290
ﻛﺘﺎﺏ: ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﺍﳌﻠﻞ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﱐ ﺃﲪﺪ ﺑﻜﺮ ﺃﰊ ﺑﻦ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺃﻫﻠﻪ ﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﻣﺒﺎﺭﻛﺎ ﻃﻴﺒﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﲪﺪﺍ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﻌﺎﺋﻤﻪ ﲨﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻬﺎ ﳏﺎﻣﺪﻩ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﺎﻛﺮﻳﻦ ﲪﺪ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻴﲔ ﺧﺎﰎ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺻﻠﻰ ﻳﻮﻡ ﺇﱃ ﺑﺮﻛﺘﻬﺎ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ ﺍﻟﻄﻴﺒﲔ ﻟﻪ ﳎﻴﺪ ﲪﻴﺪ ﺇﻧﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺁﻝ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﻰ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﻭﺍﳌﻠﻞ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻫﻞ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﳌﻄﺎﻟﻌﺔ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻭﻓﻘﲏ ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺑﻌﺪ ﻭﺷﻮﺍﺭﺩﻫﺎ ﺃﻭﺍﻧﺴﻬﺎ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩﻫﺎ ﻣﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ﺍﳌﺘﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﺗﺪﻳﻦ ﻣﺎ ﲨﻴﻊ ﳛﻮﻱ ﳐﺘﺼﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﲨﻊ ﺃﻥ ﺭﺩﺕ ﺍﻋﺘﱪ ﳌﻦ ﻭﺍﺳﺘﺒﺼﺎﺭﺍ ﺍﺳﺘﺒﺼﺮ ﳌﻦ ﻋﱪﺓ ﺍﳌﻨﺘﺤﻠﻮﻥ ﻭﺍﻧﺘﺤﻠﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﲬﺲ ﺃﻗﺪﻡ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺑﺪ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻫﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﺍﳋﻮﺽ ﻭﻗﺒﻞ: ﺍﻷﻭﱃ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ﻣﺮﺳﻠﺔ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻫﻞ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ﻳﺒ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺗﻌﻴﲔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺗﻌﺪﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ؟ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﳋﻠﻴﻘﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﺷﺒﻬﺔ ﺃﻭﻝ ﺑﻴﺎﻥ) ١ / ١١ ( ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ؟ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﻧﺸﻌﺎ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﻠﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﺷﺒﻬﺔ ﺃﻭﻝ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳊﺴﺎﺏ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻭﺟﺐ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ: ﻣﺮﺳﻠﺔ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻫﻞ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺑﻴﺎﻥ: ١ - ﻭﺍﻷﻧﻔﺲ ﺍﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﻦ ﺣﻈﻪ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﻛﻞ ﺃﻫﻞ ﻭﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻫﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻭﺍﻷﻟﺴﻦ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺪﻝ ﺍﻟﱵ٢ - ﺍﻷﻗﻄﺎ ﲝﺴﺐ ﻗﺴﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ: ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﳉﻨﻮﺏ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﻭﺗﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﻗﻄﺮ ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﻭﻓﺮ٣ - ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻣﻢ ﲝﺴﺐ ﻗﺴﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ: ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﻛﺒﺎﺭ: ﻭﺍﳍﻨﺪ ﻭﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﺍﻟﻌﺠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺃﻣﺔ ﺃﻣﺔ ﺑﲔ ﺯﺍﻭﺝ: ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺬﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﻳﺘﻘﺎﺭﺑﺎﻥ ﻭﺍﳍﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﻥ ﻓﺬﻛﺮ ﺍﳌﺎﻫﻴﺎﺕ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺧﻮﺍﺹ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺇﱃ ﻣﻴﻠﻬﻢ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻃﺒﺎﺋﻊ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺇﱃ ﻣﻴﻠﻬﻢ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺬﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﻳﺘﻘﺎﺭﺑﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺠﻢ ﻭﺍﻟﺮﻭﻡ ﺍﳉﺴﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻤﻴﺎﺕ٤ - ﺍﻵﺭﺍﺀ ﲝﺴﺐ ﻗﺴﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻏﺮﺿﻨﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﻭﺍﳌﻠﻞ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺇﱃ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﺎﻟﻘﺴﻤﺔ ﻣﻨﻘﺴﻤﻮﻥ ﻭﻫﻢ) ١ / ١٢ (

ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

  • Upload
    others

  • View
    7

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

لنحل: كتاب امللل والشهرستاين: املؤلف أمحد ا أيب بكر بن لكرمي عبد ا بن حممد

بسم اهللا الرمحن الرحيم

احلمد هللا محد الشاكرين جبميع حمامده كلها على مجيع نعائمه كلها محدا كثريا طيبا مباركا كما هو أهله له الطيبني الطاهرين صالة دائمة بركتها إىل يوم وصلى اهللا على حممد املصطفى رسول الرمحة خامت النبيني وعلى آ

الدين كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنه محيد جميد وبعد فلما وفقين اهللا تعاىل ملطالعة مقاالت أهل العامل من أرباب الديانات وامللل وأهل األهواء والنحل والوقوف على

ردت أن أمجع ذلك يف خمتصر حيوي مجيع ما تدين به املتدينون مصادرها ومواردها واقتناص أوانسها وشواردها أ وانتحله املنتحلون عربة ملن استبصر واستبصارا ملن اعترب

: وقبل اخلوض فيما هو الغرض ال بد من أن أقدم مخس مقدمات يف بيان أقسام أهل العامل مجلة مرسلة : املقدمة األوىل ىن عليه تعديد الفرق اإلسالمية يف تعيني قانون يب: املقدمة الثانية ) ١١/ ١( يف بيان أول شبهة وقعت يف اخلليقة ومن مصدرها ومن مظهرها ؟ : املقدمة الثالثة يف بيان أول شبهة وقعت يف امللة اإلسالمية وكيفية انشعاهبا ومن مصدرها ومن مظهرها ؟ : املقدمة الرابعة

وجب ترتيب هذا الكتاب على طريق احلساب يف بيان السبب الذي أ: املقدمة اخلامسة

:يف بيان تقسيم أهل العامل مجلة مرسلة : املقدمة األوىل

من الناس من قسم أهل العامل حبسب األقاليم السبعة وأعطى أهل كل إقليم حظه من اختالف الطبائع واألنفس - ١ اليت تدل عليها األلوان واأللسن

الشرق والغرب واجلنوب والشمال : ر األربعة اليت هي ومنهم من قسمهم حبسب األقطا - ٢ ووفر على كل قطر حقه من اختالف الطبائع وتباين الشرائع

العرب والعجم والروم واهلند : كبار األمم أربعة : ومنهم من قسمهم حبسب األمم فقال - ٣ : مث زاوج بني أمة وأمة

وأكثر ميلهم إىل تقرير خواص األشياء واحلكم بأحكام املاهيات فذكر أن العرب واهلند يتقاربان على مذهب واحد واحلقائق واستعمال األمور الروحانية

والروم والعجم يتقاربان على مذهب واحد وأكثر ميلهم إىل تقرير طبائع األشياء واحلكم بأحكام الكيفيات والكميات واستعمال األمور اجلسمانية

واملذاهب ومنهم من قسمهم حبسب اآلراء - ٤ وذلك غرضنا يف تأليف هذا الكتاب

وهم منقسمون بالقسمة الصحيحة األوىل إىل أهل الديانات وامللل وأهل األهواء والنحل )١٢/ ١ (

Page 2: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فأرباب الديانات مطلقا مثل اجملوس واليهود والنصارى واملسلمني لكواكب واألوثان والربامهة وأهل األهواء و اآلراء مثل الفالسفة والدهرية والصابئة وعبدة ا

ويفترق كل منهم فرقا فأهل األهواء ليست تنضبط مقاالهتم يف عدد معلوم

وأهل الديانات قد احنصرت مذاهبهم حبكم اخلرب الوارد فيها فافترقت اجملوس على سبعني فرقة واليهود على إحدى وسبعني فرقة والنصارى على اثنتني وسبعني فرقة واملسلمون

ثالث وسبعني فرقة والناجية أبدا من الفرق واحدة إذ احلق من القضيتني املتقابلتني يف واحدة وال جيوز أن على يكون قضيتان متناقضتان متقابلتان على شرائع التقابل إال وأن تقتسما الصدق والكذب أصول املعقوالت بأهنما حمقان فيكون احلق يف إحدامها دون األخرى ومن احملال احلكم على املتخاصمني املتضادين يف

صادقان وإذا كان احلق يف كل مسألة عقلية واحدا فاحلق يف مجيع املسائل جيب أن يكون مع فرقة واحدة

) وممن خلقنا أمة يهدون باحلق وبه يعدلون : ( وإمنا عرفنا هذا بالسمع وعنه أخرب التنزيل يف قوله عز و جل ) ستفترق أميت على ثالث وسبعني فرقة الناجية منها واحدة والباقون هلكى : ( م وأخرب النيب عليه الصالة و السال

ومن الناجية ؟ : قيل ) أهل السنة واجلماعة : ( قال وما السنة واجلماعة ؟ : قيل ) ما أنا عليه اليوم وأصحايب : ( قال

) ق إىل يوم القيامة ال تزال طائفة من أميت ظاهرين على احل: ( وقال عليه الصالة و السالم ) ١٣/ ١) . ( ال جتتمع أميت على ضاللة : ( وقال عليه الصالة و السالم

:يف تعيني قانون يبىن عليه تعديد الفرق اإلسالمية : املقدمة الثانية

دة اعلم أن ألصحاب املقاالت طرقا يف تعديد الفرق اإلسالمية ال على قانون مستند إىل أصل ونص و ال على قاع خمربة عن الوجود

فما وجدت مصنفني منهم متفقني على منهاج واحد يف تعديد الفرق ومن املعلوم الذي ال مراء فيه أن ليس كل من متيز عن غريه مبقالة ما يف مسألة ما عد صاحب مقالة وإال فتكاد

معدودا يف عداد أصحاب خترج املقاالت عن حد احلصر والعد ويكون من انفرد مبسألة يف أحكام اجلواهر مثالاملقاالت فال بد إذن من ضابط يف مسائل هي أصول وقواعد يكون االختالف فيها اختالفا يعترب مقالة ويعد صاحبه

صاحب مقالة وما وجدت ألحد من أرباب املقاالت عناية بتقرير هذا الضابط إال أهنم استرسلوا يف إيراد مذاهب األمة كيف اتفق

وجد ال على قانون مستقر وأصل مستمر فاجتهدت على ما تيسر من التقدير وتقدر من التيسري وعلى الوجه الذي حىت حصرهتا يف أربع قواعد هي األصول الكبار

الصفات و التوحيد فيها : القاعدة األوىل : وهي تشتمل على مسائل

Page 3: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إثباتا عند مجاعة ونفيا عند مجاعة : الصفات األزلية وصفات الفعل وبيان صفات الذات

وما جيب هللا تعاىل وما جيوز عليه وما يستحيل وفيها اخلالف بني األشعرية والكرامية واجملسمة واملعتزلة

القدر والعدل فيه : القاعدة الثانية ( وهي تشتمل على مسائل القضاء والقدر واجلرب والكسب وإرادة اخلري والشر واملقدور واملعلوم إثباتا عند مجاعة

ونفيا عند مجاعة ) ١٤ / ١ القدرية والنجارية واجلربية واألشعرية والكرامية : وفيها اخلالف بني

الوعد والوعيد واألمساء واألحكام : القاعدة الثالثة اإلميان والتوبة والوعيد واإلرجاء والتفكري والتضليل إثباتا على وجه عند مجاعة ونفيا : وهي تشتمل على مسائل

عند مجاعة وفيها اخلالف بني املرجئة والوعيدية واملعتزلة واألشعرية والكرامية

السمع والعقل والرسالة واإلمامة : القاعدة الرابعة التحسني والتقبيح والصالح واألصلح واللطف والعصمة يف النبوة وشرائط اإلمامة نصا : وهي تشتمل على مسائل

ا على مذهب من قال بالنص وكيفية إثباهتا على مذهب من قال باإلمجاع عند مجاعة وإمجاعا عند مجاعة وكيفية انتقاهل واخلالف فيها بني الشيعة واخلوارج واملعتزلة والكرامية واألشعرية

فإذا وجدنا انفراد واحد من أئمة األمة مبقالة من هذه القواعد عددنا مقالته مذهبا ومجاعته فرقة عل مقالته مذهبا ومجاعته فرقة بل جنعله مندرجا حتت واحد ممن وافق سواها وإن وجدنا واحدا انفرد مبسألة فال جن

مقالته ورددنا باقي مقاالته إىل الفروع اليت ال تعد مذهبا مفردا فال تذهب املقاالت إىل غري النهاية ع بعد أن تداخل فإذا تعينت املسائل اليت هي قواعد اخلالف تبينت أقسام الفرق اإلسالمية واحنصرت كبارها يف أرب

بعضها يف بعض

كبار الفرق اإلسالمية أربع

الشيعة - ٤اخلوارج - ٣الصفاتية - ٢القدرية - ١ ) ١٥/ ١. ( مث يتركب بعضها مع بعض ويتشعب عن كل فرقة أصناف فتصل إىل ثالث وسبعني فرقة

: وألصحاب كتب املقاالت طريقان يف الترتيب ائل أصوال مث أوردوا يف كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة أهنم وضعوا املس: أحدمها أهنم وضعوا الرجال وأصحاب املقاالت أصوال مث أوردوا مذاهبهم يف مسألة مسألة : والثاين

وترتيب هذا املختصر على الطريقة األخرية ألين وجدهتا أضبط لألقسام وأليق بباب احلساب كل فرقة على ما وجدته يف كتبهم من غري تعصب هلم وال كسر عليهم دون وشرطي على نفسي أن أورد مذهب

أن أبني صحيحه من فاسده وأعني حقه من باطله وإن كان ال خيفى على األفهام الذكية يف مدارج الدالئل العقلية حملات احلق ونفحات الباطل وباهللا التوفيق

Page 4: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ة ومن مصدرها يف األوليف بيان أول شبهة وقعت يف اخلليق: املقدمة الثالثة

: ومن مظهرها يف اآلخر شبهة إبليس لعنه اهللا : اعلم أن أول شبهة وقعت يف اخلليقة

ومصدرها استبداده بالرأي يف مقابلة النص واختياره اهلوى يف معارضة األمر واستكباره باملادة اليت خلق منها وهي النار على مادة آدم عليه السالم وهي الطني

ت من هذه الشبهة سبع شبهات وسارت يف اخلليقة وسرت يف أذهان الناس حىت صارت مذاهب بدعة وانشعبإجنيل لوقا ومارقوس ويوحنا ومىت ومذكورة يف : وضاللة وتلك الشبهات مسطورة يف شرح األناجيل األربعة

) ١٦/ ١. ( منه التوراة متفرقة على شكل مناظرات بينه وبني املالئكة بعد األمر بالسجود واالمتناع إين سلمت أن الباري تعاىل إهلي وإله اخللق عامل قادر وال يسأل عن قدرته ومشيئته وأنه مهما : قال كما نقل عنه

أراد شيئا قال له كن فيكون وهو حكيم إال أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة ما هي ؟ وكم هي ؟ : قالت املالئكة سبع : قال لعنه اهللا

أنه قد علم قبل خلقي أي شيء يصدر عين وحيصل مين فلم خلقين أوال ؟ وما احلكمة يف خلقه إياي ؟ : نها األول مإذ خلقين على مقتضى إرادته ومشيئته فلم كلفين مبعرفته وطاعته ؟ وما احلكمة يف هذا التكليف بعد أن ال : والثاين

ينتفع بطاعة ؟ و ال يتضرر مبعصية ؟ وكلفين فالتزمت تكليفه باملعرفة والطاعة فعرفت وأطعت فلم كلفين بطاعة آدم والسجود له ؟ إذ خلقين: والثالث

وما احلكمة يف هذا التكليف على اخلصوص بعد أن ال يزيد ذلك يف معرفيت وطاعيت إياه ؟ لعنين إذ خلقين وكلفين على اإلطالق وكلفين هبذا التكليف على اخلصوص فإذا مل أسجد آلدم فلم: والرابع

ال أسجد إال لك ؟ : وأخرجين من اجلنة ؟ وما احلكمة يف ذلك بعد أن مل أرتكب قبيحا إال قويل إذ خلقين وكلفين مطلقا وخصوصا فلم أطع فلعنين وطردين فلم طرقين إىل آدم حىت دخلت اجلنة ثانيا : واخلامس

؟ وما احلكمة يف ذلك بعد أن لو منعين من وغررته بوسوسيت فأكل من الشجرة املنهي عنها وأخرجه من اجلنة معي دخول اجلنة الستراح مين آدم وبقي خالدا فيها ؟

إذ خلقين وكلفين عموما وخصوصا ولعنين مث طرقين إىل اجلنة وكانت اخلصومة بيين وبني آدم فلم : والسادس حوهلم وقوهتم وقدرهتم سلطين على أوالده حىت أراهم من حيث ال يرونين وتؤثر فيهم وسوسيت وال يؤثر يف

يف ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من حيتاهلم عنها فيعيشوا ) ١٧/ ١( واستطاعتهم ؟ وما احلكمة طاهرين سامعني مطيعني كان أحرى هبم وأليق باحلكمة

ول اجلنة مكنين خلقين وكلفين مطلقا ومقيدا وإذا مل أطع لعنين وطردين وإذا أردت دخ: سلمت هذا كله : والسابع أنظرين إىل يوم : ( وطرقين وإذا عملت عملي أخرجين مث سلطين على بين آدم فلم إذا استمهلته أمهلين فقلت

) قال فإنك من املنظرين إىل يوم الوقت املعلوم ) ( يبعثون امل ؟ أليس بقاء العامل وما احلكمة يف ذلك بعد أن لو أهلكين يف احلال استراح آدم واخللق مين وما بقي شر ما يف الع

على نظام اخلري خريا من امتزاجه بالشر ؟ فهذه حجيت على ما ادعيته يف كل مسألة : قال

إنك يف تسليمك األول أين إهلك وإله : فأوحى اهللا تعاىل إىل املالئكة عليهم السالم قولوا له : قال شارح اإلجنيل

Page 5: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

العاملني ما احتكمت علي بلم فأنا اهللا الذي ال إله إال أنا ال أسأل اخللق غري صادق وال خملص إذ لو صدقت أين إله عما أفعل واخللق مسؤولون

وهذا الذي ذكرته مذكور يف التوراة ومسطور يف اإلجنيل على الوجه الذي ذكرته وقعت من من املعلوم الذي ال مرية فيه أن كل شبهة وقعت لبين آدم فإمنا : وكنت برهة من الزمان أتفكر وأقول

إضالل الشيطان الرجيم ووساوسه ونشأت من شبهاته وإذا كانت الشبهات حمصورة يف سبع عادت كبار البدع والضالالت إىل سبع

وال جيوز أن تعدو شبهات فرق الزيغ والكفر والضالل هذه الشبهات وإن اختلفت العبارات وتباينت الطرق فإهنا ترجع مجلتها إىل إنكار األمر بعد االعتراف باحلق وإىل اجلنوح إىل اهلوى يف بالنسبة إىل أنواع الضالالت كالبذور و

) ١٨/ ١. ( مقابلة النص هذا ومن جادل نوحا وهودا وصاحلا وإبراهيم ولوطا وشعيبا وموسى وعيسى وحممدا صلوات اهللا عليهم أمجعني

كلهم نسجوا على منوال اللعني األول يف إظهار شبهاته : ع إىل دفع التكليف عن أنفسهم وجحد أصحاب الشرائع والتكاليف بأسرهم إذ ال فرق بني قوهلم وحاصلها يرج

وعن هذا صار مفصل اخلالف وحمز االفتراق كما هو يف ) أأسجد ملن خلقت طينا ( وبني قوله ) أبشر يهدوننا ( فبني أن املانع من ) اهللا بشرا رسوال وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم اهلدى إال أن قالوا أبعث: ( قوله تعاىل

ما منعك أال تسجد إذ أمرتك قال أنا خري منه خلقتين من نار ( اإلميان هو هذا املعىن كما قال املتقدم يف األول ) أنا خري من هذا الذي هو مهني وال يكاد يبني ( وقال املتأخر من ذريته كما قال املتقدم ) وخلقته من طني كذلك قال الذين من قبلهم مثل قوهلم ( نا أقوال املتقدمني منهم وجدناها مطابقة ألقوال املتأخرين وكذلك لو تعقب ) فما كانوا ليؤمنوا مبا كذبوا به من قبل ) ( تشاهبت قلوهبم

فاللعني األول ملا حكم العقل على من ال حيتكم عليه العقل لزمه أن جيري حكم اخلالق يف اخللق أو حكم اخللق يف خلالق واألول غلو والثاين تقصري ا

: فثار من الشبهة األوىل مذاهب احللولية والتناسخية واملشبهة والغالة من الروافض حيث غلوا يف حق شخص من األشخاص حىت وصفوه بأوصاف

اإلله : وثار من الشبهة الثانية مذاهب

بصفات املخلوقني القدرية واجلربية واجملسمة حيث قصروا يف وصفه تعاىل حىت وصفوه فاملعتزلة مشبهة األفعال واملشبهة حلولية الصفات وكل واحد منهم أعور بأي عينيه شاء

باخللق ) ١٩/ ١( إمنا حيسن منه ما حيسن منا ويقبح منه ما يقبح منا فقد شبه اخلالق : فإن من قال ا يوصف به الباري تعاىل فقد اعتزل عن يوصف الباري تعاىل مبا يوصف به اخللق أو يوصف اخللق مب: ومن قال

احلق القدرية طلب العلة يف كل شيء وذاك من سنخ اللعني األول إذ طلب العلة يف اخللق أوال واحلكمة ) أصل ( وسنخ

يف التكليف ثانيا والفائدة يف تكليف السجود آلدم عليه السالم ثالثا ( ال أسجد إال لك : حكم إال هللا وال حنكم الرجال وبني قوله ال : وعنه نشأ مذهب اخلوارج إذ ال فرق بني قوهلم ) أأسجد لبشر خلقته من صلصال من محأ مسنون

Page 6: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) : كال طريف قصد األمور ذميم ( وباجلملة غلوا يف التوحيد بزعمهم حىت وصلوا إىل التعطيل بنفي الصفات : فاملعتزلة م قصروا حىت وصفوا اخلالق بصفات األجسا: واملشبهة

غلوا يف النبوة واإلمامة حىت وصلوا إىل احللول : والروافض قصروا حىت نفوا حتكيم الرجال : واخلوارج

وأنت ترى إذا نظرت أن هذه الشبهات كلها ناشئة من شبهات اللعني األول وتلك يف األول مصدرها وهذه يف ) خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبني وال تتبعوا: ( اآلخرة مظهرها وإليه أشار التنزيل يف قوله تعاىل

القدرية جموس : ( وشبه النيب صلى اهللا عليه و سلم كل فرقة ضالة من هذه األمة بأمة ضالة من األمم السالفة فقال ) مل أجد له أصال ) ( املشبهة يهود هذه األمة والروافض نصاراها : ( وقال ) هذه األمة

لتسلكن سبل األمم قبلكم حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل حىت لو دخلوا ( :وقال عليه الصالة و السالم مجلة ) ٢٠/ ١) . ( جحر ضب لدخلتموه

يف بيان أول شبهة وقعت يف امللة اإلسالمية وكيفية: املقدمة الرابعة

: انشعاهبا ومن مصدرها ومن مظهرها ا تلك الشبهات اليت وقعت يف أول الزمان كذلك وكما قررنا أن الشبهات اليت وقعت يف آخر الزمان هي بعينه

أن شبهات أمته يف آخر زمانه ناشئة من شبهات : ميكن أن نقرر يف زمان كل نيب ودور صاحب كل ملة وشريعة خصماء أول زمانه من الكفار وامللحدين وأكثرها من املنافقني وإن خفي علينا ذلك يف األمم السالفة لتمادي الزمان

هذه األمة أن شبهاهتا نشأت كلها من شبهات منافقي زمن النيب عليه الصالة و السالم إذ مل يرضوا فلم خيف يف حبكمه فيما كان يأمر وينهى وشرعوا فيما ال مسرح للفكر فيه وال مسرى وسألوا عما منعوا من اخلوض فيه

والسؤال عنه وجادلوا بالباطل فيما ال جيوز اجلدال فيه إن مل : ( اعدل يا حممد فإنك مل تعدل حىت قال عليه الصالة و السالم : يصرة التميمي إذ قال اعترب حديث ذي اخلو

وذلك خروج صريح على النيب ) هذه قسمة ما أريد هبا وجه اهللا تعاىل ( فعاد اللعني وقال ) أعدل فمن يعدل ؟ ض على الرسول أحق بأن يكون عليه الصالة و السالم ولو صار من اعترض على اإلمام احلق خارجيا فمن اعتر

خارجيا أوليس ذلك قوال بتحسني العقل وتقبيحه وحكما باهلوى يف مقابلة النص واستكبارا على األمر بقياس العقل سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم ميرقون من الدين كما ميرق السهم من : ( ؟ حىت قال عليه الصالة و السالم

) الضئضئ اجلنس واألصل ( . اخلرب بتمامه . . . ) الرمية لو كان : ( شيء وقوهلم ) ٢١/ ١( هل لنا من األمر من : واعترب حال طائفة أخرى من املنافقني يوم أحد إذ قالوا

فهل ذلك إال تصريح بالقدر ؟ ) لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا : ( وقوهلم ) لنا من األمر شيء ما قتلنا ههنا أنطعم من لو يشاء اهللا : ( وقول طائفة ) لو شاء اهللا ما عبدنا من دونه من شيء : ( شركني وقول طائفة من امل

فهل هذا إال تصريح باجلرب ؟ ) أطعمه واعترب حال طائفة أخرى حيث جادلوا يف ذات اهللا تفكرا يف جالله وتصرفا يف أفعاله حىت منعهم وخوفهم بقوله

) ن يشاء وهم جيادلون يف اهللا وهو شديد احملال ويرسل الصواعق فيصيب هبا م: ( تعاىل فهذا ما كان يف زمانه عليه الصالة و السالم وهو على شوكته وقوته وصحة بدنه واملنافقون خيادعون فيظهرون

Page 7: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اإلسالم ويبطنون الكفر وإمنا يظهر نفاقهم باالعتراض يف كل وقت على حركاته وسكناته فصارت االعتراضات نها الشبهات كالزروع كالبذور وظهرت م

وأما االختالفات الواقعة يف حال مرضه عليه الصالة و السالم وبعد وفاته بني الصحابة رضي اهللا عنهم فهي اختالفات اجتهادية كما قيل كان غرضهم منها إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين

ام أبو عبد اهللا حممد بن إمساعيل البخاري بإسناده فأول تنازع وقع يف مرضه عليه الصالة و السالم فيما رواه اإلم ) ائتوين بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا ال تضلوا بعدي : ( عن عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنه قال

إن رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم قد غلبه الوجع حسبنا كتاب اهللا وكثر اللغط : فقال عمر رضي اهللا عنه ) قوموا عين ال ينبغي عندي التنازع : ( هللا عليه و سلم فقال النيب صلى ا

) ٢٢/ ١) . ( الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبني كتاب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم : ( قال ابن عباس ) جهزوا جيش أسامة لعن اهللا من ختلف عنه : ( اخلالف الثاين يف مرضه أنه قال

ال أمره وأسامة قد برز من املدينة جيب علينا امتث: فقال قوم قد اشتد مرض النيب عليه الصالة و السالم فال تسع قلوبنا مفارقته واحلالة هذه فنصرب حىت نبصر أي : وقال قوم

شيء يكون من أمره ا وإمنا أوردت هذين التنازعني ألن املخالفني رمبا عدوا ذلك من اخلالفات املؤثرة يف أمر الدين وليس كذلك وإمن

إقامة مراسم الشرع يف حال تزلزل القلوب وتسكني ثائرة الفتنة املؤثرة عند تقلب األمور : الغرض كله من قال إن حممدا قد مات قتلته بسيفي هذا : يف موته عليه الصالة و السالم قال عمر بن اخلطاب : اخلالف الثالث

وإمنا رفع إىل السماء كما رفع عيسى عليه السالم من كان يعبد حممدا فإن حممدا قد مات ومن كان يعبد إله حممد فإن إله : و بكر بن أيب قحافة رضي اهللا عنه وقال أب

وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن : ( حممد حي مل ميت ولن ميوت وقرأ قول اهللا سبحانه وتعاىل فرجع القوم ) ر اهللا شيئا وسيجزي اهللا الشاكرين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يض

إىل قوله ) كأين ما مسعت هذه اآلية حىت قرأها أبو بكر : ( وقال عمر رضي اهللا عنه

يف موضع دفنه عليه الصالة و السالم أراد أهل مكة من املهاجرين رده إىل مكة ألهنا مسقط رأسه : اخلالف الرابع ن أهله وموقع رحله ومأنس نفسه وموطئ قدمه وموط

وأراد أهل املدينة من األنصار دفنه باملدينة ألهنا دار هجرته ومدار نصرته وأرادت مجاعة نقله إىل بيت املقدس ألنه موضع دفن األنبياء ومنه معراجه إىل السماء

) يدفنون حيث ميوتون األنبياء : ( على دفنه باملدينة ملا روي عنه عليه الصالة و السالم ) ٢٣/ ١( مث اتفقوا يف اإلمامة وأعظم خالف بني األمة خالف اإلمامة إذ ما سل سيف يف اإلسالم على قاعدة دينية : اخلالف اخلامس

مثل ما سل على اإلمامة يف كل زمان منا أمري ومنكم أمري: وقد سهل اهللا تعاىل يف الصدر األول فاختلف املهاجرون واألنصار فيها فقالت األنصار

واتفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة األنصاري فاستدركه أبو بكر وعمر رضي اهللا عنهما يف احلال بأن حضرا سقيفة بين ساعدة

مه يا : ( كنت أزور يف نفسي كالما يف الطريق فلما وصلنا إىل السقيفة أردت أن أتكلم فقال أبو بكر : وقال عمر

Page 8: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

قدره يف نفسي كأنه خيرب عن غيب فقبل أن يشتغل األنصار بالكالم عمر فحمد اهللا وأثىن عليه وذكر ما كنت أمددت يدي إليه فبايعته وبايعه الناس وسكنت الفتنة إال أن بيعة أيب بكر كانت فلتة وقى اهللا املسلمني شرها فمن

غرر : التغرة . ( عاد إىل مثلها فاقتلوه فأميا رجل بايع رجال من غري مشورة من املسلمني فإهنما تغرة جيب أن يقتال ) عرضها للهالك : بنفسه تغريرا وتغرة

) األئمة من قريش : ( وإمنا سكتت األنصار عن دعواهم لرواية أيب بكر عن النيب عليه الصالة و السالم وهذه البيعة هي اليت جرت يف السقيفة مث ملا عاد إىل املسجد انثال الناس عليه وبايعوه عن رغبة سوى مجاعة من بينهاشم وأيب سفيان من بين أمية وأمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه كان مشغوال مبا أمره النيب صلى اهللا

) ٢٤/ ١. ( عليه و سلم من جتهيزه ودفنه ومالزمة قربه من غري منازعة وال مدافعة عوى فاطمة عليها السالم وراثة تارة يف أمر فدك والتوارث عن النيب عليه الصالة و السالم ود: اخلالف السادس

حنن معاشر األنبياء ال : ( ومتليكا أخرى حىت دفعت عن ذلك بالرواية املشهورة عن النيب عليه الصالة و السالم قرية مشال املدينة كانت لليهود وملا اهنزم يهود خيرب خشي يهود فدك على : فدك ) . ( نورث ما تركناه صدقة م للنيب عليه الصالة و السالم دون قتال فكانت خالصة له ينفق هبا على نفسه وعلى بعض أنفسهم فسلموا قريته

) احملتاجني من بين هاشم : يف قتال مانعي الزكاة : اخلالف السابع

ال نقاتلهم قتال الكفرة : فقال قوم وا رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم لو منعوين عقاال مما أعط: بل نقاتلهم حىت قال أبو بكر رضي اهللا عنه : وقال قوم

لقاتلتهم عليه ومضى بنفسه إىل قتاهلم ووافقه مجاعة الصحابة بأسرهم وقد أدى اجتهاد عمر رضي اهللا عنه يف أيام خالفته إىل رد السبايا واألموال إليهم و إطالق احملبوسني منهم واإلفراج

عن أسراهم : مر باخلالفة وقت الوفاة يف تنصيص أيب بكر على ع: اخلالف الثامن

: لو سألين ريب يوم القيامة لقلت : قد وليت علينا فظا غليظا وارتفع اخلالف بقول أيب بكر : فمن الناس من قال وليت عليهم خريهم هلم

وقد وقع يف زمانه اختالفات كثرية يف مسائل مرياث اجلد واإلخوة والكاللة ويف عقل األصابع وديات األسنان بعض اجلرائم اليت مل يرد فيها نص وحدود

املسلمني وكثرت ) ٢٥/ ١( االشتغال بقتال الروم وغزو العجم وفتح اهللا تعاىل الفتوح على : وإمنا أهم أمورهم السبايا والغنائم وكانوا كلهم يصدرون عن رأي عمر رضي اهللا عنه وانتشرت الدعوة وظهرت الكلمة ودانت

العرب والنت العجم يف أمر الشورى واختالف اآلراء فيها : ف التاسع اخلال

واتفقوا كلهم على بيعة عثمان رضي اهللا عنه وانتظم األمر واستمرت الدعوة يف زمانه وكثرت الفتوح وامتأل بيت املال وعاشر اخللق على أحسن خلق وعاملهم بأبسط يد

عليه ووقعت يف زمانه اختالقات كثرية وأخذوا عليه غري أن أقاربه من بين أمية قد ركبوا هنابر فركبته وجاروا فجري ) مهالك مجع هنبورة بضم النون فيهما : هنابر . ( أحداثا كلها حمالة على بين أمية

رده احلكم بن أمية إىل املدينة بعد أن طرده رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم وكان يسمى طريد رسول اهللا : منها

Page 9: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وعمر رضي اهللا عنهما أيام خالفتهما فما أجابا إىل ذلك ونفاه عمر من مقامه باليمن وبعد أن تشفع إىل أيب بكر أربعني فرسخا

ومنها نفيه أبا ذر إىل الربذة وتزوجيه مروان بن احلكم بنته وتسليمه مخس غنائم أفريقية له وقد بلغت مائيت ألف دينار بعد أن أهدر النيب عليه الصالة و السالم دمه وتوليته إيواؤه عبد اهللا بن سعد بن أيب سرح وكان رضيعه: ومنها

إياه مصر بأعماهلا وتوليته عبد اهللا بن عامر البصرة حىت أحدث فيها ما أحدث إىل غري ذلك مما نقموا عليه معاوية بن أيب سفيان عامل الشام وسعد بن أيب وقاص عامل الكوفة وبعده الوليد بن عقبة : وكان أمراء جنوده

د بن العاص وعبد اهللا بن عامر عامل البصرة وعبد اهللا بن سعد بن أيب سرح عامل مصر وكلهم خذلوه وسعي/ ١. ( ورفضوه حىت أتى قدره عليه وقتل مظلوما يف داره وثارت الفتنة من الظلم الذي جرى عليه ومل تسكن بعد

٢٦ ( االتفاق عليه وعقد البيعة له يف زمان أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه بعد: اخلالف العاشر

خروج طلحة والزبري إىل مكة مث محل عائشة إىل البصرة مث نصب القتال معه ويعرف ذلك حبرب اجلمل : فأوله واحلق أهنما رجعا وتابا إذ ذكرمها أمرا فتذكراه

بشر قاتل : ( يه و سلم فأما الزبري فقتله ابن جرموز بقوس وقت االنصراف وهو يف النار لقول النيب صلى اهللا عل ) ابن صفية بالنار

وأما طلحة فرماه مروان بن احلكم بسهم وقت اإلعراض فخر ميتا واخلالف بينه وبني معاوية . وأما عائشة رضي اهللا عنها فكانت حممولة على ما فعلت مث تابت بعد ذلك ورجعت

ن العاص أبا موسى األشعري وبقاء اخلالف إىل وحرب صفني وخمالفة اخلوارج ومحله على التحكيم ومغادرة عمرو ب وقت وفاته مشهور

وكذلك اخلالف بينه وبني الشراة املارقني بالنهروان عقدا وقوال ونصب القتال معه فعال ظاهرا معروف وباجلملة كان علي رضي اهللا عنه مع احلق واحلق معه

فدكي التميمي وزيد بن حصني الطائي وغريهم وظهر يف زمانه اخلوارج عليه مثل األشعث بن قيس ومسعود بن وكذلك ظهر يف زمانه الغالة يف حقه مثل عبد اهللا بن سبأ ومجاعة معه

يهلك فيه اثنان حمب غال : ( ومن الفريقني ابتدأت البدعة والضاللة وصدق فيه قول النيب صلى اهللا عليه و سلم ) ومبغض قال

االختالف يف اإلمامة : أحدمها : وانقسمت االختالفات بعده إىل قسمني ) ٢٧/ ١. ( االختالف يف األصول : والثاين

: واالختالف يف اإلمامة على وجهني القول بأن اإلمامة تثبت باالتفاق واالختيار : أحدمها القول بأن اإلمامة تثبت بالنص والتعيني : والثاين

إما : ال بإمامة كل من اتفقت عليه األمة أو مجاعة معتربة من األمة إن اإلمامة تثبت باالتفاق واالختيار ق: فمن قال مطلقا وإما بشرط أن يكون قرشيا على مذهب قوم وبشرط أن يكون هامشيا على مذهب قوم إىل شرائط أخرى

كما سيأيت

Page 10: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومن قال باألول قال بإمامة معاوية وأوالده وبعدهم خبالفة مروان وأوالده كل زمان على واحد منهم بشرط أن يبقى على مقتضى اعتقادهم وجيري على سنن العدل يف واخلوارج اجتمعوا يف

معامالهتم وإال خذلوه وخلعوه ورمبا قتلوه : ومن قالوا إن اإلمامة تثبت بالنص اختلفوا بعد علي رضي اهللا عنه

: لفوا بعده إنه نص على ابنه حممد بن احلنفية وهؤالء هم الكيسانية مث اخت: فمنهم من قال : إنه مل ميت ويرجع فيمأل األرض عدال : فمنهم من قال : إنه مات وانتقلت اإلمامة بعده إىل ابنه أيب هاشم وافترق هؤالء : ومنهم من قال اإلمامة بقيت يف عقبه وصية بعد وصية : فمنهم من قال : إهنا انتقلت إىل غريه واختلفوا يف ذلك الغري : ومنهم من قال

هو بنان بن مسعان النهدي : منهم من قال ف هو علي بن عبد اهللا بن عباس : ومنهم من قال هو عبد اهللا بن حرب الكندي : ومنهم من قال هو عبد اهللا بن معاوية بن عبد اهللا بن جعفر بن أيب طالب : ومنهم من قال

ها على شخص معني كما ستأيت مذاهبهم إن الدين طاعة رجل ويتأولون أحكام الشرع كل: وهؤالء كلهم يقولون ال إمامة يف : وأما من مل يقل بالنص على حممد بن احلنفية فقال بالنص على احلسن واحلسني رضي اهللا عنهما وقال

: األخوين إال احلسن واحلسني رضي اهللا عنهما مث اختلفوا سن مث ابنه عبد اهللا مث ابنه حممد مث أخيه إبراهيم فمنهم من أجرى اإلمامة يف أوالد احلسن فقال بعده بإمامة ابنه احل

اإلمامني وقد خرجا يف أيام املنصور فقتال يف أيامه هؤالء من يقول برجعة حممد اإلمام ) ٢٨/ ١( ومن

ومنهم من أجرى الوصية يف أوالد احلسني وقال بعده بإمامة ابنه علي بن احلسني زين العابدين نصا عليه مث اختلفوا : ه بعد

فقالت الزيدية بإمامة ابنه زيد ومذهبهم أن كل فاطمي خرج وهو عامل زاهد شجاع سخي كان إماما واجب االتباع وجوزوا رجوع اإلمامة إىل أوالد احلسن

مث منهم من وقف وقال بالرجعة ومنهم من ساق وقال بإمامة كل من هذا حاله يف كل زمان وسيأيت فيما بعد تفصيل مذاهبهم

فقالوا بإمامة حممد بن علي الباقر نصا عليه مث بإمامة جعفر بن حممد الصادق وصية إليه مث اختلفوا : ا اإلمامية وأم : من املنصوص عليه ؟ وهم مخسة : بعده يف أوالده

: حممد وإمساعيل وعبد اهللا وموسى وعلي فمنهم من قال بإمامة حممد وهم العمارية

: ل وأنكر موته يف حياة أبيه وهم املباركية ومنهم من قال بإمامة إمساعي ومن هؤالء من وقف عليه وقال برجعته

ومنهم من ساق اإلمامة يف أوالده نصا بعد نص إىل يومنا هذا وهم اإلمساعيلية ومنهم من قال بإمامة عبد اهللا األفطح وقال برجعته بعد موته ألنه مات ومل يعقب

Page 11: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

سابعكم قائمكم أال وهو مسي صاحب التوراة مث هؤالء : عليه إذ قال والده ومنهم من قال بإمامة موسى نصا : اختلفوا

فمنهم من اقتصر عليه وقال برجعته إذ قال مل ميت هو ومنهم من توقف يف موته وهم املمطورة

: كل ولد بعده ومنهم من قطع مبوته وساق اإلمامة إىل ابنه علي بن موسى الرضا وهم القطعية مث هؤالء اختلفوا يف فاالثنا عشرية ساقوا اإلمامة من علي الرضا إىل ابنه حممد مث إىل ابنه علي مث إىل ابنه احلسن مث إىل ابنه حممد القائم

هو حي مل ميت ويرجع فيمأل الدنيا عدال كما ملئت جورا : املنتظر الثاين عشر وقالوا بإمامة أخيه جعفر وقالوا بالتوقف عليه أو قالوا بالشك يف حال وغريهم ساقوا اإلمامة إىل احلسن العسكري مث قالوا

حممد وهلم خبط طويل يف سوق اإلمامة والتوقف والقول بالرجعة بعد املوت والقول الغيبة مث بالرجعة بعد الغيبة ) ٢٩/ ١. ( فهذه مجلة االختالف يف اإلمامة وسيأيت تفصيل ذلك عند ذكر املذاهب

: يف األصول وأما االختالفات فحدثت يف آخر أيام الصحابة بدعة معبد اجلهين وغيالن الدمشقي ويونس األسواري يف القول بالقدر وإنكار إضافة

اخلري والشر إىل القدر ونسج على منواهلم واصل بن عطاء الغزال وكان تلميذ احلسن البصري وتلمذ له عمرو بن عبيد وزاد عليه يف مسائل القدر

نثرت : من دعاة يزيد الناقص أيام بين أمية مث وايل املنصور وقال بإمامته ومدحه املنصور يوما فقال وكان عمرو احلب للناس فلقطوا غري عمرو بن عبيد

والوعيدية من اخلوارج واملرجئة من اجلربية ة بني املنزلتني فسمي والقدرية ابتدءوا بدعتهم يف زمان احلسن واعتزل واصل عنهم وعن أستاذه بالقول منه باملنزل

هو وأصحابه معتزلة وقد تلمذ له زيد بن علي وأخذ األصول فلذلك صارت الزيدية كلهم معتزلة ومن رفض زيد بن علي ألنه خالف مذهب آبائه يف األصول ويف التربي والتويل وهم أهل الكوفة وكانوا مجاعة مسوا

رافضة ة حني نشرت أيام املأمون فخلطت مناهجها مبناهج الكالم وأفردهتا مث طالع بعد ذلك شيوخ املعتزلة كتب الفالسف

: فنا من فنون العلم ومستها باسم الكالم إما ألن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكالم فسمي النوع بامسها

م مترادفان وإما ملقابلتهم الفالسفة يف تسميتهم فنا من فنون علمهم باملنطق واملنطق والكالوافق الفالسفة يف أن الباري تعاىل عامل بعلم وعلمه ذاته وكذلك قادر -شيخهم األكرب -وكان أبو اهلذيل العالف

بقدرة وقدرته ذاته وأبدع بدعا يف الكالم واإلرادة وأفعال العباد والقول بالقدر واآلجال واألرزاق كما سيأيت يف حكاية مذهبه

بن احلكم مناظرات يف أحكام التشبيه وجرت بينه وبني هشام ) ٣٠/ ١. ( وأبو يعقوب الشحام واآلدمي صاحبا أيب اهلذيل وافقاه يف ذلك كله

كان أغلى يف تقرير مذاهب الفالسفة وانفرد عن السلف ببدع يف -يف أيام املعتصم -مث إبراهيم بن سيار النظام القدر والرفض وعن أصحابه مبسائل نذكرها

حممد بن شبيب وأبو مشر وموسى بن عمران والفضل احلدثي وأمحد بن خابط : أصحابه ومن

Page 12: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ووافقه األسواري يف مجيع ما ذهب إليه من البدع وكذلك اإلسكافية أصحاب أيب جعفر اإلسكايف

واجلعفرية أصحاب اجلعفر بن جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب ولد واإلفراط فيه وامليل إىل الطبيعيني من الفالسفة والقول بأن اهللا مث ظهرت بدع بشر بن املعتمر من القول بالت

تعاىل قادر على تعذيب الطفل وإذا فعل ذلك فهو ظامل إىل غري ذلك مما تفرد به عن أصحابه وتلمذ له أبو موسى املزدار راهب املعتزلة وانفرد عنه بإبطال إعجاز القرآن من جهة الفصاحة والبالغة ويف أيامه

رت أكثر التشديدات على السلف لقوهلم بقدم القرآن جوتلمذ له اجلعفران وأبو زفر وحممد بن سويد صاحبا املزدار وأبو جعفر اإلسكايف وعيسى بن اهليثم صاحبا جعفر بن

حرب األشج عنه هشام بن عمرو الفوطي واألصم من أصحابه وقدحا يف إمامة علي رضي اهللا : وممن بالغ يف القول بالقدر

إن اإلمامة ال تنعقد إال بإمجاع األمة عن بكرة أبيهم : بقوهلما والفوطي واألصم اتفقا على أن اهللا تعاىل يستحيل أن يكون عاملا باألشياء قبل كوهنا ومنعا كون املعدوم شيئا

وأبو احلسني اخلياط وأمحد بن علي الشطوي صحبا عيسى الصويف مث لزما أبا جمالد أليب احلسني اخلياط ومذهبه بعينه مذهبه وتلمذ الكعيب

وأما معمر بن عباد السلمي ومثامة بن أشرس النمريي وأبو عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ فكانوا يف زمان واحد متقاربني يف الرأي واالعتقاد منفردين عن أصحاهبم مبسائل يف موضعها نذكرها

وأبو احلسني البصري قد ) ٣١/ ١( شم والقاضي عبد اجلبار منهم أبو علي اجلبائي وابنه أبو ها: واملتأخرون خلصوا طرق أصحاهبم وانفردوا عنهم مبسائل ستأيت

هارون واملأمون واملعتصم والواثق واملتوكل وانتهاؤه من الصاحب : أما رونق الكالم فابتداؤه من اخللفاء العباسيني بن عباد ومجاعة من الدياملة

ضرار بن عمرو وحفص الفرد واحلسني النجار : تزلة متوسطني مثل وظهرت مجاعة من املعومن املتأخرين خالفوا الشيوخ يف مسائل ونبغ منهم جهم بن صفوان يف أيام نصر بن سيار وأظهر بدعته يف اجلرب

بترمذ وقتله سامل بن أحوز املازين يف آخر ملك بين أمية مبرو مان اختالفات يف الصفات وكان السلف يناظروهنم عليها ال على قانون وكانت بني املعتزلة وبني السلف يف كل ز

فمن مثبت صفات الباري تعاىل معاين قائمة بذاته ومن مشبه صفاته : كالمي بل على قول إقناعي ويسمون الصفاتية بصفات اخللق وكلهم يتعلقون بظواهر الكتاب والسنة ويناظرون املعتزلة يف قدم العامل على قول ظاهر

وكان عبد اهللا بن سعيد الكاليب وأبو العباس القالنسي واحلارث بن أسد احملاسيب أشبههم إتقانا وأمتنهم كالما وجرت مناظرة بني أيب احلسن علي بن إمساعيل األشعري وبني أستاذه أيب علي اجلبائي يف بعض مسائل التحسني

اب فأعرض عنه واحناز إىل طائفة السلف ونصر مذهبهم على والتقبيح فألزم األشعري أستاذه أمورا مل خيرج عنها جبو قاعدة كالمية فصار ذلك مذهبا منفردا

وقرر طريقته مجاعة من احملققني مثل القاضي أيب بكر الباقالين واألستاذ أيب إسحاق األسفرائيين واألستاذ أيب بكر بن فورك وليس بينهم كثري اختالف

قمش ( هد من سجستان يقال له أبو عبد اهللا حممد بن كرام قليل العلم قد قمش بالز) متستر ( ونبغ رجل متنمس

Page 13: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وأثبته يف كتابه ) الباطل والكالم املخلط الفاسد : الضغث ( من كل مذهب ضغثا ) أخذ رذالته : من كل مذهب مذهبا غرجة وغور وسواد بالد خراسان فانتظم ناموسه وصار ذلك) الذين ال يفصحون ( وروجه على أغتام

وقد نصره حممود بن سبكتكني السلطان وصب البالء على أصحاب احلديث والشيعة من جهتهم ) ٣٢/ ١. ( وهو أقرب مذهب إىل مذهب اخلوارج وهم جمسمة وحاشا غري حممد بن اهليصم فإنه مقارب

يف السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق احلساب: املقدمة اخلامسة

: شارة إىل مناهج احلساب وفيها إملا كان مبىن احلساب على احلصر واالختصار وكان غرضي من تأليف هذا الكتاب حصر املذاهب مع االختصار

اخترت طريق االستيفاء ترتيبا وقدرت أغراضي على مناهجه تقسيما وتبويبا وأردت أن أبني كيفية طرق هذا العلم أنا فقيه ومتكلم أجنيب النظر يف مسالكه ومرامسه أعجمي القلم مبداركه وكمية أقسامه لئال يظن يب أين من حيث

ومعامله فآثرت من طرق احلساب أحكمها وأحسنها وأقمت عليه من حجج الربهان أوضحها وأمتنها وقدرهتا على علم

: العدد وكان الواضع األول منه استمداد املدد فأقول سبع وال جتاوزها البتة مراتب احلساب تبتدئ من واحد وتنتهي إىل

صدر احلساب وهو املوضوع األول الذي يرد عليه التقسيم األول : املرتبة األوىل وهو فرد ال زوج له باعتبار ومجلة يقبل التقسيم والتفصيل باعتبار فمن حيث أنه فرد فهو ال يستدعي أختا تساويه يف الصورة واملدة

ينقسم إىل قسمني ومن حيث هو مجلة فهو قابل للتفصيل حىتوصورة املدة جيب أن تكون من الطرف إىل الطرف ويكتب حتتها حشوا جممالت التفاصيل ومرسالت التقدير

والتقرير والنقل والتحويل وكليات وجوه اجملموع وحكايات اإلحلاق واملوضوع ) ٣٣/ ١. ( ويكتب حتتها بارزا من الطرف األيسر كميات مبالغ اجملموع

األصل وشكلها حمقق وهو التقسيم األول الذي ورد على اجملموع األول : ة الثانية منها املرتب وهو زوج ليس بفرد وجيب حصره يف قسمني ال يعدوان إىل ثالث

وصورة املدة جيب أن تكون أقصر من الصدر بقليل إذ اجلزء أقل من الكل ل ويكتب حتتها حشوا ما خيصها من التوجيه والتنويع والتفصي

وهلا أخت تساويها يف املدة وإن مل جيب أن تساويها يف املقدار األصل وشكله حمقق أيضا وهو التقسيم الثاين الذي ورد على املوضوع األول والثاين وذلك : املرتبة الثالثة من ذلك

طأ وما علم ال جيوز أن ينقص عن قسمني وال جيوز أن يزيد على أربعة أقسام ومن جاوز من أهل الصنعة فقد أخ وضع احلساب وسنذكر السبب فيه

وصورته ومدته أقصر من مدة منها األصل بقليل وكذلك يكتب حتتها ما يليق هبا حشوا وبارزا

وذلك جيوز أن جياوز األربعة وأحسن الطرق أن يقتصر على ) ط ( املطموس وشكلها هكذا : املرتبة الرابعة منها األقل

Page 14: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومدهتا أقصر مما مضى وذلك جيوز إىل حيث ينتهي التقسيم والتبويب ) ص ( الصغري وشكله هكذا : رتبة اخلامسة من ذلك امل

واملدة أقصر مما مضى وذلك أيضا جيوز إىل حيث ينتهي التفصيل ( ) املعوج وشكله هكذا : املرتبة السادسة منها

لطرف إىل الطرف ال على أنه صدر احلساب ولكن ميد من ا) لل ( املعقد وشكله هكذا : املرتبة السابعة من ذلك ) ٣٤/ ١. ( بل من حيث إنه النهاية اليت تشاكل البداية

فهذه كيفية صور احلساب نقشا وكمية أبواهبا مجلة ولكل قسم من األبواب أخت تقابله وزوج يساويه يف املدة ال جيوز إغفال ذلك حبال

واحلساب تاريخ وتوجيه الصورة واحنصار األقسام يف سبع ومل صار العدد األول فردا ال زوج له يف الصورة ؟ ومل واآلن نذكر كمية هذه

احنصر منها األصل يف قسمني ال يعدوان إىل ثالث ؟ ومل احنصر من ذلك األصل يف أربعة أقسام ؟ ومل خرجت األقسام األخر عن احلصر ؟

أهو من العدد أم هو مبدأ العدد : اختلفوا يف الواحد إن العقالء الذين تكلموا يف علم العدد واحلساب : فأقول وليس داخال يف العدد ؟ وهذا االختالف إمنا ينشأ من اشتراك لفظ الواحد

يطلق ويراد به ما يتركب منه العدد فإن االثنني ال معىن هلا إال واحد مكرر أول تكرير وكذلك الثالثة : فالواحد واألربعة

منه العدد أي هو علته وال يدخل يف العدد أي ال يتركب منه العدد ويطلق ويراد به ما حيصل وقد تالزم الواحدية مجيع األعداد ال على أن العدد تركب منها بل كل موجود فهو يف جنسه أو نوعه أو شخصه

إنسان واحد وشخص واحد : واحد يقال ويف العدد كذلك فإن الثالثة يف أهنا ثالثة واحدة

: فالواحدية املعىن األول داخلة يف العدد ب

وباملعىن الثاين علة للعدد وباملعىن الثالث مالزمة للعدد

وليس من األقسام الثالثة قسم يطلق على الباري تعاىل معناه فهو واحد ال كاآلحاد أي هذه الوحدات والكثرة منه وجدت ويستحيل عليه االنقسام بوجه من وجوه القسمة

لى أن الواحد ال يدخل يف العدد فالعدد مصدره األول اثنان وأكثر أصحاب العدد ع : وهو ينقسم إىل زوج وفرد

ثالثة : فالفرد األول أربعة : والزوج األول

: وما وراء األربعة فهو مكرر فإهنا مركبة من عدد وفرد وتسمى العدد الدائر : كاخلمسة

مركبة من فردين وتسمى العدد التام : والستة

Page 15: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مركبة من فرد وزوج وتسمى العدد الكامل : بعة والس مركبة من زوجني وهي بداية أخرى وليس ذلك من غرضنا : والثمانية

فرد ال أخت له ) ٣٥/ ١( فصدر احلساب يف مقابلة الواحد الذي هو علة العدد وليس يدخل فيه ولذلك هو قسمني وملا كان العدد مصدره من اثنني صار منها احملقق حمصورا يف

وملا كان العدد منقسما إىل فرد وزوج صار من ذلك األصل حمصورا يف أربعة فإن الفرد األول ثالثة والزوج األول أربعة وهي النهاية وما عداها مركب منها

واحد واثنان وثالثة وأربعة وهي الكمال وما زاد عليها فمركبات كلها وال : فكان البسائط العامة الكلية يف العدد حصر هلا فلذلك ال تنحصر األبواب األخر يف عدد معلوم بل تتناهى مبا ينتهي به احلساب مث تركيب العدد على

املعدود وتقدير البسيط على املركب فمن علم آخر وسنذكر ذلك عند ذكرنا مذاهب قدماء الفالسفة

ل العامل من لدن آدم عليه السالم إىل فإذا جنزت املقدمات على أوىف تقرير وأحسن حترير شرعنا يف ذكر مقاالت أه يومنا هذا لعله ال يشذ من أقسامها مذهب

ونكتب حتت كل باب وقسم ما يليق به ذكرا حىت يعرف مل وضع ذلك اللفظ لذلك الباب ؟ ونكتب حتت ذكر الفرقة املذكورة ما يعم أصنافها مذهبا واعتقادا وحتت كل صنف ما خصه وانفرد به عن أصحابه

ويف أقسام الفرق اإلسالمية ثالثا وسبعني فرقة ونستونقتصر يف أقسام الفرق اخلارجة عن امللة احلنيفية على ما هو أشهر وأعرف أصال وقاعدة فنقدم ما هو أوىل بالتقدمي

ونؤخر ما هو أجدر بالتأخري وشرط الصناعة احلسابية أن يكتب بإزاء احملدود من اخلطوط ما يكتب حشوا

اعة الكتابية أن تترك احلواشي على الرسم املعهود عفوا وشرط الصنفراعيت شرط الصناعتني ومددت األبواب على شرط احلساب وتركت احلواشي على رسم الكتاب وباهللا أستعني

) ٣٦/ ١. ( وعليه أتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل

:مذاهب أهل العامل من أرباب الديانات وامللل وأهل األهواء والنحل

اجملوس : اليهود والنصارى وممن له شبهة كتاب مثل : من الفرق اإلسالمية وغريهم ممن له كتاب منزل حمقق مثل الفالسفة األوىل والدهرية وعبدة الكواكب واألوثان والربامهة : واملانوية وممن له حدود وأحكام دون كتاب مثل

ب طائفة طائفة على موجب اصطالحاهتا بعد الوقوف على نذكر أرباهبا وأصحاهبا وننقل مآخذها ومصادرها عن كت مناهجها والفحص الشديد عن مبادئها وعواقبها

أهل : إن أهل العامل انقسموا من حيث املذاهب إىل : مث إن التقسيم الصحيح الدائر بني النفي واإلثبات هو قولنا قوال فإما أن يكون فيه مستفيدا من غريه أو مستبدا الديانات وإىل أهل األهواء فإن اإلنسان إذا اعتقد عقدا أو قال

برأيه فاملستفيد من غريه مسلم مطيع والدين هو الطاعة

واملسلم املطيع فهو املتدين واملستبد برأيه حمدث مبتدع

Page 16: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) ما شقي امرؤ عن مشورة وال سعد باستبداد برأي : ( ويف اخلرب عن النيب عليه الصالة و السالم ن املستفيد من غريه مقلدا قد وجد مذهبا اتفاقيا بأن كان أبواه أو معلمه على اعتقاد باطل فيتقلده منه ورمبا يكو

دون أن يتفكر يف حقه وباطله وصواب القول فيه وخطئه فحينئذ ال يكون مستفيدا ألنه ما حصل على فائدة وعلم شرط عظيم فليعترب ) ون إال من شهد باحلق وهم يعلم( وال اتبع األستاذ على بصرية ويقني

ورمبا يكون املستبد برأيه مستنبطا مما استفاده على شرط أن يعلم موضع االستنباط وكيفيته فحينئذ ال يكون مستبدا ) ٣٧/ ١. ( ركن عظيم فال تغفل ) لعلمه الذين يستنبطونه منهم ( حقيقة ألنه حصل العلم بقوة تلك الفائدة

املنكرون للنبوات مثل الفالسفة والصابئة والربامهة وهم ال يقولون بشرائع وأحكام فاملستبدون بالرأي مطلقا هم أمرية بل يضعون حدودا عقلية حىت ميكنهم التعايش عليها

واملستفيدون هم القائلون بالنبوات ومن كان قال باألحكام الشرعية فقد قال باحلدود العقلية وال ينعكس

لل من املسلمني وأهل الكتاب وممن له شبههأرباب الديانات وامل: متهيد

: كتاب نتكلم ههنا يف معىن الدين وامللة والشرعة واملنهاج واإلسالم واحلنيفية والسنة واجلماعة فإهنا عبارات وردت

بالتنزيل ولكل واحدة منها معىن خيصها وحقيقة توافقها لغة واصطالحا ) إن الدين عند اهللا اإلسالم : ( د وقد قال اهللا تعاىل أنه الطاعة واالنقيا: وقد بينا معىن الدين

أي كما تفعل جتازى ) كما تدين تدان : ( وقد يرد مبعىن اجلزاء يقال ) ذلك الدين القيم : ( وقد يرد مبعىن احلساب يوم املعاد والتناد قال تعاىل

) ورضيت لكم اإلسالم دينا : ( عاد قال اهللا تعاىل هو املسلم املطيع املقر باجلزاء واحلساب يوم التناد وامل: فاملتدين وملا كان نوع اإلنسان حمتاجا إىل اجتماع مع آخر من بين جنسه يف إقامة معاشه واالستعداد ملعاده وذلك الجتماع

جيب أن يكون على شكل حيصل به التمانع والتعاون حىت حيفظ بالتمانع ما هو أهله وحيصل بالتعاون ما ليس له رة االجتماع على هذه اهليئة هي امللة فصو

واالتفاق على تلك السنة . والسنة ) ٣٨/ ١( والطريق اخلاص الذي يوصل إىل هذه اهليئة هو املنهاج والشرعة هي اجلماعة

) لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا : ( قال اهللا تعاىل صا من عند اهللا بآيات تدل على صدقه ورمبا ولن يتصور وضع امللة وشرع الشرعة إال بواضع شارع يكون خمصو

تكون اآلية مضمنة يف نفس الدعوى وقد تكون مالزمة ورمبا تكون متأخرة . مث اعلم أن امللة الكربى هي ملة إبراهيم اخلليل عليه السالم وهي احلنيفية اليت تقابل الصبوة تقابل التضاد

) ملة أبيكم إبراهيم : ( اىل وسنذكر كيفية ذلك إن شاء اهللا تعاىل قال اهللا تع ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا : ( والشريعة ابتدأت من نوح عليه السالم قال اهللا تعاىل

واحلدود واألحكام ابتدأت من آدم وشيث وإدريس عليهم السالم و السالم وختمت الشرائع وامللل واملناهج والسنن بأكملها وأمتها حسنا ومجاال مبحمد عليه الصالة

) اليوم أكملت لكم دينكم وأمتمت عليكم نعميت ورضيت لكم اإلسالم دينا : ( قال اهللا تعاىل

Page 17: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

خص آدم باألمساء وخص نوح مبعاين تلك األمساء وخص إبراهيم باجلمع بينهما مث خص موسى بالتنزيل : وقد قيل بينهما على ملة أبيكم إبراهيم وخص عيسى بالتأويل وخص املصطفى صلوات اهللا عليهم أمجعني باجلمع

مث كيفية التقرير األول والتكميل بالتقرير الثاين حبيث يكون مصدقا كل واحد ما بني يديه من الشرائع املاضية والسنن السالفة تقديرا لألمر على اخللق وتوفيقا للدين على الفطرة

ال يشاركهم فيها غريهم : فمن خاصية النبوة ) ٣٩/ ١. ( عز و جل أسس دينه على مثال خلقه ليستدل خبلقه على دينه وبدينه على وحدانيته وقد قيل إن اهللا

املسلمون: الباب األول

قد ذكرنا معىن اإلسالم ونفرق ههنا بينه وبني اإلميان واإلحسان ونبني ما املبدأ وما الوسط وما الكمال باخلرب - ١جاء على صورة أعرايب وجلس حىت ألصق ركبته بركبة النيب صلى اهللا املعروف يف دعوة جربيل عليه السالم حيث

يا رسول اهللا ما اإلسالم ؟ : عليه و سلم وقال أن تشهد أن ال إله إال اهللا وأين رسول اهللا وأن تقيم الصالة وتؤيت الزكاة وتصوم شهر رمضان وحتج البيت : ( فقال

) إن استطعت إليه سبيال ما اإلميان ؟ :صدقت مث قال : قال

) أن تؤمن باهللا ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر وأن تؤمن بالقدر خريه وشره : ( قال عليه الصالة و السالم ما اإلحسان ؟ : صدقت مث قال : قال

) أن تعبد اهللا كأنك تراه فإن مل تكن تراه فإنه يراك : ( قال عليه الصالة و السالم مىت الساعة ؟ : صدقت مث قال : قال

) ما املسئول عنها بأعلم من السائل : ( قال عليه الصالة و السالم ) هذا جربيل جاءكم يعلمكم أمر دينكم : ( مث قام وخرج فقال النيب صلى اهللا عليه و سلم

ففرق بالتفسري بني اإلسالم واإلميان نافق واإلسالم قد يرد مبعىن االستسالم ظاهرا ويشترك فيه املؤمن وامل

) ٤٠/ ١. ( ففرق التنزيل بينهما ) قالت األعراب آمنا قل مل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا : ( قال اهللا تعاىل فإذا كان اإلسالم مبعىن التسليم واالنقياد ظاهرا موضع االشتراك فهو املبدأ

ويقر عقدا بأن القدر خريه وشره مث إذا كان اإلخالص معه بأن يصدق باهللا ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر من اهللا تعاىل مبعىن أن ما أصابه مل يكن ليخطئه وما أخطأه مل يكن ليصيبه كان مؤمنا حقا

مث إذا مجع بني اإلسالم والتصديق وقرن اجملاهدة باملشاهدة وصار غيبه شهادة فهو الكمال الناجي واهلالك : ل لفظ املسلمني فكان اإلسالم مبدأ واإلميان وسطا واإلحسان كماال وعلى هذا مش

: ( وعليه حيمل قوله تعاىل ) بلى من أسلم وجهه هللا وهو حمسن : ( وقد يرد اإلسالم وقرينه اإلحسان قال اهللا تعاىل إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب : ( وقوله ) إن الدين عند اهللا اإلسالم : ( وقوله ) ورضيت لكم اإلسالم دينا

وعلى هذا خص اإلسالم بالفرق الناجية واهللا أعلم ) فال متوتن إال وأنتم مسلمون : ( وقوله ) العاملني التوحيد والعدل والوعد والوعيد والسمع والعقل : أهل األصول املختلفون يف - ٢

نتكلم ههنا يف معىن األصول والفروع وسائر الكلمات

Page 18: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عاىل بوحدانيته وصفاته ومعرفة الرسل بآياهتم وبيناهتم معرفة الباري ت: األصول : قال بعض املتكلمني كل مسألة يتعني احلق فيها بني املتخاصمني فهي من األصول : وباجلملة

ومن املعلوم أن الدين إذا كان منقسما إىل معرفة وطاعة واملعرفة أصل والطاعة فرع فمن تكلم يف املعرفة والتوحيد كان أصوليا

والشريعة كان فروعيا ومن تكلم يف الطاعة هو موضوع علم الكالم : فاألصول هو موضوع علم الفقه : والفروع

كل ما هو معقول ويتوصل إليه بالنظر واالستدالل فهو من األصول : العقالء ) ٤١/ ١( وقال بعض وكل ما هو مظنون ويتوصل إليه بالقياس واالجتهاد فهو من الفروع

: وأما التوحيد إن اهللا تعاىل واحد يف ذاته ال قسيم له وواحد يف صفاته األزلية ال نظري له : ل أهل السنة ومجيع الصفاتية فقد قا

وواحد يف أفعاله ال شريك له إن اهللا تعاىل واحد يف ذاته ال قسمة وال صفة له وواحد يف أفعاله ال شريك له فال قدمي غري ذاته : وقال أهل العدل له وحمال وجود قدميني ومقدور بني قادرين وذلك هو التوحيد وال قسيم له يف أفعا

: وأما العدل فعلى مذهب أهل السنة أن اهللا تعاىل عدل يف أفعاله مبعىن أنه متصرف يف ملكه وملكه يفعل ما يشاء وحيكم ما يريد

وضع الشيء موضعه وهو التصرف يف امللك على مقتضى املشيئة والعلم : فالعدل ده فال يتصور منه جور يف احلكم وظلم يف التصرف والظلم بض

العدل ما يقتضيه العقل من احلكمة وهو إصدار الفعل على وجه الصواب واملصلحة : وعلى مذهب أهل االعتزال : وأما الوعد والوعيد واستوجب الوعد والوعيد كالمه األزيل وعد على ما أمر وأوعد على ما هنى فكل من جنا : فقد قال أهل السنة

الثواب فبوعده وكل من هلك واستوجب العقاب فبوعيده فال جيب عليه شيء من قضية العقل ال كالم يف األزل وإمنا أمر وهنى ووعد وأوعد بكالم حمدث فمن جنا فبفعله استحق الثواب ومن : وقال أهل العدل

خسر فبفعله استوجب العقاب والعقل من حيث احلكمة يقتضي ذلك : مع والعقل وأما الس

فالعقل ال حيسن وال يقبح وال يقتضي وال . الواجبات كلها بالسمع واملعارف كلها بالعقل : فقد قال أهل السنة يوجب والسمع ال يعرف أي ال يوجد املعرفة بل يوجب

واحلسن املعارف كلها معقولة بالعقل واجبة بنظر العقل وشكر املنعم واجب قبل ورود السمع : وقال أهل العدل ) ٤٢/ ١. ( والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح

فهذه القواعد هي املسائل اليت تكلم فيها أهل األصول وسنذكر مذهب كل طائفة مفصال إن شاء اهللا تعاىل ولكل علم موضوع ومسائل نذكرمها بأقصى اإلمكان إن شاء اهللا تعاىل

واملختلطة منهم املعتزلة وغريهم من اجلربية والصفاتية - ٣الفريقان من املعتزلة والصفاتية متقابالن تقابل التضاد وكذلك القدرية واجلربية واملرجئة والوعيدية والشيعة

Page 19: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واخلوارج وهذا التضاد بني كل فريق وفريق كان حاصال يف كل زمان ولكل فرقة مقالة على حياهلا وكتب صنفوها ودولة

عاونتهم وصولة طاوعتهم

املعتزلة: ول الفصل األ

ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية والعدلية لفظ القدرية يطلق على من يقول بالقدر خريه وشره من اهللا تعاىل : وهم قد جعلوا لفظ القدرية مشتركا وقالوا

لقدرية جموس هذه األمة ا: ( احترازا من وصمة اللقب إذ كان الذم به متفقا عليه لقول النيب عليه الصالة و السالم (

وكانت الصفاتية تعارضهم باالتفاق على أن اجلربية والقدرية متقابلتان تقابل التضاد فكيف يطلق لفظ الضد على ؟ ) القدرية خصماء اهللا يف القدر : ( الضد وقد قال النيب عليه الصالة و السالم

فعل العبد لن يتصور على مذهب من يقول بالتسليم واخلصومة يف القدر وانقسام اخلري والشر على فعل اهللا و والتوكل وإحالة األحوال كلها على القدر احملتوم واحلكم احملكوم

القول بأن اهللا تعاىل قدمي والقدم أخص وصف ذاته ونفوا ) ٤٣/ ١( فالذي يعم طائفة املعتزلة من االعتقاد ذاته حي بذاته ال بعلم وقدرة وحياة هي صفات قدمية ومعان هو عامل بذاته قادر ب: الصفات القدمية أصال فقالوا

لشاركته يف اإلهلية ) ٤٤/ ١( قائمة به ألنه لو شاركته الصفات يف القدم الذي هو أخص الوصف واتفقوا على أن كالمه حمدث خملوق يف حمل وهو حرف وصوت كتب أمثاله يف املصاحف حكايات عنه فإن ما

ين يف احلال وجد يف احملل عرض قد فواتفقوا على أن اإلرادة والسمع والبصر ليست معاين قائمة بذاته لكن اختلفوا يف وجوه وجودها وحمامل معانيها

كما سيأيت جهة ومكانا وصورة : واتفقوا على نفي رؤية اهللا تعاىل باألبصار يف دار القرار ونفي التشبيه عنه من كل وجه

وتغريا وتأثرا وأوجبوا تأويل اآليات املتشاهبة فيها ومسوا هذا النمط توحيدا وجسما وحتيزا وانتقاال وزواال جهة ومكانا وصورة : واتفقوا على نفي رؤية اهللا تعاىل باألبصار يف دار القرار ونفي التشبيه عنه من كل وجه

توحيدا : ومسوا هذا النمط . وأوجبوا تأويل اآليات املتشاهبة فيها . وجسما وحتيزا وانتقاال وزواال وتغريا وتأثرا واتفقوا على أن العبد قادر خالق ألفعاله خريها وشرها مستحق على ما يفعله ثوابا وعقابا يف الدار اآلخرة والرب تعاىل منزه أن يضاف إليه شر وظلم وفعل هو كفر ومعصية ألنه لو خلق الظلم كان ظاملا كما لو خلق العدل كان

عادال هللا تعاىل ال يفعل إال الصالح واخلري وجيب من حيث احلكمة رعاية مصاحل العباد واتفقوا على أن ا

عدال : وأما األصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خالف ومسوا هذا النمط والتفضل معىن آخر وراء . واتفقوا على أن املؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض

الثواب ن غري توبة عن كبرية ارتكبها استحق اخللود يف النار لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار ومسوا وإذا خرج م وعدا ووعيدا : هذا النمط

Page 20: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واتفقوا على أن أصول املعرفة وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع واحلسن والقبح جيب معرفتهما بالعقل واعتناق احلسن واجتناب القبيح واجب كذلك

ليهلك من ( التكاليف ألطاف للباري تعاىل أرسلها إىل العباد بتوسط األنبياء عليهم السالم امتحانا واختبارا وورود ) ٤٥/ ١) . ( هلك عن بينة وحييا من حيي عن بينة

واختلفوا يف اإلمامة والقول فيها نصا واختيارا كما سيأيت عند مقالة كل طائفة ة من املقالة اليت متيزت هبا عن أصحاهبا واآلن نذكر ما خيتص بطائفة طائف

الواصلية - ١

أصحاب أيب حذيفة واصل بن عطاء الغزال األلثغ كان تلميذا للحسن البصري يقرأ عليه العلوم واألخبار وكانا يف أيام عبد امللك بن مروان وهشام بن عبد امللك

احلسين الذي خرج باملغرب يف أيام أيب جعفر املنصور وباملغرب اآلن منهم شرذمة قليلة يف بلد إدريس بن عبد اهللا : ويقال هلم الواصلية واعتزاهلم يدور على أربع قواعد

القول بنفي صفات الباري تعاىل من العلم والقدرة واإلرادة واحلياة : القاعدة األوىل ظاهر وهو االتفاق على وكانت هذه املقالة يف بدئها غري نضيجة وكان واصل بن عطاء يشرع فيها على قول

ومن أثبت معىن صفة قدمية فقد أثبت إهلني : استحالة وجود إهلني قدميني أزليني قال عاملا : وإمنا شرعت أصحابه فيها بعد مطالعة كتب الفالسفة وانتهى نظرهم فيها إىل رد مجيع الصفات إىل كونه

ت القدمية كما قال اجلبائي أو حاالن كما قال أبو هاشم اعتباران للذا: قادرا مث احلكم بأهنما صفتان ذاتيتان مها وميل أيب احلسني البصري إىل ردمها إىل صفة واحدة وهي العاملية وذلك عني مذهب الفالسفة وسنذكر تفصيل ذلك

) ٤٦/ ١. ( وكان السلف خيالف يف ذلك إذ وجدوا الصفات مذكورة يف الكتاب والسنة وإمنا سلكوا يف ذلك مسلك معبد اجلهين وغيالن الدمشقي : بالقدر القول : القاعدة الثانية

إن الباري تعاىل حكيم عادل ال جيوز : وقرر واصل بن عطاء هذه القاعدة أكثر مما كان يقرر قاعدة الصفات فقال ليه فالعبد هو أن يضاف إليه شر وال ظلم وال جيوز أن يريد من العباد خالف ما يأمر وحيتم عليهم شيئا مث جيازيهم ع

الفاعل للخري والشر واإلميان والكفر والطاعة واملعصية وهو اجملازى على فعله والرب تعاىل أقدره على ذلك كله وأفعال العباد حمصورة يف احلركات والسكنات واالعتمادات والنظر والعلم

س من نفسه االقتدار والفعل ومن وهو ال ميكنه أن يفعل وهو ال حي) افعل ( ويستحيل أن خياطب العبد ب : قال أنكره فقد أنكر الضرورة واستدل بآيات على هذه الكلمات

ورأيت رسالة نسبت إىل احلسن البصري كتبها إىل عبد امللك بن مروان وقد سأله عن القول بالقدر واجلرب ل فأجابه فيها مبا يوافق مذهب القدرية واستدل فيها بآيات من الكتاب ودالئل من العق

ولعلها لواصل بن عطاء فما كان احلسن ممن خيالف السلف يف أن القدر خريه وشره من اهللا تعاىل فإن هذه الكلمات كاجملمع عليها عندهم

والعجب أنه محل هذا اللفظ الوارد يف اخلرب على البالء والعافية والشدة والرخاء واملرض والشفاء واملوت واحلياة تعاىل دون اخلري والشر واحلسن والقبيح الصادرين من اكتساب العباد وكذلك أورده إىل غري ذلك من أفعال اهللا

) ٤٧/ ١. ( مجاعة من املعتزلة يف املقاالت عن أصحاهبم

Page 21: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: القول باملنزلة بني املنزلتني : القاعدة الثالثة زماننا مجاعة يكفرون يا إمام الدين لقد ظهرت يف: والسبب فيه أنه دخل واحد على احلسن البصري فقال

أصحاب الكبائر والكبرية عندهم كفر خيرج به عن امللة وهم وعيدية اخلوارج ومجاعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبرية عندهم ال تضر مع اإلميان بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من اإلميان

مة فكيف حتكم لنا يف ذلك اعتقادا ؟ وال يضر مع اإلميان معصية كما ال ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة األأنا ال أقول إن صاحب الكبرية مؤمن مطلقا وال كافر : فتفكر احلسن يف ذلك وقبل أن جييب قال واصل بن عطاء

ال مؤمن وال كافر : مطلقا بل هو يف منزلة بني املنزلتني من أصحاب احلسن مث قام واعتزل إىل أسطوانة من أسطوانات املسجد يقرر ما أجاب على مجاعة

اعتزل عنا واصل فسمي هو وأصحابه معتزلة : فقال احلسن إن اإلميان عبارة عن خصال خري إذا اجتمعت مسي املرء مؤمنا وهو اسم مدح : ووجه تقريره أنه قال

هادة والفاسق مل يستجمع خصال اخلري وال استحق اسم املدح فال يسمى مؤمنا وليس هو بكافر مطلقا أيضا ألن الشوسائر أعمال اخلري موجودة فيه ال وجه إلنكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبرية من غري توبة فهو من أهل

فريق يف اجلنة وفريق يف السعري لكنه خيفف عنه العذاب وتكون : النار خالد فيها إذ ليس يف اآلخرة إال فريقان دركته فوق دركة الكفار

) ٤٨/ ١. ( بيد بعد أن كان موافقا له يف القدر وإنكار الصفات وتابعه على ذلك عمرو بن عإن أحدمها خمطئ ال بعينه وكذلك قوله يف : قوله يف الفريقني من أصحاب اجلمل وأصحاب صفني : القاعدة الرابعة

ة لكن بعينه إن أحد الفريقني فاسق ال حمالة كما أن أحد املتالعنني فاسق ال حمال: عثمان وقاتليه وخاذليه قال وقد عرفت قوله يف الفاسق وأقل درجات الفريقني أنه ال تقبل شهادهتما كما ال تقبل شهادة املتالعنني فال جيوز

قبول شهادة علي وطلحة والزبري على باقة بقل وجوز أن يكون عثمان وعلي على اخلطأ

ة العترة هذا قوله وهو رئيس املعتزلة ومبدأ الطريقة يف أعالم الصحابة وأئملو شهد رجالن من أحد : ووافقه عمرو بن عبيد على مذهبه وزاد عليه يف تفسيق أحد الفريقني ال بعينه بأن قال

الفريقني مثل علي ورجل من عسكره أو طلحة والزبري مل تقبل شهادهتما وفيه تفسيق الفريقني وكوهنما من أهل النار بالزهد وواصل مشهورا بالفضل واألدب عندهم وكان عمرو بن عبيد من رواة احلديث معروفا

اهلذيلية - ٢

أصحاب أيب اهلذيل محدان بن اهلذيل العالف شيخ املعتزلة ومقدم الطائفة ومقرر الطريقة واملناظر عليها أخذ االعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء

نفية ويقال أخذ واصل عن أيب هاشم عبد اهللا بن حممد بن احل ويقال أخذه عن احلسن بن أيب احلسن البصري

: وإمنا انفرد عن أصحابه بعشر قواعد أن الباري تعاىل عامل بعلم وعلمه ذاته قادر بقدرة وقدرته ذاته حي حبياة وحياته ذاته : األوىل

منا الصفات ليست وراء وإمنا اقتبس هذا الرأي من الفالسفة الذين اعتقدوا أن ذاته واحدة ال كثرة فيها بوجه وإ

Page 22: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الذات معاين قائمة بذاته بل هي ذاته وترجع إىل السلوب أو اللوازم كما سيأيت أن األول نفي الصفة والثاين : عامل بعلم هو ذاته : عامل بذاته ال بعلم وبني قول القائل : والفرق بني قول القائل

إثبات ذات هو بعينه صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات ) ٥٠/ ١. ( ذا أثبت أبو اهلذيل هذه الصفات وجوها للذات فهي بعينها أقانيم النصارى أو أحوال أيب هاشم وإ

أنه أثبت إرادات ال حمل هلا يكون الباري تعاىل مريدا هبا : الثانية وهو أول من أحدث هذه املقالة وتابعه عليها املتأخرون

وبعضه يف حمل كاألمر والنهي واخلرب ) كن ( ن بعضه ال يف حمل وهو قوله إ: قال يف كالم الباري تعاىل : الثالثة واالستخبار

وكان أمر التكوين عنده غري أمر التكليف قوله يف القدر مثل ما قاله أصحابه إال أنه قدري األوىل جربي اآلخرة : الرابعة

درة للعباد عليها وكلها خملوقة للباري تعاىل إذ فإن مذهبه يف حركات أهل اخللدين يف اآلخرة أهنا كلها ضرورية ال ق لو كانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفني هبا

إن حركات أهل اخللدين تنقطع وأهنم يصريون إىل سكون دائم مخودا وجتتمع اللذات يف ذلك : قوله : اخلامسة السكون ألهل اجلنة وجتتمع اآلالم يف ذلك السكون ألهل النار

مذهب جهم إذ حكم بفناء اجلنة والنار وإمنا التزم أبو اهلذيل هذا املذهب ألنه ملا ألزم يف مسألة وهذا قريب من إين : اليت ال آخر هلا إذ كل واحدة ال تتناهى قال ) ٥١/ ١( حدوث العامل أن احلوادث اليت ال أول هلا كاحلوادث

ى أوال بل يصريون إىل سكون دائم ال أقول حبركات ال تتناهى آخرا كما ال أقول حبركات ال تتناه وكأنه ظن أن ما لزمه يف احلركة ال يلزمه يف السكون

إهنا عرض من األعراض غري السالمة والصحة وفرق أفعال القلوب وأفعال اجلوارح : قوله يف االستطاعة : السادسة ل الفعل وجوز ذلك يف أفعال ال يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة فاالستطاعة معها يف حا: فقال

( غري ) فحال يفعل : ( اجلوارح وقال بتقدمها فيفعل هبا يف احلال األوىل وإن مل يوجد الفعل إال يف احلال الثانية قال مث ما تولد من فعل العبد فهو فعله غري اللون والطعم والرائحة وكل ما ال يعرف كيفيته ) حال فعل

إن اهللا تعاىل يبدعهما فيه وليسا من أفعال العباد : ادثني يف غريه عند إمساعه وتعليمه وقال يف اإلدراك والعلم احلإنه جيب عليه أن يعرف اهللا تعاىل بالدليل من غري خاطر وإن قصر يف : قوله يف املكلف قبل ورود السمع : السابعة

املعرفة استوجب العقوبة أبدا عليه اإلقدام على احلسن كالصدق والعدل واإلعراض عن القبيح ويعلم أيضا حسن احلسن وقبح القبيح فيجب

كالكذب واجلور وقال أيضا بطاعات ال يراد هبا اهللا تعاىل وال يقصد هبا التقرب إليه كالقصد إىل النظر األول والنظر األول فإنه مل

يعرف اهللا بعد والفعل عبادة ما أكره عليه فله أن يكذب ويكون وزره موضوعا عنه إذا مل يعرف التعريض والتورية في: وقال يف املكره

إن الرجل إن مل يقتل مات يف ذلك الوقت وال جيوز أن يزاد يف العمر أو ينقص : قوله يف اآلجال واألرزاق : الثامنة : واألرزاق على وجهني

إن أحدا أكل : باد فعلى هذا من قال خلقها رزقا للع: ما خلق اهللا تعاىل من األمور املنتفع هبا جيوز أن يقال : أحدمها

Page 23: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) ٥٢/ ١. ( أو انتفع مبا مل خيلقه اهللا رزقا فقد أخطأ ملا فيه أن يف األجسام ما مل خيلقه اهللا تعاىل ما حكم اهللا به من هذه األرزاق للعباد فما أحل منها فهو رزقه وما حرم فليس رزقا أي ليس مأمورا : والثاين بتناوله إرادة اهللا غري املراد فإرادته ملا خلق هي خلقه له وخلقه للشيء عنده غري : ى الكعيب عنه أنه قال حك: التاسعة

الشيء بل اخللق عنده قول ال يف حمل إنه تعاىل مل يزل مسيعا بصريا مبعىن سيسمع وسيبصر وكذلك مل يزل غفورا رحيما حمسنا خالقا رازقا مثيبا : وقال

ا ناهيا مبعىن أن ذلك سيكون منه معاقبا مواليا معاديا آمر احلجة ال تقوم فيما غاب إال خبرب عشرين فيهم واحد من أهل اجلنة أو أكثر : حكى الكعيب عنه أنه قال : العاشرة

وال ختلو األرض عن مجاعة هم أولياء اهللا معصومون ال يكذبون وال يرتكبون الكبائر فهم احلجة ال التواتر ة ممن ال حيصون عددا إذا مل يكونوا أولياء اهللا ومل يكن فيهم واحد معصوم إذ جيوز أن يكذب مجاع

أبو يعقوب الشحام واآلدمي ومها على مقالته : وصحب أبا اهلذيل وكان سنه مائة سنة تويف يف أول خالفة املتوكل سنة مخس وثالثني ومائتني

النظامية - ٣

وخلط كالمهم بكالم ) ٥٣/ ١( لع كثريا من كتب الفالسفة أصحاب إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام وقد طا : املعتزلة وانفرد عن أصحابه مبسائل

أن اهللا تعاىل ال يوصف بالقدرة على الشرور : أنه زاد على القول بالقدر خريه وشره منا قوله : األوىل منها نه قادر عليها لكنه ال يفعلها ألهنا قبيحة واملعاصي وليست هي مقدورة للباري تعاىل خالفا ألصحابه فإهنم قضوا بأ

ومذهب النظام أن القبح إذا كان صفة ذاتية للقبيح وهو املانع من اإلضافة إليه فعال ففي جتويز وقوع القبيح منه قبح أيضا فيجب أن يكون مانعا ففاعل العدل ال يوصف بالقدرة على الظلم

ر على فعل ما يعلم أن فيه صالحا لعباده وال يقدر على أن يفعل بعباده إمنا يقد: وزاد أيضا على هذا االختباط فقال يف الدنيا ما ليس فيه صالحهم

هذا يف تعلق قدرته مبا يتعلق بأمور الدنيا ال يوصف الباري تعاىل بالقدرة على أن يزيد يف عذاب أهل النار شيئا وال على أن ينقص : وأما أمور اآلخرة فقال

منه شيئا ال ينقص من نعيم أهل اجلنة وال أن خيرج أحدا من أهل اجلنة وليس ذلك مقدورا له وكذلك

وقد ألزم عليه أن يكون الباري تعاىل مطبوعا جمبورا على ما يفعله فإن القادر على احلقيقة من يتخري بني الفعل والترك ل أن يفعله وإن كان مقدورا فال فرق إن الذي ألزمتموين يف القدرة يلزمكم يف الفعل فإن عندكم يستحي: فأجاب

وإمنا أخذ هذه املقالة من قدماء الفالسفة حيث قضوا بأن اجلواد ال جيوز أن يدخر شيئا ال يفعله فما أبدعه وأوجده / ١. ( هو املقدور ولو كان يف علمه تعاىل ومقدوره ما هو أحسن وأكمل مما أبدعه نظاما وتركيبا وصالحا لفعله

٥٤ ( إن الباري تعاىل ليس موصوفا هبا على احلقيقة فإذا وصف هبا شرعا يف أفعاله فاملراد بذلك : قوله يف اإلرادة : ية الثان

Page 24: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أنه خالقها ومنشؤها على حسب ما علم وإذا وصف بكونه مريدا ألفعال العباد فاملعين به أنه آمر هبا وناه عنها

وعنه أخذ الكعيب مذهبه يف اإلرادة إن أفعال العباد كلها حركات فحسب والسكون حركة اعتماد والعلوم واإلرادات حركات النفس : وله ق: الثالثة

ومل يرد هبذه احلركة حركة النقلة وإمنا احلركة عنده مبدأ تغري ما كما قالت الفالسفة من إثبات حركات يف الكيف إىل أخواهتا . . . والكم والوضع واألين واملىت

إن اإلنسان يف احلقيقة هو النفس والروح والبدن آلتها وقالبها : أيضا يف قوهلم وافقهم: الرابعة إن الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل : غري أنه تقاصر عن إدراك مذهبهم فمال إىل قول الطبيعيني منهم

للقلب بأجزائه مداخلة املائية يف الورد والدهنية يف السمسم والسمنية يف اللنب إن الروح هي اليت هلا قوة واستطاعة وحياة ومشيئة وهي مستطيعة بنفسها واالستطاعة قبل الفعل : وقال

إن كل ما جاوز حد القدرة من الفعل فهو من فعل اهللا تعاىل بإجياب اخللقة : حكى الكعيب عنه أنه قال : اخلامسة بلغت قوة الدفع مبلغها عاد احلجر إىل مكانه أي أن اهللا تعاىل طبع احلجر طبعا وخلقه خلقة إذا دفعته اندفع وإذا

طبعا وله يف اجلواهر وأحكامها خبط ومذهب خيالف املتكلمني والفالسفة

وافق الفالسفة يف نفي اجلزء الذي ال يتجزأ : السادسة ملا ألزم مشي منلة على صخرة من طرف إىل طرف أهنا قطعت ما ال يتناهى) ٥٥/ ١( وأحدث القول بالطفرة

فكيف يقطع ما يتناهى ما ال يتناهى ؟ تقطع بعضها باملشي وبعضها بالطفرة : قال

وشبه ذلك حببل شد على خشبة معترضة وسط البئر طوله مخسون ذراعا وعليه دلو معلق وحبل طوله مخسون حببل طوله ذراعا علق عليه معالق فيجر به احلبل املتوسط فإن الدلو يصل إىل رأس البئر وقد قطع مائة ذراع

مخسون ذراعا يف زمان واحد وليس ذلك إال أن بعض القطع بالطفرة ومل يعلم أن الطفرة قطع مسافة أيضا موازية ملسافة

فاإللزام ال يندفع عنه وإمنا الفرق بني املشي والطفرة يرجع إىل سرعة الزمان وبطئه إن األلوان والطعوم : شام بن احلكم يف قوله إن اجلواهر مؤلفة من أعراض اجتمعت ووافق ه: قال : السابعة

والروائح أجسام فتارة يقضي بكون األجسام أعراضا وتارة يقضي بكون األعراض أجساما ال غري من مذهبه أن اهللا تعاىل خلق املوجودات دفعة واحدة على ما هي عليه اآلن معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا : الثامنة

السالم خلق أوالده غري أن اهللا تعاىل أكمن بعضها يف بعض ومل يتقدم خلق آدم عليه فالتقدم والتأخر إمنا يقع يف ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها

وإمنا أخذ هذه املقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفالسفة وأكثر ميله أبدا إىل تقرير مذاهب الطبيعيني منهم دون اإلهليني

واآلتية ومن جهة صرف ) ٥٦/ ١( إنه من حيث اإلخبار عن األمور املاضية : يف إعجاز القرآن قوله : التاسعة الدواعي عن املعارضة ومنع العرب عن االهتمام به جربا وتعجيزا حىت لو خالهم لكانوا قادرين على أن يأتوا

بسورة من مثله بالغة وفصاحة ونظما

Page 25: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ة يف الشرع وكذلك القياس يف األحكام الشرعية ال جيوز أن يكون حجة قوله يف اإلمجاع إنه ليس حبج: العاشرة وإمنا احلجة يف قول اإلمام املعصوم

ال إمامة إال بالنص والتعيني ظاهرا : أوال : قال . ميله إىل الرفض ووقيعته يف كبار الصحابة : احلادية عشرة مكشوفا

عنه يف مواضع وأظهر إظهارا مل يشتبه على اجلماعة إال أن وقد نص النيب صلى اهللا عليه و سلم على علي رضي اهللاعمر كتم ذلك وهو الذي توىل بيعة أيب بكر يوم السقيفة ونسبه إىل الشك يوم احلديبية يف سؤاله الرسول عليه

يف فلم نعطي الدنية : قال عمر . نعم : ألسنا على حق ؟ أليسوا على الباطل ؟ قال : الصالة و السالم حني قال ديننا ؟

قال هذا شك وتردد يف الدين ووجدان حرج يف النفس مما قضى وحكم احرقوا : إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حىت ألقت اجلنني من بطنها وكان يصيح : وزاد يف الفرية فقال

دارها مبن فيها وما كان يف الدار غري علي وفاطمة واحلسن واحلسني جاج من املدينة إىل البصرة وإبداعه التراويح وهنيه عن متعة احلج ومصادرته العمال كل تغريبه نصر بن احل: وقال

ذلك أحداث مث وقع يف أمري املؤمنني عثمان وذكر أحداثه من رده احلكم بن أمية إىل املدينة وهو طريد رسول اهللا عليه الصالة و

ده الوليد بن عقبة الكوفة وهو من أفسد الناس ومعاوية السالم ونفيه أبا ذر إىل الربذة وهو صديق رسول اهللا وتقليوضربه عبد اهللا بن . وتزوجيه مروان بن احلكم ابنته وهم أفسدوا عليه أمره . الشام وعبد اهللا بن عامر البصرة

مسعود على إحضار املصحف وعلى القول الذي شاقه به كل ذلك أحداثه أقول فيها برأيي : بن مسعود لقوهلما مث زاد على خزيه ذلك بأن عاب عليا وعبد اهللا

ويف ) يف بطن أمه ) ٥٧/ ١( السعيد من سعد يف بطن أمه والشقي من شقي : ( وكذب ابن مسعود يف روايته روايته انشقاق القمر ويف تشبيهه اجلن بالبط

عني وقد أنكر اجلن رأسا إىل غري ذلك من الوقيعة الفاحشة يف الصحابة رضي اهللا عنهم أمجقوله يف املفكر قبل ورود السمع أنه إذا كان عاقال متمكنا من النظر جيب عليه حتصيل معرفة الباري : الثانية عشرة

تعاىل بالنظر واالستدالل وقال بتحسني العقل وتقبيحه يف مجيع ما يتصرف فيه من أفعال

: وقال ال بد من خاطرين يأمر باإلقدام : أحدمها ليصح االختيار بالكف: واآلخر

قد تكلم يف مسائل الوعد والوعيد وزعم أن من خان يف مائة وتسعة وتسعني درمها بالسرقة أو : الثالثة عشرة الظلم مل يفسق بذلك حىت تبلغ خيانته نصاب الزكاة وهو مائتا درهم فصاعدا فحينئذ يفسق وكذلك يف سائر نصب

الزكاة فال كالفضل على البهائم إن الفضل على األط: وقال يف املعاد

إن اهللا تعاىل ال يوصف بالقدرة على ما علم أنه ال : ووافقه األسواري يف مجيع ما ذهب إليه وزاد عليه بأن قال يفعله وال على ما أخرب أنه ال يفعله مع أن اإلنسان قادر على ذلك ألن قدرة العبد صاحلة للضدين

Page 26: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

علوم أنه سيوجد دون الثاين ومن املعلوم أن أحد الضدين واقع يف امل واخلطاب ال ينقطع عن أيب هلب وإن أخرب الرب تعاىل بأنه سيصلى نارا ذات هلب

إن اهللا تعاىل ال يقدر على ظلم العقالء وإمنا : ووافقه أبو جعفر اإلسكايف وأصحابه من املعتزلة وزاد عليه بأن قال ) ٥٨/ ١. ( يوصف بالقدرة على ظلم األطفال واجملانني

يف فساق : جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وافقاه وما زادا عليه إال أن جعفر بن مبشر قال : وكذلك اجلعفران األمة من هو شر من الزنادقة واجملوس

وزعم أن إمجاع الصحابة على حد شارب اخلمر كان خطأ إذ املعترب يف احلدود النص والتوقيف منخلع من اإلميان وزعم أن سارق احلبة الواحدة فاسق

وكان حممد بن شبيب وأبو مشر وموسى بن عمران من أصحاب النظام إال أهنم خالفوه يف الوعيد ويف املنزلة بني صاحب الكبرية ال خيرج من اإلميان إال مبجرد ارتكاب الكبرية : املنزلتني وقالوا

لنار بالكفر يعرف قبل ورود السمع وسائر إن استحقاق العقاب واخللود يف ا: وكان ابن مبشر يقول يف الوعيد التخليد ال يعرف إال بالسمع : أصحابه يقولون

الفضل احلدثي وأمحد بن خابط : ومن أصحاب النظام : إهنما كانا يزعمان أن للخلق خالقني : قال الرواندي

قدمي وهو الباري تعاىل : أحدمها ) إذ ختلق من الطني كهيئة الطري : ( تعاىل حمدث وهو املسيح عليه السالم لقوله: والثاين

) ٥٩/ ١. ( وكذبه الكعيب يف رواية احلدثي خاصة حلسن اعتقاده فيه

اخلابطية واحلدثية - ٤

أصحاب أمحد بن خابط وكذلك احلدثية أصحاب الفضل احلدثي كانا من أصحاب النظام وطالعا كتب : اخلابطية : ظام ثالث بدع الفالسفة أيضا وضما إىل مذهب الن

إثبات حكم من أحكام اإلهلية يف املسيح عليه السالم موافقة للنصارى على اعتقادهم أن املسيح هو : البدعة األوىل وهو الذي يأيت يف ظلل من ) وجاء ربك وامللك صفا صفا : ( الذي حياسب اخللق يف اآلخرة وهو املراد بقوله تعاىل

إن اهللا تعاىل خلق : ( وهو املراد بقول النيب عليه الصالة و السالم ) أو يأيت ربك : ( الغمام وهو املعين بقوله تعاىل ) يضع اجلبار قدمه يف النار : ( وبقوله ) آدم على صورة الرمحن

/ ١. ( وزعم أمحد بن خابط أن املسيح تدرع باجلسد اجلسماين وهو الكلمة القدمية املتجسدة كما قالت النصارى ٦٠ ( القول بالتناسخ زعما أن اهللا تعاىل أبدع خلقه أصحاء ساملني عقالء بالغني يف دار سوى هذه الدار : عة الثانية البد

اليت هم فيها اليوم وخلق فيهم معرفته والعلم به وأسبغ عليهم نعمه : وال جيوز أن يكون أول ما خيلقه إال عاقال ناظرا معتربا وابتدأهم بتكليف شكره

م يف مجيع ما أمرهم به فأطاعه بعضه ) ٦١/ ١. ( وعصاه بعضهم يف مجيع ذلك

وأطاعه بعضهم يف البعض دون البعض

Page 27: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فمن أطاعه يف الكل أقره يف دار النعيم اليت ابتدأهم فيها ومن عصاه يف الكل أخرجه من تلك الدار إىل دار العذاب وهي النار

دار الدنيا فألبسه هذه األجسام الكثيفة وابتاله بالبأساء والضراء ومن أطاعه يف البعض وعصاه يف البعض أخرجه إىل : والشدة والرخاء واآلالم واللذات على صور خمتلفة من صور الناس وسائر احليوانات على قدر ذنوهبم

فمن كانت معصيته أقل وطاعته أكثر كانت صورته أحسن وآالمه أقل مه أكثر مث ال يزال يكون احليوان يف الدنيا كرة بعد كرة وصورة ومن كانت ذنوبه أكثر كانت صورته أقبح وآال

بعد أخرى ما دامت معه ذنوبه وطاعته وهذا عني القول بالتناسخ وكان يف زماهنما شيخ املعتزلة أمحد بن أيوب بن مانوس وهو أيضا من تالمذة النظام

مىت ما صارت النوبة إىل : ة واحدة إال أنه قال وقال أيضا مثلما قال أمحد بن خابط يف التناسخ وخلق الربية دفعالبهيمية ارتفعت التكاليف ومىت ما صارت النوبة إىل رتبة النبوة وامللك ارتفعت التكاليف أيضا وصارت النوبتان

عامل اجلزاء : ومن مذهبهما أن الديار مخس

: داران للثواب فيها أكل وشرب وبعال وجنات وأهنار : إحدامها

دار فوق هذه الدار ليس فيها أكل وال شرب وال بعال بل مالذ روحانية وروح ورحيان غري جسمانية : نية والثا دار العقاب احملض وهي نار جهنم ليس فيها ترتيب بل هي على منط التساوي : والثالثة األوىل دار االبتداء اليت خلق اخللق فيها قبل أن يهبطوا إىل دار الدنيا وهي اجلنة: والرابعة

دار االبتالء وهي اليت كلف اخللق فيها بعد أن اجترحوا يف األوىل : واخلامسة ومكيال الشر ) ٦٢/ ١( مكيال اخلري : وهذا التكوين والتكرير ال يزال يف الدنيا حىت ميتلئ املكياالن

ة ومل يلبث طرفة عني فإن مطل الغين فإذا امتأل مكيال اخلري صار العمل كله طاعة واملطيع خريا خالصا فينقل إىل اجلن ) أعطوا األجري أجره قبل أن جيف عرقه : ( ظلم ويف احلديث

وإذا امتأل مكيال الشر صار العمل كله معصية والعاصي شريرا حمضا فينقل إىل النار ومل يلبث طرفة عني وذلك قوله ) فإذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون : ( تعاىل إنكم سترون : ( محلهما كل ما ورد يف اخلرب من رؤية الباري تعاىل مثل قوله عليه الصالة و السالم : دعة الثالثة الب

على رؤية العقل األول الذي هو أول مبدع ) ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر ال تضامون يف رؤيته أول ما : ( ات وإياه عىن النيب عليه الصالة و السالم بقوله وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على املوجود

وعزيت وجاليل ما خلقت خلقا أحسن : فقال . أدبر فأدبر : مث قال له . أقبل فأقبل : خلق اهللا تعاىل العقل فقال له ) منك بك أعز وبك أذل وبك أعطي وبك أمنع

ور اليت فاضت منه فريونه كمثل القمر ليلة البدر فهو الذي يظهر يوم القيامة وترتفع احلجب بينه وبني الص فأما واهب العقل فال يرى البتة وال يشبه إال مبدع مببدع

وما من دابة يف األرض وال طائر : ( إن كل نوع من أنواع احليوانات أمة على حياهلا لقوله تعاىل : وقال ابن خابط ) يطري جبناحيه إال أمم أمثالكم

Page 28: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) وإن من أمة إال خال فيها نذير : ( من نوعه لقوله تعاىل ويف كل أمة رسول ) ٦٣/ ١. ( وهلما طريقة أخرى يف التناسخ وكأهنما مزجا كالم التناسخية والفالسفة واملعتزلة بعضها ببعض

البشرية - ٥

أصحاب بشر بن املعتمر كان من أفضل علماء املعتزلة وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه : وانفرد عن أصحابه مبسائل ست

أنه زعم أن اللون والطعم والرائحة واإلدراكات كلها من السمع والرؤية جيوز أن حتصل متولدة من : األوىل منها فعل العبد إذا كانت أسباهبا من فعله

ال يثبتون القدرة على منهاج ورمبا . وإمنا أخذ هذا من قول الطبيعيني إال أهنم ال يفرقون بني املتولد واملباشر بالقدرة وقوة الفعل وقوة االنفعال غري القدرة اليت يثبتها املتكلم . املتكلمني

وإمنا أخذ هذا من قول الطبيعيني إال أهنم ال يفرقون بني املتولد واملباشر بالقدرة ورمبا ال يثبتون القدرة على نتهاج يت يثبتها املتكلم املتكلمني وقوة الفعل وقوة االنفعال غري القدرة ال

قوله إن االستطاعة هي سالمة البنية وصحة اجلوارح وختليتها من اآلفات : الثانية اإلنسان يفعل والفعل ال يكون إال يف : ال أقول يفعل هبا يف احلالة األوىل وال يف احلالة الثانية لكين أقول : وقال الثانية عذيب الطفل ولو فعل ذلك كان ظاملا إياه إال أنه ال يستحسن أن يقال ذلك إن اهللا تعاىل قادر على ت: قوله : الثالثة

لو فعل ذلك كان الطفل بالغا عاقال عاصيا مبعصية ارتكبها مستحقا للعقاب : يف حقه بل يقال وهذا كالم متناقض

ة ذات وصفة فعل صف: إرادة اهللا تعاىل فعل من أفعاله وهي على وجهني : حكى الكعيب عنه أنه قال : الرابعة فهي أن اهللا تعاىل مل يزل مريدا جلميع أفعاله وجلميع الطاعات من عباده فإنه حكيم وال جيوز أن : فأما صفة الذات

يعلم احلكيم صالحا وخريا وال يريده : وأما صفة الفعل

به يكون الشيء ال جيوز قبل اخللق ألن ما ) ٦٤/ ١( فإن أراد هبا فعل نفسه يف حال إحداثه فهي خلقة له وهي أن يكون معه

وإن أراد هبا فعل عباده فهي األمر به إن عند اهللا تعاىل لطفا لو أتى به آلمن مجيع من يف األرض إميانا يستحقون عليه الثواب استحقاقهم : قال : اخلامسة

ب عليه رعاية األصلح ألنه ال لو آمنوا من غري وجوده وأكثر منه وليس على اهللا تعاىل أن يفعل ذلك بعباده وال جيغاية ملا يقدر عليه من الصالح فما من أصلح إال وفوقه أصلح وإمنا عليه أن ميكن العبد بالقدرة واالستطاعة ويزيح

العلل بالدعوة والرسالة واملفكر قبل ورود السمع يعلم الباري تعاىل بالنظر واالستدالل وإذا كان خمتارا يف فعله طرين ألن اخلاطرين ال يكونان من قبل اهللا تعاىل وإمنا مها من قبل الشيطان واملفكر األول مل يتقدمه فيستغين عن اخلا

شيطان خيطر الشك بباله ولو تقدم فالكالم يف الشيطان كالكالم فيه ود من تاب عن كبرية مث راجعها عاد استحقاقه العقوبة األوىل فإنه قبل توبته بشرط أن ال يع: قال : السادسة

Page 29: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

املعمرية - ٦

بنفي الصفات ونفي ) ٦٥/ ١( أصحاب معمر بن عباد السلمي وهو من أعظم القدرية فرية يف تدقيق القول القدر خريه وشره من اهللا تعاىل والتكفري والتضليل على ذلك

: وانفرد عن أصحابه مبسائل : األعراض فإهنا من اختراعات األجسام إن اهللا تعاىل مل خيلق شيئا غري األجسام فأما : أنه قال : منها

كالنار اليت حتدث اإلحراق والشمس اليت حتدث احلرارة والقمر الذي حيدث التلوين : إما طبعا كاحليوان حيدث احلركة والسكون واالجتماع واالفتراق : وإما اختيارا

جسام ؟ ومن العجب أن حدوث اجلسم وفناءه عنده عرضان فكيف يقول إهنما من فعل األوإذا مل حيدث الباري تعاىل عرضا فلم حيدث اجلسم فناءه فإن احلدوث عرض ؟ فيلزمه أن ال يكون هللا تعاىل فعل

أصال : مث ألزم أن كالم الباري تعاىل إما عرض أو جسم

هو عرض فقد أحدثه الباري فإن املتكلم على أصله هو من فعل الكالم : فإن قال هللا تعاىل كالم هو العرض أو يلزمه أن ال يكون

قوله إنه أحدثه يف حمل فإن اجلسم ال يقوم باجلسم فإذا مل يقل هو ) ٦٦/ ١( هو جسم فقد أبطل : وإن قال بإثبات الصفات األزلية وال قال خبلق األعراض فال يكون هللا تعاىل كالم يتكلم به على مقتضى مذهبه وإذا مل يكن له

ذا مل يكن أمر وهني مل تكن شريعة أصال فأدى مذهبه إىل خزي عظيم كالم مل يكن آمرا ناهيا وإ إن األعراض ال تتناهى يف كل نوع : أنه قال : ومنها كل عرض قام مبحل فإمنا يقوم به ملعىن أوجب القيام وذلك يؤدي إىل التسلسل وعن هذه املسألة مسي هو : وقال

وأصحابه أصحاب املعاين حلركة إمنا خالفت السكون ال بذاهتا بل مبعىن أوجب املخالفة وكذلك مغايرة املثل املثل ا: وزاد على ذلك فقال

ومماثلته وتضاد الضد الضد كل ذلك عنده مبعىن ما حكى الكعيب عنه أن اإلرادة من اهللا تعاىل للشيء غري اهللا وغري خلقه للشيء وغري األمر واإلخبار : ومنها

يعرف واحلكم فأشار إىل أمر جمهول الليس لإلنسان فعل سوى اإلرادة مباشرة كانت أو توليدا وأفعاله التكليفية من القيام والقعود واحلركة : وقال

والسكون يف اخلري والشر كلها مستندة إىل إرادته ال على طريق املباشرة وال على طريق التوليد وهذا عجب غري أنه إمنا بناه على مذهبه يف حقيقة اإلنسان

ه اإلنسان معىن أو جوهر غري اجلسد وهو عامل قادر خمتار حكيم ليس مبتحرك وال ساكن وال متكون وال وعندمتمكن وال يرى وال ميس وال حيس وال جيس وال حيل موضعا دون موضع وال حيويه مكان وال حيصره زمان لكنه

مدبر للجسد وعالقته مع البدن عالقة التدبري والتصرف ال متحيز وال . ول من الفالسفة حيث قضوا بإثبات النفس اإلنسانية أمرا ما هو جوهر قائم بنفسه وإمنا أخذ هذا الق

متمكن وأثبتوا من جنس ذلك موجودات عقلية مثل العقول املفارقة مث ملا كان ميل معمر بن عباد إىل مذهب الفالسفة ميز بني أفعال النفس اليت مساها إنسانا وبني القالب الذي هو

ففعل اإلنسان هو اإلرادة وما سوى ) ٦٧/ ١( فعل النفس هو اإلرادة فحسب والنفس إنسان : ه فقال جسد

Page 30: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ذلك من احلركات والسكنات واالعتمادات فهي من فعل اجلسد أنه حيكى عنه أنه كان ينكر القول بأن اهللا تعاىل قدمي ألن قدمي أخذ من قدم يقدم فهو قدمي وهو فعل : ومنها

منه ما قدم وما حدث كقولك أخذ هو يشعر بالتقادم الزماين ووجود الباري تعاىل ليس بزماين : وقال أيضا

اخللق غري املخلوق واإلحداث غري احملدث : وحيكى عنه أيضا أنه قال احدا إن اهللا تعاىل حمال أن يعلم نفسه ألنه يؤدي إىل أال يكون العامل واملعلوم و: وحكى جعفر بن حرب عنه أنه قال

حمال أن يقدر على املوجود من حيث هو موجود ولعل هذا النقل فيه خلل فإن : وحمال أن يعلم غريه كما يقال عاقال ما ال يتكلم مبثل هذا الكالم الغري معقول

بل أنه ليس علم الباري تعاىل علما انفعاليا أي تابعا للمعلوم: لعمري ملا كان الرجل مييل إىل الفالسفة ومن مذهبهم علمه علم فعلي فهو من حيث هو فاعل عامل وعلمه هو الذي أوجب الفعل وإمنا يتعلق باملوجود حال حدوثه ال

حمالة وال جيوز تعلقه باملعدوم على استمرار عدمه وأنه علم وعقل وكونه عقال وعاقال ومعقوال شيء واحد : ال يقال : فقال ابن عباد

ز بني العامل واملعلوم يعلم نفسه ألنه قد يؤدي إىل متايوال يعلم غريه ألنه يؤدي إىل كون علمه من غريه حيصل فإما أن ال يصح النقل وإما أن حيمل على مثل هذا احململ

ولسنا من رجال ابن عباد فنطلب لكالمه وجها

املزدارية - ٧

لبشر بن املعتمر وأخذ العلم ) ٦٨/ ١( وقد تلمذ . أصحاب عيسى بن صبيح املكىن بأيب موسى امللقب باملزدار منه وتزهد ويسمى راهب املعتزلة

: وإمنا انفرد عن أصحابه مبسائل إن اهللا تعاىل يقدر على أن يكذب و يظلم ولو كذب وظلم كان إهلا كاذبا ظاملا تعاىل : قوله يف القدر : األوىل منها اهللا عن قوله

د عليه بأن جوز وقوع فعل واحد من فاعلني على سبيل التولد قوله يف التولد مثل قول أستاذه وزا: والثانية إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظما وبالغة : قوله يف القرآن : الثالثة

وهو الذي بالغ يف القول خبلق القرآن وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قدميني رث وكفر أيضا من البس السلطان وزعم أنه ال يرث وال يو

إنه يرى باألبصار : إن أعمال العباد خملوقة هللا تعاىل ومن قال : وكفر أيضا من قال ال إله إال اهللا : هم كافرون يف قوهلم : وغال يف التفكري حىت قال

اجلنة اليت عرضها : وقد سأله إبراهيم بن السندي مرة عن أهل األرض مجيعا فكفرهم فأقبل عليه إبراهيم وقال واألرض ال يدخلها إال أنت وثالثة وافقوك ؟ فخزي ومل حير جوابا السموات

وقد تلمذ له أيضا اجلعفران وأبو زفر وحممد بن سويد حممد بن عبد اهللا اإلسكايف وعيسى بن اهليثم وجعفر بن حرب األشج ) ٦٩/ ١( وصحب أبو جعفر

رآن يف اللوح احملفوظ وال جيوز أن ينقل إذ يستحيل إن اهللا تعاىل خلق الق: وحكى الكعيب عن اجلعفرين أهنما قاال

Page 31: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أن يكون الشيء الواحد يف مكانني يف حالة واحدة وما نقرؤه فهو حكاية عن املكتوب األول يف اللوح احملفوظ وذلك فعلنا وخلقنا

وهو الذي اختاره من األقوال املختلفة يف القرآن : قال ل يوجب معرفة اهللا تعاىل جبميع أحكامه وصفاته قبل ورود الشرع إن العق: وقال يف حتسني العقل وتقبيحه

وعليه يعلم أنه إن قصر ومل يعرفه ومل يشكره عاقبة عقوبة دائمة فأثبتنا التخليد واجبا بالعقل

الثمامية - ٨

يف النار أصحاب مثامة بن أشرس النمريي كان جامعا بني سخافة الدين وخالعة النفس مع اعتقاده بأن الفاسق خيلد إذا مات على فسقه من غري توبة وهو يف حال حياته يف منزلة بني املنزلتني

) ٧٠/ ١: ( وانفرد عن أصحابه مبسائل إن األفعال املتولدة ال فاعل هلا إذ مل ميكنه إضافتها إىل فاعل أسباهبا : قوله : منها

مات ووجد املتولد بعده ومل ميكنه إضافتها إىل اهللا حىت يلزمه أن يضيف الفعل إىل ميت مثل ما إذا فعل السبب و املتولدات أفعال ال فاعل هلا : تعاىل ألنه يؤدي إىل فعل القبيح وذلك حمال فتحري فيه وقال

إهنم يصريون يف القيامة ترابا : قوله يف الكفار واملشركني واجملوس واليهود والنصارى والزنادقة والدهرية : ومنها يف البهائم والطيور وأطفال املؤمنني وكذلك قوله

االستطاعة هي السالمة وصحة اجلوارح وختليتها من اآلفات وهي قبل الفعل : قوله : ومنها إن املعرفة متولدة من النظر وهو فعل ال فاعل له كسائر املتولدات : ومنها قوله

: لسمع مثل قول أصحابه غري أنه زاد عليهم فقال قوله يف حتسني العقل وتقبيحه وإجياب املعرفة قبل ورود ا: ومنها من الكفار من ال يعلم خالقه وهو معذور

إن املعارف كلها ضرورية وإن من مل يضطر إىل معرفة اهللا سبحانه وتعاىل فليس هو مأمورا هبا وإمنا خلق : وقال للعربة والسخرة كسائر احليوان

ة وما عداها فهو حدث ال حمدث له ال فعل لإلنسان إال اإلراد: قوله : ومنها العامل فعل اهللا تعاىل بطباعه : وحكى ابن الراوندي عنه أنه قال

ولعله أراد بذلك ما تريده الفالسفة من اإلجياب بالذات دون اإلجياد على مقتضى اإلرادة لكن يلزمه على اعتقاده عن املوجب ذلك ما لزم الفالسفة من القول بقدم العامل إذ املوجب ال ينفك

) ٧١/ ١. ( وكان مثامة يف أيام املأمون وكان عنده مبكان

اهلشامية - ٩

أصحاب هشام بن عمرو الفوطي ومبالغته يف القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه وكان ميتنع من إطالق إضافات أفعال إىل الباري تعاىل وإن ورد هبا التنزيل

ما ألفت بني : ( ني قلوب املؤمنني بل هم املؤتلفون باختيارهم وقد ورد يف التنزيل إن اهللا ال يؤلف ب: قوله : منها ) قلوهبم ولكن اهللا ألف بينهم

حبب إليكم اإلميان وزينه : ( إن اهللا ال حيبب اإلميان إىل املؤمنني وال يزينه يف قلوهبم وقد قال تعاىل : قوله : ومنها

Page 32: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) يف قلوبكم ت الطبع واخلتم والسد وأمثاهلا أشد وأصعب وقد ورد جبميعها التنزيل ومبالغته يف نفي إضافا

) ختم اهللا على قلوهبم وعلى مسعهم : ( قال اهللا تعاىل ) بل طبع اهللا عليها بكفرهم : ( وقال ) وجعلنا من بني أيديهم سدا ومن خلفهم سدا : ( وقال

وليت شعري ما يعتقده الرجل ؟ كوهنا وحيا من اهللا تعاىل ؟ فيكون تصرحيا بالكفر إنكار ألفاظ التنزيل و

أو إنكار ظواهرها من نسبتها إىل الباري تعاىل ووجوب تأويلها ؟ وذلك عني مذهب أصحابه إن األعراض ال تدل على كونه خالقا وال تصلح األعراض دالالت : ومن بدعه يف الداللة على الباري تعاىل قوله

القا وهذا أيضا عجب بل األجسام تدل على كونه خ إهنا ال تنعقد يف أيام الفتنة واختالف الناس وإمنا جيوز عقدها يف حال االتفاق والسالمة : ومن بدعه يف اإلمامة قوله

اإلمامة ال تنعقد إال بإمجاع األمة عن بكرة أبيهم : وكذلك أبو بكر األصم من أصحابه كان يقول عنه إذ كانت البيعة يف أيام الفتنة من غري اتفاق من ) ٧٢/ ١( رضي اهللا وإمنا أراد بذلك الطعن يف إمامة علي

مجيع الصحابة إذ بقي يف كل طرف طائفة على خالفه ومن بدعه أن اجلنة والنار ليستا خملوقتني اآلن إذ ال فائدة يف وجودمها ومها مجيعا خاليتان ممن ينتفع ويتضرر هبما

ا للمعتزلة وبقيت هذه املسألة منه اعتقاد وكان يقول باملوافاة وأن اإلميان هو الذي يوايف املوت

من أطاع اهللا مجيع عمره وقد علم اهللا أنه يأيت مبا حيبط أعماله ولو بكبرية مل يكن مستحقا للوعد وكذلك : وقال على العكس

كفر وإنسان واهللا : ألن الكافر وصاحبه عباد من املعتزلة وكان ميتنع من إطالق القول بأن اهللا تعاىل خلق الكافر تعاىل ال خيلق الكفر

النبوة جزاء على عمل وأهنا باقية ما بقيت الدنيا : وقال مل يزل قائال وال غري قائل ووافقه ) ٧٣/ ١( إن اهللا تعاىل : وحكى األشعري عن عباد أنه زعم أنه ال يقال

وال يسمى متكلما : اإلسكايف على ذلك قال إن األشياء قبل كوهنا معدومة ليست أشياء وهي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء : وطي يقول وكان الف

وهلذا املعىن كان مينع القول بأن اهللا تعاىل قد كان مل يزل عاملا باألشياء قبل كوهنا فإهنا ال تسمى أشياء ا وسرقة العتقاده كفرهم واستباحة دمائهم وكان جيوز القتل والغيلة على املخالفني ملذهبه وأخذ أمواهلم غصب: قال

) ٧٤/ ١. ( وأمواهلم

اجلاحظية - ١٠

أصحاب عمرو بن حبر أيب عثمان اجلاحظ كان من فضالء املعتزلة واملصنفني هلم وقد طالع الكثري من كتب الفالسفة وخلط وروج كثريا من مقاالهتم بعباراته البليغة وحسن براعته اللطيفة

ام املعتصم واملتوكل وكان يف أي

Page 33: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: وانفرد عن أصحابه مبسائل وليس للعبد كسب سوى . إن املعارف كلها ضرورية طباع وليس شيء من ذلك من أفعال العباد : قوله : منها

اإلرادة وحتصل أفعاله منه طباعا كما قال مثامة ا انتفى السهو عن الفاعل وكان عاملا مبا إذ: ونقل عنه أيضا أنه أنكر أصل اإلرادة وكوهنا جنسا من األعراض فقال

يفعله فهو املريد على التحقيق وأما اإلرادة املتعلقة بفعل الغري فهو ميل النفس إليه وزاد على ذلك بإثبات الطبائع لألجسام كما قال الطبيعيون من الفالسفة وأثبت هلا أفعاال خمصوصة هبا

واجلواهر ال جيوز أن تفىن وقال باستحالة عدم اجلواهر فاألعراض تتبدل إهنم ال خيلدون فيها عذابا بل يصريون إىل طبيعة النار : قوله يف أهل النار : ومنها

النار جتذب أهلها إىل نفسها من غري أن يدخل أحد فيها : وكان يقول ومذهبه مذهب الفالسفة يف نفي الصفات

ويف إثبات القدر خريه وشره من العبد مذهب املعتزلة يوصف الباري تعاىل بأنه مريد مبعىن أنه ال يصح عليه السهو يف أفعاله وال اجلهل وال : وحكى الكعيب عنه أنه قال

جيوز أن يغلب ويقهر إن اخللق كلهم من العقالء عاملون بأن اهللا تعاىل خالقهم وعارفون بأهنم حمتاجون إىل النيب وهم حمجوجون : وقال

مبعرفتهم عامل بالتوحيد وجاهل به : مث هم صنفان

فاجلاهل معذور والعامل حمجوج ومن انتحل دين اإلسالم فإن اعتقد أن اهللا تعاىل ليس جبسم وال صورة وال يرى باألبصار وهو عدل ال جيور وال

االعتقاد واليقني أقر بذلك كله فهو مسلم حقا وإن عرف ذلك كله مث جحده ) ٧٥/ ١( يريد املعاصي وبعد وأنكره

وقال بالتشبيه واجلرب فهو مشرك كافر حقا وإن مل ينظر يف شيء من ذلك كله واعتقد أن اهللا تعاىل ربه وأن حممدا رسول اهللا فهو مؤمن ال لوم عليه وال تكليف عليه غري ذلك

إن للقرآن جسدا جيوز أن يقلب مرة رجال ومرة حيوانا : وحكى ابن الراوندي عنه أنه قال كى عن أيب بكر األصم أنه زعم أن القرآن جسم خملوق وهذا مثل ما حي

وأنكر األعراض أصال وأنكر صفات الباري تعاىل

ومذهب اجلاحظ هو بعينه مذهب الفالسفة إال أن امليل منه ومن أصحابه إىل الطبيعيني منهم أكثر منه إىل اإلهليني

اخلياطية والكعبية - ١١

الكعيب ومها من معتزلة بغداد على ) ٧٦/ ١( ياط أستاذ أيب القاسم بن حممد أصحاب أيب احلسني بن أيب عمرو اخلالشيء ما يعلم وخيرب عنه واجلوهر جوهر يف العدم : مذهب واحد إال أن اخلياط غاىل يف إثبات املعدوم شيئا وقال

والعرض عرض يف العدم يف العدم فلم يبقى إال صفة الوجود ) ٧٧/ ١( السواد سواد : وكذلك أطلق مجيع األجناس واألصناف حىت قال

Page 34: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أو الصفات اليت تلزم الوجود واحلدوث وأطلق على املعدوم لفظ الثبوت وقال يف نفي الصفات عن الباري مثل ما قاله أصحابه

وكذا القول يف القدر والسمع والعقل : وانفرد الكعيب عن أستاذه مبسائل

ىل ليست صفة قائمة بذاته وال هو مريد لذاته وال إرادته حادثة يف حمل أو ال يف إن إرادة الباري تعا: قوله : منها حمل بل إذا أطلق عليه أنه مريد فمعناه أنه عامل قادر غري مكره يف فعله وال كاره

هو مريد ألفعاله فاملراد به أنه خالق هلا على وفق علمه : مث إذا قيل راد به أنه آمر هبا راض عنها هو مريد ألفعال عباده فامل: وإذا قيل

وقوله يف كونه مسيعا بصريا راجع إىل ذلك أيضا فهو مسيع مبعىن أنه عامل باملسموعات وبصري مبعىن أنه عامل باملبصرات يرى الباري تعاىل ذاته ويرى املرئيات وكونه : وقوله يف الرؤية كقول أصحابه نفيا وإحالة غري أن أصحابه قالوا

ائد على كونه عاملا وقد أنكر الكعيب ذلك مدركا لذلك ز أنه عامل هبا فقط : يرى ذاته ويرى املرئيات : معىن قولنا : قال

اجلبائية والبهشمية - ١٢

عبد السالم ومها من معتزلة البصرة ) ٧٨/ ١( أصحاب أيب علي حممد بن عبد الوهاب اجلبائي وابنه أيب هاشم عن صاحبه مبسائل ) ٧٩/ ١( فرد أحدمها انفردا عن أصحاهبما مبسائل وان

: أما املسائل اليت انفردا هبا عن أصحاهبما أهنما أثبتا إرادات حادثة ال يف حمل يكون الباري تعاىل هبا موصوفا مريدا : فمنها

وتعظيما ال يف حمل إذا أراد أن يعظم ذاته وفناء ال يف حمل إذا أراد أن يفين العامل

ه الصفات يرجع إليه من حيث إنه تعاىل أيضا ال يف حمل وأخص أوصاف هذوإثبات موجودات هي أعراض أو يف حكم األعراض ال حمل هلا كإثبات موجودات هي جواهر أو يف حكم اجلواهر ال مكان هلا وذلك قريب من مذهب الفالسفة حيث أثبتوا عقال هو جوهر ال يف حمل وال يف مكان وكذلك النفس

ول املفارقة الكلية والعقأهنما حكما بكونه تعاىل متكلما بكالم خيلقه يف حمل وحقيقة الكالم عندمها أصوات مقطعة وحروف منظومة : ومنها

حيدث اهللا : الكالم إال أن اجلبائي خالف أصحابه خصوصا بقوله ) ٨٠/ ١( واملتكلم من فعل الكالم ال من قام به . يف حمل القراءة وذلك حني ألزم أن الذي يقرؤه القارئ ليس بكالم اهللا تعاىل عند قراءة كل قارئ كالما لنفسه

واملسموع منه ليس من كالم اهللا فالتزم هذا احملال من إثبات أمر غري معقول وال مسموع وهو إثبات كالمني يف حمل واحد

واتفقا على نفي رؤية اهللا تعاىل باألبصار يف دار القرار ل للعبد خلقا وإبداعا وعلى القول بإثبات الفع

وإضافة اخلري والشر والطاعة واملعصية إليه استقالال واستبدادا وأن االستطاعة قبل الفعل وهي قدرة زائدة على سالمة البنية وصحة اجلوارح

Page 35: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وأثبتا البنية شرطا يف قيام املعاين اليت يشترط يف ثبوهتا احلياة ة احلسن والقبح واجبات عقلية واتفقا على أن املعرفة وشكر املنعم ومعرف

وأثبتا شريعة عقلية وردا الشريعة النبوية إىل مقدرات األحكام ومؤقتات الطاعات اليت ال يتطرق إليها عقل وال يهتدي إليها فكر ومبقتضى العقل واحلكمة جيب على احلكيم ثواب املطيع وعقاب العاصي إال أن التأقيت والتخليد

فيه يعرف بالسمع ان عندمها اسم مدح وهو عبارة عن خصال اخلري اليت إذا اجتمعت يف شخص مسي هبا مؤمنا ومن ارتكب واإلمي

كبرية فهو يف احلال يسمى فاسقا ال مؤمنا وال كافر وإن مل يتب ومات عليها فهو خملد يف النار الطاعة والتوبة من الصالح واألصلح واتفقا على أن اهللا تعاىل مل يدخر عن عباده شيئا مما علم أنه إذا فعل هبم أتوا ب

واللطف ألنه قادر عامل جواد حكيم ال يضره اإلعطاء وال ينقص من خزائنه املنح وال يزيد يف ملكه االدخار وليس األصلح هو األلذ بل هو األعود يف العاقبة واألصوب يف العاجلة وإن كان ذلك مؤملا مكروها وذلك كاحلجامة

والفصد وشرب األدوية إنه تعاىل يقدر على شيء هو أصلح مما فعله بعبده والتكاليف كلها ألطاف وبعثة األنبياء وشرع الشرائع : ال يقال و

) ٨١/ ١. ( ومتهيد األحكام والتنبيه على الطريق األصوب كلها ألطاف : ومما ختالفا فيه

: أما يف صفات الباري تعاىل لذاته أي ال يقتضي كونه عاملا صفة هي علم أو : ه قادر حي لذاته ومعىن قوله الباري تعاىل عامل لذات: فقال اجلبائي

حال توجب كونه عاملا هو عامل لذاته مبعىن أنه ذو حالة هي صفة معلومة وراء كونه ذاتا موجودا وإمنا تعلم الصفة على : وعند أيب هاشم

مة وال معلومة وال جمهولة أي هي على حياهلا ال الذات ال بانفرادها فأثبت أحواال هي صفات ال موجودة وال معدو تعرف كذلك بل مع الذات

والعقل يدرك فرقا ضروريا بني معرفة الشيء مطلقا وبني معرفته على صفة فليس من عرف الذات عرف : قال كونه عاملا وال من عرف اجلوهر عرف كونه متحيزا قابال للعرض

دات يف قضية وافتراقها يف قضية وال شك أن اإلنسان يدرك اشتراك املوجو وبالضرورة يعلم أن ما اشتركت فيه غري ما افترقت به

وهذه القضايا العقلية ال ينكرها عاقل وهي ال ترجع إىل الذات وال إىل أعراض وراء الذات فإنه يؤدي إىل قيام كونه ذاتا أي املفهوم منها غري العرض بالعرض فتعني بالضرورة أهنا أحوال فكون العامل عاملا حال هي صفة وراء

املفهوم من الذات وكذلك كونه قادرا حيا مث أثبت للباري تعاىل حالة أخرى أوجبت تلك األحوال

: وخالفه والده وسائر منكري األحوال يف ذلك وردوا االشتراك واالفتراق إىل األلفاظ وأمساء األجناس وقالوا وتفترق يف خصائص ؟ كذلك نقول يف الصفات وإال فيؤدي إىل إثبات أليست األحوال تشترك يف كوهنا أحواال

: احلال للحال ويفضي إىل التسلسل بل هي راجعة إما إىل جمرد األلفاظ إذا وضعت يف األصل على وجه يشترك فيها الكثري ال أن مفهومها معىن أو صفة ثابتة يف الذات

مستحيل على وجه يشمل أشياء ويشترك فيها الكثري فإن ذلك

Page 36: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

كالنسب : أو يرجع ذلك إىل وجوه واعتبارات عقلية هي املفهومة من قضايا االشتراك واالفتراق وتلك الوجوه واإلضافات والقرب والبعد وغري ذلك مما ال يعد صفات باالتفاق

لة أن مسأ: ورتبوا على هذه املسألة ) ٨٢/ ١( وهذا هو اختيار أيب احلسني البصري وأيب احلسن األشعري فال يبقى من صفات الثبوت إال كونه -كما نقلنا عن مجاعة من املعتزلة -املعدوم شيء فمن يثبت كونه شيئا

: موجودا فعلى ذلك ال يثبت للقدرة يف إجيادها أثرا ما سوى الوجود والوجود على مذهب نفاة األحوال ال يرجع إال إىل اللفظ اجملرد

حالة ال توصف بالوجود وال بالعدم وهذا كما ترى من التناقض واالستحالة وعلى مذهب مثبيت األحوال هو ومن نفاة األحوال من يثبته شيئا وال يسميه بصفات األجناس

وعند اجلبائي أخص وصف الباري تعاىل هو القدم واالشتراك يف األخص يوجب االشتراك يف األعم العموم واخلصوص حقيقة وهو من نفاة األحوال ؟ وليت شعري كيف ميكنه إثبات االشتراك واالفتراق و

فأما على مذهب أيب هاشم فلعمري هو مطرد غري أن القدم إذا حبث عن حقيقته رجع إىل نفي األولية والنفي يستحيل أن يكون أخص وصف الباري

: واختلفا يف كونه مسيعا بصريا معىن كونه مسيعا بصريا أنه حي ال آفة به : فقال اجلبائي

: وخالفه ابنه وسائر أصحابه أما ابنه فصار إىل كونه مسيعا حال وكونه بصريا حال وكونه بصريا حال سوى كونه عاملا الختالف القضيتني

واملفهومني واملتعلقني واألثرين معناه كونه مدركا للمبصرات مدركا للمسموعات : وقال غريه من أصحابه

:واختلفا أيضا يف بعض مسائل اللطف فيمن يعلم الباري تعاىل من حاله أنه لو آمن مع اللطف لكان ثوابه أقل لقلة مشقته ولو آمن بال : فقال اجلبائي

لطف لكان ثوابه أكثر لكثرة مشقته أنه ال حيسن منه أن يكلفه إال مع اللطف ويسوي بينه وبني من املعلوم من حاله إذ لو كلفه مع عدم اللطف لوجب أن يكون مستفسدا : قول أنه ال يفعل الطاعة على كل وجه إال مع اللطف وي

حاله غري مزيح لعلته اإلميان على أشق ) ٨٣/ ١( حيسن منه تعاىل أن يكلفه : وخيالفه أبو هاشم يف بعض املواضع يف هذه املسألة قال

: واختلفا يف فعل األمل للعوض . الوجهني بال لطف جل العوض وعليه بىن آالم األطفال جيوز ذلك ابتداء أل: فقال اجلبائي

إمنا حيسن ذلك بشرط العوض واالعتبار مجيعا : وقال ابنه : وتفصيل مذهب اجلبائي يف األعواض على وجهني

جيوز التفضل مبثل األعواض غري أنه تعاىل علم أنه ال ينفعه عوض إال على أمل متقدم : أنه يقول : أحدمها ا حيسن ذلك ألن العوض مستحق والتفضل غري مستحق والثواب عندهم ينفصل عن هو أنه إمن: والوجه الثاين

التفضل بأمرين تعظيم وإجالل للمثاب يقترن بالنعيم : أحدمها قدر زائد على التفضل فلم جيب إذا أجرى العوض جمرى الثواب ألنه ال يتميز عن التفضل بزيادة مقدار : والثاين

Page 37: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وال بزيادة صفة حيسن االبتداء مبثل العوض تفضال والعوض منقطع غري دائم : وقال ابنه

جيوز أن يقع االنتصاف من اهللا تعاىل للمظلوم من الظامل بأعواض يتفضل هبا عليه إذا مل يكن للظامل : وقال اجلبائي على اهللا عوض لشيء ضره به

عله وزعم أبو هاشم أن التفضل ال يقع به انتصاف ألن التفضل ليس جيب عليه ف ال جيب على اهللا شيء لعباده يف الدنيا إذا مل يكلفهم عقال وشرعا : وقال اجلبائي وابنه

فأما إذا كلفهم فعل الواجب يف عقوهلم واجتناب القبائح وخلق فيهم الشهوة للقبيح والنفور من احلسن وركب ألدلة والقدرة واالستطاعة وهتيئة فيهم األخالق الذميمة فإنه جيب عليه عند هذا التكليف إكمال العقل ونصب ا

اآللة حبيث يكون مزحيا لعللهم فيما أمرهم وجيب عليه أن يفعل هبم أدعى األمور إىل فعل ما كلفهم به وأزجر األشياء هلم عن فعل القبيح الذي هناهم عنه

وهلم يف مسائل هذا الباب خبط طويل مامة فيخالف كالم البصريني وأما كالم مجيع املعتزلة البغداديني يف النبوة واإل

فإن من شيوخهم من مييل إىل الروافض ومنهم من مييل إىل اخلوارج واجلبائي وأبو هاشم قد وافقا أهل السنة يف اإلمامة وأهنا باالختيار وأن الصحابة مترتبون يف الفضل ترتبهم يف

صحابة وغريهم ال) ٨٤/ ١( اإلمامة غري أهنم ينكرون الكرامات أصال لألولياء من ويبالغون يف عصمة األنبياء عليهم السالم عن الذنوب كبائرها وصغائرها حىت منع اجلبائي القصد إىل الذنب إال

على تأويل انتهجوا طريقة أيب هاشم -مثل القاضي عبد اجلبار وغريه -واملتأخرون من املعتزلة

واعترض على ذلك بالتزييف واإلبطال وانفرد عنهم وخالفه يف ذلك أبو احلسني البصري وتصفح أدلة الشيوخ : مبسائل

نفي احلال : منها نفي املعدوم شيئا : ومنها نفي األلوان أعراضا : ومنها إن املوجودات تتمايز بأعياهنا وذلك من توابع نفي احلال : قوله : ومنها كا رده الصفات كلها إىل كون الباري تعاىل عاملا قادرا مدر: ومنها

وله ميل إىل مذهب هشام بن احلكم يف أن األشياء ال تعلم قبل كوهنا والرجل فلسفي املذهب إال أنه روج كالمه على املعتزلة يف معرض الكالم فراج عليهم لقلة معرفتهم مبسالك

املذهب

اجلربية: الفصل الثاين

هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إىل الرب تعاىل : اجلرب : واجلربية أصناف هي اليت ال تثبت للعبد فعال وال قدرة على الفعل أصال : فاجلربية اخلالصة

Page 38: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هي اليت تثبت للعبد قدرة غري مؤثرة أصال : واجلربية املتوسطة فأما من أثبت للقدرة احلادثة أثرا ما يف الفعل ومسي ذلك كسبا فليس جبربي

ويلزمهم أن يسموا من قال . ادثة أثرا يف اإلبداع واإلحداث استقالال جربيا واملعتزلة يسمون من مل يثبت للقدرة احل إذ مل يثبتوا للقدرة احلادثة فيها أثرا ) ٨٥/ ١( من أصحاهبم بأن املتولدات أفعال ال فاعل هلا جربيا

واملصنفون يف املقاالت عدوا النجارية والضرارية من اجلربية فاتية وكذلك مجاعة الكالبية من الص

واألشعرية مسوهم تارة حشوية وتارة جربية وحنن مسعنا إقرارهم على أصحاهبم من النجارية والضرارية فعددناهم من اجلربية ومل نسمع إقرارهم على غريهم فعددناهم من الصفاتية

اجلهمية - ١

أصحاب جهم بن صفوان وهو من اجلربية اخلالصة وز املازين مبرو يف آخر ملك بين أمية ظهرت بدعته بترمذ وقتله مسلم بن أح

: وافق املعتزلة يف نفي الصفات األزلية وزاد عليهم بأشياء ال جيوز أن يوصف الباري تعاىل بصفة يوصف هبا خلقه ألن ذلك يقضي تشبيها : قوله : منها

١. ( لقدرة والفعل واخللق قادرا فاعال خالقا ألنه ال يوصف بشيء من خلقه با: فنفى كونه حيا عاملا وأثبت كونه /٨٦ (

ال جيوز أن يعلم الشيء قبل خلقه ألنه لو علم مث خلق : إثباته علوما حادثة للباري تعاىل ال يف حمل قال : ومنها أفبقي علمه على ما كان أم مل يبق ؟

فإن بقي فهو جهل فإن العلم بأن قد وجد وإن مل يبق فقد تغري واملتغري خملوق ليس بقدمي

ووافق يف هذا املذهب هشام بن احلكم كما تقرر : وإذا ثبت حدوث العلم فليس خيلو : قال

إما أن حيدث يف ذاته تعاىل وذلك يؤدي إىل التغري يف ذاته وأن يكون حمال للحوادث دثة بعدد وإما أن حيدث يف حمل فيكون احملل موصوفا به ال الباري تعاىل فتعني أنه ال حمل له فأثبت علوما حا

املوجودات املعلومة إن اإلنسان ال يقدر على شيء وال يوصف باالستطاعة وإمنا هو جمبور يف أفعاله ال : قوله يف القدرة احلادثة : ومنها

قدرة له وال إرادة وال اختيار زا كما تنسب إىل وإمنا خيلق اهللا تعاىل األفعال فيه على حسب ما خيلق يف سائر اجلمادات وتنسب إليه األفعال جما

أمثرت الشجرة وجرى املاء وحترك احلجر وطلعت الشمس وغربت وتغيمت السماء : اجلمادات كما يقال وأمطرت واهتزت األرض وأنبتت إىل غري ذلك والثواب والعقاب جرب كما أن األفعال كلها جرب

وإذا ثبت اجلرب فالتكليف أيضا كان جربا : قال أهل اخللدين تنقطع واجلنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل اجلنة إن حركات: قوله : ومنها

بنعيمها وتأمل أهل النار جبحيمها إذ ال تتصور حركات ال تتناهى آخرا كما ال تتصور حركات ال تتناهى أوال

Page 39: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يف التخليد كما يقال خلد اهللا املبالغة والتأكيد دون احلقيقة) ٨٧/ ١( على ) خالدين فيها : ( ومحل قوله تعاىل ملك فالن

) خالدين فيها مادامت السموات واألرض إال ما شاء ربك : ( واستشهد على االنقطاع بقوله تعاىل فاآلية اشتملت على شريطة واستثناء واخللود والتأبيد ال شرط فيه وال استثناء

جبحده ألن العلم واملعرفة ال يزوالن باجلحد فهو مؤمن من أتى باملعرفة مث جحد بلسانه مل يكفر : قوله : ومنها عقد وقول وعمل : واإلميان ال يتبعض أي ال ينقسم إىل : قال وال يتفاضل أهله فيه فإميان األنبياء وإميان األمة على منط واحد إذ املعارف ال تتفاضل : قال

ض وكان السلف كلهم من أشد الرادين عليه ونسبته إىل التعطيل احمل وهو أيضا موافق للمعتزلة يف نفي الرؤية وإثبات خلق الكالم وإجياب املعارف بالعقل قبل ورود السمع

النجارية - ٢

أصحاب احلسني بن حممد النجار وأكثر معتزلة الري وما حواليها على مذهبه وهم وإن اختلفوا أصنافا إال أهنم مل خيتلفوا يف املسائل اليت عددناها أصوال

وزعفرانية ومستدركة ) ٨٨/ ١( برغوثية : هم و ووافقوا املعتزلة يف نفي الصفات من العلم والقدرة واإلرادة واحلياة والسمع والبصر

ووافقوا الصفاتية يف خلق األعمال والشر هو مريد اخلري: الباري تعاىل مريد لنفسه كما هو عامل لنفسه فألزم عموم التعلق فالتزم وقال : قال النجار

والنفع والضر معىن كونه مريدا أنه غري مستكره وال مغلوب : وقال أيضا

هو خالق أعمال العباد خريها وشرها حسنها وقبيحها والعبد مكتسبا هلا : وقال وأثبت تأثريا للقدرة احلادثة ومسى ذلك كسبا على حسب ما يثبته األشعري

ووافقه أيضا يف أن االستطاعة مع الفعل جيوز أن حيول اهللا تعاىل القوة اليت يف : أما يف مسألة الرؤية فأنكر رؤية اهللا تعاىل باألبصار وأحاهلا غري أنه قال و

القلب من املعرفة إىل العني فيعرف اهللا تعاىل هبا فيكون ذلك رؤية وقال حبدوث الكالم

: لكنه انفرد عن املعتزلة بأشياء منها اىل إذا قرئ فهو عرض وإذا كتب فهو جسم إن كالم الباري تع: قوله

إن : كل من قال : كالم اهللا غريه وكل ما هو غريه فهو خملوق ومع ذلك قالت : ومن العجب أن الزعفرانية قالت القرآن خملوق فهو كافر

ولعلهم أرادوا بذلك االختالف وإال فالتناقض ظاهر ) كالم اهللا غري خملوق : ( لكن النيب صلى اهللا عليه و سلم قال واملستدركة منهم زعموا أن كالمه غريه وهو خملوق

العبارة فوافقناهم ومحلنا قوهلم غري خملوق أي على هذا الترتيب ) ٨٩/ ١( والسلف عن آخرهم أمجعوا على هذه والنظم من احلروف واألصوات بل هو خملوق على غري هذه احلروف بعينها وهذه حكاية عنها

Page 40: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) كالم اهللا غري خملوق : ( هم زعموا أن كالمه غريه وهو خملوق لكن النيب صلى اهللا عليه و سلم قال واملستدركة منوالسلف عن آخرهم أمجعوا على هذه العبارة فوافقناهم ومحلنا قوهلم غري خملوق أي على هذا الترتيب والنظم من

ية عنها احلروف واألصوات بل هو خملوق على غري هذه احلروف بعينها وهذه حكاالباري تعاىل بكل مكان ذاتا ووجودا ال على معىن العلم والقدرة وألزمه : وحكى الكعيب عن النجار أنه قال

حماالت على ذلك إنه جيب عليه حتصيل املعرفة بالنظر واالستدالل : وقال يف املفكر قبل ورود السمع مثل ما قالت املعتزلة

تصديق ومن ارتكب كبرية ومات عليها من غري توبة عوقب على ذلك وجيب أن إنه عبارة عن ال: وقال يف اإلميان خيرج من النار فليس من العدل التسوية بينه وبني الكفار يف اخللود

وحممد بن عيسى امللقب بربغوث وبشر بن غياث املريسي واحلسن النجار متقاربون يف املذهب وكلهم أثبتوا كونه علم أنه سيحدث من خري وشر وإميان وكفر وطاعة ومعصية وعامة املعتزلة يأبون ذلك تعاىل مريدا مل يزل لكل ما

الضرارية - ٣

أصحاب ضرار بن عمرو وحفص الفرد واتفقا يف التعطيل وعلى أهنما قاال الباري تعاىل عامل قادر على معىن أنه ليس جباهل وال عاجز وأثبتا هللا سبحانه ماهية

هو ) ٩٠/ ١( ال يعلمها إال إن هذه املقالة حمكية عن أيب حنيفة رمحه اهللا ومجاعة من أصحابه : وقاال

وأراد بذلك أنه يعلم نفسه شهادة ال بدليل وال خرب وحنن نعلمه بدليل وخرب وأثبتا حاسة سادسة لإلنسان يرى هبا الباري تعاىل يوم الثواب يف اجلنة

حقيقة والعبد مكتسبها حقيقة وجوزوا حصول فعل بني فاعلني أفعال العباد خملوقة للباري تعاىل : وقاال جيوز أن يقلب اهللا تعاىل األعراض أجساما واالستطاعة والعجز بعض اجلسم وهو جسم وال حمالة بنفي : وقاال

زمانني ريق أخبار احلجة بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم يف اإلمجاع فقط فما ينقل عنه يف أحكام الدين من ط: وقاال

اآلحاد فغري مقبول وحيكى عن ضرار أنه كان ينكر حرف عبد اهللا بن مسعود وحرف أيب بن كعب ويقطع بأن اهللا تعاىل مل ينزله

وقال يف املفكر قبل ورود السمع أنه ال جيب عليه بعقله شيء حىت يأتيه الرسول فيأمره وينهاه وال جيب على اهللا تعاىل شيء حبكم العقل

ضرار أيضا أن اإلمامة تصلح يف غري قريش حىت إذا اجتمع قرشي ونبطي قدمنا النبطي إذ هو أقل عددا وزعم وأضعف وسيلة فيمكننا خلعه إذا خالف الشريعة

) ٩١/ ١. ( واملعتزلة وإن جوزوا اإلمامة يف غري قريش إال أهنم ال جيوزون تقدمي النبطي على القرشي

الفصل الثالث الصفاتية

م أن مجاعة كبرية من السلف كانوا يثبتون هللا تعاىل صفات أزلية من العلم والقدرة واحلياة واإلرادة والسمع اعلوالبصر والكالم واجلالل واإلكرام واجلود واإلنعام والعزة والعظمة وال يفرقون بني صفات الذات وصفات الفعل

Page 41: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

بل يسوقون الكالم سوقا واحدا هذه الصفات قد وردت يف : ثل اليدين والوجه وال يؤولون ذلك إال أهنم يقولون وكذلك يثبتون صفات خربية م الشرع فنسميها صفات خربية

وملا كانت املعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون مسي السلف صفاتية واملعتزلة معطلة فبالغ بعض السلف يف إثبات الصفات إىل حد التشبيه بصفات احملدثات

: ى صفات دلت األفعال عليها وما ورد به اخلرب فافترقوا فرقتني واقتصر بعضهم عل فمنهم من أوله على وجه حيتمل اللفظ ذلك

عرفنا مبقتضى العقل أن اهللا تعاىل ليس كمثله شيء فال يشبه شيئا من املخلوقات : ومنهم من توقف يف التأويل وقال الرمحن على العرش : ( اللفظ الوارد فيه مثل قوله تعاىل وال يشبهه شيء منها وقطعنا بذلك إال أنا ال نعرف معىن

إىل غري ذلك ) وجاء ربك : ( ومثل قوله ) خلقت بيدي : ( ومثل قوله ) استوى ولسنا مكلفني مبعرفة تفسري هذه اآليات وتأويلها بل التكليف قد ورد باالعتقاد بأنه ال شريك له وليس كمثله شيء

) ٩٢/ ١( . وذلك قد أثبتناه يقينا ال بد من إجرائها على ظاهرها فوقعوا يف التشبيه : مث إن مجاعة من املتأخرين زادوا على ما قاله السلف فقالوا

الصرف وذلك على خالف ما اعتقده السلف دل ولقد كان التشبيه صرفا خالصا يف اليهود ال يف كلهم بل يف القرائني منهم إذ وجدوا يف التوراة ألفاظا كثرية ت

على ذلك مث الشيعة يف هذه الشريعة وقعوا يف غلو وتقصري

فتشبيه بعض أئمتهم باإلله تعاىل وتقدس : أما الغلو فتشبيه اإلله بواحد من اخللق : وأما التقصري

وملا ظهرت املعتزلة واملتكلمون من السلف رجعت بعض الروافض عن الغلو والتقصري ووقعت يف االعتزال وختطت من السلف إىل التفسري الظاهر فوقعت يف التشبيه مجاعة

: وأما السلف الذين مل يتعرضوا للتأويل وال هتدفوا للتشبيه فمنهم االستواء معلوم والكيفية جمهولة واإلميان به واجب والسؤال عنه بدعة : مالك بن أنس رضي اهللا عنهما إذ قال

اود بن علي األصفهاين ومن تابعهم ومثل أمحد بن حنبل رمحه اهللا وسفيان الثوري ودحىت انتهى الزمان إىل عبد اهللا بن سعيد الكاليب وأيب العباس القالنسي واحلارث بن أسعد احملاسيب وهؤالء كانوا من

مجلة السلف إال أهنم باشروا علم الكالم وأيدوا عقائد السلف حبجج كالمية وبراهني أصولية أيب احلسن األشعري وبني أستاذه مناظرة يف مسألة من مسائل الصالح وصنف بعضهم ودرس بعض حىت جرى بني

واألصلح فتخاصما واحناز األشعري إىل هذه الطائفة فأيد مقالتهم مبناهج كالمية وصار ذلك مذهبا ألهل السنة واجلماعة وانتقلت مسة

الصفاتية إىل األشعرية ) ٩٣/ ١. ( ناهم فرقتني من مجلة الصفاتية وملا كانت املشبهة والكرامية من مثبيت الصفات عدد

األشعرية - ١

Page 42: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أصحاب أيب احلسن علي بن إمساعيل األشعري املنتسب إىل أيب موسى األشعري رضي اهللا عنهما ومسعت من عجيب االتفاقات أن أبا موسى األشعري رضي اهللا عنه كان يقرر عني ما يقرر األشعري أبو احلسن يف

مذهبه عمرو أين أجد أحدا أحاكم إليه ريب ؟ : اظرة بني عمرو بن العاص وبينه فقال وقد جرت من

أنا ذلك املتحاكم إليه : فقال أبو موسى أو يقدر علي شيء مث يعذبين عليه ؟ : فقال عمرو

نعم : قال ومل ؟ : قال عمرو

ألنه ال يظلمك : قال فسكت عمرو ومل حير جوابا

ا فكر يف خلقته من أي شيء ابتدأ وكيف دار يف أطوار اخللقة طورا بعد طور حىت وصل اإلنسان إذ: قال األشعري إىل كمال اخللقة وعرف يقينا أنه بذاته مل يكن ليدبر خلقته وينقله من درجة إىل درجة ويرقيه من نقص إىل كمال

كمة من طبع لظهور آثار االختيار علم بالضرورة أن له صانعا قادرا عاملا مريدا إذ ال يتصور حدوث هذه األفعال احمل يف الفطرة وتبني آثار اإلحكام واإلتقان يف اخللقة

فله صفات دلت أفعاله عليها ال ميكن جحدها وكما دلت األفعال على كونه عاملا قادرا مريدا دلت على العلم والقدرة واإلرادة ألن وجه الداللة ال خيتلف شاهدا وغائبا

قيقة إال أنه ذو علم وال للقادر إال أنه ذو قدرة وال للمريد إال أنه ذو إرادة فيحصل بالعلم وأيضا ال معىن للعامل حاإلحكام واإلتقان وحيصل بالقدرة الوقوع واحلدوث وحيصل باإلرادة التخصيص بوقت دون وقت وقدر دون قدر

وشكل دون شكل يا حبياة للدليل الذي ذكرناه وهذه الصفات لن يتصور أن يوصف هبا الذات إال وأن يكون الذات ح

كونه عاملا قادرا ) ٩٤/ ١( وألزم منكري الصفات إلزاما ال حميص هلم عنه وهو أنكم وافقتمونا بقيام الدليل على : فال خيلو

: إما أن يكون املفهومان من الصفتني واحدا أو زائدا ن علم الذات مطلقا علم كونه عاملا قادرا وليس فإن كان واحدا فيجب أن يعلم بقادريته ويقدر بعامليته ويكون م

األمر كذلك فعلم أن االعتبارين خمتلفان : فال خيلو

إما أن يرجع االختالف إىل جمرد اللفظ أو إىل احلال أو إىل الصفة

رتاب وبطل رجوعه إىل اللفظ اجملرد فإن العقل يقضي باختالف مفهومني معقولني ولو قدر عدم األلفاظ رأسا ما ا العقل فيما تصوره

وبطل رجوعه إىل احلال فإن إثبات صفة ال توصف بالوجود وال بالعدم إثبات واسطة بني الوجود والعدم واإلثبات والنفي وذلك حمال

Page 43: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فتعني الرجوع إىل صفة قائمة بالذات وذلك مذهبه ونفيها وتقرر رأيه على اإلثبات ومع على أن القاضي الباقالين من أصحاب األشعري قد ردد قوله يف إثبات احلال

ذلك أثبت الصفات معاين قائمة به ال أحواال احلال الذي أثبته أبو هاشم هو الذي نسميه صفة خصوصا إذا أثبت حالة أوجبت تلك الصفات : وقال

ع بصري ببصر وله الباري تعاىل عامل بعلم قادر بقدرة حي حبياة مريد بإرادة متكلم بكالم مسيع بسم: قال أبو احلسن يف البقاء اختالف رأي

ال غريه : ال هو وال : هي هو وال هي غريه وال : وهذه الصفات أزلية قائمة بذاته تعاىل ال يقال : قال أنه قد قام الدليل على أنه تعاىل ملك وامللك من له األمر : والدليل على أنه متكلم بكالم قدمي ومريد بإرادة قدمية

مر ناه والنهي فهو آ : فال خيلو

إما أن يكون آمرا بأمر قدمي أو بأمر حمدث

: وإن كان حمدثا فال خيلو إما أن حيدثه يف ذاته

أو يف حمل أو ال يف حمل

ويستحيل أن حيدثه يف ذاته ألنه يؤدي إىل أن يكون حمال للحوادث وذلك حمال موصوفا ويستحيل أن حيدثه يف حمل ألنه يوجب أن يكون احملل به

ويستحيل أن حيدثه ال يف حمل ألن ذلك غري معقول فتعني أنه قدمي قائم به صفة له

) ٩٥/ ١. ( وكذلك التقسيم يف اإلرادة والسمع والبصر املستحيل واجلائز والواجب واملوجود واملعدوم : وعلمه واحد يتعلق جبميع املعلومات : قال

وجوده من اجلائزات وقدرته واحدة تتعلق جبميع ما يصلح وإرادته واحدة تتعلق جبميع ما يقبل االختصاص

أمر وهني وخرب واستخبار ووعد ووعيد : وكالمه واحد هو وهذه الوجوه ترجع إىل اعتبارات يف كالمه ال إىل عدد يف نفس الكالم

ت على الكالم األزيل والداللة خملوقة والعبارات واأللفاظ املنزلة على لسان املالئكة إىل األنبياء عليهم السالم دالال حمدثة واملدلول قدمي أزيل

والفرق بني القراءة واملقروء والتالوة واملتلو كالفرق بني الذكر واملذكور فالذكر حمدث واملذكور قدمي وخالف األشعري هبذا التدقيق مجاعة من احلشوية إذ أهنم قضوا بكون احلروف والكلمات قدمية

د األشعري معىن قائم بالنفس سوى العبارة والعبارة داللة عليه من اإلنسان فاملتكلم عنده من قام به والكالم عن إما باجملاز وإما باشتراك اللفظ : الكالم وعند املعتزلة من فعل الكالم غري أن العبارة تسمى كالما

اصة وأفعال عباده من حيث إهنا خملوقة له ال وإرادته واحدة قدمية أزلية متعلقة جبميع املرادات من أفعاله اخل: قال

Page 44: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

من حيث إهنا مكتسبة هلم خريها وشرها ونفعها وضرها : أراد اجلميع : فعن هذا قال

وكما أراد وعلم أراد من العباد ما علم وأمر القلم حىت كتب يف اللوح احملفوظ فذلك حكمه وقضاؤه وقدره الذي ال يتغري وال يتبدل

مقدور اجلنس حمال الوقوع : وخالف املعلوم وتكليف ما ال يطاق جائز على مذهبه للعلة اليت ذكرناها وألن االستطاعة عنده عرض والعرض ال يبقى زمانني ففي حال التكليف ال يكون املكلف قط قادرا ألن املكلف من يقدر على إحداث ما أمر به فأما أن جيوز ذلك يف حق من

فمحال وإن وجد ذلك منصوصا عليه يف كتابه ال قدرة له أصال على الفعل الرعدة والرعشة ) ٩٦/ ١( والعبد قادر على أفعاله إذ اإلنسان جيد من نفسه تفرقة ضرورية بني حركات : قال

وبني حركات االختيار واإلرادة املكتسب : ن هذا قال والتفرقة راجعة إىل أن احلركات االختيارية حاصلة حتت القدرة متوقفة على اختيار القادر فع

هو املقدور بالقدرة احلاصلة واحلاصل حتت القدرة احلادثة : ال تأثري للقدرة احلادثة يف األحداث ألن جهة احلدوث قضية واحدة ال ختتلف بالنسبة إىل : مث على أصل أيب احلسني

اث األلوان والطعوم اجلوهر والعرض فلو أثرت يف قضية احلدوث ألثرت يف حدوث كل حمدث حىت تصلح إلحدوالروائح وتصلح إلحداث اجلواهر واألجسام فيؤدي إىل جتويز وقوع السماء على األرض بالقدرة احلادثة غري أن

اهللا تعاىل أجرى سنته بأن حيقق عقيب القدرة احلادثة أو حتتها أو معها الفعل احلاصل إذا أراده العبد وجترد له من اهللا تعاىل إبداعا وإحداثا وكسبا من العبد حصوال حتت قدرته ويسمى هذا الفعل كسبا فيكون خلقا

الدليل قد قام على أن القدرة احلادثة ال تصلح لإلجياد : والقاضي أبو بكر الباقالين ختطى عن هذا القدر قليال فقال راء لكن ليست تقتصر صفات الفعل أو وجوهه واعتباراته على جهة احلدوث فقط بل ههنا وجوه أخر هن و

احلدوث من كون اجلوهر جوهرا متحيزا قابال للعرض ومن كون العرض عرضا ولونا وسوادا وغري ذلك وهذه أحوال عند مثبيت األحوال

فجهة كون الفعل حاصال بالقدرة احلادثة أو حتتها نسبة خاصة ويسمى ذلك كسبا وذلك هو أثر القدرة : قال احلادثة

ة أن يكون تأثري القدرة أو القادرية القدمية يف حال هو احلدوث والوجود أو يف وإذا جاز على أصل املعتزل: قال هو صفة للحادث أو يف وجه من وجوه : وجه من وجوه الفعل فلم ال جيوز أن يكون تأثري القدرة احلادثة يف حال

عرض مطلقا غري الفعل وهو كون احلركة مثال على هيئة خمصوصة ؟ وذلك أن املفهوم من احلركة مطلقا ومن ال ) ٩٧/ ١. ( املفهوم من القيام والقعود ومها حالتان متمايزتان فإن كل قيام حركة وليس كل حركة قياما

صلى وصام وقعد وقام وكما ال جيوز أن : أوجد وبني قولنا : ومن املعلوم أن اإلنسان يفرق فرقا ضروريا بني قولنا لعبد فكذلك ال جيوز أن يضاف إىل العبد جهة ما يضاف إىل الباري يضاف إىل الباري تعاىل جهة ما يضاف إىل ا

تعاىل هي احلالة اخلاصة وهي جهة من جهات الفعل حصلت من تعلق القدرة : فأثبت القاضي تأثريا للقدرة احلادثة وأثرها

احلادثة بالفعل وتلك اجلهة هي املتعينة ألن تكون مقابلة بالثواب والعقاب يث هو وجود ال يستحق عليه ثواب وعقاب خصوصا على أصل املعتزلة فإن جهة احلسن والقبح فإن الوجود من ح

Page 45: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هي اليت تقابل باجلزاء واحلسن والقبح صفتان ذاتيتان وراء الوجود فاملوجود من حيث هو موجود ليس حبسن وال قبيح هي حالة : لقدرة احلادثة ومن قال فإذا جاز لكم إثبات صفتني مها حالتان جاز يل إثبات حالة هي متعلق ا: قال

جمهولة فبينا بقدر اإلمكان جهتها وعرفناها إيش هي ومثلناها كيف هي : مث إن إمام احلرمني أبا املعايل اجلويين ختطى عن هذا البيان قليال قال

أما نفي هذه القدرة واالستطاعة فمما يأباه العقل واحلس و كنفي القدرة أصال وأما إثبات قدرة ال أثر هلا بوجه فه

وأما إثبات تأثري يف حالة ال يفعل فهو كنفي التأثري خصوصا واألحوال على أصلهم ال توصف بالوجود والعدم فال وجه اإلحداث واخللق فإن اخللق يشعر باستقالل ) ٩٨/ ١( بد إذن من نسبة فعل العبد إىل قدرته حقيقة ال على

من نفسه االقتدار حيس من نفسه أيضا عدم االستقالل فالفعل يستند وجوده إجياده من العدم واإلنسان كما حيس إىل القدرة والقدرة يستند وجودها إىل سبب آخر تكون نسبة القدرة إىل ذلك السبب كنسبة الفعل إىل القدرة

غين على وكذلك يستند سبب إىل سبب آخر حىت ينتهي إىل مسبب األسباب فهو اخلالق لألسباب ومسبباهتا املستاإلطالق فإن كل سبب مهما استغىن من وجه حمتاج من وجه والباري تعاىل هو الغين املطلق الذي ال حاجة له وال

فقر وهذا الرأي إمنا أخذه من احلكماء اإلهليني وأبرزه يف معرض الكالم

دث فذلك حكمه وليس خيتص نسبة السبب إىل املسبب على أصله بالفعل والقدرة بل كل ما يوجد من احلواوحينئذ يلزم القول بالطبع وتأثري األجسام يف األجسام إجيادا وتأثري الطبائع يف الطبائع إحداثا وليس ذلك مذهب

اإلسالميني اجلسم ال جيوز أن يصدر عن جسم وال : كيف ورأي احملققني من احلكماء أن اجلسم ال يؤثر يف إجياد اجلسم قالوا

سم مركب من مادة وصورة فلو أثر ألثر جبهتيه أعين مبادته وصورته واملادة هلا طبيعة عن قوة ما يف جسم فإن اجلعدمية فلو أثرت ألثرت مبشاركة العدم والتايل حمال فاملقدم إذن حمال فنقيضه حق وهو أن اجلسم وقوة ما يف اجلسم

ال جيوز أن يؤثر يف جسم كل ما هو : ما يف اجلسم إىل كل ما هو جائز بذاته فقال وختطى من هو أشد حتققا وأغوص تفكرا عن اجلسم وقوة

جائز بذاته ال جيوز أن حيدث شيئا ما فإنه لو أحدث ألحدث مبشاركة اجلواز واجلواز له طبيعة عدمية فلو خلى فلو أثر اجلواز مبشاركة العدم ألدى إىل أن يؤثر العدم يف الوجود وذلك حمال فإذن ال . اجلائز وذاته كان عدما

موجد على احلقيقة إال واجب الوجود لذاته وما سواه من األسباب معدات لقبول الوجود ال حمدثات حلقيقة الوجود وهلذا شرح سنذكره

( ومن العجب أن مأخذ كالم اإلمام أيب املعايل إذا كان هبذه املثابة فكيف ميكن إضافة الفعل إىل األسباب حقيقة ؟ ٩٩/ ١ (

صاحب املقالة هذا ونعود إىل كالم إذا كان اخلالق على احلقيقة هو الباري تعاىل ال يشاركه يف اخللق غريه : قال أبو احلسن علي بن إمساعيل األشعري

القدرة على االختراع : فأخص وصفه تعاىل هو وهذا هو تفسري امسه تعاىل اهللا : قال

Page 46: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

جب متييزه عن األكوان كلها كون يو: أخص وصفه هو : وقال األستاذ أبو إسحاق اإلسفراييين نعلم يقينا أن ما من موجود إال ويتميز عن غريه بأمر ما وإال فيقتضي أن تكون املوجودات كلها : وقال بعضهم

مشتركة متساوية والباري تعاىل موجود فيجب أن يتميز عن سائر املوجودات بأخص وصف إال أن العقل ال ينتهي مسع فنتوقف إىل معرفة ذلك األخص ومل يرد به

مث هل جيوز أن يدركه العقل ؟ ففيه خالف أيضا وهذا قريب من مذهب ضرار غري أن ضرارا أطلق لفظ املاهية عليه تعاىل وهو من حيث العبارة منكر

أن كل موجود يصح أن يرى فإن املصحح للرؤية إمنا هو الوجود والباري تعاىل موجود : ومن مذهب األشعري ) وجوه يومئذ ناضرة إىل رهبا ناظرة : ( ورد السمع بأن املؤمنني يرونه يف اآلخرة قال اهللا تعاىل فيصح أن يرى وقد

إىل غري ذلك من اآليات واألخبار وال جيوز أن تتعلق به الرؤية على جهة ومكان وصورة ومقابلة واتصال شعاع أو على سبيل انطباع فإن كل : قال

ذلك مستحيل : لرؤية وله قوالن يف ماهية ا

أنه علم خمصوص ويعين باخلصوص أنه يتعلق بالوجود دون العدم : أحدمها ) ١٠٠/ ١. ( أنه إدراك وراء العلم ال يقتضي تأثريا يف املدرك وال تأثرا عنه : والثاين

ة بكل واحد وأثبت أن السمع والبصر للباري تعاىل صفتان أزليتان مها إدراكان وراء العلم يتعلقان باملدركات اخلاصورد بذلك السمع فيجب اإلقرار به كما ورد : وأثبت اليدين والوجه صفات خربية فيقول . بشرط الوجود

إىل طريقة السلف من ترك التعرض للتأويل ) صغوه ميله ( وصغوه وله قول أيضا يف جواز التأويل

معتزلة من كل وجه ومذهبه يف الوعد والوعيد واألمساء واألحكام والسمع والعقل خمالف لل اإلميان هو التصديق باجلنان : قال

وأما القول باللسان والعمل باألركان ففروعه فمن صدق بالقلب أي أقر بوحدانية اهللا تعاىل واعترف بالرسل تصديقا هلم فيما جاءوا به من عند اهللا تعاىل بالقلب

خيرج من اإلميان إال بإنكار شيء من ذلك صح إميانه حىت لو مات عليه يف احلال كان مؤمنا ناجيا وال : وصاحب الكبرية إذا خرج من الدنيا من غري توبة يكون حكمه إىل اهللا تعاىل

إما أن يغفر له برمحته ) شفاعيت ألهل لكبائر من أميت : ( وإما أن يشفع فيه النيب صلى اهللا عليه و سلم إذ قال

نة برمحته وإما أن يعذبه مبقدار جرمه مث يدخله اجل وال جيوز أن خيلد يف النار مع الكفار ملا ورد به السمع باإلخراج من النار من كان يف قلبه مثقال ذرة من اإلميان

ولو تاب فال أقول بأنه جيب على اهللا تعاىل قبول توبته حبكم العقل إذ هو املوجب فال جيب عليه شيء بل ورد : قال ة دعوة املضطرين وهو املالك يف خلقه يفعل ما يشاء وحيكم ما يريد السمع بقبول توبة التائبني وإجاب

فلو أدخل اخلالئق بأمجعهم اجلنة مل يكن حيفا ولو أدخلهم النار مل يكن جورا إذ الظلم هو التصرف فيما ال ميلكه املتصرف أو وضع الشيء يف غري موضعه وهو املالك املطلق فال يتصور منه ظلم وال ينسب إليه جور

والواجبات كلها مسعية والعقل ال يوجب شيئا وال يقتضي حتسينا وال تقبيحا فمعرفة اهللا تعاىل بالعقل حتصل : قال

Page 47: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وكذلك شكر املنعم وإثابة ) نبعث رسوال ) ١٠١ \ ١( وما كنا معذبني حىت : ( وبالسمع جتب قال اهللا تعاىل اهللا تعاىل شيء ما بالعقل ال الصالح وال األصلح وال املطيع وعقاب العاصي جيب بالسمع دون العقل ال جيب على

اللطف وكل ما يقتضيه العقل من جهة احلكمة املوجبة فيقتضي نقيضه من وجه آخر وأصل التكليف مل يكن واجبا على اهللا إذ مل يرجع إليه نفع وال اندفع به عنه ضر وهو قادر على جمازاة العبيد ثوابا

عليهم ابتداء تكرما وتفضال وعقابا وقادر على اإلفضال ) ال يسأل عما يفعل وهم يسألون ( والثواب والنعيم واللطف كله منه فضل والعقاب والعذاب كله عدل

وانبعاث الرسل من القضايا اجلائزة ال الواجبة وال املستحيلة ولكن بعد االنبعاث تأييدهم باملعجزات وعصمتهم من بد من طريق للمستمع يسلكه ليعرف به صدق املدعي وال بد من إزاحة العلل فال املوبقات من مجلة الواجبات إذ ال

يقع يف التكليف تناقض فعل خارق للعادة مقترن بالتحدي سليم عن املعارضة يتنزل منزلة التصديق بالقول من حيث القرينة : واملعجزة

وهو منقسم إىل خرق املعتاد وإىل إثبات غري املعتاد ألولياء حق وهي من وجه تصديق لألنبياء وتأكيد للمعجزات والكرامات ل

واإلميان والطاعة بتوفيق اهللا والكفر واملعصية خبذالنه

خلق القدرة على الطاعة : والتوفيق عنده خلق القدرة على املعصية : واخلذالن عنده

رد به السمع من األخبار عن األمور وما و. تيسري أسباب اخلري هو التوفيق وبضده اخلذالن : وعند بعض أصحابه القلم واللوح والعرش والكرسي واجلنة والنار فيجب إجراؤها على ظاهرها واإلميان هبا كما جاءت إذ : الغائبة مثل

ال استحالة يف إثباهتا يزان امل: سؤال القرب والثواب والعقاب فيه ومثل : وما ورد من األخبار عن األمور املستقبلة يف اآلخرة مثل

: والصراط وانقسام الفريقني ) ١٠٢ \ ١( واحلساب فريق يف اجلنة وفريق يف السعري حق جيب االعتراف هبا وإجراؤها على ظاهرها إذ ال استحالة يف وجودها

البالغة والنظم والفصاحة إذ خري العرب بني السيف وبني املعارضة : والقرآن عنده معجزة من حيث مني اختيار عجز عن املقابلة فاختاروا أشد القس

ومن أصحابه من اعتقد أن اإلعجاز يف القرآن من جهة صرف الدواعي وهو املنع من املعارضة ومن جهة اإلخبار عن الغيب

اإلمامة تثبت باالتفاق واالختيار دون النص والتعيني إذ لو كان مث نص ملا خفي والدواعي تتوفر على نقله : وقال فة بين ساعدة على أيب بكر رضي اهللا عنه واتفقوا يف سقي

مث اتفقوا بعد تعيني أيب بكر على عمر رضي اهللا عنه واتفقوا بعد الشورى على عثمان رضي اهللا عنه

واتفقوا بعده على علي رضي اهللا عنه وهم مترتبون يف الفضل ترتبهم يف اإلمامة

عوا عن اخلطأ ال نقول يف عائشة وطلحة والزبري إال أهنم رج: وقال

Page 48: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وطلحة والزبري من العشرة املبشرين باجلنة إال أهنما بغيا على اإلمام احلق فقاتلهم على مقاتلة أهل البغي : وال نقول يف حق معاوية وعمرو بن العاص

وأما أهل النهروان فهم الشراة املارقون عن الدين خبرب النيب صلى اهللا عليه و سلم عنه على احلق يف مجيع أحواله يدور احلق معه حيث دار ولقد كان علي رضي اهللا

املشبهة - ٢

اعلم أن السلف من أصحاب احلديث ملا رأوا توغل املعتزلة يف علم الكالم وخمالفة السنة اليت عهدوها من األئمة هلم بنفي الراشدين ونصرهم مجاعة من أمراء بين أمية على قوهلم بالقدر ومجاعة من خلفاء بين العباس على قو

الصفات وخلق القرآن حتريوا يف تقرير مذهب أهل السنة واجلماعة يف متشاهبات آيات الكتاب احلكيم وأخبار النيب ) ١٠٣ \ ١. ( األمني صلى اهللا عليه و سلم

فأما أمحد بن حنبل وداود بن علي األصفهاين ومجاعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف املتقدمني عليهم نؤمن مبا ورد به : مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان وسلكوا طريق السالمة فقالوا : أصحاب احلديث مثل من

الكتاب والسنة وال نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعا أن اهللا عز و جل ال يشبه شيئا من املخلوقات وأن كل ما متثل يف الوهم فإنه خالقه ومقدره

أو أشار ) خلقت بيدي : ( غاية أن قالوا من حرك يده عند قراءته قوله تعاىل وكانوا حيترزون عن التشبيه إىل وجب قطع يده وقلع أصبعيه ) قلب املؤمن بني إصبعني من أصابع الرمحن : ( بإصبعيه عند روايته

: إمنا توقفنا يف تفسري اآليات وتأويلها ألمرين : وقالوا فأما الذين يف قلوهبم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء : ( ه تعاىل املنع الوارد يف التنزيل يف قول: أحدمها

) تأويله وما يعلم تأويله إال اهللا والراسخون يف العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إال أولوا األلباب فنحن حنترز عن الزيغ

ل يف صفات الباري بالظن غري جائز فرمبا أولنا اآلية على غري مراد أن التأويل أمر مظنون باالتفاق والقو: والثاين آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه ) كل من عند ربنا ( الباري تعاىل فوقعنا يف الزيغ بل نقول كما قال الراسخون يف العلم

ه ووكلنا علمه إىل اهللا تعاىل ولسنا مكلفني مبعرفة ذلك إذ ليس ذلك من شرائط اإلميان وأركانبعضهم أكثر احتياط حىت مل يفسر اليد بالفارسية وال الوجه وال االستواء وال ما ورد من ) ١٠٤ \ ١( واحتاط

فهذا هو طريق السالمة وليس هو من . جنس ذلك بل إن احتاج يف ذكره إىل عبارة عرب عنها مبا ورد لفظا بلفظ التشبيه يف شيء

اهلشاميني من الشيعة : من أصحاب احلديث احلشوية صرحوا بالتشبيه مثل غري أن مجاعة من الشيعة الغالية ومجاعةمعبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض إما : ومثل مضر وكهمس وأمحد اهلجيمي وغريهم من احلشوية قالوا

روحانية وإما جسمانية وجيوز عليه االنتقال والنزول والصعود واالستقرار والتمكن تأيت مقاالهتم يف باب الغالة فأما مشبهة الشيعة فس

أهنم : وأما مشبهة احلشوية فحكى األشعري عن حممد بن عيسى أنه حكى عن مضر وكهمس وأمحد اهلجيمي أجازوا على رهبم املالمسة واملصافحة وأن املسلمني املخلصني يعانقونه يف الدنيا واآلخرة إذا بلغوا يف الرياضة

د احملض واالجتهاد إىل حد اإلخالص واالحتا

Page 49: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وحكى الكعيب عن بعضهم أنه كان جيوز الرؤية يف دار الدنيا وأن يزوره ويزورهم اعفوين عن الفرج واللحية واسألوين عما وراء ذلك : وحكى عن داود اخلوارمي أنه قال

إن معبوده جسم وحلم ودم وله جوارح وأعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعينني وأذنني ومع ذلك : وقال ال كاألجسام وحلم ال كاللحوم ودم ال كالدماء وكذلك سائر الصفات وهو ال يشبه شيئا من املخلوقات وال جسم

يشبهه شيء هو أجوف من أعاله إىل صدره مصمت ما سوى ذلك وأن له وفرة سوداء وله شعر قطط : وحكي عنه أنه قال

واجمليء واإلتيان والفوقية وغري ذلك فأجروها على وأما ما ورد يف التنزيل من االستواء والوجه واليدين واجلنب ظاهرها أعين ما يفهم عند اإلطالق على األجسام

) ١٠٥ \ ١( خلق آدم على : ( وكذلك ما ورد يف األخبار من الصورة وغريها يف قوله عليه الصالة و السالم ) لب املؤمن بني أصبعني من أصابع الرمحن ق: ( وقوله ) حىت يضع اجلبار قدمه يف النار : ( وقوله ) صورة الرمحن

حىت وجدت برد : ( وقوله ) وضع يده أو كفه على كتفي : ( وقوله ) مخر طينة آدم بيده أربعني صباحا : ( وقوله إىل غري ذلك أجروها على ما يتعارف يف صفات األجسام ) أنامله يف صدري

عليه الصالة و السالم وأكثرها مقتبسة من اليهود فإن وزادوا يف األخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إىل النيباشتكت عيناه فعادته املالئكة وبكى على طوفان نوح حىت رمدت عيناه وأن العرش : التشبيه فيهم طباع حىت قالوا

ليئط من حتته كأطيط الرحل احلديد وإنه ليفضل من كل جانب أربع أصابع لقيين ريب فصافحين وكافحين ووضع يده بني كتفي حىت : ( السالم أنه قال وروى املشبهة عن النيب عليه الصالة و

) وجدت برد أنامله ال يعقل كالم : وقالوا . إن احلروف واألصوات والرقوم املكتوبة قدمية أزلية : وزادوا على التشبيه قوهلم يف القرآن

ليس حبروف وال كلم ينادي اهللا تعاىل يوم القيامة بصوت يسمعه : ( الصالة و السالم واستدلوا بأخبار منها ما رووا عن النيب عليه

ورووا أن موسى عليه السالم كان يسمع كالم اهللا كجر السالسل ) األولون واآلخرون هو خملوق فهو كافر باهللا وال نعرف من : وأمجعت السلف على أن القرآن كالم اهللا غري خملوق ومن قال : قالوا

بني أظهرنا فنبصره ونسمعه ونقرؤه ونكتبه القرآن إال ما هو : واملخالفون يف ذلك

فوافقونا على أن هذا الذي يف أيدينا كالم اهللا وخالفونا يف القدم وهم حمجوجون بإمجاع األمة : وأما املعتزلة م حمجوجون أيضا فوافقونا على أن القرآن قدمي وخالفونا يف أن الذي يف أيدينا ليس كالم اهللا وه: وأما األشعرية أن املشار إليه هو كالم اهللا فأما إثبات كالم هو صفة قائمة بذات الباري تعاىل ال نبصرها وال نكتبها : بإمجاع األمة

) ١٠٦ \ ١. ( وال نقرؤها وال نسمعها فهو خمالفة اإلمجاع من كل وجه السالم فهو املكتوب يف املصاحف وهو فنحن نعتقد أن ما بني الدفتني كالم اهللا أنزله على لسان جربيل عليه

املكتوب يف اللوح احملفوظ وهو الذي يسمعه املؤمنون يف اجلنة من الباري تعاىل بغري حجاب وال واسطة وذلك معىن ) يا موسى إين أنا اهللا رب العاملني : ( وهو قوله تعاىل ملوسى عليه السالم ) سالم قوال من رب رحيم : ( قوله تعاىل إين اصطفيتك على الناس برسااليت : ( وقال ) وكلم اهللا موسى تكليما : ( ه من غري واسطة حىت قال تعاىل ومناجات

إن اهللا تعاىل كتب التوراة بيده وخلق جنة عدن بيده : ( وروي عن النيب عليه الصالة و السالم أنه قال ) وبكالمي

Page 50: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) من كل شيء موعظة وتفصيال لكل شيء وكتبنا له يف األلواح : ( ويف التنزيل ) وخلق آدم بيده فنحن ال نزيد من أنفسنا شيئا وال نتدارك بعقولنا أمرا مل يتعرض له السلف : قالوا وإن أحد من املشركني استجارك : ( هو كذلك واستشهدوا عليه بقوله تعاىل : ما بني الدفتني كالم اهللا قلنا : قالوا

إنه لقرآن كرمي يف كتاب : ( لوم أنه ما مسع إال هذا الذي نقرؤه وقال تعاىل ومن املع) فأجره حىت يسمع كالم اهللا يف صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام : ( وقال ) مكنون ال ميسه إال املطهرون تنزيل من رب العاملني

إىل غري ذلك من اآليات ) شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن: ( وقال ) إنا أنزلناه يف ليلة القدر : ( وقال ) بررة شخص كما ) ١٠٧ \ ١( جيوز أن يظهر الباري تعاىل بصورة : ومن املشبهة من مال إىل مذهب احللولية وقال

كان جربيل عليه السالم ينزل يف صورة أعرايب وقد متثل ملرمي بشرا سويا ) رأيت ريب يف أحسن صورة: ( وعليه محل قول النيب عليه الصالة و السالم

) شافهت اهللا تعاىل فقال يل كذا : ( ويف التوراة عن موسى عليه السالم والغالة من الشيعة مذهبهم احللول

مث احللول قد يكون جبزء وقد يكون بكل على ما سيأيت يف تفصيل مذاهبهم إن شاء اهللا تعاىل

الكرامية - ٣

أصحاب أيب عبد اهللا حممد بن كرام اتية ألنه كان ممن يثبت الصفات إال أنه ينتهي فيها إىل التجسيم والتشبيه وإمنا عددناه من الصف

وقد ذكرنا كيفية خروجه وانتسابه إىل أهل السنة فيما قدمنا ذكره العابدية والتونية والزرينية واإلسحاقية والواحدية : وأصوهلا ستة . وهم طوائف بلغ عددهم إىل اثنيت عشر فرقة

كل واحدة منهم رأي إال أنه ملا مل يصدر ذلك عن علماء معتربين بل عن سفهاء أغتام جاهلني مل وأقرهبم اهليصمية ول نفردها مذهبا وأوردنا مذهب صاحب املقالة وأشرنا إىل ما يتفرع منه

نص أبو عبد اهللا على أن معبوده على العرش استقرارا وعلى أنه جبهة فوق ذاتا وأطلق عليه اسم اجلوهر فقال يف اجلوهر وإنه مماس للعرش من الصفحة ) ١٠٨ \ ١( إنه أحدي الذات أحدي ) : عذاب القرب ( به املسمى كتا

العليا وجوز االنتقال والتحول والنزول إنه على بعض أجزاء العرش : ومنهم من قال امتأل العرش به وصار املتأخرون منهم إىل أنه تعاىل جبهة فوق وأنه حماذ للعرش: وقال بعضهم

: مث اختلفوا إن بينه وبني العرش من البعد واملسافة ما لو قدر مشغوال باجلواهر التصلت به : فقالت العابدية

إن بينه وبني العرش بعدا ال يتناهى وإنه مباين للعامل بينونة أزلية ونفى التحيز واحملاذاة وأثبت : وقال حممد بن اهليصم الفوقية واملباينة نعين بكونه جسما أنه قائم بذاته وهذا هو حد اجلسم : ظ اجلسم عليه واملقاربون منهم قالوا وأطلق أكثرهم لف

: عندهم وبنوا على هذا أن من حكم القائمني بأنفسهما أن يكونا متجاورين أو متباينني فقضى بعضهم بالتجاور مع العرش

وحكم بعضهم بالتباين

Page 51: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: كل موجودين : ورمبا قالوا ن أحدمها حبيث اآلخر كالعرض مع اجلوهر فإما أن يكو

وإما أن يكون جبهة منه والباري تعاىل ليس بعرض إذ هو قائم بنفسه فيجب أن يكون جبهة من العامل مث أعلى اجلهات وأشرفها جهة فوق

هو جبهة فوق بالذات حىت إذا رئي رئي من تلك اجلهة : فقلنا : مث هلم اختالفات يف النهاية

مة من أثبت النهاية له من ست جهات فمن اجملس ومنهم من أثبت النهاية له من جهة حتت

هو عظيم : ومنهم من أنكر النهاية له فقال : وهلم يف معىن العظمة خالف

معىن عظمته أنه مع وحدته على مجيع أجزاء العرش والعرش حتته وهو فوق كله على الوجه الذي هو : فقال بعضهم فوق جزء منه

معىن عظمته أنه يالقي مع وحدته من جهة واحدة أكثر من واحد وهو يالقى مجيع أجزاء العرش : ل بعضهم وقا وهو العلي العظيم جواز قيام كثري من احلوادث بذات الباري تعاىل : ومن مذهبهم مجيعا

) ١٠٩ \ ١( واسطة ومن أصلهم أن ما حيدث يف ذاته فإمنا حيدث بقدرته وما حيدث مباينا لذاته فإمنا حيدث ب األحداث

اإلجياد واإلعدام الواقعني يف ذاته بقدرته من األقوال واإلرادات : ويعنون باألحداث ما بني ذاته من اجلواهر واألعراض : ويعنون باحملدث

باخللق ويفرقون بني اخللق واملخلوق واإلجياد واملوجود واملوجد وكذلك بني اإلعدام واملعدوم فاملخلوق إمنا يقع واخللق إمنا يقع يف ذاته بالقدرة واملعدوم إمنا يصري معدوما باإلعدام الواقع يف ذاته بالقدرة

وزعموا أن يف ذاته سبحانه حوادث كثرية مثل اإلخبار عن األمور املاضية واآلتية والكتب املنزلة على الرسل عليهم ات واملبصرات فيما جيوز أن يسمع ويبصر السالم والقصص والوعد والوعيد واألحكام ومن ذلك املسمع

للشيء الذي يريد كونه وإرادته لوجود ذلك الشيء ) كن ( واإلجياد واإلعدام هو القول واإلرادة وذلك قوله صورتان ) : كن ( وقوله للشيء

باإلرادة واإليثار : وفسر حممد بن اهليصم اإلجياد واإلعدام وقوله ) إمنا قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون : ( رد يف التنزيل وذلك مشروط بالقول شرعا إذ و: قال ) إمنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون : (

: اخللق عبارة عن القول واإلرادة مث اختلفوا يف التفصيل : وعلى قول األكثرين منهم لكل موجود إجياد ولكل معدوم إعدام : فقال بعضهم

إجياد واحد يصلح ملوجودين إذا كانا من جنس واحد وإذا اختلف اجلنس تعدد اإلجياد : بعضهم وقال لو افتقر كل موجود أو كل جنس إىل إجياد فليفتقر كل إجياد إىل قدرة فالتزم تعدد القدرة بتعدد : وألزم بعضهم

اإلجياد

Page 52: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

على أهنا تتعدد بعدد أجناس احلوادث اليت حتدث تتعدد القدرة بعدد أجناس احملدثات وأكثرهم : وقال بعضهم أيضا ) ١١٠ \ ١. ( يف ذاته من الكاف والنون واإلرادة والتسمع والتبصر وهي مخسة أجناس

ومنهم من فسر السمع والبصر بالقدرة على التسمع والتبصر إليهما ومنهم من أثبت هللا تعاىل السمع والبصر أزال والتسمعات والتبصرات هي إضافة املدركات

وقد أثبتوا هللا تعاىل مشيئة قدمية متعلقة بأصول احملدثات وباحلوادث اليت حتدث يف ذاته وأثبتوا إرادات حادثة تتعلق بتفاصيل احملدثات

وأمجعوا على أن احلوادث ال توجب هللا تعاىل وصفا وال هي صفات له فتحدث يف ذاته هذه احلوادث من األقوال التبصرات وال يصري هبا قائال وال مريدا وال مسيعا وال بصريا وال يصري خبلق هذه احلوادث واإلرادات والتسمعات و

حمدثا وال خالقا وإمنا هو قائل بقائليته وخالق خبالقيته ومريد مبريديته وذلك قدرته على هذه األشياء و جاز عليها العدم لتعاقبت على ومن أصلهم أن احلوادث اليت حيدثها يف ذاته واجبة البقاء حىت يستحيل عدمها إذ ل

ذاته احلوادث ولشارك اجلوهر يف هذه القضية : وأيضا فلو قدر عدمها فال خيلو

إما أن يقدر عدمها بالقدرة أو بإعدام خيلقه يف ذاته

ينني وال جيوز أن يكون عدمها بالقدرة ألنه يؤدي إىل ثبوت املعدوم يف ذاته وشرط املوجود واملعدوم أن يكونا مبالذاته ولو جاز وقوع معدوم يف ذاته بالقدرة من غري واسطة إعدام جلاز حصول سائر املعلومات بالقدرة مث جيب طرد ذلك يف املوجد حىت جيوز وقوع موجد حمدث يف ذاته وذلك حمال عندهم ولو فرض إعدامها باإلعدام جلاز

لة عدم ما حيدث يف ذاته تقدير عدم ذلك اإلعدام فيسلسل فارتكبوا هلذا التحكم استحا أن احملدث إمنا حيدث يف ثاين حال ثبوت اإلحداث بال فصل وال أثر لإلحداث يف حال بقائه : ومن أصلهم : أن ما حيدث يف ذاته من األمر فمنقسم إىل : ومن أصلهم

وهو فعل يقع حتته املفعول : أمر التكوين - ١خرب وإما أمر التكليف وهني التكليف وهي أفعال من حيث دلت على وذلك إما : وإىل ما ليس أمر التكوين - ٢

القدرة وال تقع حتتها مفعوالت ) ١١١ \ ١. ( هذا هو تفصيل مذاهبهم حمل احلوادث

وقد اجتهد ابن اهليصم يف إرمام مقالة أيب عبد اهللا يف كل مسألة حىت ردها من احملال الفاحش إىل نوع يفهم فيما بني القائم بالذات ومثل الفوقية فإنه محلها على العلو وأثبت البينونة غري : أراد باجلسم : ل التجسيم فإنه قال العقالء مث

املتناهية وذلك اخلالء الذي أثبته بعض الفالسفة ومثل االستواء فإنه نفى اجملاورة واملماسة والتمكن بالذات غري كما ذكرنا وهي من أشنع احملاالت عقال مسألة حمل احلوادث فإهنا مل تقبل املرمة فالتزمها

وعند القوم أن احلوادث تزيد على عدد احملدثات بكثري فيكون يف ذاته أكثر من عدد احملدثات عامل من احلوادث وذلك حمال وشنيع

هذه الباري تعاىل عامل بعلم قادر بقدرة حي حبياة شاء مبشيئته ومجيع: ومما أمجعوا عليه من إثبات الصفات قوهلم الصفات صفات قدمية أزلية قائمة بذاته

له يد ال : ورمبا زادوا السمع والبصر كما أثبته األشعري ورمبا زادوا اليدين والوجه صفات قدمية قائمة بذاته وقالوا

Page 53: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

كاأليدي ووجه ال كالوجوه وأثبتوا جواز رؤيته من جهة فوق دون سائر اجلهات اهليئة والصورة واجلوف واالستدارة والوفرة : شبهة على اهللا عز و جل من وزعم ابن اهليصم أن الذي أطلقه امل

أنه خلق آدم بيده وأنه استوى على عرشه وأنه : واملصافحة واملعانقة وحنو ذلك ال يشبه سائر ما أطلقه الكرامية من ارحتني وعضوين تفسريا من ج: جييء يوم القيامة حملاسبة اخللق وذلك أنا ال نعتقد من ذلك شيئا على معىن فاسد

لليدين وال مطابقة للمكان واستقالل العرش بالرمحن تفسريا لالستواء وال ترددا يف األماكن اليت حتيط به تفسريا للمجيء وإمنا ذهبنا يف ذلك إىل إطالق ما أطلقه القرآن فقط من غري تكييف وتشبيه وما مل يرد به القرآن واخلرب فال

ملشبهة واجملسمة نطلقه كما أطلقه سائر اعلمه يف ) ١١٢ \ ١( الباري تعاىل عامل يف األزل مبا سيكون على الوجه الذي يكون وشاء لتنفيذ : وقال

معلوماته فال ينقلب علمه جهال ومريد ملا خيلق يف الوقت الذي خيلق بإرادة حادثة وقائل لكل ما حيدث بقوله كن اخللق واملخلوق حىت حيدث وهو الفرق بني اإلحداث واحملدث و

حنن نثبت القدر خريه وشره من اهللا تعاىل وأنه أراد الكائنات كلها خريها وشرها وخلق املوجودات كلها : وقال حسنها وقبيحها ونثبت للعبد فعال بالقدرة احلادثة ويسمى ذلك كسبا والقدرة احلادثة مؤثرة يف إثبات فائدة زائدة

ىل تلك الفائدة هي مورد التكليف واملورد هو املقابل بالثواب والعقاب على كونه مفعوال خملوقا للباري تعاواتفقوا على أن العقل حيسن ويقبح قبل الشرع وجتب معرفة اهللا تعاىل بالعقل كما قالت املعتزلة إال أهنم مل يثبتوا

رعاية الصالح واألصلح واللطف عقال كما قالت املعتزلة اللسان فقط دون التصديق بالقلب ودون سائر األعمال وفرقوا بني تسمية املؤمن مؤمنا اإلميان هو اإلقرار ب: وقالوا

مؤمن يف الدنيا : فيما يرجع إىل أحكام الظاهر والتكليف وفيما يرجع إىل أحكام اآلخرة واجلزاء فاملنافق عندهم على احلقيقة مستحق للعقاب األبدي يف اآلخرة

إمجاع األمة دون النص والتعيني كما قال أهل السنة إال أهنم جوزوا عقد البيعة إلمامني إهنا تثبت ب: وقالوا يف اإلمامة يف قطرين وغرضهم إثبات إمامة معاوية يف الشام باتفاق مجاعة من أصحابه وإثبات أمري املؤمنني علي باملدينة

والعراقني باتفاق مجاعة من الصحابة حكام الشرعية قتاال على طلب عثمان رضي اهللا عنه واستقالال ببيت ورأوا تصويب معاوية فيما استبد به من األ

املال ومذهبهم األصلي اهتام علي رضي اهللا عنه يف الصرب على ما جرى مع عثمان رضي اهللا عنه والسكوت عنه وذلك

) ١١٣ \ ١. ( عرق نزع

اخلوارج: الفصل الرابع

اخلوارج واملرجئة والوعيدية مام احلق الذي اتفقت اجلماعة عليه يسمى خارجيا سواء كان اخلروج يف أيام الصحابة على كل من خرج عن اإل

األئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعني بإحسان واألئمة يف كل زمان صنف آخر تكلموا يف اإلميان والعمل إال أهنم وافقوا اخلوارج يف بعض املسائل اليت تتعلق باإلمامة : واملرجئة

داخلة يف اخلوارج وهم القائلون بتكفري صاحب الكبرية وختليده يف النار فذكرنا مذاهبهم يف أثناء : لوعيدية وا مذاهب اخلوارج

Page 54: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اخلوارج اعلم أن أول من خرج على أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه مجاعة ممن كان معه يف حرب صفني وأشدهم خروجا

: يس الكندي ومسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصني الطائي حني قالوا األشعث بن ق: عليه ومروقا من الدين أنا أعلم مبا يف كتاب اهللا انفروا إىل بقية األحزاب : القوم يدعوننا إىل كتاب اهللا وأنت تدعونا إىل السيف حىت قال

صدق اهللا ورسوله : كذب اهللا ورسوله وأنتم تقولون : انفروا إىل من يقول ن األشتر عن قتال املسلمني وإال لنفعلن بك مثل ما فعلنا بعثمان لترجع: قالوا

فاضطر إىل رد األشتر بعد أن هزم اجلمع وولوا مدبرين وما بقي منهم إال شرذمة قليلة فيهم حشاشة قوة فامتثل ) ١١٤ \ ١. ( األشتر أمره

أن اخلوارج محلوه على التحكيم أوال : وكان من أمر احلكمني هو منك ومحلوه على بعث : أن يبعث عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنه فما رضي اخلوراج بذلك وقالوا وكان يريد

أيب موسى األشعري على أن حيكم بكتاب اهللا تعاىل فجرى األمر على خالف ما رضي به الذين اجتمعوا مل حكمت الرجال ؟ ال حكم إال هللا وهم املارقة : فلما مل يرض بذلك خرجت اخلوارج عليه وقالوا

بالنهروان واألزارقة والنجدات والعجاردة والثعالبة واإلباضية والصفرية والباقون فروعهم : وكبار فرق اخلوارج ستة

وجيمعهم القول بالتربئ من عثمان وعلي رضي اهللا عنهما ويقدمون ذلك على طاعة وال يصححون املناكحات إال على ذلك

ن اخلروج على اإلمام إذا خالف السنة حقا واجبا ويكفرون أصحاب الكبائر ويرو

احملكمة األوىل - ١

هم الذين خرجوا على أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه حني جرى أمر احملكمني واجتمعوا حبروراء من ناحية الكوفة بن عاصم ورئيسهم عبد اهللا بن الكواء وعتاب بن األعور وعبد اهللا بن وهب الراسيب وعروة بن جرير ويزيد

احملاريب وحرقوص بن زهري البجلي املعروف بذي الثدية وكانوا يومئذ يف اثين عشر ألف رجل أهل صالة وصيام أعين يوم النهروان

حتقر صالة أحدكم يف جنب صالهتم وصوم أحدكم يف جنب صيامهم : ( وفيهم قال النيب صلى اهللا عليه و سلم ) ولكن ال جياوز إمياهنم تراقيهم

) سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم ميرقون من الدين كما ميرق السهم من الرمية : ( م املارقة الذين قال فيهم فه ) .١١٥ \ ١ (

وهم الذين أوهلم ذو اخلويصرة وآخرهم ذو الثدية : وإمنا خروجهم يف الزمن األول على أمرين

غري قريش وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما بدعتهم يف اإلمامة إذ جوزوا أن تكون اإلمامة يف: أحدمها مثلوا له من العدل واجتناب اجلور كان إماما ومن خرج عليه جيب نصب القتال معه وإن غري السرية وعدل عن

احلق وجب عزله أو قتله وهم أشد الناس قوال بالقياس ن يكون عبدا أو حرا أو نبطيا أو قرشيا وجوزوا أن ال يكون يف العامل إمام أصال وإن احتيج إليه فيجوز أ

Page 55: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أخطأ علي يف التحكيم إذ حكم الرجال وال حكم إال هللا : أهنم قالوا : والبدعة الثانية : وقد كذبوا على علي رضي اهللا عنه من وجهني

يف التحكيم أنه حكم الرجال وليس ذلك صدقا ألهنم هم الذين محلوه على التحكيم : أحدمها -أ أن حتكيم الرجال جائز فإن القوم هم احلاكمون يف هذه املسألة وهم رجال وهلذا قال علي رضي اهللا : لثاين وا -ب ) كلمة حق أريد هبا باطل : ( عنه

١١٦ \ ١( وختطوا عن هذه التخطئة إىل التكفري ولعنوا عليا رضي اهللا عنه فيما قاتل الناكثني والقاسطني واملارقني (

وما اغتنم أمواهلم وما سىب ذراريهم ونساءهم فقاتل الناكثني وقتل مقاتلة القاسطني وما اغتنم وال سىب مث رضي بالتحكيم

وقاتل مقاتلة املارقني واغتنم أمواهلم وسىب ذراريهم وطعنوا يف عثمان رضي اهللا عنه لألحداث اليت عدوها عليه وطعنوا يف أصحاب اجلمل وأصحاب صفني فقاتلهم

عنه بالنهروان مقاتلة شديدة فما انفلت منهم إال أقل من عشرة وما قتل من املسلمني إال أقل من علي رضي اهللا عشرة

فاهنزم اثنان منهم إىل عمان واثنان إىل كرمان واثنان إىل سجستان واثنان إىل اجلزيرة وواحد إىل تل مورون باليمن يوم وظهرت بدع اخلوارج يف هذه املواضع منهم وبقيت إىل ال

عبد اهللا بن وهب الراسيب يف منزل زيد بن حصني بايعه عبد اهللا بن الكواء : وأول من بويع من اخلوارج باإلمامة وعروة بن جرير ويزيد بن عاصم احملاريب ومجاعة منهم

وكان ميتنع عليهم حترجا ويستقبلهم ويومئ إىل غريه حترزا فلم يقنعوا إال به وكان يوصف برأي وجندة إنه ترك : أ من احلكمني وممن رضي بقوهلما وصوب أمرمها وأكفروا أمري املؤمنني عليا رضي اهللا عنه وقالوا فترب

حكم اهللا وحكم الرجال إن أول من تلفظ هبذا رجل من بين سعد بن زيد بن مناة بن متيم يقال له احلجاج بن عبيد اهللا يلقب بالربك : وقيل

أحتكم يف دين اهللا ؟ ال حكم إال هللا فلنحكم مبا : ملا مسع بذكر احلكمني وقال وهو الذي ضرب معاوية على أليته حكم اهللا يف القرآن به

طعن واهللا فأنفذ فسموا احملكمة بذلك : فسمعها رجل فقال وال بد ال إمارة : كلمة عدل أريد هبا جور إمنا يقولون : ( وملا مسع أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه هذه الكلمة قال

) من إمارة بر أو فاجر أقبل على األشعث ) ١١٧ \ ١( إن أول سيف سل من سيوف اخلوارج سيف عروة بن أذينة وذلك أن : ويقال

ما هذه الدنية يا أشعث ؟ وما هذا التحكيم ؟ أشرط أحدكم أوثق من شرط اهللا تعاىل ؟ مث شهر : بن قيس فقال لة فشبت البغلة فنفرت اليمانية السيف واألشعث موىل فضرب به عجز البغ

فلما رأى ذاك األحنف مشى هو وأصحابه إىل األشعث فسألوه الصفح ففعل وعروة بن أذينة جنا بعد ذلك من حرب النهروان وبقي إىل أيام معاوية مث أتى إىل زياد بن أبيه ومعه موىل له فسأله

زياد عن أيب بكر وعمر رضي اهللا عنهما فقال فيهما خريا كنت أوايل عثمان على أحواله يف خالفته ست سنني مث تربأت منه بعد ذلك لألحداث اليت : وسأله عن عثمان فقال

Page 56: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أحدثها وشهد عليه بالكفر كنت أتواله إىل أن حكم احلكمني مث تربأت منه بعد ذلك وشهد : وسأله عن أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه فقال

عليه بالكفر ة فسبه سبا قبيحا وسأله عن معاوي

أولك لزنية وآخرك لدعوة وأنت فيما بينهما بعد عاص ربك فأمر زياد بضرب عنقه مث : مث سأله عن نفسه فقال صف يل أمره وأصدق : دعا مواله فقال له

أأطنب أم أختصر : فقال بل اختصر : فقال ما أتيته بطعام يف هنار قط وال فرشت له فراشا بليل قط : قال معاملته واجتهاده وذلك خبثه واعتقاده هذه

األزارقة - ٢

فغلبوا عليها ) ١١٨ \ ١( أصحاب أيب راشد نافع بن األزرق الذين خرجوا مع نافع من البصرة إىل األهواز وعلى كورها وما وراءها من بلدان فارس وكرمان يف أيام عبد اهللا بن الزبري وقتلوا عماله هبذه النواحي

عطية بن األسود احلنفي وعبد اهللا بن املاحوز وأخواه عثمان والزبري وعمرو بن : ع من أمراء اخلوارج وكان مع نافبن هالل اليشكري وأخوه حمرز بن هالل وصخر ) ١١٩ \ ١( عمري العنربي وقطري بن الفجاءة املازين وعبيدة

صغري يف زهاء ثالثني ألف فارس ممن يرى بن حبيب التميمي وصاحل بن خمراق العبدي وعبد ربه الكبري وعبد ربه ال رأيهم وينخرط يف سلكهم

فأنفذ إليهم عبد اهللا بن احلارث بن نوفل النوفلي بصاحب جيشه مسلم بن عبيس بن كريز بن حبيب فقتله اخلوارج ر العتايب وهزموا أصحابه فأخرج إليهم أيضا عثمان بن عبد اهللا بن معمر التميمي فهزموه فأخرج إليهم حارثة بن بد

يف جيش كثيف فهزموه وخشي أهل البصرة على أنفسهم وبلدهم من اخلوارج فأخرج إليهم املهلب بن أيب صفرة فبقي يف حرب األزارقة

تسع عشرة سنة إىل أن فرغ من أمرهم يف أيام احلجاج ه أمري املؤمنني ومات نافع قبل وقائع املهلب مع األزارقة وبايعوا بعده قطري بن الفجاءة املازين ومسو

: وبدع األزارقة مثانية ومن الناس من يعجبك قوله يف احلياة الدنيا : ( إن اهللا أنزل يف شأنه : أنه كفر عليا رضي اهللا عنه وقال : إحداها

إن اهللا تعاىل أنزل يف : وصوب عبد الرمحن بن ملجم لعنه اهللا وقال ) ويشهد اهللا على ما يف قلبه وهو ألد اخلصام ) ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اهللا : ( أنه ش

وقال عمران بن حطان وهو مفيت اخلوارج وزاهدها وشاعرها األكرب يف ضربة ابن ملجم لعنه اهللا لعلي رضي اهللا : عنه

إال ليبلغ من ذي العرش رضوانا ... يا ضربة من منيب ما أراد هبا ) ١٢٠ \ ١( ية عند اهللا ميزانا أوىف الرب... إين ألذكره يوما فأحسبه

وعلى هذه البدعة مضت األزارقة وزادوا عليه تكفري عثمان وطلحة والزبري وعائشة وعبد اهللا بن عباس رضي اهللا

Page 57: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عنهم وسائر املسلمني معهم وختليدهم يف النار مجيعا ن كان موافقا له على دينه وكفر من مل أنه كفر القعدة وهو أول من أظهر الرباءة من القعدة عن القتال وإ: والثانية

يهاجر إليه إباحته قتل أطفال املخالفني والنسوان معهم : والثالثة إسقاط الرجم عن الزاين إذ ليس يف القرآن ذكره وإسقاط حد القذف عمن قذف احملصنني من الرجال : والرابعة

) ١٢١ \ ١. ( مع وجوب احلد على قاذف احملصنات من النساء حكمه بأن أطفال املشركني يف النار مع آبائهم : اخلامسة و

أن التقية غري جائزة يف قول وال عمل : والسادسة جتويزه أن يبعث اهللا تعاىل نبيا يعلم أنه يكفر بعد نبوته أو كان كافرا قبل البعثة والكبائر والصغائر إذا : والسابعة

لكبائر والصغائر على األنبياء عليهم السالم فهي كفر كانت مبثابة عنده وهي كفر ويف األمة من جوز ااجتمعت األزارقة على أن من ارتكب كبرية من الكبائر كفر كفر ملة خرج به عن اإلسالم مجلة ويكون : والثامنة

خملدا يف النار مع سائر الكفار السالم فامتنع وإال فهو عارف ما ارتكب إال كبرية حيث أمر بالسجود آلدم عليه: واستدلوا بكفر إبليس وقالوا

بوحدانية اهللا تعاىل

النجدات العاذرية - ٣

عاصم : أصحاب جندة بن عامر احلنفي وقيل مع عسكره يريد اللحوق باألزارقة فاستقبله أبو فديك وعطية ) ١٢٢ \ ١( وكان من شأنه أنه خرج من اليمامة

ن األزرق فأخربوه مبا أحدثه نافع من اخلالف بتكفري القعدة عنه بن األسود احلنفي يف الطائفة الذين خالفوا نافع ب وسائر األحداث والبدع وبايعوا جندة ومسوه أمري املؤمنني

: مث اختلفوا على جندة : فأكفره قوم منهم ألمور نقموها عليه

إن : أنفسهم وقالوا أنه بعث ابنه مع جيش إىل أهل القطيف فقتلوا رجاهلم وسبوا نسائهم وقوموها على : منها صارت قيمتهن يف حصصنا فذاك وإال رددنا الفضل ونكحوهن قبل القسمة وأكلوا من الغنيمة قبل القسمة فلما

مل نعلم أن ذلك ال يسعنا فعذرهم جبهالتهم : مل يسعكم ما فعلتم قالوا : رجعوا إىل جندة وأخربوه بذلك قال : الدين أمران : اجلهاالت يف احلكم االجتهادي وقالوا واختلف أصحابه بذلك فمنهم من وافقه وعذر ب

معرفة اهللا تعاىل ومعرفة رسله عليهم الصالة والسالم وحترمي دماء املسلمني يعنون موافقيهم واإلقرار مبا : أحدمها جاء من عند اهللا مجلة فهذا واجب على اجلميع واجلهل به ال يعذر فيه

ورون فيه إىل أن تقوم عليهم احلجة يف احلالل واحلرام ما سوى ذلك فالناس معذ: والثاين ) ١٢٣ \ ١. ( ومن جوز العذاب على اجملتهد املخطئ يف األحكام قبل قيام احلجة عليه فهو كافر : قالوا

واستحل جندة بن عامر دماء أهل العهد والذمة وأمواهلم يف حال التقية وحكم بالرباءة ممن حرمها ود من موافقيه لعل اهللا تعاىل يعفو عنهم وإن عذهبم ففي غري النار مث يدخلهم اجلنة فال جتوز وأصحاب احلد: قال

الرباءة عنهم

Page 58: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومن نظر نظرة أو كذب كذبة صغرية أو كبرية وأصر عليها فهو مشرك ومن زىن وشرب وسرق غري مصر : قال عليه فهو غري مشرك وغلظ على الناس يف حد اخلمر تغليظا شديدا

ا كاتب عبد امللك بن مروان وأعطاه الرضى نقم عليه أصحابه فيه فاستتابوه فأظهر التوبة فتركوا النقمة عليه ومل والتعرض له

أخطأنا وما كان لنا أن نستتيب اإلمام وما كان له أن يتوب باستتابتنا إياه : وندمت طائفة على هذه االستتابة وقالوا تب من توبتك وإال نابذناك فتاب من توبته : ا له فتابوا من ذلك وأظهروا اخلطأ وقالو

وفارقه أبو فديك وعطية ووثب عليه أبو فديك فقتله مث برئ أبو فديك من عطية وعطية من أيب فديك وأنفذ عبد امللك بن مروان عمر بن عبيد اهللا بن معمر التميمي مع جيش إىل حرب أيب فديك فحاربه أياما فقتله

عبد الكرمي بن عجرد زعيم العجاردة : ستان ويقال ألصحابه العطوية ومن أصحابه وحلق عطية بأرض سج العاذرية ألهنم عذروا باجلهاالت يف أحكام الفروع : وإمنا قيل للنجدات

أن التقية جائزة يف القول والعمل كله وإن كان يف قتل النفوس : وحكى الكعيب عن النجدات حاجة للناس إىل إمام قط وإمنا عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم فإن هم رأوا أن وأمجعت النجدات على أنه ال: قال

ذلك ال يتم إال بإمام حيملهم عليه فأقاموه جاز مث افترقوا بعد جندة إىل عطوية وفديكية

وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه بعد قتل جندة وصارت الدار أليب فديك إال من توىل جندة اسان وكرمان وقهستان من اخلوارج على مذهب عطية وأهل سجستان وخر

ابن الزبري مث تفرقا ) ١٢٤ \ ١( كان جندة بن عامر ونافع بن األزرق قد اجتمعا مبكة مع اخلوارج على : وقيل عنه واختلف نافع وجندة فصار نافع إىل البصرة وجندة إىل اليمامة

إذا فريق : ( ل والقعود عن القتال كفر واحتج بقول اهللا تعاىل التقية ال حت: وكان سبب اختالفهما أن نافعا قال ) يقاتلون يف سبيل اهللا وال خيافون لومة الئم : ( وبقوله تعاىل ) منهم خيشون الناس كخشية اهللا

رجل وقال : ( وبقوله تعاىل ) إال أن تتقوا منهم تقاة : ( التقية جائزة واحتج بقول اهللا تعاىل : وخالفه جندة وقال ) مؤمن من آل فرعون يكتم إميانه

) وفضل اهللا اجملاهدين على القاعدين أجرا عظيما : ( القعود جائز واجلهاد إذا أمكنه أفضل قال اهللا تعاىل : وقال هذا يف أصحاب النيب صلى اهللا عليه و سلم حني كانوا مقهورين وأما يف غريهم مع اإلمكان فالقعود : وقال نافع ) وقعد الذين كذبوا اهللا ورسوله : ( هللا تعاىل كفر لقول ا

البيهسية - ٤

أصحاب أيب بيهس اهليصم بن جابر وهو أحد بين سعد بن ضبيعة وقد كان احلجاج طلبه أيام الوليد فهرب إىل يه وكان يسامره إىل أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يد. املدينة فطلبه هبا عثمان بن حيان املزين فظفر به وحبسه

ورجليه مث يقتله ففعل به ذلك الواقفية ) ١٢٥ \ ١( إبراهيم وميمون يف اختالفهما يف بيع األمة وكذلك كفر : وكفر أبو بيهس

وزعم أنه ال يسلم أحد حىت يقر مبعرفة اهللا تعاىل ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النيب صلى اهللا عليه و سلم اءة من أعداء اهللا والوالية ألولياء اهللا تعاىل والرب

Page 59: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فمن مجلة ما ورد به الشرع وحكم به ما حرم اهللا وجاء به الوعيد فال يسعه إال معرفته بعينه وتفسريه واالحتراز عنه ومنه ما ينبغي أن يعرف بامسه وال يضره أال يعرفه بتفسريه حىت يبتلى به

وعليه أن يقف عند ما ال يعلم وال يأيت بشيء إال بعلم كان : إنا نقف فيمن واقع احلرام وهو ال يعلم أحالال واقع أم حراما ؟ قال : بو بيهس عن الواقفية لقوهلم وبرئ أ

من حقه أن يعلم ذلك هو أن يعلم كل حق وباطل : واإلميان

هو العلم بالقلب دون القول والعمل : وأن اإلميان أحد األمرين دون اآلخر اإلميان هو اإلقرار والعلم وليس هو : وحيكى عنه أنه قال

وعامة البيهسية على أن العلم واإلقرار والعمل كله إميان ) قل ال أجد فيما أوحى إيل حمرما على طاعم يطعمه : ( وذهب قوم منهم إىل أنه ال حيرم سوى ما ورد يف قوله تعاىل

اآلية وما سوى ذلك فكله حالل : ن ومن البيهسية قوم يقال هلم العونية وهم فرقتا

من رجع من دار اهلجرة إىل القعود برئنا منه : فرقة تقول - ١ بل نتوالهم ألهنم رجعوا إىل أمر كان حالال هلم : وفرقة تقول

الغائب منهم والشاهد : والفرقتان اجتمعتا على أن اإلمام إذا كفر كفرت الرعية ( املسلمني شهادة أخذ بتفسريها وكيفيتها ومن البيهسية صنف يقال هلم أصحاب التفسري زعموا أن من شهد من

١٢٦ \ ١ ( إن الرجل يكون مسلما إذا شهد الشهادتني وتربأ وتوىل وآمن مبا جاء من : وصنف يقال هلم أصحاب السؤال قالوا

مل عند اهللا مجلة وإن مل يعلم فيسأل ما افترض اهللا عليه وال يضره أن ال يعلم حىت يبتلى به فيسأل وإن واقع حراما يعلم حترميه فقد كفر

إن أطفال املؤمنني مؤمنون وأطفال الكافرين كافرون : وقالوا يف األطفال بقول الثعلبية إن اهللا تعاىل فوض إىل العباد فليس هللا يف أعمال العباد مشيئة فربئت منهم عامة : ووافقوا القدرية يف القدر وقالوا

البيهسية الرجل حراما مل حيكم بكفره حىت يرفع أمره إىل اإلمام الوايل وحيده وكل ما ليس فيه إن واقع : وقال بعض البيهسية

حد فهو مغفور إن السكر إذا كان من شراب حالل فال يؤاخذ صاحبه مبا قال فيه وفعل : وقال بعضهم

أو قذف احملصن السكر كفر وال يشهدون أنه كفر ما مل ينضم إليه كبرية أخرى من ترك الصالة : وقالت العونية أصحاب صاحل بن مسرح ومل يبلغنا عنه أنه أحدث قوال متيز به عن أصحابه فخرج على بشر بن : ومن اخلوارج

ابن عمرية اهلمداين أنفذه احلجاج لقتاله ) ١٢٧ \ ١( مروان فبعث إليه بشر بن احلارث بن عمرية أو األشعث بأيب الصحارى : ه شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباين املكىن فأصابت صاحلا جراحة يف قصر جلوالء فاستخلف مكان

وهو الذي غلب على الكوفة وقتل من جيش احلجاج أربعة وعشرين أمريا كلهم أمراء اجليوش مث اهنزم إىل األهواز ) ذلك تقدير العزيز العليم : ( وغرق يف هنر األهواز وهو يقول

رج ملا ذهبوا إليه من الوقف يف أمر صاحل وذكر اليمان أن الشبيبية يسمون مرجئة اخلوا

Page 60: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وحيكى عنه أنه برئ منه وفارقه مث خرج يدعي اإلمامة لنفسه ومذهب شبيب ما ذكرناه من مذاهب البيهسية إال أن شوكته وقوته ومقاماته مع املخالفني مما مل يكن خلارج من

اخلوارج وقصته مذكورة يف التواريخ

العجاردة - ٥

رمي بن عجرد أصحاب عبد الكجتب الرباءة عن الطفل : إنه كان من أصحاب أيب بيهس مث خالفه وتفرد بقوله : وافق النجدات يف بدعهم وقيل

حىت يدعى إىل اإلسالم وجيب دعاؤه إذا بلغ وأطفال املشركني يف النار مع آبائهم وال يرى املال فيئا حىت يقتل صاحبه ديانة ويرون اهلجرة فضيلة ال فريضة ويكفرون بالكبائر وهم يتولون القعدة إذا عرفوهم بال

وال جيوز أن تكون : وحيكى عنهم أهنم ينكرون كون سورة يوسف من القرآن ويزعمون أهنا قصة من القصص قالوا ) ١٢٨ \ ١. ( قصة العشق من القرآن

ا من مجلة العجاردة أوردناهم على مث إن العجاردة افترقوا أصنافا ولكل صنف مذهب على حياله إال أهنم ملا كانو : حكم التفصيل باجلدول والضلع وهم

: الصلتية -أ أصحاب عثمان بن أيب الصلت أو الصلت بن أيب الصلت

تفرد عن العجاردة بأن الرجل إذا أسلم توليناه وتربأنا من أطفاله حىت يدركوا فيقبلوا اإلسالم ألطفال املشركني واملسلمني والية وال عداوة حىت يبلغوا فيدعوا إىل ليس : وحيكى عن مجاعة منهم أهنم قالوا

اإلسالم فيقروا أو ينكروا : امليمونية -ب

أصحاب ميمون بن خالد : كان من مجلة العجاردة إال أنه تفرد عنهم

بإثبات القدر خريه وشره من العبد وإثبات الفعل للعبد خلقا وإبداعا

الفعل وإثبات االستطاعة قبل والقول بأن اهللا تعاىل يريد اخلري دون الشر وليس له مشيئة يف معاصي العباد

أن امليمونية جييزون نكاح بنات البنات وبنات : وذكر احلسني الكرابيسي يف كتابه الذي حكى فيه مقاالت اخلوارج خوة واألخوات ومل حيرم نكاح أوالد إن اهللا تعاىل حرم نكاح البنات وبنات اإل: أوالد األخوة و األخوات وقالوا

هؤالء وحكى الكعيب واألشعري عن امليمونية إنكارها كون سورة يوسف من القرآن وقالوا بوجوب قتال السلطان وحده ومن رضي حبكمه فأما من أنكره فال جيوز قتاله إال إذا أعان عليه أو طعن يف دين اخلوارج أو صار دليال للسلطان

عندهم يف اجلنة وأطفال املشركني

Page 61: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: احلمزية -ج أصحاب محزة بن أدرك

هؤالء : بدعها إال يف أطفال خمالفيهم واملشركني فإهنم قالوا ) ١٢٩ \ ١( وافقوا امليمونية يف القدر ويف سائر كلهم يف النار

وكان محزة من أصحاب احلصني بن الرقاد الذي خرج بسجستان من أهل أوق يف القول بالقدر واستحقاق الرئاسة فربئ كل واحد منهما عن صاحبه وخالفه خلف اخلارجي

وجوز محزة إمامني يف عصر واحد ما مل جتتمع الكلمة ومل تقهر األعداء : اخللفية -د

أصحاب خلف اخلارجي وهم من خوارج كرمان ومكران

اىل وسلكوا يف ذلك مسلك أهل السنة خالفوا احلمزية يف القول بالقدر وأضافوا القدر خريه وشره إىل اهللا تعلو عذب اهللا العباد على أفعال قدرها عليهم أو على ما مل يفعلوه كان ظاملا : احلمزية ناقضوا حيث قالوا : وقالوا

وقضوا بأن أطفال املشركني يف النار وال عمل هلم وال ترك وهذا من أعجب ما يعتقد من التناقض : األطرافية -ه

ذهب محزة يف القول بالقدر إال أهنم عذروا أصحاب األطراف يف ترك ما مل يعرفوه من الشريعة إذا أتوا فرقة على م مبا يعرف لزومه من طريق العقل وأثبتوا واجبات عقلية كما قالت القدرية

ورئيسهم غالب بن شاذل من سجستان ) ١٣٠ \ ١. ( وخالفهم عبد اهللا السرنوري وتربأ منهم

مدية أصحاب حممد بن رزق وكان من أصحاب احلصني بن الرقاد مث برئ منه ومنهم احمل : الشعيبية -و

أصحاب شعيب بن حممد وكان مع ميمون من مجلة العجاردة إال أنه برئ منه حني أظهر القول بالقدر

ريا وشرا جمازى عليها إن اهللا تعاىل خالق أعمال العباد والعبد مكتسب هلا قدرة وإرادة مسؤول عنها خ: قال شعيب ثوابا وعقابا وال يكون شيء يف الوجود إال مبشيئة اهللا تعاىل

وهو على بدع اخلوارج يف اإلمامة والوعيد وعلى بدع العجاردة يف حكم األطفال وحكم القعدة والتويل والتربؤ : احلازمية -ز

أصحاب حازم بن علي مال العباد وال يكون يف سلطانه إال ما يشاء أخذوا بقول شعيب يف أن اهللا تعاىل خالق أع

وقالوا باملوافاة وأن اهللا تعاىل إمنا يتوىل العباد على ما علم أهنم صائرون إليه يف آخر أمرهم من اإلميان ويتربأ منهم على ما علم أهنم صائرون إليه يف آخر أمرهم من الكفر وأنه سبحانه مل يزل حمبا ألوليائه مبغضا ألعدائه

حيكى عنهم أهنم يتوقفون يف أمر علي رضي اهللا عنه وال يصرحون بالرباءة عنه ويصرحون بالرباءة يف حق غريه و

الثعالبة - ٦

Page 62: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أصحاب ثعلبة بن عامر كان مع عبد الكرمي بن عجرد يدا واحدة إىل أن اختلفا يف أمر األطفال

نكارا للحق ورضى باجلور فتربأت العجاردة من ثعلبة إنا على واليتهم صغارا وكبارا حىت نرى منهم إ: فقال ثعلبة ليس له حكم يف حال الطفولة من والية وعداوة حىت يدركوا ويدعوا فإن قبلوا فذاك وإن : ونقل عنه أيضا أنه قال

أنكروا كفروا ) ١٣١ \ ١( وكان يرى أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا وإعطاءهم منها إذا افتقروا

: سية األخن -أ أتوقف يف مجيع من كان يف دار التقية من أهل : أصحاب أخنس بن قيس من مجلة الثعالبة وانفرد عنهم بأن قال

القبلة إال من عرف منه إميان فأتواله عليه أو كفر فأتربأ منه ين فإن امتنع قوتل وحرموا االغتيال والقتل والسرقة يف السر وال يبدأ أحد من أهل القبلة بالقتال حىت يدعى إىل الد

سوى من عرفوه بعينه على خالف قوهلم إهنم جوزوا تزويج املسلمات من مشركي قومهم أصحاب الكبائر : وقيل

وهم على أصول اخلوارج يف سائر املسائل : املعبدية -ب

أصحاب معبد بن عبد الرمحن كان من مجلة الثعالبة يج املسلمات من مشرك خالف األخنس يف اخلطأ الذي وقع له يف تزو

إين ألبرأ منه بذلك وال أدع اجتهادي يف خالفه : وخالف ثعلبة يف ما حكم من أخذ الزكاة من عبيدهم وقال وجوزوا أن تصري سهام الصدقة سهما واحدا يف حال التقية

: الرشيدية -ج أصحاب رشيد الطوسي

ويقال هلم العشرية ن فيما سقي باألهنار والقىن نصف العشر فأخربهم زياد بن عبد الرمحن أن فيه وأصلهم أن الثعالبة كانوا يوجبو

إن مل جتز الرباءة منهم فإنا نعمل مبا عملوا : العشر وال جتوز الرباءة ممن قال فيه نصف العشر قبل هذا فقال رشيد فافترقوا يف ذلك فرقتني

: الشيبانية -د يب مسلم وهو املعني له ولعلي بن الكرماين على نصر بن سيار وكان من أصحاب شيبان بن سلمة اخلارج يف أيام أ

ال تصح توبته ألنه قتل : الثعالبة فلما أعاهنما برئت منه اخلوارج فلما قتل شيبان ذكر قوم توبته فقالت الثعالبة ص من نفسه ويرد األموال املوافقني لنا يف املذهب وأخذ أمواهلم وال تقبل توبة من قتل مسلما وأخذ ماله إال بأن يقت

) ١٣٢ \ ١. ( أو يوهب له ذلك ومن مذهب شيبان أنه قال باجلرب ووافق جهم بن صفوان يف مذهبه إىل اجلرب ونفى القدرة احلادثة

إن اهللا تعاىل مل يعلم حىت خلق لنفسه علما وإن األشياء : وينقل عن زياد بن عبد الرمحن الشيباين أيب خالد أنه قال تصري معلومة له عند حدوثها ووجودها إمنا

ونقل عنه أنه تربأ من شيبان وأكفره حني نصر الرجلني فوقعت عامة الشيبانية جبرجان ونسى وأرمينيا

Page 63: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عطية اجلرجاين وأصحابه : والذي توىل شيبان وقال بتوبته : املكرمية -ه

أصحاب مكرم بن عبد اهللا العجلي تارك الصالة كافر ال من أجل ترك الصالة ولكن من أجل جهله باهللا : عنهم بأن قال كان من مجلة الثعالبة وتفرد

تعاىل وطرد هذا يف كل كبرية يرتكبها اإلنسان إمنا يكفر جلهله باهللا تعاىل وذلك أن العارف بوحدانية اهللا تعاىل وأنه املطلع على سره وعالنيته اجملازي على : وقال

ه اإلقدام على املعصية واالجتراء على املخالفة ما مل يغفل عن هذه املعرفة وال يبايل طاعته ومعصيته أن يتصور منال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن وال يسرق السارق : ( بالتكليف منه وعن هذا قال النيب عليه الصالة و السالم

اخلرب وخالفوا الثعالبة يف هذا القول ) حني يسرق وهو مؤمن ان املوافاة واحلكم بأن اهللا تعاىل إمنا يتوىل عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه من موافاة املوت ال بإمي: وقالوا

على أعماهلم اليت هم فيها فإن ذلك ليس مبوثوق به إصرارا عليه ما مل يصل املرء إىل آخر عمره وهناية أجله ن مل يبق فنعاديه فحينئذ إن بقي على ما يعتقده فذلك هو اإلميان فنواليه وإ

حكم املواالة واملعاداة على ما علم منه حال املوافاة وكلهم على هذا القول : وكذلك يف حق اهللا تعاىل : املعلومية واجملهولية -و

من مل يعرف اهللا تعاىل جبميع أمسائه وصفاته فهو جاهل به حىت يصري : كانوا يف األصل حازمية إال أن املعلومية قالت ا جبميع ذلك فيكون مؤمنا عامل

) ١٣٣ \ ١. ( االستطاعة مع الفعل والفعل خملوق للعبد فربئت منه احلازمية : وقالت من علم بعض أمساء اهللا تعاىل وصفاته وجهل بعضها فقد عرفه تعاىل : فإهنم قالوا : وأما اجملهولية

إن أفعال العباد خملوقة هللا تعاىل : وقالت : البدعية -ز صحاب حيىي بن أصدم أ

إن شاء اهللا فإن ذلك شك : أبدعوا القول بأن نقطع على أنفسنا بأن من اعتقد اعتقادنا فهو من أهل اجلنة وال نقول أنا مؤمن إن شاء اهللا فهو شاك فنحن من أهل اجلنة قطعا من غري شك : يف االعتقاد ومن قال

اإلباضية - ٧

أيام مروان بن حممد فوجه إليه عبد اهللا بن حممد بن عطية فقاتله بتبالة أصحاب عبد اهللا بن إباض الذي خرج يف إن عبد اهللا بن حيىي اإلباضي كان رفيقا له يف مجيع أحواله وأقواله : وقيل إن خمالفينا من أهل القبلة كفار غري مشركني ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حالل وغنيمة أمواهلم من االسالح : قال

عند احلرب حالل وما سواه حرام وحرام قتلهم وسبيهم يف السر غيلة إال بعد نصب القتال وإقامة احلجة والكراع إن دار خمالفيهم من أهل اإلسالم دار توحيد إال معسكر السلطان فإنه دار بغي : وقالوا

وأجازوا شهادة خمالفيهم على أوليائهم ؤمنون إهنم موحدون ال م: وقالوا يف مرتكيب الكبائر

أن االستطاعة عرض من األعراض وهي قبل الفعل هبا حيصل الفعل : وحكى الكعيب عنهم

Page 64: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وأفعال العباد خملوقة هللا تعاىل إحداثا وإبداعا ومكتسبة للعبد حقيقة ال جمازا وال يسمون إمامهم أمري املؤمنني وال أنفسهم مهاجرين

أهل التكليف إذا فين ) ١٣٤ \ ١( العامل يفىن كله : وقالوا وأمجعوا على أن من ارتكب كبرية من الكبائر كفر كفر النعمة ال كفر امللة : قال

وتوقفوا يف أطفال املشركني وجوزوا تعذيبهم على سبيل االنتقام وأجازوا أن يدخلوا اجلنة تفضال وحكى الكعيب عنهم أهنم قالوا بطاعة ال يراد هبا اهللا تعاىل كما قال أبو اهلذيل

أيسمى شركا أم ال ؟ : مث اختلفوا يف النفاق إن املنافقني يف عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم كانوا موحدين إال أهنم ارتكبوا الكبائر فكفروا بالكبرية : قالوا

ال بالشرك ن خصوص كل شيء أمر اهللا تعاىل به فهو عام ليس خباص وقد أمر به املؤمن والكافر وليس يف القرآ: وقالوا ال خيلق اهللا تعاىل شيئا إال دليال على وحدانيته وال بد أن يدل به واحدا : وقالوا

جيوز أن خيلق اهللا تعاىل رسوال بال دليل ويكلف العباد مبا أوحى إليه وال جيب عليه إظهار املعجزة : وقال قوم منهم وال جيب على اهللا تعاىل ذلك إىل أن خيلق دليال ويظهر معجزة

هم مجاعة متفرقون يف مذاهبهم تفرق الثعالبة والعجاردة و : احلفصية -أ

هم أصحاب حفص بن أيب املقدام الشرك واإلميان خصلة واحدة وهي معرفة اهللا تعاىل وحده فمن عرفه مث ) ١٣٥ \ ١( إن بني : متيز عنهم بأن قال

رتكب الكبائر من الزنا والسرقة وشرب اخلمر فهو كفر مبا سواه من رسول أو كتاب أو قيامة أو جنة أو نار أو ا كافر لكنه بريء من الشرك

: احلارثية -ب أصحاب احلارث اإلباضي

خالف اإلباضية يف قوله بالقدر على مذهب املعتزلة ويف االستطاعة قبل الفعل ويف إثبات طاعة ال يراد هبا اهللا تعاىل : اليزيدية -ج

ذي قال بتويل احملكمة األوىل قبل األزارقة وتربأ ممن بعدهم إال اإلباضية فإنه يتوالهم أصحاب يزيد بن أنيسة الوزعم أن اهللا تعاىل سيبعث رسوال من العجم وينزل عليه كتابا قد كتب يف السماء وينزل عليه مجلة واحدة ويترك

يف القرآن وليست هي الصائبة شريعة املصطفى حممد عليه الصالة و السالم ويكون على ملة الصابئة املذكورة املوجودة حبران وواسط

وتوىل يزيد من شهد حملمد املصطفى عليه الصالة و السالم من أهل الكتاب بالنبوة وإن مل يدخل يف دينه إن أصحاب احلدود من موافقيه وغريهم كفار مشركون : وقال

) ١٣٦ \ ١. ( وكل ذنب صغري أو كبري فهو شرك

الزياديةالصفرية - ٨

Page 65: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أصحاب زياد بن األصفر : خالفوا األزارقة والنجدات واإلباضية يف أمور منها

أهنم مل يكفروا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقني يف الدين واالعتقاد ومل يسقطوا الرجم ومل حيكموا بقتل أطفال املشركني وتكفريهم وختليدهم يف النار

ول دون العمل التقية جائزة يف الق: وقالوا ما كان من األعمال عليه حد واقع فال يتعدى بأهله االسم الذي لزمه به احلد كالزنا والسرقة والقذف : وقالوا

فيسمى زانيا سارقا قاذفا ال كافرا مشركا وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل ترك الصالة والفرار من الزحف فإنه يكفر بذلك

الضحاك منهم أنه جوز تزويج املسلمات من كفار قومهم يف دار التقية دون دار العالنية ونقل عن ورأى زياد بن األصفر مجيع الصدقات سهما واحدا يف حال التقية

حنن مؤمنون عند أنفسنا وال ندري لعلنا خرجنا من اإلميان عند اهللا : وحيكى عنه أنه قال الشيطان وشرك هو عبادة األوثان شرك هو طاعة: الشرك شركان : وقال

كفر بإنكار النعمة وكفر بإنكار الربوبية : والكفر كفران براءة من أهل احلدود سنة وبراءة من أهل اجلحود فريضة : والرباءة براءتان

: ولنختتم املذاهب بذكر تتمة رجال اخلوارج : من املتقدمني

اعيل بن مسيع عكرمة وأبو هارون العبدي وأبو الشعثاء وإمس : ومن املتأخرين

ثعليب مث بيهسي : اليمان بن رباب إباضية : وعبد اهللا بن يزيد وحممد بن حرب وحيىي بن كامل

عمران بن حطان وحبيب بن مرة صاحب الضحاك بن قيس : ومن شعرائهم وأبو احلسني ) ١٣٧ \ ١( جهم بن صفوان وأبو مروان غيالن بن مسلم وحممد بن عيسى برغوث : ومنهم أيضا

كلثوم بن حبيب املهليب وأبو بكر حممد بن عبد اهللا بن شبيب البصري وعلي بن حرملة وصاحل بن قبة بن صبيح بن عمرو ومويس بن عمران البصري وأبو عبد اهللا بن مسلمة وأبو عبد الرمحن بن مسلمة والفضل بن عيسى الرقاشي

مد بن مسلم الصاحلي وأبو حممد عبد اهللا بن حممد بن احلسن اخلالدي وأبو زكريا حيىي بن أصفح وأبو احلسني حم وحممد بن صدقة وأبو احلسني علي بن زيد اإلباضي وأبو عبد اهللا حممد بن كرام وكلثوم بن حبيب املرادي البصري

والذين اعتزلوا إىل جانب فلم يكونوا مع علي رضي اهللا عنه يف حروبه وال مع خصومه عبد اهللا بن عمر وسعد بن أىب وقاص وحممد بن : يدخل يف غمار الفتنة من الصحابة رضي اهللا عنهم ال: وقالوا

مسلمة األنصاري وأسامة بن زيد بن حارثة الكليب موىل رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم انفروا إىل ( فني كنت مع علي رضي اهللا عنه يف مجيع أحواله وحروبه حىت قال يف يوم ص: وقال قيس بن أيب حازم

فعرفت أي شيء كان ) صدق اهللا ورسوله : كذب اهللا ورسوله وأنتم تقولون : بقية األحزاب انفروا إىل من يقول ) ١٣٨ \ ١. ( يعتقد يف اجلماعة فاعتزلت عنه

املرجئة: الفصل اخلامس

Page 66: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: اإلرجاء على معنيني أي أمهله وأخره ) أرجه وأخاه قالوا: ( مبعىن التأخري كما يف قوله تعاىل : أحدمها إعطاء الرجاء : والثاين

أما إطالق اسم املرجئة على اجلماعة باملعىن األول فصحيح ألهنم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد ال تضر مع اإلميان معصية كما ال تنفع مع الكفر طاعة : وأما باملعىن الثاين فظاهر فإهنم كانوا يقولون

رجاء تأخري حكم صاحب الكبرية إىل يوم القيامة فال يقضى عليه حبكم ما يف الدنيا من كونه من أهل اجلنة وقيل اإل أو من أهل النار

فعلى هذا املرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان تأخري علي رضي اهللا عنه عن الدرجة األوىل إىل الرابعة : وقيل اإلرجاء

ان متقابلتان فعلى هذا املرجئة والشيعة فرقت مرجئة اخلوارج ومرجئة القدرية ومرجئة اجلربية واملرجئة اخلالصة : واملرجئة أربعة أصناف

وحممد بن شبيب والصاحلي واخلالدي من مرجئة القدرية وكذلك الغيالنية أصحاب غيالن الدمشقي أول من أحدث القول بالقدر واإلرجاء

) ١٣٩ \ ١. ( منهم وحنن إمنا نعد مقاالت املرجئة اخلالصة

اليونسية - ١

أصحاب يونس بن عون النمريي زعم أن اإلميان هو املعرفة باهللا واخلضوع له وترك االستكبار عليه واحملبة بالقلب

فمن اجتمعت فيه هذه اخلصال فهو مؤمن وما سوى ذلك من الطاعة فليس من اإلميان وال يضر تركها حقيقة إال إذا كان اإلميان خالصا واليقني صادقا اإلميان وال يعذب على ذلك

) أىب واستكرب وكان من الكافرين ( وزعم أن إبليس كان عارفا باهللا وحده غري أنه كفر باستكباره عليه ومن متكن يف قلبه اخلضوع هللا واحملبة له على خلوص ويقني مل خيالفه يف معصية وإن صدرت منه معصية فال : قال

صه تضره بيقينه وإخال واملؤمن إمنا يدخل اجلنة بإخالصه وحمبته ال بعمله وطاعته

العبيدية - ٢

أصحاب عبيد املكتئب ما دون الشرك مغفور ال حمالة وإن العبد إذا مات على توحيده ال يضره ما اقترف من اآلثام : حكي عنه أنه قال

واجترح من السيئات إن علم اهللا تعاىل مل يزل شيئا غريه وإن كالمه مل يزل شيئا : قالوا وحكى اليمان عن عبيد املكتئب وأصحابه أهنم

غريه وكذلك دين اهللا مل يزل شيئا غريه إن : ( على صورة إنسان وحل عليه قوله صلى اهللا عليه و سلم -قوهلم ) ١٤٠ \ ١( تعاىل عن -وزعم أن اهللا

) اهللا خلق آدم على صورة الرمحن

Page 67: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الغسانية - ٣

ان الكويف أصحاب غس زعم أن اإلميان هو املعرفة باهللا تعاىل وبرسوله واإلقرار مبا أنزل اهللا ومبا جاء به الرسول يف اجلملة دون التفصيل

واإلميان ال يزيد وال ينقص هذه الشاة أم : أعلم أن اهللا تعاىل قد حرم أكل اخلنزير ال أدري هل اخلنزير الذي حرمه : وزعم أن قائال لو قال

ها ؟ كان مؤمنا غري أعلم أن اهللا تعاىل فرض احلج إىل الكعبة غري أين ال أدري أين الكعبة ؟ ولعلها باهلند كان مؤمنا : ولو قال

ومقصوده أن أمثال هذه االعتقادات أمور وراء اإلميان ال أنه كان شاكا يف هذه األمور فإن عاقال ال يستجيز من هة هي ؟ عقله أن يشك يف أن الكعبة إىل أي ج وأن الفرق بني اخلنزير والشاة ظاهر

ومن العجيب أن غسان كان حيكي عن أيب حنيفة رمحه اهللا مثل مذهبه ويعده من املرجئة ولعله كذب كذلك عليه لعمري كان يقال أليب حنيفة وأصحابه مرجئة السنة وعده كثري من أصحاب املقاالت من مجلة املرجئة ولعل السبب

: كان يقول فيه أنه ملا هو التصديق بالقلب وهو ال يزيد وال ينقص ظنوا أنه يؤخر العمل عن اإلميان : اإلميان

والرجل مع خترجيه يف العمل كيف يفيت بترك العمل وله سبب آخر وهو أنه كان خيالف القدرية واملعتزلة الذين ظهروا يف الصدر األول

لقدر مرجئا وكذلك الوعيدية من اخلوارج واملعتزلة كانوا يلقبون كل من خالفهم يف ا ) ١٤٢/ ١. ( فال يبعد أن اللقب إمنا لزمه من فريقي املعتزلة واخلوارج واهللا أعلم

الثوبانية - ٤

أصحاب أيب ثوبان املرجئي الذين زعموا أن اإلميان هو املعرفة واإلقرار باهللا تعاىل وبرسله عليهم الصالة والسالم يف العقل أن يفعله وما جاز يف العقل تركه فليس من اإلميان وأخر العمل كله عن اإلميان وبكل ما ال جيوز

أبو مروان غيالن بن مروان الدمشقي وأبو مشر ومويس بن عمران والفضل : ومن القائلني مبقالة أيب ثوبان هذا ) ١٤٢ \ ١. ( الرقاشي وحممد بن شبيب والعتايب وصاحل قبة

القدر خريه وشره من العبد وكان غيالن يقول بويف اإلمامة أهنا تصلح يف غري قريش وكل من كان قائما بالكتاب والسنة كان مستحقا هلا وأهنا ال تثبت إال بإمجاع

األمة منا أمري ومنكم أمري : والعجب أن األمة أمجعت على أهنا ال تصلح لغري قريش وهبذا دفعت األنصار عن قوهلم

القدر واإلرجاء واخلروج : ال ثالثا فقد مجع غيالن خصاواجلماعة اليت عددناهم اتفقوا على أن اهللا تعاىل لو عفا عن عاص يف القيامة عفا عن كل مؤمن عاص هو يف مثل

حاله وإن أخرج من النار واحدا أخرج من هو يف مثل حاله

Page 68: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

من النار ال حمالة ومن العجب أهنم مل جيزموا القول بأن املؤمنني من أهل التوحيد خيرجون أن املعصية ال تضر صاحب التوحيد واإلميان وأنه ال يدخل النار مؤمن : وحيكى عن مقاتل بن سليمان

أن املؤمن العاصي ربه يعذب يوم القيامة على الصراط وهو على منت جهنم يصيبه لفح : والصحيح من النقل عنه مث يدخل اجلنة ومثل ذلك باحلبة على املقالة املؤججة بالنار النار وحرها وهليبها فيتأمل بذلك على قدر معصيته

النار فإهنم سيخرجون عنها ) ١٤٣ \ ١( إذا دخل أصحاب الكبائر : ونقل عن بشر بن غياث املريسي أنه قال بعد أن يعذبوا بذنوهبم وأما التخليد فيها فمحال وليس بعدل

مد بن علي بن أيب طالب وكان يكتب فيه الكتب إىل األمصار احلسن بن حم: إن أول من قال باإلرجاء : وقيل إال أنه ما أخر العمل عن اإلميان كما قالت املرجئة اليونسية والعبيدية لكنه حكم بأن صاحب الكبرية ال يكفر إذ

الطاعات وترك املعاصي ليست من أصل اإلميان حىت يزول اإلميان بزواهلا

التومنية - ٥

لتومين أصحاب أيب معاذ ازعم أن اإلميان هو ما عصم من الكفر وهو اسم خلصال إذا تركها التارك كفر وكذلك لو ترك خصلة واحدة منها

كفر وال يقال للخصلة الواحدة منها إميان وال بعض إميان ى وكل معصية كبرية أو صغرية مل جيمع عليها املسلمون بأهنا كفر ال يقال لصاحبها فاسق ولكن يقال فسق وعص

وتلك اخلصال هي املعرفة والتصديق واحملبة واإلخالص واإلقرار مبا جاء به الرسول : قال ومن ترك الصالة والصيام مستحال كفر ومن تركهما على نية القضاء مل يكفر ومن قتل نبيا أو لطمه كفر ال : قال

من أجل القتل واللطم ولكن من أجل االستخفاف والعداوة والبغض اإلميان هو التصديق بالقلب واللسان مجيعا والكفر هو : املذهب ميل ابن الراوندي وبشر املريسي قاال وإىل هذا

) ١٤٤ \ ١. ( اجلحود واإلنكار والسجود للشمس والقمر والصنم ليس بكفر يف نفسه ولكنه عالمة الكفر

الصاحلية - ٦

أصحاب صاحل بن عمر الصاحلي مشر وغيالن كلهم مجعوا بني القدر واإلرجاء وحنن وإن شرطنا أن نورد مذاهب والصاحلي وحممد بن شبيب وأبو

املرجئة اخلالصة إال أنه ال بد لنا يف هؤالء النفرادهم عن املرجئة بأشياء : فأما الصاحلي فقال

هو املعرفة باهللا تعاىل على اإلطالق وهو أن للعامل صانعا فقط : اإلميان ى اإلطالق هو اجلهل به عل: والكفر

ثالث ثالثة ليس بكفر لكنه ال يظهر إال من كافر وزعم أن معرفة اهللا تعاىل هي احملبة واخلضوع : وقول القائل : قال له

ويصح ذلك مع حجة الرسول ويصح يف العقل أن يؤمن باهللا وال يؤمن برسوله غري أن الرسول عليه الصالة و ) ؤمن باهللا تعاىل من ال يؤمن يب فليس مب: ( السالم قد قال

وزعم أن الصالة ليست بعبادة اهللا تعاىل وأنه ال عبادة له إال اإلميان به وهو معرفته وهو خصلة واحدة ال يزيد وال

Page 69: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ينقص وكذلك الكفر خصلة واحدة ال يزيد وال ينقص واخلضوع له بالقلب واإلقرار به فإنه زعم أن اإلميان هو املعرفة باهللا عز و جل واحملبة : وأما أبو مشر املرجئ القدري

أنه واحد ليس كمثله شيء ما مل تقم عليه حجة األنبياء عليهم الصالة والسالم فإذا قامت احلجة فاإلقرار هبم وتصديقهم من اإلميان واملعرفة واإلقرار مبا جاءوا به من عند اهللا غري داخل يف اإلميان األصلي

نا وال بعض إميان فإذا اجتمعت كانت كلها إميانا وليست كل خصلة من خصال اإلميان إمياوشرط يف خصال اإلميان معرفة العدل يريد به القدر خريه وشره من العبد من غري أن يضاف إىل الباري تعاىل منه

) ١٤٥ \ ١. ( شيء اىل واحملبة واخلضوع له فإنه زعم أن اإلميان هو املعرفة الثانية باهللا تع: وأما غيالن بن مروان من القدرية املرجئة

واإلقرار مبا جاء به الرسول ومبا جاء من عند اهللا واملعرفة األوىل فطرية ضرورية : فاملعرفة على أصله نوعان

وهي علمه بأن للعامل صانعا ولنفسه خالقا وهذه املعرفة ال تسمى إميانا : فطرية هو املعرفة الثانية املكتسبة : إمنا اإلميان : ل املرجئة كما نقل تتمة رجا

احلسن بن حممد بن علي بن أيب طالب وسعيد بن جبري وطلق بن حبيب وعمرو بن مرة وحمارب بن زياد ومقاتل بن سليمان وذر وعمرو بن ذر ومحاد بن أيب سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف وحممد بن احلسن وقديد بن جعفر

بائر بالكبرية ومل حيكموا بتخليدهم يف النار خالفا للخوارج وهؤالء كلهم أئمة احلديث مل يكفروا أصحاب الك والقدرية

الشيعة: الفصل السادس

الشيعة هم الذين شايعوا عليا رضي اهللا عنه على اخلصوص وقالوا بإمامته وخالفته نصا ووصية إما جليا وإما خفيا واعتقدوا أن اإلمامة ال خترج من أوالده وإن خرجت فبظلم

ريه أو بتقية من عنده يكون من غليست اإلمامية قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب اإلمام بنصبهم بل هي قضية أصولية وهي ركن : وقالوا

الدين ال جيوز للرسل عليهم الصالة والسالم إغفاله وإمهاله وال تفويضه إىل العامة وإرساله ة األنبياء واألئمة وجوبا عن الكبائر والصغائر والقول جيمعهم القول بوجوب التعيني والتنصيص وثبوت عصم

) ١٤٦ \ ١. ( بالتويل والتربؤ قوال وفعال وعقدا إال يف حال التقية مقالة ومذهب : وخيالفهم بعض الزيدية يف ذلك وهلم يف تعدية اإلمام كالم وخالف كثري وعند كل تعدية وتوقف

وخبط : وهم مخس فرق

امية وغالة وإمساعيلية كيسانية وزيدية وإم وبعضهم مييل يف األصول إىل االعتزال وبعضهم إىل السنة وبعضهم إىل التشبيه

الكيسانية - ١

Page 70: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أصحاب كيسان موىل أمري املؤمنني علي بن أيب طالب كرم اهللا وجهه تلمذ للسيد حممد بن احلنفية رضي اهللا عنه : وقيل

إحاطته بالعلوم كلها واقتباسه من السيدين األسرار جبملتها من علم يعتقدون فيه اعتقادا فوق حده ودرجته من التأويل والباطن وعلم اآلفاق واألنفس

وجيمعهم القول بأن الدين طاعة رجل حىت محلهم ذلك على تأويل األركان الشرعية من الصالة والصيام والزكاة واحلج وغري ذلك على رجال

عية بعد الوصول إىل طاعة الرجل فحمل بعضهم على ترك القضايا الشر ومحل بعضهم على ضعف االعتقاد بالقيامة

ومحل بعضهم على القول بالتناسخ واحللول والرجعة بعد املوت فمن مقتصر على واحد معتقد أنه ال ميوت وال جيوز أن ميوت حىت يرجع

ومن معتقد حقيقة اإلمامة إىل غريه مث متحسر عليه متحري فيه حكم اإلمامة وليس من الشجرة ومن مدع

وكلهم حيارى متقطعون ومن اعتقد أن الدين طاعة رجل ومن ال رجل له فال دين له نعوذ باهللا من احلرية واحلور بعد الكور رب اهدنا السبيل

املختارية -أ أصحاب املختار بن أيب عبيد الثقفي

) ١٤٧ \ ١ . (كان خارجيا مث صار زبرييا مث صار شيعيا وكيسانيا قال بإمامة حممد بن احلنفية بعد أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنهما

ال بل بعد احلسن واحلسني رضي اهللا عنهما : وقيل وكان يدعو الناس إليه وكان يظهر أنه من رجاله ودعاته ويذكر علوما مزخرفة بترهاته ينوطها به

أظهر ألصحابه أنه إمنا منس على اخللق ذلك ليتمشى أمره وجيتمع وملا وقف حممد بن احلنفية على ذلك تربأ منه و الناس عليه

: وإمنا انتظم له ما انتظم بأمرين انتسابه إىل حممد بن احلنفية علما ودعوة : أحدمها قيامه بثأر احلسني بن علي رضي اهللا عنهما : والثاين

قتل احلسني واشتغاله ليال وهنارا بقتال الظلمة الذين اجتمعوا على : فمن مذهب املختار

: أنه جيوز البداء على اهللا تعاىل والبداء له معان ) ١٤٨ \ ١. ( وهو أنه يظهر له خالف ما علم وال أظن عاقال يعتقد هذا االعتقاد : البداء يف العلم

وهو أن يظهر له صواب على خالف ما أراد وحكم : والبداء يف اإلرادة وهو أن يأمر بشيء مث يأمر بشيء آخر بعده خبالف ذلك ومن مل جيوز النسخ ظن أن األوامر : ر والبداء يف األم

املختلفة يف األوقات املختلفة متناسخة وإمنا سار املختار إىل اختيار القول بالبداء ألنه كان يدعي علم ما حيدث من األحوال إما بوحي يوحى إليه وإما

Page 71: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

برسالة من قبل اإلمام ا وعد أصحابه بكون شيء وحدوث حادثة فإن وافق كونه قوله جعله دليل على صدق دعواه وإن مل يوافق فكان إذ

قد بدا لربكم : قال إذا جاز النسخ يف األحكام جاز البداء يف األخبار : وكان ال يفرق بني النسخ والبداء قال

يه أنه قد لبس على الناس أنه من دعاته ورجاله إن السيد حممد بن احلنفية تربأ من املختار حني وصل إل: وقد قيل وتربأ من الضالالت اليت ابتدعها املختار من التأويالت الفاسدة واملخاريق املموهة

: فمن خماريقه هذا من ذخائر أمري املؤمنني علي كرم اهللا : أنه كان عنده كرسي قدمي غشاه بالديباج وزينه بأنواع الزينة وقال

قاتلوا ولكم : مبنزلة التابوت لبين إسرائيل وكان إذا حارب خصومه يضعه يف براح الصف ويقول وجهه وهو عندناالظفر والنصرة وهذا الكرسي حمله فيكم حمل التابوت يف بين إسرائيل وفيه السكينة والبقية واملالئكة من فوقكم

ينزلون مددا لكم هم قبل ذلك بأن املالئكة تنزل على صورة احلمامات وحديث احلمامات البيض اليت ظهرت يف اهلواء وقد أخرب

البيض معروف واألسجاع اليت ألفاها أبرد تآليف مشهورة وإمنا محله على االنتساب إىل حممد بن احلنفية حسن اعتقاد الناس فيه وامتالء القلوب مبحبته

اطر يف العواقب والسيد حممد بن احلنفية كان كثري العلم غزير املعرفة وقاد الفكر مصيب اخلوأطلعه على مدارج املعامل وقد اختار ) ١٤٩ \ ١( وقد أخربه أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه عن أحوال املالحم

العزلة فآثر اخلمول على الشهرة ا إنه كان مستودعا علم اإلمامة حىت سلم األمانة إىل أهلها وما فارق الدنيا إال وقد أقرها يف مستقره: وقد قيل

وكان السيد احلمريي وكثري عزة الشاعر من شيعته : قال كثري فيه

والة احلق أربعة سواء ... أال إن األئمة من قريش هم األسباط ليس هبم خفاء ... علي والثالثة من بنيه وسبط غيبته كربالء ... فسبط سبط إميان وبر

يقود اخليل يقدمه اللواء ... وسبط ال يذوق املوت حىت برضوى عنده عسل وماء ... تغيب ال يرى فيهم زمانا

وكان السيد احلمريي أيضا يعتقد فيه أنه مل ميت وأنه يف جبل رضوى بني أسد ومنر حيفظانه وعنده عينان نضاختان جتريان مباء وعسل وأنه يعود بعد الغيبة فيمأل األرض عدال كما ملئت جورا

د الغيبة حكم به الشيعة وجرى ذلك يف بعض اجلماعة حىت اعتقدوه دينا وهذا هو أول حكم بالغيبة والعودة بع وركنا من أركان التشيع

مث اختلفت الكيسانية بعد انتقال حممد بن احلنفية يف سوق اإلمامة وصار كل اختالف مذهبا اهلامشية -ب

أتباع أيب هاشم بن حممد بن احلنفية ة اهللا ورضوانه وانتقال اإلمامة منه إىل ابنه أيب هاشم قالوا بانتقال حممد بن احلنفية إىل رمح

Page 72: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فإنه أفضى إليه أسرار العلوم وأطلعه على مناهج تطبيق اآلفاق على األنفس وتقدير التنزيل على التأويل : قالوا وتصوير الظاهر على الباطن

هذا العامل حقيقة يف ذلك العامل إن لكل ظاهر باطنا ولكل شخص روحا ولكل تنزيل تأويال ولكل مثال يف : قالوا واألسرار جيتمع يف الشخص اإلنساين وهو العلم الذي استأثر علي ) ١٥١/ ١( واملنتشر يف اآلفاق من احلكم

رضي اهللا عنه به ابنه حممد بن احلنفية وهو أفضى ذلك السر إىل ابنه أيب هاشم وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو اإلمام حقا : عد أيب هاشم شيعته مخس فرق واختلفت ب

إن أبا هاشم مات منصرفا من الشام بأرض الشراة وأوصى إىل حممد بن علي بن عبد اهللا بن : فرقة قالت - ١ عباس واجنرت يف أوالده الوصية حىت صارت اخلالفة إىل بين العباس

عليه و سلم وعمه العباس أوىل بالوراثة وهلم يف اخلالفة حق التصال النسب وقد تويف رسول اهللا صلى اهللا : قالوا إن اإلمامة بعد موت أيب هاشم البن أخيه احلسن بن علي بن حممد بن احلنفية : وفرقة قالت - ٢ال بل إن أبا هاشم أوصى إىل أخيه علي بن حممد وعلي أوصى إىل ابنه احلسن فاإلمامة عندهم : وفرقة قالت - ٣

هم يف بين احلنفية ال خترج إىل غريإن أبا هاشم أوصى إىل عبد اهللا بن عمرو بن الكندي وإن اإلمامة خرجت من أيب هاشم إىل : وفرقة قالت - ٤

عبد اهللا وحتولت روح أيب هاشم إليه والرجل ما كان يرجع إىل علم وديانة فاطلع بعض القوم على خيانته وكذبه فأعرضوا عنه وقالوا بإمامة عبد اهللا بن

اهللا بن جعفر بن أيب طالب معاوية بن عبدأن األرواح تتناسخ من شخص إىل شخص وأن الثواب والعقاب يف هذه األشخاص إما : وكان من مذهب عبد اهللا

أشخاص بين آدم وإما أشخاص احليوانات ه وروح اهللا تناسخت حىت وصلت إليه وحلت فيه وادعى اإلهلية والنبوة معا وأنه يعلم الغيب فعبده شيعت: قال

احلمقى وكفروا بالقيامة العتقادهم أن التناسخ يكون يف الدنيا والثواب والعقاب يف هذه األشخاص

اآلية على أن من ) ليس على الذين آمنوا وعملوا الصاحلات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا : ( وتأول قول اهللا تعاىل وصل إىل الكمال والبالغ وصل إىل اإلمام وعرفه ارتفع عنه احلرج يف مجيع ما يطعم و

وعنه نشأت اخلرمية واملزدكية بالعراق : وهلك عبد اهللا خبراسان وافترقت أصحابه

إنه حي مل ميت ويرجع : فمنهم من قال بل مات وحتولت روحه إىل إسحاق بن زيد احلارث األنصاري وهم احلارثية الذين يبيحون : ومنهم من قال

تكليف عليه احملرمات ويعيشون عيش من الوبني أصحاب عبد اهللا بن معاوية وبني أصحاب حممد بن علي خالف شديد يف اإلمامة فإن كل واحد منهما يدعي

الوصية من أيب هاشم إليه ومل يثبت الوصية على قاعدة معتمدة البيانية -ج

أتباع بيان بن مسعان التميمي

Page 73: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

بانتقال اإلمامة من أيب هاشم إليه : قالوا من الغالة القائلني بإهلية أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه وهوحل يف علي جزء إهلي واحتد جيسده فبه كان يعلم الغيب إذ أخرب عن املالحم وصح اخلرب وبه كان حيارب : قال

ركة واهللا ما قلعت باب خيرب بقوة جسدانية وال حب: الكفار وله النصرة والظفر وبه قلع باب خيرب وعن هذا قال غذائية ولكن قلعته بقوة رمحانية ملكوتية بنور رهبا مضيئة فالقوة امللكوتية يف نفسه كاملصباح يف املشكاة والنور

اإلهلي كالنور يف املصباح ورمبا يظهر علي يف بعض األزمان : قال

د به عليا فهو الذي يأيت يف أرا) : هل ينظرون إال أن يأتيهم اهللا يف ظلل من الغمام : ( وقال يف تفسري قوله تعاىل الظلل والرعد صوته والربق تبسمه

يكون إماما ) ١٥٢ \ ١( مث ادعى بيان أنه قد انتقل إليه اجلزء اإلهلي بنوع من التناسخ ولذلك استحق أن وخليفة وذلك اجلزء هو الذي استحق به آدم عليه السالم سجود املالئكة

ا فعضوا وجزءا فجزءا وزعم أن معبوده على صورة إنسان عضو ) كل شيء هالك إال وجهه : ( يهلك كله إال وجهه لقوله تعاىل : وقال

أسلم تسلم : ومع هذا اخلزي الفاحش كتب إىل حممد بن علي بن الباقر رضي اهللا عنهم ودعاه إىل نفسه ويف كتابه ل الرسول قرطاسه الذي جاء به فأكله فأمر الباقر أن يأك) ويرتقي من سلم فإنك ال تدري حيث جيعل اهللا النبوة

فمات يف احلال وكان اسم ذلك الرسول عمر بن أيب عفيف وقد اجتمعت طائفة على بيان بن مسعان ودانوا به ومبذهبه فقتله خالد بن عبد اهللا القسري على ذلك

أحرقه والكويف املعروف باملعروف بن سعيد بالنار معا : وقيل الرزامية -د

زام بن رزم أتباع رساقوا اإلمامة من علي إىل ابنه حممد مث إىل ابنه هاشم مث منه إىل علي بن عبد اهللا بن عباس بالوصية مث ساقوها إىل

\ ١. ( حممد بن علي وأوصى حممد إىل ابنه إبراهيم اإلمام وهو صاحب أيب مسلم الذي دعا إليه وقال بإمامته ١٥٣ (

إن أبا مسلم كان على هذا املذهب ألهنم ساقوا اإلمامة إىل أيب : أيب مسلم حىت قيل وهؤالء ظهروا خبراسان يف أيامله حظ يف اإلمامة وادعوا حلول روح اإلله فيه وهلذا أيده على بين أمية حىت قتلهم عن بكرة أبيهم : مسلم فقالوا واصطلمهم

وقالوا بتناسخ األرواح ريق أخرجها كان يف األول على هذا املذهب وتابعه مبيضة ما وراء النهر واملقنع الذي ادعى اإلهلية لنفسه على خما

وهؤالء صنف من اخلرامية دانوا بترك الفرائض الدين معرفة اإلمام فقط : وقالوا

معرفة اإلمام وأداء األمانة : الدين أمران : ومنهم من قال ومن حصل له األمران فقد وصل إىل الكمال وارتفع عنه التكليف

ومن هؤالء من ساق اإلمامة إىل حممد بن علي بن عبد اهللا بن عباس من أيب هاشم حممد بن احلنفية وصية إليه ال من

Page 74: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

طريق آخر وكان أبو مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية يف األول واقتبس من دعاهتم العلوم اليت اختصوا هبا وأحس

ب املستقر فيه فبعث إىل الصادق جعفر بن حممد رضي اهللا عنهما أين منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم فكان يطل قد أظهرت الكلمة ودعوت الناس عن مواالة بين أمية إىل مواالة أهل البيت فإن رغبت فيه فال مزيد عليك

ما أنت من رجايل وال الزمان زماين : فكتب إليه الصادق رضي اهللا عنه اهللا بن حممد السفاح وقلده أمر اخلالفة فحاد أبو مسلم إىل أيب العباس عبد

الزيدية - ٢

أتباع زيد بن علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنهم ساقوا اإلمامة يف أوالد فاطمة رضي اهللا عنها

ومل جيوزا ثبوت اإلمامة يف غريهم إال أهنم جوزا أن يكون كل فاطمي عامل زاهد شجاع سخي خرج باإلمامة أن من أوالد احلسن أو من أوالد احلسني رضي اهللا عنهما وعن ) ١٥٤ \ ١( كون إماما واجب الطاعة سواء كان ي

هذا جوز قوم منهم إمامة حممد وإبراهيم اإلمامني ابين عبد اهللا بن احلسن بن احلسن اللذين خرجا يف أيام املنصور وقتال على ذلك

اخلصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة وجوزا خروج إمامني يف قطرين يستجمعان هذهوزيد بن علي ملا كان مذهبه هذا املذهب أراد أن حيصل األصول والفروع حىت يتحلى بالعلم فتلمذ يف األصول

لواصل بن عطاء الغزال األلثغ رأس املعتزلة ورئيسهم مع اعتقاد واصل أن جده علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه يف بينه وبني أصحاب اجلمل وأهل الشام ما كان على يقني من الصواب وأن أحد الفريقني منهما حروبه اليت جرت

كان على اخلطأ ال بعينه فاقتبس منه االعتزال وصارت أصحابه كلهم معتزلة وكان من مذهبه جواز إمامة املفضول مع قيام األفضل

أن اخلالفة فوضت إىل أيب بكر ملصلحة رأوها كان علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه أفضل الصحابة إال: فقال وقاعدة دينية راعوها من تسكني ثائرة الفتنة وتطييب قلوب العامة فإن عهد احلروب اليت جرت يف أيام النبوة كان

قريبا وسيف أمري املؤمنني علي عن دماء املشركني من قريش وغريهم مل جيف بعد والضغائن يف صدور القوم من ما هي فما كانت القلوب متيل إليه كل امليل وال تنقاد له الرقاب كل االنقياد فكانت املصلحة أن طلب الثأر ك

يكون القائم هبذا الشأن من عرفوه باللني والتؤدة والتقدم بالسن والسبق يف اإلسالم والقرب من رسول اهللا صلى لقد : األمر عمر بن اخلطاب زعق الناس وقالوا اهللا عليه و سلم أال ترى أنه ملا أراد يف مرضه الذي مات فيه تقليد

وليت علينا فظا غليظا فما كانوا يرضون بأمري املؤمنني عمر بن اخلطاب لشدته وصالبته وغلظة يف الدين وفظاظته لو سألين ريب لقلت وليت عليهم خريهم هلم : على األعداء حىت سكنهم أبو بكر بقوله ا واألفضل قائم فريجع إليه يف األحكام وحيكم حبكمه يف القضايا وكذلك جيوز أن يكون املفضول إمام

وملا مسعت شيعة الكوفة هذه املقالة منه وعرفوا أنه ال يتربأ من الشيخني رفضوه حىت أتى قدره عليه فسميت رافضة ) .١٥٥ \ ١ (

: وجرت بينه وبني أخيه الباقر حممد بن علي مناظرات ال من هذا الوجه بل كان يتلمذ لواصل بن عطاء ويقتبس العلم ممن جيوز اخلطأ على جده يف قتال الناكثني والقاسطني واملارقني من حيث

Page 75: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومن حيث يتكلم يف القدر على غري ما ذهب إليه أهل البيت على مقتضى مذهبك والدك ليس : ومن حيث أنه كان يشترط اخلروج شرطا يف كون اإلمام إماما حىت قال له يوما

فإنه مل خيرج قط وال تعرض للخروج بإماموملا قتل زيد بن علي وصلب قام باإلمامة بعده حيىي بن زيد ومضى إىل خراسان واجتمعت عليه مجاعة كثرية وقد

وصل إليه اخلرب من الصادق جعفر بن حممد بأنه يقتل كما قتل أبوه ويصلب كما صلب أبوه فجرى عليه األمر كما أخرب

ده إىل حممد وإبراهيم اإلمامني وخرجا باملدينة ومضى إبراهيم إىل البصرة واجتمع الناس عليهما وقد فوض األمر بع وقتال أيضا

وأخربهم الصادق جبميع ما مت عليهم وعرفهم أن آباءه رضي اهللا عنهم أخربوه بذلك كله وأن بين أمية يتطاولون رون بغض أهل البيت وال جيوز أن خيرج واحد من أهل على الناس حىت لو طاولتهم اجلبال لطالوا عليها وهم يستشع

بيته حىت يأذن اهللا تعاىل بزوال ملكهم وكان يشري إىل أيب العباس وإىل أيب جعفر ابين حممد بن علي بن عبد اهللا بن إنا ال خنوض يف األمر حىت يتالعب به هذا وأوالده وأشار إىل املنصور : العباس وقال

ة الكوفة قتله هشام بن عبد امللك فزيد بن علي قتل بكناس وحيىي بن زيد قتل جبوزجان خراسان قتله أمريها وحممد اإلمام قتل باملدينة قتله عيسى بن ماهان

وإبراهيم اإلمام قتل بالبصرة أمر بقتلهما املنصور فاختفى واعتزل ومل ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك حىت ظهر خبراسان صاحبهم ناصر األطروش فطلب مكانه ليقتل

األمر وصار إىل بالد الديلم واجلبل ومل يتحلوا بدين اإلسالم بعد فدعا الناس دعوة إىل اإلسالم على مذهب زيد بن ) ١٥٦ \ ١. ( علي فدانوا بذلك ونشئوا عليه وبقيت الزيدية يف تلك البالد ظاهرين عمامهم من املوسوية يف مسائل األصول ومالت وكان خيرج واحد بعد واحد من األئمة وبلي أمرهم وخالفوا بين أ

جارودية : أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة املفضول وطعنت يف الصحابة طعن اإلمامية وهم أصناف ثالثة وسليمانية وبترية

والصاحلية منهم والبترية على مذهب واحد اجلارودية -أ

أصحاب أيب اجلارود زياد بن أيب زياد على علي رضي اهللا عنه بالوصف دون التسمية وهو ) ١٥٧ \ ١( أن النيب صلى اهللا عليه و سلم نص زعموا

اإلمام بعده والناس قصروا حيث مل يتعرفوا الوصف ومل يطلبوا املوصوف وإمنا نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك

يعتقد هذا االعتقاد وقد خالف أبو اجلارود يف هذه املقالة إمامه زيد بن علي فإنه مل : واختلفت اجلارودية يف التوقف والسوق

فساق بعضهم اإلمامة من علي إىل حسن مث إىل احلسني مث إىل علي بن احلسني زين العابدين مث إىل ابنه زيد بن علي مث منه إىل اإلمام حممد بن عبد اهللا بن احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب وقالوا بإمامته

أبو حنيفة رمحه اهللا على بيعته ومن مجلة شيعته حىت رفع األمر إىل املنصور فحبسه حبس األبد حىت مات يف وكان

Page 76: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

احلبس إنه إمنا بايع حممد بن عبد اهللا اإلمام يف أيام املنصور وملا قتل حممد باملدينة بقي اإلمام أبو حنيفة على تلك : وقيل

) ١٥٨ \ ١. ( له إىل املنصور فتم عليه ما مت البيعة يعتقد مواالة أهل البيت فرفع حا : والذين قالوا بإمامة حممد بن عبد اهللا اإلمام اختلفوا

إنه مل يقتل وهو بعد حي وسيخرج فيمأل األرض عدال : فمنهم من قال ومنهم من أقر مبوته وساق اإلمامة إىل حممد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن احلسني بن علي صاحب

الطالقان وقد أسر يف أيام املعتصم ومحل إليه فحبسه يف داره حىت مات ومنهم من قال بإمامة حيىي بن عمر صاحب الكوفة فخرج ودعا الناس واجتمع عليه خلق كثري وقتل يف أيام

: املستعني ومحل رأسه إىل حممد بن عبد اهللا بن طاهر حىت قال فيه بعض العلوية وجئتك أستلينك يف الكالم ... ايا قتلت أعز من ركب املط وفيما بيننا حد احلسام ... وعز علي أن ألقاك إال

وهو حيىي بن عمر بن حيىي بن احلسني بن زيد بن علي وأما أبو اجلارود فكان يسمى سرحوب مساه بذلك أبو جعفر حممد بن علي الباقر

شيطان أعمى يسكن البحر قاله الباقر تفسريا : وسرحوب : أصحاب أيب اجلارود فضيل الرسان وأبو خالد الواسطي وهم خمتلفون يف األحكام والسري ومن

فبعضهم يزعم أن علم ولد احلسن واحلسني رضي اهللا عنهما كعلم النيب صلى اهللا عليه و سلم فيحصل هلم العلم قبل التعلم فطرة وضرورة

يؤخذ عنهم وعن غريهم من العامة وبعضهم يزعم أن العلم مشترك فيهم ويف غريهم وجائز أن السليمانية -ب

أصحاب سليمان بن جرير إن اإلمامة شورى فيما بني اخللق ويصح أن تنعقد بعقد رجلني من خيار املسلمني وإهنا تصح يف : وكان يقول

املفضول مع وجود األفضل هاديا وأثبت إمامة أيب بكر وعمر رضي اهللا عنهما حقا باختيار األمة حقا اجت

) ١٥٩ \ ١( إن األمة أخطأت يف البيعة هلما مع وجود علي رضي اهللا عنه خطأ ال يبلغ درجة : ورمبا كان يقول الفسق وذلك اخلطأ خطأ اجتهادي

غري أنه طعن يف عثمان رضي اهللا عنه لألحداث اليت أحدثها وأكفره بذلك وأكفر عائشة والزبري وطلحة رضي اهللا قتال علي رضي اهللا عنه عنهم بإقدامهم على

: إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتني لشيعتهم ال يظهر أحد قط عليهم : مث إنه طعن يف الرافضة فقال القول بالبداء فإذا أظهروا قوال أنه سيكون هلم قوة وشوكة وظهور مث ال يكون األمر على ما أظهروه : إحدامها

بدا اهللا تعاىل يف ذلك : قالوا إمنا قلناه : إنه ليس حبق وظهر هلم البطالن قالوا : التقية فكل ما أرادوا تكلموا به فإذا قيل هلم يف ذلك : نية والثا

تقية وفعلناه تقية وتابعه على القول جبواز إمامة املفضول مع قيام األفضل قوم من املعتزلة منهم جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب

Page 77: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وكثري النوى وهو من أصحاب احلديثاإلمامة من مصاحل الدين ليس حيتاج إليها ملعرفة اهللا تعاىل وتوحيده فإن ذلك حاصل بالعقل لكنها حيتاج إليها : قالوا

إلقامة احلدود والقضاء بني املتحاكمني ووالية اليتامى واأليامى وحفظ البيضة وإعالء الكلمة ونصب القتال مع يكون األمر فوضى بني العامة فال يشترط فيها أن يكون اإلمام أفضل أعداء الدين وحىت يكون للمسلمني مجاعة وال

األمة علما وأقدمهم عهدا وأسدهم رأيا وحكمة إذ احلاجة تنسد بقيام املفضول مع وجود الفاضل واألفضل ب ومالت مجاعة من أهل السنة إىل ذلك حىت جوزوا أن يكون اإلمام غري جمتهد وال خبري مبواقع االجتهاد ولكن جي

أن يكون معه من يكون من أهل االجتهاد فرياجعه يف األحكام ويستفيت منه يف احلالل واحلرام وجيب أن يكون يف اجلملة ذا رأي متني وبصر يف احلوادث نافذ

)١٦٠ \ ١ ( الصاحلية والبترية -ج

أصحاب احلسن بن صاحل بن حي : الصاحلية ا متفقان يف املذهب أصحاب كثري النوى األبتر ومه: والبترية

وقوهلم يف اإلمامة كقول السليمانية إال أهنم توقفوا يف أمر عثمان أهو مؤمن أم كافر ؟ جيب أن حيكم بصحة إسالمه : إذا مسعنا األخبار الواردة يف حقه وكونه من العشرة املبشرين باجلنة قلنا : قالوا

وإميانه وكونه من أهل اجلنة ليت أحدثها من استهتاره بتربية بين أمية وبين مروان واستبداده بأمور مل توافق سرية الصحابة وإذا رأينا األحداث ا

جيب أن حنكم بكفره : قلنا فتحرينا يف أمره وتوقفنا يف حاله ووكلناه إىل أحكم احلاكمني

األمر هلم راضيا وأما علي فهو أفضل الناس بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم وأوالهم باإلمامة لكنه سلموفوض األمر إليهم طائعا وترك حقه راغبا فنحن راضون مبا رضي مسلمون ملا سلم ال حيل لنا غري ذلك ولو مل يرض

علي بذلك لكان أبو بكر هالكا وهم الذين جوزوا إمامة املفضول وتأخري الفاضل واألفضل إذا كان الفاضل راضيا بذلك

احلسن واحلسني رضي اهللا عنهما وكان عاملا زاهدا شجاعا فهو اإلمام من شهر سيفه من أوالد: وقالوا وشرط بعضهم صباحة الوجه

وهلم خبط عظيم يف إمامني وجدت فيهما هذه الشرائط وشهرا سيفيهما ينظر إىل األفضل واألزهد وإن تساويا ينظر كال ويعود الطلب جذعا واإلمام مأموما واألمري إىل األمنت رأيا واألحزم أمرا وإن تساويا تقابال فينقلب األمر عليهم

مأمورا بقطره ويكون واجب الطاعة يف قومه ) ١٦١ \ ١( ولو كانا يف قطرين انفرد كل واحد منهما

ولو أفىت أحدمها خبالف ما يفيت اآلخر كان كل واحد منهما مصيبا وإن أفىت باستحالل دم اإلمام اآلخر : يرجعون إىل رأي واجتهاد وأكثرهم يف زماننا مقلدون ال

فريون رأي املعتزلة حذو القذة بالقذة ويعظمون أئمة االعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت : أما يف األصول فهم على مذهب أيب حنيفة إال يف مسائل قليلة يوافقون فيها الشافعي رمحه اهللا والشيعة : وأما يف الفروع

رجال الزيدية

Page 78: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ود زياد بن املنذر العبدي لعنه جعفر بن حممد الصادق رضي اهللا عنه أبو اجلارواحلسن بن صاحل بن حي ومقاتل بن سليمان والداعي ناصر احلق احلسن بن علي بن احلسن بن زيد بن عمر بن

احلسني بن علي والداعي اآلخر صاحب طربستان احلسن بن زيد بن حممد بن إمساعيل بن احلسن بن زيد بن احلسن بن علي وحممد بن نصر

اإلمامية - ٣

هم القائلون بإمامة علي رضي اهللا عنه بعد النيب عليه الصالة و السالم نصا ظاهرا وتعيينا صادقا من غري تعريض بالوصف بل إشارة إليه بالعني

اغ قلب من أمر األمة وما كان يف الدين واإلسالم أمر أهم من تعيني اإلمام حىت تكون مفارقته الدنيا على فر: قالوا فإنه إمنا بعث لرفع اخلالف وتقرير الوفاق فال جيوز أن يفارق األمة ويتركهم مهال يرى كل واحد منهم رأيا ويسلك

كل واحد منهم طريقا ال يوافقه يف ذلك غريه بل جيب أن يعني شخصا هو املرجوع إليه وينص على واحد هو ) ١٦٢ \ ١. ( رضي اهللا عنه يف مواضع تعريضا ويف مواضع تصرحيا املوثوق به واملعول عليه وقد عني عليا

: أما تعريضاته فمثل أن يبعث أبا بكر ليقرأ سورة براءة على الناس يف املشهد وبعث بعده عليا ليكون هو القارئ عليهم واملبلغ

عنه إليهم قومك وهو يدل على تقدميه عليا عليه من: يبلغه رجل منك أو قال : نزل علي جربيل عليه السالم فقال : وقال

ومثل أن كان يؤمر على أيب بكر وعمر وغريمها من الصحابة يف البعوث وقد أمر عليهما عمرو بن العاص يف بعث وأسامة بن زيد يف بعث وما أمر على علي أحدا قط

: وأما تصرحياته ماله ؟ فبايعته مجاعة من الذي يبايعين على: فمثل ما جرى يف نأنأة اإلسالم حني قال

من الذي يبايعين على روحه وهو وصي وويل هذا األمر من بعدي ؟ فلم يبايعه أحد حىت مد أمري املؤمنني : مث قال علي رضي اهللا عنه يده إليه فبايعه على روحه ووىف بذلك حىت كانت قريش تعري أبا طالب أنه أمر عليك ابنك

يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك ربك وإن : ( تظام احلال حني نزل قوله تعاىل ومثل ما جرى يف كمال اإلسالم وانفلما وصل غدير خم أمر بالدرجات فقمن ونادوا الصالة جامعة مث قال عليه الصالة و ) مل تفعل فما بلغت رسالته وانصر من نصره من كنت مواله فعلي مواله اللهم وال من وااله وعاد من عاداه: السالم وهو على الرحال

واخذل من خذله وأدر احلق معه حيث دار أال هل بلغت ثالثا فادعت اإلمامية أن هذا نص صريح

فإننا ننظر من كان النيب صلى اهللا عليه و سلم موىل له وبأي معىن فنطرد ذلك يف حق علي رضي اهللا عنه وقد طوىب لك يا علي أصبحت موىل كل مؤمن : عليا فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه حىت قال عمر حني استقبل

ومؤمنة نص يف اإلمامة فإن اإلمامة ال معىن هلا إال أن يكون ) أقضاكم علي : ( وقول النيب عليه الصالة و السالم : قالوا

وا اهللا أطيع: ( أقضى القضاة يف كل حادثة واحلاكم على املتخاصمني يف كل واقعة وهو معىن قول اهللا سبحانه وتعاىل ) منكم ) ١٦٣ \ ١( وأطيعوا الرسول وأويل األمر

Page 79: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فأولوا األمر من إليه القضاء واحلكم حىت يف مسألة اخلالفة ملا ختاصمت املهاجرون واألنصار كان القاضي يف : قالوا أخص ذلك هو أمري املؤمنني علي دون غريه فإن النيب صلى اهللا عليه و سلم كما حكم لكل واحد من الصحابة ب

وكذلك حكم لعلي بأخص ) أفرضكم زيد وأقرؤكم أيب وأعرفكم يف احلالل واحلرام معاذ : ( وصف له فقال والقضاء يستدعي كل علم وليس كل علم يستدعي القضاء ) أقضاكم علي : ( وصف له وهو قوله

له ظلما وعدوانا وقد شهدت مث إن اإلمامية ختطت عن هذه الدرجة إىل الوقيعة يف كبار الصحابة طعنا وتكفريا وأقلقد رضي اهللا عن املؤمنني إذ يبايعونك حتت : ( نصوص القرآن على عدالتهم والرضا عن مجلتهم قال اهللا تعاىل

وكانوا إذ ذاك ألفا وأربعمائة ) الشجرة ولون من والسابقون األ: ( وقال اهللا ثناء على املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي اهللا عنهم

) املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي اهللا عنهم ورضوا عنه ) لقد تاب اهللا على النيب واملهاجرين واألنصار الذين اتبعوه يف ساعة العسرة : ( وقال

قبلهم وعد اهللا الذين آمنوا منكم وعملوا الصاحلات ليستخلفنهم يف األرض كما استخلف الذين من : ( وقال تعاىل (

ويف ذلك دليل على عظمة قدرهم عند اهللا تعاىل وكرامتهم ودرجتهم عند الرسول صلى اهللا عليه و سلم فليت عشرة من : ( شعري كيف يستجيز ذو دين الطعن فيهم ونسبة الكفر إليهم وقد قال النيب عليه الصالة و السالم

زبري وسعد بن أيب وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرمحن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وال: أصحايب يف اجلنة منهم على ) ١٦٤ \ ١( إىل غري ذلك من األخبار الواردة يف حق كل واحد ) بن عوف وأبو عبيدة بن اجلراح

االنفراد وإن نقلت هنات من بعضهم فليتدبر النقل فإن أكاذيب الروافض كثرية وأحداث احملدثني كثرية ثبتوا يف تعيني األئمة بعد احلسن واحلسني وعلي بن احلسني رضي اهللا عنهم على رأي واحد بل مث إن اإلمامية مل ي

إن نيفا وسبعني فرقة من الفرق املذكورة يف اخلرب هو : اختالفاهتم أكثر من اختالفات الفرق كلها حىت قال بعضهم يف الشيعة خاصة ومن عداهم فهم خارجون عن األمة

ة وسوقها إىل جعفر بن حممد الصادق رضي اهللا عنه وخمتلفون يف املنصوص عليه بعده من وهم متفقون يف اإلمام ستة حممد وإسحق وعبد اهللا وموسى وإمساعيل وعلي : أوالده إذ كانت له مخسة أوالد وقيل

حممد وعبد اهللا وموسى وإمساعيل : ومن ادعى منهم النص والتعيني ات وأعقب ومنهم من قال بالتوقف واالنتظار والرجعة ومنهم من قال مث منهم من مات ومل يعقب ومنهم من م

بالسوق والتعدية كما سيأيت ذكر اختالفاهتم عند ذكر طائفة طائفة وكانوا يف األول على مذهب أئمتهم يف األصول مث ملا اختلفت الروايات عن أئمتهم ومتادى الزمان اختارت كل

: فرقة منهم طريقة فصارت اإلمامية إما وعيدية وإما تفضيلية : بعضها معتزلة

إما مشبهة وإما سلفية : وبعضها إخبارية ومن ضل الطريق وتاه مل يبال اهللا به يف أي واد هلك

الباقرية واجلعفرية الواقفة -أ أتباع حممد بن الباقر بن علي زين العابدين وابنه جعفر الصادق

العابدين إال أن منهم من توقف على واحد منهما وما ساق اإلمامة إىل أوالدمها قالوا بإمامتهما وإمامة والدمها زين

Page 80: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومنهم من ساق وإمنا ميزنا هذه الفرقة دون األصناف املتشيعة اليت نذكرها ألن من الشيعة من توقف على الباقر وقال برجعته كما

ق وهو ذو علم غزير يف الدين وأدب كامل أيب عبد اهللا جعفر بن حممد الصاد) ١٦٥ \ ١( توقف القائلون بإمامة يف احلكمة وزهد بالغ يف الدنيا وورع تام عن الشهوات

وقد أقام باملدينة مدة يفيد الشيعة املنتمني إليه ويفيض على املوالني له أسرار العلوم مث دخل العراق وأقام هبا مدة ما حبر املعرفة مل يطمع يف شط ومن تعلى إىل ذروة تعرض لإلمامة قط وال نازع أحدا يف اخلالفة قط ومن غرق يف

من أنس باهللا توحش عن الناس ومن استأنس بغري اهللا هنبه الوسواس : احلقيقة مل خيف من حط وقيل وهو من جانب األب ينتسب إىل شجرة النبوة ومن جانب األم ينتسب إىل أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه

ض الغالة وبرئ منهم ولعنهم وبرئ من خصائص مذاهب الرافضة ومحاقاهتم من وقد تربأ عما كان ينسب إليه بع القول بالغيبة والرجعة والبداء والتناسخ واحللول والتشبيه

لكن الشيعة بعده افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهبا وأراد أن يروجه على أصحابه فنسبه إليه وربطه به والسيد ر أيضا برئ من ذلك ومن االعتزال والقد

إن اهللا تعاىل أراد بنا شيئا وأراد منا شيئا فما أراده بنا طواه عنا وما أراده منا أظهره لنا فما : هذا قوله يف اإلرادة بالنا نشتغل مبا أراده بنا عما أراده منا

هو أمر بني أمرين ال جرب وال تفويض : وهذا قوله يف القدر د إن أطعتك ولك احلجة إن عصيتك ال صنع يل وال لغريي يف إحسان وال اللهم لك احلم: وكان يقول يف الدعاء

حجة يل وال لغريي يف إساءة فنذكر األصناف الذين اختلفوا فيه ونعدهم ال على أهنم من تفاصيل أشياعه بل على أهنم منتسبون إىل أصل شجرته

وفروع أوالده ليعلم ذلك الناووسية -ب

أتباع رجل يقال له ناووس نسبوا إىل قرية ناووسا : وقيل إن الصادق حي بعد ولن ميوت حىت يظهر فيظهر أمره وهو القائم املهدي : قالت

لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من اجلبل فال تصدقوا فإين صاحبكم صاحب : أنه قال ) ١٦٦ \ ١( ورووا عنه السيف

ستنشق األرض عنه يوم القيامة فيمأل األرض عدال حكى أبو حامد الزوزين أن الناووسية زعمت أن عليا باق و األفطحية -ج

قالوا بانتقال اإلمامة من الصادق إىل ابنه عبد اهللا األفطح وهو أخو إمساعيل من أبيه وأمه وأمهما فاطمة بنت احلسني بن احلسن بن علي وكان أسن أوالد الصادق

اإلمام يف أكرب أوالد األئمة : زعموا أنه قال من جيلس جملسي وهو الذي جيلس جملسه واإلمام ال يغسله وال يصلي عليه وال يأخذ خامته وال يواريه : ال اإلمام وق

إال اإلمام وهو الذي توىل ذلك كله ودفع الصادق وديعة إىل بعض أصحابه وأمره أن يدفعها إىل من يطلبها منه وأن ك ما عاش بعد أبيه إال سبعني يوما ومات ومل يعقب ولدا ذكرا يتخذه إماما وما طلبها منه أحد إال عبد اهللا ومع ذل

Page 81: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الشميطية -د أتباع حيىي بن أيب مشيط

إن ولد لك ولد : إن صاحبكم امسه اسم نبيكم وقد قال له والده رضوان اهللا عليهما : إن جعفرا قال : قالوا فسميته بامسي فهو اإلمام فاإلمام بعده ابنه حممد

ية الواقفة اإلمساعيل -ه : إن اإلمام بعد جعفر إمساعيل نصا عليه باتفاق من أوالده إال أهنم اختلفوا يف موته يف حال حياة أبيه : قالوا

مل ميت إال أنه أظهر موته تقية من خلفاء بين العباس وأنه عقد حمضرا وأشهد عليه عامل املنصور : فمنهم من قال ) ١٦٧ \ ١. ( باملدينة

موته صحيح والنص ال يرجع قهقرى : ال ومنهم من ق بقاء اإلمامة يف أوالد املنصوص عليه دون غريهم : والفائدة يف النص

فاإلمام بعد إمساعيل حممد بن إمساعيل املباركية : وهؤالء يقال هلم

مث منهم من وقف على حممد بن إمساعيل وقال برجعته بعد غيبته ين منهم مث يف الظاهرين القائمني من بعدهم وهم الباطنية وسنذكر مذاهبهم على ومنهم من ساق اإلمامة يف املستور

االنفراد وإمنا مذهب هذه الفرقة الوقف على إمساعيل بن جعفر أو حممد بن إمساعيل واإلمساعيلية املشهورة يف الفرق منهم هم الباطنية التعليمة الذين هلم مقالة مفردة

املوسوية أو املفضلية -و سابعكم قائمكم : فرقة واحدة قالت بإمامة موسى بن جعفر نصا عليه باالسم حيث قال الصادق رضي اهللا عنه

صاحبكم قائمكم إال وهو مسي صاحب التوراة : وقيل وملا رأت الشيعة أن أوالد الصادق على تفرق فمن ميت يف حال حياة أبيه ومل يعقب ومن خمتلف يف موته ومن قائم

دة يسرية ومن ميت غري معقب وكان موسى هو الذي توىل األمر وقام به بعد موت أبيه رجعوا إليه بعد موته م واجتمعوا عليه مثل املفضل بن عمر وزرارة بن أعني وعمار الساباطي

فعدها من األحد حىت بلغ السبت . عد األيام : وروت املوسوية عن الصادق رضي اهللا عنه أنه قال لبعض أصحابه كم عددته ؟ : له فقال سبعة : فقال

سبت السبوت ومشس الدهور ونور الشهور ومن ال يلهو وال يلعب وهو سابعكم قائمكم هذا وأشار : فقال جعفر إىل ولده موسى الكاظم

إنه شبيه بعيسى عليه السالم : وقال فيه أيضا بن جعفر مث ) ١٦٨ \ ١( بسه عند عيسى مث إن موسى ملا خرج وأظهر اإلمامة محله هارون الرشيد من املدينة فح

أشخصه إىل بغداد فحبسه عند السندي بن شاهك إن حيىي بن خالد بن برمك مسه يف رطب فقتله وهو يف احلبس مث أخرج ودفن يف مقابر قريش ببغداد : وقيل

: واختلفت الشيعة بعده املمطورة مساهم بذلك علي بن إمساعيل فقال : م ال ندري أمات أم مل ميت ويقال هل: فمنهم من توقف يف موته وقال

Page 82: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ما أنتم إال كالب ممطورة : القطيعة : ومنهم من قطع مبوته ويقال هلم

الواقفة : إنه مل ميت وسيخرج بعد الغيبة ويقال هلم : ومنهم من توقف عليه وقال االثنا عشرية -ز

: ساقوا اإلمامة بعده يف أوالده فقالوا -مسوا قطيعة و -إن الذين قطعوا مبوت موسى الكاظم بن جعفر الصادق اإلمام بعد موسى الكاظم ولده علي الرضى ومشهده بطوس مث بعده حممد التقي اجلواد أيضا وهو يف مقابر قريش ببغداد

مث بعده علي بن حممد النقي ومشهده بقم وبعده احلسن العسكري الزكي

الذي هو بسر من رأى وهو الثاين عشر وبعده ابنه حممد القائم املنتظر هذا هو طريق االثنا عشرية يف زماننا

إال أن االختالفات اليت وقعت يف حال كل واحد من هؤالء االثنا عشر واملنازعات اليت جرت بينهم وبني إخوهتم وبين أعمامهم وجب ذكرها لئال يشذ عنا مذهب مل نذكره ومقالة مل نوردها

عة من قال بإمامة أمحد بن موسى بن جعفر دون أخيه علي الرضى فاعلم أن من الشي ومن قال بعلي شك أوال يف حممد بن علي إذ مات أبوه وهو صغري غري مستحق لإلمامة وال علم عنده مبناهجها

وثبت قوم على إمامته : واختلفوا بعد موته أيضا

موسى بن حممد ) ١٦٩ \ ١( فقال قوم بإمامة هو العسكري : رون بإمامة علي بن حممد ويقولون وقال قوم آخ

: واختلفوا بعد موته أيضا فقال قوم بإمامة جعفر بن علي وقال قوم بإمامة حممد بن علي

وقال قوم بإمامة احلسن بن علي ليه علي بن فالن الطاحن وكان من أهل الكالم قوى أسباب جعفر بن علي وأمال الناس إ: وكان هلم رئيس يقال له

وأعانه فارس بن حامت بن ماهويه وذلك أن عليا قد مات وخلف احلسن العسكري امتحنا احلسن فلم جند عنده علما ولقبوا من قال بإمامة احلسن احلمارية : قالوا

وقووا أمر جعفر بعد موت احلسن واحتجوا بأن احلسن مات بال خلف فبطلت إمامته وألنه مل يعقب واإلمام ال ويكون له خلف وعقب ميوت إال

وحاز جعفر مرياث احلسن بعد دعاوى ادعاها عليه أنه فعل ذلك يف حبل يف جواريه وغريهم وانكشف أمره عند : السلطان والرعية وخواص الناس وعوامهم وتشتت كلمة من قال بإمامة احلسن وتفرقوا أصنافا كثرية

ن قال بإمامة احلسن منهم احلسن بن علي بن فضال وهو من فثبتت هذه الفرقة على إمامة جعفر ورجع إليهم كثري مم أجل أصحاهبم وفقهائهم كثري الفقه واحلديث

مث قالوا بعد جعفر بعلي بن جعفر وفاطمة بنت علي أخت جعفر

Page 83: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وقال قوم بإمامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة مامة غلو أيب اخلطاب األسدي مث اختلفوا بعد موت علي وفاطمة اختالفا كثريا وغال بعضهم يف اإل

وأما الذين قالوا بإمامة احلسن فافترقوا بعد موته إحدى عشرة فرقة وليست هلم ألقاب مشهورة ولكنا نذكر : أقاويلهم

إن احلسن مل ميت وهو القائم وال جيوز أن ميوت وال ولد له ظاهرا ألن األرض ال ختلو من إمام : الفرقة األوىل قالت نا أن القائم له غيبتان وهذه إحدى الغيبتني وسيظهر ويعرف مث يغيب غيبة أخرى وقد ثبت عندإن احلسن مات ولكنه حييا وهو القائم ألن رأينا أن معىن القائم هو القيام بعد املوت فنقطع مبوت : الثانية قالت

احلسن وال نشك فيه وال ولد له فيجب أن حييا بعد املوت )١٧٠ \ ١ (

إن احلسن قد مات وأوصى إىل جعفر أخيه ورجعت اإلمامة إىل جعفر : لت الثالثة قاإن احلسن قد مات واإلمام جعفر وإنا كنا خمطئني يف االئتمام به إذ مل يكن إماما فلما مات وال عقب : الرابعة قالت

له تبينا أن جعفر كان حمقا يف دعواه واحلسن مبطال ا خمطئني يف القول به وإن اإلمام كان حممد بن علي أخا احلسن وجعفر وملا إن احلسن قد مات وكن: اخلامسة قالت

ظهر لنا فسق جعفر وإعالنه به وعلمنا أن احلسن كان على مثل حاله إال أنه كان يتستر عرفنا أهنما مل يكونا إمامني فرجعنا إىل حممد ووجدنا له عقبا وعرفنا أنه كان هو اإلمام دون أخويه

إن احلسن كان له ابن وليس األمر على ما ذكروا أنه مات ومل يعقب بل ولد له ولد قبل وفاة أبيه : السادسة قالت بسنتني فاستتر خوفا من جعفر وغريه من األعداء وامسه حممد وهو اإلمام القائم احلجة املنتظر

إن له ابنا ولكنه ولد بعد موته بثمانية أشهر : السابعة قالت ات وله ابن باطل ألن ذلك لو كان مل خيف وال جيوز مكابرة العيان وقول من ادعى أنه م

صحت وفاة احلسن وصح أن ال ولد له وبطل ما ادعى من احليل يف سرية له فثبت أن اإلمام بعد : الثامنة قالت إمام احلسن غري موجود وهو جائز يف املعقوالت أن يرفع اهللا احلجة عن أهل األرض ملعاصيهم وهي فترة وزمان ال

فيه واألرض اليوم بال حجة كما كانت الفترة قبل مبعث النيب صلى اهللا عليه و سلم إن احلسن قد مات وصح موته وقد اختلف الناس هذه االختالفات وال ندري كيف هو وال نشك : التاسعة قالت

ختلو من حجة وهو اخللف الغائب أنه قد ولد له ابن وال ندري قبل موته أو بعد موته إال أنا نعلم يقينا أن األرض ال فنحن نتواله ونتمسك به بامسه حىت يظهر بصورته

)١٧١ \ ١ ( إن احلسن قد مات وال بد للناس من إمام فال ختلو األرض من حجة وال ندري من ولده أم من ولد : العاشرة قالت

غريه القطع حقيقة احلال لكنا نقطع يف الرضا ال ندري على: فرقة توقفت يف هذا التخابط وقالت : احلادية عشرة

ونقول بإمامته وىف كل موضع اختلفت الشيعة فيه فنحن من الواقفة يف ذلك إىل أن يظهر اهللا احلجة ويظهر بصورته فال يشك يف إمامته من أبصره وال حيتاج إىل معجزة وكرامة وبينة بل معجزته اتباع الناس بأسرهم إياه من غري

فعة منازعة وال مدا فهذه مجلة الفرق اإلحدى عشرة قطعوا على كل واحد واحدا مث قطعوا على الكل بأسرهم

Page 84: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إن خرج القائم وقد طعن يف : الغيبة قد امتدت مائتني ونيفا ومخسني سنة وصاحبنا قال : ومن العجب أهنم قالوا بعني سنة ؟ األربعني فليس بصاحبكم ولسنا ندري كيف تنقضي مائتان ونيف ومخسون سنة يف أر

وإذا سئل القوم عن مدة الغيبة كيف تتصور ؟ قالوا أليس اخلضر وإلياس عليهما السالم يعيشان يف الدنيا من آالف سنني ال حيتاجان إىل طعام وشراب فلم ال جيوز

ذلك يف واحد من آل البيت ؟ سالم ليس مكلفا بضمان مجاعة ومع اختالفكم هذا كيف يصح لكم دعوى الغيبة ؟ مث اخلضر عليه ال: قيل هلم

واإلمام عندكم ضامن مكلف باهلداية والعدل واجلماعة مكلفون باالقتداء به واالستنان بسنته ومن ال يرى كيف يقتدى به ؟

فلهذا صارت اإلمامية متمسكني بالعدلية يف األصول وباملشبهة يف الصفات متحريين تائهني وتكفري وكذلك بني التفضيلية والوعيدية قتال وتضليل أعاذنا اهللا من احلرية وبني اإلخبارية منهم والكالمية سيف

ال يستحيون فيدعون ) ١٧٢ \ ١( ومن العجب أن القائلني بإمامة املنتظر مع هذا االختالف العظيم الذي بينت ملؤمنون وستردون إىل عامل وقل اعملوا فسريى اهللا عملكم ورسوله وا: ( فيه أحكام اإلهلية ويتأولون قوله تعاىل عليه

) الغيب والشهادة هو اإلمام املنتظر الذي يرد إليه علم الساعة ويدعون فيه أنه ال يغيب عنا وسيخربنا بأحوالنا حني حياسب : قالوا

اخللق إىل حتكمات باردة وكلمات عن العقول شاردة وسريت طريف بني تلك املعامل ... لقد طفت يف تلك املعاهد كلها

على ذقن أو قارعا سن نادم ... فلم أر إال واضعا كف حائر املرتضى واجملتىب والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضى : أسامي األئمة االثنا عشر عند اإلمامية

والتقى والنقى والزكى واحلجة القائم املنتظر

الغالية - ٤

هم من حدود اخلليقية وحكموا فيهم بأحكام اإلهلية فرمبا شبهوا هؤالء هم الذين غلوا يف حق أئمتهم حىت أخرجو واحدا من األئمة باإلله ورمبا شبهوا اإلله باخللق وهم على طريف الغلو والتقصري

وإمنا نشأت شبهاهتم من مذاهب احللولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى إذ اليهود شبهت اخلالق اخللق باخلالق فسرت هذه الشبهات يف أذهان الشيعة الغالة حىت حكمت بأحكام اإلهلية باخللق والنصارى شبهت

يف حق بعض األئمة وكان التشبيه باألصل والوضع يف الشيعة وإمنا عادت إىل بعض أهل السنة بعد ذلك ومتكن االعتزال فيهم ملا رأوا أن ذلك أقرب إىل املعقول وأبعد من التشبيه واحللول

التشبيه والبداء والرجعة والتناسخ : الة حمصورة يف أربع وبدع الغ : ألقاب وبكل بلد لقب ) ١٧٣ \ ١( وهلم

اخلرمية والكوذية : فيقال بأصبهان املزدكية والسنباذية : وبالري

الدقولية : وبأذربيجان املبيضة : ومبوضع احملمرة ومبا وراء النهر

Page 85: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: وهم أحد عشر صنفا السبائية أنت أنت يعين أنت اإلله فنفاه إىل املدائن : اب عبد اهللا بن سبأ الذي قال لعلي كرم اهللا وجهه أصح

وصي موسى عليهما السالم مثل ما قال يف : زعموا أنه كان يهوديا فأسلم وكان يف اليهودية يقول يف يوشع بن نون عنه ومنه انشعبت أصناف الغالة علي رضي اهللا عنه وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي اهللا

زعم أن عليا حي مل ميت ففيه اجلزء اإلهلي وال جيوز أن يستوىل عليه وهو الذي جييء يف السحاب والرعد صوته والربق تبسمه وأنه سينزل إىل األرض بعد ذلك فيمأل األرض عدال كما ملئت جورا

اهللا عنه واجتمعت عليه مجاعة وهم أول فرقة قالت بالتوقف وإمنا أظهر ابن سبأ هذه املقالة بعد انتقال علي رضي والغيبة والرجعة

يتناسخ اجلزء اإلهلي يف األئمة بعد علي رضي اهللا عنه : وقالت وهذا املعىن مما كان يعرفه الصحابة وإن كانوا على خالف مراده : قال

ماذا : حد باحلد يف احلرم ورفعت القصة إليه هذا عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه كان يقول فيه حني فقأ عني وا أقول يف يد اهللا فقأت عينا يف حرم اهللا

فأطلق عمر اسم اإلهلية عليه ملا عرف منه ذلك الكاملية -ب

أصحاب أيب كامل أكفر مجيع الصحابة بتركها بيعة علي رضي اهللا عنه وطعن يف علي أيضا بتركه طلب حقه ومل يعذره يف القعود

وكان عليه أن خيرج ويظهر احلق على أنه غال يف حقه : ل قاوذلك النور يف شخص يكون نبوة ويف ) ١٧٤ \ ١( اإلمامة نور يتناسخ من شخص إىل شخص : وكان يقول

شخص يكون إمامة ورمبا تتناسخ اإلمامة فتصري نبوة وقال بتناسخ األرواح وقت املوت

ى التناسخ واحللول ولقد كان التناسخ مقالة لفرقة يف كل ملة تلقوها من والغالة على أصنافها كلهم متفقون عل اجملوس املزدكية واهلند الربمهية ومن الفالسفة الصائبة

ومذهبهم أن اهللا تعاىل قائم بكل مكان ناطق بكل لسان ظاهر يف كل شخص من أشخاص البشر وذلك مبعىن احللول

وقد يكون احللول جبزء وقد يكون بكل فهو كإشراق الشمس يف كوة أو كإشراقها على البلور : ما احللول جبزء أ

فهو كظهور ملك بشخص أو شيطان حبيوان : أما احللول بكل النسخ واملسخ والفسخ والرسخ وسيأيت شرح ذلك عند ذكر فرقهم من اجملوس على : ومراتب التناسخ أربعة

وأسفل املراتب الشيطانية أو اجلنية التفصيل وأعلى املراتب مرتبة امللكية أو النبوة وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهرا من غري تفصيل مذهبهم

العلبائية -ج هو األسدي وكان يفضل عليا على النيب صلى اهللا عليه و سلم : أصحاب العلياء بن ذراع الدوسي وقال قوم

Page 86: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وزعم أنه بعث حممدا يعين عليا ومساه إهلا بذم حممد صلى اهللا عليه و سلم وكان يقول

وزعم أنه بعث ليدعوا إىل علي فدعا إىل نفسه ويسمون هذه الفرقة الذميمة ومنهم من قال بإهليتهما مجيعا ويقدمون عليا يف أحكام اإلهلية ويسموهنم العينية

ومنهم من قال بإهليتهما مجيعا ويفضلون حممدا يف اإلهلية ويسموهنم امليمية حممد وعلي وفاطمة واحلسن واحلسني : ن قال بإهلية جلملة أشخاص أصحاب الكساء ومنهم م منهم على اآلخر ) ١٧٥ \ ١( مخستهم شيء واحد والروح حالة فيهم بالسوية ال فضل لواحد : وقالوا

: فاطم بال هاء ويف ذلك يقول بعض شعرائهم : فاطمة بالتأنيث بل قالوا : وكرهوا أن يقولوا نبيا وسبطيه وشيخا وفاطما ... بعد اهللا يف الدين مخسة توليت املغريية

أصحاب املغرية بن سعيد العجلي ادعى أن اإلمامة بعد حممد بن علي بن احلسني يف حممد النفس الزكية بن عبد اهللا بن احلسن بن احلسن اخلارج

باملدينة وزعم أنه حي مل ميت

وبعد ذلك ) ١٧٦ \ ١( القسري وادعى اإلمامة لنفسه بعد اإلمام حممد وكان املغرية موىل خلالد بن عبد اهللاادعى النبوة لنفسه واستحل احملارم وغال يف حق علي رضي اهللا عنه غلوا ال يعتقده عاقل وزاد على ذلك قوله

ور على إن اهللا تعاىل صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف اهلجاء وصورته صورة رجل من ن: بالتشبيه فقال رأسه تاج من نور وله قلب تنبع منه احلكمة

وزعم أن اهللا تعاىل ملا أراد خلق العامل تكلم باالسم األعظم فطار فوقع على رأسه تاجا ) سبح اسم ربك األعلى الذي خلق فسوى : ( وذلك قوله : قال

أحدمها ماحل : ع من عرقه حبران مث اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه فغضب من املعاصي فعرق فاجتم واآلخر عذب واملاحل مظلم والعذب نري

ال ينبغي أن : مث اطلع يف البحر النري فأبصر ظله فانتزع عني ظله فخلق منها الشمس والقمر وأفىن باقي ظله وقال يكون معي إله غريي

ق الكفار من البحر املظلم مث خلق اخللق كله من البحرين فخلق املؤمنون من البحر النري وخل: قال وخلق ظالل الناس أول ما خلق وأول ما خلق هو ظل حممد عليه الصالة و السالم وظل علي قبل خلق ظالل الكل مث عرض على السموات واألرض واجلبال أن حيملن األمانة وهي أن مينعن علي بن أيب طالب من اإلمامة فأبني ذلك

بن اخلطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك وضمن له أن يعينه على الغدر به مث عرض ذلك على الناس فأمر عمر ومحلها اإلنسان : ( على شرط أن جيعل اخلالفة له من بعده فقبل منه وأقدما على املنع متظاهرين فذلك قوله تعاىل

) إنه كان ظلوما جهوال ) ان اكفر فلما كفر قال إين بريء منك وزعم انه نزل يف حق عمر قوله تعاىل كمثل الشيطان إذ قال لإلنس

: وملا أن قتل املغرية اختلف أصحابه فمنهم من قال بانتظاره ورجعته

Page 87: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومنهم من قال بانتظار إمامة حممد كما كان يقول هو بانتظاره فتربأ منه بن علي رضي اهللا عنهما مث غال فيه وقال بإهليته ) ١٧٧ \ ١( وقد قال املغرية بإمامة أيب جعفر حممد

الباقر ولعنه انتظروه فإنه يرجع وجربيل وميكائيل يبايعانه بني الركن واملقام : وقد قال املغرية ألصحابه

وزعم أنه حيي املوتى املنصورية

أصحاب أيب منصور العجلي وهو الذي عزا نفسه إىل أيب جعفر حممد بن علي الباقر يف األول م أنه هو اإلمام ودعا الناس إىل نفسه فلما تربأ منه الباقر وطرده زع

انتقلت اإلمامة إيل وتظاهر بذلك : وملا تويف الباقر قال حىت وقف يوسف بن عمر الثقفي وإىل العراق يف أيام ) ١٧٨ \ ١( وخرجت مجاعة منهم بالكوفة يف بين كندة

هشام بن عبد امللك على قصته وخبث دعوته فأخذه وصلبه من الكسف الساقط من : جلي أن عليا رضي اهللا عنه هو الكسف الساقط من السماء ورمبا قال زعم أبو منصور الع

السماء هو اهللا تعاىل يا بين انزل فبلغ : وزعم حني ادعى اإلمامة لنفسه أنه عرج به إىل السماء ورأى معبوده فمسح بيده رأسه وقال

عين مث أهبطه إىل األرض فهو الكسف الساقط من السماء وزعم أيضا أن الرسل ال تنقطع أبدا والرسالة ال تنقطع

وزعم أن اجلنة رجل أمرنا مبواالته وهو إمام الوقت وأن النار رجل أمرنا مبعاداته وهو خصم اإلمام

وتأول احملرمات كلها على أمساء رجال أمرنا اهللا تعاىل مبعاداهتم وتأول الفرائض على أمساء رجال أمرنا مبواالهتم ستحل أصحابه قتل خمالفيهم وأخذ أمواهلم واستحالل نسائهم وهم صنف من اخلرمية وا

وإمنا مقصودهم من محل الفرائض واحملرمات على أمساء رجال هو أن من ظفر بذلك الرجل وعرفه فقد سقط عنه التكليف وارتفع اخلطاب إذ قد وصل إىل اجلنة وبلغ الكمال

أول ما خلق اهللا تعاىل هو عيسى بن مرمي عليه السالم مث علي بن أيب طالب كرم اهللا إن : ومما أبدعه العجلي أنه قال وجهه

و اخلطابية أصحاب أيب اخلطاب حممد بن أيب زينب األسدي األجدع موىل بين أسد

وهو الذي عزا نفسه إىل أيب عبد اهللا جعفر بن حممد الصادق رضي اهللا عنه طل يف حقه تربأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالرباءة منه وشدد القول يف ذلك وبالغ فلما وقف الصادق على غلوه البا

يف التربي منه واللعن عليه فلما اعتزل عنه ادعى اإلمامة لنفسه

زعم أبو اخلطاب أن األئمة أنبياء مث أهله بإهلية جعفر بن حممد وإهلية آبائه رضي اهللا عنهم وهم أبناء اهللا وأحباؤه : وقال

يف اإلمامة وال خيلو العامل من هذه اآلثار واألنوار ) ١٧٩ \ ١( اإلهلية نور يف النبوة والنبوة نور و

Page 88: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وزعم أن جعفرا هو اإلله يف زمانه وليس هو احملسوس الذي يرونه ولكن ملا نزل إىل هذا العامل لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها

بث دعوته قتله بسبخة الكوفة وملا وقف عيسى بن موسى صاحب املنصور على خ : وافترقت اخلطابية بعده فرقا

فزعمت فرقة أن اإلمام بعد أيب اخلطاب رجل يقال له معمر ودانوا به كما دانوا بأيب اخلطاب وزعموا أن الدنيا ال تفىن وأن اجلنة هي اليت تصيب الناس من خري ونعمة وعافية وأن النار هي اليت تصيب الناس

قة وبلية واستحلوا اخلمر والزنا وسائر احملرمات ودانوا بترك الصالة والفرائض من شر ومش وتسمى هذه الفرقة املعمرية

وزعمت طائفة أن اإلمام بعد أيب اخلطاب بزيغ وكان يزعم أن جعفرا هو اإلله أي ظهر اإلله بصورته للخلق وما كان لنفس أن تؤمن إال بإذن اهللا أي يوحى إليه ( :وزعم أن كل مؤمن يوحى إليه من اهللا وتأول قول اهللا تعاىل

) وأوحى ربك إىل النحل : ( من اهللا وكذلك قوله تعاىل وزعم أن من أصحابه من هو أفضل من جربيل وميكائيل

رجع إىل : وزعم أن اإلنسان إذا بلغ الكمال ال يقال له أنه قد مات ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل وت امللك

وادعوا كلهم معاينة أمواهتم وزعموا أهنم يروهنم بكرة وعشية وتسمى هذه الطائفة البزيغية

وزعمت طائفة أن اإلمام بعد أيب اخلطاب عمري بن بيان العجلي وقالوا كما قالت الطائفة األوىل إال أهنم اعترفوا أهنم ميوتون

على عبادة الصادق رضي اهللا عنه فرفع خربهم إىل يزيد بن وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة جيتمعون فيها عمر بن هبرية فأخذ عمريا فصلبه يف كناسة الكوفة

وتسمى هذه الطائفة العجلية والعمريية أيضا )١٨٠ \ ١ (

وزعمت طائفة أن اإلمام بعد أيب اخلطاب مفضل الصرييف وكانوا يقولون بربوبية جعفر دون نبوته ورسالته

مى هذه الفرقة املفضلية وتسوتربأ من هؤالء كلهم جعفر بن حممد الصادق رضي اهللا عنه وطردهم ولعنهم فإن القوم كلهم حيارى ضالون

جاهلون حبال األئمة تائهون الكيالية -ز

أتباع أمحد بن الكيال تورين ولعله مسع كلمات وكان من دعاة واحد من أهل البيت بعد جعفر بن حممد الصادق وأظنه من األئمة املس

علمية فخلطها برأيه الفائل وفكره العاطل وأبدع مقالة يف كل باب علمي على قاعدة غري مسموعة وال معقولة ورمبا عاند احلسن يف بعض املواضع

Page 89: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وملا وقفوا على بدعته تربءوا منه ولعنوه وأمروا شيعتهم مبنابذته وترك خمالطته وملا عرف الكيال ذلك منهم صرف الدعوة إىل نفسه وادعى اإلمامة أوال مث ادعى أنه القائم ثانيا

وكان من مذهبه أن كل من قدر اآلفاق على األنفس وأمكنه أن يبني مناهج العاملني أعين عامل اآلفاق وهو العامل العلوي وعامل األنفس وهو العامل السفلي كان هو اإلمام

بني كل كلي يف شخصه املعني اجلزئي كان هو القائم وأن كل من قرر الكل يف ذاته وأمكنه أن ي ومل جيد يف زمن من األزمان أحد يقرر هذا التقرير إال أمحد الكيال فكان هو القائم : قال

وإمنا قتله من انتمى إليه أوال على بدعته ذلك أنه هو اإلمام مث القائم وبقيت من مقالته يف العامل تصانيف عربية فة مردودة شرعا وعقال وعجمية كلها مزخر

العامل األعلى والعامل األدىن والعامل اإلنساين : العوامل ثالثة : قال الكيال : وأثبت يف العامل األعلى مخسة أماكن

ال يسكنه موجود وال يدبره روحاين وهو حميط بالكل ) ١٨١ \ ١( مكان األماكن وهو مكان فارغ : األول رع عبارة عنه والعرش الوارد يف الش: قال

ودونه مكان النفس األعلى ودونه مكان النفس الناطقة

ودونه مكان النفس اإلنسانية وأرادت النفس اإلنسانية الصعود إىل عامل النفس األعلى فصعدت وخرقت املكانني أعين احليوانية والناطقة : قال

وتعفنت واستحالت أجزاؤها فأهبطت إىل فلما قربت من الوصول إىل عامل النفس األعلى كلت واحنسرت وحتريت العامل السفلي ومضت عليها أكوار وأدوار وهي يف تلك احلالة من العفونة واالستحالة

مث ساحت عليها النفس األعلى وأفاضت عليها من أنوارها جزءا فحدثت التراكيب يف هذا العامل وحدثت وان واإلنسان ووقعت يف باليا هذه التراكيب تارة سرورا السماوات واألرض واملركبات من املعادن والنبات واحلي

وتارة غما وتارة فرحا وتارة ترحا وطورا سالمة وعافية وطورا بلية وحمنة حىت يظهر القائم ويردها إىل حال الكمال وتنحل التراكيب وتبطل املتضادات ويظهر الروحاين على اجلسماين وما ذلك القائم إال أمحد الكيال

: لى تعيني ذاته بأضعف ما يتصور وأوهى ما يقدر وهو أن اسم أمحد مطابق للعوامل األربعة مث دل ع فاأللف من امسه يف مقابلة النفس األعلى

واحلاء يف مقابلة النفس الناطقة وامليم يف مقابلة النفس احليوانية

والدال يف مقابلة النفس اإلنسانية دئ والبسائط املبا: والعوامل األربعة هي : قال

وأما مكان األماكن فال وجود فيه البتة مث أثبت يف مقابلة العوامل العلوية العامل السفلي اجلسماين

فالسماء خالية وهي يف مقابلة مكان األماكن ودوهنا النار ودوهنا اهلواء ودونه األرض ودوهنا املاء وهذه : قال األربعة يف مقابلة العوامل األربعة

اإلنسان يف مقابلة النار والطائر يف مقابلة اهلواء واحليوان يف مقابلة األرض واحلوت يف مقابلة املاء وكذلك :مث قال

Page 90: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ما يف معناه فجعل مركز املاء أسفل املراكز واحلوت أخس املركبات )١٨٢ \ ١ (

األولني الروحاين واجلسماين العامل اإلنساين الذي هو أحد الثالثة وهو عامل األنفس مع آفاق العاملني: مث قال : احلواس املركبة فيه مخس : قال

يف مقابلة مكان األماكن إذ هو فارغ ويف مقابلة السماء : فالسمع يف مقابلة النفس األعلى من الروحاين ويف مقابلة النار من اجلسماين وفيه إنسان العني ألن اإلنسان خمتص : والبصر

بالنار الناطق من الروحاين واهلواء من اجلسماين ألن الشم من اهلواء يتروح ويتنسم يف مقابلة : والشم

يف مقابلة احليواين من الروحاين واألرض من اجلسماين واحليوان خمتص باألرض والطعم باحليوان : والذوق حلوت ورمبا عرب عن يف مقابلة اإلنساين من الروحاين واملاء من اجلسماين واحلوت خمتص باملاء واللمس با: واللمس

اللمس بالكتابة : أمحد هو ألف وحاء وميم ودال وهو يف مقابلة العاملني : مث قال

أما يف مقابلة العامل العلوي الروحاين فقد ذكرناه وأما يف مقابلة العامل السفلي اجلسماين فاأللف تدل على اإلنسان واحلاء تدل على احليوان وامليم على الطائر والدال

ى احلوت عل فاأللف من حيث استقامة القامة كاإلنسان

واحلاء كاحليوان ألنه معوج منكوس وألن احليوان من ابتداء اسم احليوان وامليم تشبه رأس الطائر

والدال تشبه ذنب احلوت : إن البارئ تعاىل إمنا خلق اإلنسان على شكل اسم أمحد : مث قال

حلاء والبطن مثل امليم والرجالن مثل الدال فالقامة مثل األلف واليدان مثل اإن األنبياء هم قادة أهل التقليد وأهل التقليد عميان والقائم قائد أهل البصرية وأهل : مث من العجب أنه قال

البصرية أولوا األلباب وإمنا حيصلون البصائر مبقابلة اآلفاق واألنفس )١٨٣ \ ١ (

قاالت وأوهى املقابالت حبيث ال يستجيز عاقل أن يسمعها فكيف يرضى أن واملقابلة كما مسعتها من أخس امل يعتقدها

وأعجب من هذا كله تأويالته الفاسدة ومقابالته بني الفرائض الشرعية واألحكام الدينية وبني موجودات عاملي قرير ذلك ال على اآلفاق واألنفس وادعاؤه أنه متفرد هبا وكيف يصح له ذلك وقد سبقه كثري من أهل العلم بت

الوجه املزيف الذي قرره الكيال ومحله امليزان على العاملني والصراط على نفسه واجلنة على الوصول إىل علمه من البصائر والنار على الوصول إىل ما يضاده

وملا كانت أصول علمه ما ذكرناه فانظر كيف يكون حال الفروع اهلشامية -ح

كم صاحب املقالة يف التشبيه وهشام بن سامل اجلواليقي الذي نسج على منواله يف أصحاب اهلشامني هشام بن احل

Page 91: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

التشبيه وكان هشام بن احلكم من متكلمي الشيعة وجرت بينه وبني أيب اهلذيل مناظرات يف علم الكالم منها يف التشبيه

ومنها يف تعلق علم الباري تعاىل معبوده وبني األجسام تشاهبا ما بوجه من الوجوه ولوال ذلك ملا إن بني: حكى ابن الراوندي عن هشام أنه قال

دلت عليه هو جسم ذو أبعاض له قدر من األقدار ولكن ال يشبه شيئا من املخلوقات وال يشبهه : وحكى الكعيب عنه أنه قال

شيء يتحرك وحركته فعله هو سبعة أشبار بشرب نفسه وأنه يف مكان خمصوص وجهة خمصوصة وأنه : ونقل عنه أنه قال

وليست من مكان إىل مكان هو متناه بالذات غري متناه بالقدرة : وقال

إن اهللا تعاىل مماس لعرشه ال يفضل منه شيء عن العرش وال يفضل من : وحكى عنه أبو عيسى الوراق أنه قال العرش شيء عنه

)١٨٤ \ ١ ( ا بنفسه ويعلم األشياء بعد كوهنا بعلم ال يقال فيه أنه حمدث أو مل يزل الباري تعاىل عامل: ومن مذهب هشام أنه قال

قدمي ألنه صفة والصفة ال توصف وال يقال فيه هو هو أو غريه أو بعضه وليس قوله يف القدرة واحلياة كقوله يف العلم إال أنه ال يقول حبدوثهما

ه ويريد األشياء وإرادته حركة ليست هي عني اهللا وال هي غري: قال إنه صفة للباري تعاىل وال جيوز أن يقال هو خملوق أو غري خملوق : وقال يف كالم الباري تعاىل

األعراض ال تصلح أن تكون داللة على اهللا تعاىل ألن منها ما يثبت استدالال وما يستدل به على الباري : وقال تعاىل جيب أن يكون ضروري الوجود ال استدالال

ل ما ال يكون الفعل إال به كاآلالت واجلوارح والوقت واملكان االستطاعة ك: وقال إنه تعاىل على صورة إنسان أعاله جموف وأسفله مصمت وهو نور ساطع يتألأل وله حواس : وقال هشام بن سامل

مخس ويد ورجل وأنف وأذن وفم وله وفرة سوداء هي نور أسود لكنه ليس بلحم وال دم تطاعة بعض املستطيع وقد نقل عنه أنه أجاز املعصية على األنبياء مع قوله بعصمة األئمة االس: وقال هشام بن سامل

ويفرق بينهما بأن النيب يوحى إليه فينبه على وجه اخلطأ فيتوب عنه واإلمام ال يوحى إليه فتجب عصمته إنه إله واجب الطاعة : وغال هشام بن احلكم يف حق علي رضي اهللا عنه حىت قال

هشام بن احلكم صاحب عور يف األصول ال جيوز أن يغفل عن إلزاماته على املعتزلة فإن الرجل وراء ما يلزم وهذا به على اخلصم ودون ما يظهره من التشبيه

الباري تعاىل عامل بعلم وعلمه ذاته فيشارك احملدثات يف أنه عامل بعلم : إنك تقول : وذلك أنه ألزم العالف فقال علمه ذاته فيكون عاملا ال كالعاملني فلم ال تقول أنه جسم ال كاألجسام وصورة ال كالصور وله قدر ويباينها يف أن

ال كاألقدار إىل غري ذلك )١٨٥ \ ١ (

ووافقه زرارة بن أعني يف حدوث علم اهللا تعاىل وزاد عليه حبدوث قدرته وحياته وسائر صفاته وأنه مل يكن قبل

Page 92: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

قادرا وال حيا وال مسيعا وال بصريا وال مريدا وال متكلما حدوث هذه الصفات عاملا وال وكان يقول بإمامة عبد اهللا بن جعفر فلما فاوضه يف مسائل ومل جيده هبا مليا رجع إىل موسى بن جعفر

هذا إمامي وأنه كان قد التوى على عبد اهللا بن: إنه مل يقل بإمامته إال أنه أشار إىل املصحف وقال : وقيل أيضا جعفر بعض االلتواء

وحكي عن الزرارية أن املعرفة ضرورية وأنه ال يسع جهل األئمة فإن معارفهم كلها فطرية ضرورية وكل ما يعرفه غريهم بالنظر فهو عندهم أويل ضروري وفطرياهتم ال يدركها غريهم

النعمانية -ط هم الشيطانية أيضا أصحاب حممد بن النعمان أيب جعفر األحول امللقب بشيطان الطاق و

هو مؤمن الطاق : والشيعة تقول وهو تلميذ الباقر حممد بن علي بن احلسني رضي اهللا عنهم وأفضى إليه أسرارا من أحواله وعلومه وما حيكى عنه من

التشبيه فهو غري صحيح وافق هشام بن احلكم يف أن اهللا تعاىل ال يعلم شيئا حىت يكون : قيل

إن اهللا عامل يف نفسه ليس جباهل ولكنه إمنا يعلم األشياء إذا قدرها وأرادها : وكثري من الروافض قال شيطان الطاق فأما من قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها ال ألنه ليس بعامل ولكن الشيء ال يكون شيئا حىت يقدره وينشئه

بالتقدير والتقدير عنده اإلرادة واإلرادة فعله تعاىل )١٨٦ \ ١ (

قد ورد يف اخلرب أن اهللا خلق : إن اهللا تعاىل نور على صورة إنسان رباين ونفى أن يكون جسما لكنه قال : وقال آدم على صورته وعلى صورة الرمحن فال بد من تصديق اخلرب

ي وحيكى عن مقاتل بن سليمان مثل مقالته يف الصورة وكذلك حيكى عن داود اجلواريب ونعيم بن محاد املصر وغريمها من أصحاب احلديث أنه تعاىل ذو صورة وأعضاء

اعفوين من الفرج واللحية واسألوين عما وراء ذلك فإن يف األخبار ما يثبت ذلك : وحيكى عن داود أنه قال : منها افعل مل فعلت ومنها افعل ال تفعل ويذكر فيها أن كبار الفرق أربعة : وقد صنف ابن النعمان كتبا مجة للشيعة

الفرقة األوىل عنده القدرية الفرقة الثانية عنده اخلوارج

الفرقة الثالثة عنده العامة الفرقة الرابعة عنده الشيعة

مث عني الشيعة بالنجاة يف اآلخرة من هذه الفرق ه سئل عن وذكر عن هشام بن سامل وحممد بن النعمان أهنما أمسكا عن الكالم يف اهللا ورويا عمن يوجبان تصديقه أن

) وأن إىل ربك املنتهى : ( قول اهللا تعاىل إذا بلغ الكالم إىل اهللا تعاىل فأمسكوا فأمسكا عن القول يف اهللا والتفكر فيه حىت ماتا هذا نقل الوراق : قال

)١٨٧ \ ١ ( ومن مجلة الشيعة

اليونسية -ي

Page 93: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أصحاب يونس بن عبد الرمحن القمي موىل آل يقطني الئكة حتمل العرش والعرش حيمل الرب تعاىل إذ قد ورد يف اخلرب أن املالئكة تئط أحيانا من وطأة عظمة زعم أن امل

اهللا تعاىل على العرش وهو من مشبهة الشيعة وقد صنف هلم كتبا يف ذلك

النصريية واإلسحاقية -ك من مجلة غالة الشيعة وهلم مجاعة ينصرون مذهبهم ويذبون عن أصحاب مقاالهتم

وبينهم خالف يف كيفية إطالق اسم اإلهلية على األئمة من أهل البيت : ظهور الروحاين باجلسد اجلسماين أمر ال ينكره عاقل : قالوا

إما يف جانب اخلري فكظهور جربيل عليه السالم ببعض األشخاص والتصور بصورة أعرايب والتمثل بصورة البشر بصورة إنسان حىت يعمل الشر بصورته وظهور اجلن بصورة بشر حىت يتكلم وإما يف جانب الشر فكظهور الشيطان

إن اهللا تعاىل ظهر بصورة أشخاص : بلسانه فكذلك نقول وبعده أوالده املخصوصون وهم ) ١٨٨ \ ١( وملا مل يكن بعد رسول اهللا شخص أفضل من علي رضي اهللا عنه

بأيديهم فمن هذا أطلقنا اسم اإلهلية عليهم وإمنا أثبتنا هذا خري الربية فظهر احلق بصورهتم ونطق بلساهنم وأخذ االختصاص لعلي رضي اهللا عنه دون غريه ألنه كان خمصوصا بتأييد إهلي من عند اهللا تعاىل فيما يتعلق بباطن األسرار

املشركني إىل النيب وعن هذا كان قتال ) أنا أحكم بالظاهر واهللا يتوىل السرائر : ( قال النيب صلى اهللا عليه و سلم صلى اهللا عليه و سلم وقتال املنافقني إىل علي رضي اهللا عنه

لوال أن يقول الناس فيك ما قالوا : ( وعن هذا شبهه بعيسى ابن مرمي عليه السالم فقال النيب صلى اهللا عليه و سلم ) يف عيسى ابن مرمي عليه السالم لقلت فيك مقاال

فيكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على : ( لرسالة إذ قال النيب عليه الصالة و السالم ورمبا أثبتوا له شركة يف ا ) تنزيله أال وهو خاصف النعل

فعلم التأويل وقتال املنافقني ومكاملة اجلن وقلع باب خيرب ال بقوة جسدانية من أول الدليل على أن فيه جزءا إهليا بصورته وخلق بيده وأمر بلسانه وقوة ربانية ويكون هو الذي ظهر اإلله

كان موجودا قبل خلق السموات واألرض : وعن هذا قالوا كنا أظلة عن ميني العرش فسبحنا فسبحت املالئكة بتسبيحنا فتلك الظالل وتلك الصور اليت تنبئ عن الظالل : قال

ذا العامل أو يف ذلك العامل هي حقيقته وهي مشرقة بنور الرب تعاىل إشراقا ال ينفصل عنها سواء كانت يف هأنا من أمحد كالضوء من الضوء يعين ال فرق بني النورين إال أن أحدمها سابق : وعن هذا قال علي رضي اهللا عنه

والثاين الحق به تال له وهذا يدل على نوع الشركة : قالوا

فالنصريية أميل إىل تقرير اجلزء اإلهلي كة يف النبوة واإلسحاقية أميل إىل تقرير الشر

وهلم اختالفات كثرية أخرى ال نذكرها )١٨٩ \ ١ (

وقد جنزت الفرق اإلسالمية وما بقيت إال فرقة الباطنية وقد أوردهم أصحاب التصانيف يف كتب املقاالت إما

Page 94: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

خارجة عن الفرق وإما داخلة فيها وباجلملة هم قوم خيالفون االثنني والسبعني فرقة و كتبهم من احملدثني رجال الشيعة ومصنف

: فمن الزيدية أبو خالد الواسطي ومنصور بن األسود وهارون بن سعد العجلي جارودية

ووكيع بن اجلراح وحيىي بن آدم وعبد اهللا بن موسى وعلي بن صاحل والفضل بن دكني وأبو حنيفة بترية وخرج حممد بن عجالن مع حممد اإلمام

ن عوام ويزيد بن هارون والعالء بن راشد وهشيم بن بشري والعوام بن حوشب وخرج إبراهيم بن سعيد وعباد ب ومستلم بن سعيد مع إبراهيم اإلمام : ومن اإلمامية وسائر أصناف الشيعة

سامل بن أيب اجلعد وسامل بن أيب حفصة وسلمة بن كهيل وثوير بن أيب فاختة وحبيب بن أيب ثابت وأبو املقدام وشعبة اجلعفي وأبو عبد اهللا اجلديل وأبو إسحق السبيعي واملغرية وطاووس والشعيب وعلقمة وهبرية بن واألعمش وجابر

برمي وحبة العرين واحلارث األعور : ومن مؤلفي كتبهم

هشام بن احلكم وعلي بن منصور ويونس بن عبد الرمحن والشكال والفضل بن شاذان واحلسني بن أشكاب وحممد ة وأبو سهل النوخبيت وأمحد بن حيىي الراوندي بن عبد الرمحن وابن قب

أبو جعفر الطوسي : ومن املتأخرين )١٩٠ \ ١ (

اإلمساعيلية - ٥

قد ذكرنا أن اإلمساعيلية امتازت عن املوسوية وعن االثنا عشرية بإثبات اإلمامة إلمساعيل بن جعفر وهو ابنه األكرب املنصوص عليه يف بدء األمر

وج الصادق رضي اهللا عنه على أمه بواحدة من النساء وال تسرى جبارية كسنة رسول اهللا صلى اهللا ومل يتز: قالوا عليه و سلم يف حق خدجية رضي اهللا عنها وكسنة علي رضي اهللا عنه يف حق فاطمة رضي اهللا عنها

: وقد ذكرنا اختالفاهتم يف موته يف حال حياة أبيه دة النص عليه انتقال اإلمامة منه إىل أوالده خاصة كما نص موسى على هارون إنه مات وإمنا فائ: فمنهم من قال

عليهما السالم مث مات هارون يف حال حياة أخيه وإمنا فائدة النص انتقال اإلمامة منه إىل أوالده فإن النص ال يرجع آبائه والتعيني ال جيوز على قهقرى والقول بالبداء حمال وال ينص اإلمام على واحد من أوالده إال بعد السماع من

اإلهبام واجلهالة إنه مل ميت ولكنه أظهر موته تقية عليه حىت ال يقصد بالقتل : ومنهم من قال

: وهلذا القول دالالت منها أن حممدا كان صغريا وهو أخوه ألمه مضى إىل السرير الذي كان إمساعيل نائما عليه ورفع املالءة فأبصره وقد

عاش أخي عاش أخي : اد إىل أبيه مفزعا وقال فتح عينيه فع إن أوالد الرسول عليه الصالة و السالم كذا تكون حاهلم يف اآلخرة : قال والده

Page 95: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومنها السبب يف اإلشهاد على موته وكتب احملضر عنه ومل نعهد ميتا سجل على موته : قالوا صرة وقد مر على مقعد فدعا له فربئ بإذن اهللا تعاىل وعن هذا ملا رفع إىل املنصور أن إمساعيل بن جعفر رئي بالب

بعث املنصور إىل الصادق أن إمساعيل بن جعفر يف األحياء وأنه رئي بالبصرة أنفذ السجل إليه وعليه شهادة عامله باملدينة

)١٩١ \ ١ ( ئ منه باألئمة املستورين الذين وبعد إمساعيل حممد بن إمساعيل السابع التام وإمنا مت دور السبعة به مث ابتد: قالوا

كانوا يسريون يف البالد سرا ويظهرون الدعاة جهرا ولن ختلو األرض قط من إمام حي قائم إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور : قالوا

فإذا كان اإلمام ظاهرا جاز أن يكون حجته مستورا وإذا كان اإلمام مستورا فال بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين

إن األئمة تدور أحكامهم على سبعة سبعة كأيام األسبوع والسموات السبع والكواكب السبعة والنقباء : وقالوا تدور أحكامهم على اثين عشر

وعن هذا وقعت الشبهة لإلمامية القطعية حيث قرروا عدد النقباء لألئمة : قالوا بأمر اهللا وأوالدهم نصا بعد نص على إمام بعد إمام مث بعد األئمة املستورين كان ظهور املهدي باهللا والقائم

ومن مذهبهم أن من مات ومل يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية وكذلك من مات ومل يكن يف عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية

ة وهلم دعوة يف كل زمان ومقالة جديدة بكل لسان فنذكر مقاالهتم القدمية ونذكر بعدها دعوة صاحب الدعو اجلديدة

وأشهر ألقاهبم الباطنية وإمنا لزمهم هذا اللقب حلكمهم بأن لكل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويال : وهلم ألقاب كثرية سوى هذه على لسان قوم قوم

يسمون الباطنية والقرامطة واملزدكية : فبالعراق التعليمية وامللحدة : وخبراسان

نا متيزنا عن فرق الشيعة هبذا االسم وهذا الشخص حنن اإلمساعيلية ألن: وهم يقولون على هذا املنهاج ) ١٩٢ \ ١( مث إن الباطنية القدمية قد خلطوا كالمهم ببعض كالم الفالسفة وصنفوا كتبهم

إنا ال نقول هو موجود وال ال موجود وال عامل وال جاهل وال قادر وال عاجز : فقالوا يف الباري تعاىل فإن اإلثبات احلقيقي يقتضي شركة بينه وبني سائر املوجودات يف اجلهة اليت أطلقنا عليه : الصفات وكذلك يف مجيع

وذلك تشبيه فلم يكن احلكم باإلثبات املطلق والنفي املطلق بل هو إله املتقابلني وخالق املتخاصمني واحلاكم بني املتضادين

ملا وهب العلم للعاملني قيل هو عامل وملا وهب القدرة للقادرين :ونقلوا يف هذا نصا عن حممد بن علي الباقر أنه قال قيل هو قادر فهو عامل قادر مبعىن أنه وهب العلم والقدرة ال مبعىن أنه قام به العلم والقدرة أو وصف بالعلم والقدرة

إهنم نفاة الصفات حقيقة معطلة الذات عن مجيع الصفات : فقيل فيهم القدم أنه ليس بقدمي وال حمدث بل القدمي أمره وكلمته واحملدث خلقه وفطرته وكذلك نقول يف: قالوا

أبدع باألمر العقل األول الذي هو تام بالفعل مث بتوسطه أبدع النفس التايل الذي هو غري تام

Page 96: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: ونسبة النفس إىل العقل إما نسبة النطفة إىل متام اخللقة والبيض إىل الطري

الوالد والنتيجة إىل املنتج وإما نسبة الولد إىل وإما نسبة األنثى إىل الذكر والزوج إىل الزوج

وملا اشتاقت النفس إىل كمال العقل احتاجت إىل حركة من النقص إىل الكمال واحتاجت احلركة إىل آلة : قالوا بعدها وحتركت احلركة فحدثت األفالك السماوية وحتركت حركة دورية بتدبري النفس وحدثت الطبائع البسيطة

حركة استقامة بتدبري النفس أيضا فتركبت املركبات من املعادن والنبات واحليوان واإلنسان واتصلت النفوس اجلزئية باألبدان وكان نوع اإلنسان متميزا عن سائر املوجودات باالستعداد اخلاص لفيض تلك األنوار وكان عامله

يف مقابلة العامل كله قل ونفس كلي فوجب أن يكون يف هذا العامل عقل مشخص هو كل وحكمه حكم الشخص ويف العامل العلوي ع

مشخصة وهو كل أيضا وحكمه حكم الطفل ) ١٩٣ \ ١( الكامل البالغ ويسمونه الناطق وهو النيب ونفس ه األساس الناقص املتوجه إىل الكمال أو حكم النطفة املتوجهة إىل التمام أو حكم األنثى املزدوجة بالذكر ويسمون

وهو الوصي وكما حتركت األفالك والطبائع بتحريك النفس والعقل كذلك حتركت النفوس واألشخاص بالشرائع : قالوا

بتحريك النيب والوصي يف كل زمان دائرا على سبعة سبعة حىت ينتهي إىل الدور األخري ويدخل زمان القيامة وترتفع التكاليف وتضمحل السنن والشرائع

احلركات الفلكية والسنن الشرعية لتبلغ النفس إىل حال كماهلا وكماهلا بلوغها إىل درجة العقل واحتادها به إمنا هذهووصوهلا إىل مرتبته فعال وذلك هو القيامة الكربى فتنحل تراكيب األفالك والعناصر واملركبات وتنشق السماء

السجل للكتاب املرقوم وفيه حياسب اخللق وتتناثر الكواكب وتبدل األرض غري األرض وتطوى السماء كطي ويتميز اخلري عن الشر واملطيع عن العاصي وتتصل جزئيات احلق بالنفس الكلي وجزئيات الباطل بالشيطان املضل

املبطل فمن وقت احلركة إىل وقت السكون هو املبدأ ومن وقت السكون إىل ما ال هناية له هو الكمال ة وحكم من األحكام الشرعية من بيع وإجارة وهبة ونكاح وطالق وجراح وقصاص ما من فريضة وسن: مث قالوا

ودية إال وله وزان من العامل عددا يف مقابلة عدد وحكما يف مطابقة حكم فإن الشرائع عوامل روحانية أمرية والعوامل صور واألجسام شرائع جسمانية خلقية وكذلك التركيبات يف احلروف والكلمات على وزان التركيبات يف ال

واحلروف املفردة نسبتها إىل املركبات من الكلمات كالبسائط اجملردة إىل املركبات من األجسام ولكل حرف وزان يف العامل وطبيعة خيصها وتأثري من حيث تلك اخلاصية يف النفوس فعن هذا صارت العلوم املستفادة من الكلمات

ستفادة من الطبائع اخللقية غذاء لألبدان وقد قدر اهللا تعاىل أن يكون التعليمية غذاء للنفوس كما صارت األغذية املغذاء كل موجود مما خلق منه فعلى هذا الوزان صاروا إىل ذكر أعداد الكلمات واآليات وأن ) ١٩٤ \ ١(

التسمية مركبة من سبعة واثين عشر وأن التهليل مركب من أربع كلمات يف إحدى الشهادتني وثالث كلمات يفالشهادة الثانية وسبع قطع يف األوىل وست يف الثانية واثين عشر حرفا يف األوىل واثين عشر حرفا يف الثانية وكذلك

يف كل آية أمكنهم استخراج ذلك مما ال يعمل العاقل فكرته فيه إال ويعجز عن ذلك خوفا من مقابلته بضده وهذه املقابالت

ا ودعوا الناس إىل إمام يف كل زمان يعرف موازنات هذه العلوم ويهتدي كانت طريقة أسالفهم قد صنفوا فيها كتب

Page 97: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إىل مدارج هذه األوضاع والرسوم مث إن أصحاب الدعوة اجلديدة تنكبوا هذه الطريقة حني أظهر احلسن بن حممد بن الصباح دعوته وقصر على

اإللزامات كلمته واستظهر بالرجال وحتصن بالقالع قلعة املوت يف شهر شعبان سنة ثالث ومثانني وأربعمائة وذلك بعد أن هاجر إىل بالد إمامه وكان بدء صعوده على

وتلقى منه كيفية الدعوة ألبناء زمانه فعاد ودعا الناس أول دعوة إىل تعيني إمام صادق قائم يف كل زمان ومتييز إمام وإمنا تعود خالصة كالمه بعد ترديد الفرقة الناجية عن سائر الفرق هبذه النكتة وهي أن هلم إماما وليس لغريهم

القول فيه عودا على بدء بالعربية والعجمية إىل هذا احلرف وحنن ننقل ما كتبه بالعجمية إىل العربية وال معاب على الناقل واملوفق من اتبع احلق واجتنب الباطل واهللا املوفق

واملعني : تبها عجمية فعربتها فنبدأ بالفصول األربعة اليت ابتدأ هبا دعوته وك

: للمفيت يف معرفة اهللا تعاىل أحد قولني : قال : األول اعرف الباري تعاىل مبجرد العقل والنظر من احتياج إىل تعليم معلم : إما أن يقول

ال طريق إىل املعرفة مع العقل والنظر إال بتعليم معلم : وإما أن يقول ار على عقل غريه ونظره فإنه مىت أنكر فقد علم واإلنكار تعليم ودليل على ومن أفىت باألول فليس له اإلنك: قال

أن املنكر عليه حمتاج إىل غريه والقسمان ضروريان ألن اإلنسان إذا أفىت بفتوى أو قال قوال فإما أن يعتقده من نفسه أو من غريه : قال

)١٩٥ \ ١ ( عقل هذا هو الفصل األول وهو كسر على أصحاب الرأي وال

وذكر يف الفصل الثاين أنه إذا ثبت االحتياج إىل معلم أفيصلح كل معلم على اإلطالق أم ال بد من معلم صادق ؟ ومن قال أنه يصلح كل معلم ما ساغ له اإلنكار على معلم خصمه وإذا أنكر فقد سلم أنه ال بد من معلم : قال

صادق معتمد وهذا كسر على أصحاب احلديث : قيل يف الفصل الثالث أنه إذا ثبت االحتياج إىل معلم صادق أفال بد من معرفة املعلم أوال والظفر به مث التعلم منه وذكر

أم جاز التعلم من كل معلم من غري تعيني شخصه وتبيني صدقه ؟ الشيعة والثاين رجوع إىل األول ومن مل ميكنه سلوك الطريق إال مبقدم ورفيق فالرفيق مث الطريق وهو كسر على

: وذكر يف الفصل الرابع أن الناس فرقتان حنن حنتاج يف معرفة الباري تعاىل إىل معلم صادق وجيب تعيينه وتشخيصه أوال مث التعلم منه : فرقة قالت

وفرقة أخذت يف كل علم من معلم وغري معلم ون رئيس احملقني وقد تبني باملقدمات السابقة أن احلق مع الفرقة األوىل فرئيسهم جيب أن يك

وإذ تبني أن الباطل مع الفرقة الثانية فرؤساؤهم جيب أن يكونوا رؤساء املبطلني وهذه الطريقة هي اليت عرفنا هبا احملق باحلق معرفة جمملة مث نعرف بعد ذلك احلق باحملق معرفة مفصلة حىت ال : قال

ق احملتاج إليه يلزم دوران املسائل وإمنا عين باحلق ههنا االحتياج وباحملباالحتياج عرفنا اإلمام وباإلمام عرفنا مقادير االحتياج كما باجلواز عرفنا الوجوب أي واجب الوجود وبه : وقال

Page 98: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عرفنا مقادير اجلواز يف اجلائزات والطريق إىل التوحيد كذلك حذو القذة بالقذة : قال

ى املذاهب وأكثرها كسر وإلزام واستدالل باالختالف إما متهيدا وإما كسرا عل: مث ذكر فصوال يف تقرير مذهبه على البطالن وباالتفاق على احلق

)١٩٦ \ ١ ( الصغري والكبري يذكر أن يف العامل حقا وباطال مث يذكر أن عالمة احلق هي الوحدة وعالمة : منها فصل احلق والباطل

والتعليم مع اجلماعة واجلماعة مع اإلمام والرأي مع الباطل هي الكثرة وأن الوحدة مع التعليم والكثرة مع الرأي الفرق املختلفة وهي مع رؤسائهم

وجعل احلق والباطل والتشابه بينهما من وجه والتمايز بينهما من وجه والتضاد يف الطرفني والترتب يف أحد الطرفني ميزانا يزن به مجيع ما يتكلم فيه

الشهادة وتركيبها من النفي واإلثبات أو النفي واالستثناء وإمنا أنشأت هذا امليزان من كلمة: قال فما هو مستحق النفي باطل وما هو مستحق اإلثبات حق ووزن بذلك اخلري والشر والصدق والكذب وسائر : قال

املتضادات ن توحيدا وأن ونكتته أن يرجع يف كل مقالة وكلمة إىل إثبات املعلم وأن التوحيد هو التوحيد والنبوة معا حىت يكو

النبوة هي النبوة واإلمامة معا حىت تكون نبوة وهذا هو منتهى كالمه وقد منع العوام من اخلوض يف العلوم وكذلك اخلواص عن مطالعة الكتب املتقدمة إال من عرف كيفية احلال يف كل

كتاب ودرجة الرجال يف كل علم إله حممد إن إهلنا : ومل يتعد بأصحابه يف اإلهليات عن قوله

وأنتم تقولون إهلنا إله العقول أي ما هدي إليه عقل كل عاقل : قال ما تقول يف الباري تعاىل وأنه هل هو واحد أم كثري عامل أم ال قادر أم ال ؟ : فإن قيل لواحد منهم الدين كله ولو إن إهلي إله حممد وهو الذي أرسل رسوله باهلدى ودين احلق ليظهره على: مل جيب إال هبذا القدر

كره املشركون والرسول هو اهلادي إليه أفنحتاج إليك أو نسمع هذا منك أو نتعلم : وكم قد ناظرت القوم على املقدمات املذكورة فلم يتخطوا عن قوهلم

عنك ؟ )١٩٧ \ ١ (

وماذا يرسم يل يف أين احملتاج إليه وأي شيء يقرره يل يف اإلهليات: وكم قد ساهلت القوم يف االحتياج وقلت املعقوالت إذ املعلم ال يعين لعينه وإمنا يعين ليعلم وقد سددمت باب العلم وفتحتم باب التسليم والتقليد وليس يرضى

عاقل بأن يعتقد مذهبا على غري بصرية وأن يسلك طريقا من غري بينة حىت حيكموك فيما شجر بينهم مث ال وإن كانت مبادئ الكالم حتكيمات وعواقبها تسليمات فال وربك ال يؤمنون

جيدوا يف أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما

أهل الفروع: الفصل السابع

Page 99: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

املختلفون يف األحكام الشرعية واملسائل االجتهادية الكتاب والسنة واإلمجاع والقياس : اعلم أن أصول االجتهاد وأركانه أربعة

ورمبا تعود إىل اثنني ا صحة هذه األركان واحنصارها من إمجاع الصحابة رضي اهللا عنهم وتلقوا أصل االجتهاد والقياس وإمنا تلقو

وجوازه منهم أيضا فإن العلم قد حصل بالتواتر أهنم إذا وقعت هلم حادثة شرعية من حالل أو حرام فزعوا إىل االجتهاد وابتدءوا

ىل السنة فإن روي هلم يف ذلك خرب أخذوا به ونزلوا على بكتاب اهللا تعاىل فإن وجدوا فيه نصا أو ظاهرا فزعوا إ حكمه وإن مل جيدوا اخلرب فزعوا إىل االجتهاد فكانت أركان االجتهاد عندهم اثنني أو ثالثة

)١٩٨ \ ١ ( ولنا بعدهم أربعة إذ وجب علينا األخذ مبقتضى إمجاعهم واتفاقهم واجلري على مناهج اجتهادهم

على حادثة إمجاعا اجتهاديا ورمبا كان إمجاعا مطلقا مل يصرح فيه باجتهاد وعلى الوجهني مجيعا ورمبا كان إمجاعهم فاإلمجاع حجة شرعية إلمجاعهم على التمسك باإلمجاع

وحنن نعلم أن الصحابة رضي اهللا عنهم الذين هم األئمة الراشدون ال جيتمعون على ضالل وقد قال النيب صلى اهللا ) ال جتتمع أميت على ضاللة : ( عليه و سلم

ولكن اإلمجاع ال خيلو عن نص خفي أو جلي قد اختصه ألنا على القطع نعلم أن الصدر األول ال جيمعون على أمر : إال عن تثبت وتوقيف

فإما أن يكون ذلك النص يف نفس احلادثة اليت اتفقوا على حكمها من غري بيان ما يستند إليه حكمها نص يف أن اإلمجاع حجة وخمالفة اإلمجاع بدعة وإما أن يكون ال

وباجلملة مستند اإلمجاع نص خفي أو جلي ال حمالة وإال فيؤدي إىل إثبات األحكام املرسلة ومستند االجتهاد والقياس هو اإلمجاع وهو أيضا مستند إىل نص خمصوص يف جواز االجتهاد

ترجع إىل واحد وهو قول اهللا تعاىل فرجعت األصول األربعة يف احلقيقة إىل اثنني ورمبا وباجلملة نعلم قطعا ويقينا أن احلوادث والوقائع يف العبادات والتصرفات مما ال يقبل احلصر والعد ونعلم قطعا أيضا

أنه مل يرد يف كل حادثة نص وال يتصور ذلك أيضا ما يتناهى علم قطعا أن االجتهاد والقياس والنصوص إذا كانت متناهية والوقائع غري متناهية وما ال يتناهى ال يضبطه

واجب االعتبار حىت يكون بصدد كل حادثة اجتهاد مث ال جيوز أن يكون االجتهاد مرسال خارجا عن ضبط الشرع فإن القياس املرسل شرع آخر وإثبات حكم من غري

هاده عن هذه األركان مستند وضع آخر والشارع هو الواضع لألحكام فيجب على اجملتهد أن ال يعدل يف اجت )١٩٩ \ ١ (

: وشرائط االجتهاد مخسة -ب حبيث ميكنه فهم لغات العرب والتمييز بني األلفاظ الوضعية واالستعارية والنص : معرفة قدر صاحل من اللغة

هومه والظاهر والعام واخلاص واملطلق واملقيد واجململ واملفصل وفحوى اخلطاب ومفهوم الكالم وما يدل على مف باملطابقة وما يدل بالتضمن وما يدل باالستتباع

Page 100: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فإن هذه املعرفة كاآللة اليت هبا حيصل الشيء ومن مل حيكم اآللة واألداة مل يصل إىل متام الصنعة خصوصا ما يتعلق باألحكام وما ورد من األخبار يف معاين اآليات وما رئي من الصحابة : مث معرفة تفسري القرآن

كيف سلكوا مناهجها وأي معىن فهموا من مدارجها املعتربين مل يضره ذلك يف االجتهاد فإن من الصحابة من : ولو جهل تفسري سائر اآليات اليت تتعلق باملواعظ والقصص قيل

كان ال يدري تلك املواعظ ومل يتعلم بعد مجيع القرآن وكان من أهل االجتهاد اإلحاطة بأحوال النقلة والرواة عدوهلا وثقلها ومطعوهنا ومردودها واإلحاطة مبتوهنا وأسانيدها و: مث معرفة األخبار

بالوقائع اخلاصة فيها وما هو عام ورد يف حادثة خاصة وما هو خاص عمم يف الكل حكمه مث الفرق بني الواجب ب والندب واإلباحة واحلظر والكراهة حىت ال يشذ عنه وجه من هذه الوجوه وال خيتلط عليه باب ببا

حىت ال يقع اجتهاده يف خمالفة : مث معرفة مواقع إمجاع الصحابة والتابعني وتابعي التابعني من السلف الصاحلني اإلمجاع

مث التهدي إىل مواضع األقيسة وكيفية النظر والتردد فيها من طلب أصل أوال مث طلب معىن خميل يستنبط منه فيعلق ق احلكم به احلكم عليه أو شبه يغلب على الظن فيلح

والتقليد يف حق ) ٢٠٠ \ ١( فهذه مخسة شرائط ال بد من مراعاهتا حىت يكون اجملتهد جمتهدا واجب االتباع العامي وإال فكل حكم مل يستند إىل قياس واجتهاد مثل ما ذكرنا فهو مرسل مهمل

ى إليه اجتهاده سائغا يف الشرع فإذا حصل اجملتهد هذه املعارف ساغ له االجتهاد ويكون احلكم الذي أد: قالوا ووجب على العامي تقليده واألخذ بفتواه

يا معاذ مب حتكم ؟ : وقد استفاض اخلرب عن النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه ملا بعث معاذا إىل اليمن قال بكتاب اهللا : قال فإن مل جتد ؟ : قال فبسنة رسول اهللا : قال فإن مل جتد ؟ : قال تهد برأيي اج: قال

) احلمد هللا الذي وفق رسول رسوله ملا يرضاه : ( فقال النيب صلى اهللا عليه و سلم ملا بعثين رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم : وقد روي عن أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه أنه قال

السن ؟ يا رسول اهللا كيف أقضي بني الناس وأنا حديث: قاضيا إىل اليمن قلت ) اللهم اهد قلبه وثبت لسانه : ( فضرب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم بيده على صدري وقال

فما شككت بعد ذلك يف قضاء بني اثنني أحكام اجملتهدين يف األصول والفروع - ١

: مث اختلف أهل األصول يف تصويب اجملتهدين يف األصول والفروع لناظر يف املسائل األصولية واألحكام العقلية اليقينية القطعية جيب أن يكون متعني فعامة أهل األصول على أن ا

اإلصابة فاملصيب فيها واحد بعينه وال جيوز أن خيتلف املختلفان يف حكم عقلي حقيقة االختالف بالنفي واإلثبات يثبته يف الوقت الذي يثبته إال على شرط التقابل املذكور حبيث ينفي أحدمها ما يثبته اآلخر بعينه من الوجه الذي

وأن يقتسما الصدق والكذب واحلق والباطل سواء كان االختالف بني أهل األصول يف اإلسالم أو بني أهل اإلسالم

Page 101: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وبني أهل امللل والنحل اخلارجة عن اإلسالم مثل قول أحد فإن املختلف فيه ال حيتمل توارد الصدق والكذب والصواب واخلطأ عليه يف حالة واحدة وهو

ليس زيد يف هذه الدار يف هذه الساعة : الدار يف هذه الساعة وقول الثاين ) ٢٠١ \ ١( زيد يف هذه : املخربين فإنا نعلم قطعا أن أحد املخربين صادق واآلخر كاذب ألن املخرب عنه ال حيتمل اجتماع احلالتني فيه معا فيكون زيد

يف الدار وال يكون يف الدار قد خيتلف املختلفان يف حكم عقلي يف مسألة ويكون حمل االختالف مشتركا وشرط تقابل القضيتني نافذا لعمري

فحينئذ ميكن أن يصوب املتنازعان ويرتفع النزاع بينهما برفع االشتراك أو يعود النزاع إىل أحد الطرفني هو خملوق : نفي واإلثبات فإن الذي قال مثال ذلك املختلفان يف مسألة الكالم ليسا يتواردان على معىن واحد بال

وهذا خملوق : أراد به أن الكالم هو احلروف واألصوات يف اللسان والرقوم والكلمات يف الكتابة قال ليس مبخلوق مل يرد به احلروف والرقوم وإمنا أراد به معىن آخر فلم يتنازع يف اخللق على معىن واحد : والذي قال

: ة وكذلك يف مسألة الرؤي الرؤية إمنا هي اتصال شعاع باملرئي وهو ال جيوز يف حق الباري تعاىل : فإن النايف قال

الرؤية إدراك أو علم خمصوص وجيوز تعلقه بالباري تعاىل فلم يتوارد النفي واإلثبات على معىن واحد : واملثبت قال ا ما هي مث يتكلمان نفيا وإثباتا إال إذا رجع الكالم إىل إثبات حقيقة الرؤية فيتفقان أوال على أهن

وكذلك يف مسألة الكالم يرجعان إىل إثبات ماهية الكالم مث يتكلمان نفيا وإثباتا وإال فيمكن أن تصدق القضيتان وقد صار أبو احلسن العنربي إىل أن كل جمتهد ناظر يف األصول مصيب ألنه أدى ما كلف به من املبالغة يف تسديد

فيه وإن كان متعينا نفيا وإثباتا إال أنه أصاب من وجه النظر يف املنظوروإمنا ذكر هذا يف اإلسالميني من الفرق وأما اخلارجون عن امللة فقد تقررت النصوص واإلمجاع على كفرهم

وخطئهم وكان سياق مذهبه يقتضي تصويب كل جمتهد على اإلطالق إال أن النصوص واإلمجاع صدته عن تصويب ق كل قائل كل ناظر وتصدي

)٢٠٢ \ ١ ( ولألصوليني خالف يف تكفري أهل األهواء مع قطعهم بأن املصيب واحد بعينه ألن التكفري حكم شرعي والتصويب

حكم عقلي فمن مبالغ متعصب ملذهبه كفر وضلل خمالفه ومن متساهل متألف مل يكفر كتقرين القدرية باجملوس وتقرين املشبه باليهود ومن كفر قرن كل مذهب ومقالة مبقالة واحد من أهل األهواء وامللل

وتقرين الرافضة بالنصارى وأجرى حكم هؤالء فيهم من املناكحة وأكل الذبيحة ومن تساهل ومل يكفر قضى بالتضليل وحكم بأهنم هلكى يف اآلخرة

واختلفوا يف اللعن على حسب اختالفهم يف التكفري والتضليل : احلق بغيا وعدوانا وكذلك من خرج على اإلمام

: فإن كان صدر خروجه عن تأول واجتهاد مسي باغيا خمطئا مث البغي هل يوجب اللعن إذا مل خيرج بالبغي عن اإلميان مل يستوجب اللعن : فعند أهل السنة

يستحق اللعن حبكم فسقه والفاسق خارج عن اإلميان : وعند املعتزلة د واملروق عن الدين فإمجاع املسلمني استحق اللعن باللسان والقتل وإن كان صدر خروجه عن البغي واحلس

بالسيف والسنان

Page 102: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أما اجملتهدون يف الفروع فاختلفوا يف األحكام الشرعية من احلالل واحلرام ومواقع االختالف مظان غلبات الظنون حبيث ميكن تصويب كل جمتهد فيها وإمنا يبتين ذلك على أصل وهو أنا

تعاىل حكم يف كل حادثة أم ال ؟ هل هللا: نبحث فمن األصوليني من صار إىل أن ال حكم هللا تعاىل يف الوقائع اجملتهد فيها حكما بعينه قبل االجتهاد من جواز وحظر وحالل وحرام وإمنا حكمه تعاىل ما أدى إليه اجتهاد اجملتهد وأن هذا احلكم منوط هبذا السبب فما مل يوجد السبب

مذهب من قال أن اجلواز واحلظر ال يرجعان إىل صفات يف الذات ) ٢٠٣ \ ١( م خصوصا على مل يثبت احلك افعل ال تفعل وعلى هذا املذهب كل جمتهد مصيب يف احلكم : وإمنا هي راجعة إىل أقوال الشارع

ل ويف كل حركة ومن األصوليني من صار إىل أن هللا تعاىل يف كل حادثة حكما بعينه قبل االجتهاد من جواز وحظر بيتحرك هبا اإلنسان حكم تكليف من حتليل وحترمي وإمنا يرتاده اجملتهد بالطلب واالجتهاد إذ الطلب ال بد له من مطلوب واالجتهاد جيب أن يكون من شيء إىل شيء فالطلب املرسل ال يعقل وهلذا يتردد اجملتهد بني النصوص

ا فيطلب الرابطة املعنوية أو التقريب من حيث األحكام والصور حىت والظواهر والعمومات وبني املسائل اجملمع عليهيثبت يف اجملتهد فيه مثل ما يلفيه يف املتفق عليه ولو مل يكن له مطلوب معني كيف يصح منه الطلب على هذا الوجه

إذ مل يقصر يف ؟ فعلى هذا املذهب املصيب واحد من اجملتهدين يف احلكم املطلوب وإن كان الثاين معذورا نوع عذر االجتهاد

مث هل يتعني املصيب أم ال ؟ فأكثرهم على أنه ال يتعني فاملصيب واحد ال بعينه

: ومن األصوليني من فصل األمر فيه : ينظر يف اجملتهد فيه : فقال

ك باخلرب فإن كانت خمالفة النص ظاهرة يف واحد من اجملتهدين فهو املخطئ بعينه خطأ ال يبلغ تضليال واملتمس الصحيح والنص الظاهر مصيب بعينه

وان مل تكن خمالفة النص ظاهرة فلم يكن خمطئا بعينه بل كل واحد منهما مصيب يف اجتهاده وأحدمها مصيب يف احلكم ال بعينه

هذه مجلة كافية يف أحكام اجملتهدين يف نوعي األصول والفروع واملسألة مشكلة والقضية معضلة )٢٠٤ \ ١ ( حكم االجتهاد والتقليد واجملتهد واملقلد - ٢

مث االجتهاد من فروض الكفايات ال من فروض األعيان إذا اشتغل بتحصيله واحد سقط الفرض عن اجلميع وإن قصر فيه أهل عصر عصوا بتركه وأشرفوا على خطر عظيم فإن األحكام الشرعية االجتهادية إذا كانت مترتبة على

ب على السبب ومل يوجد السبب كانت األحكام عاطلة واآلراء كلها فائلة فال بد إذا من االجتهاد ترتب املسب جمتهد

وإذا اجتهد اجملتهدان وأدى اجتهاد كل واحد منهما إىل خالف ما أدى إليه اجتهاد اآلخر فال جيوز ألحدمها تقليد اآلخر

و حظر مث حدثت تلك احلادثة بعينها يف وقت وكذلك إذا اجتهد جمتهد واحد يف حادثة وأدى اجتهاده إىل جواز أ آخر فال جيوز له أن يأخذ باجتهاده األول إذ جيوز أن يبدو له يف االجتهاد الثاين ما أغفله يف االجتهاد األول

Page 103: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وأما العامي فيجب عليه تقليد اجملتهد إمنا مذهبه فيما يسأله مذهب من يسأله عنه هذا هو األصل مل جيوزوا أن يأخذ العامي احلنفي إال مبذهب أيب حنيفة والعامي الشافعي إال مبذهب الشافعي إال أن علماء الفريقني

ألن احلكم بأن ال مذهب للعامي وأن مذهبه مذهب املفيت يؤدي إىل خلط وخبط فلهذا مل جيوزوا ذلك ه وإذا كان جمتهدان يف بلد اجتهد العامي فيهما حىت خيتار األفضل واألورع ويأخذ بفتوا

وإذا أفىت املفيت على مذهبه وحكم به قاض من القضاة على مقتضى فتواه ثبت احلكم على املذاهب كلها وكان القضاء إذا اتصل بالفتوى ألزم احلكم كالقبض مثال إذا اتصل بالعقد

يعرف االجتهاد وكذلك اجملتهد نفسه مىت ) ٢٠٥ \ ١( مث العامي بأي شيء يعرف أن اجملتهد قد وصل إىل حد أنه قد استكمل شرائط االجتهاد ؟ ففيه نظر

ومن أصحاب الظاهر مثل داود األصفهاين وغريه من مل جيوز القياس واالجتهاد يف األحكام إن أول من : األصول هي الكتاب والسنة واإلمجاع فقط ومنع أن يكون القياس أصال من األصول وقال : وقال

عن مضمون الكتاب والسنة ومل يدر أنه طلب حكم الشرع من مناهج قاس إبليس وظن أن القياس أمر خارجالشرع ومل تنضبط قط شريعة من الشرائع إال باقتران االجتهاد هبا ألن من ضرورة االنتشار يف العامل احلكم بأن ن االجتهاد معترب وقد رأينا الصحابة رضي اهللا عنهم كيف اجتهدوا وكم قاسوا خصوصا يف مسائل املواريث م

توريث األخوة مع اجلد وكيفية توريث الكاللة وذلك مما ال خيفى على املتدبر ألحواهلم أصناف اجملتهدين - ٣

: مث اجملتهدون من أئمة األمة حمصورون يف صنفني ال يعدوان إىل ثالث أصحاب احلديث وأصحاب الرأي

: أصحاب احلديث حممد بن إدريس الشافعي وأصحاب سفيان الثوري وهم أهل احلجاز هم أصحاب مالك بن أنس وأصحاب

وأصحاب أمحد بن حنبل وأصحاب داود بن علي بن حممد األصفهاين وإمنا مسوا أصحاب احلديث ألن عنايتهم بتحصيل األحاديث ونقل األخبار وبناء األحكام على النصوص وال

يرجعون إىل القياس اجللي واخلفي ما وجدوا خربا أو أثرا )٢٠٦ \ ١ (

إذا وجدمت يل مذهبا ووجدمت خربا على خالف مذهيب فاعلموا أن مذهيب ذلك اخلرب : وقد قال الشافعي أبو إبراهيم إمساعيل بن حيىي املزين والربيع بن سليمان اجليزي وحرملة بن حيىي النجييب والربيع بن : ومن أصحابه

الصباح الزعفراين وحممد بن عبد اهللا بن عبد احلكم سليمان املرادي وأبو يعقوب البويطي واحلسن بن حممد بن املصري وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكليب

وهم ال يزيدون على اجتهاده اجتهادا بل يتصرفون فيما نقل عنه توجيها واستنباطا ويصدرون عن رأيه مجلة فال خيالفونه البتة

مان بن ثابت وهم أهل العراق هم أصحاب أيب حنيفة النع: أصحاب الرأي حممد بن احلسن وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حممد القاضي وزفر بن اهلذيل واحلسن بن زياد : ومن أصحابه

اللؤلؤي وابن مساعة وعافية القاضي وأبو مطيع البلخي وبشر املريسي حكام وبناء احلوادث وإمنا مسوا أصحاب الرأي ألن أكثر عنايتهم بتحصيل وجه القياس واملعىن املستنبط من األ

Page 104: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عليها ورمبا يقدمون القياس اجللي على آحاد ا

ألخبار علمنا هذا رأي أحسن ما قدرنا عليه فمن قدر على غري ذلك فله ما رأى ولنا ما رأينا : وقد قال أبو حنيفة

لفوه فيها معروفة وهؤالء رمبا يزيدون على اجتهاده اجتهادا وخيالفونه يف احلكم االجتهادي واملسائل اليت خا : تفرقة وتذكرة

اعلم أن بني الفريقني اختالفات كثرية يف الفروع وهلم فيها تصانيف وعليها مناظرات وقد بلغت النهاية يف مناهج الظنون حىت كأهنم قد أشرفوا على القطع واليقني وليس يلزم من ذلك تكفري وال تضليل بل كل جمتهد مصيب كما

ذكرنا قبل هذا )٢٠٧ \ ١ (

أهل الكتاب: الباب الثاين

: اخلارجون عن امللة احلنيفية والشريعة اإلسالمية ممن يقول بشريعة وأحكام وحدود وأعالم وهم قد انقسموا إىل من له كتاب حمقق مثل التوراة واإلجنيل وعن هذا خياطبهم التنزيل بأهل الكتاب

إن الصحف اليت أنزلت على إبراهيم عليه السالم قد رفعت إىل وإىل من له شبهة كتاب مثل اجملوس واملانوية فالسماء ألحداث أحدثها اجملوس وهلذا جيوز عقد العهد والذمام معهم وينحى هبم حنو اليهود والنصارى إذ هم من

أهل الكتاب ولكن ال جيوز مناكحتهم وال أكل ذبائحهم فإن الكتاب قد رفع عنهم تقدمهم بالكتاب ونؤخر ذكر من له شبهة كتاب فنحن نقدم ذكر أهل الكتاب ل

: أهل الكتاب واألميون الفرقتان املتقابلتان قبل املبعث هم أهل الكتاب واألميون

من ال يعرف الكتابة : واألمي وكانت اليهود والنصارى باملدينة واألميون مبكة

ئيل كانوا ينصرون دين األسباط ويذهبون مذهب بين إسرا: وأهل الكتاب كانوا ينصرون دين القبائل ويذهبون مذهب بىن إمساعيل : واألميون

: وملا انشعب النور الوارد من آدم عليه السالم إىل إبراهيم عليه السالم مث الصادر عنه إىل شعبتني يف بين إسرائيل ) ٢٠٨ \ ١( شعبة

وشعبة يف بين إمساعيل ظاهرا وكان النور املنحدر منه إىل بين إسرائيل والنور املنحدر منه إىل بين إمساعيل خمفيا

كان يستدل على النور الظاهر بظهور األشخاص وإظهار النبوة يف شخص شخص ويستدل على النور املخفي بإبانة املناسك والعالمات وستر احلال يف األشخاص

وقبلة الفرقة األوىل بيت املقدس الذي وضع للناس ببكة مباركا وهدى للعاملني وقبلة الفرقة الثانية بيت اهللا احلرام

Page 105: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وشريعة األوىل ظواهر األحكام وشريعة الثانية رعاية املشاعر احلرام

وخصماء الفريق األول الكافرون مثل فرعون وهامان وخصماء الفريق الثاين املشركون مثل عبدة األصنام واألوثان

فتقابل الفريقان وصح التقسيم هبذين التقابلني اليهود والنصارى

وهاتان األمتان من كبار أمم أهل الكتاب واألمة اليهودية أكرب ألن الشريعة كانت ملوسى عليه السالم ومجيع بين إسرائيل كانوا متعبدين بذلك مكلفني بالتزام أحكام التوراة

راما ولكنه رموز وأمثال واإلجنيل النازل على املسيح عليه السالم ال يتضمن أحكاما وال يستبطن حالال وال حومواعظ ومزاجر وما سواها من الشرائع واألحكام فمحالة على التوراة كما سنبني فكانت اليهود هلذه القضية مل ينقادوا لعيسى بن مرمي عليه السالم وادعوا عليه أنه كان مأموال مبتابعة موسى عليه السالم وموافقة التوراة فغري

: ريات وبدل وعدوا عليه تلك التغي منها تغيري السبت إىل األحد

ومنها تغيري أكل حلم اخلنزير وكان حراما يف التوراة ومنها اخلتان والغسل وغري ذلك

واملسلمون قد بينوا أن األمتني قد بدلوا وحرفوا وإال فعيسى عليه السالم كان مقررا ملا جاء به موسى عليه السالم نيب الرمحة صلوات اهللا عليهم أمجعني وقد أمرهم أئمتهم وأنبياؤهم وكتاهبم بذلك وكالمها مبشران مبقدم نبينا حممد

والقالع بقرب املدينة لنصرة رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم نيب آخر ) ٢٠٩ \ ١( وإمنا بىن أسالفهم احلصون احلق بفاران وهاجر إىل دار الزمان فأمروهم مبهاجرة أوطاهنم بالشام إىل تلك القالع والبقاع حىت إذا ظهر وأعلن

وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم : ( هجرته يثرب هجروه وتركوا نصره وذلك قوله تعاىل ) ما عرفوا كفروا به فلعنة اهللا على الكافرين

) النصارى على شيء ليست : ( وإمنا اخلالف بني اليهود والنصارى ما كان يرتفع إال حبكمه إذ كانت اليهود تقول ) ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب : ( وكانت النصارى تقول

وما كان ميكنهم ) لستم على شيء حىت تقيموا التوراة واإلجنيل : ( وكان النيب صلى اهللا عليه و سلم يقول هلم ضربت ( وا ذلك وكفروا بآيات اهللا إقامتها إال بإقامة القرآن احلكيم وحبكم نيب الرمحة رسول آخر الزمان فلما أب

اآلية ) عليهم الذلة واملسكنة وباءوا بغضب من اهللا ذلك بأهنم كانوا يكفرون بآيات اهللا

اليهود خاصة: الفصل األول

أي رجع وتاب : هاد الرجل إنا هدنا إليك أي رجعنا وتضرعنا : وإمنا لزمهم هذا االسم لقول موسى عليه السالم

ى عليه السالم وكتاهبم التوراة وهو أول كتاب نزل من السماء أعىن أن ما كان ينزل على إبراهيم وهم أمة موسبل صحفا وقد ورد اخلرب عن النيب صلى اهللا ) ٢١٠ \ ١( وغريه من األنبياء عليهم السالم ما كان يسمى كتابا

) ه وكتب التوراة بيده إن اهللا تعاىل خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيد: ( عليه و سلم أنه قال

Page 106: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فأثبت هلا اختصاصا آخر سوى سائر الكتب : وقد اشتمل ذلك على أسفار

فيذكر مبتدأ اخللق يف السفر األول مث يذكر األحكام واحلدود واألحوال والقصص واملواعظ واألذكار يف سفر سفر

: ( قسام العلمية والعملية قال اهللا تعاىل وأنزل عليه أيضا األلواح على شبه خمتصر ما يف التوراة تشتمل على األإشارة إىل متام ) وتفصيال لكل شيء ( إشارة إىل متام القسم العلمي ) وكتبنا له يف األلواح من كل شيء موعظة

القسم العملي األمر وكان موسى عليه السالم قد أفضى بأسرار التوراة واأللواح إىل يوشع بن نون وصيه وفتاه والقائم ب: قالوا

من بعده ليفضي هبا إىل أوالد هارون ألن األمر كان مشتركا بينه وبني أخيه هارون عليهما السالم إذ قال تعاىل وكان هو الوصي فلما مات ) وأشركه يف أمري : ( حكاية عن موسى عليه السالم يف دعائه حني أوحى إليه أوال

نون وديعة ليوصلها إىل شبري وشرب ابين هارون قرارا هارون يف حال حياة موسى انتقلت الوصية إىل يوشع بن وذلك أن الوصية واإلمامة بعضها مستقر وبعضها مستودع واليهود تدعي أن الشريعة ال تكون إال واحدة وهي

ابتدأت مبوسى عليه السالم ومتت به فلم تكن قبله شريعة إال حدود عقلية وأحكام مصلحية فال يكون بعده شريعة أصال ألن النسخ يف األوامر بداء وال جيوز البداء على اهللا : ومل جييزوا النسخ أصال قالوا

تعاىل ومسائلهم تدور على جواز النسخ ومنعه وعلى التشبيه ونفيه والقول بالقدر واجلرب وجتويز الرجعة واستحالتها

)٢١١ \ ١ ( أما النسخ فكما ذكرنا

ملئت من املتشاهبات مثل الصورة واملشافهة والتكليم جهرا والنزول على طور فألهنم وجدوا التوراة: وأما التشبيه سينا انتقاال واالستواء على العرش استقرارا وجواز الرؤية فوقا وغري ذلك

فهم خمتلفون فيه حسب اختالف الفريقني يف اإلسالم فالربانيون كاملعتزلة فينا والقراءون : وأما القول بالقدر شبهة كاجملربة وامل

: فإمنا وقع هلم من أمرين : وأما جواز الرجعة حديث عزير عليه السالم إذ أماته اهللا مائة عام مث بعثه : أحدمها حديث هارون عليه السالم إذ مات يف التيه وقد نسبوا موسى إىل قتله بالواحة : والثاين

: فوا يف حال موته حسده ألن اليهود كانوا أميل إليه منهم إىل موسى واختل: قالوا إنه مات وسريجع : فمنهم من قال غاب وسريجع : ومنهم من قال

واعلم أن التوراة قد اشتملت بأسرها على دالالت وآيات تدل على كون شريعة نبينا املصطفى عليه الصالة و تابة والصورة وإما السالم حقا وكون صاحب الشريعة صادقا بل ما حرفوه وغريوه وبدلوه إما حتريفا من حيث الك

حتريفا من حيث التفسري والتأويل وأظهرها ذكر إبراهيم عليه السالم وابنه إمساعيل ودعاؤه يف حقه ويف حق ذريته وإجابة الرب تعاىل إياه إين باركت على إمساعيل وأوالده وجعلت فيهم اخلري كله وسأظهرهم على األمم كلها وسأبعث فيهم رسوال منهم يتلو عليهم

Page 107: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يايت آ أجابه بامللك دون النبوة والرسالة : واليهود معترفون هبذه القضية إال أهنم يقولون

وقد ألزمتهم أن امللك الذي سلمتم أهو ملك بعدل وحق أم ال ؟ فإن مل يكن بعدل وحق فكيف مين على إبراهيم عليه السالم مبلك يف أوالده وهو جور وظلم ؟

يدعيه ) ٢١٢ \ ١( ث امللك فامللك جيب أن يكون صادقا على اهللا تعاىل فيما وإن سلمتم العدل والصدق من حيويقوله وكيف يكون الكاذب على اهللا تعاىل صاحب عدل وحق إذ ال ظلم أشد من الكذب على اهللا تعاىل ففي

تكذيبه جتويره ويف التجوير رفع املنة بالنعمة وذلك خلف بين إسرائيل كانوا يراجعون القبائل من بين إمساعيل ويعلمون أن يف ذلك ومن العجب أن يف التوراة أن األسباط من الشعب علما لدنيا مل تشتمل التوراة عليه

وورد يف التواريخ أن أوالد إمساعيل عليه السالم كانوا يسمون آل اهللا وأهل اهللا وأوالد إسرائيل آل يعقوب وآل موسى وآل هارون وذلك كسر عظيم

وراة أن اهللا تعاىل جاء من طور سيناء وظهر بساعري وعلن بفاران وقد ورد يف الت جبال بيت املقدس اليت كانت مظهر عيسى عليه السالم : وساعري جبال مكة اليت كانت مظهر املصطفى صلى اهللا عليه و سلم : وفاران

مبدأ ووسط : تأويل على مراتب ثالث وملا كانت األسرار اإلهلية واألنوار الربانية يف الوحي والتنزيل واملناجاة والوكمال واجمليء أشبه باملبدأ والظهور أشبه بالوسط واإلعالن أشبه بالكمال عربت التوراة عن طلوع صبح الشريعة والتنزيل باجمليء من طور سيناء وعن طلوع الشمس بالظهور على ساعري وعن البلوغ إىل درجة الكمال باالستواء

هذه الكلمات إثبات نبوة املسيح عليه السالم واملصطفي حممد صلى اهللا عليه و سلم واإلعالن على فاران ويفالنفس بالنفس والعني : ما جئت ألبطل التوراة بل جئت ألكملها قال صاحب التوراة : وقد قال املسيح يف اإلجنيل

لطمك أخوك على خدك األمين بالعني واألنف باألنف واألذن باألذن والسن بالسن واجلروح قصاص وأنا أقول إذا فضع له خدك األيسر

: والشريعة األخرية وردت باألمرين مجيعا ) عليكم القصاص يف القتلى ) ٢١٣ \ ١( كتب : ( أما القصاص ففي قوله تعاىل

) وإن تعفوا أقرب للتقوى : ( وأما العفو ففي قوله تعاىل ة ويف اإلجنيل أحكام السياسة الباطنة اخلاصة ويف القرآن أحكام ففي أحكام التوراة أحكام السياسة الظاهرة العام

وإن تعفوا أقرب : ( إشارة إىل حتقيق السياسة الظاهرة وقوله تعاىل ) ولكم يف القصاص حياة : ( السياستني مجيعا إشارة إىل حتقيق السياسة الباطنة) خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن اجلاهلني : ( وقوله ) للتقوى

) هو أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك : ( وقد قال عليه الصالة و السالم ومن العجب أن من رأى غريه يصدق ما عنده ويكمله برقيه من درجة إىل درجة كيف يسوغ له تكذيبه ؟

والنسخ يف احلقيقة ليس إبطاال بل هو تكميل : بأشخاص وإما بأزمان وإذا انتهى الزمان مل يبقى ذلك ال حمالة وال يقال ويف التوراة أحكام عامة وأحكام خاصة إما

إنه إبطال أو بداء كذلك هاهنا فلو أن اليهود عرفوا مل ورد التكليف مبالزمة السبت وهو يوم أي شخص من األشخاص ويف مقابلة : وأما السبت

Page 108: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حق وأهنا جاءت لتقرير السبت ال إلبطاله وهم أية حالة من األحوال وجزئي أي زمان عرفوا أن الشريعة األخريةالذين عدوا يف السبت حىت مسخوا قردة خاسئني وهم يعترفون بذلك وبأن موسى عليه السالم بىن بيتا وصور فيه

صورا وأشخاصا وبني مراتب الصور وأشار إىل تلك الرموز حتريوا تائهني وتاهو متحريين فاختلفوا على ولكن ملا فقدوا الباب باب حطة ومل ميكنهم التسور على سنن اللصوص

إحدى وسبعني فرقة وحنن نذكر منها أشهرها وأظهرها عندهم ونترك الباقي مهال واهللا املوفق

)٢١٤ \ ١ ( العنانية

نسبوا إىل رجل يقال له عنان بن داود رأس اجلالوت خيالفون سائر اليهود يف السبت واألعياد

والظباء والسمك واجلراد ويذحبون احليوان على القفا وينهون عن أكل الطري ويصدقون عيسى عليه السالم يف مواعظه وإشاراته

إنه مل خيالف التوراة البتة بل قررها ودعا الناس إليها وهو من بين إسرائيل املتعبدين بالتوراة ومن : ويقولون ورسالته املستجيبني ملوسى عليه السالم إال أهنم ال يقولون بنبوته

: ومن هؤالء من يقول إن عيسى عليه السالم مل يدع أنه نيب مرسل

وليس من بين إسرائيل وليس هو صاحب شريعة ناسخة لشريعة موسى عليه السالم بل هو من أولياء اهللا املخلصني العارفني بأحكام التوراة

واله من مبدئه إىل كماله وإمنا مجعه أربعة من أصحابه وليس اإلجنيل كتابا أنزل عليه وحيا من اهللا تعاىل بل هو مجع أح احلواريني فكيف يكون كتابا منزال ؟

واليهود ظلموه حيث كذبوه أوال ومل يعرفوا بعد دعواه وقتلوه آخرا ومل يعلموا بعد حمله ومغزاه : قالوا له النبوة وال الشريعة الناسخة وقد ورد يف التوراة ذكر املشيحا يف مواضع كثرية وذلك هو املسيح ولكن مل ترد

وورد فارقليط وهو الرجل العامل وكذلك ورد ذكره يف اإلجنيل فوجب محله على ما وجد وعلى من ادعى غري ذلك حتقيقه وحده

العيسوية

نسبوا إىل أيب عيسى إسحق بن يعقوب األصفهاين إن امسه عوفيد الوهيم أي عابد اهللا : وقيل

ر وابتدأ دعوته يف زمن آخر ملوك بين أمية مروان بن حممد احلمار فاتبعه بشر كثري من اليهود كان يف زمن املنصوأقيموا : وزعموا أنه ملا حورب خط على أصحابه خطا بعود آس وقال ) ٢١٥ \ ١( وادعوا له آيات ومعجزات

ط رجعوا عنهم خوفا من يف هذا اخلط فليس ينالكم عدو بسالح فكان العدو حيملون عليهم حىت إذا بلغوا اخل طلسم أو عزمية رمبا وضعها

مث إن أبا عيسى خرج من اخلط وحده على فرسه فقاتل وقتل من املسلمني كثريا وذهب إىل أصحاب موسى بن

Page 109: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عمران الذين هم وراء النهر املرمل ليسمعهم كالم اهللا إنه ملا حارب أصحاب املنصور بالري قتل وقتل أصحابه : وقيل و عيسى أنه نيب وأنه رسول املسيح املنتظر زعم أب

وزعم أن للمسيح مخسة من الرسل يأتون قبله واحدا بعد واحد وزعم أن اهللا تعاىل كلمه وكلفه أن خيلص بين إسرائيل من أيدي األمم العاصني وامللوك الظاملني

و رسوله فهو أفضل الكل أيضا وزعم أن املسيح أفضل ولد آدم وأنه أعلى منزلة من األنبياء املاضني وإذ ه وكان يوجب تصديق املسيح ويعظم دعوة الداعي ويزعم أيضا أن الداعي هو املسيح

وحرم يف كتابه الذبائح كلها وهنى على أكل كل ذي روح على اإلطالق طريا كان أو هبيمة وأوجب عشر صلوات أحكام الشريعة الكثرية املذكورة يف التوراة وأمر أصحاهبا بإقامتها وذكر أوقاهتا وخالف اليهود يف كثري من

وتوراة الناس هي اليت مجعها ثالثون حربا لبعض ملوك الروم حىت ال يتصرف فيها كل جاهل مبواضع أحكامها واهللا املوفق

املقاربة واليوذعانية

نسبوا إىل يوذعان من مهدان كان امسه يهوذا : وقيل

وينهى عن اللحوم واألنبذة كان حيث على الزهد وتكثري الصالة وفيما نقل عنه تعظيم أمر الداعي

وكان يزعم أن للتوراة ظاهرا وباطنا وتنزيال وتأويال وخالف بتأويالته عامة اليهود )٢١٦ \ ١ (

وخالفهم يف التشبيه ومال إىل القدر وأثبت الفعل حقيقة للعبد وقدر الثواب والعقاب عليه وشدد يف ذلك أصحاب موشكان : شكانية ومنهم املو

كان على مذهب يوذعان غري أنه كان يوجب اخلروج على خمالفيه ونصب القتال معهم فخرج يف تسعة عشر رجال فقتل بناحية قم

وذكر عن مجاعة من املوشكانية أهنم أثبتوا نبوة املصطفى حممد عليه الصالة و السالم إىل العرب وسائر الناس سوى ملة وكتاب اليهود ألهنم أهل

وزعمت فرقة من املقاربة أن اهللا تعاىل خاطب األنبياء عليهم الصالة والسالم بواسطة ملك اختاره وقدمه على مجيع كل ما يف التوراة وسائر الكتب من وصف اهللا تعاىل فهو خرب عن ذلك امللك وإال : اخلالئق واستخلفه عليهم وقالوا

فال جيوز أن يوصف اهللا تعاىل بوصف وإن الذي كلم موسى عليه السالم تكليما هو ذلك امللك والشجرة املذكورة يف التوراة هو ذلك امللك : الوا ق

ويتعاىل الرب تعاىل أن يكلم بشرا تكليما ومحل مجيع ما ورد يف التوراة من طلب الرؤية وشافهت اهللا وجاء اهللا وطلع اهللا يف السحاب وكتب التوراة بيده

استقرارا وله صورة آدم وشعر قطط ووفرة سوداء وأنه بكى على طوفان نوح حىت رمدت واستوى على العرش عيناه وأنه ضحك اجلبار حىت بدت نواجذه إىل غري ذلك على ذلك امللك

Page 110: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هذا هو رسويل ومكانه : وجيوز يف العادة أن يبعث ملكا روحانيا من مجلة خواصه ويلقي عليه امسه ويقول : قال ه قويل وأمره أمري وظهوره عليكم ظهوري كذلك يكون حال ذلك امللك فيكم مكاين وقول

إنه هو اهللا وأنه صفوة العامل أخذ قوله من هؤالء وكانوا قبل أريوس : إن أريوس حيث قال يف املسيح : وقيل بأربعمائة سنة وهم أصحاب زهد وتقشف

ملذهب وأعلمهم أن اآليات املتشاهبات يف التوراة صاحب هذه املقالة هو بنيامني النهاوندي وقرر هلم هذا ا: وقيل شيئا من املخلوقات وال يشبه شيء منها ) ٢١٧ \ ١( كلها مؤولة وأنه تعاىل ال يوصف بأوصاف البشر وال يشبه

وأن املراد هبذه الكلمات الواردة يف التوراة ذلك امللك العظيم ملك من املالئكة وهذا كما حيمل يف القرآن اجمليء واإلتيان على إتيان

فنفخنا فيه من : ( ويف موضع آخر ) فنفخنا فيها من روحنا : ( وهو كما قال تعاىل يف حق مرمي عليها السالم وإمنا النافخ جربيل عليه السالم حني متثل هلا بشرا سويا ليهب هلا غالما زكيا ) روحنا

السامرة

ل مصر هؤالء قوم يسكنون جبال بيت املقدس وقرايا من أعما ويتقشفون يف الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود

أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السالم وأنكروا نبوة من بعدهم من األنبياء إال نبيا واحدا التوراة ما بشرت إال بنيب واحد يأيت من بعد موسى يصدق ما بني يديه من التوراة وحيكم حبكمها وال : وقالوا

الفها البتة خياأللفان ادعى النبوة وزعم أنه هو الذي بشر به موسى عليه السالم وأنه هو : وظهر يف السامرة رجل يقال له

الكوكب الدري الذي ورد يف التوراة أنه يضيء ضوء القمر وكان ظهوره قبل املسيح عليه السالم بقريب من مائة سنة

انية وإىل كوستانية وافترقت السامرة إىل دوستانية وهم األلف الفرقة املتفرقة الكاذبة : والدوستانية معناها والثواب والعقاب فيها ) ٢١٨ \ ١( اجلماعة الصادقة وهم يقرون باآلخرة : والكوستانية معناها

والدوستانية تزعم أن الثواب والعقاب يف الدنيا وبني الفريقني اختالف يف األحكام والشرائع

غريزمي بني بيت املقدس ونابلس : جبل يقال له وقبلة السامرةإن اهللا تعاىل أمر داود أن يبين بيت املقدس جببل نابلس وهو الطور الذي كلم اهللا عليه موسى عليه السالم : قالوا

وحتول داود إىل إيلياء وبىن البيت مثة وخالف األمر فظلم غتهم غري لغة اليهود والسامرة توجهوا إىل تلك القبلة دون سائر اليهود ول

وزعموا أن التوراة كانت بلساهنم وهي قريبة من العربانية فنقلت إىل السريانية فهذه أربع فرق هم الكبار وانشعبت منهم الفرق إىل إحدى وسبعني فرقة

أو يف وهم بأسرهم أمجعوا على أن يف التوراة بشارة بواحد بعد موسى وإمنا افتراقهم إما يف تعيني ذلك الواحد الزيادة على ذلك الواحد

Page 111: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وذكر املشيحا وآثاره ظاهر يف األسفار وخروج واحد يف آخر الزمان هو الكوكب املضيء الذي تشرق األرض بنوره أيضا متفق عليه واليهود على

انتظاره والسبت يوم ذلك الرجل وهو يوم االستواء بعد اخللق عاىل ملا فرغ من خلق السموات واألرض استوى على عرشه مستلقيا وقد اجتمعت اليهود عن آخرهم على أن اهللا ت على قفاه واضعا إحدى رجليه على األخرى

إن ستة األيام اليت خلق اهللا تعاىل فيها السموات واألرض هي ستة آالف سنة فإن يوما عند اهللا : وقالت فرقة منهم آدم عليه السالم إىل يومنا هذا وبه يتم اخللق كألف سنة مما تعدون بالسري القمري وذلك هو ما مضى من لدن

مث إذا بلغ اخللق إىل النهاية ابتدأ األمر ومن ابتداء األمر يكون االستواء على العرش والفراغ من اخللق وليس ذلك أمرا كان ومضى بل هو يف املستقبل إذا عددنا األيام باأللوف

)٢١٩ \ ١ (

النصارى: الفصل الثاين

أمة املسيح عيسى ابن مرمي رسول اهللا وكلمته عليه السالم النصارى وهو املبعوث حقا بعد موسى عليه السالم املبشر به يف التوراة وكانت له آيات ظاهرة وبينات زاهرة ودالئل باهرة

مثل إحياء املوتى وإبراء األكمه واألبرص طفة سابقة ونطقه البني من غري تعليم سالف ونفس وجوده وفطرته آية كاملة على صدقه وذلك حصوله على غري ن

ومجيع األنبياء بالغ وحيهم أربعون سنة وقد أوحى اهللا تعاىل إليه انطالقا يف املهد وأوحى إليه إبالغا عند الثالثني وكانت مدة دعوته ثالث سنني وثالثة أشهر وثالثة أيام : ختالفاهتم تعود إىل أمرين فلما رفع إىل السماء اختلف احلواريون وغريهم فيه وإمنا ا

كيفية نزوله واتصاله بأمه وجتسد الكلمة : أحدمها كيفية صعوده واتصاله باملالئكة وتوحد الكلمة : والثاين

: فإهنم قضوا بتجسد الكلمة وهلم يف كيفية االحتاد والتجسد كالم : أما األول املشف أشرق على اجلسد إشراق النور على اجلسم : فمنهم من قال انطبع فيه انطباع النقش يف الشمع : ومنهم من قال ظهر به ظهور الروحاين باجلسماين : ومنهم من قال تدرع الالهوت بالناسوت : ومنهم من قال : مازجت الكلمة جسد املسيح ممازجة اللنب املاء واملاء اللنب وأثبتوا هللا تعاىل أقانيم ثالثة قالوا : ومنهم من قال

) ٢٢٠ \ ١( تعاىل جوهر واحد يعنون به القائم بالنفس ال التحيز واحلجمية فهو واحد باجلوهرية ثالثة الباري باألقنومية

الصفات كالوجود واحلياة والعلم ومسوها األب واالبن وروح القدس : ويعنون باألقانيم وإمنا العلم تدرع وجتسد دون سائر األقانيم

وصلب قتله اليهود حسدا وبغيا وإنكارا لنبوته ودرجته ولكن القتل ما ورد على اجلزء إنه قتل: وقالوا يف الصعود الالهويت وإمنا ورد على اجلزء الناسويت

Page 112: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

نبوة وإمامة وملكة : وكمال الشخص اإلنساين يف ثالثة أشياء : قالوا ه السالم درجته فوق ذلك ألنه االبن وغريه من األنبياء كانوا موصوفني هبذه الصفات الثالثة أو ببعضها واملسيح علي

الوحيد فال نظري له وال قياس له إىل غريه من األنبياء وهو الذي به غفرت زلة آدم عليه السالم وهو الذي حياسب اخللق

: وهلم يف النزول اختالف ينزل قبل يوم القيامة كما قال أهل اإلسالم : فمنهم من يقول ال يوم احلساب وهو بعد أن قتل وصلب نزل ورأى شخصه مشعون الصفا وكلمه ال نزول له إ: ومنهم من يقول

وأوصى إليه مث فارق الدنيا وصعد إىل السماء فكان وصية مشعون الصفا وهو أفضل احلواريني علما وزهدا وأدبا غري أن فولوس شوش أمره وصري نفسه شريكا له

ره وغري أوضاع كالمه وخلطه بكالم الفالسفة ووساوس خاطإنكم تظنون أن مكان عيسى عليه السالم كمكان سائر األنبياء : ورأيت رسالة فولوس اليت كتبها إىل اليونانيني

وليس كذلك بل إمنا مثله مثل ملكيز داق وهو ملك السالم الذي كان إبراهيم عليه السالم يعطي إليه العشور وكان يبارك على إبراهيم وميسح رأسه

إنك أنت االبن الوحيد ومن كان وحيدا كيف ميثل بواحد : يف األناجيل أن الرب تعاىل قال ومن العجب أنه نقل من البشر

مىت ولوقا ومرقس ويوحنا : مث إن أربعة من احلواريني اجتمعوا ومجع كل واحد منهم مجعا مساه اإلجنيل وهم ليكم فاذهبوا وادعوا األمم باسم األب واالبن إين أرسلكم إىل األمم كما أرسلين أيب إ: وخامتة إجنيل مىت أنه قال

وروح القدس )٢٢١ \ ١ (

على القدمي األزيل كانت الكلمة وهو ذا الكلمة كانت عند اهللا واهللا هو كان الكلمة وكل كان : وفاحتة إجنيل يوحنا بيده

: ية واليعقوبية وانشعبت منها امللكانية والنسطور: مث افترقت النصارى اثنتني وسبعني فرقة وكبار فرقهم ثالثة األليانية والبليارسية واملقدانوسية والسبالية والبوطينوسية والبولية إىل سائر الفرق

امللكانية

أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم واستوىل عليها ومعظم الروم ملكانية إن الكلمة احتدت جبسد املسيح وتدرعت بناسوته : قالوا

أقنوم العلم :ويعنون بالكلمة أقنوم احلياة : ويعنون بروح القدس

وال يسمون العلم قبل تدرعه ابنا بل املسيح مع ما تدرع به ابن إن الكلمة مازجت جسد املسيح كما ميازج اخلمر أو املاء اللنب : فقال بعضهم

ثبات التثليث وصرحت امللكانية أن اجلوهر غري األقانيم وذلك كاملوصوف والصفة وعن هذا صرحوا بإ ) لقد كفر الذين قالوا إن اهللا ثالث ثالثة : ( وأخرب عنهم القرآن

Page 113: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إن املسيح ناسوت كلي ال جزئي وهو قدمي أزيل من قدمي أزيل وقد ولدت مرمي عليها السالم إهلا : وقالت امللكانية أزليا والقتل والصلب وقع على الناسوت والالهوت معا

إنك أنت االبن : بوة على اهللا عز و جل وعلى املسيح ملا وجدوا يف اإلجنيل حيث قال وأطلقوا لفظ األبوة والن إنك ابن اهللا حقا : الوحيد وحيث قال له مشعون الصفا

لعل ذلك من جماز اللغة كما يقال لطالب الدنيا أبناء الدنيا ولطالب اآلخرة أبناء اآلخرة وباركوا على العنيكم ) ٢٢٢ \ ١( أقول لكم أحبوا أعداءكم أنا: وقد قال املسيح عليه السالم للحواريني

وأحسنوا إىل مبغضيكم وصلوا ألجل من يؤذيكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي يف السماء الذي تشرق مشسه على الصاحلني والفجرة وينزل قطره على األبرار واألئمة وتكونوا تامني كما أن أباكم الذي يف السماء تام

انظروا صدقاتكم فال تعطوها قدام الناس لتراءوهم فال يكون لكم أجر عند أبيكم الذي يف السماء : وقال أذهب إىل أيب وأبيكم : وقال حني كان يصلب

القدمي هو اهللا واملسيح هو خملوق اجتمعت البطارقة واملطارنة واألساقفة يف بلد قسطنطينية مبحضر : وملا قال أريوس : مثائة ومثانية عشر رجال واتفقوا على هذه الكلمة اعتقادا ودعوة وذلك قوهلم من ملكهم وكانوا ثال

نؤمن باهللا الواحد األب مالك كل شيء وصانع ما يرى وما ال يرى وباالبن الواحد يسوع املسيح ابن اهللا الواحد من جوهر أبيه الذي بيده بكر اخلالئق كلها الذي ولد من أبيه قبل العوامل كلها وليس مبصنوع إله حق من إله حق

أتقنت العوامل وخلق كل شيء من أجلنا ومن أجل معشر الناس ومن أجل خالصنا نزل من السماء وجتسد من روح القدس وصار إنسانا وحبل به وولد من مرمي البتول وقتل وصلب أيام فيالطوس ودفن مث قام يف اليوم الثالث وصعد

ستعد للمجيء تارة أخرى بني األموات واألحياء إىل السماء وجلس عن ميني أبيه وهو مونؤمن بروح القدس الواحد روح احلق الذي خيرج من أبيه ومبعمودية واحدة لغفران اخلطايا وجبماعة واحدة قدسية

مسيحية جاثليقية وبقيام أبداننا واحلياة الدائمة أبد اآلبدين ى حشر األبدان هذا هو االتفاق األول على هذه الكلمات وفيه إشارة عل

ويف النصارى من قال حبشر األرواح دون األبدان إن عاقبة األشرار يف القيامة غم وحزن اجلهل وعاقبة األخيار سرور وفرح العلم : وقال

وأنكروا أن يكون يف اجلنة نكاح وأكل وشرب خيلف الوعد ألنه ال ) ٢٢٣ \ ١( إن اهللا تعاىل وعد املطيعني وتوعد العاصني وال جيوز أن : وقال مار إسحق منهم

يليق بالكرمي ولكن خيلف الوعيد فال يعذب العصاة ويرجع اخللق إىل سرور وسعادة ونعيم وعمم هذا الكل إذ العقاب األبدي ال يليق باجلواد احلق تعاىل

النسطورية

أصحاب نسطور احلكيم الذي ظهر يف زمان املأمون افته إليهم إضافة املعتزلة إىل هذه الشريعة وتصرف يف األناجيل حبكم رأيه وإض

الوجود والعلم واحلياة : إن اهللا تعاىل واحد ذو أقانيم ثالثة : قال وهذه األقانيم ليست زائدة على الذات وال هي هو

ا واحتدت الكلمة جبسد عيسى عليه السالم ال على طريق االمتزاج كما قالت امللكانية وال على طريق الظهور به كم

Page 114: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

قالت اليعقوبية ولكن كإشراق الشمس يف كوة على بلورة وكظهور النقش يف الشمع إذا طبع باخلامت وأشبه املذاهب مبذهب نسطور يف األقانيم أحوال أيب هاشم من املعتزلة فإنه يثبت خواص خمتلفة لشيء واحد ويعين

جنسني بل هو بسيط وواحد هو واحد باجلوهر أي ليس هو مركبا من: بقوله واحد يعين اإلله قال ويعين باحلياة والعلم أقنومني جوهرين أي أصلني مبدأين للعامل مث فسر العلم بالنطق والكلمة ويرجع منتهى كالمه إىل إثبات كونه تعاىل موجودا حيا ناطقا كما تقول الفالسفة يف حد اإلنسان إال أن هذه املعاين تتغاير يف اإلنسان لكونه

هو جوهر بسيط غري مركب جوهرا مركبا ووبعضهم يثبت هللا تعاىل صفات أخر مبنزلة القدرة واإلرادة وحنومها ومل جيعلوها أقانيم كما جعلوا احلياة والعلم

أقنومني ومنهم من أطلق القول بأن كل واحد من األقانيم الثالثة حي ناطق إله

نيم وزعم الباقون أن اسم اإلله ال يطلق على كل واحد من األقا وزعموا أن االبن مل يزل متولدا من األب وإمنا جتسد واحتد جبسد املسيح حني ولد

)٢٢٤ \ ١ ( واحلدوث راجع إىل اجلسد والناسوت فهو إله وإنسان احتدا

جوهر قدمي وجوهر حمدث إله تام وإنسان تام ومل يبطل االحتاد قدم القدمي وال : ومها جوهران أقنومان طبيعتان حملدث لكنهما صارا مسيحا واحدا طبيعة واحدة حدوث ا

فوضع مكان اجلوهر الطبيعة ومكان األقنوم الشخص : ورمبا بدلوا العبارة وأما قوهلم يف القتل والصلب فيخالف قول امللكانية واليعقوبية

م إن القتل وقع على املسيح من جهة ناسوته ال من جهة الهوته ألن اإلله ال حتله اآلال: قالوا إن اإلله واحد وأن املسيح ابتدأ من مرمي عليها السالم وأنه عبد صاحل : وبوطينوس وبولس الشمشاطي يقوالن

خملوق إال أن اهللا تعاىل شرفه وكرمه لطاعته ومساه ابنا على التبين ال على الوالدة واالحتاد إذا اجتهد الرجل يف : طور إال أهنم قالوا ومن النسطورية قوم يقال هلم املصلني قالوا يف املسيح مثل ما قال نس

العبادة وترك التغذي باللحم والدسم ورفض الشهوات احليوانية والنفسانية تصفى جوهره حىت يبلغ ملكوت السموات ويرى اهللا تعاىل جهرة وينكشف له ما يف الغيب فال ختفى عليه خافية يف األرض وال يف السماء

يه ويثبت القول بالقدر خريه وشره من العبد كما قالت القدرية ومن النسطورية من ينفي التشب

اليعقوبية

أصحاب يعقوب انقلبت الكلمة حلما ودما فصار اإلله هو املسيح وهو الظاهر جبسده : قالوا باألقانيم الثالثة كما ذكرنا إال أهنم قالوا

بل هو هو ) إن اهللا هو املسيح ابن مرمي لقد كفر الذين قالوا : ( وعنهم أخربنا القرآن الكرمي

)٢٢٥ \ ١ ( إن املسيح هو اهللا تعاىل : فمنهم من قال ظهر الالهوت بالناسوت فصار الناسوت املسيح مظهر اجلوهر ال على طريق حلول جزء فيه وال : ومنهم من قال

Page 115: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

امللك بصورة إنسان أو ظهر : على سبيل احتاد الكلمة اليت هي يف حكم الصفة بل صار هو هو وهذا كما يقال ظهر الشيطان بصورة حيوان وكما أخرب التنزيل عن جربيل عليه السالم فتمثل هلا بشرا سويا

وزعم أكثر اليعقوبية أن املسيح جوهر واحد أقنوم واحد إال أنه من جوهرين ا تركيبا كما تركبت النفس طبيعة واحدة من طبيعتني فجوهر اإلله القدمي وجوهر اإلنسان احملدث تركب: ورمبا قالوا

والبدن فصارا جوهرا واحدا أقنوما واحدا وهو إنسان كله وإله كله اإلله صار اإلنسان : اإلنسان صار إهلا وال ينعكس فال يقال : فيقال

صارت الفحمة نارا وال يقال صارت النار فحمة وهي يف احلقيقة ال نار مطلقة وال : كالفحمة تطرح يف النار فيقال فحمة مطلقة بل هي مجرة

وزعموا أن الكلمة احتدت باإلنسان اجلزئي ال الكلي ولرمبا عربوا عن االحتاد باالمتزاج واالدراع واحللول كحلول صورة اإلنسان يف املرآة اجمللوة

كلمة احتدت وأمجع أصحاب التثليث كلهم على أن القدمي ال جيوز أن يتحد باحملدث إال أن األقنوم الثاين الذي هو ال دون سائر األقانيم

: وأمجعوا كلهم على أن املسيح عليه السالم ولد من مرمي عليها السالم وقتل وصلب مث اختلفوا يف كيفية ذلك إن الذي ولد من مرمي هو اإلله : فقالت امللكانية واليعقوبية

ان جزئي واجلزئي ال يلد الكلي وإمنا ولده إن مرمي إنس: فامللكانية ملا اعتقدت أن املسيح ناسوت كلي أزيل قالوا األقنوم القدمي

إن مرمي : املسيح هو جوهر من جوهرين وهو إله وهو املولود قالوا ) ٢٢٦ \ ١( واليعقوبية ملا اعتقدت أن ولدت إهلا تعاىل اهللا عن قوهلم علوا كبريا

جوهرين إنه وقع على اجلوهر الذي هو من : وكذلك قالوا يف القتل والصلب ولو وقع على أحدمها لبطل االحتاد : قالوا

أنا نثبت وجهني للجوهر القدمي فاملسيح قدمي من وجه حمدث من وجه : وزعم بعضهم إن الكلمة مل تأخذ من مرمي شيئا ولكنها مرت هبا كاملاء بامليزاب وما ظهر هبا من شخص : وزعم قوم من اليعقوبية

ل والصورة يف املرآة وإال فما كان جسما متجسما كثيفا يف احلقيقة املسيح يف األعني فهو كاخليا األليانية وهم قوم بالشام واليمن وأرمينية : إمنا وقع على اخليال واحلسبان هؤالء يقال هلم : وكذلك القتل والصلب

وإمنا صلب اإلله من أجلنا حىت خيلصنا : قالوا ملسيح عليه السالم أحيانا فتصدر عنه اآليات من إحياء املوتى أن الكلمة كانت تداخل جسم ا: وزعم بعضهم

وإبراء األكمه واألبرص وتفارقه يف بعض األوقات فترد عليه اآلالم واألوجاع إذا صار الناس إىل امللكوت األعلى أكلوا ألف سنة وشربوا : ومنهم بليارس وأصحابه حكي عنه أنه كان يقول

ليت وعدهم آريوس وكلها لذة وراحة وسرور وحبور ال أكل فيها وال شرب وال وناكحوا مث صاروا إىل النعم ا نكاح

آب وابن والروح خملوق : إن اجلوهر القدمي أقنومان فحسب : وزعم مقدانيوس إن القدمي جوهر واحد أقنوم واحد له ثالث خواص واحتد بكليته جبسد عيسى ابن مرمي عليهما : وزعم سباليوس

السالم

Page 116: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أن اهللا واحد مساه آبا وإن املسيح كلمة اهللا وابنه على طريق االصطفاء وهو خملوق قبل خلق العامل : ريوس وزعم آ وهو خالق األشياء

خملوقة أكرب من سائر األرواح وأهنا واسطة بني األب واالبن تؤدي إليه ) ٢٢٧ \ ١( وزعم أن اهللا تعاىل روحا الوحي

فا روحانيا خالصا غري مركب وال ممزوج بشيء من الطبائع األربع وإمنا تدرع وزعم أن املسيح ابتدأ جوهرا لطي بالطبائع األربع عند االحتاد باجلسم املأخوذ من مرمي

وهذا آريوس قبل الفرق الثالث فتربءوا منه ملخالفتهم إياه يف املذهب )٢٢٨ \ ١ (

من له شبهة كتاب: الباب الثالث

اب وميزنا بني حقيقة الكتاب وشبهة الكتاب وأن الصحف اليت كانت إلبراهيم عليه قد بينا كيفية حتقيق الكت السالم كانت شبهة كتاب وفيها مناهج علمية ومسالك عملية

فتقرير كيفية اخللق واإلبداع وتسوية املخلوقات على سنة نظام وقوام حتصل منها حكمته األزلية : أما العلميات ة مث تقرير التقدير واهلداية عليها ليتقدر كل نوع وصنف بقدره احملكوم احملتوم ويقبل وتنفذ فيها مشيئته السرمدي

هدايته السارية يف العامل بقدر استعداده املعلوم سبح اسم ربك األعلى الذي خلق فسوى والذي قدر : ( والعلم كل العلم ال يعدو هذين النوعني وذلك قوله تعاىل

) فهدى ) الذي خلقين فهو يهدين : ( ن إبراهيم عليه السالم وقال عز و جل خربا ع

) الذي أعطى كل شيء خلقه مث هدى : ( وخربا عن موسى عليه السالم فتزكية النفوس عن درن الشبهات وذكر اهللا تعاىل بإقامة العبادات ورفض الشهوات الدنيوية وإيثار : وأما العمليات

كمال املعاد إال بإقامة هذين الركنني أعين الطهارة والشهادة السعادات األخروية ولن حيصل البلوغ إىل قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه : ( النوعني وذلك قوله تعاىل ) ٢٢٩ \ ١( والعمل كل العمل ال يعدو هذين

) فصلى بل تؤثرون احلياة الدنيا واآلخرة خري وأبقى ) إبراهيم وموسى إن هذا لفي الصحف األوىل صحف: ( مث قال عز من قائل

فبني أن الذي اشتملت عليه الصحف هو الذي اشتملت عليه هذه السورة وباحلقيقة هذا هو اإلعجاز احلقيقي : اجملوس وأصحاب االثنني واملانوية وسائر فرقهم

خلليل عليه السالم الدين األكرب وامللة العظمى إذ كانت دعوة األنبياء عليهم السالم بعد إبراهيم ا: اجملوسية يقال هلا مل تكن يف العموم كالدعوة اخلليلية

ومل يثبت هلا من القوة والشوكة وامللك والسيف مثل امللة احلنيفية إذ كانت ملوك العجم كلها على ملة إبراهيم عليه السالم ومجيع من كان يف زمان كل واحد منهم من الرعايا يف البالد على أديان ملوكهم

رجع هو موبذ موبذان يعين أعلم العلماء وأقدم احلكماء يصدرون عن أمره وال خيالفونه وال وكان مللوكهم م يرجعون إال إىل رأيه ويعظمونه تعظيم السالطني خللفاء الوقت

وكانت دعوة بين إسرائيل أكثرها يف بالد الشام وما وراءها من املغرب وقل ما سرى ذلك إىل بالد العجم

Page 117: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: إبراهيم اخلليل عليه السالم راجعة إىل صنفني اثنني وكانت الفرق يف زمان الصابئة : أحدمها احلنفاء : والثاين

إنا حنتاج يف معرفة اهللا تعاىل ومعرفة طاعته وأوامره وأحكامه إىل متوسط لكن ذلك املتوسط : فالصابئة كانت تقول ا وقرهبا من رب األرباب جيب أن يكون روحانيا ال جسمانيا وذلك لزكاء الروحانيات وطهارهت

مما نشرب مياثلنا يف املادة والصورة ) ٢٣٠ \ ١( واجلسماين بشر مثلنا يأكل مما نأكل ويشرب ) ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا خلاسرون : ( قالوا

رة والعصمة إنا حنتاج يف املعرفة والطاعة إىل متوسط من جنس البشر تكون درجته يف الطها: واحلنفاء كانت تقول والتأييد واحلكمة فوق الروحانيات مياثلنا من حيث البشرية وميايزنا من حيث الروحانية فيتلقى الوحي بطرف

قل إمنا أنا بشر مثلكم يوحى إيل أمنا إهلكم : ( الروحانية ويلقي إىل نوع اإلنسان بطرف البشرية وذلك قوله تعاىل ) إله واحد

) يب هل كنت إال بشرا رسوال قل سبحان ر: ( وقال عز ذكره مث ملا مل يتطرق للصابئة االقتصار على الروحانيات البحتة والتقرب إليها بأعياهنا والتلقي عنها بذواهتا فزعت مجاعة إىل هياكلها وهي السيارات السبع وبعض الثوابت فصابئة النبط والفرس والروم مفزعها السيارات وصابئة اهلند

مفزعها الثوابت نذكر مذاهبهم على التفصيل على قدر اإلمكان بتوفيق اهللا تعاىل وس

ورمبا نزلوا عن اهلياكل إىل األشخاص اليت ال تسمع وال تبصر وال تغين عنهم شيئا هم عبدة الكواكب : والفرقة األوىل

هم عبدة األصنام : والثانية تني وتقرير احلنيفية السمحة السهلة احتج على عبدة وملا كان اخلليل عليه السالم مكلفا بكسر املذهبني على الفرق

يا أبت مل تعبد ما ال يسمع : ( األصنام قوال وفعال كسرا من حيث القول وكسرا من حيث الفعل فقال ألبيه آزر ) ٢٣١ \ ١( وذلك إلزام من ) فجعلهم جذاذا إال كبريا هلم : ( اآليات حىت بلغ ) وال يبصر وال يغين عنك شيئا

الفعل وإفحام من حيث الكسر حيث وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم : ( ففزع من ذلك كما قال اهللا تعاىل

) عليم وكذلك نري إبراهيم ملكوت : ( وابتدأ بإبطال مذاهب عبدة الكواكب على صيغة املوافقة كما قال تعاىل

يناه احلجة كذلك نريه احملجة فساق اإللزام على أصحاب اهلياكل مساق املوافقة يف أي كما آت) السموات واألرض : ( املبدأ واملخالفة يف النهاية ليكون اإللزام أبلغ واإلفحام أقوى وإال فإبراهيم اخلليل عليه السالم مل يكن يف قوله

كاذبا ) بل فعله كبريهم هذا : ( مشركا كما مل يكن فيقوله ) هذا ريب سوق الكالم من جهة اإللزام غرب سوقه على جهة االلتزام فلما أظهر احلجة وبني احملجة وقرر احلنيفية اليت هي امللة و

الكربى والشريعة العظمى وذلك هو الدين القيم وكان األنبياء من أوالده كلهم يقررون احلنيفية وباخلصوص صاحب شرعنا حممد صلوات اهللا عليه كان يف تقريرها

بلغ النهاية القصوى وأصاب املرمى وأصمى قد

Page 118: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حنيفا وما : ( ومن العجب أن التوحيد من أخص أركان احلنيفية وهلذا يقترن نفي الشرك بكل موضع ذكر احلنيفية ) حنفاء هللا غري مشركني به ) ( كان من املشركني

مان اخلري والشر والنفع والضر والصالح مث إن التثنية اختصت باجملوس حىت أثبتوا أصلني اثنني مدبرين قدميني يقتس يزدان وأهرمن وهلم يف ذلك تفصيل مذهب : الظلمة وبالفارسية : النور واآلخر : والفساد يسمون أحدمها

: ومسائل اجملوس كلها تدور على قاعدتني اثنتني بيان سبب امتزاج النور بالظلمة : إحدامها ) ٢٣٢ \ ١. ( لمة وجعلوا االمتزاج مبدأ واخلالص معادا بيان سبب خالص النور من الظ: والثانية

الفصل األول اجملوس

أثبتوا أصلني كما ذكرنا إال أن اجملوس األصلية زعموا أن األصلني ال جيوز أن يكونا قدميني أزليني بل النور أزيل : والظلمة حمدثة مث هلم اختالف يف سبب حدوثها

را جزئيا فكيف حيدث أصل الشر ؟ أمن النور حدثت والنور ال حيدث ش أم من شيء آخر وال شيء يشرك النور يف اإلحداث والقدم

وهبذا يظهر خبط اجملوس زروان الكبري والنيب الثاين زردشت : املبدأ األول من األشخاص كيومرث ورمبا يقولون : وهؤالء يقولون

كيومرث هو احلي الناطق كيومرث هو آدم عليه السالم وتفسري : والكيومرثية يقولون وقد ورد يف تواريخ اهلند والعجم أن كيومرث هو آدم عليه السالم وخيالفهم سائر أصحاب التواريخ

الكيومرثية

أصحاب املقدم األول كيومرث يزدان وأهرمن : أثبتوا أصلني

يزدان أزيل قدمي وأهرمن حمدث خملوق : وقالوا ان فكر يف نفسه أنه لو كان يل منازع كيف يكون وهذه الفكرة كانت رديئة إن سبب خلق أهرمن أن يزد: وقالوا

غري مناسبة لطبيعة النور فحدث الظالم من هذه الفكرة ومسي أهرمن وكان مطبوعا على الشر والفتنة والفساد لظلمة والفسق والضرر واإلضرار فخرج على النور وخالفه طبيعة وفعال وجرت حماربة بني عسكر النور وعسكر ا

يكون العامل السفلي خالصا ألهرمن سبعة آالف سنة مث ) ٢٣٣ \ ١( مث إن املالئكة توسطوا فصاحلوا على أن خيلي العامل ويسلمه إىل النور

ثور فقتلهما : كيومرث وحيوان يقال له : والذين كانوا يف الدنيا قبل الصلح أبادهم وأهلكهم مث بدأ برجل يقال له لك الرجل ريباس وخرج من أصل ريباس رجل يسمى ميشة وامرأة تسمى ميشانة ومها أبو فنبت من مسقط ذ

البشر ونبت من مسقط الثور األنعام وسائر احليوانات

بني أن يرفعهم عن مواضع أهرمن وبني أن يلبسهم األجساد : وزعموا أن النور خري الناس وهم أرواح بال أجساد جساد وحماربة أهرمن على أن تكون هلم النصرة من عند النور والظفر جبنود فيحاربون أهرمن فاختاروا لبس األ

Page 119: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أهرمن وحسن العاقبة وعند الظفر به وإهالك جنوده تكون القيامة فذاك سبب االمتزاج وهذا سبب اخلالص

الزروانية

الذي امسه زروان شك إن النور أبدع أشخاصا من نور كلها روحانية نورانية ربانية ولكن الشخص األعظم : قالوا يف شيء من األشياء فحدث أهرمن الشيطان يعين إبليس من ذلك الشك

ال بل إن زروان الكبري قام فزمزم تسعة آالف وتسعمائة وتسعا وتسعني سنة ليكون له ابن فلم يكن : وقال بعضهم حد وحدث هرمز من لعل هذا العلم ليس بشيء فحدث أهرمن من ذلك اهلم الوا: مث حدث نفسه وفكر وقال

ذلك العلم فكانا مجيعا يف بطن واحد وكان هرمز أقرب من باب اخلروج فاحتال أهرمن الشيطان حىت شق بطن أمه فخرج قبله وأخذ الدنيا

إنه ملا مثل بني يدي زروان فأبصر ورأى ما فيه من اخلبث والشرارة والفساد أبغضه ولعنه وطرده فمضى : وقيل واستوىل على الدنيا

عليه وهو الذي اختذه قوم ربا وعبدوه ملا وجدوا فيه من اخلري ) ٢٣٤ \ ١( وأما هرمز فبقي زمانا ال يد له والطهارة والصالح وحسن اخللق

إما فكرة رديئة وإما عفونة رديئة وذلك هو مصدر : وزعم بعض الزروانية أنه مل يزل كان مع اهللا شيء رديء الشيطان

انت سليمة من الشرور واآلفات والفنت وكان أهلها يف خري حمض ونعيم خالص فلما حدث وزعموا أن الدنيا ك أهرمن حدثت الشرور واآلفات والفنت واحملن وكان مبعزل عن السماء فاحتال حىت خرق السماء وصعد

كلها كان هو يف السماء واألرض خالية عنه فاحتال حىت خرق السماء ونزل إىل األرض جبنوده: وقال بعضهم فهرب النور مبالئكته واتبعه الشيطان حىت حاصره يف جنته وحاربه ثالثة آالف سنة ال يصل الشيطان إىل الرب تعاىل

مث توسط املالئكة وتصاحلا على أن يكون إبليس وجنوده يف قرار األرض تسعة آالف سنة بالثالثة آالف اليت قاتله فيها مث خيرج إىل موضعه

الصالح يف احتمال املكروه من إبليس وجنوده وأن ال ينقض الشرط حىت تنقضي -عن قوهلم تعاىل -ورأى الرب املدة املضروبة للصلح فالناس يف الباليا والفنت واخلزايا واحملن إىل انقضاء املدة مث يعودون إىل النعيم األول

ا فلما فرغا من الشرط أشهد عليهما وشرط إبليس عليه أن ميكنه من أشياء يفعلها ويطلقه يف أفعال رديئة يباشره من نكث فاقتاله هبذا السيف : عدلني ودفعا سيفيهما إليهما وقاال هلما

ولست أظن عاقال يعتقد هذا الرأي القائل ويرى هذا االعتقاد املضمحل الباطل ولعله كان رمزا إىل ما يتصور يف مح هبذه الترهات عقله ومل يسمع مثل هذه الترهات مسعه العقل ومن عرف اهللا سبحانه وتعاىل جبالله وكربيائه مل يس

وأقرب من هذا ما حكاه أبو حامد الزوزين أن اجملوس زعمت أن إبليس كان مل يزل يف الظلمة واجلو خالء مبعزل فوثب وثبة فصار يف سلطان اهللا يف ) ٢٣٥ \ ١( عن سلطان اهللا مث مل يزل يزحف ويقرب حبيله حىت رأى النور

وأدخل معه هذه اآلفات والشرور فخلق اهللا تعاىل هذا العامل شبكة فوقع فيها وصار متعلقا هبا ال ميكنه الرجوع النورإىل سلطانه فهو حمبوس يف هذا العامل مضطرب يف احلبس يرمي باآلفات واحملن والفنت إىل خلق اهللا تعاىل فمن أحياه

رماه باحلزن فال يزال كذلك إىل يوم القيامة اهللا رماه باملوت ومن أصحه رماه بالسقم ومن سره

Page 120: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ويف كل يوم ينقص سلطانه حىت ال تبقى له قوة فإذا كانت القيامة ذهب سلطانه ومخدت نريانه وزالت قوته واضمحلت قدرته فيطرحه يف اجلو واجلو ظلمة ليس هلا حد وال منتهى مث جيمع اهللا تعاىل أهل األديان فيحاسبهم

الشيطان وعصيانه وجيازيهم على طاعة إن النور كان وحده نورا حمضا مث امنسخ بعضه فصار ظلمة : وأما املسخية فقالت

وكذلك اخلرمدينية قالوا بأصلني وهلم ميل إىل التناسخ واحللول وهم ال يقولون بأحكام وحالل وحرام مطة كان تشويش ذلك الدين منهم ولقد كان يف كل أمة من األمم قوم مثل اإلباحية واملزدكية والزنادقة والقرا

وفتنة الناس مقصورة عليهم

الزردشتية

أولئك أصحاب زردشت بن يورشب الذي ظهر يف زمان كشتاسب بن هلراسب امللك وأبوه كان من أذربيجان وأمه من الري وامسها دغدوية

باصطخر وزعموا أن هلم أنبياء وملوكا أوهلم كيومرث وكان أول من ملك األرض وكان مقامه وبعده أوشنهك بن فراوك ونزل أرض اهلند وكانت له دعوة مثة

وبعده طمهودت وظهرت الصابئة يف أول سنة من ملكه وبعده أخوه جم امللك : مث بعده أنبياء وملوك

منهم منوجهر ونزل بابل وأقام هبا إىل كشتاسب بن هلراسب وظهر يف عليه السالم ظهر يف زمانه حىت انتهى امللك) ٢٣٦ \ ١( وزعموا أن موسى

زمانه زردشت احلكيم وزعموا أن اهللا عز و جل خلق من وقت ما يف الصحف األوىل والكتاب األعلى من ملكوته خلقا روحانيا فلما مضت ثالثة آالف سنة أنفذ مشيئته يف صورة من نور متأللئ على تركيب صورة اإلنسان وأحف به سبعني من

وخلق الشمس والقمر والكواكب واألرض وبين آدم غري متحركة ثالثة آالف سنة املالئكة املكرمنيمث جعل روح زردشت يف شجرة أنشأها يف أعلى عليني وأحف هبا سبعني من املالئكة املكرمني وغرسها يف قلة جبل

ة مث مضغة يف من جبال أذربيجان يعرف بامسو يذخر مث مازج شبح زردشت بلنب بقرة فشربه أبو زردشت فصار نطف رحم أمه فقصدها الشيطان وعريها فسمعت أمه نداء من السماء فيه داللة على برئها فربئت

مث ملا ولد ضحك ضحكة تبينها من حضر فاحتالوا على زردشت حىت وضعوه بني مدرجة البقر ومدرجة اخليل ومدرجة الذئب فكان ينهض كل واحد منهم حلمايته من جنسه

أن بلغ ثالثني سنة فبعثه اهللا تعاىل نبيا ورسوال إىل اخللق فدعا كشتاسب امللك فأجابه إىل دينه ونشأ بعد ذلك إىل وكان دينه عبادة اهللا والكفر بالشيطان واألمر باملعروف والنهى عن املنكر واجتناب اخلبائث

وحصلت التراكيب من النور والظلمة أصالن متضادان وكذلك يزدان وأهرمن ومها مبدأ موجودات العامل: وقال امتزاجهما وحدثت الصور من التراكيب املختلفة

والباري تعاىل خالق النور والظلمة ومبدعهما وهو واحد ال شريك له وال ضد وال ند وال جيوز أن ينسب إليه وجود تزاج النور الظلمة كما قالت الزروانية لكن اخلري والشر والصالح والفساد والطهارة واخلبث إمنا حصلت من ام

Page 121: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

والظلمة ولو مل ميتزجا ملا كان وجود العامل ومها يتقاومان ويتغالبان إىل أن يغلب النور الظلمة واخلري الشر مث يتخلص اخلري إىل عامله والشر ينحط إىل عامله وذلك هو سبب اخلالص

: ا جعل النور أصال وقال تعاىل هو الذي مزجهما وخلطهما حلكمة رآها يف التراكيب ورمب) ٢٣٧ \ ١( والباري وجوده وجود حقيقي وأما الظلمة فتبع كالظل بالنسبة إىل الشخص فإنه يرى أنه موجود وليس مبوجود حقيقة

فأبدع النور وحصل الظالم تبعا ألن من ضرورة الوجود التضاد فوجوده ضروري واقع يف اخللق ال بالقصد األول كما ذكرنا يف الشخص والظل

صنفه وله كتاب قد مينة وكييت يعين الروحاين واجلسماين أو الروح : إن ذلك أنزل عليه وهو زند أوستا يقسم العامل قسمني : وقيل

والشخص خبشش وكنش يريد به التقدير والفعل وكل : إن ما يف العامل ينقسم قسمني : وكما قسم اخللق إىل عاملني يقول

واحد مقدر على الثاين : منش وكويش وكنش يعين بذلك : التكليف وهي حركات اإلنسان فيقسمها ثالثة أقسام مث يتكلم يف موارد

االعتقاد والقول والعمل وبالثالثة يتم التكليف فإذا قصر اإلنسان فيها خرج عن الدين والطاعة وإذا جرى يف هذه احلركات على مقتضى األمر والشريعة فاز الفوز األكرب

: كثرية وتدعي الزردشتية له معجزات منها دخول قوائم فرس كشتاسب يف بطنه وكان زردشت يف احلبس فأطلقه فانطلقت قوائم الفرس

خذوا حشيشة وصفها هلم واعصروا ماءها يف عينه فإنه يبصر ففعلوا فأبصر : ومنها أنه مر على أعمى بالدينور فقال األعمى

شيء وهذا من مجلة معرفته خباصية احلشيش وليس من املعجزات يفومن اجملوس الزردشتية صنف يقال هلم السيسانية والبهافريدية رئيسهم رجل يقال له سيسان من رستاق نيسابور

من ناحية يقال هلا خواف خرج يف أيام أيب مسلم صاحب الدولة وكان زمزميا يف األصل يعبد النريان مث ترك ذلك ودعا اجملوس إىل ترك

وضع هلم كتابا أمرهم فيه بإرسال الشعور الزمزمة ورفض عبادة النريان و وحرم عليهم األمهات والبنات واألخوات وحرم عليهم اخلمر

وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة احليوان حىت يهرم ) ٢٣٨ \ ١( وهم يتخذون الرباطات ويتباذلون األموال وال يأكلون امليتة وال يذحبون

للمجوس الزمازمة مث إن موبذ اجملوس رفعه إىل أيب مسلم فقتله على باب اجلامع بنيسابور وهم أعدى خلق اهللا إنه صعد إىل السماء على برذون أصفر وأنه سينزل على الربذون فينتقم من أعدائه : وقال أصحابه

وهؤالء قد أقروا بنبوة زردشت وعظموا امللوك الذين يعظمهم زردشت سيظهر يف آخر الزمان رجل امسه أشيزريكا ومعناه الرجل العامل : كتاب زند أوستا أنه قال ومما أخرب به زردشت يف

يزين العامل بالدين والعدل مث يظهر يف زمانه بتياره فيوقع اآلفة يف أمره وملكه عشرين سنة أوضاعها األول مث يظهر بعد ذلك أشيزريكا على أهل العلم وحييي العدل ومييت اجلور ويرد السنن املغرية إىل

وتنقاد له امللوك وتتيسر له األمور وينصر الدين واحلق وحيصل يف زمانه األمن والدعة وسكون الفنت وزوال احملن

Page 122: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مقالة زردشت يف املبادئ : وقد أورد اجليهاين إحدى مقاالت زردشت يف املبادئ وهي

إن دين زردشت هو الدعوة إىل دين مارسيان وإن معبوده أورمزد هبمن وأرديبهشت وشهريور وأسفندارمز وخرداد ومرداد : واملالئكة املتوسطون يف رساالته إليه

وقد رآهم زردشت واستفاد منهم العلوم : وجرت مساءالت بينه وبني أورمزد من غري توسط

ما الشيء الذي كان ويكون وهو اآلن موجود : قال زردشت : أوهلا الم أنا والدين والك: قال أورمزد

فعمل أورمزد وكالمه وإميانه : أما الدين فكالمه : وأما الكالم

والدين أفضل من الكالم إذ العمل أفضل من القول وأول من أبدع من املالئكة هبمن وعلمه الدين وخصه مبوضع النور مكانا وأقنعه بذاته ذاتا فاملبادئ على هذا الرأي

ثالثة )٢٣٩ \ ١ (

مل مل ختلق األشياء كلها يف زمان غري متناه إذ قد جعلت الزمان نصفني نصفه متناه ونصفه غري : ال ق: السؤال الثاين متناه فلو خلقتها يف زمان غري متناه كان ال يستحيل شيء منها

فإن كان ال ميكن أن تفىن مث آفات األثيم إبليس : قال أورمزد قال مماذا خلقت هذا العامل ؟ : السؤال الثالث

: خلقت مجيع هذا العامل من نفسي : ال أورمزد ق أما أنفس األبرار فمن شعر رأسي

وأما السماء فمن أم رأسي والظفر واملعاضد فمن جبهيت

والشمس فمن عيين والقمر فمن أنفي

والكواكب فمن لساين وسروس وسائر املالئكة فمن أذين

واألرض فمن عصب رجلي ومرث فشعر به وحفظه من غري تعلم وال مدارسة وأريت هذا الدين أوال كي

فلماذا أريت هذا الدين كيومرث بالوهم وألقيته إيل بالقول ؟ : قال زردشت ألنك حتتاج أن تتعلم هذا الدين وتعلمه غريك وكيومرث مل جيد من يقبله فأمسك عن التكلم وهذا : قال أورمزد

يسمعون ويقبلون خري لك ألين أقول وأنت تسمع وأنت تقول والناس هل أريت هذا الدين أحدا قبلي غري كيومرث ؟ : فقال زردشت ألورمزد

بلى أريت هذا الدين جم مخسني جنما خممسا من أجل إنكاره الضحاك : قال

Page 123: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إذا كنت عاملا أنه ال يقبله فلماذا أريته ؟ : قال وكيقباد وكشتاسب لو مل أره ملا صار إليك وقد أريته أيضا أفريدون وكيكاوس : قال

خلقك العامل وتروجيك الدين ألي شيء ؟ : قال زردشت ألن فناء العفريت األثيم ال ميكن إال خبلق العامل وترويج الدين ولو مل يتروج أمر الدين ملا أمكن أن تتروج : قال

أمور العامل عليه ) ٢٤٠ \ ١( بيه فلما أخذ زردشت الدين من أورمزد الوهاب واستحكمه وعمل به وزمزم يف بيت أ

: غاظ ذلك كون األثيم وأقلقه إذ كان شريرا ممتلئا موتا وظلمة وبالء وحمنة فدعا بشياطينه وأمساؤهم بري ديوانياخ ودويهمان زوش ونومربفنارديو وأمرهم مجيعا باملسري إىل زردشت وقتله

وا عنه مقهورين فعلم زردشت بذلك فقرأ وزمزم وأراق املاء على يدي مارسيان فاهنزم وجرت حماربات أخرى فهزمهم زردشت بإحدى وعشرين آية من كتابه أوستا وتوارت الشياطني عن الناس

وملا بلغ زردشت مبلغ الكمال بأربعني سنة ومتت له املخاطبات يف سبع عودات إىل أورمزد وأكمل فيها معرفة تاسب امللك وإظهار ذكر اهللا وامسه شرائع دين اهللا وفرائضه وسننه أمره اهللا باملسري إىل كشفورمباراي وبيويدست فدعامها إىل دين اهللا والكفر : فنفذ ألمر اهللا ودعا ملكني كانا بذلك الصقع يقال هلما

بالشيطان وفعل اخلري واجتناب الشر فلم يقبال قوله وأخذهتما العزة باإلمث فجاءهتما ريح فحملتها من األرض واجتمع الناس ينظرون إليهما فغشيهما الطري من كل ناحية وأتوا على حلومهما وسقطت ووقفت هبما يف اهلواء عظامهما على األرض

وملا بلغ كشتاسب لقي منه كل ما أنبأه به أورمزد من احلبس والبالء حىت حدث أمر الفرس الذي دخلت قوائمه يف ريوا وأخرجه كشتاسب من احلبس وسأله احلال باطن بدنه حىت مل ير أثرها يف جسده واستبهم حاله على الناس وحت

تلك آية من آيات صدقي الذي أخربين به إهلي وخالقي وشارطهم على اإلميان به إن هو دعا وأخرج قوائم : فقال الفرس وشرطوا ودعا باسم اهللا فخرجت قوائم الفرس كما كانت ر وأمرهم مبحاورة زردشت فناظروه فاعترفوا له فآمن به كشتاسب وأمر جبمع علماء أهل زمانه من بابل وإيران شه

بالفضيلة أن إهله أورمزد مل يزل ومل يزل معه شيء مساه أسىن أسنه : ومما جاء به زردشت املصطفى من دين مارسيان : قال

. ( أستاه أستاه وهو مظلم حوله وهو أسفل : وهو شيء مضيء حوله وهو فوق وأن إبليس مل يزل معه شيء مساه ٢٤٢ \ ١ (

وأول ما خلق اهللا من املالئكة هبمن مث أرديبهشت مث شهريور مث أسفندارمز مث خرداد مث مرداد وخلق بعضهم من بعض كما يؤخذ السراج من السراج من غري أن ينقص من األول شيء

من ربكم وخالقكم ؟ : وقال هلم أنت ربنا وخالقنا : فقالوا

ظلمته فأعلم بذلك املالئكة وبدأ بإعداد ما يورطه ويدفع شره وأذاه عن عامله وعلم أورمزد أن إبليس سيتحرك من ويبطل إرادته فخلق السماء يف مخسة وأربعني يوما ومسى كاهينازي شورم ومعناه ظهور ضمائر أهل الدنيا إىل سائر

الكاهينازات املذكورات عندهم وخلق األرض يف مخسة وأربعني يوما د إىل األرض كيومرث وقد كان يستنشق النسيم ثالثة آالف سنة مث أخرجه يف قامة ثالثة وأول من ابتعثه أورمز

Page 124: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

رجال وملا أن جاء وقت حتريك إبليس يف ظلمته ارتفع ورأى النور وطمع يف االستيالء على أسىن أورمزد وتصيريه مظلما

ر اهللا األرض أن حتفظه وقسم أمر ودخل السماء يكيد مث لكيومرث ثالثني سنة وصارت نطفته ثالثة أقسام قسم أم سروس امللك أن حيفظه وثلث اختطفته الشياطني

وأمر أورمزد بسد الثقوب اليت صعد منها إبليس فبقي داخل السماء منقطعا عن أصله وقوته فانتصب ملنابذة اطل واخلسار ويروم أورمزد ورام الصعود إىل اجلنان فدفعه عن ذلك قدر ثالثة آالف سنة مث أعلمه أنه يسعى يف الب

ما ال يقدر عليه واتفق األمر بينهما على أن يبقى إبليس وجنوده يف قرار الضوء تسعة آالف سنة ويروى سبعة آالف سنة مث يبطل

وحيتمل خلقه األذى يف هذه السنني ويصربون عليه وعلى ما يناهلم من الفقر والبالء واملوت وسائر اآلفات ئمة يف اجلنان ليعوضهم منها احلياة الدا

: واشترط إبليس لنفسه وشياطينه مثانية عشر شرطا أن تصري معيشة خلقه من خلق اهللا : األول منها

أن يكون ممن خلقه على خلق اهللا : والثاين أن يسلط خلقه على خلق اهللا : والثالث أن خيلط جوهر خلقه جبوهر خلق اهللا : والرابع

إىل أن يأخذ الطني الذي يف خلق اهللا أن يصري له السبيل: واخلامس )٢٤٢ \ ١ (

أن يصري له من النور الذي يف خلق اهللا ما يريد : والسادس أن يصري له من الرياح اليت يف خلق اهللا حاجته : والسابع أن يصري له من الرطوبة اليت يف خلق اهللا : والثامن أن يصري له من النار اليت يف خلق اهللا: والتاسع أن يصري له من املودة واملصاهرة اليت يف خلق اهللا ليخلط األشرار باألخيار : والعاشر

أن يصري له من العقل والبصر الذي يف خلق اهللا ليعرف خلقه مسالك املنافع واملضار : واحلادي عشر أن يصري له من العدل الذي يف خلق اهللا ليجعل لألشرار فيه نصيبا : والثاين عشر

أن ختفى على الناس معرفة عمل الصاحلني واألشرار إىل يوم القيامة واحلساب : ثالث عشر والأن يصري له السبيل إىل أن يبلغ بأهل بيت الشرارة واخلبث غاية الغىن والدرجات ويصريهم عند : والرابع عشر الناس صاحلني

ال على األخيار أن يصري له السبيل إىل أن جيعل كذب األشرار مقبو: واخلامس عشر أن يصري له السبيل إىل أن يعمر من أهل الدنيا من أراد من خلقه ألف سنة أو ثالثة آالف سنة : والسادس عشر

ويصريهم أغنياء أقوياء قادرين على ما يريدون وأن يلهم الناس حىت يكونوا بإعطاء األشرار أسخى منهم بإعطاء األخيار وأطيب نفسا

ري له السبيل إىل إفناء أهل بيت الصاحلني حىت ال يعرف منهم أحد بعد ثالمثائة ومخسني سنة أن يص: والسابع عشر أن ميلك أمر من حييي األموات ويبقي األخيار وينفي األشرار إىل يوم القيامة : والثامن عشر

Page 125: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فتمت البيعة أقاما عليها ودفعا سيفيهما إىل عدلني على أن يقتال من رجع عن شرطه هللا تعاىل الشمس والقمر والكواكب أن جتري ملعرفة األيام والشهور واألعوام اليت جعلها عدة اإلنظار وأمر ا

واإلمهال ومما نص عليه زردشت أن للعامل قوة إهلية هي املدبرة جلميع ما يف العامل املنتهية مبادئها إىل كماالهتا

: وهذه القوة تسمى مشاسبند وهي دبر األقرب امل: على لسان الصابئة

العقل الفعايل ومنه الفيض اإلهلي والعناية الربانية : وعلى لسان الفالسفة األرواح الطيبة : وعلى لسان املانوية املالئكة : وعلى لسان العرب

) تنزل املالئكة والروح فيها : ( الروح : وعلى لسان الشرع والكتاب اإلهلي )٢٤٣ \ ١ (

ايه ويعين هبما آدم وحواء يف العامل اجلسماين والعقل والنفس يف العامل الروحاين وأثبت غريه منشاه ومنش

الثنوية: الفصل الثاين

هؤالء هم أصحاب االثنني األزليني يزعمون أن النور والظلمة أزليان قدميان خبالف اجملوس فإهنم قالوا حبدوث الظالم وذكروا سبب حدوثه

دم واختالفهما يف اجلوهر والطبع والفعل واحليز واملكان واألجناس واألبدان واألرواح وهؤالء قالوا بتساويها يف الق

املانوية

أصحاب ماين بن فاتك احلكيم الذي ظهر يف زمان سابور بن أردشري وقتله هبرام بن هرمز بن سابور وذلك بعد عيسى ابن مرمي عليه السالم أحدث دينا بني اجملوسية والنصرانية

ل بنبوة املسيح عليه السالم وال يقول بنبوة موسى عليه السالم وكان يقوإن احلكيم ماين : حكى حممد بن هارون املعروف بأيب عيسى الوراق وكان يف األصل جموسيا عارفا مبذاهب القوم

ال وأنكر أحدمها نور واآلخر ظلمة وأهنما أزليان مل يزاال ولن يزا: زعم أن العامل مصنوع مركب من أصلني قدميني وجود شيء إال من أصل قدمي

وزعم أهنما مل يزاال قويني حساسني دراكني مسيعني بصريين ومها مع ذلك يف النفس والصورة والفعل والتدبري متضادان وىف احليز متحاذيان حتاذي الشخص والظل

ل احليز األجناس الصفات اجلوهر النفس الفع) ٢٤٥ \ ١: ( وإمنا تتبني جواهرمها وأفعاهلما يف هذا اجلدول : النور

حسن فاضل كرمي صاف تقي طيب الريح حسن املنظر : جوهره خرية كرمية حكيمة نافعة عاملة : نفسه اخلري والصالح والنفع والسرور والترتيب والنظام واالتفاق : فعله

جهة فوق وأكثرهم على أنه مرتفع ناحية الشمال : جهته

Page 126: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الظلمة وزعم بعضهم أنه جينب أربعة منها أبدان واخلامس روحه : أجناسه مخسة النار والنور والريح واملاء : فاألبدان هي

النسيم وهي تتحرك يف هذه األبدان : وروحها حية خرية طاهرة زكية : الصفات

كون النور مل يزل على مثال هذا العامل له أرض وجو : وقال بعضهم لى غري صورة هذه األرض بل هي على صورة جرم الشمس وشعاعها كشعاع مل تزل لطيفة ع: فأرض النور

الشمس ورائحتها أطيب رائحة وألواهنا ألوان قوس قزح : ال شيء إال اجلسم واألجسام على ثالثة أنواع : وقال بعضهم

وهي مخسة : أرض النور وهناك جسم آخر ألطف منه وهو اجلو وهو نفس النور

هو النسيم وهو روح النور جسم آخر ألطف منه وومل يزل يولد النور مالئكة وآهلة وأولياء ال على سبيل املناكحة بل كما تتولد احلكمة من احلكيم واملنطق : قال

الطيب من الناطق اخلري واحلمد والنور : وملك ذلك العامل هو روحه وجيمع عامله : قال

: الظلمة ننت الريح قبيح املنظر قبيح ناقص لئيم كدر خبيث م: جوهرها

شريرة لئيمة سفيهة ضارة جاهلة : نفسها الشر والفساد والضرر والغم والتشويش والتبتري واالختالف : فعلها

جهة حتت وأكثرهم على أهنا منحطة من ناحية اجلنوب : جهتها وزعم بعضهم أهنا جبنب النور

أربعة منها أبدان واخلامس روحها : أجناسها مخسة احلريق والظلمة والسموم والضباب : األبدان هي ف

الدخان وتدعى اهلامة وهي تتحرك يف هذه األبدان : وروحها ميتة شريرة جنسة دنسة : الصفات

كون الظلمة مل تزل على مثال هذا العامل هلا أرض وجو : وقال بعضهم ل هي أكثف وأصلب ورائحتها كريهة الظلمة مل تزل كثيفة على غري صورة هذه األرض ب) ٢٤٥ \ ١( فأرض

أننت الروائح وألواهنا ألوان السواد : ال شيء إال اجلسم واألجسام على ثالثة أنواع : وقال بعضهم أرض الظلمة

وجسم آخر أظلم منه وهو اجلو وجسم آخر أظلم منه وهو السموم

املناكحة بل كما تتولد احلشرات من العفونات ومل تزل تولد الظلمة شياطني وأراكنة وعفاريت ال على سبيل : قال

Page 127: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

القذرة الشر والذميمة والظلمة : وملك ذلك العامل هو روحه وجيمع عامله : قال

)٢٤٦ \ ١ ( : مث اختلفت املانوية يف املزاج وسببه واخلالص وسببه

إن النور والظالم امتزجا باخلبط واالتفاق ال بالقصد واالختيار : قال بعضهم إن سبب املزاج أن أبدان الظلمة تشاغلت عن روحها بعض التشاغل فنظرت الروح فرأت النور : قال أكثرهم و

فبعثت األبدان على ممازجة النور فأجابتها إلسراعها إىل الشر فلما رأى ذلك ملك النور وجه إليها ملكا من مالئكته باخلمسة الظالمية فخالط الدخان النسيم وإمنا احلياة يف مخسة أجناس من أجناسها اخلمسة فاختلطت اخلمسة النورية

والروح يف هذا العامل من النسيم واهلالك واآلفات من الدخان وخالط احلريق النار والنور الظلمة والسموم الريح والضباب املاء فما يف العامل من منفعة وخري وبركة فمن أجناس

لظلمة النور وما فيه من مضرة وشر وفساد فمن أجناس افلما رأى ملك النور هذا االمتزاج أمر ملكا من مالئكته فخلق هذا العامل على هذه اهليئة لتخلص أجناس النور من

أجناس الظلمة وإمنا سارت الشمس والقمر وسائر النجوم والكواكب الستصفاء أجزاء النور من أجزاء الظلمة

فالشمس تستصفي النور الذي امتزج بشياطني احلر لقمر يستصفى النور الذي امتزج بشياطني الربد وا

والنسيم الذي يف األرض ال يزال يرتفع ألن من شأهنا االرتفاع إىل عاملها وكذلك مجيع أجزاء النور أبدا يف الصعود واالرتفاع وأجزاء الظلمة أبدا يف النزول والتسفل حىت تتخلص األجزاء

ب ويصل كل إىل كله وعامله وذلك هو القيامة واملعاد من األجزاء ويبطل االمتزاج وتنحل التراكيومما يعني يف التخليص والتمييز ورفع أجزاء النور التسبيح والتقديس والكالم الطيب وأعمال الرب فترتفع : قال

بذلك األجزاء النورية يف عمود الصبح إىل فلك القمر وال يزال القمر يقبل ذلك من أول الشهر إىل نصفه فيمتلئ يصري بدرا مث يؤدي إىل الشمس إىل آخر الشهر ف

وتدفع الشمس إىل نور فوقها فيسري ذلك العامل إىل أن يصل إىل النور األعلى اخلالص وال يزال يفعل ذلك حىت ال يف هذا العامل إال قدر يسري منعقد ال تقدر الشمس والقمر على ) ٢٤٧ \ ١( يبقى من أجزاء النور شيء

ك يرتفع امللك الذي حيمل األرض ويدع امللك الذي جيذب السماوات فيسقط األعلى على استصفائه فعند ذلاألسفل مث توقد نار حىت يضطرم األعلى واألسفل وال تزال تضطرم حىت يتحلل ما فيها من النور وتكون مدة

االضطرام ألفا وأربعمائة ومثانيا وستني سنة إن ملك عامل النور يف كل أرضه ال خيلو منه : األوىل ويف أول الشابرقان وذكر احلكيم ماين يف باب األلف من اجلبلة

شيء وأنه ظاهر باطن وأنه ال هناية له إال من حيث تناهي أرضه إىل أرض عدوه إن ملك عامل النور يف سرة أرضه : وقال أيضا

ج احملدث هو اخلري والشر وذكر أن املزاج القدمي هو امتزاج احلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة واملزاوقد فرض ماين على أصحابه العشر يف األموال كلها والصلوات األربع يف اليوم والليلة والدعاء إىل احلق وترك

الكذب والقتل والسرقة والزنا والبخل والسحر وعبادة األوثان وأن يأيت على ذي روح ما يكره أن يؤتى إليه مبثله

Page 128: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

بياء أن أول من بعث اهللا تعاىل بالعلم واحلكمة آدم أبو البشر مث بعث شيثا بعده مث نوحا واعتقاده يف الشرائع واألنبعده مث إبراهيم بعده عليهم الصالة والسالم مث بعث بالبددة إىل أرض اهلند وزردشت إىل أرض فارس واملسيح

النبيني إىل أرض العرب كلمة اهللا وروحه إىل أرض الروم واملغرب وبولس بعد املسيح إليهم مث يأيت خامتوهو سنة إحدى -وزعم أبو سعيد املانوي رئيس من رؤسائهم أن الذي مضى من املزاج إىل الوقت الذي هو فيه

أحد عشر ألفا وسبعمائة سنة وأن الذي بقي إىل وقت اخلالص ثالمثائة سنة -وسبعني ومائتني من اهلجرة )٢٤٨ \ ١ (

ا عشر ألف سنة فيكون قد بقي من املدة مخسون سنة يف زماننا هذا وهو إحدى مدة املزاج اثن: وعلى مذهبه وعشرون ومخسمائة هجرية

فنحن يف آخر املزاج وبدء اخلالص فإىل اخلالص الكلي واحنالل التراكيب مخسون سنة

املزدكية

أصحاب مزدك أجابه واطلع أنوشروان على خزيه وافترائه ومزدك هو الذي ظهر يف أيام قباذ والد أنوشروان ودعا قباذ إىل مذهبه ف

فطلبه فوجده فقتله : حكى الوراق أن قول املزدكية كقول كثري من املانوية يف الكونني واألصلني إال أن مزدك كان يقول

إن النور يفعل بالقصد واالختيار والظلمة تفعل على اخلبط واالتفاق والنور عامل حساس والظالم جاهل أعمى

ملزاج كان على االتفاق واخلبط ال بالقصد واالختيار وكذلك اخلالص إمنا يقع باالتفاق دون االختيار وأن اوكان مزدك ينهى الناس عن املخالفة واملباغضة والقتال وملا كان أكثر ذلك إمنا يقع بسبب النساء واألموال أحل

اء والنار والكأل النساء وأباح األموال وجعل الناس شركة فيهما كاشتراكهم يف امل وحكي عنه أنه أمر بقتل األنفس ليخلصها من الشر ومزاج الظلمة

املاء واألرض والنار : ومذهبه يف األصول واألركان أهنا ثالثة وملا اختلطت حدث عنها مدبر اخلري ومدبر الشر فما كان من صفوها فهو مدبر اخلري وما كان من كدرها فهو مدبر

الشر معبوده قاعد على كرسيه يف العامل األعلى على هيئة قعود خسرو يف العامل األسفل وبني يديه أربع وروي عنه أن

: قوى قوة التمييز والفهم واحلفظ والسرور : كما بني يدي خسرو أربعة أشخاص

موبذ موبذان واهلربد األكرب واألصبهيد والرامشكر )٢٤٩ \ ١ (

ساالر وبيشكار وبالون وبراون وكازران ودستور وكوذك : سبعة من ورائهم وتلك األربع يدبرون أمر العامل بخواننده ودهنده وستاننده وبرنده خورننده ودونده وخيزنده وكشنده : وهذه السبعة تدور يف اثين عشر روحانيني

وزننده وكننده وأبنده وشونده وباينده

Page 129: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عشر صار ربانيا يف العامل السفلي وارتفع عنه التكليف وكل إنسان اجتمعت له هذه القوى األربع والسبع واالثناوإن خسرو العامل األعلى إمنا يدبر باحلروف اليت جمموعها االسم األعظم ومن تصور من تلك احلروف شيئا : قال

انية انفتح له السر األكرب ومن حرم ذلك بقي يف عمى اجلهل والنسيان والبالدة والغم يف مقابلة القوى األربع الروحالكوذية وأبو مسلمية واملاهانية واالسبيدخامكية والكوذية بنواحي األهواز وفارس وشهرزور واألخر : وهم فرق

بنواحي سغد مسرقند والشاش وإيالق

الديصانية

أصحاب ديصان نورا وظالما : أثبتوا أصلني

يفعل اخلري قصدا واختيارا : فالنور ارا يفعل الشر طبعا واضطر: والظالم

فما كان من خري ونفع وطيب وحسن فمن النور وما كان من شر وضرر وننت وقبح فمن الظالم

حي عامل قادر حساس دراك ومنه تكون احلركة واحلياة : وزعموا أن النور ميت جاهل عاجز مجاد موات ال فعل له وال متييز : والظالم

وزعموا أن الشر يقع منه طباعا وخرقا لنور جنس واحد وكذلك الظالم جنس واحد وزعموا أن ا

فسمعه هو بصره وبصره ) ٢٥٠ \ ١( وأن إدراك النور إدراك متفق فإن مسعه وبصره وسائر حواسه شيء واحد هو حواسه وإمنا قيل مسيع بصري الختالف التركيب ال ألهنما يف نفسهما شيئان خمتلفان

سة وإمنا وجدوه لونا ألن الظلمة خالطته ضربا من املخالطة وزعموا أن اللون هو الطعم وهو الرائحة وهو احمل ووجده طعما ألهنا خالطته خبالف ذلك الضرب وكذلك القول يف لون الظلمة وطعمها ورائحتها وحمستها

وزعموا أن النور بياض كله وأن الظالم سواد كله تزل تلقاه بأعلى صفحة منها وزعموا أن النور مل يزل يلقى الظلمة بأسفل صفحة منه وأن الظلمة مل

: واختلفوا يف املزاج واخلالص فزعم بعضهم أن النور داخل الظلمة والظلمة تلقاه خبشونة وغلظ فتأذى هبا وأحب أن يرقصها ويلينها مث يتخلص ر منها وليس ذلك الختالف جنسهما ولكن كما أن املنشار جنسه حديد وصفحته لينه وأسنانه خشنة فاللني يف النوواخلشونة يف الظلمة ومها جنس واحد فتلطف النور بلينه حىت يدخل تلك الفرج فما أمكنه إال بتلك اخلشونة فال

يتصور الوصول إىل كمال وجود إال بلني وخشونة بل الظالم ملا احتال حىت تشبث بالنور من أسفل صفحته فاجتهد النور حىت يتخلص منه ويدفعه عن : وقال بعضهم مد عليه فلجج فيه وذلك مبنزلة اإلنسان الذي يريد اخلروج من وحل وقع فيه فيعتمد على رجله ليخرج نفسه فاعت

فيزداد جلوجا فيه فاحتاج النور إىل زمان ليعاجل التخلص منه والتفرد بعامله فلما دخل إن النور إمنا دخل أجزاء الظالم اختيارا ليصلحها ويستخرج منها أجزاء صاحلة لعامله : وقال بعضهم

تشبثت به زمانا فصار يفعل اجلور والقبيح اضطرارا ال اختيارا ولو انفرد يف عامله ما كان حيصل منه إال اخلري احملض

Page 130: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واحلسن البحت وفرق بني الفعل االضطراري وبني الفعل االختياري

)٢٥١ \ ١ (

املرقيونية

أصحاب مرقيون نور والثاين الظلمة أحدمها ال: أثبتوا أصلني قدميني متضادين

وأثبتوا أصال ثالثا هو املعدل اجلامع وهو سبب املزاج فان املتنافرين املتضادين ال ميتزجان إال جبامع إن اجلامع دون النور يف املرتبة وفوق الظلمة وحصل من االجتماع واالمتزاج هذا العامل : وقالوا

ملعدل إذ هو أقرب منها فامتزجت به لتطيب به وتلتذ مبالذه االمتزاج إمنا حصل بني الظلمة وا: ومنهم من يقول فبعث النور إىل العامل املمتزج روحا مسيحية وهو روح اهللا وابنه حتننا على املعدل اجلامع السليم الواقع يف شبكة

ا ومن الظالم الرجيم حىت خيلصه من حبائل الشياطني فمن اتبعه فلم يالمس النساء ومل يقرب الزهومات أفلت وجن خالفه خسر وهلك

وإمنا أثبتنا املعدل ألن النور الذي هو اهللا تعاىل ال جيوز عليه خمالطة الشياطني وأيضا فإن الضدين يتنافران : قالوا طبعا ويتمانعان ذاتا ونفسا فكيف جيوز اجتماعهما وامتزاجهما ؟ فال بد من معدل يكون مبنزلة دون النور وفوق

منه الظالم فيقع االمتزاجوهذا على خالف ما قالته املانوية وإن كان ديصان أقدم وإمنا أخذ ماين منه مذهبه وخالفه يف املعدل كاحلاكم على

اخلصمني اجلامع بني املتضادين ال جيوز أن يكون طبعه وجوهره من أحد الضدين وهو اهللا عز و جل الذي ال ضد له وال ند

زعموا أن املعدل هو اإلنسان احلساس الدراك إذ هو ليس بنور حمض وال وحكى حممد بن شبيب عن الديصانية أهنم ظالم حمض

وحكي عنهم أهنم يرون املناكحة وكل ما فيه منفعة لبدنه وروحه حراما وحيترزون عن ذبح احليوان ملا فيه من األمل )٢٥٢ \ ١ (

لنور حساس عامل والظالم جاهل أعمى وحكي عن قوم من الثنوية أن النور والظلمة مل يزاال حيني إال أن ا والنور يتحرك حركة مستوية مستقيمة والظالم يتحرك حركة عجرفية خرقاء معوجة

فبينا مها كذلك إذ هجم بعض هامات الظالم على حاشية من حواشي النور فابتلع النور منه قطعة على اجلهل ال ة والتمرة وكان ذلك سبب املزاج على القصد والعلم وذلك كالطفل الذي ال يفصل بني اجلمر

مث إن النور األعظم دبر يف اخلالص فبىن هذا العامل ليستخلص ما امتزج به من النور ومل ميكنه استخالصه إال هبذا التدبري

الكينوية والصيامية والتناسخية منهم

اء النار واألرض وامل: حكى مجاعة من املتكلمني أن الكينوية زعموا أن األصول ثالثة وإمنا حدثت هذه املوجودات من هذه األصول دون األصلني اللذين أثبتهما الثنوية

Page 131: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

والنار بطبعها خرية نورانية : قالوا واملاء ضدها يف الطبع

فما كان من خري يف هذا العامل فمن النار وما كان من شر فمن املاء واألرض متوسطة

علوية نورانية لطيفة ال وجود إال هبا وال بقاء إال بإمدادها وهؤالء يتعصبون للنار شديدا من حيث أهنا واملاء خيالفها يف الطبع فيخالفها يف الفعل

واألرض متوسطة بينهما فتركيب العامل من هذه األصول

والصيامية منهم أمسكوا عن طيبات الرزق وجتردوا لعبادة اهللا وتوجهوا يف عباداهتم إىل النريان تعظيما هلا مسكوا أيضا عن النكاح والذبائح وأ

والتناسخية منهم قالوا بتناسخ األرواح يف األجساد واالنتقال من شخص إىل شخص وما يلقى اإلنسان من الراحة والتعب والدعة والنصب فمرتب على ما أسفله من قبل وهو يف بدن آخر جزاء على ذلك

زاء إما يف فعل وإما يف ج: واإلنسان أبدا يف أحد أمرين املكافأة عليه ) ٢٥٣ \ ١( وما هو فيه فإما مكافأة على عمل قدمه وإما عمل ينتظر

واجلنة والنار يف هذه األبدان وأعلى عليني درجة النبوة وأسفل السافلني دركة احلية فال وجود أعلى من درجة الرسالة وال وجود أسفل من دركة احلية

املالئكة واألسفل دركة الشياطني الدرجة األعلى درجة : ومنهم من يقول وخيالفون هبذا املذهب سائر الثنوية فإهنم يعنون بأيام اخلالص رجوع أجزاء النور إىل عامله الشريف احلميد وبقاء

أجزاء الظالم يف عامله اخلسيس الذميم : وأما بيوت النريان للمجوس

فأول بيت بناه أفريدون بيت نار بطوس هو بردسون وآخر مبدينة خبارى

واختذ هبمن بيتا بسجستان يدعى كركو وهلم بيت نار آخر يف نواحي خبارى يدعى قباذان

وبيت نار يسمى كويسه بني فارس وأصبهان بناه كيخسرو وآخر بقومس يسمى جرير

وبيت نار يسمى كنكدر بناه سياوش يف مشرق الصني وآخر بأرجان من فارس اختذه أرجان جد كشتاسب

ه البيوت كانت قبل زردشت وهذ مث جدد بيت نار بنيسابور

وآخر بنسا وأمر كشتاسب أن يطلب نارا كان يعظمها جم فوجدها مبدينة خوارزم فنقلها إىل دار جبرد وتسمى آذرخره

واجملوس يعظموهنا أكثر من غريها وكيخسرو ملا خرج إىل غزو أفراسياب عظمها وسجد هلا

Page 132: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الذي نقلها إىل كآريان فتركوا بعضها ومحلوا بعضها إىل نسا إن أنوشروان هو: ويقال ويف بالد الروم على أبواب قسطنطينية بيت نار اختذه سابور بن أردشري فلم يزل كذلك إىل أيام املهدي

وبيت نار بإستينيا على قرب مدينة السالم لبوران بنت كسرى وكذلك باهلند والصني بيوت نريان

)٢٥٤ \ ١ ( ما اليونانيون فكان هلم ثالثة أبيات ليست فيها نار وقد ذكرناها وأ

: واجملوس إمنا يعظمون النار ملعان فيها منها أهنا جوهر شريف علوي

ومنها أهنا ما أحرقت اخلليل إبراهيم عليه السالم ومنها ظنهم أن التعظيم هلا ينجيهم يف املعاد من عذاب النار

وسيلة وإشارة واهللا أعلم وباجلملة هي قبلة هلم و أهل األهواء والنحل : مت اجلزء األول ويليه اجلزء الثاين وأوله الباب األول

٥٤٨ - ٤٧٩كتاب امللل والنحل أيب الفتح حممد بن عبد الكرمي بن أيب بكر أمحد الشهرستاين )٢ \ ٢ (

أهل األهواء والنحل: الباب األول

لعرب يف اجلاهلية وآراء اهلند وهؤالء يقابلون أرباب الديانات تقابل التضاد كما من الصابئة والفالسفة وآراء ا ذكرنا واعتمادهم على الفطر السليمة والعقل الكامل والذهن الصايف

فمن معطل بطال ال يرد عليه فكره براد وال يهديه عقله ونظره إىل اعتقاد وال يرشده فكره وذهنه إىل معاد قد ألف إليه وظن أنه ال عامل سوى ما هو فيه من مطعم شهي ومنظر هبي وال عامل وراء هذا احملسوس وهؤالء احملسوس وركن

هم الطبيعيون الدهريون ال يثبتون معقوال ومن حمصل نوع حتصيل قد ترقى عن احملسوس وأثبت املعقول لكنه ال يقول حبدود وأحكام وشريعة وإسالم ويظن

عامل مبدأ ومعادا وصل إىل الكمال املطلوب من جنسه فتكون سعادته على قدر أنه إذا حصل املعقول وأثبت للإحاطته وعلمه وشقاوته بقدر سفاهته وجهله وعقله هو املستبد بتحصيل هذه السعادة ووضعه هو املستعد لقبول

تلك الشقاوة وهؤالء هم الفالسفة اإلهليون أمور مصلحية عامية : الشرائع وأصحاهبا : قالوا أمور وضعية : حلدود واألحكام واحلالل واحلرام وا

رجال هلم حكم عملية ) : ٣ \ ٢( وأصحاب الشرائع مصلحة للعباد وعمارة للبالد : ورمبا يؤيدون من عند واهب الصور بإثبات أحكام ووضع حالل وحرام

كة والعرش والكرسي واللوح والقلم وما خيربون عنه من األمور الكائنة يف حال من أحوال عامل الروحانيني من املالئ فإمنا هي أمور معقولة هلم قد عربوا عنها بصورة خيالية جسمانية

وكذلك ما خيربون به من أحوال املعاد من اجلنة والنار مثل قصور وأهنار وطيور ومثار يف اجلنة فترغيبات للعوام مبا يبات للعوام مبا تنزجر عنه طباعهم وإال ففي العامل متيل إليه طباعهم وسالسل وأغالل وخزي ونكال يف النار فتره

Page 133: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

العلوي ال يتصور أشكال جسمانية وصور جرمانية وهذا أحسن ما يعتقدونه يف األنبياء عليهم الصالة والسالم لست أعين هبم الذين أخذوا علومهم من مشكاة النبوة

طبيعية وإهلية قد اغتروا حبكمهم واستقلوا بأهوائهم وإمنا أعين هبؤالء الذين كانوا يف الزمن األول دهرية وحشيشية و وبدعهم

مث يتلوهم ويقرب منهم قوم يقولون حبدود وأحكام عقلية ورمبا أخذوا أصوهلا وقوانينها من مؤيد بالوحي إال أهنم ومها شيث اقتصروا على األول منهم وما نفذوا إىل اآلخر وهؤالء هم الصابئة األوىل الذين قالوا بعاذميون وهرمس

وإدريس عليهما السالم ومل يقولوا بغريمها من األنبياء عليهم السالم : والتقسيم الضابط أن نقول

من الناس من ال يقول مبحسوس وال معقول وهم السوفسطائية - ١ ومنهم من يقول باحملسوس وال يقول باملعقول وهم الطبيعية - ٢ ال يقول حبدود وأحكام وهم الفالسفة الدهرية ومنهم من يقول باحملسوس واملعقول و - ٣ ومنهم من يقول باحملسوس واملعقول واحلدود واألحكام وال يقول بالشريعة واإلسالم وهم الصابئة - ٤ )٤ \ ٢ ( ومنهم من يقول هبذه كلها وبشريعة ما وإسالم وال يقول بشريعة نبينا حممد صلى اهللا عليه و سلم وهم اجملوس - ٥

ود والنصارى واليه ومنهم من يقول هبذه كلها وهم املسلمون - ٦

وحنن قد فرغنا عمن يقول بالشرائع واألديان فنتكلم اآلن فيمن ال يقول هبا ويستبد برأيه وهواه يف مقابلتهم

الصابئة: الفصل األول

قد ذكرنا فيما تقدم أن الصبوة يف مقابلة احلنيفية الصابئة : ل وزاغ فبحكم ميل هؤالء عن سنن احلق وزيغهم عن هنج األنبياء قيل هلم صبأ الرجل إذا ما: ويف اللغة صبأ الرجل إذا عشق وهوى : وقد يقال

الصبوة هي االحنالل عن قيد الرجال : وهم يقولون وإمنا مدار مذهبهم على التعصب للروحانيني كما أن مدار مذهب احلنفاء هو التعصب للبشر اجلسمانيني

ابئة تدعي أن مذهبها هو االكتساب واحلنفاء تدعي أن مذهبها هو الفطرة والص فدعوة الصابئة إىل االكتساب ودعوة احلنفاء إىل الفطرة

)٥ \ ٢ (

أصحاب الروحانيات: الفصل الثاين

: ويف العبارة لغتان بالضم من الروح : روحاين

بالفتح من الروح : وروحاين ان فكأن الروح جوهر والروح حالته اخلاصة به والروح والروح متقارب

Page 134: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

:مذهب أصحاب الروحانيات - ١

ومذهب هؤالء أن للعامل صانعا فاطرا حكيما مقدسا عن مسات احلدثان والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إىل جالله وإمنا يتقرب إليه باملتوسطات املقربني لديه وهم الروحانيون

وهرا وفعال وحالة املطهرون املقدسون جفهم املقدسون عن املواد اجلسمانية املربءون عن القوى اجلسدانية املنزهون عن احلركات املكانية : أما اجلوهر

ال يعصون اهللا ما أمرهم ويفعلون ما : ( والتغريات الزمانية قد جبلوا على الطهارة وفطروا على التقديس والتسبيح ) يؤمرون

معلمنا األول عاذميون وهرمس فنحن نتقرب إليهم ونتوكل عليهم وهم أربابنا وآهلتنا ووسائلنا وإمنا أرشدنا إليهم وشفعاؤنا عند اهللا وهو رب األرباب وإله اآلهلة رب كل شيء ومليكه

فالواجب علينا أن نطهر نفوسنا عن دنس الشهوات الطبيعية وهنذب أخالقنا عن عالئق القوى الشهوانية والغضبية نسأل حاجاتنا منهم ونعرض أحوالنا عليهم ونصبو ) ٦ \ ٢( صل مناسبة ما بيننا وبني الروحانيات فحينئذ حىت حت

يف مجيع أمورنا إليهم فيشفعون لنا إىل خالقنا وخالقهم ورازقنا ورازقهم وهذا التطهري والتهذيب ليس حيصل إال اد من جهة الروحانيات واالستمداد هو التضرع باكتسابنا ورياضتنا وفطامنا أنفسنا عن دنيات الشهوات باستمد

واالبتهال بالدعوات وإقامة الصلوات وبذل الزكوات والصيام عن املطعومات واملشروبات وتقريب القرابني والذبائح وتبخري البخورات وتعزمي العزائم فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غري واسطة بل يكون حكمنا

ى وترية واحدة وحكم من يدعي الوحي علواألنبياء أمثالنا يف النوع وأشكالنا يف الصورة يشاركوننا يف املادة يأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب : قالوا

ولئن أطعتم بشرا ( ويسامهوننا يف الصورة أناس بشر مثلنا فمن أين لنا طاعتهم وبأية مزية هلم لزمت متابعتهم ؟ هم مقالت) مثلكم إنكم إذا خلاسرون

الروحانيات هم األسباب املتوسطون يف االختراع واإلجياد وتصريف األمور من حال إىل حال : فقالوا : وأما الفعل وتوجيه املخلوقات من مبدأ إىل كمال يستمدون القوة من احلضرة القدسية ويفيضون الفيض على املوجودات

السفلية ا وهي هياكلها فلكل روحاين هيكل ولكل هيكل فلك ونسبة فمنها مدبرات الكواكب السبعة السيارة يف أفالكه

الروحاين إىل ذلك اهليكل الذي اختص به نسبة الروح إىل اجلسد فهو ربه ومدبره ومديره وكانوا يسمون اهلياكل أربابا ورمبا يسموهنا آباء والعناصر أمهات ففعل الروحانيات حتريكها على قدر خمصوص

يف املركبات ) ٧ \ ٢( ت يف الطبائع والعناصر فيحصل من ذلك تركيبات وامتزاجات ليحصل من حركاهتا انفعاالفيتبعها قوى جسمانية وتركب عليها نفوس روحانية مثل أنواع النبات وأنواع احليوان مث قد تكون التأثريات كلية

كل قطرة ملك صادرة عن روحاين كلي وقد تكون جزئية صادرة عن روحاين جزئي فمع جنس املطر ملك ومع : ومنها مدبرات اآلثار العلوية الظاهرة يف اجلو

مثل األمطار والثلوج والربد والرياح : مما يصعد من األرض فينزل مثل الصواعق والشهب : ومما ينزل من السماء

من الرعد والربق والسحاب والضباب وقوس قزح وذوات األذناب واهلالة واجملرة : ومما حيدث يف اجلو مثل الزالزل واملياه واألخبرة إىل غري ذلك : ومما حيدث يف األرض

Page 135: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومنها متوسطات القوى السارية يف مجيع املوجودات ومدبرات اهلداية الشائعة يف مجيع الكائنات حىت ال نرى موجودا ما خاليا عن قوة وهداية إذا كان قابال هلما

روح والرحيان والنعمة واللذة والراحة والبهجة والسرور يف جوار فأحوال الروحانيات من ال: وأما احلالة : قالوا رب األرباب كيفي خيفى

التسبيح والتقديس والتهليل والتمجيد والتحميد وأنسهم بذكر اهللا تعاىل وطاعته فمن قائم : مث طعامهم وشراهبم لذة ومن خاشع بصره ال يرفع ومن ومن راكع ومن ساجد ومن قاعد ال يزيد تبديل حالته ملا هو فيه من البهجة وال

ناظر ال يغمض ومن ساكن ال يتحرك ومن متحرك ال يسكن ومن كرويب يف عامل القبض ومن روحاين يف عامل البسط ) ال يعصون اهللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ( )٨ \ ٢ (

:مناظرات بني الصابئة واحلنفاء - ٢

واحلنفاء يف املفاضلة بني الروحاين احملض وبني البشرية النبوية وقد جرت مناظرات وحماورات بني الصابئة وحنن أردنا أن نوردها على شكل سؤال وجواب وفيها فوائد ال حتصى

: قالت الصابئة الروحانيات أبدعت إبداعا ال من شيء ال مادة وال هيوىل وهي كلها جوهر واحد على سنخ واحد وجواهرها أنوار

وهي من شدة ضيائها ال يدركها احلس وال يناهلا البصر ومن غاية لطافتها حيار فيها العقل وال حمضة ال ظالم فيها جيول فيها اخليال

مادة وصورة : ونوع اإلنسان مركب من العناصر األربعة مؤلف من اثنان منها مزدوجان واثنان منها متضادان : والعناصر متضادة ومزدوجة بطباعها

الختالف واهلرج ومن االزدواج حيصل الفساد واملرج فما هو مبدع ال من شيء ال يكون ومن التضاد يصدر ا كمخترع من شيء

واملادة واهليوىل سنخ الشر ومنبع الفساد فاملركب منها ومن الصورة كيف يكون كمحض الصورة ؟ والظالم كيف قى إىل درجة املستغىن عنهما ؟ يساوي النور ؟ واحملتاج إىل االزدواج واملضطر يف هوة االختالف كيف ير

: أجابت احلنفاء مب عرفتم معاشر الصابئة وجود هذه الروحانيات ؟ واحلس ما دلكم عليه والدليل ما أرشدكم إليه ؟ : بأن قالت

عرفنا وجودها وتعرفنا أحواهلا من عاذميون وهرمس شيث وإدريس عليهما السالم : قالوا )٩ \ ٢ (

نفي املتوسط البشري : د ناقضتم وضع مذهبكم فإن غرضكم يف ترجيح الروحاين على اجلسماين لق: قالت احلنفاء فصار نفيكم إثباتا وعاد إنكاركم إقرارا

مث من الذي يسلم أن املبدع ال من شيء أشرف من املخترع من شيء بل وجانب الروحاين أمر واحد وجانب : اجلسماين أمران

نفسه وروحه : أحدمها أمري : حسه وجسده فهو من حيث الروح مبدع بأمر اهللا تعاىل ومن حيث اجلسد خمترع خبلقه ففيه أثران : اين والث

Page 136: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وخلقي قويل وفعلي فساوى الروحاين جبهة وفضله جبهة خصوصا إذا كانت جهته اخللقية ما نقصت اجلهة األخرى بل كملت وطهرت

: وإمنا اخلطأ عرض لكم من وجهني فاضلتم بني الروحاين اجملرد واجلسماين اجملرد فحكمتم بأن الفضل للروحاين وصدقتم لكن املفاضلة أنكم : أحدمها

بني الروحاين اجملرد واجلسماين والروحاين اجملتمع وال حيكم عاقل بأن الفضل للروحاين اجملرد فإنه بطرف ساواه يه أحكام التضاد واالزدواج بل كان مستخدما وبطرف سبقه والفرض فيما إذا مل يدنس باملادة ولوازمها ومل تؤثر ف

هلا حبيث ال تنازعه يف شيء يريده ويرضاه بل صارت معينات له على الغرض الذي ألجله حصل التركيب وعطلت الوحدة والبساطة وذلك ختليص النفوس اليت تدنست باملادة ولوازمها وصارت العالئق عوائق

: خص اجلميل وكيف يزري اللفظ الرائق باملعىن املستقيم ؟ ونعم ما قيل وليت شعري ماذا يشني اللباس احلسن الش فكل رداء يرتديه مجيل ... إذا املرء مل يدنس من اللؤم عرضه

فليس إىل حسن الثناء سبيل ... وإن هو مل حيمل على النفس ضيمها بني املعىن اجملرد ) ١٠ \ ٢( بل خاير ال: اختار املعىن قيل له : هذا كمن خاير بني اللفظ اجملرد واملعىن اجملرد

والعبارة واملعىن حىت ال يشكل إذ املعىن اللطيف يف العبارة الرشيقة أشرف من املعىن اجملرد أنكم ما تصورمت من النبوة إال كماال ومتاما فحسب ومل يقع بصركم على أهنا كمال هو مكمل غريه : والوجه الثاين

وما حكمتم إال بالتساوي وترجيح جانب الروحاين ففاضلتم بني كمالني مطلقا كامل ومكمل عاملا أيهما أفضل ؟ : كامل والثاين : أحدمها : ما قولكم يف كمالني : وحنن نقول

: قالت الصابئة نوع اإلنسان ليس خيلو من قويت الشهوة والغضب ومها ينزعان إىل البهيمية والسبعية وينازعان النفس اإلنسانية إىل

الكرب واحلسد إىل غريمها من األخالق الذميمة فكيف : احلرص واألمل ومن الغضبية : باعها فيثور من الشهوية طصافية أوضاعهم عن النوازع : مياثل من هذه صفته نوع املالئكة املطهرين عنهما وعن لوازمهما ولواحقهما

لهم الغضب على حب اجلاه وال محلتهم الشهوة احليوانية كلها خالية طباعهم عن القواطع البشرية بأسرها مل حيم على حب املال بل طباعهم جمبولة على احملبة واملوافقة وجواهرهم مفطورة على األلفة واالحتاد ؟

: أجابت احلنفاء : بأن هذه املغالطة مثل األوىل حذو النعل بالنعل فإن يف طرف البشرية نفسني

قوة الشهوة قوة الغضب و: نفس حيوانية هلا قوتان قوة علمية وقوة عملية : ونفس إنسانية هلا قوتان

وبتينك القوتني هلا أن جتمع ومتنع وهباتني القوتني هلا أن تقسم األمور وتفصل األحوال مث تعرض األقسام واألحوال \ ٢( دق دون على العقل فيختار العقل الذي هو كالبصر النافذ له من العقائد احلق دون الباطل ومن األقوال الص

الكذب ومن األفعال اخلري دون الشر ) ١١ الشدة والشجاعة واحلمية دون الذلة واجلنب والنذالة : وخيتار بقوته العملية من لوازم القوة الغضبية

التآلف والتودد والبذاذة دون الشره واملهانة واخلساسة : وخيتار هبا أيضا من لوازم القوة الشهوية لناس محية على خصمه وعدوه ومن أرحم الناس تذلال وتواضعا لوليه وصديقه وإذا بلغ هذا فيكون من أشد ا

الكمال فقد استخدم القوتني واستعملهما يف جانب اخلري مث يترقى منه إىل إرشاد اخلالئق يف تزكية النفوس عن

Page 137: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

العالئق وإطالقها عن قيد الشهوة والغضب وإبالغها إىل حد الكمال ن كل نفس شريفة عالية زكية هذه حاهلا ال تكون كنفس ال تنازعها قوة أخرى على خالف طباعها ومن املعلوم أ

وحكم العنني العاجز يف امتناعه عن تنفيذ الشهوة ال يكون كحكم املتصون الزاهد املتورع يف إمساكه عن قضاء الوطر مع القدرة عليه

ختيار مجيل التصرف وليس الكمال والشرف يف فقدان خمتار قادر حسن اال: مضطر عاجز والثاين : فإن األول القوتني وإمنا الكمال كله يف استخدام القوتني

فنفس النيب عليه الصالة و السالم كنفوس الروحانيني فطرة ووضعا وبذلك الوجه وقعت الشركة وفضلها وتقدمها والنظام فلم تستعمله وهو الكمال باستخدام القوتني اللتني دوهنا فلم تستخدمه واستعماهلا يف جانب اخلري

: قالت الصابئة الروحانيات صور جمردة عن املواد وإن قدر هلا أشخاص تتعلق هبا تصرفا وتدبريا ال ممازجة وال خمالطة فأشخاصها

نورانية أو هياكل كما ذكرنا قصة واملتوسط جيب أن يكون أهنا إذا كانت صورا جمردة كانت موجودات بالفعل ال بالقوة كاملة ال نا: والفرض

كامال حىت يكمل غريه إما مزاجية وإما خارجة عن املزاج : وأما املوجودات البشرية فصور يف مواد وإن قدر هلا نفوس فنفوسها

يف مواد كانت موجودات بالقوة ال بالفعل ناقصة ال كاملة واملخرج ) ١٢ \ ٢( أهنا إذا كانت صورا : والفرض لفعل جيب أن يكون أمرا بالفعل وجيب أن يكون غري ذات ما حيتاج إىل اخلروج فإن ما بالقوة ال خيرج من القوة إىل ا

بذاته من القوة إىل الفعل بل بغريه والروحانيات هي احملتاج إليها حىت خترج اجلسمانيات إىل الفعل واحملتاج إليه كيف يساوي احملتاج ؟

: أجابت احلنفاء وهو كون الروحانيات موجودات بالفعل غري مسلم على اإلطالق ألن من الروحانيات : متوه هذا احلكم الذي ذكر

ما يكون وجوده بالقوة أو ما هو فيه وجود بالقوة وحيتاج إىل ما وجوده بالفعل حىت خيرجه من القوة إىل الفعل فإن لى كل شيء وأحدمها بالقوة النفس هلا استعداد القبول من العقل عندكم والعقل له إعداد لكل شيء وفيض ع

واآلخر بالفعل وهذا لضرورة الترتب يف املوجودات العلوية فإن من مل يثبت الترتب فيها مل تتمش له قاعدة عقلية أصال وإذا ثبت الترتب فقد ثبت الكمال يف جانب والنقصان يف جانب فليس كل روحاين كامال من كل وجه وال

جلسمانيات أيضا ما وجوده كامل بالفعل وسائر النفوس أيضا حمتاجة إليه كل جسماين ناقصا من كل وجه فمن اوذلك أيضا لضرورة الترتب يف املوجودات السفلية وإن من مل يثبت الترتب مل تستمر له قاعدة عقلية أصال وإذا

ثبت الترتب فقد ثبت الكمال يف جانب والنقصان يف جانب فليس كل جسماين ناقصا من كل وجه وإذا سلمتم لنا أن هذا العامل اجلسماين يف مقابلة ذلك العامل الروحاين وإمنا خيتلفان من حيث إن ما يف هذا : قالت

العامل من األعيان فهو آثار ذلك العامل وما يف ذلك العامل من الصور فهو مثل هذا العامل والعاملان متقابالن كالشخص والظل

) ١٣ \ ٢( بالفعل كامال تاما حىت تصدر عنه سائر املوجودات وجودا وإذا أثبتم يف ذلك العامل موجودا ما ووصوال إىل الكمال فيجب أن تثبتوا يف هذا العامل أيضا موجودا ما بالفعل كامال تاما حىت تصدر عنه سائر

املوجودات تعلما ووصوال إىل الكمال

Page 138: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ة البشرية طريقكم يف إثبات األرباب عندكم وهي وإمنا طريقنا إىل التعصب للرجال ونيابة الرسل يف الصور: قالوا الروحانيات السماوية وذلك احتياج كل مربوب إىل رب يدبره مث احتياج األرباب إىل رب األرباب

ومن العجب أن عند الصابئة أكثر الروحانيات قابلة منفعلة وإمنا الفاعل الكامل واحد وعن هذا صار بعضهم إىل أن ) وجعلوا املالئكة الذين هم عباد الرمحن إناثا : ( رب التنزيل عنهم بذلك املالئكة إناث وقد أخ

وإذا كان الفاعل الكامل املطلق واحد فما سواه قابل حمتاج إىل خمرج خيرج ما فيه بالقوة إىل الفعل فكذلك نقول يف حتاج إىل خمرج خيرج ما فيهما املوجودات السفلية النفوس البشرية كلها قابلة للوصول إىل الكمال بالعلم والعمل فت

بالقوة إىل الفعل واملخرج هو النيب والرسول وما هو خمرج الشيء من القوة إىل الفعل ال جيوز أن يكون أمرا بالقوة حمتاجا فإن ما مل يتحقق بالفعل وجودا ال خيرج غريه من القوة إىل الفعل فالبيض ال خيرج البيض من القوة إىل صورة

خيرج البيض الطري بل الطريوهذا اجلواب مياثل اجلواب األول من وجه وفيه فائدة أخرى من وجه آخر وهي أن عند احلنفاء املعقول ال يكون

معقوال حىت يثبت له مثال يف احملسوس وإال كان متخيال موهوما واحملسوس ال يكون حمسوسا حىت يثبت له مثال يف املعقول وإال كان سرابا معدوما

وجوده بالفعل وفعله إخراج : هذه القاعدة فمن أثبت عاملا روحانيا وأثبت فيه مدبرا كامال من جنسه وإذا ثبتتاملوجودات من القوة إىل الفعل بفيض الصور عليها على قدر االستحقاق فيلزمه ضرورة أن يثبت عاملا جسمانيا

ات من القوة إىل الفعل بفيض الصور عليها وجوده بالفعل وفعله إخراج املوجود: ويثبت فيه مدبرا كامال من جنسه على مذهب الصابئة واملدبر يف ) الروح األول ( على قدر االستحقاق ويسمى املدبر يف ذلك العامل ) ١٤ \ ٢(

على مذهب احلنفاء مث يكون بني الرسول والروح مناسبة ومالقاة عقلية فيكون الروح األول ) الرسول ( هذا العامل مظهرا ويكون بني الرسول وسائر البشر مناسبة ومالقاة حسية فيكون الرسول مؤديا والبشر قابال مصدرا والرسول

: قالت الصابئة اجلسمانيات مركبة من مادة وصورة واملادة هلا طبيعة عدمية وإذا حبثنا عن أسباب الشر والفساد والسفه واجلهل مل

جند هلا سببا سوى املادة والعدم ومها منبعا الشروالروحانيات غري مركبة من املادة والصورة بل هي صورة جمردة والصورة هلا طبيعة وجودية وإذا حبثنا عن أسباب

اخلري والصالح واحلكمة والعلم مل جند هلا سببا سوى الصورة وهي منبع اخلري ما فيه أصل اخلري أو ما هو أصل اخلري كيف مياثل ما فيه أصل الشر ؟ : فنقول : حلنفاء أجابت ا

بأن ما ذكرمت يف املادة أهنا سبب الشر فغري مسلم فإن من املواد ما هو سبب الصور كلها عند قوم وذلك هو اهليوىل األوىل والعنصر األول حىت صار كثري من قدماء الفالسفة إىل أن وجودها قبل وجود العقل

واز عندكم فإن اجلواز له طبيعة عدمية وما من مث إن سلم فاملركب من املادة والصورة كاملركب من الوجوب واجل وجود سوى وجود الباري تعاىل إال وجوده جائز بذاته واجب بغريه فيجب أن يالزمه أصل الشر

صور النفوس النبوية ) ١٥ \ ٢( وإن سلم لكم أيضا تلك املقدمة فعندنا صور النفوس البشرية وخصوصا : قالوا هي املبادئ األوىل حىت صار كثري من احلكماء إىل إثبات أناس سرمديني وهي كانت موجودة قبل وجود املواد و

وكانت هي أصل ) يسبحون حبمد رهبم ( الصورة اجملردة اليت كانت موجودة قبل العقل كالظالل حول العرش هلا فساح اخلري ومبدأ الوجود ولكن ملا ألبست الصور البشرية لباس املادة تشبثت بالطبيعة وصارت املادة شبكة

Page 139: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عليها الواهب األول فبعث إليها واحدا من عامله وألبسه لباس املادة ليخلص الصور عن الشبكة ال ليكون هو املتشبث هبا املنغمس فيها املتوسخ بأوضارها املتدنس بآثارها وإىل هذا املعىن أشار حكماء اهلند رمزا باحلمامة املطوقة

واحلمامات الواقعة يف الشبكة معاشر الصابئة أبدا تشنعون علينا باملادة ولوازمها وما مل نفصل القول فيها مل ننج من تشنيعكم : ا مث قالوالنفوس البشرية وخصوصا النبوية من حيث إهنا نفوس فهي مفارقة للمادة مشاركة لتلك النفوس الروحانية : فنقول

: لعرضية إما مشاركة يف النوع حبيث يكون التمييز باألعراض واألمور ا

وإما مشاركة يف اجلنس حبيث يكون الفصل باألمور الذاتية مث زادت على تلك النفوس باقتراهنا باجلسد أو باملادة واجلسد مل ينتقص منها بل كملت هي لوازم اجلسد وكملت هبا حيث استفادت من األمور اجلسدانية ما جتسدت هبا

قية والروحانيات فقدت هذه األبدان لفقدان هذا االقتران فكان يف ذلك العامل من العلوم اجلزئية واألعمال اخلل االقتران خريا ال شر فيه وصالحا ال فساد معه ونظاما ال فسخ له فكيف يلزمنا ما ذكرمتوه ؟

)١٦ \ ٢ ( : قالت الصابئة نورانية علوية لطيفة : الروحانيات

العتبار يف الشرف والفضيلة بذوات األشياء وصفاهتا ظلمانية سفلية كثيفة فكيف يتساويان وا: واجلسمانيات ومراكزها وحماهلا ؟

السفل لغاية الكثافة والظلمة والعاملان متقابالن : العلو لغاية النور واللطافة وعامل اجلسمانيات : فعامل الروحانيات والكمال للعلوي ال للسفلي والصفتان متقابلتان والفضيلة للنور ال للظلمة

: احلنفاء أجابت أن الشرف للعلو وال -ثانيا -على أن الروحانيات كلها نورانية وال نساعدكم -أوال -لسنا نوافقكم : قالوا

نساهلكم أصال أن االعتبار يف الشرف بذوات األشياء : وعلينا بيان هذه املقدمات الثالث فإن فيها فوائد كثرية

نيات حكم التساوي وما اعتربمت فيها التضاد والترتب وإذا كانت حكمتم على الروحا: فقالوا : أما األوىل املوجودات كلها روحانيها وجسمانيها على قضية التضاد والترتب فلم أغفلتم احلكمني ههنا ؟

الروحاين هو ما ليس جبسماين فقد أدخل جواهر الشياطني واألبالسة واألراكنة يف مجلة : وذلك أن من قال الروحانيات

ك من أثبت اجلن أثبتها روحانية ال جسمانية مث من اجلن من هو مسلم ومنها من هو ظامل وكذلالروحاين هو املخلوق روحا فمن األرواح ما هو خري ومنها ما هو شرير واألرواح اخلبيثة أضداد : ومن قال

م دعواكم أهنا كلها نورانية األرواح الطيبة فال بد إذن من إثبات تضاد بني اجلنسني وتنافر بني الطرفني فلم تسلبلى وعندنا معاشر احلنفاء الروح هو احلاصل بأمر الباري تعاىل الباقي على مقتضى أمره فمن كان ألمره تعاىل أطوع وبرساالت رسله أصدق كانت الروحانية فيه أكثر والروح عليه أغلب ومن كان ألمره تعاىل أنكر وبشرائعه أكذب

كانت الشيطنة عليه أغلب )١٧ \ ٢ (

Page 140: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هذه قاعدتنا يف الروحانيات فال روحاين أبلغ يف الروحانية من ذوات األنبياء والرسل عليهم الصالة والسالم : إن الشرف للعلو : وأما قولكم

إن عنيتم به علو اجلهة فال شرف فيه فكم من عال جهة سافل رتبة وعلما وذاتا وطبيعة وكم من سافل جهة عال لها رتبة وفضيلة وذاتا وطبيعة على األشياء ك

إن االعتبار يف الشرف بذوات األشياء وصفاهتا وحماهلا ومراكزها فليس حبق وهو مذهب اللعني األول : وأما قولكم حيث نظر إىل ذاته وذات آدم عليه السالم ففضل ذاته إذ هي خملوقة من النار وهي علوية نورانية على ذات آدم

سفلي ظلماين وهو خملوق من الطني وهوبل عندنا االعتبار يف الشرف باألمر وقبوله فمن كان أقبل ألمره وأطوع حلكمه وأرضى بقدره فهو أشرف ومن

قل الروح من أمر ريب : ( كان على خالف ذلك فهو أبعد وأخس وأخبث فأمر الباري تعاىل هو الذي يعطي الروح يستعد للعقل الغريزي وبالعقل يكتسب الفضائل وجيتنب الرذائل وبالروح حييا اإلنسان احلياة احلقيقية وباحلياة)

ومن مل يقبل أمر الباري تعاىل فال روح له وال حياة وال عقل له وال فضيلة له وال شرف عنده : قالت الصابئة

: الروحانيات فضلت اجلسمانيات بقويت العلم والعمل ا وإطالعهم على مستقبل األحوال اجلارية علينا وألن علومهم كلية فال ينكر إحاطتهم مبغيبات األمور عن: أما العلم

اجلسمانيات انفعالية وعلومهم فطرية وعلوم ) ١٨ \ ٢( وعلوم اجلسمانيات جزئية وعلومهم فعلية وعلوم اجلسمانيات كسبية فمن هذه الوجوه حتقق هلا الشرف على اجلسمانيات

ال ) يسبحون الليل والنهار ال يفترون : ( العبادة ودوامهم على الطاعة فال ينكر أيضا عكوفهم على : وأما العمل يلحقهم كالل وال سآمة وال يرهقهم مالل وال ندامة فتحقق هلا الشرف أيضا هبذا الطرف وكان أمر اجلسمانيات

باخلالف من ذلك : أجابت احلنفاء عن هذا جبوابني

يف جانب األنبياء عليهم السالم التسوية بني الطرفني وإثبات زيادة : أحدمها بيان ثبوت الشرف يف غري العلم والعمل : والثاين

علوم األنبياء عليهم السالم كلية وجزئية وفعلية وانفعالية وفطرية وكسبية فمن حيث : فإهنم قالوا : أما األول ودفعة واحدة مث إذا الحظوا عامل تالحظ عقوهلم عامل الغيب منصرفة عن عامل الشهادة حتصل هلم العلوم الكلية فطرة

الشهادة حصلت هلم العلوم اجلزئية اكتسابا باحلواس على ترتيب وتدريج فكما أن لإلنسان علوما نظرية هي املعقوالت وعلوما حاصلة باحلواس عن احملسوسات فعامل املعقوالت بالنسبة إىل األنبياء كعامل احملسوسات بالنسبة إىل

ا فطرية هلم ونظرياهتم ال نصل إليها قط بل وحمسوساتنا مكتسبة هلم ولنا بكواسب اجلوارح سائر الناس فنظرياتنجوارح احلواس فأمزجة األنبياء عليهم السالم أمزجة نفسانية ونفوسهم نفوس عقلية وعقوهلم عقول أمرية فطرية

تصفى هذه األذهان والنفوس ولو وقع حجاب يف بعض األوقات فذاك ملوافقتنا ومشاركتنا كي تزكى هذه العقول و وإال فدرجاهتم وراء ما يقدر

من العجب أهنم ال يعجبون هبذه العلوم بل ويؤثرون التسليم على البصرية والعجز على : فإهنم قالوا : وأما الثاين ( على )وما أدري ما يفعل يب وال بكم ( القدرة والتربؤ من احلول والقوة على االستقالل والفطرة على االكتساب

) إمنا أوتيته على علم عندي

Page 141: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

)١٩ \ ٢ ( ويعلمون أن املالئكة والروحانيات بأسرها وإن علمت إىل غاية قوة نظرها وإدراكها ما أحاطت مبا أحاط به علم الباري تعاىل بل لكل منهم مطرح نظر ومسرح فكر وجمال عقل ومنتهى أمل ومطار وهم وخيال وأهنم إىل احلد

ظرهم إليه مستبصرون ومن ذلك احلد إىل ما وراءه مما ال يتناهى مسلمون مصدقون وإمنا كماهلم يف الذي انتهى نسبحانك ال ( ليس كمال حاهلم بل ) وحنن نسبح حبمدك ونقدس لك ( التسليم ملا ال يعلمون والتصديق ملا جيهلون

مال والشرف يف العلم والعمل ال يف التسليم هو الكمال فمن أين لكم معاشر الصابئة أن الك) علم لنا إال ما علمتنا والتوكل ؟

وإذا كانت غاية العلوم هذه الدرجة فجعلت هناية أقدام املالئكة والروحانيني بداية أقدام السالكني من األنبياء بالنسبة فعامل الروحانيات بالنسبة إليهم شهادة و) قل ال يعلم من يف السموات واألرض الغيب إال اهللا ( واملرسلني

يعلم السر ( إلينا غيب وعامل البشر اجلسمانيات بالنسبة إلينا شهادة وبالنسبة إليهم غيب واهللا تعاىل هو الذي ) وأخفى

: قالت احلنفاء من علم أنه ال يعلم فقد أحاط بكل العلم ومن اعترف بالعجز عن أداء الشكر فقد أدى كل الشكر

: قالت الصابئة وة تصريف األجسام وتقليب األجرام والقوة اليت هلم ليست من جنس القوى املزاجية حىت يعرض الروحانيات هلم ق

هلا كالل ولغوب فتنحسر ولكن القوى الروحانية باخلواص اجلسمانية أشبه وإنك لترى اخلامة اللطيفة من النبات يف ٢( ن القوى السماوية ولو كانت هي بدء منوها تفتق احلجر وتشق الصخر وما ذاك إال لقوة نباتية فاضت عليها م

قوى مزاجية ملا بلغت إىل هذا املنتهى فالروحانيات هي اليت تتصرف يف األجسام تقليبا وتصريفا ال يثقلهم ) ٢٠ \محل الثقيل وال يستخفهم حتريك اخلفيف فالرياح هتب بتحريكها والسحاب يعرض ويزول بتصريفها وكذلك

من جهتها وكل هذه وإن استندت إىل أسباب جزئية فإهنا تستند يف اآلخرة إىل أسباب الزالزل تقع يف اجلبال بسبب من جهتها

ومثل هذه القوة عدمي الوجود يف اجلسمانيات : أجابت احلنفاء

منا يقتبس تفصيل القوى وجتنيسها : وقالوا وقوى ملكية وقوى روحانية وقوى قوى معدنية وقوى نباتية وقوى حيوانية وقوى إنسانية: فإن القوى تنقسم إىل

نبوية ربانية واإلنسان جممع القوى جبملتها واإلنسانية النبوية تفضلها بقوى ربانية ومعان إهلية فنذكر أوال وجه تركيب اإلنسان ووجه ترتيب القوى فيه مث نذكر تركيب البشرية النبوية وترتيب القوى فيها مث

واجلسماين وإليك االختيار خناير بني الوضعني الروحاين منهما اليبوسة : التراب واملاء واهلواء والنار اليت هلا الطبائع األربعة : أما شخص اإلنسان فمركب من األركان األربعة

والرطوبة واحلرارة والربودة : مث مركب فيه نفوس ثالثة

نفس نباتية تنمو وتتغذى وتولد املثل : إحداها س وتتحرك باإلرادة نفس حيوانية حت: والثانية

Page 142: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

نفس إنسانية هبا مييز ويفكر ويعرب عما يفكر : والثالثة ووجود النفس األوىل من األركان وطبائعها وبقاؤها هبا واستمدادها منها ووجود النفس الثانية من األفالك وحركاهتا وبقاؤها هبا واستمدادها منها

يات الصرفة وبقاؤها هبا واستمدادها منها ووجود النفس الثالثة من العقول البحتة والروحان )٢١ \ ٢ (

مث إن النباتية تطلب الغذاء طبعا واحليوانية تطلب الغذاء حسا واإلنسانية تطلب الغذاء اختيارا وعقال : ولكل نفس منها حمل

إىل األطراف فمحل النباتية الكبد ومنه مبدأ النمو والنشوء وعن هذا جعل فيه عروق دقاق ينفذ فيها الغذاءوحمل احليوانية القلب ومنه مبدأ تدبري احلس واحلركة وعن هذا فتح منه عروق إىل الدماغ فيصعد إىل الدماغ من

حرارته ما يعدل تلك الربودة وينزل منه من آثاره ما يدبر به احلركة هذا فتحت إليه أبواب احلواس مما وحمل اإلنسانية تصريفا وتدبريا الدماغ ومنه مبدأ الفكر والتعبري عن الفكر وعن

: يلي هذا العامل وفتحت إليه أبواب املشاعر مما يلي ذلك العامل وههنا ثالثة أعضاء ممدات ال بد منها املعدة اليت متد الكبد بالغذاء

والرئة اليت متد القلب بترويح اهلواء والعروق اليت متد الدماغ باحلرارة التراكيب فإن فيه مجيع آثار العامل اجلسماين والروحاين وتركيب القوى فيه أكمل فإذن التركيب اإلنساين أشرف

التراتيب فهو جممع آثار الكونني والعاملني فكل ما هو يف العامل منتشر ففيه جمتمع وكل ما هو فيه من خواص االحنالل واعترب فيه حال االجتماع فليس للعامل البتة ألن لالجتماع والتركيب خاصية ال توجد يف حال االفتراق و

السكر واخلل وحال السكنجبني وكذلك احلكم يف كل مزاج هذا وجه تركيب البدن وترتيب القوى اخلاصة به

: وأما وجه اتصال النفس به وترتيب القوى اخلاصة هبا مما يلي هذا العامل ومما يلي ذلك العامل ركة واملدركة واحلافظة للمزاج حترك الشخص باإلرادة ال يف فاعلم أن النفس اإلنسانية جوهر هو أصل القوى احمل

جهات ميله الطبيعي وتتصرف يف أجزائه مث يف مجلته وحتفظ مزاجه عن االحنالل وتدرك باملشاعر املركوزة فيه وهي احلواس اخلمس فبالقوة الباصرة تدرك األلوان واألشكال وبالقوة السامعة تدرك األصوات والكلمات وبالقوة

امللموسات ) ٢٢ \ ٢( لشامة تدرك الروائح وبالقوة الذائقة تدرك املطعومات وبالقوة الالمسة تدرك وله فروع من قوى منبثة يف أعضاء البدن حىت إذا أحس بشيء من أعضائه أو ختيل أو توهم أو اشتهى أو غضب

وقوى حتريك ألفى العالقة اليت بينه وبني تلك الفروع هيئة فيه حىت يفعل وله إدراك فهو أن يكون مثال حقيقة املدرك متمثال مرتسما يف ذات املدرك غري مباين له مث املثال قد يكون مثال : أما اإلدراك

صورة الشيء وقد يكون مثال حقيقته ومثال صورة الشيء هو ما يكون حمسوسا فريتسم يف القوة الباصرة وقد تؤثر يف كنه ماهيته مثل أين وكيف ووضع وكم معينة لو توهم بدهلا غشيته غواش غريبة عن ماهيته لو أزيلت عنه مل

غريها مل يؤثر يف ماهية ذلك املدرك واحلس يناله من حيث هو مغمور يف هذه العوارض اليت تلحقه بسبب املادة ال جيردها عنه وال يناله إال بعالقة وضعية بني حسه ومادته

رض اليت ال يقدر على جتريده املطلق عنها لكنه جيرده عن تلك العالئق مث اخليال الباطن يتخيله مع تلك العوا

ا

Page 143: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الوضعية اليت تعلق هبا احلس فهو يتمثل صورة مع غيبوبة حاملها وعنده مثال العوارض ال نفس العوارض مث الفكر ه عمل العقلي جيرده عن تلك العوارض فيعرض ماهيته وحقيقته على العقل فريتسم فيه مثال حقيقته حىت كأن

باحملسوس عمال جعله معقوال وأما ما هو بريء يف ذاته عن الشوائب املادية منزه عن العوارض الغريبة فهو معقول لذاته ليس حيتاج إىل عمل يعمل

فيه فيعقله ما من شأنه أن يعقله فال مثال له يتمثل يف العقل وال ماهية له فيجرد له وال وصول إليه باإلحاطة الربهان يدلنا عليه ويرشدنا إليه والفكرة إال أن

وكثريا ما يالحظ العقل اإلنساين عامل العقل الفعال فريتسم فيه من الصور اجملردة املعقولة ارتساما بريئا عن العالئق املادية والعوارض الغريبة فيبتدر اخليال إىل متثله فيمثله يف صورة خيالية مما يناسب عامل احلس فينحدر إىل احلس

ترك ذلك املثال فيبصره كأنه يراه معاينا مشاهدا يناجيه ويشاهده حىت كأن العقل عمل باملعقول عمال جعله املشحمسوسا وذلك إمنا يكون عند اشتغال احلواس كلها عن أشغاهلا وسكون املشاعر عن حركاهتا يف النوم جلماعة ويف

ذا النمط ومن أين لغريه مثله ؟ يا عجبا كل العجب من تركيب على ه) ٢٣ \ ٢( اليقظة لألبرار : ونعود إىل ترتيب القوى وتعيني حماهلا

آالت ومشاعر للجوهر اإلنساين : أما القوى املتعلقة بالبدن اليت ذكرناها احلس املشترك املعروف ببنطاسيا الذي هو جممع احلواس ومورد احملسوسات وآلتها الروح املصبوب : فاألوىل منها

حلس ال سيما يف مقدم الدماغ يف مبادئ عصب ا اخليال واملصورة وآلتها الروح املصبوب يف البطن املقدم من الدماغ ال سيما يف اجلانب اآلخر : والثانية الوهم الذي هو لكثري من احليوان وهو ما به تدرك الشاة معىن يف الذئب فتفر منه وبه تدرك معىن يف : والثالثة

وآلته الدماغ كله لكن األخص منه هو التجويف األوسط النوع فتنفر إليه وتزدوج بهاملفكرة وهي قوة هلا أن تركب وتفصل ما يليها من الصور املأخوذة عن احلس املشترك واملعاين الومهية : والرابعة

ا يف املدركة بالوهم فتارة جتمع وتارة تفصل وتارة تالحظ العقل فتعرض عليه وتارة تالحظ احلس فتأخذ منه وسلطاهن اجلزء األول من وسط الدماغ وكأهنا قوة ما للوهم وتتوسط بني الوهم والعقل

القوة احلافظة وهي اليت كاخلزانة هلذه املدركات احلسية والومهية واخليالية دون العقلية الصرفة فإن : واخلامسة روح املصبوب يف أول البطن املعقول البحت ال يرتسم يف جسم وال يف قوة جسم واحلافظة قوة يف جسم وآلتها ال

املؤخر من الدماغ القوة الذاكرة وهي اليت تستعرض ما يف اخلزانة على جانب العقل أو على اخليال والوهم وآلتها الروح : والسادسة

املصبوب يف آخر البطن املؤخر من الدماغ ينقسم : لة جسدانية حىت يقال وأما املعقول الصرف املربأ عن الشوائب املادية فال حيل يف قوة جسمانية وآ

هلا بل املصدر األول الذي أفاض ) ٢٤ \ ٢( بانقسامها ويتحقق هلا وضع ومثال وهلذا مل تكن القوة احلافظة خزانة عليها تلك الصورة صار خازنا هلا فحيثما طالعته النفس اإلنسانية بقوهتا العقلية املناسبة لواهب الصور نوعا من

عليها تلك الصور املستحفظة له حىت كأنه ذكرها بعد ما نسيت ووجدها بعد ما ضلت عنه املناسبة فاضت منه وغريزة النفس الصافية تنزع إىل جانب القدس يف تذكار األمور الغائبة عن حضرة العقل نزاعا طبيعيا فتستحضر ما

ين ريب ألقرب من هذا رشدا واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهد( غاب عنها وهلذا السر أخرب الكتاب اإلهلي حىت صار كثري من احلكماء إىل أن العلوم كلها تذكار ذلك أن النفوس كانت يف البدء األول يف عامل الذكر مث )

Page 144: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وذكر فإن الذكرى ( هبطت إىل عامل النسيان فاحتاجت إىل مذكرات ملا قد نسيت معيدات إىل ما كانت قد ابتدأت ) م اهللا وذكرهم بأيا) ( تنفع املؤمنني

مث للنفس اإلنسانية قوى عقلية ال جسمانية وكماالت نفسانية روحانية ال جسدانية فمن قواها ما هلا حبسب حاجتها إىل تدبري البدن وهي القوة اليت ختتص باسم العقل العملي وذلك أن تستنبط الواجب فيما جيب أن يفعل وال يفعل

وهرها عقال بالفعل وإمنا خيرج من القوة إىل الفعل مبخرج غري ذاهتا ال ومن قواها ما هلا حبسب حاجتها إىل تكميل جحمالة فيجب أن يكون هلا قوة استعدادية تسمى عقال هيوالنيا حىت يقبل من غريها ما به خيرجها من االستعداد إىل

عقوالت األول الكمال فأول خروج هلا إىل الفعل حصول قوة أخرى من واهب الصور حيصل هلا عند استحضارها املإما بالفكر وإما باحلدس فيتدرج قليال قليال إىل أن حيصل هلا ما قدر هلا من املعقوالت : فيتهيأ هبا الكتساب الثواين

ولكل نفس استعداد إىل حد ما ال يتعداه ولكل عقل حد ما ال يتخطاه فيبلغ إىل كماله املقدر له ويقتصر على قوته وإمنا يعرف ) ٢٥ \ ٢( وجود التضاد بني النفوس والعقول ووجوب الترتب فيها املركوزة فيه وال يتبني ههنا

مقادير العقول ومراتب النفوس األنبياء واملرسلون الذين اطلعوا على املوجودات كلها روحانيتها وجسمانيتها ينها ومعايريها معقوالهتا وحمسوساهتا كلياهتا وجزئياهتا علوياهتا وسفلياهتا فعرفوا مقاديرها وعينوا مواز

وكل ما ذكرناه من القوى اإلنسانية فهي حاصلة هلم مركبة فيهم منصرفة كلها عن جانب الغرور إىل جانب القدس مستدمية الشروق بنور احلق فيها حىت كأن كل قوة من القوى اجلسدانية والنفسانية ملك روحاين موكل حبفظ ما

ه ونفسه جممع آثار العاملني من الروحانيات واجلسمانيات وزيادة وجه إليه واستتمام ما رشح له بل وجمموع جسد : أمرين

ما حصل له من فائدة التركيب والترتيب كما بينا من مثال السكر واخلل : أحدمها ما أشرق عليه من األنوار القدسية وحيا وإهلاما ومناجاة وإكراما : والثاين

احملمود والكمال املوجود ؟ فأين للروحاين هذه الدرجة الرفيعة واملقامبل ومن أين للروحانيات كلها هذا التركيب الذي خص نوع اإلنسان به وما تعلقوا به من القوة البالغة على حتريك األجسام وتصريف األجرام فليس يقتضي شرفا فإن ما يثبت لشيء ويثبت هلذه مثله مل يتضمن شرفا ومن املعلوم أن

م من القوة البالغة والقدرة الشاملة ما يعجز كثري من املوجودات عن ذلك وليس ذلك اجلن والشياطني قد ثبت هل مما يوجب شرفا وكماال وإمنا الشرف يف استعمال كل قوة فيما خلقت له وأمرت به وقدرت عليه

: قالت الصابئة وقوام الكل ال يشوهبا البتة الروحانيات هلا اختيارات صادرة من األمر متوجهة إىل اخلري مقصورة على نظام العامل

شائبة الشر وشائبة الفساد خبالف اختيار البشر فإنه متردد بني طريف اخلري والشر لوال رمحة اهللا يف حق البعض وإال كان ينزع إىل جانب الشر والفساد إذ كانت الشهوة والغضب املركوزتان فيهم ) ٢٦ \ ٢( فوضع اختيارهم

لروحانيات فال ينازع اختيارهم إال التوجه إىل وجه اهللا تعاىل وطلب رضاه وامتثال أمره جيراهنم إىل جانبهما وأما افال جرم كل اختيار هذا حاله ال يتعذر عليه ما خيتاره فكما أراد واختار وجد املراد وحصل املختار وكل اختيار

ذلك حاله تعذر عليه ما خيتاره فال يوجد املراد وال حيصل املختار : نفاء جبوابني أجابت احل

نيابة عن جنس البشر : أحدمها نيابة عن األنبياء عليهم السالم : والثاين

Page 145: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اختيار الروحانيات إذا كان مقصورا على أحد الطرفني حمصورا كان وضعه جمبورا وال شرف : فنقول : أما األول لرمحن ومن طرف يسمع وساوس يف اجلرب واختيار البشر تردد بني طريف اخلري والشر فمن جانب يرى آيات ا

الشيطان فتميل به تارة دعوة احلق إىل امتثال األمر ومتيل به طورا داعية الشهوة إىل اتباع اهلوى فإذا أقر طوعا وطبعا بوحدانية اهللا تعاىل واختار من غري جرب وإكراه طاعته وصري اختياره املتردد بني الطرفني جمبورا حتت أمره

ته من غري إجبار صار هذا االختيار أفضل وأشرف من االختيار اجملبور فطرة كاملكره فعله كسبا تعاىل باختيار من جهاملمنوع عما ال جيب جربا ومن ال شهوة له فال مييل إىل املشتهى كيف ميدح عليه ؟ وإمنا املدح كل املدح ملن زين له

يار الروحانيات املشتهى فنهى النفس عن اهلوى فتبني أن اختيار البشر أفضل من اختإن اختيار األنبياء عليهم السالم مع ما أنه ليس من جنس اختيار البشر من وجه فهو متوجه : فنقول : وأما الثاين

إىل اخلري مقصور على الصالح الذي به نظام العامل وقوام الكل صادر عن األمر صائر إىل األمر ال يتطرق إىل ( فوق ما يبتدر إىل األوهام فإن العايل ال يريد أمرا ألجل السافل من حيث اختيارهم ميل إىل الفساد بل ودرجتهم

هو سافل بل إمنا خيتار ما خيتار لنظام كلي وأمر أعلى من اجلزئي مث يتضمن ذلك حصول نظام يف ) ٢٧ \ ٢ائنات ألن مشيئته اجلزئي تبعا ال مقصودا وهذا االختيار واإلرادة على جهة سنة اهللا تعاىل يف اختياره ومشيئته للك

إمنا اختار هذا لكذا وإمنا فعل هذا لكذا فلكل شيء علة : تعاىل كلية متعلقة بنظام الكل غري معللة بعلة حىت ال يقال وال علة لصنعه تعاىل بل ال يريد إال كما علم وذلك أيضا ليس بتعليل لكنه بيان أن إرادته أعلى من أن تتعلق بشيء

ك الشيء حامال له على ما يريد وخالق العلل واملعلوالت ال يكون حمموال على شيء لعلة دوهنا وإال لكان ذلفاختياره ال يكون معلال بشيء واختيار الرسول املبعوث من جهته ينوب عن اختياره كما أن أمره ينوب عن أمره

اء للناس فمن أين فيسلك سبل ربه ذلال مث خيرج من قضية اختياره نظام حال وقوام أمر خمتلف ألوانه فيه شف للروحانيات هذه املنزلة وكيف يصلون إىل هذه الدرجة ؟

كيف وكل ما يذكرونه فموهوم وكل ما يذكره النيب فمحقق مشاهدة وعيانا بل وكل ما حيكى عن الروحانيات من سالم وإال فأي كمال علمهم وقدرهتم ونفوذ اختيارهم واستطاعتهم فإمنا أخربنا بذلك األنبياء واملرسلون عليهم ال

دليل أرشدنا إىل ذلك وحنن مل نشاهدهم ومل نستدل بفعل من أفعاهلم على صفاهتم وأحواهلم ؟ : قالت الصابئة

الروحانيون متخصصون باهلياكل العلوية مثل زحل واملشتري واملريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر وهذه ا حيدث من املوجودات ويعرض من احلوادث فكلها مسببات السيارات كاألبدان واألشخاص بالنسبة إليها وكل م

هذه األسباب وآثار هذه العلويات فيفيض على هذه العلويات من الروحانيات تصريفات وحتريكات إىل جهات اخلري والنظام وحيصل من حركاهتا واتصاالهتا تركيبات وتأليفات يف هذا العامل وحيدث يف املركبات أحوال ومناسبات

واملسبب ال يساوي السبب واجلسمانيون متشخصون ) ٢٨ \ ٢( سباب األول والكل مسبباهتا فهم األ باألشخاص السفلية واملتشخص كيف مياثل غري املتشخص ؟

وإمنا جيب على األشخاص يف أفعاهلم وحركاهتم اقتفاء آثار الروحانيات يف أفعاهلا وحركاهتا حىت يراعى أحوال كانا وجوهرا وهيئة ولباسا وخبورا وتعزميا وتنجيما ودعاء وحاجة خاصة بكل زمانا وماهلياكل وحركات أفالكها

هيكل فيكون تقربا إىل اهليكل تقربا إىل الروحاين اخلاص به فيكون تقربا إىل رب األرباب ومسبب األسباب حىت يقضي حاجته ويتم مسألته

هللا تعاىل وسيأيت تفصيل ما أمجلوه من أمر اهلياكل عند ذكر أصحاهبا إن شاء ا

Page 146: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: أجابت احلنفاء اآلن نزلتم عن نيابة الروحانيات الصرفة إىل نيابة هياكلها وتركتم مذهب الصبوة الصرفة فإن اهلياكل : بأن قالوا

أشخاص الروحانيني واألشخاص هياكل الربانيني غري أنكم أثبتم لكل روحاين هيكال خاصا له فعل خاص ال يشاركه فيه غريه

خاصا رسال كراما تقع أوضاعهم وأشخاصهم يف مقابلة كل الكون الروحاين منهم يف مقابلة الروحاين وحنن نثبت أشمنها واألشخاص منهم يف مقابلة اهلياكل منها وحركاهتم يف مقابلة حركات مجيع الكواكب واألفالك وشرائعهم

( رة على مقادير الكتاب األول مراعاة حركات استندت إىل تأييد إهلي ووحي مساوي موزونة مبيزان العدل مقدليست مستخرجة باآلراء املظلمة وال مستنبطة بالظنون الكاذبة إن طابقتها على املعقوالت ) ليقوم الناس بالقسط

تطابقتا وإن وافقتها باحملسوسات توافقتا ملناهج التقديرية وأن ا) ٢٩ \ ٢( كيف وحنن ندعي أن الدين اإلهلي هو املوجود األول والكائنات تقدرت عليه

هي األقدم مث املسالك اخللقية والسنن الطبيعية توجهت إلينا وهللا تعاىل سنتان يف خلقه وأمره والسنة األمرية أقدم هذا من جهة ) ولن جتد لسنة اهللا حتويال ( وأسبق من السنة اخللقية وقد أطلع خواص عباده من البشر على السنتني

هذا من جهة األمر ) بديال ولن جتد لسنة اهللا ت( اخللق فاألنبياء عليهم السالم متوسطون يف تقرير سنة األمر واملالئكة متوسطون يف تقرير سنة اخللق واألمر أشرف من

اخللق فمتوسط األمر أشرف من متوسط اخللق فاألنبياء عليهم السالم أفضل من املالئكة اخللق وصارت األشخاص اخللقية متوسطني يف األمر وهذا عجب حيث صارت الروحانيات األمرية متوسطات يف

ليعلم أن الشرف والكمال يف التركيب ال يف البساطة واليد للجسماين ال للروحاين والتوجه إىل التراب أوىل من التوجه إىل السماء والسجود آلدم عليه السالم أفضل من التسبيح والتحميد والتقديس

ل ال يف تعيني اهلياكل والظالل وأهنم هم اآلخرون وجودا السابقون فضال وأن وليعلم أن الكمال يف إثبات الرجا: ( آخر العمل أول الفكرة وأن الفطرة ملن له احلجة وأن املخلوق بيديه ال يكون كاملكون حبرفيه قال عز و جل

) فوعزيت وجاليل ال أجعل من خلقته بيدي كمن قلت له كن فكان : قالت الصابئة

ت مبادئ املوجودات وعاملها معاد األرواح واملبادئ أشرف ذاتا وأسبق وجودا وأعلى رتبة ودرجة من الروحانيا سائر املوجودات اليت حصلت بتوسطها وكذلك عاملها عامل املعاد واملعاد كمال فعاملها عامل الكمال

)٣٠ \ ٢ ( سمانيات فاملبدأ منها واملعاد إليها واملصدر عنها واملرجع إليها خبالف اجل

فإن األرواح إمنا نزلت من عاملها حىت اتصلت باألبدان فتوسخت بأوضار األجسام مث تطهرت عنها : وأيضا باألخالق الزكية واألعمال املرضية حىت انفصلت عنها فصعدت إىل عاملها األول والنزول هو النشأة األوىل

اص الرجال والصعود هو النشأة األخرى فعرف أهنم أصحاب الكمال ال أشخ : أجابت احلنفاء

أن املبادئ هي الروحانيات وأي برهان أقمتم ؟ وقد نقل عن كثري من قدماء : من أين سلمتم هذا التسليم : قالوا احلكماء أن املبادئ هي اجلسمانيات على اختالف منهم يف األول منها أنه نار أو هواء أو ماء أو أرض

أنه مركب أو بسيط : واختالف آخر

Page 147: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أنه إنسان أو غريه حىت صارت مجاعة إىل إثبات أناس سرمديني : واختالف آخر إن اآلخر وجودا من حيث الشخص يف هذا : إهنم كانوا كالظالل حول العرش ومنهم من يقول : مث منهم من يقول

ليه الصالة و العامل هو األول وجودا من حيث الروح يف ذلك العامل وعليه خرج أن أول املوجودات نور حممد عالسالم فإذا كان شخصه هو اآلخر من مجلة األشخاص النبوية فروحه هو األول من مجلة األرواح الربانية وإمنا

حضر هذا العامل ليخلص األرواح املدنسة باألوضار الطبيعية فيعيدها إىل مبدئها وإذا كان هو املبدأ فهو املعاد أيضا الرحيم فهو النعمة والنعيم وهو الرمحة وهو

وحنن إذا أثبتنا أن الكمال يف التركيب ال يف البساطة والتحليل فيجب أن يكون املعاد باألشخاص واألجساد : قالوا ال بالنفوس واألرواح واملعاد كمال ال حمالة غري أن الفرق بني املبدأ واملعاد هو أن األرواح يف املبدأ مستورة

ا ظاهرة للحس واألجساد يف املعاد مغمورة باألرواح وأحكام النفوس باألجساد وأحكام األجساد غالبة وأحواهلوتعود األرواح إىل ) ٣١ \ ٢( غالبة وأحواهلا ظاهرة للعقل وإال فلو كانت األجساد تبطل رأسا وتضمحل أصال

العباد ومن مبدئها األول ما كان لالتصال باألبدان والعمل باملشاركة فائدة ولبطل تقدير الثواب والعقاب على فعلالدليل القاطع على ذلك أن النفوس اإلنسانية يف حال اتصاهلا بالبدن اكتسبت أخالقا نفسانية صارت هيئات

إهنا نزلت منزلة الفصول الالزمة اليت متيزها عن غريها ولوالها لبطل التمييز : متمكنة فيها متكن امللكات حىت قيل ى اجلسمانية حبيث لن يتصور وجودها إال مع تلك املشاركة وتلك وتلك اهليئات إمنا حصلت مبشاركات من القو

القوى لن تتصور إال يف أجسام مزاجية فإذا كانت النفوس لن تتصور إال معها وهي املعينة املخصصة وتلك لن تتصور إال مع األجسام فال بد من حشر األجسام واملعاد باألجسام

: قالت الصابئة رة القدس ظاهر وشرعنا معقول فإن قدماءنا من الزمان األول ملا أرادوا الوسيلة عملوا طريقنا يف التوسل إىل حض

أشخاصا يف مقابلة اهلياكل العلوية على نسب وإضافات راعوا فيها جوهرا وصورة وعلى أوقات وأحوال وهيئات عزميا فتقربوا إىل الروحانيات أوجبوا على من يتقرب هبا إىل ما يقابلها من العلويات ختتما ولباسا وتبخرا ودعاء وت

فتقربوا إىل رب األرباب ومسبب األسباب وهو طريق متبع وشرع ممهد ال خيتلف باألمصار واملدن وال يتسخ باألدوار واألكوار وحنن تلقينا مبدأه من عاذميون وهرمس العظيمني فعكفنا على ذلك دائمني

لوحي والرسالة ينزل عليهم من عند اهللا تعاىل بواسطة أو بغري تعصبتم للرجال وقلتم بأن ا: وأنتم معاشر احلنفاء واسطة فما الوحي أوال ؟

وهل جيوز أن يكلم اهللا بشرا ؟ وهل يكون كالمه من جنس كالمنا ؟

وكيف ينزل ملك من السماء وهو ليس جبسماين أبصورته أم بصورة البشر ؟ لباسا آخر أم يتبدل وضعه وحقيقته ؟ وما معىن تصوره بصورة الغري أفيخلع صورته ويلبس

مث ما الربهان أوال على جواز انبعاث الرسل يف صورة البشر ؟ )٣٢ \ ٢ (

وما دليل كل مدع منهم أفنأخذ مبجرد دعواه أم ال بد من دليل خارق للعادة ؟ وإن أظهر ذلك أفهو من خواص النفوس أم من خواص األجسام أم من فعل الباري تعاىل ؟

ما الكتاب الذي جاء به أفهو كالم الباري تعاىل وكيف يتصور يف حقه كالم أم هو كالم الروحاين ؟ مث

Page 148: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مث هذه احلدود واألحكام أكثرها غري معقولة فكيف يسمح عقل اإلنسان بقبول أمر ال يعقله ؟ زل مالئكة ما مسعنا هبذا يف ولو شاء اهللا ألن( وكيف تطاوعه نفسه بتقليد شخص هو مثله أبأن يريد أن يتفضل عليه

؟ ) آبائنا األولني : أجابت احلنفاء

: بأن املتكلمني منا يكفوننا جواب هذا الفصل بطريقني اإللزام تعرضا إلبطال مذهبكم : أحدمها احلجة تعرضا إلثبات مذهبنا : والثاين

وهرمس وأخذمت طريقتكم منهما ومن أثبت إنكم ناقضتم مذهبكم حيث قلتم بتوسط عاذميون : فقالوا : أما اإللزام املتوسط يف إنكار املتوسط فقد ناقض كالمه وختلف مرامه

وزادوا هذا تقريرا بأنكم معاشر الصابئة أيضا متوسطون حيتاج إليكم يف التزام مذهبكم إذ من املعلوم أن كل من : دب ودرج منكم ليس يعرف طريقتكم وال يقف على صنعتكم من علم وعمل

فاإلحاطة حبركات الكواكب واألفالك وكيفية تصرف الروحانيات فيها : أما العلم فصنعة األشخاص يف مقابلة اهلياكل على النسب بل قوم خمصوصون أو واحد يف كل زمان حييط بذلك : وأما العمل

علما ويتيسر له عمال فقد أثبتم متوسطا عاملا من جنس البشر وقد ناقض آخر كالمكم أوله ) ٣٣ \ ٢ (

: وزادوا هذا تقريرا آخر بإلزام الشرك عليهم إما الشرك يف أفعال الباري تعاىل

وإما الشرك يف أوامره فهو إثبات تأثريات اهلياكل واألفالك فإن عندهم اإلبداع اخلاص بالرب تعاىل هو اختراع : أما الشرك يف األفعال

ها والفعل اخلاص بالروحانيات هو حتريك اهلياكل مث تفويض أمور العامل الروحانيات مث تفويض أمور العامل العلوي إليالسفلي إليها كمن يبين معملة وينصب أركانا للعمل من الفاعل واملادة واآللة والصورة ويفوض العمل إىل التالمذة

صنع من كسبهم وفعلهم فهؤالء اعتقدوا أن الروحانيات آهلة واهلياكل أرباب واألصنام يف مقابلة اهلياكل باختاذ وتفألزم أصحاب األصنام أنكم تكلفتم كل التكلف حىت توقعوا حجرا مجادا يف مقابلة هيكل وما بلغت صنعتكم إىل

أفتعبدون من دون اهللا ما ال ينفعكم شيئا وال يضركم أف لكم وملا ( إحداث حياة فيه ومسع وبصر ونطق وكالم ست أوضاعكم الفطرية وأشخاصكم اخللقية أفضل منها وأشرف أو ليست أو لي) تعبدون من دون اهللا أفال تعقلون

أتعبدون ما تنحتون ( النسب واإلضافات النجومية املرعية يف خلقتكم أشرف وأكمل مما راعيتموها يف صنعتكم ذا إما جلب نفع أو دفع ضر فه: أو لستم حتتاجون إىل املتوسط املعمول لقضاء حاجة ) واهللا خلقكم وما تعملون

العامل الصانع أقدر إذ فيه من القوة العلمية والعملية ما يستعمل به اهلياكل العلوية ويستخدم األشخاص الروحانية فهال ادعى لنفسه ما يثبت بفعله يف مجاد ؟

وهلذا اإللزام تفطن اللعني فرعون حيث ادعى اإلهلية والربوبية لنفسه وكان يف األصل على مذهب الصابئة فصبأ عن إذ رأى يف نفسه قوة االستعمال ) ما علمت لكم من إله غريي ) ( أنا ربكم األعلى : ( لك ودعا إىل نفسه فقال ذ

يا هامان ابن يل صرحا لعلي : ( وكان صاحب الصنعة فقال ) هامان ( واستظهر بوزيره ) ٣٤ \ ٢( واالستخدام د أن يبين صرحا مثل الرصد فيبلغ به إىل حركات وكان يري) أبلغ األسباب أسباب السموات فأطلع إىل إله موسى

Page 149: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

األفالك والكواكب وكيفية تركيبها وهيئاهتا وكمية أدوارها وأكوارها فلرمبا يطلع على سر التقدير يف الصنعة ومآل األمر يف اخللقة والفطرة ومن أين له هذه القوة والبصرية ؟ ولكن اعتزاز بنوع فطنة وكياسة يف جبلته واغترار

) أغرقوا فأدخلوا نارا ( إمهال يف مهلته فما متت هلم الصنعة حىت بضربفحدث بعده السامري وقد نسج على منواله يف الصنعة حىت أخذ قبضة من أثر الروحاين وأراد أن يرقى الشخص

خص وما أمكنه أن حيدث فيه ما هو أ) فأخرج هلم عجال جسدا له خوار ( اجلمادي عن درجته إىل درجة احليواين فاحنسر يف الطريق حىت كان من ) أمل يروا أنه ال يكلمهم وال يهديهم سبيال ( أوصاف املتوسط من الكالم واهلداية

) لنحرقنه مث لننسفنه يف اليم نسفا : ( األمر ما كان وقيل ويا عجبا من هذا السر

مث نسف يف اليم مكافأة على حيث أغرق فرعون فأدخل النار مكافأة على دعوى اإلهلية لنفسه وأحرق العجل فألقيه ) ( قلنا يا نار كوين بردا وسالما على إبراهيم ( إثبات اإلهلية له وما كان للنار واملاء على احلنفاء يد االستيالء

) يف اليم وال ختايف وال حتزين إنا رادوه إليك هذه مراتب الشرك يف الفعل واخللق

)٣٥ \ ٢ ( عينني منرود وفرعون أهنما إهلان أرضيان كاآلهلة السماوية الروحانية دعوى اإلهلية من ويشبه أن يكون دعوى الل

حيث األمر ال من حيث الفعل واخللق وإال ففي زمان كل واحد منهما من هو أكرب منه سنا وأقدم يف الوجود عليه فلما ظهر من دعوامها أن األمر كله هلما فقد ادعيا اإلهلية لنفسهما

لشرك الذي ألزمه املتكلم على الصابئ فإنه ملا ادعى أنه أثبت يف األشخاص ما يقضي به حاجة اخللق فقد وهذا هو اعاد بالتقدير إىل صنعته ووقف بالتدبري إىل معاملته فكان األمر بأن هذا الفعل واجب اإلقدام عليه وهذا واجب

وسط األمر وكان شركا إذ مل ينزل اهللا به سلطانا وال اإلحجام عنه أمرا يف مقابلة أمر الباري تعاىل واملتوسط فيه مت أقام عليه حجة وبرهانا

كيف وما يتمسك به من األحكام مرتبة على هيئات فلكية مل تبلغ قوة البشر قط إىل مراعاهتا وال يشك أن الفلك يئة فيما سبق وال يرجع كله يتغري حلظة فلحظة بتغري جزء من أجزائه تغري الوضع واهليئة حبيث مل يكن على تلك اهل

إىل تلك احلالة فيما يستقبل ومىت يقف احلاكم على تغريات األوضاع حىت تكون صنعته يف األشخاص واألصنام مستقيمة وإذا مل تستقم الصنعة فكيف تكون احلاجة مقضية ومن رفع احلاجة إىل من ال ترفع احلوائج إليه فقد أشرك

كل الشرك : إقامة احلجة على إثبات املذهب وملتكلمي احلنفاء فيه مسلكان ف: وأما الطريق الثاين

أن يسلك الطريق نزوال من أمر الباري تعاىل إىل سد حاجات اخللق : أحدمها أن يسلك الطريق صعودا من حاجات اخللق إىل إثبات أمر الباري تعاىل مث خترج اإلشكاالت عليهما : والثاين

قد قامت احلجة على أن الباري تعاىل خالق اخلالئق ورازق العباد وأنه املالك : نيف فقال املتكلم احل: أما األول الذي له امللك وامللك

وتصريف ) ٣٦ \ ٢( واملالك هو أن يكون له على عباده أمر : وذلك أن حركات العباد قد انقسمت إىل اختيارية وغري اختيارية

كون للمالك فيها حكم وأمر فما كان منها باختيار من جهتهم فيجب أن ي

Page 150: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وما كان منها بال اختيار فيجب أن يكون له فيها تصريف وتقدير ومن املعلوم أن ليس كل أحد يعرف حكم الباري تعاىل وأمره فال بد إذن من واحد يستأثره بتعريف حكمه وأمره

وجيب أن يكون خمصوصا من يف عباده وذلك الواحد جيب أن يكون من جنس البشر حىت يعرفهم أحكامه وأوامره عند اهللا عز و جل بآيات خلقية هي حركات تصريفية وتقديرية جيريها اهللا على يده عند التحدي مبا يدعيه تدل تلك

اآليات على صدقه نازلة منزلة التصديق بالقول نهى عنه إذ ليس مث إذا ثبت صدقه وجب اتباعه يف مجيع ما يقول ويفعل وليس جيب الوقوف على كل ما يأمر به وي

كل علم تبلغ إليه قوة البشر مث الوحي من عند اهللا العزيز ميد حركاته الفكرية والقولية والعملية باحلق يف األفكار والصدق يف األقوال واخلري يف

قل سبحان ريب هل ( األفعال فبطرف مياثل البشر وهو طرف الصورة وبطرف يوحى إليه وهو طرف املعىن واحلقيقة فبطرف يشابه نوع اإلنسان وبطرف مياثل نوع املالئكة ومبجموعهما يفضل النوعني حىت ) إال بشرا رسوال كنت

تكون بشريته فوق بشرية النوع مزاجا واستعدادا وملكيته فوق ملكية النوع اآلخر قبوال وأداء فال يضل وال يغوى ( الباري تعاىل واحد ال كثرة فيه وال انقسام له بطرف البشرية وال يزيغ وال يطغى بطرف الروحانية فيقرر أن أمر

غري أنه يلبس تارة عبارة العربية وتارة عبارة العربية واملصدر يكون واحدا واملظهر متعددا ) وما أمرنا إال واحدة يف فيتصور ) كلمح بالبصر ( والوحي إلقاء الشيء إىل الشيء بسرعة فيلقي الروح األمر إليه دفعة واحدة بال زمان

: صورة املقابل فيعرب عنه ) ٣٧ \ ٢( نفسه الصافية صورة امللقي كما يتمثل يف املرآة اجمللوة إما بعبارة قد اقترنت بنفس التصور وذلك هو آيات الكتاب

أو بعبارة نفسه وذلك هو أخبار النبوة وهذا كله بطرفه الروحاين ل املعىن الواحد بالعبارات املختلفة أو متثل الصورة الواحدة يف وقد يتمثل امللك الروحاين له مبثال صورة البشر متث

املرايا املتعددة أو الظالل املتكثرة للشخص الواحد فيكامله مكاملة حسية ويشاهده مشاهدة عينية ويكون ذلك بطرفه اجلسماين

أقواله ويوفقه يف أفعاله وإن انقطع الوحي عنه مل ينقطع عنه التأييد والعصمة حىت يقومه يف أفكاره ويسدده يف وال تستبعدوا معاشر الصابئة تلقي الوحي على الوجه املذكور ونزول امللك على النسق املعقود وعندكم أن هرمس العظيم صعد إىل العامل الروحاين فاخنرط يف سلكهم فإذا تصور صعود البشر فلم ال يتصور نزول امللك ؟ وإذا حتقق

جيوز أن يلبس امللك لباس البشرية ؟ فاحلنيفية إثبات الكمال يف هذا اللباس أعين لباس أنه خلع لباس البشرية فلم الالناس والصبوة إثبات الكمال يف خلع كل لباس مث ال يتطرق ذلك هلم حىت يثبتوا لباس اهلياكل أوال مث لباس

إين بريء مما تشركون إين : ( األشخاص واألوثان ثانيا ولقد قال هلم رأس احلنفاء متربئا عن اهلياكل واألشخاص ) وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا وما أنا من املشركني

فهو الصعود من حاجة الناس إىل إثبات أمر الباري تعاىل : وأما الثاين دود ملا كان نوع اإلنسان حمتاجا إىل اجتماع على نظام وذلك االجتماع لن يتحقق إال حب: قال املتكلم احلنيف

وأحكام يف حركاته ومعامالته يقف كل منهم عند حده املقدر له ال يتعداه وجب أن يكون بني الناس شرع يفرضه شارع يبني فيه أحكام اهللا تعاىل يف احلركات وحدوده يف املعامالت فريتفع به االختالف والفرقة وحيصل به

االجتماع واأللفة ا لنوع اإلنسان ضرورة جيب أن يكون احملتاج إليه قائما ضرورة حبيث االحتياج ملا كان الزم) ٣٨ \ ٢( وهذا

Page 151: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

تكون نسبته إليه نسبة الغين والفقري واملعطي والسائل وامللك والرعية فإن الناس لو كانوا كلهم ملوكا مل يكن ملك ال يساوي عمر أصال كما لو كانوا كلهم رعايا مل تكن رعية أصال مث ال يبقى ذلك الشخص ببقاء الزمان وعمره

العامل فينوب منابه علماء أمته ويرث علمه أمناء شريعته فتبقى سنته ومنهاجه ويضيء على الربية مدى الدهر سراجه والعلم بالتوارث وليست النبوة بالتوارث والشريعة تركة األنبياء والعلماء ورثة األنبياء

: قالت الصابئة شرية ويشملهم حد واحد وهو احليوان الناطق املائت الناس متماثلة يف حقيقة اإلنسانية والب

: والنفوس والعقول متساوية يف اجلوهرية : فحد النفس

أنه كمال جسم طبيعي آيل ذي حياة بالقوة : باملعىن الذي يشترك فيه اإلنسان واحليوان والنبات جلسم حمرك له باالختيار عن مبدأ نطقي أنه جوهر غري جسم هو كمال ا: وباملعىن الذي يشترك فيه اإلنسان وامللك

أي عقلي بالفعل أو بالقوة فالذي بالفعل هو خاصة النفس امللكية والذي بالقوة هو فصل النفس اإلنسانية فقوة أو هيئة هلذه النفس مستعدة لقبول ماهيات األشياء جمردة عن املواد والناس يف ذلك على استواء : وأما العقل

: ختالف يرجع إىل أحد أمرين من القدم وإمنا اال اضطراري وذلك من حيث املزاج املستمد لقبول النفس : أحدمها اختياري وذلك من حيث االجتهاد املؤثر يف رفع احلجب املادية وتصقيل النفس عن الصدأة املانعة الرتسام : والثاين

وتشاهبت األحكام فال يتفضل بشر على بشر الصور املعقولة حىت لو بلغ االجتهاد إىل غاية الكمال تساوت األقدام بالنبوة وال يتحكم أحد على أحد باالستتباع

)٣٩ \ ٢ ( : أجابت احلنفاء

بأن التماثل والتشابه يف الصور البشرية واإلنسانية مسلم ال مرية فيه وإمنا التنازع بيننا يف النفس والعقل قائم فإن : ترتب وعلينا بيان ذلك على مساق حدودكم ومساق أصولنا عندنا النفوس والعقول على التضاد وال

إن النفس جوهر غري جسم هو كمال اجلسم حمرك له باالختيار وذلك إذا أطلق النفس على اإلنسان : فقولكم وامللك وهو كمال جسم طبيعي آيل ذي حياة بالقوة وإذا أطلق على اإلنسان واحليوان فقد جعلتم لفظ النفس من

ملشتركة وميزمت بني النفس احليواين والنفس اإلنساين والنفس امللكي فهال زدمت فيه قسما ثالثا وهو النفس األمساء االنبوي حىت يتميز عن امللكي كما متيز امللكي عن اإلنساين ؟ فإن عندكم املبدأ النطقي لإلنسان بالقوة واملبدأ العقلي

ن املوت الطبيعي يطرأ على اإلنسان وال يطرأ على امللك وذلك للملك بالفعل فقد تغايرا من هذا الوجه ومن حيث إ متييز آخر فليكن يف النفس النبوي مثل هذا الترتيب

وأما الكمال الذي تعرضتم له فإمنا يكون كماال للجسم إذا كان اختيار احملرك حممودا فأما إذا كان اختياره مذموما اد بني النفس اخلرية والنفس الشريرة حىت تكون إحدامها يف من كل وجه صار الكمال نقصانا وحينئذ يقع التض

جانب امللكية والثانية يف جانب الشيطانية فيحصل التضاد املذكور كما حصل الترتب املذكور فإن االختالف بالقوة والفعل اختالف بالترتب واالختالف بالكمال والنقص واخلري والشر اختالف بالتضاد فبطل التماثل

أن االختالف بني النفسني اخلرية والشريرة اختالف بالعوارض فإن االختالف بني النفس امللكية وال تظننوالشيطانية بالنوع كما أن االختالف بني النفس اإلنسانية وامللكية بالنوع وكيف ال يكون كذلك واالختالف ههنا

Page 152: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أن اخلري غريزة هي هيئة متمكنة يف واالختالف مث باخلري والشر ؟ وهذا لسر وهو) ٤٠ \ ٢( بالقوة والفعل النفس بأصل الفطرة وكذلك الشر طبيعة غريزية

لست أقول فعل اخلري وفعل الشر فإن الغريزة غري الفعل املترتب عليها فتحقق أن ههنا نفسا حمركة للبدن اختيارا نفسا حمركة للبدن اختيارا حنو حنو اخلري عن مبدأ عقلي إما بالقوة أو بالفعل وهو كمال للجسم وليس جبسم وههنا

الشر عن مبدأ نطقي إما بالقوة أو بالفعل وهو نقص للجسم وليس جبسم وال ينبون طبعك عن أمثال ما يورد عليك املتكلم احلنيف فإمنا يغترفه من حبر وليس ينحته من صخر فلرمبا ال

رض واللوازم بل يثبت يف النفوس اإلنسانية يساعدك على أن اإلنسان نوع األنواع وأن االختالف فيه يقع يف العوااختالفا جوهريا فيفصل بعضها على بعض بالفصول الذاتية ال باللوازم العرضية فكما أن االختالف بالقوة والفعل يف

النفس اإلنسانية وامللكية اختالف جوهري أوجب اختالف النوع والنوع وإن مشلهما اسم النفس الناطقة لقوة والفعل كذلك نقول يف نفس هلا قوة علم خاص وقوة عمل خاص وقوة خري وقوة شر والفصل الذايت هو ا

وكمال مطلق هو أصل اخلري ونقص مطلق هو أصل الشر أنه قوة أو هيئة للنفس مستعدة لقبول ماهيات األشياء اجملردة عن : وأما ما ذكره املتكلم الصايب من حد العقل

نده وال عند احلنيف بل هو تعرض للعقل اهليوالين فقط فأين العقل النظري ؟ املواد فغري شامل جلميع العقول ع أنه قوة للنفس تقبل ماهيات األمور الكلية من جهة ما هي كلية : وحده

أنه قوة للنفس هي مبدأ لتحريك القوة الشوقية إىل ما خيتار من اجلزئيات ألجل غاية : وأين العقل العملي ؟ وحده مظنونة عقل بامللكة ؟ وهو استكمال القوة اهليوالنية حىت تصري قريبة من الفعل وأين ال

وأين العقل بالفعل ؟ وهو استكمال النفس بصورة ما أو صورة معقولة حىت مىت شاء عقلها وأحضرها بالفعل وأين العقل املستفاد ؟ وهو ماهية جمردة عن املادة مرتسمة يف النفس على سبيل احلصول من خارج

)٤١ \ ٢ ( وأين العقول املفارقة ؟ فإهنا ماهيات جمردة عن املادة

وأين العقل الفعال ؟ فإنه من جهة ما هو عقل فإنه جوهري صوري ذاته ماهية جمردة يف ذاهتا ال بتجريدها غريها عن ن شأنه أن خيرج املادة وعن عالئق املادة وهي ماهية كل موجود ومن جهة ما هو فعال فإنه جوهر بالصفة املذكورة م

العقل اهليوالين من القوة إىل الفعل بإشراقة عليه ؟ فقد تعرض لنوع واحد من العقول وال خالف أن هذه العقول قد اختلفت حدودها وتباينت فصوهلا كما مسعت

فأخربين أيها املتكلم احلكيم من أي عقل تعد عقلك أوال ؟ عقول حىت يكون عقلك بالفعل واإلفادة كعقل غريك بالقوة تساوت األقدام يف ال: وهل ترضى أن يقال لك

واالستعداد بل واستعداد عقلك لقبول املعقوالت كاستعداد عقل غيب غوي ال يرد عليه الفكر برادة وال ينفك اخليال عن عقله كما ال ينفك احلس عن خياله ؟ وإذا كانت األقدام متساوية فما هذا الترتيب يف األقسام وإذا

ترتبا يف العقول فبالضرورة أن ترتقي يف الصعود إىل درجة االستقالل واإلفادة وتنزل يف اهلبوط إىل درجة أثبت االستعداد واالستفادة

مث هل يف نوعه ما هو عدمي االستعداد أصال حىت يشبه أن يكون عقال وليس عقال ؟ ذلك ؟ وما النوع الذي تثبته الشياطني أهو من عداد ما ذكرنا أم خارج عن

Page 153: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فإنك إذا ذكرت حد امللك وأنه جوهر بسيط ذو حياة ونطق عقلي غري مائت هو واسطة بني الباري تعاىل : واألجسام السماوية واألرضية وعددت أقسامه أن منه ما هو عقلي وما هو نفسي ومنه ما هو حسي

ك وتعد أقسامه وأنواعه أيضا فيلزمك من حيث التضاد أن تذكر حد الشيطان على الضد مما ذكرته من حد امللويلزمك من حيث الترتب أن تذكر حد اإلنسان على التضاد مما ذكرته من حد امللك وتعد أقسامه وأنواعه كذلك

روحاين نفساين عقلي وذلك هو -كونه حمسوسا -حىت يكون من اإلنسان ما هو حمسوس فقط ومنه ما هو مع عمل من عقل ومن نفس مزاجي ومن مزاج نفسي ومن روح درجة النبوة فمن عقل عمل من حس ومن حس

) ٤٢ \ ٢. ( جسماين ومن جسم روحاين دع عنك كالم العامة وال تظنن هذه الطامة : قالت الصابئة

لقد حصرمتونا بإبطال تساوي العقول والنفوس وإثبات الترتب والتضاد فيهما وال شك أن من سلم الترتب فقد ما رتبة األنبياء بالنسبة إىل نوع اإلنسان ؟ وما رتبتهم باإلضافة إىل امللك واجلن وسائر لزمه االتباع فأخربونا

املوجودات ؟ مث ما مرتبة النيب عند الباري تعاىل ؟ فإن عندنا الروحانيات أعلى مرتبة من مجيع املوجودات وهم : لنيب يتعلم من الروحاين ونراكم تارة تقولون إن ا: املقربون يف احلضرة اإلهلية واملكرمون لديه ونراكم تارة تقولون

إن الروحاين يتعلم من النيب : أجابت احلنفاء

بأن الكالم يف املراتب صعب ومن مل يصل إىل رتبة من املراتب كيف ميكنه أن يستويف بياهنا ؟ وان فكما أن نعرف أسامي لكنا نعرف أن رتبته بالنسبة إلينا رتبتنا بالنسبة إىل من هو دوننا يف اجلنس من احلي

املوجودات وال يعرفها احليوان كذلك هم يعرفون خواص األشياء وحقائقها ومنافعها ومضارها ووجوه املصاحل يف احلركات وحدودها وأقسامها وحنن ال نعرفها

وكما أن وكما أن نوع اإلنسان ملك احليوان بالتسخري فاألنبياء عليهم الصالة والسالم ملوك الناس بالتدبري حركات الناس معجزات احليوان كذلك حركات األنبياء معجزات الناس ألن احليوانات ال ميكنها أن تبلغ إىل

احلركات الفكرية حىت متيز احلق من الباطل وال أن تبلغ إىل احلركات القولية حىت متيز الصدق من الكذب وال أن ال التمييز العقلي هلا بالوجود وال مثل هذه احلركات هلا بالفعل تبلغ إىل احلركات الفعلية حىت متيز اخلري من الشر ف

يف جمايل القدس مما تعجز ) ٤٣ \ ٢( وكذلك حركات األنبياء ألن منتهى فكرهم ال غاية له وحركات أفكارهم وكذلك حركاهتم) يل مع اهللا وقت ال يسعين فيه ملك مقرب وال نيب مرسل : ( عنها قوة البشر حىت يسلم هلم

القولية والفعلية ال تبلغ إىل غاية انتظامها وجرياهنا على سنن الفطرة حركة كل البشر وهم يف الرتبة العليا والدرجة األوىل من درجات املوجودات كلها فقد أحاطوا علما مبا أطلعهم الرب تعاىل على ذلك دون غريهم من املالئكة

ويف األخري حاله حال التعليم وذلك يف حق ) لمه شديد القوى ع( والروحانيني ففي األول تكون حاله حال التعلم حني كان األمر على بدء الظهور والكشف فانظر كيف تكون احلال يف هناية ) أنبئهم بأمسائهم ( آدم عليه السالم

الظهور إنا عباد : لوا قو) قل إن كان للرمحن ولد فأنا أول العابدين ( وأما إضافتهم إىل جناب القدس فالعبودية اخلاصة

ال جرم كان أخص ) عبده ورسوله ( أحق األمساء هلم وأخص األحوال هبم : مربوبون وقولوا يف فضلنا ما شئتم إله إبراهيم إله إمساعيل وإسحاق إله موسى وهارون إله عيسى إله حممد عليهم : التعريفات جلالله تعاىل بأشخاصهم

هو عام اإلضافة ومنها ما هو خاص اإلضافة كذلك التعريف إىل اخللق الصالة والسالم فكما أن من العبودية ما

Page 154: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

رب موسى -ومنه ما له خصوص -باإلهلية والربوبية والتجلي للعباد باخلصوصية منه ما له عموم رب العاملني وهارون

فهذه هناية مذهيب الصابئة واحلنفاء ويف الفصول اليت جرت بني الفريقني فوائد ال حتصى يف اخلاطر بعد زوايا نريد منليها ويف القلم خفايا أكاد أخفيها فعدلت عنها إىل ذكر حكم هرمس العظيم ال وكان

على أنه من محلة فرق الصابئة حاشاه بل على أن حكمه مما تدل على تقرير مذهب احلنفاء يف إثبات الكمال يف ف مذاهب الصابئة األشخاص البشرية وإجياب القول باتباع النواميس اإلهلية على خال

)٤٤ \ ٢ (

حكم هرمس العظيم - ٣

هو إدريس النيب عليه السالم وهو الذي : احملمودة آثاره املرضية أقواله وأفعاله الذي يعد من األنبياء الكبار ويقال ظر وضع أسامي الربوج والكواكب السيارة ورتبها يف بيوهتا وأثبت هلا الشرف والوبال واألوج واحلضيض واملنا

بالتثليث والتسديس والتربيع واملقابلة واملقارنة والرجعة واالستقامة وبني تعديل الكواكب وتقوميها وأما األحكام املنسوبة إىل هذه االتصاالت فغري مربهن عليها عند اجلميع

ابت ال وللهند والعرب طريقة أخرى يف األحكام أخذوها من خواص الكواكب ال من طبائعها ورتبوها على الثو على السيارات

املبادئ : إن عاذميون وهرمس مها شيث وإدريس عليهما السالم ونقلت الفالسفة عن عاذميون أنه قال : ويقال : األول مخسة

الباري تعاىل والعقل والنفس واملكان واخلالء وبعدها وجود املركبات ومل ينقل هذا عن هرمس : ومن حكم هرمس

املرء الفاضل بطباعه احملمود بسنخه املرضي يف عادته املرجو يف عاقبته تعظيم اهللا عز و جل أول ما جيب على: قوله وشكره على معرفته وبعد ذلك فللناموس عليه حق الطاعة له واالعتراف مبنزلته وللسلطان عليه حق املناصحة

ه حق التحلي هلم بالود والتسارع واالنقياد ولنفسه عليه حق االجتهاد والدأب يف فتح باب السعادة وخللصائه علي إليهم بالبذل فإذا أحكم هذه األسس مل يبق عليه إال كف األذى عن العامة وحسن املعاشرة وسهولة اخللق

انظروا معاشر الصابئة كيف عظم أمر الرسالة حىت قرن طاعة الرسول الذي عرب عنه بالناموس مبعرفة اهللا تعاىل ومل ات وال تعرض هلا وإن كانت هي من الواجبات يذكر ههنا تعظيم الروحاني

)٤٥ \ ٢ ( مباذا حيسن رأي الناس يف اإلنسان ؟ : وسئل

بأن يكون لقاؤه هلم لقاء مجيال ومعاملته إياهم معاملة حسنة : قال مودة اإلخوان أن ال تكون لرجاء منفعة أو لدفع مضرة ولكن لصالح فيه وطباع له : وقال : وقال

العقل : يف اإلنسان من اخلري أفضل ما العمل الصاحل : وأجدر األشياء أن ال يندم عليه صاحبه

االجتهاد : وأفضل ما حيتاج إليه يف تدبري األمور

Page 155: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اجلهل : وأظلم الظلمات احلرص : وأوثق اإلسار

الصدق يف الغضب واجلود يف العسرة والعفو عند املقدرة : من أفضل الرب ثالثة : وقال من مل يعرف عيب نفسه فال قدر لنفسه عنده : ال وق

الفصل بني العاقل واجلاهل أن العاقل منطقه له واجلاهل منطقه عليه : وقال السلطان والعلماء واإلخوان : ال ينبغي للعاقل أن يستخف بثالثة أقوام : وقال

فإن من استخف بالسلطان أفسد عليه عيشه دينه ومن استخف بالعلماء أفسد عليه

ومن استخف باإلخوان أفسد عليه مروءته االستخفاف باملوت أحد فضائل النفس : وقال املرء حقيق له أن يطلب احلكمة ويثبتها يف نفسه أوال بأن ال جيزع من املصائب اليت تعم األخيار وال يأخذه : وقال

ىن والسلطان وأن يعدل بني نيته وقوله حىت ال الكرب فيما يبلغه من الشرف وال يعري أحدا مبا هو فيه وال يغريه الغ ما ال ينتقض : ما ال خيتلف فيه وحجته : ما ال عيب فيه ودينه : يتفاوت وتكون سنته

أنفع األمور للناس القناعة والرضى وأضرها الشره والسخط وإمنا يكون كل السرور بالقناعة والرضى وكل : وقال احلزن بالشره والسخط

من عطية اهللا عز ) ٤٦ \ ٢( إن أصل الضالل واهللكة ألهله أن يعد ما يف العامل من اخلري : ما كتبه وحيكى عنه في و جل ومواهبه وال يعد ما فيه من الشر والفساد من عمل الشيطان ومكايده

جل أن ومن افترى على أخيه فرية مل خيلص من تبعتها حىت جيازى هبا فكيف خيلص من أعظم الفرية على اهللا عز و جيعله سببا للشرور وهو معدن اخلري

اخلري والشر واصالن إىل أهلهما ال حمالة فطوىب ملن جرى وصول اخلري إليه وعلى يديه والويل ملن جرى : وقال وصول الشر إليه وعلى يديه

: اإلخاء الدائم الذي ال يقطعه شيء اثنان : وقال ذيبه إياها يف العلم الصحيح والعمل الصاحل حمبة املرء نفسه يف أمر معاده وهت: أحدمها مودته ألخيه يف دين احلق فإن ذلك مصاحب أخاه يف الدنيا جبسده ويف اآلخرة بروحه : واآلخر

الغضب سلطان الفظاظة واحلرص سلطان الفاقة ومها منشأا كل سيئة ومفسدا كل جسد ومهلكا كل روح : وقال طباع وكل شيء يقدر على إصالحه غري اخللق السوء وكل شيء يستطاع دفعه كل شيء يطاق تغيريه إال ال: وقال

إال القضاء اجلهل واحلمق للنفس مبنزلة اجلوع والعطش للبدن ألن هذين خالء النفس وهذين خالء البدن : وقال

ة لسان صادق ناطق بالعدل واحلكمة واحلق يف اجلماع: األشياء عند أهل السماء واألرض : وقال أمحد أدحض الناس حجة من شهد على نفسه بدحوض حجته : وقال من كان دينه السالمة والرمحة والكف عن األذى فدينه دين اهللا عز و جل وخصمه شاهد له بفلج حجته : وقال

ومن كان دينه اإلهالك والفظاظة واألذى فدينه دين الشيطان وهو بدحوض حجته شاهد على نفسه قدح يف امللك وإفشاء للسر وتعرض للحرمة : األشياء كلها إال ثالثة امللوك حتتمل : وقال

Page 156: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

)٤٧ \ ٢ ( : ال تكن أيها اإلنسان : وقال

كالصيب إذا جاع ضغا وال كالعبد إذا شبع طغى

وال كاجلاهل إذا ملك بغى : ال تشرين على عدو وال صديق إال بالنصيحة : وقال

ه حقه فتقضي بذلك من واجب: فأما الصديق فإنه إذا عرف نصيحتك إياه هابك وحسدك وإن صح عقله استحى منك وراجعك : وأما العدو

: وقال السماحة عند العسرة : يدل على غريزة اجلود

الصدق عند الشره : وعلى غريزة الورع العفو عند الغضب : وعلى غريزة احللم

لقول منهم فيه حقيق بأن يكون على مثل ذلك هلم من سره مودة الناس له ومعونتهم إياه وحسن ا: وقال : ال يستطيع أحد أن حيوز اخلري واحلكمة وال أن خيلص نفسه من املعايب إال أن يكون له ثالثة أشياء : وقال

وزير وويل وصديق عقله : فوزيره عفته : ووليه

عمله الصاحل : وصديقه رض فإنه إذا أصلح قدر ذلك الباع صلحت له أموره كلها وإذا كل إنسان موكل بإصالح قدر باع من األ: وقال

أضاعه أضاع اجلميع وقدر ذلك نفسه ال ميدح بكمال العقل من ال تكمل عفته وال بكمال العلم من ال يكمل عقله : وقال : من أفضل أعمال العلماء ثالثة أشياء : وقال

أن يبدلوا العدو صديقا واجلاهل عاملا والفاجر برا الصاحل من خريه خري لكل أحد ومن يعد خري كل أحد لنفسه خريا : وقال ليس حبكيم ما مل يعاد اجلهل وال بنور ما مل ميحق الظلمة وال بطيب ما مل يدفع الننت وال بصدق ما مل يدحض : وقال

الكذب وال بصاحل ما مل خيالف الطاحل

أصحاب اهلياكل واألشخاص: الفصل الثالث

: فرق الصابئة وقد أدرجنا مقالتهم يف املناظرات مجلة ونذكرها ههنا تفصيال وهؤالء من

:أصحاب اهلياكل - ١

اعلم أن أصحاب الروحانيات ملا عرفوا أن ال بد لإلنسان من متوسط وال بد للمتوسط من أن يرى فيتوجه إليه : عرفوا ويتقرب به ويستفاد منه فزعوا إىل اهلياكل اليت هي السيارات السبع فت

Page 157: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

بيوهتا ومنازهلا : أوال مطالعها ومغارهبا : وثانيا اتصاالهتا على أشكال املوافقة واملخالفة مرتبة على طبائعها : وثالثا تقسيم األيام والليايل والساعات عليها : ورابعا

تقدير الصور واألشخاص واألقاليم واألمصار عليها : وخامسا عزائم والدعوات فعملوا اخلواتيم وتعلموا ال

وعينوا ليوم زحل مثال يوم السبت وراعوا فيه ساعته األوىل وختتموا خبامته املعمول على صورته وهيئته وصنعته ولبسوا اللباس اخلاص به وتبخروا ببخوره اخلاص ودعوا بدعواته اخلاصة به وسألوا حاجتهم منه احلاجة اليت

فكان يقضي حاجتهم وحيصل يف األكثر مرامهم تستدعى من زحل من أفعاله وآثاره اخلاصة به وكذلك رفع احلاجة اليت ختتص باملشتري يف يومه وساعته ومجيع اإلضافات اليت ذكرنا إليه

وكذلك سائر احلاجات إىل الكواكب وكانوا يسموهنا أربابا آهلة واهللا تعاىل هو رب األرباب وإله اآلهلة األرباب ومنهم من جعل الشمس إله اآلهلة ورب

)٤٩ \ ٢ ( وكانوا يتقربون إىل اهلياكل تقربا إىل الروحانيات ويتقربون إىل الروحانيات تقربا إىل الباري تعاىل العتقادهم بأن

اهلياكل أبدان الروحانيات ونسبتها إىل الروحانيات نسبة أجسادنا إىل أرواحنا فهم األحياء الناطقون حبياة داهنا تدبريا وتصريفا وحتريكا كما نتصرف يف أبداننا وال شك أن من تقرب إىل الروحانيات وهي تتصرف يف أب

شخص فقد تقرب إىل روحه مث استخرجوا من عجائب احليل املرتبة على عمل الكواكب ما كان يقضي منهم العجب وهذه الطلسمات املذكورة

من علومهم يف الكتب والسحر والكهانة والتنجيم والتعزمي واخلواتيم والصور كلها

:أصحاب األشخاص - ٢

وإن -إذا كان ال بد من متوسط يتوسل به وشفيع يتشفع إليه والروحانيات : وأما أصحاب األشخاص فقالوا لكنا إذا مل نرها باألبصار ومل خناطبها باأللسن مل يتحقق التقرب إليها إال هبياكلها ولكن -كانت هي الوسائل

ترى يف وقت ألن هلا طلوعا وأفوال وظهورا بالليل وخفاء بالنهار فلم يصف لنا اهلياكل قد ترى يف وقت والالتقرب هبا والتوجه إليها فال بد لنا من صور وأشخاص موجودة قائمة منصوبة نصب أعيننا نعكف عليها ونتوسل

فنعبدهم ليقربونا إىل اهللا هبا إىل اهلياكل فنتقرب هبا إىل الروحانيات ونتقرب بالروحانيات إىل اهللا سبحانه وتعاىل زلفى

فاختذوا أصناما أشخاصا على مثال اهلياكل السبعة كل شخص يف مقابلة هيكل وراعوا يف ذلك جوهر اهليكل أعين اجلوهر اخلاص به من احلديد وغريه وصوروه بصورته على اهليئة اليت تصدر أفعاله عنه وراعوا يف ذلك الزمان

دقيقة ومجيع اإلضافات النجومية من اتصال حممود يؤثر يف جناح املطالب اليت والوقت والساعة والدرجة والمنه فتقربوا إليه يف يومه وساعته وتبخروا بالبخور اخلاص به وختتموا خبامته ولبسوا لباسه ) ٥٠ \ ٢( تستدعي

رعاية هذه إنه كان يقضي حوائجهم بعد: وتضرعوا بدعائه وعزموا بعزائمه وسألوا حاجتهم منه فيقولون اإلضافات كلها وذلك هو الذي أخرب التنزيل عنهم أهنم عبدة الكواكب واألوثان

Page 158: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هم عبدة الكواكب إذ قالوا بإهليتها كما شرحنا : فأصحاب اهلياكل هؤالء شفعاؤنا عند اهللا : هم عبدة األوثان إذ مسوها آهلة يف مقابلة اآلهلة السماوية وقالوا : وأصحاب األشخاص

: مناظرات إبراهيم اخلليل ألصحاب اهلياكل وأصحاب األشخاص وكسره مذاهبهما - ٣ : وقد ناظر اخلليل عليه السالم هؤالء الفريقني

وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع : ( فابتدأ بكسر مذاهب أصحاب األشخاص وذلك قوله تعاىل أتعبدون ما تنحتون واهللا خلقكم : ( كسرهم قوال بقوله وتلك احلجة أن) درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم

) وما تعملون وملا كان أبوه آزر هو أعلم القوم بعمل األشخاص واألصنام ورعاية اإلضافات النجومية فيها حق الرعاية وهلذا

لسالم ألبيه آزر كانوا يشترون منه األصنام ال من غريه كان أكثر احلجج معه وأقوى اإللزامات عليه إذ قال عليه اوال ) ٥١ \ ٢( يا أبت مل تعبد ما ال يسمع : ( وقال ) أتتخذ أصناما آهلة إين أراك وقومك يف ضالل مبني : (

ألنك جهدت كل اجلهد واستعملت كل العلم حىت عملت أصناما يف مقابلة األجرام ) يبصر وال يغين عنك شيئا أن حتدث فيها مسعا وبصرا وأن تغين عنك وتضر وتنفع وأنت السماوية فما بلغت قوتك العلمية والعملية إىل

بفطرتك وخلقتك أشرف درجة منها ألنك خلقت مسيعا بصريا نافعا ضارا واآلثار السماوية فيك أظهر منها يف هذا يا ( املتخذ تكلفا واملعمول تصنعا فيا هلا من حرية إذ صار املصنوع بيديك معبودا لك والصانع أشرف من املصنوع

) أبت ال تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرمحن عصيا يا أبت إين أخاف أن ميسك عذاب من الرمحن قال ) ( يا أبت إين قد جاءين من العلم ما مل يأتك فاتبعين أهدك صراطا سويا : ( مث دعاه إىل احلنيفية احلقة قال

) أراغب أنت عن آهليت يا إبراهيم ) ( فجعلهم جذاذا إال كبريا هلم ( دل عليه السالم عن القول إىل الكسر لألصنام بالفعل فلم تقبل حجته القولية فع

فقالوا من فعل هذا بآهلتنا قال بل فعله كبريهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إىل أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الفعل حيث أحال الفعل على كبريهم فأفحمهم ب) الظاملون مث نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤالء ينطقون

كما أفحمهم حيث أحال الفعل منهم وكل ذلك على طريق اإللزام عليهم وإال فما كان اخلليل كاذبا قط وكذلك نري إبراهيم : ( مث عدل إىل كسر مذاهب أصحاب اهلياكل وكما أراه اهللا تعاىل احلجة على قومه قال

فأطلعه على ملكوت الكونني والعاملني تشريفا له على ) قنني ملكوت السموات واألرض وليكون من املوالروحانيات وهياكلها وترجيحا ملذهب احلنفاء على مذهب الصابئة وتقريرا أن الكمال يف الرجال فأقبل على إبطال

ميزان إلزامه على ) ٥٢ \ ٢( على ) فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ريب ( مذهب أصحاب اهلياكل وإال فما كان اخلليل عليه السالم كاذبا يف هذا القول وال مشركا يف ) بل فعله كبريهم هذا ( صحاب األصنام أ

تلك اإلشارة الزوال والتغري واالنتقال على أنه ال يصلح أن يكون ربا إهلا فإن اإلله القدمي ال يتغري وإذا تغري : مث استدل باألفول

-ه ربا قدميا وإهلا أزليا ولو اعتقدمتوه واسطة وقبلة وشفيعا ووسيلة فإن األفول احتاج إىل مغري هذا لو اعتقدمتوخيرجه أيضا عن حد الكمال وعن هذا ما استدل عليهم بالطلوع وإن كان الطلوع أقرب إىل احلدوث من -الزوال

يل عليه السالم من حيث األفول فإهنم إمنا انتقلوا إىل عمل األشخاص ملا عراهم من التحري باألفول فأتاهم اخلل حتريهم فاستدل عليهم مبا اعترفوا بصحته وذلك أبلغ يف االحتجاج

فيا عجبا ممن ال ) رأى القمر بازغا قال هذا ريب فلما أفل قال لئن مل يهدين ريب ألكونن من القوم الضالني ( مث ملا

Page 159: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

؟ رؤية اهلداية من الرب تعاىل غاية التوحيد )لئن مل يهدين ريب ألكونن من القوم الضالني : ( يعرف ربا كيف يقول وهناية املعرفة والواصل إىل الغاية والنهاية كيف يكون يف مدارج البداية ؟

دع هذا كله خلف قاف وارجع بنا إىل ما هو شاف كاف فإن املوافقة يف العبارة على طريق اإللزام على اخلصم من العتقاد القوم أن ) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ريب هذا أكرب : (أبلغ احلجج وأوضح املناهج وعن هذا قال

فلما أفلت قال يا قوم إين ( الشمس ملك الفلك هو رب األرباب الذي يقتبسون منه األنوار ويقبلون منه اآلثار ) بريء مما تشركون إين وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا وما أنا من املشركني

حلنفاء وأبطل مذاهب الصابئة وبني أن الفطرة هي احلنيفية وأن الطهارة فيها وأن الشهادة بالتوحيد قرر مذهب اوأن الشرائع واألحكام مشارع ومناهج إليها وأن ) ٥٣ \ ٢( مقصورة عليها وأن النجاة واخلالص متعلقة هبا

ذلك ( بدأ والكمال منوطة بتحصيلها وحتريرها األنبياء والرسل مبعوثون لتقريرها وتقديرها وأن الفاحتة واخلامتة واملوالصراط املستقيم واملنهج الواضح واملسلك الالئح قال اهللا تعاىل لنبيه املصطفى صلى اهللا عليه و سلم ) الدين القيم

لناس فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة اهللا اليت فطر الناس عليها ال تبديل خللق اهللا ذلك الدين القيم ولكن أكثر ا: ( ال يعلمون منيبني إليه واتقوه وأقيموا الصالة وال تكونوا من املشركني من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل

) حزب مبا لديهم فرحون

احلرنانية: الفصل الرابع

: وهم مجاعة من الصابئة

:مقاالت احلرنانية - ١

: إن الصانع املعبود واحد وكثري : قالوا ي الذات واألول واألصل واألزل فف: أما واحد فألنه يتكسر باألشخاص يف رأي العني وهي املدبرات السبعة واألشخاص األرضية اخلرية العاملة الفاضلة : وأما كثري

فإنه يظهر هبا ويتشخص بأشخاصها وال تبطل وحدته يف ذاته رات هذا العامل وهم اآلباء والعناصر هو أبدع الفلك ومجيع ما فيه من األجرام والكواكب وجعلها مدب: وقالوا

يؤدون اآلثار إىل العناصر فتقبلها العناصر يف أرحامها ) ٥٤ \ ٢( أمهات واملركبات مواليد واآلباء أحياء ناطقون فيحصل من ذلك املواليد مث من املواليد قد يتفق شخص مركب من صفوها دون كدرها وحيصل له مزاج كامل

به يف العامل االستعداد فيتشخص اإللهمث إن طبيعة الكل حتدث يف كل إقليم من األقاليم املسكونة على رأس كل ستة وثالثني ألف سنة وأربعمائة ومخس

وعشرين سنة زوجني من كل نوع من أجناس احليوانات ذكرا وأنثى من اإلنسان وغريه فيبقى ذلك النوع تلك نسلها وتوالدها فيبتدئ دور آخر وحيدث قرن آخر من اإلنسان : املدة مث إذا انقضى الدور بتمامه انقطعت األنواع

واحليوان والنبات وكذلك أبد الدهر وما يهلكنا إال ( وهذه هي القيامة املوعودة على لسان األنبياء عليهم السالم وإال فال دار سوى هذه الدار : قالوا

م أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم خمرجون أيعدك( وال يتصور إحياء املوتى وبعث من يف القبور ) الدهر

Page 160: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) هيهات هيهات ملا توعدون وهم الذين أخرب التنزيل عنهم هبذه املقالة

:نشأة التناسخ واحللول منهم - ١

: وإمنا نشأ أصل التناسخ واحللول من هؤالء القوم وحيدث يف كل دور مثل ما حدث يف األول والثواب هو أن تتكرر األكوار واألدوار إىل ما ال هناية له : فإن التناسخ

والعقاب يف هذه الدار ال يف دار أخرى ال عمل فيها : واألعمال اليت حنن فيها إمنا هي أجزية على أعمال سلفت منا يف األدوار املاضية

يف األدوار ) ٥٥ \ ٢( فالراحة والسرور والفرح والدعة اليت جندها هي مرتبة على أعمال الرب اليت سلفت منا املاضية

والغم واحلزن والضنك والكلفة اليت جندها هي مرتبة على أعمال الفجور اليت سبقت منا وكذا كان يف األول وكذا يكون يف اآلخر واالنصرام من كل وجه غري متصور من احلكيم

: فهو التشخص الذي ذكرناه : وأما احللول ورمبا يكون ذلك حبلول ذاته

يكون حبلول جزء من ذاته على قدر استعداد مزاج الشخص ورمبا إمنا تشخص باهلياكل السماوية كلها وهو واحد وإمنا يظهر فعله يف واحد واحد بقدر آثاره فيه : ورمبا قالوا

وتشخصه به يبصر بأعيننا فكأن اهلياكل السبعة أعضاؤها السبعة وكأن أعضاءنا السبعة هياكله السبعة فيها يظهر فينطق بلساننا و

ويسمع بآذاننا ويقبض ويبسط بأيدينا وجييء ويذهب بأرجلنا ويفعل جبوارحنا

مزاعم احلرنانية - ٣

وزعموا أن اهللا تعاىل أجل من أن خيلق الشرور والقبائح واألقذار واخلنافس واحليات والعقارب بل هي كلها واقعة : لعناصر صفوة وكدورة ضرورة عن اتصاالت الكواكب سعادة وحنوسة واجتماعات ا

فما كان من سعد وخري وصفو فهو املقصود من الفطرة فينسب إىل الباري تعاىل إما اتفاقيات وضروريات وإما مستندة : وما كان من حنوسة وشر وكدر فهو الواقع ضرورة فال ينسب إليه بل هي

إىل أصل الشرور واالتصال املذموم اذميون وهرمس وأعيانا وأواذي أربعة أنبياء واحلرنانية ينسبون مقالتهم إىل ع

)٥٦ \ ٢ ( ومنهم من ينتسب إىل سولون جد أفالطون ألمه ويزعم أنه كان نبيا

وزعموا أن أواذي حرم عليهم البصل والكراث والباقال والصابئون كلهم يصلون ثالث صلوات ويغتسلون من اجلنابة ومن مس امليت

ر والكلب ومن الطري كل ما له خملب واحلمام وحرموا أكل اجلزور واخلنزي وهنوا عن السكر يف الشراب وعن االختتان

Page 161: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وأمروا بالتزويج بويل وشهود وال جيوزون الطالق إال حبكم حاكم وال جيمعون بني امرأتني : وأما اهلياكل اليت بناها الصابئة على أمساء اجلواهر العقلية الروحانية وأشكال الكواكب السماوية

فمنها هيكل العلة األوىل ودوهنا هيكل العقل وهيكل السياسة وهيكل الصورة وهيكل النفس مدورات الشكل مسدس : وهيكل زحل

مثلث : وهيكل املشتري مربع مستطيل : وهيكل املريخ

مربع : وهيكل الشمس مثلث يف جوف مربع : وهيكل الزهرة ل مثلث يف جوفه مربع مستطي: وهيكل عطارد مثمن : وهيكل القمر

)٥٧ \ ٢ (

الفالسفة: الباب الثاين

حمبة احلكمة : الفلسفة باليونانية هو فيال وسوفا : والفيلسوف

هو احملب : وفيال احلكمة : وسوفا

أي هو حمب احلكمة قولية وفعلية : واحلكمة

: وهي العقلية أيضا فهي كل ما يعقله العاقل: أما احلكمة القولية باحلد وما جيري جمراه مثل الرسم

والربهان وما جيري جمراه مثل االستقراء فيعرب عنه هبما فكل ما يفعله احلكيم لغاية كمالية : وأما احلكمة الفعلية

ملا كان هو الغاية والكمال فال يفعل فعال لغاية دون ذاته وإال فيكون الغاية والكمال هو احلامل : فاألول األزيل ول حممول وذلك حمال واأل

فاحلكمة يف فعله وقعت تبعا لكمال ذاته وذلك هو الكمال املطلق يف احلكمة ويف فعل غريه من املتوسطات وقعت مقصودا للكمال املطلوب وكذلك يف أفعالنا

وائل يف أكثر مث إن الفالسفة اختلفوا يف احلكمة القولية العقلية اختالفا ال حيصى كثرة واملتأخرون منهم خالفوا األاملسائل وكانت مسائل األولني حمصورة يف الطبيعيات واإلهليات وذلك هو الكالم يف الباري تعاىل والعامل مث زادوا

فيها الرياضيات علم ما وعلم كيف وعلم كم : العلم ينقسم إىل ثالثة أقسام : وقالوا

فالعلم الذي يطلب فيه ماهيات األشياء هو العلم اإلهلي الطبيعي ) ٥٨ \ ٢( علم الذي يطلب فيه كيفيات األشياء هو العلم وال

Page 162: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

والعلم الذي يطلب فيه كميات األشياء هو العلم الرياضي سواء كانت الكميات جمردة عن املادة أو كانت خمالطة م ختل فأحدث بعدهم أرسطوطاليس احلكيم علم املنطق ومساه تعليمات وإمنا هو جرده من كالم القدماء وإال فل

: احلكمة عن قوانني املنطق قط ورمبا عدها آلة العلوم ال من مجلة العلوم فقال هو الوجود املطلق : املوضوع يف العلم اإلهلي

البحث عن أحوال الوجود من حيث هو وجود : ومسائله هو اجلسم : واملوضوع يف العلم الطبيعي

البحث عن أحوال اجلسم من حيث هو جسم : ومسائله هو األبعاد واملقادير وباجلملة الكمية من حيث إهنا جمردة عن املادة : واملوضوع يف العلم الرياضي

البحث عن أحوال الكمية من حيث هي كمية : ومسائله هو املعاين اليت يف ذهن اإلنسان من حيث يتأدى هبا إىل غريها من العلوم : واملوضوع يف العلم املنطقي

عن أحوال تلك املعاين من حيث هي كذلك البحث : ومسائله وملا كانت السعادة هي املطلوبة لذاهتا وإمنا يكدح اإلنسان لنيلها والوصول إليها وهي ال تنال إال : قالت الفالسفة

إما ليعمل هبا وإما لتعلم فقط : باحلكمة فاحلكمة تطلب عملي وعلمي : فانقسمت احلكمة إىل قسمني

ملي على العلمي مث منهم من قدم الع ومنهم من أخر كما سيأيت

هو عمل اخلري : فالقسم العملي هو علم احلق : والقسم العلمي

وهذان القسمان مما يوصل إليه بالعقل الكامل والرأي الراجح غري أن االستعانة يف القسم العملي منه بغريه : قالوا قريرا للقسم العملي ولطرف ما من القسم العلمي واحلكماء أكثر واألنبياء عليهم السالم أيدوا بأمداد روحانية ت

: تعرضوا ألمداد عقلية تقريرا للقسم العلمي ولطرف ما من القسم العملي هو أن يتجلى لعقله كل الكون ويتشبه باإلله احلق تعاىل وتقدس بغاية اإلمكان : فغاية احلكيم ذلك مصاحل العامة حىت يبقى نظام العامل وتنتظم مصاحل العباد أن يتجلى له نظام الكون فيقدر على : وغاية النيب

وذلك ال يتأتى إال بترغيب وترهيب وتشكيل وختييل )٥٩ \ ٢ (

فكل ما ورد به أصحاب الشرائع وامللل مقدر على ما ذكرناه عند الفالسفة إال من أخذ علمه من مشكاة النبوة فإنه عتقاد يف كمال درجتهم رمبا بلغ إىل حد التعظيم هلم وحسن اال

: فمن الفالسفة ال يقولون بالنبوات أصال : حكماء اهلند من الربامهة

وهم شرذمة قليلون ألن أكثر حكمهم فلتات الطبع وخطرات الفكر ورمبا قالوا بالنبوات : ومنهم حكماء العرب : وهم منقسمون : ومنهم حكماء الروم

مة إىل القدماء الذين هم أساطني احلك وإىل املتأخرين وهم املشاءون وأصحاب الرواق وأصحاب أرسطوطاليس

Page 163: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الذين هم حكماء العجم وإال فلم ينقل عن العجم قبل اإلسالم مقالة يف الفلسفة إذ حكمهم : وإىل فالسفة اإلسالم كلها كانت متلقاة من النبوات إما من امللة القدمية وإما من سائر امللل

وا خيلطون احلكمة بالصبوة غري أن الصابئة كانفنحن نذكر مذاهب احلكماء القدماء من الروم واليونانيني على الترتيب الذي نقل يف كتبهم ونعقب ذلك بذكر

سائر احلكماء إن شاء اهللا تعاىل فإن األصل يف الفلسفة واملبدأ يف احلكمة للروم وغريهم كالعيال هلم

)٦٠ \ ٢ (

لسبعةاحلكماء ا: الفصل األول

الذين هم أساطني احلكمة من امللطية وساميا وأثينة وهي بالدهم تاليس امللطي وأنكساغورس وأنكسيمانس وأنبادقليس وفيثاغورس وسقراط وأفالطون : وأما أمساؤهم فهي

مثل فلوطرخيس وبقراط ودميقريطيس والشعراء والنساك : وتبعهم مجاعة من احلكماء كيف هي ويف اإلبداع : فلسفة على ذكر وحدانية الباري تعاىل وإحاطته علما بالكائنات وإمنا يدور كالمهم يف ال

ما هو ومىت هو ورمبا تكلموا يف الباري تعاىل بنوع : ما هي وكم هي وأن املعاد : وتكوين العامل وأن املبادئ األول حركة وسكون

رأسا إال نكتة شاذة نادرة رمبا اعترت على وقد أغفل املتأخرون من فالسفة اإلسالم ذكرهم وذكر مقاالهتم أبصارهم وأفكارهم وأشاروا إليها تزييفا وحنن تتبعناها وتعقبناها نقدا وألقينا زمام االختيار إليك يف املطالعة واملناظرة

بني كالم األوائل واألواخر

:رأي تاليس - ١

وهو أول من تفلسف يف ملطية صفته العقول من جهة هويته وإمنا يدرك من جهة آثاره وهو الذي ال يعرف امسه إن للعامل مبدعا ال تدرك : قال

فضال عن هويته إال من حنو أفاعيله وإبداعه وتكوينه األشياء فلسنا ندرك له امسا من حنو ذاته بل من حنو ذاتنا )٦١ \ ٢ (

الذي أبدع وال صورة له عنده يف إن القول الذي ال مرد له هو أن املبدع كان وال شيء مبدع فأبدع: مث قال جهة وجهة حىت يكون هو وصورة أو : الذات ألن قبل اإلبداع إمنا هو فقط وإذا كان هو فقط فليس يقال حينئذ

حيث وحيث حىت يكون هو وذو صورة والوحدة اخلالصة تنايف هذين الوجهني تأييس ال من شيء متقادم فمؤيس األشياء ال هو تأييس ما ليس بأيس وإذا كان هو مؤيس األيسيات وال: واإلبداع

حيتاج إىل أن يكون عنده صورة األيس باأليسية وإال فقد لزمه إن كانت الصورة عنده أن يكون منفردا عن الصورة اليت عنده فيكون هو وصورة وقد بينا أنه قبل اإلبداع إمنا هو فقط

خلارج أم غري مطابقة ؟ أكانت مطابقة للموجود ا: وأيضا فلو كانت الصورة عنده فإن كانت مطابقة فلتتعدد الصور بعدد املوجودات ولتكن كلياهتا مطابقة للكليات وجزئياهتا مطابقة للجزئيات

ولتتغري بتغريها كما تكترث بتكثرها وكل ذلك حمال ألنه ينايف الوحدة اخلالصة

Page 164: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يء آخر وإن مل تطابق املوجود اخلارج فليست إذن صورة عنه بل إمنا هي شلكنه أبدع العنصر الذي فيه صور املوجودات واملعلومات كلها فانبعث من كل صورة موجود يف العامل على : وقال

املثال الذي يف العنصر األول فمحل الصور ومنبع املوجودات كلها هو ذات العنصر مثال عنه وما من موجود يف العامل العقلي والعامل احلسي إال ويف ذات العنصر صورة له و

ومن كمال ذات األول احلق أنه أبدع مثل هذا العنصر فما يتصوره العامة يف ذاته تعاىل أن فيها الصور يعين : قال صور املعلومات فهو يف مبدعه ويتعاىل األول احلق بوحدانيته وهويته عن أن يوصف مبا يوصف به مبدعه

هو املاء املبدع األول) ٦٢ \ ٢( ومن العجب أنه نقل عنه أن املاء قابل لكل صورة ومنه أبدع اجلواهر كلها من السماء واألرض وما بينهما وهو علة كل مبدع وعلة كل : قال

مركب من العنصر اجلسماين فذكر أن من مجود املاء تكونت األرض ومن احنالله تكون اهلواء ومن صفوة اهلواء من االشتعال احلاصل من األثري تكونت الكواكب فدارت تكونت النار ومن الدخان واألخبرة تكونت السماء و

حول املركز دوران املسبب على سببه بالشوق احلاصل إليه واملاء ذكر واألرض أنثى ومها يكونان سفال والنار ذكر واهلواء أنثى ومها يكونان علوا : قال

هو عنصر اجلسمانيات -لكمال أي هو املبدأ وهو ا -إن هذا العنصر الذي هو أول وهو آخر : وكان يقول واجلرميات ال أنه عنصر الروحانيات البسيطة

: مث إن هذا العنصر له صفو وكدر فما كان من صفوه فإنه يكون جسما وما كان من كدره فإنه يكون جرما

ويدثر اجلرم فاجلرم يدثر واجلسم ال يدثر واجلرم كثيف ظاهر واجلسم لطيف باطن ويف النشأة الثانية يظهر اجلسم ويكون اجلسم اللطيف ظاهرا واجلرم الكثيف داثرا

إن فوق السماء عوامل مبدعة ال يقدر املنطق أن يصف تلك األنوار وال يقدر العقل أن يقف على : وكان يقول إدراك ذلك احلس والبهاء وهي مبدعة من عنصر ال يدرك غوره وال يبصر نوره واملنطق والنفس والطبيعة حتته

نه وهو الدهر احملض من حنو آخره ال من حنو أوله وإليه تشتاق العقول واألنفس وهو الذي مسيناه الدميومة ودو والسرمد والبقاء يف حد النشأة الثانية

املاء هو املبدع األول أي هو مبدأ التركيبات اجلسمانية ال املبدأ األول يف : فظهر هبذه اإلشارات أنه إمنا أراد بقوله كل صورة أي منبع الصور كلها فأثبت ) ٦٣ \ ٢( ات العلوية لكنه ملا اعتقد أن العنصر األول هو قابل املوجود

يف العامل اجلسماين له مثاال يوازيه يف قبول الصور كلها ومل جيد عنصرا على هذا النهج مثل املاء فجعله املبدع األول رضية يف املركبات وأنشأ منه األجسام واألجرام السماوية واأل

إن مبدأ اخللق هو جوهر خلقه اهللا تعاىل مث نظر إليه نظرة اهليبة فذابت : وقال يف التوراة يف السفر األول منها أجزاؤه فصارت ماء مث ثار من املاء خبار مثل الدخان فخلق منه السموات وظهر على وجه املاء زبد مثل زبد البحر

فخلق منه األرض مث أرساها باجلبال اليس امللطي إمنا تلقى مذهبه من هذه املشكاة النبوية وكأن ت

والذي أثبته من العنصر األول الذي هو منبع الصور شديد الشبه باللوح احملفوظ املذكور يف الكتب اإلهلية إذ فيه

Page 165: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مجيع أحكام املعلومات وصور مجيع املوجودات واخلرب عن الكائنات ) وكان عرشه على املاء ( اء الذي عليه العرش واملاء على القول الثاين شديد الشبه بامل

:رأي أنكساغورس - ٢

وهو أيضا من أهل ملطية األول ) ٦٤ \ ٢( رأى يف الوحدانية مثل ما رأى تاليس وخالفه يف املبدأ

نها إن مبدأ املوجودات هو جسم أول متشابه األجزاء وهي أجزاء لطيفة ال يدركها احلس وال يناهلا العقل م: قال كون الكون كله العلوي منه والسفلي ألن املركبات مسبوقة بالبسائط واملختلفات أيضا مسبوقة باملشاهبات أليست املركبات كلها إمنا امتزجت وتركبت من العناصر وهي بسائط متشاهبة األجزاء ؟ وأليس احليوان والنبات وكل ما

فتجتمع يف املعدة فتصري متشاهبة مث جتري يف العروق والشرايني يغتذي فإمنا يغتذي من أجزاء متشاهبة أو غري متشاهبة فتستحيل أجزاء خمتلفة مثل الدم واللحم والعظم ؟

احلق : إن األول : وحكي عنه أيضا أنه وافق سائر احلكماء يف املبدأ األول أنه العقل الفعال غري أنه خالفهم يف قوله سكون واحلركة له تعاىل ونبني اصطالحهم يف ذلك تعاىل ساكن غري متحرك وسنشرح القول يف ال

إن أصل األشياء جسم واحد موضوع الكل ال هناية له ومل نبني ما ذلك اجلسم أهو : وحكى فرفوريوس عنه أنه قال من العناصر أم خارج عن ذلك ؟

ومنه خترج مجيع األجسام والقوة اجلسمانية واألنواع واألصناف : قال الكمون والظهور حيث قدر األشياء كلها كامنة يف اجلسم األول وإمنا الوجود ظهورها من ذلك وهو أول من قال ب

اجلسم نوعا وصنفا ومقدارا وشكال وتكاثفا وختلخال كما تظهر السنبلة من احلبة الواحدة والنخلة الباسقة من النواة فكل ذلك ظهور عن كمون وفعل عن قوة الصغرية واإلنسان الكامل الصورة من النطفة املهينة والطري من البيض

وصورة عن استعداد مادة وإمنا اإلبداع واحد ومل يكن بشيء آخر سوى ذلك اجلسم األول كانت األشياء ساكنة مث إن العقل رتبها ترتيبا على أحسن نظام فوضعها مواضعها من عال : وحكي عنه أنه قال

ستقيم يف احلركة ومن دائر ومن أفالك متحركة على ومن سافل ومن متوسط مث من متحرك ومن ساكن ومن معناصر متحركة على االستقامة وهذه كلها هبذا الترتيب مظهرات ملا يف اجلسم األول ) ٦٥ \ ٢( الدوران ومن

من املوجودات اجلسم املرتب هو الباري تعاىل وإذا كان املبدأ األول عنده ذلك: وحيكى عنه أن املرتب هو الطبيعة ورمبا يقول

فمقتضى مذهبه أن يكون املعاد إىل ذلك اجلسم وإذا كانت النشأة األوىل هي الظهور فيقتضي أن تكون النشأة الثانية هي الكمون وذلك قريب من مذهب من يقول باهليوىل األوىل اليت حدثت فيها الصور إال أنه أثبت جسما غري

يثبتون جسما بالفعل متناه بالفعل هو متشابه األجزاء وأصحاب اهليوىل الوقد رد عليه احلكماء املتأخرون يف إثباته جسما مطلقا مل يعني له صورة مساوية أو عنصرية ويف نفيه النهاية عنه ويف قوله بالكمون والظهور ويف بيانه سبب الترتيب وتعيينه املرتب وإمنا عقب مذهبه برأي تاليس ألهنما من أهل ملطية

عنصر األول والصور فيه متمثلة واجلسم األول واملوجودات فيه كامنة ومتقاربان يف إثبات ال وحكى أرسطوطاليس عنه أن اجلسم الذي تكون منه األشياء غري قابل للكثرة

وأومأ إىل أن الكثرة جاءت من قبل الباري تعاىل وتقدس : قال

Page 166: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: رأي أنكسيمانس - ٣ عندهم وهو من امللطيني املعروف باحلكمة املذكور باخلري

إن الباري تعاىل أزيل ال أول له وال آخر هو مبدأ األشياء وال بدء له هو املدرك من خلقه أنه هو فقط وأنه ال : قال هوية تشبهه وكل هوية فمبدعة منه هو الواحد ليس كواحد األعداد ألن واحد األعداد يتكثر وهو ال يتكثر وكل

صورته يف علمه األول والصور عنده بال هناية مبدع ظهرت صورته يف حد اإلبداع فقد كانت )٦٦ \ ٢ (

: وال جيوز يف الباري تعاىل إال أحد قولني : قال إنه أبدع ما يف علمه : إما أن نقول

إمنا أبدع أشياء ال يعلمها : وإما أن نقول تتكثر ذاته بتكثر املعلومات وال أبدع ما يف علمه فالصور أزلية بأزليته وليس : وهذا من القول املستشنع وإن قلنا

تتغري بتغريها أبدع بوحدانيته صورة العنصر مث صورة العقل انبعث عنها ببدعة الباري تعاىل فرتب العنصر يف العقل ألوان : قال

الصور على قدر ما فيها من طبقات األنوار وأصناف اآلثار وصارت تلك الطبقات صورا كثرية دفعة واحدة كما ر يف املرآة الصقيلة بال زمان وال ترتيب بعض على بعض غري أن اهليوىل ال حتمل القبول دفعة واحدة إال حتدث الصو

بترتيب وزمان فحدثت تلك الصور فيها على الترتيب ومل يزل األمر كذلك يف العامل بعد العامل على قدر طبقات وصارت منها هذه الصورة الرذلة الكثيفة اليت مل اهليوىل : أنوار الصور يف اهليوىل وقلت : تلك العوامل حىت قلت

تقبل نفسا روحانية وال نفسا حيوانية وال نباتية وكل ما هو على قبول حياة وحس فهو يعد يف آثار تلك األنوار

إن هذا العامل يدثر ويدخله الفساد والعدم من أجل أنه سفل تلك العوامل وثقلها ونسبتها إليه نسبة : وكان يقول ب إىل القشر والقشر يرمى الل

وإمنا ثبات هذا العامل بقدر ما فيه من قليل نور ذلك العامل وإال ملا ثبت طرفة عني ويبقى ثباته إىل أن يصفي : قال العقل جزأه املمتزج به وإىل أن تصفي النفس جزأها املختلط فيه فإذا صفي اجلزآن عنه دثرت أجزاء هذا العامل

عدمت ذلك القليل من النور فيها وبقيت األنفس الدنسة اخلبيثة يف هذه الظلمة بال نور وفسدت وبقيت مظلمة قد وال سرور وال روح وال راحة وال سكون وال سلوة

ونقل عنه أيضا أن أول األوائل من املبدعات هو اهلواء ومنه تكون مجيع ما تكون يف العامل من األجرام العلوية والسفلية

وال يقبل ) ٦٧ \ ٢( لطيف روحاين ال يدثر وال يدخل عليه الفساد : و اهلواء احملض ما كون من صف: قال الدنس واخلبث

كثيف جسماين يدثر ويدخله الفساد ويقبل الدنس واخلبث : وما كون من كدر اهلواء فما فوق اهلواء من العوامل فهو من صفوه وذلك عامل الروحانيات

من كدره وذلك عامل اجلسمانيات وهو كثري األوساخ واألوضار يتشبث به من سكن وما دون اهلواء من العوامل فهو إليه فيمنعه من أن يرتفع علوا ويتخلص منه من مل يسكن إليه فيصعد إىل عامل كثري اللطافة دائم السرور

ات العامل الروحاين ولعله جعل اهلواء أول األوائل ملوجودات العامل اجلسماين كما جعل العنصر أول األوائل ملوجود

Page 167: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وهو على مثال مذهب تاليس إذ أثبت العنصر واملاء يف مقابلته وهو قد أثبت العنصر واهلواء يف مقابلته ونزل العنصر منزلة القلم األول والعقل منزلة اللوح القابل لنقش الصور ورتب املوجودات على ذلك الترتيب

قوم التبس وهو أيضا من مشكاة النبوة اقتبس وبعبارات ال

رأي أنبادقليس - ٤

وهو من الكبار عند اجلماعة دقيق النظر يف العلوم رقيق احلال يف األعمال وكان يف زمن داود النيب عليه السالم مضى إليه وتلقى منه العلم

واختلف إىل لقمان احلكيم واقتبس منه احلكمة مث عاد إىل يونان وأفاد ويته فقط وهو العلم احملض وهو اإلرادة احملضة وهو اجلود والعزة والقدرة والعدل إن الباري تعاىل مل تزل ه: قال

واخلري واحلق ال أن هناك قوى مسماة هبذه األمساء بل هي هو وهو هذه كلها مبدع فقط ال أنه أبدع من شيء وال مث كسر األشياء أن شيئا كان معه فأبدع الشيء البسيط الذي هو أول البسائط املعقول وهو العنصر األول

املبسوطة من ذلك املبدع البسيط الواحد األول مث كون املركبات من املبسوطات املعقولة : واملتقابالت ) ٦٨ \ ٢( العقلي والفكري والومهي أي مبدع املتضادات : وهو مبدع الشيء والالشيء

واخليالية واحلسية مستأنفة بل بنوع أنه علة فقط وهو العلم واإلرادة إن الباري تعاىل أبدع الصور ال بنوع إرادة: وقال

فإذا كان املبدع إمنا أبدع الصور بنوع أنه علة هلا فالعلة وال معلول وإال فاملعلول مع العلة معية بالذات فإن جاز أن من العلة إن معلوال مع العلة فاملعلول حينئذ ليس هو غري العلة وأن يكون املعلول ليس أوىل بكونه معلوال: يقال

وال العلة بكوهنا علة أوىل من املعلول فاملعلول إذن حتت العلة وبعدها والعلة علة العلل كلها أي علة كل معلول حتتها فال حمالة أن املعلول مل يكن مع العلة جبهة من اجلهات البتة وإال فقد بطل اسم العلة واملعلول فاملعلول األول

بتوسطه العقل والثالث بتوسطهما النفس وهذه بسائط ومتوسطات وما بعدها هو العنصر واملعلول الثاين هو مركبات

وذكر أن املنطق ال يعرب عما عند العقل ألن العقل أكرب من املنطق من أجل أنه بسيط واملنطق مركب واملنطق يتجزأ واحدة وذلك أنه هو وال والعقل يتحد وحيد فيجمع املتجزئات فليس للمنطق إذن أن يصف الباري تعاىل إال صفة

شيء من هذه العوامل بسيط وال مركب فإذا كان هو وال شيء فقد كان الشيء والالشيء مبدعني العنصر األول بسيط من حنو ذات العقل الذي هو دونه وليس هو بسيطا مطلقا أي واحدا حبتا : مث قال أنبادقليس

ليا أو حسيا فالعنصر يف ذاته مركب من احملبة والغلبة من حنو ذات العلة فال معلول إال وهو مركب تركيبا عقوعنهما أبدعت اجلواهر البسيطة الروحانية واجلواهر املركبة اجلسمانية فصارت احملبة والغلبة صفتني أو صورتني للعنصر مبدأين جلميع املوجودات فانطبعت الروحانيات كلها على احملبة اخلالصة واجلسمانيات كلها على الغلبة

املركبات منهما على طبيعيت احملبة والغلبة واالزدواج والتضاد ومبقدارمها يف املركبات تعرف مقادير الروحانيات يف و اجلسمانيات

وهلذا املعىن ائتلفت املزدوجات بعضها ببعض نوعا بنوع وصنفا بصنف واختلفت املتضادات فتنافر بعضها عن : قال بعض نوعا عن نوع وصنفا عن صنف

كان فيها من االئتالف واحملبة فمن الروحانيات وما كان فيها من االختالف والغلبة فمن اجلسمانيات وقد فما

Page 168: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

جيتمعان يف نفس واحدة بإضافتني خمتلفتني )٦٩ \ ٢ (

ورمبا أضاف احملبة إىل املشتري والزهرة والغلبة إىل زحل واملريخ فكأهنما تشخصتا بالسعدين والنحسني إن النفس النامية قشر للنفس البهيمية احليوانية والنفس احليوانية قشر للنفس : قليس مساق آخر قال ولكالم أنباد

املنطقية واملنطقية قشر للعقلية وكل ما هو أسفل فهو قشر ملا هو أعلى واألعلى لبه ه روحا هلا وعلى ورمبا يعرب عن القشر واللب باجلسد والروح فيجعل النفس النامية جسدا للنفس احليوانية وهذ

ذلك حىت ينتهي إىل العقل ملا صور العنصر األول يف العقل ما عنده من الصور املعقولة الروحانية وصور العقل يف النفس ما استفاد من : قال

العنصر صورت النفس الكلية يف الطبيعة الكلية ما استفادت من العقل فحصلت قشور يف الطبيعة ال تشبهها وال لعقل الروحاين اللطيف فلما نظر العقل إليها وأبصر األرواح واللبوب يف األجسام والقشور ساح عليها هي شبيهة با

من الصور احلسنة الشريفة البهية وهي صور النفوس املشاكلة للصور العقلية اللطيفة الروحانية حىت يدبرها فكانت النفوس اجلزئية أجزاء للنفس الكلية ويتصرف فيها بالتمييز بني القشور واللبوب فيصعد باللبوب إىل عاملها

كأجزاء الشمس املشرقة على منافذ البيت والطبيعة الكلية معلولة للنفس وفرق بني اجلزء وبني الطبيعة فاجلزء غري املعلول

وخاصية النفس الكلية احملبة ألهنا ملا نظرت إىل العقل وحسنه وهبائه أحبته حب وامق عاشق ملعشوقه : مث قال فطلبت االحتاد به وحتركت حنوه

وخاصية الطبيعة الكلية الغلبة ألهنا ملا توحدت مل يكن هلا نظر وبصر تدرك هبما النفس والعقل وتعشقهما بل : انبجست منهما قوى متضادة

فمتضادات األركان : أما يف بسائطها احليوانية فمتضادات القوى املزاجية والطبيعية والنباتية و: وأما يف مركباهتا

والطبيعية متردت عليها لبعدها من العلة بكوهنا معلولة عن كليتها وطاوعتها األجزاء النفسانية مغترة بعاملها الغرار الغدار فركنت إىل لذات حسية من مطعم مري ومشرب هين وملبس طري ومنكح شهي ونسيت ما قد طبعت عليه

حاين النفساين العقلي فلما رأت النفس الكلية متردها واغترارها الرو) ٧٠ \ ٢( من ذلك البهاء واحلسن والكمال أهبطت إليها جزءا من أجزائها هو أزكى وألطف وأشرف من هاتني النفسني البهيمية والنباتية ومن تلك النفوس

جهلت املغترة هبما فيكسر النفسني عن متردمها وحيبب إىل النفوس املغترة عاملها ويذكرها مبا نسيت ويعلمها ماويطهرها مما تدنست فيه ويزكيها عما تنجست به وذلك اجلزء الشريف هو النيب املبعوث يف كل دور من األدوار

فيجري على سنن العقل والعنصر األول من رعاية احملبة والغلبة فيتألف بعض النفوس باحلكمة واملوعظة احلسنة ويشدد على بعضها بالقهر والغلبة

من جهة احملبة لطفا وتارة يدعو بالسيف من جهة الغلبة عنفا فيخلص النفوس اجلزئية الشريفة فتارة يدعو باللسان اليت اغترت بتمويهات النفسني املزاجيتني عن التمويه الباطل والتسويل الزائل الفائل

اخلري واحلق ورمبا يكسو النفسني السافلتني كسوة النفس الشريفة فتنقلب الصفة الشهوية إىل احملبة فتغلب حمبةوالصدق وتنقلب الصفة الغضبية إىل الغلبة فتغلب الشر والباطل والكذب فتصعد النفس اجلزئية الشريفة إىل عامل

الروحانيني هبما مجيعا فيكونان جسدا هلا يف ذلك العامل كما كانتا جسدا هلا يف هذا العامل

Page 169: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مبحبتهم له أضداده إذا كانت الدولة واجلد ألحد أحبه أشكاله فيغلب: وقد قيل ليس وراءها شيء أبسط ) ٧١ \ ٢( العامل مركب من األسطقسات األربعة فإنه : ومما نقل عن أنبادقليس أنه قال

منها وأن األشياء كامنة بعضها يف بعض بكمون اهلواء ال يستحيل نارا وال املاء هواء ولكن ذلك بتكاثف وختلخل و: وأبطل الكون واالستحالة والنمو وقال

وظهور وتركب وحتلل وإمنا التركب يف املركبات باحملبة يكون والتحلل يف املتحلالت بالغلبة يكون إنه متحرك بنوع سكون ألن العقل : ومما نقل عنه أيضا أنه تكلم يف الباري تعاىل بنوع حركة وسكون فقال

ألنه علة كل متحرك وساكن والعنصر متحركان بنوع سكون وهو مبدعهما وال حمالة أن املبدع أكرب وشايعه على هذا الرأي فيثاغورس ومن بعده من احلكماء إىل أفالطون وأما زينون األكرب ودميقريط والشاعريون

فصاروا إىل أنه تعاىل متحرك هو ساكن ال يتحرك ألن احلركة ال تكون إال حمدثة : وقد سبق النقل عن أنكساغورس أنه قال

إن تلك احلركة فوق هذه احلركة كما أن ذلك السكون فوق هذا السكون : لوا إال أن تقو: مث قال وهؤالء ما عنوا باحلركة والسكون النقلة عن مكان واللبث يف مكان وال باحلركة التغري واالستحالة وال بالسكون

ثبات اجلوهر والدوام على حالة واحدة فإن األزلية والقدم تنايف هذه املعاين كلها )٧٢ \ ٢ (

ومن حيترز ذلك االحتراز عن التكثري فكيف جيازف هذه اجملازفة يف التغري ؟ فأما احلركة والسكون يف العقل والنفس فإمنا عنوا هبما الفعل واالنفعال وذلك أن العقل ملا كان موجودا كامال

بالفعل هو ساكن واحد مستغن عن حركة يصري هبا فاعال : قالوا

هي متحركة طالبة درجة العقل : اقصة متوجهة إىل الكمال قالوا والنفس ملا كانت نالعقل ساكن بنوع حركة أي هو يف ذاته كامل بالفعل فاعل خيرج النفس من القوة إىل الفعل والفعل نوع : مث قالوا

على قضية -حركة يف سكون والكمال نوع سكون يف حركة أي هو كامل ومكمل غريه فعلى هذا املعىن جيوز إضافة احلركة والسكون إىل الباري تعاىل -ذهبهم م

: ومن العجب أن مثل هذا االختالف قد وجد يف أرباب امللل حىت صار بعض إىل أنه تعاىل مستقر يف مكان ومستو على مكان وذلك إشارة إىل السكون معىن صحيح الئق جبناب وصار بعض إىل أنه جييء ويذهب وينزل ويصعد وذلك عبارة عن احلركة إال أن حيمل على

القدس حقيق جبالل احلق يبقى هذا العامل على الوجه الذي عهدناه من النفوس اليت تشبثت : ومما نقل عن أبنادقليس يف أمر املعاد أنه قال

بالطبائع واألرواح اليت تعلقت بالشباك حىت تستغيث يف آخر األمر إىل النفس الكلية اليت هي كلها فتتضرع النفس العقل ويتضرع العقل إىل الباري تعاىل فيسيح الباري تعاىل على العقل ويسيح العقل على النفس وتسيح النفس إىل

على هذا العامل بكل نورها فتستضيء األنفس اجلزئية وتشرق األرض بنور رهبا حىت تعاين اجلزئيات كلياهتا فتتخلص ) ومن مل جيعل اهللا له نورا فماله من نور ( بورة من الشبكة فتتصل بكلياهتا وتستقر يف عاملها مسرورة حم

)٧٣ \ ٢ (

:رأي فيثاغورس - ٥

Page 170: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ابن منسارخس من أهل ساميا وكان يف زمان سليمان النيب بن داود عليهما السالم قد أخذ احلكمة من معدن النبوة وهو احلكيم الفاضل ذو

الرأي املتني والعقل الرصني لوية حبسه وحدسه وبلغ يف الرياضة إىل أن مسع حفيف الفلك ووصل إىل مقام امللك يدعي أنه شاهد العوامل الع

ما مسعت شيئا قط ألذ من حركاهتا وال رأيت أهبى من صورها وهيئاهتا : وقال : قوله يف اإلهليات

لنفس فال إن الباري تعاىل واحد ال كاآلحاد وال يدخل يف العدد وال يدرك من جهة العقل وال من جهة ا: قال الفكر العقلي يدركه وال املنطق النفسي يصفه فهو فوق الصفات الروحانية غري مدرك من حنو ذاته وإمنا يدرك بآثاره وصنائعه وأفعاله وكل عامل من العوامل يدركه بقدر اآلثار اليت تظهر فيه صنعته فينعته ويصفه بذلك القدر الذي خيصه

من صنعته روحاين قد خصت بآثار خاصة روحانية فتنعته من حيث تلك اآلثار فاملوجودات يف العامل ال

واملوجودات يف العامل اجلسماين قد خصت بآثار خاصة جسمانية فتنعته من حيث تلك اآلثار وال نشك أن هداية احليوان مقدرة على اآلثار اليت جبل احليوان عليها وهداية اإلنسان مقدرة على اآلثار اليت فطر

ليها فكل يصفه من حنو ذاته ويقدسه عن خصائص صفاته اإلنسان ع : الوحدة تنقسم : مث قال

: إىل وحدة غري مستفادة من الغري وهي وحدة الباري تعاىل

وحدة اإلحاطة بكل شيء وحدة احلكم على كل شيء

وحدة تصدر عنها اآلحاد يف املوجودات والكثرة فيها وحدة املخلوقات : وإىل وحدة مستفادة من الغري وذلك

)٧٤ \ ٢ ( الوحدة على اإلطالق تنقسم إىل وحدة قبل الدهر ووحدة مع الدهر ووحدة بعد الدهر وقبل الزمان : ورمبا يقول

: ووحدة مع الزمان هي وحدة الباري تعاىل : فالوحدة اليت هي قبل الدهر هي وحدة العقل األول : والوحدة اليت هي مع الدهر

هي وحدة النفس : ليت هي بعد الدهر وقبل الزمان والوحدة ا هي وحدة العناصر واملركبات : والوحدة اليت هي مع الزمان

: الوحدة تنقسم إىل وحدة بالذات وإىل وحدة بالعرض : ورمبا يقسم الوحدة قسمة أخرى فيقول د واملعدود ليست إال للمبدع للكل الذي منه تصدر الوحدانيات يف العد: فالوحدة بالذات

: تنقسم : والوحدة بالعرض إىل ما هو مبدأ العدد وليس داخال يف العدد

وإىل ما هو مبدأ للعدد وهو داخل فيه

Page 171: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

كالواحدية للعقل الفعال ألنه ال يدخل يف العدد واملعدود : فاألول : ينقسم : والثاين

دين وكذلك كل عدد فهو مركب من آحاد ال حمالة إىل ما يدخل فيه كاجلزء له فإن االثنني إمنا هو مركب من واح وحيثما ارتقى العدد إىل أكثر نزلت نسبة الوحدة إليه إىل أقل

وإىل ما يدخل فيه كالالزم له ال كاجلزء فيه وذلك ألن كل عدد أو معدود لن خيلو قط عن وحدة تالزمه فإن االثنني والثالثة يف كوهنما اثنني وثالثة واحدة

إما يف اجلنس أو يف النوع أو يف الشخص كاجلوهر يف أنه : دودات من املركبات والبسائط واحدة وكذلك املعجوهر على اإلطالق واإلنسان يف أنه إنسان والشخص املعني مثل زيد يف أنه ذلك الشخص بعينه واحد فلم تنفك

جودات كلها وإن كانت يف ذواهتا الوحدة من املوجودات قط وهذه وحدة مستفادة من وحدة الباري تعاىل تلزم املو متكثرة وإمنا شرف كل موجود بغلبة الوحدة فيه فكل ما هو أبعد من الكثرة فهو أشرف وأكمل

مث إن لفيثاغورس رأيا يف العدد واملعدود قد خالف فيه مجيع احلكماء قبله وخالفه فيه من بعده وهو أنه جرد العدد صوره موجودا حمققا وجرد الصورة وحتققها عن املعدود جتريد الصورة عن املادة وت

الباري تعاىل فأول العدد هو الواحد وله ) ٧٥ \ ٢( مبدأ املوجودات هو العدد وهو أول مبدع أبدعه : وقال اختالف رأي يف أنه هل يدخل يف العدد أم ال كما سبق ؟ وميله األكثر إىل أنه ال يدخل يف العدد فيبتدئ العدد من

اثنني أربعة وهو املنقسم : اثنان والزوج البسيط األول : هو منقسم إىل زوج وفرد فالعدد البسيط األول : ويقول

مبتساويني ومل جيعل االثنني زوجا فإنه لو انقسم لكان إىل واحدين وكان الواحد داخال يف العدد وحنن ابتدأنا يف العدد من اثنني

والزوج قسم من أقسامه فكيف يكون نفسه ؟ ثالثة : رد البسيط األول والفوتتم القسمة بذلك وما وراءه فهو قسمة القسمة فاألربعة هي هناية العدد وهي الكمال وعن هذا كان يقسم : قال

ال وحق الرباعية اليت هي تدبر أنفسنا اليت هي أصل الكمال وما وراء ذلك فهو زوج الفرد وزوج : بالرباعية الزوج وزوج الزوج والفرد

اخلمسة عددا دائرا فإهنا إذا ضربتها يف نفسها أبدا عادت اخلمسة من الرأس ويسمي ويسمي الستة عددا تاما فإن أجزاءها مساوية جلملتها

والسبعة عددا كامال فإهنا جمموع الزوج والفرد وهي هناية أخرى والثمانية مبتدأة مركبة من زوجني

والتسعة من ثالثة أفراد وهي هناية أخرى عشرة من جمموع العدد من الواحد إىل األربعة وهي هناية أخرى وال

ويعد . . . أحد عشر : أربعة وسبعة وتسعة وعشرة مث يعود إىل الواحد فيقول : فللعدد أربع هنايات : والتركيبات فيما وراء األربعة على أحناء ستة

: فاخلمسة ة من عدد وفرد على مذهب من ال يرى الواحد داخال يف العدد فهي مركب

Page 172: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وعلى مذهب من يرى ذلك فهي مركبة من فرد وزوجني : وكذلك الستة

على األول فمركبة من فردين أو عدد وزوج وعلى الثاين فمركبة من ثالثة أزواج

: والسبعة على األول فمركبة من فرد وزوج

وعلى الثاين فمركبة من فرد وثالثة أزواج )٧٦ \ ٢ (

: والثمانية على األول فمركبة من زوجني

وعلى الثاين فمركبة من أربعة أزواج : والتسعة

على األول فمركبة من ثالثة أفراد وعلى الثاين فمركبة من فرد وأربعة أزواج

: والعشرة على األول فمركبة من عدد وزوجني أو زوج وفردين ة والكمال وعلى الثاين فما حيسب من الواحد إىل األربعة وهو النهاي

مث األعداد األخرى فقياسها هذا القياس وهذه هي أصول املوجودات : قال

: مث إنه ركب العدد على املعدود واملقدار على املقدور فقال : املعدود الذي فيه اثنينية وهو أصل املعدودات ومبدؤها هو العقل باعتبار أن فيه اعتبارين

وجود بذاته اعتبارا من حيث ذاته وأنه ممكن ال واعتبارا من حيث مبدعه وأنه واجب الوجود به فقابله االثنان

واملعدود الذي فيه ثالثية هو النفس إذ زاد على االعتبارين اعتبارا ثالثا واملعدود الذي فيه أربعية هو الطبيعة إذ زاد على الثالثة رابعا ومث النهاية أعين هناية املبادئ وما بعدها املركبات

إما عني أو أثر حىت ينتهي إىل السبعة فيقدر : من موجود مركب إال وفيه من العناصر والنفس والعقل شيء فمااملعدودات على ذلك وينتهي إىل العشرة ويعد العقل والنفوس التسعة بأفالكها اليت هي أبداهنا وعقوهلا املفارقة

كاجلوهر وتسعة أعراض الباري تعاىل عامل جبميع املعلومات على : ت من العدد واملقادير األول ويقول إمنا يتعرف حال املوجودا: وباجلملة

طريق اإلحاطة باألسباب اليت هي األعداد واملقادير وهي ال ختتلف فعلمه ال خيتلف املقابل للواحد هو العنصر األول كما قال أنكسيمانس ويسميه اهليوىل األوىل وذلك هو الواحد : ورمبا يقول

د ال الواحد الذي هو كاآلحاد وهو واحد كل تصدر عنه كل كثرة وتستفيد الكثرة منه الوحدة اليت تالزم املستفا املوجودات وال تفارقها البتة كما قررنا

Page 173: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وذكر أن العنصر انفرد بوحدته مث أفاضها على املوجودات فال يوجد موجود إال وفيه من وحدته حظ على قدر حظ على قدر قبوله مث من قوة النفس حظ على قدر هتيئه وعلى ذلك آثار املبادئ يف استعداده مث من هداية العقل

كل مركب ال خيلو عن مزاج ما وكل مزاج ال يعرى عن اعتدال ما وكل اعتدال عن ) ٧٧ \ ٢( املركبات فإن : كمال أو قوة كمال

إما طبيعي آيل وهو مبدأ احلركة ذا بلغ املزاج اإلنساين إىل حد قبول هذا الكمال أفاض عليه العنصر وحدته وإما عن كمال نفساين هو مبدأ احلس فإ

والعقل هدايته والنفس نطقه وحكمته وملا كانت التأليفات اهلندسية مرتبة على املعادالت العددية عددناها أيضا من املبادئ فصارت طائفة من : قال

لى مناسبات عددية وهلذا صارت املتحركات السماوية ذات الفيثاغوريني إىل أن املبادئ هي التأليفات اهلندسية ع حركات متناسبة حلنية هي أشرف احلركات وألطف التأليفات

مث تعدوا من ذلك إىل األقوال حىت صارت طائفة منهم إىل أن املبادئ هي احلروف واحلدود اجملردة عن املادة ني إىل غري ذلك من املقابالت وأوقعوا األلف يف مقابلة الواحد والباء يف مقابلة االثن

ولست أدري على أي لسان ولغة قدروها فإن األلسن ختتلف باختالف األمصار واملدن أو على أي وجه من التركيب فإن التركيبات أيضا خمتلفة فالبسائط من احلروف خمتلف فيها واملركبات كذلك وال كذلك العدد فإنه ال

خيتلف أصال ن مبدأ اجلسم هو األبعاد الثالثة واجلسم مركب عنها وأوقعوا النقطة يف مقابلة الواحد وصارت مجاعة منهم إىل أ

واخلط يف مقابلة االثنني والسطح يف مقابلة الثالثة واجلسم يف مقابلة األربعة وراعوا هذه املقابالت يف تراكيب األجسام وتضاعيف األعداد

العقل والعلم والرأي واحلواس مث ركب : فوس اليت فينا أيضا أربعة أن الطبائع أربعة والن: ومما ينقل عن فيثاغورس فيه العدد على املعدود والروحاين على اجلسماين

كون الشيء واحدا غري كونه : وأمثل ما حيمل عليه هذا القول أن يقال : قال الرئيس أبو علي احلسني بن سينا الواحد ال حيصل واحدا إال وقد تقدمه معىن الوحدة الذي صار موجودا أو إنسانا وهو يف ذاته أقدم منهما فاحليوان

به واحدا ولواله مل يصح وجوده )٧٨ \ ٢ (

فإذن هو األشرف األبسط األول وهذه صورة العقل فالعقل جيب أن يكون الواحد من هذه اجلهة والعلم دون ذلك الواحد ويصدر منه وكذلك العلم يئول إىل العقل يف الرتبة ألنه بالعقل ومن العقل فهو كاالثنني الذي يفتقر إىل

أن السطح لكونه ذا ثالث جهات هو طبيعة الظن الذي : ومعىن الظن والرأي عدد السطح واحلس عدد املصمت هو أعم من العلم مرتبة وذلك ألن العلم يتعلق مبعلوم معني والظن والرأي ينجذب إىل الشيء ونقيضه واحلس أعم

صمت أي اجلسم له أربع جهات من الظن فهو املأن العامل إمنا ألف من اللحون البسيطة الروحانية ويذكر أن األعداد الروحانية غري منقطعة : ومما نقل عن فيثاغورس

: بل أعداد متحدة تتجزأ من حنو العقل وال تتجزأ من حنو احلواس وعد عوامل كثرية وروح يف وضع الفطرة فمنه عامل هو سرور حمض يف أصل اإلبداع وابتهاج

ومنه عامل هو دونه ومنطقها ليس مثل منطق العوامل العالية فإن املنطق قد يكون باللحون الروحانية البسيطة وقد

Page 174: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يكون باللحون الروحانية املركبة يكون سرورها دائما غري منقطع ومن اللحون ما هو بعد ناقص يف التركيب ألن املنطق بعد مل خيرج إىل: واألول

الفعل فال يكون السرور بغاية الكمال ألن اللحن ليس بغاية االتفاق وكل عامل فهو دون األول بالرتبة وتتفاضل العوامل باحلسن والبهاء والرتبة واألخري ثقل العوامل وثفلها وسفلها ولذلك

فكاك عن اجلزء اآلخر إال مل جيتمع كل االجتماع ومل تتحد الصورة باملادة كل االحتاد وجاز على كل جزء منه االنأن فيه نورا قليال من النور األول فلذلك النور وجد فيه نوع ثبات ولوال ذلك مل يثبت طرفة عني وذلك النور

القليل جسم النفس والعقل احلامل هلما يف هذا العامل كبري ولذلك صار حظه من وذكر أن اإلنسان حبكم الفطرة واقع يف مقابلة العامل كله وهو عامل صغري والعامل إنسان

: النفس والعقل أوفر فمن أحسن تقومي نفسه وهتذيب أخالقه وتزكية أحواله أمكنه أن يصل إىل معرفة العامل وكيفية تأليفه

مبصاحلها من التهذيب والتقومي خرج من عداد العدد واملعدود واحنل عن ) ٧٩ \ ٢( ومن ضيع نفسه ومل يقم ار ضياعا مهال رباط القدر واملقدور وص

النفس اإلنسانية تأليفات عددية أو حلنية وهلذا ناسبت النفس مناسبات األحلان والتذت بسماعها : ورمبا يقول وطاشت وتواجدت باستماعها وجاشت ولقد كانت قبل اتصاهلا باألبدان قد أبدعت من تلك التأليفات العددية

خللقية على تناسب الفطرة وجتردت النفوس عن املناسبات اخلارجة األوىل مث اتصلت باألبدان فإن كانت التهذيبات ااتصلت بعاملها واخنرطت يف سلكها على هيئة أمجل وأكمل من األول فإن التأليفات األوىل قد كانت ناقصة من وجه

لفعل حيث كانت بالقوة وبالرياضة واجملاهدة يف هذا العامل بلغت إىل حد الكمال خارجة من حد القوة إىل حد اوالشرائع اليت وردت مبقادير الصلوات والزكوات وسائر العبادات هي إليقاع هذه املناسبات يف مقابلة تلك : قال

التأليفات الروحانية ليس يف العامل سوى التأليف واألجسام واألعراض تأليفات والنفوس : ورمبا يبالغ يف تقرير التأليف حىت يكاد يقول

والعقول تأليفات ر كل العسر تقرير ذلك نعم تقدير التأليف على املؤلف والتقدير على املقدر أمر يهتدى إليه ويعول عليه ويعس

الباري تعاىل أبدع : وكان خرينوس وزينون الشاعر متابعني لفيثاغورس على رأيه يف املبدع واملبدع إال أهنما قاال ما ويف بدء ما أبدعهما أبدعهما ال ميوتان وال جيوز النفس والعقل دفعة واحدة مث أبدع مجيع ما حتتهما بتوسطه

عليهما الدثور والفناء وذكرا أن النفس إذا كانت طاهرة زكية من كل دنس صارت يف العامل األعلى إىل مسكنها الذي يشاكلها وجيانسها

وكان اجلسم الذي هو من النار واهلواء جسمها يف ذلك العامل مهذبا من كل ثقل وكدر جلرم الذي من املاء واألرض فإن ذلك يدثر ويفىن ألنه غري مشاكل للجسم السماوي ألن اجلسم السماوي فأما ا

لطيف ال وزن له وال يلمس فاجلسم يف هذا العامل مستبطن يف اجلرم ألنه أشد روحانية وهذا العامل ال يشاكل اجلسم واهلوائية عليه أغلب كانت اجلسمية أغلب فكل ما هو مركب واألجزاء النارية ) ٨٠ \ ٢( بل اجلرم يشاكله

وكل ما هو مركب واألجزاء املائية واألرضية عليه أغلب كانت اجلرمية أغلب وهذا العامل عامل اجلرم وذلك العامل عامل اجلسم فالنفس يف ذلك العامل حتشر يف بدن جسماين ال جرماين دائما ال جيوز عليه الفناء والدثور ولذته تكون

متلها الطباع والنفوس دائمة ال

Page 175: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مل قلت بإبطال العامل ؟ : وقيل لفيثاغورس ألنه يبلغ العلة اليت من أجلها كان فإذا بلغها سكنت حركته وأكثر اللذات العلوية هي التأليفات اللحنية : قال

ود التسبيح والتقديس غذاء الروحانيني وغذاء كل موجود هو مما خلق منه ذلك املوج: وذلك كما يقال : وأما هرياقليطس وأباسيس قد كانا من الفيثاغوريني وقاال

إن مبدأ املوجودات هو النار فما تكاثف منها وحتجر فهو األرض وما حتلل من األرض بالنار صار ماء وما ختلخل من املاء بالنار صار هواء

وما ختلخل من اهلواء حبرارة النار صار نارا ض وبعدها املاء وبعدها اهلواء وبعدها النار والنار هي املبدأ وإليها املنتهى فمنها التكون وإليها فالنار مبدأ وبعدها األر

الفساد وأما أبيقورس الذي تفلسف يف أيام دميقريطيس فكان يرى أن مبادئ املوجودات أجسام تدرك عقال وهي كانت

األجسام ال هناية هلا إال أن هلا ثالثة أشياء الشكل تتحرك من اخلالء يف اخلالء وزعم أن اخلالء ال هناية له وكذلك والعظم والثقل

الشكل والعظم فقط : ودميقريطيس كان يرى أن هلا شيئني وذكر أن تلك األجسام ال تتجزأ أي ال تنفعل وال تتكثر وهي معقولة أو متومهة غري حمسوسة فاصطكت تلك

طكاكها صور هذا العامل وأشكاهلا وحتركت على أحناء من األجزاء يف حركاهتا اضطرارا واتفاقا فحصل من اصجهات التحرك وذلك هو الذي حيكي عنهم أهنم قالوا باالتفاق فلم يثبتوا هلا صانعا أوجب االصطكاك وأوجد هذه

قد أثبتوا الصانع وأثبتوا سبب حركات تلك اجلواهر ) ٨١ \ ٢( الصور وهؤالء تفاق فلزمهم حصول العامل باالتفاق واخلبط وأما اصطكاكها فقد قالوا فيها باال : وكان لفيثاغورس تلميذان رشيدان

فلنكس ويعرف مبرزنوش قد دخل فارس ودعا الناس إىل حكمة فيثاغورس وأضاف حكمته إىل : يدعى أحدمها جموسية القوم

برمهية القوم إال أن ويدعى اآلخر قالنوس دخل اهلند ودعا الناس إىل حكمة فيثاغورس أيضا وأضاف حكمته إىل أخذوا جسمانية قوله واهلند أخذوا روحانية قوله : اجملوس كما يقال

إين عاينت هذه العوامل العلوية باحلس بعد الرياضة البالغة وارتفعت عن : ومما أخرب عنه فيثاغورس وأوصى به قال ر اجملردة وما هلا من احلسن والبهاء والنور عامل الطبائع إىل عامل النفس وعامل العقل فنظرت إىل ما فيها من الصو

ومسعت ما هلا من اللحون الشريفة واألصوات الشجية الروحانية إن ما يف هذا العامل يشتمل على مقدار يسري من احلسن لكونه معلول الطبيعة وما فوقه من العوامل أهبى : وقال

ف فال ميكن املنطق وصف ما فيها من الشرف وأشرف وأحسن إىل أن يصل الوصف إىل عامل النفس والعقل فيقوالكرم واحلسن والبهاء فليكن حرصكم واجتهادكم على االتصال بذلك العامل حىت يكون بقاؤكم ودوامكم طويال

بعدما نالكم من الفساد والدثور وتصريون إىل عامل هو حسن كله وهباء كله وسرور كله وعز وحق كله ويكون منقطعة سروركم ولذتكم دائمة غري

Page 176: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

من كانت الوسائط بينه وبني مواله أكثر فهو يف رتبة العبودية أنقص وإذا كان البدن مفتقرا يف مصاحله إىل : وقال تدبري الطبيعة وكانت الطبيعة مفتقرة يف تأدية أفعاهلا إىل تدبري النفس وكانت النفس مفتقرة يف اختيارها األفضل إىل

اتح إال اهلداية اإلهلية فباحلري أن يكون املستعني بصريح العقل يف كافة املصارف إرشاد العقل ومل يكن فوق العقل فمشهودا له بفطنة االكتفاء مبواله وأن يكون التابع لشهوة البدن املنقاد لدواعي الطبيعة املوايت هلوى ) ٨٢ \ ٢(

النفس بعيدا عن مواله ناقصا يف رتبته

:رأي سقراط - ٦

احلكيم الفاضل الزاهد من أهل أثينة سقراط بن سفرنيسقوس وكان قد اقتبس احلكمة من فيثاغورس وأرساالوس واقتصر من أصنافها على اإلهليات واألخالقيات

واشتغل بالزهد ورياضة النفس وهتذيب األخالق وأعرض عن ملذات الدنيا واعتزل إىل اجلبل وأقام يف غاربه )٨٣ \ ٢ (

يف زمانه عن الشرك وعبادة األوثان فثوروا عليه الغاغة وأجلئوا ملكهم إىل قتله فحبسه وهنى الرؤساء الذين كانوا امللك مث سقاه السم وقضيته معروفة

إن الباري تعاىل مل يزل هوية فقط وهو جوهر فقط وإذا رجعنا إىل حقيقة الوصف والقول فيه وجدنا : قال سقراط قته وتسميته وإدراكه ألن احلقائق كلها من تلقاء جوهره فهو املدرك املنطق والعقل قاصرين عن اكتناه وصفه وحقي

حقا والواصف لكل شيء وصفا واملسمى لكل موجود امسا فكيف يقدر املسمى أن يسميه امسا ؟ وكيف يقدر احملاط اقعة على أن حييط به وصفا ؟ فنرجع فنصفه من جهة آثاره وأفعاله وهي أمساء وصفات إال أهنا ليست من األمساء الو

إله أي واضع كل شيء وخالق أي مقدر كل شيء وعزيز أي ممتنع أن : اجلوهر املخربة عن حقيقته وذلك مثل قولنا يضام وحكيم أي حمكم أفعاله على النظام وكذلك سائر الصفات

ة إن علمه وقدرته وجوده وحكمته بال هناية وال يبلغ العقل أن يصفها ولو وصفها لكانت متناهي: وقال إهنا بال هناية وال غاية وقد نرى املوجودات متناهية : إنك تقول : فألزم عليه

إمنا تناهيها حبسب احتمال القوابل ال حبسب القدرة واحلكمة واجلود وملا كانت املادة مل حتتمل صورا بال : فقال ضت احلكمة اإلهلية أهنا وإن تناهت هناية فتناهت الصور ال من جهة خبل يف الواهب بل لقصور يف املادة وعن هذا اقت

ذاتا وصورة وحيزا ومكانا إال أهنا ال تتناهى زمانا يف آخرها إال من حنو أوهلا وإن مل يتصور بقاء شخص فاقتضت احلكمة استبقاء األشخاص ببقاء األنواع وذلك بتجدد أمثاهلا ليستحفظ الشخص ببقاء النوع ويستبقى النوع

القدرة إىل حد النهاية وال احلكمة تقف على غاية بتجدد األشخاص فال تبلغ مث إن من مذهب سقراط أن أخص ما يوصف به الباري تعاىل هو كونه حيا قيوما ألن العلم والقدرة واجلود

واحلكمة تندرج حتت كونه حيا واحلياة صفة جامعة للكل والبقاء والسرمد والدوام وحفظ النظام يف العامل تندرج صفة جامعة للكل ) ٨٤ \ ٢( ا والقيومية حتت كونه قيوم

هو حي ناطق من جوهره أي من ذاته وحياتنا ونطقنا ال من جوهرنا وهلذا يتطرق إىل حياتنا ونطقنا : ورمبا يقول العدم والدثور والفساد وال يتطرق إىل حياته ونطقه تعاىل وتقدس

العلة الفاعلة والعنصر والصورة : وهي أصول األشياء ثالثة : وحكى فلوطرخيس يف املبادئ أنه قال هو الفاعل : فاهللا تعاىل

Page 177: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هو املوضوع األول للكون والفساد : والعنصر جوهر ال جسم : والصورة

الطبيعة أمة للنفس والنفس أمة للعقل والعقل أمة للمبدع األول من أجل أن أول مبدع أبدعه املبدع األول : وقال صورة العقل

ال غاية له وال هناية وما ليس له هناية ليس له شخص وصورة املبدع: وقال الالهناية يف سائر املوجودات لو حتققت لكان هلا صورة واقعة ووضع وترتيب : وقال

وما حتقق له صورة ووضع وترتيب صار متناهيا فاملوجودات ليست بال هناية واملبدع األول ليس بذي هناية ليس بال هناية كما يتخيله اخليال والوهم بل ال يرتقي إليه اخليال حىت يصفه بنهاية وال هناية فال على أنه ذاهب يف اجلهات

هناية له من جهة العقل إذ ليس حيده وال من جهة احلس فليس حيده فهو ليس له هناية فليس له شخص وصورة خيالية أو وجودية حسية أو عقلية تعاىل وتقدس

إما متصلة : نسانية كانت موجودة قبل وجود األبدان على حنو من أحناء الوجود ومن مذهب سقراط أن النفوس اإلبكلها وإما متمايزة بذواهتا وخواصها فاتصلت باألبدان استكماال واستدامة واألبدان قوالبها وآالهتا فتبطل األبدان

وترجع النفوس إىل كليتها وعن هذا كان خيوف بامللك الذي حبسه أنه يريد قتله إن سقراط يف حب وامللك ال يقدر إال على كسر احلب فاحلب يكسر ويرجع املاء إىل البحر : قال

ولسقراط أقاويل يف مسائل احلكمة العلمية والعملية )٨٥ \ ٢ (

: ومما اختلف فيه فيثاغورث وسقراط أن احلكمة قبل احلق أم احلق قبل احلكمة ؟

: وأوضح القول فيه حلكمة إال أنه قد يكون جليا وقد يكون خفيا بأن احلق أعم من ا

وأما احلكمة فهي أخص من احلق إال أهنا ال تكون إال جلية فإذن احلق مبسوط يف العامل مشتمل على احلكمة املستفيضة يف العامل

واحلكمة موضحة للحق املبسوط يف العامل واحلق ما به الشيء

واحلكمة ما ألجله الشيء : لغاز ورموز ألقاها إىل تلميذه أرسجانس وجلها يف كتاب فاذن وحنن نوردها مرسلة معقودة ولسقراط أيضا أ

عندما فتشت عن علة احلياة ألفيت املوت وعندما وجدت املوت ألفيت احلياة الدائمة : منها قوله سدد اخلمس الكوى اسكت عن الضوضاء اليت يف اهلواء وتكلم بالليايل حيث ال تكون أعشاش اخلفافيش وا: ومنها

ليضيء مسكن العلة وامأل الوعاء طيبا وأفرغ احلوض املثلث من القالل الفارغة واحبس على باب الكالم وأمسك ( مع احلذر اللجام الرخو لئال تغضب فترى نظام الكواكب وال تؤكل األسود الذئب وال جتاوز امليزان وال تسوطن

ى املكيال وال تشم التفاحة وأمت احلي حتىي مبوته وكن قاتله بالسكني النار بالسكني وال جتلس عل) خيلط : يسوط املزينة لوالديه واحذر األسود ذا األربع ومن جهة العلة كن أرنبا وعند املوت ال تكن منلة وعندما تذكر دوران احلياة أمت امليت لتكون ذاكرا وكن صديق مفضض وال تكن صديق شرطي وال تكن مع أصدقائك قوسا وال

Page 178: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

تنعس على أبواب أعدائك واثبت على ينبوع واحد متكئا على ميينك وينبغي أن تعلم أنه ليس زمان من األزمنة يفقد فيه زمان الربيع وافحص عن ثالث سبل فإذا مل جتدها فارض بأن تنام

ار وحش هلا نوم املستغرق واضرب األترجة بالرمانة واقتل العقرب بالصوم وإن أحببت أن تكون ملكا فكن محوليست السبعة بأكمل من الواحد وباالثىن عشر اقنت اثىن عشر وازرع باألسود واحصد باألبيض وال تسلنب

وال هتتكه وال تقفن راضيا بعدمك للخري وأنت موجود ذلك لك يف أربعة وعشرين مكانا ) ٨٦ \ ٢( اإلكليل لغذاء املريء فأعطه وإن احتاج إىل غذاء ميينك وإن سألك سائل أن تعطيه من هذا الغذاء فميزه وإن كان مستحقا ل فاصنعه ألن اللون الذي يطلب كذلك من كمال الغذاء فهو للبالغني

يكفي من تأجج النار نورها : وقال من أين لك أن هذا املشار إليه واحد ؟ : وقال له رجل

ته قرينا للواحد كنت كواضع ما ال حيتاج إين ال أعلم أن الواحد باإلطالق غري حمتاج إىل الثاين فمىت فرض: فقال إليه البتة إىل جانب ما ال بد منه البتة

اإلنسان له مرتبة واحدة من جهة حده وثالث مراتب من جهة هيئته : وقال : الغم واهلم : للقلب آفتان : وقال يعرض منه النوم : فالغم يعرض منه السهر : واهلم الشهوات والعقول وإذا أدبرت خدمت العقول الشهوات احلكمة إذا أقبلت خدمت: وقال ال تكرهوا أوالدكم على آثاركم فإهنم خملوقون لزمان غري زمانكم : وقال ينبغي أن تغتم باحلياة وتفرح باملوت ألنا حنيا لنموت ومنوت لنحيا : وقال ذين بالشهوات قبور احليوانات اهلالكة قلوب املغرقني يف املعرفة باحلقائق منابر املالئكة وبطون املتلذ: وقال : للحياة حدان : وقال

األمل : أحدمها األجل : والثاين

فناؤها : بقاؤها وباآلخر : فباألول النفس الناطقة جوهر بسيط ذو سبع قوى يتحرك هبا حركة مفردة وحركات خمتلفة : وقال

قل فإذا حتركت حنو ذاهتا وحنو الع: فأما حركتها املفردة فإذا حتركت حنو احلواس اخلمس : وأما حركاهتا املختلفة

)٨٧ \ ٢ ( : واليونانيون بنوا ثالثة أبيات على طوالع مقبولة

بيت بأنطاكية على جبلها وكانوا يعظمونه ويقربون القرابني فيه وقد خرب : أحدها ي اليت هناهم سقراط عن عبادهتا من مجلة األهرام اليت مبصر بيت كانت فيه أصنام تعبد وه: والثاين

بيت املقدس الذي بناه داود وأمته سليمان عليهما السالم : والثالث إن الضحاك بناه وقد عظمه اليونانيون تعظيم أهل الكتاب إياه : إن سليمان هو الذي بناه واجملوس يقولون : ويقال

:رأي أفالطون اإلهلي - ٧

Page 179: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

من أثينة وهو آخر املتقدمني األوائل األساطني أفالطون بن أرسطن بن أرسطوقليس معروف بالتوحيد واحلكمة ولد يف زمان أردشري بن دارا يف سنة ست عشرة من ملكه ويف سنة ست وعشرين من

ملكه كان حدثا متعلما يتلمذ لسقراط وملا اغتيل سقراط بالسم ومات قام مقامه وجلس على كرسيه

غريب أثينة وغريب الناطس وضم إليه العلوم الطبيعية والرياضية : وس والغريبني وقد أخذ العلم من سقراط وطيماإن للعامل حمدثا مبدعا : وحكى عنه قوم ممن شاهده وتلمذ له مثل أرسطوطاليس وطيماوس وثاوفرسطيس أنه قال

يف الوجود رسم وال طلل أزليا واجبا بذاته عاملا جبميع معلوماته على نعت األسباب الكلية كان يف األزل ومل يكن إال مثاال عند الباري تعاىل

يف علمه تعاىل ) ٨٨ \ ٢( رمبا يعرب عنه باهليوىل ورمبا يعرب عنه بالعنصر ولعله يشري إىل صور املعلومات فأبدع العقل األول وبتوسطه النفس الكلية وقد انبعث عن العقل انبعاث الصورة يف املرآة وبتوسطهما : قال

العنصر وحيكى عنه أن اهليوىل اليت هي موضوع الصور احلسية غري ذلك العنصر

وحيكى عنه أنه أدرج الزمان يف املبادئ وهو الدهر وأثبت لكل موجود مشخص يف العامل احلسي مثاال غري مشخص مركبات املثل األفالطونية فاملبادئ األول بسائط واملثل مبسوطات واألشخاص : يف العامل العقلي ويسمى ذلك

فاإلنسان املركب احملسوس جزئي ذلك اإلنسان املبسوط املعقول وكذلك كل نوع من احليوان والنبات واملعادن واملوجودات يف هذا العامل آثار املوجودات يف ذلك العامل وال بد لكل أثر من مؤثر يشاهبه نوعا من املشاهبة : قال أدرك من احملسوس مثاال منتزعا من املادة معقوال يطابق املثال الذي يف وملا كان العقل اإلنساين من ذلك العامل: قال

عامل العقل بكليته ويطابق املوجود الذي يف عامل احلس جبزئيته ولوال ذلك ملا كان يدركه العقل مطابقا مقابال من خارج فما يكون مدركا لشيء يوافق إدراكه حقيقة املدرك

: والعامل عاملان : قال وفيه املثل العقلية والصور الروحانية : العقل عامل

وفيه األشخاص احلسية والصور اجلسمانية كاملرآة اجمللوة اليت تنطبع فيها صور احملسوسات فإن : وعامل احلس الصور فيها مثل األشخاص وكذلك العنصر يف ذلك العامل مرآة جلميع صور هذا العامل يتمثل فيه مجيع الصور كلها

فرق املنطبع يف املرآة احلسية صور خيالية يرى أهنا موجودة تتحرك حبركة الشخص وليس يف احلقيقة غري أن الكذلك وأن املتمثل يف املرآة العقلية صور حقيقية روحانية هي موجودة بالفعل حترك األشخاص وال تتحرك فنسبة

وهلا الثبات القائم وهي تتمايز يف حقائقها األشخاص إليها كنسبة الصور يف املرآة إىل األشخاص فلها الوجود الدائم متايز األشخاص يف ذواهتا

وإمنا كانت هذه الصور موجودة كلية دائمة باقية ألن كل مبدع ظهرت صورته يف حد اإلبداع فقد كانت : قال لمه مل تكن يف علم األول احلق والصور عنده بال هناية ولو مل تكن الصور معه يف أزليته يف ع) ٨٩ \ ٢( صورته

لتبقى ولو مل تكن دائمة بدوامها لكانت تدثر بدثور اهليوىل ولو كانت تدثر مع دثور اهليوىل ملا كانت على رجاء وال خوف ولكن ملا صارت الصور احلسية على رجاء وخوف استدل به على بقائها وإمنا تبقى إذا كانت هلا صور عقلية

تخلف عنها يف ذلك العامل ترجو اللحوق هبا وختاف الوإذا اتفقت العقالء على أن هناك حسا وحمسوسا وعقال ومعقوال وشاهدنا باحلس مجيع احملسوسات وهي : قال

Page 180: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حمدودة وحمصورة بالزمان واملكان فيجب أن نشاهد بالعقل مجيع املعقوالت وهي غري حمدودة وحمصورة بالزمان واملكان فتكون مثال عقلية ت حمققة هبذا التقسيم ومما يثبته أفالطون موجودا

إنا جند النفس تدرك أمور البسائط واملركبات ومن املركبات أنواعها وأشخاصها ومن البسائط ما هي : قال النقطة واخلط والسطح واجلسم التعليمي : هيوالنية وهي اليت تعرى عن املوضوع وهي رسوم اجلزئيات مثل

لك توابع اجلسم مفردة مثل احلركة والزمان واملكان واألشكال فإنا وهذه األشياء أشياء موجودة بذواهتا وكذ: قال نلحظها بأذهاننا بسائط مرة ومركبة مرة أخرى وهلا حقائق يف ذواهتا من غري حوامل وال موضوعات ومن البسائط

عامل : لني ما ليست هي هيوالنية مثل الوجود والوحدة واجلوهر والعقل يدرك القسمني مجيعا متطابقني عاملني متقابالعقل وفيه املثل العقلية اليت تطابقها األشخاص احلسية وعامل احلس وفيه املتمثالت احلسية اليت تطابقها املثل العقلية فأعيان ذلك العامل آثار يف هذا العامل وأعيان هذا العامل آثار يف ذلك العامل وعليه وضع الفطرة والتقدير وهلذا الفصل

شرح وتقرير هو معىن يف : يقولون ) ٩٠ \ ٢( ملشائني وأرسطوطاليس ال خيالفونه يف إثبات هذا املعىن الكلي إال أهنم ومجاعة ا

العقل موجود يف الذهن والكلي من حيث هو كلي ال وجود له يف اخلارج عن الذهن إذ ال يتصور أن يكون شيء واحد ينطبق على زيد وعلى عمرو وهو يف نفسه واحد

ذلك املعىن الذي أثبته يف العقل جيب أن يكون له شيء يطابقه يف اخلارج فينطبق عليه وذلك هو :وأفالطون يقول املثال الذي يف العقل وهو جوهر ال عرض إذ تصور وجوده ال يف موضوع وهو متقدم على األشخاص اجلزئية تقدم

العقل على احلس وهو تقدم ذايت وشريف معا احلسية منها بدأت وإليها تعود وتلك املثل هي مبادئ املوجودات

ويتفرع على ذلك أن النفوس اإلنسانية اليت هي متصلة باألبدان اتصال تدبري وتصرف كانت موجودة قبل وجود األبدان وكان هلا حنو من أحناء الوجود العقلي ومتايز بعضها عن بعض متايز الصور اجملردة عن املادة بعضها عن بعض

إن النفوس حدثت مع حدوث األبدان : أرسطوطاليس ومن بعده من احلكماء وقالوا وخالفه يف ذلك تلميذه أنه رمبا مييل إىل مذهب أفالطون يف كون النفس موجودة -كما ستأيت حكايته -وقد رأيت يف كالم أرسطوطاليس

قبل وجود األبدان إال أن نقل املتأخرين ما قدمنا ذكره حادث فقد أثبت سبق : أفالطون حييل وجود حوادث ال أول هلا ألنك إذا قلت إن: وخالفه أيضا يف حدوث العامل

األزلية لكل واحد وما ثبت لكل واحد جيب أن يثبت للكل وإن صورها ال بد وأن تكون حادثة لكن الكالم يف هيوالها وعنصرها فأثبت عنصرا قبل وجودها : قال

وهو إذ أثبت واجب الوجود لذاته وأطلق لفظ اإلبداع على فظن بعض العقالء أنه حكم عليه باألزلية والقدم ٢( العنصر فقد أخرجه عن األزلية بذاته بل يكون وجوده بوجود واجب الوجود كسائر املبادئ اليت ليست زمانية

وال وجودها وال حدوثها حدوث زماين فالبسائط حدوثها إبداعي غري زماين واملركبات حدوثها بوسائط ) ٩١ \ ئط حدوث زماين البسا إن العامل ال يفسد فسادا كليا : وقال

: وحيكى عنه يف سؤاله عن طيماوس ما الشيء الذي ال حدوث له ؟ وما الشيء احلادث وليس بباق ؟ وما الشيء املوجود بالفعل وهو أبدأ حبال واحدة

Page 181: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

؟ وجود الباري تعاىل : وإمنا يعين باألول

سدات اليت ال تثبت على حالة واحدة وجود الكائنات الفا: وبالثاين وجود املبادئ والبسائط اليت ال تتغري : وبالثالث

ما الشيء الكائن وال وجود له ؟ وما الشيء املوجود وال كون له ؟ : ومن أسئلته احلركة املكانية والزمان ألنه مل يؤهله السم الوجود : وإمنا يعين باألول

لية اليت هي فوق الزمان واحلركة والطبيعة وحق هلا اسم الوجود إذ هلا السرمد والبقاء اجلواهر العق: ويعين بالثاين والدهر

إن األسطقسات مل تزل تتحرك حركة مشوهة مضطربة غري ذات نظام وأن الباري تعاىل نظمها : وحيكى عنه أنه قال ورتبها فكان هذا العامل

ورمبا عرب عن األسطقسات باألجزاء اللطيفة إنه عىن هبا اهليوىل األزلية العارية عن الصور حىت اتصلت الصور واألشكال هبا فترتبت وانتظمت : يل وق

إن النفوس كانت يف عامل الذكر مغتبطة مبتهجة بعاملها وما فيه من الروح والبهجة : ورأيت يف راموز له أنه قال ا ليس هلا بذاهتا بواسطة القوى احلسية فسقطت والسرور فأهبطت إىل هذا العامل حىت تدرك اجلزئيات وتستفيد م

رياشها قبل اهلبوط فهبطت حىت يستوي ريشها وتطري إىل عاملها بأجنحة مستفادة من هذا العامل اجلوهر واالتفاق واالختالف واحلركة والسكون : وحكى أرسطوطاليس عنه أنه أثبت املبادئ مخسة أجناس

: مث فسر كالمه فقال فنعين به الوجود :أما اجلوهر

فألن األشياء متفقة بأهنا من اهللا تعاىل : وأما االتفاق فألهنا خمتلفة يف صورها : وأما االختالف

فألن لكل شيء من األشياء فعال خاصا : وأما احلركة )٩٢ \ ٢ (

لة وذلك نوع من احلركة ال حركة النقلة وإذا حترك حنو العقل وفعل فله سكون بعد ذلك ال حما وأثبت البخت أيضا مبدأ سادسا وهو نطق عقلي وناموس لطبيعة الكل : قال

إنه قوة روحانية مدبرة للكل وبعض الناس يسميه جدا : وقال جرجيس أنه نظام لعلل األشياء ولألشياء املعلولة : وزعم الرواقيون

املشتري والطبيعة والبخت : أن علل األشياء ثالثة : وزعم بعضهم إن يف العامل طبيعة عامة جتمع الكل ويف كل واحد من املركبات طبيعة خاصة وحد الطبيعة بأهنا مبدأ : أفالطون وقال

احلركة والسكون يف األشياء أي مبدأ التغري وهي قوة سارية يف املوجودات كلها تكون السكنات واحلركات هبا وإال تسلسل القول فيه إىل ما ال هناية له فطبيعة الكل حمركة للكل واحملرك األول جيب أن يكون ساكنا

وحكى أرسطوطاليس يف مقالة األلف الكربى من كتاب ما بعد الطبيعة أن أفالطون كان خيتلف يف حداثته إىل أقراطيلوس فكتب عنه ما روى عن هرقليطس أن مجيع األشياء احملسوسة فاسدة وأن العلم ال حييط هبا مث اختلف

من مذهبه طلب احلدود دون النظر يف طبائع احملسوسات وغريها فظن أفالطون أن نظر بعده إىل سقراط وكان

Page 182: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

سقراط يف غري األشياء احملسوسة ألن احلدود ليست للمحسوسات ألهنا إمنا تقع على أشياء دائمة كلية أعين وسات ال تكون إال األجناس واألنواع فعند ذلك مسى أفالطون األشياء الكلية صورا ألهنا واحدة ورأى أن احملس

مبشاركة الصور إذن كانت الصور رسوما ومثاالت هلا متقدمة عليها وإمنا وضع سقراط احلدود مطلقا ال باعتبار احملسوس وغري

احملسوس وأفالطون ظن أنه وضعها لغري احملسوسات فأثبتها مثال عامة

أن له صانعا وأن صانعه يعلم : نسان أن جيهلها منها إن األشياء اليت ال ينبغي لإل: وقال أفالطون يف كتاب النواميس بالسلب أي ال شبيه له وال مثال وأنه أبدع العامل من ال نظام إىل ) ٩٣ \ ٢( أفعاله وذكر أن اهللا تعاىل إمنا يعرف

نظام وأن كل مركب فهو إىل االحنالل وأنه مل يسبق العامل زمان ومل يبدع عن شيء

داع واملبدع واإلرادةاختالف األوائل يف اإلب

مث إن األوائل اختلفوا يف اإلبداع واملبدع هل مها عبارتان عن معرب واحد أم لإلبداع نسبة إىل املبدع ونسبة إىل : املبدع ؟ وكذلك اإلرادة إهنا املراد أم املريد ؟ على حسب اختالف متكلمي اإلسالم يف اخللق واملخلوق واإلرادة

فة يف اخلالق ؟ إهنا خلق أم خملوقة أم صإن اإلرادة ليست هي غري املراد وال غري املريد وكذلك الفعل ألهنما ال : قال أنكساغورس مبذهب فلوطرخيس

صورة هلما ذاتية وإمنا يقومان بغريمها فاإلرادة مرة تكون مستبطنة يف املريد ومرة ظاهرة يف املراد وكذلك الفعل إن صورة اإلرادة وصورة الفعل قائمتان ومها أبسط من : هذا القول وقاال وأما أفالطون وأرسطوطاليس فال يقبالن

صورة املراد كالقاطع للشيء وهو املؤثر وأثره يف الشيء واملقطوع هو املؤثر فيه القابل لألثر ال فصورة فاألثر ليس هو املؤثر وال املؤثر فيه وإال انعكس حىت يكون املؤثر هو األثر واملؤثر فيه هو األثر وهو حم

املبدع فاعلة وصورة املبدع مفعولة وصورة اإلبداع متوسطة بني الفاعل واملفعول من جهة املبدع يف حق الباري : من جهة املبدع والصورة : من جهة املبدع وأثره : فللفعل صورة وأثر فصورته

حقيقة واحدة صورة إرادة وصورة باري مفترقتان بل هي: تعاىل ليست زائدة على ذاته حىت يقال تكون بال ) ٩٤ \ ٢( إن اإلرادة : وأما برمنيدس األصغر فإنه أجاز قوهلم يف اإلرادة ومل جيزه يف الفعل وقال

توسط من الباري تعاىل فجائز ما وصفوه وأما الفعل فيكون بتوسط منه وليس ما هو بال توسط كالذي يكون وال ينعكس بتوسط بل الفعل قط لن يتحقق إال بتوسط اإلرادة

اإلرادة من جهة املبدع هي املبدع ومن جهة املبدع هي املبدع : وأما األولون مثل تاليس وأنبدقليس فقد قالوا إهنا من جهة : وفسروا هذا بأن اإلرادة من جهة الصورة هي املبدع ومن جهة األثر هي املبدع وال جيوز أن يقال

بدع قبل أن يبدع فغري جائز أن تكون ذات صورة الشيء الفاعل هي الصورة هي املبدع ألن صورة اإلرادة عند امل املفعول بل من جهة أثر ذات الصورة هي املفعول

ومذهب أفالطون وأرسطوطاليس هذا بعينه ويف الفصل انغالق

احلكماء األصول: الفصل الثاين

Page 183: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ائل املذكورة غري حكم مرسلة عملية أوردناها إال أنا مل جند هلم رأيا يف املس: احلكماء األصول الذين هم من القدماء لئال تشذ مذاهبهم عن القسمة وال خيلو الكتاب عن تلك الفوائد

فمنهم الشعراء الذين يستدلون بشعرهم وليس شعرهم على وزن وقافية وال الوزن والقافية ركن يف الشعر عندهم د يكون الوزن والقافية معينني يف التخيل فإن كانت بل الركن يف الشعر عندهم إيراد املقدمات املخيلة فحسب مث ق

املقدمة اليت توردها يف القياس الشعري خميلة فقط متحض القياس شعريا وإن انضم إليها قول إقناعي تركبت املقدمة من معنيني شعري وإقناعي وإن كان الضميم إليه قوال يقينيا تركبت املقدمة من شعري وبرهاين

)٩٥ \ ٢ ( ونسكهم وعبادهتم عقلية ال شرعية ويقتصر ذلك على هتذيب نفس عن األخالق الذميمة وسياسة : النساك ومنهم

املدينة الفاضلة اليت هي اجلنة اإلنسانية ورمبا وجدنا لبعضهم رأيا يف بعض املسائل املذكورة أعين املبدع واإلبداع وأنه عامل وأن أول ما أبدعه ماذا ؟ وأن

وأن املعاد كيف يكون ؟ وصاحب الرأي املوافق لألوائل املذكورين أوردنا امسه وذكرنا مقالته املبادئ كم هي ؟ وإن كانت كاملكررة

نبتدئ هبم وجنعل فلوطرخيس مبدأ آخر

:رأي فلوطرخيس - ١

إنه أول من شهر بالفلسفة ونسبت إليه احلكمة : قيل األساطني تفلسف مبصر مث سار إىل ملطية وأقام هبا وقد يعد من

إن الباري تعاىل مل يزل باألزلية اليت هي أزلية األزليات وهو مبدع فقط وكل مبدع ظهرت صورته يف حد : قال اإلبداع فقد كانت صورته عنده أي كانت معلومة له فالصور عنده بال هناية أي املعلومات بال هناية

اء للمبدع ولو مل تكن باقية دائمة لكانت تدثر بدثور ولو مل تكن الصور عنده ومعه ملا كان إبداع وال بق: قال اهليوىل ولو كان ذلك كذلك الرتفع الرجاء واخلوف ولكن ملا كانت الصور باقية دائمة وهلا الرجاء واخلوف كان ذلك دليال على أهنا ال تدثر وملا عدل عنها الدثور ومل يكن له قوة عليها كان ذلك دليال على أن الصورة أزلية يف

علمه تعاىل : وال وجه إال القول بأحد األقوال : قال

الباري تعاىل ال يعلم شيئا البتة وهذا من احملال الشنيع : إما أن يقال يعلم بعض الصور دون بعض وهذا من النقص الذي ال يليق بكمال اجلالل : وإما أن يقال ي ال يليق بكمال اجلالل يعلم بعض الصور دون بعض وهذا من النقص الذ: وإما أن يقال يعلم مجيع الصور واملعلومات وهذا هو الرأي الصحيح : وإما أن يقال

إن أصل املركبات هو املاء فإنه إذا ختلخل صافيا وجد نارا وإذا ختلخل وفيه بعض الثقل صار هواء وإذا : مث قال تكاثف تكاثفا مبسوطا بالغا صار أرضا

)٩٦ \ ٢ ( هرقليطس زعم أن األشياء إمنا انتظمت بالبخت وجوهر البخت هو نطق عقلي ينفذ يف وحكى فلوطرخيس أن

اجلوهر الكلي واهللا سبحانه وتعاىل أعلم

Page 184: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

:رأي أكسنوفانس - ٢

إن املبدع األول هو آنية أزلية دائمة دميومة القدم ال تدرك بنوع صفة منطقية وال عقلية مبدع صور : كان يقول إن صور ما يف العامل املبدعة مل تكن عنده أو كانت : وعقلي فإذا كان هذا هكذا فقولنا كل صفة وكل نعت نطقي

أو كيف أبدع ؟ ومل أبدع ؟ حمال ألن العقل مبدع واملبدع مسبوق باملبدع واملسبوق ال يدرك السابق أبدا فال جيوز هو هو وال شيء معه إن املبدع أبدع كيفما أحب وكيفما شاء ف: أن يصف املسبوق السابق بل نقول

: وهذه الكلمة أعين هو وال شيء بسيطا وال مركب معه وهو جممع كل ما نطلبه من العلم ألنك إذا قلت : قال وال شيء معه فقد نفيت عنه أزلية الصورة واهليوىل وكل مبدع من صورة وهيوىل وكل مبدع من صورة فقط

بل هو وأشياء كثرية فليس هو مبدع للصور بل كل صورة إمنا إن الصور أزلية مع آنيته فليس هو فقط : ومن قال أظهرت ذاهتا فعند إظهارها ذاهتا ظهرت هذه العوامل وهذا أشنع ما يكون من القول

ليست أوائل البتة وال معقول قبل احملسوس حبال بل مثل بدعة األشياء مثل الذي : وكان تريس والقادميون يقوالن فعل ظهر فال يزال خيرجه من القوة إىل الفعل حىت يوجد فيكمل فنحسه وندركه يفرخ من ذاته بال حدث وال

وليس شيء معقول البتة والعامل دائم ال يزول وال يفىن فإن املبدع ال جيوز أن يفعل فعال يدثر إال وهو داثر مع دثور فعله وذلك حمال

)٩٧ \ ٢ (

:رأي زينون األكرب - ٣

أهل قنطس زينون األكرب بن ماوس من إن املبدع األول كان يف علمه صورة إبداع كل جوهر وصورة دثور كل جوهر فإن علمه غري متناه : كان يقول

والصور اليت فيه من حيث اإلبداع غري متناهية وكذلك صور الدثور غري متناهية فالعوامل تتجدد يف كل حني ويف ودثوره باحلواس والعقل وما كان غري مشاكل لنا مل ندركه كل دهر فما كان منها مشاكال لنا أدركنا حدود وجوده

إن املوجودات باقية داثرة أما بقاؤها فبتجدد صورها وأما دثورها فبدثور الصورة : إال أنه ذكر وجه التجدد فقال األوىل عند جتدد األخرى

وذكر أن الدثور قد يلزم الصورة واهليوىل معا الكواكب تستمد القوة من جوهر السماء فإذا تغريت السماء تغريت النجوم إن الشمس والقمر و: وقال أيضا

أيضا مث هذه الصور كلها بقاؤها ودثورها يف علم الباري تعاىل والعلم يقتضي بقاءها دائما وكذلك احلكمة تقتضي د وهذا الرأي قد مال ذلك ألن بقاءها على هذه احلال أفضل والباري تعاىل قادر على أن يفين العوامل يوما ما إن أرا

إليه احلكماء املنطقيون اجلدليون دون اإلهليني اهللا عز و جل والعنصر فقط : وحكى فلوطرخيس أن زينون كان يزعم أن األصول هي

هو املنفعل : هو العلة الفاعلة والعنصر : فاهللا األبدان باألدوية أكثروا من اإلخوان فإن بقاء النفوس ببقاء اإلخوان كما أن شفاء: حكمه قال

يا فىت ما يلهفك على الدنيا لو كنت : رأى زينون فىت على شاطئ البحر حمزونا يتلهف على الدنيا فقال له : وقيل يف غاية الغىن وأنت راكب جلة البحر قد انكسرت السفينة وأشرفت على الغرق كانت غاية مطلوبك النجاة

Page 185: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وتفوت كل ما يف يدك نعم : قال لو كنت ملكا على الدنيا وأحاط بك من يريد قتلك كان مرادك النجاة من يده وتفوت كل ) ٩٨ \ ٢: ( قال

ملكك نعم : قال فأنت الغين وأنت امللك اآلن فتسلى الفىت : قال

كن مبا تأيت من اخلري مسرورا ومبا جتتنب من الشر حمبورا : وقال لتلميذه ني أم ملك الفرس ؟ أي امللوك أفضل ملك اليوناني: وقيل له

من ملك غضبه وشهوته : قال ما حالك ؟ : وسئل بعد أن هرم

هو ذا أموت قليال قليال على مهل : قال إذا مت من يدفنك ؟ : وقيل له

من يؤذيه ننت جيفيت : قال ما الذي يهرم ؟ : وسئل

الغضب واحلسد وأبلغ منهما الغم : قال الفلك حتت تدبريي : وقال ما ذهب ذلك علي إمنا ولدت ولدا ميوت وما ولدت ولدا ال ميوت : إليه ابنه فقال ونعى ال ختف موت البدن ولكن جيب عليك أن ختاف موت النفس : وقال

مل قلت خف موت النفس والنفس الناطقة عندك ال متوت ؟ : فقيل له ن كان جوهرها ال يبطل فقد ماتت من العيش إذا انتقلت النفس الناطقة من حد النطق إىل حد البهيمية وإ: فقال

العقلي أعط احلق من نفسك فإن احلق خيصمك إن مل تعطه حقه : وقال حمبة املال وتد الشر ألن سائر اآلفات تتعلق هبا وحمبة الشهوات وتد العيوب ألن سائر العيوب متعلقة هبا : وقال فتسيء بك أحسن جماورة النعم فتنعم هبا وال تسيء هبا : وقال إذا أدركت الدنيا اهلارب منها جرحته وإذا أدركها الطالب هلا قتلته : وقال

إن امللك يبغضك : وقيل له وكان ال يقتين إال قوت يومه وهل حيب امللك من هو أغىن منه ؟ : فقال

)٩٩ \ ٢ ( بأي شيء خيالف الناس يف هذا الزمان البهائم ؟ : وسئل

بالشرور : قال إال خادما للجد والفرق بينهما ظاهر فإن الطبيعة : وما رأينا العقل قط إال خادما للجهل ويف رواية للسجزي : قال

ولوازمها إذا كانت مستولية على العقل استخدمه اجلهل وإذا كان ما قسم لإلنسان من اخلري والشر فوق تدبريه ل وليس يعظم العقل ما جيد وهلذا خيف على صاحب العقلي كان اجلد مستخدما للعقل ويعظم جد اإلنسان ما يعق

Page 186: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اجلد ما مل خيف على صاحب العقل واجلد أصم أخرس ال يفقه وال ينفه وإمنا هو ريح هتب وبرق يلمع ونار تلوح وصحو يعرض وحلم ميتع وهذا اللفظ أوىل فإنه عم احلكم

هل وذلك هو األكثر ما رأينا العقل قط وقد يعرض للعقل أن يرى وال يستخدمه اجل: فقال رأسها رأس فرس وعنقها عنق ثور وصدرها صدر أسد وجناحاها : خلقة سبعة جبابرة : وقال زينون يف اجلرادة

جناحا نسر ورجالها رجال مجل وبطنها بطن عقرب وذنبها ذنب حية هكذا ذكره زينون

:رأي دميقريطيس وشيعته - ٤

لعنصر فقط وال العقل فقط بل األخالط األربعة وهي األسطقسات أوائل إنه ليس هو ا: كان يقول يف املبدع األول املوجودات كلها ومنا أبدعت األشياء البسيطة كلها دفعة واحدة وأما املركبة فإهنا كونت دائمة داثرة إال أن

العامل األعلى كما دميومتها بنوع ودثورها بنوع مث إن العامل جبملته باق غري داثر ألنه ذكر أن هذا العامل متصل بذلكأن عناصر هذه األشياء متصلة بلطيف أرواحها الساكنة فيها والعناصر وإن كانت تدثر يف الظاهر فإن صفوها من

الروح البسيط الذي فيها فإذا كان كذلك فليس يدثر إال من جهة احلواس صفوه بالعوامل البسيطة وإمنا شنع عليه فأما من حنو العقل فإنه ليس يدثر فال يدثر هذا العامل إذا كان صفوها فيه و

مبدع هو العناصر وبعدها أبدعت البسائط الروحانية فهو يرتقي من ) ١٠٠ \ ٢( احلكماء من جهة قوله إن أول األسفل إىل األعلى ومن األكدر إىل األصفى

إن املبدع األول هو : ال إال أنه خالفه املبدع األول وقال بقول سائر احلكماء غري أنه ق: ومن شيعته فليوخوس مبدع الصورة فقط دون اهليوىل فإهنا مل تزل مع املبدع

إن اهليوىل لو كانت أزلية قدمية ملا قبلت الصور وملا تغريت من حال إىل حال وملا قبلت فعل : فأنكروا عليه وقالوا أي يف نفسه مزيف والعزوة إليه غري غريها إذ األزيل ال يتغري وهذا الرأي مما كان يعزى إىل أفالطون اإلهلي والر

صحيحة إن الباري تعاىل متحرك حبركة فوق هذه : ومما نقل عن دميقريطس وزينون األكرب وفيثاغوروس أهنم كانوا يقولون

احلركة الزمانية وقد أشرنا إىل املذهبني وبينا املراد بإضافة احلركة والسكون إىل اهللا تعاىل ونزيده شرحا من احتجاج فريق على صاحبه كل

أما ماض : إن احلركة ال تكون أبدا إال ضد السكون واحلركة ال تكون إال بنوع زمان : قال أصحاب السكون إما منتقلة وإما مستوية ومن املستوية تكون احلركة املستقيمة واحلركة : وإما مستقبل واحلركة ال تكون إال مكانية

كان الباري تعاىل متحركا لكان داخال يف الدهر والزمان املعوجة واملكانية تكون مع الزمان فلو إن حركته أعلى من مجيع ما ذكرمتوه وهو مبدع الدهر واملكان وإبداعه ذلك هو الذي يعىن : قال أصحاب احلركة

باحلركة واهللا أعلم

:رأي فالسفة أقادميا - ٥

وهرين متفقني يف مجيع اجلهات وإال فليس إن كل مركب ينحل وال جيوز أن يكون مركبا من ج: كانوا يقولون مبركب فإذا كان هذا هكذا فال حمالة أنه إذا احنل املركب رحل كل جوهر فاتصل باألصل الذي كان منه فما كان

الروحاين البسيط والعامل الروحاين باق غري داثر وما كان جاسيا ) ١٠١ \ ٢( منها بسيطا روحانيا حلق بعامله

Page 187: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أيضا وكل جاس إذا احنل فإمنا يرجع حىت يصل إىل ألطف من كل لطيف فإذا مل يبق من اللطافة غليظا حلق بعاملهشيء احتد باللطيف األول املتحد به فيكونان متحدين إىل األبد وإذا احتدت األواخر باألوائل وكان األول هو أول

ول متعلق بنور مبدعه فيبقى خالدا دهر مبدع ليس بينه وبني مبدعه جوهر آخر متوسط فال حمالة أن ذلك املبدع األ الدهور

وهذا الفصل أيضا قد نقل عنهم وهو يتعلق باملعاد ال باملبدأ وهؤالء يسمون مشائي أقادميا وأما املشاءون املطلق فهم أهل لوقيون

ني وكان أفالطون يلقن احلكمة ماشيا تعظيما هلا وتابعه على ذلك أرسطوطاليس ويسمى هو وأصحابه املشائ وأصحاب الرواق هم أهل املظال

: وكان ألفالطون تعليمان تعليم كليس وهو الروحاين الذي ال يدرك بالبصر ولكن بالفكر اللطيف

وتعليم كأيس وهو اهليوالنيات واهللا املوفق للصواب

:رأي هرقل احلكيم - ٦

ولنا ألهنا أبدعت من ذلك النور األول احلق إن الباري تعاىل هو النور احلق الذي ال يدرك من جهة عق: كان يقول وهو اسم اهللا حقا وهو اسم اهللا باليونانية حقا

إهنا تدل عليه أنه مبدع للكل وهذا االسم عندهم شريف جدا إن بدء اخللق وأول شيء أبدع والذي هو أول هلذه العوامل هو احملبة واملنازعة ووافق يف هذا الرأي : وكان يقول األول الذي أبدع هو احملبة والغلبة : حيث قال أنبادقليس

السماء كرة متحركة من ذاهتا واألرض مستديرة ساكنة جامدة بذاهتا والشمس حللت كل ما فيها : وقال هرقل من الرطوبة فاجتمعت فيها فصار البحر والذي حجرت الشمس ونفذت فيه حىت مل تذر فيه شيئا من الرطوبة صار

واجلبل وما مل تنفذ فيه الشمس أكثر ومل تنزع عنه الرطوبة كلها فهو التراب منه احلصى واحلجارة )١٠٢ \ ٢ (

إن السماء يف النشأة األخرى تصري بال كواكب ألن الكواكب هتبط سفال حىت حتيط باألرض وتلتهب : وكان يقول ان من أجزائها نارا حمضة فيصري متصال بعضها ببعض حىت تكون كالدائرة حول األرض وإمنا يهبط منها ما ك

ويصعد منها ما كان نورا حمضا فتبقى النفوس الشريرة الدنسة اخلبيثة يف هذا العامل الذي أحاط به النار إىل األبد يف عقاب السرمد وتصعد النفوس الشريفة اخلالصة الطيبة إىل العامل الذي متحض نورا وهباء وحسنا يف ثواب السرمد

ات للبصر واألحلان الشجية لذات للسمع وألهنا أبدعت بال توسط مادة وتركب وهناك الصور احلسان لذ أسطقسات فهي جواهر شريفة روحانية نورانية

إن الباري تعاىل ميسح تلك األنفس يف كل دهر مسحة فيتجلى هلا حىت تنظر إىل نوره احملض اخلارج من : وقال ها فال تزال كذلك دائما أبد األبد جوهره احلق فحينئذ يشتد عشقها وشوقها ونورها وجمد

:رأي أبيقورس - ٧

Page 188: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

خالف األوائل يف األوائل اخلالء والصورة : املبادئ اثنان : قال

فمكان فارغ : أما اخلالء فهي فوق املكان واخلالء ومنها أبدعت املوجودات وكل ما كون منها فإنه ينحل إليها فمنها املبدأ : وأما الصورة د وإليها املعا

الكل يفسد وليس بعد الفراق حساب وال قضاء وال مكافأة وال جزاء بل كلها تضمحل وتدثر : ورمبا يقول واإلنسان كاحليوان مرسل مهمل يف هذا العامل

واحلاالت اليت ترد على األنفس يف هذا العامل كلها من تلقائها على قدر حركاهتا وأفاعيلها فإن فعلت خريا وحسنا رور وفرح وإن فعلت شرا وقبيحا فريد عليها حزن وترح وإمنا سرور كل نفس باألنفس األخرى فريد عليها س

وكذا حزهنا مع األنفس األخرى بقدر ما يظهر هلا من أفاعيلها وتبعه مجاعة من التناسخية على هذا الرأي

)١٠٣ \ ٢ (

:حكم سولون الشاعر - ٨

هرمس وقبل سقراط وأمجعوا على تقدميه والقول بفضائله وكان عند الفالسفة من األنبياء العظام بعد تزود من اخلري وأنت مقبل خري لك من أن تتزود منه وأنت مدبر : قال سولون لتلميذه

من فعل خريا فليجتنب ما خالفه وإال دعي شريرا : وقال إن أمور الدنيا حق وقضاء فمن أسلف فليقض ومن قضى فقد وىف : وقال عرضت لك فكرة سوء فادفعها عن نفسك وال ترجع بالالئمة على غريك لكن مل رأيك مبا أحدث عليك إذا : وقال إن فعل اجلاهل يف خطابه أن يذم غريه وفعل طالب األدب أن يذم نفسه وفعل األديب أن ال يذم نفسه وال : وقال غريه كما أن األرباح ال تكون إال فيما يباع : إذا انكب الدن وأريق الشراب وانكسر اإلناء فال تغتم بل قل: وقال

ويشترى كذلك اخلسرانات ال تكون إال يف املوجودات فانف الغم واخلسارة عنك فإن لكل مثنا وليس جييء باجملان أميا أمحد يف الصبا احلياء أم اخلوف ؟ : وسئل

احلياء ألن احلياء يدل على العقل واخلوف يدل على املقة والشهوة : قال دع املزاح فإن املزاح لقاح الضغائن : قال البنه و

هل ترى أن أتزوج أم أدع ؟ : وسأله رجل فقال أي األمرين فعلت ندمت عليه : قال

أي شيء أصعب على اإلنسان ؟ : وسئل أن يعرف عيب نفسه وأن ميسك عما ال ينبغي أن يتكلم به : قال

)١٠٤ \ ٢ ( برجلك خري من أن تعثر بلسانك تعثر: ورأى رجال عثر فقال له

ما الكرم ؟ : وسئل

Page 189: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

النزاهة عن املساوئ : فقال ما احلياة ؟ : وسئل التمسك بأمر اهللا تعاىل : فقال

ما النوم ؟ : وسئل النوم موتة خفيفة واملوت نومة طويلة : فقال ليكن اختيارك من األشياء حديثها ومن اإلخوان أقدمهم : وقال فع العلم ما أصابته الفكرة وأقله نفعا ما قلته بلسانك أن: وقال ينبغي أن يكون املرء حسن الشكل يف صغره وعفيفا عند إدراكه وعدال يف شبابه وذا رأي يف كهولته : وقال

وحافظا للستر عند الفناء حىت ال تلحقه الندامة تاء من الربد الذي يهجم عليه ينبغي للشاب أن يستعد لشيخوخته مثل ما يستعد اإلنسان للش: وقال يا بين احفظ األمانة حتفظك وصنها حىت تصان : وقال جوعوا إىل احلكمة واعطشوا إىل عبادة اهللا تعاىل قبل أن يأتيكم املانع منها : وقال

نتم ال تكرموا اجلاهل فيستخف بكم وال تتصلوا باألشرار فتعدوا فيهم وال تعتمدوا الغىن إن ك: وقال لتالمذته تالمذة الصدق وال هتملوا أمر أنفسكم يف أيامكم ولياليكم وال تستخفوا باملساكني يف مجيع أوقاتكم

: وكتب إليه بعض احلكماء يستوصفه أمر عاملي العقل واحلس فقال فدار ثبات وثواب : أما عامل العقل

فدار بوار وغرور : وأما عامل احلس ؟ ما فضل علمك على علم غريك: وسئل معرفيت بأن علمي قليل : فقال صديق حيب صديقه غائبا كمحبته حاضرا : أخالق حممودة وجدهتا يف الناس إال أهنا إمنا توجد يف قليل : وقال

وكرمي يكرم الفقراء كما يكرم األغنياء ومقر بعيوبه إذا ذكرت وذاكر يوم نعيمه يف يوم بؤسه ويوم بؤسه يف يوم ) ١٠٥ \ ٢. ( غضبه وآمر باملعروف دائما نعيمه وحافظ لسانه عند

:حكم أومريوس الشاعر - ٩

وهو من كبار القدماء الذي جيريه أفالطون وأرسطوطاليس يف أعلى املراتب ويستدل بشعره ملا كان جيمع فيه من إتقان املعرفة ومتانة احلكمة وجودة الرأي وجزالة اللفظ

ء ال خري يف كثرة الرؤسا: فمن ذلك قوله وهذه كلمة وجيزة حتتها معان شريفة ملا يف كثرة الرؤساء من االختالف الذي يأيت على حكمة الرئاسة باإلبطال لو : ويستدل هبا أيضا يف التوحيد ملا يف كثرة اآلهلة من املخالفات اليت تكر على حقيقة اإلهلية باإلفساد ويف احلكمة

ولو كان أهل بلد كلهم رعية ملا كانت رعية البتة كان أهل بلد كلهم رؤساء ملا كان رئيس البتة إين ال أعجب من الناس إذ كان ميكنهم االقتداء باهللا تعاىل فيدعون ذلك إىل االقتداء بالبهائم : ومن حكمه قال

لعل هذا إمنا يكون ألهنم قد رأوا أهنم ميوتون كما متوت البهائم : قال له تلميذه تعجيب منهم من قبل أهنم حيسون بأهنم البسون بدنا ميتا وال حيسبون أن يف ذلك البدن هبذا السبب يكثر: فقال له

Page 190: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

نفسا غري ميتة من يعلم أن احلياة لنا مستبعدة واملوت معتق مطلق آثر املوت على احلياة : وقال ختلصه ومتكن من طبيعي وجترييب ومها مثل املاء واألرض وكما أن النار تذيب كل صامت و: العقل حنوان : وقال

العمل فيه كذلك العقل يذيب األمور وخيلصها ويفصلها ويعدها للعمل ومن مل يكن هلذين النحوين فيه موضع فإن خري أموره له قصر العمر

إن اإلنسان اخلري أفضل من مجيع ما على األرض واإلنسان الشرير أخس وأوضع من مجيع ما على األرض : وقال م تعز وال تكن معجبا فتمتهن واقهر شهوتك فإن الفقري من احنط إىل شهوته لن تنبل واحل: وقال

)١٠٦ \ ٢ ( الدنيا دار جتارة والويل ملن تزود عنها باخلسارة : وقال الزيادة والنقصان يف الطبائع األربعة وما هتيجه األحزان : األمراض ثالثة أشياء : وقال

دوية وشفاء ما هتيجه األحزان كالم احلكماء واإلخوان فشفاء الزائد والناقص يف الطبائع األالعمى خري من اجلهل ألن أصعب ما خياف من العمى التهور يف بئر ينهد منه اجلسد واجلهل يتوقع منه هالك : وقال األبد مقدمة احملمودات احلياء ومقدمة املذمومات القحة : وقال

يا ليته هلك التضاد من : ى تضاد املوجودات دون فلك القمر قال إن أومريوس الشاعر ملا رأ: وقال إيراقليطس هذا العامل ومن الناس والسادة يعين النجوم واختالف طبائعها وأراد بذلك أن يبطل التضاد واالختالف حىت يكون

هذا العامل املتحرك املنتقل داخال يف العامل الساكن الدائم الباقي واقع الزهرة فتولدت من بينهما طبيعة هذا العامل -ح يعين الري -ومن مذهبه أن هبرام

إن الزهرة علة التوحيد واالجتماع وهبرام علة التفرق واالختالف والتوحد ضد التفرق فلذلك صارت : وقال الطبيعة ضدا تركب وتنقص وتوحد وتفرق

احلظ شيء أظهره العقل بوساطة العلم فلما قابل النفس عشقته بالعنصر : وقال ذه حكمه ه

: وأما مقطوعات أشعاره فمنها ينبغي لإلنسان أن يفهم األمور اإلنسانية : قال

إن األدب لإلنسان ذخر ال يسلب ارفع من عمرك ما حيزنك إن أمور العامل تعلمك العلم

إن كنت ميتا فال حتقر عداوة من ال ميوت كل ما ميتار يف وقته يفرح به ه إن الزمان يبني احلق وينري

اذكر نفسك أبدا أنك إنسان غضبك ) ١٠٧ \ ٢( إن كنت إنسانا فافهم كيف تضبط

إذا نالتك مضرة فاعلم أنك كنت أهلها اطلب رضاء كل أحد إلرضاء نفسك فقط

Page 191: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إن الضحك يف غري وقته هو ابن عم البكاء إن األرض تلد كل شيء مث تسترده

إن الرأي من اجلبان جبان اء نقمة ال تضرك انتقم من األعد

كن حسن اجلرأة وال تكن متهورا إن كنت ميتا فال تذهب مذهب من ال ميوت

إن أردت أن حتيا فال تعمل عمال يوجب املوت إن الطبيعة كونت األشياء بإرادة الرب تعاىل

من ال يفعل شيئا من الشر فهو إهلي آمن باهللا فإنه يوفقك يف أمورك أفعاهلم كفر باهللا إن مساعدة األشرار على

إن املغلوب من قاتل اهللا والبخت اعرف اهللا واعقل األمور اإلنسانية

إذا أراد اهللا خالصك عربت البحر على البادية إن العقل الذي يناطق اهللا لشريف

إن قوام السنة بالرئيس إن لفيف الناس وإن كانت هلم قوة فليس هلم عقل

ن مثل كرامة اإلله رأيي أن والديك آهلة لك إن األب هو من رىب ال من ولد إن السنة توجب كرامة الوالدي إن الكالم يف غري وقته يفسد العمر كله

إذا حضر البخت متت األمور إن سنن الطبيعة ال تتعلم

إن اليد تغسل اليد واألصبع األصبع العلم واحلكمة وباملدخر لغريه املال ليكن فرحك مبا تدخره لنفسك دون ما تدخره لغريك يعين باملدخر لنفسه

عنقود االلتذاذ وعنقود الشكر وعنقود الشيم : الكرم حيمل ثالثة عناقيد : وقال خري أمور العامل احلسي أوساطها وخري أمور العامل العقلي أفضلها

عده بثالمثائة واثنتني إن وجود الشعر يف أمة يونان كان قبل الفلسفة وإمنا أبدعه أومريوس وتاليس كان ب: وقيل ومثانني سنة وأول فيلسوف كان منهم يف سنة تسعمائة وإحدى ومخسني من وفاة موسى عليه السالم وهذا ما أخرب

به كورفس يف كتابه وذكر فورفوريوس أن تاليس ظهر يف سنة ثالث وعشرين ومائة من ملك خبتنصر

)١٠٨ \ ٢ (

:حكم بقراط - ١٠

ذي قال بفضله األوائل واألواخر بقراط واضع الطب الوكان أكثر حكمته يف الطب وشهرته به فبلغ خربه إىل هبمن بن أسفنديار بن كشتاسب فكتب إىل فيالطس ملك

Page 192: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يأمر بتوجيه بقراط إليه وأمر له بقناطري من الذهب فأىب ذلك وتأىب عن -وهو بلد من بالد اليونانيني -قوه اخلروج إليه ضنا بوطنه وقومه

: وكان ال يأخذ على املعاجلة أجرة من الفقراء وأوساط الناس وقد شرط أن يأخذ من األغنياء أحد ثالثة أشياء طوقا أو إكليال أو سوارا من ذهب

استهينوا باملوت فإن مرارته يف خوفه : فمن حكمه أن قال أي العيش خري ؟ : وقيل له

األمن مع الفقر خري من الغىن مع اخلوف : قال احليطان والربوج ال حتفظ املدن ولكن حتفظها آراء الرجال وتدبري احلكماء : وقال يداوى كل عليل بعقاقري أرضه فإن الطبيعة متطلعة إىل هوائها ونازعة إىل غذائها : وقال

من كثر نومه والنت طبيعته ونديت جلدته طال عمره : خذوا جامع العلم مين : وملا حضرته الوفاة قال اإلقالل من الضار خري من اإلكثار من النافع : ال وق

لو خلق اإلنسان من طبيعة واحدة ملا مرض ألنه مل يكن هناك شيء يضادها فيمرض : وقال أنا والعلة وأنت فإن أعنتين عليها بالقبول ملا تسمع مين صرنا اثنني وانفردت العلة : ودخل على عليل فقال له اجتمعا على واحد غلباه فقوينا عليها واالثنان إذا

ما بال اإلنسان أثور ما يكون بدنه إذا شرب الدواء ؟ : وسئل مثل ذلك مثل البيت أكثر ما يكون غبارا إذا كنس : قال

)١٠٩ \ ٢ ( وحديث ابن امللك أنه عشق جارية من حظايا أبيه فنهك بدنه واشتدت علته فأحضر بقراط فجس نبضه ونظر إىل

أثر علة فذاكره حديث العشق فرآه يهش لذلك ويطرب فاستخرب احلال من حاضنته فلم يكن عندها تفسرته فلم ير ما خرج قط من الدار : خرب وقالت

مر رئيس اخلصيان بطاعيت فأمره بذلك : فقال بقراط للملك رقه وطار أخرج علي النساء فخرجن وبقراط واضع إصبعه على نبض الفىت فلما خرجت احلظية اضطرب ع: فقال

ابن امللك قد عشق من الوصول إليها : قلبه وحار طبعه فعلم بقراط أهنا املعنية هلواه فصار بقراط إىل امللك وقال له صعب

ومن ذاك ؟ : قال امللك هو حيب حليليت : قال انزل عنها ولك عنها بدل : قال

وال سيما امللك يف عدله ونصفته يأمرين هل رأيت أحدا كلف أحدا طالق امرأته : فتخازن بقراط ووجم وقال مبفارقة حليليت ومفارقتها مفارقة روحي ؟

إين أوثر ولدي عليك وأعوضك من هو أحسن منها : قال امللك فامتنع حىت بلغ األمر إىل التهديد بالسيف

العشيقة حظية إن امللك ال يسمى عدال حىت ينتصف من نفسه ما ينتصف من غريه أرأيت لو كانت : قال بقراط امللك

Page 193: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يا بقراط عقلك أمت من معرفتك ونزل عنها البنه وبرئ الفىت من مرضه ذلك : قال إياك أن تأكل إال ما تستمرئ وأما ما ال تستمرئ فإنه يأكلك : وقال بقراط مل يثقل امليت ؟ : وقيل لبقراط

: ألنه كان اثنني : قال خفيف رافع : أحدمها ع ثقيل واض: واآلخر

فلما انصرف أحدمها وهو اخلفيف الرافع ثقل الثقيل الواضع ما يف الرأس بالغرغرة وما يف املعدة بالقيء وما يف البدن بإسهال : اجلسد يعاجل مجلة على مخسة أضرب : وقال

البطن وما بني اجللدين بالعرق وما يف العمق وداخل العروق بإرسال الدم وسلطاهنا يف الكبد الصفراء بيتها املرارة: وقال

يف الصدر ) ١١٠ \ ٢( والبلغم بيته املعدة وسلطانه والسوداء بيتها يف الطحال وسلطاهنا يف القلب

والدم بيته القلب وسلطانه يف الرأس ليكن أفضل وسيلتك إىل الناس حمبتك هلم والتفقد ألمورهم ومعرفة حاهلم واصطناع املعروف : وقال لتلميذ له

إليهم العمر قصري والصناعة طويلة والوقت ضيق والزمان جديد والتجربة خطر : حيكى عن بقراط قوله املعروف و

والقضاء عسر اقسموا الليل والنهار ثالثة أقسام فاطلبوا يف القسم األول العقل الفاضل واعملوا يف القسم الثاين : وقال لتالميذه

الثالث من ال عقل له واهنزموا من الشر ما استطعتم مبا أحرزمت من ذلك العقل مث عاملوا يف القسم إن ابنك هو منك فأدبه : وكان له ابن ال يقبل األدب فقالت له امرأته

هو مين طبعا ومن غريي نفسا فما أصنع به : فقال هلا ما كان كثريا فهو مضاد للطبيعة فلتكن األطعمة واألشربة والنوم واجلماع والتعب قصدا : وقال إن صحة البدن إذا كانت يف الغاية كان أشد خطرا : ال وق

إن الطب هو حفظ الصحة مبا يوافق األصحاء ودفع املرض مبا يضاده : وقال من سقى السم من األطباء وألقى اجلنني ومنع احلبل واجترأ على املريض فليس من شيعيت وله أميان معروفة : وقال

يف الطب على هذه الشرائط وكتب معروفة كثرية إهنا القوة اليت تدبر اجلسم من اإلنسان فتصوره من النطفة إىل متام اخللقة خدمة للنفس يف إمتام : وقال يف الطبيعة

املولدة واملربية : هيكلها وال تزال هي املدبرة له غذاء من الثدي وبعده مما به قوامه من األغذية وهلا ثالث قوى واحلافظة

اجلاذبة واملاسكة واهلاضمة والدافعة : وخيدم الثالث أربع قوى )١١١ \ ٢ (

:حكم دميقريطيس - ١١

Page 194: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وهو من احلكماء املعتربين يف زمان هبمن بن إسفندبار وهو وبقراط كانا يف زمان واحد قبل أفالطون وله آراء يف الفلسفة وخصوصا يف مبادئ الكون والفساد

أفالطون اإلهلي وما أنصف وكان أرسطوطاليس يؤثر قوله على قول أستاذه إن اجلمال الظاهر يشبه به املصورون باألصباغ ولكن اجلمال الباطن ال يشبه به إال من هو له : قال دميقريطيس

باحلقيقة وهو خمترعه ومنشئه ليس ينبغي أن تعد نفسك من الناس ما دام الغيظ يفسد رأيك ويتبع شهوتك : وقال لناس يف وقت ذلتهم بل يف وقت عزهتم وملكهم وكما أن الكري ميتحن به الذهب ليس ينبغي أن ميتحن ا: وقال

كذلك امللك ميتحن به اإلنسان فيتبني خريه وشره ينبغي أن تأخذ يف العلوم بعد أن تنفي عن نفسك العيوب وتعودها الفضائل فإنك إن مل تفعل هذا مل تنتفع : وقال

بشيء من العلوم ملال فقد أعطاه خزائنه ومن أعطاه علمه ونصيحته فقد وهب له نفسه من أعطى أخاه ا: وقال ال ينبغي أن تعد النفع الذي فيه الضرر العظيم نفعا وال الضرر الذي فيه النفع العظيم ضررا وال احلياة اليت : وقال

ال حتمد أن تعد حياة مثل من قنع باالسم كمثل من قنع عن الطعام بالرائحة : وقال عامل معاند خري من جاهل منصف : وقال مثرة الغرة التواين ومثرة التواين الشقاء ومثرة الشقاء ظهور البطالة ومثرة البطالة السفه والعبث والندامة : وقال

واحلزن جيب على اإلنسان أن يطهر قلبه من املكر واخلديعة كما يطهر بدنه من أنواع اخلبث : وقال

)١١٢ \ ٢ ( ع أحدا أن يطأ عقبك اليوم فيطأك غدا ال تطم: وقال ال تكن حلوا جدا لئال تبلع وال مرا جدا لئال تلفظ : وقال ذنب الكلب يكسب له الطعام وفمه يكسب له الضرب : وقال

صوره أوال حىت أجصصه : جصص بيتك فأصوره قال : وكان بأثينية نقاش غري حاذق فأتى دميقريطيس وقال من ال يقبل وإن قبل ال يعمل كمثل دواء مع سقيم وهو ال يداوى به مثل العلم مع : وقال

ال تنظر فغمض عينيه : وقيل له ال تسمع فسد أذنيه : قيل له ال تتكلم فوضع يده على شفتيه : قيل له ال تعلم : قيل له

ال أقدر : قال سر واختيار الظاهر وإمنا أراد به أن البواطن ال تندرج حتت االختيار فأشار إىل ضرورة ال

وملا كان اإلنسان مضطر احلدوث كان معزول الوالية عن قلبه وهو بقلبه أكرب منه بسائر جوارحه فلهذا مل يستطع أن يتصرف يف أصله الستحالة أن يكون فاعل أصله

نفكاك عنه وإذا وهو أنه أراد التمييز بني العقل واحلس فإن اإلدراك العقلي ال يتصور اال: وهلذا الكالم شرح آخر

Page 195: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حصل لن يتصور نسيانه باالختيار واإلعراض عنه خبالف اإلدراك احلسي وهذا يدل على أن العقل ليس من جنس احلس وال النفس من حيز البدن

: إن االختيار يف اإلنسان مركب من انفعالني : وقد قيل انفعال نقيصة : أحدمها األول أميل حبكم الطبيعة واملزاج واآلخر ضعيف فيه إال إذا وصل إليه مدد انفعال تكامل وهو إىل االنفعال: والثاين

من جهة العقل والتمييز والنص فينشئ الرأي الثاقب وحيدث احلزم الصائب فيحب احلق ويكره الباطل فمىت وقف نفعالني أو انقسامه هذا املدد من القوة االختيارية كانت الغلبة لالنفعال اآلخر ولوال تركب االختيار عن هذين اال

إىل هذين الوجهني لتأتى لإلنسان مجيع ما يقصده باالختيار بال مهلة وال ترجح وال هنية وال تريح وال استشارة وال استخارة

)١١٣ \ ٢ ( وهذا الرأي الذي رآه هذا احلكيم مل أجد أحدا أبه له وال عثر عليه أو حكم به أو أومأ إليه واهللا سبحانه وتعاىل

لم أع

:حكم أوقليدس - ١٢

وهو أول من تكلم يف الرياضيات وأفرده علما نافعا يف العلوم منقحا للخاطر ملقحا للفكر وكتابه معروف بامسه وكذلك حكمته

وقد وجدنا له حكما متفرقة فأوردناها على سوق مرامنا وطرد كالمنا اخلط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية : فمن ذلك قوله

إين ال آلو جهدا يف أن أفقدك حياتك : ل له رجل يتهدده وقا وأنا ال آلو جهدا يف أن أفقدك غضبك : قال أوقليدس

كل أمر تصرفنا فيه وكانت النفس الناطقة هي املقدرة له فهو داخل يف األفعال اإلنسانية وما مل تقدره النفس : وقال الناطقة فهو داخل يف األفعال البهيمية

ن أراد أن يكون حمبوبه حمبوبك وافقك على ما حتب فإذا اتفقتما على حمبوب واحد صرمتا إىل االتفاق م: وقال افزع إىل ما يشبه الرأي العام التدبريي العقلي واهتم ما سواه : وقال كل ما أستطيع خلعه ومل يضطر إىل لزومه املرء فلم اإلقامة على مكروهه ؟ : وقال : األمور جنسان : وقال

يستطاع خلعه واملصري إىل غريه : أحدمها توجبه الضرورة فال يستطاع االنتقال عنه : واآلخر

واالغتمام واألسف على كل واحد منهما غري سائغ يف الرأي إن كانت الكائنات من املضطرة فما االهتمام باملضطر إذ ال بد منه وإن كانت غري مضطرة فلم اهلم فيما : وقال

ال عنه ؟ جياوز انتق الصواب إذا كان عاما كان أفضل ألن اخلاص يقع بالتحري وتلقاء أمر ما : وقال

)١١٤ \ ٢ (

Page 196: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

العمل على اإلنصاف ترك اإلقامة على املكروه : وقال إذا مل يضطرك إىل اإلقامة عليه شيء فإن أقمت رجعت بالالئمة عليك : وقال مور اليت يف اإلمكان عسرها ويسرها احلزم هو العمل على أن ال تثق باأل: وقال كل فائت وجدت يف األمور منه عوضا أو أمكنك اكتساب مثله فما األسف على فوته وإن مل يكن منه : وقال

عوض وال يصاب له مثل فما األسف على ما ال سبيل إىل مثله وال إمكان يف دفعه ى منها ما منه بد واقتصر على ما ال بد منه وعمل فيما يوثق ملا علم العاقل أنه ال ثقة بشيء من أمر الدنيا ألق: وقال

به بأبلغ ما قدر عليه إذا كان األمر ممكنا فيه التصرف فوقع حبال ما حتب فاعتده رحبا وإن وقع حبال ما تكره فال حتزن فإنك قد : وقال

كنت عجلت فيه على غري ثقة بوقوعه على ما حتب دنيا وأمورها إذ هي على ما هي من التغري والتنقل فاملستكثر منها يلحقه أن يكون أشد مل أر أحدا إال ذاما لل: وقال

اتصاال مبا يذم وإمنا يذم اإلنسان ما يكره واملستقل منها مستقل مما يكره وإذا استقل مما يكره كان ذلك أقرب إىل ما حيب لسوء فعله أسوأ الناس حاال من ال يثق بأحد لسوء ظنه وال يثق به أحد: وقال اجلشع بني شرين فاإلعدام خيرجه إىل السفه واجلدة خترجه إىل األشر : وقال ال تعن أخاك على أخيك يف خصومة فإهنما يصطلحان عن قليل وتكتسب املذمة : وقال

)١١٥ \ ٢ (

:حكم بطلميوس - ١٣

وة إىل الفعل وهو صاحب اجملسطي الذي تكلم يف هيئات الفلك وأخرج علم اهلندسة من الق ما أحسن اإلنسان أن يصرب عما يشتهي وأحسن منه أن ال يشتهي إال ما ينبغي : فمن حكمه أنه قال

احلليم الذي إذا صدق صرب ال الذي إذا قذف كظم : قال ملن يغين الناس ويسأل أشبه بامللوك ممن يستغين بغريه ويسأل : وقال رم له من أن يستغين به ألن يستغين اإلنسان عن امللك أك: وقال موضع احلكمة من قلوب اجلهال كموقع الذهب واجلوهر من ظهر احلمار : وقال

ومسع مجاعة من أصحابه وهم حول سرادقه يقعون فيه ويثلبونه فهز رحما كان بني يديه ليعلموا أهنم مبسمع منه وأن يتباعدوا عند قيد رمح مث يقولوا ما أحبوا

نه كالذهب يف معدنه ال يستنبط إال بالدءوب والتعب والكد والنصب مث جيب ختليصه بالفكر العلم يف موط: وقال كما خيلص الذهب بالنار

داللة القمر يف األيام أقوى وداللة الشمس والزهرة يف الشهور أقوى وداللة املشتري وزحل يف : قال بطليموس السنني أقوى

لزمن الذي يأيت بعد وهذا رمز إىل املعاد إذ الكون والوجود احلقيقي ذلك حنن كائنون يف ا: ومما نقل عنه أنه قال الكون والوجود يف ذلك العامل

)١١٦ \ ٢ (

Page 197: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

:حكم أهل املظال - ١٤

ومنهم خروسيبس وزينون إن الباري تعاىل املبدع األول واحد حمض هو هو إن فقط أبدع العقل والنفس دفعة واحدة مث : وقوهلما اخلالص

دع مجيع ما حتتهما بتوسطهما ويف بدء ما أبدعهما أبدعهما جوهرين ال جيوز عليهما الدثور والفناء أبجرم من النار واهلواء وجرم من املاء واألرض فالنفس متحدة باجلرم الذي من النار : وذكروا أن للنفس جرمني

األرض والنفس تظهر أفاعيلها يف ذلك اجلرم واهلواء واجلرم الذي من النار واهلواء متحد باجلرم الذي من املاء ووذلك اجلرم ليس له طول وال عرض وال قدر مكاين وباصطالحنا مسيناه جسما وأفاعيل النفس فيه نرية هبية ومن

اجلسم إىل اجلرم ينحدر النور واحلسن والبهاء وملا ظهرت أفاعيل النفس عندنا مبتوسطني كانت أظلم ومل يكن هلا نور شديد

روا أن النفس إذا كانت طاهرة زكية استخصت األجزاء النارية واهلوائية وهي جسمها واستصحبت يف ذلك وذك العامل جسما روحانيا نورانيا علويا طاهرا مهذبا من كل ثقل وكدر

وأما اجلرم الذي من املاء واألرض فيدثر ويفىن ألنه غري مشاكل للجسم السماوي ألن ذلك اجلسم خفيف لطيف ال ن له وال يلمس وإمنا يدرك من البصر فقط كما تدرك األشياء الروحانية من العقل فألطف ما يدرك احلس وز

البصري من اجلواهر هي النفسانية وألطف ما يدرك من إبداع الباري تعاىل اآلثار اليت عند العقل فليست مبستطيعة كاحليوان الذي وذكروا أن النفس إمنا هي مستطيعة ما خالها الباري تعاىل أن تفعل وإذا ربطها

إذا خاله مدبره أعين اإلنسان كان مستطيعا يف كل ما دعي إليه وحترك إليه وإذا ربطه مل يقدر حينئذ أن يكون مستطيعا

)١١٧ \ ٢ ( وذكروا أن دنس النفس وأوساخ اجلسد إمنا تكون الزمة لإلنسان من جهة األجزاء وأما التطهري والتهذيب فمن

كل ألنه إذا انفصلت النفس الكلية إىل النفس اجلزئية والعقل اجلزئي من العقل الكلي غلطت وصارت من جهة الحيز اجلرم ألهنا كلما سفلت احتدت باجلرم واجلرم من حيز املاء واألرض ومها ثقيالن يذهبان سفال وكلما اتصلت

لوا ألهنا تتحد باجلسم واجلسم من حيز النار النفس اجلزئية بالنفس الكلية والعقل اجلزئي بالعقل الكلي ذهبت عواهلواء وكالمها لطيفان يذهبان علوا وهذان اجلرمان مركبان وكل واحد منهما من جوهرين واجتماع هذين

اجلرمني يوجب االحتاد شيئا واحدا عند احلسن البصري فأما عند احلواس الباطنة وعند العقل فليست شيئا واحدا مستبطن يف اجلرم ألنه أشد روحانية وألن هذا العلم ليس مشاكال له وال جمانسا له واجلرم فاجلسم يف هذا العامل

مشاكل وجمانس هلذا العامل فصار اجلرم أظهر من اجلسم جملانسة هذا العامل وتركيبه وصار اجلسم مستنبطنا يف اجلرم سم ظاهر على اجلرم ألن ذلك العامل عامل اجلسم ألن هذا العامل غري مشاكل له وغري جمانس له فأما يف ذلك العامل فاجل

ألنه جمانس ومشاكل له ويكون لطيف اجلرم الذي هو من لطيف املاء واألرض املشاكل جلوهر النار واهلواء مستنبطا يف اجلسم كما كان ذلك اجلسم مستبطنا يف هذا العامل يف اجلرم فإذا كان هذا فيمن ذكروا هكذا كان ذلك اجلسم

ئما ال جيوز عليه الدثور وال الفناء ولذته دائمة ال متلها النفوس وال العقول وال ينفذ ذلك السرور واحلبور باقيا داملا كان الواحد ال بدء له صار هناية كل متناه وإمنا صار الواحد ال هناية له ألنه ال بدء : ونقلوا عن أفالطون أستاذهم

له ال أنه ال بدء له ألنه ال هناية له ينبغي للمرء أن ينظر كل يوم إىل وجهه يف املرآة فإن كان قبيحا مل يفعل قبيحا فيجمع بني قبيحني وإن كان : ال وق

Page 198: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حسنا مل يشنه بقبيح )١١٨ \ ٢ (

: إنك لن جتد الناس إال أحد رجلني : وقال إما مؤخرا يف نفسه قدمه حظه

ا وإال رضيت اضطرارا أو مقدما يف نفسه أخره دهره فارض مبا أنت فيه اختيار

متأخرو حكماء اليونان: الفصل الثالث

وهم احلكماء الذين تلوهم يف الزمان وخالفوهم يف الرأي مثل أرسطوطاليس ومن تابعه على رأيه مثل اإلسكندر الرومي والشيخ اليوناين وديوجانس الكليب وغريهم وكلهم على رأي أرسطوطاليس يف املسائل اليت تفرد هبا عن

لقدماء اوحنن نذكر من آرائه ما يتعلق بغرضنا من املسائل اليت شرع فيها األوائل وخالفهم املتأخرون وحنصرها يف ست

عشرة مسألة وباهللا التوفيق

:رأي أرسطوطاليس بن بيقوماخوس - ١

من أهل أسطاخرا وهو املقدم املشهور واملعلم األول واحلكيم املطلق عندهم سنة من ملك أردشري بن دارا فلما أتت عليه سبع عشرة سنة أسلمه أبوه إىل املؤدب أفالطون وكان مولده يف أول

فمكث عنده نيفا وعشرين سنة وإمنا مسوه املعلم األول ألنه واضع التعاليم املنطقية وخمرجها من القوة إىل الفعل وحكمه حكم واضع النحو وواضع

يف الذهن كنسبة النحو إىل الكالم والعروض إىل الشعر وهو واضع ال مبعىن العروض فإن نسبة املنطق إىل املعاين اليتأنه مل تكن املعاين مقومة باملنطق قبله فقومها بل مبعىن أنه جرد آلته عن املادة فقومها تقريبا إىل أذهان املتعلمني حىت

١١٩ \ ٢( ال أنه أمجل القول فيه يكون كامليزان عندهم يرجعون إليه عند اشتباه الصواب باخلطأ واحلق بالباطل إإمجال املمهدين وفصله املتأخرون تفصيل الشارحني وله حق السبق وفضيلة التمهيد وكتبه يف الطبيعيات واإلهليات )

واألخالق معروفة وهلا شروح كثرية نا وأرودنا نكتا وحنن اخترنا يف نقل مذهبه شرح ثامسطيوس الذي اعتمده مقدم املتأخرين ورئيسهم أبو علي بن سي

من كالمه يف اإلهليات وأحلنا باقي مقاالته يف املسائل على نقل املتأخرين إذ مل خيالفوه يف رأي وال نازعوه يف حكم بل هم كاملقلدين له املتهالكني عليه وليس األمر على ما مالت ظنوهنم إليه

يف إثبات واجب الوجود الذي هو احملرك األول : املسألة األوىل : قال يف كتاب أثولوجيا من حرف الالم

اثنان طبيعيان وواحد غري متحرك : إن اجلوهر يقال على ثالثة أضرب إنا وجدنا املتحركات على اختالف جهاهتا وأوضاعها وال بد لكل متحرك من حمرك فإما أن يكون احملرك : قال

متحرك وال جيوز أن يكون فيه معىن ما بالقوة متحركا فيتسلسل القول فيه وال يتحصل وإال فيستند إىل حمرك غريفإنه حيتاج إىل شيء آخر خيرجه من القوة إىل الفعل إذ هو ال يتحرك من ذاته من القوة إىل الفعل فالفعل إذن أقدم

من القوة وما بالفعل أقدم على ما بالقوة

Page 199: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ج إىل واجب به جيب وكل جائز وجوده ففي طبيعته معىن ما بالقوة وهو اإلمكان واجلواز فيحتاوكذلك كل متحرك فيحتاج إىل حمرك فواجب الوجود بذاته ذات وجودها غري مستفاد من وجود غريه وكل

موجود فوجوده مستفاد عنه بالفعل وجائز الوجود له يف نفسه وذاته اإلمكان وذلك إذا أخذته بال شرط وإذا أخذته بشرط علته فله الوجوب وغذا

فله االمتناع أخذته بشرط ال عليه )١٢٠ \ ٢ (

يف أن واجب الوجود واحد : املسألة الثانية إن الكثرة بعد االتفاق يف احلد : أخذ أرسطوطاليس يوضح أن املبدأ األول واحد من حيث أن العامل واحد ويقول

ال خيالط القوة فإذن احملرك ليست إال يف كثرة العنصر وأما ما هو باآلنية األوىل فليس له عنصر ألنه متام قائم بالفعل األول واحد بالكلمة والعدد أي باالسم والذات

فمحرك العامل واحد ألن العامل واحد : قال هذا نقل ثامسطيوس وأخذ من نصر مذهبه يوضح أن املبدأ األول واحد من حيث إنه واجب الوجود لذاته

التواطؤ فيشملها جنسا وينفصل أحدمها عن اآلخر ولو كان كثريا حلمل واجب الوجود عليه وعلى غريه ب: قال نوعا فتتركب ذاته من جنس وفصل فتسبق أجزاء املركب على املركب سبقا بالذات فال يكون واجبا بذاته

وألنه لو مل يكن هو بعينه واجب الوجود لذاته عنه بل لشيء عنه واجب بذاته بل ألمر خارج عنه لكان واجب رج فلم يكن واجبا بذاته هذا خلف الوجود بذلك األمر اخلا

: املسألة الثالثة يف أن واجب الوجود لذاته عقل لذاته وعاقل ومعقول لذاته عقل من غريه أو مل يعقل

أما أنه عقل فألنه جمرد عن املادة منزه عن اللوازم املادية فال حتتجب ذاته عن ذاته وأما أنه عاقل لذاته فألنه جمرد لذاته

معقول لذاته فألنه غري حمجوب عن ذاته بذاته أو بغريه وأما أنه األول يعقل ذاته مث من ذاته يعقل كل شيء فهو يعقل العامل العقلي دفعة واحدة من غري احتياج إىل انتقال : قال

نا على أهنا أمور خارجة عنه فيعقلها منها كحال) ١٢١ \ ٢( وتردد من معقول إىل معقول وأنه ليس يعقل األشياء عند احملسوسات بل يعقلها من ذاته وليس كونه عاقال وعقال بسبب وجود األشياء املعقولة حىت يكون وجودها قد جعله عقال بل األمر بالعكس أي عقله لألشياء جعلها موجودة وليس لألول شيء يكمله فهو الكامل لذاته املكمل

لغريه فال يستفيد وجوده كماال األشياء من األشياء لكان وجودها متقدما على وجوده ويكون جوهره يف نفسه ويف قوامه وأيضا فإنه لو كان يعقل

ويف طباعه أن يقبل معقوالت األشياء من األشياء فيكون يف طباعه ما هو بالقوة من حيث يكمل مبا هو خارج عنه يف طباع نفسه وباعتبار نفسه لوال ما هو خارج عنه مل يكن له ذلك املعىن وكان فيه عدمها فيكون الذي: حىت يقال

من غري إضافة إىل غريه أن يكون عادما للمعقوالت ومن شأنه أن يكون له ذلك فيكون باعتبار نفسه خمالطا لإلمكان والقوة وإذا فرضنا أنه مل يزل وال يزال موجودا بالفعل فيجب أن يكون له من ذاته األمر األكمل األفضل

ال من غريه ذاته عقل ما يلزمها لذاهتا بالفعل وعقل كونه مبدأ وعقل كل ما يصدر عنه على ترتيب الصدور وإذا عقل : وقال

Page 200: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عنه وإال فلم يعقل ذاته بكنهها قال وإن كان ليس يعقل بالفعل فما الشيء الكرمي الذي له وهو الكون الناقص كماله ؟ فيكون حاله كحال النائم

األشياء متقدمة عليه بتقدم ما يقبله ذاته وإن كان يعقل األشياء من األشياء فتكون وإن كان يعقل األشياء من ذاته فهو املرام واملطلب

فإما : إن كان جوهره العقل وأن يعقل : وقد يعرب عن هذا الغرض بعبارة أخرى تؤدي قريبا من هذا املعىن فيقول : أن يعقل ذاته أو غريه

غري مضاف إىل ما يعقله وهل هلذا املعترب بنفسه فضل وجالل مناسب فإن كان يعقل شيئا آخر فما هو يف حد ذاته ألن يعقل بأن يكون بعض األحوال أن يعقل له أفضل من أن ال يعقل ؟ أو بأن ال يعقل يكون له أفضل من أن يعقل

يث يف ذاته من ح) ١٢٢ \ ٢( فإنه ال ميكن القسم اآلخر وهو أن يكون يعقل الشيء اآلخر أفضل من الذي له هو يف ذاته شيء يلزمه أن يعقل فيكون فضله وكماله بغريه وهذا حمال

يف أن واجب الوجود ال يعتريه تغري وتأثر من غريه بأن يبدع أو يعقل : املسألة الرابعة الباري تعاىل عظيم الرتبة جدا غري حمتاج إىل غريه وال متغري بسبب من غريه سواء كان التغري زمانيا أو كان: قال

تغريا بأن ذاته تقبل من غريه أثرا وإن كان دائما يف الزمان وإمنا ال جيوز له أن يتغري كيفما كان ألن انتقاله إمنا يكون إىل الشر ال إىل اخلري ألن كل رتبة غري رتبته فهي دون رتبته وكل شيء يناله ويوصف به فهو دون نفسه

إن التغري إىل الشيء الذي هو شر : ية زمانية وهذا معىن قوله وال يكون أيضا مناسبا للحركة خصوصا إن كانت بعد وقد ألزم على كالمه أنه إذا كان األول يعقل أبدا ذاته فإنه يتعب ويكل ويتغري ويتأثر

وأجاب ثامسطيوس عن هذا بأنه إمنا ال يتعب ألنه يعقل ذاته وكما ال يتعب من أن حيب ذاته فإنه ال يتعب من أن يعقل ذاته

ليست العلة أنه لذاته يعقل أو لذاته حيب بل ألنه ليس مضادا لشيء يف : ال أبو علي احلسني بن عبد اهللا بن سينا وقاجلوهر العاقل فإن التعب هو أذى يعرض لسبب خروج عن الطبيعة وإمنا يكون ذلك إذا كانت احلركات اليت

ض الذي ليس فيه منافاة بوجه فلم جيب أن يكون تتواىل مضادة ملطلوب الطبيعة فأما الشيء املالئم واللذيذ احمل تكرره متعبا ؟

)١٢٣ \ ٢ ( : يف أن واجب الوجود حي بذاته باق بذاته : املسألة اخلامسة

أي كامل يف أن يكون بالفعل مدركا لكل شيء نافذ األمر يف كل شيء وأما هناك فاملشار إليه بلفظ احلياة هو إن احلياة اليت عندنا يقترن هبا من إدراك خسيس وحتريك خسيس: وقال

كون العقل التام بالفعل الذي يتعقل من ذاته كل شيء وهو باق الدهر أزيل فهو حي بذاته باق بذاته عامل بذاته وإمنا ترجع مجيع صفاته إىل ما ذكرنا من غري تكثر وال تغري يف ذاته

د يف أنه ال يصدر عن الواحد إال واح: املسألة السادسة الصادر األول هو العقل الفعال ألن احلركات إذا كانت كثرية ولكل متحرك حمرك فيجب أن يكون عدد : قال

احملركات حبسب عدد املتحركات فلو كانت احملركات واملتحركات تنسب إليه ال على ترتيب أول وثان بل مجلة كثر ذاته وقد أقمنا الربهان على أنه واحد واحدة لتكثرت جهات ذاته بالنسبة إىل حمرك حمرك ومتحرك متحرك فتت

من كل وجه فلن يصدر عن الواحد من كل وجه إال واحد وهو العقل الفعال وله يف ذاته وباعتبار ذاته إمكان

Page 201: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الوجود وباعتبار علته وجوب الوجود فتكثر ذاته ال من جهة علته فيصدر عنه شيئان مث يزيد التكثري يف األسباب الكل ينسب إليه فتتكثر املسببات و

)١٢٤ \ ٢ ( يف عدد املفارقات : املسألة السابعة

إذا كان عدد املتحركات مترتبا على عدد احملركات فتكون اجلواهر املفارقة كثرية على ترتيب أول وثان : قال للحركة فلكل كرة متحركة حمرك مفارق غري متناهي القوة حيرك كما حيرك املشتهي واملعشوق وحمرك آخر مزاول

نفس مزاول فاحملركات املفارقة حترك على أهنا : عقل مفارق والثاين : فيكون صورة للجرم السماوي فاألول مشتهاة معشوقة واحملركات املزاولة حترك على أهنا مشتهية عاشقة

مث يطلب عدد احملركات من عدد حركات األكر وذلك شيء مل يكن ظاهرا يف زمانه وإمنا ظهر بعد : تسع ملا دل الرصد عليها فالعقول املفارقة عشرة : ر واألك

تسعة مدبرات النفوس التسعة املزاولة وواحد هو العقل الفعال

يف أن األول مبتهج بذاته : املسألة الثامنة : قال أرسطوطاليس

ن حيث يشعر به الشعور بالكمال الواصل إليه م: هو الشعور باملالئم ويف املعقوالت : اللذة يف احملسوسات مغتبط بذاته ملتذ هبا ألنه يعقل ذاته على كمال حقيقتها وشرفها وإن جل عن أن ينسب إليه لذة انفعالية : فاألول

بل جيب أن يسمى ذلك هبجة وعالء وهباء كيف وحنن نلتذ بإدراك احلق وحنن مصروفون عنه مردودون يف قضاء ا ناس وذلك لضعف عقولنا وقصورنا يف املعقوالت وانغماسنا يف حاجات خارجة عما يناسب حقيقتنا اليت حنن هب

الطبيعة البدنية لكنا نتوصل على سبيل االختالس فيظهر لنا اتصال باحلق األول فيكون كسعادة عجيبة يف زمان خطفة قليل جدا وهذه احلال له أبدا وهو لنا غري ممكن ألنا مذنبون وال ميكننا أن نشيم تلك البارقة اإلهلية إال

وخلسة )١٢٥ \ ٢ (

يف صدور نظام الكل وترتيبه عنه : املسألة التاسعة اثنان طبيعيان وواحد غري متحرك : قد بينا أن اجلوهر يقال على ثالثة أضرب : قال

مبدأ وقد بينا القول يف الواحد غري املتحرك وأما االثنان الطبيعيان فهما اهليوىل والصورة أو العنصر والصورة ومها األجسام الطبيعية

وأما العدم فيعد من املبادئ بالعرض ال بالذات فاهليوىل جوهر قابل للصورة والصورة معىن ما يقترن باجلوهر فيصري به نوعا كاجلزء املقوم له ال كالعرض احلال فيه والعدم ما يقابل الصورة فإنا مىت تومهنا أن الصورة مل تكن فيجب أن

م الصورة والعدم املطلق مقابل للصورة املطلقة والعدم اخلاص مقابل للصورة اخلاصة يكون يف اهليوىل عدوأول الصورة اليت تسبق إىل اهليوىل هي األبعاد الثالثة فتصري جرما ذا طول وعرض وعمق وهي اهليوىل الثانية : قال

فاعلتان والرطوبة واليبوسة املنفعلتان احلرارة والربودة ال: وليست بذات كيفية مث تلحقها الكيفيات ألربع اليت هي النار واهلواء واملاء واألرض وهي اهليوىل الثالثة مث تتكون منها : فتصري األركان واألسطقسات األربعة اليت هي

املركبات اليت تلحقها األعراض والكون والفساد ويكون بعضها هيوىل بعض

Page 202: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اصة دون احلس وذلك أن اهليوىل عندنا مل تكن معراة عن الصورة وإمنا رتبنا هذا الترتيب يف العقل والوهم خ: قال قط فلم نقدر يف الوجود جوهرا مطلقا قابال لألبعاد مث حلقته األبعاد والجسما عاريا عن هذه الكيفيات مث عرض له

ذلك وإمنا هو عند نظرنا فيما هو أقدم بالطبع وأبسط يف الوهم والعقل ه الطبائع ال تقبل الكون والفساد وال يطرأ عليها االستحالة والتغري وهي طبيعة مث أثبت طبيعة خامسة وراء هذ

السماء وليس يعين باخلامسة طبيعة من جنس هذه الطبائع بل معىن ذلك أن طبائعها خارجة عن هذه

مث هي كلها على تركيبات خيتص كل تركيب خاص بطبيعة خاصة ويتحرك حبركة خاصة ولكل متحرك حمرك مفارق ) ١٢٦ \ ٢( وحمرك مزاول

واملتحركات أحياء ناطقون واحليوانية والناطقية هلا مبعىن آخر وإمنا حيمل ذلك عليها وعلى اإلنسان باالشتراك فترتيب العامل كله علويه وسفليه على نظام واحد وصار النظام يف الكل حمفوظا بعناية املبدأ األول على أحسن

اخلري ترتيب وأحكم قوام متوجها إىلوترتيب املوجودات كلها يف طباع الكل على نوع نوع ليس على ترتيب املساواة فليس حال السباع كحال الطري

وال حاهلا كحال النبات وال حال النبات كحال احليوان وليس مع هذا التفاوت منقطعا بعضها عن بعض حبيث ال ينسب بعضها إىل بعض بل هناك مع االختالف : قال

وإضافة جامعة للكل جتمع الكل إىل األصل األول الذي هو املبدأ لفيض اجلود والنظام يف الوجود على ما اتصال ميكن يف طباع الكل أن يترتب عنه

وترتيب الطباع يف الكل كترتيب املنزل الواحد من األرباب واألحرار والعبيد والبهائم والسباع فقد مجعهم : قال منهم مكانا خاصا وقدر له عمال خاصا ليس قد أطلق هلم أن يعملوا ما شاءوا صاحب املنزل ورتب لكل واحد

وأحبوا فإن ذلك يؤدي إىل تشويش النظام فهم وإن اختلفوا يف مراتبهم وانفصل بعضهم عن بعض بأشكاهلم وصورهم منتسبون إىل مبدأ واحد صادرون عن رأيه وأمره مصرفون حتت حكمه وقدره

العامل بأن يكون هناك أجزاء أول مفردة متقدمة هلا أفعال خمصوصة مثل السماوات وحمركاهتا فكذلك جتري احلال يف ومدبراهتا وما قبلها من العقل الفعال وأجزاء مركبة متأخرة جتري أكثر أمورها على االتفاق املخلوط بالطبع

ه واإلرادة واجلرب املمزوج باالختيار مث ينسب الكل إىل عناية الباري جلت عظمت : يف أن النظام يف الكل متوجه إىل اخلري والشر واقع يف القدر بالعرض : املسألة العاشرة

ملا اقتضت احلكمة اإلهلية نظام العامل على أحسن إحكام وإتقان ال إلرادة وقصد إىل أمر يف السافل حىت يقال : قال ال على السافل فيضا ألمر أعلى من ذلك مث) ١٢٧ \ ٢( إمنا أبدع العقل مثال لغرض يف السافل حىت يفيض :

وهو أن ذاته أبدع ما أبدع لذاته ال لعلة وال لغرض فوجدت املوجودات كاللوازم واللواحق مث توجهت إىل اخلري ألهنا صادرة عن أصل اخلري وكان املصري يف كل حال إىل رأس واحد الية اليت كلها خري مثل املطر الذي مل خيلق إال مث رمبا يقع شر وفساد من مصادمات يف األسباب السافلة دون الع

خريا ونظاما للعامل فيتفق أن خيرب به بيت عجوز فإن وقع كان ذلك واقعا بالعرض ال بالذات أو بأن ال يقع شر جزئي يف العامل ال تقتضي احلكمة أن ال يوجد خري كلي فإن فقدان املطر أصال شر كلي وختريب بيت عجوز شر

للنظام الكلي ال للجزئي فالشر إذن واقع يف القدر بالعرض جزئي والعاملإن اهليوىل قد لبست الصور على درجات ومراتب وإمنا يكون لكل درجة ما حتتمله يف نفسها دون أن يكون : وقال

Page 203: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يف الفيض األعلى إمساك عن بعض وإفاضة على بعض فالدرجة األوىل احتماهلا على حنو أفضل دون ذلك والذي من العناصر دون اجلميع ألن كل ماهية من ماهيات هذه األشياء إمنا حتتمل ما تستطيع أن تلبس من الفيض عندنا

على النحو الذي هيئت له ولذلك تقع العاهات والتشويهات يف األبدان ملا يلزم من ضرورة املادة الناقصة اليت ال تقبل الصورة على كماهلا األول والثاين

مور على هذا املنهاج أجلأتنا الضرورة إىل أن نقع يف حماالت وقع فيها من قبلنا كالثنوية وغريهم إن مل جنر األ: قال : يف كون احلركات سرمدية وأن احلوادث مل تزل : املسألة احلادية عشرة

إن صدور الفعل عن احلق األول إمنا يتأخر ال بزمان بل حبسب الذات والفعل ليس مسبوقا بعدم بل هو: قال مسبوق بذات الفاعل فقط ولكن القدماء ملا أرادوا أن يعربوا عن العلية افتقروا إىل ذكر القبلية وكانت القبلية يف

وكذلك يف املعىن عند من مل يتدرب فأومهت عباراهتم أن فعل األول احلق فعل ) ١٢٨ \ ٢( اللفظ تتناول الزمان زماين وأن تقدمه تقدم زماين

أن احلركات حتتاج إىل حمرك غري متحرك وحنن أثبتنا : قال : احلركات ال ختلو : مث نقول

إما أن تكون مل تزل أو تكون قد حدثت بعد أن مل تكن وقد كان احملرك هلا موجودا بالفعل قادرا ليس ميانعه مانع من أن تكون عنه وال

حدث حادث يف حال ما أحدثها فرغبه ومحله على الفعل قد كان ال يقدر أن : دث إمنا حيدث عنه وليس شيء غريه يعوقه أو يرغبه وال ميكن أن يقال إذن كان مجيع ما حي

يكون عنه مقدور فقدر أو مل يرد فأراد أو مل يعلم فعلم فإن ذلك كله يوجب االستحالة ويوجب أن يكون شيء آخر غريه هو الذي أحاله

أقوى واالستحالة والتغري عن املانع حركة أخرى استدعت إنه منعه مانع يلزم أن يكون السبب املانع : وإن قلنا حمركا وباجلملة كل سبب ينسب إليه احلادث يف زمان حدوثه بعد جوازه يف زمان قبله وبعده فإن ذلك السبب

جزئي خاص أوجب حدوث تلك احلادثة اليت مل تكن قبل ذلك وإال فاإلرادة الكلية والقدرة الشاملة والعلم الواسع يس خيتص بزمان دون زمان بل نسبته إىل األزمان كلها نسبة واحدة فال بد لكل حادث من سبب حادث العام ل

ويتعاىل عنه الواحد احلق الذي ال جيوز عليه التغيري واالستحالة وإذا كان البد من حمرك للمحركات ومن حامل للحركات تبني أن احملرك سرمدي واحلركات سرمدية : قال

ية فاملتحركات سرمدإن حامل احلركة وهو اجلسم مل حيدث لكنه عن سكون وجب أن يعثر على السبب الذي يغري من : فإن قيل

السكون إىل احلركة إن ذلك اجلسم حدث فقد تقدم حدوث اجلسم حدوث احلركة فقد بان أن احلركة واملتحرك والزمان : فإن قلنا

الذي هو عاد للحركة أزلية سرمدية مستقيمة وإما مستديرة إما: واحلركات

واالتصال ال يكون إال للمستديرة ألن املستقيم ينقطع واالتصال أمر ضروري لألشياء األزلية فإن الذي يسكن ليس بأزيل

)١٢٩ \ ٢ (

Page 204: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

والزمان متصل ألنه ال ميكن أن يكون قطعا مبتورة فيجب من ذلك أن تكون احلركة متصلة وإذا كانت املستديرة صلة فيجب أن تكون هي أزلية فيجب أن يكون حمرك هذه احلركة املستديرة أيضا أزليا إذ ال يكون هي وحدها مت

ما هو أخس علة ملا هو أفضل وال فائدة يف حمركات ساكنة غري متحركة كالصور األفالطونية فال ينبغي أن يضع هذه الطبيعة بال فعل فتكون متعطلة غري قادرة أن حتيل وحترك

: يف كيفية تركب العناصر : نية عشرة املسألة الثاكل موجود ففعله مثل طبيعته فما كانت طبيعته بسيطة ففعله بسيط واهللا تعاىل واحد : حكى فرفريوس عنه أنه قال

بسيط ففعل اهللا تعاىل واحد بسيط وكذلك فعله االجتالب إىل الوجود فإنه لكن اجلوهر ملا كان وجوده باحلركة ركة وذلك أنه ليس للجوهر أن يكون موجودا من ذاته مبنزلة الوجود األول احلق لكن من كان بقاؤه أيضا باحل

التشبه بذلك األول احلق وكل حركة تكون إما أن تكون مستقيمة أو مستديرة الطول والعرض والعمق : جيب أن تكون متناهية واجلوهر يتحرك يف األقطار الثالثة اليت هي : فاحلركة املستقيمة

خطوط مستقيمة حركة متناهية فيصري بذلك جسما على وبقي عليه أن يتحرك باالستدارة على اجلهة اليت ميكن فيها حركة بال هناية وال يسكن يف وقت من األوقات إال أنه

ليس ميكن أن يتحرك بأمجعه حركة على االستدارة وذلك أن الدائر حيتاج إىل شيء ساكن يف وسط منه كالنقطة وهر فتحرك بعضه على االستدارة وهو الفلك وسكن بعضه يف الوسط فانقسم اجل

وكل جسم يتحرك فيماس جسما ساكنا ويف طبيعته قبول التأثري منه أحدث سخونة فيه وإذا سخن لطف : قال واحنل وخف فكانت طبيعة النار تلي تلك الفلك املتحرك فال يتحرك بأمجعه ) ١٣٠ \ ٢( ر فتكون حركته أقل واجلسم الذي يلي النار يبعد عن الفلك ويتحرك حبركة النا

لكن جزء منه فيسخن دون سخونة النار وهو اهلواء واجلسم الذي يلي اهلواء ال يتحرك لبعده عن احملرك له فهو بارد لسكونه ورطب جملاورة اهلواء احلار الرطب ولذلك

احنل قليال وهو املاء اية عن الفلك ومل يستفد من حركته شيئا وال قبل منه تأثريا فيبس وبرد وهو واجلسم الذي يف الوسط فإنه بعد يف الغ

األرض وإذا كانت هذه األجسام تقبل التأثري بعضها من بعض وختتلط يتولد عنها أجسام مركبة وهي املركبات احملسوسات

املعادن والنبات واحليوان واإلنسان : اليت هي يضا خاصا على ما قدره الباري جلت قدرته مث خيتص بكل نوع طبيعة خاصة تقبل ف

: يف اآلثار العلوية : املسألة الثالثة عشرة : الذي يتصاعد من األجسام السفلية إىل اجلو ينقسم قسمني : قال أرسطوطاليس

أدخنة نارية بإسخان الشمس وغريها : أحدمها فتتكاثف وجتتمع بسبب ريح أو غريها فتصري ضبابا أخبرة مائية فتصعد إىل اجلو وقد صحبتها أجزاء أرضية: والثاين

أو سحابا فتصادفها برودة فتعصر ماء وثلجا وبردا فتنزل إىل مركز املاء وذلك الستحالة األركان بعضها إىل بعض فكما أن املاء يستحيل هواء فيصعد كذلك اهلواء يستحيل ماء فينزل

اندفعت مرة مسع هلا صوت وهو الرعد ويلمع من اصطكاكها مث الرياح واألدخنة إذا اختفت يف خالل السحاب و وشدة صمتها ضياء وهو الربق

Page 205: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وقد يكون من األدخنة ما تكون الدهنية على مادهتا أغلب فيشتعل فيصري شهابا ثاقبا وهي الشهب ومنها ما حيترق يف اهلواء فيتحجر فينزل حديدا أو حجرا

ل صاعقة ومنها ما حيترق نارا فيدفعها دافع فينز ومن املشتعالت ما يبقى فيه االشتعال ووقف حتت كوكب ودارت به النار الدائرة بدوران الفلك فكان ذنبا له

ورمبا كان عريضا فرئي كأنه حلية كوكب كما يقع على املرائي واجلدران ) ١٣١ \ ٢( ورمبا وقع على صقيل الظاهر من السحاب صور النريان وأضواؤها

ذلك على أحوال خمتلفة حبسب اختالف بعدها من النري وقرهبا وصفائها وكدورهتا فريى هالة وقوس الصقلية فريى قزح ومشوس وشهب واجملرة

" باآلثار العلوية والسماء والعامل وغريمها " وذكر أسباب كل واحد من هذه يف كتابه املعروف : ا بالبدن يف النفس اإلنسانية الناطقة واتصاهل: املسألة الرابعة عشرة

النفس اإلنسانية ليست جبسم وال قوة يف جسم : قال : وله يف إثباهتا مآخذ

منها االستدالل على وجودها باحلركات اإلختيارية ومنها االستدالل عليها بالتصورات العلمية

اته طبيعية أو ال نشك أن احليوان يتحرك إىل جهات خمتلفة حركة اختيارية إذ لو كانت حرك: أما األول فقال قسرية لتحرك إىل جهة واحدة ال ختتلف البتة فلما حتركت إىل جهات متضادة علم أن حركاته اختيارية واإلنسان

مع أنه خمتار يف حركاته كاحليوان إال أنه يتحرك ملصاحل عقلية يراها يف عاقبة كل أمر فال تصدر عنه حركاته إال إىل كل حال واحليوان ليست حركاته بطبعه على هذا النهج فيجب أن يتميز غرض وكمال وهو يف معرفته يف عاقبة

اإلنسان بنفس خاص كما متيز احليوان على سائر املوجودات بنفس خاص إنا ال نشك أن نعقل ونتصور أمرا معقوال صرفا مثل املتصور من اإلنسان أنه : وأما الثاين وهو املعول عليه قال نوع وحمل هذا املعقول جوهر ليس جبسم وال قوة يف جسم أو صورة جلسم فإنه إن إنسان كلي يعم مجيع أشخاص ال

: كان جسما فإما أن يكون حمل الصورة املعقولة منه طرفا منه ال ينقسم

أو مجلته املنقسمة خلط فإن وبطل أن يكون طرفا منه غري منقسم فإنه لو كان كذلك لكان احملل كالنقطة اليت ال متيز هلا يف الوضع عن ا

القول فيه فتكون النقط متشافعة ) ١٣٢ \ ٢( الطرف هناية اخلط والنهاية ال يكون هلا هناية أخرى وإال تسلسل ولكل هناية وذلك حمال

وإن كان حمل املعقول من اجلسم شيئا ينقسم فيجب أن ينقسم املعقول بانقسام حمله ومن املعقوالت ما ال ينقسم أن يكون شيئا كالشكل واملقدار واإلنسانية الكلية املتصورة يف الذهن ليست كشكل قابل البتة فإن ما ينقسم جيب

للقطع وال كمقدار قابل للفصل فتبني أن النفس ليست جبسم وال قوة يف جسم وال صورة يف جسم : يف وجه اتصاهلا بالبدن ووقت اتصاهلا : املسألة اخلامسة عشرة

مل تتصل بالبدن اتصال انطباع فيه وال حلول فيه بل اتصلت به اتصال تدبري إذا حتقق أهنا ليست جبسم : قال وتصرف وإمنا حدثت مع حدوث البدن ال قبله وال بعده

Page 206: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ألهنا لو كانت موجودة قبل وجود األبدان لكانت إما متكثرة بذواهتا وإما متحدة : قال : وبطل األول فإن املتكثر

د فرضناها متفقة يف النوع ال اختالف فيها فال تكثر وال حتايز إما أن يكون باملاهية والصورة وقوإما أن تكون متكثرة من جهة النسبة إىل العنصر واملادة املتكثرة باألمكنة واألزمنة وهذا حمال أيضا فإنا إذا

فيها وأن فرضناها قبل البدن ماهية جمردة ال نسبة هلا إىل مادة دون مادة وهي من حيث إهنا ماهية ال اختالف األشياء اليت ذواهتا معان تتكثر تنوعاهتا باحلوامل والقوابل واملنفعالت عنها

وإذا كانت جمردة فمحال أن يكون بينها مغايرة ومكاثرة ولعمري إهنا تبقى بعد البدن متكثرة فإن األنفس قد وجد كل منها ذاتا منفردة باختالف موادها اليت كانت

باختالف هيئات وملكات حصلت عند االتصال بالبدن فهي حادثة مع حدوث البدن وباختالف أزمنة حدوثها وتصريه نوعا كسائر الفصول الذاتية وباقية بعد مفارقة البدن بعوارض معينة له مل توجد تلك العوارض قبل اتصاهلا

بالبدن وهبذا الدليل فارق أستاذه وفارق قدماءه )١٣٣ \ ٢ (

ا يدل على أنه يعتقد أن النفس كانت موجودة قبل وجود األبدان فحمل بعض مفسري وقد وجد يف أثناء كالمه مإن النار موجودة يف : كالمه قوله ذلك على أنه أراد به الفيض والصور املوجودة بالقوة يف واهب الصور كما يقال

يف الشمس احلجر والشجر أو اإلنسان موجود يف النطفة والنخلة موجودة يف النواة والضياء موجود اختصت كل نفس إنسانية خباصية : ومنهم من أجراه على ظاهره وحكم بالتمييز بني النفوس باخلواص اليت هلا وقال

مل يشاركها فيها غريها فليست متفقة بالنوع أعين النوع األخري ع واألفعال واستعداد كل ومنهم من حكم بالتمييز بالعوارض اليت هي مهيأة حنوها وكما أهنا تتمايز باألبدان والصنائ

نفس لصنعة خاصة وعلم خاص فتنهض هذه فصوال ذاتية أو عوارض الزمة لوجودها : يف بقائها بعد البدن وسعادهتا يف العامل العقلي : املسألة السادسة عشرة

كماهلا إن النفوس اإلنسانية إذا استكملت قويت العلم والعمل تشبهت باإلله سبحانه وتعاىل ووصلت إىل: قال : وإمنا هذا التشبه بقدر الطاقة يكون

إما حبسب االستعداد وإما حبسب االجتهاد

فإذا فارق البدن اتصل بالروحانيني واخنرط يف سلك املالئكة املقربني ويتم له االلتذاذ واالبتهاج وليس كل اللذة نية تنتهي إىل حد ويعرض للملتذ سآمة فهي جسمانية فإن تلك اللذات لذات نفسانية عقلية وهذه اللذة اجلسما

وكالل وضعف وقصور إن تعدى عن احلد احملدود خبالف اللذات العقلية فإهنا حيثما ازدادت ازداد الشوق واحلرص والعشق إليها

وكذلك القول يف اآلالم النفسانية فإهنا تقع بالضد مما ذكرنا حشرا وال نشرا وال احنالال هلذا الرباط احملسوس من العامل وال لألنفس ومل يثبت ) ١٣٤ \ ٢( ومل حيقق املعاد إال

إبطاال لنظامه كما ذكره القدماء فهذه نكت كالمه استخرجناها من مواضع خمتلفة وأكثرها من شرح ثامسطيوس وكالم الشيخ أيب علي بن سينا

الذي يتعصب له وينصر مذهبه وال يقول من القدماء إال به

Page 207: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

سينا عند ذكر فالسفة اإلسالم إن شاء اهللا تعاىل وسنذكر طريقة ابنوحنن اآلن ننقل كلمات حكمية ألصحاب أرسطوطاليس ومن نسج على منواله بعده دون اآلراء العلمية إذ ال

خالف بينهم يف اآلراء والعقائد كان يف ووجدت كلمات وفصوال للحكيم أرسطوطاليس من كتب متفرقة فنقلتها على الوجه الذي وجدت وإن

بعضها ما يدل على أن رأيه على خالف ما نقله ثامسطيوس واعتمده ابن سينا فليس يكون أحدمها من صاحبه بل جيب أن -أعين الصور املتضادة -األشياء احملمولة : ومنها يف حدوث العامل قال

ىن وجب أن يكون له بدء ألن يكون بعد صاحبه فيتعاقبان على املادة فقد بان أن الصورة تدثر وتبطل وإذا دثر معالدثور غاية وهو أحد اجلانبني يدل على أن جائيا جاء به فقد صح أن الكون حادث ال من شيء وأن احلامل هلا غري

يدل على أن حاملها ذو بدء وغاية وأنه حادث ال من -وهي ذات بدء وغاية -ممتنع الذات من قبوهلا ومحله إياها له وال غاية ألن الدثور آخر واآلخر ما كان له أول فلو كانت اجلواهر والصور مل شيء ويدل على حمدث ال بدء

يزاال فغري جائز استحالتهما ألن االستحالة دثور الصورة اليت هبا كان الشيء املستحيل يف الكون ) ١٣٥ \ ٢( وخروج الشيء من حد إىل حد ومن حال إىل حال يوجب دثور الكيفية وتردد

على دثوره وحدوث أحواله يدل على ابتدائه وابتداء جزئه يدل على بدء كله وواجب إن قبل بعض والفساد يدل ما يف العامل الكون والفساد أن يكون كل العامل قابال له وكان له بدء يقبل الفساد وآخر يستحيل إىل كون فالبدء

والغاية يدالن على املبدع ا كان مل يزل وال شيء غريه مث أحدث العامل فلم أحدثه ؟ إذ: وقد سأل بعض الدهرية أرسطوطاليس وقال

مل غري جائزة عليه ألن مل تقتضي علة والعلة حممولة فيما هي علة له من معل فوقه وال علة فوقه وليس : فقال له مبركب فتحتمل ذاته العلل فلم عنه منتفية فإمنا فعل ما فعل ألنه جواد

ل ألنه جوادا مل يزل فيجب أن يكون فاعال مل يز: فقيل أن ال أول وفعل يقتضي أوال واجتماع ما ال أول له وذو أول يف القول والذات حمال متناقض : معىن مل يزل : قال

فهل يبطل هذا العامل ؟ : قيل له نعم : قال فإذا أبطله بطل اجلود : قيل مت كالمه . ة حتتمل الفساد سيبطله ليصوغ الصيغة اليت ال حتتمل الفساد ألن هذه الصيغ: قال

ويعزى هذا الفصل إىل سقراطيس قاله لبقراطيس وهو بكالم القدماء أشبه : ومما نقل عن أرسطوطاليس حتديده العناصر األربعة

ما خلط بعض ذوات اجلنس ببعض وفرق بني بعض ذوات اجلنس من بعض : احلار : قال ذوات اجلنس ألن الربودة إذا مجدت املاء حىت يصري جليدا اشتملت ما مجع بني ذوات اجلنس وغري: البارد : وقال

على األجناس املختلفة من املاء والنبات وغريها العسري االحنصار من ذاته اليسري االحنصار من ذات غريه : والرطب : قال

اليسري االحنصار من ذاته والعسري االحنصار من ذات غريه : واليابس يدالن على الفعل واآلخران يدالن على االنفعال واحلدان األوالن

ونقل أرسطوطاليس عن مجاعة من الفالسفة أن مبادئ األشياء هي العناصر األربعة وعن بعضهم أن املبدأ األول هو

Page 208: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

٢. ( ظلمة وهاوية وفسره بقضاء وخالء وعماية وقد أثبت قوم من النصارى تلك الظلمة ومسوها الظلمة اخلارجة \ ١٣٦ (

من الناس من يكون طبعه مهيأ لشيء ال يتعداه فخالفه : ومما خالف أرسطوطاليس أستاذه أفالطون أن أفالطون قال إذا كان الطبع سليما صلح لكل شيء : وقال

وكان أفالطون يعتقد أن النفوس اإلنسانية أنواع يتهيأ كل نوع لشيء ما ال يتعداه وأرسطوطاليس يعتقد أن النفوس نوع واحد وإذا هتيأ صنف لشيء هتيأ له كل النوع واهللا املوفق اإلنسانية

:حكم اإلسكندر الرومي - ٢

وهو ذو القرنني امللك وليس هو املذكور يف القرآن بل هو ابن فيلبوس امللك وكان مولده يف السنة الثالثة عشرة من ملك دارا األكرب

ينياس فأقام عنده مخس سنني يتعلم منه احلكمة واألدب حىت بلغ سلمه أبوه إىل أرسطوطاليس احلكيم املقيم مبدينة إأحسن املبالغ ونال من الفلسفة ما مل ينله سائر تالميذه فاسترده والده حني استشعر من نفسه علة خاف منها فلما

وصل إليه جدد العهد له وأقبل عليه واستولت عليه العلة فتويف واستقل اإلسكندر بأعباء امللك إن أفضى إليك هذا األمر يوما ما فأين تضعين ؟ : مه أنه سأله معلمه وهو يف املكتب فمن حك

حبيث تضعك طاعتك يف ذلك الوقت : قال إنك تعظم مؤدبك أكثر من تعظيمك والدك ؟ : وقيل له

ألن أيب كان سبب حيايت الفانية ومؤديب هو سبب حيايت الباقية : قال حيايت ومؤديب سبب جتويد حيايت ألن أيب كان سبب: ويف رواية ألن أيب كان سبب كوين ومؤديب كان سبب نطقي : ويف رواية

لو قيل يل هذا لقلت ألن أيب كان قضى وطرا بالطبيعة اليت اختلفت بالكون والفساد : وقال أبو زكريا الصريمي ومؤديب أفادين العقل الذي به انطلقت إىل ما ليس فيه كون وال فساد

)١٣٧ \ ٢ ( واهللا ما أعد هذا اليوم من أيام عمري يف ملكي : وجلس اإلسكندر يوما فلم يسأله أحد حاجة فقال ألصحابه

ومل أيها امللك ؟ : قيل ألن امللك ال يوجد التلذذ به إال باجلود على السائل وإغاثة امللهوف ومكافأة احملسن وإال بإنالة الراغب : قال

وإسعاف الطالب امجع يف سياستك بني بدار ال حدة فيه وريث ال غفلة معه وامزج كل : يه أرسطوطاليس يف كالم طويل وكتب إل

شكل بشكله حىت يزداد قوة وعزة عن ضده حىت يتميز لك بصورته وصن وعدك عن اخللف فإنه شني وشب اخللق ومن اإلحسان وعيدك بالعفو فإنه زين وكن عبدا للحق فإن عبد احلق حر وليكن وكدك اإلحسان إىل مجيع وضع اإلساءة يف موضعها وأظهر ألهلك أنك منهم وألصحابك أنك هبم ولرعيتك أنك هلم

ال سجود لغري بارئ الكل بل حيق له السجود على من : وتشاور احلكماء يف أن يسجدوا له إجالال وتعظيما فقال كساه هبجة الفضائل

قواده ليقابله بالواجب وأغلظ له رجل من أهل أثينية فقام إليه بعض

Page 209: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

دعه ال تنحط إىل دناءته ولكن ارفعه إىل شرفك : فقال له اإلسكندر من كنت حتب احلياة ألجله فال تستعظم املوت بسببه : وقال اإلسكندر

امرأتك بنت دارا امللك وهي من أمجل النساء فلو قربتها إىل نفسك " روشنك " إن : وقيل له اإلسكندر " روشنك " غلب اإلسكندر دارا وغلبت : أكره أن يقال : قال

من الواجب على أهل احلكمة أن يسرعوا إىل قبول اعتذار املذنبني وأن يبطئوا عن العقوبة : وقال سلطان العقل على باطن العاقل أشد حتكما من سلطان السيف على ظاهر األمحق : وقال

)١٣٨ \ ٢ ( لجسد ليس املوت بأمل للنفس بل ل: وقال الذي يريد أن ينظر إىل أفعال اهللا عز و جل جمردة فليعف عن الشهوات : وقال إن نظم مجيع ما يف األرض شبيهة بالنظم السماوي ألهنا أمثال له حبق : وقال العقل ال يأمل يف طلب معرفة األشياء بل اجلسد يأمل ويسأم : وقال اويل احلكماء يرى رسم النفس النظر يف املرآة يرى رسم الوجه ويف أق: وقال

قلة االسترسال إىل الدنيا أسلم واالتكال على القدر أروح وعند حسن الظن تقر : ووجدت يف عضده صحيفة فيها العني وال ينفع مما هو واقع التوقي

ملا تؤثر ما ألطف قبول هذه اهليوىل الشخصية لصورهتا وانفعاهلا : إنه أخذ يوما تفاحة فقال : وقال بعضهم عنه الطبيعة فيها من األصباغ الروحانية من تركيب بسيط وبسيط مركب حسب متثيل النفس هلا كل ذلك دليل على

إبداع مبدع الكل وإله الكل وألطف منها قبول هذه النفس اإلنسانية لصورهتا العقلية وانفعاهلا ملا تؤثر النفس الكلية فيها من العلوم : ولو قيل

يب بسيط وبسيط مركب حسب متثيل العقل هلا وكل ذلك دليل على إبداع مبدع الكل وإله الروحانية من ترك الكل

وسأله أطوسايس الكليب أن يعطيه ثالث حبات ليست هذه عطية ملك : فقال اإلسكندر

أعطين مائة رطل من الذهب : فقال الكليب وال هذه مسألة كليب : فقال

إذ وصل إلينا اإلسكندر امللك فأقامنا يف جوف الليل وأدخلنا بستانا له لريينا كنا عند شرب املنجم: وقال بعضهم من تعاطى علم ما فوقه بلي جبهل ما حتته : النجوم فجعل شرب يشري إليها بيده ويسري حىت سقط يف بئر فقال

)١٣٩ \ ٢ ( ا نومه السعيد من ال يعرفنا وال نعرفه ألنا إذا عرفناه أطلنا يومه وأطرن: وقال استقلل كثري ما تعطي واستكثر قليل ما تأخذ فإن قرة عني الكرمي فيما يعطي ومسرة اللئيم فيما يأخذ وال : وقال

جتعل الشحيح أمينا وال الكذاب صفيا فإنه ال عفة مع شح وال أمانة مع كذب الظفر باحلزم واحلزم بإجالة الرأي وإجالة الرأي بتحصني األسرار : وقال

تويف اإلسكندر برومية املدائن وضعوه يف تابوت من ذهب ومحلوه إىل اإلسكندرية وكان قد عاش اثنتني وثالثني وملا سنة وملك اثنيت عشرة سنة وندب مجاعة من احلكماء لندبته

Page 210: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ى هذا يوم عظيم العربة أقبل من شره ما كان مدبرا وأدبر من خريه ما كان مقبال فمن كان باكيا عل: فقال بليموس من قد زال ملكه فليبكه

خرجنا إىل الدنيا جاهلني وأقمنا فيها غافلني وفارقناها كارهني : وقال ميالطوس يا عظيم الشأن ما كنت إال ظل سحاب اضمحل ملا أظل فما حتس مللكك أثرا وال تعرف له : وقال زينون األصغر

خربا لك وتوليت ما توىل عنك فلزمتك أوزاره وعاد على غريك أيها الساعي املغتصب مجعت ما خذ: وقال أفالطن الثاين

مهنؤه ومثاره أال تتعجبون ممن مل يعظنا اختيارا حىت وعظنا بنفسه اضطرارا : وقال فوطس

قد كنا باألمس نقدر على االستماع وال نقدر على القول واليوم نقدر على القول فهل نقدر على : وقال مسطورس االستماع ؟ انظروا إىل حلم النائم كيف انقضى وإىل ظل الغمام كيف اجنلى : وقال ثاون

كم قد أمات هذا الشخص لئال ميوت فمات فكيف مل يدفع املوت عن نفسه باملوت ؟ : وقال سوس طوى األرض العريضة فلم يقنع حىت طوى منها يف ذراعني : وقال حكيم

)١٤٠ \ ٢ ( أعوان وال آلة وال عدة غري سفره هذا ما سافر اإلسكندر سفرا بال: وقال آخر ما أرغبنا فيما فارقت وأغفلنا عما عانيت : وقال آخر مل يؤدبنا بكالمه كما أدبنا بسكوته : وقال آخر من ير هذا الشخص فليتق وليعلم أن الديون هكذا قضاؤها : وقال آخر م سقيم قد كان باألمس طلعته علينا حياة واليوم النظر إليه: وقال آخر قد كان يسأل عما قبله وال يسأل عما بعده : وقال آخر من شدة حرصه على االرتفاع احنط كله : وقال آخر اآلن تضطرب األقاليم ألن مسكنها قد سكن : وقال آخر اآلن وقت االنصراف ألن األشخاص يتوجهون من دار إىل دار واهللا تعاىل يبقى وال يفىن : وقال آخر

:وجانس الكليب حكم دي - ٣

وكان حكيما فاضال متقشفا ال يقتين شيئا وال يأوي إىل منزل وكأنه من قدرية الفالسفة ملا يوجد يف مدارج كالمه من امليل إىل القدر

ليس اهللا تعاىل علة الشرور بل اهللا تعاىل علة اخلريات والفضائل واجلود والعقل جعلها بني خلقه فمن كسبها : قال ناهلا ألنه ال يدرك اخلريات إال هبا ومتسك هبا

بأي شيء يكتسب الثواب ؟ : وسأله اإلسكندر يوما فقال بأفعال اخلريات وإنك لتقدر أيها امللك أن تكتسب يف يوم واحد ما ال تقدر الرعية أن تكسبه يف دهرها : قال

ما غذاؤك ؟ : وسأله عصبة من أهل اجلهل ما عفتم يعين احلكمة : قال

Page 211: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فما عفت ؟ : وا قال مااستطبتم يعين اجلهل : قال

كم عبدا لك ؟ : قالوا أربابكم يعين الغضب والشهوة واألخالق الرديئة الناشئة منهما : قال

ما أقبح صورتك : وقال له يوما ما صار يف وال ملكتم اخللقة احلسنة فتحمدوا عليها وأما) ١٤١ \ ٢( مل أملك اخللقة الذميمة فأالم عليها : قال

ملكي وأتى عليه تدبريي فقد استكملت تزيينه وحتسينه بغاية الطوق وقاصية اجلهد واستكملتم شني ما يف ملككم فما الذي يف امللك من التزيني والتهجني ؟ : قالوا : قال

لم وقطع فعمارة الذهن باحلكمة وجالء العقل باألدب وقمع الشهوة بالعفاف وردع الغضب باحل: أما التزيني احلرص بالقنوع وإماتة احلسد بالزهد وتذليل املرح بالسكون ورياضة النفس حىت تصري مطية قد ارتاضت فتصرفت

حيث صرفها فأرسها يف طلب العليات وهجر الدنيات تعطيل الذهن من احلكمة وتوسيخ العقل بضياع األدب وإثارة الشهوة باتباع اهلوى وإضرام : ومن التهجني

االنتقام وإمداد احلرص بالطلب الغضب ب استكثر منه : وقدم إليه رجل طعاما وقال له

عليك بتقدمي األكل وعلينا باستعمال العدل : فقال زمام العافية بيد البالء ورأس السالمة حتت جناح العطب وباب األمن مستور باخلوف فال تكونن يف حال : وقال

من هذه الثالث غري متوقع لضدها مالك ال تغضب ؟ : له وقيل أما غضب اإلنسانية فقد أغضبه وأما غضب البهيمية فقد تركته لترك الشهوة البهيمية : قال

إن الذي منعك من املصري إلينا هو الذي منعنا : قل له : واستدعاه امللك اإلسكندر يوما إىل جملسه فقال للرسول استغنائي عنك بقناعيت من املصري إليك منعك استغناؤك عين بسلطانك ومنعينمنظر الرجال بعد املخرب وخمرب النساء بعد املنظر فخجلت : وعابته امرأة يونانية بقبح الوجه ودمامة الصورة فقال

وتابت ما ختايف ؟ : ووقف عليه اإلسكندر يوما فقال له

أنت خري أم شرير ؟ : قال بل خري : قال ب علي رجاؤه فما خلويف من اخلري معىن بل جي: قال

قتله فظهر عليهم ) ١٤٢ \ ٢( وكان ألهل مدينة من بالد يونان صاحب جيش جبان وطبيب مل يعاجل أحدا إال اجعلوا طبيبكم صاحب لقاء العدو واجعلوا صاحب جيشكم طبيبكم : عدو ففزعوا إليه فقال

مليتتك ميتة ثانية اعلم أنك ميت ال حمالة فاجتهد أن تكون حيا بعد موتك لئال تكون : وقال كما أن األجسام تعظم يف العني يف اليوم الضباب كذلك تعظم الذنوب عند اإلنسان يف حال الغضب : وقال

هو اختيار صادف نفسا فارغة : وسئل عن العشق فقال

Page 212: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

تعلم من أين جتيء هذه النار ؟ : ورأى غالما معه سراج فقال له ن تذهب أخربتك من أين جتيء إن أخربتين إىل أي: فقال له الغالم

فأعياه وأفحمه بعد أن مل يكن يقوى عليه أحد دع الشر يغسله الشر : على هذا املعىن جرى املثل : ورأى امرأة قد محلها املاء فقال

نار على نار وحامل شر من حممول : ورأى امرأة حتمل نارا فقال لكن لترى مل خترج لترى و: ورأى امرأة متزينة يف ملعب فقال

هو ذا الثعبان يستقرض من األفاعي مسا : على هذا جرى املثل : ورأى نساء يتشاورن فقال يسقى هذا السهم مسا لريمى به يوما ما : ورأى جارية تتعلم الكتابة فقال

لو كنت تدرين املوت ملا كنت ضاحكة أبدا : ورأى امرأة ضاحكة فقال أيها امللك قد أمنت الفقر فليكن غناك اقتناء احلمد : -ويدنيه ويأنس بكالمه وكان يقربه -وقال لإلسكندر يوما

وابتغاء اجملد )١٤٣ \ ٢ (

:حكم الشيخ اليوناين - ٤

: وله رموز وأمثال إن أمك رءوم ولكنها فقرية رعناء وإن أباك حلدث سكنه جواد مقدر : منها قوله اهليوىل : يعين باألم

الصورة : وباألب انقيادها : وبالرءوم احتياجها إىل الصورة : وبالفقر

قلة ثباهتا على ما حتصل عليه : وبالرعونة أي هي مشرقة لك مبالبسة اهليوىل : وأما حداثة الصورة

أي النقص ال يعتريها من قبل ذاهتا فإهنا جواد لكن من قبل قبول اهليوىل فإهنا إمنا تقبل على تقديرها : وأما وجودها وهذا ما فسر به رمزه ولغزه

ومحل األم على اهليوىل صحيح مطابق للمعىن وليس محل األب على الصورة بذلك الوضوح بل محله على العقل الفعال اجلواد الواهب للصور على قدر استعدادات القوابل أظهر

انتسب يف ظاهرك نسب إىل أبيك ونسب إىل أمك أنت بأحدمها أشرف وباآلخر أوضع ف: لك نسبان : وقال وباطنك إىل من أنت به أشرف وتربأ يف باطنك وظاهرك ممن أنت به أوضع فإن الولد الفسل حيب أمه أكثر مما حيب

أباه وذلك دليل على دخل العرق وفساد احملتد أراد بذلك اهليوىل والصورة أو البدن والنفس أو اهليوىل والعقل الفعال : قيل

أحدمها حمق واآلخر مبطل فاحذر أن تقضي بينهما بغري احلق : مان منك يتنازعان فيك قد ارتفع إليك خص: وقال فتهلك أنت : واخلصمان

Page 213: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

العقل : أحدمها الطبيعة : والثاين كما أن البدن اخلايل من النفس يفوح منه ننت اجليفة كذلك النفس اخلالية من األدب حيس نقصها بالكالم : وقال

واألفعال غائب املطلوب يف طي الشاهد احلاضر ال: وقال

هذا اإلطالق أن كل ما هو عندنا باحلس ههنا فهو بالعقل لنا ) ١٤٤ \ ٢( مفهوم : وقال أبو سليمان السجزي هناك إال أن الذي عندنا ظل ذاك وألن من شأن الظل أنه كما يريك الشيء الذي هو ظله مرة فاضال عما هو عليه

رة على قدره عرض احلسبان والتوهم وصارا مزامحني لليقني والتحقيق فينبغي أن تكون ومرة قالصا عما هو به ومعنايتنا بطلب البقاء األبدي والوجود السرمدي أمت وأظهر وأبقى وأبلغ فباحلق ما كان الغائب طي الشاهد وبتصفح

هذا الشاهد يصح ذلك الغائب ائرة قد دارت على مركزها غري أهنا دائرة ال بعد هلا النفس جوهر كرمي شريف يشبه د: وقال الشيخ اليوناين ومركزها هو العقل

وكذلك العقل هو كدائرة قد استدارت على مركزها وهو اخلري األول احملض غري أن النفس والعقل وإن كانا دائرتني لكن دائرة العقل ال تتحرك أبدا بل هي ساكنة ذاتية شبيهة مبركزها

حركة االستكمال -وهو العقل -ا تتحرك على مركزها وأما دائرة النفس فإهنعلى أن دائرة العقل وإن كانت دائرة شبيهة مبركزها لكنها تتحرك حركة االشتياق ألهنا تشتاق إىل مركزها وهو

اخلري األول قا إىل النفس وأما دائرة العامل السفلي فإهنا تدور حول النفس وإليها تشتاق وإهنا تتحرك هبذه احلركة الذاتية شو

كشوق النفس إىل العقل وشوق العقل إىل اخلري احملض األول وألن دائرة هذا العامل جرم واجلرم يشتاق إىل الشيء اخلارج منه وحيرص على أن يصري إليه فيعانقه فلذلك يتحرك اجلرم األقصى الشريف حركة مستديرة ألنه يطلب

ويسكن عندها النفس من مجيع النواحي ليناهلا فيستريح إليهاليس للمبدع األول تعاىل صورة وال حلية مثل صور األشياء العالية وال مثل صور األشياء السافلة وال له : وقال

قوة مثل قواها لكنه فوق كل صورة وحلية وقوة ألنه مبدعها بتوسط العقل : وقد صدق األفاضل األوائل يف قوهلم املبدع احلق ليس شيئا من األشياء وهو مجيع األشياء ألن األشياء منه : وقال

كوهنا بآنيته فقط وعلة شوقها إليه وهو خالف ) ١٤٥ \ ٢( مالك األشياء كلها هو األشياء كلها إذ هو علة األشياء كلها وليس فيه شيء مما أبدعه وال يشبه شيئا منه ولو كان كذلك ملا كان علة األشياء كلها وإذا كان العقل

فليس فيه عقل وال صورة وال حلية واحدا من األشياءأبدع األشياء بآنيته فقط وبآنيته يعلمها وحيفظها ويدبرها ال بصفة من الصفات وإمنا وصفناه باحلسنات والفضائل

ألنه علتها وأنه الذي جعلها يف الصور فهو مبدعها ل جل وعز فلذلك صارت ذوات مراتب وإمنا تفاضلت اجلواهر العالية العقلية الختالف قبوهلا من النور األو: قال

شىت فمنها ما هو أول يف املرتبة ومنها ما هو ثان ومنها ما هو ثالث فاختلفت األشياء باملراتب والفصول ال باملواضع واألماكن وكذلك احلواس ختتلف بأماكنها على أهنا القوى احلاسة فإهنا مما ال يفترق مبفارقة اآللة

ه ال كأنه جثة بسيطة وإمنا عظم جوهره بالقوة والقدرة ال بالكمية واملقدار فليس لألول املبدع ليس مبتنا: وقال

Page 214: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

صورة وال حلية وال شكل فلذلك صار حمبوبا معشوقا تشتاقه الصور العالية والسافلة وإمنا اشتاقت إليه مجيع األشياء ألنه أبدعها وكساها من وجوده حلية الوجود

يتغري والعاشق حيرص على أن يصري إليه ويكون معه وللمعشوق األول عشاق كثريون وهو قدمي دائم على حاله ال وقد يفيض عليهم كلهم من نوره من غري أن ينقص منه شيء ألنه ثابت قائم بذاته ال يتحرك

ئر وأما املنطق اجلزئي فإنه ال يعرف الشيء إال معرفة جزئية وشوق العقل األول إىل املبدع األول أشد من شوق سا مل صرت مشتاقا إىل األول إذ العشق ال علة له : األشياء ألن األشياء كلها حتته وإذا اشتاق إليه العقل مل يقل للعقل

احلق وهو الذي ال ) ١٤٦ \ ٢( إن األول هو املبدع : وأما املنطق الذي خيتص بالنفس فيفحص عن ذلك ويقول ه وتشتاق إليه وذلك أن كل صورة تطلب مصورها وحتن إليه صورة له وهو مبدع الصور فالصور كلها حتتاج إلي

إن الفاعل األول أبدع األشياء كلها بغاية احلكمة ال يقدر أحد أن ينال علل كوهنا ومل كانت على احلال اليت : وقال ة وال هي اآلن عليها وال أن يعرفها كنه معرفتها ومل صارت األرض يف الوسط ومل كانت مستديرة ومل تكن مستطيل

إن الباري صريها كذلك وإمنا كانت بغاية احلكمة الواسعة لكل حكمة : منحرفة إال أن يقول وكل فاعل يفعل بروية وفكرة ال بآنيته فقط بل يفصل فيه فلذلك يكون فعله ال بغاية الثقافة واإلحكام والفاعل

ل بال قياس بل يبدع األشياء ويعلم عللها قبل األول ال حيتاج يف إبداع األشياء إىل روية وفكر وذلك أنه ينال العل الروية والفكر

والعلل والربهان والعلم والقنوع وسائر ما أشبه ذلك إمنا كانت أجزاء وهو الذي أبدعها وكيف يستعني هبا وهي مل تكن بعد ؟

:حكم ثاوفرسطيس - ٥

كان هذا الرجل من كبار تالمذة أرسطوطاليس وكبار أصحابه على كرسي حكمته بعد وفاته وكانت املتفلسفة يف عهده ختتلف إليه وتقتبس منه وله كتب الشروح واستخلفه

الكثرية والتصانيف املعتربة وباخلصوص يف املوسيقات اإلهلية ال تتحرك ومعناه ال تتغري وال تتبدل ال يف الذات وال يف سنة األفعال : فما يؤثر عنه أنه قال

واكب واألرض مسكن الناس على أهنم مثل وشبه ملا يف السماء فهم اآلباء واملدبرون السماء مسكن الك: وقال وهلم نفوس وعقول ليس هلا أنفس نباتية فلذلك ال تقبل الزيادة وال النقصان

)١٤٧ \ ٢ ( نا الغناء فضيلة يف املنطق أشكلت على النفس وقصرت عن تبيني كنهها فأبرزهتا حلونا وأثارت هبا شجو: وقال

وأضمرت يف عرضها فنونا وفتونا الغناء شيء خيص النفس دون اجلسد فيشغلها عن مصاحلها كما أن لذة املأكول واملشروب شيء خيص : وقال

اجلسم دون النفس إن النفوس إىل اللحون إذا كانت حمجبة أشد إصغاء منها إىل ما قد تبني هلا وظهر معناه عندها : وقال أحدمها مطبوع واآلخر مسموع : وان إن العقل حن: وقال

كاألرض : فاملطبوع منه كالبذر واملاء : واملسموع منه

Page 215: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فال خيلص للعقل املطبوع عمل دون أن يرد عليه العقل املسموع فينبهه من نومه ويطلقه من وثاقه ويقلقله من مكانه كما يستخرج البذر واملاء ما يف قعر األرض

واملال غىن البدن وطلب غىن النفس أوىل ألهنا إذا غنيت بقيت والبدن إذا غين فين وغىن احلكمة غىن النفس : وقال النفس ممدود وغىن البدن حمدود

ينبغي للعاقل أن يداري الزمان مداراة رجل ال يسبح يف املاء اجلاري إذا وقع : وقال بالغة من غري صدق منطق وال جبود يف ال يغبطن بسلطان من غري عدل وال بغىن من غري حسن تدبري وال ب: وقال

غري إصابة موضع وال بأدب من غري أصالة رأي وال حبسن عمل يف غري حينه )١٤٨ \ ٢ (

:شبه برقلس يف قدم العامل - ٦

إن القول يف قدم العامل وأزلية احلركات بعد إثبات الصانع والقول بالعلة األوىل إمنا شهر بعد أرسطوطاليس ألنه قدماء صرحيا وأبدع هذه املقالة على قياسات ظنها حجة وبرهانا خالف ال

مثل اإلسكندر األفروديسي وثامسطيوس : فنسج على منواله من كان من تالمذته وصرحوا القول فيه وفورفوريوس

دوا فيه يف هذه املسألة كتابا وأورد فيه هذه الشبه وإال فالقدماء إمنا أب -املنتسب إىل أفالطون -وصنف فورقلس ما نقلناه سالفا إن الباري تعاىل جواد بذاته وعلة وجود العامل جوده وجوده قدمي مل يزل فيلزم أن يكون : قال : الشبهة األوىل

وجود العامل قدميا مل يزل وال جيوز أن يكون مرة جوادا ومرة غري جواد فإنه يوجب التغري يف ذاته فهو جواد لذاته مل يزل : قال ال مانع من فيض جوده إذ لو كان مانع ملا كان من ذاته بل من غريه وليس لواجب الوجود لذاته حامل و: قال

على شيء وال مانع من شيء مل يزل صانعا بالفعل أو مل يزل صانعا بالقوة أي يقدر أن : ليس خيلو الصانع من أن يكون : قال : الشبهة الثانية

يفعل وال يفعل نوع معلول مل يزل فإن كان األول فاملص

وإن كان الثاين فما بالقوة ال خيرج إىل الفعل إال مبخرج وخمرج الشيء من القوة إىل الفعل غري ذات الشيء فيجب أن يكون له خمرج من خارج يؤثر فيه وذلك ينايف كونه صانعا مطلقا ال يتغري وال يتأثر

الستحالة فإمنا تكون علة من جهة ذاهتا ال من جهة االنتقال كل علة ال جيوز عليها التحرك وا: قال : الشبهة الثالثة من غري فعل إىل فعل وكل علة من جهة ذاهتا فمعلوهلا من جهة ذاهتا وإذا كانت ذاهتا مل تزل فمعلوهلا مل يزل

)١٤٩ \ ٢ ( ألن الزمان هو العاد إن الزمان ال يكون موجودا إال مع الفلك وال الفلك إال مع الزمان : قال : الشبهة الرابعة

حلركات الفلك مىت وقبل إال حني يكون الزمان ومىت وقبل أبدى فالزمان أبدى فحركات الفلك أبدية فالفلك : مث ال جيوز أن يقال

أبدي

Page 216: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إن العامل حسن النظام كامل القوام وصانعه جواد خري وال ينقص اجليد احلسن إال شرير : قال : الشبهة اخلامسة بشرير وليس يقدر على نقضه غريه فليس ينتقض أبدا وما ال ينتقض أبدا كان سرمدا وصانعه ليس

ملا كان الكائن ال يفسد إال بشيء غريب يعرض له ومل يكن شيء غريب عن العامل خارجا : قال : الشبهة السادسة لكون واحلدوث فإن كل منه جيوز أن يعرض فيفسد ثبت أنه ال يفسد وما ال يتطرق إليه الفساد ال يتطرق إليه ا

كائن فاسد إن األشياء اليت هي يف املكان الطبيعي ال تتغري وال تتكون وال تفسد وإمنا تتغري وتتكون : قال : الشبهة السابعة

وتفسد إذا كانت يف أماكن غريبة فتتجاذب إىل أماكنها كالنار اليت يف أجسادنا حتاول االنفصال إىل مركزها فينحل إذ الكون والفساد إمنا يتطرق إىل املركبات ال إىل البسائط اليت هي أركان يف أماكنها ولكنها هي الرباط فيفسد

حبالة واحدة وما هو حبال واحدة فهو أزيل إما عن الوسط وإما إىل : العقل والنفس واألفالك تتحرك على االستدارة والطبائع تتحرك : قال : الشبهة الثامنة

إذا كان كذلك كان التفاسد يف العناصر إمنا هو لتضاد حركاهتا واحلركة الدورية ال ضد هلا الوسط على االستقامة و فلم يقع فيها فساد

وكليات العناصر إمنا تتحرك على استدارة وإن كانت األجزاء منها تتحرك على االستقامة فالفلك وكليات : قال يتكون العناصر ال تفسد وإذا مل جيز أن يفسد العامل مل جيز أن

وهذه الشبهات هي اليت ميكن أن يقال عنها فتنقض ويف كل واحدة منها نوع مغالطة وأكثرها حتكمات وقد أفردت وهذه تقريرات أيب علي بن سينا ونقضها على قوانني ) ١٥٠ \ ٢( هلا كتابا أوردت فيه شبهات أرسطوطاليس

منطقية فليطلب ذلك : إنه كان يناطق الناس منطقني : يف ذكر هذه الشبهات وقال ومن املتعصبني لربقلس من مهد له عذرا

روحاين بسيط : أحدمها جسماين مركب : واآلخر

وكان أهل زمانه الذين يناطقونه جسمانيني وإمنا دعاه إىل ذكر هذه األقوال مقاومتهم إياه فخرج من طريق احلكمة ظهر العلم على طرق كثرية يتصرف فيها كل ناظر والفلسفة من هذه اجلهة ألن من الواجب على احلكيم أن ي

حبسب نظره ويستفيد منها حبسب فكره واستعداده فال جيدوا على قوله مسلخا وال يصبوا مقاال وال مطعنا ألن برقلس ملا كان يقول بدهر هذا العامل وأنه باق ال يدثر وضع كتابا يف هذا املعىن فطالعه من مل يعرف طريقته ففهموا

انية قوله دون روحانيته فنقضوه على مذهب الدهرية منه جسمملا اتصلت العوامل بعضها ببعض وحدثت القوى الواصلة فيها وحدثت املركبات من : ويف هذا الكتاب يقول

العناصر حدثت قشور واستنبطت لبوب فالقشور دائرة واللبوب قائمة دائمة ال جيوز الفساد عليها أهنا بسيطة وحيدة القوى

عامل الصفوة واللب وعامل الكدورة والقشر فاتصل بعضه ببعض وكان آخر هذا العامل من : قسم العامل إىل عاملني فانبدء ذلك العامل فمن وجه مل يكن بينهما فرق فلم يكن هذا العامل داثرا إذ كان متصال مبا ليس يدثر ومن وجه دثرت

مضمحلة ؟ وما مل تزل القشور باقية كانت اللبوب القشور وزالت الكدرة وكيف تكون القشور غري داثرة والخافية وأيضا فإن هذا العامل مركب والعامل األعلى بسيط وكل مركب ينحل حىت يرجع إىل البسيط الذي تركب منه

وكل بسيط باق دائما غري مضمحل وال متغري

Page 217: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ضاف إليه هذا القول األول ال خيلو هذا الذي نقل عنه هو املنقول عن مثله بل الذي أ: قال الذي يذب عن برقلس : من أحد أمرين

إما أنه مل يقف على مرامه للعلة اليت ذكرنا فيما سلف وإما ألنه كان حمسودا عند أهل زمانه لكونه بسيط الفكر واسع النظر ساير القوى وكانوا أولئك أصحاب أوهام

وخياالت وائل منها تكونت العوامل وهي باقية ال تدثر وال تضمحل إن األ: كتابه ) ١٥١ \ ٢( فإنه يقول يف موضع من

وهي الزمة الدهر ماسكة له إال أهنا من أول واحد ال يوصف بصفة وال يدرك بنعت ونطق ألن صور األشياء كلها منه وحتته وهي الغاية واملنتهى اليت ليس فوقها جوهر هو أعظم منها إال األول الواحد وهو األحد الذي قوته

هذه األوائل وقدرته أبدعت هذه املبادئ أخرجتإن احلق ال حيتاج إىل أن يعرف ذاته ألنه حق حقا بال حق وكل حق حقا فهو حتته إمنا هو حق حقا إذ : وقال أيضا

حققه املوجب له احلق فاحلق هو اجلوهر املمد للطباع احلياة والبقاء وهو أفاد هذا العامل بدءا وبقاء بعد دثور قشوره البسيط الباطن من الدنس الذي كان فيه قد علق به وزكىإن هذا العامل إذا اضمحلت قشوره وذهب دنسه وصار بسيطا روحانيا بقي مبا فيه من اجلواهر الصافية : وقال

النورانية يف حد املراتب الروحانية مثل العوامل العلوية اليت بال هناية وكان هذا واحدا منها س وخبث ويكون له أهل يلبسه ألنه غري جائز أن تكون األنفس الطاهرة اليت ال تلبس وبقي جوهر كل قشر ودن

األدناس والقشور مع األنفس الكثرية القشور يف عامل واحد وإمنا يذهب من هذا العامل ما ليس من جهة املتوسطات ط أو كان من متوسط بال قشر الروحانية وما كان القشر والدنس عليه أغلب فأما ما كان من الباري تعاىل بال متوس

فإنه ال يضمحل وإمنا يدخل القشر على الشيء من غري املتوسطات فيدخل عليه بالعرض ال بالذات وذلك إذا كثرت : قال

املتوسطات وبعد الشيء عن اإلبداع األول ألنه حيثما قلت املتوسطات يف الشيء كان أنور وأقل قشورا ودنسا كانت اجلواهر أصفى واألشياء أرقى وكلما قلت القشور والدنس أجناسها وأنواعها وأشخاصها : إن الباري تعاىل عامل باألشياء كلها : ومما ينقل عن برقلس أنه قال

يعلم أجناسها وأنواعها دون أشخاصها الكائنة الفاسدة فإن علمه يتعلق : وخالف بذلك أرسطوطاليس فإنه قال بالكليات دون اجلزئيات كما ذكرنا

)١٥٢ \ ٢ ( لن يتوهم حدوث العامل إال بعد أن يتوهم أنه مل يكن فأبدعه الباري تعاىل يف احلالة : ومما ينقل عنه يف قدم العامل قوله

: اليت مل يكن ويف احلالة اليت مل يكن ال خيلو من حاالت ثالث إما أن الباري مل يكن قادرا فصار قادرا وذلك حمال ألنه قادر مل يزل

ما أنه مل يرد فأراد وذلك حمال أيضا ألنه مريد مل يزل وإ وإما أنه مل تقتض احلكمة وجوده وذلك حمال أيضا ألن الوجود أشرف من العدم على اإلطالق

فإذا بطلت هذه اجلهات الثالث تشاهبا يف الصفة اخلاصة وهي القدم على أصل املتكلم وكان القدم بالذات له دون يف الوجود واهللا املوفق غريه وإن كانا معا

:رأي ثامسطيوس - ٧

Page 218: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وهو الشارح لكالم احلكيم أرسطوطاليس وإمنا يعتمد شرحه إذ كان أهدى القوم إىل إشاراته ورموزه وهو على رأي أرسطوطاليس يف مجيع ما ذكرنا من إثبات العلة األوىل

الصورة واهليوىل والعدم : إن املبادئ ثالثة : واختار من املذاهب يف املبادئ قول من قال وفرق بني العدم املطلق والعدم اخلاص فإن عدم صورة بعينها عن مادة تقبلها مثل عدم السيفية عن احلديد ليس

كعدم السيفية عن الصوف فإن هذه املادة ال تقبل هذه الصورة أصال ك ففيها نارية وهوائية ومائية إن األفالك حصلت من العناصر األربعة ال أن العناصر حصلت من األفال: وقال

وأرضية إال أن الغالب على األفالك هو النارية كما أن الغالب على املركبات السفلية هو األرضية والكواكب نريان مشتعلة حصلت تراكيبها على وجه ال يتطرق إليها االحنالل ألهنا ال تقبل الكون والفساد والتغري

الفرق يرجع إىل ما ذكرنا واالستحالة وإال فالطبائع واحدة و )١٥٣ \ ٢ (

أن يف : ونقل ثامسطيوس عن أرسطوطاليس وثاون وأفالطون وثاوفرسطيس وفرفوريوس وفلوطرخيس وهو رأيه العامل أمجع طبيعة واحدة عامة وكل نوع من أنواع النبات واحليوان خمتص بطبيعة خاصة

ياء والسكون فيها على األمر األول من ذواهتا وهي علة احلركة يف وحدوا الطبيعة العامة بأهنا مبدأ احلركات يف األش املتحركات وعلة السكون يف الساكنات

وزعموا أن الطبيعة هي اليت تدبر األشياء كلها يف العامل حيوانه ونباته ومواته تدبريا طبيعيا وليست هي حية وال صحيح وترتيب حمكم قادرة وال خمتارة ولكن ال تفعل إال حكمة وصوابا وعلى نظم

إن الطبيعة تفعل ما تفعل من احلكمة والصواب وإن مل تكن : قال أرسطوطاليس يف مقالة الالم : قال ثامسطيوس حيوانا ألهنا أهلمت من سبب هو أكرم منها وأومأ إىل أن السبب هو اهللا عز و جل

: إن الطبيعة طبيعتان : وقال أيضا الفساد بكليتها وجزئيتها يعين الفلك والنهريات طبيعة هي مستعلية على الكون و

وطبيعة يلحق جزئياهتا الكون والفساد ال كلياهتا يريد باجلزئيات األشخاص وبالكليات األسطقسات

:رأي اإلسكندر األفروديسي - ٨

وهو من كبار احلكماء رأيا وعلما وكالمه أمنت ومقالته أرصن د عليه يف االحتجاج على أن الباري تعاىل عامل باألشياء كلها كلياهتا وجزئياهتا وافق أرسطوطاليس يف مجيع آرائه وزا

على نسق واحد وهو عامل مبا كان ومبا سيكون وال يتغري علمه بتغري املعلوم وال يتكثر بتكثره أصال كل كوكب ذو نفس وطبع وحركة من جهة نفسه وطبعه وال يقبل التحريك من غريه : ومما انفرد به أن قال

بل إمنا يتحرك بطبعه واختياره إال أن حركاته ال ختتلف أبدا ألهنا دورية )١٥٤ \ ٢ (

ملا كان الفلك حميطا مبا دونه وكان الزمان جاريا عليه ألن الزمان هو العاد للحركات أو هو عدد احلركات : وقال ز أن يفسد الفلك ويكون فلم يكن قابال للكون وملا مل يكن حييط بالفلك شيء آخر وال كان الزمان جاريا عليه مل جي

والفساد وما مل يقبل الكون والفساد كان قدميا أزليا إن الصناعة تتقبل الطبيعة وإن الطبيعة ال تتقبل الصناعة " : يف النفس " وقال يف كتابه

Page 219: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ا بصناعة من الصناعات للطبيعة لطف وقوة وإن أفعاهلا تفوق يف الرباعة واللطف كل أعجوبة يتلطف فيه: وقال ال فعل للنفس دون مشاركة البدن حىت التصور بالعقل فإنه مشترك بينهما : وقال يف ذلك الكتاب

وأومأ إىل أنه ال يبقى للنفس بعد مفارقتها قوة أصال حىت القوى العقلية لقوى هي القوى العقلية الذي يبقى مع النفس من مجيع ماهلا من ا: وخالف بذلك أستاذه أرسطوطاليس فإنه قال

فقط ولذاهتا يف ذلك العامل مقصورة على اللذات العقلية فقط إذ ال قوة هلا دون ذلك فتحس وتلتذ هبا واملتأخرون يثبتون بقاءها على هيئات أخالقية استفادهتا من مشاركة البدن لتستعد هبا لقبول هيئات ملكية يف ذلك

العامل

:رأي فرفريوس - ٩

على رأي أرسطوطاليس يف مجيع ما ذهب إليه وهو الشارح لكالم أرسطوطاليس أيضا وإمنا يعتمد شرحه وهو أيضا إذ كان أهدى القوم إىل إشاراته ومجيع ما ذهب إليه

وأما ماقذف به : ويدعي أن الذي حيكي عن أفالطون من القول حبدوث العامل غري صحيح قال يف رسالته إىل أبانوا أنه يضع للعامل ابتداء زمانيا فدعوى كاذبة وذلك أن أفالطون ليس يرى أن للعامل ابتداء زمانيا أفالطون عندكم من

لكن ابتداء على جهة العلة ويزعم أن علة كونه ابتداؤه )١٥٥ \ ٢ (

إن العامل خملوق وإنه حدث من ال شيء وأنه خرج من ال نظام إىل نظام فقد: وقد أرى أن املتوهم عليه يف قوله أخطأ وغلط وذلك أنه ال يصح دائما أن كل عدم أقدم من الوجود فيما علة وجود شيء آخر غريه وال كل سوء

نظام أقدم من النظام وإمنا يعين أفالطون أن اخلالق أظهر العامل من العدم إىل الوجود وإن وجد أنه مل يكن من ذاته لكن سبب وجوده من

اخلالق ا أمر قابل للصور وهي كبرية وصغرية ومها يف املوضوع واحلد واحد ومل يبني العدم كما إهن: وقال يف اهليوىل : قال

اهليوىل ال صورة هلا فقد علم أن عدم الصورة يف اهليوىل : ذكره أرسطوطاليس إال أنه قال إن املركبات كلها إمنا تتكون بالصور على سبيل التغري وتفسد خبلو الصور عنها : وقال

وس أن من األصول الثالثة اليت هي اهليوىل والصورة والعدم أن كل جسم إما ساكن وإما متحرك وههنا وزعم فرفويشيء يكون ما يتكون وحيرك األجسام وكل ما كان واحدا بسيطا ففعله واحد بسيط وكل ما كان كثريا مركبا

بسيط وباقي أفعاله يفعلها مبتوسط فأفعاله كثرية مركبة وكل موجود ففعله مثل طبيعته ففعل اهللا بذاته فعل واحد مركب

وكل ما كان موجودا فله فعل من األفعال مطابق لطبيعته : قال وملا كان الباري تعاىل موجودا ففعله اخلاص هو االجتالب إىل الوجود ففعل فعال واحدا وحرك حركة واحدة وهو

االجتالب إىل شبهه يعين الوجود معدوما ميكن أن يوجد وذلك هو طبيعة اهليوىل بعينها فيجب أن يسبق الوجود طبيعة كان املفعول: مث إما أن يقال

ما قابلة للوجود مل يكن معدومات ميكن أن يوجد بل أوجده عن ال شيء وأبدع وجوده من غري توهم شيء سبقه : وإما أن يقال

Page 220: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وهو ما يقوله املوحدون را وقع باحلركة فوجب أن يكون بقاؤه جوهرا باحلركة وذلك أنه فأول فعل فعله هو اجلوهر إال أن كونه جوه: قال

األول لكن من التشبه بذلك األول وكل حركة تكون ) ١٥٦ \ ٢( ليس للجوهر أن يكون بذاته مبنزلة الوجود فإما أن تكون على خط مستقيم وإما على االستدارة فتحرك اجلوهر هباتني احلركتني :

ركة وجب أن يتحرك اجلوهر يف مجيع اجلهات اليت ميكن فيها احلركة فيتحرك مجيع وملا كان وجود اجلوهر باحلالطول والعرض والعمق إال أنه مل يكن له : اجلوهر يف مجيع اجلهات حركة مستقيمة على مجيع اخلطوط وهي ثالثة

رك اجلوهر يف هذه أن يتحرك على هذه اخلطوط بال هناية إذ ليس ميكن فيما هو بالفعل أن يكون بال هناية فتحاألقطار الثالثة حركة متناهية على خطوط مستقيمة وصار بذلك جسما وبقي عليه أن يتحرك باالستدارة على اجلهة

اليت ميكن فيها أن يتحرك بأمجعه حركة على االستدارة ألن الدائر حيتاج إىل شيء ساكن يف وسط منه فعند ذلك وسكن بعضه يف الوسط انقسم اجلوهر فتحرك بعضه على االستدارة

كل جسم يتحرك فيماس جسما ساكنا يف طبيعته قبول التأثري منه حركة معه وإذا حركه سخن وإذا سخن : قال لطف واحنل وخف فكانت النار تلي الفلك

واجلسم الذي يلي النار يبعد عن الفلك ويتحرك حبركة النار فتكون حركته أقل فال يتحرك لذلك بأمجعه لكن جزء فيسخن دون سخونة النار وهو اهلواء منه

واجلسم الذي يلي اهلواء ال يتحرك لبعده عن احملرك فهو بارد لسكونه وحار حرارة يسرية مبجاورته اهلواء ولذلك احنل قليال وهو املاء

منه تأثريا وأما اجلسم الذي يلي املاء يف الوسط فألنه بعد يف الغاية عن الفلك ومل يستفد من حركته شيئا وال قبل سكن وبرد وهذه هي األرض

وإذا كانت هذه األجسام تقبل التأثري بعضها من بعض اختلطت وتولد عنها أجسام مركبة وهذه هي األجسام احملسوسة

الطبيعة تفعل بغري فكر وال عقل وال إرادة ولكنها ليست تفعل بالبخت واالتفاق واخلبط بل ال تفعل إال ماله : وقال وحكمة نظم وترتيب

وقد تفعل شيئا من أجل شيء كما تفعل الرب لغذاء اإلنسان وهتيء أعضاءه ملا يصلح له )١٥٧ \ ٢ (

: وقد قسم فرفريوس مقالة أرسطوطاليس يف الطبيعة مخسة أقسام العنصر : أحدها الصورة : والثاين

اجملتمع منها كاإلنسان : والثالث يء مبنزلة حركة النار الكائنة املوجودة فيها إىل فوق احلركة اجلاذبة يف الش: والرابع

الطبيعة العامة للكل ألن اجلزئيات ال يتحقق وجودها إال عن كل يشملها : واخلامس : مث اختلفوا يف مركزها

فمن احلكماء من صار إىل أهنا فوق الكل واها املنبثة يف العامل املوجبة للحركات والدليل على وجودها أفعاهلا وق: إهنا دون الفلك قالوا : وقال آخرون

Page 221: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واألفعال كذهاب النار واهلواء إىل فوق وذهاب املاء واألرض إىل حتت فعلم يقينا أنه لوال قوى فيها أوجبت تلك احلركات وكانت مبدأ هلا مل توجد فيها وكذلك ما يوجد النبات واحليوان من قوة الغذاء وقوة النمو والنشوء

:املتأخرون من فالسفة اإلسالم :الفصل الرابع

مثل يعقوب بن إسحق الكندي وحنني بن إسحاق وحيىي النحوي وأيب الفرج املفسر وأيب سليمان السجزي وأيب سليمان حممد بن معشر املقدسي وأيب بكر ثابت بن قرة احلراين وأيب متام يوسف بن حممد النيسابوري وأيب زيد بن

بن سهل بن حمارب القمي وأمحد بن الطيب السرخسي وطلحة بن حممد النسفي سهل البلخي وأيب حمارب احلسنوأيب حامد أمحد بن حممد االسفرايين و عيسى بن علي بن عيسى الوزير و أيب علي أمحد بن حممد بن مسكويه وأيب

الفارايب زكريا حيىي بن عدي الصيمري وأيب احلسن حممد بن يوسف العامري وأيب نصر حممد بن حممد بن طرخان وغريهم

أرسطوطاليس يف ) ١٥٨ \ ٢( وإمنا عالمة القوم أبو علي احلسني بن عبد اهللا بن سينا قد سلكوا كلهم طريقة مجيع ماذهب إليه وانفرد به سوى كلمات يسرية رمبا رأوا فيها رأي أفالطون واملتقدمني

أغوص اخترت نقل طريقته من كتبه على إجياز وملا كانت طريقة ابن سينا أدق عند اجلماعة ونظره يف احلقائق واختصار كأهنا عيون كالمه ومتون مرامه وأعرضت عن نقل طرق الباقني وكل الصيد يف جوف الفرا

:كالمه يف املنطق : ابن سينا - ١

إما تصور وإما تصديق : العلم : قال أبو علي احلسني بن عبد اهللا بن سينا ول وهو أن تدرك أمرا ساذجا من غري أن حتكم عليه بنفي أو إثبات مثل تصورنا ماهية فهو العلم األ: أما التصور

اإلنسان فهو أن تدرك أمرا وأمكنك أن حتكم عليه بنفي أو إثبات مثل تصديقنا بأن للكل مبدأ : وأما التصديق

ما هو أوىل ومنه ما هو مكتسب : وكل واحد من القسمني منه يستحصل باحلد وما جيري جمراه إمنا: فالتصور املكتسب

إمنا يستحصل بالقياس وما جيري جمراه : والتصديق املكتسب فاحلد والقياس آلتان هبما حتصل املعلومات اليت مل تكن حاصلة فتصري معلومة بالروية

ل مشتبه وكل واحد منهما منه ما هو حقيقي ومنه ماهو دون احلقيقي ولكنه نافع منفعته حبسبه ومنه ما هو باط باحلقيقي

والفطرة اإلنسانية غري كافية يف التمييز بني هذه األصناف إال أن تكون مؤيدة من عند اهللا عزو جل فال بد إذن للناظر من آلة قانونية تعصمه مراعاهتا عن أن يضل يف فكره وذلك هو الغرض من املنطق

يف حمدود فيكون هلا مادة منها ألفت وصورة هبا مث إن كل واحد من احلد والقياس فمؤلف من معان معقولة بتأل التأليف والفساد قد يعرض من إحدى اجلهتني وقد يعرض من جهتيهما معا

: هو الذي نعرف به : فاملنطق من أي املواد والصور يكون احلد الصحيح والقياس السديد الذي يوقع يقينا

ومن أيها ما يوقع عقدا شبيها باليقني

Page 222: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

يوقع ظنا غالبا ومن أيها ما ومن أيها ما يوقع مغالطة وجهال

وهذه فائدة املنطق كانت املخاطبات النظرية بألفاظ مسموعة واألفكار العقلية بأقوال عقلية فتلك املعاين اليت يف ) ١٥٩ \ ٢( مث ملا

علم املنطق وكان الذهن من حيث يتأدى هبا إىل غريها كانت موضوعات املنطق ومعرفة أحوال تلك املعاين مسائلاملنطق بالنسبة إىل املعقوالت على مثال النحو بالنسبة إىل الكالم والعروض إىل الشعر فوجب على املنطقي أن يتكلم

يف األلفاظ أيضا من حيث تدل على املعاين : واللفظ يدل على املعىن من ثالثة أوجه

باملطابقة : أحدها بالتضمن : والثاين

تزام باالل: والثالث مفرد ومركب : وهو ينقسم إىل

ما يدل على معىن وجزء من أجزائه ال يدل على جزء من أجزاء ذلك املعىن بالذات أي حني هو جزء له : فاملفرد واملركب هو الذي يدل على معىن وله أجزاء منها يلتئم مسموعه ومن معانيها يلتئم معىن اجلملة

كلي وجزئي : واملفرد ينقسم إىل هو الذي يدل على كثريين مبعىن واحد متفق وال مينع مفهومه عن الشركة فيه : لكلي وا

هو ما مينع نفس مفهومه ذلك : واجلزئي ذايت وعرضي : مث الكلي ينقسم إىل

هو الذي يقوم ماهية ما يقال عليه : والذايت م أو مفارقا بني الوجود أو غري بني هو الذي ال يقوم ماهية سواء كان غري مفارق يف الوجود والوه: والعرضي الوجود له

: مث الذايت ينقسم ما هو ؟ وهو اللفظ املفرد الذي يتضمن مجيع املعاين الذاتية اليت يقوم الشيء هبا : إىل ما هو مقول يف جواب ما هو : ما هو وبني الداخل يف جواب : وفرق بني املقول يف جواب شيء هو ؟ وهو الذي يدل على معىن تتميز به أشياء مشتركة يف معىن واحد متيزا أي: وإىل ما هو مقول يف جواب

ذاتيا فقد يكون مالزما يف الوجود والوهم وبه يقع متييز أيضا ال ذاتيا وقد يكون مفارقا : وأما العرضي

وفرق بني العرضي والعرض الذي هو قسيم اجلوهر والنوع والفصل واخلاصة والعرض العام اجلنس: وأما رسوم األلفاظ اخلمسة اليت هي

يرسم بأنه املقول على كثريين خمتلفني باحلقائق الذاتية يف جواب ما هو ؟ : فاجلنس )١٦٠ \ ٢ (

يرسم بأنه املقول على كثريين خمتلفني بالعدد يف جواب ما هو ؟ إذا كان نوع األنواع : والنوع ريين خمتلفني يف جواب ما هو ؟ ويقال عليه قول آخر يف جواب ما هو وإذا كان نوعا متوسطا فهو املقول على كث

Page 223: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

بالشركة وينتهي االرتقاء إىل جنس ال جنس فوقه وإن قدر فوق اجلنس أمر أعم منه فيكون العموم بالتشكيك والنزول إىل

نوع ال نوع حتته وإن قدر دون النوع صنف أخص فيكون اخلصوص بالعوارض لكلي الذايت الذي يقال به على نوع حتت جنسه بأنه أي شيء هو ؟ بأنه ا: ويرسم الفصل بأهنا هي الكلي الدال على نوع واحد يف جواب أي أي شيء هو ال بالذات : وترسم اخلاصة

بأنه الكلي املفرد الغري الذايت ويشترك يف معناه كثريون : ويرسم العرض العام وهر وقوع مبعنيني خمتلفني ووقوع العرض على هذا وعلى الذي هو قسيم اجل

الشيء إما عني موجودة وإما صورة مأخوذة عنه يف الذهن وال خيتلفان يف النواحي واألمم : يف املركبات دالة على : فالكتابة : وإما لفظة تدل على الصورة اليت يف الذهن وإما كتابة دالة على اللفظ وخيتلفان يف األمم

ة يف الذهن وتلك الصورة دالة على األعيان املوجودة دال على الصور: اللفظ واللفظ إما اسم وإما كلمة وإما أداة : ومبادئ القول

لفظ مفرد يدل على معىن من غري أن يدل على زمان وجود ذلك املعىن : فاالسم لفظ مفرد يدل على معىن وعلى الزمان الذي فيه ذلك املعىن لوضوح ما غري معني : والكلمة لفظ مفرد إمنا يدل على معىن يصح أن يوضع أو حيمل بعد أن يقترن باسم أو كلمة : واألداة

وإذا ركبت اللفظ تركيبا يؤدي إىل معىن فحينئذ يسمى قوال ووجوه التركيبات خمتلفة وإمنا حيتاج املنطقي إىل تركيب خاص وهو أن يكون حبيث يتطرق إليه التصديق والتكذيب

ه نسبة بني شيئني حبيث يتبعه حكم صدق أو كذب هي كل قول في: فالقضية كل قضية فيها النسبة املذكورة بني شيئني ليس يف كل منهما هذه النسبة إال حبيث ميكن أن يدل : واحلملية منها

على كل واحد منها بلفظ مفرد حيث هي منفصلة النسبة بني شيئني فيهما هذه النسبة من) ١٦١ \ ٢( كل قضية فيها هذه : والشرطية منها

هي اليت توجب أو تسلب لزوم قضية ألخرى من القضايا الشرطية : واملتصلة من الشرطية ما توجب أو تسلب عناد قضية ألخرى من القضايا الشرطية : واملنفصلة منها

هو إيقاع هذه النسبة وإجيادها : واإلجياب هو احلكم بوجود حممول ملوضوع : ويف احلملية

هو رفع هذه النسبة الوجودية :والسلب هو احلكم بال وجود حممول ملوضوع : ويف احلملية

هو احملكوم به : واحملمول هو احملكموم عليه : واملوضوع

قضية محلية موضوعها شيء جزئي : واملخصوصة البعض وشك يف أنه قضية محلية موضوعها كلي ولكن مل يبني أن احلكم يف كله أو يف بعضه والبد أنه يف: واملهملة

يف الكل فحكمه حكم اجلزئي هي اليت موضوعها كلي واحلكم عليه مبني أنه يف كله أو بعضه وقد تكون موجبة وسالبة : واحملصورة

هو اللفظ الذي يدل على مقدار احلصر ككل وال واحد وبعض وال كل : والسور

Page 224: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

اإلجياب وموضوعهما وحمموهلما واحد يف املعىن واإلضافة والقوة مها اللتان ختتلفان بالسلب و: والقضيتان املتقابلتان والفعل واجلزء والكل واملكان والزمان والشرط

هو التقابل بني قضيتني يف اإلجياب والسلب تقابال جيب عنه لذاته أن يقتسما الصدق والكذب وجيب أن : والتناقض يراعى فيه الشرائط املذكورة

ليت موضوعها وحمموهلا اسم حمصل هي ا: والقضية البسيطة زيد هو غري بصري : هي اليت موضوعها أو حمموهلا غري حمصل كقولنا : واملعدولة هي اليت حمموهلا أخس املتقابلني أي دل على عدم شيء من شأنه أن يكون للشيء أو لنوعه أو جلنسه : والعدمية زيد جائر : مثل قولنا

ول بالقياس إىل املوضوع جيب هبا ال حمالة أن يكون له دائما يف كل وقت يف إجياب هي حالة للمحم: ومادة القضايا أو سلب أو غري دائم له يف إجياب وال سلب

: وجهات القضايا ثالث ويدل على دوام الوجود : واجب ويدل على دوام العدم : وممتنع ويدل على ال دوام وجود وال عدم : وممكن

: ادة والفرق بني اجلهة وامل لفظ مصرح هبا تدل على أحد هذه املعاين : أن اجلهة

)١٦٢ \ ٢ ( زيد ميكن أن يكون حيوانا فاملادة واجبة واجلهة : حالة للقضية يف ذاهتا غري مصرح هبا ورمبا ختالفا كقولك : واملادة ممكنة

: يطلق على معنيني : واملمكن إما ممكن وإما ممتنع وهو املمكن العامي : ما ليس مبمتنع وعلى هذا الشيء : أحدمها إما واجب وإما ممتنع وإما ممكن : ما ليس بضروري يف احلالتني أعين الوجود والعدم وعلى هذا الشيء : والثاين

وهو املمكن اخلاصي : مث إن الواجب واملمتنع بينهما غاية اخلالف مع اتفاقهما يف معىن الضرورة

وجود حبيث لو قدر عدمه لزم منه حمال هو ضروري ال: فإن الواجب ضروري العدم حبيث لو قدر وجوده لزم منه حمال : واملمتنع

هو ما ليس بضروري الوجود والعدم : واملمكن اخلاصي : واحلمل الضروري على أوجه ستة تشترك كلها يف الدوام

أن يكون احلمل دائما مل يزل وال يزال : األول مل دائما ما دامت ذات املوضوع موجودة مل تفسد أن يكون احل: الثاين

إجياب أو سلب ضروري : وهذان مها املستعمالن واملرادان إذا قيل أن يكون احلمل دائما ما دامت ذات املوضوع موصوفة بالصفة اليت جعلت موضوعة معها : والثالث أن يكون احلمل موجودا وليس له ضرورة بال هذا الشرط : والرابع

Page 225: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

أن تكون الضرورة وقتا ما معينا ال بد منه : خلامس وا أن تكون الضرورة وقتا ما غري معني : والسادس

قد تتالزم طردا وعكسا وقد ال تتالزم فواجب أن يوجد يلزمه ممتنع أن ال يوجد وليس ميكن : مث إن ذوات اجلهة باملعىن العامي أن ال يوجد

طبقات ونقائض هذه متعاكسة وقس عليه سائر ال فإما ضرورية وإما ممكنة وإما مطلقة : وكل قضية ب ودائما أو غري ) ١٦٣ \ ٢( كل ب ا بالضرورة أي كل واحد واحد مما يوصف بأنه : مثل قولنا : فالضرورية

دائم فلذلك الشيء دائما ما دامت عني ذاته موجودة يوصف بأنه ا ضروري فهي اليت حكمها من إجياب أو سلب غري: واملمكنة : فيها رأيان : واملطلقة أهنا اليت مل يذكر فيها جهة ضرورة للحكم أو إمكان للحكم بل أطلق إطالقا : أحدمها ما يكون احلكم فيها موجودا ال دائما بل وقتا ما : والثاين

معني ضروري أو إما ما دام املوضوع موصوفا مبا وصف به أو ما دام احملمول حمكوما به أو يف وقت: وذلك الوقت يف وقت ضروري غري معني

فهو تصيري املوضوع حمموال واحملمول موضوعا مع بقاء السلب واإلجياب حبالة والصدق والكذب : وأما العكس حبالة

والسالبة الكلية تنعكس مثل نفسها وأما السالبة اجلزئية فال تنعكس

واملوجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية ية تنعكس مثل نفسها واملوجبة اجلزئ

: يف القياس ومبادئه وأشكاله ونتائجه قول يوجب شيئا لشيء أو يسلب شيئا عن شيء جعلت جزء قياس : املقدمة ما تنحل إليه املقدمة من جهة ما هي مقدمة : واحلد

هو قول مؤلف من أقوال إذا وضعت لزم عنها بذاهتا قول آخر غريها اضطرارا : والقياس ن بينا لزومه يسمى قياسا كامال وإذا كا

وإذا احتاج إىل بيان فهو غري كامل اقتراين واستثنائي : والقياس ينقسم إىل

أن يكون ما يلزمه ليس هو وال نقيضه مقوال فيه بالفعل بوجه ما : واالقتراين أن يكون ما يلزمه هو أو نقيضه مقوال فيه بالفعل : واالستثنائي

يكون عن مقدمتني يشتركان يف حد ويفترقان يف حدين فتكون احلدود ثالثة إمنا : واالقتراين ومن شأن املشترك فيه أن يزول عن الوسط ويربط ما بني احلدين اآلخرين فيكون ذلك هو الالزم ويسمى نتيجة

طرفني : يسمى حدا أوسط والباقيان : فاملكرر والذي يريد أن يكون موضوع الالزم يسمى الطرف والذي يريد أن يصري حممول الالزم يسمى الطرف األكرب

Page 226: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

األصغر )١٦٤ \ ٢ (

واملقدمة اليت فيها الطرف األكرب تسمى الكربى واليت فيها الطرف األصغر تسمى الصغرى وتأليف الصغرى والكربى يسمى قرينة

وهيئة االقتران تسمى شكال سا تسمى قيا: والقرينة اليت يلزم عنها لذاهتا قول آخر

يسمى مطلوبا : مادام مل يلزم بعد بل يساق إليه القياس : والالزم يسمى نتيجة : وإذا لزم

يسمى ذلك االقتران شكال أوال : إن كان حمموال يف مقدمة وموضوعا يف األخرى : واحلد األوسط يسمى شكال ثانيا : وإن كان حمموال فيها

يسمى شكال ثالثا : وإن كان موضوعا فيها تشترك األشكال كلها يف أنه ال قياس عن جزئيتني و

وتشترك ما خال الكائنة عن املمكنات يف أنه ال قياس عن سالبتني وال عن صغرى سالبة كرباها جزئية والنتيجة تتبع أخس املقدمتني يف الكم والكيف

أن تكون كرباه كلية وصغراه موجبة : وشريطة الشكل األول أن تكون الكربى فيه كلية وإحدى املقدمتني خمالفة لألخرى يف الكيف وال ينتج إذا كانت : وشريطة الشكل الثاين

املقدمتان ممكنتني أو مطلقتني اإلطالق الذي ينعكس على نفسه كلتيهما أن تكون الصغرى موجبة : وشريطة الشكل الثالث

مث ال بد من كلية يف كل شكل ولريجع يف املختلطات إىل تصانيفه فاعلم أن اإلجياب والسلب ليس خيتص باحلمليات بل ويف االتصال واالنفصال : ا القياسات الشرطية بقضاياها وأم

فإنه كما أن الداللة على وجود احلمل إجياب يف احلمل كذلك الداللة على وجود االتصال إجياب يف املتصل ب فهو إبطال اإلجياب ورفعه وكذلك والداللة على وجود االنفصال إجياب يف املنفصل وكذلك السلب وكل سل

جيري فيهما احلصر واإلمهال وقد تكون القضايا كثرية واملقدمة واحدة واالقتران من املتصالت أن جيعل مقدم أحدمها تايل اآلخر فيشتركان يف

التايل أو يشتركان يف املقدم وذلك على قياس األشكال احلملية والشرائط فيها واحدة حتصل من اجتماع املقدم والتايل اللذين مها كالطرفني واالقترانيات من املنفصالت فال تكون يف : والنتيجة شرطية

جزء تام بل تكون يف جزء غري تام وهو جزء تال أو مقدم شرطية واألخرى وضع أو رفع ألحد جرأيها وجيوز أن ) ١٦٥ \ ٢( إحدامها : مؤلفة من مقدمتني : واالستثنائية

طية وتسمى املستثناة تكون محلية وشر : واملستثناة من قياس فيه شرطية متصلة

إن كان االستثناء من املقدم فيجب أن يكون عني املقدم لينتج عني التايل وإن كان من التايل فيجب أن يكون نقيضه لينتج نقيض املقدم

واستثناء نقيض املقدم وعني التايل ال ينتج شيئا

Page 227: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: صلة وأما إذا كانت الشرطية منففإن كانت ذات جزأين فقط موجبتني فأيهما استثنيت عينه أنتج نقيض الباقي وأيهما استثنيت نقيضه أنتج عني

الباقي فهي ما إذا حللت إىل أفرادها كان ما ينتج كل واحد منها شيئا آخر إال أن نتائج بعضها : وأما القياسات املركبة

ها وعكس نقيضها وجزأها وعكس جزئها إن كان هلا عكس مقدمات لبعض وكل نتيجة فإهنا تستتبع عكس واملقدمات الصادقة تنتج نتيجة صادقة وال ينعكس فقد تنتج املقدمات الكاذبة نتيجة صادقة

أن تأخذ النتيجة وعكس إحدى املقدمتني فتنتج املقدمة الثانية وإمنا ميكن إذا كانت احلدود يف املقدمات : والدور متعاكسة متساوية

هو أن تأخذ مقابل النتيجة بالضد أو النقيض وتضيفه إىل إحدى املقدمتني فينتج مقابل النتيجة : وعكس القياس األخرى احتياال يف اجلدل

هو الذي يبني فيه املطلوب من جهة تكذيب نقيضه فيكون هو باحلقيقة مركبا من قياس اقتراين : وقياس اخللف وقياس استثنائي هو أن جيعل املطلوب نفسه مقدمة يف قياس يراد فيه إنتاجه ورمبا تكون يف قياس : طلوب األول واملصادرة على امل

واحد ورمبا تبني يف قياسات وحيثما كان أبعد كان من القبول أقرب إما كلها وإما أكثرها : هو حكم على كلي لوجود ذلك احلكم يف جزئيات ذلك الكلي : واالستقراء

على شيء معني لوجود ذلك احلكم يف شيء آخر معني أو أشياء على أن ذلك احلكم كلي هو احلكم: والتمثيل على املتشابه فيه فيكون احملكوم عليه هو املطلوب واملنقول منه احلكم هو املثال واملعىن املتشابه فيه هو اجلامع

مقدمة حممودة كلية يف أن كذا كائن أو غري كائن وصواب أم خطأ : وحكم الرأي آخر لألصغر دائما ) ١٦٦ \ ٢( قياس إضماري حده األوسط شيء إذا وجد لألصغر تبعه وجود شيء : والدليل

كيف كان ذلك التبع شبيه بالدليل من وجه وبالتمثيل من وجه : والقياس الفراشي

: يف مقدمات القياس من جهة ذواهتا وشرائط الربهان احلس هي أمور أوقع التصديق هبا : احملسوسات

هي أمور أوقع التصديق هبا احلس بشركة من القياس : واجملربات إما ألمر مساوي خيتص به أو لرأي وفكر : آراء أوقع التصديق هبا قول من يوثق بصدقه فيما يقول : واملقبوالت قوي متيز به آراء أوجب اعتقادها قوة الوهم التابعة للحس : والومهيات ة حممودة أوجب التصديق هبا شهادة الكل آراء مشهور: والذائعات آراء يقع التصديق هبا ال على الثبات بل خيطر إمكان نقيضها بالبال ولكن الذهن يكون إليها أميل : واملظنونات هي مقدمات ليست تقال ليصدق هبا بل لتخيل شيئا على أنه شيء آخر على سبيل احملاكاة : واملتخيالت دث يف اإلنسان من جهة العقلية من غري سبب أوجب التصديق هبا هي قضايا حت: واألوليات قياس مؤلف من يقينيات إلنتاج يقيين : والربهان

إما أوليات وما مجع منها وإما جتريبات وإما حمسوسات : واليقينيات

Page 228: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هو الذي يعطيك علة اجتماع طريف النتيجة يف الوجود والذهن مجيعا : وبرهان اللم هو الذي يعطيك علة اجتماع طريف النتيجة عند الذهن والتصديق به : وبرهان اإلن

: واملطالب أربعة وهو تعرف حال الشيء يف الوجود أو العدم مطلقا : هل مطلقا

: وهو تعرف وجود الشيء على حال ما أو ليس ما يعرف التصور وهو : وهل مقيدا يتقدم كل مطلب أي ما املراد باسم كذا ؟ وهذا : إما حبسب االسم

أي ما الشيء يف وجوده وهو يعرف حقيقة الذات ويتقدمه اهلل املطلق مل يعرف العلة جبواب : وإما حبسب الذات هل إما علة التصديق فقط وإما علة نفس الوجود وأما أي فهو بالقوة داخل يف اهلل املقيد : وهو

اص إما بالصفات الذاتية وإما باخلو: وإمنا يطلب التمييز موضوعات ومسائل ومقدمات : واألمور اليت يلتئم منها أمر الرباهني ثالثة

)١٦٧ \ ٢ ( يربهن فيها : فاملوضوعات

يربهن عليها : واملسائل يربهن هبا وجيب أن تكون صادقة يقينية ذاتية وتنتهي إىل مقدمات أولية مقولة على الكل كلية وقد : واملقدمات

األمور املتغرية اليت هي األكثر على حكم ما فتكون أكثرية وتكون علال لوجود النتيجة تكون ضرورية إال على فتكون مناسبة

: احلمل الذايت يقال على وجهني أن يكون احملمول مأخوذا يف حد املوضوع : أحدمها أن يكون املوضوع مأخوذا يف حد احملمول : والثاين

: املقدمة األولية على وجهني أن التصديق هبا حاصل يف أول العقل : أحدمها من جهة أن اإلجياب والسلب ال يقال على ما هو أعم من املوضوع قوال كليا : والثاين

هو أن ال تكون املقدمات فيه من علم غريب : املناسب هي اليت توضع يف العلوم فيربهن على أعراضها الذاتية : املوضوعات

بعلم علم املشكوك فيها املطلوب برهاهنا هي القضايا اخلاصة: املسائل يعطي حكم اليقني الدائم وليس يف شيء من الفاسدات عقد دائم فال برهان عليها : والربهان

وال برهان أيضا على احلد ألنه البد حينئذ من حد أوسط مساو للطرفني ألن احلد واحملدود متساويان وذلك : األوسط ال خيلو

ر أو يكون رمسا أو خاصة إما أن يكون حدا آخفإن السؤال يف اكتسابه ثابت فإن اكتسب حبد ثالث فاألمر ذاهب إىل غري هناية وإن اكتسب : فأما احلد اآلخر

باحلد األول فذلك دور وإن اكتسب بوجه آخر غري الربهان فلم ال يكتسب به هذا احلد على أنه ال جيوز أن يكون ضح بعد لشيء واحد حدان تامان على ما سنو

Page 229: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وإن كانت الواسطة غري حد فكيف صار ما ليس حبد أعرف وجودا للمحدود من األمر الذايت املقوم له وهو احلد فإن احلد ال يكتسب بالقسمة فإن القسمة تضع أقساما وال حتمل من األقسام شيئا بعينه إال أن يوضع وضعا : وأيضا

من غري أن يكون للقسمة فيه مدخل نقيض قسم ليبقى القسم الداخل يف احلد فهو إبانة الشيء مبا هو مثله أو أخفى منه وأما استثناء

إذن ناطق مل تكن أخذت يف االستثناء شيئا ) ١٦٨ \ ٢( لكن ليس لإلنسان غري ناطق فهو : فإنك إذا قلت أعرف من النتيجة

حد الضدين أوىل بذلك من حد وأيضا فإن احلد ال يكتسب من حد الضد فليس الكل حمدود ضد وال أيضا حد أ الضد اآلخر ال يفيد علما كليا فكيف يفيد احلد لكن احلد يقتنص بالتركيب وذلك بأن تعمد إىل األشخاص اليت ال : واالستقراء

تنقسم وتنظر من أي جنس هي من العشرة فتأخذ مجيع احملموالت املقومة هلا اليت يف ذلك اجلنس وجتمع العدة منها أيها األول وأيها الثاين فإذا مجعنا هذه احملموالت ووجدنا منها شيئا مساويا للمحدود من وجهني فهو بعد أن تعرف

احلد أحدمها املساواة يف احلمل والثاين املساواة يف املعىن وهو أن يكون داال على كمال حقيقة ذاته ال يشذ منه شيء ببعض الفصول فيكون مساويا يف احلمل وال يكون فإن كثريا مما مييز الذات يكون قد أخل ببعض األجناس أو

مساويا يف املعىن وبالعكس وال يلتفت يف احلد إىل أن يكون وجيزا بل ينبغي أن تضع اجلنس القريب فيه بامسه أو حبده مث تأيت جبميع الفصول

الذاتية فإنك إذا تركت بعض الفصول فقد تركت بعض الذات يجب أن يقوم يف النفس صورة معقولة مساوية للصورة املوجودة بتمامها فحينئذ واحلد عنوان للذات وبيان هلا ف يعرض أن يتميز أيضا احملدود

وال حد يف احلقيقة ملا ال وجود له وإمنا ذلك قول يشرح االسم ء مبا قول دال على املاهية والقسمة معينة يف احلد خصوصا إذا كانت بالذاتيات وال جيوز تعريف الشي: فاحلد إذن

هو أخفى منه وال مبا هو مبثله يف اجلالء واخلفاء وال مبا ال يعرف الشيء إال به : يف األجناس العشرة

هو كل ما وجود ذاته ليس يف موضوع أي يف حمل قريب قد قام بنفسه دونه بالفعل ال بتقوميه : اجلوهر هو الذي يقبل لذاته املساواة والالمساواة والتجزؤ : الكم إما أن يكون متصال إذ يوجد ألجزائه بالقوة حد مشترك تتالقى عنده وتتحد به كالنقطة للخط وهو

يكون منفصال ال يوجد ألجزائه ذلك بالقوة وال بالفعل كالعدد ) ١٦٩ \ ٢( وإما أن قد يكون ذا وضع وقد يكون عدمي الوضع : واملتصل

: وإمكان أن يشار إىل كل واحد منها أنه أين هو من اآلخر هو الذي يوجد ألجزائه ااتصال وثبات : وذو الوضع فمن ذلك ما يقبل القسمة يف جهة واحدة وهو اخلط

ومنه ما يقبل يف جهتني متقاطعتني على قوائم وهو السطح قائم بعضها على بعض وهو اجلسم : : ومنه ما يقبل يف ثالث جهات

حلاوي واملكان أيضا ذو وضع ألنه السطح الباطن من افهو مقدار للحركة إذ أنه ليس له وضع إذ ال توجد أجزاؤه معا وإن كان له اتصال إذ ماضيه : وأما الزمان

Page 230: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومستقبله يتحدان بطرف اآلن فهو باحلقيقة الكم املنفصل : وأما العدد

: ومن املقوالت العشرة ود غريه مثل األبوة بالقياس إىل البنوة ال وهو املعىن الذي وجوده بالقياس إىل شيء آخر وليس له وج: اإلضافة

كاألب فإن له وجودا خيصه كاإلنسانية فهو كل هيئة قارة يف جسم ال يوجب اعتبار وجودها فيه نسبة للجسم إىل خارج وال نسبة واقعة يف : وأما الكيف

أجزائه وال جلملته اعتبارا يكون به ذا جزء مثل البياض والسواد تصا بالكم من جهة ما هو كم كالتربيع بالسطح واالستقامة باخلط والفردية بالعدد إما يكون خم: وهو

وإما أن ال يكون خمتصا به : إما أن يكون حمسوسا تنفعل عنه احلواس ويوجد بانفعال املمتزجات : وغري املختص به

فالراسخ منه مثل صفرة الذهب وحالوة العسل يسمى كيفيات انفعاليات ل منه وإن كان كيفية باحلقيقة فال يسمى كيفية بل انفعاالت لسرعة استبداهلا مثل محرة اخلجل وصفرة وسريع الزوا

الوجل : ومنه ما ال يكون حمسوسا

: فإما أن يكون استعدادات إمنا تتصور يف النفس بالقياس إىل كماالت ة والصالبة فإن كان استعدادا للمقاومة وإباء لالنفعال مسي قوة طبيعية كاملصحاحي

وإن كان استعدادا لسرعة اإلذعان واالنفعال مسي ال قوة طبيعية مثل املمراضية واللني استعدادت لكماالت أخرى وتكون مع ذلك غري ) ١٧٠ \ ٢( وإما أن تكون يف أنفسها كماالت ال يتصور أهنا

: حمسوسة بذاهتا فما كان ثابتا منها يسمى ملكه مثل العلم والصحة

كان سريع الزوال مسي حاال مثل غضب احلليم ومرض املصحاح وفرق بني الصحة واملصحاحية فإن املصحاح وما قد ال يكون صحيحا واملمراض قد يكون صحيحا

: ومن مجلة العشرة وهو كون اجلوهر يف مكانه الذي يكون فيه ككون زيد يف السوق : األين فيه مثل كون هذا األمر أمس وهو كون اجلوهر يف زمانه الذي يكون: ومىت

وهو كون اجلسم حبيث يكون ألجزائه بعضها إىل بعض نسبة يف االحنراف واملوازرة واجلهات وأجزاء : والوضع املكان إن كان يف مكان مثل القيام والقعود وهو يف املعىن غري الوضع املذكور يف باب الكم

يف جوهر يشمله وينتقل بانتقاله مثل التلبس والتسلح والفعل ولست أحصله ويشبه أن يكون كون اجلوهر : وامللك وهو نسبة اجلوهر إىل أمر موجود منه يف غريه غري قار الذات بل ال يزال يتجدد وينصرم كالتسخني والتربيد

واالنفعال وهو نسبة اجلوهر إىل حالة فيه هبذه الصفة مثل التقطع والتسخن : والعلل أربع

ومبدأ احلركة مثل النجار للكرسي علة للفاعل: يقال علة للمادة وما حيتاج أن يكون حىت تكون ماهية الشيء مثل اخلشب : ويقال

Page 231: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

علة للصورة يف كل شيء يكون فإنه ما مل تقترن الصورة باملادة مل يتكون : ويقال ذه إما قريبة وإما بعيدة علة للغاية والشيء الذي حنوه وألجله الشيء مثل الكن للبيت وكل واحدة من ه: ويقال

وإما بالقوة وإما بالفعل وإما بالذات وإما بالعرض وإما خاصة وإما عامة والعلل األربع قد تقع حدودا وسطى يف الرباهني إلنتاج قضايا حمموالهتا أعراض ذاتية

بذلك ما يدل على فال جيب من وضعهما وضع املعلول وإنتاجه ما مل يقترن: وأما العلتان الفاعلية والقابلية صريورهتما علة بالفعل واهللا املوفق

)١٧١ \ ٢ ( : يف تفسري ألفاظ حيتاج إليها املنطقي

احلق أنه رأى يف شيء أنه كذا وميكن أن ال يكون كذا : الظن اعتقاد بأن الشيء كذا وأنه ال ميكن أن ال يكون كذا بواسطة توجبه : والعلم

والشيء كذلك يف ذاته لتصور املاهية بتحديد " علم : " يقال وقد

اعتقاد بأن الشيء كذا وأنه ال ميكن أن ال يكون كذا طبعا بال واسطة كاعتقاد املبادئ األوىل للرباهني : والعقل لتصور املاهية بذاهتا بال حتديدها كتصور املبادئ األوىل للحد " عقل : " وقد يقال

ب العلم قوة للنفس معدة حنو اكتسا: والذهن قوة استعداد للحدس : والذكاء حركة النفس إىل إصابة احلد األوسط إذا وضع املطلوب أو إصابة احلد األكرب إذا أصيب األوسط : واحلدس

وباجلملة سرعة انتقال الذهن من معلوم إىل جمهول إمنا يدرك اجلزئيات الشخصية : واحلس

ى شخصيته حيفظان ما يؤديه احلس عل: والذكر واخليال فيحفظ الصورة : أما اخليال

فيحفظ املعىن املأخوذ : وأما الذكر وإذا تكرر احلس صار ذكرا وإذا تكرر الذكر كان جتربة

حركة ذهن اإلنسان حنو املبادئ ليصري منها إىل املطالب : والفكر ملكة نفسانية تصدر عنها أفعال إرادية بغري رؤية : والصناعة ج النفس اإلنساين إىل كماله املمكن يف جزأي العلم والعمل خرو: واحلكمة

فأن يكون متصورا للموجودات كما هي ومصدقا للقضايا كما هي : أما يف جانب العلم فأن يكون قد حصل له اخللق الذي يسمى العدالة وامللكة الفاضلة : وأما يف جانب العمل

ينال الكليات جمردة : والفكر العقلي تنال اجلزئيات : اخليال والذكر واحلس و

فاحلس يعرض على اخليال أمورا خمتلطة واخليال على العقل مث العقل يفعل التمييز ولكل واحد من هذه املعاين معونة يف صواحبها يف قسمي التصور والتصديق

)١٧٢ \ ٢ (

Page 232: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

:يف اإلهليات - ٢

: ل جيب أن حنصر املسائل اليت ختتص هبذا العلم يف عشر مسائ : يف موضوع هذا العلم ومجلة ما ينظر فيه والتنبيه على الوجود وأقسامه : املسألة األوىل منها

إن لكل علم موضوعا ينظر فيه فيبحث عن أحواله وموضوع العلم اإلهلي هو الوجود املطلق ولواحقه اليت له بذاته ه بيان مبادئها ومبادئه وينتهي يف التفصيل إىل حيث تبتدئ منه سائر العلوم وفي

الواحد والكثري ولواحقهما والعلة واملعلول والقدمي واحلادث والتام : ومجلة ما ينظر فيه هذا العلم هو أقسام وهي والناقص والفعل والقوة وحتقيق املقوالت العشر

واهتما انقساما ويشبه أن يكون انقسام الوجود إىل املقوالت انقساما بالفصول وانقسامه إىل الوحدة والكثرة وأخ باألعراض

والوجود يشمل الكل مشوال بالتشكيك ال بالتواطؤ وهلذا مل يصلح أن يكون جنسا فإنه يف بعضها أوىل وأول ويف بعضها ال أوىل وال أول وهو أشهر من أن حيد أو يرسم وال ميكن أن يشرح بغري االسم ألنه مبدأ أول لكل شيء فال

س بال توسط شيء شرح له بل صورته تقوم يف النف إىل واجب بذاته وممكن بذاته : وينقسم نوعا من القسمة

ما إذا اعترب ذاته فقط وجب وجوده : والواجب بذاته ما إذا اعترب لذاته مل جيب وجوده وإذا فرض غري موجود مل يلزم منه حمال : واملمكن بذاته

لواحد أوىل بالواجب والكثري أوىل باجلائز مث إذا عرض على القسمني عرضا محليا الواحد والكثري كان اوكذلك العلة واملعلول والقدمي واحلادث والتام والناقص والفعل والقوة والغىن والفقر كان أحسن األمساء أوىل

بالواجب بذاته رض وقد جوهر وع: وملا مل تتطرق إليه الكثرة بوجه مل يتطرق إليه التقسيم بل توجه إىل املمكن بذاته فانقسم إىل

عرفنامها برمسيهما ٢( وأما نسبة أحدمها إىل اآلخر فهو أن اجلوهر حمل مستغن يف قوامه عن احلال فيه والعرض حال فيه غري مستغن

يف قوامه عنه ) ١٧٣ \ فكل ذات مل تكن يف موضوع وال قوامها به فهو جوهر

وكل ذات قوامها يف موضوع فهو عرض يكون مع ذلك جوهرا ال يف موضوع إذا كان احملل القريب الذي هو فيه متقوما به وقد يكون الشيء يف احملل و

وليس متقوما بذاته مث مقوما له ونسميه صورة وهذا هو الفرق بينهما وبني العرض : وكل جوهر ليس يف موضوع فال خيلو

إما أن ال يكون يف حمل أصال ل أو يكون يف حمل ال يستغىن يف القوام عنه ذلك احمل

فإن كان يف حمل هبذه الصفة فإنا نسميه صورة مادية : وإن مل يكن يف حمل أصال

فإما أن يكون حمال بنفسه ال تركيب فيه أو ال يكون

Page 233: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فإن كان حمال بنفسه فإنا نسميه اهليوىل املطلقة : وإن مل يكن

فإما أن يكون مركبا مثل أجسامنا املركبة من مادة وصورة جسمية ن ال يكون وإما أ

: وما ليس مبركب فال خيلو إما أن يكون له تعلق ما باألجسام

أو مل يكن له تعلق فما له تعلق نسميه نفسا

وما ليس له تعلق فنسميه عقال وأما أقسام العرض فقد ذكرناها وحصرها بالقسمة الضرورية متعذر

نه يف حتقيق اجلوهر اجلسماين وما يتركب م: املسألة الثانية : وأن املادة اجلسمانية ال تتعرى عن الصورة وأن الصورة متقدمة على املادة يف مرتبة الوجود

اعلم أن اجلسم ليس جسما بأن فيه أبعادا ثالثة بالفعل فإنه ليس جيب أن يكون يف كل جسم نقط أو خطوط بالفعل جلسم إمنا هو جسم ألنه حبيث يصلح أن وأنت تعلم أن الكرة ال قطع فيها بالفعل والنقط واخلطوط قطوع بل ا

يفرض فيه أبعاد ثالثة كل واحد منها قائم على اآلخر وال ميكن أن تكون فوق ثالثة فالذي يفرض فيه أوال هو الطول والقائم عليه العرض والقائم عليهما يف احلد املشترك هو العمق وهذا املعىن منه صورة اجلسمية

تقع فيه فليست صورة له بل هي من باب الكم وهي لواحق ال مقومات وال جيب أن يثبت وأما األبعاد احملدودة اليت شيء منه له بل مع كل تشكيل يتجدد عليه يبطل كل بعد متحدد كان فيه

ورمبا اتفق يف بعض األجسام أن تكون الزمة له ال تفارق مالزمة أشكاهلا وكما أن الشكل الحق فكذلك ما يتحدد بالشكل

)١٧٤ \ ٢ ( وكما أن الشكل ال يدخل يف حتديد جسميته فكذلك األبعاد املتحددة فالصورة اجلسمية موضوعة لصناعة الطبيعيني

أو داخلة فيها واألبعاد املتحددة موضوعة لصناعة التعاليميني أو داخلة فيها

صال مث الصورة اجلسمية طبيعية وراء االتصال يلزمها االتصال وهي بعينها قابلة لالنفومن املعلوم أن قابل االتصال واالنفصال أمر وراء االتصال واالنفصال فإن القابل يبقى بطريان أحدمها واالتصال ال

يبقى بعد طريان االنفصال وظاهر أن هنا جوهرا غري الصورة اجلسمية هو اهليوىل اليت يعرض هلا االنفصال واالتصال معا

تقبل اإلحتاد بالصورة اجلسمية فتصري جسما واحدا مبا يقومها وذلك هو وهي تقارن الصورة اجلسمية فهي اليت اهليوىل أو املادة

: واملادة ال جيوز أن تفارق الصورة اجلسمية وتقوم موجودة بالفعل والدليل عليه من وجهني أن لو قدرناها ال وضع هلا وال حيز وال أهنا تقبل االنقسام فإن هذه كلها صور : أحدمها

: قدرنا أن الصورة صادفتها مث

Page 234: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فإما أن تكون صادفتها دفعة أعين املقدار احملصل حيل فيها دفعة ال على تدريج أو حترك إليها املقدار واالتصال على تدريج

ففي اتصال املقدار هبا يكون قد صادفها حيث انضاف إليها فيكون ال حمالة صادفها وهو يف : فإن حل فيها دفعة و فيه فيكون ذلك اجلوهر متحيزا وقد فرض غري متحيز البتة وهذا خلف وال جيوز أن يكون التحيز قد احليز الذي ه

حصل له دفعة واحدة مع قبول املقدار ألن املقدار يوافيه يف حيز خمصوص وإن حل فيها املقدار واالتصال على انبساط وتدريج وكل ما من شأنه أن ينبسط فله جهات وكل ماله جهات فهو

و وضع فيكون ذلك اجلوهر ذا وضع وقد فرض غري ذي وضع البتة وهذا خلف فتعني أن املادة لن تتعرى عن ذ الصورة قط وأن الفصل بينهما فصل بالعقل فقط

أنا لو قدرنا للمادة وجودا خاصا متقوما غري ذي كم وال جزء باعتبار نفسه مث يعرض عليه الكم : والدليل الثاين عنه ما يتقوم به بالفعل لورود عارض ) ١٧٥ \ ٢( بأنه ال جزء له وال كم يعرض أن يبطل فيكون ما هو متقوم

عليه فيكون حينئذ للمادة صورة عارضة هبا تكون واحدة بالقوة والفعل وصورة أخرى هبا تكون غري واحدة بالفعل قوته أن ينقسم ومرة يف قوته أن فيكون بني األمرين شيء مشترك هو القابل لألمرين من شأنه أن يصري مرة ليس يف

ينقسم : ولنفرض اآلن أن هذا اجلوهر قد صار بالفعل اثنني مث صارا شيئا واحدا بأن خلعا صورة االثنينية فال خيلو

إما أن احتدا وكل واحد منها موجودا فهما اثنان ال واحد ؟ وإن احتدا وأحدمها معدوم واآلخر موجود فاملعدوم كيف يتحد باملوجود

وإن عدما مجيعا باالحتاد وحدث شيء واحد ثالث فهما غري متحدين بل فاسدان وبينهما وبني الثالث مادة مشتركة وكالمنا يف نفس املادة ال يف شيء ذي مادة فاملادة اجلسمية ال توجد مفارقة للصورة وإهنا إمنا تقوم بالفعل بالصورة

بالقوة وإمنا تصري بالفعل باملادة ألن جوهر الصورة هو الفعل وما إن الصورة بنفسها موجودة : وال جيوز أن يقال بالقوة حملة املادة

والصورة وإن كانت ال تفارق اهليوىل فليست تتقوم باهليوىل بل بالعلة املفيدة إياها للهيوىل وكيف يتصور أن تقوم الذي يتقوم به الشيء وبني الذي ال يفارقه الصورة باهليوىل وقد أثبت أهنا علتها والعلة ال تتقوم باملعلول وفرق بني

فإن املعلول ال يفارق العلة وليس علة هلا فما يقوم الصورة أمر مباين هلا مفيد الوجود وما يقوم اهليوىل أمر مالق هلا وهو الصورة وأول املوجودات يف استحقاق الوجود اجلوهر املفارق الغري اجملسم الذي يعطي صورة اجلسم وصورة

موجود مث الصورة مث اجلسم مث اهليوىل وهي وإن كانت سببا للجسم فإهنا ليست بسبب يعطي الوجود بل سبب كل يقبل الوجود فإنه حمل لنيل الوجود وللجسم وجودها وزيادة وجود الصورة فيه اليت هي أكمل منها مث العرض أوىل

ألعراض ترتيب يف الوجود أيضا بالوجود فإن أوىل األشياء بالوجود هو اجلوهر مث األعراض ويف ا يف أقسام العلل وأحواهلا : املسألة الثالثة

: ويف القوة والفعل ويف إثبات الكيفيات يف الكمية وأن الكيفيات أعراض ال جواهر )١٧٦ \ ٢ (

استتم له املبدأ والعلة يقال لكل ما يكون قد: قد بينا يف املنطق أن العلل أربع وحتقيق وجودها ههنا أن نقول وجوده يف نفسه مث حصل منه وجود شيء آخر وتقوم به

: مث ال خيلو ذلك

Page 235: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: إما أن يكون كاجلزء ملا هو معلول له وهذا على وجهني إما أن يكون جزءا ليس جيب عن حصوله بالفعل أن يكون ما هو معلول له موجودا بالفعل وهذا هو العنصر ومثاله

شب موجودا وال يلزم من وجوده وحده أن حيصل السرير بالفعل بل املعلول اخلشب للسرير فإنك تتوهم اخل موجود فيه بالقوة

وإما أن يكون جزءا جيب عن حصوله بالفعل وجود املعلول له بالفعل وهذا هو الصورة ومثاله الشكل والتأليف للسرير

: وإن مل يكن كاجلزء ملا هو معلول له فإما أن يكون مباينا

ا لذات املعلول أو مالقي فإما أن ينعت به املعلول : واملالقي

وإما أن ينعت باملعلول وهذان مها يف حكم الصورة واهليوىل

فإما أن يكون الذي منه الوجود وليس الوجود ألجله وهو الفاعل : وإن كان مباينا حصول الوجود وتتقدم سائر العلل يف وإما أن ال يكون منه الوجود بل ألجله الوجود وهو الغاية والغاية تتأخر يف

السببية وفرق بني السببية والوجود يف األعيان فإن املعىن له وجود يف األعيان ووجود يف النفس وأمر مشترك وذلك األمر املشترك هو السببية والغاية مبا هي سبب فإهنا تتقدم وهي علة العلل يف أهنا علل ومبا هي موجودة يف األعيان

إذا مل تكن العلة الفاعلية هي بعينها الغاية كان الفاعل متأخرا يف السببية عن الغاية ويشبه أن يكون قد تتأخر واحلاصل عند التمييز هو أن الفاعل األول واحملرك األول يف كل شيء هو الغاية وإن كانت العلة الفاعلية هي الغاية

ما هو حمرك من غري توسط بعينها استغىن عن حتريك الغاية فكان نفس ما هو فاعل نفس فإن الفاعل والقابل قد يتقدمان املعلول بالزمان وأما الصورة فال تتقدم بالزمان البتة بل بالرتبة : وأما سائر العلل

والشرف ألن القابل أبدا مستفيد والفاعل مفيد لة بعيدة وقد تكون علة وقد تكون العلة علة للشيء بالذات وقد تكون بالعرض وقد تكون علة قريبة وقد تكون ع

ولدوام وجوده فإنه إمنا حيتاج إىل الفاعل لوجوده ويف ) ١٧٧ \ ٢( لوجود الشيء فقط وقد تكون علة لوجوده حال وجوده ال لعدمه السابق ويف حال عدمه فيكون املوجد الذي هو موجد للوجود واملوجود هو الذي يوصف

ف بأنه موجد كذلك احلال يف كل حال فكل موجد حمتاج إىل بأنه موجد فكما أنه يف حال ما هو موجود يوص موجد مقيم لوجوده لواله لعدم

: وأما القوة والفعل فالقوة تقال ملبدأ التغري يف آخر من حيث آخر

وهي القوة االنفعالية : وهو إما يف املنفعل وهي القوة الفعلية : وإما يف الفاعل

و شيء واحد كقوة املاء على قبول الشكل دون قوة احلفظ ويف الشمع قوة قد تكون حمدودة حن: وقوة املنفعل عليهما مجيعا ويف اهليوىل األوىل قوة اجلمع ولكن بتوسط شيء دون شيء

قد تكون حمدودة حنو شيء واحد كقوة النار على اإلحراق فقط : وقوة الفاعل

Page 236: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وقد تكون على أشياء كثرية كقوة املختارين لشيء قوة على شيء ولكن يتوسط شيء دون شيء وقد يكون يف ا

والقوة الفعلية احملدودة إذا القت القوة املنفعلة حصل منها الفعل ضرورة وليس كذلك يف غريها مما يستوي فيه األضداد

وهذه القوة ليست هي اليت يقابلها ملا بالفعل فإن هذه تبقى موجودة عندما يفعل ع عدم الفعل وكل جسم صدر عنه فعل ليس بالعرض وال بالقسر فإنه يفعل بقوة ما إمنا تكون موجودة م: والثانية

فيه أما الذي باإلرادة واالختيار فظاهر : وأما الذي ليس باالختيار فال خيلو إما أن يصدر عن ذاته مبا هو ذاته

أو عن قوة يف ذاته أو عن شيء مباين

كه سائر األجسام فإن صدر من ذاته مبا هو جسم فيجب أن تشار وإذا متيز عنها بصدور ذلك الفعل عنه فلمعىن يف ذاته زائد عن اجلسمية

: وإن صدر عن شيء مباين فال خيلو إما أن يكون جسما

أو غري جسم فإن كان جسما فالفعل عنه يقسر ال حمالة وقد فرض بال قسر هذا خلف

: وإن مل يكن جسما فتأثر اجلسم عن ذلك املفارق إما أن يكون لكونه جسما

أو لقوة فيه وال جيوز أن يكون لكونه جسما وقد أبطلناه فتعني أنه لقوة فيه هي مبدأ صدور ذلك الفعل عنه وذلك هو الذي

من التحيزات إىل أماكنها ) ١٧٨ \ ٢( نسميه القوة الطبيعية وهي اليت تصدر عنه األفاعيل اجلسمانية ليت وطباعها مل جيز أن حيدث منها زوايا خمتلفة بل وال زاوية فيجب أن تكون كرة والتشكيالت الطبيعية وإذا خ

وإذا صح وجود الكرة صح وجود الدائرة : يف املتقدم واملتأخر والقدمي واحلادث وإثبات املادة لكل متكون : املسألة الرابعة

جد اآلخر إال وهو موجود كالواحد التقدم قد يقال بالطبع وهو أن يوجد الشيء وليس اآلخر مبوجود وال يو واالثنني

وقد يقال بالزمان كتقدم األب على االبن ويقال بالرتبة وهو األقرب إىل املبدأ الذي عني كاملتقدم يف الصف األول أن يكون أقرب إىل األمام

ويقال بالكمال والشرف كتقدم العامل على اجلاهل ود قبل املعلول ومها مبا مها ذاتان ليس يلزم فيهما خاصية التقدم والتأخر وال ويقال بالعلية ألن للعلة استحقاقا للوج

خاصية املعية ولكن مبا مها متضايقان وعلة ومعلول وأن أحدمها مل يستفد الوجود من اآلخر واآلخر استفاد الوجود

Page 237: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

املعلول ال حمالة وليس إذا ارتفع منه فال حمالة كان املفيد متقدما واملستفيد متأخرا بالذات وإذا رفعت العلة ارتفع املعلول ارتفعت بارتفاعه العلة بل إن صح فقد كانت العلة ارتفعت أوال بعلة أخرى حىت ارتفع املعلول

واعلم بأن الشيء كما يكون حمدثا حبسب الزمان كذلك قد يكون حمدثا حبسب الذات فإن الشيء إذا كان له يف تبار ذاته ممكن الوجود مستحق للعدم لوال علته والذي بالذات جيب وجوده ذاته أن ال جيب له وجود بل هو باع

قبل الذي من غري الذات فيكون لكل معلول يف ذاته أوال أنه ليس مث عن العلة وثانيا أنه أيس فيكون كل معلول ن موجد فهو حمدثا أي مستفيدا الوجود من غريه وإن كان مثال يف مجيع الزمان موجودا مستفيدا لذلك الوجود ع

حمدث ألن وجوده من بعد ال وجوده بعدية بالذات وليس حدوثه إمنا هو آن من الزمان فقط بل هو حمدث يف الدهر كله وال ميكن أن يكون حادثا بعد ما مل يكن يف زمان إال وقد تقدمته املادة فإنه قبل وجوده ممكن الوجود

)١٧٩ \ ٢ ( : وإمكان الوجود معدوما إما أن يكون معىن أو معىن موجودا

وحمال أن يكون معدوما فإن املعدوم قبل واملعدوم مع واحد وهو قد سبقه اإلمكان والقبل املعدوم موجود مع وجوده فهو إذن معىن الوجود وكل معىن فإما قائم ال يف موضوع أو قائم يف موضوع وكل ما هو قائم ال يف

ضافا وإمكان الوجود إمنا هو ما هو باإلضافة إىل ما هو إمكان موضوع فله وجود خاص ال جيب أن يكون به موجود له فهو إذن معىن يف موضوع وعارض ملوضوع وحنن نسميه قوة الوجود ونسمي حامل قوة ال وجود الذي

فيه قوة وجود الشيء موضوعا وهيوىل ومادة وغري ذلك فإذن كل حادث فقد تقدمته املادة كما تقدمه الزمان : يف الكلي الواحد ولواحقهما : اخلامسة املسألة

املعىن الكلي مبا هو طبيعة ومعىن كاإلنسان مبا هو إنسان شيء ومبا هو واحد أو كثري خاص أو عام شيء آخر : قال بل هذه املعاين عوارض تلزمه ال من حيث هو إنسان بل من حيث هو يف الذهن أو يف اخلارج

لإلنسانية بل شرط وهو هبذا االعتبار موجود بالفعل يف األشياء وهو حممول كلي : وإذ قد عرفت ذلك فقد يقال على كل واحد ال على أنه واحد بالذات وال على أنه كثري

كلي لإلنسانية بشرط أهنا مقولة على كثريين وهو هبذا االعتبار ليس موجودا بالفعل يف األشياء فبني : وقد يقال عراض املشخصة مل تكتنفه أعراض شخص آخر حىت يكون ذلك بعينه يف شخص ظاهر أن اإلنسان إذا اكتنفته األ

زيد وعمرو فال كلي عام يف الوجود بل الكلي العام بالفعل إمنا هو يف العقل وهو الصورة اليت يف العقل كنقش واحد تنطبق عليه صورة وصورة

: واحد يقال ملا هو غري منقسم من اجلهة اليت قيل له منها إنه: مث الواحد ومنه ما ال ينقسم يف اجلنس ومنه ما ال ينقسم يف النوع

ومنه ما ال ينقسم بالعرض العام كالغراب والقار يف السواد ومنه ما ال ينقسم باملناسبة كنسبة العقل إىل النفس

ومنه ما ال ينقسم يف العدد ومنه ما ال ينقسم يف احلد

Page 238: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: والواحد بالعدد واحدا بالتركيب واالجتماع ) ١٨٠ \ ٢( كثرة بالفعل فيكون إما أن يكون فيه

وإما أن ال يكون ولكن فيه كثرة بالقوة فيكون واحدا باالتصال وإن مل يكن فيه ذلك فهو الواحد بالعدد على اإلطالق والكثري يكون على اإلطالق وهو العدد الذي بإزاء الواحد كما ذكرنا

رتب بإزائه القليل فأقل العدد اثنان هو الذي يت: والكثري باإلضافة : وأما لواحق الواحد

وهي احتاد يف الكيفية : فاملشاهبة هي احتاد يف الكمية : واملساواة احتاد يف اجلنس : واجملانسة احتاد يف النوع : واملشاكلة

احتاد يف وضع األجزاء : واملوازة احتاد يف األطراف : واملطابقة

بني اثنني جعال اثنني يف الوضع يصري هبا بينهما احتاد بنوع ما ويقابل كل واحد منها باب الكثري هو حال: واهلو مقابل

يف تعريف واجب بذاته : املسألة السادسة وأنه ال يكون بذاته وبغريه معا وأنه ال كثرة يف ذاته بوجه وأنه خري حمض وحق حمض وأنه واحد من وجوه شىت وال

: نان واجيب الوجود ويف إثبات واجب الوجود بذاته جيوز أن يكون اث معناه ضروري الوجود : واجب الوجود : قال

معناه أنه ليس فيه ضرورة ال يف وجوده وال يف عدمه : وممكن الوجود مث إن واجب الوجود قد يكون بذاته وقد ال يكون بذاته

هو الذي وجوده لذاته ال لشيء آخر : والقسم األول هو الذي وجوده لشيء آخر أي شيء كان ولو وضع ذلك الشيء صار واجب الوجود مثل األربعة واجبة : ين والثا

الوجود ال بذاهتا ولكن عند وضع اثنني واثنني : وال جيوز أن يكون شيء واحد واجب الوجود بذاته وبغريه معا فإنه إن رفع ذلك الغري مل خيل

إما أن يبقى وجوب وجوده أو مل يبق

فإن بقي فال يكون واجبا بغريه وإن مل يبق فال يكون واجبا بذاته

فكل ما هو واجب الوجود بغريه فهو ممكن الوجود بذاته فإن وجوب وجوده تابع لنسبة ما وهي اعبتار غري اعتبار : نفس ذات الشيء فاعتبار الذات وحدها

ه لوجوب الوجود وقد أبطلنا) ١٨١ \ ٢( إما أن يكون مقتضيا وإما أن يكون مقتضيا المتناع الوجود وما امتنع بذاته مل يوجد بغريه

وإما أن يكون مقتضيا المكان الوجود وهو الباقي وذلك إمنا جيب وجوده بغريه ألنه إن مل جيب كان بعد ممكن

Page 239: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

الوجود مل يترجح وجوده على عدمه وال يكون بني هذه احلالة واألوىل فرق فالسؤال عنها كذلك جتددت حالة: فإن قيل

مث واجب الوجود بذاته ال جيوز أن يكون لذاته مبادئ جتتمع فيتقوم منها واجب الوجود ال أجزاء كمية وال أجزاء حد سواء كانت كاملادة والصورة أو كانت على وجه آخر بأن تكون أجزاء القول الشارح ملعىن امسه يدل كل

خر بذاته وذلك ألن كل ما هذا صفته فذات كل جزء منه ليس هو واحد منها على شيء هو يف الوجود غري اآلذات اآلخر وال ذات اجملتمع وقد وضح أن األجزاء بالذات أقدم من الكل فتكون العلة املوجبة للوجود علة

لألجزاء مث للكل وال يكون شيء منها بواجب الوجود إما متأخر وإما معا فقد اتضح أن واجب الوجود إن الكل أقدم بالذات من األجزاء فهو: وليس ميكننا أن نقول

ليس جبسم وال مادة يف جسم وال صورة يف جسم وال مادة معقولة لقبول صورة معقولة وال صورة معقولة يف مادة معقولة وال قسمة له ال يف الكم وال يف املبادئ وال يف القول فهو واجب الوجود من مجيع جهاته إذ هو واحد من

جهة وجهة كل وجه فال فإن قدر أن يكون واجبا من جهة ممكنا من جهة كان إمكانه متعلقا بواجب فلم يكن واجب الوجود بذاته : وأيضا

مطلقا فينبغي أن يتفطن من هذا ألن واجب الوجود ال يتأخر عن وجوده وجود له منتظر بل كل ما هو ممكن له فهو طبيعة وال صفة من الصفات اليت تكون لذاته منتظرة وهو خري واجب له فال له إرادة منتظرة وال علم منتظر وال

حمض وكمال حمض واخلري باجلملة هو ما يتشوقه كل شيء ويتم به وجود كل شيء والشر ال ذات له بل هو إما عدم جوهر أو عدم صالح حال للجوهر فالوجود خريية وكمال الوجود كمال اخلريية والوجود الذي ال يقارنه

( جوهر وال عدم حال للجوهر بل هو دائم بالفعل فهو خري حمض واملمكن بذاته ليس خريا حمضا ألن عدم ال عدمذاته حتتمل العدم وواجب الوجود هو حق حمض ألن حقيقة كل شيء خصوصية وجوده الذي يثبت ) ١٨٢ \ ٢

له فال أحق إذن من واجب الوجود ا فال أحق هبذه الصفة مما يكون االعتقاد بوجوده صادقا ومع وقد يقال حق أيضا ملا يكون االعتقاد بوجوده صادق

صدقه دائما ومع دوامه لذاته ال لغريه وهو واحد حمض ألنه ال جيوز أن يكون نوع واجب الوجود لغري ذاته ألن إما أن تقتضيه ذات نوعه أو ال تقتضيه ذات نوعه بل تقتضيه علة : وجود نوعه له بعينه

قتضى ذات نوعه مل يوجد إال له وإن كان لعلة فهو معلول فهو إذن تام يف وحدانيته وواحد فإن كان وجود نوعه ممن جهة متامية وجوده وواحد من جهة أن حده له وواحد من جهة أنه ال ينقسم ال بالكم وال باملبادئ املقومة له وال

ية وواحد من جهة أن مرتبته من بأجزاء احلد وواحد من جهة أن لكل شيء وحدة حمضة وهبا كمال حقيقته الذاتالوجود وهو وجوب الوجود ليس إال له فال جيوز أن يكون اثنان كل واحد منهما واجب الوجود بذاته فيكون

وجوب الوجود مشتركا فيه على أن يكون جنسا أو عارضا ويقع الفصل بشيء آخر إذ يلزم التركيب يف ذات كل اهية وراء الوجود كطبيعة احليوان واللون مثال اجلنسني اللذين حيتاجان واحد منهما بل وال تظن أنه موجود وله م

إىل فصل وفصل حىت يتقررا يف وجودمها ألن تلك الطبائع حلولة وإمنا حيتاجان ال يف نفس احليوانية واللونية بل يف الوجود املشتركة بل يف الوجود وههنا فوجوب الوجود هو املاهية وهو مكان احليوانية واللونية املشتركة

وههنا فوجوب الوجود هو املاهية وهو مكان احليوانية اليت ال حتتاج إىل فصل يف أن يكون حيوانا بل يف أن يكون موجودا

وال تظن أن واجيب الوجود ال يشتركان يف شيء ما كيف ومها يشتركان يف وجوب الوجود ويشتركان يف الرباءة

Page 240: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عليهما باالشتراك فكالمنا ليس يف منع كثرة اللفظ واالسم بل يف معىن عن املوضوع فإن كان واجب الوجود يقال واحد من معاين ذلك االسم

وكيف يكون ) ١٨٣ \ ٢( وإن كان بالتواطؤ فقد حصل معىن عام الزم أو عموم جنس وقد بينا استحالة هذا ولة ؟ عموم وجوب الوجود لشيئني على سبيل اللوازم اليت تعرض من خارج واللوازم معل

وإما إثبات واجب الوجود فليس ميكن إال بربهان إن وهو االستدالل باملمكن على الواجب : كل مجلة من حيث إهنا مجلة سواء كانت متناهية أو غري متناهية إذا كانت مركبة من ممكنات فإهنا ال ختلو : فنقول

إما أن تكون واجبة بذاهتا أو ممكنة بذاهتا

وجود بذاهتا وكل واحد منها ممكن الوجود يكون واجب الوجود يتقوم مبمكنات الوجود هذا فإن كانت واجبة ال خلف

: وإن كانت ممكنة الوجود بذاهتا فاجلملة حمتاجة يف الوجود إىل مفيد للوجود فإما أن يكون املفيد خارجا عنها

أو داخال فيها كل واحد منهما ممكن الوجود هذا خلف فتعني أن فإن كان داخال فيها فيكون واحد منها واجب الوجود وكان

املفيد جيب أن يكون خارجا عنها وذلك هو املطلوب يف أن واجب الوجود عقل وعاقل ومعقول : املسألة السابعة

: وأنه يعقل ذاته واألشياء وصفاته اإلجيابيه والسلبية ال توجب كثرة يف ذاته وكيفية صدور األفعال عنه قال على كل جمرد عن املادة وإذا كان جمردا بذاته عن املادة فهو عقل لذاته وواجب الوجوب جمرد العقل ي: قال

بذاته عن املادة فهو عقل لذاته ومبا يعترب له أن هويته اجملردة لذاته فهو معقول لذاته ومبا يعترب له أن ذاته له هوية جمردة فهو عاقل لذاته وكونه

كون اثنني يف الذات وال اثنني يف االعتبار فإنه ليس حتصيل األمرين إال أنه له ماهية عاقال ومعقوال ال يوجب أن يجمردة وأنه ماهية جمردة ذاته له وهنا تقدمي وتأخري يف ترتيب املعاين يف عقولنا والغرض احملصل هو شيء واحد

خر ألن ذلك يؤدي إىل التسلسل وكذلك عقلنا لذاتنا هو نفس الذات وإذا عقلنا شيئا فلسنا نعقل أن نعقل بعقل آمث ملا مل يكن مجال وهباء فوق مجال وهباء فوق مجال وهباء ملاهية عقلية صرفة وخريية حمضة بريئة عن املواد وأحناء

احملض والبهاء ) ١٨٤ \ ٢( النقص واحدة من كل جهة ومل يسلم ذلك بكنهه إال لواجب الوجود فهو اجلمال ئم وخري فهو حمبوب معشوق وكلما كان اإلدراك أشد اكتناها واملدرك أمجل ذاتا فحب احملض وكل مجال وهباء ومال

القوة املدركة له وعشقها له والتذاذها به كان أشد وأكثر فهو أفضل مدرك بأفضل إدراك ألفضل مدرك وهو عاشق لذاته ومعشوق لذاته عشق من غريه أو مل يعشق

ى من إدراك احلس للمحسوس ألن العقل إمنا يدرك األمر الباقي ويتحد به وأنت تعلم أن إدراك العقل للمعقول أقوويصري هو هو ويدركه بكنهه ال بظاهره وال كذلك احلس فاللذة اليت لنا تعين بأن نعقل فوق اللذة اليت لنا بأن حنس

رض لكنه قد يعرض أن تكون القوة الداركة ال تستلذ باملالئم لعوارض كاملمرور يستمر العسل لعاواعلم أن واجب الوجود ليس جيوز أن يعقل األشياء من األشياء وإال فذاته إما متقومة مبا يعقل أو عارض هلا أن يعقل وذلك حمال بل كما أنه مبدأ كل وجود فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له وهو مبدأ للموجودات التامة بأعياهنا

Page 241: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ط ذلك بأشخاصها وال جيوز أن يكون عاقال هلذه املتغريات مع واملوجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها أوال وبتوستغريها حىت يكون تارة يعقل منها أهنا موجودة غري معدومة وتارة يعقل منها أهنا معدومة غري موجودة ولكل واحد

بل من األمرين صورة عقلية على حدة وال واحد من الصورتني يبقى مع الثانية فيكون واجب الوجود متغري الذات ال يعزب عنه ( واجب الوجود إمنا يعقل كل شيء على حنو فعلي كلي ومع ذلك فال يعزب عنه شيء شخصي ف

) مثقال ذرة يف السموات وال يف األرض فألنه إذا عقل ذاته وعقل مبدأ كل موجود عقل أوائل املوجودات وما يتولد عنها وال شيء من : وأما كيفية ذلك

ر من جهة ما واجبا بسببه فتكون األسباب مبصادماهتا تتأذى إىل أن يوجد عنها األمور األشياء يوجد إال وقد صااجلزئية فاألول يعلم األسباب ومطابقاهتا فيعلم ضرورة ما تتأدى إليه وما بينها من األزمنة وما هلا من العودات

هبا شخصا فباإلضافة إىل فيكون مدركا لألمور اجلزئية من حيث هي كلية أعين من حيث هلا صفات وإن ختصصت زمان متشخص أو حال متشخصة

ونفس مدركة من الكل هو سبب لوجود الكل ) ١٨٥ \ ٢( وكونه يعقل ذاته ونظام اخلري املوجود يف الكل ومبدأ له وإبداع وإجياد وال يستبعد هذا فإن الصورة املعقولة اليت حتدت فينا تصري سببا للصورة املوجودة الصناعية

انت بنفس وجودها كافية ألن تتكون منها الصورة الصناعية دون آالت وأسباب لكان املعقول عندنا هو ولو كبعينه اإلرادة والقدرة وهو العقل املقتضي لوجوده فواجب الوجود ليست إرادته وقدرته مغايرة لعلمه لكن القدرة

الكل ومبدأ بذاته ال متوقفا على غرض وذلك اليت له هو كون ذاته عاقلة للكل عقال هو مبدأ الكل ال مأخوذا عن : هو اإلرادة وهو جواد بذاته وذلك هو بعينه قدرته وإرادته وعلمه فالصفات

منها ما هو هبذه الصفة أي أنه موجود مع هذه اإلضافة الكون ومنها ما له هذا الوجود مع سلب فمن مل يتحاش عن إطالق لفظ اجلوهر مل يعن به إال هذا الوجود مع سلب

يف موضوع وهو واحد أي مسلوب عنه القسمة بالكم أو القول أو مسلوب عنه الشريك وهو عقل وعاقل ومعقول أي

مسلوب عنه جواز خمالطة املادة وعالئقها مع اعتبار إضافة ما وهو أول أي مسلوب عنه احلدوث مع إضافة وجوده إىل الكل

املادة عنه مبدأ لنظام اخلري كله وهو مريد أي واجب الوجود مع عقليته أي سلبوهو جواد أي هو هبذه الصفة بزيادة سلب أي ال ينحو غرضا لذاته فصفاته إما إضافية حمضة وإما سلبية حمضة وإما

مؤلفة من إضافة وسلب وذلك ال يوجب تكثرا يف ذاته يوجد وذلك أن اجلائز أن يوجد وإذا عرفت أنه واجب الوجود وأنه مبدأ لكل موجود فما جيوز عنه جيب أن: قال

وأن ال يوجد إذا ختصص بالوجود منه احتاج إىل مرجح جلانب الوجود واملرجح إذا كان على احلال اليت كان عليها قبل الترجيح ومل يعرض البتة شيء فيه وال مباين عنه يقتضي الترجيح

مل يكن مرجحا إذ كان التعطل عن الفعل يف هذا الوقت دون وقت قبله أو بعده وكان األمر على ما كان عليه : والفعل عنده مبثابة واحدة فال بد وأن يعرض له شيء وذلك ال خيلو

إما أن يعرض يف ذاته وذلك يوجب التغري وقد قدمنا أن واجب الوجود ال يتغري وال يتكثر سائر األفعال يف ذلك املباين كالكالم يف ) ١٨٦ \ ٢( وإما أن يعرض مباينا من ذاته والكالم

والعقل الصريح الذي مل يكذب يشهد أن الذات الواحدة إذا كانت من مجيع جهاهتا واحدة وهي كما كانت : قال

Page 242: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وكان ال يوجد عنها شيء فيما قبل وهي اآلن كذلك فاآلن ال يوجد عنها شيء فإذا صار اآلن يوجد عنها شيء فقد درة أو متكن أو غرض وألن املمكن أن يوجد وأن ال يوجد ال حدث أمر ال حمالة من قصد أو إرادة أو طبع أو ق

خيرج إىل الفعل وال يترجح له أن يوجد إال بسلب وإذا كانت هذه الذات موجودة وال ترجح وال جيب عنها الترجيح مث رجح فال بد من حادث موجب الترجيح يف هذه الذات وإال كانت نسبتها إىل ذلك املمكن على ما

حتدث هلا نسبة أخرى فيكون األمر حباله ويكون اإلمكان إمكانا صرفا حباله كانت قبل ومل وإذا حدثت هلا نسبة فقد حدث أمر وال بد من أن حيدث يف ذاته أو مباينا عن ذاته وقد بينا استحالة ذلك

لزم أن ال حيدث وباجلملة فإنا نطلب النسبة املوقعة لوجود كل حادث يف ذاته أو مباين عن ذاته وال نسبة أصال فيشيء أصال وقد حدث فعلم أنه إمنا حدث بإجياب من ذاته وأنه سبقه ال بزمان ووقت وال تقدير زمان بل سبقا ذاتيا

من حيث إنه هو الواجب لذاته وكل ممكن بذاته فهو حمتاج إىل الواجب لذاته فاملمكن مسبوق بالواجب فقط واملبدع مسبوق باملبدع فقط ال بالزمان

يف أن الواحد ال يصدر عنه إال واحد : لة الثامنة املسأويف ترتيب وجود العقول والنفوس واألجرام العلوية وأن احملرك القريب للسماويات نفس واملبدأ األعلى عقل

: وحال تكون األسطقسات عن العلل لو لزم عنه شيئان متباينان إذا صح أن واجب الوجود بذاته واحد من مجيع جهاته فال جيوز أن يصدر عنه إال واحد و

بالذات واحلقيقة لزوما معا فإمنا يلزمان عن جهتني خمتلفتني يف ذاته ولو كانت اجلهتان الزمتني لذاته فالسؤال يف ) ١٨٧ \ ٢( لزومهما ثابت حىت يكونا من ذاته فتكون ذاته منقسمة باملعىن وقد منعناه وبينا فساده فتبني أن أول

واحد بالعدد وذاته وماهيته وحدة ال يف مادة وقد بينا أن كل ذات ال يف مادة فهي عقل املوجودات عن األولوأنت تعلم أن يف املوجودات أجساما وكل جسم ممكن الوجود يف حيز نفسه وأنه جيب بغريه وعلمت أنه ال سبيل

إىل أن يكون عن األول بغري واسطة املبدعات الثانية والثالثة وغريها بسبب إثنينية فيها ضرورة وعلمت أن الواسطة واحدة فباحلري أن تكون عنها

فاملعلول األول ممكن الوجود بذاته وواجب الوجود باألول ووجوب وجوده بأنه عقل وهو يعقل ذاته ويعقل األول ضرورة وليست هذه الكثرة له من األول فإن إمكان وجوده له بذاته ال بسبب األول بل له من األول وجوب

ه مث كثرة أنه يعقل األول ويعقل ذاته كثرة الزمة لوجوب وجوده عن األول وهذه كثرة إضافية ليست يف وجودأول وجوده وداخلة يف مبدأ قوامه ولوال هذه الكثرة لكان ال ميكن أن يوجد منها إال واحدة ولكان يتسلسل

ل األول وجود عقل حتته ومبا يعقل الوجود من وحدات فقط فما كان يوجد جسم فالعقل األول يلزم عنه مبا يعقذاته وجود صورة الفلك وكماله وهي النفس وبطبيعة إمكان الوجود اخلاصية له املندرجة فيما يعقله لذاته وجود جرمية الفلك األعلى املندرجة يف مجلة ذات الفلك األعلى بنوعه وهو األمر املشارك للقوة فيما يعقل األول يلزم

ذاته على جهتيه الكثرة األوىل جبزأيها أعين املادة والصورة واملادة بتوسط الصورة أو عنه عقل ومبا خيتص ب مبشاركتها

كما أن إمكان الوجود خيرج إىل الفعل بالعقل الذي حياذي صورة الفلك وكذلك احلال يف عقل عقل وفلك فلك إىل أن ينتهي العقل إىل العقل الفعال الذي يدبر أنفسنا

هب هذا املعىن إىل غري النهاية حىت يكون حتت كل مفارق مفارق فإنه إن لزم كثرة عن العقول وليس جيب أن يذ فبسبب املعاين اليت فيها من الكثرة

Page 243: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هذا ليس ينعكس حىت يكون كل عقل فيه هذه الكثرة فتلزم كثرته هذه املعلومات وال هذه العقول متفقة : وقولنا ا ومن املعلوم أن األفالك كثرية فوق العدد الذي يف املعلول األول فليس األنواع حىت يكون مقتضى معانيها متفق

جيوز أن يكون مبدؤها واحدا هو املعلول األول )١٨٨ \ ٢ (

وال أيضا جيوز أن يكون كل جرم متقدم منها علة للمتأخر ألن اجلرم مبا هو جرم مركب من مادة وصورة فلو كان ملادة هلا طبيعة عدمية والعدم ليس مبدأ للوجود فال جيوز أن يكون جرم مبدأ علة جلرم لكان مبشاركة املادة وا

للوجود فال جيوز أن يكون جرم مبدأ جلرم وال جيوز أن يكون مبدؤها قوة نفسانية هي صورة اجلرم وكماله إذ كل نفس لكل فلك فهي كماله وصورته ليس

عنها أفعاهلا يف أجسام أخرى بوساطة أجسامها ومشاركتها جوهرا مفارقا وإال كان عقال وأنفس األفالك إمنا تصدروقد بينا أن اجلسم من حيث هو جسم ال يكون مبدأ جلسم وال يكون متوسطا بني نفس ونفس ولو أن نفسا كانت

مبدأ لنفس بغري توسط اجلسم فلها انفراد قوام من دون اجلسم وليست النفس الفلكية كذلك فال تفعل شيئا وال ا فإن النفس متقدمة على اجلسم يف املرتبة والكمال فتعني أن لألفالك مبادئ غري جرمانية وغري صور تفعل جسم

لألجرام واجلميع مشترك يف مبدأ واحد وهو الذي نسميه املعلول األول والعقل اجملرد وخيتص كل فلك مببدأ خاص عقوهلا وينتهي بالفلك األخري ويقف حيث فيه ويلزم دائما عقل من عقل حىت تتكون األفالك بأجرامها ونفوسها و

ميكن أن حتدث اجلواهر العقلية منقسمة متكثرة بالعدد لتكثر األسباب فكل عقل هو أعلى يف املرتبة فإنه ملعىن فيه وهو أنه مبا يعقل األول جيب عنه وجود عقل آخر دونه ومبا يعقل ذاته جيب عنه فلك بنفسه فأما جرم الفلك فمن

بذاته املمكن لذاته وأما نفس الفلك فمن حيث إنه يعقل ذاته الواجب بغريه ويستبقي اجلرم بتوسط حيث إنه يعقلالنفس الفلكية فإن كل صورة فهي علة لكون مادهتا بالفعل واملادة بنفسها ال قوام هلا كما أن اإلمكان نفسه ال

سات وملا كانت األجسام األسطقسية وجود له وإذا استوفت الكرات السماوية عددها لزم بعدها وجود األسطق كائنة فاسدة وجب أن تكون مبادؤها متغرية فال يكون ما هو عقل حمض وحده سببا لوجودها

تعني فيه ) ١٨٩ \ ٢( وملا كانت هلا مادة مشتركة وصور خمتلفة فيها وجب أن يكون اختالف صورها مما اتفاق يف أحوال األفالك فاألفالك ملا اتفقت يف طبيعة اقتضاء اختالف يف أحوال األفالك واتفاق مادهتا مما تعني فيه

احلركة املستديرة كما تبني كان مقتضاها وجود املادة وملا اختلفت يف أنواع احلركات كان مقتضاها هتيؤ املادة للصور املختلفة مث إن العقول املفارقة بل آخرها الذي يلينا

ماوية شيء فيه رسم صور العامل األسفل من جهة االنفعال كما أن يف هو الذي يفيض عنه مبشاركة احلركات السذلك العقل رسم الصور على جهة الفعل مث يفيض منه الصور فيها بالتخصيص مبشاركة األجرام السماوية فيكون

إذا خصص هذا الشيء تأثري من التأثريات السماوية بال واسطة جسم عنصري أو بواسطة جتعله على استعداد خاصبعد العام الذي كان يف جوهره فاض عن هذا املفارق صورة خاصة وارتسمت يف تلك املادة وأن تعلم أن الواحد ال خيصص الواحد من حيث كل واحد منهما واحد بأمر دون أمر يكون له إال أن يكون هناك خمصصات خمتلفة وهي

مناسبته لشيء بعينه أوىل من مناسبته لشيء آخر معدات املادة واملعد هو الذي حيدث منه يف املستعد أمر ما تصري ويكون هذا اإلعداد مرجحا لوجود ما هو أوىل منه من األوائل الواهبة للصور

ولو كانت املادة على التهيؤ األول تشاهبت نسبتها إىل الضدين فال جيب أن خيتص بصورة دون صورة يفيض عليها من األجرام السماوية إما عن أربعة أجرام أو إن املادة اليت حتدث بالشركة: واألشبه أن يقال : قال

Page 244: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

عن عدة منحصرة يف أربع أو عن جرم واحد تكون له نسب خمتلفة انقساما من األسباب منحصرة يف أربع فتحدث إىل منها العناصر األربعة وانقسمت باخلفة والثقل فما هو اخلفيف املطلق فميله إىل الفوق وما هو الثقيل املطلق فميله

األسفل وما هو اخلفيف والثقيل باإلضافة فبينهما وأما وجود املركبات من العناصر فبتوسط احلركات السماوية وسنذكر أقسامها وتوابعها

وأما وجود األنفس اإلنسانية اليت حتدث مع حدوث األبدان وال تفسد فإهنا كثري مع وحدة النوع واملعلول األول متكثرة هبا تصدر عنه العقول والنفوس كما ذكرنا وال جيوز أن تكون تلك املعاين كثرية الواحد بالذات فيه معان

النوع فإنه يلزم أن تكون فيه مادة يشترك فيها ) ١٩٠ \ ٢( متفقة النوع واحلقائق حىت تصدر عنها كثرة متفقة تضيه اآلخر يف النوع فلم يلزم وصور تتخالف وتتكثر بل فيه معان خمتلفة احلقائق يقتضي كل معىن شيئا غري ما يق

كل واحد منهما ما يلزم اآلخر فالنفوس األرضية كائنة عن املعلول األول بتوسط علة أو علل أخرى وأسباب من األمزجة واملواد وهي غاية ما

ينتهي إليها يف اإلبداع : ونبتدئ القول يف احلركات وأسباهبا ولوازمها

للجسم على حالته الطبيعية وكل حركة بالطبع فلحالة مفارقة للطبع غري طبيعية إذ اعلم أن احلركة ال تكون طبيعية لو كان شيء من احلركات مقتضى طبيعة الشيء ملا كان باطل الذات مع بقاء الطبيعة بل احلركة إمنا تقتضيها

ضع وإما يف مقولة أخرى إما يف الكيف وإما يف الكم وإما يف املكان وإما يف الو: الطبيعة لوجود حال غري طبيعية والعلة يف جتدد حركة بعد حركة جتدد احلال الغري الطبيعية وتقدير البعد عن الغاية

فإذا كان األمر كذلك مل تكن حركة مستديرة عن طبيعة وإال كانت عن حال غري طبيعية إىل حال طبيعية إذا الة الغري الطبيعية ألن الطبيعية ليست تفعل وصلت إليها سكنت ومل جيز أن يكون فيها بعينها قصد إىل تلك احل

باختيار بل على سبيل التسخري إما عن أين طبيعي أو وضع غري طبيعي هربا طبيعيا : فإن كانت الطبيعية حترك على االستدارة فهي حترك ال حمالة

عنه وكل هرب طبيعي عن شيء فمحال أن يكون هو بعينه قصدا طبيعيا إليه ة ليست هترب عن شيء إال وتقصده فليست إذن طبيعية إال أهنا قد تكون بالطبع وإن مل تكن قوة واحلركة املستدير

طبيعية كانت شيئا بالطبع وإمنا حترك بتوسط امليل الذي إليه إن احلركة معىن متجدد السبب وكل شطر منه خمتص بسبب فإنه ال ثبات له وال جيوز أن يكون عن معىن : ونقول

يلحقه ضرب من تبدل األحوال فالثابت من جهة ما هو ثابت ) ١٩١ \ ٢( ه ولو كان فيجب أن ثابت البتة وحديكون عنه إال ثابت فاإلرادة العقلية الواحدة ال توجب البتة حركة فإهنا جمردة عن مجيع أصناف التغري والقوة العقلية

مشاركا للتخيل واحلس فالبد للحركة من حاضرة املعقول دائما وال يفرض فيها االنتقال من معقول إىل معقول إالمبدأ قريب واحلركة املستديرة مبدؤها القريب نفس يف الفلك تتجدد تصوراهتا وإرادهتا وهي كمال جسم الفلك

وصورته ولو كانت قائمة بنفسها من كل وجه لكانت عقال حمضا ال يتغري وال ينتقل وال خيالط ما بالقوة بل نسبتها لنفس احليوانية اليت لنا إليها إال أن هلا أن تعقل بوجه ما تعقال مشوبا باملادة إىل الفلك نسبة ا

وباجلملة أوهامها أو ما يشبه األوهام صادقة وختيالهتا أو ما يشبه التخيالت حقيقة كالفعل العقلي فينا واحملرك األول متناهية لكنها مبا تعقل األول فيسيح عليها هلا غري مادي أصال وإمنا تتحرك عن قوة غري متناهية والقوة اليت للنفس

نوره دائما صارت قوهتا غري متناهية فكانت احلركات املستديرة أيضا غري متناهية

Page 245: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واألجرام السماوية ملا مل يبق يف جوهرها أمر ما بالقوة أعين يف كمها وكيفها تركبت صورهتا يف مادهتا على وجه ال ها وأينها ما بالقوة إذ ليس شيء من أجزاء مدار فلكي أو كوكب أوىل بأن يقبل التحليل ولكن عرض هلا يف وضع

يكون مالقيا له أو جلزئه من جزء آخر فمىت كان يف جزء بالفعل فهو يف جزء آخر بالقوة والتشبه باخلري األقصى صارت احلركة يوجب البقاء على أكمل كمال ومل يكن هذا ممكنا للجرم السماوي بالعدد فحفظ بالنوع والتعاقب ف

حافظة ملا يكون من هذا الكمال ومبدؤها الشوق إىل التشبه باخلري األقصى يف البقاء على الكمال ومبدأ الشوق هو ما يعقل منه فنفس الشوق إىل التشبه باألول من حيث هو بالفعل تصدر عنه احلركات الفلكية صدور الشيء عن

بالقصد األول ألن ذلك تصور ملا بالفعل فيحدث عنه طلب ملا التصور املوجب له وإن كان غري مقصود يف ذاته بالفعل وال ميكن ملا بالشخص فيكون بالتعاقب مث يتبع ذلك التصور تصورات جزئية على سبيل االنبعاث إىل

احلركات املنتقل هبا يف األوضاع وهي كأهنا عبادة ملكية أو ) ١٩٢ \ ٢( املقصود األول وتتبع تلك التصورات ة فلكي

وليس من شرط احلركة اإلرادية أن تكون مقصودة يف نفسها بل إذا كانت القوة الشوقية تشتاق حنو أمر يسيح منها تأثري تتحرك له األعضاء فتارة على النحو الذي يوصل به إىل الغرض وتارة على حنو آخر متشابه

أو نفساين شغل ذلك عن كل شيء ولكن ينبعث وإذا بلغ االلتذاذ بتعقل املبدأ األول ومبا يدرك منه على حنو عقلي منه ما هو أدون منه يف املرتبة وهو الشوق إىل األشبه به بقدر اإلمكان

فقد عرفت أن الفلك متحرك بطبعه ومتحرك بالنفس ومتحرك بقوة عقلية غري متناهية ومتيزت عندك كل حركة عن صاحبتها

كل كرة من كرات السماء حمرك قريب خيصه ومتشوق معشوق وعرفت أن احملرك األول جلملة السماء واحد ولخيصه فأول املفارقات اخلاصة حمرك الكرة األوىل وهي على قول من تقدم بطليموس كرة الثوابت وعلى قول

بطليموس كرة خارجة عنها حميطة هبا غري مكوكبة وبعد ذلك حمرك الكرة اليت تلي األوىل ولكل واحدة مبدأ خاص لذلك تشترك األفالك يف دوام احلركة ويف االستدارة وال جيوز أن يكون شيء منها ألجل الكائنات وللكل مبدأ ف

السافلة ال قصد حركة وال قصد جهة حركة وال تقدير سرعة وبطء بل وال قصد فعل البتة ألجلها وذلك أن كل آخر فهو أمت وجودا من قصد فيكون من أجل املقصود ويكون أنقص وجودا من املقصود ألن كل ما ألجله شيء

اآلخر وال جيوز أن يستفاد الوجود األكمل من الشيء اخلس فال يكون البتة إىل معلول قصد صادق وإال كان القصد

معطيا ومفيدا لوجود ما هو أكمل إمنا يقصد بالواجب شيء يكون القصد مهيئا له ومفيد وجوده شيء آخر وكل صد لو مل يقصد مل يكن ذلك الكمال وحمال أن يكون املعلول املستكمل قصد ليس عبثا فإنه يفيد كماال ما لقا

وجوده بالعلة يفيد العلة كماال مل يكن فالعايل إذن ال يريد أمرا ألجل السافل وإمنا يريده ملا هو أعلى منه وهو التشبه باألول بقدر اإلمكان

لسماوية وإن كان تشبه السافل بالعايل إذ لو األجسام ا) ١٩٣ \ ٢( وال جيوز أن يكون الغرض تشبها جبسم من كان كذلك لكانت احلركة من نوع حركة ذلك اجلسم ومل يكن خمالفا له وأسرع يف كثري من املواضع

وال جيوز أن يكون الغرض شيئا يوصل إليه باحلركة بل شيئا مباينا غري جواهر األفالك من موادها وأنفسها فالك شوق تشبه جبوهر عقلي مفارق خيصه وختتلف احلركات وأفعاهلا وأحواهلا وبقي أن يكون لكل واحد من األ

اختالفها الذي هلا ألجل ذلك وإن كنا ال نعرف كيفيتها وكميتها وتكون العلة األوىل متشوق اجلميع باالشتراك

Page 246: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فيكون إذن لكل إن للكل حمركا واحدا معشوقا ولكل كرة حمركا خيصها ومعشوقا خيصها : وهذا معىن قول القدماء فلك نفس حمركة تعقل اخلري وهلا بسبب اجلسم ختيل أي تصور للجزئيات وإرادة هلا مث يلزمها حركات ما دوهنا لزوما بالقصد األول حىت تنتهي إىل حركات الفلك الذي يلينا ومدبرها العقل الفعال ويلزم احلركات السماوية

وتعد تلك احلركات موادها لقبول الفيض من العقل الفعال حركات العناصر على مثال تناسب حركات األفالك فيعطيها صورها على قدر استعدادهتا كما قررنا فقد تبني لك أسباب احلركات ولوازمها وستعلم بواقيها يف

الطبيعات : يف العناية األزلية وبيان دخول الشر يف القضاء : املسألة التاسعة

ا لذاته مبا عليه الوجود من نظام وعلة لذاته للخري والكمال حبسب اإلمكان هي كون األول عامل: العناية : قال وراضيا به على النحو املذكور فيعقل نظام اخلري على الوجه األبلغ يف اإلمكان فيفيض منه ما يعقله نظاما وخريا على

معىن العناية الوجه األبلغ الذي يعقله فيضانا على أمت تأدية إىل النظام حبسب اإلمكان فهذا هو واخلري يدخل يف القضاء اإلهلي دخوال بالذات ال بالعرض

: والشر بالعكس منه وهو على وجوه شر ملثل األمل والغم : فيقال شر ملثل الشرك والظلم والرياء : ويقال

وعه وطبيعته الشر بالذات هو العدم وال كل عدم بل عدم مقتضي طباع الشيء من الكماالت الثابتة لن: وباجلملة هو املعدم واحلابس للكمال عن مستحقه : والشر بالعرض خيرب عن لفظه ولو كان له حصول ما لكان الشر العام ) ١٩٤ \ ٢( ليس بأمر حاصل إال أن : والشر بالذات

وهذا الشر يقابله الوجود على كماله األقصى بأن يكون بالفعل وليس فيه ما بالقوة أصال فال يلحقه شر فله وجود ما وإمنا يلحق ما يف طباعه أمر ما بالقوة وذلك ألجل املادة فيلحقها ألمر يعرض هلا : أما الشر بالعرض و

يف نفسها وأول وجودها هيئة من اهليئات املانعة الستعدادها اخلاص للكمال الذي توجهت إليه فتجعلها أردأ مزاجا شوهت اخللقة وانقضت البينة ال ألن الفاعل قد حرم بل ألن وأعصى جوهرا لقبول التخطيط والتشكيل والتقومي فت

املنفعل مل يقبل إما مانع للمكمل وإما مضاد ماحق للكمال : وأما األمر الطارئ من خارج فأحد شيئني

وقوع سحب كثرية وتراكمها وإظالل جبال شاهقة متنع تأثري الشمس يف الثمار على الكمال : مثال األول حبس الربد للنبات املصبب لكماله يف وقته حىت يفسد االستعداد اخلاص : ومثال الثاين

ويقال شر لألفعال املذمومة ويقال شر ملبادئها من األخالق الظلم والرياء : مثال األول احلقد واحلسد : ومثال الثاين

ويقال شر لآلالم والغموم ويقال شر لنقصان كل شيء عن كماله عدم وجود وإما عدم كمال إما : والضابط لكله

األمور إذا تومهت موجودة فإما متتنع أن تكون إال خريا على اإلطالق أو شرا على اإلطالق أو خريا من : فنقول وجه وشرا من وجه

إما أن يتساوى فيه اخلري والشر أو الغالب فيه أحدمها أما اخلري املطلق الذي ال شر فيه فقد وجد يف : وهذا القسم

Page 247: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واخللقة وأما الشر املطلق الذي ال خري فيه أو الغالب فيه أو املساوي فال وجود له أصال فبقي ما الغالب يف الطباعوجوده اخلري وليس خيلو من الشر واألحرى به أن يوجد فإن ال كونه أعظم شرا من كونه فواجب أن يفيض وجوده

اجلزئي من حيث يفيض منه الوجود لئال يفوت اخلري الكلي لوجود الشر وأيضا فلو امتنع وجود ذلك القدر من الشر امتنع وجود أسبابه اليت تأدي إىل الشر بالعرض وكان فيه أعظم خلل

يف نظام اخلري الكلي بل وإن مل تلتفت إىل ذلك وصرينا التفاتنا إىل ما ينقسم إليه اإلمكان يف الوجود من أصناف املربأ من الشر من كل وجه قد حصل وبقي منط من الوجود إمنا يكون املوجودات املختلفة يف أحواهلا فكان الوجود على سبيل أن ال يوجد إال ويتبعه ضرر وشر

حصوهلا إال على وجه حترق وتسخن ومل ) ١٩٥ \ ٢( مثل النار فإن الكون إمنا يتم بأن يكون فيه نار ولن يتصور اسك فيحترق واألمر الدائم واألكثري حصول اخلري من يكن بد من املصادمات احلادثة أن تصادف النار ثوب فقري ن

: النار فأما الدائم فألن أنواعا كثرية ال تستحفظ على الدوام إال بوجود النار

وأما األكثر فألن أكثر األشخاص واألنواع يف كنف السالمة من االحتراق فأريدت اخلريات الكائنة عن مثل هذه األشياء فما كان حيسن أن تترك املنافع األكثرية والدائمة ألعراض شرية أقلية

إن اهللا تعاىل يريد األشياء ويريد الشر أيضا على الوجه الذي بالعرض : إرادة أولية على الوجه الذي يصلح أن يقال فاخلري مقتضى بالذات والشر مقتضى بالعرض وكل بقدر ماوية واألرضية الطبيعية والنفسانية حبيث يؤدي إىل واحلاصل أن الكل إمنا رتبت فيه القوى الفعالة واملنفعلة الس

النظام الكلي مع استحالة أن تكون هي على ما هي عليه وال تؤدي إىل شرور فيلزم من أحوال العامل بعضها بالقياس إىل بعض أن حيدث يف نفس صورة اعتقاد رديء أو كفر أو شر آخر وحيدث يف بدن صورة قبيحة مشوهة ولو مل

بالضرورة يكن كذلك خلقت هؤالء للجنة وال أبايل وخلقت هؤالء للنار وال أبايل وكل ميسر ملا خلق له : وقيل

يف املعاد وإثبات سعادات دائمة للنفوس : املسألة العاشرة : وإشارة إىل النبوة وكيفية الوحي واإلهلام

ولنقدم على اخلوض فيها أصوال ثابتة نية لذة وخريا خيصها وأذى وشرا خيصها وحيثما كان املدرك أشد إدراكا وأفضل أن لكل قوة نفسا: األصل األول

ذاتا واملدرك أكمل وجودا وأشرف ذاتا وأدوم ثباتا فاللذة أبلغ وأوفر أنه قد يكون اخلروج إىل الفعل يف كمال ما حبيث يعلم أن املدرك لذيذ ولكن ال يتصور كيفيته وال : األصل الثاين

تق إليه ومل يفزع حنوه فيكون حال املدرك حال األصم واألعمى امللتذين برطوبة اللحن ومالحة يشعر به فلم يش الوجه من غري شعور وتصور إدراك

)١٩٦ \ ٢ ( أن الكمال واألمر املالئم قد يتيسر للقوة الدراكة وهناك مانع أو شاغل للنفس فتكرهه وتؤثر ضده : األصل الثالث

بضد ما هو كماهلا فال حتس به كاملريض واحملرور فإذا زال العائق عاد إىل واجبه يف طبعه أو تكون القوة ممنوعة فصدقت شهوته واشتهت طبيعته وحصل له كمال اللذة

إن النفس الناطقة كماهلا اخلاص هبا أن تصري عاملا عقليا مرتسما فيها صورة الكل : فنقول بعد متهيد األصول

Page 248: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

خلري الفائض من واهب الصور على الكل مبتدئا من املبدأ وسالكا إىل اجلواهر الشريفة والنظام املعقول يف الكل واالروحانية املطلقة مث الروحانية املتعلقة نوعا ما باألبدان مث األجسام العلوية هبيئاهتا وقواها مث تستمر كذلك حىت

وجود كله مشاهدا ملا هو احلسن املطلق واخلري تستويف يف نفسها هيئة الوجود كله فتصري عاملا معقوال موازيا للعامل املوالبهاء واحلق ومتحدا به ومنتقشا مبثاله ومنخرطا يف سلكه وصائرا من جوهره وهذا الكمال ال يقاس بسائر

الكماالت وجودا ودواما ولذة وسعادة بل هذه اللذة أعلى من اللذات احلسية وأعلى من الكماالت اجلسمانية بل ا يف الشرف والكمال وهذه السعادة ال تتم له إال بإصالح اجلزء العملي من النفس وهتذيب األخالق ال مناسبة بينهم

واخللق ملكة تصدر هبا عن النفس أفعال ما بسهولة من غري تقدم روية وذلك باستعمال التوسط بني اخللقتني قتني املتضادتني فيحصل يف القوى املتضادتني ال بأن يفعل أفعال التوسط بل بأن حيصل ملكة التوسط بني اخلل

احليوانية هيئة اإلذعان ويف القوى الناطقة هيئة االستعالء ومعلوم أن ملكيت اإلفراط والتفريط مها من مقتضيات القوى احليوانية فإذا قويت حدثت يف النفس الناطقة هيئة إذعانية قد رسخت فيها من شأهنا أن جتعلها قوية العالقة

االنصراف إليه مع البدن شديدة وأما ملكة التوسط فهي من مقتضيات الناطقة فإذا قويت قطعت العالقة من البدن فسعدت السعادة الكربى

مث للنفوس مراتب يف اكتساب هاتني القوتني أعين العلمية والعملية والتقصري فيهما لق باألخالق احلسنة حىت جياوز املعقوالت والتخ) ١٩٧ \ ٢( فكم ينبغي أن حيصل عند نفس اإلنسان من تصور

احلد الذي يف مثله يقع يف الشقاوة األبدية وأي تصور وخلق يوجب له الشقاء املؤبد وأي تصور وخلق يوجب له الشقاء املؤقت

: فليس ميكنين أن أنص عليه إال بالتقريب وليته سكت عنه وقد قيل : قال ملداد ولو سودت وجهك با... فدع عنك الكتابة لست منها

وأظن أن ذلك أن يتصور نفس اإلنسان املبادئ املفارقة تصورا حقيقيا ويصدق هبا تصديقا يقينيا لوجودها : قال عنده بالربهان ويعرف العلل الغائية لألمور الواقعة يف احلركات الكلية دون اجلزئية اليت ال تتناهى ويتقرر عنده هيئة

م اآلخذ من املبدأ األول إىل أقصى املوجودات الواقعة يف ترتيبه ويتصور الكل ونسب أجزائه بعضها إىل بعض والنظاالعناية وكيفيتها ويتحقق أن الذات املتقدمة للكل أي وجود خيصها وأية وحدة ختصها وأهنا كيف تعرف حىت ال

استعدادا يلحقها تكثر وتغري بوجه وكيف ترتيب نسب املوجودات إليها وكلما ازداد استبصار ازاداد للسعادة وكأنه ليس يتربأ اإلنسان عن هذا العامل وعالئقه إال أن يكون قد أكد العالقة مع ذلك العامل فصار له شوق وعشق

إىل ما هناك يصده عن االلتفات إىل ما خلفه مجلة مث إن النفوس والقوى الساذجة اليت مل تكتسب هذا الشوق وال تصورت هذه التصورات فإن كانت بقيت على

جيتها واستقرت فيها هيئات صحيحة إقناعية وملكات حسنة خلقية سعدت حبسب ما اكتسبت ساذأما إذا كان األمر بالضد من ذلك أو حصلت أوائل امللكية العلمية وحصل هلا شوق قد تبع رأيا مكتسبا إىل كمال

حاهلا فصدها عن ذلك عائق مضاد فقد يبقى الشقاء األبدي سعي لتحصيل الكمال اإلنساين وإما معاندون متعصبون آلراء فاسدة مضادة لآلراء وهؤالء إما مقصرون يف ال

احلقيقية واجلاحدون أسوأ حاال

والنفوس البله أدىن من اخلالص من فطانة بتراء لكن النفوس إذا فارقت وقد رسخ فيها حنو من االعتقاد يف العاقبة

Page 249: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) ١٩٨ \ ٢( ب إىل اجلهة اليت فوقهم ال كمال فتسعد تلك على مثل ما خياطب به العامة ومل يكن هلم معىن جاذالسعادة وال عدم كمال فتشقى تلك الشقاوة بل مجيع هيئاهتم النفسانية متوجهة حنو األسفل منجذبة إىل األجسام

وال بد هلا من ختيل وال بد للتخيل من أجسام تشاهد ما قيل هلا يف الدنيا من أحوال القرب والبعث فال بد هلا من أجرام مساوية تقوم هبا القوة املتخيلة ف: قال

واخلريات األخروية وتكون األنفس الرديئة أيضا تشاهد العقاب املصور هلم يف الدنيا وتقاسيه فإن الصورة اخليالية ليست تضعف عن

اخلسيسة احلسية بل تزداد تأثريا كما تشاهد يف املنام وهذه هي السعادة والشقاوة بالقياس إىل األنفس وأما األنفس املقدسة فإهنا تبعد عن مثل هذه األحوال وتتصل لكماهلا بالذات وتنغمس يف اللذة احلقيقية ولو كان

اعتقادي أو خلقي تأذت به وختلفت عن درجة عليني إىل أن ينفسخ عنها : بقي فيها أثر من ذلك النفسانية خصائص ثالث نذكرها يف الطبيعيات فبها والدرجة األعلى فيما ذكرناه ملن له النبوة إذ يف قواه: قال

يسمع كالم اهللا تعاىل ويرى مالئكته املقربني وقد حتولت على صور يراها وكما أن الكائنات ابتدأت من األشرف فاألشرف حىت ترقت يف الصعود إىل العقل األول ونزلت يف االحنطاط إىل

خس حىت بلغت النفس الناطقة وترقت إىل درجة النبوة املادة وهي األخس كذلك النفوس ابتدأت من األومن املعلوم أن نوع اإلنسان حمتاج إىل اجتماع ومشاركة يف ضروريات حاجاته مكتفيا بآخر من نوعه يكون ذلك اآلخر أيضا مكتفيا به وال تتم تلك الشركة إال مبعاملة ومعاوضة جيريان بينهما يفرغ كل واحد منهما عن مهم لو

بنفسه الزدحم على الواحد كثري وال بد يف املعاملة من سنة وعدل وال بد من سان ومعدل وال بد من أن توالهيكون حبيث خياطب الناس ويلزمهم السنة فال بد من أن يكون إنسانا وال جيوز أن يترك الناس وآراءهم يف ذلك

هذا اإلنسان يف أن يبقى نوع اإلنسان أشد فيختلفون ويرى كل واحد منهم ماله عدال وما عليه ظلما فاحلاجة إىل من احلاجات إىل إنبات الشعر على األشفار واحلاجبني فال جيوز أن تكون العناية األوىل تقتضي أمثال تلك املنافع وال

) ١٩٩ \ ٢( تقتضي هذه اليت هي أسها وال جيوز أن يكون املبدأ األول واملالئكة بعده يعلم تلك وال يعلم هذا يكون ما يعلمه يف نظام األمر املمكن وجوده الضروري حصوله لتمهيد نظام اخلري ال يوجد بل كيف جيوز وال أن

أن ال يوجد وما هو متعلق بوجوده ومبين على وجوده موجود فالبد إذن من نيب هو إنسان متميز من بني سائر عهم من الشرك ويسن هلم الشرائع واألحكام الناس بآيات تدل على أهنا من عند ربه تعاىل يدعوهم إىل التوحيد ومين

وحيثهم على مكارم األخالق وينهاهم عن التباغض والتحاسد ويرغبهم يف اآلخرة وثواهبا ويضرب هلم للسعادة والشقاوة أمثاال تسكن إليها نفوسهم

تكريره عليهم العبادات وأما احلق فال يلوح هلم منه إال أمرا جممال وهو أن ذلك شيء ال عني رأته وال أذن مسعته مث ليحصل هلم بعده تذكر املعبود بالتكرير

إما حركات وإما إعدام حركات تقضي إىل حركات : واملذكرات كالصلوات وما يف معناها : فاحلركات

كالصيام وحنوه : وإعدام احلركات نني وإن مل يكن هلم هذه املذكرات تناسوا مجيع ما دعاهم إليه مع انقراض قرن أو قر

وينفعهم ذلك أيضا يف املعاد منفعة عظيمة فإن السعادة يف اآلخرة بتنزيه النفس عن األخالق الرديئة وامللكات الفاسدة فيتقرر هلا بذلك هيئة االنزعاج عن البدن وحتصل هلا ملكة التسلط عليه فال تنفعل عنه وتستفيد منه ملكة

Page 250: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ري شديدة االستعداد للتخلص إىل السعادة بعد املفارقة البدنية االلتفات إىل جهة احلق واإلعراض عن الباطل وتصوهذه األفعال لو فعلها فاعل ومل يعتقد أهنا فريضة من عند اهللا تعاىل وكان مع اعتقاده ذلك يلزمه يف كل فعل أن

النيب من يتذكر اهللا ويعرض عن غريه لكان جديرا بأن يفوز من هذا الذكاء حبظ فكيف إذا استعملها من يعلم أن عند اهللا تعاىل وبإرسال اهللا تعاىل وواجب يف احلكمة اإلهلية إرساله وأن مجيع ما سنه فإمنا هو ما وجب من عند اهللا

أن يسنه وأنه متميز عن سائر الناس خبصائص بالغة وواجب الطاعة وبآيات ومعجزات دلت على صدقه أن اهللا تعاىل كيف رتب النظام يف املوجودات وكيف وسيأيت شرح ذلك يف الطبيعيات لكنك حتدس مما سلف آنفا

صورة ) ٢٠٠ \ ٢( سخر اهليوىل مطيعة للنفوس بإزالة صورة وإثبات وحيثما كانت النفوس اإلنسانية أشد مناسبة للنفوس الفلكية بل وللعقل الفعال كان تأثريها يف اهليوىل أشد وأغرب

تصال بالعقول املفارقة فيفيض عليها من العلوم ما ال يصل إليه من وقد تصفو النفس صفاء شديدا الستعداد ما لال هو يف نوعه بالفكر والقياس

فبالقوة األوىل يتصرف يف األجرام بالتقليب واإلحالة من حال إىل حال وبالقوة الثانية خيرب عن غيب ويكلمه ملك فيكون ما لألنبياء عليهم السالم وحيا وما لألولياء إهلاما

ن نبتدئ القول يف الطبيعيات عن الشيخ الرئيس أيب علي بن سينا وها حن

:يف الطبيعيات - ٣

إن للعلم الطبيعي موضوعا ينظر فيه ويف لواحقه كسائر العلوم : قال أبو علي بن سينا األجسام املوجودة مبا هي واقعة يف التغري ومبا هي موصوفة بأحناء احلركات والسكونات : وموضوعه

كمثل تركب األجسام عن املادة والصورة والقول يف حقيقتهما ونسبة كل واحد منهما إىل : مبادئ هذا العلم وأما الثاين فقد ذكرناها يف العلم اإلهلي

والذي خيتص من ذلك التركب بالعلم الطبيعي هو أن تعلم أن األجسام الطبيعية منها أجسام مركبة من أجسام إما وإما خمتلفتها كبدن اإلنسان متشاهبة الصور كالسرير

ومنها أجسام مفردة واألجسام املركبة هلا أجزاء موجودة بالفعل متناهية وهي تلك األجسام املفردة اليت منها تركبت

وأما األجسام املفردة فليس هلا يف احلال جزء بالفعل ويف قوهتا أن تتجزأ أجزاء غري متناهية كل منها أصغر من اآلخر :والتجزؤ

إما بتفريق االتصال وإما باختصاص العرض ببعض منه

وإما بالتوهم وإذا مل يكن أحد هذه الثالثة فاجلسم املفرد ال جزء له بالفعل

ومن أثبت اجلسم مركبا من أجزاء ال تتجزأ بالفعل فبطالنه بأن كل جزء مس جزءا فقد شغله باملس وكل ما : قال أو ال يدع ) ٢٠١ \ ٢( راغا عن شغله جلهة فإما أن يدع ف: شغل شيئا باملس

فإن ترك فراغا فقد جتزأ املموس وإن مل يترك فراغا فال يتأتى أن مياسه آخر غري املماس األول وقد ماسه آخر هذا خلف

Page 251: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وكذلك يف كل جزء موضوع على جزءين متصل وغريه من تركيب املربعات منها ملساواة األقطار واألضالع ومن ات الظل والشمس دالئل على أن اجلزء الذي ال يتجزأ البتة حمال وجوده جهة مسامت

: فنتكلم بعد هذه املقدمة يف مسائل هذا العلم وحنصرها يف ست مقاالت : يف لواحق األجسام الطبيعية : املقالة األوىل

واالتصال والتتايل مثل احلركة والسكون والزمان واملكان واخلالء والتناهي واجلهات والتماس وااللتحام فتقال على تبدل حال قارة يف اجلسم يسريا يسريا على سبيل االجتاه حنو شيء والوصول إليه هو بالقوة : أما احلركة

أو بالفعل فيجب أن تكون احلركة مفارقة احلال وجيب أن يقبل التنقص والتزيد ويكون باقيا غري متشابه احلال يف واحلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة والطول والقصر والقرب والبعد وكرب نفسه وذلك مثل السواد والبياض

احلجم وصغره فاجلسم إذا كان يف مكان فتحرك فقد حصل فيه كمال وفعل أول يتوصل به إىل كمال وفعل ثان هو الوصول فهو

ن جهة ما هو بالقوة وال يكون يف املكان األول بالفعل ويف املكان الثاين بالقوة فاحلركة كمال أول ملا بالقوة موجودها إال يف زمان بني القوة احملضة والفعل احملض وليست من األمور اليت حتصل بالفعل حصوال قارا مستكمال

وقد ظهر أهنا يف كل أمر يقبل التنقص والتزيد وليس شيء من اجلواهر كذلك فإذن ال شيء من احلركات يف اجلوهر

ركة بل هو أمر يكون دفعة وكون اجلوهر وفساده ليس حبيكون فيها حركة كالنمو والذبول والتخلخل ) ٢٠٢ \ ٢( وأما الكمية فألهنا تقبل التزيد والتنقص فخليق أن

والتكاثف وأما الكيفية فما يقبل منها التنقص والتزيد واالشتداد كالتبيض والتسود فيوجد فيه احلركة

واقي يف قبول التنقص والتزيد فإذا أضيفت إليه حركة فذلك باحلقيقة لتلك وأما املضاف فأبدا عارض ملقولة من الب املقولة

وأما األين فإن وجود احلركة فيه ظاهر وهو النقلة وأما مىت فإن وجوده للجسم بتوسق احلركة فكيف يكون فيه احلركة ولو كان ذلك لكان ملىت مىت آخر

ركة اجلسم املستدير على نفسه إذ لو توهم املكان املطيف به وأما الوضع فإن فيه حركة على رأينا خاصة كح معدوما ملا امتنع كونه متحركا ولو قدر ذلك يف احلركة املكانية المتنع

ومثاله يف املوجودات اجلرم األقصى الذي ليس وراءه جسم أنصب وأنكس : والوضع يقبل التنقص واالشتداد فيقال

تبدل أوال يف األين فإذن احلركة فيه بالعرض وأما امللك فإن تبدل احلال فيه وأما أن يفعل فتبدل احلال فيه بالقوة أو العزمية أو اآللة فكانت احلركة يف قوة الفاعل أو عزميته أو آلته أوال

ويف الفعل بالعرض على أن احلركة إن كانت خروجا عن هيئة فهي عن هيئة قارة وليس شيء من األفعال كذلك ة بالذات إال يف الكم والكيف واألين والوضع وهو كون الشيء حبيث ال جيوز أن يكون على ما هو فإذن ال حرك

عليه من أينه وكمه وكيفه ووضعه قبل ذلك وال بعده والسكون هو عدم هذه الصورة يف ما من شأنه أن توجد فيه وهذا العدم له معىن ما وميكن أن يرسم

وهو السلب املطلق عقدا وقوال وبني عدم املشي له فهو يف حالة مقابلة ملشي وفرق بني عدم القرنني يف اإلنسان

Page 252: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

توجد عند ارتفاع علة املشي وله وجود ما بنحو من األحناء وله علة بنحو واملشي علة بالعرض لذلك العدم فالعدم معلول بالعرض موجود بالعرض

ذ لو حترك بذاته ومبا هو جسم لكان كل جسم مث اعلم أن كل حركة توجد يف اجلسم فإمنا توجد لعلة حمركة إإما أن يكون : وصورهتا وال خيلو ) ٢٠٣ \ ٢( متحركا فيجب أن يكون احملرك معىن زائدا على هيوىل اجلسمية

ذلك املعىن يف اجلسم وإما أن ال يكون مث املتحرك ملعىن يف ذاته فإن كان احملرك مفارقا فال بد لتحريكه من معىن يف اجلسم قابل جلهة التحريك والتغيري

يسمى متحركا بذاته وذلك إما أن تكون العلة املوجودة فيه يصح عنها أن حترك تارة وال حترك أخرى فيسمى متحركا باالختيار

وإما أن ال يصح فيسمى متحركا بالطبع واملتحرك بالطبع ال جيوز أن يتحرك وهو على حالته الطبيعية ألن كل ما شيء لذاته ليس ميكن أن يفارقه إال والطبيعة قد فسدت اقتضاه طبيعة ال

وكل حركة تتعني يف اجلسم فإهنا ميكن أن تفارق والطبيعة مل تبطل لكن الطبيعة إمنا تقتضي احلركة للعود إىل حالتها لة الطبيعية فإذا عادت ارتفع املوجب للحركة وامتنع أن يتحرك فيكون مقدار احلركة على مقدار البعد من احلا

الطبيعية وهذه احلركة ينبغي أن تكون مستقيمة إن كانت يف املكان ألهنا ال تكون إال مليل طبيعي وكل ميل طبيعي فعلى أقرب املسافة وكل ما هو على أقرب املسافة فهو على خط مستقيم فاحلركة املكانية املستديرة ليست طبيعية

ب عن حالة غري طبيعية وال جيوز أن يكون فيه قصد طبيعي وال احلركة الوضعية فإن كل حركة طبيعية فإهنا هتربالعود إىل ما فارقه باهلرب إذ ال اختيار هلا وقد حتقق العود فهي إذن غري طبيعية فهي إذن عن اختيار وإرادة ولو

كانت عن قسر فال بد أن ترجع إىل الطبع واالختيار فيتطرق إليها السرعة والبطء ال بتخلل سكنات وهي قد وأما احلركات يف أنفسها فيتطرق إليها الشدة والضعف

تكون واحدة باجلنس إذا وقعت يف مقولة واحدة أو يف جنس واحد من األجناس اليت حتت تلك املقولة وقد تكون واحدة بالنوع وذلك إذا كانت ذات جهة مفروضة عن جهة واحدة إىل جهة واحدة يف نوع واحد ويف

يتبيض زمان مساو مثل تبييض ما وقد تكون واحدة بالشخص وذلك إذا كانت عن متحرك واحد بالشخص يف زمان واحد ووحدهتا بوجود االتصال

فيها واحلركات املتفقة يف النوع ال تتضاد وأما تطابق احلركات فيعين هبا اليت جيوز أن يقال لبعضها أسرع من بعض أو

أبطأ أو مساو ملا يقطعه اآلخر يف زمان أقصر وضده األبطأ واملساوي معلوم واألسرع هو الذي يقطع شيئا مساويا

)٢٠٤ \ ٢ ( وقد يكون التطابق بالقوة وقد يكون بالفعل وقد يكون بالتخيل

فإن الضدين مها اللذان موضوعهما واحد ومها ذاتان يستحيل أن جيتمعا فيه وبينهما غاية : وأما تضاد احلركات االختالف

بتضاد املتحركني وال بالزمان وال بتضاد ما يتحرك فيه بل تضادمها هو بتضاد األطراف فتضاد احلركات ليسواجلهات فعلى هذا ال تضاد بني احلركة املستقيمة واحلركة املستديرة املكانية ألهنما ال يتضادان يف اجلهات بل

املستقيمة يتصور فاهلابطة ضد الصاعدة املستديرة ال جهة فيها بالفعل ألهنا متصل واحد فالتضاد يف احلركات املكانية

Page 253: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

واملتيامنة ضد املتياسرة فهو تقابل العدم وامللكة : وأما التقابل بني احلركة والسكون

وقد بينا أن ليس كل عدم هو السكون بل هو عدم ما من شأنه أن يتحرك وخيتص ذلك باملكان الذي تتأتى فيه قابل احلركة عنه ال احلركة إليه بل رمبا كان هذا السكون استكماال هلا احلركة والسكون يف املكان املقابل إمنا ي

: وإذا عرفت ما ذكرناه سهل عليك معرفة الزمان بأن تقول كل حركة تفرض يف مسافة على مقدار من السرعة وأخرى معها على مقدارها وابتدأنا معا فإهنما يقطعان املسافة

معا األخرى ولكن تركتا احلركة معا فإن إحدامها تقطع دون ما تقطعه األوىل وإن ابتدأت إحدامها ومل تبتدئ

وإن ابتدأ معه بطيء واتفقا يف األخذ والترك وجد البطيء قد قطع أقل والسريع أكثر وكان بني أخذ السريع األول كه إمكان أقل من وتركه إمكان قطع مسافة معينة بسرعة معينة وأقل منها ببطء معني وبني أخذ السريع الثاين وتر

ذلك بتلك السرعة املعينة يكون هذا اإلمكان طابق جزءا من األول ومل يطابق جزءا مقتضيا وكان من شأن هذا اإلمكان التقضي ألنه لو ثبت للحركات حبال واحدة لكانت تقطع املتفقات يف السرعة أي وقت ابتدأت وتركت

فوجد يف هذا اإلمكان زيادة ونقصان يتعينان فكان ذا مقدار مسافة واحدة بعينها وملا كان إمكان أقل من إمكانهلا وكل ما طابق احلركات فهو متصل ويقتضي ) ٢٠٥ \ ٢( مطابق للحركة فإذن ههنا مقدار للحركات مطابق

االتصال جتدده وهو الذي نسميه الزمان ت وقوع حركتني خمتلفتني يف العدم كان مث هو ال بد وأن يكون يف مادة ومادته احلركة فهو مقدار احلركة وإذا قدر

هناك إمكانان خمتلفان بل مقداران خمتلفان وقد سبق أن اإلمكان واملقدار ال يتصور إال يف موضوع فليس الزمان حمدثا حدوثا زمانيا حبيث يسبقه زمان ألن كالمنا يف ذلك الزمان بعينه وإمنا حدوثه حدوث إبداع ال يسبقه إال

مبدعه يتعلق به الزمان ويطابقه فالزمان متصل يتهيأ أن ينقسم بالتوهم فإذا قسم ثبتت منه آنات وانقسم إىل وكذلك ما

املاضي واملستقبل وكوهنما فيه ككون أقسام العدد يف العدد وكون اآلن فيه كالوحدة يف العدد وكون املتحركات فيه ككون املعدودات يف العدد

الزمان ما فصل منه بالتوهم كالساعات واأليام والشهور واألعوام والدهر هو احمليط بالزمان وأقسام فيقال مكان لشيء يكون حميطا باجلسم : وأما املكان

ويقال لشيء يعتمد عليه اجلسم واألول هو الذي يتكلم فيه الطبيعي وهو حاو للمتمكن مفارق له عند احلركة ومساو له

ة فهو يف املتمكن وليس هو شيئا يف املتمكن وكل هيوىل وصورفليس املكان إذن هبيوىل وال صورة وال األبعاد اليت يدعى أهنا جمردة عن املادة قائمة مبكان اجلسم املتمكن ال مع

امتناع خلوها كما يراه قوم وال مع جواز خلوها كما يظنه مثبتو اخلالء ذات ماله كم ألن كل خالء يفرض فقد إن فرض خالء خال فليس هو ال شيئا حمضا بل هو: ونقول يف نفي اخلالء

يوجد خالء آخر أقل منه أو أكثر ويقبل التجزؤ يف ذاته واملعدوم والالشيء ليس يوجد هكذا فليس اخلالء ال شيء فإما متصل وإما منفصل : فهو ذو كم وكل كم

ذن متصل األجزاء منحازها يف عدمي احلد املشترك بني أجزائه وقد تقرر يف اخلالء حد مشترك فهو إ: واملنفصل لذاته

Page 254: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

جهات فهو إذن كم ذو وضع قابل لألبعاد الثالثة كاجلسم الذي يطابقه وكأنه جسم تعليمي مفارق للمادة إما أن يكون موضوعا لذلك املقدار أو يكون الوضع واملقدار جزءين من : املقدر ) ٢٠٦ \ ٢( اخلالء : فنقول اخلالء

قدار يف التوهم كان اخلالء وحده بال مقدار وقد فرض أنه ذو مقدار فهو خلف واألول باطل فإنه إذا رفع امل وإن بقي متقدرا يف نفسه فهو مقدار بنفسه ال ملقدار حله

وإن كان اخلالء جمموع مادة ومقدار فاخلالء إذن جسم فهو مالء ا كما بينا واخلالء ال مادة له فال وأيضا فإن كان كل شيء يقبل االتصال واالنفصال فهو ذو مادة مشتركة قابلة هل

جيوز عليه االنفصال واالتصال إن التمانع حمسوس بني اجلسمني وليس التمانع من حيث املادة ألن املادة من حيث إهنا مادة ال احنياز هلا : ونقول

املقاومة والتنحي عن األجزاء وإمنا ينحاز اجلسم عن اجلسم ألجل صورة البعد فطباع األبعاد تأىب التداخل وتوجب وأيضا فإن بعدا لو دخل بعدا فإما أن يكونا مجيعا موجودين أو معدومني أو أحدمها موجودا واآلخر معدوما

فإن وجدا مجيعا فهما أزيد من الواحد وكل ما هو عظيم وهو أزيد فهو أعظم وإن عدما مجيعا أو وجد أحدمها وعدم اآلخر فليس مداخلة

خالء فيكون بعدا يف بعد وهو حمال جسم يف : فإذا قيل إن كل موجود الذات ذا وضع وترتيب فهو متناه إذ لو كان غري متناه من : ونقول يف نفي الالهناية عن اجلسم

األطراف كلها أو غري متناه من طرف فإن كان غري متناه من طرف أمكن أن يفصل منه من الطرف املتناهي جزء ع ذلك اجلزء شيئا على حدة وبانفراده شيئا على حدة بالتوهم فيوجد ذلك املقدار م

: مث يطبق بني الطرفني املتناهيني يف التوهم فال خيلو إما أن يكون حبيث ميتدان معا متطابقني يف االمتداد فيكون الزائد والناقص متساويني وهذا حمال

ا فيكون اجملموع متناهيا فاألصل متناه وإما أن ال ميتد بل يقصر عنه فيكون متناهيا والفصل أيضا كان متناهيوأما إذا كان غري متناه من مجيع األطراف فال يبعد أن يفرض ذا مقطع تتالقى عليه األجزاء ويكون طرقا وهناية

يف األول وهبذا يتأتى الربهان على أن العدد املترتب ) ٢٠٧ \ ٢( ويكون الكالم يف األجزاء واجلزأين كالكالم بالفعل متناه الذات املوجود

وأن ما ال يتناهى هبذا الوجه هو الذي إذا وجد وفرض أنه حيتمل زيادة ونقصانا وجب أن يلزم ذلك حمال وأما إذا كانت أجزاؤه ال تتناهى وليست معا وكانت يف املاضي واملستقبل فغري ممتنع وجودها واحدا قبل آخر أو

وال الطبع فال مانع عن وجوده معا وذلك أن ما ال ترتيب له بعده الحقا أو كانت ذات عدد غري مرتب يف الوضع يف الوضع أو الطبع فلن حيتمل االنطباق وما ال وجود له معا فهو فيه أبعد

ويقول يف إثبات التناهي يف القوى اجلسمانية ونفي التناهي عن القوى غري اجلسمانية فعل فليس ميتنع فيها من مجيع الوجوه فإن العدد ال يتناهى أي األشياء اليت ميتنع فيها وجود غري املتناهي بال: قال

بالقوة وكذلك احلركات ال تتناهى بالقوة ال القوة اليت خترج إىل الفعل بل مبعىن أن األعداد يتأتى أن تتزايد فال تقف عند هناية أخرية

ها أو إىل عدة ما يظهر عنها أو إىل مدة واعلم أن القوى ختتلف يف الزيادة والنقصان بالنسبة إىل شدة ظهور الفعل عنبقاء الفعل وبينها فرقان بعيدان فإن جل ما يكون زائدا بنوع الشدة يكون ناقصا بنوع املادة وكل قوة حركت أشد

Page 255: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فمدة حركتها أقصر وعدة حركتها أكثر : ة هلا ال خيلو وال جيوز أن تكون قوة غري متناهية حبسب إعتبار الشدة ألن ما يظهر من األحوال القابل

إما أن يقبل الزيادة على ما ظهر فيكون متناهيا جيوز عليه زيادة يف آخره وإما أن ال يقبل فهو النهاية يف الشدة فكل قوة جسمانية متجزئة ومتناهية

: وأما الكالم يف اجلهات هات املختلفة بالنوع وجود البتة فال فمن املعلوم أنا لو فرضنا خالء فقط أو أبعادا أو جسما غري متناه فال ميكن للج

يكون فوق وسفل وميني ويسار وقدام وخلف فاجلهات إمنا تتصور يف أجسام متناهية فتكون اجلهات أيضا متناهية ولذلك يتحقق إليها إشارة ولذاهتا اختصاص

وانفراد من جهة أخرى فيها على سبيل ) ٢٠٨ \ ٢( اط والتضاد وإذا كانت األجسام كرية فيكون حتدد اجلهات على سبيل احمليط واحمل

املركز واحمليط وإذا كان اجلسم احملدد حميطا كفى لتحديد الطرفني ألن اإلحاطة تثبت املركز فتثبت غاية البعد منه وغاية القرب من

غري حاجة إىل جسم آخر تحدد جبسم آخر إذ ال خالء وأما إن فرض حماطا مل تتجدد به وحده اجلهات ألن القرب يتحدد به والبعد منه ي

وذلك ينتهي ال حمالة إىل حميط وجيب أن تكون األجسام املستقيمة احلركة ال يتأخر عنها وجود اجلهات ألمكنتها وحركاهتا بل اجلهات حتصل

حبركاهتا فيجب أن يكون اجلسم الذي تتحدد اجلهات إليه جسما متقدما عليه وتكون إحدى اجلهات بالطبع غاية منه وهو الفوق ويقابله غاية البعد منه وهو السفل وهذان بالطبع وسائر اجلهات ال تكون واجبة يف األجسام القرب

مبا هي أجسام بل مبا هي حيوانات فتتميز فيها جهة القدام الذي إليه احلركة االختيارية واليمني الذي منه مبدأ القوة ركة النشوء ومقابالهتا اخللف واليسار والسفل حمدودان بطريف والفوق إما بقياس فوق العامل وإما الذي إليه أول ح

البعد الذي األوىل أن يسمى طوال واليمني واليسار مبا األوىل أن يسمى عرضا والقدام واخللف مبا األوىل أن يسمى عمقا

: يف األمور الطبيعية وغري الطبيعية لألجسام : املقالة الثانية : م إىل بسيطة ومركبة وأن لكل جسم حيزا ما ضرورة فال خيلو من املعلوم أن األجسام تنقس

إما أن يكون كل حيز له طبيعيا أو منافيا لطبيعته أو ال طبيعيا وال منافيا أو بعضه طبيعيا وبعضه منافيا ل وبطل أن يكون كل حيز له طبيعيا ألنه يلزم منه أن يكون مفارقة كل مكان له خارجا عن طبعه أو التوجه إىل ك

مكان له مالئما لطبعه وليس األمر كذلك فهو خلف وبطل أن يكون كل حيز منافيا لطبعه ألنه يلزم منه أن ال يسكن جسم البتة بالطبع وال يتحرك أيضا وكيف يسكن

لطبعه ) ٢٠٩ \ ٢( أو يتحرك بالطبع وكل مكان مناف اجلسم على حالته وقد ارتفع عنه القواسر والعوارض وبطل أن يكون كل مكان ال طبيعيا وال منافيا ألنا إذا اعتربنا

فحينئذ ال بد له من حيز خيتص به ويتحيز إليه وذلك هو حيزه الطبيعي فال يزول عنه إال بقسر قاسر أن بعض األحياز له طبيعي وبعضها غري طبيعي : وتعني القسم الرابع

فإما طبيعي له أو بقسر : هي حدوده وكل شكل إن لكل جسم شكال ما بالضرورة لتنا: وكذلك نقول يف الشكل

Page 256: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

قاسر وإذا ارتفعت القواسر يف التوهم واعتربت اجلسم من حيث هو جسم وكان يف نفسه متشابه األجزاء فال بد أن

يكون شكله كريا ألن فعل الطبيعة يف املادة واحد متشابه فال ميكن أن يفعل يف جزء زاوية ويف جزء خطا مستقيما فينبغي أن يتشابه األجزاء فيجب أن يكون الشكل كريا أو منحنيا

وأما املركبات فقد تكون أشكاهلا غري كرية الختالف أجزائها فاألجسام السماوية كلها كرية وإذا تشاهبت أجزاؤها وقواها كان حيزها الطبيعي وجهتها واحدة فال يتصور أرضان

ور عاملان ألنه قد ثبت أن العامل بأسره كري الشكل فلو قدر يف وسطني يف عاملني وال ناران يف أفقني بل ال يتص كريان أحدمها جبنب اآلخر كان بينهما خالء وال يتصالن إال جبزء واحد ال ينقسم وقد تقدم استحالة اخلالء

إما أن يكون : وأما احلركة فمن املعلوم أن كل جسم اعترب ذاته من غري عارض بل من حيث هو جسم يف حيز فهو حركا وإما أن يكون ساكنا وذلك ما نعنيه باحلركة الطبيعية والسكون الطبيعي مت

إن كان اجلسم بسيطا كانت أجزاؤه متشاهبة وأجزاء ما يالقيه وأجزاء مكانه كذلك فلم يكن بعض : فنقول ع أن يكون األجزاء أوىل بأن خيتص ببعض أجزاء املكان من بعض فلم جيب أن يكون شيء منها له طبيعيا فال ميتن

على غري ذلك الوضع بل يف طباعه أن يزول عن ذلك الوضع أو األين بالقوة وكل جسم ال ميل له يف طبعه فال إما لكله وإما ألجزائه حىت يكون متحركا يف الوضع : يقبل احلركة عن سبب خارج فالبضرورة يف طباعه حركة ما

حبركة األجزاء : ميل مث ال خيلو وإذن صح أن كل قابل حتريك فيه مبدأ

إما أن يكون على االستقامة أو على االستدارة )٢١٠ \ ٢ (

واألجسام السماوية ال تقبل احلركة املستقيمة كما سبق فهي متحركة على االستدارة وقد بينا استناد حركاهتا إىل مبادئها

هي خمتلفة بالطبع كما أن صورها إن األجسام السماوية ليست موادها مشتركة بل: فنقول أوال : وأما الكيف خمتلفة ومادة الواحدة منها ال يصلح أن تتصور بصورة األخرى ولو أمكن ذلك كذلك لقلبت احلركة املستقيمة

وهو حمال : فلها طبيعة خامسة خمتلفة بالنوع خبالف طبائع العناصر فإن مادهتا مشتركة وصورها خمتلفة وهي تنقسم

إىل حار يابس كالنار إىل حار رطب كاهلواء و

وإىل بارد رطب كاملاء وإىل بارد يابس كاألرض

وهذه أعراض فيها ال صور ويقبل االستحالة بعضها إىل بعض ويقبل النمو والذبول ويقبل اآلثار من األجسام السماوية

: فاحلرارة والربودة فاعلتان : وأما الكيفيات ل واخللخلة حبيث يأمل احلاس منه هو الذي يغري جسما آخر بالتحلي: فاحلار

هو الذي يغري جسما بالتعقيد والتكثيف حبيث يأمل احلاس منه : والبارد

Page 257: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: وأما الرطوبة واليبوسة فمنفعلتان هو سهل القبول للتفريق واجلمع والتشكيل والدفع : فالرطب هو عسر القبول لذلك : واليابس

هبذه القوى األربع وال يوجد شيء منها عدميا لواحدة من هذه وليست هذه فبسائط األجسام املركبة ختتلف وتتمايز صورا مقومة لألجسام لكنها إذا تركت وطباعها ومل مينعها مانع من خارج ظهر منها يف أجرامها حر أو برد ورطوبة

قوة طبيعية : يل أو يبس كما أهنا إذا تركت وطباعها ومل مينعها مانع ظهر منها إما سكون أو ميل وحركة فلذلك قالنار حارة بالطبع والسماء متحركة بالطبع فعرفت األحياز الطبيعية واألشكال الطبيعية واحلركات الطبيعية : وقيل

والكيفيات الطبيعية وعرفت أن إطالق الطبيعية عليها بأي وجه بار يف ذلك باملشاهدة فإنا نرى إن العناصر قابلة لالستحالة والتغري وبينها مادة مشتركة واالعت: فنقول بعد ذلك

املاء العذب انعقد حجرا جلمدا واحلجر يكلس فيعود رمادا ويرام باحليلة حىت يصري ماء فاملادة مشتركة بني املاء واألرض

وثلجا ونضع اجلمد يف كوز ) ٢١١ \ ٢( ونشاهد هواء صحوا يغلظ دفعة فيستحيل أكثره أو كله ماء وبردا جملتمع على سطحه كالقطر وال ميكن أن يكون ذلك بالرشح ألنه رمبا كان ذلك حيث مياسه صفر فنجد من املاء ا

اجلمد وكان فوق مكانه مث ال جند مثله إذا كان حارا والكوز مملوءا وجيتمع مثل ذلك داخل الكوز حيث ال مياسه كثري وإن وضع يف املاء احلار اجلمد وقد يدفن القدح يف مجد حمفور صفرا مهندما ويسد رأسه عليه فيجتمع فيه ماء

الذي يغلي مدة واستد رأسه مل جيتمع شيء وليس ذلك إال ألن اهلواء اخلارج أو الداخل قد استحال ماء فبني املاء واهلواء مادة مشتركة

وقد يستحيل اهلواء نارا وهو ما نشاهد من آالت حاقنة مع حتريك شديد على صورة املنافخ فيكون ذلك اهلواء يشتعل يف اخلشب وغريه وليس ذلك على طريق االجنذاب ألن النار ال تتحرك إال على سبيل االستقامة إىل حبيث

العلو وال على طريق الكمون إذ من املستحيل أن يكون يف ذلك اخلشب من النار الكامنة ماله ذلك القدر الذي يف اجلمرة وال حيترق

اجملتمع فتعني أنه هواء اشتعل نارا فبني النار واهلواء مادة مشتركة والكمون أمجع هلا واملنتشر أضعف تأثريا من إن العناصر قابلة للكرب والصغر والتكاثف والتخلخل فيصري جسم أكرب من جسم من غري زيادة من خارج : ونقول

والكرب ويصري أصغر من غري نقصان فبني الكبري والصغري مادة مشتركة إذ قد حتقق أن املقدار عرض يف اهليوىلوالصغر أعراض يف الكميات وقد نشاهد ذلك إذا أغلى املاء انتفخ وختلخل واخلمر ينتفخ يف الدن حىت يتصعد عند

الغليان وكذلك القمقمة الصياحة وهي إذا كانت مسدودة الرأس مملوءة باملاء وأوقدت النار حتتها انكسرت إنه كرب بدخول أجزاء النار فيها فإنه : جائزا أن يقال وتصدعت وال سبب له إال أن املاء صار أكثر مما كان وال

كيف دخلت وما خرج جزء من املاء وال خالء فيه إن النار طلبت جهة الفوق بطبعها فإنه كان ينبغي أن ترفع اإلناء وتطريه ال أن تكسره وإذا : وال جائز أن يقال

لسبب انبساط املاء يف مجيع اجلوانب ودفعه سطح كان اإلناء صلبا خفيفا كان رفعه أسهل من كسره فتعني أن اتدل على أن املقدار يزيد ) ٢١٢ \ ٢( اإلناء إىل اجلوانب فيتفتق املوضع الذي كان أضعف وله أمثلة أخرى

وينقص إن العناصر قابلة للتأثريات السماوية إما آثار حمسوسة مثل نضج الفواكه ومد البحار : ونقول

Page 258: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ارة بواسطة الضوء والتحريك إىل فوق بتوسط احلرارة وأظهرها الضوء واحلروالشمس ليست حبارة وال متحركة إىل فوق وإمنا تأثرياهتا معدات للمادة يف قبول الصورة من واهب الصورة وقد يكون للقوى الفلكية تأثريات خارجة من العنصريات وإال فكيف يربد األفيون أقوى مما يربد املاء واجلزء البارد فيه

مغلوب بالتركيب مع األضداد ؟ وكيف يفعل ضوء الشمس يف عيون العشى والنبات بأدىن تسخني ما ال تفعله النار بتسخني يكون فوقه ؟ فتبني أن العناصر كيف قبلت االستحالة والتغري والتأثري

وتبني ما هلا بالعنصر واجلوهر : يف املركبات واآلثار العلوية : املقالة الثالثة

إن العناصر األربعة عساها أن ال توجد كلياهتا صرفة بل يكون فيها اختالط ويشبه أن تكون النار : ابن سينا قال أبسطها يف موضعها مث األرض

فألن ما خيالطها يستحيل إليها لقوهتا : أما النار نها القريب من املركز فألن نفوذ قوى ما حييط هبا يف كليتها بأسرها كالقليل وعسى أن يكون باط: وأما األرض

يقرب من البساطة : مث األرض على طبقات

القريبة من املركز : الطبقة األوىل الطني : والثانية بعضها ماء وبعضها طني جففته الشمس وهو الرب : والثالثة

صل ربوة أن األرض تنقلب ماء فتحصل وهدة واملاء يستحيل أرضا فتح: والسبب يف أن املاء غري حميط باألرض واألرض صلب وليس بسيال كاملاء واهلواء حىت ينصب بعض أجزائه إىل بعض ويتشكل باالستدارة

: فهو أربع طبقات : وأما اهلواء فيها مائية من البخارات وحرارة ألن األرض تقبل الضوء من الشمس فتحمى فتتعدى احلرارة : طبقة تلي األرض

إىل ما جياورها رطوبة خبارية ولكن أقل حرارة وطبقة ال ختلو عن

وطبقة هي هواء صرف صاف ألن األدخنة ترتفع إىل اهلواء وتقصد مركز النار فتكون كاملنتشر يف السطح األعلى ) ٢١٣ \ ٢( وطبقة دخانية

من اهلواء إىل أن تتصعد فتحترق ون له وإن رئي لون للنار فهي مبا فإهنا طبقة واحدة وال ضوء هلا بل هي كاهلواء املشف الذي ال ل: وأما النار

خيالطها من الدخان صارت ذات لون مث فوق النار األجرام العالية الفلكية والعناصر بطبقاهتا طوعها والكائنات الفاسدات تتولد من تأثرياهتا ه إليها ونشاهد والفلك وإن مل يكن حارا وال باردا فإنه ينبعث منه يف األجرام السفلية حرارة وبرودة بقوى تفيض من

هذا من إحراق شعاعه املنعكس على املرائي ولو كان سبب اإلحراق حرارة الشمس دون شعاعه لكان كل ما هو أقرب إىل العلو أسخن بل سبب اإلحراق التفاف الشعاع الشمسي املسخن ملا يلتف به فيسخن اهلواء

ن من األجسام األرضية وأثار شيئا بني الغبار والدخان فالفلك إذا هيج بإسخانه احلرارة خبر من األجسام املائية ودخ من األجسام املائية األرضية

Page 259: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

والبخار أقل مسافة يف صعوده من الدخان ألن املاء إذا سخن كان حارا رطبا واألجزاء األرضية إذا سخنت ولطفت يعة النار كانت حارة يابسة واحلار الرطب أقرب إىل طبيعة اهلواء واحلار اليابس أقرب إىل طب

والبخار ال جياوز مركز اهلواء بل إذا واىف منقطع تأثري الشعاع برد وكثف والدخان يتعدى حيز اهلواء حىت يوايف : ختوم النار احتبسا فيها حدثت كائنات أخر فالدخان إذا واىف حيز النار اشتعل وإذا اشتعل

فرمبا سعى فيه االشتعال فرئي كأنه كوكب يقذف به احلمر والسود : ترق وثبت فيه االحتراق فرئيت العالمات اهلائلة ورمبا اح

ورمبا كان غليظا ممتدا وثبت فيه االشتعال ووقف حتت كوكب ودارت به النار بدوران الفلك وكان ذنبا له ورمبا كان عريضا فرئي كأنه حلية كوكب

ورمبا محيت األدخنة يف برد اهلواء للتعاقب فانضغطت مشتعلة قي شيء من الدخان يف تضاعيف الغيم وبرد صار رحيا وسط الغيم يتحرك عنه بشدة حيصل منه صوت يسمى وإن ب

الرعد وإن قويت حركته وحتريكه اشتعل من حرارة احلركة واهلواء والدخان فصار نارا مضيئة تسمى الربق

جهة األرض فيسمى صاعقة ولكنها الغيم إىل) ٢١٤ \ ٢( وإن كان املشتعل كثيفا ثقيال حمرفا اندفع مبصادمات نار لطيفة تنفذ يف الثياب واألشياء الرخوة وتنصدم باألشياء الصلبة كالذهب واحلديد فيذيبه حىت يذيب الذهب يف

الكيس وال حيرق الكيس ويذيب ذهب املراكب وال حيرق السري لربق وال ينتهي صوت الرعد إىل السمع وال خيلو برق عن رعد ألهنما مجيعا عن احلركة ولكن البصر أحد فقد يرى ا

وقد يرى متقدما ويسمع متأخرا : وأما البخار الصاعد

فمنه ما يلطف ويرتفع جدا ويتراكم ويكثر مدده يف أقصى اهلواء عند منقطع الشعاع فيربد فيكثف فيقطر فيكون املتكاثف منه سحابا والقاطر مطرا

سريعا وينزل كما لو يوافيه برد الليل سريعا قبل أن يتراكم سحابا وهذا ومنه ما يقصر لثقله عن االرتفاع بل يربد هو الطل

ورمبا مجد البخار املتراكم يف األعايل أعين السحاب فنزل وكان ثلجا ورمبا مجد البخار غري املتراكم يف األعايل أعين مادة الطل فنزل وكان صقيعا

فكان بردا وإمنا يكون مجوده يف الشتاء وقد فارق السحاب ويف الربيع ورمبا مجد البخار بعد ما استحال قطرات ماء وهو داخل السحاب وذلك إذا سخن خارجه فبطنت الربودة إىل داخله فتكالف داخله واستحال ماء وأمجده شدة

الربودة ورمبا تكاثف يف اهلواء نفسه لشدة الربد فاستحال سحابا واستحال مطرا

لظاهر من السحاب صور النريات وأضواؤها كما يقع يف املرائي واجلدران الثقيلة فريى مث رمبا وقع على صقيل اذلك على أحوال خمتلفة حبسب اختالف بعدها من النري وقرهبا وبعدها من املرئي وصفائها وكدورهتا واستوائها

ورعشتها وكثرهتا وقلتها فريى هالة وقوس قزح ومشوس وشهب بصر عن الرش املطيف بالنري إىل النري حيث يكون الغمام املتوسط ال خيفى النري فريى فاحلالة حتدث عن انعكاس ال

دائرة كأهنا منطقة حمورها اخلط الواصل بني الناظر وبني النري وما يف داخلها ينفذ عنه البصر إىل النري ونوره الغالب

Page 260: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

على أجزاء الرش جيعله كأنه غري موجود وكأن الغيم هناك هواء شفاف فتنعكس الزوايا عن الرش إىل النري ال بني ) ٢١٥ \ ٢( فإن الغمام يكون يف خالف جهة النري : ا القوس وأم

: الناظر والنري بل الناظر أقرب إىل النري منه إىل املرآة فتقع الدائرة اليت هي كاملنطقة أبعد من الناظر إىل النري والنري على بسيط األفق وهو احملور فيجب أن يكون سطح فإن كانت الشمس على األفق كان اخلط املار بالناظر األفق يقسم املنطقة بنصفني فريى القوس نصف دائرة

فإن ارتقت الشمس اخنفض اخلط املذكور فصار الظاهر من املنطقة املوهومة أقل من نصف دائرة وأما حتصيل األلوان على اجلهة الشافية فإنه مل يستنب بعد

: والسحب رقت وذابت فصارت ضبابا رمبا تف

ورمبا اندفعت بعد التلطف إىل أسفل فصارت رياحا ورمبا هاجت الرياح الندفاع بعضها من جانب إىل جهة

ورمبا هاجت النبساط اهلواء بالتخلخل عند جهة واندفاعه إىل أخرى انية وأكثر ما يهيج لربد الدخان املتصعد اجملتمع الكثري ونزوله فإن مبادئ الرياح فوق

ورمبا عطفها مقاومة احلركة الدورية اليت تتبع اهلواء العايل فانعطفت رياحا والسموم ما كان منها حمترقا

وأما األخبرة داخل األرض فتميل إىل جهة فتربد فتستحيل ماء فيصعد باملد فيخرج عيونا معت واندفعت مرة فزلزلت وإن مل تدعها السخونة تربد وكثرت وغلظت فلم تنفذ يف جماري مستحصفة فاجت

األرض فخسفت وقد حتدث الزلزلة من تساقط أعايل وهدة يف باطن األرض فيموج هبا اهلواء احملتقن

وإذا احتبست األخبرة يف باطن اجلبال والكهوف فيتولد منها اجلواهر إذا وصل إليها من سخونة الشمس وتأثري واملواد الكواكب خط وذلك حبسب اختالف املواضع واألزمان

فمن اجلواهر ما هو قابل لإلذابة والطرق كالذهب والفضة ويكون قبل أن يصلب زئبقا ونفطا وانطراقها حلياة رطوبتها ولعصياهنا اجلمود التام

ومنها ما ال يقبل ذلك وقد تتكون من العناصر أكوان بسبب القوى الفلكية إذا امتزجت العناصر امتزاجا أكثر ن فيحصل يف املركب قوة غاذية وقوة نامية وقوة مولدة وهذه القوى متمايزة خبصائصها اعتداال من املعاد

)٢١٦ \ ٢ ( : يف النفوس وقواها : املقالة الرابعة

: اعلم أن النفس كجنس واحد ينقسم إىل ثالثة أقسام ذي والغذاء جسم من شأنه أن وهي الكمال األول جلسم طبيعي آيل من جهة ما يتولد ويربو ويغت: النباتية : أحدها

إنه غذاؤه ويزيد فيه مقدار ما يتحلل أو أكثر أو أقل : يتشبه بطبيعة اجلسم الذي قيل وهي الكمال األول جلسم طبيعي آيل من جهة ما يدرك اجلزئيات ويتحرك باإلرادة : النفس احليوانية : والثاين

م طبيعي آيل من جهة ما يفعل األفعال الكائنة باالختيار وهي الكمال األول جلس: النفس اإلنسانية : والثالث الفكري واالستنباط بالرأي ومن جهة ما يدرك األمور الكلية

Page 261: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: وللنفس النباتية قوى ثالث وهي وهي القوة اليت حتيل جسما آخر إىل مشاكلة اجلسم الذي هي فيه فتلصقه به بدل ما يتحلل عنه : القوى الغاذية وهي قوة تزيد يف اجلسم الذي هي فيه باجلسم املتشبه به زيادة يف أقطاره طوال وعرضا وعمقا بقدر : ة والقوة املنمي

الواجب ليبلغ به كماله يف النشوء وهي اليت تأخذ من اجلسم الذي هي فيه جزءا هو شبيه له بالقوة فتفعل فيه باستمداد أجسام أخرى : والقوة املولدة

تمزيج ما يصري شبيها به بالفعل فللنفس النباتية ثالث قوى تتشابه به من التخليق وال حمركة ومدركة : وللنفس احليوانية قوتان

: واحملركة على قسمني بأهنا باعثة ) ٢١٧ \ ٢( إما حمركة

وإما حمركة بأهنا فاعلة ة مطلوبة أو مهروب عنها هي القوة النزوعية الشوقية وهي القوة اليت إذا ارتسمت يف التخيل بعد صور: والباعثة

: محلت القوة اليت تدركها على التحريك وهلا شعبتان وهي قوة تبعث على حتريك يقرب من األشياء املتخيلة ضرورة أو نافعة طلبا للذة : شعبة تسمى شهوانية وهي قوة تبعث على حتريك تدفع به الشيء املتخيل ضارا أو مفسدا طلبا للغلبة: وشعبة تسمى غضبية

وأما القوة احملركة على أهنا فاعلة فهي قوة تنبعث يف األعصاب والعضالت من شأهنا أن تشنج العضالت فتجذب األوتار والرباطات إىل جهة املبدأ أو ترخيها أو متدها طوال فتصري األوتار والرباطات إىل خالف جهة املبدأ

: وأما القوة املدركة فتنقسم قسمني من خارج وهي احلواس اخلمس أو الثمانية قوة تدرك : أحدمها

وهي قوة مرتبة يف العصبة اجملوفة : فمنها البصر تدرك صورة ما ينطبع يف الرطوبة اجلليدية من أشباح األجسام ذوات اللون املتأدية يف األجسام الشفافة بالفعل إىل

سطوح األجسام الصقيلة ق يف سطح الصماخ وهي قوة مرتبة يف العصب املتفر: ومنها السمع

تدرك صورة ما يتأدى إليه بتموج اهلواء املنضغط بني قارع ومقروع مقاوم له انضغاطا بعنف حيدث منه متوج فاعل للصوت يتأدى إىل اهلواء احملصور الراكد يف جتويف الصماخ وميوجه بشكل نفسه ومتاس أمواج تلك احلركة العصبة

فيسمع زائديت مقدم الدماغ الشبيهتني حبلميت الثدي وهي قوة مرتبة يف: ومنها الشم

تدرك ما يؤدي إليه اهلواء املستنشق من الرائحة املخالطة لبخار الريح واملنطبع باالستحالة من جرم ذي رائحة وهي قوة مرتبة يف العصب املفروش على جرم اللسان : ومنها الذوق

للرطوبة اللعابية اليت فيه فتحيله تدرك الطعوم املتحللة من األجسام املماسة املخالطة وهي قوة منبثة يف جلد البدن كله وحلمه فاشية فيه : ومنها اللمس

واألعصاب تدرك ما متاسه وتؤثر فيه باملضادة وتغريه يف املزاج أو اهليئة ويشبه أن تكون هذه القوة ال نوعا بل جنسا ألربع قوى منبثة معا يف اجللد كله

والبارد ) ٢١٨ \ ٢( يف التضاد الذي بني احلار حاكمة : الواحدة

Page 262: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حاكمة يف التضاد الذي بني الصلب واللني : والثانية حاكمة يف التضاد الذي بني الرطب واليابس : والثالثة حاكمة يف التضاد الذي بني اخلشن واألملس إال أن اجتماعهما معا يف آلة واحدة يوهم تأحدها يف الذات : والرابعة

سوسات كلها تتأدى إىل آالت احلس فتنطبع فيها فتدركها القوة احلاسة واحمل : قوى تدرك من باطن : والقسم الثاين

فمنها ما يدرك صور احملسوسات ومنها ما يدرك معاين احملسوسات

: والفرق بني القسمني حلس يدركه أوال ويوديه إىل هو الشيء الذي تدركه النفس الناطقة واحلس الظاهر معا ولكن ا: هو أن الصورة

النفس مثل إدراك الشاة صورة الذئب املضاد الذي تدركه النفس من احملسوس من غري أن يدركه احلس أوال مثل إدراك الشاة املعىن املضاد يف : وأما املعىن

الذئب املوجب خلوفها إياه وهرهبا عنه ومن املدركات الباطنة ما يدرك ويفعل

ال يفعل ومنها ما يدرك و : والفرق بني القسمني

هو أن تركب الصور واملعاين املدركة بعضها مع بعض وتفصل بعضها عن بعض فيكون إدراك وفعل : أن الفعل فيها أيضا فيما أدرك

هو أن تكون الصورة أو املعىن ترتسم يف القوة فقط من غري أن يكون هلا فعل وتصرف فيه : واإلدراك ال مع الفعل دركات الباطنة ما يدرك أوال ومن امل

ومنها ما يدرك ثانيا : والفرق بني القسمني

هو أن يكون حصول الصورة على حنو ما من احلصول قد وقع للشيء من نفسه : أن اإلدراك األول هو أن يكون حصوهلا من جهة شيء آخر أدى إليها : واإلدراك الثاين

وهو احلس املشترك وهي قوة مرتبة يف التجويف األول من : قوة بنطاسيا مث من القوى الباطنة املدركة احليوانية مقدم الدماغ تقبل بذاهتا مجيع الصور املنطبعة يف احلواس اخلمس متأدية إليه

وهو قوة مرتبة يف آخر التجويف املقدم من الدماغ حتفظ ما قبله احلس املشترك من احلواس : مث اخليال واملصورة غيبة احملسوسات ويبقى فيها بعد

والقوة اليت تبقى متخيلة بالقياس إىل النفس احليوانية تسمى مفكرة بالقياس إىل النفس اإلنسانية فهي قوة مرتبة يف التجويف األوسط من الدماغ عند الدودة

تركب بعض ما يف اخليال مع بعض وتفصل بعضه عن بعض حبسب االختيار ) ٢١٩ \ ٢( من شأهنا أن وهي قوة مرتبة يف هناية التجويف األوسط من الدماغ تدرك املعاين غري احملسوسة املوجودة يف : الومهية مث القوة

احملسوسات اجلزئية كالقوة احلاكمة بأن الذئب مهروب عنه وأن الولد معطوف عليه لقوة الومهية من املعاين وهي قوة مرتبة يف التجويف املؤخر من الدماغ حتفظ ما تدركه ا: مث القوة احلافظة الذاكرة

Page 263: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

غري احملسوسة يف احملسوسات ونسبة احلافظة إىل الومهية كنسبة اخليال إىل احلس املشترك إال أن ذلك يف املعاين وهذا يف الصورة فهذه مخس قوى

حيوانية يسمى عقال قوة عاملة وقوة عاملة وكل واحد من القوتني: وأما النفس الناطقة لإلنسان فتنقسم قواها أيضا إىل

باشتراك االسم قوة هي مبدأ حمرك لبدن اإلنسان إىل األفاعيل اجلزئية اخلاصة بالروية على مقتضى آراء ختصها إصالحية : فالعاملة

وال اعتبار بالقياس إىل القوة احليوانية النزوعية نفسها واعتبار بالقياس إىل القوة احليوانية املتخيلة واملتومهة واعتبار بالقياس إىل

اخلجل واحلياء : وقياسها إىل النزوعية أن حتدث عنها فيها هيئات ختص اإلنسان تتهيأ هبا لسرعة فعل وانفعال مثل والضحك والبكاء

وقياسها إىل املتخيلة واملتومهة هو أن تستعملها يف استنباط التدابري يف األمور الكائنة والفاسدة واستنباط الصناعات اإلنسانية

إن الكذب قبيح والصدق : سها إىل نفسها أن فيما بينها وبني العقل النظري تتولد اآلراء الذائعة املشهورة مثل وقياحسن وهذه القوة اليت جيب أن تتسلط على سائر قوى البدن على حسب ما توجبه أحكام القوة العاقلة حىت ال

ت انقيادية مستفادة من األمور الطبيعية وهي اليت تنفعل عنه البتة بل ينفعل عنها فال حيدث فيها عن البدن هيئا تسمى أخالقا رذيلة بل حتدث يف القوى البدنية هيئات انقيادية هلا وتكون متسلطة عليها

فهي قوة من شأهنا أن تنطبع بالصور الكلية اجملردة عن املادة فإن كانت جمردة بذاهتا فذاك : وأما القوة العاملة النظرية هنا تصريها جمردة بتجريدها إياها حىت ال يبقى فيها من عالئق املادة شيء مث هلا إىل هذه الصورة نسب وإن مل تكن فإ

وذلك أن الشيء الذي من شأنه أن يقبل شيئا قد يكون بالقوة قابال له وقد يكون بالفعل ) ٢٢٠ \ ٢( : والقوة على ثالثة أوجه

غري فعل ما كقوة الطفل على الكتابة قوة مطلقة هيوالنية وهو االستعداد املطلق من وهو استعداد مع فعل ما كقوة الطفل بعد ما تعلم بسائط احلروف : وقوة ممكنة

وهو قوة هلذا االستعداد إذا مت باآللة ويكون له أن يفعل مىت شاء بال حاجة إىل اكتساب : وقوة تسمى ملكة تعداد املطلق وتسمى عقال هيوالنيا فالقوة النظرية قد تكون نسبتها إىل الصور نسبة االس

وإذا حصل فيها من املعقوالت األوىل اليت يتوصل هبا إىل املعقوالت الثانية تسمى عقال بالفعل وإذا حصلت فيها املعقوالت الثانية املكتسبة وصارت خمزونة له بالفعل مىت شاء طالعها فإن كانت حاضرة عنده

ت خمزونة تسمى عقال بامللكة وههنا ينتهي النوع اإلنساين ويتشبه باملبادئ بالفعل تسمى عقال مستفادا وإذا كاناألوىل للوجود كله وللناس مراتب يف هذا االستعداد فقد يكون عقل شديد االستعداد حىت ال حيتاج يف أن يتصل

ترتيب يشتمل بالعقل الفعال إىل كثري شيء من ختريج وتعليم حىت كأنه يعرف كل شيء من نفسه ال تقليدا بل بإما دفعة يف زمان واحد وإما دفعات يف أزمنة شىت وهي القوة القدسية اليت تناسب روح : على حدود وسطى فيه

القدس فيفيض عليها منه مجيع املعقوالت أو ما حيتاج إليه يف تكميل القوة العملية فالدرجة العليا منها النبوة فرمبا دس معقول حتاكيه املتخيلة بأمثلة حمسوسة أو كلمات مسموعة فيعرب عن يفيض عليها وعلى املتخيلة من روح الق

الصورة مبلك يف صورة رجل وعن الكالم بوحي يف صورة عبارة

Page 264: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

)٢٢١ \ ٢ ( يف أن النفس اإلنسانية جوهر ليس جبسم وال قائم جبسم : املقالة اخلامسة

ا واحدة وقواها كثري وأهنا حادثة مع حدوث البدن وأن إدراكها قد يكون بآالت وقد يكون بذاهتا بغري آالت وأهن : وباقية بعد فناء البدن

هو أنا حنس من ذواتنا إدراكا معقوال جمردا عن املواد وعوارضها أعين : أما الربهان على أن النفس ليست جبسم : الكم واألين والوضع

لقا كالعلم بالوحدة والعلم بالوجود مط: إما ألن املدرك لذاته جمرد وإما ألن العقل جرده عن العوارض كاإلنسان مطلقا

فيجب أن ينظر يف ذات هذه الصورة اجملردة كيف هي يف جتردها ؟ أبالقياس إىل الشيء املأخوذ عنه أم بالقياس إىل جمرد اآلخذ

ها يف العقل وال يشك أهنا بالقياس إىل املأخوذ عنه ليست جمردة فبقي أهنا جمردة من الوضع واألين عند وجود واجلسم ذو وضع وأين وما ال وضع له ال حيل ما له وضع وأين

: وهذه الطريقة أقوى الطرق فإن الشيء املعقول الواحد الذات املتجرد عن املادة ال خيلو إما أن يكون له نسبة إىل بعض األجزاء دون البعض فيحل يف جهة دون جهة حىت يكون متيامنا أو متياسرا بالنسبة

احملل إىل أو تكون نسبته إىل الكل نسبة واحدة أو ال يكون هلا نسبة إليه وال له إىل مجيع األجزاء فإن ارتفعت النسبة من كل وجهة ارتفع احللول يف مجلة اجلسم أو يف جزء من أجزائه

وإن حتققت النسبة من كل وجه ارتفع احللول يف مجلة اجلسم أو يف جزء من أجزائه لنسبة صار الشيء املعقول ذا وضع غري ذي وضع هذا خلف وبه يتبني أن الصورة املنطبعة يف املادة ال وإن حتققت ا

تكون إال أشباحا ألمور جزئية منقسمة ولكل جزء منها نسبة بالفعل أو بالقوة إىل جزء منها ك الوحدة مبا هي وحدة كيف وأيضا فإن الشيء املتكثر يف أجزاء احلد له من جهة التمام وحدة هو هبا ال ينقسم فتل

ترتسم يف منقسم غري متناهية بالقوة وليس ) ٢٢٢ \ ٢( وأيضا من شأن القوة الناطقة أن تعقل بالفعل واحدا واحدا من املعقوالت

واحد أوىل من اآلخر يف جسم وقد صح لنا أن الشيء الذي يقوى على أمور غري متناهية بالقوة ال جيوز أن يكون حمله جسما وال قوة

أن اجلسم منقسم بالقوة بالضرورة وما ال ينقسم ال حيل : ومن الدليل القاطع على أن حمل املعقوالت ليس جبسم املنقسم واملعقول غري منقسم فال حيل املنقسم

أما أن اجلسم منقسم فقد دللنا عليه وأما أن املعقول اجملرد ال ينقسم فقد فرغنا عنه

: حيل منقسما فإنا لو قسمنا احملل فال خيلو وأما أن ما ال ينقسم ال إما أن يبطل احلال فيه وهذا كذب

: أو ال يبطل وال خيلو إما أن يبقى حاال يف بعضه كما كان حاال يف كله وهذا حمال فإنه جيب أن يكون حكم البعض حكم الكل

Page 265: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: ال فيه فال خيلو وأما أن ينقسم بانقسام حمله وقد فرض غري منقسم مث لو فرض انقسام احل إما أن تكون أجزاؤه متشاهبة كالشكل املعقول أو العدد وليس كل صورة معقولة بشكل إن كل واحد من اجلزءين : أو تكون الصورة املعقولة خيالية ال عقلية صرفة وأظهر من ذلك أنه ليس ميكن أن يقال

: احلد من اجلنس والفصل فيلزم منه حماالت هو بعينه الكل يف املعىن وإن كانا غري متشاهبني مثل أجزاء منها أن كل جزء من اجلسم يقبل القسمة أيضا فيجب أن تكون األجناس والفصول غري متناهية وهذا باطل

وأيضا فإنه إن وقع اجلنس يف جانب والفصل يف جانب مث لو قسمنا اجلسم لكان جيب أن يقع نصف اجلنس يف و قسمنا اجلسم لكان جيب أن يقع نصف اجلنس يف جانب ونصف الفصل يف جانب ونصف الفصل يف جانب مث ل

جانب وهو حمال مث ليس أحد اجلزءين أوىل بقبول اجلنس منه بقبول الفصل

وأيضا ليس كل معقول ميكن أن يقسم إىل معقوالت أبسط فإن ههنا معقوالت هي أبسط املعقوالت ومبادئ أجناس وال فصول وال انقسام يف الكم وال يف املعىن فال يتوهم فيها أجزاء للتركيب يف سائر املعقوالت وليس هلا

متشاهبة ال عالقة : فتبني هبذه اجلملة أن حمل املعقوالت ليس جبسم وال قوة يف جسم فهو إذن جوهر معقول عالقته مع البدن

حلول وال عالقة انطباع بل عالقة التدبري والتصرف املذكورة ) ٢٢٣ \ ٢( اس الباطنة املذكورة وعالقته من جهة العمل القوى احليوانية وعالقته من جهة العلم احلو

فيتصرف يف البدن وله فعل خاص يستغين به عن البدن وقواه فإن من شأن هذا اجلوهر أن يعقل ذاته ويعقل أنه عقل إال حبصول صورته فيه وما يقدر آلة ذاته وليس بينه وبني ذاته آلة وال بينه وبني آلته آلة فإن إدراك الشيء ال يكون

: من قلب أو دماغ ال خيلو إما أن تكون صورته بعينها حاصلة للعقل حاضرة

وإما أن تكون صورة غريها بالعدد حاصلة وباطل أن تكون صورة اآللة حاضرة بعينها فإهنا يف نفسها حاصلة أبدا فيجب أن يكون إدراك النقل هلا حاصال أبدا

كذلك فإنه تارة يعقل وتارة يعرض عن اإلدراك وليس األمر : واإلعراض عن احلاضر حمال وباطل أن تكون الصور غري اآللة بالعدد فإهنا

إما أن حتل يف نفس القوة من غري مشاركة اجلسم فيدل على أهنا قائمة بنفسها وليست يف اجلسم س القوة العقلية ويف اجلسم الذي هو اآللة فيؤدي إىل وإما مبشاركة اجلسم حىت ال تكون هذه الصورة املغايرة يف نف

اجتماع صورتني متماثلتني يف جسم واحد وهو حمال : واملغايرة بني أشياء تدخل يف حد واحد

إما الختالف املواد إما الختالف ما بني الكلي واجلزئي

دراك وليس هذان الوجهان فثبت أنه ال حيرز أن يدرك املدرك آلة هي آلته يف اإلوال خيتص ذلك بالعقل فإن احلس إمنا حيس شيئا خارجا وال حيس ذاته وال آلته وال إحساسه وكذلك اخليال ال

يتخيل ذاته وال فعله وال آلته وهلذا فإن القوى الدراكة بانطباع الصور يف اآلالت يعرض هلا الكالل من إدامة العمل تفسدها كالضوء الشديد للبصر والرعد القوي للسمع وكذلك عند واألمور القوية والشاقة اإلدراك توهنها ورمبا

Page 266: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إدراكها القوى ال يقوى على إدراك الضعيف واألمر يف القوة العقلية بالعكس فإن إدامتها للتعقل وتصورها األمور األقوى يكسبها قوة وسهولة قبول وإن عرض هلا كالل ومالل فالستعانة العقل باخليال

وانية رمبا تعني النفس الناطقة يف أشياء منها أن يورد عليها احلس جزئيات األمور فيحدث هلا على أن القوى احلي : أمور أربعة

)٢٢٤ \ ٢ ( انتزاع النفس الكليات املفردة عن اجلزئيات على سبيل جتريد ملعانيها عن املادة وعالئقها ولواحقها : أحدها

وجوده والعرضي فيحدث للنفس من ذلك مبادئ التصور وذلك مبعاونة ومراعاة املشترك فيه واملتباين به والذايت استعمال اخليال والوهم

إيقاع النفس مناسبات بني هذه الكليات املفردة على مثل سلب وإجياب فما كان التأليف منها بسلب : والثاين وإجياب بينا بنفسه أخذته وما كان ليس كذلك تركته إىل أن يصادف الواسطة

حتصيل املقدمات التجريبية بأن يوجد باحلس حممول الزم احلكم ملوضوع أو تال الزم ملقدم فيحصل له : ث والثال اعتقاد مستفاد من حس وقياس ما

األخبار اليت يقع هبا التصديق لشدة التواتر فالنفس اإلنسانية تستعني بالبدن لتحصيل هذه املبادئ للتصور : والرابع ملت النفس وقويت فإهنا تنفرد بأفاعيلها على اإلطالق وتكون القوى احلسية واخليالية والتصديق وأما إذا استك

وغريها صارفة هلا عن فعلها ورمبا تصري الوسائط واألسباب عوائق : والدليل على أن النفس اإلنسانية حادثة مع حدوث البدن أهنا متفقة يف النوع واملعىن فإن وجدت قبل البدن : قال

كون متكثرة الذوات فإما أن ت أو تكون ذاتا واحدة

: وحمال أن تكون متكثرة الذوات فإن تكثرها إما أن يكون من جهة املاهية والصورة

وإما أن يكون من جهة النسبة إىل العنصر واملادة وبطل األول ألن صورهتا واحدة وهي متفقة يف النوع واملاهية ال تقبل اختالفا ذاتيا

ن البدن والعنصر فرض غري موجود وبطل الثاين أل : وحمال أن تكون واحدة بالذات ألنه إذا حصل بدنان حصلت فيهما نفسان : قال

فإما أن يكونا قسمي تلك النفس الواحدة وهو حمال ألن ما ليس له عظم وحجم ال يكون منقسما كلف يف إبطاله فقد صح أن النفس حتدث وإما أن تكون النفس الواحدة بالعدد يف بدنني وهذا ال حيتاج إىل كثري ت

كلما حدث البدن الصاحل الستعماهلا إياه ويكون البدن احلادث مملكتها وآلتها ويكون يف هيئة جوهر النفس احلادثة بدن ما ذلك البدن الذي استحقه نزاع طبيعي إىل االشتغال به واستعماله واالهتمام بأحواله ) ٢٢٥ \ ٢( مع

صها ويصرفها عن كل األجسام غريه بالطبع إال بواسطته واالجنذاب إليه خيوأما بعد مفارقة البدن فإن األنفس قد وجد كل واحد منها ذاتا منفردة باختالف موادها اليت كانت وباختالف شيء أزمنة حدوثها واختالف هيئاهتا اليت حبسب أبداهنا املختلفة ال حمالة بأحواهلا وأهنا ال متوت مبوت البدن ألن كل

: يفسد بفساد شيء آخر فهو متعلق به نوعا من التعلق فإما أن يكون تعلقه به تعلق املكافئ يف الوجود وكل واحد منهما جوهر قائم بنفسه فال تؤثر املكافأة يف الوجود يف

Page 267: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فساد أحدمها بفساد الثاين ألنه أمر إضايف وفساد أحدمها يبطل اإلضافة ال الذات به تعلق املتأخر يف الوجود فالبدن علة للنفس والعلل أربع فال جيوز أن يكون علة فاعلية فإن وإما أن يكون تعلقه

اجلسم مبا هو جسم ال يفعل شيئا إال بقواه إما أعراض أو صور مادية : والقوى اجلسمانية

فمحال أن يفيد أمر قائم باملادة وجود ذات قائمة بنفسها ال يف مادة قابلية فقد بينا أن النفس ليست منطبعة يف البدن وال جيوز أن تكون علة

وال جيوز أن يكون علة صورية أو كمالية فإن األوىل أن يكون األمر بالعكس فإذن تعلق النفس بالبدن ليس تعلقا على أنه علة ذاتية هلا

ا أحدثت العلل نعم البدن واملزاج علة بالعرض للنفس فإنه إذا حدث بدن يصلح أن يكون آلة للنفس ومملكة هلاملفارقة النفس اجلزئية فإن إحداثها بال سبب خيصص إحداث واحد دون واحد مينع عن وقوع الكثرة فيها بالعدد وألن كل كائن بعد مامل يكن يستدعي أن يتقدمه مادة يكون فيها هتيؤ قبوله أو هتيؤ نسبته إليه كما تبني وألنه لو

ومل حتدث هلا آلة هبا تستكمل وتفعل لكانت معطلة الوجود وال شيء كان جيوز أن تكون النفس اجلزئية حتدثمعطل يف الطبيعة ولكن إذا حدث التهيؤ واالستعداد يف اآللة حدث من العلل املفارقة شيء هو النفس وليس إذا

وجب حدوث شيء من حدوث شيء وجب أن يبطل مع بطالنه )٢٢٦ \ ٢ (

و أن تعلق النفس باجلسم تعلق املتقدم فاملتقدم إن كان بالزمان فيستحيل أن وه: وأما القسم الثالث مما ذكرناه يتعلق وجوده به وقد تقدمه يف الزمان

وإن كان بالذات فليس فرض عدم املتأخر يوجب عدم املتقدم على أن فساد البدن بأمر خيصه من تغري املزاج تضي بطالن النفس والتركيب وليس ذلك مما يتعلق بالنفس فبطالن البدن ال يق

إن سببا آخر ال يفسد النفس أيضا بل هي يف ذاهتا ال تقبل الفساد ألن كل شيء من شأنه أن يفسد بأمر ما : ويقول ففيه قوة أن يفسد وقبل الفساد فيه فعل أن يبقى

ه للبقاء وحمال أن يكون من جهة واحدة يف شيء واحد قوة أن يفسد وفعل أن يبقى فإن هتيؤه للفساد شيء وفعل شيء آخر فاألشياء املركبة جيوز أن جيتمع فيها األمران لوجهني أما البسيطة فال جيوز أن جيتمعا فيها

ومن الدليل على ذلك أيضا أن كل شيء يبقى وله قوة أن يفسد فله قوة أن يبقى أيضا ألن بقاءه ليس بواجب وة فإذن يكون له يف جوهره قوة أن يبقى وفعل أن ضروري وإذا مل يكن واجبا كان ممكنا واإلمكان هو طبيعة الق

يبقى فيكون فعل أن يبقى منه أمرا يعرض للشيء الذي له قوة أن يبقى فلذلك الشيء الذي له القوة على البقاء وفعل البقاء أمر مشترك البقاء له كالصورة وقوة البقاء له كاملادة فيكون مركبا من مادة وصورة وقد فرضناه واحدا

هذا خلف فردا فقد بان أن كل أمر بسيط فغري مركب فيه قوة أن يبقى وفعل أن يبقى بل ليس فيه قوة أن يعدم باعتبار ذاته

والفساد ال يتطرق إال إىل املركبات وإذا تقرر أن البدن إذا هتيأ واستعد استحق من واهب الصور نفسا تدبره وال خيتص هذا ببدن دون بدن بل كل

ذا استحق النفس وقارنته يف الوجود فال جيوز أن تتعلق به نفس أخرى ألنه يؤدي إىل أن يكون بدن حكمه كذلك فإ لبدن واحد نفسان وهو حمال فالتناسخ إذن بطل

Page 268: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

)٢٢٧ \ ٢ ( : يف وجه خروج العقل النظري من القوة إىل الفعل : املقالة السادسة

كاذبة وإدراكهما علم الغيب ومشاهدهتا صورا ال وجود هلا وأحوال خاصة بالنفس اإلنسانية من الرؤيا الصادقة وال : من خارج تلك الوجوه ومعىن النبوة واملعجزات وخصائصها اليت تتميز هبا عن املخاريق

فقد بينا أن النفس اإلنسانية هلا قوة هيوالنية أي استعداد لقبول املعقوالت بالفعل وكل ما خرج من : أما األول ال بد له من سبب خيرجه إىل الفعل وذلك السبب جيب أن يكون موجودا بالفعل فإنه لو كان القوة إىل الفعل ف

موجودا بالقوة الحتاج إىل خمرج آخر فإما أن يتسلسل أو ينتهي إىل خمرج هو موجود بالفعل ال قوة فيه فال جيوز أن جوهر جمرد من املادة وهو العقل يكون ذلك جسما ألن اجلسم مركب من مادة وصورة واملادة أمر بالقوة فهو إذن

الفعال وإمنا مسي فعاال بإزاء كون العقول اهليوالنية منفعلة وقد سبق إثباته يف اإلهليات من وجه آخر وليس خيتص فعله بالعقول والنفوس بل وكل صورة حتدث يف العامل فإمنا هي من فيضه العام فيعطي كل قابل ما استعد له من

الصور سم وقوة يف جسم ال يوجد شيئا فإن اجلسم مركب من مادة وصورة واملادة طبيعتها عدمية فلو أثر واعلم أن اجل

اجلسم ألثر مبشاركة املادة وهي عدم والعدم ال يؤثر يف الوجود فالعقل الفعال هو اجملرد عن املادة وعن كل قوة فهو بالفعل من كل وجه

وم والرؤيا من األحوال اخلاصة بالنفس فالن: وأما الثاين غؤور القوى الظاهرة يف أعماق البدن واخنناس األرواح من الظاهر إىل الباطن ونعين باألرواح ههنا أجساما : والنوم

لطيفة مركبة من خبار األخالط اليت منبعها القلب وهي مراكب القوى النفسانية واحليوانية وهلذا إذا وقعت سدة يف والسكتة فإذا ركدت احلواس ) ٢٢٨ \ ٢( بطل احلس وحصل الصرع جماريها من األعصاب املؤدية للحس

ورفدت بسبب من األسباب بقيت النفس فارغة عن شغل احلواس ألهنا ال تزال مشغولة بالفكر فيما تورد احلواس فيها عليها فإذا وجدت فرصة الفراغ وارتفع عنها املانع واستعدت لالتصال باجلواهر الروحانية الشريفة العقلية اليت

تفشت املوجودات كلها فانطبع يف النفس ما يف تلك اجلواهر من صور األشياء ال سيما ما يناسب أغراض الرائي : ويكون انطباع تلك الصور يف النفس كانطباع صورة مرآة من مرآة

تخيلة فإن كانت الصورة جزئني ووقفت من النفس يف املصورة وحفظتها احلافظة على وجهها من غري تصرف امل صدقت الرؤيا وال حتتاج إىل تعبري

وإن وقعت يف املتخيلة حاكت ما يناسبها من الصور احملسوسة وهذه حتتاج إىل تعبري وتأويل وملا مل تكن تصرفات اخليال مضبوطة واختلفت باختالف األشخاص واألحوال اختلف التعبري

س واختلطت تصرفاهتا كانت الرؤيا أضغاث أحالم ال تعبري وإذا حتركت املتخيلة منصرفة عن عامل العقل إىل عامل احل هلا

وكذلك لو غلبت على املزاج إحدى الكيفيات األربع رأى يف املنام أحواال خمتلطة إن بعض النفوس يقوى قوة ال تشتغله احلواس وال متنعه بل يتسع : يف إدراك علم الغيب يف اليقظة : وأما الثالث

العقل واحلس مجيعا فيطلع إىل عامل الغيب فيظهر له بعض األمور مثل الربق اخلاطف وبقي بقوته للنظر إىل عامل املتصور املدرك يف احلافظة بعينه وكان ذلك وحيا صرحيا

وإن وقع يف املخيلة واشتغلت بطبيعة احملاكاة كان ذلك مفتقرا إىل التأويل

Page 269: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: ا يف مشاهدة النفس صورا حمسوسة ال وجود هل: وأما الرابع وذلك أن النفس تدرك األمور الغائبة إدراكا قويا فيبقى عني ما أدركته يف احلفظ وقد تقبله قبوال ضعيفا فتستويل

عليه املتخيلة وحتاكيه بصورة حمسوسة واستتبعت احلس املشترك وانطبعت الصورة يف احلس املشترك سراية إليه من املتصورة واملتخيلة

( يف احلس املشترك فسواء وقع فيه من خارج بواسطة البصر أو وقع فيه أمر من داخل هو وقوع صورة: واإلبصار بواسطة اخليال كان ذلك حمسوسا فمنه ما يكون من قوة النفس وقوة آالت اإلدراك ومنه ما يكون ) ٢٢٩ \ ٢

من ضعف النفس واآلالت : فاملعجزات والكرامات : وأما اخلامس

: كرامات ثالثة خصائص املعجزات وال: قال خاصية يف قوة النفس وجوهرها ليؤثر يف هيوىل العامل بإزالة صورة وإبعاد صورة وذلك أن اهليوىل منقادة لتأثري

النفوس الشريفة املفارقة مطيعة لقواها السارية يف العلم ت هي فتزيل جبال وقد تبلغ نفس إنسانية يف الشرف إىل حد يناسب تلك النفوس فتفعل فعلها وتقوى على ما قوي

عن مكانه وتذيب جوهرا فيستحيل ماء وجتمد جسما سائال فيستحيل حجرا ونسبة هذه النفس إىل تلك النفوس كنسبة السراج إىل الشمس فكما أن الشمس تؤثر يف األشياء تسخينا باإلضاءة

كذلك السراج يؤثر بقدره دث يف النفس صورة الغلبة والغضب محى املزاج وامحر وأنت تعلم أن للنفس تأثريات جزئية يف البدن فإنه إذا ح

الوجه وإذا حدثت صورة مشتهاة فيها حدثت يف أوعية املين حرارة مبخرة مهيجة للريح حىت متتلئ به عروق آلة الوقاع

فتستعد له واملؤثر ههنا جمرد التصور ال غري لالتصال بالعقل الفعال حىت يفيض عليها العلوم أن تصفو النفس صفاء يكون شديد االستعداد : واخلاصية الثانية

فإنا قد ذكرنا حال القوة القدسية اليت حتصل لبعض النفوس حىت تستغين يف أكثر أحواهلا عن التفكر والتعلم فالشريف البالغ منها يكاد زيتها يضيء ولو مل متسسه نار نور على نور

س وتتصل يف اليقظة بعامل الغيب كما سبق وحتاكي املتخيلة ما بأن تقوى النف: واخلاصية الثالثة للقوة املتخيلة أدركته النفس بصورة مجيلة وأصوات منظومة فترى يف اليقظة وتسمع فتكون الصورة احملاكية للجوهر الشريف صورة عجيبة يف غاية احلسن وهو امللك الذي يراه النيب وتكون املعارف اليت تتصل بالنفس من اتصاهلا باجلواهر

لشريفة تتمثل بالكالم احلسن املنظم الواقع يف احلس املشترك فيكون مسموعا ا )٢٣٠ \ ٢ (

والنفوس وإن اتفقت يف النوع إال أهنا تتمايز خبواص وختتلف أفاعيلها اختالفات عجيبة : قال ويف الطبيعة أسرار والتصاالت العلويات بالسفليات عجائب

لكل وارد وأن يرد عليه أي واحد بعد واحد وجل جناب احلق عن أن يكون شريعة وبعد فإن ما يشتمل عليه هذا الفن ضحكة للمغفل عربة للمحصل فمن مسعه فامشأز عنه فليتهم نفسه فإهنا ال تناسبه

وكل ميسر ملا خلق له

Page 270: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

متت الطبيعيات حبمد اهللا )٢٣١ \ ٢ (

آراء العرب يف اجلاهلية: الباب الثالث

هذا الكتاب أن العرب واهلند يتقاربان على مذهب واحد وأمجلنا القول فيه حيث كانت املقارنة قد ذكرنا يف صدربني الفريقني واملقاربة بني األمتني مقصورة على اعتبار خواص األشياء واحلكم بأحكام املاهيات والغالب عليهم

الفطرة والطبع قاربة مقصورة على اعتبار كيفيات األشياء واحلكم وأن الروم والعجم يتقاربان على مذهب واحد حيث كانت امل

بأحكام الطبائع والغالب عليهم االكتساب واجلهد واآلن نذكر أقاويل العرب يف اجلاهلية ونعقبها بذكر أقاويل اهلند وهبا خنتم الكتاب

: حكم البيت العتيق اهللا ونصل بذلك حكم البيوت يف العامل وقبل أن نشرع يف ذكر مذاهبهم نريد أن نذكر حكم البيت العتيق حرسه

فإن منها ما بين على الدين احلق قبلة للناس ومنها ما بين على الرأي الباطل فتنة للناس ) إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعاملني : ( وقد ورد يف التنزيل

: وقد اختلفت الروايات يف أول من بناه )٢٣٢ \ ٢ (

ن آدم عليه السالم ملا أهبط إىل األرض وقع إىل سرنديب من أرض اهلند وكان يتردد يف األرض متحريا بني إ: قيل فقدان زوجته ووجدان توبته حىت واىف حواء جببل الرمحة من عرفات وعرفها وصار إىل أرض مكة ودعا وتضرع إىل

بادته كما كان قد عهد يف السماء من البيت املعمور اهللا تعاىل حىت يأذن له يف بناء بيت يكون قبلة لصالته ومطافا لعالذي هو مطاف املالئكة ومزار الروحانيني فأنزل اهللا تعاىل عليه مثال ذلك البيت على شكل سرادق من نور فوضعه

مكان البيت فكان يتوجه إليه ويطوف به الشكل املذكور حذو القذة بالقذة مث ملا تويف توىل وصيه شيث عليه السالم بناء البيت من احلجر والطني على

مث ملا خرب ذلك بطوفان نوح عليه السالم وامتد الزمان حىت غيض املاء وقضي األمر وانتهت النبوة إىل إبراهيم اخلليل عليه السالم ومحله هاجر أم إمساعيل ابنه إىل املوضع املبارك ووالدة إمساعيل عليه السالم هناك ونشوؤه

وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت : ( إبراهيم إليه واجتماعه به يف بناء البيت وذلك قوله تعاىل وتربيته مثة وعود فرفعا قواعد البيت على مقتضى إشارة الوحي مرعيا فيه مجيع املناسبات اليت بينها وبني البيت املعمور ) وإمساعيل

نها وبني الشرع األخري وتقبل اهللا تعاىل ذلك منهما وشرعا املناسك واملشاعر حمفوظا فيها مجيع املناسبات اليت بي وبقي الشرف والتعظيم إىل زماننا وإىل يوم القيامة داللة على حسن القبول فاختلفت آراء العرب يف ذلك

وأول من وضع فيه األصنام عمرو بن حلي بن غالوثة بن عمرو بن عامر ملا سار قومه إىل مكة واستوىل على أمر هذه أرباب اختذناها : إىل مدينة البلقاء بالشام فرأى هناك قوما يعبدون األصنام فسأهلم عنها فقالوا البيت مث صار

على شكل اهلياكل العلوية واألشخاص البشرية نستنصر هبا فننصر ونستسقي هبا فنسقى ونستشفي هبا فنشفى كة ووضعه يف الكعبة وكان معه إساف فأعجبه ذلك وطلب منهم صنما من أصنامهم فدفعوا إليه هبل فسار به إىل م

ونائلة على شكل زوجني فدعا الناس إىل تعظيمها والتقرب إليها والتوسل هبا إىل اهللا تعاىل وكان ذلك يف أول ملك

Page 271: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: اهللا تعاىل اإلسالم فأخرجت وأبطلت وهبذا يعرف كذب من قال ) ٢٣٣ \ ٢( شابور ذي األكتاف إىل أن أظهر منا هو بيت زحل بناه الباين األول على طوالع معلومة واتصاالت مقبولة ومساه بيت زحل إن بيت اهللا احلرام إ

وهلذا املعىن اقترن الدوام به بقاء والتعظيم له لقاء ألن زحل يدل على البقاء وطول العمر أكثر مما يدل عليه سائر ب الوحي الكواكب وهذا خطأ ألن الباين األول كان مستندا إىل الوحي على يدي أصحا

: البيوت املتخذة للعبادة إىل بيوت األصنام وإىل بيوت النريان : مث اعلم أن البيوت تنقسم

وقد ذكرنا املواضع اليت كانت بيوت النريان مث يف مقاالت اجملوس كواكب فأما بيوت األصنام اليت كانت للعرب واهلند فهي البيوت السبعة املعروفة املشهورة املبنية على السبع ال

فمنها ما كانت فيه أصنام فحولت إىل النريان ومنها مامل حتول ولقد كان بني أصحاب األصنام وبني أصحاب النريان خمالفات كثرية واألمر دول فيما بينهم وكان كل من استوىل

: وقهر غري البيت إىل مشاعر مذهبه ودينه كانت فيه أصنام إىل أن أخرجها كشتاسب امللك ملا فمنها بيت فارس على رأس جبل بأصفهان على ثالثة فراسخ

متجس وجعله بيت نار ومنها البيت الذي مبولتان من أرض اهلند فيه أصنام مل تغري ومل تبدل

ومنها بيت سدوسان من أرض اهلند فيه أصنام مل تغري ومل تبدل ومنها بيت سدوسان من أرض اهلند أيضا وفيه أصنام كبرية كثرية العجب

اهلند يأتون البيتني يف أوقات من السنة حجا وقصدا إليهما و ومنها النوهبار الذي بناه منوجهر مبدينة بلخ على اسم القمر فلما ظهر اإلسالم خربه أهل بلخ

ومنها بيت غمدان الذي مبدينة صنعاء اليمن بناه الضحاك على اسم الزهرة وخربه عثمان بن عفان رضي اهللا عنه اوسان بناه كاووس امللك بناء عجيبا على اسم الشمس مبدينة فرغانة وخربه املعتصم ومنها بيت ك

واعلم أن العرب أصناف شىت فمنهم معطلة ومنهم حمصلة نوع حتصيل )٢٣٤ \ ٢ (

معطلة العرب: الفصل األول

: وهم أصناف

:منكرو اخلالق والبعث واإلعادة

( ادة وقالوا بالطبع احملي والدهر املفين والذين أخرب عنهم القرآن اجمليد فصنف منهم أنكروا اخلالق والبعث واإلعإشارة إىل الطبائع احملسوسة يف العامل السفلي وقصرا للحياة واملوت ) ما هي إال حياتنا الدنيا منوت وحنيا : وقالوا

على تركبها وحتللها فاستدل ) ر وما هلم بذلك من علم إن هم إال يظنون وما يهلكنا إال الده( فاجلامع هو الطبع واملهلك هو الدهر

أو مل يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن : ( عليهم بضرورات فكرية وآيات فطرية يف كم آية وكم سورة فقال تعاىل : ( وقال ) أو مل ينظروا إىل ما خلق اهللا : ( وقال ) هو إال نذير مبني أو مل ينظروا يف ملكوت السموات واألرض

Page 272: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فأثبت الداللة ) ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم : ( وقال ) كم لتكفرون بالذي خلق األرض يف يومني أئن الضرورية من اخللق على اخلالق وأنه قادر على الكمال ابتداء وإعادة

:منكرو البعث واإلعادة

( وهم الذين أخرب عنهم القرآن وصنف منهم أقروا باخلالق وابتداء اخللق واإلبداع وأنكروا البعث واإلعادةفاستدل عليهم بالنشأة إذ اعترفوا ) وهي رميم ) ٢٣٥ \ ٢( وضرب لنا مثال ونسي خلقه قال من حييي العظام

أفعيينا باخللق األول بل هم يف لبس من : ( وقال ) قل حييها الذي أنشأها أول مرة : ( باخللق األول فقال عز و جل ) خلق جديد

:سل عباد األصنام منكرو الر

وصنف منهم أقروا باخلالق وابتداء اخللق ونوع من اإلعادة وأنكروا الرسل وعبدوا األصنام وزعموا أهنم شفعاؤهم عند اهللا يف الدار اآلخرة وحجوا إليها وحنروا هلا اهلدايا وقربوا القرابني وتقربوا إليها باملناسك واملشاعر وأحلوا

وقالوا ما هلذا الرسول : ( عرب إال شرذمة منهم نذكرهم وهم الذين أخرب عنهم التنزيل وحرموا وهم الدمهاء من الفاستدل عليهم بأن املرسلني كلهم ) إن تتبعون إال رجال مسحورا ( إىل قوله ) يأكل الطعام وميشي يف األسواق

) الطعام وميشون يف األسواق وما أرسلنا قبلك من املرسلني إال أهنم ليأكلون : ( كانوا كذلك قال اهللا تعاىل

:شبهات العرب

: وشبهات العرب كانت مقصورة على هاتني الشبهتني إنكار البعث بعث األجسام : إحدامها جحد البعث بعث الرسل : والثانية

اآليات وعربوا إىل أمثاهلا من) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا ملبعوثون أو آباؤنا األولون : ( قالوا : فعلى األوىل : عن ذلك يف أشعارهم فقال بعضهم

حديث خرافة يا أم عمرو ... حياة مث موت مث نشر )٢٣٦ \ ٢ (

: ولبعضم يف مرثية أهل بدر من املشركني من الشيزى تكلل بالسنام ... فماذا بالقليب قليب بدر وكيف حياة أصداء وهام ... خيربنا الرسول بأن سنحيا

إذا مات اإلنسان أو قتل اجتمع دم الدماغ وأجزاء بنيته فانتصب طريا هامة : من يعتقد التناسخ فيقول ومن العرب فريجع إىل رأس القرب كل مائة سنة

) ال هامة وال عدوى وال صفر : ( وعن هذا أنكر عليهم الرسول عليه الصالة و السالم فقال لرسول صلى اهللا عليه و سلم يف الصورة البشرية أشد وإصرارهم فكان إنكارهم لبعث ا: وأما على الشبهة الثانية

وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم اهلدى إال أن قالوا أبعث اهللا : ( على ذلك أبلغ وأخرب التنزيل عنهم بقوله تعاىل

Page 273: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

) : أبشر يهدوننا ) ( بشرا رسوال ) وقالوا لوال أنزل عليه ملك (فمن كان يعترف باملالئكة كان يريد أن يأيت ملك من السماء

الشفيع والوسيلة لنا إىل اهللا تعاىل هم األصنام املنصوبة أما األمر والشريعة من : ومن كان ال يعترف هبم كان يقول اهللا إلينا فهو املنكر

:أصنام العرب وميوهلم

ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا : فيعبدون األصنام اليت هي الوسائل لكلب وهو بدومة اجلندل وكان ود

وسواع هلذيل وكانوا حيجون إليه وينحرون له ويغوث ملذحج ولقبائل من اليمن

ويعوق هلمذان ونسر لذي الكالع بأرض محري وكانت الالت لثقيف بالطائف

والغرى لقريش ومجيع بين كنانة وقوم من بين سليم ومناة لألوس واخلزرج وغسان

ندهم وكان على ظهر الكعبة وهبل أعظم األصنام عوإساف ونائلة على الصفا واملروة وضعهما عمرو بن حلي وكان يذبح عليهما جتاه الكعبة وزعموا أهنما كانا من

يف الكعبة فمسخا جحرين ) ٢٣٧ \ ٢( إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل تعاشقا ففجرا : جرهم ضعهما على الصفا ال بل كانا صنمني جاء هبما عمرو بن حلي فو: وقيل

: وكان لبين ملكان من كنانة صنم يقال له سعد وهو الذي يقول فيه قائلهم فشتتنا سعد فال حنن من سعد ... أتينا إىل سعد ليجمع مشلنا

من األرض ال يدعو لغي وال رشد ... وهل سعد إال صخرة بتنوفة : وكانت العرب إذا لبت وهللت قالت

إال شريك هو لك متلكه وما ملك ... ال شريك لك لبيك اللهم لبيك لبيك ومن العرب من كان مييل إىل اليهودية

ومنهم من كان مييل إىل النصرانية ومنهم من كان يصبو إىل الصابئة ويعتقد يف األنواء اعتقاد املنجمني يف السيارات حىت ال يتحرك وال يسكن وال

مطرنا بنوء كذا : يسافر وال يقيم إال بنوء من األنواء ويقولومنهم من كان يصبو إىل املالئكة فيعبدهم بل كانوا يعبدون اجلن ويعتقدون فيهم أهنم بنات اهللا تعاىل تعاىل اهللا عن

ذلك علوا كبريا

احملاصلة من العرب: الفصل الثاين

علومهم

Page 274: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: اعلم أن العرب يف اجلاهلية كانت على ثالثة أنواع من العلوم أنساب أجداد ) ٢٣٨ \ ٢( األنساب والتواريخ واألديان ويعدونه نوعا شريفا خصوصا معرفة علم: أحدمها

النيب عليه الصالة و السالم واالطالع على ذلك النور الوارد من صلب إبراهيم إىل إمساعيل عليهم السالم وتواصله ة احلمد وسجد له الفيل األعظم وعليه سيد الوادي شيب: يف ذريته إىل أن ظهر بعض الظهور يف أسارير عبد املطلب

قصة أصحاب الفيل وبربكة ذلك النور دفع اهللا تعاىل شر أبرهة وأرسل عليهم طريا أبابيل

وبربكة ذلك النور رأى تلك الرؤيا يف تعريف موضع زمزم ووجدان الغزالة والسيوف اليت دفنتها جرهم ر يف ذبح العاشر من أوالده وبه افتخر النيب عليه الصالة و وبربكة ذلك النور أهلم عبد املطلب النذر الذي نذ

) أنا ابن الذبيحني : ( السالم حني قال إمساعيل عليه السالم وهو أول من احندر إليه النور فاختفى : أراد بالذبيح األول

عبد اهللا بن عبد املطلب وهو آخر من احندر إليه النور فظهر كل الظهور : وبالذبيح الثاين وبربكة ذلك النور كان عبد املطلب يأمر أوالده بترك الظلم والبغي وحيثهم على مكارم األخالق وينهاهم عن

دنيات األمور وبربكة ذلك النور كان قد سلم إليه النظر يف حكومات العرب واحلكم بني املتخاصمني فكان يوضع له وسادة عند

لقوم امللتزم فيستند إىل الكعبة وينظر يف حكومات ا : إن هلذا البيت ربا حيفظه ويذب عنه وفيه قال وقد صعد إىل جبل أيب قبيس : وبربكة ذلك النور قال ألبرهة

ال هم إن املرء مي نع حله فامنع حاللك ال يغلنب صليبهم وحماهلم غدرا حمالك

إن كنت تاركهم وكع بتنا فأمر ما بدا لك اهللا منه وتصيبه ) ٢٣٩ \ ٢( إنه لن خيرج من الدنيا ظلوم حىت ينتقم :وبربكة ذلك النور كان يقول يف وصاياه

عقوبة واهللا إن وراء هذا دارا : إىل أن هلك رجل ظلوم حتف أنفه مل تصبه عقوبة فقيل لعبد املطلب ذلك ففكر وقال

جيزى فيها احملسن بإحسانه ويعاقب فيها املسيء بإساءته : عاد أنه كان يضرب بالقداح على ابنه عبد اهللا ويقول ومما يدل على إثباته املبدأ وامل

وأنت ريب املبدئ واملعيد ... يا رب أنت املليك احملمود من عندك الطارف والتليد

ومما يدل على معرفته حبال الرسالة وشرف النبوة أن أهل مكة ملا أصاهبم ذلك اجلدب العظيم وأمسك السحاب أن حيضر املصطفى حممدا صلى اهللا عليه و سلم فأحضره وهو رضيع يف قماط فوضعه عنهم سنتني أمر أبا طالب ابنه

حبق هذا : يا رب حبق هذا الغالم ورماه ثانيا وثالثا وكان يقول : يف يديه واستقبل الكعبة ورماه إىل السماء وقال طر حىت خافوا على املسجد الغالم اسقنا غيثا مغيثا دائما هطال فلم يلبث ساعة أن طبق السحاب وجه السماء وأم

: وأنشد أبو طالب ذلك الشعر الالمي منه مثال اليتامى عصمة لألرامل ... وأبيض يستسقى الغمام بوجهه فهم عنده يف نعمة وفواضل ... بطيف به اهلالك من آل هاشم

Page 275: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وملا نطاعن دونه ونناضل ... كذبتم ورب البيت نبزى حممدا ونذهل عن أبنائنا واحلالئل ... ونسلمه حىت نصرع حوله

: وقال العباس بن عبد املطلب يف النيب عليه الصالة و السالم قصيدة منها مستودع حني خيصف الورق ... من قبلها طبت يف الظالل ويف

أنت وال مضغة وال علق ... مث هبطت البالد ال بشر أجلم نسرا وأهله الغرق ... بل نطفة تركب السفني وقد

)٢٤٠ \ ٢ ( إذا مضى عامل بدا طبق ... تنقل من صلب إىل رحم

خندف علياء حتتها النطق ... حىت احتوى بيتك املهيمن يف رض وضاء بنورك األفق ... وأنت ملا ظهرت أشرقت األ

ور وسبل الرشاد خنترق ... فنحن يف ذلك الضياء ويف الن ان أبو بكر الصديق رضي اهللا عنه ممن يعرب الرؤيا يف اجلاهلية فهو علم الرؤيا وك: وأما النوع الثاين من العلوم

ويصيب فريجعون إليه ويستخربون عنه فهو علم األنواء وذلك مما يتواله الكهنة والقافة منهم : وأما النوع الثالث

) من قال مطرنا بنوء كذا فقد كفر مبا أنزل على حممد : ( وعن هذا قال النيب صلى اهللا عليه و سلم

:معتقداهتم

ومن العرب من كان يؤمن باهللا واليوم اآلخر وينتظر النبوة وكانت هلم سنن وشرائع قد ذكرناها ألهنا نوع حتصيل : فممن كان يعرف النور الظاهر والنسب الطاهر ويعتقد الدين احلنيفي وينتظر املقدم النبوي

أيها الناس هلموا إيل فإنه مل يبق على دين إبراهيم : ل كان يسند ظهره إىل الكعبة ويقو: زيد بن عمرو بن نفيل أحد غريي

: ومسع أمية بن أيب الصلت يوما ينشد اهللا إال دين احلنيفة زور ... كل دين يوم القيامة عند

صدقت : فقال له : وقال زيد أيضا

فلن تكون لنفس منك واقية يوم احلساب إذا ما جيمع البشر )٢٤١ \ ٢ (

: كان يعتقد التوحيد ويؤمن بيوم احلساب وممن كال ورب الكعبة ليعودن ما باد ولئن ذهب ليعودن يوما : قال يف مواعظه : قس بن ساعدة اإليادي

: وقال أيضا ليس مبولود وال والد ... كال بل هو اهللا إله واحد

وإليه املآب غدا ... أعاد وأبدى : وأنشد يف معىن اإلعادة

Page 276: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

املوت واألموات يف جدث عليهم من بقايا بزهم خرق يا باكي دعهم فإن هلم يوما يصاح هبم كما ينبه من نوماته الصعق

حىت جييئوا حبال غري حاهلم خلق مضى مث هذا بعد ذا خلقوا منهم عراة ومنهم يف ثياهبم منها اجلديد ومنها األزرق اخللق

إين ما : ء العرب وخطبائهم وله وصية طويلة يقول يف آخرها وكان من شعرا: ومنهم عامر بن الظرب العدواين رأيت شيئا قط خلق نفسه وال رأيت موضوعا إال مصنوعا وال جائيا إال ذاهبا ولو كان مييت الناس الداء ألحياهم

الدواء إين أرى أمورا شىت وحىت : مث قال وما حىت ؟ : قيل له

شيئا ولذلك خلقت السموات واألرض فتولوا عنه ذاهبني حىت يرجع امليت حيا ويعود ال شيء : قال ويل إهنا نصيحة لو كان من يقبلها : وقال

: وكان عامر قد حرم اخلمر على نفسه فيمن حرمها وقال فيها وإن أدعها فإين ماقت قال ... إن أشرب اخلمر أشرهبا للذهتا ى عايل وال رأتين إال من مد... لوال اللذاذة والقينات مل أرها

سألة للفىت ما ليس يف يده ذهابة بعقول القوم واملال )٢٤٢ \ ٢ (

مزرية بالفىت ذي النجدة احلايل ... تورث القوم أضغانا بال إحن حىت يفرق ترب األرض أوصايل ... أقسمت باهللا أسقيها وأشرهبا

مية بن حمرث الكناين وعفيف بن معدي وممن كان قد حرم اخلمر يف اجلاهلية قيس بن عاصم التميمي وصفوان بن أ : كرب الكندي وقالوا فيها أشعارا وقال األسلوم اليايل وقد حرم اخلمر والزنا على نفسه

والسلم أبقى يف األمور وأعرف ... ساملت قومي بعد طول مضاضة واملومسات وترك ذلك أشرف ... وتركت شرب الراح وهي أثرية

وكذاك يفعل ذو احلجى املتعفف . ..وعففت عنه يا أميم تكرما : عبد لطاخبة بن ثعلب بن وبرة من قضاعة وقال فيه : وممن كان يؤمن باخلالق تعاىل وخبلق آدم عليه السالم

دعاء غريق قد تشبث بالعصم ... وأدعوك يا ريب مبا أنت أهله وذو الطول مل تعجل بسخط ومل تلم ... ألنك أهل احلمد واخلري كله

ومل ير عبد منك يف صاحل وجم ... لذي مل حييه الدهر ثانيا وأنت ا تبدأت خلق الناس يف أكثم العدم ... وأنت القدمي األول املاجد الذي إىل ظلمة من صلب آدم يف ظلم ... وأنت الذي أحللتين غيب ظلمة

: آمن بيوم احلساب فقال : ومن هؤالء النابغة الذيباين قومي فما يرجون غري العواقب ... فعلتهم ذات اإلله ودينهم

وأراد بذلك اجلزاء باألعمال لوال أن : فيقول ) ٢٤٣ \ ٢( وكان مير بالعضاة وقد أورقت بعد يبس : ومن هؤالء زهري بن أيب سلمى املزين

Page 277: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

تسبين العرب آلمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم مث آمن بعد ذلك وقال يف قصيدته اليت : أوهلا

وهي من السبعينات ... أمن أم أوىف دمنة مل تكلم ليوم حساب أو يعجل فينقم ... يؤخر فيوضع يف كتاب فيدخر

: كان يؤمن باهللا وبيوم احلساب وفيه قال : ومنهم عالف بن شهاب التميمي فأخذت منه خطة املقتال ... ولقد شهدت اخلصم يوم رفاعة

يوم احلساب بأحسن األعمال ... وعلمت أن اهللا جاز عبده ادفنوا معي راحليت حىت أحشر عليها فإن مل تفعلوا حشرت على : وكان بعض العرب إذا حضره املوت يقول لولده

: رجلي قال جريبة بن األشيم األسدي يف اجلاهلية وقد حضره املوت يوصي ابنه سعدا قرب أوصيك إن أخا الوصاة األ... يا سعد إما أهلكن فإنين

ىف احلشر يصرع لليدين وينكب ... ال تتركن أباك يعثر راجال وابغ املطية إنه هو أصوب ... وامحل أباك على بعري صاحل

ىف احلشر أركبها إذا قيل اركبوا ... ولعل يل مما تركت مطية : وقال عمرو بن زيد بن املتمين يوصي ابنه عند موته

قرب راحلة برحل قاتر يف ال... أبين زودين إذا فارقتين متساوقني معا حلشر احلاشر ... للبعث أركبها إذا قيل اظعنوا

فأخللق بني مدفع أو عاثر ... من ال يوافيه على على عشرائه وكانوا يربطون الناقة معكوسة الرأس إىل مؤخرها مما يلي ظهرها أو مما يلي كلكلها وبطنها ويأخذون ولية فيشدون

القرب ويسمون الناقة بلية واخليط ) ٢٤٤ \ ٢( عنق الناقة ويتركوهنا كذلك حىت متوت عند وسطها ويقلدوهنا كالباليا يف أعناقها الواليا : الذي تشد به ولية وقال بعضهم يشبه رجاال يف بلية

:تقاليد العرب اليت أقرها اإلسالم وبعض عاداهتم

ها حترم أشياء نزل القرآن بتحرميها كانوا ال ينكحون كانت العرب يف جاهليت: قال حممد بن السائب الكليب األمهات وال البنات وال اخلاالت وال العمات

وكان أقبح ما يصنعون أن جيمع الرجل بني األختني أو خيتلف على امرأة أبيه وكانوا يسمون من فعل ذلك الضيزن : على امرأة أبيهم ثالثة واحدا بعد اآلخر قال أوس بن حجر التميمي يعري قوما من بين قيس بن ثعلبة تناوبوا

وكلكم ألبيه ضيزن سلف ... والفارسية فيكم غري منكرة مشي الزرافة يف آباطها احلجف ... نيكوا فكيهة وامشوا حول قبتها

بن وكان أول من مجع بني األختني من قريش أبو أحيحة سعد بن العاص مجع بني هند وصفية ابنيت املغرية بن عبد اهللا عمرو بن خمزوم

وكان الرجل إذا مات عن املرأة أو طلقها قام أكرب بنيه فإن كان له فيها حاجة طرح ثوبه عليها وإن مل يكن له : قال فيها حاجة تزوجها بعض إخوته مبهر جديد

وكانوا خيطبون املرأة إىل أبيها أو إىل أخيها أو عمها أو بعض بين عمها : قال

Page 278: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

إىل الكفء وكان خيطب الكفء فإن كان أحدمها أشرف من اآلخر يف النسب رغب له يف املال

وإن كان هجينا خطب إىل هجني فزوجه هجينة مثله \ ٢( حنن أكفاؤكم ونظراؤكم فإن زوجتمونا فقد أصبنا رغبة : أنعموا صباحا مث يقول : ويقول اخلاطب إذا أتاهم

متونا لعلة نعرفها رجعنا عاذرين وأصبتمونا وكنا لصهركم حامدين وإن ردد) ٢٤٥إذا محلت إليه وأيسرت أذكرت وال أنثت جعل اهللا منك : فإن كان قريب القرابة من قومه قال أبوها أو أخوها

عددا وعزا وخلدا أحسين خلقك وأكرمي زوجك وليكن طيبك املاء وتلدين األعداء أحسين خلقك وحتبيب ال أيسرت وال أذكرت فإنك تدنني البعداء أ: وإذا تزوجت يف غربة قال هلا

إىل أمحائك فإن هلم عينا ناظرة إليك وأذنا سامعة وليكن طيبك املاء أول من طلق ثالثا على التفرقة إمساعيل : وكانوا يطلقون ثالثا على التفرقة قال عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنهما

قها واحدة وهو أحق الناس هبا حىت إذا استوىف الثالث بن إبراهيم عليهما السالم وكان العرب يفعلون ذلك فتطل انقطع السبيل عنها

: ومنه قول األعشى ميمون بن قيس حني تزوج امرأة فرغب قومها عنه فأتاه قومها فهددوه بالضرب أو يطلقها أيا جاريت بيين فإنك طالقه كذاك أمور الناس غاد وطارقه

ثنه : قالوا : فقال

خري من العصا وأن ال ترى يل فوق رأسك بارقه وبيين فإن البني ثلث : قالوا : فقال

وموموقة قد كنت فينا ووامقه ... وبيين حصان الفرج غري ذميمة : وكان أمر اجلاهلية يف نكاح النساء على أربع : قال

رجل خيطب فيتزوج جها بعد هذا هو لفالن فيتزو: وامرأة يكون هلا خليل خيتلف إليها فإن ولدت قالت

وامرأة خيتلف إليها النفر وكلهم يواقعها يف طهر واحد فإذا ولدت ألزمت الولد أحدهم وهذه تدعى املقسمة وامرأة ذات راية خيتلف إليها الكثري وكلهم يواقعها فإذا ولدت مجعوا هلا القافة فيلحقون الولد بشبيهه

)٢٤٦ \ ٢ ( : وحيرمون قال زهري وكانوا حيجون البيت ويعتمرون : قال

وكم بالقيان من حمل وحمرم : ويطوفون بالبيت سبعا وميسحون باحلجر ويسعون بني الصفا واملروة قال أبو طالب

وأشواط بني املروتني إىل الصفا وما فيهما من صور وختايل : وكانوا يلبون إال أن بعضهم كان يشرك يف تلبيته يف قوله

ه وما ملك متلك... إال شريك هو لك : ويقفون املواقف كلها قال العدوي

Page 279: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

فأقسم بالذي حجت قريش وموقف ذي احلجيج على الآليل وكانوا يهدون اهلدايا ويرمون اجلمار وحيرمون األشهر احلرم فال يغزون وال يقاتلون فيها إال طي وخثعم وبعض بين

األشهر احلرم وال البلد احلرام احلارث بن كعب فإهنم كانوا ال حيجون وال يعتمرون وال حيرمونوإمنا مست قريش احلرب اليت كانت بينها وبني غريها عام الفجار ألهنا كانت يف أشهر احلرم حيث ال تقاتل فلما

حرب الفجار : قد فجرنا فلذلك مسوها : قاتلوا فيها قالوا :وكانوا يكرهون الظلم يف احلرم وقالت امرأة منهم تنهى ابنها عن الظلم

... ة يلق أطراف الشرور أبين قد جربتها ... ة ال الصغري وال الكبري أبين من بظلم مبك ... أبين ال تظلم مبسك فوجدت ظاملها يبور

والوحش تأمن يف ثبري ... أبين أمن طريها حجوا يف ومنهم من كان ينسئ الشهور وكانوا يكسبوا يف كل عامني شهرا ويف كل ثالثة أعوام شهرا وكانوا إذا

شهر من هذه السنة مل خيطئوا أن جيعلوا يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر كهيئة ذلك يف شهر ذي احلجة حىت : يكون يوم النحر اليوم العاشر من ذلك الشهر ويقيمون مبىن فال يبيعون يف يوم عرفة وال يف أيام مىن وفيهم أنزلت

) إمنا النسيء زيادة يف الكفر ( ا ذحبوا لألصنام لطخوها بدماء اهلدايا يلتمسون بذلك الزيادة يف أمواهلم وكانوا إذ

: وكان قصي بن كالب ينهى عن عبادة غري اهللا من األصنام وهو القائل أدين إذا تقسمت األمور ... أربا واحدا أم ألف رب

كذلك يفعل الرجل البصري ... تركت الالت والعزى مجيعا وال صنمي بين غنم أزور ... نتيها فال العزى أدين وال اب

هي لزيد بن عمرو بن نفيل فلقي يف ذلك من قريش شرا حىت أخرجوه عن احلرم فكان ال يدخله إال ليال : وقيل أطيعوين ترشدوا : وقال القلمس بن أمية الكناين خيطب للعرب بفناء مكة

وما ذاك ؟ : قالوا علم ما اهللا راض به وإن اهللا رب هذه اآلهلة وإنه ليجب أن يعبد وحده إنكم قد تفرقتم بآهلة شىت وإين أل: قال فتفرقت عنه العرب حني قال ذلك وجتنبت عنه طائفة أخرى وزعمت أنه على دين بين متيم : قال وكانوا بغتسلون من اجلنابة ويغسلون موتاهم : قال

: قال األفوه األودي لت ينجيين الشقاق وال احلذر فما ق... أال علالين واعلما أنين غرر

مفاصل أوصايل وقد شخص البصر ... وما قلت جيديين ثيايب إذا بدت )٢٤٨ \ ٢ (

فيالك من غسل سيتبعه كرب ... وجاءوا مباء بارد يغسلونين إذا مات الرجل محل على سريره مث يقوم وليه : وكانوا يكفنون موتاهم ويصلون عليهم وكانت صالهتم : قال كر حماسنه كلها ويثين عليه مث يدفن مث يقول عليك رمحة اهللا وبركاته فيذ

: وقال رجل من كلب يف اجلاهلية البن ابن له فإين مكثر لك يف صاليت ... أعمرو إن هلكت وكنت حيا

Page 280: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

حيايت إن حييت ويف ممايت ... وأجعل نصف مايل البن سام ابتلي هبا إبراهيم عليه السالم وهي الكلمات العشر فإهنن مخس يف وكانوا يداومون على طهارات الفطرة اليت : قال

: الرأس ومخس يف اجلسد فاملضمضة واالستنشاق وقص الشارب والفرق والسواك : فأما اللوايت يف الرأس فاالستنجاء وتقليم األظفار ونتف اإلبط وحلق العانة واخلتان : وأما اللوايت يف اجلسد رها سنة من السنن فلما جاء اإلسالم قر

وكانوا يقطعون يد السارق اليمىن إذا سرق وكان ملوك اليمن وملوك احلرية يصلبون الرجل إذا قطع الطريق

وكانوا يوفون بالعهود ويكرمون اجلار ويكرمون الضيف : قال حامت الطائي

فأقسمت ال أرسو وال أتعذر ... إهلم ريب وريب إهلم : وقال أيضا الربايا الناس أسوة كأن مل يسبق جحش بعري وال محر لقد كان يف

وكانوا أناسا موقنني برهبم بكل مكان فيهم عابد بكر )٢٤٩ \ ٢ (

آراء اهلند: الباب الرابع

: قد ذكرنا أن اهلند أمة كبرية وملة عظيمة وآراؤهم خمتلفة وهم املنكرون للنبوات أصال : فمنهم الربامهة ىل الدهر ومنهم من مييل إ

ومنهم من مييل إىل مذهب الثنوية ويقول مبلة إبراهيم عليه السالم وأكثرهم على مذهب الصابئة ومناهجها فمن قائل بالروحانيات ومن قائل باهلياكل ومن قائل باألصنام إال أهنم

خمتلفون يف شكل اهلياكل اليت ابتدعوها وكيفية أشكال وضعوها نانيني علما وعمال ومنهم حكماء على طريق اليو

فمن كانت طريقته على منهاج الدهرية والثنوية والصابئة فقد أغنانا حكاية مذاهبهم قبل عن حكاية مذهبه الربامهة وأصحاب الروحانيات وأصحاب اهلياكل وعبدة األصنام : ومن انفرد عنهم مبقالة ورأي فهم مخس فرق

واحلكماء نا يف كتبهم املشهورة وحنن نذكر مقاالت هؤالء كما قد وجد

الربامهة: الفصل األول

من الناس من يظن أهنم مسوا برامهة النتساهبم إىل إبراهيم عليه السالم وذلك خطأ فإن هؤالء هم املخصوصون بنفي النبوات أصال ورأسا فكيف يقولون بإبراهيم عليه السالم ؟ والقوم الذين اعتقدوا نبوة إبراهيم عليه السالم من أهل

منهم القائلون بالنور والظلمة على رأي أصحاب االثنني وقد ذكرنا مذاهبهم ) ٢٥٠ \ ٢( اهلند فهم الثنوية

Page 281: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

براهم وقد مهد هلم نفي النبوات أصال وقرر استحالة ذلك يف : وهؤالء الربامهة إمنا انتسبوا إىل رجل منهم يقال له : العقول بوجوه

: سول مل خيل من أحد أمرين إن الذي يأيت به الر: منها أن قال إما أن يكون معقوال

وإما أن ال يكون معقوال فإن كان معقوال فقد كفانا العقل التام بإدراكه والوصول إليه فأي حاجة لنا إىل الرسول

وإن مل يكن معقوال فال يكون مقبوال إذ قبول ما ليس مبعقول خروج عن حد اإلنسانية ودخول يف حرمي البهيمية قد دل العقل على أن اهللا تعاىل حكيم واحلكيم ال يتعبد اخللق إال مبا تدل عليه عقوهلم وقد دلت : منها أن قال و

الدالئل العقلية على أن للعامل صانعا عاملا قادرا حكيما وأنه أنعم على عباده نعما توجب الشكر فننظر يف آيات رنا له استوجبنا ثوابه وإذا أنكرناه وكفرنا به استوجبنا عقابه فما خلقه بعقولنا ونشكره باآلئه علينا وإذا عرفناه وشك

بالنا نتبع شرا مثلنا فإنه إن كان يأمرنا مبا خيالف ذلك كان قوله دليال ظاهرا على كذبه قد دل العقل على أن العامل صانعا حكيما واحلكيم ال يتعبد اخللق مبا يقبح يف عقوهلم وقد وردت : ومنها أن قال

اب الشرائع مبستقبحات من حيث العقل من التوجه إىل بيت خمصوص يف العبادة والطواف حوله والسعي أصحورمي اجلمار واإلحرام والتلبية وتقبيل احلجر األصم وكذلك ذبح احليوان وحترمي ما ميكن أن يكون غذاء لإلنسان

عقول وحتليل ما ينقص من بنيته وغري ذلك وكل هذه األمور خمالفة لقضايا الإن أكرب الكبائر يف الرسالة اتباع رجل هو مثلك يف الصورة والنفس والعقل يأكل مما تأكل ويشرب : ومنها أنه قال

مما تشرب حىت تكون بالنسبة إليه كجماد يتصرف فيك رفعا ووضعا أو كحيوان يصرفك أماما وخلفا أو كعبد ؟ وأية فضيلة أوجبت اسخدامك ؟ وما دليله على صدق فأي متيز له عليك ) ٢٥١ \ ٢( يتقدم إليك أمرا وهنيا

دعواه ؟ فإن اغتررمت مبجرد قوله فال متيز لقول على قول وإن احنسرمت حبجته ومعجزته فعندنا من خصائص اجلواهر

واألجسام ما ال حيصى كثرة ومن املخربين عن مغيبات األمور من ساوى خربه فإذا اعترفتم بأن للعامل صانعا ) م ولكن اهللا مين على من يشاء من عباده قالت هلم رسلهم إن حنن إال بشر مثلك(

وخالقا وحكيما فاعترفوا بأنه آمر وناه حاكم على خلقه وله يف مجيع ما نأيت ونذر ونعمل ونفكر حكم وأمر وليس أوجبت منته كل عقل إنساين على استعداد ما يعقل عنه أمره وال كل نفس بشرى مبثابة من يقبل عنه حكمه بل

بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورمحة ( ترتيبا يف العقول والنفوس واقتضت قسمته أن يرفع فرمحة اهللا الكربى هي النبوة والرسالة وذلك خري مما جيمعون بعقوهلم املختالة ) ربك خري مما جيمعون

: مث إن الربامهة تفرقوا أصنافا فمنهم أصحاب البددة ومنهم أصحاب الفكرة ومنهم أصحاب التناسخ

:أصحاب البددة

Page 282: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

شخص يف هذا العامل ال يولد وال ينكح وال يطعم وال يشرب وال يهرم وال ميوت : ومعىن البد عندهم السيد الشريف ومن وقت ظهوره إىل وقت اهلجرة مخسة آالف سنة : وأول بد ظهر يف العامل امسه شاكمني وتفسريه

: اإلنسان الطالب سبيل احلق وإمنا يصل إىل تلك املرتبة : ودون مرتبة البد مرتبة البوديسعية ومعناه :قالوا بالصرب والعطية

وبالرغبة فيما جيب أن يرغب فيه \ ٢. ( وباالمتناع والتخلي عن الدنيا والعزوف عن شهواهتا ولذاهتا والعفة عن حمارمها والرمحة على مجيع اخللق

٢٥٢ ( : وباالجتناب عن الذنوب العشرة

قتل كل ذي روح واستحالل أموال الناس

والزنا والكذب والنميمة والبذاء والشتم

وشناعة األلقاب والسفه

واجلحد جلزاء اآلخرة : وباستكمال عشرة خصال

اجلود والكرم : إحداها العفو عن املسيء ودفع الغضب باحللم : والثانية التعفف عن الشهوات الدنيوية : والثالثة

الفكرة يف التخلص إىل ذلك العامل الدائم الوجود من هذا العامل الفاين : والرابعة رياضة العقل بالعلم واألدب وكثرة النظر إىل عواقب األمور : واخلامسة القوة على تصريف النفس يف طلب العليات : والسادسة م مع كل أحد لني القلب وطيب الكال: والسابعة حسن املعاشرة مع اإلخوان بإيثار اختيارهم على اختيار نفسه : والثامنة

اإلعراض عن اخللق بالكلية والتوجه إىل احلق بالكلية : والتاسعة بذل الروح شوقا إىل احلق ووصوال إىل جناب احلق : والعاشرة

طوهم العلوم وظهروا هلم يف أجناس وأشخاص شىت وزعموا أن البددة أتوهم على عدد اهلياكل من هنر الكنك وأع ومل يكونوا يظهرون إال يف بيوت امللوك لشرف جواهرهم

ومل يكن بينهم اختالف فيما ذكر عنهم من أزلية العامل وقوهلم يف اجلزاء على ما ذكرنا وإمنا اختص ظهور : قالوا

Page 283: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

ومن فيها من أهل الرياضة واالجتهاد البددة بأرض اهلند لكثرة ما فيها من خصائص التربة واإلقليم إال باخلضر الذي يثبته أهل اإلسالم -على ما وصفوه إن صدقوا يف ذلك -وليس يشبه البد

:أصحاب الفكرة والوهم

وهؤالء أعلم منهم بالفلك والنجوم وأحكامها املنسوبة إليهم ن أكثر األحكام باتصاالت الثوابت دون وللهند طريقة ختالف طريقة منجمي الروم والعجم وذلك أهنم حيكمو

السيارات وينشئون األحكام عن خصائص الكواكب دون طبائعها ويعدون زحل السعد األكرب وذلك لرفعة مكانه السعادة واجلزئية من النحوسة ) ٢٥٣ \ ٢( وعظم جرمه وهو الذي يعطي العطايا الكلية من

حيكمون من الطبائع واهلند حيكمون من اخلواص وكذلك سائر الكواكب هلا طبائع وخواص فالروم فإهنم يعتربون خواص األدوية دون طبائعها والروم ختالفهم يف ذلك : وكذلك طبهم

هو املتوسط بني احملسوس واملعقول فالصور من احملسوسات ترد : وهؤالء أصحاب الفكرة يعظمون الفكر ويقولون ا فهو مورد العلمني من العاملني فيجتهدون كل اجلهد حىت يصرفوا الوهم عليه واحلقائق من املعقوالت ترد عليه أيض

والفكر عن احملسوسات بالرياضيات البليغة واالجتهادات اجملهدة حىت إذا جترد الفكر عن هذا العامل جتلى له ذلك ل حي فيقتله يف العامل فرمبا خيرب عن مغيبات األحوال ورمبا يقوى على حبس األمطار ورمبا يوقع الوهم على رج

احلال وال يستعبد ذلك فإن للوهم أثرا عجيبا يف تصريف األجسام والتصرف يف النفوس أليس االحتالم يف النوم تصرف الوهم يف اجلسم ؟ أليست إصابة العني تصرف الوهم يف الشخص ؟ أليس الرجل ميشي على جدار مرتفع

سوى ما أخذه على األرض املستوية ؟ فيسقط يف احلال وال يأخذ من عرض املسافة يف خطواتهوالوهم إذا جترد عمل أعماال عجيبة وهلذا كانت اهلند تغمض عينها أياما لئال يشتغل الفكر والوهم باحملسوسات

ومع التجرد إذا اقترن به وهم آخر اشتركا يف العمل خصوصا إذا كانا متفقني غاية االتفاق وهلذا كانت عادهتم إذا تمع أربعون رجال من املهذبني املخلصني املتفقني على رأي واحد يف اإلصابة فيتجلى هلم املهم الذي دمههم أمر أن جي

يهضمهم محله ويندفع عنهم البالء امللم الذي يكادهم ثقله يعين املصفدين باحلديد وسنتهم حلق الرءوس واللحى وتعرية األجسام ما خال العورة وتصفيد : ومنهم البكرنتينية

من أوساطهم إىل صدورهم لئال تنشق بطوهنم من كثرة العلم وشدة الوهم وغلبة الفكر ولعلهم رأوا يف البدن احلديد خاصية تناسب األوهام وإال فاحلديد كيف مينع انشقاق البطن وكثرة العلم كيف توجب ذلك

)٢٥٤ \ ٢ (

:أصحاب التناسخ

ال وللتناسخ فيها قدم راسخ وإمنا ختتلف طرقهم يف تقرير ذلك وقد ذكرنا مذاهب التناسخية وما من ملة من امللل إفأشد اعتقادا لذلك ملا عاينوا من طري يظهر يف وقت معلوم فيقع على شجرة معلومة فيبيض : فأما تناسخية اهلند

تمع يف ويفرخ مث إذا مت نوعه بفراخه حك مبنقاره وخمالبه فتربق منه نار تلتهب فيحترق الطري ويسيل منه دهن جيأصل الشجرة يف مغارة مث إذا حال احلول وحان وقت ظهوره اخنلق من هذا الدهن مثله طري فيطري ويقع على

الشجرة وهو أبدا كذلك فما مثل الدنيا وأهلها يف األدوار واألكوار إال كذلك : قالوا

Page 284: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

دأ ودار دورة ثانية على اخلط األول وإذا كانت حركات األفالك دروية فال حمالة يصل رأس الفرجار إىل ما ب: قالوا ما أفاد الدور األول إذ ال اختالف بني الدورين حىت يتصور اختالف بني األثرين فإن املؤثرات -ال حمالة -أفاد

عادت كما بدأت والنجوم واألفالك دارت على املركز األول وما اختلفت أبعادها واتصاالهتا ومناظراهتا ومناسباهتا ال ختتلف املتأثرات الباديات منها بوجه وهذا هو تناسخ األدوار واألكوار بوجه فيجب أن

: وهلم اختالفات يف الدورة الكربى كم هي من السنني وأكثرهم على أهنا ثالثون ألف سنة

وبعضهم على أهنا ثالمثائة ألف سنة وستني ألف سنة وإمنا يعتربون يف تلك األدوار سري الثوابت ال السيارات

وعند اهلند أكثرهم أن الفلك مركب من املاء والنار والريح وأن الكواكب فيه نارية هوائية فلم تعدم املوجودات العلوية إال العنصر األرضي فحسب

)٢٥٥ \ ٢ (

أصحاب الروحانيات: الفصل الثاين

جل يف صورة البشر من غري ومن أهل اهلند مجاعة أثبتوا متوسطات روحانية يأتوهنم بالرسالة من عند اهللا عز و كتاب فيأمرهم بأشياء وينهاهم عن أشياء ويسن هلم الشرائع ويبني هلم احلدود

وإمنا يعرفون صدقه بتنزهه عن حطام الدنيا واستغنائه عن األكل والشرب والبعال

:الباسنوية

: زعموا أن رسوهلم ملك روحاين نزل من السماء على صورة بشر لنار وأن يتقربوا إليها بالعطر والطيب واألدهان والذبائح فأمرهم بتعظيم ا

وهناهم عن القتل والذبح إال ما كان للنار وسن هلم أن يتوشحوا خبيط يعقدونه من مناكبهم األيامن إىل حتت مشائلهم

لزنا لئال وهناهم أيضا عن الكذب وشرب اخلمر وأن ال يأكلوا من أطعمة غري ملتهم وال من ذبائحهم وأباح هلم ا ينقطع النسل

وأمرهم أن يتخذوا على مثاله صنما يتقربون إليه ويعبدونه ويطوفون حوله كل يوم ثالث مرات باملعازف والتبخري والغناء والرقص

وأمرهم بتعظيم البقرة والسجود هلا حيث رأوها وأن يفزعوا يف التوبة إىل التمسح هبا وأمرهم أن ال جيوزوا هنر كنك

:ية الباهود

زعموا أن رسوهلم ملك روحاين على صورة بشر امسه باهود أتاهم وهو راكب على ثور على رأسه إكليل مكلل بعظام املوتى من عظام الرءوس ومتقلد من ذلك بقالدة

Page 285: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

وبإحدى يديه قحف إنسان وباألخرى مرزاق ذو ثالث شعب )٢٥٦ \ ٢ (

ن يتخذوا على مثاله صنما يعبدونه وأن ال يعافوا شيئا وأن تكون يأمرهم بعبادة اخلالق عز و جل وبعبادته معه وأاألشياء كلها يف طريقة واحدة ألهنا مجيعا صنع اخلالق عز و جل وأن يتخذوا من عظام الناس قالئد يتقلدوهنا

وأكاليل يضعوهنا على رءوسهم وأن ميسحوا أجسادهم ورءوسهم بالرماد ألموال وحرم عليهم الذبائح والنكاح ومجع ا

وأمرهم برفض الدنيا وال معاش هلم فيها إال من الصدقة

:الكابلية

شب : زعموا أن رسوهلم ملك روحاين يقال له أتاهم يف صورة بشر متمسح بالرماد على رأسه قلنسوة من لبود أمحر طوهلا ثالثة أشبار خميط عليها صفائح من

من ذلك مبنطقة متسور منها بسوار متخلخل منها خبلخال قحف الناس متقلد قالدة من أعظم ما يكون متمنطق وهو عريان فأمرهم أن يتزينوا بزينته ويتزيوا بزيه وسن هلم شرائع وحدودا

:البهادونية

إن هبادون كان ملكا عظيما أتانا يف صورة إنسان عظيم وكان له أخوان قتاله وعمال من جلدته األرض ومن : قالوا البحار عظامه اجلبال ومن دمه

هذا رمز وإال فحال صورة اإلنسان ال تبلغ إىل هذه الدرجة : وقيل وصورة هبادون راكب على دابة كثري شعر الرأس قد أسبله على وجهه وقد قسم الشعر على جوانب رأسه قسمة

مستوية وأسبله كذلك على نواحي الرأس قفا ووجها وأمرهم أن يفعلوا كذلك مر وإذا رأوا امرأة هربوا منها وأن حيجوا إىل جبل يدعى جورعن وعليه بيت عظيم فيه وسن هلم أن ال يشربوا اخل

صورة هبادون ولذلك البيت سدنة ال يكون املفتاح إال بأيديهم فال يدخلون إال بإذهنم وإذا فتحوا الباب سدوا أفواههم حىت ال تصل أنفاسهم إىل الصنم

)٢٥٧ \ ٢ ( ون له القرابني ويهدون له اهلدايا ويذحبون له الذبائح ويقرب

وإذا انصرفوا من حجهم مل يدخلوا العمران يف طريقهم ومل ينظروا إىل حمرم ومل يصلوا إىل أحد بسوء وضرر من قول وفعل

عبدة الكواكب: الفصل الثالث

الشمس والقمر : ومل ينقل للهند مذهب يف عبادة الكواكب إال فرقتان توجهتا إىل النريين مذهبهم يف ذلك مذهب الصابئة يف توجههم إىل اهلياكل السماوية دون قصر الربوبية واإلهلية عليها و

Page 286: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

:عبدة الشمس

زعموا أن الشمس ملك من املالئكة وهلا نفس وعقل ومنها نور الكواكب وضياء العامل وتكون املوجودات السفلية ء وهي ملك الفلك فتستحق التعظيم والسجود والتبخري والدعا

وهؤالء يسمون الدينيكيتية أي عباد الشمس ومن سنتهم أن اختذوا هلا صنما بيده جوهر على لون النار وله بيت خاص بنوه بامسه ووقفوا عليه ضياعا وقربانا وله

سدنة وقوام فيأتون البيت ويصلون ثالث كرات ويأتيه أصحاب العلل واألمراض فيصومون له ويصلون ويدعون ويستشفون به

:عبدة القمر

زعموا أن القمر ملك من املالئكة يستحق التعظيم والعبادة وإليه تدبري هذا العامل السفلي واألمور اجلزئية فيه ومنه ونقصانه تعرف األزمان والساعات وهو تلو ) ٢٥٨ \ ٢( نضج األشياء املكتوبة وإيصاهلا إىل كماهلا وبزيادته

ليها تكون زيادته ونقصانه الشمس وقرينها ومنها نوره وبالنظر إ وهؤالء يسمون اجلندريكينية أي عباد القمر

ومن سنتهم أن اختذوا له صنما على شكل عجل جيره أربعة وبيد الصنم جوهر ومن دينهم أن يسجدوا له ويعبدوه وأن يصوموا النصف من كل شهر ال يفطروا حىت يطلع القمر مث يأتون صنمه

يرغبون إليه وينظرون إىل القمر ويسألونه حوائجهم بالطعام والشراب واللنب مثفإذا استهل الشهر علوا السطوح وأوقدوا الدخن ودعوا عند رؤيته ورغبوا إليه مث نزلوا عن السطوح إىل الطعام

والشراب والفرح والسرور ومل ينظروا إليه إال على وجوه حسنة قص واللعب باملعازف بني يدي الصنم والقمر ويف نصف الشهر إذا فرغوا من اإلفطار أخذوا يف الر

عبدة األصنام: الفصل الرابع

اعلم أن األصناف اليت ذكرنا مذاهبهم يرجعون آخر األمر إىل عبادة األصنام إذ كان ال يستمر هلم طريقة إال أهنا بشخص حاضر ينظرون إليه ويعكفون عليه وعن هذا اختذت أصحاب الروحانيات والكواكب أصناما زعموا

على صورهتا وباجلملة وضع األصنام حيث ما قدروه إمنا هو على معبود غائب حىت يكون الصنم املعمول على صورته وشكله وهيأته نائبا منابه وقائما مقامه وإال فنعلم قطعا أن عاقال ما ال ينحت جسما بيده ويصور صورة مث يعتقد أنه إهله

وجوده مسبوقا بوجوده صانعه وشكله حيدث بصنعته ناحته وخالقه وإله الكل وخالق الكل إذ كان لكن القوم ملا عكفوا على التوجه إليها كان عكوفهم ذلك عبادة وطلبهم احلوائج منها إثبات إهلية هلا وعن هذا

اد فلو كانوا مقتصرين على صورها يف اعتق) إىل اهللا زلفى ) ٢٥٩ \ ٢( ما نعبدهم إال ليقربونا : ( كانوا يقولون الربوبية واإلهلية ملا تعدوا عنها إىل رب األرباب

:املهاكالية

Page 287: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

هلم صنم يدعى مهاكال له أربع أيد كثري شعر الرأس سبطها وبإحدى يديه ثعبان عظيم فاغر فاه وباألخرى عصا وبالثالثة رأس إنسان وباليد الرابعة قد دفعها

ان قد التفا عليه وعلى رأسه إكليل من عظام القحف وعليه ويف أذنية حيتان كالقرطني وعلى جسده ثعبانان عظيم من ذلك قالدة يزعمون أنه عفريت

يستحق العبادة لعظمة قدره واستجماعه اخلصال احملمودة احملبوبة واملذمومة من اإلعطاء واملنع واإلحسان واإلساءة وأنه املفزع هلم يف حاجاهتم

لته يف كل يوم ثالث مرات يسجدون له ويطوفون به وله بيوت عظام بأرض اهلند ينتاهبا أهل مأختر فيه صنم عظيم على صورة هذا الصنم يأتونه من كل موضع ويسجدون له هناك : وهلم موضع يقال له

زوجين فالنة وأعطين كذا : ويطلبون حاجات الدنيا حىت إن الرجل يقول له فيما يسأل ال يذوق شيئا يتضرع إليه ويسأله احلاجة حىت إنه رمبا ينفق ومنهم من يأتيه فيقيم عنده األيام والليايل

:الربكسهيكية

ومن ذلك الربكسهيكية من سننهم أن يتخذوا ألنفسهم صنما يعبدونه ويقربون له اهلدايا

وموضع متعبدهم له أن ينظروا إىل باسق الشجر وملتفه مثل الشجر الذي يكون يف اجلبال فيلتمسون منها أحسنها وهلا فيجعلون ذلك املوضع موضع متعبدهم مث يأخذون ذلك الصنم فيأتون شجرة عظيمة من ذلك الشجر وأط

فينقبون فيها موضعا فريكبونه فيها فيكون سجودهم وطوافهم حنو تلك الشجرة )٢٦٠ \ ٢ (

:الدهكينية

ومن ذلك الدهكينية له أيد كثرية من سننهم أن يتخذوا صنما على صورة امرأة وفوق رأسه تاج و

وهلم عيد يف يوم من أيام السنة عند استواء الليل والنهار ودخول الشمس امليزان فيتخذونه يف ذلك اليوم عريشا عظيما بني يدي ذلك الصنم ويقربون إليه القرابني من الغنم وغريها وال يذحبوهنا ولكن يضربون أعناقهم بني يديه

بالسيوف قربانا بالغيلة حىت ينقضي عيدهم وهم مسيئون عند عامة اهلند بسبب الغيلة ويقتلون من أصابوا من الناس

:اجللهكية أي عباد املاء

ومن ذلك اجللهكية أي عباد املاء يزعمون أن املاء ملك ومعه مالئكة وأنه أصل كل شيء وبه كل والدة ومنو ونشوء وبقاء وطهارة وعمارة وما من

ىل املاء عمل يف الدنيا إال وهو حمتاج إفإذا أراد الرجل عبادته جترد وستر عورته مث دخل املاء إىل وسطه فيقيم ساعة أو ساعتني أو أكثر ويأخذ ما أمكنه

Page 288: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

من الرياحني فيقطعها صغارا ويلقي فيه بعضها بعد بعض وهو يسبح ويقرأ وإذا أراد االنصراف حرك املاء بيده مث ارجا مث سجد وانصرف أخذ منه فنقط به رأسه ووجهه وسائر جسده خ

:األكنواطرية أي عباد النار

ومن ذلك األكنواطرية أي عباد النار زعموا أن النار أعظم العناصر جرما وأوسعها حيزا وأعالها مكانا وأشرفها جوهرا وأنورها ضياء وإشراقا وألطفها

جسما وكيانا لعامل إال هبا وال حياة وال منو وال انعقاد إال مبمازجتها واالحتياج إليها من االحتياج إىل سائر الطبائع وال كون يف ا

)٢٦١ \ ٢ ( وإمنا عبادهتم هلا أن حيفروا أخدودها مربعا يف األرض ويؤججوا النار فيه مث ال يدعون طعاما لذيذا وال شرابا لطيفا

ا هبا وال ثوبا فاخرا وال عطرا فائحا وال جوهرا نقيا إال طرحوه فيها تقربا إليها وتربك وحرموا إلقاء النفوس فيها وإحراق األبدان هبا خالفا جلماعة أخرى من زهاد اهلند

وعلى هذا املذهب أكثر ملوك اهلند وعظمائها يعظمون النار جلوهرها تعظيما بالغا ويقدموهنا على املوجودات كلها ليها من أنفاسهم صدر عن صدر ومنهم زهاد وعباد جيلسون حول النار صائمني يسدون منافسهم حىت ال يصل إ

حمرم الكذب واحلسد واحلقد واللجاج والبغي واحلرص : وسنتهم احلث على األخالق احلسنة واملنع من أضدادها وهي

والبطر فإذا جترد اإلنسان عنها قرب من النار وتقرب إليها

حكماء اهلند: الفصل اخلامس

قد تلقى احلكمة منه وتلمذ له مث صار إىل مدينة من مدائن اهلند كان لفيثاغورس احلكيم اليوناين تلميذ قالنوس وأشاع فيها مذهب فيثاغورس

وكان برمخنني رجال جيد الذهن نافذ البصرية صائب الفكر راغبا يف معرفة العوامل العلوية قد أخذ من قالنوس احلكيم حكمته واستفاد منه علمه وصنعته

ى اهلند كلهم فرغب الناس يف تلطيف األبدان وهتذيب األنفس فلما تويف قالنوس ترأس برمخنني علأي امرئ هذب نفسه وأسرع اخلروج عن هذا العامل الدنس وطهر بدنه من أوساخه ظهر له كل شيء : وكان يقول

متعذر وكان حمبورا مسرورا ملتذا عاشقا ال ميل وال يكل وال ) ٢٦٢ \ ٢( وعاين كل غائب وقدر على كل ال لغوب ميسه نصب و

فلما هنج هلم الطريق واحتج عليهم باحلجج املقنعة اجتهدوا اجتهادا شديدا إن ترك لذات هذا العامل هو الذي يلحقكم بذلك العامل حىت تتصلوا به وتنخرطوا يف سلكه : وكان يقول أيضا

وختلدوا يف لذاته ونعيمه فدرس أهل اهلند هذا القول ورسخ يف عقوهلم

:بعد وفاة برمخنني اختالف اهلنود

Page 289: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

: مث تويف عنهم برمخنني وقد جتسم القول يف عقوهلم لشدة احلرص والعجلة يف اللحاق بذلك العامل فافترقوا فرقتني إن التناسل يف هذا العامل هو اخلطأ الذي ال خطأ أبني منه إذ هو نتيجة اللذة اجلسدانية ومثرة النطفة : فرقة قالت

يؤدي إليه من الطعام اللذيذ والشراب الصايف وكل ما يهيج الشهوة واللذة احليوانية الشهوانية فهو حرام وما وينشط القوة البهيمية فهو حرام أيضا فاكتفوا بالقليل من الغذاء على قدر ما تثبت به أبداهنم

ومنهم من كان ال يرى ذلك القليل أيضا ليكون حلاقه بالعامل األعلى أسرع ه قد تنفس ألقى بنفسه يف النار تزكية لنفسه وتطهريا لبدنه وختليصا لروحه ومنهم من إذا رأى عمر

ومنهم من جيمع مالذ الدنيا من الطعام والشراب والكسوة فيمثلها نصب عينيه لكي يراها البصر وتتحرك نفسه عف النفس وتفارق البهيمية إليها فتشتاقها وتشتهيها فيمنع نفسه عنها بقوة النفس املنطقية حىت يذبل البدن وتض

البدن لضعف الرباط الذي كان يربطها به فإهنم كانوا يرون التناسل والطعام والشراب وسائر اللذات بالقدر الذي هو طريق احلق حالال : وأما الفريق اآلخر

وقليل منهم من يتعدى عن الطريق ويطلب الزيادة )٢٦٣ \ ٢ (

رس من احلكمة والعلم فتلطفوا حىت صاروا يظهرون على ما يف أنفس وكان قوم من الفريقني سلكوا مذهب فيثاغوأصحاهبم من اخلري والشر وحيربون بذلك فيزيدهم ذلك حرصا على رياضة الفكر وقهر النفس األمارة بالسوء

واللحوق مبا حلق به أصحاهبم اه إال من استأهل رؤيته واستحقها ومذهبهم يف الباري تعاىل أنه نور حمض إال أنه البس جسدا ما يستتر به لئال ير

كالذي يلبس يف هذا العامل جلد حيوان فإذا خلعه نظر إليه من وقع بصره عليه وإذا مل يلبسه مل يقدر أحد من النظر إليه

ويزعمون أهنم كالسبايا يف هذا العامل فإن من حارب النفس الشهوية حىت منعها عن مالذها فهو الناجي من دنيات فلي ومن مل مينعها بقي أسريا يف بدهنا والذي يريد أن حيارب هذا أمجع فإمنا يقدر على حماربتها بنفي التجرب العامل الس

والعجب وتسكني الشهوة واحلرص والبعد عما يدل عليها ويوصل إليها

:اإلسكندر يف اهلند

د الفريقني وهم الذين كانوا يرون وملا وصل اإلسكندر إىل تلك الديار وأراد حماربتهم صعب عليه افتتاح مدينة أحاستعمال اللذات يف هذا العامل بقدر القصد الذي ال خيرج إىل فساد البدن فجهد حىت فتحها وقتل منهم مجاعة من أهل احلكمة فكانوا يرون جثث قتالهم مطروحة كأهنا جثث السمك الصافية النقية اليت يف املاء الصايف فلما رأوا

ذلك هبم وأمسكوا عن الباقني ذلك ندموا على فعلهموهم الذين زعموا أن ال خري يف اختاذ النساء والرغبة يف النسل وال يف شيء من الشهوات : وأما الفريق الثاين

اجلسدانية كتبوا إىل اإلسكندر كتابا مدحوه فيه على حب احلكمة ومالبسة العلم وتعظيم أهل الرأي والعقل نفذ إليهم واحدا من احلكماء فنضلوه بالنظر وفضلوه بالعمل فانصرف اإلسكندر والتمسوا منه حكيما يناظرهم ف

عنهم ووصلهم جبوائز سنية وهدايا كرمية فكيف إذا لبسناها على ما جيب ) ٢٦٤ \ ٢( إذا كانت احلكمة تفعل بامللوك هذا الفعل يف هذا العامل : فقالوا

لباسها واتصلت بنا غاية االتصال ؟

Page 290: ﻞﺤﻨﻟﺍﻭ ﻞﻠﳌﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﱐﺎﺘﺳﺮﻬﺸﻟﺍ ﺪﲪﺃ …islamicbook.ws/ageda/almll-walnhl.pdf · ﻝﻭﻷﺍ ﰲ ﺎﻫﺭﺪﺼﻣ ﻦﻣﻭ ﺔﻘﻴﻠﳋﺍ

مذكورة يف كتب أرسطوطاليس ومناظراهتم ما أحسنك من نور وما أهباك وما أنورك ال تقدر : ومن سنتهم إذا نظروا إىل الشمس قد أشرقت سجدوا هلا وقالوا

األبصار أن تلتذ بالنظر إليك فإن كنت أنت النور األول الذي ال نور فوقك فلك اجملد والتسبيح وإياك نطلب وننظر إىل إبداعك األعلى وإن كان فوقك وأعلى منك نور آخر أنت معلول له وإليك نسعى لندرك السكن بقربك

فهذا التسبيح وهذا اجملد له وإمنا سعينا وتركنا مجيع لذات هذا العامل لنصري مثلك ونلحق بعاملك ونتصل بساكنك حق لكل طالب أن يهجر وإذا كان املعلول هبذا البهاء واجلالل فكيف يكون هباء العلة وجالهلا وجمدها وكماهلا ؟ ف

مجيع اللذات فيظفر باجلوار بقربه ويدخل يف غمار جنده وحزبه هذا ما وجدته من مقاالت أهل العلم ونقلته على ما وجدته فمن صادف فيه خلال يف النقل فأصلحه أصلح اهللا عز

حاله وسدد أقواله وأفعاله وهو حسبنا ونعم الوكيل -بفضله -و جل لعاملني وصلواته على سيد املرسلني حممد املصطفى وآله الطيبني الطاهرين وصحابته األكرمني وسلم واحلمد هللا رب ا

تسليما كثريا )٢٦٤ \ ٢ (

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي