��ر علي��ه ب��أن يمنع��ه من التص��رف في المال حتى ال يذهب عليهم أكثر من ذلك، فليزم عندئذ الحاكم أن يجيبهم إلى س��ؤالهم، ه��ذا بش��رط م��اذا؟ أن يك��ون ال��دين، أم��ا إذا ك��ان ال��دين م��ؤجال فال يلزم��ه ب��ل ال يش��رع ل��ه ح��اال�

إجابتهم في مثل هذه الحالة.فه في ماله(}قال: {)فإذا حجر عليه، لم يجز تصر

نعم، ألن األموال اآلن أص��بحت مش��غولة بحق��وق الغرم��اء، فالغرماء تعلقت حقوقهم اآلن بهذا المال المحجور عليه دفع��ا للضرر عنهم، فإذا تصرف فقد ألحق بهم الضرر فيما ال يمل��ك فيه كما ذكرن��ا تص��رفا، ألن ه��ذا ق��د تعلقت ب��ه تل��ك الحق��وق

والمطالبات من هؤالء الدائنين.{، ما معنى هذا الكالم؟)ولم يقبل إقراره عليه(قال: }

معناها كما أنه يمنع من التصرف في هذا المال لتعلق ح��ق الغرماء به، فكذلك ال يقبل أن يقر بشيء عليه في هذا المال، بأن ي��أتيني الش��يخ س��عد مثال ويق��ول ه��ذه الس��يارة لي، وق��د حجر عليه بعد ذلك، فلو قلت أنا نعم، أق��ر به��ذا، وليس عن��ده بينة إال إقراري، قالوا: ال يقبل عندئذ بعد الحج��ر، لم��اذا؟ ألن��ه قد يتواطأ معه على ذلك، في��ترتب علي��ه إلح��اق الض��رر ببقي��ة الغرماء، فأقفل الباب عندئذ، بخالف ما ل��و أتى الش��يخ ببين��ة، شهادة أو شيء يثبت أن هذا المال فعال له، فمن وج��د متاع��ه عند رج��ل ق��د أفلس فه��و أح��ق ب��ه من غ��يره، وتل��ك مس��ألة

أخرى.ى الحاكم قضاء دينه(}قال: {)ويتول

نعم الحاكم يتولى قضاء ال��دين ب��أن يحج��ر علي��ه ثم ي��وفي الغرماء بحصصهم في هذا المال، ومما يدل على هذا م��ا ج��اء في قصة عمر بن الخط��اب لم��ا خطب وق��ال: "أم��ا بع��د أيه��ا الناس، ف��إن أس��يفع جهين��ة رض��ي من دين��ه وأمانت��ه أن يق��ال سبق الحاج"، كان يش��تري اإلب��ل يس��ابق به��ا الن��اس فيس��بق الحجيج بتلك اإلب��ل، فوق��ع في ال��دين، وك��ثر غرم��اؤه، ول��ذلك

7

Page 8: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

قال: فالدائن معرض، وقد أرينا به، أحاطه عندئذ الدين، فقال عمر: "فمن كان له علي��ه دين فليأتن��ا بالغ��داة" فنقس��م مال��ه بين غرمائه"، فكان الحاكم عندئذ وعليه العمل هو الذي يؤدي عنه ألنه قد رفعت يده، وكفت عن أن يتصرف في هذا المال، وسند هذا الحديث محتمل التحسين وإن ك��ان في��ه ض��عف، إال

أن العمل على ذلك. )ويبدأ بمن له أرش جناية من رقيقه فيدفع إلى}قال:

{المجني عليه أقل األمرين من أرشها أو قيمة الجاني( إذا كان للمفلس رقيق، قد جنى جناي��ة على رقي��ق أو عب��د آخر، فإذا قدرت قيمة هذه الجناية بعشرة آالف، وقيمة العب��د الجاني مثال بخمسة عشرة ألف��ا، ي��دفع ل�ه كم؟ عش��رة آالف، األرش، بخالف ما لو كان العكس، لو كان جنى وك��انت قيمت��ه عشرة آالف، والجناية قيمتها خمسة عشرة ألفا، فيدفع العب��د

عندئذ، أقل القيمتين. ثم بمن له رهن، فيدفع إليه أقل األمرين من دينهأو ثمن)}

ة دينه( {.رهنه، وله أسوة الغرماء في بقي نعم، فلو كان ال��رهن مثال مائ��ة أل��ف، وال��دين قيمت��ه مائت��ا ألف، فيدفع قيمة الرهن، مائة ألف، ويبقى للدائن عندئذ منه��ا مائة ألف، هذه المائ��ة الثاني��ة تك��ون بين الغرم��اء، وه��ذا كم��ا ذكرنا فيما تقدم؛ ألن حقه أولى عندئذ من غيره، فه��و متعل��ق بهذا الرهن، وبذمة المفلس معا، أما الديون الباقية، فمتعلق��ة بذمة المفلس فقط، يعني حق هذا ال�راهن تعل��ق به�ذا ال��دين

الموجود عندك، فهو ما يدخل معه باقي المدينين فيه. فلذلك هذا الحق الذي تعلق به ذمة ال��راهن وه��و ال��دائن، فإنه عندئذ الرهن عفوا يطلق على المدين، لكن ال��دائن حق��ه تعل��ق بذم��ة ه��ذا ال��رهن، فعندئ��ذ أو تعل��ق ب��الرهن، وبذم��ة المفلس، فعندئذ يستحق هذا الرهن دون بقية الغرم��اء، بينم��ا بقي���ة الغرم���اء ي���دخلون مع���ه في ذم���ة المفلس من حيث االس��تحقاق، فه��و يأخ��ذ حق��ه من ال��رهن ه��ذا، وهم يأخ��ذون حقهم من ذمة المفلس عندئذ، وهذا ظاهر، وقد بينه المؤل��ف

في الصورة التي بعدها. )ثم من وجد متاعه الذي باعه بعينه لم يتلف بعضه،}قال:

صلة( {.ولم يزد زيادة مت8

Page 9: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

وجد متاعه الذي باعه، يعني معاوضة، بعينه م��ا تغ��ير، كم��ا هو لم يتلف بعضه، لم ينقص، ولم يزد زي��ادة متص��لة، لم مثال

يكبر، أو يتغير عما كان عليه.ول} يئافله أخ���ذه؛ لق���ول رس��� ���ه ش��� )ولم يأخ���ذ من ثمن »من أدرك متاعه بعينه عند إنسان ق��د أفلس، فه��و أح��قالله:

{.(به من غيره« ما دفع له المدين شيئا من الثمن، أخ��ذ من��ه ه�ذه الس�يارة كم��ا هي، ولم ي��دفع ش��يئا منه��ا، ولم تتل��ف، ولم تتغ��ير، فل��ه

»من أدركأخذه، لماذا؟ لقول النبي -صلى الله علي��ه وس��لم: ��ره« ��ه من غي ،متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس، فه��و أح��ق ب

وهذا كما ذكرنا قبل قلي��ل في ش��أن ال�راهن، أن�ه تعل�ق حق�ه بالرهن؛ ألن هذا الرهن توثق��ة لدين��ه، فهك��ذا ه��ذا تعل��ق حق��ه

بعين ماله، ونفسه متشوفة إليه. هذا الحديث على ظاهره، ولذلك أخذ الفقهاء الحنابلة به��ذا

ا رواي��ة: »ولم يكن قبض من ثمنه��االظاهر، وانض��م إلي��ه أيض�� ، يعني من ثمن هذا المتاع أو الس��لعة، ف��إن ك��ان قبضشيئا«

من ثمنها شيئا، فهو أس��وة الغرم��اء، ل��و ك��ان دف��ع ل��ه نص��ف القيمة، وبقي نصف القيمة، خالص ما ل��ه فيه��ا ح��ق، ألن��ه في الحقيقة لم يجد متاعه بعينه، في هذه الحالة، وإنما قد دفع له

شيء من هذه القيمة، وعندئذ يدخل مع بقية الغرماء.م الباقي بين الغرماء على قدر ديونهم(}قال: {.)ويقس

نعم، لما تقدم قبل قلي��ل من ح��ديث أبي س��عيد الخ��دري - رضي الله تعالى عنه- من فعل النبي -صلى الله عليه وس��لم- في الرجل الذي ك��ثر دين��ه من ثم��ار ابتاعه��ا، فتص��دق الن��اس عليه، ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فعندئذ قال الن��بي -ص��لى الل��ه

،»خذوا ما وجدتم، وليس لكم إال ذل��ك«عليه وسلم- للغرماء: ويكون هذا على وفق العدل بالمحاصة بينهم جميعا.

)وينفق على المفلس وعلى من تلزمه مؤنته من}قال:{.ماله إلى أن يقسم(

نعم، ينف��ق علي��ه وعلى أوالده وزوجت��ه وبيت��ه، وحاجات��ه األصلية واألساسية، إلى أن يقسم المال، ول��و ط��الت الم��دة، لو تأخرت الم��دة، وق��ل الم��ال، الم��ال ك��ان خمس��مائة أل��ف، وال��ديون ملي��ون، وجلس�وا س��نة ينفق��ون، وذهب عندئ��ذ مائ��ة

9

Page 10: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

ألف، يقتسمون األربعمائة؛ ألن هذا حق له في ماله، من غ��ير تعد وال تفريط، وإنما الممن��وع من��ه أن يتص��رف في��ه في غ��ير

»اب��دأحاجته األصلية، والنبي -صلى الله علي��ه وس��لم- يق��ول: بنفسك، فتصدق عليها، فإن فضل شيء، فألهلك، ف��إن فض��ل

، ومن النفقة كسوته، وكسوةعن أهلك شيء، فلذي قرابتك«عياله على الصحيح، وهذا هو المذهب عند الحنابلة.

)وإن وجب له حق بشاهد ف��أبى أن يحل��ف، لم يكن}قال: {.لغرمائه أن يحلفوا(

يعني: إن وجب للمفلس حق على أحد، بشاهد واحد عدل، ولم يكن ثم ش���اهدان، وأبى المفلس أن يحل���ف م���ع ه���ذا��ا الشاهد، الشاهد هنا يك��ون مع��ه اليمين، تأكي��دا عندئ��ذ وإثبات للحق، ال يجبر عندئ��ذ على ذل��ك، ألنن��ا ال نعلم ص��دق الش�اهد، فإن قال الغرماء: نحن نحلف م��ع الش��اهد، على أن ه��ذا ح��ق

له، أي لهذا المفلس، هل لهم ذلك؟ ��ا األق��رب: أن��ه ليس لهم ذل��ك؛ ألنهم عندئ��ذ يثبت��ون ملك لغريمهم، تتعل��ق ب��ه حق��وقهم، فلم يج��ز ذل��ك منهم، فهم في حال تهمة، ولهم في ذلك مصلحة؛ ألنهم لما يحلفون م��ع ه��ذا الش��اهد، فهم في الحقيق��ة يري��دون أن يثبت��وا ل��ه م��اال زائ��دا ليس��توفوا دينهم من��ه، ه��ذا غ��ير ث��ابت، ألج��ل تل��ك التهم��ة أو

المصلحة. يمكن أن نشير إلى أب��رز المس�ائل ع��بر ه�ذا التقس��يم من

الشرائح، كالتالي: : وهو ل��زوم ح��ق في الذم��ة، واألدقأوالB تعريف الدين

هن��ا أن نض��يف كم��ا نص الفقه��اء: ح��ق م��الي؛ ح��تى تخ��رج�ا، الحق��وق غ��ير المالي��ة؛ ألن الحق��وق منه��ا م��ا يك��ون مالي كالقرض والسلم، ومنها ما يكون غير م��الي، كح��ق ال��بر مثال، وكحق العباد بعضهم على بعض، وكحق الل��ه -ج��ل وعال- على

عباده. ه��و به��ذا النح��و، باألعي��ان المثلي��ة،ما يصح فيه الدين

مث���ل المكيالت والموزون���ات، األم���وال القيمي���ة المنض���بطة بوصل، مثل السيارات، ممكن تقرض شخصا سيارة، ويرد لك سيارة، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- استس��لف بك��را، ورد رباعيا، وهي كلها من الحيوانات، لكن الشرط أن تنض��بط

10

Page 11: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

ه��ذه بالوص��ف، وك��ذلك المن��افع، ق��د تك��ون من ه��ذا القبي��ل، فيصح فيها الدين، كيف يصح فيها الدين؟ يعني ممكن ش��خص يكون الدين الواجب في ذمته عمال أو منفع��ة بم��ا أن المن��افع عبارة عن أموال فلها قيم��ة يص��ح بيعه��ا، فيص��ح عندئ��ذ إيق��اع

الدين عليها. ، فق��د تكلمن��ا عن��ه في تل��ك الص��ور،أما الدين المؤجل

المطالب��ة ب��ه قب��ل األج��ل، وقلن��ا: ال يل��زم أداؤه قب��ل أجل��ه، المطالب��ة ب��ه عن��د اإلفالس، ال يح��ل ال��دين ب��الفلس، ل��و أن الش��خص أفلس اآلن وال��دين لم يح��ل بع��د، ال يج��وز عندئ��ذ المطالب��ة، ب��ل يجب تأجي��ل ه��ذا إلى حين حل��ول ال��دين، أم��ا المطالبة في ح��ال الم��وت، فثم خالف الحقيق��ة على ق��ولين، فمن الفقه��اء من يق��ول: يح��ل ب��الموت مطلق��ا، ومنهم وهمق بكفي��ل أو رهن، فال يح��ل، الجمهور، ومنهم من يقول: إذا وث

وهو المذهب عندنا. إم��ا أن يك��ون معس��را، فنظ��رة إلىأح''وال الم''دين

ميسرة، أو يكون غير معسر، فيلزمه الوفاء، فإن ك��ان الم��ال الذي لديه ال يكفي لوفاء دينه، فإنه يكون عندئ��ذ يش��رع حج��ر

الحاكم عليه، ويكون المال بين الغرماء. بهذه الصور ال��تي أش��رناتقسيم مال المحجور عليه

إليها قبل قليل، وهذا التقسيم، أو التش��كيل، يس��هل تص��ورها،ا أن من وجد متاعه عند رجل بعينه، لم يؤد شيئا من��ه ل��ه، وبين فهو أحق به من الغرماء، وهكذا من ك��ان ل��ه رهن، فل��ه أق��ل األمرين، قيمة الدين، أو قيم��ة ال��رهن، وك��ذلك م��ا يك��ون من

المتبقي، فيقسم على الغرماء، بقدر ديونهم. ننتقل بعد ذلك إلى باب الحوالة، والحوالة لها صلة بال��دين،

كما سيأتي -إن شاء الله تعالى.��ل}ق��ال -رحم��ه الل��ه: مان، ومن أحي ��اب الحوال��ة والض�� )ب

��ل، ��رئ المحي ي، فق��د ب ��ه، فرض�� ومنبدينه على من عليه مثلول الل��ه ص��لى ��ال؛ لق��ول رس�� أحيل على مليء، لزم��ه أن يحت

{(«إذا أتبع أحدكم على مليء، فليتبع»الله عليه وسلم: انتهى المؤلف من الحوالة في ه��ذا الس��طر أو الس��طرين، وه��و اختص��ار كب��ير، وفيه��ا مس��ائل كث��يرة، وهن��اك ش��روط للحوالة، ولعل المؤلف ترك ذلك اختصارا،بل ودمج معها ب��اب

11

Page 12: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

الضمان، لصلة كل منهما بال��دين، كم��ا س��يأتي اإلش��ارة إلي��ه، وأك��ثر الفقه��اء في الحقيق��ة على الفص��ل بين ه��ذين الب��ابين،

الحوالة والضمان، بينما المؤلف قد جمعها. : نق��لوالحوالة في المقص''ود الفقهي ي''راد بها

الح��ق من ذم��ة إلى ذم��ة أخ��رى، وص��ورتها: ل��و جئت للش��يخ س��مير، وحس��ين، الش��يخ س��مير يط��البني ب��ألف ري��ال، فلم��ا جاءني وقال: قد حل األج�ل، أعط��ني األل�ف، أن�ا أط��الب األخ حسين ب��ألف ري��ال، ف��أقول ل�ه: اذهب إلى حس�ين وخ��ذ من��ه األلف التي أطالبه بها، ف��إذا ك��ان األخ حس��ين مليئا أي: ق��ادرا على الوفاء، وغير مماطل، وهو ك��ذلك -إن ش��اء الل��ه تع��الى؛

إذا أتبع أحدكم على مليء،»فيلزم األخ سمير أن يتحول عليه ، يلزمه ذلك.«فليتبع

وه��ذه الحوال��ة فيه��ا الحقيق��ة تحقي��ق لمص��لحة األط��راف كلها، مصلحة األخ سمير في أن يستوفي دين��ه، ومص��لحة األخ حسين في أن يوفي ما عليه، ومصلحتي أنا أيضا في التوفي��ة، وقضاء الحق الذي علي، ولذلك يق��ال ب��أن الحوال��ة مش��روعةا باإلجم��اع، بالسنة كما في هذا الح��ديث المتف��ق علي��ه، وأيض�� فقد نقل ابن قدامة في المغني، وغ��يره من الفقه��اء اإلجم��اع على مشروعيتها، وهي استيفاء أقرب من أن تكون بيع��ا، وإن كان الجمهور، ي��رون أن الحوال��ة بي��ع، ويقول��ون: هي من بي��ع الدين بالدين، وهذه الصورة التي للتو أخذناها؛ ألنه عن��دي في الحقيق��ة دين على األخ حس��ين، وبعت��ه على األخ س��مير، فه��و قال: بيع دين ب��دين، لكن ذهب بعض الفقه��اء كالحنابل��ة، وه��و اختيار ش��يخ اإلس��الم ابن تيمي��ة إلى أنه��ا ن��وع من االس��تيفاء، قال: ألن المرء يستوفي مال��ه بنفس��ه، أن��ا ل��و ذهبت إلى األخ حسين، وقلت له: أعطني المال ال��ذي لي عن��دك، ه��ل يك��ون هذا من قبيل البيع؟ هذا اس��تيفاء؛ ألن��ه دين، فهك��ذا يس��توفي المرء دينه عن طريق وكيل له، أو عن طريق غ��يره ممن في الحقيقة يقبض هذا ال��دين، في��وفي عندئ��ذ الح��ق ال��ذي علي��ه، وذلك ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في معرض الوفاء،

�ع أح�دكم على»، ثم ق�ال: »مط�ل الغ�ني ظلم«فقال: إذا أتب.«مليء، فليتبع

12

Page 13: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

وهذه الحوالة لها أطراف، الطرف األول: المحيل، من ه��و المحيل في صورة هذا الدين الذي بيني وبين حسين وسمير؟

من المحيل؟ }أنا{.

أحسنت، ومن المحال؟ }سمير{.

أحسنت، والمحال عليه؟}حسين{.

والمحال به؟ هو الدين، فإذن المحيل هو في الحقيقة الم�دين، والمح�ال ه��و ال��دائن، والمح��ال علي��ه ه��و الم��دين الث��اني، ه��و الم��دين للمدين، وهذا يتبين منه عندك أركان الحوال��ة، وه��ذه األرك��ان يضاف إليها ركن الصيغة، وهي اإلحالة، وما يتصل بالدين، وهو المحل، فإن شئت أن تقول: المحال به، وهو الدين الذي على المحي��ل للمح��ال، أو المح��ال في��ه داخ��ل ه��ذا كل��ه في مح��ل��ل الحوال��ة، وه��و ال��ذي يس��توفى من المح��ال علي��ه، من قب

المحال، وذلك لصالح تبرئة المحيل، وأداء الحق عنه. هل يعتبر رضا هؤالء الثالثة؟ المحي��ل، والمح��ال، والمح��ال

عليه، أم ال؟ الحقيقة أن في المسألة تفصيال، أما المحيل فيعت��بر رض��اه بكل حال، وهو المدين األول في هذه الصورة، البد من رض��اه بهذه الحوالة، إذ الح�ق علي�ه، وه�و ال�ذي يق�رر إحال�ة ال�دائن على غيره من عدمه، حتى ال يلحقه عندئ��ذ ض��رر، فق��د يح��ال على ما ال يري��د أن يح��ال علي��ه، أن��ا ل��و دريت أن��ه ي��روح لألخ حس��ين م��ا قبلت، قلت أن��ا أوفي��ه، فيق��ع عندئ��ذ ح��رج بين األط��راف، ول�ذلك الب��د من رض��ا المحي��ل مطلق��ا بك��ل ح��ال،

سواء كان المحال عليه مليئا أو لم يكن.ا، م��ا يعت��بر أما المحال عليه فال يعتبر رضاه بكل ح��ال أيض�� رضاه، سواء ك��ان مليئا أو لم يكن، مم��اطال أو لم يكن، وذل��ك ألن الحديث لم يشترط رضاه، وإنما نق��ع في المح��ال، نحت��اج أقصد إلى التفصيل، فاألخ اآلن الدائن لي، الذي س��أحيله على المدين اآلخر بالنسبة لي، يستوفي حقه منه، هل يشترط وهو

13

Page 14: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

في الصورة هذه األخ سمير، هل يشترط رضاه أم ال؟ نق��ول: إن كانت اإلحالة على مليء، إن كان حس��ين مليئا فيل��زم األخ سمير رضي أو لم يرض بأن يتحول إلى هذا المدين يس��توفي

»إذاحقه منه، فيبرئني عندئذ ويبرئه، والحديث يدل على هذا، ، فال»فليتب��ع« فهذا الش��رط موج��ودأحيل أحدكم على مليء«يحق له عندئذ أن يمتنع.

ومتى أحيل م��ا يرج��ع م��رة أخ�رى إلى الم��دين، ب��ل يك�ون عندئذ الحق ق��د نق��ل من ذمت��ه إلى ذم��ة من ك��ان م��دينا لي، وهو األخ حسين في هذه الص��ورة، ويثبت عن��ده، يص��طلح ه��و وإياه على ذلك، فلو أنه مثال لم يطالبه، وقد أحلت��ه، ثم أفلس بعد ذلك، ما يحق له الرجوع علي، خالص، يطالب هذا، ويكون أسوة الغرم��اء، ف��إن وج��د ش��يئا أخ��ذه معهم، وإال ذهب علي��ه دين��ه، وه��ذا مع��نى الحوال��ة، ول��ذلك الحوال��ة عق��د الزم م��تى وقعت بشرطها، فك��انت الحوال��ة عن��د ثبوته��ا على مليء كم��ا

جاء في النص. ويش��ترط للحوال��ة ش��روط، ه��ذه الحقيق��ة المؤل��ف ربم��ا اختصرها لضيق المكان دونها، أقصد هذا الباب الذي ذكر فيها

أحكام الضمان. يش��ترط اتف��اق ال��دين في الجنس، فل��و ك��ان ذهب، يك��ون عندئذ الدين المحال فيه، يع��ني: ال��ذي ه��و في الحقيق��ة على�ا الم�دين اآلخ�ر، في ص�ورتنا األخ حس�ين، الب�د أن يك�ون ذهب بذهب، األخ سمير يطالبني مثال بمائة كيلو ذهبا، فما أحيله أن��ا بمائة كيلو تمرا، أطالب فيها المحال علي��ه ال، الب��د من اتف��اق الدينين؛ ألنه إذا ما اتفق الدينان في هذه الحالة، حصل عندئذ خروج العقد من كونه عقد إرفاق إلى عقد معاوضة، والحوالةا ينتفي في��ه تحق��ق عقد إرفاق كما قرر أهل العلم، وهذا أيض��

المقصود من الوفاء الذي يتم به العدل واالستيفاء.ا الص��فة متفق��ة، يع��ني الثاني: الصفة، الب��د أن تك��ون أيض�� جيدا بجيد، رديئا برديء، فم��ا يحيل��ه مثال ببض��اعة، ول��و ك��انت كله��ا تم��ر، لكن تم��ر جي��د، وه��ذا تم��ر رديء، لتف��اوت عندئ��ذ الحق، وعدم تحقق االستيفاء، ولحوق الضرر بالمح��ال، وإنم��ارعت الحوال��ة لتحقي��ق الع��دل واإلرف��اق، فعندئ��ذ ص��ارت ش��

إشقاقا ال إرفاقا.

14

Page 15: benaa.   Web viewأرد لك ألف جنيه، وهذا عند الفقهاء مستقرٌ إلا إذا كانت العملة قد أصيبت بكسادٍ أفقدها أكثر

ا الشروط في الدين Bاتف��اق ال��دينين حل��والومن أيض : وأجال.

األخ سمير يوم ج��اءني يط��البني به��ذا المبل��غ، ك��ان المبل��غ، حولته أنا على األخ حسين، األخ حس��ين أن��ا أطالب��ه بع��د حاال� سنة، ليس اآلن، ففي حقيقة األمر هو لما تح��ول علي��ه، ق��ال: أنت لعبد الله عليك عش��رة آالف، وق��د أح��الني علي��ك به��ا، إذ أني أطلبه بعشرة آالف، قال األخ حسين: ال، توق��ف، فعال ه��و يط��البني بعش��رة، لكن بع��د س��نة، ليس اآلن، فهن��ا اختل��ف الدينان من حيث الحلول، وهذا يترتب عليه تأجيل، وربما أيضا تأخير، وربما تضييع حق المح�ال، وه�و من��وع ش��رعا؛ ألن في��ه إلحاق الضرر عندئذ به، وهو -إن شاء الله تع��الى- م��ا س��نبينه بعد أن ننتهي من هذا الباب، بقولنا: إن األصل في الحوالة أن تكون عقدا الزما، فمن أحيل على مليء لزمه أن يحتال، كم��ا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا، ولم يج��ز ل��ه الرج��وع لظ����اهر النص، وإن ك����ان الجمه����ور على أن األم����ر هن����ا لالستحباب، وأن المحال ال يلزم��ه قب��ول الحوال��ة، ول��و ك��انت على مليء، وهذا كما ذكرنا محل خالف بين الفقهاء، وإن كان ظاهر النص على ما ذكرنا، ونقف عن��ده؛ النته��اء ال��وقت دون

أن نتم هذا الباب بذكر أحكام الضمان. ولعلها -إن شاء الله تعالى- في الدرس القادم، مع مراجعة ما تقدم، وأخ�ذ م�ا ت�أخر، والل�ه أعلم، وص��لى الل�ه على نبين�ا

م.محمد، وآله وصحبه وسل

15