208

ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

  • Upload
    others

  • View
    23

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

: الدكتور إشراف األستاذ :الطالب إعدادمن

:لجنة المناقشة

بوعرفة عبد القادر .د.أ رئیسا جامعة وھران يأستاذ التعلیم العال

الزاوي عمر .د.أ مقررا جامعة وھران يأستاذ التعلیم العال

سواریت بن عمر.د.أ التعلیم العالي أستاذ مناقشا جامعة وھران

عبد القادر ماھر .د.أ مناقشا االسكندریةجامعة أستاذ التعلیم العالي

مناقشا -2-الجزائرجامعة أستاذ التعلیم العالي عبد المجید دھوم .د. أ

موسى عبد هللا.د.أ مناقشا سعیدةجامعة أستاذ التعلیم العالي

2013/2014السنة الجامعیة

قسم الفلسفة

بوصالحیح حمدان الزاوي عمر

2014/11/02

Page 2: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـيــمبســم الـلــه الــرحـمــن الـرح

الحكيم ﴾العليم أنتنك إسبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا ﴿ „صدق اهللا العظيم „

Page 3: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

رــــديـــوتق رـكــشة ــمـكـل

:ه أهل إلىالفضل دإسنايطيب لي

.هذا العمل المتواضع إتمامنا علىجزيل الشكر حمد اهللا ونشكره ن

على تفضله باإلشراف عمر الزاوي/ ألستاذ الدكتورلى اإوأتقدم بالشكر الجزيل

مساعدات وعلى كل ما قدمه لي منإلتمامه،على هذا البحث، وتلمس السبل

.جزيل الشكر والثناء ووافر التقدير واالحتراممني فـله ،وتوجيهات

:أساتذة لهم علي فضل كبير وأخص بالذكر أرفع آيات الشكر والعرفـان إلىو

لم يبخل علي بتوجيهاته الذيبجامعة وهران بوعرفة عبد القـادرالدكتور األستاذ

رة .مما يجعلني مدينا لهطيلة مسار هذا البحث القيمة ومالحظاتهالني

مصر ب اإلسكندريةجامعة من علي قـادر محمدماهر عبد ال "الدكتور ألستاذا

، فـله ومقـاالت تتعلق بموضوع البحث ومن نصوصإرشادات من على ما قدمه لي

.التقديراالحترام و فـائقو جزيل الشكر

Page 4: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يــدي اللذيـوال إلى انيـــن رب التي صبرت علي د صباح : ـة الدربرفيـق إلى ـــيجيــالل: ـي أخـ إلى ـوادجـ ــالأم ـــام هش :أبنائي إلى

.هذا العمل ثمرة أهدي

حمدان

Page 5: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

أ

:ةـــمقدم الفالسفة على امتدادو العقالنية من أكثر املفاهيم الفلسفية اليت حظيت باهتمام املفكرين ميعد مفهو

التارخيية صريورته دالالت متعددة عربو فهوم صياغاتهذا املقد عرف و العلمي،و الفكر الفلسفي تاريخ الفعل العقالين كون، بينها –هو جوهري و –أن القاسم املشرتك إاللدالالت على الرغم من تعدد هذه او

أي أن العقالنية هي الفلسفة ، أو تقف خارجها اإلنسانيةأية مرجعية تعلو على التجربة إىلال يستند و منهج أو هي نزعة ، فنيةو عاطفيةو يةقوى عقلو بكل ما لديه من طاقات اإلبداعمصدر اإلنساناليت جتعل أو سلطة خارجية العامل من دون مساعدة مجيع حقائق إىلتوصل اليت يرى يف العقل القدرة املطلقة يف التفكري

ما يبدو جمهوال من احلقائق ، و مسلمات غيبية أو دينية أو خوارق للطبيعة ةفاملفكر العقالين ال يؤمن بأي ذا ارتبط مفهوم ، و توظيف مناهج العلم الصحيحةبو العقل يصبح معلوما عن طريق قدرة، حلظة مايف

تسخريها و السليم لفهم الطبيعةو العلم على أنه السبيل العقلي الوحيد إىلحيث أصبح ينظر ، العقالنية بالعلم عقالنية الغربية يف العصر احلديث كرد فعل ثوري ضد التسلط تأسست ال األساسعلى هذا و ، اإلنسانلتحرير

.األسطورةو اخلرافةو ضد اجلهلو سة يف العصور الوسطى،الديين الذي مارسه رجال الكنياالت املعرفية اليت تطبق فيها أشكالو قد تعددت صورو عقالنية دينيةو فهناك عقالنية فلسفية،، العقالنية بتعدد اا داخل احلقلو تعددت صورهاو ،ية علميةعقالنو رؤى الفالسفةو املعريف الواحد بتعدد توجهات نظريا

.أنفسهم العقالنيني نيحمور النقاش بني االبستمولوجي تشكلالعقالنية العلمية اليت أصبحت يف هذه الدراسة هو صورة يهمنا الذيو .ف الثاين من القرن العشرينخاصة يف النص، فالسفة العلم املعاصرينو موضوعية و الصوابو لكالسيكية بالبحث يف مسائل الصدققد ارتبط مفهوم العقالنية العلمية يف فلسفة العلم ال

هذه احلقيقة العلمية إىل باملنهج العلمي الصحيح املوصل، و عالقتها بالسياق التارخييو النظريات العلميةو احلقائق مبعايري ، و األخرىاملعرفية األمناطو الالعلمو كن على أساسها التمييز بني العلملعقالنية اليت مياملعايري او بالقواعدو

. النظريات العلمية املتنافسةو املفاضلة بني الفروض ما جيمعها هو السعي ولكن ، تعدد نظريات العقالنيةو تعدد وجهات النظر إىلالبحث يف هذه املسائل قد أدىو

كل نشاط أو جمال معريف أن و ، اعقالني ااعتبار العلم نشاط، و رسم صورة عقالنية للعلم، و نة املمارسة العلميةعقل إىل . اال عقالني يعدخارج العلم

Page 6: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

ب

ا فلسفة العلم اليت جاءت استجابة للثورات العلمية اليت حتققت يف جمالو لكن التحوالت اليت شهد :على يد"الكوانتوم "يف جمال الفيزياء النظرية على اثر ظهور نظرييت ، و )قليديةلالات اظهور اهلندسا(الرياضيات

تغيري جذري ما نتج عن هذه الثورات منو ،"نينشتايأل"العامة و النسبية اخلاصةنظرية ، و (Max.Blank)ماكس بالنك األسسو املبادئعاصر يعيد النظر يف الكثري من جعلت العقل العلمي امل، املعرفة العلمية عامةو يف بنية العلم

من ذاته قد كان مفهوم العقالنية ، و من البديهيات اليت ال تقبل النقد تعداملفاهيم اليت ظلت ملدة قرون من الزمن و .أشد املفاهيم عرضة هلذه املراجعة النقدية

االهتمام حيث حتول، ستمولوجيا العلم املعاصرةي ابدثته هذه التحوالت من تغيريات جذرية يفحهذا فضال عما أ كنسق مغلق و ،املنطقية من دراسة العلم كشبكة من العالقات، و من دراسة الرتكيب املنطقي لنتائج البحث العلمي

لعلم يف منوهدراسة ا إىل ،الثقافةو السيكولوجياو السوسيولوجياو كالتاريخ إنسانيةو غري متفاعل مع بنيات حضاريةللفاعلية أدى هذا التحول للتحليالت االبستمولوجية ،أخرى إنسانيةو نشاطات معرفيةو تفاعله مع عواملو صريورتهو

فلسفة العلم املعاصرة اجتاهات ابستمولوجية جديدة أصبحت تعرف يف و جديدة، ظهور تيارات فكرية إىلالعلمية اليت قامت األسسو املبادئليت متيزت بنزعتها النقدية اجلذرية لكل ا، الالعقالنيةو اوية بالنسباالجتاهات

بنقدها و القانون،و النظام،و البساطة،و الوضوح،و ،وحدة املنهج العلمي، و احلداثية كاملوضوعية عليها العقالنية . احلضارة الغربيةو الالذع لنموذج العلم

الذي هو النموذج ، و املعريف للعقالنية العلمية احلديثةو النقد العلميهذا وذجا من قد اخرتنا يف هذه الدراسة منو .K.P.Feyerabend) 1994-1924( "فيرابندكارل بول "قدمه فيلسوف العلم املعاصر النمساوي األصل

أشريأريد أن دديف سياق فكري حم القارئمن أجل وضع " دنبافير " النظري العام لفلسفة اإلطارقبل أن نعرض و نسق إطارأو عرضها يف هذا الفيلسوف، أفكارو فلسفة باستيعاأنه من الصعوبة مبا كان إىل، يف هذا السياق

الذي يتعارض مع كل منطية أو نسقية )الفوضوي(الفلسفي توجهه إىلقد يعود ذلك ، و أو ترتيب منهجي معنيــــ بل ينبغي أحيانا، اطبيعي اأمر اآلراءو غيري املواقففهو يعترب ت ــ ــــ حسبه جتاوز قواعد ، و املعايري املألوفةو جتاوز الطرائق ـ

أردنا أن نفلت من هاجس التقليد إذا القائمة على االتساق والنظام وعدم التناقض، ذالكالتقليدي الصارمة املنطقـــنفتو ال للخـ ـــح ا ـــاحلو اعدـاإلبو لق ــ .اإلنسانية ريةــ

Page 7: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

ت

ــــقد تعو ـــتو ددــــتع إىل فييرابندفلسفة دراسة صعوبة ود ــ ــنـ ــــ ــ تطور الفكرية اليت كان هلا أثر بالغ يف مصادرهوع ـ اهتماماته مث حتولت بأملانيا،"بريخت" حيث كان عضوا يف مسرح، بالفن، كانت بدايته األوىل مساره الفكري

"كرافتفيكتور "أسسها الفيلسوف الوضعياليت "كرافت"كان عضوا يف دائرة حيث ،الفلسفةمث الفيزياء جمال إىلVictor Kraft )1880-1975(، يغ فيتجنشيتنفلود"وتأثر بأفكار" Ludwig Wittgenstein )1889-1951(

"احلرية عن"واردة يف كتابه ـالذي تبىن أفكاره ال )J-S Mill)1806-1873 "ميل تجون ستيوار "وبالفيلسوف التجرييب نقديا الذعا مث اختذ موقفا (1902-1994) (K.Popper) كارل بوبر"أستاذه تأثر يف مرحلته الفكرية املبكرة بآراء و

.من البوبرية بعد ذلك ا، قد جعلت قراءة فلسفته تعارضها أحيانو تعقد أفكارهو ،"فريابند"التحوالت اليت طبعت فكر هذه إن

واملدافعني عن النزعة العقالنيني،قبل بعض املفكرين والفالسفة خاصة من ،أحيانا متعارضةو ختضع لتأويالت خمتلفة ملوقفه ، و عامة" فريابند" نقدية لفلسفةحتليلية الذي سأقدمه دراسة البحثيعد هذا و الالتارخيية يف فلسفة العلم،

والسياسية وامليتودولوجية االبيستمولوجية اأبعاده علىوحماولة للوقوف ،وجه اخلصوص العقالنية علىو العقلمن .نصوصهو مؤلفاته اليت تضمنتها لكن يف حدود الدالالت ،واالجتماعية

القرن العشرين اليت عرفهاالعقالنية من أجرأ التنظريات االبستمولوجية و ملفهوم العقل" فريابند"التصور الذي قدمه يعد التنظريات املعروفة يف و هذا التميز يف بلورته لرؤية فكرية جديدة تثور ضد كل التصوراتو تكمن هذه اجلرأةو

"بفيلسوف العلم الثائر"لقب فقد ، من الصفات وصف بالكثري، و األلقابحىت لقب بالعديد من ، فلسفتهو جمال العلمـــو ــ ـــ ــ األنساقذلك ملناهضته لكل و ، "فوالالعقالين املتطر " النسباويب"و "بالفوضوي"، و"العدو اللدود للعلم"بـ

"فريابند"يقف إذ، املعاصرةو انتقاداته الصارمة جلميع نظريات العقالنية احلديثة، و امليتودولوجيات املتداولةو االبستمولوجية "توماس كون"ضد املقاربات االبستمولوجية املعاصرة اليت قدمها و ،ية البوبريةضد العقالنية النقدو ،ضد النزعة االستقرائية

بناء نظرية تستهدف عقلنة إىلودولوجيا تسعى كل متو يرفض كل حماولة ابستمولوجية ، حيث"وشتمري الكاإ"و الذين االبستمولوجيونو تودولوجيونفكل احملاوالت اليت أجنزها املي، رسم صورة عقالنية للعلمو املمارسة العلمية،

اختزال التاريخ العلمي إىلتسعى طرائقه هي حماوالت فاشلةو تسطري مناهجه، و حتديد ماهية العلم إىل يهدفون ضد النظامو ،منذجة وأ فهو ضد كل منطية" ،فريابند"الذي يرفضه األمرهو ، و تصور منطي أحادي إىلرده و اليت قامت عليها األسس غريها منو الثبات املنهجي،و االتساق املنطقيضد و ،ضد املوضوعية، و ثابتةالقواعد الو

.العقالنية العلمية

Page 8: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

ث

"الفوضوية االبستمولوجية" كمفهوم ،ة مل تعهد هلا فلسفة العلم مثيالفاهيم جديدويؤسس يف مقابل ذلك م هذه املفاهيم "،املالحظة احململة بالنظرية"، و"املنهجيةو ة النظريةالتعدديو " ،"االستقراء املعاكسو "، "الالمقايسةو "

اليت تقوم عليها التوجهات االبستمولوجية اجلديدة يف فلسفة العلم املعاصرة األساسيةاليت أصبحت مبثابة املسلمات احلضارات غري الغربية و رة على العلومللحضارة الغربية لسعيها للسيط، و موقفه النقدي املتميز للعلم إىل باإلضافةهذا

.املوضوعيةو املنهج العلمي، و باسم العقالنية :البحث يف التساؤل التايل إشكاليةو تتمحور

؟ االتساق المنطقيو النظام،و المنهج،و الصدقو أسس عقالنية كالموضوعيةو هل العلم مشروع يقوم على قواعد عوامل أخرى نفسيةو تتداخل فيه عناصرو الالاتساق،و أم أنه مشروع فوضوي يقوم على الالنظام،

؟ ةثقافيو اجتماعية و ؟ األخرىو هل العقالنية شرط ضروري لفهم مسيرة العلم، أم أنها مجرد تقليد من بين التقاليد المعرفية

ال عالنية بالضرورة ؟هي نشاطات علم النشاطات التي تندرج خارج نطاق الو هل اآلراءو ال عقالنيا ؟ يعدما و عقالنيا، يعدهل يمكن التمييز الدقيق بين ما و

:مجلة من التساؤالت الفرعية التالية إىل اإلشكاليةو تتفرع هذه ،"اعا للعقلود" العقالنية كما عبرت عنها أشهر مؤلفاته، و لمفهوم العقل،" فيرابند"هل االنتقادات التي وجهها -علمية جديدة عقالنية إلىالتفكير العقالني، أم أنها دعوة و العقالنيةو هي دعوة مضادة للعقل" ضد المنهج" و

؟ إنسانيةأكثر و عن فلسفة علم أكثر حريةو تعبر عن مالمح فكر جديد،عدم وجود " الالمنهج"يعني ، أم تعني أنه ينفي المنهج مطلقا" الالمنهج"إلىدعوته و للمنهج" فيرابند"هل مناهضة

نهائية تحدد منهج و معايير مسبقة ثابتةو عدم وجود قواعد أو شروطو ال تاريخي،و منهج علمي محدد كلي مسيرته ؟و العلم

ضد التوظيف أنه الحضارة الغربية تعني أنه ضد العلم، أمو للعلم" فيرابند"و هل االنتقادات التي وجهها علم ؟االديولوجي الغربي لل

اليت هلا "فريابند"اليت تناولت بعض جوانب فلسفة األكادمييةالدراسات و قد اطلعت على جمموعة من املؤلفاتو ا الباحث، و عالقة مبوضوع البحث لنيل شهادة ، من جامعة قسنطينة "الطاهر مشقف": كان من بينها الدراسة اليت قام

Page 9: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

ج

متثل و دراستنا جانب من تتقاطع معاليت و " فريابندبول " ة املنهج عندمناهض: "وسومة باملو ، 2006نة ساجستري م هناك دراسة و تعرضت له يف الفصل اخلامس، الذيو "،ابندري في"امليتودولوجي للعقالنية العلمية عند األساسيف

ا"مسري حسنة"أخرى للباحث عنوان ، حتت 2010سنة جستريلنيل شهادة ما من جامعة اجلزائر، تقدم يف الفصل " فريابند"اليت عاجل فيها مشكلة املنهج من منظور و "الفوضوية إىلية نيدفاملنهج العلمي من الت إشكالية"

عني مشس جبمهورية من جامعة" عزيزة بدر حممد: "فقد وجدت دراسة للباحثة، أما خارج الوطن، من الرسالة األخريا لنيل شه"فريابند"، و"توماس كون"ملعرفة العلمية عند كل من ابيعة ط: "بعنوانمصر ادة ـ، تقدمت

للعقالنية املؤسساتية فريابنديتمثل يف نقد ، و من دراستناتتقاطع هذه الدراسة مع جانب و ،2006سنة دكتوراه ا ه الدراسات وعلى إن هذ يف الفصل الثالث، الذي تعرضنا لهو ،"توماس كون" عند قد ركزت على جانب أمهيتها إال أ

.وهو اجلانب امليتودولوجي من فلسفة فيريابند فقط واحد ا الباحث املغريبالدراسة إىل باإلضافةهذا يف حبث البناءو االستدالل" حتت عنوان " بناصر البعزايت: "اليت قام

أحيانا إن كان هذا النقد مبالغ فيهو ،فريابندنقدا الذعا لفكر اتضمنت بعض فصوهلاليت و "خصائص العقلية العلمية .املفكرين املغاربةبعض يدعيهالدفاع أو التشبث باالجتاه العقالين الذي حماولة الباحث إىللك وقد يرجع ذ

ا الدكتور وهناك دراسة أخرى اليت جاءت و علمية مبصر، ضمن سلسلة كراسات" يومفال" ، جامعة "خالد قطب"قام بعض اجلوانب اليت تناولناها مع اليت تتقاطع و "التعددية املنهجية"و ،"العقالنية العلمية دراسة نقدية : "حتت عنوان

.البحثهذا يف " حول فلسفة العلوم" سواء من خالل سلسلة" در حممد عليماهر عبد القا"دراسات الدكتور هذا دون أن ننسى

2005طبعة " ضد المنهج":مؤلفاته ألشهرخاصة ترمجته و " فريابند" لنصوص ومقاالتترمجته و الل تقدميهأو من خا تبقى الرتمجة العربية الوحيدة هلذا إال، )بشهادة املرتجم نفسهو ( الضبطو بعض التدقيق ينقصهاكانت هذه الرتمجة إنو أ

:وهي "فريابند"، ملؤلفات "حممد السيد"و ،"نفادي"د ترمجات السيو دراسات إىل باإلضافة ،حسب علمي الكتاب .هي الرتمجات اليت اعتمدها يف هذه الدراسةو ،"ثالث محاورات في المعرفة"و "العلم في مجتمع حر"عقالنية املنهج و تعد مشكلة عقالنية العلم، إذراهنيته يف الفكر املعاصر، و يستمد هذا البحث أمهيته من أمهية موضوعهو

التوجهات االبستمولوجية املعاصرةو خاصة بعد ظهور بعض النظريات، رز مواضيع فلسفة العلم املعاصرةمن أب "..سوسيولوجيا العلمو " "فلسفة البيولوجيا"و "فلسفة علم البيئة"و "نظرية التعقيدو " "كنظرية الفوضى

Page 10: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

ح

ميزت فلسفات العلم الكالسيكي الصورة العقالنية للعلم اليت غريت تلكو هذه التوجهات اليت غريت نظرتنا للعامل عناصرها، مفاهيمها" فريابند"عن فلسفة إمجاليةفهي من جهة مقاربة ، ذا يكون هلذه الدراسة أمهية مزدوجةو القرن العشرين من األخريدراسة ملختلف املقاربات االبستمولوجية اليت عرفتها فلسفة العلم يف الثلث و ،أهدافهاو من جهة أخرى تعد هذه الدراسة حماولة للكشف عن أثر ، و تعد هذه املرحلة من أخصب مراحل تطورها إذ

.متميزة لتفسري ظاهرة العلمو استبصارات نظرية فريدةو ما فتحته من أفاق منهجية جديدةو "فريابند"نظرية استخدام جمموعة من املناهج تبعا إىلعمدت فإنين، طبيعة املنهج املتبعتفرض ملا كانت طبيعة موضوع البحثو

استخدمت املنهج التارخيي، تطورمها عرب تاريخ العلمو العقالنيةو ففي تناويل ملفهوم العقل، لطبيعة القضايا املعاجلة .العلميو جذورها يف الفكر الفلسفي إىلعودة دون ال اتارخيي امشكلة العقالنية باعتبارها مفهوم باستيعاال ميكن إذ التصورات اليت قامت عليها خمتلف النزعات االبستمولوجية و اعتمدت املنهج التحليلي النقدي يف دراسة املفاهيمو

من وجهة إالال يكون التحليل ، و املسلمات اليت تنطلق منهاو املبادئو األسس إىلمن خالل ردها ، حمل الدراسة .نقديةحتليلية نظر

امليتودولوجيةو من املقاربات االبستمولوجية فريابندكما استخدمت املنهج النقدي املقارن يف دراسيت ملوقف "كارل بوبر"و "توماس كون"تقوم يف جمملها على أساس حواره الدائم مع ففلسفة فيريابند ، املعاصرة له

.السند التارخييو املقارنةو النقد،و كل دراسة ابستمولوجية ال ختلو من هذه املناهج الثالثة، التحليلو ،"مري الكاتوشإ" .البحث خامتةو قدمةمفصول فضال عن قد تضمنت دراستنا هذه مخسةو كيز على أهم خصائص تطورها التارخيي، مع الرت ، و مبادئهاو لتحديد مفهوم العقالنية أسسها األولالفصل تخصص

.دراسة جممل مادة البحثو املعاصرة ليكون ذلك مدخال لفهمو العقالنية العلمية يف فلسفة العلم الكالسيكية فريابندانتقادات إىلفتطرقت " العقالنية النقدية، و للعقالنية التجريبية املعاصرة فريابندنقد " ين املوسوم بأما يف الفصل الثا

ـــةاملعر وتراكمية ،احملايدة املالحظةو نظرية املعىن،و ، كمفهوم الرد،ريبية املنطقيةاليت قامت عليها التج األسسو للمفاهيم ـــ ــ ــ ـــ ــ ف العقالنية النقدية البوبرية اليت قامت عليها املبادئو للقواعد فريابندأيضا انتقادات كما تناولت يف هذا الفصل

.كذا مفهوم املعرفة املوضوعيةو ،الالعلمو للتمييز بني العلم كأساس "بوبر"كمبدأ القابلية للتكذيب الذي اعتمده العقالنية امليتودولوجيةو ،"لتوماس كون"للعقالنية املؤسساتية فريابندنقد : "أما الفصل الثالث، فجاء حتت عنوان

املتمثلة يف نظرية " ماس كونتو "اليت قدمها األطروحةمن " فريابند"قد تناولت يف هذا الفصل، موقف و "المري الكاتوش ".العلمية األحباثبرامج "املتمثلة يف " مري الكاتوشإ"كذا أطروحة و ،"الرباديغم"

Page 11: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

ـــة ــــ ــــ ة مقدمـ

خ

ــ يف الفصل الرابع املعنون ــ إلشكالية فريابند، تناولت تصور "فريابنداالبستمولوجية للعقالنية العلمية عند بول األسس"بــ النظرية تعدد البدائلو كمبدأ الوفرة، اليت تقوم عليها املبادئو ومه للنظرية العلميةمفه، و العقالنيةو العالقة بني العلم

.النظرية الرباغماتية للمالحظةو ،العلم بدون خربة حسيةو الالمقايسة،و فوضوية قد عاجلت يف هذا الفصل، مفهوم الو ،"الفوضوية االبستمولوجيةو العقالنية العلمية: " الفصل اخلامس عنوانهو مشروع فوضوي ال حتكمه خطة حاكمة اليت تعين أن العلمو ،"فريابند"جوهر فلسفة البستمولوجية اليت تعدا فريابندكما تناولت يف هذا الفصل مفهوم النسباوية عند ، ال تارخيي حيكم مسرية العلم ال وجود ملنهج علمي كليو

هذه التعددية املنهجيةو كذا انعكاسات هذا التوجه االبستمولوجي،و ،اإلنسانيةو االبستمولوجيةأبعادها و خصائصها .السياسيو النظرية على املستوى االجتماعيو

جية واحلضارية األبعاد الفلسفية واالبيستمولو جمموعة من النتائج بينت من خالهلا إىلهذا البحث متة وتوصلت يف خا .ألطروحة فيريابند

طاب االبستمولوجي املعاصر والكشف عن يف حتليل مضمون اخل اهمقد س البحث هذاكون يويف األخري نأمل أن طرحتها فلسفة الدراسة التحليلية النقدية ألبرز املشكالت املعرفية اليت هذه من خاللاحلضارية واإلنسانية أبعاده

وبيان ، بل يف امتحان املفاهيم لمحتديد وجهة الع إميانا منا أن مهمة االبستمولوجيا ال تتمثل يف ،العلم املعاصرة .مدى صالحيتها

.واهللا املسئول يف بلوغ املأمول

Page 12: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 2 -

:ومراحل تطورها التاريخي العقالنيةتحديد مفهوم

مهما لفهم ومدخال أكادميي،منهجية ضرورية ألي حبث خطوةوحتديد املفاهيم التعريف باملصطلحات يعد واملبادئ اليت تقوم عليها ،العقالنيةو العقل ميهاسوف أخصص هذا الفصل لتحديد مفولذا ، البحث جممل مادة

.العلمتطورها عرب تاريخ ومراحل :العقلمفهوم - 1

العلماء منذ نشأة التفكري الفلسفيو من املفاهيم الفلسفية اليت حظيت باهتمام معظم الفالسفةالعقل يعد فيه ثوباختالف زوايا ومناحي البح املذاهب اليت ينتمي إليها كل فيلسوف،و املناهج باختالفدالالته قد اختلفت و

احلدسكالفكر و بني بعض املفهومات األخرى و الفرق بينهو ؟ هل هو ذو طبيعة مادية أم روحية ،كالبحث يف طبيعتهاخلوض يف هذه يف هذا السياق ال أود و ،والعاطفة ،ومضاداته كاخليال ،اخلربةو ، اإلميانو ، الغريزةو ،الدماغو ،الذكاءو

االت من مثة و التشعب إىلبالبحث سيؤدين هذا أل ،ةوامليتافيزيقي سفيةإىل خمتلف التعريفات الفل قلن أتطر و ،ا سأقتصر و خاصة حرب العقليني، أن هذا املوضوع قد سال يف تعريفه الكثري من احلربو خصوصا ،إىل اإلطالة اململة

.املعاجم الفلسفيةو من خالل بعض القواميس )العقل(يف حتديد هذا املفهوم :اللسان العربيعقل في المفهوم -

وقد جاء يف، والقلب الفؤادو ، العلمو ، اللبو ،القلبو ،هيالن و ،احللم مرادفات كثرية منهااللغة العربية للعقل يف الثبت والعقل ،رأيهو عاقل هو اجلامع ألمره الو ، والنهي ضد احلمق، احلجر «:أن كلمة عقل تعين" لسان العرب"

هبالعقل هو التمييز الذي يتميز قيلو ،مسي العقل عقال ألنه يعقل صاحبه عن التورط يف املهالك أي حيبسهو يف األمور، )1( »اإلنسان عن سائر احليوان

احللم و نسان عن اإلتيان مبا ال يتناسبالنهي ينهى اإلو ،ارتكاب األخطاءو العقل يعقل اإلنسان عن اقرتاف اآلثامو « .» )2(السكينة و الرزانةو ءمن اهلدو

لد احلادي عشر، مادة ع1300ببوالق املطبعة األمريية ، لسان العرب :ابن منظور -1 .458 ص ل، .ق. ه ا .120 ص ،1979املطابع األمريية، القاهرة ،المعجم الفلسفي مجمع اللغة العربية -2

Page 13: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 3 -

بني احلق و الفاسد،و الصحيح بني الفطريالتمييز و مبعىن اإلدراك وقد ورد مفهوم العقل يف القرآن الكرمي

◌وليال عشر ◌والفجر ﴿: لقوله تعاىل »احلجر «:وذكر بلفظ ،والنهي، والتفكر ،والفؤاد، ومبعىن التدبر الباطل،و لكيف ذ إن ﴿:لقوله تعاىل »القلب « وذكر بلفظ )1(﴾ ◌لذي حجرلك قسم هل يف ذ ◌يسر إذاوالليل ◌الوتروالشفع و

.والفؤاد األلباب بلفظأخرى آياتكما ذكر يف ، )2(﴾لذكرى ملن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

:يطلق مفهوم العقل كما جاء يف املعجم الفلسفي على ثالثة أوجهو

سكناتهو حركاتهو اختيارهو أنه هيئة حممودة لإلنسان يف كالمه :يكون حدهو هيئته،و يرجع إىل وقار اإلنسان :األول. أنه معان جمتمعة يف الذهن تكون :ما يكتسبه اإلنسان بالتجارب من األحكام الكلية، فيكون حده هبيراد : الثاين

ا األغراض .املصاحلو مقدمات تنبسط قبحهاو صحة الفطرة األوىل يف اإلنسان، فيكون حده أنه قوة تدرك صفات األشياء من حسنها هبيراد : ثالثال

او كماهلاو )3(. نقصاكلها تؤكد ن الكرمي آصوره اليت وردت يف القر اوكذ ،فهوم العقلمل املعاجم العربية اليت وردت يف اتالتعريفهذه إن الكرمي حيث على حتكيم القرآنوإذا كان ،جمموعة املبادئ القبلية اليت تنظم املعرفة وتنتجها أنه أي ،لفطرية العق على

الذات للوصول إىل إثباتيدعو إىل التزام هذه املبادئ الفطرية اليت هي واحدة عند الناس مجيعا وإمنا ه العقل العقل والتدبر والنظر عمالإن الكرمي إىل آأن دعوة القر إىل هذا السياق يف أود اإلشارةو ، وحدانية اخلالقإثبات و

.فلسفة معادية للعقالنية القرآنيةختالف من يدعي أن الفلسفة إسالميةهي دعوة تؤسس لعقالنية يف املوجودات العقل في الفكر الغربيمفهوم -: ه الفلسفي ملفهوم العقل حتت عنوانيف معجمAndré Lalande (1963-1867) "الالندأندري "تطرق

«RAISON» ةمن اللفظة الالتينيفمن حيث االشتقاق اللغوي اشتق : «RATIO» منظومة و ، احلسابتعين واليت .)4(االستدالل كما تعين أفكار مرتابطة

5،4،3،2،1، اآليات، سورة الفجر، القران الكرمي -1 37اآلية ، سورة ق، القران الكرمي -2 94ص ، 2ج ،المعجم الفلسفي: مجيل صليبا-3

4- André Lalande: vocabulaire technique et critique de la philosophie, Puf. Paris, 1996, p 1160.

Page 14: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 4 -

ــالعو ،لكةملاو ،العقل: عدة مرتادفات منها «RAISON»لكلمة (Lalande) الالندأما اصطالحا فقد أورد ــ ـــكر لةـ ــ ،والفـ

: مث ربطها بستة تعريفات نذكرها موجزة يف ما يلي اعتقاد و فكرRaison : Croire, Penser معرفة طبيعية أو فطرة Raison : Connaissance naturelle الروح أو( فاعلية الفكر( Raison : Activité de l’esprit تنظيم املدركات Raison : la systématisation de la connaissance اجلمالو القبحو الصواب، و اخلطأو الشر، و ملكة التمييز بني اخلري

Raison : Faculté de discerner entre le bien et le mal, le vrai et le faux, la laideur et la beauté.

قارن باإلميان تسلسل احلقائق عندما ت

Raison : l’enchaînement des vérités lorsqu’elles sont comparées avec la foi

La Raison نالمكو العقل و La Raison constituante : نالعقل المكو :قد ميز بني نوعني من العقلو

constituée ، الالنديقول (Lalande): » ثالثون سنة و جيب التمييز يف العقل بني ما اقرتحت تسميته من حنو مخس )1( » المنشئالعقل و ،المنشأقل الع

فعندما نتكلم عن هذا "من مهنة إىل أخرى و بالتغري مبعىن يتغري من عصر إىل آخر، ،يتميز )العقل املنشأ(فالعقل املكون ذا العقل يف حضارتنا إذا أردنا أن و ،يف عصرناو العقل املنشأ بصيغة املفرد جيب أن يفهم من ذلك أن األمر يتعلق

لدى و بل ،لدى العلماءو ن هذا العقل ليس هو متاما لدى الرسامنيغاية يف الدقة وجب أن نقول يف مهنتنا، ألكون ن .)2(" املنشغلني بعلم احلياةو الفيزيائيني

هذه اليت تعطي هلا خالل و املقبولة يف فرتة تارخيية ما،و منظومة القواعد املقدرة«: (2010-1935)"اجلابري"اعتربه و )3( »الفرتة قيمة مطلقة

ا كل إنسان تلك امل«هو و "الفاعل"مصطلح "اجلابري"قد أضاف إليه و )املنشئ( املكونأما العقل لكة اليت يستطيع )1( »هي واحدة عند مجيع الناسو يستخرج من إدراك العالقات بني األشياء مبادئ كلية ضرورية، أن

12ص، 1999القاهرة ،، اهليئة املصرية العامة للكتاب،اقنظمي لو مجة، تر ، لعقل والمعاييرا: ندالال -1 13ص ، املرجع نفسه -2 .15 ص، 1984، 1بريوت ،ط، دار الطليعة، بيتكوين العقل العر : اجلابريحممد عابد -3 15ص ، املرجع نفسه -4

Page 15: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 5 -

يربط بينهما ربطا حمكما إىل درجة االعرتاف بوجود عالقة (Lalande) الالندن إم النظري، فسيرغم هذا التقو

ينشئها هو العقل املكونو قواعد، فان الذي أنشأهاو تأثر بينهما، فإذا سلمنا بأن العقل املكون عبارة عن مبادئو تأثري ن النشاط العقلي الفاعل، إمنا يتم انطالقا من مبادئإمن مث فو ،ما أن العقل املكون يتطلب عقال مكوناك قواعد جاهزة، مبعىن أنه لكي يكون فعاال البد أن ينطلق من عقل سائد و : العقالنيةمفهوم -2- عجم جاء يف املو ، األول للمعرفةاملصدر وجتعله على كل نزعة فلسفية متجد العقل "العقالنية"يطلق مفهوم

أن مجيع املعارف تنشأ عن املبادئ العقلية و ،العقالنية مذهب فكري يقول بأولوية العقل « :اليبالفلسفي جلميل ص .)2( »اليت ليست من احلس أو التجربةو ،الضرورية املوجودة فيهو القبلية

النظرية اتمن التعريفتصنف أغلبها ض، اتمخسة تعريف يف معجمه الفلسفي (André Lalande) الالند ذكرو : أخرى عملية مرتبطة بالسلوكو الفلسفية دون أن يكون له موجب معقوليوجد قر بأنه الشيء مذهب ي العقالنية «: بقوله قد حدهو املعىن األول

.)3( » (l’Empirisme)ذا املعىن، فهذا املذهب مقابل للتجريبية و حبيث يصبح قانونا، حلواس فا ،أن كل معرفة يقينية تبىن على مبادئ قبلية واضحة ال تقبل النقضمذهب يرى :املعىن الثاين

.رة الديكارتية ملفهوم العقالنيةمع النظ يتطابق هذا املعىنو ظرفية عن احلقيقة،و تقدم سوى نظرة ملتبسةال

ية نسقا من املبادئ الكلتجربة ليست ممكنة سوى لفكر ميلك مذهب يرى أن ال :املعىن الثالث ا املعطيات التجريبيةو .تطابق مع النظرة الكانطيةهذا املعىن يو ، الضرورية ينظم

يف مقابل املذاهب ،واإلقناع الربهنة جمايلالعقل فقط يف و العقلاالستناد إىل به ويعين املعىن الرابع ).ةلباطنياو ةهب الصوفيااملذك( اليت ال تستعمل العقل يف اإلقناعالالعقالنية مذهب يرى أنه ال جيب الوثوق )العقالنية( هي« :حيث يقول بالبعد الالهويتربطه قدف أما املعىن اخلامس

مرضيا بالنسبة و ال يقبل يف العقائد الدينية سوى ما كان منطقياو ،)نسق من املبادئ الكلية املنظمة باعتباره(إال يف العقل .قد كان هذا املفهوم أكثر تداوال عند مفكري القرن التاسع عشرو ،)4( »يلإلدراك الفطر

.90 ، ص1994، مادة العقل، الشركة العاملية للكتاب، بريوت، 2ج ،المعجم الفلسفي: يبامجيل صل -1

2- André Lalande: vocabulaire technique et critique de la philosophie », p 889 4 - Ibid. p 889.

Page 16: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 6 -

ا " كرين بريتون "ويعرفها االعتقاد بأن الكون يعمل على حنو ما يعمل العقل حني إىلتفضي األفكارجمموعة من «بأ

)1(» .يفكر بصورة منطقية وموضوعية منهج يؤكد على و هي مذهبو ،ترفض أي بديل للعقل يف املعرفةرية نظ "العقالنية"أن جتمع علىهذه التعاريف إن

اإليديولوجياتو العصبياتو تاالنفعاالعيدا عن سيطرة املشاعر والعواطف و قدرة اإلنسان على احملاكمة الواعية ب .ت اآلخرين أو رفضهاي يف قبول استدالاللنطق العقاالحتكام إىل املو الربهنة عليها،و ترشيدهاو على تعليل اآلراءو مبادئ العقالنية

إليهامن مث اختالفهم يف النتائج اليت توصلوا و على الرغم من اختالف العقالنيني يف تصورهم لطبيعة العقل، م العليها معظم قامت األسس اليتو م يشرتكون يف مجلة من املبادئأ إال :م هذه املبادئ هأ منو ة،عقالنيتصورا

ليس التجربةو األصل األول للعلم اإلنساين مصدره العقل.

ليس الطبيعةو العقل اليقينيات يكون مصدرهو املبادئو ةياستنباط شروط املعرفة اليقين.

منها يؤسس العقل و ال يأتيها الشك،و صادقة صدقا ضرورياو احلقائق اليت يبلغها العقل، حقائق كلية

.زمانو دق يف كل مكانة اليت تصيمعرفته اليقين

ردة نطبقاحلقائق أو املبادئ العقلية الكلية ال ت بل تتعداها إىل األخالقفحسب، على املعارف ا .)2(و غريها السياسة و

اية التحليل يرتد أل ،ة بالعقل ارتباطا جوهرياالسببيشكلة ارتباط م السببيةإىل بنيويان العقل يف تدل تارة على ملكة )االجنليزية( "Reason"و، )الفرنسية( "Raison"ما اشتق منها مثل كلمةو الالتينية "Ratio"فكلمة

)م.ق 322- 384( سبق ألرسطوو ،عن العقالنية حديث هوسببية العن احلديثف، السببيةتارة على عالقة و العقل

Aristote العلم هو معرفة األسباب نأن قال إ. من أهم املبادئ اليت تبني العالقة Leibniz )1716-1646( "زليبن" هبالذي قال " لكايفالسبب ا"يعد مبدأ و

قائمة على (Leibniz) زليبنفكل تعقالتنا فيما يقول ، العقالنية، فهو من أكثر املبادئ أمهية بالنسبة للعقلو السببيةبني

124ص، 82اآلداب، الكويت عدد و الفنونو لس الوطين للثقافة، عامل املعرفة ،ترمجة ،شوقي جالل، تشكيل العقل الحديث:ريتون كرين ب -1

101ص،، 1979، 2بريوت ،ط، دار الكتاب العريب للطباعة والنشر ،رمجة، فؤاد زكريات، نشأة الفلسفة العلمية: هانز ريشنباخ 2-

Page 17: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 7 -

ال ميكن اعتبار حدث موجود أو حقيقي« حيث، لسبب الكايفمبدأ او ،التناقضعدم مبدأ :أساسيني مهامبدأين

.)1( » صادقا أو قائماإال إذا كان هناك سبب كاف جيعل ذلك احلدث ،ال ميكن وضع تعبري صادق هلذا احلدثو ـــ ال من الطبيعة ،تستنبط من العقل"الكلية"و"الضرورة"بشرطيها فالسببية الذي مييز ملوقف هو الثابت البنيويوهذا اـــ

ــــ أنواعهاو على اختالف صورها كل الفلسفات العقالنية ــ يرد الكل إىل و وعن اهلويةفالعقل دائما يبحث عن الوحدة ـ . والتشتت والالنظام والفوضى إىل الوحدة والنظام واالتساق ،الواحد

:التطور التاريخي لمفهوم العقالنية - 3- ونانيفي الفكر الي العقالنيةمفهوم

منهج و كتيار"العقالنية"ال يرتدد يف احلكم بأن مفهوم العلمي و إن املتتبع لتاريخ الفكر الفلسفي حديث ألنه و ن جذوره الفكرية تضرب يف عمق تاريخ الفكر البشري،قدمي أل ،قدمي حديث مفهومهو

قرن السابع عشر امليالدي يف أوربا من طرف الفيلسوف الفرنسي إىل الوجود مع مطلع ال ظهر )كمصطلح مذهيب( .ليأخذ بعدها أبعادا مذهبية تعددت بتعدد الفالسفة العقالنيني " René Descartes" (1650-1596) "ديكارت"

يد التقالقي، أي تفكري يقوم على املعتقدات و تفكري قبل منط تفكري الشعوب البدائية يوصف بأنه إذا كانو فالرجل البدائي ميلك ، عن صورة من صور العقالنية اتعبري يعد مع ذلك نهإف اخليال،و ، سطورةاألو والسحر

فعندما جوبه مبشكالت تتعدى، إلنساناو وراءها تصورا عقالنيا للكون نإميكن أن نقول نساقا من املعرفةأردة ن سعيهإوبالتايل ف ،نظيم أفكارهحاول التوصل إىل إجابات لتأمالته بت، الكون مثل مشكلة أصل الظواهر ا

وحاجته للسمو على التجارب ، حد بصدد مسائل أصل الكون وحركاته وتغرياتهاملو إجياد اإلطار الفكري إىل فاألساطري هي حماولة ، )2( ةضح له مشاكله امللحاملتناقضة قد أدت به إىل البحث عن فرضية ميتافيزيقية قد تو

فرتض وجود آهلة أو أرواح خفية وراء كل ظاهرة من حني ت، و إلجياد نظام معني من وراء الفوضى الظاهرة يف الكونا تسعى إىل ظواهر الطبيعة .إجياد شكل من أشكال التنظيم والتفسري هلذه الظواهر فإ

اليت قامت األفكار أهمظلت فكرة وجود نظام يف الكون من ، الفلسفيلظهور التفكري األوىلىت يف البدايات وح ــــالفلسفة اليونانعليها ـــالكون اليت عرب عنها استخدامهم للف إىل اليونانينينظرة إنبل ، يةــ للتعبري عن " cosmos "ظــ

.14ص ، 1994 1املغرب، ط ،البيضاء الدار ،، دار بوقال للنشر ستمولوجيةبدراسة االنسبانية في الفيزياء الكالسيكية و السببية:د السالم بن ميسعب 1- .11 ص ، 1990، 1بغداد ،ط ، الثقافية ندار الشؤو ، من األسطورة إلى الفلسفة والعلم :تامر مهدي 2-

Page 18: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 8 -

فيه يؤدي كل شيء الذي بالعقل إاله ميكن فهم الذي ال كانت مبنية أساسا على فكرة االنسجام والنظام الكون .)1(ويسري بأكمله حنو حتقيق غايات حمدودة ، داخل الكل املنظممعناها وظيفة هلا

"(l’Iliade et l’Odyssée) األوديسةو اإللياذة"مثل ) ق م Homère )800-701 "هومريوس"يف أعمال جندو مو ن العقل هو الذي يتحكم يف حياة األفرادأ أن صفة الرجل اليوناين هيو ،ال العواطف أو االنفعاالت ،مغامرا

.)2(اعتبار الفرد مالكا ملقاديره و احلكمة "هرقليطس"ويعد ،ملفهوم العقالنية يف الفلسفة اليونانيةاللفظة املقابلة هي (Logos) "لوجوس"لفظة وتعد

Héraclite )535-475 العقل الكوين"أو " وجوسالل"أول من قال بفكرة )ق م (La Raison Universelle)"

ا الدائمة األبدية، فكل شيء يسري وفقا و يعين القانون الكلي الذي حيكم الظواهرو للجوسيتحكم يف صريور العقول البشرية تستطيع التوصل إىل معرفة صحيحة عن ظواهر الطبيعة إذا هي شاركت يف العقل الكلي و .)3( "مشولو أدركت ما يتصف به هذا النظام من ضرورةو اجتهدت يف البحث عن نظام الطبيعةو

باعتبار أن العقل ، نوع من وحدة الوجود إقرار إىلعن العقل الكلي متيل (Héraclite) "هرقليطس"إذا كانت فكرة و (Héraclite) هرقليطسله موقف مغاير ملوقف كان )ق م 5ق( Parménide "بارميندس"ن فإ، للطبيعة يثحماالكوين

"بارميندس"إذا كان و ،أن ما ندركه هو عامل الظواهرو الظن،اخلداع و عامل فهو يرفض عامل احلواس، هحيث جند(Parménide) فكرة الوجود، أي بني الوجودو اللوجوسحد بني نه كان يو إقد تكلم عن الواحد الثابت املعقول، ف

.)4(الثبات و يدرك الوحدة العقل الذيو مبدأ مفارقا للطبيعة (Nous)" النوس"العقل الكلي ،)م.ق Anaxagore )500 -428 "اناكساجوراس"تصور و

اية من حيث املبدأ، ،غري حمايث هلا ة تقبل القسمة إىل غري لكن مع و حيث يرى أن األجسام مركبة من أجزاء متشا فقط إمنا تتصور بالعقل و باحلواساية الصغر ال تنقسم، هي أشبه بالبذور األوىل ال تدرك افرتاض وجود أجزاء يف غ

عماء أو Chaos "وسيكا"عبارة عن أي ،لقد كان الكون يف أول أمره عبارة عن خليط فوضوي من هذه البذورـــمطل ــ ـــاملوج" الكل"يشكل قـ ــ ـــأن العقو ود،ـ ـــجلمي ةــأنه العلو كل شيء ل هو الذي نظمـــ ـــكي يتملو ع األشياء، ـ كن ذلك ــ

11،ص 1992سلسلة األلف كتاب الثاين ،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،، ،أمحد رضا حممد رضا رمجة،ت غريقية والرومانيةاألساطير اإل: كومالن 1- سلسلة األلف كتاب الثاين اهليئة املصرية ،فليب عطية . ترمجة د ، السحر والدين عند الشعوب البدائية ومقاالت أخرى : مالينوفسكي برنسالو -2

.33 ص ،1995،للكتاب العامة 18 صم س، تكوين العقل العربي،: حممد عابد اجلابري 3

.76-75ص ، 1965، 2اإلسكندرية، طللطباعة والنشر، الدار القومية ، 1ج، تاريخ الفكر الفلسفي من طاليس إلى أفالطون :ريان حممد علي أبو 4-

Page 19: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 9 -

البد من قوة حمركة تقوم بالفصل بني األجزاء مث الوصل بينهما ، اخلليط األويل أو العماء الكلي من اخلروج من عطالته م يف مجيع األشياء اليت وجدتهو الذي بث النظاو ،أو العقل (Nous) "النوس"هذه القوة احملركة هي و إعادة تركيبها،و األثريو اهلواءو القمرو كذلك هذه احلركة اليت تدور مبقتضاها الشمسو اليت سوف توجد،و ،اليت توجد اآلنو

.)1(املنفصلني عنها للصدفة جماال نظريته اليت ال ترتكو (Anaxagore) "اناكساجوراس"عبارة تلخص فكرة " العقل حيكم العامل"

فذلك )الضرورةو أي غري خاضع للحتمية(إذا كان هناك ما يبدو كأنه جمرد مصادفة و ضرورة،و فكل شيء عنده نظام .راجع إىل عجزنا عن اكتشاف سببه

للعقل (Anaxagore) "اناكساجوراس"و(Héraclite) "هرقليطس"االختالف بني تصور كل من من رغم على الو هذا العقل الكلي و ال يغري من جوهر التصور اليوناين للعالقة بني الطبيعة أو انفصاله للطبيعة ـتهيـثـن القول مبحاإفالكلي

.)2( بني اإلنسانو بينهو )الذي ينزل منزلة اإلله يف الديانات التوحيدية(ذا االسمإن صور الذي جند عند هو نفس التو ، األشياءنبي الرتتيبو هو إدراك النظام الفعل العقلي اجلدير

.)م.ق 384-322( Aristote "أرسطو"و )م.ق 427 -347( Platon"أفالطونو " ،)ق م Socrate )470-399 "سقراط" القوانني العادلة صادرة عن و ،يديرهو احلسعقل يسيطر على و أن اإلنسان روح (Socrate) "سقراط"يرى إذ

.)3(النظام اإلهلي و رتم القوانني حيرتم العقلفمن حي، مطابقة للطبيعة احلقةو العقل فضيلة العلم :"ةاملشهور جتلى ذلك يف عبارته و بالعقل،بالعقل، يف ربطه للفضيلة "سقراط"إميان يظهر مدى و

ية ذا فقد ارتبطت العقالنية السقراطو ، ة يلتقون مع العقل يف مستوى واحدالعدالو النظامو فالعلم ،"واجلهل رذيلة .أخالقيةقيمة ذا املعىن هي العقالنيةباألخالق، بل

ن اخلربة أو فالعقل اإلنساين عنده هو حمط املعرفة اإلنسانية، ، Platon)"أفالطون"على نفس هذا النهج سارو إليها النفس باملعرفة اليت تتوق ال متدنا احلواسو تعلمنا أن اجلسد اإلنساين ميكنه فقط مدنا باالنطباعات احلسية،ا تتعقل دون اضطرابو ذلك أن فعل التعقل هو أن النفس ترى بوضوح حقيقة الشيء بدون أدوات اجلسد و ،إ

ا ا و مثل السمع أو البصر تعقال أكثر وضوحا، فالتعقل هو فعل النفس يف ذا . )4(لذا

23-18صم س ، ، تكوين العقل العربي: اجلابري 1- .11 ص، نفسهاملرجع 2- .53 ص ،1970النشر، القاهرة، و والرتمجة فجلنة التألي ، الفلسفة اليونانية تاريخ :يوسف كرم 3- .68 ص، 2009 ،دار املعرفة اجلامعية، مفهوم العقل في الفكر الفلسفي : إبراهيم مصطفى إبراهيم 4-

Page 20: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 10 -

احلدس هنا يستخدم مبعىن و "احلدس" أو صور عن طريق العقل عندما يستقبل اخلربات احلسية، حيوهلا إىل أفكارإن مل ينكر "أفالطون"إال أن )1(عليها تقوم نظرية املعرفة و "ملكة العقل" هبفهو يعين (Platon) "أفالطون"خاص لدى

.متاما املعرفة احلسية، بل جعل مهمتها مد العقل باألفكار الدائمة اليت تقوم عليها املعرفة "أفالطون"عند حينما اعترب العقالنية قيمة أخالقية، فالعقل (Socrate)اجتاه أستاذه سقراط "ونأفالط"واجته

شريفا علويا مقدسا، فاكتساب الفضائل إمنا يتم أساسا عن طريق العقل ت نميثالاخلري و العقلكال من ن أل، هو اخلري فيها يكون و ،امللذات هي فضيلة العقل أي احلكمة أمسى، و هاغري و والعدالةاحلكمة، و ،فضائل العلم مثل

املذهب املثايل الذي بنيت و للعقل هو نواة املذهب العقلي "أفالطون"قد كان تصور و ،)2(سعادتهو خري اإلنسان .كما سنبينه الحقا أتباع الديكارتيةو "ديكارت"على أسسه الفلسفة احلديثة خاصة عند

من عقالنية مثالية جتريدية و التوجه العلمي، إىل األخالقيحتولت العقالنية من التوجه (Aristote) "أرسطو"مع و العامل احلسيو ألصق باحلقائق املاديةو املنطق إىلن فلسفته كانت أقرب إىل عقالنية واقعية جتريبية، ذلك أل

كما ،عن طريق الربهان القياسي القائم على مجلة من املبادئ املقبولة بطريقة مسبقة "أرسطو" املعرفة عند إىلويتم التوصل يف كل حالة صدقهاباالستقراء الذي يعين أن الربهنة على أن قضية ما صادقة صدقا كليا بإثبات "أرسطو"اهتم

.جزئية إثباتا جتريبيالف كثريا عن األسس اليت استندت تختا مل تبدو عقالنية حسية إال أكانت "أرسطو"رغم من أن عقالنية العلى و

أن الصدفة و الطبيعة هو أساس )مبعىن النظام( "أرسطو"إليها العقالنية اليونانية القدمية، ذلك أن العقل عند لصدفةفا ،دث استثناءما الصدفة حتيف الغالب، بينو العقل يدخل يف نطاق األمور اليت حتدث دائمافمضادة للعقل،

هو إدراك األسباب، مبعىن يف التصور األرسطي من هنا كان العقلو ،)3(سائر املبادئ األخرىو االتفاق يأتيان بعد العقلو .غموضو من فوضى فهايتعقلها العقل على الرغم مما يكتنن أن الطبيعة بأسرها قابلة أل

العقل اإلنساين عند الرواقيني جزء من العقل الكوين ف ،درسة الرواقيةامل اختذت العقالنية طابعا أخالقيا معقد و ـــل ما حيدث إمنا حيفك"جوسو الل" ــ ـــدث بالضـ ــ ـــرورة لـ ــ حىت إن الفعل األخالقي يصدر عن عقل اإلنسان عندما ،دى العقلــ

.68 ص ، م س، كر الفلسفيمفهوم العقل في الف: إبراهيم مصطفى إبراهيم 1- .242 ص ، ، م ستاريخ الفكر الفلسفي : ريان أبو 2-

م 86- 84ص ،املرجع نفسه 3-

Page 21: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 11 -

ــــوظيفة اإلنسان أن يستكشف يف نفسه العقو يكون مطابقا للعقل الكوين، ــأن يرتجم عنه أفعو ل الطبيعي،ــ ـــ ــ أي أن اله،ــ العقل عند الرواقني يعلمنا عن و قمة العقالنية لديهم،و تلك هي قمة األخالق الرواقيةو ،)1(العقلو حييا وفق الطبيعة

علمنا العقل ربط ييف جمال املنطق و كما يعلمنا ربط املعلوالت بالعلل يف الطبيعة، ،طريق العلم الطبيعي وحدة الوجود لأن املنطق صورة الطبيعة يف العقأي ، بني قوانني الوجودو عاله،يف األخالق يطابق بني أفو ،التايل باملقدم

.)2( األخالق خضوع العقل للطبيعةو :التاليةالعقالنية يف الفكر اليوناين يف النقاط ميكن أن جنمل مميزات على العموم و

يف اليوناين الفكر ت اليت خلفهاذلك يف أعظم االجنازايتجلى و عقالنية جتريدية،ونانية العقالنية الي توجيه العقل اليوناين إىل ما يف )باستخدام الرياضيات(الفيثاغوريون حاول فقد ، واملنطق الرياضياتو الفلسفةجماالت

هود ، اخلطوطو ترتيب متثله األعدادو من نظاماحملسوسات أمسى صورثاغوريني هو يالعقلي لإلنسان حسب الففا نوعا من التجريد العقلي الذي ينصب على دراسة العالقات يعدالفكر الرياضي و ، أضمن الطرق لتحرير النفسو التطهر

.)3(بني احملسوسات الستنباط قواعدها بالعقل

ضروريةو هنا كانت الرباهني العقلية كلية منو ،تم باجلانب الصوري للحجة االستنباطية، عقالنية صورية .ميكن حتديدها وفق قواعد صوريةو

تم بالقوانني الكلية، فال علم إال بالكليات على حد تعبري أرسطو .(Aristote) عقالنية تعميمة مشولية 4(ي لمعقالنية نظرية تسعى إىل إرضاء نزوع العقل إىل املعرفة دون أن يكون وراء ذلك هدف ع(. علمي ال ذلك راجع إىل استخفافها بالتفكريو عقالنية جامدة ال تنشد أي تغيري يف الطبيعة أو أي تقدم علمي

رد السيما العلوم الفالسفة اليونانيون كادالتجرييب، حيث أن يبلغوا حد الكمال يف العلوم اليت تستند إىل النظر العقلي ا .)5(املنطق و الرياضياتكالصورية

.229 ص ، م س، الفلسفة اليونانية تاريخ: يوسف كرم 1- .224 ص رجع نفسه ،امل 2- .56 صم س، ، تاريخ الفكر الفلسفي : ريان أبو 3-لس الوطين للثقافةلعلميالتفكير ا : زكريا فؤاد 4- .138 ، ص1988، 3اآلداب، الكويت، طو الفنونو ، عامل املعرفة، ا .179ص ، 1976، 1ط ، دار النهضة املصرية، القاهرة، أسس الفلسفة :الطويل توفيق 5-

Page 22: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 12 -

العقالنية في العصور الوسطى مفهوم

نه يف العامل إوعصر سيطرة الالهوت املسيحي، ف ،العصر الوسيط يف الغرب هو عصر اجلهل واخلرافة نإذا كا يز عند احلديث عن العقالنية يف العصور الوسطى بني العقالنية منولذا جيب أن ،اإلسالمي ميثل عصر العلم واحلضارة

.لغربية املسيحيةالعقالنية او اإلسالمية عقالنية فهيالتطبيق، و هو اجلمع بني النظريةالعصور الوسطى يف إن الطابع العام الذي ميز العقالنية اإلسالمية

عامل احلس إىل هيمنة العقل الغيب، خيضع عاملو ، )الطبيعة(احلس عامل يهقن إىل الوجود بشآالقر شاملة قائمة على نظرة املعرفة اإلنسانية مكانإن معرفته من حيث مبدأ التسليم بوجوده تدخل يف إ، أما عامل الغيب ف)التجربة(احلواس و

لكن تفاصيل هذا العامل ال ميكن إدراكها ،نني الطبيعة أن يسلم بعامل الغيبإذ يستطيع العقل من خالل النظر يف قوا اليونانية اليت نية املثاليةاإلسالمية اليت تتميز عن العقال ذا تتبلور خصوصية العقالنيةو ، إال من خالل اإلميان

ومل تقدم معرفة علمية تذكر بالعلم الطبيعي قياسا إىل اجنازها ،وضعت نظاما عقليا صارما للوجودو احتقرت التجربة يف تقديس التجربة بالغت تميز العقالنية اإلسالمية عن العقالنية الغربية احلديثة اليتتالفلسفي الكبري،كما و الفكري

فالعقالنية اإلسالمية قد أوقفت العقل عند حدوده الواقعية يف كينونة ،من مثة أغرقت نفسها يف نزعة مادية حبتةو اآليات و ، الكشف عن حقائق الوجود اإلنساين يف الطبيعةو إنسانية متكاملة، فهي مل حتد من دوره املوضوعي يف املعرفة

قد أوقفت هذا ) العقالنية اإلسالمية(لكنها ، ورة استعمال العقل يف القرآن كثرية كما سبقت اإلشارة إليهالدالة على ضر .القدرة املطلقة على حسم إشكاليات الوجود أو حل إشكاليات املعرفةو العقل عن االدعاء بالقداسة

:التاليةو ميكن إمجال أسس هذه العقالنية املستمدة من القرآن الكرمي يف النقاط االنطالق عمال العقل ال يعتمد على إلكن ،املعرفة من حيث املبدأ ممكنة و ، العقل هو األداة األساسية للمعرفةـــــ

ا سواء ،من تصورات عقلية مسبقة عن طبيعة العامل كما جند ذلك يف التصور اليوناين بل نقطة االنطالق هي الطبيعة ذا املالحظة اليت هي إحدى و معرفة قوانني الطبيعة تتم عن طريق التجربةو ة أو إنسانية،ة مادية أو حيويكانت طبيع

.)1(السمات األساسية للعلم ـــ ــ ا واجب ديين، ديينو ملعرفة العلمية هي عمل أخالقياــــ ا تقرب اإلنسان من معرفة اهللا، كما أ ا متكن ،أل أل

تمعات 850-783)(الخوارزمي"ا ـالذي دعف، حتقيق مقاصد الشريعةو لقيام مبسؤوليته جتاه اخلالقاو اإلنسان من إقامة ا

ما يف حل مشكالت اإلرث بل احلرص الشديد على اال فقط رب ليس جمرد الرغبة يف املعرفةاجلو إىل احلساب )2( ".نتفاع

. 23ص ، 2009، 1ط ،بريوت، مركز دراسات الوحدة العربية ، العلم والنظرة العربية إلى العالم: دو زيبأمسري 1- .41 ص ،1975، 1، طبريوت، الدار املتحدة للنشر، الموجز في مسائل الفقه اإلسالمية في العصر الوسيط : كمال البازجي 2-

Page 23: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 13 -

ـــ هي نظرة و مطلقة،و فالعلم أعقد من أن يعرفه اإلنسان معرفة كاملة اإلميان حبدود قدرة اإلنسان على املعرفة،ــــ

.قدرة العلم على حل مجيع املشكالتو ختالف العقالنية العلمية احلديثة اليت تؤمن بقداسة العقلــــ ة هي بالطبيع اإلنسان أن عالقةو عقالنية تؤمن أن العلم حمكوم باملبادئ األخالقية املستمدة من القرآن الكرمي،ــــ

ـــ كما جور، فالعلم ال يهدف إىل جمرد استغالل عالقة استخدام دون إفراط أو الطبيعة ملصلحة اإلنسان بال حدود ـــال إىل ممارسة العلم من أجل العلم بغض النظر عن تبعاته، فاألخالق العلمية هي جزء و الـحال يف العقالنية الغربية ــــ

.العلم ةأنسناليوم هبهو ما نعين و ،العقالنية مبدأ جوهري يف هذهو أساسي

ــــ ملعرفة العلمية هيباعتبار أن نقطة البدء يف ا ،كما متيزت العقالنية اإلسالمية بتوجهها التجرييب يف العلمــــا لك بشكل واضح يف قد جتلى ذو قد ظهر املنهج التجرييب عند املسلمني ألول مرة يف تاريخ البشرية،، و الطبيعة ذا

يف البصريات )1040-965( "الهيثم ابن"و ،يف الكيمياء )815-721( "جابر بن حيان"أشهر علماء العرب أعمال .يف الطب )925-865( "الرازي"و ،يف علم الفلك )1048-973( "البيروني"و

إخفاق واأما من أرجع «: ولحيث يق"فجر العلم احلديث "يف Toby Huff (-1942) "فو ه تويب"هذا ما يؤكده و فإمنا تواجههم حقيقة ،يوظفوا املنهج التجرييبو العلم العريب يف أن يؤدي إىل العلم احلديث إىل فشلهم يف أن يطورا

.)1(» أو يف املشرق اأوروبأن الرتاث العلمي العريب كان أكثر ثراء يف تقنياته التجريبية من أي مكان أخر سواء يف مفادها قد كان ل هو توظيف العقل خلدمة الدين،و ،طابعا دينيا خاصا اختذت العقالنيةفقد يف الغرب املسيحيأما

قد حاول القديس ل ؟أومن ألتعقل، أم أتعقل ألومنأهل :هو نهالسؤال اجلوهري الذي حاول الفالسفة اإلجابة ععلى العقل أن يتأكد من احلقائق ف ،ائق اإلميانتطويع العقل لقبول حق )Saint Augustin )354 -430 "أوغسطين"

ا، الدينية "(Comprendre pour croire) كي تؤمنلتعقل ": مقولته الشهرية تمن هنا جاءو قبل اإلميان

فهم احلقائق الدينية حىت ميكن شرحهاإىل أيضا متتد مهمتهبل ، مهمة العقل عند هذا احلد فوال تق ذا فغري، توصيلها إىل الو ــــوجههما لغو اإلميان،و بني العقل "أوغسطني"قد مجع القديس و ــ ـــ ــ اية واحدة هي خدمة ـــ

.)2(الديانة املسيحية فقد اجته إىل إثبات العقائد باإلميان ، )م Thomas d’Aquin )1225 -1274 "كوينيألتوما ا"أما بالنسبة للقديس

ـــآمن لكي تت"جه ـمن هنا كان منهو ، )العقل(بدل الربهان ــــف، "(Crois pour comprendre) "عقلـ ـــقـــدور العـــفي مقــ ل ـــ

لس الوطين للثقافة، ترمجة أمحد حممود صبحي، عامل املعرفة فجر العلم الحديث،: فو ه تويب 1- .23 ص 1997 الكويت اآلداب،و الفنونو ا82 ص ،، م سالعقل في الفكر الفلسفي : إبراهيم مصطفى إبراهيم - 2

Page 24: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 14 -

ـــإثب ــ ـــ اإلميان خاصة و هكذا اشتد الصراع بني العقلو إثبات حدوث العامل مستخدما يف ذلك اإلميان،و ،ات وجود اهللاـــ

اليت ترى أن العلم إمنا يقوم على العقل وحده، فال حاجة لإلنسان"(Le Scientisme)النزعة العلمية "ظهور بعد .)1(إىل اإلميان

خبضوعه ، سلطة الكنيسةو لكتاب املقدسليب يف العصور الوسطى إىل جانب خضوعه و كما متيز الفكر األور "أرسطو"تعاليم و معتقدات الكنيسة املسيحيةفقد حدث حتالف وثيق بني ،األرسطية التام للعقالنية اليونانية

عرتاض عليها نوعا أصبح االو ،ما يشبه القداسة الدينية "أرسطو"كان من نتيجة هذا التحالف أن اكتسبت أراء و التجاوز فكان يعرض صاحبه ألشدو مل يكن العلم يف صميمه إال ترديدا هلذه اآلراء، أما النقدو ،الضاللمن

.)2(األخطار ي كل مكان يف فلسفة العصر فف، يف العصور الوسطى، اجتاه الطبيعة إىل اهللا الغربيةالعقالنية أهم مسات منو

هذه النظرة إىل ف ،)3(غايتهو أصله اد على نظام ما فوق الطبيعة بوصفجند أن النظام الطبيعي مييل إىل االعتم الوسيط .طيةيالوسبنية العقلية األوربية و ،بصورة مباشرة على العلم الطبيعي تانعكسقد الق، اجتاهها حنو اخلو الطبيعة

ن فيزياء إف ،املكان املطلقنيو ،الزمانو ، الطاقةو ،الكتلةو ،فإذا كانت الفيزياء احلديثة تقوم على مفاهيم املادة أرسطية حمضةهي مفاهيم و ،)4(الفعلو القوةو ، لصورةاو ،املادةو ،املاهية، العصور الوسطى تقوم على مفاهيم اجلوهر

او طيةيالوسة لغربيقد سيطر الفكر األرسطي على العقالنية ال األرسطيني اامليتافيزيقو ، فكان املنطقعلى مجيع جماال ظام األرسطيأي نظام خيالف النيض تقو و لتثبت دعائم النظام القائم استخدمته الكنيسةالذي مها السالح النظري

ها العلمية بتقيدو )امليتافيزيقية( العقالنية األوربية يف العصور الوسطى يف مجيع أشكاهلا الفلسفية تمتيز هكذاو . األمر الذي أدى إىل احلد من تقدم مسرية العلم، أخرى بآراء أرسطو من جهة و رجال الدين من جهة،و بآراء الكنيسة

: الحديثةالعقالنية العلمية من فكر ديين كنسي إىل فكر علمي، ومن عقالنية يف حتول الفكر الغريب األثر البالغ لقد كان لتطور العلم الطبيعي

العلميخاصة الفكر و ،ضرورة بسط سلطان العقل يف جماالت الفكر املختلفةعقالنية علمية تقوم على إىلدينية الهوتية

.83 ص ،، م سالعقل في الفكر الفلسفي : إبراهيم مصطفى إبراهيم 1- .153-152 ص م س، ، التفكير العلمي : فؤاد زكريا 2- .556 ص ،1974 ،2ط، دار الثقافة، القاهرة ،عبد الفتاح إمام ترمجة إمام، روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط : تني جيلسونإ 3- .125-121 ص، 2001دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، ، حتميةالال من الحتمية إلى، فلسفة العلم: اخلويلميىن طريف 4-

Page 25: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 15 -

اأصبحت املعرفة العلم فقد ا، ،ية هي املعرفة املوثوق ا معرفة قائمة بذا تنال تقبل أي سلطة خارجية سواء كاو أل

.Aristote أو سلطة أرسطو، الكنيسةو هذه السلطة سلطة رجال الدين الدورات يف" تاريخ نشر كتاب 1543تعترب سنة و عصر النهضة األوربية، بدأت احلداثة العلمية تارخييا مع بدايةوقد

هؤ آرابداية لنشأة علم الفلك اجلديد، فقد أحدثت ، )Nicolas Copernic )1473-1543 نيكر لكوب" األفالكنظام اليت ترى أن األرض مركز الكونو ،علم الفلك القدمي مية على النظرية اليت سيطرت علىاجلديدة يف علم الفلك ثورة عل

ة العادية للشمس كما تبدوظاملالحهذه النظرية انطالقا من قد تأسستو ،تدور حوهلاالكواكب باقيحني أن يفا من الشرق ا هي اليت تدور حول األرض، حيث تبدأ دور فكرة هيو )1(رب ـتنتهي عند الغو فأوحى ذلك خطأ بأ

ه يف إثبات نظريت (Copernic) "كوبرنيك"قد انطلق و، ق م Claude Ptolémée)168-90 "بطليموس"أرسطية تبناها الثانية أن األرض هي واحدة و ،األوىل أن الكواكب هي اليت تدور يف الفلك حول الشمس، من فكرتني أساسيتني

مما ينفي عنها أن ، بالتايل فاألرض ليست ثابتة بل هي يف حركة مستمرةو ، اليت تدور حول حمورهاو من هذه الكواكبم ئهو الشيء الذي يالو ملاذا إذن نرتدد يف اعتبار األرض متحركة « : (Copernic)" كوبرنيك "يقول ،تكون مركزا للكون .)2( »ال ميكن أن نعرفها يف حالة دورانو بدال من اعتبار كل الكون الذي ال نعرف حدودهشكلها الكروي،

ا مل تستطيع إجياد ح، هذه الثورة الكوبرنيكية مل خترج عن إطار الفيزياء األرسطيةلكن ل لبعض التناقضات ذلك ألا على الرغم من احلركة و اليت نتجت عنها، منها على سبيل املثال، بقاء األشياء املوضوعة على األرض مرتبطة

بقاء حمور دوران األرض و بقاء القمر تابعا لألرض بدال من أن يضيع يف الكونو السريعة لألرض حول الشمس، )3( .جتاهه عكس ما يفعل الدورانعدم تغري او ثابتا يف الفضاء

"ليلياغ" عمل اجلانب الثاين هلذه الثورة مليكت ،لذلك كانت هذه الثورة الكوبرنيكية يف حاجة إىل فيزياء جديدة Galilée )1564-1643( ركة إعالنا عن ميالد الفيزياء الألرسطية الذي تعد نظريته يف احل.

احول سقوط األجسام، تفيد أن األجسام تس"وأرسط"لقد كان مضمون نظرية قط بسرعة تتناسب طردا مع أوزا لكن هذه النظرية كانت موضع هجوم من طرف منه ثقال، األقليسقط أسرع من اجلسم األثقلفاجلسم

ـــــة بيـكتدرالي"فنتيجة مالحظاته ألحد مصابيح ، (Galilée) "ليلياغ" يف تأرجحاته املستمرة " (Cathédrale de Pise)زاــ

.29 ص ،2005، 2ط بريوت، النشر،و ، دار التنوير للطباعة الضرورة واالحتمال : السيد نفادى 1- .71 ص ، 2002، اجلزائر، 2، دار املعرفة، ط االنفجار العظيم إلىقصة الكون من التصورات القديمة : ال قسومضنو مجال ميموين"النص نقال عن 2- .97-76 ص ،نفسه رجعامل 3-

Page 26: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 16 -

عن احلركة، فالحظ أن حركة املصباح (Aristote) "أرسطو"بني فكرة و حركة املصباح يف تأرجحاتهبني يقارنحاول أن

ا املصباح تتناسب مع سرعة األجسام و تستغرق نفس الزمن،و حتدث بصورة منتظمة هذا يعين أن السرعة اليت يتحرك ملاذا :أعاد بذلك صياغة السؤالو عن الثقل، (Aristote) فأستبعد بذلك فكرة أرسطو، عنه يف الثقل األخرى املختلفة

اإلجابة عن هذا السؤال تعتمد و ، إىل صياغة جديدة كيف تسقط األجسام؟ ،هي صياغة أرسطيةو تسقط األجسام؟ .)1(ملختلفة لتفسري احلركة االستعانة باخليال لوضع الفروض او ، الرياضياتعلى و على التجربة املباشرة

: مهاو أساسيني أصبحا فيما بعد موجهني للعلم احلديث مبدأينعلى (Galilée) ليلياغنظرية توقد استند على دور الرياضيات يف فهم، والتأكيد ال على السلطة عند وضع الفروض عن الطبيعة، االعتماد على املالحظات ضرورة

التجربة يف آن واحد، فقد اعتمد على املنهج الفرضي و ان منهجه يعتمد على الرياضياتمن هنا كو ، دراسة الطبيعةو االستنباطي الذي تكون فيه نقطة االنطالق فروض تفسر قوانني سبق الوصول إليها، لكنها ال زالت يف حاجة إىل تفسري

وض تصاغ صياغة جمردة تستنبط كما أن هذه الفر ،رض يتناول قضايا ال ختضع لإلدراك احلسي املباشرفكما أن ال .)2(التجربة و منها نتائج قد ختضع للمالحظة

ميكن قراءته ن كتاب الطبيعة الأل ،أن أساس العلم الطبيعي هو الرياضيات(Galilée) "ليلياغ"ذا فقد اعترب و تتخذ صور قوانني رياضية هدف العلم ليس وصف الطبيعة، بل حتويلها إىل صيغ رياضيةو ،إال من منظور رياضي

استعاضة التجربة و أن املنهج العلمي الصحيح يقوم على سيادة العقل على التجربةو الوضوح،و اليقنيو طابعها الدقة .)3(القول بأولوية النظرية على الواقع و بنماذج رياضية

عن التأسيس لعقالنية تسعى إىل و د،أبلغ تعبري عن املوقف العلمي اجلدي (Galilée) ليلياغذا تعترب أراء و من هيمنة و ختليصه من السلطة األبوية للتفكري الالهويت السائد،و ،احلكم املسبقو الظنو حترير العلم من الرأي

ا، مع أيب (René Descartes) "ديكارت روني"الفلسفة احلديثة املنهج األرسطي املفروض، لتبلغ هذه العقالنية ذرو

حيث جيب على اإلنسان حني يبحث يف املسائل العلمية أو الفلسفية ،الذي أعطى للعقل الدور األساسي يف كل معرفة .أن يتحرر من كل سلطة إال سلطة العقل

.86- 84ص بريوت، دار النهضة العربية، ،1، جالمنطق االستقرائي: فلسفة العلوم :ماهر عبد القادر حممد علي 1- .6 ص ، 1990دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، ، مناهج البحث في العلوم الطبيعية المعاصرة : حممود زيدان 2- .144-143 ص ، 1982، 1ط دار الطليعة، بريوت، ،ومفهومها للواقع فلسفة العلم المعاصرة : تيفو سامل 3-

Page 27: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 17 -

أنه اكتشف أن الطريقة و إىل البحث عن الطريقة املثلى اليت متكنه من بلوغ احلقيقة خاصة "ديكارت"لقد سعى

هو ملكة و قد اهتدى إىل وحدة املعرفة التابعة لوحدة العقل البشري، فالعقل اإلنساين واحدو يقة عقيمة،األرسطية طر .هي أعدل قسمة بني الناس ) العقل(أن احلاسة السليمة اذبني مجيع الناس، مشرتكة

ـــ يف بناء نظريته يف املعرفة "ديكارت"لقد انطلق ــ إىل أفكار كارمن تقسيمه لألف ــــاد على منهج الشك ــباالعتمـهي و أفكار من صنع اخليال، فاألفكار احلسية مستمدة من العامل اخلارجي عن طريق احلواس،و أفكار حسية،و فطرية

أفكار خاطئة متغرية من شخص ألخر، ال ميكن اعتمادها يف تأسيس معرفة فلسفية أو علمية، أما األفكار الناجتة عن مستمد من اخلارجو و بعضها غريب عنها« :(Descartes) "ديكارت"بعيدة عن الواقع، يقول املخيلة فهي أفكار

هي أفكار تفتقد إىل اليقني، أما األفكار الفطرية فهي أفكار واضحةو ،)1(»اخرتاعيو البعض األخر وليد صنعيو الديكاريت لألفكار الفطرية يف التصور يالنموذج احلقيقو أو التجربة احلسية، مصدرها العقل، ال اخليالو ينيةصادقة يقو

ذا كان املسار الذي اختذته نظرية ،هي املفاهيم الرياضية ن يف املعرفة مسارا عقليا واضحا، ذلك أل"ديكارت "و ولبناء معرفة علمية يقينية البد من البحث عن أساسها، ا للعلمقعاجز عن أن يكون طري) التجربة(اإلدراك احلسي

نعجز معها عن الشك يف ،البداهةو الوضوحو يقينيات العقل نفسه، أي يف تلك األفكار اليت بلغت درجة من اليقنييف لكن و إذ ال يكفي أن منلك فكرا جيدا"ال يتأتى ذلك إال بإتباع منهج دقيق يوصلنا إىل احلقيقة و صحتهاو قيمتها

.)2(" بكيفية جيدة املهم توظيفه هو لشكامنهج ف ،الوضوح كمنهج لبلوغ احلقيقةو الشك القائم على البداهة (Descartes) لقد تبىن ديكارت

فبدال من هذا «: يقول ديكارت ،املنطق الصاحل لتأسيس فلسفة علمية، خاصة بعد أن تبني له عقم املنطق األرسطيأنه ميكن أن أكتفي بالقواعد األربعة اآلتية املهم اعتقد ) األرسطي(م اليت يتكون منها هذا املنطق يالعدد اهلائل من التعال

.)3( »لو مرة واحدةو دائم ال جيعلين أغفل عنهاو أن يكون يل حزم صارم قاعدة الرتكيبو ،وقاعدة التحليل ،البداهةو ، يف قاعدة الوضوح قواعد املنهج(Descartes) قد حدد ديكارتو

عن طريق ) البداهة(يتم الوصول إليها و العقل فوق أي سلطة أخرى، قاعدة اإلحصاء، فقاعدة البداهة تضع سلطةو .عن حدس أويل ما هو إال تعبري" (Je pense, donc je suis) أن أفكر أنا موجود"الديكاريت "الكوجيتو"، واحلدس

.137 ص ، 1969 ، مصرية ألجنلوة عثمان أمني، مكتبة ترمج، تأمالت فلسفية :ديكارت 1--2 Descartes R : Discours de la methode ,suivis de :les passions de l âme booking international 1995 ,paris p15 -3 ا Ibid p 32

Page 28: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 18 -

من أنواع نوعيل فالتحل ،القضايا املدروسةو أما قاعدة التحليل فهي إسقاط للمنهج الرياضي على كل املواضيع

تعد هذه القاعدة الفارق اجلوهري بني و قاعدة الرتكيب ترتيبا لألفكار من البسيط إىل املعقد، تعدو الربهان الرياضي، لصحة القواعد السابقة اتأكيدو اأما قاعدة اإلحصاء فتمثل اختبار و املنهج الديكاريت،و املنهج األرسطي العقيم

.اء الشاملبقاعدة االستقر أيضا وتعرف أن املبادئ الرياضية باعتبارـــــ من الرياضيات مثاال له و الوضوح أساسا له،و ذا املنهج الذي يتخذ من البداهةو

كل شيء يف الواقع يتفكك يف النهاية إىل مادة متحركة، و حركةو ت وجود العامل، فالعامل امتدادــــ أثبمبادئ فطرية يقينية اكتشاف قوانني احلركات اليت هي أساس و ة العلم هي البحث عن األساس الرياضي اهلندسي لألشياءهلذا تصري غاي األصل هو احلركة، فعندما خلق اهللا املادة خلقها و فاحلركة مالزمة للمادة منذ البدء ،)1(الظواهرو كافة احلوادث

قد قدم نظرة عقلية ميكانيكية للكون (Descartes) ذا يكون ديكارتو، احلركةو االمتداد: ها الرئيسيتنييخباصيت .)2( "نيوتن"اكتملت قواعدها العلمية فيما بعد مع

ــــ يف القرن السابع عشر معو اكتماهلا احلديثة ةالعقالنية العلميقد عرفت ل ــ ــــ خاصة يف جمال الفيزياء نضجها ـ نظرية متكاملة اجلوانب تعطى تصورا واحدال وضعه من خالل، Isaac Newton (1643-1727)"إسحاق نيوتن" قد بقي التفكري العلمي احلديث طوال ما يقرب عن ثالثة قرون يتحرك فوق و ،الكونيةمتماسكا جلميع الظواهر و

".املبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية"اليت رسم حدودها يف كتابه هذه األرضية : )3(وهياملتمثلة حسبه يف ثالثة عناصر أساسية و من حتديده ملكونات الطبيعة (Newton) "نيوتن"لقد انطلق

ميكن أن حندده بثالث أبعاد و ،هو عبارة عن فراغ تتحرك فيه هذه اجلسيماتو ،العنصر األول هو املكان أو االمتداد نستطيع حتديد ةة هذه األبعاد الثالثبواسطو ، تعرف باألبعاد املكانية و ، االرتفاعو ،البعد الرأسيو ،هي البعد األفقيو

.خلفو أمامو ميني، يسار،فوق، حتت : بفضلها أيضا أصبح لدينا مصطلحات مثلو ، مواقع األبنية على األرضو مواقعنا هي مكونة من جمموعة ال متناهية و تطلق على األشياء اليت تشغل حيزا يف الفراغو ،العنصر الثاين فهو املادةو

.جلسيمات الصلبة املفصولة عن بعضها البعضمن ا

. 20صم س، ، ومفهومها للواقع المعاصرة فلسفة العلم : سامل يفوت 1- .23-22 ص، ،فسه املرجع ن 2- .97ص ، 1ط، 1995بريوت، ، الطليعة دار، مثال فلسفة الفيزياء النيوتونية ااالبستومولوجي :القادر بتشه عبد 3-

Page 29: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 19 -

.اتاجلسيم اليت تتحرك مبوجبهاعالقة ال تعينو ، هو احلركةف أما العنصر الثالث

:الثالثةميكن حتديد املفاهيم األساسية اليت قامت عليها الفيزياء الكالسيكية يف قوانني نيوتن و : (Newton) لة كما حيددها نيوتناالعطف"مبدأ القصور الذايت"أو ،لةاالعطيعرف هذا القانون بقانون و :القانون األول

ن احلركة إىل السكون ما مل نقم أو م ،الة جسم ما من السكون إىل احلركةهي كوننا عاجزين عن أن نغري ح«ارجية، فاجلسم بسرعة منتظمة ما مل يتعرض لتأثري أية قوة خو ، فاجلسم يستمر يف حركته يف اجتاه مستقيم)1(»جهود مامب

عدام جلميع املؤثرات كما أنه يبقى ساكنا فقط إذا توفر يف كلتا احلالتني ان،يف هذه احلركة قاصر ذاتيا على تغيري حالته آليا .اء أو احتكاك مما يثبت أن اجلسم ميتلك خاصية القصور الذايتاحلسية من هو هذا التغري فإنإذا تغريت حركة جسم ما، : مفادهو "لحركةل قانون األساسيالب"يسمى هذا القانون و : يالقانون الثان

يعرب و م هذا التغري يف اجتاه تلك القوةيتو تناسبا عكسيا مع كتلة اجلسم،و يكون متناسبا تناسبا طرديا مع القوة اخلارجية .على التسارع" ع"و على الكتلة" ك"و على القوة "ق"، حيث تدل ع×ك ꞊ق: عنه بالعالقة التالية

.)2(متجه يف عكس اجتاه الفعل و كل فعل يقابله رد فعل مساو له،: مفادهو بقانون املقاومة "يسمى و :لقانون الثالثاوأن كل نقطتني تتجاذبان بقوة "الذي ينص على و واستنادا إىل هذه القوانني الثالث صاغ نيوتن قانون اجلاذبية الكونية

مركز و ع مربع املسافة الفاصلة بني مركز جذب أحدمهاعكسا مو تتناسب طردا مع حاصل ضرب كتلتيهما، .)3(" جذب األخر

اجلزرو تفسري كثري من الظواهر الطبيعية مثل املدو مت حل الكثري من املشاكل العلمية) اجلذب العام(ذا القانون و احركة األو االفرتاضات اليت ال تقوم على و ات امليتافيزيقيةوضع حد للتفسري و حركة املذنبات،و جرام السماوية يف مدارا

مها الدعامة و ، )4(احلركة و أساس من التجربة، مستندا يف إرجاع خمالف الظواهر الطبيعية إىل مبدأين اثنني، مها املادة ية أسباب ميكانيكو الطبيعة، فكل ما حيدث يف الطبيعة من ظواهر ناتج عن عللو األوىل للتصور الكالسيكي للكون

ا بدقة،و غاية العلم معرفتهاو فقد أصبح "عالقات حمددة ضرورية تربط بينهما و مجيع الظواهر ختضع لقواننيو حسا .)5(" فلم يعد األمر يتعلق سوى بكتل تتحرك حسب قوانني رياضية أية غشاوة سحرية العلم ال تلفه

.19 ص ، م س ، فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع : تو يفسامل 1- 22ص،املرجع نفسه، -1

.271 ص 7ط،2011بريوت، ، ، مركز دراسات الوحدة العربيةالعلمي الفكر العقالنية العلمية المعاصرة، وتطور، مدخل إلى فلسفة العلوم: حممد عابد اجلابري 3- .270 ص ،املرجع نفسه 4- .22 ص ،م س ، فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع : تيفو سامل 5-

Page 30: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 20 -

يتجلى ذلك من و اخلربة احلسية،و تجربة، بني الرياضيات الو قد مجع بني العقل (Newton)ن نيوتن إعلى هذا األساس فو

موعة من القواعد اليت جيب : منهاو تباعها يف البحث يف الفلسفة الطبيعيةاخالل وضعه جيب أن ال نقبل من األسباب إال تلك اليت تبدو ضرورية لتفسري الطبيعة، فالطبيعة ال تتصرف عبثا. كلما كان ذلك ممكنا لنفس السببو جيب أن تغزى دوما إن النتائج اليت هي من نفس النوع. ا األشياء اليت نالحظها يف مجيع األجسام اليت ميكن و ال النقصان،و ال تقبل الزيادةو إن الكيفيات اليت تتصف

.التجريب عليها، جيب أن ينظر إليها بوصفها كيفيات تعم مجيع األجسام على اجلملة أن الفروض املضادة هيو وض املستنبطة من الظواهر، هي قضايا صحيحة أو قريبة من الصحة،الفر و إن القضايا

.)1(موضوع استثناءات

احلتميةو االطراد، النظامو القائم على العليةو من خالل هذه القواعد يتجلى هذا التصور امليكانيكي اآليل للطبيعةو .اكتشاف هذا النظام غاية العلم هيو الفوضى،و ال جمال فيه للمصادفةو العلم احلديث على قوانني عامة مكنت من فرض العلم احلديث على خمتلف (Newton) "نيوتن"ذا أرسى و

االت حىت الدينية منها، كان من نتائج ذلك تلك النزعة الوثوقية اليت عرفها العلم يف أواخر القرن الثامن عشرو االيت رفعت العلم النيوتين أمسى "(Le Scientisme)ية نالنزعة العلما"ظهور و لقرن التاسع عشر،األول من ا النصفو

.الدرجات "نيوتن"أسسه و إذا كان العلم احلديث قد بلغ اكتماله يف ظل هذا التصور امليكانيكي، الذي أرسى قواعدهو

قد كان ، و ت هي األخرى اكتماهلا يف ظل هذا التصور النيوتينفان الفلسفة احلديثة املواكبة هلذا العلم، قد بلغ .هو املعرب عن هذا النسق الفلسفي )Emmanuel Kant )1724-1804 "ل كانطو اميان" ؟ ما املعرفة«:األساسي، متسائالو من فكرة أن نظرية املعرفة هي موضوع الفلسفة األول (Kant) "كانط"لقد انطلق على ما و ؟ هل للمعرفة حدود ضروريةو ما الذي ال ميكن معرفتهو ؟ ما الذي ميكن أن نعرفهو ؟ نةكيف تكون ممكو

.اإلجابة عنها يف مشروعه الفلسفي(Kant) "كانط"كانت هذه األسئلة اليت حاول . »؟ يقوم اليقني العلمي ء متأثرا يف ذلك مبعطيات علم عصرهالفيزياو بني الرياضيات ،نظام الطبيعةو بني العقل(Kant) "كانط"لقد ربط

"ديكارت"ن أفكار فطرية كما هو احلال عند ، فجعل العقل هو املنظم ملعطيات التجربة، لكن ال مبا فيه م)العلم النيوتين( دوس احلسية ها احلؤ متل اليت هي قوالب فارغة و ،2()املقوالتو صورتا الزمان( بوصفه هو نفسه مجلة من القوالب القبليةبل

.272 ص ، م س، مدخل إلى فلسفة العلوم : حممد عابد اجلابري 1- . 23-22ص م س ، ، تكوين العقل العربي : حممد عابد اجلابري 2-

Page 31: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 21 -

مبا ميد به العقل معطيات التجربةو بالتايل فاملعرفة املمكنة تتوقف على ما تقدمه التجربة للعقل،و فتتحول إىل معرفة،

نه ال نستطيع أن نتجاوز مستوى الظواهر، أما ما وراء الظواهر إالتجربة حمدودة حبدود متدنا به حواسنا، ف كانتملا و التعبري عن حقيقته، فاملعرفة العلمية هي معرفة الظواهر من و ما ال حيق للعقل أن يدعي الوصول إليهفذلك " الشيء ذاته"

إن احملددات الداخلية لظاهرة «: (Kant) الروابط القائمة بينها، يقول كانطو خالل السعي إىل الوقوف على العالقات .)1( » يست يف احلقيقة سوى جمموعة عالقات حمضةإن هذه الظاهرة نفسها لو ما يف املكان ليست سوى ارتباطات،

أن الظواهر قابلة للتناول و هذا التصور الكانطي يتالءم متاما مع النظرة العلمية النيوتونية اليت مفادها أن العامل ظواهر،و كما أن الصفات ،عالقات تعاقبية ميكانيكيةو عالقات هندسية، أو بوصفها حركات زمانيةو إما بوصفها أشكاال مكانية

ما و املكان كإطارين قبلني للحساسية،و للزمان(Kant) "كانط"اليت يعطيها هي نفس الصفات اليت أعطاها نيوتن، أما يف، ون أي عالقة مع أي شيء خارجيواقعيان يوجدان دو مطلقان .)2(فيهما و حني أن األشياء ال توجد إال

ـــــوين علـــــى التذا التـــــأثري النييف احلقيقـــــة مل يقتصـــــر هـــــو ـــــيت وت ـــــل امتـــــد إىل كـــــل الفلســـــفات ال صـــــور الكـــــانطي فحســـــب، بــــــة النمــــــوذج اإلرشــــــادي ال ــــــام العلــــــم احلــــــديث، فقــــــد أصــــــبح مبثاب قياســــــي املوجــــــه لكــــــل حبــــــث يف الطبيعــــــةعاصــــــرت قي

ـــــمو ـــــالعلم التجـــــرييب، فأصـــــبح العل ـــــيت ارتبطـــــت ب ـــــة ال ـــــة احلديث ـــــة العلمي ـــــذي شـــــكل مفهـــــوم العقالني العقـــــل مقدســـــان و ال .األوربية ىالوسط العصوريف ة أراء أرسطو مقدسو ت أراء رجال الدينكما كان

:خصائص العقالنية العلمية الحديثة : على مجلة من األسس ميكن أن جنملها يف النقاط التاليةالعلمية لعقالنية لقد استند النموذج احلديث ل ـــــذي يعـــــىنهـــــو شـــــرط ضـــــروري للتو ،الوضـــــوح الـــــذايتو فكـــــرة البداهـــــة إىل ســـــتناداال بالبحـــــث عـــــن ربيـــــر الـــــذايت ال

االواضــــــحة القضــــــايا ــــــى فكــــــرة اباعتبارهــــــ بــــــذا ــــــر عقــــــالين، كمــــــا يســــــتند مــــــن جهــــــة أخــــــرى عل ــل تربي أســــــاس كـــــــــى أســـــاس أن اشـــــتقاقها كـــــان نتيجـــــة ـــــر عل ـــائق أساســـــية ال حتتـــــاج إىل تربي احلـــــدس باعتبارهـــــا أن احلـــــدس ميـــــدنا حبقــ

.استدالل استنباطي ــــه ــــار أن العقــــل ل ــــةاعتب ــــات،و صــــفة الكلي ــــربت و ، املكمــــل للجــــنس البشــــريو هــــو اجلــــزء األساســــيو الثب ــــذا اعت ل

ـــــــــاال للعلـــــــــم احلـــــــــديث،الرياضـــــــــيات ـــــــــة مث ـــــــــة عـــــــــن اإلنســـــــــان بوصـــــــــفه دافعـــــــــت الفلســـــــــفو العقلي ة الغربيـــــــــة احلديث .وجودا عقليا

.26 ص ، م س ، مفهومها للواقعالمعاصرة و فلسفة العلم: تيفو سامل 1-

.25 ص رجع نفسه ، امل 2-

Page 32: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 22 -

ـــــرغم مـــــن ســـــعي الفالســـــفة و إنكـــــار األســـــس إىل) رإىل عصـــــر التنـــــوي (Aristote)أرســـــطو مـــــن ( التجـــــريبينيعلـــــى ال

فةإذا كــــــان الفالســــــو للعقــــــل الكلــــــي، اانعكاســــــ ، إال أن العقــــــل ظــــــل بالنســــــبة إلــــــيهمالالهوتيــــــة ملوضــــــوع العقالنيــــــةــــو ــــم دافعــــوا عــــن بنيــــة اخلــــربة باعتبارهــــا واحــــدة عنــــد ،نســــيبو قــــد أدركــــوا أن مضــــمون اخلــــربة متغــــري نالتجريبي إال أ )1(. متطابقة مع بنية األشياءو اعتربوا البيئة العقلية كلية،و ،كل الناس

،إسحاق نيوتن" حدودهأرسى الذي عقالنية تستند إىل التصور امليكانيكي اآليل للطبيعة"(Isaac Newton) يفاملكان حيتوي على ف ،نيقـمطل نيإقليديوزمان قد قام هذا التصور على أن العامل يتكون من مكان و ، المبادئ: كتابه

هي قوانني أبدية مطلقة و ،اجلاذبيةو احلركة وفق قوانني تتحرك يف الزمانسيمات املادية الصلبة من اجل ناهعدد ال متملا و رهم ما دامت املادة غري قادرة على التصرف احلو بالتايل فإن حرية االختيارو مكان،و الصحة، صاحلة لكل زمان

دف إىل أي شيء، فال سبيل إىل العثور على أي حكمة وراء األشياء الطبيعية، كانت املادة عاجزة عن أن ختطط أو .)2(جدل و بل إن العقل ذاته ينطبق عليه ما ينطبق على املادة من تارخيية

صفة أساسية هذه صفة املنهجية و ،القواعد الثابتة القائم على مجلة من لعقالنية احلديثة مبفهوم املنهج ارتباط ا بذلك منيزه بوضوح عن أنواع املعرفة األخرى اليت تفتقرو صميمه معرفة منهجية،يف العلم احلديث، بل أن العلم يف

)3(التنظيمو إىل التخطيط

: منها يستند املنهج العلمي كما تتصوره العقالنية احلديثة إىل جمموعة من املسلمات األساسيةو ـــ مسلمة ة تضفي صفة املعقولية م ثابت ال يتغري، فنسقية الظاهر أن ظواهر الكون تسري وفقا لنظا اهفادمو ،النظامـــ

الذي جيسد عالقة النظام يعرب عن مبدأ اهلوية الثابتو فهمنا هلا يف حدود نسق معني ال يتغري بتغري العقول، جتعلو عليها ا يشمل الرتتيب و النظام هو أحد مفاهيم العقل األساسية، «:André Lalande (1963-1867) ندالاليقول املاهية بذا

.)4( »النظام الطبيعي هو اطراد احلوادث وفقا لقوانني معينة و القوانني،و العللو تيب املكاينالرت و الزماينــــ تعين أن نظام و ،أما املسلمة الثابتة اليت يقوم عليها املنهج العلمي كما تصورته العقالنية احلديثة فهي مسلمة احلتميةـــ

هذا و مطرد كل ظاهرة من ظواهره مقيدة بشروط تلزم حدوثها اضطرار أي خاضعة لقانون حمدد،الكون ثابت شامل .)5((Chaos) العماءو هاوية من الفوضىليس و (Cosmos)ما جيعله كونا منظما

38، ص2005، 1، طالقاهرة، املكتبة األكادميية، سلسلة كراسات علمية، العقالنية العلمية دراسة نقدية: خالد قطب – 1

لس الوطين للثقافة ، عامل املعرفة، كمال خاليل.، ترمجة دالعلم في منظوره الجديد:سيو جورج ستان، أغروس .م روبرت 2- اآلداب، الكويت، و الفنونو ا .15 ص ،1979

.352 ص، 2001لتوزيع، القاهرة للطباعة والنشر وا ءدار قبا ، ،العلم ومستقبل اإلنسان إلى أين فلسفة العلوم : ي عبد الفتاحو بد 3- 720ص ، 2ط، بريوت، منشورات عويدات، أمحد خليل، تعريب، الموسوعة الفلسفية: الالند 4- 416 ص ، ، م س مدخل إلى فلسفة العلوم : حممد عابد اجلابري -5

Page 33: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 23 -

ضرورة ملا كانت الو ،بل كل ما فيها ضرورة واطراد، ال معجزةو ال طفرةو وال إمكان، ليس يف الطبيعة جوازو

)1(. يستحيل أن حيدث سواهو أن حيدثو فإن احلتمية تعين أن كل ما حيدث البداستحالة النقيض ذا ارتبط و ، قبلية شرطية جلعل عاملنا منتظما دا مبا نالحظه، بل أيضا مقدمةيفاحلتمية إذن ليست فقط تعميما مؤ

التنبؤ بكل واقعة الحقة كون خاضع لقوانني ثابتة ميكننامفهوم احلتمية العلمية بالقابلية للتنبؤ على أساس أن ال . اليقني تربيرا عقلياو على هذا األساس يصبح الصدقو بواسطة احلالة الكاملة يف حلظة معينة تنبؤا صادقا صدقا يقينا،

الثبات املنهجي، إن باالرتقاء باجتاه أنواع عليا، أو بالنزول و ديثة تسعى إىل حتقيق االستمراريةهكذا فإن العقالنية احلو باجتاه أنواع دنيا، فعنصر املنهجية يف املعرفة يعين التماسك انطالقا من مبدأ، ففي التأويل العقالين يعترب الفكر إنتاج نظام

أو أفكارا فطرية ،طالقا من مبادئ سواء كانت عبارة عن مسلماتاالستدالل على املعرفة احلديثة انو علمي موحد،كل فكر ال يسري حنو النظام و حتددها،و أو جتريدات عليا، ترسي القوانني املنطقية العالقات األكثر عمومية ضمن النظام

)2( »العقل ال يقدم إال فكرة الوحدة املنهجية و املنهجي فهو فكر ال توجه له،

اإلنسانية يز العلم عن غريه من أشكال املعرفة يملت معياراعد اليت ت، "املوضوعية"فكرة تند العقالنية احلديثة إىل كما تس ا هذا يتضمن فصل هذو ، حتديد املوضوع حمل البحث العلمي املعىن األول وهو، املوضوعية هنا هلا معنيانو األخرى

ملعرفة العلمية هي معرفة موضوعيةهو فصل الذات عن املوضوع، فا الثاين املعىنو ،املوضوع عن باقي موضوعات البحثال باخللفيات و ال بالظروف االجتماعيةو توجهات الباحث، فهو باحث حمايد ال يتأثر حبالته النفسيةو مستقلة عن رغبات

ا متدنا بوصف دقيق لالثقافية اليت ينتسب إليها وجودة يف العامل ألشياء املفاملعرفة العلمية هي معرفة موضوعية مبعىن أا واقعية على أ

ا ال تتغري بتغري ،ال تارخييةشاملة و معايري ثابتةو وضوعي ألنه يزودنا بقواعد منهجيةيوصف العلم بأنه مو مبعىن أ من هنا يتعلق مفهوم و املكان، فأي حجة موضوعية هي تلك اليت تقوم على دليل جترييب تأييدي قوي،و الزمان

من مث كانت املوضوعية يف العلم هي االعتقاد بأن موضوعات و ملوضوعية احلديث، بكل ما هو قابل للتحقق التجرييب،ااو املعرفة هلا وجود مادي خارجي يف الواقع، املستقلة عن الذات و أن العقل يصل إىل إدراك احلقيقة الواقعية القائمة بذا

يعة رصدا حمايدا بعيدا عن رصد الوقائع يف الطبو له مهمة واحدة هي تسجيل) املالحظ/ل العاملعق( فكأن العقل املدركة

لس ال، عامل املعرفة، فلسفة العلم في القرن العشرين: اخلويلميىن طريف 1- .119 ص 200، 264العدد اآلداب، الكويت، و الفنونو وطين للثقافةا 102ص ، 2006، الكتاب اجلديد املتحدة دار، تورة ك جورج، ترمجة ،جدل التنوير : دورنوا. ف تيودورو مركهيماكس هور 2

Page 34: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 24 -

صحتها هو و فمعيار صدق النظرية العلمية، اليقني مبفهوم املوضوعيةو ذا ارتبط مفهوم الصدقو إنساين،حتيز كل علماء كأفراد أو كجماعات تنتمي دون االهتمام بعالقة ال ،فقط مطابقتها للتجربةو انسجامها املنطقي،و ة بنيتهامراعااإليديولوجية باعتبارها و خلفيات العلماء الفكريةو دون االهتمام مبعتقدات مبعىن آخرو ، مؤسسة اجتماعية ماإىل

.)1(تركيبها و ال تدخل يف بنية النظرية العلمية معتقدات ذاتية نهج مب ارتبط مفهوم التقدم يف العلم بضرورة االقتداءو ،الصدقو الدقةو الفيزياء منوذجا لليقنياعتربت هلذا و

الذي حققته التقنية النجاحو ، الفالسفة الوضعيوناملناهج التجريبية اليت وضعها تطور كان لقد و م الفيزيائية،العلو االت .دورا هاما يف ترسيخ هذا التصور يف خمتلف ا

التقدمو احلرية،و بفلسفة األنوار اليت قامت على تقديس العقل،كمفهوم معريف لعقالنية ا تعلى هذا األساس ارتبطو بتحرير اإلنسان من خمتلف أشكال االستعباد الذي بشر الثقايف الغريب،و هي القيم اليت شكلت املشروع احلضاريو .العلمعن طريق حتقيق سعادته و

على مجيع املستويات، السياسية، االجتماعية و الالهوتيةو األسطورية قطيعة مع العوامل األنواريأحدث العقل لقد (Kant) "كانط"قد عرب و أصبح مشروع التنوير هو املعرب حبق عن العقالنية احلديثة،و ، ميةلالعو الفلسفيةو األخالقية،

ج اإلنسان عن القصور الذيهو خرو «: ؟ بقولهالتنويرإجابة عن السؤال ما عن هذا املشروع يف مقاله املشهورن لديك و تكوالتنوير هو أن ،قيادة الغري نوالقصور هو عدم قدرة املرء على استخدام فهمه دو ، يرجع إليه هو ذاته

)2( » الشجاعة الستخدام عقلك املعيار و قدمالسبيل األوحد لتقدمي منوذج متفوق عن الت )الغربية(جعل فالسفة التنوير من العقالنية احلديثة قدو

سواء اليت ترى العامل الغربية هذا ما جعلها نظرية ذاتية تعطي األولوية للذاتو م العقالنيات األخرى،الوحيد الذي يقي الطبيعة السيطرة علىو أن الذوات غري الغربية ال يكون لديها القدرة على االستقاللو عي أو اإلنساين من خالهلا،يلطبااملشروع فلسفته، مبعىن آخر متركز و إال باحتذاء منوذج العلم الغريب ،احلرية اإلنسانيةو التقينو علميال يق التقدمحتقو

واملعارف العلومو الثقافاتو املقيم الوحيد للحضاراتأصبح هو و العلمي على العلم الغريب احلديث وحده،و احلضاري .األخرى غري الغربية

95صم س، ، العقالنية العلمية: خالد قطب 1- 59، ص 2003، 1، ط، الدار البيضاء املغرب العقل والعقالنية: بنعبد العلي ، عبد السالمحممد سبيال: نقال عن 2-

Page 35: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 25 -

:مة العلم الحديث أز و العقالنية العلمية المعاصرةألسس ثورة شاملة مست جممل ا إىلالقرن العشرين الفكر العلمي منذ مطلع لتطورات العلمية اليت شهدها ا لقد أدت

لقوانني احلركة الفيزيائية Newton املنهجية اليت ترسخت على مدى ثالثة قرون من الزمن منذ اكتشاف نيوتنو النظرية قالنية العلمية األسس النظرية اليت سعت العو املفاهيم يراجع ويعدل معظملعلمي العقل ا األمر الذي جعل

ــــثة ـــ ــ ا حقائق ثابتة كلية ريرهاــــلتب احلدي ــمطو حبجة أ ــح قادرة على استيــــلقة، حىت تصبـ ــهذا الواق بعاــ ـــع العلـــ ــ ـــمي اجلديـ ــ د ـ قد متثلت هذه و ،)1(عقالنية علمية جديدةاستبداهلا بعلم جديد، و ديد يتطلب الواقع العلمي اجلبل إن هذا

.الثاين على مستوى العلوم الفيزيائيةو ، علوم الرياضياتاألول على مستوى ،على مستويني العلميةالثورة أزمة الرياضيات الكالسيكيةو العقالنية العلمية المعاصرة -

نطولوجية حىت أن األو ستمولوجيةبمعانيه اإلو يدس هي األمنوذج األعظم لليقني بكل دالالتهلقد كانت هندسة إقل فوضع إجابة اهللا ادةر إما الذي يكون فوق " قد شغلته قضية هامة هي (Thomas d’Aquin)"األكويين اتوم"القديس

.)2("متنيعل زوايا املثلث أقل من قائتتضمن بضعة أشياء منها، أن اهللا ال يستطيع أن جيبني و ال هندسة سواها حبجة االرتباط الوثيق بينهاو اهلندسة الوحيدة هي (Euclide) قد ظلت هندسة إقليدسو

كانبأن اليونانيني «إىل اإلشارة )Hans Reichenbach )1953-1891 "ريشنباخ"يذهب ، و للعلم التصور الكالسيكياليت كانت تقر بفكرة جتريبية و باطي على النتائج اليت توصل إليها املصريون،السبق يف اكتشاف الربهان االستنو هلم الفضل

الذي توضح نظريته طبيعة الدور الذي أسهم به اليونانيون (Pythagore)قد مت ذلك على يد فيثاغورسو اهلندسة، خالص كل نظرية فيه الذي يعين إمكان بناء اهلندسة على نسق استنباطي يكون من املمكن استو ،يف اهلندسة

.)3( » (Euclide)بطريقة دقيقة من جمموعة البديهيات يرتبط إىل األبد باسم إقليدسينبغي أن تقبل و املسلمات، ، لتعريفاتا، البديهيات:منها على جمموعة من املبادئ اإلقليدييقوم النسق اهلندسي و

موعات الثالث من دون برهان، ا لنسو هذه ا ا أبسط األشياءم أوضحها للعقل الرياضيو تسليما على أساس أ .)4(ال ميكن التوصل إىل ما هو أبسط منها و

لس الوطين للثقافة" تارخييةو دراسة حتليلية ، العلم الحديث ظاهر :عمرالعبد اهللا 1- .13 ص ، 1983اآلداب الكويت، و الفنونو عامل املعرفة، ا 378 ، ص2001، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، إلى الالحتميةالعلم من الحتمية فلسفة : اخلويل فطري ميىن -2

117 ص ، م س، نشأة الفلسفة العلمية : خريشنبا هانز 3- .145ص ،1984للطباعة والنشر، بريوت، العربية النهضة ، دار2، ج فلسفة العلوم، المشكالت المعرفية: حممد علي عبد القادر ماهر 4-

Page 36: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 26 -

يار هذا النسقو قد سيطر هذا النسق اهلندسي على العقول مدة قاربت ألفي عاما، لكن سرعان ما بدت بوادر ا خلامسة، مسلمة اخلطني املتوازينيون الربهنة على املسلمة االرياضيو حاول العلماءبداية من القرن التاسع عشر حني

."يوازي املستقيم األول اواحد اال ميكن أن يرسم من نقطة خارج مستقيم معلوم إال مستقيم":أبسط صورهاو ا مسلمة وحاولوا الربهنة عليها باستخدام املسلمات األخرى، لكن كل احملاوالت باءت ل قد شك الرياضيون يف كو ، أي إثبات القضية عن طريق إثبات نقيض خطأ نقيضها محلهم إىل اعتماد الربهان باخللف لفشل، األمر الذيبا

العربو لقد اجتهد يف ذلك العلماء االسكندريون"Robert Blanché (1975-1898) "بالنشي" يقول، أو عكسها . )1(" لرباهني املزعومة مؤسسة على افرتاض آخر بقي ضمنيااحملدثون على التوايل، لكن تبني دائما عند التحليل أن او من هنا أدت املسلمة اخلامسة إىل ظهور و ،)غري إقليدي(،على هذا األساس افرتض الرياضيون أن السطح غري مستوو

.هندسات ال اقليدية ال تسلم بأن السطح مستوىالذي بني أن جمموع زوايا املثلث ،)Johann Carl Gauss *)1777 -1855 "جوس " قد كانت البداية مع العامل األملاينو

قد برهن على ذلك من خالل جتربة و أنه ميكن رسم من نقطة خارج مستقيم أكثر من مواز له،و درجة، 180أقل من على أجراها مبنطقة جبلية يف أملانيا حاول فيها قياس زوايا املثلث الواقع بني ثالث رؤوس جبلية مطبقا نظرية االحتمال

)2(.ليجد أن جمموع زوايا املثلث أقل من قائمتني، أخطاء القياس )1856- 1792( ** "لوباتشفسكي"مع العامل الروسي الهندسة الالاقليديةقد كان اإلعالن الرمسي عن ميالد و

Nikolaï Lobatchevski، ذا أول عرض منهجي هلندسة كان هو مذكراته حول مبادئ اهلندسة، 1829فقد نشر عام زوايا املثلث و تسلم أن السطح ليس مستويا بل مقعرا درجة احننائه أقل من الصفر،و ال اقليدية ترفض بديهية التوازي،

يعرف املستوي يف هذا النسق على أنه جمموعة من نقاط تقع داخل دائرةو ،)3(أقل من قائمتني تكون فيها املستقيمات اليت ال تتقاطعو تر من الدائرة،و نهيعرف املستقيم على أو .تعرف املستقيمات املتوازية على أ

.10 ص، 2004 د ط ،اجلزائر، ديوان املطبوعات اجلامعية ، ترمجة حممود يعقويب ،، المصادرات، االكسيوماتيك : روبري بالتشي 1- ." النظرية العامة ملغناطيسية األرض"، "األعمال الرياضية: " رياضي أملاين من أهم مؤلفاتهو فيزيائي: كارل فريدريك جوس*

144ص ، 1993، 1ط،، بريوتدار التنوير ترمجة وتقدمي السيد نفادي ، ، ءاألسس الفلسفية للفيزيا: ردولف كارناب 2- "نظرية املتوازيات " ،"اهلندسة اخليالية : "من أهم مؤلفاته ،، عامل رياضي روسي) 1855- 1794(ش نيقوالي ايفانوفيت لوباتشفسكي ** .39 ص ، م س، علم والفلسفةفلسفة العلم، الصلة بين ال : فيليب فرانك - 3

Page 37: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 27 -

ديدة مسيت ، ليعلن عن هندسة ال اقليدية ج)Bernhard Riemann* )1826-1866 "رميان"مث جاء األملاين وضع نسقا و هي أن السطح حمدبا،و (Euclide) حيث انطلق من مسلمة مغايرة ملسلمة إقليدس"ندسة السطوح احملدبة"

.هندسيا ال توجد فيه خطوط متوازية على اإلطالقهو مناظر للكرة فتصبح بذلك اخلطوط اليت و درجة احننائه أكثر من الصفرو حمدودو فاملكان الرمياين يتميز بأنه كروي

ا مستقيمة أخرى موازية هلا من نقطة خارجة عنها دوائر كربى، فالدائرة الكربى ليس هلا دائرة كربى هي نقول عنها أ .)1( على سطح الكرة مما يعين أنه ال توجد أي خطوط متوازية بل متقاطعة

منهج خمتلف عن ذلك الذي ألفه العقل الرياضي، فأي و ، جديدةهكذا جتعلنا هذه اهلندسات اجلديدة أمام تصورات ما دامت نتائجها ال تتناقض مع ،صحيحة و صادقةالغريب يف األمر أن كل هذه األنساق ؟هذه اهلندسات أصدق

مراعاة مدى متوقفة على رياضي أي مراعاة االنسجام املنطقي داخل النسق، فقوة أي نسق، املسلمات اليت انطلقت منهاا إن كانت بعض هذه اهلندسات تبدو غريبةو شروط ذلك االنسجام، ن طبيعة املكاو تالئم حدسنا احلسيال فذلك أل

يعد يهتم مبا يطاله حدسه احلسي من ظواهر كما كان ذلك يف اهلندسة االقليدية ملا ي ألفناه، فالعامل الرياضي ملالذا من خصائص جتعلها يف متناول حواسه، بل أن موضوعاته صر هذه بنال تدرك بالبصر، فمن املتعذر أن يوفره مكا

.)2(» از واحد لهمن نقطة خارج مستقيم ميكن رسم أكثر من مو «: القضية

قليدية معيار التطابق احلسي إىل معيار االنسجام املنطقي، فلم تعد ختترب مثل النظريات االفتجاوزت بذلك اهلندسات ال .الواقعية الفيزيائية باشتقاق توكيدات يتم مقارنتها مع نتائج املالحظات

اهلا، فإذا كان جمال اهلندسة االقليدية جمو كل هندسة هلا واقعها،ال هندسة واحدة،فنحن إذن أمام هندسات يقينها مطلق النطباق املكان االقليدي ذو الثالثة و ،اليت تعتمد االستنتاج منهجاو عامل األجسام احلسي الواقعي،هو

األفالك الكبرية ي كما حندسه، فان جمال اهلندسة الالاقليدية هو عاملعلى الواقع الفيزيائ) الطول، العرض، االرتفاع(أبعاد صدقها يتوقف على عدمو تنطلق من تصور عقلي للمكان، يتميز بأنه مفرغ حمتواه املادي، فيزياءمليكرو عامل او

ضروريةو إن الربهنة الرياضية حسب التأويل التقليدي كانت جزمية« (Blanché) "بالنشيروبري "يقول ،تناقضها .)3( » لم تعد الضرورة موجودة إال يف الرباط املنطقي الذي يربط القضايافآلن مبادئها صادقة صدقا مطلقا، أما او

ارد رميان * "التوابع التحليلية: " ،عامل رياضي أملاين من أهم أعماله ) 1866- 1826( بر 39 ص، ،س م، فلسفة العلم الصلة بين العلم والفلسفة : فليب فرانك -1

.119، ص م س، نشأة الفلسفة العلمية: هانز ريشنباخ 2- .12، ص م س، يكتمصادرات االكسيوماال: روبري بالنشي 3-

Page 38: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 28 -

موعات نظريةلظهور بل كان الالاقليدية، ومل تقتصر أزمة العلم احلديث على ظهور اهلندسات على يد ا البديهياتو سساألو دور أخر يف زعزعة الكثري من املبادئ )Georg Cantor )1845 -1918" جورج كانتور" . اجلزء ميكن أن يكون أكرب من الكل أو مساويا له أن إذ تبني ،الكل أكرب من اجلزء: منها بديهية و نزعت هذا النسق اهلندسي الالاقليدي نزع صفة االمتياز عن املكان املطلق املستوى، كما ظهور قد كان من نتائجو

ا بناء فلسفي شيد على أرض رياضية صلبةة عن النز بصورة غري مباشرة صفة الرباء على أسس و ،عة العقلية اليت تدعي أقد اعتقدوا أن هذا الفكر اهلندسي و « : )Gaston Bachelard )1884-1962 "باشالر"يقول، فكر هندسي مطلق

اهلندسي بناءه شيد على هذه الصفحة الثابتة للبناء قد Kant" كانط" حىت أن ، األساسي هو أساس العقل البشري إال بتسجيل مبادئ االنقسام "الكنطي"املذهب اهلندسي للعقل، فإذا ما انقسمت اهلندسة غدا من املتعذر إنقاذ

.)1( » يف العقل ذاتهار لقد ا متيز ذكاء اإلنسان إىل األبد، (Kant)" كانط"صورة املكان اليت ظن تا ا و أ العلم حوأصب ائيةأ ذي "النيوتوين"صر ينكر رفع التصورات إىل مرتبة املطلق، فتصور املكان االقليدي ال يالئم إال التصور الكالسيكياملعا

بل مل تبق الرياضيات علما جاهزا و ،ذا مل تعد القضايا الرياضية حقائق ثابتة ضرورية ال ختضع للنقدو ،)2(الطابع املادي .اجتاه الواقع البشري دت موقفا يعيشه الفكر غ

موعات ، الالاقليدية وإذا كان ظهور اهلندسات عن الوجه األول من األزمة اليت عرفها العلم يعربونظرية ا .كان أعنف بكثري) و أعين به العلوم الفيزيائية( هلذه األزمة فان الوجه األخر ،والعقالنية العلمية الكالسيكيةاحلديث

:الكالسيكية أزمة الفيزياء و لمعاصرةالعقالنية العلمية ا لقد حقق العلم الفيزيائي خالل الثلث األول من القرن العشرين تقدما مذهال، أدى إىل تغيري الكثري من املفاهيم

رية األسس اليت قام عليها العلم الكالسيكي، حىت قيل أن التقدم الذي أحرزه العلم يف هذه الفرتة يفوق ما أجنزته البشو هي و ميكن إمجال هذه االجنازات يف ثالثة أعمال رئيسية كانت متثل جمتمعة ثورة كربى يف العلم و طوال تارخيها السابق،

" نينشتايأل" "العامةو النسبية الخاصة" نظرية و ، Max Planck (1947-1858)" ملاكس بالنك " "نظرية الكوانتم"Albert Einstein )1879-1955(.

-1 G Bachlar : le nouvel esprit scientifique , puf, 1934 ,p 22

84ص ،، 1989 ،2ط ،بريوت، ، دار الطليعة للطباعة والنشر العقالنية بين النقد والحقيقة :سامل يفوت - 2

Page 39: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 29 -

:وانتمنظرية الكم و ،الضوءظاهرة ري عة من الفيزيائيني الذي حاولوا تفسمثرة جهود جممو "الكوانتم" لقد كانت نظرية قد شكلت نظريا

هل ، إىل طبيعته حمور األشكال يف تفسري الضوء يرجع و ، تصور الفيزيائي جتاه العاملاملادة الضرورية اليت يتأسس عليها خمتلفتني نظريتني فمنذ القرن السابع عشر اختذ البحث يف الضوء طابع املنافسة بني؟ موجيةأم جسيميةهو ذو طبيعة

رء عبارة عن دقائق متناهية يف الصغأن الضو (Newton)"نيوتن"قد اعتقد و ،الموجيةالنظرية و الجسيميةالنظرية ومها منتظمة يف و شر يف الفراغ بسرعات عاليةتنتو أو جسيم الضوء، تنبعث من اجلسم املضيء (Photon)" الفتونـــ ب"تعرف

ةو يف كل االجتاهاتو شكل خطوط مستقيمة قد و مستدال على ذلك بتكون ظاهرة الظل، ،ذلك يف األوساط املتشامتكنت من الربهنة على أن الضوء األبيض ممكن أن و ،*االنعكاسو ظاهرة االنتشارجنحت هذه النظرية يف تفسري

)1( (Spectre) بالطيفو ما يعرف هو ينقسم إىل عدة ألوانأنه عندما يسلط منبع ضوئي تبني فقد ، أن اصطدم باكتشاف ظواهر تناقضه ثا التصور النيوتوين للضوء مل يلبلكن هذ

يزداد حجمها كلما ابتعد عن هذا و يؤدي ذلك إىل ظهور بقع ضوئية أعرض من هذا الثقب، بل، على حاجز به ثقب، ألنه لو كان الضوء عبارة عن جسيمات تسري يف خط مستقيم، لكان " النيوتوين ض مع التصورهذا ما يتعار و الثقب،

.حجم البقعة مساويا حلجم الثقب اليت ترى الموجيةأو النظرية الموجيإىل ظهور التفسري أدى فعجز النظرية اجلسمية عن تفسري ظاهرة انعراج الضوء

الضوء ينتشر على شكل أمواج طويلة مماثلة النتشار األمواج الطويلة امليكانيكية أن الضوء عبارة عن موجات مبعىن أن ا متر من جانبيه مث تلتقي خلفه كما تفعل أمواج البحر متاماو يف األوساط املادية .عندما تتالقى مع جسم ما فإ

ن هذه إإذا كان الضوء يستغرق بعض الوقت لالنتقال، فو «: 1629Christian Huygens)- (1695**يقول هوجينسامسها موجات و موجات كروية،و تنتشر بالتايل كحركة الصوت على شكل سطوحو كة اليت تطبع املدة تكون متتاليةاحلر

ها مع تلك اليت نراها تتشكل يف املاء ع )2(. »ندما نرمي حجرا فيها لتشا

وبعد أن ينعكس الشعاع يسمى الشعاع املنعكس ، الذي يسقط بالشعاع الساقط ينعكس الضوء عندما يسقط على سطح أملس، ويسمى الشعاع* األمحر الربتقايل واألصفر واألخضر واألزرق والنيلي والبنفسجي، واحنالل الضوء اىل هذه األوان السبعة هو ما : اللون األبيض يتكون من سبعة ألوان -1

330ص ، م س ، وممدخل الى فلسفة العل: اجلابري ،يعرف بالطيفرقاص ساعة "و ،نظام كوكب زحل " ن أهم مؤلفاته رياضي وفيزيائي ايرلندي، م ، Christian Huygens)1629- (1695:كريستيان هوجينس * *

"احلائط 83 ص ، م س ، ءاالفيزيتطور : وبولد أنفلدألربت أينشتاين ولي -2

Page 40: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 30 -

اكتشافهم للعالقة املوجودة بني ظواهر فيزيائية جديدةو قد تعززت النظرية املوجية من خالل جتارب الفيزيائينيو أول من ربط بني الكهرباء )James Maxwell )1831-1879*يعترب ماكسويلو الضوء، و املغناطيسو منها الكهرباءو بسرعةو التأثري الكهربائي ينتشران على شكل أمواجو أن التأثري املغناطيسياليت بينت خالل جتاربهاملغناطيسية من و

األمواج الضوئية هلاو )الكهربائية املغناطيسية(فاألمواج الكهرطيسية ، (Km/s)ثا/كم 3000هي نفس سرعة الضوء عبارة عن أمواج كهرطيسية Maxwell " ماكسويل"دلة بالتايل هي ذات طبيعة واحدة، فالضوء حسب معاو نفس السرعة

)1(.جمال مغناطيسي ينتشران يف آن واحدو أي عبارة عن جمال كهربائي ألمواج )Hertz Heinrich)1857-1894 **"تزهر "جتريبيا باكتشاف الفيزيائي األملاين نظرية ماكسويلتأيدت و

ا و تنتشر بسرعة الضوء،هي أمواج و ، )األمواج الهرتيزية(تعرف بامسه ال ختتلف عن املوجات الضوئية إال بكوا التجريبية أجهزة اإلرسال الالسلكيو أطول منها، .)2(.الراديوو كان من نتائج تطبيقا

القادرة على تفسري مجيع الظواهر الفيزيائية، لكن هذهو هكذا أصبحت النظرية املوجية هي النظرية العلمية املقبولةو الذي أثبت أن الضوء (Max Planck)" ماكس بالنك " على يد األملاين 1900النظرية قد تعرضت النقالب عنيف سنة

أن اإلشعاع (Planck) "بالنك"اجلسيمية، فقد افرتض (Newton) "نيوتن" من مث أيد نظريةو يتألف من جسيمات،أشبه بطلقات من الرصاص تنطلق املتدفق من خرطوم، بل هو ال ينطلق من املادة على شكل تيار متصل مثل تيار املاء

)3(.مدفع رشاش، فاإلشعاع ينطلق على هيئة مقادير منفصلة من (Quantum)* **فالطاقة ال تظهر إال بصورة منفصلة متقطعة، على شكل حبات أو وحدات حمددة تسمى بالكوانتوم

نظرا ملا أثارته هذه إىل إبداع فكرة الكم (Planck)ذي أهلم بالنك العامل األهم ال تعترب جتربة اجلسم األسودو .التجربة من نتائج تتعارض مع معطيات التجربة

) اجلسم األسود(من خالل دراسته هلذه الظاهرة ) John Rayleigh* )1742-1919***" غيرايل "توصل العامل االجنليزيو أن كميةمبعىن » ت الضوئية اليت يطلقها اجلسم األسود تزداد بتواتر اإلشعاعأن شدة املوجا « إىل معادلة رياضية مفادها

معادالت املوجات االلكرتو مغناطيسية ذات السرعة يف الفراغ : من أهم اجنازاته ، فيزيائي اجنليزي،) 1879-1831( :ماكسويل جيمس كالرك *

333، ص م س ، مدخل الى فلسفة العلوم: حممد عابد اجلابري -1،فيزيائي أملاين، مكتشف املوجات القصرية ) 1874 – 1857 (هنريك رودولف هرتز**

. 334ص املرجع نفسه، - 2 . 140، ص2،ط 2005دار التنوير للطباعة والنشر، بريوت ، الضرورة واالحتمال بين العلم والفلسفة: السيد نفادي -3 .قدار ثابت ، أو هو وحدة الطاقة اإلشعاعية اليت تتعامل به الطبيعة أخذا وعطاء كم ةهو كم الطاق: الكوانتوم ***

الكتشافه 1904،فيزيائي اجنليزي، اكتشف قانونا لإلشعاع احلراري ، نال جائزة نوبل سنة ) 1919 -1842: ( جون وليم سرتوت لورد رايليغ * *** غاز األرغون

Page 41: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 31 -

ا، فكمية الضوء املرئي مثال تكون أكرب يف اجلسم األسود من كمية األشعة يف اجلسم األسود تتوقف على تواتر موجاكمية األشعة فوق البنفسجية أكرب من جهة أخرى تكونو ،ن موجات األول أكثر تواترا من الثانيةاألشعة حتت احلمراء أل

ا أكرب تردديف اجلسم األسود من كمية األشعة املرئية أل .)1(.من موجات الضوء املرئي ان موجامن األشعة يف درجة حرارة امعين ا، إذ تبني أن هناك نوع(Rayleigh) غيلكن نتائج التجربة جاءت خمالفة ملعادلة رايل

اجلسم األسود فقط، حبيث أن هناك حد معني تصل إليه نسبة األشعة اليت يصدرها معينة يزداد إصداره من طرف إذا كانت معادلة و ،إذا ما جتاوز تواترها هذا احلد بدأت تلك النسبة يف النقصانو اجلسم األسود بازدياد تواترها،

ن التجربة تبني أن كمية الضوء إف" كلما ازداد التواتر ازدادت كمية الضوء"تعرب عن خط صاعد،(Rayleigh) غ يرايل .)2(.تزداد بازدياد التواتر إىل حد أو عتبة معينة مث تأخذ يف النقصان بازدياد التواتر بعد هذا احلد

هذا ما أدى إىل النتيجة و على أساس أن الطاقة متصلة ميكن ختفيضها إىل أقصى حدRayleigh) غ يمعادلة رايل تقومو لكن التجربة قد كذبت هذه الفكرة ،الذي يطلقه اجلسم األسود تكون متناسبة مع التواترشدة الضوء القائلة أن

. (Planck)"بالنك"هذا ما قام به و لذا كان البد من مراجعة هذا األساسو إن الضوء عبارة عن طاقة تسري على شكل و من مسلمة إن الطاقة منفصلة (Planck) "بالنك"لقد انطلق

ا الطاقة الضوئية الأخذ بو أي وحدات ال تقبل التجزئة) كم( Quantum "وانتمك" بحث عن الكيفية اليت تتوزع إىل صياغة العالقة توصلو ،اجلسمدرجة حرارة ذلك و بتواتر أشعة ذلك الضوء عهذا التوزي وربطيف اجلسم األسود

هو ) ك(حيث ، ت xه = ك : وفقا للصياغة التالية ثابت بالنكبالطول املوجي يف معادلة مسيت و بني كم الطاقة )3(.فريمز للتواتر) ت(ت بالنك، أما يعرف بثاو ،: x 10-27 6,62عدد ثابت مقداره ) ه(و ،مقيمة الكوانت

إىل انقالب ثوري جعل العلماء يتخلون عن كثري من املفاهيم "(Max Planck)ماكس بالنك"هكذا أدت معادلة و بسبب ما كان هلا من أثر يف ظهور نظريات سية يف الفيزياء، بل هزت هذه الثورة اجلذرية الكيان الفيزيائي برمتهاألسا

.جديدة وتصورات علمية

365ص م س،، مدخل الى فلسفة العلوم :حممد عابد اجلابري - 1

369 ص،، ملرجع نفسها -2 368صاملرجع نفسه، -3

Page 42: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 32 -

أن الضوء له طبيعة مزدوجة جسيمية ) Louis de Broglie )1892-1987 *دو بروي لوي" أعلن 1924يف عام و موجة ) فتون أو(كل حبة ضوئية للكن و ،)يةكما تقول النظرية الكوانت(ن حبات يتألف مموجية، فالشعاع الضوئي و

جتعله يشغل حيزا ال ميكن و خاصة تصحبه باستمرار، فعندما ينتشر الفتون يكون مصحوبا دوما مبوجة من عنده تغمرهإىل أنه ال (de Broglie) "يو بر ود" توصلو )االلكرتونات(نقل هذه الفكرة إىل جمال جزيئات الذرة و ،ضبطه بدقة

ن الكتلة ألو ،سرعتهو الذي ميثل موقعه، حتدده كتلة اإللكرتونو ن طول موجتهذلك أل ،ميكن حتديد موقع اإللكرتون بدقة .)1(نه من املتعذر ضبط مكانه مبا أن سرعة اإللكرتون تقرتب من سرعة الضوءإتتغري بتغري السرعة، ف

"هايزنربغ"أعلن العامل األملاين ،حلركة االكتشافات الفيزيائية املتعلقة بامليكروفيزياءقد ظل هذا التسارع املذهل و Werner Heisenberg )1901-1976 (الذي ينص على استحالة "مبدأ الالتعيين"ه الشهري املعروف باسم عن مبدئ

ضبط موقع اإللكرتون البد أن نسلط سرعته يف آن واحد، ذلك ألنه عندما يزيدو وضع اإللكرتونملالتعيني الدقيق زداد ىل نفسه فتلكن عندما يصطدم الفوتون باإللكرتون ميتص منه قسطا من طاقته يضيفها إو ، بقوةو عليه شعاعا ضوئيا

)2(.مكانة سرعته فنعجز عن ضبط هو مفهوم و ، ةالكالسيكي نيةالعقالو إىل إعادة مراجعة مفهوم أساسي يف العلم مبدأ الالتعيينأدى وقد

مبا أن هذا التنبؤ أصبح و الذي يقوم على إمكانية التنبؤ الدقيق ملوقع اجلسم انطالقا من حتديد سرعته،"الحتمية"ار ليحل حمله للحتمية الكالسيكياملفهوم مستحيال يف الفيزياء الذرية، فان مبا أن مبدأ و االحتمال، مفهوم قد ا

األجهزة املعملية يف الظواهر موضوع الدراسة فان األمر و التجريبو الرصدو أثر أدوات القياس،يقوم على اعتبار الالتعيينا العقالنية العلمية الكالسيكية " الموضوعية العلمية " يدعو إىل مراجعة مفهوم .كما تصور

عليها قام بادئ اليت املو تعد وجها من أوجه الثورة العلمية اليت عصفت باألسس " يةالكوانت"إذا كانت النظرية و " النسبية"نظرية ظهور أعين بهو ،كان أعنف بكثريهلذه الثورة العلمية ن الوجه الثاينإفالعلم الكالسيكي

.(Albert Einstein) " نألربت اينشتاي" ــ ل نظرية النسبية

الثورة هي (Newton)"نيوتن"فإذا كانت فيزياء ،ئية الثانيةاجلزء الثاين املكمل للثورة الفيزيا نظرية النسبية تعدـــأحدثت انقفقد يزيائية الثانية، هي الثورة الف "النسبية"نظرية نإف " وأرسط "أي الثورة ضد فيزياء( الفيزيائية األوىل ــالبـ ــ ـــ ــ ـــ ا ـ

. "امليكروفيزياءو الفيزياء": من أهم مؤلفاته ، فيزيائي فرنسي، ) 1960 -1875: (يه لويس دي برو *-

1 376ص، م س، علوم مدخل الى فلسفة ال : حممد عابد اجلابري 377 املرجع نفسه ، ص - 2

Page 43: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 33 -

مفهوم و ،"املطلق" من مفاهيمه األساسية كمفهوم الكثري تغري و ،يف بنية العلم الكالسيكي ياحقيق استمولوجيإبي قد أدى ذلك إىل إعادة صياغة قواعد امليكانيكا النيوتونية على و ،"الكتلة "و "السرعة"و "احلركة"و "املكان"و "الزمان "

ميقةإن الضرورة هي اليت حتمت ظهور نظرية النسبية بعد ما اكتشفت تناقضات ع «: "نينشتايأ"أسس جتريبية يقول » )1(.خطرية يف النظرية القدميةو " نظرية النسبية العامة"و 1905عام ناليت أعلن عنها اينشتاي " لنسبية الخاصةانظرية "تنقسم نظرية النسبية إىل و موعات اليت تتحرك بعضها بالنسبية إىل بعض و تتناول األجسام "فالنسبية اخلاصة"، 1915-1912اليت متتد من و ا

موعات اليت تتحرك بعضها بالنسبية إىل بعض بسرعة متزايدة و النسبية العامة تتناول األجسامو ثابتة بسرعة اــقد مسيت و ،أو متناقصة ــ ـــ نسبيةأننا أمام حقيقة و أن احلركة املطلقة فقدت معناها،تأكيدا على "النسبية "ب

ــــ صفتو و ،"نسبية احلركة" ــ ـــ حلرة هي احلالة اخلاصة من تأكيدا على أن احلركة املعينة بني هياكل الرصد ا "الخاصة" با حركة كونية منتظمة، احلركة تأكيدا على أن احلركة املعينة بني هياكل " بالعامة"وصفت و ، على نفس الوتريةو لكو

)2( » الرصد احلرة هي احلركة العامة اليت تكافئ جمال اجلذب العام : من فرضيتني أساسيتني النسبية الخاصةيف بناء نظرية " ناينشتاي"انطلق لقد

أن كل "ناينشتاي"الذي قامت عليه الفيزياء النيوتونية، فقد أثبت " األثير المطلق "يتعلق بإنكار فرض ألول رض االف له سرعة كذا أو كذا، ا ما جسم أن فنحن ال نستطيع أن نقول، "حركة مطلقة" فليس هناك نسبية هي حركة حركة

يء إليه مثلما شميكن إسناد كل " مكان مطلق "ليس هناكو ، كذا بالنسبة لكذا له سرعة بل جيب أن نقول أن اجلسم .و هو املطلق عنده" األثير"بفرضية "نيوتن"فعل

دون النظر إىل حالتهم احلركية ب، "ثابت بالنسبة جلميع املشاهدينو سرعة الضوء مقدار مطلق"الفرض الثاين هو أن و دائما كون لسرعة الضوء يف الفضاء الفارغ نفس القيمة القياسية ت «: (Einstein)"ناينشتاي"يقول ،من مصدر الضوء

ـــ فسرعة الضوء املقدرة )3(» بغض النظر عن حركة منبع الضوء أو مستقبله ــ هي الثابت الكوين ثا،/ألف كلم 300 :ب .(Einstein) نتايالوحيد عند اينش

14مرجع سابق ،ص ، تطور الفيزياء : انشتاين وليوبولد أنفلد ألربت -1

ضة مصر، القاهرة النظرية الخاصة والعامة: النسبية : آلربت اينشتاين 2- .25 ص 1965، ترمجة رمسيس شحاتة، مراجعة حممد مرسي امحد، دار 134ص ،م س ، تطور الفيزياء :انشتاين وليوبولد أنفلد ربت أل - 3

Page 44: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 34 -

:أبرزهاو النسبية نظرية جوهرمجلة من القوانني متثل السابقني رضنيعن الف تقد ترتبو فةاالمسو الزمنو نانسبية المك

فة بني اأو حتديد املس، جسم ما إليه يف حتديد مكان دنستننه ليس هناك معيار واحد ثابت أ" ينشتاينأ "ثبتألقد بت نستطع بفضله حتديد الفرتة الزمنية اوال يوجد معيار ث ،ا، أو حتديد سرعة جسم مامطلق اأخر حتديدو جسم

. ص بهازمانه اخل له ءكل فضا أنذلك ، لوقوع حادثة ما على مستوي الكون كلهالعام و ،الشهرو ، األسبوعو ،)الثانيةو ، الدقيقةو ،عةاالس أجزائه أيو (، من خالل اليوم "األرض" فإذ كنا نقدر الزمان على

ن هذا التقدير إف ،هي مدة دورة األرض حول الشمس السنةو ،هااليوم هو مدة دورة األرض حول نفس على أساس أنالذي "املعيار الثابت"وهذا يعين غياب النموذج أو ،أي كوكب أخرأو على " عطارد"كوكب سيختلف إذ كنا على

املدة أنمما يعين ،النظام الشمسي ضبطت على داألرض ق ة علىالساعات املستعمل نما دامت أ، حنسب به الزمان .)1(ما هي إال مقياس مكاين اليت نسميها الساعة

هذا ما جيعل فكرة و ،لك بالنسبة للكوكب الذي نقيس فيهبد حينما نريد قياس زمن احلوادث أن يكون ذفال وقبل «: "اينشتاين"يقول هي تصورات نسبية "بعدو ، قبلو ،ناآل" : مثلفكلمات ، فكرة ال معىن هلا" الزمان املطلق"

اليت لة احلركة أو السكون ان حع نه مستقلأ أي، بأن الزمن أمر مطلق تسلم تسليما أعمى ءظهور النسبية كانت الفيزيا )2(. »اإلسناد عليها جمموعة

اإلحداثيالنظام نسبته إىلعندما "لزمانبا"النسبية اخلاصة التصورات النيوتونية املتعلقة هكذا جتاوزت و نا أن نقبل يعل « :"اينشتاين"يقولاألنظمة، دتعدباألزمنة تعدد فت ،احد للكونفال وجود لزمان و ، منهأشتق الذي

.)3( »صعوباتنا للخروج من األفضل الطريقة األ، إحداثيمفهوم الزمان النسيب يف كل نظام اليت تكون يف حركة نسبية و ، دأن القياسات الزمنية حلدث ما ختتلف باختالف حماور اإلسناتاين يري اينشو

وقف تفإن الزمن سي رعة الضوءس فإذا بلغت سرعة اجلسم ،فالزمن يتباطأ مع السرعة، بالنسبة لبعضها البعضذا ربط . من مطلقفال وجود لز ، الزمن باحلركة" اينشتاين"وشيء ما حندد مكان فلكي، يب ميكن وصفه بالنسبة ملتغري أخرنسو يف نظر اينشتاين مقدار متغري "نااملك"كما أن

يف عملية القياس إليه ابت نستندوجود لنموذج أو معيار ثلكن ال ،شيء ثابت يب حتديده بالقياس إىلجي حتديدا مطلقا . ثابتة ىاألخر النجوم و ليست الشمسو ، سرعات متفاوتةإمنا تدور حول الشمس بو ،فالكواكب ليست ثابتة

.90-89 ص ،1981، 8بريوت، ط دار القلم لللطباعة والنشر،، والنظرية النسبية ناينشتاي :حممد عبد الرمحن مرحبا 1- .28 صم س، ، النظرية الخاصة والعامة : النسبية ": آلربت اينشتاين 2- .142 ص م س، ، ءتطور الفيزيا: يوبولد أنفلد انشتاين ولألربت 3-

Page 45: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 35 -

ليس منفصال "اناملك"كما أن «:الكفيل بتحديد مكان شيء ما باعتباره مقياس ثابت داملعاير الواح إذن ليس هناك )1( » معناه )اخلالء( الفارغ ك يفقد املكانلابذو ، هي امتداد مكاين ليست األجسام يف مكان، وإمناو ، عن األجسام . إال عالقات بني احلوادثليس ن الزمو ، بني األشياء إال عالقات فاملكان ليس

سقوط احلجر مستقيمة فإين أري حركة ، ي جير قطار سقط حجر من نافدة أ فحني، "حلركة مطلقة"أيضا ال وجود و عن للحركة مستقلة ال معىنو ، األرض خارج القطار حركة مائلة منحرفة بينما يراها شخص جيري على، حنو األرض

.)2(فيه ل الذي تتحركاال عن او ، املالحظ ا و الزمانو املكان بنسبية "اينشتاين"ال يعين و ن النسبية يعين أ إمناو ، ألخرمن شخص فختتل ذاتية تتصورا احلركة، أ

.منه صدنر الذياملكان و داثيةتالف األنظمة اإلحباخ ختتلف ،)3( ةسيكولوجي ال هنا هي نسبية فيزيائيةا نظرية و كتلةهي "أينشتاين" عند الطاقة ف ،"الكتلةو تكافؤ قوانني الطاقة" مبدأ "اخلاصة النسبية " من النتائج اليت أفرز " مربع سرعة الضوء xالكتلة = لطاقة ا" :دلة التالية اقد صاغ كتلة الطاقة يف املعو ، مقدارو كمو أي ميكن حتويل إحدامها إىلوالطاقة متكافئتان، أن املادة ىلإ ةاكتشافه الكتلة الطاقمن "ينأينشتا"وصلو

إذ مخدت الطاقة و ،رعة الضوء نسميها طاقة أو إشعاعافالكتلة طاقة مركزة حني تتحرك املادة بس «:األخرى يف قانون "املادة ءبقا"،و"طاقةلا ءبقا" قانوين "ينشتاينأ"دمج ساألسا اهذ ىعلو ، )4( »أدركتا كتلتها نسميها مادة و

*. "الكتلة طاقةء بقا هو قانون واحدا نظرية النسبية العو ر تصو على فكرة هذه التقوم و ،"داملتصل الرباعي األبع"امة، فكرة امن التصورات اجلديدة اليت أفرز

أن ر اجلديد علىالتصو اينص هذو ،يراألثة يضن دحضت فر خاصة بعد أ ،الزمان املطلقو املكان املطلق" كريتجديد لفؤلف يو ، أساس أن هناك تداخل بينهما ىعل، الواقع من اليس إال جتريدو مان متكلف غري طبيعي،ز ال ىفصل املكان عل

هذا اليت يتم فيها حسابملا كان حساب طول األشياء مرتبط مبعرفة اللحظة و ،المتصل هو االتداخل كيانا واحد اهذ

.10 ص م س، ، النظرية الخاصة والعامة: النسبية : "آلربت اينشتاين 1- .15 ص م س، ، النظرية الخاصة والعامة: النسبية : آلربت اينشتاين 2- .38 ص ، 1ط، 2004، النشر اإلسكندريةو اء لدنيا الطباعة، دار الوف من نظريات العلم المعاصر إلي المواقف الفلسفية: حممود فهمي زيدان 3- .43-42 ص ،194، القاهرةوالنشر، جلنة التأليف والرتمجة، النظرية النسبية الخاصة: علي مصطفي مشرفة 4- هذا يعين أن مقدارا و كبريا من الطاقةعة ستنتج مقدارا ر مربع السيف ا الكتلة عندما نضر ، فالطاقة أمهية كبرية يف الفيزياء املعاصرةو لقانون تكافؤ الكتلة*

من الطاقة هائالضئيال من املادة مبكن أن يعطينا كما

Page 46: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 36 -

ليس هناك قول أعم من «:يقول اينشتاين ،املكان كخليفة لألحداثــ ص من اإلقرار مبتصل الزمانافال من ،الطول اذه )1( »زماين مكاين رباعي األبعاد مل الذي نعيش فيه متصلاأن الع

ديد طريقة جيب أيضا حتبل ،فال يكفي حتديد موضعه يف املكان ، صف أو حتديد شيء طبيعي متحرك و فإذا أردنا . الثالثة األبعاد املكانية وهكذا أضيف الزمان إىل، تغيري موضعه يف الزمان

ا نظرية هذه التصورات اجلديدة اليت نإ التحوالت اجلذرية عمقكشف لنا عن ي )العامةو اخلاصة(نسبية الأفرز ةالعقالنيو م عليها العلمااليت ق ساألسو محتوير شامل للمفاهي إىل أدت اليتو ، املعاصرةسفة العلم اليت عرفتها فل .واليقني ، املوضوعية، والدقةو السرعة،و املكان،و م الزمان،و كمفهالكالسيكية

ت إىلقد أد ،ل الفيزياء النظريةايف جم أو ،ل الرياضياتاسواء يف جمالعلمية اليت أبرزنا بعض جوانبها، ه الثورات إن هذ ومبادئها فهومها مب ، وحتول العقالنية العلمي من نتائجه ظهور أزمة العقلكان و ،الكالسيكيصدع البناء املنطقي للعلم ت

ظهور إىل ىاألمر الذي أد ،التطورات العلمية اجلديدة معال ينسجم يعائق إبيستمولوج إىل وأسسها الكالسيكية . اجلديدة علميةالعقالنية علمية تنسجم مع هذه التحوالت

العقالنية العلمية المعاصرة خصائص

لك من خالل نزع صفه الصالحية املطلقة وذ ،إعادة النظر يف مفهوم العقل ت العقالنية العلمية املعاصرة إىللقد أد املعاصر مل فتقدم العلم ،قوانني العقل األساسيةاعتبارها على الكالسيكية العرف يف العقالنية رىبادئه اليت جمو ألطره

ن ااعتباره كما لو كو ا ضروريو ايجعة كل ما كان يعترب أولامر أيضا إىل بل أدى ،يكن من نتائجه تطوير معارفنا فحسب .لة أعم أو أمشلالة خاصة من حاجة خاصة أو حينتا أيعتقد املبادئ اليت كان بل امتدت إىل، )الزمانو املكان( احلدس احلسي يتمل تقف هذه املراجعة عند حدود صور و

. احلتميةو السببية التجربة كمبدأي ممبادئ عقلية ضرورية تسمح بانتظا ذلك و ، بعض مبادئ العقل الكالسيكية كمبدأي الذاتية وعدم التناقض ختالفجتارب نطيةاالكو لقد أبرزت الفيزياء

ار وهكذا ،ضوءلل) املوجيةو –اجلسمية ( يةالثنائالطبيعة ثباتمن خالل إ للعلم البناء املنطقي التقليديافإن جدلية ،مطلقة تعصمنا من اخلطأ فإذ كان أرسطو تصور املنطق أداة، العقل فك احلصار الذي كان مضروبا علىو

)2( . األداة املنطقية هو ما يعصمنا من اخلطأ قوف عند هذهالعلم أثبتت أن عدم الو

.55 ص م س، ، النسبية النظرية الخاصة والعامة: اينشتاين آلربت 1- .83 ص م س، ، العقالنية بين النقد والحقيقة :سامل يفوت 2-

Page 47: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 37 -

فما هو عقالين ،ن تكون مفهوما جامداأن العقالنية ال ينبغي أالعلمية اليت عرفتها فلسفة العلم املعاصرة بينت الثورات ــــ ـالشخص و «فالشروط اليت حتدد املعرفة العقالنية هي شروط قابلة للنقاش، ،ليس بالضرورة ما حيرتم مبدأ عدم التناقض

.)1( »لكنه هو الذي يكيف اعتقاداته مع الشواهد اجلديدة و ، قارةاحلكيم ليس هو الذي يتمسك مببادئ

طور يف نهأ بل على، نه شيء اكتمل تكوينه من قبلعلى أساس أ العقل الة املعاصرة تنظر إىلالعقالنية العلمي نإ .صراع أبدي مع ذاتهو نقاش أزيليف سه باستمرار، فهو اجع نفنه ير إالتأسيس، و النشأةو التكوين

تنظر املعاصرة فإن العقالنية، اإلجنازو معايري تامة التكوينو منظومة قواعد لتعترب العق الكالسيكيةإذا كانت العقالنية و ينطبق و هي معايري تتكون يف املعرفةو ، تهاقيتنو تصححيها ىعلو املعايريو صنع القواعد العقل على أنه قدرة على إىل

. العقالنية و العقل تارخيية عن هلذا فنحن ملزمون باحلديث أيضاو ،.)2(من حتول امةالع املعرفة عليها ما ينطبق علىما يتعارض وهذ، سلطةالالو التعددية،و الفوضى،و ،الالنظام اسهل العلم املعاصر أسالقد أكدت العقالنية املعاصرة أن جم

فاملنهج العلمي يتغري من حقبة ، الكالسيكيمبفهومه املبادئ الثابتة اليت يقوم عليها املنهج و املعايريو مع القواعد كما سنبينه " ضد املنهج"ية املعاصرة عقالنية هلذا كانت العقالنو ، الثابتة ليس هو باحلقيقة و ،أخرى تارخيية إىل

.يف الفصول القادمة

وجهة نظر وحيدة و زاوية واحدةقيقة من ، جتاوزت مسلمة إدراك احلعقالنية تعددية املعاصرة العلمية العقالنية عو املوضو الذات ،املادةو الفكر، قعاالو و جتاوزت كل الثنائيات اليت طبعت الفكر الفلسفي بأسره، أعين ثنائية الفكرو

ـــ يتطلببل الفكر العلمي اجلديد ،مشوليةو عقالنية شكلية جمردة الفكر العلمي اجلديد يستند إىليعد فلم ــ على حد ــــــتعبري باشالر احلقل اإلبستمولوجي هذابالقدر الكايف لتلقي حتديدات جديدة من التجربة يفعقالنية منفتحة ـ

)3( .التجريبيةو فيه قيم العقالنيةتتبادل الذي

ـــ ورا واألحالم د ،احلدسو ،لاللخيبل ،أثبتت العقالنية العلمية املعاصرة أن الفروض العلمية ليس مصدرها العقل وحده ــ . كبريا يف االكتشافات العلمية

فلم يعد يف مقدور الباحث العلمي أن، لموضوعيةالكالسيكي لفهوم امللقد أعادت العقالنية املعاصرة النظر يف أيضا مشاركا دا فقط بلشاهممل يصبح "ومالكوانت " ، ونظرية"النسبية" نظريةفاملالحظ يف ، حياديا مالحظايعترب نفسه

.119 ص م س، ، والمنطق ااإلبستومولوجي قضايا في :ميس عبد السالم بن 1- .90 ص م س، ، العقالنية بين النقد والحقيقة: سامل يفوت 2-ؤسسة اجلامعية، ترمجة بسام اهلاشم ، التطبيقيةالعقالنية : رغاستون باشال3- .45 ص ، 1984، 1طمصر، ، امل

Page 48: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

الفصل األول تحديد المفاهيم

- 38 -

الزمانيةو املكانية أن العالقات مبعىناملوضوعية دعوىبعة يفإذ كان النظام النيوتوين استبعد اإلنسان من دائرة الطبفإن الفيزياء املعاصرة قد جعلت اإلنسان جزء من ،مطلقة ثابتة ال تتوقف على اإلنسان موضوعه أو مكانه عالقات

)1(.االستقالل أو السيطرة ليسو ،املشاركةو التكامل الطبيعة هوبفاملبدأ الذي حيكم عالقة اإلنسان ، معادلة الطبيعةا العقالنية املعاصرةمن أهم القيم و مطلقة فليس هناك حقائق ،كل شيء للمراجعة قابليةو ة النقدقيم اليت أفرز

.املستمرةالعلمية الثورات بتطور يتطورفهوم العقالنية من مثة مو ألن العقل ،ائية أنساقمبادئ ثابتة أو و

يف صياغته شاركت، أشكاال متباينةو صورا اختذ ميكن القول أن العقالنية مفهوم تارخيي تقدمعلى ما بناءو يع صور كان من غري املمكن تناول مج وإذا ،اليت عرفها تاريخ العلم وفلسفته الفلسفية املختلفةو ميةالتطورات العل

نقدا و حقيقيا ااملراحل اليت عرفت فيها العقالنية العلمية انعطاف أبرز ىعلسأركز فإنينونظريات العقالنية يف هذا البحث ا . "كارل بول فييرابند"لك من خالل فيلسوف العلم املعاصر ذو ، أسسهاو ثوريا جلميع أركا

.236 ص ،2007، النشر، القاهرةو ، دار قباء احلديثة للطباعة؟ مستقبل اإلنسان إلي أينالعلم و فلسفة العلوم ـــ :بدوي عبد الفتاح 1-

Page 49: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 40 -

ديةللعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النق فييرابند نقد

:لـمدخ هافلثورات العلمية اليت عر ل استجابة واليت جاءت ،العلم املعاصرة فلسفة النقدية اليت ميزت الروح إن الكالسيكيعليها العلم م اليت قااملناهج و والتصورات املبادئ و واألسس كل املفاهيممراجعة إىل أدت ،نيالعشر القرن

تلف خم بني النقاش حمور حيث شكل ،النقدية املراجعة ههلذ عرضةقالنية من أبرز املفاهيم الع قد كان مفهومو سمري الكاتو إ و"، ( k.Popper ) بربو رل اك"الرباعي اإلبستمولوجي عند خاصة ة،املعاصر ستمولوجية ياالجتاهات اإلب(I. Lakatos) "توماس كوهنو (T. Kuhn) بول فيرابند" و ) Feyerabend P.( "

م يشرتكون قدم تصورا خمتلفا ملفهوم العقال قد أن كل فيلسوف من هؤالءمن الرغم ىعلو نية العلمية، إال أ العقالنية حول طبيعة أساساوالذي انصب ،بينهم املستمرو احلوار الدائم ىعل عالوة ،املنطلقات العديد من يف

عن املعايري العقالنية الكشف ، و النظريات العلميةو لبحث يف موضوعية احلقائقاك،يامليتودولوجو ا اإلبستمولوجييف ثو االهتمام بتاريخ العلم، و املفاضلة بني النظريات العلميةمعايري ، و بتمييز القضايا العلمية عن غري العلمية اليت تسمح

.طبيعة املنهج العلمي املوصل إليها، و تطور املعرفة العلميةاالجتماعية يف و وامل اإلنسانيةدور العو العقالنية جلميع نظرياتنزعته النقدية الالذعة يف املعاصرين باقي فالسفة العلمعن فييرابند متيزويكمن

كما عرب "العقالنية النقديةو " "النزعة االستقرائية"من هموقف ، وسنتناول يف هذا الفصلاملعاصرةو ةالكالسيكي العلمية .(Karl Popper)"رل بوبراك"عنها أستاذه

:نطـقيةالتجريبية الم -1-

يف النصف األول من أهم توجه فلسفي للفكر العلمي )(l’Empirisme logique " التجريبية املنطقية"تعد قدمت نفسها املمثل الشرعي و ،القرنهذا كرب من احلراك الفلسفي يف بواكري حليز األأخذت ا فقد، القرن العشرينقد عرفت و، منافسبدون و ريكيةلو أمجنألا تجريبية املنطقية هي فلسفة العلمكانت ال 1950حىت عام ، و لفلسفة العلم )(l’Empirisme scientifique "لعلميةتجريبية االو ")Cercle de Vienne("ناي حلقة ف": منها، بعدة أمساء اخالل تطوره

).positivisme logique( "الوضعية املنطقيةو

Page 50: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 41 -

حلقة ف ترجع بداية نشأة هذه احلركة إىلو )Moritz Schlick )1936-1882 "ريس شليكو م"اليت أسسها "ناي

Carl Menger "كارل منجر"و، )Hahn Hans )1879-1934"هانز هان":الرياضي:نذكر منهم، مع مجاعة من العلماء Otto Neurath"وراثيأتو ن" :وعامل االجتماع Frank Philip (1903-1968)كفران فيليب:الفيزيائيو ، )1840-1921(

العلميةالذي اهتم مبسائل اللغة )1891-1970( Rudolf Carnap "بارودولف كرن" :املنطقي األملاين، و )1882-1945( .)Victor Kraft )1880-1975"رافتفيكتور ك "و

هو إال أن مرد جتانسهم، القانونو التاريخ ، و االجتماع علمو ، رياضياتو ، فيزياءهؤالء من ختصصات رغم تعددو م اهتموا مجيعا .)1(املنطقيالتحليل من نابعةوأرادوا تأسيس فلسفة ، مبسالة املنهج أ

امتد نشاط احلركة إىل أملانيا أين ،1929سنة "نا تصورها العلمي للعالمي حلقة ف": ةبعد صدور بيان الوضعية املنطقيو Richard von Mises"فون ميزس"و ،)Hans Reichenbach )1953-1891 "ريشنباخ انزه"أنضم إليها كل من

.)1905-1997( Carl Hempel"كارل همبل"، و)1883-1953(

العامل ألجنلوساكسوين وأصبح هلا أتباع يف كل أحناء ،ت يف عدة مدن أوروبيةاحلركة عدة مؤمترا هذه وقد عقدت الصدقو اللغة"يف إجنلرتا أين أصدر مؤلفة Alfred Jules Ayer (1989-1910) "آيرجولز ألفرد " حيث مثلها

"ارنست ناجل"مريكيةنضم إليها من الواليات املتحدة األا، و الذي يعترب البيان الثاين للحركةو ،1936سنة "املنطقو Ernest Nagel )1901-1985( )2(.

اأفكارهبلورة و رية كان هلا تأثري بالغ يف نشأةفك إىل عدة تيارات املنطقية لتجريبيةالفكرية ل ترجع األصولو )Auguste Comte )1798-1857 "كونت أوجست إليها دعااليت للنزعة الوضعية الكالسيكية فهي تعد منوذجا متطورا

ظواهرهو وص يف حدود تفسري هذا الواقععن الغاإلمساك و اليت حصرت مهمة العلم يف التقيد حبدود ظواهر الواقعو ا خاضعة لقوانني ثابتة حيث "كونت"فامليزة األساسية للفلسفة الوضعية كما يراها هي مالحظة كل الظواهر على أ

ذلك باعتبار أن البحث عن األسباب األوىل و ،عدد ممكن هو هدفها األمسىاالختزال إىل أقل ، و االكتشاف الدقيق )3( .اإلطالقال ميكن الوصول إليها على و هو فارغ من أي معىن

14، ص 2001، دار املعرفة اجلامعية ، اإلسكندرية ، ) املقدمة (ماهر عبد القادر حممد علي ، ترمجة ، منطق الكشف العلمي :كارل بوبر 1- 16، ص املرجع نفسه 2- .26، ص م س، العلوم فلسفة ىإل مدخل: حممد عابد اجلابري 3-

Page 51: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 42 -

من كلكما مثلها "التجريبية الكالسيكية"،من املنابع الفكرية اليت استقت منها التجريبية املنطقية عقالنيتهاو " ارنست ماخ"و )1685-1753( George Berkeley"بركلي"و )David Hume )1711-1776"هيومفيد اد"

Ernst Mach )1838-1916( ةيلللمعرفة القب موقفها املعادييف.

مجيع أفكارنا عن ، و اخلربة احلسية هو، نستقي منه العلم بالواقع الذي (Mach) "ماخ"حسب، فاملصدر الوحيد وهذا، مباشرة من االنطباعات احلسية غريفهي نسخ مباشرة أو ، احلسيةتحليل إىل اخلربة الالنهاية جع يف الواقع تر

أن وجهة النظر " أحد أبرز ممثلي هذه النزعة (Ayer)" آير "إذ يقول، التجريبيةــــ بية اجلديدة سبب تسمية النزعة الوضع أن ما مييز التجريبية هو رفضها للميتافيزيقا، و نزعة تجريبية سمادي أن نطلق عليه تبنيناها ميكن يف اعتقاالفلسفية اليت

)1(." احلسية على التجربة تقوم إميانا منها بأن كل قضية واقعية

أننا ال نعرف « ىعلإىل التأكيد "فيزياءلس الفلسفية لاألس" يف مستهل كتابه(Rudolf Carnap) "بارناك"يذهبو ا سوى امتدا، و ال نستطيع أن نعلم إال احلقائق احلسيةو ،حواسنا مميثل أما إال ما د طبيعي لدائرة ما املعرفة العلمية ذا

ا يف حياتنا كل يومفاملالحظات اليت ن، املعرفة املباشرة حىت املالحظات العلمية املنسقة تكشف لنا عن وجود ، و قوم ا عبارات ا شيئني العلمية ليست القوانو ،اطراد يف العامل اخلارجيو تكرار تصوغ بأكرب دقة ) قاتو منط(أكثر من أ

)2 » هذه ممكنة أنواع االطراد

اليت الفلسفة التحليلية املنطقية، من أهم التيارات الفكرية اليت استلهمت منها التجريبية املنطقية عقالنيتهاو )1861-1947( Alfred Whitehead"وايتهده"و، )Gottlob Frege )1848-1925" فريجه"من طورها كل

)1889-1951( Ludwig Wittgenstein"فيتجنشتاين"تلميذهو )Bertrand. Russell )1872-1970"ند راسلابرتر "و .اليت اختذت من التحليل املنطقي منهجا هلا يف معاجلة اللغة العلميةو

الذي ألفه "رسالة منطقية فلسفية" السيما يف كتابهو بالغ يف بلورة فكر التجريبية املنطقية أثر )فيتجنشتاين"ـــ لقد كان و دها ايف اعتم، و قاللميتافيزي املناهضالذي كان ميثل الدعامة اليت اعتمدت عليها التجريبية املنطقية يف موقفها و ، 1921عام

.علملالاو كمعيار للتمييز بني العلم" لمبدأ التحقيق"

.11ص ، ، م س لعقالنية العلمية المعاصرة ومفهومها للواقعا : تيفو سامل 1- .20ص ، 1،ط 1993ترمجة وتقدمي ، السيد نفادي ، دار التنوير للطباعة والنشر ، لبنان ، ءللفيزياالفلسفية األسس :رودلف بانر اك 2-

Page 52: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 43 -

ا فلسفة العلمو األفكار حقللتجريبية املنطقية مزجيا من تالقد كان اإلطار الفكري ل القرن العشرين يف املفاهيم اليت أفرز

الفلسفة أفرزتهما باإلضافة إىل ،النسبيةو نتيجة التطورات العلمية اليت عرفتها الفيزياء النظرية خاصة مع نظرييت الكم فلسفة ليت عرفتهاا اغة جديدة لعقالنية جتريبية تتالءم مع متطلبات تلك االنعطافاتالتحليلية املنطقية من صي

.العلم املعاصرة

"أينشتاين" نسبية ا"اليت جاءت املفاهيم اجلديدةو يلية املنطقيةقد جتلى هذا الرتابط بني الفلسفة التحلو الذي تتوافق " الذرية المنطقية" ملذهبيف تبنيهما " فيتجنشتاين"ميذهتلو (Russell)" راسل"بشكل واضح يف فلسفة

على أن هذا التصور القائم ،يف تصوره للعامل الفيزيقي "يناينشتأ "الذي قال به "األحداثمفهوم "مفاهيمه األساسية مع "الزمكان"ل قدرا من مركب شيئا يشغتعين بلغة نظرية النسبية" الحادثة"، وال من أجسام، "أحداث"العامل يتكون من

ا عن مكانه كما أشرنا إىل ذالك يف الفصل السابق إذ .ال ميكن فصل زما

ال تتحرك يف زمان معنيو احلادثة ال تبقى نإ «":راسل"يقول ، رب عن ماهية احلادثةهو ما يع "املكان-فالزمان " جمموع سالسل هذه احلوادث هي اليت تؤلف تاريخ و ،مث تنتهيا توجد يف اللحظة اليت تقع فيها إ، مكان حمددو

. )1( »له تلك احلوادث ميتافيزيقي حتدث نه كيانأال على ، ينظر إىل اجلسم على أنه تارخيهإذ ، كله ماجلس

إىل وقائع العامل"تاينجنشتفي"وتبعه يف ذلك تلميذه ،"راسل" حلال يينتااالينش" األحداث"مفهوم وعلى أساس فكانت ، منها اللغة اليت تتكون القضايا األوليةو ووضعا مطابقة بني هذه الذرات من وقائع العامل، أو أحداث ذرية

ال هي األخرى، ذرية يف اللغة ها قضيةبلتقا، واقعة أو حادثة ال ميكن حتليلها إىل وقائع أبسط منها كل ذرة من الواقع " يناشتنجتفي"و، "راسل" كل من اتبناه اليتالذرية المنطقية "هذا هو فحوىو ا،ميكن حتليلها إىل قضايا أبسط منه

يناشتنجتفيالذي ألفه " رسالة منطقية فلسفية" :كتاب السيماو ، بالغ األثر يف بلورة فكر التجريبية املنطقية الذي كان هلما(Wittgenstein) للميتافيزيقا املناهض موقفها يف الدعامة اليت اعتمدت عليها الذي كان ميثلو ،1921 سنة

. علماللاو للتمييز بني العلم كمعيار "حقيقلمبدأ الت" يف اعتمادها و "نري بوانكارييه" على يد كل منمنذ منتصف القرن التاسع عشر، خاصة ، كما كان لتطور نظرية املنهج العلمي

Henri Poincaré )1854-1912( بيار دوهمو"Pierre Duhem )1861-1916( املنطقية فكر التجريبية أثر بالغ يف بلورة

لد ء النسبيةألف با :برتراند راسل 1- .36ص ، ،1965، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة 572، ترمجة فؤاد كامل، سلسلة األلف كتاب ، ا

Page 53: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 44 -

التطورات حققالنيتها اليت كانت مزجيا من تالنطقية عهذه أهم املنابع الفكرية اليت استقت منها التجريبية امل

تتالءملعقالنية جتريبية ياغة جديدةمن صمع ما أفرزته الفلسفة التحليلية ، اليت حصلت يف جمال العلوم الطبيعية الكبرية .مطلع القرن العشرينمنذ فلسفة العلم تهافمتطلبات تلك االنعطافات احلادة اليت عر مع :المبادئ الفكرية األساسية للتجريبية المنطقية

: نظرية المعنى -1- قد كانتو ، فلسفتها يدة اخلاصة اليت قامت عليها العقمبثابة نظرية يف املعىن اعتربت ، التجريبية املنطقيةلقد وضعت

يف امليتافيزيقي جمل الصرح مب متتلكه من صرامة يف اإلطاحة ملا، ارة اجلدل بني التيارات الفلسفية املعاصرةسببا يف إث منخالية قضايا و ،ذات معنىقضايا :إىل النظرية على أساس تقسيم القضايا تقوم هذهو ،عموم املشروع الفلسفي

:إىل نوعني املعىن القضايا ذات وتنقسم ،المعنى حبيث ال يضيف فيها الفكر شيئا جديدا ، هي القضايا اليت يكون حمموهلا متضمنا يف موضوعها، و القضايا التحليلية

معيار صدقها هو االتفاق املنطقي بني، و صادقةو قضايا يقينيةو ،حتصيل حاصلو فهي قضايا تكرارية، إىل معلوماتههذه القضية مرتبط فصدق، املثلث شكل هندسي له ثالثة أضالع مستقيمة وثالث زوايا: كقولنا ،احملمولو املوضوع

من نوع هذه القضايا و الزواياو إذ ال ميكن للمثلث إال أن يكون ثالثي األضالع، )مبدأ الذاتية(مببادئ العقل .الرياضياتو قضايا املنطق

متتلك قيمة بعدية قضايا تركيبيةهي و ،قضايا العامل التجرييب يتمثل يف املعىن ن القضايا ذات النوع الثاين م فالقضية إما ظين،و بل هو واقعي حسي ،غري عقليو صدقها غري بديهي، و الواقعو مصدرها التجربة، و عن الواقع إخبارية

من هذا ، و يقينية بالتايل فهي تكرارية صورية مثو ون حتليليةأو تك ،احتماليةو بالتايل فهي اختياريةو أن تكون تركيبيةا ألفاظو الصنف قضايا الرياضيات .)1(هلا مضمون حسي ليس و ،رموزو املنطق اليت تتسم بالصورية اخلالصة أل

، انطالقا من هذا التقسيم للقضاياو صورية أخرىو علوم واقعية، ز التجريبيون املنطقيون بني صنفني من العلوممياو حتاول العلوم اإلخبارية كشف وقائع العامل الرياضيات و علوم صورية كاملنطقو ،معيار صدقها هو التجربةو ،التنبؤ

ردة . اليت نثبت صدق قضاياها دون االحتكام إىل التجربة ا

188ص ، 1958 1ط ،ة ألجنلو مصريا بةتمك ، نحو فلسفة علمية:زكي جنيب حممود 1-

Page 54: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 45 -

من كل ما خيرج و ،واقعية جتريبيةمعارف ، و معارف فكرية لغوية، املشروعةو ن من املعارف الصحيحةافهناك نوع

عندما تكون مجال أي ،يف القضايا فحىت عندما يتوفر الشرط النحوي، عةو معرفة غري مشر هذين املنطقني من املعرفة يعدا ،لغوية صحيحة ترتب ألفاظا ترتيبا منظما حيرتم قواعد النحو ا الشرط املنطقي تستويف القد فإ للقضايا أي كو

.)1( )العلوم التجريبية( أو تتعلق بظواهر العامل اخلارجي ،) الرياضياتو املنطق(رتبط إما بصور الفكر ت قضايا فالقضية املنطقية تكون صحيحة منطقيا ، املنطقية تعين الصالحية املنطقية الضرورة«: (Carnap)"برنااك"يقول

ا صادقة فقط عن طريق ،مل تقرر شيء عن العاملإذ .)2( »د قيمة املعاين اليت تنظمها احلدو إ

التحليل املنطقي الذي يربز إن كانت القضية حتمل داللة ى هذا األساس فإن مهمة الفلسفة هيعلو تكون الفلسفة لنو ،أو ال تكون ذات داللة ،ذا يكون هلا حق االنتماء إىل مادة علم معنيو إشارة مباشرة إىل العاملو

املضمون الذي سارت فيه هو أمر سيسمح هلا بأن تسري يف نفس الطريق العلميو ،علما إال إذا التزمت حدود التحليلالعلمية بدال من االهتمام بأشباه املشاكل االهتمام بالقضايا ، و التحديدو الوضوحو املتسم بالدقةو باقي العلوم األخرى

ال تكون نتيجتها عددا من القضايا ، و فهي ليست نظرية بل فاعلية ،رفموضوع الفلسفة هو التوضيح املنطقي لألفكا أو تناوهلا تناوال ، حقائق األشياء دراكيراد به إ، علما من العلوم فليست الفلسفة، إمنا توضيحا للقضاياو الفلسفية

اللغوي تحليلالي بل مهمة الفلسفة ه ،من املعرفة املمكنة ألوحداعلميا فهذا من اختصاص العلم ألنه النمط )3( .العلملقضايا

ذا تصبح الفلسفة إال عاملمن هناك فليس، هدفها هو التوضيح ال اإلضافة اجلديدة" منطقا للعلم"و )4(.املختلفةليس ألحد أن يتحدث عن العامل حديثا موضوعيا إال رجال العلوم ، و الواقع عاملا البتة أن (Ayer) "آير"ى ير و اليت يضعها لتدخل يف منافسة الفروض مليةتأ معارفتنتج أنالفلسفة ليس من شأ تنحصر يف توضيح ن وظيفتهاإبل ، خطابا حول مشروعية النظريات العلمية تصوغال من مهمتها أن و ،حثها العلمبيو

ا مع إظهار العلم قضايا )5(. فحسب جعلها واضحةو املنطقية ارتباطا

.121ص م س، ، فلسفة العلم المعاصر ومفهومها للواقع: تو فيسامل 1- 204ص ، ، م س الفلسفية للفيزياء األسس: رودولفب ارناك 2- 4ص ، 1968، 1ط االجنلو مصرية ، املكتبة’،ترمجة عزمي إسالم "رسالة منطقية": لوديغ فيتجنشتني . 3- 23ص ، 1987 3ط القاهرة ، دار الشروق "الميتافيزيقياموقف من : " زكي جنيب حممود 4-

5- A. J. Ayer : langage, vérité et logique , Traduit par J. Ohana (Paris : Flammarion, 1956 p. 37.

Page 55: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 46 -

قضايا امليتافيزيقا املعىن أنكرت التجريبية املنطقية القضايا اخلالية من ، و لتمييز بني القضايا ذات املعىنانطالقا من هذا او

ا ليست قضايا حتصيل حاصلباع .من املعىن لتايل فهي قضايا خاليةبا، و ال قضايا جتريبية، و تبار أ سبققد ف، سبقا للوضعية املنطقيةف الرافض للميتافيزيقا ليس املوق أن هذاهذا السياق إىل ونشري يف

ـــ ــ ـــ أو خذنا يف أيدينا جملدا يف الالهوتإذا أ « يقول حيث وهم،الو سفسطةبال وصفها أن Dــ Hume هيوم. د"لـهل ، كال العدد ؟و يتعلق بالكم جمردهل حيتوي على أي تفكري ، دعونا نتساءل املثال املدرسية على سبيل امليتافيزيقا

حيتوي أن مبقدوره فليس ق به إذن يف اللهبلفلن، الوجود ؟ كالو تعلق بشؤون الواقعجترييب على أي تفكري حيتوي )1( . » األوهامو الرتهات سوى

اليت مراحل الفكر ال ميثل إال مرحلة من (Auguste Comte)"أوجست كونتعند التفكري امليتافيزيقي أنكما . ضرورة إزالة كل العناصر امليتافيزيقية من العلم ىلإ ("Mach) "ماخ" ذهب، و أن يتم جتاوزها إىل املرحلة الوضعية ينبغي

أقاموا قد إال أن التجريبيني املنطقيني، الال علمي اطابعه باعتبارلرغم من هذا الرفض املبكر للميتافيزيقا على او بل هي ،ال كاذبةو فهي قضايا ليست صادقة ، لغو بل هي جمرد ،قضاياها خالية من املعىن أنضهم هلا بناء على رف

.)2(مجيعا ال معىن هلا قضاياها كما ذهب إىل معرفة العقل عن أي عجز، امليتافيزيقيا ليس مرهونا بطبيعة ما ميكن معرفته إن رفض

أي أن لغتها ، الرفض ناجم عن البنية اللغوية للقضايا امليتافيزيقية بل )Emmanuel Kant )1724-1804"كانط"ذلك يف ميدان لعقلتافيزيقي ليس ألنه حياول استخدم اعلى الفيلسوف املي حتاملنا إن: (Ayer) "آيريقول ، خالية من املعىن لكي تكون تتوفر أنها الشروط اليت البد بل ألنه يقدم عبارات ال تتوفر في ،بنجاح يغامر فيه أنيستحيل عليه

. )3(العبارة ذات معىن ال هي و ،املنطقي تساقفالقضية امليتافيزيقية ال هي قضية منطقية رياضية ميكن التأكد من صحتها عن طريق مراعاة اإل

كنة فال توجد أي جتربة مم اياأشباه قضو بل قضايا زائفة، فهي ال متثل قضايا حقيقية، ذات حمتوى واقعي قضية اختبارية "اس الوجودـأس وهرـأو اجل، ان ـاملطلق خارج الزم:"جتعلنا نتحقق من قضايا مثل

30ص دار األفاق اجلديدة ،د ت ، جنيب احلصادي الدار اجلماهريية للنشر والتوزيع واإلعالن،، ترمجة وتقدمي ، الوضعية المنطقية : جي.آير أ 1- ص 51، ، م س يقاموقف من الميتافيز : زكي جنيب حممود 2-

3 - Alfred Ayer : Langage vérité et logique , op . cit – p 42

Page 56: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 47 -

ليست لنا أية مالحظة جتعلنا قادرين على ، و فال ميكننا التحقق منها نظريا، ال حتمل أي معىنو فهذه العبارات فارغة

ا إال ملا ، و له ال زمان و أما املطلق فال مكان، زمان معروف، و ا يكون يف مكان معلومتشري إلية القضية إمن ن ماأل، إثبا .)1(القيود مطلق من وصفه بأنه صح

إىل ما التجربة احلسية و إن رفض التجريبية املنطقية للميتافيزيقيا ال يرجع إىل عجز اإلنسان عن جتاوز حدود الواقع

ا ترمز إىل الشيء خارج حدود الواقع اخلارجين القضايا امليتافيبل أل، وراءها خارج حدود العالقات ، و زيقية تزعم أال ميكن إجياد أجوبة ، و اهلذا تبقى قضايا فارغة أو خالية من املعىن ال ميكن التحقق من صحتها أوكذ، املنطقية الصورية

أن منطق التحليل يلزم أن تكون األلفاظ طاملا، مبدئيةو ل هي صعوبة منطقيةب، صعوبة إجياد األجوبة ليست عملية، و هلاإىل أن معارضة امليتافيزيقا طوال (Carnap) " بارناك" يشري السياقيف هذا ، و العبارات تشري إىل وقائع موجودة فعالو

أن دون ، القول بال فعاليتها بل كل ما كانت تؤكد عليه هو أو تقرتح حال جديدا، تاريخ الفلسفة مل تكن تعطي بديال )2( .امليتافيزيقية القضايا املتناقضة اليت تقوم عليهاتربز األسس

:ة للتحقق يمبدأ القابل صحتها منحتديد فاجلملة اليت ال ميكن، أساس نظرية املعىن عند التجريبية املنطقة *قيمبدأ القابلية للتحق يعد

العقليني قد اعتقدوا أن من على الرغم، و هلا مجلة ال معىن هي (Reichenbach)" ريشنباخ"حسب ممكنة مالحظاتاأ فمعىن )3(القابلية للتحقق يف مجيع العصور قد أكدوا أن املعىن يتوقف على التجريبينيفإن ،نه توجد معان يف ذا

فالقضية، املنطقو وليست قضايا الرياضيات، هي القضية التجريبية املقصود هنا بالقضية، و القضية هو طريقة حتقيقهامبعىن أن القضية لكي ، ةأو كاذب ةفتكون بذلك صادق، التجريبية تكون ذات معىن إذا أمكن إخضاعها لتحقيق جترييب

.التحقق منها ينبغي أن تشري مباشرة إىل واقعة جتريبية ميكن، تكون ذات معىن

من مثة ، و معنىعن الال المعنىعقالنيا منيز به معيارا مبدأ التحققمن ذا جعلت التجريبية املنطقية و الذي جعل القضايا األولية للغة اليت متتلك ، (Wittgenstein)ين تاشنمتأثرة يف ذلك بفتج، عن غريها النظرية العلمية

كانت القضية ، فإن وجدت هذه الواقعة الذرية يف الواقع، هي اليت ترسم صورة هلا يف الواقع على هيئة واقعة ذرية معىن يف حني ،لكن كاذبةو ذات معىن القضية األولية كانت، إن مل توجد تلك الواقعة الذرية، و صادقةو ية ذات معىناألول

68ص ، 1968 بريوت ، دار النهضة العربية ، فلسفة الوضعية والتربية : لطفي بركات امحد 1- 124ص ، م س ، فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع: تو فيسامل 2- 225ص . ، ،م س الفلسفة العلميةنشاة : خريشنبا هانز 3-

Page 57: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 48 -

اليت هلا القضية أنأي ، ال معىنبفان القضية ستكون ، عاجزة عن رسم صورة لواقعة ذرية يف الواقع القضيةكانت إن

)1(. أم كاذبة على حد سواء ملمكن التحقق منها إن كانت صادقة روع صحيح لرسم صورة يف الواقع من اشم هيمعىن

مـــــ ،التجريبية املنطقية يف حتديد هذا املبدأ ءاقد اختلفت تصورات أعضو تصورات يشرتكون يف على الرغم من أــ نفس الطريقةبسائل يواجهون املو بعينهاواحدة ــ حىت :"قوله ب (Moritz Schlick) " موريتس شليك"فقد عرب عنه ــ

فاخلربة هي ،صادقة دقة للحاالت الفردية اليت جتعل القضيةبري شنفهم قضية ما ينبغي أن نكون قادرين على أن نا صدق اليت تقرر الوقائع التجريبية اليت ميكن و ،عىن القضية إمنا يتحدد جبملة اخلربات احلسيةمف، )2( "القضايا أو كذ

.مباشرةاإلشارة إليها

معىنالالو معيار للتمييز بني املعىنمبدأ القابلية للتحقق الذي اعتمدته التجريبية املنطقية ك تعرضوقد : من أبرزها عرتاضاتاال مجلة من إىل الالعلم و بني العلمو من الواضح و ،أم اخلالية من املعىن، تجريبيةأم ال ،التساؤل عما إذا كان هذا املبدأ نفسه يقع ضمن القضايا التحليلية

أي قضية ، وبالتايل هو خال من املعىن، ألنه ال ميكن التحقق منه، ليس قضية جتريبية نهأكما ، يةحتليلأنه ليس قضية رب قضايا جتاو ،قضايا العلم عتماد على معيار ميتافيزيقي لقبولباال ،عليه فكيف تقبل التجريبية املنطقيةو ،ميتافيزيقية

.على نفسه يؤدي إىل وضعه يف فئة اجلمل اخلالية من املعىن " مبدأ التحقق"فتطبيق ،امليتافيزيقيا يف الوقت نفسه معىن فروض ذاتو تبقى قضايا مع ذلك، و فروض ال ميكن التحقق منها جتريبياو كما أن هناك قضايا ماثل ظروفها مع ظروف كوكب األرض من ناحية املناخ ،(Neptune) تونكوكب نب علىمثال ذلك فرضية وجود حياة و فهل يعين ،لكن ال ميكن التحقق منها جتريبيا لصعوبات تتعلق بالتقنية العلمية احلاضرة، و املكونات الغازيةو الرتبةو

.)3( غري علمية ؟و هذه القضية بدون معىنأن هذا صعوبة تفسري القوانني العلمية من حيث ،ا مبدأ التحقق يف صورته األوىلمن بني االنتقادات اليت تعرض هلو

ا قضايا كلية أمر التام ققـفالتح ،يـا القانون العلمـال تستطيع اخلربة التجريبية أن تتحقق من كل اجلزئيات اليت يشمله أ

86 –85ص ، م س، طقيةنرسالة م: "فتجنشتنب لودفيغ 1- 112، ص 1975 بريوت ، النشرو دار النهضة العربية للطباعة ، الفلسفةمشكالت : عليماهر عبد القادر حممد 2- 241ص ،1989هرة القا ،للكتاباهليئة املصرية العامة فلسفة كارل بوبر :اخلويل فميىن طري 3-

Page 58: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 49 -

فإن ،بصدد تفسري الظواهر هوو اليت يضعها العامل فإن كنا نبحث عن التحقيق للفروض، الرتباطه باالستقراء مستحيل

اية الع .)1(الدقيق للكلمة امل حىت ميكننا أن نتحقق باملعىنهذا اإلجراء يتطلب منا أن ننتظر اختذ معيار التحقق صورا جديدة جعلته أقرب إىل العقالنية املطلوبة يف فلسفة العلم ،نتيجة هلذه االعرتاضاتو التحقيق و ،التجرييب أو الفعليالتحقيق ، الذي ميز نوعني من التحقيقو Ayerآير الصور تلك قدمها من هذهو

. )2( من حيث املبدأ

ا مباشرة إىل التجربة التجريبية الوقائع ، و التحقق من صدقها، و فالتحقيق الفعلي خاص بالقضايا اليت ميكننا الرجوع ال ميكننا كان إن، و تقبل التحقيق من حيث املبدأ ىبينما تبقى هناك قضايا أخر ، ههي وحدها الكفيلة بالبت في

.)3( بذلك للقيام الضرورية و نقصان الوسائل الالزمةل ذلك يعود و ،منها بالفعل نتحقق أن القوي توصف حقيق باملعىنفالت، التحقيق باملعىن الضعيف، و أيضا بني التحقيق باملعىن القوي "Ayerآير "كما ميز

هذا املعىن للتحقيق ينطبق على القضايا التحليلية قضايا املنطقو ،به القضايا اليت ميكن إثبات صدقها إثباتا حامسا .)4(االنفعاالت الشخصية و القضايا اليت تعرب عن اإلحساسات، و هي القضايا الوجدانيةو ،القضايا األولية، و الرياضياتو

ا تعب، فينطبق على القضايا التجريبية يق باملعىن الضعيفوأما التحق املالحظات ن عريذلك أنه على الرغم من أبل هي تدعيم فقط يؤيد ، الوقائع ال ميكنها أبدا أن تكون حتقيقا تاما هلاو فإن املالحظات، تسجيل خلربة مباشرةو

ا احتقيق إذ ال ميكن حتقيق القضية التجريبية، احتمالية صدقها أو ينفيه مهما ازدادت احلاالت اليت تواجهنا ، حامسا ألعددا ال متناهيا من هناك كما أن ، فال ميكن إقامة الصدق الكلي للقضية، ا اخلربة احلسية لتأييد القضية التجريبية

.)5(أو املستقبل، يف احلاضريف املاضي أو سواء ما كان منها، ومل تطلعنا عليها اخلربة، األمثلة اجلزئية املندرجة حتت القضية درجة ، و أو درجة التأييد، استبدله بقابلية التأييدو ،فقد ختلى على مبدأ التحقيق (Carnap) "بارناك"أما نباالستناد إىل هاحتسب درجة تأييدو ،هي ميل القضية إىل اليقني، لتأييدا أو البيانات اليت ا كانت الشواهدكلمو ، ةــالبي

التنبؤأو ، بقوانني جتريبية جديدة ن تتنبأ القضية كأ ، )6(تأييد القضيةتنوعا كلما ازدادت درجة و الفرص أكثر غىنتؤيد كما Karl Popper (1994-1902) "كارل بوبر"يقرتب هذا املوقف من موقفو ،بظاهرة جديدة مل تلحظ من قبل

.سنتطرق إليه الحقا

117ص ، م س، مشكالت الفلسفة:ماهر عبد القادر 1-

2 - Alfred Ayer : langage, vérité et logique, op. cit , p 43 3 - Ibid, P 44

36 - 35ص ، س م ، الفلسفية للفيزياء األسس: كارنابف رودول 4- 116ص ، ، م س مشكالت الفلسفة: القادر ماهر عبد 5- 36 -35ص ، س م ءالفلسفية للفيزيا األسس:كارناب ف رودول 6-

Page 59: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 50 -

ــــة الم - ــنعقالنيــــ :جـــــهــــ

ا أخذت باملنطق االستقرائي كسبيل من حيث، استقرائيةالتجريبية املنطقية ذات نزعة تعد وأضفت للكشف العلمي أفالنزعة التجريبية ،النزعة املنطقيةو ترتكز نظرية املنهج على دعاميت النزعة التجريبية، و منطقيا صارماو عا استنباطياباعليه ط

ألن ، للوصول إىل املعرفة العلمية ستقرائي هو املنهج الوحيداالمتلي عليها أن يكون املنهج ستومولوجيا ياليت توارثتها ابلذا من الضروري ، أن العقل صفحة بيضاء ترتسم فيه املعرفة من اخلارجو ،املعرفةالتجربة احلسية أو املالحظة هي مصدر

هو املنهج الوحيد الصائب إلقامة و ج االستقراءوقائع عن طريق منهو أن تكون احلقيقية العلمية مؤسسة على مالحظاتفهو دور أساسيمن غري أن يكون لالستقراء فيه ة آخر لبناء معرفة علمي الإذ ال ميكن تصور سبي ،املشروع العلميردلالنتقال السبيل الوحيد .من التجربة احلسية إىل التعقل ا

ديه احلق من الواضح أن العلم بدون هذا املبدأ سوف لن يكون ل.."عن املبدأ بقوله (Reichenbach) "ريشنباخ"يعربو مبدأ االستقراء مقبول صراحة من جانب العلم بأسرهو ،"إبداع عقوهلمو اخلالق خيال الشعراء عنمتييز نظرياته يف

.)1( أنه ال ميكن ألي إنسان أن يشكك يف هذا املبدأ حىت يف احلياة اليوميةو لغة للعلم سعي هذه العقالنية إىل بناء فيفرضها ،ية اليت جعلت من االستقراء املنهج السليم للعلمعة املنطقنز أما ال

اليت ال ميكن و )مجل الربوتوكول(تكون مطابقة لوقائع مفردة أولية عبارات أوليةو مؤسسة على مجلو ،حمكمة منطقيا .احلصول عليها إال من خالل منهج االستقراء

األخرية ستشيد جممل ، و الوقائع املفردة ستقرر مجل الربوتوكول األساسية، و ء سيقرر الوقائع املفردة اخلارجيةفمبدأ االستقراباستخدام قواعد املنطق األساسية و ،")علم الداللة( Semantics(" السيمنطيقا"احملتوى املعريف عن العامل اخلارجي يف لغة

هذا هو جوهر املشروع التجرييب ، و على لغة العلم احملكمة منطقيا سنحصل )مجل اللغةو يف تركيب حدود العبارات( )2( موحدةو املنطقي إلنتاج لغة علم حمكمة

الوقائع املفردة كانت التجريبية املنطقية ال ختتلف يف هذه املرحلة األوىل من مراحل منهج االستقراء املتعلقة جبمع ذاإو "ميل. س.ج"و Francis Bacon (1626-1561) "بيكون"عند لالستقراءي من العامل اخلارجي عن النموذج األساس

(1806-1873) John Stuart Mill ،تتجاوز هذا النموذج يف املرحلة الثانية من مراحل املنهج االستقرائيس اإف .التعميماتو املتعلقة بكشف القوانني العلميةو

65ص ، م س ، العلميمنطق الكشف : بوبر كارل 1- 130ص 2012، 1لبنان ط دار الفارايب ،بريوت ، ، الالعقالنية إلىفلسفة العلم من العقالنية : كرمي موسى 2-

Page 60: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 51 -

مجلة Mill) "ميل" حددو ، كشف هذه التعميمات إىل للوصولمال برناجما متكا (Bacon) "بيكون"فبعد أن وضع

فال وجود ، لالستدالل االستقرائي فإن التجريبية املنطقية تنكر وجود قواعد ثابتة ، اختبارهاو من القواعد لوضع الفروضعلى التحليل لو ة الكشف تعفعملي " الوقائع التجريبيةو الحظاتامل بناء على، ألي برنامج يدلنا على كيفية إنتاج القوانني

)1(حمل الوظيفة اخلالقة للكشف العبقري حتل" آلة للكشف"إذ ال توجد قواعد منطقية ميكن بواسطتها صنع ،املنطقيالنظريات و القوانني وجود قواعد ينبغي إتباعها للوصول إىل ،يف إنكار االجتاهنفس هذا (Carnap) باكرن يتجهو

العامل الفيزيائي من معاينة مئة نقوم بصياغة قواعد متكن أن من املشكوك فيه مثال ": الحظة بقولهالعلمية من الوقائع املا الظواهر املالحظة عن عندئذ يتمكن من وضع نظرية عامة، و ألف قضية تقرر أشياء خمتلفة ميكن مالحظتها يفسر

.)2( ....." قةخالإن ذلك يتطلب براعة .....طريق التطبيق اآليل لتلك القواعد

النظريات و بغي إتباعها للوصول إىل القوانني ت التجريبية املنطقية سذاجة االلتزام بالقواعد اليت ينز ذا جتاو و قدمت تصورا عن الكشف العلمي أقرب إىل واقع و (Mill et Bacon) "بيكون"و"ميل"العلمية كما حددها

.املمارسة العلميةدد التصور و (D. Hume)"هيوم"للمشكلة اليت طرحها مل يستطيع تقدمي تربير متنيالتصور هذا أنغري اليت

لتربير صدق القوانني املنطقيو أي التأسيس العقلي "تبرير االستقراء"ما يعرف مبسألة هو، و لتكون املعرفة االستقرائيمتاشيا مع االنعطافات اليت قدمتها بعقالنيةو ستقراءقد طرحت التجريبية املنطقية أهم إشكالية يف االو ، التعميماتو

جتاوزت مفهوم الربهنة و ،املطلقو اليقنيو يةاحلتمو يةجتاوز مفاهيم العل إىل اليت أدتو ،فة العلم املعاصرةسحصلت يف فل .فهوم التربيرمب هاستبدلتو ،أي مبدأ أو لقاطعة على صحة أية معرفةا

صدق االستدالل الربهنة على "هيوم"ىل دعوى أنه إذا كان من املستحيل كما يقول تذهب التجريبية املنطقية إو التجريبية سوى درجة عالية ةما احلقيقو ، فمن املمكن تربيره عن طريق جعل احلكم االستقرائي حكما مرجحا ،االستقرائي

. )3(من االحتمال التجرييب ما هو إال درجة منخفضة يف حني أن اخلطأ، من االحتمال

كانت الطريقة إنو ،أن التخلي عن االستقراء يعين جتريد العلم من أداته الكشفية (Reichenbach) ريشنباخيرى و حيث أنه يتيح لنا التنبؤ خبالف لكنه السبيل الذي ميلك األولوية املنطقية من، االستقرائية ليست السبيل الوحيد للكشف

204ص ، م س ، الفلسفة العلمية نشأة: يشنباخار هانز 1- 48، صس م ، الفلسفية للفيزياء األسس: كارناب ف رودول -2

307ص ،م س ، العلومفلسفة إلىمدخل : اجلابري حممد عابد 3-

Page 61: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 52 -

التنبؤ تفرتض تصنيف فإن إمكانية ،التنبؤو التفسريتتمثل يف علم األساسية فإذا كانت أهداف ال، السبل األخرى

منهجا ناجحا للقيام و مبدأ ررها مما ينتج لالستقراء أن يكونالوقائع إىل أنواع باالعتماد إىل عدد تكو احلوادث .ذه املهمة

هناك طرق وقد تكون"متثل الشرط الكايف للحصول عليها كانت املعرفة التنبؤية ممكنة فإن الطريقة االستقرائية ذاوإ ا املبدأ و كون املنهجيعليه س، و إال أننا نعرف املنهج االستقرائي جيدا، لكننا ال نعرفها) املعرفة التنبؤية( أخرى للقيام

. )1( ."التنبؤية الضروري لتربير معرفتنا

ائيةتفو لكن هذا ال يعين الوصول إىل تنبؤات دقيقة نتائج احتمالية ج املستقاة من املنهج االستقرائيفالنتائ ،سريات طريقة جيعل ، و لتربير االستقراء فالنظرية االحتمالية يف املعرفة أداة ،الفرضيات من طبيعة الفعل العلميو فمراجعة النظريات

ا جمرد ترجيحا إالال ميكن وصفها و هي معرفة احتمالية، و منه أفضل وسيلة لبلوغ املعرفة املتاحة أن املفاضلة كما،)2( أ .هي اليت متلك أكرب عدد من الوقائع احملققة هلا ،فالنظرية األكثر احتماال ،بني النظريات يتم وفق معيار االحتمالية

على االحتمالإال أنه أضفى ، االحتمالو نفس املنحى يف تربير االستقراء على أساس الرتجيح(Carnap) بارناكينحو و فاالحتمال املنطقي لدى (Reichenbach) ريشنباخ بعد أن كان ذا طابع تركييب بعدي عند، بعدا منطقيا حتليليا قبليا

الثانية هي البينة أو الواقعة و األوىل هي الفرض الذي نفرضه، هو عالقة منطقية تربط قضيتني (Carnap) باكرن بقاط 10/7يكون االحتمال املنطقي فيه ، لفرض مافإذا كنت تصوغ قضية تقرر أنه بالنسبة ، التجريبية نة مالبي

بديهيات نسق منطقي نـأو م معىن هذا أن القضية تنتج مع تعريف االحتمال املنطقي، و حتليليةو فالقضية كلية .)3(اخلارجي دون اإلشارة إىل العاملو ،دون الرجوع ألي شيء خارج هذا النسق املنطقي

حول طبيعة االحتمال (Carnap)ب ارناكو (Reichenbach) نباخشري بنيمن تفاوت وجهة النظر على الرغمو الرتجيح ل االستقرائي على أساس تربير اليشرتكان يف تربير االستد مافإ، قبلي أمبعدي ، منطقي أم ،إحصائي

.القدرة املعرفية اخلاصة باالحتمال د إىلاملستنو منهالناتج بارناكو (Reichenbach) ريشنباخور خاص خيتلف عن تصور فقد كان له تص (Hempel) "همبل"أما

(Carnap) كارل بوبريقرتب موقفه من موقف ، و(Karl Popper) ،رجحان "و "التعزيز" خاصة فيما يتعلق بفكرة بتطبيق ال تكون فة العلمية املعر نإ «: التالية صورة اليف (Hempel) همبلوميكن تلخيص منهج العلم عند ، "الصدق

308ص ،م س ، العلومفلسفة إلىمدخل : اجلابري حممد عابد 1- 216ص ، س م ،العلمية ة الفلسف نشأة : خريشنبا 2- 47ص ،س ، م للفيزياءلفلسفية ا األسس : بارناكرودولف 3-

Page 62: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 53 -

حلل أي إيداع فروض تسعى، لكن بتطبيق منهج الفرضية، مستقاة مسبقا معطيات طريقة استدالل استقرائي على

معززة الفرضية هلمعرفة كز التحقق التجرييب أوال على رتي، و مث إخضاعها الحقا للمراقبة التجريبية، املشكلة املدروسة .)1( »مجعها استطعنا اليتئل الدال ذاتالنتائج بكل

به لكنه يقبل ، (Popper) بوبر يرفض االستقراء رفضا كامال كما سنجد ذلك عند ال (Hempel) ن إعليه فو نظر يقينية من وجهة و بداهة ليهاتضفي عيرتكز على املعطيات اليت فقبول الفرضيات، لكن بتصور جديد

.)2(نسبيا قويأو تأكيد ، ستقرائيسند الكنها متدها ب، ستنباطيةا

عقالنية املعرفة و موضوعية يربر الذي املنطقية هو املنهج تصور التجريبيةيف االستقراء سبق فإن على مابناء و ال يثبت التأييد االستقرائي و ، التجريبية الوقائع و ةنالبي فالذي يربر قبول الفروض العلمية هو تأييدها على أساس ، العلمية

.إمنا جيعله أكثر احتماال، و صدق الفرض أو القانون العلمي

املبدئية الشروط بعض ةداعسشتقة عن الفرض مبامل التنبؤات إذا كانتحتديد ما يتم اختبار الفرض عن طريق و العامل ا ال تعتمدكما أ، ستقلة عن النظريةمعطيات املالحظة ض أن مرت املفمن و ، ال أممعطيات املالحظة تفق معت

كلها فيها ترد اليت احلدود مادامت ايدةالمحاملعطيات تلك صياغة يتم فيها اليت العبارات و ،باملالحظة القائم عية و موض العلمية بصورة عبارات املالحظة األساس الضروري لقبول القوانني على هذا توفر بناء، و مالحظة حدود . )3(عقالنية و

ا تفرض ، جل قبول النظريات العلميةأمن مالحظة محايدةنطقية تفرض وجود لغة امل ةيبالتجري نتكا إذاو فإ يف ذات الوقت أن صدق القضايا املختلفة يقوم على أساس تطبيقها مع ما يوجد يف العامل اخلارجي

أن ينبغي بل، فالطبيعة ثابتة، ا طبيعيا مستقال عن املالحظة اإلنسانيةأو عامل، هناك واقعا خارجيا أن على اعتبار .بشري مالحظ أي وجود تبقى ثابتة بدون

:تراكمية مسار المعرفة العلمية -

الالحقةالعملية تغين متتاليةاستقرائية هي حصيلة عمليات إن املعرفة العلمية يف تصور التجريبية املنطقية ـــة يف أي مرحيملحقيقة ع فكل، حها أيضاتصحو السابقةالعملية من وقائعكان هلا ما يربرها ، لمـــلة من مراحل العـ

1 - Carl Hempel : éléments d’épistémologie , Bernard saint sermin (Paris Armand Colin 1972 p 21-20 2- Ibid p. 22

56ص ،القاهرة ،املصري دار الكتاب ، حممد جالل موسى ، ترمجة ، فلسفة العلوم الطبيعية: بلكارل مه 3-

Page 63: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 54 -

ــبيـــجتري نتوصل إليها من خالل مالحظات معينة، فاملعرفة العلمية تبدأ برتجيحات أولية، االستقرائي االستدالل وفق ةــ

تكون هذه الرتجيحات الثانوية ،حني استجدت مالحظات أخرىف ةيعدين لوضع ترجيحات ثانو مست نبقىو .)1( يةبتواصل مع األول

تصحيح االستقراء لعل، و باستقراء آلية هذا الرتاكم بأنه من املمكن تصحيح استقراء(Reichenbach) يشنباخار حيدد و تصححيه من املمكن إذ، الفكرة هذه يوضح ماعثر على جبعة سوداء أفضل حني ، "كل البجع لونه ابيض": القائل

فلماذا ال، "حد بعيد إىل فرادهاأاألخرى من الطيور تتنوع ألوان ن األنواعأ: " ستقراء آخر مفادهباستخدام ا .)2( البجع ألوان تتنوع

منجز راهن ق العلمي عبارة عنالنس أنو ، على هذا األساس تكون مسرية العلم تراكمية يف دميومة مستمرة متصلةو اعتربته جمرد سجل ، و العلم ذا ال تويل التجريبية املنطقية أي دور لتاريخ العلم يف تفسري مسرية ، و تتواىلو رد كشوفهط ت

التزايد جبانب تراكم التقدم العلمي الذي العوائق األخرى من أمام حركة، و األهواءو بعاد التدرجيي للخرافةمن االست .املعرفة لتطور ملستمراالنموذج االستنباطي املنطقية للتقدم العلمي القائم على استخدام يةتجريباليرتبط مفهوم تراكمية املعرفة العلمية بتصور و

اليت تنتمي إىل مستوى و مشوال النظريات األكثرو عن طريق القوانني مستوى،النظريات األقل و ري القواننيكأساس لتفس )3( .نظريات األدىنالو قواننيال استنباطتقدم العلمي يتوقف على فال ، أعلى

ا النظرية العلمية القدميةعمومية من وأكثر؟ مشلألعلمية اجلديدة ينبغي أن تكون فالنظرية ا قوانني تفسر ؟ ألا النظرية القدمية .األمرينلكال ضروريافشرط االشتقاق ؟ جديدة بقوانني تتنبأ ،أو أل

وقد افرتضت ، حدود املالحظة و مشكلة التمييز بني احلدود النظرية وهي، أساسية هذا التصوير مشكلة وقد أثار فال بد النظرية ودداحلما معىن أ، مستقل عن النظريات العلمية املختلفةو ثابتالتجريبية املنطقية أن معىن حدود املالحظة

)4( . املالحظة دعلى أساس معاين حدو أو تأويله من تعريفه

246ص دار املعرفة اجلامعية ، اإلسكندرية ، د ت ، ،العلمي اءاالستقر : ادر ماهر عبد الق 1- 214ص ،م س ، الفلسفية العلمية نشأة : يشنباخار هانز 2- 262ص ، ، م س ءللفيزياالفلسفية األسس : باف كرنرودول 3- 270ص املرجع نفسه ، 4-

Page 64: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 55 -

لكارل نظرية التفسير، وErnest Nagel ألرنست ناجل* نظرية الرد يقوم هذا التصور الرتاكمي لتقدم العلم على و

العلمية اجلديدة فالتقدم يعين احتواء النظريات ، Paul Oppenheim (1977-1885) اوبنهامي و Carl Hempel هامبل :يلي يف ما سنوجزه ما اهذ، و النظرية القدمية من النظرية اجلديدة قاشتقا نمكاإأو ، للنظريات القدمية

:على افرتاضني أساسني (Nagel) ناجلعند نظرية الردتقوم و الرد إليهيتم أي النظام الذي: (العلم األويل ، و )أي النظام املطلوب رده(: يتعلق بالعلم الثانوي، فاالفرتاض األول( ،

من نظرية أكثر مشوال لنظريات أو القوانني التجريبية ألحد العلومااستنباط جمموعة مكانإهي ، هذه العلمني فالعالقة بنيأو املبادئ العامة أن نبني أن القوانني: هو (Nagel)ناجل حسبمن الرد يفاهلدف األساس، تنتمي إىل نفس العلم

)1( .هي نتائج منطقية لفرضيات العلم األويل، للعلم الثانوي

معاين احلدود الوصفية و ،ينصب على العالقة بني معاين احلدود الوصفية األولية للعلم الثانويف االفرتاض الثاينأما معاين حدود العلم الثانوي ال تتأثر بعملية الرد ما دام االشتقاق لن يؤثر على معاين القضايا املشتقةف ،للعلم األويل

)2( ."املعاين ال متغرية باإلشارة إىل عملية الرد: "نحو التايل الفرض على هدا ال (Nagel) قد صاغ ناجلو

: مها ،أساسيتنيتقوم نظرية التفسري على فرضيتني و هي عالقة قابلية االستنباطو ،ربني املفس ، و املطلوب تفسريها والوقائعر أو القوانني األوىل تتعلق بالعالقة بني املفس ،

وجيب أن يكون املفسر قابال لالستنباط منطقيا من املعلومات ،"املفسر جيب أن يكون نتيجة منطقية للمفسر: "مبعىن أن ينتج عن هذه و فإن املفسر لن يؤلف أساسا كافيا للتفسري، ذالككان األمر على خالف ذاإألنه ،احملتواة يف املفسر

.)3( "تفسرياملعاين ال متغري باإلشارة لعملية ال: "القضية الثالثة

يف فلسفة من قبل االجتاهات اجلديدة، عة املعرفة العلمية ألوجه نقد شديدةيطبل، و التصور لتقدم العلم ذاقد تعرض هو فييرابندويعترب "بعد الوضعية املنطقية ما " واليت أصبحت تعرف باجتاهات، العلم يف النصف الثاين من القرن العشرين

.سنبينه يف ما يلي التجريبية املنطقية كماعليها تفاهيم والتصورات اليت قامهلذه املن أشد املعارضني م

:لتجريبية المنطقية لنقد فيرابند - علمي متماسك يتالشى فيه أي أمر خيرج عن دائرة املنطق و إن سعي التجريبية املنطقية إىل بناء نسق فلسفي والوضوح، والدقة املوضوعيةمنهجه القائم على و العمل على تنميط العلمو ، ختمنيو حدس، و لتجرييب من خيالا املعطىو

96ص ، م س ، العلميةالمعرفة نظرية : ماهر عبد القادر 1- 97ص نفسه ، املرجع 2- 99ص نفسه ،املرجع 3-

Page 65: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 56 -

اهلدف من فلسفته بل إن، رح الوضعيـا الطذمن أشد اخلصوم العنيدين هل دفيرابنجعل من ، علمالالو بني العلم هامتييز و

ا االجتو برمتها هو الرغبة يف ختليص العلم من كافة القيود الوضعية املنطقية و ،اهات الوضعيةاملعوقات اليت كبلته .باخلصوص

منطقيا جمة انسجامامن القضايا املنس شبكةال بوصفه ، )ممارسة العلماء(حقال للممارسة لعلم بوصفها فيرابندناول يت العلمف، ال للتحليالت املنطقية، و امليتودولوجية فهو ال يعري اهتماما للقواعد، كما هو احلال عند التجريبية املنطقية

ا شروطا ضرورية للممارسة ليست أبد، التساوق، و االنسجام، و فالبساطة، نظر إليه باعتباره مشروعا مكتمالال ميكن ال فقد حيدث أن يتقدم العلم عند استخدامنا لفروض ، العلمي مل الع مسرية حتكم هناك صيغة ثابتة ليستف، العلمية

.)1(األساسية التجريبية أو مع النتائج ل كبرياملؤيدة بشك النظريات تتناقض مع

هناك قواعد تليس، و الالعقالنيةو أو بني العقالنية، الذاتيةو ال معايري للمفاضلة بني املوضوعيةو ليست هناك قواعدو و مبادئ فال توجد مناهج عامة أ، الالعلمو تتخذ كمعيار للتمييز بني العلم ، و غري قابلة للتغري حتكم سري العلم

العلم أن بغي علىين ليس هناك منهج واحد و ،خرث العلمي متيزه عن أي نشاط فكري آلالستدالل أو قواعد للبح مطلق حتكم سري العمل العملي مكونة بشكلو ال تتغري ةففكرة وجود منهج يشتمل على مبادئ ثابت، ينبذه أو يطرحه

ال تنتهك إن ستملوجيا بجبذورها يف اال ة مهما كانت راسخةفال توجد قاعدة واحد، البحث التارخييو ال تتماشى قد حدثت )N- Copernic )1473-1543 كوبرنيككثورة ، العلميةوراتالثو بل إن األحداث اهلامة، عاجال أو أجال

م حطموه، و منطقية واضحةو بعض املفكرين قد قرروا فقط االعتماد على قواعد منهجية ألنال الكن أيضا أل .)2( عن غري عمد أو ختطوها

فأي قاعدة ، املعرفةلكنها ضرورة لنمو و ،العلمتاريخ أثبتهاواقعة ليست جمرد ، القائماملنهج جتاوز و فعملية تكسري ـــمهما كانت أساسية أو عقالنية فإن هناك دائما ظروف تفرض أو تقرتح لكن أيضا ، و جتاهلهاــــ ليس فقط ـ

)3( .تبين عكسهااملوجهة اليت باخلطوط ناهج العلم أمنا تفشل يف تزويدنابل أن مجيع م، وجود منهج مميز للبحث العلمي فيرابنديرفض و

م أو فعاليتهمو تفيد املنشغلني بالعلم يف قيادة أنميكن أنه من العبث أن نأمل لكذيؤكد فضال عن ، و إرشاد نشاطا

1- P. Feyerabend : contre la méthode esquisse d’une théorie anarchiste de la connaissance ,traduit de l’anglais par Baudouin jurdant et Agnes Schlumberger ,éditions du seuil , p 27. 2- Ibid p. 20- 3 - Ibid – p 21

Page 66: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 57 -

راء باستخدام طرق ثمن مث فالعلم يزداد و ،تارخيهنظرا لتعقد إىل بعض القواعد املنهجية البسيطة يف اختزال العلم

)1( .التوصل إىل نتائج غري علمية، و غري علميةإىل كالمنا املطنب فيصبحون شاعرين بالبحث يف التطور )Les Scientifiques(استمع العلميون إذا« : فيرابنديقول

ستمولوجيةاإلبو سوف يتشجعون على ترك الكالم الصبياين الذي متثله القواعد املنطقيةو الذي يريدون تغريه التارخيي .)2( » يصبحون على استعداد للتفكري بطريقة أكثر تعقيداو ير املعرفة العلمية انشغاهلا مبنطق ترب ، و إمهاهلا لدور تاريخ العلم يف تفسري مساره ومنوه، على الوضعية املنطقية فيرابنديعيب و

تراجعا ال يليق ،على حد تعبريه بل متثل، فلسفته كما يعتقد البعضو ذا فهي ال متثل تقدما يف العلم، و كمنجز راهنمتثل تقهقرا حنو اأمن ،تقدميا للفلسفةو ال متثل الوضعية اجلديدة إصالحا جزئيا« :يقول ، الفلسفة على حد سواءو بالعلم

)3( . » دةبدائية فلسفية جدي

سياق التربيرو بني سياق الكشف، و فلسفة العلمو إذا كانت النزعة الوضعية تدعو إىل ضرورة الفصل بني تاريخ العلمو من اخلطأ اجلمع بينهما، و بدعوى أن لكل منهما جماله أو نطاقه اخلاص به، و بوصفهما نظاميني أو حبثيني خمتلفني

ال ميكننا و ،العلم نفسه ال يثمر إطالقاو تهفلسفو العلم ن الفصل بني تاريخأعتبار لك باذفإن فريابند يعرتض على فالعقالنية ،العصورو مسار تطوره عرب خمتلف األزمنةو روح العلم احلقيقة اليت هي تارخيهو مسرية تفسريو من فهم

دف إىل التربير القائم على منهج ال تارخيي بل هي يف حاجة إىل ،صلح لتقييم املعرفة العلميةمل تعد ت ،التجريبية اليت . بدائل أخرى كتاريخ العلم

الشخصية التداخل يف تركيبو كشف لنا مدى التشابكوتاريخ الثورات على وجه اخلصوص ي فالتاريخ بشكل عام من خالهلا التنبؤ بالنتائج عناستططريقة املثلى اليت إن اتبعت االمما جيعل من الصعب الوقوف على ، اإلنسانية دائمة التغري

. )4(أو اختاذ قرار بفعل هي تقومو النهائية اليت ستصل إليها اإلنسانية يف فرتة ما الالعلم اء فيما يتعلق بتميزها بني العلممنهجية تناول نظريات العلم لدى الوضعية املنطقية سو بنداينتقد فري و تتوقف على ال اليت أو من حيث تصورها العام لعقالنية العلم، رفة العلميةيزيقيا من ميدان املعفعادها للميتاباستو

ـــــ، و ور العلمــارخيي لتطـــالسياق الت ـــيف مقارنت دمها العلماءـخـية اليت يستـلـر الفعـــيال تأخــــذ يف االعتبار املعاي نظرياتـــــهم للـ

لد اخلامس الفكر ،سلسلة عامل ، العلماتجاهات جديدة في فلسفة : السيد نفادي 1- لس الوطين للثقافة عشرون ،و ا العدد الثاين الكويت ، األدب و ا

112ص ، 19962- P. Feyerabend : Adieu la raison , traduit de l’anglais par Baudouin jurdant ,éditions du seuil p 320 3- Ibid p. 220. 4- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit , p 13-14

Page 67: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 58 -

هو ترتيب للرؤية الوضعية كان هدف العلم طبقا فإذا ، ة منطقيةكانت تلك املعايري ال ميكن صياغتها صياغإذا

النظريات هي تفسريات للمعطيات و حمايدة ، و مبعىن أن اخلربة احلسية ثابتة، اخلربة احلسية اليت هلا وجود مستقلا ترتيب الوقائعو مالئم لتنظيم خمطط أو برنامج فإن فريابند يرى أن النظرية العلمية هي أعمق بكثري من جمرد كو

ا مجلفمعىن «، فال وجود للمالحظة احملايدة فالنظريات ذات معىن ، املالحظة يتحدد عن طريق النظريات اليت تتصل لذا فإن مجل املالحظة ، بالنظريات ترتبط معىن إذا مل فليست ذات عبارات املالحظة أما، مبعزل عن املالحظات

)1( . نظريةالليست و حتتاج إىل تفسريهي اليت

حدود املالحظة لذا فإن التغيري يف النظرية يكون مصحوبا بتغري يف معىن، و فحدود املالحظة تستمد معناها من النظرية هي إال فالنظريات العلمية ما) .لغة مالحظة ، خربة(راسخة داخل حقل للمعرفة العلمية غماتيةو دفال وجود حلدود

تبنيها يؤثر على اعتقاداتنا و النظريات العلمية هي طرق يف النظر إىل العامل« : يقول فريابند، النظر إىل العامل طرق يف . )2( »للواقع مفهومناو بالتايل على خرباتنا، و توقعاتناو العامة

ذي يقوم على أساس افرتاض ال، و الذي تقول به الوضعية املنطقية" الرد"على مفهوم ض فريابندرت ععلى هذا األساس يو معىن احلدود العلميةفالثانوي و ني األويلأو بني العلم، أن معىن احلدود العلمية ال يتغري داخل النظريات املختلفة

ـــ ـــ ـ )ن مل تكن كلهاهذا إ( النظريات أزواج كثري من نإ « حيث يقول ،يتغري مع اختالف النظرياتيف تصور فريابند ـا تتألف من عناصر املعاينة بت عند تث هي لذلك غري قابلة للرد و ،"(l’Incommensurable)"قياسيةال"الدقيقة هلا أ

امليكانيكا حتدده خيتلف عن معناه كما احلرارية الديناميكا كما حتدده لحرارةفمعىن ا، اأو التفسري املتبادل فيما بينه )3( ». اإلحصائية

التماسكو االتفاق ،كمعايريلنظرية العملية ل قام عليها التصور التجرييباليت العقالنية املعايريو املبادئ كل فريابنديرفض و فشرط االتساق الذي يتطلب أن تتفق الفروض اجلديدة مع «، اعتبارها مكبالت تعوق تقدم العلمب التعزيزو التأييدو

النظريات يعد مفيدا للعلم فتنوع ، األفضل ال النظرية، يبقي على النظرية األقدمألنه ، النظريات املقبولة يعد غري عقالينة )4( . النقدية تضر بطاقته ،"(l’Uniformité)التماثل "و بينما املشا

1- P. Feyerabend : problems of empiricism in : philosophical papers vol 2 : Cambridge univ press London 1980 p180 2- P. Feyerabend : explanation reduction and empiricism, in realism rationalism and scientific method, philosophical papers, vol 1 .p 44 3- Ibid. p 75 4- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit p 32.

Page 68: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 59 -

أن مناقشة الفروض املخالفة يف حني، إىل تقدم العلمي ضة الوقائع املخالفة من شأنه أن يففاالهتمام مبناقش

عدد الوقائع ال العمل على زيادة، عدد الوقائع غري املتسقة لذا فإنه من األفضل العمل على زيادة ، إىل شيءال يفضي جديدا يصطدم بأكثر ايأن نبدع نسقا مفاهيم "يتطلب ، فهم بنيته احلقيقة، و فإدراك الطابع املعقد للعلم، املتسقة فعال

أن تشكل جزءا من عامل يقدم إدراكات حسية ال ميكن ، و املبادئ النظرية قبوال يعارض أكثر، و املالحظة رسوخا نتائج )1( ." ميثل دائما فرصة للنجاح الذي، و االستقراء العكسيهذه اخلطوة هي ، و دراكات احلسية املوجودةإلا أكمبد املنطقية القواعدو الشروطتصور الوضعية املنطقية للعلم القائم على (Feyerabend)يعارض فريابند و ن هذه أل، من أجل حترير العلم منها إىل التخلصيدعو ، و "تغري املعىن عدم"، و"شرط التماسك"و "عدم التناقض"

فرضية يف يف إطار التعدد غري املتماسك الذي يتيح الفرصة لكل إالش يف حني أن الفكر ال ينتع، القواعد تقيد التفكريخصوبة و ن التناقض عنصر اكتشافال جمال للتخلص منها أل، و األساسية تزخر بالتناقض بنيات العلمو التطور الذايت

توسع و إىل اكتشافات جديدة تؤدي ، و حتتوي تناقضات يهو فالنظريات العلمية تتقدم ،"عكس ما يدعيه املنطق، فكرية )2( ."الساذجة ملنطق الصوريلقواعد اا بقط ال يتعامل معها ، هذا يعين بالتأكيد أن التناقضات يف العلمو املعريف أفقنااو فالعلم حيتوي على تناقضات الذي جيب أن يوافقه كل ، لشيء منسجم يدعى الفيزياء ال وجود : نهأو ينمو

)3( .كما أنه ال يوجد شيء منسجم يدعى املنطق، )كما يعتقد الوضعيون متاما( ،شيء

خصوصا ، املبادئ اليت قامت عليها العقالنية التجريبية املنطقيةو ل األفكارك(Feyerabend) يعارض فريابند اهكذو البشرية يف اليت حصرت املعرفة لنزعة التربيرية للمعرفة العلميةوا، واملنهج االستقرائي تلك اليت ترتبط مببادئ املنطق الصوري

.قواعد اللغة و ،صورية الفكر، و حدود التجربة :ارل بوبر لعقالنية النقدية لكا - 2

مسه باحملاوالت اارتبط ، من أشهر فالسفة العلم يف القرن العشرين Karl Popper (1994-1902)" كارل بوبر" يعد الذي يعترب حمور أفكاره "القابلية للتكذيب"تأسيسه ملعيار و ،نقده للنزعة االستقرائية، و اجلادة إلجياد بديل لالستقراء

اليت شكلت "بالعقالنية النقدية"مسه اكما ارتبط ، حماولة لقلب املنهج االستقرائي رأسا على عقبو يف الشق املنهجي . الطابع العام لفلسفته العلمية

1- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit , p 30 2- P. Feyerabend : science in a free society , p 211. . 358ص 199 9– 1 ط الرباط املغرب األمان دار االستدالل والبناء :بناصر البغزاىن : عن قالن

362املرجع نفسه ، - 3

Page 69: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 60 -

مساره يف املراحل األوىل من تطور كارل بوبر تأثروا بأفكارأحد فالسفة العلم املعاصرين الذين " فيرابند" يعدو

يعتقد إىل حد جعل البعض ،"املعرفة املوضوعية"و "منطق الكشف العلمي"كتايب خاصةو هبكتابات فقد تأثرالفكري إال أن هذا االعتقاد ، إما صراحة أو ضمنا (Popper) هوامش على فلسفة بوبر ال تعدو أن تكون فريابند فلسفة بأن

مرحلتني من مراحل تطور فكره بني ألنه جيب أن منيز يف دراستنا لفكر فريابند، هو إجحاف يف حق فيريابندوهي املرحلة ، صحت هذه التسمية إنما بعد البوبرية مرحلة، و هي املرحلة اليت تأثر فيها بأستاذه بوبر، و البوبرية ملرحلةا

.باخلصوص النقدية العقالنيةو ، عموما للفلسفة البوبرية ةالالذععن نزعته النقدية ، و اليت تعرب عن أصالة فكره : *عند كارل بوبر العقالنية النقديةمفهوم

الوجه و الوجه السوسيولوجي، ستمولوجيإلبيلوجه ا: ا تناوهلا بوبر يف ثالثة أوجه كم**حورت العقالنية النقديةمت ال الذي هو بصدده، و البيولوجي فبالنسبة للوجه ، كانت فلسفته يف كل األوجه تتناول العقالنية النقدية حسب ا

مفهوما ثوريا بوبر ى أعط حيث، التطورية متثل حجر الزاوية يف فلسفته (Le Darwinisme) رونيةالوجي فإن الدالبيو منهج ور البيولوجي تسري باملنهج النقدفعملية التط ،"االنتخاب الطبيعي الدرويني" من خالل مبدأمي لللتقدم الع

احملاولة هي من ختطئ والبيئة ،هي تشكل اخرتاع الكائن احليو ،فاحملاوالت تنبع دائما من الداخل ،"الخطأو المحاولة" .)1( أو تبقيها فاعلة مؤقتا

:يتلخص هذا املنهج يف ثالثة مراحلو ينسجم هذا ، و )إبعاد احللول اخلاطئة(، مرحلة االستبعاد، و مرحلة صياغة عدة حلول حلل املشكلة، مرحلة املشكلة

يف مقابل العقالنية التجريبية اليت ترى أن ، ستند إليه العقالنية النقدية من أسسرويين مع ما تاي الداملنحى التطور أن (Popper)يف حماولة بوبر، يتمثل الوجه السوسيولوجي للعقالنية النقدية، و دائما )التجربة(احلقائق تأيت من اخلارج

.الرأي اآلخرو جيعل منها األساس يف بناء جمتمع مفتوح للرأي

ناقد الرمسي للوضعية من أصل منساوي ، يعد من ابرز فالسفة العلم يف القرن العشرين ، يعرف بال: -Popper k ) 1994 -1902(وبر كارل رميوند ب*

ختمينات وتفنيدات "،"ف العلمي منطق الكش: "، من أهم مؤلفاته " مبدأ التحقيق" يف مقابل " التكذيب "املنطقية ، اشتهر يف جمال امليتودولوجيا بوضعه ملنهج تمع املفتوح وأعدائه "، "املعرفة املوضوعية " " ا

اختبار كل عوصف فلسفته اخلاصة ، وتقدمي شامل لفكره واملبدأ األساسي الذي تقوم عليه ، هو أن نضع موضالعقالنية النقدية مصطلح وضعه بوبر ل** إال بعد الربهنة عليها ، ال جيب اختيار نظريات تنفلت من التكذيب ، ال جيب ان حنمي بأي مثن ةاألفكار اليت لدينا ، االنطالق من مبدأ عدم إمكانية تقرير قيم

لك كن على العكس جيب إخضاعها للنقد األكثر صرامة ، فالتفنيد يف حد ذاته جناح ، كل نظرية تظل فرضية قابلة آلن موضع تساؤل ،العلم ال مينظرياتنا ،ول بل يبحث عنها وإذا توقف يوما ما فألنه ختلى عن املنهجية النقدية ، معرفتنا تتطور باستبعاد اخلطأ لكنها تبقى دائما ختمينية قيقة، احل 60-55ص ،ترمجة سعيد بوخليط ،" النقدية العقالنية ):"روين بوفريس ( ا ،حلول لمشاكل بأسرهاالحياة : بوبركارل -1 .139ص ، ت د اإلسكندرية ،مكتبة املعارف ،درويش ء ترمجة

Page 70: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 61 -

جمتمع جيد فيه األفراد الفرصة ، السلطويةو األفكار الشموليةو تمع املفتوح هو جمتمع ناقد لكل أشكال الديكتاتوريةفا

مو لنقد كل ما ال يرونه يف صاحلهم دون خوف من سلطة تردعهم متع األفراد حبرية النقد العلين حبيث يت، تبطش .ملؤسسات السلطة

تمع دميقراطيا بواسطة ما أطلق منهجا نقديا "بوبر"لقد تبىن يف حتليل األسس اليت تقوم عليها إعادة بناء ا .)1( "اليوتوبية االجتماعية املثالية "اهلندسة يف مقابل "اهلندسة االجتماعية التدرجيية«عليه

تمع ينطلق وضع مث، اد الوصول إليهاليس من فكرة مثالية ير ، و هذا املنهج النقدي من املشكالت املوضوعية يف امن مثة معاجلة أو استبعاد ، و اجتماعية جيري تنفيذها على أرض الواقعو احللول على شكل برامج إصالحية سياسية

. )2( ينجز اإلصالح السياسي املعقولو هذا املنهج النقدي كفيل بأن يتغلب على أصعب املشكالت، و اخلاطئة منها" النقد"إىل فيستند أساسا، هو الذي يهمنا يف هذا البحثو لعقالنية النقدية عند بوبرستمولوجي لبيأما الوجه اإل

البحث عن مصدر املعرفة القد قدم بوبر صورة جديدة ختتلف عن الصورة اإلبستمولوجية الكالسيكية اليت كان حمورهدميومتها و تطورهاو حث يف أصول منوهابل الب، عند بوبر ليس البحث عن مصدر املعرفة فاملشكلة ، أصوهلا األساسيةو

.استبعادهاو املستندة إىل املنهج النقدي الذي يبحث دائما عن أصول األخطاءيعنيه هو الوصول ما بل، أيا كان مصدرها احلس أم العقل أم احلدس أم اإلهلام ال تعنيه يف شيء فاملعرفة بالنسبة لبوبر

.)3( اخلطأ على السواءو استبعاد مصادر اجلهلو إىل الصدقا او :تمولوجية يف النقاط التالية إلبستتمثل احملاور الرئيسية اليت تقوم عليها العقالنية النقدية لبوبر يف صورسنتطرق إىل هذه احملاور ، و تطورهاو منو املعرفة املوضوعية، علمالالو التميز بني العلمو ار التكذيبمعي، نقد االستقراء

وجهها فريابند االنتقادات اليت حتليللنتمكن من البوبرية تمولوجيةإلبسن صورة عامة عن هذه املقاربة ايكو بإجياز لت(Feyerabend) للعقالنية النقدية يف شكلها العام.

:من االستقراء موقف بوبر تعترب و ، التكذيبية هجيتهمدخال ضروريا للتعرف على منو "بوبر" اتمولوجيإبسنقد االستقراء احلجر األساس يف ميثل

لخصتوي، قرن العشرينال ربات اليت عرفتها فلسفة العلم يفبرز املقاأاملقاربة اليت قدمها حلل إشكالية االستقراء من .التربير املنطقي ألساسه االستقراء يف حماولة إشكالية مضمون

.160ص ، 1998 ، 1ط ،النشر لبنان و دار التنوير للطباعة ،دي ترمجة السيد نفا ، أعداؤهمفتوح و الع المجتم: بوبر كارل 1- 161نفسه ص املرجع 2- .240م س، ص ، ارل بوبركفلسفة : يلطريف اخلو ميىن 3-

Page 71: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 62 -

ا االحتمالية كما حددها حىت طيها الصعوبات املتضمنة يف املنطق االستقرائي ال ميكن ختأن بوبر يرى يف صور

ال ميكن ، و قضايا التحليليةالفمبدأ االستقراء ال ميكن أن يكون صادقا صدقا منطقيا حبتا مثل ، (Reichenbach)ريشنباخإذا كان هناك شيء مثل املبدأ املنطقي البحت « بوبريقول ، أن يكون صادقا جتريبيا أي أن صدقة مشتق من اخلربة

مبعىن أن نفيها ال يؤدي إىل ، جيب إذن أن يكون قضية تأليفية.... ستقراء فلن تكون هناك مشكلة لالستقراء أصاللاللكي تربر ، و استقرائية ربير هذا املبدأ يتطلب استدالالتربة فإن تاخلإن حاولنا إسناد صدق هذا املبدأ إىل و .... تناقض

إسناد مبدأ االستقراء إىل حماولة فان من مث ، و ئيا من مستوى أعلىتلك االستدالالت البد أن نفرتض مبدأ استقراا تتحطم اخلربة ائي إىل ارتداد تفضيأل .)1( »ال

خيتلف معه يف لكنه، يف عدم إمكانية تربير االستقراء منطقيا، )David Hume )1711-1776 هيوم دمع و يتفق بوبرتطبيق املبدأ (Hume) هيومعلى كان نهأ إذ يعلن، هيوم وء مبدأ العادة الذي قاله بهالتفسري النفسي لالستقراء على ض

الذي ينص على أن ما ،مبدأ التحويلإىل من الناحية السيكولوجية استنادا نهيعلن بطالو نفسه يف جمال علم النفس . )2( "يصدق يف املنطق يصدق يف علم النفس

الطبيعة كان ليس توقعنا لالطرادات املوجودة يف ، و الستعدادنا لتوقع االطرادات هو نتيجةحسب بوبر فتكرار الظواهر سابقة لكل خربة دادات نظريةيولد وهو مزود بتوقعات أو استع فاإلنسان، كما يعتقد هيوم نتيجة لتكرار الظواهر

)3( .االستعدادات النظريةو توقع وجود اطراد هو أحد أهم هذه التوقعات، و ملحوظة

بل هي ات العلمية ليست خالصة املالحظاتالنظري، و بل من فروض ختمينات، لعلم ال يبدأ من مالحظاتاو اخلالية من أي )احملايدة( البحة اد بأن العلم يبدأ باملالحظةقفاالعت، ريبجختمينات وضعت من اجل التو اخرتاعات

:بأن قال لطالب الفيزياء "فيينا "حدى حماضرته يفقد حاول أن يؤكد ذلك يف أو، بوبرهو اعتقاد مظلل حسب ، نظرية ."سجل ما تالحظه، دقةو الحظ بعناية، الورقةو امسك بالقلم"

شيئا ال تعين " أالحظ فحسب" فأوضح بوبر أن عبارة ، أن يالحظوه بوبر تساءل الطالب عما يريدهم ف حيتاج مسبقا املالحظ /املفالع، ريد من املالحظة أن خنتربهاأو وجهة من النظر ن، خمتارة دائما توجهها مشكلةفاملالحظة .)4( يالحظ على أساسها) فرض ختمني(إىل نظرية

.65 -64ص ، م س، يمنطق الكشف العلم: بوبر كارل 1-

2- K. Popper : La connaissance objective , tra et préface par Jean Jacques Rosat ed. Flammarion , France 1991. p 46

22ص ، 1988دار الثقافة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، ، مقال في فلسفة العلمـــ تطور المعرفة العلمية :سهام النويهى 3- .180ص ، م س ،العشرينفلسفة العلم في القرن :طريف اخلويلميىن 4-

Page 72: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 63 -

جديد تبدال إياه مبنهج عرب عن السري احلقيقي للعلم مسأن يكون املنهج االستقرائي هو املنهج امل رفض بوبر لقد

لينتهي التجربةو ليس من املالحظة، و )التخميناتو الفروض(عقل ينطلق من ال، ينسجم مع أسس العقالنية النقدية . ال تربيرها، دحض احلقائق العلميةو احملاولة الدائمة لتفنيدإىل

فبعدما كان هلا دور ، "(l’évidence)نة البي "ر و ارتبط بد(Popper) إن التحول األساسي الذي أحدثه بوبر نةللأصبح ، ستقرائية كما سبقت اإلشارة إليه سابقااجيايب عند النزعة االتحقيقي فاملنهج ا،تفنيدي ادور "بوبر" عند بي

)1( . هانيدفاإلبداعية الصارمة لت احملاولة، و هو منهج التخمينات العلمي مرتبط مبنطق العلم غري، حدسي بل هي ذات بعد سيكولوجي ،غري قابلة للتربير املنطقيالتخمينات و هذه الفروضو

يف املقابل النقد يف تصورها لديناميكية حركة نشاط البحث العلمي القائمة على ةبوبر النقديوهنا ترتسم عقالنية التدريجي التراكمو التأسيس العقالنية التجريبية املنطقية يف تصورها حلركة البحث العلمي القائمة على فكرة

بينما ترتبط ، أو التحقق منها ثبات نظرياتهإ مبعىن ،مرتبطا بفكرة التأسيس يف العلم طويلالس لقد كان املذهب « )2( » أو تكذيبها، حدوسه االفرتاضيةنيد مبعىن حماولة تف، للعلم بفكرة االختبار المقارنة النقدية

" P2 ،EE ، TT ،P1": حلركة العلم حددها بوبر اليت لمنهج يف الصيغةلجلى الطابع النقدي يتو حيث تشري P1 مشكلة إىل (Problem1) ،وTT إىل حماولة حل (Tentative Theory).

و تشري EE عاد اخلطأستباأو إلغاء إىل (Error Elimination) ،وP2 ثاينإىل مشكل (Problem2) هذه تنتقدل، رية مؤقتةنظ، وهو مشكل نقدم له نوع من احلل املؤقت، فكل نقاش علمي لديه نقطة بدء" هكذاو

ليس مبقدور و )3( "املراجعة النقدية الدائمة للنظرية يولد مشكالت جديدة، و النظرية لغرض استبعاد كل إمكانية للخطأ . ال تبقى إال املعززة منها، و إمنا يستطيع تفنيدها فحسب، هذا املنهج تأكيد صحة النظرية

: نهجه تتمثل يفملأربعة قواعد »شف العلميالك منطق«مؤلفه يف (Popper) و قد حدد بوبر اية انه مت ، و أي ال ميكننا القول أن البحث يف قضايا العلم يقف عند حد معني، خطة العلم مفتوحة بال

ائي يصبح ، و إمنا نتوقع من العلم تقدما أكرب، و فال ميكن إن نتوقع من امليتودولوجيا صدقا راسخاو التحقق منها بشكل .عالية من الصدق على درجة

1- K. Popper : la connaissance objective, op, cit, p 146

لس الوطين للثقافة والفنون واآلداب الكويت ، ترمجة ، ميىن طريف اخلويل اإلطار، في دفاع عن العلم والعقالنية أسطورة : لبوبر كار 2- ، عامل املعرفة ، ا 125ص ، 292عدد ، 2003

3- ibid. p 191

Page 73: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 64 -

إن صعب علينا تقدمي سبب جناحهو حىت، فال ينبغي التخلي عنه، صالبته تثبيت، و بارهتاخمت و إذا افرتضنا فرض

.أو ميكن استبداله بفرض أكثر قابلية لالختبار

ار موضوعيتهاهذا معيو القابلية لالختبار، أهم خصائصهامن إمنا ، و تقبل النظرية العلمية التربير أو التحقيق ال

إال نتوقف عن حماولة تفسري أي ، و عن ترابط النسق النظري، و ن ال نتخلى عن البحث عن القوانني الكليةأعلينا توجيها سليما القاعدة هي توجيه الباحث العلمي املهمة األساسية هلذهو ،)1( نوع من احلوادث اليت ختضع للوصف

ـــ فيزياء تتطلب مناالتطورات اليت وصلت إليها الف، يف عمله ذه القاعدة ـــ حسب بوبر ــ .التمسك

:فيمكن إمجاهلا يف النقاط التالية بوبر هاما عن اخلطوات اإلجرائية للمنهج كما حددأ ترب االتساق الداخلي للنسقاليت مبقتضاها خن، و املقارنة املنطقية للنتائج بعضها البعض.

أو هلا خاصية أخرى ،مربيقيةألع حتديد ما إذا كان هلا خاصية النظرية ام، البحث عن الصورة املنطقية للنظرية.

هي تلتقي أساسا مع هدف تقرير ما إذا كانت النظرية تشكل تقدما علميا خيدم ، و املقارنة بالنظريات األخرى .ارية املختلفةاضنا االختبأغر

2( .أن تشتق منها اختبار النظرية عن طريق التطبيقات االمربيقية للنتائج اليت ميكن( :القابلية التكذيبو معيار التكذيب

ويظهر ذالك بوبر علم من أهم املسائل اليت تقوم عليها فلسفة علم كارلالالو مشكلة التمييز بني العلم تعد كل لقد ناقشت مشكلة التمييز تفصيال ألنين اعتقد أن حلها هو إال مفتاح حلل معظم املشا «: من خالل قوله

)3( »الرئيسية لفلسفة العلم

يقول يف هذا الصدد ، و املعيار العقالين لتمييز القضايا العلمية عن تلك غري العلمية القابلية للتكذيبمعيار عد و ي مهية مبكان األدوس االفرتاضية يف العلم جيعل من احلفروض أو والأن الدور األساسي الذي تلعبه النظريات «: "بوبر"

قابلة الأو غري ،وبني النظريات غري القابلة لإلخبار ،القابلة للتكذيبأو ،منيز بني النظريات القابلة لالختبارإن )4( »للتكذيب

.70ص ، س م ، منطق الكشف العلمي: بوبر كارل 1- .49ص ، نفسه املرجع 2- .36ص ، م س ، تطور المعرفة العلمية: سهام النويهى 3- .124ص ، ، م س اإلطار سطورةأ: بوبر كارل 4-

Page 74: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 65 -

جمرد معيار حيدد اخلاصية هو ، و وجه صوري حيدد الصيغة املنطقية للنظريات العلمية، هلا وجهان القابلية للتكذيبو

يؤدي إما إىل هذا االختبار ، و ختترب فيه النظرية عن طريق ما نستنبطه منها من الواقع التجرييبووجه واقعي ، العلمية هلا .تعزيزهاأو ،النظرية تفنيد

التجريبية املنطقية كأساس للتمييز بني املعىن الذي تبنته "القابلية للتحقيق"عن معيار القابلية للتكذيبخيتلف معيار و يف حني يؤكد ، علملالاو معىن بني الالو ، العلمو بعد أن طابقت بني املعىن، علمالال و العلمبالتايل بني، و ال معىنالو نظريات كاذبة أو بدون معىن، قابلة للتكذيبالالنظريات غري ين أنـيع ن معيار قابلية التكذيب الأ (Popper) "بوبر"

. )1(تكذبيها حتني الفرصة لبيان كيفية إىل أن، و التجرييب العلم بل هي نظريات ال تنتمي إىل عاملا بدون معىن كما ي ضي مبدأ القابلية للتحقيق عندففالنظرية غري القابلة االختبار ال تعين بالضرورة أ

فئة فالنظرية العلمية تكون قابلة للتكذيب إذا كانت ، القابلية للتكذيب ترتبط باجلانب املنطقي، و املنطقيةالتجريبية ا بالقوة ليست فارغة قاعدية مبعىن وجود على األقل قضية ، أي مدى إمكانية محل النظرية ملكذبات حمتملة ،)2(مكذبا

.ن تصنف داخل منظومة أو نسق العلم هذا ما يؤهل النظرية أل، و بالتجربة قابلة للتنفيذ العالقة و ا االرتباط يعطي للعلم خطوة ناجحة حنو األمامهذو ،كما ترتبط القابلية للتكذيب باحملتوى املعريف للنظرية

تناقصت درجة لما زاد احملتوى املعريف للنظريةمبعىن ك، عالقة عكسية، ودرجة احتماهلا، بني احملتوى املعريف للنظريةفالنظرية اليت يكون )3(، حتمالال بتزايد درجة اال، قابلية النظرية للتكذيب يرتبط باتساع احملتوى املعريف للنظرية، و احتماهلا

تلك اليت أفضل النظريات هيو ، ودرجة احتماهلا ضئيلة يكون احتمال صدقها ضئيل، كبرييناملنطقي و حمتواها التجرييب )4( .لالختبار قابلية هي النظريات األكثر ، و كبرية قدرة تفسريية، و هلا حمتوى غين

نظرا لكثرة يدنفهي أكثر قابلية للت، و(Newton) وى جترييب أكرب من نظرية نيوتنذات حمت (Einstein) ينانشتيفنظرية ا أمثلة " الجينات"نظرية و "ومالكونت"نظرية و ، (Einstein) ينانشتياو (Newton)نيوتنتعترب نظريات ، و املفندات املمكنة

.ذات احملتوى املنطقي الكبري عن النظريات اجلريئة

.117ص ، ، م س اإلطار أسطورة: بوبر كارل 1- .125ص ، م س، العلميمنطق الكشف : بوبر كارل 2-

3- K. Popper : la connaissance objective ,op cit , p 60 4- Ibid. p 123

Page 75: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 66 -

فاحملتوى ،كلما زاد احملتوى املنطقي زاد احملتوى التجرييب، عالقة طردية احملتوى التجرييبو توى املنطقيالعالقة بني احملو

أو غري معها قةتساملمن النظرية نه يشري إىل القضايا املستنبطة أاستنادا إىل املنطقي هو الذي ميثل القابلية للتكذيب . ىل التفنيداحملتوى التجرييب فيشري خصوصا إأما ،املتسقة

فيحدد التكذيبأما ، أي العلمية للتكذيبتسمح بتحديد النظريات القابلة القابلية للتكذيبقد تبني مما سبق أن و ا كذلك إذا كانت هناك قضايا، و القواعد اليت متكننا من اعتبار فرضية ما مكذبة قاعدية تتناقض تقول عن فرضية ما أ

ائيجيب اإلشارة إىل إن تو )1( معها لن نستطيع بتاتا التأكد من و أما تعزيزها فهو دائما مؤقت ،نفيذ فرضية ما يكون .نظرية ما نيدفعدم ت

: تقدم العلمو نمو المعرفة

اخلطأ أن "بوبر" إذ يرى، املعرفة بصورة عامة على أساس فلسفته النقديةو تقوم وجهة نظر بوبر حول املشروع العلمي على كشف أخطائه العملهي ا األساس فإن مهمة النشاط العلميعلى هذ، و عة اإلنسانيةصفة متأصلة يف الطبي

ينبغي علينا أيضا أن ،إننا إذا ما أدركنا أن معرفتنا البشرية ليست معصومة من اخلطأ « : يقول بوبر، هانيدفتو استبعادهاو )2( . » ندرك أننا أبدا لن نتيقن متاما من أننا مل نقع يف اخلطأ

ملسرية فا ،ثل الطبيعة االجيابية لنمو العلمميهو ، و لبحث العلميلاحملرك األساس التكذيب ذا التصور يضع بوبرو لعلمي على إحالل ا إذ يقوم التقدم ، ثوريةبل هي مسرية ، كما تصورها أعالم التجريبية املنطقية تراكميةالعلمية ليست

ا النظريات القدمية تنطلق من فروض ، دة ذات طابع ثوريتكون النظرية اجلدي، و نظريات حمل أخرى تتناقض ، و تتجاوز . )3( دائما ثوريا أو على األقل التقدم الالفت، ذا جند أن التقدم يف العلم، و ا أي ترفضهاهمع

فالنظريات ،أساس أن املعرفة يف تطور مستمر ىعل ،بقابلية التكذيب العلمية منو املعرفةو تقدم العلميرتبط و .الشمولية يف التفسري ألكثر قدر ممكن من الظواهرو يف تطور بدرجات أعلى حىت تصل إىل أرفع مستوى من الصدق

درجة صمود ( "بالتعزيز"نعين ، و احملتوى املتزايد للنظرية، و "التعزيز" بوبر بنظريةعند ، ما يرتبط مفهوم التقدم يف العلمك تعزز عندما تنجح يففالنظرية ،أي أن التعزيز هو مبثابة تثمني مؤقت لنظرية ما ،)4() ات قاسيةفرضية ما أمام امتحان

1- K. Popper la connaissance objective ,op cit. p 147

.15ص ، س م ، أفضلا عن عالم بحث : بوبر كارل 2- .45ص ، س م ، إلطار أسطورة :بوبركارل 3- .273ص ، م س ، العلمي الكشفمنطق : كارل بوبر 4-تمع العلمي باعتبارها ال املعرفة اخللف* جزء إمكانية إخضاع، رغم مشكلة يف زمن البحثية عند بوبر هي املعرفة اليت تتكون من كل العادات املقبولة بواسطة ا

منها للنقد فيما بعد

Page 76: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 67 -

توى على ما يتضمنه التنبؤ من حمترتكز قسوة االختبار ، و كلما كان االختبار قاسيا كلما ارتفعت درجة التعزيزو االختبار

. )1(مل يسبق معرفته بواسطة املعرفة اخللفية ة هي النظرية اليت تصمد يف فالنظرية املفضل، املتنافسةو املبدأ الفاصل بني النظريات املتكافئة "التعزيز"بر من قد جعل بو و

أي حىت ،اآلن تربر اختبارها بتخطيها كل الفحوص القاسية اليت أجريت عليها حىت و أمام النظريات األخرى التنافس تقدم و املعرفة وـاسي لنمـحرك األسـز التخمينات اجلريئة هو املتعزي، و فالتنفيذ املتكرر للنظريات، حلظة معينة

أو عندما يتم تكذيب ،فاإلسهامات احلامسة يف منو املعرفة العلمية تنتج عندما يتم تأييد ختمني حذر « العلم .)2( » ختمني حذر

مع أفضل ث عن النظريات اليت تتفق بطريقةأي البح، االقتراب من الحقيقةهو بوبر حسب هدف العلم نإ رؤية واقعية ة أوينظر ، مثلها مثل فكرة الصدق كمبدأ موجه، فرتض فكرة االقرتاب من احلقيقةت « :الوقائع حيث يقول

ا نأن، و لكنها تفرتض وجودا فعليا، و فهي ال تفرتض أن الوجود الفعلي هو على النحو الذي تصفه نظريتنا العلمية، للعامل استخدمنا منهج احملاولة ميكننا أن نصل بنظريتنا اليت هي أفكارنا اليت خلقناها إىل وصف تقرتب به من الفعلية مىت

. )3( »اخلطأو ا تتيح الفرصة، فكرة االقرتاب من احلقيقة إحدى األفكار اهلامة بالنسبة لنظرية العلم دتعو من حيث أ

ا "ربوب"حسب فعقالنية النظرية، نظر املستمرإعادة الو للبحث الدائم تكمن يف احلقيقة اليت مؤداها أننا خنتارها ألا خضعت الختبارات أشد قسوة، و فقط أفضل من النظريات السابقة عليها اقرتابا من احلقيقة بذلك تكون أكثر ، و أل

بقدر ما ميكن النظر إليها، T1بنقاط ختتلف فيها مع االختبارات التجريبية املتعلقة مأما .T2قدر ما تثبت النظرية بف . )4( تقوميها كتقرب ظاهري أفضل من احلقيقةو

فبوبر ،من مث ال ميكن معرفة اخلطوة أو املرحلة التالية هلا، و متطورةو نامية نظريات النظريات العلمية يف تصور بوبرو يعيش يف اللحظة فالعلم « ،امه ينصب على تطور العلم حىت وقتنا احلايلبل اهتم ،باملستقبل العلميال ، و ال يهتم بالتنبؤ

فاملستقبل ، )5 »لنظرياته و ألن ذلك مناف لطبيعته، هو ال يتضمن القدرة على التنبؤ، و ليس هناك يقني فيهو احلاضرة . )6( كانات املتفتحةيف اإلم، و معروف التقدم هو مغامرة يف الال، و غري معروف طبقا لوجهة نظر بوبر العلمي

.54ص ، م س، العلميةر المعرفة تطو :سهام النوهىي 1- .65ص ، م س ،"ظريات العلمن" : أالن شاملرز 2- .51ص ، ، م س حلول لمشاكل بأسرهاالحياة : "بوبر كارل 3- .52ص ،املرجع نفسه 4- .174 -173ص ، 1986دار املعرفة اجلامعية ، اإلسكندرية ، ، نظرية المعرفة في ضوء المنهج العلمي: كارل بوبر: حممد قاسم حممد 5- .66ص ، س م ، "ميةتطور المعرفة العل : هىيسهام النو 6-

Page 77: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 68 -

:المعرفة الموضوعية -ا عقالنيته، موضوع املعرفة املوضوعية من أهم املواضيع اليت ميزت ابيستمولوجيا بوبر يعد قد ف النقدية واليت أفرز

يدة بعو ،الواعية العقلية نشاطاتنا ناجتة من، سعى من خالل مشروعه العلمي إىل صياغة نظرية للمعرفة اإلنسانية .اعتقاداتنا الذاتيةو عن دوافعنا

ليس على أساس االعتقادات، و فاملمارسة العلمية تفرتض بأن خيتار العلمي النظرية العلمية على ضوء معايري عقالنية موضوع تدل على أن فهي من جهة ، جيب اإلشارة أوال إىل أن مسألة موضوعية املعرفة من وجهة نظر بوبر هلا وجهانو

من ، و ذا يقف بوبر ضد كل مثاليةو ال نتصوره فقطو واقعيو هذا العامل موجود، و املعرفة العلمية هو العامل الواقعي حقيقتها موضوعية من بني حقائق بأنو ،العارفة على انفصال املعرفة عن الذات املوضوعية جهة ثانية تدل

.األخرى الكون هي املعرفة اليت تضمنتها التصورات و املعرفة الذاتية، بني منطني من املعرفة" المعرفة الموضوعية"لفه لقد ميز بوبر يف مؤ

حالة حتدث عند اإلنسان نتيجة عالقته مع العامل، اليت جتعل من املعرفة ظاهرة سيكولوجية، و التقليدية لنظرية املعرفة (1704-1632) لوكو (Hume) هيومكما هو احلال عند ، بيةاإلبيستمولوجيات التجري قامت جممل حول هذه الفرضيةو

John Locke ،كذا اإلبيستمولوجيات العقالنية اليت جتعل ، و واليت جتعل من املعرفة صيغة لالعتقاد السليب عند الذات " بياجيج ـ "د خالصة ذهنية كما هو احلال عن أو، (Descartes)من املعرفة إما بناءا ذهنيا كما هو احلال عند ديكارت

Piaget (1896-1980) Jean 1( .مثال( مفهومة من قبل اجلميعو أما املعرفة املوضوعية فهي املعرفة اليت تقوم على النظريات اليت تشكلت لسانيا )2(الفرضيات املعرضة لالختبارو كذا التخمينات، و اليت تربط بينها عالقات منطقية النظريات أو ال الذايتميكن نقل املعرفة من و ال املوضوعي عن طريق صياغتها صياغة لغوية متكن املشتغلني ا إىل ا

رفة املوضوعية املع فاللغة عند بوبر هي األساس الذي تتشكل وفقه ، نقدهاو بالتايل اختبارها، و بالعلم من االطالع عليهاا جزءا من شخصييت، ياغة اللغوية ألية قضيةالص"ذلك أن ، القائمة على النقد من توقعيو تنقلها من كو

ا متوضعت، عام وضع نقاش نقديصاحلة ألن تكون مو ذات استقاللية تامة عين رمبا من خماويف إىل قضيةو أصبح و أي أ . )3( أن يقبلها أو يرفضها رمبا يل أيضا، و للغري ميسرا

70ص ، 2009، املغرب، الشرق إفريقيا ، تقدمي سعيد بوخليطو ترمجة ،بوبرالعقالنية النقدية عند كارل : فريسو روين ب 1-2- K. Popper : la connaissance objective ,op cit , p 136.

33ص ، س م، للمشاكلحلول بأسرهاالحياة : كارل بوبر 3-

Page 78: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 69 -

ا هي املصدرـــــ رف عن ذوات األفراد استقاللية املعاإن ـــــرغم أ ــ بالتايل فاملعرفة باملعىن ، و هو ما مينحها صفة املوضوعية ـ

)1( معرفة دون ذات عارفةاملوضوعي هي :وهي التأثرو ثالثة عوامل متبادلة التأثري بني حيث ميز، نظرية العوالم الثالثاملوضوعية إىل للمعرفة بوبرويستند تصور

غري احليةو الذي يشمل األجسام احليةو ، لم المادياالعهو :األولمل االع النفسيو العامل العقلي، الالواعيةو عالم الخبرات الواعيةهو :مل الثايناالع أعمال ، النظريات، يضم أشياء مثل الكتب، للذهن البشري المنتجات الموضوعيةعالم فهو : مل الثالثاأما الع

.)2( ....رات الطائ، النحتالثاين فالعامل ،أو غري مباشر بل هناك تداخل بني هذه العوامل بشكل مباشر، ليس هناك حد فاصل بني هذه العواملو

هو من أدرك العامل األول ، )عامل الذات(مبعىن أن العامل الثاين ، العامل الثالثو هو حلقة وصل بني العامل األول من مكونات ) النظريات العلمية(من جهة أخرى هو من أنشأ العامل الثالث ، و عقلياو حسيا) العامل الطبيعي(

.)3( العامل األول فتحاول حلها عن طريق تقدمي ،تواجه مشكالت مطروحة يف العامل األول، فالذات العارفة املنتمية للعامل الثاين

توضع على حمك النقد ، و ندما يعرب عنها يف صياغة لغويةلكن ع، تكون يف أول مراحلها ذاتية، فرضياتو ختمينات .فتشكل معرفة موضوعية مستقلة عن الذات العارفة ،العقالين تنتقل إىل العامل الثالث املوضوعي

ستمولوجيإلبيا، و يف شقيها امليتودولوجي هذه أهم احملاور األساسية اليت شكلت مضمون العقالنية النقدية عند بوبر "فريابندبول "من طرفقد تعرضت للعديد من االنتقادات من قبل فالسفة العلم املعاصرين خاصة ، لعقالنيةلكن هذه ا

تأثره بفلسفته يف و رغم إعجابه تاذهجرأة على أس كان أكثرهم "فريابند"، إال أن"توماس كون"و، "الكاتوش مريإ"والنقدية العقالنيةو النزعة العقالنية موقفه من هافما هي األسس اليت يقوم علي، املرحلة األوىل من تطوره الفكري

؟ باخلصوص

1 Popper k : la quête inachevée , Tra. Renée Bouveresse,: Calmann - Levy, France 1981

20-19.صم س ، ، بحثا عن عالم: كارل بوبر 2- 94ص ، ، م س فلسفة كارل بوبر : اخلويل طريف ميىن 3-

Page 79: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 70 -

: عقالنية النقدية لل بند آر يفي نقد

العقالنية د يتخذ منفإنه يكا، الفالسفة العقالنينيو تقوم أساسا على مناهضة العقالنية بند اإذا كانت فلسفة فري فلسفة العلم إىل جمال و اليت جتاوزت أحيانا جمال االبستومولوجيا عةالنقدية البوبرية املوضوع الرئيسي النتقاداته الالذ

:يتجلى ذلك يف قوله و تأثره بهو اليت تتضمن تنكره ألستاذه األحكام القيمية فكل حججك كانت على طريقته ، وبرتباع بألكنك كنت أحد و : س «

فأنا أجرب .... يف كتابايت املبكرة (Popper) لقد ظهر أثر بعض مناقشايت مع بوبر، هذا هو عني اخلطأ: ص » )1( أي فكرة مألوفة أصادفها

جم فريابند أنه ال عىيد حني ،نفسه بوبرمن ، ويسخر من العقالنية النقدية يبدو أكثر حدة حني على بوبر بل أن : فيقول أصال وبر فيلسوفابيعلم أن

ية النقدية ؟هي حجتك ضد العقالن ما:س « العقالنية النقدية ؟: ص .فلسفة بوبر، نعم العقالنية النقدية: س

.)2(» نه جمرد معلماليس فيلسوفا بوبر، فلسفة مل أكن أعلم أن لبوبر:ص نتائجها من اليت كان، و املعايريو تتشبث بالقواعد اليت مجيع صور العقالنية وضمنها العقالنية النقدية يعارض فريابند

أسطورةو تصورات عاميةو معارف، و دين منالتفكري املختلفة أي صور، اإلنسانية ةاملعرفية للحياو تدمري الوحدة الثقافية الطبيعةو الفكر، و العاطفةو بني الفكر ربراملفصل غري الباإلضافة إىل ، صلة باحلياة العمليةمجيع عناصر الثقافة ذات الو اليت حتكمها العلمية املوضوعيةاملعرفة دائرة ، ضيقة لنشاط املعريف اإلنساين يف دائرة لعقالنية صر الذلك من خالل حو

. أو جتاوزها ال ينبغي احلياد عنها املعايريو مجلة من القواعد ... يف مثل حركة ال تكاد توجد « :حيث يقول ، من العقالنية النقدية عند بوبر مثاال للدوغماتية فيريابنديتخذ و

ـــدغماتية احلركة العقالنية الن ـــ ــ ـــمعتربا عقالني )3( » قديةـــ ــعقمبثابة ،"بوبر"ة ـ التخويفو القمع مة علىـــالنية الليرباليني القائــ

.97ص املعارف ، اإلسكندرية ، منشأة حممد أمحد السيد ، ، ترمجة ات في المعرفةر ثالث محاو : فريابند بول 1- .96املصدر نفسه ص 2- .229ص ، نفسهصدر امل 3-

Page 80: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 71 -

تقدم نفسها يفإذ ليربالية،كثر األهجية الوضعية نالعقالنية النقدية اليت هي اليوم امل «:يعرب عن ذلك بقوله و

موجهة ..الشرف الفكري ، الكمال املهين ،"احلقيقة:"هي تشكيل بسيط لشعارات مثل شكل مشروع رشيد كأمنا )1( .»لتخويف اخلصوم

خاصة الذي يتضمن و ستمولوجييور اإلباحمل، لعقالنية النقدية البوبرية إىل حمورين أساسينيل ويستند نقد فريابند القابلية عيارالذي يتضمن نقده مل ،علق باجلانب امليتودولوجيتأما احملور الثاين في، ملوضوعيةتصور بوبر للمعرفة ا

.بوبر النقدية اليت تقوم عليها عقالنية بوصفه الفكرة احملورية للتكذيب اكتشافا العقالنية النقدية ليست أنن فكرة مفادها م ،البوبريةلإلبيستيمولوجيا يف نقده ينطلق فريابند

Xénophane " كسينوفانأ " وخاصة، الفالسفة قبل السقراطيني تقليد قدمي استقاه بوبر من «: بل هي،بوبريا أصيالكما أن هذه العقالنية ،اآلخرينو جل السيطرة على الطبيعةأهذا التقليد يهدف إىل إدراك العامل من ، ) ق م 478- 570(

ا ، باملصدر الثابت للمعرفة تقارن و ،مبعىن تعددية احلجج اليت تقف ضد بعضها البعض، النقدية عقالنية تعددية كما أ باإلضافة إىل وضعها للمنجزات العلمية يف االعتبار بوصفها أحداثا ، تفضل الدميقراطية كصورة للمجتمع املفتوح

. )2( » .يف تاريخ اجلنس البشري هامة اليت بني فيها بوبر أن املعرفة رغم ، و ية العوامل الثالث امليتافيزيقيةنظر ، و باملعرفة املوضوعية قول بوبربند يعارض فرياو

ا من نتاج اإلنسان ا تضل موضوعية إال، أ ال ميكن ردها للعمليات أي، )معرفة دون ذات عارفة( مستقلة ذاتياو أهي ليست ، و إنتاج العقل اإلنساين فاملعرفة تعد من، ناقضت حسب فيريابندهذا التصور حيمل ف، الفيزيقية أو العقلية

توقعاتنا و لعامةفمعتقداتنا ا، يف املعرفة ثرؤ اليت ت التخمينات هيو فاالفرتاضات املسبقة، ميولناو اعتقاداتنامستقلة عن . تصوراتنا للواقعو خرباتنا تؤثر يف

الوصول إىل مما ينتج عنه استحالة ، النظرية العلمية املكتشفةو ةأساسي يف تشكيل املعرفو الع لذات اإلنسانية دور ففل ت معرفتنا مطابقة ليسو فمعرفتنا عبارة عن تركيب عقلي تلعب فيه الذات دورا أساسيا، معرفة موضوعية عن العامل املادي

.موضوعية للواقع

1- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit, p 186. 2- P. Feyerabend : Adieu la raison , op cit, p 188-189

Page 81: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 72 -

ينبغي أن ال، و كما يعتقد بوبر العامل الثاين أن االعتقاد ليس جمرد عملية بيولوجية تدور داخل ذهن معني يفكما

أن تكون اعتقادا ن النظرية قبل أن خترج إىل العامل الثالث البدذلك أل ،العامل الثالث املوضوعي يف نلتفت إليهااهلدف يهو كما أن شخصية اإلنسان هي جمموعة اعتقاداته، ا العامل أو الفيلسوف أو املفكر الذي قال ذهنيف

.)1(النهائي للبحوث الفلسفية والعلمية وأهم هذه املعايري ،عايرياملو قواعدالعلى العقالنية النقدية حرصها الدائم على وضع (Feyerabend)فريابند يعيبو

فكل خطوة ،ربهنةوليس يف حماولة ال يف حماولة النقد، نبوبر تكمفاملناقشة العقالنية عند للتكذيب، القابليةمعيار هو : يف سبيل النقد هي خطوة على طريق العقالنية وفق الصياغة التالية

ولكن ، أخرى أفكار وبنيبينها تربط ال حتاول أن ، و بطريقة قاسيةهامجها ، للنقدقابلة رك لكي تكون اطور أفك« )2( » .ضعفها نقاطفقط حاول أن تظهر

) ليست حرية اإلرادة كمشكلة أكادميية( ، على تقييد حريتنافيريايند حسب تعمل املعايريو إن هذه القواعد العلوم صياغة بضرورة إعادة لذا يطالب فريابند ،)3(املقيدة للفكر األنساق من استبداد بل حريتنا املنشودة هي التحرر

.النقدية العقالنية تفرضها اليت املعايري و القيود من حتررا جيعل منها أكثر الذي املبدأ وفقا حيث النقدية ال يعتربه كشفا حقيقيا للعقالنيةبل ،"معيار القابلية للتكذيب" دبنفريا على هذا األساس ينتقدو

وهذا ، )contre exemples( " المضادة األمثلة"من أتى بعدهم على أمهية ، و أكد العديد من القدماء «: يقولا ليست صحيحةفضال عن أن اهلامة يف العلم حدثت دون تكذيب على اإلطالق فالعديد من التحوالت، املقولة ذا

)4( » . كشرط للعقالنية العلمية إخفاقا ذريعا لكنه خيفق ، و إن التكذيب يكون عظيما كحساب تقرييب

حدث هام أيأو ، ص الكشوف العلميةال توجد أية واقعة خت :« بقولهملعيار التكذيب يف نقده يذهب فريابندو الصحيح كمامنظوره وجد حماولة واحدة لرؤية العلم منال تو ، "بوبر"موقف يدعم نأ يف تاريخ العلم من شأنه

)5(. » النقديون هؤالء يراه

إنبل ، يتقدمكي لله الفرصة بإتاحةيسمح ال و العلم، عرقلةيعمل على القابلية للتكذيبكما أن معيار هو تطوير األساسي بل هدفها ، مساعدة العلماءو تطوير العلممل يكن ،القائمة على هذه املعايري" بوبر"هدف عقالنية

.201-200، ص ، م س ،بوبرفلسفة كارل :اخلويل ميىن طريف 1-

2- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit , p 187. 3- Ibid , p 191.

.229ص ، م س ، ثالث محاوالت في المعرفة: فريابند بول 4- .141ص هسنفصدر امل 5-

Page 82: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 73 -

الصارمةالنقدية العقالنية هذه حدوديف يءمناقشة كل ش، و حبيث تكون يف صورة مقبولة منطقيا، وجهة نظر خاصة

)1( .املقبولة املبادئمضمون و صورة تقرر اليت فهي تعمل على تقويض العلم، جتاوزهاكثرية ال ميكن تواجهها عوائق دولوجية التكذيبية حسب فريابندو إن امليت

التفنيدات فالبحث الدائم عن «، ل العلم أمام ركام كبري من النظريات املكذبةفقد جتع، دون أن تعطينا أي بديلنعمل على ، و املفندة يف حني أننا ميكن العيش يف سالم مع نظرياتنا ، ظم من احلاالت املفندةتمنو يؤدي إىل عامل ثابت

النظريات املفندة الذي يعمل على تطويق "*يماألوكا"طاملا يوجد الشذوذ إال أنه ال يكون ذلك ممكنا حتسينهاائي )2( » . واستبعادها بشكل

م رغم وجود أمثلة، نيديةفإليه املنهجية الت كما أن تاريخ العلم ال يؤكد ما تدعو فالعلماء حيتفظون بنظريا اعتربت فقد ،فيما بعد جناحات باهرة املفندة قد حققت هذه النظريات، و يداتأو عدد معني من التفن مضادة هلا

لذي مل تتناسب كتلتها "(Uranus)أورانوس "هذا لسبب مدار كوكب ، و مفندة يف وقت ما (Newton) نيوتن نظريةإمنا بسبب وجود كوكب جديد و ، (Newton) لكن تبني فيما بعد أن اخللل ليس يف نظرية نيوتن ،جاذبيتهو .)3(الذي مل يكتشف بعد " (Neptune)نبتون"

من خالل ، امليتودولوجية التكذيبيةمن تاريخ العلم إلثبات زيف كمثال (Galilée)"ليليابغ" يسرتشد فريابندو أن األرض تدور حول حمورها (Copernic)كوبرنيك إن افرتاض، لتكذيبات النظرية الكوبرنيكية ليلياغانتهاك

اية لكوبرنيكيت ستطيح بالنسق انكا، قد فجر مشكالت ديناميكية عديدة تدور األرض فلو افرتضنا أن ، إىل ما ال ا ستسقط بعيدا صومعة بالتايل فلو رمينا حبجرة من فوق، و بسرعة عظيمة كانت كل نقطة عليها تنتقللحول حمورها فإ

.مفندة كوبرنيك ميكن اعتبار نظرية ةمن مث، و لكن الواقع يثبت غري ذلك، العمودية هلا جدا عن النقطةعمها الغالف و بدوران األرض القول، و ذلك بنقض حجة الصومعة، و جتاوز تلك التفنيدات(Galilée) ليلياغإال أن

فالنظريات ،إىل املنهجية التكذيبية وءدون اللج ،(Copernic)نظرية كوبرنيك Galilée بذلك أنقذ غليليو ،اجلوي كله .)4(العلمية ال تتطور عن طريق التكذيب

1- P. Feyerabend : Popper Kuhn Lakatos , and the end of rationalism in problems of empiricism ,p21 2- Ibid. p 21.

جل أجيب ضرورة حذف واستبعاد كل ما ميكن حذفه من : ،فيلسوف مدرسي اجنليزي ،وضع مبدأ وصل أوكام ومفاده ) 1347ت ،( وليام األوكامي * فكري البساطة وهي قاعدة منهجية تعين التقليل من الفروض اليت ال تدعو احلاجة إليها ، حتقيقا ملبدأ االقتصاد يف الت

.71ص ، م س، العلمنظريات :شاملرز أالن 3-4- P. Feyerabend : Popper Kuhn Lakatos , and the end of rationalism , op cit p 22-23.

Page 83: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 74 -

ا العقالنية النقديةو فلو أن العلماء ، سة العلميةاملمار و ن هذه املعايري تتناىفأل، العلم ال يتقدم وفق املعايري اليت حددا ملا ا سوف تف، اكتمل أبدا منو أية نظرية علمية تقيدوا بالنسبة ألية ألنه ميكن أن جند ، يف بدايتها األوىل ندأل

. تعارضها نظرية قضايا مالحظةاليت فإن نفس الصعوبات، يف رفضه للمنهجية االستقرائية على عدم التأسيس املنطقي هلا دقد استن "بوبر" إذا كانو

النهائي يف البت بع النسيب للنظريات العلمية جيعلالطان أل، كذلك التكذيبمبدأ تعرتض ، مبدأ التحققاعرتضت إىل منطوق مالحظة طقيا تفنيد فرض أو نظرية استناداذلك ألنه من غري املمكن من، تعزيزها أو تكذيبها أمر صعب . )1( قابلة للخطأ املالحظة ميع منطوقات فج، ميكن أن يكون هو ذاته خاطئا

مالحظة حمايدة تكوينه الفكري النظري فليس هناك، و املالحظ/ظري يرتبط بشخصية العاملفكل مالحظة فيها جانب ناية املطاف أق لمن منطتعتمد على أدق اآلالت ميكن أن ختطئ بل حىت املالحظات اليت، ال تفنيد حاسمو ن اآللة يف

.نفسها هذا ما ينعكس على اآللةو هذه النظرية ميكن أن تعوزها الصرامة الالزمة ، و ق لنظرية معينة هي تطبي :يقولحيث ، غري مؤهلة للعمل على استبعاد النظريات الكاذبةحسب فيريابند هكذا فإن املنهجية التكذيبية و لالستخدام لذلك فهي ال تصلح ، و ...صاغة بإحكامم، غري ملتبسةو واضحة(Popper) تالحظ أن معايري بوبرو «

)2( »...كهدف للعلم

النزعة هذه خيرج عن إطار ه مليرى أن فإن فريابند، للوضعية املنطقية بالناقد الرسميإذا كان بوبر قد عرف و سياق الذي بقي يفو اح تقينباقرت " بوبر" د بدألق «: يقول فريابند، النظرية العلميةو يف تصوره للمنهج العلمي

للثانية ، و للتكذيب إجياد حل لألوىل من خالل القابلية ، و مشكلة االستقراء، و جيب الفصل بني معيار التمييز: الوضعية ألنه صيغ ضمن االصطالحية املنطقية املفضلة، لقد كان االقرتاح تقنيا، اختبارات قاسية، و بواسطة منهج ختمينات جريئة

)3( » كاريكاتورية منطقية" النظريات العلمية احلقيقية بصورةألنه اتبع الوضعية مستبدال ، ى الوضعينيلدقد مت أفكار املدرسة البوبرية نإ « :إذ يقول ، "بوبر" يس الوحيد الذي يعتقد يف وضعانيةنه لبأفريابند ويضيف

جنمت من حماولة حل مشكلة ، العقالنية النقدية، و مولوجيةاإلبستو احلصول عليها عن طريق تعميم املشاكل املنهجية

67ص ،م س، نظريات العلم: شاملرز أالن 1- دار املعرفة ، السيد نفادي ، تقدميو ترمجة، يان هكينجإحترير ، الثورات العلمية يف، ضد العلم كيف ندافع عن المجتمع: فريابند بول 2-

.234ص 1996اجلامعية 3- P. Feyerabend : Adieu la raison , op cit p 220.

Page 84: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية ندبنقد فيرا لثانيالفصل ا

- 75 -

مل يكونوا خمطئني ، آخرونو Jürgen Habermas هابرماس نإ: ويضيف قائال ، نيةينشتايفهم الثورة االو ، (Hume)هيومـــــ ــ ــــ حسب ما يظهرـ )1( » من الوضعيني "بوبر " عندما اعتربوا ـــ

ـــمزيف ادينق اعقالني بوبر ويعد ـــــ ا ـــ من تتعارض مع تصوره الوضعي للتحقق ن عقالنيتهفهو عقالين مزيف ألفريابند ـفالنظريات ، العلمي للنسق امعيار و حيث جيعل من االختبار عن طريق اخلربة أساسا، زيفهاو كذب النظريات العلمية

.ريبية قاسيةالعلمية املقبولة هي النظريات اليت مت إخضاعها الختبارات جت

م عليها التكذيبية هي قاعدة جتريبية مكونة من تتجلى يف أن القاعدة اليت تقو بالتايل فإن وضعانية بوبرو ما يشري هذاو أي ذات أساس جترييب، العلمية هي نظريات قابلة للتكذيبكما أن كل النظريات ، قضايا املالحظة . بربو إىل وضعانية حسب فريابند

ذلك ناحية اإلجرائية الال حتمل دالالت واقعية من ، مزعومةنقدية تبدو فإن نقدية بوبر، انب النقدياجلأما عن اإلبداع الفعالبالتايل ال يقدرون على ، و من العقالنيني النقديني ال ميارسون النقد كمبدأ على أنفسهم هبوبر كغري ن ألال يتحملون دوغماتيونفهم معني األفكار من منظور لرؤية أعين ال خيرتعون طرقا جديدة ،هم ال ميارسون النقدف «

القواعد و فهم يضعون مجلة املعايري، لذلك فهم ليس بنقديني حقيقيني، و ن على النقد الذايتال جيرؤ ، و تبعات نقدهم )2(» . لتقيداو بإتباعها يلزمون غريهم ، و الغري القابلة للمناقشةو املطلقة الثابتة

الفروض جتنب ، و زيادة احملتوى، و بأن مبادئ العقالنية النقدية كمعيار التكذيب " :إىل القول ينتهي فريابندو عطي مضمونا ت غريها من املبادئ، و األفكار غري الثابتةو جتنب الغموض، و تأسيس النظريات على القياسات، و العينية

ا عرضة إلعاقة العلم يف املستقبل، يف املاضيغري مالئم لتطورات العلم . كما أ إذا اعتمد على الوهم ، اال عقالنيو ألن العلم سيكون أكثر إفراطا، فهي تعطي مضمونا غري مالئم للعلم

ا حتاول أن جتعل العلم أكثر عقالنية، كما أن هذه املبادئ تعوق العلم يف املستقبل، امليتودولوجي ةدق أكثر، و ألائييف حني أن هذه املبادئ تعمل يف احلقيقة على تبديد . ا العلم

1- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit, p 190.

141ص ،م س ، ثالث محاوالت في المعرفة: فريابند بول 2-

Page 85: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 77 -

:العقالنية المؤسساتية عند توماس كون -1-

لعشرينا فالسفة العلم يف القرنو من أشهر مؤرخي Thomas Kuhn )1996-1922( )1(نتوماس كو "يعد :مؤلفه ويعد ،من خالل امليتودولوجياسفته فلو يعرف بأنه املمثل الرمسي حلركة الربط بني تاريخ العلمو

أهم الكتابات من 1962الذي نشر عام (The structure of scientific revolutions)بنية الثورات العلمية .اليت صدرت يف النصف الثاين من القرن العشرين

السعي منال ،تارخيهو تستمد أسسها من روح العلم، نزعة تارخيية تؤسس لفلسفة علم جديدة "نكو "تبىن الوضعيون املنطقينيو (Popper) "بوبر"منهج حمدد يسري وفقه البحث العلمي كما أراد ذلك و البحث عن منطق ىلإ

الباحثنيو فالعلماء ،حتديد املناهج الصحيحة اليت يسري عليها العلمو ال تنحصر يف وصف هفمهمة فلسفة العلم عند بغض النظر ، اليت توصلوا إليها احلقائقو النتائج يصغون إال لصوتال ف العلمي،الكشو اإلبداعو يف حلظة البحث

السوسيولوجية و النفسية بعادألاو الفلسفية البحث يف األسسهي بل مهمة فلسفة العلم، عوهــعن املنهج الذي اتب ريخ البحث العلمي ذاتهخالل تا نم العلماء له الواقعي كما مارسهالتقدم العلمي بشكو عليها الكشف اليت بين

كامل يستطيع و نهج علمي شاململ ال وجودف، العلماء أصالبـها الطرق اليت مل يلتزمو صف املناهجو ن طريقعال ــنــــإتباع منهج بعي التحوالت العلمية حصلت دون فكثري من، أن يفسر حركية تطور العلم .ه ـ

املنطقية تبعاتهو ال تقوم على سلطة املنهج العلمي ،لعقالنية علمية جديدة (Kuhn) "نكو "ذا التصور يؤسسو تمع العلمي الذي حيدد املعايري اليت يتخذها أعضاء هذا تطوره إىلو بل ترجع سلطة العلم ،الصورية الصارمة اتمع يف أحباثهم ـــهذا التوجه اجلديد يف فلسفة العلم بتسمية ومن هنا جاءت ،ا ــ ــ ـــ . "مؤسساتيةالالعقالنية ":ـ

أن يقول أن "نتوماس كو " أراد « : William Newton Smith (-1943)"نيوتن سميث" يف هذا السياق يقولو تمع العلمي أنهذه الصورة هي و ،التاريخ الفعلي للعلم رمبا تتغري تغريا كامال إذا نظرنا إىل صورتنا عن العلم ا

تمع العلمي للعقالنية المؤسساتيةيتم تصوره على أنه منوذج بنفس املقاييس واملعايري اليت يلتزم فيها أعضاء ا متغرية بتغري هذا النموذج ديناميةبل هي عقالنية ، فهي إذن ليست عقالنية صورية منطقية جامدة ،العلمية املمارسة يفتمعبتغري و . )2( » ا

املتحدة بالواليات ) Cincinnati ( ينسينايتيلسوف ومؤرخ علم أمريكي ولد يف سف Thomas Samuel Kuhn (1996-1922) :كون توماس-1

عرف باهتمامه بتاريخ ،عمل أستاذا للفلسفة وتاريخ العلم يف جامعة برنستون األمريكية، 1949على شهادة دكتوراه الفلسفة يف الفيزياء عام ، حتصل األمريكية " بنية الثورات العلمية" من أشهر مؤلفاته ، العلم

246ص ،م س، نية إلى الالعقالنيةفلسفة العلم من العقال : كرمي موسى: نقال عنـــ النص 2

Page 86: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 78 -

: أساسني نيممقو على "نلكو "وم العقالنية املؤسساتية وتق م العلم تاريخ لدور أمهية بالغة " كون" يويلحيث ، ن إدراك العلم ال يتم إال عرب تارخيهأ يتمثل يف األول املقو

جمرد سردليس التاريخن أإننا إذا أدركنا «: بقوله " بنية الثورات العلمية"بدأ مؤلفه فقد، ومسريته العلم يف فهم حقيقة . )1( »األذهان اآلن على فسوف حيدث تاريخ العلم تغيريا جوهريا يف تصور العلم الذي يسيطر ، أحداث متعاقبة

العلميةإدراك الطابع السوسيولوجي للمعرفة فيتمثل يف أما املقوم الثاين .

املعاصرلمية خيتلف عن التصور التجرييب علتصور جديد للمعرفة ال"كون"سأساس هذين املقومني يؤسعلى و .،كما سنبينه يف ما يلي ين النقديوعن التصور العقال

:(Thomas Kuhn) " توماس كون" تطوره عند و نظرية العلم

النزعة الثورية و ة على منطق التربير،ئمرفض كل من النزعة الرتاكمية القاعلى "كون"عند تقوم نظرية العلم إليه ن تاريخ العلم ال يدعم ما ترميذلك أل، "كارل بوبر"كما مثلها ،املبنية على منطق الكشف) االنفصالية(

.)2(جتريبيا هلا ال يشكل خمتربا و ،ونظريات املعرفة اليت تتبناها مناهج هو املنهج الصحيح لتفسري الرتاكمي فإذا كان املنهج، لماملسرية احلقيقية للعفالنزعة الرتاكمية التوافق

؟ أو ديناميكا أرسطو *الفلوجستني النظريات القدمية كنظرية و املعتقداتو فكيف نفسر اآلراء، مسرية العلم

مقولة ضمن ، من مثالب مندرجة هأم تبقى رغم ما متتلك، أساطري ال تندرج يف مقولة العلمو خرافةو أخطاء هي هل هؤالء أوصل وجب على أصحاب املنهج الرتاكمي أن يقبلوا أن هذا املنهج الذي ،ان اجلواب بنعمفإذا ك العلم ؟ اليوم أيضا لومـاطري يف عـاألسو اخلطأ إىل يصل أنمن ـال نضالذي هو ذاته املنهج ،األساطريو إىل اخلطأ ىالقدام

ـــالعقائد املت جمموعة كمشروع شامل حيتوى علىأن العلم فإننا نصل إىل حقيقة مفادها، اجلواب بالكان وإذا ــ ـــ بناءا اقضةـنـ

لد ، سلسلة عامل املعرف، ، ترمجة شوقي جالل بنية الثورات العلمية : كون توماس 1- .29ص 1992ديسمرب/ األولكانون ، ، الكويت168ا .38نفسه ص رجعامل 2-

األجساممفادها أن و القرن السابع عشر أواخر يفjohmm juachim becher ريوهان جواشيم باشي" األملاين الكيمائينظرية وضعها ، نظرية الفلوجستني* .وجود هذه املادة إيلوهذا ما مييزها عن املواد غري قابلة لالحرتاق اليت تفتقر ، ين املادة احملرتقةتعو يتنيسوجلالقابلة لالحرتاق حتتوي على مادة الف

Page 87: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 79 -

إىل احلاضر هي يف منو و منجزات العلم من املاضي نأيلزم مفهوم الرتاكم الذي ال يقبل االنفصالعلى أن

سيكون هعليو ،أو بأخر أساسا للجديد يشكل بشكل ،مع العلم احلاضريتناقض الذي القدمي أنو ، تدرجيي مستمر )1( .ناآلمعها يتناقضالعلم مبنيا على أسس

الرتاكمي اخلطي ال يسري وفق املنهج " نكو "فالعلم حسب ، نتيجة ال توافق املسرية احلقيقية للعلمهذه الإن س الذي قام األسا منه فالعلم ال حيتوي على تناقضات ما بنيو ،انقالبات ثورية ااملستمر، بل مسرية العلم تتخلله

"كون"يسميه ما وما مييز بينها هو ،احلديثة مجيعها علميةو النظريات القدميةو املدارسو ، بني ما وصل إليهو عليه )2( .لعلمممارسته لو بلها غري القياسية يف النظر إىل العاملسبــ قد عرب عن خمتلف أوجه االختالف و ،الكشف القائمة على منطق البوبريةأيضا النزعة االنفصالية "كون"يعارضو

هذه املناظرة عدتوقد ،1965جامعة لندن عام ل املناظرة اليت مجعت بينهما يف من خال "بوبر"بينه وبني ا تعرب عن احلوار الدائر بني فكر احلداثة الذي متثله ،يف القرن العشرين املناظرات برزمن أ "بوبر"عقالنية باعتبار أ

: بعنوان مقال يف مواضع هذه املناظرة "كون"نشر قد، و كونتوماس فكر ما بعد احلداثة الذي ميثله ، و النقدية logico discovery or psychologic of research . »منطق الكشف أم سيكولوجية البحث «

فالدراسة التارخيية تكشف، ركة العلمح ديناميتةعن "كون"ال يعرب حسب "بوبر"إليه يدعواملنهج الذي إن املقارنة الذي ينص على تكذيب النظرية عن طريق، بريالتكذيب البو منهج وفق التطور العلمي ال يسري أن

.بالطبيعة املباشرة

مهمة غري العمليةال يعين كذلك أن التجربة و ،أن العلماء ال يدحضون النظريات العلمية "كون"ال يعين ذلك حسب و مقبولة رفض نظرية كانت عملية احلكم اليت تفضي بالعلماء إىل نأ« :ا يعينإمن، و رفض النظريات العلميةو أ الجنازيف و دائما إرشادي يكون قرار رفض منوذج إن ،إمنا ترتكز دائما على ما هو أكثر من مقارنة تلك النظرية بالعامل ،سابقا

)3( »بني الطبيعةو املقارنة تكون بني النموذجني نأو وذج إرشادي آخر،آن واحد قرارا بقبول منلفقدان طويال وقتا يتطلب بل ،"بوبر" يعتقد شاهد أو مكذب واحد كما جمرديقوم على ال العلمية فرفض النظرية

تمع العلميقبل ممن اصالحيته تمع العلمي هي األساس يف رفض أو ،ؤسسة ا النموذج أو النظرية قبول فقناعة ا . حملهااجلديد النموذج النظرية أوإحالل و القدمي

.31ص ، م س ، بنية الثورات العلمية: توماس كون 1- .33نفسه ص املرجع 2- .116نفسه ص املرجع 3-

Page 88: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 80 -

العلماء ما وجده هو ،كونالشاهد التارخيي الذي يقدمه نأإال ،يف تاريخ العلم شواهد كثرية تدعم هذا املوقفو

مدار وقائع إن « ية األرضية،للجاذب لقانون التربيع العكسي (Newton) نيوتنخالل السنوات القليلة من صياغة يتوقع سجلت نصف ما كان جتاه حضيضهاببينت املراصد أن دوران فلك القمر إذ ،القمر تكذب قانون نيوتن

تمع العلمي ، الذي جيعل قانون نيوتن مدحوضا وفق منهج بوبر األمر، نيوتنلالعكسي قانون الرتبيع لكن قرار ا أن مت اكتشاف ني عاما إىلالصرب عليه طوال ستو وظل العمل به، نيوتن رغم منطقية دحضه امجع على تبين قانون

)1( »خطأ يف املعاجلة الرياضية لتطبيق القانون ذ ال يوجد حبث علمي بدون شواهد إ ،ال يصلح للممارسة العلمية"منهج التكذيب"على أن"كون"ويؤكد

ليس أن األول، عن العلم الثوري، الرتاكمي )السوي ( فما مييز العلم العادي ،ا البحثما يهدف إليه هذتقف ضد حل األلغازي هو نشاط و ن جوهر فاعلية العلم السإ، بل على العكس، ال يواجه شواهد تعارض أهدافه

ج الذي ال يطرح ألغازا فالنموذ ،وذج اإلرشاديمنلأسس امام أعائق طبيعته أن يتحول إىلاللغز من و خبالف ما يذهب )2(عونا ملهارات تقنية فقط جامدة تصلح أن تكون أداةسيتحول إىل ،مشكالت للبحث العلميو

. فهو مبثابة تعزيز هلاما يناقضها مل يكن هناك إنو ،بأن وجود مشكلة بالنسبة للنظرية يؤدي إيل رفضها "بوبر"إليه

مها اللذان حيددان يف أي فرتة من ، النظريات القائمةو القصور اللذان يشوبان املطابقة بني املعطياتو لنقصفا رفض النظرية نواجهه يف سبيل هذا التطابق يوجبلو أن كل فشل ، و الزمن كثريا من األلغاز املميزة للعلم السوي

)3( . ريات يف كل األزماننتهى األمر بنبذ مجيع النظال ،بوبركما يدعى يدعي ال يفرضها منهج االستقراء كما "نكو "االنفصال من وجهة نظر و فإن الرتاكم، وبناء على ما سبق

للمجتمع انية اخلاصية اإلنس بل حتدده متغريات تتعلق بصميم ،"بوبر"كما يراهال منهج االستنباط و ، يونطقالوضعيون املن . اجلماعية للعلم املمارساتو الفعلي للعلوم كز على التاريخ تبل تر ، ال ترتكز على البنية الصورية بنية العلمف ،العلمي

: "كون "عند" البراديغم"ونظرية م ـلــالعتقدم تفصلهما مرحلة انتقالية تتوسطهما أو أساسيتنيعلم من العلوم يتضمن مرحلتني أيتاريخ أن "كون"يرى

"مغظهور الربادي" ومرحلة، science Immature "العلم غري الناضج"أو "مغما قبل الربادي"مرحلة :امهو :وفق النمط التايلاملرحلة حتدث الدورة التطورية للعلم ويف هذه ،mature science "العلم الناضج"أو

.منوذج إرشادي جديد مث ،)علم ثوري (ثورة علمية ،أزمة ،)علم سوي ( إرشاديمنوذج

.120ص ، م س، بنية الثورات العلمية : توماس كون 1- .118نفسه ص رجعال 2- .190نفسه ص املرجع 3-

Page 89: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 81 -

:(pré paradigme): لبراديم اما قبل مرحلة

من تطور أي علم من العلوم تسمي أن األطوار األوىلإىل ، بنية التوارث العلمية :مؤلفه يف "كون"يشري النموذج انبثاق اضج هي املرحلة اليت تسبقفمرحلة العلم غري الن ،"لعلم غري الناضجا"أو، "مغما قبل الربادي" رحلةمب

الفكرية املتباينة املدارس ذات اخللفياتو تسودها النظريات املتفرقةو ميز حبالة من الفوضىتتو ، األول اإلرشاديس لى أسيقوم بالضرورة ع والبناء الفكري لكل مدرسة ال ،أو فلسفية معينة خلفية ميتافيزيقية فكل مدرسة تستند إىل

أو حدث عارض شخصي أو إىل علم ،سائدةنظرة غيبية ميتافيزيقية بل يستند إىل، علمية موضوعية أو منهجية )1( ".تارخييو

لذلك ستكون ، عدم وجود أسس معيارية عقالنية متكن الباحث أن خيضع حبثه هلا، من أهم ميزات هذه املرحلةو ا حبثه انتقاملشاهدو عالوقائ ا صحيحة ائيةات اليت يدعم لذا فال غرابة أن جند ، و تتكامل مع النظرية اليت يعتقد أ

ا لكنهمو ون نفس الظواهر،فعلماء يصاد ،من مراحل العلم غري الناضج املراحل األوىليف هذه يفسرو )2( .بتفاسري خمتلفة

ن الضوء أحدى املدارس إحيث اعتربت ، "ننيوت"قبل ةيمثاال على ذلك بعلم البصرييات الفيزيائ "نكو "يضرب و بينما فسرته ،اجلسمو العني اعتربت أخرى أن الضوء تعديل الوسط الواصل بنيو جزئيات تنبعث من األجسام املادية

ا لـكو ني،ـبني انبعاث صادر عن العو جمموعة أخرى بأنه تفاعل بني الوسط احمليط مدرسة من املدارس استمدت قو )3( ".نيوتن" مع يالبصريات الفيزيائ ن حصل أول منوذج إرشادي لعلم أ إىل ،ا خاصة زيقمن عالقتها مبيتافي

وشدة عرضية ظواهرها يف الطبيعةو بسبب قلة ،خرمن علم آل) مغما قبل الربادي(غري الناضج ختتلف مراحل العلمو ا ا استطاعت أن خترج مغبرادي"الفلك يف إحرازها و اضياتفهناك أسبقية لبعض العلوم مثل الري، تعقيد موضوعا خاص

هناك علوم مل حتصل على منوذجها اإلرشادي األول إال و الناضجالعلم إىل ،لة العلم غري الناضجابه من ح .وقت قريب منذ األول س منوذجها اإلرشاديحدى املدارس املتنافسة بتأسيإانتصار و بتفوق، لم غري الناضجتنتهي مرحلة العو

ذا االجناز إىل العلم الناضج يتواضع حيث يتحقق أول إمجاع فكري ،ليقود مرحلة البحث العلمي الذي انتقل . على أسسه الباحثون يف جمال من جماالت العلوم

.49، ص ، م س بنية الثورات العلمية : كون توماس 1- .45نفسه ص املرجع 2- .50نفسه ص ملرجع ا 3-

Page 90: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 82 -

: (paradigme) :)النموذج اإلرشادي ( مفهوم البراديغم -

من املفاهيم اجلوهرية اليتيعد paradigme) -البراديعم(مفهوم النموذج اإلرشادي على الرغم من أن مل يقدم "كون"ن ذلك أل ،التعقيدو إال أن هذا املفهوم قد اكتنفه الكثري من الغموض، "كون" عقالنيةليها عتقوم تعريفات إىل »بنية الثورات العلمية «: تعددة من مؤلفهإمنا أشار يف مواضيع مو ،من خالل مفهوم واحد"مغالربادي"فكرة " .بنية الثورات العلمية" يف احلاشية اليت أضافها لكتابه "مغالرباد"نفسه بغموض فكرة "كون "قد اعرتفو ، )1(خمتلفة

" كون"أن املعاين اليت مينحها Margaret Masterman (1986-1910)مارجريت ما سترمانترى الباحثة و : هيو )2( ذج اإلرشادي تنحصر يف ثالثة معانللنمو

الناجح يالتأمل امليتافيزيقو املعايريو جمموعة املعتقداتو بني فكرة النموذج"نكو "يربط وفيه: زيقيالمعنى الميتافيا، الطرق اجلديدة للرؤيةو د من جوانب الواقعأو إطار تتحدد من خالله العدي، فهو مبدأ منظم حبكم عملية اإلدراك ذا هذا املعىن الفلسفيو أكثر من الوجه العلمي ،مغللربادي يالوجه امليتافيزيقأو ، ةهنا تتجلي بوضوح الفكرة امليتافيزيقيو

.باملقارنة مع باقي املعاين ،هو الذي تعرض للنقد ميغللرباد

تكنولوجيةالو سلوكيةالو ذهنيةالالعادات العلمية جمموعة :، ويعينالمعنى االجتماعيفهو ، مغأما املعىن الثاين للربادياسم املشرتك ـز، أو هو القـأو هو االجناز العلمي املتمي )3(اليت بإتباعها ميكن أن يستمر احلل الناجح للمشكلة و ، لغويةالو

تمع العلمي املوحد ألرائهم يف جمال حبثهم الرامي إىل حتقيق املزيد من التقدم الع صعيد لمي علىبني أفراد ا . املمارسة اليومية

أو أي شيء ميكن أن يساهم يعين تقدمي جهاز بعينه من األجهزة العلميةو :المعنى اإلنشائيو املعىن الثالث هو .يساعد يف حل املشكلةو ا هو النظرية العامة اليت قول أن النموذج اإلرشادي ميكن أن ال ،خالل هذه املعاين السالفةمن و يلتزم

تمع حبل املشاكل املختلفةاملوجه لعملهم أثناء قيامهم ، و نه اإلطار املنظم لنشاط العلماءأ أو ،العلمي يف مرحلة ما اتمع العلمي يف نظر كو هكذو .جمتمع مييزه التزام أفراده بطريقة معينة يف ممارسة العلم (Kuhn)ن ا يصري ا

.107ص ،، م س لثورات العلميةبنية ا: كونتوماس 1- .92، ص ، م س تطور المعرفة العلمية :سهام النويهى 2- .املرجع نفسه املوضع نفسه 3-

Page 91: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 83 -

:Normal Science يعلم السو ال -

بالعلم الثوريالثاين و ،يو العلم السيسمى األول بالعلم النموذجي أو ،بني نشاطني من البحث العلمي"نكو "مييز )يو العلم الس(باعتبار أنه املتعلقة بتطور العلم " كون " أساسي لرؤيةو ي مكون هامو ميثل العلم السو ،الشاذ العلم أو

حبيث أن احلقب الثورية تاريخ العلم الزمنية األطول من الفرتاتكما أنه يشغل ، للثورةضروري و اض مسبقيعترب افرت .شاذة يف تاريخ العلمو هي فرتات نادرة

تمع و ،النشاط الذي يرصد له العلماء جل وقتهم « :ي بأنه و العلم الس "كون"يعرفو يقوم على افرتاض أن اتمع يف الدفاع عن هذا و ،العامل العلمي يعرف صورة االفرتاض يتوقف القدر األكرب من جناح املشروع على رغبة هذا ا

)1( »حىت لو كلفه كثريا عند الضرورة

ا مجاعة فالعلم السو العلماء ي يعىن البحث الذي يعتمد على أحد االجنازات أو النظريات العلمية السابقة تعرتف للعلماء حيددو لبحث الذي يرسمافالعلم السوي هو ، هي اليت متده باألساس ملمارسته، و ن الزمنخالل فرتة معينة م

ا فة موقتن العلماء ال يتخذون البأ ،كما أن أهم مسة هلذا العلم، اخلربةو طريقة املمارسة العلمية من خالل التدريبااملفاهيم املقبولة يف احلو جتاه النظريات األساسيةانقديا ب .قل اخلاص

طريقة النظر أو ،هو الذي حيدد ما يسمى برؤية العامل، أساسيةمفاهيم و مبا يشتمل عليه من نظريات مغفالربادي ."كون"المؤسساتي لعقالنية من هنا جاء الطابع و ،إلى العالم

ا الباحاليت العدسة ،يو ميثل النموذج اإلرشادي يف نشاط العلم السو موضوعهق وجزئيات ث من دقائيقرتب م العلميةو وهو الذي حيدد القواعد ا العلماء يف ممارسا واليت متكنهم من حبث جوانب حمددة ، املعايري اليت يلتزم

)2( .رؤية حمددة خر ال يسري ضمن ضوابطآبعمق ال يستطيعون بلوغها يف أي حبث و بتفصيل، من الطبيعةيف ه البحثيوجت هدفه بل، أو اخرتاع نظريات جديدة، ي إجياد أنواع جديدة من الظواهرو الس وليس هدف العلم

ا النموذج بالفعل النظرياتو إىل توضيح الظواهر العلم ي بالعلم السو تغلنيشتنحصر مهام العلماء املو ،اليت أمدنا 3(: هيو يف ثالث مهام

من أمثلة تلك الوقائع يف علم و ،" بعض التوقعات العامة بشأن تلك الوقائعتوفريو حتديد الوقائع اهلامة ملعرفة - حجم النجوم و يف علم الفلك مواقعو وقابلية املواد للتوصيل الكهربائي، ،املوجات حتديد أطوال، ءالفيزيا

. دورات الكواكبو

.34ص ، م س ، بنية الثورات العلمية: كون توماس 1- .55ص ، نفسه املرجع 2- 57، ص ، نفسه رجعامل 3-

Page 92: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 84 -

ـــ ــ اليت أحدثها سد الفجواتو بني العامل أو الطبيعةو م،غى أساس الرباديلقائمة علاحماولة اختزال التعارض بني رؤية العامل ـ

. التطور التخطيطي األصلي لرؤية العاملـــــ ــ .تبدو خمالفة استبعاد االعتقادات األخرى اليت قدو ، اإلبقاء على بعض االعتقادات بوصفها أساسيةو توضيح النظرية ـ يسميهحلل املشكالت اليت يطرحها النموذج السائد أو ما انشاط إالليس ، يو على ما سبق فإن العلم الس بناءو ا تلك الفئة من املشكالت احملدودة «: األلغازيعرف و ، األلغازنشاط حل "كون" يئ لكل باحث اليتبأ

لغز أو عادة ترتيب املكعبات،فهي أشبه بلغز إ وبراعته يف وضع احللول، ،اإلبداعيةقدرته إلثبات فرصة . )1(» **املتقاطعة الكلمات

مهارة الباحثو قدرةو هي اختبارات لعبقرية ،وعلى هذا األساس فإن مجيع االختبارات يف العلم السوي للنظرية ا ال متثل فشل النظرية بل متثل فشل إذاو ، اإلرشاديللنموذج وليست كانت نتيجة هذا االختبار سالبة فإ

رب يف قدرته على احلل، رب العلميةو ا تز مكانة ا لة لكن مكانةضإذا ما فشل يف حماولته حلل املع ،قد )2( .اإلخفاقات املتكررةو النموذج ال تتأثر، بل حيتفظ بقدرته على العمل أمام هذه الصعوبات

فما يفعله العلماء ،املدرسي أو الكتاب املدرسي بالتعليم، املعضالت يف العلم السويو لغازيشبه نشاط حل األو جيدون صعوبة يف حل املسائل فطالب العلم حني، هو بشكل أساسي ما يفعله طالب العلم ،"لكون"طبقا

ال النظرية احلالية أو ،أو املشكالت اليت توجد يف الكتب الدراسية فإن الطالب هو الذي يواجه تلك الصعوبة .ال إىل النظرية ،فإن الفشل يعود إليه ،عندما يفشل الطالب يف حل املسألةو اجلارية

فالنظريات الالحقة حتل مشكالت أكثر من النظريات ،التقدم داخل العلم السوي إمنا يتمثل يف حل املشكالتو (Popper) "بوبر" عن وجهة نظر، )التحل املشك(على معيار القائمة"نكو "ذا ختتلف وجهة نظر ، و السابقة عليها

سبقت لنظريات كاذبة كما هو سلسلة متتالية، "بوبر"فالتقدم العلمي عند ، القائمة على فكرة االقرتاب من الصدق .يف الفصل السابقاإلشارة إليه

69ص ، ، م س بنية الثورات العلمية: كونتوماس 1-

الت ضأو مع، ألغاز حاللوا األساس، هم يف "كون"يرىما ، فيللعلوم املتطورةأو املمارسني ان الباحثني *ا متثل حتديا ملهارة القائم باحلل،موجودة سلفا ، و إن الغاز الكلمات املتقاطعة هلا حلول مؤكدة ** .هذا املصطلح يستعري " كون"وهذا هو السبب يف أن ، لذا فإ 84، ص ، م س نظرية المعرفة العلمية: هر عبد القادرما 2-

Page 93: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 85 -

حل املشكلة هو نشاط نأ ،واقع دراسته لتاريخ العلم وجد يفقد "نكو "إن، على ما تقدم وميكن القول بناء بتعبري و ،األسس اليت ال يعرتيها أي تغري يفو الواقعي للممارسة العلمية القائمة على إجناز علمي،و الشكل األساسي

ليس هو النظرية النموذج، و البحث العلمي طبقا لنموذج إرشادي بعينه إالالعلم السوي ما هو إنآخر ا املمارسون للعلم عند املعايري اليت يهتدو أي القواعد، طريقة األداءو التطبيقو القانونو بل هو النظرية فقط

)1( . املعضالت املصاحبة للنظريةو حماولة حل املشاكل : ثوريلعلم الا ــ

يسعى إىلبل ، النظرياتو ي ال يهدف إىل اكتشاف اجلديد من الوقائعو أن العلم الس ت اإلشارة إىلسبق لكن قد تظهر بعض ، التقاليد اليت يفرضها النموذج السائدو املعايريو بااللتزام بالقواعد معضالت النظريةحل

قد يؤدي البحث العلميو ،يو لنموذج الذي يسود العلم السالوقائع يف الطبيعة تناقض التوقعات املستنبطة من ا اليت * بمرحلة األزمة "نكو "طلق عليههو ما يو ،يفشل النموذج السائد يف حلهاة إىل كشوف علمية هام

.ديدة ـأراء جو وفق أفكار منوذج إرشادي جديد يقود مسرية العلمو تؤدي إىل ظهور نظرية جديدة فاألزمة )2(ت علمية ي يف حل مشكلة أو متناقضة يؤدي إىل ثوراو الفشل املتكرر لتقليد العلم الس نإ آخرىنـمبع

.التخلي عن النموذج القياسي السائدو ،ضروري لظهور نظرية جديدةو شرط مسبق حيل نصاحلا أل، إال إذا كان املرشح البديل، أو النظرية العلميةرفض النموذج "نكو "إال أنه ال ميكن حسب

حلوال ن النموذج اجلديد يقدمال حيدث أل، ةريثو ال آخر خالل الفرتة فالتحول من منوذج إرشادي إىل حملهاأو ألنه مت اكتشاف دليل للنظريات أفضل من ذلك الدليل اخلاص بالنظريات يف النموذج ، أفضل للمشاكل القدمية

على )دةالسائ أو النظرية (املتكرر لعدم قدرة النموذج القدمي و إمنا هذا التحول كان نتيجة للتزايد املستمرو ،القدمي )3( .املعضالتحل

88ص ، ، م س تطور المعرفة العلمية: سهام النويهي 1- 34ص س، م، بنية الثورات العلمية :كون توماس 2-

تمع الرمسية عن إحكام قبضتها فالثورة كمفهوم سياسي حتدث عند، واملفهوم العلمي هلا، بتناظر بني املفهوم السياسي للثورة " كون"يقوم * ما تعجز مؤسسات اتمع تمع، على ا نشأت عن عجز النموذج اإلرشادي السائد عن اليت ةاألزمفكذلك فإن الثورة حتدث يف العلم بسبب وجود ، يتشكل بناء جديدو فينهار ا

تمع العلمي، حل املعضالت بصورة متكررة األمرينتهي و ، العام للكون اإلدراكيانقالب ثوري يف التصور إىلالذي يؤدي راألم، مما أضعف قبضته على ا .يقود مسرية العلم، ي جديدإرشادبظهور منوذج

100ص م س، ، تطور المعرفة العلمية :سهام النويهي 3-

Page 94: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 86 -

آخر ىلإيرتكز هذا التحول من منوذج و ،فرفض النموذج السابق يكون دائما مقرتنا بقبول منوذج جديد

ـــعن وجه "نكو "جهة نظر و على هذا األساس ختتلفو ،مع الطبيعةو ، على أساس املقارنة بني النموذجني ة ــــبوب"نظر ـــ ـــما مت تكذيبها عن طري إذا "بوبر"حسب دـعفإذا كانت النظريات تستب، "رـ يرى "كون"فإن ، ربةـــــق اخلـ

قد استبدلت فهناك نظريات كثرية، رات الىت يتقدم من خالهلا العلمو االختبارات ليست أساسية للثو أن التجارب .أن ختترب قبل

تتغري فعندما، منوذج جديد هو حتول مفاجئ لطريقة جديدة لرؤية العامل إىلحول أن الت "كون"ىوير انقيادا للنماذج اإلرشادية اجلديدة يتبىن العلماء أدوات جديدة و ، العامل ذاته امعه ، يتغريالنماذج اإلرشادية

رات العلمية يرون أشياء و العلماء إبان الث نإ « .:"كون"يقول ،)1(جديدةيتطلعون بأبصارهم صوب اجتاهات و م حتولوا إىلو مل يكونوا رأوها عندما كانوا ينظرون إىل هذه األماكن نفسها،جديدة يف أماكن معينة كوكب آخر كأ

)2( » مغايرتبدو فيه مواضيعه حتت إنارة ضوء

ة ظــ جتعل العلماء يشاهدون ما هو جديد يف عامل املالحهي اليت، التحوالت اليت حتدث يف جمال الرؤية البصرية إن وعادة وحتول يف الرؤية بل هو جمرد تغيري، فإن استبدال منوذج بآخر ال يعد تراكما على هذا األساسو ،الكبري

.عقالنيةو ال يرتكز على أسباب موضوعية ،هذا التحول حتوال عشوائيا فجائياما يكون :عند توماس كون ( l’Incommensurabilité)" المقايسة مفهوم ال -

وقد أثار "كون"تقوم عليها العقالنية املؤسساتية عند اليتمن املفاهيم اجلوهرية "مقايسة الال" مفهوميعد "ال عقالين"نه أ "كون"أساسه على صنفاملفهوم الذي أيضا وهو ،فالسفة العلم أوساطهذا املفهوم جدال كبريا يف

ال تقبل القياس بشكل ن النظريات اليت تنتمي إىل مناذج إرشادية خمتلفة أ هخصوصا بعد أن تبني مع، "نسباين"و ذا املفهوم ؟ "كون"لكن ماذا يعين و ، بالتايل ال ميكن املفاضلة بينها، و عام وكامل

إمنا تعين و قد يفهم منها، ، كما "الالمقارنة"ينع،ال ت"مقايسةالال"أن إىلمن اإلشارة بداية البد ـــعدم وج"مقايسةالال" ــ ــ ــتني من أجل املفاضلة بينــــني خمتلفـــاس مشرتك بني أية نظريتـــود مقيـ ـــمثن ـفيمك، هماـــ املقارنة بني الـــ

151ص ، ، م س بنية الثورات العلمية :كون توماس 1- 152، ص نفسه رجعامل 2-

Page 95: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 87 -

مثال نبنيو احلركية ميدان أو جمال امليكانيكايف "ييناينشتاأل"النموذج اإلرشادي و ،"ويننيوتال"إلرشادي ا النموذج

حنكم أنال نستطيع لكن ،يف حلها جناح النموذج االينشتايينو ،نقاط فشل النموذج النيوتوين يف حل بعض املشكالتقياس املضمون نأل، خرأو أصدق أو أقرب إىل احلقيقة من اآل، خرأو نقيس أيهما ميتلك مضمونا معرفيا أكثر من اآل

اليت ينظر ةالنظرة التجريبيو ،هتمصطلحامعاين و ،مناهجهو ا على معايري النموذجياملعريف للنموذج ينطوي ضمن .ا إىل العامل

املكانو ، رميان هندسةهي "ينشتاينأ" هندسة يف حني أن، نمكانه مطلقاو زمانهو ،ةقليدياهندسة "وتنين"فهندسة تمع نظرته الشاملةو ،الفكري ارهطإو معايريهو كل منوذج أرشادي مشكالتهلف ،ان نسبيانالزمو اليت سادت ا

. العلمي يف فرتتهمستويات ما ينتج عنه من حتوالت يف و ،إىل تصوره لطبيعة العلم الثوري "كون"عند "الالمقايسة" يرجع مفهوم و

عامل أحباثهم جتعل العلماء يشاهدونذلك أن تغريات النموذج ،ظر إىل العاملحتوالت يف الن، و التجربة اإلدراكية .)1( عن ذلك العامل الذي كانوا ينتمون إليه من قبل، بطريقة خمتلفة متاما اخلاصة

موعة من املالحظات، إن هذه التحوالت يف اإلدراك تصلح اليتو املشاهدات التجريبية احملايدةو تعين أنه ال وجود نستطيع من خالهلا تقومي أو احلكم على هذه النظريات ،أن تكون قامسا مشرتكا جلميع النظريات العلمية

.املفاضلة بينهاو الالمقايسة يف املالحظة"و الالمقايسة املنهجية" :،جهثالثة أو كونعند "الالمقايسة"مفهوم يتضمن و ."ملعىنالالمقايسة يف ا "و مرده النماذج اإلرشادية املختلفةو أن عدم وجود قاسم مشرتك لقياس النظريات ،الالمقايسة المنهجية تعينو

اخلاص لنشاط العلمي املكرس حلل األلغازقد سبق أن بيننا أن او ، خرمنوذج لآل تبدل مناهج املقارنة منو تعدد .االجتماعية للنموذجو اخللفية الفكريةو رؤيةلطبقا ل الطرق اخلاصة بهو ملناهجهو الذي حيدد ا، بأي منوذج إرشادي

معه األمر الذي يتعذر ،طرق التقوميو سيغري معه مجيع املناهج، بالتايل فإن تبدل النموذج اإلرشادي بعد الثورةو ا مقايسة النظريات املنتمية إىل مناذج خمتلفة ى هذا األساس ال يوجد انسجام كامل علو ،بعد أن تغريت املناهج ذا

قاليد العلمية الت النعدام التجانس بني جهات نظرهم ال متتلك مقياسا مشرتكاو نأل، املتنافسة اإلرشاديةبني النماذج م للعلم ليست واحدةو همن معايري أل ،ما بعد الثورة العلمية يفو قبل القياسية يف ما .،)2( تعريفا

75، ص ، م س نظرية المعرفة العلمية : بد القادرماهر ع 1- 192، ص ، م س ة الثورات العلميةبني: كون توماس 2-

Page 96: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 88 -

ال ميكن أن تكون معيارا مشرتكا ملقايسة فمفادها أن معطيات املالحظة ،المالحظةسة في الالمقايأما

ا تعتمد على النظرية أو النموذجأل ،النماذج اإلرشادية املختلفةو النظريات للمالحظات فال وجود ، ن املالحظات ذا مواضع و ظواهر اذج اإلرشادية املتنافسة يالحظونلعلماء يف النمفا، رض أو نظريةففكل مالحظة حمملة ب ،احملايدةم يعيشون يف عوامل خمتلفةو العامل . كأ

أعلى إىل ، من وضعفالنموذج األرسطي للحركة يرى أن أي جسم ثقيل الوزن إمنا يتحرك حبكم طبعته الذاتية لسلسلة نظرا لو ،يسقط )سلسلةأو (لق خبيط ن اجلسم املتأرجح املعأو ،حالة من االستقرار الطبيعي عند وضع أدىن

جة يف حنيو فإنه لن يستقر إال عند أدىن نقطة له بعد فرتة من الزمن يتحرك فيها حركة متم، أو اخليط الذي يقيد حركتها متثل مثال للحرك الحظ نفس (Galilée)"ليلياغ "أن ذهابا البندولا مة اليت يتحركـة الرتددية املنتظـالظاهرة على أ قوانني احلركةو معدل سرعة السقوطو تقالل الثقلاستنبط من ذلك قوانني عن اس، و يف حركة ذات تعجيل منتظمو إياباو

. القوانني اليت ميزت النموذج األرسطيو ختتلف عن املفاهيميالحظ "اينشتاين"يف منوذج يف حني أنه، ذو ثالثة أبعادو يالحظ على أنه مستو "نيوتن"منوذج كما أن املكان يف

.)1(على أنه منحىن اليت تتغري ،فال سبيل إىل املقارنة بني النظريات أو النماذج املختلفة، غري حمايدةو ،خمتلفةفما دامت هناك مالحظات .بالتايل تتغري معها رؤيتنا للعاملو تشكل و النماذج املختلفةو النظريات عدم وجود لغة علمية واحدة تتفق عليها، في المعنى مقايسةالالتعين و

مناذج خمتلفة غري متكافئة فعليا فمعاين احلدود املستخدمة يف تقاليد، قامسا مشرتكا ملقايستهاأرضية أو بل تتبدل املعاين وفق تبدل النظرية ،ال حتمل معىن موحدا ،اإلمالءو املفاهيم اليت تتشابه يف اللفظو فاملصطلحات

"أينشتاين" قد ال يعين نفس املعىن الذي قصده ،"نيوتن "الذي استخدمه "(Masse)كتلة "فمثال احلد ،أو النموذج منوذج ليس له نفس املعىن يف "نيوتن"يف منوذج ، املتجانسو املسطح"املكان"مصطلحو ،يف الفيزياء النسبية

كان البد أن يتحول جمموع النسيج املفاهيمي "اينشتاين"إىل صورة الكون اليت قدمها فلكي يتم االنتقال ،"اينشتاين" . )2( ."أي ال بد من إبداله مث مالءمته من جديد مع الطبيعة كلها...القوةو املادةو الزمانو الذي متثل جدائله املكان

194، ص ، م س بنية الثورات العلمية: كون توماس 1- 193ص ،نفسه رجعامل 2-

Page 97: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 89 -

ها التابعة إىل معجم نظرية معينة أنه من املستحيل نقل املصطلحات نفس "كون"يرى على هذا األساس و فليست هناك لغة مرجعيته الفكرية اليت نشأ فيها ،ن لكل حد من حدود النظريةأل ،تغيريها وفق معجم نظرية أخرىو

" .مشتركة لغة ليست هناك " :تعين "ليس هناك مقياس مشترك":بالتايل فإن العبارةو ، موحدة جلميع النظريات نظريتني أو هلا ال وجود للغة حمايدة توصف بواسطة جمموعة من اجلمل ترتجم :تعينذ املعىن "المقايسةال"و

.منوذجني إرشادينيأن حدود املالحظة هلا ، و حدود املالحظةو املنطقية اليت متيز بني احلدود النظرية جريبيةذا يعارض كون وجهة نظر التو

.)1(معىن مشرتك بالنسبة لكل النظريات العلمية أو على األقل ، نفس املعىنا احلدود ، هي تغري إشارة احلدود العلمية إذنفالالمقايسة وفشل الرتمجة يعود إىل تغري الطريقة اليت ترتبط

ب ال يوجد أساليو ،فاللغات العلمية املختلفة تقسم العامل بأساليب خمتلفة ،مع الطبيعةو مع بعضها البعض .لغوية حمايدة

فبالرغم من عدم وجود لغة مالحة حمايدة ،الالقابلية للمقارنة تعين ال "كون"أن الالمقايسة عند ونشري هنا إىل إال أنه يرى مع ذلك إمكانية املقارنة عن طريق ، ها مقارنة دقيقةنرتجم إليها النظريات من أجل مقارنت أنميكن

ا أن جتعل القيام باملقارناتاليت من ، البساطةو اخلصوبةو ،كالدقةه باألسباب القوية أو اجليدةمييس ما مراأ شأ أن هذه املعايري إال أنه يرى، وهو ما يسميه باملقارنة البسيطة ،كانت النظريات املتنافسة ال قياسية إنو حىت ممكنا

وليست معايري ،اجلمالو اليت تستخدم يف مواضيع األخالق ظومة املعايري القيميةعمل عمل منت) البساطة –الدقة ( . )2(التطبيق و حادة الوضوح

ال توجد هو أنه هذهجيمع صور الالمقايسة ما أن يتبني ، بناء على ما سبق عرضه من أشكال الالمقايسةو العلم يف تطوره ا مية على اختالف املراحل اليت ميرقة العلمقاييس حمددة للحقيو ليست هناك مناهج، و معايري ثابتة

إىل آخر يعين االنتقال م إىلغفاالنتقال من برادي، على اختالف النماذج اإلرشادية اليت تقود البحث العلميو .غري العامل الذي يعمل فيه الباحث، مفاهيمياو عامل مغاير إدراكيا

102، ص ، م س المعرفة العلمية تطور: سهام النيويهي 1- 248، ص ةبنية الثورات العلمي :كون توماس 2-

Page 98: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 90 -

جديد ال ميكن" مغبرادي"ليظهر ،يف حالة األزمنة يف النهايةائد يتخذ لنفسه منطا للنمو يلغى سم الغفالبارادي

م حيتوي على املعايري اخلاصة غفكل برادي، إذ ليس هناك مستويات عقالنية للمقارنة بينهما ،مقارنته بسابقه .)1(م اجلديد جيلب عقالنية جديدة متاما يغالربادو به" مغبرادي"كل يفو ، يف حني أن يف كل دور من أدوار العلم ، نتوماس كو فلسفة ا ما ميثل اجلانب الالعقالين يف هذو

مقاييس نستطيع بواسطتها مفاضلة النظريات املتنافسة و إمكانية وجود معايري"كون"ؤكديف مسرية العلم ي بعد أن حظيت بالقبول من ،مقاييسو نموذج اإلرشادي السائد من معايريفيما بينها من خالل ما مينحنا إياه ال

تمع العلمي الذي ميثل النموذج اإلرشادي "كون"هذا ما ميثل اجلانب العقالين يف فلسفة و ،مؤسسة ا )2( "العقالنية املؤسساتية"هو ما أطلق عليه و

:ساتية المؤسلعقالنية لنظرية انقد فيرابند -

طرف فالسفة من خاصة، لكثري من االنتقادات عقالنية املؤسساتية بصفة خاصةالو عامة "نكو "أراء قد تعرضتل ما ذهب إليه تقاداتهذه االن أهم لعلو ،املقدماتو املنطلقات الكثري مناشرتاكهم يف رغم ،ما بعد الوضعيةعلم

(Against Normal Science)* "ضد العلم السوي":يف مقالة له بعنوان John Watkins (1999-1924) "جون واتكينز"اختبار ملهارة و جزء من حل املعضلة اعتربه الذي و يو االختبار داخل العلم الس "كون"اليت ناقش فيها ما أطلق عليه و

. ليس اختبارا للنظريةو العامل، ةزاحإ هو أن ما قام بهو ،علمالاليار لتمييز العلم عن أي مع يقدممل"كون"أن (Watkins) "واتكينز" ث يرىحي

.)3 فقطبري و معيار التكذيب البـــأزمة ـــ لفرتة طويلة دي يسو و علم س( : "كون"كما حددها العلمعن دورة " واتكينز"كما يعرتض ـــ علم شاذ ــ مث علم ـــ

ــــ يو س . واضح يظهر علم منوذجي تاريخ العلم مل ن يفذلك أل )رة جديدة و مث دــ فلم يظهر أي ،"كون"شيء يشبه النموذج باملعىن الذي ينادي به حتول إىل "نيوتن" على الرغم من أن مبدأو

ــرة التارخيية الطويــــمنوذج أثناء الفت ـــراط إىل الوقت احلـر ما قبل سقـفمنذ عص، لة لنظرية املادةـــ هي ال تنت اضر هناك مناقشات ـ

192، ص 1997بريوت ، دار النهضة العربية، ماهر عبد القادر: ، ترمجة العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش مريإ 1- 299، م س، ص الالعقالنية إلىفلسفة العلم من العقالنية : كرمي موسى 2-

توماس ، مقاالت نقدية في تركيب الثورات العلمية: ضمن كتابه "علي حممد رماهر عبد القاد"اللغة العربية من طرف الدكتور إىلترمجت هذه املقالة * 2000 اإلسكندريةدار املعرفة اجلامعية " منيستيفن تول - زينجون واتك -نهكو 71، ص مقاالت نقدية في تركيب الثورات العلمية :ماهر عبد القادر 3-

Page 99: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 91 -

ال و املوجة و األثريو ،بني نظريات متنوعة عن الذرة من جهةو ، غري مستمرة عن املادةو بني أفكار مستمرة نظريات ا

)1( .من جهة أخرى فيها اليت يصف، "بوبركارل "ما تناولته كتابات ،املؤسساتية" كون"من بني االنتقادات اليت تعرضت هلا عقالنية و

حىت أن آخر مؤلفاته جاء ،أسطورةمبثابة فكرة النموذج اإلرشادي "بوبر"فقد أعترب ، نزعة النسبيةبال "كون"نزعة مستحيلة املثمرةو املناقشة العقالنية «: بقوله، رباديغمال لفكرة هوقد عرب عن رفض، "أسطورة اإلطار ":حتت عنوان

فقوا على مثل مل يتاألقل ما أو على، شرتكا من االفرتاضات األساسيةم) ماغبرادي( مامل يتقاسم املسامهون فيها إطارا ا شرير و افاسدا بل تقرير ، زائفا فحسب ليست تقريرا اعترب أن هذه األسطورةو ،هذا اإلطار لكي تسري املناقشة

.)2( » .إذا عم اعتقاده املقارنة و النقدية معتربا أن املناقشة "كون"فلسفة اليت تعترب حمور "الال مقايسة" فكرة" بوبر"ما رفض ك

نشرتط فيها جيب أن ، أقل جودة آخر ي نظرية ميكن اعتبارها تقدما يفوقفأ، الفكرية املختلفة دائما ممكنة رألطا بني" لالمقايسة"خاضعتني ريتني ليستانشرتط أن النظ أخرى بعبارة، بني النظرية املذكورة الحقاو القابلية للمقارنة بينها

.)3( " توماس كون" قدمه يف هذا السياق ،بدعة شائعة اآلنباستخدام مصطلح هو تطوراليس للتطور العلمي، معتربا أنه "كون "تصور Imre Lakatos (1974-1922" مري الكاتوش ا "قد انتقدو

غري منوذج جديد كما أن ظهور، فقط لعلم نفس االكتشاف بل الوجود، فال وجود للمنطق ،ال عقالنياو استقرائياإىل علم فإنه يرد فلسفة العلم بذلكو ،يؤدي إىل عدم وجود معايري عقالنية للمقارنة، متكافئ مع النموذج السابق عليه

تمع وليس علم النفس الفردي ، و نفس العلم . )4(لكنه علم نفس ايهمنا يف هذا وهو األمر الذي ، من عقالنيته املؤسساتية باخلصوصو " كون" اء ن أر م فريابندبالعودة إيل موقف و

فريابندعقالنية و "كون"عقالنية ، فإنه ميكن أن نؤكد أوال أن مثة العديد من اجلوانب املشرتكة بني الفصل تؤثر يف رؤية العلماء للعامل ية الفكرية اليتاخللف، و االهتماماتو امليولو ومنها اتفاقهما يف القول بدور االعتقادات

يف تغيري مسار ، االهتمام بتاريخ العلمو ، ، وتغري معىن احلدود النظرية يف النظريات العلمية"بالالمقايسة"وكذا قوهلما

80، مرجع سابق، ص الثورات العلميةمقاالت نقدية في تركيب : ماهر عبد القادر حممد 1- 61ص ، ، م س اإلطارأسطورة : بوبر كارل 2- 82ص املرجع نفسه ، 3- 109ص ، ، م س تطور المعرفة العلمية :سهام النويهي 4-

Page 100: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 92 -

فريابندات تسلم من انتقادمل "كون"نقاط التشابه هذه إال أن عقالنية من رغمال على لكنو ، املعرفة العلمية

. والعقالنية النقدية ، للنزعة االستقرائةكانت أقل حدة من تلك املوجهة إن و Consolation for the) } للمتخصص تعزية {:له حتت عنوان يف مقال عن موقفه من فلسفة كونقد عرب فريابند و

specialiste) "، لقد قامت «:ويف هذا املقال يقول فيريابند ، مؤلفاته األخرى اليت تناولتهاباإلضافة إىل بعض آرائه إال أن ، عن املنظور التقليدي له خيتلف أسفرت عن رؤييت للعلم من منظور جديد "كون"بني و عدة مناقشات بيين

اليت تكمن ةيديولوجيإلمع او ،العلم اليت يقرتحها فقد أصبحت غري قادر على التوافق مع نظرية ،الوضع تغري بعد ذلك كبت األمر الذي يؤدي إىل، تمع العلميعلماء ا التسلط من قبلو التعصب ةهي إيديولوجيو ، خلف تفكريه

)1( .» املعرفة تقدم تمع العلمي مسرية التقدم العلمي ،إمنا يعرقل حسب فريابند،الذي يفرض منوذجا إرشاديا حمددافا إذ أن رىـر األخـالنظالنظريات ووجهات و يكبت احلريات اإلنسانية اليت تنشد تعددية النماذجو ،النقد العقليو

على اجلماعة العلمية معايري غري واعية تفرض و آلياتيفرض اإلرشادي يف مرحلة العلم السوي، النموذج .املالحظة لديهمو تؤطر جمال الرؤيةو

فشرط االتساق، "فريابند"وهذا ما يرفضه ،سلطة حقيقية توجه مسرية العلم وذج اإلرشادينمذا يعد الو ظرية اليت ال تتفق مع ما هو سائدلكل البدائل الن إقصاءوالتوافق مع ما يقتضيه العلم النموذجي يتضمن

"فريابند"تساق من وجهة نظر اهذا فضال عن أن الال، تكاراالبو احلد من اإلبداع هذا ما يؤدي إىلو النموذج القائم بسبب ،الثورة العلمية إىل اليت تؤدي ةزميف تفسريه لأل"كون"بل إنه يعارض ،ال يعوق تقدم العلم

)2(النماذج اإلرشادية املنافسة احلاصل بني تساق ا هو الال "فريابند "ة يف نظرفالذي يدفع إىل األزم، يف حل املعضالت يقوم على فتقدم العلم،لتغيري مسرية العلم اأساسي ءامبد، و يف فلسفة فريابند اجوهري اتساق مفهوماالال"دعيو

عاليةكانت هذه النظريات املقبولة إنو حىت، تطوير نظريات ال تتسق مع وجهات النظر املقبولةو اخرتاع .حتظى بقبول عامو التأييد

1- P. Feyerabend : {consolation for the specialist} in : the problems of Empiricism op cit p 131-132

22ص ، د ت، اإلسكندرية، منشأة املعارف ،بول فيرابند نسبية المعرفة العلمية عند : السيد أمحد حممد 2-

Page 101: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 93 -

النظريات غري متسقة مع كانت هذه إنو حىت ،إىل ضرورة األخذ بأكرب عدد من النظريات "فريابند"يدعوو

على التغلبحياولون ، و يعتقدون يف صدقها مدافعونو حبيث يكون لكل واحد منها أنصار ،بعضها البعض . )1(افات اليت تواجهها االحنر و الصعوبات

"االنتظام العقالني "و"االتساق"الذي يكذب، و النظريات هو املبدأ املناسب لفهم مسرية العلم يف"الوفرة"فمبدأ اليت مت قبوهلامع النظرية متوافقة االتساق الذي يفرتض أن تكون الفرضية اجلديدةف، نسق نظري واحد حول

ليست و حلماية النظرية القدمية الفرضية ستكون مصممة ذلك ألن ،"فريابند"نطق حسب هو مبدأ خمالف للم .هو خطر على تطور حرية اإلنسانو كما أن االنتظام سيفسد من قدرة العلم النقدية، حلماية النظرية األحسن

يف سقوط (Galilée) "ليلياغ"فقانون ، تاريخ العلم للدفاع عن النظريات غري املتسقة إىل "فريابند"يستند و ألن التسارع عند االقرتاب من األرض يكون ،يف اجلاذبية "نيوتن"مل يكن متسقا مع نظرية األجسام . "نيوتن"، بينما ال يكون ثابتا عند "ليلياغ"ثابتا عند

يف مدارات يف تفسري حترك الكواكب "نيوتن"ختتلف عن نظرية Johannes Kepler (1630-1571)" كبلر"وقوانني النموذج املوجيومها البحث يف طبيعة الضوء يف القرن العشرين يعمل بنموذجني غري متناسقنيو ، إهليجية

.متطابقةا التجريبية منتائجهو معرتف بهو جني صحيحكال النموذو ،النموذج اجلسيمىو

يسري مبقتضاه كل " تركيب"أو "بنية"صياغة وضع أو الرامية إىل " كون"جهة نظرو "فريابند"يعارض و عامة لبنية ، "فريابند"حسب فال وجود، "بنية الثورات العلمية"كما عرب عن ذلك يف مؤلفه ،تقدم يف العلم

ثورة ،علم عادي ":النمط الكوني "ضد "فريابند"ذا يقف و ،يتطور علممبادئ بعينها تتكرر يف كل أو ركيبتأو . " عاديعلم

كما ابنيوي العلم ال يقدم شكالو ،تهسري ال خيضع لصيغة بعينها يف م ،فاملمارسات العلمية أو البحث العلمي )2( كل شيء مقبول"هو التقدماملبدأ الوحيد الذي ال مينع العلم من و ،مشروع فوضوي العلم هو « مناإ، و "كون"يرى

يف تقدم العلم فقد يكون هلا، أو أية فكرة مهما كانت قدمية أو ساذجة، هو املبدأ الذي جيعل الباب مفتوحا ألي شيءو حتدد أو توجه سري لوجيات اليت و امليتودو يد بالقواعد قهو املبدأ الذي يقف ضد الت، و قد ال ندركه إال بعد حني

ا املمارسة العلمية .األصلح لتقدم العلم فليس هناك فكرة ميكن أن توصف بأ

22ص ، د ت، اإلسكندرية، منشأة املعارف، بول فيرابند نسبية المعرفة العلمية عند : السيد أمحد حممد 1-

2- P. Feyerabend : contre la méthode op cit p 20

Page 102: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 94 -

أو أية قاعدة مهما كانت أساسية، و وكل اآلراء قد تفيد يف إحراز التقدم يف العلم ،فكل األفكار قد تصلح

النظر فالعلم ال ميكن ،عكسها لكن تبينو ،ليس فقط جتاهلها دائما حاالت تفرض أو تقرتحعقالنية فإن هناك ضرورية للممارسة ليست أبدا شروطا "قاالتسا"و "االنسجام"و "البساطة"كما أن ، إليه باعتباره مشروعا مكتمال

أو مع ،بشكل كبري يات املؤيدةفروض تتناقض مع النظر العلم عند استخدامنا ل فقد حيدث أن يتقدم، العلمية . )1(النتائج التجريبية األساسية

خالهلا بني فرتات مستقرة ثابتةاليت ينتقل و ،"كون"له خطة سري حمددة كما رمسها فالعلم ليس العلمية القادمة أن نتكهن مبا سوف تكون عليه األحباث فليس بوسعنا من وجهة نظر فريابند، أخرى ثوريةو

ا تتحدد من آن لآلخر، ،فاألحباث العلمية الناجحة ال ختضع ملعايري عامة فاخلطوات ،تنتقل من حيلة ألخرىو إا، و اليت تقود تقدمها .املعايري اليت حتدد مثل هذا التقدم ال تكون معروفة دائما للقائمني

امو عليها يكتنفها الكثري من الغموض م األساسية اليت تقوماملفاهيو ،"كون " أن عقالنية يرى فريابندو :حيث يقول اإل مع عقالنية كون أمام قواعد هل حنن": أجد نفسي يف مأزق عندما أطرح هذه التساؤالت ،"لكون " حينما أقرأ «لتلك نصر تقييميصف معطى يتجنب أي عو أم حنن أمام ،معايري ميتودولوجية حتدد كيفية سري التقدم العلميو

)2( ؟ العلماء ميارسها اليت األنشطة العلميةهل بوصفها ،ا رؤيته اخلاصة بتطور العلم أأن نقر "كون"يتساءل عن الطريقة اليت يريدنا "فريابند"مبعىن آخر فإن و

تسمى بشكل عام أنشطة ليتتصوير لتلك األنشطة او صفو صفهاأم بو ، ميتودولوجية حتدد للعامل خطة السري قواعد هذا وجه من أوجهو بشأن هذا التساؤل دقيقةو مل يقدم إجابة مباشرة"فريابند"فيما يرى ،"كون"علمية ؟ إن

. "فريابند"الذي يتحدث عنه الغموض ان تقليد ف هي جمرد وصف لوقائع تارخيية هامة ،بتطور العلماخلاصة "كون"رؤية نأ "بندافري "إذا افرتضنا حسبو

. أنشطة أخرى أيةحل املشكلة جيعل من العلوم جمرد فرع أو جزء من فعاليات أو و ،العلم العادي

3- P. Feyerabend : contre la méthode op cit . p 27 2- P. Feyerabend : consolation for the specialist op cit p 138

Page 103: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 95 -

حيث يرى ،االسخرية أحيان و انتقادا وصل به إىل حد املبالغة، للعلم السوي "كون"تصور بند اينتقد فري و من جيعل فان ذلك املعضالت ن يف نشاط حلمكاط العلمي على إطالقه تميزة للنشإذا كانت السمة املأنه بعبارات اجلرمية املنظمة العلم السوي عباراتإذا ميكن استبدال كل ،" بالجريمة المنظمة"شبيه "العلم العادي" فاجلرمية املنظمة هي ، جمرم فرد أو أكرب لصعلى ق أيضانطبت أنميكن ،العامل الفرد أن كل عبارة تنطبق علىو

ينطبق أيضا على اجلرمية املنظمة العلم السوي ميكن أن بشأن "كون"فكل ما قاله ،شكلةملبكل تأكيد حل . )1(العلم السوي ب ةاجلرمية املنظم عندما نستبدل صحيحة متاماكل عبارة استعملها عن العلم السوي تظل و

بوضوح ال يعربو ،ال يعد معيارا مناسبا لتمييز العلم عن غريه "فريابند"شكالت من وجهة نظر حل املفنشاط هي و أو املال النقود يعتمد على جزءا من جناحه يف جتاربه أنكان احملتال يعرف جيدا اذفإ ،عن هدف العلمعلى حل أي معضلة رجل قادر حرتاف ليصبح أفضلسيصعد على سلم اال) النقود(ففي طريقها ،اهلدف األمسى له

تمع اإلجراميو لكي حيقق االنسجام .التوافق داخل ا يرى " كون"فإذا كان ، ال يؤكده تاريخ العلم، و العلم العادي أو الناضج ليس واقعة تارخيية أن "فريابند"يرى و فكرة عدم أن يـرى "فريابند"فان ،بدائل أو مناذج جديدةإال بظهور ،استبدال النظريات أو النماذج ال يكون أن

سوى حمض خرافة ليست ، تفنيد كبري يؤدي إىل إقصائها جييء أنأو استبعاد النظريات لعقود أو قرون إىل حذف للعلم السوي ال نسمح و فلماذا إذن ال نبدأ بكثرة من النظريات على الدوام ،" كون"اعتقد كما فلو كان األمر

.)2(إىل الوجود أصال يأيت أن عن و نشاط تطبيقي ال يهدف إىل البحثه "كون"على هذا األساس فإن نشاط العلم السوي كما عرب عنه و

)3(تعزيز النظام القائم ل عنبل يهدف إىل العم، ال عن طريقة جديدة لتنظيم اخلربة اإلنسانيةو ، حقائق جديدة هو للعلم "كون"ذا يصبح اهلدف الذي وضعه و ،تطبيق احلقائق القدمية اليت سبق الوصول إليهاو استخدام أي

. هدف براغمايت أو عملي ا الكثري من اللبس يشو مفاهيماملفاهيم األساسية اليت قامت عليها عقالنية كون "فريابند" يرى هكذاو . اآلراءيف الكثري من هيشارك هنأعلى الرغم من ، إدراك املعىن احلقيقي للعلمو ت يف تفسريقد فشلو الغموض،و

1- P. Feyerabend : consolation for the specialist op cit . p 139 2- ibid. p 140 3- ibid . p 133

Page 104: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 96 -

Lakatos Imre "الكاتوشمري إل" عقالنية الميتودولوجيةال - 2 -

واحدو ،فالسفة العلم يف القرن العشرين برزأمن Imre Lakatos) 1974-1922( *"مري الكاتوشإ"يعد الفوضوية اليت عرفتها و الرؤى النسبانيةو مقابل التصوراتيف ،منطقيتهو عن عقالنية العلمدافعني املمن

العوامل و اليت تويل لالعتبارات النفسية االجتماعيةو خاصة يف النصف الثاين من القرن العشرين،، فلسفة العلم .ة العلميةالالعقالنية أمهية خاصة يف تطور املعرف

نفسه مدينا إذ يعد ،بأفكارهالذين تأثروا " بوبركارل "برز تالميذ أحد أ (Lakatos)"الكاتوش"كما يعد مبجال خصب إنه أمدين ،حيايت" بوبر"لقد غري « :حيث يقول ،خرآعن أي شخص ميكن تقديرهاال بدرجة له

أنال غرابة و ،هو إال عمل نقدي إنن العمل على برنامج حبث إلطبع فباو ، من املشاكل مع برنامج حبث صحيح )1( .» احللول اخلاصة به قد انتهى يب إىل حلول معارضة لتلك "بوبر"عملي باملشاكل اليت قدمها

لتقدمه القوة املفسرةو املميزة للعلم باعتباره اخلاصية "التكذيب "فكرة "بوبر"عن أساتذة "توشالكا"خذ أقد و كما املنهجي التكذيب بذلك يعينال لكن ، كما عربت عنها النزعة االستقرائية التحقيقية التربيرية يف مقابل النظرة

" الكاتوش" به يقول الذي التكذيب إمناو الكاتوش من طرفالذعا الذي نال انتقاداو ، "بوبر"جاء به . الحقا نبينهسكما ،يواعالكذيب التهو عنده"برامج البحث":اليت تقابلو ، (paradigme)فكرة النموذج "نو توماس ك"خذ الكاتوش عن أكما

ه الذي يعدو لتطور العلم يف ضوء علم النفس االجتماعي، "كون"يعارض بشدة تفسري ه نأمن على الرغم .تفسريا العقالنيا

العلم لتفسري تطور فقد اقرتح معيارا عقالنيا جديدا ،"كون "و "بوبر"حلقة وسطى، بني "شالكاتو "يعترب ذاو النماذج القياسية أو ،"بوبر "قال كما "النظريات "، فبدال من"منهج برامج البحث"ن هذا املعيار يف مكيو

األساس اعتربنا عقالنية و على هذا)2( ".ميبرامج البحث العل": أطلق عليهما يقدم الكاتوش ،" كون" جنده عند كما . برمتها هتفلسفحمور هي "ميتودولوجية برامج البحث"ن أ، باعتبار " عقالنية ميتودولوجية" الكاتوش

Georg lukacs" جورج لوكاش"فيلسوف علم من أصل جمري، كان تلميذا للفيلسوف Imre Lakatos) 1974-1922( " مري الكاتوش إ" *

، " مبرهنات وتفنيدات: ، من جامعة كامربيدج حتت عنوان1958عمل أمينا عاما بوزارة التعليم العايل ببودابست، حتصل على شهادة الدكتوراه عام : على اثر حادث مرور، من أهم مؤلفاته 1974 الذي كان يشغل هذا املنصب، تويف سنة" لكارل بوبر" نطق جبامعة كامربيدج، خلفا شغل منصب أستاذ امل

". فلسفته عماء تاريخ العلم من دون ، و فلسفة العلم من دون تارخيه خواء"قولته املشهورة مب عرف ميودولوجيا برامج االبحاث العلمية .118ص ، م س ، تطور المعرفة العلمية : النويهي من سهاالنص نقال ع - 1 .119ص ، ه سنفرجع امل - 2

Page 105: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 97 -

نيتهلعقال الزاويةر حجو ، فهي أساس فلسفة العلم عنده ،عند الكاتوشللميتودولوجيا أمهية خاصة صرة تشري افلم تعد امليتودولوجيا املع، عن مفهومها القدمي "الكاتوش"يتودولوجيا عند مفهوم املخيتلف و

ا العامل إىل أو جمموعة القواعد اليت يسري وفقها الكشف العلمي، كما ،جمموعة اخلطوات اإلجرائية اليت يسرتشد العوامل ت تأثرينياليت بو ،التيارات املسرتشدة بتاريخ العلمبروز بعض دخاصة بع، األمر عليه يف السابق كان

العلمي يف اختزال املنهج ما نتج عنه من استحالةو ،النفسية يف صياغة النظريات العلمية املتسمة بالتعقيدو االجتماعية" ميل"و Francis Bacon (1626-1561) "بيكون"على منط ،القواعد الثابتةو جمموعة من اإلجراءات اجلامدة

)1806- 1873John Stuart Mill ، كواينو دوهمأطروحة " هذا باإلضافة إىل" Thèse de P. Duhem - W. Quine ".التجارب اتظاملالح"مع "النظريات/الفرضيات"ضعف التصورات التقليدية للمنهج العلمي اليت تقابل بنيتاليت و

Duhem "دوهم"حسب أطروحة علمية، لذلك فان الفيزيائيخالية من أي خلفية حظة حمايدةفليس هناك مال يعد الدليل التجرييب يف أنبالتايل ال ميكن و ،،بل جمموعة فروضال خيضع فرضا منفردا حملكمة التجريب

. )1(حد ذاته تكذيبا حامسا للفرض

الفرضية التجربة احلامسة، املالحظة: ما تضمنته من مفاهيم مثلو ، ت التقليديةذا مت إعادة النظر يف امليتودولوجياو من القواعد اعمليدليال تقدم للعامل نأكنا نأمل من امليتودولوجيات ": بقوله عن هذا التحول "الكاتوش"قد عرب و االختبار

على جمموعة وي ببساطةـحتت ات احلديثةفامليتودولوجي ،هذا األمل قد ترك يف الوقت احلاضر أن غري، املشكالت ل حل العقالنية العلمية يف غالبا ما تلعب هذه القواعد أو انساق التقييم دور النظريات و ، قواعد لتقييم النظريات املوجودة

.)2(."ه تعريفو معايري لتمييز العلمو ختتلف عن امليتودولوجيات ،علمبتاريخ ال مسرتشدةيؤسس لعقالنية ميتودولوجية جديدة أن "شتو الكا"حاوللقد

ات امليتودولوجيهذه أنمعتربا ، التكذيبيةو ،*داتيةاألو ،االصطالحيةو ، كاالستقرائية التحقيقية،اليت عرفتها فلسفة العلم .رب عن الصورة احلقيقة لتطور العلمال تع

456، ص س، م فلسفة العلم في القرن العشرين :ميىن طريف اخلويل 1-وتقاس ، ومن إبداع العقل اإلنساين ،األنساق العلمية هي جمرد أدوات للعلمو أن القوانني والنظريات امؤداه اجتاه يف فلسفة العلم يقوم على فكرة: داتية ألا*

،و يعد اقاالتسو بل املواءمة والبساطة، ومعايري احلكم على القوانني والنظريات ليس التجربة، قيمة النظرية أو القانون العلمي بالقدرة على أداء وظائف العلم .من ابرز ممثلي هذا االجتاه "بيري دوهم"

استخدامها تبعا لرموز وقواعد معينة لصياغة التعريفات ولالستدالل ىاصطلح العلماء عل تلعلم املنطق والرياضيات هي متواضعاأن حقائق اوتعين االصطالحية "ريههنري بوانكا "فرنسي برز ممثلي هذه النزعة الفيلسوف الومن ا

2- I. Lakatos : Histoire et méthodologies des sciences , tra. Catherine Malamoud et Jean Spitz, Paris puf. 1994, p 186.

Page 106: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 98 -

:موقف الكاتوش من الميتودولجية التكذيبية

فكرة التكذيب أنعلى اعتبار ، للتكذيبية نقطة االنطالق لبناء ميتودولوجيا بديلةمن نقده " الكاتوش"قد جعل ل فنقول ،إذ على أساسها أصبح يؤرخ لفلسفة العلم، تعد نقطة حتول مركزية من تطور فلسفة العلم املعاصرة يةبوبر ال ."التفنيدية بعد ام"و "التفنيديةما قبل " : بني ثالثة أنواع من التكذيب "شالكا تو " مييز

العلمية نظريته أمهية خاصة يف "بوبر"الذي يوليه هوو ، التكذيب املنهجيو ،التكذيب الدغمايت أو الطبيعي تطويرا للتكذيب و تعديال يعتربه و "شتو الكا"هو النوع الذي يقول بهو ، التكذيب الواعيهو النوع الثالثو

ك مكامن الضعفأدر و ا موضوعيا واصل اإلبداع،يفأو على األقل حل ،نفسه منقذا للبوبرية حيث ينصبالبوبري، )1( "بوبر"أفضل من أستاذه النقص و كل النظريات العلمية ختمينية بدرجة متساوية أنأو الطبيعي يف جوهره على الدغمايت يقوم التكذيبو ينفي أنيستطيع هفان، ةنظري ةيثبت أي أنالعلم ال يستطيع أنلى الرغم من لكن عو ، ميكن برهنتها الو أنائي من الوقائع اليت ميكن الأي يوجد أساس امربيقي قوي ، يستعبد ما مت تكذيبه بكل تأكيد منطقيو

.)2(تستخدم لفحص النظريات األساسية املتكرر للنظريات بواسطة الوقائعو بواسطة االستبعاد فان العلم ينم ،طبقا ملنطق التكذيب الدغمايتو

)3( . ةـختمينات جزئية غري مكذبة على األقل يف البدايو استبداهلا بتأمالت جديدةو ،أو الصلبةاالتكذيبية الدغماتية باعتبار "الكاتوش"يرفض و ميكن الو ذلك ألنه ال يوجدو ، تقوم حسبه على فروض زائفة أ القضايا املبنية و بني القضايا النظرية اطبيعي لذلك ال يوجد حدا فاصالو ،يوجد إحساسات غري حمملة بالتوقعات أن

كما انه ،مالحظاتنا السابقةو كل نظرية خترتقها جتاربنا أنكما ، فكل مالحقة تأيت يف سياق نظري، على املالحظة تشتق من وقائع أنال ميكن و فالقضايا تشتق فقط من قضايا أخرى ،التجربةإثبات أي قضية بواسطة ال ميكن

.)4(يربهن صحة القضايا عن طريق اخلربات أنال ميكن للفرد و

1- I. Lakatos : Histoire et méthodologies des sciences , p 136.

55، ص 2000، اإلسكندرية، دار املعرفة اجلامعية، ماهر عبد القادر حممد، ، ترمجة العلمية األبحاثبرامج : شالكا تو مريإ 2- 56ص املرجع نفسه، 3- 59نفسه ص جعر امل 4-

Page 107: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 99 -

تاريخ العلم أنيف حني ،باعتباره اختيار لنظريات أو فروض منعزلة منطق التكذيب "شالكا تو "كما يعارض

.ليس بني نظريات فردية منعزلةو " *جماميع نظرية"م هو تنافس بني العل أن ،يثبت حسبه ليست التجربةو تتنافس فيما بينها مثمرةحبث برامحهي إمنا و ، منعزلة افاالجنازات الكربى ليست فروض

ن هذا أكما ،امج ماإمنا قرارات اجلماعة العلمية هي اليت تقيم مدى جناح أو إخفاق نظرية أو برنو ،هي الفيصل .إمنا بعد مرور فرتات زمنية معتربة و ،التقييم ال يتم فوريا

ن ن العلم يكون قد توقف منذ قرون ألإف ،احبذافريهنه لو اتبعت املنهجية التكذيبية أ "الكاتوش"ويضيف بطريقة عقالنية و ، لعلم يؤكدون غالبان رجال اأإال ،ن تتحصنأخمتلف النظريات العلمية ستفند يف بدايتها قبل

.)1( ايتقدم فهمنبني النظرية ستختفي عندما و ن االختالفات املوجودة بينهاأ، و كن الوقوف عند النتائج التجريبيةنه ال ميأ مقرتحا ، العلمية "بوبر"لب نظرية الذي يعدو )الساذج(موقفا معارضا للتكذيب املنهجي "الكاتوش"يقف و

)2(.التقدم العلمي فكرةو املنقذ ملنهجو ، هو الرؤية العقالنية للتكذيبو ، بالتكذيب الواعيجديدا يسميه تعديال

نظر إىل االستمرارية يف العلم من خالل أإنين « :حيث يقول ،"كون "رؤيةو ،"بوبر"مجع يف ذلك بني نظرية قدو )3( » العلميةبرامج األحباث "نين أيضا أرى إف ،"لنماذجا" "كون"حيث يرى و ،"بوبر"منظار

قواعد و ) أو معيار التمييز(يف كل من قواعد القبول ) البوبري(خيتلف التكذيب الواعي عن التكذيب الساذج و التكذيب نطقمن منظور م، هي معيار قبول النظرية العلمية ،فإذا كانت القابلية للتكذيب التجرييب ،التكذيب أو االستبعاد

زائدة إذا عززت احملتوى االمربيقي بصورة التكذيب الواعي منظورفان النظرية تكون علمية فقط من ،املنهجي الساذج . أدت إىل اكتشاف وقائع جديدة إذا ،)عملية(النظرية تكون مقبولة أنأي ،عن سابقتها أو منافستها

:على النحو التايل ظرية العلميةقد حدد الكاتوش شروطا معينة لتكذيب النو : تتوفر فيها الشروط التالية " 1ت"إذا اقرتحت نظرية أخرى ، مكذبة" ت"النظرية العلمية تعد

ت" ا تتنبأ بوقائع جديدة ال تتيحهاأ أي" ت"كرب من حمتوى أذات حمتوى امربيقي " 1ت"ن تكون أ " ت"كذب من امل غري زءأي تتضمن اجل" ت"النجاح السابق لـ " 1ت"ن تفسر أ ." 4( .ن يكون بعض من احملتوى التجرييب الزائد معزز بالتجربةأ(

إىل، و "فيريابند "عند" النظرية العامة " اىل ، و "شالكا تو "عند " الربامج البحثية"إىل و " ،كون"عند " الرباديغم "إىل نظريةالاميع يشري مفهوم ا* لودان عند الري" التقليد البحثي"

1- I. Lakatos : Histoire et méthodologies des sciences , op cit, p 127. 125ص ، ، م س تطور المعرفة العلمية: سهام النويهي 2- 190ص ، م س، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش أمري 3- 88ص ، نفسه رجعامل 4-

Page 108: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 100

إذا ما كانت النظرية اجلديدة تقدم حقائق إضافية جديدة هكذا فإن العنصر احلاسم يف التكذيب هوو ليس هناك أي و ، هذه احلقائق اإلضافية إذا ما مت تأكيد أو تأييد بعضها منو ،مع النظرية السابقة عليها باملقارنة

ال يوجد أي تكذيب قبل ظهور ف ،تفند نظرية إذا مل تتوفر لدينا نظرية أخرى يكون حمتواها املعزز اكرب أن ميكن جتربة )1(يكون حمتواها أفضل أخرى نظرية

ا بقيت قائمةالقر يمي طيلة لطت هلا نظرية الفلك البتعرض اليتات نيدفالتمن غم وعلى الر ألنه مل ون الوسطى، فإأحباث حني ظهرت ، غاية العصر احلديثمنها إىل برنامج حبث أفضل تقرتح طيلة تلك الفرتة نظرية أو

ا التجريبية (Galilée)"ليلياغ"و ،(Kepler) "كبلر"و ، (Copernic)"كوبرنيك" املعززة املتسمة مبحتويا أنكما ،آنذاك املعروفة البصريات تلسكوب الذي اخرتع استنادا إىل نظرياتخاصة ال، بالوسائل التقنيةا، اتنيدفة من التحاالت كثري قد اعرتضته ،الربنامج النيوتوين إال بعد ظهور ، مل تؤخذ بعني االعتبار إال أ

.(Einstein) "ينشتاينا"نظرية

رغم من مئات الوعلى ،ليس شرطا كافيا الستبعاد نظرية) دة معززةبراهني مضا(هكذا فان التكذيب الساذج و )2( .حىت حنصل على أفضل منها فنحن ال نعتربها مكذبةملتناقضات املعروفة، ا

كون النظريات العلمية تكون دائمايف ، عن التكذيب البوبري "الكاتوش"تلف التكذيب الواعي عند خيو "ت"ن غري متناسب مع إذا كا" 1ت"هو املؤيد للنظرية " ت"مي، حبيث يكون مكذب النظرية ضع تقدو يف اهلام يف راألمليس األمثلة املضادة أو احلاالت الشاذة هي ، و من هنا تكون النظريات املتنافسةو ،عنها مستقلو

)3( .نشاط العلم للعقل الدور األساسي يف تصنيف و ، من فرتات تطور العلمفليس كل جتربة أو مالحظة مهمة يف أي فرتة

تلك اليت ال تعدو و ،ة بالنسبة للنظريةياليت متثل مشكالت حقيق األمثلةحتديد و ، املضادةاألمثلة و التجارب ن نويل أ جيب كما ال ،هالويأتأو يف ،حد الشروط األساسية للتجربةأأو خلل يف ،ناجتة عن سوء فهم ن تكونأ

ن نعتربها جمرد استثناءات أال و ، "بوبر"باعتبارها تفنيدات كما هو احلال عند ، بالغا للحاالت الشاذةاهتماما . مكامن التفنيدو التعزيز ببيان مواطن وحده كفيل فالزمن ،)4( "كون "هو احلال عند كما

93ص ،س م، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش أمري 1- 95نفسه ص رجعامل 2- 127ص م س ، ، لمعرفة العلميةتطور ا: سهام النويهي 3-

4- I. Lakatos : Histoire et méthodologies des sciences, op cit, p 136.

Page 109: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 101

فعوض ،هي التكذيبو بستومولوجياإليف النقطة اجلوهرية "بوبر"قد عارض "الكاتوش" يتضح مما سبق ان و

" (l’abandon)الترك" فيحل ،يقول بربامج مرتوكة "الكاتوش" فان ،احلديث عن نظريات مكذبة أو مستبعدة .االستبعادو حمل التكذيب

لكن عالقة متعددة بني ، التجريبية القاعدةو ليس عالقة بسيطة بني النظرية "الكاتوش"فالتكذيب حسبأن كما ،)1(املنافسةع التقدم التجرييب الناتج عن مو ، القاعدة التجريبية األصليةو املتنافسةالنظريات

طة بواسطة التحقق من أمثلة غنية باملضمون أكثر منه بواس" التقدم يكون متميزا"ن أل، نسيب فقط التكذيب دور . تكذيب أمثلة

هو، ن العلم الذي يتقدم على شكل برامجأل ،فة علميةلتكذيب ليست شرطا ضروريا لكل معر القابلية لو ها ما ال جيب تكذيبه بقرار منو ،منها ما هو قابل للتكذيب ،االعتقاداتو األفكارو ،جمموع النظريات

.الناضجري هو ما مييز العلم هذا اجلزء األخو منهجي أشباه و ، جهةمن اامليتافيزيقو كمعيار للتميز بني العلم "بوبر"القابلية للتكذيب الذي اعتمده كما أن

رب عن الصورة احلقيقية لتطور املعرفة العلمية ال يعو ،ال طائل من ورائه اأمر "الكاتوش"ه يعد ،من جهة أخرى العلوم هو املعيار الذي يتيح الفصل بني العلم الناضج القائم على الربامج البحثية "الكاتوش"فاملعيار الذي يقرتحه

"بوبر"من هذا املنظور فان و ،األخطاءو العلم غري الناضج القائم على تتابع بسيط مرتق للمحاوالتو التشتت الذي من خصائصهو ، )2(يتحدث عن العلم غري الناضج ،هكان يف كامل نسق"الكاتوش "حسب

.االنقسامو إال بعد ما نظمت "ليلياغ"و "كوبرنيك"البحوث الفلكية مل تأخذ صفة العلمية مع نأ ،وقد أكد تاريخ العلم

.ات تنجيمية غري ناضجةاعتقادو ة يف شذرات فلسفيةبعدما كانت مشتت ،املناهج املتوفرة يف برامج حبثيةو املعارف م سلسلة من النظرياتيم النظريات إىل مشكلة كيفية تقييهكذا ينقل التكذيب الواعي مشكلة كيفية تقيو

صفة العلمية على نظريات فردية منعزلة فإطالق ،نظرية منعزلة أو منفردة علمية أو غري العلمية أنفال ميكن القول )3( .امنطقي أخط "الكاتوش"ب حس يعد

.94ص ، س م، العلمية األبحاثبرامج :الكاتوش أمري 1-

2- I. Lakatos : Histoire et méthodologies des sciences, op cit p 124. .92ص ،املرجع نفسه 3-

Page 110: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 102

ترتبط أساسا "بوبر"مع "الكاتوش"فيها تلفالنقطة احملورية اليت خي نأعلى ما سبق ميكن القول بناء و يلحق مبنافس أنفقط ألنه فشل يف ،ن نستعبد نظرية أو برناجما ناميا للبحثأفال جيب ، بداللة التكذيب

د للتجارب احلامسة اليت و وجال و ،ن هذا الربنامج النامي قادر على إعادة بناء نفسه بطريقة عقالنيةأطاملا قوي هذا النوع من التجارب احلامسة اليت يعول عليها نأ تاريخ العلم يثبتو ،تلغي يف احلال برنامج حبث أنميكن

"الكاتوش "هو ما يعتربهو ،تع بالقدر الذي يتصوره من القوةال تتم ،مي للعلمالطابع الثوري التقد لتفسري "بوبر" ن أت ينن أكون قد بأمل آإنين « :"الكاتوش"بروز التصور الديناميكي التارخيي، يقول و نهاية العقالنية العاجلة

حينئذ تكون و ،بطأ كثريا مما يظن معظم الناسأفالعقالنية احلقيقية تعمل ،كل نظريات العقالنية العاجلة تفشل )1( » عرضة للخطأ

: برامج األبحاث العلمية وتقدم العلم ال ميثل تطورا لنظريات علمية منعزلة كما هو احلال "الكاتوش"عند ن التطور العلميألقد اتضح مما سبق

برنامج إىل هورا متدأصبح " لميبرنامج حبث ع"نتقال من او ،لكنه تطور لسلسلة من النظريات العلمية ،"بوبر"عند .البحث العلمي أو وحدة من نوع ما تشكل برنامج" بنيات" فالنظريات العلمية تعد، ايبدو أكثر تقدمي حبث أخر

إىل النمط الناضج من العلم الذي تتحدد مبقتضاه خيارات العامل أو اجلماعة العلمية تشري الربامج البحثيةو العلم معتربا تاريخ" شالكا تو " ستقرئيو ، العلم برنامج حبث ضخم مع قواعد إرشادية موجهةف، يالكشف مسارهمو

مرورا و ،"نينشتايا"وصوال إىل برامج و بدءا بعلم الفلك البطلمي، مسارا من الربامج البحثية املتنافسةإياه النظريات االجتماعية احلديثة أنقابل نرى كيف بامل ،"نيوتن"لى غرار برنامج ع، املعروفةالربامج صبخأب

)2( . ح هلا توجيه البحث يف املستقبليبرنامج متماسك يت إىل إرساء تتوصل مل

"(ceinture préventive)الحزام الواقي"و "(noyau dur) النواة الصلبة"تشكل مجيع برامج األحباث العلمية من تو كما يتميز برنامج البحث على املستوى االستكشايف،"(ceinture de sécurité) ألمانا بحزام"ما يعرفأو

توجيه جلأمن تباعهاإ قواعد البحث الواجب جتنبها أوو اليت حتدد طرقو ،الكشافة االيجابيةو بالكشافة السلبية .ي الربنامج البحث

.186ص ، س م، العلمية األبحاثبرامج :الكاتوش إمري ا 1- .86ص ، ، م س نظريات العلم: زر شامل أالن 2-

Page 111: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 103

" noyau dur":النواة الصلبة للبرنامج -1-

احملاولة التجريبية السلبية للبحث و ،جبوهرها الصلب" برامج البحث العلمي" مجيعتتميز « "الكاتوش"يقول

أن نستخدم مهاراتنا يف صياغة بدال من ذلك علينا و ،متنعنا من توجيه طريقة التفنيد إىل هذا اجلوهر الصلب )1(. »مان حول ما هو اجلوهر الصلبمساعدة تشكل حزام األ تضاافرتا ابتكارو

امج العلمية من أطروحات رب لتتشكل النواة الصلبة لو ، هو نواته الصلبةيف كل برنامج حبث علمي فاألصل السمة األساسية اليت متيز النواة الصلبة و ،العلمية فقه أفراد اجلماعةو عامة حتدد األساس املنهجي الذي يسري

الواقي من الفرضيات املساعدة زاماحلبالتايل فالتفنيدات ال متس إال و ،عدم قابليتها للتفنيد بقرار منهجي هي يتكون من بعض و ، فالنواة الصلبة تتيح حتديد اخلصائص املميزة لربنامج ما بصورة أفضل، االبتدائيةالشروط و

.)2( يتطور من خالهلاو ينمو أناليت ينبغي للربنامج و ،الفرضيات العامة نواته الصلبة تتكون من فرضيتني عامتني أنفإننا جند علم الفلكيف "كوبرنيك"حبث برنامجفإذا أخذنا أما األرض تدور حول حمورها يف مدة يوم أنو ، الكواكب تدور حول مشس مستقرةو األرض أن: مهاو

.)3( "نيوتن"من اجلاذبية الكونية كما تصورها و ،فان نواته الصلبة تتكون من قوانني احلركة "نيوتن"برنامج يف ذلك و ، منتجة هذه الربامجمادامت ،و قد عمل العلماء املنخرطني يف هذه الربامج على احلفاظ عليها ملدة أطول

املثل التقليدي لربنامج البحث الناجح « :"الكاتوش" يقول ،بني النواة الصلبةو برد كل تعارض بني املالحظات بذكاءلوا حو ، لكن أتباع نيوتنغرق يف حميط من الشواذ األمرفعندما قدم يف بادئ ،نظرية اجلاذبية لنيوتن هوت ينبرفض نظريات املالحظة األصلية اليت ب وذالك ،إىل أمثلة مثبتة خربعد اآل اواضح األمثلة املضادة واحد إصرار و

)4( .» إىل نصر جديد لربناجمهم، لوا كل صعوبة جديدةحو و ، املضادة يف ضوئها بصورة رئيسية األمثلة : Heuristique négativeالكشافة السلبية -2-

ما تقوم به ، و بكيفية سلبيةو ية وجه البحث املقبل بكيفية اجيابتهو بنية " الكاتوش "برنامج البحث عند ـــد هذه النـام مبدأ الرفع ضـع توجيه سهـــمنو ، هو الدفاع عن النواة الصلبة للربنامج ،الكشافة السلبية أو املوجه السالب ـــ ــ واةـ

.117-116ص ، م س ، العلمية األبحاثبرامج :الكاتوش إمري 1

86ص ، س م ، نظريات العلم : شاملرز أالن 2- 87 ص، املرجع نفسه 3- 118.ص ، م س، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش إمري 4-

Page 112: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 104

زاما واقيا ح اليت تكونو على العلماء املنتمني لربنامج البحث استخدام عبقريتهم يف اخرتاع فروض مساعدةو

يتحمل حدة صدمة االختبارات كما أنفحزام األمان من االفرتاضات املساعدة هو الذي جيب ،حوهلا )1( .استبداله حىت يتمكن من الدفاع عن هذا اجلوهر الصلب أو ميكن إعادة مالئمته

خالل منو ،لى النواة الصلبة ثابتة تامةفاملطلب األساسي للعلماء يف الكشافة السلبية هو احلفاظ ع )2( .قد اختار اخلروج من الربنامج الذي يشتغل فيه هنإف ،كل عامل جيري تعديال فيهو نامج رب لا

يار الربنامج الذي وردت فيه، فالنواة الصلبة ألي برنامج حبث غري قابلة للتكذيب بل ميكن ، حىت بعد ا "بوبر"هعن تكذيب"الكاتوش"هذا ما مييز ميتودولوجيا و ، أكثر تقدمية برنامج أخر يكون تباعاو تركها فقط

العلم يتطور عن طريق التكذيب و ، قابلة للتكذيب "بوبر"تكون عند أنية نظرية علمية ينبغي أن أذلك . حتصني بعض األطروحات باستمرارعلى عمل الينبغي نه أيرى "الكاتوش"ن أيف حني ،املستمر للنظريات

د سوف تعرض بالفعل منوا متماسكا، بع، التطويرو توفر فرص النموو حتتوي نواة صلبة متماسكة فالربامج اليت ال دةتنبؤات جديو إذا ما أتاح هذا النمو توقعات ، سوف تزداد خصوبة برنامج ما أكثرو ، ن يتم استغالل تلك الفرصأ طاملا هناك تزايد ،نه من العقالنية عدم حتويل التكذيب إىل اجلوهر الثابتأعلى هذا األساس يرى الكاتوش و

ة حالال يستبعد اجلوهر الثابت إال يف ، و املتكون من الفروض املساعدة ام الواقييف احملتوى االمربيقي املؤيد للحز )3( .جديدة لتنبؤ بوقائعهي توقف الربنامج عن او ، واحدة

:Heuristique positive الكشافة اإليجابية -3-

الكشافة االجيابية نإف، التفسخو باحلفاظ على نسقية برامج البحث من التحلل تمإذا كانت الكشافة السلبية عن ذلك بقوله"الكاتوش"قد عرب و ، ن يفعلوهألية اليت تدل املشتغلني بالعلم على ما ينبغي تعد مبثابة اآل

بينما تتكون الكشافة ، بواسطة القرار املنهجي ،للربنامج غري قابل للتفنيد" حتدد الكشافة السلبية اجلوهر الصلب" تطوير األشكال املتنوعة للتكذيب يف برنامج و السلبية من جمموعة مقرتحات مرتابطة، توضح كيفية تغيري

ا تعديلو ،البحث )4( .إخفاء معامل احلزام الواقي القابل للتكذيبو الطريقة اليت يتم

118م س، ، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش إمري 1- .87ص ، م س، نظريات العلم: شاملرز أالن 2- .132ص ، ، م س ر المعرفة العلميةو تط : سهام النويهي 3- .120ص ، س م، العلمية األبحاثبرامج :الكاتوش إمري 4-

Page 113: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 105

ا النواة الصلبة للربنامجينغجيابية تشري إىل الكيفية اليت نفالكشافة اإل تفسر ظواهر أنلكي تستطيع ، اتو واقعية ن اإلشارات املتعلقة بكيفية إجراء و عأ، رب عن سلسلة من القضايا املصاغة صياغة جزئيةتعو ،تنبأ

يتم بإضافة فنمو برنامج من برامج البحث ال ،دحضبكيفية تنمية احلزام الواقي القابل للو التحويالت جيابية هي فالكشافة اإل ،بل أيضا بتنمية تقنيات رياضية وجتريبية جيدة ،فرضيات جديدة مساعدة فحسب

. التقدم ة كشفية تتيح وسيل إذن فقد ، املشكالت اليت يطرحها هذا الربنامجيعة تفرضها طب، برنامج حبث تقنيات كشفية خاصة بهلكل و

التحكم يف احلركات احلاصلة يف أفالك التدوير ضر لغمضطرا لالستناد إىل تقنيات خاصة "كوبرنيك"كان )1( .حظات الفلكية على غرار التلسكوبمتطورة إلجراء املال وتقنيات

إضافة إىل قوله خبضوع ،كاحلساب التفاضلي إىل تقنيات رياضية عالية الدقة "نيوتن"استند برنامج و اخرتاع أجهزة حساسةو كما عمل على تطوير تلسكوبات ،الكواكب إىل قوى جاذبية أخرى غري الشمس

)2( .نسقه غنيا بالفروض املساعدة أنكما ،التجاذبقادرة على تسجيل

اترجع أمهية الكشافة االجيابية إىل و يقوم العاملو املنقذ للعامل من الضياع أمام حميط احلاالت الشاذة أ جيابية بدرجة تتميز الكشافة االو ،جيابية لربناجمهالتعليمات اليت تقدمها الكشافة اال تباعبايف بناء منوذجه

نيويضاملنفالعلماء ، قادر على استيعاب التطورات احلاصلة يف الربنامج يفهي مبدأ ميتافيزيق، املرونةمن عالية ال يعريونو ، يسعون دائما إىل حل املشكالت اليت حتددها الكشافة االجيابية ،ثحبحتت لواء برنامج

لكنها ترتك جانبا على أمل حتويلها إىل ،فاحلاالت الشاذة تسجل يف قائمة، لحاالت الشاذةاهتماما ل .املتمردة أو رغم احلاالت الشاذة، هي اليت تضمن للربنامج استمرارية ال التكذيبات، التحقيقاتو ،)3(مؤيدات للربنامج

طور ت أنيرى انه من الالعقالنية "ربوب" أنذلك ، "بربو " يةعن تكذيب "الكاتوش" ةختتلف ميتودولوجي ذاو الربنامج يـة استمرار أن يف حني، دةـة جديــبنظري ةـاملكذب ة ــبل ينبغي استبدال النظري، تكذيبها نظرية قد مت

إنين أقدم معايري « .: لهلك بقو وقد عرب عن ذ ،قدرته التفسرييةو تقوم على مدى متاسكه "الكاتوش"د ــعن طاملا كان تقدم فيقال عن برنامج حبث انه م ، كليةأقدم أيضا قواعد الستبعاد برامج البحث و ،الركود يف برنامجو للتقدم

.88ص ، م س ، العلمنظريات : شاملرز أالن 1- .89ص ، املرجع نفسه 2- .124ص ،س م، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش إمري 3-

Page 114: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 106

حد ماوقائع جديدة بنجاح إىل حيتفظ بتوقعطاملا كان و ،منوه النظري متقدما عن منوه االمربيقي

)1( » .االمربيقي هإذا ختلف منوه النظري عن منو ، يكون راكداو البحث علم يتقدم بفضل السباق بني برامجفال، قضية التقدم العلمي بالربامج املتنافسة "الكاتوش"يربط و

بؤ بصفة نذلك بالتو إذا كان يكتسي طابعا تقدميا أكثر ،يكون برنامج علمي أفضل من أخر منافس لهو العلميأفضل من "كوبرنيك"قد كان برنامج و ، بؤ بأمور إضافية أخرى جديدةنكذلك التو ،بكل ما تنبأ به منافسه بدقة ميةتقد

. معروفة إىل ذلك الوقت ن األول تنبأ بوقائع جديدة مل تكن نظرا أل "موسيبطل"برنامج قد تكون طويلة جدا، إمنا بعد مرور فرتة زمنيةو ، تلقائيةو آنيةاحلكم على أفضلية برنامج ال يتم بصورة و

برنامج ن قبولأكما ،تأخره و هليظهر من النهاية تقهقر ة يكل املرحلة الوسيط "سبطليمو "فقد استغرق برنامج .)2( تقدميا حىت حيقق حتور مشكلة ألنه ال ميكن قبوله ،يستغرق زمنا أيضا جديد

لتسامح املنهجي أمهية فل، ات الثوريةنيدفال يتم بواسطة الت "الكاتوش"فان التقدم عند كذاهو فربنامج "لكون "كما هو احلال بالنسبة " للرباديغم" اخلضوع و بواسطة التقليد) التقدم(وال يتم ، ةتفلسف قصوى يف

هو ،فتاريخ العلم الرياضية أو نه ليس نوعا من الصرامة العلميةأتفسري، أي الالو البحث ليس حكما بني التفسري .)3(ةبؤ هو وحده ما يطبع العلم بصفة التقدمينالتو املتعددةو تاريخ الربامج املتنافسة

:عند امري الكاتوش تاريخ العلم بدون تارخيه ية ميتودولوجياأفال معىن ألي فلسفة علم أو "الكاتوش" لتاريخ العلم أمهية خاصة يف فلسفة علم تاريخ و ،فلسفة العلم من دون تاريخه خواء« : ذلك طبقا ملقولته املشهورةو ،ال معىن لتاريخ العلم بدون فلسفتهو

)4( . » العلم من دون فلسفته عماء

للعلم يف جمموعة يتمثل التاريخ اخلارجيو ، التاريخ اخلارجي للعلمو بني التاريخ الداخلي"الكاتوش"مييز هي و الدينيةو السياسيةو االجتماعيةو احلضاريةو عاد النفسيةاألبلق أساسا بتتعو تطورهو تهلنشأالعوامل اخلارجية

.بسوسيولوجية العلماليت تسمى

دار املعرفة ، السيد نفادي : تقدميو ترمجة، يان هاكينجإ: حترير، الثورات العلمية :، يف ته العقالنيةءابنا إعادةتاريخ العلم و } : الكاتوش إمري 1-

.176ص ، 1976 مصر، اجلامعية .93ص، م س ، نظريات العلم:شاملرز أالن 2- .135ص س ، ، م تطور المعرفة العلمية : سهام النويهي 3- 188.ص ، م س، العقالنية بناءاته إعادةتاريخ العلم و : الكاتوش إمري 4-

Page 115: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 107

ذي تسلكه املعارف املختلة أما التاريخ الداخلي للعلم فهو جمموعة القواعد العامة اليت تشكل املسار اهليكلي ال

ا جمموعة القواعد اليت تستخدم يف تقييم "أو هو ، رهتطو و ي الشروط الضرورية لنشأة العلمأ ،تطورهاو منذ نشأ .)1(" تستخدم كنظريات للتفكري العقلي، أو معيار للتمييز يتالو ،النظريات املصاغة فعال

أو ميتودولوجيا ،ن كل فلسفة للعلمأ "الكاتوش"يرى ، تارخيهو فلسفة العلمبني ،عن طبيعة العالقة التبادليةو ن فلسفة العلم تقدم املناهج املعيارية اليت تشكل أمبعىن ،هي إعادة بناء عقالنية لتاريخ العلم الداخلي

.)2(ي هو تاريـخ العقالنية إطارا نظريا ميكن املؤرخ من إعادة بناء التاريخ الداخلي للعلم الذ األربعة اليت عرفتها فلسفة العلم امليتودولوجيات "اءاته العقالنيةتاريخ العلم وإعادة بن"يستعرض يف مؤلفه و : هيو ، ها برامج حبث يف تاريخ العلمصفغات الرئيسية الكربى لعقالنية التقدم العلمي بو اي الصيأ ."برامج األحباث العلمية"منهج و ،"التكذيبية"و ،"االصطالحية"و ،"ةاالستقرائي"

الداخلي التاريخ ويتكون ،وتعميمات استقرائيةة جتريبية صلب مثل يف وقائعتي "ستقرائيةلال"فالتاريخ الداخلي يوليه الذي "البساطةعيار مل"طبقا ،بسط منهاأبأخرى إبداهلاو من اختيار انساق مرتبة" لالصطالحية"

ــــ "داتيوناأل"و ،" االصطالحيون" ــــ و إىل جانب املعيار املنطقيـ ــ " التكذيبة " التاريخ الداخلي عند ، و أمهية خاصةاجلمايل ـ وجيا مليتودول" الداخلي خالتاريو ، النظرياتو للفروض تاريخ التكذيب املستمر، تكذيبهاو هو تاريخ احلدوس اجلزئية

حتوالت املشكلة و البحث النظرية الطويلة األمد بني برامجو هو تاريخ للمنافسة االمربيقية ،"برامج البحث العلمي )3(التدهورية و التقدمية

الذي يف املعرفة العلميةعقالين التطور الو من هذه امليتودولوجيات تقدم منطا معياريا للنموولوجيا كل ميتو و العوامل لتفسري بعض حاجة إىل التاريخ اخلارجي لكن هذه البناءات املعيارية يف ،الداخلي خيشكل التاري

التاريخ السوسيولوجي "ـ ب "الكاتوش "و ما يسميهأ ،االجتماعيةو اليت تتعلق باجلوانب النفسيةو ،الالعقالنيةو منطقيةالال .)4( .التاريخ اخلارجي ثانويو ،سفالتاريخ الداخلي هو األسا، " للعلم

.139ص ، م س ، تطور المعرفة العلمية : سهام النويهي 1- .430ص ، ، م س فلسفة العلم في القرن العشرين : ميىن طريف اخلويل 2- .186 -185ص ، سم ، العقالنية بتاءاته إعادةتاريخ العلم و : الكاتوش إمري 3- .125ص ،س م، العلمية األبحاثبرامج : الكاتوش إمري 4-

Page 116: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 108

يؤول ن التاريخ الداخلي العقالين املعياري أل، ضروري لكي تتكامل النظرة إىل العلم ذلك والتاريخ اخلارجي

يف مكان معني تسارعها أو تباطئها أو حلوهلالمث يعطي التاريخ اخلارجي تفسريا ال عقالنيا ،أحداث التقدم العلمي .)1(إعادة بنائه عقالنيا عن حماولة ، الفعلي للعلم خأو حني ختتلف بعض جوانب التاري ،سواهادون حدوثها أو خيتلف و نظريات فلسفة العلم و تاضلة بني امليتودولوجيااملفو ارا لالختبمعيار "الكاتوش"عند يعترب تاريخ العلم و

امليتودولوجيا اليت استطاعت "الكاتوش"يفضل ، و ا إىل أخرىاخلارجي من ميتودولوجيو الفصل بني التاريخ الداخلي "الكاتوش"هكذا استطاع و ، أي بوصفه تارخيا داخليا، كرب من تاريخ العلم الفعلي تأويال عقلياأن تؤول قطاعا أ

.التارخييةو جيةستمولو باإلو يرسم صورة عقالنية للعلم يف مجيع جوانبه امليتودولوجية أن ،حبكم توجهه العقالين من خالل الربط بني النظرة العقالنية، سفة العلملطابعا تكامليا على ف الكاتوشية لقد أضفت هذه املقاربة او

"التفنيدية"فقد عارض الكاتوش النزعة ،املسرتشدة بتاريخ العلم" الكونية"انية النزعة النسبو ، "البوبرية"املعيارية التارخيي اليت استوفت اجلانب " نيةالكو " عارض النزعةو ، فلسفة علم جوفاءفهي ،الفعلي بتاريخ العلم لعدم اسرتشادها

ا ت .أعمىتاريخ علوم فهي متثل ،املعياريةو املنطقيةو فتقر إىل العقالنيةإال إ :للعقالنية الميتودولوجية نقد فيرابند

على الرغم من ،"كون"و "بوبر لكار "عن موقفه من فلسفة ،سفتهفلو "الكاتوش"راء آمن "فريابند"خيتلف موقف املعروف مبناهضة "فريابند"و، الطبيعة املوضوعية للعلمو العقالنيةكرب املدافعني عن أيعد من "الكاتوش"أن

.العقالنينيو للعقالنية "(Contre la méthode)"ضد املنهج "مؤلفه خاصة و ، يف الكثري من مؤلفاته "الكاتوش"مبواقف قد أشاد فريابندف

يعد واحدا من املفكرين القالئل الذين "الكاتوش" أن فيهيذكر والذي ،فرد فيه فصال كامال ملناقشة آراءهأالذي حماولة إعادة إصالح أنأدرك أيضا و ، العلم احلقيقيو ، أدركوا اهلوة الكبرية بني الصور املتعددة للعلم

ا تها عن طريق تقريبهااغصيو العلوم احلديث و ــــ إنين اتفقو ،سوف تؤدي إىل إفسادها أو حىت تدمريها ،اىل صورــــ ابندري هنا لف ــ ـــ ــ )2( .متاما مع هذه النتيجة ـ

.432ص ، م س ،فلسفة العلم في القرن العشرين: اخلويلميىن طريف 1-

2- P. Feyrabend : contre la méthode op.cit. p 199-200.

Page 117: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 109

ية يف الكثري من النقاطيف ميتودولوجيا برامج األحباث العلم "الكاتوش"يتفق فريابند مع ما ذهب إليه و اليت" بنظرية الرد" هو ما يعرفو ،منهج واحدو ، ا ملسعى إعادة تشكيل العلوم بردها إىل علم واحدممنها معارضتهو

ا التجريبيون املن ويض دعائم قت فهذا املسعى يؤدي إىل ،يف الفصل السابق سبقت اإلشارة إليهكما ،طقيونقال . "فريابند"علم حسب ال كثريا فانه يقرتب ،املبادئو اليت تتشبث باملعايري إىل العقالنية النقدية "الكاتوش"على الرغم من انتساب و

يف اقرتاحني ميثالن جزءا هنه يتفق معأ "فريابند"إذ يذكر ،يرياخبصوص طبيعة هذه املع "فريابند"وجهة نظر من :ومها ية العلم عنده من نظر أساسيا

تضعها دائما يف االعتبار فالنظرية أنو ،لتنفسلألفكار اجلديدة مساحة ل ن تضمن امليتودولوجياأ: االقرتاح األول على الفور نستخدم أنفال جيب ،حماولة تفادي أخطائها التجريبيةو يسمح هلا بتطوير نفسها أناجلديدة جيب

ا عدم االتساقات الداخلية الصارمة أو نمتنع أنال جيب و ، مكان استمرار هذه النظريةإاملقاييس املعتادة لتحديد نظر ما نؤمن توسيع وجهة و من االحتفاظ ،أو الصراع الكبري بني النتائج التجريبية ،االفتقار الواضح للمضمون التجرييب

)1( .ترضينا لسبب أو ألخرو ا

عالقتها بالواقع غري واضحةو ، حتتوي تناقضاتو ، عادة ما تكون غري متسقة ،ية جديدةفكل فكرة حسية أو نظر يف فرتة زمنية حمدودة حنكم على برنامج حبث ما أنفال جيب ، ندخل عليها حتسيناتو تتقدم أنمع ذلك ميكن و

. ةاملتنافس أفضلية يف مقارنة مع تاريخ الربامج و ،حنكم على تارخيه أنبل جيب فهذه املعايري ميكن "،ليست يف منأى عن النقد "الكاتوش"ن املعايري املنهجية عند أاعتبار : االقرتاح الثاين

بل ال بد من استخدام ، ال يكون هذا االختيار جمرداو ،داهلا مبعايري أفضلأو استب ،أو حتسينها ،اختبارهاو فحصها )2( ".املناقشة بني املناهج املتنافسةو تلعب دورا حامسا يف اجلدال التارخييةن املعطيات ذلك أل ،املعطيات التارخيية

ما عن املنطقيني هذا االقرتاح األخري إن ية هشة ليعتربون االسرتشاد بالتاريخ منهج ذا فاع نالذيهو الذي مييزا . ن تقوم على أساس مناذج بسيطة فقطأن امليتودولوجيات جيب أو

1- P. Feyerabend : contre la méthode op.cit. p 199. 2- Ibid. p-200

Page 118: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 110

مل ينتف وجود القواعد إنفحىت ،"الكاتوش"بني و من التوافق املنهجي بينه وجود نوعب "فريابند"هكذا يقر و عليها تـن ما كان منهامل يقم على أسس صارمة ثابتة مثل اليت تأسسإف "الكاتوش"املعايري يف ميتودولوجيا و

"فيريابند"يدعو إليها اليت التعددية املنهجيةو رب إىل التفتح املنهجيقأهي بل، يونطقالوضعيون املنو "بوبر"ميتودولوجيا م بالعلم ني ـتغلشال متلي على امل "الكاتوش" ةفميتودولوجي . م ـنصائح هل ال ترمي إىل تقدميو ، اختيارا

ا تصف أبيد ، الدفاع عنها "شالكاتو " مثل هذه األحكام هي يف لب امليتودولوجيا اليت يود «: يقول فريابند )1( ».لكنها ال متلي عليه حقيقة كيف يتصرفو ،بشكل جيد الوضع الذي يكون عليه باحث علمي

من بني خيارات ال متثل سوى خيار ،تظهر يف أي برنامج حبث علمي أناملعايري اليت ميكن و فالشروط . مسألة املنهج مبثابة جتاوز للنظرة األحادية يف ابندخيارات هي بالنسبة لفري ، أخرى ممكنةذا يكون "ضد المنهج"دعواه أنحىت ،املنهجية سندا ملواقفه الشخصية "الكاتوش" مواقف قد وجد يف "فيريابند"و تقدم قواعد العمل أو السلوك للمشتغلني بالعلم أنمعركة ضد امليتودولوجيا املفروض فيها تدخل يف

قواعد ال تعطي "الكاتوش"ن ميتودولوجيا أل، الفوضويةو التعددية خر مشاركا له يفآبا أ "الكاتوش"ذا جيد يف و .)2(" ة أو برنامج ما ير لالختيار لصاحل نظ

القريبة العلمية ما هي إىل ضرب من الفلسفة الفوضوية "الكاتوش" فلسفة أن خرآيف مقام "فريابند"يذكر و ا أد قيعت اليت دالقواعو بشكل مسبق بواسطة املعايري مط منو مبسار خطي مرسوم ال تلتزم الفلسفة اليتمن .ائيةو ثابتة تسلم ملةامليتودولوجي "الكاتوش"عقالنية أنإال ، ولكن على الرغم من هذا التقارب بني أفكار الفيلسوفني . "البوبرية "العقالنية النقديةو " املنطقيةللتجريبية "قل حدة من تلك املوجهة أكانت إنو الالذعةفريابند انتقادات من املهمة األساسية اليت وضعها بل إن ، موضوعيتهو قد نصب نفسه مدافعا عن عقالنية العلم "الكاتوش"إن

وذلك باالسرتشاد بقواعد بسيطة ومبادئ يستطيعون ،نينيلنفسه هي زيادة أصدقاء العقل وطمأنة العقال )3(.دون االضطرار إلعادة اعتبار األمور عند كل حتول وعند كل خطوة إتباعها

1- P. Feyrabend : contre la méthode op.cit. p 202.

.135ص ،، م س نظريات العلم: شاملرز أالن 2-3- Ibid p 198.

Page 119: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 111

فالعلم من منظور ،ه من الناحية التارخييةر ليس له ما يرب ،وعن سلطة العقل العلم عن موضوعية هغري أن دفاع )1(. *املنطق حىت لو كانت قواعد ،أي قواعد وال تضع يف اعتبارها ، أي حدود ال تعرف رة عقلية مغام "فريابند"

لنمو العلم من خالل االلتزام التام باملعايري املنطقية ،والعقالنيني النقديني "الكاتوش"تصور "فريابند"وينتقد ومن جهة ،بدرجة كبرية قافيةوالث واالجتماعية فسيةقد سامهت فيه العوامل الن فالتقدم العلمي ،واملنهجية

من العلم احلديث ال ميكن اعتبارها أحكاما حمايدة الكاتوش أن املعايري اليت استخلصها "فريابند"أخرى يرى )2( . والدين، والسحر ، واألسطورة، وعلم أرسطو، احلديث للفصل يف الصراع بني العلم

دراسته كانت من جانبمعتربا أن ،بأفضلية العلم دون الربهنة على ذلك "الكاتوش" تسليم "فريابند" ضيعار و فقد اكتفى فيها بتحليالت لسحر، ، والتنجيم وا"كاملاركسية"أما امليادين األخرى ، )أي العلم(واحد فقط

)3(. دينيونفس احلكم يصدق على جل العقالنيني النق ،خارجية سطحية ا مدى تقدم برنامج "فريابند"ويعيب على الكاتوش إميانه بتلك املعايري الثابتة واحملددة اليت يقاس

فتقدم برنامج حبث ما ،)التعزيزات(والنمو التجرييب ،)التنبؤات(واملتمثلة يف النمو النظري ، أو تأخره حبث ماا فيما بعدأي قدرة الربنامج على التنبؤ بو ، النظري يسبق منوه التجرييب على أن منوه يتوقف قائع جديدة يتم إثباا ،يتم حتقيق هذه التنبؤات وعندما .فهذا يعين أن الربنامج متقدم نظريا وجتريبيا، أو على األقل التنبؤ

وإمنا تنتمي إىل احلس املشرتك، عقالنيةوال هي ال ، يرى أن هذه املعايري ال هي عقلية "فريابند"غري أن واليت كانت ، بآباء الكنيسة القدماء الذين قدموا عقائد ثورية يف شكل صلوات عائلية "الكاتوش"ويشبه

)4(. لتصبح هذه العقائد تدرجيا هي احلس املشرتك ذاته، متثل احلس املشرتك يف ذلك الوقتال موائمة صاحلة للتوجيه يف جمرى العمل امليداين، فهي أداة "فريابند"ال تشكل حسب "الكاتوش"لوجيا فميتودو

ولكنها ال تقدم ، تقدم معايري تساعد املشتغل بالعلم على تقييم الوضعية التارخيية اليت يتخذ ضمنها قراراتهذا يرى فريابند أن الكاتوش ،هجرهما إذا كان حيتفظ بربنامج حبث أو ي للباحث الواقع يعرض علينا يف و

وأنه طبقا ملناهج البحث األكثر رقيا ،وال يطرح علينا أنه ميتودولوجي ،ارنانة مثل عناصر امليتودولوجي ألفاظا )5(. املعىن ذا منهج فإننا ال نعثر لديه على ،اليوم عامل يف

1- P. Feyerabend : contre la méthode, op cit p 198-199.

ا أن تؤدي إىل الدغماتية، نسقيهكل فريابند يعارض * فحىت قواعد املنطق ميكن أن تعيق أحيانا ، فهو ال يعترب التناقض جرمية سافرة، وكل منطية من شأالو ولذا ينبغي خرقها ،التقدم ية الفكر واإلبداع اإلنساين احلرحلر جتاوزها لتفسح ا

2- ibid. p 198. .140ص ، ، م س نظريات العلم :شاملرز أالن 3-

4- ibid. p 220. .235ص ، ترمجة السيد نفادي، ان هاكينغإي ، حترير الثورات العلمية: يف } كيف ندافع عن المجتمع ضد العلم {: فريابند بول 5-

Page 120: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 112

يةنيدفوال هي ت ،فال هي استقرائية غري مؤسسة بكيفية الزمة "الكاتوش" اأن ميتودولوجي "فريابند"كذا يرى وه

غري أن هذا الرتك غري ناجم عن دواع موضوعية ،فحسب رتوكابل م،اندفيعترب مألن أي برنامج حبث ال مساعدة لتفادي األمثلةوذلك بإدخال فروض وارد هو أمر أو برنامج متدهور إحياء أية نظرية ألن

.املضادة أو الشاذة نيد فلت طاملا أنه ليس هناك إمكانية ،ية حقيقةنيدفت تعدال توشاليت تبناها الكا ،ية الواعيةوبالتايل فإن التفنيد

يةنيدفنطقي، فال هي استقرائية وال هي تومن مث فهي منهجية تفتقر إىل أساس م ،برامج بطريقة موضوعيةا فلسفة ع )1(. البوبرية نهجية امل ية نيدفللت نتيجة لنقده لم قدمها بوصفهاإمنا ميكن النظر إليها على أ

أو الربامج ،للدفاع عن معيار املعقولية الشمويل الذي أراده للنظريات "الكاتوش"حماولة "فريابند"ويناقش مثايل هذه احملاولة تستجيب أكثر لنموذجمعتربا أن عقالنيا ه إلعادة بناء تاريخ العلوم بناءوسعي ،مبصطلحاته

.وال يتوافق مع املعطيات التارخيية، لمي يتجاوز واقعهالعمل الع من هي األحكام األساسية للنخبة العلمية، ذلك أن املعطيات التارخيية اليت يستخدمها يف تقييم امليتودولوجيات

رب تارخيهع حول اإلجنازات اليت حققها العلم أي أحكام قيمة، بأحكام القيمة األساسية"الكاتوش"أو كما مساها وتعترب أحكام القيمة األساسية أو احلكمة العلمية املشرتكة ، "ألينشتاين"ونظرية النسبية ،اجلاذبية يف" نيوتن"كنظرية

ا مقبولة من األغلبية العظمى من العلماء، هي األساس لكل املناقشات امليتودولوجية )2(. أل فالعلم منقسم إىل ،"الكاتوش"ليست ثابتة كما يعتقد حسب فريابند،لكن أحكام القيمة األساسية

فأحكام القيمة كل واحد منها يتخذ موقفا أو اجتاها خمتلفا جتاه نظرية معينةو ، مدارس متعددةو أنظمة لوجي ختتلف عن أحكام القيمة عند الفيلسوف املثايل، كما أم البيو لدى الفيلسوف التجرييب، األساسية

)3( .بطريقة خمتلفة عن نظرة عامل الفلك ،ينظر إىل نظرية ما سوفكما أن معظم العلماء « فأحكام العامل غالبا ما تفشل ،من زاوية أخرى فإن أحكام القيمة ليست دائما صحيحةو

او ،على الثقة ون األحكام األساسية للقيمة بناءيقبل ببساطة لسلطة زمالئهم املتخصصني ينحنونو ،هم ال خيتربو )4( » .ليست دائما عقالنيةو فاألحكام األساسية ليست دائما حكيمة جدا

.362ص ، 2004، 1ط ، اإلسكندرية، املعارف العامة منشأة، ق النظرية العلمية المعاصرةمنط: عادل عوض 1-

2- P. Feyerabend : contre la méthode , op cit p 22. 3- Ibid, p 224. 4- Ibid. p 225.

Page 121: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 113

العلمي للمنهج كمقياس "الكاتوش"الذي يستخدمه و ملأن إعادة البناء العقالين للع "دفريابن"يرى كما

إن احلجج اليت « : يقول حيث السلطاتام تعددي من بل هي نظ ،نتيجة كلية لألحكام األساسية ليسا أجزاء ، ال هي أجزاء من املمارسة العلميةو ، ليست نتائج للبحث، يقدمها الكاتوش يريد ةمن إيديولوجي إ

تمولوجني أن الكاتوش ال خيتلف كثريا عن اإلبيسو ،" احلكمة العلمية املشرتكة "أن يفرضها علينا على شكل حجما أساسيا هذا يظهر يف إعطاء الكاتوش و ، حيال جديدةو الذين يريدون أن يعطوا ملبادئهم قوة التقليديني

)1( »للحس املشرتك

التارخيي اخلارجي للعلمو بني التاريخ الداخلي "الكاتوش"يز احلاد الذي أقامه يذلك التم "فريابند"ينتقد و على حساب التاريخ اخلارجي الذي ، حيوية التاريخ الداخلي وفق نزعته العقالنيةو بني خاللهالذي و

مبنهجية ليس جمرد نسق منجزو ، اجتماعيةو فاعلية إنسانيةو فالعلم عند فريابند كيان تارخيي، اه ثانوييعد دائما أكثر هو، تاريخ الثورات بشكل خاصو ، عموما التاريخ « : حيث يقول، خصائص منطقية حمددةو

أحسن وية مبا ال يلتفت إليه أو يعتقدهأكثر حي، و أكثر تعددا يف أشكالهو أكثر تنوعاو ،غىن يف مضمونه )2( . »أفضل امليتودولوجينيو املؤرخني

املتمثلة يف و للربامج البحثية "الكاتوش" رمسها أن البنية الداخلية اليت "دفريابن"يرى ، من زاوية أخرىو التميز بينها يتعذر هذه األجزاء متداخلة نأل ذلك ،يكتنفها الكثري من الغموض،احلزام الواقيو الكشافتنيو النواة

. فهي غري جمدية من الناحية امليتودولوجيةو بسهولة ؟ أضف إىل ذلك أن هذه فما اجلدوى من وجود حزام واق ،نيدفتقابلة للفإذا كانت النواة الصلبة غري

فيمكن أن نغري جزءا منها دون أن يؤدي ذلك ،الصلبة ليست صلبة بالقدر الذي يتصوره الكاتوشالنواة )3( .يف هذا الشأن "وشالكات"كما أن تاريخ العلم ال يتوافق كثريا ما يقره ،الربنامج برمته إىل ترك

ا ذاكرة " الكاتوش"عقالنية إىل القول إن "فريابند"وينتهي امليتودولوجية ال تغدو أن تكون زينة لفظية، كأاألزمة املمتازة، حيث كان وال يزال من املمكن النهوض مبشروع معقد وكاريثي يف الغالب مثل العلم، وذلك

)4(. د من القواعد البسيطة واملعقولةبالركون إىل عد

1- P. Feyerabend : contre la méthode ,op cit p 225. 2- ibid. p 13.

.427ص ، ، م س فلسفة العلم في القرن العشرين: اخلويل فطري ميىن 3- .93، صم س ، نظريات العلم: أالن شاملرز 4

Page 122: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

يتودولوجية والعقالنية المعقالنية المؤسساتية للنقد فييرابند لثالثالفصل ا

- 114

أن يقدم صورة عقالنية لهو أراد أن يكون العلم عقالنيا "الكاتوش" العتبارات ميكن القول إنأمام هذه او

اء وجهة كان يرمي إىل إعط« Alan Chalmers (-1939) "أالن شاملرز"يقول و :مل يكتب له ذلكلكنه اء وجهة أنه كان يرمي إىل إعط" توماس كوهن" بينما ينكر ،لكنه فشل يف ذلكو ،النية عن العلمنظر عق )1( » . ية لكنه قدمها مع ذلكاو نظر نسب

114ص ، م س، نظريات العلم: شاملرزأالن 1

Page 123: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 116 -

:مدخل

وملختلف النقديةالعقالنية و ةللعقالنية التجريبي "فريابند"مناهضة أنالفصول السابقة لقد تبني من خالل اختالف ىعلو ــــ هذه العقالنيات العلمية استنادمرده ، لسفة العلم الكالسيكية واملعاصرةاليت عرفتها فامليتودولوجيات

ـــ صورها أمنوذج ترسيخو لعلمل عقالنية صورة رسم من خالهلا إىل سعىت، ثابتةكلية مناهج و سأسو معايري إىل ـ سر كلأ من مالعل حترير غايته للعلم والعقالنية تصورا جديدا يف مقابل ذلك "فريابند"يقدمو، العلمية للعقالنية

، وهذا ما سنعاجله العقل العلمي على ةاملعاصر و ةيالكالسيك ها العقالنيةتاليت فرض واملنهجية النظرية العوائقو القيود .يف هذا الفصل

: العقالنيةو العالقة بين العلم إشكالية -1 املمارسة و بني العقلعالقة للطبيعة امن خالل التحليل الفلسفي ، مشكلة العقالنية بشكلها العام "دفريابن"يعاجل

"فريابند"قد بني و ، هرها مشكلة العالقة بني العقل واملمارسةهي يف جو ، عقالنيةالو بني العلمفمشكلة العالقة التطبيق و قة القائمة بني العقلالتحليل الفلسفي للعالمن و ، لتاريخ العلم تفحص احلقب التارخيية خالل من سب اال ين، فالسفة العلمو وناملنطقي يدافع عنها األقل وفق الصورة اليت ىأن العقل عل، املمارسةو بني الفكر أو

بالشكل العقالنيةو عالقة ضرورية بني العلم ةإقام فليس هناك ما يدعو إىل ، ال يستطيع أن يسهم يف تقدمهو العلم عقالينبالال هامن حييد عن كليوصف حيث ، ةامليتودولوجيمن القواعد الذي جيعلنا خنتزل العلم يف عدد

: من تاريخ العلم ستقامهاأساسيتني اموقفه هذا حبجتني "فريابند"يربر و ته الطويلة قد انتهكت فيه قواعد العقالنية ري ن املشروع العلمي وفق مسأ« : وتتمثل يف قوله األولاحلجة ىأن العلماء األكثر حصافة كانوا علو ، لزمنيةمجيع املعايري اليت تتمتع بالصدق املطلق يف خمتلف احلقب او

ذه االنتهاكات ." علم

1( »جل أن تتقدم مسرية العلمأمعايري العقالنية من و خرق قواعدإىل طروااضأن العلماء : الثانية و(

قواعد )عن الدفاعو ( زامبالت حتصل احملققة ملالعلمية اإلجنازاتو أن كل التطورات "فريابند" إذن حسب لقد تبنيا ال يناسب العلم، الذي يدافع عنهالعقل و أن ،معايري عقالنية بعينيهاو ذه السلطة اليت يتمتع ومل يكنالبعض، و

.25 ص ، م س، العلم في مجتمع حر: بول فريابند 1-

Page 124: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 117 -

هم يف و ضايأ عبادة العقلو حجة قوية ضد الذين يعجبون بالعلمتلك و ، يف منوهمقدوره أن يساهم يف )1( »ا ما مع ال ميكنهم أن حيتفظواعقل، ولكن أو بال إما أن حيتفظوا بالعلم، أن خيتاروا اآلندورهم مق

هذا القيد خاصة إذا كان، قيد أو سلطة أيأن جوهر العلم هو التحرر من "فريابند" يرى سهذا األسا ىعلو . تضان املشروع العلميأو السلطة مدعومة مبعايري عقالنية تضفي عليه شرعية اح

: مواقف أو اجتاهات املمارسة من خالل ثالثةو ة بني العقلطبيعة العالق "فريابند"يناقش و .اجلديلاالجتاه و ، الطبيعيواالجتاه ، االجتاه املثايل

سلطة املمارسات نع فسلطة العقل مستقلة، العملي التطبيقو فإن العقل هو املوجة للممارسة :املثايل لالجتاهفبالنسبة ملتطلباته العقل هو املسؤول عن تشكيل مجع املمارسات وفقاو

فالعقل يصف الطريقة اليت ،سلطته من املمارسةو ستمد موضوعهفإن العقل ي :الطبيعي للموقفبالنسبة أما رهايمعاو العقالنية صوغ جممل مبادئاملمارسة هي اليت ت ا املمارسة مبعىن أن تعمل

حبيث ان العقل ، الذي جيعل من العالقة بني العقل واملمارسة عالقة جدلية تكاملية هو املوقف :الثالث املوقفو . )2( واملمارسة تتحسن كثريا باالستعانة بالعقل، ه املمارسةيسيضل بدون توج

عوبات يف إجياد حل إلشكالية عقالنية العلمالرؤية الطبيعية تواجه صو ليةاكال من الرؤية املثأن "فريابند" يريو العامل تكون لنزعته العقالنية نتائج على إمنا يريد أنو ، يريد أن يكون سلوكه عقالنيا فقط ذلك أن املثايل ال

تمع يفالعقالنية أسسكائنات إنسانية قد طبقت فهو يريد مثال أن يرى، الذي نعيش فيه الواقعي بناء ا .ضرورةكما يريد أن يفهم الطبيعة وفق ما يقتضيه العقل من ... نظمو قوانني من العقالنية هذا التعارض بني و ، النتائج املتوقعة) املثايل(أن هذا املنهج العقالين ال يعطيه ينتجلكن عادة ما إعادة الصياغةو ملوضوعية املطلقة ملعايري العقالنيةض افحد األسباب الرئيسية اليت تستدعي ر أعات هو التوقو

)3(.املستمرة ملبادئها النزعة الطبيعية ليست مرضية أيضا من زاوية أن االختبار الناجح ملمارسة ما ال يؤهلها لتكون معيارا عقالنياو

الذي االجتماعيو عصر أو السياق التارخييون بالهألن جناح االختبار التجرييب مر ، الصدق املطلقو يتميز بالصواب )4( . آخرعصر من املمكن أن يثبت فشله يفو ، مت فيه االختبار

.29 ص ، م س، العلم في مجتمع حر: بول فريابند 1- 35 ص ،املصدر نفسه 2- .36 ص،املصدر نفسه 3- 37 ص املصدر نفسه، 4-

Page 125: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 118 -

فاعلية العقل على املمارسة تأثري أياجلانب األحادي التأثرين املوقف اجلديل ورغم جتاوزه ملفهوم أ اكم

املتبادل بني حل حمله التفاعلأو ، العقل بالنسبة للموقف الطبيعي لىرسة عاملما وتأثري، بالنسبة للموقف املثايلماالعقل و إىلاملوقف اجلديل مازال ينظر أن إال ،املمارسة والعقل وكل منهما نكيانان منفصال املمارسة على أ

. األخر إىلحباجة ما أ ىاملمارسة علو العقل ا إىلرنظيف نيكم "فريابند"حسب هذه املواقفابع املشرتك بني الط نإ

كما ، ميكن للعقل أن يوجد بدون ممارسة لكنو ، اآلخر كل منهما حباجة إىلو ، من أنواع خمتلفةكيانان صرف الشخص تكأن ي، معايري حمددة سلفاو قواننيو أي بدون قواعد، وجد بدون عقلتميكن للممارسة أن

ليست لديه ، بدال من قتله الذي يداوي عدوه اجلريح فاحملارب املتوحش« متبعا رغبة أو ميل طبيعي ما لكن تصرفه هذا سيصري تقليدا ، تصرفه تاملربر طئا اقد يعطي تعليال خو ، عن سبب تصرفه هذافكرة »)1( . بني األمم تالصال من جديدا

ما كيانني خمتلفني ىاملمارسة علو العقل اليت تنظر إىل ؤىمجيع الر "فريابند"رفض هذا األساس ىعلو أ .ذلك جبمعهما يف مركب واحد ميثل نشاطا إنسانيا موحداو ممارسة و ، مرتب من جهةو عقل صارم، بني فاعليتني العقل هو فصل تعسفيو فالفصل بني املمارسة ها الفالسفة يعل فى أضيتال "المشكالت العقالنية"هذه هي كل و ، مرشد غري متشكلة حتتاج إىلعة يــط

)2(.الغرب يف العقالنية وءنش أضيف منذ املثايل الذي فضال عن الزاد ، عقليا زادا أن العقل مل يعد هو الذي يوجه إىل فريابند ليص، املمارسةو من خالل هذا التفاعل بني العقلو

فهو ليس حسنا أو سيئا وإمنا ، لكلكونه كذو اصة يعد تقليداإمنا هو يف حقيقته اخلو األخرىالتقاليد ا إمنو التقاليد ست حكما علىيوعليه فالعقالنية ل، كل التقاليد ينطبق نفس األمر علىو ، كما هو ببساطةهو

ا مظهرا من مظاهر )3( ".التقاليد هي ذا

.41 ص ، ، م سلم في مجتمع حرالع: بول فريابند 1- .42 ص، املصدر نفسه 2- .43 ص، املصدر نفسه، 3-

Page 126: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 119 -

بطابع إنساين ) ال علمية علمية و(املعرفة لمجملرؤية جديدة يف نظرية املعرفة تنطبع فيها "فريابند"ذا يؤسس و

مث يسقط، سانيةعموم النشاطات اإلنو ، احلضاريةو تتنوع باختالف العوامل التارخيية، )تقاليد( واسع . العلم ىهذا التحليل عل فريابند

ممارسة للبحث العلمي، بل هناك تقليد و ،"عقالنية علمية"أن يكون هناك عقل علمي نسميه "فيريابند" رفضي ميكن أن جنعل من العقالنية عليه ال و ، التارخيية هلذا النشاط اإلنساينو كل األبعاد اإلنسانيةمبوضوعية مع متساوا ، اليت يستند إليها كل استدالل علمي مبثابة املبادئ العلمية .تقدمهو السبب يف جناح العلم وأ

:عند فييرابند لعقالنية العلميةاألسس االبستمولوجية ل - 2مث يسقط رؤيته ، يامليتودولوجواجلانب ، جياإلبستمولو اجلانب ، ثننياالعلمية من جانبني مفهوم العقالنية "فريابند" يعاجل

ال االجتماعي والسياسي لك من فالسفة العلم القالئل الذين ربطوا بني االبستمولوجبافكان بذ، االبستمولوجية على اال السياسي واالجتماعي و : العناصر التالية يف الشق االبيستمولوجي ويتمثل ، )الفصل القادملك كما سنبني ذ(ا :ة البراغماتية للمالحظةيالنظر -

املدرك من أهم املسائل املعرفية اليت شغلتو اإلبستمولوجية بني املدركالعالقة مسألة فهم طبيعة تعد نظريةالو طبيعة العالقة بني املالحظة أعين ،سري حقيقة ما هو مشاهد يف اخلربةفالسفة العلم وقتا طويال لتف

هل هناك مالحظة حمايدة ثابتة مستقلة عن النظرية ؟و ؟اآلخر ىعل وقفأيهما يتو أن عملية مفادها مسلمة ىعل "التجريبية المنطقية"خاصة معو التقليدية نظر اإلبستمولوجيالقد قامت وجهة

ا املالحظة هلا معىن )غــةل أو( فعبارات، ريةن النظعمستقل و املالحظة هي عملية ضرورية تتم بشكل حمايد بذا حيث تبني أن املالحظة أو اخلربة ، هذا املوقف يف الفصل الثاين من هذا البحث ا إىلنسبق أن تطرق وقد

.رأساسها ميكن القيام بعملية االختبا علىو ، أرضية ثابتة للعلم تعد احلسية حيث تستخلص النظريات العلمية بشكل ، التجرييبقامت العقالنية التجريبية ذات البعد هذا األساس ىعلو

ــدقي ــق من وقـ ـــتها املشــع قدمـــائـــ ــ ــــاهـ ــ ــــالتجو دةـــ ـــرة العلــــفمسي، امليولو يةـــآلراء الشخصم لــال مكان يف العلو ، ربةـ ــم تكــ ون ـــ

Page 127: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 120 -

اء للعقل من املسامهة األولية يف صنع لكن هذا اإلقص، العقل إىل املالحظةو من التجربةو من اخلارج إىل الداخل،

. جتاهات ما بعد الوضعية املنطقية املعارضة هلذا التصورالذي قامت عليه ا املدخل األول نكااحلقيقة العلمية كنسقتناول العلم و ة الرتكيب املنطقي لنتائج البحث العلمي،حتول املسار يف فلسفة العلم من دراس إن

تطورو دراسة منو العلم إىل، السكولوجياو ، السوسيولوجياو ، غري متفاعل مع بنيات حضارية كالتاريخ مغلقا بعوامل اجتماعيةيفالعلمية النظريات هذا دى قد أ، ىعالقتها بنظريات أخر و ، إنسانيةو عالقا

ظهور وجهات نظر جديدة مفادها أن الوقائع أو املعطيات ليس إىل، للتحليالت االبيستمولوجيةالتحول ي يتم ناها عن طريق النسق املفاهيمي الذأو لنقل يتجدد مع، بل تكتسب معناها، حمايدو ثابت هلا معىن (Kuhn)ن كو توماس :منهم و ، نفالسفة العلم املعاصريجمموعة من ذا املوقف اجلديد قد مثل هو ، يهفوضعها

ــب ا املوقف مبا يسميهعن هذفيرابند بول قد عربو، (Toulmin)تولمينو،Hanson) هانسونو النظرية البراغماتية "ــ . "للمالحظة

شقها يف "فريابند"من املبادئ األساسية اليت قامت عليها فلسفة "النظرية الرباغماتية للمالحظة"مفهوم عدي ي ذط الفاصل المفاده أن اخل، حيث أسس من خالهلا مفهوما جديدا للنظرية العلمية ،االبيستمولوجي

.فيفصل تعسهو بينهما الفصلو ، النظرية غري مشروعو املالحظة التقليدية بني ةرمسته اإلبيستمولوجي

ا إمنا يتحدد عبارات املالحظة فمعىن ة مباشرة رب ليس من خالل اخلو ، عن طريق النظريات اليت تتصل أي شخص منا إن « :يف قوله ذلك مبثال فريابند يبنيو ، فالظاهرة املالحظة ال تكتسب إال من خالل النظرية

هلم أن ظل يظهر، ء الذين يسريون بطول الشارع ليالفهؤال، طيمظهر بسي انطباعاته أو أ دعهخت يسهل أنمالقمر دع احلواس بسهولة هو مظهر خيو ، األرض ىكأن قطة جتري علو ، يتبعهم خبطوات مساوية خلطوا

)1 » العقل يتدخل مللو

التعبري اللغوي ليسا بفعلني منفصلني و ،أن املظهر أو الظاهرة املالحظة، من خالل هذا املثال "فريابند" يبنيو الطبيعية إن وصف املوقف املألوف يف الظروف، "القمر يتبعين" : ل يف موقف مالحظة معينةو قهو ال واحد مها فعل بل

تعلمالعملية إىل يرجع ذلك حسب فريابند و ، بالنسبة للمتحدث هو حدث يلتحم فيه التعبري اللغوي مع الظاهرة متاما

1- Feyerabend. : contre la méthode Op cit. p 74.

Page 128: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 121 -

)لغوية أو غري ذلك( فاعل مع املوقف باستجابات مناسبةحيث نتعلم أن نت، للطفولة ألوىلااليت تبدأ منذ األيام انت تتأثر اللغة اليتو ، هرة وتبين عالقة قوية مع الكلماتتشكل إجراءات التعلم كل من الظاو عتقدات مب حدث

)1( . طويل األجيال السابقة اليت مت اعتناقها لوقت

أو تلك اخلربة كما ، ال تستمد معناها من هذه الواقعة املالحظةمجل أن "فريابند" ىير هذا األساس ىعلو . براغماتيأو سياقيا عامل أ ىبل القابلية للمالحظة ينظر إليها عل، لوضعيون املنطقيونا يرى لكنه و ، طيقييف احملتوي السيمانليس اختالف ،رة أخرىبني عبارة مالحظة ما أو أي عبا فاالختال إن

فالقابلية للمالحظة تتحدد من طريق ، نتجاهتبعا لظروف ا أو فيزيائي أو فيزيولوجي يسيكولوجختالف ا و أي تأويل أ عن طريق أي مظهر من مظاهر املعىن ليسو ، مالحظتهتم يالرباغماتية للموقف الذي ية ـالبن

)2(. حلد من حدود املالحظة

إليها بوصفها عبارة مالحظة حينما ميكن النظر "أنا أشعر اآلن بأمل يف أصبع السبابة:"مثلإن عبارة ارةـفإنين إما سأقبل أو سأرفض هذه العب أنه عندما أكون يف هذه احلالة مبعىن، هناك حالة فيزيائيةتكون احلالة ىال علو ، اجلملة نفسها ىعلال ، احلالة السببية اليت تثريها ىعبارة املالحظة يتوقف عل فـقبول

تفاعله معو ن طريق رد الفعل السببيب للمالحظفاملالحظة ميكن حتديدها ع، يل كمالحظ الداخلية .بيئتهو من التفاعل الفيزيقي بني املالحظةة يلهي عم "فريابند"عند أي أن املالحظة ، بيئته الفيزيائية

و دور اخلربة اإلنسانية يف االختيار بني النظريات املتنافسة أدور املالحظة ىعل "فريابند"ذا يؤكد و وجود مثل هذا ألن ، احلكم عليهاو أي أساس نظري زائد ميكن من خالله مقارنة النظريات رفضيو

كما يرفض أيضا ، للعلم يالتوظيف اإليديولوجو االستبدادياخلارجي فيه نوع من التنظري األساس النظري . ذلك االجتاه الوضعي ة كما يذهب إىلللمالحظ وجود لغة حمايدة

فال جمال للحديث، بديلة حظر وجود نظريات متعارضة ىاللغة احملايدة للمالحظات تعمل عل إن حىت بالنسبة لتلك اللغات االصطناعية ، أو تارخيية ةل من كل خلفية إيديولوجياإطار لغوي حمايد خعن قد ترتبط بطائفة من املتأملني و ، فقد تكون لغات املالحظة سجينة تصورات قدمية جدا" صورانية األكثر )3( ". أكثر املناهج تقدما حنو مباشر حىت على ىمما يؤثر عل مىالقدا

1- Feyerabend : contre la méthode Op cit. p 75.

.24 ص، م س ، زاإلبيستمولوجيا بين نسبية فيرابند وموضوعية شالمر :عادل عوض 2-3- Ibid. p 68.

Page 129: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 122 -

تكريس بعض االعتقادات دون ىيعمل عل يطابع نظري إيديولوجيإن اللغة حتمل مفاهيم مسترتة ذات

بعمل احمللل ، مفردات اللغةو إليديولوجياميكن متثيل العالقة بني هذا اإلطار النظري و ، فحص أو اختبار هذه يعين ال املريضعلما أن ، تة وراء الرموز اللغويةاول كشف الدالالت احلقيقية املكبو النفسي الذي حي

ا مكبوتة .الدالالت احلقيقية لكو ديولوجي إليااإلطار النظري و املفاهيمو كشف األفكار ىيعمل عل الذيذلك حال اإلبيستمولوجي كف

ت اليت تستخدمها لتفسري رياة حمدد بالنظفتأويل لغة املالحض تاريخ العلم يقابل الالشعور هناو ، للمالحظة . غري نظرياتنا تب هذه التأويالت تتغريو ، هما تالحظ

ات اليت مهدت الطريق مليالد أن املناقش ليبني، تاريخ العلم إىليف حتليالته االبيستمولوجية "فريابند"ند تيسو بل حاولت أن تكشف ، تتقيد مبالمح أو خصائص الرؤية النظرية السائدة مل، جديد يف الفيزياء أو علم الفلك عصر

)1( .استبداهلا بأفكار من نوع أخرو ، النقاب عن األفكار املسترتة

عليهو ، النظري الذي نشأت فيهو يمياملفاهارها إطفلكل لغة ، وجود لغة حمايدة "فريابند" يرفضوهكذا ، ذلك بإتباع طريقه استقرائية مضادةو ، حتقيق أي تقدم يف العلم إال باخلروج عن اللغة اىل سبيل فال

.اللغة السائدة أو جتاوز أي خرق مسألة هي قاعدة جتريبيةعلى باالستنادنظرية قبول أو رفض نأ، القول ميكن أن نصل إىل سبق علىبناء و

حمملة مبعان لغة هي، كما أن اللغة سواء كانت لغة طبيعية أو لغة علمية، سياقية أوبراغماتية . جتاربناو اتنايف مالحظتؤثر دالالت و تقييم االجتاه الوضعي و نقد إىل )غماتية للمالحظةاملتعلقة بقوله بالنظرية الربا( هذه "فريابند" وجهة نظر دفو

دف،معيارا ثابتا لتقييم النظرية املالحظةاخلربة أو يعدالذي حتقيق هذه النظرة من زاوية أخرى إىل كما : فرضني أساسني مها

مما أي حرية تغري حدود املالحظة ،ةة بقبول أي حتديد جلوهر املالحظمن أمناط الدغماتية املرتبط رتحر ـــــ ال .قل املعرفة العلميةوجود أي مجل دغماتية راسخة داخل حب ال يسمح

ـــــ سيتبني لنا كما ةـالنظري ةالتعدديو ل للبدائل النظريةاهذا ما يفتح او ، )2(القابلة للمالحظة و بني املعىنفصل الــ .العلميةملفهوم النظرية ذالك من خالل حتليلنا

1- Feyerabend : contre la méthode Op cit.. p 337.

.23 ص، م س، زبين نسبية فيرابند وموضوعية شالمر اإلبيستمولوجيا :عادل عوض 2

Page 130: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 123 -

: فيرابند بول مفهوم النظرية العلمية عند

اإلبيستمولوجية تعن خمتلف التصورات اليت عرفتها االجتاها "فريابند"ر النظرية العلمية عند خيتلف تصو ــــ االجتاهات قد فشلتفمعظم هذه ،املعاصرةو الكالسيكية ــ ــ ــــ حسب فيريابند رية العلمية يف معاجلة النظ ـــ

اإلجابة على من خالل للنظرية العلمية "فيريابند"يتلخص مضمون تصور و ، خل العلماعما حيدث دالتعبري و : التساؤالت التالية

اخلربة احلسية ؟و ما طبيعة العالقة بني النظرية

بني النظريات املتنافسة ؟ املفاضلةو أساسها االختيار ايري اليت ميكن علىما هي املع

اهل هناك عالقة اتساق بني النظريات أم ؟ ئغري قابلة للقياس املتكاف أ

هل هناك معايري عقالنية ثابتة وكلية تعتمد كأساس لقبول النظريات العلمية. يات العلمية ليست سوىأن النظر « النظرة التحليلية النقدية للنظريات العلمية املختلفة تكشف لنا نأ "فريابند" يري

من مثة فهو يؤثر و ، توقعاتناو معتقداتنا ىين هذه النظريات يؤثر علتبو ،ملاالع طرق معينة يف النظر إىل )1(. " قعاللو تصوراتنا و خرباتنا على

مالحظ ة لكليذلك باختالق اخللفية املفاهيمو أخر امل من مالحظ إىلالع ة النظر إىلقختتلف طريو جتربته املاضية تتوقف على، ما رةظاهل ة عند مالحظتـهفما يالحظه أو يشعر به مالحظ ما من جتربة بصري

م ىالصور اليت ترتسم عل فما يراه املالحظون ال يتوقف على، رهاأفكو معتقداتهو بل حتدده أيضا ، البصرية فقط شبكا . احلالة العامة للمالحظو ، ةاملعرفو ةاخلرب ميتافيزيقية متعددةعناصر تدخل فيه وت، ملادد رؤيتنا للعافرتاض مسبق حيهي "فريابند" عندفالنظرية العلمية التقليدية اإلبيستمولوجية االجتاهاتبعض من مث فإن األساس الذي تستند إليه و ،*معتقدات سابقةو دينيةو . هربر ليس له ما ي أشباه العلمو ، علملالاو تمييز بني العلماليف رة املعاصو الوضعية اليت تربط النظرية و ات العقالنيةالتصور رض فيهعاي لميةللنظرية الع جديد تصورل "فريابند" هكذا يؤسسو

. املنطقية العلمية باخلربة احلسية وباملعايري والقواعد

1- « scientific theories are keys of looking at the world, and their adoption affects our general beliefs and expectations and thereby also our experiences and our conception of reality » Feyerabend : Explanation reduction and empiricism , op cit P 45.

. والفلسفة والفن املعتقداتو آلراءاملذاهب الدينية، او األفكار السياسيةو فهي تشمل عنده األساطري ، عام مبعىن" نظرية" يستخدم فريابند حد **

Page 131: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 124 -

: بدون خبرة حسية نظرية علمية

عالقة اخلربة بالنظرية العلمية من املوضوعات األساسية اليت شغلت فكر معظم فالسفة العلم مسألة عدت إمكانية اعتبار اخلربة احلسية مصدرا وحيدا لفهم نظرياتنا العلميةيف هذا املوضوع ب وترتبط إشكالية البحث

ضرورة الربط بني اخلربة يقوم على، لعشرينافلسفة العلم حىت الربع األخري من القرن يفاملفهوم السائد إن النظريات التجربة صعودا إىلو مل اخلربة احلسيةانطلق من عة اليت تاالستقرائيللنزعة النظرية سواء بالنسبةو

عامل اخلربة احلسية روض النظرية نزوال إىلالفو امل النظرياتمن عنطلق اليت ت االستنباطيةللنزعة بالنسبة أو األمر بالنزعة بنية النظرية العلمية سواء تعلقفاخلربة احلسية تدخل يف، اختبار النظرياترض ـالتجربة بغو

)1( .ةاالستنباطياالستقرائية أو النزعة إىل أدت ، خاصة يف الربع األخري من القرن العشرين، العلم سفةلالتطورات اليت حصلت يف ف إن

أمثال ذلك مع فالسفة العلم املعاصرين ىقد جتلو ، النظريةو لطبيعة هذه العالقة بني اخلربةتصورات ثورية بروز . (Feyerabend)فيرابندو (Hanson)هانسون، (Toulmin) تولمين، (Kuhn) نكو

تغريات النموذج أن ىالذي ير "نكو توماس"موقف ، ا يف الفصل الثالث من هذا البحثنلقد سبق أن عرفو هدون عامل أحباثهم اخلاصة بطريقة خمتلفة عن ذلك العامل الذين كانوا اجتعل العلماء يش" الرباديغم"القياسي أفكارنا و بل من خالل تصوراتنا، من خالل اخلربة احلسية وحدها ال، العامل ىفنحن نر )2(إليه من قبل ينتمون

. حددها النموذج القياسي السائد اليت

معينة سوف يشاهدون مناذجو أن العلماء الذين يقبلون أفكارا Stephen Toulmin "تولمين ستيفن" ىير و بل ، فحسبمعناها الوقائع اليت يشاهدها العلماء ىعل تضفي النماذج الو ألن هذه األفكار، ر خمتلفةواهظ

تصوراتنا من خالل العامل ىهذا األساس نر ىعلو ، جيب اختيارها اليت أي الوقائع، حتدد هلم أيضا الوقائع )3(. للعلم األساسية

أن النظريات العلمية ىير حيث Norwood Hanson (1967-1924) "هانسون"ذهب مثل هذا الرأي إىلو ـــاليت ي ا العلــ ــــأيت ــماء حتــ ـــالعلو ، دد لنا ما هو مشاهدــ ــ ـــ ــ ـــ ـــماء يف األحـ ــة يشـــختلفـــقاب الزمنية املـ ـــنفاهدون ـ يء أي ــــس الشـ

.26 ص ،1991، 1طبريوت ، -عمان، دار اجليل -، دار عمار بنية النظرية العلمية : مشهد سعدي العالف 1- .171 ص ،، م س بنية الثورات العلمية: توماس كون 2- .12 ص - 2ج، بريوت ، النشرو عةالطبلالعربية دار النهضة ، المشكالت المعرفيةـ فلسفة العلوم : ماهر عبد القادر 3-

Page 132: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 125 -

خربات ىة اإلدراك احلسي تعتمد علأن عملي مبعىن، ختتلف لكن رؤية العلماء، أن موضع املشاهدة واحد

.وتوقعاته معرفتهو الشخص املدرك األشياء كما لو كانت ةأي مشاهد، شكال اجلشتالطيةاألو الصور موضوع املشاهدة من خالل "هانسون" ويعاجل

. يلعب اإلدراك دورا أساسيا يف تأويل هذه املشاهدة حيث )1(، كذا أو كذا معيارا للنظرية العلمية و مل تعد حكما ثابتاو ، تعد صلب النظرية العلمية احلسية ملة رب تبني أن اخل راءاآلهذه إن "حسيةعلم بدون خبرة ": راسة له بعنوانيف د النظريةو يف تصوره للعالقة بني اخلرية احلسية" فريابند"هذا ما يذهب إليه و "Science without experience " ،ضرورة ربط النظريات العلمية ما يدعو إىل "فيريابند"حسب كليس هناف

ال هي متناقضة و ، فهذه الفكرة ليست مستحيلة، العلم بدون خرية حسية هو أمر ممكنف « باخلربة احلسية )2( »عي بدون عناصر حسيةيبل ينبغي أن نتخيل علم طب، إذ من املمكن

والعلم بدون خرية جتريبية، ار املعرفة العلميةليست مصدرا أساسيا الختب، "دفريابن" صوريف ت ة احلسيةرب فاخل لكن كيف ملثل هذا العلم أن ميارس ؟و ، حسية أمر ممكن عناصرو

تائج االختبارناستيعاب و ،اراالختب: اط هياملعرفة العلمية من ثالث نق إىل تدخل "دفريابن"حسب اخلرية احلسية إن )3( .فهم النظرياتو يف حني أن النتائج النهائية لالختبار تدرك بواسطة ،فروض مساعدة ىتشمل عل، االختبار عملية معقدة إن

ار تتم عن بكما أن استيعاب نتائج االخت ،ون ما يالحظهيد و األجهزة املالحظ البشري الذي ينظر إىلردة للنظرية أو ، احلواس يقطر عالقة ان هلو إذا مل تكأ، مل نربطها بالتجربة إنخريا ال ميكن أن نفهم املبادئ ا

. بالعامل اخلارجي

القيام بعملية االختبار، فمن املمكن أن قاإلطال ىأنه ليس من الضروري عل ىير "فريابند" غري أن تقييم النظرية املراد ىسبة اليت تعمل علااملعطيات املنو ده باألدواتمنو ز الكمبيوترالنظرية يف جها ندخل

ا يعرف العامل إذا كانت النظرية و ، فيكون بإمكان الكمبيوتر أمدادنا بإجابات بسيطة بنعم أو ال اختبارها )4(. خربة حسية مناسبة اىل دون اللجوءو ، االختبار دون اللجوء إىل مؤيدة أم ال

: .62 ص م س ، ، فلسفة العلوم ـ المشكالت المعرفية : ماهر عبد القادر 1-2- « Science without experience is a possibility that the idea is neither absurd nor self-contradictory. It must be possible :to imagine a natural science without sensory elements» Feyerabend : science without experience , in realism rationalism – vol. 1 P 132. 3- Ibid. p132. 4- Ibid. P 133.

Page 133: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 126 -

"فريابند" فهذا ما يرفضه، عرف كيف نربطها باخلربة احلسيةن ألننا ،أما بالنسبة للقول بأننا نفهم النظريات

. ليس قبلهاو ة احلسية تنشأ مع االفرتاضات النظريةذلك ألن اخلرب فالنظرية ، متاما مثل وجود نظريات بدون خربة حسية، األمور املعقولة فاخلربة احلسية بدون نظريات تعد من

.أو العكس العلمية ال توضع يف مقابل احلسية للنظريات معىن يستخدمه إلجيادمثاال بالطفل الصغري الذي ال ميلك عاملا إدراكيا ثابتا "فريابند"يضرب و

حنو ىجة تفاعل الطفل عليكل مرحلة هي نتو ،ة متعاقبةإال أنه مير مبراحل إدراكية خمتلف، املوجودة أمامه من هنا لنا أن نتصور أن اجلهاز و ، األول إحساسهذلك ألنه ميلك وسائل التأويل حىت قبل أنه خيرب ، صحيح

.خربة حسيةالتغيري دون أن يكون لديه فللطفل قدرة على )1( إحساساتالتأويلي عند الطفل يعمل دون مصاحبة أي هذا التصور قد بل إن، العلم الطبيعي بدون خرية حسية قابل للتصور إن« :القول إىل "فريابند"ذا ينتهي و

املناهج اليت تربط العلم باخلرية و مقارنة بتلك الرؤى ،ال أكثر فاعلية لفهم حقيقة العلمبسو جيعلنا جند طرقا )2( . » املخططةاملالحظة و ذلك ، ة احلسية إجراء غري سليمرب النظريات من خالل اخل ىتاريخ العلم ليبني أن احلكم عل إىل "فريابند"يستند و

. من مث سيعوق تقدم العلمو ، ألن هذا اإلجراء سيحرمنا من نظريات جديدة

لذ فإن ، يلمية مغلفة بغالف إيديولوجيألن النظريات الع الوقائع،و ذلك ألنه ال يوجد توافق بني النظرية العلمية األخذ إىل فريابند ذا يدعوو ، ال خيرج من دائرة العلم بل هو من صميمه، اقرتاح أفكار معارضة للوقائع

.أو كثرة البدائل النظرية الوفرةمببدأ " "(The principle of proliferation) النظرية البدائل وتعدد وفرةالمبدأ "

ـــ ال يعد أن كثرة النظريات ــ ـــــ حسب فيريابند املناسب لفهم بل هو املبدأ ، معريف جنضن مرحلة عدم تعبريا عـ لكن فقد يظهر التعارض عن طريق الشواهد، ماذلك ألنه ال توجد نظرية متثل كل الوقائع بشكل ت ،ميسرة العلم

بل أن العقل حينما ينغمس يف ، ناقض عن طريق الشواهد إال بظهور نظريات جديدةهناك حاالت ال يظهر فيها الت .)3(حا و حىت أكثر جوانب ضعفها وضيالحظ تأمل نظرية واحدة فقط ال

1- Feyerabend : science without experience, op cit . p 133. -2 Ibid. P 135 3- Feyerabend : Realism, rationalism and scientific method, op cit p106.

Page 134: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 127 -

بأي قيد أو شرط التقيدمتعارضة دون فروض و أو نظريات، إجياد بدائل نظرية إىل "فريابند" هلذا يدعوو

إن كانت وجهات املقبولةو إجياد النظريات املتعارضة مع وجهات النظر املقبولة حىتو خلقجيب « : يقول حيث )1( ». القبول العامو حتظي بالتأييد الكامل

حيد من قدرة العلم ، االنتظامو قيف حني أن االتسا، للعلم ماامتيف النظريات هو املبدأ األجدر فمبدأ الوفرة فكل لزيادة املستمرة يف حميط البدائل بل هي ا، فريابند ليست سعيا حنو رؤية مثالية تصور فاملعرفة العلمية حسب، لنقديةا

ا عنصرا خياليا قد يساهم يف تطور املعرفة . النظريات حىت تلك اليت تبدو سخيفة قد يكون عن عقالنية متفتحة و ، ظر جديدة يف فلسفة العلم يعرب عن وجهة ن "فريابند"هذا املوقف الذي يدعو إليه إن تافها رأيا أو ،أن كانت فكرة غري معقولةو حىت علمالشأنه أن يسهم يف تقدم ما من كل ىعلو ،كل البدائل ىعل

فكرة أو هذا الرأي يف تقدم العلمفقد يأيت يوم تسهم فيه هذه ال ،أو ضعيفارد تعارض اف، (Popper) "بوبركارل "ن موقف ع "ابندفري "ذا خيتلف موقف و م لعلماء ال يتخلون عن نظريا

. "بوبر" كما يزعم الوقائع معها بعض النظريات ىاإلبقاء عل ىعل حيثو ، إجياد نظريات متعارضة مع وجهات النظر املقبولة يدعو إىل "فريابند" إذا كانو

.املفاضلة بينهاو أساسه يتم االختيار بني النظريات املتنافسة لذي علىما هو املعيار اف املفندة للحديث من مث فال معىنو ، ىأخر بن تكون مفيدة بصورة أو أتتضمن أن كل النظريات من املمكن "فريابند" إن إجابة

. "الالمقايسة"طبقا ملبدأ ، النظريات عن معيار للمفاضلة بني " ommensurabilitéL’Inc" مفهوم الالمقايسة

لذي يتضمن أن أي بعدين أو سطحني أو حجمني امن املفهوم الرياضي "مقايسةالال"قتبس مفهوما تبني اختالف مدلوالت بعد أن ، خر يف تاريخ العلمآليتخذ هذا التصور بعدا ، ال ميكن قياسهما بنفس الوحدات

. نظريات العلمية املتعاقبة يف تاريخ العلمال تخدمهاتساملصطلحات اليت و احلدودفلسفة العلم املعاصرة خاصة عند يف النسباويةقد أصبح هذا املفهوم حيتل مكانة مركزية يف التصورات و ." فيرابند" و " هانسون"و ،" نتوماس كو "

1- Feyerabend : Realism, rationalism and scientific method, op cit. p 105.

Page 135: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 128 -

اليت سادت هذا رجانبا كبريا من األفكا حيث أن، الفضل الكبري يف التأسيس هلذا املفهوم "لفريابند"وقد كان

)1( .املبكرة يف هذا املوضوع "فريابند"معاجلات يرجع الفضل فيها إىل، (Kuhn)كون املفهوم يف فلسفة العلم عند فإن يف الكثري من اجلوانب" ةمقايسالال"مفهوم حول "فيرابند"و "نكو "بني وجهيت نظر رباكان هناك تقوإذا

." نكو " أنه استخدم هذا املصطلح أو املفهوم بشكل خمتلف عن يشري إىل فييرابند

تصوره لطبيعة العلم و ، التربير الفلسفي للثورات العلمية بدافعقد استعمل هذا املفهوم "نكو "فإذا كان العلم كما مر حتوالت يف النظر إىلو ، تويات التجربة اإلدراكيةما ينتج عنه من حتوالت يف مسو ثوريلا

" الال مقايسة"يصرح أن الدافع الذي يقف وراء تبنيه ملفهوم "فريابند"فإن، يف الفصول السابقةمعنا ليس من أجل و ، للنزعة البوبريةكذا نقده و ، يةالوضعية المنطقاليت تبنتها "الردو التفسير"لنظرية ههو نقد

:"فريابند" يقول السياقيف هذا و ، حتديد خاصية أو ملمح خاص للعالقة بني النظريات العلمية مل أكن أقصد متاما أن يكون هذا األمر و ، الال قابلية للقياسلقد قدمت تصورا فلسفيا جديدا هو مفهوم «

)2( . » ..الردو لكن أردت من هذا التصور نقد وجهة نظر مظللة يف التفسريو ، إجيابيا إسهاما

بإمكاننا أن «:عدم وجود مقياس مشرتك بني أية نظريتني خمتلفتني حيث يقول "فريابند" تعين الال مقايسة عندو ما نطلق على مبادئ ال تتفق إىل تستند كانت معاين حدودمها الوضعية األساسية اإذ، قياسيتانال نظريتني أ

)3( » كل منهما مع األخرى

اجلانب و ، اجلانب اللغويو ، اجلانب النظري: مقايسة من ثالثة جوانب أساسية هيالال فريابند موضوع يتناولو .االنطولوجي

تغري معىن ي يؤدي إىل، فالتغري يف السياق النظر "نظرية املعىن" ىعلز اجلانب النظري للقابلية للقياس يرتكو السياق النظري الذي يأيت فيه ىأي حد نستخدمه يعتمد عل ألن معىن ذلك ،احلدود املوجودة يف هذا السياق

)4( .الكلمات أو األلفاظ ال تعين أي شيء إذا كانت مبعزل عن السياقو هو نقده لتصورات التجريبية املعاصرة مقايسةالالملفهوم "فريابند" دافع تبينوقد سبقت اإلشارة إىل أن

ال اإلبيستمولوجي ملدة طويلة ىاليت سيطرت عل ىنظرية المعنل مسلمة ىيقوم التصور التجرييب املعاصر علو ، ا

.9 ص، م س ، ثالث محاورات في المعرفة: بول فريابند 1- .229 صاملصدر نفسه، 2-

3- Feyerabend : Problem of empiricism OP cit. p 277. .54 ص ،، م س بين نسبية فيرابند وموضوعية شالمرز اإلبيستمولوجيا : عادل عوض 4-

Page 136: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 129 -

فالبد النظرية احلدود ىنأما مع، مستقل عن النظريات العلمية املختلقةو حدود املالحظة ثابت أن معىن : مفادها

)1( .حدود املالحظة أساس معىن ىمن تعريفه أو تأويله عل هذا ما يرفضهو ، ثابت يكون للحدود معىن بالتايلو ، حدود املالحظة احلدود النظرية حمكومة مبعىن فمعىن ".Radical meaning variance theoryجذريا يرغالمت ىنظرية المعنب"القول يدعو إىلو "فريابند"

العلماء بعد الثورات العلمية يستخدمون احلدود و ، أخرى فاحلدود العلمية تتغري تغريا جذريا من نظرية إىل احلدود املستخدمة فمعىن، فليست هناك لغة علمية واحدة تتفق عليها النظريات املختلفة، جديدة ةلعلمية بطريقا

"أينشتاين"الذي استخدمه س املعىنفال يعين ن، (Newton) "نيوتن"الذي استخدمه " كتلة"د فاحل، فعلياغري متكافئ (Einstein) اجلاذبية"، "القوة"، "املادة "،"املكان "،"الزمان ": وكذا األمر بالنسبة حلدود" ..

سياقه الفكريو جعيتهلكل حد من حدود النظرية مر ف، النظريات املتعاقبةيف نفس املعىن ليست هذه احلدودإن يونطقبه الوضعيون املن قال الذي ىثبات المعنمن مثة فال سبيل للحديث عن مبدأ و ، الذي نشأ فيه

. التطورات العلمية احلاصلة باستيعارض غل "فريابند"هذا املبدأ ضروري حسب رقبل أن خ نعال ايذكر مثو المتغير جذريا ىنظرية المعند موقفه خبصوص تاريخ العلم لتأكي إىل"فريابند"يستندو

" املكانو "،"الطاقة" يف ىتر "تننيو "فميكانيكا ،"نظرية النسبية العامة"و ،"نيوتن"ميكانيكا"بني مقايسةالالا تنظر إىل مل الفيزيائي، أما النظرية النسبية ا، خصائص للع"الزمان"و )2( عالقات فقط ه املعطيات بوصفها هذ فإ

. حدودها الختالف معىن، ال ميكن تفنيد أو مقارنة هذه النظريات الواحدة باألخرىمثة منو فليست هناك لغة موحدة جلميع النظريات ، حبدود لغوية "فريابند"عند"مقايسةالال"كما يرتبط مفهوم

أخرى فإن فشل الرتمجة من لغة إىل ولذا، دة توصف بواسطة من اجلمل أو األلفاظال وجود للغة حمايو ا احلدود مع بعضها البعض يعود إىل لكل لفظ و ، كما أن لكل حد، مع الطبيعةو تغري الطريقة اليت ترتبط

. التارخيية اليت نشأ فيهاو الثقافيةو مرجعيته الفكرية

.270 ص ،م س، األسس الفلسفية للفيزياء : بارناك فرودول 1- 58، ص ، م سنظريات العلم: املرزاالن ش 2-

Page 137: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 130 -

أيضا لكن لغة احلياة اليومية قد تكونو ، غات اخلاصة بالنظرياتلبال "فريابند"األمر حسب يتعلق الو

ةاإلجنليزيمادة دراستهم بافرتاضهم أن لغتهم كانوا يقبلون على، فاألنثروبولوجيون القدامى، ال قياسيةا و لكن القواميس ، رح األفكار األجنبية غري الغربيةة مبا يكفي لطثري ةأو الالتيني،أو األملانية الرتمجات اليت قدموها تبني أ

فمثل هذه ، ال تتوافق مع النمط الغريب للتفكري أو أفكارا ، هيم لغة ال ترتبط باللغة الغربيةطرائق تنقصها الدقة لعرض مفا )1( .املفاهيمو الكلمات ل اللغات جيب تعلمها من نقطة البداية كما يتعلم الطف

بطريقة العامل ، النظريات العلميةو عرفة العلميةالطريقة املستخدمة لبناء خصائص امل "فريابند"ثلاميو موعة من القبائل اول اكتشاف، فالعامل األنتثروبولوجي الذي حياألنتثروبولوجي الذي يريد أن خيترب الرؤية العاملية

العادات و ،عليه أن يتعلم يف البداية اللغةاملراد دراستها القبيلةاللغة يف و ، الفنونو ، التصورات العلمية )دراسةأو ( مبا يف ذلك األنشطة ، ة أو كيفية ارتباطها باألنشطة األخرىقيتساءل عن طريو ، لتلك القبيلة االجتماعية األساسية

ى ة تفكري أخر يققد يلعب دورا شديد األمهية يف طر ، ة تفكري معينةقلطري ألن ما قد يبدو غري هام، غري اهلامة سوف و ، أو ما تفضله جمموعة معينة هفهذا اإلجراء سوف يربطه مبا يعرف، إعادة البناء المنطقي وجيب أال حياول

هولة اليت خيتربها ةمينعه من إدراك اإليديولوجي )2( .ا

خاصة دراسته (J. Piaget) "جون بياجي"ابستمولوجية ب "الالمقايسة"فكرة ىعل "فريابند" لدخر يستآجمال يفو مير مبراحل تكوينية خمتلفة قبل أن يستقر يف مرحلة ، أن إدراك الطفل اليت تشري إىل" الطفل ىبناء الواقع لد"

.معينة من العمر ر مراحل اإلدراك عند إذا كان تطو « :التساؤل التايل إىل" بندفريا"ل هذه يص" جون بياجي"على فكرة وبناء

قول االعتقاد أن هذا النوع من التغريات عفهل من امل، حدة مع األخرىاالطفل مير مبراحل ال تقبل القياس الو ة ـأن تغريات أساسي ؟ أليس من األكثر واقعية افرتاض واإلدراكية حيصل يف مرحلة الطفولة فقط املفاهيمية

مادوما بعيدين عن ىجل أال نبقأا يتوجب أن تشجع من أو ، تكون ممكنة" الالمقايسة " منطقيا تفرض )3( »؟ الوعيو من املعرفة أمسىميكن أن يكون مرحلة

.60 ص، س م، اإلبيستمولوجيا بين نسبة فيرابند وموضوعية شالمرز :عادل عوض 1-

2- Feyerabend : Contre la méthode , OP cit. p 279-280. 3- Ibid, p 253-254.

Page 138: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 131 -

فكيف يتم ، تغريا جذرياها متغرية ومعاين حدود، غري قابلة للقياس املتكافئ كانت النظريات العلمية إذاو

"أساسه هذا االختيار ؟ ىيتم عل الذي عيارامل ما هو و ؟ االختيار بني النظريات العلميةو احلكم ىيف حتديد املعايري اليت ميكن عل "فيريابند"حسب قد فشلت، كل امليتودولوجيات اليت عرفتها فلسفة العلم

تطابق النظرية أو " اعتبار فقد ذهب االجتاه التجرييب املعاصر إىل، بني النظريات العلميةا املفاضلة ضوئه املعيار األساسي لصدق النظرية هو " االفرتاضات األساسية مع التجربة

ا م اختيارها هي اليت تكون نسبة احتماليتهتأن النظريات املقبولة اليت ي (Reichenbach)"ريشنباخ " يرىو كن من نتائجها املشتقة كرب عدد ممأأي تلك اليت يتم التثبت من ، أكرب من النظريات األخرى من الصدق

)1(.التجربةبواسطة بالبساطة نعينو ، هو املعيار الرئيسي يف تفضيل النظرية العلمية" البساطة"اعتبار عنصر يذهب البعض إىلو

أي أن النظرية اليت كانت موضع تفضيل، "بديناميكية النظرية"هو ما يعرف و ، بساطة الصياغة الرياضية للنظريةا جتعل العلم أكثر ديناميكية )2(. غري معروفةأخرى جماالت أي أقدر على التوسع إىل، هي النظرية اليت أثبتت أ

إضفاء إىل تسعىو ، قواعد حمددةو معايري تستند إىل، هااختالف صور وعلى تهذه امليتودولوجياإن قواعد منهجية و ملعايري عقالنية وجود فال، "فيريابند" يرفضهما هذاو ، لميةالتحوالت الع ىطابع عقالين عل

املسبقة ةألحكام امليتافيزيقياو الذوقيةو لألحكام اجلمالية بل يضل األمر متاحا، اد عليهاميكن االعتم ثابتة الوقائع سوف تعتمد ليس فقط على، مل ماالنظرية اليت يقرتحها عا: « : يقول فريابند، الرغبات الذاتيةو

اجتاهاته اجلمالية و ، األدوات الرياضية اليت يعرفهاو ، ى التقليد العلمي الذي يشارك فيهإمنا علو ، املتاحة له )3( » .ليس يف الواقعو ،تضرب جبذورها يف عقل املنظر عوامل أخرى ىعلو ، اقرتاحات أصدقائهو

للتصورات يف نقده و ، يف ختليله للعلم يستند إليهذي األساس ال "الالمقايسة" من فكرة "فريابند"جعل هكذا و ومراعاة قواعد املنطق والوحدة النظام قائما على االتساق و ، النياعقتفسري مسرية العلم تفسريا إىل تسعى اليت العقالنية

.

.225 ص ، م س، الفلسفة العلمية أةنش :ريشنباخ 1- .423 ص م س، فلسفة العلم: فيليب فرانك 2-

3- Feyerabend : Explanation, reduction and empiricism, Op cit. P 60.

Page 139: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 132 -

بالنسبة للفالسفة ثل مشكلةفهي مت « مع املمارسة الفعلية للعلم "فيريابند"حسب إجراء ال يتعارض " الالمقايسة"و تكلم لغة عون بأنوا فهم بينما العلماء ،من خالل تفكري استداليل فالفالسفة يصرون على ثبات املعىن، ليس للعلماءو

)1( » . رهاـيــتغيو جمموعة قواعد إتباعيعين يف الوقت نفسه ، أو تفسري حالة ما

الالمقايسة إىل كان اهلدف دعوة فيريابند لقد،سياسية، إنسانيةو ثقافيةو معرفية افكرة الالمقايسة أبعادول املفاضلة من مثو ، و املقايسةأ املقارنة جعلو ، النمذجة و التنميط ىالعقالنية اليت تقوم عل التصورات مناهضةهو

ط معينة من امنمن خالهلا التكريس أليتم ، بيةاملذهاملواقف و بني النظريات منفذا لتمرير الكثري من املشاريع .الرؤى و التقاليدو األحكامو النظريات

ال تعد أكثر أمهية من النظريات الفلسفية أو املعارف العامة ، فكرة الالمقايسة ىعل بناءات العلمية النظريأن اكم ....تتداخل فيها عناصر وعوامل متعددةما جيعل من العلم نشاطا وفاعلية إنسانية هذاو ، املعتقدات الدينيةو : سياق التبرير و سياق الكشف

فاصال بني سياق الكشف حدابيستمولوجية اليت عرفتها فلسفة العلم اإلملقاربات تلف القد وضعت خم وسياق التربير ، حدسهو خيالهو إهلامهو ، من إبداع املكتشف، تتداخل فيه العوامل الذاتيةالعلمي الذي

التفنيديون يرون أن نظرية املعرفة و ضعيونإذا كان الو ف، القواعد املنطقية الصارمةو املوضوعية القائم على ينبغي و ،اعتبار أن سياق الكشف يفلت من التحليل املنطقي تم بسياق التربير على، فلسفة العلم بالتحديدو

أن املمارسة الفعلية للعلم تقتضي رفض التمييز يرى" فريابند" فإن، علم االجتماعو تركه لعلم النفس . الفاصل بني السياقني

إمنا يدخل فيه و ، ط عشواء أو حلم أو ختمنيخبكن أن يكون جمرد إن الكشف العلمي ال مي «: فيريابند ليقو العديد من ىفهو حيتوي عل، متاما" موضوعيا"كما أن التربير ال يكون أبدا ، الكثري من عناصر االستدالل

)2( » .العناصر الذاتية

1-"l’Incommensurabilité fait problème pour les philosophes, pas pour les scientifiques. Les philosophes insistent sur la permanence de la signification à travers tout un raisonnement, tandis que les scientifiques conscients que du fait que : « parler une langue ou expliquer une situation veut dire à la fois suivre des règles et les changer » Feyerabend : Adieu la raison Op cit. P 310

. 217-216 ص، م س ، ثالث محاورات في المعرفة : بول فريابند 2-

Page 140: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 133 -

(Galilée) "بغاليلي"اده هالدور احملوري لسياق الكشف يف اإلجنازات العلمية من خالل استش "ندفرياب" يبنيو

أفقد جل، املنهجية املعروفةوالقواعد بتطبيق املعايري لو أنه اكتفى، ما كان له أن حيقق مشروعه جناحا الذي قواعده املنطقية و شروطهو ، بسياق التربيرفااللتزام الصارم ، احليل إلقناع خصومهو يةاالدع إىل "اليليغ"

ن ليوجد العلم وفق الصورة اليت نعرفها اليوم مل يك بل إن، لن يسمح له بالظهورو إلغاء العلم يؤدي إىل )1(. اليت يفرضها سياق التربيرللقواعد دون انتهاك العلماء

عوامل اليت تعدو لف سياق الكشفالثقافية اليت تؤ و السياسيةو االجتماعيةو السيكولوجية فالعوامل قواعد أمام التمسك بالنظريات اجلديدة إىلالكثري من احلاالت يفي نفسها العوامل اليت تدفعنا ه ،ال عقالنية

)2(.قوالب العقل اجلامدةو طق الصارمةاملناإلبيستمولوجية بعض التوجهاتالذي سلمت به ، يرسياق الترب و التمييز اخلاطئ بني سياق الكشف "فريابند" يرجعو

ــالبوبري"و " الوضعية املنطقية"خصوصا و الرائجة املعيار الفاصل بني من املنطق ذلك االعتقاد الراسخ الذي جيعل إىل ،"ةــذالك ، هو اعتقاد زائفو ، بني األفكار واملعارف غري العلميةو ، االتساقو الدقةو املوضوعية ىالعلم املتماسك القائم عل

ــ اال ميكن أن تكون معيار للغة املنطقية او لتجربةألن ا ــ ال علمية / علمية إىلتصنيفها و ــةة تاملتشريح املفاهيم بدق ....دينية ، ةيميتافيزيق

ال وجود إلجراءات أو قواعد و ، ة واضحةمعرفة مداها بدقتعرف حتوالت داللية يصعب قد املفاهيم فكل من التعرف إن كانت فكرة ما من قبيل العلم نامتكن، حمددة سابقة عن املمارسة العلمية و أو معايري مضبوطة

.علم لالأو من قبيل ا ال يوجد مفهوم و ، د تارخييةايف نسيج ثقايف له أبع ربل تتبلو ، فراغ ية ال تنشأ مناملفاهيم العلم نكما أ

مفاهيم ، "الكتلة"و "يةالسبب"و "القوة"و "الذرة"فمفاهيم ، يقال عنه أنه علمي خالص أن ميكن واحدـــمشح ـــفلسفو ةــعقائدي ضامنيمبونة ـ ـــميتافيزيقو يةـ ا عندما دخلت يف بناءـــية تغيــ لذا فمن و ، علمي ـرت دالال

للحديث عن القطيعة جمالال ف من مثو ،يتني مستقلتنيكماهعلم الالو مـعلالبني واضحو فاصل حد وضعالصعب )3(االبيستمولوجية بني املعارف العلمية واملعارف العامية أو القبل علمية

1-P- Feyerabend : Contre la méthode OP cit. p 181.

.94 ص ،م س، زبين نسبية فيرابند وموضوعية شالمر اإلبيستمولوجيا : عادل عوض - 2 .112 ص م س،، االستدالل والبناء: البعزايت بناصر 3-

Page 141: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 134 -

مبثل تبخر العلم نفسه تتبخر و فلسفتهو القطيعة بني تاريخ العلم إن « :" فريابند" يقولويف هذا السياق

ضمن مسرية اإلنسانية ارفاملع تشكلت كغريها من ةــمعرفهي املعرفة العلميةإن ، )1(»" الال علمو بني العلم القطيعة من صميم هي ـيتال الال عقالنية ةيديولوجياملالمح اإلو تضمنت الكثري من الفروض امليتافيزيقيةو ، حضاريةو تارخيية

ائية تثبت أفضلية يهذا األساس ليست هناك حجة قطع ىعلو ، الفكر اإلنساين اامتيازهو العلمية املعرفةة .اإلنسانية األشكال األخرى للمعرفة ىعل

لعلم معرفة طبيعة ا عن غىنه ال فإن، إذا كان ميكن للعلم أن يقارن مع األشكال األخرى للمعرفةو فلكي نفهم الفيزياء أو أي شكل، مناهجهاو أهدافها طبيعة األشكال األخرى للمعرفةو ، مناهجهو أهدافه يست هناك فل، مناهجهاو طبيعتهاو نبني أهدافهاو علينا أن ندرسها، اإلنسانية األخرىأشكال املعرفة من . بل كل شيء خيضع للممارسة، احمددة سلفو قواعد منطقية مضبوطةو معايري

(Popper)"بوبر"أساس عدم مطابقتها للمنهج العلمي كما يفعل ىعل " لماركسيةا" مثال نبذ املشروعفليس من احبجة ) 1990-1918( "ألتوسير "هج العلمي كما فعلأو الدفاع عنها إلثبات مطابقتها للمن، "غري قابلة للتكذيب"أ

Althusser)2(

يزه عن يمتو معيارا لتفضيل العلم "فيريابند"عند ال تعد،اليومالنتائج الباهرة اليت حققها العلم كما أن " كوبرنيك" أن أمثلة « : فريابند يقول والطب التقليدي، التنجيمو ، املعرفية األخرى كاألسطورة األشكال باقي

عن التحول أو لنظرية األكثر تقدما ليست قي منأىالطب الصيين تبني أن او *الفودوو ، النظرية الذريةو الضحك و ارة للسخريةقد تتحول أكثر األساطري إثو ، اليوم ميكن أن يصيح أسطورة الغد فعلم، الرفض الكلي

» )3(. للعلم جد مهم عنصر إىل

1- « La coupure entre l’histoire de la science, sa philosophie et la science elle-même s’évapore de même que la coupure entre le scientifique et le non-scientifique » . P- Feyerabend : contre la méthode, op cit p 49.

.142-141ص ، م س، نظريات العلم : أالن شاملرز 2-أن تصيبهم دائهم علي أمل يقوم أتباع هذا املذهب بغرس دبابيس يف دمي متثل أع، و أنتشر بفصل جتارة الرقيقو مذهب دينيي نشأ يف غرب إفريقيا،: الفودو*

.طريقة حياة أيضاو منطهو ب بل سدينيي فح اعتقاد " الفودو" د ـوال يع، اللعنة3- P. Feyerabend: Contre la méthode OP cit p 49.

Page 142: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 135 -

راسة وحتليل بنية املعرفة فهي متثل عنصرا أساسيا يف د، "ابندفري "أن لألسطورة أمهية خاصة عند هنا اإلشارةدر جتو او جنهل حمتواها "فيريابند"حسب ننا فذالك أل، تبدو غريبة ألساطريا وإذا كانت بعض، العلمية وتطورها مضمو

غري املعتادين فقهاء اللغةو النثروبولوجنياأو تعرض للتشويه من قبل ، هذا احملتوي إما غري معروف أو ألنالعلمي )1(. املعارف الفيزيائية أو الطبية أو الفلكية ىعل ة تقوم معارف زائف وصفهاباملعارف األخرى و العلموبني ، سياق الكشف وسياق التربيرحماولة التمييز بني إن

القوانني اليت ميكن التحقق و على مسلمة خاطئة مفادها أن العلم هو جمموعة من النظريات "فيريابند"من وجهة نظر وفق قواعدو ، أيضا بشكل قاطع على أساس املعطيات التجريبية أو دحضهاميكن تكذبيها و ، منها بشكل قاطع

خلفية إيديولوجية على هذه الفكرة تنطويكم ، رية العلم التقدمية تباعها عائقا أمام مسميثل عدم ا، عقالنية معايريو . األخرىوالنشاطات اإلنسانية املعارف ىمغرضة جتعل من العلم حكما عل

العقالنية األخرى واملعارف ، حبجة أن العلم نشاط عقالينبني املعارف األخرى و الصلة بني العلمقطع حماولة إن غاية العلم ليس الوصول إىلف، املسرية احلقيقية للعلم إدراكواىل عدم ، واإلبداع اإلنساينيـة الفكر كبت حر إىلقد تؤدي

. العلمي الواقعو بل زيادة حميط البدائل من أجل إدراك حقيقة هذا الكون، احلقيقة أو االقرتاب منها : مفهوم الموضوعية عند بول فيرابند

ةوترتبط هذه اإلشكالي، ن أهم اإلشكاليات اليت طرحتها فلسفة العلوم منذ القدمم" املوضوعية"مفهوم يعد هل موضوع اإلدراك منفصل عن الذات املدركة؟ ، ع اإلدراكو موضو الذات املدركةبني عالقة بالبحث يف طبيعة ال

عطيات موضوعية مستقلةهل معطيات العلم م، ؟ حتديد موضوع اإلدراكو أم أن للذات املدركة دور يف صياغة .عن الذات اإلنسانية ؟

عقالنية العلمية يف تصورها للعلم لقد شكل مفهوم املوضوعية أحد أهم الدعائم األساسية اليت قامت عليها ال صف العلم بأنه و يو ، العقالنيةو حتقيق أكرب درجة من املوضوعية فكل تفكري علمي ينبغي أن يسعى إىل

النظرياتو الفروضأو رفض ، كلية ال تارخيية متكننا من قبولو معايري ثابتةو قواعدو ألنه يزودنا مبناهج موضوعي .اليت تشكل نظرتنا جتاه العامل

1- P. Feyerabend: Contre la méthode OP cit p 50.

Page 143: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 136 -

من هنا و ، نتائج املالحظةو بني الفروض القائمةالعالقات املنطقية ىفاملوضوعية يف العلم ال تستند إال عل باعتبار أن موضوعات املعرفة هلا ،مفهوم املوضوعية التقليدي بكل ما هو قابل للتحقيق يف العامل اخلارجي يرتبط

ا أن العقل اإلنساين يصل إىلو ، وجود مادي واقعي املدركة املستقلة من الذاتو ، إدراك احلقيقة الواقعية القائمة بذا قد ساد هذا و يغيب فيه كل حتيز إنساين، قوم برصد الوقائع الطبيعة رصدا حمايدااملالحظة ي/كأن عقل العامل و

.العقالنية النقديةو ، املعاصرة ةالتجريبيالتوجه خمتلف االجتاهات اإلبيستمولوجية خصوصا ذلك أن ، جند أن األمر خيتلف اختالفا جذريا يف تصوره ملفهوم املوضوعية "فريابند" موقف وبالرجوع إىل

خاصة إذا كنا نعين باملوضوعية ، خرافةو جيعل القول باملوضوعية وهم " تعلق املالحظة بالنظرية"و، "الال مقايسة" مقولة حتيز إنساين عن كل ا حياديا بعيدا ري تعب تعبري عن الواقع وصفهابلبوبرية او ، ما تقدمه التصورات التجريبية املعاصرة

اكه إال من خالل نسق نظري معني فالواقع ال ميكن إدر لواقع موضوعي، "فريابند" حسب فال وجود معتقداتنا على ثرؤ بين هذه النظريات يتو ،العامل طرق معينة يف النظر إىل ىالنظريات العلمية ليست سو و فاخلربة، الواقعو بني النظري لاصنففليس هناك ا، )1(" واقعلل تصوراتناو من مث فهو يؤثر علي خربتناو ، توقعاتناو

.لإلدراك لقاب غريو كالمها أجوفبدون خربة ،بدون نظرية كالنظرية ذلك ، ال ميكن أن تكون موضوعية بشكل تام، النتائج اليت تكشف عنها التجربة املخربية مثال حىتو

ذوقه أحيانا إىلو ، املالحظ/الثقافية للعاملو اخللفية الفكريةاىل تستند، تأويلهاو جألن عملية قراءة النتائ، النزعات الشخصية للجماعةو ، عملية قبول نتائج أي جتربة ختتلط بالعناصر الذاتية إن «: فريابنديقول ، حسه اجلمايلو )2( " .العديد من العناصر الذاتية لىفهو حيتوي ع، التربير ال يكون أبدا إجراءا موضوعياو

تتحقق حىت يف أكثر العلوم ارتباطا بالواقع التجرييب الذي يعتربه التجريبيون ملعيةمن مث فإن املوضو و املستوي األدىن فإن العالقة الشخصية بني علىتم إجراء التجارب يفعندما «معيارا ثابتا ألحكام موضوعية،

رب رب يعرف أدواته، أدواته تلعب دورا حيوياو ا ميكنه كتابة جزء من املعرفة الكامنة وراء التجارب و فا )3(" .ايغري أن كثريا منها يضل حدس

1- P- Feyerabend : Explanation, reduction and empiricism OP cit p 45.

.217 ص ،م س ، ثالث محاورات في المعرفة: بول فريابند 2- .212 صصدر نفسه امل 3-

Page 144: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 137 -

من خالهلا أاليت يقر و ، عقائدهو قناعاتهو فاحلدس التجرييب هو تعبري عن ذاتية العامل اليت تعرب عن أفكاره .عليه من املتعذر فصل ما هو ذايت عما هو موضوعيو ، جتاربه العلمية

ا ترتبط بأحكام القيمة، ادعاء باطلهي أن فكرة املوضوعية كما غ أحكام القيمة غالبا ما تصا و ، ذلك ألعلى الدائم اإلصرار إن« : )فريابنديقول ، ذاتية خلفيات تسعي لتحقيق أغراضو عايريملأو تبىن تبعا

االستخدام ىالدائم عل اإلصرارما مثلما يكون متا، جهالة كام القيمة سيكون أمرا منطويا علىأح موضوعية )1( »بعد اكتشاف الشكل الكروي لألرض) أسفل - ىأعل(املطلق لثنائية

اجلمود يف تقدمي شكل من األشكال املعارف أو و نوع من التعسف إىل "فريابند" هذا إشارة منيفو ا موضوعية أو التقاليد على األحكام اأو ، أ املمارسة و ترسيخها يف الفكر ىالعمل علو ، نه يتوجب األخذ

.هو أفضل املناهج، ا ماأن منهجو ، العلم أفضل من تقاليد أو أشكال معرفية اع بأناما كما يشمتذا املفهوم تعد ف ألجل إقصاء ة ـيـالعقالن عليها اليت تعتمد األساسية حد املرتكزات أ دفريابنيف نظر املوضوعية

ول أن نلزم اآلخرين أن يكونوا موضوعني دون بفمن غري املق، األفكار أو التصورات أو الثقافات غري الغربيةا موضوعية اجتاه يتجاهل األفكارفالقول ع ، تربير أساس املوضوعية نفسها ، الرغبات اإلنسانية و التوجهاتو ن فكرة أ

وقد استحدثت التصورات الصورية ، أعماهلماىل االدعاءات اليت ينسبها علماء هذه األيام ىاملوضوعية هي أحدو )2( .عالاملعلومات القائمة ف جسد لكن إلضفاء الشرعية علىو املعرفةاملوضوعية ليس فقط يف ابتكار

يستعملها املنتسبون لتقليد ما من أجل اليت مجلة من اإلسقاطات الذاتية ىليست سو إذن املوضوعيةف م هذا هو شأن العقالنيني الذين يتسرتون وراء أحكام ذاتية إلظهار فكرة و ، الدفاع عن قناعا

القول بأن الفكر يف )يري الذي تقدمه الفئة العقالنيةفسأعين الت(نظرية ال تتلخصو « :فريابنديقول ، املوضوعية املا أن الفنون تكون ممزوجة يف ط، )3( »بينما ال تقدم الفنون ذلك" موضوعية"يقدم لنا معلومات العقالين

التخمينات منأيضا لكن الفكر العقالين ال خيلو، خياليةو اعتبارات تأمليةو االتالغالب يفيض من االنفعذا املعىنو .ال أساس هلا من مث فاملوضوعية

.35 ص م س ، ، العلم في مجتمع حر : بول فريابند 1- .17 ص ،م س، زشالمر اإلبيستمولوجية بين نسبية فيرابند وموضوعية: عادل عوض 2- .204 ص ، م س، اورات في المعرفةثالث مح: ابند بول فري 3-

Page 145: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 138 -

هو جتاوز ذلك التصور اجلامد للموضوعية الذي يقصي مجيع التقاليد ، "فريابند" إليهاهلدف الذي يسعى إن املعارف تنمو و التقاليدو مفهوم جديد جيعل كل األفكار إىل يدعوو ، اخلربات اإلنسانيةو املعارفو

. حداها بدافع املوضوعيةإل اءقصإقدم املساواة دون ىعل قيمنا اليت و ختيالتناو خرباتنا املاضيةو نظرياتناو التفاعل مع معتقداتناو التداخل ىفتقدم العلم يقوم عل

بعد ما مت استبعادها من قبل ، نية موقعها داخل سياق العلمللقيم اإلنسا فريابند ذا يعيدو ، انتمسك احبجة التجريبينيو العقالنيني .غري موضوعيةو ذاتية أ

املعارف األخرى يوصفها و حماولة التمييز بني العلمو ، املعرفة العلمية إضفاء صفة املوضوعية على نإ ذريعةو ، الرؤى غري الغربيةو األفكارو طمس الثقافات إىل ىوجية مغرضة تسعإيديول هخيفي وراء، معارف ذاتية

ويف االحتالل دون أي مربر هلذا التمييزو ارية للبلدان اليت خضعت للغزوضاحلو اهلوية الفكرية ىللقضاء عل هايللية املقارنة للمرافعات الغربية مع األال توجد أية دراسة علمية موضوعية للفاع« : "فيريابند" يقولهذا السياق

)1( »يف خمتلف املبادين

العلمية حد األركان األساسية اليت تقوم عليها العقالنيةأقد قوض "للموضوعية"برفضه "دفريابن" يكونهكذا و .قصاء ،وال ذريعة للهيمنة واإل أسطورة تفوقهو تعد حجة لتربير قدسية العلممل من مث و

:جانبها اإلبيستمولوجي يف النقاط التالية يف للعقالنية العلمية "فريابند" كن حوصلة تصورمي ، ما تقدم ىبناء عل

املمارسة ليبني باإلسناد و مشكلة العقالنية من خالل حتليله لطبيعة العالقة بني العقل "فريابند" تناول سب العلم اال ين، فلسفة العلمو نيو طقوفق الصورة اليت يدافع عنها املن األقل ىأن العقل عل، تاريخ العلم إىل .ال يستطيع أن يسهم يف تقدمهو

من مثل املوضوعية الكلية الثابتة االلتزام باملعايري القائم على ضرورة مفهوم العقالنية "دفريابن"يرفض ألن االلتزام بالقواعد بفقد اتصالنا بالواقع ، اجلامدةاعد املنطق االلتزام بقو و ، النظامو االنسجامو الدقةو .من إنسانيتهو جيرد اإلنسان من حريتهو ، يبعدنا عن الفهم الصحيح للعلمو

1- P- Feyerabend : Adieu la Raison OP cit p 105.

Page 146: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 139 -

النظريات اليت حاولت ربط كلو ، العقل كما يتصوره العقالنيون ال ميكنه أن يدرك عمق الواقع اللحظات اخلاصة اليت يلتقي ف، يف ذالك قد فشلت ةاالستنباطي النزعةاالستقرائية و كالنزعة ، واقعالعقل بال

هي حاالت )1(. أو ما يسمي عادة بالقفزات اإلبداعية، هي حلظات اإلبداع، فيها العامل أو الباحث بالواقعا العاطفةو ، اخليالو ، اإلهلامو كاحلدس،) ال عقالنية( ىأخر بل تتداخل فيها عناصر، معرفية ال عالقة للعقل

طاتاالنش ي يف مجيع ساسه الدور األإعطاءو ، هفيريابند الدفاع عن الذي طاملا حاول هذا هو البعد اإلنساين . "مبدع"فاإلنسان حسب فريابند ليس كائنا عاقال لكنه كائن ، التقاليد املعرفيةو

فاألحداث ، عامة، خيضع لقواعد منسقاو شاطا فكريا منظمانن يكون العلم أ "ريابندف"يرفض فال وجود لعناصر تكون حاضرة يف كل حبث علمي ، النتائج اليت تشكل العلم ليست هلا بنية مشرتكةو )2( .تغيب يف غريهو

ا تأسيس معاي" فريابند"يرفض على ، بناءري لكل أوجه النشاط العلميوجود نظرية للعلم من شأـــالعقالنيو كما هو احلال عند الوضعيني املنطقيني، معطيات عقلية ـــني النقدييـ يف املاضي فالطرائق اليت استعملت ، نـ

ال خيضع فالبحث فيما، ىضر أو املستقبل لتحقيق أعراض أخر ا احلهلا يفاميكن استعمال ، راض معنيةغلتحقيق أ )3( .لقواعد عامة

ا فريابند يرتبط مفهوم النظرية العلمية عند السياق الثقايف الذي و بالوضعية التارخيية اليت أفرز " الواقعية"و "احلق"و "الصدق"فال جمال للحديث عن ، متغريو ما دام هذا السياق نسبييو ، يهنشأت ف

.املعايري اليت تسند إليها نظريات العقالنيةغريها من و ، "املوضوعية" و

تطوير هذا ما يؤدي إىلو ، زيادة حميط البدائلو ، اإلنتاج الدائم للنظريات إىل"فريابند"يدعو قد يكون لديها عنصرا ، جعت منذ زمن بعيد احىت تلك اليت تر و فكل النظريات، قدراتنا العقلية وتفتحها

. فتاريخ األفكار جزء ال يتجزأ من العلم، ميكننا االستفادة منه يوتوبيا

.123 ص ،2000 1الدار البيضاء، املغرب، ط، التوزيعو شركة النشر ،المنطق قضايا في اإلبيستمولوجيا و : عبد السالم بن ميس 1-

2-« Les évènements et les résultats qui constituent les sciences n’ont pas de structure commune. Il n’existe pas d’éléments qui soient présents dans toute recherche scientifique et absents ailleurs. » Feyerabend: Adieu la Raison OP cit p 319-320. 3-«La recherche qui réussit n’obéit pas à des règles générales. » Ibid p 320.

Page 147: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 140 -

م يساهم يف تقدو اكتشافات جديدةتقدمي ىيساعد عل "فريابند "وفرة النظريات الذي يدعو إليه مبدأ ي لتقليد واحد ال يعطو ،املتصارعة يف االعتبارو نه يضع كل التقاليد املتناقضةأكما ، ذلك بطرح مشكالت جديدةو العلم

. هذا ما يربر التعددية النظرية اليت ينشدهاو ، باقي التقاليد ىللبحث احلكم الفصل عل

غريها من التقاليد املعرفية ىالعقالنية الغربية علو العلم لتفضيل مربر موضوعي وجود فريابند يرفض كما أن مقياس املوضوعية يف حد ذاته اختيار شخصي ،املعريف مربره اإلنسانية أشكال الثقافةن لكل شكل من أل

" .أو اختيار جلماعة من األشخاص هذه كان بسبب أن" مفهوم النظامو "املوضوعية"مفهوم و "العلم"مفهوم و "العقل"ملفهوم فريابندرفض

ا ،ملعرفة إلنتاج ا مفاهيم إقصائية تسعي إىل إلغاء أمناط أخرى املفاهيم كما تصورها العقالنيون كما أ . لحرية اإلنسانيةل نافمهذا و ، الوحدةو النمذجةو التنميط تسعي إىل

محاولة جعل العلم ف، إيقاف تقدمه قد تؤدي إىلو ، ورة العلم ري فهم سيئ لص هذه املفاهيم تؤدي إىل نإ )1( .إلغائه متاما منطقية قد يؤدي إىلأكثر و أكثر عقالنية

فهناك حقب ، أن العلم ال يكتسي عقالنية مطلقةللربهنة على متاريخ العلإىل "بندفريا" يستند كية يالثورة الكوبرنو ن عقالنيةعامة الناس مل تكو بل، العلماءو تارخيية مشهورة يف العلم يشهد هلا الفالسفة

ذلك ىعل مثال

مبناء العلإعادة إىلامليتودوجليات اليت تسعى و كل االجتاهات االبيستمولوجية يعارض فيريابند اختالل امليزان ؤدي إىلسي ألن ذالك ، ريات العقالنية اجلالية يف العقلبعض النظبمع تاوتنظيم ، بناءا عقالنيا . الشروط التارخيية اليت تنطبق عليهاو التخيلو العاطفةو املرهف للفكر

أي املوقف الذي جيعل ، "العقل"تقعيد اىل بل يرفض املوقف الداعي، يف حد ذاته" العقل" فريابند رفضيال حساب علىالداعم ملوقف معني و يدكما يرفض العقل املؤ ،ل قواعد ال ينبغي له اخلروج عنهاللعق

هي اإليديولوجيةو ح هذا العقل نفسه يعرب عن إيديولوجية معينةبمن هنا يصو ، دون أي مربر مواقف أخرى .الغربية أو العقل الغريب

1-Feyerabend: Contre la méthode,OP cit p 196.

Page 148: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 141 -

مبضاداتأو ما يسمي ، ما هو ال عقليو عقل متفتح مرن يشمل ما هو عقلي يدعو فريابند إىل كلو العقائدو تعدد الثقافاتعقالنية متفتحة على إىل يدعو،كما احلدسو الرغبةو اخليالو كالعاطفةالعقل

ة هذا التنوع اإلنساين يستلزم مناهضو ، ذلك ألن تعقيد الواقع .قاليد املعرفية اليت تعرب عن البعد اإلنساينالت . العقل الكلي الال تارخيي

نقد وتعليق النظرية الرباغماتية للمالحظةو ، عالقتها باخلربة احلسيةو لعلميةالنظرية اب املتعلقة فريابند مواقفسامهت

وفرة و ، التغيري اجلذري للمعينو ، تكافئاملكعدم قابلية النظريات العلمية للقياس ، متخض عنها من نتائجما و بشكل متميز يف حتول مسار فلسفة العلم املعاصرة و سامهت، حيادهو نقد موضوعية العلمو ، النظريات العلمية

مما أدى إىل إنعاش ،فاعلية إنسانية متجددةو البحث يف العلم كنشاط إىل مغلقمن البحث يف العلم كنسق صوري .تطور أحباث جد حيوية يف سوسيولوجيا العلم املعاصرو

رده و تهووحد صورنة العلم قد كشفت زيف املشروع الوضعي الذي يهدف إىل فريابند ال شك أن أراءو ا مثال أو منوذج للصدقحب، علم واحد هو الفيزياء إىل .املوضوعيةو جة أ

اء النظرية قد كشفت من زاوية أخرى جمال الفيزييفالثورات العلمية اليت عرفها القرن العشرين خاصة كما أنا الكالسيكية عن مواكبة الطبيعة املتطورة هذا ماو ، املعقدة للمعرفة العلميةو عن عجز العقالنية قي صور

. تقويض مجيع األسس الثابتة اليت قامت عليها العقالنية الرامية إىل فريابند نظرة يوافق لتكذيبية ا النزعةية و ليس فقط للنزعة الوضع نااالغري مربر أحيو نقده الالذعو ، "فريابند"ثورية مواقف نلك

نتائج إىل) هذا النقد( ىأد، لت أن تقدم تفسري عقالنيا للعلمبل لكل املقاربات اإلبيستمولوجية اليت حاو اليت سنجمل أهم االنتقادات و ، بني فالسفة العلم واسعنقاش حمل جدل و آراؤهقد كانت ف ،يصعب حتقيقها واقعيا

:النقاط التالية ل يفيها يف هذا الفصلخبصوص العناصر اليت مت حتل ألرائه وجهت ا اخلاصة و ، ملاالع طريقة للنظر إىل العلمية هي لنظريةبأن ا "ندفرياب" قول إن إىليؤدي أن كل نظرية تفرض خرب

: هذه الصعوبات أهم منو منهجية يصعب ختطيهاصعوبات

امت النظرية ماد، اخلرية أو املالحظات ار أو تكذيب أية نظرية علمية عن طريق الرجوع إىلباخت إمكانيةعدم الدائمة جعة ار املهذا ما مينع العلماء من و ، الفروض املسبقة للمالحظ بل على، اخلربة لمية ال تعتمد علىالعمال . تصحيحهاو عتقادا

Page 149: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 142 -

ا اخلاصة و فبناء ، ري الثورات العلمية اليت عرفها تاريخ العلمفسفكيف ميكن ت، مادامت لكل نظرية خربما ، )قبل الثورة(بديال للنظرية القدمية ، )بعد الثورة(كن أن تكون النظرية اجلديدة هذا ال مي ىعل وجهيت ليستا ذلك أل

)1( .ىألن العامل تغري تغريا جذريا من نظرية أخر ، س العاملنظر خمتلفتني عن نف

ربة واحدة لوجهيت نظر خمتلفتنيليس خو ، خمتلفتنيني ترب تتعلقان خب النظريتنيألن ، بالتايل ليس لدينا بدائل نظريةو ." وفرة النظريات "و، "كثرة البدائل" :هو و فريابند هذا ال يتماشي مع املبدأ الذي طاملا دافع عنهو

سيعيش يف و ، قد جيعل كل عامل من العلماء معزوال عن غريه من العلماء، باملعىن املتغري جذريا" فريابند" أن قولكما )2( .بالتايل ستكون املعاين خمتلفة بني العلماء داخل احلقبة العلمية الواحدةو ، سهيكونه لنفسق املعاين الذي ن

مقارنة النظريات و ، فإنه لن يكون من املمكن القيام باالختيار، "فريابند" كما يتصور الحظات غري حمايدةإذا كانت املأن الفكرة ،(Alan Chalmers) "زأالن شاملر " ىلسياق ير يف هذا او ، غري ممكن اهذا ما جيعل التقدم العلمي أمر و

العلماء على هذا ما فرضو ، د العلماءنمألوفة عهي فكرة ، ثقافيةو عناصر ذاتية ىن اإلدراك ينطوي علأالقائلة بيأت مل "فريابند" هذا يعين أنو ، ة حتكمها شروط حمدودةيض املالحظة البسيطة مبالحظة مسلحتعو و ضرورة استبدال

)3(ط املالحظة بالنظرية اعندما حتدث عن ارتب جبديد

ذلك ألنه ميكن ، ليست مشكلة جوهرية ، أمهية خاصة يف فلسفته "فريابند" اليت يوليها" احلمولة النظرية"كما أن مسألة ء اإلدراك اليت من مث نتجاوز أخطاو ، عن طريق موضوعية املالحظة (Chalmers) "زشاملر " معاجلة هذه املشكلة كما يقول

)4( .هذا ما يسمح بتقدم العلمو ، ةيبل هي مسألة عرض، ال ينبغي النظر إليها كحالة جوهرية

احلاالت و عنها باالستشهاد ببعض الوقائع الدفاع "دفريابن"ول اطاملا حاليت " الال مقايسة"أما بالنسبة لفكرة ال توجد معايري موضوعية أو منطقية تصلح ألن تكون همبينا أن، خاصة النظريات العلميةو ، من تاريخ العلم

أو كمبدأ ، فإنه ميكن القول أن هذه الال مقايسة ال ميكن النظر إليها كتصور مطلق، للمفاضلة بني النظريات أساسايسعي ل نشاط علمي ذلك ألن ك، الكثري من فالسفة العلم ال يرون يف الال مقايسة أمرا واقعيا إنبل ، نظري كلي

األساس ميكن هذا ىوعل، بقدر االقرتاب من هذا اهلدف ىأخر ىميكن حتديد أفضلية نظرية علو ، هلدف معني )5( .قد موضوعيا النظريات العلميةأن نن

.113ص 1984، بريوت، دار النهضة العربية ، 2ج، المشكالت المعرفية ــــ فلسفة العلوم : هر عبد القادر حممد عليام 1- . .129املرجع نفسه ص 2-

3- A. Chalmers : La fabrication de la science , Trad. Marie Brigitte Foster (la découverte, Paris 1993, P13) 4- Ibid p 99. 5- Ibid. P 14-15.

Page 150: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 143 -

يبقي له أساس (Lorentz) لورنتز حساب نظرية ىعل، التأييد ىعل (Einstein) أينشتاين ظريةنفحصول نظرية تقدمه أكثر مما ، التطورو مكانات املوضوعية للنموتقدم من اإل "أينشتاين" نظرية اعتبار أن على، موضوعي

)1(."لورنتز"

حبتة معايري منطقية أو موضوعي حىت إذا قبلنا بعدم إمكانية مقارنة أو مقايسة نظرية بأخرى باالستناد إىلو أو فالبعد الشخصي، اعتبارات شخصية أو فردية االستنتاجات العلمية بالضرورة إىل فإنه ال ميكن مع ذلك رد

لقد بينت حتليالت فريابند إال ليس ا استثناءقد يكون و بل هو حالة عرضية، الذايت ال يعد مسألة جوهرية ا أل، ديناميكية التحوالت العلميةراك إدواملنهج االستقرائي يف، املوضوعيةو ، صور العقالنيةبعض جوانب ق

العوامل دورو آليات االستكشاف ، وتتجاهل التقدم العلميو الفعلية للبناء الصريورةضع املنطق الصوري أساس ت ةـالدينيو ةــالثقافيو االجتماعيةو ة ــالنفسي دور العواملينبغي إنكار ال فحقا، )الال منطقيةو الال عقالنية(ية الذات

كلو كل النماذج إرجاعو العوامل ه هلذ ة ــويــاء األولـغي إعطـه ال ينبــإال أن، قدم العلميـه التــض أوجـ بعري تغييف كن فال مي، كانت هلذه العوامل من أمهية نإ حىتو ، جتاهل الطبيعة االستداللية للعلمو ، النظريات العلمية إليها

األسطورةو ، التنجيمو ،كالسحر،املعرفية بعض النشاطاتبني و بني العلم سوينن ذلك ذريعة ألن أن يكو . أهداف كل منهماو منطلقاتو مناهجو لك الختالف آلياتاذو اخلرافةو لكل منهما تارخيه و ، خمتلفة آليات استداللو تقليدان خمتلفان هلما أغراض، علم الفلك مثالو فالتنجيم

والوجود فليس التنجيم حبثا عن معرفة وضعية بواسطة االستدالل من أجل فهم ظواهر الطبيعة ، اخلاص ضوء على لم الفلك نشاط بنائي يعيد النظر يف أحكامهبينما ع، جة الستنباطات عقلية واضحةيتنبؤاته ليست نتو

)2( .اته حلساب مضبوطختضع تنبؤ و ، للظواهر الرصد املتجدد العلمي مثال كإعاقة التقدم،أية ذريعة حتت و ، ينكر دور القواعد املنطقية بشكل أو بأخر "فريابند"إذا كان و

.مربهنة و جة علمية مقبولةينت أي علىل و استحالة الوص فإن ذلك يؤدي إىل

.139 ص ،، م سالعلم نظرياتشاملرز، أالن 1- .474 ص ،، م س االستدالل والبناء: بناصر البعزايت 2-

Page 151: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

دفيرابن بول لعقالنية العلمية عندا مفهوم الرابع الفصل

- 144 -

فإن ، يدافع عن موقفه هذاو ، ة العلمنعقل ت الرامية إىلينتقد كل احملاوال "فريابند"إذا كان ومن جهة أخرى و يتطلب أساليبدفاعه هذا ذا يهدمو ، ألن اإلقناع ال يكون إال بأدلة عقلية منطقية، نةأدلة عقلية بي .منطقيو عقلي من حجاج، اأدواو ألنه يستعمل أساليب العقالنية، املبدأ الذي تبناه لفاخيو ، ما يبينه بنفسه

ملفهوم و اجلديد ملفهوم العلم" الفريابندي"هذه التعقيبات ال تضعف من قيمة هذا التصور لكن تكون قد أشكال الدغماتية اليت كل يف ختليص التصورات العلمية منه مهت أطروحاتسافقد ، العلمية العقالنية

. للعلم ذاته بالنسبة عائقا حىت

Page 152: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 146 -

:مدخل

من العقالنية العلمية "فريابند"اجلوهرية اليت شكلت موقف الفصل السابق إىل العناصريف تطرقنا "وفرة البدائل النظرية"و ،"الالمقايسة"و ،"بالنظرية الرباغماتية للمالحقة "اليت متثلت يف قوله يف شقها االبستمولوجي، و

للعقالنية العلمية يف " فريانيد"سنعاجل يف هذا الفصل تصور ، و "النظريةو املالحقة عدم التمييز بني"و "التعددية النظرية"وملفهوم العقالنية ، و ملفهوم املنهجو متميزة ملفهوم العلمو رؤية خاصة عن هذا التصور الذي يعرب شقها امليتودولوجي،

قد متثلت هذه و امليتودولوجية اليت عرفتها فلسفة العلم،و ختتلف اختالفا جذريا عن خمتلف املقاربات االبستمولوجية نظره يف الفوضوية االبستمولوجية اليت تعدب" دبنفريا"يف ما يعرف عند ،ملفهوم املنهج، و الرؤية اجلديدة ملفهوم العقالنية

التقدم مة لتحقيقأكثر مالءو ،أحسن عالج لالبستمولوجيا، و أفضل صورة للتعبري عن العقالنية العلمية املعايريو ،القواعدو ،القانونو ،أكثر إنسانية مقارنة مع غريها من البدائل اليت تقوم على النظام، و يف العلم

لنا أن نتساءل كيف ميكن تربير هذا االقرتان بني االبستمولوجيا اليت تعين الدراسة النقدية ملبادئ العلومو القانون، و العقالنية اليت تفرتض النظامو ،قصد حتديد أصلها املنطقي ال السيكولوجي ،نتائجهاو فروضهاو هجهامناو .الالمنهج ،الالقانون ،الالنظام ،بني الفوضوية اليت تعين، و املعايريو املنهج القائم على جمموعة من القواعدو

.ضوية ؟ هذا ما سنعاجله يف هذا الفصلالفو و أليس من التناقض أن جنمع بني مفهومي العقالنية أصوله الفلسفية ونبني) الفوضوية(صطلح مدلوالت هذا املعلينا أن حندد أوال ،قبل أن نشرع يف حتليل هذا اإلشكالو .بفلسفة العلمعالقته ، و التارخييةو

:أصولها الفلسفيةو في معنى الفوضوية" بدون سلطة: "تعين و "Anarchos"الكلمة اليونانية لفظة اشتقت من L’Anarchisme" الفوضوية" "Without autority".)1(

أو ،يف القيام بوظائفهاان السلطة املوجهة أو عن تقصريها تعين اخللل الذي ينشأ عن فقدو "الفوضى"الفوضوية من و فوضى أي ليس هلم قوميقال و ،الرتتيبو هي ضد النظام، و أو نقص التنظيم ،الرغباتو عن تعارض امليول

2(. رئيس يسوسهم مذهب وهي ،من املصطلحات املستعملة يف أدبيات فلسفة السياسة"Anarchisme"" الفوضوية"مصطلح و

)3(". الفرديةاحلرية أساس على اإلنسانية العالقاتبناء إىل و الدولة رقابة إلغاء إىل يدعو اجتماعيو سياسي

1. Anarchism in « Encyclopédia of philosophy » vol 1, p112

169، ص 2، جالمعجم الفلسفي: مجيل صلبيا - 2 169، ص 2، ج الفلسفي المعجم : مجيل صلبيا- 3

Page 153: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 147 -

ذا املعىن عرفتو بكمذه "للفوضوية"وارتبط التنظري الفلسفي ،*الفلسفة تاريخ عرب خمتلفة أشكاالو صورا الفوضوية

:نذكر منهم املفكرين من مبجموعة إنسانيةكنزعة و اجتماعيو سياسي "M. Bakounine) 1976-1814(" باكونين"و P.G Proudhom) 1864-1809( "جوزف برودون" .Kropotkine) 1921-1842( كروبوتكينو " Max Stirmer )1856-1806( " ماكس شتيرنروم نييضو و اهلدف األساسي جلميع الفكان قد ل السلط اإلنسان من مجيع هو حترير ،على اختالف توجها

لقاهر الرئيسي لإلنسان هو الدولة أن ا « باكونين" يقول ،الدولة على رأسها سلطة، و اإلنسان حرية حتد من اليت لوعي القبيح النتاج ، و اجلماعي اجلنون فالدين هو ،عن الدين، و اهللا عن اخليالية الفكرة إىل ترتكز اليت

أن يستبعد مبدأ ، و الدولة أن تنسف ،إىل مملكة احلرية لقيادة اجلنس البشري من الضروري أوال، و جلماهري املقهورةا )1(. »الناس لسلطة من حياةا سوى للدولة فليس ،اإلنسان هلا يتعرض اليت االستيالبات ع أكرب أنوا " ماكس شتيرنر" حسب الدولة متثل و

ستمرارميكنها اال ال الدولة إال أن ،ملا هو عام خضوعه ، و إذاللهو ترويضهو الفرد واحد هو احلد من طاقة هدف

)2(.الكل هو الفرد يكن ما مل

الدول يف سبيل السيادة الفردية، و على العموم فالفوضوية مذهب يدعو إىل نبذ كل أشكال احلكوماتو دف إىل وضع مناذج سياسيةو ا، سيادة سلطان األنو أخالقية و اجتماعيةو تقف ضد كل الفلسفات اليوتوبية اليت

.ء العالقات اإلنسانية يف مجيع صورها على أساس احلرية الفرديةتدعو إىل بناو جامدة للمجتمع،ال السياسيو ال الفينو قد انتقل مصطلح الفوضوية من ا فلسفة السياسة إىل فلسفة اجلمال من، و االجتماعي إىل ا

بعد احلرب الشعراءو األدباءو هي اجتاه تبناه جمموعة من الفناننيو ،"الجمالية الفوضوية"فظهر ما يعرف ب فعلى الفنان أن يعمل دائما على ،ضرورة حترير الفن من أي سلطة ،من أبرز معامل هذا االجتاهو ،العاملية األوىل

احلر دون الرضوخ أو العمل على اخللق الشخصي، و االنعكاف عن الذاتو ،التحليلو التحققو التنقيبلكل امنحى مضاد ،ذا كانت اجلمالية الفوضوية، و لفن جتربة متاحة لكل إنسانفا ،االنصياع ألية سلطة كانت

.)3(املعايري اخلاصة بالشكلو اليت تقوم على القواعد لكالسيكيات اجلماليةا

"ال حكم إال اهللا " وقد عرب عن هذا االجتاه الفوضوي يف التاريخ اإلسالمي، فرقة اخلوارج من خالل رفعها لشعار * 60-59، ص ص 1983، 1، ترمجة هنري زغيب، منشورات عويدات بريوت، ط الفوضوية : هنري أرفون- 1 36املرجع نفسه، ص - 2 10-8، ص ص 1982، 1، ترمجة هنري زغيب، منشورات عويدات، بريوت، ، ط الجمالية الفوضوية : رأندرية ريستسل - 3

Page 154: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 148 -

جمال يف األدبية اليت عربت عن هذا االجتاه الفوضويو من أبرز االجتاهات الفنية Dadaïsme* " الدادية" تعد و

.األدبو الفن : في فلسفة العلم المعاصرةمفهوم الفوضوية

بأية نبؤالتأن ، و حمكوم بنظام ثابتو العقالنية العلمية الكالسيكية على مسلمة أن العامل بسيطقامت ريفهعامل ال ميكن تعالف ،السببيةو أساسية بتنظيم منهجي ثابت متليه احلتمية ظاهرة يف الكون مرهون بصفة

بكل التحوالت املمكنة نبؤالتو ،مطلقة متكننا من تتبع مراحل التطور احملتملو عن طريق قوانني ثابتة إالضبطه و إليهفانه من حيث املبدأ نكون قادرين على معرفة ما سينتهي ،فبمجرد ما نعرف الظروف األولية جلسم ما

)1( ..أي أن املاضي حيكم املستقبل" التحددية " يطلق على هذا املفهوم و ،تقبليف أية فرتة حتددها يف املس خاصة يف جمال الفيزياء النظرية ،التطورات اليت حصلت يف جمال العلم يف الثلث األخري من القرن العشرينلكن

دوما لنظام ثابت ضعوال خت ** والمنطق الخطي *المعادالت الخطيةحتكمها بينت أن ظواهر العامل ال ا العشوائية يف الكثري من احلاالت ،قوانني حمكمةو توزيع و فرتتيب ،الفوضى إىل يف الطبيعة ينزع شيءكل ف ،بل تنتا

ـــتتم بصورة فوض حركتها يف الغازاتو اجلزيئات ــ ــــمن جزيئات الغ جزيءفكل ،ويةـ ــ ــاز يكون يف حـ ــالة حـــ ــتـركة مسـ ـــ ة مر ــ

: Dadaïsme"الدادية *

هربا من هول الفنانني الذين هاجروا إىل سويسراو فرنسا عن طريق بعض الشعراءو يف سويسرا 1916-1915األدب الربجوازيني ظهر عام و اجتاه يف الفنعاطفة التدمري :من املبادئ اجلمالية للداديني ، و التخلص من كل القيود التقليديةو اإلبداعو يدعو هذا االجتاه إىل احلرية يف الفن، و املية األوىلاحلرب الع

،بريوت ،النشرو دار الطليعة للطباعة ، ترمجة مسري كرم ،السوفياتيني األكادميني و جلنة من العلماء: )املوسوعة الفلسفية ... ( السخرية ،املصادفة العابثة للصور 192ص ،الدادية ،6ط : بقوله احلركة مبادئ هذه قد عرب عن بعض و " حركة الدادية" أحد مؤسسي Tristan tazara" تريستان تازار"يعترب -كل شيء موضوعا العلم الذي يعترب، و االنسجامو املوضوعية إنين أبغض ،يعقد هويته الشمولية، و إن العلم احلديث يثري تقززي عندما يتحول إىل نظام حبثي" جملة –ترمجة طبية مخيس ،السبعة الدادية بيانات : تازار( " ..النظام األكثر قبوال هو الذي ال حيوي أيا من كل املبادئ ، و أنا أيضا ضد األنظمةو . له

)70- 60ص من ،1993يناير ،القاهرةيصف نفسه بأنه دادي كما سنرى الحقا، فإذا كان ، و قد تبىن أفكار هذه احلركة" فريانيد" عن الدادية فذلك إال ألن و لفوضويةو إذا كنا نتحدث هنا عن ا

املناهج الثابتةو يدعو إىل حترير العلم من كل القيود التقليدية" فريانيد"إىل حرية الشكل فان و الدادي يدعو إىل حترير الفن من القيودلس األعلى للثقافة،، التعقيد المذهل للكونــ ي الكونالهيولية ف: رباري بارك -1 22القاهرة، العدد ترمجة علي يوسف، املشروع القومي للرتمجة ،ا 17ص ،1،2002طبلها تغريات متساوية يقا ،وتتميز بأن التغريات املتساوية يف املدخالت ،هي املعادالت اليت ميكن التعبري عنها خبط مستقيم: المعادالت الخطية *

.وينتج عن ذالك أن تطبيقها على عدد من العناصر يساوي تطبيقها على جمموع هذه العناصر ،يف املخرجات .عالقة رياضية ال تؤدي فيها التغريات املتساوية يف املدخالت اىل نتائج متساوية يف املخرجات : الالخطية **

Page 155: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 149 -

لعدد املتساوي من اجلزيئات هو أن نفس ا ،الفوضوية للجزيئات الغازية يبدو بوضوحعل احلركة والذي جيعلى الدوام

معرفة مواضيعهاو بتفاصيل حركتها، بالتبوءغري منتظمة، مما ال يسمح و بسرعات هائلةو ،يف كافة االجتاهات يتحرك تغيري و ملا متارسه اجلزيئات من مصادمات ،حدىعلى جزيءاقة كل ال ميكن حساب ط، و سرعتها معرفة دقيقةو

)1( .بصورة غري منتظمة، و يف االجتاه ال ينقطع به الظواهر الفردية الطبيعية الالنظام الذي تتميز، و عن الفوضى آخرمثاال "الحركة البراونيةدتعو

مستمرةو من خالل جتاربه أن جزيئات املاء تبقى يف حركة دائمة R. Brown) 1858-1773( " براون" فقد الحظ بل هي طبيعة ،ال ختضع ألي عامل خارجيو ،ملؤثر ماأن هذه احلركة ليست نتيجة ، و غري منتظمةو بصورة عشوائيةو

)2(.كما أن هذه احلركة ليست مقصورة على املاء بل على مجيع السوائل ،باطنية يف الرتكيب اجلزيئي

لقد كانت احلركة الرباونية مبثابة البداية األوىل لتحول املسار يف فلسفة العلم من العقالنية العلمية الكالسيكية العقالنية العلمية املعاصرة اليت تؤمن إىل ،ثباتهو وحدة املنهج، و بساطة العاملو ،اليت قامت على مسلمة النظام

. املعايريو ثبات القواعد، و البدائل النظرية، يف مقابل وحدة املنهج، و الالنظامو ن بالفوضىتؤم، و بتعقد ظواهر العامل فاحلركة غري املنتظمة ،حالة تارخيية واضحة على ضرورة البدائل النظرية الحركة البراونية" فريانيد"قد اعترب و

ذلك ألن حركتها تظل ،ري يف ضوء الديناميكا احلرارية الكالسيكيةللجزئيات الرباونية، ليس هلا تفس) الفوضوية( ا حالة شاذةدعقد و ،شيءحالة فوضى دون عالقة واضحة بأي يف حتضمل ، و "Bizarrerie"غريبة أو ،ت على أ

)لمة النظامالقائم على مسالعامل (بسبب بنية العامل الذي نعيش فيه ،مبكانة يف النظريات العلمية املعاصرة )3(.تعترب صاحلة يف هذا العاملبسبب القوانني اليت و

20، ص 1983موسكو ،النشرو ، ترمجة داود سليمان املنري، دار مري للطباعة النظام والفوضى في عالم الذرات :سكيو د كيتا جيورأ- 1 بدراسة سلوك جسيمات 1827قام عام ،هو عامل نباتو R.Brownروبرت براون " نسبة إىل العامل االسكتلندي : الحركة البراونية ***

قد اعتقد، و أن حركتها غري منتظمة ، و اكتشف من خالل جتاربه أن جسيمات اللقاح املتعلقة باملاء تتحرك بشكل دائم، و تحبوب اللقاح لعديد من النباتاعن العناصر غري النباتية وسع أحباثه، و لكنه أعاد التجربة جبسيمات لقاح نباتات جافة ،يف البداية أن هذه اجلسيمات امليكروسكوبية ميكن أن تكون حية

أو ،امليكروسكوبية ألي شيئ معلق يف املاء فاكتشف أن اجلزيئات ،فالحظ أن اجلزيئات النشطة كانت موجودة بكثرة... املنجنيزو قطران الفحم، و صمغكال .بشكل غري منتظمو أي سائل آخر تقوم حبركات اهتزازية باستمرار

، الفردية الطبيعية االنتظام احملكم الذي حيكم الظواهرو السيكية من حيث التحديد الدقيقخروجا عن مبادئ الفيزياء الك "احلركة الرباونية" و قد كان اكتشافلطباعة دار التنوير ل ،"العلم و بني الفلسفة الضرورة واالحتمال: " نفادي انظر السيد. منهجية جديدة لفهم هذه الوقائع التجريبيةو دعوة إىل بدائل نظريةو

.120-119 ، ص 1983والنشر، بريوت 329-328ص ،2001 ،القاهرة ،التوزيعو النشرو دار قباء للطباعة، فلسفة العلم من الحتمية إلى الالحتمية : اخلوىل فميىن طري ـــــــ 2

3-P Feyrabend. Contre la méthode . Op . cit. pp 37-38

Page 156: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 150 -

ليست ،الفوضىو الالنظام،و حاالت االضطراب،أن وقد بينت التطورات اليت عرفها العلم املعاصر

مجيع جماالت العلم إىلتد ال على النظم الفيزيائية فقط، بل متو ،"الرباونيةو " "الغازية"احلركة مقصورة علىتتجلى اجلوية، فهي تتجلى يف مجيع مظاهر هذا العامل الذي حنيا فيه، األرصادو االقتصادو كالبيولوجيا

يف تالطم موجيات املاء و ،دخان السجائر حني يصعد يف خط رأسي مث يستحيل دوائر متالشيةحركة يف يف اضطرابات القلب العشوائية اليت تسبب العديد من و ،يف تقلبات الطقسو كان سياال منتظما، بعد أن

تكاثر بعض و يف انتشارو ، )1( األسواقو يف تقلبات البورصات االقتصاديةو ،حاالت الوفاة املفاجئة غري معروفة السبب .العالقات البشريةو بالظواهر االجتماعية هذا ناهيك عن ما يتعلق ،السرطانية اخلالياو الفريوسات

قد مت و العقالنية الكالسيكية حاالت شاذة،و يف عرف العلم تعد ،زمن قريب إىلو قد كانت هذه الظواهرل من مثة و ،كتداخل أسباب خارجية، أو عدم دقة يف أجهزة القياس ،أسباب خارجة عن النظام إىل إرجاعها

.ية عن التحليل العلمي للمجالفهي خارج ظهور نظرية علمية جديدة أزالت إىللكن تطور العلم أدى يف النصف الثاين من القرن العشرين هذا االعتقاد الذي يصف الظواهر الطبيعية اليت خترج عن التحليل العلمي التقليدي بالعشوائية، فهذه همو

أوبنظرية الفوضى تعرف هذه النظرية اجلديدة و ،زعومة أصبحت قابلة للتحليل العلميالعشوائية امل )Théorie de chaos » )2 »* "الكايوس"علم

ل ، الهيولية تصنع علما جديدا: جيمس غليك -1 .12ص ،،2000س االعلى للثقافة، املشروع القومي للرتمجة، ترمجة علي يوسف علي، ا" نظرية الخواء" " علم الهيولية" ،"علم الشواش" ،"بعلم الفوضى: " فقد مت تعريبه" علم الكايوس "مل يتم اال تفاق على مقابل عريب دقيق ملصطلح *

258ص ،سابقمرجع ،"أسطورة االطار: " ميىن طريق اخلويل الذي « cosmos »تقابل املصطلح اليوناين ، و الفوضى، العماء، الشواش: تعين « Kaos »يف أصلها اللغوي لفظة يونانية : Chaos وسيالكا**

العماء و ليس هاوية من الفوضىو يعين أن الكون نظامي خاضع لقوانني منضبطةقد كانت البداية األوىل لنشأة هذا العلم مع و " *الكابوس"موضوعا لعلم جديد يعرف بعلم 20لقرن ابتداء من النصف الثاين من او "وسالكاي"و قد أصبح

وضع مناذج حاسوبية لنمذجة الطقس بباحث يف الطبيعة اجلوية، الذي قام و رياضي أمريكي( ) " انتزادوارد لور "جمموعة من العلماء، كان أبرزهم عدم ، و لكنه خيضع لنفس القوانني اليت ختضع هلا الظواهر املنضبطة ،قد اكتشف من خالل جتاربه أن الطقس أمر معقد، و املاضي يف اخلمسينات من القرن

هو ما و ، إذ أن تأثريا طفيفا"ظاهرة الفراشة" ب " زتلوران" قد عرب عنها و ،"الحساسية المفرطة للظروف األولية" إمكانية التنبؤ ترجع إىل ما يعرف ب يار التنبؤ ،عين يف علم األرصاد صاعقة رعدية مثالي .الشكوك بصورة شديدة االضطرابو تتضاعف األخطاءو يؤدي إىل سرعة الس "اهليولية يف الكون : " باري باركر و 35...25ص ،"اهليولية تصنع علما جديدا " جيمس غليك : ملزيد من التفصيل أنظر ، ترمجة علي يوسف علي، ا

.19،20األعلى للثقافة، ص 21، ص ، م س الهيولية تصنع علما جديدا : كجيمس غلي -2

Page 157: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 151 -

هو يف الواقع إمنااضطراب، و يف مظاهر الطبيعة من عشوائية هنعتقديتلخص مضمون هذه النظرية يف أن ما و

من مث فان عشوائيتها املزعومة و ،زائفة، فهذه الظواهر ختضع من ناحية املبدأ لقوانني منضبطةعشوائية و اضطراب عن الظواهر الطبيعية اليت ،هذا ما مييز احلوادث العشوائية الصرفة كخلط أوراق اللعب مثالو قابلة للتحليل العلمي،

.نبؤعن الت يوتستعص خترج عن جمال التحليل العلمي التقليدي إىل تداخل النتائج مع املسببات إما اليت تظهر يف النظم املركبة ترجع ،الفوضىو ،الالنظامو ،فصور التعقد ـــو ــ ــ منها االحتكاك و فسرعة اجلسم مثال تتأثر بالقوى املؤثرة عليه Feedback "التغذية الراجعة": هو يعرف اصطالحا بـ

ا يف نفس الوقت و فاالحتكاك يؤثر يف السرعة .)1(يتأثر تأثريات إىلعن التقصي، فقد يؤدي تأثري طفيف للغاية يبصورة تستعص تداخل العواملة عن قد تكون ناجتو

ا،نضخمة يصعب الت ــو بؤ ــ ـــ "الحساسية المفرطة للظروف األولية" :هو ما يعرف يف أدبيات هذا العلم بـ كما يطلق ،يتولد عنها اختالفات ضخمة يف املخرجات ،الفات الضئيلة يف املدخالتاالختونعين بذالك أن

ميكن أن يتولد "بيكني"يف هايمفادها أن رفرفة فراشة جبناحو ،"ظاهرة الفراشة" على هذه الظاهرة مصطلح .)2(عنها بعد عدة أسابيع عاصفة جوية يف نيويورك

أن تراكماته تتضاعف كلما إال ،ها ضئيل جدايتأثري اهلواء الذي تدفعه الفراشة جبناح فعلى الرغم من أن بؤ على املدى نهذا يعين أن التو مثال على املدى البعيد، كاإلعصارتكوين حدث ضخم إىلتؤدي و ،مر الزمن

.الطويل أمر حمال احلتمية أو لألنظمةنتظم املغري الدراسة الوصفية للسلوك "علم الفوضى"أو "نظرية الفوضى"تعين و

فعلم الفوضى هواملركبة األنظمةالتعقد يف و نظامهي الدراسة الوصفية ملظاهر الال الديناميكية الالخطية، أوال يف طبيعة التكون ةيتناول حتليل ظواهر االضطرابات أكثر منه علما للحاالت، يبحث يف كيفيعلم للعمليات

.)3(الوجود ا ،يف القرن العشرينمن أهم االكتشافات "الفوضىنظرية "تعدو علممجيع جماالت ال إىلامتدت تطبيقا

ـــيا، الفيــــولوجــكالبي ــ ــ ـــزياء، الفـ ــ ــــلك، االقتـ ـــصاد، الطـ ــــيعتو ب، علم النفس، علم االجتماع،ــ ثورة علمية ثالثض ــالبعربها ـ

.12، ص، م س الهيولية تصنع علما جديدا: جيمس غليك -1

.24املرجع نفسه، ص - 2 .22املرجع نفسه، ص - 3

Page 158: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 152 -

أزالت و ،املطلقنياملكان و هم الزمانو قد أزالت "النسبية"كانت فإذا، "نظرية الكمو " "نظرية النسبية"بعد همو نظرية الفوضى أزالت"نإف ب القاطعة الداللة،التجار و ،عمليات القياس املضبوطة همو "ميكانيكا الكم"

*. )1( لقاطعالتبؤ ا علم كان ال فإذااملنهج العلمي، و للعلمو ،للطبيعة العلمي املعاصر لنظرة العققد غريت نظرية الفوضى ل

أن ظواهرهو يتغري،حتديدي، خاضع لنظام ثابت ال و الكالسيكي قد قام على مسلمة أن العامل بسيط نتتبع تاريخ جسم نأ ،األوليةالبيانات و ديد جمموعة الشروطميكن من خالل حت إذا، خطية يف عالقا

ن ميالد إايته، ف إىلة ميالده ظنا يف النهاية سوف نعلم كل شيء عن العامل من حلهذا يعين أنو ايته، إىلــــ قد بني زيف هذا االعتقاد، فأغلب ظواهر الطبيعة "علم الفوضى" يرتتب و ،ال خطية العالقاتــــ تكن كلها مل إنـ

.ال تعين الفوضى هنا العشوائية بل تعين فوضى حيكمها نظامو ،بؤناستحالة الت"الال خطية"عن كما تغري مفهوم املنهج العلمي، فلم يعد املنهج العلمي جمموعة من القواعد الثابتة احملددة سلفا، اليت يعتمدها

التقنيات اليت يفرتض و الظاهرة هي اليت حتدد نوع الطرائق طبيعةلباحث يف دراسته هلذه الظواهر، بل ا/ العامل على العامل أن يبدأ من الظاهرة ليفهم بنيتها احلقيقية، فليس ،فبدال من تطبيق النظام على الظاهرة ،إتباعها

.هم هذه الظواهر اليت تتميز بطابع التعقدحمددة سلفا ننطلق منها لفو هناك قواعد مضبوطة )األولية أسسها إىل(املفهوم الكالسيكي للعلم الذي يقوم على حتليل الظواهر "نظرية الفوضى"لقد جتاوزت

التخصصات املعرفية املختلفة و مفهوم جديد ينظر للظواهر نظرة مشولية، فقد مت جتاوز كل احلدود بني العلوم إىل لقد و يف التخصص، اإلغراقالعلم يقرتب من أزمة و على مدى مخسني عاما: "لقد قال أحد رجال االقتصاد

التشويش يف قنوات االتصال و الربط بني اضطرابات القلب إن، "بصورة درامية بسبب علم اهليولية األمرانقلب يار البورصات املاليةو األوبئةبني انتشار إشكاالتيطرح .....،اخنفاض أو ارتفاع سعر البرتولو أو بني قرار سياسي ،ا

)2( .قضايا ال قبل للطرق التقليدية للعلم القائمة التخصص مبواجهتهاو

.23، ص، م س الهيولية تصنع علما جديدا : جيمس غليك - 1القدرة عن عدمهنا خيتلف ،"مبدأ الال حتديد" بؤ الصارم للظواهر الكمية وفق ما ينص عليه مبدأ هيزنربغ نأن عدم القدرة على الت إن ما جيب اإلشارة إليه*

لفوضى فان ، أما يف نظرية ا"البالس" و" نيوتن" ميثل متردا على الفكر التحديدي الذي تبناه "فمبدأ الال حتديد"بؤ كما هو يف الظواهر اهليولية، نعلى الت وهذه الظواهر خاضعة من حيث املبدأ لقوانني نيوتن التحديدية، كما سبقت اإلشارة ،بؤ يكون بسبب الطبيعة الفوضوية للظاهرة نعدم القدرة على الت

.إليه يف حتديد مفهوم الظواهر الفوضوية .22، ص، م س الهيولية تصنع علما جديدا: جيمس غليك -2

Page 159: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 153 -

فلم يعد هذا العامل يتشكل من أجزاء غري حية تتفاعل ،لعامله اإلنسانتغيري تصور إىلأدت نظرية الفوضى هكذا

ال التحكم فيها،و توقعها لإلنسانهو عامل حي يزخر مبتغريات ال ميكن إمناو ،لقوانني ميكانيكية ختضعو ميكانيكيا التفاعلو املزيد من التغيري إىلتؤدي تصرفاته فيه مهما بدت غري ذات أمهية ،فاعلو مكانه يف هذا العامل مؤثرو

: االبيستمولوجية عند بول فييرابند الفوضوية املعاصرة املتداول يف األدبيات السياسية، إىل أدبيات فلسفة العلم " الفوضوية"أول من نقل مصطلح "بندفريا" يعد

مخطط لنظرية فوضوية في المعرفة: ضد المنهج :أول كتاب لهو ألهمفرعيا عنوانا )الفوضوية(فقد جعل منها Contre la méthode Esquisse d’une théorie anarchiste de la connaissance

مصطلح الفوضوية يف فلسفة العلم ليتوافق مع موقفه املناهض للعقالنية العلمية " فريانبد"وظف حيث مشروع فوضوي " يف جوهره " فريانبد " املنهج الثابت، فالعلم عند و ،املعايريو الكالسيكية القائمة على القواعد

املشهور كل املناهج فيه مقبولة تبعا لشعارهو كل النظريات،ف ،يعرتف بأية سلطة حتد من نشاطهال .tout est bon" كل شيء حسن"

على احرتام أساساقائمة إنسانيةبوجهة نظر "فريانبد"ستمولوجية عندبيرتبط مفهوم الفوضوية االو احلرية و العراقيل اليت تقف يف وجهه لتحقيق السعادةو العوائق نبذ كلو ،التدبرو حرية الفرد يف التفكري

لك م عام وبسيط، ومع ذملشروعي قد اتبعت استخدا" الفوضوية"عند اختيار مصطلح «: فريانبديقول ، إلنسانيةااذالك ،كما مت ممارسها يف املاضي ال أعتزم افرتاض الفوضوية فإنين باحلياة اإلنسانية مام قليلة االهت أل

يرتك الكائن البشري " الدادي"ن ذلك أل ،Dadaïsme "الدادية" استخدام مصطلح فضلأ هلذه األسباب فإنين . )1( »مشروع جامد بأيال يتأثر و لشأنه

األمناطغريها من وعن *،"وريةالنسبية الربوتاغو " "الفوضوية السياسية" عن "ستمولوجيةبالفوضوية اال"ذا ختتلف و استبداله بآخرو منط حياة معني إللغاء يسعىكان الفوضوي السياسي فإذا ،األخرىاالجتماعية و الفكرية

ــحتسو ــ ــص نيـ ــ ــورة حمددة للحيـ ــــالفوضفان ، اةـــ ــستمولوجي يستبوي االـ ـــطيــ ــعن أي ت دافعــــع أن يــ ـــوجـ ــ ـــو ه،ـ ــــرة ةن أيعـ ــــكـ ــ ف

-1 P-Feyerabend : contre la méthode . Op cit. p 18.

والفوضوية السياسية، والفوضوية االبستمولوجية، فاملذهب الشكي، الربوتاغوري، يقوم على ) نسبة اىل بروتاغوراس(بني النسبية الربوتاغورية " فريانبد"مييز * لدرجة، وال وجود ألحكام أو حقائق ثابتة، والفوضوي السياسي يسعى إىل استبدال أساس أن كل تصور وكل حكم ميكن أن يكون صحيحا أو خاطئا بنفس ا

. حلياةمنط حياة معني بنمط آخر، أما الفوضوي االبستمولوجي فانه يؤمن بأن كل فكرة وكل تصور وكل تقليد ميكن أن يقود إىل صور جديدة من صور ا ).25، 24مقدمة املرتجم، ص(مرجع سابق، : ملعرفةثالث حماورات يف ا: بول فريانبد: أنظر يف ذلك(

Page 160: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 154 -

جد أسيسه، طاملا أنه ال تو كما ميكن أن ينقد أي تصور كيفما كان تمهما بدت مبتذلة،

مثل انه ،ةأيديولوجيدائمة ضد أي مؤسسة أو رضةليس له والء دائم أو معا ألنه ،مشروعية دائمةفقد ،هرنامج، بل ضد الربنامج الدادي نفسضد كل ب هو و برنامج واحد يعمل من خالله،ليس لديه الداديالفنان

إفسادعلى هي العملتسليته املفضلة و ،اإلنساناخرتعها أية وسيلة أخرىو ،السخريةو العاطفةو يستخدم العقل )1(اليت وضعها أصحاب العقالنية القواعد الثابتة و القواننيو األنظمة إبطالو تشويشو ينقل الفوضوية من فلسفة ستمولوجيا، يف الوقت نفسهباال إىل األدبو من الفن" الدادية" " فريانبد" ينقل هكذا و

.فلسفة العلم إىل السياسة يقول يف مقدمة إذتاريخ العلم، إىلستمولوجية بأطروحته حول الفوضوية اال إثباتيف " د بنفريا" يستند و

أكثرو أكثر تنوعاو غين يف حمتواه –تاريخ الثورات بصفة خاصة و -التاريخ بعامة إن « ": ضد المنهج" كتابه العالقات و التخميناتو التاريخ مليء باملصادفات،و امليتودولوجيني،و حيوية مما قد يتخيله أفضل املؤرخني

فعل أليتنبؤية للنتائج النهائية السمة الالو اإلنساينر هذا ما يبني مدى تعقد التطو و ،األحداثاملثرية بني .)2( » إنساينأو قرار

غري املتوقعةو التطورات املفاجئةو باألخطاءمليء و مشوش،و معقد"دبنفريا"ىإن تاريخ العلم كما ير املناهج و املعايريو ا على أساس جمموعة القواعديصعب حتليله ،معقدة إجراءات إىلهذا الطابع املعقد حيتاج و

الظروف املتغرية دائما للتاريخ، كما أن العامل الذي نريد اكتشافه كيان إىلاليت يتم وضعها مسبقا دون النظر دال جيب أن نتقيد بشكل مسبق بقواعو حد كبري، لذا جيب أن تبقى كل اختياراتنا مفتوحة إىلجمهول

)3( .مناهج ثابتةو معايريو

تدعي أن اجتاه مضاد لكل ميتودولوجية معياريةهي ستمولوجية بفان الفوضوية اال األساسعلى هذا و نيةبني العقالو ،املوضوعيةو تتخذ كمعيار للتمييز بني الذاتيةو ،هناك قواعد حصينة غري قابلة للتغيري حتكم سري العلم

1 -P Feyerabend.. contre la méthode . Op cit. p 208.

2 -Texte « L’histoire en générale, et plus particulièrement l’histoire des révolutions et toujours plus riche de contenu, plus variée, plus vivante, que ne le pensent les meilleurs historiens, et les meilleurs méthodologues l’histoire est pleine d’accidents, de conjonctures et de curieuses juxtapositions d’événements, elle nous démontre la complexité de l’évolution humaine et le caractère imprévisible des ultimes conséquences de n’importe quel acte ou décision des hommes » P Feyerabend :contre la méthode. p. 13.14. 3-Ibid p 16

Page 161: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 155 -

واالذين حاولديني يالتفنو يني طقاملنني يعلم، كما جند ذلك عند الوضعالالو بني العلمو ،عقالنيةالالو

..منطقية جامدةو راء الكبري لتاريخ العلم يف قوالب منهجيةلثحصر ا

واقع العلمو ستمولوجياببني اال لردم اهلوة األمثلهي السبيل " دبنفريا" فيما يرى فالفوضوية االبستمولوجية الفوضوية رمبا ليست الفلسفة إن": " دبنفريا" يقول ،ن ظاهرة العلماملتشابكة اليت تكو و احتواء العوامل املتعددةو

)1(" لفلسفة العلمو ستمولوجيابفعال االجاذبية، لكنها بالتأكيد هي العالج ال األكثرالسياسية

هو املصطلحهلذا "دبنفريا" املعىن الذي أراده إمناو العشوائية، وأ الفوضى "الفوضوية"وال يعين مصطلح النظرية غري و البدائل املنهجيةو على كل اخلياراتوالتفتح ،)2(العقالنية ومعايري عدم التقيد بقوانني العقل

أكثر ال عقالنية" فريانبد " ، فالعلم كما يراه ...التقاليدو السحرو رياألساطو العاطفةو احلدسو كاخليال العقالنية .القانونو مقارنة بصورته العقالنية القائمة على النظام ،أكثر تعقدو ، فوضى أكثرو :يقول فريانبد

ــوية تس إن « ـــقدم مهما كان املعــالت إحراز اهم يفـأطــــروحـــيت هي أن الفوضــ ـــ الذي حتىنــ ــ ــ ــحىت العو مله،ــ مــلــال حلركات فوض إذا إال ،ق جناحاـــالقانون ال حيقو القائم على النظام ـــفسح ا ــكرة املنــان فو ،ويةـ تــابـالث هجـــ

ـــة للعقالنيـــالثابت النظريةو ـــة ساذجـتقوم على رؤي ،ةـ ــلإلنسة جدا ـ ــذي هؤالء إىلو ،ماعيـيطه االجتحملو ،انــ ــ ـــالـ نـــعقالنية ـــرها، من أجل نزعـــطويــلم دون حماولة تـها تاريخ العـة اليت يزخر بـــادة الثريـامل إىلينظرون ـــتق ةـ ــ وم على ــــــ إىلالوضوح، الدقة، املوضوعية، احلقيقة، الصدق : مفاهيم من مثل ــ دأ ــــسوف يتضح أن هناك مب ــــ هؤالء ــ

)1( »"كل شيء حسن":هوو اإلنساينكل مراحل التطور و ،ميكن الدفاع عنه يف كل الظروف فقط واحدا اجلوهري الذي تقوم عليه رؤية فريانبد الفوضوية األساس ،أو كل شيء مقبول "*كل شيء حسن"شعار يعدو

االلتزام و احلرص على التماسك إىلكان العقالنيون النقديون يدعون فإذا، للعلم يف مقابل التصور العقالين له

1- P Feyerabend : contre la méthode, Op cit. p13

علي عبد املعطي و آخرون، قضايا العلوم اإلنسانية، لعلم،سلسلة الفلسفة و ا، إطاللة على أزمة العقالنية الغربية املعاصرة : ضد املنهج :أمحد أنور -2 1996إشكالية املنهج،اهليئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة العدد األول

3-.ibid p 25. " كل شيء حسن: " إىل اللغة العربية بعدة ترمجات فقد ترجم إىل « Anything Gooes »لقد ترجم هذا الشعار عن االجنليزية * ونرى أن "كل شيء حسن" « tout est bon »وترجم إىل اللغة الفرنسية ب " كل شيء مقبول" و" كل شيء مير" و" كل شيء على ما يرام" و

ية متفتحة على تعدد الفروض هلذا الشعار من خالل تبنيه لعقالنية تعدد" فريانبد"ليت أرادها هي الرتمجة األقرب إىل الداللة ا" كل شيء مقبول" الرتمجة .ظريات والفروضوالنظريات املتنافسة، تعدد املناهج، تعدد الثقافات، تعدد التقاليد يف مقابل العقالنية الكالسيكية اليت تقوم على وحدة املناهج والن

Page 162: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 156 -

كان التجريبيون إذا، و ...املوضوعيةو ،حتاشي الفروض العينيةو ،العمل على زيادة احملتوىو ،بقواعد املنهج

مبادئمعاكسة إىليدعونا " فريانبد" جند ننافإ ،التحققو الوضوح،و التمسك بقواعد التحليل املنطقي، إىل يدعون معاكسة االستقراءو ،معاكسة تقارير التجاربو ،)شرط االتساق –عدم التناقض (خمالفة قواعد املنطق و العقالنية

ــتع ،للمنهجو ة،ــالعقالني ادئــملبهذه املعاكسة إنبل ـــشو ،عامل ابتكار" فريانبد" د يف نظر ــ ــ ـــط ضر ـ ــروري لفـ ــ الطبيعةهم ـ الذي أن املبدأ الوحيد إىلضي في ،املمارسةو التحليل التجريدي لطبيعة العالقة بني الفكرف، احلقيقية للعلم

)1(" كل شيء حسن: " ال يكبح التقدم يف العلم، هو

ــــ فليست هناك ــ ـــ ــ ـــــ حسب فيريابند ــ ــ ال توجد نظرية علمية و ،أو معايري قبلية حتدد مسرية العلم ،ةقواعد ثابتـــ أشكالتؤول نفس الوقائع يف صور و تفسر ،وجهات نظر خمتلفةو تقاليدو ،متعارضةو بل نظريات متعددة

منهج مقبولكل و كل فكرةو كل تقليدو ال وجود حلدود عقالنية هلذه التأويالت، فكل نظريةو ،وجودية متعددةإذا أردنا أن نفهم حقيقة العلم « رية العلم املعقدة، يقول فريانبد يف فهم مسو ،أن يساهم يف فهم الطبيعة ميكنو

فكل شيء جائز )2( »ليست انتقاء البعض منها فقطو ، مجيع املناهج،األفكارجيب علينا استعمال مجيع .كل منهج مقبول ما دام يفي بالغرضو

تكريس لقناعة منهجية بديلة هي "كل شيء مقبول"إىل"فريانبد"م من أن دعوة ال جيب أن نفهو ا،و ليس املبدأ الواحد مقبول، كل شيء إن« : وهذا ما يعرب عنه بقوله وه إمناو الوحيد ملنهجية حديثة أنصح

ا »)3(الرغبة يف أن نفهم التاريخ يف حدودهاو ،بشكل ثابت املعايري الكليةو الوسيلة الوحيدة اليت نتعهد إشارة إماالبعض عـــــدهفالسفة العلم، فقد و ستمولوجينيبجدال بني اال "كل شيء مقبول"بدأ م أثارقد و

ستمولوجياباملطروحة يف جمال اال لإلشكالياتلول احل إجيادالتطبيقي يف و الضعف أو الفشل النظري إىلتمع عامة، أو هو تربير للحالة الراهنة، فالقول بأن و على األوضاعمعناه استمرار ،"كل شيء حسن" ا

)4( .ما كانت عليهإنين ته بعض االنتقادات، شعاري أي شيء حسن واجه إن« :د على هذه االنتقادات بقولهفريانب ويرد

مشروعا أم الو كان البحث عن النظريات أمرا مقبوال إذالكين أتساءل ما ال أحبث عن نظريات جديدة للعلم،

1-P Feyerabend : contre la méthode . Op cit. p. p 20.

2 -Ibid . p.346.

.54، ص م س ،العلم في مجتمع حر : فريانبدبول -3 .145، ص، م س نظريات العلم : آالن شاملرز- 4

Page 163: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 157 -

ـــفاملعرفة ــ ـــ من مث العقالنية و ـ من مشاركة إمناو ،ال تأيت من النظريات ،تقدم العلومو اليت حنتاجها يف فهمــ

ــــكما أن هذا الشعار ال يعرب عن ض،» )1(متعددة وجهات نظر ــــهجي، بل هو مبـعف أو فشل منـ ـــدأ يقــ ــف يف وجــ ــ ه ــ فغياب املعايري املوضوعية اليت تنشدها العقالنية الكالسيكية، املبادئالفيلسوف العقالين الذي يقدس دائما

.علميةالعلماء و العمل، بل يعين ضرورة فحص كل املقومات اليت يعتربها الفالسفةال يعين ضعف ـــ يعين أن قضايا العلم ليست مشروطة" كل شيء حسن " فان شعار األساسعلى هذا و ال يف طبيعتهاـــــــنتائجها ال يفو ـــ ــ ما تقتضيه و ي مرتوكة لطبيعة املوضوعات،بل ه ،ال مبنهج كلي ثابتو ،بقواعد أو معايري حمددة ـ

.نظريةو متطلبات منهجيةو إجراءاتمن بل هو تعبري هزيل عن املأزق العقالين " فريانبد،" اعة أو اقتناع شخصي من كما أن هذا الشعار ال يعرب عن قن ذ ميكن أن أعطيك هذا املبدأ، فقد يكون عندئ ،حتكم العامل مبادئكنت ال تستطيع أن تعيش بدون فإذا «

.)2( »سخيف لكنه على كل حال مبدأو ، بلاغري مفيدو افارغ :الفوضوية المنهجيةو العلمية العقالنية

توجه الفكرو القواعد اليت حتكمو ارتبط مفهوم العقالنية يف فلسفة العلم الكالسيكية باملعايري يوصف التفكري و ،املعايري املتاحة ألفضلىت كان يسري وفقا قالين، مأو الفعل، حيث يوصف الفكر أو الفعل بأنه ع

موعة من القواعد إذابأنه عقالين هذا ما يفسر ارتباط العقالنية بامليتودولوجيا باعتبار و الواضحة، كان مطابقا ات من شأنه أن يربر قبول أو رفض القضايا أو العبار اعقالني او معيار أ اأن املنهج هو ما يوفر منطق

صفة املنهجية صفة أساسية يف العلم، حىت أنه ، و العلم يف جوهره ليس شيئا غري البحث املنهجي عن املعرفةو بذلك منيزه بوضوح عن أنواع و ،فة منهجيةالعلم يف صميمه معر نإفنقول ،يف وسعنا أن نعرف العلم عن طريقه

.)3(هذه الصفة إىلاليت تفتقر األخرىاملعرفة

ا و الفكرة اجلوهرية اليت يتأسس عليها مفهوم العقالنية، إىل يرجع ارتباط العقالنية باملنهجو نعين العلل،و الرتتيب املكاين،و يشمل الرتتيب الزماين،و ،هو أحد مفاهيم العقل األساسية" فالنظام" ،"النظام":فكرة

)4(".النظام الطبيعي هو اطراد لوقوع احلوادث، وفقا لقوانني معينةو ...القوانني و

1 -Feyerabend : Adieu la raison , Op cit. p 323. .55، ص، م سالعلم في مجتمع حر: فريانبد بول - 2

.352، صم س، فلسفة العلوم :بدوي عبد الفتاح - 3 720، ص 2، ترمجة خليل أمحد خليل، منشورات عويدات، بريوت، ط الموسوعة الفلسفية: الالند أندري - 4

Page 164: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 158 -

*ذلك بوضع طريقة أو منهجو للعامل،) عقالين(تفسري منظم إجيادمهمة العلم هو فانوعلى هذا األساس

يف الوقت نفسه تنظيم العامل و ممارستنا العقلية،و املعايري الثابتة لتنظيم تفكريناو من القواعديقوم على جمموعة حمدد صدقا ،عمقاو خصبا ،ختلخالو دقة ،عدماو يدور معه وجوداو البحث العلمي رهني باملنهج،و فتقدم العلم ،اخلارجي

)1(."العلمي النقص يف تطبيق قواعد املنهج إىلأن انتكاسة العلم تعود ، و بطالناو ــــ ،تعترب فكرة عقالنية املنهج العلميو مبعىن أن املنهج العلمي القائم على جمموعة املبادئ العقلية الثابتة ــ

ــــ اليت جيب على الباحث أن يتبعها خالل البحث العلمي ـــ ــ املسلمة األساسية اليت قامت عليها تصورات ــ "ميل"و" فرانسيس بيكون"مرورا ب و "بركارل بو " إىل "أرسطو"للمنهج العلمي من مليتودولوجيني او الفالسفة

.ني املنطقينيالوضعيو ،"ديكارتو " على أن البحث يف املنهج " ديكارت"أحل و ،الضروري لقيام العلمو املنهج الوحيد ،من القياس" أرسطو"قد جعل ف

اية يف مهمة الفيلسوف، فالشعور بضرورة املنهج هو أول ما يلزم من أدوات أوالها عن، و من أهم املشكالتيعد " التجريبية املنطقية"عند " االستقراء"اعترب و ،"ر بدون منهجخري لنا أال نفكر، من أن نفك:" طبقا ملقولته ،)2(التفلسف

من قواعد التكذيب شرطا الزما لتمييز " كارل بوبر"جعل ، و الالزمة لتخليص العلم من املتافيزيقاو الطريقة الوحيدة .العلم عن الالعلم

كل امليتودولوجيات الكالسيكيةبالنسبة لقناعة عقلية و ضرورةهو نهج املمارسة العلمية محتديد إن ـم من دراسة العلو ي،لكن حتول االهتمام يف فلسفة العلم املعاصرة من دراسة الرتكيب املنطقي لنتائج البحث العلم

الثقافة، و تفاعله مع أنساق حضارية أخرى كالتاريخو دراسة النسق العلمي يف صريورته، إىل ،كنسق مغلق النظر يف هذا املفهوم إعادة إىلاألخرى، أدى اإلنسانيةغريها من النشاطات و السيكولوجيا،، و السوسيولوجياو

جمموعة األساليب نعين باملنهج العلمي جمموعة اإلجراءات العقلية اليت يتم بواسطتها استخالص قوانني عامة انطالقا من وقائع خاصة، ويعرف أيضا على أنه *

عليها، وهي ختتلف باختالف موضوع العلم، فإذا كان املوضوع جمردا كما يف الرياضيات كان املنهج أو الذهنية واحلسية املوصلة إىل احلقيقة أو الصاحلة للربهنة املعجم الفلسفي، –مجيل صليبا (وإذا كان حمسوسا كما يف العلوم الطبيعية كان املنهج أو الطريقة استقرائية وجتريبية، ،استنتاجيه أو عقليةالطريقة

املنهج االستنباطي الذي ننطلق فيه من فروض : ا ميكن أن حندد املنهج العلمي كما تصورته العقالنية الكالسيكية يف فرعني أساسيني مهاذو ) 21، ص 2جزئية حسية غري إىل نتائج تلزم عنها ضرورة وذلك باالستناد إىل القواعد األساسية للمنطق الصوري، واملنهج االستقرائي الذي ننطلق فيه من وقائع ج أولية لنصل

. الستقراءضرورية لنصل إىل قوانني عامة، وذلك باالستناد إىل جمموعة من القواعد تعرف بقواعد ا 10، ص 1968 ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،مناهج البحث العلمي: عبد الرمحن بدوي - 1 78- 77، ص 2، ط1969مصرية، القاهرة، ألجنلوا ، مكتبةديكارت: عثمان أمني - 2

Page 165: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 159 -

بل أن أكثر العقبات االبستمولوجية دراسة ظاهرة العلم، و مي، الذي مل يعد صاحلا لفهمالعقالين الصارم للمنهج العل

ــــابتو يعين رفض هذه املنهجية إمنا جتاوزها و عقبات منهجية، هي هي يف حقيقة األمرتقدم العلم اليت تقف أمام ــ ـــ كار ـ إىل ،"ضد املنهج"يدعو صراحة يف كتابه " اندفري "هذا ما جعل ، و )1( وسائل جديدة متكننا من جتاوز تلك العقبات

.حترير العلم من قيوده، كما سنبينه يف ما يليو دغما املنهج حتطيمــج ــــ ــــ ــــ ــه ـــد المنـــ contre la méthode:ضــــ

ن هذا التميز مكيو متيزا يف فلسفة العلم املعاصرة،و من املنهج من املواقف األكثر جرأة" دابنفري "موقف يعد التساؤل إىلموضوعية، و األكثر دقةو من التساؤل عن املنهج األكثر فعالية، ،قد نقل جمال البحث" دبنفريا"يف أن

.دراسة هذا الواقع العلمي املعقدو االلتزام بقواعده لفهمو ،إتباعهكان هنالك حقا منهجا كليا، ثابتا، يتوجب إذاعما ـــ ليس مثة ــــ حسبـــ ــ ـــــ" فريابند"ــ ــ ــ أو جمموعة من القواعد اإلجراءاتال توجد جمموعة من و ، منهج علمي" ــ

أنه ليس إال ،يف العلوم ، فعلى الرغم من وجود أمناط للنجاحضمانا لهو تشكل أساسا لكل منوذج حبث علمي كلي، فاالجنازات اليت متت يف جمال العلوم ال ميكن أن ال ميكن أن يكون مثة منهج و ،منهج ثابت هناك

االتبادئ عامة، تغطي تعزى لوجود م حىت، و العقلو ال معايري حمددة للمعرفةو فال توجد حقيقة كلية، ،كل ا) و خاصة البحث العلمي(حث املنطقي للبو القواعد امليتودولوجية مطلوبة من أجل السري العقالينو كانت املعايري إنو

إذاخاصة ،الوحيدة، ألن ذلك سيكبح مسرية العلمو ملعايري الثابتةا ،القواعدو املعايريفانه يتوجب أال جنعل من تلك .املعايري تعرب عن تصورات مذهبيةو كانت تلك القواعد

احلد من القدرات و كبح قوة اخليال،و خنق القدرات العقلية، إىليؤدي ،كما أن االلتزام الصارم بقواعد املنهج :يقول فيريابند ،اإلبداعية

ــفالفكرة القائل« يةـثالــــي فكرة مـه ،ةـليكـو د ثابتةـــينتظم وفقا لقواع أنه ــينبغي ل، و ة بأن العلم ميكن لهـــها تتضمن تصنـذات بريق خادع، فهي مثالية ألو ــ ـــم انـملكه اإلنســما ي ورا مفرطا يف البساطة حولـ ــ نــــعــروف اليت تشجـــظـحول الو ،قدراتو استعدادات ـــهي بو ها على النمو،ــ ـــة خادعـــراقـ ــــة من حـــ أن يثـــــحماول ـــل هذه القواعد ال ختــة فرض مثــ ـــلو من جـ ـــعل الزيـ حساب ادة يف كفاءتنا املهنية ال يكون إال علىـ

مل الش ،علمــضرة بالـفضال عن أن هذه الفكرة م ،إنسانيتنا ا ــــأل ــيزيـروط الفــ ـــالتارخييو ائيةــ دة ـمعـــقــــة الــا جتعل مشروعنا العلمي أق ،تؤثر يف عملية التحول العلمياليت ــإ ــــل مرونــ ــيـــأكثر دوغمات، و ةـ )2(.. »ةـ

233-232، ص 1992، املطبعة الفنية احلديثة، القاهرة، ااالبستومولوجيدراسات في : حسن عبد احلميد- 1

2 -P Feyerabend : contre la méthode Op cit. p 332

Page 166: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 160 -

املعاصرةو فكرة االلتزام بقواعد املنهج اليت ميزت معظم امليتودولوجيات يف فلسفة العلم الكالسيكية إن

هي االعتقاد بوجود منهج وحيد ينبغي االلتزام به يف املمارسة و خاطئة،مسلمة على " فريابند"تقوم حسب .اكتشاف احلقيقةو لتحصيل املعرفة أن هذا املنهج هو السبيل الوحيدو العلمية،

:على بطالن هذا االعتقاد حيث يقولتاريخ العلم للربهنة إىل" فريابند"يستند و ــكرة وجود منهج ينـــف إن « مجة حتكم مسرية العلم، تواجهـها صعـوبات ة ـتـثابو وي على مبادئ صارمةـطــــ

ـــعن ــ تهـ ـــد جما ــه ليــأن إذ ،تارخييج البحث الــــا بنتائــ ـــس مثـــ ــ ــدة واحدة مــة قاعـ ــ ة ــــخـــراسو سةـهما كانت مؤســـــيف ح ــقـ ــذه االنتــــهو دة،ــلو ملرة واحو تهاكهاــولوجيا، مل يتم انـــستماالب لــ ــ ــــهاكات لقـ ــواعـ ـــد املنهــ يس ــــج، لـ

ــعارفنــم ص يفــقة عن نــليست ناجتو ، ةــحوادث عرض لى ــي ميكن تداركه، بل هي عـدم وعــا، أو عن عــــالعم دـقـــة للتـــروريـــالعكس ض ــ ـــامـاألحداث اهل إن، لميــ ــالتو ةـ ــ ــــطورات العلميــ املذهب داعــــكإب ،رىــــة الكبـ

ــــال ـــذري ـ ــ ــ ــــقدمي، والثـ ــ ــهور امل ورةال ـــــكية، وظــ ذهب الذري احلديث، والنشــــوء املتدرج للميكانيكا الكوبرنيــــوء، ــة للضـ ــــواعد لوال تكن لرتى النور مل املوجي ــ أن ، بعض العـــلماء واملفكرين، قد قرروا أن ال يلتــــزموا بقــ

ــم ـ ـــة، أو أل ــددة وثابتـ )1(» . اخرتقوها أو ختطوها عن غري قصد حمـ تاريخ املنهج ذاته يكشف لنا عن عدم وجود منهج حمدد لتحصيل املعرفةو لم،كما أن تاريخ الع

تطورا، بيد أن جتريبيا أكثر إجراء" أرسطو"مث أدخل ،املنطقو اكتشاف احلقيقة، فقد كانت املعرفة مؤسسة على التأملو اإلعاقاتغري أن هذه ،متطرفة مث انصهر كله يف نزعة جتريبيةاستبداله مبناهج ذات طابع رياضي، " غاليلي"و ،"ديكارت" .فكل هذه املناهج ضرورية لتطور العلم )2( ال ينبغي أن تؤخذ كباعث على استبعادها ،االنتهاكات هلذه املناهجو

كنها لو تاريخ العلم، أثبتهاهذه املمارسة احلرة أو عملية جتاوز املنهج القائم ليست فقط جمرد واقعة إن إىل" فريابند"ذلك ألن سيطرة املنهج الواحد من شأنه أن يؤدي حسب ، و تقدم العلمو ضرورية لنمو املعرفة

فليست هناك مناهج ،قد حيالفها الصواب يف توسيع معارفنا حيرمنا من نظريات كثريةو ،تقليص مساحة العلم فكرة منهج كلي راسخ إن« :" فريابند"البحث العلمي، يقول و للممارسة لةأو قواعد ثابتة صاحلة صالحية شام

يف هي فكرة غري واقعية مثلها إمناحىت الفكرة اليت تقول بعقالنية كلية راسخة، و د مقياسا ثابتا للوفاء باملراد، بلــاليت تعو

1-P Feyerabend : contre la méthode Op cit p 20

116، ص ، م سالعلم في مجتمع حر: فريابندبول - 2

Page 167: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 161 -

تقيس أي كتلة من دون أي اعتبار للظروف قياس راسخة ميكنها أن بأداة تقول يف ذلك مثل الفكرة اليت

ا، مو العلماء كثريا ما يعدلون معايريهم إناحمليطة م يتحركون ،مقاييس العقالنية عندهم، و إجراءا أل )1 »يدخلون جماالت حبث جديدة، و األمام إىل يت عرفتها فلسفة العلم اليت تفرتض وجود معايريكل امليتودولوجيات ال" فريابند"على هذا األساس يعارض و " الالمنهج"، أو "ضد املنهج" إىل" فريابند"ال جيب أن نفهم من دعوة ، و ال تارخيية، و قواعد ثابتة كليةو

non-méthode أو أنه بنفي ،عملية إجراءاتدون أية قواعد أو ، و أن البحث العلمي يسري خبط عشواء ليست هناك مبادئ، و ال تارخييو كلي ،ال يوجد منهج علمي حمدد": الالمنهج"يعين إمناو املنهج مطلقا،

مسريته، كما هو الشأن عند التجريبية املنطقيةو منهج العلم ائية حتددو أو شروط مسبقة ثابتة قواعدو ج تدخل يف معركة ضد امليتودولوجيا املفروض فيها أن تقدم قواعد برية، فدعوى فريابند ضد املنهالتكذيبية البو و

)2( العمل أو السلوك للمشتغلني بالعلم الغرض منه حترير العلم و املعايري العقالنية،و قابل االلتزام املتزمت بالقواعدميف ،فالالمنهج هو إجراء فوضوي

مث العمل على قولبة ،ين عدم فرض منهج معني، أو طريقة حبث معينةيع" الالمنهج"كما أن ، من سلطة املنهج ألن ذلك ال يناسب الوضع احلقيقي للعلم فقواعد ،املنهجي اإلطارموضوع الدراسة أو البحث داخل ذلك

تعديلها أو تغيريها و معايري احلكم عليها،و أهلية البحث ذاتهو دد بظروفـالبحث العلمي تتح إجراءاتو حمصلة لعملية البحث إالفالعلم ما هو ، )3(املواضيع اليت يبحث فيهاو أن تكون متكيفة مع العمليات البد

كل امليتودلوجيات السائدة يف فلسفة العلم يرفضال " فريابند"من هنا فان و ،قواعد معينة إلتباعليس و او املتمثل يف النزعة الكلية اإليديولوجيطابعها بل يرفض .الالتارخيية اليت تتصف

دةبأن العلم ظاهرة معق معايري ثابتةو رفضه للمنهج الواحد القائم على قواعدعلى " فريابند"ويستدل فكل وضعية علمية واقعية، هي وضعية معقدة، تنمو بكيفية غري قابلة للتوقع" ،امنظم ابسيط انسق ليسو فانه من العبث أن نتمىن العثور على منهج ميكنه أن يدل العامل العقالين يف سياق معني فيما لذلكو

ــهـتبين النظرية اليت تتطابق مع وجيأو العكس ،)ب(برفضه للنظرية ) أ(أن يتبىن النظرية عليه نإذا كا ــــة نظر استقرائـ ــ يةــ

.116ص ، م س،العلم في مجتمع حر: فريابندبول - 1 135، ص ، م س نظريات العلم: أالن شاملرز - 2 117، ص ، م س العلم في مجتمع حر :فريابند بول - 3

Page 168: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 162 -

ا تطابقا أفضل هاتان القاعدتان ،رفض النظرية غري املتوافقة مع وقائع متداولةو ،مع وقائع أو ظواهر معرتف

تعيينهما على اللحظات البارزة و اللحظات اليت جرت العادة بتحديدمهاو مها من القواعد اليت ال تتوافق )1(.يف تاريخ العلم

فقد أثبت ،املنطقيةو حتكمه جمموعة من القواعد امليتودولوجية ،النيا خالصاالعلم ليس نشاطا عق كما أن ، كما ههلا دور كبري يف تطور األسطورة، و العاطفة، و احلدس، و ،تاريخ العلم أن العوامل الالعقالنية، كاخليال

ذه القواعد املنطقيةأن العلماء ، أهم مثال يف تاريخ العلم "غاليلي"يعد و املنهجية،و مل يتقيدوا دائما األفكار السائدةو الرأي الشائع، و املناهج التقليديةو إلثبات فكرة أمهية التحرر من القيود" فريابند"يسرتشد به

مع النسق املتعارض " الكوبرنيكي"الدفاع عن النسق " غاليلي" ذلك من خالل حماولة ، و املعاكسةتبين الفروض و اعرتضتها ،الفكرة الفيتاغورية عن حركة األرض إحياء" كوبرنيك"فعندما أعاد ،آنذاكاألرسطي السائد

. "النسق البطليمي"صعوبات تتجاوز تلك اليت اعرتضت النظرية و األرضرض حركة ف إنقاذعمل على " غاليلي"لكن ،كان ميكن اعتبار نظريته نظرية مفندةو

املالحظةو للتجربةسي احلالذي غري به اجلوهر كالتلسكوب ،من الوسائل ألنواععن طريق وضعه يكية الكوبرن لألرض اجلوي للغالف التأثرياتو علوم مساعدة تنطوي على قواعد تصف اخلصائص إىل هستنادباإلضافة إىل ا

االت تدرس قوانني الديناميكا اليت ، و )اعلم الفيزيولوجي(قوانني البصريات املرتبطة ببنية العني و احلركة يف ا .)2( نسبية احلركة، و املتحركة

كالدعاية وسائل العقالنية إىلباالستناد « ،حججه يف الدفاع عن حركة األرض" غاليلي"دعم قدو و استنجاده ، و يكتب باللغة االيطالية بدل الالتينية ألنه ،خصومه إقناعتقنياته البارعة يف و أساليبه، و ل النفسيةاحلي

او مبادئ التعلمو القدمية األفكاريعارضون بأشخاص )3( » .قواعد املعرفة املرتبطة

بل تدخلت يف ذلك ،منطقيةو على أسس عقلية" فريابند"عن الكوبرنيكية مل يقم حسب " غاليلي"دفاع إن او ،عقالنيةالاعتبارات ما كان للثورة الكوبرنيكية أن حتدث هذا التقدم يف العلم، ذلك ألن تقبل من دو

ـــيكون عن طريق وسائل غري عق عادة ما ،النظريات اليت تتعارض مع الواقع املألوفو األفكار اجلديدة، ـــةالنية ـ ـــ ــ كالدعـــاي

135، ص ، م س نظريات العلم :أالن شاملرز - 1

2- P Feyerabend : contre la méthode , Op cit p 68 3- Ibid, p 152

Page 169: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 163 -

ا إىلقالنية حتتاج هذه الوسائل غري العو النظريات اخلاصة،و العواطفو حىت تظهر العلوم ا اإلميانو التمسك

.)1( معرفة صلبة إىل اإلمياناملناقشات اليت حتول هذا و احلقائق،و املساعدةــــ تاريخ العلم إىلاملستندة ةهذه النظر إن بل هي جد معقولة ،مطابقة للوقائع فقط ليست ــــ حسب فيريابند ــ، سوف "املنهجية االستقرائية"و ،"ملنهجية التكذيبية"هجية مألوفة يف تفسري فرتة تارخيية معينة كامن إلقحامكل حماولة و

)2(.نتائج وخيمة إىلتؤدي يرفض كل امليتودولوجيات و يعارض مشروع العقالنية القائم على املنهج الواحد الثابت،" فريابند"لكن إذا كان و

حىت األطروحات اليت و بل ،التكذيبيةو السيما االستقرائية، ،املعاصرةو يكيةاليت عرفتها فلسفة العلم الكالس ، فما هو البديل الذي يقدمه يف مقابل املنهج العلمي باملعىن السابق؟"ال كاتوش"و ،"ونك"قدمها كل من

بالتعددية "فريابند"عند عرفإن االجابة عن هذا السؤال تكمن يف ما ي منهجا مغايرا ؟" فريابند"ل يطرح هو .عنده اليت تعد املقوم األساسي ملفهوم العقالنية العلمية النظرية و املنهجية

:التعددية المنهجيةو العقالنية العلمية رفضه للعقالنية العلمية القائمة على القواعد، و ال تارخييو لوجود منهج علمي كلي" فريابند"إن رفض استبدال قواعد، و ال يعين وقوعه يف دوغماتية بديلة ،نقده لكل امليتودولوجيات املعياريةو ،املعايري الثابتةو هي دعوة ضد التنميطو كل األفكار مقبولة،، و بل هي دعوة إىل االعرتاف بأن كل املناهج ،مناهج بأخرىو بل مقصدي ،يف استبدال جمموعة قواعد عامة بأخرى ليست لدي نية« :ويتجلى ذالك يف قوله ،األحاديةو

أفضل طريقة إلثبات ، و بداهة هلا حدودهاو بأن كل امليتودولوجيات حىت أكثرها وضوحا ،هو إقناع القارئـــ ذلك هي بيان حدود ـــــ بل ال عقالنيةــ ــ )3( »البعض أساسية بعض القواعد اليت لديها احلظ يف أن تعترب من قبل ــ

اليت يعتربها السبيل األمثل لتحقيق التقدم ،إىل التعددية املنهجية" فريابند"على هذا األساس يدعو و احلد و ،إعاقة العلمو وحدة املنهج تؤدي إىل كبح اخليال، و ذلك ألن وحدة الرأي ،املعرفةو العلم يف

الراغبني و الضعفاءو قد تكون مناسبة للكنيسة" دبنفريا"كما أن وحدة الرأي كما يقول اإلبداعية لإلنسان، من القدرات املنهج هو املنهج الذي يشجع التنوعو ضروري للمعرفة املوضوعية، اآلراءن تنوع ملستبدين أو الطغاة، لكا أحد إتباعيف

.)4(ةاإلنسانيالذي يتناسب مع النظرة الوحيد

1- P Feyerabend : contre la méthode , Op cit p , p 165-166 2- Ibid p 155 3- Ibid, p 30 4- Ibid, p 46

Page 170: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 164 -

النظرية بالبدائل و تعددية تؤمن بوجهات النظر املختلفة،" دبنفريا" إليهاالتعددية املنهجية اليت يدعو إن

احىت تلك اليت مت نبذها يف املاضي عن طريق منافسيها، ،النظرياتو الفروضو األفكاركل و املتعددة قد أل تفيدنا يف توسيع نطاق معارفنا

زيادة إمناو الصدق، إىلاليت تتجه و ليست حلقات من سلسلة النظريات املتوافقة« :دبناليت ينشدها فريا إن املعرفة هلذه البدائل مصادر خمتلفة، فقد يتم و ،)1( »سرمبا البدائل غري القابلة للقياو حميط البدائل غري املتوافقة،

أو من النظرية الذرية أو ،أو من خياالت الشواذ ،ارب اخلرباءمن جتأو ،القدمية األساطريأخذها من .)2(قد تفيد يف تطوير معرفتنا األفكارو الطب الصيين القدمي، كل هذه النظرياتو "الفودو"من العلم راك حقيقةإد إىلمل يتوصل أي منها أن مجيع امليتودولوجيات القائمة يف فلسفة العلم" فريابند "هلذا يرىو

ا العقالنية اليت حنتاجها يف فهم من مثةو ختتزل العلم يف جمموعة من القواعد البسيطة، يف حني أن املعرفة أل .من مشاركة وجهات النظر املتعددة إمناو ،النظرياتو ال تأيت من القواعد ،دم العلمـتقو تتفق يف بعض أوجهها كانت إنو ،رفض املنهج الواحدو ، التعددية املنهجية إىل" فريابند"دعوة إن

غاستون"و « M.Polany » "مايكل بوالني"و "توماس كون: " مع وجهة نظر بعض فالسفة العلم املعاصرين، أمثال .أكثر متيزاو كان أكثر راديكالية" فريابند "أن موقف إال « G.Bachlard » "باشالر

باعتبار أن ،خارجية حتدد املمارسة العلمية) عقالنية(معايري و وجود قواعد"كون توماس"فقد رفض الفصل يف ذلك إىل اإلشارةالنقد أو الفحص عن طريق البحث ذاته، كما سبقت و القواعد ختضع للتطورهذه

.الثالث من هذا البحث وحيد من مناهج العلم، يؤدي و أن التقيد مبنهج واحد،* .)3(" M.Polany )1976-1891: ("مايكل بوالني"يرى و كن ـمعريف واحد مي طارإل" بوالين"، فال وجود حسباإلنسانيةاحلد من النشاط الديناميكي للمعرفة إىل

ـــموضوعو الينـه بأنه عقـوصف ـــ، فلكل عامل وجيــ ـــتطلو ره اخلاصة،ـهة نظـ ـــيته املعرفيـــــخلفو عرفية،عاته املـ ــاإليو ةـ ـــديـــ ـــولوجيـ ةـــ

1-P Feyerabend : contre la méthode op , cit p 27 2- Ibid p 50-51.

، اشتهر بنزعته النقدية املناهضة فيلسوف علم، وابستمولوجي أملاين، ولد ببودابست، ألسرة يهودية: M.Polany) 1976-1891(: مايكل بوالني* المعرفة الشخصانية ،العلم واإليمان والمجتمع :، من مؤلفاتهمعرفة كامنة، أو معرفة شخصانيةللنزعة املوضوعية يف العلم، فاملعرفة العلمية عند بوالين هي

.ديةنحو فلسفة ما بعد نق.

Page 171: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 165 -

ال من اخلربة املباشرة للواقع التجرييبو منهج حمدد ثابت، تباعاعن طريق "بوالين"حسب ال يأيت فاإلبداعمن مث و

هو ما يعرف و ،نسانيةاإلالتعهدات و اخليالو احلدوسو التخميناتو األحاسيسو بل من خالل املشاعر "المعرفة الكامنة" : مبصطلح" بوالين"عند

لكل معرفة و وجود منهج علمي واحد صاحل لكل علم G.Bachlard ) 1962-1884(" رباشال" كما رفض )1(فحسب ال املناهج ،كل جتربة جديدة كفيلة بأن تغري الفكر العلمي برمتهو فكل تقدم يف الفكر العلمي،

كل خطاب حول م أو ذاك، و املرحلة اليت هو عليها هذا العلو تتالءممفاهيمه اخلاصة اليت و فلكل علم منهجه اخلاص، .)2("لن يتصف بالبنية النهائيةو املنهج العلمي سيكون دائما خطابا سياقيا،

ا تتفق مع موقف و اآلراءهذه إن املتعلقة بعدم وجود منهج علمي واحد يف بعض اجلوانب فريابندرغم أ التفكري العلمي بتطورو بتغريو املعرفة،و تتغري بتغري جماالت العلمو أن املناهج تتعددو صاحل لكل علم،

*.ة املنهجية ختتلف عن هذه املواقفالتعدديو حول املنهج" فريابند"أن أطروحة إالــــ "ابندفيري "عند السؤال عن املنهج إن ــ ــ ــــ مبدئياــ ــ فليس للعلم منهج معني ميكن حتديده ،هو سؤال زائف ـــ

تبنيه و للمنهج الواحد" فريابند"فان رفض ،زاوية أخرى من و البحث يف املنهج عبث ال طائل من ورائه،و مسبقاا امليتودولوجيات املعوقات اليت كبلو العلم من كافة القيودكان الغرض منه ختليص ،النظريةو للتعددية املنهجية ته

فالتعددية ليست مهمة للميتودولوجيا فقط « أنسنة ظاهرة العلم من جهة أخرى الرغبة يف، و من جهة املعيارية )3(.» اإلنسانيةبل أيضا تشكل جزءا أساسيا للنظرة

إنساين متدفق بل نشاط ، العالقات املنطقيةاملعادالت الرياضية و شبكة من يف تصور فيريابند ليس العلم إن من مثة فاملناهج الالعقلية ميكنها أن تفيد العلم و الالعقلية،و العقلية ،اإلنسانيةتشارك فيه كل الفاعليات

.ال وجهها الوحيد انيةاإلنساملنهج العقالين هو أحد أوجه تلك النظرة و العقلية متاما، فالعقل جكاملناه

1- G.Bachlard : la philosophie de mon , paris PUF, 1940, p 20.

.151، ص1994للنشر، اجلزائر، موفموا، تقدمي جياليل الياس، ع، ترمجة عادل ال الفكر العلمي الجديد: غاستون باشالر - 2 العن تعددية النماذج، والنظريات اليت تؤول إىل التوحد حول نظرية واحدة أو منوذج إرشادي واحد ن كما هو احل" فريابند"كما ختتلف تعددية *

ستنتهي، وفقا للمنهجية التكذيبية إىل نظرية واحدة هي األقرب إىل الصدق " بوبر"، فتعددية النظريات عند "توماس كون"و" كارل بوبر: " عند حد حتت مظلة منوذج أرشادي واحد سرعان ما تتو " كون"واحلقيقة واملوضوعية، وتعددية النماذج اإلرشادية املتنافسة اليت تسبق الثورة العلمية عند

تسمح بوجود نظريات متعددة تقود البحث العلمي يف آن واحد رغم تعارضها الفكري الكبري، " فريابند"يقود املشروع العلمي، يف حني أن تعددية . لمألن النموذج الواحد، والنظرية الواحدة تتعارض مع روح احلرية اليت هي جوهر الع

3- P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 45

Page 172: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 166 -

ما يتضمنه و هو ذلك العقل املتفتح الذي يعرتف بوجود الالمعقول" فريابند"العقل العلمي الذي يؤمن به إن يتضمن ،كل ابتكار، و إبداعفكل ... اخليال و األساطريو رات املنطقية،ثغال، و التناقضو ن مظاهر عدم االنتظامم

فالعقل املتفتح قابل ألن )1( ال قبله ،طيع فعال أن تفهمه بعد االطالعالعقلنة تست، و لعقلقسطا مما يتجاوز ا كل ، و فكل املناهج ،قد يكون من شأنه أن يسهم يف تقدم العلم شيءكل ، و شيء أييتفاعل مع و يناقش . مقبولة اآلراء

:عند بول فييرآبد النسباويةو العلمية العقالنية ن كل أمذهب يقر ب"أو هي ،مفهوم يقابل االعتقاد بوجود احلقائق املطلقة ،سباوية يف مدلوهلا العامالن

حقيقة غري وجودو املذهب النسيب يكافئ القول بعدم وجود طبيعة ثابتة،، و )2("هي معرفة نسبية) إنسانية (معرفة )3(".حمددة ال ميكن معرفتها من حيث املبدأ

ـــــقد مت حتويلها و العصور القدمية، إىليعود للنسباوية تاريخ طويلو ــــ حسب فريابند ـ طريقمذهب عن إىل ـوجهات النظر النظرية عند إىلاليونانيني أثناء التحول من النظرة الكوزمولوجية عند الفالسفة القبل سقراطيني،

تعرض النسباوية ، و ية يف عصر التنويرفهوم مع احلركة الشكتطور هذا املأرسطو، مث ، و أفالطون، و السفسطائينيا سالح ضد احلكم االستبدادي )4(.كوسيلة لكشف زيف العلم الغريب، و الطغيان العقالين، و اليوم على أ املنهج، و الصدق، و كاملوضوعية ،األسس اليت تقوم عليها العقالنيةو و تعد النسباوية من املفاهيم اليت تتعارض

ا صادقة أو كاذبةفاحلكم عل ،املعايري الكلية الشاملةو ـــ ى نظرية ما بأ ــ ــ ـــوفقا للمذهب النسباوي ـ ـــ ــ هو حكم يتغري ــ ذلك أن اهلدف من البحث عن املعرفة يتوقف على ما يعده ،أخرى إىلومن مجاعة علمية ،خرآ إىلمن فرد

تمعات ،ية مهما أو ذات قيمةالفرد أو اجلماعة العلم الرأمسالية الغربية، يوضع السعي حنو السيطرة على الطبيعة ففي ا قيمة هذا املسعى يف ثقافة أخرى يتم تصور املعرفة وسيلة لبلوغ السالم يتضاءلبينما ،يف املقام األول

.)5(اإلنسانيةالسعادة و

ل قادار توب ، العقالنية العلمية وانتقاداتها:وعبد السالم بنعبد العايل حممد سبيال: نقال عن ، من أجل عقل متفتح: ادغار موران - 1

39ص ،2006 ،1ط الدار البيضاء، املغرب، 466، ص 2، جالمعجم الفلسفي :مجيل صلبيا - 2 66، ص ، م س ثالث محاورات في المعرفة : فريابند بول- 3

4-P Feyerabend : Adieu la raison , op cit , p 27 106، ص ، م س نظريات العلم :أالن شاملرز- 5

Page 173: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 167 -

ذا املعىن إذاو ملعايري العقالنيةا ديد ،خصوصا العقالنيني منهمو تعد يف نظر الكثري من الباحثني ،كانت النسباوية

؟ ــية املعرفو االبستمولوجية هأبعادهي ماو هلذا املفهوم ؟" فريابند"فما هو املدلول الذي أراده ، العلمية :العقالنيةو تيار ضد الدغماتيةو النسباوية نزعة إنسانية

آلخرخيتلف مدلوهلا من مذهب فلسفي إذ ،من املفاهيم الفلسفية الغامضةلنسباوية يعترب مفهوم ا ا إليهالنسباوية بالنسبة ، و نفسه بالنسباوي املتحمسفيريابند يصفو هي الوحيدة اليت ميكن نعتها بكو

تم إن« :حيث يقول ،إنسانيةفلسفة ا ،اإلنسانية بالعالقاتبل ،باملفاهيم النسباوية اليت أقدمها هنا ال تعاجل إ )1( » األذواق املختلفةو التقاليد،و مع العادات ،األفراداليت تنشأ عن صراع الثقافات املختلفة، أو تاملشكال

.ملنهجية او اليت تقوم على التعددية النظرية، و "فريابند"يتفق هذا التعريف مع النزعة الفوضوية اليت يتبناها و ذا املعىن توجه يقوم ضد كل أشكال الدغماتية ضد النزعة العقالنية اليت تعترب الصدق، و فالنسباوية ا األساسية، و املوضوعيةو ــــ على فهي ،املعايري الكلية أحد أركا ـــحد تعبري ـ " Doctrine populaire"عقيدة شائعة ه ـــ

م يعرفون احلقيقةيتم مناهضتها من قبل هؤالء موحدة و فرض طريقة ثابتة إىليسعون ، و الذين يعتقدون أ أو ثقافة ما ،حلياة الناس، لكن هؤالء مل يدركوا أن ما هو حقيقي بالنسبة لشخص ما أو مجاعة ما

.)2(.أخرى ثقافةقد ال يكون بالضرورة حقيقيا بالنسبة لشخص أو مجاعة أو

اليت تقابل اإلنسانيةفلسفة مستوحاة من تنوع الثقافات ، و التنميطو فلسفة تقوم على رفض التوحيد النسباويةف جيهل املبادئ العامة اليت تقيد السلوك املعريف و ،الذي ال يعرف أي منهج ،النشاط املعريف البشري اخلام

. )3(" املتحضر لإلنسانذا التوجه النسباوي يرفض كل املعايريال جيب أن نفهم من و املوضوعية و يرفض الصدق، و هذا أن فريابند

هو احلكم أن يكون املذهب املوضوعي ، و وحيدةو بل انه يرفض أن تكون هناك معايري كلية شاملة ،رفضا مطلقا لنسباوية تعين قبول كل فا ،وحيدة يف احلياة، و طريقة واحدةو أن تكون هناك رؤية، و شيءالفصل يف كل

.يف الواقع" للفعل"فرصة إعطائهاو التصوراتكل و الرؤى املمكنة النسباوي هو الذي يكف عن تقدمي تأكيدات عن طبيعة احلقيقة لقبالذي يستحق إن« :فريابند"يقول ويقدم قد يستخدم أدلة ،مناقشته مع املوضوعي كما أنه يف ،أن يلتزم بدال منها بتقدمي أشياء خاصة، و املعرفةو الصدقو

1 - Feyerabend : Adieu la raison , op . cit , p 101 2 - Ibid., pp 93-94

124، ص ، م س والمنطق اايا في االبستومولوجيقض: سالم بن ميسعبد ال - 3

Page 174: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 168 -

الفرصة إعطاءبل ،املقبولة دون غريهاو لكن غرضه ليس توضيح احلقائق الكلية ،فروضا موضوعية

)1(. » لكل املعارف املتنافسة املعريف النابع من صميم و ايفالتنوع الثقو التعددية إحياء إىلهي دعوة " فريابند"النسباوية اليت ينشدها إن

لدى الشخص الواحد من حالة ، و آخر إىلأو حقيقة ختتلف من شخص ،فهي ال تعين أن كل فكرة ،اإلنساينالوجود بل النسباوية تعين التنوع يف وجهات ،" شيءمقياس كل اإلنسان"، "بروتاغوراس" كما هو احلال عند ،أخرى إىل

كانت ختتلف عن أن، و الكوزمولوجيات البدائية، و التقاليد القدميةو التقاليد، فاألفكارو تنوع الثقافاتو النظر،ا قد يكون لديها القدرة على خلق الوجود املادي إالما تعارفنا عليه اليوم، هناك فليست ،الروحي لناو أ

.رؤية واحدة للحياةو طريقة واحدة غري مؤسسة تواجه النزعة النسباوية باعتبار أن هذه االعرتاضاتكل االعرتاضات اليت "فريابند"يناقشو

ألن إمناو خطأ فيها، غالبا ما تواجه النزعة النسباوية هجوما ليس بسبب أن املرء قد عثر على «:يقول حيث دد دورهم و املرء خيشاها، ا تمعخيشاها املثقفون أل )2(.»الالهوتينيو كما هدد التنوير ذات يوم وجود الكهنة ،يف ا

ا فلسفة تقوض أركان العقالنية ،العلماويون من أشد املعارضني للنزعة النسباويةو و يعترب العقالنيون ذلك أل ما يكون هذا بل غالبا ،ال يقوم على أسس موضوعية أن رفضهم هلذا التوجه النسباوي" فريابند"يعتقد و

ـــوجهات النظر و اآلراء،و فهم يرفضون التقاليد تعسفيا،الرفض ــــ غري العقالنية ــ املوضوعية و بدافع العقالنيةـ ال يكاد أي اختالف بني أعضاء « :يشبه ذلك بقوله و ،مغزى هذه التقاليدو دون أن يدرسوا أو يدركوا معىن

ا قوانني أفرادها عن قوانينها يدافع قبيلة معايري موضوعية، فيما عدا أن إىلبني عقالين يلجأ و ،هلتهمآأل )3( »ال يعرف ما يفعله )العقالين( اآلخريف حني أن ،يعرفون ما يفعلون األولني

التوجهات ، و ماتيةبعض التصورات الدغ إليه آلتاليت تبني ما ،بعض الشواهد التارخيية" فريابند"يذكر و قد بشرت املسيحية حبب اجلنس البشريل «: حيث يقول ،لإلنسانيةشرور و سيآمن م املعيارية االقصائية

الواليات تأسست و انتهت مبحيط من الدماء،، و الفضيلةو بشرت الثورة الفرنسية بالعقلو ،قتلتو تقأحر و )4(.»اإلكراهو القمعو مع ذلك فقد مارست العبوديةو اجلميع، إسعاد إىلالسعي و حلريةاملتحدة األمريكية على مبادئ ا

1-- Feyerabend : Adieu la raison , op . cit p 95

93، ص ، م س العلم في مجتمع حر: فريابند بول - 2 95ص املصدر نفسه،- 3 97، ص املصدر نفسه- 4

Page 175: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 169 -

ـــعقالقادات ــــعلى انت" فريابند"رد ــــيو ـــالنيني للتوجــ ــ ــــه النسبــ ــاوي يف العلــ ــوصــــخصو ،مــ ــرتاضـــا اعـ ذلك " رـــارل بوبـــك"ات ـ

ــلـد بني مشكــــيوح" فريابند"فيما يرى "بوبر"أن ــموضوعيو ة،ــــة موضوعية املعرفـ ــة النظريات العلميــ ــ هذا التوحيد ة، لكنــاالعلم و ون ممكنا أو متاحا يف جمال التاريخكلكنه ال ي ،ءالفيزياقد يكون ممكنا يف الواسعة من احلس تالنفس وا

متوافقني يعين أن أحدمها رأيني غري وأ القول أن وجود نظريتني إىلتفضى " بوبرل"كما أن النزعة املوضوعية )1( املشرتكــــ لكن هذا الرأي يكشف ،مفند أو كاذب اآلخر، و الصدق إىلصادق أو أقرب ـــ حسب فريابندـــ عن ضعف اهلجوم ــ

موقف تبدو غري متوافقة حول اليت اآلراءنقول أن على النسباوية، فلماذا ال يكون ممكنا أن " بوبر"العقالين الذي ميثله أن كال ، و بطريقتني خمتلفتني أيضا بطريقتني خمتلفتني ميكن أن توصف حيحة ؟ فالصورة اليت ميكن أن ترىما تكون ص

)2(.يكون صحيحا اجلزأين ضد التوجه العقالين ، و هي فلسفة تقف ضد كل أشكال الدغماتية ،"فريابند" إليهاالنسباوية اليت يدعو إن

مثلما جعلت النظريات العلمية املعاصرة ، و املعارفو اآلراءالذي يقصي كل ما عداه من ،الغريب الصارم فكذلك جيب أن ااملبادئ اليت قام عليهو العلم يعيد النظر يف املفاهيم) نظرية الكوانطومو النسبيةكنظرية(

ليس كنزعة وحيدة أو النزعة و ،األخرىتقاليد المن بني اأو تقليد زعةلتصبح ن ،هذه املراجعة إىلختضع العقالنية .معايريو اجلديرة بأن يؤخذ مبا تفرضه من قواعد

ادعاء امتالك، و بتوجهه النسباوي ضد كل توجه لفرض منط معني من وجهات النظر" فريابند"هكذا يقف و .كانت العمل على فرضها بأية ذريعة أو حجةو حلقيقةا

تؤمن بأن ، و التعدديةو هي نسباوية تقوم أساسا على فكرة التنوع" فريابند"النسباوية اليت يدافع عنها إن هي جزء أساسي للممارسة املتطورة للعلم ،كل التقاليد املعرفيةو ،األحكامو النظرياتو املناهج، و تاريخ األفكار

ـــــ و حضاري ، فكل اجناز علمي أاإلنسانيةاحلضارة و ـــاحلالي انالعلم الغربيو مبا فيه احلضارةــ ـــ قد مت استنادا ان املعرفة و تتغري مع تطور العلم ،التقاليدو األدواتأن هذه و تصورات متنوعة،و تقاليدو أساليبو آليات إىل

للكاثوليك ميكن « :يقول فريابند ،ثقايف حر تبادل إطارتتأثر يف و ميكن أن تؤثر تاحلضاراو كما أن الثقافات ميكن لعلماء ، و اإلفريقيأن يستفيدوا من السحر لألطباء ميكن ، و الرومان أن يستفيدوا من دراسة البوذية

ــــال ــاألسو رقـــة الطــتفيدوا من دراســـنفس أن يسـ ــاليب اليت يعتـ ــمدها الروائيـ ــــاملمو نيــ ــيف بن نيثلـ ــــنصياتـــاء الشخــ ــ ، وميكـ

1- P Feyerabend : Adieu la raison, op . cit, p 97 2- Ibid p 95

Page 176: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 170 -

أن تتعلم ،بوجه عام ميكن للحضارة الغربيةو وجهات النظر غري العلمية، و دراسة الطرق يستفيدوا منللعلماء أن

)1( » غري الغربيةو مؤسسات الشعوب البدائية، و عاداتو كثرية من اعتقادات وأشياء أمورا لوجود منهج علمي إنكارهذلك من خالل و ،االبستمولوجياو جمال العلم إىلمفهوم النسباوية " فريابند"ينقل و

التصور القائل بأن " فريابند"كما يرفض ،فكل منهج حتدده طبيعة املشكلة املطروحة للبحث ،ثابتو واحد فليس مثة ،الرغبات الشخصيةو الثقافية لشروط ميكن صياغتها يف غياب السياقات العلم جيب أن خيضع

احلقيقة املوضوعية ، و كانت فكرة الصدق املوضوعي إنو أو حقيقة موضوعية، ذلك ألنه حىت صدق موضوعي الرغبة و كامليلفان اكتشافها قد مت عن طريق التأثريات اإلنسانية ،اإلنسانية الرغباتتبدو مستقلة عن

تصورات و تستخدم مفاهيم، و اجتاهات خمتلفة إىلكما أن النظريات العلمية تتفرع ،احلدسو اخليال و االهتمامو وصف على أنه دليلالتصورات ميكن أن يو فأي من هذه املضامني ،أحيانا غري قابلة للمقايسةو خمتلفة

من مجاعة ، و احلجج تتغري من مرحلة زمنية ألخرىو اهاتفاالجت ،على موضوعية نظرية ما ؟ ال يوجد أي دليل )2(. حبث ألخرى الحقة هلا

فكرة اليت تقوم على ،*اإلدراكيةالنسباوية "مبفهوم ،"فريابند"عند ،"مولوجيةيالنسباوية االبست"ويرتبط مفهوم ما يشعر به من جتربة بصرية، يتوقف يف و أ ،اخلربة الذاتية، فما يراه مالحظ ماو باملعتقدات اإلدراكعالقة

.ثابتةو جتارب موضوعيةو عاداته، فال وجود ملالحظاتو معتقداتهو معارفهو جانب منه على جتاربه املاضية، تبين هذه النظريات يؤثر على اعتقادنا، و العامل إىليف النظر تعد مبثابة طرق ،"فريابند"فالنظريات العلمية يف نظر

ختتلف رؤيتنا للعامل ، و بل هناك عوامل خمتلفة ،رنا للواقع اخلارجي، فليس هناك عامل واحد موضوعيتصو و هذا املوقف يف حديثنا عن النظرية إىل اإلشارةقد سبقت ، و التقاليدو العاداتو باختالف املعتقدات .الرباغماتية للمالحظة

1- P Feyerabend : Adieu la raison , op . cit p 29 2- Ibid p 91

" مايكل بوالين"و" توماس كون"و" هانسون"و" توملن"الكثري من فالسفة العلم املعاصرين، ومن أبرزهم ) نسباوية اإلدراك(قد عرب عن هذا املفهوم * الطية املتعددة أن للخربة الشخصية واالعتقادات املسبقة دورا كبريا يف عملية اإلدراك احلسي، فاملالحظنيمن خالل جتاربه اجلشت" هانسون"فقد بني

م رغم أن موضوع اإلدراك واحد، وذلك حبسب اختالفظيالحظون موضوعا واحدا، ويف مكان واحد قد ختتلف مالحالذين م وتأويال ام وأفكارهم امل .سبقة، ويرى هانسون أن هلذه التحوالت اإلدراكية أمهية خاصة يف فهم التحوالت العلميةاعتقادا

جيعل العلماء paradigme" أن تغري النموذج " بنية الثورات العلمية"إىل نفس هذا املوقف، حيث بني يف كتابه " توماس كون"ويتجه .)36-35أالن شاملرز، نظريات العلم، ص . (ما عن ذلك العامل الذي كانوا ينتمون إليه من قبل يشاهدون عامل أحباثهم بطريقة خمتلفة متا

Page 177: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 171 -

حيث ،جمال السياسة إىلبل امتد ،ااالبستومولوجيو لى جمايل العلممل يقتصر هذا التوجه النسباوي عو

نسباوية ليبريالية قوامها بناء جمتمعات دميقراطية تعمل على تشجيع التعددية إىل" فريابند"يدعو ــالتنو ــــاحلريات املو الفرصة ةـــإتاحو ، وعـ ــ يد ــــقالـــع التــلها مـــف عمــة أن تكيـلى املؤسسات احلكوميـعو تساوية لكل التقاليد،ـ

موعة ،مثالفاملؤسسات الطبية ،تكييف التقاليد مع عملهابدال من جيب أن تأخذ طرق العالج غري العلمية احرتام طرائقها جيب ،ث الطرق الطبيةملقارنات مع أحد إخضاعهبدال من حماولة ف ،خاصة يف اعتبارها

.)1(لو بدت عدمية الفائدة و حىت ليس بوصفه معيارا حاكما على باقي التقاليد، و أن يوصف بأنه تقليد من بني التقاليد م جيبـفالعل

علمية كالعقالنيةمحاية من تقاليد غريو وقاية إىليف دميقراطيتنا املنشودة حيتاج العلم إن« " :فريابند"يقول .)2( »محاية من العلمو وقاية إىلحاجة أيضا يف لكن التقاليد غري العلمية ،املدارس الالهوتيةو املاركسية،و تمع احلر الذي ينشده تمع الدميقراطي أو ا تمع الذي تتساوى فيه كل ،"فريابند"من هنا فان ا هو ا

تمع ال، و التقاليد هم الذين يقدرون -أو مؤسسات خاصة ،ليس مجاعة خاصةو - ذي يكون فيه املواطنون هو ام ما، و هو النافع ما، و هو اخلطأ ماو هو الصواب ما .هو غري النافع يف جمتمعا

:الحرية االنسانيةو النسباويةرفض كل الصيغ الشمولية و الفردية، هو تكريس احلرية" فريابند"اهلدف األساسي هلذا التوجه النسباوي عند إن

فتحرير األفراد ال يكون عن "، االيدولوجياأو ،باسم املوضوعية أو العقالنية بالفرد دوتستب ،اليت تفرض مركزيتها إيديولوجيةلنوع جديد من العبودية، سواء كانت هذه العبودية منهجا علميا ثابتا، أو إخضاعهمطريق

م اخلاصةل إدراكهمبل التحرر يعين ،مدةسياسية جا بفكر الفيلسوف " فريابند"يظهر هنا تأثر و ،)3("رغبا الذي يدافع فيه " حول احلرية"، خاصة يف كتابه JS Mill) 1873-1806(" جون ستوارت ميل"االجنليزي

.األفكارو تعدد األداءو اإلنسانيةاحلرية و النزعة الفردية،عن فقد حرم ،فان كان ذلك الرأي صائبا ،أن كبت حرية الرأي هو سلب حلرية اجلنس البشري بأكمله" ميل"يرى إذخاطئا فان الناس سيحرمون ) املكبوت(كان ذلك الرأي إن، و من فرصة يستبدل فيها الباطل باحلق) اجلنس البشري(

)4(.رنته باخلطأمن فرصة االزدياد من التعرف على احلق بشكل واضح نتج عن مقا

1 -P Feyerabend : Adieu la raison op cit , p51 2 - Ibid p 53

230، ص هاكينج، م س نااي، حترير الثورات العلمية، يف }كيف ندافع عن المجتمع ضد العلم{: فريابندبول - 3 34، ص ت،د ط ، ترمجة عبد الكرمي أمحد، مطابع شركة اإلعالنات الشرقية، د حول الحرية: جون ستيوارت ميل- 4

Page 178: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 172 -

، فمهما بلغ اإلنساينباعتبارها ضرورية خلري العقل ،حرية األفكارو ة األداءعن قيمة تعددي" ميل"دافع يو

العقائد السائدة و األخالقو مهما بلغت ثقته مبخالفة هذا الرأي للدين، و اآلراءمن رأياقتناع املرء بفساد على هذا االعتقاد الفردي، أن حيول دون مساع الدفاع عن هذا الرأي ا جيوز له بناءفال ،جمتمعهو يف عصره

)1(.فقد ادعى لنفسه العصمة من اخلطأ إالو ضـرفو ، اآلراءتعدد و يف الدفاع عن احلرية الفرديةسندا قويا ،"ميل" آراءيف " فريابند"و قد وجد

ــــ " فريابند"فاحلرية اليت ينشدها )2(الرؤية الواحدة،و لنموذج الواحدفرض ا ةإراد ـــ اية لتوجهه النسباويكغــ ـــ هي ــ إىلرفض النموذج الغريب املستند و لكل الثقافات غري الغربية،، و أن نعطي احلقوق املتساوية لكل التقاليد

الذي يقوم على اعتقاد أنه النموذج األمثل الذي جيب أن تقتدي به و العلم الغريب وحده،و العلم الغريب .احلضاراتو كل الشعوب

:العلم وامتيازه عن باقي النشاطات المعرفية ألسطورة تفوق رابندنقد فيرهو استفزازا،و حول العلم واحدة من أكثر وجهات النظر جرأة" فريابند"وجهة نظر تعد يندرج تصو

القائمة على مسلمة ،إىل مناهضة العقالنية العلمية الغربية ،السياسي الرامي و للعلم يف إطار مشروعه االبستيمولوجيم أو املعيار و السيطرة عليها،و مفادها أن العلم الغريب هو وحده دون غريه القادر على اكتشاف الطبيعة أنه املقي

.ملعارف األخرى غري الغربيةاو الوحيد للحضارات هل ختتلف معايريهو ما هو العلم ؟: يف معرض مناقشته ملوضوع العلم من تساؤلني رئيسيني، األول "فريابند"طلق ينو ما هو الشيء العظيم يف العلم الذي جيعل : السؤال الثاينو حقول النشاطات اإلنسانية األخرى؟و نتائجه عن معايريو

ة؟ من النشاطات املعرفية األخرى أرقىو ،منه مفضال )3(؟ هل بسبب عقالنية معايريه أو بسبب نتائجه املهم كيفو العلم يةعلم تقدم تصورا خمتلفا عن ماهإن اإلجابة عن السؤال األول متعددة، فكل مدرسة من مدارس ال

ل بقولهبول فيرابند جيمل و يؤدي عمله، فة حبجب من الظالم،طب إن«: إجابته عن السؤال األو يعة العلم مازالت مغل )4(.»مثة فرصة ساحنة ملعرفة ما متواضعة عن العلم سوف تنشأ ذات يومو ال يزال املوضوع قيد املناقشة،و

47ص ، م س، حول الحرية: جون ستيوارت ميل - 1

2 - P Feyerabend : Adieu la raison op cit 45-46 .91، ص ، م س العلم في مجتمع حر :فريابند بول -3 92، ص نفسه املصدر -4

Page 179: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 173 -

ا بالنسبة قه عن باقي النشاطات املعرفية اإلنسانية األخرى، و المتياز العلم أم فان املدافعني عن هذا الرأي تفو

: بنون موقفهم على دعامتني أساسيتنييا وال تدين بشيء أليب يف االعتقاد األوىلتتمثل الدعامة فعاليات غري علمية أن نتائج العلم مستقلة بذا

.متالك العلم ملنهج علمي ثابت قائم على جمموعة من القواعد الصارمةيف القول باالثانية تتمثل و قيو تمع، إذ من النادر أن جند شخصا يسأل "فريابند" عل يشكك يف أفضليةو بسخرية على ما هو شائع يف اقو االت، على باقي هتفو يدافعون عن العلم مثلما يتصرف املدافعون فالسفة العلم و العلماء ذ جتدإ «ا

كان هذا التوجه و بال معىن،و كل ما عاداه وثينو سي صحيح،نالكعن الكنيسة الرومانية الواحدة، فاملذهب )1(.» قد وجدت هلا اآلن موطنا جديدا يف العلمو ذات يوم كنوزا للخطابة الدينية،

أن العلم ليس كتابا مغلقا ال ميكن فهمه إال بعد سنوات من التدريب ىر يو هذا التوجه، "فريابند" يعارض ينتقده أي شخص معين باألمر، أما صعوبة العلم املزعومة فذلك يرجع و ام عقلي ميكن أن خيتربهإمنا هو نظو

عب يف نفوسنا ها إىل احلملة املنظمة اليت يشن )2(.العديد من العلماء إلدخال الراالت املعرفية األخر ق العلم عن باقي ا ننا تمثل يف أيفادح ى أمرا بديهيا، مبعثه خطأإن ما جيعل تفو

)العلمي املنهج ،اليقني املوضوعية، الصدق،( الت على أساس معايري العلم ذاته اا بني غريه من و ،نفاضل بني العلمق بسبب نتائجه، فنحن نعلم ما يؤديه العلم ،وال بسبب منهجه لكن تاريخ العلم نفسه يؤكد أن العلم مل يتفو

ا إذا كان يف مقدور تقاليد أخرىلكن ل ـــعلمية غريــــ يست لدينا أدىن فكرة عم ــ ــ ن تؤدي أفضل منه بكثري أم الأ ـ )3(.ولذا يتعني علينا أن نبحث عن ذلك

ا تدين بشكل كب ذلك ،االمتيازو ال تعطيه األفضلية ،ه فالنتائج اليت حققها العلم يف مجيع جماالت ري إىل ألب املثال و ال تنتمي إىل مضمار العلم، معارف غري علمية هي من نتاج معارف إنسانية قدمية فريابند لاحملب

تبىن أفكارهحيث "فيلوالوس" من الفيثاغوري أفكاره "كوبرنيك"استقى فقد، "الثورة الكوبرنيكية"هو الصدد هذا يفــــبع هاـدافع عنو ــد أن خــ ــالعق قواعد رق ــــ ـــ اـيوفـاغوريا صـــثـــفي "الوسلو ـفي"كان و رتك،ـــاملش احلس قواعدو ، السائدة النيةـ

92 ، ص س م، العلم في مجتمع حر: فريابند بول - 1 ،235ص س م }العلمكيف ندافع عن المجتمع ضد { :بول فريابند -2 121ص ،م س ،العلم في مجتمع حر بول فريابند -3

Page 180: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 174 -

ن كثريا ناالبصريات تديو امليكانيكا جند أن ،ومثلما انتفع علم الفلك من املذهب الفيثاغوري ،الذهنمـــشوش

افنيالو يدين الطب للقابالتو حلرفة الصناع، العلم وضوعيةالقول مبان ف ومن هنا،)1(وبائعي األدوية املتجولني عر .وهم باطلهو والثقافية عن التأثريات السوسيولوجية هحيادو حبجة امتالك العلم ، على املدافعني عن امتياز العلم عن شىت ضروب املعارف األخرى "فريابند"كما يرد

ا أي شك عرفة منظمة يقينية صادقةل منه مملنهج جيع بأن تاريخ العلم نفسه يشهد أن فكرة وجود ،ال يشوره، فهناك الكثري من النظريات منهج علمي ثابت ينظم عملية اكتساب املعرفة العلمية الصحيحة ال يوجد ما يرب

ا جتاوزت . اجلامدة يف عصرهاو العلمية الثابتة انتهكت املناهجو العلمية حققت تقدما يف العلم أل املعارف امتيازه عن باقيو ا لتأييد الدور االستثنائي للعلمائية ميكن اعتمادهو حلجة قطعية إذنفال وجود

ـــ بل ليست للعلم ،األخرى ـــ على حد تعبري فريابند ــ ــ الشعوذة أو و أي مسة جتعله أمسى أو خمتلف عن السحرـتمع ادإال تقلي فالعلم ليس ،التنجيم .من بني التقاليد األخرى املوجودة يف ا

ــــ حنن« : فريابنديقول ،فانه عادة ما يستثين العلم ،النقد ينصب على كل التقاليد إذا كانو تمعات الغربية ـــ ــ ا ــ ـــ ـعلى سبيل Kropotkin *نيكروبوتك"ذهب فقد ،علمباستثناء ال، كيفما نشاءو اآلن نستطيع أن ننتقد ما نشاء

الكاتب املسرحي إال أنه يستثين العلم، كما ينتقد ،صور االعتقاد التقليديةو املثال إىل ضرورة هدم مجيع مؤسسات "ليفي ستروس"قد جعلنا و أهم إيديولوجيات القرن التاسع عشر، ما عدا العلم،I bsen **هنري ابسن"

LEVI STRAUSS ة االجناز البشري الوحيد ديع ندرك أن الفكر الغريب ال كما كان معتقدا من قبل ،قم )2(.إال أنه يستثين العلم من انتسابه لإليديولوجيات

عقالين انه نظام ،ليس نظاما معرفيا مقدسا يستلزم الكفر بكل ما عداه أو خالفهفيرابند لعلم حسب إن ا الثامن عشر و إذا كان العلم الذي ساد يف القرنني السابعو ،األخرى املعرفية يزدهر وسط األنظمةو ينمو أن وجب

رو أداة للتنويراعترب قد .يظل دائما أداة للتحرر أو التنويرفمن غري امللزم أن ،التحر

92، ص ، م س العلم في مجتمع حر : فريابندبول - 1

2- P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 34 0 ــ1842:( روبوتكنك* رية يف الشيوعية تقوم ارتبط امسه مبذهب الفوضوية ، وضع نظ ،وكاتب سياسي روسي ،عامل جغرافيا Kropotkine )1922ــ

مذكرات ثوري: صة ومتلك الثروات، من مؤلفاته امللكية اخلاعلى إلغاء ــ 1828:( هنري يوهان ابسن** علألوضا يعرف بأيب املسرح احلديث ، متيزت مسرحياته بالطابع النقدي ،كاتب ومسرحي نروجيي I bsen) 1906ــ

تمع لبط المتمردا، مسرحية عدو الشعب، حاألشبا : عمله أ أشهر، من األورويباالجتماعية اليت يعيشها ا

Page 181: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 175 -

ــفالعلم شأنه يف ذلك شأن أي ــديـــة إيـــ ـــولـ ـــ، قرىـــة أخـــوجيــ ـــالدمو رابــــؤدي إىل اخلـــد يـ ــلم اليــل إن العــ، بارـ ح ــــوم أصبــــمي ـــبـتـــل يف اســـاثـ ااإليديولوجيات اليت جا دادهــ . منهااإلنسان خيلص و ء أصال ليحار الدرب األوحد يس هو لو وجهات نظر متعددة،بني من وجهة نظر واحدةهو "فريابند"يف تصورالعلم و

فنحن نعلم « :فيرابنديقول ،ي نلجأ إليهاألوحد الذ ار ينبغي لنا أن جنعل منه املستشالواقع، فالو صوب احلقيقة اليت ال تزال قريبة الصلة برؤية و ،األشكال التقليدية للطب يف الصنيو ،الطب الشعيبو العشريي البدائيأن الطب

العالج من الطب العلمي، كما أننا و الطبيعة، لديها يف الغالب وسائل أفضل للتشخيصو اإلنسانو حلس املشرتكا بعيدة املنال داليت تعو قد سامهت يف حل مشكالت الوجود اإلنساين، ،نعلم أيضا أن األشكال البدائية للحياة

.فقطهذه الثقافات البديلة، فهو فرق يف الدرجة و بني العلم فرقهناك إذا كان و )1(»بالنسبة للمعاجلة العقالنيةا بناء مهم يشيد فريابند باألسطورةو رات ،بكو ا وجوديا مت من خالله تقدمي جمموعة من التصو حيمل مه

لزماينا بسياقها اتطوير التفسريات األسطورية إذا ما مت ربطه ميكنو ،القيمو املعرفةو الكونو حول اإلنسان .بطريقة كالسيكية عدم تأويلهاو ،املكاينو ذا يص العلم أشباهالالعلم و و بني العلم االبستيمولوجيون وضعهالتمييز التقليدي الذي إىل أن " فريابند" لو

ر أن نتحكم يف و بيعةفإذا أردنا أن نفهم الط «: ،حيث يقولملعرفةمضر بتقدم او هو مصطنعبل ،غري مرب )2(.»ليس إىل نوع معني فقط و املناهج،وكل ينبغي االستناد إىل كل األفكار يوحميطينا الفيزيائ بيئتنا

م تكن على فلكما أن هذا التمييز بني العلم واألنشطة املعرفية األخرى هو من صنع احلضارة الغربية، ة منافسة عادلة بني هذا التعقيد الكامل لألفكار،اإل تمعات و أديانو بني أساطريو طالق أي فات ا تصر

لكن ألن رسل ،هذه الديانات، ليس ألن العلم كان أفضلو تدهورت هذه األساطري،و الغربية، فقد اختفتغري م طمسو و ذوي عزمية،و العلم كانوا مظفرين )3(. ع أخص حاملي الثقافات البديلةا بنو أل

لصاحل احلركة االستعمارية اليت ال خيفى على أحد ما قام به املستشرقون من طمس ملعامل الثقافات البديلة،و ا او ما فتئت تتسع جماال فرض النموذج و ،العامل اليوم يف إطار سياسة العوملةيعيشه ما و وسائلها،و أدوا

.هو صورة واضحة لذالك الغريب

79، ص ، م سالعلم في مجتمع حر: فريابند بول -1

2- P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 34 6 117، ص ، م سالعلم في مجتمع حر :ريابند بول ف - 3

Page 182: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 176 -

ق الظاهر للعلم الغريب إن هذا طمسه للثقافات األخرىبسبب إمنا و مل يكن بسبب ما حققه من معارف، التفوث معظم العامل مبرض معد ال شك أن العلم الغريب قد« : يقول فريابند ،استغاللو ذا أصبح وسيلة استبدادو لو

قد أدخل حتسينات على حياة هؤالء الذين يتصلون به ؟ هل هل هذا التلوث الذي أحدثه العلم الغريبن لكا سادت و اإلجابة لدي بالنفي، فاحلضارة الغربية، قد مت فرضها بالقوة، إن ليس عن طريق حجج تبني صدقها، أ )1(.»ن أسلحتها أفضلأل

:جي للعلم االديولو للتوظيفبند رايف نقدمات تقومخاصة إيديولوجية "فريابند"أصبح العلم يف نظر أن االعتقاد أبرز هذه املسلمات من، و خاطئة على مسل

ابتة العلمية هي وحدها احلقيقة احلقيقة أي الصائب رأي العلماء، و الث التكنولوجياو أن العلمو املتخصصني هو وحده الر .مشاكل اإلنسان أن حيال وحدمها ميكن مات قد تغلغلت يف النسيج الثقايف للمجتمع نت، و إن هذه املسل املعارف غري اقصائية لكل ايدولوجيا كو

ـــرتاض التفــبل إن اف ،ةــالعلمي ق املالزم للعـ ــــق لمـو ــــد تعـ ــدى العـ ـــح موضوعـــأصبو ،لمــ ـــعن الراسخ مانـــا لإليــ ــــكل شخد ـ ص ـتمع العلماءو ضد العلم شعواء يشن محلة "فريابند"األمر الذي جعل اإلنسانيةرية احلعن و دفاعا عن ا

من كل االلزامات مبا فيها السلطة و ،يقوم على حترير الفرد من كل اإليديولوجياتحر جمتمع إىليدعو و .لعلماء اليت ال يقل تأثريها عن السلطة السياسيةاو سلطة العلم العلمية

تمع ضد العلم إىلال يقتصر على الدعوة و بل يدعو كذلك إىل حترير العلم من أيدي املتخصصني ،محاية ا للمعاجلةأصبحت موضوعا قد ،االجتماعيةو السياسيةو يع صورها و أشكاهلا االقتصاديةالعالقات اإلنسانية يف مجألن

الفرد ماء يتدخلون يف أدق دقائق حياةأصبح العلو ،الصحةو الدراسة العلمية كما هو مسطر يف برامج التعليمو ة ا على املواطنني داخل و بل ،أضحى العلم مؤسسةو ،طريقة النومو ملبسو أكلمن م ،الشخصي سلطة تفرض سيطر

تمع ة والدميقراطيةو ا ي ) 2(. دد احلرتمع الذي حياول فرض قيمه الثقافية على الثقافات تمع احلر الذي ينشده فريابند ليس هو ا إن ا

تمع الذي ،األخرى املستضعفة ـــالثقافو فيه لكل التقاليد تكون بل هو ا ـــات حقــ ــ ــوق متـ هذا يظهر من خالل ، و ساويةـ

1 - P Feyerabend : Adieu la raison op cit p339 2 - P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 339

Page 183: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 177 -

ة الفردية تأثر املوقف املدافع ع ي يقول إذ " احلريةعن " هيف مقال خاصة "جون ستيوارت ميل"بأفكار "فريابند"ن احلر

أي العامو تكفي محاية الفرد من طغيان احلكم، ال« :"ميل" الشعور السائد،و إمنا ينبغي محايته أيضا من طغيان الرتمع إىل أن يفرض إرادتهو اأفكاره علو محايته من ميل ا إجبار الشخصيات على أن كذاو ،ى األفراد الذين يرفضو

ف نفسها مع النموذج الذي تمع تكي )1(. »يعده اتمع احلر الذي العقالنياتو اإليديولوجياتو جيب أن تتساوى فيه التقاليد "فريابند"يدافع عنه إن ا

او اليد األخرى املتنافسةالعلم جيب اعتباره تقليدا كغريه من التقو مدى سلطتها يفو ،اليت تتفاوت يف كفاءا غريها من األنساقو ،األعرافو األديانو األساطري القدميةو من هذه التقاليد احلكمة الشعبيةو ،على الفرد

تمع احلر و ،خرىهلذا ال ميكن أن يكون العلم حكما على التقاليد األ ،املمارسات االجتماعيةو األعرافو أن ا بل يتم تأسيسه على تعددية التقاليد ،ال على عقالنية واحدةو ،س عن طريق مذهب جزئيـال ميكن أن يتأس

.سيادة روح التعاون على مستوى األمم و : من فصل الدين عن الدولة إلى فصل العلم عن الدولة هلذا يدعوو ،دين الدولة العلم قد أصبحل األمهية، وهي التوظيف السياسي للعلم،قضية بالغة "فريابند"يثري

فمنذ انطالق النهضة ،عن السياسة يف العصر احلديث كما مت فصل الدين ،)الدولة(عن السياسة هإىل فصلالذي كان جزءا من البناء األساسي خاصة الدينو ، األوروبية دخل العلم مضمار املنافسة مع باقي اإليديولوجيات

تمع، و للمجتمع الدولة مل يعلنا بعد أفضلية العلم على باقي اإليديولوجيات يف ذلك احلني، نرى العلم و مبا أن اأ نزعة قد يف عصرنا رية بفضلو تبو ة حتر ال ،على رأسها الدينو باقي اإليديولوجيات هيمنته على قو ففسح ا

احله ـه املنافسة اإليديولوجية لصـعد حسمـب لكن العلمو ،ساينـطرق جديدة للتفكري اإلنو ملكان بديلقى ـأضح تمع جلزءا أصبح و ،األفضليةو اإليديولوجية املقرتنة دائما بالتفو مثلما كانت الكنيسة ،األساسي يف نسيج ا

ت غم و مع،ذات يوم اجلزء األساسي يف بناء ا ليس من انفصال الكنيسة عن الدولة انفصاال ال شك فيه، فانه على الر )2(.الدولةو بني العلم هناك انفصال

تائج الوخيمة اليتله داللة ،ارتباط الكنيسة بالدولةب ،العلم بالدولةارتباط فريابند مقارنة إن تنتج واضحة على النقة فهالسياسية احلسابات و فالعلم ليس يف منأى عن التالعبات ،ياسيةعن استغالل العلم ألغراض س ــناك عالقالضي ـــ ة ــ

122، ص م س ، حول الحرية :ميل تستيوار جون - 1

2 - P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 337

Page 184: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 178 -

علم والعلماء إىل حيث حتول ال ،1القائمة املؤسساتو السياسية السلطةو ،املدعمةالعلمية الفرضياتبني

فهذوسائل وأدوات يف خدمة األنظمة السياسية، ا خل فقد عاىن ،من مآسي إنسانية التكنولوجياو مالعل ها فضال عم حد ضحاياها نتيجة اإلصابة اليت تعرض هلا يف العمود الفقري أنفسه "فريابند"وقد كان ،اإلنسان حربني كونيتني

ه الفكرية يف حيات اكبري اثر ألك وقد كان لذ ،واليت جعلته ميشي على عكازين طوال حياته ،احلرب العاملية الثانية إبان هلذا جند ،نتيجة جتاربه على اإلنسان والبيئة ما أحدثه العلم املعاصر من نتائج ال أخالقيةناهيك عا ذه

إن فصل العلم عن الدولة ميكن أن يكون فرصتنا الوحيدة للتغلب على بربرية العصر العلمي « : يقول فريابند )2(. »التكنولوجي و تمع يتعارض مع املوقف اإلنساينكما أن إضفاء ال ابع املؤسسايت على العلم يف ا ة الفردية، فالعلمو ط ي يتم احلر

إذا كان يف « : دحتددها الدولة، يقول فريابن ،بوصفه مادة دراسية) اجلامعاتو املدارس(تعليمه يف املؤسسات التعليمية ـــ اء، فانه ال يسمح له أن خيتار اليوم الدين الذي يش إمكان األمريكي ــــحىت إشعارــ ـــ م أبناءه السحر ـ بدال آخر أن يعل

. )3(»الدولة و العلم الدولة، لكن ليس هناك فصل بنيو من العلم، فهناك فصل بني الكنيسةتمع احلر الذي ينشده إن وظيفتها أن و ،تكون حمايدة من الناحية اإليديولوجية جيب أن "فريابند"الدولة يف ا

تمع تنسق بني مجيع ة االختيار حىت تضمن، اإليديولوجيات املتنافسة يف ا ي فإذا كانت الكنيسة ،لألفراد حرة على العلم ية الدولة تستخدمه لألغراض نفسهافان العلم اليوم أصبح حتت وصا ،تستعمله ملراقبة األفكارو ،وصي

.ظ على احلرية الفردية من فصل العلم عن الدولةلذا كان لزاما للحفاتمع من سلطة العلمو ،إن دعوة فريابند إىل فصل العلم عن الدولة على احلقيقة دعوة مبنية هي يف ،العلماءو حترير ا

لقائم على ا السياسي، هذا املوقفو الذي التزم به يف إطار مشروعه الفكري يف شقيه االبستيمولوجي قف اإلنسياملو ة الفردية ي حتقيق إنسانية من يت حتد ـزامات الإلغاء كافة االلو السعادة اإلنسانية،و ضرورة حتقيق أكرب قدر من احلر

.اإلنسان

79، ص2005دار مرييت، : ، القاهرة1، ط علم اجتماع المعرفة وصراع التأويالت :شحاتة،صيام -1

2 - P Feyerabend : Contre la méthode ,op cit p 338

3 - Ibid p 337

Page 185: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 179 -

من طرف احلضارة االستغالل غري املشروع لهو التوظيف اإليديولوجي للعلمضد فريابند وهكذا يقف يف إطار املشروع غري الغربية أشكال املعرفةالبدائل و وذريعة إلقصاء كل ،نه مقياس التفوقاليت جعلت م ربيةغال

.التطورو غريب املنشأالقائم على فكرة أن العلم الثقايف الغريب

:تعليق و نقد جرأةو ييزامن العقالنية الغربية عموما من أكثر املواقف متو ،املنهجو من العلم" فريابند"موقف يعد هذه لكن ،"فريابند"العلم الذين تناولوا نفس املشكالت اليت تناوهلا هذا ما ال جنده عند الكثريين من فالسفة و

النسباوية جدال كبريا بني و ، فقد أثارت أطروحته املتعلقة بالفوضويةدائما الصواب اجلرأة ال يالزمهاا قد ألغت بعض أشكال الدغماتية اليت سيطرت على قفقد ،تودولوجينيامليو االبستمولوجيني بلها البعض كو

ا عملت على تقويض أسس العقالنية دون تقدمي و ستمولوجي لفرتة طويلة،بقل االاحل قد رفضها البعض باعتبار أ لم ذاته، أو يف تطبيقاته العمليةعاملنهجية املطروحة يف الو بديل ميكن أن يساهم يف حل بعض املشكالت النظرية

االجتماعية اليت يعيشها و تساهم يف حل املشكالت السياسيةمل "فريابند" قدمها كما أن االقرتاحات النظرية اليت .املعاصر اإلنسان

حديةأن النظرة الوا، و اإلبداعحرية و خصوبة التفكري إىلاملنهجية تؤدي فعال و فال شك أن التعددية النظرية حتمسه للنسباوية جبميع أشكاهلا و "فريابند"خنق املواهب، لكن دفاع و اإلبداعكبت إىلو فقر معريف، إىلتؤدي

ــــ ل ــ ــــ، أخالقية ابستمولوجية، ثقافية ،يرباليةـ ـــ ي بني األفرادكانت النسباوية األخالقية تسو فإذا ،أمر مبالغ فيه ـ هو موقف يصعب الدفاع عنهو ي بني كل أصناف املعرفة،البشرية، فان النسباوية املعرفية تسو اجلماعات و .عليه احملافظةو من زاوية أخرى قد تكون النسباوية ذريعة لتربير الوضع الراهنو غماتية و ل الدكسبيل ملناهضة كل أشكا ،احلرص عليهاو التحمس هلاو النسباوية إىل" فريابند"دعوة نكما أ

.يةنزعة شك إىلأو ،من أشكال الدغماتية آخرشكل إىليؤدي ، و نوع من التعصب إىلقد حييل كان يصدق يف جمال امليتودولوجيا إنو ،الفوضوية" فريابند"الذي تقوم عليه نظرة " حسن شيءكل "شعار إن ـــــ ــ ــــتفرض طبيعة املنهج اليت املوضوع هي أن طبيعة، و مبعىن أن كل منهج مقبول ـ فان تعميمه على مجيع جماالت ــــ

هو مقبول ما، و الشرو اخلري، و القبيحو فهناك احلسن ،السياسية أمر مبالغ فيهو العمليةو احلياة األخالقية .ما هو مرفوض و

Page 186: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 180 -

اللجوءو كافة األحكام املوضوعية إلغاء إىلال يؤدي بالضرورة ،كليةو لوجود معايري ثابتة" فريابند"رفض نأ كما )1(.األحكام الذوقية إىل

خرق القواعد املنهجيةو الفوضىو مظاهر التناقض إبرازيف " فريابند" إليهاالشواهد التارخيية اليت يستند إن ــأن اخلطاب الفوضوي عل البعض يرى هذا ما ج، و قد تكون جمرد حاالت شاذة من تاريخ العلم ــ ـــ ال ينقد " فريابند"ل

واحدةصلة مل يعرض تاريخ العلم و " فريابند"، مبعىن أن )2( الصورة املشوهة اليت أضفاها الفالسفة على العلمإال جعلها و املبادئ،و داستلهم من اللحظات التارخيية اليت حصلت فيها هذه االنتهاكات للقواعو انتقائيا،كان لب

.العلم ته ونظرتهاألساس يف بناء فلسف ليس ، و كان حمقا يف القول بأن العلم هو فقط منط من أمناط املعرفة البشرية فإذاخبصوص موقفه من العلم، وأما

تعقدهاو تنوعهاو على اختالفها اإلنسانليس هو السبيل الوحيد حلل مشكالت و النمط الوحيد هلا، هوقد تكون ،األسطورة، و املعتقدات الشعبية، و النصوص األدبيةو الفلسفة، و ألمناط الفكرية األخرى كالديناباعتبار أن

يفان هذا ليس مربرا ألن ،هي األخرى مصدرا للحلول املمكنة األسطورة و أو بني العلم ،مثال العلمو بني السحر نسو .عمل كل منها آلياتو أهدافو الف جماالتذلك الختو الشعوذة،و أو بني العلم

بعض التقاليد املعرفية األخرى ، و الطب التقليديو ، يفضل أحيانا األسطورة"فريابند"كان إذاومن جهة أخرى أو األفكار اليت يقوم عليها تصوره للعلم ،املنطلقات إحدىعلى العلم املعاصر، فان ذلك ال يتناسب مع

ذا خيالف املبدأ الذي سلم به ذلك فكرة الالمقايسة، فهذه التقاليد غري قابلة للقياس املتكافئنعين بو .، فهو بني أية ظاهرة و جنده يسوي بينه إذ ،صفه بأقبح الصفاتحينما ي، العلم يف احلط من قيمة" فريابند"بالغ و

مربر للجمعأي فليس مثة )3( ةر العهاالعلم أو ،نالعلم أو الدي"اجتماعية أو ثقافية أو جنسية، حيث يقول .بني هذه الظواهر

التاريخ أن ، فقد كشف االستعمار خبالف التقاليد األخرىو كما يبالغ يف القول بأن العلم سبيل للقمع خيفى على أحد ال ، و أيضا القمعيو املسعى التوسعي هذا عن مبنأىهي األخرى هذه التقاليد مل تكن

. قد كان العلم نفسه ضحية لقمع هذه التقاليد، و اضطهادو ما نتج عن استعمال الكنيسة للدين من قمعاآاملو كما أن العلم ليس مسؤوال مسؤولية مباشرة عن اهليمنة اليوم اإلنسانيةتشهدها و سي اليت شهد

ـــعلى نوع األنظ تتوقف اإلنسانيةألن مشاكل ـــاجلو رادـــلوك األفــــحكم يف ســـتــية اليت تــماعـــاالجتو اسيةـــالسي مةــ ــماعـ ــ اتــ

1- A Chalmars. : La fabrication de la science , op cit p 13 2 E Dissaké : Feyerabend Epistémologie, anarchisme et société libre , op cit , p125 3 P Feyerabend: Contre la méthode , op cit , pp 21-22

Page 187: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

تمولوجيةالفوضوية االبسو العقالنية العلمية الفصل الخامس

- 181 -

أو اقتصادية عسكريةأو دينيةطط ملمارسة إيديولوجية أو ليس على العلم مباشرة، ذلك ألن الذي خيو

.أو االيدولوجيا أو غريها ،كالدين أو من غري العلم ،ت من العلمسواء كان ،يستعمل كل الوسائلقد

التقنية، فغاية العلم هي و أو بني العلم ،بني التطبيقات العملية للعلم، و من جهة أخرى جيب أن منيز بني العلمو قد املوجه للتقنية من مثة فان النو ،الوظيفةو يف حني أن غاية التقنية هي الفاعلية يف العمل ،التفسريو الفهم

على الرغم من التداخل بينهما ،ال ينطبق بالضرورة على العلم ،ةشرور لإلنسانيو سيآبسبب ما خلفته من م صناعة األسلحة إىلال و ال لتفجريهاو صنع القنبلة الذرية، إىلمعرفة الرتكيب الذري للمادة ضرورة فال تؤدي مثال

ــــ أحد ضحاياها" فريابند"اليت كان و ـــــ قيام حرب كونيةو ــ ال تؤدي بالضرورة معرفة مكونات اخللية احلية إىل و ــا اهلندسة الوراثية .علم اجليناتو املشاكل األخالقية اليت أفرز

العقالنية الغربينيو لصورة العلم "الفريابندي د من قيمة هذا التوجه النقديهذه التعقيبات ال حت لكنمن فالسفة العلم الغربيني القالئل الذين انتقدوا العقل الغريب، ال من منظور اجتماعي أو سياسي " فريابند"فقد كان

" سهربمار "، و"ماركيوز"، و"ووأدورن"هوركهامير، "كما جند ذالك عند زعماء مدرسة فرانكفورت أمثالفقط، من منظور فيريابند للعقل الغريب ، بل كان نقد"،وديريدا"هيدجر"و،"نيتشه"د ذالك عند والمنظور فلسفي كما جن

.وهذا ما عرب عن أصالة موقفه ابيستيمي

Page 188: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

خاتـــمة

- 183 -

ةـخاتم

مجلة من النتائج إىلعرب فصول هذا البحث، توصلت اإلشكاليةمناقشة لعناصر و على ما تقدم من حتليل بناء :التالية األساسيةنلخصها يف النقاط

العقل جلميع صور العقالنية، ال يعين أنه ضد " فريابند"مناهضة هو أن ،إليه اإلشارةأول ما ميكن إن هو ضد فرضية وجود معايري وقواعد ثابتة كلية وال تارخيية حتكم العامل إمناو ،العقالين تفكريالو بل يرفض " ،وداعا للعقل"ال يرفض العقل يف حد ذاته كما قد يفهم من مؤلفه فهو ،مجعاء اإلنسانيةو

اعد ال ينبغي له اخلروج عنها، كما يرفض يد العقل، أي املوقف الذي جيعل للعقل قو عتق إىلاملوقف الداعي من هنا يصبح هذا العقل و العقل املؤيد أو الداعم ملوقف معني على حساب مواقف أخرى دون أي مربر،

.هي االديولوجية الغربية أو العقل الغريباديولوجية معينة و قصائيا يعرب عن إنفسه عقال ما هو ال عقلي، أو ما يطلق عليه مبضادات و ل ما هو عقلي،مرن يشم عقل متفتح إىل" فريابند"يدعو

التقاليد واملعتقدات الدينية و االجتماعية،واخليال والرغبة واحلدس، واملتغريات الثقافية و كالعاطفة،العقل العقل يستلزم مناهضة اإلنساينالتنوع ن تعقد الواقع و ، ذلك ألاإلنسايناملعرفية اليت تعرب عن البعد

، مصطلحان ملتبسان يصعب الفصل أو التمييز بينهما بالنظر "والالعقلي" "فالعقلي" الكلي الالتارخيي، جيرد وداعا للعقل الذي: تعين" وداعا للعقل"من هنا فان ، و املعرفة البشريةو إىل التاريخ املعقد للعلم

.النمطية، ال وداعا للعقل يف حد ذاتهو األحاديةداعا للنظرة و ، و اإلنسانيةالعلم من النظرة ملفهوم املنهج، كان بسبب أناملوضوعية، وملفهوم النظام، و ملفهوم" فريابند"االنتقادات اليت وجهها إن

فة املعر إلنتاجأخرى أمناط إلغاء إىلائية تسعى صقإهذه املفاهيم كما تصورها العقالنيون، هي مفاهيم .اإلنسانيةهذا ما يتناىف مع احلرية و الوحدة،و التنميط إىلكما تسعى

كما أن فريابند ليس ضد العلم، وإمنا ضد سيطرة العلم وسيادته، وضد مقولة أنه وجهة النظر الواحدة ب أن تأخذ والوحيدة للنظر إىل العامل وتفسريه، فهو واحد فقط من العديد من وجهات النظر اليت جي

.يف االعتبار جبدية الفوضى : "الفوضوية"ال تعين و "الفوضوية االبستمولوجية"وهي لنظرية جديدة يف املعرفة،" فريابند" لقد أسس

العقل بقواننيهلذا املصطلح اجلديد يف فلسفة العلم، هو عدم التقيد " فريابند"املعىن الذي أراده إمناو أو العشوائية،

Page 189: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

خاتـــمة

- 184 -

أكثر هو " فريابند"يراه كما املنهجية، فالعلم و البدائل النظريةاخليارات و كل التفتح علىو ،معايري العقالنيةو

قواننيو املوضوعيةالنظام والقانون والصدق و العقالنية القائمة على مقارنة بصورته اتعقدأكثر ال عقالنية، و . املنطق الكالسيكي اجلامدة

ذا يا معيارية تدعي أن هناك قواعد الفوضوية االبستمولوجية اجتاه مضاد لكل ميتودولوجكانت و هي العقالنية والالعقالنية، و بنيخذ كمعيار للتمييز بني الذاتية واملوضوعية، و تتمسرية العلم، و حتكم معايريو

احتواء العوامل املتعددةو واقع العلم،مولوجيا و يهلوة بني االبستردم ا إىلجديد يف فلسفة العلم، يسعى تصور .املتشابكة اليت تكون ظاهرة العلمو

عدم وجود منهج : "الالمنهج"يعين إمناو ال تعين أنه ينفي املنهج مطلقا، "الالمنهج"اىل " فريابند"دعوة إن مسرية ائية حتدد ط مسبقة ثابتة و وقواعد أو شرو مبادئعدم وجود علمي حمدد كلي وال تارخيي، و

حمصلة إالأهلية البحث ذاته، فالعلم ما هو البحث العلمي تتحدد بظروف و إجراءاتو فقواعد العلم اليت عرفتها امليتودولوجياتكل ال يرفض " فريابند"من مث فان قواعد معينة، و إلتباعليس لعملية البحث، و

ا، و و سفة العلم، بل يرفض الطابع االديولوجي املتمثل يف النزعة الكليةفل يرفض الالتارخيية اليت تتصف تضمن له املوضوعية، فاملمارسة إجرائيةخطوات و املوقف القائل أن العلم مسلك منهجي صارم له قواعد

تتداخل فيها الشروطميارس فيها اخليال واحلدس، و اهج، و تتعدد فيها املن ،متشابكةعملية معقدة و العلمية .تسيريهو يف توجيه التفكريوالنفسية االجتماعية و الثقافية

بالوضعية التارخيية بل أصبح مفهوم النظرية العلمية يرتبط ،العلمية مل تعد اخلربة احلسية أساس النظرياتا، وب ما دام ية ليست حمايدة ثقافيا وقيميا، و فالنظريات العلمنشأت فيه، السياق الثقايف الذي اليت أفرز

الواقعية و " واملوضوعية" واحلقيقة" الصدق"جمال عندئذ للحديث عن متغري، فال هذا السياق الثقايف نسيب و .نظريات العقالنية إليهاغريها من املعايري اليت تستند و العلم ذاته، فالعلم صل بني تاريخ العلم وفلسفته، و لى ضرورة عدم الفع" فريابند"أكدت فلسفة علم

العوامل اليت حتدد هذا التطور حبثا عن الشروط أو ،يف ضوء تطورها إالظاهرة ال ميكن أن ندرسها ولة هي حما) العلم(التارخيية هلذه الظاهرة لطمس الشروط االجتماعية و حماولة وكل ،فيه تسهمو

.ضارة بالعلم نفسه

Page 190: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

خاتـــمة

- 185 -

ي بوصفه فاعلية ختصصية مستقلة لعلم، أجتاوز التصور الكالسيكي القائم على النظرة الداخلية للقد مت ــللن يةــالداخل األدواتعلى الرتكيزو ــالرياضيات، واملنط ي كدورـسق العلمـــ ــــفـربة و ــق والتجـ ـــوالت روضال ــــالتنو فسريـ ــ بؤـ

يتأثر بأبعاد إنسانيالنظرة اخلارجية للعلم، أي بوصفه نشاطا با املوضوعية واليقني، إىل االهتمامو والصدق تطور العلم، هو تربير للنظرة وامل االجتماعية يف تفسري نشأة و الع فإغفاليؤثر فيها، و اإلنسانيةاحلضارة

مسامهتها و ملختلف البدائل غري الغربية إقصاءللعقل الغريب املبدع، و هو تاريخبأن تاريخ العلم القائلة .تقدم العلمو احلضارةتشكيل يف

العلم يف مسريته التقدمية مل يعد تاريخ العلم مستودعا من اخلرافات واألساطري واألخطاء اليت جتاوزها كان وهلذا كيب الفعلي للعلم،فهم الرت ملراجعة من أجلاو لللتفسري والتأوي قابال "انص"بل أصبح

للتقاليد والثقافات إعادة االعتبار ضرورة إىلمن فالسفة العلم الغربيني القالئل الذين دعوا "فريابند" تطور و يف نشأة إغفالههذه الثقافات متثل صرحا معرفيا ال ميكن إسهاماتف، لغربيةا غريوالعلوم

.واملعرفة اإلنسانية العلم مدخال نظريا مفتاحا حقيقيا، و ستمولوجية والتعددية املنهجية املتعلقة بالفوضوية االب" فريابند"تعد أراء

اية مهما لقراءة و فهم بعض التصورات العلمية املعاصرة اليت عرفتها فلسفة علم ما بعد احلداثة يف " والفلسفة النسوية"، "ونظرية الفوضى"، "دفلسفة التعق"منها العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، و القرن

نموذج العلم احلديث والعقالنية الكالسيكية القائمة لبديل كقامت اليت و ،"علم البيئةفلسفة "و .نطق الصوري وقواعد املاملنهج، و ،النظامو على املوضوعية ،

ئة عن تفاعالت معقدة بني أفكارظاهرة ناشو فوضوي، أن العلم مشروع" فريابند" أثبتت أطروحة أن هذه التفاعالت اليت تتم و متفق عليها بني ممارسي العلم، نظريات ال حتكمها خطة حاكمةو

هري للتفكري و على نعرفه على املستوى الكلي بالعلم تج عنها ما، هي اليت يناإلبداعاملستوى اهري، حىت و أن أية تفاالنظريات العلمية، و أو غري ذات أمهية بدت ضعيفة، و إنعالت على املستوى ااغري ذات صلة بالعلم، و بل تغريات هامة على املستوى إحداثقدرة و إمكانيةقد تكون هلا فإ

االقدرة عل إنسان أي، ال ميلك )العلم(الكلي .ى التنبؤ

Page 191: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

خاتـــمة

- 186 -

أصبحت اليت "الفوضى نظريةو " "دفلسفة التعق"يتفق متاما مع مضمون للعلم "ريابنديالف"هذا التصور إن . لكالسيكيةالعقالنية العلمية اامليكانيكي و وذجلنمايف مقابل للمعرفة العلمية )البديلة ( األساسيةذج امنال أنه ال ميكن و ا من أن يتم منذجته،دأن الواقع هو أكثر تعق )نظرية الفوضى(قد أثبت هذا النموذج اجلديد ف

بالفوضوية " فريابند"هذا ما جيعل قول و يف حاالت حمدودة نظرا لتعقد ظواهره، إالاملستقبل ب التنبؤ .افوضوي هراء أو سجاالاملنهجية ليس والتعددية النظرية و االبستمولوجية

ا فلسفة خضراء" فريابند"توصف فوضوية ومن زاوية أخرى لتقاليد شعوب حققت إلعالئهاوذالك ،بأ " فريابند"قد استدل وبيئته، و اإلنسانصاحلت بني لغريب، و نافعة بعيدة عن النموذج العلمي ا إنسانيةاجنازات

ينما جنح الطب الصيين يف العمود الفقري، ب إصابتهمعاجلة على ذلك بأن الطب الغريب قد عجز عن حياة يعرب عن أسلوبو بل هي منهج تفكري، ،الصينية ليست جمرد أسلوب عالج فقط فاإلبر ،يف معاجلته

عن طريق الذي انتهك حرمته الطب الغريب اإلنساينلشرقية اليت حترتم اجلسد اعقالنية الشعوب ثقافة و .بربرية تكنولوجيته العلمية

العقالين الغريب، ولفكرة الواحدية الثقافية والعلمية ناهضة للخطاب امل" فريابند"قد كانت أفكار و النسوي يف فلسفة العلم املعاصرة الفلسفية اليت قام عليها االجتاهجية، مبثابة اخللفيات املعرفية و املنهو تاريخ العلم على وجه اخلصوص من أجل قراءة تاريخ الفلسفة، و إعادةضرورة إىلهو اجتاه يدعو و ا العلمية واملعرفية، و ال ميش دور املرأة واجنازا كشف وهم االدعاءات اليت تقوم كشف عن أسباب

.روع العلمي الغريب السائداملش الغريب املسيطر على جممل األبيضفكرة مركزية الرجل على اختالف طبيعة تفكريها جتاه عن خربة الرجل، و ترى نصريات هذا االجتاه أن اختالف خربة املرأةإذ

اجتماعية، ميكن أن ينتج رؤية أو نظرة موضوعات وقضايا ومشكالت معرفية، وميتافيزيقية وأخالقية و ج الواحد ، هلذا يهاجم دعاة هذا االجتاه املنهاإلنسانيةاملعرفة لم و هم يف تقدم العمغايرة للعامل، قد تس

مبثابة اخللفية املعرفية " فريابند"فلسفة كانتقد ة الواحدة اليت ميزت العقالنية والعلم الغربيني، و الرؤيو .والفلسفية اليت استلهمت منها هذه االجتاهات الفلسفية

لشأن منوذج العلم إعالئهاهدما للمركزية الغربية يف فضا لالستعباد الفكري، و ر " فريابند"تعد فلسفة هيمنته تارة باسم عقل أدايت يفرض سيطرته و إىلفقد حتول العقل الغريب ،العقالنية الغربيني دون غريهاو

.العوملة والنظام العاملي اجلديد وتارة باسم العقالنية، وتارة باسماملوضوعية

Page 192: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

خاتـــمة

- 187 -

للتصورات العقالنية العلمية الغربية عقالنية كونية عاملية تلغي كل صور اخلصوصية التارخيية لقد أصبحت

ا الغرب األقنعةأصبح العلم أحد و ، غري الغربيةوالنماذج األخرىالثقافات لقمع اليت يتسرت مل تكن انتقادا للعلم يف حد ذاته"فريابند"فلسفة ن إف األساسعلى هذا و يعة للهيمنة واالستعمار، وذر

.للعلم إنساين الالالتوظيف ذاهل بل انتقادا العقالنية كما يتصورها الغرب للعلم و لعلم الغربيني املناهضنيفالسفة ا أشهرمن "فريابند"نوإذا كا

ذه الدراسة النقديفنحن يف العامل العر ذه املراجعة النقدية ة، و يب أوىل ملفاهيم العلم، العقالنية ،املوضوعيةأوىل ا الغربية، ذلك أل تعرضاالعامل أكثر شعوب وال تزال من كانت اإلسالمين شعوب العامل العريب و يف صور

. للعلم الغريب نتيجة هذا التوظيف االديولوجي ،االستعمارو اإلقصاءلتهميش و ل

أعين ضرورة التأسيس وإمنا ،مقاطعة العلم واحلضارة الغربيني وأ اة كل ما هو غريبوال أعين بذالك معاد بعثه وتنشيطه ليكون قادرا وإعادةلك بالبحث عما هو ثابت فيه وما هو متغري، ، وذعريب علمي لعقل

يف ويدرك ة التارخيية،العلمية اليت يعيشها العامل يف هذه اللحظو هذه التحوالت املعرفيةعلى مواكبة ا ا االديولوجية،و آن واحد تناقضا وأعين بالعقل العلمي العريب القدرة على اإلنتاج العلمي خلفيا

هذا العقل ، ففالذي ميلك العلم ميلك القدرة على إثبات الذات ،العلوم واملعارف ال اسرتاد واملعريف، أيضا اليوم قادر ،مراحلها الزمنية إحدىيف اإلنسانيةصنع هذه احلضارة يف ساهم الذي العلمي العريب .الراهنة يف حلظته املشاركة يف املشروع احلضاريو على االستمرار

وأخريا أقول إن ما جيعلين أقدم على طرح هذه الدراسة بالشكل الذي هي عليه هو أن لكل شيء إذا يت اجنازها أعدت اكتشافها من جديد ما مت .نقصان، فبعد أ

Page 193: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

189

المصطلحات فهرس العربیة الفرنسیة االنجلیزیة صفحة ال

49 -52-62

63 -64-69-75

66 -67-74-75

10 -18-50-51-52

40 -50-51-59

6 -11-54-55

11 -53-54-124

57 -60-61-63-66 -

41 -59-71-80-85

52 -55-58-62

65 -73-101-103

64

47 -48

65

165

7 -8-10 -14 -20 70-98 -122-144-167

41-56 -57-58-71

Probabilism

Test

Sever test

Induction

Inductivism

Deduction

Deductivism

Elimination

Discovery

Explanation

Réfutation

Testability

Verifiability

Refutability

Humanism

The order

Dogmatisme

Positivisme

Probabilisme

Test

Test sévère

Induction

Inductivisme

Déduction

Déductivisme

Elimination

Découverte

Explication

Réfutation

Testabilité

Vérifiabilité

Réfutabilité

Humanisme

l’ordre

Dogmatisme

Positivisme

أ

احتمالیة

اختبار

اختبار حاسم

استقراء

استقرائیة

استنباط

استنباطیة

ااستبعاد

اكتشاف

التفسیر

التفنید

القابلیة لالختبار

القابلیة للتحقق

القابلیة للتفنید

أنسنـــــــــــة

النظام

دغماتیة-وثوقیةال

وضعیةال

25 -26-27-51-111

80 -93-103-113

99 -102 -107 -109

Demonstration

Structure

Scientific research

programs

Démonstration

Structure

Programmes de recherche

Scientifique

ب

برھنة

بنیة

اث رامج األبح ب

العلمیة

20 -32-62

5 -6-12 -16 -17-19

11 -23-46-47-75

Experiment

Experience

Empirical

Expérimentation

Expérience

Empirique

ت

تجریب

تجربة

تجریبي

Page 194: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

190

5 -42-44-50 -119

42 -43-47-49-51

52

62 -63-67-68-69

52 -58-66-67-68

92 -110 -122 -163

149 -151 -152 -154

151

65 -66-72-73-79

98 -108 -112 -136

40 -42-43-46-48

44 -49-51-66-67

Empirism

Vérification

Analytical

Conjectures

Corroboration

Diversity

Complexity

Feed-back

Falsification

Refutability

Demarcation

Prediction

Empirisme

Vérification

Analytique

Conjectures

Corroboration

Diversité

Complexité

Feed-back

Falsification

Réfutabilité

Démarcation

Prédiction

تجریبیة

قیتحق

تحلیلي

تخمینات

تعزیز

تعددیة

تعقید

تغذیة راجعة

تكذیب

تفنیدیة

تمییز

تنبؤ

166

Scientific community

Communauté scientifique

ج

جماعة علمیة

113

111 -169 -173 -17 142

Protective belt

Common sense

Theoretical

impregnation

Ceinture protectrice

Sens commun

Imprégnation théorique

ح

حزام واق

حس مشترك

حمولة نظریة

52 55-58 -109-128

Verisimilarity

Reduction

Vérisimilitude

Réduction

ر

رجحان الصدق

الــــرد

121 -122 -57 -128

132 -133 -135

132 -133 -135

Context

Context of discovery

Context of justification

Contexte

Contexte de découverte

Contexte de Justification

س

سیاق

سیاق الكشف

سیاق التبریر

151

110-153-159-161

Butterfly Effect

Against Method

Effet papillon

Contre la méthode

ض

ظاھرة الفراشة

ضد المنھج

Page 195: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

191

36 -23-75-90

2 -3-4 -5-6

2 -3-5 -6-7-8 -9

40 -59-60-61-63 80-83 -85-84-90

80-83 -85-87

168

Rational

Reason

Rationality

Critical rationalism

Normal Science

Revolutionary science

Scientism

Rationnel

Raison

Rationalité

Rationalisme critique

Science Normal

Science révolutionnaire

Scientisme

ع

عقالني

عقل

عقالنیة

نقدیةعقالنیة

علم سوي

علم ثوري

علماویة

52 -53-55-62-63 -

104 -105

110 -146 -147 -148

Hypothesis

Ad hoc hypothesis

Anarchism

Hypothèse

Hypothèse ad hoc

Anarchisme

ف

فرض

فرض مساعد

فوضویة

44 -48-49-62

44

50 -51-56-57-59

Analytical proposition

Synthetical proposition

Rules

Propositions analytiques

Propositions synthétiques

Regles

ق

قضایا تحلیلیة

قضایا تركیبیة

قواعد

65 -74-84-166

103

103 -104 -105

103 -105 -106 70

False

Heuristic

Positive heuristic

Negative heuristic

Cosmology

Faux

Heuristique

Heuristique positive

Heuristique négative

Cosmologie

ك

كاذب

كشافة

كشافة ایجابیة

كشافة سلبیة

كوسمولوجیا

148 -151

56 -96-106-108

86 -87-90-91-96

146 -149 -150 -

151

Nonlinearity

Irrationalism

Incommensurability

The disorder

Non-linéarité

Irrationalisme

Incommensurabilité

Le désordre

ل

الالخطیة

ال عقالنیة

ال مقایسة

نظامالال

Page 196: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

192

65 -66-100

50 -65

5 -8-61 -130

42 -43-44-47-48

8 -13-157-158

158 -162 -163 -164

23 -24-33-36-38

60 -64-

Empirical content

Informative content

Reasonable

Criterion

Method

Methodology

Objectivity

Logic of scientific

discovery

Contenu empirique

Contenu informatif

Raisonnable

Critère

Méthode

Méthodologie

Objectivité

Logique de la découverte

scientifique

م

محتوى تجریبي ال

محتوى معرفيال

معقول

معیار

منھج

منھجیةال

موضوعیةال

ف ق الكش منط

العلمي

166 -167 -168 -

29 -33-34-35

150 -151 -152

29 -31-32 79 -80-81-85-87

103 -104 -105 -114

Relativism

Relativity

Chaos Theory

quanta theory

Paradigm

Hard core

Relativisme

Relativité

La théorie du chaos

Théorie des quanta

Paradigme

Noyau dur

ن

ویةنسباال

نسبیةال

نظریة الفوضى

وانتومنظریة الك

إرشادينموذج

نواة صلبةال

Page 197: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

194

عقائمة المصادر و المراج

: المصادر .1 .القرآن الكريم :المصادر المترجمة إلى العربية -أ

لس األعلى العلم في مجتمع حر: فيرابند، بول ، ترمجة وتعليق السيد نفادي ومراجعة مسري حنا صادق ا . 2000للثقافة مصر ،

ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــــ .ت، دمنشأة املعارف اإلسكندرية ة حممد أمحد السيد،، ترمج ثالث محاورات حول المعرفة ـــ

األجنبيةالمصادر باللغة –ب

Feyerabend: (Paul Karl) Realism Rationalism and Scientific Method Philosophical papers,Vol CambridgeUniversitypress,First191

ـــــــــــــــــــ problems of empiricism Philosophical papers Vol 2 , Cambridge University press, First Published 1981

ــــــــــــــــــ contre la méthode:esquisse d'une théorie anarchiste de la connaissance, Tra . Baudouin jurdant et Agnès Schlumberger, seuil, Paris 1979.

ـــــــــــــــــــ Adieu la raison , Tra . Baudouin jurdant: Ed seuil , Paris 1989. ـــــــــــــــــــ une connaissance sans fondements ,Tra.E.Déssaké, Ed Dianoia,

France 1999. ـــــــــــــــــــ Tuer le temps, une autobiographie Tra , Baudouin Jurdant, Ed

seuil Paris1996 ـــــع -2 ــــ ــــراجــــ ــــ :المــــ باللغة العربية - ا 2009 ،دار املعرفة اجلامعية، مفهوم العقل في الفكر الفلسفي: إبراهيم مصطفى إبراهيم. 2الدار القومية، اإلسكندرية، ط ، من طاليس إلى أفالطوني تاريخ الفكر الفلسف :يحممد عل ريانأبو –

1965.

Page 198: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

195

2ط ، القاهرة الفتاح إمام،دار الثقافةترمجة إمام عبد ، في العصر الوسيط المسيحية روح الفلسفة :تني جيلسونإ،

1974 . مركز دراسات العقالنية المعاصرة و تطور الفكر العلمي: مدخل إلى فلسفة العلوم: حممد عابد ابرياجل ،

. 11،2011ط، بريوت الوحدة العربية، ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ 1984، 1دار الطليعة ، بريوت ،ط، العربيتكوين العقل : ـ 2005 ،2ط، بريوتالنشر،دار التنوير للطباعة و ،الضرورة واالحتمال : السيد نفادى. ــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ لد اخلام ،الفكرعامل سلسلة ، العلماتجاهات جديدة في فلسفة :ـ لس الوطين ،العشرونس و ا ا

.1996 ،العدد الثاين الكويت ، ،بداواآل الفنونللثقافة و ترمجة داود سليمان املنري، دار مري للطباعة والنشر، النظام والفوضى في عالم الذرات: كيتايـجور دوسكي.أ ،

1983االحتاد السوفيييت، موسكو 1،1991طللنشر، املغرب، الصفا، دار توبقالفؤاد و ترمجة احلسني سحبان ،العلم نظريات :أالن شاملرز. 1979 ،مجة، نظمي لوقا، اهليئة املصرية العامة للكتاب، القاهرةتر ، لعقل والمعاييرا:ندأندري الال. 1982، 1، ترمجة هنري زغيب، منشورات عويدات، بريوت، ط الجمالية الفوضوية: أندري ريستسلر. 1993، 1، بريوت، ط،ترمجة علي املنذر، اكادمييا الفيزياءتطور :انشتاين وليوبولد أنفلد ألربت. ترمجة رمسيس شحاتة ، مراجعة حممد مرسي امحد ، دار النظرية الخاصة والعامة: النسبية :آلربت اينشتاين ،

. 1965 ،ضة مصر، القاهرة 1988القاهرة ، ،التوزيعدار الثقافة للنشر و ، مقال في فلسفة العلم:تطور المعرفة العلمية : النويهي سهام. ماهريية للنشر والتوزيع واإلعالن، دار وتقدمي جنيب احلصادي الدار اجل ،ترمجة الوضعية المنطقية :جي يأ آير

.د ت ،األفاق اجلديدة - لس الهيولية في الكون التعقيد المذهل للكون، :باري باركر ترمجة علي يوسف، املشروع القومي للرتمجة ،ا

. 2002، 1، ط22األعلى للثقافة، القاهرة، العدد

احلديثة للطباعة والنشر والتوزيع ، دار قباء ؟اإلنسان الى أينالعلم ومستقبل فلسفة العلوم ــ : بدوي عبد الفتاح .2001القاهرة،

Page 199: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

196

د ط ،اجلزائر ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،ترمجة حممود يعقويب ، يكت، االكسيوماتياالمصادرا : شي روبرينبال،

2004 للطباعة والنشر والتوزيع دار األمان االستدالل و البناء، بحث في خصائص العقلية العلمية، :البعزايت راصبن

.1999، 1ط ،الرباط

اإلسكندرية ،دار املعرفة اجلامعية ،القادر حممد عليترمجة ماهر عبد ، منطق الكشف العلمي :)ريـموند كارل(بوبر 1988.

ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ لس اإلطار، في دفاع عن العلم والعقالنية سطورةأ ـ ، ترمجة ميىن طريف اخلويل، عامل املعرفة، ا 2003 ، 292، عددالكويتالوطين للثقافة والفنون واآلداب

ــــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ا، حلول لمشاكل بأسرهاالحياة : ـ ت د اإلسكندرية ،مكتبة املعارف ،درويش ء ترمجة

ــــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــ ـ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ .1998 1ط،لبنان،النشردار التنوير للطباعة و ،ترمجة السيد نفادي ،أعداؤهمفتوح و الع المجتم:ـ

ـــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ .1999هليئة املصرية العامة للكتاب ترمجة امحد مستجري ا ، بحثا عن عالم أفضل: ـ

لس الوطين للثقافة والفنون ، فجر العلم الحديث : فو ه تويب ترمجة أمحد حممود صبحي، عامل املعرفة ، ا . 1997 الكويت، واآلداب

1976، 1ط ، دار النهضة املصرية، القاهرة، أسس الفلسفة: توفيق الطويل.

2دار املعرفة، ط،االنفجار العظيم إلىقصة الكون من التصورات القديمة :مجال ميموين ونطال قسوم 2002اجلزائر

دتاإلعالنات الشرقية،د ط، ترمجة عبد الكرمي أمحد، مطابع شركة حول الحرية :جون ستيوارت ميل، لس األعلى للثقافة، املشروع القومي الهيولية تصنع علما جديدا: يكجيمس غل ، ترمجة علي يوسف علي، ا

.2000 دط،للرتمجة،

1992 القاهرة، املطبعة الفنية احلديثة، ، االبستمولوجيادراسات في : حسن عبد احلميد .

1969 مصرية، ألجنلوترمجة عثمان أمني، مكتبة ، تأمالت فلسفية ):هرني( ديكارت.

ترمجة فؤاد كامل، سلسلة األلف كتاب، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة ،ألف باء النسبية :برتراند راسللد .1965، 572ا

Page 200: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

197

لس عامل املعرفة ، لي، يكمال خال.، ترمجة د العلم في منظوره الجديد :سيو أغروس، جورج ستان .م روبرت ا

.1979الوطين للثقافة والفنون واآلداب، الكويت، 2009، املغرب ،الشرق إفريقيا ،ترمجة و تقدمي سعيد بوخليط بوبرالعقالنية النقدية عند كارل :فريسو روين ب . 1987، 3،طالقاهرة ،دار الشروق ، الميتافيزيقياموقف من : زكي جنيب حممود . ـــــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ .1958 ،1ط ،ةألجنلو مصريا مكتبة ، علميةنحو فلسفة : ـ 1982، 1، دار الطليعة، بريوت، طومفهومها للواقع فلسفة العلم المعاصرة : تيفو سامل . 1989 ،2ط، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بريوت، العقالنية بين النقد والحقيقة: ــــــــــــــــــــ . 2009، 1، مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت،ط إلى العالمالعلم والنظرة العربية : مسري أوزيد . ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ،مكتبة العلم وشروط النهضة ـــ التصورات العلمية الجديدة والتأسيس العلمي للنهضة العربية :ـ

. 1،2008ط القاهرة، ،مدبويل 2005دار مرييت، : ، القاهرة1، ط وصراع التأويالت علم اجتماع المعرفة :شحاتة،صيام. منشأة املعارف العامة ، منطق النظرية العلمية المعاصرة وعالقتها بالواقع التجريبي :عادل عوض

.2000 ،1اإلسكندرية ط ـــــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ اإلسكندرية العامة، املعارفمنشأة ،نسبية فيرابند وموضوعية شالمرزاالبستمولوجيا بين :ـ

2000. 1968دار النهضة العربية، القاهرة، ، مناهج البحث العلمي: عبد الرمحن بدوي 1995، 1ط، بريوت، الطليعة ، دار مثال فلسفة الفيزياء النيوتونية ااالبستومولوجي :القادر بتشه عبد. لس الوطين للثقافة والفنون واآلدابعامل املعرفة، ، ظاهر العلم الحديث :عبداهللا العمر .1983، الكويت ا الدار البيضاء ،ملدارساشركة النشر والتوزيع ، المنطقو االبستمولوجيا في قضايا :عبد السالم بن ميس

2000، 1ط ــــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ . 1994، 1دار توبقال للنشر، املغرب،ط ، والنسباويةالسببية في الفيزياء الكالسيكية : ـ 1969، 2، مكتبة األجنلو مصرية، القاهرة، ط ديكارت :عثمان أمني 1975،النشر، القاهرةجلنة التأليف والرتمجة و ، النظرية النسبية الخاصة :علي مصطفي مشرفة.

Page 201: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

198

1994للنشر، اجلزائر، موفم، ترمجة عادل العوا، تقدمي جياليل الياس، الفكر العلمي الجديد: غاستون باشالر. ـــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ .1984، 1ط املؤسسة اجلامعية، ،اشم،ترمجة بسام اهل العقالنية التطبيقية: ـ لس ال ،عامل املعرفة ، التفكير العلمي:فؤاد زكريا . 1988 - 3الكويت ط، وطين للثقافة و الفنون و اآلدابا ترمجة علي علي ناصف، املؤسسة العربية للدراسات فلسفة العلم ـــ الصلة بين العلم والفلسفة :فيليب فرانك ،

.1983، 1والنشر بريوت،ط 1993، 1ط ،دار التنوير، بريوت ،ترمجة وتقدمي السيد نفادي ، ءاألسس الفلسفية للفيزيا : فكارناب رودول. لس الوطين للثقافة والفنون و عامل املعرفة، ترمجة ،شوقي جالل ، العقل الحديث تشكيل :كرين بريتون اآلداب،

.1984، 82عدد ،الكويت اهليئة املصرية رمجة،أمحد رضا حممد رضا، سلسلة األلف كتاب الثاين،ت األساطير اإلغريقية والرومانية :كومالن،

.1992،العامة للكتاب اآلدابلس الوطين للثقافة والفنون و ،ةعامل املعرف ،ترمجة شوقي جالل ، بنية الثورات العلمية :كون توماس

.1992، 168 ،عدد ،الكويت اإلسكندرية اجلامعية دار املعرفة ،علي حممد ماهر عبد القادر، ترمجة ، العلمية األبحاثبرامج :مريإش تو الكا

،2000 .1968، 1ط ،مصرية جنلواأل مكتبة ،، عزمي إسالمترمجة ، رسالة منطقية يغ فيتجنشتنيفلود. 1968 بريوت ، دار النهضة العربية ، فلسفة الوضعية والتربية : لطفي بركات امحد الكتاب اجلديد املتحدة دار ،تورةك بطرس جورج، ، ترمجة جدل التنوير: دورنوأ. ف تيودورو راميكههور ماكس

.إفرجني 2006 سلسلة ، فليب عطية. ترمجة د ، السحر والدين عند الشعوب البدائية، ومقاالت أخرى :مالينوفسكي برنسالو

. 1995اهليئة املصرية العامة للكتاب ،األلف كتاب الثاين 1984، 2جبريوت،للطباعة والنشر، النهضة العربيةدار ، المشكالت المعرفية":فلسفة العلوم:ماهر عبد القادر. ــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ .1985 ،1طبريوت، للطباعة والنشر، دار النهضة العربية ،العلميةنظرية المعرفة :ــ 2006، 2،دار توبقال للنشر،املغرب،ط وانتقاداتهاالعقالنية :حممد سبيال وعبد السالم بنعبد العايل . ــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ 2003، 1ط املغرب، دار توبقال للنشر، ،العقل والعقالنية :ـ

Page 202: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

199

1989،اإلسكندرية، دار املعرفة اجلامعية، نظرية المعرفة في ضوء المنهج العلمي: كارل بوبر:حممد حممد قاسم دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر من نظريات العلم المعاصر إلي المواقف الفلسفية :حممود فهمي زيدان ،

. 2004، 1اإلسكندرية ط 1990، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، مناهج البحث في العلوم الطبيعية المعاصرة :حممود زيدان 1981، 8ط، ،بريوتلطباعة والنشرلقلم ل، دار ا والنظرية النسبية ناينشتاي :مرحبا حممد عبد الرمحن . عمار، عمان، داردار ، بناء المفاهيم بين العلم و المنطق: مقدمة في فلسفة العلم: مشهد سعدي العالف

. 1991، 1طبريوت اجليل 1990 ،1ط ،الثقافية، بغداد ندار الشؤو ، من األسطورة إلى الفلسفة والعلم :تامر مهدي. 2012، 1دار الفارايب ،بريوت ،لبنان ط ، الالعقالنية إلىفلسفة العلم من العقالنية : كرمي موسى . 1996ترمجة وتقدمي السيد نفادي، دار املعرفة اجلامعية، القاهرة، ، الثورات العلمية :هاكينغ ايان 1976دار الكتاب املصري، القاهرة ،ترمجة جالل حممد موسى، فلسفة العلوم الطبيعية :مهبل كارل. - 1983، 1باريس ط -بريوت –منشورات عويدات : ، ترمجة دمرتي فيليب لفوضويةا :هنري أرفون 1989 ،، اهليئة املصرية العامة للكتاب، القاهرة منطق العلم..منهج العلم: فلسفة كارل بوبر:ميىن طريف اخلوىل. ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ .2001، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، فلسفة العلم من الحتمية إلى الالحتمية :ـ ـــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ــ ـــ ــ لس عامل املعرفة، ،في القرن العشرينفلسفة العلم :ـ ويتالك اآلدابالوطين للثقافة والفنون و ا

.2000، 264العدد 1970 ،القاهرة ،النشرو جلنة التأليف ، تاريخ الفلسفة اليونانية :يوسف كرم. :المراجع باللغة االجنبية -ب

Ayer Alfred jules : langage, vérité et logique , Traduit par J.Ohana, Ed, Flammarion Paris, 1956 .

Bachelard Gaston : le rationalisme appliqué , PUF, Paris 1975. ----------------------- :le nouvel esprit scientifique PUF, Paris 1980. ------------------------: la philosophie de mon , PUF, paris 1940.

Page 203: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

200

Chalmers, Alan : la fabrication de la science Traduit par Marie Brigitte Foster,

1a découverte, Paris 1991

.Descartes R: Discours de la méthod ,suivis de les passions de l âme booking

international, paris,1995. Dissaké Emmanuel Mallalo : Feyerabend: épistémologie, anarchisme et société

libre , PUF, Paris 2001. Gonzalo Munevar : Beyond Reason: Essays on the philosophy of Paul

Feyerabend, Kluwer Academic. Publishers, London , 1991 HempeL Karl : Eléments d’épistémologie, Tra. Bernard saint - Sernin,: Armand

colin. Paris,1969. Lakatos, Imré :Histoire et méthodologies des sciences, Tra, Catherine Malamud

et Jean Fabien Spitz, PUF, Paris 1994. Lakatos I, Musgrave, A (ed): Criticism and the Growth of Knowledge

Cambridge Univ, Press , Vol 4, London,1965.

Popper Karl la connaissance objective, Tra. Jean Jacques Rosat, Flammarion,

Paris,1998.

:ـــــــــــــــــــــ la quête inachevée Tra. Renée Bouveresse: Calmann Levy France

1981.

Tremblay Marcel: quinze thèses ou philosophes avec des auteurs contemporains, Canada, presses universitaires de lavai, 2002 .

Newton- Smith : The Rationality of Science, Routledge, London 1981 . :الموسوعات والمعاجم -3

:باللغة العربية - لد احلادي عشر1300املطبعة االمريية ببوالق، ، لسان العرب: ابن منظور .ه،ا 1982، دار الكتاب اللبناين، بريوت، 1ج المعجم الفلسفي،: صليبا مجيل . 1982 ، دار الكتاب اللبناين ، بريوت،2ج المعجم الفلسفي،: مجيل صليبا .

Page 204: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

المصادر والمراجع

201

طليعة للطباعة والنشر، بريوت دار ال ترمجة مسري كرم،، الموسوعة الفلسفية :م رو زنتال وب يودين

.1987، 6ط 2001، 2ترمجة خليل أمحد خليل، منشورات عويدات، بريوت، ط، الموسوعة الفلسفية: اندري الالند.

:باللغة الفرنسية - Lalande André : vocabulaire technique et critique de philosophie, P.u.f, Paris1991 . Edward Paul :the encyclopédia of philosophy ,volum,7 Macmillan company,new

York 1967 :المقاالت والنصوص - 4 ترمجة السيد ، حترير ايان هاكينغ،الثورات العلمية: يف }كيف ندافع عن المجتمع ضد العلم{: بول فيريابند

. 1996دار املعرفة اجلامعية، نفادي د ا {:بول فيريابند . 2000،ترمجة ، ماهر عبد القادر حممد علي،اإلسكندرية، } والنزعة التجريبيةلتفسير والر ترمجة ، مقاالت نقدية في تركيب الثورات العلمية :،يف }؟منطق الكشف أم سيكولوجية البحث{ :توماس كون

2000عبد القادر حممد علي،دار املعرفة اجلامعية، االسكندرية، وتقدمي ماهر دار املعرفة اجلامعية ماهر عبد القادر حممد علي، ترمجة وتقدمي،، }ضدالعلم السوي{ :جون واتكنز

2000اإلسكندرية حترير ايان هاكينغ، ترمجة السيد الثورات العلمية: ،يف} تاريخ العلم وإعادة بناءاته العقالنية{: الكاتوش امري ،

.1996نفادي،دار املعرفة اجلامعية، :المجالت والدوريات - 5

علي عبد املعطي الفلسفة والعلم،سلسلة ، إطاللة على أزمة العقالنية الغربية المعاصرة: ضد المنهج:أمحد أنور .1996آخرون، قضايا العلوم اإلنسانية، إشكالية املنهج،اهليئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة العدد األول و ــــ دراسة نقدية: قطبخالد .2005، كراسات علمية، املكتبة األكادميية، القاهرة، العقالنية العلمية 2008،املكتبة األكادميية، القاهرة، التعددية المنهجية: خالد قطب . لد 2عامل الفكر، العدد ،النسوية وفلسفة العلم:ميىن طريف اخلويل .2005، اكتوبرــــ ديسمرب، الكويت،34، ا

Page 205: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

203

المحتويات فهـرس

اإلهداء

كلمة شكر أ .............................................................................................دمةـالمقـ

تحديد المفاهيم :األول فصلال 02 .....................................................................................مفهوم العقل - 1 02 .........................................................................مفهوم العقل يف اللغة العربية - 03 ........................................................................مفهوم العقل يف الفكر الغريب - 05 ..................................................................................مفهوم العقالنية - 2 06 ....................................................................................مبادئ العقالنية - 07 ....................................................................التطور التارخيي ملفهوم العقالنية - 3 07 .....................................................................مفهوم العقالنية يف الفكر اليوناين - 12 ..................................................................مفهوم العقالنية يف العصور الوسطى - 14 ............................................................................العقالنية العلمية احلديثة - 21 ...................................................................خصائص العقالنية العلمية احلديثة - 24 .........................................................احلديث العقالنية العلمية املعاصرة وأزمة العلم - 25 ................................................العقالنية العلمية املعاصرة وأزمة الرياضيات الكالسيكية - 28 ...................................................العقالنية العلمية املعاصرة وأزمة الفيزياء الكالسيكية - 36 .................................................................خصائص العقالنية العلمية املعاصرة -

نقد فييرابند للعقالنية التجريبية المعاصرة والعقالنية النقدية: الثاني الفصل 40 .........................................................................................مدخـل -

-I40 ...............................................................................التجريبية املنطـقية 44 .......................................................املبادئ الفكرية األساسية للتجريبية املنطقية - 1 44 ....................................................................................نظرية املعىن - 47 ......................... ....................................................مبدأ القابلية للتحقق -

Page 206: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

204

50 ..................................................................................عقالنيـة املنـهـج - 53 ................................. ......................................تراكمية مسار املعرفة العلمية - 55 ...................... ...............................................نقد فريابند للتجريبية املنطقية - 2II- 59 ............................. ........................................العقالنية النقدية لكارل بوبر 60 .........................................................................مفهوم العقالنية النقدية - 1 61 ..........................................................................بر من االستقراءموقف بو - 64 .................................................................معيار التكذيب والقابلية التكذيب - 66 ............................................................................منو املعرفة وتقدم العلم - 68 .................................................................................املعرفة املوضوعية - 70 ..................................................................نقد فيريآبند للعقالنية النقدية - 2

نقد فييرابند للعقالنية المؤسساتية : الثالث الفصل والعقالنية الميتودولوجية عند توماس كون و امري الكاتوش

I- 77 ..............................................................العقالنية املؤسساتية عند توماس كون 78 ............................................................."توماس كون" نظرية العلم وتطوره عند - 80 .........................................................."كون" عند" الرباديغم"تقدم العــلـم ونظرية - 86 ...............................................................عند توماس كون مفهوم الالمقايسة - 90 ..............................................عند توماس كون نقد فريابند لنظرية العقالنية املؤسساتية -II- 96 ......................................................"المري الكاتوش" العقالنية امليتودولوجية 98 .......... ................................................موقف الكاتوش من امليتودوجلية التكذيبية - 102 ................................................................برامج األحباث العلمية وتقدم العلم - 106 ...... .............................................................تاريخ العلم عند امري الكاتوش - 108 .................................................................نقد فريابند للعقالنية امليتودولوجية -

Page 207: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

205

مفهوم العقالنية العلمية عند بول فيرابند: الفصل الرابع

116 . ............................................................................................مدخل 116 ............................................................إشكالية العالقة بني العلم والعقالنية - 1 119 ............................................األسس االبستمولوجية للعقالنية العلمية عند فيريابند - 2 119 ......................................................................النظرة الرباغماتية للمالحظة - 123 ..................................................................................النظرية العلمية - 124 ...........................................................................ربة حسيةعلم بدون خ - 126 ..................................................................مبدأ الوفرة وتعدد البدائل النظرية - 127 .............................................................................مفهوم الالمقايسة - 132 .....................................................................سياق الكشف وسياق التربير - 135 ..................................................................مفهوم املوضوعية عند بول فريابند - 138 ................................................................................خالصة الفصل - 3 141 ....................................................................................نقد وتعليق - 4

ة العقالنية العلمية والفوضوية االبستمولوجي: الفصل الخامس

146 ..... .......................................................................................مدخل - 146 .... .............................................................يف معىن الفوضوية وأصوهلا الفلسفية - 1 148 ............................................................عاصرةمفهوم الفوضوية يف فلسفة العلم امل - 2 153 ..... .....................................................الفوضوية االبيستمولوجية عند بول فيريابند - 3 157 ................................................................العقالنية العلمية والفوضوية املنهجية - 4 contre la méthode.............................................................. 159ضد املنـهج - 163 ...................................................................................التعددية املنهجية - 166 .........................................................مية والنسباوية عند بول فيريآبدالعقالنية العل - 5 167 ..................................................النسباوية نزعة إنسانية وتيار ضد الدغماتية والعقالنية - 171 ..........................................................................النسباوية واحلرية االنسانية - 172 ..................................نقد فريابند ألسطورة تفوق العلم وامتيازه عن باقي النشاطات املعرفية - 6

Page 208: ﺔﻔﺳﻠﻔﻟا مﺳﻗ - theses.univ-oran1.dz · ﻢــﻴـﺣﺮـﻟا ﻦــﻤـﺣﺮــﻟا ﻪــﻠـﻟا ﻢــﺴﺑ ﴾ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﻢﻴﻠﻌﻟا

206

176 ...............................................................نقد فريابند للتوظيف االديولوجي للعلم - 177 ..................................................من فصل الدين عن الدولة إىل فصل العلم عن الدولة - 179 ....................................................................................نقد و تعليق - 7

183 ..............................................................................................اخلامتة 189 ..... .............................................................................فهرس املصطلحات

194 ..............................................................................قائمة املصادر و املراجع 203 .....................................................................................فهرس احملتويات