أخبار سالجقة الروم

مختصر سلجوقنامة من مؤلفات القرن السابع الهجري

المؤلف

من أهل القرن السابع الهجري مجهول -

تعريب

سعيد جمال الدين المحمد

القاهرة المركز القومي للترجمة -

م2007 الطبعة الثانية -

مقدمة الطبعة الثانية

ألفه حسني بن حممد الرغدى املعروف بابن البيىب باللغة الفارسية ىف القرن السابع الذى » األوامر العالئية«لوال كتاب ، الىت مكنت »سالجقة الروم«الثالث عشر امليالدى، لضاع تاريخ دولة من أهم الدولة اإلسالمية، هى دولة / اهلجرى

ومنذ أيام ظلت لقرون عديدة متطاولة-، والىت)آسيا الصغرى(للحضارة اإلسالمية من التوطن واالستقرار ىف بالد الروم موضع تنازل دائم ال ختضع الصراع الذى قام بني الفرس والروم ىف عهد اإلمرباطوريتني الساسانية والروم الشرقية-

. إلحدامها فرتة حىت تعود بعدها إىل اإلمرباطورية األخرىاحلادى عشر امليالدى واصلوا التوسع / اهلجرىوحني سيطر السالجقة على إيران ىف النصف األول من القرن اخلامس

غربا حىت اصطدموا بالروم الشرقيني على مشارف تلك املنطقة وأحلقوا هبم هزمية منكرة وأسروا إمرباطورهم ىف معركة كانت مبثابة متهيد حلسم هذا النزاع الطويل لصاحل ) م 1071/ هـ 463سنة (» مالزگرد«فاصلة تعرف مبوقعة

. ورة �ائية وقاطعةالسالجقة بصم دولة ىف آسيا 1078/ هـ 470ومل يضيع السالجقة وقتا، وإمنا حتركوا بسرعة لفرض األمر الواقع؛ فأسسوا ىف سنة

. الصغرى عرفت بسالجقة الروم، ظلت تتوسع بالتدريج حىت مشل نفوذها بالد األرمن والقوقاز والروسنتشرت فيها مظاهر احلضارة اإلسالمية، واستقرت ىف تلك املنطقة حىت واستمرت دولة سالجقة الروم حنو قرنني ونصف ا

انتقل الدور من هذه الدولة إىل دولة أخرى ناشئة فتية برز دورها املؤثر ىف األحداث اجلارية ىف املنطقة حني أخذ جنم .دولة سالجقة الروم ىف األفول، وظل يتوارى رويدا رويدا حىت غاب وراء األفق البعيد

) 1/ملقدمةا(

الذى ألفه ابن البيىب ىف ذكر أخبار هذه الدولة ووقائعها حمليت صفحتها من الوجود، ومل » األوامر العالئية«ولوال كتاب . يبق هلا من أثر

حاكم العراق بعد انقضاء اخلالفة العباسية » الصاحب عالء الدين عطا ملك اجلويىن«لقد ألف ابن البيىب كتابه بأمر من رجال يعرف ما للتاريخ من أمهية وقيمة ىف اكتساف » عطا ملك«، كان الصاحب )م 1281/ هـ 681ت (ىف بغداد

بل كان هو نفسه أول من ألف ىف تاريخ املغول حني أخرج كتابه القيم املعرفة، وىف حتقيق التواصل بني األجيال املتعاقبة، باللغة الفارسية ىف ثالثة أجزاء، معتمدا على روايات شفهية موثقة من شهود أى فاتح العامل- » -جهانگشاى«

الذين برزوا ) ملغولا(هبؤالء األقوام بطريقة موضوعية وبنظرة حيادية- عدول، وعلى وثائق فائقة القيمة، هبدف التعريف-

. فجأة على مسرح األحداث ومل يكن أحد يعرف من أمرهم شيئا

ويبدو أن الصاحب عطا ملك خشى على أخبار دولة سالجقة الروم أن تضيع وتندثر، فكلف ابن البيىب بتدوين تارخيها ومراقبته لألحداث اجلارية حني رآه جديرا بالنهوض هبذا العمل حبكم قربه من مصادر صنع القرار ىف بالط السالجقة

. أمام عينيه من كثب، واطالعه على الوثائق واألسانيد املهمة، فامتثل ابن البيىب لألمرلكن امليل إىل إظهار القدرة على البالغة غلبت ابن البيىب وهو يدون تاريخ تلك الدولة، فبالغ ىف استخدام احملسنات

ت األحداث التارخيية وكادت أن ختتفى متاما وراء هذا الركام اهلائل من احملسنات البديعية والصور البيانية، وبذلك احتجبوالصور، فضال عن أن املؤلف حشد كتابه بالعديد من الشواهد واألشعار العربية؛ مما أدى إىل تضخم حجم الكتاب،

. وجعل قراءته مهمة صعبة عسريةأن خيتصر الكتاب ويهذبه، فحذف ما فيه من وال حىت اآلن-عاش ىف عصر ابن البيىب وما زال امسه جمه ورأى رجل-

حشو وزوائد، واقتصر على جمرد توصيف الوقائع وبيان األحداث التارخيية، مستخدما األلفاظ نفسها الىت استخدمها ابن .»خمتصر سلجوقنامه«البيىب، وأطلق ذلك الرجل اجملهول على عمله هذا عنوان

) 2/املقدمة(

م، والىت توفر على 1902هبولندا، سنة » ليدن«املختصر هو الذى قمت برمجته إىل العربية، استنادا إىل طبعة كان هذا . »هوتسما«إخراجها املستشرق اهلولندى

وهذه هى الطبعة الثانية من الرتمجة، كانت الطبعة األوىل قد صدرت عن مركز الوثائق والدراسات اإلنسانية جبامعة قطر-م، مث نفدت منذ سنوات؛ مما حدا باملركز القومى للرتمجة ىف مصر أن يعيد طبع هذه الرتمجة 1995نة س الدوحة-

، وهى »ترمجة املصادر التارخيية ىف اللغات الشرقية«ضمن إصدارات املشروع القومى للرتمجة، وىف مناسبة انعقاد ندوة . م 1906يل سنة أبر 27و 26الندوة الىت عقدها اجمللس األعلى للثقافة يومى

وال يسعىن إال أن أنوه باجلهد املشكور والعمل املربور الذى ينهض به املركز القومى للرتمجة ممثال ىف مديره األستاذ جابر عصفور من أجل تزويد املكتبة العربية برتمجات ألمهات الكتب الىت ألفت باللغات الشرقية بعامة واللغة / الدكتور

. الفارسية خباصة

ولى التوفيق واهللا

محمد السعيد جمال الدين

) 3/املقدمة(

بسم اهللا الرحمن الرحيم

مقدمة

خمتصر «ترمجة ألوىف مصدر يف تاريخ دولة سالجقة الروم، وأعين به كتاب ألول مرة- هبذا اجمللد نقدم للمكتبة العربية-

البن البييب مؤرخ تلك الدولة » ئية يف األمور العالئيةاألوامر العال«الذي يعد تلخيصا واختصارا لكتاب » سلجوقنامهالفتية اليت نشأت يف آسيا الصغرى يف منتصف القرن اخلامس اهلجري، وظلت قائمة ال تزعزعها اخلطوب واحملن اليت

سام اليت من الصليبيني يف الغرب، واملغول يف الشرق، وغريهم، وال تصرفها األحداث اجل: توالت عليها من كل جانبمنيت هبا عن التشبث مبا تستطيع من األقاليم يف تلك البالد، وأخذت تطاول الزمن حىت شاء هلا القدر أال تسلم الراية

يف النهاية إال بعد أن مهدت لقيام الدولة العثمانية يف آسيا الصغرى، واتساع رقعتها بعد ذلك حىت مشلت أوربا وبالد . ألبيض املتوسط ومشال إفريقياالشام ومصر والبحر ا

كانت دولة سالجقة الروم قد نشأت يف أعقاب اهلزمية اليت أحلقها السالجقة األتراك باإلمرباطورية البيزنطية يف سنة

؛ وبا�يار اجليش البيزنطي وتراجعه السريع أمام السالجقة انفتح هلم سبيل »مالزكرد«يف موقعة ) م 1071(هـ 413 .ى آسيا الوسطى وجعلها قاعدة للنفوذ والتوسع يف بالد األرمن والقفقاز والروسالسيطرة عل

) 4/املقدمة(

» مرمرة«على ساحل حبر » نيقية«ملنطقة آسيا الصغرى حىت بلغوا عند ذاك- واندفع السالجقة يف اجتياحهم-أجنحة اإلمرباطورية السلجوقية كجناح من ) م 1078(هـ 470فاختذوها عاصمة لدولتهم الىت أسست يف سنة

. »سالجقة الروم«وقد أطلق على هذا اجلناح اسم . العظمى اليت كانت تتمركز يف إيران

. حتت الضغط املتواصل للحمالت الصليبية» قونية«أن نقلوا عاصمتهم إىل بعد بضعة أعوام- مث ما لبثوا-

وفتوحات » مالزكرد«قد أبلى بالء حسنا ىف معركة » سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن أرسالن بن سلجوق«كان قرارا بتنصيبه ملكا لذلك اجلناح الشمايل الغريب من ) م 1092 هـ- 485: ت(األناضول، فأصدر السلطان ملكشاه

أن استقلوا بدولتهم اليت تعاقب أبناء سليمان بن قتلمش على عرشها حىت » سالجقة الروم«اإلمرباطورية، وما لبث . بوفاة آخر سالطينها غياث الدين مسعود الثالث) م 1309(هـ 708يف النهاية سنة انقضت

كانت الدولة السلجوقية الكربى قد انقسمت بعد وفاة السلطان ملكشاه إىل عدة دول مستقلة، مسيت كل واحدة منها

. جقة كرمان، وسالجقة الرومباسم املنطقة اليت تسيطر عليها، فكانت هناك دولة سالجقة إيران والعراق، وسال). 1(واحتفظ لنا التاريخ بتسجيل للوقائع واألحداث اليت جرت يف كل دولة من تلك الدول

_________للعماد اإلصفهاين، وقد اختصره الفتح بن علي بن حممد ) بالعربية(تاريخ دولة آل سلجوق : انظر سالجقة العراق) 1(

لنجم الدين ) بالفارسية(راحة الصدور وآية السرور : ويف سالجقة إيران والعراق. م 1900البنداري، ونشر مبصر سنة إبراهيم الشواريب، وعبد النعيم حسنني، : وقد ترمجه إىل العربية األساتذة. 1921أيب بكر حممد الراوندي، نشر يف ليدن

ويف-. م 1960وفؤاد الصياد، ونشر بالقاهرة سنة

) 5/املقدمة(

تابالك: أوال

حلسني » األوامر العالئية يف األمور العالئية«أما دولة سالجقة الروم فال جند مصدرا عين بأخبارها بقدر ما عين كتاب هـ، قبل زوال تلك الدولة بنحو 679بن حممد بن علي اجلعفري الرغدي املعروف بابن البييب، والذي أمته بأحداث سنة

سالجقة الروم دون غريهم بكتابه، وسجل ما رأى ومسع من الوقائع واألحداث اليت » ابن البييب«فلقد خص . ربع قرنبداية 679خامس سالطني السالجقة حىت سنة ) هـ 588: ت(جرت منذ أواخر عهد السلطان قلج أرسالن الثاين

. عهد السلطان غياث الدين مسعوددولة السالجقة يف آسيا الصغرى وتأسيسها على يد ومل يتمكن املؤلف من تسجيل أحداث الفرتة األوىل من ظهور

كما أشار يف مقدمة ألن املصادر اليت قد أرخت لذلك العصر قد أعوزته، ومل يكن بوسعه-» سليمان بن قتلمش«من تلك األحداث، فضال » أقوال النقلة وأقاصيص السمار لبعد عهدهم«االعتماد يف التأريخ لتلك الفرتة على كتابه-

. ا يف أقواهلم من تباين واختالفعممن تسجيل » عالء الدين كيقباد«أيب السلطان » غياث الدين كيخسرو«ولذلك حرمت الفرتة اليت تسبق عهد السلطان

. تارخيي وتوثيقي مفصل يضارع ما حظيت به أحداث الفرتة التالية من تاريخ تلك الدولةعريب، فإن الكتاب مؤلف باللغة الفارسية الذي هو أصل هذا املختصر- » -األوامر العالئية«ومع أن عنوان كتاب

شأنه يف ذلك شأن العديد من الكتب _________

.م هبولندا 1902 -1882كتاب تاريخ سالجقة كرمان حملمد بن إبراهيم، نشره هوتسما سنة : سالجقة كرمان -

) 6/املقدمة(

: غة، واختار هلا مؤلفوها عناوين عربية، مثلالتارخيية القيمة اليت ألفت بتلك الل . وغريها» حبيب السري«و » روضة الصفا«و » جامع التواريخ«

: كما صرح هو- هذا العنوان لكتابه إال ألنه-» ابن البييب«وما اختار

هتا، فمن أجل ذلك برم أنار اهللا برهانه- جاء متضمنا ملقامات عزائم السلطان األعظم عالء اخللق والدين كيقباد-«. »مسي باألوامر العالئية يف األمور العالئية

وال يعين هذا اختصاص الكتاب بالتأريخ لعهد السلطان عالء الدين كيقباد وحده، بل يشتمل على تاريخ سالطني تلك لدين كان ؛ غري أن السلطان عالء ا679إىل سنة 588من سنة ومن بينهم السلطان عالء الدين نفسه- الدولة-

. شامة بينهم، بل واسطة العقد فيهم، ولعل هذا هو السبب يف أن املؤلف عنون الكتاب بامسه: مرتني» العالئية«وإذا تأملنا عنوان الكتاب وجدنا مؤلفه يكرر كلمة

ين كيقباد؟ أم أن هناك األوامر العالئية يف األمور العالئية، فهل الكلمة يف كلتا احلالتني منسوبة إىل السلطان عالء الدآخر نسب إليه شطر العنوان؟ » عالء الدين«

للجناب األعلى «إذا نظرنا إىل خامتة الكتاب وجدنا املؤلف يشري إىل أن الكتاب قد مت تأليفه مبقتضى احلكم املطاع بناء على أوامر صدرت فما ألف الكتاب إذن إال ). 1(» أعلى اهللا شأنه ملك الوزراء أيب املعاىل عطا ملك بن حممد-

_________عالء الدين عطاملك مبدح مستطاب يف الشعر والنثر على السواء، ووصفه بأوصاف بليغة يف » ابن البييب«خص ) 1(

:-مقدمة كتابه، مث عاد يف اخلامتة وأنشد قصيدة عربية يف مدح عالء الدين مطلعها

) 7/املقدمة(

1281 هـ- 681ت (حاكم العراق من قبل املغول واملؤرخ الفارسي املعروف » جلويينعالء الدين عطا ملك ا«إليه من ). م

فأوامر عالء الدين عطاملك قد صدرت للمؤلف بالتأريخ لألمور اليت جرت يف عهد السلطان عالء الدين كيقباد، ومن

: هنا جاء عنوان الكتاب. »األوامر العالئية يف األمور العالئية«

تاب منذ زمن تأليفه بشهرة واسعة بني الناس، بيد أنه كان حيمل يف طياته بعض عوامل القصور الذايت اليت وقد حظي الك: حالت دون انتفاع الناس واستفادهتم به على نطاق واسع، ومن أهم هذه العوامل

. ع الكبريصفحة من القط 744ضخامة حجم الكتاب؛ إذ تقع النسخة الوحيدة اليت عثر عليها منه يف -1

نعم، لقد أحسن مؤلفه التأليف وأجاد التصنيف، وحقق الوقائع واألحداث، لكنه ساق . األسلوب الذي ألف به -2

ذلك كله بأسلوب ينطوي على الكثري من املبالغة واإلغراق يف استخدام احملسنات البالغية والبديعية، وحرص على إظهار عة اللفظية من سجع، وجناس، وطباق وتشبيه وحنوه فبدا املؤلف وكأنه ال يرمي إىل التمكن من استعمال أساليب الصن

. بيان الوقائع التارخيية فحسب، بل يسعى كذلك إىل إظهار مهارته يف الكتابة وبراعته يف اإلنشاءبالعربية وآداهبا من قراء كثرة استخدام الكلمات والشواهد العربية اليت قد تبدو صعبة على من ال يلم إملاما كافيا -3

. الفارسية _________

-عالمة الدهر، زان امللك واحلسبا ... كهف األنام عالء الدين سيدنا

).743، 9 -5األوامر العالئية، ص (

) 8/املقدمة(

سبعمائة وال شك أن العاملني الثاين والثالث قد ساعدا على تضخم حجم الكتاب حىت بلغت عدة صفحاته حنو

، األمر الذي أدى بالضرورة إىل ندرة النسخ املتاحة أمام املثقفني املعاصرين )1(ومخسني صفحة من القطع الكبري . للمؤلف لإلفادة به

هذه العوامل الثالثة جمتمعة هي اليت حفزت أحد األدباء يف عصر املؤلف نفسه على النهوض بتلخيص الكتاب وهتذيبه ه من فضول وحشو زائد، واالقتصار منه على القدر املناسب من االستشهادات العربية والفارسية، وختليصه مما ب

على سياقة األخبار التارخيية دون إطناب أو إطالة، لكي تكون هذه الثروة النادرة من قدر اإلمكان- والرتكيز-. املعلومات التارخيية مبتناول كل إنسان

عمله اهلام يف حنو أربعة عشر شهرا، والذي ظل امسه جمهوال ال يعرف إىل وقتنا هذا- الفاضل-ولقد أمت هذا األديب نفسه ال يزال على قيد » ابن البييب«وكان (هـ 684، وأمته يف شوال سنة 683حيث بدأ التلخيص يف شعبان سنة

اعة من إخوانه ملا اشتكوا من كرب حجم ، وكتب يف مقدمته أن جم»خمتصر سلجوقنامه«وأطلق على كتابه اسم ) احلياةمبقاصد .. أن يفي ... وبقوا حمرومني من مطالعته واإلفادة منه تعهد هذا العبد الضعيف «: »األوامر العالئية«كتاب

الكتاب ومغازيه دون إطناب يف األوصاف وإغراق يف التشبيهات، كي يكون كل إنسان قادرا على حتصيل نسخة . »ب، فيصل نفعه لعموم اخللقوحتقيق املطلو

_________

.م 1956كتاب األوامر العالئية يف األمور العالئية، نشر عدنان صادق إرزي، أنقرة : انظر) 1(

) 9/املقدمة(

ولقد التزم صاحب هذا املختصر مبا تعهد به من الوفاء مبقاصد الكتاب األصلي ومغازيه فلم حيذف من موضوعات

ا حافظ على التسلسل املوضوعي الذي انتهجه ابن البييب، ويف املرة اليت عدل فيها عن اختصار أحد الكتاب شيئا وإمن ). 1(الفصول، أتى بنبذة عن مضمونه يف الفصل الذي يليه مباشرة، للداللة على التزامه مبا تعهد به منذ البداية

وعباراته نفسها، فقلما استخدم ألفاظا » ن البييباب«وكان أهم ما حرص عليه صاحب املختصر، هو االحتفاظ بألفاظ وإن كانت تنزع يف أسلوهبا » األوامر العالئية«وعبارات من عنده، ولذلك جاء املختصر مبثابة صورة مصغرة من كتاب

. إىل البساطة والسهولة مىت قورنت بأصلها األول» األوامر العالئية«شعرا يف » ابن البييب«واب اليت أوردها وإمعانا يف التيسري على القارئ عمد صاحب املختصر إىل األب

. فحول تلك األبواب إىل نثر سهل ال صنعة فيه) 2(وخباصة عند ذكره حلروب السلطان عالء الدين كيقباد اته على الناس هبذا املختصر الذي يبلغ عدد صفح اجملهول اهلوية- وكانت نتيجة هذا اجلهد كله أن خرج ذلك األديب-

أكثر من نصفه، » األوامر العالئية«صفحة من القطع املتوسط، أي أنه اختصر من كتاب 337يف أصوله الفارسية » أخبار سالجقة الروم«؛ وهو الذي نقدم ترمجته العربية اليوم بعنوان رئيسي هو »خمتصر سلجوقنامه«وأطلق عليه اسم

. لتقريب موضوعه إىل القراء العرب _________

. 157انظر فيما يلي ص ) 1(

.679 -671، 406 -392، 319 -317، 127 -122األوامر العالئية، ص : انظر) 2(

) 10/املقدمة(

. أوفر حظا من الكتاب األصلي نفسه من حيث عناية الناس به واهتمامهم باالنتفاع مبادته- وواضح أن املختصر كان-هـ 827إىل الرتكية، وقدمه حوايل سنة » خمتصر سلجوقنامه«دباء األتراك كتاب ففي القرن التاسع اهلجري نقل أحد األ

. نفسه، فيما نعلم» األوامر العالئية«إىل السلطان العثماين مراد الثاين، وهو أمر مل يتح لكتاب ى نسخة من هذا عل) م 1943املتوىف سنة (» هوتسما. هـ. م«ويف العصر احلديث عثر املستشرق اهلولندي املعروف

تواريخ آل سلجوق، وهذا اجمللد مشتمل على خمتصر سلجوقنامه، «: حتت عنوان» املكتبة الوطنية بباريس«املختصر يف

معتمدا على بطبع الكتاب-» هوتسما«وقام . »ناصر امللة والدين حيىي بن حممد املعروف بابن البييب«وأصله تأليف ، ونفدت نسخ هذه الطبعة بعد نشرها )1(م 1902هبولندا سنة » ليدن«يف » لبري«مبطبعة هذه النسخة الوحيدة-

. بزمن يسري، وأصبح من املتعذر العثور على نسخة منها

» هوتسما«م بتصوير طبعة 1971ىف سنة األستاذ جبامعة طهران- » -حممد جواد مشكور«حىت قام الدكتور الكثري من النصوص التارخيية الفارسية عن إىل جانب املختصر- ه-الذي مجع يف» أخبار سالجقة روم«وضمنها كتابه

» األوامر العالئية«تلك الدولة وزودها بالعديد من اهلوامش والتعليقات الضافية واليت أفاد يف كتابة العديد منها بكتاب . م 1956بعد طبعه يف تركيا سنة

_________)1 (

M.H.Houtsma, Histoire des Seldjoucides d Asie Mineure, d, Apres l Abrege de Seldjouknameh d ibn- Bibi, Texts Persan, publie d apres le Ms

de Paris, Leide E.J.Brill, 1920.

) 11/املقدمة(

يف» آيا صوفيا«قد عثر على نسخة خطية وحيدة لكتاب األوامر العالئية مبكتبة » عدنان صادق أرزي«وكان األستاذ

وقدمت لغياث الدين كيخسرو الثالث، فقام األستاذ عدنان إرزي ) هـ 679سنة (استانبول نسخت يف سنة تأليفها 1956، ونشرها بأنقرة سنة »الفاكسميل«بطبع هذه النسخة نفسها حبيث تكون مطابقة للمخطوط األصلي بطريقة

)1 .(

) 2(مؤلف األوامر العالئية ثانيا-. لدين حسني بن علي اجلعفري الرغدي، املعروف بابن البييب، من أدباء القرن السابع اهلجرى ومؤرخيههو األمري ناصر ا

املنجمة اليت كانت تتمتع بقدر كبري من النفوذ يف عهد السلطان » يب يب«وقد عرف املؤلف بابن البييب نسبة إىل أمه كمال «ن كبار الفقهاء يف عصر السالجقة يف خراسان، فأبوها ويصل نسبها القريب إىل اثنني م. »عالء الدين كيقباد«

رئيس احلنفية يف نيسابور، » حممد بن حيىي«رئيس الشافعية يف نيسابور، وجدها ألبيها اإلمام الرباين » الدين السمناين). م 1154أوائل سنة (هـ 548والذي قتل يف فتنة الغز خبراسان سنة

وحني . »جرجان«وزوجها جمد الدين، وكان من سادات » يب يب«الدين خوارزمشاه، عملت ويف بالط السلطان جالل يف سفارة لبالط السلطان جالل الدين خوارزمشاه وجد » عالء الدين كيقباد«سافر أحد أمراء السلطان

_________

. 5ص انظر املقدمة الرتكية اليت كتبها األستاذ عدنان إرزي لكتاب األوامر العالئية،) 1(

.235 -234وانظر فيما يلي ص 194، وخمتصر سلجوقنامه، ص 442، 10راجع األوامر العالئية، ص ) 2(

) 12/املقدمة(

هذه السيدة مسموعة الكلمة عند جالل الدين ملهارهتا يف أحكام النجوم، فلما عاد األمري إىل مليكه حكى له حكاية . هذه السيدة على سبيل التندر

. جمد الدين حممد، وابنها ناصر الدين حسني مؤلف كتاب األوامر العالئية: فاحتة خري لكل من زوجها» يبيب«وكانت عالء الدين «املنجمة وزوجها للعمل يف خدمة » يب يب«ومل مير وقت طويل حىت قتل السلطان جالل الدين، فدعيت

للقضاء والقدر، طلبت إىل السلطان تعيني غالبا- مها-فلما أثبتت مهارهتا يف علم النجوم وموافقة أحكا. »كيقباد

رئيسا لديوان اإلنشاء اخلاص بالسلطان، فتحقق هلا ما أرادت وأصبح زوجها من » جمد الدين حممد الرتمجان«زوجها حلمل الرسائل املالزمني الدائمني للسلطان يف احلضر والسفر، وبلغ من ثقة السلطان به أنه مل يكن يرى أحدا أصلح منه

» الرتمجان«إىل البالطات الكربى كبغداد والشام واخلوارزميني، واإلمساعيلية، واملغول، ولذلك لقب جمد الدين بلقب . هـ 670وتويف سنة

فال نكاد نعرف عنه إال معلومات ضئيلة ) الذي يعد هذا املختصر صورة مصغرة من كتابه(أما مؤلف األوامر العالئية غاية، فقد منح لقب األمري، حني صار أمريا لديوان اإلنشاء بعد اعتزال أبيه للعمل، فيما يبدو، وكان يلقب بأمري لل

حيث كان يتوىل كتابة املراسيم واألوامر السلطانية وميسك أختام السلطنة، وقد تزوج ناصر الدين حسني » الطغرا«ديوان بعد أن تيسر » عالء الدين كيقباد«الذي حظي مبكانه بارزة لدى السلطان » كمال الدين كاميار«من ابنة أمري األمراء

االستيالء على أرمينيا وبالد الكرج وأجزاء من بالد الشام، غري أن كمال الدين مل بفضل كفاءته وخربته- للسلطان- يلبث أن قتل يف أوائل عهد

) 13/املقدمة(

. هـ 634سنة » غياث الدين كيخسرو«السلطان هذا هو جممل ملا ورد من أخبار املؤلف، وهو يدلنا على مدى ما لديه من مؤهالت متكنه من مراقبة األحداث من

. كثب، وتسجيلها باعتباره شاهد عيان هلاوجدنا مؤلفه من كبار أدباء الفرس، ومن أصحاب اللسانني العريب » األوامر العالئية«على أننا إذا تأملنا كتاب

. سي، بل ينظم الشعر بكلتا اللغتني، وله اطالع واسع عميق بالعربية وآداهباوالفار

وهو املؤرخ الثبت وصاحب املدرسة التوثيقية يف كتابة التاريخ عند الفرس- » -عالء الدين عطاملك اجلويين«واحلق أن

أنس فيه القدرة وأيقن أنه ميتلك عدة النهوض مل يكن ليعهد إىل ابن البييب بكتابة تأريخ لسالجقة الروم إال إذا كان قد بأعباء هذا العمل الكبري، فهو حبكم منصبه يف ديوان سالجقة الروم قادر على االطالع على الوثائق التارخيية اهلامة،

مراقب لألحداث والوقائع، مطلع على ما حياك من مؤامرات القصور ويدبر فيها من دسائس، فضال عن مكانة أبيهيف بالط السالجقة، مما أتاح له فرصة مساع الكثري من األحداث اليت مل » بييب املنجمة«وأمه » جمد الدين الرتمجان«

لقد عاش ابن البييب وترىب يف كنف هذه الدولة، وتبوأ مركزا يقربه من . يشهدها بنفسه من أقرب املصادر وأوثقهاوبفضل ). 1(» األمور يف السنني والشهور يف بالد الروم مما قد رأى ومسعفخط يف هذا اجمللد ما جرى من «سالطينها

هذا التثبت جاء الكتاب سجال ناطقا لكل مظاهر احلياة السياسية، والعسكرية، واالقتصادية واالجتماعية، والثقافية . واملعمارية، واحلضارية بعامة يف دولة سالجقة الروم

_________ .3: 1، 1911هي نفس عبارة عطاملك اجلويين يف مقدمة جهانكشاي، طبع ليدن سنة » د ومسعمما قد شاه«) 1(

) 14/املقدمة(

هذه الرتمجة ثالثا-، واليت نشرها »هوتسما«إىل العربية على نسخة املستشرق اهلولندي » خمتصر سلجوقنامه«وقد اعتمدت يف نقل كتاب

. م 1902يف ليدن سنة وهلة األوىل صعوبات مجة يف الرتمجة، المتالء تلك الطبعة بكلمات وعبارات حمرفة أو مصحفة غري أين صادفت منذ ال

غري مستقيمة املعىن وال واضحة الغرض، حيتاج إصالحها إىل وقت طويل وفحص يف املعاجم غري قليل، وحتوط من . الكتابة الفارسية ومصطلحاهتا يف ذلك العصر اخلطأ، وتفهم ملا يقتضيه السياق من املعاين واألغراض، ومعرفة بأساليب

وبدا يل نقل الكتاب يف ظل هذا التحريف والتصحيف أمرا بعيد املنال، وهو أصل هذا املختصر، » األوامر العالئية«يل احلصول على نسخة مصورة من كتاب عز وجل - إىل أن يسر اهللا-

الل املقارنة إصالح احملرف واملصحف من الكلمات، وتكميل فعمدت إىل مقارنة املختصر باألصل، وأمكن من خوقد نبهت . الناقص من اجلمل، وحتقيق األعالم وضبطها، وضبط امللتبس من األلفاظ، وإيضاح الغامض من العبارات

. ع. على ذلك كله يف حواشي الرتمجة، وأشرت اختصارا إىل كتاب األوامر العالئية باحلرفني أيف الكتابة، » ابن البييب«ه إىل أن صاحب هذا املختصر مل يستطع منذ البداية أن يتخلص من إسار طريقة وأود أن أنب

كما أسلفنا، واقتصر جل عمله على حذف الفقرات وإمنا سايره كل املسايرة، وحذا حذوه وتابعه فنقل عباراته بنصها-

حداث التارخيية، واكتفى من العبارات مبا يعني على أداء املعىن اليت رآها ال تضيف كثريا إىل توصيف الوقائع وبيان األ

ومل يتدخل يف تغيري ما انتقاه من عبارات. دون إطناب فاستبعد بذلك سائر العبارات اليت تؤدي املعىن نفسه

) 15/املقدمة(

؛ ولذلك ظلت )1(من املواضع األصل إال ملاما، ومل يضف من عنده شيئا، اللهم إال بعض العبارات اإلنشائية يف عديد . طابع العصر على كل حال- مسحة من التكلف واحللية اللفظية عالقة باألسلوب، ولقد كان ذلك-

أن أحافظ على أسلوب الكتاب وأن أنقل يف الرتمجة كل ما يرمي املؤلف إىل بيانه، لكى ما استطعت- ولقد حاولت-وأثبت أرقام صفحات األصل الفارسي يف اهلامش اجلانيب للصفحات . فارسيتصبح هذه الرتمجة صورة صادقة للنص ال

. لكي يتيسر بذلك الرجوع إىل األصل عند احلاجة

أما اآليات القرآنية اليت وردت يف املنت فقد رددهتا إىل مواضعها من كتاب اهللا العزيز، وأشرت يف اهلوامش إىل ما اشتمل أما األشعار العربية فقد استطعت رد بعضها إىل قائليها من . ثال وعبارات عربيةعليه املنت الفارسي من نصوص وأم

. شعرائنا العرب، من الذين جرت أشعارهم جمرى األمثال يف آداب األمم اإلسالمية بعامة واألدب الفارسي خباصةير املألوفة يف الفارسية لتقريبها إىل مث عمدت يف احلواشي إىل التعريف باجملاهيل وبعض األعالم، وشرح بعض صور التعب

القارئ العريب، وزودت اجمللد خبريطة تفصيلية تشتمل على معظم أمساء األقاليم واملدن الواردة بالرتمجة، مث ذيلته بفهارس ). 1(لألعالم واألماكن والشعوب والطوائف

. وأرجو أن تكون الرتمجة بذلك قد نالت حظها من العناية________ _

پ تنطق : وإليك بيان بكيفية نطق هذه احلروف. أبقيت يف الرتمجة على احلروف الفارسية الواردة يف أمساء األعالم) 1(يف كلمة ) G(گ ينطق مثل حرف . يف اإلجنليزية) CH(چ ينطق مثل حريف . يف اإلجنليزية) P(مثل حرف

Garden ةاإلجنليزية، أو مثل اجليم املصرية يف اللهجة العامي.

) 16/املقدمة(

الذي ميثل إضافة حقيقية للمكتبة العربية هي يف أمس احلاجة إليه لندرة األعمال اليت تعاجل وبعد، فإن هذا العمل-

ما كان ميكن أن خيرج هبذه الصورة لوال التشجيع الذي لقيته من جامعة قطر ممثلة يف مديرها الفاضل األستاذ موضوعه-تاذ اجلليل الدكتور عثمان سيد أمحد مدير مركز الوثائق والدراسات اإلنسانية، الدكتور عبد اهللا مجعة الكبيسي، واألس

واألستاذ الكرمي الدكتور عادل حسن غنيم رئيس وحدة حبوث التاريخ والوثائق، وسائر اإلخوة األفاضل أعضاء الوحدة،

. فجزاهم اهللا عن العلم وأهله خري اجلزاء

، وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملنيحممد السعيد مجال الدين

: القاهرة م 1993أكتوبر 11هـ 1414ربيع الثاين 24ضحوة اإلثنني

) 17/املقدمة(

املصادر واملراجع اليت رجعنا إليها يف حتقيق الكتاب وحترير حواشيه: املصادر العربية: أوال

. املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكرمي، حملمد فؤاد عبد الباقي -. لس التاريخ اإلسالمي، للدكتور حسني مؤنسأط -

. األعالم للزركلي -. تاج العروس، حملب الدين السيد حممد مرتضى الزبيدي -

. تاج اللغة وصحاح العربية، أليب نصر إمساعيل بن محاد اجلوهري -. تاريخ األدب يف إيران، إلدوارد براون، ترمجة الدكتور إبراهيم الشواريب -

. رف اإلسالمية، الطبعة اجلديدة باإلجنليزيةدائرة املعا -. ديوان احلماسة، أليب متام حبيب بن أوس الطائي، طبع فرايتاج -

الشرق اإلسالمي يف عهد اإليلخانيني، للدكتور فؤاد عبد املعطي الصياد، طبع مركز الوثائق والدراسات اإلنسانية، -. جامعة قطر

. اب الدين أيب العباس أمحد القلقشنديصبح األعشى يف كتابة اإلنشا، لشه -. صحيح البخاري، لإلمام أيب جعفر حممد بن إمساعيل اجلعفي البخاري -

، حتقيق الدكتور حممد حممد )عصر سالطني املماليك(عقد اجلمان يف تاريخ أهل الزمان، لبدر الدين حممود العيين، - .أمني

) 18/املقدمة(

حاكم العراق بعد انقضاء اخلالفة العباسية يف بغداد، للدكتور حممد السعيد مجال عالء الدين عطاملك اجلويين، -

. الدين. القاموس احمليط، حملمد بن يعقوب الفريوز آبادي -

. الكامل يف التاريخ، لعز الدين على بن أيب الكرم، املعروف بابن األثري، طبع أوربا -. كشاف اصطالحات الفنون، للتهانوي -

. األسرات احلاكمة، لزامباورمعجم -). شهاب الدين أبو عبد اهللا(معجم البلدان، لياقوت احلموي -

. معجم الدولة العثمانية، للدكتور حسني جميب املصري -. معجم شواهد العربية لعبد السالم هارون، طبع مصر -

. املعجم الوسيط، أصدره جممع اللغة العربية بالقاهرة -. م األعجمي، أليب منصور موهوب اجلواليقياملعرب من الكال -

. مفرج الكروب يف أخبار بين أيوب، جلمال الدين حممد بن واصل -. النجوم الزاهرة يف ملوك مصر والقاهرة، جلمال الدين أيب احملاسن يوسف، ابن تغري بردي -

. �اية األرب ىف فنون األدب، لشهاب الدين أمحد بن عبد الوهاب النويري - .وفيات األعيان، للقاضي أيب العباس مشس الدين، ابن خلكان -

) 19/املقدمة(

: املصادر الفارسية: ثانيااألوامر العالئية لناصر احلسني بن حممد الرغدي املعروف بابن البييب، النسخة املصورة عن خمطوط آيا صوفيا رقم -

. نشر عدنان إرزي، أنقرة -2985. خلف التربيزيبرهان قاطع، البن -

. تاريخ أدبيات در إيران، للدكتور ذبيح اهللا صفا -. تاريخ جهانگشاي، لعالء الدين عطا ملك اجلويين، حتقيق حممد بن عبد الوهاب القزويين، طبع ليدن -

. تاريخ گزيده، حلمد اهللا بن أيب بكر املستويف القزويين، باهتمام إدوارد براون -. التاريخ مغول، لعباس إقب -

. »خواندامري«حبيب السري، لغياث الدين بن حسام الدين احلسيين املعروف ب -

. راحة الصدور، حملمد بن علي بن سليمان الراوندي، تصحيح حممد إقبال -

). مري خواند(روضة الصفا، ملري حممد بن سيد برهان الدين -

. فرهنك ادبيات فارسي دري زهراى خانلري -. ارسي الشتاين جاسفرهنك انكليسى ف -

. كار فرهنك جديد لفريدون- -. فرهنك عميد حلسن عميد -

.لغت نامه دهخدا لعلي أكرب دهخدا -

) 20/املقدمة(

بداية النص المحقق

)1 (/

بسم اهللا الرحمن الرحيم

] تقديم[

رب تمم وأعن

. السالم وعلى آله األخياربعد محد البارى والسالم الدائم املتواصل على السيد املختار، عليه

كتاب عدمي النظري فقيد املثل، من منشآت الصدر » سلجوق نامه«فإنه ال خيفي على من يطالع هذه األوراق أن كتاب وقد . ناصر املله والدين حيىي بن حممد، املعروف بابن البييب، دامت فضائله) 1(العالمة نادرة الزمان مالك الطغرا

. با بارعا وساق فيه الكالم على وجه ال قدرة لصاحب صنعة على جماراته ومباراتهاستخدم فيه أسلومع غري أن مجاعة اإلخوان ملا اشتكوا من كرب حجمه وبقوا حمرومني من مطالعته واإلفادة منه تعهد هذا الضعيف والتزم-

ه دون إطناب يف األوصاف وإغراق يف مبقاصد الكتاب ومغازي يف أجزاء معدودة- أن يفي- قلة البضاعة يف الصناعة-واهللا ويل . نسخة وحتقيق املطلوب، فيصل نفعه لعموم اخللق) 2(التشبيهات، كي يكون كل إنسان قادرا على حتصيل

. ذلك

_________

وهي وهي الطرة اليت تكتب يف أعلى املناشري فوق البسملة، بالقلم اجللي، تتضمن اسم امللك وألقابه، : الطغرا) 1(تنسب إىل الشخص الذى يكون شغله ومنصبه كتابة الطغرا وألقاب امللوك واألمراء على الفرامني واملناشري وحترير األوامر

. راجع لغت نامه لعلي أكرب دهخدا. وإمساك األختام السلطانية، والكلمة أعجمية حمرفة من الطرة العربيةبه حتصيل؛ انظر أخبار سالجقة : رأها الدكتور حممد جواد مشكورىب حتصيل، أي دون حتصيل، وقد ق: يف األصل) 2(

.ش، املقدمة، ص بيست ونه. هـ 135. الروم، طبع طهران

)1/1 (

مقدمة

قد اعتذر مؤلف األصل يف الديباجه أوال، فقال إن كيفية وصول السلطان سليمان بن قتلمش بن اسرائيل إىل السلطة،

ومن املتعذر متاما . كاألمري منكوجك، واألمري أرتق، واألمري دانشمند ليست من األمور احملققةوأحوال أمرائه الكبار الوثوق بأقوال النقلة اختالف الروايات-) 1(بسبب وجود الكتب اليت أرخت لذلك العصر، وليس باإلمكان-

. وأقاصيص السمار لبعد عهدهم. السلطان غياث الدين كيخسرو، والد السلطان عالء الدين كيقباد من عهد دولة] املؤلف[ومن مث فقد بدأ /

ذكر تنصيب السلطان قليج ارسالن لألمري غياث الدين كيخسرو وليا للعهد

حني تبدلت حلة شباب السلطان السعيد قليج ارسالن األرجوانية برداء املشيب القشيب، ووصل مركب احلياة الكاملة غياث الدين كيخسرو، وكان أصغر األوالد، وقد ] السلطان[وداع وتفرق االجتماع، استدعى البهيج، وحل وقت ال

: اختص من بني إخوته األحد عشر بشرف مالزمة أبيه، وقال لهر يف وأنت حبمد اهللا بشرى الثما. يا بىن، اعلم أنه قد دنا ارحتايل من هذا الفناء، وها أنذا أتأهب للتزود بزاد طريق املعاد

. ما أسعد العرش بأن جيلس عليه مثلك؛ وليس لنا أن نؤثر أحدا عليك. حديقة امللك، ونوار روضة األلطاف اإلهلية _________

.يف األصل، حبسب، واملعىن هبا ال يستقيم) 1(

)1/2 (

، وما اخللق إال ودائع وأنا ما اخرتتك على اإلخوان إال ملا رأيته فيك من لياقة للملك؛ إنين أنصبك على رأس اخللق

يا بين أقم .... يا بين ال تشرك باهللا إن الشرك لظلم عظيم «). 1(احلق، وأنا إمنا أعهد بامللك إليك وبالروح لرضوان الصالة وأمر باملعروف وانه عن املنكر واصرب على ما أصابك إن ذلك من عزم األمور، وال تصعر خدك للناس وال متش

). 2(» حا إن اهللا ال حيب كل خمتال فخوريف األرض مرإن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذى القرىب، وينهى عن الفحشاء واملنكر «: يا بين، إمنا يسأل امللوك عن العدل

الدنيا فرارة ما قرت ألحد أبدا، إمنا هي كسجم السحاب ليس له من دوام، ) 3(» والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون. جعلها سنة/ ها كابتسام الربق ال يصدر عن رضا وارتياح، إن أضحك ساعة أبكى سنة، وإذا أتى بسيئةوبكاؤ

وملا رأى صفة الديوان غاصة باخلاص . فلما وعظه بتلك الوصايا البليغة، أمر فاجتمع أركان احلضرة وأعيان السلطنةأن امللك ال يبقى بال مالك، كما ال تبقى املدينة بغري مدبر، قد بلغت مشس إقبايل درجة الزوال، ومعلوم : والعام قال

: شعر. ال يدع اهللا الدنيا بغري حاكم... ميضي واحد وحيل حمله آخر -

_________. خازن اجلنة) 1(

. 18: 13: سورة لقمان) 2( .9: سورة النحل) 3(

)1/3 (

إمنا يتحلى باآلداب السلطانية، وهو يف حلبة هذا املضمار ) 1(» منوتشهر«وإن ابين كيخسرو ذا الوجه الذي يشبه وجه ولقد منحته والية العهد، وفتحت أمامه باب هذه الدولة، . يتمتع بالسبق والربوز على إخوانه، وعلى ملوك سائر الديار

إمنا . وحنيت نفسي جانبا وأجريت حكمه يف الوالية والرعية طاملا كنت على قيد احلياة، وجعلته وارثا للتاج واخلامت،. على حمبته والوالء له كالصخرة الصماء- عليكم أن تبايعوه، وأن يتبني منكم رسوخ القدم-

أن رأوا أن االنقياد ألوامر السلطان من أوجب بعد البكاء والعويل والسكوت الطويل- فما لبث أعيان الدولة-ا، وهو عندنا يف الظاهر والباطن والغيبة واحلضور سواء، نسلك طريق السلطان غياث الدين بطلن: الواجبات، وقالوا

وأضافوا إىل تلك املواثيق من احللف واألميان ما ال ميكن لتأويل . مع خصوم دولته كالسيف والسنان- الغلظة واحلدة-. أن ينقضه عند أهل اإلميان

]: شعر[كام النصرة واملعاضدة، أقروه على السلطنة وبعد احللف على درء املخالفة ونصب راية املوافقة، وإحكام أح

. فوق عرش السلطنة يف بسيط خطة الروم... جلس السلطان مبارك القدم بيمن القدوم -

ووقف قادة األطراف جبوار العرش ميينا ويسارا، وجعل ما ال حصر له من الدرهم والدينار نثارا، ووصلت اخللع إىل طبقات األمراء والكرباء، فازداد بذلك النوال ميل الكافة، وقضوا يف السرور / انة السلطنةوالتشريفات الثمينة من خز

. والطرب أياما عشرة، ومل يدعوا يف شرعة اللهو والطرب من بقية إال جرعة الساقي _________

.منوتشهر، من ملوك الفرس القدماء، وقد وصف ببهاء الطلعة) 1(

)1/4 (

وكانت هذه احلكاية يف سنة مثان . أن التفت إىل عمارة البالد واألمصار، ونقلت األخبار إىل أطراف اململكةمث ما لبث

. ومثانني ومخسماية

ذكر اجتماع اإلخوان بامللك ركن الدين وحتريضه على التمرد ل أخ على نار، مع يف باطن اجلسد، وجلس ك عند كل منهم- حني بلغ اخلرب مسامع اإلخوان حتركت بواعث احلسد-

أن كال منهم كان مستحوذا على إقليم ومستوليا على مملكة؛ فكانت توقات مع توابع ركن الدين سليمانشاه، ونكيسار مع مضافات ناصر الدين بركيا رقشاه بينما توىل آبلستان مغيث الدين طغرلشاه، وقيصرية نور الدين سلطانشاه،

ملطية معز الدين قيصر شاه، وأراكلية سنجر شاه، ونكيده ارسالنشاه، وأماسية وسيواس وآقسرا قطب الدين ملكشاه، و. نظام الدين أرغون شاه، وأنكورية حمىي الدين مسعود شاه، وبرغلو غياث الدين كيخسرو

يهم مرة ومل يكن يعود من أعمال تلك الديار على ديوان سلطنة الوالد شىء قط قل أو كثر، بل كانوا يقدمون على أب. واحدة يف السنة، ويعودون بعد حتقق املقصود

جممل القول أن امللوك حني حتركت فيهم نوازع الغلبة وبواعث السيطرة، جتمعوا عند ركن الدين سليمانشاه، وكان أخاهم د املاء الزالل، وتشبث األكرب، وأخذوا يف تفنيد رأي أبيهم وتوهني فكره، وذهبوا إىل أنه إمنا تيمم ببقايا الزبال مع وجو

]:/بيت[حبيلة الثعلب األعرج رغم أن صولة الفهد على أهبة االستعداد

)1/5 (

. كيف نزيل هذا الشنار ومنسح هذا العار... لن نرضى مبا حكم األب -

. ما يشبه العهن املنفوش) 1(وذكروا من هذا النوع من الكالم املغشوش

: ركن الدين من دهاء وعقل أجاب بقوله ونظرا ملا كان يتمتع به امللكوملا كانت ذاته . حاكم موفق، كل ما يأمر به ويقوله إمنا يذعن له الفلك رغبا ورهبا خلد اهللا أيامه- إن سيد العامل-

:الشريفة هي السبب يف تكوين طينتنا حنن فإن عدم ارتسام أحكامه وامتثال أمره مفض إىل العقوق ومؤد لنكران احلقوق]: شعر[

. ال أبيع رضاه مبلك ما يف األرض مجيعافما لرتاب الكثيب الفاين ذلك املقدار -

وهو ما جيعله مضغة يف ومعني ترفه ونعيمه قد تكدر، فالنهوض لنقض أحكامه-.. سيما وأن سيماه الكرمية قد تغريت : قد التحق مبدرسة) 2(إن كان صغري السن إن غياث الدين و. أمر بعيد عن الرأي السديد األفواه وأضحوكة لألشباه-

واهللا يؤيد بنصره «، وأتقن فيها استيعاب اآلداب امللوكية، وأخرجها من القوة إىل الفعل، )3(» وعلمناه من لدنا علما«وحني مسع اإلخوة هذه النصائح نبذوا ما كان قد تسلل إىل رؤوسهم من هواجس سوداوية، ). 4(» من يشاء

_________). املعجم الوسيط(غري اخلالص : كذا يف األصل مغشوش، واملغشوش) 1(

صغري السن، وهو : بسن خردست] 28ص [متأخرا صغريا، ويف األوامر العالئية : يف األصل پسني خردست) 2(. األصح كما هو واضح

. 65: تضمني من القرآن الكرمي، سورة الكهف) 3( .13: سورة آل عمران) 4(

)1/6 (

. م إىل ملكه خاسرا خائباوآب كل منهقد التحق بدار اجلنان، وجلس غياث الدين منفردا على » قلج ارسالن«ويف أثناء هذه احلاالت وصل اخلرب بأن السلطان

. مسند امللك، واستوى على العرش

ذكر مساع السلطان ركن الدين وفاة أبيه، وصرف مهته النتزاع امللك من قبضة أخيه لدين يف شهور سنة مثان ومثانني ومخسمائة بوفاة أبيه أشعل القلب بنار احرتق هبا لفراقه، وبعد حني علم امللك ركن ا

. شرائط العزاء ولوازم البكاء دفع برسل مسرعني إىل أعوانه وأعضاده حيث تتجمع األجناد يف األغوار واألجناد

حلق به جيش ضخم جدا، فبلغ وغادر بنفسه توقات دون أن يصطحب معه جندا، وما كاد يصل إىل آقسرا حىت

درع املقاومة يف وجوههم، وظل ستون ألفا من محلة » قونية«يف خدمة ركاب مظلته امللكية، فشهر أهل » قونية«اجلميع

ويف النهاية أرسلوا . األقواس طيلة أربعة أشهر، وبصورة يومية، مشتبكني يف الطعان والنزال مع عساكر امللك ركن الدينامللك واصطلحوا على أن ينطلق السلطان غياث الدين مع أبنائه وأتباعه وأشياعه إىل أية ناحية يرتضيها رسوال إىل

فأبرم العهود وفقا ملا . خاطره، ويصل ساملا إىل مقصده، مث يدخل امللك املدينة من بعد ذلك فيبايعه أهلها على الوالء لهوقعت منه موقع احلمد واالستحسان، وأمر بأن يذهب اثنان فعرضت مجيعا يف حضرة السلطان، و. التمسوه، وأرسلها

آخران من أهل املدينة ممن هلم علم بظواهر األمور وبواطنها، إىل حضرة امللك

)1/7 (

. هبدف التأكيد، وأن حيصلوا على وثيقة ورسالة خطية منه مؤكدة بأقسام القسم واألميان الغالظ

. ، واختار اجلالء مضطرا)1(ن العهود آثر تسكني روع القلب وجيشان النفس ففعال ذلك يف احلال وحني طالع السلطا

ذكر جالء غياث الدين كيخسرو والوقائع اليت شاهدها ىف غربتهالدغل الالزوردى للقبة الزرقاء / يف سنة ست وتسعني ومخسمائة، عند صالة العشاء، وقد ظهرت الكواكب الدرارى يف

. »ستنبول«ادر السلطان املدينة يف كوكبة من اخلواص وسلك طريق آقشهر قاصدا كأ�ا الزهور الندية، غولفرط االستعجال واضطراب احلال عرض للملك عز الدين كيكاوس وامللك عالء الدين كيقباد ما أدى إىل غياهبما عند

. ذاك عن خدمة أبيهما، ومل ينتبه هلما السلطان، وانطلق مسرعا من املدينة قرية الديق من أعمال قونية استخف رعاياها بغلمانه وخواصه، وجرحوا بعضهم، وعرضوا األمتعة للتلف، فلما وصل إىل

رسالة تتضمن العتاب إىل أخيه، وشكا مما حلق بعرق متعجال- وكتب-» ال رنده«فحزن السلطان لذلك وسلك طريق . السلطنة النجيب من إهانة وإذالل

يف اليوم التايل، وجلس على العرش، سلم وحني دخل ركن الدين املدينة _________

.النفس: القلب، واجلأش: سكن روع الروع، وجيشان اجلأش، والروع: الرتمجة احلرفية) 1(

)1/8 (

مثل هذا جيب : الرسل الرسالة، فهاج وماج من فرط الغضب، غري أنه كظم غيظه كسبا للوقت، وصاح يف الرسل قائالمث أومأ خفية إىل بعض أفراد حاشيته بأن يعملوا على هتدئة ). 1(الدولة، واملخلفني من أنصارها أن حيل مبخالفي

وأمر بأن ينادى يف الناس بأن كل من أغار على أخي السلطان وأحلق األذى والضرر مبن معه، عليه أن ). 2(خواطرهم

. يتقدم ويعد ذلك سببا للتقرب والزلفىهبذه املغريات، وبادر كل منهم يستبق غريه حىت جتمعوا بأمجعهم يف الديوان وقد أحضر كل منهم فاغرت أولئك اجملاهيل

فأسلم السلطان كل فوج إىل مجاعة، واستدعى . بصحبته كل ما كان قد استلبه، وهو يقصد بذلك أن يروج سوقهمها بني اإلقامة واالرحتال، فاختارا وأجلسهما على العرش فوق ركبتيه، وأبدى عطفه وحدبه عليهما، وخري ) 3(امللكني

فأخذت السلطان رقة . العربات مدرارا على وجنتيهما كحبات الرمان/ السفر واللحاق بأبيهما، وحتدرت رغما عنهما. هلما، وسريمها مع أهلهما مبودة صادقة وقد زودمها باخللع النفيسة من األحزمة املرصعة وما يوافقها وجيانسها

بصلب اجلناة العصاة من شرفات سور املدينة وسلب كسوة احلياة من أبدا�م املرتعشة، وإضرام النار يف القرية، مث أمرهذا ما البد أن يلحق مبن : وقال السلطان. إىل وقتنا هذا» الديق«يطلق على ) 4(» سوخته«ولذلك ظل اسم

. يستخف بالسالجقة من جزاء وعقاب _________

. وخملفي تلك الشيعة: فيةالرتمجة احلر) 1(. يعين هتدئة خواطر الرسل) 2(

. وكانا قد ختلفا عن مصاحبة أبيهما عند مغادرته قونية، كما مر . يعين عز الدين كيكاوس وعالء الدين كيقباد) 3( .احملرتقة: ومعناها) 4(

)1/9 (

وتقدم رسل السلطان . لقياه من عطف عمهماظل السلطان يف مكانه ال يربح إىل أن وصل ابناه، فلما وصال عرضا ما ، فاستمع إليها السلطان غياث الدين حبسن اإلصغاء، مث أعادهم مكرمني معززين من )1(ركن الدين بأعذار واهية

. حيث أتوا، وشرع هو يف دخول ممالك األرمن اليت كانت يف ذلك الوقت ملكا لليفون تكفور

مينياذكر وصول السلطان غياث الدين ألرحني جاء ليفون اخلرب بقدوم السلطان، خف لالستقبال إجالال كما خيف الظمآن للماء الزالل، فلما ألقى نظرة على

. املظلة املباركة، نزل من فوق جواده، وأصبح اجلسد كله لسانا ناطقا بالرتحيب بالسلطان. لستانواتفق للسلطان أن توقف شهرا هناك، مث انطلق موليا وجهه شطر آب

. يف ما تقتضيه األخوة من والء وخدمة) 3(الغاية ) 2] (ملك آبلستان[وبلغ امللك مغيث الدين ابن قلج ارسالن

أشهد على نفسى أنا كما والنيه أيب- فأحضر قاضي املدينة وأئمتها يف خالء فسيح، وأقر بأن ملك آبلستان وتوابعه-

. حلضرة السلطان يف االجتماع العام/ الدين كيخسرو، مث قدم الصك طغرلشاه بأنه ملك سيدى وأخي السلطان غياث

: فقال السلطان _________

تقدموا بأعذار واهية فاسدة عن البقاء مدة يف خدمة السلطان، فأصغى ملعاذيرهم حبسن االستماع، ومسح هلم «) 1(. 139األوامر العالئية ص » بالعودة مع التشريفات والكرامات

. 40ن األوامر العالئية ص إضافة م) 2(واملالحظ بصفة عامة أن . برعايت رسانيد: برعايت رسانيد، وينبغي أن تقرأ: 40يف األصل واألوامر العالئية ) 3(

.نسخة األوامر العالئية ال هتتم بإثبات النقط

)1/10 (

. وتوجه إىل ملطيه بعد بضعة أيام. قبلناه، مث رددناه إليه بشهادة احلاضرين

بلغ اخلرب امللك معز الدين قيصر شاه استعد للضيافة واالستقبال، وذهب يف مجلة من االقارب واألتباع للرتحيب، فلمافلما رأى السلطان من بعيد، ترجل وسارع بتقبيل اليد، واعتذر عن غدر أخيه واجالئه له من بالده، وخلو سرير

وجع، مث انطلق به إىل املدينة بكل تكرمي وتعظيم، ووضع قصر السلطنة من جالل السلطان وأهبته، وأظهر التفجع والتالسلطنة بكل ما فيه من متاع البيوتات حتت تصرف نواب السلطان وحجابه، وأخذ يبدي والءه كل يوم بصنف من

رى أن جيول خباط: إىل السلطان فقال وقد جثا على ركبتيه أثناء املنادمة- وذات ليلة تقدم-. صنوف اإلبداع احلسنةامللك العادل، وليقنع السلطان برقعة ملطية هذه، حىت تنقضي أيام البؤس : أذهب بإذن السلطان عند والد زوجيت

وقد ) 1(والنحس، وعند ذاك أعود أنا إىل هذه الديار وجيلس السلطان وفق مراده، على عرش السلطنة فقال السلطان أنت له، أن ) 2(جدر يب أنا، بسبب مصاهرتك إن امللك العادل سلطان عاقل، واأل: تبسم لقوله

_________ملك دمشق وديار مصر بعد وفاة أخيه صالح ) 615 -540(هو امللك أبو بكر بن أيوب : امللك العادل) 1(

، وبدمشق والقدس وطربية واألردن والكرك »الكامل حممدا«الدين، وقسم البالد يف حياته بني أوالده، فجعل مبصر امللك «وجعل بعض ديار اجلزيرة وميافرقني وخالط وأعماهلا البنه » املعظم عيسى«احلصون اجملاورة هلا، ابنه وغريها من

فلما تويف » احلافظ أرسالنشاه«، وأعطى قلعة جعرب لولده »شهاب الدين غازي«، وأعطى الرها لولده »األشرف موسى. ء هؤالء امللوك مجيعا فيما يلي من أحداثثبت كل منهم يف اململكة اليت أعطاها له، وسرتد أمسا

.قرابة، مصاهرة، وهو األصح: خويشى: 42حسن، واألوامر : خوشى: يف األصل) 2(

)1/11 (

أذهب إليه وأرى مباذا يشري علي، فليبق امللك مكانه، وليرتقب ما سيأيت به الالعب باألفالك من حجاب الغيب من . صور

إىل حلب، فأخرج معز الدين من حرميه قلنسوة قيمتها مخسون ألف دينارا وسلمها خلازن وعزم من بعد ذلك على التوجه

. من األمتعة مبا ال حصر له فوق ذلك- السلطان؛ وزوده-

ذكر التحاق السلطان مبلك الشامل الستقباله، ، أرسلوا األنزال واألمحا/حني أصبح معلوما مللوك الشام أن صبح الفلك امللكي قد أشرق على ديارهم

: وانطلق اجليش كله والناس أمجعون حنوه، وترجلوا ونالوا شرف تقبيل اليد، وتغنوا) 1(قدمت قدوم البدر بيت سعوده

مث قالوا قدم سلطان العامل إىل بيته وقاعدة ملكه، وحنن إمنا نضع كل ما لدينا لدفع وحشة اخلاطر األشرف طاملا كان يف

اإلمكان سهم، وتاهللا ليحمني محى نفسه من مداخلة األفكار املزعجة، وليجعل من أسباب األجل تأخري ويف جعبة : تسكني القلب احملزون قول أمري املؤمنني كرم اهللا وجهه

): 2(إن للمحن غايات، وسبيل العاقل أن ينام عنها حىت يتجاوزها، ونظم قابوس الذى قاله زمن انتكاس راية دولته _________

. وجدك عال صاعد كصعوده: راع األول من بيت عريب، ومصراعه الثايناملص) 1(). 43ص : راجع األوامر العالئية(

هـ، وهو 366قابوس بن ومشگري، امللقب بشمس املعايل، أمري جرجان وبالد اجلبل وطربستان، وليها سنة : يعىن به) 2(، )األعالم للزركلي. (هـ 4، 3ية والفارسية، تويف فارسي مستعرب، نابغة يف األدب واإلنشاء، وله شعر جيد بالعرب

وراجع-

)1/12 (

وليس يكسف إال الشمس والقمر ... ويف السماء جنوم غري ذي عدد

وفجأة بدا للسلطان أن . وطوال تلك املدة كان كل ملك يقيم ضيافة للسلطان ويعرض من التقدمات ما يليق بالوليمة

، فسارع امللوك إىل تقدمي اخلدمات بقدر اإلمكان، ولزموا ركاب السلطان بضعة أيام برسم الوداع، مث »آمد«يتوجه إىل

. انقلبوا عند ذاك عائدين بالتشريفات القيمة

أرسل ) وكان صهر السلطان، إذ بىن بكرمية من أوالد قلج أرسالن(حني وصل إىل حدود آمد، أرسل امللك الصاحل وومعدات وغلمان وجوار، / أبناءه مع مجلة احلشم لالستقبال، وكان قد زين قصر السلطنة مبا تزدان به القصور من خزائن

فأمر السلطان [، وحني وقع بصره على املظلة املباركة ترجل، مث هتيأ هو لالستقبال بعد يومني مع كوكبة من اخلواص فلما اقرتب عزم على الرتجل من . أن يتقدموا مسرعني وأن جيعلوا امللك ميتطي صهوة حصانه من جديد] احلجاب

. جديد، فأقسم السلطان عليه أال يفعل، وأن يقبل اليد وهو على ظهر احلصانفلما شارفوا . ل امللك الصاحل وأمسك بعنان فرس السلطان، وجعل يسري يف الركاب امليمونوحني اقرتبوا من املدينة ترج

باب القصر نثر أبناء امللك الصاحل أطباقا مملوءة بالدنانري، وملا جلس على العرش بسط امللك الصاحل مفاتيح القالع _________

: ة األبياتم وتتم 1948طبع مصر 425: 1وفيات األعيان البن خلكان -هل عاند الدهر إال من له خطر ... قل للذي بصروف الدهر عرينا

ويستقر بأقصى قعره الدرر ... أما ترى البحر يعلو فوقه جيف

)44األوامر العالئية [

)1/13 (

أفضل املنن قبلناها وب: فتعجب السلطان من علو مهته، وبالغ يف مدحه مث قال. والبقاع يف سائر بالده أمام السلطان. قابلناها مث رددناها إليك، متعك اهللا هبا وبأمثاهلا

وهنالك وضعوا املائدة مث رفعوها وحتول السلطان للحرمي امللكي لرؤية شقيقته، وحني وقع نظر امللكة على مجال السلطان

فليتخذ من هذه قد جعلت كل مايل من خدم وحشم نثارا لركاب املليك، : أكبت بوجهها على قدم أخيها، وقالتوعسى أن ]: عن الديار[املدينة مقاما، وينتظر لطف الفعال ملا يريد ومواتاة األقدار، فلعل املصلحة كانت يف اجلالء

ر لكم . »1«تكرهوا شيئا وهو خيـ، فدخلت الطواويس وقضى األخ واألخت زمنا يف هذه املناصحة واحملادثة، مث توجه إىل قصر صغري خمصص للخلوة

اخلضر سافرة خلدمة صقر الفضاء امللكي، فالحظها بعني القبول، واسرتاح ساعة مع تلك الفتيات على خمدة » 2«مث انطلق بعد ذلك إىل احلفل، وأخذ يزيل عن حواشي الزمن غبار احلزن مبحاورة الغليظ الرفيع من . الدعة ووسادة الراحة

. طبع للمسرة واحلبورأوتار النغم، وأسلم زمام ال

. وبعد فرتة من الزمن حتركت نفسه للتوجه إىل أخالط فيمم وجهه شطر بسيط ذلك البساط

بيمن قدوم السلطان، أرسل أبناءه وأشياعه للرتحيب مسرية مخسة أيام، وسار بنفسه على / » بلبان«وحني علم امللك

األثر، وجاء مرتجال يف ركاب _________

. 216رة، اآلية سورة البق) 1( .برهان قاطع: ابن خلف التربيزى: الطاووس كناية عن حور اجلنة، انظر) 2(

)1/14 (

السلطان حىت عتبة البيت، وجعل كل ما كان ميلكه ابتداء من أنواع النفائس إىل الروح العزيز موطأ قدم مالكه، وأتى ن، وأقسم بأغلظ األميان أنه مل خياجله تردد يف هذا مبفاتيح القالع وتفاصيل خزائن البقاع فوضعها بني يدي السلطا

بفضل واملأمول أن تظل أ�ار السعادة جتري-. إن جمال فتوة امللك يتسع ملثل ألف مما يقول: الصدد، فقال السلطان. فويرجى االعتذار عن ما أبداه امللك من ألطا. مرامنا، وتبدو �اية للحلقة املفرغة لأليام) 1(يف إرم الباري-

وبعد فرتة من اإلقامة هناك، توجه حنو جانيت، ولبث هبا مدة، مث استقل منها سفينة للسفر إىل ستنبول، وفجأة هبت وجاءهم املوج من كل مكان، فألقى بالسفينة على : جتري الرياح مبا ال تشتهي السفن، فتكررت حالة: ريح من مهب

لقوا مبراسيهم، ومحلوا األمتعة من ذلك البلل إىل اليابسة بعيون دامعة ساحل حبر ديار املغرب، فما كان منهم إال أن أ. وشفاه جافة

وجعل السلطان يطوف مدة يف تلك األطراف، ويقابل شراسة أخالق املغاربة هبشاشة ألطاف املشارقة، وكان آمنا من نال حظوة تفقده وتعهده مرات عديدة، رضي اهللا عنه، و ) -2(كيد نكد األيام يف كنف رعاية أمري املؤمنني عبد املؤمن

. ويف النهاية وىل عنانه صوب استانبول بعد أن أذن له اخلليفة _________

إرم، يشيع استخدامها يف األدب الفارسي مبعىن اجلنات واحلدائق الغناء، وكان شداد بن عاد قد أنشأ مثل هذه ) 1(وقد ورد ذكرها يف القرآن الكرمي، يف سورة . عاد األوىل اليت مسيت بعاد إرماحلدائق الرائعة يف شبه اجلزيرة العربية أيام

. أمل تـر كيف فـعل ربك بعاد، إرم ذات العماد : 7، 6الفجر اآلية : ، مؤسس دولة املوحدين يف مشال إفريقية خضع له املغربان]558 -487[هو عبد املؤمن بن علي بن خملوف ) 2(

األعالم . [قصى واألوسط، واستوىل على اشبيلية وقرطبة وغرناطة واجلزائر واملهدية وطرابلس الغرب، وسائر بالد إفريقيةاأل ].للزركلي

)1/15 (

ذكر وصول السلطان من املغرب إىل استانبولكم بل يستقل مبلك عد فاسليوس ذلك العهد مقدم السلطان مغنما كبريا، ورأى من الواجب أن يشارك السلطان يف احل

. وكانا يف وقت االجتماع جيلسان على العرش سويا فيتباسطان ويتالطفان). 1(البالد

ويف تلك األثناء كان هناك أحد الفرجنة معروفا بالشدة والصرامة، ومشهورا بالشجاعة والشهامة، فلقد كان يشن بنفسه وذات يوم حدث بينه وبني . تبلغ عشرة آالف دينار كل عام وكانت أعطيته. هجوما على ألف مقاتل فيقاتلهم مبفرده

أصحاب الديوان قيل وقال بسبب عطائه من الثياب، فانطلق إىل فاسليوس وشرع يشكو ويطيل يف شكواه ويرغي ويزبد حل السلطان حاضر اليوم، فتوقف عند هذا احلد، وغدا يتم التوصل إىل: فأخذ فاسليوس يقول باإلفرجنية. بغري طائل

: لكن الفرجني ظل على وقاحته، ومل يرتاجع عن صالبة جبهته ومحاقته، فضاق السلطان باألمر وسأل تكفور. يرضيكماذا يقول هذا األمري؟

ما الذي حيمل العبيد على أن يبلغوا يف جرأهتم هذا : فقال السلطان. رمبا أمهل أهل الديوان يف إيصال أعطيته: فأجاب. املدى

رجني السلطان، فأخذ الغضب منه كل مأخذ، ولف منديال على يده، وبلطمة من قبضته وجهها حتت أذن وهنا سب الففأمر . فهاج الفرجنة والروم وماجوا، ومحلوا على السلطان قاصدين هالكه. الفرجني أطاح به من فوق كرسيه فاقدا الوعى

فاسليوس رجاله بردهم على أعقاهبم، ونزل بنفسه من _________

.51ع، . راجع أ) 1(

)1/16 (

وأخرج الناس مجيعا من القصر، واختلى بالسلطان فبدأ يف هتدئته وأخذ يعمل على تسكني . فوق العرش، وسكن الفتنةكانت النار قد سرت يف رأس السلطان من فرط احلمية، فاغرورقت عيناه بالدموع، وما من نفس كان يتنفسه إال . غضبه

. ج من كبد مفعمة باألمل هتب على أطالل عمرهوهو زفرة باردة ختر

، كان أجدادي )2(وملكشاه ) 1(إنك تعلم أنين ابن قلج ارسالن ومن صلب آلب ارسالن : قال لفاسليوس/ وأعمامي جيوبون العامل من مشرقه إىل مغربه فاحتني، وكان أجدادك يبعثون باخلراج واجلزية إىل دور خزائنهم، وكنت أنت

طريق معي، واآلن إن كنت جتيز أن يستهزأ يب على هذا النحو ال لشىء إال ألن القضاء السماوى قد تسلك نفس الآكل حلم أخي وال أدعه : إن مسعوا هبذا صاحوا بالقول املأثور وكل منهم ميتلك بلدا- ألقاين بأرضك، فإن إخواين-

. والضباعلغريي، وجيشوا اجليوش هلذا السبب، وجعلوا من ديارك مرابض للسباع

: فلم يعجل فاسليوس يف اجلواب حىت هدأت سورة غضب السلطان، ومن مث دخل من باب االعتذار واالستغفار، وقال

أيكون مصداق هذا التصور أال تعدل عن كل : قال السلطان. كل حكم يأمر به السلطان، جار على جيشي وبالدي. السلطان فأقسم فاسليوس جمددا بأنه لن حييد عن أحكام. ما أقول

_________هـ، واستطاع هزمية البيزنطيني يف موقعة مالزكرد بآسيا 455توىل حكم الدولة السلجوقية بعد وفاة عمه طغرل سنة ) 1(

. هـ 463الصغرى سنة هـ، وبلغت تلك الدولة يف عهده أقصى 465دعي لتوىل عرش الدولة السلجوقية بعد وفاة أبيه آلب ارسالن سنة ) 2(

.ااتساعه

)1/17 (

عليك إذن بتجهيز عدة سالح أختارها بنفسي، وحصان يليق بالفرسان ويناسب امليدان، ويدخل : قال السلطان

الفرجني معي يف مبارزة، فإن كانت الغلبة للفرجني ختلصت من حمنة الغربة وعنائها، وإن كان الظفر يل اسرتاح فاسليوس . من جرأة الفرجني وإساءته

مكروه يف القتال مبصادمته للفرجني فإنين ال قدر اهللا- حاشاى أن أمسح مبثل هذا، فلو حل باملليك-: قال فاسليوسسأوسم باحلماقة ألنين دفعت سلطانا ملقابلة واحد من آحاد اجلند، ولن يكون بوسعي املقام هاهنا خوفا من انتقام

. إخوتك. وقف يف هذه القضية فسوف يقتل نفسه دون إبطاءفأقسم السلطان بأغلظ األميان أنه لو حدث من فاسليوس ت

وأخربوا الفرجني . وحني بلغ إحلاح السلطان الغاية أتوا من دار السالح بعدة وجهاز ملكي، فاختار السلطان عدة منها/ احلصان، بأن الغد يوم النزال، فظل الفرجني يهىيء عدة القتال طيلة الليل، مث ربط نفسه بإحكام على السرج فوق ظهر

ودخل ساحة امليدان متأهبا للقتال، فانقسم أهل تلك الديار من الصغار والكبار والقارئ واألمي، واملسلم والذمي . فمال بعضهم حنو السلطان، واحناز مجاعة إىل الفرجني الذي أمهه القتال: قسمني

وكان السلطان قد وقف ). 1(رك الله نصرا عزيزا كان الروح األمني يسمع السلطان يف كل حلظة قول اهللا عز وجل ويـنص يف القلب مع فاسليوس

_________ .3اآلية . سورة الفتح) 1(

)1/18 (

وسار إىل كل طرف كالشمس يف برج الشرف، وأخذ جيول ). 1(كجبل احلديد، وتال ومن يـتـوكل على الله فـهو حسبه . ر الزاهرحول العساكر كالبد

ويف املرة الثالثة . بدأ الفرجني باهلجوم بالسنان، فاتقاه السلطان بالدرع، مث أعاد احملاولة نفسها من جديد فردها السلطان

محل عليه السلطان، وبضربة دبوس كرأس الثور مرغ وجه من يعبد حافر محار عيسى ىف الرتاب، فبلغ أنينه املقيمني خبطة : ]شعر[أسفل سافلني،

) 2(وال تعجلتها جبنا وال فرقا ... بضربة مل تكن مين خمالصة

ومل يلق حصان الفرجني لشدة وقع الدبوس مفرا من الفرار، وألن الفرجني كان قد أوثق نفسه بإحكام على احلصان فقد األمراء صيحة بقي متدليا، فاقدا الوعي ذاهال عن نفسه، فصاح املسلمون وفاسليوس ومن حضر من التجار وكبار

، فأمر فاسليوس بردعهم وأنزل العقوبة ببعضهم فسكن حبر /وأراد دمهاء الفرجنة إثارة الفتنة. إعجاب بلغت عنان السماءالفتنة اهلائج، وأخذ السلطان من امليدان إىل داره، وقدم اهلدايا الوفرية، وأعملوا العود والراح طوال تلك الليلة حىت انفالق

). 3(وأوصلوا خيط الغبوق بالصبوح عمود الصباح، إىل قصر السلطان، ورأوا من اليت كان يدخرها آباء فاسليوس وأجداده- ويف اليوم التاىل جيء بسائر آالت الطرب-

الواجب يومئذ إحياء موات املتعة بإراقة _________

. 3سورة الطالق، اآلية ) 1(: والبيت يف األوامر العالئية على النحو التايل) 2(

من غري ما فزع منه وال فرق ... بضربة مثل ملع الربق مسرعة

.الشرب بالعشي، والصبوح ضده، وهو الشرب بالغداة: الغبوق) 3(

)1/19 (

إن حمبة ملك اإلسالم : وهو يف شرع الندماء أمر حملل، ويف أعقاب معاقرة اخلمر انطلق لسان فاسليوس قائال دم الدين-وروحي حبيث ال تقبل االنفصال عنهما بأي حال، ولو مرت يب حلظة دون األنس بوجود اجلمال قد متكنت من قليب

غري أين أفضل مصلحة ملك العامل على إرادة نفسي، فلو أن السلطان تكبد املشقة . املبارك للمليك فإين أعدها وباال

ك مفروزم وهو من أكابر قياصرة الروم، فلن يقصر وتوجه إىل املل إىل أن ختمد نائرة حقد الفرجنة وغضبهم- بضعة أيام-

لعل ) 1(يف رفدكم، بل يؤدي بنفسه ما يوجبه تعظيم املليك من شروط بكل ما يرد يف دائرة اإلمكان- هذا اململوك-

). 2(الله حيدث بـعد ذلك أمرا وبعد بضعة أيام وىل وجهه مع اخلدم . األمر فوقعت هذه الكلمات موقع القبول من مسامع أشرف امللوك، واستصوب

. واحلشم صوب تلك اجلزيرة، ومل يكن يلقي باال جلور دورة الفلك النشغاله بدوران الكأس والراحالرب / يقضيان وقتهما يف صيد) 3(وعندما كان امللكان عز الدين وعالء الدين يفرغان من املكتب وتعلم األدب

. والبحر. آلن للبدء بذكر سلطنة السلطان ركن الدينقد حان الوقت ا

... _________

. 57ع، ص . قارن أ) 1(. 1سورة الطالق، اآلية ) 2(

.58ع، ص . قارن أ) 3(

)1/20 (

ذكر أيام سلطنة ركن الدين سليمان شاه، وتقرير جانب من مناقبه الكرمية

تضاهيه من أوالد السلطان ) 1(ة الدولة دوحة مثمرة كان السلطان القاهر ركن الدين سليمان شاه ملكا مل تعل يف روضإن هو إال دبوس ثقيل، وحلم بالغ على الرعية، عفة بلغت الغاية، وورع بغري ). 2(قلج ارسالن بل من أحفاد سلجوق

: �اية، يف احللم ذو وقار كاجلبل، ويف احلكم كالقضاء املربم خلالق الكونبقسوة البأس منه رقة الغزل ...حلو الفكاهة مر اجلد قد مزجت

ومن بني ما أنتجته قرحيته هذا الدو بيت الذى قاله يف . هو يف أنواع العلوم ريان، ويف التزود من بضاعتها صاد وعطشان

: حق أخيه قطب الدين ملكشاه، ملك سيواس وآقسرا، بسبب ما كان بينهما من عداءي عنك فطاملا أنا كالنقطة فلينسلخ جلد جسدي من الكتف إن أنا أيها القطب، أنا كقطر الدائرة فلست مشيحا برأس

. مل أنشر علمك من فوق رأسي _________

. 57ع، . قارن أ) 1(

.اجلد األعلى للسالجقة، وكان رئيسا لقبيلة من قبائل األتراك الغز ) 2(

)1/21 (

اف السلطان ركن الدين، فاعتذروا عما كان قد حني خرج السلطان غياث الدين من بوابة قونية، استقبل األعيان واألشر

وضرب / ، من مصحف اإلغضاء وسورة اإلغماض،)1(ال تـثريب عليكم اليـوم : بدر منهم من تطاول، فقرأ اآلية الكرميةبعظمة عن املاضي صفحا، ودخل املدينة بالطالع املسعود يف ظل املظلة امللكية الظليل، وأضفي على العرش امللكي-

. رمسا ومجاال كسرويا قدومه-على اخلاص وكان قد جتمع لديه دفعة واحدة- وبلغ به السخاء مبلغا جعله يوزع خراج اجلند خلمس سنوات كاملة-

، وكان يأخذ بيد الفضالء والشعراء والفنانني بلطف عنايته من وهدة الفقر )2(والعام برأس الصوجلان يف وجود املبعوثني : قصيدته املشهورة اليت مطلعها) 3(إىل رياض الدعة والنعمة، وحني أرسل إليه إمام الكالم ظهري الدين الفاريايب والفاقة

جان اكر جان در نيندازد كران جاىن كند ... زلف سرمستش چودر جملس پريشاىن كند

]: وترمجتها[روح، يصاب بالسقم إن مل يسلم احلبيب ال... إذا ما تشوشت ذؤابته السكرى يف احملفل

_________. 92: سورة يوسف) 1(

. 60ع، ص . يعين املبعوثني الذين أتوا إليه باخلراج، قارن أ) 2(

من شعراء الفرس الكبار يف القرن السادس، مدح الكثريين من ] 598ت [هو أبو الفضل طاهر بن حممد الفاريايب ) 3( .حكام عصره

)1/22 (

ألفي دينار وعشرة من اخليول ومخسة من البغال، ومخسة من الغلمان، ومخسا من اجلوارى، سلم مبعوثيه جائزة قدرها . ومخسني ثوبا من كل نوع

ومن عدله البالغ، أنه كان له غالم يسمى إياز، حممود السرية، وكانت رقعة خاطره بل كان مجاع قلبه مييل إىل عشق

ائدا ذات يوم من الصيد حيمل على يده صقرا، فالتقى بعجوز ذلك القمري الوجه مانع احلب، غري أن الغالم كان ع

كانت حتمل بيدها إناء مملوءا باللنب اخلثري، ولشدة تأثري حرارة الشمس واستيالء العطش عليه وإعواز املاء اختطف اح اإلناء وتناول ما فيه، فركضت العجوز على األثر إىل املدينة، ووقفت على باب قصر السلطان، وجأرت بالنو

إن أحد الغلمان أخذ إناء اللنب الذى كنت قد وضعته إلعداد خبز ملن أعوهلم من األيتام، ومل يعطين : والشكوى صائحة

ها هو ذا اخلصم، فأنكر : املظلومة، وهنالك حضر الغالم فقالت العجوز/ فأمر السلطان بالتحري عن أمر تلك. مثنابطن الغالم ومل يكن قد تناول اللنب فلن يكون جزاؤك إال القتل؛ فقبلت إن شققنا : الغالم خوفا من السلطان الذي قال

. املرأةقالت العجوز؛ لعلكم إن أحضرمت اجلراح فشق بطن الغالم وقلب [ويف احلال صدر األمر إىل اجلراح بأن يشق بطنه

: ب ذلك، وصدق فيه املثل القائلأمعاءه ووجدها مملوءة باللنب لزم قتل الغالم أوال وتواترت أحزان السلطان عليه بسب). 2] (فأمر السلطان مبعاقبة الغالم يف احلال، وأنعم على العجوز بألف دينار). 1(حنن السبب فيما جيري لنا

_________از ماست كه بر ماست، وهو يعين أيضا بسبب اللنب اخلاثر ما جيري لنا، وقد أرادت العجوز : املثل الفارسي هو) 1(

. عىننفس هذا امل .الضطراب السياق يف األصل 65ع، ص . اعتمدنا يف ترمجة هذه السطور على أ) 2(

)1/23 (

. وعلى هذا النحو جرت السلطنة زمنا، مث انبعث يف سويداء قلبه هاجس الغزو، فعقد العزم على غزو الكرجيس ما لبلقيس من حكم ونفاذ أمر وكان هلا على مملكة األخباز ودار امللك تفل وكان سبب ذلك أن تامار ملكة الكرج-

كانت قد مسعت أن للسلطان قلج ارسالن اثين عشر ولدا كل منهم يتمتع مبالحة القمر يف السماء وصباحة و�ي-حيثما وجدت أثر أمري مجيل أما النساء فميلهن إىل اهلوى-: مصداقا لقول القائل وكانت هي-. امللك يف األرض

األذن تعشق قبل العني أحيانا؛ وكانت جتلب الصيد املقصود : عوه بلسان التعشق قائلةالطلعة فصيح اللسان أخذت تد. إىل الشباك إما بالذهب أو مبعسول الكالم

وكانت قد بعثت لبالد الروم رساما، فرسم صورة كل أمري من األمراء، فما حتركت جواذب العشق عندها إال للملك ركن وأرسلت من مث مبعوثا تطلب الزواج منه، فطرح قلج ارسالن القضية يف اخللوة مع الدين سليمانشاه، فعشقت صورته،

كيف يسمح : اجللل، وقال/ سليمانشاه وعمل على اسرتضائه وأخذ رأيه، ففتل سليمان حبل العتاب يف ذلك األمرمقصد دنيوي دين، وإين هبذا اليسر لتحصيل وهي مصطبة الكفر والضالل- ملك العامل أن يرسلين إىل مملكة األخباز-

بفتح األخباز، فأحشد اجلند وأذرو ) 1(وعدكم الله مغامن كثرية تأخذو�ا : ألرجو أن ينجز اهللا ما وعد يف قوله تعاىل تراب تلك الديار يف الرياح، مث آيت بتلك الفاجرة إىل أعتاب السلطان يف قيد اإلسار واخلسار، مأخوذة بالنواصي

ولكم أحس السلطان من أعماق الروح والقلب بالسرور واالرتياح لعلو مهة ولده، فأبدى إعجابه مبا قال، . واألقدام

. وطلب إليه املعذرة

_________

.20: سورة الفتح) 1(

)1/24 (

فخر الدين ذكر عزم السلطان ركن الدين سليمانشاه غزو الكرج، والعودة من هناك على خالف اإلرادة وذكر امللك هبرامشاه

كان ذلك الضغن القدمي قد متكن يف قلب السلطان، فلما أصابته نوبة السلطنة وىل وجهه شطر تلك احلدود جبيش ثقيل، وكان قد أرسل من قبل مبعوثني مسرعني إىل ملوك األطراف وإخوته، كي يستعدوا للقتال والنزال، فبادر مغيث

وكان صهر نضمام إليه قبل غريه، كما أرسل كذلك إىل امللك فخر الدين هبرامشاه-الدين طغرلشاه ملك آبلستان باال

ووحيد دهره يف لطف النفس وحسن السرية وعلو اهلمة ونقاء اجليب وطهارة ) 1(السلطان ومن أحفاد منكوجك غازي واملشرب فيه من مطبخه، أو حيضره الذيل وفرط الرمحة والشفقة، ومل يقم يف أيام ملكه عرس وال مأمت إال وكان املأكل

والربارى حترم من إنعام الغمام، كان يأمر حبمل / بنفسه، ويف موسم الشتاء حني كانت الغالل واحملاصيل يف اجلبالوقد جعل . احلبوب يف آنية ضخمة إىل اجلبال والصحاري ونثرها علي األرض لتطعم منها الطيور والوحوش بانتظام

بامسه، وأرسله هدية إليه فأمر له جبائزة » خمزن األسرار«كتاب ) 2(» نظامي الكنجوى« _________

، فأسس هبا أسرة عرفت باسم بين منكوجك، أما 464كان السلطان ألب ارسالن قد واله إمارة أرزجنان يف سنة ) 1(. 550حفيده امللك السعيد فخر الدين هبرامشاه فقد تويل إمارة أرزجنان سنة

]. مشكور، مقدمه بر اخبار سالجقه روم، صد وهشت انظر حممد جواد[هو احلكيم مجال الدين أبو حممد إلياس، من كبار شعراء الفرس برع يف القصص التمثيلي، وتنطوي قصصه على ) 2(

.نزعة أخالقية واضحة، وقد بقيت له مخس قصص من بينهما خمزن األسرار املشار إليه يف املنت

)1/25 (

. ينار ومخس من البغال السريعة السريقدرها مخسة آالف د

باجلند لكي تأتيه من كل ناحية، ) 1( مبقتضى الرأي األزهر- فلنعد إىل أصل املوضوع؛ ولقد دعا فخر الدين أيضا-. وتوجه يف خدمة السلطان إىل أرزجنان

النقياد لألمر املطاع، فأمر فقد أخذ يتباطأ يف حشد اجلند واالمتثال وا ملك أرزن الروم- أما عالء الدين سلتقي-

، وتوغل من هناك يف ممالك األخباز جبيش يف عدد )2(السلطان بعزله وعهد بتلك اململكة إىل مغيث الدين طغرلشاه

النجوم على خيول كاجلبال، فنفر أولئك الكفرة الفجرة مجيعا يف جم غفري، وحدثت بني اجليشني مصادمات عديدة، كل مكان يف صحراء املعركة، وأوشك فتح كبري أن يطل بوجهه من وراء ستار الغيب، حبيث غطت أجساد القتلى

قد اختطف زمام املرام ) 4(، غري أن حكم وكان أمر الله قدرا مقدورا )3(وكادوا يصفون الكفار مبن ولوا على أدبارهم جحر يربوع فسقطت املظلة على األرض فلما وقعت من يد أهل اإلسالم، وساخت قدم احلصان الذى حيمل املظلة يف

أبصار احلشم واملقاتلني يف املعركة عليها ظنوا أن العدو رمبا _________

. 72ع ص . راجع أ) 1(بتويل إدارة أرزن الروم، وكان جدهم األعلى علي بن أيب القاسم املعروف ] سلتقي[كان هذا آخر عهد بين سلدوق ) 2(

. 496ها أسرة حاكمة حوايل سنة ب سلدوق قد أسس يف. 46: وإذا ذكرت ربك يف القرآن وحده ولوا على أدبارهم نـفورا سورة اإلسراء: إشارة إىل قوله تعاىل) 3(

.38: سورة األحزاب) 4(

)1/26 (

انبا، وتبدل الكر بالفر، وأصبح الضارب ج) 1(اقتحم القلب وحلت بالسلطان نكبة، فألقوا باليزنيات واملشرفيات

). 2) (وكان ذلك على اهللا يسريا(مقتوال، فصار األسري أمريا واألمري أسريا، / مضروبا والقاتلوأوقعوا بامللك فخر الدين مع مجاعة من احلشم، وقبضوا عليهم، ونزل السلطان مع امللك مغيث الدين وكوكبة من

صول االسرتاحة وأسو اجلراحة توجه حنو الروم وذهب إىل قونية، وهناك أخذ يتهيأ للعودة اجليش يف أرزن الروم، وبعد ح: وإعادة الدعوة، ويف أثناء ذلك انتقل إىل جوار ربه بسبب مرض أمل به، وكان ذلك يف شهور سنة إحدى وستمائة

]: شعر[) 3(كذاك كسوف البدر عند متامه ... فقدناه ملا مت واعتم بالعلى

وليس هلا من نوال إال السم ... اية الدنيا ليست سوى الرتاب نه -

... _________

يزنيات ومشرفيات، كلمتان عربيتان، واملشرفية سيوف منسوبة إىل مشارف، وهي قرى من أرض : كذا يف األصل) 1(

]. القاموس احمليط. [لوك محري، أما اليزنيات، فيبدو أ�ا نسبة إىل ذى يزن بفتح الياء والزاى، أحد م]الصحاح[العرب،

. العبارة بني احلاصرتني مكتوبة يف األصل بالعربية) 2(

: من قصيدة مطلعها) 3(كرمي يروى األرض فيض غمامه ... مضى طاهر األثواب مل يبق بعده

.74راجع األوامر العالئية ص

)1/27 (

اهذكر أيام سلطنة عز الدين قلج ارسالن ابن ركن الدين سليمان شمثل نوح ألب وتوز بيك وكان كالمها قد قدم حني انتقل السلطان ركن الدين إىل اجلنة دار السالم، أمجع أمراء الدولة-

أمجعوا على من توقات احملروسة لالنضمام إىل رايات السلطان فتقلدا املناصب الكربى وصارا موضع األسرار امللكية-اليت / على العرش ومل يكن قد ناهز بعد حد البلوغ، فبادروا بأداء النعمة إجالس عز الدين قلج أرسالن ابن السلطان

. أجزهلا هلم األب من خالل إمضاء مصاحل االبنيف أيام حكم ذلك الطفل املعصوم، وكانت من أضخم القالع على سواحل حبر املغرب- ولقد تيسر فتح والية سپرطه-

على الوالء له، وظلت اإلتاوات واألمحال ترد إىل اخلزانة من ) 1(الدرج وبايع ملوك اإلسالم وقياصرة الروم وتكافرة . األطراف كما كانت من قبل، وسوف نعرض النقراض تلك الدولة يف موضعه

، فأل�م كانوا مييلون إىل غياث )2(أما مظفر الدين حممود وظهري الدين إيلي وبدر الدين يوسف أوالد ياغي بسان ذوا الدين كيخسرو، فقد أخ

_________. من األصل الفارسي 24إشارة إىل ملوك األرمن، راجع ما كتبه هوتسما يف هامش ص ) 1(

هو ياغي بسان نظام الدين بن كمشتكني، من أبناء دانشمند، ممن تولوا إمارة سيواس يف ظل حكم سالجقة ) 2( .انظر حممد جواد مشكور، مقدمه، صد وشصت ويك. 562وقد تويف سنة . الروم

)1/28 (

يسلكون طريق اخلالف ويتنكبون طريق الوفاق، وكان هؤالء اإلخوة الثالثة قادة مطاعني لدى جند األوج، فحملوا أمراء وكان األطراف على امليل للسلطان، وحلفوا األميان، وأخذوا املواثيق واحلجج، ووقع اختيارهم على زكريا احلاجب-

ووضعوا . ليكون رسوهلم إىل السلطان بالبنان يف فرط الدهاء ومعرفة األلسنة واللغات- معروفا بكفاءته العالية ومشارا إليه

. تلك العهود واملكاتيب يف جتويف عصا وأعطوها له، وألبسوه ثوب القساوسة، وسريوه مزودا بالوعود اجلميلة

بيت، ولبث يتحني الفرصة، فلما وصل إىل ملك امللك مفروزم، واستدل على بيت السلطان، أخذ يف الطواف حول اليف بناء على عادة األطفال- فرأى عند الظهرية أن أبناء السلطان قد أخذوا يف النزهة مع مجاعة من الغلمان، وبدأوا-

فصعد زكريا . هناك على أطراف مرج كانت حوافه اخلضراء قد منت وربت حول صفحة وجهه كأ�ا شهود) 1(طاحون : معمل الوجود/ مثله يف) 2( احلسن بغري قرين، مل يبدع مصور وصوركم فأحسن صوركم وكان يف عند امللك عز الدين-

]. شعر[كان الزمان قد صنع يف إثره شيئا فشيئا ما كان موافقا له من ناحية احلسن واختطف قبلة هي زاد احلياة األبدية، -

فأسرع األمري من فرط الغيظ واحلنق _________

. 78ع . شرعوا يف اللهو واللعب وبدأوا يف إنشاء طاحون أو) 1( 64: سورة غافر) 2(

)1/29 (

حلضرة السلطان، وحني جاء قال مفروزم ينبغى أن تنزلوا به العقوبة، وخوفا من امتهان الشرف، عمد زكريا احلاجب إىل ن، غري أنه ضرب صفحا عن استقصاء �ر املعرفة ليفتحه، فأزاح طرف القلنسوة عن جبهته، وعند ذلك عرفه السلطا

فلما خال القصر . األمر يف ذلك احلني، وأبدى ملفروزم عذرا مناسبا للحال، وأمر أحد خواصه باللغة الفارسية أن حيتجزه: من األغيار طلب السلطان زكريا، فدخل من الباب مسرعا متبخرتا كأمنا هو السعادة واإلقبال، وقال

: كيف حال أخي؟ أجاب: هذه القرىب، قال السلطانكانت نتيجة هذه اجلرأة ومل : قال السلطان. مث تبسم يف وسط الكالم. هو يف أوج العظمة، استوىل على مملكة األخباز وأذعنت له والية الكرج

مر الضحك؟ فاقرتب منه، وأفضى إليه مبا حدث برمته، ووضع أمامه اخلطوط والعهود، فلما طالع املكاتبات والعهود، انه. الدمع من عينيه بالرغم من امتالء قلبه بالنار بسبب جور أخيه وما رآه من ظلم ال حد له، وأظهر األسف على وفاته

ومن مث استدعى امللك مفروزم، وقص عليه ما حدث، فأعلن احلداد ثالثة أيام، ويف اليوم الرابع قال السلطان إنه قد أزمع . املمالك املوروثة/ التوجه إىل

وكان من . كل ما عندي فداء لك، فلتأخذوا األهبة للرحيل، ويسري هذا العبد أيضا يف مالزمة ركاب املليك: مفروزم قالقبل قد جعل ابنته الىت زوجها للسلطان، وابنه مالزمني للحضرة السلطانية، فبذل السلطان للجميع مجيل الوعود،

.وارحتل

)1/30 (

بني السلطان وبني املسري، وقال إنين قد عاهدت ابن السلطان ركن الدين باليمني وحني وصل إىل أزنيق حال فاسليوس املغلظة فال ميكن أن أدع السلطان يتجه حنو ملكه، ولبثوا بضعة أيام يف هذا القيل والقال، ويف النهاية استقر األمر على

خوناس والديق وغريمها من : حدود قونية مثلأن يسلم لنواب فاسليوس ما كان السالجقة قد فتحوه من والية الروم حىت

البقاع وأن يرتك السلطان أبناءه مع زكريا كرهينة هناك، ومير السلطان بنفسه، فإن جلس على العرش وسلم املواضع وعلى هذا األساس حترك السلطان ومفروزم وسائر اخلواص إىل نواحي . املذكورة ملندويب فاسليوس انصرف األبناء من هنا

. وجاألإن أبناء امللوك ذوو حس مرهف، ينتاهبم امللل من اجللوس يف : وملا انقضت بضعة أيام ذهب زكريا إىل فاسليوس وقال

وأمر عددا من خواصه [فأذن فاسليوس بأن يركبوا للنزهة مرتني يف اليوم، فيتنزهون يف مروج أزنيق األنيقة، . البيت، وأخذ يستدرجهم باإليهام والكناية إىل حيز الدعوة، )1] (واإلحسان مبالزمتهم، فغمرهم زكريا احلاجب باإلنعام

. باإلجنيل والصليب) 2(فأقسموا وذات ليلة عند صالة العشاء ركب األمراء، وولوا وجوههم شطر إحدى مناطق الصيد، وفجأة بدا أمامهم خنزير بري

/]: شعر[ك، وقالوا واجته حنو ممالك اإلسالم خوفا من السيف والسهم، فتفاءلوا بذل _________

. ، والنص مضطرب يف األصل غاية االضطراب يف هذا املوضع81. ع. أ) 1( .82ع . فأقسم باإلجنيل والصليب، قارن أ: يف األصل) 2(

)1/31 (

وصار مسري الفلك عبدا لنا ... غدت الدنيا اليوم وفق مرادنا ن أن مينت أحد بذلك علينا دو... صار التفويض مبلك البالد من اهللا بامسنا

مث مضوا يف طريقهم يسابقون الريح الصرصر العاتية جمتازين السهول والبيداء، وحني تبدلت ظلمة الدجيور بكسوة النور

. كانوا قد وصلوا إىل حدود بالد اإلسالمة، فأرسل زكريا إىل السلطان كان السلطان ال يزال منشغال بتدبري مهمات األوج وتأليف أهواء األمراء يف تلك الناحي

رسوال يبلغه بأال يسلم القالع والبالد، فقد تعدى األمر ذلك ووصل األمراء مشمولني بالسالمة إىل التخوم كالنجوم، مث . وحلقوا حبدود ملك اجلدود، فقذف السلطان لدى مساعه هذا اخلرب قلنسوة االغتباط والسرور عاليا يف هواء التوفيق

. األوج، وسار متعجال حنو قونية فرغ من مهام

ذكر حماصرة غياث الدين كيخسرو بن قلج ارسالن يف قونيةحني علم أهل قونية بقدوم السلطان أعدوا عدة احلرب يف سرتة الوفاء البن السلطان ركن الدين سليمان شاه، وتنكبوا

املزارع واحلدائق ببلطة الضرر وفأس البأس، عن قانون الصلح، فحمل شيطان الغرور السلطان على أن يأمر بقطع فقال. وختريب القصور والدور احمليطة باملدينة والقريبة منها، ويشعلوا فيها النريان

)1/32 (

السلطان قلج أرسالن إنين أعلم أن عمي قد وقف على قدم االنتقام وهو لن يبقي أو حيايب، وستكون نعمة ) 1(هلم فأرسلوا رسوال إىل السلطان وقرعوا باب الصلح بشرط . بغري جدوى/ حيا، فال تبددوا مصلحتكمكربى لو أبقى علي

فإن . ما فعله السلطان ركن الدين مع األمريين، وأن ينصبه ملكا على أحد األقاليم] قلج أرسالن[أن يفعل مع السلطان يشرف بالتقبيل فيحظى بالتبجيل، ومن مث يدخل هو أمر بصلة الرحم، وعين هبذا األمر أحضروا قلج أرسالن إليه، كي

. املليك املدينة بفأل حسنالسلطان ركن الدين عندما كان ] أبوه[فراق هذا الرأى للسلطان وأمر بتنصيبه ملكا على توقات حيث كان يتوالها

. ملكا، وكتب منشور بذلكمسرورا إىل حضرة عمه؛ فأرسل السلطان كال من عز وحني رأى أعيان قونية العهود واملناشري محلوا األمري هانئ البال

وحني رأى ابن السلطان ركن الدين وجه عمه قبل األرض، وطلب أن يقف على . الدين وعالء الدين للرتحيب بالقدومته، قدميه معقود اليدين، فما تركه السلطان يفعل وإمنا أجلسه عنده وقبله على جبينه وأجلسه على ركبته وبالغ يف استمال

. ومنحه هدية ملوكية، وأمر بأن يقيم بقلعة كاوله بضعة أيام، ينصرف بعدها سعيدا هانئا إىل توقات احملروسة _________

.85ع، ص . يعين ألهل قونية، راجع أ) 1(

)1/33 (

ذكر دخول السلطان غياث الدين كيخسرو ابن قلج أرسالن قونية وجلوسه على عرش السلطنة

حني طلع ملك الكواكب، دخل السلطان كأنه الشمس حتت مظلة سوداء طاملا كانت ملجأ وظهريا ويف اليوم التايلبصحبة اليت تعد ساعة واحدة من احلياة فيها خريا من ألف شهر يف غريها من البالد- دخل مدينة قونية- للعاملني-

إىل بعد أن توقف- دم من ركاب حصانه-جيوش كأ�ا البحر األخضر املواج، وحشم كرخات املطر املتواتر، فنقل الق

]. شعر: [حمبته والوالء له/ عرش آبائه الكرام، فبلغت أنواع األفراح أرواح اخلاص والعام، واتفقت أهواء اجلند والعامة على

. ، سعد التاج به وهو أيضا سعد... حني وضع تاجا كبريا على رأسه -. قلوب احملزونني من احلزن) 1(، وحرر ... عمر ما كان خربا يف كل مكان -

وأبلغ مفروزم املنزلة العليا واملرتبة القصوى، وفوض عز الدين كيكاوس يف ملك ملطية احملروسة كما فوض عالء الدين

) 2(كيقباد يف حكم مملكة دانشمند _________

حرر : كردآزاد : 9. أسعد، واألوفق ما ورد يف األوامر العالئية ص: شاد كرد: يف األصل) 1(سيواس، وآماسية، وتوقات، : نسبة إىل امللك دانشمند أمحد غازي مشس الدين، وتشمل تلك اململكة: دانشمند) 2(

قبل السالجقة سنة وكان دانشمند قد توىل حكم تلك البالد من-. ونكيسار، وعثماجنق، والبستان وملطية، وغريها. 607ة ، واستمر أوالده مث أحفاده يف حكمها حىت سن455

مقدمه بر اخبار سالجقه روم، ص صد وشصت ويك: الدكتور حممد جواد مشكور: انظر

)1/34 (

. وأرسل إىل ملوك األطراف وسالطينها الرسائل واملبعوثني معلنا عن مواتاة السعادة ومساعدة اإلقبال. بأسرها

فدعاه السلطان هبذه . وم إىل ديار الشاممن بالد الر وقت جالء السلطان- وكان الشيخ جمد الدين اسحاق قد انتقل-]. شعر: [األبيات الرائقة

. ، هي تاج أصحاب اجمللس األخوي... صحة الذات الطاهرة السماوية -. ، صدر اإلسالم جمد الدين اسحاق... عز األقران وحيد اآلفاق -

. ، إن هو إال كروح املالك... العزيز الرفيق األنيس -. ، ولتتزايد حرمته ولتعل رتبته... م احلشر فليبق خالدا ليو -

. ، ولتعم عن ذاته عيون الفنت... لتنقطع عن كيانه أيدي اآلفات -، يا من له سنة النيب ... يا من له سرية الويل -

وما نلته من جور الفلك احلرون ... -، لو أقول ما جرى يف هذه املدة، أرأيت جممع الصدور الكرام / -. ...، يصبح املداد دما على سن القلم

اختطف امللك منا ظلما ... -، كيف جعله الزمان حراما،

بغصة ) -1(كجمشيد لقد امتأل قلىب- . ... -، وأسنده ال مرئ عجول ال روية عنده

، وأصبحت يف الدنيا مشردا،

_________ .أحد ملوك الفرس القدماء: مجشيد) 1(

)1/35 (

، تارة أختذ األطالل موضعا ... تارة يف األرمن تارة يف الشام و -تارة كاحلوت يف البحر ... -وتارة أختذ الدمن،

تارة أختذ ستنبول مقاما ... -، وتارة كالنمر بالصحراء،

، تارة أختذ املغرب مقاما ) ... 1(وتارة أختذ عسكرا

: بفعل الدهر إال زمنا- ما كان يل- ... -وتارة بالد الرببر، شاهدت املعارك . ... -لسيف، وظهر احلصان، وحرب الفرنجا

، سددت الطعان ... ، أثرت احلروب سوى الندامة والغم أحيانا- ما كان غذائي- . ... -، تلقيت الضربات

انقطع الصحاب عين وأبعدوا كالصقور . ... -، إذ استبد يب احلزن يف أثر الصحاب حني أهل لطف احلق جبماله مث . ... -، وتشتتوا يف الدنيا مثلي

/ كنت أرى رؤى حق، . ... -، وفت دورة الفلك أيضا) 2(وحني عزمت على الرحيل إىل بالد األملان . ... -وأخذت أرى أثر ذلك يف املنام

جاءين مبشر يف أمان، _________

. إحدى مدن خوزستان: عسكر) 1( .92ص ع،. من أ» آملان«األمان، والتصحيح : يف األصل) 2(

)1/36 (

. هيا اسعد، فامللك بإزائك: ، وقال... وأخربين مبوت اخلصم وفرتة امللك -، مشفوعة برسالة من خالصة األشراف، ... كتب أكابر األطراف ] هذه[-

. ، ا�ض أيها املهدى، إمنا حنن ساعون إليك... ما حنن مجيعا إال دعاة لك : قال -

. عجل وحرك األقدام: قائال على سبيل اإلهلام- . -..وأخذ هاتف يدعوين كل حلظة -

. يثريه البحر من خوف هناك والشتا... فعدت إىل ساحل البحر، وما أشد ما -. ، ال أراك اهللا ما رأيت... جممل القول أين قطعت البحر -

. وفق املراد، وجدت ملكا... قدمت صوب برغلو -. رج حصان الظلم واجلفاء، أس... قصد أحد املفسدين االنتقام -

. ، فقد تضاءل موضع اجلرح الكبري واضمحل ... وألن اهللا كان معينا وحافظا وحاميا -، ودانت البالد بأسرها، ... وانتصر حظنا يف النهاية -

. ، إمنا هو امسنا يف الدنيا وهو مرادكم... لزمت البالد الطاعة لنا، ولكم / -. ، وصدرنا جممع أصحابنا... بفضلهم احملبون للخري ينصفوننا -

هاهنا، إن كانت رأسك قد أثقلها... هيا، فقد حان الوقت كي تنشد مكانا -

)1/37 (

. السكر فتعال إلينا

وحني بلغت هذه اللطائف قدوة الطوائف سارع يف القدوم وواصل السري بالسرى وقد زاد من أوراد الدعاء والثناء،

فأرسل امللك عز الدين . أعطاف ألطافه حىت �ض استقباال لقدومه امليمون، وبالغ يف إعزاز جانبه فتحركت يف السلطان. ملرافقة الشيخ إىل ملطية احملروسة

وكانت قد صدرت عن السلطان بادرة عند دخول ). 1(وسري عالء الدين كيقباد مع مجاعة من القضاة إىل توقات . وهي قتل القاضى الرتمذي، وكانوا قد نصبوه بدال لإلمام أيب الليث السمرقندياملدينة مل تلق قبوال عند أحد قط،

وكان السبب يف مقتله ما نسب إليه من أن ممانعة أهل املدينة يف وقت احلصار إمنا كانت بسبب فتوى أصدرها، وقالوا من والء للكفار، وأنه ارتكب سابق-يف ال إنه يقول إنه ال جيوز أن تؤول السلطنة إىل غياث الدين ملا كان قد بدا منه-

، ولشؤم إراقة دمه بغري )2] (لذلك استبد الغضب بالسلطان، وأمر بإنزال العقاب به. [ما �ي عنه الشرع يف ديارهمحق مل يأكل سكان ضواحي

_________السلطان غياث الدين أمهل األصل هنا اإلشارة إىل ما جاء يف األوامر العالئية من ذكر للتقاليد اليت أرساها) 1(

كيخسرو يف حكم دولة سالجقة الروم، وعالقة السلطان وامللوك بالقضاة، وحضورهم جملس القضاء يومني حمددين من

. 95 -94كل أسبوع، واملسارعة بتنفيذ أحكام القضاء، األوامر العالئية

.95، 94ع، ص . زيادة من أ) 2(

)1/38 (

على ما فعل، واسرتضى ) السلطان(ويف النهاية ندم . ملزارع والبساتني طيلة ثالث سنواتقونية ونواحيها مثرة واحدة من ا. أهل القاضي، وطلب منهم العفو والصفح

ذكر توجه السلطان غياث الدين كيخسرو لفتح أنطاليه

إىل احملكمة كان السلطان جيلس ذات يوم على العرش كعادته املعهودة وينفذ أحكام العدل، فدخل مجاعة من التجار

أيها امللك، يا من عال جنمك، حنن مجاعة من التجار عرضنا : وقد مزقت ثياهبم، وأهالوا الرتاب على رؤوسهم فقالواأنفسنا للخطر طلبا لعيش العيال من وجه حالل، وقد حتملنا مشاق األسفار، وبسبب ذلك الكسب يظل أطفالنا

ع إىل قرع الباب، وعيو�م معلقة بالطريق فلعل أبا يرى وجه ابن له أو لعل أصابعهم على شفاههم، وآذا�م تسرتق السملقد انطلقنا من ديار مصر صوب اإلسكندرية، وقدمنا من هناك بإحدى السفن إىل ثغر . رسالة تصل من أخ ألخيه

ر بالظلم والعدوان، فأذاقنا حكام الفرجنة العذاب وأخذوا ما كان معنا من ناطق وصامت، ما قل منه أو كث. أنطاليةها هوذا السلطان العادل الغازي قد جلس يف قونية وبسط بساط العدل فامحلوا إليه مظلمتكم لكي : وسخروا منا فقالوا

). 1(حيشد اجلند، فيفعل ما يشفى صدروكم فأخذت السلطان رقة لذلتهم وافتقارهم وتأججت نار احلمية فيه، فأقسم

_________ .، واملعىن به ال يستقيم)صدور ما(، ويف األصل )صدور مشا( 96ع ص . كذا يف أ) 1(

)1/39 (

فلقد ذقت مرارة الغربة، ورأيت نكاية الظاملني . لن أجلس من وقوف حىت أحصل لكم على أموالكم: مبالك امللك قائال]: شعر[

. فما كانت قلنسويت إال من هذا النسيج... أنا أعلم مبا بكم أيها املساكني، -

مث أصدر األوامر ألطراف املمالك لدعوة اجلند، فتجمع جند كثريون يف أقل مدة، فوىل وجهه حنو ديار الكفار جبيش

إىل تلك احلدود، فأحاط بدائرة أنطالية من كل / وبعد أن طوى بضعة مراحل معدودة، وصل. جرار مؤيدا بفضل اخلالق

من الدخول إىل فم األسد عند اقتحام املهالك وكأ�م دائرة السوء، صوب جنود لديهم من القدرة والشجاعة ما ميكنهم. ونصبوا اجملانيق، وظلوا شهرين متتاليني يقارعون وحياصرون من الفجر حىت العشاء

وألن رجال السور مل يتسرب إليهم أي نوع من الفتور، أمر السلطان بالبدء يف الرمي بالسهم والقوس عوضا عن الرمح وأن ال جيعلوا فرجنيا يأمن أن يتمكن من أن يلقي نظرة على مغاوير القتال من شرفات القلعة، وأن يباشر والسيف،

. األبطال اجملربون احلرب، وأن ينصبوا السالمل على القلعة، ويتبني منهم عيار الرجولة على حمك االمتحانم اجلراد والنمل، ويف أقل من ساعة واحدة نصب على وحني بلغ هذا األمر مسامع كتائب اجلند ثاروا دفعة واحدة كأنه

وكان أول من وضع قدم الصدق وحقق الظفر رجال . كل بدن من السالمل ما كان قرينا ألوج الفلك من فرط الطوليدعى حسام الدين يولق ارسالن من جند قونية القدماء، فقد قفز بسفيه ومغفره ورداء القتال الذي يرتديه على قلعة من

احلجارة كأنه النمر،

)1/40 (

ومل يلبث مغاوير . وألقى بنفسه بني الفرنج، فبعث عدة أفراد منهم إىل سقر، وترك الباقون القرار وأخذوا طريق الفرار

اجلند أن صعدوا إىل القلعة من كل ناحية مع سيوف من احلديد كأ�ا الريح اليت تقطع صدر اجلبل، ونصبوا علم القلعة، مث نزلوا من بعد ذلك إىل املدينة، وباندفاع كاسح كسروا األقفال بضرب الرمح والعمود السلطان على شرفات

. وفتحوا البابوألن الفرجنة كانوا وقت احلصار قد أطالوا ألسنتهم مبا ال يليق، أمر . ودخل باقي العساكر املدينة كالعقبان الكواسر

على حبر أخضر بدماء الكفار، وأن ) 1(اط أمحر مفروشا مدة طويلة السلطان بالقتل العام ثالثة أيام، وأن يبقى بسوليمة الئقة من أشالء أولئك اجلفاة وجيفهم، مث أمر بعد ذلك أن جيعلوا السيوف من الرقاب يف / تتهيأ للطيور واألمساك

لنهب وحبار الغارات يف بالسيب والنهب، فظلت أمواج ا وهم بقايا السيوف- القراب، وأن خياطبوا أولئك املذعورين-وكان من خاصة تالطم وتصادم مخسة أيام أخرى، ويف اليوم السادس منح السلطان إمارة أنطالية ملبارز الدين أرتقش-

غلمان السلطان، وكان مالزما للركاب السلطاين يف أيام الغربة، وقد حدثت هذه احلكاية والفتح يف شعبان سنة ثالث . وستمائة

وأقام السلطان هناك مدة حىت مت ترميم الثغرات اليت كانت قد . خل مع حشمه املدينة ويعطى األمانمث أمر بأن يدحدثت يف القلعة وقت احملاصرة، مث نصب قاضيا وخطيبا وإماما ومؤذنا ومنربا وحمرابا، وبعد االحتياط التام لوى العنان

_________

.98ع، ص . قارن أ) 1(

)1/41 (

. قونيةصوب العاصمة

وحني ابتعد مرحلة يف الطريق عن السواحل أمر نواب إيوان السلطنة باإلقامة يف منطقة دودان وحتصيل أمخاس اخلاص ، ودعا إليه التجار الذين كانوا قد تظلموا وظلوا مالزمني يف املعركة وكان مركبهم من اإلصطبل اخلاص )السلطاين(

لكي يأخذوا منها ما هو موجود يف غنائم ) 1) (واملتاع والقماش(ة باألموال ومأكلهم من املطبخ اخلاص، وطلب قائم) السلطان(، وكتب أمرا إىل األمري مبارز الدين أن يطلب الباقي هناك ويتم حتصيل ما يبقى مفقودا من مال )2(اجلند

والتحق السلطان-. حاهلمإذ كان رفع مظلمتهم هو سبب ذلك الفتح، وما صارت الكسرة على العدو إال جلرب . اخلاص. بقونية وقد حتقق له ما أراد-

. هكذا ينبغي على العظماء أن يفعلوا ما فعل

ذكر عزمية السلطان لغزو بالد الروم والرتقي من مث إيل درجة الشهادة ع جبابرة حني رجع السلطان من غزو ثغر أنطالية، وانضمت تلك اململكة اجلديدة لسيطرة مماليك السلطنة القدماء، وض

وأقدامهم على جادة عهده وميثاقه؛ فلم يكن جيول خباطر ] التزاما هبا[الدهر وكبار أهل العصر رؤوسهم على خط أوامره . أى إنسان أن تنحل عقدة تلك الدولة وتزول مشس تلك السعادة

غري أن العب القدر أظهر ألعابا غريبة من وراء الستار وبني نقوشا عجيبة حىت

_________. 99ع، ص . زيادة من أ) 1(

.99ع ص . قارن أ) 2(

)1/42 (

كما سبق وسبب ذلك-). 1(حتركت نواهض اهلمة وبواعث العزمية عند السلطان لغزو بالد الروم املسماة ب لشكري ىل عرش ع) 2] (السلطان[وملا متكن . أنه كان مينع السلطان من دخول بالده أو اخلروج منها لديار اإلسالم أن ذكرنا-

. السعادة واإلقبال يف هذا الوقت أخذ يتلكأ ويتمهل ويتباطأ يف إرسال اإلتاوات وارتسام األوامر واخلدمات

وذات يوم اختلى السلطان بأركان الدولة واستطرد يف احلديث عن تدارك أمر لشكري، وقال إن مل نبادر باهلجوم لدرء قال أكابر الدولة إن نقض العهود مذموم، وعاقبته شوم واليمني ).3(فضوله وغروره فقد يؤول األمر إىل خلل عظيم

الغموس يدع البالد بالقع، وال ميكن أن يكون هلذا الفكر من نتيجة سوى خراب الديار واضطراب أحوال الدولة، إال أن

حلاح يف املطالبة، فإن طريق الوعد والوعيد مل يغلق يف هذا الصدد، وينبغي إرسال الرسل واإلعراب عن العتاب البليغ واإل، أما إن )4(» ال تثريب عليكم اليوم«: جاء من طريق االستغفار مبديا االعتذار وجب أن تتلى حينذاك اآلية الكرمية

. آخر الدواء الكي حجة وبرهانا/ أصر على النفاق والشقاق فينبغي أن جنعل من قول القائل: وهنا قال السلطان

_________�اية األرب : انظر مثال. خون املسلمون لقب لشكري على الدولة البيزنطية أو امرباطور الروم البيزنطينيأطلق املؤر) 1(

. 1985، طبع مصر 109: 27للنويري، . 1، 3ع ص . زيادة من أ) 2(

. ويف األصل جاى يعين مكان، وهو تصحيف 103ع، ص . كذا يف أ) 3( .92: سورة يوسف) 4(

)1/43 (

) 1(مضر كوضع السيف يف موضع الندى ... موضع السيف بالعلى ووضع الندى يف

فال يفيد عسل العناب السكرى حيث تلزم جراحة مبضع املثقفات اهلندى سواء عليهم أأنذرتـهم أم مل تـنذرهم الالغزاة واجلهاد، ) 3(بريهم وصغريهم على نية فأرسل األوامر إىل أطراف البالد وحرض أمراء اجلند ك). 2(يـؤمنون

واستجابة لألمر األعلى حضر إىل املعسكر العام للجيش كافة املقاتلني والضباط والقادة مع عدد كبري من األتباع على هيئه يطيح هليبتها األسد القابض على األرض مبخالبه والنسر واألنصار وهم على أهبة االستعداد، وساروا-

. يف ركاب السلطنة املعظم يل على اآلفاق جبناحيه-املستوكان اجلواسيس قد أبلغوا لشكري بتحرك الرايات وحني وصلوا إىل حدود آالشهر وهى من معظمات بالد الروم-

طر السلطانية فأرسل برسائل االستغاثة إىل القبائل والعشائر وحكام البالد واجلزائر ومجع جيشا بعدد الرمل والنمل واملفهاج جند السلطان من هذه الناحية كالبحر . واحلصى مما ال يعد وال حيصى، وتوجه لقتال جيش االسالم بتعبئة كاملة

املائج، وكان السلطان قد وقف يف القلب كالشمس املنرية قد لبس ألمة احلرب كأ�ا الياقوت _________

: 3شرح ديوان املتنيب، لعبد الرمحن الربقوقي ط بريوت، :البيت للمتنيب من قصيدة ميدح هبا سيف الدولة، راجع) 1(

11 .

. 6: سورة البقرة) 2(

.ترتيب، وهو تصحيف: يعين بنية، ويف األصل) برنيت: (105األوامر العالئية، ص ) 3(

)1/44 (

عا كأنه ، وعلق بساعده قوسا ذا بأس شديد كقلب الشباب وشد على وسطه سيفا مرصعا باجلواهر قاط)1(البدخشى دموع العاشقني، قد امتطى حصانا يف قوة فيل بوسعه عبور النيل بوثبة، حيدث ثغرة يف السبع الشداد بقفزة واحدة،

. ويقيم وقت الركض أرضا أخرى يف السماء برتاب حوافرهومالمة العمود تطاول الرمح وتعدى السهم ووقاحة الدرع وسالطة السيف وخشونة السنان ) السلطان(وحني شاهد /

الثقيل سل حسام اإلباء لقطع الدعاوي وفصل اخلصومات، ووصل وسط املعركة إىل قلب العدو فرأى لشكري واقفا،

فامتنع عن مهامجته بالسيف، وأمسك بسنان مستقيم فأراه منذ الضربة األوىل وجه الطامة الكربى، وأطاح به من فوق ). يعين أيها الوغد(، )2(أي كندوس : على سبيل اخلطابظهر احلصان إىل األرض، وقال خماطبا له

وطلب عبيد اخلاصة السلطانية أن يفصلوا رأسه عن جسده، فحال السلطان دون ذلك، وأمر أن يضعوه فوق ظهر . احلصان مرة أخرى ويطلقوه

اردة عن السلطان، وحني علم جيش لشكري ما حل بامللك من مصيبة ا�زموا، وحبكم القدر انفصل كل احلراس واملف. وشغلوا بسلب األسالب

ومل . [وفجأة قابل فرجني مغمور السلطان، فلم يلتف إليه باعتباره منصورا باحلشم _________

. بتاجيكستان احلالية، وهو أجود أنواع اليواقيت وأشدها محرة» بدخشان«هو املنسوب إىل : الياقوت البدخشى) 1( .ةكذا، والكلمة يوناين: كندوس) 2(

)1/45 (

فلما مر بالسلطان عطف عليه فجأة وبعث بروحه اللطيفة إىل الفردوس بضربة من ). 1] (يستخدم السالح لزجره ودفعه] الروم الذى كانوا قد رجعوا منهزمني[حربته، ومجع عدته وسالحه وملبوسه وقدم على لشكري مع كوكبة من جيش

سلمت صاحبه : من أين جئت هبذا امللبوس؟ أجاب: حلال، فسألهفلما رأى لشكري ذلك اللباس عرفه يف ا). 2(فأرسل بضعة أشخاص من . أستطيع: أميكنك اآلن أن تتجه إىل ذلك املقتول وتأتيين جبثته قال: قال لشكري. لرضوان

يل، وأمر فلم رآه شرع يف البكاء والعو. شجعان اجلند معه ليحملوا القالب املطهر للسلطان، ويذهبوا به إىل لشكري

. بسبب هذه احلالة بأن يسلخوا جلد الفرجني وهو حي

ظلوا حيارى قد طار صواهبم، وعدوا اهلزمية / وحني منا إىل علم األمراء وقادة العسكر أن السلطان نال درجة الشهادةق كثري يف تلك ، فوقعوا يف إثر املنهزمني من أهل اإلسالم، فهلك خل)3(غنيمة، وبدا يف جيش لشكري انتعاش وارتياش

وأسروا مجاعة من كبار [املالحم بعضهم بالقتل وبعضهم اآلخر بالغرق ومجاعة باخلسف يف األوحال واملخاضات، ، ومحلوه أسريا إىل لشكري، وحني وقع نظر آينه على جثة )4] (األمراء مثل آينه چاشىن كري وغريه

_________. 11. زيادة من األوامر العالئية، ص) 1(

. 110وامر العالئية، ص األ) 2(). املعجم الوسيط(كذا يف األصل، كلمتان عربيتا األصل، وارتاش فالن يعين أصاب خريا فرئي عليه أثر ذلك ) 3(

.111 -11. زيادة من األوامر العالئية ص) 4(

)1/46 (

. وقدم له الغزاءفأمر لشكرى بفك قيوده، . السلطان املباركة صرخ وصاح، وأخذ يتمسح برتاب قدم السلطان

ومع أن السلطان كان قد نال درجة الشهادة فقد طيبوه باملسك وماء الورد، ودفنوه يف مقابر املسلمني برسم العارية، مث . بعد انقشاع غمام الواقعة وسلموه إىل رضوان يف مقربة آبائه وأجداده» قونية«محلوه إىل

***

)1/47 (

كيكاوس ابن كيخسرو والفتوح اليت حتققت يف أيامهذكر سلطنة السلطان عز الدين

حني اختتم كتاب أجل السلطان بالشهادة، وانطلق من سبيل اجلهاد إىل عرصات املعاد، واخنرط يف 608يف سنة اجتمع أركان إيوان التدبري وحفظة شرف التاج والسرير فقدحوا ) 1(» أولئك هم الصديقون والشهداء عند رهبم«سلك

و » عز الدين كيكاوس«: ح االستخارة وزناد االستشارة؛ واستصوبوا أن يتم االقرتاع على اختيار أى من امللوك الثالثةقدافيسلموا واحدا من هؤالء األمراء امللكيني الثالثة تاج امللك وسدة » جالل الدين كيفريدون«و » كيقباد/ عالء الدين«

قد طوي يف » حامت الطائي«وكان طومار ذكر » -مرعش«ملك ] ن بن ابراهيماحلس[فأشار األمري نصرة الدين . احلكمباعتباره أكرب » -عز الدين كيكاوس«أشار إىل » -كسرى«وجالل ) 2(» أفريدون«عهد سخائه، قد زين بعظمة

. األوالد وأكرم ملوك ذوى األوتاد

قونية إىل قيصرية، وجاءوا بامللك من ملطية إىل وانصرفوا مسرعني من) 3(فاتفقوا مجيعا على استحسان هذا االختيار

. قيصرية يف مخسة أيام، بل أقل . الستقباله، وأدخلوه املدينة يف أكمل أهبة، وأجلسوه على العرش» كدوك«فخرج قادة البالد وهم مبالبس العزاء حىت

وبعد ثالثة أيام خلع اخللع على اجلميع وشرفهم بتقبيل يده، وجدد العهود _________

. 19اآلية : احلديد) 1(. 112ع ص . بفر فرزندى، يعين بعظمة البنوة، والتصحيح من أ: يف األصل) 2(

. من كبار ملوك الفرس القدماء: وأفريدون .113ع، ص . قارن أ) 3(

)1/48 (

. وقرر املناصبعالء الدين قد وىل وجهه شطر هذه الديار، حىت مسعوا فجأة بأن امللك» قونية«وما إن عزموا على التوجه إىل العاصمة

. فبهتوا مجيعا، ومتلكهم اإلحباط واستبد هبم العجز***

)1/49 (

يف قيصرية» عز الدين كيكاوس«ذكر حماصرة عالء الدين كيقباد وكان عمه » -أرزن الروم«حني مسع امللك عالء الدين كيقباد خبرب وفاة أبيه، دعا إليه مغيث الدين طغرلشاه ملك

بالوعود » ظهري الدين إيلي«، وسلك »قيصرية«واختار له » ليفون تكفور«كما أرسل الرسل إىل وبينهما صلة نسب-اجلميلة يف سلك مؤيديه، واجتمع له من كل صوب جيش حاشد، واجته صوب قيصرية، وثبت حملاصرة أخيه، وانقضت

وتسرب العجز واالضطرار ألهل القلعة، واستوىل امللل / رون من اجلانبنيمدة طويلة يف تلك احملاصرة، وهلك أمراء مشهو. على املزاج اللطيف للسلطان

، وما أبداه من عناية بالغة يف حقه، ]پروانه[ومبقتضى ما كان قد جرى يف السابق من عهود بني السلطان وظهري الدين من إمالء قرحيته الشعرية » -الدوبيت«، كتب هذا وما كان يشهده من حال خيالف اآلمال، ويرى جفاء حمل الوفاء

): شعر(على ورقة الشكوى، وأرسل هبا يف اخلارج عند پروانه، املوزونة-

ما افرت ثغري، ليلة، إال عن بكاء ... أنا مشع، ذهب جسدي بسر القلب

حىت هو، رضي بضرب عنقي ... ما أنا لك إال رفيق الغار : پروانه الذى قال

زين «و ) -1(» مبارز الدين جاوىل چاشنگري«] السلطان[ واستدعى _________

]. يعين املشرف على شؤون بيوت السلطان[وموضوعها التحدث يف أمر السماط مع األستادار : الچاشنكريية«) 1( ).21: 4صبح األعشى (» إخل... ويقف على السماط

)1/50 (

يرتاءى يل : وقال » -ملطية«أمري اجمللس، وكانوا يالزمونه يف » هبرامشاه ومبارز الدين«) 1(أمري آخور » الدين بشارة، فندخل »قونية«أن نفتح باب املدينة يف منتصف الليل، وندفع بكل قوتنا إىل اخلارج مهامجني ونلقي بأنفسنا إىل

. »األوج«الصيد املنشود إىل الشباك بدعم من أمراء وعساكر مل جالل الدين قيصر، وكان حاكم قيصرية وشحنتها وكان موضع ثقة السلطان الشهيد وحني منا هذا األمر إىل ع

وإعزازه ملا كان يتمتع به من دهاء وذكاء شديدين، أبدى تعلة، وذهب إىل حضرة السلطان حني أقبل الليل، وطلب عامل، ويتعني أال تعودوا لذكر مثل مسع اخلادم أن مثل تلك الفكرة غري الصائبة قد عرضت خباطر ملك ال: اخللوة، مث قال

وقد راودت خادمكم هذا فكرة لو مت تنفيذها الحنلت العقدة . هذه الفكرة املفضية إىل انعدام الصالح وفقدان الفالحوما هي الفكرة؟ : فسأل السلطان. على النحو املطلوب

لية مثينة من حلي النساء لكي أضعها الليلة وأتى يل خفية بح/ لو أتعب السلطان نفسه واجته إىل احلرمي السلطاين: قال. حيث يتيسر هبا املطلوب

. فدخل السلطان احلرمي، وأخذ من أخته شقة مما تضعه النسوة على رؤوسهن يقدر مثنها بإثين عشر ألف دينار ذهيب. وأعطاها جلالل الدين قيصر

. ترقب عوديت، فإن مسعت صويت افتح الباب: ابفخرج من املدينة يف جنح الليل ومعه أحد الغلمان، وقال حلارس الب. وانطلق إىل املعسكر الذي تعسكر فيه قوات ليفون، حبكم ما كان بينهما من صداقة

أبلغوا تكور أن جالل الدين قيصر : وحني بلغ طليعة جيش ليفون قال _________

).18: األعشى، أيضاصبح (» ..موضوعها التحدث على اصطبل السلطان وخيوله : إمرة أخورية«) 1(

)1/51 (

قال جالل الدين إن عندي . وبالغ يف تعظيمه» تكور«فأبلغوه يف احلال، فقابله . يطلب اإلذن باللقاء» قيصرية«شحنة . فأمر تكور بإخراج مجلة اخلدم من اخليام. لك أمرا دقيقا جلال، أعرضه عليك إن خال املكان

شركة له بأي وجه من الوجوه يف ملك السالجقة، فال يلزمه أن يتعب نفسه، معلوم لتكور أن ال : قال جالل الدين

. ويصبح شباكا لصيد يصيده غريهويطلب ملك أخيه، ويريد امللك عالء الدين أن حيل حمل أبيه، فلست أدري ما ) 1(فإذا كان امللك هو مغيث الدين

فسه عن هذه الورطة غري املفيدة، ويعمد إىل احلفاظ إن اخلادم من فرط حمبته للمصلحة يرى أن ينأى بن. شأن تكور؟هذه مثنها اثنا عشر ألف دينار مصري أقدمها لك : مث قدم له تلك الشقة املرصعة باجلواهر، وقال. على ملكه وحكمه

. فداء لكي جتعلنا آمنني من بأسكس بأن يرسل اثين عشر ألف مد من للسلطان عز الدين كيكاو/ فإذا ما ارحتل جيشك، فإنين أتعهد إن استقر امللك

الغالل بصفة خمزون احتياطي لقالع األرمن، ويتعهد السلطان أن ال يلحق مبلك تكور أذى بأي وجه من الوجوه طيلة . مدة سلطنته طاملا ظل تكور وفيا لعهوده، وأن تتدعم الصداقة بتجدد األيام

إمنا يطمئن بايل حني : رصعة باجلواهر قبل النصائح املعقولة، وقالهذا الكالم ورأى تلك التحفة امل» تكور«وحني مسع قال جالل الدين يتعني . [يذهب أحد األمناء عندي إىل السلطان فيحلف على ما قلت برمته، ويكتب ميثاقا

_________» آبلستان«نطقة يريد به مغيث الدين طغر شاه بن قلج ارسالن، عم السلطان عز الدين كيكاوس، وكان ملكا مل) 1(

وتوىف . وعزل عنها لتواطئه مع عداء ادين كيقباد ضد السلطان عز الدين» أرزن الروم«، مث توىل ملك 597حىت سنة معجم األنساب واألسرات احلاكمة ىف التاريخ : زامباور: وانظر أيضا 50، 25، 5، انظر ما سلف، ص 622سنة

2، ج م 1951اإلسالمى، الرتمجة العربية، طبع مصر،

)1/52 (

ووىل . ففعل تكور مثل ما قال. ويرسله على يد رسوله يف صحبيت) 1] (أوال على تكور أن يعهد عهدا ويكتب ميثاقا. جالل الدين وجهه صوب املدينة يرافقه رسول تكور

قص عليه ما فلما وصل إىل حضرة السلطان، بشر السلطان حبصول املقصود، وأذن السلطان لرسول تكور بتقبيل يده، ف

وملا رأى تكور الوثيقة . فأخذ السلطان القلم بيده وخط باخلط األشرف ميثاقا، وصرف الرسول يف جنح الليل. جرىوأبلغه الرسول مبشافهات السلطان، أمر قادة خدمه وحشمه بإعداد العدة للرحيل خفية دون ضجيج، حىت إذا ما

على اإلبل وانطلقو بأمجعهم منصرفني، وعند انبالج الصبح كانوا قد عند الغسق وضعوا األمحال » دولو«جتاوزوا حدود

. حلقوا بتخوم األرمن

كدار ما هبا «ويف صباح اليوم نفسه أبلغ مغيث الدين طغرلشاه وعالء الدين كيقباد أن معسكر تكور قد خال من اخليام فتفرقوا كالذئاب- ضهم بعضا-، فذهب التفكري بكل واحد منهم مذهبا من هذا احلدث العجيب، وخاف بع»أدم

وظن امللك عالء الدين أن تلك الطوائف قد اتفقت مع أخيه قلبا . أيدي سبا حبيلة جالل الدين قيصر الثعلبية املاكرةبسبب ] السلطان[سوف يفتك يب إخوة : وقال مغيث الدين. وقالبا وأ�م يريدون أن يزجوا به يف قيد عقال أخيه أسريا

. ويف الليلة التالية سلك بدوره طريق اال�زام على مناكب الظالم)./ 2(ملك أرزن الروم وارتفعت أصوات الطبول من املدينة برحيل خيل احملاصرين، وملا مل تكن بامللك عالء الدين قدرة على املقاومة سلك

. واستوىل عليها، واستظهر مبا تتمتع به من مناعة وحصانة» أنكورية«طريق _________

. 117ع، ص . ناقص من األصل، واإلكمال من أ) 1( .118ع، ص . قارن أ) 2(

)1/53 (

: جلالل الدين قيصر، ووهب املدن الواحدة تلو األخرى خلادم من خواصه) 1(» احلجوبية«وأعطى السلطان عز الدين . جاويل ملبارز الدين» آبلستان«حلسام الدين يوسف، و » ملطية«لزين الدين بشارة، و » نكيدة«

امللك عالء الدين، وحلق بنكيدة، فلم يستطع البقاء فيها بسبب مضايقة األوباش » ظهري الدين إيلي پروانه«وفارق ، فلما وصل إىل »سيس«، فلم يطق البقاء هناك أيضا، فتوجه إىل الشام عن طريق »لولو«والسفلة، ومن مث جلأ إىل قلعة

. بضعة أيام أن لفظ أنفاسه، فدفنوه هناكاعتلت صحته، ومل يلبث بعد » تلباشر«عزم على التوجه إىل نكيده، واستمال األهايل واألعيان بفنون اإلحسان، وأرسل آمري آخور- مث إن زين الدين بشارة-

. فأرسل ليفون الرد مشفوعا باهلدايا. إىل ليفون رسال، وأبلغه باستقرار أمر السلطنة للسلطان عز الدين، »أبروق«، وخرج أعيان املدينة الستقباله حىت منزل »قونية«، ومن هناك توجه إىل »آقسرا«جهه شطر ووىل السلطان و

وأدخلوا السلطان املدينة بكل إجالل وتكرمي، وأجلسوه على العرش، وقدموا مائة ألف درهم ومخسة آالف دينار أمحر لطان هلم ما بيدهم من وثائق األمالك، واإلقطاعات، وحلفوا مجيعا على الوالء للسلطان، فجدد الس. رمسا حلق القدوم

. وأطلق سراح املسجونني، وارتقى القلة الفارعة للمعايل بعد الفراغ من األفكار _________

: انظر. پروانه، يعادل منصب الصدر األعظم: ويرى الدكتور حممد جواد مشكور أن مفردها: پروانكى: يف األصل) 1(

البن البييب » األوامر العالئية«على أن األصل الذي بني أيدينا، و . ه روم، صد وشصت ويكمقدمه بر أخبار سالجق

من 346، ص »ملك احلجاب«ب » معني الدين سليمان پروانه«انظر ما وصفا به » احلجوبية«ينسبان الكلمة إىل

: هذا الكتاب؛ وانظر يف مهام منصب احلجوبية .19: 4: صبح األعشى

)1/54 (

مكارم أخالق السلطان الغالب عز الدين كيكاوسذكر يتألق يف قلب الليل كطلعة املشرتي- كان السلطان عز الدين امرباطورا سخاؤه كقطر السحاب بال حساب، ودهاؤه-

، قوسه كاستدارة )1(البهيم، قامته حتسدها أشجار السرو النامية على حافة الغدير، وخده تغار منه حماسن طراز الربيع

واجب األحبة مهلكة للروح، وسهمه كدعاء املظلومني يعلو على األفالك ويتولد عنه الضرر، عقله كدين اإلسالم ح

كامل، وعدله كظل الغمام على اخلاص والعام هاطل، كان يعتقد أن إجزال العطاء على القريض من الفرائض، وكان بقصيدة تشتمل على اثنتني » املوصل«حسام الدين ساالر من يبلغ يف صالته للشعراء أقصى الغايات، بعثت إليه ابنة

وسبعني بيتا فأنعم عليها مبائة دينار أمحر يف مقابل كل بيت، ورفع الصدر نظام الدين أمحد أرزجناين من مرتبة اإلنشاء . وأنشدها يف احملفل» مشس طبسي«إىل مرتبة عارض بالد الروم بالقصيدة اليت كان قد قاهلا يف جواب

ين لبس لباس الفتوة من حضرة اخلليفة الناصر لدين اهللا، وشرب كأس املروءة من حانة قل إن كنتم حتبون الله فاتبعو). 2(حيببكم الله

فكر مع مستشاريه على أي وجه يبادر مبراسلة السلطان عز الدين، » لشكرى«حني بلغ خرب جلوسه على العرش مسع آينه «إن مقتضى احلزم أن تطلق ) 3(قال بعضهم . وإن مل يكن رضاه مقرونا به وكيف ميكن العذر عن ذلك الغدر-

_________. طراز هبار، وطراز كلمة فارسية معربة، ومعناها الشكل، اهليئة: كذا يف األصل) 1(

. 31آية آل عمران-) 2( .129ع، ص . قارن أ) 3(

)1/55 (

/ إىل عبودية بالط السلطنة كي من وثاق األسر، وتصرفه بتحف مدهشة وهدايا منتقاة يف صحبة رسلك-» چاشىن كريولو يتوسط يف رفع غبار الوحشة ورتق خرق العداء، فما هو إال من بطانة الدار وخواص العش، فكلمات اعتذاره-

ب بعد ذلك االشتغال جبمع الرجال وهتيئة مث يج. توشك أن تكون سهما يصيب الغرض) 1(كانت بدون عرض

فإن انفتح طريق الصلح هبذه الوسائل فهو املراد، أما إن دخلوا من طريق املشاحنة واملخاشنة ووضعوا . أسباب القتال

. أساس احملاربة نكون قد فرغنا من تناول األسباب وأخذنا األهبة واالستعدادال �اية هلا من كل نوع يف صحبة سفري كان موسوما يف بالد الروم هذا الرأى وبعث هدايا» فاسليوس«استصوب

أمرا بكل ما يدخل يف حد اإلمكان- بفصل اخلطاب والكلمات العذاب، وعد استمالة جانب سيف الدين آينه-الرسل حلضرة والتزم بإمتام مهام املصاحلة، وتوجه مع) 2(ضروريا الزما، حىت صقل مرآة ضمريه متاما من صدأ الدخل

. السلطانوحني بلغوا حدود البالد بادر األمري سيف الدين يف التوجه إىل البالط قبل اآلخرين، ونال شرف تقبيل اليد، وأعلن عن

وصول الرسل وخالصة الرسالة، وحما الغبار الذى كان قد علق بأطراف خاطر السلطان بكم رداء االستعطاف، وابتغى فو عن جرائم املاضي، فأقلع السلطان عن الضغن واالنتقام، وعزا مصيبة أبيه إىل القضاء والقدر، مراضي السلطنة يف الع

فأبلغوا الرسائل واملشافهات، وعرضوا التحف والطرف، فاقرتنت . وأمر بأن يؤذن للرسل يف املثول بني يديه يف جملس عامودعا [الرسائل باحملمدة والرضا، وأمر باحلفل والطرب،

___ ______. عرض، كذا يف األصل، كلمة عربية، والعرض املتاع) 1(

.املكر واخلديعة: دخلت، والدخل: يف األصل) 2(

)1/56 (

). 1] (الرسل فجيء هبم إىل جملس األنسن ، فأقسموا له على رضاء ملك الروم فأمر بأن جيهزوا م)2(ويف اليوم التايل مسح هلم باملثول بني يدى السلطان يف خلوة

وكلف األمري سيف الدين ثانية بتلك الرسالة كي يعود ويسلم املهمات ] فاسليوس[اخلزانة أضعاف ما كان قد أرسله

. السلطان الشهيد إىل العاصمة/ وحيضر طلل، فانصرف األمري سيف الدين وبصحبته الرسل والتحف، فلما اقرتبوا خرج ملك الروم الستقباهلم، وبالغ يف توقري األمري

. مبوجب املسودة اليت كانت قد ابيضت حبضرة السلطان وأقسم-وأعد يف الكرة األخرى أضعاف ما كان قد أرسله يف املرة األوىل، وأرسل عشرين ألف دينار صدقة يتم توزيعها عند دفن

والرسل » الدين آينهسيف «فعاد األمري . ، كما بعث جبثة السلطان مع جند كثريين إىل حدود بالده]الشهيد[السلطان . والتحقوا خبدمة البالط وعرضوا ما حدث، فعمر اجلانبان بوفور السرور واحلبور

وحني أتوا جبثة السلطان إىل قونية ودفنوه جبنب جده وأبيه وأخيه، ذهب السلطان لزيارة السالطني، وضم ثالثني ألفا إىل

اكني، وأرسل البعض اآلخر إىل الزوايا والصوامع، وأجرى ما كان ملك الروم قد أرسله، ففرق بعضه هناك على املس

. الباقي يف أطراف البالد

... _________

. 131ع، ص . زيادة من أ) 1(باريافتند، أى أذن هلم باملثول يف حضرة : ، وال يستقيم هبا املعىن، ولعلها)بازتافتند(تألقوا ثانية : يف األصل) 2(

.السلطان

)1/57 (

سلطان إىل أنكورية وحماصرة أخيه امللك عالء الدينذكر توجه ال

حني ظلت فرش الكرامة مبسوطة زمنا على هذا النمط يف إيوان سلطنة عز الدين كيكاوس، وغدت املهمات واملصاحل ل ما دام أخي يف أنكورية متحصنا بذلك املكان املنيع للغاية، فلن ننعم باألمن الشام: مضبوطة، جال بذهن السلطان

. الواجبات/ والفراغ األصلي، ومن مث ينبغى أن نعد اقتالع جذور هذه الفتنة من أوجبمث أصدر األوامر إىل األمراء وقادة األطراف كي يشخصوا جبمع حاشد إىل العبودية، ويف أيام قالئل حضر العساكر كافة

ب احملاصرة ومعدات القتال حىت توجهوا إىل وما إن حصل للسلطان الفراغ من ترتيب أسبا. إىل ضواحى قونية احملروسة. حدود أنكورية بالطالع املسعود

. وحني بلغ ذلك امللك عالء الدين شغل بتقوية القلعة كما عين بأمر اجليش وجتديد عهد الوالء والوفاء مع أهايل املدينة. األبصار، فأحكموا احلصار على املدينة فلما بلغ السلطان أنكورية اصطف اجليش صفا صفا، هبيبة تزيغ هلا عيون أويل

وإخوته من املدينة فوقفوا يف امليدان، وبسبب خصومة حدثت يف ) 1(» مبارز الدين عيسى اجلاندار«وخرج األمري ظل كالمها يسلك مع اآلخر طريق املعاكسة » جنم الدين هبرامشاه اجلاندار«مع » سيواس«املكتب ملبارز الدين يف

بارز الدين بأعلى صوته داعيا جنم الدين للمبارزة، فطلب جنم الدين والعداء؛ فصاح م _________

» إخل... وموضوعها أن صاحبها يستأذن على دخول األمراء للخدمة ويدخل أمامهم إىل الديوان : إمرة جاندار«) 1( ).20: 4صبح األعشى (

)1/58 (

فاخنرط كالمها على الفور يف القتال باحلراب كأ�ما أسد . نهبرامشاه اإلذن من حضرة السلطان عز الدين ودخل امليدا

ولو خطأ- وفهد، فزاد ما تكسر من رماحهما عن تفاريق العصي وشتيت احلصي، ومل يصب أي من الغرميني خبدش-. من هذا الطعان

ذلك أيضا، فلما مل يظهر فما كان منهما إال أن مدا أيديهما إىل علوة السرج، وانتزع كل منهما دبوسا، فعجزا عن القاهر من املقهور والغالب من املغلوب أرادا امتشاق السيوف من أغمادها ليفصال يف الدعوى حبد احلسام، فهو الربهان

فأمر امللك عالء الدين من داخل املدينة بأن ينادى على مبارز الدين، فلما بلغ نداء النقباء مسعه رجع، كما . القاطع. بثبات قدمه، وخلع عليه/ إىل حضرة السلطان، فأعرب السلطان عن إعجابهذهب هبرامشاه

وظلت االشتباكات قائمة على هذا النمط بني الطرفني كل يوم من أوائل الربيع حىت أوائل ربيع السنة التالية، ووضع ن تيسر له الظفر، وإن ظل السلطان مقابل املدينة أساس مدرسة على أمل أن يوقف عليها أوقافا ويغدق على فقهائها إ

ا وصلت . فلما استخلص أنكورية وىف بالعهد والنذر وأوقف عليها. األمر على ما هو عليه أمر بإقامة مبىن املدرسةومل

. النوبة لعالء الدين أصدر أمرا هبدم القبة وإبطال األوقاف، لكن أطالل تلك املدرسة التزال باقية

وحني وصلت راية ملك الكواكب السيارة إىل نقطة . أمري بيتا، وقضوا ذلك الشتاء أقام كل. لنرجع إىل ما كنا فيهاالعتدال الربيعي، وامتألت ستائر األبواب بريح الصبا، وجتلت عرائس الرياض، جتاوز ضيق احملاصرين وقلة املؤن

ي الدهر، فشرعوا يف قرع باب الصلح واحملاصيل احلد، فأخذ سكان املدينة واحملاصرون بالقهر يتجرعون السم من ساق .برضا امللك عالء الدين

)1/59 (

وأرسلوا رسوال إىل األمري سيف الدين آينه طالبني األمان، فجاء األمري سيف الدين بالرسول لتقبيل يد السلطان، وملا اعة بشأن امللك عالء الدين، عرض الرسول املشافهات واملراسالت واستغاثة أهل املدينة وما كانوا قد قدموه من شف

بدت أسارير السرور يف اجلبني املبارك للسلطان، واستدعى األمراء الكبار مثل ملك األمراء حسام أمري چوبان وملك فأقسم السلطان يف حضورهم بأغلظ األميان بأال يلحق وكانا من كبار أعوان اململكة- األمراء سيف الدين أمري قزل-

لبعض خايل البال- من قبله، أو من قبل رعايا دولته، وأن يصرف- بأى وجه كان- أي ضرر- عالء الدين/ بامللكالقالع اليت للسلطان ثقة هبا، وأال يبخلوا عليه بالعدة الضرورية من ملبوس ومفروش ومطعوم وزوجة، وأال يأخذ السلطان

. لف باليمني املبارك للسلطان، وسلمت للرسولومت توقيع العهود بعد ذكر احل. أهل املدينة باملقاومة اليت أبدوهاوحني وصل الرسول إىل املدينة، وأذاع األمر، طلب أهل املدينة أعالم السلطان، ودعوا إليهم باألمري سيف الدين آينه،

بصحبة جند البسني مالبس القتال ومعهم أعالم سلطان بأمر حضرة السلطان- فدخل األمري سيف الدين املدينة-

ونقلوا امللك عالء . هر وراياته، ورفع العلم بكل إجالل على قلة القلعة، واستمال أهايل املدينة صغريا كان أو كبرياالد

. الدين من قصر السلطنة إىل بيت بعض اجملنسني، واختاروا املوكلني

اعتذروا بلسان االستغفار، وبعد ذلك صحب األمري سيف الدين األعيان والكبار إىل البالط، فنالوا شرف تقبيل اليد، وعند دخوله [مث دخلوا املدينة مع األمري سيف الدين، وأعدوا األموال واألمتعة الىت سيجعلو�ا نثارا على موكب السلطان

].املدينة

)1/60 (

ا مث عهدو. طبقات الناس بأنواع االصطناع) 1(مث دخل السلطان املدينة بالفأل السعيد، وجلس على العرش، وأسعد ، ورتب الرواتب )2(» منشار«بامللك عالء الدين إىل سيف الدين آينه، فأخذه إىل ملطية احملروسة، وحبسه بقلعة

. ووظائف بيت الثياب واملطبخ والشراخبانه، وأخذ من األمراء والقادة حجة بأنه قد سلم امللك إليهم بسالم، مث عاد

. ورجع السلطان إىل العاصمة ...

_________. 139ع ص . قارن أ) 1(

: 3( -610ىف أحداث سنة » -مفرج الكروب«ىف كتابه » ابن واصل«يشري ) 2(إىل ظفر السلطان عز الدين كيكاوس بأخيه عالء الدين كيقباد، ويضيف أن عز الدين هم بقتل أخيه لوال ) 219

. شفاعة بعض الناس فيه، فعفا عنه وتركه حمبوسافإن البيت السلجوقي كان .. وهذه رذيلة كانت ىف البيت السلجوقى «: ه الواقعة بقولهعلى هذ» ابن واصل«ويعقب

.»إذا ظفر واحد منهم بأخيه أو ابن عمه أعدمه، وأحسن أحواله أن يعتقله حىت ميوت

)1/61 (

ذكر عصيان سكان أنطالية وفتح ذلك الثغر مرة ثانية على يد مماليك السلطنة

الراحة وأشر النعمة كفار أنطالية على أن يضربوا كأس العهد وامليثاق حبجر التمرد والعصيان، بعد مدة محل خبال وبطرمن ربقة الطاعة وأقدامهم من دائرة االستقامة، ونفروا من رعاية حقوق دولة السلطنة كيهود خيرب- فأخرجوا رؤوسهم-

مجاعة منهم حاكما من احلكام، وجعلوا كبس كل وبسبب ما وقع من لبس- فلبسوا السالح، ويف جوف الليل-وشغلوا حىت استوىل الفلق على الغسق بإجراء الدماء . الشريف والوضيع والكبري والرضيع جرحى وقتلى لسيف االنتقام

. أ�ارا من أبدان احلكام صوب البحر، فما حل الصباح إال وكانت أرواح الشهداء قد وجدت األنس برياض القدس

ة أيام بلغ اخلرب مسامع السلطان، فظهر تغري عظيم يف باطنه املبارك، ووقع يف احلال األوامر باستدعاء وبعد ثالث

واستحضار العساكر واألمراء، وأرسلها بيد الرسل املسرعني إىل كافة املمالك، فال غرو أن حلت بصحارى قونية أعداد بنية فتح أنطالية بفأل اليمن وطالع السعد، وساروا يف » روزبه«رجال كحبات الرمان، ونصب الدهليز املبارك بصحراء

. اليوم التايل: أما الروم من أهل أنطالية فقد حتقق فيهم عند ذاك قول احلق تعاىل

ة سفن مبلوك الفرنج، فسارعوا بشحن بضع بسبب االضطرار واحملنة- ، فتوسلوا-)1(وأسروا الندامة لما رأوا العذاب دقوا طبول البشائر / باحملاربني وأرسلوها ملددهم، فلما شاهد الفجرة من فوق السور ما أتاهم من مدد فوق سطح البحر

وتغنوا بلحن السعادة بالوتر السفلي لورود أولئك الذين هم حطب جهنم، _________

.54يونس، آية ) 1(

)1/62 (

زاز التام، فشغل أولئك املناحيس بتدبري عدة القتال، فركبوا اجملانيق من داخل وأدخلوهم القلعة باحلفاوة البالغة واإلع

. املدينةوحني وقعت ظالل املظلة السلطانية على تلك األطالل أمر يف التو بأن حييط اجلند بتلك اخلطة كما حييط قطر الدائرة

، ومل يستطع أحد منهم أن يظهر وجهه ألحد )1(بالنقطة، فزحفوا مع محلة السهام زحفا ارتعدت منه عظام دي وهبمن . من السور خوفا من ذلك الزحف

ويف اليوم التايل حني وصلت أسلحة احلصار ومعداته ووصل املشاة، أمر فأمسكوا املغازل بالليل وصنعوا السالمل وهيأوا كن بوسعهم أن يتحركوا فوق السور فلم يكن ألولئك املالعني من حيلة إال إلقاء احلجارة، إذ مل ي. املنجنيق للعمل

أمر السلطان بإعداد سالمل عريضة ميكن ) 2] (املقارعة[وملا طالت مدة . خشية أن يصابوا باجلراح من سنان السهاملعشرة من املشاة أن يرتقوها دفعة واحدة، وأن يصعد شجعان اجلند فوق السور فيفصلون يف أصل هذا النزاع حبكم

. احلسام القاطعدوا امتثال األمر الزما، وأعدوا السالمل على نفس املنوال، وعينوا اجلماعة اليت حتمل السالمل حتت السور، والطائفة اليت فع

. تصعده، والفوج الذي يرمي بالسهامنصورة، ويف اليوم التايل سار اجليش بأسلحته، أما عقاب مظلة املتمكن يف األرض فقد بسط أجنحته، وحتركت الراية امل

وطلب السلطان أبطال احلشم،

_________

الشهران العاشر واحلادي عشر من السنة اهلجرية الشمسية الفارسية ودي أول شهور الشتاء ويعادل : دي وهبمن) 1(

. يناير من السنة/ شهري ديسمرب .144ع، ص . إضافة من أ) 2(

)1/63 (

كعزرائيل، فأجروا من العيون النضاخة يف عروق الكفار أ�ارا صوب وبذل هلم الوعود اجلميلة حىت محلوا بأسرهم محلة ونصبوا السالمل، وصعد . جمرى التداول) 1(وجرى قول احلق جل وعال متور السماء مورا، وتسري اجلبال سريا ./ البحر

س الىت امتشقت احلسام، فقتلوا الفرجنة الشجعان بالدبوس الثقيل والسالح اخلفيف عشرة عشرة من كل برج كالشم

الذين كانوا على السور، ونزلوا وفتحوا البوابة، فدخلت العساكر، وجتاوز تدفق الدماء احلد، وعدوا اإلبقاء والعطف على

. الصغري والكبري من احملظورات، وغنموا أموال أولئك الكفرة وعياهلم حيث أخذوهم رقيقاالسلطان املدينة، وجلس على عرش اململكة، فقيد الصقر املسيطر على الفضاء بقيد الصيد ثانية، ويف اليوم التايل دخل

وأمر بإقامة االحتفاالت العامة، وخص األمراء والقادة ورؤساء العشائر والبواسل من العساكر املنصورة، فجعلهم ينالون . احلظوة مبكارم وعواطف غري حمصورة

هتاء القتال سبعة أيام، مث ألقى نظرة على سائر البيوتات، فما كان فيها معدوما جعله موجودا، واستمر االحتفال بعد ان. وما كان قليال أحاله كثريا، وبلغ حبد النقصان غاية الكمال، وبادر برتميم السور وزاد من ارتفاعه وسد كل ثلمة فيه

ستميل القلوب حبكم اطالعه على أحوال السواحل، وعهد من جديد بقيادة اجليش لألمري مبارز الدين أرتقش كي يفضم أموال اخلونة وأمالكهم إىل ديوان اخلاص، وسجلها يف دفاتر الديوان . ويعيد املتمردين واملشردين إىل املاء واألرض

. األعلى، وأضاف بعضها إىل اإلقطاعاتاف العامل، وأرسل من تلك الغنائم حتفا ال حصر هلا ووىل السلطان وجهه صوب قونية، وكتب رسائل الفتح والظفر ألطر

. إىل ملوك األطراف _________

.10، 9اآليتان : الطور) 1(

)1/64 (

ذكر حترك السلطان حنو سينوب وفتحها ىف عهده املبارك أللوان على الطبيعة بساطا متعدد ا) 1(حني أطل وجه الربيع من وراء نقاب السحاب املضمخ بالكافور وبسط فراشو

، فوجه »سيواس«، خطر للسلطان أن يتوجه إىل )2(وجه اجلبال والصحاري حىت إذا أخذت األرض زخرفها وازيـنت

. عنان من يزدان به العامل إىل تلك الناحيةسلموا رسالة و» سينوب«وبينما كان السلطان جالسا ذات يوم يف حمفل ملكي وصل فجأة رسل من حمافظي ثغور

قد بالغ يف اجلناية، وتوغل يف ممالك السلطان، وأحدث » جانيت«تكور » كريالكس«خمتومة حلضرة السلطان بأن ورغم أن السلطان قد استبد به االنفعال بسماع ذلك اخلرب، فقد جتنب إظهار انفعاله كي . الكثري من التخريب والدمار

. ال يفسد متعة الرفاقلو أذن : تايل دعا باألمراء وفاحتهم يف األمر، فأبعدوا النجعة بأسرهم يف بيداء الغضب وغيضة الغيظ، وقالواويف اليوم ال

لنا سلطان العامل فإن خنجر مماليك السلطنة املتعطش لدماء اخلبثاء يروى من مقسم املفرق يف رأس ذلك احلقري، ويصبح . اجلنود املنصورةما زرع ببالده حصيدا ملنجل القهر الذى متسك به

، فأجابوا بأنه ال ميكن أخذها باحلرب، اللهم إال إذا حوصرت زمنا »سينوب«فسأل السلطان بعض من كانوا قد رأوا طويال حىت يلحق بأهلها امللل لقلة املؤن ونفاد الزاد، وأال يصل إليهم مدد من الرب أو البحر، فعند ذاك وهبذه الوسيلة

_________.. من يتوىل أمر الفراش وخدمته : الفراش«أى الفراشون، و : فراشان :يف األصل) 1(

. اختاره جممع اللغة العربية بالقاهرة، انظر املعجم الوسيط» إخل .24اآلية : يونس) 2(

)1/65 (

ا وأطرافها فالرأى أن يبادر اجليش باهلجوم عليها، فيأخذون عياهلم رقيقا، وخيربون ضواحيه. ميكن أن يتاح فتح املدينة. كلية، ويتعاملون معهم على هذا النحو سنوات

. آراء األمراء يف حضرة السلطان على هذا كله/ فاستقرتيف جيول بتلك الديار-» كريالكس«فأخرب اجلواسيس أن . بعدد كبري وعدة وافرة» سينوب«ويف اليوم التايل توجهوا إىل

وحني مسع القادة هذا اخلرب أسرعوا كالوهم يف املسري، . مائة فارسيف رحلة للصيد وبصحبته مخس غري حيطة وال حذر-ورغم ). 1(يف موضع أنسه وجملس سلوته كموت الفجاءة- وفجأة التقوا به يف مكان الصيد، وأمسكوا بتالبيب روحه-

كر املنصورة، أما أنه محل على القادة بضع محالت، فإ�م جاءوا به يف النهاية مقيدا وأسريا إىل مضارب خيام العساإىل بيت السالح اخلاص، واختري هلم موكلون يتمتعون » مقرنني يف األصفاد«جنوده فقد قتل بعضهم وجاء الباقون

. مث أرسلوا يف التو واللحظة رسوال وأبلغوا املسامع السلطانية بالنصر الرباين والفتح الفجائي. باليقظة واالنتباه

، وأمر ببذل أقصى )2(سالة حىت رفع أعالم الفرح رفعا جتاوزت به ذروة العيوق ومنزل الشعرى وما إن علم السلطان بالر

، ألن موكب السلطان سوف يتجشم التوجه إىل تلك الناحية )3(االهتمام للمحافظة على ذلك املخذول اجملدول

_________. 148ع، ص . قارن أ) 1(

. رة األمين، والشعرى كوكب يطلع يف اجلوزاء يف شدة احلرالعيوق جنم أمحر مضيء يف طرف املج) 2( .كذا يف األصل، ولعل املراد باجملدول، من أحكم وثاقه) 3(

)1/66 (

). 1(على األثر، وميكن عرض ما يقتضيه الرأي وتستدعيه املصلحة على األمراء ستقبل مجيع العساكر الرايات السلطانية وقد ، فلما حلق بتلك احلدود ا»سينوب«ويف اليوم التايل توجه السلطان حنو

مقيد » كريالكس«وحني نزل السلطان خبيمته املباركة أمر بإحضار . لبسوا السالح، وقبلوا أرض العبودية من بعيدال ينبغي : بالتودد إليه، وقال لفرط مروءته- فلما اقرتب من العرش قبل األرض بذلة وضراعة، فعين السلطان-. األقدام

وجلس حلظة مث أذن بأن يذهب باألوثاق . أن تتعب خاطرك، فما دامت سالمة الذات حاصلة غدت شاملة للمرادات. إىل الوثاق

فيلتفوا حول القلعة اليت تقوم منها على / ويف اليوم التايل أمر السلطان بأن يركب مجيع اجلند وهو يلبسون ألمة احلرب. اليابسة

مادام موكبنا السلطاين قد حلق هبذه احلدود فإن العودة دون حصول املقصود أمر حمال، :قائال» كريالكس«وأرسل إىل . فيجب أن يرسل شخصا من أهله إىل املدينة لكي يقدم النصح للمحصورين

فاختار تكور شخصا من األمراء الكبار كان مقيدا يف سلك باقي األمراء، ففكوا قيوده بأمر السلطان، ومحلوه إىل تكور، . فأرسل تكور برسالة على لسانه بأن يسلموا املدينة

قد أسر فإن له أبناء الئقني، سنقيم واحدا منهم » كريالكس«فأطال أولئك املدابري اللسان باهلذيان، وقالوا إن كان ملكا، ولن نسلم هذه البالد

_________ .149ع، ص . قارن أ) 1(

)1/67 (

. سول مرة ثانية من باب إلزامهم احلجة، فلم يكن لذلك بدوره جدوىفأمر السلطان بإرسال الر . للمسلمني

ويف اليوم التايل أمر بأن يطوفوا بتكور وهو مقيد بقيود ثقيلة حول حدود املدينة ويأخذوا يف تعذيبه فإما أن يسلموا . »كريالكس«املدينة أو يقضى على

أيها الكفرة، ألجل من تبقون على املدينة وهم : قائالفأخذ اجلالدون يف تعذيبه، وارتفعت صرخاته وأخذ ينوح سيقتلونين وسيأخذونكم أسرى مقيدين بالقهر والقسر، فما جدوى املقاومة؟

. »فكان تأثريه فيهم كتأثري الرخاء يف الصخرة الصماء«. وظل األمر على هذا النحو طيلة النهار إىل أن حل الليل

فلما رأى أهل . مقلوبا وشرعوا يف عصره حىت فقد الوعي كالصريع» كريالكس«بتعليق ويف اليوم التايل أمر السلطان وحني دخل . »فعندنا كالم نقوله«املدينة أن أمر امللك قد جتاوز احلد صاحوا مطالبني بعودة رسول تكور إىل املدينة،

/ املا إىل واليته، وأعطانا األمان ألرواحناومسح له بالذهاب س» تكور«لو أقسم السلطان أال يقتل : الرسول املدينة قالوا. وأهلنا وأموالنا وأطفالنا ومسح بأن نذهب حيث نريد، فإننا نسلم املدينة

والرسول، وملا محل الرسول املواثيق إىل املدينة سكن أهلها واطمأنوا، » تكور«فأقسم السلطان على ذلك كله يف حضور إىل بكل إجالل- السلطان-) 1(هل تكور وفوج من احلشم املنصور سنجق وطلبوا علم السلطان، ومحل مجاعة من أ

. ، ونصبوه على السور611املدينة يوم السبت السادس والعشرين من مجادى اآلخرة سنة _________

).8: 4صبح األعشى، ص (» رايات صفر صغار«مفرد سناجق، والسنجق ) 1(

)1/68 (

ى فركب اجلند ووقفوا يف مقابل املدينة صفا صفا، وخرج أعيان املدينة وكرباؤها بصحبة ويف اليوم التايل صدر األمر األعلوقبلوا األرض، ورأوا تكور يف خدمة ركاب السلطنة واقفا على األقدام، فسلموا الذين كانوا قد ذهبوا يف الليل- األمراء-

، مث عادوا وأعدوا )1(ن بعضهم فألبسهم اخللع واستمال السلطا. مفاتيح املدينة إىل مماليك السلطان حبضور تكور

وترك السلطان تكور واقفا . ، وجلس على العرش، وأقيمت االحتفاالت)2(النثار، ودخل السلطان املدينة وفق االختيار مدة على سبيل التعظيم، مث أمره فجلس يف مكان أعلى من سائر أمراء الدولة، وبالغ يف تكرميه والتمكني له، وأمضى

. يلة النهار وشطرا من الليل يف السرور والسعادةطقبل املسري، وطلب منه العهد وامليثاق فنطق تكور بالقسم وفقا للمسودة اليت كان قد » تكور«ويف اليوم التايل استدعى

رج خا(ويقرر يل وألوالدي ملك جانيت » كريالكس«مبا أن السلطان يؤمن حيايت أنا : الديوان، وهى) 3(خطها حرس

ومضافاهتا فعلي أن أسدد كل سنة عشرة آالف دينار، ومخسمائة حصان، وألفي بقرة، وعشرة آالف حصان ) سينوب

وقد . وقت طلب املدد بقدر ما يتسع له اإلمكان- أمحال من أنواع التحف، وأنين لن أضن بتزويده باجلند-/ ومخسة

. شهد على ذلك كله أماثل الطرفني من قائم وقاعدأودعوا وثيقة القسم باخلزانة قدم السلطان تشريفة نفيسة لتكور، وأمره بأن ميتطي صهوة جواده، وكان تكور رجال وحني

طواال حنيف البدن، فبمجرد أن _________

. 152ع، ص . قارن أ) 1(. 152ع، ص، . يعين وفق اختيار املنجمني املصاحبني للسلطان، قارن أ) 2(

. نوطاران، ومعناها حراس، ونظار، وخفراء املزارع :152ع . يف األصل، وأ) 3( .لغت نامه دهخدا: راجع. ناطور: وواضح أن الكلمة مأخوذة من العربية

)1/69 (

من الركايب ووضعها على كتفه ومشى، فلما سار مدة أمره السلطان ) 1(وضع السلطان قدمه يف الركاب أخذ الغاشية . وظال يسريان يف الطريق جنبا إىل جنب يتجاذبان أطراف احلديث. هو احلصان بأن يعطي الغاشية للركايب، ويركب

وبذل الكثري من . سار السلطان ساعة على أطراف السواحل، مث عطف العنان صوب املدينة وطلب اخلوان وزين احملفللون به، وأن يسلك الطريق حنو اإلعزار لتكور حني أثر فيه اخلمر، وأذن له بأن حيمل معه كل من يريد من أهله ومن يتص

). 2] (دون مانع أو منازع[إقليمه . »جانيت«وبعد الوداع ركب سفينة وأحبر صوب

، ويشرتى ملكه وعقاره-»سينوب«مث إن السلطان أصدر أمرا بأن يتم اختيار سيد من كفاة األغنياء ويبعث به إىل . من ديوان اخلاص السلطاين، ويعطى قيمة ذلك كله برضاه-

. ومبوجب هذا احلكم بعث إىل سينوب بسادة أعيان من نواحي البالدمث إن النواب دعوا مجيع الفارين وأعادوهم إىل املاء واليابسة، وحولوا الكنيسة إىل مسجد جامع، ونصبوا اخلطيب واملنرب

مراء قائدا للجيش، وجعل بصحبته واملؤذن، وعينوا حارس القلعة واحملافظني، وبادروا برتميم ثغرات السور، ومسي أحد األ. جيش مهيب للدفاع عن ذلك الثغر

_________عند الركوب يف املواكب ] يعين السلطان[حتمل بني يديه .. وهي غاشية سرج من أدمي خمروزة بالذهب «: الغاشية) 1(

: 4صبح األعشى (» ها ميينا ومشاالاحلفلة كامليادين واألعياد وحنوها، حيملها أحد الركابدارية، رافعا هلا على يديه يلفت

7 .(

.154ع، ص . إضافة من أ) 2(

)1/70 (

. ، فيتيسر لألمراء عند ذاك اإلذن بالعودة إىل األوطان»سيواس«وما لبث أن توجه من هناك إىل /

ذكر إرسال السلطان للشيخ جمد الدين اسحاق إىل دار السالم إلعالن فتح سينوبقد اقتنص باسم حضرة اخلليفة جبعة حبرية من ) 1(منا إىل السمع األشرف أن امللك األشرف ويف أثناء ذلك كان قد

وكما هى العادة املعهودة ألرباب هذه احلرفة سطروا مكتوبا مشحونا [األجواء العليا إىل حضيض الفضاء ببنادق القوس،

فما كان من اخلالفة . وفرية يف صحبة رسولإىل حضرة اخلليفة مع حتف ] مع الطائر[وأرسل ) 2] (بشهادة شهود عدول. إال أن زودت امللك األشرف بود متواصل وعناية متواترة

بعث الشيخ العامل قدوة اآلفاق جمد الدين إسحاق وقد زوده باألمحال والتحف » سينوب«وحني تيسر للسلطان فتح عدين والصلبان الذهبية املرصعة، وأواين الفضة، إلبالغ من اجلواهر والبسط املنسوجة خبيوط الذهب، واحلرير األطلسي امل

. اخلرب املبارك بذلك الفتح اجلسيم الذي قرت به أعني السلطنة وتقررت به أمور اإلسالم، وطلب سروال الفتوةأذن له فلما وصل الشيخ جمد الدين إىل مقر اخلالفة وعاصمة اإلمامة بالغ اخلليفة يف إكرام مقدمه، وأرسل معه حني

باالنصراف سروال العصمة والطهارة، _________

صاحب ديار اجلزيرة «يعين به امللك األشرف موسى بن امللك العادل أبو بكر بن أيوب، وكان يف ذلك الوقت ) 1(، 337: 12م، 1966ابن األثري، الكامل يف التاريخ، طبع بريوت (» كلها، إال القليل، وصاحب خالط وبالدها

352 .( .155ع، ص . إضافة من أ) 2(

)1/71 (

السوداء ) 2(مع العمامة امليالء كالعمامة ) 1(ومئزر املروءة من البدن املطهر املكرم ألمري املؤمنني، وكتاب الفتوة والدراعة مشفوعا باملقرعة ومنشور السلطنة بالتوصية بإقامة حدود الشريعة باململكة، ومخسة بغال سريعة السري منعلة

، ومخسة من اخليول العربية املربقعة برباقع من أطلس أسود خميط بالذهب، وعشر من بنعال النضار مع الطوق واللجام

فزادت مسرة السلطان بتلك التشريفات وما كان من . اإلبل احلجازية، وغري ذلك من أصناف األلطاف وأنواع األنعام

. حسن االلتفات، وتفاخر هبا وتباهى على الفلك ...

_________. 158 -156 نسخة الكتاب يف األوامر العالئية، ص نقل ابن البييب) 1(

.حمقق الكتاب إىل أن النص هنا مضطرب غاية االضطراب» هوتسما«أشار األستاذ ) 2(

)1/72 (

ذكر توجه السلطان حنو طرسوس

، وصلت جيوش الشتاء، فتمرغت الشمس يف تراب »سينوب«حني قفل السلطان راجعا بالسعادة واحلبور من فتح ). 1(من خوف سنان الزمهرير حتت درع ثبت الغدر كعادة القمر- ملذلة كأ�ا رزق أرباب الفضيلة، ولبست اجلوشن-ا

فجلس السلطان كأنه كسرى اإلقليم الرابع على فراش وثري حماط بالوسائد من جهات أربع، ووضع مثلث البخور على ). 3(، وحبسناء من أرض اخلنت )2(طل يستوعب عشرة أمنان مدخنة السرور، وأمضى الشتاء كله على هذا النمط بر

فلما محلت مشس املشرق عدة العمل وارحتلت من قصر املشرتي صوب شرفة برج احلمل، عزم السلطان على التوجه إىل . وأخذ يأمر خواص األمراء واملقربني للبالط األعلى بتمهيد قواعد العدل طيلة أيام احلياة. قيصرية احملروسة

وحلق األمراء الكبار » بنلو«ومضى أمر القضاء صادرا بأن يسري أمراء األطراف جبميع العساكر إىل منطقة الرعي يف بالبالط، ووفقا لألمر جتمع كافة القادة وعامة األبطال بعدهتم الكاملة يف مراعي بنلو، وسارع أمراء اخللوة بأصناف

. اهلدايا إىل حضرة السلطنةفنبضت عروق احلمية والنخوة يف . وقد جأروا بالشكوى من ليفون تكور» سيس«ثناء عاد حمصلو خراج ويف تلك األ

السلطان عند مساعه هلذه النبوة، واستدعى األمراء الغائبني، وعرض القضية، فقالوا مجيعا بلسان واحد إن عرك _________

. درع الغدير: زره غدير: ، ويف األصل)لوسيطانظر املعجم ا(أي يثبت يف القتال : درع ثبت الغدر) 1(). املعجم الوسيط(إخل ... معيار قدمي كان يكال به أو يوزن : املن) 2(

.االسم القدمي لرتكستان الشرقية: اخلنت) 3(

)1/73 (

ذن السلطان فإن أ/ أذن عدمي األدب هذا من أوجب املهام، ولكن يتعذر التدخل يف هذا املوسم يف واليته لفرط احلرارة

ورياضها مغىن إىل أن حيني اخلريف، وتسمن الدواب، حىت إذا مهدت سورة اهلاجرة » بنلو«اختذ اجليش املنصور من ريف يف كل مكان مت التحرك بيمن التأييد الرباين وجالل الدولة السلطانية بأكرب ما ميكن من حشود، فيتم تأديبه الذي يعد

. من الضرورات): شعر: (وحني حل أول اخلريف. ن ذلك الرأي بالرضافقرن السلطا

. ظهر اللؤلؤ والزبرجد بدل فاكهة الغصون... نثرت الرياح املسك والقرنفل بدل الرتاب، -

إىل البالط األعلى، وجاءت املظلة امللكية من كمسارعة الوثين صوب الصنم- حتركت العساكر املنصورة، وسارعت-. ، فكان املعسكر هناك»كوكري« إىل» كوشي«طريق وادي

، اضطرب اضطراب الزئبق، وشرب »سيس«وحني وصل اخلرب إىل تكور بأن السلطان قد عزم على التوجه إىل والية الغصص على تقصريه يف اخلدمة، ورأى نفسه بسبب تلك احلادثة متورطا يف مهلكة الضالل ومتخبطا يف مسبعة

كالباحث «يف مضيق تلك الداهية، فاضطر إىل مجع جيش من كل ناحية، واجته للحرب اآلجال، ومل جيد جماال للمشورة . »عن حتفه بظلفه

***

)1/74 (

ذكر حماصرة قلعة جنجن وفتحها على يد مماليك السلطانومل يكن لليفون معقل أكثر منعة جنجني- بقلعة-/ حني حلق موكب السلطان جبيش ضاقت به اجلبال والصحاري

فأمر بنصب اجملانيق فزلزلوا حال املقيمني يف ]. ومقدمة النصر[بدا للسلطان أن جيعل من هاتني القلعتني فاحتة منها-

فاستغاثوا طالبني . القلعة من صوت القصف املزجمر، وظلت ثالثة أيام متواصلة متطر أرواحهم العاجزة حبصيات املوت. إن مل يصل مدد من جهة تكور بانقضاء األيام املعدودة سلموا القلعةاألمان من فرط العجز، وطلبوا ثالثة أيام مهلة، ف

وحني مسع أهل . إمنا أنا عاجز يف أمر نفسي وال طاقة يل على تدارككم: فلما وصل الرسول إىل تكور أجاب قائالر كتابة بأن يرفعوا العلم على ووفقا مللتمسهم صدر األم. القلعة ذلك اجلواب طلبوا األمان يف الروح واألهل واملال والعيال

، ونصبوا قائدا للقلعة )1] (من أسلحة وذخائر وسائر املعدات[القلعة، ويصعد نواب الديوان، فأحضروا احتياط البيوت . وحراسا

ا يف فتلقاه أهلها باملدافعة واملمانعة، فأمر السلطان بتشغيل اجملانيق، فأوقعو» كاجنني«مث إن السلطان توجه صوب قلعة

القلعة اخللل ويف أمر الكفار الزلل، وأعدوا السالمل، وباشروا احلرب السلطانية، ووفقا حلكم أعتاب السلطنة قاموا بزحف

عظيم وصعدوا حنو القلعة حمدقني هبا من كل صوب، ومل يكن رماة السهام من اخلارج يتيحون الفرصة ألهل القلعة

وما أكثر ما جرى (سل أنفسهم يف موجة واحدة من اهلجوم بداخل القلعة، إللقاء نظرة على اجليش، وألقى البوا _________

.164ع، ص . إضافة من أ) 1(

)1/75 (

مث فتحوا باب القلعة فدخل ). 1) (من قتل وسفك للدماء، حىت جرت مجاجم القتلى كالزوارق يف شط دماء األوداج. لكثري من النكال بالغارة والنهب والسيب والقتلباملتحصنني يف القلعة ا/ بقية العساكر، وحل

وملا فرغوا من تلك املهمة صعد نواب الديوان إىل القلعة، وأخذوا يف تسجيل الذخائر واألسلحة، ونصبوا قائد القلعة

. وساوره اخلوفوكان هو نفسه قد جاء للقتال وقد اعرتاه الرتدد . امللعون» ليفون«والرجال حلفظها، مث التفتوا ملعركة وقبل طلوع الصبح الصادق ذهب أمري اجمللس مع رجل أو اثنني من خواصه متنكرين قرب عساكر الكافر، كي يطلع

. األمري على كيفية حال طالئع ليفونوفجأة حاصرهم . وحتت قيادته ثالثة آالف من الفرسان املشهورين] السلطان[وكان أمري اجمللس عندئذ هو أمري طالئع

الكفار وقضوا على خيوهلم برمي السهام، فمشوا إىل تل لالحتماء به وأخذوا يدفعون أذى الكفار بالسهام والسيوف . واحلراب

وملا طلعت الشمس، توجه أمراء الطالئع خلدمة أمري اجمللس، فما رأوه يف مقامه املعلوم، وبعد أن اتضح األمر اجتهوا حنو كر اخلاص بأمري اجمللس ركب مائة فارس وكانوا مجيعا من األبطال املغاوير، وكان يدخل معسكر تكور، ومن بني العس

هبم يف معركة ضد ألف رجل، وكان يغدق عليهم اإلقطاعات واإلطالقات، فصعد هؤالء خبيوهلم على جبل كان مشرفا على جيش الكافر،

_________ويبدو أن صاحب التلخيص قد أضاف 165امر العالئية ص كذا يف األصل، وال وجود ملا بني قوسني يف األو) 1(

.هذه الفقرة من عنده

)1/76 (

وفجأة رأوا شخصا قد ارتقي تال وقد أحاط به الكفار من كل جانب فألقوا مجيعا بأعنة خيوهلم دفعة واحدة، وعمدوا ا أمري اجمللس، فلما حلق جبنده رآهم قد إىل تشتيت الكفار الذين كانوا قد أحاطوا به وتبديدهم، وسحبوا حصانا وأركبو

. اصطفوا للقتال

لقد وقف اململوك وقوفا كامال على قوة اجليش : خاطب السلطان قائال/ وملا كان قد اطلع على مزاج حال الكفار. للقتال على هذه اهليئة اليت قد ركبت بالفعل- األرمين وشوكته، فليأمر سلطان العامل بأن تتجه القوات-

. صدر أمر حضرة السلطنةفواصطفت كل فرقة يف صحراء النزال كجبل حديدي وحبر . فانقلبوا مجيعا يف احلال صائحني كالرعد، وعم اهلياج البحر

ومبا كان قد وجاء ليفون بدوره-. إىل اخلصوم كأ�م احلظ املشئوم وكل منهم يرغي ويزبد- نارى، ووجهوا وجوههم-والبارون » فاسيل«البارون » ليفون«ودعا . بالفرسان واملشاة مبحاذاة الكماة من جنود السلطان ة-أجراه من حشد وتعبئ

. إىل التقدم بعد أن كانوا خلف الفرسان وأمام املشاة» كندصطبل«و » أوشني«ن رمح، على األرض بطعنة م وكان مشهورا بالشجاعة والصرامة- ويف اهلجوم األول، أطاح أمري اجمللس بكند صطبل-

. اذهب عند السلطان وقل إنين أوقعت به: وأمر األمري بوضع قيد يف رقبته وسلمه ألحد الفرسان قائال لهوفعل مع البارون أوشني، ونوشني الفعل نفسه واللعبة املتقدمة ذاهتا، وسلم هذين الشخصني بدورمها إىل اثنني من

.فأمر خبلعة مثينة للفرسان الثالثة الفرسان فحملومها إىل حضرة السلطان يف قلب اجليش،

)1/77 (

فـقطع دابر القوم الذين ظلموا : ويف النهاية أمسك النحس املصاحب إلخفار العهد بتالبيب آماهلم، فسلكوا طريق اهلزمية

بقية ) 2] (حترك[تعد هناك حاجة إىل حسم أمري اجمللس األمر بثالثة آالف فارس، ومل) 1(واحلمد لله رب العالمني وعاد إىل حضرة السلطان، فرفع السلطان منزلته ) 3(فقرأ أمري اجمللس قول احلق تعاىل وكفى الله المؤمنني القتال . اجليش

. عن كافة األمراء، وخلع ما كان يلبسه وألبسه لهكأنه ريب عناء الطعن والضرب، وعند الفجر حترك اجليش كله-حظي اجليش تلك الليلة بالراحة من تعب احلرب، و/

يف اجلبل والصحراء لطلب ليفون، وأخذوا يركضون ميينا ويسارا، وما عثروا على أحد إال جعلوه قتيال أو أسريا املنون-امن قفلت العساكر راجعة من ويف اليوم الث . واستمرت الغارة يف والية األرمن على هذا النحو أسبوعا. للقيد والتنكيل

. أطراف والية األرمن بالكثري من الغنائم ومن بينها اخليول والبغال واألسرى، وعلم أن ليفون قد حلق ببعض احلصونوبعد أن صار اجليش منصورا والعدو مقهورا واملخالف حمصورا اجته السلطان باجليش إىل املمالك احملروسة بغنائم ليس

درمهني، ومثن مخسة أو ستة من األغنام درمها واحدا، » قيصرية«هلا، حىت بلغ مثن رأس املاشية يف بوسع ظهر األرض حم. على حني بلغ مثن الغالم واجلارية األرمنية البهية الطلعة مخسني

. وحبصول املراد أذن السلطان لألمراء واألجناد باالنصراف، وأقام بنفسه يف قيصرية

_________

. 45م، اآلية األنعا) 1(

. 167ع، . قارن أ) 2( .25األحزاب، اآلية ) 3(

)1/78 (

ذكر وصول رسل ليفون بالتضرع واالستعطاف وتضعيف اخلراج والتنصل من التمادي الذي أجيز يف اخلدمة الرزية، حني قفل السلطان راجعا إىل املمالك احملروسة خرج ليفون من مهربه، وتشاور مع بقايا اخلواص يف تدارك تلك

فجهز هدايا من كل نوع وسريها يف صحبة الكفاة، وكان مضمون . فلم جيدوا مجيعا من وسيلة سوى طريق إظهار التذلل

إذا كان املغرضون قد نقلوا عين سوءا إىل مسامع ملك العامل فها أنذا قد نلت جزائي، فاألمراء صرعى وامللك «: رسالته

أن يتجاوز عن ذنيب ويصفح ملا عرف به السلطان من مرمحة سابغة- واملتوقع-. بالقتلقد أدبر واجليش بأسره قد تبدد ويعطيها آلخر، فما أنا إال مملوك وابن مملوك، وأنا بعد هذا » والية سيس«واحلقيقة أن السلطان كان سينزع عين /. (عنه

خبمسمائة فارس بكامل عدهتم ملعهود-خبالف ا ، وأضاعف اخلراج، وأبعث كل عام-)1(أضع حلقة العبودية يف أذين ). لكي يوجههم السلطان حيث شاء

لدى عتبة العرش األعلى، باالتفاق- بعدد من األمراء الكبار لقضاء هذه املهمة، حىت توسطوا مجيعا-] تكور[وتشفع نة العامرة كل سنة عشرون وتقرر أن يرسل إىل اخلزا. وأزالوا ما علق باخلاطر األشرف للسلطان العادل من غبار الوحشة

. ألف دينار برسم اخلراج، مع التحف واألمحال اليت تكون الئقة بذلك، وأن يؤدي ما بقي عليه من خراج العام املاضي. وأال يهمل بعد اليوم يف أي أمر من أمور الوالء مهما دق وصغر

، وحلف األميان، »سيس«ووفقا هلذه الشروط أقره السلطان على ملك __ _______

.167ع . قارن أ) 1(

)1/79 (

لإلجابة على ليفون وحتصيل بقايا اخلراج، وكان يف ذلك الوقت أمري الدواة- واختار الصاحب ضياء الدين قرا أرسالن-

بقدومه استقبله بنفسه وأنزله بقصره، وبلغ الغاية » ليفون«وحني علم . وبعث معه مبنشور جمدد مللك تلك اململكةويف اليوم التايل قرئ أمر السلطان مع منشور تقرير اململكة على رؤوس األشهاد، ووضع ليفون . يف إكرام جانبهالقصوى

. جبينه على األرض وأخذ يف الدعاء، ونثر الكثري من األموال

سل إىل وأر. ويف اليوم التايل كتب الصاحب ضياء الدين املسودة لكي يقسم تكور على ذلك كله ويوقع على الوثيقة

. اخلزانة العشرة آالف دينار الباقية وعشرة آالف لستة أشهر تالية كتقدمة من خراج املستقبل، مع حتف أخرىوعرض بقية اخلراج واهلدايا والتحف واملواثيق اليت بعث هبا تكور، بالغ السلطان » قيصرية«وصل ضياء الدين إىل / وحني

راء احملبوسني، وبعث بالفرامني إىل أطراف املمالك بأن أسباب النزاع قد زالت يف اإلحسان إىل الرسول، وأطلق سراح األم. مث سرح الرسل وهم يشعرون مبسرة بالغة. منذ اليوم، فافتحوا الطرق أمام التجار واملرتددين وال تلحقوا أذى بأي خملوق

***

)1/80 (

هبرامشاه بن داود ملك أرزجنان ذكر تزوج السلطان بكرمية من ذريات امللك فخر الدين

حبكم ملا كان السلطان قد التزم بانتهاج األوامر اإلهلية واالمتثال لألحكام النبوية يف كل آرائه وعزائمه، فإنه كان يريد-أن يزدان حرميه الكرمي بوجود جوهرة تتألق يف الليل البهيم قد ربيت يف » ختريوا لنطفكم فإن العرق دساس«: النص

ف العصمة، حسيبة األبوين، كرمية الطرفني، وأن جيلسها إىل جانبه على سدة السلطنة هبذه الصفة املوزونة املتناسبة، صدفأجال بريد الفكر حول أطراف الدنيا، ومل جيد أسرة أشد احرتاما وجالال من أسرة امللك فخر الدين هبرامشاه، ألن تلك

واألصالب ) 1(الفضل واإلحسان » عمان«تيمة الدهر كانت قد استخرجت من الصدفة املشتملة على درة الغواص وي) 2(الطاهرة واألنساب الزاهرة للسلطان قلج أرسالن، وانبعثت من جرثومة سلجوق

وملا مل جيد بعد طول االستخارة ومين االستشارة فوق هذا االختيار مزيدا، رتب األفانني من اهلدايا الثمينة والتحف ، وأرسل تلك األمحال )3(سة الضنينة من اخلزانة العامرة، وندب واحدا من أويل األلباب للمفاحتة يف هذه اخلطبة النفي

. واهلدايا يف صحبتهابتهج واستقبل الرسول بنفسه، وأنزله باإلعزاز والتكرمي يف بيت الضيافة، وعد ] فخر الدين[فلما وصل اخلرب للملك

من املبالغة يف احرتام جانبه _________

. مبعىن البحر الذى تستخرج منه الآلىلء والدرر» عمان«استخدم املؤلف ) 1(. اجلد األعلى للسالجقة: سلجوق) 2(

.173ع، ص . قارن أ) 3(

)1/81 (

فأعطاه الرسول رسالة السلطان بعد أن . ويف اليوم التايل دعا احلاشية الجتماع عام، وأحضر الرسول/. أوجب الواجبات

. هلا، وأبلغ املشافهات، وأوضح امللتمسات، وسلم اهلدايا مشفوعة ببيان تفصيلي هلا إىل اخلزانقب فلئن كنت قد تلقيت أمرا بأن تنتظم . بأي لسان ميكن شكر مثل هذه املوهبة: فصاح امللك على مأل من الناس قائال

ي من بعدي فكيف وقد من علي مبثل هذا ابنيت يف زمرة السراري واجلواري لكان ذلك مدعاة لفخر أعقايب وخلفالفضل، قبلت على الرأس والعني، ولكن لو أذنتم يل يف مهلة قدرها ثالثة أشهر لتهيئة ما تتم به الواجبات، وجتهيز ما

. يليق بالبنات لكان ذلك مقرونا بالصواباالنقياد واالمتثال وتقلد املنة، وبعث هبا يف ومحل امللك الرسول بأنواع اجلوائز، وكتب خبطه رسالة جوابية مشتملة على

مث عمد إىل جتهيز الواجبات وإعدادها، وأحضر كل صانع حاذق وصائغ فائق، واستمر العمل ليال و�ارا . صحبة الرسولالفاخرة املرصعة وهذب ورتب األكاليل اجملوهرة واخلالخل املعنربة واخلواتيم واملعاصم الثمينة وامللبوسات . مدة ثالثة أشهر

يف ضخامة اجلبال، يف قافلة ) 1(بفنون اجلواهر، والبغال ذات النعال الذهبية، وخيوال مسريها كمسري ريح الصبا، وخبايت . مبا ال يشمله احلصر من األمحال والنقود واملتاع) 2(مملوءة

وكان من أكابر الصدر القاضي شرف الدين-] امللك فخر الدين[وسري _____ ____

. مجع خبىت، وهو اجلمل اخلراساين، ذو السنامني) 1( .175ع، ص . على، والتصحيح من أ: بر: يف األصل) 2(

)1/82 (

بذل » سيواس«فلما وصل إىل . وإبرام عقد النكاح قد هتيأت) 1(بتحف وفرية لإلبالغ بأن أسباب الصالح العلماء-كارم تكرميا لقدومه الكرمي، وتوجه يف صحبته إىل حضرة السلطان، وتقدم إىل مبارز الدين هبرامشاه أمري اجمللس أنواع امل

، وعرض األمر، فأرسل السلطان أركان الدولة الستقبال القاضي شرف الدين، ودخلوا املدينة يف أهبة كاملة »كدوك«. وجالل بالغ

ليس له حد، وسأله السلطان وبالغ يف ما / ويف اليوم التايل حني مثل القاضي بني يدي السلطان، رأي من اإلكرام تعاىل- فحمد اهللا- بعبارة كانت عني الرباعة- السؤال عن حال امللك فخر الدين، فتحدث القاضي شرف الدين-

ومدح السلطان مث أبلغ حبال امللك، ودعا له، وأشبع األمساع بتفاصيل احلكايات، وعرض الودائع والتحف، اليت قرنت . ، مث تتابعت عليه أفضال السلطان وكراماته)2(» الوثاق«ومن هناك نزل القاضي بكل إعزاز يف .بالقبول والشكر

وكان السلطان . إىل قصر السلطان وكانوا قد جتمعوا هلذه املهمة- ويف اليوم التايل جاء قضاة األمصار واألئمة الكبار-

تني، واملائة، واخلمسني مثقاال فعبئت يف سكارج السكر، قد أمر بقطع نقدية من الذهب فئة األلف، واخلمسمائة، واملائ

واليت تتوسط [املعنربة بالزهر واملعرقة باملرجان ) 3] (الزرقاء[ووضعت يف أطباق من ذهب وفضة، كما أمر بأن متأل الربكة

مباء الورد ) 3] (اإليوان _________

. لسابق ذكرهع، املوضع ا. جناح، واألوفق ما ورد يف أ: يف األصل) 1(أو هو البيت أو الدار على وجه . لعله يريد بالوثاق مكانا بداخل القصر، ال يدخله إال من كان مؤمتنا موثوقا به) 2(

. 20العموم، انظر مثال فيما سبق، ص .176ع، ص . زيادة من أ) 3(

)1/83 (

. البدال من املاء، فبدت الربكة كأ�ا مساء اختذت لنفسها يف جوف األرض منز. فوضع أمام كل إنسان طبق يناسب منزلته ويالئم رتبته، وحضر الوكالء والشهود من الطرفني

قد بدأ باخلطبة اليت كان أمري املؤمنني املأمون قد قرأها يف الذي توىل عقد النكاح- وكان القاضي صدر الدين هلاوري-) 1: (دم احلرم، وقالزواج بعض أقاربه، على سبيل اإلجياز والتربك، فالتفت صوب خ

ولو مل . اآلية... وأنكحوا األيامى : احملمود هو اهللا، واملصطفى رسول اهللا، وخري ما عمل به كتاب اهللا، قال اهللا تعاىل«تكن من الصلة آية منزلة وال سنة متبعة إال ما جعله اهللا يف ذلك من إلف البعيد وبر القريب لسارع إليه املوفق املصيب

/ حنوه العاقل اللبيب، والسلطان الغالب عز الدين أبو الفتح كيكاوس ابن كيخسرو بن قلج أرسالن من قدوبادر ، وبذل »سلجوقي خاتون بنت امللك فخر الدين هبرامشاه بن داود«عرفتموه يف نسب مل جتهلوه، خطب إليكم فتاتكم

، وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خريا )2(فشفعوا شافعنا من الصداق مائة ألف دينار محرا، مخسني معجال ومخسني مؤجال، . »حتمدوا وتؤجروا حبمد اهللا رب العاملني، وصلواته على حممد وآله أمجعني

). 3(» قبلنا اخلاطب، وبذلنا املخطوبة، ال زالت سحايب األفضال عليهما مصوبة«: فقالوابالرفاء فلما مت إبرام عقدة القعد، واستحكم حبل املواصلة بلغت صيحة

_________. اخلطبة كلها واردة يف األصل بالعربية) 1(

. يف األصل شافعيا) 2( .177ع ص . قارن أ) 3(

)1/84 (

وأخذ الذهب واجلوهر يتساقط كاملطر بغري حد وال حصر يف الصفة ويف ساحة القصر كما تنتثر . والبنني أعلى عليني. سحر ألوراق الورد النديةزهور الربيع هنا وهناك بتحريك نسيم ال

فمد كل إنسان يده للتناول والتجاذب والتخاطف، ونال بذلك [ووضعت مائدة اخلاصة السلطانية ودعي إليها العامة

، مث انفرط عقد الشهود كحبات )1] (نصيبه مما حفلت به الضيافة السلطانية من مكنوز وملبوس ومأكول ومشروب، وذهب القاضي شرف الدين إىل مكان إقامته، فأرسل )2(فإذا طعمتم فانـتشروا : ية الكرميةالعقد فتفرقوا، حبكم اآل

. السلطان يف إثره ذهبا وخلعة وبغال مطهماويف اليوم التايل أمر أمناء اخلزانة بإعداد األمتعة اليت سيحملها معهم من يذهبون الستدعاء اهلودج، الذي عهد السلطان

احملروسة خلدمة امللكة » أرزجنان«ره إىل األمري مبارز الدين هبرامشاه، وأمر زوجات األمراء باالنطالق إىل بأمر إحضا). 3] (وبأن يعدن يف صحبتها[

حىت » أرزجنان«فلما مت اإلعداد لألمر ارحتل أمري اجمللس والقاضي شرف الدين وسائر اخلواتني، وما إن حلقوا حبدود بوجود جيش حاشد يف صحبة أمري اجمللس واخلواتني الشهريات، فرتب امللك لكل إنسان نزال على تقدم القاضي، وأخرب

فلما اقرتب أمري اجمللس من املدينة . وخواصه/ قدر مكانته، وخرج يف صحبة وصيفات القصر ورجاله، ومعه أعيان أمرائهسار امللك الستقباله

_________. 178 -177ع، ص . زيادة من أ) 1(

. 53اآلية . األحزاب) 2( .178ع ص . زيادة من أ) 3(

)1/85 (

وحني رأى امللك طلعة أمري . وملا تالقى اجلمعان ووقع نظر أمري اجمللس على بريق امللك ترجل. باألعالم والبريق والطبولن اإلسالم، وهنا وضع امللك رأسه وأبلغ أمري اجمللس سالم سلطا. اجمللس نزل بنفسه وتعانقا مث ركبا بعد املالمثة واملعانقة

. ما أنا إال مملوك مللك العامل: على األرض وقالواستمر احلديث بينهما على هذا النحو حىت حلقا باملدينة، وأنزل امللك أمري اجمللس وأمراء السلطان بقصره، وبسط

. املائدة امللكية، مث أقاموا حفال، وأداروا الكؤوس الثقيلةيل، أرسل أمري اجمللس األمتعة واألموال واخلزائن اليت كان السلطان قد بعث هبا مع قائمة مفصلة إىل حضرة ويف اليوم التا

وظل الطرفان طيلة عشرة أيام مستغرقني . امللك، والذي أثىن ثناء جزيال على علو مهة السلطان، وغمر احلمالني باإلنعام

وحني فرغوا من إعداد العدة أرسل امللك ثالمثائة خلعة خمتلفة املستوى من . يف املتعة والسرور حىت مت اإلعداد للرحيل

األعلى واألوسط واألدىن وثالمثائة ألف درهم مع خيول مطهمة إىل أمري اجمللس لكي يتوىل توزيعها على األمراء واخلدم . واحلشم

. ليال مث إ�م نقلوا األموال وخزائن اجلهاز مع اهلودج املعظم من املدينةتقدم أمري اجمللس ومثل بني يدي السلطان، » أرمكسو«فلما وصلوا إىل منطقة . ويف الفجر دقوا طبول الرحيل وانصرفوا

وعرض األحوال فأمر السلطان بأن تزين املدينة، فزينوا بيوتات قصر السلطنة بأنواع الزينة، وأعدوا عدة االحتفاالت . ات األمراء الستقبال اهلودجواملسرات، وخرج من حضر من زوج

مضى جزء من الليل دخل سائر النسوة من الطرفني املدينة يف خدمة اهلودج العايل، ودخلوا خمدع السلطان وأجلسوا / وملا امللكة على منصة الكرامة

)1/86 (

الوجوه واحتجنب باحلجرات، وقد توردت منهن وتوجه السلطان بتؤدة إىل خمدع العروس، فدخلت اخلواتني-. والسعادةووضع مشس السالطني مع قمر اخلواتني القدم على العرش، وركعت وصيفات امللكة ركعة األدب فخلعن احلذاء من قدم

وخلع السلطان قلنسوته، وفك احلزام امللكي، وحبكم رخصة . السلطان، ووقعن فجأة على كنز مثني يف ذلك احلذاء. تلك الصحيفة الشريفةالشريعة فض اخلتم اللطيف عن

مث . ويف اليوم التايل، سار متبخرتا صوب الديوان بعد االستحمام وشغل طيلة أسبوع بشرب املدام وإكرام األمراء الكرامأرسل مخسمائة خلعة وسبعمائة ألف سكة ومائة من اخليول ومائة من البغال املطهمة، ومائتني من اخليول والبغال املزينة

البس املنوعة يف صحبة أمري اجمللس إىل القاضي شرف الدين، فقام بدوره بتوزيعها على األمراء كل بقدر مع أطقم امل. مث مثلوا مجيعا أمام السلطان وقد لبسوا اخللع، وقبلوا اليد؛ وحينذاك حصلوا على اإلذن باالنصراف. مرتبته

***

)1/87 (

) 1( ذكر حترك السلطان قاصدا الشام

قريب العهد من مفارقة املهد، امللك العزيز- إىل جوار احلق تعاىل، كان ابنه- ملك حلب- مللك الظاهر-حني انتقل افاضطر أمراء تلك الدولة ملبايعته، وأجلسوه مكان أبيه، فصارت أمه، وكانت أخت امللك األشرف حاكمة البالد، فنبض

يبدو لنا أن الوهن : وقال ألعاظم مملكته مامه من قبل-حيث كان يف حوزة أع عرق املطالبة مبلك حلب-/ يف السلطان

قد ظهر اآلن يف ملك امللك الظاهر فصار من يتصدى مللك تلك الديار طفل وامرأة، فلو أننا قصدنا والية الشام حبشد

تظهر الفسحة على شرفات تلك الديار، و بعون احلق - كبري قبل أن يكونوا جيشا ويدبروا أمرا فإن بريقنا سوف يرفرف-. يف رقعة البالد

حنن املماليك- جبلت طبيعة امللوك على دفع األعداء وفتح البالد، ولكن طاملا أن السلطان أنعم علينا-: قال األمراءقد أصبح عزيزا يف ديار برغم صغر سنه- برتبة االستشارة، فلن يبخل علينا باالستماع ملقالتنا؛ فلئن كان ذلك الولد-

، ولطاملا أرسلوا األمحال والتحف مثلما أرسلوا ]السلجوقية[اءه وأجداده طاملا أعربوا عن حمبتهم هلذه األسرة أبيه فإن آب. واآلن وقد بقي يتيما فلو أن أحدا قصده بسوء الستعان هبذه الدولة وطلب العون من هنا. العساكر وقت طلب املدد

، مث جرى من )2(» صداقة اآلباء قرابة األبناء« دوا املثل القائل-فكيف إذا أرسل ملوك األطراف يعزون ويهنئون وأك جانبكم شحذ منجل القهر والبأس ليحصد بالد ذلك احللف؛ لن يقع ذلك موقع القبول عند كبار امللوك والسالطني

. وعظماء الزمان _________

. 350 -347: 12الكامل يف التاريخ، : انظر ما كتبه ابن األثري عن هذا املوضوع يف) 1(ط مطبعة السنة احملمدية بتحقيق حممد حميي 418ص 1ج . »صديق الوالد عم الولد«يف جممع األمثال للميداين ) 2(

.1954الدين عبد احلميد، القاهرة

)1/88 (

ين ال شك أن رعاية جانب امللوك من أوجب الواجبات، ولكن إن ارتدي أحد السالط: قال السلطان بعد طول تفكر: سالح االقتدار وأسرج حصان الغلبة والسيطرة فإن عليه أن يتنكب طريق التصايف

) 1(ونكب عن ذكر العواقب جانبا ... إذا هم ألقى بني عينيه عزمه /

ن فإن كان ملوك الديار قد أرسلوا معزي. »ال أرحام بني امللوك«: وال خيفى على الرأي الرزين لكل إنسان ما تعنيه مقولة

ومهنئني، فما أظهروا الشهامة والطيبة إال بسبب عجزهم، ومن مث ال ينبغي أن جنعل تلك املروءة املفتعلة عنوانا لسجل . يتم فيه تدوين ما ال يفيد وال جيدي

بأن موكب السلطان سيصل إىل تلك احلدود مصحوبا » مرعش«وأصدر السلطان أمرا لألمري نصرة الدين صاحب بقدر ما يوش، فيتعني عليه إذن إعداد جيشه القدمي ومن يلوذ به من أهله وذويه، وأن يكون جيشا-باجلنود واجل

كما أصدر أمرا آخر بنفس املعىن ألمراء ملطية وسيواس، وأمرا إىل . من املشاة والفرسان، وجيهز آلة احلصار يستطيع-

ر دون تلكؤ أو تباطؤ، وأمرا إىل األمراء والقادة الذين كانوا بدعوة العساكر املعهودة وأن يتحركوا على الفو» األوج«أمراء

. »آبلستان«لكي يتوجهوا بكامل هيئتهم إىل صحراء » بنلو«يف مصيف

فانطلق السلطان مع كوكبة . ويف ظرف عشرين يوما جتمع من أطراف املمالك من اجلنود واحلشود ما جتاوز حد احلصر

صلها أمر بإقامة احتفال عام واستمال أمراء العساكر، فرشح لكل مدينة من بالد من اخلواص صوب آبلستان، فلما و. الشام أمريا

_________ .32ص ) طبعة فرايتاج(بيت لسعد بن نعشب، انظر احلماسة ) 1(

)1/89 (

يس هناك أسهل يف أي طريق ينبغي أن نسري؟ قالوا ل: ويف اليوم التايل قال السلطان بعد أن أحضرهم مجيعا واستشارهمونادرا ما يعرتض الطريق [أغلبها صحراء » حلب«، فاملسافة من هناك إىل »تلباشر«و » رعبان«و » مرزبان«من طريق

/ ، فاستخلصوها يف ثالثة أيام، ويف تلك»مرزبان«فانطلقت القوات حنو ذلك الطريق، ووصلوا أوال إىل قلعة ). 1] (جبل، »رعبان«جبيش كثيف بالسلطان، فأمره باالجتاه من هناك صوب قلعة » مرعش«صاحب األيام حلق األمري نصرة الدين

فتيسر أمر السيطرة عليها بدورها، وفوض أمر حراستها لصهر األمري نصرة الدين، واجته من مث إىل قلعة تلباشر، لكروم احمليطة بالقلعة ببلطة فحاصرها عشرة أيام، فلم يكن لذلك أي أثر، فأمر السلطان بقطع األشجار وبساتني ا

: فلما شهد أهل القلعة ذلك املنظر جتمعوا عند ملكها وقالوا. القهر، واستئصاهلاما معاشنا إال من مثار تلك األشجار، فإن قطع جيش الروم ما لنا من كروم ببلطة القهر فمن أين ندبر رزقنا؟ ومن مث

. لمنا القلعة اآلنجيب على امللك أن يلتمس لنا العذر إن حنن سإن أساس انتعاشي أنا وأتباعي إمنا هو من هذه القلعة، فإذا ما : فطلب امللك مهلة وأرسل رسوال إىل السلطان قائال

انتزعها عبيد السلطان مين فلست أدري من أين تتيسر البلغة ويتحصل القوت؛ فلو أن السلطان أقطعين من املمالك وجعل أهل القلعة مبأمن من ضرر العساكر [، )2(ى هذه القلعة بدال عن تلك القسوة احملروسة إقطاعا واستوىل عل

. سلمنا القلعة ملماليك دولة السلطنة) 3] (املنصورة _________

. 186ع، ص . زيادة من أ) 1(. ، والنص هنا مضطرب غاية االضطراب188ع ص . قارن أ) 2(

.ع، أيضا. زيادة من أ) 3(

)1/90 (

ووقع بقلمه عهدا، فعاد الرسول، ورفعوا البريق، وقرئت . إقطاعا» هوين«السلطان بأن يكتب منشور مبنحه والية فأمر . اخلطبة باسم السلطان، ومنح السلطان قيادة حامية القلعة ألخي األمري نصرة الدين

حني أشاح بوجهه عن والئه » وانهظهري الدين إيلي پ«وملا مت الفراغ من أمر القلعة تناهى إىل املسامع الشريفة أن

فأمر السلطان بالبحث عن مدفنه، وأخرجت عظام . للسلطان سارع إىل هذه الديار فقضى هبا حنبه، وهو مدفون هنا. رفاته فأحرقت، وأذري تراهبا يف اهلواء، وبذلك حتقق له التشفي

***

)1/91 (

ر الشام وقوف والدة امللك العزيز على مقدم السلطان لتملك ديا، أفشى اجلواسيس الذين كانوا باملعسكر ما جرى من أحوال للملكة ومجال الدين »آبلستان«حني بلغت رايات السلطنة

فذهلوا مبا مسعوا، وبعثوا الرسل باهلدايا الوفرية إىل امللك األشرف أخي امللكة، وبينوا أن احلاكم ونائب امللكة- لولو-

ش يف عدد النجوم على ختوم بالدنا، وإنه لو حدث وبسط سيطرته على هذه البالد فلن سلطان الروم بادر باهلجوم جبيولئن كان قد علق باخلاطر األشرف غبار من جانب امللك الظاهر قبل هذا فالواجب إزالته مباء . تأمن منه على حياتك

. »عند الشدائد تذهب األحقاد«الرمحة والشفقة عمال بقول القائل القضية امللك األشرف صادفت هذه الكلمات املعقولة قبوال عنده، فجمع جيشا كبريا وحلق حبلب، فلما فلما بلغت

ما للملوك من مال ينبغي أن يوجه ملثل هذا اليوم، ولئن كان يصرف القليل مما ادخر على مدى مائة : رأى شقيقته قالامللكة ما كان قد ادخر ألعوام سابقة دون أن تبقي فأخرجت. سنة يف سبيل الدفاع، فليبذل ذلك كله رخيصا وبسخاء

ويف أثناء ذلك فكرت يف حيلة من شأ�ا أن جتعل ثقة السلطان تنعدم متاما يف . على شيء أو تذر، وجهزت جيشا. جنده، ونفذت تلك احليلة

وكانت له صلة / من ألقاب فقد وقعت على رجل من سكان بالد الروم كان يعرف أمساء أمراء الدولة مجيعا وما حيملون مبعظمهم، وبذلت له ماال وفريا، وحلفت له األميان بأن هذا األمر لو حتقق ورجع جيش الروم لسلمته

)1/92 (

فكتبوا إىل كل أمراء الروم رسائل جوابية مزورة، تتضمن التعبري عن االغتباط مبا أبدوه من وفاء وحسن . أضعاف ذلك

فها حنن أوالء أيضا قد عقدنا النية على عدم . من أن حيتالوا لدفع السلطان حنو حدود الشامعهد، ومبا وعدوا به وينبغي بذل ما يف الوسع للحيطة من السلطان خشية أن يعلم بشيء من هذا األمر، وإال فإن كل املساعي . املدافعة

نواع من الذهب املصري واخليول العربية يف تذهب عند ذاك هباء، وأنه قد أرسل برسم النفقة لكل واحد من األمراء أ). 1(صحبة فالن، وأ�م سريوا تلك األمحال املذكورة فعال

تقدم إىل حيث يعسكر جيش السلطان، وألق بنفسك يف خيمة بعض املقربني إليه، وأفش هذا : وقالت لذلك الرجلوصلت رسائل سائر األمراء إليهم، وأ�م قد األمر إليه على سبيل اإلنذار، وقل إنين كنت يف وسط جيش الشام حني

أتوا بالكثري من األموال واألمتعة من الشام لكل واحد منهم، وجهزوها يف املوضع الفالين، وجلسوا ينتظرون الفرصة لكي . يسلموا كل واحد نصيبه منها، وإن مل تصدقوين اذهبوا إىل املوضع املذكور ملشاهدهتا

شخص سلة احليلة، ورمى بنفسه على أحد غلمان السلطان، وأسر إليه باألمر، فأبلغ الغالم وهبذه الفرية دخل ذلك الإىل املكان الذي كان الغالم قد دهلم عليه- حضرة السلطنة يف احلال، فأرسل السلطان األمناء مع ذلك الشخص-

/ فلما قرأ السلطان الرسائل. مة يف كيساملعلوم فأخذوا األمحال واخلزائن وذهبوا هبا إىل السلطان، ووجدوا رسائل خمتو. �ض وانتفض وساء ظنه باألمراء الربآء وأمر بالقبض على ذلك الشخص كي ال يطلع أحد على األمر

_________: وهو تصحيف بال شك ل. ؛ ويف األصل نزد آن كرد191ع ص . قارن أ) 1(

.روان كردند

)1/93 (

مع أربعة آالف رجل، وبأن يتقدم يف أعقابه أربعة آالف كطليعة- اجمللس بالتقدم-ويف اليوم التايل أمر السلطان أمري فلما اقرتب أمري . ، وسار السلطان بالقلب يف إثرمها مع أربعة عشر ألفا]چاشين گري[رجل آخر بقيادة سيف الدين آينه

د بلغ من العمر مثانني عاما ، وق»سيواس«وهو من رؤساء العشائر يف اجمللس من جيش الشام، كان حممود آلپ-

كان يسري على تل عال، وينظر إىل جيش الشام وشاهد أنواع احلروب وضروهبا، وتلقى صنوفا من الطعن والضرب-الدخول يف صدام : نظرة التفحص واالختبار، فلما سرب غور قوات املقدمة مبسبار االستقصاء جاء إىل أمري اجمللس وقال

لكي يصل باملدد بصورة » چاشين كري«عة آالف رجل أمر يبدو بعيدا عن الكفاية، فحبذا لو أبلغ مع عساكر الشام بأرب. أسرع، كما يتم إبالغ قلب اجليش للمسارعة بتحريك الركاب السلطاين فيلحق بنا متعجال

لس إليه، وصاح صيحة ولكي ينفذ احلكم األزيل، وخيرج ريح الغرور من أنف املغلوب فيبدو متغلبا، مل يلتفت أمري املج

إن التعجيل ليس مستحبا عند اهللا تعاىل، فلم يسمع األمري، وأجاب إجابات : احلرب، فأخذ حممود يصرخ ويئن قائال

بطريق ؛ فإن أحد فرسان الروم أسر-»چاشين گري«باردة، ورغم أنه هزم جيش العدو يف اهلجوم األول، وبعث مبن يبشر

هل السلطان موجود مع هذا اجليش؟ : ك األشرف، فحملوه إىل حضرة امللك، وسألوهبيد أحد أمراء املل الصدفة-» چاشين گري«فأجاب بأن السلطان بعيد، وما هذه اآلالف األربعة إال طليعة يقودها أمري اجمللس، وسوف يصل األمري

. بأربعة آالف يف عقبه/ ا، فمدداملستغاث يا مسلمني، ال تفرو: فصاح امللك األشرف يف احلال

)1/94 (

فسري . هذه القوات بعيد، فكروا وهم ممتلئون محية ومحاسا، وهجم غلمان العاديل والظاهري، وقتل من اجلانبني خلق كثري: قال چاشين گري. ليبلغه بأن العدو غلب فليصل مسرعا كي ال حتدث كارثة» چاشين گري«أمري اجمللس فارسا إىل األمري

، ومل يتقدم خطوة واحدة، ومل يبلغ »، أنذهب حنن اآلن و�زم اجليش وتعلو شهرته هو)1( أيظل يكذب حىت اآلن«. السلطان لكي ينفذ القضاء السماوي

وأسر أمري اجمللس مع فوج من األمراء، فلما محلوا أمري اجمللس إىل امللك األشرف، خف الستقباله، واستدعى اجلراحني ة، وأرسله مع سائر األسرى إىل حلب، وعني املوكلني به، وبعث بوصية إىل امللكة فجففوا جراحاته، وألبسه خلعة خاص

. أن بالغي يف تعظيم أمري اجمللس، وأظهري غاية اإلعزاز لهوملا وصل اخلرب حلضرة السلطنة انتابته احلمى، واستعر جحيم غضبه، وأصدر چاشين گري األمر بأن يلبس كل العساكر

ويف اليوم التايل أرسل امللك األشرف ألفني من األعراب وطلب منهم أن يتقدموا . الليل) 2(مون ألمة احلرب، وال ينافلما . لتفقد أمر السلطان ومعرفة أحواله وما يكون من حتركه وا�زامه

_________بعد أن يأيت من عن األمري چاشين گري أقواال أكثر تفصيال وأبلغ داللة؛ ف 193ينقل صاحب األوامر العالئية، ص ) 1(

: أقواله بالعبارة املذكورة يف املنت يضيفلقد سري رسوال أبلغ بأن العدو قد الذ بالفرار، مث ها هو ذا يريد مددا، وحني يتحقق املراد ويغدو منتصرا دون أن يبذل «

مث يشري » امجهدا، وإمنا نكون حنن الذين قمنا بالعمل، تسري يف العامل الصيحة بأن أمري اجمللس هزم جيش الشمل يتقدم چاشين .. من فرط احلسد واحلقد الذي كان يشعر به أمراء الروم جتاه بعضهم «صاحب األوامر العالئية إىل أنه

» گري خطوة واحدة، بل تراجع إىل الوراء .194ع ص . وينامون، والتصحيح من أ: خبسبند: يف األصل) 2(

)1/95 (

فلما ظهر األعراب من إحدى النواحي هرب . واجليش كله قد لبس ألمة احلربوصلوا رأوا اخليمة امللكية قد ضربت . يا كافري النعمة، لئن كان أحد األمراء قد نكب فال زال اجليش والسلطان واملظلة والقائد باقني: اجلند فقال السلطان

بدماء األعراب- فضاء الصحراء-فلما مسعوا هذا العتاب السام املرير هجموا هجمة رجل واحد، وبقفزة واحدة أحالوا

. الساكن] األخضر[مكانا للشقائق احلمراء، وجعلوا سيل الشقائق يتدفق على الزمرد إن جاءوا بذلنا ما يف وسعنا، : فهيأ امللك األشرف الصفوف، وحض اجليش على القتال، مث وقف حيث هو، وقال/

. وإن رجعوا فهو املرادموا بالدهليز، مث ظهرت طليعة جليش العرب، فلقيت ما لقيه السابقون من جراحات وغارات، وأمر السلطان بأن يتقد

لعل السلطان يريد القتال : قال. فرتاجعت، وقالوا للملك األشرف إن دهاليز السلطان أقيم اليوم مرتني، مث نصب ثانيةواجلند هناك، ومبجرد أن انبلج الفجر حترك من مث وظل األمراء . فلما حل الليل تقاعس السلطان قليال. واألمراء يرفضون

. متوجها إىل آبلستانفلما تأكد أن السلطان حلق بآبلستان أ�ض . وحني علم امللك األشرف برجوع السلطان انصرف بدوره إىل حلب

امهما هناك، فلما ، وبعد حصارمها أنزل حمافظي القلعتني، وكان السلطان قد أق»رعبان«و » مرزبان«اجليش وانطلق إىل فرغ من املهمة أطلق سراح أمراء السلطان وحمافظي القلعتني بكل احرتام وتبجيل، ووىل وجهه شطر حلب، فخلع على

. وبقية األمراء خلعا وقدم لكل منهم صلة وبعث هبم إىل حضرة السلطان، وانصرف هو إىل دمشق) 1(أمري اجمللس _________

).195ع، . أ(» وبعث به إىل حلب الذي سبق أن قبض عليه«) 1(

)1/96 (

و » رعبان«، فلحق خبدمته هناك أخو نصرة الدين وصهره من قلعيت »آبلستان«وتوقف السلطان بضعة أيام يف . اللتني سلمامها للملك األشرف» تلباشر«

من هزمية الطالئع، فأمر وكان السلطان قد أثقلت على نفسه تلك الرسائل اجلوابية املزورة، وحل به االضطراب

. بإعدامهماوغلمان اخلاص [ويف اليوم التايل أمر بأن حيضر األمراء مجيعا إىل الديوان وأسر إىل خواصه بأن يتسلح أمراء املفاردة

فدخل األمراء بأسرهم وجلسوا، فطلب السلطان الرسائل اجلوابية من . خفية وينتظروا صدور األمر) 1] (السلطاينوما إن قرأها أولئك املساكني األبرياء حىت هبتوا وذهلوا، /. وألقى بكل منها ملن كتبت له من األمراء) 2(» واتدارالد«

، وأنكروا األمر وقالوا ال جيوز للمليك أن يلتفت حليلة الكائدين )3(» سبحانك هذا بـهتان عظيم «: ونطقوا قائلني

ل وبرهان، وينزل بنا العقاب، فلن تكون عاقبة ذلك إال الندامة، وزاد نواحهم وينسبنا إىل العقوق واخلذالن دون ديل

وعويلهم غري أنه ما ترك من أثر، فأمر بوضع الشيالن يف أعناقهم مجيعا وإدخاهلم بيتا بعد وضع القيد يف أيديهم خان يتصاعد متجاوزا الفلك األزرق ويضرموا حول البيت نارا كنار النمرود، فأخذوا يف إحراق أولئك األبرياء، وكان الد

» الفرانون«وكان أحدهم إن استطاع أن جيد ثغرة يقفز منها حنو الباب تلقفه . فيصل زفريهم وأنينهم إىل عنان السماء. الغالظ الشداد وألقوا به إىل املوكلني بالتنفيذ فيعيدوه إىل النار ثانية مرغما

_________. 195ع، ص . زيادة من أ) 1(

. يعين به رئيس ديوان اإلنشاء) 2( .16: النور) 3(

)1/97 (

على ارتكاب ذلك الفعل [أخذ يتلقى أثناء النوم الكثري من اللوم من عامل الغيب عند بطالن احلواس- ويف الليل-، واستوىل عليه )2(، فكان ينهض مذعورا من نومه كمن يـتخبطه الشيطان من المس )1] (القبيح والعمل الشنيع

): شعر(االضطراب ومتلكه الندم ملا فعل، . فما جدوى العض على الشفة وتقليب اليد... إن ضاع الكأس من اليد وانكسر الدن، -

ملاذا امتنعتم عن نصحي حينذاك، فاعتذروا، وعزوا األمر إىل القضاء : ووجه السلطان اللوم إىل بقية األمراء قائال

. السماويويران «ال يناسب مزاجه، فحملوه إىل » سيواس«وبسبب ذلك الوهم، متكن مرض السل من السلطان، وقيل إن ماء

غري أنه مل يبل من ) / 3(وينقل طازجا يدا بيد إىل الشراخبانه » ملطية«يوميا من » الفرات«، وكانوا يأتون مباء من »شهر): شعر(لشعرية، فنظم هذا الدوبيت من إمالء قرحيته ا. مرضه

فالنوبة بعد ذلك نوبتكم، ألننا، أخذنا نوبتنا، ومضينا ... -تركنا الدنيا، ومضينا، غرسنا تعب القلب، ومضينا - _________

. 195ع، ص . زيادة من أ) 1(. 275اآلية : البقرة) 2(

اختالفها، والسكر واألشربة بيت يشتمل على أنواع املشروب من املياه على«: والشراخبانه 198ع، ص . قارن أ) 3(

شهاب الدين أمحد بن عبد الوهاب (» إخل... وما جيري هذا اجملرى .. والدرياقات والسفوفات واملعاجني واألقراص

).224: 8م، 1931النويري، �اية األرب يف فنون األدب، طبع دار الكتب املصرية

)1/98 (

وهنالك انتقل من دنيا . يف دار الشفاء بسيواس بأمر نافذ- ن قد بناه-وأمر بنقش هذا الدوبيت على قربه الذي كاواملأمول أن ميحو ما قدم من . مفارقة احلياة شاء أم أىب وهو بعد يف شرخ الشباب- الفرار إىل دار القرار، واختار-

. ، واهللا غفار الذنوب)1(حسنات كل ما أخر من سيئات ، يف تلك الروضة املقامة هناك »رضوان«إىل لطان عالء الدين على عرش البالد-بعد جلوس الس مث إ�م عهدوا به-

. بدار الشفاء بسيواس

... _________

.، واملعىن يف األصل غري واضح199ع، ص . نقال عن أ) 1(

)1/99 (

ذكر مشاورة األمراء يف اختيار واحد من أبناء امللوك سلطاناسيف «كاألمري إىل اخللد األعلى أخفى أمراء الدولة- 617الرابع من شوال سنة حني انتقل السلطان عز الدين يف

موت السلطان، » ومبارز الدين هبرامشاه«و » مبارز الدين جاويل«و » شرف الدين حممد پروانه«و » الدين آينهقاله من شعر يف ضرب ومن أشهر ما الذي مل يكن له نظري يف هذا العامل- جمد الدين بكر-) 1(واستشارو الصاحب

): شعر(قوله » الدوبيت«

إذ كيف تتيسر احلرية ملن يعبدك ... قانون الوفاء أساس الظلم -فبك بطلت إقامة األوثان ... كيف تستقيم السعادة مع الوقوع يف احلزن بسببك

يب الرتسل وقرض الشعر إىل وكان بكر عطارد ونادرة األيام، قد وصل يف أسال» ومشس الدين محزة بن املؤيد الطغرائى«

): شعر(ميدان شاسع بل جتاوز الفلك التاسع، ومن حمامد ما حيكى عن طبعه اللطيف هذا الدوبيت، والطبق الذهيب للشقائق احلمراء قد وضع اليوم ... ورد الدرج الزمردي قد فتح اليوم -

_________

عصر األيوبيني واملماليك، راجع كتاب األلقاب اإلسالمية يف التاريخ سرى لقب الصاحب على الوزراء املدنييني يف ) 1(

.368 -367، ص 1989والوثائق واآلثار، للدكتور حسن الباشا، طبع مصر

)1/100 (

! مائة ورقة؟ على حنو ما- قد عرض اليوم-... أمن أجل أن الورد مل يتول إمارة الرياحني -

يف نظم املثنويات، ) 1(أمري العارض املعروف بابن حممود الوزير، وكان تلوا للفردوسي » نظام الدين أمحد«وملك السادة ): شعر(ومن نتاج طبعه،

، )حزنا(وليس باإلمكان جترع املزيد من مسك الكبد ... مل يعد بالوسع اخلزن على طرتك : قلت

النقل والسكر فليس بالوسع يف النهاية تناول... ال حتزن كذلك بسبب عيين وشفيت : قالت

الذي كان يف ذلك الوقت الكاتب اخلاص، وقال هذا الدوبيت على البديهة » مشس الدين اإلصفهاين«والصاحب ): شعر(باقرتاح السلطان

ال ميكن وصفه من فرط اللطف ... نقل الليل معك يا راحة القلب -. »سوراخان«بطبع »لورا«وهنالك تطبعت ... الشفة على الشفة واخلد على اخلد، /

قربه » آقسرا«فلما وصل السلطان إىل هذين املوضعني وهو يف طريقه إىل

_________، وقد نظمها »الشاهنامه«، صاحب )هـ 411 -329(يعين به الشاعر الفارسي أبا القاسم الفردوسي الطوسي ) 1(

افية فيه بني جزئي البيت الواحد مث تتغري بعد ، وتكون الق»املثنوي«الذي يعرف عند الفرس باسم » املزدوج«على نظام .ذلك بتغري األبيات

)1/101 (

. إليه، وشرفه بأن أضاف إليه املطبخ واإلنشاء اخلاص صاحب » مغيث الدين طغرلشاه بن قلج أرسالن«تشاور هؤالء سويا يف من جيلسونه على العرش، فأشارت مجاعة إىل

األخ األصغر للسلطان، وكان » كي فريدون«أرزن الروم، وكان ملكا متمكنا حمبا للرعية، بينما أصر البعض على تولية

. »قويلو«مقبوضا عليه بقلعة

ال جيوز ذكر شخص آخر مع وجود ملك األمراء- أمري اجمللس، وسيف الدين آينه- دين هبرامشاه-قال األمري مبارز ال» توقات«كنا يف : قال الصاحب جمد الدين وشرف الدين حممد پروانه. امللك عالء الدين، فهو املناسب للتاج واخلامت

بكل شخص من الضربات ما ال دا-من اآلن فصاع وسوف ينزل-. مالزمني له، وهو حقود متكرب وجسور متنمر. فلم يلتفت إليهما األمراء، وقالوا ليس باإلمكان طلب املزيد فوق امللك عالء الدين كيقباد. يندمل مبرهم

. فوافق األمراء اآلخرون طوعا وكرها، وتعاهدوا سويا على تنصيب امللك عالء الدين سلطانا، فال بد وأن يكون قد علق »ملطية«إىل » أنكورية«لت امللك من أما وأين أنا الذي حم: وهنا قال سيف الدين آينه

ومحل مما تركه السلطان . بأن أذهب بنفسي إليه وأنال منه األمان على حيايت) 1] (فلتأذنوا يل[خباطره غبار من ناحييت، من / عة، وانصرف مع عدداملرحوم خامتا وعمامة كربهان ودليل، واختار مجاعة من اجلند توسم فيهم خفة احلركة والسر

السجن الثاين » -كندپريت«خواص البيت وبطانة األعتاب السلطانية متجها صوب ملطية قاصدا قلعة _________

.206ع، ص . زيادة من أ) 1(

)1/102 (

. القلعةوخرجوا من املدينة بعد صالة العشاء، وظلوا يركضون خبيوهلم طول الليل، فوصلوا مع الصباح إىل . للسلطان

كان السلطان قد جلس بعد أن أقام الصالة، وقد رأى تلك الليلة يف املنام أنه جاءه رجل نوراين ذو منظر رمحاين، ففك إن : القيد من قدمه، وأمر بإحضار بغلة ذات هيكل ضخم، مث وضع يده حتت إبط السلطان وأجلسه فوق البغلة وقال

. على الدوام» عالء الدين كيقباد«السلطان مع» عمر بن حممد السهروردي«مهة حمبة ورغم أن السلطان كان قد رأى هذا املنام وأخذ يفسره بينه وبني نفسه، غري أنه ما إن رأى ذلك الفوج حىت استبد به

: اخلوف والفزع، وقال حلافظ القلعةومل . ين استعدادا لوداع احلياةحاول أن تؤخر هؤالء حىت أجدد غسلي وأتوضأ، وأخلو حلظة إىل نفسي، وأصلي ركعت

قد بلغ الباب، فسأله احلافظ ما سبب قدوم ملك األمراء؟ » چاشين گري«يكد احلافظ يصل إىل البوابة حىت كان ): بيت(قال

ومت ما كانت األيام تبغي من عمل ... مت الوفاء مبا كان القدر به يعد، -

مع » چاشين گري«، ففتح احلافظ الباب ودخل )1(صبغا باللون األسود فأراه عمامة وخامتا للسلطان املرحوم كانا قد

أحد الغلمان، وأخذ السيف من الغالم وسلمه بغمده للحافظ، مث انطلق كالمها إىل اجمللس الذي كان السلطان حمبوسا

فيه، فدخل احلافظ يف البداية، وقدم العزاء، وطلب اإلذن بدخول

_________ .206 ع، ص. قارن أ) 1(

)1/103 (

حميا السلطان املبارك حىت وضع رأسه على األرض وأجرى الدمع من / سيف الدين، وما إن وقع نظر سيف الدين على: العني، مث أخرج الكفن من حتت إبطه وعقده على رقبته، وأخذ السيف من احلافظ ووضعه أمام السلطان، وقال

. أنا راض بكل ما حيكم به املليك علي اليوم

قال األمري سيف . كان قلب امللك موزعا، فلما مسع هذه الكلمات اطمأن قليال، وشرع يف إبداء االعتذار، ووعد خبري

فأقسم السلطان . إن كان املليك صادقا فيما يقول فلينطق بالقسم وليصبح اخلط األشرف مسطورا بنفس املعىن: الدينللسلطان، غري أن األمري سيف الدين مل يقتصر على ذلك وإمنا أخرج حتت إحلاحه، وخط كتاب األمان باخلط املبارك

إن خط اليد األشرف هو بالقطع سبب أمن العاملني : مصحفا كان يف احلمائل من غالفه ووضعه أمام السلطان وقال. وأما�م، غري أنكم لن تضنوا علي بتأكيده بكالم اهللا اجمليد، فأقسم امللك ثانية

أطال اهللا عمر امللك، انتقلت روح أخيك من عامل الرتاب إىل «بتلك العهود أطلق لسانه قائال » يرچاشين گ«فلما وثق إنك اليـوم لدينا مكني أمني : ذروة األفالك، وبذلك تؤول اململكة والسلطنة إليك، وينطق العرش واخلامت بقول احلق تعاىل

. »عظم أن يدخل القدم يف ركاب دابة تنهب األرض �با فيزين عرش السلطنةواملأمول يف مكارم رفعة العاهل امل) 1(رب قد آتـيتين : وحني بلغ ختمني السلطان مبلغ اليقني، صلى ركعتني شكرا هللا، تال فيهما بصوت عال قول اهللا عز وجل

، وانفصل )2(من الملك _________

. 54: سورة يوسف) 1( .101: ورة يوسفتضمني من س) 2(

)1/104 (

. عن السجن موليا وجهه شطر اإليوان والعش كما ينفصل القمر عن الغمام والسيف عن الغمدبغلة سريعة السري على شاكلة تلك اليت كان السلطان قد رآها » -أغلبك«وكان يسمى ) -1(» اآلخور«وقدم أمري

ق ريح الصبا، ويطوي املنازل منزال بعد منزل، وظلوا ساهرين إىل أن فركبها ومضى يساب) 2(» اركبوا«: يف املنام وقال

. بلغوا بوابة املدينة عند السحر

وكان قد ندب مخسني غالما . ظل أمري اجمللس جيول راكبا طوال الليل يف القلعة، ويوهم الناس بأن السلطان سليم معاىفمناديا، سارع أمري اجمللس وفتح » أغلبك«فلما صاح . »لبكأغ«للوقوف على باب املدينة وأمرهم بأن خيربوه بوصول

يف خدمته » چاشين گري«وتوجه أمري اجمللس و . باب املدينة وما إن وقع بصره على السلطان حىت قبل األرض والركابء للحضور مث أجلسوه على العرش، ودعوا القاضي واألئمة والوجها. حنو تابوت أخيه، وفتحوا التابوت فرأى وجه أخيه

. إىل الديوان، ومل يكن ألحد علم مبا جيريوحني استوى السلطان على العرش، ومثل القادة والبواسل كل يف مكانه، خرج سيف الدين من عند السلطان إىل

قد أصبح مستغرقا يف قاموس رمحة » عز الدين كيكاوس«ليكن معلوما لألئمة واألكابر أن السلطان «: الدهليز، وقالالعامل » عالء الدين كيقباد«، وقد زين أخوه السلطان املعظم )3(» فيه سكينة من ربكم«ونزل يف تابوت ) تعاىل( احلق

جبالله الباعث على السعادة، _________

. انظر فيما سبق ص) 1(. 41: تضمني من سورة هود) 2(

.209ع، ص . قارن أ) 1. (248: تضمني من سورة البقرة) 3(

)1/105 (

. »على كرسي اململكة هيبة مستمدة من العرش اجمليد وأضفى. مث إ�م رفعوا احلجب، ودخل كل األئمة واألعيان، وقبلوا األرض بالوالء

باسم السلطان والقاضي يلقنهم- مث دخلوا املسجد، وتلوا القسم-/ يأخذ كل واحد من اليد» چاشين گري«وكان األمري

. ثالثة أيام أسفا وهلفا- مث أعلنوا احلداد-. س األبيض برسم العزاءولبس السلطان األطل. عالء الدينويف اليوم الرابع أمر السلطان فاستبدلوا الكأس باللباس، وخلع على األمراء خلعا وافرة، ومنح مناشري اإلمارات واملناصب

. »قونية«واالقطاعات، مث عزم على الرحيل إىل العاصمة ***

)1/106 (

طان عالء الدين إىل قونيةذكر توجه السل

مقر عرش البالد، فالزم » قونية«حني مت إحكام قواعد األمور، عزم السلطان بالطالع املسعود على التوجه إىل العاصمة ، وأقام هناك ضيافة ملكية رائعة وقد زين السلطان اجمللس، وأخذوا يف الطرب »كدوك«أمري اجمللس ركاب السلطان حىت

، وجاء هو إىل »سيواس«ويف اليوم التايل ألبسه السلطان خلعة مثينة، وأرسله إىل . لبطر من الطعاموهم يف غاية ا. »قيصرية«

قيصرية قد أخرب أعيان املدينة ووجهاءها لكي يقيموا ) 1(» سوباشي» «حقه باز«وكان سيف الدين أبو بكر ابن فلما رأوا راية السلطان، نزلوا وقبلوا األرض، ونالوا شرف »جبق«القصور املتحركة والساكنة ويتوجهوا لالستقبال عند

املدينة بني » كيقباد«، ودخل امللك )2(» كالفراش املبثوث«تقبيل اليد الشريفة، ودخلوا املدينة يف الركاب السلطاين للؤلؤ الثمني على املليك ، ونال التمكن يف مهاد كرامات األجداد وانتثر الدرهم والدينار بل ا)3(» قباد«و » كيخسرو«

كل در كرمي كان ميتلكه يف صندوق الثروة ووصلت إليه يد اإلمكان فداء » ابن حقه باز«كقطرات أمطار الربيع، وجعل . ونثارا ملقدم املليك

»پروانه«فلما بلغ رباط » آقسرا«وأقام السلطان هناك بضعة أيام مث انصرف على صهوات اإلقبال ومناكب اجلالل إىل وهم يف » آقسرا«اندفع املقيمون يف

_________كلمة تركية، وواضح أ�ا كانت وظيفة من وظائف األمن يف دولة سالجقة الروم، وانتقلت إىل الدولة : »سوباشي«) 1(

معجم : الدكتور حسني جميب املصري(» من يقوم حبفظ األمن والنظام يف املدينة أو القصبة: العثمانية، والسوباشي هو). 119، ص 1989دولة العثمانية، مصر ال

. 4اآلية : تضمني من سورة القارعة) 2(

.من ملوك الفرس القدماء» قباد«و » كيخسرو«و . يعين حماطا بأعاظم الرجال) 3(

)1/107 (

هلك من شوق لرؤية وجه السلطان الذي ازدان به العامل، اندفعوا لالستقبال اندفاع العاشق املهجور للوصال أو من كاد ي. الظمأ طلبا للماء الزالل

وقبلوا األرض مث أدركوا شرف السعادة فقبلوا باسطة من ازدان به العامل، وانطلقوا صوب املدينة يف خدمة موكب . السلطان

. وما إن اسرتاح السلطان هناك يومني أو ثالثة حىت ارحتل إىل العاصمة

إىل مشام سكان ايات اليت خفقت بيد الطالئع امليمونة مللك العامل-وحني محل بريد الصبا نسيم الطرة املسكية للر

. انبعثت لدى اجلميع بواعث العزم للتعرض لنفحات السعادة النامجة عن لقاء سلطان املشارق واملغارب» قونية«

، مائتني جارية )1(ق فوضعوا ما اكتسبوه يف أعمارهم وادخروه طوال حياهتم نثارا لقدوم املليك، وصنعوا مخسمائة جوس. لالستقبال» أبروق«وثالمثائة ساكنة، وزينوها مجيعا بغرائب السالح واخلرائد املالح، وساروا حىت منطقة

» خروا سجدا«فلما اكتحلت العيون بنور مستمد من الغبار املتصاعد من حوافر حصان ملك العامل، صار وصفهم حسام «ونال . قواعد القصر املشيد) 3(مد لله الذي أذهب عنا احلزن دون إعمال تكلف، وزلزلت صيحة احل ) 2(

مث . وغريه من الوجهاء شرف االختصاص، فجلسوا على املائدة وحضروا احلفل السلطاين» الدين أمري أريف سوباشي، »روزبه«إ�م توجهوا ذلك اليوم إىل صحراء

_________ويبدو . ، وهو مقر صغري يف بقعة بعيدة على العمران»جوسق«وهي كلمة فارسية عربت »كوشك«: يف األصل) 1(

. أن بعضها كان ينقل من مكان إىل آخر كما هو واضح من النص ). 58: سورة مرمي(إذا تـتلى عليهم آيات الرمحن خروا سجدا وبكيا : عز وجل- تضمني من قول اهللا-) 2(

.34سورة فاطر، اآلية من ) 3(

)1/108 (

. وقضوا الليل يف املرح والسرور

املستولية على العامل، فتملكت الرجفة قلب األرض / ويف اليوم التايل طلعت مشس املظلة السلطانية من أفق اخليمةىل مشس السالطني والزمان وروحهما من أصوات املزامري واألجراس، ونشر عقاب املظلة السلطانية جناحي اإلقبال ع

فامتدت ظالل السعادة، وجرى يف ركاب مالك الرقاب مخسمائة من مقدمي العساكر من القزاونة والدياملة والفرنج، ما ومحل مائة وعشرون حارسا-. منهم أحد إال وهو أشد جسارة من النوازل السماوية أو أكثر تبجحا من موت الفجاءة

كقالدة محلوا السيوف الذهبية- ) -1(، ويف احلفاظ مثل كيو )1(اخلصومة مثل كركني هم يف اهليبة كالغضنفر، ويف. وأمسكوا مبؤخرة سرج حصان السلطان من اليمني واليسار اجلوزاء-

أطراف عباءته يف وسطه، وأخذ يتقدم وهو » چاشين گري«وحني اقرتبوا من املدينة ترجل األمراء مجيعا، مث عقد األمري وأخرجت النسوة األطهار ). 2(» ادخلوها بسالم«: ان السلطان الفاتح للعامل، ودخل املدينة وهو يقرأممسك بعن

: ، وأجرى السلطان على لسانه املبارك قول احلق تعايل)3(» رب اجعله رضيا«: رؤوسهن من املناظر الزجاجية وكن يقلنزال رب أنزلين منـ

_________

. ن أبطال الفرس األسطوريني القدماءكركني وكيو، م) 1(

. 46: إن المتقني يف جنات وعيون، ادخلوها بسالم آمنني سورة احلجر: عز وجل- تضمني من قول اهللا-) 2(

).6: سورة مرمي(يا يرثين ويرث من آل يـعقوب واجعله رب رض : إشارة إىل قوله تعاىل على لسان زكريا) 3(

)1/109 (

احلمد لله الذي صدقنا : ، وأخذ يتلو مكررا قوله تعاىل]وعرش امللك[، ووضع قدمه على مسند التوفيق )1(» مباركا أشكر نعمتك اليت رب أوزعين أن «: وعد فرضا عليه أن يدعو بعبارة) 3(، ورب قد آتـيتين من الملك )2(وعده

): شعر(ومتكن يف قلب العرش وروحه متكن النور يف البصر والقيمة يف اجلوهر، ) 4(» أنعمت علي فبهما ازداد التدين رونقا، وتعالت األرض ... -بامسه امتألت شفة السكة، باالبتسام، وبذكره صار قلب املنرب حيا، -

على األفالك

. الدف يف صف من الصوفية املتحلقني يف دائرة/ وأقاموا احملفل، وسرى صوت الناي وجلجلةمث بسطوا املائدة، ورفعوها،

كان السلطان كل حلظة يهب روحا جديدة ألحد احلرفاء والندماء بالتبسط والتودد، وينثر درر األلفاظ الكرام على وه من حضروا احلفل �ض أمراء قونية وقادهتا وحني ألقت ريح سورة اخلمر نقاب احلرية عن وج. مفارق اخلاص والعام

وحني ظهرت القناديل . واقفني، وقدم كل واحد منهم هدية على قدر مكانته ومكنته، فشفعت مجيعا بنظرة القبول. الفضية أسفل القبة العليا حتول السلطان عن مقام األنس والطرب

_________ر المنزلني وقل رب أن : تضمني من قوله تعاىل) 1( زال مباركا وأنت خيـ ). 29: سورة املؤمنون(زلين منـ

. يف سورة الزمر 74تضمني من اآلية ) 2(. يف سورة يوسف 101تضمني من اآلية ) 3(

.يف سورة النمل 19تضمني من اآلية ) 4(

)1/110 (

» حقه باز«ويف اليوم التايل أذن السلطان لرشيد الدين الوزير، وملك األمراء آينه چاشين گري وسيف الدين أيب بكر

يتعني اآلن إصدار األوامر املطاعة لألمراء يف مناطق : النائب، وجالل الدين قيصر پروانه باحلضور يف اخللوة، وقالواستقرارنا على سرير امللك، واستمالتهم وحثهم على املبادرة » قونية« إلعالن قدوم أعالمنا السلطانية إىل» األوج«

بالقدوم إىل أعتاب السلطنة، فأمر الكتبة واملنشئون، ومت التدوين يف احلال، وطارت الرسائل إىل األطراف على يد

. الرسل

***

)1/111 (

ن خلق زاهر ذكر بعض السري احلسنة وما كان يتمتع به هذا السلطان القاهر م): 1(» ويسألونك عن ذي القرنني قل سأتلو عليكم منه ذكرا«قال اهللا تعاىل

منذ أن رقم على ناصية الكائنات رقم اإلجياد، ووضع بيد امللوك من أويل األمر- عز وجل - قد تبني للعاملني أن اهللا-: وهم من اختصهم بقوله تعاىل

منذ ابتداء الطلوع زمام تسخري العباد وخطام تذليلهم، مل تلق أعالم اإلسالم لظالهلا- ) -2(» وأويل األمر منكم «

قلج أرسالن / على عاهل كالسلطان عالء الدين كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسالن بن مسعود بن حىت انتهاء الوقوع-ان أحسن دينا وأصدق يقينا إن راية اإلسالم مل تظل على سلط«بن سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق،

وأوسع علما وأغىن غىن وأعظم قدرا وأفخم ذكرا وأمد باعا وأشد امتناعا وأجل جاللة وأكمل عدة وآلة وأرفع ملكا لقد بلغ يف العظمة ) 3(» وسلطانا وأروع سيفا وسنانا وأمحى لإلسالم وذويه وأنفى للشرك ومنتحليه اكتسابا ووراثة، منه

) 5(» باشقرد«إىل أحناء احلجاز، ومن أوائل ) 4(من أقصى األخباز مؤمنني كانوا أو كفارا- األمصار- حدا جعل ملوك، ومن صحاري القبجاق حىت براري العراق، ال سيما )6(» وال شكرد«إىل منتهى ختوم

_________. 83: سورة الكهف) 1(

. يف سورة النساء 59تضمني من اآلية ) 2(الزما وعداه حبرف اجلر وهو متعد » تظل «اصرتني يف األصل باللغة العربية، وقد استعمل الفعل كتب ما بني احل) 3(

. بنفسه. اسم منطقة يف تركستان: األخباز) 4(

. املنطقة الواقعة على سفوح جبال األورال: باشقرد) 5( .مدينة مشهورة بكرمان وسط اهلضبة اإليرانية وجنوهبا): الشكرد(والشكرد ) 6(

)1/112 (

: يزعمون أ�م غلمان له، وخيطبون اخلطبة ويسكون السكة بامسه ملوك الشام-

وإخالصه يف الدين وامللك واجبا ... رأوا طوعه حتما وفرضا والزما

كان ميلك نفسا نضرة بوابل الطهر، ويتصف بعدل أنار العامل مجلة كعني الشمس، وكان يطيل النظر والتدقيق يف أموال اإلفراط والتفريط، لكنه كان يف مراعاة شأن األضياف ورسل : زانة، وال حييد يف إنفاق اخلزائن إىل أي من طريفاخل

األطراف حبرا مواجا وسحابا ثجاجا، وكان يبالغ يف توجيه العتاب بل وإنزال العذاب ألتفه بادرة حتصل من أكرب القادة قعر يف اجليش، وكان يستأصل شجر وجودهم كأعجاز نخ من جذوره بفأس البأس والزجر والتوبيخ، وجيري ) 1(ل منـ

، فال جرم أن أصبح التطبع طباعا مركوزة يف الذات )2(عليهم حكم ولنذيقنـهم من العذاب األدىن دون العذاب األكرب . نعون األمانةوغدا أصحاب الدواوين يستشعرون اخلوف ويصط/ عند نواب اجلهات

: وكان قطب األوتاد وقدوة الزهاد» جالل الدين قراطاي«روى األمري الكبري كنت مالزما للحضرة العليا مثانية عشر عاما يف السفر واحلضر ليال و�ارا، فلم يتناه إىل علمي أن السلطان اسرتاح «

قم الليل إال قليال : ن قد وضع نصب عينه أمرإال قليال، بل كا سواء يف حالة الصحو أو السكر- على فراش النوم-وكان يعترب ذلك سببا لرفع درجاته، ومع أنه كان يعد اتباع مذهب اإلمام أيب ) 3(

_________قعر : إشارة إىل قول اهللا عز وجل) 1( ). 20: سورة القمر(تـنزع الناس كأنـهم أعجاز خنل منـ

. يف سورة السجدة 21من اآلية تضمني) 2( .2سورة املزمل، اآلية ) 3(

)1/113 (

يف األصول والفروع فرضا واجبا إال أنه كان حيافظ على صالة الصبح وفقا ملذهب اإلمام رضي اهللا عنه- حنيفة-. رضي اهللا عنه- » -الشافعي«األعظم

ملكة، وكان حماال أن يرتك جماال للهزل يف جملس أنسه، بل كان وكان يقسم أوقات الليل والنهار على مصاحل امللك واملوكان أحيانا ينظم بطبعه اللطيف شعرا ظريفا يف ضرب . يشغل اجمللس بتواريخ امللوك وذكر حماسن سري امللوك القدماء

: ، ومن بني ما قاله يف هذا الضرب»الدوبيت«مثلت توارى العقل مين فلما... حني كنت أمتتع بالصحو فإنين كنت أمتلك عقلي

وقت هو أصل احلياة ... اشرب اخلمر فبني السكر والصحو

فإذا ما صدرت من أحد احلرفاء والندماء كلمة أو حركة خارج مرتبته ووظيفته فإنه مل يكن يفتح له باب اجمللس بعد

. ذلك أبدامن ) 1] (ويثين عليهم[ن يثق فيهم وكان ذكر السالطني القدماء جيري على لسانه بكل إجالل وتعظيم، وكان مم «

ومل يكن يوقع . ، وكان يتشبه بأخالقهما)3(وقابوس بن ومشگري ) 2(بن سبكتكني / حممود: سالطني اإلسالم _________

. 228ع، ص . إضافة من أ) 1(رين غزوة، ونشر غزا اهلند بضعا وعش) 421 -387(هو السلطان حممود الغزنوي، أكرب سالطني الدولة الغزنوية، ) 2(

. فيها اإلسالم. قابوس بن ومشگري، امللقب مشس املعايل، أمري جرجان وبالد اجلبل وطربستان) 3(

، 12انظر ما سلف، ص . 403تويف سنة . فارسي األصل، نابغة يف األدب واإلنشاء، وله شعر جيد بالعربية والفارسية .2هامش

)1/114 (

، وكان جييد )2(لنظام امللك » سري امللوك«و ) 1(» كيمياء السعادة«م اإلطالع على بامسه أبدا دون وضوء، وكان دائلعب الشطرنج، والكرة، والرمح، وقد اكتسب مهارة وحذقا يف الصناعات كافة من عمارة وصناعة وسك النقود،

. والنحت والنجارة، والرسم، وصناعة السروج وكان حيسن معرفة قيمة اجلواهر): بيت(

» فقد ختمت به السلطنة دون السالطني... إن كانت النبوة قد ختمت خبامت الشرع

... _________

، ألفه بالفارسية، وجعله مبثابة خمتصر لكتابه )505 -450(، لإلمام أيب حامد حممد الغزايل »كيمياي سعادت«) 1(. التوموضوعه الدين واألخالق واملعام» إحياء علوم الدين«الكبري

وموضوعه نصح ) 485ت (» نظام امللك الطوسي«للوزير السلجوقي املعروف » سياست نامه«يعين به كتاب ) 2( .امللوك وسياسة الرعية

)1/115 (

ذكر وصول شيخ الشيوخ شهاب الدين السهروردي من جانب اخلليفة برسالة إىل السلطان ئع اخلاصة بسعادة السلطان عالء الدين كيقباد حلضرة اخلليفة وبالط حني أبلغ خرب طلوع طالئع اإلقبال وظهور البدا

تفضل فأرسل منشور السلطنة ونيابة حكومة ممالك الروم، واخللعة السلطانية وحسام امللك » الناصر لدين اهللا«اإلمام

تصدر الصفة يف قبة األولياء، الثاين، من) 3(الوقت واجلنيد ) 2(اإلمام الرباين أيب يزيد ) 1(وخامت اإلقبال يف صحبة خالصة القدرة خالصة السدرة عارف احلقائق قارع الشواهق شهاب امللة والدين شيخ «واألتقياء، وارث علوم األنبياء

اإلسالم واملسلمني هادي امللوك والسالطني الداعي إىل جناب مالك يوم الدين أيب عبد اهللا بن حممد السهروردي رضي ). 4(» اهللا عنه

» زجنريلو«، فلما حلق مبنطقة )5(أرسل األمراء مع إقامات كثرية » آقسرا«وحني أبلغ السلطان بالقدوم املبارك للشيخ إىل / خف القضاة واألئمة واملشايخ

_________. 230ع ص . والتصحيح من أ: سلطنت: يف األصل) 1(

وزت احلدود أحيانا حىت اعتربه اجلنيد غري مكتمل له شطحات جا 261متصوف فارسي تويف : أبو يزيد البسطامي) 2(. »الطيفورية«تنسب إليه الطريقة . يف طريق الصوفية

وهو من الذين أسسوا » اجلنيدية«، تنسب إليه الطريقة 294أبو القاسم بن حممد، صويف بغدادي، تويف : اجلنيد) 3(. التصوف على الكتاب والسنة

والسهروردي هو السهروردي البغدادي شهاب الدين وهو متصوف . صل باللغة العربيةما بني احلاصرتني ورد يف األ) 4(. ، وهو غري السهروردي املقتول632وفقيه شافعي عرف بتقواه وتنسكه، تويف ببغداد

فيما ، ولعله يريد باإلقامات املؤن، وفيها إشارة-»با اقامات بسيار«: 230كذا يف األصل؛ واألوامر العالئية ص ) 5(رواه الرتمذي، ومل أعثر يف معانيها » حسب ابن آدم أكالت يقمن صلبه« صلى اهللا عليه وسلم- إىل قول النيب- يبدو-

.يف املعجم على هذا املعىن

)1/116 (

) 1(واملتصوفة واألعيان واإلخوان بأعداد كبرية للغاية للرتحيب به، مث توجه السلطان بنفسه جبيش منظم تنظيما باهرا ما أشبه هذه الطلعة بوجه من أخذ يفك القيد عن قدمي يف «: فلما وقع نظره على مجال الشيخ املبارك قال. الستقباله

سوف تالزمك مهة عمر بن حممد السهروردي دائما : املنام عشية خالصي من السجن ويأخذ بيدي كي أركب ويقول

. »أبدا

ظل بال عمر بن حممد السهروردي قلقا من ناحية سلطان اإلسالم : خفلما اقرتب أخذ يف معانقته ومصافحته، قال الشي

منذ ليلة السجن؛ واملنة هللا أن دخل حصول ما ال عوض عنه دائرة التيسري قبل حلول ما البد منه، احلمد لله الذي عد السالم وأمسك باليد اليمىن املباركة ب وهو يف غاية االرتياح واالنشراح- ، فبادر السلطان-)2(أذهب عنا احلزن

للشيخ، وتضاعفت أسباب االعتقاد، وبلغ يف تعظيمه أقصى �ايات الغايات، وأراد أن يفعل ما فعله إبراهيم ابن أدهم حني سلك طريق عيسى بن مرمي، وكان الشيخ يشاهد بنظرته النورانية أوهام السلطان وخواطره، فيجيب على كل ) 3(

، ويفسر قول احلق تعاىل وما )4(» ألست«عمل على تسكني البواعث والدوافع اليت استقرت يف الطبع منذ يوم خاطر ويويشجع على » ولكل عمل رجال«: ويقول) 5(منا إال له مقام معلوم

_________. 231 -230ع، ص . قارن أ) 1(

. 34: سورة فاطر) 2(هد مشهور بالزهد والوعظ، وكان ابنا ألحد ملوك بلخ واإلشارة هنا إىل حتول إبراهيم ابن أدهم زا: إبراهيم بن أدهم) 3(

. عن اإلمارة إىل الزهد واإلعراض عن مباهج الدنيا، عاش يف القرن الثاين اهلجرييـتـهم وأشهدهم على أنـفسهم ألست وإذ أخذ ربك من بين آدم من ظهورهم ذر : عز وجل- إشارة إىل قول اهللا-) 4(

). 172: سورة األعراف(بربكم قالوا بلى .164سورة الصافات، آية ) 5(

)1/117 (

من لباس التعصب والغرور مبجرد وصوهلم املدينة- بسط العدل والتمسك بأهداب الدين، حىت انسلخ السلطان كلية-. ر كروح امللك كله خريوالعجب والغفلة، وصا

دعي الشيخ إىل قصر السلطنة حىت يلبس السلطان خلعة اخلالفة ويضع على رأسه العمامة اليت كانت / ويف اليوم التايلوأجروها على ظهر وهي تقليد من تقاليد دار اخلالفة- قد كورت يف بغداد، وعلى مأل من الناس أتوا مبقرعة احلدود-

حافر حبضور األنام كافة- دار اخلالفة ذات النعل الذهيب، فاستلم السلطان-) 1(قادوا جنيبة السلطان أربعني ضربة، و. جنيبته، وشاهد الناس مجيعا السلطان على تلك اهليئة كل منهما- جنيبة اإلمام مث ركب هو والشيخ املعظم-

كبار املريدين الذين ) 3(، فتواجد )2( »السماع«فلما عادا ووضعت املائدة مث رفعت، بدأ منشدو اخلاص السلطاين كانوا قد قطعوا األغوار والنجود يف صحبة الشيخ، وجتلى يف كل احلاضرين شوق عظيم من ذوق ذلك السماع، وفعل

وكان مهبطا وملا حتول الشيخ إىل املنزل املبارك- سيما جالل الدين قراطاي- ذلك فعله يف السلطان ومجع من األمراء-

. تكلفا يزيد عن احلد والقياس، وبعث به إىل الشيخ) 4] (من النقود واملتاع[تكلف السلطان دات الروحية-للوار

_________

. جنيبت، والكلمة عربية، ومعناها دابة: كذا يف األصل) 1(ب والوجد يف قلوب مصطلح صويف، ويعين ما يرتل من أشعار وأذكار على وقع الناي والدف، إلثارة الطر: السماع) 2(

. السامعني. مصطلح صويف أيضا، وهو ما يرد على القلب دون تصنع وال تكلف: الوجد) 3(

.233ع ص . إضافة من أ) 4(

)1/118 (

. وطيلة مدة إقامة الشيخ بقونية استسعد السلطان برؤيته املباركة بضع مرات

من أموال خراج » جنم الدين الطوسي«و » قراطاي«فلما حان وقت انصراف الشيخ ورجوعه أرسل إليه يف صحبة النصارى واألرامنة مائة ألف ومخسة آالف دينار من الذهب السلطاين املسكوك بالسكة العالئية من فئة اخلمسمائة

، وهي تقع على بعد»زجنريلو«وخرج لوداعه حيت . واملائة واخلمسني مثقاال مضروبا، وكمية من األمتعة برسم النفقة: ونال املدد من الشيخ، وحني املفارقة جرى على لسان الشيخ هذان البيتان. فرسخ بأكمله من قونية

وإن كان يدعو أهله للتعانق ... ومل أر كالتوديع أقبح منظرا / مفارق ) 1(مالمسة من كف إلف ... وللصارم اهلندى ألني جانبا

. آخر حدود اململكة خدمة الشيخ حىت جاوز ملطية- ولزم بعض األمراء وضيوف الشرف السلطاين شروط

... _________

.ألف، وهو تصحيف: يف األصل) 1(

)1/119 (

ذكر شروع السلطان عالء الدين كيقباد بالفتح وكان أول فتحه قلعة العالئية

ك املتعال وعناية أعتاب ذي ملا كانت أعالم دولة السلطان تعلو مع الزمان على شواهق اإلقبال وقالل اجلالل بيمن امللاجلالل، وكانت بركات السماء حتل يف الزروع والضروع بفضل حسن إشفاقة ومكارم أخالقه، حىت وإن كان ما بني

دما ظهر بينها من التصايف ما ال مزيد عليه، وبلغ املطربون يف جملسه امللكي الذي الزجاجة والكأس من مدام ومخر-

ة الرباعة من تواتر مداعبة األنغام على اآلالت املوسيقية، تتزايد فيه البهجة غاي

يتعني علينا أن ندع احلفالت وما هبا من هبجة وطرب وكانوا مبنزلة الوزراء واملستشارين- قال السلطان يوما لندمائه-الكبار أمام العرش تأدبا فركع األمراء . ونبادر إىل إعداد العدة للحرب، فينبغي أن جيعل لقوانني السلطنة مثل هذا احلق

مها عظيما وخوفا الحد له [وقالوا إن ملك اليونان خاضع ملليك العامل؛ وإن ثغر أنطالية وإن كان قد تيسر فتحه، لكن اليت تبدو السماء أمامها كاألرض الفسيحة املرتامية، هي جبل بغري أمان، هلا » -كلونوروس«من جهة قلعة ) 1] (ينشأ

، بينما فرضت من »سيس«ق ومن صخور اجلرانيت حصار، قد حتكمت من جانب الرب على ملك من البحر خندفلو صدر . ، وليس ملثل هذا الصرح اهلائل إال املليك الذي هو ملجأ العامل/جانب البحر خراجا ثقيال على رقبة مصر

اليت تبدو وة عنقاء، وأن تدرج تلك القلعة-األمر إىل اجليش املنصور، فاألمل أكيد يف أن تصبح كل منلة تنينا وكل صعمساوية للسماك مناطحة

_________ .، وبدو�ا ال تكتمل اجلملة وال يستقيم املعىن237ع، ص . زيادة من أ) 1(

)1/120 (

. يف أنشوطة مماليك الدولة، مما يؤدي إىل انتظام ذلك الدر الثمني يف سلك آلىلء اململكة األخر لألفالك-جللب العساكر، ويف التو نثر كتبة الديوان » األوج«السلطان على هذا الرأي وأمر بكتابة األوامر إىل جهات فوافق

الشبيهة بالعبري على القرطاس املضمخ بالكافور، وزينوا وجه الورق األبيض بسطور مسلسلة كطرر احلسان ) 1(األنقاس ل املشرتي، وشفعت بتوقيع السلطان، مث بعثوا هبا على يد غلمان احلرس الشبيهة بالشمس، وكغرر األحبة املماثلة هليك

. يف شكل رسائل مرسلة على اخليل السريعة. ويف أقل من عشرة أيام جتمعت حشود تنقب الغبار املتصاعد من حوافر دواهبا وجه الشمس والقمر

يثب ويهجم كالنمور من الناحية الصخرية قسم : ثالثة أقسام صائد العامل- أمر السلطان أن يقسم ذلك اجليش-واحلجرية، وقسم يشتبك يف القتال كالتماسيح من جهة البحر، ومجاعة تنطلق كاألمواج العاتية جتاه القلعة يف السفن

منجنيق الذي بقي الفلك من حدته ذاهال متلفعا على الدوام بالغمام األسود- بينما ينصب على ذلك التل املرتفع-الذين تكون الصخور الصلدة وقت بالوهن من حجارته، وأن يصعد البواسل-) 2(» ألربز«بل تصاب جبال كاجل

. ذلك التل كاحلرير-/ احلرب عندهمصاحب القلعة أن » كريفارد«فلما وضع املنجنيق وفق حكم السلطنة مسع

_________

). املعجم الوسيط(» هاملداد يكتب ب«: أنقاس، كلمة عربية، مجع نقس: كذا يف األصل) 1(

.اسم سلسلة من اجلبال العالية يف مشال إيران) 2(

)1/121 (

هبذا : فقال. السلطان عرب جبيش كبري تلك املياه املهلكة، ومل يلحق به وال جبيشه أي أذى من وعورة تلك الطرق املخيفةلقيد مهما أحكمت التدبري؛ ما كان احلديث سيكون انفصايل عن ملكي القدمي، ولن يكون بوسعي أن أفك عين هذا ا

أن جتتاز من قبل هذا اجلبل الوعر إال بألف قائد ودليل، واآلن جيتازه امللك كيقباد وهي راكب وحيد- بوسع الشمس-أن حيارب السماء ويقارع الفلك، فما لنا سوى أن نتذرع بالصرب وجنلس مبدد اهللا وعونه- اجتياز الريح، فما أيسر عليه-

. االنتظار لنرى ما يستخرجه الفلك من وراء احلجاب، فليس مثت عالج آخر على باب

على القبة الالزوردية، فاسود العامل من غبار الذي طوى األرض- ويف اليوم التايل رفعت الرايات الصفراء للملك-يكن بوسع آذان الفلك أن ورغم أن الزمان مل يكن مبقدوره أن يلقي نظرة غضب على ذلك املكان املوحش ومل. اجليش

! تسمع أن باإلمكان فتحها ببذل اجملهود، فأي أثر لسهام الفلك على قلعة يتحدث حراسها مباشرة مع كوكب عطارد؟): شعر(

. ولكن حني يكشر احلظ املشئوم عن أنيابه، جيعل احلجر الصلد على شاكله الشمع -

تلوا تلك الصخور الصلدة دفعة واحدة كأ�م عقبان طائرة أو منور أمر السلطان بأن يصعدوا اجلبل فوجا فوجا، فاعبادرت فرقة بالقتال فأحاطت القلعة كاسرة، وعلى ذلك اجلبل، الذي مل يكن للفكر أن جيد إىل ارتقائه سبيال-

السلطان وذات ليلة رأى ). 1(» كيوم واحد/ حىت عرب شهران«كالفرجار مبائة منجنيق ثقيل، واستمرت احلرب شهرين يف املنام شخصا حسن السمت أخذ

_________ .ما بني احلاصرتني مكتوب يف األصل باللغة العربية) 1(

)1/122 (

): شعر(حيدثه هبذه العبارات لكن خالق الكون عون لك، . ... -ليس هلذه القلعة الشاهقة من نظري، وال ميكن ألحد استخالصها باحلرب -

. عة شأن من شؤونكواستخالص مثل هذه القل

فإن كان طريق احلرب متجها صوب البحر، فرت . ... -فجيشك إن قصد الفلك، انتزع املخ من رأس الشمس -

. التماسيح من البحر إىل اليابسة. ولكن مثل هذا الصرح العجيب، ميكن استخالصه بقوة اهللا -

على قصاصة، وحني انبلج الصبح، وسلك جيش الظالم فصحا السلطان من النوم فرحا هبذه البشارة، وأثبت األبيات

باالجتماع به يف الديوان، وحكى هلم الذين كانوا حاضرين يف الدهليز امللكي- ، أذن لألمراء الكبار-)1(طريق اال�زام . اةحكاية املنام، وقرأ عليهم األبيات، وفرق الكثري من الصدقات من بقر وغنم ودراهم على الفقراء ومطوعة الغز

لن نتمكن من : ويف نفس الليلة بدا لصاحب القلعة بداء يف أمر االمتناع والدفاع، فدعا إليه األعيان والوجهاء، وقالالثبات أمام قوة السلطان، ولئن كانت قلعتنا جتالس الفلك وجتاور العقاب، فإنه يبدو من احملال اجتياز حكم القضاء

قارب بالتباعد مع ملك يتمتع بالعزة والقدر، والواجب إذن هو استبدال الت _________

.يعين حني أشرقت الشمس وبدد النور الظالم) 1(

)1/123 (

وكانت بينهما صداقة وطيدة » -مبارز الدين أرتقش«ويف احلال اختار رسوال صادق اللهجة وأرسله إىل األمري . اللدنية

مبلقاط الذي بلغت آالمه القلب والروح- ي يلتقط شوك هذا احلزن-ك«كي يصبح وسيطا، حبكم اجلوار وتداين املزار-. »األلطاف من قدم زماننا املضطرب، ويلتمس العفو من حضرة امللك لذنب مل نرتكبه

إن ما يرضيه البد وأن : فعرض األمري مبارز الدين القضية على السلطان، فبدت أسارير السرور على جبينه املبارك، وقالإن الرأي أن يفرغ «: قائال» كريفارد«فأبلغ األمري مبارز الدين الرسول حبصول املقصود، فأرسل إىل . ا لنايكون موافق

الروح من الفكر، وجيعل دأبه اإلذعان ألحكام ملك الزمان، وينزع من قلبه التعلق بالقلعة، وينشد من اآلن امللجأ واملالذ . »يف الظل املبارك للملك

تبسم الربيع، وأرسل رسوال ذرب اللسان إىل حضرة السلطان كي يسلم مكتوبا » كريفارد«بسم فلما عاد الرسول ت: مشتمال على ما مسعه ملك العامل وهو

وعهد اإلسكندر وقيصر موطنا آلباء هذا اململوك ) 1(» هوشنج«و » دارا«كانت هذه الصخرة الصلدة منذ زمن ه، ومل يزمع أي ملك موفق حرهبا، ذلك ألن خالق الكون مل ينشئ على الذليل وأجداده، وحسرة على أعدائه وأضداد

غري أين حني ألقيت بنظرة من بعيد على . األرض مساء مثلها، وقد زودت من الذخائر واملتاع مبا يكفي إىل يوم احلساب

وبدا هذا املوقع / القوىاملظلة املنصورة اعتورين فتور يف األعضاء ومتلكتين غشاوة يف نور البصر، واستبد الضعف ب

إن مناطحة الصخر والتشبث بالرايات اخلفاقة يف العال مهلكة : املخيف يف عني العقل بئرا القرار له، فقلت لنفسي

وضياع، والواجب البحث عن مقر ومفر يف _________

.من ملوك الفرس القدماء) 1(

)1/124 (

كسرة خبز من ممالك السلطان، /-امللوكية، وكان يل مع نوال األمن على حيايتظل مشس امللوك، فإن مشلتين العاطفة . فسوف يكون ذلك غاية التلطف مع اململوك و�اية احلدب على اخلادم

لو كان باإلمكان تدعيم أركان نية الصداقة عنده بأوتاد القرابة لوجب أن يتم ذلك بأسرع : فاستحسن املليك قوله، وقال

. حىت تزداد ثقته) 1(ما ميكن وتنتظم يف سلك [هذا أتى خبريدة من خرائد النساء لتدخل يف زمرة من يلزمن احلرم امللكي » كريفارد«فلما مسع

). 2] (مطهرات احلرمي السلطاين امليمون وفق أمر الشريعة احملمدية. »كريفارد«ي وأرسل إىل وملكية عدد من القر» آقشهر قونية«وبذلك التأمت األمور، وكتب منشور بإمارة

وأخذ يف إبداء األعذار، وكانت تسامت زحل- ويف اليوم التايل نزل من أوج القلعة إىل حضيض خيمة السلطان-حضور السلطان إىل القلعة فاجته » كريفارد«فلحظه السلطان بعني الرأفة، وجعل يبالغ يف تكرميه واحرتامه، والتمس

فلما صعد إىل أعلى القلعة شاهد الوفري من املزارع . أهلها باستقباله بالنثار والدراهم والدنانري باملظلة والراية صوهبا، وبادروالعديد من املصانع وما ال حصر له من الذخائر، فأدى شكر النعمة هللا تعاىل على يسر الفتح بتالوة احلمد لله الذي

يبىن هناك على تلك الصخور الصلدة سور، مث منح ذلك املوضع شرف ونصر عبده، وأمر بأن) 3(صدقنا وعده . التسمي بامسه والتلقب بلقبه

_________. 247ع، ص . قارن أ) 1(

. ع، أيضا. زيادة من أ) 2( .74: سورة الزمر) 3(

)1/125 (

على يد مماليك السلطان» آالره«ذكر فتح قلعة

، »آالره«، ويف الطريق وقع بصره على قلعة »أنطاليه«ثىن عنان الفتح صوب » العالئية«حني فرغ السلطان من عمارة وكانت قد بنيت وسط سهل فوق حجر صخري ضخم، وجبانبها جيري �ر ذو لون مساوي وعزم فيت كنهر النيل، ومن

دو أشد اخنفاضا يب» جبل قاف«، ومن أسفلها كان )1(أعالها كان على حراسها أن حينوا ظهورهم لقرهبا من السماء . من القيعان

وفضل لبس الصوف ) 2(قد أعرض كشحا عن اللذات الدنيوية، وجتنبها واختار سلوك التبتل » كريفارد«وكان أخو . اخلشن على احلرير األطلس

: تلك البقعة ويقول حلاكم» آالره«فأمر السلطان أمريا من أمراء الدولة بأن يسري مع فرقة من العساكر املنصورة إىل قلعة بعيدة عن أيدينا، منذ شهر مضى، » كلونوروس«مل يستطع إبقاء قلعة وهو املعروف بالكفاءة والشجاعة- إن أخاك-

وأغلب الظن أن الضعف والعجز الناشئني عن احلصار سيعجل بأجلك، وأنت رجل عاقل قد ركبك اهلم من جفاء اسب حالك، فإن سلكت طريق الصواب مثلما فعل أخوك وسلمت القلعة األيام؛ ومن مث فإن انتهاج جادة السالمة ين

ملماليكنا تيسرت لك املآرب واملقاصد، أما إن مهمت مبخالفة أحكامنا، فلن جتد شوك هذا اخلالف إال يف عني . جهلك

وما غلب عليه من فزع ملا اعرتاه من هيبة السلطنة » القولنج«وما إن أبلغ برسالة السلطان حىت هامجه يف احلال مرض وجزع، وأسلم حساب العمر والروح

_________. 249ع، ص . قارن أ) 1(

.ع، أيضا. يعين كسول، والتصحيح من أ: تنبل: يف األصل) 2(

)1/126 (

وهكذا دخل ذلك . ، فصعق وجهاء القلعة من هول احلادث، وسلموها رغبا أو رهبا)2(» ومالك«) 1(إىل فذلك . رسالة ودون إعمال سيف أو حسام يف عداد غريه من بالد اململكة وقالعها/ املوضع مبجرد

وملا بلغ خرب الفتح الثاين مسع املليك أقام االحتفاالت العامة، وأفرغ ذهنه من فكرة احلرب، وشرب اخلمر على أوتار

ن هلم باالنصراف إىل املشىت واملصيف، خص األمراء كافة باخللع والتكرمي، وأذ» أنطالية«الربابة والصنج، فلما شارف . »أنطالية«وانطلق هو مع خواصه لقضاء الصيف يف

...

_________

خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة، ذلك اليوم الذي كانوا «: 44: لعلها تضمني من قول اهللا تعاىل يف سورة املعارج) 1(

. »يوعدون .خازن جهنم: مالك) 2(

)1/127 (

على أمراء الدولة يف سنة مثاين عشرة وستماية ) 1(ونية وسيواس وتوزيعها ذكر عمارة سور ق» قونية«بوجهه السعيد على الفلك الالزوردي فأخذ السلطان يتجول م؟؟؟ صحاري ) 2(ذات يوم، جلى ملك املشرق

ا فيها من بشر ومتاع، ورياضها مع أمراء الديوان والقادة، وفجأة ألقى بنظره صوب املدينة فرآها مدينة قد ازدانت مب

): شعر(بلغت مساحتها مسرية يوم، قد غرست يف طوهلا وعرضها املزروعات واألشجار املثمرة

سارع الناس من كل بلد وإقليم، واستوطنوا تلك املدينة . ... -ينبع ماؤها من �ر الفرات، مير رحيها على ماء احلياة -. الوادعة اهلنية

. مدينة: بأسره، هي حبر عميق، غري أ�ا مسيتهي ليست مبدينة، بل عامل -

من اخلطأ البالغ ترك : قد عطلت من حلل السور، قال السلطان ألمراء الدولة» كالنصل عري متناه من اخللل«لكنها من مهة بسبب ما لنا الدنيا-/ ولئن كانت. مثل هذه املدينة الشهرية معطلة من حلل السور كالعرائس الفاتنة اجمللوة

تعد سورا حولنا، فاحلزم يقتضي ممن يتصف بالدهاء أن يكون على حذر دائم من اجلشع والطمع، مظفرة وسنان فتاك-): بيت(فدورة األيام ال تدوم على وترية، والزمان مولد للحادثات، والشمس جالبة للواقعات،

. مرآة تصورنا يأيت الزمان بآالف الصور، ومل يكن، أي منها موجودا يف - _________

. 252ع، . يعين ربعها، والتصحيح من أ: ربع آن: يف األصل) 1( .يريد به الشمس) 2(

)1/128 (

، كي ال تؤثر فيها فأس دواهي الدهر املتقلب، وينجاب »سيواس«ورأينا منصرف إىل أن يقام سور حول هذه املدينة و . عنها نقاب أحقاد األحقاب

ضار املعماريني والرسامني احلاذقني، وركب مع األمراء وطاف حول املدينة، لكل حيدد بالرسم مواضع مث إنه أمر بإح

مث أمر نواب اخلاص السلطاين بأن تقام من احلساب اخلاص أربع بوابات مع بعض . والبوابات) 1(الربوج واألبدان

وأمر باإلسراع يف األمر واغتنام الفرصة، وأرسل أمرا حدة-كل على األبراج واألبدان، وقسم الباقي على أمراء البالد- بعد احلصول على موافقة امللوك واألمراء يف تلك النواحي- ، لكي يبين بدوره-»بسيواس«بنفس املعىن إىل أمري اجمللس

. »سيواس«سورا كاجلبل حول على قدر االستطاعة �ارا-، وتواصل العمل ليال و»سيواس«و » قونية«وبدئ يف وضع أساس السور بكل من

ومل يرتكوا شيئا إال فعلوه يف سبيل تقوية القواعد وإعالء األبدان وتشييد الربوج، ملا . هبدف اإلجناز واإلمتام واإلمكان-/ وبعد اإلمتام أبلغ السلطان، فركب وطاف على أطراف اخلندق، ونظر إليه بعني االعتبار. كان بينهم من عصبية وحسد

ضا واالغتباط، مث أمر بأن ينقش كل واحد منهم امسه بالذهب على احلجر، لكي يبقى ملساعيهم اسم ورسم وشعر بالر . يف الدنيا ألجيال عديدة، مث أقام احتفاال، وباشر البهجة واألنس

... _________

.ابدان، ولعله يريد هبا األسوار: كذا يف األصل) 1(

)1/129 (

وزي من حضرة اخلالفة برسالة، واستنجاد العساكر وندب هباء الدين قتلوجه لذلكذكر ورود حميي الدين ابن اجل

أخرب » قيصرية«لتفقد مصاحل البالد، فلما شارف » قيصرية«ملا انتهت عمارة قونية وجه السلطان عنان عزمه صوب خلالفة، فأمر السلطان بأن قد أوشك على بلوغها حامال رسالة من حضرة ا» حمىي الدين ابن اجلوزي«أمراء ملطية أن

وما إن بلغ نزل . احملروسة الستقباله وأن يبذلوا جهدهم يف توقري جانبه» سيواس«يتقدم ضيوف الشرف السلطاين حىت . حىت خف السلطان الستقباله باملظلة والطبول، وهو يف زينة حتسده عليها أرواح امللوك السابقني» الال«القوافل

فلما بلغوا البوابة ودع قادة . لغه ابن اجلوزي بسالم أمري املؤمنني وتالطف السلطان وحتادث معه كثرياوبعد املعانقة أب. اآلفاق ودلف إىل داخل القصر

برج ) 1(حني دفع راضة القدر اإلهلي مبقتضى قوله تعاىل والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره [ويف اليوم التايل على احلصان األخضر الذي يسابق ) 2(ألسد حتت متكني ملك النجوم السيارة، وركب السلطان ذو العرش الالزوردي ا

، كان ديوان مالك الرقاب قد زين بزينة جعلتها أشبه ما تكون بروضة أهل الفردوس، وقد اصطف األمراء )3] (الريحلتوجه لديوان السلطنة مصطحبا اخللع واجلنائب واألدوات املهذبة الكبار عن ميني ويسار، وجتشم اإلمام حميي الدين ا

بيده اليسرى على / » وظهري الدين منصور«بيد الرسول اليمىن » جالل الدين قيصر پروانه«وأخذ . واآلالت املذهبة

سبيل اإلعزاز والتكرمي،

_________

. 54: سورة األعراف) 1(. يعين الشمس) 2(

.، واألصل مضطرب للغاية يف هذا املوضع257ع ص . قارن أ) 3(

)1/130 (

وأجلساه على كرسي سبق وضعه على درجة العرش، ووضع محالو دار اخلالفة األمحال على حافة الصفة، وسحبوا وأنزل السلطان من فوق العرش، وتسلم يف ذلك احلجاب ركاب . على الصفة وقد ألبست رداءها املرصع- اجلنيبة-

مث . وأخذ حميي الدين بيد السلطان وأجلسه على العرش ثانية. حضرة اخلليفة تعظيما وتوقريا، وارتدى خلعة اخلالفةجنيبة

. ما لبث الفراشون أن رفعوا احلجاب، فنثر األمراء والقادة حتفا من الذهب، ومدوا بساط السماطة، مث بدأ الكالم فحمد الباري وصلى على روضة وبعد تناول الطعام وتبديل الرفع بالوضع طلب حميي الدين اخللو

إن أمري املؤمنني يبعث بالسالم مللك اإلسالم، ويقول : املصطفى ودعا حلضرة اإلمامة وأثىن على حضرة السلطان مث قالإن جيش التتار ما إن فرغ من حماربة حممد خوارزمشاه حىت استمكنت قوته واستحكمت شوكته، وقد منا إلينا أ�م

يقصدون هذه احلدود، فلو أن السلطان سري ألفي فارس من بالد الروم إىل هذه التخوم برسم النجدة، احتياطا وامسا، فعاد الرسول إىل . مسعا وطاعة، يتم الالزم ويرسل على أسرع حال: قال السلطان. لكان يف هذا مصلحة للملك وامللة

. حمل إقامته فرحا مسروراكان اعتقادنا يف بعد غور أمري املؤمنني : إىل قصر اخللوة، فاستدعى األمراء الكبار، وقال يبة ووقار-به وتوجه السلطان-

وهو جيش قد هاج وماج كبحر ودرايته أكرب من هذا، إذا ال جتوز مقابلة جيش كسيل العرم لدولة جديدة وحظ فيت -بأن يتجمع من كل إقليم رسول بالتحف واهلدايا يف / ولعل األصوب أن يشري أمري املؤمنني. إال باملداراة من النار-

موضع معني فيلتقون مجيعا كالنجوم يف برج السعادة، وينطلقون يف صحبة رسول أمري املؤمنني إىل حضرة اخلان، ويعتذرون إليه بأن سالطني البالد لو قدموا إىل حضرته بأنفسهم حلل ببالدهم

)1/131 (

، ويوضع للمصاحلة بناء حمكم )1(اعة، ومن مث ختتمر اآلراء والتدابري وفق ما تقتضيه املصلحة االضطراب، ويظهرون الط . وقاعدة راسخة

غري أننا لو أبلغنا هذه املقدمات للمسامع الشريفة ألمري املؤمنني قبل إرسال النجدة فسوف حيملها على العجز

. والضعف، ويظن أننا ضننا باإلجناد باألجناد

. انوا قد طلبوا ألفي فارس فلنرسل مخسة آالف، فيستصحبون بذلك مواليد سنة واحدةفإن كويف احلال صدرت األوامر هبذه املهمة وحتريض العساكر للتوجه إىل ملطية، حبيث يكون مسريهم صوب دار السالم

. »هباء الدين قتلغجه«بقيادة ملك األمراء للنزهة، وأعاد على مسامعه احلكاية كما جرت، ومسح له باالنصراف، فلما ويف اليوم التايل استدعى السلطان الرسول

حلق حميي الدين مبقر إقامته أرسل اخلزان يف إثره خبمسني ألف سلطاين، ومائة ثوب مثني، ومخسة بغال سريعة السري، . ياتوعشرة خيول، ومخس غلمان من الروم، وعشرين ألف سلطاين برسم من يرافقه من كبار الشخص

حىت حلق اجليش بأسره مبلطية احملروسة، وبقوا ينتظرون قدوم الراية بل أقل - فلما انصرف مل ميض شهر واحد-واحلراس وخزان / مع املبارزين واجلنائب» ظهري الدين الرتمجان ابن كايف ملطية«فسرح السلطان الراية بصحبة : السلطانية

. ادالسالح وكميات هائلة من املرية والزوكان األمري هباء الدين قد جتهز وأعد أسباب السفر، فلما وصل ظهري الدين مع الراية وأبلغ األمر، عني امليمنة وامليسرة

واملقدمة والساقة والقادة ورؤساء _________

. 260ع، ص . قارن أ) 1(______________________________

)1/132 (

. بنظام مل يشهد أحد له نظرياالعشائر وبينهم، وانطلقوا تلك العظمة، عظم قدر السلطان يف » املوصل«و » ماردين«و » آمد«و » خرتربت«وحني رأى ملوك الديار من

وكان األمري هباء الدين يبالغ بدوره يف احرتام امللوك وإكرامهم، كما . قلوهبم، فأخذوا يف تقدمي أنواع اهلدايا والضيافات. يف السلطان وإنعاماته ورسائله النصيب األوىفيوصل إليهم من تشار

فلما وصل إىل املوصل احتجزه بدر الدين لولو ثالثة أيام، وقدم له خالل إقامته من اخلدمات ما ال يتسع املقام لوصفه، برغم ما عرف ويف اليوم الرابع أخذه األمري هباء الدين إىل حضرته، فأقام احتفاال شده لفخامته وروعته بدر الدين لولو-

قد يستدل على ما للسلطان من كمال اخلالل وارتفاع ذروة : وقال[فأثىن على السلطان ثناء عاطرا عنه من علو اهلمة-). 1] (الشمائل واخلصال مبثل هؤالء املماليك النجباء

عتبة اإلمامة، فإن حدث أن جيشا هائال يتقدم من قبل السلطان لنجدة ) 2(مث إنه كتب رسالة إىل امللك مظفر الدين

وتوقف هذا اجليش هناك فسيتكبد الديوان العزيز الكثري من النفقات، لذا بات من األوىل صرفهم لكي يعودوا مسرعني

والتقدمات وهتيأ بنفسه لالستقبال، فلما رأى اجليش وقائده ) 3(وقد أعد امللك مظفر الدين األنزال . من حيث أتوا

صوب رأي بدر الدين، وطري رسالة على جناح احلمام إىل الديوان العزيز، فوصل اجلواب من على هذا النحو است _________

ضرورية لكي يتم معىن اجلملة السابقة اليت أمهلت يف األصل- ، وتبدو هذه الفقرة-262ع، ص . زيادة من أ) 1(. عليها مباشرة

. يريد به امللك مظفر الدين كوكبوري صاحب إربل) 2( .نزهلا، وهي مجع نزل أي املكان الذي ينزل فيه الضيف) 3(

)1/133 (

امللك مظفر الدين عساكر الروم هناك بطريقة / الديوان ببقاء اجليش هناك إىل أن يصل ضيوف الشرف، فليحتجز. تتضمن اللياقة والتكرمي

وبعد بضعة أيام جاء أحد . ك شاردة وال واردةكانت السماحة عند امللك مظفر الدين طبيعة والسخاء غريزة، فلم يرتكبار األمراء من الديوان العزيز إلعذار األمري هباء الدين، فذهب عند األمري مظفر الدين، وأتى بصحبته إىل األمري هباء

على األرض، مث الدين، وسلمه رسالة الديوان العزيز مع سالم العتبة املقدسة، فوضع األمري هباء الدين رأسه يف احلال كانت األنباء قد تواردت من قبل بأن جيش املغول حني فرغ : وضع الرسالة على مفرق رأسه، وكان قد كتب يف الرسالة

من أمر خوارزمشاه انطلق إىل هذه الناحية، وكنا قد استنجدنا بالسلطان احتياطا أما اآلن فنحن نسمع أن رأيهم قد صراف مللوك األطراف الذين كانوا قد قدموا من خمتلف األرجاء، فيتعني على األمري حتول عن تلك الفكرة، فسمح باالن

. هباء الدين العودة جبيشه بسالموجيء خبمسني ألف دينار خليفي ومائة مجل ومائة حصان ومخسني بغال وعشرة آالف رأس من الغنم، وثالمثائة خلعة

فدعا األمري هباء الدين للخليفة وأثىن على ما قدم من صدقة . النزلومائيت بغل حمملة بأنواع املأكوالت واحللوى برسم وإنعام، ووضع جبينه على األرض، وأعطى ضيوف الشرف خلعا سلطانية، وسجل ذلك كله ودونه، مث قام بتوزيعه على

والشهامة واللعب وأمر بأن يركب اجليش بأسره بكامل سالحه وعتاده من الغداة، وأن يعرضوا أنواع الشجاعة . اجليش. بالرمح ورمي السهام واستخدام األنشوطة والوهق

/ويف اليوم التايل انتظم اجلند مث ركبوا، ولبس األمراء اخللع، فلما ظهرت

)1/134 (

صوب دار السالم، ونزلوا من فوق خيوهلم، ووضعوا وقد ارتدوا اخللع- وىل األمراء وجوههم-) 1(مواكب بغداد وإربل

. هم على األرض، ورفع قادة الفرق أصواهتم بالدعاء ألمري املؤمنني والثناء على ملك العاملرؤوسفلما شاهد رسل أمري املؤمنني وامللك مظفر الدين ذلك التواضع ورأوا حشود العسكر ومهارة الفرسان واستغراقهم التام

ه العظمة إن قصد بنفسة ملكا فمن ذا الذي ينجو من هذا الوقار وهذ) 2(إن سلطانا جندته : يف الذهب والسالح قالوا. بأسه وسطوته، وأثنوا ثناء جزيال على األمري هباء الدين وحشوده، وودع كل منهم اآلخر، مث انطلقوا آيبني صوب الروم

مراء يف صحبة وحني وصلوا ملطية ودخل األمري هباء الدين بيته أقام وليمة كربى، مث أمر باالنتشار، وأرسل أحد كبار األراية السلطنة، كما أرسل نائبه إىل احلضرة السلطانية واعتذر عن نفسه، مث ما لبث أن أسرع بعد شهر إىل الديوان، ونال

. شرف تقبيل اليد ...

_________قبل لعله يعين بذلك قدوم رسول اخلليفة وامللك مظفر الدين ومن يرافقهما من كبار األمراء لتحية جيش الروم ) 1(

. مغادرته .264ع ص . قارن أ) 2(

)1/135 (

ذكر أخذ السلطان األمراء الكبار يف قيصرية وإنزال العقوبة هبمملا انقضت مدة على دولة السلطان عالء الدين كيقباد وسلطنته، واستقر على عرش الدعة ونال اإلعزاز، سلك األمراء

أمري اجمللس » مبارز الدين هبرامشاه«و » زين الدين بشارة أمري آخور«و » سيف الدين آينه چاشين گري«الكبار كاألمري طريق البطر واألشر حبكم ما هلم من سبق اخلدمة وكمال الثروة وكثرة األتباع واألشياع، وأخذوا » هباء الدين قتلوجه«و

السلطان أن يعد يف كل يوم أن اختذت الرتتيبات يف مطبخ/ ميارسون على السلطان صنوفا من التحكم، وبلغ هبم احلد راتب مطبخ يومي قدره مثانني رأسا » سيف الدين آينه«ثالثون رأسا من الغنم كرواتب للخاصة والعامة كما كان لألمري

من الغنم، وأمسك يف يده بزمام النقض واإلبرام كلية، وحني كان يرتك حضرة السلطان متجها إىل منزله مل يكن يدور كما مل يكن باإلمكان ) 1] (وكان بقية األمراء وأركان الدولة يعدونه مقصدا وزعيما مطاعا هلم[طنة حول قصر السل

. خمالفة إشارته يف حجابة السلطانكانت األحقاد والضغائن قد ظلت ترتاكم من قبل ذلك يف القلب املبارك للسلطان، وظل على مداراهتم ألن انتهاز

وكان كافرو النعمة من املقربني . طق يف بعض األوقات يف اخللوات بكلمات مسمومةالفرصة مل يتيسر، لكنه كان ين

، فكانوا بدورهم يسلكون طريق التذلل والتملق لكنهم كانوا )1(يبلغون أسراره بأسرها لألمراء حلضرة السلطان-

يتشاورون فيما بينهم خفية بقصد حصد فرع

_________ .265ع، ص . قارن أ) 1(

)1/136 (

. السلطنة، وكانوا يراعون احليطة واحلذرغري أ�م اتفقوا سويا ذات ليلة يف �اية جلسة شربوا فيها اخلمر أن يوجهوا الدعوة إىل السلطان من الغد لضيافة ببيت

ه وجيلسو» قيلوحصار«املوجود يف » كي فريدون«األمري سيف الدين آينه مث يضعون يف قدمه قيدا ثقيال، ويأتون ب

وقد بلغ السكر منه غايته من ذلك اجمللس، وذهب وهو مثل ال وكان موضع سرهم- فخرج أحد الغلمان-. على العرش

» ثاين اثنني يف الغار«وكان كالمها حمرما للسر مبنزلة » كمنينوس«واألمري » سيف الدين ابن حقه باز«يعقل إىل بيت باعتبار أن األمري مبارز » أنطالية«يسور، لكن من الصعب تنفيذه يف أمرهم سهل م/ إن تدبري: فأجابا بقوهلما). 1(

الدين ظل حاكما هلا نافذ األمر فيها طيلة عشرين عاما مضت، فلو أن السلطان يأمر بإرجاء هذا التدبري حلني النزول ن أنطالية عزم على التوجه فلما حل موسم االرحتال ع. فاستحسن السلطان هذا الرأي. بقيصرية لكان ذلك أكثر صوابا

. إىل قيصريةأمري احلجاب مخسني ضربة » مشس الدين القزويين«بأن يضرب كمقدمة أولية هلدم بنيان وجود األمراء- وهناك أمر-

. باملقارع على باب الديوان إذ كيف يسمح ألتباع األمراء وحواشيهم بدخول الديوان بسالحهم وعتادهم، واستمرت هذه )2(» اجلرموق«يسمح بعد اليوم بذلك لكل أمري إال إن كان أمريا ممن يلبسون والتعليمات هي أنه ال

القاعدة، فبدا اجملال فسيحا أمام مكر _________

). 40: سورة التوبة(إذ أخرجه الذين كفروا ثاين اثـنـني إذ مها يف الغار : إشارة إىل قوله تعاىل) 1(: يف كتابه صبح األعشى» القلقشندى«، وهو ما يلبس فوق اخلف، وقد أثبتها »جرموق«ومعرهبا » سرموزه« )2(

.10: 4هكذا دون تعريب، انظر » سرموزه«

)1/137 (

. السلطان ومكيدتهوهو أن )1(أمري اجلاندار » مبارز الدين عيسى«و » سيف الدين ابن حقه باز«و » كمنينوس«ودبر السلطان أمرا مع

يف الطواف خفية وهو مسلح وبرفقته » كمنينوس«األمراء حني يدخلون دار احلكم يف اليوم الفالين على عادهتم، يأخذ

] على الرسم املألوف بصفة القصر[أعوانه فوق سور حديقة السلطان، ويلبس غلمان اخلاص السالح فيقفون مالزمني ويغلق احلجاب باب القصر بإحكام بعد دخول األمراء، وال يسمحون ألي خملوق وفقا للنظام املتبع يف احلراسة، ) 2(

بشهامته املعهودة هو وإخوته على باب قاعة ) 2(أمري اجلاندارية » مبارز الدين«بالدخول أو اخلروج، وأن يقف األمري يف أعقاب السكر، ويضعونه يف بعض االحتفاالت بالعدة والعتاد، فيلقون القبض على كل أمري يقصد التوجه إىل بيته

. البيوت، وينتظرون إىل أن يصدر أمر بشأ�م/ غريه راغبا يف االنصراف،» سيف الدين چاشين گري«فلما حل اليوم املوعود، مت تنفيذ ما اتفقوا عليه؛ وسبق األمري

. البد أن هناك خطأ ما: فأجاب. احلكم هو أن يدخل األمري هذا البيت: وإخوته وقالوا» مبارز الدين عيسى«فتقدم : فألقى قلنسوته يف احلال على األرض وقال. بل هو الصواب: قالوا

من يوم أن قال السلطان يف احلديقة بأن األشجار العجوز ينبغي أن تقلع وتغرس مكا�ا أشجار غضه فتية قد علمنا أنه لك احلني ملا اعتورين العجز اليوم، قد رضيت سيدبر مثل هذا الغدر، ولو أنين كنت قد تداركت األمر يف ذ

_________وموضوعها أن صاحبها يستأذن على دخول األمراء للخدمة ويدخل أمامهم إىل «: أمري جاندار: إمرة اجلاندارية) 1(

). 20: 4صبح األعشى (» الديوان .267ع ص . زيادة من أ) 2(

)1/138 (

): بيت(بالقضاء، . ورضيت مبا هو أسوأ من املوت... د والروح واملال والولد، انتزعت القلب من اجلس -

، فاحتجزوه بدوره يف بيت آخر، وفعلوا نفس الشئ مع هباء الدين قتلوجه، )1(» أمري آخور«مث خرج زين الدين بشارة

إىل » ن حقه بازاب«مث �ض أمري اجمللس متأخرا عنهم مجيعا، فأجرب على سلوك ذلك الطريق، فلما أخذوا مجيعا، جاء ]-بالصفة[الذين كانوا قد جلسوا ليسعد السلطان، لقد زج غلمان السلطان واألمري باألمراء-: حضرة السلطان وقال

يف السجن مث فتحوا باب قصر السلطنة، وذهب النواب إىل بيوت األمراء، وسجلوا ما ميلكون من متاع وزينة، وختموا . ا من املوكلني من أغاروا على بيوت أقارهبم واملتصلني هبم مجلةكل البيوتات باخلامت، واختارو

وايل قيصرية » جمد الدين إمساعيل«، فأرسل إليه »جاشين كري«فلم يقر للسلطان قرار من فرط ما متلكه من ضغن جتاه

على كتفي ويف أحضاين / أنا ربيتك أنت وأخاك: ما الباعث على ما كنت تبديه من تبجح وحتكم؟ أجاب بقوله: ليسأله

، وقدمته لكي )2(أيام الغربة، وقصصت شعري الطويل وبعته لنسوة الروم من أجلكما برغيف من اخلبز لسد الرمق

تأكله أنت وأخوك، وأتيت جبسد أبيك الطاهر من الروم إىل دار اإلسالم، وانتشلتك من احلبس على خالف رأي مماليك أبيك منزليت يف القدمة، األمراء والوزير، ومل يكن ألحد من

_________. 1هامش 51راجع فيما سبق، ص ) 1(

.269ع ص . ، بالباء املخففة، وال معىن هلا، والتصحيح من أ... از يب : از پي پيوسته كري، وهي يف األصل) 2(

)1/139 (

وامليثاق الذي كنت قد نطقت به يوم السجن، أنا فإن كان مثت جتاوز، فهو مبين على هذا، وكانت ثقيت كاملة يف العهد

): بيت(من ال سبيل للسلطان إىل العثور على مملوك مشفق مثله، فإن عجز عنه فلن ينفعه الندم، إذا تذكرت يوما بعض أخالقي ... لتقرعن على السن من ندم

، وأمر بأن حيملوه إىل أحد )1(سوة وغلظة فلما أبلغوا هذه الكلمات الرقيقة ملسامع السلطان تضاعف ما يف قلبه من ق

. األبراج ويفصلوا رأسه عن جسدهوأرسل أمري . فجعلوه يف بيت وأغلقوا عليه الباب حىت أخذ يتغذي بأعضائه من فرط اجلوع» زين الدين بشارة«أما

» توقات«فدفع به إىل ، وأجلس هباء الدين قتلوجه فوق بغل بغري سرج »زمندو«اخلادم إىل قلعة » روزبة«اجمللس مع . وهو يبكي وينتحب

وأمري » كمنينوس«وحني أجنزت األمور استدعى السلطان األمراء الذين كانوا قد قاموا على إمتامها، فدخل عليه وإخوته، ومثلوا بني يديه، فأجلسهم مجيعا يف جملس األنس، وأمر يف تلك الليلة بأن يعهد مبنصب إمارة » جاندار«

. »سيف الدين آينه«كمنينوس عوضا من إىل) 2(األمراء ، وتنزه مدة-/إىل امليدان تصحبه الطبول والعلم والبوق واملظلة على خالف املعهود- ويف اليوم التايل اجته السلطان-

. يف صحراء املشهد، وظل يركض حبصانه حىت صالة املغرب، ويلعب بالكرة بكل جالل ووقار-ظهري «و » كمال الدين كاميار«ان أن األمري ويف تلك األثناء رأى السلط

_________. ع، أيضا. قارن أ) 1(

.هي كلمة تركية، وتعين أمري األمراء: يف األصل بكلربكي) 2(

)1/140 (

يتخافتون فيما وكانوا من أواسط األمراء- » -مشس الدين ولد قمر خراسان«الرتمجان و » الدين منصور ابن الكايفأمل يأن هلذا النفر من االخساء أن خيرجوا ريح الفضول من رؤوسهم؟ وأمر أمري العدل بطرد الثالثة مجيعا : بينهم، فقال

، »خرتربت«فنزلوا . من امليدان بالصوجلان، وبأن يتعرض ما يف بيوهتم من متاع وزينة للغارة، وأن ينفوا من بالد الروم

امللك «فاستضافهم » أخالط«فانطلقوا من هناك إىل . لصنيعه هذا فرحب هبم ملكها، فتلقى من جانب السلطان عتاباسنتني، مث إ�م جاءوا إىل بالد الروم بشفاعته، لكنهم ظلوا على حاهلم من الذلة واخلذالن فقد تبدد كل ما » األشرف

. وذهب هباء منثورا ومل يعد له إال حصان واحد» كمال الدين كاميار«كان لدى إىل الصيد، فركب كمال الدين يف خدمته، وعند الرجوع وأثناء الصعود إىل » عالئية«لسلطان وهو يف وذات يوم خرج ا

فلما . القلعة سقط حصانه على األرض فلم يسع كمال الدين كاميار إال أن محل السرج على ظهره ومضى إىل منزلهوكان من ندماء اخلاص، قال » ينور الدين ابن طالقي األخالط«حصان من هذا؟ فتبسم : وصل السلطان سأل

عالم تبتسم؟ : السلطانإنه ال يعز من عاديت وال يذل من واليت، وال مانع ملا أعطيت «: قد بلغت مين احلرية كل مبلغ للقول املأثور: أجاب

سنه-لكرب ، ما كان لكمال الدين كاميار من الدنيا بأسرها إال هذا احلصان، فجرى عليه-)1(» وال معطي ملا منعت. ما جرى

ا نزل استدعى ، ومنحه تشريفا خاصا، وألف دينار أمحر ومخسة »كمال الدين كاميار«فلم جيب السلطان حينذاك، ومل

/ من البغال غري املسرجة

_________ .272ع، ص . قارن أ) 1(

)1/141 (

، »زره«واهلم، وأنعم عليه فأقطعه والية وعشرة من اخليول املسرجة امللجمة ومخسة غلمان، وأمر األمراء بأن يعطوه من أم). 1] (اخلاصة وستون من مماليك احلواشي[وكان هبا يف ذلك الوقت مائة ألف من

لنرجع إىل ما كنا بصدده؛ حني قدم السلطان من امليدان إىل اإليوان أمر بإنزال العقوبة بكل حواشي األمراء املقتولني لتوقيع ذلك احلكم، حبيث إذا حل الليل يقضي » البن حقه باز«وأعطى خامتا [وغلما�م ومن كانوا على صلة هبم،

يف احلال مع غالم وركايب وجاء إىل الديوان، وطلب » كمنينوس«فركب ). 1] (عليهم مجيعا وال يبقي على أحد منهماململوك من قصر السلطنة اليوم، حني ذهب هذا : املثول بني يدي السلطان، مث إنه دخل ووضع رأسه على األرض وقال

إىل منزله كان حييط يب حشد هائل من أتباعي وخدمي وذوي الصلة يب، أما اآلن فقد بقي من أولئك مجيعا غالم واحد

أمل يؤذن لسيف الدين النائب بالقضاء على : وما السبب؟ أجاب: ، قال السلطان)2] (وتفرق الباقون منزعجني[وركايب

لو صدر منك ذنب يستوجب : ملا�م؟، إن الناس حني مسعوا ذلك استبد هبم القنوط، وقالواذوي الصلة باألمراء وغاحلق ما : قال السلطان. العقوبة غدا فسوف نعامل حنن نفس املعاملة، فيحسن أن نقوم بتدارك األمر قبل حلول الواقعة

. وأعطى منديل األمان حبيث يبطل ذلك احلكم. قالوها كان السلطان ق

، وامتأل وعاء اخلزائن بالنقود واجلواهر، شرع يف فتح البالد والقالع )3(د فرغ من جهة قتل األمراء ومل

. املتامخة حلدود ممالكه _________

. ، والنص يف األصل يف هذا املوضع غري واضح273ع، ص . قارن أ) 1(. ع، أيضا. زيادة من أ) 2(

.274ع، ص . قارن أ) 3(

)1/142 (

»عالء الدين كيقباد«يف أيام السلطان » كاخته«عة ذكر فتح قل

قد احنرف برأسه عن ربقة الوالء » آمد«صاحب » مسعود«عرض أصحاب األخبار على حضرة العاهل أن امللك وجعل اخلطبة والسكة بامسه، فاستبد الغضب هلذا بالسلطان وأمر بأن يتوجه قادة » الكامل«للسلطان، واستنصر بامللك

. احملروسة، ويرتقبون ما سوف يؤمرون» ملطية«وم بأسرها بكل معدات القتال وبأسرع ما ميكن إىل حدود الربفوج » مبارز الدين جاويل«ينطلق األمري : ووصل األمر لتنفيذ ما يلي من مهام » ملطية«فلحق اجلند مجيعا بدار الرفعة

أسد «ويتجه األمري . يئ األسباب املفضية إىل فتحهاويه » -آمد«وهي من بني ممالك » -كاخته«من األجناد صوب ). 1(» آمد«وكالمها تابع بدوره حلكم . »كرفراك«و » مجشكزاك«بكوكبة من اجلنود املشهورين إىل » الدين كندصطبل

كما .ونصب أحد اجملانيق املغربية مبحاذاة البوابة» كاخته«فانطلق األمري مبارز الدين بالعساكر وآالت احلصار إىل فلما علم اآلمدي بذلك بعث برسالة استغاثة . نصب اثنني من اجملانيق أحدمها على ميني القلعة واآلخر على يسارها

عاجلة إىل امللك األشرف، الذي دفع بعز الدين بن البدر مع عشرة آالف فارس من قبائل األكراد واألعراب حنو . »كاخته«

وقد عقدوا العزم على ) 2(يني قادمون فلما أخرب األمري مبارز الدين بأن الشام _________

. آمد: 275ص . ع. يعين هو، والصحيح ما جاء ب أ: او: يف األصل) 1(

.قادمون: آيند: أيضا. ع. يعين هم، والصحيح ما جاء ب أ: اند: يف األصل) 2(

)1/143 (

اء واألجناد، وقدم إىل الصحراء يف مواجهة القتال، نصب مجاعة على أعمال اجملانيق، واستعد بنفسه للقتال مع األمر

. األعداءفاختلطوا بعضهم » آمد«ويف اليوم التايل انطلق اجليشان للمواجهة، وجاء عند ذاك مدد قوامه ستة آالف فارس من

ة-يف طريق القلعة، وانطلق بنفسه مع مخسة من اإلخو] للحراسة[اجليش / ببعض، فأرسل األمري مبارز الدين جانبا منفبادرهم الشاميون . ملواجهة الشاميني » -لشكرى«وكانوا قد وصلوا لتوهم من والية » فردخال«وهم من عرفوا بأوالد

مث إ�م محلوا محلة واحدة وقتلوا مقتلة عظيمة من جند العدو، وأسروا . باهلجوم عدة مرات لكنهم ثبتوا كاجلبال الرواسي. ووجه الباقون مذعورين حيارى وجوههم كل واحد إىل ناحية وولوا األدبارقائد اجليش، » عز الدين بن البدر«

صوب القلعة ) 1(مث إنه سارع يف تلك احلميا . فلما جيء بابن البدر إىل خيمة األمري مبارز الدين، قابله بكل احرتامم أسفل القلعة، وطلبوا خطا باألمان فلما شاهد أهل القلعة ما حدث بلغ نواحهم األمان عنان السماء، فنزل مجاعة منه

لكي يسلموا القلعة، فاستماهلم األمري مبارز الدين وأزال مبصقل اللطف ما ران على خواطرهم من صدأ احملنة، وأقسم ؛ طاملا أن أهايل القلعة قد ]وبقية أمراء السلطان وعساكره[أنا جاويل وهذا اجليش : على مشهد من صاحب القلعة قائال

وا يف طريق االنقياد واإلذعان وأ�م سيسلمون القلعة ملماليك السلطان، فلن حيلق هبم ضرر صغر أم كرب، وسوف سار. أحقق هلم كل رغبة يريدو�ا من حضرة السلطان، وإن أرادوا الرحيل بأمواهلم وأمتعتهم فلن أمنعهم

. فإن غرض سلطان العامل هو القلعة فحسب

_________ ).املعجم الوسيط(شدة الشئ وحدته : واحلميا. رارةاحل: كرمي) 1(

)1/144 (

، مث صعدوا، وأنزلوا نساءهم )1(وحني مسع األعيان هذه املعاين من األمري مبارز الدين، نادوا للصالة فصلوا مجاعة لكي يرفعوا عليها علم ملك وهيأوها مث سلموها يف اليوم التايل ملماليك السلطان » كاخته«وعياهلم من القلعة، وأعدوا

. العامل

. الليل بالنهار يف الطرب والسرور/ وصعد األمري مبارز الدين، فأقام حفال تلك الليلة جبوف القلعة ووصل

مع سائر األسرى يف صحبة مائة فارس إىل حضرة املليك، ورفع تقريرا » عز الدين بن البدر«ويف اليوم التايل صرف فاقرتنت تلك املساعي . حدث وحماربة الشاميني وا�زامهم هم واألمري عز الدين، ومتنية أهايل القلعة للديوان عن صورة ما

وفوض أمر حفاظة . عند السلطان بالرضا والقبول، وأرسل إليه خلعة ملكية مع ما ال حصر له من األلطاف واإلنعام

. ة جوابية لكي حيملها إىل البطلالقلعة وحراستها إىل واحد من خواص الغلمان، ودفع إليه برسال ...

_________ .281ع، ص . قارن أ) 1(

)1/145 (

على يد مماليك السلطان» مجشكزاك«ذكر فتح قلعة وفق األمر املطاع خبمسة آالف فارس وآالت احلصار قائد جند ملطية- » -أسد الدين كندصطبل«انطلق األمري

خت برأسها إىل السماء، وهبا غار هو من صنع اهللا، وأسفلها �ر جار ال ، فرأى صخرة قد شم»مجشكزاك«صوب قلعة يقم للنيل وزنا وحيسب الفيل بعوضة، ومن هذه الناحية من النهر مدينة أكثر منعة من القالع احلصينة بل هي أكثر

): 1] (ملقدمنييف تلك القلعة مث قال لبقية القادة وا» كندصطبل«فنظر األمري [إحكاما وضخامة من القالع ياله من موقع يهاب العقاب أن حيلق فوقه، ويبدو من احملال أن يعثر فيه النـقاب على موضع لثغرة، إنه موقع ال ينال

باحلرب واجلالد، فإن دخل يف أنشوطة املراد بالوعد والوعيد فهو املراد وإال فلنجهد قدر اإلمكان لعله يتيسر بالتأييد . السلطاينالرباين واإلقبال

وبأنه ال حميد عن استنزاهلم بالقسر، وإهالك جندة جند الشام » كاخته«مث إنه أرسل إليهم رسوال، لكي يفاحتهم يف أمر فلما اقرتب الرسول من القلعة ألقي عليه وابل من حجارة النبل والسهام . بالقهر، ويتلو عليهم التعليمات الواجبة النفاذ

جيب علينا أن نفتح : فقال األمري. فلم يعريوه التفاتا، واضطر للرجوع. أنا رسول، قادم ملصلحتكم: فأخذ يناديهم قائالمث أمر فنصبوا العرادات ولبس اجلند ألمة احلرب، وشرعوا يف الزحف بأعداد ./ طريق احلرب طاملا أ�م أغلقوا باب الكالم

ين بضرب املنجنيق والسهام والكر والفر، وانتهى األمر بعودهتم إىل هائلة على البوابة، وظلوا من الفلق إىل الغسق منشغل). 2(وطيلة أسبوع واصلوا الليل بالنهار يف قتال مستمر . اخليام عاجزين مضطرين

_________. 283ع . إضافة البد منها لكي يستقيم السياق، انظر أ) 1(

.، وعبارة األصل مضطربة ركيكة285ع، ص . راجع أ) 2(

)1/146 (

ويف اليوم الثامن بدا هلم أن يلقوا فوق الغار بعشرة صناديق حديدية هبا عشرة من املقاتلني، ال يرتك ضيقها ألحد منهم

، فجعلوا هبا ثقوبا تطلق منها السهام، فأخذوا يرمو�م من سحاب القوس بوابل من السهام )1(سبيال حىت إىل التفكري . يدور حول نفسه لفرط العجز وانعدام احليلة، ومل يكن يرى عالجا هلذا العناء» كندصطبل«كاملطر، وأخذ

باألمس بينما كنت أصعد فوق هذا اجلبل وجدت ثغرة يف جنب غار القلعة، فلو : وفجأة جاء شاب حسن الطلعة وقالإىل كما جرت العادة- يش-فأمر األمري بأن يتوجه اجل. مارس النقابون عملهم هناك لتيسر فتح القلعة يف أقل مدة

. احملاصرة، وانطلق هو حبصانه فارتقى املنطقة الصخرية، لكي يرى ما حيسن فعله لتدبري األمروحني رأى تلك الثغرة، أمر بأن يشرع مخسون نقابا ممن عرفوا باحلمية يف إعمال الفأس، وأن حيدثوا ثلمة يف السور

لعذوبة كالم ذلك األمري املخلص للسلطان، ) 2(» فرهاد«املهرة وكأنه بضرب السواعد، فأصبح كل واحد من العمالوما لبثوا يف أقل مدة أن أوقعوا اخللل يف احلصن احلصني والقلعة الضخمة بضرباهتم القوية احملكمة، وأحدثوا فتحة

. عريضة _________

. 283ع، . قارن أ) 1(هو أمت حفر أخدود يف الصخر الصلد لكي مير منه املاء إىل أعلى إن » شريين«بزواج حمبوبته » فرهاد«حني وعد ) 2(

اجلبل، مشر عن ساعد اجلد إلجناز هذه املعجزة املعمارية اخلارقة، لكنه حني أوشك على إمتام العمل تناهى إىل مسعه نبأ القصة عدد من كبار وقد عرض هلذه . قد قضت حنبها، فألقى بنفسه من فوق اجلبل منتحرا» شريين«كاذب مفاده أن

.»خسرو وشريين«، ونظامي الكنجوي يف »الشاهنامه«شعراء الفرس كالفردوسي يف

)1/147 (

إىل تلك ) 1( كبيزن- مث أمر بأن ميطر اجليش القلعة بوابل من السهام، وأن تدلف فرقة من الشجعان ضخام األجسام-�را من دماء سكان القلعة يف / الشجعان املضحون بأرواحهم فأجرى. الفتحة، فينتزعون الفوز والظفر من فم التنني

وبعد جهد جهيد . الغار، بينما أحال اجليش من اخلارج النهار ليال أسود مفزعا على من بداخل القلعة بضرب السهام

مأموهلم » كندصطبل«حتولوا لعجزهم إىل املسكنة والتذلل وطلب األمان، فأرسلوا شخصا والتمسوا األمان، فحقق . واستبدل احلفل باحلرب وفراغ البال باجلدال

ويف اليوم التايل نزل سكان القلعة مبتاعهم، مث هبط مستحفظها كسيف البال قد انكسر جناحاه وأصبح ذليال عاجزا . وطلب العذر عن متاديه يف التطاول

ة السيد املختار جهروا بالدعاء للمليك مع ومحلت الراية على شرفات القلعة، وبعد محد اخلالق وإهداء الصلوات لروض

). 2(الغلمان من فوق مساء من احلجر مكينة يف األرض

رسالة مشتملة على تفاصيل ما وقع من حكايات والتهنئة بالفتح الثاين الذي سنح بالفضل » كندصطبل«وكتب األمري

عمة اإلهلية، وعني مستحفظا للقلعة، وضاعف ما هبا فأدى السلطان الشكر على الن . الرباين وأرسلها إىل حضرة السلطنة. من عدة

... _________

. واحد من أبطال الفرس األسطوريني القدماء: بيزن) 1( .يعين القلعة) 2(

)1/148 (

ذكر تذلل امللك مسعود إىل احلضرة السلطانية طائر حاله قد أخذت زخرفها وازينت براية نصرة حني تبني للملك مسعود أن القالع اليت كانت سندا إلقباله وجناحا ل

ورأى املصلحة يف أن . السلطان وأعالم سلطنته، شرع يف البكاء على عرشه، وندم على ما كان قد فرط منه من تقصريفيمسك قبل أن يذهب نصف امللك، الذي قد بقي، من اليد دفعة واحدة ويفلت مركب السعادة من القدم- يبادر-

. وكرمه ويسلك طريق اإلخالص والتفاين متبعا يف ذلك قدماء الرجال العظام من أسرته/ ية السلطانبتالبيب محافاختار رسوال فصيح اللسان بعث معه برسالة ملؤها التمين وطلب األمان، مع خدمة تليق بالسلطان من الآللئ واجلواهر

والكافور إىل حضرة السلطان، واستغفر لذنوبه، والتزم بأن يرسل الرباقة واخليول والغلمان واملالبس امللونة وأسفاط العنرب فلحق الرسول . كل سنة أمواال وأمحاال جمهزة إىل اخلزانة، ويشد حزام االنقياد على وسط الروح إن كلفه السلطان مبهمة

سعود ومحاقته، أما وقد ما ظهر كدر يف مشارع عواطفنا إال بسبب طيش امللك م: قال السلطان. بالديوان، ونال ودادخل من باب االعتذار فقد سلكنا حنن بدورنا طريق العفو، فتجاوزنا عن سيئاته، فإن رفع رأسه بالعصيان ثانية وبذر

) 1(» ولآلخرة أشد عذابا وأسوأ تنكيال«: بذرة الكفران يف أرض اإلميان فجزاؤه مثل ما رأى، بل رمبا شهد ما هو أسوأ. دة، ووىل السلطان وجهه للمصيف يف مروج السواحل اليت هي باجلنة أشبه منظرامث مسح للرسول بالعو

_________: عز وجل كذا يف األصل بالعربية، ولعله يشري هبذه اجلملة إىل قول اهللا-) 1(

لآلخرة أكبـر درجات وأكبـر و 21، وقوله جل وعال يف سورة النساء اآلية 84: والله أشد بأسا وأشد تـنكيال النساء .تـفضيال

)1/149 (

ذكر مصاهرة السلطان أوالد امللك العادلومن » عز الدين بن البدر«حني حل موسم الربيع، واجته السلطان من مصيف أنطالية إىل قيصرية أمر بإطالق سراح

وقد خلع السلطان عليه . وظل حمبوسا بقلعة قيصريةوجرى أسره، » كاخته«معه، وكان قد أوقع به يف حرب حصن

. خلعة ملكية، وأذن له بالتوجه حنو الشام بكل إكرام واحرتاميبدو يل أن مصاهرة : والتدابري، قال السلطان لسيف الدين النائب ابن حقه باز] النظر يف املهام/ [وذات يوم يف أثناء

بعد فتكفل سيف الدين-. حكام دعائم التوفيق، فبذلك يزداد رونق السلطنةأبناء العادل من شأ�ا أن تعمل على استتويف ملرض عرض » ملطية«بإجناز تلك املهمة، وتوجه إىل ديار الشام خبزانة كاملة، فلما بلغ أن استصوب رأي العاهل-

مشس الدين مبلطية نقل األمتعة بدال منه، فلما حلق » مشس الدين ألتونبه جاشين گري«فانتدب السلطان . جلوهر بدنه. واخلزانة إىل بيته، مث انطلق بعد أخذ األهبة واالستعداد

من قبل السلطان، شاكرا ما حظي به هو من أيادي [قد أخرب ملوك الشام مبقدم رسول » عز الدين بن البدر«وكان فاوة مبقدم الرسول على أفضل حنو أمرا فعدوا احل). 1] (السلطان وإنعامه، فأزال كل شائبة علقت بنفس أوالد العادل

. واجبا، وبلغوا املرتبة القصوى والدرجة العليا يف توقريه وإجالل شأنهوكانوا ملوك الشام وأطراف األرمن وديار بكر، كامللك املعظم وامللك األشرف وامللك ويف اليوم التايل بادر أبناء العادل-

وامللك فخر ) 2(الغازي _________

. 295ع، ص . قارن أ) 1( .1، هامش 11انظر ما سلف، ص ) 2(

)1/150 (

فرتب األمري مشس الدين التحف » مشس الدين«، وأتوا باألمري »دمشق«فاستدعوا القاضي بدار السعادة ) -1(الدين . واألمتعة اليت كان قد جلبها معه ووضع اجلواهر واملرصعات على أطباق فضية وذهبية

على مشس الدين ألتونبه هناك حىت يفرغوا من ترتيب األسباب لسفر هودج العروس، فكتب رسالة يف هذا مث إ�م أبقواإىل السلطان مشتملة على أن إجناز األمور ومدار األفالك قد وافقا مراد العاهل، وعرض أن ركاب السلطان لو / الصدد

. �ض إىل ملطية لكان ذلك نوعا من تكرمي امللوك وإعزازهمإن ملوكب : مبطالعة الرسالة ظهرت على السلطان آثار السرور يف أسارير مملوءة بالنور، وصدر األمر لألمراء بأسرهمو

. و�ض هو نفسه بطالع السعد. السلطان عزما على التوجه إىل ملطية فيتعني على اجلميع التوجه إليها دون توقف

فلما حلق مبلطية كان هودج . ة السلطان فأخذ يعاين ويتأمل أملا عظيماويف الطريق طلعت اخلراريج والدمامل على رقب

مشس «و » كندصطبل«فاستقبلهم األمري . العروس قد وصل قبل يومني أو ثالثة، وجاء أمراء الشام الكبار يف خدمتهمن كمال احلصافة وقد أثىن السلطان على ما يتصفان به. وقصا عليهم ما حدث من أحوال وحكايات» الدين ألتونبه

. ومتام النباهةويف تلك األثناء أثرت اآلالم العظيمة يف بدن السلطان، فقال األطباء

_________ولعل املؤلف يريد به امللك فخر امللة حممدا ابن امللك . فخر الدين: 295ع، ص . كذا يف األصل، وأيضا يف أ) 1(

راجع فهارس حتقيق اجلزء الثاين من . (د الذى توىل ملك الديار املصريةوفخر امللة هو نفسه امللك الكامل حمم. العادل، حتقيق الدكتور مجال الدين الشيال، طبع مصر 411كتاب، مفرج الكروب يف أخبار بين أيوب البن واصل، ص

1960.(

)1/151 (

ع حدوث خطر عظيم، واملأمول أن لو وصل إليه حد املبضع لكان من املتوق : الذين كانوا موجودين عندئذ) 1(احلاذقون

فلما حضر . اجلراح» فاسيل«ولفرط العجز يئس السلطان من احلياة، مث أمر باستدعاء . تظهر رأسه بالضماد واملرهمقد نضجت متاما، فوضع رأسه يف معرض اخلطر، وأعمل املبضع، فاندفع القيح والصديد يف احلال، ] اجلرح[رأى أن مادة

الطست، وكان الرمي كلما اندفع تسللت الراحة إىل نفس السلطان، فلما تطهر اجلرح كلية غلب عليه » قراطاي«وأحضر . النوم، وظل ساكنا يوما بليلة، فخاف الناس من تلك احلالة، وظنوا أن حمذورا رمبا يكون قد وقع

: أحس قبل ذلك براحة كبرية، فقالاجلرح بالقطن، وكان قد ] جتويف[لكل ميأل / فلما استيقظ السلطان طلب اجلراح، فإذا هبذا الرجل الذي كان يشعر كل صباح »فاسيل«من يشعر باالرتياح لسالميت عليه أن يبادر باإلغداق على

، وحياكي البحار واملناجم عندما حل الليل لكثرة ما تكبد أمراء الشام »قارون«، يباهي )2(بالغصة لتدبري قوت يومه . ة من اخلواتني من إغداق عليهوالروم والنسو

وأمر بالبدء يف هتيئة األسباب إلقامة . وبعد ذلك بأسبوع واحد أو أقل اندمل اجلرح فعزم السلطان على اخلروج للنزهةاحلفل فزينت املدينة، وكان األمراء والقادة الشاميون قد صاغوا سبعة قصور من الذهب والفضة وزينوها بأنواع اجلواهر

___ ______الصدر فريد الدين حممد اجلاجرمي، وبدر الدين ابن «: على هذا النحو 296ع، ص . ذكرت أمساؤهم يف أ) 1(

احلريري الذي نظم كليات القانون، وعز الدين ابن هبل املوصلي، وتقي الدين الرسعين الطبيب، وصفي الدولة

.»النصراين

.رابونص األصل ال خيلو من اضط 297ع، ص . قارن أ) 2(

)1/152 (

بطفراهتم ) 1(ووضعوها فوق ظهور البغال، قبل وصول مهد العروس، وأخذ الالعبون حبركاهتم اجلميلة واملشعوذون . السريعة املتقنة يستعرضون مهاراهتم وفنو�م

رم من ، فتعهد تلك الضيافة بصنوف الك]فبذل له السلطان ذلك[أن يكون عديال للسلطان، » خرتربت«والتمس ملك . بذل الدينار والدرهم، وقضوا أسبوعا بأكمله يف املتعة واللهو

ويف اليوم الثامن بدأ السلطان االحتفاالت العامة، فدعا إليه أمراء الشام، واعتذر عن ما كان قد وقع هلم من تأخري يف

على سالمة املهجة وحصول الغربة بسبب ما أمل به من تعب، فوضعوا رؤوسهم مجيعا على األرض، ومحدوا اهللا تعاىل. البهجة

بالرداء األزرق القامت، وجتلت البنات الشبيهات باليامسني ذوات القدود الفضية من سقف ) السماء(وملا تلفعت أم الدينا السيارة، مساء الزوردية مملوءة بعرائس النجوم) 2(» ولقد زينا السماء الدنيا مبصابيح«القصر األزرق، وبسط فراشو قدر

، تبخرت السلطان يف حجال اجلالل، وحلق حبرم الوصال، ورأى من الواجب فض اخلتام )3(وتظاهر احلرفاء بالتساكر وبذل بسبب تلك السعادة كنزا الئقا ألولئك الذين قدموا من جانب الشام على / وقض الرخام يف احلال

_________. ل، وشعبذ، مهر يف االحتيال وأرى الشيء على غري حقيقتهمشعبذان، عربية األص: كذا يف األصل) 1(

. 5سورة امللك اآلية ) 2( .إظهار السكر وليس بسكران: ، لعله تساكر)لفظ عريب األصل(تشاكر : يف األصل) 3(

)1/153 (

). 1(أمل تنسم نسائم إنعام امللك املوفق، وجعل امللكة مالكة لكنوز قارون وحاكمة مللك فريدون . اليوم التايل خص أمراء الشام بتشاريف مثينة، وأجلسهم يف حمفلهويف

. كذلك قضى أسبوعا آخر يف اللهو مع األقرانويف اليوم الثامن أذن ألمراء الشام بالعودة واالنصراف مزودين بسائر األلطاف، وتوجه هو إىل قيصرية، ومن هناك إىل

. زينت وأديرت هبا آلة اللهو والسروروكان كلما بلغ مدينة من املدن . أنطالية

وقضى السلطان الشتاء وأيام الثلوج يف تلك الرياض واملروج، وحني بدأت رياح الربيع يف اهلبوب، وأخذ الربد يف الذوبان

كقلوب العاشقني، وشرعت عروق األرض يف الضرب واخلفقان كقلوب املشتاقني صدرت األوامر ألطراف البالد إىل . احملروسة» قيصرية«واألجناد كي حيضروا إىل األمراء

... _________

.إظهار السكر وليس بسكران: ، لعله تساكر)لفظ عريب األصل(تشاكر : يف األصل) 1(

)1/154 (

) 1( »حسام الدين چوبان«علي يد » السغداق«، وأخذ »القفجاق«ذكر السبب يف قصد السلطان فتح صحراء

ولية على العامل من العاصمة إىل قيصرية، دخل فجأة من باب احملكمة تاجر كان برأسه دوار من حني قدمت املظلة املستجراء سعيه حول العامل كالكرة وراء النفع والضر، فقد كان يداوم على عبور البحر، ويلقي بنفسه مستسلما فوق املاء

قد : ناء كالسوسن، ورفع يده بالدعاء كالرمان، وقالرغبة يف حتصيل الذهب؛ فأطلق لسانه بالث ) 2(» النيلوفر«كزهرة التعب يف طلب الرزق، ومل أر للسعادة والطرب وجها يف ليل أو �ار، وصرت أجرى وأركض أنا العبد الفقري- اخرتت-

ير والقليل فوق رطب الدنيا ويابسها، وأضعت العمر العزيز بددا يف اجلرى وراء الكث) الذي ما حتصل أبدا(خلف القوت بضعة دراهم مبئات من ضروب الغصص ) الدنيا(واتفق يل أن ادخرت يف قصر الفناء . إلشباع ما بالبطن من جوع

، وأخذت أتسمع وأنا يف ديار القفجاق والروس إىل ما اشتهر به هذا البالط من عدل /وصنوف املتاعب واآلالم، »اخلزر«تاب، وأردت أن أعرب البحر، فلما بلغت معرب وشرف، ومن اغتباطي بذلك وليت وجهي صوب هذه األع

. أخذوا مين كل مايل الذي أنقصت عمري يف حتصيله: ومل يكن قد أمت كالمه بعد حىت بدأ شخص آخر يف اجلهر بشكواه قائال

، فلما »حلب«كنت قد عقدت العزم على القدوم إىل هذه النواحي من جهة _________

أي أمري الرعاة، ومل يرد هذا اللقب ضمن ألقاب الدولة اململوكية اليت أوردها القلقشندي : وبانأمري چ: يف األصل) 1(ورمبا كان هذا اللقب من ألقاب تلك الدولة . يف صبح األعشي، وهي ألقاب متاثل ما كان لدى دولة سالجقة الروم

. خباصة .نبات مائي ينبت يف األ�ار) 2(

)1/155 (

أخذوا املال مين، فإن مل يكن لدى النصارى خوف من هذا البالط فمن أين لنا بعدل » ليفون«وصلت إىل والية . سلطان يعاجل لواعج هذا الظلم

أنا من سكان أنطالية، وضعت كل ما ادخرته طيلة عمري يف سفينة، وبادرت : وما إن أمت كالمه حىت صرخ آخر قائال

. ل ما كان معنا وأسر الكثريينبالسفر حبرا، فهجم الفرجني علينا وأخذ كحني وصلت هذه التظلمات إىل مسامع السلطان، متلكه الضيق واالضطراب كأسد العرين، وأمر بأن جترب أحوال التجار

، إنه مثل مشهور، لقد تركنا تلك »الروم إن مل تغز غزت«: يف احلال، والتفت إىل األمراء ومشاهري الديوان، وقاللفرط غبائهم وأخذوا يف اإلضرار بتجار ) 1(اكنة لفرط ما بنا من رمحة، فإن مل يقدروا هذه النعمة الطوائف آمنة س

فصاروا مشردين يف األقاليم خوفا ورعبا، فإننا ال شك نعذر بل ) 1(الديار الذين قد بذلوا أرواحهم مثنا لرغيف خبز . ملعك أذن أولئك الضالل) 1(مندح ونشكر إن حنن أرسلنا األبطال وفرسان الرجال

» سغداق«وكان من قدماء األمراء وكبار قادة السلطنة، بأن يسلك طريق چوبان- مث أمر ملك األمراء حسام الدين-، وسري األمري مبارز الدين جاويل چاشين گري واألمري كمنينوس جبيش كثيف إىل أرمينيا، وأمر بأن تسوى كل قلعة قائمة /

اب كخط من يظن ظن السوء، وأن ينكبوا أعداء دين اهللا نكبة يظل أثرها يف قلوب الكفار على ممر جبلي بالرت وأرواحهم حىت القيامة، وأرسل

_________ .304ع، ص . قارن أ) 1(

)1/156 (

جاعة مبارز الدين أرتقش جبيش جرار حنو الساحل، وسوف نبني فما يلي بالرتتيب ما كان لكل واحد منهم من آثار الش) 1(والصرامة

... _________

يف أثناء غيبة » كيقبادية«ذكر إقامة السلطان مبوضع : ترك املؤلف هنا فصال بأكمله يف األوامر العالئية، بعنوان) 1(. 310 -307انظر األوامر العالئية ص . األمراء

.وقد أشار املؤلف إشارة عابرة إىل مضمون هذا الفصل يف مقدمة املوضوع التايل

)1/157 (

ذكر عبور جيش السلطان حبر اخلزر بقيادة حسام الدين چوبان. بقيصرية، وظل يتطلع لسنوح الفتوح» كيقبادية«أقام السلطان زمنا يف

وكانت بومة اخلذالن وطائر اإلدبار قد قبعا على شرفات وحني عرب جيش امللك البحر قاصدا اخلزر، رأى أهل السغد-

إمنا : ابة من السفن والقالع قد جرت فوق سطح البحر، فأرسلوا رسوال الستقبال ملك األمراء قائالأن غ قصر زما�م-حنن مماليك ملك العامل نطيع أمره، فما الباعث على إرسال جيش كثيف إىل شاطئ البحر، فإن كان قد ظهر فتور يف

كنتم تقصدون الروس ندبنا لكم وجعلنا وإن. العبور فيمكن سداد ما عليها من غرامة) 1] (ورسم[أداء اجلزية . بصحبتكم وخدمتكم شبابا كأشجار السرو الطليقة لكي حياربوا األعداء بالسيف وال يضنون بأرواحهم

اجلواري املنشآت يف «وبعثوا برسول عن طريق الصحراء إىل ملك القفجاق أن أعالم عساكر السلطان قد توجهت يف فأرسل ملك . الناحية، والبحر ال يظهر للعيان من تواثب اجليش وحركته الدائمة/ ذهإىل ه) 2(» البحر كاألعالم

القفجاق يف احلال إىل ملك الروس، ومجعوا من قبائل الروس والقفجاق وعساكرها عشرة آالف فارس، وانتظروا ما يعود . به رسول أهل السغد من جواب من لدن األمري حسام الدين

ملك األمراء بدأ يتكلم كالما واهنا كبيت العنكبوت، وملا وصل الرسول إىل _________

. 311ع ص . إضافة من أ) 1( .وله اجلوار المنشآت يف البحر كاألعالم 24آية : إشارة إىل قوله تعاىل يف سورة الرمحن) 2(

)1/158 (

خمالفة التقصري اليت ارتكبناها، وحنن نقدم قدر اإلمكان-ب املتوقع من ألطاف ملك األمراء أن يعود لكي نزيل-: وقال. اآلن مخسني ألف دينار يف مقابل األمان الذي يعطيه لنا هذا اجليش

أنا ما جردت اجليش لكي أقايض سوق القتال بذهب كاسد، أو يرجح : فاستبد الضيق مبلك األمراء وسط البحر، وقالد لكل رسول وقاصد إلحباط العمل، فحني تلقيت أمر ملك العامل خضت عندي خبط أصحاب الفشل بالقول الفاس

أما من يدخل . جلة البحر بسفينة القلب، فكل من يلوي عنقه عن أمر السلطان لن أجعل طوق عنقه إال رباق اخلذالنكر كلها البحر بالتوفيق وعربت العسا. وأعاد الرسول يائسا. رأسه يف دائرة الطاعة فلن يذوق مين إال لذة املن والسلوى

. والسالمة، وحطت رحاهلا من الرطب على اليابسةوعند الفجر جاء . مث إن األمري حسام الدين أقام حفال، وظل إىل منتصف الليل يعطي الطرب حقه مع أمراء العساكر

هض اجليش وأن يرتفع نداء الطبول فلما مسع القائد ذلك أمر بأن ين. ظهر اجليش الغدار للرتك: فارس من الطليعة وقال

جيب علينا قبل أن تصل إليهم قوات يف ميدان املعركة ملددهم : مث قال للقادة) عليه السالم(» جربيل«ليصل إىل مسع

من الروس والسقسني أن نضع على أبداننا الدرع مكان الكفن، وأن نبذل يف مواجهتهم أقصى ما ميكننا من جهة، ، إىل أن )األبدان(طرب حني ينتظم اجليش وتتشكل الصفوف وتئن األرواح خشية مفارقة األشباح بشرط أن نص/ لكن

فإذا ما علمنا طريقة قتاهلم محلنا عليهم دفعة واحدة كي نظفر حبسن . يشن الرتك هجومهم الثاين، فتسكن ريح صولتهم. الذكر

ار مبعونة اهلواءلقد عرب جيش كالن : ومن اجلانب اآلخر كان الرتك يقولون

)1/159 (

. ، وقصد هذه الوالية فينبغي أن نستثري أبداننا ونركز بأفئدتنا على احلرب والقتال)1(فوق سطح املاء إىل هذا الرتاب

وحني خرج الطاووس املشرقي من احلجاب الفستقي، بدأ القتال بالنزال بني اجلانبني، فأخذوا يفصلون األرواح عن الصباح حىت الرواح، وميألون بالسيوف والرماح أرض الروس الواسعة بدماء األوداج، وكما جبلت الورود األشباح من

. يف هذا الفضاء الالزوردي مضت عساكر الطرفني إىل مضارب اخليام) 2(الصفراء كل واحد منكم : ثناء العقارفأقام األمري حسام الدين حفال، ونادى على األمراء والقادة الشاخمني برؤوسهم، وقال يف أ

واليوم، ظهر بعض الفتور عن . أكثر إعزازا مين يف خدمة عرش السلطنة، ولكن البد من التوافق والتآزر إذا محي الوطيستصعيد القتال مع األعداء، فإن مل نضح بأرواحنا غدا وفعلنا ما فعلناه اليوم لن يبقى لنا اسم وال ذكر يف الدنيا، فنكون

. خصومنا سواء بسواءبذلك كأجل، حنن مماليك سلطان العامل، لكنك لو أمرتنا الجتزنا حبصان االمتثال ألمرك : فأثىن عليه العظماء والقادة، وقالوا

. فنحن إمنا نذعن لكل ما تأمر به. والقبة الزرقاء كومضة الربق) 3(ذروة قصر اإلثين عشر بابا _________

. النار واهلواء واملاء والرتاب: وهي حسب مقولة الفالسفة القدماء- الكون األربعة- مجعت هذه اجلملة عناصر) 1(. يعين النجوم) 2(

.يبدو أنه يشري إىل بروج السماء، وتبلغ عدهتا يف علم الفلك عند القدماء اثين عشر برجا) 3(

)1/160 (

يف / ، واستغرق سائرهم بالبدن والروح)1(جراح ويف اجلانب اآلخر، كان الرتك قد شهدوا من جيش الروم ما ثخن من ونقمته، ولكن أما وقد وقع ما وقع ) 2(أهل السغد واخلزر يقرتفون الذنب وحتل علينا حنن غرامته : �ر من الدم، فقالوا

. فال جيوز التسليم مهانة وذلة

على املاء سارع حامل أعالم اجليش املنصور ويف الصباح الباكر حني ألقت الشمس درعا ذهبية يف هذا البحر الالزوردي برفع الراية، فتحركت اجلنود، وأخذت السحابة اليت كان وبلها املناصل واملعابل يف اإلمطار، فهجم األمري حسام الدين

يش يف مقابلة ريح النصر يف ج) 3(هجمة األسد، ودفع اجليش يف إثره اخليول دفعة واحدة، فلما نصبوا طرة الراية الرتك، ومزجوا بضرب احلسام دماء عروق أولئك الكفار العاقني بالرتاب، وسلك الرتك طريق اهلزمية، وعدوا الفرار العاجل

ودفع اجليش بتلك احلملة الشجاعة مللك األمراء حسام الدين جوبان عن عش القلب ما كان يرتدد عليه . نصرا مؤزراوق السماوات العلى، وتوجه اجليش حبسن الطالع صوب املخيم الذي كان وكرا لعقاب من أحزان، ورفع راية السرور ف

. الظفر وقد نال املقاصد واألماين ...

_________. يعين جرح العجم، ولعله يعين به اجلرح القاتل املهلك: زخم العجم: يف األصل) 1(

. 317ص . ع. فراسة، والتصحيح من أ: يف األصل) 2( ).8: 4صبح األعشى (» يف رأسها خصلة من الشعر تسمي اجلاليش«: بعض الرايات تتميز بأنكانت ) 3(

)1/161 (

ذكر تذلل ملك الروس وطلبه الصلح من ملك األمراء حسام الدين چوبان رمحه اهللا ب مع هؤالء إن جلب البالء على النفس وسلوك طريق احلر: حني علم ملك الروس بفساد حال رجال القبجاق، قال

القوم ذوي املخالب احلادة أمر بعيد عن العقل والكفاءة، وحيثما انتظم األمر بالشعر والنثر كان اللجوء لسفك الدماء . باحلسام والسنان فجاجة ونقصا

: فاختار رسوال ذا هيبة وفهم، صحيح العقل، وكتب رسالة تشتمل على ما يليليكن معلوما مللك األمراء أنين مذ مسعت أن رايات ملك العامل . ن كيقباد ألف عامأطال اهللا يف عمر السلطان عالء الدي

النواحي، اضطربت الروح يف جسدي، وأنا ال أدري ما األمر؟ ومن اخلصم واملنازع؟ / الغالبة وجيشه قد توجهت إىل هذهء الزكية على األرض هدرا، فما أنا إال فإن كان جيش القبجاق قد وقع حبماقته يف الضاللة، وأهرقوا الكثري من الدما

مملوك للسلطان، بكل إخالص ويقيين أنكم إن استخلصتم هذه الديار بالسيف البتار فلن يسلم لكم ضبطها . وإصالحها دون قائد، فاعتربوين أنا نفسي اململوك الذي استعملتموه هلا

الباب، وأن يرسل للسلطان مبينا له خشوع هذا اململوك وإنين أتوقع من حضرة ملك األمراء أن يبذل شفاعته يف هذا

. املسكني وخضوعه

فلما اقرتب السفري من . مث إنه أرسل الرسول بتحف كثرية من اجللود والكتان الروسي وعشرين ألف دينار مللك األمراء

اجليش، ودقق النظر يف اجلند

)1/162 (

. يا رب األرباب: سكت وقد طار لبه ومهس مناجيا اهللا قائال) 1(الرفعة والضبط والربط وخيمة العظمة وديوان ويف . وحني أبلغ ملك األمراء بوصول رسول ملك الروس أمر بأن يتقدم املضيفون إلنزاله يف خيام اإلكرام مبنتهى احلفاوة

يادة بكل أهبة ممكنة بأن يصطف وكان قد أمر قبل ذلك بتزيني الباب وخيمة الق. اليوم التايل أرسل يف طلب الرسولهناك عدد من الشباب املختارين وقد لبسوا السالح، وأن تنتظم خيول الدورية بالطوق واللجام مبحاذاة اخليمة، وأن

تغرق باقي اجليوش فوجا فوجا يف احلديد املذهب من مفرق الرأس إىل حافر احلصان فتقف يف كل ناحية وقد وضعت

. ألكتافالرماح على ااسرتاح املبعوث الروسي زمنا عند باب خيمة القيادة مث دخل حضرة ملك األمراء، فوضع رأسه بكل مذلة على األرض،

وسلم الرسالة والتحف فقبلها ملك األمراء مجيعا وفرقها يف احلال على اجليش، وأبقى عليه عنده ثالثة أيام مث دعا األمراء املا أن الروسي سلك طريق املداهنة فعلينا حنن إذن اإلبقاء على أحكام السلطنة وشرعتها، مث ط: وقال/ يف اليوم الرابع

ما من فكر وال رأي أفضل من : فما الذي ترونه صوابا يف هذا الشأن؟ قالوا مجيعا. نعرض أمره على حضرة السلطانهاوية اهلوان دون ذنب اقرتفه، بيد أنه ال إن السلطان ال يلقي أحد أبدا يف : فعندئذ استدعى الرسول وقال له. هذا

): بيت(يسمح بإمهال وال إمهال يف البطش باملتمردين، لو جعلت من نفسك مملوكا له ألصبحت ملكا، -

_________ .321ع، ص . قارن أ) 1(

)1/163 (

. ولو أذعنت ألمره ألصبحت موفقا مسددا

. سرا، وأن يعود ما يرسيه من أسس احملبة بالنفع عليهواملأمول أن يغدو كل ما يبتغيه ملك الروس ميمث صرف الرسول مزودا باخللع واهلدايا، وخبلعة من اخلاص السلطاين وقلنسوة سلطانية مغرقة، إضافة إىل رسالة مشحونة

. من الغنائم ماال يدركه احلصر» قسطمونية«و » سينوب«مث إنه أرسل بعد ذلك إىل . بفنون التعاطف

***

)1/164 (

رمحه اهللا » عالء الدين كيقباد«على يد حسام الدين چوبان يف أيام السلطان » السغداق«ذكر فتح صارت قلوهبم واهنة وظهور آماهلم مكسورة، وشرعوا يف إعداد » القفجاق«خرب كسر جيش » السغد«حني مسع أهل

. العدة وإرهاف األسياف وتثقيف األسنة، وتأهبوا للحربعد أسبوع نزل القائد جبيش جرار على باب املدينة، ويف اليوم التايل حني أخذ وجه امللك السيار يف التألق من حتت وب

والعدة من داخل / املظلة السوداء لليل، حترك اجليش فوجا فوجا كجبل من احلديد، واندفع الشباب احملاربون بالسالح

. ن وضراب حىت نسخت آيات النور بالظالم وطلعت كواكب الفلك األزرقاملدينة حنو اجليش، وظلوا يف حراب وطعاورغم أن عددا ال يدركه احلصر من العساكر املنصورة صار جمروحا وأصبحت دماؤهم يف ميدان املعركة مسفوحة فإن

. نقش وجود السغديني قد أحمى من لوح الوجود حبد السيف البتارظلة الشمس الذهبية فوق املهد املظفر للفلك، وتبددت ظلمة الدجيور بأشعة النور، حترك ويف اليوم التايل حني أضاءت م

، )1(اجليش من جديد، وخرج املشاة من املدينة للقتال وقد انطوى الدرع على الدرع، بينما أثار الفرسان األبطال الغبار حبكم ما كانوا قد فوىل جند اإلسالم األدبار-. واحلجارة وتقاطر بعضهم وراء بعض، وحاربوا بالنفط واألقواس والسهام

دفعة واحدة، فصار السغديون من الفرح ] للعدو [وأعطوا ظهورهم تواضعوا عليه فيما بينهم- _________

.326ع، ص . قارن أ) 1(

)1/165 (

ليهم العساكر املنصورة، وأعملت فيهم فلما ابتعدوا عن املدينة عطفت ع. كأ�م األسود يف الشجاعة، وانطلقوا يف إثرهم

. السيوف اجلسورة، وا�مر سيل من دماء الكهول والشباب يف األودية والشعاببتأييد اإلله إىل فراش حريري أسود، بينما وىل ملك األمراء وجهه-) 1(وملا حل الليل، أوى السلطان ذو السلب الذهىب

أما وقد طفحت : وبعد تناول الطعام جعل الرأي للمدام، وقال. إىل حيث يسرتيح وعظمة دولة السلطان وقوة اجليش-حالال وإن كان حراما، فلم يبق إلصالح شأن البدن- األرض بدماء الثماىل األشرار، فال بأس من أن نعد دم الدن -

. من دم العدو صاف وال عكر

إال أمساؤهم، إذ فجر حد السيف من سحاب وجودهم سيوال، وحني رأى كبار السن يف املدينة أن مل يعد من الشباب

إن بضعة آالف من الشباب البارع يف القتال املتقن لدقائقه قد ولوا وجوههم شطر إقليم العدم، فكانوا كاهلشيم : قالوافهذا . والتذلل/ تضرعتذروه رياح هيبة هذا اجليش، ومل يكن بوسعهم الصمود لغارة واحدة، فال حيلة لنا بعد هذا إال ال

). 2(» جزع وقلق بعد ما جرى الكتاب وسبق«الذي حدث لنا ما جنم إال عن ضعف الرأي وفساد التصور، ولن يفيد مث إ�م أرسلوا بضعة أشخاص ممن عرفوا باخلربة وطول التجربة إىل ملك األمراء، فقبلوا األرض حني مسح هلم بالسري،

أجل، قد بلغت : وقالوا____ _____

) املعجم الوسيط... (أخذ سلب القتيل، ما معه من ثياب وسالح وغريه : والسلب، ما يسلب، يقال: زرين سلب) 1(. ويعين به الشمس

.327ع، ص . وردت هذه اجلملة يف األصل باللغة العربية، قارن أ) 2(

)1/166 (

طف ملك األمراء لنا شفيعا، فالواجب عليه يف هذا جرائمنا وزالتنا أقصى الغايات، لكن األمر يسهل علينا إن جعلنا ل

، »إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه«: حيث يقول) 1(االقتدار االقتداء مبالك ذي الفقار ، ونتحمل غرم أموال التجار اليت )2(سوف نقدم كل ما يأمر به من خراج، ونؤدي كل ما يفرضه علينا من جزية

. هذا الساحل، ونبادر بطاعة كل من يسميه إلمارتنا وخدمته عن صدق نية وإخالص طوية ضاعت يفما تسبب يف حدوث هذه الواقعة إال شؤم رأيكم وسفاهة الشباب الذين : حني رأى ملك األمراء ذلك التضرع قال

ا من األعيان حلضرة فعليكم باالنتظار اآلن حىت أبعث واحد) 3(» كلحم على وضم«سقطوا بصحراء امللحمة السلطان، وأتشفع لديه كي مين عليكم، فإن فعل أمنتم من جور دورة الفلك اجلايف، وما وقعتم بعد ذلك أسرى ملثل

. هذه احملنة، بل لن تروا بعد من أذى أبداأهلها ما كانوا قد فلما تبدت للرسل ألطاف ملك األمراء من خالل تلك األلفاظ آبوا إىل املدينة سعداء، وقصوا على

: رأوه ومسعوه، وظلوا الليل بطوله). 4(كل من كان لديه شىء أتى به؛ فجمعوا خزانة هائلة من كل نوع من الناطق والصامت والصاهل والناطق

وعند الفجر حني أطفئ قنديل القمر، وأشعل مشع اخلميلة الزرقاء، أمر _________

. بن أيب طالب كرم اهللا وجهه يريد به أمري املؤمنني عليا) 1(

. 331ع، ص . قارن أ) 2(

. كذا يف األصل، بالعربية) 3(

.ساكت: ولعلها: ناطق: كذا يف األصل) 4(

)1/167 (

ملك األمراء بأن يلبس اجلند بأسرهم السالح، وجلس هو مع القادة أمام خيمة القيادة، فاندفع الناس صغريهم وقدمت اهلدايا، وصاح . كما خيتلط الذئب باحلمل لعدل ملك األمراء] باجلند[لطوا من باب املدينة، واخت/ وكبريهم

. لريفع سائر اجلند يد التنغيص والشحناء عنهم من اآلن فصاعدا: قادة السراياع لكي تقل أمخاس اخلاص السلطاين م كانت تسبق القمر يف السري- مث أمر ملك األمراء بتجهيز سفينة سريعة للغاية-

. اهلدايا األخرى يف صحبة رسول قد حتلى بآداب خدمة امللوك برسالة مشتملة على ذكر كل ما جرى من أحوال

ومهادنة ملك الروس، أمر » القفجاق«وكسر جيش » السغداق«فلما وصل الرسول إىل الديوان وأبلغ البشارة بفتح الذي كان قد سبق له أن [ما أمر بتسليم ذلك التاجر السلطان وهو يشعر بارتياح بالغ بأن يطلق سراح املسجونني، ك

أما الرسالة اليت كتبت مللك األمراء . إىل الرسول) 1] (استغاث واستعدى، والتمس العون من عدل السلطان ومرمحتهول باخللع مث إنه سري الرس. فقد اشتملت على شكر املساعي اجلميلة اليت جتلت من جانبه هو والعساكر يف تلك املعركة

. السلطانية اليت مت إعدادها مللك األمراء وسائر القادة من خزانة ثياب السلطنةقد جتاوزنا بشفاعة ملك األمراء عن سفاهة السغديني، ومنحناه ما اقرتفوه من ذنب، لكن بشرط أن حيل : وقال السلطان

عوض الوثن والناقوس، وأن يردوا ما قد أخذوه من جتار احملراب واملنرب وشريعة النيب عليه الصالة والسالم شعارا وقانونا . فإن هم أدوا هذه املهمات على الوجه األكمل، يعود ملك األمراء باجليش يف حفظ اهللا العادل. الديار

_________ .331ع، ص . زيادة من أ) 1(

)1/168 (

وخرج اجليش . جل التاجر عوض كل درهم ديناروما إن وصل الرسول حىت تلي األمر على رؤوس األشهاد، وحتصل للر فوق طبق / ، ووضع املصحف اجمليد)1] (امللونة[بأسره يف أهبته وزينته، وأقيم منرب كأوائل الربيع مزين بالثياب الفاخرة

وأذن املؤذن ذهيب، فأخذه ملك األمراء ووضعه على رأسه وأمسك راية السلطان بكفه، ودخلوا املدينة بكل أهبة وجالل، . على مكان عال، وحطم الناقوس املعمول به عند النصارى حتطيما كامال

، مث نصبوا مؤذنا )2] (مشروا عن ساعد اجلد وأخذوا يف تشييد مسجد جامع كبري فأمتوا بناءه[ويف أقل من أسبوعني

وتركوا أحد القادة مع فوج من اجليش حامية وخطيبا وقاضيا، وأخذوا من أبناء كبار األعيان عددا من الصبية رهينة،

). 3(هناك، وحني مت إعداد السفن وجتهيزها رجعوا بضمان السالمة يف صحبة ملك األمراء إىل حضرة السلطان ...

_________. 333ع، ص . إضافة من أ) 1(

. صل لركاكة عبارته واضطراهبا، وقد فضلناه على األ)333ص (ما بني احلاصرتني ترمجة لنص األوامر العالئية ) 2( .ع، أيضا. قارن أ) 3(

)1/169 (

ذكر توغل مبارز الدين جاوىل مع كمنينوس يف والية األرمن وفتح القالع حني قصد األمري مبارز الدين جاويل چاشين گري وكمنينوس بالد أرمينيا وفقا لألمر األعلى، رأوا طريقا صخريا وعرا

خرية غابة، ويف كل مكان قالع وبقاع وأماكن ومساكن، فتشاوروا، مث أمجعوا على أال جيتازوا ضيقا، وبعد املنطقة الص» چاشين گري«فأمر . ، وكانت قلعة حصينة ومعقال مكينا ضخما»جنجني«فوصلوا أوال إىل . قلعة إال إذا فرغوا منها

خيام كأ�ا اجلبال الرواسي على قالهلا، ويضربوا طوقا بأن يصعد اجلند اجلبل فوجا فوجا، وأن يثبتوا األعالم ويدقوا أوتاد. حول القلعة ذائعة الصيت) 1(

) 2] (تكور[إىل ليفون ملا حلقهم من عجز ومذلة- ويف اليوم التايل حبسوا األنفاس عن أهل القلعة، الذين كتبوا رسالة-فرجنة وكتب رسائل استغاثة، فتجمعت منهم أفصحوا فيها عن ما هم فيه من عجز وانعدام حيلة، فاستعان ليفون بال

. ، وحلقوا بليفون/مجاعة، محية وعصبية. استقر جيش املليك على اجلبل بينما نزلت جنود اخلصوم يف الصحراء

إن هذا اجليش الذي قد مجعه ليفون من كل : فلما حل الليل، وأقاموا احلفل، قال األمري مبارز الدين يف أثناء املعاقرةكان ليس له يف نظرنا وزن بوجه من الوجوه، ويف الغد عند انتصاف النهار حني تتوسط الشمس ميدان السماء حنيط م

. بنصرة أعوان الدين] تعاىل[مع مجلة الشجعان بالكفار، ونبذل ما يف الوسع، واملأمول أن يتحقق وعد احلق _________

. داركرد، وهو تصحيفكر: ويف األصل) 337ع ص . أ(حول : كرداكرد) 1( .ع، أيضا. زيادة من أ) 2(

)1/170 (

وعند السحر، ومع طلوع طاووس اخلميلة املوشاة بالزخارف، أقبل الصبح بضحكة طري احلجل الربي، فمضى اجليش [العمل، يف ) 1(وشرعت الردينيات . يرغي ويزبد كاألسد اهلصور وارتفعت يف اجلو من ألوان األعالم روضة ورد أخرى

باألبصار كأ�ا اليقظة والسهر، وحل السهم من صميم ) 3(عن األبدان، أخذت السمهريات ) 2(وحني مشروا األردان

القلوب حمل الفكر والتذمر، وأصبح السيف البتار حممول األعناق بدل الرؤوس، وسلب جيش اإلله بعظمة املليك لباس . ، فانطلق الصراخ من أعماق الكفار وقامت القيامة)4] (الوجود من قلب العدو حبملة واحدة

مث إ�م شنوا محلة واحدة على عساكر السلطان، فأمر القائد بأن حيكم الفرسان كافة اإلمساك بالعنان، فأحكم اجلند وعندئذ انطلقوا مجيعا . وفقا ألمر البطل، حىت أمخدت ريح الفشل جيش ليفون» ثهالن«الصفوف إحكام جبل

هب الراصدة للعفاريت وراء ذلك القبيل من عبدة الطواغيت، فضاقت هبم الصحراء على اتساعها بسبب ضربات كالش . السهام، وأخذ الفرسان يتعقبو�م خبيوهلم، فما من أحد وجدوه منهم إال أطاحوا به

. الظلمة مطأطئا رأسه كاملتظلمة/ وفر ليفون إىل اجلبل مع عدد من أولئكش السلطان فقد عاد بفضل الباري من املعركة بالكثري من الغنائم والعديد أما جي

_________. ردينيات، كذا يف األصل، كلمة عربية، مجع رديين وهو الرمح املنسوب إىل ردينة وهي امرأة اشتهرت بتقومي الرماح) 1(

. مجع ردن، وهو أصل الكم) 2(. ل إنه منسوب إىل مسهر وهو رجل كان يقوم الرماحمجع مسهري وهو الرمح الصلب العود، ويقا) 3(

338ع، ص . إضافة من صاحب املختصر ال وجود هلا يف األوامر العالئية، انظر أ) 4(

)1/171 (

فلما شاهد أهلها تلك احملنة من عل استبدت هبم احلرية . من أسرى الفرنج وكفار تلك الديار، ووقف حبذاء القلعة. وركبهم االضطراب

وأمر األمري مبارز الدين بإقامة احلفل، فتغىن املطربون مبقدمة رائعة يف زوال نوبة دولة الكفار، وشنفوا األمساع بشجاعة

. أبطال احلرب بأحلى نغم وأصدق قولد ق: ويف الصباح نزل أحد القساوسة من القلعة وقد ختضبت عيناه بالدماء، وقبل األرض أمام قائد جيش السلطان وقال

بقينا مجيعا عاجزين عن العمل، ونثرنا نقد العمر يف ريح اخليبة من تعب احلصار، لقد سعيت ورأسي بني كفي إىل . القائد، ألنظر ما هو صانع

ال ذنب لكم يف األمر، وإن كنتم تبغون صالح أمركم فيتعني عليكم أن ترتكوا السالح وذخائر : فقال األمري مبارز الدين

. وحتملوا كل أمتعتكم الشخصية وترحتلوا إىل حيث تريدون، ولتكونوا آمنني من ناحية اجليش القلعة حيث هي،

فأخلوا احلصن، ونصبت راية السلطنة على شرفات . فطلب القسيس احلجة على ذلك، فكتب يف احلال كتاب األمان. القلعة بالظفر والبهاء

عيش سائر اجلند، ورفع لواء السعادة، وضم تلك القلعة إىل وكتبت يف احلال رسالة مشتملة على كسر األعداء وخفضلكن ال بد / وذكر األمري فيها أن املعاقل واحلصون يف هذه املناطق كثرية، واألمل أن يتيسر فتحها مجلة،. سائر املمالك

. من إرسال املعدات واألسلحةإن كان السلطان يعاقب : الذل بألف ضراعة قائلنيوما إن انطلق الرسول، حىت وصل مبعوثو ليفون فجأة، وعربوا عن

على قدر اجلرم، فحسب هذا

)1/172 (

إنين ألتزم بأن أرسل كل سنة قصرية عن طويلة ألف . اململوك املقرتف للذنب ما ناله من تنغيص وتوبيخ يف هذا التاريخ

. اخلراجفارس ومخسمائة قواس، وأشرف السكة بألقاب السلطان املوفق، وأضاعف وقد بلغ ما فتحه من القالع األخرى بتلك الوالية حىت عودة . فبعث ملك األمراء رسوال بالرسالة إىل حضرة السلطنة

مث إنه أرسل رسالة أخرى إىل السلطان بأن الواليات قد اتصل بعضها . الرسولني ثالثني قلعة نصب على كل منها حمافظا. ببعض، ومل يبق فيها من حصن غريب

رب السلطان صفحا عن جرائم ليفون، وأرسل عهدا، كما أنفذ أمرا مشتمال على إزجاء الشكر حملامد ملك األمراء وضوأمر بأن يتم استيفاء أموال التجار بأسرها من الوجوه اليت تيسرت بفتح القالع، وأن يتم تسليم . وكمنينوس ومساعيهما

د بالعودة إىل األوطان، ويشخص ملك األمراء وكمنينوس مبفردمها إىل القالع والوالية لألمري قمر الدين، ويسمح للجن. احلضرة السلطانية إلبالغ ما حدث مشافهة، ويناال أمت حظوة باللقاء امليمون للسلطان

***

)1/173 (

ذكر فتح قالع السواحل على يد مبارز الدين أرتقش

ارز الدين جاويل إىل السغداق وأرمينيا، إنصرف مبارز الدين يوم أن انطلق ملك األمراء حسام الدين أمري چوبان ومبو » مافغا«، فاستحوذ على أربعني قلعة مشهورة مثل /حنو السواحل وكان مملوكا للسلطان- ) -1(أرتقش األتابك

. »أنامور«و ) 2(» اندوشنج«

حلرب، لكن تواتر الضرب من قبل أهل ورغم أن الفرجنة قد شحذوا يف أول األمر أسنان اخلصام كالتماسيح وأزمعوا ا

احلرب على يوافيخهم محلهم على إرخاء عنان اال�زام مضطرين، وسلموا احلصون والقالع، وركبوا السفن يف جنح . الظالم، وسلكوا طريق األمصار

األمان وسلموا فلما رأى سكان القالع أن بقاعهم قد خلت من احلامي واحلارس والرامح والتارس اضطروا لطلب . القالع للمماليك

وقد عرض األمري مبارز الدين أخبار الفتوح وقال إن أمور السواحل قد ضبطت وفق رأى املماليك ورغبتهم، فإن أذن لنا . السلطان انطلقنا صوب جزر الفرنج

وأن يشخص مبارز دته-فأمر السلطان بأن تؤدى أموال التجار بالتمام والكمال، وأن يسمح للجيش بالعودة إىل قاع.. اختذ ما كان ضروريا لتدبري األمر، [ووفقا لألمر األعلى . الدين إىل الديوان حامال معه كل جليل وحقري من املهمات

مث عزم _________

» املقامليس له وظيفة ترجع إىل أمر أو �ي، وغايته رفعة احملل وعلو «لقب شريف، ومعناه األمري الوالد، و : األتابك) 1(). 19: 4صبح األعشى (

.343ع، ص . اندوسح، كذا بدون نقط، والتصحيح من أ: يف األصل) 2(

)1/174 (

. حيث قبل اليد، ونال تلك السعادة يف قيصرية احملروسة) 1] (على االرحتال للمثول يف احلضرة السلطانيةوحات وهرعوا إىل البالط يف قيصرية، وكانت األشجار وكان فصل اخلريف قد حل حني فرغ األمراء مجيعا من مهام الفت

. فقضى الشتاء هناك يف مرح وحبور» أنطالية«قد تعودت على نثر الذهب بدال من نثر الفضة، واجته السلطان إىل

... _________

.يقتضيها السياق 344 -343ع، . إضافة من أ) 1(

)1/175 (

صاحب أرزجنان على حضرة السلطان ووصف أرزجنان ونواحيهاذكر وفود امللك عالء الدين داود شاه الدين هبرامشاه على سدة امللك والقيادة، انقاد له ملك / ملا جلس امللك عالء الدين داود شاه بعد أبيه امللك فخر

بات نسيم صباها مدينة أرزجنان وواليتها اليت تعد أفضل البقاع وأنزه األماكن والرباع، حيث جيري �ر الفرات دبرها، وه

ومع أنه كان ذا نصيب وافر من كل أنواع العلوم، فإنه انشغل بارتكاب املناهي ومتابعة . ملؤها البنفسج والورد الربي ومل يكن يعري أذنا صاغية لنصائح كبار السن واملشفقني أويل . املالهي واالستبداد بالرأي واالستماع هلذيانات قرناء السوء

وعقد العزم على التنكيل بأمراء مملكته وتصفيتهم، فقتل بعضهم وكبل البعض اآلخر، وآثرت طائفة .الرأي والتدبرياالرحتال عن ديارها وأمواهلا حذر املوت، فأزمعت اجلالء مولية وجهها شطر السلطان، فعرضوا عليه سوء أعمال امللك

. وقبح فعاله فأكرم السلطان وفادهتمالء الدين بوجوب إطالق سراح األمراء السجناء ورد ما قد أخذه منهم، فإن اسرتضاهم وكتب رسالة خطية للملك ع

). 1(وعمل على هتدئة خواطرهم أرسل إلينا بذلك فاعتذر امللك بأن هؤالء اجلماعة سلكوا معي طريق اجلفاء والالمباالة، ووافقوا خصومي، وحني حتققت من أمرهم

ل السلطان بتوجيه العتاب، حىت محله بالوعد والوعيد على إطالق سراحهم، وكف يده عاملتهم مبا يستحقون، فبدأ رسو. وأعاد الرسول مقضي الوطر. عن أمواهلم وممتلكاهتم

_________ .346ع، ص . قارن أ) 1(

)1/176 (

احد منهم إقطاعات وحني وصل األمراء األسرى إىل أعتاب السلطنة حظوا باملودة الكاملة والعطف البالغ، وعني كل و. »كمال الدين كاميار«مشبعة مغنية باقرتاح

ا مسع امللك عالء الدين أن كبار رجال مملكته قد انتظموا يف سلك مماليك دولة السلطنة، وأن التكرب والغرور قد أخذ ومل

بلغ به الضيق مبلغا من من أتباع أولئك األمراء لذلك كل مأخذ فشرعوا يف التحكم يف نواب أرزجنان واإلزراء هبم؛

من أسباب السفر ما يليق بأبواب السالطني وما وهو يف حالة من احلزن واألمل واخلوف- احلسد والغرية لذلك فأعد -وانطلق صوب بالط السلطان، فلما حلق حبدود قيصرية سارع . تتم به استمالة خواطر األكابر من التحف واهلدايا

. ه، ومحلوا إليه الكثري من األنزال واألمحالضيوف الشرف اخلاص الستقبالويف اليوم التايل خرج السلطان الستقباله، وحني وقع نظر امللك على مظلة السلطان، نزل من فوق احلصان، فتقدم

اليد، األمراء بأمر من السلطان وأركبوه ثانية، فلما اقرتب أراد أن ينزل مرة أخرى فمنعه السلطان، وتشرف امللك بتقبيل وهو على ظهر احلصان، فاحتضنه السلطان، وأخذ يسأله عن املشاق اليت تكبدها يف الطريق، فالتمس األعذار بعبارة

. عذبة حلوة، وكان السلطان قد جتشم الركوب متبادال معه احلديث سائال إياه عما طرأ من أحوال

بينما ذهب هو مع األمراء وضيوف الشرف إىل النزل »كيقبادية«وملا اقرتب من املدينة لوى السلطان العنان صوب

، وهي ذات حبال حريرية، »أرزجنان«فنصبوا خيمة امللك اليت كان قد أحضرها معه من . الذي كانو قد حددوه سلفا

بأمر امللك- إىل» جنم الدين ولد الطوسى«ويف اليوم الرابع محل األمري . وظلت املوائد ممدودة بأنواع األطعمة ثالثة أيام عشرة آالف دينار وحزاما السلطان-

)1/177 (

. مرصعا وقلنسوة مغرقة باجلوهر وجبة ملكية نسجت خبيوط الذهب وحصانا عربيا من جنائب اخلاص، ورحب به: لوكالء نفقة امللك، فكانت/ وبعد ذلك أحضر ضيوف الشرف السندات

ل من القمح، وسندا مبائيت محل من احلمر، وعشرين ألف درهم نقدا قيمة سندا بألفي رأس من الغنم، وسندا بألفي حم

فأزجى امللك الشكر على النعم اجلزيلة لعاهل العرش والسيف وقضى ذلك اليوم ). 1(احلوائج من الشمع والسكر وغريه

. مع أهله يف سرور ورغدلعل : عند السلطان أعاد تقبيل اليد، قال السلطانويف اليوم التايل لبس اخللعة السلطانية وركب حصانه، فلما وصل

امللك قد اسرتاح من عناء الطريق، وهجع على فراش الراحة، فأثىن امللك عالء الدين على عاهل الزمان واملكان ثناء وحني عطف السلطان العنان حنو اإليوان، أدى امللك اخلدمة مث ذهب إىل. كثريا، مث تنزها سويا يف صحراء املشهد

. خيمتهمن قبل السلطان خبلعة أعلى قيمة من األوىل، كما أحضر » جنم الدين ولد الطوسي«فلما انقضى نصف النهار قدم

أمري اإلسطبل خيوال عربية مزينة بطوق وجلام من الذهب، وأبلغا سالم السلطان، إذ أن امللك قد تكبد املشقة زمنا، ): بيت(

. فلنضرب عن الدنيا صفحا بإرادة من قلوبناما دمنا نشرب اخلمر اليوم معا، -

لبس امللك اخللعة وركب على مركب من مراكب اخلاص، فلما بلغ _________

.349ع، ص . قارن أ) 1(

)1/178 (

اإليوان وجاء نظره على السلطان وضع رأسه على األرض فنهض السلطان وبالغ يف إعزازه وتكرميه، وحني دارت الكؤوس بضع دورات أخذ امللك يثب من مكانه بسبب غرور الشباب والشعور بالسعادة، وترك عنان الكالم يف يد اللسان الذي

ال ينبغي أن تقال، وحركات ال يصح أن تفعل، وكان السلطان تنتج منه معظم آفات الروح، وأخذت تصدر عنه كلمات

. وظل عشرة أيام حيضر كل يوم يف احلفل امللكي الذي تستنري به الدنيا. يكرمه جبر ذيل العفو على هفواته. عذرمن قبل السلطان خبزانة يكفي ما هبا نفقة ألف ملك، والتمس ال» جنم الدين«/ ويف اليوم احلادي عشر أتى األمري

الرتمجان معاهدة حمكمة خبط السلطان الذي هو اجلوهر املنثور » سعد الدين كوبك«ويف اليوم التايل كتبت على يد طاملا أن داود شاه حيفظ عهدنا من صميم القلب، وال يصادق خصومنا، وال يرسل إىل كل دار من : ، جاء فيها)1(

ضاء، فالبد أن يشهد من جانبنا املدد والتوفيق واجلاه، أما إن باشر الديار من املكاتبات ما يدل على الشحناء والبغوأرسل املعاهدة إىل امللك وأمره . خالف ما مت االتفاق عليه وما هو متوقع منه فسوف يلقى من اجلزاء ما يستحقه

تقره، وظل السلطان مدة باالنصراف قرير العني إىل عشه وداره، فقدم يف اليوم التايل لوداع السلطان، وتوجه صوب مس. يف قيصرية، مث انطلق إىل الساحل

... _________

).351. ع. انظر أ. (كهرباء، وهو تصحيف: كهربار، ويف األصل) 1(

)1/179 (

وأمر السلطان بإعمارها» قباد آباد«ذكر

فرأى موضعا » أكريناس«تنزهات حني طوى السلطان تلك املراحل على الصافنات اجلياد، واجتاز العاصمة، وصل إىل م) شعر(بلغه الختار مفارقة اجلنان وعض بنان احلرية » رضوان«لو أن

يف كل ركن عني ملاء . ... -ببقع الدم مبا عليها من زهور الشقائق- أرضها من اخلضرة فريوزية اللون، امتألت- -الورد، كأ�ا قطرات من النور القطرات من املاء

وهناك حبر أخضر . ... -بأ برائحة املسك واألرض مملوءة باملناظر، يرتع الصيد من كل نوع فيها بال وجلاجلو مع -. ماؤه عذب كاللنب، مملوء مبوج كأنه حرير الصني

. وهناك عني جارية على طرف البحر يغدو كبري السن برؤيتها شابا -

بأن يبدأ ببناء عمارة تزري جبماهلا ببيدر مريا للصيد والتعمري-الذي كان أ فأصدر السلطان أمرا إىل سعد الدين كوبك-وخط السلطان وفق تصوره واختياره رمسا . ، على أن يعلي بناءها)1(الفردوس، وحتطم بإبداعها رونق السدير واخلورنق

. لتلك العمارة، وعني لكل موضع قصرا

مناظر مجيلة، ويبث النشاط يف الروح من جواسق مرحية، عقدها فأمت سعد الدين كوبك إنشاء ما يبعث على البهجة من

املقوس يسامت قبة الفلك األعلى،

_________السدير واخلورنق قصران بنامها ملوك املناذرة يف العراق، األول قرب احلرية والثاين قرب النجف، وكان يضرب هبما ) 1(

.املثل يف الفخامة والبهاء

)1/180 (

. ه الفلك من تراهبا الفريوزي والالزوردي، فصار ذا لون أزرق مزعفرقد غار وجهي أكثر زينة من أرواح ذوي العفة، وأعظم اتساعا وأعظم وأوىف متاعا من صحراء القناعة؛ وذلك يف أقل مدة وأقصر

. زمان وفقا لألمر النافذ

. »عالئية« و» أنطالية«مث إن السلطان لوى عنانه بعد تزويقها وتنميقها صوب ***

)1/181 (

ذكر أسباب أطماع السلطان يف انتزاع أرزجنان من قبضة متلك عالء الدين داود شاه الشباب على أن يرسل رسالة إىل امللك / حني انطلق ملك أرزجنان منصرفا من خدمة السلطان وحلق ببالده محله بطر

رغم أين نلت يف هذه املرة من : قال فيها» أرزن الروم«ركن الدين جهانشاه ابن مغيث الدين ابن قلج أرسالن صاحب

، فإين ال آمن من قبل أمرائي املقيمني هناك، واملتيقن أ�م البد أن )1(حضرة السلطان الكثري من الذهب وطالوة القول عمك أيها حيرضوه على طردي من هذه اململكة، فإذا ما تيسر له ذلك فلن يبقي عليك أو حيابيك، رغم كونه ابن

فإن كنت . امللك، وسوف أفرق حقائب اخليل واخلزائن خفية بني مجوع اجلند، وأصرف مهيت هذا الشتاء كله على ذلك

. حريصا على اإلبقاء على رأسك وملكك، فأظهر الوفاق معي يف هذه القضية، وابذل ما يف وسعك من عملووحيدة عصرها يف اجلمال، وخفة اليد، والدعابة، والغناء وكانت عنده مطربة تضرب على العود، هي فريدة دهرها

وكان فحوى رسالته . فبعث هبا مع الكثري من اهلدايا إىل امللك األشرف. وحسن األحلان، وروعة الصوت، ودقة األداءأقضي به ) 2(فداء ألتباعك ومما ليكك كي تسلمين بدال منها يف بالدك موضعا خصيبا » كماخ«أنين أجعل قلعة : إليه

. وأنا فارغ البال آمن قل أو كثر مما ال علم آلدمي به- ما بقي يل من عمر-كما بعث برسالة بنفس املعىن مع الكثري من اهلدايا إىل السلطان الغازي

_________

. 354ع، . زور زبان خوش، وهو تصحيف، راجع أ: يف األصل) 1(

.356 ع،. حصنت، وهو تصحيف، راجع أ: يف األصل) 2(

)1/182 (

إ�م لو اغتالوا السلطان : يقول فيه) 2(» نو مسلمان«وأرسل مكتوبا إىل عالء الدين ). 1(جالل الدين خوارزمشاه » -أرزجنان«مبا تشتمل عليه من ذخائر، وسيجعل من » كماخ«وبعثوا روحه الطاهرة إىل عليني، فإنه سيسلمهم قلعة

]. اإلمساعيلية[مركزا لدعوهتم وهي مستقر دولة آبائهم من قدمي-لقد اختلط عقل هذا املسكني وانقلب به عرشه، : املعاين مسع السلطان أغرق يف الضحك وقال/ فلما بلغت هذه

): بيت(

فإنين أمتشق له سيفي الرباق ... ألن أمره مل يتيسر بالذهب، -

يف اجليوب، اعتزم السلطان على الرحيل من الساحل وحني وضع ماشطو الغيب لعروس الربيع املسك يف األكمام والورد. دون إبطاء» قيصرية«وظل هناك شهرا، وعزم من مث على التوجه إىل » قباد آباد«متوجها إىل منطقة

بفعل حتايل املطربة وخداعها، وأرسل » امللك األشرف«وقد �ض _________

، فحشد 617دولة اخلوارزمية بعد وفاة أبيه عالء الدين حممد سنة السلطان جالل الدين خوارزمشاه، توىل حكم ال) 1(إىل التحرك » چنكيز خان«الفلول املبعثرة من القوات اخلوارزمية ونازل هبا املغول فأوقع هبم هزائم متكررة، مما اضطر

ن أعاد تنظيم صفوفه، وتشتمل بنفسه حملاربته، فهزم جالل الدين الذي فر إىل بالد اهلند، مث عاد مغربا مرة أخرى بعد أ. هـ 628الصفحات التالية من هذا الكتاب على وصف فريد جلانب من الفرتة األخرية من حياته، وقد تويف مقتوال سنة

. أي املسلم اجلديد» نو مسلمان«هو جالل الدين احلسن املعروف ب : نو مسلمان) 2(، فأظهر احليدة عن املذهب اإلمساعيلي، ومحل أتباعه على 607سنة » أملوت«جلس على عرش الدولة اإلمساعيلية يف

عدم الغلو واتباع رسوم الشرع، وأقام عالقات وطيدة مع اخلليفة العباسي وسائر ملوك اإلسالم الذين اغتبطوا هبذا م، ص 1975دولة اإلمساعيلية يف إيران، طبع مصر : حممد السعيد مجال الدين: انظر. (618التغيري، وقد تويف سنة

).، وما بعدها225

)1/183 (

. ، فجاء وأقام بأرزجنان مدة، مث عاد خائبا]عالء الدين[ملدد امللك » احلاجب«

ولقد حال آمراؤه الكبار بينه وبني إظهار اآلراء الفاسدة إعالن البضاعة الكاسدة، وقالوا إن الصواب أن حنمل أبناء تلك األفعال، ونرفض بعضها باإلنكار واجلحود، فاستحسن امللك ذلك، امللك إىل السلطان رهينة ونلتمس األعذار عن

. وأرسل األبناء يف صحبتهم إىل حضرة السلطانوكان السلطان قد مسع من قبل بتلك األمور، فأمر أمراء السلطنة بالتوجه كل واحد على حدة باجليش الذي يتوىل كل

جتمع فجأة يف تلك املناطق من العساكر املنصورة حشد هائل، ، حىت »كماخ«و » أرزجنان«منهم قيادته إىل حدود ووفقا لألمر األعلى جتمع على باب كل . وأغلقوا طريق القالع كي ال يلجأ عالء الدين فجأة إىل قلعة منها فيطول األمر

. حصن جيش هائلوفجأة أبلغ بأن موكب . لطانإىل حضرة الس/ وحني ارتد امللك خائبا من كل النواحي أخذ يبحث عن وسيلة يذهب هبا

جبنود ال حصر هلا، وحلق حبدود أرزجنان، فجاء لالستقبال مضطرا دون إعداد هدية » سيواس«السلطان قد اجتاز ختوم أو تقدمة مع عدد من خواصه، والتقى يف الطريق باألمراء الكبار، فسارع األمراء إليه وتعانقوا، وأبدوا أبلغ التعاطف،

. حضرة السلطان يف صحبة الصاحب ضياء الدينوأرسلوه إىل ، »آبكرم«مع » آقشهر قونية«مل يذكر السلطان شيئا قط مما كان قد نقل إليه عنه، بل تودد إليه، وأنعم عليه فأقطعه

. »آقشهر«وبعث به يف صحبة غلمانه وقادة جيشه القدماء إىل لوم سيما النجوم، وكان يتقن أجزاء املنطق والطبيعي واإلهلي قد ازدان بأنواع الع» عالء الدين داود شاه«كان امللك

ويف. وكان ينظم شعرا كاملاء الزالل بل كالسحر احلالل. إتقانا كامال، كما كان يتمتع بنصيب وافر من الرياضي

)1/184 (

: تلك األيام أرسل هذا الرباعي حلضرة السلطانألمل، ووجه اخلصم قد اصفر خوفا منك أيها املليك، إن قلب أعدائك قد أوجعه ا

واحلق أنه برغم ما أعانيه من غصص وآالم

وخبز بارد ) أي ماء حار(» آب كرم«فحسيب أن يكون يل يف ملكك . غري أنه بدد ذلك امللك القدمي بشؤم القرناء األشرار، والندماء املفسدين واجللساء اجلاهلني

أعطاها للملك » أرزجنان«ايل دخل السلطان املدينة بعون اهللا، فلما استخلص ممالك ويف اليوم الت . لنعد إىل ما كنا فيهجد سالطني الوقت، وصرف مبارز الدين أرتقش لكي يكون أتابكا له، وخصص هلم الكثري » غياث الدين كيخسرو«

» امللك الكامل«ن جهة من اخلزائن وما ال حصر له من اجلند وملا كان قد علق باخلاطر الشريف للسلطان غبار م

و » صالح الدين«كانت مهتة منصرفة دائما حنو غزو الشام للمبادرة باجتثاث جذور أبناء [» العادل«/ وأوالد

حفيد ) 2(» عز الدين«فوض والية العهد للملك ) 1] (فلما منح أرزجنان للملك غياث الدين. »شريكوه«و » العادل«

. لف بذلكامللك العادل، ومحل األمري على احلنظام الدين «وقد ارجتل ). 3(» العادلية«امللكة ] أبناء[، وكان أيضا من »ركن الدين«كما فوض والية الشام إىل امللك

أمحد _________

. 359ع، . إضافة من أ) 1(. يريد به امللك عز الدين قلج ارسالن بن السلطان عالء الدين كيقباد نفسه) 2(

وهى بنت امللك العادل األيوىب، وكان . سريد لقبها ىف سائر املواضع بعد ذلك العادليةو. العادلة: ىف األصل) 3(انظر ما سلف، (السلطان عالء الدين كيقباد قد تزوجها لتوطيد أركان ملكة بدعم عالقاته بإخوهتا ملوك الشام واجلزيرة

الذى واله أبوه والية » الدين قلج أرسالنعز «وأخيه » ركن الدين«وانظر ما حل بامللكة العادلية وابنيها ). 150ص .من هذا الكتاب 254 -253عهده، ىف ص

)1/185 (

: يف ذلك الوقت هذا الرباعي) 1(» األرزجناىنحني جددت رسوم اإلسكندر ) ... 2(» الشام«قد أضأت صبحا من أجل

قوانني السلطنة ) 3(وقننت ... وجعلت الشمس راية للملك

و » أرزروم«السلطان من مهمات أرزجنان واختذ االحتياطات الالزمة للقالع، أمر اجليش بأن يهاجم وحني فرغ . »حىت يرى أي طريق يسلكه معنا امللك ركن الدين جهانشاه وامللك مظفر الدين حممد«، »وكوغونية«

لكثري من التحف خلدمة اجليش، وأرسل بورود العساكر تقدم بقدم التواضع والتذلل وسري ا» ركن الدين«وملا علم امللك ما أنا إال مملوك مسكني، فإن كان األرزجناين : أمريا من أمرائه مع كنز رائع إىل حضرة السلطان، وأعطاه رسالة مضمو�ا

أنا مملوك طاملا كنت حيا، أقود حصان اإلخالص مسرعا يف طريق الوالء للسلطان، . اجلاين قد مترد، فقد نال جزاءه أنا اململوك الربيء- وأال يوجه السلطان عتابا يل-) 4(مول أن تتلى يف شأين اآلية الشريفة وال تزر وازرة وزر أخرى واملأ

. »داود شاه«على ذنب _________

طبع 1283: 3ذبيح اهللا صفا، تاريخ أدبيات در إيران، : من مريدي الصويف املعروف جالل الدين الرومي، النظر) 1(

. ش. هـ 1352طهران

: فيها تورية ملعناها الفارسي، وهو الليل، وهبذا يكون معىن الشطر» شام«كلمة ) 2(

. قد أضأت صبحا بالليل. 359ع، ص . انظر أ. وهو تصحيف» مفنت«يف األصل ) 3(

.164اآلية األنعام-) 4(

)1/186 (

مشله السلطان بعنايته لفرط كرمه، وقرر له أرزن الروم /فلما وصل الرسول حلضرة السلطان، وعرض املشافهات والتحف. وفقا مللتمسه، وأصدر أمرا بأن يكف اجليش عن النهب والغارة يف واليته

واستنزال امللك مظفر الدين » كوغونية«ذكر فتح حل أو ويستحوذ عليها بالص » كوغونية«جبيش حاشد حملاصرة » األتابك أرتقش«أصدر السلطان أمرا بأن ينطلق

يف أول يوم حىت اخنرطوا يف حرب هائلة، وقتل عدد كبري من الناس من » األتابك أرتقش«ومن إن وصل . باحلربالداخل واخلارج، ورغم ما كان لدى امللك من ذخائر ومصانع تزوده ببحار جارية من املاء، فإنه خشي من انقسام أهل

إىل األتابك لكي يشفع له عند السلطان، كي مينحه إقطاعا يف املمالك القلعة، وفكر يف وخامة العاقبة، وأرسل رسوالاحملروسة بدال من القلعة، فبعث األتابك الرسل إىل احلضرة السلطانية يف هذا الشأن فاستبشر السلطان هبذه البشرى،

يف حدود » -ر كايلنه«و » رمان«ب على سبيل التملك- واستدل هبا على بعد غور امللك وكفاءته، وأنعم عليه-احملروسة » قريشهر«كما فوض إليه ). 1(» دقيانوس«اليت كانت منشأ أصحاب الكهف ومقام » أربسوي«و الشام-

فخر الدين سليمان، وعز : كإقطاع معاف ومسلم، وكتب بذلك كله ميثاقا ومعاهدة وأرسلها إليه هو وأوالده الثالثة. ، مع خلع نفيسة يف صحبة الرسولالدين سياوش، وناصر الدين هبرامشاه

ا رأى مظفر الدين املواثيق واملعاهدة استبشر وشعر بالتمكني، وأخلى القلعة، وانطلق هانئ البال إىل » قريشهر«ومل

رغب يف ) 2(» غياث الدين كيخسرو«األيام حىت آخر العمر يف دعة وراحة، لدرجة أن السلطان / احملروسة وأمضى

قد شغل ] غياث الدين[إن السلطان : ته، فرفض، وقالخطبة كرمية من بنا _________

. امللك اجلبار الذى فر منه ومن قومه أصحاب الكهف، انظر تفسري ابن كثري) 1( هو ابن السلطان عالء الدين كيقباد، وقد أصبح غياث الدين سلطانا بالفعل، ولكن) 2(

)1/187 (

وبسبب هيبته وحرمة مكانه مل يتلق عقابا من جانب السلطان بل . ألسرتنابالتهتك واخلرف، وال يصلح أن يكون صهرا وكان أبناؤه من بعده ينظر إليهم بعني . وانتقلت كرميته املعصومة إىل احلرم اجلليل للسلطنة حبكم الشرع. إ�م اعتذروا له

. التعظيم واإلجالل من قبل سالطني الروم

ىل ملك أرزجنان ذكر إرسال السلطان غياث الدين ليتو

أن ينهض بإعداد عدة » مبارز الدين أرتقش«احملروسة، وأمر » سيواس«حني فرغ من فتوح القالع لوى عنان الفتح حنو و » هبمن«وأعد وهيأ من العدة ما لو بعث » جنم الدين الطوسي«امللك لغياث الدين كيخسرو، فدخل اخلزانة بتصويب

إىل تلك ] أرتقش[فلما أعدت األدوات ومت تنظيمها، توجه . ا أصابع الدهشة واخلجللرؤيتها لعض كالهم) 1(» شابور«احلدود بالطالع والسعيد، يصحبه من اجلند ما ال يدخل حد احلصر، وحني بلغوها جتشم امللك مشقة اخلروج

. العطفلالستقبال، مث جلس على عرش التوفيق، ومد بساط العدل واملرمحة، وخص الكافة ب. وملا بلغ السلطان خرب حدبه على الرعية تضاعفت العوامل الباعثة على مساندته عنده

وبعد أن حلق غياث الدين بأرزجنان، أقام السلطان مدة قليلة الستقبال الرسل القادمني من أطراف العامل، مث عزم على . »نيسان«وائل الربيع حىت شهر وظل هناك من أ» عالئية«و » أنطالية«و » قباد آباد«التوجه إىل

_________وعلى هذا فإن غياث الدين مل يكن قد أصبح سلطانا عند تقدمه ). كما سيأتى( 634بعد وفاة أبيه ىف شوال سنة

لكل من توىل احلكم، حىت أثناء ذكر أحداث » السلطان«خلطبة تلك األمرية، غري أن املؤلف درج على أن يعطى لقب ) 2، هامش 304ما يلى ص : انظر مثال. (طنةسبقت توليه السل

.هبمن وشابور من ملوك الفرس القدماء) 1(

)1/188 (

ذكر وصول قاضي القضاة حميي الدين طاهر ابن عمر اخلوارزمي برسالة من قبل السلطان جالل الدين خوارزمشاهند من جيش املغول، ووقع يف �ر حني ا�زم السلطان الشهيد جالل الدين بن عالء الدين حممد تكش يف حدود اله

وكان يف أول أمره من أوباش الفتيان يف تلك النواحي- » -وفاملك«السند املتالطم موجه، مث جنا من تلك الورطة، قام

بالعناية بأمر السلطان مبا قدمه من خدمات حازت الرضا والقبول، فلقب لذلك مبلك الوفاء، وفوض إليه حكم تلك وصل السلطان إىل مدينة مراغة بشراذم متفرقة من اجلند كانت قد حلقت به بعد أن متزق جيشه يف تلك و. الديار

. املعركة

وكان من فحول أئمة خوارزم يشار إليه بالبنان يف علم الكالم، ومتفق عليه يف وقد أرسل قاضي القضاة حميي الدين-

، وكان هذا األمر من أهم املهمات عنده، فأرسله »ء الدين كيقبادعال«الفتتاح سبل املودة مع السلطان سائر العلوم-: »شهاب الدين كوسوي«إىل حضرة السلطان هبذا املكتوب، وهو من منشآت

إمداد السالم، وإيراد التحية، ووظائف الثناء، ورواتب املدح اليت تدفع إىل مشام القلب بنسيم العقيدة الصافية والطوية رسخ قاعدة الوداد ومباين االحتاد؛ كلما توجهت حنو اجمللس السامى للسلطان املعظم الذي عهده كعهد مجشيد النقية، وت

وهو ذو القرنني هذا الزمان، عالء الدين وقطب اإلسالم ) 1( _________

.أحد ملوك الفرس القدماء، عرف بالعدل وبسطة امللك: مجشيد) 1(

)1/189 (

عايل مشس األعايل، ظل اهللا يف العاملني، افتخار آل سلجوق ملك امللوك والسالطني، برهان أمري واملسلمني، فلك امل

املؤمنني، دام ساميا وحبمى امللوك حاميا، استبدت يب الرغبة يف إحراز سعادة االجتماع، ونازعتين نفسي إىل إدراك كرامة /: حنو الذي ال ميكن تقريره بالكتابة مهما كان القلم حادا وسياالاللقاء، وهو رهن مبواتاة احلظ ومساعدة الزمان على ال

. »اخلط ما يغين مبا ال ينفذ«ولئن كان تعبري الزمان وتقلب األدوار قد سد من قبل هذا باب املكاتبة واملراسلة الذي يسلو به األصدقاء وقت اهلجر

جاب املغايرة والغربة، وفتح باب املودة، واالحتاد، فيتخذ والفراق، فمن اآلن فصاعدا جيب بذل ما يف الوسع لرفع ح: اجلانبان شعارا من قول القائل

» فإن احلر يف الدنيا قليل... متسك إن ظفرت بود حر «

وأوىل « :إذ املشاركة يف مشايعة سنة اجلهاد واحملاربة أمر ثابت حبمد اهللا ومنه، واملسامهة يف توفيق الدين وامللة أمر حاصل. »الناس بودك وخلتك من وافقك يف دينك وملتك

ومن . فمن جهة سالطني املغرب فإن ذلك اجمللس السامي، دام ساميا، واسطة سد الثغور، وقمع أهل الكفر والفجوررائن من ومع وجود العديد من الق جهة ديار املشرق، فنحن نعمل بدورنا إلطفاء نار فنت الكفار بالسيف البتار، إذن-

: لو مل نفتح طريق املباسطة ونصبح متشاركني متشابكني يف جذب املنافع ودفع املضار نفس اجلنس- »وأي األرض نسلكه ارتيادا... فأي الناس جنعله صديقا «

)1/190 (

بامليامن ، حفت)1(وهي يف هذه الساعة مركز لراياتنا . عمرها اهللا » -مراغة«هذه الرسالة يتم حتريرها من مدينة . والنصر والظفر، وذلك يف أواخر مجادى اآلخرة، جعله اهللا غرة للتوفيق وصبحا للسعادة على اجمللس العايل

وتأييده فإن أحوال دولتنا وأعمال مملكتنا تستوجب مائة دام ساميا- وحبمد اهللا ومنه، وبيمن مهة دولة اجمللس السامي-

لتوفيق وعدة العمران من اجتماع الكلمة وإمجاع األمة ووحدة الصف ومطاوعة فلقد اجتمعت كل أسباب ا. ألف محديف ولقد دخلت-. وضبط امللك املوروث واملكتسب دفعة واحدة باسم اهللا تعاىل/ أكابر امللوك ومشايعة األسر الكبرية

حوزة عمالنا، واستقرت مهتنا كلها مملكة طويلة عريضة من ديار اهلند يف مدة غيبة راياتنا السلطانية عن هذه املمالك-. وانعقد عزمنا برمته على االنتقام من أعداء الدين، وشفاء قلوب أهل اإلسالم

قد بلغ به االبتهاج والسعادة كل مبلغ ملا اتصف به حال ملكنا دام ساميا- وما من شك يف أن اجمللس السامي-وإن كل سعادة حتصل جمللسكم حنسب أنفسنا . الرعية واستقامة العمالودولتنا من رونق وازدهار؛ حيث تستمر استنامة

. ذوي سهم ونصيب فيهاواآلن، وقد وجهنا إىل حضرتكم الصدر املعظم العامل اجملتهد قوام امللك جمري امللة واحلق والدين، شرف اإلسالم

ملك النواب، قاضي القضاة يف املمالك، أبا امللوك واملسلمني، عالمة الزمان باقعة العصر، افتخار خوارزم وخراسان، أدام اهللا متهيده وحرس تأييده، فهو واسطة عقد األكابر، والسالطني طاهر-

_________ .369ع . قارن أ) 1(

)1/191 (

الرتحيب قرنت باخللود مبزيد التقريب ومزية وخالصة زمرة املفاخر، ومن قدماء أعيان احلضرة وبقايا أركان الدولة-املخصوص، وهو يف معظمات األمور مشار إليه ومتفق عليه،

وسوف يفصح شفاهة برسائل تفتح الطريق وتزيل عن مرآة القلب غبار الغربة واملغايرة، ويذكر عيار معاركنا اليت يعرفها تردد الرسل واختالف املبعوثني حق املعرفة، مما يوجب رفع حجاب املباينة والغربة وفتح باب املوافقة والوحدة حىت يكون

. والسفراء من اآلن فصاعدا أمرا متواترابسمع الرضا، وليعترب كل الذي كثريا ما مر على مسامع امللوك والسالطني- وينبغي أن يصغي اجمللس السامي لكالمه-

والكيف ملصافنا صادرا عن قوله ورسائله مرسال منا، وأن يعترب ما يعرضه من ملتمسات ويرفعه من مقرتحات الكم ). 1] (واحلمد هللا رب العاملني[النية وصفاء الطوية، / خلوص

واستقر رأيه . فبالغ السلطان يف إكرامه، فكانا يركبان سويا وقت النزهة، ورفع السلطان التكلف وحجاب األجنبية بينهما

، »أيب بكر ابن سعد«ه من أخت األتابك وقد ولدت ل على خطبة إحدى األمريات من بنات السلطان جالل الدين-

. ، فيجعالن بينهما قرابة ومصاهرة»غياث الدين كيخسرو«للملك صاحب شرياز-: »جمد الدين الطغرائي األسد آبادي«وأرسل يف اجلواب هذه الرسالة من إنشاء

حيث إن اهللا تبارك وتعاىل قد جعل انتظام مفاخر اجلواهر واجتماع غرائب _________

.370ع، . إضافة من أ) 1(

)1/192 (

املناقب يف الذات الشريفة وطينة اجمللس العايل للسلطان املعظم اإلمرباطور األعظم عاهل بين آدم اإلسكندر الثاين،

لك صاحب قران العامل، جالل الدنيا والدين، عالء اإلسالم واملسلمني، حميي العدل يف العاملني، مظهر احلق بالرباهني، مامللوك والسالطني أدام تضاعف جالله ولقاه يف الدارين �اية آماله، وصرف عني الكمال عن كماله مبحمد وآله،

براهني اللطف العميم والكرم اجلسيم كأصدق ما يكون حبمد اهللا- فقد جتلت-» أن جيمع العامل يف واحد... ليس من اهللا مبستنكر «و

وهو رأس مال امللك وأساس التوفيق- ، واالفتتاح باستعطاف األهواء-)1(باستمالة اآلراء وهكذا أراد أن تكون املبادرة

من جانب حضرتكم لكي يصبح التيسري قرينا ألقسام التعطف والتودد وأنواع التلطف والتعطف لذلك اجلناب الكرمي، . »أىب الفضل إال أن يكون ألهله«: بل جنات النعيم

غري مدفوع عن السبق «املكاتبة مع هذا املخلص، وأحرز قصب السبق يف رعاية قواعد الوداد، ومن مث أمر بافتتاحالذي كان كامنا يف اجلوانح / فلما وصل خطاب العظيم، الذي يبعث على املباهاة واالفتخار، اضطرم الشوق. »العراب

: ومتمكنا يف الصدر فبلغت ألسنة نار االلتياع الثريا» إذا دنت اخليام من اخليام... ن ألوف يوما وأبرح ما يكو

علم اهللا أنه منذ أن تواترت األخبار حبركة الرايات املنصورة لالنتقام من

_________ .372ع، . أ: يعين منه، وهو تصحيف، انظر: ازو: زاد يف األصل كلمة) 1(

)1/193 (

لقيت بشائر علو اهلمة، وفيض إمداد التوفيق سندا من الكفار املالعني، وشفاء صدور أهل الدين، سيما اآلن وقد مضاء عزمية اجمللس العايل للسلطان املعظم، فأخذت تزداد أمنية املباسطة يف حضرته حلظة بلحظة، وتنشط الرغبة يف

رحلة الشتاء باستمرار) للمعمورة(لكن ال خيفى عن احلضرة أن هلذا املخلص جهادا يف األركان األربعة . اجملازفة مبكاتبته

وهو نفس املعىن الذي تفضل به اجمللس العايل يف اخلطاب الشريف حيث أشار إىل اقرتان . والصيف حتت ظالل السيف. اجلنس، وفيه كفاية للتمهيد لالعتذار

ن تكون من أكرم تلك احلضرة بكرامة االفتتاح ومزية االبتداء فأراد هلذه اللطائف أ عز وجل - واألمر الثاين أن اهللا-أما وقد مسح باملباسطة فسوف يزداد ملل احلضرة من . نصيبه، ومل يكن من اجلائز العمل بعكس ما قضت به األقدار

. تواتر املكاتباتلقد وصل اجلانب احملروس الصدر الكبري للعامل جمري الدولة والدين، ظهري اإلسالم واملسلمني، وحبر امللوك والسالطني،

لقاهرة، ضياء األمة الباهر، جمتىب اخلالفة املعظمة، ملك ملوك النواب، قدوة األكابر والصدور، نعمان سنا الدولة ا، وافتخار الدنيا الطاهر، أدام اهللا متكينه، وجعل اليقني قرينه؛ فأبلغ »خراسان«و » خوارزم«الزمان، صدر صدور

لك تباشري خلوص العقيدة، باملشافهات الشريفة، فهبت مبطالعة ألطافه العميقة تالقليلة اليت قضاها هنا سلب القلوب بذكر املعايل السلطانية، وزاد من متكن األرواح بتلك املكارم امللكية، / ويف األيام

والثقة أكيدة يف أنه حني يتشرف باملثول يف خدمة . سعادة املثول يف خدمتكم» صالح الدين«وردا عليه نال القائد ضرة العظيمة سيلقى ما يقوله ويبديه باجلملة تعويلها، ولتحسبوهتلك احل

)1/194 (

شعر : قول هذا املخلص، فتدعموا بذلك قاعدة املودة اليت أرسيتموها بتواتر املخاطبات وتعاقب املكاتباتفيه مزيد فزادك اهللا ... لو كان فيما يراه من كرم

. خلدمة، يسلك طريق التقاربوذلك طاملا استمر هذا املخلص على جادة ا

. والسالما وصل القاضي جمري الدين إىل سيواس، عرض له مرض مهلك، فودع الدنيا وهو يعاين من األمل، فرافق صالح الدين

ومل

. يف الوقت الذي كان السلطان مشغوال فيه مبحاصرهتا» أخالط«التحف واهلدايا، ووصل إىل منطقة

الل الدين للمرة الثانية ذكر وصول رسل السلطان ج

وكان من ) -1(صالح الدين كال من امللك مجال الدين فرخ الطشتدار ] زيارة[اختار السلطان جالل الدين للرد على

ومجال الدين الساوجي، وجنم الدين أيب بكر اجلامي، وبعثهم هبدايا توفرت له يف ذلك الوقت وكانت املقربني ألبيه-نة، واالصطبل، وجعل برفقتهم اثنني من كبار األمراء اخلوارزميني، وزودهم بالوصايا البليغة يف تعظيم موجودة يف اخلزا

. منزلة السلطان وتوقري مكانته _________

وفيها يكون الطشت الذي تغسل فيه األيدي، والطشت الذي يغسل فيه «: »الطشت خانه«يعين املسؤول عن ) 1( ).10: 4صبح األعشى (» إخل.. يكون ما يلبسه السلطان ويف الطشت خاناه... القماش

)1/195 (

ووفقا لألمر عرب هبم املرشدون من تلك املمرات الوعرة يف اجلبال . »عالئية«وعندما بلغوا حدود الروم كان السلطان يف . السلطان بنبأ قدومهموأبلغ . واملضايق، مما ال جيول خباطر العقاب يف األحالم عبوره ملا به من أهوال وخماوف

األمراء الكبار الستقباهلم جبنائب اخلاص، وأن ينزلوهم مبوضع نزه ذي هبجة، فظلوا مخسة أيام بني / فأمر بأن ينهض. األ�ار والكؤوس واملراعي لنفض غبار السفر وإزالة وعثاء اخلطر وعناء الرتحال

كمال الدين «أمر بأن يتوجه سامت الشمس بالقبة الزرقاء-الذي عال امسه ف ويف اليوم السادس حني خرج السلطان-وأن يسألوهم عن املتاعب اليت قد [للوفاء باحتياجاهتم، وتقدمي االحرتام هلم، » ظهري الدين الرتمجان«و » كاميار

. ويدعو�م للمثول بني يدي السلطان) 1] (شاهدوها يف الطريق والتقصري الذي أبداه املضيفونفقبلوا برغم ما كان فيهم من غرور وعجب- وا األعتاب امللكية استولت عليهم الدهشة ومتلكتهم احلرية-وحني بلغ

. األرض دومنا اختيار منهمفتفضل وقام نصف قيام إكراما هلم، فسلموا الكتاب وأبلغوا الرسالة، مث انصرفوا إىل مقر إقامتهم بعد الفراغ، وتلقوا

. لة أسبوع كاملاإلعزار واإلكرام طيعلى عرش ) 2(» مجشيد«ويف اليوم الثامن أمر السلطان فأعد اجمللس ومت استدعاؤهم للحضور، وجلس السلطان جلسة

وبعد محد رب العاملني، . ذهيب مرصع باجلواهر كان قد صنع له ليلقى به رسل الكبار، ووضع التاج الكيقبادي على رأسه: سلني قال للرسلوالصلوات على روضة سيد املر

_________. 375ع، ص . إضافة من أ) 1(

.امللك الفارسي القدمي) 2(

)1/196 (

أبلغوا السلطان الغازي اخلدمات الوافرة من جانب هذا احملب املخلص، واعرضوا غليان مراجل الشوق املتزايد تزايد مهمه ة ما كنا نتمناه وزبدة ما كنا نرنو إليه أن حسام انتقام السلطان العالية تطلعا لتقريب مراحل االجتماع، ولتقرروا أن غاي

، فقد »تفليس«ودخل الغمد، وطاملا قد فرغ ذهنه العايل من فتح منطقة » األخباز«طاملا قد انتهى من قهر خصومه يف

الفرق ومواشي اجلند، ويتبدل / كان البد له أن يهجع بضعة أيام برسم التنزه والتفرج يف مروج الروم كي تستجم مراكب. ورغم أن وعاء مقدرة أمثال هذا املخلص يقصر عن الوفاء برعاية جنابه فحسبه أن يذعن ويطيع. التالقي بالفراق

بتسويل أصحاب األغراض، وما هم إال شياطني » أخالط«أما اآلن وقد حتقق أنه صرف مهته حملاصرة قبة اإلسالم وأمر بالمعروف وانه عن المنكر : ر يبدو بعيدا عن الرأي السديد؛ وحنن وفقا حلكم احلق تعاىل، فإن هذا األم)1(اإلنس

وهناك مصلحة أخرى . أن يثين عنانه عن تلك املدينة ويقصد ملكا من ممالك املشركني[، جنهر بالقول بأنه أوىل به )2(وهي أن يسلك مع جيش التتار طريق ) 3] (باب األعظم للدين وامللكمن باب النصيحة اليت هي الركن األهم وال

، وإنه ليجول )4(باب املصاحلة من جانبه وبكل ما يف وسعه كلما متكن من ذلك- املداراة واملهادنة، وأن يقرع-خباطري وضمريي أن

_________. ، وعبارة األصل مضطربة377هذ نص عبارة األوامر العالئية، ص ) 1(

. 17اآلية : لقمان) 2(. 379ع، . زيادة من أ) 3(

ألن عقالء القرون األوىل وحكماء األزمان السابقة قد قالوا إن الدخول يف طريق املعاداة واخلصومة مع قوم أقاموا «) 4(ن على جاف دولة جديدة، سيما وهم يتوكلون ويعتصمون حبول اهللا تعاىل وحبله وقوته يف كل املوارد واملصادر وال يبقو

أو زان أو-

)1/197 (

أنار اهللا برهانه- ) -2(» عالء الدين حممد» «، وأعتذر هلم عما بدر من السلطان)1(» اإليلچيني«أرسل رسال إىل بلني املقال اليت استولت على أطراف اخلافقني- من تعجيل، وذلك لصاحل املسلمني أمجعني، كي تنطفئ مجرة الفتنة-

. وبذل املال

وقد بدا من الواجب . شك أننا سوف ننقل هذه الفكرة من حيز القول إىل الفعل، كي يكون ذلك معلوما لديكموال . إبالغ هذا األمر إىل املسامع الشريفة للسلطان األعظم ألنه يكون مشاركا ذا نصيب يف هذا الصدد

ك دماء أهايل األرمن، وحماصرة تلك الديار فإن جعل السلطان إجناز األعمال الرائعة رأس مال عمره، بأن يقلع عن سف

، وأرسل إىل جيش املغول وطلب اهلدنة والصلح، وتعهد أال يتوغل »أران«والدمن وصرف العساكر عنها ودفعها صوب

التشرد وأكل السحت؛ / لكي يسرتيح من وهو أمر مذموم عاقبته شوم- يف دار اإلسالم بوجه الغدر وسفك الدماء-. أخبل بكل ما جيول باخلاطر من اجلواهر والذهب والفضة، وما إىل ذلك من اخلدماتفإنين لن

_________). 379األوامر العالئية ص (» أمر بعيد عن مسلك أويل األلباب وذوي احلصافة وأصحاب الدراية فاسق أو سارق- -

ن هذا اللفظ قد استخدم اصطالحا يف رسول، مبعوث، مندوب، ويبدو أ: إيلچي: كذا يف األصل، مجع: إيلچيان) 1(. للداللة على املغول، كما سنالحظ فيما بعد دولة سالجقة الروم-

والد السلطان جالل الدين، وكان هو الذي استثار التتار فقضوا ) هـ 617: ت(يعين به السلطان حممد خوارزمشاه ) 2( .على دولته ودمروا بالد املشرق اإلسالمي يف أقصر مدة

)1/198 (

أما إن أعرض عن هذه النصائح، فالنصيحة واجبة حبق اإلسالم وطريق الصيانة للعامل، وعلينا بدورنا أن نعمل مبا تقتضيه نـهما، فإن بـغت إحدامها على األخرى فقاتلو: اآلية يت تـبغي حىت تفيء ا ال وإن طائفتان من المؤمنني اقـتتـلوا فأصلحوا بـيـ

نـهما بالعدل وأقسطوا، إن الله حيب المقسطني ). 1(إىل أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بـيـأمانة ونرى واجبنا جلب املنفعة ودفع األذية، فإذا ما أصابتنا عني المة يف خضم املوقف، نكون قد خرجنا من عهدة

أما إن أطل النصر بطالعه من حجب الغيب فهو املراد، والبادي . يف ذلك) 2(الباري تعاىل وتقدس، وبذلنا اجملهود . أظلم

وأال يبخل ببذل ] خوارزمشاه[أن يستعد للرحيل للرد على » ألتونبه چاشين كري«فلما ودع الرسل اخلدمة، أمر السلطان . نافس والنفائسكل دقيقة من دقائق الط

وأمر بأن ينطلق بصحبته ألف من الفرسان املشاهري األبطال ممن عرفوا بطول القامة وضخامة اجلثة والوسامة وفرط فلما تدانت اخليام، ومت . فلما مت تدبري األمور انطلقوا، وتوجهوا من احلضرة السلطانية مباشرة إىل الطريق. الشجاعة

ين أن رسال من جانب الروم بقوات شرفية، أمر أن خيرج أمراء خوارزم الكبار وأبطال اجليش إبالغ السلطان جالل الد. على جنائب اخلاص الستقباهلم

، ومل خيلوا بشرائط التعظيم »مشس الدين ألتونبه«وامتثاال للحكم التقوا باألمري _________

. 9آية : سورة احلجرات) 1(

.حممود: يف األصل) 2(

)1/199 (

وإن هي إال حلظات حىت بدأوا جبر األمحال واألثقال، واجلمال والبغال، واألمتعة والفرش ./ واإلجالل بوجه من الوجوه

حتمل لوازم اخلزانة واملطبخ ومعدات اخلمر واخليمة، كما حلق هبا مائة بغل ) 1(وقطعان الغنم واملاشية ومائيت مجل خبيت : فدهش اخلوارزميون مجيعا وأثنوا كثريا على السلطان عالء الدين. اصة واملعدات الذهبيةحتمل الدنانري الذهبية واخللع اخل

): بيت(إن امللك جلدير هبذا امللك، ألنه إمنا يريب مثل هؤالء املماليك -

، )2(، فأخذ يضع الدهانات املخدرة »النقرس«أصيب مبرض » أخالط«حدود » مشس الدين«وقبل أن يبلغ األمري

. ويتحرك على حمفة، فلما وصل إىل حضرة السلطان أعفي من وضع اجلبني على األرضفخر «ويف اليوم التايل استدعى السلطان جالل الدين قادة جيش خوارزم وزين األعتاب والديوان بشكل جذاب، ووقف

مبثابة الوزير، لكنه كان يتصدى فتوىل أمر سؤال الرسل وجواهبم، ومع أنه كان» الدين علي شرف امللك اخلوارزميفجيء باألمري مشس الدين جالسا يف حمفة، فلما دخل . يوم االستقبال» الصوجلان«للحجابة ويتحمل عبء رفع

فلما فرغ من أداء . الديوان أبدى األعذار عن عدم تقبيل البساط، فقرنت بالقبول، وقبل اليد، وأدى رسالة السلطانإىل اخليمة، استدعى أمراء خوارزم وأعد خوانا ملكيا وحفال سلطانيا، فاندهش األمراء من كثرة النعمة الرسالة، واجته

والتمكني، وظل مدة

_________. اإلبل اخلراسانية: البخت) 1(

.372ع، . قارن أ) 2(

)1/200 (

. لعذبةشهر على هذا املنوال ال هم له بعد التنزه إال مساع األوتار وشرب اخلمر اإننا ما أظهرنا يوما تلطفا مع رسول الروم، وما أدرنا معه «/ وذات يوم التفت السلطان جالل الدين إىل كبار رجاله وقال

إن عندهم من معدات : فقالوا مجيعا بلسان واحد. الصداقة، والرأي أن نقيم حفال نسعى فيه إىل تكرميه] أخناب[

ر طيلة أعمار ألي سلطان، ولديهم أطعمة لذيذة ومخر وردية تزيل اهلم واحلزن، فيجب االحتفال ما ال يتيسر منه املعشا. أن نبقي على هيبتنا وال جيدر بنا أن نزرع بذرة هذا العبث

ا طالت مدة إقامة تأذى السلطان عالء الدين لذلك، فأرسل كمال الدين كاميار يف مهمة لكي » چاشين گري«ومل

ا وصل كمال الدين إىل حضرة السلطان جالل الدين، وجتاذب احلديث معه يف كل باب، مل فلم . يتحسس األخباريشتم رائحة الصلح من أي وجه، فراغ والتمس اإلذن بالعودة، فأجابه السلطان لذلك، ورد ردودا مموهة حول

: وهي أخالط أباطيل. »أخالط«) 1(غرب ليست بنبع إذا عدت وال ... خترصا وأحاديثا ملفقة

فإن كان قد ). 2] (وقال إن مدينة أخالط قد ضاق عليها احلصار، وال يضيع ما تكبدناه ملدة طويلة من تعب ومشقة[

فعودوا بالسالمة، . علق حباشية اخلاطر الكرمي للسلطان غبار بسبب رد هذه الشفاعة، فالبد أن يزال مباء متهيد األعذاريقدم رسلنا يف أعقابكم، ويأتون وأبلغوا اخلدمات املخلصة، وس

_________. النبع والغرب نوعان من الشجر تصنع منهما القسي والسهام، والبيت يضرب مثال هلوان الشأن) 1(

.383ع، . إضافة من أ) 2(

)1/201 (

وملا . وخرجا مسرعنيالسلطان، » كمال الدين«، و »مشس الدين«فودع األمري . باملواثيق وإجابات الرسائل بالتفصيل

فصلت العري عن معسكر اخلوارزميني يف الصحراء، وساروا يف الطريق يومني، تركوا متاعهم هناك وحلقوا جمردين باإليوان . »العالئية«يف / السلطاين

وأوصوه بأن يتجنب األعداء الذين يتخفون يف صورة » أرزن الروم«يف » ركن الدين جهانشاه«ويف الطريق رأوا » ركن الدين«إال وحلق » أرزجنان«فتعهد بذلك، لكنهم ما بلغوا . ألصدقاء، وأال ينحرف عن امليل والوالء للسلطانا

. بالسلطان جالل الدين وحرضه على غزو ممالك الرومد وباقي أوال» الكامل«لدعوة امللك » كمال الدين كاميار«وحني بلغ السلطان األمر استعد للنزال والقتال، وأرسل

، و »مبارز الدين عيسى«، و »كندصطبل«، و »چاشين گري«، وأمر مبسري عشرة آالف فارس يف صحبة »العادل«. ملزيد من االحتياط وليحرسوا املمرات» أرزجنان«إىل » نور الدين كماخي«

ا وصل كمال الدين عند امللك الكامل واألشرف، راوغاه يف أول األمر، ومل جييباه بصراحة، فأطلق كمال الدين لسانه ومل

والعياذ بالتقريع والتوبيخ، وقال إن مل تبادرا بتقدمي هذا اإلمداد وتوفري هذا اإلسعاد، فلو حدث ما خيشى منه يف الغد-

. لن تفيد ندامة وال حترق إرم: ورأيتما حرم السلطان بيد أجنيب باهللا-

فلما بلغها » حران«العساكر، وانطلق امللك الكامل بالعسكر إىل فأصيبا بغصة من هذا الكالم، ووافقا يف احلال، وأعدا

وأخربوه أن الفرجني وصل إىل شاطئ البحر جبم غفري يربو على املائة » مصر«جاء أصحاب األخبار يف إثره من قبل

ألف فارس، وعزم على غزو املسلمني، فعاد امللك الكامل متعجال، وأرسل

)1/202 (

السلطان، فلما وصل إىل هناك نصره اهللا تعاىل، وأحلق الدمار بالكفار، فأرسل امللك األشرف، وامللك رسالة اعتذار إىل. ، وامللك الغازي، وامللك املغيث، وامللك العزيز حلضرة السلطان)1(اجلواد

ذكر استقبال السلطان للملك األشرف ولقائهما رمحهما اهللا تعاىل

ل امللك األشرف خيمة ملكية كأ�ا اجلبل يشكو الفلك من ارتفاعها، وأن تضرب على أمر السلطان بأن حيمل إىل منز

حافة �ر جار يف منطقة املروج، وأن هتيأ اخلزانة وعدة الفراش والطست والشراب واملطبخ مبعدات ذهبية كأ�ا مفردات . كنز بالغ الروعة، وما يلحق بذلك من أدوات ولوازم تليق بالسالطني

السلطان لالستقبال، فلما بدت املظلة السلطانية نزل امللك األشرف من فوق احلصان وتطلع حنو السلطان، فلما و�ض. اقرتبا ورأى السلطان امللك األشرف واقفا على قدميه نزل، فوضع امللك األشرف رأسه على األرض يف عدة مواضع

إن امللك قد جتشم مشقة السري، وناله الكثري : يف التلطف معه، وقالمث إ�ما ركبا بعد املعانقة واملالمثة، وأخذ السلطان من التعب، واملأمول أن تكون ميامن حركات أقدامه وبركات أعالمه سببا يف زيادة عظمة إيوانه، فنزل امللك من جديد

وأخذ يف جتاذب أطراف وقبل األرض ثانية، فأشار السلطان بأن يقدم بغل سريع السري بطوق وجلام، فركبه امللك احلديث مع السلطان، وكان األمري كمال

_________مفرج «: وهو امللك اجلواد مظفر الدين يونس بن مودود ابن امللك العادل األيوىب، يقول عنه ابن واصل ىف كتابه) 1(

.»ية، شجاعاوكان جوادا إىل الغا.. وكان ىف خدمة عمه الكامل «): 274: 3(» الكروب ىف أخبار بىن أيوب

)1/203 (

. الدين يتوىل أمر الرتمجة بينهما

فدخل امللك اخليمة، . وحني اقرتبا من املروج أمر السلطان أكابر الدولة بالذهاب إىل اخليمة مع امللك والنزول خلدمتهطني من سرير ملكي فلما قام عن املائدة وتوجه إىل خمدعه شهد متاع السال. وقدم له من النعمة ما يشبع عني الطمع

وطست وأوعية ذهبية وجممرة مرصعة ومحام سفري وغلمان كأن وجوههم الشمس ذوو شعر مسكي، فأصبح امللك مائة

مث تبخرت متوجها إىل اإليوان العام، وطلب . لسان تثين على سلطان العامل، وأبدى رغبة يف االستحمام من مشقة الطريق

السقاة، وجيء بآالت احلفل والطرب، وملا أثرت اخلمر الصافية يف عقول أهل اجمللس وصل/ امللوك واإلخوان، وفجأة. تأثريا ظاهرا، وثقلت رؤوس خفاف الروح من النوم، ظهر التفرق يف احلرفاء والندماء

سلك امللك األشرف ويف اليوم التايل حني تفنن نقاشو القدرة فرمسوا القرص الذهيب للشمس على صفحة السماء الزرقاءفخرج السلطان من اإليوان راكبا فاحننوا وهم على ظهور . وسائر امللوك جادة اخلدمة وجاءوا إىل األعتاب السلطانية

. خيوهلم، وأخذ السلطان يف التعطف والسؤال عن األحوال، واعتذر عما يكون قد وقع من تقصري يف احلفاوة بالقدوم. وأمر السلطان بأن يقدم حصان من اخلاص، فركبه األشرف. ثانيةفنزل األشرف من فوق احلصان

. جممل القول أن السلطان بلغ الغاية القصوى يف تكرميه، وبذل اخللع والصالت واإلقاماتمث إنه دعاه إليه مع إخوته، وأجلس امللك األشرف معه يف مكان واحد، ودارت دورة اخلمر احللوة، فلما أثرت سورة

طينة السلطان، أمر املدام يف

)1/204 (

باإلمساك، وأمر الوزير بأنه إذا توجه امللك األشرف صوب مقر إقامته أرسل يف إثره إىل اخليمة بكل آالت احلفل وخلعة

ملكية قيمة وحصانا يسابق الريح بطوق وجلام، وبأن حيسن إىل كل إخوانه مبا يبقي ذكره أبد الدهر، فأنفذ الصاحب . طاعةاألوامر امل

ويف اليوم التايل حني أخذت براعم األرجوان تتفتح يف الروضة زرقاء اللون، توجه السلطان إيل املدينة، فلما اقرتبوا من كما نزل كل ملوك الشام وأخذوا يسريون ) 1(السلطان على كتفه » غاشية«البوابة نزل امللك من فوق احلصان ووضع

فلما رغب السلطان يف اللعب بالصوجلان، كان امللك األشرف كلما . سط امليدانيف ركاب السلطان إىل أن بلغوا وونفض عن الصوجلان الغبار بأطراف حليته الشريفة، / تصادف وسقط الصوجلان من يد السلطان، نزل من فوق حصانه

. يعاود الركوبوقبله مث سلمه للسلطان، وعندما كانوا يسحبون حصان السلطان كان امللك يقبل األرض، مث

» جالل الدين«حملاربة السلطان » ياسي مچن«ذكر توجه السلطان وامللك األشرف مع العساكر املنصورة حنو يف اليوم التايل حني طلع الصبح الصادق من أفق املشرق، وجرد ملك الكواكب السيارة حسامه املصقول من غمده

ن تلقاء أعتاب السلطان، وبفأل حسن ويوم ظفر سارت املظلة املنرية عازما على الغزو، تعاىل هدير الطبول، م _________

حتمل بني يديه عند الركوب يف املواكب احلفلة كامليادين واألعياد ... وهي غاشية سرج من أدمي خمروزة بالذهب، «) 1(

).7: 4بح األعشى ص(» وحنوها، حيملها أحد الركابدارية، رافعا هلا على يديه يلفتها ميينا ومشاال

)1/205 (

] كبحر من احلديد فوجا فوجا- وماج اجليش بكل الطوائف من ترك وإفرنج وكرج وأوج وروم وروس وعرب-[للعامل،

. يف أسبوع بسبب ضخامة احلشد» آقشهر«إىل » سيواس«، فجاوزوا )1(وك وأبطال الديار نزلوا بالعساكر املشهورة بأن السلطان وامللك األشرف وباقي املل» جالل الدين«وحني أبلغ السلطان

» ياسي مچن«فأجاب قائال إن الرأي هو أن نلحق ب . ، وذكر له ما جرى»أرزن الرومي«طلب » آقشهر«بصحراء قبل أن يبلغها ذلك احلشد، فإذا ما تيسرت لنا السيطرة على ذلك املوضع أقبلت الغلبة والنصر خيطران صوب عتبة

ياسي «وأخذ يسابق الريح طول الليل، حىت بلغوا جبل » أرزن الرومي«فانطلق السلطان منخدعا بأوهام . ىلاإليوان األع. عند الفجر، وحازوا املاء والعشب» مچن

وحراسة املضايق بقدوم رايات السلطنة » أرزجنان«وملا علمت اجلنود اليت كانت قد ذهبت من قبل للمحافظة على ثغور بألف باالتفاق مع سائر األمراء- ودفع األمري مبارز الدين جاويل-. وجهت بأسرها خلدمة السلطانمع ملوك الشام، ت

فلما أقبل الليل، وأبعدت الطليعة عن اجليش، ظلوا يسريون على اجلبل طوال الليل . من الفرسان إىل قمة اجلبل كطليعةوكان يف مالزمة ركاب خوارزمشاه مائة ألف / و،ويف الفجر وجدوا أنفسهم وسط جيوش العد. حىت اقرتب الصبح

، وبرغم )2(» فكشفت احلرب عن ساقها وأبدت شراسة أخالقها، ومهت بسفك الدماء وإهراقها«فارس، فحاصروهم، ما حلق باخلوارزمي من مدد تلو املدد، بينما كان جند السلطان قليلي العدد فاقدي املدد، فقد ثبتوا

_________

. 391ع، . من أزيادة ) 1( .وردت هذه اجلمل الثالث يف األصل باللغة العربية) 2(

)1/206 (

ويف النهاية حني فرغت الكنائن من السهام، ومل يبق يف اجلعاب نصال تشبه . وأذاقوا شربة املوت ألضعاف عددهموكسريا وبعضهم اآلخر مأخوذا الشهب، اضطروا إىل الرتجل عن خيوهلم، واتقوا الصفاح بالكفاح، فصار بعضهم قتيال

. أسريا

وحني جيء باألمراء الذين دخلوا يف زمرة األسرى إىل اخلوارزمشاه، أمر بوضع الوهق يف أقدامهم ورقاهبم، وتوقيفهم إىل

. أن تعرف عاقبة احلرب وملن النصر والظفركان هؤالء الفرسان ميثلون : ، فأجابه بقوله، وفاحته يف عنف مقاومة تلك الشرذمة القليلة»أرزن الرومي«مث إنه استدعى

. ظهر اجليش الرومي، أما وقد هزم وانكسر بفضل اهللا، فإن مملكة الروم ملك للسلطان

وخرج بضعة أفراد من االشتباك، وكانوا يعرفون الطريق، فلحقوا جبيش السلطان، وقصوا عليه القصة برمتها، فطلب ة الواقعة على لوح خميلته، فلم ينفعل امللك بذلك املقال، وأظهر الثبات كاجلبال، السلطان امللك األشرف، ورسم صور

أجل، إن اجليش الذي ينكسر أوال يكون النصر حليفه يف النهاية، ويتعني على السلطان أن يطمئن قلبه من هذه : وقال. ومواتاة احلظ اىل-تع الناحية متاما، فسوف يتم الرد على تلك الطائفة احلاقدة بفضل احلق -

ذكر حركة الرايات املنصورة للسلطنة وانكسار الطليعة اخلوارزمية

جيشا هائال ذا » اخلوارزمي«ويف اليوم التايل أرسل جيش العرب مع فوج كبري من مشاهري األبطال كتقدمة، بينما اختار عظمة وجالل لتسقط

)1/207 (

وفجأة وصلت إليهم طليعة . ملروج، وأرادوا أن ينزلوا على شاطئ النهر ويسيطروا عليهفتوغل يف ا. األخبار والتقدم كطليعةالسلطان وأخذ حبر من السيوف ينهمر عليهم، وأدى التطام الفريقني واصطدام الطائفتني إىل دق الرؤوس يف اخلوذات

األبيض إىل ليل هبيم بسبب ظلمة القتام واألبدان يف الدروع كما يدق لباب الفستق يف اهلاون، وحني حتول النهار. والغبار أخذت كواكب األسنة وشهب النصال تربق

ويف النهاية أسفر النصر عن وجهه، ووىل اجليش اخلوارزمي الفرار، واندفع أبطال الوغى جبلبة وضجيج كالعفاريت خلف . صاغرين أوالد األفاقني أولئك، وصعقوا كل من وجدوه بسيل السيوف فانقلبوا

] جند السلطان[عن أشالء األعداء، وفرض وكانت حبرا مواجا من دماء األوداج- وحني انكشفت صحراء املعركة-سيطرهتم على املاء والعشب، أرسلوا فارسا إىل أعتاب السلطان، وأخربوه بانكسار اخلصم، وا�زام اجليش، واحتياز املاء

. إىل ذلك املوضع والعشب، والتمسوا حترك الركاب السلطاين. ويف احلال ضربوا اخليمة امللكية، ورفعوا األعالم، وحترك اجليش كاجلبال احلديدية، وأخذوا خيمة السلطان إىل تلك املروج

.فوصل اخلرب إىل خوارزمشاه، فزايل االطمئنان قلبه، وشرع يف عتاب األرزرومي

)1/208 (

ذكر انكسار طليعة اخلوارزمي كرة ثانية ويف اليوم التايل دخل جند كثريون من اجلانبني كطالئع، وأخذوا جيولون طيلة الليلة يف اجلبل والوادي، فلما تفرق جيش

من جديد، ونزل ملك النجوم يف ميدان اإلقليم اخلامس، رأى كل جيش غرميه فجأة، فاصطفوا وهجم ) 1(اهلند

ما يشبه الفكر حني دفعوها إىل ضمائر الصغار والكبار، وأخذ الرسل اخلوارزميون أول األمر، فجعلوا من نصال السهام يطلقون هنا وهناك صواعق السهام واملعابل مزودة بريش العقبان حىت أبلغ خرب شدة القوس وقوة سواعد األبطال الرنني

. بلسان مبني ملسامع اخلصوم خفاف احلركة وفرسان تلك امليادينلألمر، وحني مالت ريح صولتهم للركود، جرد اجلند مرهفات السيوف » حراء«و ) 2(» كثهالن«فثبت جيش امللك

وحرروا مثقبات الرماح، وهجموا عليهم دفعة واحدة كنوازل األقدار، فأطاحوا بكل من حلقوا به، ولعبوا الكرة يف ميدان وتبدل إقبال اخلوارزميني إدبارا والكر . كاملعركة جبماجم تلك الطائفة، كما قذفوا بقالنس السعادة إىل أجواء الفل

). 3(انكسارا واهلجوم فرارا، وأخذ جندهم من راكب وراجل يتعثرون ويتساقطون، وقد عزموا على الفرار وتولية األدبار وأهرق دمع العني على فراق الروح، واتصف ملك األرواح بصفة

_________. الليل: يعين جبيش اهلند) 1(

. اسم جبل) 2(املثبتة يف األصل ليستقيم » مراد«بكلمة » فرار«دل مبراد �اده، وال حمل هلا، وقد اخرتنا أن نبدل : يف األصل) 3(

.املعىن

)1/209 (

اليت سقطت من املغاربة واملشارقة يف العجز والدهشة الزدحام النفوس الشهيدة، وضاق اجلو بأفواج األرواح املفارقة-حامدين ذاكرين اهللا يف ذلك / وقام جند السلطان. ق القلوب الوهلانة للعشاق، وضيق صدر البخيلكضي تلك امللحمة-

املقام، وأرسلوا رجال إلعالم احلضرة السلطانية باألحوال، وكان الركاب السلطاين نفسه قد حترك، وسارت اجليوش

املستويل على العامل، وعلم أن اخلوارزميني كانوا قد املنصورة وهي حتمد اخلالق، فأقبلت على أمين طائر إىل بالط امللك . أثخنوا باجلراح يف معرتك املنايا

وألقت احلرية واالضطراب خوارزمشاه يف الضيق واحلرج فأخذ حيرتق كالشمع من احلرقة، ويعزو تلك النكبات إىل نفثات اقبض على أولئك الذين وصلوا هاربني مع : حينذاك قائال» األرزرومي«فوسوس إليه . وسوء تدبريه وشؤمه» األرزرومي«

قادة آخرين، وانزع أرواحهم بالسيف البتار لكي يثبت من تبقوا يف احلرب ثبات الصخور، وال يسع اخلصم التحرك، . »وقذف يف قلوهبم الرعب«وتصدق عليه صفة

وسوف . ، وأمر بضرب رقاهبم مجيعافبادر بالقبض على سبعمائة رجل حر بريء من جيشه، ووضع األغالل يف أعناقهم

يبقى هذا إىل يوم احلساب مبثابة خزي وشنار، وإمث وعار، فقد لزم ما قاله ذلك الغدار أسود القلب، وكان أعدى أعداء

. نفسه يف ذلك األمر

***

)1/210 (

ذكر فرار طليعة خورازمشاه للمرة الثالثة من طالئع السلطانأعتاب ملك العامل، ظهرت األعالم احلمراء والصفراء يف آفاق كعادة العبيد- فلك النجوم-ويف اليوم التايل حني قبل

الفاتح حصانا يشبه مسريه مسري / امليدان برفقة أولئك اجلند من متاسيح القتال، فتحرك احلشد كله، بينما ركب السلطانار العساكر املهاجرة، وأخذت نفوس الشجعان جتف يف ريح الصبا يف تلك السهول الرائعة، وقد أثر حر اهلاجرة يف أنص

. احللوق، فانطلقوا مجيعا إىل املناهل والعيون، واأل�ار اجلارية يف تلك املروج

، )1(» أبيت«لنية قد عقدها يف نفسه وألنه قد روي إىل األبد بشربة أما السلطان فإنه مل يلتفت إىل املياه واجليش-أعلى من مهة األسخياء وقامة احلسناء، وجال بنظره هنا وهناك، فرأى الصحراء والوديان وإمنا صعد فوق جبل هو

فهجم عليه مجاعة من شجعان . مشحونة كلها جبند العدو وكانوا قد نصبوا خياما يف خيام، وتزامحوا تزاحم النمل واجلرادالفر، ولو مل حتجب أستار الظالم بينهم ملا احلرب، فخرج إليهم حنو ألف فارس منهم، وبدأت حركة هائلة من الكر و

. وعادت كل فرقة إىل موقعها. بقي أحد من اجلانبني حيا، )2] (احلسام[وظلوا طوال الليل يف التدبري والرتتيب للمقارعة والنزاع وتثقيف الرياع، والرهف لتحقيق إرهاق شعاع

ديد الغسل، دخل يف صالة يناجي ذا اجلالل، وأخذ يدعو وقضى السلطان عظيم الشان يف تلك الليلة وطرا، وبعد تج. بلغة بغري لسان يف خلوة القرب الالمكاين ويطلب املدد» يا«ب

_________. عن أيب هريرة» إين أبيت يطعمين ريب ويسقيين«: إشارة إىل احلديث النبوي) 1(

. 119: 9انظر البخاري مثال، باب االعتصام، طبعة دار الشعب، مصر، .من معانيها التعجيل: رقق وحدد، والرهق: ورهف) 2(

)1/211 (

ذكر مقابلة اجليشني وا�زام السلطان جالل الدين وأسر أرزن الرومي وأخيهأصبح اجليش مبتسما كشفة الصبح، متألقا كوجه الشمس، وأمر 627يوم السبت الثامن والعشرين من رمضان سنة

وأن يبدي أسود . يف السالح، ويصطفوا صفوفا، وحيددوا امليمنة وامليسرة، والقلب والساقة/ السلطان أن يدخل اجلند

قاب «بدوا كأ�م لتداين اخليام- افة فاصلة بينهم وبني العدو، بل إ�م-وألنه مل تبق مس. القتال عالئم الفداء والتضحية

ويف احلال أوصلت أصوات الطبول اهلدير إىل . ومقدور) 1(، وتالقوا دفعة وأظهروا كل ما هو ميسور »قوسني أو أدىنالرجفة يف أسود ، ووقعت )3(» عيوق«، و )2(» منجوق ذي اجلبهة«، وأتيح لألعالم أن حتادث »جربيل«أذن

وامتطى املليك حصانا ضخما يستطيع أن يعرب البحر بوثبة . كما يرجتف قلب البخيل على صورة الدرهم) 4(األعالم . واحدة

ويف الناحية األخرى جرت تعبئة اجليش تعبئة ملكية، واصطف جيش ضخم يزيد عن مائة ألف للقتال، وتقدم امللك لو أن السلطان ركب اليوم بغال بدال من احلصان، بل لو وضع للبغل :األشرف إىل حضرة السلطان وقال

_________. يف األصل منشور، وهو تصحيف بال شك) 1(

كذا يف األصل، ولعله اسم جنم من النجوم، غري أين مل أعثر هلذا االسم على أثر يف املعاجم واملصادر املتخصصة ) 2(فهيم ألوايل صناعة التنجيم، أليب الرحيان البريوين، حتقيق جالل مهائي، طبع كتاب الت : انظر مثال(اليت رجعت إليها،

. بالفارسية تعين الراية، أو املوضع األعلى من سارية العلم» منجوق«، و )هـ 1393طهران . جنم: العيوق) 3(

.يعين األسود املرسومة على األعالم) 4(

)1/212 (

هذا اجليش املغوار سيغدو عشرة أسود كواسر، فيتمكنوا بذلك من اإليقاع أيضا، فال شك أن كل ثعلب يف) 1(شكال . فقدموا بغال ركبه السلطان يف احلال. بالعدو

فلما متت التعبئة، واقرتب وقت تداين اجلمعني، صعد خوارزمشاه على تل مرتفع وألقى نظرة على سواد اجليش املنصور،

و كان هذا اجليش يف حوزيت، وكنت أمضي إىل احلرب أمام جيش التتار هبذه مث أخرج آهة باردة تألما وحسرة، إذ لالفئة، لكان نصيبهم مين الدمار واهلالك، وكنت قد تعهدت نباتات األرض بالدماء اليت تسيل من تلك الكالب

. مث إنه عاد إىل قلب جيشه بدموع منهمرة وصرب نافد. الضاريةوأجربوا اجلميع على / محلة األسود، فألقوا بامليمنة على امليسرة» لدين كامياركمال ا«، و »امللك األشرف«ومحل

اللجوء إىل واد ضيق ال هو مبوضع للفرار وال مبكان للحرب، ومل يشتغل السلطان خوارزمشاه باحلرب والطعن والضرب، بطها مبؤخرة السرج، وانطلق هاربا حيث والبريق والعلم، ور) 2(» العصابة«وإمنا أسرع يف احلال حنو األعالم وفصل منها

). 3(واصل السري بالسرى، والوخدان بالذميل

_________

وهو أن تكون إحدى اليدين وإحدى الرجلني من خالف حمجلتني : الشكال، القيد) 1(

وكان املماليك يف الراية املطرزة بالذهب، واليت حتمل ألقاب السلطان وامسه، فيما يبدو- يف األصل منجوق، وهي-) 2(. 8: 4، انظر صبح األعشى، »العصابة«مصر والشام يطلقون عليها اسم

: اإلسراع وتوسيع اخلطو، والذميل: كذا يف األصل، كلمتان عربيتان، والوخدان) 3( .السري السريع اللني

)1/213 (

يف نواحي تلك الديار فرقة فرقة كاجلبل وشغل جيش العرب بغارة السلب، وأخذ أهل الروم يتحركون يف إثر اخلصوم فأخذومها، وأتوا هبما الذي مل يكن يفارقه- اهلادئ الساكن، وفجأة أدركوا صاحب أرزن الروم، ورأوا معه أخاه العزيز-

إىل ملك العامل، فارمتى حتت أقدام املليك خجال؛، فأمنه السلطان من ضرب السيف، وعهد به إىل بعض أمرائه ليبذلوا كان أول النهار ملكا . ل جهدهم يف حراسته، على أال ينالوا أبدا من حرمته وتعظيمه، بل يزيدوه حرمة وتعظيماك

). 1(موفقا، وآخره أسري حرب مث إن السلطان اجته إىل البالط، فحمل امللك األشرف الغاشية على كتفه، وأخذ يسري على قدميه يف ركاب السلطان،

. يع من حضر للطفه البالغ، وكان السلطان يبدي كل حلظة اعتذارا، ويبدع لطيفة من اللطائفالذي تعجب هو وجممن وانطلق السلطان من الصفة-. فلما دخل السلطان البالط، قبل امللك األشرف األرض، مث اجته صوب خيمته

. عدل والدين وأثىن عليهوسجد هللا شكرا، ومحد ملك ال. »يناجي ربه«إىل اخللوة حيث املصلى كي جديد- ...

_________، وقد شبه صاحب أرزن الروم فيما انتهى إليه أمره )627ىف حوادث سنة 491: 12الكامل (راجع ابن األثري، ) 1(

وهكذا هذا املسكني جاء إىل جالل الدين . خرجت النعامة تطلب قرنني، فعادت بال أذنني: فكان كما قيل«: بالنعامة .»...فوعده بشىء من بالد عالء الدين، فأخذ ماله وما بيده من البالد وبقى أسريا يطلب الزيادة،

)1/214 (

ذكر حترك رايات السلطان صوب أرزن الروم وفتحها على يد السلطان عالء الدين كيقباد ه السلطان مع امللك يف اليوم التايل، حني أزمع ملك الكواكب وملك الثواقب التحرك يف منازل النهار الصادق، توج

كانت قد ولت ، ويف الطريق تناهى إىل مسع السلطان أن فرقة من جيش خوارزم-»أرزن الروم«األشرف وإخوته إىل

لكنها سقطت باألمس يف هوة سحيقة، وأن أفرادها قد تساقطوا مجيعا يف تلك اهلوة خبيوهلم وأسلحتهم بسبب األدبار-

. ريح اهلجوم العاصف وخوف املوتفأصدر السلطان أمرا جلماعة من اجليش املذكور بالذهاب إىل هناك وتقدمي تقرير عن املوقف، فلما بلغوا املكان، وجدوا

. أرواحهم قد فارقت األبدان وانتقلت إىل الدار اآلخرة، فأتوا مبا كان معهم من عدة وعتاد إىل دار سالح السلطنةفة بامسة النقاب عن الوجه الذي يزين العامل، وظهر اهلالل من أحد جوانب السماء ويف اليوم التايل أزاح العيد السعيد بش

. السلطنة) 1(فبدا كقوس طغراء ويف الصبح األول توجه كبار رجال الشام حنو بالط ملك األنام، فنزل السلطان من على العرش وأمسك بيد امللك

ا شربوا املشروبات، وكان املوكب األشرف، وأجلسه بالقرب منه على الطراحة اليت كانوا قد أعدوها حتت العرش، ومل

السلطاين قد ازدان ابتهاجا بالعيد، ركبوا خيوهلم، وأخذ أبطال امليدان يف إظهار أنواع املهارة والفن والفروسة، مث إ�م

لسائلني، مث حضروا خوان وسالت الصدقات كقطرات األمطار على ا. توجهوا إىل املصلى، وتعبدوا للمعبود املطلقفلما ترك كل منهم اخلوان إىل خيمته، أرسل السلطان عشر . اخلاص

_________ .1هامش 1انظر فيما سبق ص ) 1(

)1/215 (

وبسبب بعد عهدهم . خلع سلطانية مع عشرة خيول إىل امللك األشرف وسائر امللوك، ودعاهم إىل احلفل املضيء للعامل. ذوا من األخناب ما كان ثقيالمبعاقرة اخلمر، أخ

فأمر . ، فأغلق األمراء الذين كانوا يف املدينة الباب، وفتحوا طريق املقاومة»أرزن الروم«ويف اليوم التايل حلقوا مبنطقة فيدعوهم إىل جادة االنقياد بلسان امللك، ويهددهم نيابة عن بالطه / السلطان بأن يدخل املدينة رجل أمني يوثق بقوله

ووفقا للحكم، دخل أحد املقربني من خاصته يف صحبة أحد أمرائه باملدينة لكي يدفع . »إن عذايب لشديد«: وعيدببأهلها إىل طريق الصالح، وبالغ يف ذلك كل املبالغة، فقرنوا األمر املطاع باإلجابة بشرط أن ال يلحق باألمري وأخيه

فأقسم السلطان على ذلك يف مكتوب وفقا لطلبهم، وأرسل كتاب عهد . وبقية األمراء أذى، ويتم التجاوز عما مضىوسائر األكابر من املدينة إىل خدمة السلطان، ومحلوا الراية داخل » مهام الدين اجلاندار«وميثاق إليهم، فلما طالعوه قدم

. املدينةلك األشرف مع أخوته على أقدامهم يف ويف اليوم التايل ركب السلطان على حصان فاتح للعامل كالبدر املنري، وسار امل

الركاب العايل، فلما دخل السلطان اإليوان، وقف امللك األشرف مع اإلخوة مصطفني، فوضع السلطان قدمه على حافة

الصفة مدة يسرية مث جلس، مث ما لبث أن قام وأمسك بيد امللك األشرف ودخل قاعة اخللوة، وقضوا ذلك اليوم يف

فوقعت شفاعته موقع القبول، ونال خلعة مثينة ) 1(ناء النشوة تشفع امللك األشرف للملك ركن الدين ويف أث. اللهو

_________، انظر ما سلف، ص »أرزن الروم«يريد به ركن الدين جهانشاه ابن مغيث الدين ابن قلج أرسالن، صاحب ) 1(

182.

)1/216 (

. »أيوب حصار«وتوابعها كما أقطع أخاه » آقسرا«فأقطعه وحظي بشرف تقبيل اليد، وتفضل السلطان عليه وكان نواب السلطان جالل الدين حني مسعوا بالواقعة قد أخلوا املدينة » أخالط«مث إنه وجه فرقة من اجليش صوب

. »أران«وعربوا إىل

مع » أوليت«لكي يدخل / » األرمن«وبعد شهر قال للملك األشرف، يتعني على امللك أن يتجشم مشقة التوجه حنو فقبل امللك األشرف اليد، وطلب منشورا . يف نطاق سيطرة ديوان امللك األشرف» الكرج«بضعة قالع أخرى من بالد

مع مخسة » چاشين كري«على ذلك وعلى ملك األرمن، فتعجب السلطان لفرط تواضعه، وسطر املنشور، وأطلق األمري ، على سبيل االحتياط، وأمر له بنفقة تزيد عن احلد مما ال طاقة ألي سلطان »الطأخ«آالف فارس يف خدمة امللك حنو

. عليه وال على عشره، والتمس األعذار وقطع مسافة طويلة باملظلة والراية لوداعهمإىل نواحي ) 1(لتفقد أحوال القالع والبقاع، وأمر بأن ترسل رسائل الفتح أسبوعا- توقف السلطان بعد عودته-

. بعد نيل املرادات» قيصرية«مث عاد إىل . لبالدا _________

حمقق األصل الفارسي يف اهلامش نص إحدى رسائل الفتح اليت بعثها السلطان عالء » هوتسما«أورد األستاذ ) 1( قد عثر» هوتسما«وكان . »إربل«صاحب » مظفر الدين كوكبوري«وهي مرسلة إىل . الدين كيقباد إىل ملوك األطراف

وموضوع الرسالة ما جرى من أحداث عقب ا�زام . على تلك الرسالة يف خمطوطة تركية موجودة باملكتبة الوطنية بباريسمث السيطرة عليها، وحسم مادة املفسدين واملنافقني الذين كانوا » أرزن الروم«السلطان جالل الدين خوارزمشاه، وحماصرة

.ملني ويغرونه هبمحيرضون السلطان جالل الدين على املس

)1/217 (

وتأديبه ىف ذلك الباب» عالئية«ذكر جناية حمافظ مكتوب بأن سلطان العامل إن مل حيرك ركائبه بسرعة فسوف يفلت عنان حكم » عالئية«ويف هذه األثناء وصل من

قد كفر بالنعمة لكان أوىل- ولو علق جسده يف حبل املشنقة السلطنة، إذ أن حمافظ القلعة-/ من يد مماليك» العالئية«

أيقع اختياري على من ال أصل له : ويزمع أن يسلم القلعة للقبارصة، فاندهش السلطان هلذا الكالم والزمه التفكري وقالومن تزكى منهم، مث يضمر مثل هذا الغدر الذي ليس له من عذر، إن هذا / وأجعله رئيسا وحاكما على صدور الناس

اخلواص، وحلق بالعالئية بعد / احلال على بغل يشبه يف سريه ريح قمم اجلبال، وبرفقته بعضوركب يف. لشيء عجيبثالثة أيام، وأظهر كأنه مل يسمع بشيء، لكنه شغل يف السر بالتفحص واستكشاف األمر، فلما حتقق أنه خائن غادر،

فكره، وعلم أنه احلق الصراح، أمر السلطان يف وشهد األئمة واحلفاظ يف مواجهته، وأفشوا مسارب تدبريه وكشفوا عنوصار كل من كان شريكا له . احلال بأن حيملوه إىل الربج وميزقوه إربا إربا، وأن تعلق جثته مبا ناهلا من خزي جزاء ما فعل

. يف تلك املقالة قرينا له يف نفس األمرا مسع ملوك السواحل بتلك العقوبة، بعثوا على الفور م

. ن كل صوب باخلراج واجلزية خلدمة مالك العرش والتاجومل

مث جاء من هناك إىل . وظل السلطان طيلة شهرين هناك يقيم احلفالت امللكية تارة، ويربم أمرا مقرونا بالتوفيق تارة أخرىترحية مرفهة مدة أنطاكية وظل هناك أربعني يوما أخرى، مث أمر أن متكث العساكر املنصورة يف أوطا�ا ومساكنها مس

.سنة

)1/218 (

محاها اهللا تعاىل احملروسة-» سيواس«ذكر توغل فرقة حراسة مغولية حىت

ابن «حىت بلغت رباط » سيواس«يف نواحي » -جرماغون نوين«يقودها توغلت فرقة من جيش املغول- 629يف سنة وحني بلغ هذا اخلرب الفاجع مسامع السلطان، أمر .، فقتلت وأسرت واسرتقت الكثري من اخلالئق واملواشي)1(» راحت

أن ينطلق مبن حضر من اجليش من مفاردة حلقة اخلاص وغلمان وهو يف غاية القلق- » -كمال الدين كاميار«على تسكني هذه بكل ما أويت من كفاءة ودراية- ويعمل-. األعتاب السلطانية ومالزمي اخلرس بعتادهم وعدهتم

كانت فرقة احلراسة املغولية قد » سيواس«بتلك الطائفة من اجليش فلما بلغ » كمال الدين«لق األمري ، فانط/النائرةمتوليا حراسة تلك الثغور، » مبارز الدين جاشين كري«كان األمري . »أرزروم«فتبعهم اجليش حىت . عادت أدراجها

يف تلك ] كمال الدين[فأقام . السري يف إثره فاستشاره، فأجاب بأن جيش املغول إن كان قد عاد أدراجه فال ينبغي. »مغان«وحلقوا ب » ممريونس«النواحي يوما، مث أبلغه اجلواسيس أ�م اجتهوا إىل ديارهم، وأ�م عربوا

) 2] (السبب يف[ويف أثناء توقف اجليش جتمع الكثري من اجلند، فقالوا ال جيمل بنا الرجوع دون أن نفعل شيئا، وكان . ، فوجدوا يف هذا تعلة لغزوها»الكرج«ول ممالك السلطان هو إغراء ملكة دخول املغ

_________

ع، ص . أ(» كان معروفا بالرباط اإلصفهاين، أما اآلن فقد اشتهر باسم رباط كمال الدين أمحد بن راحت«) 1(

419 .(

.420ع، . إضافة من أ) 2(

)1/219 (

»كمال الدين كاميار«القالع على يد ملك األمراء ذكر دخول عساكر السلطان ديار الكرج وفتح آالت احلصار، ومل يقتصرا على املشاة الذين كانوا قد جاءوا من خمتلف » چاشين كري«و » كمال الدين«أعد األمري

د ومتكنا يف أسبوع واح. نواحي البالد، وإمنا أخذا مخسة آالف آخرين من املشاة، وانطلقا حبشد كبري صوب والية الكرجمن االستيالء بالسيف البتار على ثالثني قلعة شهرية كانت شرفاهتا تسامت السماك وقواعد أبنيتها تعاكس السمك

وأجنز اهللا يف تلك السنة وعده . وتعرقل مسريه، وانتزعوا بالرماح الثقيلة والسيوف املهندة كل حركة يف أرواح أهل الكرج

، مث إ�م انطلقوا من هناك )1(وعدكم الله مغامن كثرية تأخذو�ا : بقوله» األخباز«الصادق لعساكر السلطان من منطقة نفس الشربة، وجعلوا » خاخ«وأذاقوا أهل ./ واستولوا عليها بإعمال املنجنيق والسيف الصقيل الرباق» خاخ«إىل قلعة

. به من احلجارة والسهام الرائشةالدنيا الواسعة تضيق هبم كعني النمل مبا رموهم ...

_________ .20اآلية : الفتح) 1(

)1/220 (

ملكة األخباز وطلبها مصاهرة أعتاب السلطنة بتوسط ملك األمراء » رسودان«ذكر تذلل ا مسعت

وجنمت ملكة األخباز بتوغل عساكر السلطان وبالنكسة اليت حلت بالقالع الواقعة بتخوم بالدها » رسودان«مل

. يف بقاعها بفعل حوافر اخليل اجلوابة اليت ميتطيها املقاتلون من بالد الروم، خاصمتها الراحة وجافاها اهلدوء والسكينةومن أجل ذلك . وبعد إدارة أقداح االستشارة رأت املصلحة يف أن تدخل من باب املالطفة واملساملة مع أرباب الدولة

بسماحهم [ال الدين، والتمست األعذار عن ما كانت قد عاينته من خبث أمرائها فتحت باب املكاتبة مع األمري كم. ، وأرسلت األمحال)1] (جليش املغول بالتوغل يف بالد الروم

إين خادمة السلطان، أطيع كل من يأمر به وأذعن له، وأغلب الظن أن الرضا بالعفو ال يكون مقرونا بتخريب : وقالتواملتوقع من ألطافه . أعمال الظلم مبا يتميز به من كمال الكرم وحماسن الشيم- ك األمراء-بالدي، وأن ال جييز مل

اإلبقاء على بقايا البالد، وأن يطلع األعتاب السلطانية على رغبتنا يف الصلح، وحني تلوح آثار العناية والتعطف سيتم

وهي من صلب سلجوق ومن أصل داود ابنيت املطهرة-تأكيدها بطريق املصاهرة والقرابة، إذ جيول خباطري أن تصبح

. قرينة مللك اإلسالم غياث الدين كيخسرو حبكم ما حصل من جوار بني ديارنا ) -2(مث . ، ودعا إليه اجلند/ملتمس امللكة باإلجابة مبا عرف عنه من دهاء وحسن إدراك- فقرن ملك األمراء كمال الدين-

أو أبلغ السلطان بنبأ فتح ثالثني _________

. 422ع، ص . زيادة من أ) 1(تريد به داود بن سليمان بن قتلمش بن أرسالن بن سلجوق، وهو ثاىن سالطني سالجقة الروم، توىل احلكم بعد ) 2(

.انظر شجرة نسب سالجقة الروم ىف آخر هذا الكتاب. وفاة أبيه سليمان مؤسسة الدولة

)1/221 (

. وسيب الذراري و�ب األموال واملواشي وتشبع اجليش باملالأربعني قلعة مشهورة معمورة،

قد كف عن إحياء احلفالت وأمسك عن الطرب، ولبث يرتصد منذ أن بعث باجليش يف إثر املغول- وكان السلطان-ين برد موشح ومتت إجابة األمري كمال الد. فأمر يف احلال بإحياء احلفل، ومت استدعاء حرفاء الطرب. األخبار السارة

بالتوقيع األشرف للسلطان، مشفوع باإلعراب عن الرضا مبا بذل من مساع مشكورة وخدمات مربورة، وصدر األمر بأن يسمح للعساكر بالعودة إىل األوطان، وأن تعد مصاهرة امللكة مقرونة بالقبول، وأال يسمح للجيش منذ اآلن بإحلاق

. ضرر بوالية األخبازأمر اجلند باالنصراف، » أرزجنان«وحني حلق حبدود . كمال الدين األمراء، وأبلغهم باألمر، مث ارحتل فاستدعى األمري

. وسارع هو إىل احلضرة السلطانية، فنال من اإلكرامات والكرامات ما مل ينله أحد

ائر املمالك ذكر توجه عساكر السلطان حنو األرمن واستخالص إقليم أخالط وباقي بالد األرمن وإضافتها إىل س احملروسة

حبكم ما كان يغلب على طبيعته من حمبة حني مسع السلطان أن ممالك األرمن قد صارت مهالك، وأن امللك األشرف-، وأنه ال يعري اهتماما ملا حيدث )1(» هرت«، وسلك سبيل الطرب يف جوسق »سنجار«قد استقر بدمشق بعد للهو-

فيه جيش املغول غاراته دون بديار األرمن يف الوقت الذي يتابع _________

.، بريب427ع . يف أ) 1(

)1/222 (

كما كان جانب من اجليش اخلوارزمي قد تفرق مشردا يف تلك . انقطاع، ويقبض على بقايا الرعية فيأخذهم أسرىكمال الدين « لفرط شفقته ورمحته- ، حني مسع السلطان ذلك كله أمر-/األطراف، فأخذ أفراده يف قطع الطريق

و » أخالط«بأن يوجه احلشم املنصور بأسره إىل تلك احلدود، وأن يعمل على إحلاق ديار األرمن من » كاميار

. بسائر املمالك احملروسة» تفليس«حىت نواحي » بدليس«» هبا أدمكدار ما «فانطلق األمري كمال الدين مبوجب احلكم مع العساكر كافة، فلما بلغ أخالط وجد تلك املناطق

واستقبله مجاعة ممن بقي من سراة الناس هناك دون قيل وقال وجواب وسؤال، ومحلوا الراية يف احلال إىل املدينة، وأقسموا . على الوالء للسلطان، وجعلوا اخلطبة بامسه

ناحية، وفرضوا وغادر اجليش املدينة، وأمر بالنزول على شاطئ البحر، وسريت أفواج العساكر بصحبة األمراء إىل كل . سيطرهتم على ممالك األرمن بأسرها، بيمن دولة السلطان

وأرسل األمري كمال الدين خبرب فتح ديار األرمن، وما وقع لتلك الديار والدمن من خراب، إىل احلضرة السلطانية، فسر ء الذين كانوا يتولون قيادة اجلند-بيمن نقيبة األمري كمال الدين واستمالته وسائر األمرا السلطان بالفتوح، وأنفذ أمرا-

تاج الدين پروانه ابن القاضي «و » سعد الدين املستويف األردبيلي«، و »الصاحب ضياء الدين قرا أرسالن«بأن يسلم من املال ما يذهبون به حنو أخالط واألرمن، ويدبرون أمر تلك البالد؛ فيعينوا أبواب اإلنفاق، ويقيدوا أمالك » شرف

فلما وصل الصاحب . ويبقى هناك يف انتظار األوامر» أرزروم«ئبني والقتلى، وأن ينصرف األمري كمال الدين صوب الغا و پروانه

)1/223 (

، فأخذ يسلم /هناك كان البد لألمري كمال الدين من مادة اجلري إلعادة بناء ما خترب من أبنية القالع) 1(واملستويف وأمر كل واحد من األمراء بأن يبين بضعة أفران كبرية، ويباشروا العمل، . »عادل جواز« حجر اجلري والتنب يف نواحي

فأقاموا يف يومني أو ثالثة آالف قمينة من قمائن اجلري، وأخذوا حيملونه باجلمال إىل أرزن الروم، وصل أمر باستدعائه بنفسه عازما على املثول يف األعتاب وبالسماح للعساكر بالعودة إىل أوطا�ا، فسمح للجند يف احلال، وانطلق

. السلطانيةبإقليم ويف صحبتهم ألف فارس من املفاردة- حني حلق الصاحب ضياء الدين وتاج الدين پروانه وسعد الدين املستويف-

مياههم، أخالط، نصبوا الديوان، فسجلوا كل األمالك والعقارات، ودعوا املزارعني وأرباب األراضي للعودة إىل أراضيهم وكما استدعوا حمافظي القالع، وضبطوا اإليرادات . وسلموهم البذور واملاشية، وأسقطوا عنهم التكاليف املعهودة

. واملصاريف العامة

، توجه إىل األوطان كل من فر وتفرق، وما لبثت الوالية أن عمرت يف أقل »أران«و » الكرج«وملا وصل اخلرب لوالية

. مدةفبلغه . ، وكان أمريا شجاعا وقائدا عسكريا ذا دراية وجتربة»لسنان الدين قيماز«ضوا قيادة جيش تلك املمالك مث إ�م فو

وكان السلطان قد . مع مجاعة من جند اخلوارزمية، وأن الوالية ليست بآمنة من جهته» بتطوان«قد نزل » قري خان«أن . مسح بدعوته للوالء ألعتابه

_________ .427ع، . قارن أ) 1(

)1/224 (

، فلما اقرتب »طاطوان«مع غالم وركايب فقط عن أنظار األمراء، وتوجه صوب » سنان الدين قيماز«وذات يوم تغيب فعسى . احلاجة للقاء جاء أعزل من السالح/ أخرب اخلان أنه حني غلبت قامياز: أدرك رجال من جيش اخلوارزمية وقال

كان ذا دراية- ذلك متلكه العجب، وأرسل واحدا من مالزميه-» قري خان«فلما مسع .أن يسمح له بالتشرف باخلدمةبنفسه الستقباله مع شخص واحد هو حاجبه، » قري خان«فلما حتقق أنه هو، ذهب . الستقباله لكي يتبني صحة اخلرب

ن وأبلغها السالم وسأهلا عن وذهب عند زوجة قري خا» سنان الدين«فلما حصل اللقاء وتالطفا طويال استأذن األمري وبعد . نكبات األيام وواساها مث عاد إىل قري خان، وطلب طعاما على سبيل التبسط، فأتوا مبا كان حاضرا من الطعام

مصحف احلمايل من غالفه مث وضع يده عليه وأقسم أن أمراء السلطان ال حيملون يف » سنان الدين«تناول الطعام انتزع لقري خان وسائر أمراء اخلوارزمية، ولن يسيئوا هلم، وكل ما يعولون عليه أن ينتقلوا من هذا التشرد إىل قلوهبم أي ضغن

فإن . حالة من األمن واالستقرار، وليس أدل على ذلك من أن السلطان قد قال للصاحب بأن يدخلكم يف دائرة الطاعة. اء أن يقسموا بأ�م مع السلطان مجيعا يف السر والعلنوافقكم هذا األمر فيتعني على قري خان وسائر األمر

واألمراء اآلخرون » كسلو سنكم«و » سارو خان«و ) 1(» يالن نوغو«، و »بركت«، و »قري خان«فاجتمع وطلب السماح بالعودة » سنان الدين«بأسرهم، وأقسموا على ذلك كله، وأتوا باخلمر، فلما تداولوا عدة أقداح اعتذر

____ _____ .ويالن نوغور خان بريدي: 430ع، . ورد هذا االسم يف أ) 1(

)1/225 (

على أن يركبوا عند الصبح ويدخلوا بساتني املدينة لكي يقوم أمراء الدولة / إلبالغ الصاحب وباقي األمراء، ومت االتفاق

. وأكابرها باستقباهلم ويتم هناك إقرار ما يلزم من مهمات والتأكيد عليهوحني دخل سنان الدين قيماز املدينة كانت صالة العشاء قد قضيت، وقد �ض أركان الديوان فسأله الصاحب عن

. وأمر الصاحب بإعداد مائدة كربى. سبب غيبته فأخربه باألمر، فأثنوا مجيعا على فرط كفاءته وشجاعته، كان قري خان وسائر أمراء اخلوارزمية قد وصلوا ويف اليوم التايل حني طلع كوكب الشمس وأطل من قلل جبال املشرق

إىل أطراف املدينة، فخف تاج الدين پروانه وسنان الدين قيماز وسائر األمراء لالستقبال، وأنزلوهم بأحد البساتني، عاد فأ. ووضعوا من األطعمة ما كانوا قد أعدوه، وبعد الفراغ طلب تاج الدين پروانه جتديد القسم رغبة يف تأكيده

فلما حصل لپروانه وسائر األمراء اطمئنان البال، دخل بروانه . قريخان واألمراء اآلخرون القسم على حنو ما فعلوا باألمساملدينة ليال وأعاد على مسع الصاحب ما كان قد مت تدبريه ومجعه من مهمات، فأمر الصاحب بأن يعدوا أضعاف

سه من املدينة مبوكب حاشد حتفه الزينة واجلالل، فلما أبلغ قري خان بوصول ويف اليوم التايل خرج بنف. مأكوالت األمسوواسى الصاحب قري خان، ونزال ببستان، وكرر الصاحب لقري خان العهد . موكب الصاحب جاء الستقباله، فتعانقا

ألعذار ألنه إمنا يتم االقتصار وامليثاق باألميان املؤكدة، وقسم كل واليات أرزن الروم عليه هو وباقي القادة، والتمس ا. حاليا على هذا القرار، فإذا ما وصلنا خلدمة السلطان فسوف جيري تعزيز كامل

مث ذهب إىل املدينة، وكتب على التوقيعات السلطانية اليت كان قد

)1/226 (

واثيق مع ثالمثائة، من األعلى ويف الصباح الباكر أرسل امل. أمراء اخلوارزمية/ اصطحبها معه مواثيق باسم كل واحد من. واألوسط واألدىن إىل قري خان

. ويف اليوم التايل ارحتل قري خان مع مجيع أتباع اخلوارزمية إىل أرزروم

ذكر غارة املغول على اخلوارزمية وتفرقهم

دفهم يف الطريق ، صا»بطو غطاب«، وانطلقوا صوب أرزن الروم، وحلقوا »أخالط«حني ارحتل اخلوارزميون من إقليم مرج كأنه من روضات اجلنان، فراقهم خلصب منبته ولطف مرعاه، وفتنوا به، ونزلوا مجيعا دفعة واحدة، وأنزلوا السروج عن

. ظهور اخليول ووضعوها على األرض، وختلوا عن أسلحتهم، ووضعوا رؤوسهم على وسادة الراحة، مث راحوا يف نوم عميقالوديان كتيبة مغولية، فجعلت عددا ال حصر له منهم علفا للسيوف، بينما جنا بروحه كل وفجأة أغارت عليهم من أحد

. من أعطي مهلة يف األجل، وشردوا يف الوديان فرادى ومجاعات

فجاءوا إىل أبواب ] ومالت حنو الغروب[وحني حسم جيش املغول أمر اخلوارزميني، كانت السماء قد اصفرت

وثة بالدم، فلزم الفرسان والكتاب الذين كانوا يف املدينة احليطة واحلذر طول الليل، وتأهبوا بسيوف رزقاء مل» أخالط«

فدفع الصاحب عددا . وعندما انبلج الفجر كان جيش املغول قد ارحتل، وترك النريان يف مكا�ا مشتعلة. للقتال والنزالوفجأة . من واملهارب واملسارب والكهوف، فلم يعثروا على أي أثرمن الفرسان للتحقق من األمر، فدققوا النظر يف املكا

خرجت عجوز وهي تزحف من فتحة أحد اجلدران، وأسرعت حنو الفرسان،

)1/227 (

، »طوغطاب«ما إن استغرقنا يف النوم بصحراء :/ قري خان، قالت) 1(كانت تلك املرأة أم . فحملوها إىل الصاحب» مغان«ائة رجل من البسي الدروع من جيش املغول، كانوا قد ظلوا يقودون خيوهلم من حىت هجم علينا فجأة سبعم

إىل تلك املنطقة طوال ستة أيام بال توقف، فنجا كل من كان متيقظا وأتيح له اإلمساك بدابة من الدواب، فصعد جبال

من ظلمة الليل وقاء عصمين، وختفيت يف فتحة فاختذت . مث إ�م أخذونا وساقونا إىل أن رأوا الفرسان. أو هرب يف واد. ومن ذلك احلني وأنا ال أعلم شيئا عن أحوال اخلوارزمية. بأحد اجلدران

أليس من العار أن يعجز أربعة آالف رجل من اخلوارزمية عن التصدي لسبعمائة رجل من التتار؟ : قال الصاحبمؤلفة من الفرسان اخلوارزمية لولوا األدبار مجيعا، هكذا متكن لو ألقيت قلنسوة مغويل وسط آالف : أجابت العجوز

. رعب املغول يف قلوب اخلوارزميةفانفعل الصاحب لقول أنثى الضبع تلك، وقال جيدر بنا قبل أن ينقلب املغول وحياصروا املدينة أن ننطلق إىل أرزروم

ور اهلامة للمالك، ومحلوا من العلف ما يكفي ألربعة ، وأخذوا يف تدبري األم)2] (فاستصوب كل أصحابه هذا الرأي[. أيام مث سلكوا طريق أرزن الروم

فأرسل . وهناك جاء الرسل من كل ناحية بأن كل فرد من جنود اخلوارزمية قد انتهى به املطاف إىل إحدى النواحيالصاحب مبعوثني لدعوهتم إليه، فجاءوا

_________. 433ع، . أ» أم امرأة قري خان«) 1(

.434ع، ص . إضافة من أ) 2(

)1/228 (

: فبالغ الصاحب يف استمالتهم وقال. مجيعا يف خدمته، وقصوا عليه ما حدثوأعطى . املأمول إال تتعرضوا بعد ذلك ألي نكبة جبالل دولة السلطان، وأن تكون هذه آخر النكبات وخامتة املصائب

. اضني صوب قيصريةهلم مجيعا الثياب والذهب، فانطلقوا ر

وحني وصلوا إىل أعتاب السلطنة يف قيصرية، أثىن السلطان على اخلدمات الرائعة واآلراء السديدة للوزير وطيب خاطر » ليالن نوغو» «نكيدة«و / » لكسلوسنكم» «الرندة«لربكت، و » أماسية«لقري خان، و » أرزجنان«اخلوارزمية، ومنح

. بصفة إقطاع

لذي مجعه امللك الكامل لغزو بالد الروم، وا�زامه وعودته منكوبا مقهورا إىل القاهرة ذكر احلشد اعلى ملك مصر وحكم بالد اليمن، بل كان لعقله الناقص وشقائه اخلالص- مل يقتصر امللك الكامل- 630يف سنة

: لتقارب والوحدة، فدعا كفرعون باآليةوبدل التوجس والتفرقة با. يريد االستيالء على مملكة الروم لتضاف إىل بالدهوأمر بأن يشن األخوة هجوما مباغتا على بالد الروم كسيل العرم، فال يقع للسلطان علم باألمر إال ) 1(فحشر فنادى

. بالد الروم وجيلس على العرش» الكامل«بعد أن يغزو علما هبذا وقد أ�ي هذا األمر يف احلال إىل ديوان السلطان، فلما أحيط

_________ .23اآلية : النازعات) 1(

)1/229 (

أليس يل ملك مصر ]: مبقتضى قول اهللا عز وجل عن فرعون[إذا كان غرور امللك، : التخبط من جانب الكامل قالإن املأمول أن يويل واإلعراض عن قبلة املودة، فقصد حماربة هذه األسرة السلطانية، ف) 2(قد محله على التفرعن ) 1(

وجهه صوب القاهرة مقهورا بأسرع ما ميكن وأن يلوذ بالفرار إىل مصر جزاء ملا هو مصر عليه من الشر وميزق ثيابه . ويلقي هبا يف النيل حسرة على ما كان من ملكه للشام

ألعتاب السلطانية إيل ممر بأن يتوجه دون إبطاء مبن حضر من اجلند حول ا» كمال الدين كاميار«ويف احلال أمر ويتخذ الالزم لصيانتها، وأال يبخل بشيء مما هو معروف عنه من حزم ودراية، ألن املواكب السلطانية ستنطلق » آقچهـ«

. يف األثرارة فسد املنافذ بالشجر واحلج/ » املمر«فواصل األمري كمال الدين مع األمراء والقادة السري بالسري حىت وصل إىل أول

. وشحنها باملقاتلني. وبعد يومني أو ثالثة وصل السلطان بعساكر وفرية وبصحبته أمراء الروم وخوارزم، وما ال حصر له من العتاد والعدة

كان اخلوارزمية والروم خيرجون من ) 3(وعندما كان يويل جيش احلبش األدبار منهزما خوفا من جيش الصني واخلنت

ن يف القتال والنزال مع رجال الشام، فيقتلون وجيرحون الكثريين من الناس دون أن يلحق هبم-تلك املمرات ويشتبكو

وكان السلطان حينذاك . أذى من قبل جيش الشام بقدر اهللا-

_________. 51اآلية : الزخرف) 1(

. 437ع . والتصحيح من أ) خداع(فريب : يف األصل) 2( .يعين إدبار الليل وإقبال النهار) 3(

)1/230 (

). 1(وإن جندنا هلم الغالبون : رطب اللسان بقول اهللا تعاىلينبغي الوقوف بكل جدية أمام جيش الشام عند الصبح، ولنفصل يف هذا اخلصام حبكم : وذات يوم قال السلطان

سيارات حصان الفلك األسود، وجرد ويف السحر حني ركب قائد ال. فأخذوا يف التأهب واالستعداد طول الليل. احلساميف معرض ميدان األفق الشرقي خنجرا من شعاع جال مسرعا هنا وهناك، لبس السلطان بنفسه ألمة احلرب، وراح

. األمراء الكبار بأسرهم يف احلديد، وولوا وجوههم صوب اخلصم فرووا السيوف زمنا بأوداج األعداءان النصر معوانا له ومن حلق به اخلذالن، ومل يكن الكاسر قد سلب املنكسر ومل تكن احلرب العوان قد كشفت عمن ك

فعند الصبح سلك ) 2(أيها املليك، تولت عداك : كرة الظفر حيت شوهد فارس أقبل مث وضع رأسه على األرض، وقال. امللك الكامل مع إخوته طريق الشام، ففرح السلطان بتلك البشارة

، وكانت العساكر املنصورة حترس هذين املمرين، »وباغنبك» «دوزخ دره«ه الدخول من طريق وأراد امللك الكامل وإخوت» الفرار بقراب أكيس«فلما بلغومها وبدا من املتعذر فتح ثغرة يف احلصار املضروب اضطروا إىل التنادي باملثل القائل

لقلعة وخربوها، وولوا وجوههم شطر مصر والقاهرة ، فلما بلغوه أضرموا النار يف ا»منصور«، واجتهوا إيل طريق حصن )3(: خوفا من بأس الدولة القاهرة

). 4(وكفى الله المؤمنني القتال _________

. 173اآلية : سورة الصافات) 1(. 438ص . ع. إضافة من أ) 2(

. »أن ترد املاء مباء أكيس«: املثل العريب) 3( .25اآلية : األحزاب) 4(

)1/231 (

ذكر حماربة ملوك الشام ومشس الدين صواب لعساكر السلطان وا�زامهم وحتصنهم بقلعة خرتربت ملا رجع امللك الكامل خاوي الوفاض من بالد الروم سار إليه ملك خرتربت لفرط عجزه، وكان قد توىل بالوالء له واخنرط

: يف زمرة احملبني لدولته وقال

فندب امللك . بسبب موديت لكم، فيلزم من باب املروءة أن تكون صيانة ملكي يف ذمتكم لقد اكتسبت عداء السلطان) 1] (وخادم حرم امللك الكامل[وكان زعيم الدار الكامل كال من ملك محاة وملك محص واألمري مشس الدين صواب-

. »خرتربت«مع مخسة آالف فارس للمحافظة على واالعتماد كله على شجاعته-امللك الكامل جاء السلطان إىل ملطية، واستدعى العساكر اليت كانت قد توجهت حلراسة املمرات، وأمر مبد وحني رجع

فلما بلغوا صحراء خرتربت، كان ملوك الشام قد نزلوا حتت . اجلسور على �ر الفرات، وأن تعرب العساكر بأسرهااويل وهبرامشاه اجلاندار وياقوت مريداد وسائر الشخصيات ، وأخذوا األهبة للقتال، فشرع مبارز الدين ج)2(» العقبة«

الكبرية يف تعبئة امليمنة وامليسرة، وتقابل اجلانبان، واصطفا صفوفا حىت انتصف النهار ومل تصدر عن الطرفني حركة-. ينتظرون األمري كمال الدين/ أل�م كانوا

زمعون التحرك وكان قد منا إىل مسع األمري كمال الدين أن ملوك الشام ي _________

. 440ع، . إضافة من أ) 1( .املرقى الصعب يف اجلبل: العقبة) 2(

)1/232 (

فلما وصل إىل هناك ومل ير أحدا . ، فوجه اجليش صوب ذلك الطريق على سبيل االحتياط»البرية«للقتال عن طريق يرتيثان » مشس الدين ألتونبه چاشين كري«و » مبارز الدين جاويل چاشين كري«وظل األمري [انصرف إىل خرتربت

رسوال فتباطأ ومل يتعجل، فلما رأى الرسول ] كمال الدين[، وأرسال إىل )1] (ويتابطآن حىت تلحق هبما بقية العساكرأنه سوف حيدث هتاون يف اإلمداد، صاح يف اجلند بأن عساكر الشام قد ولت الفرار، وأن عساكر الروم اليت كانت يف

» چاويل چاشين گري«وهبذا اإلطماع انضم مخسة آالف فارس بكل من . هتا قد نالت ما ال حصر له من الغنائممواجه. »ألتونبه چاشين گري«و

تاج الدين پروانه «فهجم عليهم . وملا رأت العساكر املصطفة أن جندا قد وصلوا ملددهم هجموا، فرد الشاميون هجومهممن امليسرة إىل امليمنة، فأحلقا جبند الشام هزمية » سعد الدين كوبك«، وجاء »يدةنك«مع عساكر » ابن القاضي شرف

كاملة، وقتلت من الشاميني مقتلة عظيمة، ومل يقتل أحد يف احلرب من هذا اجلانب إال أحد الفرنج، وأسروا سبعمائة

. ت، وعاد الروم إىل مضارب اخلياممث إن الشاميني نزلوا وسط عقبة خرترب. من جند الشام وأرسلوهم إىل دهليز الفاتح

جبيش جرار، فلما شاهد جند الشام من فوق العقبة عقاب مظلة الفاتح، » كمال الدين كاميار«ويف اليوم التايل وصل فدخل جند الروم املدينة بتؤدة، وبالغوا يف النهب وحرق الديار، » خرتربت«تدافعوا يف هلع وذهول حىت دخلوا قلعة

. وكان السلطان قد بقي يف ملطية يف انتظار من يبشره بالفتح/. اروخرق األست _________

.ع، أيضا. إضافة من أ) 1(

)1/233 (

ذكر والد ووالدة مؤلف أصل هذا املختصر األمري ناصر الدين أمري ديوان الطغرا وهو مما ينبغي إيراده وفق مقتضى احلال

رئيس أصحاب الشافعي يف نيسابور، وهي من قبل » كمال الدين السمناين«املنجمة، وهي بنت » بييب«كانت والدته برعت يف علم النجوم، وملا كان طالعها مشتمال على سهم الغيب فقد جاءت ) 1(» حممد بن حييي«والدهتا حفيدة

. أحكامها يف الغالب موافقة للقضاء والقدر، رآها مقربة خلدمة »أخالط«ن جالل الدين عند باب يف سفارة إىل السلطا» كمال الدين كاميار«وعندما جاء

السلطان، ووجدها مرجوعا إليها يف أحكام النجوم، وبعد عودته عرض هذه احلكاية على سبيل التندر يف أثناء احملاورة، ها إىل وملا حدث للسلطان جالل الدين ما حدث، حيث حلت به النكبة من جيش املغول انتهى األمر هبذه املرأة وزوج

أرسل إىل امللك األشرف رسوال الستدعائهما، فأتى هبما إىل بالد » عالء الدين«دمشق، فلما بلغ خرب ذلك للسلطان . الروم معززين مكرمني

وملا ذهب اجليش إىل خرتربت حكمت بييب املنجمة بأنه يف اليوم الفالين، ويف الساعة الفالنية يصل من يبشر بالنصر وفجأة وصل الرسل بنبأ مفاده أن . خذ السلطان يرتصد ذلك اليوم ويتطلع إىل وصول الرسول يف تلك الساعةوالظفر، فأ

، ولو حتركت الرايات حنوها يف أي حلظة سيتم فتح القلعة دون أدىن »خرتربت«عساكر الشام قد خذلت وجلأت إىل وأطلق غلمان اخلاص يف احلال . وافقة ذلك احلكمفتزايدت ثقة السلطان مبهارهتا يف ذلك العلم من م. منازعة

_________، رئيس الشافعية بنيسابور يف عصره، تفقه )548 -476(حممد بن حييي بن منصور النيسابوري، حميي الدين ) 1(

. على اإلمام الغزايل، ودرس بنظامية نيسابور .465: 1وفيات األعيان، البن خلكان، طبع مصر : انظر

)1/234 (

/. وافق حكم بييب خاتون القدر الرباين: إلحضارها، فلما دخلت قالوألبسوها خلعة، وأمرها السلطان بأن تعرض كل ما تتمناه من أمنيات، فالتمست إسناد ديوان اإلنشاء اخلاص بالسلطان

. »جمد الدين حممد الرتمجان«لزوجها

، فتحقق هلا ذلك دون أدىن تردد، وظل دائما مالزما يف ، ومن الشخصيات اهلامة جبرجان»كورسرخ«وكان من سادات احلضر والسفر، وكان حيظى بالعطف امللكي، وبلغ أمره يف تلك الدولة مبلغا حبيث مل يكن السلطان يرى من هو أصلح

) 2(» لچيإي«و ) 1(» وجالل الدين مسلمان«منه حلمل الرسائل إىل البالطات الكربى كبغداد والشام واخلوارزميني . هـ 670وقد انتقل إىل جوار ربه يف شعبان سنة

نرجع إىل ما كنا بصدده، أمر السلطان فدقوا يف احلال طبول البشائر، ويف اليوم التايل حترك موكب السلطان صوب احلجارة على خرتربت، وما إن بلغوها حىت نصبوا مثانية عشر منجنيقا، فأجالوا جمال األمل وضيقوا مدة األجل بتواتر

ومن غرائب االتفاقات أ�م كانوا قد علقوا محال يف تنور مبطبخ ملك خرتربت لكي يقدم للملك . احملصورين بالقلعةومل [وملوك الشام، فدخل املسؤول عن املطبخ وذكر أن حجر املنجنيق سقط على التنور وأخذ احلمل وغيبه يف األرض

). 3] (يعد له من أثريا أصحاب الدولة، إن الدخول من : اة رجال عاقال، فقالوكان ملك حم

_________. 2، هامش 183عالء الدين، وهو خطأ واضح، انظر ما سلف ص : ىف األصل) 1(

انظر فيما سبق ص . كذا يف األصل، وواضح أنه يشري هبذه الكلمة إىل املغول، وإيلچي مبعىن مبعوث، أو رسول) 2(. 2، هامش 198

.444ع، . ن أإضافة م) 3(

)1/235 (

والرأي أن يذهب واحد منا إىل حضرة السلطان وميسك بتالبيب كرمه . باب املقاومة أمر بعيد عن احلكمة والسدادإىل خدمة السلطان، الذى كان قد أشار هبذا الرأي- فاتفقوا مجيعا على أن يأيت ملك محاة-. فلعله يؤمننا على أرواحناوقرنت شفاعته باإلجابة بشرط أال خيرج ملوك الشام وأمراؤه من القلعة شيئا قل أو كثر، وأن فحظي بالعاطفة امللكية

. حجارة املنجنيق واصلت العمل/ ومت تسطري كتاب األمان على هذا النحو، لكن . يقنعوا خبروجهم ساملنيفعلت األصوات من ). 2(الزرقاء أعالم سلطان ممالك الشرق على شرفات السماء ) 1(ويف اليوم التايل خفقت عذبات

الراية إىل أعلى، ونصبها على جدار » خاص طغرل«القلعة طالبة األمان، وطلبوا أن ترفع إليهم الراية السلطانية، فحمل

. البوابة، وكانت أصوات البشارات من الداخل واخلارج تصل إىل أمساع الكواكب السيارة

ة ونزلوا مبوضع كان ضيوف الشرف قد حددوه من قبل، فأرسل السلطان لكل وخرج أمراء الشام وملوكهم من القلعخلعة على قدر مرتبته، وأمر بأن حيضروا إىل احلفل املضيء للعامل بعد صالة العشاء، فدخل ملوك الشام وأمراؤه مجلة

مشس الدين صواب الذي مل وقد لبسوا اخللع، ونالوا من الطعام والشراب نصيبا ليس هناك ما هو أهنأ منه، خبالف إنه مل » كمال الدين«فضاق السلطان بتنمره وجتربه، وقال لألمري . يلتفت إىل اخللعة، ومل يتناول كسرة خبز يف اخلوان

فتبسم السلطان . قد أكل بكلتا يديه وبلغ به الشبع مبلغه: فأجاب كمال الدين. يلبس ثوبنا األسود ومل يأكل خبزنا. ةلسماع تلك اللطيف

_________. والعذبة طرف الشئ. كذا يف األصل، كلمة عربية) 1(

.، وعبارة األصل مضطربة445ع . هذه عبارة أ) 2(

)1/236 (

وما كان هذا . كل من يبيع دواب للشاميني لن يكون جزاؤه إال القتل والصلب: ويف اليوم التايل نودي يف اجلند

ويف اليوم التايل حصل امللوك . »صواب«إال بسبب فساد رأي ) 1] (ا يستحقونهبامللوك وهو أمر مل يكونو[االستخفاف فعجز عن املشي، » صواب«وكانت الرطوبة قد غلبت علي مزاج . على اإلذن باالنصراف فيمموا وجوهم شطر أوطا�م

. فأخذ غلمانه حيملونه بالتناوب على درع كرجي، حىت بلغوا به حدود الشاممث اجته ). 2(أصعد السلطان النواب واألمناء إىل القلعة لتدبري أمورها ] باالنصراف[نال فيه امللوك اإلذن ويف اليوم الذي

لكي يطهرا امللكني اللذين أجنبهما من امللكة » إياز الشرابساالر«و » لكمال الدين كاميار«صوب قيصرية، وأصدر أمرا . وانطلق بنفسه عازما على بلوغ مشىت أنطاكية وعالئية. سلطانيةويقوما خبتا�ما وفق رسوم اخلتان ال/ العادلية

ذكر فتح حران والرها والرقة وتوابعها ولواحقها

من برج القمر إىل برج احلمل، وكسا بصنعته أطراف قلل باألمر اإلهلي- حني عزم موكب ملك النجوم على االنصراف-. اجلبال باحللي واحللل

. كية وعالئية إىل قيصرية الىت كانت جممعا للعساكرانطلق السلطان من أنطاوأمر األمري كمال الدين وسائر أركان الدولة أن يعقدوا العزم على فتح حران، والرها، والرقة ومضافاهتا، وجيعلوا من ديار

. العادل والكامل وقصورمها جمامث للسكون، ومرابض للظباء واألنعام

_________

. 446ع . إضافة من أ) 1(

.446ع، . قارن أ) 2(

)1/237 (

وما إن بلغ تلك النواحي حىت نصب اجملانيق، . فانطلق ملك األمراء كمال الدين خبمسة آالف فارس كالربق الالمعكما كانت أمواج » قاف«كانت تسامت برج النجوم، وتستنكف عن أن يذكر بني يديها جبل » حران«ورغم أن شرفة

عدة يف روح البحر األخضر، فإن الرجفة أخذهتا من كل جانب بسبب تواتر اهلجمات ووقع أحجار خندقها توقع الر . صابروا مدة شهرين إنصافا هلم- لكنهم-. اجملانيق يف بيوت ساكنيها واحلجرات

يف فلما عجزوا عن جترع ما للصرب من كاسات مريرات، وشرع عسكر الكرج والفرنج يف إيذاء كرائم حرمي املسلمني

. وأرسلوا األكابر خلدمة ملك األمراء. املدينة، صرخوا طالبني األمان لتسكني هذه الفتنة وخوفا على أرواحهموخيرجوا خروج / فاشرتطوا عليهم إال حيملوا خارج القلعة شيئا سوى األطفال والعيال، وأن ينزلوا منها عارين كاحلليب

. الشعرة من العجنيوصعد األمراء إىل القلعة وهي خالية، فأثبتوا يف الدفاتر ما ال حصر له من األموال واخلزائن، فرفعوا الراية السلطانية

بأن يرسلوا بعد أن أثىن على ما بذلوه من مساع- فأمر-. ، وأبلغوا السلطان)1(وشحنوها يف الصناديق مث ختموا عليها بد من وجوده هبا، ويرسلوا ما تبقى مما انتقوه لكي ينقل إىل اخلزائن بكل حيطة إىل اخلزانة العامرة، ويرتكوا بالقلعة ما ال

. مث إن عليهم املبادرة برتميم ثغرات القلعة، والتوجه بعد إجناز املهام إىل األعتاب السلطانية. ملطية احملروسةلكامل عاد إىل وبعد عودة ملك األمراء والعسكر من فوق قلعة حران وصل رسل ملطية فجأة خبرب مفاده أن امللك ا

حران واستوىل على القلعة ثانية حبصارها، ووضع احملافظني واجلند والنواب يف أجولة ومحلها على اجلمال _________

.448ع . قارن أ) 1(

)1/238 (

يوم لنا ف«ومع أن السلطان انفعل هبذا اخلرب لكنه استشهد باملثل القائل . وأرسلها إىل مصر، وزج هبم يف السجن املؤبد

. »آمد«، وقال إن اسرتجاع حران ليس باألمر املهم، والرأي أن تنطلقوا حملاصرة »ويوم عليناإن أمر السلطان سليم، وإن العساكر املنصورة لو قصدت قالع األفالك ملرغت أبراجها » كمال الدين كاميار«أجاب

ي جبل صلد، ومل يقيض ألي سلطان سبق أن يفتحها، مدينة هلا قلعة ه» آمد«يف الرتاب بغري عناء، ولكن ملا كانت

فهيهات هيهات أن تتم السيطرة عليها، لكن أغلب الظن أ�ا تفتح يف ثالث سنوات متتابعة حبيث يتم يف السنة األوىل

مدد وال يسمح ملدة سنة أخرى أن يصل إليهم. إحراق مزروعاهتا، و�ب مواشيها وأسر رعاياها ومزارعيها ونكبهمونظرا ألنه أحجم ./ ويف السنة الثالثة ميكن أن ميسكوا بتالبيب األمان ويسلموا املدينة. يشكل خمزونا احتياطيا لديهم

). 1] (فقد توقف السلطان يف األمر[، »آمد«هبذه العبارة عن حماصرة

ذكر تصدي تاج الدين حملاصرة آمد وعودته خائبا ابن القاضي شرف الدين األرزجناين، تروجيا » تاج الدين پروانه«خلمر وتداول األقداح قال ذات يوم، ويف أثناء معاقرة ا

قال وقد وجد السلطان يف حالة من وكان أهل العامل بأسرهم حيسدونه- لسوقه ونيال من مكانة كمال الدين كاميار-فسوف يستويل » آمد«ن فيهم اخلوارزميني إىل لو أذن السلطان للملوك بأن يتوجه باجلند القدامى مب: االنشراح واالرتياح

. عليها خالل ستة أشهر بل أقل _________

.450ع، ص . إضافة من أ) 1(

)1/239 (

فأكرمه السلطان حني ألزمه بذلك، وفوض إليه زعامة اجليوش، وسري يف صحبته اجلند ومعهم اآلالت احلربية والعتاد

. والعدة املزينةانطالقا وسائر أمراء خوارزم-» قريخان«هناك، قضى مدة يف حصارها، فما ظهر لذلك من أثر، وعمد فلما وصل إىل

من احلقد الذي مأل قلوهبم من جهة امللك الغازي وبدر الدين لولو وامللك املنصور صاحب ماردين، لكو�م مل يلتفتوا ى تلك البالد، وأشاعوا هبا اخلراب حىت أبواب عمدوا إىل اإلغارة عل إىل السلطان جالل الدين عندما جلأ إليهم-

. حيث أعملوا فيها القتل والسيب واحلرق والنهب» سنجار«، وأرسل الصاحب مشس الدين اإلصبهاين جبيش »آمد«ومت إبالغ األمر حلضرة السلطان، لكنه كان مصرا على فتح

ال برسم املنجنيق حصى مستديرا من احلديد فئة آخر مع ما ال يدخل يف احلصر من مال وعتاد حىت إنه محل على اجلموحل فصل [والثالثة أمنان واخلمسة أمنان، فامتنع ذلك الفتح عليه أيضا، وظل خائفا من غضب السلطان ) 1(املنني

كان البد أن حيسم، لكن حلول الشتاء » آمد«فاختذوا من ذلك وسيلة لكي يزعموا للحضرة أن أمر ) 2] (الشتاء: فنالوا هبذه الوسيلة رخصة التفرق والعودة، لكن السلطان قال. اجئ أضعف من محاس العساكر وحد من حركتهماملف

وملا وصل األمراء إىل . البد يل من مزاولة األمر ومباشرته بذات نفسي يف العام القابل، وأمت تلك املهمة على أكمل وجه

. اخلدمة مل ينطق بعتاب وجتاوز عما فات

___ ______

. معيار قدمي كان يكال به أو يوزن، وقدره إذ ذاك رطالن بغداديان: املن) 1( .451ع، . إضافة من أ) 2(

)1/240 (

إىل السلطان عالء الدين كيقباد ) 1] (أو كتاي قاآن[ذكر ورود رسل بالط : فقال) 3] (ينوهو من أكابر منطقة قزو) [2(حكى األمري مشس الدين عمر القزويين املعروف بسروران

عرضت يل حادثة من أحداث األيام ووقائع الدهر، ففارقت وطين القدمي الذي كان مقطع السرة وجممع األسرة،

ورأيتها مشحونة بالنعمة والراحة، أقمت هناك مدة، وحصلت ماال » أرزروم«فلما بلغت مدينة . وسلكت طريق التجارة

فصنعت ألوانا من اجلواهر واملرصعات، ) 4(» تركستان«عزمت على السفر إىل وفجأة . ومتاعا وفريا ونعمة متزايدةفأسرجت مطية السفر، وفتحت على . وقضيت مدة يف استكماهلا مث قلت لنفسي هذا متاع ال يليق إال خبزانة إمرباطور

. نفسي الطريق إىل تلك احلضرة، فلما بلغتها أبرمت صفقة ناجحة وزاولت جتارة راحبةمن أين جئت؟ : ن اإلمرباطور حاضرا وقت عرض األمتعة فقال يلوكا

تلك البالد اليت بيد السلطان عالء الدين كيقباد؟ : قال. من بالد الروم: قلتوليس يف اإلسالم سلطان . على النحو الذي يروق لإلمرباطور: ما طريقته يف السياسة وامللك؟ قلت: قال. نعم: قلت

امل، عدل شامل، وعقل ك: مثله _________

. 452ع، . إضافة من أ) 1(. أكابر، ساردة، رؤساء: سروران) 2(

. 452ع، . إضافة من أ) 3( .453ع، . ، قارن أ)كذا(بركستان : يف األصل) 4(

)1/241 (

من الظلم أن حنرم هذا السلطان من عنايتنا، ولندعوه لكي : فقال). 1(وملك معمور، ومال موفور، ورعية مسرورة ما أنا إال امرؤ تاجر، ال علم : فقلت. بح على ذمتنا، ويبقى ملكه ورعيته عامرين، فإن أرسلتك رسوال إليه فاذهبيص

. يل بدقائق الرسالة والسفارة، فلعلي أمهل دقيقة ال علم يل هبا، فأالم عليها

مث أرسلين . ما يرتضيه الناس كافة طاملا وقع نظرنا عليك، واخرتناك ملثل هذا العمل، فإن اهللا سيجري على لسانك: قال

، وعملة تذكارية ذهبية، وأخرى فضية، مع أمر »أرمتاي«و » بدون«إىل خدمة السلطان مع اثنني من خدم املغول مها : ملكي مضمونه ما يلي

نص األمر امللكي الذى جاء إىل السلطان عالء الدين كيقباد

ا قد انتهجنا منهجا حسنا يف احلكم وسياسة الرعية، والقادمون والذاهبون يعلم العاهل العادل السلطان عالء الدين أننفلقد مسعنا، ورضينا كل الرضا، وأرسلنا إليك ما يعرب عن رضانا ومودتنا، وأردنا أن تبقى على الدوام سعيد . عنك راضون

ا كان اهللا تعاىل قد جعلنا عظماء وأعزنا ووهب سطح األرض. القلب يف ملككلقبيلنا، وملا كنت أنت تسلك الطريق ومل

. املرضي، فقد أصبح واجبا علينا إظهار حالنا لك، وإطالعك عن طريق الرسل واملؤمترين باألمر

وحنن إن أظهرنا أحوالنا ومل يسمع لنا كان جزاء من ال يسمعون أو يلوون رؤوسهم أن يقتحم جيشنا واليتهم، فيقتلهم . ير على األموال وخيرب املتاع، وينزل به السوء والضرر، وال نكون حنن السبب يف ذلكويأسر النساء واألطفال، ويغ

_________ .453ع، . اختصر مؤلف األصل قسما كبريا من هذه األوصاف، قارن أ) 1(

)1/242 (

. »سبزه«من مقام بالط 633» بيچني«كتب يف سنة طويت سجل مسالك الديار، فلما بلغت قيصرية كان السلطان فواصلت السري إىل أن حلقت ببالد الروم بعد أن

وكان األمراء . فأبقونا هناك حىت الربيع. وعرض على السلطان حالنا/ بالعالئية، وكان مبارز الدين چاويل قد أرسل رسوال. ةوكانوا يرعون جانبنا أبلغ الرعاي) 1] (إقامة الديوان[يأتون لرؤيتنا كل يوم بعد التنزه وقبل

وملا تبسم وجه الربيع، وقدم السلطان من عالئية إىل قيصرية استدعانا وعاملنا بكل احرتام وتكرمي، فلما سلمت املرسوم ا نزل من فوق العرش وأحضرين إىل قاعة اخللوة وحدي دون الغالمني كان أول لفظ . �ض واقفا وطالعه بنفسه) يرليغ(

ومل

كر أن يكون الرسول الذي وصل إلينا ممن اصطفاهم اهللا، فهو مسلم، فأصبح من أعز هللا احلمد والش: مسعته منه قوله. اهللا عزيزا علينا، ومذكرا لنا

: إن التدين يقتضيك أن تصدقين القول فيما أسألك عنه؟ قلت: مث إنه قال. سأفضي بكل ما أعرفه حلضرة السلطان يف مجيع األحوال

معاذ اهللا ال تكلف مواالهتم إال أن يذهب املندوب للخدمة كل : نوابا عنهم؟ قلت هل يطمعون يف ملكنا لو صرنا: قال

عام، وحيمل إليهم شيئا قليال مما يرث من املالبس يف اخلزائن ومن املتاع ما يكرب سنه مبرور الوقت يف الروث

واالسطبالت، والذهب الذي يتعرض للتلف حتت األرض، وأن يكون

_________ .455ع . أ قارن) 1(

)1/243 (

. فقبل السلطان النيابة وأمر فأعدت التحف واهلدايا والطرف الرومية. يف صفهم ظاهرا وباطنا» غياث الدين كيخسرو«وجلس ابنه . تعاىل- انتقل السلطان إىل جوار احلق- 634وفجأة يف الثالث من شوال سنة

. يا أيب: يا أخي، وأنا أدعوك بقويل: ك أيب قائال لكخاطب: فأرسل إيل أنا والغالمني وقال. على العرش

. وسأسلك بدوري طريق النيابة

إىل ) 1] (املعروف بابن احلمار املصري[وبعث باهلدايا اليت كان السلطان عالء الدين قد أعدها بصحبة فخر الدين ، فظللنا حمبوسني مدة )2(» كردكوه« وصل إىل والية خراسان كبسنا املالحدة جبيش حاشد، ومحلونا إىل/ فلما. ملطية

فلما وصلنا . فخلصنا من أيديهم) 3(» جرماغون نوين«وملا وصل خربنا إىل اخلدمة، صدر أمر إيل . ثالثة أشهر ويومني: إىل اخلدمة، وعرضنا أحوال اإلعزاز واإلجالل وقبول الطاعة، وترتيب التحف، ووفاة السلطان عالء الدين، قال

مث صدر األمر بأن أذهب إىل الروم وأكون نائبا، فلما بلغت العراق كان . ثالث مرات» قريان«، »انقري«، »قريان«. جبيش غياث الدين، وسارت األمور يف وجهة غري اليت قدمناها» كوسه طاغ«قد اصطدم يف ) 3(» باجيو نوين«

_________. ابن احلمار: خرو پسر . ابن جرب: پسر جرب: ، ويف األصل456: ع. كذا يف أ) 1(

. إحدى قالع اإلمساعيلية) 2( .قائد مغويل) 3(

)1/244 (

) 1( ذكر وفاة السلطان عالء الدين كيقبادكانت مشس معايل السلطان عالء الدين كيقباد وجالله يف احلكم والسداد قد بلغت درجة الكمال، ال بل حائط

مري املؤمنني املستنصر يف اململكة مبقتضى ملك األعمام، الزوال، وأذعن حلكمه عظماء اآلفاق، وبدأ يف مشاركة أ. وخوطب بالسلطان األعظم والقسيم املعظم

وكان حبكم غبار الوحشة الذي علق خباطره املبارك، قد أمر جبمع اجلند يف قيصرية لغزو والية الشام، وفوض أمر العناية

وكان أخص اخلواص، وانتقل . »الشرابساالر«الدين إياز بعد أن كان أمرها موكال إىل فخر» قريخان«إىل » بسيواس«

) 2(لتويل مهمة األتابك » ألتونبة چاشين گري«ورشح . كما أقر ملك أرزجنان ثانية للملك غياث الدين. إىل جوار احلق. وملك األمراء لدولته

ألمراء مبتابعة ذلك حىت اطمأن اجلميع سلطنة الروم للملك عز الدين قلج أرسالن، وألزم سائر ا/ كما قرر والية عهد. رغبا ورهبا فبايعوا، وأقسموا األميان املغلظة الوثيقة على الوالء له واالنقياد

، كان قد حشد يف صحراء املشهد من اجلند ما مل يكن باإلمكان حصره، وقد حضروا 634فلما بزغ هالل شوال سنة ن فنون، مث إ�م أخلوا امليدان، وانطلق السلطان خلف األمري جالل يف ساحة العيد، واستعرض كل شخص ما يتقنه م

فلم ميكنه األمري جالل ) 3] (زاعما أنه سيلقي به من فوق ظهر احلصان على األرض[الدين قراطاي قابضا على رحمه الدين من ذلك بروغانه،

_________. 456ع، . قارن أ) 1(

وليس له وظيفة ترجع إىل حكم وأمر و�ي، وغايته رفعة احملل .. راد أبو األمراء وامل«األمري الوالد، : ومعىن األتابك) 2(). 18: 4صبح األعشى (» وعلو املقام

.459ع، . إضافة من أ) 3(

)1/245 (

. وقد لعبا هذه اللعبة عدة مرات، مث توجه إىل خيمة ذات ثالث قباب، وأدوا صالة العيد، مث وضعوا اخلوان، ورفعوهاليوم الثالث من شوال أمر باستدعاء كل الرسل املوجودين بقيصرية حلضور احلفل السلطاين، وجتمع األمراء واألكابر ويف

واألماجد التابعني للسلطنة، وجيء بآالت الطرب، وتصاعدت أصوات املطربني ذوي األحلان البديعة، وبدأ السقاة ذوو

وران على رؤوس احلرفاء كأ�م أشجار سرو سائرة، وصاح الناي سريع الوقع بنداء النطق الذهبية والسيقان الفضية يف الد ): بيت(

فكل وإن طال املدى يتصرم ... خذوا بنصيب من نعيم ولذة

. وغراب البني ينعب بالنحيب مبلغا أمساع اجلالس ورضاع الكاس بصوت مهول): شعر: (نشيد

مر باملاء الزالل ميزجون اخل... كم مجوع قد رأت أبصارنا

وكذاك الدهر حال بعد حال ... مث صاروا يف غد أيدي سبا

بطائر قد شوي حلمه جيدا وال زال ساخنا إىل احلفل، فقطعه وقدمه » ناصر الدين على چاشين كري«وفجأة جاء أهل اجمللس يف التفرق كامل يف مزاجه الكرمي، فأخذ / وما إن تناول السلطان بضع لقيمات حىت ظهر تغري . للسلطان

. ذاهلنيوقال . ، وقد أصابه فئ شديد»كيقبادية«الركوب إىل قصر لفرط ما به من اضطراب والتهاب- وجتشم السلطان-

قد انتهى أجلي فبادر: لقراطاي

)1/246 (

عند صالة لتزويده ببعض الوصايا، فأسرع غلمان اخلاص يف طلبه، فوصل احلضرة» كمال الدين كاميار«باستدعاء

وكان قد ظهر الكالل على القوة الناطقة للسلطان حىت إنه كان يستخدم اإلمياءات واإلشارات، فما أدرك . العشاء. األمري كمال الدين شيئا منها، ومن مث سارع بالعودة إىل البيت

االثنني الرابع من شوال سنة إىل جنة الرضوان هي ليلة » كيقبادية«وكانت الليلة اليت انتقل فيها السلطان من قصر . ، ودفن جنبا إىل جنب آبائه وأجداده»قونية«، وبعد يومني محل جسده املطهر إىل 634

لقد أصبح قلب الربق بسبب ذلك مشويا، وامتأل عني السحاب بالدمع، وأخذت أمور امللك وامللة منذ ذلك اليوم يف . السلطنة من نظام الرتاجع، وأصاهبا الفساد، وحلق الوهن مبا ميسك

قد وكالمها كان ميين نفسه بالسيطرة على بالد الروم- وكان من عجائب االتفاقات أن امللك الكامل وامللك األشرف-. لقيا حتفهما يف هذه األيام نفسها

رة، اليت كانت موئل ووقع اهلرج واملرج يف أحوال ممالك الروم، فلم يذق حلق إنسان شربة هنيئة هبذه املمالك النزهة العام. ومل تنبثق من األرواح والقلوب مئات اآلالف من أ�ار احلماسة والفتوة. الغرباء وملجأ الضعفاء

***

)1/247 (

على سرير السلطنة » ابن كيقباد» «غياث الدين كيخسرو«ذكر متكن السلطان

اإلهلية، ووىل وجهه صوب رياض جنات النعيم، منا / حني نصب السلطان عالء الدين كيقباد خيمة الروح يف ظل الرمحةفسري يف احلال الدعاة إىل كل أمري من أكابر الدولة . ما اعرتى حال السلطان من فساد» غياث الدين«إىل علم امللك

ابن القاضي شرف، » تاج الدين پروانه«، و »مشس الدين ألتونبه چاشين گري«ن فوجد كال م. ودعاهم ملواالته ومناصرته

مسح العنان سريع اإلجابة » ظهري الدولة ابن الكرخي«، و »سعد الدين كوبك«أستاذ الدار، و » مجال الدين فرخ«و

. يف ذلكوأمراء آخرون يتنزهون يف امليدان » انقريخ«، و »حسام الدين قيمري«، و »كمال الدين«ويف اليوم التايل، كان األمري

دون أن يكون لديهم علم مبا آل إليه حال السلطان، فرأوا غياث الدين مع األمراء الذين كانوا قد أجابوا دعوته، وقد اء أسقط اللجام وانطلق ليدخل املدينة، فذهبوا يف احلال إىل قصر السلطنة، فلما رأوا املؤيدين كثريين، أقسموا على الوف

السلطان وأجلسوه على العرش، وقبلوا » مجال الدين فرخ الال«، و »ألتونبه چاشين كري«ومحل . لغياث الدين والوالء له. فأمر بإطالق سراح املسجونني يف احلال، وإحكام بوابات املدينة. يده، ونثروا النثار

ىل العرش خالفا لقرارهم مع السلطان وعهدهم له أن األمراء قد أجلسوا غياث الدين ع» حسام الدين قيمري«وملا مسع ، أخذ منه الغضب كل )1(

_________ .185انظر ما سلف، ص ) 1(

)1/248 (

والبد لنا من احلفاظ على عهدنا » كيقبادية«مأخذ، وقال لألمري كمال الدين وقريخان إن امللك عز الدين موجود يف فمن عارضنا أحللنا دمه بطعن السيف، وأحلقنا بوجوده . الدين على العرشمع السلطان السابق، وذلك بأن جنلس عز

وإذا عارضنا مؤيدو غياث الدين . ولن نسمح أبدا بأن حييق بنا هذا العار/ الدمار؛ اجليش معنا، ووالية العهد بأيدينا. حاصرنا مرادهم وحطمناه يف حلوقهم

وفجأة جاء من . مال الدين كاميار، والتمس لنفسه حججا وتعالتيف األمر، بينما توقف ك» قيمري» «قريخان«فوافق وكل من يسارع يف اجمليء جيد لنفسه خمرجا آمنا، وكل . املدينة خرب إىل كمال الدين بأن األمر قد تعداكم، ولن يؤبه بكم

. دممن أسلم نفسه لريح ال تنبعث من مهب موافقة السلطان غياث الدين لن يسلم من جرحه مبرهم الن فلما رأوا أن ال . على أن األمري كمال الدين مل يلتفت إىل ذلك أيضا، وظلوا يطوفون بأطراف املشهد حىت صالة العشاء

، دخل األمراء )1(جدوى من املماطلة واملضايقة، وليس باإلمكان تصور مزيد على حكم والله يـؤيت ملكه من يشاء مسرعا لكي يلقن األمري كمال الدين القسم، » تاج الدين پروانه«وقد تقدم . السلطان بالسلطنة الثالثة املدينة، وهنأوا

فوضع يد الرفض على صدر مرامه، وأمسك املصحف اجمليد بيده، وذهب عند العرش وأقسم بعبارة فيها من البالغة وغريمها من » قيمري«و » قريخان«ف مث حل. والفصاحة ما حتري معه كل العقالء وأصحاب الفضل الذين كانوا هناك

امللك : وتقرر امللك للسلطان غياث الدين كيخسرو، وأرسلت األوامر إىل األطراف متوجة بتوقيع. امللوك والرؤساء مجيعا

. هللا، وحرر السجناء

_________

. 247اآلية : البقرة) 1(______________________________

)1/249 (

ان وفرار اجليش اخلوارزمي حنو الشامذكر القبض على قريخوكان من كبار أمراء العساكر خلبث طينته وفساد دخله يف مكره السيء، فألصق بقريخان-» سعد الدين كوبك«بدأ

هتمة عند غياث الدين، فعرض عليه أنه سيضرب صفحا عن الوالء له، وسيغري به األعداء إذا ذهب عن / اخلوارزمية-

والرأي أن يقيد لكي يلزم . ن آخر، حيث إنه قد وقف على ما للملك واجليش من كم وكيفهذه اململكة إىل مكا

. اآلخرون جادة اإلخالص رغبا ورهبا، وال يفكرون يف مفارقة هذه احلضرةولفرط السذاجة، وبسبب الغرة اليت هي من لوازم الصبا والشباب، أمر السلطان بإحضاره فحبسوه يف مسجد قصر

. ، فابتلي هناك مبرض وتويف »زمندو«ة، ومحلوه بالليل مقيدا إىل قلعة السلطنفلما مسع األمراء اآلخرون بذلك، الذوا مجيعا بالفرار، فعم التزلزل وفشى االضطراب يف البالد، وتعرضت الوالية بأسرها

متوجها ) 1] (املوجودين باحلضرة[الستعادهتم، فانطلق باجلند » كمال الدين كاميار«فندب السلطان . للنهب والغارة. »خرتربت«قائد جند ملطية يف إثرهم حىت » أرتقش«، وأرسل »ملطية«إىل

خرتربت-» سوباشي«، فاعرتض أرتقش مع سيف الدين بريم »عرب كري«وكان اخلوارزميون قد عربوا الفرات عن طريق طريق اخلوارزميني، فأرسلوا

_________ .468ع، . زيادة من أ) 1(

)1/250 (

قد انتقلنا من التشرد إىل اهلناء والدعة يف ظل السلطان السابق، فلما انتقل إىل جوار ربه ألقيتم : رسوال برسالة مضمو�افرتكنا خدمة هذه األسرة امللكية خوفا على أرواحنا وانطلقنا جنوس خالل . يف السجن دون جرم جناه» قريخان«بقائدنا

. ق، واملصلحة أن تعودوا أدراجكم، وأال تلجئونا إىل اإلعراض عن رعاية حقوق النعمة وأكل اخلبز وامللحالديار طلبا للرزمشس الدين «فأصبح . ما هبم من غرور وعجب، واصطفوا يف مواجهتهم للقتال/ غري أ�م مل يعبأوا هبذه النصائح لفرط

سيف الدولة «، ومت أسر )2] (طعمة للنسور والعقبان وصاروا[يف تلك املعركة مضغة ألنياب الذئاب ) 1(» بريم

، واستوىل اخلوارزميون على الكثري من اخليول واألمتعة من تلك املعركة، وانطلقوا مسرعني ال يلوون على شيء »أرتقش

. ، وغريها من املواضع»سروج«، و »الرقة«، و »الرها«و » حران«صوب ديار الشام، فاستولوا على ا ع

هبزمية اجليش اختذت بومة احلزن لنفسها عشا يف قلبه وروحه حال قيامه وقعوده، فأعوزه » كمال الدين كاميار«مل ومل

. بيد أنه اضطر إىل العودة وأ�ى احلال كما جرت للسلطان. ما يستعني به على التقدم لألمام، وما وجد جماال للعودةغرات الكبار ما أعانه على هدم ما أعاله األمري كمال الدين من مبان، اللعني يف تلك القضية من الث » لكوبك«وأتيحت

. وبلغ باألمر يف السر احلد الذي سيأيت ذكره حيث أذاق كمال الدين وعددا آخر من األمراء شربة اهلالك _________

. املذكور بالصفحة السابقة» سيف ادين بريم«لعله هو ) 1( .469ع، . إضافة من أ) 2(

)1/251 (

يف قتل أكابر بالد الروم » كوبك«ذكر شروع » مشس الدين ألتونبه«الفرص يف أثناء غيبة األمراء، فمأل وعاء غضب السلطان مبا بدر من األتابك » لكوبك«سنحت

وما ذلك إال ألن مشس الدين كان يطلق . »تاج الدين پروانه«من مساوئ، وكسب كوبك إىل صفه يف هذا املسعى وكان األمري . البد من إبعاد هذا الكلب عن احلضرة وإال أصاب كل إنسان جبراحات: بعض األوقات قائاللسانه يف

. حيول دون تنفيذ هذا األمر» كمال الدين«فخرج . خيتال على أكابر رجال الديوان» مشس الدين ألتونبه«وذات يوم كان ديوان السلطنة مزدانا بأركان الدولة، وأخذ

فأمسك / وقد أدخل خامت السلطان يف إصبعه» كوبك«من عند السلطان، فوثب » كوبك«و » روانهتاج الدين پ«البيضاء، وأخرجه من صف األكابر وسلمه ألحد احلراس لكي يذهب به إىل اخلارج ويقتله » مشس الدين ألتونبه«بشيبة

. ومل جيرؤ أحد على أن ينبس ببنت شفة. شهيداإن مل نتدارك هذا األمر سيتجرأ كوبك ويصل شره إىل : لكمال الدين كاميار] صفهايناإل[قال الصاحب مشس الدين

لكن كمال الدين مل يعبأ باألمر، ومل جيد من املصلحة أن ينطق الصاحب . اآلخرين، وينبغي احليلولة دون هذه السياسةظهر اجملن، وأخذ » تاج الدين پروانهل«وراجت منذ ذلك اليوم سوق وقاحته، مث إنه قلب . عن كوبك بكلمة واحدة

. يسعى سرا وجهرا للقضاء عليهوكانت إقطاعا » -أنكورية«ولذلك أبعد األمري تاج الدين نفسه عن الساحة، وطلب اإلذن باالنصراف، وانطلق إىل

.وظل هناك ميضي وقته ويشغل نفسه باحتساء املدام وبذل اإلنعام على اخلاص والعام له-

)1/252 (

ذكر قتل امللكة العادلية وحبس ابنيها عز الدين قلج أرسالن وركن الدين حني نشر سلطان الربيع أعالم التمكني، وضربت عساكر الرياحني خياما بلون الدم يف صحراء تفوح برائحة املسك،

ووالدهتم امللكة العادلية، ووفقا بأن يفرق بني امللكني » كوبك«، أمر »قيصرية«إىل » أنطاكية«وانتقل السلطان من

، بينما محل امللكان إىل قلعة )1(، حيث خنقوها بعد مدة بوتر القوس »أنكورية«للحكم أرسل امللكة إىل قلعة . حيث مت حبسهما» برغلو«

جل ركن الدين ق«، و )2(» بردولية«من سيدة » عز الدين كيكاوس«] أبناءه[قد أخلف » غياث الدين«كان السلطان لكي يكون » مبارز الدين أرمغانشاه«من ملكة الكرج، فقد فوض » عالء الدين كيقباد«من جارية رومية، و » أرسالن

). 3(، وأمره بالقضاء على أخويه »عز الدين كيكاوس«أتابك _________

أن يدخل اجلالدون لفرط ما هو مركوز يف جبلتها من عفة وصيانة قد طلبت األمان قبل ... وكانت املرحومة «) 1(: وقالت يف دعائها قبلة الدعاء- عليها، حيث جددت وضوءها وركعت ركعتني لفراق احلياة، مث توجهت إىل السماء-

الظلمة بيين وبني بين، ومهوا بإزهاق نفسي، ] فارق: صح[اللهم إين أمتك وابنة عبدك البائسة املظلومة الذليلة، فارقوا اللهم إين أستودعك أوالدي فكن هلم حافظا وجمريا، وافعل بالظاملني ما هم أهله، واغفر يل . ق دميوإرهاق روحي وإهرا

). 472ع، . أ(» ...وارمحين وتب علي إنك أنت التواب الرحيم حمقق األصل الفارسي أن اسم امرأة يونانية قد كتب خبط غري » هوتسما«كذا يف األصل، وقد الحظ األستاذ ) 2(

إىل أن أم عز الدين كانت » هوتسما«ء هبامش تلك الصفحة مقابل الكلمة املذكورة يف املخطوط األصلي ويشري مقرو. ابنة راهب يوناين

.بقتل أخوي السلطان نفسه» مبارز الدين«أمر » غياث الدين كيخسرو«أي أن السلطان ) 3(

)1/253 (

يرة فتوقف يف قتلهما، ويقول بعضهم إنه قتل غالمني بدال منهما، رجال خريا حسن الس» مبارز الدين أرمغانشاه«وكان بينما تقول طائفة بأنه قضى عليهما، جممل القول أنه مل يتم التأكد من قتلهما على يد مبارز . ومحل عالمة إىل السلطان

) 1. (الدين أرمغانشاه

لتاج الدين پروانه رمحه اهللا تعاىل» كوبك«ذكر قتل

ارتكب الفاحشة مع » آقشهر«ملا وصل » تاج الدين پروانه«أن » كوبك«األراذل والنمامون األشرار إىل أسر الوشاة

: وما إن مسع هذا األمر حىت استفىت األئمة والقضاة. دون وجه من وجوه البيعة» خرتربت«مطربة من مغنيات ملك

. فأفتوا بأن جزاء الزاين احملصن هو الرجم. لنعمةما تقولون يف حد الزاين احملصن يف الشرع سيما يف بيت ويل الو تساحمتم ىف هذا األمر فسوف يتجرأ اخلدم : تلك الفتاوى وقال له» كوبك«ويف وقت اخللوة بالسلطان أظهر

. ويطلقون أيديهم يف أسر خمدوميهمبتلقينه جزاءه وفقا للشرع، » كوبك«يقوم وبتأثري سورة اخلمر تعجل السلطان يف إنزال العقوبة بپروانه، وسلم اخلامت لكي

. ومت توقيع األمر بذلكيف يومني، ونزل هبا ومازال عليه غبار السفر بقصر » أنكورية«فانتقل كوبك كأنه الربق احملرق والسيل املغرق إىل

ه يف احلال، واشتغل وأوثق قيد. األمر/ وأمراء املدينة وأئمتها، وأمسعهم صيغة» تاج الدين پروانه«السلطان، فاستدعى بضعة أيام يف تتبع ما لپروانه من أموال وأسباب، فلما فرغ من ذلك أتى إىل

_________ .472ع، . قارن أ) 1(

)1/254 (

بذلك األمري الوسيم الذي كانت الشمس املنرية تتوارى خلف حجاب السحب غرية من وجهه » أنكوريه«ميدان فقد كانت له مشاركة كاملة يف كل العلوم، وإن [أصابع الندم لرباعته يف اخلط والبالغة األزهر، وكان عطارد يعض على

، ومل يكن لذي روح أن يتجاسر على أن يلقي بورقة ورد على صدره الشبيه )1] (غلبت عليه العناية بعلوم الفقه والعربيةسال روحه الطيبة العذبة إىل الفردوس األعلى، مث إنه فدفنه حىت صرته، وأمر العوام قسرا برمجه باحلجارة وإر باليامسني-

. أتى مبجمل أمواله من نقود وعقود إىل اخلزانة، ومل يعرتض أحد أو ينكره عليه، بلغ أمره حدا جعل قلوب أغلب األمراء )2(دم هؤالء الثالثة » كوبك«وملا أهدر

. ظماء بنوم هادئ خشية منه وخوفاومل تكتحل عيون الع. تدين بالوالء واالنقياد له رغبا ورهباوالد عالء الدين » -غياث الدين كيخسرو«، وكان »قونية«من بنات األغنياء مبدينة » شهناز خاتون«كانت أمه

بسبب » ليلى«بذؤابتيها املفتولتني، إذ كان قد وقع يف حبها جلماهلا النادر الذي متلك احلزن ) 3(مفتونا كيقباد-ومل يكن ألحد علم بشيء . فجيء هبا إىل السلطان خفية، مث أعادوها معززة مكرمة. حز�ا كاجملنونروعته، فأضحت يف

. من هذا، اللهم إال جدتهفلما زفت أمه ونقلت إىل بيت أبيه كانت حامال فيه لشهرين، وحتايلت فجعلت نفسها عذراء، ولفرط دهاء جدته

وهو يريد هبذا التقرير املزور أن يدخل يف روع . »انقضت سبعة أشهر ولدت فلما«أظهرت أ�ا محلت يف ليلة الزفاف،

. من أصل سلجوقي / الناس أنه

_________

. 476ع، . أ) 1(. يعين مشس الدين ألتونبه، وامللكة العادلية، وتاج الدين پروانه) 2(

.هاوقد أثبتنا. مفتون، الكلمة العربية: مغبون، ولعلها تصحيف: يف األصل) 3(

)1/255 (

كذلك محل السلطان بالتدليس والدجل على أن يغري لون املظلة األسود إىل اللون األزرق لكي يتناهى إىل علم حضرة اخلالفة أن سلطان الروم قد شعر بالعار من شعار آل العباس، فأبعد شوب لو�م عن مظلته، حىت إذا أصاب سهم

. ذا السبب عكازا لالعتذارمكيدته اهلدف املطلوب بعد ذلك جعل ه

»كوبك«ذكر فتح قلعة مسيساط على يد

يريد أن يلقى يف قلوب الشاميني الرعب واهللع بطريق االقتدار وفتح الديار واألمصار، فدفع » سعد الدين كوبك«كان قاومة طلبوا األمان، جبند بالد الروم صوب ديار الشام، وحاصر مسيساط، وملا مل يكن للملوك املوجودين هبا قبل بامل

معلوم لدينا أنه ال قبل ألحد باحلرب والنزاع مع دولة السلطان، وما كانت هذه املقاومة اليت «: وبعثوا برسالة إىل كوبكفلو أن ملك األمراء أعطانا األمان، وعهد إلينا . أبديناها خالل هذه األيام القليلة إال من كدر أصاب حظنا املشئوم

بعهدة أجدادنا يف هذه القلعة، وكان املسيحيون من الفرجنة والروس والنصارى من قدمي- وت الذي كان-بصليب الصلبفيحصل لنا من ذلك من الفتوح ما نتبلغ به برغم كثرة ما لنا من األتباع واألشياع واألوالد ) [1(والكرج يأتون لزيارته

. نا نسلم القلعة، ومل يتعرض أحد ألطفالنا وعيالنا؛ فإن)2] (واحلفدةويف احلال أخلى امللوك القلعة، . فعد كوبك إجابة ملتمسهم أمرا الزما، ومنع اجليش من القتال، وكتب عهدا وأرسله

وأنزلوا متاعهم، ورفعوا الراية _________

. 476ع . قارن أ) 1( .، وعبارة األصل مضطربة476ع . هذا نص عبارة أ) 2(

)1/256 (

أخرى يف أقل مدة، فتضاعف بذلك / ، ومت فتح مسيساط وبضع قالع635معة سلخ ذي القعدة سنة عالية يف يوم اجل

. ما كان لكوبك من عظمة وهيبةوبرغم كل ما اشتمل عليه من خبث الطوية وسوء العشرة مع األكابر كان فريدا يف اإلحسان إىل الرعية وبسط العدل،

أبلغ إدرارا من السحاب، وبرغم كل ما انطوى عليه طبعه من تنمر كان يف وكان يف السخاء أكثر تدفقا من البحر، و. خلوته بالندماء واحلرفاء كالوردة الضحوك

ومن بني عقوباته الغريبة أنه بينما كان يف غزوة من الغزوات اقتحم مجل من محوالت اجلند زراعة أحد الزراع، فجاء املزارع فأمر يف احلال بأن يأتوا بصاحب اجلمل، وذلك بأن ميروا باجلمل على ، »كوبك«ينوح ويبكي على باب خيمة

. املعسكر بأكمله، فلم جيرؤ أحد على اإلقرار مبلكيته للجملومن مث مل يكن . وملا مل يظهر له صاحب أمر بتعليق اجلمل على شجرة صفصاف كانت قد منت على رأس ذلك احلقل

يف الشارع، وكان يتم إبالغ من عرف من الناس جبمع اللقي واملفقودات بأن أحد جيرؤ على أن يلتقط شيئا رآه ساقطاحيملوها إىل دهليز السلطنة، فإن كانت ثوبا أو ما يف حكمه علقت يف حبال اخليمة وأطناهبا، وإن كانت حيوانا

ينة، ويأخذ الشيء يف ممن ضاع الشيء الفالين؟ فكان اخلصم يسمع، ويأيت بب : تعهدوه، وسار مناد ينادي يف اجليش .احلال

)1/257 (

)رمحهما اهللا تعاىل(» كمال الدين كاميار«و » قيمري«ذكر أخذ كوبك ل بإحدى اجلرائم، وحبسه مقيدا يف » حسام الدين قيمري«اهتم » مسيساط«راجعا من فتح قلعة » كوبك«وحني قفل

وقرر له كل يوم نصف من من / األموال حلساب السلطان قصر السلطنة مبلطية احملروسة واستوىل على ما ال حصر له من. اللحم، ومنني من اخلبز، وثالثة أرادب من احلوائج

بكمال الدين كاميار يف حضيض قلعة مبا أشاع من أراجيف- فلما انتقل إىل قونية أودى هذا السفاك املغتال-وقد كان كمال . اف فرفعه بذلك إىل أوج الشهادةبرغم كل ما كان له من مكارم األخالق وحماسن األوص» كاوله«

، ويف أجزاء احلكمة من )1(الدين من أكابر الدهر وفضالء العصر، وكان يف الفقه ممن اقتبسوا عن نظام الدين احلصريي ول ومن بني األبيات اليت عارض هبا كاميار احلكيم شهاب الدين ق) 2] (السهروردي املقتول[املستفيدين بشهاب الدين

): شعر(السهروردي قد أحرقت القلوب مث استرتت ... يا صاح أما رأيت شهبا ظهرت

أورت وتوارت وتولت وسرت ... طرنا طربا لضوئها حني طرت

: فعارضها األمري كمال الدين كاميار بقوله

قد حريت العقول حني اعرتضت ... يا صاح أما ترى بروقا ومضت الحت وجتلت وختلت ومضت ... حلت وحلت ولوحت وانقرضت

_________فقيه انتهت إليه رئاسة 636 هـ- 562) مجال الدين البخاري احلصريي(هو حممود بن أمحد بن عبد السيد ) 1(

). األعالم للزركلي: راجع. (ونسبته إىل حملة كان يعمل فيها احلصري. احلنفية يف زمانهفيلسوف إشراقي ولد بسهرود ودرس يف ) 587 -549(حسني شهاب الدين حيىي بن : السهروردي املقتول) 2(

.آذربيجان واهتم بالزندقة وقتل يف قلعة حلب

)1/258 (

ذكر قتل السلطان لكوبك وتشفي صدور الناس

كان فوران إعصار كوبك يتزايد كل يوم، وكانت صواعق عذابه الشديد وبطشه املبيد حترق كل ساعة بيدر عمر أحد كان » كوبك«ن أجل ذلك استبد األمل بالسلطان لفراق أكابر دولته، فضال عن أن الوساوس ساورته ألن م. العلماء

كوبك «أمري احلرس، أن » قراجة«عند » سيواس«فأرسل غالما من غلمان اخلاص إىل . يدخل عليه بسيف احلمائلويتملكنا الذهول لتهوره وجتربه، فعلى أهلك أركان السلطان، وهو يدخل خلويت اآلن جمرتئا باحلزام والسيف،» بك

. أن يأيت بأسرع ما ميكن للمبادرة بتدارك أمره» قراجة«، مث أطلق الغالم قبله إىل السلطان »قباد آباد«يف صحبة الغالم متجها إىل حضرة السلطان حيت » قراجة«فقدم /

ومل يكن . »سعد الدين كوبك«مبنزل املساء-يف مث نزل فجأة-. لإلعالن عن قدومه، وأبدى بعض الرتيث والتباطؤكيف يتسىن يل أن أذهب : هل وصلت إىل خدمة سلطان العامل؟ أجاب: خيشى أحدا سواه، فلما رآه سأله» كوبك«

إىل خدمة السلطان وأحسب نفسي من املقربني إليه دون إذن من ملك األمراء، إنين أعد جانب ملك األمراء املعظم هو . الذاملعاذ وامل

ومن أمثال هذه األكاذيب واألباطيل نفخ يف ذلك امللعون، فلما اطمأن كوبك من جهته أمر فأقيم جملس األنس، ، وأعلن )1(وطربوا، وأنعم عليه تلك الليلة بأنعام وفرية، وأخذه معه على الصباح إىل حضرة السلطنة، فدخل هو أوال

. د السلطانعن مقدمه، مث إنه أدخله وأوصله إىل أن قبل ي _________

.481ع، . حبسب، وهو تصحيف بال شك، انظر أ: أوال، ويف األصل: خنست) 1(

)1/259 (

جملس األنس، يدفع السلطان األخناب ألمري » كوبك«وبعد ذلك اتفق أمري اجمللس مع السلطان على أنه إذا ما حضر ، فإذا خرج »كوبك«ول، ويكون مع رفاقه مرتصدين خروج احلرس فيحتسيها، ويستأذن يف اخلروج حبجة الرغبة يف التب

فشرب أمري احلرس األخناب وجلس يف الدهليز يرتصد خروجه، فلما خرج . أعملوا فيه السيف، وخلصوا العامل من بالئه

فأمسك �ض واقفا احرتاما له، فلما مر من أمامه أراد أن يضربه على قفاه بالعصا، فسقط العصا علي كتفه،» كوبك« خوفا على حياته- فألقى بنفسه-] فجرحه[أمري العلم سيفه وجرى خلف كوبك » طغان«برقبة أمري احلرس، فسحب

وانتزعوا / السلطان، فلما رآه السقاة مضرجا بدمه جتمعوا عليه وبيد كل منهم سكني أو سيف أو خنجر» شراخبانة«يف . ا يف دركات اجلحيمروحه النجسة ونفسه اخلبيثة من جسده وألقوا به

فجعلوا : وملا أرسلوا روحه إىل سجني، أمر السلطان بتعليق جثته النجسة يف مكان مرتفع كي تصبح عربة ألوىل األبصارأجزاء أعضائه يف قفص حديدي، وعلقت يف حبل متدل، وكان السلطان عالء الدين قد علق على نفس احلبل من كان

معلقة هناك، وكان » كمال«وسعايته، فظلت جثة » كوبك«بسبب خبث » قباد آباد«مشرف » كمال«لقبه وتعجل يف عقوبته، فتملكه الندم فور تنفيذ العقوبة، وأخذ أقرباء » كمال«قد غضب على ] عالء الدين[السلطان

حاسده وقاصده واهللا ال ينزل حىت يعلق : كمال وعشريته يتضرعون إلنزاله من هناك ودفنه، لكن السلطان كان يقول). 1(مكانه

_________ .482ع، . قارن أ) 1(

)1/260 (

ا علقت جثة وهذه من بني الكرامات اليت . على املشنقة بادر أقارب كمال، فأنزلوا جثته املقددة ودفنوها» كوبك«ومل

. حيكو�ا عن السلطان عالء الدين

معوا ملشاهدة جثته املمزقة إربا، وفجأة سقط القفص فأهلك فلما تدىل القفص من احلبل، كان عدد من الناس قد تج. ال زالت نفسه الشريرة تعمل عملها يف هذا العامل: فقال السلطان. رجال

ا فرغ السلطان من تلك املهمة، استدعى قد أبقى عليه معزوال يف إحدى » كوبك«وكان (» جالل الدين قراطاي«ومل

وكان خط (وجرى إسناد نيابة السلطان إىل مشس الدين . وخزانة اخلاص » لطست خانها«واستماله وسلم إليه ) النواحي

). العزل قد رسم على صحيفة عمله حني أسندت الوزارة إىل الصاحب مهذب الدين

ذكر وصول هودج ملكة الكرج إىل قيصرية وانتظام العقد والزفاف

قد ملكة الكرج- » -رسودان«الكرج، كانت / إىل ديارحني دفع باجليوش » كمال الدين كاميار«سبق أن ذكرنا أن

أرسلت إليه رسال، وجرى يف تلك األثناء حديث املصاهرة حيث التمست مصاهرة امللك غياث الدين، فراقت تلك . الصلة للسلطان عالء الدين وقر�ا بالقبول

ومل يكن له يف خربته ودرايته ثان يف ين-فلما وصلت نوبة السلطنة إىل غياث الدين، ندب شهاب الدين املستويف الكرما إلجناز هذه املهمة، فلما وصل إىل هناك، كانوا قد أعدوا كل شيء، فتوقف عدة أيام العامل الفاين-

)1/261 (

خلدمة سلطان » بلقيس«لرتتيب ما تبقى من أمور، ومن مث توجه بالفأل السعيد بصحبة هودج من يشبه عهدها عهد . يكون بسليمانهو أشبه ما

، بعث برسول سريع على براق لكي يبشر بوصول هودج سيدة العامل، فأمر السلطان بأن ينهض »أرزجنان«وحني بلغ قادة اجلند ممن هم على الطريق الذي متر عليه امللكة للحفاوة والرتحيب، وأال يدعوا شرطا من شروط البشر والبشاشة إال

. ويفوه حقهفلما ظهرت دراري الثواقب وسواري الكواكب . احملروسة وأقام حفال» قيصرية«ظلة اجلليلة إىل وقدم السلطان بامل

فرأى قمرا يتصدر موضعا وسرورا حيتل . الوصال وحجرة اخللوة) 1(كاملشاعل، تبخرت السلطان متوجها إىل حجلة . سريرا، فطوق بساعده وحيدة الدهر تلك، وحقق أمنية القلب

اء السلطان بدعوة اخلوارزمية للعودةذكر اعنت

انطلق باقي أمراء » زمندو«، وزج به يف قلعة »كوبك«حني أصبح مقيدا بسبب خبث » قريخان«ذكرنا من قبل أن خائفني حمرتزين » اجلزيرة«و » مضر«و » ربيعة«و » ديار بكر«و » ملوك الشام«خوارزم صوب ديار الشام، وظل

، وأخذوا يبعثون باألمحال الوفرية من كل صوب إىل بيت /ت وسطوات وفجآت وبغتاتخشية ما يصدر عنهم من ركضاغري أ�م كانوا يتوغلون يف بعض األوقات داخل . كل قائد منهم، ويدفعون عدوا�م عن بالدهم باألميان واملواثيق

. احلدود، وحيولون دون تردد القوافل جيئة وذهابا _________

.سرت يضرب للعروس يف جوف البيت: مة عربية األصل، واحلجلةكذا يف األصل، كل) 1(

)1/262 (

، الذي كان قد نال عندهم حظوة يف عهد »جمد الدين الرتمجان«فلما عرض األمر على حضرة السلطان، أرسل إليهم

فلما . وإنالتهم املقصودإىل العودة لبالد الروم على سبيل استمالتهم ) 1] (يف رسالته[السلطان جالل الدين، ودعاهم السلطان لزموا حسن االستماع، ولبسوا خلع السلطان، ووضعوا اجلبني على األرض وقبلوا ) 2(حلق هبم، وأبلغهم رسالة

. حوافر اجلنائبباك ، ويف الطريق أرغمنا على االشت»قريخان«قد تفرقنا بسبب واقعة : واجتمعوا يف اليوم التايل، واستدعوا الرسول، وقالوا

مع األمراء الذين كانوا قد جاءوا السرتدادنا، فأنزلنا هبم هزمية نكراء، وال زلنا إىل اآلن خنوض يف تيه تلك العثرة، فكيف لكننا نعد هذه البالد اليت . يتسىن لنا أن نضع أقدامنا على بساط تلك احلضرة برغم كل ما صدر عنا من جتاوزات

ك السلطان، فنتوىل تصريف أمورها إذا ما أنعمت علينا هبا مبنشور سلطاين باعتبارها ابتلعناها بالغلبة من مجلة ممالويكون لكم علينا أن جنعل أرواحنا فداء يف مواجهة كل عدو تعهدون به إلينا، كما جنعل اخلطبة والسكة باسم . إقطاعا

. عساكرناأن تتعرض ممالك السلطان ألي اعتداء من جانب السلطان، ولن نسمح بالقطع-. فقر القرار على هذا كله، وبادروا بتغيري اخلطبة والسكة، وقد راق ذلك الرأي للسلطان

... _________

. 486ع، . إضافة من أ) 1( .ع، أيضا. انظر أ رسالة-: پيام: باسم، وهو تصحيف: بنام) 2(

)1/263 (

»دار السالم«مي وفرارهم إىل حضرة ذكر استنجاد ملوك الشام حبضرة السلطان، وا�زام اجليش اخلوارزواظب اخلوارزميون بعض الوقت على االلتزام باحللف واحلفاظ على العهد، مث ما لبثوا أن احنرفوا بوسوسة الشيطان /

احلقوق مقدمة لسجل العقوق، وعدوا �ب الربايا وبث الفزع يف ) 1(وتلبيس إبليس عن جادة الطاعة، وجعلوا نسيان . الغارة عليهم أمرا واجبانفوسهم و

. قطيعهم وتفريق كلمتهم، واستنجدوا حبضرة السلطنة خوفا من أن يلحق هبم العار) 2(فاتفق ملوك الشام على تشتيت » مرعش«و » آبلستان«و » ملطية«و » خرتربت«من السلطان-) 3(بأمر فتم اختيار ثالثة آالف فارس شهري-

فلحقوا حبلب يف مدة ال جتاوز . اميني ومعاضدهتم بقيادة ظهري الدين منصور الرتمجاناملتامخة حلدود الشام ملؤازرة الشوانضموا إىل امللك وكان قد أقام جسرا وأعد وسائل العبور- مع صاحب حلب-» البرية«ستة أيام، ومن مث توجهوا إىل

. املنصور صاحب محص، وكانت قيادة جند الشام منعقدة له

جاح وأخفاف التخويف وقوادم اإلقدام مصممني على قتال اخلوارزمية كأ�م األفاعي املهتاجة والبالء وانطلقوا جبناح الن

. النازل

وكان اخلوارزميون قد دفعوا أمامهم بأرباب احلتوف وعمال السيوف من أجل إعداد الصفوف، فلما جاوزت اجلنود وق أحد التالل، فتعقبهم الرجال الشجعان األشاوس مبرحلتني، ظهرت فجأة كوكبة من اخلوارزمية ف» رأس العني«

_________. عالمة، وهو تصحيف بال شك: نشان: يف األصل) 1(

. 487ع، . كذا يف األصل، والتصحيح من أ! تسبيت؟) 2( .كذا يف األصل، وهو تصحيف بال شك! ؟»بامري«) 3(

)1/264 (

ضطربوا اضطراب الزئبق، ومل تلبث األمواج املتالطمة لبحر احلرب أن خبيوهلم جمردة من السروج، وأهلب اخلوارزمية واوكان خيشى أن يفر الشاميون . وبدل الغبار املنبعث من حتت األقدام الليل بالنهار) 1(» السراج الوهاج«أطفأت شعلة

ة، فتحقق له الظفر، وأجلأهم من امليدان حتت وطأة الضغطة اخلوارزمية، فباغتهم ظهري الدين منصور وعطف عليهم فجأ. إىل الفرار واجلالء

ولقد عاملهم أمري املؤمنني املستنصر باإلعزاز، وأكرم . »بغداد«وبعد أن تتابع الفرار وجد بعضهم نفسه بنواحي / . وفادهتم

. الشامي والرومي ماال حصر له من األمتعة واألسالب: ويف تلك املعركة حتقق لكال اجليشني، وأصبح نائبا )2(» بركت خان«منشئ احلضرة اجلاللية قد تقلد يف ذلك الوقت وزارة » اب الدين زندريشه«وكان

فلما مسع بنبأ انكسار ويل نعمته فكر يف أن يغتنم فرصة ليتوجه حنو الروم وينتظم يف سلك مماليك تلك . »حران«لقلعة نه يتعني علي االنصراف إىل دياره ألين لن أستطيع النظر يف وإن أنا سلمت القلعة لسلطان الروم فال شك أ«الدولة،

. »خجال» بركت«وجه بإمارات جمتمعني- » -مجال الدين حبش«لشهاب الدين زندري و سرا- وكان امللك املنصور قد بذل بدوره الوعود-

. مقنعة ومغنيةالت األصوات بالدعاء له، فلم يقل وعلقت فوق القلعة، فتع صاحب حلب- » -امللك الناصر«وفجأة محلت راية

. وغريه من أمراء الروم شيئا تعظيما للقدر، وظلوا بضعة أيام سويا، مث انصرف كل واحد منهم إىل ناحية» ظهري الدين« _________

. يريد به الشمس) 1(

.، وعبارة األصل مضطربة492ع، . قارن أ) 2(

)1/265 (

نةعلى يد مماليك السلط» آمد«ذكر فتح

باحليلة » حران«لئن كان أمراء الشام قد استولوا على : وحني عاد أمراء الروم إىل خيامهم بعد وداع عساكر الشام، قالواوحيسن بنا أن أن نتجه . دون أن ننجز عمال جبمعنا الكبري هذا- فسوف يلحقنا أكرب الشني وأعظم العار إن رجعنا-

. افلعل اهللا ييسر لنا فتحه» آمد«إىل چاويل «وكتبوا هبذا املعىن مكتوبا إىل حضرة السلطنة، وطلبوا مددا من اجلند ومعدات القتال، فندب السلطان يف احلال

، وأمرهم )2(» دانشمند«نكيسار، مع سائر عساكر والية ) 1(سوباشي » يوتار چاشين كري«مع » چاشين كري. ل، وباشروا احلصارباإلسراع يف املسري، فلحقوا بباقي اجلند يف أيام قالئ

جالسا على طرف السور، فسار حاكم قبائل األكراد- » -فخر الدين ابن الديناري«وذات يوم عند غلبة اهلاجرة، كان إىل مىت : ، نائب ظهري الدين مبحاذاته، وألقى عليه السالم وسأله عن األحوال، مث قال»ناصر الدين أرسالن بن قيماز«

. ر وعناء القتال والنزال، إن لدى األمري ظهري الدين كلمات يريد أن يفضي هبا إليكيتحمل سيدي مكابدة احلصا، لكي يسمع ما يقوله ظهري »املاء«سأرسل لكم بعد صالة العشاء رجال ثقة شكله كذا وهيئته كذا من باب : فأجاب

. الدين ويبلغه إيل ، فأخذه ]فيةالصو[ويف الوقت املوعود برز من البوابة شخص يف زي فقراء

_________

. 1، هامش 107انظر فيما سبق، ص ) 1( .2، هامش 34انظر فيما سبق، ص ) 2(

)1/266 (

: ناصر الدين وأتى به إىل ظهري الدين ويف احلال أخلى ظهري الدين املكان مث قالبر وأعظم من سائر ملوك أك دون ريب- يعلم ذوو األلباب أن متكن السلطان باملال والرجال والشوكة والقوة هو-

الديار، وأنه ال حاجة به إىل هذه القلعة؛ لكن الذي ينبغي أن تعلموه بيقني هو أن اجليش طاملا جاء إىل هذا املوضع

فلن ينصرف حىت ينال مبتغاه، ولو أن األمري فخر الدين سلم القلعة قبل أن يبادر إىل ذلك شخص آخر، فإن ذلك من

وأنا ألتزم بالوفاء بكل . ويعهد باملدينة إىل مماليك دولة السلطنة. حكمته ذروة املعايل وشرف الشرفشأنه أن يبلغ براية . دينارا/ مث إنه سلم ذلك الشخص مخسني). 1(مقصود لديه، وأقسم باألميان الغالظ أن أحققه له من حضرة السلطنة

ويف اليوم التايل جاء الرسول . غ، وأخذ يتأهب كل حلظةفلما أبلغ الرسول فخر الدين مبا حدث، أظهر السرور البال

إنين ال أجد يف تسليم املدينة طريقا سوى أن حترقوا الباب احلديدي للسور املوجود على حافة اخلندق، فإذا ما : باجلوابنود إىل أعلى السور، بإنزال حبال اجملانيق، لكي أرفع اجل يف ظلمة من الليل- مت ذلك وعملت النار عملها، قمت أنا-

) 2(شرط أن يقسم األمري ظهري الدين على االتفاق الذي يقرتحه والوعد الذي يلتزم به . وهكذا يتم الفتحأنه البد أن يفي مبا يقول، وأال يلف أو يدور وهو واضع يده على املصحف- فأقسم األمري ظهري الدين يف احلال-

ل امليثاق وينكثه بأي وجه من الوجوه، وأن يفي مبرادات الديناري بكل عناية حول التأويل والتبديل، وأال ينقض حب _________

. 493ع، . قارن أ) 1( .أيضا) 2(

)1/267 (

). 2(أربعمائة ألف درهم نقدا برسم الفدية » حصن كيف«يف ) 1(وأن يرسل إىل امللك الصاحل . واهتمامالبد أن : الرسول من جديد قائال له» ابن دينار«ا كان قد مسعه، أعاد فلما قفل الرسول راجعا إىل املدينة وحكي م

وحني رجع الرسول إليهم وعرض . يسلموك أربعمائة ألف درهم حىت تضعها يف الصندوق، وختتم عليها باخلتم مث تعودوجاء كل . مراء بأسرهموطرح عليه القضية، فأرسال يف استدعاء األ» چاويل«األمر عليهم انطلق األمري ظهري الدين إىل

. منهم مبا عنده من فضة وذهب فقدمه، ومت تسليم ذلك كله إىل الرسول فوضعها يف الصناديق وختمها مث قفل راجعاويف اليوم التايل أخذ العساكر حيملون أشجار العنب اجلافة حزمة حزمة إىل باب الفصيل، وجرت حماوالت من أعلى

فلما غطي الباب بأكمله أضرم . ، إذ مت قصفهم برامجات احلجارة والسهام، لكنها مل جتد نفعاالسور لردهم على أعقاهبم. النفاطون املهرة النار فيه، فتصاعد دخان اهلشيم إىل عنان السماء، واحرتق الباب وتساقط ما به من حديد

فوقع نزاع بني . جاعتهم ويرتقوا الربجفلما أسدل الظالم أستاره أدىل ابن الديناري باحلبال لكي يبدي األبطال شولفرط ما صدر عنهم من قيل وقال تنبهت فرقة أخرى من حرس األبراج، ] / على الصعود[العساكر بسبب التسابق

_________ -600(هو امللك الصاحل صالح الدين أمحد بن امللك الظاهر غازي ابن السلطان الناصر صالح الدين األيويب ) 1(

: 2اجع ترمجته يف املنهل الصايف، ، ر)651. 84، وعقد اجلمان يف تاريخ أهل الزمان، ص 55

.495ع، . قارن أ) 2(

)1/268 (

، فرأوا أن حبال املنجنيق قد تدلت من ذلك الربج والبدن )1(فأمسكوا مبشعل الستيضاح سبب هذا اهلرج واملشغلة . ويف تلك الليلة عاد العساكر خائبني. اخليانة حلت حمل األمانةاللذين فوضت حراستهما إىل ابن الديناري، وأن

اختار املخالفة وليس وهو الركن األوثق يف احلراسة- ويف اليوم التايل عقد أكابر املدينة اجتماعا، وقالوا إن ابن الديناري-

. لنا من سبيل ألخذه وتوبيخهفع الذين كفروا إميانـهم وال هم : ة الشريفةوالرأي هو أن نسلم القلعة برضائنا كي ال تصبح اآلي قل يـوم الفتح ال يـنـ

ابعثوا بناصر الدين نائب ملك : فنادوا قائلني. مث أصعدوا شخصني أو ثالثة إىل أعلى السور. وصفا حلالنا) 2(يـنظرون املقدم «و » جنم الدين ابن جبري اجلار«ن قاضي املدينة و فذهب ناصر الدين إليهم، وكا. »باب املاء«األمراء إلينا عند

لو حتملت بعض التعب وأبلغت األمراء السالم : وغريهم من كبار الشخصيات قد حضروا، فقالوا له» جعفر املنجنيقي. لكي يتجشموا املشقة ويأتون إىل هنا حلظة

مواربا حىت نصفه، مث أقبلوا على األمراء فصافحوهم فلما حضر األمراء نزلوا من أعلى إىل أسفل، وجعلوا الباب وظهر . بإجناز مطالبهم وأكدها بأقسام القسم وأنواع األميان» ظهري الدين«وبعد القيل والقال التزم األمري . وعانقوهم

. اإلصالح الكامل بني اجلانبني، وضربوا طبول البشارات مث إ�م /» آمد«سور ويف اليوم التايل دخل كل أمري جبنده ورايته املدينة، ونصب أعالمه على

على الوالء للسلطان غياث الدين وطاعته الواحد تلو اآلخر- ذهبوا إىل قصر السلطنة، وجعلوا الناس يقسمون- _________

. 495ع، . قارن أ) 1( .29: سورة السجدة) 2(

)1/269 (

. مفاتيح القالع وأوضحوا تفاصيلها وما هبا من متاعوسارع حمافظو القالع األخرى إىل خدمة األكابر، وقدموا مث بعث برسول مسرع إىل حضرة السلطان هبذه البشارة، فأمر السلطان بكتابة رسائل الفتح وبأن تسطر لألمراء األوامر

كل ما يراه األمراء من مصلحة تتعلق بتلك املناطق، فإن«: وقال السلطان. مشتملة على شكر ما بذلوه من مساعأل�م مكلفون من قبل احلضرة بتقدمي املصاحل وتأخري . عليهم تنفيذه على الفور دون انتظار أمر أو استطالع رأي

. اجلاندار» مبارز الدين عيسى«ولقد عهد بقيادة اجليش إىل ). 1(» املفاسد بتلك الديار ...

_________

.، وعبارة األصل مضطربة497ع، . العبارة ل أ) 1(

)1/270 (

ذكر خروج خوارج الباباي وانطفاء ما أشعلوه من فتنة، من مضافات قلعة »كفر سود«اخلارجي كان من منطقة » بابا اسحاق«من أفواه الثقاة أن ] إلينا[قد نقل

وكان ماهرا يف صنعة الشعبذة . ، وكان يدور برأسه منذ مبادئ الشباب ولوع بالرواية واصطياد املريدين»مسيساط«عن فقيه سفيه ومفيت مفنت، باليسري من التمويه- وكان مشغوال دائما بدعوة األتراك اجلهلة الذين إن مسعوا- والسحر،

. وكان دائم البكاء، ظاهر الورع، هزيل اجلسد. احتشدوا وأعلنوا املوافقة والقبول

ره أنه لو خرج بذلك العدد من فلما انقضت مدة وأقبل عليه خلق كثريون، وصاروا من مريديه واملعتقدين فيه، جال بفك، وكان »أماسية«وبعد مدة ذاع صيته يف بعض قرى . فتوارى فجأة عن األنظار. األتباع لن يكون ملصباح كذبه ضياء

أول ما وصل إىل تلك القرية يرعى الغنم ألهلها، ويظهر األمانة والورع، وال يقبل من أحد شيئا، وكان يقنع من القوت وكان إذا أصاب أحدا أمل . وبلغ يف تورعه منزال جعل كل امرأة ورجل مقيدين بقيد أنشوطة االعتقاد فيه .بالقليل كل يوم

أو حزن، أو وقع نزاع بني امرأة وزوجها يكتب تعويذة إذا رجعوا إليه، ويعطيهم إياها، فيتحول ذلك كله يف احلال إىل . راحة واستقرار

والتنسك، ومل ) 1(ية، وبىن صومعة على تل قريب منها، وشغل هناك باإلرادة وملا كثر أتباعه وأشياعه خرج من القروكان يظهر أنه قد عزف كلية عن الطعام والشراب، . يسمح ألحد بالدخول عليه اللهم إال لعدد قليل من املريدين

واختار الصرب على اجلوع والعطش، وأخذ يبعث باملريدين إىل كل ناحية حيث _________

.499ع، . قارن أ) 1(

)1/271 (

. يتجمع األتراك وغريهم حىت إنه بعث إىل اخلوارزميني الذين كانوا يف بالد الشام

فلما استقرت . أخذ يدعو الناس إليه) 1(وكان يقبح حياة السلطان غياث الدين لشغله بالشرب واملناهي، وهبذا اخلداع مروا : وقال. »مرعش«كما أرسل مريدا آخر إىل » كفر سود«القلوب على حمبته ومودته أطلق أحد مريديه إىل

وكل من مسع امسنا وصار معينا . واليوم الفالين ويتوجهوا لفتح البالد املخلصني لنا بأن يركبوا خيوهلم يف الشهر الفالين

. يف قتله بغري حماباة- هلم يف قمع املفسدين اجعلوه شريكا يف الغنائم واألموال، أما من أبدى معارضة فال هتملوا-

، وكانوا /يف قبائل األتراك وطوائفهمفذهب هذان املريدان بناء على إشارة ذلك املسن الضال إىل هاتني الواليتني، ونادوا فلما بلغهم هذا النداء اندفعوا كالنمل واجلراد، . قبل ذلك ببضع سنوات قد هيأوا أسباب القتال، وجلسوا ينتظرون األمر

. وخرجوا يف يوم معني وفقا مل، وكانوا-كانت أول قرية أضرموا النار فيها هي مسقط رأسهم، وقد انتشروا كالدخان األسود يف نواحي العا

يعطون األمان لكل من سلك طريق دعواهم، أما من كان يقابلهم باالستنكار فكانوا يبادرون حلكم ذلك اللعني-. بالقضاء عليه دون تفكر وال تردد

مجاعة، وأغار عليهم، ونشب قتال عظيم بني الفريقني، فوقعت اهلزمية على مظفر » مظفر الدين ابن عليشري«وقد مجع لدين واستولوا على علمه ا

_________ .قربت، وهو تصحيف: خداع، ويف األصل: فريب) 1(

)1/272 (

ودفع هبم ). 1(وطبلته، فتوجه مظفر الدين إىل ملطية وأعد جيشا مرة أخرى، ومجع عددا كبريا من األكراد والكرميانية . حملاربتهم، فوقعت اهلزمية عليه ثانية

، فجمع أهل سيواس مجعا وانطلقوا »سيواس«رتني، تبجحوا واجرتأوا وأرسلوا من يغري على نواحي فلما حتقق هلم النصر مسيواس وغريه من األكابر، وحصلوا من تلك املعركة » أكديشباشي«لصدهم، فهزموا جند سيواس أيضا، وقضوا على

على الكثري من األمتعة فظهر عليهم الرونق ومتت هلم النعمة ، فمن كان يسعى العرتاضهم عاد خمذوال، ففسد دماغ جهالتهم دفعة »أماسية«و » توقات«لقوا صوب مث إ�م انط

من أهل الواليات كلها، وما وصلوا إىل أماسية إال وكانت شعلة استعالئهم قد أخذت يف » الرتكمان«وشايعهم . االرتفاع

قائد جند » -حاجي أرمغانشاه«، وأرسل »آباد قباد«إىل جزيرة على سبيل االحتياط- وحني أبلغ السلطان، جلأ-من كان معه من املعتقدين من الصومعة وشنقه / يف احلال مع» بابا«إىل تلك احلدود، فلما بلغ أماسية أخذ أماسية-

] حيث أخذوا ينتظرون قدوم البابا» أماسية«من جتمع منهم حول [وداله من الربج، وعزم مبن معه من اجلند على قتال ، فجرى بينهم الكثري من )2(

_________

، أيب مظفر الدين املذكور، وكان يطلق )663ت (كذا يف األصل، وهو نسبة إىل كرمي الدين عليشري : كرميان) 1(

وظلوا يتناوبون حكمها حىت . وكان سالجقة الروم قد عهدوا إليهم حبكم منطقة كوتاهية ونواحيها» كرميان خان«عليه

، صد )حممد جواد مشكور، مقدمه بر اخبار سالجقه روم: انظر 832الثاين العثماين سنة عصر السلطان مراد . شش وشصت و پنج-

.502ع، . إضافة من أ) 2(

)1/273 (

وكثريا ما قالوا ألولئك املدبرين إن من تقتدونه قد . فنال بذلك الشهادة» أرمغانشاه«النزاع والقتال، ويف النهاية قتلوا كالفراش يف «رسول اهللا، ويتهافتون يف مقابل السيف والسنان » بابا«لك مل جيد شيئا وإمنا كانوا يقولون صلب، لكن ذ

). 1(» النار واألوز يف التيار

» أرزن الروم«طالبا العساكر اليت كانت قد ذهبت حنو بتتابع الرسل املسرعني- » -قباد آباد«وأخذ السلطان يرسل من . يف يوم وليلة» قيصرية«جاء العساكر مسرعني، ووزعت معدات القتال على اجليش، وبلغوا حلراسة الثغور، ف

وابن «اجلاندار، » هبرامشاه«، وتقدم »قريشهر«من والية » ماليه«وكان أولئك املخاذيل قد اجتمعوا يف صحراء وفجأة جاء اخلرب بأن اخلوارج . يش كثيفزعيم الفرجنة يف املقدمة، بينما تبعهم األمراء الكبار بج» فردخال«و » الكرجى

فأرسل ألمراء الطالئع بأن ال يتعقبوا اخلوارج إن مل يظهروا، وأال يتحركوا بل عليهم . يستعدون للقاء القتال من الغداة. بالتوقف

من أحد التالل واجتهوا وفجأة برز اخلوارج . ويف اليوم التايل لبس اجلند ألمة احلرب، وأخذوا ينتظرون بقية اجليش اجلرار، وكان الفرجنة يف الصف األول، فثبتوا ومل تؤثر فيهم سيوف )2(صوب اجلند وقد شرعوا سيوفهم وتركوا عنان خيوهلم

اخلوارج أو سهامهم، فارتدوا على أدبارهم مث متهلوا حلظة وعاودوا اهلجوم، رمح الثقيل وهنا بادرت أفواج جند السلطان بعالج أدمغتهم الفاسدة بال

_________. كذا، والعبارة مدونة يف األصل بالعربية) 1(

.503ع، . قارن أ) 2(

)1/274 (

واخلنجر القاطع، وهبجمة تصيد األرواح أطاحوا بأربعة آالف رجل من اخلوارج، فلجأ بعض أولئك املدبرين إىل األمحال ، وأخذوا مبا معهم من أقواس شديدة )1] (ا من ورائه بالسهامفأقاموا ساترا من األمتعة، كي يطلقو[، /واألطفال والعيال

يلصقون الرجل يف الشجرة بالسهم، فأحاط هبم اجلند من كل ناحية، ورفعوا احلجب والسواتر من أمام أولئك الكفرة

اء من أتباع الشيطان ، فشتتوا مشلهم وبددوا مجعهم مث أعملوا فيهم السيوف إعماال، وأجروا الدماء أ�ارا يف الصحر)2(. أولئك ومل يبقوا على كبري أو حيابوا شابا

وحني وصل اجليش الكبري، كان أمراء الطالئع قد فرغوا من األمر برمته، ومل يبقوا على أحد حيا إال األطفال ذوي اهلم وأمتعتهم فيما بينهم بعد وسريوا يف احلال الرسل إىل حضرة السلطنة، وقسموا نساء اخلوارج وأطف. السنتني أو الثالث

. إىل األوطان، بينما حلق األمراء حبضرة السلطنة وفقا للحكم- إفراز مخس اخلاص، وعادت العساكر- ...

_________. ، وعبارة األصل مضطربة للغاية503ع، . العبارة ل أ) 1(

.503ع، أيضا . قارن أ) 2(

)1/275 (

بسبب نشر مظلة الفتح » امللك الغازي«من قبضة متلك » افارقنيمي «ذكر اهتمام السلطان بانتزاع ملك

لغياث الدين، وامتثل أصعب امللوك قيادا اليت كان يقصدها ويتمناها السلطان عالء الدين- ملا دانت البالد واملمالك-كانوا سالطني العصر وقادة الذين [حلكمه محلته خنوة االستعالء على أن ينشر الراية املنصورة، تشبها بأعمامه الكرام

). 1] (الدهروألن سالطني الروم قد اصطلحوا على أ�م طاملا مل يصبحوا مالكني مللك ميافارقني ومل يغدوا قاهرين للطغاة املردة يف

ومن مث دعا العساكر إىل قيصرية احملروسة، واستنجد بصاحب . تلك الديار، فال بد ملظلتهم أن تبقى مغلقة أبدا. »اجلزيرة«و » ماردين«و » املوصل«وملوك » حلب«

وكان امللك الغازي قد علم باألمر قبل ذلك فنهض لتداركه مبا له من بصرية ثاقبة، فدعا إليه اخلوارزميني الذين خلصوا دين ، وكان زعيمهم ابن أخت السلطان جالل ال/» املستنصر باهللا«والذوا حبمى » رأس العني«بعد معركة » بغداد«إىل

باملال واآلمال إىل قيد ) 2(بقوات شرفية، كما استدرج الغازي أتراك الكرميانية » شرياز«وكان قد انضم إليهم قادما من . وأمت االحتياط للخندق والسور واجملانيق والعرادات، واستعد للقتال. طاعته

، توجهوا صوب »امللك املعظم«شام بقيادة وحدودها وانضم إليهم جند ال» آمد«وحني وصلت عساكر الروم إىل ختوم فلما . تنفيذا للحكم» ميافارقني«

_________

. 505ع . إضافة من أ) 1(

.1هامش 273انظر فيما سبق، ص ) 2(

)1/276 (

د وهطلت أمطار غزيرة، فأغرق السيل خيام جن. بلغوها نزلوا حول املدينة وكانت املناوشات تقع بني الطرفني كل يوم. الروم والشام، وأخذوا يتساقطون يف األوحال

فلبسوا سالح [وذات يوم أعد امللك الغازي الصفوف، وعزم على احلرب، وركب عساكر الروم، وأبلغ عساكر الشام، هبة ، كان اخلوارزميون يف اجلهة اليمىن فأزاحوا اجل)1] (احلرب مجيعا، وجاءوا إىل املعركة، وانضموا إىل عساكر السلطان

وبسبب الصدمة اليت أحلقها جند املوصل . وأجلأوهم إىل اخليام وكانت من والية دانشمند- اليسرى من عساكر الروم-

تراجعت ميمنتهم من األتراك والكرميانية حىت حافة اخلندق، فجرت وكانوا ميثلون ميمنة جيش السلطان- وملطية-. الدماء سيوال بدل املاء

طلق من قلب جيش الغازي صوب الروميني شخص بفرسه ومعه سالح ثقيل وميسك بيده رحما ويف تلك األثناء ان، وأطاح به من فوق احلصان بضربة »ظهري الدين الرتمجان«وهو غالم » دمرتاش«، فربز له رجل يقال له )2(مستقيما

بقي هو واقفا، فأجلسه ويف التو أسرع فارس من جيش الغازي وأعان ذلك الشخص على ركوب احلصان، و. واحدةيف قلب اجليش، فأراد امللك املعظم أن يتسلمه » چاوىل«و » امللك املعظم«على كفل احلصان، وأتى به إىل » دمرتاش«

ويف احلال أعطاه امللك املعظم تشريفة . إنه فداء للملك» مبارز الدين«، قال ) /3( _________

. 506ع، . إضافة من أ) 1(). برهان قاطع(ح خطي، مسي بذلك لشباهته باخلط املمتد يف استقامته رم: نيزه خطي) 2(

.507ع، . قارن أ) 3(

)1/277 (

، ومسح له باالنصراف حنو معسكر امللك )1(ومسح له بالركوب، مث أجلسه إىل جانبه، وسأله عن أحواله حبرارة ومودة

. الغازيوبعد فرتة من الوقت جاء . وما إن بلغ معسكر الغازي راكبا حىت عادت جند اخلوارزمية إىل اخليام، وهدأت نار احلرب

ويف تلك األثناء حني استفسر من امللك املعظم عن أمر الفارس الذي . القاضي وعدد من األكابر من قبل امللك الغازي

، تبني أن من سقط على األرض كان هو امللك الغازي، ومن »دمرداش«سقط على األرض، واألسري الذي وقع بيد

). 3(عنده ) 2(» أستاذ الدار«أسر كان قد كانت حلقة اإلخالص حلضرة السلطنة يف أذن روحي : وكان فحوى الرسالة أن امللك يبعث السالم للجميع، ويقول

على كتفه صورة » عالء الدين«ية السلطان غاش» مظفر الدين األشرف«) 4] (املرحوم[وقد محل أخي . على الدوامفإن كان غرض السلطان منصرفا إىل أن ينتزع مين هذه [ومعىن، وأنا أحسب نفسي يف هذه البقعة مملوكا لتلك العتبة

املدينة فال بد أنه سيعطيها يوما لشخص آخر، وأنا على أمت استعداد للقيام باخلدمة اليت يتوقع السلطان أن يؤديها ذلك ، حقا ما أشد ما تألمت القلوب وحتسرت األفئدة )5] (الشخص اآلخر

_________. 507ع، . قارن أ. سأل عن األحوال حبرارة: وكرم باز پرسيد: وهي تصحيف! ؟:يف األصل وكرم تاز رسيد) 1(

طابخ والشراب خاناه التحدث يف أمر بيوت السلطان كلها من امل«: هي» أستاذ الدار«كانت املهام املوكولة إىل ) 2(). 20: 4صبح األعشى (» واحلاشية والغلمان

. 508ع، . قارن أ) 3(. ع، أيضا. إضافة من أ) 4(

.ع، أيضا. إضافة من أ) 5(

)1/278 (

إنين . ، وإمنا هي سبة أمد الدهر]فلن يرضى خملوق عن ذلك[على الغرض الذي من أجله نشرت املظلة املنصورة، أن تعدلوا عن هذه الفكرة، وأال تدمهوا بيت فقري بوهم مموه واصطالح خاطئ، وإال فإنين سوف أفدي استحلفكم باهللا

. البيت القدمي بروحي

» ميا فارقني«ويف تلك األثناء جيء إىل السلطان األعظم وامللك املعظم وسائر قادة األمم الذين كانوا قد قدموا حملاصرة إىل إصالح » امللك املعظم«الفة، بأن ينتهوا عن احملاربة واحملاصرة، وهلذا السبب مال باألوامر املطاعة من قبل دار اخل

. حال امللك الغازي، ومحل األمراء على وقف القتال يف هذا العاموملا كان األمراء قد أصاهبم امللل بسبب التساقط املستمر لألمطار، رضوا مبصاحلة القاضي، فجعلهم القاضي يقسمون

. ، فجعلوا امللك الغازي يقسم بدوره/يوافق رأيهم ونيتهم، ودخل رسل امللك املعظم وأمراء السلطان املدينةعلى ما مث إ�م . »امللك املعظم«وهناك أقيمت حفلة ملكية على شرف . »آمد«ويف اليوم التايل ارحتلت اجليوش، وجاءت إىل

. »ملطية«منا قدموا هم إىل ، يب»الشام«افرتقوا من الغداة، حيث اجته هو إىل

***

)1/279 (

ذكر حدوث الفتور ىف بالد الروم

اخلان [، فوصل من حضرة )1(» جرماغون نوين«كانت فاحتة الوهن ومقدمة الفتور أن الشلل تسرب إىل مزاج . أن حيدث جتديداوكان يريد . »باجيو قرتشي«أمر بإسناد قيادة اجليش وزعامته إىل بعد فرتة من الوقت- ]-األعظم

فاختار ثالثني ألف فارس ترتي من القادة املشهورين، وانطلق هبم . يف الدولة القاهرة، لكي يروج سوقه ويعلو أمره ويزدهر. »أرزن الروم«صوب

ومبجرد وصوهلم شرعت اجملانيق والعرادات يف العمل على جوانب السور، وتتابعت حرب احلجارة ليل �ار كأ�ا القضاء قائد قوة الفرجنة يف اخلروج للقتال بأعداد كبرية من » أستنكوس«قائد اجليش و » سنان الدين ياقوت«فأخذ . املربم

قد فعل ما وكان شحنة املدينة- ) -2(» شرف الدويين«ولو مل يكن . اجلند، وكانوا يبدون الكثري من اجلسارة والبأسجيش املغول عن املدينة بسبب هجوم الشتاء، وحلظي بضعة آالف فعل من غدر ودونية لكان من املمكن أن ينصرف

بسبب ما كان يكنه من حقد وضغينة لقائد اجليش- الدون-» الدويين«من اآلدميني بالنجاة من ضرب سيوفهم، لكن : »باجيو«أرسل خفية رسالة إىل

برج الذي وكلت إيل حراسته، لكي يهبطوا ويكسروا إذا أعطيت األمان على حيايت وحياة أتباعي فإنين أرفع احملاربني يف ال. أقفال البوابة بالعمود احلديدي

_________

قد كلفه بتعقب السلطان جالل إمرباطور املغول- » -أوكتاي قاآن«وكان . أحد كبار قادة املغول: جرماغون نوين) 1(ارات على البالد اجملاورة، ومت عزله عن قيادة املغول سنة الدين خوارزمشاه فلما قتل السلطان لبث باملنطقة وشن بضعة غ

). وما بعدها 141تاريخ مغول، ص : عباس إقبال: انظر. (، بعد أن أصيب بالشلل639 .514ع، . انظر أ. يف األصل دوين) 2(

)1/280 (

ئيت حمارب تام السالح إىل الربج، وفقا مللتمس الدويين، ويف الليلة اليت وجد فيها الفرصة رفع ما/ مكتوبا» باجيو«فكتب فانطلقوا حنو البوابة وكسروا الباب، ودخل اجليش املدينة ومت إخبار األمري سنان الدين وأستنكوس، فتقاطروا مع اجلند

. على ذلك الباب لسده، وأخذوا يعملون سيوفهم اليت ظلت تقطر دما حىت الصباحغول، وحل البالء العام، وبقيت النسوة الطاهرات من حرم األمم أسرى يف يد وعند الفجر كانت املدينة قد امتألت بامل

كل غريب، ومترغ األطفال األعزة يف تراب املهانة، ومل يبق ألحد أبدا جمال للهرب أو وسيلة ميسك هبا، وكسفت

. دةالشمس من احلرارة املنبعثة من نار السيف، وخسفت مرآة القمر من اآلهات الطالبة للنجفلما فرغ اجليش من النهب والغارة، شرعوا يف أخذ األسرى، فأخرجوا النساء والرجال والكبار والصغار من املدينة،

وقسموهم فيما بينهم، وأبقوا على من كان يصلح للعمل حيا، مث ا�الوا على الباقني فجعلوهم طعمة للسيوف ومضغة . للحتوف

وابنه مقيدين عاريي الرأس، وكوموا ما ميلكه من جواهر وأحجار كرمية ومقتنيات » وتسنان الدين ياق«وأخرجوا األمري : »باجيو«وقال له . ذهبية يف امليدان

إذا كان رزقك يسعى : فأجاب. ما بالك مل تتخذ جندا وعندك كل هذا املال، فما الفضة البيضاء إال لليوم األسود. إليك، فكيف يتسىن يل التصرف فيه

].من الغنائم[بكنز هائل » مغان«وسلكوا طريق . مر بأن يقتلوا ابنه أمام عينيه، فقتلوه، مث استداروا إليهفأ

)1/281 (

، ومل يدعوا يف تلك »أرزروم«فلما مسعوا أن عساكر املغول فتحوا » بأرزجنان«ويف ذلك احلني حلقت جند السلطان

. العاهل/ الفاجع ملسامع احلضرة السلطانية، فاستوىل االضطراب على خاطرالديار ديارا، بادروا بإ�اء هذا اخلرب . وأمر بأن تعود العساكر إىل أوطا�ا، وأن حيضر األمراء بأسرهم إىل احلضرة، لكي ينشغلوا بتدارك األمر متفقني

***

)1/282 (

»كوسه داغ«جليش املغول يف » السلطان غياث الدين«ذكر حماربة

» امللك الغازي«كر أركان الدولة يف حضرة السلطنة أن يوجهوا الدعوة مللوك الديار، حيث يبعثون إىل كانت خالصة فوكانت » -أخالط«وبتوقيع السلطان ، وأن مينحوه دون إبطاء-»ميافارقني«برسول، ويبدون االعتذار عن مهامجتهم ل

لطلب جندة من » الشام«مع خزانة إىل » فهاينمشس الدين اإلص«وأن يرسلوا الصاحب ]. األشرف[ملكا ألخيه . ، لكي جييش جيشا من الفرنج خبالف اجليش املعهود)1(» السيسي«وأن يبعثوا خبزانة أخرى إىل . العساكر

بعشرة آالف دينار من السكة العالئية، ومائة ألف درهم، ومنشور مبلكية » امللك الغازي«ووفقا هلذه الفكرة بعثوا إىل مبائة ألف دينار وآالف الدراهم، وخبزانة أخرى أضعاف هذه إىل » مشس الدين«، كما أرسلوا الصاحب »أخالط«

إنه لو حدث يف هذه القضية إمهال وخرج األمر من اليد، : وكانت الرسالة املرسلة مع الرسل مجيعا تقول. »السيسي«

املتيقن أن النكبة إن حلت بدولتنا فسوف يزج بكم يف حلقة ومن . والعياذ باهللا، لن يفيد العض على الشفة وتقليب اليد

. اهلوان والصغار: وأودعوا األموال خبزانته شغل بتوزيع املال ومجع الرجال وهو يقول» أخالط«منشور ملكية » امللك الغازي«وحني طالع

وما إن وصل . مسعا وطاعة _________

وكان السلطان عز الدين كيكاوس قد أقره على ملك » ون تكورليف«نسبة إىل سيس، ولعل املؤلف يريد به ) 1( .79، انظر ما سلف ص »سيس«

)1/283 (

حىت جعل فقراء األبطال يف تلك البالد يتنسمون رائحة االستغناء، ورعى صاحب » الشام«الصاحب مشس الدين إىل /. تأسيس قواعد الوالء» سيس«

. ووصلت الرسل إىل حضرة السلطنةالنساء وفقا ألمر السلطان- أول الربيع إال وجتمع للسلطان سبعون ألفا فارس من القدماء واملرتزقة ترافقهم- وما حل

و » امللك الغازي«واألطفال واألمم، وبلغوا سيواس، وتوقف السلطان زمنا انتظارا النضمام عساكر األطراف ووصول ). 1] (يف لعب الكرة والصيد وشرب اخلمروكان يقضي وقته [» سيس«وجيش » الصاحب مشس الدين«

من قبل الشام مع ألفي فارس تنفيذا ملا كان قد استقر عليه الرأي من أن يالزموا اخلدمة » ناصح الدين الفارسي«ووصل . السلطانية يف كل عام وقت احلرب

ىل احلرب يصاحبه جيش كالنمل قد عقد العزم ع» باجيو«فلما طال االنتظار عن احلد، وتواتر وصول األخبار بأن . »كرمان«و » فارس«و » العراق«و » خراسان«واجلراد من قوات غري نظامية من

» سيواس«واتفق من كان من أركان السلطنة بصريا بتجارب اخلطوب وخبريا بعواقب األمور على أنه ينبغي التوقف يف . ألف فارس هو أقرب إىل الصواببغية انتظار املدد، ألن االرتكاز عليها ملقابلة مخسني

الذين مل يقيض هلم طيلة عمرهم أن يشهدوا القتال ومصارع الرجال، فقد أخذوا ميانعون يف ) 2(أما الشباب الغمر نظام الدين سهراب «ذلك، وصاح

_________. 520ع، . إضافة من أ) 1(

).املعجم الوسيط(ا » مل جيرب األمور: ورجل غمر«: غمر، كلمة عربية: كذا يف األصل) 2(

)1/284 (

إىل مىت التماس العلة حبا يف : »عليهم مبا يستحقون« ) -1(» غريب وثاقباشى«، و »شبالش«، و »ابن مظفر الدينيتعرضون للتلف ويصبحون علفا لسيوف املغول؟ كان من الواجب علينا أن » أرزروم«و » أرزجنان«احلياة بينما أهل

، وكان من الضروري أن جيري القتال هناك، أما اآلن فال يسمح بالتقدم ملرحلة »خنجوان«و » بريزت«نتقدم حىت نبلغ

. ، بسبب استيالء اخلوف والرعب»سيواس«واحدة بعد فتدفق سيل من مثانني ألفا من احملاربني، وسلكوا طريق / فاغرت السلطان بذلك اخللط، وأمر باملسري يف اليوم التايل

فلما بلغوها وجدوا الكثري من املروج والعديد من األ�ار ). 2(، اليت أصابت األفئدة بألف هلب من النار »كوسه داغ«. فحطوا رحاهلم هناك. واملواضع احلصينة، حبيث ال يكون ألي جيش غريب طريقا من أية ناحية إال من خالل املمر

. وظلوا كل يوم ينتظرون وصول املددفلما مسع أولئك الشباب . »آقشهر أرزجنان«قد وصل بأربعني ألف فارس إىل صحراء » باجيو«بر بأن وفجأة جاءهم اخل

، استبد هبم الفرح والسرور لفرط جهلهم ومحاقتهم، وقالوا )3(هذا اخلرب الذين كانوا أخص خواص السلطان- اجلهلة-. ما أحسنه من مغنم سنحصله من املغل

ال ينبغي التشويش باألراجيف، وال يصح إثارة االضطراب » وظهري الدولة ولد كرجي» «نالصاحب مهذب الدي«قال إمنا حنن يف هذا . يف اجليش بغري فائدة

_________. 521ع، . وباقباشي، والتصحيح من أ: يف األصل) 1(

. الفارسية ومعناها ملتهب» داغ«اجلملة توضيح من املؤلف لكلمة ) 2( .522ع، . قارن أ) 3(

)1/285 (

يتقدم لالنضمام » تكور«كما وصل اخلرب بأن . املوقع مبنجاة من غارات العدو، وهذا يف حد ذاته أصل عظيم معترب. إلينا بثالثة آالف مقاتل من الفرنج، وهذا بدوره مدد كبري

ولو أنين أعطيت ألف عنان من الفرنج، وكان اهللا عز . يف اهلذيان قائال إن اخلائف خميف» ابن مظفر الدين«فشرع قد بقي أمر امللك، يف مثل : »ظهري الدولة«فأجاب . فبوسعي حينذاك أن أنقض على املغل وأنال الظفر وجل معهم-

أن مشام الناس مجيعا-) 1] (وقذره[الذي تؤذي رائحة هتافته وال ينبغي ملثل هذا اللفظ-. هذه احلالة، معلقا بشعرة. وتلزم الكفارة عنه بالصدقة» الروم«و » الشام«يقال يف حضرة السلطنة خباصة، فما هو إال قول يفضي إىل خراب

أنين خائف، وليس من شك ). 3(واملشاورة مقدمة علي املساورة ) 2(وشاورهم يف األمر : يقول تعايل- والباري-

. تعاىل وتقدس باعتبار أنين أخاف اهللا-

فعاتب الصاحب يف ذلك الباب، فأجابه / لسانه بالسب والفحش لفرط سورة اخلمر- وهنا أطلق ولد مظفر الدين-فلما مسع كبار رجال الدولة هذا النوع من . [إنك ال تستطيع أن تعيش من عمل آخر سوى احلساب والكتاب: قائال

خرجوا من عنده مشتيت الفكر ) 4] (، ومل ينهه السلطان عنها»ابن مظفر الدين«حضرة السلطان من اجلسارة يف حيارى، وشرعوا يف البكاء والنواح

_________. 523ع، . إضافة من أ) 1(

. 159سورة آل عمران اآلية ) 2(. وحنوهواثبه، وأخذ برأسه يف العراك ): مساورة(ساوره : كذا يف األصل، كلمة عربية) 3(

.239ع . إضافة من أ) 4(

)1/286 (

. علي زوال امللك ورواحه

اجليش بالركوب، وارتفعت أصوات » ولد مظفر الدين«، فأمر 641كان اليوم التايل هو اجلمعة السادس من احملرم سنة ذوا يف املمانعة، فعاد ورغم أن األمراء كانوا غاضبني ملا حدث باألمس، لكنهم ذهبوا إىل الدهليز، وأخ. الطبول والدفوف

. ثانية إىل السفه والعته، وأطلق لسانه بالشتم والذم» ولد مظفر الدين« بسبب ما استوىل عليهم من تطر وحتري - » -ناصح الدين الفارسي«و » ويل الدين پروانه«و » ولد الكرجي«وسعى

تلك املمرات اليت ال قبل لأليائل اجلبلية بالسري إىل حتوفهم مع ثالثة آالف فارس من الفرنج والروم، فزحفوا نازلني يفمن فوق ذلك املوضع احلصني، التفت إىل دون تبصر- ورأى أ�م يهبطون-» باجيو«فلما نظر . على وهادها وبقاعها

ممر وينبغي اليوم أن نصرب حىت يدخلوا يف. هؤالء يتأتى منهم إال الفرار، إنين أرى رأسا حتت السيف: أمراء جيشه وقالصعب

صوهبم من املكان » باجيو«فلما هبطت املقدمة بأكملها، وسدت املداخل واملخارج بسبب ازدحام العساكر، أسرع . الذي كان رابضا فيه، ويف اهلجمة األوىل قاتل جيش الروم قتاال مريرا، حىت تعبت اجلنود، وارتد جيش املغل

. طان خبرب مفاده أن العدو هزم، وضربوا طبول البشارةفأرسلوا إىل السل. فظنو أ�م رمبا ولوا األدبار) 1(» شلوه«أما ولد . وأمر بأن ميطر اجليش بالسهام، فأبادوا هذا اجلانب من اجليش» باجيو«ويف هذه األثناء رجع

بسبب ما استبد به / فقد نكس أعالمه

_________

.»سلوه«: شلوه، يف األصل: 525ع . كذا يف أ) 1(

)1/287 (

نفسه مع عدة أشخاص من املعركة، وجاء عاري الرأس » ناصح الدين الفارسي«بينما استنقذ . ن الروع، والذ بالفرارمهل ميارس أحد : إىل حضرة السلطان، فرفع حجاب اهليبة والوقار، وقال مبواجهة السلطان كالما غليظا، حيث قال

ناء الدون املدابري، ويذهب ملقاتلة العدو، ويعرض امللك وامللة سلطة احلكم مبثل هذا الرأي والتدبري، ومبثل أولئك القرمث انطلق من ساعته مع أهله سالكا ! للتبدد والضياع، ويهيل الرتاب على رأس اإلسالميني وسائر طوائف اآلدميني؟

. »حلب«طريق

ع عباءته على وجهه وشرع يف وحني رأى السلطان أن قضية اهلزمية قد انعكست، ونال األمراء واجلند درجة الشهادة، وض. »توقات«البكاء، وظل راكبا حصانه ال يتحرك حىت صالة العشاء حىت مت تسريح حرمه ومعظم اخلزائن الشريفة إىل

وأخذ يسرد على مسامع السلطان تقريرا عن حالة الفوضى [إىل احلضرة فارا من املعركة » جاويل چاشين گري«وجاء ما الصواب يف رأيك يا أخي : ، وقال السلطان)1] (ابن مظفر الدين وارتياع ابن شلوه وفقدان االنضباط، وشؤم تعجل

قد جاوز األمر الشفة اجلافة والعني الدامعة، إنك مل تكن تلقي باال إىل كالم املماليك وقت التدبري فما : ؟ أجاب)2(مللك، فأفعل ما تعرفه وتقدر عليه دون قد عهدت إليك بزمام ا: قال السلطان. الذي بقي يف هذه الساعة من تدبري؟

. إبطاء أو توان _________

. 526ع . إضافة من أ) 1( .اجيي؟، وال معين هلا ولعلها تصحيف إيىن، وهي كلمة تركية معناها األخ األصغر: يف األصل) 2(

)1/288 (

فخر الدين «، ويف الطريق قام »هالبد خان«عن طريق ) 1] (توقات[ودخل السلطان اخليمة، مث مل يلبث أن انصرف إىل بتبديل مالبس السلطان على سبيل االحتياط، » تركري چاشين گري«و » مشس الدين خاص اغز«و » ارسالن دغمش

. »توقات چاي«وأطلقوا العنان خليوهلم فلم يتوقفوا حىت بلغوا فلما ارتقى املغل . من الليل ثلثاهوملا انصرف السلطان، ظلت فرقة من اجليش واقفة وهي متسك أعنة خيوهلا حىت مضى

السلطان كما مل / ومل يكن بوسعهم اقتحام معسكر. اجلبل ورأوا العساكر تقف بكل مكان، صاحوا مث اشعلوا النريان

. يكن أمامهم جمال للعودة إىل ثكناهتم

ألمتعة يف مكان، فلما طال التوقف بالطليعة، ومل تر مددا يأتيها من أي مكان، اجتهت صوب املعسكر، فوجدت ا. والرفاق واألصحاب قد ذهبوا، فما لبث أفرادها أن ولوا األدبار بدورهم

ظنوا أن اجليش رمبا يكون . عند الفجر حني أنعم املغل النظر يف معسكر السلطان، ورأوا األمحال واألمتعة ال تزال مكا�ايهم أن اجليش قد وىل األدبار دخلوا املعسكر، قد كمن هلم، فأخذوا يطوفون حول اخليام مدة يومني، فلما حتقق لد

. »سيواس«وحازوا من األموال ما ال يدركه احلصر، مث توجهوا صوب عند استيالء املغل عليها ونكبة » خوارزم«، بيد أنه كان يف »سيواس«هو قاضي » جنم قري شهري«كان اإلمام الرباين

وكان قد مثل ). 2(» السلطان حممد« _________

. ع، أيضا. مة ساقطة من األصل، انظر أكل) 1( .يريد به السلطان عالء الدين حممد خوارزمشاه، وا�زامه أمام املغول، وضياع ملكه) 2(

)1/289 (

. حينذاك، فمنحه مرسوما ملكيا وعملة تذكارية] اخلان األعظم[بني يدي وحني عرض األمر امللكي والعملة » باجيو«ليه فخف القاضي الستقبال املغل مع املرسوم واهلدايا والتقدمات، فتعرف ع

. ووضعهما على رأسه، مث وهبه املدينة» باجيو«قبلهما . وحدها مفتوحة، وأغلقوا باقي البوابات، حىت دخل بعض اجلند املدينة فأغاروا مدة ثالثة أيام» أرزجنان«وقد تركوا بوابة

. »قيصرية«مث إ�م انطلقوا إىل . يسببون قلقا أو إزعاجا ويف اليوم الرابع أغلقوا ذلك الباب بدوره، ومل يعودوا***

)1/290 (

وهالك احملصورين هبا » قيصرية«ذكر خراب وملا ). 1(» سيس«والتجأت إىل » قيصرية«وعندما مسعت والدة السلطان غياث الدين ذلك غادرت يف التو واللحظة

من املعركة انتهي هبما املطاف » فخر الدين اياز األعرج«، و )2(اجلامه دار » صمصام الدين قيماز«هرب ملك الزهاد فلما وصل جيش املغل ./ ، وبذال جهدا بليغا يف ترتيب معدات احلصار والدفاع وإحكام األبراج واألبدان)3(إىل هناك

. مشل كل ما وجده خارج السور بالنهب واحلرق واإلغراق

وهو » -سيواس«مراء جيشه حول املدينة، ونصب ثالثة جمانيق على برج بوابة راكبا مع أ» باجيو«ويف اليوم التايل طاف

بسحب املنجنيق، ) 4(وألزموا األسرى وأولئك الذين يلبسون الصوف الذي كان اعتماد أهل املدينة كله علي حصانته-. فتواصل القصف مخسة عشر يوما على التوايل، وظهرت يف الربج ثغرات فاحشة

» -خازوك«على الرجوع لوفرة ما غنموه، على أن يرجئوا تنفيذ املهمة إىل العام القابل، لكن ولد وعزم جيش املغوليف طالبا األمان، فلما مت له ذلك خرج-» باجيو«أرسل يف الليل رسوال إىل املدينة-» أكدشباسي«وكان

_________. 528ع . قارن أ) 1(

. من يتوىل أمر ثياب السلطان: اجلامةدار) 2(. يعين إىل قيصرية) 3(

وهم الفقراء والصوفية اجلوالون، ويبدو أ�م كانوا مميزين مبالبسهم املصنوعة من الصوف : جولقيان: يف األصل) 4( .»برهان قاطع«راجع . »جولق«أو » جوخل«واجلوت، ويطلق على هذا النوع من املالبس اسم

)1/291 (

. معسكر املغل، ووصف أحوال ضعف املدينة وقوهتا بالتفصيلمن فتحة اجملري، وذهب إىل الليل أيضا-أياز «واليته حيظى بالعناية البالغة، انضم إليه » باجيو«فلما علم األمراء باألمر ورأوا أن الشخص الذي يسبغ عليه

وذات يوم أمر .عن قرار الرجوع» باجيو«وهنا رجع . »صمصام الدين«ومن مث مل يبق هبا إال سوباشي املدينة-» األعرجبأن يلبس اجليش كله ألمة احلرب، وأن توضع السالمل على ذلك الربج الذي كانت قد فتحت فيه ثغرات بقصف

. فصعدو على السالمل، وأذاقوا كل من رأوه شربة السيف، مث نزلوا وكسروا قفل البوابة). 1(املنجنيق وبعد النهب والقتل . اد اجليش، ومحلوهم إىل صحراء املشهدفدخل اجليش بأسره املدينة، وأمسكوا بأمري العارض وكل أفر

. أضرموا النار يف سائر البيوتفلما فرغوا من املدينة وأهلها، غادروها إىل خارجها، ويف صحراء املشهد أجهزوا علي األسري الذين كانوا قد أمسكوا

ة، وكانوا يقتلون يف الطريق كل من كان ينتابه مث سلكوا طريق العود/ هبم من قبل، وقسموا األطفال والعيال فيما بينهم. التعب وتعييه احليلة على مواصلة السري

... _________

.529ع، . قارن أ) 1(

)1/292 (

وإقرار الصلح » باجيو«إىل » مهذب الدين«ذكر توجه الصاحب مسع أن جيش املغل قد أخضع ف» أماسية«إىل » مهذب الدين«ملا مين اجليش باهلزمية، انتهى املطاف بالصاحب

طاملا أن أمر السلطنة قد : ، وقال له»أماسية«قاضي » فخر الدين«فطلب ) 1(قيصرية عن طريق احلصار، مث رجع

قد هدأ؛ الذي كان ميوج ويتالطم- وصل إىل هذه املنزلة السافلة بسبب حداثة عهد السلطان وجهله، وأن حبر الفتنة-إال . والرأي عندي أن الطريق مملوء بالسهام والسيوف. األمر، لكان ذلك ضربا من الكفرفإنه لو حدث إمهال يف تدارك

. أنه يتعني علينا أن نتجنب التفكري يف العواقب، بل ننطلق يف إثر املغل، ونأخذ يف طرق باب الصلح واهلدنةبإعداد اهلدايا السوية-على وبادر اإلثنان-. فاستحسن القاضي ذلك الرأي، وأثىن علي الصاحب ثناء مجيال

وبعثا قبلهما برسل إىل القائد . وانطلقا بفضل اهللا يف طريق اخلوف والرجاء- والتقدمات املتنوعة مث وضعا القدم-. واجلرأة) 2(، فأعرب هو غريه من أمراء اجليش عن دهشتهم لتلك البسالة »باجيو«

، وقدما احلدمات، وأخرجا اليد البيضاء يف استعطافه »ومأرزن الر«مث إن الصاحب والقاضي حلقا بباجيو يف حدود بالعطف واللطف وأخذا يتحركان مع جيش املغول كلما حترك مرحلة يف أثر مرحلة، فلما » باجيو«واستمالته، فشملهما

للمثول » باجيو«، انطلق »جرماغون«، وهي معسكر »مغان«بلغوا _________

. 531ع، . قارن أ) 1( .532ع . مسألت، راجع أ: يف األصل) 2(

)1/293 (

ما الذي دعاكما إىل احلضور؟ أجاب : بني يديه، واستدعي الصاحب مهذب الدين والقاضي فخر الدين، وسأهلمااإليلخان األعظم خالدا أبد الزمان، وليعلم القائد أن اهللا إن كان قد أعان يف هذه تعاىل- الصاحب قائال، ليجعل اهللا-

كما هو سلطان اإلسالم، فال ينبغي أن يكون ذلك مدعاة للغرور، فما قتل يف احلرب-/ فظفرت علىالكرة دولتكم، ويف أطراف بالد الروم مائة . ومع هذا كله هلك من جند املغل عدد كبري. أكثر من ثالثة آالف فارس معلوم لديكم-

قد له نظام إال بسالطني سلجوق، وال على أن ملك الروم ال ينع. ألف مثل أولئك الفرسان بكامل سالحهم وعدهتم. يطمئن للرعايا بال إال باالنقياد هلم

ألن العظماء الذين مضوا وتركوا . فلو أن القائد راعى مصلحة اإليلخان فال سبيل إال أن يشفع مصاحلة السلطان بالقبوللقد مت عرض ما من . واالضطرار ينبغي طلب الرضا ممن يقرع باب الصلح ويدخل من باب العجز: لكم امللك قد قالوا

. شأنه أن يؤدي إىل فراغ بال القائد، وراحة امللك والرعية أما إن كان يقع للقائد رأي غري هذا، فليأمر به

كانت تتوىل أمر إفهامه الكالم لكي تصيح مبا » جرماغون«املفاوضات إشار إىل امرأة من نساء » باجيو«فلما مسع

فلما أصغي إليها، وحبكم أنه كان كثريا ما مسع عن العادات الكرمية للسلطان املرحوم عالء تضمنه يف أذن جرماغون، ليت أن عالقة تبعية تنشأ بني السلطان واخلان األعظم لكي تبقى واليته ساملة : وكان يثين عليه، وال يفتأ يقول[الدين

السلطنة اليت قد زينت بالعدل واإلنصاف بصدمة من معرة اجليش ومضرته، فمن اخلسارة أن خترب مثل تلك اململكة وومن مث أومأ وأشار ). 1] (صولة املغل، وأن تصاب قواعد السلطنة بالوهن

_________ .534ع . إضافة من أ) 1(

)1/294 (

. إىل أنه يقبل الصلح انطالقا من هذه الرغبة الصادقة- -ما املقدار الذي يتقرر وصوله كل عام من ملك : بعية وقاليف وضع أساس الت » -جرماغون«مبشورة » -باجيو«فبدأ

الروم إىل اإليلخان وقادة اجليش؟ فخرج الصاحب من االجتماع وتشاور مع القاضي، مث سجل بقلمه مقادير مفصلة من الذهب واخليول والبغال واألفراس

يأيت املبعوثون إىل ملك الروم لطلب هذا املقدار، واألبقار واألغنام، وأرسل بيانا هبا إىل خدمة القائد، وبني أن كل سنة. وبعد أن نسلمه إليهم يأتون به إىل هنا

شيئا على كل ما كان موجودا، األمر الذي ) 1] (الصاحب[وعد البعض اآلخر قليال، فزاد / ببعضه» باجيو«فرضي تأكيدا للعهد » باجيو«احب بتالبيب فأخذ الص . مث إنه استدعي الصاحب، وبشره بإمتام مرامه. »باجيو«رضي به

. وامليثاق، ومت إرساء بنيان الصلح مبوافقة أمراء اجليش بأسرهم، حيث شغل بسد الثلمة وترميم »فخر الدين البخاري«مث إن الصاحب عاد إىل حضرة السلطنة بصحبة الصدر الكبري

. الثغرة ...

_________ .536ع، . إضافة من أ) 1(

)1/295 (

الشام إىل حضرة السلطان ] ناحية[كر عودة الصاحب مشس الدين من ذ

لطلب اجلند، مجع طوائف من األجناد مل يكن عددهم ليدخل يف » حلب«إىل » مشس الدين«حني ذهب الصاحب وا خرب وفجأة مسع. وأخذ يتحني الفرصة للرحيل اليوم وغدا. حيز التعداد واحلصر ودفع هلم مجيعا أرزاق ستة أشهر مقدما

انكسار اجليش وا�زام السلطان وتفرق اجلموع، ففرتت النيات رغما عنها، وانكسرت القلوب بسبب رد صحاح الدراهم والدنانري، وقد اسرتد بعضها بطريق التساهل، وحني مسع مجاعة باألمر تفرقوا يف أرجاء العامل يركضون متعجلني والذهب

). 1(يف أكياسهم فمد أرامنة » حلب«إىل » سيس«روم وأعيا�م من قيصرية وملطية وسائر األصقاع عن طريق وجاء أكابر بالد ال

يد الغدر والغارة إىل الالجئني املسلمني، وقبضوا على والدة السلطان مث أباد اهللا حاهلم وأفىن رجاهلم- » -سيس«حبلب وما بكل وسيلة كانت- وحلق املسلمون-. [سلموها بعد ذلك إىل املغل، وأخذ يسبون النيب عليه السالم

. فنشأ للروميني هناك جتمع كبري) 2] (جاورهاوأن / ،»مغان«، وأن جيش املغل توجه إىل »كوسه داغ«ووصل اخلرب بأن السلطان قد حلق بقونية ساملا من معركة

. سارب واملهاربوأن اخلالئق خرجوا من امل. انطلق يف إثره هبدف افتتاح أبواب املصاحلة» مهذب الدين«الصاحب لكنه [وسائر أكابر الروم على الرجوع، » مشس الدين«ومن هنا صمم الصاحب

_________. ، وهى أكثر وضوحا من عبارة األصل536هذه عبارة األوامر العالئية، ص ) 1(

.536ع، ص . إضافة من أ) 2(

)1/296 (

وسعاية احلساد الذين كانوا قد وجدوا جماال يف بسبب ما جرى منه من تباطؤ يف اصطحاب اجلند، ) 1] (كان خائفاومن مث كان يفكر يف دعوة . ، فضال عن األكراد واألتراك الذين كانوا موجودين على الطريق)2(ذلك الوقت للطعن فيه

. »ملطية«؛ فجاء يف صحبته إىل »آمد«صاحب » مسعود«امللك

ملا كان يالزمه من حنس » -مسعود«بني صحبة امللك بقدوم الصاحب، وحال بينه و» جاويل چاشين كري«فاستبشر يف وقتنا هذا ظهر الفتور يف : چوبان امللطي فقال له] الدين[حسام ) 3( شاء أم أىب- فأرسل إليه الصاحب-. وإدبار

ومىت وصل . اململكة، وليس من املؤكد ما الذي سيطل بوجهه من وراء ستار الغيب، واملصلحة هي أن يعود امللك. حب خلدمة السلطان، وخاطبه يف األمر فإن األمر يصدر من حضرة السلطنة باستدعاء امللك، ويتحدد اإلقطاعالصا

عن طريق ) -4(وهو نادم سادم هذه الرسالة، أطال لسانه بالعتاب، وعاد إىل الشام-» مسعود«فلما مسع امللك

قبله، فأخرب بقدوم الصاحب، » چاشين كري«أرسل وتوجه الصاحب خلدمة األعتاب السلطانية، وكان قد . »آبلستان«

. وبادر بذكر خوفه وهيبته، وأنه يلتمس التعطف

رغم أن : فقال بعد املطالعة. دفعوا إليه مبنشور الوزارة وأمر باستمالته على أكمل وجه» منزل أبروق«فلما بلغ الصاحب يف » مهذب الدين«ر أمر بعزل الصاحب هذا يدل على غاية التلطف والتكرمي من جانب السلطان، فإن صدو

_________. 537ع، ص . إضافة من أ) 1(

. ع، أيضا. قارن أ) 2(. شا أم أيب: 537ع، . شام أيب، وىف أ: يف األصل) 3(

).املعجم الوسيط(أصابه هم أو غيظ مع حزن : سدم فالن: سادم، كلمة عربية) 4(

)1/297 (

. الء والعناء من أجل مصاحل املسلمني أمر ليس صائباالوقت الذي ألقى بنفسه يف خضم الب

يف مباشرة بأي وجه من الوجوه- ، غري أنه مل يشرع-/فلما حلق باحلضرة مت تفويض احلل والعقد له يف األمور كلها. األمور املتعلقة بوظائف الوزارة

» باجيو نوين«ذكر عودة الصاحب مهذب الدين من خدمة

فلحق يف أعقاهبم خبدمة العتبة . دم أصحاب البشارات مبا ينبئ عن وصول الصاحب وحصول املآربيف هذه األثناء قوكان السلطان يأمر كل حلظة بتشريفة جديدة ويثين ثناء ال مزيد . السلطانية، وحكى ما حدث من أحداث وإجياب

يه هو والصاحب مشس الدين يف يوم وأرسل إل. وبعد ذلك جاوز شأن الصاحب قلة شواهق الكمال وذروة اجلالل. عليهفلم يقبل الصاحب مهذب الدين . واحد من حضرة السلطنة دواة الوزارة وسيف النيابة الذهيب، وأمر له بإقطاعات وفرية

. إال أربعني ألف درهم، ومل يأخذ لنفسه أكثر من ذلك***

)1/298 (

ر ذكر توجه الصاحب اإلصبهاىن خلدمة صاين خان من حبر اخلزحني اسرتد السلطان غياث الدين زمام التدبري هبذين الشيخني الفريدين العبقريني، تراءى هلما أن ترسل الرسل إىل خدمة

الذي أصابه الذي استوىل على صحراء القفجاق بالسيف البتار، لكي تتم إشادة وإعالء بنيان السلطنة-) 1] (اخلان[

. بناء من جانب أولئك امللوك الفاحتنيبتعاون اخللل بسبب سوء تدبري املدابري-

، وبعد الثناء واالستحسان وقعت قرعة االختيار على )2(فعرضوا هذه الفكرة الثاقبة على اآلراء العالية حلضرة السلطنة مل ينفض إىل اآلن » مهذب الدين«ملا كان الصاحب : لكن السلطان قال. واحد من هذين الرجلني الكبريين الشهريين

، فوضع النائب رأسه على األرض يف /أن يتصدى ألداء املهمة» مشس الدين«اهله غبار السفر، فإن على النائب عن ك. احلال، وامتثل أمر السلطان

واختار هو بدوره من . مطلقة يف كل ما يريد» مشس الدين«فأصدر السلطان أمرا ألمناء اخلزانة، لكي يرتكوا يد النائب جمد «، و »أماسيه«قاضي » فخر الدين«ر والنفائس كل ما رآه الئقا، واجته حنو الطريق مبالزمة التحف والطرف واجلواه

فلما وصل إىل احلضرة، وعرض اهلدايا . »الدين حممد الرتمجان _________

» ألتون اردو«، وكان قد أنشأ دولة كبرية باسم »باتوبن جوجي بن جنكيز خان«ولعله يعين به : بياض يف األصل) 1(ومن مث . »كييف«أي القبيلة الذهبية سيطرت على منطقة واسعة من مشال آسيا امتدت حىت وادي الفوجلا ومشلت

. أصبحت حدود تلك الدولة جتاور حدود سالجقة الروم .541ع، . قارن أ) 2(

)1/299 (

وقد تفضل فبالغ يف . لكينيوالتقدمات حظيت على الفور بالقبول، ومت تقسيمها يف احلال على اخلواتني واألمراء املإكرامهم، فصاروا موضع حسد الناس وغبطتهم، ومنح السلطان جعبة سهام، وقربانا وسيفا، وقباء، وقلنسوة مرصعة،

وأمرا ملكيا، وجعله نائبا من قبله يف البالد، وحرر بذلك كله أمرا ملكيا، ووهب املالزمني تشريفة خاصة، وندب . لرد الزيارة» سانقسون قرجي«

وملا . فزادت سعادة السلطان بوصوهلم. »شروان«و » مشاخي«مث إ�م ودعوا اخلدمة، وانطلقوا إىل بالد الروم من طريق قبل وصوله إىل احلضرة » مشس الدين«أرسل للنائب تعاىل- قد انتقل إىل جوار احلق-» مهذب الدين«كان الصاحب

و أمر مل يتحقق ألي وزير من وزراء الروم، وتعجل النائب يف إدراك شرف ، وه»قريشهر«مبنشور الوزارة مضافا إىل إمارة ، وكان كلما وصل إىل مدينة ومر هبا أقام أهلها )1] (إىل خدمة السلطان[وتوجه الصاحب يف صحبة الرسل . املثول

. األفراح، ونصبوا الزيناتية، فعرض القضايا اليت كانت قد جرت يف قون» آقشهر«من أعمال » قرايوك«وقد مثل بني يدي السلطان يف قرية

تضاعف ما [، وحسن القيام، وتيسري املرام /الذهاب واإلياب الواحدة تلو األخري، ولدى استماع السلطان ألداء الرسالة

وأعطاه سيفا ذا غمد ). 2] (وفرط فصاحته ووفرة دهائه» مشس الدين«كان لديه من ثقة يف كمال حصافة الصاحب

مث إن الصاحب وسائر الزعماء ورجال [كل من يتجاوز حكمة يشقه بذلك السيف نصفني، وال شئ عليه : ذهيب، وقال

. جاءوا يف حشد ضخم مع الرسل إىل قونية، فردوا من هناك بتكرمي وصالت ال حصر هلا) 3] (الدولة واألكابر _________

.543ع، . إضافة من أ) 1(. ، أما عبارة األصل، فقد ضربت عنها صفحا لركاكتها544 -543هذه عبارة األوامر العالئية ص ) 2(

.544ع . إضافة من أ) 3(

)1/300 (

» سيس«ذكر توجه الصاحب مشس الدين واألمراء وإغراء العساكر لغزو

األمر حني انتشر يف كل البالد خرب اجتماع العساكر للتوجه إىل والية الكافر، أخذ اخلاص والعام يتسابقون يف ذلك . وهناك ختففوا من األثقال. بقلب قوي وعزم صادق» بأراكلية«احملروسة، وحلقوا » قونية«واجتمعوا بنية الغزاة يف

. وأحاطوا فجأة كالبحر األخضر بسور طرسوس، ونصبوا اجملانيقون عليه إما حيتفظون به وأخذ األمراء الكبار يشنون اهلجمات جبنود جرارة يف أطالل األرمن ودمنها، وكل ما كانوا يعثر

. ألنفسهم أو يرسلوه إىل البالدوأحرقوا األشجار واملزارع، ومل جييزوا اإلبقاء على شئ بأي وجه من الوجوه، وأحدثوا بضرب املنجنيق ثغرات واسعة يف

قد حتقق ، ولو أ�م ظلوا على جهادهم يوما واحدا آخر، لكان »طرسوس«اإليوان والقصر وأسوار الدور والقصور يف . هلم الظفر

نستويل حنن على الوالية، ويكون االسم للصاحب : لكن احلسد املتأصل لديهم محلهم على اخلذالن، فكانوا يقولونوالطاب من السحاب، ) 2(، وفجأة فتحت السماء باألعزل )1] (فأخذوا يف إبداء املماطلة والرتاخي[» مشس الدين«

. اجليش بأسره الرتدد إىل اخليام وأخذت متطر ليل �ار حىت تعذر على _________

. 546ع، ص . إضافة من أ) 1( .وهو ما ال مطر فيه من السحاب): كلمة عربية(عزايل، ولعله يريد به األعزل : يف األصل) 2(

)1/301 (

اليت جتمعت أن تعال إلينا، فما حدث إمنا كان بسبب املياه: كما وصل األمر من األعتاب السلطانية إىل الصاحب

، وأرى أن تتصاحلوا مع هذا الكلب العقور، وتلزموه بأداء /ال جيوز ترك األمر مبتورا] لألمراء[قال الصاحب . بفعل املطركنت دائما أرعى جانبك، وحلت : يف السر بزعم أن األمراء ال علم هلم بشئ، وقال له» تكور«اخلراج، وأرسل ليال إىل

ولكن ألن البحر كان مائجا ورياح . ك بضع مرات، وكنت أدافع عنك هذه املرة أيضابني السلطان وبني دخول بالد، وما تركتم جماال »كوسه داغ«السخط عاصفة بسبب أنكم ارتكبتم كل رذيلة وسوء خلق وقت انكسار اجليش يف

. اعة واحدةيف س] املدينة[لعذر، فقد اضطررت لتجريد احلملة، واألمر هني عندي ألنين لو أردت الستخلصت أليس من األفضل لتكور أن يتقدم بقدم االستغفار، ويقرع باب الصلح، ويرسل األمحال إىل اخلزانة، لكي أتوسط وأزيل

. غبار الوحشة من البني؟هذه الرسالة دبت فيه الروح، وأجاب، مث أرسل رسوال إىل األمراء بطلب األمان، وسلم قلعة » تكور«فلما مسع

. بضعة قالع أخرى ملماليك السلطان، وسري خراج املاضى واملستقبل مع اهلدايا مع» براكنارا«فلما . وبقيت األمتعة واألمحال يف األوحال] وبعد عناء شديد[بألف حيلة » أراكلية«وارحتل األمراء والعساكر، فبلغوا

رياض اآلخرة، فا�مكوا يف العزاء حلقوا خبدمة األعتاب السلطانية، كانت قد مضت سبعة أيام على انتقال السلطان إىل. وبعد ثالثة أيام جرت املشاورة بينهم. والبكاء

***

)1/302 (

ذكر جلوس السلطان عز الدين كيكاوس على سرير السلطنةأسد الدين «، و »خاص أغز«، و »جالل الدين قراطاي«: مع رفاقه األربعة» مشس الدين حممد«فكر الصاحب

عز الدين : أي األمراء الثالثة جيلسونه على عرش السلطنة: »فخر الدين بكر بروانه«اجلامدارية، و أمري » روزبه

كيكاوس، أم ركن الدين قلج أرسالن، أم عالء الدين كيقباد؟ ، فوجدوا عز الدين كيكاوس قد امتاز على أخويه اآلخرين حبسن الطلعة ومجال األهبة وعلو مرتبة السن، فقصروا الكالم

من » التونتاش«إىل » برغلو«ومدوا األميان للمبايعة، وحلفوا باألميان الغالظ على متابعة حكمه، ومحلوهم من قلعة ، ووضعوا كرسيني ملكيني على ميني العرش ويساره، فجعلوا مكان ركن الدين قلج أرسالن على »آقشهر قونية«أعمال

واختذ الصاحب مشس الدين، وخاص أغز مكانني عن ميني السلطان . ىاليد اليمىن، وعالء الدين كيقباد على اليد اليسر. ويساره، وأجلسوه على عرش القيادة، ونثروا الدينار

، وهناك أجلسوا السلطان مكان آبائه الكرام، واستقر الرأي على أن تكون الوزارة للصاحب »قونية«مث إ�م اجتهوا إىل

أليب «) 1(، واحلجابة »ألسد الدين روزبه«، واألتابكية »خلاص أغز«األمراء وملك » لقراطاي«، والنيابة »مشس الدين«

املعروف ببابا منشورا باسم كل منهم، فحصلت له بتلك الكتابة » مشس الدين حممود الطغرائي«وسطر . »بكر العطار

. مبلغا قدره مخسني ألف درهم» مشس الدين خاص أغز«نعمة وفرية، فنقده _________

.1هامش 54، انظر فيما سبق ص »پروانه«تعادل منصب احلجابة، ومفردها : انكيپرو) 1(

)1/303 (

وبعد إحكام قواعد امللك والدولة �ضوا مجيعا بتسيري أحكام امللك، وكانوا يتداركون أمور اجلمهور باالتفاق فيما بينهم، » أسد الدين روزبه«، ابن أخت »ز الدين بريمملبار«كرميته » خاص أغز«ولكن بسبب املصاهرة اليت حدثت حني زوج

وما كان بني اخلاص وروزبه من اتفاق كلي، فقد كثر رجوع معظم الناس إليهما يف جالئل األمور، ومل يكن هناك من /

. أمر يربمه الصاحب و پروانه ما مل يكونا راضيني عنهومع أن الصاحب مل يكن يلقي إىل ذلك باال . هأمري العدل، وأيب بكر پروان» نصرت«فاندلعت نار احلسد يف باطن

من الديوان مبطالعة الكتب وجمالسة العلماء والزهاد، وكان يريد أن يدفع استبدادمها ] بعد الفراغ[ويشغل أوقاته واستقالهلما باألمر على أحسن وجه، وأال جيعل عرضهم مضغة لكل شامت وحاسد من أجل حتصيل ما فسد من

أمري العدل مبا اشتمل عليه من خبث النفس وفساد االعتقاد، كان خيتلق للصاحب كل حلظة »نصرت«أغراض، لكن ويبلغه يف نفس ) 1] (باألميان الكاذبة[، ويشفع ذلك كله »روزبه«و » خاص اغز«حديثا مزعجا وخبثا مهيجا من قبل

. اليوم إىل مسامع الصاحبخائفا متومها، وهو ما رضي ) 2(فأظهر نفورا من رور األيام-مب إىل أن وصل األمر بالصاحب وما له من طبع ألوف-

» ركن الدين قلج أرسالن«أن يعيش يف تلك البالد إال ساملا آمنا، ومن مث عزم على املسري للعمل يف خدمة السلطان _________

. 551ع، ص . سقط من األصل، انظر أ) 1(دين قلج أرسالن قد أصبح ىف تلك الفرتة سلطانا، وإمنا صدر أمر ع، أيضا، ومل يكن ركن ال. كذا يف األصل ويف أ) 2(

.320اخلان املغويل بعد ذلك بأن يتوىل السلطنة مع أخيه عز الدين كيكاوس مشاركة، انظر فيما يلي ص

)1/304 (

. فأعد عدة السفر) 1] (اخلان األعظم القبجاق[الذي كان قد فوض يف عهد أبيه يف التوجه إىل حضرة - قد اتضح للقاطنني يف ربوع البالد-: مع پروانه إىل بيت الصاحب، وقاال امري العدل-» نصرت«وذات يوم تسلل

يف أوقات حياته وسكرات مماته وصاية األوالد وكفاية قد فوض-» غياث الدين«أن السلطان كالنهار الساطع املبني-

فإنه إمنا يعطل بذلك مسند / ب قد أزمع على الرحيل اآلنالرعايا والبالد لرأي الصاحب الثاقب، وملا كان الصاحفتبقى بذلك مصاحل اخللق مهملة، الذي هو مبحياة الرائع كالسماء الرابعة الىت تتيح للشمس أن تتجلى وتظهر- الوزارة-

فإن . صاحبوحتل النكبة بامللك والدولة، فيظهر بذلك اختالف الكلمة وافرتاق اجلماعة ويكون ذلك بسبب إمهال الفإن من اليسري علينا دفع ذلك إن تلقينا إذنا من حضرة » روزبه«و » اخلاص أغز«كان الذي حيمله على ذلك تفرد

. الوزارةينبغي أال يعدل عن ما : فقاال. فرضي الصاحب بعزل اخلاص وروزبه واعتقاهلما، ووكل ذلك التنكيل لپروانه وأمري العدل

ندعومها إىل قصر الصاحب للعيادة، ونقيدمها يف اخللوة، ونبعث هبما إىل حيث يأمر نراه صوابا، إذ البد لنا أن . فرضي الصاحب بذلك كله. الصاحب

... _________

.1، هامش 61بياض يف األصل، وهذه زيادة يقتضيها السياق، راجع فيما سبق، ص ) 1(

)1/305 (

وروزبه يف قصر الصاحب ذكر احتيال پروانه وأمري العدل واغتيال اخلاص أغز

» -آبكرم«و » آقشهر«وأمري العدل من عند الصاحب، شرعا يف دعوة قادة السفلة يف » أبو بكر پروانه«حني انصرف وكانوا على الدوام يزحفون هاربني يف شقوق ما للحدائق من أسوار، خشية قادة الشرطة باملدينتني، فأمناهم بالقسم

إلقطاعات والتشريفات، وأخذاهم فأخفياهم بالليل يف غرف اخلدم اليت كانت حتيط بساحة قصر املغلظ، بل وعداهم باالصاحب، بطريقة مل يطلع عليها خملوق، وجرى االتفاق على أنه مىت جاء األمريان خلدمة الصاحب، وحتققت اخللوة،

. من، ويقضون على األمريين، فيثب السفلة األجناس خارجني من املكا)1(» قوزى«بكلمة » نصرت«نطق فلما اكتمل ذلك التدليس والتلبيس، كان الصاحب قد متارض قبل ذلك ببضعة أيام، واستلقى على الفراش، وذات يوم

منذ بضعة أيام والوزير مالزم للفراش، ويشتد : ، وقال له/» اخلاص أغز«إىل خدمة » نصرت«يف الصباح الباكر ذهب قد اهتم األكابر بالسؤال عنه وعيادته، فلو أنك تفضلت بتكبد شئ من املشقة يف الذهاب إليه به املرض كل يوم، و

. عليك، وهو ماال خيلو من فائدة) 2(اليوم، فلعله إن كان عنده أمر أو وصية فيعرضها الرزق على أساس رأيت الليلة أحالما ساءتين، فأنا بسببها متوتر مضطرب، كما أن حساب : »اخلاص أغز«قال

ولكن لنرجئ . التنجيم واألحالم أمر مذموم

_________

. اسم إبريقه» قورى«يعين : قورى نام ابريق او بود: 554ع . كذا يف األصل، ويف أ) 1(

.تعرضها أنت: عرض داريد: ، ويف األصل554ع . كذا يف أ) 2(

)1/306 (

كل تعلة، ومحله على أن » نصرت«فدفع ) 1] (رغم دورة الفلك اجلائرب[العيادة إىل الغد، ولنرفع اليوم كؤوس الشراب . فيستدعيه إليه، وانطلق كالمها باحلواشي واحلشم» أسد الدين روزبه«يرسل إىل

ودخل احلجرات، وزاد السفاكني ترغيبا، وشجعهم، ) 2] (مقدمهما[زاعما أنه سيعلن عن » نصرت«فلما اقرتبا استبق . الباب مرحبامث عاد ووقف على

. عند دخوهلما على الصاحب) 3(وخبداعه مل يسمح لكل واحد منهما إال أن حيمل معه جرموقا

فلما دخل األمريان كالمها، أحكم نصرت إغالق الباب، وانطلق أمامهما إىل خدمة الصاحب يف احلمام، فلما دخال ، »قوزي«بكلمة وفقا لالتفاق املسبق- » -نصرت«، وهنا نطق شرعا بعد السالم والتحية يف السؤال وإبداء التعاطف

اخلاص «الصاحب باحلربة والسيف البتار، وأخذوا يف ضرب . فوثبوا مجيعا من املكامن واملخابئ إىل الباب، ووقفوا أماموءة، وال ينتظر صدوره يا موالي الصاحب، هذا الصنيع ليس من باب الوفاء واملر: وكان أغز يصيح. وأمري اجلامدار» أغز

. منكم، وكان كلما صاح تلقى املزيد من الضرباتفصلوا الرأس عن اجلسد، وعلقومها من فوق اجلوسق اخلشيب الذي كان قد مت / فلما أراقوا دم هذين الكبريين اللبيبني

، وتسللوا إىل األركان اخلربة، وانطفأ كل ، فلما رأى املتعلقون هبما واحلشم ذلك، فروا»السلطان«تركيبه للزينة على بوابة ما كان ألغز وروزبه من صولة وصالبة وسهم

_________. ، وال معىن له)أي إىل اخلادم(خبادم، : ، ويف األصل554ع، . كذا يف أ) 1(

. 555ع . إضافة من أ) 2( .2هامش 137انظر فيما سبق ص ) 3(

)1/307 (

) بيت(احمت كلمة وجودهم من صحائف الزمان، يف أقل من ساعة واحدة، و) 1(حسم كذاك لكل سائلة قرار ... فكانت لوعة مث استقرت

غالما رومي األصل، غري أنه كان ذا فضل وافر وعبارة باهرة وخط كسمط اجلواهر، إن » مشس الدين اخلاص أغز«كان

قد أنشأ رسالة يف مناظرة الصبح واخلمر، . خبيال] الطائي [فاض عطاؤه ما كان يقيم للسحاب وزنا، بل كان يعد حامت . والفصل] الرسالة[وميكن االستدالل على فضله بتلك

. أما روزبه، فمع أنه مل يكن متأدبا، إال أنه كان فريدا يف كفاءته وخربته وعفته وديانتهوركب الصاحب، وأجلس السلطان، أطلق السفلة واألوباش على دورهم، وأسلمها لريح الغارة؛» نصرت«أجل؛ مث إن

وطاف حول اخلندق باملظلة والراية، ونزل الديوان، وأرسل الناس يف طلب أقارب القتيلني ومن يتعلقون هبما، فحبس . وعند صالة العشاء مل يبق ىف دورهم وديارهم ديار. بعضهم مث قتل، بينما أمر الصاحب بإطالق بعضهم

... _________

.555ع، . أقارن ) 1(

)1/308 (

، وسبب تبدل العداء بالصداقة »لشرف الدين حممود األرزجناين«ذكر استدعاء الصاحب

على » -وعظ بغريه/ اللبيب من«: مبقتضى النصيحة القائلة من تلك املكيدة-» الصاحب مشس الدين«حني وقف مل تكن له صلة قرابة بأحد ال بزوجة أو ابن أو ، وألن الصاحب »نصرت اجملنون«و » أيب بكر پروانه«خبث عقيدة

. »قونية«قريب، فقد جعله ذلك كله يشعر خبوف دائم من غدرمها ومكرمها يف مرآة فكره مبصقل جتربته- ، وأخذ يبحث معه عن وسيلة ينري هبا-»لشمس الدين بابا الطغرائي«وذات يوم أسر باألمر

بإرسال أمر من جناب الوزارة الستدعاء إن شاء- فليأمر الصاحب األعظم-: »الطغرائي«أجاب . اليت أصاهبا الصدأكما يستصدر بامسه منشورا بتويل منصب ملك أمراء الروم، ويبعث بذلك قائدة قوة أرزجنان- » -شرف الدين حممود«

عند ذاك الشكوى من وحني يتم حضوره إىل األعتاب، وتتواىل أنواع االصطناع من حضرة الوزير، يتعني . كله إليهوأمري العدل، أحيانا بالتعريض وأحيانا أخرى بالكناية، ويرتقب الصاحب ماذا يكون جوابه يف هذا الصدد، فإن » پروانه«

وقع اجلواب مطابقا ملصلحة مماليك الصاحب وإرادهتم، فيجوز عندئذ مصارحته باألمر، وهبذه الوسيلة ميكن العثور على . قهخمرج وخملص عن طري

فبدا هذا الرأي موافقا للصاحب، ويف احلال كتب أمرا متضمنا األلطاف متجاوزا األوصاف، وأرسله إليه خفية على يد رسالة الصاحب حىت التمعت أسارير مسرته، ووىل وجهه جبمع] شرف الدين[وما إن طالع . »سابق أوالقجي«

)1/309 (

. كبري وجند كثريين صوب خدمة العاهلمسع الصاحب وسائر األركان خرب قدومه، رأوا من الواجب املبادرة باستقباله، وجعله الصاحب بأصناف األلطاف وحني

. إلحسانه ومملوكا مذعانا له) 1(سغبا

أن يتحرك / إن من رأينا: فلما مضت مدة على هذا احلال، جرى على لسان الصاحب ذات يوم يف أثناء التنزة قوله، و پروانه وأمري العدل ال يرضيان بذلك، وال يريدان مفارقة مدينتهما ومواطنيهما »سيواس«إىل موكب السلطنة

. وذلك أمر يستوجب انفعال اخلاطر انفعاال تاما مبؤامرهتما اليت أهلكا هبا األمريين). 2] (ومعظمهم أقارهبم وأتباعهم[ السر والعالنية شاهد على أن رضائي مل يكن مقرونا بإراقة فلم تعد يل ثقة بأفعال هذه اجلماعة وأقواهلا وباطنها، وعامل

، وظللت حمروما من )4(» كالشعرة البيضاء يف اللمة السوداء«هذين الشهيدين، ألنين كنت قد وقعت بينهم ) 3(دم واستسلمت لسوء إسعاد اجملري وإجناد املشري، ولقد غلت مراجل فتنهم وإحنهم، وما تابعت مرادهم، إاللفرط االضطرار،

الذكر يف الدارين، وحرمت من مصاحبة األمراء الذين كانوا قد نشأوا ومنوا منذ عهد الطفولة يف حجر تربيتنا، وكانوا يرون . الدنيا بعيوننا حنن، وما ذلك إال بسبب خبث هذين املشؤومني ووشايتهما

أخذت ويف أثناء الكالم جرت قطرات العربات على وجنتيه الكرميتني، ف _________

. اجلوع: سغبة، كلمة عربية، والسغب: يف األصل) 1(. 559ع . إضافة من أ) 2(

. 560ع، . قارن أ. خينت خوان، وال معىن له: رخينت خون، ويف األصل) 3( .كذا يف األصل بالعربية) 4(

)1/310 (

: رقة لسالمة نفس الصاحب وصدق نفسه، وأجاب قائال» شرف الدين«األمري فمن ذا الذي جيرؤ » سيواس«و » قيصرية«إذا كان الصاحب األعظم قد حزم أمره على أن ينطلق موكب السلطنة إىل

ولئن كان موالي قد ظل متوقفا يف املسري إىل اآلن، فما ذلك إال . على أن يضع يد الرد على صدر مراد مماليك حضرتهبالعروة الوثقى لسرج الصاحب األعظم املبارك، وتشبثت هبا، فإن أما بعد أن أمسكت يد االعتصام مين . بسبب غيبيت

. كل ما يأمر به ويراه يشمر هذا اململوك عن ساعد اجلد لتنفيذه وحتقيقه بالقلب والروحبتلك ) 1(مث أعلن أمرا بالطغراء / سكن قلبه اجلامح وهدأ» شرف الدين«وحني مسع الصاحب هذه الكلمات من

. حني تصل إىل الشرف يظهر وبال اخلصم منقلبا) 2(ال شك أن الشمس : وقال. متكنه القضية، وزاد

شرف «قال . وذات يوم حني تصادف أن خال الثالثة ببعض تشاوروا يف كيفية البدء يف إبادة هذين الشريرين اخلبيثني

وفقا لقرار ن كل مهتنا منصرفة-إ: قال الصاحب. لن يتحقق ذلك ما دام كالمها موجودا يف هذه املدينة: »الدين، ولقد كنا قبل هذا قد )3] (اخلان األعظم[إىل خدمة » ركن الدين«إىل تسيري امللك » -غياث الدين«السلطان

أمري العدل مالزما له يف خدمة ركابه، ومىت وقعت الفرقة بينهما على هذه » نصرت«تصدينا لتلك املهمة فلنجعل . نعم الرأي: فقال اإلثنان. جه ما نسعى إليهالصورة، فرمبا يلوح و

: ويف اليوم التايل حضروا إىل الديوان، فساق الصاحب الكالم إىل أن قال _________

.1هامش 1انظر فيما سبق ص ) 1(. تنمس وهو تصحيف: يف األصل) 2(

.561ع، . زيادة يقتضيها السياق، ال وجود هلا باألصل، ومكا�ا بياض أيضا يف أ) 3(

)1/311 (

وكل من . بأسرع ما ميكن، حىت ال تتلف املهمات اليت جرى إعدادها منذ مدة طويلة» ركن الدين«يتعني إيفاد امللك

قال . كل من يشري إليه الصاحب ينهض هبذه املهمة: قال. يقع اختياركم عليه من بني احلاضرين يسري يف خدمتهليس هناك من يفضله، : قال پروانه). 1] (املهمة الدقيقة أفضل من أمري العدلال أحد يليق مبالبسة هذه : [الطغرائي

. ومن مث ألزم أمري العدل والتزمأمرا » سيواس«فلما أصبح وصوهلم إىل . »سيواس«حنو نافذ األمر- وبعد بضعة أيام انطلق يف خدمة امللك ركن الدين-

طريق أثناء التنزه يف خدمة السلطان يف أحد األيام- » -الطغرائي«و » وشرف الدين«معلوما، سلك الصاحب فلما . لكي يؤمن البيوتات واخلزائن، مث حيملها ويلحق حبضرة السلطنة بسرعة» قراطاي«وأرسلوا رسوال إىل . »آقسرا«

ودون ملاذا تغادرون فجأة على هذا النحو دون سبب واضح، :/ هذا األمر أصابه الذهول وصرخ قائال» پروانه«رأى ، )2] (وتصور أن يكيدوا له كيدا يف الطريق ويتآمرون عليه[» اخلائن خائف«مشورة؟ وغلبته األوهام حبكم املثل القائل

. فطلب اإلذن بالعودة، وأعد عدة السفر لكي يعود أدراجهوالشباب، واستغاث هبم، ) 3(» األخيان«فلما جاء إىل املدينة دعى إليه

_________. ، وعبارة األصل فيها من التصرف ما خيرجها عن تتابع السياق562ع، . بارة أهذه ع) 1(

. 562ع، . إضافة من أ) 2(

وقد مجعها ابن بطوطة يف » الفتيان«وهو الشخص الذى يندرج يف سلك . اخيان، مفردها أخي: كذا يف األصل) 3(

وهم جبميع بالد الرتكمانية الرومية . املتكلم إىل نفسهواحد األخية أخي على لفظ األخ إذا أضافة «: أخية، وقال: رحلته

).181رحلة ابن بطوطة، طبع مصر، ص (» إخل.. يف كل بلد ومدينة وقرية

)1/312 (

. »غياث الدين«بوصية السلطان » عز الدين«إن الصاحب حاكم امللك وكافل مصاحل السلطان : فأجابوا قائلنيبسبب ما ) 1(ولن نستطيع أن نعلن العصيان للسلطان ونظهر كفران النعمة . يدهيف وهو مالك امللك- والسلطان-

واألعيان » األخيان«، فخف »قونية«لقيادة قوة » مشس الدين يوتاش«ويف تلك األثناء أرسل . أثري بينكما من غبار. مجيعا الستقباله

، فلم يسمع كالمه، وأعرض عنه كل »سيس« كساد سوقه، حاول أن حيمل ابنه على التوجه إىل» پروانه«فلما عاين

كان قد سد كل الطرق، وأقام » يوتاش«عن ملجأ يف املزارع، ألن نادمني سادمني- فأخذ هو وابنه يبحثان-. ذويه. عليها احلراس

ين أمر بأن ينال أمري العدل جزاء خبثه ومكائده فهو الذي فكر يف إهالك األمري» سيواس«وحني وصل الصاحب إىل وكان موصوفا بالصرامة- ، مث أوفد من قبله أحد كفاة الديوان-»هاويك«الشهيدين، وأرسله خمذوال مكبال إىل قلعة

بپروانه وابنه، وأرسله إىل قلعة لكفاءته- أمسك-» برزك«فلما بلغها من ناحية . وابنه يف قونية» پروانه«لتدارك أمر فانطفأت هبذه الوسيلة مجرات الفنت من عراض البالد، وقضيت املهمات وفق . »كاخته«بينما محل ابنه إىل . »دارنده«

ركن «سويا كاملاء والراح، وصرف امللك » شرف الدين«، واتفق الصاحب و ] /أنصار الصاحب[مقتضى خواطر و » دين اخلتينكمال ال«وجعل يف خدمته القاضي . وفق العادة والسنة امللكية) 2] (اخلان األعظم[إىل خدمة » الدين

. »هباء الدين يوسف بن نوح األرزجناين«و وكان يف ذلك الوقت مشرف املمالك- » -عز الدين حممد شاه«. قد انتهت إىل عداء وجمافاة، وتبدل األنس بالوحشة» وشرف الدين«غري أن احملبة واملصافاة بني الصاحب

_________. 563ع، . قارن أ) 1(

.564ع . بياض يف أسقط من األصل، و) 2(

)1/313 (

ذكر التوتر الذى وقع بني الصاحب اإلصفهاين وشرف الدين األرزجناين عن تزويج الصاحب بوالدة رغبة يف ترويج سوقهم- من أهل الفضول تكلموا-) 1(كان السبب يف ذلك أن املتعاقلني

فكر إىل حيز العمل، فتمت مراسم النكاح ونثر السكر بنقل األمر من جمرد ال يف التو واللحظة- وسارعوا-. السلطان

وبقية أمراء الروم من هذا األمر، وملعت آثار » شرف الدين«فأنف . أدىن علم بذلك» لشرف الدين«دون أن يكون أسباب العتاب مع الصاحب يف ذلك الباب وعد املؤاخذة» شرف الدين«وفتل . تلك األنفة على جباه احلمية عندهم

. ومل يشأ أن يقبل أيا من األعذار اليت كان يبديها الصاحب. عن ذلك أمرا الزماوكان واحلالة » -أخالط«قد غضب على حفيد ملك » شرف الدين«إىل أن تناهى إىل مسع الصاحب ذات يوم أن

لك املقال، ووجه لشرف فبدا االنفعال على الصاحب بذ. وأنه أجرى عليه حكم اإلعدام هذه منخرطا يف زمرة أمرائه-وأنه إمنا «الدين توبيخا كامال على أنه بادر هبدم وجود إنسان، وما هو إال بنيان اهللا، سيما وأنه ابن ملك من امللوك

. »وإن الرضا بذلك إمنا يبعد عن الديانة واملروءة. أصبح خادما لك بسبب ما جرى عليه من جور دورة الفلك، وحرصا من »أرزجنان«وذات يوم بينما هو يف أثناء التنزة سلك بدوره طريق . من ذلك خيفة» شرف الدين«فتوجس

فلما . »شرف الدين«إىل » نظام الدين أستاد الدار«مع » تاج الدين سيمجوري«الصاحب على أال يتفاقم العداء أوفد بإجابات يعدها ذوو العقول من لفرط تنمره- » -شرف الدين«حلقا به أجاب

___ ______ .أرى من نفسه ذلك وليس به: كذا يف األصل، متعاقالن، كلمة عربية، وتعاقل) 1(

)1/314 (

» سيواس«قاضي » جنم الدين«جممل القول أنه مت االتفاق معه يف حضور ). 1(باب خرافات أرباب السفاهة واحلماقة » نكيسار«و » أرزجنان«اص إضافة إىل قيادته جلند وغريهم من األكابر على أن يتلقى ثالمثائة ألف درهم من أموال اخل

)2 .(وتعاهدوا مجيعا على ذلك كله، وحطموا قارورة . وذلك لكي يقيم على حدود البالد ويراقب الصادرات والواردات

قد سلك طريق » شرف الدين«لكنهم ما إن رجعوا حىت كان . مث ولوا وجوههم شطر أعتاب السلطان. اخلالف. »نكيسار«والتمرد، وحشد اجلند، وجاء إىل العصيان

من » خروقي«جبيش كبري حملاربته، فأحلق به اهلزمية يف » مشس الدين يوتاش«أرسل ] للعهد[فلما علم الصاحب بنقضه ومتكنوا باملكر واخلداع. ، وحتصن هبا فأرسل الصاحب كل قادة اجلند حملاصرته»كماخ«أعمال نكيسار، ففر إىل قلعة

ما كان من اتفاق كلمة األمة، أرسل » لشرف الدين«فلما أصبح معلوما . من أن جيعلوا أهل القلعة يتوجسون خيفة منهرسالة إىل األمراء الذين جاءوا يف طلبه، وطلب األمان، ووسطهم لكي يلتمسوا األمان حلياته من الصاحب، الذي كتبوا

صحيفة املتلمس جوابا لذلك امللتمس، فغره ذلك، ونزل من القلعة وسار مع فأصدر الصاحب . إليه كتابا هبذا املعىن

. األمراء

يفصلوا رأس شرف الدين عن «حلق هبم رسول مسرع من قبل الصاحب، وطلب منهم أن » چپنوق«وصلوا إىل / فلما

. »جسده، مث يرسلوا هبا إليناوفصل رأسه عن جسده، ووضعه يف كيس، وعلقه يف مسمار فسلمه األمراء إىل الرسول فقتله وأبلغه درجة الشهادة،

. »چپنوق«مبنزل كان قد نزل به بقرية _________

. 566ع، . قارن أ) 1( .567 -566أيضا، ) 2(

)1/315 (

، فعلق بنفس »سيواس«، فأرسلت رأسه إىل »قونية«وبعد مدة تصادف أن قتل الصاحب فبلغ درجة الشهادة يف . البيتاملسمار بذلك

ا فرغ بال الصاحب من تشويش وابنه يف » دارنده«يف قلعة » پروانه«أرسل أمرا بأن يتم خنق » شرف الدين«أجل؛ ومل

. فأصبح الصاحب منذ ذلك احلني مرفه البال كلية من اخلصوم. بوتر القوس» كاخته«

***

)1/316 (

ذكر استقالل الصاحب مشس الدين يف مسند اجلالل التقت مواكب هيبة الصاحب يف مدارج التوفيق بالسعادات السماوية، وأمسك بالبالد بكف ضبطه وتدبريه، عمد حني

. إىل تقسيم أوقاته وتوزيعها، وترتيب لذاته اجلسمانية والروحانية

تناوب فيتمون جزءا من ، مث يبدأ احلفاظ يف القراءة بال)1(كان إذا حل الثلث األخري من الليل جلس على مسند الوزارة قد قامت الصالة، أداها األصاغر : فإذا ما أذن املؤذن. األجزاء الثالثني بأحلان تنعش األرواح وأصوات تزيل الغم واحلزن

فإذا ما أداها حق أدائها على سبيل الوجوب كان قابض الديوان يأيت إليه باملنشورات واألوامر . واألكابر يف القصر مجاعة. مث يأذن لألمراء بالدخول للسالم. كانت قد كتبت باألمس، فيطالعها ويصلحها مث يوقعها اليت

ويضع من مث القلنسوة على رأسه، ويلبس أحيانا عباءة صوفية خميطة الذهب قد بثت على أرجائها حبات من نفائس شرع يف التنزه، ومىت عاد مد اخلوان السلطاين، مث أقيم وي/ مث يركب) 2(األثواب العتابية والقطنية والنسيج، فيتلفع هبا

فيجلس املرتمجون واملنشئون عن اليسار واليمني، كل على قدر مرتبته، . ديوان على أفضل ما يكون من األهبة واجلالل

يد يف على ركبتيهما من بع» مشس الدين بابا«و » قراطاي«ويتكئ الصاحب وحده يف ركن من أركان العرش، وجيلس

خدمته، ويقف أمري السيف الذهيب على الصفة وقد علق _________

. 570ع . قارن أ) 1( .وأحيانا يضع على رأسه فضية خميطة بالذهب: ، وعبارة األصل572ع، . هذه عبارة أ) 2(

)1/317 (

). 1] (املظلومني[سيفه يف محائله، فيفصلون يف دعاوى وينال الصاحب قسطا . ديوان إىل مقر إقامته ميد اخلوان السلطاين، مث ينتشرون بعد رفعهوحني يهم الصاحب مبغادرة ال

، ويبحثان سويا يف أنواع العلوم، ويؤدون »تاج الدين التربيزي«من الراحة مث يعود متبخرتا إىل الصفة، فيطلب موالنا . فيأخذون يف جتويد اخلط حىت صالة العصر، »ويل الدين اخلطاط التربيزي«صالة الظهر يف مجاعة، مث يدخل

وبعد أن يصلي العشاء . وبعد صالة العصر كان ميضي إىل امليدان، حيث يتنزه حىت تصفر الشمس، مث يعود إىل بيتهبالفارسية، الذين أتوا لالنتجاع من خمتلف البقاع- ينعقد احملفل، وينشغلون حىت منتصف الليل بسماع قصائد الفضالء-

. وجيري البحث يف أنواع العلوم سيما التواريخ. عربية، واخلطب، والرسائلوال. عاش على هذه الوترية سنتني وفجأة فرقت عني األيام الالمة سلك تلك الراحة وبددهتا

يزعم و» عالء الدين«، وأنه ينتسب إىل السلطان »األوج«قد خرج يف ناحية » تركي أمحد«وجاء اخلرب بأن رجال يدعي أنه ابنه، فدفع الصاحب باجملندة وقادة اجلند لدفع ذلك اخلارجي، فلما التحم اجليشان، وحتقق لدى األمراء ما يتمتع به

اخلارجي من قوة وشوكة، عمدوا إىل إيقاف القتال تعلال ومماطلة، وأرسلوا رسوال مسرعا إىل الصاحب طالبني املدد، وكان قد سبق للصاحب أن رفع . أمري العدل» خطري الدين«قة يف صحبة فأرسل الصاحب املفاردة واملرتز

_________ .572ع، . إضافة من أ) 1(

)1/318 (

وفقا للحكم ، فخال بذلك قصره-)1(أمري العارض » أيب بكر اجلويين«اخلزائن واألموال للبالط اخلاين يف صحبة . من احلماة واحلراس السماوي-

وأن . ، وأنه منحه السلطنة]اخلان األعظم[قد عاد من خدمة » ركن الدين«وصل اخلرب بأن امللك ويف هذا الوقت نفسه

. األمراء املالزمني ملوكبه قد خامرهتم فكرة التآمر على الصاحب، وأن أحكاما صدرت بالنفاذ يف هذا الصدد

سيلحقان ) 2] (دة السلطان غياث الدينغالم وال[» فخر الدين سيواستوس«و ] اخلازن[» صارم الدين الپسارو«وأن . هبم ومعهما مرسوم بالقبض على الصاحب

حىت ولو وصل مثل هذا احلكم فإننا نعد سيدنا الصاحب : وأرسل جالل الدين قراطاي وابن الطوسي إىل الصاحب إىل الديوان بغالم أو غالمني ، ويأيت)3(إال أنه ينبغي عليه أن يتفضل من اآلن فصاعدا برتك التبوش . حاكما وقدوة لنا

). 5(» سرموزه دار«واآلخر ) 4(» دواتدار«أحدمها ففر االطمئنان من قلب الصاحب وزايله اهلدوء بسبب تلك الرسالة، وأيقن يف قرارة نفسه أن احلساد واألضداد يسعون

وأرسل . م على الباب والسور، ونصب بضعة غلمان كان ميتلكه»صاين خان«فلبس تشريفة . للقبض عليه وإهالكه _________

. 584ع، . قارن أ) 1(. ع، أيضا. إضافة من أ) 2(

. بواشى، كلمة عربية، والتبوش يعين اإلكثار من االختالط بالناس: 584ع . حواشى، ويف أ: يف األصل) 3(. كذا يف األصل دواتدار، ومعناه حامل الدواة، منشئ، كاتب) 4(

برهان . (وهو من يلبس اجلرموق ويسمح له بأن حيمل خنجرا فوق رقبة حذائه: موزه دارسر: كذا يف األصل) 5( .2هامش 137، وانظر أيضا فيما سبق ص )قاطع

)1/319 (

بكل طريقة خفية إىل الصاحب بأن يلقي بنفسه- وكان من ثقاة النواب عنده- » -تاج الدين سيمجوري» «قراطاي«. »األوج«ن هناك يلحق جبيشه الذي كان قد أرسل به إىل إىل إحدى املزارع، وم ممكنة-

. فتصور الصاحب تلك النصيحة مشوبة بالغرض واحليلة، ومل يربح البيت/ بأن يقتحموا بيت الصاحب ومعهم السالح وكتيبة من » قونية«) 1(إخوان » ولد الطوسي«ويف اليوم التايل أمر و

. يالزموا الصاحب وحيضروه برسم التوكيل املفاردة وغلمان احلرس السلطاين، وأنفلما وصل الرسل من قبل اخلان األعظم، وأتوا باألوامر اخلاصة بقيد الصاحب وقتله، استدعي الصاحب للذهاب إىل

فلما وصل إىل باب القصر أمر . فأىب، وانتهى به األمر إىل الركوب مضطرا) 2] (ليسمع حكم اخلان[قصر السلطنة سيف «فلما وصل إىل الدهليز ألزمه . سلسلة كانت مغلقة لتعرتض الداخلني خبيوهلم، فرفضوا فحىن ظهره ومر بفتح

ا دخل أرسل ] أمري العدل يف تلك األيام[» الدين قيبهولد «بدخول البيت الذي كان على الناحية اليسرى، ومل

. قصر السلطنة الكتاب واحلساب إىل قصره، لنقل كل ما كان له إىل» الطوسي

إىل أين حنن : وكان قد سأل أمري دار العدل يف الطريق. ويف تلك الليلة نفسها أعدموا الصاحب يف القلعة بدار املخازن

فوضع الصاحب قلبه على . إىل حيث أرسل الصاحب اآلخرين، وحيث سريسلنا حنن مستقبال: ذاهبون؟ أجاب _________

على خالف عادته انظر فيما سبق ص » أخي«ع اختاره املؤلف هذه املرة لكلمة إخوان، وهو جم: كذا يف األصل) 1(. 3هامش 312

.585ع . إضافة من أ) 2(

)1/320 (

املوت وقدمه يف الطريق، وخال يف تلك الدار للتبتل واالنقطاع، وأخذ يستدرك ما فات من العبادات والدعوات،

) شعر: (لك األيام، وأنشأ األبيات التالية يف ت)1(وهيهات نظرت بكليتها حنو املريخ فوجدته يف الرتبيع ... حني عربت الشمس من أحد نصفي برج السرطان، -

مث ارحتل حنو زحل رغبة يف االنتقام ) ... 2(أرسل الثور متاعه إىل األسد -فتسامر القمر مبا حدث مع األفالك . ... صار املريخ مطوقا حبلقة يف العقرب/ -

. فمرت على النار احملرقة كالسهم... وألقى املشرتي بنظرة قاسية على الزهرة، -وأثر اإلدبار يف رأسي بتلك احلركة املنعكسة ... زايل التفاؤل عقلي من تلك الرؤية املضطربة، -

بوسع سيارات الفلك أن ختاطر على هذا النحو ... مل جيل أبدا خباطري أن يكون -وهو أمر ال ميكن دفعه بسيف أو بدرع ... لقضاء انتكست السعادة، لكن حني حم ا -

_________. 586ع . قارن أ) 1(

.586ع، . باروبنه ثور، انظر أ: يف األصل تازوبنه نور، وهو حتريف) 2(

)1/321 (

منه احلذر بالتدبري- كيف يتسىن -... كل سهم انطلق من قبضة القدر، -

. صنع يف أقل مدة- وأي شر-... ه، أي فنت أثار ظلما انظر عدل الفلك وإنصاف -. على كبدي ليسد رمقه من القوت... أسلم متاعي للغارة، وأحال قليب -

وجعل وجنيت كأسني من الذهب ... من عيين، تفننا- أسال عروق الياقوت- -

أثقل قيد وما تبقى من البدن أحكمه ب... هذان خلخاالن بقدمي مها نتاج لسعيه -

وإىل مىت تطعن على هذه الشمس وهذا القمر؟ ... تنبه أيها القلب احلائر، ما بكاؤك من الفلك؟ -اليت حني جاوزت احلد أثر فيك الذنب، ... / ما كانت إال غفلتك أنت، والسيئات الكثرية -

. ه للقدرإمنا كان أمر اهللا، أحال... وما يصنع الفلك؟ ومن النجم؟ وما الشمس؟ - .صوب على أهل الفضل مائة سهم من العناء... حني أخرج الفلك من أذى البالء صنفا آخر، -

)1/322 (

الذي كان مستودع اللطائف بأن يعذبوه ثالثة أيام، ويف اليوم الرابع فصلوا رأسه-) 1(مث إ�م مسحوا ألقارب املقتولني . سكان القدسفاتصلت روحه الطاهرة ب ) -2(السبحانية

» كطرنطاي«حل اخلراب واخلسران بأمراء الروم القدماء » سيواس«يف » ركن الدين«فلما محل الرسل رأسه إىل السلطان ، الذين كانوا قد أجابوا دعوة »بيجار«و » شجاع الدين ابن القزويين«و » تركري«، و »سراج الدين ابن جبه«و

. الصاحبمضمو�ا أن اخلان قد تفضل » عز الدين«عند السلطان » قونية«برسالة إىل ) 3(ين وبعث القاضي مجال الدين اخلت

علينا بسلطنة البالد، وأنه أرسل يف ذلك الباب أمرا امرباطوريا ناطقا، كما سري معنا ألفي فارس مغويل لتأديب » مجال الدين«فلما بلغ القاضي ]. نارسول[سلطانا، فعليكم مبقابلة » ركن الدين«املعارضني، فإن انقدمت للحكم وعددمت

، وكان رجال أهال للمهمة سهل األمر، فسمعوا األمر اخلاين الذي أتى به معه، وقرروا له قضاء قونية، وعينوا »قونية«. نائبا له، وأصبح ملكه نافذا يف املمالك كلها

_________. سد الدين روزبه، وغريمهايعين من أمر الصاحب بقتلهم، كشمس الدين خاص أغز، وأ) 1(

. مسيحياىن: ، ويف األصل587ع . كذا يف أ) 2(من فحول أئمة تركستان، كان حيظى بالتكرمي واالحرتام يف دولة السلطنة، وقد حتمل أسفارا شاقة يف خدمة «) 3(

ع . أ(» إخل... قرابة السلطان ركن الدين، وكان له سند من جانب عماد الدين اخلتين وزير اخلان، ملا كان بينهما من 588.(

)1/323 (

، وأن تكون السكة »عز الدين«األصغر على / » ركن الدين«وأمجعوا على أن يكون اإلخوة الثالثة سالطني، وأال يقدم

. وكذلك اخلطبة باسم الثالثة مجعياوسائر األمراء ال يعرتفون بركن » قراطاي«وقال إن ) 1] (من خدمة السلطان عز الدين[وحني رجع القاضي مجال الدين

الدين سلطانا، وأن رأيهم قد اجتمع على أن يكون اإلخوة الثالثة سالطني وجيلسون على عرش واحد، وأن يردوا املغول .»قيصرية«على تسريح املغول، وردوا قواهتم ردا مجيال، مث عزموا على التوجه إىل » ركن الدين«الذين أتوا هبم، وافق أمراء

نظام «الوزارة لدى ) 2] (دواة[فقد بادروا إىل عزله، ووضعوا » هباء الدين األرزجناين«وأل�م كانوا قد سئموا حتكمات . »لرتكري» «سيواس«و » لطرمطاي» «ملطية«، و »لولد جبه«) 3(» إمارة األمراء«، وأعطوا »الدين خورشيد

الذي أصبح فيما بعد » -القاضي عز الدين الرازي«مرا بعزل ، وأرسلوا أ»قيصرية«مث إ�م جاءوا حبشد كبري إىل . ذلك األمر، وبعث به إىل بيته» جالل الدين«، فامتثل األمري »اإلصبهاين الوزير«

، ومل يرضخوا ألن »القاضي اخلتين«بآقسرا، رجع األمراء عما كانوا قد اتفقوا عليه مع » ركن الدين«فلما حلق السلطان كان قد » كاروانسراي سلطان«فلما وصلوا إىل . يف خدمة ركاب السلطنة» قونية«ة شركة، وحتركوا من تكون السلطن

حتصل هلم عشرة آالف رجل، ومنا ذلك إىل علم أمراء ركن الدين، _________

. 589ع . إضافة من أ) 1(. 590أيضا، ) 2(

.بكلربكى؛ كلمة تركية تعين أمري األمراء: يف األصل) 3(

)1/324 (

). 1(» خان السلطان قلج ارسالن«فانطلقوا بسبب النخوة والغرور، حىت بلغوا ). 2] (وكانوا يستحقرون السلطان عز الدين وجنده وأمراءه[

أرسالن «ويف صباح ذات يوم ركب جند السلطانني، وغرقوا حىت آذا�م يف السالح، كان أمري املقدمة من هذا اجلانب

فلما اقرتب . »تركري«و » طرنطاي«الدين / ، ومن جانب ركن»نور الدين يعقوب«اجلاندارية بينما كان أمري» دغمش. ، وشرعوا ينتظرون أن يرتدد الرسل بني األخوين، ويقرران الصلح)3] (متقابلة[اجليشان، اصطفوا صفوفا

ما رآهم بقية جند هجوما، فدفعتهم العساكر العز دينية، فل» طرمطاي«وفجأة شن بضعة جنود من عساكر وكان يف املسرية- » -تركري«ومحل . وحيدا، فال جرم أن ألقي القبض عليه» طرمطاي«ولوا األدبار، وبقي » طرمطاى«

» أرسالن دغمش«وما إن وقع نظر . باملظلة والراية على مرتفع» ركن الدين«فصعد السلطان . فقبض عليه هو اآلخر

. رتفع، فالتقى بالقاضي اخلتين، فأمر بقتله وإبالغه درجة الشهادة، مث مضىعليه حىت انطلق حبصانه صوب ذلك امل

وحني وصل إىل خدمة السلطان، نزل وقبل األرض، وحبكم أنه كان أمري االصطبل أمسك بعنان السلطان وسار به بني

. »عز الدين«اجلند إىل السلطان ما التقيا احتضنه السلطان وبكى بكاء حارا لفرط رقته، وأمسك وسائر األمراء باستقباله، فل» قراطاي«فقام السلطان و

بيده وانطلق بأخيه ومها يتحدثان إىل اخليمة امللكية، وأحضر اخلوان، وضربوا عن املاضي صفحا، ومل يقتلوا _________

. 591ع . بياض يف األصل، والتصحيح من أ) 1(. ع، أيضا. إضافة من أ) 2(

.592أيضا، ) 3(

)1/325 (

، ويف »كاروانسراي سلطان«وقبضوا على األمراء اجملرمني يف . أحدا من اجلند، وإمنا كانوا جيردو�م من السالح والعتاد

. »قونية«اليوم التايل توجهوا إىل ***

)1/326 (

ذكر األمري جالل الدين قراطاي وأيام نفاذ حكمه سيدا وحصورا : من أصل رومي، لكنه كان متصفا بكرائم األوصافكان غالما » جالل الدين قراطاي«رغم أن األمري

كان ذا حلم تام كدين . وصيام الدهر ميتنع عن أكل اللحوم والتلذذ باملنكوح واملطعوم/ ، وكان مع قيام الليل)1(

. اإلسالم، وشفقة عامة تشمل اخلاص والعام

من جالل وزير عامل عامل، كلف وألزم بالوزارة اإلمام املعظم ، وكان مسند الوزارة عاطال »آقسرا«حني رجع من حرب املخصص له من بيت ) 2(» اجلامكية«فالتزم بالوفاء مبا طلب منه، لكن بشرط أال يزيد راتب » جنم الدين النخجواين«

رجال [وألن . ركانلألمراء وسائر األ» اجلامكية«املال عن درمهني يف اليوم الواحد، وأن يقاس عليه يف سداد رواتب فال يصح أن تتعرض أموال بيت مال املسلمني للتلف والسرف بغري [مل يعد بوسعهم مقاومة اخلصوم، ) 3] (الروم

). 4] (استحقاق، ولتوضع األموال لتهيئة أسباب اسرتضاء جيش املغول الذى أنيط به استبقاء امللك والدولة) 5(عن ساعد اجلد » جالل الدين«فشمر األمري . ن له تأثري كضرب السهامفشعر األمراء بغصة هلذا القول الذي كا

وكان وأرضاه بأربعني ألف درهم-

_________

. سندا وحضورا: ، ويف األصل593ع . كذا يف أ) 1(). برهان قاطع(» ما يعطى للمالزم واخلادم والغالم من مال كثمن عن ثوبه«: جامكي) 2(

. 595ع . إضافة من أ) 3(، وهى عبارة ال تفي باملعىن كله كما هو »حىت يكافأوا باملال«: ع، أيضا، وترمجة عبارة األصل. هذه ترمجة عبارة أ) 4(

. واضح 595ع، . انظر تفصيل ذلك يف أ. يعين للتوسط بني الوزير واألمراء الثائرين) 5(

)1/327 (

. بنصف ذلك املبلغ كل على حدة- يف سائر األمراء-، وأن يكت»مهذب الدين«أعف الوزراء وهو » جامكية«ميثل يوتاش « مبوافقة األمري جالل الدين- وابتعث-. إىل الديوان، وشرع يف متشية أمور الوزارة» جنم الدين«فحضر اإلمام

. »األوج«لدفع املعارض الذى كان قد خرج بطرف » أرسالن دغمش«و ) 1(» بكلربكى

ما يستحقه من عقاب، مث عادوا وصل مجاعة من الرسل » أيوز ملك اخلارجي«ا ب فلما وصلوا إىل األوج، وأوقعو. واالعرتاض على قتله] اإلصفهاىن[لتقصي احلقائق حول الصاحب مشس الدين » صاين خان«قادمني من خدمة

صاين «ياره للتوجه خلدمة من بالغة يف البيان وعذوبة يف القول، مت اخت» مشس الدين الطغرائي«ونظرا ملا كان يتمتع به . مع أموال وافرة لدفع االعرتاضات وجواب التساؤالت» خان

الوزارة فرتة من الوقت ورأى أن األمور ال تسري على النحو الواجب، ترك الوزارة، / » جنم الدين«وحني باشر القاضي شجاع «و » رشيد الدين اجلويين« على االرحتال، وعمد األمري» الصاحب الطغرائي«، وصمم »حلب«وانطلق صوب

وكانوا أتباع الصاحب اإلصفهاين- » -خطري الدين السجاسي«و » جنيب الدين املستويف«و » الدين رئيس البحرإىل بالط املغول وكانا قد باشرا قتل الصاحب- » -صارم الدين الپسارو«و » ببهاء الدين األرزجناين«فدفعوا

_________ .3، هامش 324 أمري األمراء، راجع فيما سبق ص وبكلربك يعين) 1(

)1/328 (

. مبقتضى األمر املغويل، وهناك انكشف أمرمها) 1(مقيدين بالدوشاخه

لنجيب الدين «، واالستيفاء »لشجاع الدين رئيس البحر«، والنيابة »لشمس الدين الطغرائي«مث إنه مت إسناد الوزارة ، وجرى احلصول على »خلطري الدين زكريا» «حرملو«، وقيادة حرس »يد الدين اجلويينلرش«وإمارة العارض » دليخاين

. أوامر مغولية بذلك ورجعوا من مث وقد حتققت مراداهتمويف نفس اليوم الذي مثلوا فيه أمام السلطان جاءوا معهم باخللعة اليت كان اخلان األعظم قد محلها هلم إىل كل من

. فألبسومها اخللعتني، وأمسعومها األوامر املغولية املتعلقة هبما، فقرنت بالقبول واإلذعان» ين قراطايجالل الد«السلطان و ، وباشر كل شخص منهم )2(» احلجوبية«إىل تقبيل األرض على منصب وكان نائبا- » -نظام الدين خورشيد«وبادر

. عملهأمراء الروم القدماء مل يشهدوا إال ما ميارسه اآلخرون من وسائر» مشس الدين يوتاش بكلربكى«ونظرا ألن ملك األمراء

حتكم، فإ�م أبدوا نفورهم من جلب األوامر املغولية بتنصيبهم، وبدأ ملك األمراء حربا يف قاعة العرش مع رئيس البحر ملا كانت هذه يف حضور السلطان، وباشر طعن سنان اللسان؛ كما أبدى اعرتاضات بالغة على الصاحب الطغرائي؛ و

املشاجرة متفقة مع _________

ابن : انظر. ذات الفرعني، وهي آلة من آالت التعذيب ونقلت نفس االسم: كلمة فارسية معناها» دو شاخه«) 1(م، 1932الفوطي، كمال الدين عبد الرازق البغدادي، احلوادث اجلامعة والتجارب النافعة يف املائة السابعة، طبع بغداد

حاكم العراق بعد انقضاء اخلالفة عالء الدين عطا ملك اجلويين-: ، حممد السعيد مجال الدين1هامش ،349ص . 40، ص 1982العباسية، طبع مصر

.1هامش 54انظر فيما سبق، ص ) 2(

)1/329 (

. فقد لزموا الصمت والسكوت» نظام الدين خورشيد«و » أرسالن دغمش«و » قراطاي«ميول وأصاهبم التبلد، وانصرف كل منهم منفردا إىل بيته، فانطلق شجاع إىل » الصاحب الطغرائي«/ ووجم أصحاب

وكان . وحدمها) 1(بينما بقي الصاحب واملستويف » حرملو«، وخطري الدين إىل »ملطية«، ورشيد الدين إىل »سينوب«

صدر عن الصاحب لفظ تضايق ) 2(ثناء املعاقرة بينهما من قدمي انبساط ومودة، وكانا يفرطان يف املزاح، وذات ليلة يف أجنيب «أشد املضايقة، ودارت بينهما خماصمة وعربدة فاحشة، انتهت إىل اخلصام وبلغت حدا جعل » جنيب الدين«منه

ودبج فصوال يف القدح فيه، وأفشى أوجه الغدر اليت كان قد مارسها هلدم قواعد » قراطاي«يذهب عند » الدين

. السلطنة

عقد اجتماع بدار احلكم يف اليوم التايل، وادعى عليه على مأل من الناس كل ذلك حرفا حبرف، وأثبته باحلجج ف

ورفع دواة ) 3(أوصل خطاب السباب له إىل قاف وطا » جالل الدين«حىت إن األمري . والرباهني، فلم حير جوابا، وألزموأخذ أمر الصاحب . وانتهى ذلك االجتماع هبذا اخلصام. كالوزارة ليضربه هبا، فمنعه األمراء اآلخرون من ذل

. يف الرتاجع» الطغرائي«حول قيادة » طرمطاي«و » معني الدين سليمان ابن الصاحب مهذب الدين«وتصادف يف تلك األيام أن وقع نزاع بني

، وقد محل »أرزجنان«جند _________

. يعين به جنيب الدين دليخاين) 1(. املنافرة: ليف األص) 2(

.، ولعله يريد به الغلو يف السباب»غال.. قط السعر «: كذا يف األصل، ويف القاموس احمليط) 3(

)1/330 (

بسبب ما كان بينه وبني الصاحب » معني الدين«مييل كلية إىل جانب » باجيو«، وكان »باجيو نوين«االثنان القضية إىل

وقد كرب » مهذب الدين«صلة قرابته له، وبأنه كان ربيبا ألبيه » الطغرائي«احب فانتهز الص . مهذب الدين من صداقةوكتب خبطه رسائل مرتمجة مطولة يف قضايا خمتلفة واملعلومات الىت . »جنيب الدين املستويف«يف حجره، والذ به من كيد

. وأعطاها للرسل ،)1(، وما يقول فيها وكيف جييب عنها »باجيو«ترد مع خصوم حضرة السلطنة إىل أناسا على املراصد » صمصام الدين«، فنصب /أمري العارض» لصمصام الدين قيماز«فأبلغ أحد الغلمان ذلك األمر

. لكى يأتوا بالرسائل، ومحلها إىل األمري مجال الدينا مل يكن يف الديوان أحد يرتجم الرموز وحيلها، فقد مت استدعاء اإلمام

وهو من د تاج الدين الوزير-ول» زين الدين«ومل

. من حتالف، وسلموه الرسائل، فحلها، ونقلها بعبارة واضحة» صمصام الدين«بسبب ما كان بينه وبني زهاد العلماء-على فحواها، توجه إىل حضرة السلطنة، واستدعى األمراء، وجيء بالصاحب » جالل الدين«فلما وقف األمري

فلما رأى اخلط . وبعضها خبطه هو» زين الدين«وكان بعضهما خبط الرسائل املرتمجة واحمللولة-، ومت إبراز »الطغرائي«وأشار إىل أمري العدل لكي يتحفظ عليه بأحد . يف توجيه السباب من جديد» مجال الدين«وقع يف اخلط، وشرع األمري

. حيث سجنوه» أنطاكية«ة إىل البيوت بقصر السلطنة، وأرسلوه من هناك بعد ثالثة أيام أو أربع» الطغرائي«امللقب باملنجم، والذي كان من بني أتباع الصاحب » أثري الدين«وفجأة اختفي من ساحة الديوان واحلضرة

ومل يكن له نظري يف الدهاء

_________

.599ع . قارن أ) 1(

)1/331 (

ا كان ألركان الديوان اطالع تام على ما يف. واملكرجبلته من حتايل وكانوا خيشون أن تصدر عنه فتنة كبرية، فقد ومل

باجيو «مث إنه شوهد بعد مدة عند . لكنهم ما وجدوا شيئا. طريوا األوامر إىل كل ناحية بالقبض عليه، وحبثوا كثريا

األمحال إىل حدود ، وكان قد أعطى ماال للجمالني العاملني يف خدمة بعض رسل املغول حىت أوصلوه يف صناديق»نوينأبلغه باألحوال على حنو ما أراد هو ووفق ما تقتضيه مصلحته، وقبل أن يتحمل أمواال » بباجيو«، فلما حلق »أران«

حلضرة » مجال الدين درزي الساوجي«و » عالء الدين علي بك» «باجيو«حىت أرسل ) 1(كثرية، وبالغ يف البذل

، وبعد /» قونية«، وأتوا به إىل »أنطاكية«أطلقوا سراحه من حبس » اجيوب«، ووفقا حلكم )2(السلطنة الستخالصه وسوف نذكر . أمري العارض» رشيد الدين«، ومل يلبث أن حلق به يف الطريق »باجيو«مدة بعث يف صحبة الرسولني إىل

. ما آل إليه حاله فيما بعد ...

_________. 601ع، . قارن أ) 1(

.حب الطغرائي من السجنيعين إلطالق سراح الصا) 2(

)1/332 (

ذكر وزارة القاضي عز الدين حممد الشهيد الرازي رمحه اهللا

ملا عرف به من علو اهلمة وفرط الفصاحة وكمال الديانة، يلحظ يف » عز الدين حممد الرازي«كان الصاحب القاضي ؤا لألمور العظام وتدارك املهام اجلسام وإنارة كان كف. نظر السالطني وخلفاء العهد بعني الرأفة وحيظى بكل احرتام

كانت القشة يف حمكمة . ومل يكن هناك من أحد سواه تسند إليه الوساطة والسفارة إىل دار السالم. حدود اإلسالم، وذوائب احلسان من أرض اخلطا ساكنة مبنأى عن تشويش )1(قضائه وجملس حكمه يف أمان من تعرض جاذبة القش

: كان يف السخاء والكرم حبر خضم، ويف القلب والفكر كله الم ونعم. با بسبب مين رأيه الصائبريح الصعن غاية فيها النياق رهان ... إن األيل طلبوا مداه تأخروا

وسائر األمراء، مل » قراطاي«، وتغري عليه خاطر جالل الدين )2(تلك البوادر » الطغرائي«فلما صدرت عن الصاحب

وكبار رجال » جالل الدين«، وبدا لألمري »عز الدين«ن يستحق مسند الوزارة أحد يف البالد كلها سوى القاضي يكالسلطنة بعامة أن إجالسه على مكانة احلكم واملنزلة أمر الزم، إذ

ومل يك يصلح إال هلا ... فلم تك تصلح إال له

وا زمام مرام اخلاص والعام يف كف كفايته، وكان هو يسري يف متشية وباالتفاق واالختيار، بعد التشاور واالختبار وضع. الوجوب ووفق مقتضى الرأي املرضي احلسن/ تلك املهمة على سبيل

_________. 602ع . قارن أ) 1(

.نوادر: ويف األصل 603ع، . كذا يف أ) 2(

)1/333 (

] عز الدين كيكاوس[الستدعاء السلطان ] صاين خان[ن قبل ويف أثناء نفاذ أحكام وزارته كان الرسل يصلون تباعا م

صاين [يقدم األعذار املقبولة، لكن تلك األعذار مل تكن تنال القبول عند » عز الدين«للحضور، وكان الصاحب ) 1( أمري» مشس الدين يوتاش«األتابك، و » جالل الدين قراطاي«واألمري » عز الدين«فاضطر الصاحب القاضي ]. خان

الصدر األعظم إىل أن يركبوا يف » نظام الدين خورشيد«أمري اإلسطبل و » فخر الدين أرسالن دغمش«األمراء، و متجهني ) 2] (السلطان عز الدين كيكاوس وركن الدين قلج أرسالن وعالء الدين كيقباد[خدمة السالطني الثالثة

. يف هذا األمروطلبوا أمراء أطراف البالد لتال. »قيصرية«مجيعا صوب وكان من أكابر األمراء ومن أبناء مماليك السلطنة، ويغلب على » -سيف الدين تركري«وجد » آقسرا«فلما بلغوا

، فأغرى »اكنچوك«وجد لنفسه جماال للمباسطة يف خدمة السلطنة يف منطقة صيد مزاجه الظلم واجلور وكثرة املزاح-على شرب العقار ولعب » -قراطاي«سلوك جادة الدين والرشاد خوفا من بعد أن كان ملتزما ب السلطان وجرأه-

ولكي يكسر ما . كلمات تتفق مع هوى السلطان عمال على رواج سوقه- وكان يقول-. القمار وهتك احلرم واألستار. واإلماراتحلرمة األمراء من صالبة محل السلطان على أن يدعو إليه أراذل الغلمان، فأعطى كال منهم املناصب

إىل حضرة السلطنة، فرأى ) 3(» مشس الدين ألتونبه«ويف هذه األثناء وصل _________

. 604ع، . بياض يف األصل، واإلضافة من أ) 1(

. أيضا. ع. إضافة من أ) 2(

. قائد جيش آمد، وكان من غلمان اخلاص عند السلطان عالء الدين كيقباد األول) 3(

.202 -199، 151، 150سلف، ص وانظر ما . 605ع . انظر أ

)1/334 (

عيبا فاحشا يف بذل أموال اخلزانة يف األرزاق واجلامكيات للمرتمجني مستدركا- األمور مشعثة كذوائب األحبة، وشاهد-مع » -عالء الدين«مل يكن لدى السلطان : اآلخرين، وقال/ واألمراء» لقراطاي«حىت إنه وجه عتابا عنيفا . واملنشئني

إال إثنان من املرتمجني وأربعة من املنشئني، فال يليق بكم استخدام كل هذا العدد ممن ا كان يتمتع به من عظمة وعزة-م، وسوف يتوفر من تقليل أعدادهم ما يستطاع به )1(يتقاضون الرواتب وأنتم هبذه الذلة والقلة والعوز وسداد اخلراج

ومىت قلل السلطان من السرف يف العيش، وجتنب احلرفاء اجلهالء حظي يف . لوجهةهتيئة أسباب سفر السلطان يف هذه ا

. الذي يتوجه إىل خدمته باملزيد من األهبة والعظمة ) -2] (اخلان الكبري[نظر ومىت هبطتم بأعداد املنشئني واملرتمجني من مرتبة العشرات إىل اآلحاد وخلص لكم التصرف الكامل يف رواتب

. ات اخلاص والعام، امتألت بيوت اخلزائنوجامكي لكن السلطان مل يرتاجع عن امتطاء صهوات النزو والشباب ومالزمة آالت الطرب والشراب، وظل على طريقته يف

. الرائح منهم والغاد إعالء مراتب األراذل واألوغاد-جسده حبار احلسد ملا كان بينهما من تضاد ، فثارت يف »تركري«صدر » مشس الدين ألتونبه«ولشد ما أوغرت نصائح

ومحل رجال على أن يذيقه السم الذعاف يف الفقاع، فأورده بذلك حتفه وأوصله إىل منازل . يف سفاهة هذا ونباهة ذاك. الرضوان بعد ثالثة أيام

_________. ، ويف األصل حراج، وهي تصحيف606ع، . كذا يف أ: خراج كزارى) 1(

.اخلان الكبري: السلطان، ويريد املؤلف به: يف األصل) 2(

)1/335 (

ركن الدين قلج أرسالن وعالء الدين [نرجع إىل ما كنا فيه؛ وعقد السلطان النية على التوجه إىل اخلدمة، فرتك أخويه

قد جعل لفرط جهله وغبائه » تركري«وكان . »سيواس«، وعزم على االنطالق إىل »قيصرية«مع األمراء يف ] كيقباد، وهناك قضوا »منداس«العامل كله عدوا له، حىت أرغم األمراء السلطان على أن بعثه بعد التنكيل والتذليل إىل قلعة

. عليه

فاضطرب . »قيصرية«يف تعاىل- قد انتقل إىل جوار احلق-» قراطاي«غمار تلك األحداث وصل اخلرب بأن / ويف

مللك والبالد بال ضابط أو رابط، فقدم األعذار لرسل املغول، وسرحهم، ورجع السلطان أشد االضطراب، ورأى أحوال اإىل منطقة » قيصرية«فخرج السلطانان ركن الدين قلج ارسالن وعالء الدين كيقباد من . [»قيصرية«بنفسه إىل

رجوع السلطان عن ، وتشاور أمراء الطرفني يف كيفية االعتذار عن )1] (الستقباله ومعهم األمراء الكبار» كدوك«وصرف . واستقرت اآلراء على أن يوجه السلطان عالء الدين لكي يقدم العذر من قبل أخيه] اخلان[التوجه إىل حضرة

نور «، و »خواجه مصلح الال«النائب و » شجاع الدين عبد الرمحن«و » سيف الدين طرمطاي«معه كل من األمري فانضم إليهم يف الطريق والدة ]. اخلان[ر له من األمتعة والتحف حلضرة ومعهم ماال حص» الدين عبد اهللا القابض

وأولئك الذين كانوا قد فضلوا الفقر [أمري العارض » رشيد الدين«و » الطغرائي«السلطان غياث الدين، والصاحب . »عالء الدين«واخنرطوا يف سلك أتباع السلطان ) 1] (والتشرد حبا يف الطغرائي

انشقاق وافرتاق بني الصاحب هلذا السبب- ذا وصلوا مكانا يقرون بأنه سلطان البالد، وظهر يف الطريق-وكانوا إ. »شجاع الدين النائب«و » الطغرائي«

. وسرتد تتمة الكالم فيه فيما بعد _________

.607ع، . إضافة من أ) 1(

)1/336 (

واحلرب اليت وقعت بينهما ىف املرة الثانية وا�زام ركن الدين ذكر سبب اخلالف بني السلطان عز الدين وركن الدين إىل » ركن الدين قلج أرسالن«عزم على التوجه بنفسه مع ] اخلان[أخاه إىل خدمة » عز الدين«حني أرسل السلطان

يسغ أمراء الدولة هذه فلم . قونية، وشغل باللهو واملرح وبعثرة أموال اخلزانة، وظهر للئام يف خدمته قربة واختصاص تام

. الطريقة اخلارقة لعادات السالطني، وظهر يف موارد صفائهم كدر فاحش) 1] (وكان أركان الدولة يأنفون منهم دائما بسبب خمالفة الدين[وتدخل أخوال السلطان ممن هم على املذهب الرومي

لس دائما على العرش مع أخيه وفقا ملا قرره الذي كان يج يف أحوال السلطنة، وسلكوا طريق املضايقة مع السلطان-. وشرعوا يف املخالفة، وقالوا كلمات ال تليق واألمراء بأسرهم-» جالل الدين«األمري

جالسا ذات يوم يف اخللوة، مطأطأ الرأس، قد جرت على صحن خده ذي اللون الياقويت » ركن الدين«كان السلطان ، وفجأة دخل »ولكن تفيض الكأس عند امتالئها«: يا، وذلك وفقا للقانون القائلآللئ طرية جزعا مما يشهده يف الدن

] لنفسه عنده[يف خدمته، وأثبت » تركستان«امللقب بقائد املهمات، وكان قد مارس أسفار » كمال الدين«عليه

البشرة اجلليلة، لو تفضلتم ما سبب البكاء وتغري : فرأى السلطان مضطربا باكيا ومن الدهر شاكيا، فسأل. حقوقا وفرية

فأجاب السلطان عن سؤال كمال الدين هبذا . بإبالغ اململوك بطرف من األمر لعمل على تدارك ذلك بقدر اإلمكان

: الدو بيت _________

.609ع . إضافة من أ) 1(

)1/337 (

وجعلنا حريى من دورة الزمان ... قد عرانا العامل من لباس السعادة ما من صباح ضحك إال ورآين باكيا ... قد مرت إال ورأتين خمزونا ما من ليلة

مرت خباطر اململوك حكاية يريد أن يعرضها بشرط أن ال يطلع عليها ثالث، وأن مييل ملك العامل إىل : قال كمالرسالة رقيقة يف لو تفضل السلطان وأرسل على يد اململوك: قال كمال. جيب أن تنهيها إلينا: قال السلطان. تنفيذها

وكان دائما وفيا للملك حمبا لسعادته، ويبادر » دولو«حاكم » قيماز/ نصرة الدين ولد سنان الدين«هذا الصدد إىل ، وهبط من أوج العزة إىل »قيصرية«وهو يف هذه اآلونة حاكم أمري العارض-» صمصام الدين«فيبعث معي برسالة إىل

وأعطيت لغالم نكرة؛ وقد أصبح حائر الفكر متقوقعا على نفسه بسبب » يدةنك«حضيض الذلة مذ انتزعت منه . وذلك حىت يرد بأسرع ما ميكن على احلضرة؛ ففي ذلك تكون املصلحة وأخواله-» عز الدين«السلطان

كتب السلطان بضعة أسطر مشتملة على شطر من قصة ما به من غصة إىل صمصام الدين، » كمال«وتنفيذا لفكرة بكل وسيلة ممكنة- الذي ما لبث أن عاد بعد ستة أيام، وكان اجلواب هو أن يلقي السلطان-. لمها إىل كمالوس

. ، وبعد ذلك يبذل املماليك ما يف وسعهم بقدر اإلمكان»قيصرية«بنفسه إىل » كمال«أجاب . اء، وهي ورطة البالء وغمرة العن»قونية«على أي وجه يتيسر لنا اخلروج من : »لكمال«قال السلطان

هبذا األمر، لكي يعدوا خيوال خاصة خارج املدينة الذين يوثق هبم- بأنه يتعني إبالغ عدد من الغلمان-

)1/338 (

، وآيت أنا مبشنة كبرية ذات قاعدة )1(» احلوائج خانه«مبوضع حمدد، ويرتدي السلطان ثوبا خلقا مما يلبسه غلمان

، وأضعها على رأس )2] (أين أذهب كل يوم إىل السوق جللب احلوائج[وذلك باعتبار تعادل إناء عادليا، ] واسعة[السلطان، حبيث يبقى وجه السلطان املبارك حمتجبا عن أعني الناس يف قاعدة املشنة، مث أتقدم أنا، ويلزم السلطان أن

ونظل طول تعاىل- ا وتوكلنا على حول اهللا-يقتفي خطوايت، وال يتلفت يف الطريق مينة أو يسرة، فإذا وصلنا هناك، ركنب

خان «، ووصلنا بالطالع املسعود إىل »آقسرا«/ الليل نسري املراكب ونسامر الكواكب، فإذا ما جتاوزنا عند الفجر مفاوز

. »دولو«، فنبلغ »بروكوب«، تلتقط الدواب أنفاسها حلظة، ومن مث جنتاز »خواجه مسعود، »نصرة الدين«وحني وصلوا إىل دولو، أبلغ الرسل املسرعون . لرأي، ومت تنفيذ ذلك كلهفوافق السلطان على هذا ا

فأمر . »صمصام الدين قيماز«وسري يف احلال رسالة إىل . فتقدم لالستقبال، وترجل، وقبل األرض، وتشرف بتقبيل اليد. اجلند بالركوب، وتوجه إىل طريق دولو» صمصام الدين«األمري

، وترجل، ووضع وجهه على األرض أمام امللك، وأدخل »نصرة الدين«ق يف الطريق بكوكبة السلطان واألمري والتحالسلطان بكل جالل وأهبة املدينة، وأجلسه على العرش، وأرسل الرسل إىل أطراف املمالك، فدعا واستمال، واجتمع له

. »بقيصرية«يف أقل زمن حشد كبري _________

منها يصرف اللحم الراتب للمطبخ السلطاين والدور السلطانية، ورواتب األمراء واملماليك «بيت احلوائج، ومعناها ) 1(... والزيت والوقود واحلبوب .. وكذا توابل الطعام ... السلطانية وسائر اجلند واملتعممني، وغريهم من أرباب الرواتب،

). 12: 4صبح األعشى (» إخل .611ع، . إضافة من أ) 2(

)1/339 (

يف إثره لرده، فأدرك السلطان بقيصرية، وبعد تقبيل » يوتاش بكلربكي«باألمر، سري » عز الدين«فلما علم السلطان . »صمصام الدين«اليد شرع يف النصيحة، فتطري السلطان بذلك، وحترك من مكانه للفتك به، فمنعه األمري

مث أعادوه إىل قيصرية بعد بضعة أيام، وأحلفوه » دولو«من مضافات » كسودا«مث إ�م قيدوا يوتاش، ومحلوه إىل مغارة . على الوالء للسلطان ركن الدين

، وحسام الدين بيجار، فقاال مسعا وطاعة وبادروا »آبلستان«سوباشي » فلك الدين خليل«مث إ�م أرسلوا الرسل لطلب . »قونية«أجناد السلطان، وتأهبوا للهجوم املفاجئ بأمجعهم على للتوجه إىل اخلدمة واخنرط األمراء املشهورون يف عداد

. أ�م فعلوا ذلك لتحقق هلم ما يريدون/ ولووإيالئه بوالء السلطان ركن الدين أخذ منه الضيق واحلزن لذلك » بكلربكي«وملا استمع السلطان عز الدين خرب اعتقال

وتقع » -خان عالئي«مع فوج من جندمها إىل » بيجار«و » خليل فلك الدين«ويف تلك األثناء تقدم . كل مأخذفأبدى من كان هناك من قوافل الديار مقاومة، وأضرموا النار يف الباب وأحرقوه، على بعد مرحلة واحدة من آقسرا-

. وقتلوا طائفة من الناس، وأخذوا أموال بعضهم مث أطلقوا سراحهم

. بطريق السفارة» قونية«إىل » -قيصرية«وكانا بطرف » -خطري الدين«و » مانمعني الدين سلي«وفجأة جاء األمري

فتفتحت مبجيئهما ورود املسرة يف قلب السلطان وقلوب األكابر، وأمر الصاحب عز الدين بأن يسكب ذهب اخلزائن،

وأرسلوا كال من الشيخ . حملاربة ركن الدين» قريشهر«عن طريق » طوز آغاج«لكي يتخذوا به جندا، فلحقوا بوالية ناظر امللك عند أخي السلطان إللزامه» مهام الدين شادهبر«مع » صدر الدين ابن اسحاق«الكبري

)1/340 (

، وأن يبدد غبار اخلصام »خرتربت«و » ملطية«و » سيواس«باحلجة، إذ عليه أن يقتصر يف الوقت احلاضر على جالل الدين «ذلك القدر، وأرسلوا » بيجار«و » فلك الدين«و » الديننصرة «و » صمصام الدين«فاستقل . ويرجعأمحد «وكان هذا جيري يف دهليز السلطان بصحراء . للرد، وطلبوا إضافة قيصرية وقريشهر» قيصرية«قاضي » حبيب

. »حصار

تتذللون إليهم على هذا ملاذا تتوسلون و: واألمراء اآلخرون متربمني» مجال الدين اخلراساين«، و »علي هبادر«فصرخ فإن رضي السلطان عز الدين بذلك وقبله، فهو املراد، وإال لن / النحو فيحملوا ذلك على أنه عجز واضطرار منكم؟

على أن ) 1] (محلوا السلطان[فلم يلتفت أعوان السلطنة لذلك املقال، بل . يكون هناك خطاب إال بلسان السنان. ، وأرسلوا القاضي حبيب خبرب حصول الرضا، وظلوا ينتظرون ماذا سيكون الرد »رقريشه«و » قيصرية«يتنازل عن

وخلعوا [وفجأة ظهر جيش السلطان ركن الدين، ورغم أن بعض جنود السلطان عز الدين كانوا قد ذهبوا إىل اخليام ، )2] (انتفضوا ولبسوا السالح سالحهم انتظارا هلمام الدين ناظر امللك، وأنزلوا السروج من فوق ظهور خيوهلم، فقد

. واقتتل اجليشان كأ�ما أسد ومنرويف املرة الثالثة محل هؤالء . مرة أو اثنتني، فثبت جند السلطان» فلك الدين خليل«و » نصرة الدين ولد قيماز«ومحل

. وأوقع هبم هزمية منكرةمحلة عليهم فقوض صفوفهم، وكان يف امليسرة- » -علي هبادر«اجلند وانشغلوا بالقتال، وشن ، فقبضوا عليه، »نصرة الدين«ويف تلك األثناء انزلق حصان

_________. 614ع . إضافة من أ) 1(

.614ع، . إضافة من أ) 2(

)1/341 (

، فأصابه جبرح، وأتى »ولد قريش«فقد عثر عليه » صمصام الدين«األدبار منهزما، أما » فلك الدين خليل«بينما وىل . يف احلال» نصرة الدين«خدمة السلطان، فقضى أخوال السلطان عليه هو و به إىل

، فأمسك به الرتكمان يف أول مرحلة من مراحل الطريق، »بسيس«معتزما اللحاق » دولو«واجته السلطان ركن الدين إىل

. ن، وأتى به إىل قيصريةإىل هناك، وهدأ خواطره باملواثيق واألميا» أرسالن دغمش«فذهب . وأبلغوا السلطنة بذلكما كانت هذه الواقعة إال بسبب سواد : فخف السلطان عز الدين الستقباله، فلما اقرتبا تعانقا، وبكى ركن الدين وقال

. الشريف/ ، وقد وجدا جزاء الكفران، وجيب على أخي العزيز أال يشوش خاطره»صمصام«و » نصرت«رأى . »كيخسروية«توجهني إىل جوسق وعلى هذا النحو سارا ومها يتحدثان م

، »أماسية«و » برغلو«ومنح السلطان ركن الدين خلعة مثينة وحصانا أحكم قيده وذهبا كثريا، وخريه بني اإلقامة يف ، فحملوه إليها مزودا حبشد وزاد، فلبث هناك مدة، وصار يتأذى من سوء اجلو هناك، فأرسل »أماسية«فاختار السلطان

. ، وهيأوا له أسباب الراحة والرفاهية»برغلو«إىل » أماسية«حىت نقلوه من إىل السلطان ***

)1/342 (

يف بالد الروم للمرة الثانية واحلوادث اليت حدثت ىف تلك األيام » باجيو«ذكر سبب توغل االستقالل، ورأى حني جلس الصاحب القاضي عز الدين على دست الوزارة وأمسك مبقاليد أحكام اململكة بقبضة

وغريه من القادة يرتددون على الدوام إىل بالد الروم، وأن خزائن ال حصر هلا جيرى صرفها » باجيو«رسل القائد املغويل ، )1] (منكو خان[وسائر األمراء أن يتم عرض هذا املعىن على حضرة » قراطاي«لإلنفاق عليهم، رأى الصاحب هو و

). 2(وهتوره » باجيو«ملكي ملنع تسلطات لكي يصدر من قبله مرسوم وكان يف ذلك الوقت مسموع الكلمة واحلكم يف البالد، وهو حينذاك أمري ومت هلم اختيار الصاحب فخر الدين علي-

فلما وصل إىل . كنفقة للطريق خبالف التحف- إلبالغ هذه الرسالة، ودفعوا له من اخلزانة مائة ألف درهم- العدل-عتاب، وعرض املطالب، وبني أن السلطان معهم على قلب رجل واحد، أبدى اخلان تعاطفه، وأصدر مرسوما تلك األ

الذى كان / وسائر األمراء من الرتدد على سلطنة الروم، وحال دون إمتام التعداد السكاين» باجيو نوين«وسكة مبنع رسل . سول يف صحبة وفد من املبعوثني وكبار رجال البالط اخلاينوأعاد الر » مشس الدين القزويين«قد عهد بإجنازه إىل

أكان ينبغي بعد ذلك كله أن توضع ثغرة : ، وأمسعوه احلكم، التفت إىل فخر الدين علي وقال»باجيو«فلما وصلوا إىل حتول بيين وبني اإلشراف على

_________. ، ويف األصل بياض616ع . زيادة من أ) 1(

.ع، أيضا. قارن أ) 2(

)1/343 (

. بالد الروم، لكن حرماين سيعود بالشؤم عليكموكان السلطان . وإن جاء بعضهم أحيانا فقلما جيد عناية واهتماما) 1(بعد ذلك يف التناقص » باجيو«وأخذ مبعوثو

د يف مسند احلكم، ونعمت البال» عز الدين«مشغوال بالتنعم وإجراء أحكام الشباب، ومتكن الصاحب القاضي

وكان تردد رسل دار اخلالفة واملوصل وماردين والروم والفرنج على حضرة السلطنة مزودين باألمحال والتحف . باالستقرارالذين ظهروا يف » األغاجريني«غري أن قلقا هائال ومها مقيما كان يثقل على خاطر أمراء الدولة من جهة هيمنة . مستمرا

. يقطعون الطرق ويقتلون القوافل، ويغريون على بالد الروم والشام واألرمنوأدغاهلا، وكانوا » مرعش«صحراء على التوجه مع العساكر واألمراء لدفع ) 2(أمري األمراء » مشس الدين يوتاش«و » عز الدين«فعزم الصاحب القاضي

فخر الدين أرسالن «وكان . قد تويف يف ذلك احلني» جالل الدين قراطاي«وكان » قيصرية«، وجاءوا إىل »األغاجريني«أمري العدل فقد مت » فخر الدين«، أما الصاحب األعظم »قلعنده«و » أنطالية«قد بقي مع السلطان يف » دغمش

). 3] (ملنكو خان[اختياره الستقبال املوكب املعظم واشي واملواشي والنسوة يزمع اهلجوم جبيوش جرارة وبالكثري من احل» باجيو«وفجأة وصل اخلرب بأن القائد املغويل

لدفع » آبلستان«الذين كانوا قد ذهبوا إىل نواحي / ، فلما مسع بعض العساكر»أرزجنان«واألطفال، وأن مقدمته بلغت _________

. 618ع، . إضافة من أ) 1(بكلربكى : يف األصل) 2(

.، والسياق يقتضيها618ع، . بياض يف األصل، وأ) 3(

)1/344 (

وارحتل . ، وتوجهت املظلة واجليش بغري إبطاء إىل العاصمة»قيصرية«هبذا اخلرب، جاءوا مسرعني إىل » األغاجريني«. »باجيو«، وذهب الضيق واالضطراب بالسلطان كل مذهب بسبب قصد القائد »قونية«إىل » قلعنده«السلطان من

، فيقوم بتدارك ]باجيو[احلاجب الستقبال » رشيدنظام الدين خو«وتشاور كبار رجال الدولة، واتفقوا على أن يبعثوا

عكف السلطان على حشد األجناد وإعدادهم، » نظام الدين«فلما صرفوا . األمور، ويطلع على نواياه وأغراضه مث يرجعطان فلما شاهد السل. فاجتمع يف أيام قالئل جند كثريون من قبائل األتراك والفرسان احلاذقني يف صحاري قونية وبراريها

: احتشاد أنصاره قال. قد أصبح عندنا بفضل امللك املتعال املال والرجال، فال بد لنا من العزم على القتال

يثريون الفنت غفلة منهم وجهالة، وشرعوا يف الذين مل يسبق هلم من قبل أن تورطوا يف غمار احلرب- فأخذ األغمار-

من حمبة » باجيو«، وأعلن أن ما يف جبلة »نظام الدين پروانه«ويف تلك األثناء رجع . إغراء السلطان على احلرب

أن فرسان القائد باجيو [فإن كان األمراء احملدثون يعتزمون الضرب واهلرب، فهم يعلمون . للسلطان مل يطرأ عليه نقصان). 1] (هلم أسنة حادة من �ر الثأر

» باجيو«نوجهها إىل تسلية الضيوف واسرتضاء خواطر القائد فينبغي أن نصرف نية السلطان وعزمه عن تعبئة الصفوف و. ومحل اخلواص غري اجملربني على التزام جادة الصواب

مث إن نظام الدين عاد مرة أخرى بالتحف واألموال واإلعالن عن عزم _________

.620ع . إضافة من أ) 1(

)1/345 (

، وطلب أن يصحبه ويالزمه األمري /حلارة والباردة للجيش اجلرار يف البالدالسلطان الستقبال باجيو، وتعيني املواضع ا

. وانطلقا سويا ملك احلجاب- » -معني الدين سليمان«غري أن غلمان اخلاص أغروا السلطان باملقاتلة والعصيان، حىت أمر بتجهيز اجليش واالستعداد للقتال وفق رغبتهم، ودعا

مع أن الصاحب إىل خلوة، وتلطف معهما، وسري العساكر حتت قيادهتما-» أرسالن دغمش«و » فخر الدين«بينما بقي السلطان بنفسه مع عدد حمدود من اخلواص يف . كان هو احلاكم واملطاع ذا األمر النافذ» عز الدين«القاضي

تلك [يتهم، فلما تتابتعت وكانت ترسل عن طريق اخلواص رسائل تشتمل على خبث األمراء الكبار وفساد طو . »قونية«عندما حيني موعد عودة اجلند من املعركة سينال هؤالء الكهول الضالون الفعلة : وأثرت يف قلب السلطان، قال] الرسائل

. فلما مسع األمراء الكبار هذا القول دب الفتور يف عزائمهم. جزاءهمأركان ) 1(فقدم » آقسرا«عساكر الروم ووصل إىل قد عرف بتجمع » املغل«كان جيش » خبان عالئي«وملا حلقوا

فاصطدم هو ومن معه بكتيبة من جند . لالستطالع وكان هو اآلخر من مجلة اللئام والعوام - الشحنة-» تركمان«الدولة . وسائر األتراك» تركمان«، فقضوا على »خواجه نوين«املغل، كانت من اجلنود األلف التابعني ل

تقابل اجليشان كما يتقابل القضاء والقدر، وطارت رسل السهام حنو أعماق اخلاص والعام إلبالغ رسالة ويف اليوم التايلاملوت، وأخذت األنظار تستقر يف

_________ .621ع . راجع أ) 1(

)1/346 (

. األبصار واألرواح تكمن يف األكباد بني أحداق كماة العسكر وآماقهموصار معلوما لدى األرواح أوان . بصفة النساء احليض من كثرة إسالة الدماء وإراقة األمشاجواتصفت ذكور الصوارم

. االنفصال وزمان االنقطاع عن األشباح

. وانشغلت نفوس الشهداء بتنفس الصعداء إلدراك مقام السعداء تلك املعركة املهلكة كجبلي ثبت يف/ كان يشكو من آالم يف رجله وضعف يف جسده» عز الدين«ورغم أن الصاحب

وكان ممسكا حبربة قصرية حادة وقلبه قد انصهر . ، وكان يصابر وهو يودع احلياة وراحات هذه الدنيا»حراء«و » ثهالن«تصدى هلم، وأخذ يبصق عليهم يف أثناء القتال، ويف النهاية نال درجة الشهادة » املغل«بنار احلرب، فلما وصل إليه

. عادةومرتبة الس وملا كان األمراء اآلخرون مكسوري اخلاطر من جهة حضرة السلطنة فإ�م مل يبلوا بالء حسنا يف احلرب، ومل يظهروا

أمارات التضحية والفداء، وإمنا عدوا اال�زام غنيمة، ومسحوا مبثل ذلك الغدر واخلذالن حىت انتصر العدو، وأصبح جند . السلطان �با للمصائب والباليا

***

)1/347 (

وجلوسه على العرش » برغلو«ذكر جالء السلطان عز الدين للمرة األوىل وخروج أخيه ركن الدين من قلعة

، وأبلغ السلطان بذلك البوار 654حني حلت تلك النكبة جبيش السلطان يف الثالث والعشرين من رمضان سنة . واخلسران، ظل طول الليل مضطربا مشوشا

وأخيه » كندصطبل«و ) 1(» كحسام الدين آقتاش الشرابساالر«لتايل ارحتل مع نساء احلرم وبعض اخلواص ويف اليوم ا. مهملة معطلة، كما ترك كل ما كان ميلك هناك» قونية«، وترك »أنطالية«متوجها صوب » پول أمحد«خارجا من بوابة

يف قونية بعد أن جنا من املعركة، وشغل بتأمني املدينة بنفسه أستاذ الدار- » -نظام الدين علي بن إيلتمش«وقد ألقى فقد خلص مع بعض خواص السلطان من » أرسالن دغمش«أما . وتسكني غوغاء األوباش وترتيب الطرق ومتهيدها

والبالط السلطاين حبكم مناعة القلعة / ، وحلق هبم من كل ناحية كبار رجال الديوان»برغلو«تلك امللحمة إىل . هاوحصانت

كان قد أسلم نفسه كلية للئام، وكان يعرتيه امللل ويستبد به الضيق من مباشرة أمور » عز الدين«وألن السلطان كوضع التوقيع، واجللوس يف احملفل، والنظر يف أحوال الرعية فقد شعر اخلاص والعام بالسخط الشديد لذلك : السلطنة

. وأجلسوه على العرش» قونية«وأتوا به إىل من احلبس » ركن الدين«وأطلقوا ). 2(

_________

. يعين رئيس الشراخبانه) 1( .623ع، . قارن أ) 2(

)1/348 (

يف حضور » املنة هللا«: أمرا إىل السلطان لكي يطالعه، فوضع توقيعه» مشس الدين قاضي چق«ويف ذلك احملفل أعطى يد السلطان لتوليته الوزارة، وظل يباشر » القاضي چق«مني قبل وبعد يو. اجلميع، وأنصف بنفسه عددا من املظلومني

. تعاىل أعمال الوزارة شهرا، مث أصيب مبرض حلق فيه جبوار احلق -

لألمري معني «لتقلد الوزارة بعده، فلم يستجب، وإمنا قبل النيابة، وأعطيت احلجابة » نظام الدين پروانه«فدعي األمري

، وانطلقوا يف »باجيو«وشغلوا برتتيب أسباب لقاء القائد . مها يد السلطان يف يوم واحدوقبل كال» الدين سليمان. طريقهم

كوة » أنطالية«بأنطالية، غلبه العوز وسيطر عليه الفقر، وذات يوم رأى يف قصر » عز الدين«وحني حلق السلطان بأة بآالف مؤلفة من الدراهم الفضية بالضرب مربعة، فأمرهم بفتحها، فعثر على خزائن وصناديق خمتومة بالرصاص مع

فوزع . العالئي، وعشرة آالف دينار من الذهب األمحر، وأمتعة أخرى من الورق والعود واألبنوس والصندل وما إىل ذلكن مث إ. السلطان اخلزانة على احلواشي واخلدم، ومن مث تلقت روح السلطان عالء الدين مددا بدعوات املضطرين

. »الديق«اجته من هناك إىل ] السلطان عز الدين[حفيده مع ألف فارس إلحضار السلطان » بيسوتاي«أرسل باجيو / » باجيو«بالقائد » ركن الدين«وملا حلق السلطان

فلما مث انطلق إىل الديق) 1(تزود مبرية » الديق«، فلما مل جيد السلطان هناك، وأشاروا إىل »أنطالية«عز الدين إىل رمبا : قال السلطان. بلغها أرسل الرسل بأن السلطان مدعو من قبل أبيه، واملصلحة هي أن يتفادى التباطؤ يف القدوم

كان أخي قد مسع يف حضرة أبيه أنه _________

.إمدادات من اللحم والشراب: ترغو: يف األصل) 1(

)1/349 (

. هذا العقوق ونكران ما لألبوة من حقوق ما كان إال بسببهم هم كان لألمراء سيطرة كاملة على ملكي ودوليت، وأن ] واالجتاه للقاء األب[ولقد كنت أتدبر أمر السفر . وحني أمثل بني يدى القائد سأقدم هذا العذر لعله حيظى بالقبول

. عدة ومتاع ، فلو أن أخي تقدمين يف الطريق مرحلة أو اثنتني فإنين سأحترك خلفه مبا مت جتهيزه من)1(

على رجوعه، » بيسوتاي«وقد ندم . »لشكري«، واجته السلطان مع احلاشية واألطفال حنو بالد »بيسوتاي«فرجع . »باجيو«وتلقى عتابا عنيفا من

] على خالف املعهود[» ركن الدين«وخمالفته، رفع من شأن السلطان » عز الدين«وملا حتقق لباجيو إعراض السلطان )1 .(

النائب ونزع يف تلك الضيافة » نظام الدين خورشيد«قد أعد ضيافة كربى، فقام » باجيو نوين«كان السلطان وذات يومفشرع الذى كانت هزمية اجليش على يديه- » -خواجه نوين«عن حبة من الكمثرى قشرها حبد السكني، وأعطاها ل

بتهمة القتل ألن حبة » نظام الدين«مل الروح، فومسوا وأس» خواجه نوين«يف تناوهلا، واتفق أن دامهت آالم القولنج بسبب ما حلقه من عناء، وقبل وفاته تعاىل- ، حىت حلق برمحة احلق-»الدوشاخ«الكمثرى كانت مسمومة، وعلقوه يف

: للطائف على صحيفة األيام) 2(خط هذا الدوبيت بطبعة املولد ) شعر(

منذ أن أحزنىن الطالع املنقلب، ___ ______

. 625ع، . إضافة من أ) 1( .لطايف زاى: لطايف راى، وينبغي أن تقرأ: 626ع . يف األصل، وأ) 2(

)1/350 (

وحني حلق املريخ بزحل، أمسك يف احلال ... أجرى الدمع من عيين دما بتالبييب، ونصبين على األعواد

على العودة، ألزم السلطان هبدم » باجيو«ء، وأوشك ، واقرتب الشتا»قزل ويران«فلما طالت مدة إقامة السلطان يف

شرفات سور قونية من خارجه وداخله، وأعفي من اهلدم سور القلعة ألنه حييط بقبور السالطني السابقني، ومت ختريب . »مغان«مث مسح للسلطان عندئذ بالعودة إىل قونية، وتوجه هو بنفسه صوب . الباقي

متوجها إىل ملكه املوروث، وحترك » لشكري«قد رجع، غادر بالد » باجيو نوين«لدين أن فلما حتقق لدى السلطان عز ا» تاج الدين األرزجناىن«من قونية بعزم املثول يف حضرة اخلان األعظم، فلما حلق بقيصرية، أرسلوا » ركن الدين«السلطان

وإقناعه باملشاركة يف امللك، كما سريوا يف عقب السلطان ركن الدين إلعادته » ظهري الدين رسول«املعروف بالفقري و

. »علي هبادر«إثرمها

مث ) [1(بقيصرية، وألنه كان قد حزم أمره فقد رفض العودة، وأخذ يبدي األعذار » ركن الدين«فأدرك كالمها السلطان

). 2] (مضى يف طريقه» قونية«بل يوم واحد، فقفل راجعا إىل وجد أن السلطان كان قد غادرها ق» قيصرية«فحني وصل إىل » علي هبادر«أما

. وقد محل معه قطيعا من الغنم وبعض بقايا خدم السلطان ركن الدين _________

. مل يقرر، وهو تصحيف بال شك: تقرير نكرد: ويف األصل. تقرير مى كرد: 627ع . كذا يف أ) 1( .ع، أيضا. إضافة من أ) 2(

)1/351 (

ملك لشكري إىل الديار احملروسة ذكر عودة السلطان عز الدين من، فاستقبله أهل املدينة الذين »قونية«/ الديار العريضة خالية من األعادي، اجته إىل» عز الدين«حني وجد السلطان

ورغم أنه كان . كانوا يتحرون ظهوره حترى ليلة القدر، وأدخلوه املدينة بكل أهبة وجالل، مث أجلسوه على العرش ثانيةأمر بأن توضع األغالل يف أعناق أعيان » -أغرلو اجلامه دار«بإحياء من فا بقلة األذى ورقة املشاعر، فإنه-متص

الذي كان قد توىل قيادة عسكر » سلجوقشاه«وكذلك ولد ] ركن الدين[ممن كانوا قد لبوا دعوة السلطان » نكيدة«ل ويطاف هبم حول املدينة، مث مل يلبثوا أن قضوا عليهم ويوضعون على اإلب) 1(، وأن ميثل هبم، فريبطون »نكيده«

. مجيعاا نال السلطان

، وبذلوا يف شأنه عطفا ملكيا، منح قرارا )2] (اخلان األعظم[شرف املثول يف خدمة » ركن الدين«ومل

اء قاسيا، وقد مسع أن فلما حلق بأرزجنان، كان الشت. ، ومسح له باالنصراف)3(امرباطوريا بنفاذ حكمه يف عامة البالد أظهر العصيان، وأنه سوف ينازعه يف سلطنة البالد، فاضطر إىل اإلقامة بأرزجنان، ونال اجلهد من » عز الدين«السلطان

. خدمه وحشمه يف ذلك الوقت بسبب اجملاعة والغالء العاموكان عماد دولته » -معني الدين پروانه«فلما حل موسم الربيع مجع

________ _. جيلسون: نشسته: ، بسته، ويف األصل628ع، . كذا يف أ) 1(

. 626ع . ويف أ: بياض يف األصل) 2( .ع، أيضا. قارن أ) 3(

)1/352 (

» توقات«صوب وكان أمري ألف من املغل- » -بايان«حنو ألف فارس، وتوجه يف صحبة وبيده أمر البيوتات-، وبعد حرب طويلة هزم »كوه يلدوز«يف » شاه ملك«صدام بينه وبني فحدث . الستنقاذ احلاشية واألبناء وختليصهم

أركبه وكان من خواص السلطان ركن الدين- » -جنم الدين فرخ«، وكاد ينكب يف تلك املعركة، لكن »پروانه«جيش

. كانوا قد ولوا الفرار متجهني إليها/ مع بعض اجلند الذين» أرزجنان«وأبلغه ن فرط احلقد والغضب، بل ميم وجهه صوب البالط اخلاين، وطلب جندة من اجلند، فأطلقوا بصحبته م» پروانه«ومل يهدأ

، اجته بعد »أرزجنان«فلما بلغ جيش املغول . مع عشرة آالف فارس لقمع املعارضني والطغاة» قدغان«و » أليجاق«رج أعيان املدينة باهلدايا، ومحلوا السلطان ، فسلمت يف اليوم نفسه، وخ»نكيسار«بضعة أيام لفتح البالد، وجاء إىل

. لپروانه» نكيسار«فأمر بأن تكون إمارة . فأدخلوه املدينة يف الليل بالشموع، وأجلسوه على العرش، الذي واصل املقاومة، فقد »ليوتاش بكلربك«، ونظرا ألن القلعة كانت قد سلمت »توقات«وقدموا من هناك إىل

مل جيد ذلك شيئا ورأوا أن الوقت ينقضي دون إجناز املهام، تركوا األمر على حاله، وأخذوا يرتددون نصبوا اجملانيق، وملاالبالط [من خدمة » مشس الدين الطغرائي«، حىت وصل الصاحب »قازأوا«و » بارميون«و » زيله«و » كاب«حوايل

. وانتهى ذلك النزاع بيمن كفاءته وتدبريه). 1] (املعظم _________

.، ويف األصل بياض629ع، . كذا يف أ) 1(

)1/353 (

ىف الطريق، ورجوع الصاحب الطغرائي باألمر بتويل الوزارة مبمالك الروم وتقرير ] كيقباد[ذكر وفاة السلطان عالء الدين

القضايا ، إذ )1(ب والنسب نظرا ألن السلطان عالء الدين كيقباد كان من سالطني السالجقة الذين قلما اجتمع هلم هذا احلس

، فقد توجه بأمر أخيه األكرب السلطان عز الدين للمثول »سلجوقي«، ومن ناحية أبيه )2(» داودي«أنه من جهة أمه ). 3] (اخلان[يف حضرة

وبعد قطع املفاوز وطي املراحل، شغل ذات ليلة يف بعض منازل الطريق بالتسلية واملتعة مع أمرائه وحرفائه حىت انقضى ويف الصباح حضر األمراء على عادهتم إىل األعتاب السلطانية، فرأوا من . الليل ثلثاه، فلما تفرقوا اجته إىل خمدعه من

فلما دخل . لكي يبلغ السلطان حبضور الصاحب واألمراء» مصلح الال«فدخل . تأخرا على خالف املعهود/ السلطان. ومل يعلم السبب الذي أدى إىل تلك الفجاءة بأي وجه من الوجوه. شاهدوا عليه تغريا عظيما بسبب وفاة السلطان

أمر بالتفحص عن سبب وفاة السلطان، وبأال حيابوا اخلائن يف هذا الصدد، فلم يتأكد » منكو خان«فلما حلقوا خبدمة

. شيء

قد أظهر العصيان، وأن سلطان الروم- » -عز الدين«بأن السلطان » باجيو«ويف تلك األثناء وصل الرسل من قبل يف صحراء » بباجيو قرجي«جيشه التقى

_________. 630، 629ع . قارن أ) 1(

.نسبة إىل چغري بيك داود، أيب السلطان آلب أرسالن) 2(

)1/354 (

مبنح هذه األخبار بادر دون إبطاء » منكو خان«فلما مسع . ، وأن جنده قد هزموا»آقسرا«حوايل مدينة » رباط عالئي«

. منفردا سلطنة الروم، كما منحه مرسوما ملكيا وعملة رأس األسد» ركن الدين«السلطان من ركن الدين » منگو«، وعرض ما حدث بالتفصيل، اسرتد »منكو خان«فلما وصل الصاحب الطغرائي إىل خدمة

إىل بسرعة وتبجيل- ب الطغرائي-املرسوم والعملة، مبوجب رأي بدا للطغرائي، ووضعهما يف اخلزانة، وصرف الصاحمن نواحي [» كاب«يف إقليم » أليجاق«، فلما وصل إىل السلطان و »عز الدين«بالد الروم إلحضار السلطان

باتفاق بينه وبني وأرسل رسال متالحقني-. »قريشهر«باإلضافة إىل » أيوحبصار«، منحه السلطان )1] (توقاتإىل » تاج الدين پروانه«، ووجه »آقسرا«الذي خف إىل » عز الدين«طان لدعوة السل » -أليجاق«السلطان و

. منبئا بقدومه» قدغان«و » أليجاق«السلطان و . ردا عليه» سيف الدين طرمطائي«فأطلق السلطان ركن الدين

رات عديدة- » -أليجاق«وظل أن الصاحب ، غري/يبدي رغبته يف حماربة السلطان عز الدين يف تلك األثناء، ومل

. فاتح العامل» منكو«الطغرائي كان حيول دون ذلك بأمر

فما يكون غرىب على السوية- وملا استمر توارد الرسل وتواترهم استقر األمر على أن يكون امللك مناصفة بني األخوين-يف قبضة متلك السلطان ، وما يكون باجلهة الشرقية جيعل »عز الدين«يصبح يف حوزة نواب السلطان » آب سيواس«

. »ركن الدين« _________

.631ع، . إضافة من أ) 1(

)1/355 (

ذكر توجه السلطانني خلدمة البالط املعظم

هبا، » عز الدين«، فلما حلق السلطان )1] (اخلان[حني متهدت قاعدة الصلح، اجته السلطانان يف إثر بعض إىل خدمة السيئات وشفعت العثرات، وأنعم عليه اخلان أنواع بشىت االصطناع، ومنح العملة ] تهيف صال[حمت سيماه ولقاء ربنا

. واملرسوم امللكيإىل خدمة » معني الدين پروانه«و » والصاحب الطغرائي«و » ركن الدين«وبعد بضعة أيام حني جاء السلطان

). 2(، جدد رعايته القدمية له )1] (اإليلخان[الدين وركن الدين يف البالط املعظم، وتكلما وحتادثا سويا يف تلك احلضرة بأمر اخلان، فشعرت وتعانق السلطان عز

خالئق العامل بالسعادة والسرور إلقرار السلم بني األخوين، وأقر اخلان هلما حكم البالط وفقا ملا كان قد اتفق عليه ، وأن يقوما برتتيب »تربيز«وأمر بأن يتوجها إىل . بينهما من تقسيم امللك» پروانه«و » أليجاق«الصاحب الطغرائي و

. أسباب السفر وفتح بالد الشام ومصرذهيب، لتدبري ) 3(» بالش«، ومل تكن هناك أموال، اقرتضا من اخلزانة العامرة أربعمائة »تربيز«فلما جاء السلطانان إىل

وملا كان بال اخلان قد فرغ من تلك . إىل حلب) 4(... أمرمها على النحو الواجب، واجتها من هناك يف خدمة _________

. 632ع، . بياض يف األصل وأ) 1(تتحدث عن أن اخلالفة ) 632(ضرب مؤلف األصل صفحا عن اإلشارة إىل فقرة وردت هنا يف األوامر العالئية ) 2(

. هرة، وأن أمري املؤمنني املستعصم قد استشهدالعباسية قد سقطت يف هذه السنة نفسها يف يد مماليك الدولة املغولية القا. عملة ذهبية) 3(

.، ويف األصل أمهل احملقق اإلشارة إىل وجود نقص يف هذا املوضع633ع، . بياض يف أ) 4(

)1/356 (

وطلب قائدا [وهو حيمل معه التحف ومفاتيح دمشق ] اخلان[الدين باملثول بني يدي / الناحية، وتشرف القاضي حمييوملا أذعنت ديار الشام وسلمت بسيف . من البالط لتلك املهمة» عالء الدين كازي«، ندب اخلان ]حلامية املدينة

ومعه مخسة آالف فارس حلفظها ومحايتها، بينما ثىن هو عنان الفتح صوب ) 1] (كيتبوقا نوين[الفاتح نصب اخلان

وبالغ يف استمالته ومسح » ركن الدين«، وأعطامها للسلطان »ينعز الد«، واسرتد األمر امللكي والعملة من »آذرباجيان«. هلما بالعودة، فاجتها يف سعادة وحبور إىل ملكهما املوروث، وجلسا على سرير السرور

النائب، » فخر الدين علي «فجعل السلطان عز الدين الوزارة بعده باسم » الصاحب الطغرائي«ويف تلك األثناء تويف

باسم » ركن الدين«أمرا بإسناد وزارة السلطان ) 2] (اخلان[وأرسل . عة ودواة احلكم ومنصب الوزارةومنحه اخلل

لضبط أموال اخلاص » تاج الدين املعتز ابن القاضي حميي الدين اخلوارزمي«، كما ندب ملك األمراء والصدور »پروانه«

. وحفظهاما محل » پروانه«املفسدين من مرتكيب اآلثام أدخلوا يف روع وكادت القلوب املضطربة تستقر، لكن أشرار اللئام و

ألنه قد مال إىل املصريني، » عز الدين«شكاوى من السلطان ) 3] (اإليلخان[على أن يكتب إىل خدمة » أليجاق«، فلو أن اخلان مسح لتم استدراك )4(وأنه يرسل إليهم الرسل دائما من طريق البحر

_________. ، ويف األصل بوغا633ع، . أ كذا يف) 1(

. 633بياض يف األصل واألوامر العالئية، ) 2(. 635بياض يف األصل واألوامر العالئية، ) 3(

.ديار: دريا، ويف األصل: 635ع . كذا يف أ) 4(

)1/357 (

تأديبه وتوبيخه على فصدر األمر يف هذا الصدد من اخلان بأن جيري . األمر قبل أن يتحقق له التحالف مع املصريني

). 1(» قونية«صوب » پروانه«النحو الواجب، وقضي األمر بأن ينطلق السلطان ركن الدين مع قواته و ...

_________ .635ع . قارن أ) 1(

)1/358 (

»فاسليوس«ذكر فرار السلطان عز الدين منهزما حنو فخر «ة من حتمل مشقة األسفار، استشار الصاحب ، واسرتاح مد ]اخلان[من حضرة » عز الدين«حني رجع السلطان

وحتول النزاع واخلالف يف [وهو أخي من صليب- لئن كان قد حدث اتصال مع السلطان ركن الدين-: قائال» الدينعلى فإذا عقدنا العزم : »معني الدين پروانه«إال أن االنفعال قد استبد يب من جراء احتيال ) 1] (ظاهر األمر إىل مودة

على سبيل االحتياط ودفع كيد األضداد لكان ذلك أمرا ينطوى على منافع مجة ] اخلان[التوجه مرة أخرى إىل خدمة هذا الرأي، ومت إعداد اهلدايا والتقدمات، مث إ�م تقدموا يف الطريق حىت وصلوا » فخر الدين«فاستصوب الصاحب

). 2] (املنجمني[ا الدهليز هناك، وقد �ض السلطان بناء على اختيار فنصبو» روزبه«بدهليز السلطنة إىل مرحلة

وعلم أن قدومهم إمنا هو على وجه العداء، أرسل » بآقسرا«وجند املغل » پروانه«و » ركن الدين«وملا حلق السلطان

، ولبث ينتظر ما )3(ا الستقباهلم، واالستعالم عن احلال وتدارك القضية، واستعد للفرار منهزم» فخر الدين«الصاحب حني حلق هبم أسندوا إليه الوزارة، وأن املغل مصممون على إبطال حشاشة » فخر الدين«فسمع أن الصاحب . حيدث

. مع قومه وعياله» أنطالية«على التوجه إىل ] السلطان عز الدين[فعزم . السلطنة، وأ�م قد اقرتبوااستولوا على ما » ركن الدين«وبعد يومني حني وصل جند املغل والسلطان

_________. 636ع . زيادة من أ) 1(

. ع، أيضا. إضافة من أ) 2( .ع، أيضا. قارن أ) 3(

)1/359 (

تبقى من معدات السلطنة وأسباهبا حلساب اخلان، ووضعوا يدهم على كل ما كان موجودا باخلزانة، حىت سلموه إىل يف والية آقشهر » أليجاق«وعسكر . عندما قدما من خدمة اخلان لطلبها» هباء الدين شاهنشاه«و » توكلك خبشي«

. »ألتونتاش«، بينما عسكر السلطان بقرية »قرايوك«بقرية ، وكان يريد أن يشن »سفري حصار«حشدا كبريا يف » علي هبادر«وأخذ جند املغول يغريون على كل ناحية، وحشد /

بالليل، فالتقت به وحدة استطالعية من جند املغل، فأبلغت اجليش الكبري، غارات ليلية على جند املغول، فضل طريقه. »األوج«ونشبت حرب ضروس، وانتهى األمر بعلي هبادر إىل الفرار، حيث خلص إىل ناحية

من صالح األمر، فاستقل الزوارق اليت كانت قد أعدت سلفا، وذهب بأطفاله » عز الدين«واستبد اليأس بالسلطان . ، فبالغ ملك الروم يف تعظيمه أشد املبالغة، وكان يقضيان اليوم بأكمله يف اللهو»فاسليوس«عند » استنبول«اله إىل وعي

مع شرذمة من أنصاره، فأكرم فاسليوس وفادته، » األوج«قادما من » استنبول«بدوره بالسلطان يف » علي هبادر«وحلق . وأعدائه، وأظهر ضروبا من الشجاعة، ولذلك لبس اخللع القيمة »فاسليوس«وأحلق هو اهلزمية بضع مرات خبصوم

بينما كانوا يف حضرة السلطان- وذات ليلة قال بعض من مل يكن يوسع أدمغتهم الفاسدة حتمل االستقرار واهلدوء-كبري حبمد أما وقد حرم السلطان من ملكه القدمي، وقد اجتمع حلاشيته هنا من األنصار حشد: أثناء تبادل األخناب

يف أثناء التنزة، فيعود ملك هذه البالد على حضرة السلطان فأبلغ » فاسليوس«اهللا، فما الذي حيدث إن مت القضاء على رئيس بيت ) 1(» كركديد«

_________

).387، 321عقد اجلمان، ص : العيين(» خال األشكري: كركديد«) 1(

)1/360 (

» هبادر أغرلو«فاحتال حىت دعا . »فاسليوس«، األمر إىل أمساع »العرق دساس«، حبكم )2(يف السلطنة ) 1(الشراب

إىل بيته، مث قيدمها، وبعث باملوكلني على باب السلطان ووالدته، مث زج بالسلطان » علي هبادر«أمري االصطبل، و كل من يعتنق الدين املسيحي / ان، وك»علي هبادر«، وقتل »األخور«وأقاربه األقربني يف إحدى القالع، ومسل عني أمري

. من أتباع السلطان حيظى باألمان، بينما كان الباقون يعانون من النكال والعقال، وتصادف أن جتمدت األرض »عز الدين«أن يرسل جيشا ضخما إلنقاذ السلطان » صاين خان« تعاىل- فأهلم اهللا-

، فتيسر بذلك عبور اجليش كلية، ومت له إخراج السلطان »لدونابا«تلك السنة وجتمد �ر ) 3] (شتاء[وظهر اجلليد يف من اإلكرام واللطف أنواعا شىت، » بركة«، فلما حلق السلطان باخلدمة، بذل له »بركة«من احلبس، وتوجهوا خلدمة

. »سوتاق«و » سوخلاد«وأقطعة والية الطريق، فاستوىل عليها اجلزع وألقت بنفسها من غري أن أصحاب األغراض أبلغوا والدة السلطان بأنه قد نكب يف

. القلعة، فهلكتا مسع السلطان مبا حدث ألمه وبوقوع ابنته واخته أسريتني بيد

أصابه االكتئاب، غري أنه لبث ينتظر » فاسليوس«ومل

. وسوف نسوق خامتة القصة يف موضعها. »الفرج بعد الشدة« _________

. شرابساالر: يف األصل) 1(

). 638ع، . أ. (»وكان على دين عيسى عليه السالم«) 2( .639ع، . إضافة من أ) 3(

)1/361 (

ذكر تويل السلطان ركن الدين قلج أرسالن احلكم وسريتهكانت لديه قوس وز�ا . وحيد الدنيا وشامة الزمان يف نثر الذهب وإشاعة البطولة» ركن الدين«كان السلطان الشهيد

، وحربة تزن تسعة أمنان، وكان يستنكف عن اخلسة والرذالة مجلة، وألن أكثر البالد قد صارت مملوكة له )1(ستني منا

). 2(يف أيام حكمه، فقد كان خيط مبنحها للناس كتبا شرعية ومواثيق سلطانية ومراسيم ديوانية

، مجع »استمبول«حنو » عز الدين«ان ، وانصرف السلط»قونية«جممل القول أنه حني متكن على العرش السلطاىن يف مبساندة » پروانه«فاستطاع . »قونية«مجعا كبريا من كل ناحية، وجاءوا حملاصرة » األخور«أمري » أغرلو«و » علي هبادر«

، وأذاق من أجابوا دعوته شربة العذاب والعقوبة، »كاروانسراى ألتونبه«من إحلاق اهلزمية والنكبة هبما يف » املغل«بعض

كنجيب الدين /-الذى كانوا يفصحون عن والئهم للسلطان عز الدين وقيد مجاعة املمتميزين وأصحاب القلم-سيف الدين «قاضي العسكر، و » القاضي جالل الدين سفر حيصاري«، و »قوام الدين مشرف امللك«املستويف، و

فأبلغهم مجيعا درجة » أليجاق«إىل يدين-مق ، وأرسلهم-»أستاذ الدار«و » كرمي الدين عليشري«، و »خاص قيبه. الشهادة

يف أحالمه مبنتهى » أليجاق«وملا قتلت هذه الطائفة بغري حق، خوطب _________

). فرهنك فارسى عميد(وحدة الوزن تعادل ثالثة كيلو جرامات تقريبا : املن ) 1( .642ع . قارن أ) 2(

)1/362 (

على مضاجع أولئك رأي العني- حىت أنه صحا من اهلول وشاهد آثار األنوار-الشدة والعنف من عامل الغيب، . »پروانه«املقتولني املغفور هلم، وأخذ يهذي بذم

، وبعد احلصار »كداغره«يف العصيان، وحتصن بقلعة » شاه ملك«، حىت شرع »علي هبادر«وما إن مت حسم حكاية ، وحصل على »اإليلخان«مث اجته إىل حضرة . به اىل أيدي املغل فقتلوه شهيداأنزله السلطان باألمان واألميان، مث دفع

قد انتهت اليه بطريق السرقة، مث ظل » سينوب«وكانت » -طرابزوىن«من قبضة » سينوب«مرسوم ملكي بانتزاع شهادة، فقد تيسر مل تكن جترى على لسان السلطان ركن الدين إال يف ال» ال«السلطان حياصرها سنتني، وألن كلمة

. يف احلال» سينوب«فتح ***

)1/363 (

ذكر السبب ىف حادث هالك السلطان ركن الدين » معني الدين پروانه«، أخذ »ركن الدين«قبل أن تدخل حصة السلطان عز الدين من ملكه يف تصرف ديوان سلطنة

وكان من آحاد » -اخلطري شرف مسعود ولد«فقال / يستشري خواصه يف إضافة ذلك الشطر إىل هذا النصف،مللتمسه متفائال بذلك، على » پروانه«، فاستجاب »نكيدة«مىت حتققت هذه األمنية منحين سيدي قيادة جند منشئيه-

ما اخرتعوه من هتم للسلطان عز الدين، فراح وجاء عدة مرات حىت ] على اخلان[عند عرضه » شرف«أمل أن يثبت

. وقيد السلطان عز الدين» قونية«ن من جانب اخلان للتوجه إىل األذ» أليجاق«نال

، مت إسناد قيادة »لشكري«الغربة خوفا من بأس اخلان دون ذنب جناه، وجلأ ثانية إىل » عز الدين«وملا اختار السلطان ىل الثريا، ومن السمك وفاء بالوعد السابق، فبلغت رتبته يف ذلك االجتباء من الثرى إ» لولد اخلطري» «نكيدة«جند

فلما مضت عدة سنوات على ذلك، عجز وعاء وسعه وإناء قدرته عن حتمل اجلاه والثروة، وألن الرتبة كانت . السماكبغري موضع، والدرجة خارج االستحقاق واملوقع، مد رجله ألعلى من درجته، وأخذ يصدر عنه من األقوال واألفعال ما

فأعرب أعيان األطراف عن استيائهم إلمارته، وشرع من استعداهم عليه ومن جعلهم . أمه وأباهيناسب أصله ونسبه، و. يشكون منه يرفعون القصص ويعرضون الغصص على الدوام

وما من أمر كان يصدر من أعتاب السلطان بإزالة ذلك العدوان، إال وأعرض عن االنقياد له واإلذعان، وواصل املضي .التمرديف طريق التفرد و

)1/364 (

وكانوا مجيعا أتباع ، وذات ليلة قال السلطان يف خلوة مع ندمائه-»پروانه«ومل يكن السلطان يقول شيئا مراعاة خلاطر ] ويعهد هبا إىل من يكون متحليا بالشفقة والعدل واملروءة واحلدب على الرعية. [من شرف» نكيدة«ينبغي حترير : پروانه

على سبيل الندامة، وهو إمنا يريد أن مينح مدينة كلما أدى » سينوب« وقت من األوقات بتملك ، ورمبا قال يف)1(، ويرتكوننا بغري نصيب من )2(وأشياعه بأسنا�م يف ملكنا القدمي، وهم حيتقروننا » پروانه«لقد أمسك ./ خدمة للسلطنة

فجدير بنا أن نذهب إىل خدمة اخلان، . ملكة حكمنصاب امللك، ولو استمر األمر على هذا النحو لن يبقى لنا يف امل). 3(ونعرض عليه استيالء الظلمة وشح املنال

وملا كان فتانا غمازا ذا كيد عظيم فقد استأذن يف . »ابن اخلطري«فنقل أولئك اجلاحدون هذا املعىن بالنقري والقطمري إىل نا يتجهان سويا إىل الصحراء ويفكران حىت قر رأيهما يف النهاية ، فكا)4(على النار » پروانه«السفر إىل أوالده، وأجلس

. على التآمر ضد السلطان مبساندة املغل، وأرسل رسالة مضمو�ا أن »شرف«لقادة املغل وإمرائهم أمواال مجة، وأرسلها بصحبة » پروانه«ويف اليوم التايل أعد

لشاميني والشروع يف التمرد، وكنت أنا أحول دون ذلك، األمر الذي جعله السلطان استبدت به الرغبة يف التحالف مع ايعقد العزم على القضاء علينا، ومىت فرغ من أمر قتلي سيجمع

_________. 645ع، . زيادة من أ) 1(

: مردم: حنن، حيث أوردها: ، وهو تصحيف لكلمة ما»وهم حيتقرون الناس«: ، ويف األصل645ع، . كذا يف أ) 2(

. ناسال

. يعين أمر، وهو تصحيف بال شك: مثال: ع، أيضا، ويف األصل. كذا يف أ) 3(

.يعين أثاره على السلطان) 4(

)1/365 (

اجلموع الستئصال شأفتكم، فإن بادرمت بتدارك األمر قبل أن تنتقل الفكرة من حيز القوة إىل الفعل، لكانت يف ذلك . مصلحة عظيمة

» پروانه«وكانت بينه وبني ) -1(» ينال يارغوجى«ذلك وأحجموا عنه، حىت محل فأعرض معظم أمراء املغل عن » نكيدة«بعساكره وعسكر » پروانه«كما اجته إليها . »آقسرا«أمراء املغل على التحرك لتفحص احلال حنو صداقة-

وانه من احلضيض فكان يف ذلك وانتشله پر/ وكان من سفلة وجماهيل الرتك املرتزقة ) -2] (اجلمال[» ولد حاجا«وأتباع

. كالزمان حمبا لألنذال مربيا للجهالإلخباره بأن أمر اخلان قد صدر بشأ إحدى املهام الدقيقة، وأنه البد من » قونية«مث أرسلوا يف طلب السلطان رسوال إىل

تاج الدين معتز هو الذي ، ويوم حلق هبم كان»آقسرا«إىل » قونية«حضوره لسماع ذلك احلكم، فاجته السلطان من أقام الضيافة، فتجرع السلطان فيها كؤوسا ثقيلة، فلما أثرت سورة اخلمر وارتفع جلباب احلياء، فتل أمراء املغل حبال

، وما التقصري الذي فعله يف »پروانه«ألي سبب تقصد قتل : العتاب مع السلطان، وأغلظوا له يف اخلطاب قائلنيمنك هذا التفكري املستهجن؟ خدمتك لكي يستأهل

ال علم عندي مبا يقوله األمراء، وما جرت كلمة على لساننا أبدا يف هذا الصدد ال يف حالة الصحو : أجاب السلطانطاملا أن هذه : فرد األمراء. ولو قدم األمراء استكشافا شافيا، ألصبح من املؤكد أن خيجل الناقل. وال يف حالة السكر

تتكرر، ومل يبلغ األمر هذا املبلغ، فإنك لو سلمتنا تلك الفئة اجلافية الذين قاموا بالتحريض على هذا الغدر احلكاية ملفإن عقاهبم سيتم وفقا لقانون

_________. بانياك: ، ويف األصل646ع، . كذا يف أ) 1(

.646ع، . أ) 2(

)1/366 (

سأفكر يف هذ : قال السلطان. ا، أما إن أمهلت فلن نبقي أو نذر، ولكانت جناة السلطان أمرا ميسور)1(» الياسا«. وبلغت تلك اجللسة �ايتها بذلك القول. األمر، وأطرحه غدا على األمراء

فارق السلطان املدينة؛ وكانت نوبة الضيافة على السلطان يف ذلك 664ويف يوم األربعاء الثاين من مجادى األوىل سنة

، وكان جند املغل قد غرقوا يف السالح، وأحاطوا بالسلطان من /ع األمراء وتناول وجبة معهماليوم، فشغل بالصيد مفشعر السلطان بامللل من الزحام، . فلما دخل اخليمة دعا إليه املغول، ووضع اخلوان مث رفع، وقدم السقاة اخلمر. بعيد

فرأوه قد ربط حول خصره بضعة خناجر، ) 2(» للجامه دار«واحلر يف اخليمة اليت جلسوا فيها، فأعطى قميصه : فاستلوها واحدا واحدا ملشاهدهتا، وبدأوا يف توجيه العتاب إليه، فقالوا

، لكنك مل تفعل، فشرع يف االعتذار، ومل يقبلوا عذره، ويف أثناء »پروانه«باألمس اتفقنا على أن تسلمنا أصحاب سعاية ه مل يلبث طويال حىت ظهر تغري كامل يف مزاجه الكرمي، وملا غلب السم يف احلوار دسوا السم يف قدحه، فلما جترع

أعماق العروق واستوىل االضطراب على الروح، خرج للتبول، وطلب حصانا فركبه واجته صوب املدينة، فلحقوا به . وأعادوه

املغل، وأسدلوا باب اخليمة، وخلعوا ، وبقي ضياء وشرف ابنا اخلطري مع عدد من »پروانه«وبعد مدة خرج أمراء املغل مع عنه عباءته وأخذوا يف توجيه الركالت إىل مثل ذلك السلطان، ولشدما صاح واستغاث، لكن مل يكن مثت

_________. قانون وضعه جنكيز خان، التزم به املغول التزاما كامال، وجعلوه دستورا مقدسا هلم: الياسا) 1(

.السلطانية يعين املسئول عن الثياب) 2(

)1/367 (

. أثر للرقة والرمحة، ويف النهاية بعثوا بروحه إىل اجلنان بوتر القوس. »قونية«فلما فرغوا من القضاء عليه، توجه املغل ملعسكرهم الشتوي، وجاء األكابر بأسرع ما ميكن إىل

ذكر سلطنة غياث الدين كيخسرو بن قلج أرسالنوكان قد تيتم عن أبيه وهو ابن سنتني احملروسة، أجلسوا السلطان غياث الدين-» قونية«حني وصل أركان الدولة إىل

و ] فخر الدين على[وباشر كل من الصاحب . ، مث أقسموا على الوالء له ونصرته/على عرش السلطنة ونصف-يف حجر تربيتهما ورعايتهما مصاحل الدولة متعاونني فيما بينهما بالكفالة والكفاية، فنشأ السلطان وكرب» پروانه«

وأخذ يزين املنشورات واألوامر زمنا بالتوقيع بقالب خشيب، فلما فارق مرحلة الطفولة . كالغصن على شاطئ املاء الزالل. إىل حد الصبا، ووضع القدم يف دائرة فهم األشياء وحفظ األمساء أتوا له بأستاذ لكي يشغل بالتعليم

***

)1/368 (

»عثمان جوق«ال الصاحب فخر الدين واعتقاله بقلعة ذكر اعتزالذي » -فخر الدين«من ديار الغربة رسالة تتضن صورة احلال وقلة املال إيل الصاحب » عز الدين«أرسل السلطان

، »پروانه«فظهرت الشفقة يف باطن الصاحب على العادة السابقة، وتداول يف األمر مع . كان من قبل وزيرا لسلطنته

رقة من مطالعة رسالة السلطان، واحتفظ بالرسائل عنده بعد أن » پروانه«وأرسل إليه رسائل السلطان، فأخذت . تصفحها

فسأله على أي منط ينبغي أن يكتب جواب السلطان عز الدين، » بپروانه«ويف اليوم التايل اتفق للصاحب أن التقى . هذه احلالة اليت أحاطت فيها العسرة بأيامه وأمسك العوز فيها بتالبيبهوهل ميكن إرسال شيء إليه أو ال، وخباصة يف

، وكان حني انزعج من جور األمراء، وأخذ يطوف »طغرل«إن حال السلطان شبيه حبال السلطان «: »پروانه«أجاب : يستميحه فيه» الدوبيت«مشردا يف أطراف البالد بسببهم، أرسل إىل ملك األرمن هذا

فلقد أصبح املوت حالال لنا من الفقر والعوز ... ليوم يا من أنت للكرم جناح تكرم ا/ ولن أتلقى اجلوهر من كفك بتذلل ... سوف يتحسن حايل بالنجم غدا

فلما طالع األرمين هذا الدوبيت، مل يدر قط ولو دورة واحدة حول املروءة ومل يرشح إناء سخائه، وظل على خبله

السلطان هذا الدوبيت وشحه، فارجتل

)1/369 (

: من فرط الغضب

) 1(فأكون امرأة لو مل أخل ساحتك من احلزن ... أيها القلب، لئن كنت واقعا يف هوى األرمن ) 2(الثور من البيدر كنت أنا يف البيدر ... ويا أيها الفلك، إن مل أحتايل ألطرد

ويف مثل هذه األوقات تكون رعاية ويل النعمة شرطا . به الناسوغدا اسم ملك األرمن من أجل ذلك البخل مسرا يسمر

. »ولو كان قد بعث إيل بكتاب يف هذا الصدد، لكنت قد بذلت كل ما يف ملكي. الزما من شروط املروءة أرسل إىل السلطان رسالة جوابية مع بضعة أثواب ومشربة ذهبية وز�ا مخسمائة» پروانه«وحني نال الصاحب اإلذن من

. مثقال وطرائف أخرىوالصاحب، وحثوا پروانه على حبسه وإذالله وقيده والتنكيل به، لكنه كان » پروانه«وبعد مدة بدأ األضداد السعاية بني

ولد الصاحب، وكان ال نظري له يف قيادة اجلند والطعن باخلنجر / » تاج الدين حسني«خيشى وحيتاط من ناحية األمري

أنا أكفيكم أمره فأدعوه إىل وليمة يف بييت، فإن عزم : »ولد اخلطري«فقال شرف . اة العسكرية والسخاءواالفتتان باحلي

. على اخلروج منعته _________

خاىل نكنم از تو : 37: 1هـ، 1295، وجممع الفصحاء، لرضا قلي خان، طبع طهران، 653ع، . كذا يف أ) 1(. ارزن باشم، وال معىن هلا يعتد بهخاىل نكنم زارزن : ويف األصل. حزن زن باشم

.يعين أنه إن مل يفعل يصبح عرضة ألن يدوس عليه الثور يف البيدر كالغالل وحنوها) 2(

)1/370 (

للنزهة يف خدمة موكب السلطان، فلما » وولد اخلطري«واألمري تاج الدين » پروانه«ويف اليوم التايل، ذهب الصاحب و

لتاج الدين إن يف رأسي مخارا من شراب األمس، ولدي صحن أو اثنان » الشرف«جبولته قال نزل السلطان بعد أن قام فلو جتشم موالي املشقة وتفضل . ، وهو ما ال ميكن عالج آالم من يعاين من أثر اخلمر إال به)1(من حساء السماق

. عودمت هذا اململوك عليه من تلطف معي لكي نتناوله سويا، ونبادر بتبديد اخلمار، فلن يكون ذلك ببعيد عماولفرط ما كان عليه من سالمة قلب أجاب ولد الصاحب دعوته، وذهب إىل بيته، ودخل معه من باب املالطفة، مث

ليس : نقاب احلياء، وقال» الشرف«وبعد رفع املائدة أزمع ولد الصاحب اخلروج، فكشف . شرعوا يف املزاح واملطايبةاملروءة مع اإلخوان والرفاق تقتضيك : قال ولد الصاحب. مببارحة هذا املكان» پروانه«ب األمري مسموحا لك من جان

قضي «: يف احلال على ورقة» ولد اخلطري«فسطر . فلم جيد ذلك شيئا، ورضي مذعنا بالقضاء، وهدأ. أال تفعل هذا. فورا» پروانه«، وبعث هبا إىل الديوان عند »األمر

، »طرمطاي«و » أرسالن دغمش«الفور من مقدمة الصفة حيث كان قد جلس مع الصاحب و على » پروانه«وقام قد بعث هبا إىل الصاحب على يد أحد األكابر لكل » عز الدين«وجاء جبنب الصفة، وأرسل الرسالة اليت كان السلطان

: ، وقال»الصاحب«و » طرمطاي«و » أرسالن دغمش«من ./ ر يف املكر مبواله والغدر به ويناصر معارضيهكيف ميكن العيش مع من يفك

_________ ).املعجم الوسيط. (حساء السماق، والسماق شجرة تستعمل أوراقها دباغا، وبذورها تابال: تتماج: يف الفارسية) 1(

)1/371 (

ات يف الوقت عندما وصلت إيل هذه الرسالة أرسلتها إليك يف احلال، وذكرت ما كان من مشافه: قال الصاحب

. املناسب، فال ذنب يل يف هذه القضية، وليكن بعد ذلك ما يأمر به اهللا ومواليوجرى احتجاز الصاحب يف بيت من حجرات قصر السلطنة مدة من الزمن، ومن مث أرسل إىل بيت أمري العدل،

وبعثوا معه بأموال كثرية للتحقري إىل أمراء املغل وقادهتم إلطالعهم على هذه القضية، » مشس الدين ولد صدرو«وصرف . »آمد«قيادة قوة » ولد صدور«الوزير وتعظيم وزره، ومن أجل ذلك منح » فخر الدين«من شأن

ا مسع أمراء املغل قالوامهما كان اجلرم الذي صدر عنه كبريا فال جيب االستعجال يف إبطال حشاشته والقضاء عليه : ومل

. ، وإمنا كونوا قريبني منه، وال ترتكبوا أي خطأ، وبالغوا يف حراسته)1] (اإليلخان[طاملا مل تعرض القضية على حضرة

بشرط أن » ولد اخلطري«، وأطلق سراح ابنه بكفالة »عثمان جوق«، أرسل الصاحب إىل قلعة »ولد صدور«فلما عاد . وسوف يرد فيما بعد ما آل إليه حال كل منهما. يف السفر واحلضر» پروانه«يالزم

.. . _________

.656ع، . بياض ىف األصل وأ) 1(

)1/372 (

ذكر تبديل املناصب ىف ديوان سلطنة بالد الروم

املستويف » جملد الدين حممد بن احلسن«، أعطيت الوزارة »عثمان جوق«إىل قلعة » فخر الدين«حني بعث بالصاحب جالل الدين « الفاين، وأسند االستيفاء للصدر املعظم األرزجناين، الذي مل يكن له من ثان يف أنواع الفضائل يف العامل

لزين «، والنظارة »أيب يوسف«وكان من أحفاد » -عبد الرمحن/ لظهري الدين متوح بن«، واإلشراف »حممود املشرف. ، وكان كل منهم يقوم بعمله على أحسن وجه وبقدر اإلمكان»الدين أمحد األرزجناين

وطرحت احلكايات ) 1] (اخلان[، وذهب إىل خدمة »عثمان جوق«من قلعة » لدينفخر ا«فلما نزل الصاحب إىل بيته، وأن يتدخل ) 2] (يذهب[بأن ] اخلان[للمناقشة، طلع الصاحب من تلك الفرية نقي الساحة والعرض، وأمر

. يف األمور السلطانية واألشغال الديوانيةا غري أن الصاحب ظل فرتة من الوقت مقيما بيب

ته مالزما لداره، وشغل بضبط األمالك والعقارات وعمارة األوقاف، ومل

» آباقا«إىل ديوان أنفة منه وإباء- انقضت مدة على العزل وتسلل السأم واملالل إىل نفسه من تسلط األراذل، اجته-، فأسندت إليه الوزارة من جديد، وفوضت إىل ابنيه قيادة )3(

_________

. 657ع . ألصل وأبياض ىف ا) 1(

. ع، أيضا. إضافة من أ) 2(

راجع . 680، وتويف سنة 663يف إيران والعراق سنة » اإليلخانيني«هو آباقا خان بن هوالكو، توىل حكم : آباقا) 3(الشرق اإلسالمي ىف عهد : الفصل القيم الذي كتب عنه عند أستاذنا الدكتور فؤاد عبد املعطى الصياد يف كتابه

م، ص 1987من منشورات مركز الوثائق والدراسات اإلنسانية جبامعة قطر، الدوحة . أسرة هوالكو خان: ينياإليلخان .وما بعدها 33

)1/373 (

. األب وابنيه إىل الروم قانعني مغتبطني» آباقا«وأعاد » قرا حصار دوله«و » خوناس«و » الديق«قوات األمري املعظم [إىل الصدر جمد الدين، وكانوا مجيعا يالزمون ) 1(» كيةاألتاب«فلما عاد إىل مباشرة الوزارة، أسندت

. الذي كان قد جاء حلكم مملكة الروم) 2] (برقواغا ...

_________. 1هامش 174لقب شريف، فاألتابك، ومعناه األمري الوالد، انظر ما سلف، ص ) 1(

.، وىف األصل بياض658ع، . كذا ىف أ) 2(

)1/374 (

ض أوصاف األتابك جمد الدين وخامتة أمرهذكر بعنادرة األيام يف أنواع الفضائل واآلداب والتبحر » جمد الدين حممد بن احلسن األرزجناين«كان الصدر املعظم فريد العامل

كان خطه يف غاية اجلودة وعبارته يف غاية اللطف والذوق، وكانت رواتب مرباته يف حق اخلاص . يف فنون احلساب

متتابعة متواترة كشعاع الشمس وقطرات السحاب، وكان قد سيما يف شأن السادات واألئمة- والعام من أهل اإلسالم-. وعند وفاته كان أيقظ عقال وأسلم وعيا. أمل إملاما كافيا بقرض األشعار ونقدها وسبك الرسائل عربيها وعجميها

، ودعا إليه وهو يف )1] (الوصية[حظي بإنعام منه يف حالة / ى عليه سالماكل من مر على بابه يف أيام حياته أو ألق. النزع األخري اخلدم واحلشم فودعهم مجيعا بوجه بشوش ضاحك، مث وىل وجهه صوب دار القرار

لياء يف ومن بني رسائله رسالة قد كتبها يف جواب ملك السادة، سالك سبيل السعادة، مالك أزمة العارفني، حجة األو، أدام اهللا على كافة املسلمني بركته، )2(احلسني العلوي الطباطباي الشريازي : العاملني، شرف امللة واحلق والدين

): 4] (وهذه هى[لكي يستدل على وفور بالغته، ) 3] (ونوردها[

أما اخلطاب املبارك ملوالنا ملك السادات، فلك السعادات، افتخار العرتة

_________. 659ع، . إضافة من أ )1(

. اإلصفهاين: 659ع . كذا ىف األصل، ويف أ) 2(. ع، أيضا. زيادة من أ) 3(

.وابان ايامك: ويف األصل 660ع، . كذا يف أ) 4(

)1/375 (

ه الطاهرة، ويل الكرامة الظاهرة، علم اهلدى، معلم الورى، شرف امللة والدين، حجة اإلسالم واملسلمني، أبد اهللا فضل

الشريفة بالتعظيم والتبجيل بزينة ) 1(وأفضاله، فكان يتيمة حبر السعادة، فغدا متيمة حنر اإلرادة، وحظيت آثار األنامل حدقة الفضل ونور حديقة القول والفعل على سبيل التيمن والتربك، فوصل إىل مشام الروح من مطاويها وفحاويها نسيم

. ما كرت املواسم عليه السالم- رم أخالق أيب القاسم-الروض الناسم، ال بل نفحات مكاإن هو إال زمن وىل يف سعود تلك السعادة العظيمة وجهه صوب األفول، وتعرضت غصون تلك النعمة والنعيم لوصمة

اطري كان هذا البيت من احلماسة جيول بخ. حبسن التفات املولوي ومين نظره) 2(الذبول، فإذا به اآلن قد طلع ونفع : ىف اليقظة واملنام

قدما كالذي كانوا ... عسى األيام أن يرجعن

وكان تكرار هذا البيت وإعادته . له مسامرة/ وكانت عني البصرية برغم ذلك خليال اجلمال املبارك ناظرة ولسان السريرة: يعد نوعا من تسلي الضمري واخلاطر

تصدق األحالم ) 4(لو كانت ) 3(آه ... وعدتين األيام منك بوصل

أجنز اهللا وطره كما أحسن سرته، وأبلغ خبطور احلضور املبارك إىل هذه الناحية، » صالح الدين«إال ووصل اآلن الصدر فأ�ى بشرى مباركة، فنشأ يف

_________. وابان ايامك: ويف األصل 660ع، . كذا يف أ) 1(

. 660ع، . مانع، والتصحيح من أ: يف األصل) 2(

. له: ع، أيضا، ويف األصل. كذا يف أ )3(

.كان: ع. يف األصل، وأ) 4(

)1/376 (

). 2(، واملأمول أن تقرأ عما قريب عند نوال شرف اخلدمة قد جعلها ريب حقا )1(هذا تأويل رءياي من قـبل : الضمري. وما ذلك على اهللا بعزيز

... _________

. 100: سورة يوسف) 1(

.أيضا) 2(

)1/377 (

ذكر تشرف امللكة املعظمة سلجوقي خاتون ابنة السلطان ركن الدين بتزوج ابن اخلان وعصيان ولد اخلطريحني صدر الرأي العايل واألمر النافذ بأن تدخل واحدة من بنات السلطان ركن الدين يف حبالة تزوج إمرباطور العامل،

، شرع السلطان غياث الدين كيخسرو وأمراء »العيوق«السلجوقية بسبب ذلك االفتخار كوكب وأن جياوزوا بشارة الراية كمال «وفوضوا أمر اإلعداد للصدر . سلطنته يف ترتيب جهاز امللكة ليل �ار ببال منشرح وآمال منفسحة، وأمتوها

. حىت أعد لكل شيء عدته يف أيام قالئل» الدين ابن الراحةنائب احلضرة سائرين على األقدام يف خدمة اهلودج السلطاين، » أمني الدين ميكائيل«و » پروانه«و ومضى الصاحب

» طرمطاي بكلربكي«و » جالل الدين املستويف«و » جمد الدين«وبصحبته األتابك » غياث الدين«وصرفوا السلطان

. »قيصرية«إىل » سنان الدين ولد أرسالن دغمش«و قائد جنده- » -كيو تاج الدين«إىل » معني الدين پروانه«الوداع أسر / وعند

يف حركات أوالد اخلطري الزجناين وسكناهتم، وال شك أنه بأي وجه من الوجوه- إنىن ال أتفرس آثار اخلري-: قائالوجودمها ستصدر عنهم فتنة عظيمة وبالء وبيل، ولو مل تكن الفرصة ساحنة ألداء هذه املهمة الدقيقة لكنت أحمو صدأ

اليماين املصقول، رغم أين أنا الذي انتشلتهما من احلضيض، إال أنه جيب أن تنتهزا ] السيف[من مرآة الوجود مبصقل سويا الفرصة يف آناء الليل وأطراف النهار، وأن تلزما جانب احليطة

)1/378 (

. اق دم األخوين أمرا واجباواحلذر فتعمال بكل وسيلة وحيلة على قتلهما، وتعدا املسارعة يف إهر

ذلك أنه حني . بإجناز هذه املهمة، لكن التصوير كان يف معمل القدر على خالف تصورمها» پروانه«فالتزما أمام األمري مع مجاعة من جند الروم وعكسر املغل حنو » شرف الدين ولد اخلطري«توجه » بقيصرية«حلق موكب السلطنة

، وفجأة أغارت عليهم من أحد املمرات كتبية من جند الشام وأخذوا »بيكارباشي«، ونزل حلراسة الثغور» آبلستان«سيف الدين «، و »سيف الدين أبو بكر اجلامدار«و » تركري«و » روم راي«معهم جانبا من قادة جند الروم مثل

على أن ينزلوا من الغد » اي قراطايكاروانسر«، وملا كان ولد اخلطري وحراس املغل كثريين، فقد رجعوا ونزلوا »قراسنقر. بصحراء قيصرية

، وأعاد على مسامعه »ولد پروانه«من هناك يف احلال إىل قيصرية، وذهبا عند » سنان الدين«و » تاج الدين كيو«فجاء ذا جاء أبيه من حكم حني قاما بتوديعه، فأقسم الثالثة متفقني على تنفيذ هذه املهمة حبيث إ/ ما كانا قد مسعاه من

. فعليهم حينذاك أال يتوانوا عن قتلهما على أن يكون حضورمها بالقصر السلطاين- األخوان أمام ولد پروانه-، فسري ضيا يف احلال رسوال إىل أخيه، ]ولد اخلطري[أبلغ هذا السر لضيا » ولد پروانه«غري أن شخصا من مالزمي

صباح » تاج الدين كيو«الح مجيعا، لكي يعملوا سيوفهم دون إبطاء يف وكشف عن القضية، فأمر أتباعه بأن يلبسوا الس . الغد بعد املعانقة

ويف اليوم التايل ذهب ضيا الستقبال أخيه، وأعاد على مسامعه احلكايات،

)1/379 (

دمته-يف ذلك اليوم على اعتبار أن ولدي اخلطري سيذهبان إىل خ» ولد پروانه«وركب . فاشتعلت نائرة غضبهما معا). 1(وعليهما غبار السفر كعادهتما-

قال ) 2] (فلما التقوا[مع عدد قليل ممن كان معهم من الرجال لالستقبال، » سنان الدين«و » تاج الدين كيو«وتقدم

إن كان لديه عذر : »كيو«ماذا كان حيدث من نقصان لو تقدم ولد موالنا الستقبالنا؟ قال : »كيو«معاتبا » الشرف«. هبذا اجلواب حديث املؤامرة» الشرف«فتحقق لدى . جتاوز عنه ملك األمراء، ويتجه إليه حىت يشعر هو باخلجلفلي

واستل السيف خفية إذ أنه مل يكن قد رآه من مدة طويلة- » -تاج الدين كيو«بزعم معانقة » ضيا«وعند ذاك تقدم

مه بيده اليسرى وأخذ يطعن كل من كان يصادفه، وملا حسا» كيو«اليمىن، فامتشق » كيو«من غمده، وشق به يد قد أثرت فيه تأثريا كبريا فقد انكفأ على وجهه، ففصلوا رأسه يف احلال عن » ولد اخلطري«كانت الضربة اليت وجهها إليه

. »سنان الدين«، كما استشهد هناك أيضا األمري »ضيا«جسده، وربطوها يف مؤخرة سرج

نشأ اهلرج يف ) 3] (واشتعلت نار الغدر واخليانة، وتطاير شرر الشر [ولدي اخلطري أمرا ظاهرا، وحني أصبح عصيان / باألعالم ومبن كان معه من اجلند إىل صحراء املشهد، وتوقف هناك، وأرسل » الشرف«داخل املدينة وخارجها، وانطلق

واملستويف إىل إركاب » طرمطاي«ء اضطر األتابك و وبعد كثري من التمنع واإلبا. إىل املدينة من يأيت إليه بالسلطانالسلطان، مث جاءوا به إىل

_________. 663ع، . قارن أ) 1(

. ع، أيضا. زيادة من أ) 2( .664ع، . زيادة من أ) 3(

)1/380 (

. »الشرف«د الشام لإلخبار باحلال إىل بال» ضيا«أخاه » الشرف«، فلما بلغوها، أرسل »نكيدة«ويف اليوم التايل انطلقوا إىل

ليصرفا » سيف الدين طرمطاي«و » جالل الدين املستويف«و » األتابك جمد الدين«وطلب النجدة بالرجال، وألزم وكانت اخليالء . لوجود السلطان مجع كبري وحشد هائل» نكيدة«وتشكل يف . »ضيا«إخوهتم وأبناءهم يف صحبة

د مبرور األيام، فأخذ ميارس التكرب الفاحش على أكابر الدولة، ويكيد كل وقت تتزاي» الشرف«واحلماقة اليت متلكت . فكانا حني يعلمان باحلال يرسالن الكثري من املال، وجيعالن اخلزانة وقاية لنفسيهما ) -1] (واملستويف[باألتابك

اليوم الفالين جبيش كثيف، سيصل يف ) 2(» الفندقدار«ويف كل يوم كان يظهر رسل مزيفون من طريق الشام بأن . وأخذوا يضربون البشارات هبذه األكاذيب، وعاشوا زمنا بني هذه احلالة وتلك احليلة

_________. 665ع، . أ) 1(

-658يعين امللك الظاهر ركن الدين بيربس البندقدار، من سالطني املماليك مبصر والشام، توىل احلكم من ) 2(676.

)1/381 (

ج امللكة وعودة األمراء وسكون فتنة أوالد اخلطريذكر وصول هود

ومحلوا العروس بكل عز وجالل من منصة اجللوة إىل ) 1] (اخلان[والنائب خبدمة » پروانه«وحني حلق الصاحب و مبزيد من العطف واللطف-» پروانه«حجلة الوصال، وقوي ظهر سكان ديار الروم بتلك الصلة، حظي الصاحب و

من جانب احلضرة اخلانية، وأضاف فرضة من ديار األرمن إىل ممالك السلطان، وتوجه الصاحب و ى املعهود-يربو عل. صوب اململكة ومها يف غاية السعادة واالنشراح» پروانه«

، ]اخلان[، مسعا خبرب عصيان ولدي اخلطري، فعرضا صورة احلال يف احلال على حضرة »أرزن الروم«/ فلما بلغا حدودمع جيش جرار إىل الروم لدفع » توقو آغا«و » تودون هبادر«األمر النافذ بأن يتوجه ولد اخلان الفاتح بنفسه و فصدر

. فتنة ولدي اخلطريقد مضى يف طريق اجلنون كعادته القدمية، فشرع يف توزيع الواليات على أناس دون ومارقني فسقة، » ولد اخلطري«كان

، لكنه كان حيرتز من قبل أركان الدولة، )2] (وترك التحفظ واالحتشام كلية[لوفاء، وأزاح نقاب احلياء عن طالع ا). 3(، ويبث احلرية يف من كان يتبعه من الناس مضطرا »دولو«وتارة يف » نكيدة«ولذلك كان يتحصن تارة يف

_________. 666ع، . بياض يف األصل وأ) 1(

. لغاية، وعبارة األصل مضطربة ل667ع . أ) 2( .667ع، . قارن أ) 3(

)1/382 (

قد وصل جبند ال حصر هلا يف خدمة ولد اخلان، واختذ احليطة حلفظ اجلوانب وسد » پروانه«وفجأة أبلغه اجلواسيس بأن هذا القول ارجتف واضطرب كما يرجتف ورق الصفصاف، واسودت » ولد اخلطري«فلما مسع . املهارب وحراسة املسارب

إنين ال أرى مصلحة وال رأيا : فجاء إىل دهليز السلطنة، ودعا إليه األمراء وقال. عينيه خوفا من جيش املغلالدنيا أمام مث ودع األمراء، . »پروانه«يف تدارك سوء أفعايل إال الفرار إىل بعض معاقلي، انصرفوا أنتم يف خدمة موكب السلطنة إىل

فلما اقرتب من القلعة أذن ألهله وودعهم، وصعد مع أحد الغلمان مع بضعة نفر من جنده » لولوه«وسلك طريق قلعة . إىل القلعة، فقيده حمافظ القلعة يف احلال، وأبلغ األمر لألعتاب السلطانية

وانطلقوا مسرعني، فبلغوا / أجل، حني ذهب شرف الدين إىل القلعة أركب أركان السلطنة السلطان عند صالة العشاءالشمعة بطلعته الغراء- » -پروانه«ل، فأمضوا بقية الليل يف امليدان، ويف الصباح أشعل هلم يف منتصف اللي» دولو«

إمنا نتحمل : وكان السلطان قد خلد إىل النوم، فلم يدعهم يوقظوه، وقال. املضيئة للعامل، فدبت فيهم احلياة من السعادة

. ع هو بدوره رأسه على الوسادةووض. الشريفة) 1(حنن كل هذه املشقة من أجل راحة ذاته

يد السلطان، وانطلقوا سويا إىل خدمة أمراء املغل، فلما التقى هبم السلطان، أنشأ » پروانه«فلما ارتفع النهار قبل

وبادر أمراء املغل بتسلية . فصوال يف باب براءة السلطان من ذلك العصيان، وجعلها مقبولة يف مقاعد السمع» پروانه«بسيف الدين «اخلائن سروا بذلك سرورا بالغا، وبعثوا » شرف«عن أمر اعتقال » پروانه«وملا كشف . لطانخاطر الس

وكتيبة من فرسان املغل » جالش _________

.دار: ذات، ويف األصل: 668ع . كذا يف أ) 1(

)1/383 (

إىل أمراء املغل » الدين ولد اخلطريبشرف » «جالش«فأتى . »شرف«واملسلمني إىل القلعة الستمالة حمافظها واستنزال

اخلادم وكان » قيبة«اجلامدار و » سنجر«أمري الصيد و » ولد قالوز«بغل الذل، فأحذوه للتحقيق والسؤال، وقتلوا سبب الفتنة وهو الذي سلم السلطان لولد اخلطري، ومت التحقيق مع األمراء اآلخرين الذين كانوا قد تبعوه مضطرين،

. رم كل واحد منهم بعد تفحص األحوالوحددوا جفلما رجع ولد . قد بقوا يف اخلدمة لدي ولد اخلان يف أطراف آبلستان حلراسة املمرات» تداون هبادر«وكان الصاحب و

فأخذ / ، وجروه للتحقيق»بولد اخلطري«بدوره إىل البالد، أتوا » توقو«اخلان وعزم على التوجه إىل البالط اخلاين، وعاد ، وبعثوا )1(» الياسا«لفرط دهشته وغاية حريته جييب عن األسئلة إجابات متناقضة، ويف �اية األمر نفذوا فيه حكم

. بيده ورجله ورأسه وسائر أعضائه ففرقوها يف خمتلف الديار لكي يعترب اجلاحدون وكافرو النعمة وينزجر اخلدم الغدارونذلك الشتاء ظل أمراء الروم مالزمني للمغل من الصباح إىل املساء بسبب هذه ويف. مث إ�م توجهوا بعد ذلك للمشىت

فلما انتهت هذه احلكاية، وانقشع عنهم . األيام) 2(القضايا، وكانوا يقضون أوقاتا عسرية من اخلوف واعرتاض صروف ل الولدان شيبا من حجاب عتاب التحقيق والطلب، ورغب الناس يف الراحة واالستقرار، ظهرت حاالت عجيبة جتع

القدر، وتبدل االحرتاق _________

هو القانون الذي وضعه جنكيز خان للمغول، راجع فيما سبق، » الياسا«و . يعىن أنه قتل» الياسا«نفذ فيه حكم ) 1(. 1هامش 367ص

.ثغرة، وال معىن هلا: رخنه: صرف، ويف األصل: 669ع، . كذا يف أ) 2(

)1/384 (

وتزلزلت اململكة وختلخلت قواعد السلطنة، وأدت احلركة غري . والرتح بالفرح، واملأمت باالرتياح، والغم بالسروربالعرس،

صاحب الشام إىل أن تصل آالف اجلرعات املسمومة الفتاكة ملذاق اخلاص والعام » فندقدار«الصائبة اليت أتى هبا . ويفعل اهللا ما يشاء

***

)1/385 (

الفندقدار من ناحية الشام ذكر خروج فحملوا متاع ملك السيارات من حانوت ) 1(حني عمد من يزينون الدنيا بقدرة اعلموا أن الله حيي األرض بـعد موهتا

احية احلوت إىل منزل احلمل، ووضعوا صيت مقدم الربيع على لسان السوسن والبلبل اهلزار، أخذت األخبار ترتى من ن

بأن جيشا كبريا يتجه من جانب الشام إىل بالد الروم، فتم تدوين األوامر من حضرة السلطنة إىل األطراف، » سيس«. »قيصرية«لكي يتجمع اجليش يف ضواحي

/ من» معني الدين پروانه«و » توقو آغا«و » تودون نوين«فتحرك جند املغول وجيش السلطان برعاية وقيادة كل من قال أصحاب األخبار إن جيش الشام سينزل غدا » هورون«فلما بلغوا جبل . »آبلستان«، وسلكوا طريق »يةقيصر«

للهجوم يف اليوم التايل- وانطلقوا-. فاختذ اجليشان الرومي واملغلي احتياطهما. »آبلستان«عند الصباح يف صحراء . نازلني من اجلبل

و حترك على الفور، وحني وصل إىل الصحراء رأى اجليش قد اصطف صفوفا، آثار الغبار يف اجل» الفندقدار«فلما رأى ، فضاقت )2(» الشدفية«كانت طيور املغول رباعية األجنحة قد انطلقت طائرة من جوف األقواس . وتواجه اجليشان

يرتكوا أثرا هجمات متواصلة، ومزقوا الصفوف، ومل» توقو«و » تودون«وشن . األرض من ثالث جهات على الشامينيمث انتهى األمر بانتصار جيش اإلسالم، وسقط توقو وتودون، ووضع . من آثار الشجاعة والبأس إال فعلوه

_________. 17: سورة احلديد) 1(

.كذا يف األصل، ويبدو أ�ا نوع من األقواس) 2(

)1/386 (

وقضي األمر الذي فيه : وكان ما ال بد له أن يكون. القائدان املغوليان ومن معهم من األبطال رؤوسهم على سرير املوت). 1(تستـفتيان

وكان الصاحب قد أركب . بعد يومني» قيصرية«األدبار منهزما بقلب كالشمع حني يذوب يف النار، ونزل » پروانه«ووىل

يصل فجأة مع بضعة نفر » بپروانه«ذا فإ. السلطان، وأخذا يتجوالن يف صحراء املشهد وقد ركبتهما األفكار والغصص. من تلك الورطة ساملني ذاهلني عن أنفسهم- كانوا قد خرجوا-

. »توقات«يف الطريق إىل » پروانه«وساروا مجيعا من هناك مع الصاحب والسلطان واألمري املدينة » ر الشامفندقدا«ودخل . ، وضربوا خيامهم يف صحراء املشهد»قيصرية«وعقب انصرافهم جاء جيش الشام إىل

. ، وجلس على العرش، وجعل اخلطبة والسكة بامسه685يوم اجلمعة اخلامس عشر من ذي القعدة سنة مث رأى هاهنا خالفه، كما أن أحدا » پروانه«ونظرا ألنه كان قد حترك بناء على العهد واالتفاق الذي كان قد أبرمه مع

وأخذت دواب جيشه تتساقط وتنفق النعدام العلف، فضال عن أنه كان خيشى من أمراء الروم مل يبادر باالنضمام إليه، . مث ما لبث أن عاد أدراجه» العود أمحد«هجوم اجليش املغلي الفاتح؛ فقد نادى بنداء

. فلما بلغ دمشق بعث به بعض غلمانه مسموما إىل العامل اآلخر ...

_________ .41: سورة يوسف) 1(

)1/387 (

) 1(إىل حدود بالد الروم » اإليلخان األعظم«كة ركاب املسيطر على العامل سلطان وجه األرض ذكر سبب حربتوقات، أطلقوا على الفور » معني الدين پروانه«و » فخر الدين«والصاحب » غياث الدين«حني حلق السلطان

وأفضى مبا حدث، حترك اإليلخان فلما وصل إىل هناك . لإلخبار باحلال] اإليلخان[إىل أعتاب » سيف الدين أربكي«بينما [بنفسه، وانطلق جيش جرار قوامه أكثر من مخسني ألف فارس، قد سلوا سيوفهم متجهني إىل بالد الروم والشام،

). 2] (اشتد هليب احلمية واحلماية اإليلخانيةجالسني التفتوا » دفركي«ان أهل ، وبينما ك»دفركي«عن طريق » آبلستان«اجتهوا صوب » أرزجنان«فلما بلغوا حدود

فتقدم نفر من األعيان إلفساح الطريق . فجأة فإذا بفارس يركض هابطا مبحاذاة القلعة، تتبعه فرقة كبرية من اجلندلإليلخان، فقوبل إفساحهم بالقبول، وأسبغ عليهم من عطفه، مث أمر جبماعة الفضوليني الذين كانوا قد أقدموا على

قد نال من » دفركي«وكان أحد املقيمني يف . »الياسا«فنفذ فيهم حكم » تاج الدين زيرك«أوالد ) 3] (غالم[اغتيال قبل ذلك جزاء سوء أدبه، حيث أنه جاء ملشاهدة اإليلخان من شرفات القلعة وهو حيمل قوسا وسهاما، مث صدر األمر

النافذ هبدم

_________

. 679ع، . قارن أ) 1(

. ، وال حمل هلا»قويت الفتنة«: ويف األصل 680 -679ع . كذا يف أ) 2( .680ع . إضافة من أ) 3(

)1/388 (

. قواعد القلعةفخر «والصاحب » غياث الدين«وهناك أدرك السلطان ./ »آبلستان«مث سيق ركاب من به يسكن العامل ويهدأ حنو

حلقوا بأرض املعركة اليت جرت مع الشاميني، ورأوا فلما. السعادة والشرف بتقبيل األرض» معني الدين پروانه«و » الدين

غري أن صاحب . يف كل املتخلفني» الياسا«من قتلى جند املغول تالال فوق تالل، ماج حبر غضبه مث أمر بتنفيذ حكم

عز الدين «وصار القاضي . سكن هذا الغضب، فأنقذ مائة إنسان وأربعة من شرك املوت رضي اهللا عنه- الديوان-فداء لبقية اخللق ونالوا درجة » زين الدين حفيد هود«و » نور الدين ولد قراجه«و » فخر الدين كوچكي«و » ألرمويا

. الشهادة، أرسل )2(ألن الشمس كانت قد حتولت إىل برج األسد الشام تعذرا تاما-) 1(وملا تعذر توغل املغل يف ديار

فإن كان . ل مرة على قوات احلراسة التابعة لنا على الغفلة، مث يفر إىل خمبئةيغري ك» الفندقدار«رسال بأن ] اإليلخان[يزمع احلرب، وال يريد أن يضع رأسه يف دائرة طاعتنا فسوف ميزق إربا، وسوف يشهد بنفسه ما جيري عليه من أسباب

. اخلذالن وشقاء الغريب، وكانوا قد جلسوا على العرش هبا، »مجري«و » القرامانيني« لقمع» قونية«مث إن ابن اإليلخان حاكم العامل توجه إىل

وصدر األمر بأن يكون الصاحب مالزما لركابه امللكي، وأن يكون پروانه مالزما للموكب األعلى _________

. حبر، وهو تصحيف: دريا: ، ويف األصل681ع . كذا يف أ) 1( .681ع . يف األسد، قارن أيعىن : تكون، وال شك أ�ا باسد: باشد: يف األصل) 2(

)1/389 (

، )1] (كوغونية[باستسالم قلعة » لپروانه«فجاء األمر » كماخ«و » كوغونيه«بلغوا حدود ]. لإليلخان نفسه[» پروانه«واستنزال حمافظها، وكانت ملكا له، فلما ذهب إىل هناك، واستدعى احملافظ، أبدى مقاومة شرسة، فرجع

. »توقو«و » تودون«، فتزايد بتلك املقاومة ما كان لديه من غيظ بسبب خذالن ]يلخاناإل[خائفا خائبا خلدمة

فلما ). 2(موكلني حبيث مل يكن بوسعه أن يتوقف يف موضع أو يتخلف فيه دون مراقبتهم » پروانه«واختار على /

، وأتوا معهم بالرسائل اليت كان »الفندقداري«، كان الرسل الذين أرسلوا إىل الشام قد عادوا من عند »آالطاغ«وصلوا فأبلغ هؤالء الرسل رسائل بليغة مسمومة . قد أرسلها إليه إلغرائه وإخراجه، وبعثها على يد الرسل برا وحبرا» پروانه«

يبالغون كل يوم للتأليب على قبل ذلك- وأوالدمها كانوا-» توقو«و » تودون«على أن نسوة . »پروانه«الستئصال حياة فإن هذا » ركن الدين«كان يتوقف يف سؤاله عن قتل السلطان ] اإليلخان[ورغم أن . والتحريض على قتله» هپروان«

. ملصلحة ما» ميهل وال يهمل«األمر كان الركن األعظم عنده، وكان يسلك طريق ف بذنبه، فنفذ فيه واعرت. ، مل يبق بعد جمال لإلمهال واإلمهال»الفندقدار«فلما وصلت الرسائل والكتب من جانب

. »الياسا«حكم ...

_________. 68ع، . زيادة من أ) 1(

.683ع، . قارن أ) 2(

)1/390 (

ذكر حماسن أوصاف معني الدين پروانه تغمده اهللا برمحته

وكانت . ايةطودا أمشا وحبرا خضما يف الرزانة والدراية والكف» معني الدين سليمان بن علي الديلمي«كان األمري الشهري وكانت رواتب صالته يف كل البالد من كل فج على كل يتيم . خلواته مملوءة دائما بالعلماء واألتقياء والزهاد والعباد

. وأرملة كالشمس املشرقة وكفيض البحار اليت ال حتدها حدودالكيد ومنشأ ذلك الشر مل يكن ومع أن حادث السلطان ركن الدين ينسب إليه إال أن رب العامل عامل بأن أس ذلك

. سوى الطينة القبيحة واجلبلة الرذلة للزنيمني اللئيمني ولدي اخلطري الزجناين، ومل يكن هناك من جان جاحد إال مهاين وما كفر سليمان ولكن الشياط : من ذلك معشر اجلن واألنس وفق قول اهللا تعاىل» پروانه«ويشهد على براءة ساحة

). 1(كفروا أجل، وحني بلغ خرب استشهاده مسع مجيع األمم، كان احلنني يتجاوز يف مأمته الفلك األعلى، وأنشأ صاحب الديوان

: ، فقال]بالعربية[هذين البيتني رمحة اهللا عليها- ) -2(األعظم مشس الدين ا رأيت خروج الرتك من سبأ

مغافضا ما هلم عقل وال دين ... مل

مضى سليمان واحنل الشياطني ... دت مكتئبا ما قيل يف قدم أنش

_________

. 102: سورة البقرة) 1(

، وظل مرتبعا على دست 657هو الوزير مشس الدين حممد اجلويين، توىل وزارة السلطان آباقا بن هوالكو يف سنة ) 2( .، وعرف بلقب صاحب الديوان683الوزارة اإليلخانية حىت قتل سنة

)1/391 (

ذكر سيطرة القرامانيني وتسلط مجري باجلهر بالعصيان، وأخذ لفرط ما به من محاقة يصدق خياالت جنونه، واختار موكب السلطنة » ابن اخلطري«حني شرع

، وأخذ ينجذب إليه كل من كان يف طينته وجبلته »نكيدة«وأركان الدولة موافقته مضطرين، فانصرفوا عن قيصرية إىل

. »وشبه الشيء منجذب إليه«: احلاكمة، مبقتضى القول» قلج أرسالن«النعمة وخمالفة أسرة كفران

، فقد اجتمع له يف »بالفندقداري«كان يسرتوح هواء الشام وكان له ولوع وشغف تام » شرف«وبالنظر إىل أن ). 1(مجع حاشد من كل فئة وطائفة » نكيدة«

ابتداء حاله من فحامي الرتكمان بنواحي األرمن، وعرف بقمر الدين، وكان يأيت فقد كان أبوهم يف » قرامان«أما أوالد ويف وقت الضعف . ويكسب بذلك قوت عياله وأطفاله» الرنده«إىل بصفة مستمرة- بالفحم من تلك اجلبال-

مع أبناء وشرع-انتهز قرامان الفرصة ) 2( 654فيها سنة » باجيو«واالضطراب الذي حدث ببالد الروم عندما توغل . وقطع الطرق، وانتقل من مرتبة السري على األقدام إىل ركوب اخليل/ يف السرقة جنسه-

استدرج » ركن الدين«حني فارق البالد، ودخل شطرا اململكة يف تصرف السلطان » عز الدين«مث إن السلطان فحصل له بذلك الكثري ). 3(عطاه منصبا وإقطاعا كبريا إىل فخ طاعته بعد أن أغراه باآلمال والوعود، وأمره وأ» قرامان«

_________. 687ع، . قارن أ) 1(

أيضا، ) 2( .688ع، . قارن أ) 3(

)1/392 (

رغم وكانا يف كل حني-. »بونسوز«من املال واملتاع، فلما استغىن تسللت التخاليط الفاسدة إىل دماغه هو وأخيه يشتد به الغضب » ركن الدين«وكان السلطان . »احلرفة ال تنسى«: يقطعان الطريق حبكم املثل كو�ما يف قيد الطاعة-

كنه مل يكن يفعل شيئا إذ كانت هلما دار يف والية األرمن وكان يتوقى لذلك ويزمع على إنزال العقاب والزجر هبما، ل

. عصيا�ما ومتردمها

مبالزمة العبودية ألعتاب » ركن الدين«وكان أمري حرس السلطان » -بونسوز«، وحضر أخوه »قرامان«وملا تويف ، وبعد وفاة السلطان »كاوله«إىل قلعة وكانوا ما يزالون أطفاال- » -قرامان«، حبسه السلطان، وأرسل أوالد ]اخلان[

. بعد مدة من احلبس» پروانه«مث أطلقهم . أخذوا ينقلو�م وحيولو�م من قلعة إىل أخرى يف أحناء البالدومل تلبث تلك الثعابني الصغرية أن أصبحت مبرور األيام حيات هائلة، فمارسوا بأيديهم ختريب البالد وتعذيب العباد،

إىل الشاميني انضموا » ولد اخلطري«وحني مسعوا مبيل . مبخالفة ابنه» ركن الدين«ون حقدهم على السلطان وكانوا يظهربدر الدين إبراهيم ولد القاضي «إليهم بعد أن كان قد عهد هبا إىل » أرمينيا«إليه، فسلم ذلك اجلاهل قيادة قوة

. »اخلتينفرقة من العساكر » پروانه«اقصت الفنت وهدأ التوتر، أرسل ، وتن»كدوك«مبنطقة » شرف«وملا مت القضاء على

/. لتأديب أوالد قرامان،» ألرمينيا«فتزايدت شوكة . فعجزت تلك القوة عن قمعهم بسبب صعوبة املمرات، بل وقع الكثريون منهم أسرى مقبوضا عليهم

. أولئك اخلوارج جيش التتار، ووصلت أن تغلب على» للفندقدار«وملا اتفق يف العام التايل

)1/393 (

لدفع » الرنده«وأوالد الصاحب الذين كانوا قد ذهبوا إىل » أمني الدين ميكائيل«تلك الصيحة لسمع نائب السلطنة ونظرا ألن السلطان والصاحب كانا يف العبودية مالزمني ملوكب . لالحتياط للعاصمة» قونية«اخلوارج، جاءوا إىل

وهباء «وبقي األمري النائب » قراحصار«تكن أحواهلما معلومة، سار أوالد الصاحب من قونية إىل ، ومل ]اإليلخان[. باملدينة وكان من التابعني لقونية- ملك الساحل-» الدين

خذ وذات يوم أ. خالية، دعوا الرتكمان من الوالية إىل الغارة» قونية«وأوالد قرامان » أرمناك«) 1] (قلعة[فلما رأى أتراك أما وأنه : أخذ يقول لبعض جلسائه على سبيل التمين وكان قائدا هلم وذا شأن بينهم يف ثقافته وثباته- » -حممد بك«

ولو أننا . فلو كان يقع بأيدينا سلطان سلجوقي، فإن أحدا لن يطاولنا أبد الزمان» الفندقدار«مل يتمخض أمر عن الذين بقوا عنده رهائن معوزين فأجاب مطلبنا » عز الدين«أوالد السلطان أرسلنا إىل ملك الروم رسوال، وطلبنا أحد

. لكان من املتيقن أن يتجاوز شأننا يف أوج العظمة ذروة األفالكسوقي الطريقة حرفوشا، كان يتنقل دائما بني قبائل الرتك وينسب ) 2(» مجري«ويف تلك األيام كان هناك شخص

، وكانت له »حممد بك«فرآه يف الطريق ذات يوم ذلك الشخص الذي كان قد مسع كالم . ننفسه إىل السلطان عز الدي

: قائال» حممد بك«سابق معرفة باجلمري، فأخذه وذهب به إىل

غياث الدين سياوش، وأنه : ، ولقبه وامسه»عز الدين«ها هو ذا ابن السلطان

_________. 687ع، . إضافة من أ) 1(

» إخل.. تقال للسوقي قليل األصل، واجللف واملتسول، وذي احلاجة بلغة ما وراء النهر-«: مجري: يف األصل) 2( ).برهان قاطع(

)1/394 (

. تعلم اخلط على يدي يف تلك الدياروحني مسعوا هذه الشهادة من تقي الشقي، صدقوها، وبايعوا اجلمري على السلطنة، وأبدلوا مبالبسه الصوفية اخلشنة

). 1(مع الرتكمان من ذوي األحذية املزودة بأربطة الساق الطوال » قونية«بس خميطة بالذهب والنسيج، وانطلقوا إىل مالمعنا، وشهد على » عز الدين«إن ولد السلطان : ، أرسلوا رسوال إىل النائب قائلني»فليوباد«فلما وصلوا إىل صحراء

بأسرع ما ميكن لتقبيل اليد، وإن كان لديه أدىن شك فما عليه إال أن يرسل صحة نسبه ثقاة، فينبغي أن يتقدم النائب فإن وجده صادقا يف انتسابه فال [بواحد من كبار رجال القصر القدماء لكي يتحقق من أمر هذا امللك ببصرية ثاقبة،

وإبطال [نتوقف قط يف إنكاره ، وأما إن كان ما يقوله كذب فلن )2] (مناص لنا ولكم من االنقياد له واالمتثال ألمره). 2] (زعمه

. وظل الرسل يتقدمون الواحد تلو اآلخر لرتديد هذا املعىن، ولكن قلما التفت إليهم النائب بل أمر بقتلهم وتكبيلهم »أمني الدين«فذهب . وحني رأى أوالد قرامان أن النائب ثابت على اإلنكار مصر عليه، توجهوا إىل املدينة جبيش كبري

، وملا مل يكن بوسعهم املقاومة، فقد ارتدوا إىل املدينة »وحممد بك» «اجلمري«ومعه من كان باملدينة من جنود ملقابلة . »چاشين كري«و » اسب بازار«منهزمني، ووصل الرتكمان إىل حافة اخلندق، وأضرموا النار يف بوابة

_________» األحذية اجللدية املزودة بأربطة طويلة تلف على ساق الرجلنوع من «: و چارق: چارق پوش: يف األصل) 1(

). فرهنك جديد( .691ع، . زيادة من أ) 2(

)1/395 (

فلما احرتقت البوابة اندفع . والقش ) 2(، وأمدوهم بعيدان احلطب )1] (اإلخوان[وحتالف معهم مجاعة من السفلة و

نائب بتلك اجلرأة، ركب لدفعهم حىت وصل إىل البوابة، وحني رآهم حيرقون الباب الرتكمان إىل داخل املدينة، وملا أبلغوا الوأخذ يركض هنا وهناك، ويقول بصوت عال ) 3(وأن األمر يتجاوز حد التدارك، عد الفرار الزما فتحنك بشال العمامة

. أين النائب؟ وأخذ يكرر ذلك/: خلداع األتراك. ودخل من البوابة متلصصا واختفى ببيت أحد أتباعه حىت إذا وصل إىل باب قصره نزل،

وكانت خمازن لتجار الديار ) -4(وانتشر الرتكمان املفسدون يف املدينة كاجلراد املنتشر، فحطموا أبواب األنزال األكياس كما حطموا أبواب قصور األمراء وبيوهتم بالعصى والبلط، ومجعوا األمتعة وربطوها رزما ومألوا واألمصار-

). 5(بالنقود، وظهرت للعيان من جديد حكاية الغز واستيالئهم على نيسابور فأدخلوه املدينة، وأجلسوه يف دار احلكم » باجلمري«ويف اليوم التايل أتوا

_________. 691ع، . إضافة من أ) 1(

. وعاء كبري: دوىن: ىن، ويف األصل: ع، أيضا. كذا يف أ) 2(أدار العمامة من حتت : ويف القاموس حتنك. حتت احلنك: شال العمامة على رأسه على شكل أدار: يف األصل) 3(

. حنكه. مجع نزل، وهو ما يشبه الفندق يف أيامنا هذه: كاروانسراها: يف األصل) 4(

وكان األتراك الغز قد اجتاحوا خراسان يف عهد السلطان . 692ع، . عبارة األصل مضطربة للغاية، راجع أ) 5(هـ، وهزموا السلطان نفسه واعتقلوه، وأحلقوا الدمار الشديد حينذاك مبدن خراسان 548سنة » سنجر السلجوقى«

.176: 11الكامل : انظر ابن األثري يف حوادث السنة املذكورة. العامرة

)1/396 (

. على العرشوكانت جممع مواكب السلطنة » -توقات« وكان النائب قد انتهز الفرصة ووثب خارج املدينة، عازما على التوجه إىل

، فعذبوه، ووجدوا على »حممد بك«، وجيء به إىل »خان قيماز«وأمراء الدولة، غري أ�م أمسكوا به يف الطريق قرب

رباط إزاره عقدة، ففكوها، فوجدوا بداخلها أقصوصة من ورق خمتوم بالشمع، تشتمل على بيان الكنوز ومواضع اخلزائن، حيفرون املواضع، وحيملون على مسرتشدين بتلك الورقة- وا يديه يف احلال، مث انطلقوا مسرعني إىل املدينة، وأخذوا-فأوثق

. ملك السواحل» هباء الدين«اجلمال والبغال أمواال دون مكابدة أي عناء، مث إ�م أبلغوا النائب منزلة الشهادة مع

بالسلطنة، فخشي أهل املدينة » اجلمري«املدينة وأعيا�ا يقسمون على مبايعة فلما فرغوا من أمر النائب، جعلوا أخالط

وهلذا . على أرواحهم فبايعوا، فلما مت ذلك طلبوا من مقربة السالطني املظلة والراية اخلاصة بالسلطان عالء الدين تربكا

سؤال أهل القلعة بدفع الشر ورفع األذى والضرر إذ قرنوا[السبب مل يعاملوا أهل القلعة معاملة أهل املدينة سواء بسواء، . من فوق السور) 1] (املظلة والراية[، فأنزلوا إليهم )1] (باإلجياب

حول املدينة بكل زينة وأهبة، وبعد نزوله أقاموا الديوان، وكتبوا األوامر إىل » مجري«طاف ) 2(ويف اليوم التايل / ن من اآلن فصاعدا إال باللغة الرتكية؛ وإن هي إال بضعة أيام حىت سارت األمور وفق األطراف، وقرروا أ�م ال يتكلمو

_________. 696ع، . إضافة من أ) 1(

.ذات يوم: ع، أيضا، ويف األصل. كذا يف أ) 2(

)1/397 (

هى أمرهم إىل وانت. ، كما أسندوا مناصب الديوان لكل خسيس وضيع»حملمد بك«ومت إسناد الوزارة ). 1(مرادهم

وبعد أداء املال فتح باب القلعة يوم اخلميس العاشر من ذي احلجة سنة . الصلح مع أهل القلعة على أربعني ألف درهمالقلعة وجلس على عرش السالجقة، وحضر القضاة واألمراء واحلفاظ، وأقاموا حمفال، مث ذهب » مجري«، ودخل 676

. قت الصالة، فخطبوا خطبة بامسه، وضربوا السكة بلقبهإىل املسجد اجلامع حني حان و» مجري«بشرط إمهاهلا أربعة أشهر، لرتتيب » غزيلبا«جلمري، فرضيت أمها » ركن الدين«يد بنت السلطان » حممد بك«وطلب

. ، فأعطوها املهلة وفقا مللتمس الوالدة)2(عدة اجلهاز من حلي وثياب مبا يناسب بنات السالطني . مشاة وركبانا، وذهبوا حملاربة أوالد الصاحب» آقشهر«هوا إىل مث إ�م توج

... _________

. 696ع، . قارن أ) 1( .697ع . قارن أ) 2(

)1/398 (

ذكر حماربة مجري ألوالد الصاحب ونكبتهم يف تلك املعركةملك الساحل، وأ�م » الدين وهباء«النائب » أمني الدين«، وأنه قتل »قونية«حني مسع أوالد الصاحب بأن مجري فتح

على األتراك ) 1(مشلوا املدينة بالغارة العامة، ومل يبقوا على صغري أو كبري، استعرضوا جنودهم ووزعوا مخسني ألف درهم

. »چاي دكرمان«والكرميانية، وجاءوا إىل مكان يقال له

بأقصى ما ميكن » چاي دكرمان«رحتلوا عن جبند كثريين، ا» آقشهر«وصال إىل » حممد بك«و » مجري«فلما مسعوا أن ، وكان اخلوارج قد نزلوا »قرية قوز آغاج«/ وانطلقوا ملقابلة مجري يف. عند صالة العشاء» آقشهر«من سرعة حىت بلغوا

أن ، فلبسوا ألمة احلرب يف احلال، ودفعوا باملشاة أمامهم، فلما أصبح النهر حائال بينهم أراد حممد بك »ألتونتاش«بقرية ، فاصطف حممد بك مع جنده )2] (ومنعه من العبور[يعربه حملاربة ولد الصاحب، فأخذ أحد األتراك بعنان حصانه،

. صفوفا على حافة النهر، ولبث ينتظر ما سوف حيدثمحل على لفرط ثقته بنفسه وألنه مل يكن يعري األتراك اهتماما- فحمل األمري تاج الدين االبن األكرب للصاحب-

ووصل إىل منتصف النهر، فانطلق حممد بك هو اآلخر حبصانه إىل النهر حامال معه رحما، وطالت » حممد بك« _________

. 698ع . وال حمل هلا، راجع أ. أخرى: »ديكر«وردت يف األصل هنا كلمة ) 1( .698ع، . زيادة من أ) 2(

)1/399 (

من فوق حصانه وسط املاء، فأسرع الرتكمان إليه » تاج الدين«ط األمري املقاومة واملقارعة بينهما، ويف �اية األمر سقومل خيف لنجدته يف تلك الساعة أحد من بني اجلند الذين رغدوا بالعيش يف ظل فضله ورأفته، اللهم إال . واحتزوا رأسه

. وتفرق ما تبقى من اجلند وهم على الدوام صورة بال معىن- أحد اخلدم، وانقلب األتراك الكرميانية على أعقاهبم-، »سفر حيصار«إىل » سعد الدين خواجه يونس«وانتهى املطاف باألمري . ووقعت للخوارج من تلك املعركة أموال جزيلة

، فطيبا خاطره يف أول األمر، وقررا أن يدفع دية قدرها مائة »حممد بك«و » جلمري«فأمسك به أهل املدينة، وسلموه م، فرضي بقرارمها، وأطلق الرسل لطلب املال، غري أن هذين الغدارين عدال عن اتفاقهما، وقتال وأربعني ألف دره

. شهيدا» خواجه يونس«» مجري«وأشاعوا يف الناس أن / » قونية«فلما عجزوا عن فتحها رجعوا إىل » قراحصار دوله«مث إ�م توجهوا حملاصرة

يدخالن » حممد بك«و » مجري«، وكان »فيلوباد«فنزلت العساكر بصحراء . حملاربة املغل» أرزن الروم«سيتوجه إىل . »فليوباد«املدينة كل صباح، ويذهبان عند املساء إىل

يتقدمان يف خدمة ابن اخلان » فخر الدين«والصاحب » غياث الدين«ويف تلك األثناء وصل اخلرب بأن السلطان . األعظم جبيوش طبقت شهرهتا اآلفاق

لرتك اضطراب الزئبق، وأخفوا اخلرب، ومجعوا كل ما كانوا قد حصلوا عليه من غاراهتم على قونية وآقشهر فاضطرب ا

وغريمها ومحلوه على اجلمال

)1/400 (

ولو كان سراة قونية قد علموا بأن ولد اخلان األعظم . ، مث خرجوا يف إثره من املدينة)1(» فيلوباد«والبغال، وأرسلوه إىل

. إىل الوصول، ملا أتيح ألي من اخلوارج اخلروج من املدينة يف طريقهواملسافة » -سرخوان«فلما وثبوا خارج املدينة، ظلوا سائرين خبيوهلم طوال الليل، وما أصبح الصباح حىت كانوا قد بلغوا

. بالنسبة للراكب مرحلتان كبريتان» قونية«بينها وبني وكان قائدا » -چيالق«منا انطلق اجليش يف أعقاهبم، فعثر اجلند على املدعو ونزل الصاحب يف خدمة ولد اخلان، يب

. ؛ فقتلومها، وأسروا النساء واألطفال»آبكرم«وكانوا قد قلدوه قيادة قوة ، كما عثروا على أمري حرسهم-»آقشهر«لقوة وأكابرها من ذلك خربوا عقود »قونية«، فلما حتقق سكان »قونية«عائدين إىل [مث إ�م انطلقوا بعد بضعة أيام

قد خرهبا واستعدوا » باجيو نوين«البوابات، مث خلعوا األبواب من الداخل ونصبوا اجملانيق، وعمروا الشرفات اليت كان ). 2] (للمحاصرة والدفاع

، وأرسلوا رسوال بأن حبشد كبري» قونية«بعودة ابن اخلان واجلند، قفلوا راجعني إىل / » حممد بك«و » مجري«فلما علم سراج امللة والدين أبو البنا حممود «: قاضي القضاة يف العامل«فنهض . يفتح باب املدينة، لكي يدخل اجليش ويتسوق

لتحريض أهل املدينة على دفعهم ومقاومتهم، وأصدر فتوى هبذا الشأن، وصعد بنفسه رضي اهللا عنه- » -األرمويعلى السور، وأطلق

_________

. 699ع، . قارن أ) 1( .، وعبارة األصل مضطربة700ع، . نص عبارة أ) 2(

)1/401 (

. أعرب عن رضاه عن قاضي القضاة ومنحه مرسوما وعملة] اإليلخان[فلما وصل هذا اخلرب إىل خدمة . عليهم سهماقوها، وخربوها، مث انصرفوا وملا يئس األتراك من أخذ املدينة عمدوا إىل املناطق الواقعة خارجها فأغاروا عليها، وأحر

. »أرمينيا«سالكني الطريق إىل

***

)1/402 (

بالد الروم وضبط أحوال اململكة ) 1(ذكر دخول صاحب الديوان ا كان اضطرام مجرات الفنت واضطراب سكرات احملن يتزايد مع تواتر األيام

بسبب هجوم اخلصوم، وأخذ كل من ) 2(مل

د فكرة يشن الغارات على الناس من اجلبال واألحراش، وصار هذا األمر معلوما لدى احلضرة اختذ التمرد حرفة والفسا

إىل بالد الروم الستمالة الرعية أعلى اهللا درجته- اإليلخانية، نفذ األمر األعلى بأن يتوجه صاحب ديوان املمالك-، وإصالح الفاسد، وإرغام احلاسد، وتأليف الشارد وعمارة الوالية وضبط املمالك وتنقيح حسابات أبواب املال واألمالك

، وصمم على دفع اجلمري »الرنده«ووفقا للحكم حترك الصاحب حىت بلغ شاطئ حبر املغرب من ناحية . ودفع املعاند. يرة، وحصل اجليش اجلرار على مواش كث»األرمناك«فلما حلقوا بتلك احلدود أسروا حشدا هائال من أتراك . والقرامانيني

ا كان» كهوركا«الشتاء قد بادر باهلجوم، وتعذر عبور املمرات بسبب تراكم الثلوج، فقد آثروا الرجوع، وعزم / ومل

. وصاحب الديوان على اختاذ معسكر شتوي

، وشغلوا باإلعداد للعودة إىل مقارعة أوالد قرامان،»قونية«والصاحب حنو » غياث الدين كيخسرو«مث توجه السلطان تقدم » موت آوا«فلما وصلوا إىل صحراء . وانطلقوا مع كتيبة من جيش املغل كانت معهم صوب أولئك املخاذيل

. مخسون من املغل ومخسون من املسلمني كطليعة هلم _________

. 2هامش 391يريد به مشس الدين حممد اجلويين الوزير، انظر فيما سبق، ص ) 1( .املادة: صل، ويف األ701ع، . كذا يف أ) 2(

)1/403 (

حني مسعا برجوع العساكر إىل املعسكر الشتوي وعودة السلطان والصاحب متوجهني » حممد بك«و » اجلمري«كان مع أخويه وابن عمه » حممد بك«فبقي ) 1] (قد خرجا من مكمنهما الذي كانا يتواريان فيه[إىل مناطق االصطياف،

إىل داخل احلصون، وصعد هو مع » باجلمري«لتسقط األخبار، وأرسل شجاعتهم-كان يثق يف وبضعة نفر من أقاربه-، فقد )2(فهامجهم بالرمح، وألن املكان كان وعرا وممرا ضيقا صعبا . تلك اجلماعة فوق تل، فرأى كتيبة من طليعة املغل

فانكفأ على وجهه، فتقدم أخوه سهم يف مقتل،» حممد بك«ويف تلك األثناء أصاب . نزل املغل، وأمطروهم بالسهاملكي حيمله، فتلقى طعنة بدوره، فانطلق أخوه اآلخر وابن عمه مهامجني، فأصيبا أيضا بالسهام، وانكفأوا بأمجعهم على

. وجوههم، والذ الباقون بالفرارما أقاموا أحدهم ومل يكن لدى املغل واملسلمني علم بأمر القتلى، فأسرعوا إليهم لكي يأخذوا سالحهم وسلبهم، فل

فحزوا رؤوسهم يف احلال ومحلوها إىل خدمة السلطان . ، مث وجدو أخويه وكان الرابع ابن عمه»حممد بك«وجدوه

. والصاحب

بسبب مقتل » اجلمري«وحني علم الناس بذلك أبدى اجلميع دهشتهم للسرعة والسهولة اليت انطفأت هبا شعلة دولة وكانت تلك ومشطوا اللحى، مث رفعوها وطافوا هبا حول قالع األرمن-/ غسلوا الرؤوسويف اليوم التايل. حممد بك

وتوجه السلطان والصاحب . القالع قد أعلنت العصيان تأييدا هلم _________

. 704ع، . إضافة من أ) 1( .704ع، . قارن أ) 2(

)1/404 (

. إبطاء، وقفلوا راجعني باألموال والغنائمإىل شاطئ البحر، وجعلوا كل من وجوده علفا للسيف دون كعود احللي إىل «، وجاء السلطان والصاحب إىل قونية »قازآوا«إىل مشىت » نكيدة«وذهب عساكر املغل من طريق

يرسل رسائل االستمالة إىل أطراف البالد مثل » قازآوا«وظل الصاحب طيلة الوقت الذي أقامه مبشىت ) 1(» العاطلمع اخللع واألموال، واستدرج سائر املتمردين إىل حلقة » األوج«ونواحي » سينوب«، و »سيمره«و » قسطمونية«

الطاعة ودائرة العبودية، وألغى الرسوم احملدثة والقواعد املستهجنة، وعني على كل شخص ضريبة بقدر إمكانه ومكانته . دون حماباة أو استثناء

واستقرت أمورها وضبطت وجوه أبواب املال، وألقى الصاحب نظرة يف دفاتر فلما انتظمت املهمات يف بالد الروماحلسابات اخلاصة باألموال املتبقية اليت كان الصاحب الطغرائي قد اقرتضها، واألموال املستحقة هليئة الدولة من رأس

كمة القبل لنواب السلطان بأدائها بأي من املال، والربح الذي مت احتسابه على نواب ديوان السلطنة، وجد أمواال مرتا). 2(وجه من الوجوه

، عمد الصاحب إىل ضم وإضافة أرزجنان )3] (السلجوقية[لشرف السلطنة ) 3] (اخلزانة العامرة وحفظا[ورعاية لغبطة ف عن كاهل أحوال هذه وبذلك مت التخفي. وتوابعها باملبايعة الشرعية، وكذلك إضافة بعض متعلقات اخلاصة اإليلخانية

. األسرة يف محل أثقال تلك القروض _________

. كذا يف األصل بالعربية) 1(. 722ع، . قارن أ) 2(

.ع، أيضا. أ) 3(

)1/405 (

حملاربة » فخر الدين«والصاحب » غياث الدين كيخسرو«وملا تيسر الفراغ من املهمات كلها، أرسل السلطان يف البالط كوصيف ل » شرف الدين خواجه هارون«إىل خدمة حضرة اإليلخان، وترك ابنه ، وتوجه بنفسه»اجلمري«

. ، فحرص على القيام باملهام على النحو الواجب»كوهركا«

***

)1/406 (

ذكر حماربة السلطان غياث الدين كيخسرو ابن قلج أرسالن للجمري اخلارجي . الروم] بالد[من أجل عرض أحوال ) 1(طحب معه املستويف حني توجه صاحب الديوان إىل خدمة اإليلخان، اص

، وكتبا األوامر إىل كل »أنكورية«إىل » قاز آوا«من نواحي ) 2] (فخر الدولة والدين[بينما ذهب السلطان والصاحب ناحية لدعوة العساكر،

ممن كانوا قد جنوا من » -پروانه«رحوم وبضعة نفر من غلمان امل» ولد عليشري كرمياين«كان أول من تقدم ملبيا الدعوة

وتقع حوايل » -ترخيلو«وما لبث أن جتمع بعد بضعة أيام جند كثريون، واجتهوا إىل . وتفرقوا» تودون«و » توقو«معركة السيف أصدق أنباء من «فتحها، وهي اليت أنشد أبو متام قصيدة » املعتصم«، وكان قد تيسر للخليفة »عمورية«

. يف فتحها» الكتب، وأنه »بيكارباشي«قد نزل مع عساكره يف » اجلمري«، وقفوا على خرب مفاده أن »بيدي قاپو«فلما اجتازوها وبلغوا

، وعربا جسر �ر »مليفدون«صوب متوكلني على حول اهللا عز وجل- فانطلق السلطان والصاحب-. يهمل االستقبالوكان » -طرمطاي«، وجيء هبم إىل »اجلمري«لني أو ثالثة من طليعة وألقت طليعة اجليش القبض على رج. »سقرية«

، )3(أمري األمراء _________

). 725ع، . أ(» أبو احملامد حممود ابن أمري احلاج، نائب السلطنة واحلاكم، وقاضي ديوان اململكة«هو ) 1(. ع، أيضا. أ) 2(

.يف األصل بكلربك) 3(

)1/407 (

. نة إىل أن أرسلوهم من هذا العامل إىل العدم حتت العلمفبعثهم إىل دهليز السلط

. بأن عساكر اخلوارج قد برزت 676وسرت شائعة يف اجليش فجأة بني الصالتني يوم اخلميس السابع من احملرم سنة خيشي أن وكان ./ فلبس اجلند ألمة احلرب وانطلقوا، فلما التحم اجليشان، شن اخلوارج يف الصدمة األويل هجوما ضخما

علم الدين «، و »بدر الدين إبراهيم ولد اخلتين«و » عزيز الدين حممد بن سليمان الطغرائي«فاحندر بغتة . يقع حمذور. اخلادم من فوق اجلبال مهامجني، فسووا مجوع األتراك بالرتاب» قيصر

قد أخذها من قونية، وأتى هبا » جلمريا«اليت كان » -عالء الدين«مظلة السلطان » علم الدين قيصر«ويف احلال انتزع وهو الذي » -اجلمري«وكان قائدا ضخم اجلثة يف جيش » -ساروغال«ومت هلم بعد ذلك أسر . إىل حضرة السلطان

. فأتوا به إىل السلطان والصاحب يف قلب اجليش، فاحتزوا رأسه يف احلال قضى على أبناء الصاحب-، فألقوا ببساط على رأس ذلك »لولد عليشري كرمياين«ا بيد بعض األتراك التابعني يف تلك الليلة أسري» اجلمري«ووقع

جلمال «فأصدر السلطان أمرا . األسود احلظ، وأخفوه عن الرفاق، مث أرسلوا رسوال إىل السلطان والصاحب إل�اء األمرمحله اجلالدون إىل غرفة اإلعدام، ف. بإحضاره، فلما أتوا به أخذ يهذي بألفاظ بذيئة وهذيانات مشوشة» چوبان

. وسلخوا جلده وهو حي، مث مألوا اجللد بالقش، وطافوا به حول مدن البالد وحني تسللت السعادة البالغة إىل القلوب بسبب ذلك الفتح اجلسيم، وصل

)1/408 (

بالسفن » سينوب«مهامجة عزم على » اجلانييت«، وأخرب بأن »سينوب«على ) 1(وكان قد نصب رئيسا » -طايبوغا«فمنح . قد تصدوا له، وأشعلوا يف روحه النار وهو وسط املاء، فعاد خائبا خاسرا» چنية«احلربية، وأن األتراك ال

. »برغلو«ملكا حسنا بسب هذه البشارة، وقدم من هناك إىل صحراء » طايبوغا«ألنه كان يلوي رأسه » علي بك«بالشكوى من / » خوناس«و » الديق«ولقد جأر أنصار الدولة الذين كانوا مبنطقة

، فمات هناك من »قراحصار دوله«فألقوا القبض عليه، وأرسلوه إيل . عن حلقة طاعة السالجقة ويتوىل جانب األجانب. اخلوف والرعب

. ثائرة، لكي يعمل على ضبط الوالية ال»جهود«و » صندقلو«و » قراحصار«مث إن السلطان أخذ يطوف بعد ذلك يف من لدن احلضرة اإليلخانية، ومعه أمر بإسناد نيابة احلضرة العليا » جالل الدين املستويف«وفجأة رجع ملك األمراء

» عزيز الدين الطغرائي«وبعد فرتة من الوقت توجه . وإسناد نيابة السلطنة له شخصيا] فخر الدولة والدين[للصاحب . إسناد منصب أمري األمراء إليهإىل البالط اإليلخاين، وأحضر أمرا ب

...

_________

، )املعجم الوسيط(، وواضح أن متطاول كلمة عربية األصل، من تطاول، يعين ترفع »متطاول سينوب«يف األصل ) 1(

.واملتطاول إذن، هو من مت تنصيبه رئيسا

)1/409 (

د الروم يف شهور سنة تسع وسبعني وستمائة ذكر عبور السلطان غياث الدين مسعود بن كيكاوس من حبر اخلزر إىل بالرحاله من البالد بسبب ما تنطوي عليه دخائل أنار اهللا برهانه- » -عز الدين كيكاوس«حني شد السلطان املغفور له

طيلة مثانية وأبدى-. »القفجاق«، مث وقع من هناك بيد »استنبول«اجلاحدين من كيد وجبلتهم من خبث، أقام زمنا يف جتلدا واصطبارا ملا لقيه من حوادث الزمان، فلقد استولت عليه يف النهاية أمراض مهلكة مردية، وأصبح شر عاما-ع

. ارحتاله إىل دار القرار أمرا حمققا

مث التفت حنو ابنه الذين كانوا أعوان اهلجرة وأنصار الغربة- وحينذاك استدعى أوالده، وأمر بأن جيتمع لديه كل اخلدم-اعلم أنه حني مسع أيب / ولدي احلبيب: وقال الذي هو اآلن سلطان الروم- كرب السلطان غياث الدين مسعود-األ

، أجلسين أمراء الدولة على العرش، )1(نداء ملك املوت، وأجاب داعي ارجعي » غياث الدين كيخسرو بن كيقباد«مسرورة طاملا استمعت إىل نصحهم، فنشأت وترعرعت حبسن تربيتهم، وكان امللك معمورا والرعية

] شعر[بسبب ظهور ) 3(، وأصبحت خليع العذار )2(فلما خطوت بعيدا بضع خطوات، وفتحت ذراعي هلواي ، وحطمت ما لألمراء القدماء )4(العذار

_________). 28: الفجر(» ..يا أيتها النفس املطمئنة ارجعي إىل ربك راضية مرضية «: تعاىل- إشارة إىل قول اهللا-) 1(

. 736ع . قارن أ) 2(» ا�مك يف الغي ومل يستح، وعذار الغالم جانب حليته: خلع فالن عذاره«تعبري عريب، وكذا يف األصل، و ) 3(

). املعجم الوسيط( .، وهو تصحيف بالشك»غدار«يف األصل ) 4(

)1/410 (

ضيع من باعة الفقاع والالعبني على احلبال من قدر ومكانة، ورفعت من شأن األراذل واألوغاد، وأوصلت كل وواحلدادين إىل مرتبة اإلمارة وقيادة اجلند، وجلست على بوابة اهلزل، صرت مستحقا للذلة والعزلة،

فاحلذر احلذر، وعليك باالنزجار من هذا القول، وإن كانت ختامرك فكرة امللك، فأبعد عن نفسك السفلة الذين مل يروا

ائهم رغيفني من اخلبز، وال ختتلط جبماعة اختذت من اهلزل حرفة، وانطلق من هذه الديار بكل وسيلة على مائدة آب

ممكنة واعرب البحر متجها إىل املمالك املوروثة، وتوجه خلدمة بالط ملجأ العامل، واطلع على تلك األعتاب كالصباح عند فرمبا جعلوا لك نصيبا من ملك ) 1(ا يف طبعك آثار النجابة اإلشراق، وقف هناك كالشمع طوال الليل، حىت إذا رأو

. األجدادووصييت األخرى لك هي أن جسدي حني خيلو من الروح، فامحل رفايت إىل تلك الديار وادفين جبنب أيب وجدي، إن

. تيسر لك العبور إىل امللك املوروث. الفة طريق العقوق، واهللا ويل عليك، وهو حسيبواهللا اهللا، ال تعرض عن هذه الوصايا، وال تسلك يف املخ

. مث إنه ودع احلياة وأيام الرغد، ووىل وجهه صوب دار اخللدعلى العرش » غياث الدين مسعود«السلطان ) 2(وحني فرغ مماليك دولته من العزاء والبكاء وواجبات التحية، أجلسوا

. والعهد والقسم/ له، وجددوا األميان ، وأقسموا على الوالء»سلخات«مكان أبيه، على ساحل _________

. جتانب: ، ويف األصل738ع . كذا يف أ) 1( .740ع، . قارن، أ) 2(

)1/411 (

وعرب البحر، فلما تفقدوه أشري االبن األوسط للسلطان عز الدين- » -كيومرث«وفجأة اختفى من بني اجلمع امللك . »قسطمونية«هلم بوجوده حوايل

، وكان قد سار متنكرا يريد »أماسية«بالفرسان إىل كل ناحية حىت عثروا عليه بالقرب من » قسطمونية«اب ودفع نو، وأبقوا عليه يف القلعة، وكانوا يراعون معه شروط اخلدمة الالئقة بأبناء »قسطمونية«، فردوه، مث محلوه إىل »األوج«بلوغ

). 1(امللوك لن تفك لنا عقدة يف هذه الديار، ولقد جرى أسر : ألصحابه وأعوانه» ياث الدينغ«وبعد مدة من الزمن قال السلطان

. هناك، وحيتمل أن يعامل معاملة سيئة عكس ما تستوجبه املروءة، وال يفيد اخلجل بعد فوات املهجة» كيومرث«أخي الذى بسط » -إليلخانا«والرأي أن جنتاز البحر مبوجب وصية السلطان السابق، وحنظى بشرف املثول يف خدمة

. ونعد مالزمة العبودية له من الضرورات، حىت نرى ما سوف تقتضيه عنايته بنا سلطانه على وجه األرض-. فصوبوا مجيعا هذه اآلراء، وأعدوا لرحلة البحر عدهتا يف اخلفاء

قد أعدت، فقرأ بال إبطاء إىل ساحل البحر حيث كانت إحدى السفن برسم التنزه والتفرج- وذات يوم خرج راكبا-

، وسلم السفينة ليد القضاء )2. (فإذا استـويت أنت ومن معك على الفلك فـقل احلمد لله : عز وجل- قول اهللا-

ابقوا وعمت البهجة أهل تلك الناحية وبدا عليهم السرور بيمن قدومه، وتس. »سينوب«والقدر، فاستوت على ساحل

. لتقبيل اليد الشريفة _________

. 740ع . قارن أ) 1( .28: سورة املؤمنون) 2(

)1/412 (

كابرا عن وكان آباؤه وأجداده قد فتحوا تلك النواحي- » -مظفر الدين يولق أرسالن بن الپيورك«وبلغ اخلرب األمري من القلعة إىل خدمة » ركن الدين كيومرث«أرسل امللك فخف إىل اخلدمة، وأدى شرائط الوالء، مث / ومتلكوها- كابر-

. السلطانفلما حلق به أخوه، وقر سواد عينه مبختلف األمم، مل يعدم أن جيد من بني األخالف العصاة واحلمقى من حيرضه على

مري مظفر الدين وجعل األ. ، بيد أن السلطان بكمال عقله مل يلتفت إىل ذلك أو يأبه به)1(عصيان الدولة القاهرة وكان حاكم بالد الروم وحافظ » -مساغار هبادر«مالزما له، مث اجته إىل األمري األعظم، والقائد العسكري املعظم ) 2(

. ثغورهاوبادر . بطلعته البهية، ونالت حركاته وسكناته إعجاب الكافة مغال ومسلمني- فلما وصل إىل هناك، شغف اجلميع-

. ه بقدر مكنته ومكانتهكل منهم إىل خدمتورغم أن جيوش الشتاء كانت . بصحبة موكبه العايل إىل البالط اإليلخاين األعلى» مظفر الدين«وسري أمراء املغل األمري

قد هجمت، وجتمد املاء _________

. 741ع، . قارن أ) 1( طبعته للكتاب، حيث سقطت عدة سطور يف» هوتسما«تنتهي إىل هنا النسخة اخلطية اليت اعتمد عليها األستاذ ) 2(

ما نقص من » حممد جواد مشكور«من آخر تلك النسخة، فلم يكتمل النص وبقي ناقصا، وقد استكمل الدكتور سطور فأثبتها يف طبعته التصويرية للكتاب معتمدا على الكتاب األصلي نفسه، وأعين به كتاب األوامر العالئية البن

. م 1956بأنقرة سنة » الفاكسميل«را بطريقة البييب، الذى صدر مصو .م 1971 ش-. هـ 1350وقد ترمجنا هذه السطور الباقية إىل العربية عن طبعة الدكتور حممد جواد مشكور، طهران

)1/413 (

الزالل من شدة الزمهرير حىت صار كيد البخيل، فقد مضى يف طريقه ال يلوي على شيء، وتشرف خبدمة اجلناب يف أقل مدة، وجتلى يف شأنه من التودد والتلطف ما زاد عن احلد املتوقع املنتظر؛ فقد منح زيدت عظمته- األعظم-

. ، مبا يف ذلك كله من قالع وضياع، وزود بالوعود اجلميلة»سيواس«، و »ملطية«، و »خرتربت«، وملك »آمد«إقليم

، قد كتب هذا )1(ء عالء الدنيا والدين أيب املعايل عطا ملك بن حممد وفقا حلكم وزير وجه البسيطة ملك الوزرا... . اململوك وابن اململوك ما كان قد حدث من التجارب وظهر من األمور يف بالد الروم، مما رأى ومسع، مث تقدم لعرضه

مت حبمد اهللا تعاىل _________

األديب واملؤرخ الفارسي املعروف، صاحب كتاب ،)681 -623(يريد به عالء الدين عطا ملك اجلويين ) 1(بعد من قبل اإليلخانيني- يف تاريخ املغول واخلوارزميني واإلمساعيلية، وهو الذي توىل حكم العراق-» جهانگشاي«

عالء الدين عطا ملك : حممد السعيد مجال الدين: انظر. 681إىل سنة 658ا�يار اخلالفة العباسية ببغداد منذ سنة .وما بعدها 128م، ص 1975دولة اإلمساعيلية يف إيران، طبع مصر «وما بعدها، و 5ويين، حاكم العراق، ص اجل

)1/414 (

سالطين سالجقة الروم

) 1(م 1307 -1077/ هـ 707 -470 سليمان قتلمش ) 1077 -470(

)479- 1086 (قلج ارسالن االول ) 1092 -485(

ملك شاه ) 1107 -500(

ركن الدين مسعود االول ) 1116 -510(عز الدين قلج ارسالن الثالث ) 1156 -551(

غياث الدين كيخسرو االول ) 1204 -601(و ) 1192 -588(ركن الدين سليمان الثاين ) 1196 -592(

عز الدين قلج ارسالن الثالث ) 1204 -600(عز الدين كيكاوس االول ) 1210 -607(

ن كيقباد االول عالء الدي) 1219 -616(

غياث الدين كيخسرو الثاين ) 1237 -634(عز الدين كيكاوس الثاين ) 1246 -644(

ركن الدين ارسالن الرابع كيكاوس الثاين-) 1248 -646(كيكاوس الثاين قلج ارسالن ) 1249 -647(

قلج ارسالن الرابع ) 1257 -655(غياث الدين كيخسرو الثالث ) 1265 -663(

) فرتة حكم اوىل(غياث الدين مسعود الثاين ) 1282 -681() فرتة حكم اوىل(عالء الدين كيقباد الثالث ) 1284 -683(

) فرتة حكم ثانية(مسعود الثاين ) 1284 -683() فرتة حكم ثانية(كيقباد الثالث ) 1293 -692(

) فرتة حكم ثالثة(مسعود الثاين ) 1294 -693() فرتة حكم ثالثة(كيقباد الثالث ) 1301 -700(

) فرتة حكم رابعة(مسعود الثاين ) 1303 -701() فرتة حكم رابعة(كيقباد الثالث ) 1305 -704(

غياث الدين مسعود الثالث ) 1307 -707( _________

)1 - (

C.E.BOSWORTH:The lslamic Dynasties- Edinburgh paperbacks 1980

)1/416 (

فهارس الكتاب أمساء األشخاص

أمساء األماكن

أمساء الشعوب

فهرس املوضوعات

)1/419 (

:المترجم فى سطور

. جامعة عني مشس أستاذ اآلداب الفارسية ىف كلية اآلداب- حممد السعيد مجال الدين-/ الدكتوروعمل شارك ىف عشرات املؤمترات والندوات العلمية الدولية، وألقى العديد من احملاضرات ىف خمتلف أحناء العامل، -

. بالتدريس ىف عدد من اجلامعات العربية. عضو بعدد من اجلمعيات واهليئات العلمية والثقافية العربية والدولية -

. نال بعض األومسة من إيران وباكستان - .صدر له ستة وعشرون كتابا، بني تأليف وحتقيق وترمجة -

)1/459 (