.اللهم لك احلمد على واسع فضلك وجزيل عطائك

اليت أضاءت يل الطريق، " رزيقة طاوطاو"يسرني أن أتوجه جبزيل الشكر إىل مشرفيت األستاذة

يف هذا العمل .فكانت توجيهاهتا اخلبرية معينة يل على السري قدما

الذي مل يتوان يوما على مدي بالنصيحة "خلضر عيكوس"كما أتفضل بالشكر اجلزيل إىل األستاذ

.والتوجيه، فكان خري عون يف مشواري العلمي

.شكرا أساتذتي

إهــداء

.إىل أمـي احلبيبة وأبـي الغـايل

.إىل إخـوتـي وأخـواتـي

.إىل أقــاربي مجيعــا

أهدي هلم مجيعا هذا اجلهد سائال املوىل

.أن يوفقين يف مشواري العلمي - عز وجل–

ال شك أن العظماء يتركون بصماتهم على التاريخ، فال تستطيع السنين محوها مهما

طال الزمن، فيشهد لهم الناس بذلك ، وتبقى أثارهم شاهدة عليهم جيال بعد جيل، ومن

هؤالء الذين نقشت أسماؤهم صفحات التاريخ الطويل بأحرف ذهبية ، الشاعر العظيم الذي

".أبو الطيب المتنبي"عن باقي الشعراء، إنه الشاعر العبقري تشهد له األيام بتفرده

دفعنا إلى إختيار هذا الموضوع هي ميزة عرف بها المتنبي التي ولعل أهم ما

تتمثل في تغنيه بذاته فال تكاد تخلو قصيدة من شعره إال ويعتد بنفسه وهمته وشجاعته

ته، وهو ما كون لديه قوة وبطولته، حيث ينطلق المتنبي من اإلعجاب الشديد بشخصي

.ولدت داخله عزة النفس إلى جانب المكانة البارزة التي يحظى بها اآلخر في شعر المتنبي

ولمحاولة قراءة شعرية الذات عنده ال بد من اإلجابة عن إشكاالت إذ تقوم إشكالية

يف ما هوية األنا التي حاول المتنبي أن يؤسس لها في شعره؟ وك : البحث على مايلي

.يصور األنا في مخيال األخر؟

ولقد كان لهذا الشاعر النصيب الوافر من الدراسات من قبل مجموعة من الكتاب

محمد عبد ": الذين أفردوا له مجاال للدراسة في كتبهم نذكر على سبيل المثال ال الحصر

من " ريجيس بالشير "و " المتنبي بين ناقديه في القديم والحديث"في "الرحمن شعيب

بمؤلفه " زكي المحاسني"و" دراسة في التاريخ األدبي" "أبو الطيب المتنبي"خالل كتابه

".المتنبي"الذي يحمل عنوان

ولتناول هذا الموضوع حاولنا تقديمه في خطة تتواءم وطبيعة الموضوع حيث

أوينا إرتأينا إستهاللها بمقدمة منهجية حاولنا من خاللها توفير الشروط الواجب توفرها ثم

إلى عرض مكون من مدخل تضمن حياة الشاعر الفكرية واألدبية ثم فصل نظري

.وفصلين تطبيقيين

ب

.الفصل األول إنبرى بتناول ماهية الجدل

. الفصل الثاني تضمن جدلية األنا و اآلخر في شعرية المتنبي

حيث الفصل الثالث إهتم بدراسة فنية جمالية لنماذج من شعر أبي الطيب المتنبي

تناولنا المعجم اللغوي والصورة الفنية والموسيقى الشعرية وخلصنا إلى خاتمة كانت

.حوصلة لما توصلنا إليه من خالل دراستنا

أداة " وصفي تحليلي جمالي"أما فيما يتعلق بالمنهج المتبع فقد كان المنهج األنسب

.لرصد الظواهر الجمالية الفنية في شعر المتنبي

در والمراجع كان من الطبيعي اإلعتماد والعودة إلستلهام ومن حيث المصا

المصادر والمراجع المتاحة التي بإمكانها أن تثري بحثنا هذا، والتي ال غنى لنا عنها فكان

"وأبي الهالل العسكري"، " معجم مقاييس اللغة" في" أحمد بن فارس:"من أهمها كمصادر

لكارل " جدلية األنا واآلخر"سيجموند فرويد ، ول" األنا والهو: "وكمراجع" الصناعتين"في

.يونغ وغيرها من مراجع أخرى ساعدتنا في تحميل موضوعنا حقه من البحث والثراء

أما فيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه الباحث تمثلت في طبيعة الموضوع نفسه،

هذه الدراسة وتشابكه بباقي فروع المعرفة األخرى، إلى جانب قلة المراجع التي تخص

."العربي بن مهيدي"وكذا عدم توفر المادة العلمية بالكم المطلوب في المكتبة الجامعية

وأرجو أن نكونا قد وفقنا، فإن كان توفيقي فمن اهللا، وإن كان إخفاقي فحسبي أني

.األدبي العربي ونسأل اهللا التوفيق ناحاولت أن أقدم الجديد وأن أخدم باليسر تراث

.و األمر من قبل ومن بعد

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

: بيئته ومحيـطه الثقافي -1

أحمد بن الحسين بن عبد الصمد : " نشأ المتنبي في أحضان البيئة العباسية وهو

)2(."وكني بأبي الطيب لقب بالمتنبي" )1( ."الجعفي الكندي

سألت أبا الطيب أحمد بن الحسين المتنبي :البصريبن حمزة إ: وعن سنة مولده قال

، وهذا على وجه التقريب ال التحقيق ولدت بالكوفة في كندة سنة ثلثمائة" :عن مولده فقال

)3( ."ونشأت بالبادية و الشام

رنه كان يسقي الماء على بعياإلسم أل وقد لقب بهذا"، *وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء

ومن أم ال "، )4(" يحمل قربتين ترشحان بالماء، مما دعا أهل بلده إلى تلقيبه بعيدان السقاء

)5(."هته إضافة إلى والده جدته ألمفلنعرف عنها كثيرا ماتت وهو صغير السن فك

الهيئة المصرية العامة للكتاب، اإلسكندرية، الثاني، إبراهيم علي أبو الخشب، تاريخ األدب العربي في العصرالعباسي -1

.251،252ت، ص ط، د د

.150م، ص 2،1986، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان، ط2الجندي ، الرائد في األدب العربي، ج إنعام -2

.13م، ص 1975محمد عبد الرحمن شعيب، المتنبي بين ناقديه في القديم و الحديث، دار المعارف، مصر، د ط ، -3

.)عبدان( وفي أخرى بالباء ،)عيدان( ي بعض المراجع نجدها بالياء ف*

إبراهيم الكيالني، منشورات وزارة الثقافة : ، تر)دراسة في التاريخ األدبي( ريجيس بالشير، أبو الطيب المتنبي -4

.43، ص م1975، 2اإلرشاد القومي، دمشق، طو

.6م، ص 1997، 1شامي، شرح ديوان المتنبي، دار الفكر العربي، بيروت، ط يحي -5

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

نشأ أبو الطيب في الكوفة فقير الحال إال أنه كان ذا نفس أبية متطلعة إلى "

ختالف إلى كتاب ألوالد األشراف العلويين، فبدأ الخطوةخطوته األولى باإل أالذرى وبد

)1(."بتعلم العربية لغة و إعرابا وشعرا األولى

ب في البادية كمصدر للفصاحة و لسليقتهم السليمة و لغتهم الصافية اوصاحب األعر"

من كتاباتهم، وبائعي الكتب لما حملوه من ثقافة متنوعة دستفاإكما أنه الزم الوراقين و

)2( ."وإطالع واسع، وساعده في هذا قوة الحفظ لديه

الواضح في "صاحب "القاسم أبو"أشاد له بـها علماء كبار، حيث يقول والتي

وكان أبو الفـضل يقـرأ عليه ديوان اللغة الذي جمعـه :" "مشكالت شعر المتنبي

)3( ."ويتعـجب من حفظـه وغزارة علمـه

ميوله غريزيا إلى أكثر مداحين تجهتإ": المتنبـي بشعراء عصره حيث كما تأثر

ويعيد طوال حياته قراءة شعرهما متمثال "البحتريأبي تمام و ": عرفهما العصر السابق

)5( ."وقد مدح أبا الفضل الكوفي ولزمه ، وكان من المتفلسفة فدرس عليه" )4(،"به

م، 2001، 1، دار أسامة للنشر و التوزيع، عمان ، ط2موسوعة شعراء العصر العباسي، ج عبد عون الروضان، -1

.224ص

8م، ص1980، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، د ط، 1عبد الرحمن البرقوقي، شرح ديوان المتنبي، ج -2

أبو القاسم األصفهاني، الواضح في مشكالت شعر المتنبي، تحقيق محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، -3

.16ص م، 1986، 2طتونس،

.55ريجيس بالشير، أبو الطيب المتنبي،ص -4

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

304المعارف، مصر، د ط، د ت، ص دار ،)في الشعر العربي( شوقي ضيف، الفن ومذاهبه -5

قتناء الكتب إالعلم، كما شاع ىءلذلك فقد عاش المتنبي في عصر زينت ربوعه ألل

أبا ": نذكر منهم وتعدد المكتبات وكثرت المؤلفات في عصره، وبرز أعالم كبار

: كما ظهر العديد من الشعراء أمثال ...."أبا علي بن سينا،" ،"الريحان البيروني

أبي فراس" ،"النامي أبي العباس"الذي له مفارقات لطيفة في الشعر، "كشاجم"

)1(."الحمداني

)2( ."النبوة في بادية السماوة من أعمال الكوفة دعى إوقد سمي بالمتنبي ألنه "

وزج به في السجن و توسله الشاعر فخرج إليه أمير حمص لؤلؤة وألقى القبض عليه،"

:فيها بقصيدة ليسترد حريته، ويقول

v تعلج في وال بوجحدود وحدلي قب وال جوبسجود.

)3( ."ضى في السجن عامينن أمبعد أ الطيب حريته ستعاد أبوإستجاب له األمير، وإو

بسيف الدولة بن حمدان، فأعجب سيف الدولة بشعر أبي الطيب فأراده على لتحقإثم "

شاعر سيف الدولة و أقام عنده تسع سنوات حنضمام إلى بالطه، ومنذ ذلك الحين أصباإل

)4( ."ثمانيا و ثالثين قصيدة، وإحدى وثالثين مقطوعة أثنائها نظم في) م 957-م 948(

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

.13،14،15ي ، المتنبي ، دار المعارف، مصر، د ط، د ت ، ص نزكي المحاس: ينظر -1

.5، ص م2005، الديوان، دار الجيل للنشر و الطباعة و التوزيع، بيروت، دط، المتنبي -2

ص ،م2003، 1مكتبة الدار العربية للكتاب، ط، 1العربي، ج كاظم حطيط، أعالم ورواد في األدب -3

174،175.

.791، دار الجيل ، بيروت، لبنان، دط، دت، ص ) األدب القديم( الجامع في األدب العربي حنا الفاخوري، -4

غائبه غادر مصر رخشيدي، ولما لم ينله كافور ومدح كافور اإل، ثم ذهب إلى مصر"

وهجاه بعدة قصائد مشهورة، وبعد أن غادر مصر ذهب إلى بغداد فبالد فارس ثم مر

)1( ."الدولةبارجان فشيراز ومدح عضد

ترك المتنبي شيراز قاصد بغداد فالكوفة غير أنه لم يصل إلى دير العاقول بجوار "

وعدد من أصحابه وكان مع المتنبي " ل األسدي هفاتك بن أبي ج"تعرض له وانالنهر

بالقرب من " مفلح"وغالمه " محسد" هبنإأيضا جماعة من أصحابه فقاتلوهم فقتل المتنبي و

354في موضع يقال له الصافية، وذلك يوم األربعاء من شهر رمضان سنة، النعمانية

)2(. "ـم 965-هـ

نتماء المتنبي إلى المذهب القرمطي ، وأول من رأى إإلى كما تجدر بنا اإلشارة

وقفا " المتنبي أمام العصر اإلسماعيلي لإلسالم: " في بحثه لوى ماسينونذلك المستشرق

عتقد أن المتنبي قرمطي الرأي متحفز ألن يكون إف" مع المتنبي" ثره في كتابه إطه حسين

: ويقول )3(."قرمطي السيرة أيضا

ومهما يكن من شيء وسواء وأتتنا النصوص أم لم تواتنا فإنني أجد في نفسي "

شعورا قويا جدا بأن المتنبي قد نشأ نشأة شيعية غالبة لم تلبث أن إستحالت إلى قرمطية

إنما ذهب إلى الشام داعية من دعاة : " ، بل يغلو طه حسين فيرى أن المتنبي)4(" لصةخا

)5(." القرامطة

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

.6، 5الديوان، ص -1

.794، ص )األدب القديم( حنا الفاخوري، الجامع في األدب العربي -2

.44، دت، ص 10طه حسين، مع المتنبي، دار المعارف، مصر، ط -3

.45المرجع نفسه، ص -4

.46نفسه، ص المرجع -5

قرمطيته، كما أن ترجمات حياته إلى إال أن ديوان المتنبي يخلو من أي إشارة"

.نتسابالقديمة تخلو من أي ذكر لهذا اإل

محللين إليه ال أشار فيه المتنبي إلى مذهب القرامطة، ولعل تإال أن هناك بي

.الشارحين قد غمض عليهم السياقو

v مريستحل دم احلجاج يف احلو شيخ يرى الصلوات اخلمس نافلة.

)1(. "ويمكن فهم هذا البيت حسب السياق بأن المتنبي ثائر على القرامطة

:آثـــاره -2

للمتنبي ديوان شعر كان هو أول من جمعه ورتبه حسب إقامته كالعراقيات "

)2(".و أخيرا الفارسيات، وقرأه على الناس وفسر غامضه الشاميات والكافورياتو

ومن أبرز الذين توفروا على شرحه، وتبيان خصائصه وجالء معانيه كال من إبن

).م 1229ت ( ري ـالبقاء العكب بيوأ) م1002ت ( جني

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

، مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهللا للنشر و التوزيع، ) دراسة و منتخبات( أحمد الطويلي، أبو الطيب المتنبي -1

.26،27،28م، ص 1993تونس، د ط،

، دار الفارس للنشر و التوزيع، )أسفاره من شعـره و حياته( يـوسف أحمد الشيـراوي، أطلـس المتنبي -2

.90، ص م2003، 1عمان، ط

يتضمن هذا الديوان حوالي ثالثمائة قصيدة ومقطوعة موزعة على مختلف أغراض "

يأتي المدح في طليعتها حيث أنه يستغرق معظم الديوان ، يليه ،الشعر العربي الغنائي

الغزل و الطلل وقد جاء في معظمها في مستهل قصائد المدح ، ثم الفخر و الحماسة ، ثم

ثم ... وإن منه رثاءه لمحمد بن إسحاق التنوخي، وجدته ألمه ، ووالدة سيف الدولة الرثاء

بن إ، وإن من الذين هجاهم سوار الرملي، وارارضطإيأتي الهجاء الذي لجأ إليه الشاعر

أما الوصف و العتاب والشكوى و الحكمة و الطرديات فقد ...خشيديكيغلغ وكافور اإل

في ثنايا سائر أغراضه الشعرية، وأما الخمرة ، فقد جاءت عرضا مبثوثة جاءت

له من وذلك ألن الشاعر في األصل كان ممن يزرون بها وبشاربيها، وكان اضطرارإو

)1(."ومن عشق المجد و البطولة و الفروسية غناء عنها أيما غناء ،الخلق و السمو

اإلنسان و الشاعر : المتنبي.....................................مدخل

.8،9يحي شامي، شرح ديوان المتنبي، ص -1

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

مفهــوم الجـدل -1

:لغـة - أ

، وهو أصل واحد موالال الو الد يمالج لدج: " فارس إلبن جاء في مقاييس اللغة

)1( ."متداد الخصومة ومراجعة الكالمإسترسال يكون فيه، وإستحكام الشيء في إمن باب

"وجلدأي الحبل هيجلده ويجلدلتفأحكم هه فهو مجولد وجيـلد، و جالش لديء

جوالد فهو جلدوالج ،2( ."د في الخصومة و القدرة عليهاللال: محركة لد(

)3(﴾ وجادلهم بالتي هي أحسن ﴿ :قال تعاىل

"وجلده أي ألقاه على الجلة وجد" )4(" ة وهي األرضالدادجم لهادالاوج خاصه م

خصا شامد5( "ايد (ج ﴿ :تعالى وقالي الحال فال جدو ﴾ .)6(

، ، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع1أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السالم هارون، ج -1

.433م، ص 1979دط، بيروت،

عتنى به ووضع حواشيه عبد المنعم خليل إبراهيم و كريم سيد إالقاموس، تاج العروس من جواهر الزبيدي ، -2

.110،112م، ص 2007، 1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط14محمد، م

.125سورة النحل، اآلية -3

م، 1996، 1لبنان، طناشرون، بيروت، ، مكتبة لبنان) معجم في اللغة و البالغة( الزمخشري، أساس البالغة -4

.54ص

، 2بطرس البستاني، محيط المحيط، قاموس مطول للغة العربية، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، ط -5

.96م، ص 1987

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

.197سورة البقرة، اآلية -6

إذا كان أقوى في الخصام لدأي غلبته، ورجل ج الدج هتلدالرجل فج تلادج: "ويقال

المناظرة : ةلادجو الم ،مقابلة الحجة بالحجة: لدالجدل وهو شدة الخصومة، والج سمواإل

)1( .و المخاصمة

:صطالحاإ - ب

)2(" هو في األصل فن الحوار و المناقشة": فالجدل من حيث التعريف

وهو عبارة "، )3(" المفاوضة على سبيل المنازعة و المغالبة: " أما طبيعة الجدل فهو

)(4."عن مرآء

إلظهار" وأما مفهوم الجدل من حيث الغاية التي يرمي إليها وما يؤدي إليها فهو

شبهة أويقصد به و خصمه عن إفساد قوله بحجة أ لدفع المرء " )5(،"هارالمذاهب وتقري

م التصورات وأعلى عتقاء من تصور إلى تصور للوصول إلى أراإلو" )6( ،"تصحيح كالمه

)7(" .المبادئ

، فيرى أن "المقدمة"بن خلدون في إأما الذين تناولوا الجدل كعلم له آداب وضوابط ك

معرفة آداب المناظرة التي تجري بين أهل المذاهب الفقهية وغيرهم فإنه لما " الجدل هو

.99، دت، ص 1طر للطباعة و النشر، بيروت، لبنان، دبن منظور، لسان العرب، المجلد الثالث، دار صاإ -1

، دار الكتاب اللبناني1جميل صلبيا، المعجم الفلسفي، باأللفاظ العربية و الفرنسية و اإلنجليزية و الالتينية ، ج -2

.391م، ص 1982،بيروت، لبنان، د ط

جيم، دار المعرفة للطباعة كتاب ال، تحقيق وضبط محمد سيد كيالنياألصفهاني، المفردات في غريب القرآن، -3 .89ص،، دط، دتلبنانو النشر و التوزيع، بيروت،

.96بطرس البستاني، محيط المحيط، ص -4

.96المصدر نفسه، ص -5

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

العلمية، أبو الحسن علي بن الحنفي، التعريفات، وضع حواشيه وفهارسه محمد باسل عيون السود، دار الكتب -6

.97م، ص 2003، 2، لبنان، ط بيروت

391،المعجم الفلسفي،صجميل صليبا -7

ستدالل في اإل من المتناظرين واحد كان باب المناظرة في الرد و القبول متسعا، وكـل

حتجاج، ومنه ما يكون صوابا ومنه ما يكون خطأ، فإحتجاج و الجواب يرسل عنانه في اإل

الرد و القبول، األئمة إلى أن يضعوا آدابا و أحكاما يقف المتناظران عند حدودها في

وكيف يكون حال المستدل و المجيب، وحيث يسوغ له أن يكون مستدال، وكيف يكون

مخصوصا منقطعا، ومحل إعتراضه أو معارضته، وأين يجب عليه السكوت لخصمه

ستدالل ، ولذلك قيل فيه إنه معرفة القواعد، من الحدود و اآلداب ، في الكالم واإل

" إلى حفظ رأي أو هدمه، كان ذلك الرأي من الفقه أو غيره ا هستدالل، التي يتوصل باإل

.)1(

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

م، 2002د ط ، بيروت،بن خلدون ، المقدمة، تحقيق درويش الجويدي، المكتبة العصرية للطباعة و النشر،إ -1

.429، 428ص

:أنــواع الجــدل -2

: الجدل و الحوار - أ

في طرق البحث ، وهو يسهم في ختالفاإل يوجد إن الحوار ال يوجد إال حيث"

توسيع العقل وتعميق مداركه بما ال يوسعه وال يعمقه النظر الذي ال حوار معه، إذ الحوار

ثنين، فمعلوم إهو بمنزلة نظر من جانبين، وليس النظر من جانب واحد كالنظر من جانبين

سعه و تعمقه، وعليه أن العقل يتقلب بتقلب النظر في األشياء، وأنه على قدر تقلبه يكون تو

)1( ."نستداللي مبناه على البالغ الذي يتناوب عليه الجانباإفإن الحوار هو نص

ألنها تقوم " جدل" أوسع مدلوال من كلمة " حوار" وهذا يسمى جدال، غير أن كلمة

.أما كلمة جدل فتتضمن معنى الصراع ،على تبادل األفكار و المعارف

:الجــدل و المحاجــة - ب

البرهان ستدالل ما هو أوسع و أغنى من بنياتإن المحاجة تسلك من سبل اإل"

يرجع وحتجاجي ال برهاني يقيد فيه المقام التراكيب إستداللي هو سبيل إالضيقة وكل سبيل

)2( ."فيه العمل على النظر

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

وال ،ستدالل الخصم عن كالمه باألدلة و الحجج التي يملكهاإأي أن المحاجة هي

تحتاج لتأييد من الخصم، بينما الجدل أعم، ذلك ألنه إذا تجادل خصمان حول موضوع

.ستمالة الطرف اآلخر بأقوالهإو كذا ،ى كل طرف إلبراز رأيهعيس ،وقضية أو

، 20ص م،2000، 2ديد علم الكالم، المركز الثقافي العربي، طجطه عبد الرحمن، في أصول الحوار و ت -1

21.

.46المرجع نفسه، ص -2

الجدل و المناظرة و المكابرة - ج

ستدالل، فالجدل يكون الغرض منه إلزام الخصم، والتغلب عليه في مقام اإل"

ختلفت أنظار إوالمناظرة يكون الهدف منها الوصول إلى الصواب في الموضوع الذي

المكابرة ال يكون الغرض منها إلزام الخصم ، وال الوصول للحق، بل و المتناقشين فيه

للجاجة، أو غير ذلك من األغراض التي ال تغنى في ا والشهرة أو مطلق جتياز المجلسإ

.الحق فتيال

نالمناقشا يبتدئويمكن أن تشتمل المنافسة الواحدة على كل هذه األنواع الثالثة، قد

في ذهن أحدهما، ويأخذ في جذب خصمه إليه، وإلزامه فينقدح متناظرين طالبين للحق ،

وقد تدفعه اللجاجة إلى التعصب لرأيه، تبدو له الحجج به، وحينئذ تنقلب المناظرة جدال

ينتقل الجدل إلى مكـابرة، ف ،يستمر في لجاجــته واضحة على نقيض رأيه، ومع ذلك

)1(. "وقد تشتمل المناقشة على جدل و مناظرة

الجدل و علم الخالف أو الخالفيات - د

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

: علم الخالف أو الخالفيات §

هو علم يعرف بـه كيفية إيراد الحجج الشرعية ودفع الشبه و قوادح األدلة "

إال أن الجـدل خص بالمقـاصد ....، وهو الجـدل ةعيالخالفية بإيراد البراهين القط

)2( ." الدينــية

.5م، ص 1934، 1الجدل، دار الفكر العربي، بيروت، طمحمد أبو زهرة، تاريخ -1

مصطفى بن عبد اهللا الشهير بحاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون ، المجلد األول، دار -2

.721ص م، 1992الكتب العلمية ، بيروت، لبنان، د ط ،

األئمة و أدلتهمعلم جليل الفائدة في معرفة مآخذ "هو "بن خلدونإ" يقول العالمة

ستدالل عليه، وال بد من معرفة ستدالل فيما يرمون اإلومران المطالعين له على اإل

ات يالخالف هو جدل، وصاحب الخالف مستنباط األحكام، فعلإالقواعد التي يتوصل بها

، فتارة يكون دلتهأيهدمها المخالف ب أنيحتاج إليها لحفظ تلك المسائل المستنبطة من

،بين الشافعي ومالك، وأبو حنيفة يوافق أحدهما، وتارة بين مالك وأبي حنيفة الخالف

)1(."...والشافعي يوافق أحدهما

نستطيع القول أن علم الخالف هو جدل ألن كليهما يسعى لهدم آراء خصمه وتثبيت

فالجدل مجاله وإبرازها، غير أن كل من الجدل وعلم الخالف له مجاله الخاص به، آرائه

أوسع فهو يتناول ما يتعلق بأصول الدين و مواضيع أخرى ، أما علم الخالف فمجاله الفقه

.وأصوله فقط

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

.428بن خلدون، المقدمة، ص إ -1

:الجــدل عند الفـالسفة – 3

:تمهـيد

ألنه مفطور على حب اإلطالع الجدل طبيعة في اإلنسان وجبلة متأصلة فيه، يعتبر

والظواهر الحاصلة ومحاولة إليجاد تفسيرات لألشياء ،وطرح األسئلة من حين إلى آخر

و المعلومات ، فيجد نفسه مدفوعا إلى اإلفصاح أمامه، ومن ثم يتحصل على األفكار

:قال تعالىأو مخالفة له ، عنها، في سبيل تبادل األفكار أو برهنـة أو معـارضة

)1( ﴾ وكان اإلنسان أكثر شيء جدال ﴿

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

ة الفلسفة أو التفكير الفلسفي ألن اإلنسان يمتاز بنزعة أه مرتبط بنشتشأنوالجدل في

لى رفض الواقعة إتساؤلية، وتلك الحاجة التساؤلية هي التي دفعت اإلنسان منذ البداية

)2(.عتبار الوجود كله مجموعة من الرموز و الشفراتإونبذ التصديق الساذج و المحضة،

ءه ألنه منذ أن بدأ اإلنسان بالتساؤل ووهو مرتبط بالمنطق كمرحلة من مراحل نش"

عن الوجود ومظاهره كان يفكر بمعنى أنه كان يستدل و يحكم دون أن يعرف المنطق

[ حتى ينتبه إلى موضوعه ألن المنطق كعلم يستلزم أوال وجود منطق عملي عفوي أو

)3( ". ستـعمال اللغةإمثلما يفترض النحو وجود ]وهو الجدل

.54: سورة الكهف، اآلية -1

.69، 68م، ص 1971القاهرة، د ط، ،اء إبراهيم، مشكلة الفلسفة، مكتبة مصر للنشريزكر: ينظر -2

، آب 3، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، ط)المنطق التقليدي( مدخل إلى علم المنطق مهدي فضل اهللا، -3

.8م، ص 1985، )أغسطس(

:سقــراط - أ

لحاد، وحكم عليه باإلعدام ، وقد آثار من اإلعجابتهم باإلإو فيها ولد في أثينا وتعلم"

لى الحكمة في سن إشتد ميله إازين، ولرجال الممتلو العداوة في آن واحد ماال يتفق إال

نه فهم الحكمة على أنها قله و يهذب نفسه ألــــــــــذي عـمبكرة فأخذ يغ

)1( ."كمال العلم لكمال العمل

التهكم و التوليد، ففي األولى ":أما منهج سقراط الجدلي في البحث، فكان له مرحلتان

ن أثم يلقي األسئلة و يعرض الشكوك ش ه،يثالجهل و يتظاهر بتسليم أقوال محدكان يتصنع

لى أقوال الزمة منها، ولكنهم ال إستفادة بحيث ينتقل من أقوالهم من يطلب العلم و اإل

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

وهذا ما يسمى التهكم يسلمونها فيوقعهم في التناقض ويحملهم على اإلقرار بالجهل

مرحلة الثانية السقراطي، أي السؤال مع تصنع الجهل، أو تجاهل العالم، وينتقل إلى ال

لى الحقيقة التي إعتراضـات مرتبة ترتيبا منطقيا للوصول فيساعد محدثيه باألسئلة و اإل

بأنفسهمستكشفوها إيجهلونها فيحملون إليها، وهم ال يشعرون و يحسبون أنهم أنهمأقروا

)2(."ستخراج الحق من النفسإأي ،وهذا هو التوليد

.44، 43ص م،1936اليونانية، مطبعة لجنة التأليف و الترجمة و النشر، د ط ، يوسف كرم، تاريخ الفلسفة -1

.66المرجع نفسه، ص -2

:أفــالطون - ب

ألسرة تميزت بالنسب العريق، فتعلم على يد بأثينا، م.ق 428عام ولد أفالطون "

كما تعلم عليهم أيضا إخوته و أقاربه و مشاهير السياسة في السفسطائيين و سقراط،

)1(. "كـرتياس وخارميدس و القبيادسعصره ومنهم

لة المعرفة لذاتها، وأفاض فيها من جميع أيعد أفالطون أول فيلسوف بحث في مس"

التعـقل -االستدالل -الظن -اإلحساس: أنواع المعرفة فكانت أربعة ستقصىإفجهاتها

)2(. "العالم الطبيعي، علم األخالق -علم الجدل: كما صنف العلوم إلى ثالثة أقسام وهي

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

نجد أن هذا األخير يتم فيه "وإذا تطرقنا إلى علم الجدل أو الديالكتيك عند أفالطون،

لى المثل إنتقال من األفراد إلى األنواع، ومن األنواع إلى األجناس، ثم من األجناس باإل

األزلية التي تشارك فيها شتى الموجودات، وهكذا كان أفالطون ينتقل من النماذج أو

، لكي الجمال الحسي إلى الجمال الخلقـي، ثم من الجمـال الخلقي إلى الجمال العقلي

)3(. "في خاتمة المطاف إلى الجمال بالذات أو مثال الجمال ينتهي

عتبره الطريق الوحيد للبحث في الفلسفة، وغير معـنى إفقد تأثر أفالطون بالجدل و "

السفسطائيين فنقل اللفظ من معنى المناقشة المموهة إلى معنى المناقشة الجــدل عند

.ثنين أو أكثر، أو مناقشة النفس لنفسهاإالمخلصة التي تولد العلم، وهي مناقشة بين

.6م، ص 1994العامة للكتاب، القاهرة، د ط، أمير حلمي مطر، جمهورية أفالطون، الهيئة المصرية -1

.84،85يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، ص -2

.31زكرياء إبراهيم، مشكلة الفلسفة ، ص -3

فالجدل لم األعلى الذي ليس بعده مناقشة،اإلى أبعد من هذا فأطلق اللفظ على الع بل ذهب

ينتقل من معان إلى يرتفع العقل به من المحسوس إلى المعقول ال يستخدم شيئا حسيا، بل

)1(."معان بواسطة معان

جدل صاعد وجدل هابط أو نازل": والجدل عند أفالطون من حيث المنهج قسمان

ستداللي ، ومنإلى الظن ، ومن الظن إلى العلم اإل فالصاعد يرفع الفكر من اإلحساس

العلم إلى العقل المحض، والهابط هو النزول من أعلى المبادئ إلى أدناها ووسيلته القسمة

ورات، كما صمن تصور إلى تصور للوصول إلى أعم الت رتقاءوالغرض من الجدل هو اإل

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

رتقاء من المدركات الحسية إلى المعاني العقلية، ومن الحقائق المشخصة إلى أنه اإل

)2(."ألمور الجزئية إلى األمور الكليةومن ا الحقائق المجردة

منهج وعلم يجتاز جميع مراتب الوجود من أسفل إلى أعلى "الجدل عند أفالطون يعتبر

)3(.بالعكس، وهو علم يشمل المنطق وما وراء الطبيعةو

.84يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، ص -1

.392الفلسفي، صجميل صليبا، المعجم -2

.84يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، ص -3

:أرسطـو - ج

، وكانت أسرته معروفة بالطب كابر عن افي أسطاغير م.ق 485ولد أرسطو سنة "

متاز بين أقرانه فسماه إلى أثينا ليستكمل علمه فدخل األكاديمية، وما لبث أن إكابر، فقدم

.إلطالعه الواسع "القراء" لذكائه الخارق و " العقـل" سم إأفالطون ب

كاديمية عشرين سنة ثم غادر أثينا و أسس مدرسة خاصة به، وله ولزم أرسطو األ

)1(. "كتاب األغاليط، كتاب الجدل: مصنفات كثيرة منها

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

ويذكر أن السفسطة السفسطائية، ججحكتاب األغاليظ وهو كتاب ينقد فيه أرسطو ال"

.قياس صحيح ظاهريا ال حقيقة

اليونانية، وتعني اإلشارة بوىسمه مشتق من كلمة طوإب الجدل أو طوبيقا أما كتا

أرسطو هذه المواضيع يستدالالت الخطابية، ويحصإلى األمكنة التي تؤخذ منها اإل

د و الخاصةحال: ستقراء، ويقول إنها أربعةالجدلية سواء كانت في القياس أم في اإل

ثم يذكر بعد ذلك أنواع المحموالت التي توجد فيها هذه .و العرض الجنس و

الماهية و الكم و الكيف، و اإلضافة، المكان، : المواضيع األربعة فيقول إنها عشرة وهي

)2(."االنفعال الزمان، الحال، الفعل

وهذا يتضمن التجريد من صدق المقدمات ستدالالت تتحقق بواسطة المقدمات،واإل"

يــفكل علم إذن يقوم بتجريد موضوعه من األشياء التي تحوم حوله، ويركز جهوده ف

.142، 141المرجع السابق، ص -1

، دار النهضـة العربية )أرسطو و المدارس المتأخرة( ريان، تاريخ الفكر الفلسفي الثاني أبو محمد علي -2

.54م، ص 1976، 2بيروت، طو النشر، للطباعة

الموضوع ذاته ، لكي يسهل مسائله تسهيال كافيا يمكن عالجها عالجا معقوال، ومع

ذلك فتجريد الموضوع مما يعلق به من موضوعات ليست منه ، ليس معناه رفض هذه

األخرى التي قام العلم بتجريد موضوعه منها، ولكن معناه أنه ال يستطيع أن يعالج األشياء

)1(."وما مختلفة و أجزاء من المعرفة يمكن أن تعالج عالجا أدق عند غيرهآن واحد عل في

ستدالل الجدل هو اإل ":وقد حدده أرسطو بقوله ،ن واحد أوللجدل في المنطق ش

به تكون الحجة أن يتجنب الوقوع في التناقض، ودة، على لة واحإسلبيا في مس إيجابيا أو

، ومن ةتقرر له مقدمات مقبولة بداه أنوالبد لسالمة الجدل من في الدفاع عن النتيجة،

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

م فهو محك لحقائق العلم رفة المبادئ األولية في العلون الجدل أن يعين على معأش

)2(. "و الباحث ورياضة للعقل

ستدالل المنطقيستدالل الجدلي و اإلأما العالقة بين الجدل والمنطق أو بين اإل

ستدالل المنطقي يتميز بخضوع العقل لموضوعه خضوعا تاما فهو وثوقي وواقعي فاإل

شتماله على و يمتاز بالصدق إل ،وهدفه البرهان ، فالمنطق إذا وضع من أجل العلــم

) 3(.مقدمتين ونتيجة يقينية أيـضا

لجامعية ، رسطو حتى عصورنا الحاضرة، دار المعرفة اأعلي سامي النشار، المنطق الصوري منذ -1

.13م ، ص 2000د ط ، ،األزاريطة

، دار )دراسة مفصلة و نصوص مبوبة مشروحة( كمال البازجي، أنطوان غطاس كرم، أعالم الفلسفة العربية -2

361م ، ص 1968، أيلول 3المكشوف للنشر، بيروت، لبنان، ط

أحمد خليل، المؤسسة الجامعية خليل : ، تر)من أرسطو حتى راسل( روبير بالنشي، المنطق و تاريخه : ينظر -3

.58، 57بنان، د ط، د ت، ص لللدراسات و النشر و التوزيع،

ستدالل الجدلي فهو يتكون من مقدمتين ظنيتين، ويتميز بالحوار الذي تستعمل أما اإل

.حتراس من الوقوع في التناقضفيه اإلجابات ال لحل المشاكل بل للتخلص مع اإل

يتين تستوجب لبلوغ غرضها تجاوز الخصم القياس الجدلي ظن كما أن مقدمتي

)1(.بالدقـة و المهـارة وقـوة الحـجة

فالجدل عند أرسطو جزء من المنطق وتصنيف من تصانيفه، ونـوع من أنــواع

.ستدالل المنــطقياإل

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

.25المرجع السابق، ص : ينظر -1

الجدل عند البالغيين - 4

: الــجاحظ - أ

فهم الجاحظ الجدل بمعنى المناظرة أو النقاش الذي يدور بين شخصين يمثالن أفكار "

عتبره أسلوبا من أساليب البحث للتمييز إمتناقضة، ولهذا بنى جدله على مبدأ التناقض، ف

)1( ."و الخطأ و الصواب ،بين الباطل و الحق

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

الجاحظ في جدله من مبدأ يقول إن معرفة الشيء معرفة كاملة ال تتأتى من نطلقإ"

ه البد له ر حكمن القاضي قبل إصداد، وكما أحدة أو جانب واحزاوية واالنظر إليه من

عادل اليمكن إصدار حكم هكذا الشأن في جميع المسائل، من سماع أقوال الخصمين،

المختلفة حولها، وقد النطر ستماع إلى وجهاتوصحيح في أية مسألة أو قضية إال بعد اإل

لجاحظ هذا المبدأ في أبحاثه فأعطى لنفسه دور الحكم الذي ينصت أوال إلى ما يدلي اطبق

رسائل سهل بن : في البخالء( به الخصوم من حجج مختلفة لدعم مواقفهم المتباينة ،

الشيعة وحجج البكرية، في حجج : بن التوأم، في العثمانيةإوأبي العاص الثقفي وهارون

)2(."...)أقوال أنصار اإلمام علي و أقوال أنصار معاوية: رسالة الحكمين

ها اوبعد سماع الخصوم يناقش أبو عثمان الحجج المدلى بها و اآلراء التي أبد"

يستقيها من وال بد من أدلة إثبات و أدلة اإلثبات عند الجاحظ هي الشواهد التي ،األطراف

جرج تلك األدلة أو يعدلها على ضوء ي ىءالشعر و القرآن و السنة و السماع وهو ال يفت

)3(."رالعقل و المنطق حتى ينتهي إلى إلقاء أضواء كاشفة تنير حقيقة األم

م1994، 1ة عند الجاحظ، دار و مكتبة الهالل للنشر و التوزيع، بيروت، طيعلي بو ملحم، المناحي الفلسف -1

.456ص

.457المرجع نفسه، ص -2

.457المرجع نفسه، ص -3

)هـ 626ت : ( السكــاكـي - ب

كتساب إثبات الخبر إ" ، وهو"ستداللعلم اإل" سم إصطلح السكاكي على الجدل بإ

وقولي بوساطة تركيب جمل تنبيه على ما عليه للمبتدأ أو نفيه عنه بوساطة تركيب جمل ،

كتساب إثبات إستدالال مع إموا الجملة الواحدة حجة وأصحاب هذا النوع من إباء أن يس

كل إنسان : ستلزامإالكل ك ندراج حكم البعض في حكمإونفي بوساطتها مما يلزم من

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

على بعض الخبر في الثبوت األناسي حيوان المحالة، ومن اإلنعكاس حيوان أن بعض

ستلزام كل إك: الحيوان إنسان ، ومن نفي النقيضكإستلزام كل إنسان حيوان أن بعض

)1(."إنسان حيوان أن ما ليس بحيوان ليس بإنسان

اإلنسان :، كما في نحو علم أن الخبر متى لم يكن معلوم الثبوت للمبتدأ بالبديهةإو "

نـبل كان بين بي" اإلنسان ليس بفرس ":يهة، كما في نحوبالبد اء عنهفنتمعلوم اإل حيوان

اء فنتوال بديهي اإل ، فإن الحدوث ليس بديهي الثبوت للعالم "العالم حادث" : نحو قولنا

)2( ."عنه

تركيب له خاصية في قبول الشهادة ستدالل من ويظهر أيضا أن البد للجملتين في اإل"

بالنظر إلى وجه التركيب، موقوفا ،أو التوقف عندها أو ترجيحه ، وهو أن يكون ردها،

)3(".على الجمع بين النقيضين

، 1أبو يعقوب السكاكي، مفتاح العلوم، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط -1

.548م، ص 2000

.548نفسه، ص صدرالم -2

.549نفسه، ص مصدرال -3

ـبيـعصر المتنالجـدل -5

: علـم الكالم - أ

عتقادية هو العلم بالعقائد الدينية عن األدلة اليقينية و مسائله القضايا الشرعية اإل"

باألحكام غاية الكالم أن يصير اإليمان و التصديق أنوغايته تحلية اإليمان باإليقان، أي

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

ا أو بعيدا الشرعية متيقنا محكما، أما موضوعه يتعلق به إثبات العقيدة الدينية تعلقا قريب

أهداف علم الكالم الدفاع عن العقيدة اإلسالمية إزاء أعداء الدين ومعنى ذلك أن من

)1(."ومعرفة الذات و الصفات ، والفوز بنعيم اآلخرة

:عـلم الكالم و عالقته بالجدل - ب

ختالف بينهما من ن اإلكمإن العالقة بينهما هي عالقة ترابط و تكامل وتالحم ، وي

أو خلق القرآن هي فأطلق لفظ كالم على علم الكالم ألن مسألة كالم اهللا حيث التسمية ،

)2(. من أشهر المسائل التي ثار ودار حولها الخالف و الجدل بين المسلميـن

صطالحا إإلى أن لفظ الكالم أصبح " :"الملل و النحل"في كتابه "الشهرستاني"ويشير

)3(. "فأصبح لفظ الكالم مراد للفظ الجدل فنيا في عهد المأمون،

.5م، ص 2003، 1، مكتبة الثقافة الدينية، ط)عرض و نقد( النجار، علم الكالم رماع -1

، دار المعرفة الجامعية، )في علم الكالم( محمد أحمد عبد القادر، األصيل و الدخيل في الفكر اإلسالمي : ينظر -2

.18،19م، ص 2007األزاريطة، دط ،

مير علي مهنا وعلي حسين فاعور، دار المعرفة للطباعة و النشر أالشهرستاني، الملل و النحل، تحقيق -3

.36م، ص 1997 ،6التوزيع، طو

وعليه ،"جادل" ويقصد بها "كلم"إذن فعلم الكالم هو جدل و كثيرا ما تستخدم لفظة

.فإن علم الكالم هو مرحلة من مراحل تطور الجدل في المجتمع العربي اإلســالمي

:المعتــزلة- ج

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

ستنباطأرباب الكالم و أصحاب الجدل و التمييز و النظر و اإل" المعتزلة هم

األولى للمعتزلة في العصر األموي فقد قامت النشأة و الحجج على من خالفهم، ولقد كانت

ستندت في مواقفها إهذه الحركة للدفاع عن العقيدة اإلسالمية بأساليب الحجاج العقلي وقد

)1(".الحال ستخدام منهج التأويل العقلي لتفسير الوحي على مقتضىإإلى القرآن و السنة مع

كما كان للمنطق سلطان كبير على العقول في العصر العباسي، وكان من جراء ذلك "

)2(. "صطبغت طريقة الجدل و البحث و التدليل صبغة غير التي كانت تعرف من قبلإأن

أبو الهذيل العالف، : ومن أبرز رجال المعتزلة المتكلمين في هذا العصر هما

.ار النظاميوإبراهيم بن س

v هـ 235ت ( العالف أبو الهـذيل(

وبه ،هو أبو الهذيل بن محمد الهذيل العبدي نسبة إلى عبد القيس فقد كان موالهم"

كتمال موضوعات، وهو أبكر شيوخ المعتزلة، ولم إعتزال نضجا و اإل نصل إلى ذورة

أمون ـالم"الثة ـثـتاذهم، وكان الخلفاء الـيدرك من أهل الجدل مثله فهو أبوهـم و أس

علي أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي في اإلسالم نقال عن المالطي في التنبيه و الرد على أهل األهواء محمد -1

.152،153م، ص 1976و النشر، بيروت، د ط ، للطباعة العربية و البدع، دار النهضة

.275ص ، د ت ، 8 ، مكتبة النهضة المصرية، ط1اإلسالم، ج أحمد أمين، ضحى -2

بن دؤاد من تالمذته وكان ال إمونه وكان الوزير يقدمونه و يعظ "المعتصم و الواثقو

)1(" .يقوم له في الكالم خصم يصوغ الكالم صياغته

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

أما جدله فإن أبا الهذيل العالف يمتاز بقدرة فائقة على الجدل، وقد أسلم على يديه "

و خصومه قد شهدوا له بالتفوق إذ لم يكونوا أزيادة على ثالثة آالف رجل، وأن محاوريه

يجرأون على مناظرته، وقد صادفت هذه المقدرة الفائقة ذاكرة قوية متمكنة من حفظ

)2( ."الشعر

ته أو مناقشاته مناقشة مع صالح بن عبد القدوس الزنديق، قال أبو اومن مناظر

: ثنين فقال أبو الهذيلستجير اهللا و أقول باإلأيا صالح؟ قال على أي شيء تعزم : "الهذيل

ستخرت ال أم لك؟ إفأيهما

بن، فمضى إليه أبو الهذيل العالف إأنه مات لصالح بن عبد القدوس : أيضا ويذكر

ال أعرف لجزعك وجها، إذا كان : ومعه النظام وهو غالم حدث، فرآه حزينا، فقال

وما كتاب : لم يقرأ كتاب الشكوك ، قال إنما أجزع ألنه: اإلنسان عندك كالزرع، فقال

حتى وفيما لم يكن لم يكن هكتاب من قرأ فيه شك فيما كان، حتى يتوهم أن: الشكوك؟ قال

يمت لم عمل على أنهإبنك، وإأنت في موت كفش :"، قال أبو الهذيل )3("يظن أنه قد كان

ومن األمثلة على بالغة ،وإذا كان قد مات ، فشك أنه قد قرأ ذلك الكتاب وإن لم يقرأه

ته مع هشام بن الحكم بن بطون اوذكرت مناقش ةنويالما تهالرجل وسحر أسلوبه مناقش

)4.("الكتب، وكان يقطع الخصم بأقل كالم

، مؤسسة الثقافة ) دراسة فلسفية آلراء الفرق اإلسالمية في أصول الدين( أحمد محمود صبحي، في علم الكالم -1

.185م ، ص 2009د ط، الجامعية، األزاريطة،

.188المرجع نفسه، ص -2

.448، القاهرة، ص م1919 ، 2، دار المعارف، ط2علي سامي النشار، نشأة الفلسفي في اإلسالم ، ج -3

.449المرجع نفسه، ص -4

v هـ 231: ت: ( إبـراهيم بن سيار النـظام (

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

النظام " ،)1( "بأبي إسحاق ىهو إبراهيم بن هاني البصري المعروف بالنظام ويكن"

أكبر شخصية فلسفية معتزلية في العالم اإلسالمي، صدر عن فكر مبدع و نظام فلسفي

" أثر كبير، تتلمذ على يد أستاذه و لى ماله من قيمة عظيمةإدقيق، وقد تنبه األقدمون

)2(. "كما درس األدب" العالف

قوله لهم " كمثلة ذلأقد تجلت مقدرته و مواهبه في مناظراته مع المانوية، ومن و

الإخصال الخير، وأن الظلمة ال يصدر عنها الإور ال يصدر عنه نن الأوهم يعتقدون

فإن : الظلمة، قال: حدثونا عن إنسان قال قوال كذب فيه، من الكاذب؟ قالوا خصال الشر

ندم بعد ذلك على قوله الكذب، وقال قد كذبت و أسأت فمن قاتل؟ فتحيروا ولم يدروا ما

فقد كذب ألنه قد كذبت و أسأت ،ن النور هو القاتلأن زعمتم إ: فقال لهم إبراهيميقولون،

والكذب شر فقد كان من النور شر وهو هدم قولكم، وإن قلتم : لم يكن الكذب منه وال قاله

قد كذبت و أسأت، فقد صدقت و الصدق خير، فقد كانت من ظلمة صدق : إن الظلمة قالت

خير و شر : مختلفان، فقد كان من الشيء الواحد شيئان مختلفان و كذب ، وهما عندكم

)3(.ثنينعلى حكمكم وهذا هدم قولكم بقدم اإل

دد من ـــامي، وتأثر به عـولقد ترك النظام أكبر مدرسة كالمية في العالم اإلس"

، وهاجمه كل من األشعري و البقالني و إمام ريــ، وداود الظاه بن حزمإأعدائه ك

ن ـــيــــرمـالح

.220أحمد محمود صبحي، في علم الكالم، ص -1

.485، 484، ص في اإلسالم ة الفكر الفلسفيأعلي سامي النشار، نش -2

.220أحمد محمود صبحي، في علم الكالم، ص -3

مـاھــیة الجـــــدل ......................................الفصل األول

نه جعل من المذهب أو حسبه نمفكريوالغزالي وفخر الدين الرازي وغيرهم من

)1(. "الكالمي فلسفة نظرية صدرت عن أصالة مطلقة و فكر مبدع

أو تبادل األفكار و المناقشة ،سبق يتضح أن الجدل هو نوع من الحوار ومما

يتصف بالخصام و الصراع و النزاع الكالمي بين شخصين أو عدة أشخاص ،و المقايضة

هب المختلفة باألدلة و البراهين او اآلراء و المذ تجاهاتلغلبة بإظهار اإللهدف تحقيق ا

من أجل إحقاق حق أو إبطال باطل ، أو من أجل نفيها وتفنيدهاو دحض حجج الخصم و

إبطال حق و إحقاق باطل، وهذا يتوقف على مدى براعة المتجادلين و ما يستندون إليه

.من أدلة وحجج

.503، 502النشار، نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم، ص علي سامي -1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

-Iصطالحيخر بین المفھومین اللغوي و اإلــا و اآلناأل

: لــغة - أ

يسم مكني وهو للمتكلم وحده ، وإنما بنإ" ورد في لسان العرب أن كلمة أنا

إنما هي األخيرةعلى الفتح فرقا بينه و بين أن التي هي حرف ناصب للفعل أما األلف

)1( ."فلبيان الحركة في الوق

ضمير رفع للمتكلم و األنـانة قولك " كما جاء في منجد اللـغة و األعالم أن أنا

)2( ".أنا

ن أخرى ، إال أسم على أفعل و األنثى إ" نه أخر فقد ورد في لسان العرب اآل أما

.رخيوأ رمعنى الصفة ألن أفعل من كذا ال يكون إال في الصفة ، وتصغير آخ فيه

من انمعناه آخر ":فسره الفراء فقال ،)3( " فآخران يقومان مقامهما" : وقوله تعالى

. و اليهود ، والجمع بالواو و النون غير دينكم من النصاري

بعد اهللا اآلخر ، ويقال ال مرحبا باآلخر أي أ: و حكى بعضهم رخو أ اتيرخوأ

)4(. "باألبعد

ات ، ومن خريخر و أغير ، ج أ" و األعالم فقد جاء بمعنى أما في منجد اللغة

)5( ."ي من غاب عنا، وليس مناأ، ) بعد اهللا اآلخرأ( الكناية

.122، ص م1988دار الجيل ، لبنان، دط ، ،]نىأأنن، [ ، مادة 01بن منظور، لسان العرب، مجإ - 1

، 1، دار المشرق و المكتبة الشرقية ، لبنان، ط] أن ، أنف[ في اللغة واألعالم ، مادة المنجدلويس معلوف ، - 2

.19، ص م1991

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.107سورة المائدة ، اآلية، - 3

.29، ص ] آخر[ بن منظور ، لسان العرب، مادة إ - 4

.5، ص ] آخر ، أدم[ لويس معلوف، المنجد في اللغة و األعالم ، مادة - 5

:صطالحـاإ - ب

لمفهوم هذين المصطلحين في مختلف العلوم اإلنسانية حتى ضعرتن نأسنحاول

.نتمكن من صياغة تجليات صورهما المختلفة في شعر المتنبي

: مفهوم األنا و اآلخر في علم النفس - أ

نا الهو ، األنا ، واأل: الجهاز النفسي إلى ثالث مناطق هي S.Fسيجموند فرويد قسم

تصال بين العالم إوجعل األنا تتوسط بين الهو و األنا األعلى ، لتشكل حلقة األعلى ،

نا تقوم بنقل تأثير العالم الخارجي إلى الهو وما فيه ألاالخارجي و الحاجات الغريزية ، ف

)1(. من نزعات ، محاولة أن تضع مبدأ الواقع محل اللذة الذي يسيطر على الهو

الشخصية التي نعرفها في أنفسنا، صاحبة الميول " أما إذا أردنا تعريف األنا فهو

ولها نزوع .....مباشرا تصاال إومتصلة بعالم الواقع ،العواطف ، وهي منطقية و

)2( ."أخالقي يحافظ على القيم و يرعى التقاليد

ىال كبيرا للمدهد جبالرغم من ذلك نج ،فالمعرفة عند األنا إذن ترتبط كلية بالشعور

المدرك من األنا، فقد تبدو بعض األفعال و األفكار قريبة لألنا ، لكن ليس ثمة خط

)3(. فاصل بين ما هو مدرك وما هو غير مدرك

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.41، صم1982، 4محمد عثمان نجاتي ، دار الشروق ، مصر ، ط: نا والهو، ترسيجموند فرويد، األ: ينظر -1

.109م ، ص 1970، 8عبد العزيز ، أسس الصحة النفسية ، دار القلم ، لبنان، ط القوصي- 2

.67م ، ص 1987، 3ميخائيل إبراهيم أسعد، شخصيتي كيف أعرفها؟ ، دار األفاق الجديدة، لبنان، ط: ينظر- 3

ال تستطيع األنا أن تدرك الداللة الصحيحة للدوافع، تلك التي األحيانفي كثير من و

)1(. بإمكانها أن تظهر تحت ضوء الشعور

الشخصية الشعورية ، إنه القوة السيكولوجية باإلضافة " نا هو وعلى العموم فإن األ

)2(."جتماعيةإلى القوة البيولوجية و اإل

يراهما مركبين مستقلين"ذات فيونغ وهناك من علماء النفس من يفرق بين األنا و ال

ني ما عفالذات يمكن أن ت.....و المسافة التي تفصلهما كالمسافة ما بين الشمس واألرض

المجتمعية نجده في صطدام بين الخصائص الشخصية والمألوفاتيماثل تعويضا عن اإل

)3(. "شتباك الواقع بين العالم الداخلي و العالم الخارجيإ

فالذات تحتضن النفس الواعية و النفس الجماعية و تشكل بذلك شخصية أوسع "

)4( ."تلك الشخصية هي النحنو

ونفهم من ذلك أن الذات أوسع دائرة من األنا كونها تضم باإلضافة إلى األنا

نا الجماعية ، بحيث يصبح اآلخر جزء ألو األيكونا كيانا أكبر هي النحن ىخرأالفردية أنا

)5(." أن نشأة األنا رهينة بوجود اآلخـر: " ل ي، لذلك ق بها نا ومرتبطمكمال لأل

.113القوصي عبد العزيز ، أسس الصحة النفسية، ص : ينظر - 1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

،م1999، 2عباس محمود عوض ، علم النفس العام، دار المعرفة الجامعية ، مصر ، ط: ينظر - 2

.493ص

،م1983لبنان ، فرنسا، د ط ، ،ر، منشورات عويداتصنسيم ن :تر ،مادلين، معرفة الذاتدافي ماري - 3

.150ص

.942م ، ص 1997سوريا ، دط ، ،نبيل محسن ، دار الحوار :ربونغ ، جدلية األنا و الالوعي ، ت كارل - 4

.5م ، ص 2003، 2غريب ، مصر ، ط عبد القادر طه، موسوعة علم النفس و التحليل النفسي، دار فرح - 5

:مفهوم األنا و اآلخر في علم االجتماع - ب

رتباطه فرد واع لهويته المستمرة وإل": جتـماع بأنها تعـرف األنا في علم اإل

وجسدي ال إحساس الفرد بأناه ال يتحقق إال بعد إدراكه لكينونته أوال كيفف" )1( ."بالمحيط

فهو عامل محرك ....هو مركز التوجه ، نقطة الصفر ، منه أرى كل ما أستطيع رؤيته

ضروري اإلنساني جتماعاإل ":بن خلدون بقولهإا يذهب إلى ذلك ممثل ،)2("لمجرى اإلدراك

)3( ."اإلنسان مــدني بالطبع و يعبر الحكماء عن هذا بقولهم

م نطالقا من عالقة األإبداية من األسرة الواحدة و جتماعيوينمو التماسك اإل"

بأوالدها ، ونمط العيش السائد الذي وفرت به طعامهم ، حيث تخلق حياة البيت قناعات

مشتركة تتعلق بأفراد األسرة وبعالقاتهم التي يجب على من ينتمون إليها اإليمان بها

)4(. "النـفي ها لنوع من العقاب ، قد يصل إلى لويتعرض المخالف

جتماعي الذي تحققه األنا فإن األمر يقتضي وجود حالة أخرى ونتيجة لهذا التكامل اإل

د في جالقوى التي تو ستطعنا أن نتصور األنا قوة من بينإ" سمها النحن حيث أننا إذا إ

مجال سلوكنا فيمكن تصور النحن قوة من بين هذه القوى ، تضم األنا بحيث يصبح

.70ص ،عرفها؟أميخائيل إبراهيم أسعد ، شخصيتي كيف - 1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

عدنان نجيب الدين ، المركز الثقافي العربي ، المغرب، :تر بول ريكور، فلسفة اإلرادة ، اإلنسان الخطاء ، - 2

.51م، ص 2003لبنان، د ط ،

.30، دار الجيل ، لبنان، دط ، دت، ص 1عبد الرحمن بن خلدون ، المقدمة ، ج - 3

، 1، مجلة عالم الفكر ، ع) خرىأبوصفها أنا نقص فكرة األصل ، األنا( الهادي ، شعرية الهوية عالء عبد - 4

.292، ص 2007، الكويت، سبتمبر ، 36مج

)1( ." و ال يقوم كقوة مستقلة ،جزء من الكل

ستيعابإجتماعية بين األنا و اآلخر ال ترسي قواعدها إال عن طريق إن العالقة اإل"

)2( ."مالذات التي تتحقق ضمنيا من خالل التعامل مع اآلخرين و محاولة فهمه

ن التواجد سوية ال يعني التجمع مع أي فرد آخر ، وإنما بمن ترتبط معهم أإال "

له عضويتها بأهداف و مصالح و معتقدات و مفاهيم مشتركة في جماعة واحدة توفر

حيث تتضح هذه الحاجة في الرغبة في الحياة مع هذه جتماعيةإشباع تلك الحاجات اإل

)3( ."و التوافق معها و تقبل معاييرها وقيمها وأنماطها السلوكية الجماعة

تقبل الغير و التقبل " جتماعي بين األنا و اآلخر البد من ستقرار اإلولكي يتحقق اإل

)4( ."من الغير و حب الغير و الحب من الغير

ذا نخلص إلى أن اآلخر إذا كان ضرورة حتمية تفرض وجودها األنا ، فإن األمر وهك

.يقتضي الشعور به و التفاعل معه واستيعابه

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

عارف ، مصر ، د ط، الممصطفى سويف ، األسس النفسية لإلبداع الفني في الشعر خاصة ، دار -1

. 139،ص م 1959م، 2004، 1كيف تفهم نفسك و تفهم اآلخر؟ ، دار الفكر العربي ، مصر ، ط سماح خالد زهران ، -2

.116ص .470م ، ص 2003، 1مريم سليمان ، علم نفس التعلم ، دار النهضة العربية، لبنان، ط - 3

.470المرجع نفسه، ص - 4

: خر في الفلسفةمفهوم األنا و اآل - ج

هتمت بهذين المصطلحين تحيلنا إلى العصر إالتي ن الرجوع إلى الدراسات األولى إ

اليوناني فقد شغلت الذات اإلنسانية بما فيها من غموض و تنوع عدد من المفكرين

)1( .وفالسفة اليونان

ستمولوجي إب –ي لوجنطوإكأنها تمفصل " هتمت الفلسفة العربية باألنا فبدت إكما

وهذا التداول لها بين الوجودي والمعرفي يعود إلى طبيعة الثقافة العربية ،)2(" معا

نفكت تبحث عن األنا وتتعرف عليها وعلى طبيعتها من خالل وجودها إاإلسالمية التي ما

ها ؤاوإدراكها المستمر لكونها حلقة في تطور الذات اإلنسانية بوجه عام، باإلضافة إلى ر

صطالح الفلسفي ، ومن هنا أصبح مصطلح نا في اإلمقابل لألحول طبيعة النفس كمفهوم

)3(. ستخداما من مصـــطلح األنا في الفلسفة العربيةإتساعا و إالنفس األكثر شيوعا و

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

هتماما موسعا في نطاق الفلسفة بصفة عامة ، ففي إوفي العصر الحديث لقيت "

الذاتية لموضوع معين و نظرية المعرفة ترجم مصطلح الذات بالماهية و هي الخصائص

)4(. "الوجود و الماهية: تقابل الوجود ، ومنه التعبير الشائع

جورج أبو صالح ، مركز اإلنماء العربي ، لبنان ، دط ، : نهمام بالذات ، ترميشيل فوكو ، اإل: ينظر - 1

.33، 32م ، ص 1992

، 114م ، ص 1984، 1،المؤسسة العربية، مصر ط 1موسوعة الفلسفة ، ج عبد الرحمن بدوي ، - 2

117.

، دار الحوار ، سوريا ، ) إبن الفارض أنموذجا( عباس يوسف الحداد ، األنا في الشعر الصوفي : ينظر - 3

.199م، ص 2005، 1ط

م 1983د ط ، المعجم الفلسفي ، الهيئة العامة لشؤون المطابع األميرية، ،مجمع اللغة العربية - 4

ن السؤال أنطالقا من قناعتها بإناقشاتها حول المصطلح م سهمت الفلسفة الوجودية فيأكما

هو أوال وجوي " ن الوجود أحول األنا هو سؤال عن الوجود ، ويترتب عن ذلك القول ب

)1( ."الذات المتفردة ،أناأنا

أما فيتشه يرى أنه ال معرفة فوق إمكانية العقل أو خارجها معرفيا ووجوديا

هوم األنا موجود في عالم ليس فمف ، )2(" و أصبحت األنا المطلقة هي مركز نظرية العلم

و قد ترتب عن هذا الوجود في أن من صفاتها الجوهرية أنها ،إياها ، أي أنها موجودة

)3( ."محاطة ، وفي حالة تعين مع الغير فليس ثمة ذات مفردة معطاة وحدها

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

خر بمعنى نا ، وفكرة اآلأصفة كل ما هو غير "ن اآلخر يأتي بمعنىأومنه نستنتج

ات العارفة أي كينونات الذ خارج ستمولوجية ملخصها اإلقرار بوجودإبغير األنا مقولة

)4( ."موضوعية

فهو مرتبط بالسقوط ، وهذا السقوط قد يؤخذ على معنيين ":ر عند هيدجرأما اآلخ

غيره ما كان يمكن وجودي أن بن أحدهما إيجابي و اآلخر سلبي ، أما كونه إيجابي فأل

سقوطي هو يكتشف لنفسه، ولواله لظل وجودي في إمكانات الوجود ال نهاية لها، أي أن

)5( ."الذي حددني و بتحديدي تحقق وجودي العيني

.19م ، ص 1966، 2لسفة الوجودية ، النهضة المصرية ، مصر، ط عبد الرحمن بدوي ، دراسات في الف - 1

.192عباس يوسف الحداد، األنا في الشعر الصوفي، ص - 2

.19عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة الوجودية، ص - 3 .13، ص ) مادة آخر( عبد الرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، - 4

.86، 85عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة الوجودية ، ص - 5

ن ذلك الوجود هو وجود مع اآلخر الذي قد يقلل من فرصتها في ممارسة أ غير

كما قد يحصر دائرة تميزها الفردي، فإذا كان اآلخر ضرورة حتمية فإنه في حياتها

حد من درجة تن حريته أن أتبار أن من شإعالوقت نفسه يمثل الخطر الذي يهددني ، على

J.P.Sنه ال مناص من الوجود مع الناس ، كما يرى جان بول ساتر أحريتي ، إال

العربيا و اآلخر في الفكر ــمفهوم األن - د

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

و اآلخر في الفكر العربي نظرا أنا ال نستطيع أن نستقر على تحديد دقيق لأل

.تساع دائرتيهما، وغموض داللتهماإل

في " الشرق" ستخدام الشائع وهو ختزلنا دائرة األنا فإننا نجدها تصب في اإلإوإذا

الشرق مفهوما يمثل نقيض الغرب وليس له حدود ، بل عتبرإ، فاآلخر " الغرب"مقابل

لكنه ...متداده المباشر إوداخل ،يجوز أن يعني كل العالم، الذي ال يدخل في دائرة الغرب

قتصر على الشرق األكثر قربا الذي كان و ال يزال الغرب يحتك به ، وهذا الشرق يضم إ

)2(" العالم العربي وإيران و تركيا

فإن التاريخ يعود بنا إلى جذوره األولى "الشرق" أن نضبط مصطلح وإذا أردنا

تسع ليشمل إو ،فقد كان مدلول هذا المصطلح يشمل سوريا و مصر و بالد الرافدين

متد في مراحل الحــقةإإلى ما سبق الجزيرة العربية وفارس و تركيا ، ثم باإلضافة

، 18، دت، ص 3الرحمن بدوي، دار العودة ، لبنان، ط دو العدم ، تر عب الوجودجان بول سارتر ، : ينظر - 119.

، دار المنتخب العربي ، لبنان، د ط ، ) مفارقات العرب والغرب( محمد نور الدين أفاية، المتخيل و التواصل - 2 .96، 95م ، ص 1993

فلقد جعل اآلخر لدى " ،)1(ليشمل الهند و الصين و اليابان و ما إليها من بلدان آسيا

)2(."الغرب يأتي في مقـابل اإلسالم

وهذه التسمية ليست ناتجة من خصائص طبيعية للمنطقة ، وال من خصائص "

قطب ستبل هي تسمية سياسية غربية رأسمالية ت.... قتصادية إأو ....بشرية جتماعية أوإ

)3(. "و تستبعد دوال عربية ،دوال غير عربية

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

عتدنا نحن األوروبيين إلقد :" سم الطبيعي لمواجهة الشرق اإل هو فمصطلح الغرب

سم الغرب ، ولم يعد هذا التعبير إليها إي ننتمن نطلق على مجموعة البالد التي أمنذ مدة ،

جتماعيا وسياسيا و عسكرياإيعني وضعا جغرافيا خالصا ، بقدر ما يعني كيانا ثقافيا و

وفي الشرق األوسط لم يستعمل تعبير الغرب بمعنى الكيان السياسي و الثقافي ، إال ...

إال منذ ستعماله في الوقت الذي راج السياسي و الثقافي إمنذ مدة قريبة وربما يكون قد بدأ

مدة قريبة وربما يكون قد بدأ استعماله في الوقـت الذي راج فـيه تعبير الشرق

)4( ."األوسط

ن أ: " نطلقت من معطيات جغرافية، وقد يكون السبب في ذلكإمية الشرق فتس

ن تتخلى عن فكرة كون الوطن العربي ، والسيما شمال أالذاكرة األوروبية ال تريد

مبرطورية الرومانية إفريقيا و مصر و الشام ، كانت في يوم من األيام جزء من اإل

)5( ."الشرقية

دراسة في بعض الثنائيات المتداولة في الفكر العربي الحديث ( الحالق ،نحن واألخر،محمد راتب : ينظر- 1

10م، ص1997منشورات إتحاد الكتاب العرب، سوريا، ،)والحديث

.9م ، ص 2000، الكويت ، أكتوبر، 503محمد عابد الجابري ، اإلسالم و الغرب، مجلة العربي ، ع - 2

11ص محمد راتب الحالق، نحن واآلخر،- 3

.11المرجع نفسه، ص - 4

الكلية المزدوجة للكينونة الذاتية و تقويضها في اآلن نفسه ، وهو يتداخل "فاألخر هو

نشطارات الذاتية في عالقة الذات بالذات ويتمرأى في سلسلة غير منتهية ، تبدأ من أدق اإل

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

فرد يمكن أن يكون آخر حتى بالنسبة إلى نفسه قبل مدة لمن شديد الضالة ، فار زعب

ويمكن أن يتحول إلى آخر بعد مدة قصيرة أيضا ، وكل شخص هو آخر بالنسبة ،قصيرة

)1( ."ألي شخص على وجه األرض

فما األسباب و العوامل التي تشكل المشاعر اإلنسانية الجماعية أي المشاعر العامة

ة فالطبيعة ئيأو شعب؟ فقد يعود بعضها لعوامل جغرافية أي بيالمتكررة في جماعة أو أمة

)2( .و المناخ تؤثران في التركيبة النفسية للجماعات اإلنسانية بشكل من األشكال

هذه هي التعريفات التي وضعت لكل من األنا و اآلخر ، على أننا سنتعرف على أهم

.الصور التي شكلت لهما في شعر أبي الطيب المتنبي

، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،) األنا و األخر عبر اللغة السردية( صالح صالح ، سر اآلخر - 1

.10م ، ص 2003، 1المغرب، ط

.21م، ص 1998، 1، دار الشروق، القاهرة، ط)فكر و إقتناع وممارسة( ميالد حنا، قبول اآلخر : ينظر- 2

II - تجليات األنا في شعر المتنبي

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

: نا في موضوع الفخرتجلي األ -1

تجاهاته ، تلح عليه دائما ال إشعر المتنبي نجد ذاته بؤرة أعماله و أعندما نقر"

الذي يتحدث فيه فشخصيته ماثلة هنا و هناك على صورة الموقفينساها مهما كان

واضحة جلية ال تعقيد فيها، وال تنافر بين العقول والحقيقة، وقد غلبت هذه الشخصية

تشابه العنوان شاعر آخر في باب من األبواب ولو حتى ال تشابه بينهما و بين

)1( ."الموضوعو

ستعالء و كبرياء و شموخ و طموح إ وديوانه صورة صادقة لنفسه بكل ما فيها من

في عليائها وبكل ما تزخر به هذه النفس من قوى وآالمها و عظمة وحب و ألفة بآمالها

.شعورية

لى ذاته يتغنى بكل ما كان يحس به و يعانيه ، هو أسمى ما إنصراف المتنبي إإن

األزمنة حتى عصرنا الحديث، وليست م ديم منذ أقظإليه الشاعر الع يحاول أن يصل

عتداد بالذات أو الكبرياء أو تجابهنا في شعره أو الغرور أو الطموح أو اإل مة التي ظالع

و إرجاعها إلى نواحي نفسية ،ستغلها كثير من النقاد للطعن في هذا الشاعرإوالتي الطمع

رشادا بقدر ما هي متعة ، ومهمة األدب ليست وعظا و إيعاني منها الجميع بنسب مختلفة

)2(. لى التأثير العميق في الروح اإلنسانيةإتهدف

يع، عمان، األردن، دط ، د ت، زصالح نافع عبد الفتاح ، لغة الحب في شعر المتنبي، دار الفكر للنشر و التو - 1

.48ص

.50، 49المرجع نفسه، ص : ينظر - 2

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

لقد عمل المتنبي على أن يرتفع بذاته ويسمو بها، ويتخذ من فنه وسيلة للتعبير عن

فيشدنا إليه شدا او فخر اعتزازإ، فإن بشعره الذاتي يفيض زازعتاإلهذا السمو و هذا

فنحب هذا الشعر و نألفه و نحس أن لغته تخاطب ،في كل ما يقول هويشعرنا بصدق

، ويلمس أوتار الشعور لدينا فنعيد أبياته بـيتا عقولنا تخاطبقلوبنا و مشاعرنا أكثر مما

و لما نحسه في أأنها صدى لما يتردد في داخلنا ـــو بين أنفسنا و ك بيـتا

)1(: أعماقنا ، يقول أبو الطيب

ويقول

:)2(

وءبالس نم دسجني أبدو فييذكر فحاــــــــــــــفال أعص هبان اتواوإه

كانا إن النفيس غريب حيثما وطين وهكذا كنت يف أهلي ويف الفضل م دسحعلىذكم لقاني إذا أثري وبوي انا ألقى الكميح

هوركابي نح نبذجال ي دا وما قل أحيح متقلما دن كبانار

. 180 الديوان، ص - 1

دتنش حاءالفص رسنا ال تجهه ربزي اهلنتا ولكيل باسالب

ي بابلرحت بسعمشعري وال س كلهم اجلاهلية ما نال أهل

املك يفهي الشهادة يل بأن ناقص وإذا أتتك مذميت من

اقلب أن يحسب اهلندي فيهم عصر يدعي من يل بفهم أهيل

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

182الديوان، ص - 2

ن لغته أالمتنبي كان حديث قلبه أعظم و أكبر من حيث عقله ، ورغم صغر سنه إال إن

تدق بعنف و تترك في القلوب الشيء الكثير و تبين لنا أن ،نسيابا أخاذا إكانت تنساب

)1(: نا منذ حداثته كان عميق اإلحساس بذاته و بفنه ، كما يقولشاعر

جببا فععجم أكن جيب إنع منجـمل ي هفوق نفس د زيدم

برى و دالن برايف أنا تى وغيظ القودالع اممسو احلسود

ـ أنا يف أمة تداركها ثمود ـه غريب كصالح يف الل

ورغبة عالية ،كبرياء صاحب شديدة و ةأنف ذا العظيم بذاته و بفنه ، جعله فاإلعجاب

السجن وأدت به هذه إلى أن يعرض نفسه للمطاردة وفع عن الدنايا ، تتر عظيمة للسيادة ،

.نتقادو اإل

فهو يخبر عن طموحه العالي وهمته البعيدة و سعيه الدائب ، نجده يعتد بنفسه

هتمام ، فهو يتساءل عن المكانةو بمواهبه محتقرا لكل ما يجده أمامه فالشيء جدير باإل

)2:(التي سيرتقي إليها بعد أن أصبح كل شيء تحته حيث يقول

ق ظيمـأي ع أرتقي أي محل يأتلقخ ا قدـ كل م يخلق ـه وما لم الل

.22، 21الديوان، ص - 1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.40الديوان، ص - 2

ة يف مفرقي هميت محتقر يف رعكش

)1(: بل إنه ال يجد من يساويه في المكانة إذ يقول

فقل يف حمل أقضاج ة نهام لعغف ىى شوري هبا ش ري نق

نظري ار علىني ال تدـوع خسيس ونفس ال تجيب إىل

)2(: وهو يرفض أن يشبه الناس بأحد

شت نكط عابأميهي مب هكأنو دال أحقي وفو دا أحفم ثليم

ولكنه ظل يتبرم والقارئ لشعره يرى بجالء أن المتنبي ظهرت محاوالته في اإلرتقاء

التي يسعى إليها و يشتكي من أهل زمنه مصور آالمه منهم ، فهم يجهلون رسالته

)3(: يخذلونه في تحقيق مراده كما يقولو

.168الديوان، ص - 1

.14الديوان، ص - 2

منهيل بكل مكان م وح ق خ خل ئطت مبن ستفهامهاإت يف ي إذا ج

ق غري غرر على ال أقتري بلدا إال غن وال أمر خبل ط مض

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.170الديوان، ص - 3

أن ثقته العظيمة بنفسه التي صرح بها في كل أحاديثه فتحت له األبواب وكانت غير

)1(: نطالق لتحقيق طموحه من مثل قولهإنقطة

اكي أم عالأيعجب من ثنائ وكم طرب املسامع ليس يدري

)2(: ن يضع نفسه في مقام الممدوحينأحتى وصل به الحال إلى

أنوضوع ئنهال ي نكا م األع رسائ اترضباملساء

)3(: بل إن يميز نفسه عن الملوك أيضا يقول

ـن ضـممم ع اجلـم لمعــيـناسسلجـــــــــب ممقـد ى بـهـعـن تسم ري ين خـ أن

ـذ ظـر األعمـى إلـى أدبيأنـا ال ـاتي مـن بـه صمـموأسـمعت كلم ي ن

هاأنــواردـفوني عـن شج ـلءم اخلل ام رــهسـويج اهـاــقر وخيتصم

.568الديوان، ص - 1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.446الديوان ، ص - 2

.332الديوان ، ص - 3

تكرر بشكل الفت في شعر المتنبي ت شتقت منها الزمةإأو ما "المعالي"تمثل لفظة

إنه يصرح دائما أنها هدفه الذي يسعى إليه ، إنه ليس كباقي الناس الذين يبحثون عن

)1(: فهو من نوع مختلف وله أهداف مختلفة ،المعاش

جد ياقإوما وياقيإك شتتش ف اشيمنكإك نكماشإوال عر

ت إليك يف طلبسف املعايل ر س يف طلبــــــــــوسار املعاش واي

لما تكلف كل هذا العناء جله ترك وطنه ، ولوالهاأهي هدفه الذي من فالمعالي

)2(: إذ يقول

جناء ح لوال العلى مل جتب بي ما أجوب هبا ودودقي داءرال جو ف ر

اه رونقه الغيد األماليدــأشب وكان أطيب من سيفي معانقة

لتحقيق هدفـه هو حبيبه، وهو من يستحق المـعانقة و التقبيل ته فالسيف هو وسيل

)3(: و الشوق ، لذلك فهو يقول

ما يف الن ني استقول قعاش ثلكم جدي مجتد تهبن أحبيثل م ثليم

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.245الديوان ، ص - 1

.506الديوان، ص - 2

518الديوان ، ص - 3

كن بحى بالبيض عنم هفاتهرعن م هنباحلسن يف أجسامقل والص

مر عن سمر القنا بالسين و رسلي جناها أحبائي وأطرافها غري أن

ؤادا مل تبت نايا الغر فيه فضلة عدمت ف ري الث ق لغ احلدو ج لالن

ه ، وفي هذا الكالم القليل عن سبعن ن ال يوجد في ديوان المتنبي كالم كثير

نه ال يفخر إبل ،النسب ال يوجد تفصيل دقيق ، فهو ال يذكر قبيلته التي ينتمي إليها مثال

ويكتفي بالفخر بنفسه فقط ، رغم أن قبيلته ممن يفخر بها كما ،باقي الشعراء سبها بعك

)1(: يقول

ت الوبنف شرفوا بي ال بقومي شرفت بل ي فخري سدودجب

ق خر كل من نط ث الضا وهبم ف غوذ اجلاني ووعو ر د يدالط

إن معاناة المتنبي من أجل العظمة كانت في حد ذاتها دافعا له إلبراز ذاته و فنه

.و بالتالي مصدر حبه لمبدأ المثال في كل شيء ،وهي مصدر نبوغه و نجاحه

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.21، ص الديوان - 1

: ا في موضوع المـدحـتجلي األن -2

وأن مدائحه مقصودة ،ة ال وسيلة يلقد فهم بعض النقاد مدح المتنبي على أنه غا"

جل إرضاء أهواء الممدوحين و كبريائهم ، كما جرت ألذاتها ، بمعنى أنها قيلت من

لم تكن وسيلة للتحدث العادة لدى شعراء المدح في الشعر العربي، غير أنها في الواقع

)1(. "عن نفسه

بفخره ، فشغل ممدوحهمواقف المدح دليل على ذلك أنه لم ينس نفسه في وخير

نفس بما تجيش به نفسهيإعجابه بنفسه ، فيؤجل مدح وليه تأجيال و يزيحه جانبا حتى و

ممدوحه ومثله ، وعشق المتنبي هد بقيميتغنى المتنبي بممدوحه ، وهو في الحقيقة يش

)2(: وهو في حقيقة األمر يعشق ذلك النموذج الذي يعيش في أعماقه و داخله حيث يقول

طن الفؤاد لما أتيت على النوى اطنولما تركت مخافة أن تف ف

ض اهينـمنه قاسيت الذي ليس عقوبة عليه يل ى فراقكحأ )3(و يقول

قيدا تقيدا د اإلحسانجومن و وقيدت نفسي يف ذراك محبة

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

أل اإلنسنى إذا سالغ هامأي ان على بع كنتلوعج تددوعم اك

. 71صالح نافع عبد الفتاح ، لغة الحب في شعر المتنبي ، ص -1

. 152الديوان ، ص -2

. 373الديوان ، ص -3

: يقول "ألحمد عبد اهللا بن الحسن األنطاكي"و في مدحه )1(

ت أنت وهن لك يا منازل يف القلوب منازل ل أقفرأواه منك ما يبكى عليه العاقلأوالكما يعلمن ذاك وما علمت وإن

فهة طراملني ل وأنا الذي اجتلبوالقتيل القات طالب فمن امل

تناول الممدوح ، فيمدح فيه كرمه يفقد بدأ القصيدة بالغزل كعادة القدماء ، ثم

و شجاعته و أدبه ثم يتركه ليتحدث عن نفسه و فنه ، ثم يهجو أهل زمانه ، ممن ال

.يعرفون منزلته و فنه يقدرونه و ال

)2(: يقول "علي بن أحمد عامر األنطاكي"و في مدحه

نم اليخ نأطاع رهها الدعي فوارسيل كذا وموما قو الصرب وحيدا أمر تت إال ويف نفسهاـــــوما ثب سالميت وأشجع مين كل يوم

باآلفات تسرا حتىتمكتهأم تر ت املو تقول أمات رالذع رذع

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

في قصيدته هذه تطغى شخصيته على شخصية الممدوح ، فيتحدث عن نفسه في

.عشرة أبيات األولى ، ثم يتناول ممدوحه في بيتين فقط

لقد مدح المتنبي الكثيرين ، و لكنه كما يبدوا لم يحاول أن يقيم صداقة وطيدة مع

مداني و ـــــــالعشائر الح مدوحيه كبدر بن عمار و أبيـــــــــبعض م

سيف الدولة

. 177الديوان ، ص -1

. 189الديوان ، ص -2

)1(: فيقول

خص حي أعيدا أحلما نرى أم زمانا جديدا يف ش أم اخللق ضأنا به ى لنا فأ اودــعسلقينا نجوم أناــك تجل

في قصيدته المحب لحبيبته مستخدما الرمز ، بل "بدر بن عمار"و يخاطب المتنبي

)2(: إن أبا الطيب يتغزل ببدر و يحدثه بلغة العشاق ، إذ يقول

جى املر كا امللهأي تر حاب ألمالس من تما رأي بجائع ض ىتشك األر هإلي تهضابـــوت غيب الر ف شر هماء ف شر

)3(: ، فيمدح فيه شجاعته و فروسيته قائال "سيف الدولة"ثم ينتقل المتنبي لمدح

مكم واحلصاخل نتوأ امصاخل يكف ي تلامعإال يف م اسل النعديا أ

م رو همحش نيمم فحب الشحست نأ ةدقاص ـنكم اتـرظن اهعيذأ

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

يا من يعز لعينقـارفن ا أنهو ـمجدانـــــلا كن شـيء بعكدم عدم عتداده بنفسه إح شخصية المتنبي و قوة وبجالء و وضبين يإن التوحد بالممدوح

لآلخرين من خالل هذه النفس الشفافة ، و الشاعر األصيل ال يقف تهثقته بها ، و رؤيو .مراقبا فحسب بل هو ممثل في المشهد الذي رسمه ، و الصوت الذي يتحدث في قصائده

. 132الديوان ، ص - 1 . 158الديوان ، ص - 2 . 333، 332ص الديوان ، - 3

فالمتنبي يصف شجاعة سيف الدولة ، فيخرج وصفه لهذه الشجاعة عن كونه مجرد

التي وقفت تتحدى ،و إعجاب بتلك الشجاعة زهو وصف لصفة تستدعي المدح إلى حديث

بعزيمتها كل التهديدات ، فأقدمت غير متهـــــــيبة وال حتى متوقعة الموت يقول

)1( :أبو الطيب

ك لواقف شك املوت يف ومـا توقـف نائم وهو ىالرد جفن فـي كـأن

رتـم بـك كل ـطالاألبة ىمزميه ج وـــوكه ـاح ض ك و ثـغرو بماس

زتتـجاو قدارم ةجاعالش هالنقوم قـول إلـى ىو بالغيب أنت عمال

بنى المتنبي شخصية على قيم و مثل رآها نموذجا للكمال اإلنساني و التي تكمن في

نرتباطها بعادات العرب و تقاليدهم ، غير أإمفهوم عن الفروسية عند العرب ومدى

حد يا مدائحه التي لم يكتف بالوقوف فيها عند اهذا في ثن ،المتنبي كشف موقفه من الحياة

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

ل منها يطالوصف الجزئي ، بل إنه حاول أن يستغل المناسبة التي تطرحا قصيدة المديح ل

.على قضايا إنسانية شاملة تتبلور منها فلسفته

.387الديوان ، ص -1

:تـــجلى األنا في موضوع الحكمــــة - 3

)1(. إن المتنبي لم يتثقف ثقافة فلسفية ، وإنما تثقف ثقافة عربية خالصة"

ر ابتها وفخامتها لم تكن لتختاونعتقد أن شخصية المتنبي كما عرفناها في مه" ....

جواء الحكمة السماوية أن تنطلق في أكن لها إال يلم منحى للقول غير ذلك المنحى أو

)3(: كقوله ) 2( ".األمثالجري مجرى ـفأصبحت كلماته ت

ف يف الن أنفس لذيذ الحيــاةن س وهى مـــــلأن وألشملى يوأح

فما م ف ما الضعــــف مال ل وإذا الشيـــخ قال أ حيـاة وإن

بةالناس ، فهي محببة إلى النفس في الشيلمتنبي يرى أن الحياة لذيذة شهية إلى فا

.الكبرو

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

)4(: كذا قوله

مامـوهو ح شيالع عضب ارتخفت هاوبليف ق وسفات النوالح رــتغ

احل وشراممني الزؤامني عيشه يذل الذتاخي يا ويهـاضرم

حالوة النفوس تغر قلوب أربابها حتى تختار عيشا فيه ذل الذي هو أكبر من إن

.الموت و الذي يتمثل في الهــوان

.92م ، ص 1966، 5، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة، ط 4الخاطر، ج أحمد أمين ، فيض -1 .28م ، لبنان ، ص 1977، 11منجي الكعبي ، مجلة اآلداب، ع -2 .407الديوان ، ص -3 .391الديوان، ص -4

)1( :ومن الحكمة

ى ال اتفاق لهم ف الناس حت خال ف يف الشجبعلى شجب واخلل الإ ت

خ ك جسوقيل تش س املرء سالمةلص نففقيل ت طبر يف الع املرء م

ني العجز والتعب جتهتفكر يف الدنيا ومه ومن ب كرالف هأقام

ومعنى ذلك أن من يفكر في مفارقة الدنيا أتعبه ذلك لما يجد في نفسه من األسف

.نه قضاء محتوم ال مفر منهألى الدنيا ثم يعود فيقرأ ع

)2(: وقوله أيضا

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

خ قلوأتعب م ان زاده مهوق هصر عا تمهتشفي النو سجده

)3(: وقوله أيضا

كلم ق نفس املرء قبل جسمه وأعرفها في فعله والت ادأص أمثلة الحكمة اإلنسانية و أراد بالنفس الهمة العالية و المعاني الكريمة و الفضائل

)4: (كثيرة و متعددة من ذلك

.454 الديوان ، ص - 1 .454 الديوان ، ص - 2 .460الديوان، ص - 3 .474الديوان، ص - 4

ومراد أ وسفالنغصرمأ نى ف نادتتفانىــتتع أنو يه

ومن يهن يساهل لهوان لعيه املب رجحميت إليالم

)1( :وقوله كذلك

يم متـردايم ملكتـه وإن أنت الكـرـرمكأ ـتنـا أإذ اللئـ متأكـر ـت

)2( :وقوله أيضا

ا ممــــــــــعقعتوا يمل ضى فيها وغاف ل أوجلاه فو احلياةتص

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

سيواملح ها طلبطال فتومعم

هق نفس ط يف احلقائ غالي ملنو

)3( : و قوله

م النلوالظ يـمن ش فمتجد ظ وس، فإن ال ي ة ة ، فلعلـ مـلذا عفـ

372الديوان، ص - 1

491 الديوان ، ص - 2

571 الديوان ، ص - 3

)1( : وكذا قوله

ضا قذباأل تيام ما بيأ نههــال صمــــــب قئامو عق ندم فووائد

ــدائق للنفس سفالن عبط نكول ىدو الن ةاعجالش قرى طري لوك

باحل يلقل فإن لقبالع ـاحلص ك وإنثاحل ريباجل بف لهاسد

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

.321، 320 الديوان ، ص - 1

: تجليات األنا في موضوع الغزل - 4

أسره الهوى ، ألنه كانت لديه أهدافا أسمى و أبعد عن يلم يكن المتنبي كغيره رقيقا

هذا الغرض ، كما أنه يريد أن يبين لهم أن ليس كل من قال غزال ، فهو متيم ، بل إنه

)1( :قتدارا و تميزا ، يقول أبو الطيبإيقول غزال

ة وطماعة رإال غ قشا العمو عـــــيابصفي هنفس قلب ض ر

ؤادي للغواني رمية وغري بناني للزجاج ركاب وغري ف

ةوها كل شالقن افا ألطركنــــــــــــفل ترابعل ا إال هبنلن سي

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

)2(: ويقول

مه وما فطنوا وما عرفوا الدنيا هووا مما أضر بأهل العشق أن )3( :ومن غزل المتنبي في شبابه

لعبت مبشيته الشو غ ولمادرت صنما ماأل نصل امنالو الروح

مالا بال هفتتظح ضهجرت وجــاتنوف ه ،ؤي املادجروح ) 4(:، قال فيها"الحسين الهمذاني"ويظهر غزله كذلك في قصيدة مدح فيها

749الديوان ، ص - 1 571 الديوان ، ص - 2 66 الديوان ، ص - 3 .206 الديوان ، ص - 4

أسر بتجديد اهلوى ذكر ما مضى جر الصلدـــــــوإن كان ال يبقى له احل

م رعى سربكم وردــرق وقال نا اددنع نييف الع أتانا منك هادس

فارقيـــممثلة حتى كأن مل ت أس من وصلك الوعدـــوحتى كأن الي

وحتى تكادي تمسحني مدامعي ك الندـــــــــــعبق يف ثوبي من رحيــوي

الغزل ، متصرف فيه، وبيان قادر لما أحس به، يالرجل مجيدا ف أن يتبين بهذا

ه التكلف ينسين الغزل ال أ: ولهاأولذلك نجد في غزل أبي الطيب أمور جديرة باإلثبات ،

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

بذكر الحرب ، فهو يصف الحبيب وما يحيط به من شدائد و أهوال يقول في قصيدة

)1(كافورية

سوهو رمبا سارت ائرادهاج منةيع بين طمونع ضو موبر

ورمبا وخدأ تيي املديط يعجى نعل اهب مالف نرانس مصوبب وصاف أ|ستعمل ألفاظ الغزل والنسيب في إن الشاعر كلف بالحرب فأ: ثانيهما

)2( :يقول ،والجدالحرب

عن عند محبيهن كالقبلأعلى املمالك ما يبنى على األسل والط )3(: وتفضيله لهن على الحضريات يقول أبو الطيب باألعربيات ، تغزل : وثالثا

448الديوان ، ص - 1 274 الديوان ، ص - 2 449 الديوان ، ص - 3

ما أوجه احلضر املستحسنات به كأوجه البدويات الرعابيب

طرية وبويف البداوة حسن غري مجل حسن احلضارة مجلوب بت

)1(عتبار بتغيرها مزج الغزل بالحزن و النظر في الدنيا و اإل: ورابعهما

ق أرثلي يمو ق لى أرق ع ق أر قرتتر ةربعو زيدى يوج و

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

)2(: ويقول المتنبي كذلك

يت ومل ق ولقد بكيت على الشباب مسودة ولماء وجهي رون

هراقم فوقبل ي هليذرا عق ح فين أشرج اءمب ت دحتى لك

28الديوان ، ص - 1 29 الديوان ، ص - 2

III - تجليات اآلخر في شعر المتنبي:

: صورة الممدوح - 1

وا من قيد التعميم في تلفستطاعوا أن ينإربما كان المتنبي من الشعراء القالئل الذين

جزء من قصائدهم ، فهو يحاول تخصيص مدائحه بتناوله الصفات الخاصة بالممدوح ،

متدحها المتنبي في سيف الدولة هي صفات الفروسية حيث إولقد كانت أولى الصفات التي

)1( :من خالل المعارك التي خاضها معه مثل قولهقدام وصفه بالشجاعة و اإل

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

ه غاه ما أقول فإن لتب تق فالشي نالطع له ذكرتى يم اعجش

)2( : و كذلك قولھ

اإلقد ف من شرفيهم و وق ام أنكموعلى القتل م داكش ك كأن

رفاخ بك تهيما أجرد أنف و أنـــوعـــــــؤادا رح لك ـــــــــــــتهدام

والن ةجاعق الش ى طر ركل يول ى دفـــــــوالن عطب نــــكدفس قائس للن

)3(: ويقول له أيضا

346الديوان ، ص - 1

321، 320 الديوان ، ص - 2

264الديوان ص ، - 3

وك احلسام وهل حساموندع يعيش به من املوت القتيل

طع فعلوما للس ع البر الوصولاطوأنت الق يف إال الق

م والصهيل س القوال صبرا وقد فين التكل وأنت الفار

يحيد الرمح عنك وفيه قصد ويقصر أن ينال وفيه طول

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

وفي كل هذه األبيات تركيز على صفات الفروسية و الشجاعة فهو حاسم قاطع

لى أن الرماح ستمدحه لشجاعته وهو يمدحه بهذه إاألمر به وفارس نبيل حتى وصل

)1(أماديحه إذ يقول فيه الصفات في معظم

أنك غري كجيش اجليش جيشه هينميو يف قلبه همالوش

طاله ال عنطوتنازل األب فرسانه ان املر عنعترد الط أب

جاله جاله يا من يريد حياته حلياته كل يريد ر لر

ةاحلالو ماندونيف الز ةرارطى إال على م أهواله ال تخت

ليزها عذاك جاوفل هدحإىل و هلصنى مبعسو هالآم

)2(: وقد يشبه الممدوح بالشمس كقوله

287الديوان ، ص - 1 111 الديوان ، ص - 2

تهأير التفت يثر من حدا كالببنورا ثاق كينيدي إىل عهي

ف للقريب جواهرا قذر يحا كالببحائس عيدللب ثعبودا ويج

ؤها وضو ماءالس مس يف كبدا كالشغارب وم غشى البالد مشارقا ي

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

)1( :ولهقد يصفه بالنور وهو من بواعث الشمس كق

اح الذي فيه مساح يدوال السم رشب ن النور م اماذا البهاء والذ

)2( : قائال لمن تحلى بالكرم يمدح كما نجد المتنبي

قنر فلمابن احل لبأس نيإذ عاباصا مــلطا هالد نالو طيمف

فصه الوكردي سيا لم هالعفبأ كـاردم دا ةليا يف قاعا سول

)3(: من تحلى بالكرم و الشجاعة وقوله في

لكن كعفلي املجد ن طلبـم مبتسي هوو األلف بهي ي

65الديوان ، ص - 1

107 الديوان ، ص - 2

94، 93الديوان ، ص - 3

ليس لها من وحائها ألم نافذةويطعن اخليل كل

)1(: ويقول لمن تحلى بالشجاعة لوحدها

نيا ولويشه الدعن ج تضيق بتحفيها ر مل تبن رهدكص هرساكع

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

غل فكر املرء يف غل ف إذا ت فيه طر غرقت هدجمن م هرواطخ

43، 42الديوان ، ص - 1

: صورة المهجو-2

الهجاء فعل يسلب ، إنه يقوم على سلب الصفات الشخصية المثالية من الشخص

)1(: يجرده منها ، إذ يقول المتنبي في هجاء كافور األخشيدي الذي كان ينتظر مساعدتهو

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

أخفت ضى لو الر يا أريكخاف ال النفسنفسي و ا أنا عنمو ا عنكياضر

خصا لحت يل وخسة أمينا وإخالفا وغدرا أش ، جبنا خمازيا و أم

)2(: ويقول في هجاء ابن كيغلغ الذي يصفه بالنزق

ا بال ذنب ردق أعرفه ما زلت ق زالن نا مملوءأس مالب نا مفرص

طةب الريح ساقهبم ةالقلقــال تس كريش نلى حال مع رتق

)3( :ويقول فيه أيضا

نهم بـدع لمتع تههام ــقالغدر يف امللق ش سدو خون الصديق

منيي ألف لـفحو قةصاد مح يف غريككعوب الر ةطرود ق منس

50الديوان ، ص - 1 234 الديوان ، ص - 2

234الديوان ، ص - 3

)1(: ةويقول في هجاء ضب

ها دار غربه إن أوحشتك املعايل فإن

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

خازي ها لك نسبه أو آنستك امل فإن

)2(: ويقول في هجاء القاضي الذهبي

ا نسبت فكنت ابنا غري أب مل ل جع تر فلم تتبراخ ب ثمإىل أد

موالي يببالذه يتمة سيمة من ذهاب العقل ال تس الذهب مشتق

تب ب بك ما لق قب أيها اللقب امللقى على يا ويك به ملق الل

في نسبه بل يصفه أيضا بذهاب العقل ، وهي من الصفات ته وهو هنا ال يكتفي بتهم

)3(: التي يستخدمها المتنبي في الهجاء

جركم من خفة بكم النمل أماتكم من قبل موتكم اجلهل و

ليدو ي الطيب الكلب ما لكمقل أبع مالكمعوى ونتم إىل الدط ف

.576الديوان ، ص - 1

. 13الديوان ، ص - 2

.205الديوان، ص - 3

أصلكميقي وننجم تكمبلو ضرله و قويال أصل ـو فكيف تكمد

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

ذي ما له نسلـــــل كنتم ممن يدبر أمره ولو ما كنتم نسل ال )1(: كما يستنكر على كافور ألنه ال يملك نسبا شريفا إذ يقول فيه

صيدــأقومه البيض أم آباؤه ال مكرمة من علم األسود املخصي

عن اجلميل فكيف اخلصية السود أن الفحول البيض عاجزة وذاك

:صورة المرأة- 3

أفاض المتنبي حديثه عن المرأة و أجاد في ذكر محاسنها من خالل الكشف عن

)2(: الوجه وسحر العيون وسواد الشعر إذ يقول ةمواطن الحسن من إضاء

أربعا فأرت ليايل يف ليلة شعرها نشرت ثالث ذوائب من

ماءالس رقم لتهها واستقبج بو ين يف وقترالقم تينا فأرعم

)3(: زكية حيث يقولمحبوبته تنبعث منه رائحة الطيب ال كما صور شعر

.508الديوان ، ص - 1 117الديوان، ص - 2 20، 19الديوان، ص - 3

ما فرع ذات وعود ورد بماء بـرفيه العنـ ضرب كأن

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

كحال ثل كالغدافجو ج جي د أثيث عدبال ج تجعيد

برود شنيب عن وتفتر ح الريـ غدائرها عن املسك تحملالتي أثارت إعجابه و أغوته و فتنته حبه و هيامه لمحبوبتهالمتنبي سر ويكشف

)1(:فالمرأة مصدر الفتنة و اإلغواء معبرا في ذلك بقوله

هفاترهن مكنى بالبيض ع بحقل من الصع هنجسام وباحلسن يف أ

ين لي ـــــــــرافها رسـأحبائي وأطجناها وبالسمر عن سمر القنا غري أن

ل ــــري الثنايا الغر واحلدق النجـــــــــلغ عدمت فؤادا لم تبت فيه فضلة

وال بلغتها من شكى اهلجر بالوصل فما حرمت حسناء باهلجر غبطة )2(: ة أيضا تنهب عقول الرجال و قلوبهم إذ يرىو المرأ

موس اجلانحات غواربا احلرير بأبي الش نم بساتا ألالالببج

الناهبا ناتهن الناهباتــــــــوج وبناــــــــــــــــأملنهبات عقولنا وقل

518الديوان ، ص - 1 109الديوان، ص - 2

)1(: ويقول المتنبي واصفا النساء الالتي خرجن لتشييع أو سيف الدولة

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

آتخبم اخلدور زت أبرة الغوايل " ونأمك قس الن ضعني

التة غافاملصيب ناللـــــف أتتهمع الداحلزن يف د معد

)2(: قترن ذلك بذكر الحجاب ، وذلك مثل قوله في خولةإإذا ذكر العفة والمتنبي

جاب دونكل ح تها قد كانؤي ر ضهلا يا أر عتا قنب فمباحلج

هب فهل حسدت عليها أعني تدركها وال رأيت عيون اإلنس الش

) 3(: و المتنبي بارع في الوصف كعادته و هذا وصف لوداع المحبوبة إذ يقول

عت لما ط عت احلمول تق ط ه أسى نفسي تق طلوح نـوكأن

جال و داعالو نا احلبيب م نحاسم سنح زاءقد العو لنيج قبيح

دة فيم لسم طرفو صشاخ شىحو ذوبي عدممو سفوحم

267الديوان ، ص -1

435الديوان، ص -2

.67، 66الديوان ، ص -3

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

: صورة العجم -4

سواء من حيث النسب و كذا اللغة ن لفظة عرب تقابلها لفظة عجم تقابال ضديا ،إ

والمتنبي في أشعاره يعبر عن كراهيته للعجم بقوله للمسلمين أن من هم دونهم من العبيد

)1(: أصبحوا ساداتهم

نكل أناس م هم ساداتنفوس دباألع منياملسل ةسادو م القز

وبناء على القاعدة التي يؤمن بها المتنبي من أن اإلنسان الكريم ال بد أن يكون ذا

)2(: نسب كريم ، فالعبد األسود ال يمكن أن يكون كريما ألن أصله ليس كريم

صيدــومه البيض أم آباؤه الــــــــــــأق مكرمة من علم األسود املخصي

يف يد ـيةــــــاس دامــــــــــحــــن أم أذنه مردود وهو بالفلسيـن أم قدره ة اللون األسود في كافور ليلعب بها إذ يكما أن المتنبي ال ينسى أن يستغل خاص

)3(: يقول فيه

والسناء ـسن منها من السنى نزلت إذ نزلتها الدار يف أحـ

ما ت الشمـ تفضح الشمس كل ذر ةنريس ممبش ـس داءوس .502الديوان ، ص - 1 .508الديوان، ص - 2

.447الديوان ، ص - 3

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

فيه دالذي املج بكيف ثو ري بكلــل إنزي اءيض اءيض

ما اجللد ملبس وابيضاض الــ فس خري من ابيضاض إن القباء ن

)1(: مرة واحدة لدى المتنبي في قوله "الزنج"لفظة وردت وقد

همفسالل جدن مم ا دينإلا ما ش نحناآلناــو فيهم راه

ق لو حواها الزنج لانقلبوا الئخ جع فاهالش اناظميعر غرالش اد

واصفا إياهم بأنهم أصحاب بشرة سوداء ، فقد نعتهم ويقول أيضا عن الزنوج

)2( : بالسودان

هنم أعدوا يل السودان يف كفر عاقب أتــاني وعيد األدعيـاء وأ

وبناء على ما تقدم القول أن الذات أخذت نصيبها من الظهور في شعر المتنبي حتى

بالرغم من أن الشاعر ينطلق دوما في التعبير أضحت الذاتية أهم سمة تطبع شعره ، و

الجماعة ، همن هموم فردية و خلجات نفسية ، إال أنه تجاوز ذاته و أضاف إلى شعر

فإتسعت رؤيته وتعمقت تجربته ، فالعالقة بين الذات والموضوع هي عالقة توحد

.وإندماج

.183الدیوان، ص -1

جدلیة األنا و اآلخر في شعریة المتنبي.................الفصل الثاني

226الدیوان، ص -2

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

المعجم اللغوي:أوال

للغة قيمة كبيرة ، ودور أكبر في الشعر، ألنها أداته التي يكتسب بها، ووجوده "

كفن ضمن مجموع الفنون، فإذا كان الرسم أداته األلوان، والنحت أداته المواد

.أداته اللغة فإن الشعر...المجسمة

وسيلة فنية تلعب دورا خطيرا، فهي فإن اللغة وإذا كان الشعر يعبر عنه بأدوات مختلفة،

تقوم بأداء وظيفتين رئيسيتين في العمل اإلبداعي الشعري، فهي تكون مرة أداة لتلك

الوسائل الفنية المتعددة والمتباينة وعن طريقها تكون الصور والرموز والموسيقى، وتكون

ها مجموعة ألفاظ تحمل مرة ثانية أداة فنية ذاتية مستقلة في تأثيرها وتأثرها، وذلك بإعتبار

خصائص يمكن أن تتغير من شاعر إلى آخر، ومن مبدع إلى ثان في مصدرها المستقاة

)1( ."منه وكذا درجة معانيها، من هنا نقول أن قضية اللغة هي قضية الشعر

الشعر الوسيلة الوحيدة لغنى اللغة وغنى الحياة على السواء، والشعر الذي ال :"ومن ثم فإن

)2(."يمكن أن يسمى شعرا بحق الغاية الحيوية اليحقق هذه

19أحمد سليمان األحمد، هذا الشعر الحديث، مكتبة النوري، دمشق، دط، دت، ص - 1

عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر، قضاياه وظواهره الفنية والموضوعية، دار العودة، بيروت، - 2

174، دت، ص3لبنان، ط

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

:األلفاظ -1

بعض المصطلحات -عند دراسة الشعر القديم-تتردد في النقدين القديم والحديث"

أو الحوشية: من مثل التي يستعصي تحديد مفهومها تحديدا يجمع عليه الدارسون،

الهالل أبو"أفرد وما إلى ذلك، فقد...والسهولة والرقة واللين، والجزالة والركاكة الوحشية

تحدث فيها عن الكالم الغليظ، والسهل الممتنع، " الصناعتين" صفحات من كتابه" العسكري

والسوقي والسهل المختار، والجزل، وما هو أجزل قليال والجيد الجزل، والجزل الرديء

)1(".وما إلى ذلك... من األلفاظ

الرقة واللين والسهولة والسالسة وما إلى ذلك من " "عن "القاضي الجرجاني" كما تحدث

للوحشي المتكلف " "العمدة"بابا في إبن رشيق القيروانيوكذلك أفرد ، )2("مصطلحات

والركيك المستضعف وما من شك أن مسألة الحوشية والسهولة قد ظهرت بعد اإلسالم

عمد الناس إلى ما حق على وحين بعد العهد بالجاهلية والبداوة وأصحاب عمود الشعر، إذ

اللسان والسمع، فشاعت ألفاظ وتوارت ألفاظ فما ألسنتهم من األلفاظ، وهجر ما ثقل على

وقد أدى ذلك إلى إختالف -بمعيار عصرهم-توارى فهو الحوشي شاع فهو السهل، وما

المعجم الشعري من الجاهلية حيث البداوة الطاغية، وبين المدن والقرى بعد اإلسالم حيث

)3(".الحضارة غالبة

تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي أبو الهالل العسكري، الصناعتين، - 1

.74م، ص 1971الحلبي، القاهرة، دط،

القاضي الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق علي محمد الجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم - 2

.17،18منشورات المكتبة العصرية، صيدا ، بيروت، دط، دت، ص

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

، 1ط ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،3ج ،القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقدهإبن رشيق - -3

.44ص ،م 2001

عنها من معاني اللين أن مسألة الحوشية والسهولة وما يتفرع: "ومعنى ذلك

تظهر إال في مرحلة تالية للعصر الجاهلي، وفي مرحلة حضارية شهدت تغيرا لم والرقة

المعجم اللغوي لدى المثقفين وعامة الناس على السواء، وقد إستجاب بعض الشعراء في

)1(".لمعجم عصرهم ينهلون منه، بينما تشبت آخرون بالمعجم القديم حيث أوغلوا فيه

ومادمنا بصدد الحديث عن األلفاظ، فإننا نشير إلى داللة المعجم الشعري عند المتنبي

كتب اللغة والنحو ودواوين الشعراء عالم بأسرار اللغة الذي كان واسع اإلطالع على

.وغريبها ولهجاتها

إن المتنبي له رصيد لغوي ينم عن قدراته الفائقة وسعة تفكيره في إستعمال اللغة

فألفاظه غرست في محلها وسقاها بمعاني عذبة وجذابة، كسر بذلك لواء التقليد بإختياره

)2( :ي هو بصدد الحديث عنه إذ يقول المتنبيمفردات تتناسب وطبيعة الموضوع الذ

نه ع أشتات اجلبال تساوت به األقطار حتى كأ مجي وينظم "ظهرت"التي تحمل في طياتها معنى " كسفت"وكذلك " الغبار"ار بمعنى طاألق"فلفظة

مميزات شعر المتنبي التشبث بالغريب و الشاذ في اللغة رغبة في إظهار علمه فمن

)3( :و فضله ، و يتجلى لنا ذلك من خالل قوله

باب إناألح بكائأر عما ـاألد نسكما تط اخلدود سع تطماـالري

اـخضع وامشني هونا يف األزمة النوى من محلت عليكنفاعرفن

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

433المرجع السابق، ص- 1

.304الديوان، ص- 2

.117الديوان، ص- 3

"اليرمعا"و كذلك إختار كلمة " تدق" و كان بإمكانه أن يختار كلمة " تطس" لقد إختار كلمة

.ألنهما في منظوره يعبران عما في نفسه " الحجارة " بدل كلمة

)1: (وكذلك قوله

شيم على احلسب األغر دالئل بهم جفخت وهم ال يجفخون بهاغراب في و لكنه كان يريد اإل" فخرت " لفظة " جفخت " فقد كان يستطيع أن يضع مكان

.اللفظ حتى يثبت مهارته و تفوقه في اللغة

:الجمل - 2

هي الصورة اللفظية الصغرى الجملة: " الجملة بقوله " مهدي المخزومي" عرف

للكالم المفيد في أية لغة من اللغات ، و هـي المركب الذي يبين المتكلم به أن صورة

ذهنية كانت قد تألفت أجزاؤها في ذهنه ، ثم هي الوسيلة التي تنقل ما جاء في ذهن

) 2(."المتكلـم إلى ذهن السامـع

و الجملة في أقصر صورها هي أقل قدر " :الجملة بقوله "إبراهيم أنيس"كما عرف

)3(."من الكالم يفيد السامع معنى مستقال بنفسه

.جملة فعلية و جملة اسمية : و تنقسم الجملة من حيث اإلسناد إلى قسمين

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

. 179الديوان ، ص - 1

، 1نان ، ط مهدي المخزومي في النحو العربي ، نقد و توجيه ، منشورات المكتبة العصرية ، بيروت ، لب - 2

. 31م ، ص 1964

.33المرجع نفسه، ص - 3

:الجملة الفعلية- أ

الجملة الفعلية هي الجملة التي يدل فيها المسند على التجدد ، أو التي يتصف فيها

ال عتصافا متجددا ، و بعبارة أوضح ، هي التي يكون فيها المسند فإالمسند إليه بالمسند

)1(... ألن الداللة على التجدد إنما تستمد من األفعال وحدها

جملة الفعل الماضي ، جملة الفعل المضارع : و الجملة الفعلية على أنواع ثالثة

. جملة فعل األمر

: جملة الفعل الماضـي - 1-أ

الماضية في ستعمال األفعال إ وينبه ىنتهإو هي ما دل على حدث وقع في زمن مضى و

للواقع المرير الذي الرفض شعر المتنبي إلى عدة ظواهر ، قد تكون لها صلة بفرضية

)2(: يعيش فيه إذ يقول

ق قيامي وقل عنه قعودي ضاق صدري وطال يف طلب الرزو هي أفعال ماضية ، قد " قل " " طال " " ضاق " فقد وردت في هذا البيت األفعال

كفاعل لها ، و قد قصد المتنبي " قعودي" و " قيامي " و " "صدري" أسندت إلى كل من و

بالقعود السعي الدؤوب لتحقيق الكسب ، و إلى جانب ما يتضمنه المد في كل من الفعلين

.لحالة الشاعر ، أو ما يتعلق بالمنزلة المادية المعيشية له من صياغة " طال"و " ضاق"

)3(: قال المتنبي كذلك و

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.33المرجع السابق، ص - 1

.21الديوان، ص - 2

.20الديوان، ص - 3

، فقد وصف العيش معجل التنكيد ضمنه " بالعيش " متعلق " قنعت " فالفعل في هذا البيت

حقيقة مفادها رفض الشاعر ألن يقتنع بالفقرليثبت " أين فضلي " نكاري إفي إستفهام

.و الخصاصة و الطيش

)1(: كما يقول أيضا

لو ذاقها لبكى ما عاش وانتحبا أذاقين زمين بلوى شرقت بها، و قد "شرقت ، ذاق ، عاش ، انتحبا ":فقد تتابعت مجموعة من األفعال هي

.عصره و مشاكله التي يعانيها فيه " بالزمن " ، فالمتنبي قصد " زمن " قترنت بالفعل إ

: ل المضارع عجملة الف - 2 - أ

ستعمال الفعل إو هو ما دل على حدث وقع في زمن حاضر و آني ، فمن دالالت

) 2(: ثبات ظواهر يعانيها مجتمع الشاعر ، و من ذلك قول المتنبـي إالمضارع

صويل على الكل أناسا ومحصويل على غنم أرى وحم ودج كرذومـ المتصدر للبيت يفيد معنـى وعي الشاعر لوضع ما ، " أرى" الفعل المضارع

يتمثل هذا الوضع في غنى غيره ، و بقائه هو على فقر ، فهذا الفعل ساهم في التصريح و

المادية و مقارنتها بغيرها من الوضعيات بموقف ما ينزل في وصف منزلة الشاعـر

.األخرى

)3(: و يقول المتنبـي أيضا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

ك وماإو بامللو اسا الننم جا عكهلوم برع ح مـتفل

. 20الديوان ، ص -1

. 100الديوان ، ص -2 37الديوان ، ص -3

)1(: ویقول المتنبي شاكیا حظھ من الدنیا

تطاردني عن كونه وأطارد هم بشيء والليايل كأنهاأنجاز العمل ، يقع في عالقة تقابل مع إالمتصدر للبيت يدل على محاولة " أهم "الفعل ف

داللة عن الصعوبات التي واجهها الشاعر من مطاردة " الليالي " المسند إلى "اردطت"الفعل

.األيام له ، إال أنه يسعى هو بدوره لمطاردتها و الوقوف في وجه المصاعب

)2(: و يقول أيضا

م القتال ترىال تحسن الوفرة حتى وين يالضفر ةورشنم ستحسان إ، فيستطيع القول بأن عدم " ال"سبق بأداة النفي " تحسن" فالفعل المضارع

. ستقبال الوفرة في الحال و اإل

)3:(داة النفي التي تدخل على الفعل المضارع في شعره قوله ستعماالت المتنبي ألإو من

هكارميف م راخلم لة ال تجدى ختش الفاهإذا ان اـت

)4(: و كذلك قوله

لةق ة ثر قيت بك األحياء ال تكثر األموات ك إال إذا ش

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.فهذه النماذج تتكامل لوصف الحالة اإلنسانية قصد مواجهة مصاعب الحاضـر

.318الديوان، ص-1

11الديوان، ص- 2

539الديوان، ص- 3

128الديوان، ص- 4

: جملة فعل األمـر - 3-أ

ستعمال األمر في شعر إ، و يكثر اإللزامو هي ما دل على أمر بغرض الفعل و

.المتنبي إلى درجة يمكن عدها ظاهرة أسلوبية مميزة لها

)1( :إذ يقول المتنبي

ش عكريم ع أنتت وعن القنا وخفق البنودبني ط زيزا أو م هذا " أنت" المتصدر للبيت لفاعل مستتر تقديره "عش"فقد وظف الشاعر فعل األمر

.الفعل موجه للناس عامة لتجاوز منزلة الضعف و الهوان و الظفر بناصية المجد

)2(: فالحياة التي يحث و يطالب بها المتنبي هي حياة العز و الكرامة كما يقول المتنبي

ل ولو كان يف جنان اخللود ودع الذ فاطلب العز يف لظى

تؤكد على إلحاح المتنبي على غيره لتبني مبدأ العز " دع " ، " اطلب" األفعال هنا هي ف

.نحطاط لكسب كمال الذات النابذة للخوف و الذل و اإل

) 3(: و كذلك قوله

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

داـبلغ املدى وتجاوز احل أقصر فلست بزائدي ودا

بتعاد عن األخالق فالمتنبي يأمر الناس على التحلي باألخالق الحميدة و الشريفة و اإل

.الرذيلة

21الديوان، ص- 1

21الديوان، ص- 2

23الديوان، ص- 3

:الجملة االسميـة-ب هي التي تدل فيها المسند على الدوام و الثبوت ، أو التي يتصف فيها الجملة االسميـة

تصافا ثابتا غير متجدد ، أو بعبارة أوضح هي التي يكون فيها المسند إسما إسند إليه الم

هي كل جملة تبتدىء بإسم ، ومن أمثلة توظيف الجملة مجمل القول أن الجملة االسمية و

)1(: ين مدح سيف الدولةقوله ح في شعر المتنبياإلسمية

هيشج ك يف قلبه ويمينه وشماله اجليش جيشك غري أنالمتصدر للبيت ، يذهب به المتنبي إلى مدح سيف الدولة ، الذي وهب " الجيش" سم فاإل

.حياته لجيشه الذي يقود فيه

)2(: و يقول أيضا

أعلم القلبيا عدهول بدائ هائوبم هن وأحق منك جبف، إذ يصف الشاعر حالة الممدوح العاشق " القلب" سم و هو إفقد بدأ المتنبي بيته ب

الذي ال يحب مفارقة محبوبه و لو أصاب السقم من جراء ذلك ، ذلك أنه يهوى معشوقته

. إلى درجة الهوى

)3(:كما يقول أيضا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

لطهي ق ر حههذا الد دنا علن تابقل إع قدتوطال عـواب إذ الشاعر هنا يعاتب الدهر عتابا شديدا ألنه " عند"فقد وظف الشاعر ظرف زمان و هو

.أخذ حقه من هذه الحياة التي يكد و يتعب فيها دون جدوى

. 23 الديوان ، ص - 1 . 287 الديوان ، ص - 2 . 293 الديوان ، ص - 3

)1( :سميـة أيضا قوله من الجمل اإل و

والسيف والرمح والقرطاس والقلم يل والليل والبيداء تعرفينخلا المتنبي في هذا البيت يفتخر بنفسه ، فهو مدرك لشوارد الشعر و متمكن منه دون

يسهرون لتحصيل أشعارهم و يتنازعون على ما عناء بغير الشعراء اآلخرون الذين

.يظفرهم به لندرة ما يقولونه و ينظمونه

:التقديم و التأخير - 3

)2(: و ذلك في مثل قوله

ك الرماح ولكن حمت رعزال قارع ك حمر حنيك الرام تر " الرماح " و أخر الفعل " رمحك"حيث قدم الشاعر ما حقه التأخير و هو المفعول به

" رمحك " و أخر الفاعل " الرامحين " و كرر ذلك في عجز البيت عندما قدم المفعول به

كما إستعمل الشاعر في شعره الكثير من أدوات الربط مثل حروف العطف في مثل

)3(:في:قوله

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

فأشجع باحلمام نـفسي وتـحس أحبيت فـراق مـن جـبنلأ نـيإ

نييـزيد األعادي غـضب ةقسو مـليبـي و تبديق عالص ع فأجز

)4(: و من ذلك قوله " كل " كما إستخدم الشاعر أدوات اإلستقصاء مثل

. 332الديوان ، ص -1 . 406الديوان ، ص -2 491الديوان، ص -3 .493الديوان، -4

م ووادنمم وخالكل ملى و عدومو يعشوم ماللز دبع

مرتعولسيفه يف كل قوم من كان فيه لكل قوم ملجأ و

)1(: و من قوله أيضا

كل جفن ضيق بنجيبوال وجه أبيض بمبارك وما كل

)2: (كما كان المتنبي يدخل حرف النداء على الظرف كقوله

ت يا فوق أن تعزى عن األحأ قال ـ ن ع زيك عي يق الذاب فوب كان يخلق تجاوبا بين ألفاظه و حركة نفسه و إنفعالها و ذلك عن طريق كما أن المتنبي

)3(: األسئلة التعجبية في مثل قوله

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

ذي أين ع؟ ما يـومه مـا قومه، ما بنيانه من الـهرمان ال صر امل

ف فـتتبع الفناء ويدركها حينا أصحابها عن اآلثـار تتخلما قومه ؟ ما يومه ؟ ما (فقد شكل إيقاعا متناغما عن طريق األسئلة االستفهامية

.)المصرع؟

.332الديوان، ص - 1

.405الديوان، ص - 2

. 491الديوان ، ص - 3

إن المتنبي يطلق الكلمة و يستخدمها إستخدامات متعددة و لكن في سياق وظيفي واحد

اللغة عنده فعل و نواة ، حركة و خزان طاقات ، و الكلمة فيها أكثر من حروفها " و

لها وراء حروفها و مقاطعتها دم خاص، و دورة حياتية خاصة فهي كيان وموسيقاها

)1(" يكمن جوهره في دمه ال في جلده

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

العشماوي ، موقف الشعر من الفن و الحياة في العصر العباسي ، دار النهضة العربية للطباعةمحمد زكي - 1

. 24م ، ص 1981والنشر ، د ط ،

الصورة الفنية : ثانيا

:جذور الصورة الفنية في النقد القديم - 1

تاباتهم لم يستخدم النقاد العرب القدامـى الصورة الفنية أو األدبية أو البيانية في ك"

حيث بدأ اإلهتمام –التي وصلت إلينا، و قد حاول بعض الباحثين المحدثين من العرب

تتبع جذوره ، و إستخراج ما يمكن أن يكون من خصائصه في النقد –بهذا المصطلح

فأثمرت على آراء متقاربة ، أو ما يمكن أن نجعله قرارا مشتركا أال و هو أن " )1(" القديم

الصورة الفنية كانت دائما موضوع اإلعتبار في الحكم على الشاعر ، حتى و إن لم ينص

)2(". عليها في الدراسات النقدية العربية

النقاد و قد حاولوا جاهدين تلمس هذه الجذور من خالل مدلوالت عبارات أولئك"

:أو إحدى مرادفاتها أو مشتقاتها فوصلوا إلى أن " الصورة"وتحديد بدء إستخدام كلمة

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

... أول من إستخدم هذه الكلمة في نقد الشعر ، و عبارته المشهورة في ذلك الجاحظ

)3( " .فإنما الشعر صناعة و ضرب من النسيج و جنس من التصوير"

في القرن الخامس إتضحت معالم الصورة لديه " عبد القادر الجرجاني" فلما جاء

الصورة إنما هو تمثيل و قياس لما نعلمه بعقولنا على الذي : وإعلم أن قولنا : " بقوله

.نراه بأبصارنا

و كذلك كان األمر في المصنوعات فكان تبين خاتم من خاتم و سوار من سوار...

في اآلخر بينونة في عقولنا و فرقا عبرنا و بذلك وجدنا بين المعنى في أحد البيتين و بينه

،جابر عصفور ، الصورة الفنية في التراث النقدي و البالغي ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، لبنان - 1

. 211م ، ص 3،1992ط

17م ، ص 1981قاهرة، مصر ، د ط ، محمد حسن عبد اهللا ، الصور و البناء الشعري ، دار المعرفة ، ال - 2

، دار إحياء التراث 3أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، الحيوان ، تحقيق عبد السالم هارون ، ج - 3

. 132بيروت ، لبنان ، د ط ، د ت ، ص ،العربي

للمعنـى في هذا صورة غير صورته في : عن ذلك الفرق و تلك البينونة بأن قلنا

)1(ذلك

لحات الموروثة التي تقترب من و من المصط: " "نصرت عبد الرحمن"إذ يقول

)2(" جداول الصور علم البيان

توقفت الدراسات البالغية القديمة للصورة عند : " "أحمد بسام الساعي"و يقول

المشبه و المشبه به ، و إمتدت عن : جزئية صغيرة ذات جناحين رئيسيين هما عمادهما

طريق بعض العالقات األخرى إلى أسماء حصروا بها أو حولوا على األقل الحاالت

ستعارة و الكناية و المجاز البالغية المحتملة في الصورة األدبية فكان هناك التسمية و اإل

)3(" المرسل، و المجاز العقلي، و بعض ما عدوه من الفن البديعي المعنوي

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

فهؤالء النقاد المحدثون كلهم يشيرون إلى إقتصار دراسات المتقدمين على الصورة

ألنه لم " الصورة " البالغية و لهذا ال يمكن أن نعثر على تعريف نقدي قديم لمصطلح

ال في النقد الحديث حيث لم تعد الصورة البالغية وحدها المقصود بالمصطلح ، بل يتبلور إ

من المجاز أصال ، فتكون عبارات حقيقية -بالمعنى الحديث –الصورة عن قد تخلوا

)4(. اإلستعمال و مع ذلك فهي تشكل صورة ذات خيال خصب

دالئل اإلعجاز ، تحقيق محمود محمد شاكر ، مكتبة عبد القادر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي ، - 1

. 508م ، ص 1984الخانجي ، القاهرة ، د ط ،

، 2نصرت عبد الرحمن ، الصورة الفنية في الشعر الجاهلي في ضوء النقد الحديث ، مكتبة األقصى ، عمان ، ط - 2

. 12م ، ص 1982

، 1المنارة للطباعة و النشر و التوزيع ، االمارات ، طأحمد بسام الساعي ، الصورة بين البالغة و النقد ، دار - 3

. 36م ، ص 1984

، دار األندلس، ) دراسة في أصولها و تطورها(علي البطل، في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجري - 4

. 25م ، ص 1981، 2بيروت ، ط

:تعريف الصورة لدى النقاد المحدثين - 2

يث بالصورة الفنية إهتماما كبيرا ، و وضعوا عدة إهتم النقاد في العصر الحد

:تعريفات لها ، و من هذه التعريفات

هي الشكل الفني الذي تتخذه األلفاظ والعبارات :" بقوله " عبد القادر القط " تعريف

بعد أن ينظمها في سياق بياني خاص ليعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية الكاملة

دما طاقات اللغة و إمكاناتها في الداللة و التركيب و اإليقاع و الحقيقة في القصيدة مستخ

)1(" .والمجاز و الترادف و التضاد و المقابلة و التجانس و غيرها من وسائل التعبير الفني

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

التي يحاول -الفنية -الوسائل: " و هناك تعريفات أخرى تجعل الصورة الفنية هي

) 2(" ه معا إلى قرائه أو سامعيه بها األديب نقل فكرته و عاطفت

:و الصورة الشعرية نوعان

و هي الصورة التي تشمل على الجزيئات ، فتتعدى في هذه الحالة : صورة مفردة

.الصورة إلى التشبيه ، اإلستعارة و الكناية ، و صورة كلية تشمل القصيدة بأكملها

هذه الحالة ال تعتمد كثيرا حيث تتحول هذه األخيرة من أولها إلى آخرها ، و في

)3(.على الصورة المفردة

.لذلك سنحاول من خالل هذه الدراسة تناول جماليات الصورة في شعر المتنبي

، 2عبد القادر القط ، اإلتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، دار النهضة العربية ، بيروت ، ط - 1

. 435م ، 1981

. 242م ، ص 1973، 8النقد األدبي ، دار النهضة ، القاهرة ، مصر ، ط أحمد الشايب ، أصول - 2

. 12محمد حسن عبد اهللا ، الصور و البناء الشعري ، ص - 3

: بيه ـالتش - أ

التشبيه عالقة مقارنة تجمع بين طرفين إلتحادها أو إشتراكهما في صفة أو حالة "

أو مجموعة من الصفات و األحوال ، هذه العالقة قد تستند إلى متابعة حسية ، و قد تستند

في الحكم أو المقتضى الذهني الذي يربط بين الطرفين المقارنين دون أن يكون من

.الضروري أن يشترك الطرفان في الهيئة العادية أو في كثير من الصفات المحسوسة

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

اءا من القرن الرابع ، أن التشبيه قد يكون في الهيئة، و قد و من هنا كان يقال ابتد

)1(". يكون في المعنى، و أنه قد يقع تارة بالصورة و الصفة ، و أخرى بالحال و الطريقة

على أن أحد الشيئين يسد مسد " العقد " و كان ينظر إلى التشبيه على أنه نوع من "

)2( ".اآلخر في حسن أو عقل

التشبيه هو الداللة على مشاركة أمر ألمر في : " بقوله " ب القزونيالخطي" و يعرفه

)3(" معنى

التشبيه هو اإلخبار بالشبه ، و هو إشتراك الشيئين في : " بقوله " التنوخي"و يعرفه

)4(" صفة أو أكثر و ال يستوعب جميع الصفات

، و يأتي في طليعة و لقد وقف المتنبي في إستخدام العديد من أوجه البيان و البديع

)5(: أوجه البيان التشبيه من ذلك قوله يصف سيف الدولة

يمسها غري سيف الدولة السأم ل السيوف إذا طال الضراب بهاك

ىل أعدائه اهلمم ملتهــــــــــــتح تحملهلو كلت اخليل حتى ال إالرماني ، النكت في اعجاز القرآن ، تحقیق محمد خلف اهللا و محمد زغلول سالم ، دار المعارف ، مصر ، د ط ، - 1

. 75، 74د ت ، ص . 74المصدر نفسھ ، ص - 2ي ، الخطیب القزویني ، التخلیص في علوم البالغة ، ضبط و شرح عبد الرحمان البرقوقي ، دار الفكر العرب - 3

. 238م، ص 1904، 1بیروت ، ط . 41م ، ص 1978التنوخي ، األقصى القریب في علم البیان ، مكتبة الخانجي ، القاھرة ، د ط ، - 4 . 419الدیوان ، ص - 5

فهذه الصورة الشعرية تحمل في طياتها صور الشجاعة و القوة بصيغة تقريرية

كالفرس القوي ، ووجه الشبه بين فوصف البطل الشجاع بأنه كالسيف أو أقوى أو بأنه

.التشبيه تجلى في الصرامة والشدة

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

كما أن الشاعر أحال السيف وهو إسم ذات يدل على جماد إلى حي يمل ويتعب،

.وهي صورة جديدة على الذوق العربي

كما أن الشاعر أحال السيف وهو إسم ذات يدل على جماد إلى حي يمل ويتعب،

.العربيوهي صورة جديدة على الذوق

)1:(ويقول أيضا

ا البخل لوال أهنا نقم ــــــــــــــــــوما هب سحب متر حبصن الرام ممسكة

ك يف أرض تطاوله كأن .فاألرض ال أمم واجليش ال أمم جيش

فالشاعر هنا كون صورة مشرقة تتناسب مع المواقف في مخاطبة األمير ومدحه

هي تلك البصمات المكنونة عبر السحب والشمس، إذ جعل جيش فكانت من أبرع الصور

سيف الدولة سحب تصب على األعداء النقم ، ولكن عندما مرت بحصن الران أصبحت

.سحبا ممسكة فهذا التصوير يحمل نوع من الشفقة على البالد

)2( :وقال المتنبي

كان حبرا كان نصال وإذا إهتز للندى وإذا إهتز للردى

، كما شبهه بالسيف فشبه سيف الدولة في كرمة بالبحر في كثرة مواهبه وعموم فواضله

.في عزيمته لتحقيق مراده

. 419الديوان ، ص - 1

421-420الديوان ، ص - 2

)1(ويقول أيضا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

كان ساكنا على الدر واحذره إذا كان مزبدا هو البحر غص فيه إذا

فهو هنا يشبه سيف الدولة بالبحر في حالتين ، ففي حالة السكون ينفع الناس بعطاءه وأما

إن جاش وقذف بالزبد فهو يحذر ، كذلك سيف الدولة يحذر إذا غضب كالحذر من البحر

إذا جاش وقذف بالزبد

)2(: وكذلك يقول

كما يبدو والفرند على الصقل ويبقى على مر احلوادث صربه ويبدو

والفرند جوهر السيف فشبه صبر سيف الدولة على الحوادث ومرورها بالصقل الذي

يحدث للسيف، فهذا الصقل يزيل الصدى عن السيف فيظهر لونه األصلي وسيف الدلوة

.إمتحن بالحوادث ظهر صبرى وقدرته على تحمل المصاعب

)3(:كما يقول

كان بعض ففي الناس بوقات ملا وطبول الناس سيفا لدولة إذا

فشبه سيف الدولة بمكانته وأهميته في الدلوة بالسيف وشبه غيره الذي ال أهمية لهم

.قيمة لها وال شأن لها في العلو والرفعة إلى األعلى بالبوقات والطبول فهي ال

408الديوان ، ص - 1

370الديوان ، ص - 2

280الديوان ، - 3

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

)1(: وقال أيضا

فشبه سيف الدولة بيوم العيد في تميزه عن سائر األيام ، وما خص به من قيمة

.وشرف في اإلسالم

)2(: وكذلك يقول

أذيبه خشيت عن برد أنفاسي ويسمن الذائبا من حر فكنت

فشبه األسنان لصفائها و نقائها بالبرد ، فذكر المشبه به و حذف المشبه ، فقد

خاف على محبوبته أن يذوب من حر أنفاسه، فلما رحل المحبوب ذاب هو من لوعة

:الشوق و الحنين

)3(: ويقول

)4( : وكذلك يقول.فشبه وجه محبوبته بالقمر في اإلضاءة والحسن والجمال والبهاء

.372الديوان ، ص - 1

.109الديوان ، ص - 2

.117الديوان ، ص - 3 .257الديوان ، ص - 4

ذا اليوم يف األيام ك يف الورى ف أوحدا كما كنت فيهم أوحدا كان مثل

ماءالس رقم لتب ق ين القمرين يف بوجهها واست معا وقت فأرت

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

كمائمه سقاك وحياك بك ا إمنا على العيس نور واخلدور

شبه الخدور المشتملة على أحبته باألكمام المشتملة على النور ، وشبه حسن

: أحبته بالنور و األكمام

)1(: وقال أيضا

أربعا يف ليلة فأرت ليايل شعرها نشرت ثالث ذوائب من

فشبه ذؤابة شعرها بالليل في حلوكة السواد و الذؤابـة خصلة من الشعر

)2(: ويقول

طر ق ي عمقها فكأنها والدؤلؤ قد فو رصعا ذهب بسمطي ل

برقعا سترت محاجرها ومل تك بصفرة سفرت وبرقعها الفراق

مها غيقاب ن كأن قيقر ردالب هعنمب يءضا يالطلوع

بالذهب و دموعها باللؤلؤة ، كما شبه النقاب على وجهها شبه صفره وجه المحبوبة

.بالغيم الرقيق، ووجهها بالبدر في البهاء و اإلضاءة

)3(: وكذلك يقول

.117الديوان ، ص - 1

.89، 117الديوان ، ص - 2

.140الديوان ، ص - 3

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

شبه محبوبته بالقمر في اإلشراق و الحسن و البهاء بغصن البان الناعم في الليونة

.و بالعنبر في الرائحة الزكية و بالغزال في المالحة و الجمال

)1(: ويقول

ثياب شققن على ثاكل كأن اجلفون على مقليتيمومة السهر لجفونه فشبه حزنه بحزن الثاكل التي فقدت ولدها ، كما شبه د

.بالثاكل التي ترتدي ثياب الحداد

)2(: ويقول

فس األنيس سن جهرة سباع إنما أن تفارياال يت واغ

شبه الصراع بين البشر بصراع السباع في الغابة في حالة المواجهة أو القتل

.غدرا و إغتياال و خديعة

)3(: كما يقول

ة خرالوادي إذا ماأنا ص فإنين زومحت ت اجلوزاء وإذا نطق

.269الديوان ، ص - 1

.412الديوان ، ص - 2

غزاال وفاحت عنبرا ورنت بان بدت قمرا ومالت خوط

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.373الديوان ، ص - 3

فشبھ نفسھ بصخرة الوادي في الثبات واإلستقرار، كما شبھ نفسھ بالجوزاء في علو الشأن

)1(: ویقول أیضا. والمكانة

فزين معروضا وراع مسددا أنا إال مسهري محلته وما

فشبھ نفسھ بالرمح معروضا و مسداد ، فالمعروض یكون حالة السلم بوصف معاركھ .الكید لألعداء وینافحھم ویكید لھم وھو مسدادو

)2(: ويقول

عغري صوتي فإنين ود الصدى كل صوت احملكي و اآلخر أنا الطائر

شبه شعره بالصوت األصلي وشعر غيره بصدى الصوت

)3(: قال المتنبي

ه قرد يقهقه أو عجوز تلـطم وإذا أشار حمدثا فكــأـن

فشبه حديث إبن كيغلغ بقهقهة القرد ، وشبه إشارته بلطم العجوز ، وذلك لغبائه

.و عدم فهمه لألمور

)4(: تنبيوفي طيات أبيات أخرى يقول الم

خرائد سافرات على حداد كأن بنات نعس يف دجاها

.373الديوان ، ص - 1

.571الديوان ، ص - 2

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.85الديوان ، ص - 3

.85الديوان ، ص - 4

فهذا التشبيه الرائع البليغ كثوب مرقع في رهبة الليل وجمال النجوم ، ويقصد

أنه مثقل بهموم الليل فينتقل معجال في التفكير في جمال و سحر الطبيعة ، ثم ينتهي بذلك

)1(: لى التفكير في معاقرة المنايا إذ يقولإمن تصوير هذا الجمال

وقود اخليل مشرفة اهلوادي أفكـر يف معاقرة املنـايا

بسفك دم احلواضر و البوادي زعيم للقنا اخلطي عزمي

فالصورة تبدو واضحة متنقاة من قاموس الجمال و الروعة لتتسم بالقوة و الحزم

وما فيه من حرق إلى الخروج من هذه الحال التي ضاق بها الشاعر أشد الضيق كما أنه

أجاد التفكير و أحسن إستخراج المعاني و تصويرها في قالب تكسره أبرع األلفاظ

.وأنقاها

: ستعارة اإل - ب

هي تشبيه حذف أحد طرفيه ، أو إنتقال كلمة من بيئة لغوية معينة : " ستعارةاإل

فهي اللفظ المستعمل في غير ما "، )2(" إلى بيئة لغوية أخرى، و عالقتهما المشابهة دائما

)3( ".وضع له لعالقة المشابهة

االستعارة أن تذكر أحد طرفي التشبيه و تريد به: "وقد عرفها السكاكي بقوله

الطرف اآلخر مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به، داال على ذلك بإثباتك للمشبه ما

)4(."يخص المشبه به

.85الديوان ، ص - 1

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

، دار الميسرة للنشر و التوزيع، ) علم المعاني ، البيان، البديع( يوسف أبوالعدوس، مدخل إلى البالغة العربية - 2 .186م ، ص 2007، 1عمان، األردن، ط

محمد علي زكي سباغ ، البالغة الشعرية في كتاب البيان و التبين للجاحظ ، مراجعة ياسين األيوبي ، المكتبة - 3 .246م ، ص 1998، 1العصرية ، صيدا، بيروت، ط

عبد القاهر الجرجاني ، أسرار البالغة ، قرأه و علق عليه محمد شاكر ، دار المدني ، جدة، د ط ، دت، ص - 430.

اإلستعارة في الجملة أن يكون للفظ أصل في : "القاهر الجرجاني وعرفها عبد

الوضع اللغوي معروف تدل الشواهد على أنه إختص به حين وضع، ثم يستعمله الشاعر

أو غير الشاعر في غير ذلك األصل ، وينقله إليه نقال غير الزم ، فيكون هناك

)1(". كالعارية

اإلستعارة ال تكون إال بحيث يطوي المستعار " :وعرفها ضياء الدين بن األثير بقوله

)2(". له الذي هو المنقول إليه، ويكتفي بذكر المستعار الذي هو المنقول

االستعارة هي المشاركة بين اللفظين في نقل من : " وعرفها ابن األثير بقوله

لى أحدهما إلى األخر كالمعرفة بين الشخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما إ

)3(". اآلخر

)4(: ومن اإلستعارات التي إستخدمها الشاعر في ديوانه قوله

الشبيبة كله من مـاء وأحسن أنا شائمه يف فازة حيا بارق

التي هي الغيث ، وذلك لكرم سيف الدولة فهو يمن " حيا" وإستعار الشاعر كلمة

.الشبيبة الذي فقده الناسبعطاءه ، كما أن هذا الكرم هو أحسن من ماء

)5( : وقال

على ظهر عزم مؤيدات قوائمه سلكت صروف الدهر حتى لقيته

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.477السكاكي، مفتاح العلوم، ص - 1

ضياء الدين بن األثير ، المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ، قدمه و علق عليه أحمد الحوفي و بدوي طبانة ، - 2

.74، دت، ص 2للطبع و النشر ، مصر، ط، دار نهضة مصر 2ج

.76المصدر نفسه، ص - 3

.258الديوان، ص - 4

259الديوان، ص - 5

يذكر المتنبي عن نفسه أنه سلك صروف الدهر بتقلبه فيها ، وإستعار الدابة

لعزيمتها ، وحذف هذا األخير و أبقى على لوازمه وهو الظهر ، حيث أنه جعل عزمه إلى

.إستعار له بالظهر و القوائم ، وجعلها مؤيدات أي قوياتمركوبه سيف الدولة ف

)1(: ويقول

باعالس ربيع منهم الشامل وأنبت بإحسانك فأثنت

ربيع السباع هو كثرة قتلى المعركة ، وإستعار اإلنبات لكثرة ظهور القتل في أعداءه

:يقولحتى أن السباع لو كانت تتحدث لشكرت سيف الدولة على ذلك و

جاشت لو احلرب الضروس وما تغلي وريع له جيش العدو ومامشى

بمعنى غلت ، فإستعار ذلك إلشتداد الحرب و القتال ، حيث فزع جيش العدو من " جاشت"

.جيش سيف الدولة ، وماله من قدرة فائقة على فك رقاب أعدائه

)2(: ويقول أيضا

برزت غري معثر حبباله لهوإن تعثرت اجلياد بسهوإستعار الجياد لما يمتلكه من قدرة و قريحة و شاعرية على أن يأتي باللفظ غير المتداول

: لدى الشعراء إلى أن تعجب سيف الدولة من ذلك

)3( :وكذلك يقول

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.272الديوان، ص - 1

.280الديوان، ص - 2

.285الديوان ، ص - 3

.درت أي سوريها الضعيف املهدم ولو زمحتـها باملناكب زمحـةاكبها سور المدينة الذي يتهدم في نهاية نن خيل سيف الدولة تزاحم بمأيذكر المتنبي

)1(: ستعارة و كما يقولاألمر، فجعل الخيل سورا على سبيل اإل

بني اجلحفلني به يتلطم ومرهف سرت موج املوت حتى ضربت

معركة و المكابدة مدلال على شجاعتهلشدة ال" الموج"إستعار الشاعر

)2(: و يقول

ىرى أم إىل البدر يرتقي وأقبل ميشي يف البساط فما دإىل البحر يسع

يصف الشاعر حال رسول الروم داخال على سيف الدولة ، فإستعار لسيف الدولة

جهه و مكانته داللة على إضاءة و " البدر"داللة على كرمه و عطاءه ،و" البحر"لفظة

الرفيعة و علو شأنه، فهذه اإلستعارة لها أعظم األثر في نفوس القراء حيث أظهر هيبة

.سيف الدولة و عظمته و وواسع كرمه

)3(: كما يقول

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

ا بهمستمتع الدهر إذا ما لبست قخترقت و امللبوس مل يتخر : إستعار الشاعر للدهر باللبس و التخرق ، فالدهر يبلي من لبسه و تخرقه و يقول أيضا

)4(

332الديوان، ص - 1 .347الديوان، ص - 2 345الديوان، ص - 3

.357الديوان ، ص - 4

ختر عليه بالرجال سيول ورعن بنا قلب الفرات كـأهناجعل الشاعر للنهر قلب يصيبه الروع على سبيل اإلستعارة ، وكذلك السيل

)1(: لمواكبة الرجال و هذا دليل على كثرة الجيش و قوة بأسه و يقول

سحائب منهم ومنك وابل إذا مطرت طل و طلك فوابلهم ير إلى إستعار الشاعر لفظة السحائب للعطاء و الطل و الوابل للكثير و القليل مش

:أن الملوك ال يبلغون جود و كرم سيف الدولة

)2(: ويقول

ال تكلفه حلم كالكحل ألن حلمك التكحل يف العينني ليس

فحلم سيف الدولة لبلوغ المعالي طبع فيه و ليس تكلفا أو مبالغة كحلم غيره، فقد

شبه من يفعل الشيء تطبعا أي أنه ليس من طبعه ، كمن يتكحل طلبا للكحل ، وهو سواء

)3(: في أجفان العين خلقة من عند اهللا على سبيل اإلستعارة وكذلك يقول

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

يب جمهشة تسمح الطل فوق الورد بالغنمو تـرنوا إيل بعني الظشبه الشاعر محبوبته ظبية تنظر إليه و هي تمسح الطل فوق خدها بأصابعها كالعنم

فشجر العنم يتميز بلين األغصان و الحمرة ، فإستعار لدموع محبوبته على خدها بشجر

.العنم محمرة

با من الواقع الذي ومما تقدم نالحظ أن المتنبي كثير اإلستعمال لإلستعارات وذلك هرو

.يعيش فيه

.376الديوان ، ص - 1 .340الديوان ، ص - 2 .37الديوان، ص - 3

: الكناية - جـ

الكناية لفظ أريد به الزم معناه على جواز إرادته معه، فظهر أنها تخالف المجاز من

جهة إرادة المعنى مع إرادة الزمه، وفرق بأن اإلنتقال فيها من الالزم ، وفيه الملزوم

ورد بأن الالزم ما لم يكن ملزوما لم ينتقل منه، وحينئذ يكون اإلنتقال من الملزوم

وهي أيضا اللفظ الدال على ) 1(. ف اللغة أن تتكلم بشيء و تريد به غيره فالكناية في عر

معنيين مختلفين حقيقة و مجازا من غير واسطة ال على جهة التصريح ، وقد جرى

تقسيم الكناية في الدرس البالغي عند العرب بإعتماد معيارين أساسين هما نوع المكني

كذا المسافة الفاصلة بين اللفظ و المعنى المقصود عنه إما صفة أو موصوف أو نسبة ، و

)2( .بالتلويج ، واإلشارة ، والرمز و التعريض و الدوران ، والتلطيف

)3(: قوله: وأما الكنايات التي وردت في مدونة المتنبي نذكر منها

وسيوف اهلند مغمدة زرته قـد إليه و السيوف دم وقد نظرت

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

ففي الشطر األول كنى الشاعر عن مخالطته لسيف الدولة في السلم و الشطر

.الثاني كناية عن مشاركته له في الحرب

)4(: وقوله

.338، 337الخطيب القزويني، التلخيص في علوم البالغة، ص - 1

.212يوسف أبو العدوس ، مدخل غلى البالغة العربية، ص - 2

.331الديوان ، ص - 3

.332ص الديوان ، - 4

وأمسعت كلماتي من به صمم أنا الذي نـظر األعمى غلى أدبيكناية عن سيرورة و ديمومة شعره إلى كل اآلفاق ووصوله لكل الناس و قوله

)1(: أيضا

و أمة فيه كل لـسن تـجمع إال الرتاجم احلداث فما يفهم

كناية عن كثرة الجيش و إشتماله على عدد كبير من األمم حتى إحتاج هذا الجيش

: إلى مترجمين ليفهم الناس على بعضهم ما يقولون

)2( : وقوله كذلك

حتى تعجب مين القور و األكم صحبت يف الفلوات الوحش منفردا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.كناية عن شجاعة الشاعر وخبرته للصحراء و تمكنه منها

)3(: أيضاوقوله

وما فض بالبيداء عنه ختام تضيق به البيداء من قبل نشره كناية عن كثرة الجيش ، عددا و عدة

)4(: وكما يقول

ويسهر اخللق جراها و خيتصم أنام ملء جفوني عن شواردها

.387الديوان ، ص - 1

.332الديوان ، ص - 2

.392الديوان، ص - 3

.332الديوان، ص - 4

ففي الشطر األول كناية عن سهولة قول الشعر عند الشاعر ، وفي الثاني كناية

.عن مكانة شعره لدى الناس

)1(: وقوله

ومن عرق الركض يف وابل خرجت من النقع يف عارض

ويذكر الشاعر أن خيل سيف الدولة لما خرج للحرب كان كالغبار ينهض من فوق األرض

.دة وهول الحربفهي كناية عن ش

)2(: وكذا قوله

بأن رأيك ال يؤتي من الزلل وما كان نومي إال فوق معرفيت

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

كنى عن النوم بسكون النفس و ثقته بها ، فكالم الحساد و الذين ال يحبون له الخير

.لن يأتي بما يريدون و يطمعون إليه، فحديثهم ينم عن حسد و غيرة ال غير

)3(: وقوله

برزت غيـر معثر حبباله وإذا تعثرت اجلياد بسهـله

.كناية عن فصاحة الشاعر و بالغته وجودة ألفاظه و عباراته

.332الديوان ، ص - 1

270الديوان ، ص - 2

.339الديوان، ص - 3

: المـجاز -د

في المجاز كل كلمة أريد بها غير ما وقعت له : " يعرفه عبد القاهر الجرجاني بقوله

والوضع تعيين اللفظ للداللة على معنى بنفسه فخرج المجاز ، ألن )1(، وضع واضعها

، أما المفرد فهو الكلمة المستعملة داللته بقرينة دون المشترك ، والمجاز مفرد و مركب

في غير ما وضعت له إصطالح التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته ، فال بد

ط و الكناية ، وكل منهما لغوي و شرعي و عرفي خاص و عام من العالقة ليخرج الغل )3(: ومن المجازات التي وظفها المتنبي في ديوانه قوله) 2(

وكل أمرئ يويل اجلميل حمبب العز طيب وكل مكان ينبت

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

)4(: والعز يبنت في المكان وال ينبته المكان ، فهو مجاز عالقته مكانية و يقول أيضا

على حسام محـاله اب على سحاب ذا احلسامحوموقع ذا الس للمرة الثانية في غير معناهل األصلي الذي وضعت " حسام"فقد وظف الشاعر كلمة

له داللة على تحمل األخطار والمصاعب، فهو مجاز وعالقته حالية، وكذلك إستعمل كلمة

والعطاء والجود، وهو مجاز وأراد بها المشابهة بينه وبين السحاب في الكرم" السحاب"

وعالقته حالية أيضا

.351عبد القادر الجرجاني، أسرار البالغة، ص - 1

.293، 292الخطيب القزويني، التلخيص في علوم البالغة، ص - 2

.468الديوان، ص - 3

.296الدیوان، ص -4

)1(: وقوله أيضا

حمض احللم يف حمضن قدرة منك رأيتك كان احللم املهندا ولو شئت

ههنا مجاز أو أراد بذلك الحرب ، فهو يذكر أن حلم سيف الدولة ال " مهند" فلفظة

تشوبه شائبة، و إن أراد لجعل الحرب مكان الحلم لفعل، ذلك ألنه له مقدرة كبيرة على

.ذلك

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.372الديوان ، ص - 1

: البديع - هـ

كما يدخل في تكوين الصورة الشعرية ألوان البديع من طباق و مقابلة مما يضفي

.عليها رونقا و عذوبة

الجمع بين : " الذي هو " الطباق" فمن المحسنات البديعية التي يستخدمها الشاعر

معنيين متضادين ، أو هو الجمع بين الشيء و ضده، مثل، الجمع بين البياض و السواد

)2(" وحتسبهم أيقاظا وهم رقود" : "كقوله تعالى )1( "والليل و النهار ، والحر و البرد

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

من حيز فارتقىولقد وفق الشاعر على تضمين شعره عدة أساليب بالغية ،

)3(: السطحية إلى أبعاد خيالية إذ يقول المتنبي

يف النعيم بعقله ذو العقل يشقى وأخو اجلهالةينعم يف الشقاوة

ونوعه طباق اإليجاب ينعم ≠يشقى يتجلى الطباق في

)4(: وقوله

البدر فيهم وأعطاين من السقم احملاقـا وقد أخذ التمام

نوعهما طباق اإليجاب البدر ≠التمام ، أعطى ≠ أخذفالطباق هنا بين

، دار العلم للماليين، بيروت، لبنان، 3، ج) علم البديع( بكري شيخ أمين، البالغة العربية في ثوبها الجديد - 1

.42م ، ص 1999، 5ط

18سورة الكهف، اآلية - 2

.571الديوان ، ص - 3

.289الديوان، ص - 4

)1(: ويقول أيضا

صغار ناس ناسه ودهر جثث ضخام هلم وإن كانت

ك أرانبو حة عيونهــم نيــامــــــــــفتـــــــم غري أهنم مل

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

نوعهما طباق اإليجاب نيام ≠ مفتحة، ضخام ≠فالطباق هنا بين صغار

)2( :وكذلك قوله

نيا طويال تقلبتالد صحبت صدقها كذبـا ومن يرى حىت عينيه لىع

نوعه طباق اإليجاب ، كذب ≠صدقفالطباق هنا بين

كما وظف المقابلة التي هي إيراد الكالم ثم مقابلته بمثله في المعنى و اللفظ على

جهة الموافقة و المخالفة ، وتقع المقابلة في الكالم شعرا كان أو نثرا و تقع بين لفظتين

)3(. وثالثة ألفاظ و أربعة و قد تقع بين خمسة

)4(: كقول المتنبي

وحمصويل على غنمأرى أناس وذكـر جود و حمصويل على الكلم ا

اض خوف الردى للشاء و الغنمــــــــــحي ردي حياض الردى يا نفس واتركي

.101الديوان ، ص - 1 .325الديوان، ص - 2 .50بكري شيخ أمين، البالغة العربية في ثوبها الجديد ، ص - 3 .38ن 37الديوان، ص - 4

)1( :في هذه األبيات تتجلى بين شطري البيتين و قولهفالمقابلة

ك يف طلب املعالي إلي املعاش فسرت واي يف طلبوسار س

فسرت إليك في طلب المعالي و سار :" المقابلة بين الشطر األول و الشطر الثاني

".سواي في طلب المعاش

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

)2(: وقوله أيضا

اد إال السيف و الفتكة البكرفما وال حتسنب اد زقا وقينة

و فما اد إال السيف وال حتسنب اد زقا وقينة: المقابلة بين شطري البيت

الفتكة البكر.

)3(: وقوله

.خلضب شعره مفرقه حسامـي ولو برز الزمان إيل شخصا

.بيت إلى توعد الزمن باإلنتقام منهفالشاعر ذهب في هذا ال: المقابلة بين شطري البيت

.245الديوان ، ص - 1

.189الديوان، ص - 2

.51الديوان، ص - 3

الموسيقى الشعرية: ثالثا

الموسيقى ظاهرة أدبية تحمل نغمات سحرية تحرك اإلحساس وتمس المشاعر "

تنتقل الداخلية، وتهز أوتار القلوب اإلنسانية أي أنها شكل إيقاعي يسعى إلى طرح رؤيا

عبر أريج جسد القصيدة، فهي نغم وتعبير ولذة شعرية رائعة في الحركة النفسية اإليقاعية

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

للكلمات ومقاطعها، فالقصيدة الشعرية تضم العناصر اإليقاعية بإستخدام اللغة ذلك

) 1(.اإلستخدام الخاص بالشعر، كما تضم اإليقاع الموسيقي الذي يستخدم هذه الكلمات

عنصر أساسي في الشعر القديم والحديث، وتعتبر منبع المعاني ، وهي فالموسيقى "

الخاصية المميزة له عن غيرها من الفنون، وموسيقى الشعر ليست صورة خارجية فقط

فمن هذا المفهوم " )2(".بل هي نابعة من خلجات الشاعر وأفكاره، وتبرزها عاطفة جياشة

لقصيدة مرتبط كل اإلرتباط بحالة اإلنفعال تصبح عناصر اإليقاع والتشكيل الموسيقي في ا

المسيطرة على التجربة الشعرية، وعلى رؤيا الشاعر، ألن البناء الموسيقي يعد إحدى

مكونات هذه األخيرة، فالنص الشعري تتعدد أبعاده الجمالية والبحث عن أسرار هذا

في البنية اللغوية الجمال، وبما يكمن في البناء من الموسيقى أو التشكيل، وربما يكمن

والطاقة الشعورية المتدفقة من النص وهو دون هذه الطاقة يعد نهرا جافا وحديقة

)3(".يابسة

أيمن محمد زكي العشماوي، قصيدة المديح عند المتنبي وتطورها الفني، دار النهضة العربية، بيروت،لبنان، -1

.215م،ص1،1983ط

.94م،ص1974ونشأة الفنون الجميلة، دار المعارف، القاهرة، مصر، دط، محمد علي أبو ريان،فلسفة الجمال - 2

.223أيمن محمد زكي العشماوي، قصيدة المديح عند المتنبي وتطورها الفني، ص- 3

قد أدرك النقاد العرب القدامى ما لموسيقى الشعر من دور وأهمية بالغة في العمل "

الموسيقى ألنه أحد مرتكزاته ، فقالوا بأن الشعري، لذلك إرتبط تعريفهم للشعر بعنصر

الشعر هو الكالم الموزون الحقيقي والموسيقى بالنسبة للشعر دعامته وركيزته الهامة هذا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

إلى جانب الخيال والصور، والمتنبي من بين الذين ينفردون في تاريخ األدب العربي

حد تعبير بالشير حيث بالقدرة على إستخدام الكلمة الشعرية بدالالتها المتعددة، على

)1(".وصفه بأنه ساحرا من سحرة الكلمة ، أجاد صقل رواسمه بكثير من الفن

وإن المهتم بشعر المتنبي يجلب إنتباهه وفرة عنصر الموسيقى الذي أواله الشاعر أهمية

.وعناية كبيرة إلتزم بها ضمن تنظيمه لقصائده

وهو الموسيقى : والموسيقى في الشعر تتفرع إلى نوعين يسيران في خط واحد ، األول

التي تمثلها النغمة التي تحمل لغته في إنتظام مالئم مع حالة الكلمة ) الظاهرة ( الخارجية

في التركيب الشعري ، وهذه النغمة المتواترة هي ما إصطلح منذ القدم على تسميته

اللغة عن غيرها بالكثير من الخصوصية التي يتميز بها الشعر عن بالوزن الذي يمد هذه

)2(غيره من األنواع األدبية

أما النوع الثاني الموسيقي في اللغة الشعرية فهو التناغم الذي يتم في السياق بين الكلمات

والحروف ، فتأتي التجربة في نسق منتظم وهو ما يسمى بالموسيقى الداخلية ، ومن

الذي يتم بين النوعين من الموسيقى يتشكل إيقاع القصيدة الذي يحمل التجربة التظافر

)3(وينظم هذا اإليقاع حركة اللغة في الشعر الشعرية

.481ريجيس بالشير ، أبو الطيب ، ص - 1

، 1محمد عبد الحميد ، في إيقاع شعرنا العربي وبيئته، دار الوفاء للطباعة والنشر، اإلسكندرية، مصر، ط - 2

31م ، ص 2005

31المرجع نفسه ، ص - 3

الموسيقى الخارجية -1

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

:الوزن - أ

إن الوزن هو الموسيقى الناتجة عن تتبع تفعيالت معينة تتكرر في كل بيت دون

تغير ، والحق أن اإليقاع ما كان منه بسيطا ومنه ما كان مركبا يحقق الذبذبات الزمانية

اإلنسان مهما كان بدائيا لها ، فيتذوقها وينفعل على شكل متعاقب سريع يضمن إستجابة

وبالعكس فإن الذبذبات الزمانية مع اإليقاع المركب تتم بشكل ال يتذوقه اإلنسان بسهولة

إن اإليقاع المركب عبارة عن خطوات تالية للخطوات التي قطعها اإلنسان وهو يكتسب

)1( البسيط بديهياتهالخبرة فيه، أي أن تذوق المركب تم بعد أن أصبح تذوق

في الفرح غير ما :إن إختيار الشاعر للوزن مرتبط بنفسيته وحالته الشعورية ، فيقول "

في الحزن واليأس ونبضات قلبه حين يتملكه السرور سريعة يكثر عددها في الدقيقة ولكنها

ية فهي عند بطيئة حين يستولي عليها الحزن وال بد أن تتغير نغمة اإلنشاء تبعا للحالة النفس

).2(الفرح والسرور متلهفة مرتفعة ، وهي في الحزن واليأس بطيئة حاسمة

، 1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الدار البيضاء، المغرب ، ط امحمد السرغيني ، محاضرات في السيمولوجي - 1

152،153، ص 1987

. 175، ص 1965القاهرة ، مصر ، 3إبراهيم أنيس ، موسيقى الشعر، مكتبة األنجلو ، ط - 2

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

:الجدول واألوزان

البحور الشعرية

عدد القصائد

متنظالتي

في هذا البحر

من هذه األغراض الشعريةضعـــدد القصائد التي نظمت

السخرية االعتذار العتاب الفخر الرثاء الغزل الهجاء المدح الوصف

/ / / 1 1 / / 13 2 مقطوعة 19 الخفيف

/ 2 / / 2 / 6 16 6 مقطوعة 36 الوافر

/ / 1 / 3 3 1 25 4 مقطوعة 39 الكامل

/ / 2 / / / 2 11 4 مقطوعة 20 المتقارب

1 / / 2 2 2 4 22 2 مقطوعة 37 البسيط

/ / 1 2 4 1 54 34 3 مقطوعة 54 الطويل

/ / / / / / 2 1 / 3 الرمل

/ / / / / / 1 / / 1 المجتت

/ / / 1 1 / 3 1 2 8 السريع

/ / / 1 1 / / 11 3 15 المنسرح

/ / / 1 1 / / 2 4 7 الرجز

وتحليل هذا الجدول يوضح مجموعة من المالحظات

إن البحر الطويل له الصدارة في ديوان المتنبي ، إذ نطم الشاعر ضمنه في أغراض -1

إلخ...عديدة ومتنوعة كالمدح، والهجاء والرثاء والفخر

.المتنبي أكثر شعراء عصره نظما في البحر الطويلإن -3

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

مقطوعة ، والغلبة لهذا البحر في غرض المدح 39نظم الشاعر في البحر الكامل -3

الطويل ، الكامل، البسيط الوافر: ترتيب البحور التي إستعملها الشاعر كثيرا كاألتي -4

.المتقارب، الخفيف ثم يأتي المنسرح ، السريع، الرجز، الرمل، المجتث

يتضح من خالل هذا الجدول أن جانب من جوانب الصناعة الموسيقية عند المتنبي -5

:يتمثل في أمور وهي

إستخدام البحر الطويل إلى درجة الفتة ، فالبحر الطويل هو المناسب التوسع في - أ

.وأهات الشاعر للتعبير عن أمال ومطامح

العناية بالموسيقى الداخلية التي تمثلت ظاهريا في إستخدام البحر الخفيف الذي -ب

. تتسم صورته الخارجية بالنشرية ، بما سمح له بإمتالك ناصية الموسيقى الداخلية

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

:الـروي - ب

الذي تنسب إليه القصيدة، وهو األساس الذي تبنى عليه القصيدة، هو الحرف األخير

:وقد قسم العروضيون حروف الروي إلى أربعة أقسام

الراء والالم والميم والنون والياء والدال والسين : حروف تجيء بكثرة وهي -

.والعين

القاف والكاف والهمزة والحاء والفاء والياء والجيم: حروف متوسطة الشيوع وهي -

.الصادوالضاد والطاء والهاء والتاء: حرو قليلة الشيوع وهي -

.الخاء والذال والزاي والشين والظاء والغين : حروف نادرة وهي -

الشيوع أو قلتها ال تعزى إلى ثقل في األصوات أو خفة بقدر ما تعزى إلى وكثرة

هذا فضال عن أنه ليس ثمة حدود فاصلة بين "، ) 1(نسبة ورودها في أواخر كلمات اللغة

الحروف قليل الشيوع ونادرة الشيوع، فقد يختلف إثنان في حرف ما ، أهو قليل الشيوع أم

نادره ؟ وما الحد األدنى لقلة الشيوع والحد األعلى للندرة ؟

)2( ".وهذا أمر طبيعي ما دام اإلستقراء ناقصا ، وما الحكم عاما على كل العصور

248إبراهيم أنيس ، موسيقى الشعر ، ص - 1

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

م ، 2006، 3عبد العزيز نبوي ، دراسات في األدب الجاهلي ، مؤسسة المختار للطباعة والنشر، مصر ، ط - 2

268ص

:ستعملها المتنبيإبحروف الروي التي جدول وفيما يلي

النسبة المئوية لعدد القصائد عدد األبيات عدد القصات الحرف

9.30 86 08 الهمزة 5.18 656 34 الباء

9.25 54 5 التاء 7.69 13 1 الجيم 12.96 54 7 الحاء 5.05 672 34 الدال 6.25 16 1 الذال 83.33 36 30 الراء 2.63 38 1 الزاي 10.60 66 7 السين 2.77 36 1 الشين 33.33 9 3 الضاد 3.98 201 8 العين 10 60 6 الفاء 4.64 280 13 القاف 1.20 83 10 الكاف 4.74 290 47 الالم 5.69 720 41 الميم 5.63 355 20 النون 9.09 77 7 الهاء

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

3.50 57 2 الياء

األلف المقصورة

1 33 3.03

: ستعمل حروف الرويأن أكثر من نصف الديوان قد إ ل وونستخلص من هذا الجد

من الحروف التي تشيع بكثرة في قوافي الشعر ، والحاء والهمزة، وهي دالراء ، والضا

العربي ، وأن أقل الحروف إستعماال هي الكاف، الياء، األلف المقصورة، وأن مجموع ما

: وعشرين حرفا، وأنه لم يستعمل حروف وهي يإثنان: إستخدمه المتنبي من حروف هي

.الثاء، الخاء ، الظاء، الغين، الصاد، الواو

رف الروي شيوعا في ديوان الشاعر هو حرف الراء، الذي كما نالحظ أن أكثر ح

ومطامحه وأمنيه لكسب المعالي آلماله يدل على صخب المتنبي من واقعه المعيشي المقيد

ــرة وقوة في والسير قدوما إلى األمام، ثم يليه حرف الضاد شه ،والصعود إلى القمم

البروز،

.وهي اللغة العربية دغة الضافحرف الضاد إشتهر به العرب ، فهم يتميزون بل

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

:الموسيقى الداخلية - د

الموسيقى الداخلية سر العبقرية عند الشعراء واألدباء ، وهي الشعر الذي ينشأ حين "

)1(".خصوص، هي طريقة اإلستهواء الصوتي في اللغةمتتجاوز الكلمات على نحو

لونية وإيحائية تحقق جوهرية الشعر القائمة على إن الموسيقى الداخلية هذه وهي موسيقى "

كما أن موسيقى الشعر الداخلية تنبعث "، )2("التعبير عن الفكرة وبالصورة والرمز واإليحاء

من الخيال الذي يعتبر أهم ركيزة التي ترتبط بالحالة النفسية والشعوية لذات الشاعر، فهي

مرتبطة بظهور الحركة الرومانسية التي تموج بالحياة، والحركة والدفء وتلك الرموز

النفس من رعشة الحياة والحروف والكلمات تبعا إليقاع القصيدة هي سجن المعنى وما يلج

كأنها ريشة اإلحساس ، فالمجال اللغوي ليس مؤلفا من وحدات بسيطة يطلق عليها إسم

الكلمات، أي أن الكلمات هي أول ماينبغي التوقف عنده حينما يفسر النص األدبي، فإن

الكلمات تعبر عن مظاهر اإلتجاهات أو األفكار أو سياق عام، وكأن هذا السياق هو

)3("ة األولىالحقيق

فما تأخر مايل والهتن وإن تأخر عين بعض موعده

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

مودة فهو يبلوها وميتحن هوالويف ولكين ذكرت له

، 2مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، تحقيق محمد سعيد العريان، مطبعة اإلستقامة، مصر، ط - 1

.217م،ص1940

.102ص م،3،1980ط بيروت، مؤسسة نوفل، الفن واألدب، ميشال عاصي، - 2

.161م،ص2،1981بيروت،ط دار األندس،، مصطفى ناصف، نظرية المعنى في النقد العربي - 3

فحركة الموسيقى والنبضات تنسجمان في شكلهما اإليقاعي، ألن الشاعر يصور ألمه

.يمل ينخدع وال نه في مصر وحلب وبينه وبين نفسه الاأيضا وحرم

ياة بالرغم من اآلالم التي يعانيها ، وتلك التجربة القاسية كما يدل أيضا تشبته بالح

وذلك حسب اإلنفعال النفسي من رؤى الواقع ، لذلك تختلف القافية من قصيدة إلى أخرى،

) 1(للشاعر، فهو صورة تتذبذب بشكل مستمر كما جاء في هذين المقطعين

فكيف توقيه وبانيه هادمه مشب الذي يبكي الشباب مشيبه

وغائب لون العارضني وقادمه وتكمله العيش الصبا وعقيبه

فهذا النحو يوقع بالبناء الفني، فنرى أن شعر المتنبي تجربة إنفعالية تعتمد على

.الصورة المركبة، فتشيع المعاني المرهفة بموسيقى الحياة

رحاب فالموسيقى الداخلية إحساس بالكلم، فهي إحدى الطاقات الفنية في القصيدة و

ينعم الشاعر المبدع بأجواء السحبات المغمورة بكل شتى النغمات، فهي إنسجام وتوافق ما

جمالي بين الصورة والرمز التي تكمن في األلفاظ والعبارات وفي جل المناخات واألقاليم

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

الداخلية في القصيدة، وبحديثنا عن الموسيقى نورد من بعض قصائد المتنبي ما يوضح لنا

ذانتجربة التي عاشها ، فتخرج أحاسيسه متدفقة بموسيقى وتعبير جذاب يقرع اآلطبيعة ال ) 2( :وفي هذا المجال يصور الشاعر قائال) 1(

258، 257الديوان ، ص ، - 1

.225وتطورها الفني، ص أيمن محمد زكي العشماوي، قصيدة المديح عند المتنبي - 2

.311الديوان ، ص ، - 3

إن قاتلوا جنبوا أو حدثوا شجعوا ينخدعغريي بأكثر هذا الناس

هبمأهل احلفيظة إال أن جتر ففي التجارب بعد الغنى ما يزرع

وما احلياة ونفسي بعدما علمت أن احلياة كما ال تشتهي طبع

أنف العزيز بقطع العز جيتدع ليس اجلمال لوجه صح مارنه

مقطع غنائي ، وهذا ما نلمحه ببصمات تمأل بفالشاعر في هذه القصيدة يستهل

الموسيقى كآبة وحزنل ، وهي صورة ال تكشف التعاطف الوجداني مع الرؤية النفسية

) 1(:هرقى شعر المتنبي قولأومن

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

473الديوان ، ص ، - 1

:أصوات اللين - أ

اللغة العربية تتمثل في ثالث حركات قد إصطلح القدماء على أن أصوات اللين في

ألف : الفتحة والضمة والكسرة، وتعرف بأصوات اللين القصيرة، وثالثة حروف هي: هي

المد، وياء المد و واو المد، وهي أصوات اللين الطويلة، وواضح أن الفرق بين هذه

ى الحركات وتلك الحروف ليس سوى فرق كمي في أصواتها، ذلك أن ألف المد ليست سو

)1(.فتحة طويلة، وواو المد ضمة طويلة، وياء المد هي األخرى كسرة طويلة

وقد إنصرفت عناية المتنبي في شعره إلى صوت بعينه من أصوات اللين هو صوت

وهذا المد من شأنه أن يؤكد . على نحو ما يسميها القدماء" الفتحة الطويلة"أو " ألف المد"

.قي في أشعارهحرص الشاعر على تحقيق البطء الموسي

وقد حفل ديوانه بالقصائد التي راح ينشر فيها األصوات الطويلة نشرا، ونكتفي لكي ندلل

)2(: على صحة ما نذهب إليه في هذه الظاهرة، بذكر هذه األبيات

تبصر يف ناظري حمياها شامية طاملا خلوت هبا

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

وإمنا قبلت به فاها فقبلت ناظري تغالطين

إشراق ألفاظه مبعناها بغرتــه تشرق تيجانه

ونفسه تستقل دنياها دان له شرقها ومغرهبا

م، 2002، 1إبراهيم عبد الرحمن محمد، الشعر الجاهلي ، قضاياه الفنية والموضوعية، دار نوبار، القاهرة، ط - 1

.240ص .537الـديوان، ص - 2

)1: (يقول أيضا

ذي امللكوت أمسى من مسا من ذات يا أيها امللك املصفى جوهرا

فتكاد تعلم علم ما لن يعلما تظاهر فيك ال هوتيـهنور

)2(: كما يقول

والبني جار على ضعفي وما عدال أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتال

والصرب ينحل يف جسمي كما حنال والوجد يقوى كما تقوى النوى أبدا

ــــــــــــــــــلـــها ال لوال مفارقة األحباب ما وجدتمنايا إىل أرواحنا سبال

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

.16الـديوان، ص - 1

.17الـديوان، ص - 2

:التكرار الصوتي - ب

يعتبر التكرار من الظواهر الصوتية التي تؤدي وظيفة كبيرة في تعميق اإليقاع "

أولها تكرار حروف بعينها في كل بيت شعري : يكون على أشكال ثالثة" )1(".الصوتي

على حدة، يحدث تكرارها أصواتا وإيقاعات موسيقية معينة، والثاني تكرار كلمات

يتخيرها الشاعر تخيرا موسيقيا خاصا لتؤدي بجانب دورها في بناء الصورة الشعرية إلى

ويتمثل الشكل الثالث لظاهرة التكرار توفير إيقاع موسيقي خاص بكل بيت على حدة،

)2(".الصوتي في توالي الحركات تتفق أو تختلف مع حركة القافية والروي

أن لكل حرف أو صوت مخرجا صوتيا خاصا به من : " ومن هذا المنطلق نقول

حيث الصفات والمخارج، وعلى هذا يمكن إظهار سمات كل شاعر ولغته من خالل تكرار

ة بالغية يزيد المعنى وضوحا وجالء، يضفي على الشعر طابعا الحرف، كونه وسيل

)3(".جماليا ونغميا من خالل ما تجلى في أبيات الشعر

يكاد يكون المتنبي أكثر الشعراء تكرارا أللفاظه، ونجد هذا التكرار في معظم

في وهذه الظاهرة ال يلجأ إليها المتنبي عبثا، فهو يتعمدها لما لها من أثر ووقع قصائده

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

األذن وفي النفس، غير أن تكراره ال يمل منه، فهو يكاد يكون جزء ال يتجزأ من موسيقى

.الشعر

)4(: يقول أبو الطيب المتنبي مخاطبا سيف الدولة

الدولة األمم وتدعي حب سيف مايل أكتم حبا قد برى جسدي

ليــت أنا بقدر احلب نقتسمف إن كان جيمعنا حب لغرتـه

أفريل، منشورات 16سعد بوفاللة يوه، سيميائية الشعر العربي القديم، الملتقى الوطني الثاني، السيمياء والنص األدبي، - 1

.11، ص2002الجامعة، دار الهدى للطباعة والنشر، عين مليلة، الجزائر،

.231قضاياه الفنية والموضوعية، ص إبراهيم عبد الرحمن محمد، الشعر الجاهلي ، - 2 .11ص سعد بوفاللة يوه، سيميائية الشعر العربي القديم، - 3

.331الـديوان، ص - 4

اهلند مغمدة ــــــوقد نظ قد زرته وسيوفإليه والسي ـــــــرتـوف دم

وكان أحسن ما يف األحسن الشيم فكان أحسن خلق ا كلهم

يه نعمــــــــــي طيه أسف يف طــــــــــفـ فرفوت العدو الذي ميمته ظ

أربع مرات، مرة في كل شطر، مما يدل على أنه ممتلئ، ثم يكرر " حب"كرر لفظة

ثالث مرات في نفس البيت، وفي البيت " أحسن"مرتين، وكرر كلمة " السيوف"كلمة

، فالتكرار هنا "طيه نعمفي "، "في طيه أسف"األخير يقسم العجز إلى قسمين فيهما تكرار

دراسة فنیة جمالیة لنماذج من شعر المتنبي.......الفصل الثالث

جزء من المعنى وما أوصله إلينا الشاعر لم يكن ليتم بهذه الصورة لو لم يعتمد على

.التكرار

التقرير يعد من أبرز عيوب شعر المتنبي في : وبناء على ما تقدم يمكننا القول أن

ا مع سيف حديثه عن النفس اإلنسانية، كما نالحظ أن المتنبي استخدم أسلوب التشبيه كثير

الدولة وكذا في غزله، إلى جانب إستخدامه لالستعارة التمثيلية كثيرا في مدح سيف الدولة

:من مثل قوله

ليس التكحل يف العينني كالكحل ألن حلمك حلم ال تكلفه

:كما إستخدم المتنبي بالغة الكناية كثيرا في حديثه عن نفسه من مثل قوله

معت كلماتي من به صممـــــــــــــوأس أنا الذي نظر األعمى إىل أدبي

، فجاء شعره منظما على جرس كما نالحظ تميز المتنبي في إستعمال اإليقاع

ستعمال اللغة العذبة اموسيقي رائع وصور بالغية متميزة باإلضافة إلى إرتقاء المتنبي في

.وخيال واسع في تطويع اللفظة المناسبة لشعرهمما يمتلكه من قدرة فائقة

123

ت كرين ع ا وخفق ــــــ بيي طع ش عزيزا أوهت وأ ى الق

ىد الب

ود يفقر واإلقدام قتال ــــــ الج لىال الوشقة ساد الاس كلهن

124

125

إنطالقا من هذا المبدأ أن الشعر يستمد قيمته وأهميته من األثر الذي يتركه في

والدراسة لحياته ونبوغه نفوس متلقيه لم يحظ شاعر من شعراء العربية بقدر من اإلهتمام

، ومن خالل دراستنا هذه توصلنا إلى "أبو الطيب المتنبي " الشعري بقدر ما حظي الشاعر

:جملة من النتائج تجلت في

بروز األنا المتضخمة لدى المتنبي بشكل كبير، والتي لم نلحظها عند أي شاعر

.عربي آخر على هذا النحو المبالغ فيه

الخ...ة في جميع األغراض الشعرية كالمدح والهجاء والرثاءحضور األنا المتعالي

.تميز المتنبي في الساحة الشعرية مما ساهم في ظهور األنا المتعالية لديه

أخذت الذاتية نصيبها من الظهور في شعر المتنبي حتى أضحت الذاتية أهم سمة

من هموم فردية إال تطبع شعره، وبالرغم من أن الشاعر ينطلق دوما في التعبير عن ذاته

.أنه تجاوز ذاته وأصبح ملتحما بالجماعة، فإتسعت رؤيته وتعمقت تجربته

إحتل اآلخر مكانا بارزا في شعر المتنبي حرصا لألنا من معرفة ذاتها، فمعرفة

.األنا ال تتجلى إال من خالل معرفة اآلخر

لفائقة على تطويع إرتقاء المتنبي باللغة إلى أبعد حدودها، فقد كانت له القدرة ا

.الكلمة و إستخدامها في شعره

توظيف المتنبي لإلستعارة كوسيلة للتشكيل الشعري، وكمحاولة للهروب من الواقع

.ه للغة بكارتها األولىيالمرير بخلق عالم له خاص الذي أعاد ف

126

.كان المتنبي يناسب بين األلفاظ والتفعيالت، ويكثر من الطباق والمقابلة

متنبي في إستعمال اإليقاع، فقد كان يكرر بعض األصوات، والتكرار عنده تميز ال

يدل على اإلصرار على الشيء، وهو مظهر من مظاهر تنظيم المعنى وإخراجه في حلة

.متميزة

وهكذا إستطاع المتنبي أن يصل بشعره إلى أعلى المراتب ليبقى عظيما وخالدا في

نه كان من أعظم الشعراء، وسيبقى المتنبي دوما عالم األدب والفن، ويشهد عليه الزمن أ

.الشاعر الذي مأل الدنيا وشغل الناس

وفي نهاية هذا البحث نوصي الدارسين بمتابعة الجهود البحثية في هذا المجال من

:خالل تناول جوانب أخرى جديرة بالبحث و الدراسة في شعر المتنبي منها

دى المتنبي وتصوير عاطفته تجاه أن يعمل الباحثون على دراسة شعر الحب ل

.المرأة من الناحية الفنية لما يمتلكه من جرس موسيقي رائع وصور بالغية متميزة

دراسة ظاهرة مخالفة المتنبي لقوانين المحبين وتبين أسبابها وظواهرها مع إعطاء

.أمثلة من شعره

ال تعد وال دراسة شعر الحكمة لدى المتنبي، لما يحتويه ديوانه من حكم وأمثال

.تحص

123

: يلي ومما سبق خالل الفصول الثالث نستنتج ما

الجدل يمثل نوع من الحوار يقوم على المناقشة و تبادل األفكار والمعارف بين شخصين

.موضوع متجادل حوله أوعدة أشخاص لهدف إبراز الرأي وتحقيق الغلبة حول قضية أو

.أخذت الذات حظها ومكانتها من البروز في شعر المتنبي

من خالل إستقرائي لشعر المتنبي نجده مولعا للحديث عن النفس، فقد أوردها في مدائحه

.وأهاجيه وفي فخره ورثائه

.إرتبط حديث المتنبي عن اآلمال بحديثه عن اآلالم التي عاناها في سبيل تحقيق آماله

فسه كانت الشجاعة والكرم والوفاء أكثر الصفات التي تحدث عنها المتنبي،ووصف بها ن

وممدوحيه، فمن أعظم األدلة على ولع المتنبي بهذه الصفات، أن بعض أبياته أصبحت

:أمثاال يتناقلها الناس بعده كقوله

عش زعا أيزومنوأ ترك تيم بعط نيالق نــــــنقفا وخ البنود

:وكذا قوله

التق امدواإلق رقفي ودــــــاجل مهلك اسالن ادس ةاملشق الول

.إستعمال المتنبي لإلستعارة كوسيلة للفرار من واقعه المرير الذي يعيش فيه لبناء عالم له

، حيث "سيف الدولة الحمداني"إن الشخصية األبرز، واألهم في ديوان المتنبي هي شخصية

.ثلث الديوان وكانت عالقته به عالقة إعجاب وتوحد قال فيه مايقارب

إن فن ، ، أال وهي التكسب إن المتنبي عربي النسب، ولم يمدح األعاجم إال لغاية

.شتهر بها المتنبياوالفخر من أبرز الفنون التي المديح

124

هورية ج، والعين وهي أصوات أكثر المتنبي من إستخدام حروف القاف، والراء

.أثناء تصويره للمعارك التي خاضها مع سيف الدولةخاصة

، فساهم في خلق النفس الحماسي في تمكن المتنبي من إستخدام اإليقاع الموسيقي

. النص الشعري

ملحق

هي تلك إن من أهم مانفح شعر أبي الطيب المتنبي سمة الخلود والشهرة والسيرورة

النزعة المثالية، واللمحة القومية، والنبرة العربية الصافية والحكمة البالغة، وحسبه شهرة

وخلودا هذه الحكم التي أودعها طي أغراضه الشعرية المختلفة،فما زال الناس يرددونها

:منذ أزيد من ألف سنة وأن منها قوله

ادرمت يملئال تمرأك تنأ وإن هتكلم يمرالكت أكرم تأن إذا

:وقوله

عش زعايز أومنوأ ترك تيم بيط نالق نعنفقا وخ البنود

: وقوله

امجسا األهادريف م تبعت ا اربك وسفت النانا كوإذ

:وقوله

اانبج وتمت نأ زجالع نمف دب وتامل نم نكي ما لوإذ

:وقوله

لك ام مايتمامل ناهرء كدريري الجرت هياح تاالمبهتشفي السن

ملحق

:وقوله

ومن ينفق الساعات في جعم ماله ي فالذف رقف ةافخمقالف لعر

:وقوله

ومن يهن يساهل لهوان لعيه مالجب حرميت إيالم

:وقوله

ومكن ند نالدا على احليأ رى نري عوا لده ما من صاقدته بد

. وما أكثر أقواله وأفعاله، وما أشد تأثير شاعريته في النفوس والعقول

ب-أ.......................................................................مقدمة

اإلنسان والشاعر :المتنبي: مدخل

4.ص............................................................بیئتھ ومحیطھ الثقافي- 1 8ص...................................................................آثاره -2

ماهية الجدل: الفصل األول

مفهوم الجدل-1

11ص...............................................لغة-أ

12ص........................................صطالحاا -ب

الجدل أنواع-2

14ص....................................الجدل والحوار-أ

15ص.................................الجدل والمحاجة-ب

16ص........................الجدل والمناظرة والمكابرة-ج

16ص...................الجدل وعلم الخالف أوالخالفيات-د

الجدل عند الفالسفة-3

18ص...........................................سقراط-أ

19ص...........................................أفالطون-ب

21ص............................................أرسطو- ج

الجدل عند البالغيين-4

24ص ...........................................الجاحظ-أ

25ص .........................................السكاكي-ب

الجدل عصر المتنبـي-5

26ص..................................مفهوم علم الكالم-أ

26ص.......................علم الكالم وعالقته بالجدل-ب

27ص..........................................المعتزلة-ج

27ص ..............................أبو الهذيل العالف *

29ص..........................إبراهيم بن سيار النظام *

جدلية األنا واآلخر في شعرية المتنبي: الفصل الثاني

I-األناواآلخر بين المفهومين اللغوي واإلصطالحي

32ص................................................................لغة-أ

33ص..........................................................إصطالحا-ب

34ص............................................مفهوم األنا واآلخر في علم النفس - أ

35ص......................................مفهوم األنا واآلخر في علم اإلجتماع - ب

37ص............................................مفهوم األنا واآلخر في الفلسفة-ج

39ص.....................................مفهوم األنا واألخر في الفكر العربي- د

II -تجليات األنا في شعر المتنبي

42ص............................................تجلي األنا في موضوع الفخر-1

49ص...........................................تجلي األنا في موضوع المدح-2

53ص..........................................تجلي األنا في موضوع الحكمة -3

57ص............................................تجلي األنا في موضوع الغزل-4

III -تجليات اآلخر في شعر المتنبي

60ص........................................................صورة الممدوح-1

64ص........................................................صورة المهجو-2

66ص..........................................................صورة المرأة-3

69ص.........................................................صورة العجم -4

دراسة فنية جمالية لنماذج من شعر المتنبي:الفصل الثالث

.المعجم اللغوي:أوال

73ص...............................................................األلفاظ-1

75ص...............................................................الجمل-2

81ص.......................................................التقديم واألخير-3

الصورة الفنية:ثانيا

85ص....................................جذور الصورة الفنية في النقد القديم-1

86ص..............................تعريف الصورة الفنية لدى النقاد المحدثين-2

87ص.............................................................التشبيه-أ

99ص........................................................اإلستعارة-ب

102ص...........................................................الكناية-ج

103ص..........................................................المجاز-د

104ص............................................................البديع-ه

الموسيقى الشعرية:ثالثا

الخارجيةالموسيقى -1

109ص.......................................................الوزن-أ

112ص....................................................الروي-ب

الموسيقى الداخلية-2

118ص.................................................أصوات اللين-أ

120ص...........................................التكرار الصوتي-ب

125ص......................................................................خاتمة

128ص.....................................................................ملحق

130ص...................................................والمراجع قائمة المصادر