129
ﻣﻄﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺰﻗـﺎزﻳﻖ وﻣﻨﻴﺎ اﻟﻘﻤﺢ ﻟﻸﻗﺒﺎط اﻷرﺛﻮذﻛﺲ ﻛﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻌﺬراء وﻣﺎرﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺰﻗـﺎزﻳﻖ} ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎء ﺍﻟﺮﻭﺣﻰ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻰ8 { ﺑﻧﻌﻣﺔ ﷲ ﺍﻷﻧﺑﺎ ﻳﺎﻛﻭﺑﻭﺱ ﺃﺳﻘﻑ ﺍﻟﺯﻗﺎﺯﻳﻕ ﻭﻣﻧﻳﺎ ﺍﻟﻘﻣﺢ

ﺢ ﻤﻘﻟا ﺎﻴﻨﻣو ﻖﻳزﺎـﻗﺰﻟا ﺔﻴﻧاﺮﻄﻣ ﺲﻛذﻮﺛرﻷا … ta5ly.pdf · ﺓﺩﺩﺣﻣﻟﺍ ﺔﻳﻧﻣﺯﻟﺍ ﻪﺗﺎﻳﺣ ﺓﺭﺗﻓ

  • Upload
    others

  • View
    1

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

مطرانية الزقـازيق ومنيا القمح لألقباط األرثوذكس

كاتدرائية السيدة العذراء وماريوحنا بالزقـازيق

}8سلسلة البناء الروحى للفرد المسيحى {

بنعمة هللا

األنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح

مقـدمـة

الحياة الروحية التى يحياها االنسان فى فترة حياته الزمنية المحددة

نيا وفق وصايا له على األرض ، وهو يجاهد جهادا نسكيا قانو

االنجيل بروح اآلباء التى يستقيها من الكنيسة االرثوذكسية الغنية

بتعاليمها الرسولية وبأسرارها التى تمد كيان االنسان بحياة يتدفق

فيها فيض الحب اإللهى وعمل النعمة الذى له فعالية فى حياة االنسان

تى تبنى روحيا وجهاده ، واالستنارة الروحية بكلمة هللا والتعاليم ال

من خالل القراءات الكنسية ، التى رتبها اآلباء بارشاد الروح القدس

لتكون سراج يضئ الطريق لكل ابناءها الذين يسيرون على طريق

الملكوت ويسلكون الطريق الملوكى الذى يمهد لهم االنطالق ليحيوا

مع السمائيين .

ى األرض بروح يعيشون هنا فى شركة مقدسة بينهم كمجاهدين عل

اآلباء وبين السمائيين الذين سبقونا الى الفردوس .

هذه الشركة ممتدة ، تبدأ من هنا من خالل الحياة مع المسيح له

المجد الذى وحد السمائيين واألرضيين فى شخصه المبارك ، بالفداء

العجيب الذى قدمه على الصليب .

-7-

اآلب باالبن الوحيد والهبة المجانية المعطاة من ق◌◌◌◌بل

المخلص بقوة عمل الروح القدس ، وهى الحياة األبدية لكل الذين

" وهذه هى الحياة األبدية أن يؤمن باالبن الوحيد المخلص .

يعرفوك أنت اإلله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " [

] .3: 17يو

واطفه الحياة الروحية ليست حياة حسب هوى االنسان أو وفق ع

أو استحسانه ، أو كما يرى هو بال ضابط أو كيفما شاء أو متى شاء

. ولكنها مبنية على تدبير روحى متقن على أسس وقوانين رسمها لنا

اآلباء ووضعوا خطوطها العريضة . اآلباء الذين عاشوا حياة القداسة

الحقيقية . فتكون الحياة الروحية فى إتزان كامل بال تطرف أو

أو سلوك خاطئ أو مسار ال يتفق مع الوصية االنجيلية ، أو انحراف

بعيدا عن مشيئة الرب .

والحياة الروحية الحقيقية ، القوية والمتزنة ، هى حياة وفق

وصايا االنجيل ، حياة كنسية آبائية ، سرائرية ، تخضع لالرشاد

اآلبائى لكى تتجه اتجاها سمائيا لحساب مجد المسيح .

التدبير الروحى : معنى

. الروحية االنسان لحياته كيفية بناء هو األباء بلغة ، الروحى التدبير

، والمشورات والتوجيهات الخاصة التى وهذا يشمل نوع المبادئ

واالنسان الذى تدبيره الروحى يتبعها االنسان فى سلوكه الروحى ...

المعاكسة مهما هو الذى ينمو بال عائق حتى وفى الظروف ، متقن

كانت .. أما االنسان الذى يسير بدون تدبير ، فهو يتعوق كثيرا فى

الضيقات فيتوقف وربما يتخلف ... فى المسير عليه الطريق ويصعب

واالنسان فى حياته الروحية له تدبير خارجى وتدبير داخلى .

التدبير الخارجى :

بيته أو كانوا هو السلوك الظاهرى مع الناس سواء كانوا أهل

جماعة االخوة أو العالم الخارجى غير المؤمن بالمسيح .

التدبير الداخلى :

هو السلوك الخفى داخل القلب وفى المخدع ، ومن داخل المخدع

يكتشف االنسان ذاته إذ يشرق نور الرب فى أعماقه ليعرف تدبيره

ع حياته ومدى نموه أو تقصيره ، ليفيق ويعرف نفسه جيدا ويراج

وصلواته وتداريبه الروحيه . فاذا كانت هناك نقائص ، أو ضعفات

-8-

-9-

أو عثرات يقدم توبة صادقة ويعود الى حبه األول وحرارته الروحية

واشتعال قلبه وسهره وصلواته وتأمالته العميقة والتصاقه بالرب .

والتدبير الروحى عموما يعتمد على ثالثة أصول :

النعمة . الثانى : . االنجيل األول :

المرشد الروحى . الثالث :

فاالنجيل ، يقدم المبادئ الروحية كوصايا محددة للسلوك وأما

النعمة ، فهى تشجع على تنفيذ الوصية وتسهل لإلنسان تنفيذها وهنا

ال تأتى إال إذا بدأ الفرد المسيحى العمل من ناحيته أوال كعمل ايجابى

هر قيمة الحب الداخلى نحو الوصية ومدى تنفيذها واستعداد مسبق يظ

واالستمرارية فى التنفيذ . وأما المرشد ، فيقود االنسان فى الطريق

التى اختارها بتوجيه من هللا .

فاذا كانت هناك استجابة لهذه األصول سوف يكون التدبير

صحيحا ومتقنا .

الروحى تركوا لنا واآلباء القديسون الذين نجحوا فى تدبيرهم

ميراثا غنيا جدا فى التدبير الروحى ، سواء بنموذج سلوكهم

وتصرفاتهم إزاء كل الظروف والحوادث وهذه نسميها سير القديسين

-10-، أو بالمشورات والتوصيات والتحذيرات التى كتبوها بيدهم وهذه

اتهم نسميها كتابات اآلباء . لذلك فالمرشد المحب لحياة القديسين وكتاب

والتمسك بسيرتهم وتصرفاتهم يعتبر بمثابة الوصى الصالح الذى

أقامه هللا على المتتلمذين للحق لتوريثهم خبرات القديسين وثمار

جهادهم .

والتدبير الداخلى فى الحياة الروحية هو الذى يغذى التدبير

ير الخارجى ويتحكم فيه . فإذا كان التدبير الداخلى متقنا نشيطا كتدب

اآلباء صار التدبير الخارجى ناجحا مفيدا وبدون عثرة .

أما إذا كان التدبير الخارجى أى السلوك تجاه الناس معثرا وبدون

لياقة ، وموضع دينونة ونقد ، كان هذا برهانا على عدم اتقان التدبير

الداخلى وحاجته الشديدة الى المراجعة والضبط والتجديد ..

ر الداخلى مرتبط بالتدبير الخارجى ارتباطا شديدا يظل والتدبي

دائما يكشف ضعف وانحالل التدبير مدى الحياة ، فالتدبير الخارجى

الداخلى ويوجه النظر الى ما يجب تعديله فى طبائع الفرد المسيحى

وأخالقه بالصالة وتدبير المخدع .

ر الى انحراف فكل عثرة أو نقص يظهر فى السلوك مع الناس يشي

أصيل فى المبادئ الروحية . فاذا تجاهل االنسان عثراته معناه أنه

إذا -مهما كانت -يتجاهل نموه الروحى بأجمعه ألن العثرة الصغيرة -11-

تركها االنسان ولم يراجع نفسه ويتوب عنها ، ويصلح من حياته وفق

وصايا االنجيل ، سوف تصير عثرة أكبر وأخطر .

يل فى ذلك هو كشف وتسليط النور على كل عثرة أو وعمل االنج

نقيصة تبدو فى سلوك االنسان باستمرار ، وذلك عند قراءته اليومية

بضمير مستيقظ ونفس محبة لالصالح والنمو .

أما عمل النعمة فيكون بالتوبيخ واللوم واشعال الضمير بالندم عند

توبة . التى هى ، ثم الحث على طريقة مناسبة لل اكتشاف العثرة

العودة الى الطريق الروحى الكامل مرة آخرى . أما عمل المرشد

على أساس فهو تصحيح الوضع وتعديل الخطوات وتجديد التوبة ،

التراث األبوى وحسب الهام هللا بما يناسب كل نفس .

واالنسان مهما كانت درجته الروحية ال يمكن أن يعصم من

رة إذا كشفها االنسان وقدم عنها توبة وما العثرات ، ولكن كل عث

ما يليق من التوجيه يناسبها من الندم ثم تقبل من اآلب المرشد

الصالح أسبابها الداخلية ، فان العثرات ستؤول الى نمو وتقدم

وإتقان فى التدبير الداخلى والخارجى معا .

رين ، أما الذى يستحى من عثراته أو يهملها أو يرجعها إلى اآلخ

فعتيد أن يشتكى من توقف نموه الروحى ، مهما كانت أعماله ...

-12-

والتدبير الروحى الداخلى الدقيق والمتقن وفق األصول التى

ذكرناها سابقا ، سيقود اإلنسان الى نمو فى الفضائل وتقدم مستمر

فى الحياة الروحية ، وثمر روحى بفعل الروح القدس الذى يعمل فى

ل التنقية ليأتى اإلنسان بثمر أكثر. وكذلك يتهيأ للمواهب النفس من أج

الروحية التى يفيض بها هللا على مختاريه ، لحساب الملكوت والحياة

األبدية.

بين يديك أيها القارئ العزيز:

والذى يحتوى على سبعة كتاب التدبير الداخلى فى الحياة الروحية

فصول تشمل :

) الهذيذ .2 . ) الصالة الدائمة1

) الحكمة واألفراز .4 ) التأمل .3

) حروب األفكار واألنتصار عليها .5

) األهتمام باألبدية .7) نقاوة القلب . وكيف تكون ؟! 6

ليت الرب يستخدم هذا الكتاب لكى تكون حياتنا الروحية أكثر

عالقتنا عمقا ، وأكثر ثمرا ، وتدبيرنا الروحى متقن لألستمرار فى

بالرب مدى الحياة ، ونكون أكثر أستعدادا لإلنطالق إلى األبدية .

-13-

بشفاعة والدة االله القديسة مريم العذراء وكافة المالئكة وسائر

الشهداء األبرار والقديسين .

وبصلوات صاحب الغبطة والقداسة

البابا شنودة الثالث

بابا االسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

ائر افريقيا وبالد المهجر . وس

إللهنا كل مجد واكرام وسجود فى كنيسته المقدسه

آمين .

بنعمة هللا

األنبا ياكوبوس

اسقف الزقازيق ومنيا القمح

محتـوى الكتـاب

الفصل األول :

الصالة الدائمة .

الفصل الثانى :

-14-

الهذيذ .

الفصل الثالث :

التأمل .

الفصل الرابع :

الحكمة واالفراز .

الفصل الخامس :

حروب األفكار واالنتصار عليها .

الفصل السادس :

نقاوة القلب . وكيف تكون ؟! .

الفصل السابع :

االهتمام باألبدية .

-15-

=W=€Ë˚^=⁄îÕÿ^=

ائمةالصالة الد

الصالة الدائمة : ) . 1: 18" ينبغى أن يصلى كل حين وال يمل " ( لو

الحياة فى أعمق معناها تتلخص فى فعلين دائمين بسيطين :

المحبة وهذه مصدرها هللا . األول :

العبادة وهى تختص بالخليقة . الثانى :

ف عن حبه للخليقة وهذان الفعالن دائمان بال انقطاع ، فال هللا يك

وال الخليقة تكف عن العبادة والتسبيح .

وكل أفعال الحياة وأعمالها العديدة سوف تفنى وتنتهى وتتالشى

بعد أن ندان عليها أو نكافئ بها ، ولن يبقى منها جميعا إال هذين

الفعلين وهما محبة هللا لنا ، وعبادتنا له ! .

نتهاء هذه الحياة بل أنهما يدومان الى هذان ال ينتهيان حتى بعد ا

األبد فى الحياة األخرى ، فال ال يكف عن حبنا ، وال نحن نكف عن

عبادته . ألن هللا يرى مسرته فى حبه لنا . أما نحن فنرى سعادتنا

كلها فى عبادته .

هذه العبادة إلهام إلهى وضعه هللا فى طبيعة االنسان ليحيا سعيدا

صدر السعادة الحقة . بعبادته لم

وصالة دائمة ؟ عبادة الطريق المؤدى الى حياة كلها يا ترى ما هو

فنجعل هللا مركزا لتفكيرنا والمحور الذى تدور حوله كل أعمالنا

وتصرفاتنا ، نحيا فى حضرة هللا من الصباح الى المساء ومن المساء

بعدنا عن الوجود . ال يعوق ذلك عائق أو أى أمر ما ي الى الصباح

الدائم فى حضرة هللا بكل قلوبنا وتفكيرنا فيكون هللا هو الشغل

الشاغل والهدف الوحيد فى حياتنا هذه التى نحياها على األرض

وأيضا فى األبدية .

-19-

هذا العمل يحتاج من جانبنا الى ارادة ومثابرة وتدقيق شديد ، وفى

ده ، وفى تتميم مشيئة هللا تتميم هذا العمل منتهى ارادة هللا وقص

معونة منه وحبا وارشادا .

دقائق هذا التدريب الروحى

أوال : هدف الصالة الدائمة : ) دوام الوجود فى حضرة هللا . 1(

) اشتراك هللا فى جميع أعمالنا وأفكارنا ومعرفة ارادته . 2(

دة ، ) الوصول الى حياة سعيدة بالقرب من هللا مصدر السعا 3(

والتمتع بحبه .

) معرفة سامية من نحو هللا فى ذاته . 4(

) اهمال كل ما يتعلق بالحياة األرضية بال ندامة . 5(

ثانيا : ارشادات عملية الوصول الى حالة الصالة الدائمة : ) تنبيه الشعور بوجود هللا أمامنا وأنه يرى ويسمع كل ما نعمله 1

ونقوله .

) محاولة التحدث اليه من حين آلخر بجمل قصيرة تعبر عن 2

حالتنا .

-20-

) اشراك هللا فى أعمالنا بطلبه الحضور معنا أثناء العمل ، ليكون 3

العمل ناجحا ومقدسا .

) نحاول أن نسمع صوت هللا من خالل أعمالنا . فكثيرا ما يتكلم 4

ل عنه نفقد توجيهاته الحكيمة . الينا من الداخل ولكن حينما ننشغ

) طلب هللا فى أوقات الشدة ، فهو يستطيع أن ينقذنا . 5

) حينما يرد على القلب أمور مفسدة ، كالغيرة والغضب والدينونة 6

ورد الشر بالشر ، نلتجئ اليه ليهدأ القلب . ألن مثل هذه األمور

تفقدنا فى الحال نعمة الوجود فى حضرة هللا .

) تذكار هللا الدائم . 7

) عدم االقدام على عمل أو اجابة إال بعد ورود الدافع من هللا . 8

ثالثا : مبادئ أساسية للصالة الدائمة : ) االيمان بال ، أساس كل تصرفاتك . وقابل به كل ما يعترض 1

حياتك سواء حزن أو فرح . وال تدع ايمانك يتغير كل يوم

ف الظروف . وال تجعل النجاح يزيد ايمانك بال كما ال باختال

تجعل الفشل أو الخسارة أو المرض يذهب بايمانك ويضعفه .

-21-

) فى حياتك مع هللا كن أمينا له حتى الموت . 2

) سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجرى . هللا فيه الكفاية 3

تحتمل كل شئ ، لتدبير كل أمورك ، وأعلم أن الحياة مع هللا

وفى صبرك على األلم والضيقات سوف ترى كيف تتحول هذه

كلها لخيرك .

) ركز حبك فى هللا ، واقبل األلم كهبة من أجله . فالحب الحقيقى 4

يحول األلم إلى لذة .

) عالمة حبك ل والتصاقك به هو استعدادك دائما أن تتخلى عن 5

وصاياه وقداسته . كل ما يتعارض مع

) التدقيق فى محاسبة النفس ، والطلب الدائم من هللا أن يكشف 6

أعماقك الداخلية لتعرف عثراتك وما يعطل نموك الروحى .

) ال يكون الهدف من األعمال أو األقوال هو إرضاء الناس ألن 7

هذا يبعد االنسان عن هللا بعيدا ، بل الهدف الوحيد إرضاء هللا

فقط .

) فى كل احتياجاتك اتجه ل رأسا بعزم وثقة ، فتجد أن هللا يسد 8

كل احتياجاتك حسب مسرته .

-22-

) كن شجاعا وال تهب األخطار ألنه فى اللحظة المناسبة سوف 9

ينقذك هللا ألنه مستحيل أن هللا يتخلى عنك طالما أنت متمسك به

هال أن يتألموا من أجل أسمه . وأسعد ) ما أسعد الذين حسبوا أ10

من هؤالء هم الذين يشتاقون أن يتألموا من أجل أسمه !.

الصالة الدائمة فى العهد الجديد

يبرز منهج الصالة الدائمة فى العهد الجديد لمناداة هللا والرب يسوع

وتذكار الخالص والرحمة باستمرار . هكذا بدأت الصالة الدائمة

" يا ربى يسوع المسيح ابن هللا ر اسم الرب يسوع بإستمرار : بتكرا

مع استخدام الفم والعقل والقلب وكافة ارحمنى أنا الخاطئ " ،

الحواس حتى والجسد أيضا وذلك كنوع من العبادة المخلصة

والتقرب الدائم بكل الكيان الداخلى لالنسان .

ة بنفس هذه الكلمات وبالخبرة تحقق أن مداومة الصالة مددا طويل

وبهدوء وبدون تغيير تكسب االنسان نوعا من الهدوء أو السكينة

الداخلية أو السكون الداخلى ، الذى دعوه اآلباء " هيزيخيا " ألنه

هدوء وسكينة يصحبهما يقظة روحية وانتباه عقلى .

-23-

وهذه فى الواقع حقيقة ال ينبغى أن تغيب عن البال ، ألن انشغال

ن بالصالة بهذه الكيفية الدائمة هو ببساطة متناهية تحرر من االنسا

األشياء الدنياوية التافهة وفى نفس الوقت اشغال الجسد بكل أعضاءه

مع العقل والنفس أيضا فى التوسل والصالة .

وهذا حتما يوصل االنسان الى حالة هدوء وسكينة التى هى أصال

عليها العالم والجسد والنفس من طبيعة النفس والتى كان يشوشر

بعواطفها المربوطة بالجسد . حيث الهدوء والسكينة أو الصمت

الداخلى ال يعنى الكف عن العمل والجهاد ، بل يعنى التخلص من

القلق واالرتباك واالنقسام ، وانطالق النفس تعمل مع القلب والعقل

والجسد عمال واحدا فى ألفة منقطعة النظير ...

السكينة الى الدائمة طريق يوصل " ياربى يسوع " كتشاف أن صالةوبا

احتسبت كدرجة هامة من درجات النمو فى الصالة لبلوغ حالة

التأمل ، باعتبار أن التأمل يحتاج حتما الى سكون داخلى ويقظة قلبية

وتخلص كامل من شوشرة العالم والجسد والعواطف .

م لهذه الصالة المباركة لبلوغ حالة وإن كنا نقبل هذا االستخدا

التأمل ، إال أننا فى الواقع نجزع من فكرة االصطناع واالفتعال .

فنحن ال نؤمن قط وال نجيز بأى صورة من الصور ، أنه يمكننا

-24-

بوسائلنا الخاصة للوصول إلى هللا أو حتى االقتراب منه . فان كل

وق ذاته .مجهود االنسان ال يمكن أن يحركه خطوة واحدة ف

فال هو الذى يجذبنا إليه ، وهللا وحده هو الذى يتحنن ويأتى الينا .

أما نحن فآخر كل مجهوداتنا ال يزيد عن أن يجعلنا فى حالة استعداد

فقط لجذب هللا أو حضوره .

والحقيقة أن صالة المداومة باسم الرب يسوع المسيح هى بنفسها

الداخلية ، ثم هى بنفسها ترفعنا الى تدخلنا فى حالة الهدوء والسكينة

حالة التأمل كنعمة .

أما مفهوم الهدوء واالنتباه واليقظة وانجماع الفكر التى تصاحب

هذه الصالة والتى تعتبر أهم وأقوى نتائجها بالنسبة لحياة الصالة

والتأمل ، فهى ليست نوعا من كبت األفكار االرادى وال هى عملية

االضطرارى ، ولكن عملية أكبر من ذلك بكثير. تركيز األفكار

فصالة " ياربى يسوع " عملية روحانية نفسية عظمى . يتم فيها

توحيد كيان االنسان الداخلى بجمع شمل كل قوى النفس العقلية

والعاطفية والحسية ، حيث يصبح الجسم والعقل والقلب وحدة واحدة

ة واحدة يقودها جميعا تتحرك بتعاون وألفة كحركة واحدة وكنبض

- 25-

، دون أن يصيبها إعياء عين واحدة تحدق فى هللا فى لحظة الحاضر

فى حب مفرط وتقوى .

وفى هذه اللحظات يتحقق لنا بالفعل والتأكيد وببرهان االحساس

الواقعى ، أن مراكز العقل وكافة الحواس والمشاعر العاطفية

قلب االنسان ، ونقصد أصبحت كلها متركزة فى بؤرة واحدة داخل

القلب الحى النابض فى صدر االنسان .

وعندما تحقق اآلباء المتأخرون من هذه الحقيقة ابتدأوا ينتبهون

الى قيمة التركيز نحو القلب فجعلوه تدريبا يبتدئ به المصلى حيث

يداوم بكل صبر على انزال عقله وادخاله داخل القلب وجمع عواطفه

لقلب وربط االحساسات الجسدية بالقلب ، وذلك وتركيزها داخل ا

اثناء تالوة صالة " ياربى يسوع " بانتباه . وهذا العمل وان كان

بالفعل يتم حقا وينجح ، ولكن لم يكن قصد اآلباء األوائل أن يجعلوا

النتائج الطبيعية التى تتم بالصالة من تلقاء نفسها غايات محتمة

ة . ألن عملية توحيد القوى الداخلية توضع كفروض نحققها باالراد

للنفس حتى ولو أمكن تتميمها باالرادة والتدريب فال يمكن رفعها الى

النجاح فى الوصول الى بلوغنا أن هللا وربطها به إال بالنعمة أى

واألحاسيس والوجدان داخل القلب بالتدريب ، كافة األفكار تركيز

-26-

، فهذا ليس كل شئ اذ ال يزال حتى ولو وصلنا الى السكينة نفسها

يكون امام النفس هوة هائلة تفصلها عن هللا ال يختزلها إال جسد

المسيح السرى بااليمان والحب .

، تظل والجسدية الوسائل النفسية كافة باستخدامها الصالة الدائمة أن أى

فى أشد الحاجة ومنذ أول لحظة الى االيمان الراسخ مع الحب

لغ االنسان الى السكينة االلهية التى تنطلق فيها النفس الملتهب حتى يب

فوق ذاتها لتنظر هللا بعين واحدة طاهرة بسيطة فى عبادة حقيقية

وتقوى .

وهكذا نرى أنه اذا تالقت السكينة الداخلية المتحصلة من صالة

" مع االيمان والحب ، ال يعود أمام النفس ما يحجزها ياربى يسوع "

ق فى التأمل الخالى من كل العوائق . لذلك أصبحت عن االنطال

صالة " ياربى يسوع " بابا ذهبيا جميال للتأمل .

أقـوال اآلبـاء : } ما هى غاية أعمال النسك التى اذا وصل اليها االنسان يدرك 1{

أنه وصل الى قمة الطريق ؟ .. هى اذا استحق االنسان أن يكون

ال انقطاع .أهال للصالة ب

-27-

اذا وصل االنسان الى هذه الدرجة فانه يكون قد بلغ نهاية طريق

النسك والفضائل وصار مسكنا للروح القدس .

واذا حل الروح القدس فى انسان فانه فى الحال ال يستطيع أن

يتوقف عن الصالة باستمرار دون انقطاع وبال ملل . ألن الروح

الدوام سواء كان آكال أو شاربا أو مستريحا أو سيصلى فيه على

منشغال وحتى اذا كان غارقا فى النوم فان عبيق رائحة الصالة

ينبعث من تنفسه فى كل لحظة .

ماراسحق السريانى

فى حضرة هللا} الصالة بال انقطاع هى استمرار وجود االنسان 2{

بوقار ، وهى التهاب سرى داخلى على الدوام مع يقظة دائمة

فى القاء الخشب " كلمات الصالة " فى ذلك األتون المستعر لكى

ال ينطفئ .

األسقف ثيوفان الناسك

تما تصل الى } صلى بال انقطاع واجتهد فى صالتك وانت ح3{

الشعور بحضرة هللا . وحينئذ تجد أن ترديد اسم هللا فى الصالة

يكمل فى القلب من تلقاء ذاته بدون جهد .

-28-

والسر فى كيف نداوم على الصالة بال انقطاع فى البدء هو كائن

فى مقدار حبنا ليسوع حبا شديدا صادقا امينا .

حب يسوع ؟ هل أنت مشغول به حقا ؟ } انظر فى نفسك هل ت4{

هل قد مأل فكرك بآياته وكلماته ووعوده لك ؟

هكذا النفس التى تعلقت بحبيبها يسوع تثبت فيه على الدوام بال

انفصال وتتحدث معه سرا فى حديث قلبى ملتهب . أليس كل من

) . 17: 6كو1التصق بالرب قد صار معه روحا واحدا (

األسقف ثيوفان الناسك

} فى كل شئ يجب أن نشكر هللا ونسلم ذواتنا الرادته وعلينا 5{

أيضا أن نقدم له كل أفكارنا وحديثنا وأعمالنا محاولين أن

نستخدم كل شئ لمسرته الصالحة .

األب صاروفيم

} يسوع المسيح صلى من أجلنا قائال " ليكون فيهم الحب الذى 6{

) ، وأيضا " ليكون 26: 17احببتنى به وأكون أنا فيهم . " ( يو

الجميع واحدا كما أنك أنت أيها اآلب فى وأنا فيك ليكونوا هم

) . 21: 17( يو 0 أيضا واحدا فينا . "

-29-

حينما يمس حب هللا الكامل قلوبنا بفاعلية هذه الصالة التى

قدسها يسوع ألجلنا والتى البد أنها قد استجيبت فى الحال ،

حينئذ يصبح هللا ذاته هو كل حبنا واشتياقنا ورجائنا وجهدنا

. وكل فكر فينا وكل كلمة ننطق بها وكل نسمة حياتنا

وحينئذ نصير فى رابطة سرية مع اآلب باألبن بذلك الحب

الخالص الذى يظلل على قلوبنا وعقولنا .

ان هذا الحب وهذا الرباط وهذه الوحدة هى هدف حياتنا الذى

نسعى إليه وهو سبق تذوق عربون الحياة السماوية .

تنا صالة واحدة وحينما ندرك هذا الحب فينا سوف تصير حيا

مستمرة .

األب اسحق تلميذ أنبا أنطونيوس

} انها بالحقيقة نعمة عظيمة أننا تعلمنا باالختبار كيف ننادى بال7{

انقطاع اسم الرب يسوع لتنقية قلبنا وأفكارنا .

ل أفكار الشر بترديد " صالة الرب يسوع . " نحن نقاوم ك

ونقترب إليه بعقولنا وقلوبنا فنحن ال نردد اسم هللا باطال ! .

-30-

} اذا داومت على " صالة يا ربى يسوع " مع فكر متضع وتذكار 8{

الموت ومالمة الذات وأجزت أيامك سائرا فى ذلك الطريق

الضيق ، فسوف يشرق عليك وجه هللا بالفرح والبهجة وتدخل

فى التأمل الروحى المقدس الذى للقديسين وتستنير بمعرفة

أسرار حكمة المسيح .

} مغبوط بالحق من اتصل عقله بال بدوام ترديد هذه الصالة 9{

الدائمة . ألنه كما تمر أشعة الشمس على األرض فتبدد ظلمة

لى الليل وتعطى نهارا كذلك اسم ربنا يسوع فانه بدوام اشراقه ع

العقل تبدد أفكار الشر وتنبع أفكار نيرة للخير .

حزقيوس األورشليمى

}على االنسان أن يردد على الدوام صالة " يارب يسوع المسيح 10{

ابن هللا ارحمنى أنا الخاطئ " سواء أثناء عمله أو سيره أو أكله

حتى يتغلغل اسم ربنا يسوع المسيح فى أعماق القلب أو راحته

ويحطم كبرياء الحية القديمة الرابضة فى الداخل النعاش الروح

لذلك داوم بال انقطاع على ترديد اسم الرب يسوع حتى يحتضن

قلبك فيصير االثنان واحدا .

-31-

ل فكر } ال تفصل قلبك عن هللا . داوم معه حارسا قلبك من ك11{

يبعدك عنه بدوام ذكر الرب يسوع المسيح حتى يتأصل اسم

الرب فى قلبك وال يفكر فى شئ آخر سوى تمجيد المسيح .

يوحنا ذهبى الفم

} كل من يثابر على صالة يسوع بال ملل وبوقار الئق ، مرددا 12{

بفمه أما بصوت مسموع أو هامسا بشفتيه ، ويغلق على الكلمات

عقله ليشتغل مفكرا فى معنى كلمات الصالة : " يارب يسوع

المسيح ابن هللا ارحمنى أنا الخاطئ " رافضا كل فكر آخر

يعرض على ذهنه سواء للشر كان أو للخير فانه لن يطول به

من الرب الرحوم تذوق الصالة الوقت كثيرا إال ويعطى

الروحانية فى العقل والقلب .

األسقف اغناطيوس

} اجلس وفى هدوء وصمت . احنى رأسك واغلق عينيك 13{

وتصور نفسك ناظرا الى قلبك وانقل أفكارك من عقلك الى قلبك

خرج منك " يارب يسوع المسيح ابن هللا وقل مع كل نسمة ت

ارحمنى " قلها بتحريك شفتيك ببساطة أو قلها فقط فى عقلك

-32-

محاوال أن تدع كل األفكار األخرى جانبا وكن هادئا صبورا

وكرر هذه الطلبة فى أحيان كثيرة .

تى سمعان الالهو

} اذا لم تنجح بعد عدة محاوالت لتصل الى دوام اللهج القلبى 14{

بهذه الصالة ، فأعمل ما سأقوله لك وبمعونة هللا ستصل الى

مرادك ، فإن ملكة النطق تقع فى الفكر . فلكى تشعل الفكر

بالصالة فقط اسمح لهذه الكلمات أن تردد علىالدوام بصوت

سوع المسيح ابن هللا ارحمنى أنا الخاطئ " مسموع " يارب ي

واغصب نفسك أن تقولها دائما فاذا نجحت الى زمن حينئذ

سيفتح قلبك الى الصالة المستمرة .

من أقوال اآلباء

} نحن نعرف على وجه التحقيق أن القلب هو عضو الفكر 15{

" من القلب تخرج : فالسيد المسيح له المجد يقول األساسى

األفكار " .

القديس غريغوريوس

} أتريد أن تقتنى الصالة الدائمة ؟ اجتهد فى الصالة وحينما 16{

يرى الرب غيرتك وهمتك وسعيك فى الصالة يعطيك إياها .

-33-

القديس مكاريوس الكبير

} صالة يسوع حينما تؤدى بايمان فى بساطة قلب تكون دائما 17{

خالصا للنفس . ولكن اذا دخل فى ممارستها أغراض آخرى

للبر الذاتى فانها تكون مؤذية وضارة .

الطقوس نت وراءماذا نعمل ازاء النفوس التى تحص }18{

والشكليات وقبل أن تصل الى حياة الصالة الروحية بردت

وجمدت واستترت وراء النظام المألوف للصلوات الموضوعة ؟

ان صالة يسوع والتدريب عليها كفيلة أن تعيد اليهم حرارة

العبادة وتخرجهم من حياة الجمود الى حياة التقدم والخالص .

االسقف ثيوفان الناسك

} يجب علينا ال أن نصلى فقط بال انقطاع باسم يسوع المسيح 19{

لكل انسان –ولكن نحن ملزمون أن نظهرها ونعلمها لآلخرين

اذ انها الئقة ونافعة للجميع : لرجل الدين –على وجه العموم

للخادم والمخدوم ، للعالم واألمى ، للرجل ولرجل العالم ،

والمرأة ، للشيخ والطفل . نوحى إليهم بأهمية هذه الصالة

وتدريبهم على الصالة بغير انقطاع .

-34-

غريغوريوس الكبير القديس

باحثا أو } اذا كنت عالما أو طالبا أو موظفا أو ضابطا أو 20{

عامال فاذكر أن أول وأهم ما يجب أن تتعلمه فى الحياة يتركز

فى معرفتك الخالص بالمسيح ، وايمانك بالثالوث األقدس ،

وصالتك كل يوم مع هللا ومواظبتك على الخدمات الكنسية ،

وترديدك اسم يسوع المسيح فى قلبك ألنه قوة هللا للخالص .

يوحنا كاسيان

====

-35-

==W=‡_oÿ^=⁄îÕÿ^=

= Meditation=الهذيذ

=ÊãÈ‹_‡=ÃË=Êjàå‹=iàÿ^=éÈ‹_‡=Ã=‚’ÿ=KKK=⁄ràŸÿ=fÈù=?

ä‹=F=?=K=� ÎÿË=�á_‡=tŸÍ1==W1=I2==K=E===

الهـذيـذ :

الكتاب المقدس قراءة قلبية الهذيذ يتصل اتصاال وثيقا بقراءة

عميقة تترك طابعا ال يمحى فى الذاكرة والعاطفة واللسان ، والهذيذ

حسب التقليد اآلبائى مفتاح كل النعم ألنه يجعل االنسان الذى يمارسه

بشغف ، انجيلى الفكر والنطق واالحساس ، ويجعله متقدما دائما فى

كل موهبة ، مملوء من الفهم اإللهى .

اذا فتح فاه انسابت كلمات االنجيل منه بدون تصنع أو تنميق

ومعها األفكار اإللهية ، فكرا يتبع فكرا . كموجات من النور تجعل

عقل السامع يغمر فى نور المعرفة اإللهية والقلب يتحرك والعواطف

تشتعل .

ص إال فيما يخت واعتبر اآلباء أنه ال يصح أن ينفتح االنسان للهذيذ

بكلمة هللا المكتوبة فى الكتاب المقدس فقط ، ألن الهذيذ القلبى قادر

على طبع الوجدان االنسانى والفكرى ، واالنسان ال ينبغى أن ينطبع

إال بكلمة هللا المباركة فقط وحسب مشيئته وفكره .

والهذيذ هو درس كلمة هللا بتعمق وجدانى ينتهى الى التشبع

واالنفعال الروحى .

وأول درجة من درجات الهذيذ هى القراءة التى تكون :

) بتمهل .2 ) بمنتهى الهدوء 1

) تذوق الكلمات4 ) بصوت مسموع3

) ترديد القراءة عدة مرات .5

-39-

والهذيذ بترديد أقوال هللا بصوت مسموع وبتذوق ووعى قلبى

نسان بعد كفيل أن يجعل الكلمات تستقر فى األعماق حيث يرددها اال

ذلك . ويصير قلبه مخزنا لكلمة هللا ، وهذا هو المقصود من حفظ

االنجيل أو حفظ الكلمة ، فاالنجيل أو الكلمة تكون قد صارت

محفوظة فى أمان داخل القلب كأنها فى كنز صالح ، " خبأت كالمك

فى قلبى " .

ية والصلوات االرتجالية فى التقليد اآلبائى كانت ذات صبغة كتاب

محضة بسبب امتالء القلب حتى الى الفيض من أقوال هللا .

والهذيذ بالصالة البد أن تكون صالة من جوهر االنجيل . وهى

قادرة بهذه الكيفية أن تغير كثيرا وتجدد كثيرا فى وجدان االنسان

وتفكيره وتعبيره . ولذلك ال يمكن احتساب الصالة االرتجالية فى

ممتلئا من كلمة هللا أى متمرسا االنسان كان اذا إال ىالتقليد االرثوذكس

بالهذيذ الصحيح ، وإال فان الكالم سيخرج غير إنجيلى واألفكار

تكون غير معبرة عن مشيئة هللا وفكره .

والهذيذ بكلمة هللا فى منتهى الهدوء وبتمهل مرات متعددة ينتهى

حسب رحمة هللا ونعمته باشتعال القلب ! .- 40 -

هذا يكون الهذيذ أول صلة رسمية بين الجهد المخلص فى العبادة وب

والصالة ، وبين مواهب هللا ونعمته الفائقة . ولذلك أعتبر الهذيذ أول

وأهم درجات الصالة القلبية التى يستطيع أن يرتقى بها االنسان الى

حالة حارة بالروح ، ويمكن أن يعيش فيها كل حياته .

تهادية جادة للفهم والتعليم فيما يختص بمشيئة والهذيذ محاولة اج

هللا وأسراره المخفية فى كلمته ووصاياه .

والهذيذ هو الدرجة الالئقة بالمبتدئين لتكوين حياة عشرة صادقة

مع هللا . وأن المداومة فى الهذيذ القلبى باألسفار المقدسة يعبر عن

روح وحياة كما الحياة التى تسرى حقا فى القلب ، ألن كلمة هللا

عرفها لنا الرب ، لذلك فان مداومة الهذيذ فيها يكشف حتما عن

اتصال سرى وبالتالى عن حياة حقيقية تسرى فى القلب . والقلب

الذى ينصد عن الهذيذ بكلمة هللا فهو يكشف عن توقف وجمود .

االلهية والهذيذ بناموس هللا يحفظ القلب حيا دافئا متدفقا بنار الكلمة

. وذلك ألن الهذيذ يشمل فى صميم معناه هو التعمق المستمر فى

روح األسفار والجرى وراء الحقيقة تلو الحقيقة التى تكون مختبئة

-41- وراء الوصية .

الهذيذ فى درجاته المتقدمة ينسلخ قليال قليال عن القراءة ، ليدخل

وتدبير هللا .فى تصور الحقائق االلهية ومداخل ومخارج الوصايا

وهنا يبدأ الهذيذ ينفتح على أولى درجات التأمل أى ينتقل من التعمق

فى الكلمة الى التعمق فى الحق الذى تحويه الكلمة .

ومداومة الهذيذ فى كلمة هللا الحية البد أن يمأل القلب والعقل بأفكار

وتصورات مقدسة ، وهذه بدورها تعتبر المادة األولى التى يصنع

ا التأمل أجنحتها الخفيفة ليطير فى سماء الروح بدون واسطة منه

القراءة . ولكنه يستحيل أن تتكون عندنا أفكار وتصورات مقدسة

تمأل القلب والفكر وتفيض منه ، بدون الهذيذ الدائم فى الكلمة االلهية

وفى وصايا الرب الصادقة .

التى سنحوز والحصيلة الهائلة من األفكار والتصورات المقدسة

عليها بالهذيذ الدائم فى األسفار اإللهية ، تحسب لالنسان كذبيحة

" لتكن أقوال فمى وهذيذ قلبى : عقلية مرضية ومقبولة أمام هللا دائما

مرضية أمامك دائما أيها الرب صخرتى وفادى "

} . 14: 19{مز

نفسه ومصباح فوق ليرفعه االنسان بيد الذى يمسك الفضيلة معلم والهذيذ

ينير البصيرة ويقود االنسان ليخطو خطواته العظمى نحو األبدية .-42-

ولكن أعلى درجات الهذيذ هو الهذيذ فى تدبير التجسد االلهى ، وما

يتعلق به من الفداء الذى كمل على الصليب والقيامة التى اعطتنا قوة

ذا يسمى" الهذيذ بسر التدبير" الذى يصفه االنجيل بكلمات الحياة . ه

واضحة سهلة اذا وقف عندها االنسان طويال تنفتح معانيها السرية

على القلب وتنسكب فيها قوة مشتعلة قادرة أن تهب االنسان حياة

بموته "، " " ألعرفه وقوة قيامته وشركة آالمه متشبها: جديدة

قلوبكم . وانتم متأصلون ومتأسسون فى ليحل المسيح بااليمان فى

المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو الطول

والعمق والعلو . وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكى تمتلئوا

} . 19-17 :3{ اف ." الى كل ملء هللا

حيث يلتزم الهذيذ هنا بنفس الكلمات والعبارات وينحصر فى حدود

عناها الواضح فى االنجيل ، وهذا يميز الهذيذ عن التأمل .م

والهذيذ فى أسرار التدبير ، كما دونها االنجيل تماما ، هواالساس

الحتمى للتأمل القانونى الستعالن قوة هذه األسرار ونورها ، فالهذيذ

الناجح المستمر يجعل التأمل ناجحا قويا ناميا باستمرار .

-43-

ذن عمل روحى شيق من صميم العبادة وواجباتها ، وهو فالهذيذ ا

انسان أن يغتذى أى على اذ يتعذر ، على الجميع بال استثناء مفروض

بكلمة االنجيل إال اذا رددها فى قلبه وذهنه وهذا هو معنى الهذيذ .

والهذيذ صالة تعتمد على ترديد كلمات هللا ووعوده فى القلب والذهن

يتجزأ من ايمان االنسان ورجائه ، وقوة ، حتى تصبح جزءا ال

حقيقية يستند عليها عند اللزوم .

} .11: 119" خبأت كالمك فى قلبى لكيال أخطئ إليك " {مز

] الهذيذ كفيض داخلى وصالة :1[

حينما يكون االنسان حارا ملتهبا بالروح تكون صالة الهذيذ عنده

يز أو جهد ذهنى أو أى بسيطة جدا غير متكلفة ال تحتاج الى ترك

انفعال فوق االرادة ، وهى تكون مناجاة حارة تتحدث فيها النفس مع

هللا خالقها بحب حسب ما تشعر به ، سواء كان تمجيدا من نحو

وحمدا بسبب رحمته وعنايته الفائقة أو شكرا وحكمته اعماله وصفاته

، فال تطيقالمتضعة وهنا قد تلتهب النفس اثناء هذا الهذيذ الصامت

سكوتا ، وحينئذ تبتدئ تصلى بكلمات تنطلق بال قيود تعبر عن

الحب والعبادة والخضوع . حيث يكون القلب مفتوحا أمام هللا يحس

بكل ما يختلج فيه من لمسات يد هللا الخفية .

-44-

] الهذيذ كعمل ارادى وصالة :2[

ه حرارة اذا اراد االنسان الدخول فى الهذيذ دون أن يكون لدي

سابقة تدفعه الى مستوى الصالة القلبية مرة واحدة ، فاألمر هنا

يحتاج الى شئ من الجهد النفسى والتركيز العقلى حتى يمكن للنفس

أن تتحرر من جمودها ويستطيع العقل أن يتخلى عن انشغاله باألمور

الخارجية ، ليدخل فى قراءة واعية روحية ترفعه إلى حالة صالة ،

م أن تتحرك اعماق االنسان ويتأهب الضمير بحركة حرة هنا يلز

ومضادة لكل المشاغل النفسية والذهنية التى جعلت االنسان فى جمود

وانشغال عن العبادة والصالة واالتصال بال .

وحركة الضمير تعتمد على المحبة فى تغلبها على الجمود

واالنشغال الظاهرى .

يا باالرادة لمحبة هللا ، ولو تغصبا فى فاالنسان عندما يتحرك قلب

البداية ، فان المحبة االلهية تسرى فيه فى الحال ألن العمل االلهى

يؤازر دائما العمل البشرى ويتحد به فى النهاية ...

هذا العمل الروحى ، اثناء القراءة الروحية ، الذى ينقل االنسان

ى باألمور المنظورة الى من حالة الجمود النفسى واالنشغال العقل

-45-

حالة تعمق داخلى وحرارة وصالة ، يعتبرفى الحقيقة أهم وأدق عمل

روحى فى حياة الصالة كلها .

فهو الباب الوحيد الذى يفتح على كل اسرار الحياة الروحانية ،

وهو اول درجة فى السلم السمائى الذى يصل بين النفس وخالقها .

ن منه الروح القدس دروس الهذيذ والمنبع الخصب الذى يلق

لتالميذه ، هو الكتاب المقدس فهو المدرسة العظيمة حقا التى ال

نهاية لدروسها والتى مهما استوعبنا منها فلن نستوعب إال اليسير

وهى غنية بمناهجها الثالثة ...

يشمل من بدء الخليقة حتى نهاية الدهور ) المنهج التاريخى :1(

بالخليقة الصامتة والناطقة من كل ناحية . فيما يحيط

: يشمل كل وصايا هللا وشرائعه ونواميسه ) المنهج الناموسى2(

التى وضعها لبنى البشر .

مع أحبائه وحديثه معهم ) المنهج الثالث : معامالت هللا :3(

وحديثهم معه .

فى هذيذنا مع هللا وهذه المناهج الثالثة كفيلة بأن تغطى كل احتياجاتنا

، ال كأنها أشياء مضت ، بل كأشياء حاضرة معنا ، وال كأنها حقائق

لذاتها بل تصير حقيقة نفوسنا نحن .

-46-

واعظم مثال للهذيذ الحر المتسع والذى يشمل كل هذه المناهج ما

خلفه لنا داود النبى فى مزاميره ، فهى تشمل حديثا شجيا متصال بين

داود و هللا .

) فمن حيث الخليقة ذكرها مستحسنا صنعها . فحدث هللا عن 1

صنعه للسماء واألرض وما تحت األرض والجبال والتالل

والبحار واألنهار والينابيع والوديان والحقول والبقاع واألشجار

والغابات والعشب والثمار . وتغنى بالشمس والقمر والنجوم

حب والضباب والجليد والصقيع والحر والبرد والكواكب والس

واألمطار والعواصف . وتحدث عن حيوانات البحر السالكة فى

البحار ، وطيور السماء وحيوانات البر ووحوش الغاب وبهائم

الحقل والدبابات التى تدب على وجه األرض . وتحدث عن

وجه األرض .. واألمم واأللسنة وكل خليقة على الشعوب

، يحدث هللا عن ناموسه ووصاياه : يصف 119) فى مزمور 2

له اتساعها وجمالها وحالوتها ، يشهد أمام خالقه أنها أشهى له

من العسل والشهد فى فمه وأنها تنير عينيه ، وأنها فرحة قلبه

وغنى نفسه وهذيذه بالليل والنهار حتى صارت سراجا لرجله

ورا لسبيله .ون

-47-

) ثم يعود داود ليحدث خالقه عن نفسه : فيرى نفسه دودة ال 3

انسان ، حقيرا ومرذوال أكثر من كل الناس يرجع ببصره الى

أيام صباه فيذكر خطاياه التى اقترفها فى جهل فيصرخ طالبا

الرحمة ، ويرى آثامه الحاضرة ماثلة أمام عينيه فتغتم نفسه

صرخ مسترحما محدثه . ثم يطلب من الرب أن ال يؤدبه في

بغضبه فهو مستعد لألدب وانما بالحب والرحمة من أب شفوق

ويتوسل إليه أن ال يميته وهو فى منتصف أيامه بل يتمهل عليه

داود وبذلك يكون . التسبيح والتمجيد والشكر من حتى يوفيه حقه

شهادة هللا : حتى جاز ، القدس بأكملهااستوعب مدرسة الروح قد

أن قلب داود كان حسب قلب هللا ، وفاز بقول المسيح : " قال

داود بالروح " . وهكذا وضع لنا داود بالروح نموذجا حيا خالدا

للهذيذ الكامل حسب مسرة هللا . ان سر تقدم داود كان اطالعه

س ومواظبته على الهذيذ بها .المتقن على اسفار الكتاب المقد

حينما نتقدم الى الروح القدس ليعلمنا دروسا جديدة فى الصالة

علينا ان نطالع دروسنا جيدا بل ونتقن حفظها وتالوتها ، حتى

من مادة حفظنا يرشدنا الروح الى نواحى القوة والجمال فيها .

نها فتصير كلمات ويوضح ما يخصنا فيها وما يطابق حالنا م

حفظنا وسائل لتهذيبنا وتبكيتنا وتوبتنا .

-48-

أقـوال اآلبـاء : هللا. مع الحديث النفس ويعلم العقل ينير المقدسة الكتب فى الهذيذ }21{

صالة فى التضرع عليهم يسهل المقدسة الكتب يعرفون الذين }22{

حقيقية . من هللا أن يدنو ال يمكن للذهن ، } بدون القراءة فى الكتب اإللهية23{

} الباب الذى يدخل منه االنسان الى الحكمة هو الهذيذ فى 24{

الكتب المقدسة .

} اعلم أيها االنسان المتتلمذ للحق أن طهارة الصالة وجمع 25{

العقل فيها ، هو الهذيذ الحقيقى .

يبتدئ قليال } اذا تقدم االنسان بالنعمة فى تدريب الهذيذ فإنه26{

قليال يالحظ األفهام السرية الكائنة فى كالم هللا وفى المزامير ،

وفى بقية األعمال الجارية حوله ، فى حركات الروح داخله ،

وينظر سفينة حياته تسير الى قدام يوما بعد يوم .

اراسحق السريانى م

-49-

تبطل ال ولكن ، اثبت فى الصالة اكثر من المزامير }27{

المزامير بحجة الهذيذ . فقط اعط فسحة للصالة اكثر من التالوة

وفى اثناء قيامك بخدمة سواعى النهار والليل اعط فرصة

للصالة فتجد نفسك بعد قليل من الوقت قد صرت شيئا آخر .

شئ يمنح الضمير حياءا وعفة مثل الحديث مع هللا . } ال28{

} من ابتداء االنسان يعمل تدبير العقل الذى هو الهذيذ باإللهيات 29{

والى أن يبلغ عمل التدبير الروحانى الذى هو التأمل بالروح

والذهن فى هللا ، هو محتاج الى التغصب فى الصالة أكثر من

. كل األعمال األخرى

} الهذيذ الدائم بال يؤهلنا للصالة بال انقطاع . ومن الصالة 30{

يتحرك القلب للهذيذ بغير فتور فى هللا .

} بمداومة الهذيذ بال وسكون األفكار ، يستطيع الضمير أن 31{

يتفرس فى كل أنواع الصالة ويكتسب معرفة فاضلة عن هللا .

-50-

الصالة نتقدم لنظرة الملكوت ، الموضع } بالحديث مع هللا فى 32{

الذى نحن مزمعون أن نقدم فيه السجود بالروح والحق الذى ال

يحده جسد وال جهة من جهات العالم .

ماراسحق السريانى

ا أن }انقباض الفكر من الطياشة انما يكون بالصالة . وما سمعن33{

أحدا نال هذا من غير المداومة على الصالة . } نحن نداوم على الصالة ليقتنى عقلنا حياءا وتعففا من النظر 34{

الدائم فى هللا والكالم الهادئ معه . } حرارة الصالة والهذيذ تحرق اآلالم واألفكار الشريرة كمثل 35{

ك اجنحة ويبلغك الى العقل نار آكلة . هذا النوع من الهذيذ يمنح

الروحانى الذى تكون خدمته بالروح وليس بالفم . } ليس فقط تكون عندنا الحروب كال شئ ، بل ونزدرى أيضا 36{

بالجسد الذى هو سبب القتال . هذا هو تدبير الصالة وهذه هى

منفعة الهذيذ االلهى .

-51-

أ برفع قلبك فى صالة } أنا أنصحك أن تجلس فى هدوء ، وابد37{

صامتة ! بدون تالوة محفوظاتك من مزامير أو غيرها وبدون

سجود اذا استطعت اعبر ليلتك بكل وسيلة ممكنة جالسا فى

هذيذك الحلو .

ماراسحق السريانى

لى محبته فال البد أن } ان احب انسان ما الرب يسوع وداوم ع38{

يعطى هذه النفس جزاءها .

األنبا مكاريوس الكبير

} القراءة وهذيذ الفكر فى معانى الكلمات يهيئان طريقا للصالة 39{

ويعتبران وسيلة صالحة للكف عن االنشغال باألمور الباطلة .

ة هو أن نصل الى موضوع يسترعى انتباهنا غرض القراء

ويحتفظ بهذا االنتباه بال تشتت ، أما هذيذ الفكر فى معانى

الكلمات المقروءة فهو قنطرة العبور من القراءة الى الصالة ، ثم

يالزم الصالة بعد ذلك ليعين االنسان لالستمرار فى صالة طويلة

عكف بعد الصالة على القراءة ، نقرأ أنه جيد فى الصباح أن ن

قليال لنلتهب . ولكن الحرارة فى القراءة ليست هى النهاية

المقصودة ولكن القصد هو أن نصل الى حالة الصالة ، حينئذ

-52-

نكف عن القراءة ألن العقل يكون قد كف عن طوافه .

ثيوفان الناسك األسقف

} ان كان لسانك يشتغل بكثرة الحركة فقلبك منطفئ من الحركة 40{

الطاهرة ، أما اذا كان فمك ساكتا بهدوء فقلبك حينئذ يغلى

بحركات الروح .

الشيخ الروحانى

بك ليتكلم الروح .} سكت لسانك ليتكلم قلبك . سكت قل41{

الشيخ الروحانى

} من تخدم ؟ لمن تصلى ؟ قدام من تصرخ وتبكى ؟ أليس قدام 42{

ذلك الذى به تتحرك وتوجد ! اليس قدام من هو فيك مستريح

ه من كما فى هيكله ! ولماذا لم تشعر بعد بنعيم وجوده فيك ؟ آ

أجل أنك لم تخلط اعمالك بهمة ولم تداوم قدام الواحد غير

المنظور . قم افتح قلبك للنور لتعاين النور... اذا جلست أو

مشيت مع الطيور فطر فى اجواء طهارته ، ومع االسماك اسبح

فى بحار عظمته ... مع شهيق الهواء تنسم رائحة قداسته ، ومع

لط تقديس اسمه ! . كالمك اخ

الشيخ الروحانى

-53-

W=pÿ_oÿ^=⁄îÕÿ^=

التــأمـل

Contemplation

التأمل : فى لغة االنجيل ، يعبر عنه :

بالتفاتة عقلية فيها يتواجه العقل مع حقيقة جديدة فائقة عن

ن االدراك الطبيعى ، وهذه الحقيقة الجديدة الفائقة المعرفة العادية وع

يستشفها االدراك االنسانى على كل المستويات الفكرية والروحية

والوجدانية ويصحبها غالبا منظر يشرح هذه الحقيقة يكون من نتيجة

حصول االنسان على درجة إيمانية قوية تفوق المعرفة .

يلة إيمانية عالية .أى أن التأمل فى لغة االنجيل هو وس

التأمل الروحى :

يضيف خبرات وادراكات روحية موجودة سابقا تفوق فى قوتها

ومسرتها كل خبرات وادراكات العقل العادية .

والتأمل يحتاج الى هدوء شامل فى القوى العقلية والكف عن

الفحص والتعمق .

ر هدوء العقل وفى التأمل الحقيقة تحيط بالعقل وتمأله ، فبقد

وسكونه بقدر ما تسطع فيه الحقيقة اإللهية وتتجلى وتنير ما كان

غامضا ، وما لم يكن يعرفه من قبل .

التأمل ، كاختبار روحى ، ليس فيه أى شئ زيادة على امكانيات

-57- النفس العادية عندما تكون فى وضعها الطبيعى الهادئ .

ب خلقتها األولى مع التأمل ألن طبيعة النفس األصلية تتناسب حس

فى الحق اإللهى . وذلك عندما تقف النفس هادئة وصامتة أمام خالقها

.

والنفس لكى تؤهل الستقبال الحق اإللهى يجب أن ال تكون منشغلة

عن هللا بالشرور أو الشهوات أو توافه األمور وإال فال يمكن أن

تشعر بالحق اإللهى .

يعى عندما تتخلص من الشرور واألوهام فالنفس فى وضعها الطب

تكون فى حالة سهر داخلى ورزانة ، أى فى حالة يقظة وانتباه

Attention of the heart: ويسميه اآلباء

.

وهذا هو اساس التأمل الذى يؤهل االنسان الستقبال الحق اإللهى

ز والتأمل فيه الذى يكون برهانه فى النفس هو حصولها على التميي

والتصرف الحسن والحكم على األمور روحيا وهذا ما يسميه اآلباء

باالفراز .

ولكى تكون النفس يقظة وساهرة ، أى غير ناشطة ايجابيا أو سلبيا

، حتى تؤهل للتأمل فهذا يتم كما يلى :

-58- األول :

خطايا أو غير ممسوكة بأهواء خاصة أو شهوات النفس تكون أن

الذى نسميه النشاط السلبى هو ، وهذا ا وتفقدها اتزانهاتمتص اهتمامه

المخرب للنفس الذى يظلم النفس ويحجب عنها الحق اإللهى .

أما طريقة تحرير النفس من عبودية األهواء والشهوات فهذا يدخل

ضمن النسك حسب وصايا االنجيل .

الثانى :

كل اهتماماتها أن تبتدئ النفس بعد تحررها بأن تهدأ وتكف عن

وتتخلى عن اعتمادها على نفسها وعلى عقلها فى التقرب إلى هللا ،

حيث تصبح الصلوات نفسها ال تعتمد على مجهود ذهنى وال نشاط

نفسانى قط ، بل تكون الصلوات مجرد وقوف صامت وهادئ أمام

هللا ، فيه تستقبل النفس الحقائق اإللهية بدون جهاد وبدون سعى

اء أو جدل فكرى ، هذه الصالة يسميها اآلباء الصالة وبدون استقص

ويسميها ماراسحق –الطاهرة أى النقية من التصورات العقلية

بالصالة الروحانية .

وال يبلغ االنسان الى الصالة الطاهرة بمجرد دخوله فى التأمل ، بل

أن الصالة الطاهرة تمثل آخر مرحلة من مراحل الجهاد المتواصل

-59-

للتحرر من النشاط الذهنى الذى يزيف المعرفة الروحانية لتأملا أثناء

تأمال روحيا بالحق . ، والتى بعدها يصبح التأمل ويفسد الحق

والتأمل ال يعتمد على النشاط الذهنى ، بل على العكس يعتمد على

مقدار الكف عن النشاط الذهنى ، مع الهدوء والسكوت الداخلى

وت بسبب عظم السعادة والبهجة والفرح المفرط والتأمل هو الملك

والمذهل للعقل فعال ، عندما تقترب النفس من هللا وتذوقه .

وكثير من النفوس يتعذر عليها البساطة والهدوء الداخلى كما يتعذر

عليها توقف نشاطها النفسانى والذهنى .

لذلك لزم فى مثل هذه األحوال أن تدرب النفس على مايؤهلها

خول فى التأمل .للد

فاعلية الحق حالة استعداد داخلى للذهن والنفس لقبول هووالتأمل :

االلهى وسيطرته على الذهن والنفس . لذلك فان غاية التأمل

االرادى المكتسب يلزم أن تنحصر فقط فى الحصول على درجة

الهدوء الداخلى والسكينة الذهنية ، وذلك فى الواقع يساوى مجرد

لى مؤهالت التأمل الحقيقى .الوصول إ

أى أن التأمل المكتسب باالرادة هو عملية توصل الى استعداد

حقيقى لقبول حالة تأمل كامل أى تاوريا روحانية .

-60-

تدريب :

التدريب يتلخص فى تركيز الذهن فى آية قصيرة . يظل االنسان

يرددها باستمرار بدون انقطاع ساعات طويلة كل يوم ، حابسا

العقل فى أضيق معنى لآلية أو فى توسل واحد باسم الرب يسوع

ال يخرج عنه قط وكلما خرج الذهن عن حدوده يرده له كل المجد .

االنسان بدون ملل حتى يتعود الذهن الكف عن التشتت وبهذا يستكين

. والذى يعنينا فى هذا التدريب الروحى هو نجاحه السريع المذهل

، وربطه للعقل ، وحبسه فى مشاعر واألفكارفى تهدئة النفس وال

هو الدخول أضيق حدود الصالة . فالغاية األولى من التدريب

فى حالة السكينة الروحية . لذلك سماه اآلباء صالة " الهيزيخيا "

أى صالة السكينة . وهى صالة تخلو تماما من أى قراءة أو هذيذ أو

تسبيح أو أى نشاط روحى ايجابى .

االرشادات التى وضعها اآلباء فى هذا التدريببعض ) عدم الحركة 2( ) الجلوس فى مكان هادئ 1(

) تثبيت النظر العقلى نحو القلب .3(

) يشترك العقل مع القلب فى ترديد الصالة .4(

عن تسلطه. حينئذ ويتوقف القلب سيطرة تحت النهاية فى العقل يدخل )5(

-61-

كونه محاولة واجتهاد للتحرر عن يخرج ال بهذا الوضع والتدريب

. من العوامل الخارجية والداخلية والضاغطة على العقل والنفس

وصالة السكينة بترديد اسم الرب يسوع أو بترديد آية قصيرة

حسب ترتيب اآلباء األوائل . كانت محاولة روحية اجتهادية للعودة

ولى الطبيعية حالة بالنفس البشرية وبالذهن البشرى الى حالتها األ

السكينة الروحية التى فيها يستطيع أن يسمع االنسان صوت هللا

هذه الغاية ويرى نوره فى القلب ، أى حالة تأمل روحى أصيل ولعل

على المداومة فى هى التى كان يقصدها الرب يسوع من حثه لنا

) 1: 18" ينبغى أن يصلى كل حين وال يمل " (لو : الصالة بقوله

والتى كان البد منها الستيعاب تدريب التأمل المكتسب بممارسة

الصالة بال انقطاع .

التأمل نوعان

النوع األول :

عمل روحى يمكن اتقانه والتوفر عليه باالرادة ولكنه وإن كان

تمرار فيه يحتاج الى يعتمد على الجهد البشرى للبدء به إال أن االس

مؤازرة النعمة .

-62-

النوع الثانى :

هو هبة كاملة من النعمة فى بدايته وفى االستمرار فيه أيضا . فهو

ال يعتمد على شئ من قبل االنسان إال أن يوجد فى حالة خاصة وال

أن يسعى إليه ال بالشعور وال بالمشيئة ، وانما هو عمل النعمة حسب

لقدر الذى يختاره وبالطريقة التى يراها .. مسرة هللا با

والنوع الثانى من التأمل هو الذى يمتد غالبا الى حاالت ما فوق

الصالة . أى الدهش فى االلهيات والرؤى واالستعالنات والنبوة

والمواهب الفائقة من عمل معجزات وشفاء امراض .

التأمل االرادى

روض للجميع سواء كانوا من التأمل االرادى هو التأمل المع

االكليروس أو من ذوى المهن العالمية المختلفة .

والتأمل يرفع من مستوى االرادة وينمى الشخصية روحيا ويمدها

بقوى فائقة من العمق والبصيرة والتمييز ويؤهل االنسان للقيادة

للعمل الذى يهيئه هللا حسب مسرة ارادته الصالحة المقدسة ، لذلك

بر المواظبة على التأمل من أغنى الوسائل لبناء النفس وجعلها تعت

صالحة لتبؤ مراكز المسئولية على كل المستويات .

-63-

الدخول إلى التأمل

هناك أمور أساسية الزمة للنفس لكى تدخل الى حالة تأمل صحيحة

ناجحة وهى :

أوال : أن يكون االنسان حرا مجاهدا ضد الخطيئة .

بروا الهذيذ وساروا فيه يهون عليهم هذا الجهاد . ألن الذين اخت

الحديث مع هللا من أهم وأقوى العوامل التى تحرر االنسان وتحرق

الخطايا وتبدد شهوتها وسلطانها .

وأهمية اختبار الهذيذ والسير فيه حتى نصل بنعمة هللا الى حالة من

واجه فيه هللا الطهارة والتوبة تليق بالدخول فى التأمل الذى سوف ن

وجها لوجه كقول القديس اغسطينوس .

الوصول الى حاالت ناجحة من التأمل أو الحياة الروحية ويستحيل

العموم دون بذل الجهد فى التلمذة ألعمال النسك والفضيلة وجه على

ثانيا : هدوء الفكر من الجوالن عامل مهم للدخول الى التأمل :

درب العقل أن يحجب عن عينيهيتيقول القديس غريغوريوس :

أى خياالت وتصورات سواء كانت أرضية أوسماوية ويطرد كل

الحركات التى تأتيه من خارج أثناء وقوفه للتأمل سواء كانت من

-64-

جهة السمع أو البصر أو الشم أو حتى الذوق أو االحساس حتى

يتفرغ ألن يطلب نفسه من الداخل كأنه بغير احساس .

ن نتالقى مع هللا إال داخل نفوسنا . ال نستطيع أ

هللا موجود فى كل مكان ولكن ليس بالنسبة الينا ، وانما بالنسبة

الى طبيعته التى تمأل كل الوجود . فليس مكان نستطيع أن نتالقى فيه

مع هللا فى كل هذا العالم الفسيح ، إال فى نقطة واحدة وهى داخل

نفوسنا .

تأمال رائعا فى البحث عن هللا ، يثبت سطينوسالقديس اغيتأمل

فيه أنه ال يمكن أن يجد االنسان هللا إال فى أعماق نفسه :

أنت الدائم الى األبد غير المتغير قط ... وهبتنى نعمة سكناك فى

ذاكرتى يوم أن عرفتـك ... ولماذا ابحث اآلن عنك كأنما تتعدد

أعددت سكناك فى منذ ذكرتك يوم أمكنة سكناك لى ؟ . أنا متأكد أنك

أن عرفتك .. حيث أجدك عندما أدعوك لتذكرنى ... ولكن أين

وجدتك عندما تعرفت عليك ؟ .

كنت أعلى منى .. هناك فى نفسى عميقا أعمق من عمقى وعاليا

أعلى من علوى .

-65-

قد تأخرت كثيرا فى حبك أيها الجمال الفائق فى القدم والدائم جديدا

ى األبد .. آه تأخرت كثيرا فى حبك ..ال

كنت فى فكيف خرجت ابحث عنك خارجا عنى ؟ .

أنت كنت معى ، ولكن لشقاوتى لم أكن أنا معك ! .

فدعوت وهتفت وأخيرا حطمت صممى ...

أخبأت وأبرقت ومزقت ستار عماى .

أفحت عبيقا فسرت يهدينى عطرك ، الهث خلفك .. ذقت فجعت

... لمستنى فأشعلت النار فى . وعطشت

ثالثا : البد أن يكون هناك دافع من الحب .

إن قوة الحب هى المحرك الذى يعزل النفس عن العالم ثم يهم بها

صاعدا إلى العلو للتطلع شوقا إلى هللا .

إن عظمة التأمل ال تمنح إال للذين لهم حب ، حب قوى وعميق .

تأمل طريق سهل يحتاج الى نفس سهلة تؤمن حالة التأمل : طريق ال

بسهولة وتسير بهدى ذلك االيمان .

فمجرد أن تهدأ النفس للصالة وتكون الحواس هادئة والعقل متجمع

. تتسلل النفس قليال لتتحرر من هذه الحواس جميعا ومن شغب العقل

أيضا .

-66-

نما من وكأنما ترتفع عن الجسد ليس من حيث البعد والمكان وا

حيث المستوى والكيان . فتتأمل فى ذاتها ملتصقة بأحدى الحقائق

الروحية أو صفات هللا . وفى اثناء سيرها تصادفها أشياء جديدة

وحقائق عجيبة بعضها يدركها العقل والبعض اآلخر ال يدركه العقل

فيعترى االنسان شعور مفرح ومبهج وسرورا ، إذ يرى نفسه وقد

قائق وأسرار مخفية .استؤمنت على ح

وبذلك يزداد االيمان وتزداد الثقة وتلتهب الحرارة من فرط هذا

الشعور فيقوى الرجاء وتنشط الروح وتجاهد لتمتد أكثر فى ذلك

الطريق السهل الصعب ، إلى أن تقترب من مصدر هذا النور الذى

يوحى بكل هذا الشعور . حتى اذا واجهته فى لحظة يقف العقل

الحواس جميعا وتقع النفس فى دهش من ذلك الشئ الذى لن وتبطل

ولكن اذا توقف العقل فى اثناء تطوافه الهين هللا . –يعتريه التغيير

السهل ، وأخذ يبحث فى احدى الحقائق المعروضة عليه ويناقشها

باهتمام ، فإن التأمل يقف فى الحال وينتهى عند ذلك الحد .

أن يحاول االنسان مواصلة التأمل اذ يكون ويكون من العبث حينئذ

العقل قد ارتد الى الوراء واختلطت المشاعر وسادها الفوضى من

جديد .

-67-

لذلك فى اثناء ابتدائنا بالصالة بالهذيذ أو بالتأمل ، بمجرد أن يشتعل

القلب بالحب وتسرى فى النفس لذة االنطالق ، علينا أن نضع جانبا

ها فى الصالة سواء كانت قراءة أو تفكيرا كل الوسائل التى نستخدم

أو ترتيال بالمزامير أو سجودا ، ونصمت هادئين وننتظر بفرح

انطالق النفس ، وال نحاول أن نستمر أو نفكر فى هذه الوسائل ألنها

سوف تعطل انطالق النفس والدخول فى درجة التأمل .

ثر منها بالقلب أو وهكذا نكون قد انتقلنا إلى حالة صالة بالروح أك

العقل . فبدل ان كنا نحدث هللا بكالمنا ومشاعرنا ، وقفنا أمامه

ليتحدث هو إلينا ال بكالم وال بحديث ولكن بأمور ال ينطق بها .

وحينما نتقدم فى تأملنا قليال قليال ، يصبح استعداد العقل والحواس

نسعى إليه كل حين فى والقلب للدخول فى التأمل أمرا اعتياديا لذيذا

تصبح صالتنا حارة بل ملتهبة حبا يسر بغير عناء ، وبذلك

. ويصبح وجود هللا حقيقة ملموسة للنفس حتى أنه وشوقا

قد يتراءى لبعض الناس فى هذه الدرجة بعض المناظر ، ولكن يظل

ريب فيها أن هللا ال إنما الحقيقة الى . االنسان فى شك أنه لم يرى شيئا

، وإن كانت ال تدركه به بالفعل أمامنا ونحن ملتصقون يكون حاضرا

النفس فى واضحا أثره يكون ولكن ، ادراكا كامال الداخلية الحواس

-68-

، من قبل مثيال له اذ تكون منفعلة انفعاال روحيا لم تسبق أن ذاقت

وتبطل حركات الشعور والتفكير . ويكف العقل عن جوالته ، ويهدأ

ئ ويصمت فى انتظار القادم ليعطوا له الكرامة .كل ش

ينتهى التأمل ولكن بعض آثاره تستمر فى النفس عدة انتهاء التأمل :

أيام ، هدوء يشمل األعضاء جميعا ، فكل حركة يأتيها االنسان تكون

بطيئة والتفكير صعب التركيز ، فيه روية كثيرة والنظرات ثابتة

راك فى الحديث أو المجاملة وفى ساهمة وإعراض كثير عن االشت

أثناء هذة المدة ربما تتكرر حاالت على أن ال تعود إال بعد فترة

ولكن توجد نفوس مهيأة للتأمل فإذا لم تعوقها المعوقات طويلة..

األرضية فيمكن أن ترتاد التأمل يوميا وبإستمرار . اذا كان هناك

الجهاد للوصول لهذه اشتياق ،الذى يدفعة الحب الذى يمألالقلب . وب

المرحلة بالهذيذ الدائم فى اسم هللا المقدس مشاركة مع السمائيين .

ثم مرحلة هدوء العقل والسكينة الداخلية .

فيعطى الروح فرصة للنفس لكى تتهيأ لهذا العمل ، الذى يهبه هللا

لألنسان ، وتتكرر حسب اشتياق االنسان ومسرة هللا الذى يهب

ترجونه وحسب جوده بال قياس . للذين اقتنوا نقاوة عطاياه للذين ي

القلب ، ألنه مكتوب "طوبى لألنقياء القلب ألنهم يعاينون هللا "

-69-

أقوال اآلبـاء فى التـأمل } حينما تقرأ كلمة هللا فى خشوع فى الخفاء ، تتيقظ النفس 43{

لخطاياها ويجوز فيها سيف من الحزن ، ووخزات فى الضمير .

تستطيع إال أن تبكى فتغسل أوزارها بدموعها ... وأيضا فال

حينما تؤخذ بنعمة التأمل وترى أشياء عليا ، فمن فرط اشتياقها

تنساب فى بكاء حلو وتجد فى الدموع عزاءها اذ أنها ال تستطيع

أن تدوم فى التأمل طويال .

غريغوريوس الكبير

} اذا وجدت النفس فى طقس طبعها األول كانت فى العالء ، 44{

أما اذا كانت خارجا عن طبعها ففى أسفل األرض تكون .

باسيليوس الكبير

ك } ال تسرع الى التأمل طالما هو ليس وقت التأمل . حتى يأتي45{

هو ويضبطك وأنت فى جمال التواضع ليتحد معك إلى األبد

بالروح للطهارة .

األب يوحنا الدرجى

}القديسون فى العالم اآلتى ال يصلون ، ألن العقل قد ابتلع منهم 46{

االلهى . بالروح . وهم يسكنون فى الدهش فى ذلك المجد

-70-

} التأمل الحقيقى هو إماتة القلب . فالقلب المائت بالتمام عن 47{

العالم هو بالكمال حى بال .

ماراسحق السريانى

بال فتور ، وبتصور التاورية } ألنهم بتمجيد هللا يتحركون48{

يرتفعون الى الثالث المسجود له ، ويثبتون فى الدهش بنظرة

عظم ذلك المجد . وبهذا التدبير عتيد أن يكون جميع البشر فى

القيامة العامة .

} كلما يدنو االنسان لمعرفة الحق ، ينقص نشاط حواسه ويميل 49{

يدنو من تدبير العالم تزداد يقظة الى الصمت . فى حين كلما

حواسه ويكثر تقبلها فيه .

} إن عمل الفضيلة وتدبير سيرة العقل الخفية هى تحت سلطة 50{

االرادة وفيها تعب وجهاد ومحصورة داخل عمل الهذيذ ، وأما

التأمل بالروح فهو ليس موضوع تحت حرية االنسان وال يقتنى

لتدريب أو عمل االرادة ، وإنما يوهب ألنقياء القلوب بالتعليم أو ا

-71-

} صالة اللسان مفتاح لصالة القلب . وصالة القلب يكون بعدها 51{

الدخول إلى الكنز . حيث ال يكون صالة وال دموع وال تضرع

ألن العقل وجميع الحواس تتخلف اذ تكون الروح قد دخلت الى

التاوريا الروحانية .

ماراسحق السريانى

} قد وهب هللا لبعض الناس حرارة روحانية ألهبت عقولهم 52{

ورفعتهم من األمور األرضية الفانية ليحدقوا فى نور الحكمة

األبدية .

} ماذا أحب فيك يارب حينما أحبك ؟ أنه نور وضياء . هذا هو 53{

ما أحب ! وهو نغم شجى ، وعبيق عطر، وعناق ملتهب ! هذا

هو ما أحب حينما أقول أنى أحبك ياربى !! .

أنه انسانى الداخلى الذى يسعد بذاك النور وذاك العبيق وذاك

العناق ! .

يشرق فى نفسى اشراقا ال يحتويه فضاء مهما اتسع ... -

ن يمحوه الزمن .ويوقع فى داخلى نغما ال يقوى أ -

ويفيح أريحا عطرا ال تزحزحه الريح ... -

-72-

ويذيقنى حالوة ال تؤول الى نقصان ... -

ويلتصق بى مليا فى عناق ال يفرقه شبع ... -

هذا هو ما أحب ، حينما أقول أنى أحبك ياربى . -

يؤلمنى؟ أن هذا الذى يومض فى أحشائى ويقرع قلبى دون ما }54{

حيانا والتهب حبا أحيانا أخرى . ارتجف بقدر ما فارتجف هلعا أ

أرى نفسى انى لست اشبهه ، واطمئن بالقدر الذى فيه أرى

نفسى اشابهه ، انها الحكمة ! هى التى تومض فى أحشائى .

القديس اغسطينوس

! .} رأيت شيئا لم احتمله طويال 55{

القديس اغسطينوس

} ان حالوة التأمل تستحق منا كل الحب . فانها تحمل فوق 56{

ذاتها لتحلق بها نحو السمائيات فتتحقق أن األشياء األرضية

تستحق االزدراء لتسمو نحو الروحيات وتغض الطرف عن

ة الفانية .األشياء الجسدي

غريغوريوس الكبير

-73-

} ان موضوع التأمل الناضج هو الحكمة االلهية حين تدرك 57{

بالفكر وتلمس لمسا رفيقا ...فعندما يتقدم بنا التأمل لنترقى الى

لى ذاتها أو بالحرى ترتقى هى بنا ا –درجة التأمل فى حكمة هللا

حينئذ يكون عظم اتساعها الذى ال يجد سببا لالقتناع بامتناع

كمال المعرفة على العقل البشرى ، انما فقط بالحب نتالمس مع

هذه الحكمة تالمسا وال نجوز خاللها بأى حال من األحوال .

} بنعمة التأمل يتقبل العقل البشرى صوت الفطنة العليا .. 58{

تستمع أذن القلب الداخلية الى كلمات هللا .. وبهذه النعمة العليا و

تؤهل الى معرفة أشياء فائقة .

} يقال أن التأمل ما هو إال شعاع صادر من نور المدينة 59{

السماوية . حيث يغلب على العقل أن يبقى معلقا فى ذلك التأمل

بدية المطلقة التى لم ترها االلهى مبتهجا بما يدركه من مناظر األ

عين ولم تسمع بها أذن .

} ان الالهوت ال يعلن حقيقة ذاته كما هى للذين يمارسون 60{

التأمل فيه طالما فى هذه الدنيا ، انما يكشف عما يحيط به من

-74-

اشراق بقدر بسيط حتى تحتمله عيون عقولنا التى اعمتها الظلمة

حديق فى نور الالهوت . فلم تعد تطيق الت

غريغوريوس الكبير

} إن التأمل فى الكتب حرز عظيم يحفظ االنسان من الخطية ، 61{

ويستميله الى عمل البر .

األب ابيفانيوس

ثا أنت تهتمين وتضطربين ألجل أمور كثيرة ولكن } " مرثا مر62{

الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذى لن ينزع

. اذن فالوجود مع هللا بالتأمل الروحى }42، 41: 10منها " {لو

وكل االستحقاقات تصغرأمامه كل الفضائل الذى الواحد األمر هو

مال البر المتعددة .. وهو كذلك ننالها بسبب التى ننالها بسبب أع

المتعددة .. وهو كذلك اللؤلؤة الكثيرة الثمن التى يفوق أعمال البر

بهاؤها كل األحجار الكريمة مهما كانت غالية . هكذا تعتبر

جميع االستحقاقات التى ينالها الناس بسبب أعمال البر صالحة ،

تعتبر أمور تافهة ونفاية كالم ال – إال أنها كمحصول جسدى

تستحق إالأن تباع اذا قورنت باستحقاقات التأمل فى اإللهيات .

األب يوحنا كاسيان

-75-

=∆f^àÿ^=⁄îÕÿ^=

الحكمة واالفراز

أهمية الحكمة :

عيناه فى رأسه .أما الجاهل فيسلك فى يقول سفر الجامعة : " الحكيم

} .14: 2الظالم " { جا

وقد نبه السيد المسيح كثيرا إلى هذه الحكمة ، حتى قيل إنه مدح

وفى أهمية السلوك بحكمة . }18: 16{لو وكيل الظلم ألنه بحكمة صنع

}16: 10{ مت: " فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام ." قال

كل أوالد هللا بحكمة فى حياتهم وفى خدمتهم .وهكذا سلك

ونرى أن القديس بطرس الرسول امتدح الحكمة التى كان يبشر

بها القديس بولس الرسول فقال " كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس

} .15: 3بط 2أيضا بحسب الحكمة المعطاة له " . {

حكمة هللا وحكمة العالم :

س الرسول بتفصيل كبير الفرق بين حكمة هللا ، شرح القديس بول

} . وقال إن " حكمة هذا العالم 19: 1كو1وحكمة العالم التى تبيد {

" الناس حكمة " وسماها . }19: 3كو1{ " هى جهالة عند هللا

" وحكمة من }.26: 1كو1" حسب الجسد " { . وحكمة }5: 2كو1{

إن هللا اختار جهال هذا } .. وعنها قال : " 6: 2كو1هذا الدهر " {

} .27: 1كو1العالم ليخزى بهم الحكماء " {

-79- وفى مقابل هذا ، تكلم عن الحكمة الروحية التى من هللا ومن روحه

: " لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين بحكمة ليست من هذا فقال

الدهر وال من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون . بل نتكلم بحكمة هللا

حكمة المكتومة التى سبق هللا فعينها قبل الدهور لمجدنا فى سر . ال

} .6،7: 2كو1" {

وهذه الحكمة التى من هللا ، قال عنها القديس يعقوب الرسول إنها

وأما الحكمة التى " : " الحكمة التى من فوق " وشرح تفاصيلها فقال

من فوق فهى أوال طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة

} . 17: 3وأثمارا صالحة عديمة الريب والرياء " { يع

وفرق بينها وبين حكمة العالم التى وصفها بأنها " أرضية نفسانية

} . وبأن منها " التحزب والغيرة والتشويش 15: 3شيطانية " { يع

وكل أمر ردئ " .

والخداع ولها الكذب وسائلها من ، وربما والخبث المكر فيهاالعالم حكمة

أصل جميع " . وهكذا سلكت الحية من السبل يدخل فيها الشيطان كثير

أيضا سلكت حواء وهكذا أمنا خدعت حينما . }1: 3{تك " حيوانات البرية

أن بها حيلة يمكنه آخاب حينما دبرت له الملك الشرير ايزابل زوجة

} .15 - 5: 1مل1{ حقل نابوت اليزرعيلى لما علىيستولى ظ

-80-

وبحكمة عالمية أيضا سلكت رفقة زوجة اسحق لكى تحصل إلبنها

على بركة أبيه . وكان ذلك بالكذب والخداع والحيلة حتى أن يعقوب

خاف وقال لها " ربما أجلب على نفسى لعنة ال بركة "

} .12: 27{ تك

ليست كل وسيلة توصلك إلى غرضك هى وسيلة سليمة .

من العجيب أن طرق العالم كثيرا ما توصل بسرعة .. لكنها غير

مقبولة أمام هللا .

ومن أمثلة الحكمة البشرية غير المقبولة من هللا مشورة اخيتوفل .

رير ، يصلى األبرار إنها ذكاء بشرى يأتى بنتيجة ولكنه ذكاء ش

} .31: 15صم2أن ينجيهم الرب منه {

وبالمثل كل خدع الشيطان التى سيضل بها العالم فى آخر الزمان

وحيله أيضا فى كل زمان .

إنه ذكاء ، ومعرفة ، وحيلة تأتى بنتيجة ، أو هى الحكمة الشيطانية

} .15: 3الى ذكرها معلمنا يعقوب الرسول {يع

مور ينبغى أن نهرب منها ، وأن نرفض نتائجها مهما وكل هذه أ

بدت فى صالحنا ، ألن عواقبها وخيمة . ومهما قدم لنا الشيطان ، أو

مهما قدم لنا ذكاؤنا البشرى ... فكرا يبدو لنا صالحا ، فلنرفضه وإن

-81-

والكتاب يحذرنا . غير روحى كانت وسائله غير سليمة ، أو إن كان

ريق تظهر لالنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" توجد ط قائال :

}25: 16أم -12 :14{أم "

مصادر الحكمة :

هو هللا ، بالصالة . وفى ذلك يقول الرسول : "] المصدر األول : 1[

هللا الذى يعطى الجميع من حكمة فليطلب وإنما إن كان أحدكم تعوزه

البتة ألن مرتاب غير ولكن ليطلب بإيمان . يعير فسيعطى له بسخاء وال

} 6، 5: 1" {يع . المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه

وهكذا نحن باستمرار نطلب اإلرشاد من هللا ، نطلب إليه أن ينير

عقولنا وقلوبنا ، ويلهمنا الحكمة من عنده ، ويعرفنا كيف نتصرف

فوق .} فلنطلبها من 3وما دامت " الحكمة نازلة من فوق " {يع

] المصدر الثانى : هو المشورة ، التى من أناس يتكلم هللا على 2[

أفواههم .

وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول " اذكروا مرشديكم الذين

كلموكم بكلمة هللا ... أطيعوا مرشديكم واخضعوا ألنهم يسهرون

ألجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا لكى يفعلوا ذلك بفرح ال

} .17، 7:13آنين ألن هذا غير نافع لكم " {عب

-82-

هو طلبها من ذوى الحكمة والخبرة . : ] المصدر الثالث للحكمة3[

إذن ال تكفى المشورة ، وإنما المشورة ومعها الطاعة والتنفيذ .

ففى الطاعة خضوع ، واظهار لإلتضاع ورفض لإلرادة الخاصة ،

ى يستفيد هو من الحكمة العاقلة والتنفيذ يوضح التسليم الكامل . لك

الممنوحة لهم من هللا التى تبنى النفس بنيانا حقيقيا وفق وصايا

االنجيل التى تقودنا فى تدبيرنا الروحى لخالص نفوسنا .

إذن ينبغى انتقاء المرشد الصالح الحكيم ، الذى تمتص منه الحكمة.

ه بالنساك ، كان القديس األنبا انطونيوس فى بدء رهبنته واسترشاد

كالنحلة التى تمتص عصيرا من كل زهرة .

كثيرون يطلبون الحكمة من انسان واحد ، ويصبحون صورة طبق

األصل منه أما القديس االنبا انطونيوس فكان يتعلم من شخص النسك

، ومن آخر الصالة ، ومن الثالث االتضاع ، ومن الرابع البشاشة ،

وهكذا .ومن الخامس المعرفة ...

أهم مجال تلزمه الحكمة :

األعمال تنقسم إلى أربعة أقسام : عمل هو خير واضح ، وعمل

هو شر واضح . وربما كالهما ال يحتاجان الى حكمة للتمييز .

-83-

؟. : أهو خطأ أم صواب ، فهو يحتار أمامه الفكر أما النوع الثالث

األمر يحتاج إلى حكمة أو يحتار أمام نتيجته أو وسيلته وهو فى هذا

أوعلى األقل يحتاج إلى مشورة صالحة ، وإلى كلمة منفعة ، تنير

الطريق قدامه ... وهنا تبدو فائدة الروحيين والمرشدين والحكماء .

والنوع الرابع الذى يحتاج إلى حكمة للتمييز بين طريقين ، ال

يدرى الضمير أيهما أصلح .

را فى ذاته ، ولكن أيهما أكثر خيرا ؟ وقد يكون كل من األمرين خي

أو أيهما أكثر مناسبة لهذا الشخص بالذات .

مثال ذلك الذى يقف حائرا أى الطريقين يختار لتكريس حياته :

الرهبنة أم خدمة الكهنوت .

؟. كالهما خير .. ولكن أيهما أفضل له هو؟ أو أيهما يناسب طبيعته

للتمييز ، وتحتاج تأنى ريثما مثل هذه األمور تحتاج إلى حكمة

يفحص االنسان ذاته ، وريثما يسمع صوت هللا فى قلبه ، أو صوت

هللا على فم أب حكيم ومرشد مخلص .

يحتاج األمر إلى حكمة فينا ، أو إلى حكمة فى مرشدينا . وهناك

مجال آخر يحتاج إلى حكمة ، وهو طريقة الوصول إلى فضيلة معينة

إليها . ، أو طريقة التدرج

-84-

فالفضائل واضحة ، مشروحة فى الكتب الروحية ، ولكن ما هى

نقطة البدء ؟ وما هى الطريقة المثلى الكتسابها ... والبعض يندفع

إليها بسرعة قد تأتى بنتيجة عكسية ، أو تأتى بنكسة روحية ،

والبعض قد يسير ببطء ، ربما يؤدى إلى فتور أو كسل أو تراخ .

حائرا بين حرارة السرعة ، وتباطؤ التدرج ، والعقل قد يقف

ويحتاج إلى حكمة : كيف يسلك ؟ .

والرد بأن السرعة أفضل ، أو التباطؤ أفضل ، ليس ردا سليما .

اشتعال من الروح القدس فحينما تكون هناك دفعة قوية من النعمة أو

ل السائح األنبا ميصائي مع القديس .. فهكذا حدث التوقف فهنا ال يجوز

ومع القديسين مكسيموس ودوماديوس .. وكل أمثال هؤالء الذين

وصلوا بسرعة . وفى حاالت أخرى قد يحسن التدرج .

وهناك نقطة جوهرية يلزم لها الحكمة والتمييز ، وتتركز فى

المفهوم السليم لبعض الفضائل ، مفهوما يعطيها تكامال مع باقى

رف .الفضائل مع بعد عن التط

والحكمة الحقيقية ، هى الحكمة النازلة من فوق ، كهبة من مواهب

الروح القدس وهى تختلف تماما عما يدعيه البعض من حكمة بشرية

أو عالمية ليست هى من هللا .

-85-

فالبعض لديهم سياسة ودبلوماسية ، يظنونها حكمة ،والبعض عندهم

ذا كله بعيدا تماما عن دهاء ، أو ذكاء يظنونه حكمة . وربما يكون ه

] .3الحكمة الحقيقية " النازلة من فوق " [ يع

ما بين الذكاء والحكمة :

الحكمة لها معنى أوسع بكثير من الذكاء ، وقد يكون الذكاء مجرد

جزء منها . وقد يتمتع إنسان بذكاء خارق وعقل ممتاز ، ومع ذلك ال

تعطل عقله وذكاءه أثناء يكون حكيما فى تصرفه . ربما توجد عوائق

التصرف العملى . أو قد يخضع فى تصرفاته ألعصاب تثور

وتنفصل . فيتصرف بأعصابه ال بذكائه ، وال يكون تصرفه حكيما !

أو قد يكون له ذكاء ولكن تنقصه الخبرة أو المعرفة ، ونقصهما

يجعل سلوكه غير حكيم

؟ . ما هى إذن الحكمة ، وفى أى شئ تتميز عن الذكاء

، وقد يكون الذكاء مجرد نشاط فكرى سليم أما الذكاء مصدره العقل

السلوك العملى. فى السليم بالتصرف الحسن فهى تتبع التفكير الحكمة

وهى ال تعتمد على العقل فقط ، إنما تستفيد أيضا من الخبرة ومن

اإلرشاد ، ومن الصالة وتوجيه الروح القدس .

-86-

المعرفة السليمة . أو مجرد الفكر فالحكمة ليست هى مجرد

الصائب ، إنما هى تدخل فى صميم الحياة العملية ، لتعبر عن

وجودها بسلوك حسن ... فهى ليست مجرد معلومات نظرية أو

عقلية ، ويؤكد ذلك قول يعقوب الرسول :

" من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن فى

} .13: 3وداعة الحكمة . " {يع

حقا إن الفكر السليم ، أو الذكاء ، يجوز اختبارا دقيقا عند التطبيق

العملى فإن نجح فيه يتحول إلى حكمة .

اإلنسان ذكيا ، يفكر أفكارا سليمة . ولكن تنقصه الدقة فى وقد يكون

، فيخطئ فى التعبير، لنقص معلوماته عن مدلول كل لفظ فى دقة

، ويقصد ما يقوله. ما يقصده الحكيم ، فإنه يقول االنسان . أما التعبير

، ودقة التعبير ، وسالمة التدبير وهكذا تشمل الحكمة جودة التفكير

: كل حكيم ذكى ، ولكن ال يشترط أن يكون كل ذكى وهنا نقول

... والحكيم إن كان ينقصه شئ من الذكاء ، فإنه يستعيض عنه حكيما

طالع ، وباالستفادة من خبرته وخبرة بالمشورة ، وبالقراءة واال

اآلخرين ، كما ينتفع أيضا من التاريخ .

حكمة الشيوخ". عبارة " ، لذلك نسمع الحكمة ألهمية الخبرة فى ونظرا

-87-

، فى مشورتهم يضيفون إلى عقل اإلنسان إن المشيرين الحكماء

عقال ... ويضيفون الى فكرة وجهة نظر أخرى ما كان يلتفت اليها

ولعلهم يمنعونه من االندفاع فى اتجاه ومحدودية رؤيته .. لقلة خبرته

معين تكون كل قواه الفكرية مركزة فيه بسبب غرض معين فى قلبه

أو يدفعه فى اتجاه معين. ، هنا نرى أن االندفاع يعطل الذكاء ومن

" ال تعتمد وعلى فهمك " قول الكتاب ولذلك مهما كنت ذكيا ، تذكر

] . ففهمك يدور فى دائرة محدودة هى دائرة معرفتك 5: 3م[أ

وخبرتك ورؤيتك الخاصة . وال مانع من أن تضيف إليها رؤية

أخرى ومعارف وخبرات أخرى ، عن طريق السؤال أو االستشارة

والحكيم ال يندفع فى تصرفاته ، وإنما يهدئ اقتناعه الخاص ، حتى

يتبصر باسلوب أعمق واوسع ..

ت الحكمةمعطـال ] السرعة فى التصرف :1[

للتفكيروللبحث والدراسة ومعرفة الرأى واسعا مجاال ال تعطى السرعة

. كما أنها ال تعطى مجاال للمشورة ، ولعرض األمر على هللا اآلخر

فى الصالة . وربما تحوى السرعة فى طياتها لونا من السطحية

ات هوجاء طائشة .ما تكون تصرف السريعة غالبا والتصرفات

-88-

واالنسان الذى يتصرف بتسرع ، ربما يرسل له هللا ما ينصحه

لكى ال يتسرع فى تصرفه فيخطئ ، ويترتب على هذا التصرف

السريع من جانبه نتائج ربما ال تكون فى صالحه .

إن الحكماء وتصرفاتهم متزنة رزينة ، أخذت حظها من التفكير

اتهموهم بالبطء وال ننكر أن بعض مهماوالفحص والدراسة والتعمق

بين السرعة والتسرع . ولكن هناك فرقا . تحتاج الى سرعة األمور

والتسرع هو السرعة الخالية من الدراسة والفحص . ويأخذ التسرع

صفة الخطورة ، إذا كان فى أمور مصيرية أو رئيسية . ويكون بال

كن الوقت ضاغطا عذر . إذا كانت هناك فرصة للتفكير ، ولم ي

والحل السليم ، ليس هو الحل السريع وإنما هو الحل المتقن .

] من معطالت الحكمة أيضا عدم الفهم ، أو قلة المعرفة :2[حينما نتعامل مع اآلخرين ينبغى أن ندرس نفسية وعقلية وظروف

، ◌ معه .. سواء كان زميال فى عمل ، أو رئيسا الشخص الذى نتعامل

بما يناسبه فإن درست سا، أو صديقا، أو جارا، ونتعامل معهأومرؤو

نفسية وعقلية من تتعامل معه ، تعرف المفاتيح التى تدخل بها إلى

قلبه ، وتنجح فى تصرفك معه .. حقا إنه فى بعض األحيان ، يكون

عيب فيهم ، الفشل فى التعامل مع اشخاص معينين، ليس راجعا إلى

لى عدم معرفتنا بطريقة التعامل معهم .بقدر ما هو راجع إ

-89-

االفراز الروحى اإلفراز : هو عين القلب التى تفرز األفكار واألعمال مميزة إياها .

هو عطية إلهية يلزمنا أن نثابر فى طلبها بلجاجة من هللا الذى هو

أصل وينبوع الحكمة ذاته .

المغاالة فى الروحى يحفظ االنسان من الضربات اليمينية ك واالفراز

الكبرياء ، كما يحفظه فى الصوم أو الزهد مما يسقط اإلنسان أو السهر

المعثرة . من االنحراف اليسارى فال يقبل التراخى والكسل واألفكار

} االفراز هو الذى يقود االنسان الشجاع بخطوات ثابتة نحو هللا 63{

ى ذروة ويحفظ له دوام سالمة الفضائل بغير ملل حتى تبلغ أقص

الى مرتفعات الكمال مهما كان ال يمكن الوصول . وبدونه الكمال

، ومنظمها. فالتمييزهو اساس الفضائل وحارسها . رغبة بكل الجهاد

القديس األنبا انطونيوس

تضاع هو } ان االفراز الحقيقى ال يكون إال من االتضاع ، واال64{

أن نكشف آلبائنا أفكارنا وأعمالنا ، وال نثق برأينا ، بل نستشير

الشيوخ المجربين الذين نالوا نعمة االفراز ، ونعمل بكل ما

يشيرون به علينا ، فالذى يكشف افكاره الردية آلبائه فانها تخف

عنه ، وكما أن الحية اذا خرجت من موضع مظلم الى ضوء

-90-

تهرب بسرعة ، كذلك األفكار الردية اذا كشفت تبطل من أجل

فضيلة االتضاع .

واذا كانت الصناعات التى نبصرها بعيوننا ونسمعها بآذاننا

ونعملها بأيدينا ، ال نقدر أن نمارسها بذواتنا ان لم نتعلمها أوال

يمارس من معلميها ، أفليست اذن جهالة وحماقة ممن يريد أن

الصناعة الروحانية غير المرئية بغير معلم ، علما بأنها أكثر

خفاء من جميع الصنائع ، والخطأ فيها أعظم خسارة من كل ما

عداها ؟! .

أحد اآلباء الشيوخ

] أهميـة االفـراز 1[

علم االنسان كيف يسير فى الطريق الملوكى ، االفراز هو الذى ي

وكيف يحيد عن الطريق الوعرة . ان االفراز يعلم االنسان كيف ال

يسلب من الضربة اليمينية باالمساك الجائر المقدار وكيف ال يصاب

بالضربة اليسارية بالتهاون واالسترخاء .

سد . االفراز هو عين النفس وسراجها كما أن العين سراج الج

احذر لئال يكون النور الذى فيك : الرب قائال حذر االفراز وبخصوص

سيئاته وأقواله وأعماله وباالفراز االنسان يفحص فباالفراز . ظالما

-91-

أيضا يفهم االنسان األمور ويميز جيدها من رديئها ويتأكد ذلك من

لم الكتب المقدسة : فشاول الملك لما لم يمتلك االفراز اظلم عقله ف

يفطن الى أهمية ما قاله هللا بلسان صموئيل النبى . فأغضب هللا بذلك

التصرف الذى به كان يظن أنه يرضى هللا ونسى أن الطاعة ل

ومدبرا لسفينة ربانا والرب يسمى االفراز أفضل من تقريب الذبائح

أوراق الخريف هكذا يسقطون سريعا . والذين بال مرشد مثل . حياتنا

. إذ يقول الرسول وشمسا " " بل ، " نور الجسد " ال يدعى فقط يزوالتمي

" سلطانا " ويدعى أيضا }26: 4{اف" " ال تغرب الشمس على غيظكم

إذ ال يسمح لنا الكتاب المقدس أن نصنع شيئا بدونه " مدينة منهدمة

} . 28: 25بال سور . الرجل الذى ليس له سلطان على روحه " {أم

لحكمة ويقطن الفهم والمعرفة ، وبدونه ال يبنى بيتنا وبه تسكن ا

الداخلى وال نستطيع أن نجمع الغنى الروحى الذى لنا ، فقد قيل :

" بالحكمة يبنى البيت وبالفهم يثبت . بالمعرفة تمتلئ المخادع من

، " الغذاء الكامل " وهو. }3،4: 24كل ثروة كريمة ونفيسة " {أم

وأما الطعام القوى فى النمو والصحة إذ قيل" نالذى يقتات به الكاملو

فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على

} . 14: 5التمييز بين الخير والشر "{عب

-92-

] تمييز اآلالم الجسدانية2[ } قال أنبا أنطونيوس :65{

ان للجسد ثالث حركات : الحركة األولى من الطبع تتحرك فيه

ولكنها ليست عاملة ما لم توافقها النية والحركة الثانية تتولد من

الراحة وتنعم الجسد بالطعام والشراب. فيسخن الجسد ويهيج الدم

ويحرك الى الفعل ولذلك قال الرب " انظروا لئال تثقل قلوبكم بالشبع

" ال تسكروا بالخمر الذى فيه الخالعة ". : والسكر" . والرسول يقول

لحركة الثالثة فانها تهيج على المجاهدين من حسد الشياطين .أما ا

] كيف نقتنى التمييز3[

التمييز الحقيقى ال يأتى إال باالتضاع الحقيقى .

فاالتضاع هو البرهان األول لصيانة كل شئ ويكون ذلك باالعتماد

على اآلباء . فال يثق الشخص فى حكمه على كل شئ بل

باء فى كل نقطة ويتعرف على تمييز الخير من يذعن لما يقوله اآل

الشر بواسطة تعاليم اآلباء كيف عاشوا واختبروا ذلك .

يسير فى الجانب األيمن من طريق لكى ال االنسان تعين الطريقة وهذه

وحيله. كل مكائد العدو التمييز الحقيقى فحسب بل وتحفظه سالما من

-93-

حسب حكمه الخاص بل فإنه ال يمكن أن يخدع من كان يسير ال

مقتفيا آثار اآلباء وسار على طريقهم والتزم بوصايا االنجيل وتمثل

بفضائلهم .

والفكر الخاطئ يضعف بمجرد اكتشافه ، كاالفعوان الدنس الذى

الشيطانية مفتضحا .. فاألفكار المظلم المخفى ويهرب كهفه من ينسحب

قلوبنا . يكون لها تسلط علينا بمقدار ما تختبئ فى

واالعتراف يكسر سلطان الفكر الشرير ، ألنه باالعتراف ينكشف

وينفضح ، وبذلك يتحرر من سلطانه وتأثيره عليه .

} كل األمور الروحية يختبرها االنسان باالفراز ويميزها ولن 66{

يأتينا االفراز ما لم نتقن أسباب مجيئه وهى : السكوت ألنه كنز

السكوت يولد النسك ، والنسك يولد البكاء ، والبكاء الراهب ، و

يولد الخوف . والخوف يولد االتضاع .

والتواضع مصدر التأمل فيما سيكون ، وبعد النظر يولد المحبة ،

والمحبة تولد للنفس الصحة الخالية من األسقام واألمراض ،

فيعد ذاته للموت . وحينئذ يعلم االنسان أنه ليس بعيدا من هللا

القديس انبا موسى األسود

-94-

] نتيجة عدم االفراز فى النسك4[} إن قوما عذبوا أجسادهم فى النسك ولم يجدوا االفراز فصاروا 67{

بعيدين عن هللا

ونيوس القديس أنبا انط

} ممدوح هو االنسان الذى يربط النسك بالفهم ، لكى تروى 68{

النفس من هذين النوعين ، وتظهر النسك بقتل األعضاء التى

على األرض ، أعنى الزنى والنجاسة واألغراض الشريرة .

أنبا اغريس

األوقات مضينا إلى من وقت فى أنه الطوباوى أللبينوس حدث +

دفعتين أكلنا فيها ، مرحلة 40 االسقيط وكان بيننا وبين االسقيط

يتلومحفوظاته وما كنا كان بل شيئا، فيها يذق لم وهو أيام ثالثة ماء وشربنا

نلحقه ماشيا ، وهكذا ضبطه العدو أخيرا لما اقتنع برأيه وفى

حمى محرقة فى أمكنة الجلوس فى القالية ، عروض ذلك أمسكته

مسمارا دفع " : قيل كما إلهية فمضى إلى اإلسكندرية ولعل ذلك بسياسة

اسلم ذاته باختياره لعدم االفراز فوجد فيما بعد خالصا ألنه بمسمار".

فصار يحضر المسارح وسباق الخيل ، ومن كثرة أكله ، طوعى غير

شارف ، ولما إلى محبة النساء وغرامه بشرب النبيذ مال جدا

- 95-

أن مرض فى – ولعله بسياسة الهية -، حدث له تلك البئر الوقوع فى

حتى أن تلك األعضاء تهرأت وسقط منها أشهر أعضائه مدة ستة

وفيما بعد برئ . فانتبه وذكر السيرة السمائية واعترف بجميع ، وبها

.أيام قالئلاألجل فتنيح بعد له ولم يفسح ، ما حدث له لآلباء القديسين

نستطيع أن نتوصل بسهولة الى معرفة التمييز الحقيقى ، وذلك

باقتفائها آثار آبائنا ، وعدم صنع أى شئ أو تقرير أى أمر من

عندياتنا بل كما تعلمنا به من تقليدهم واستقامة حياتهم .

واالنسان الذى يتقوى بهذه النظم ، ال يصل فقط إلى ادراك

الوسيلة الكاملة للتمييز ، بل يبقى دائما فى آمان من مكائد العدو

فليس هناك وسيلة أخرى يسقط بها الشيطان اإلنسان بتهور ويقوده

إلى الموت إال عن طريق االستخفاف بأقوال اآلباء واعتماده على

أفكاره الخاصة وأحكامه التى يظن بها أنها الصواب .

أن نقتفى آثار آبائنا القديسين ، كيف عاشوا فيجب علينا فى جهادنا

بحكمة وافراز فى تدبيرهم الروحى وانتصروا على تجارب العدو .

ونجوا من فخاخه بقوة الصالة وعمل النعمة وارشاد الروح القدس

الذى يكشف لهم كل اساليبه الملتوية وخداعه .

وتدبير فى لنكشف أفكارنا آلبائنا فستبطل عنا ونسلك بحكمة وافراز

كل األمور حسب وصايا االنجيل التى تقودنا الى طريق الكمال .

-96-

====

W=ç‹_¶^=⁄îÕÿ^= حروب األفكار

و االنتصار عليها

حروب األفكار واالنتصار عليها بدايــة الفكـر :

مثال بالغيرة المقدسة فكر الخطية يبدأ بصورة خداعية .. ربما يبدأ

، ومحبة الرغبة فى بناء الملكوت .. ويتطور إلى دراسة األخطاء

التى تحتاج إلى اصالح . ويتدرج من األخطاء إلى المخطئين . ومن

الرغبة فى اصالحهم إلى القسوة عليهم . وحينئذ يصبح الفكر كله

ليهم . إدانة وسخط على هؤالء ، وكراهية لهم ، ورغبة فى القضاء ع

وهنا فقط يكشف الفكر عن ذاته . وقد يبدأ الفكر بعكس هذا ،

بالعطف على الساقطين ومحاولة انقاذهم .

وربما ، ، ودرجته واسبابه وقصصه يستعرض نوعية السقوط وهنا

ينفعل بكل هذا انفعاال ألميا ، فيسقط فكريا فى نفس األمر..

. وأيضا قد يبدأ ضعيفا . الفكر الخاطئ قد ال يبدأ بصورة خطية

عليه ولكنك كلما تستبقيه يخيل اليك أنك تستطيع بسهولة أن تنتصر

داخلك ، وكلما تأخذ وتعطى معه .. يثبت هو أقدامه ويقوى عليك .

ذلك ألنك مكنته من وضع اليد على أرض مقدسة داخل نفسك .

ت تريده ، كما انك أشعرت الفكر أنك تريده باستبقائك إياه .. ومادم

إذن فأنت تعجز عن طرده .

-99-

كذلك فى استبقائه ، يكثر الحاحه عليك ، وضغطه على مشاعرك ،

وحينئذ قد تضعف أمامه ، ألنك لم تعد فى قوتك األولى التى كانت

وهنا تبدو به.. ولم يعد هو فى ضعفه الذى بدأ لك فى بداية الفكر..

للسيطرة عليها . الحرب غير متوازنة ، وتحتاج إلى مجهود أكبر

ونقطة أخرى فى سبب سيطرة الفكر عليك بعد أن كان ضعيفا :

وهى أنك باسترخائك فى طرد الفكر الخاطئ ، إنما تخون الرب ،

باستبقائك فكرا ضده ، وبسبب هذه الخيانة تتخلى عنك النعمة التى

كانت مصدر قوتك . وحينئذ يصبح من السهل سقوطك .. وربما

آخر لبعد النعمة عنك .. وهو أنك فى استبقائك للفكر ربما هناك سبب

كان فى داخلك لون من الكبرياء ، شعور بالذات ، يقنعك أنك أقوى

من الفكر ، وأنك تستطيع طرده فى أية لحظة أردت !! .

ولذلك تتركك النعمة لتشعر بضعفك فتهرب فى المستقبل من أى

باالتضاع وليس بادعاء القوة فكر خاطئ يأتيك .. وهكذا تنتصر عليه

وربما الفكر الضعيف الذى أتاك ، استطاع . والقدرة على طرده

هللا بالصالة ، ولم تلجأ إلى وحدك حاربته ألنك ، عليك أخيرا أن يقوى

لكى ينقذك منه ونسيت أن ترشم ذاتك بعالمة الصليب وتطلب قوة

نتصر على الفكر .من فوق . لكى يعطيك الرب القوة التى بها ت

-100-

مصادر الفكر الخاطئ : ] قد يأتى الفكر من فكر سابق ...1[

األفكار ليست عقيمة ، أنها تلد أفكارا من نوعها ، كجنسها ، ربما فكر بدأت به من أيام ، ويريد أن يكمل .. قصة بدأت ، ولم تصل إلى

ستطالع ، نهاية ، وتريد مزيدا من التفاصيل . ولو من باب حسب اال فاهرب من ذلك .

] يأتى الفكر الخاطئ من الخبرة .2[ ] ربما تركزت فى العقل الباطن قصص أو مشاعر أو رغبات ، 3[

على نقاوة احرص! وتتفاوض معك ، على العقل الواعى أن تطفو تحبعقلك الباطن ، وال تختزن فيه أشياء تعكر نقاوة فكرك وإن كنت قد

معثرات قديمة ، فال تستعملها . بالوقت اختزنت فيه خطايا أو واالهمال يتنقى منها ، بحلول أفكار نقية جديدة تحل محلها داخلك .

] والعقل الباطن يختزن من مصادر متعددة ، منها القراءات ، 4[ حريصا أن تكون إذن عليكوالشهوات واألفكار، والمناظر، ، والسماعات

فيه تفكر ، وكل ما تراه وما تسمعه على نقاوة قلبك فى كل ما تقرأه وما

على نقاوة حواسك . كما تحرص ، نقية وان تجعل رغباتك أيضا ] الحواس هى أبواب الفكر . 5[

الحواس النقية تجلب أفكارا نقية . والحواس الدنسة تجلب أفكار دنسة

. والحواس الطائشة تجلب أفكار طائشة . -101-

ط الفكر أيضا .. والذى وضبط الحواس يساعد بال شك على ضب

جاهد للحصول على نقاوة الفكر ، عليه أن يراقب حواسه ، ويدربها

على الحرص الروحى .

] والفكر الخاطئ قد يأتى أيضا من الشيطان ، أو من الناس . 6[

أفكار غريبة تأتى ألى شخص ، ليست هى منه ، ولكنها تستطيع أن

ك باستمرار ، وال تكن تحت تغير طبعه وأسلوبه . لذلك راجع أفكار

تعتنق ما يقوله من أفكار ، بغير فحص. ما ، أو سيطرة شخص تأثير

] وقد تأتى األفكار من الشيطان يلقيها فى ذهن االنسان ولو 7[

على أن االنسان يجب أن يميز ، ليرى هل هذا الفكركاقتراح .

، يمكنه أن من هللا أم من الشيطان ؟ وإن لم تكن له موهبة اإلفراز

يستشير من له هذه الموهبة .

، إنما هو يقدم عروضا قبول أفكاره على يرغم إنسانا ال إن الشيطان

. وهكذا فعل مع آدم وحواء. واإلنسان الروحى إغراء ، ويقدمها فى

يقاوم كل فكر ضد وصية هللا .. وكما قال الرسول :

} .9: 5بط1" قاوموه راسخين فى االيمان " {

الحـرب والسقـوط :

ليس كل فكر خاطئ يأتى إلى عقل اإلنسان يعتبر خطية .. فقد

-102-

وهناك فرق بين الحرب ، والسقوط فى الحرب .. يكون مجرد حرب

الروحية ، تكون هناك أفكار خاطئة تلح على عقل اإلنسان الحاحا ،

طيع وبشدة ، وربما لمدة طويلة وهو رافض لها ، يقاومها بكل ما يست

من قدرة ، ومع ذلك هى مستمرة ، وضاغطة .

أما السقوط بالفكر ، فهو قبول الفكر وعدم مقاومته ، أو مقاومته

بمقاومة شكلية ضعيفة ، هى فى الحقيقة مستسلمة وراضية !! .

وقبول الفكر الخاطئ نقول إنه خيانة ل ، ألنه فتح أبواب القلب

ألعداء هللا ، وقبولهم مكانه .

ألن اإلنسان أثناء هذا الفكر يكون قد دنس هيكله المقدس الذى و

} . وكأنه يطرد روح16: 3كو1هو أصال هيكل للروح القدس {

} .14: 6كو2هللا من قلبه ، ألنه " ال شركة للنور مع الظلمة " {

وفى السقوط بالفكر ، يكون اإلنسان ملتذا بالفكر ، أو متعاونا معه ،

يستدعيه ويكمل عليه .ويكون هو والفكر شيئا واحدا ينميه ويقويه و

وروحا واحدا ، وال يستطيع أن يميز فى مجرى التفكير الخاطئ بين

الفكر الذى بدأ كالحرب ، والفكر الصادر من هذا اإلنسان الساقط ..

من قلبه وعقله هو ! .

-103-

وفكر السقوط قد يكون مصدره شهوة أو رغبة .. والشهوة

فالفكر الخاطئ تنتج عنه يتبادالن الوضع كسبب ونتيجة .. والفكر

والشهوة ينتج عنها الفكر الخاطئ . وكل منهما سبب لآلخر ، الشهوة

أو نتيجة له ، يقويان بعضهما البعض فى خط واحد . وفى هذه الحالة

يتعاون الفكر الذى من الخارج ، مع الفكر الذى من الداخل .

أمور تساعد على السقوط

] الفراغ واالسترخاء :1[

اذا حورب االنسان بفكر خاطئ وبقى فى حالة فراغ واسترخاء ،

البد أن يشتد الفكر عليه ، وقد يقوى بسهولة على اسقاطه . ألنه فى

حالة الفراغ ينفرد الفكر باإلنسان ، بال مقاومة ، وبال دفاع .

لذلك احترس فى وقت فراغك من األفكار التى تأتى إليك ..

واألفضل أنك ال تترك فكرك فى حالة فراغ .

إن العقل من طبيعته أنه دائما يعمل ، وهو فى انشغال مستمر ،

. ففى حالة وإما بأمور تافهة ولكنه ال يتوقف ، إما بأمور هامة

االسترخاء ، قد يفكر فى أى موضوع ، وقد يعبر على عديد من

و استرخاءه فيلقى إليه القصص واألخبار واألفكارهنا يستغل العد

بفكر خطية أو بفكر يؤول إلى خطية دون أن يشعر .

-104-

وهنا ينبغى أن يستيقظ اإلنسان لنفسه ، ويطرد هذا الفكر بسرعة ،

قبل أن يستقر ويستمر .. ويحسن فى حالة االسترخاء ، أن تشغل

نفسك بشئ هادئ بسيط ، ال يقود إلى خطية .

] الضعف الروحى :2[

ة الضعف الروحى على اإلنسان أن يهتم بنفسه باألكثر ،فى حال

ويكون فى حالة حرص شديد ، ويراقب نفسه بكل قوة ، ويقدم لها فى

نفس الوقت الغذاء الروحى الكامل الذى يقويها وينتشلها من ضعفها .

وليحترس جدا من حاالت الضعف ، وليهرب أثناءها من كل مسببات

العثرات واألفكار .

االستسالم لألفكار : ] 3[

اثبت فى قتالك مع عدو الخير ، إلى أن تأتيك قوة من فوق ،

فتنتشلك مما انت فيه ، وتنتهر الشيطان من أجلك .

والضعف ليس حجة للسقوط ، إنما هو حجة لطلب المعونة ، التى

بها تقاوم الشيطان .

] محبة الحكايات الخاطئة :4[

فستجد لذة فى تأليف قصص خاطئة تؤذيك ألنك إن كنت هكذا ،

روحيا ، تشبع رغبات خاطئة داخل نفسك .

-105-

-105-

وهنا تكون الخطية فى داخلك ، نابعة منك ، من (مواهبك ) !

وكثيرون من هواة تأليف القصص ! إمايبدأون بها ، أو أن الشيطان

يلقى اليهم بفكر ، فيؤلفون عليه حكايات طويلة ال تنتهى ...

األفكار مجرد عمل ارادى ، الشباع رغبات خاطئة .. مثل وتكون

فكر انتقام ، او زنا ، أو أحالم يقظة ...

أنواع من حروب الفكر

ثالثة أنواع من الناس تتعبهم األفكار :

النوع الذى يسعى إلى الفكر . )1(

الذى يعايش الفكر ويستبقيه . )2(

النوع الذى يمكنه التخيل ويؤلف أفكارا وقصصا . )3(

يسعى وراء الفكر

هذه ال تأتيه األفكار وتتعبه ، إنما هو الذى يتعب األفكار ! .

هو الذى يفتش عن مصادر الفكر ، يسعى ليحصل على مادة للفكر

يرسل حواسه هنا وهناك ، بقصد ونية ، لكى تحصل له على مادة

تغذى فكره ، ويفرح بذلك جدا ويشتهيه .

ستطالع ، الذى يبحث عن أخبار الناس هذا هو النوع المحب لال

وأسرارهم . ويسره أن يتحدث فى أمثال هذه الموضوعات ، ويزيد

-106-

على ما يسمعه تعليقات واستنتاجات من ذهنه ، وبخاصة فى كل ما

هو سيئ وشرير . وكل هذا يكتنز فى ذهنه صورا تؤذيه روحيا ...

خطايا الفكر . وهكذا يقع فى نوعين من الخطايا : خطايا اللسان و

وكل منهما يقوى اآلخر ويسببه ..

كم من أناس أضروا أنفسهم ، وأضروا غيرهم بحب االستطالع ،

ومحاولة كشف كل ما هو مستور ، وربما بحيل غير الئقة تشتمل

على خطايا أخرى كثيرة .. ولكن لعلك تقول ، ماذا أفعل إذا لم أكن

، وكنت أنا الضحية ؟ .أنا مصدر الفكر ، وإنما أتانى من آخرين

تفكر فيه ،أو عنه : إن الفكر الخاطئ ، ال يجوز لك أن تسمع أقول لك

على اإلطالق . . ال تعايشه ، أو تكلم أحدا فى موضوعه أو تقرأ عنه

ال تعايش الفكر :

فال أنت تعيش معه ، وال تتركه يعيش فيك . بل اطرده بسرعة .

تبقه فى ذهنك ، وال حتى فى أذنيك . وابعد بكل جهدك عن ال تس

األشخاص الذين يسببون لك الفكر . وان اضطررت إلى االستماع

إليهم ، بسبب خارج عن ارادتك ، فال تنصت . واشغل نفسك أثناء

الحديث بموضوع آخر . وال تأخذ معهم وال تعط أثناء عرضهم لكالم

-107-

من كالم خاطئ ، ال تعاود معثر .. وما اضطررت إلى سماعه

التفكير فيه مرة أخرى ، فإن ذلك يثبته فى عقلك الباطن .

واذكر باستمرار المزمور األول الذى يأمرك بالبعد عن طريق

الخطاة ومجالس المستهزئين .

إذن ال تعايش الفكر وال مسبباته ..

ابعد عن الشخص الذى يصب فى اذنيك أخبارا تجلب أفكارا ، أو

الذى يكون مجرد منظره أو حركاته أو اسلوبه مصدرا لألفكار .

واعرف أنك إن تهاونت فى طرد األفكار فقد تلد أفكارا أخرى ، إذ

ال يوجد فكر عقيم .

قد يلد الفكر فكرا من نوعه أو من نوع آخر . وقد يلد انفعاال ، أو

ة يصعب حصرها شهوة أو مشاعر رديئة عديدة . وقد يلد خطايا كثير

ويصعب طردها . ويصبح الفكر أبا لعائلة كبيرة .

إذن اطرده من أوله ، قبل أن ينمو وينتشر فى داخلك ، وقبل أن

يسيطر على إرادتك . واعرف أن طرد الفكر يكون سهال فى أوله

ولكنه يصبح صعبا إن استمر .

بك ، إن الفكر الخاطئ يجس نبضك أوال ليعرف مدى نقاوة قل

فإن رفضت التفاهم معه ، ومدى استعدادك الداخلى للتفاوض معه ..

-108-

يعرف أنك لست من النوع السهل الذى يحب األفكار ، فيتركك . وإن

حاول أن يستمر يكون ضعيفا بسبب نقاوتك الداخلية .

أغلق أبـوابـك :

اغلق أبوابك أمام الفكر الخاطئ ، ألنه ال يستريح حتى يكمل .

الفكر هو مجرد خادم مطيع ترسله الشهوة ليمهد الطريق أمامها.

من الصعب أن يبقى الفكر فكرا ، دون أن يتطور إلى ماهو أخطر.

الفكر إذن هو مجرد مرحلة فى حروب العدو . فاحترس منه جدا ،

حتى ال يقودك سهال إلى مرحلة أخرى ال تدرى مدى خطورتها

من الحواس إلى الذهن ، إلى القلب ، إلى الفكر يتطور فى تنقالته ،

االرادة .

إذا استبقيت الفكر فى اذنيك ولو قليال ، يزحف إلى عقلك ، وهنا

قد يتناوله الخيال فيلد منه أبناء عديدين ، وينمو الفكر داخلك ، حتى

يصل إلى قلبك وإلى مشاعرك و عواطفك وغرائزك و شهواتك. و

إلى قمتها... هنا تكون الحرب قد وصلت

إذن بتداولك مع الفكر, يأخذ سلطانا عليك, ألنه أصبح داخلك. اجتاز

ما أخطر هذه . حصونك, و صار داخل المدينه مختلطا بأهلها

المرحله عليك . ألنه فى هذه الحاله يكون قلبك هو الذى يحاربك ,

-109-

. و يكون أو تكون لك حربان داخليه و خارجيه, و الداخليه أصعب

وصول الفكر إلى قلبك هو أقصى ما يتمناه. و حينئذ يجمع أوالده

حوله ضدك. و أوالده هم شهوات القلب .

فإن سقط القلب فى يد الفكر, تسقط بالتالى االرادة بسهولة ، إذ

يضغط القلب عليها .

االرادة تكون قوية ، حينما يكون القلب قويا ، وحينما يكون الفكر فى

حينما يضعف القلب ، تضعف االرادة تلقائيا . وإن لم . ولكنالخارج

تفتقدها النعمة بقوة من فوق ، ما أسهل أن تستسلم وتسقط فى خطية

عملية .

إذن اغلق أبوابك من بادئ األمر ، حتى ال تتطور إلى مراحل

خطرة .

مضار استبقاء الفكر

ليه ، ويصبح إن لم يطرده اإلنسان بسرعة ، يقوى ع إن الفكر

داخله ويصل إلى القلب وإلى االرادة ، ويتعب النفس ، ويصبح مادة

.. وحتى إن أمكن لإلنسان أن ينتصر ألفكار أخرى ولخطايا أخرى

بعد كفاح مرير ، فإن الحرب البد ستطول .

-110-

وطول هذه الحرب الروحية ينهك اإلنسان ، الذى ربما يصبح

ألنه يكون قد بدأ يشعر بضعفه أمام قريبا من اليأس واالستسالم ،

. وطول فترة القتال مع الفكر ، قد يثبته فى العقل الباطن . الفكر

ويضيف إلى ذاكرة اإلنسان صورا ما كان يود أن تضاف إلى ذاكرته

، لئال تصبح فى المستقبل مصدرا ألفكار أخرى ولشهوات وأحالم

وظنون .

ن عقله قد اتسخ أثناء القتال .وحتى إن انتصر اإلنسان أخيرا , يكو

إذ أتيح للفكر أن يصب فيه قتاالت و تأثيرات و مشاعر, كما أن

الفكر فى فترة بقائه يكون قد دغدغ الحواس و ترك تأثيره على القلب

و على الجسد أيضا .

إذن اهرب من الفكر وال تستبقيه ، فأنت ال تعرف إلى أين يقودك

، وإلى أين ينتهى ..

والهروب أيضا فيه اتضاع قلب ، واالتضاع هو أكبر سالح

، ، وبقدرته على قتال األفكار لهزيمة الشيطان ، أما الذى يعتد بقوته

فقد تتخلى عنه النعمة قليال ، حتى إذا ما دخل فى الحرب الروحية

وعنفها حينئذ ال يدعى القوة مرة أخرى ، ويعتمد على هللا أكثر مما

ادته الخاصة وصمودها وقوتها . يعتمد على إر

-111-

لهذا كثيرا ما يسمح هللا بالحروب ، لكى يقتنى اإلنسان االتضاع .

إنك بالتفاوض مع . رفضك للتفاوض معه قدر ، ال شئ يغيظ الشيطان

على األقل يشعر أنه ال مانع . فى دائرته نفسك تدخل إنما الفكر الشرير

خاطئة بدأت بالجدل أو بالمقاومة عالقة ، وكم من معه التفاهم من لديك

فهو طرد صريح ، رفض التفاهم مع الفكر أما . االستسالم وانتهت إلى

وعدم اعطائه فرصة لتجربة تأثيره . ، األمر له من بادى

لذلك فان ال تعرف كيف تخرجه .. ، ثم أنت قد تدخل الفكر إليك

بقاء الفكر ، ، هو الحل الوحيد .. ذلك أن است ، وعدم معايشته رفضه

قد يؤدى الى سيطرته ، وإذا استمر فترة طويلة فقد يؤدى الى حالة

من العبودية .

العبودية للفكر :

إذا سيطر الفكر على االنسان ، ليس فقط يقوده إلى السقوط ، وإنما

باألكثر إلى الخضوع الدائم للفكر ، واالستعباد له .

وأن االنسان أصبح يريده ، إن شعر الفكر أنه وصل إلى القلب

فيستمر الفكر أياما أو اسابيع لذلك ال مانع من أن يطرقه باستمرار.

وفى كل حين يضيف إليه شيئا ذهن هذا اإلنسان المستعبد له.. فى

-112-

، ينام والفكر فى جديدا ويبقى معه باستمرار، يطرد منه كل فكر خير

لفكر قائم .، ويصحو والفكر فى ذهنه يمشى ويعمل وا ذهنه

إذن كيف يمكن لإلنسان أن ينتصر ؟ .

االنتصار على الفكر :

] العمل الروحى االيجابى .1[

إن العمل الروحى اإليجابى يحصن القلب ضد األفكار . ليكن لك

برنامج روحى قوى مستمر من صلوات ومزامير ، وقراءات روحية

روحية ، وصداقات روحية وتأمالت ، وتراتيل وألحان ، واجتماعات

، وغذاء روحى دائم يمأل القلب بمشاعر نقية وحينئذ ينطبق عليك

: " االنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالح قول الرب

: 6. واالنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر " . {لو

45 . {

منه إذن قلبك هو منبع األفكار ، ان كانت مشاعره روحية تخرج

أفكار روحية ، وإن أتته أفكار شريرة من الخارج ، يرفضها .

فلنهتم إذن بالقلب وخزينه الروحى بدال من أن نقضى الحياة

الروحية صراعا مع األفكار .

-113-

] االنشغال باستمرار بالفكر الروحى : 2[

إن كنت مشغوال باستمرار بفكر روحى نقى ، فان األفكار

جد لها مكانا فيك ، ولن تعوزك إطالقا إلى القتال معها الشريرة لن ت

لذلك غالبا ما نجد األفكار الشريرة تتعب اإلنسان فى فترات فتوره

وإذ يكون فكره خاليا من العمل الروحى ، يأتى الشيطان ويعشش فيه

.

أما إن كان منشغال بصالة ، أوقراءة روحية ، أو تأمل روحى ،

ر ال تقدر عليه .فإن األفكا

سؤال : هل األفكار ال تحارب اإلنسان فى حالة نشاطه الروحى ؟ .

اجابة : إنها تحاربه ، ولكنها ال تقدر عليه ، وال تتعبه .

فاألفكار حاربت القديسين ، ولكنها لم تتعبهم ولم تهزمهم ، بل قالوا

إلى طاعة المسيح " " مستأسرين كل فكر : مع القديس بولس

) 5: 10كو2(

واالنشغال الروحى يطرد األفكار ، بشرط أن يكون انشغاال بعمق .

فالقراءة السطحية ، والصالة غير العميقة ، قد ال تطرد األفكار ،

ومن هنا كان البعض يسرح أثناء صالته ، فى أى فكر .

فى عمق روحى ، تهرب األفكار منكم ، بنعمة الرب . عيشوا

-114-

W=éÉ_åÿ^=⁄îÕÿ^=

نقاوة القلب . وكيف تكون ؟ .

نـقاوة القـلب :

} . 8: 5" طوبى لألنقياء القلب . ألنهم يعاينون هللا . " { مت

القلب هو المعبر عن حالة االنسان النهائية ان كان صالحا أو شريرا

ان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالح واالنسان " االنس

} . 45: 6الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر " . { لوقا

وذلك يعنى أن حركة القلب الداخلى تصبغ االنسان كله أى تصبغ

تفكيره وأقواله وأعماله . فيستحيل أن يتكلم االنسان دون أن يكشف

ضلة القلب يتكلم الفم ."عن قلبه شاء أو أبى " فإنه من ف

} . لذلك أصبحت كلمة االنسان شهادة طبق األصل 34: 12{مت

تعبر عن حقيقة قلبه وبالتالى يمكن أن تبرر االنسان أو تدينه " ألنك

} . 37: 12بكالمك تتبرر وبكالمك تدان . " { مت

وعالقة القلب بالفم يحددها بولس الرسول : " ان القلب يؤمن به للبر

} .10:10م يعترف به للخالص " {رووالف

فالقلب حينما يؤمن البد للفم أن يعترف بنوع االيمان . ولكن يحدثنا

االنجيل عن امكانية وجود قلبين لالنسان ، واحد يعبر عن حالة

االنسان تماما ، واآلخر مزيف تصدر عنه أفكار وأقوال وأعمال

تكلم ويعمل بالصالحات كاذبة ال تعبر عن حالة االنسان الحقيقية . في

-117-ليوهم الناس أنه صالح مع أنه شرير : " يا أوالد األفاعى كيف

تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار . فإنه من فضلة القلب

} . 34:12يتكلم الفم " { مت

ومن كالم الرب نفهم أنه يستحيل على االنسان أن يتكلم من نفسه

إذا كانت فيه قوة اضافية أو قلب آخر بالصالحات ، وهو شرير ، إال

من الشيطان لتزييف الصالحات .

وهذا نلمحه من وصف الرب لهؤالء المزيفين للصالح أنهم أوالد

األفاعى ، فاألفعى تعبير رمزى عن الشيطان ، حتى يكون القصد

من اظهار الصالح هو اإلبقاء علي الشر و تامين استمرار مفعولة و

بالنسبة للقلب الشيطان عمل ان مل الشيطان . ايهذا هو من صميم ع

الشهوات فيصبح كنز القلب شريرا ينضح و بالشرور بتلويثه يكتفي ال

بالشرور بل و يضيف الشيطان إلي ذلك إمكانية إعطاء قلب ثاني

لإلنسان يتكلم بالصالحات حتي يخفي بها الشرور و يؤمن عملها و

للقلب فهو إنتزاع القلب الشرير جملة و سريانها. أما عمل هللا بالنسبة

خلق قلب جديد يغرسه هللا في االنسان, وعندما يصبح القلب قلبا آخر

. يصبح االنسان بالضرورة إنسانا آخر

وحقيقة خلق قلب جديد لالنسان تأتي في الكتاب المقدس مترادفة مع

-118- ثالث عمليات أساسية :

غسل االنسان الثانيةاطئ وإنسحاق قلب االنسان الخ األولي

حلول الروح القدس .الثالثة : و تطهيره كله من الداخل و

وهذه العمليات نجدها واضحة أشد الوضوح فى المزمور الحادى و

مثل كثرة و ارحمنى يا هللا مثل عظيم رحمتك " : الخمسين لداود النبى

نى .. من خطيتى طهر و من اثمى كثيرا . اغسلنى رأفتك امح معاصى

طهرنى بالزوفا فأطهر اغسلنى فأبيض أكثر من الثلج. قلبا نقيا اخلق

فى يا هللا وروحا مستقيما جدد فى احشائى ، ال تطرحنى من قدام

القلب المنكسر والمنسحق وجهك وروحك القدوس ال تنزعه منى .. ،

فى جميعها فنجدها متضمنه أما العمليات الثالثه. " ال ترذله يا هللا ..

والتطهير القلبى الغسل صورة ، حيث يجرى المعموديه أساسا سر. وذلك أثناء الدفن }9: 15أع { . " إذ طهر بااليمان قلوبهم " : بااليمان

يتم الغسل والتطهير إال ال ولكن ، فى الماء باسم يسوع المسيح

" يتم الغفران الخطيئه حيث الرجوع عن و باالنسحاق القلبى بالتوبةتوبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران

أى أنه بتكميل }38: 2{أع " الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس

الغسل والتطهير بااليمان والتوبة يحل الروح القدس

وهكذا أصبح ممكنا لكل إنسان أن تتم له الخلقة الجديدة للقلب الجديد

-119-خالل االيمان والتوبة . ولكن هناك من الماء والروح ، وذلك من

فارقا جدا وخطيرا بين نقاوة القلب بااليمان والتوبة وبين قبول خلقة

قلب جديد نقى بالروح القدس ! .

ونقاوة القلب عمل حتمى وضرورى بالنسبة لنا ، أما خلقة قلب

جديد نقى فهذا عمل فائق على الطبيعة يختص بال وحده .

مرتبط بعملنا ألنه بقدر ما ننقى قلبنا من الشرور ولكن عمل هللا

بااليمان والتوبة بقدر ما نصبح قادرين على استيعاب القلب الجديد

المخلوق فينا بشبه هللا ، بمعنى أنه بقدر ما نكره الشرور ونجزع من

األفكار والشهوات الشريرة ونرتعب من أعمال الخطيئة نصبح

اسة لتكن فينا كطبيعة جديدة مع فاعلية قادرين على استيعاب قوة القد

، وبقدر اجتهادنا فى تنقية القلب من المحبة االلهية وايحاءات البر

ظلمة الخطيئة التى تعمى البصر الروحى نصبح قادرين على احتمال

سكنى الحق فينا وتغلغله فى أعماق كياننا .

قبائحه ، أنه بقدر ما نخلع االنسان العتيق بشروره و أو بمعنى آخر

" اذ خلعتم االنسان : نستطيع أن نظهر فى قوة االنسان الجديد االلهى

العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة

-120-وبهذا ندخل فى مجال الالهوت النسكى ، } . 10، 9: 3خالقه " {كو

الذى يجعل من عمل االنسان واجتهاده المؤازر بالنعمة قاعدة لهبات

الفائقة على عمل االنسان وطبيعته ! .هللا

واآلباء النساك جعلوا نقاوة القلب أساسا حتميا للخالص الذى

يؤهل الستعالن االنسان الجديد ، حتى يمكن أن يعيش االنسان فى

جدة الحياة الروحية كانسان روحى فى المسيح .

يعتبرونه والقلب فى المفهوم اآلبائى مطابق لمفهوم االنجيل ، اذ

مركزا للكيان البشرى عموما . فالقلب بالمعنى الروحى عند اآلباء

يطابق ، فى وصفه وعمله ، المخ عند األطباء بل وربما أشمل من

ذلك ، فهو مركز للقدرات والطاقات والذكاء والبصيرة واالرادة

والحكمة والرؤيا ، تنبعث كلها منه وتنصب كلها فيه .

نعمة على مراعى القلب أصبحت مطلقة فى } فاذا ملكت ال69{

تدبيرها لجميع األعضاء واألفكار، ألن من القلب يستمد العقل

قوته مع كل أفكار النفس وأملها . ولذلك اذا ملكت النعمة على

القلب تغلغلت فى كافة أعضاء الجسد .

15ة العظ –القديس مكاريوس الكبير

نفهم من هذا أن النعمة فى نظر اآلباء يمكن أن تتغلغل الى الفكر

-121-واالرادة والضمير واألعضاء كلها اذا ما ملكت على القلب ، بمعنى

أن طبيعة االنسان الذى تملك النعمة على قلبه تصبح بالتالى طبيعة

قيمة تنقية القلب تمهيدا لسكنى النعمة ومن هنا تظهر . روحانية جديدة

والقديس مكاريوس الكبير يتمسك بأن القلب الشرير يلوث االرادة

والمشيئة ، وينجس الميول والغرائز الطبيعية ، ويصير كل شئ غير

طاهر فى عينى ذلك االنسان وفى يديه دون أن يدرى !! .

} جميع الذين هم بنو الظلمة تتسلط الخطيئة على قلوبهم فتنقد 70{

ن من القلب تخرج األفكار الشريرة " . فى األعضاء كلها " أل

فإذا انتشرت فى األعضاء تظلم طبيعة االنسان كلها .. ألن

الخطيئة تسرى من داخل القلب إلى األعضاء كما يسرى الماء

حقا مختلون فهم هذا ينكرون الذين وكل القناة .. داخل

رت بهم دون ويظهرون أنهم مثقلون بالخطيئة التى تكون قد ظف

أن يدروا ألن الشر الذى فينا يجتهد أن يختبئ ويختفى بالكلية ..

15العظة –القديس مقاريوس الكبير

لذلك أصبح أول جهاد االنسان و أول همه للتغلب على انحرافات

االراده و اصالح الميول و الغرائز التى تكون قد خضعت لسلطان

الشر ، هو نقاوه القلب بالدرجة األولى ، أى مواجهة حركة الشر

داخل القلب و ضبطها و مقاومتها والقضاء عليها .-122-

لماذا اختار هللا قلب االنسان ليكون له دون سواه ؟

فى الحقيقة ، ال يملك االنسان ما هو أعمق من القلب ، شعورا و

مركز عواطف االنسان حنانا و لطفا و رحمة . فالقلب هو تعبير عن

أرقها و أصدقها , و لكن ليس من أجل ذلك يطلب هللا قلب االنسان !!

.

اذ يوجد للقلب صفة فائقة على اللطف و الحنان و الرحمة , و هى

اعتباره القاعدة التى تنبثق منها الشخصية بكل مكوناتها و مميزاتها؛

لصفة الوحيدة فالقلب هو بمثابة قدس أقداس االنسان . و هذه هى ا

التى تجعله مناسبا ل . فاالنسان اذا احب هللا من كل قلبه, فهو يعنى

انه احبه من كل كيانه بل و يعنى انه قد وهبه كل نفسه ! .

و حينما يقول القديس مقاريوس أن القلب يشمل العقل والضمير و

االفكار ضمن مكوناته , يكون قد وضع يده على العله األساسية التى

علت هللا يطلب قلب االنسان و يهتم بحبه !! .ج

فال ال يهتم بحب العواطف مهما كان عنيفا و جارفا ، ألنه حب

ينطفىء حتما فى الطريق حينما تنجرح العواطف أو تهان .. ولكن

هللا يهمه حب القلب ، ألنه ذلك معناه أن االنسان يكون قد فرط فى

الذى تزيده الجروح اشتعاال و ذاته و كل كيانه ، و هذا هو الحب

-123-

اآلالم اكتماال و الموت كماال !! . لذلك أصبحت نقاوة القلب بالنسبة

للمحبين ل أمرا بالغ األهمية و الخطورة ألن هللا ال يطلب و ال

يرضى بالحب النصفى أو الجزئى, فالبد أن يكون كل القلب ل !!.

ب العواطف البشرية فمعنى كل القلب هو تصفيته تماما من كل شوائ

القائمة على روابط اللحم و الدم أو الميول و العواطف الحسية , كما

يعنى تطهيره تماما من كل األمور األخرى التى تعطل محبة هللا .

فقدس األقداس ينبغى أن يقدس و يزين ل فقط .

أقـوال اآلبـاء : . } " فوق كل تحفظ احفظ قلبك ألن منه مخارج الحياه " 71{

}. هذا يعنى أن ال نفقد التفكير فى الرب ألى سبب 23 :4{امثال

، فنحمل فكر عجائبه عنا العالم الزائل ذكر تحجب أفكار وال أن كان

يمحى مطبوع فى قلوبنا كختم ثابت ال سرنا ، هللا المقدس أينما

بتذكار دائم هكذا نستطيع أن نقتنى حب هللا على الدوام الذى

يدفعنا لتكميل وصاياه بالفرح ، فتلذ لنا الوصايا ويدوم لنا الحب

القديس باسيليوس الكبير الرب ال يطلب تنسيق الكالم و مهارة تركيب األلفاظ ، بل }72{

يطلب حرارة النفس و غيرتها . و كل من يتقدم بهذه الغيره -124-

لحراره و يتكلم أمامه بما يشعر به وهو راض عما يقدمه ،وا يخرج من لدن الرب وقد نال كل شىء .

} ونحن اذ قد زينا أنفسنا هكذا نأتى إلى إلهنا ونخر عند قدميه 73{

ليس بالجسد فقط ولكن بالعقل أيضا . . فنحن ليتنا نعتبر من هو الذى نقترب اليه والى من نتوب نقترب كثيرا من هللا الذى يتطلع اليه الساروفيم فيديرون مستطيعين التفرس فى بهائه ، والذى من منظره وجوههم غير يرتعب الشاروبيم . نحن نقترب كثيرا من هللا " الساكن فى نور ) . 16: 6تى1ال يدنى منه " (

القديس يوحنا ذهبى الفم غفران الخطايا و ننجو ننالاليه نعتق من الجحيم و باقترابنا أشياءمن العذابات غير المحتملة و نرتفع إلى السماء و نمنح أقول ليتنا نخر أمامة بالجسد و العقل كليهما حتى يرفعنا سماوية دثنا اليه ليتنا نتحدث بكل خشوع . و اذا تح انخفاضنايرى عندما لطف و وداعة . و

ذهبى الفم يوحنا القديس

هى نقاوة النفس ؟ ما – }74{

قلب مملوء رحمة نحو الخليقة . هى -

-125-

ما هو القلب الرحيم ؟ و

شفاق و حنو بالغ با احشاؤهالقلب الذى يتحرك بالرحمة فتئن هو -

دبيبنحو كل الخليقة ؛ بما فيها من انسان و حيوان و وحوش و

و كل ما هو كائن حى ؛ حتى انه من مجرد التفكير فى ضعفها

يصير القلب رقيق االحساس الى درجة ويذرف الدمع و يبكى ؛

!الخالئق هذه احدى رؤية أذية تلحق على سماع أو ال يقوى فيها

وهو يتقدم نائبا عنها مقدما صلوات بدموع على الدوام من

كانت هذه المخلوقات عاقلة أو غير عاقلة . لكى سواءاجلها ؛

الرب يحرسها و يشددها .

داخلك و ترى فى السماءاذا كنت نقى القلب فحينئذ تكون }75{

نفسك المالئكة و رب المالئكة أيضا .

اسحق السريانى مار

نقية ؛ حتى قلوبكمسيحيين أن نكون ذوى ايجب علين }76{

نستطيع بما وهب لنا من انارة عيوننا القلبية أن نتمتع بحب هللا

و جمال المالئكة و مجد العذراء و بهاء نفسها كأم ل كماالتهو -126-

أن نستطيع . كذلك حتى حبهم لنا و القديسيننفس ا حسن و ، الكلمة

بنقاوةو ، اسراره عظمةنتنعم بحقائق االيمان المسيحى و ندرك

غيرقلبنا ندرك كل ما فى أنفسنا من عيوب أو جمال . أما القلب

النقى و المشغول بشهوات هذا العالم فال يتمتع إال بشهوة العيون

ذكرناه . العالم فال يرى شيئا مما هذاالجسدية و تعظم

أن يشعلوا فى ذواتهم الحكماء كيف استطاع اباؤنا النساك و }77{

الذىروح الصالة و يثبتوا مقيمين فيها ؟ كان الشىء األول

فتشوا عليه و طلبوه هو أن يبقى القلب ملتهبا دائما نحو هللا بال

يكون حيث و ، منبع الحياة هب ألن منيحتاج إلى القل هللاو ! انقطاع

الحواس و كل العقل االنتباه وو الصحوالقلب بنبضاته الحية يكون

فيه ايضا و يقف االنسان النفسيكون القلب مع هللا تكون فحينما

أمامه كعابد حقيقى بالروح و الحق .

يثوفان الناسك فاالسق

أن ال يفرض منهم دائمايجب على المسيحيين أن يجتهدوا }78{

حكم على أحد ، ال على الزانية التى على قارعة الطريق ، و ال

الظاهرين بأعمالهم ، بل يرى كل الناس على وجه الخطاة

-127-

حتى يصير كناموس ثابت ،العموم بنية طاهرة و عين نقية

تميزى النفس أن ال تحتقر أى أحد أو تزدرى بأحد ، أو طبيعى ف

بين واحد و آخر .

كمن هو سليم . أو اليهه انظر يرأيت انسانا فقد احدى عين فاذا

إذا كان مبتور الذراع أو الرجل فال تتفرس فيه كمن به عيب بل

إليه كأنه صحيح معافى . انظر

به نقص . هذه هى مناألصم و كل المفلوج و األخرس و كذلك

نقاوة القلب ، حينما ترى خطاه أو مرضى فلتكن فيك شفقة

لك معهم حنان و رأفة . ليكنعليهم و

مقاريوس الكبير القديس

ادانة اخيك ، فهذا فىاحذر من أن تكون جالسا و تفكر }79{

يستأصل جميع أعمال الفضيلة و لو كنت قد ارتفعت الى حد

.الكمال

آخر ، و الفرق بينهما شىءنقاوة الفكر شىء و نقاوة القلب }80{

كالفرق بين عضو واحد من الجسد و جميع الجسد . فالفكر هو

الداخلية ، الحواسو القلب هو ضابط كل ،حواس النفس أحد

-128-

الحواس ، فاذا كان األصل مقدسا فكل األغصان وهو أصل كل

. أيضامقدسة

سريعا . ألنه خال تتس واذا ما تنقى القلب دامت نقاوته }81{

يقتنيها بصعوبة و ضيقات كثيرة .

اسحق السريانى مار

هدوء الضمير ، اقلع و لنقىااذا كنت مشتاقا لسالمة القلب }82{

جنسنامن قلبك شجرة معرفة الجيد و الردىء التى أمر هللا أول

أن ال يأكل منها لئال يموت !! .

خلقنا . فنحن نحزنه مثلماان مسرة هللا هى أن نكون أنقياء }83{

هللاحينما نغير الشىء الذى خلقنا عليه ، فالنفس على صورة

ة خلقت ، إال أننا أبدلنا هذه النقاوة بما يخالفها ، ألنها يوم النقي

فيها استطاعة أن تنظر هللا بدالة . و نحن الذين كانتخلقت

العالم و الجسد . آلالمضللنا بعيدا عنه و تعبدنا

-129-

إلى هللا مثل الرحمة ! يقربهال شىء يستطيع أن ينقى القلب و }84{

يدك بساطةيدعوك الناس انسانا عاميا من أجل و األفضل لك أن

فى العطاء بغرض مخافة هللا و ليس لطلب المديح ، و ال

ألجل عدم اضطرابك مع كل أحد ! العقليدعونك حكيما رزين

.البشاشة و الشر بالخير بمقابلتكاظهر أنت عالمة نقاوة قلبك }85{

على انسان بالشر فال أقل لمالمتكان كنت ال تقدر أن تسد فم }86{

من أن تحفظ فمك من مشاركته فى هذا األمر ! .

السريانى اسحق مار

اذا قيل فيك رديئا و تعب ضميرك و تألم ، فمهما قدمت من } 87{

تنعصرو صالة و دموع ال ينعتق ضميرك من التحرك بالغضب

لى أن تعتقد تماما أنك أنت المخطىء و م نفسك باله

المسىء سواء أخطأت أو لم تخطىء ! .

مار اسحق السريانى

-130-

الذين يتراءون أمام الرب فى صالة وال يتقدمون بكل قلوبهم }88{

بل يكونون ذوى رأيين ، و جميع ما يصنعونه انما هو حتى

ينالوا المجد من الناس ، فهؤالء ال يستمع هللا لهم فى شىء ما

من طلباتهم ، بل باألكثر يغضب عليهم .

] " طوبى لألنقياء القلب ألنهم يعاينون هللا " ، ألنه بغير طهارة 89[

الجسد و نقاوة القلب ال يستطيع أحد أن يكون كامال . فاحرصوا

قلوبكم من الحقد و الغضب بعضكم على يا أوالدى أن تنقوا

بعض لئال يفاجئكم الموت فتعدوا مع القتلة " ألن من يبغض أخاه

فهو قاتل نفس " . و من ظلم منكم فليقبل ذلك بفرح و يعطى

الحكم للحاكم العادل . و من ظلم رفيقه فليسرع اليه و يتضرع

ى غيظكم . أن يغفر له و ال تدعوا الشمس تغرب عل

االنبا انطونيوس الكبير

أن الشرط األساسى لنجاح الصالة هو نقاوة القلب من }90{

الشهوات عموما و من التعلق بأى شىء محسوس أى كان .

درجة التالوة . بدون هذا تظل الصالة فى درجتها األولى أى

لتالوة إلى الصالة ر ما تنقى قلبك بقدر ما تنتقل من صالةوبقد

-131-

لقلب نقيا تماما فحينئذ لعقلية المتحدة بالقلب ، حتى إذا ما أصبحا

ترى أنه هين عليك أن تدوم فى الصالة بال انقطاع ! ..

و كيف تبدأ العمل ؟ ! .

بأفكار اعركمش و واربط أفكارك بانتباه الخدمة تابع الكنيسة فى

أيقظ فى نفسك مشاعر الصالة ومشاعر الخدمة ذاتها . فى البيت

و حاول أن تداوم على انماء روح الوجود فى حضرة هللا .

االسقف ثيوفان الناسك

-132-

W=∆f_åÿ^=⁄îÕÿ^=

االهتمام باألبدية ؟

= هتمام باألبدية ..اال

يجب علي كل أحد منا أن يهتم بأبديته . ما أكثر الناس الذين لهم اهتمامات و مشغوليات عديدة ج�دا واألم�ر

الوحيد الذي ال يهتمون به و ال يفكرون فيه هو أبديتهم !! .

" أن��ت ل��ه المج��د, وب��خ مرث��ا بقول��ه : ل��ذلك حس��نا أن الس��يد المس��يح ين ألجل أمور كثيرة . ولكن الحاج�ة إل�ى واح�د ".تهتمين و تضطرب

} . 42, 41: 10{ لو وهذا الشيء الواحد الذي ينبغي أن نهتم ب�ه ه�و أب�ديتنا ه�و ملك�وت

هللا , ه��و حياتن��ا م��ع هللا ف��ي األبدي��ة الت��ي ال تنته��ي .. ه��ذا م��ا تعلمن��ا

فنق�ول ف�ي ص�الة الغ�روب " إذا إي�اه ف�ي ص�لواتنا الطقس�ية .الكنيس�ة

ك����ان الص����ديق بالجه����د يخل����ص , ف����أين اظه����ر أن����ا الخ����اطئ ؟! "

" أسرع لي يا مخل�ص بف�تح األحض�ان األبوي�ة ألن�ي } . 18 : 4بط 1{

و فات ". مني النهار , وقد مضي عمري في اللذات والشهوات أفنيت

عتي�د أن اق�ف أم�ام ال�ديان الع�ادل , أن�ا ا" هوذ : وفي صالة النوم نقول

مرعوبا و مرتعدا من كثرة ذنوبي . ألن العمر المنقضي في المالهي

يستوجب الدينونه. لكن توبي يا نفسي م�ا دم�ت ف�ي األرض س�اكنة ..

لك��ن إذا انكش��فت أعمال��ك الرديئ��ة و ش��رورك القبيح��ة , ف��أي ج��واب

ي إخض��اع الجس��د تجب��ين وأن��ت عل��ي س��رير الخطاي��ا منطرح��ة , و ف��

متهاونة !! ".

مصيره األب�دي حالة إنسان يفكر في ابديته , في يوم الدينونة و إنها , حينما يقف أمام الديان العادل .

-135-

لذلك يقول في صالة الس�تار : ي�ا رب إن دينونت�ك لمرهوب�ة إذ يحش�ر

وتكش�ف األعم�ال , وتفح�ص وتفتح األسفار , الناس ,وتقف المالئكة ,

أية إدانة تكون إدانتي, أنا المضبوط بالخطايا ؟!األفكار,

) اإلنسان الذي يهتم بأبديته , يعترف بخطاياه , ويدين نفسه .1

" اعطن��ي ب��ل يق��ول ف��ي ص��الة نص��ف اللي��ل: . يفع��ل ذل��ك ك��ل ي��وم

إذا في القديم للمرآة الخاطئ�ة " أعطيت , كما يارب ينابيع دموع كثيرة

تل���ك رديئ���ة وي���أتي عل���ي قلب���ي فك���رال م���ا تفطن���ت ف���ي كث���رة أعم���الي

الدينون��ة الرهيب��ة , تأخ��ذني رع��دة, ف��اهرب إلي��ك ي��ا هللا مح��ب البش��ر

" . قبل أن يأتي االنقضاء وخلصني عأنعم لنفسي المسكينة بتخش

لهذا كان القديسون يحاسبون أنفسهم, ويبكون علي خطاياهم . رم��وش عيني��ه الق��ديس أنب��ا ارس��انيوس , ك��ان يبك��ي حت��ى تس��اقطت

هبن��ي ي��ا رب أن أب��دأ " أن��ا : وه��و العظ��يم ف��ي الفض��ائل . وك��ان يق��ول

حتى اآلن لم أبدا ..!

ه���ذا عجي���ب .. ولك���ن ال تظن���وا أن���ه ك���ان . ارس���انيوس ل���م يب���دأ ؟!

يقول مجرد كالم تواضع , أو يخدع نفسه ! كال , لعله كان يقصد لم

إلنسان العادي يب�دأ بالتوب�ة . ا ... له يبدأ طريق الكمال , الذي ال حدود

التوب�ة , ودخل�وا ف�ي حي�اة القداس�ة يب�داؤن اال�ذين اجت�ازو نوالقديسو

-136-

ف��ي طري��ق الكم��ال, وكلم��ا ق��ارنوا أنفس��هم بالكم��ال ال��ذي ب��ال ح��دود

! . ... يشعرون أنهم خطاة, ويبكون علي خطاياهم

ك��ل ف��ي انظ��روا مث��اال للتفكي��ر ف��ي األبدي��ة : داود المل��ك والنب��ي :

مظاهر المل�ك المحيط�ة ب�ه, وم�ع ك�ل العظم�ة و األبه�ه, ن�راه يق�ول :

" عرفني يا رب نهايتي ومقدار أيامي كم هي ف�أعلم كي�ف أن�ا زائ�ل .

هوذا جعلت أيامي أشبار و عمري ك�ال ش�يء ق�دامك . إنم�ا نفخ�ة ك�ل

إنسان قد جعل . إنم�ا كخي�ال يتمش�ى اإلنس�ان . إنم�ا ب�اطال يض�جعون

} .6-4: 39وال يدري من يضمها ". {مز يذخر ذخائر

كان ينشغل بكالم هللا .. –حتى في كل مشاكله –لذلك يتغنى بها النهار واللي�ل . ويق�ول " محب�وب ه�و أس�مك ي�ا رب . فه�و

} . " كلماتك حلوة في حلقي. 97: 119طول النهار تالوتي " { مز

} . 103: 119أفضل من العسل والشهد في فمي ". { مز

ولم تمنعه مشاكله عن التأمل في كلمات الرب الالزمة ألبديته ..

كانت هناك المسئوليات العظمى للمل�ك , ومش�اكل األع�داء المحيط�ين

ب��ه . مش��كلة أبني��ر رئ��يس ج��يش ش��اول, ومش��اكل ي��ؤاب ب��ن ص��روية

رئيس جيشه ه�و وأخوت�ه . ومش�كلة أبش�الوم ابن�ه ف�ي خيانت�ه وثورت�ه

ي بن جي�را ال�ذي تط�اول علي�ه وش�تمه وعي�ره .. عليه , ومشكلة شمع

" جل�س وعلى الرغم من كل ذلك , نرى داود المه�تم بأبديت�ه يق�ول :

-137-

أيض��ا رؤس��اء تق��اولوا عل��ي .أم��ا عب��دك فين��اجي بفرائض��ك .أيض��ا } . 24, 23: 119شهاداتك هي لذتي أهل مشورتي ". {مز

ف�ي اق�وال , في أقوال�ه ملعليه, ألنه منشغل بالتأ به لم يهتم بما يتقاولون

: " كثي�رون مض�طهدي ومض�ايقي . ويقرب أيضا بنفس المعنى الرب

عنها.. أن�ي أحبب�ت وص�اياك .. رأس كالم�ك ح�ق أما شهاداتك لم أمل }. 160, 159, 157: 119وإلي الدهر كل أحكام عدلك ". {مز

سه إنه لم ينشغل بالمشاكل , ألن " في ناموس الرب مسرته وفي نامو

} . 2: 1يلهج نهارا وليال ". { مز

) الذي يهتم بأبديته , ال ينشغل بالمشاكل .2 أم��ا داود فل��م يك��ن ك��ذلك .ك��ان ل��ه أع��داء ال يحص��ون ق��ال ع��نهم :

} . 4: 69{م�ز س�بب ". " أكثر من شعر رأسي الذين يبغضونني ب�ال

في فمه ولكن تجاه أعدائه كانت له مزاميره وتأمالته, واسم الرب

" اس���م ال���رب ب���رج حص���ين ي���ركض إلي���ه الص���ديق ويتمن���ع ". ألن } . 10: 18{ أم

وهكذا يق�ول داود لل�رب : " باس�مك ارف�ع ي�دي .كم�ا م�ن ش�حم ودس�م } . 5, 4: 63تشبع نفسي وبشفتي االبتهاج يسبحك فمي " { مز

ته ال يهتم باألمور المادية :) الذي يهتم بأبدي3

-138-

لق��د أنش��غل س��ليمان الحك��يم ب��األمور المادي��ة ,وبمحب��ة النس��اء ,فك��اد

يفقد أبديته . قال في ذلك : " بنيت لنفسي بيوتا غرست لنفسي كروم�ا

عملت لنفسي جنات وفراديس .. قنيت عبيدا وجواري اتخ�ذت لنفس�ي

يدات ومهم��ا اش��تهته مغني��ين ومغني��ات وتنعم��ات بن��ي البش��ر س��يدة وس��

} 6 –4 : 2عيناي لم امسكه عنهما ". {جا

وم��اذا كان��ت النتيج��ة ؟. يق��ول الكت��اب : " وك��ان ف��ي زم��ان ش��يخوخة

سليمان أن نسائه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ول�م يك�ن قلب�ه ك�امال م�ع

} . وأخذ سليمان عقوبة م�ن 4: 11مل1". { الرب إلهه كقلب داود أبيه

}. ولما تاب سليمان14 – 9: 11مل1سليمان { على هللا وغضب

" ث�م ألتف�ت : عبارت�ه العميق�ة والمش�هورة حينئذ ق�ال . وبدأ يهتم بأبديته

ف�ي عمل�ه هيداي وإلى التعب الذي تعبت� أعمالي التي عملتها كل أنا إلى }. 11: 2{جا " فإذا الكل باطل وقبض الريح وال منفعة تحت الشمس

كل بناء أنفسهم ويبنوها بطريقة خاطئة .هناك أشخاص يهتمون ب

م��نهم يق��ول : كي��ف أج��د ذات��ي ؟!. كي��ف أبن��ي ذات��ي ؟!. ويبح��ث كي��ف

يعط����ي ذات����ه كرام����ة ومج����دا وعظم����ة ..ع����ن طري����ق المناص����ب

والمراك��ز, وع��ن طري��ق الش��هرة , أو ع��ن طري��ق الم��ال .. ث��م يض��يع

يئا م�ن منه كل هذا وال يكون ق�د كس�ب س�ماءا وال أرض�ا وال يأخ�ذ ش�

كل هذا معه عندما يترك العالم, ويقف أمام هللا عاريا ...!

-139-

وق��د يق��ول ال��بعض : م��ا معن��ى أن أفك��ر ف��ي أب��ديتي, وأن��ا مازل��ت حينما يتق�دم ب�ي الس�ن و أص�ل إل�ي ح�د الش�يخوخة, صغير السن ؟! .

أذكر خالق�ك حينئذ أفكر في مثل هذه األمور..! . ناسيا قول الكتاب : " } . 1: 12بابك " { جافي أيام ش

والت��اريخ يعطين��ا فك��رة ع��ن قديس��ين أطف��ال و ش��باب . مث��ل الق��ديس

أب��انوب, والق��ديس قري��اقوص, ومث��ل الق��ديس تيموث��اوس ال��ذي ق��ال ل��ه

معلم�ه الق��ديس ب��ولس الرس�ول : " وأن��ت من��ذ الطفولي�ة تع��رف الكت��ب

} 15: 3ت��ي 2 المقدس��ة الق��ادرة أن تحكم��ك للخ��الص باإليم��ان ". {

ذلك الق����ديس م����رقص المتوح����د, والق����ديس األنب����ا ش����نوده رئ����يس ك����

المتوح���دين , والق���ديس ت���ادرس تلمي���ذ ب���اخوميوس ,والق���ديس يوحن���ا

القص���ير , والق���ديس األنب���ا ميص���ائيل الس���ائح ال���ذي بل���غ إل���ي درج���ة

السياحة وهو في حوالي السابعة عشر من عم�ره . ك�ل أولئ�ك اهتم�وا

ن��وار ف��ي الكنيس��ة وه��م بع��د بأب��ديتهم من��ذ ص��غرهم, وأض��اءوا مث��ل أ

. والق��ديس أثناس��يوس الرس��ولي ال��ذي وه��و ش��اب وش��ماس ف��ي ص�غار أسقفا من رؤساء الكنائس ومندوبيها . 318مجمع نيقية أبهر

هناك أشخاص مشغولين عن أبديتهم بالصراع مع غيرهم . " أن��ا م��وهبتي ف��ي األرض أن أخل��ع ال��زوان منه��ا ". يق��ول أح��دهم :

ينش���غل بخلع���ه . وفيم���ا يفع���ل ذل���ك يس���تخدم اإلدان���ة ويتخي���ل زوان���ا

-140-

والشتيمة , والثورة والغضب, والنقد والنقض .ويعثر غيره فيما يفع�ل

وفيم�ا يخل�ع م�ا يظن�ه زوان�ا , , ويحاول أن يهدم م�ا بن�اه اآلخ�رون .يفقد روحانيته , ويفقد االتض�اع و المحب�ة " ويفق�د يصير هو زوانا .

ال������ذي ه������و ق������دام هللا كثي������ر ال������ثمن ". ال������روح الودي������ع اله������ادئ

} . وفي كل ذلك ينسى خطاياه , وينسى أن يخرج الخشبة 4: 3بط1{

}. ومع كل 5-3: 7". {مت من عينيه قبل إخراج القذى من عين أخيه

. ويفق��د }31-11:27ك��و1{اس��تحقاق ذل��ك ق��د ي��ذهب إل��ى التن��اول بغي��ر

أبديته..

على األرض :) الذي يهتم بأبديته يشعر إنه غريب 4يق��ول داود النب��ي : " أن��ا غري��ب عن��دك نزي��ل مث��ل جمي��ع آب��ائي ".

} , "غري�ب أن�ا عل�ى األرض ف�ال تخف�ي عن�ي وص�اياك "12:39{مز

} .19:119{مز

والغريب ال يتعلق باألرض وأمجادها بل يعد نفسه ألبديته . . بل يعد نفسه في فترة اختبار إن نج�ح افسه بما يقتنيه هاهنال يسعد ن

فيه��ا , يس��تحق األبدي��ة الس��عيدة ..هن��ا عل��ى األرض يم��أل آنيت��ه زيت��ا } .إن��ه يع��د 4:25الحكيم��ات " { م��ت ىيض��يء ب��ه مص��باحه كالع��ذار

م�ن ك�ل نفسه بالتوبة , بمحاسبة نفسه , وأن يدين نفسه , وتنقي�ة نفس�ه

, بك�ل ثم�ار ال�روح . وتص�ير ن نفس�ه بالفض�ائلشر. بل ي�زي وشبه شر

-141-

. " مشرقة مثل الصباح جميلة كالقمرنفسه كما قيل في سفر النشيد : }10:6{نشطاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألوية "

} .6:3" معطرة بالمر واللبان وكل أزرة التاجر ". { نش الروح��ي ال يه��تم فق��ط بأبديت��ه ,ب��ل أيض��ا بمرك��زه ف��ي ) اإلنس��ان 5 } .41:15كو1". { " ألن نجما يمتاز عن نجم في المجداألبدية .

اقتناء الفضائل في حي�اة الح�ب والب�ذل في جهاده على األرض وبحسب

هللا" س�يجازي ك�ل واح�د ألن . هكذا يك�ون ج�زاؤه ومرك�زه ف�ي األبدي�ة

ح��اول إذن أن ته��تم بمرك��زك ف��ي . }27:16{م��تبحس��ب أعمال��ه ".

}11{تك وال تكن كأصحاب برج بابل األبدية ال على األرض . ال��ذين أرادوا أن يص��نعوا ألنفس��هم اس��ما ". بطريق��ة خاطئ��ة فب��ددهم

وأذك��ر ق��ول ال��رب : " م��ن وج��د حيات��ه ال��رب عل��ى وج��ه األرض . } . 39:10يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلي يجدها " { مت

ثل حبة البخ�ور العط�ر ,الت�ي توض�ع ف�ي الن�ار المقدس�ة , فتب�ذل كن م

} أح��ذر أن 15:2ك��و1ذات��ك " لك��ي تص��ير رائح��ة المس��يح الذكي��ة ". {

تنشغل بش�يء يفق�دك أب�ديتك وافح�ص ك�ل حيات�ك و أعمال�ك بت�دقيق .

وأسال نفسك بكل عمق و صراحة .

الحياة ؟ األرض تؤهلني ألن يكتب اسمي في سفر على هل حياتي

-142-

أسال نفس�ك , وأس�ال ال�رب ال�ذي يق�ول ل�ك ,كم�ا ق�ال لك�ل م�الك م�ن

} . 3:2مالئكة الكنائس السبع : " أنا عارف أعمالك ". { رؤ

االهتمام باألبدي�ة ش�يء ج�وهري عظ�يم ,يرتف�ع عل�ى ك�ل االهتمام�ات

األخرى , ألنه مصير اإلنسان في الحياة األخرى التي ال تنتهي..

لم مهم��ا بلغ��ت م��ن مظ��اهر أو مب��اهج ف��ي إن الحي��اة ف��ي ه��ذا الع��ا

أوجهها , فهي قصيرة مؤقتة مصيرها الزوال. أما الحياة األبدية فه�ي

دائمة إلى األبد .

فلنجاهد , هنا بالتوبة والصالة والدموع وحفظ الوصايا , واقتناء

الفضائل وتتميم مشيئة الرب في حياتنا لنؤهل للحياة األبدية المعدة

له المجد في كنيسته ن والقديسين المختارين ,لألبرار المجاهدي

المقدسة إلى األبد آمين .

الفهــرس صفحة

7 مقــدمـة : 19 ] الفصل األول :1[ الصـالة الدائـمـة

-143-

39 ] الفصل الثانى :2[ الـهـذيـــذ

57 ] الفصل الثالث :3[

التــأمـــل 79 :] الفصل الرابع 4[ الحكـمـة واالفــراز

99 ] الفصل الخامس :5[ حروب األفكار واالنتصار عليها

117 ] الفصل السادس :6[ نقـاوة القـلب . وكيـف تكـون ؟!

135 ] الفصل السابع :7[ االهتـمام باألبـديـة

الـتـدبيـر الـداخـلى فـى الحيـاة الـروحيــة : باسم الكتـا

-144-

حضـرة صـاحب النيـافـة األنبـا يـاكـوبـوس المؤلــف :

2002ينـايـر –األولــى الطبـــعة :

كاتدرائية السيدة العذراء وماريوحنا الرسول بالزقازيق النـاشـر :

رقم االيداع :

الرقم الدولى :