33
ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻟﻚ إﻳﺼﺎل ﻣﺎﻟﻚ اﻹﻣﺎم أﺻﻮل ﺗﺄﻟﻴﻒ: اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻴﺪي اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﻦ اﷲ رﺣﻤﻪ ـ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ اﻟﻮﻻﺗﻲ اﷲ ﻋﺒﺪ ـت) 1330 / ﻫـ1912 ( م وﻫﻮ أﲪﺪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح ـ اﷲ رﲪﻪ ـ ﻛﻒ أﰊ ﺑﻦ اﳌﺎﻟﻜﻲ اﻟﻔﻘﻪ أﺻﻮل

Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

  • Upload
    sahihnl

  • View
    57

  • Download
    19

Embed Size (px)

DESCRIPTION

إيصال السالك في أصول الإمام مالكCommentaar op het gedicht 'isal al-salik' over de Usul van de Maliki wetschool .

Citation preview

Page 1: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

إيصال السالك في أصول اإلمام مالك

العالمة الشيخ :تأليف بن الطالب سيدي محمد يحيى بن عمر المختار

ـعبد اهللا الوالتي الشنقيطي ـ رحمه اهللا م)1912هـ/1330(ت

يف أصول الفقه املالكيبن أيب كف ـ رمحه اهللا ـ شرح على منظومة أمحد وهو

Page 2: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

2

لوهراني: الشاطبي انقله ورتبه م08/2005في

بسم اهللا الرمحن الرحيم

إيصال السالك في أصول اإلمام مالك

تأليف العالمة الشيخ سيدي حممد حيىي بن عمر املختار بن الطالب عبد اهللا ـ رمحه اهللا ـ

الطبعة املنقول عنها: طبع على نفقة املكتبة العلمية، لصاحبيها: حممد األمني وأخيه الطاهر

ج سوق البالط تونس، ا م1928/هـ1346، 57ملطبعة التونسية ـ

ترجمة الشارح:

هو العامل املربز الشيخ حممد حيىي بن املختار بن الطالب الشنقيطي الواليت، يتصل نسبه بالبضعة الطاهرة واحلرم املصون؛ كان آية يف طالقة اللسان وعدم التكلف، صادق اللهجة

م.مصداعا يغضب للحق، ويرضى لرض اه على سنن العلماء من أئمة الدين وهداهـ عند عودته من قضاء فريضة احلج، وأقام 1314وقد اجتاز باحلاضرة يف حدود سنة

قات ملا ظهر عليه من وفرة العلم وبوادر الصالح وصفاء مدة كان فيها حمل العناية من سائر الطب السريرة.

ري تركه بتونس، ومن أجل ما امتاز به وله من التآليف غري هذا الشرح شرح صحيح البخاهذا الشرح التنبيه على كل حديث متسك به إمام دار اهلجرة مالك يف بناء مذهبه؛ وشرح منظومة ابن عاصم يف األصول ، وخالصة الوفاء على خنبة االصطفاء يف طهارة أصول املصطفى

Page 3: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

3

ا، وتأليف يف من الشرك والعهر واجلفا، طبع باملطبعة الرمسية يف تونس عندما كان الشيخ كرميا العربية ألفه يف طريق احلج البنيه توجد منه نسخة بتونس أيضا.

هللا عليه، من عامل فاضل نزيه. فرمحة ا 1320وقد انقطعت عنا أخباره من عام [ترجمة أخرى له من مقدمة الطبعة الحجرية بفاس لشرحيه في األصول]

ى مراقي السعود) و(نيل السول على مرتقى الوصول) [صاحب الشرحني (فتح الودود عل

تأليفي اإلمامني احملققني سيدي عبد اهللا بن احلاج إبراهيم الشنقيطي واإلمام أيب بكر حممد بن حممد بن عاصم األندلسي الغرناطي هو البحر الزاخر، ذو املآثر اجلميلة واملفاخر، إمام العلم

ب مسائه، حممد حيي بن حممد املختار بن الطالب عبد وحامل لوائه، وحافظ علم األصول وكوك اهللا احلوضي مث الواليت.

له من التآليف ما ال حيصى كثرة: ـ شرح صحيح البخاري شرحا نفيسا

ـ وشرح خمتصر ابن أيب مجرة له كذلك شرحا يف غاية النفاسة، ة مساه اجملاز الواضح ـ وله نطم نفيس يف القواعد مجع فيه كل ما يف منهج الزقاق بزياد

وشرحه شرحا عجيبا مساه الدليل املاهر الناصح ـ وشرح تكميل ميارة للمنهج املذكور شرحا طويال كثري الفوائد

ـ وله شرح نفيس على احلصن احلصني ـ وله تأليف حسن يف الفروع مع بيان أدلتها من الكتاب والسنة يقول فيه احلكم كذا لقوله

، واحلكم كذا حلديث كذا وكذا، مساه منبع العلم والتقى، وشرحه شرحا نفيسا تعاىل كذا وكذا مساه العروة الوثقى.

ـ إىل غري ذلك من مصنفاته احلسان. كان إماما من أهل اجلد ال تأخذه يف اهللا لومة الئم، كثري الردع ألهل البدع واملناكر؛

ة ونفع املسلمني مبؤلفاته مثل الشرحني والعهد به يف قيد احلياة أطال اهللا عمره يف العافي املذكورين وغريمها.

Page 4: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

4

كتبه عبد ربه وأسري ذنبه حممد حبيب اهللا بن ما يايب. عامله اهللا بلطفه اخلفي. هـ.] 1327فاس ـ

قمت بفصل وتوضيح أبيات املنظومة عن الشرح. :]من الشاطبي الوهراني تنبيه[

بسم اهللا الرمحن الرحيم

لسالم على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم تسليما كثريا والصالة وا أدلة الشرع اإلمجالية والتفصيلية، وأمر العلماء احلمد هللا الذي أنزل على نبينا حممد

باستخراج الفروع منها بالنظر املستمد من أنواره الساطعة اجللية، وجعل معانيها ال تنفد أبد مة جيددون الشريعة كأنبياء بين إسرائيل كلما فنيت طبقة اآلباد السرمدية، وجعل علماء هذه األ

خلفتها طبقة قائمة بالوظائف السنية؛ والصالة والسالم على سيدنا حممد اآلمر بالنظر يف أصول الشريعة الكلية، واستنباط الفروع اجلزئية، وعلى آله وأصحابه البالغني يف العلم الشرعي درجة

م ناج ألن اهللا تعاىل جعل أقواهلم وأفعاهلم حجة شرعية، االجتهاد العلية، الذين من ا قتدى صالة وسالما دائمني متالزمني إىل يوم يوزن مداد العلماء بدم الشهداء، وتكون ملداد العلماء يف

الوزن الرجحانية. أما بعد:عبد فيقول أفقر العبيد إىل مواله الغين عمن سواه، حممد حيىي بن حممد املختار بن الطالب

اهللا: هذا شرح واضح طلبه مين من ال تسعين خمالفته، وجتب طبعا على نفسي مساعدته وموافقته، وهو أخي وحبييب عبد اهللا بن سيدي أمحد، طلب مين أن أشرح له منظومة أبيه الشهري الفقيه النحرير سيدي أمحد بن حممد بن أيب كف اليت مجع فيها أصول مذهب مالك بالعد ال

ث عن عوارضها الذاتية، وال بتعريفها باحلدـ تقريبا حلفظها وفهمها واستحضارها ملن له علم بالبح بعوارضها وحدودها وله اعتناء باستعماهلا واعتبارها.

Page 5: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

5

فأقول ـ وباهللا التوفيق وهو اهلادي مبنه إىل سواء الطريق ـ: قال الناظم سيدي أمحد بن حممد نا من بركاته:بن أيب كف رمحه اهللا وأعاد علي

دالئـل الشـرع العزيز العلمـا احلمـد للــه الذي قد فهمـا

أي احلمد كله مقصور على اهللا عز وجل أي ال يستحقه إال اهللا عز وجل، ومعناه لغة ا أصوله اإلمجالية؛ وتفهيم اهللا إياها وشرعا معروف، والتفهيم: التعليم، ودالئل الشرع: املراد

ا هنا براعة للعلماء هو تعلي مه هلم حبقائقها وكيفية استعماهلا وإنتاج الفروع منها، ويف التعبري استهالل.

على النبـي اهلـامشي أمحــدا مث الصـالة والسـالم أبـــدا

والتابعيــن هلـم على الـدوام وآلـه الغر وصحبـه الكــرام

لى النيب املنسوب إىل هاشم بن عبد أي نطلب من اهللا دوام الصالة والسالم أبد اآلباد عاملناف املسمى بـ"أمحد" وهو نبينا صلى اهللا عليه (و) على (آله الغر) أي بيض الوجوه، مجع م احلسية واملعنوية، ألن البياض يكىن به م وطهار أغر؛ والغرة: بياض الوجه، وهي كناية عن إميا

ذنا اهللا منه، أو كناية عن كرمهم، ألن بياض عن اإلميان، كما أن السواد يكىن به عن الكفر أعام من أهل اجلنة، إذ قد ورد اخلرب الوجه يستلزم طالقته، وطالقته تستلزم الكرم، أو كناية عن كو

أن أهل اجلنة يدعون يوم القيامة غرا حمجلني من أثر الوضوء، ولفظه "إن أميت عن رسول اهللا ثر الوضوء"يدعون يوم القيامة غرا حمجلني من أ

(و) على (صحبه الكرام) طبعا وشرعا (و) على (التابعني هلم) من املؤمنني يف العلم والعمل (على الدوام) أي إىل يوم القيامة. ذكر مباين الفقه يف الشرع العزيـز وبعد فالقصد بذا النظم الوجيـز

فاملقصود ألن فعال (فالقصد) أي (وبعد) أي وبعد احلمد والصالة والسالم على النيب يأيت مبعىن مفعول (بذا النظم الوجيز) أي املنظوم املختصر، أي الكثري املعىن القليل اللفظ (ذكر مباين الفقه) أي أصوله اإلمجالية، ألن املباين مجع مبىن؛ واملبىن لغة: األساس واألصل احلسي

ه املعىن الكلي الذي تبىن عليه الذي يبىن عليه اجلدار حسا، واملراد به هنا أساس الشرع وأصل فروع الشريعة املعنوية.

Page 6: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

6

والفقه لغة الفهم، واصطالحا العلم باألحكام الشرعية العملية املكتسب من األدلة التفصيلية، فقولنا: العلم جنس، وقولنا: باألحكام قيد خرج به العلم بالذات والصفات واألفعال،

التامة اليت هي ثبوت أمر آلخر إجيابا أو سلبا، وقولنا: فال يسمى فقها، واملراد باألحكام النسب الشرعية معناه أن تلك األحكام البد أن تكون مأخوذة من الشرع بالتصريح أو باالستنباط، فخرجت األحكام العقلية ضرورية كانت كاحلكم بأن الواحد نصف االثنني، أو نظرية كاحلكم

احلكم بأن اجلدار طوب وحجر، وخرجت األحكام بأن األثر البد له من مؤثر، واحلسية ك العادية كاحلكم بأن النار حمرقة، فال يسمى العلم من هذه فقها.

وقولنا: العملية، معناه أن األحكام الشرعية البد أن تكون متعلقة بكيفية عمل قليب، رعية كالعلم بوجوب النية يف الوضوء، أو بدين كالعلم بسنية الوتر، فخرجت األحكام الش

االعتقادية أي اليت مل تتعلق بكيفية عمل، كالعلم بأن اهللا واحد، وأنه جيب له الكمال، ويستحيل عليه النقص، فال يسمى العلم بذلك فقها.

وقولنا املكتسب معناه: أن العلم باألحكام الشرعية العملية البد أن يكون مكتسبا، أي األدلة الشرعية ليخرج علم اهللا وعلم كل نيب ملك فال مأخوذا بالنظر والتأمل وإعمال الفكر يف

يسمى فقها ألنه ليس مكتسبا.وقولنا: من األدلة التفصيلية، أي اآليات القرآنية واألحاديث النبوية، أي مكتسبا من النظر فيها واالستنباط منها، فيخرج علم املقلدين اخللص أي الذين ليس هلم إال حفظ فروع املذهب

كجل علماء عصرنا، فال يسمى علمهم بذلك فقها، بل يسمى نقال ورواية، إذ مل وضبطهايكتسبوا تلك الفروع بالنظر يف األدلة التفصيلية، وإمنا اكتسبوا بالنقل والرواية من بطون الكتب ا املعتمدة، فليس هلم فيها إال جمرد نقلها للناس وروايتها وحفظها، وال حجة هلم على كو

رعية إال منقولة بالتواتر عن اجملتهدين الذين استخرجوها بالنظر واالستنباط من األدلة أحكاما ش التفصيلية اليت هي الكتاب والسنة.

وفتوى اجملتهد حكم اهللا يف حقه وحق مقلديه.

Page 7: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

7

وقوله: (يف الشرع العزيز) متعلق بقوله الفقه، ألن املراد به يف النظم معناه اللغوي هو أن املقصود بالنظم ذكر األصول اليت تفقه منها أي تفهم منها أحكام الشرع الفهم، واملعىن

العزيز بالنظر واالستنباط. وأستمد منه فتحــه املبيــن فقلت واللـه املعيـن أستعيــن

فقوله اهللا مفعول مقدم لقوله أستعني إلفادة التخصيص أي أنه ال يطلب العون إال من طلب اإلمداد بالفتح املبني باألنوار اإلهلية إال من اهللا عز وجل.اهللا، وال يستمد أي ال ي

مالك اإلمام ستــة عشـــر أدلـة املذهب مذهـب األغـر

يعين رمحه اهللا تعاىل أن أصول مالك اإلمجالية اليت يستخرج منها األحكام الشرعية الفرعية . ويعتمد عليها يف العمل واإلفتاء والقضاء ستة عشر دليال

واإلمجالية: هي اليت ال تعني مسألة جزئية ككون النص من الكتاب والسنة حجة شرعية مث شرع يف تعديدها فقال:

سنـــة من لــه أمت املنــه نص الكتـاب مث نص السنــه

يعين أن أول أدلة مذهب مالك الستة عشر النص من الكتاب والسنة الصحيحة متواترة فيضة أو آحادا.كانت أو مست

والنص: هو اللفظ الدال على معىن ال حيتمل غريه أصال، مثاله من الكتاب قوله تعاىل يف فصيام ثالثة أيام يف احلج وسبعة إذا رجعتم، تلك عشرة صيام املتمتع الذي مل جيد هديا

زمه صوم ، فقوله تعاىل تلك عشرة كاملة نص يف أن املتمتع أي الذي مل جيد هديا يلكاملةاجلموع الثالثة اليت يف احلج، والسبعة اليت بعد الرجوع الذي هو العشرة، ومثاله من السنة قوله

إن اهللا حرم عليكم وأد البنات، فهذا نص يف حترمي دفن البنات الذي كان يفعله أهل" : اجلاهلية.

ذي أمت اهللا له املنة أي ال وقوله: (سنة من له أمت املنه) معناه: أن املراد بالسنة سنة النيب الفضل.

سنـة من بالفضل كلـه قمـن وظاهر الكتـاب والظاهـر مـن

يعين أن الدليل الثاين من أدلة مذهب مالك الظاهر من الكتاب أو السنة الصحيحة.

Page 8: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

8

والظاهر: هو اللفظ الدال يف حمل النطق على معىن لكنه حيتمل غريه احتماال مرجوحا؛ ته على املعىن الراجح فيه تسمى ظاهرا، وداللته على املعىن املرجوح فيه تسمى تأويال.فدالل

فإنه ظاهر يف أن املظاهر فإطعام ستني مسكينامثال الظاهر من الكتاب قوله تعاىل الذي مل يستطع الصوم جيب عليه إطعام ستني شخصا مسكينا أي فقريا ال مال له لكل مد، وال

ها ملسكني واحد، وال إعطاء مدين منها له أيضا؛ وحيتمل أن املراد باملسكني املد جيزي إعطاؤ ألنه من أمسائه، ويكون املعىن: فإطعام طعام ستني مدا، وعليه فيجزئ إعطاء مجيع الكفارة

ملسكني واحد ستني يوما يف كل يوم مد. واألول مذهب اجلمهور والثاين مذهب احلنفية.الثابت يف سنن أيب داود "من مل يبيت الصيام من الليل فال صيام قوله ومثاله من السنة

له"، فإنه ظاهر يف أن تبييت النية واجب يف كل صيام، ألن املعرف بـ"ال" والنكرة يف سياق النفي للعموم ظاهرا، وحيتمل أن املراد بالصيام صيام النذر والقضاء، فيكون املراد به بعض أفراده،

من الصوم يصح بدون تبييت النية، واألول مذهب اجلمهور، والثاين مذهب احلنفية وأن غريمها أيضا.

والقاعدة الشرعية ترجيح الظاهر على التأويل عند مجيع العلماء إال إذا عضد التأويل دليل فإن ظاهر اآلية أن يا أيها الذين آمنوا إمنا املشركون جنسآخر من الشريعة كما يف قوله تعاىل

ملشرك وعرقه وثيابه وسائر لعابه جنس جناسة حسية وبه متسك الظاهرية، وحيتمل أن املراد اذا التأويل متسك مالك وقدمه على الظاهر بنجاسته النجاسة املعنوية اليت هي الشرك واجلنابة، وألنه عضده عنده قياس العكس، وهو أن املوت ملا كان سببا لنجاسة كل حيوان كان القياس أن يكون عكسها الذي هو احلياة سببا لطهارة كل حيوان، فلذلك كان الكافر وعرقه ولعابه طاهرا

عند مالك."ال صالة جلار املسجد إال يف املسجد" فإن ظاهره نفي الصحة عند صالة الفذ وكقوله

ر اجملاور للمسجد، وبه متسك أمحد يف أحد قوليه، وتأويله نفي الكمال عنها وبه متسك اجلمهو "صالة وقدمه على الظاهر ألنه عضده اإلمجاع على صحة صالة الفذ اجملاور للمسجد، وقوله

اجلماعة تفضل صالة الفذ بسبع وعشرين درجة"، فقوله: "تفضل" دليل على أن صالة الفذ صحيحة إال أن صالة اجلماعة أزيد منها يف الفضل.

Page 9: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

9

الظاهر ممنوعا وإال تعني التأويل وحمل كون الظاهر أيضا أرجح من التأويل ما مل يكن اآلية، فإن ظاهرها أن يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكمكقوله تعاىل

غسل الوجه وما بعده أي الوضوء ال يطلب من املصلي إال بعد قيامه للصالة، وذلك ممنوع ة.فتعني التأويل باإلرادة أي إذا أردمت القيام إىل الصال

فإن ظاهره أن فإذا قرأت القرآن فاستعذ باهللا من الشيطان الرجيموكقوله تعاىل االستعاذة ال تطلب من القارئ إال بعد قراءة القرآن، وذلك ممنوع فتعني التأويل باإلرادة أيضا.

فإن ظاهره أن الصوم ال جيب إال يف فمن شهد منك الشهر فليصمهوكقوله تعاىل هود لغة احلضور، والشهر اسم لثالثني ليلة، أي ذلك هو معناه احلقيقي، والصوم شوال، ألن الش

مل يؤمر به إال بعد شهوده، وشهوده ال ميكن إال بتمامه، وذلك ممنوع فتعني التأويل باجملاز أي حبمل لفظ الشهر على معىن جمازي، وهو أن املراد به أول ليلة منه من تسمية البعض باسم الكل

الصوم املأمور به بعد الشهود للشهر يف رمضان. ليصح كون مث دليـــل سنــــة األواه مث الدليل من كتـاب اللـــه

يعين أن الدليل الثالث من أدلة مذهب مالك اإلمجالية دليل اخلطاب من الكتاب والسنة، حنيفة، وهو جيري يف وهو مفهوم الكخالفة منهما، وهو حجة عند مالك والشافعي وأنكره أبو

الشرط والغاية واحلصر والعدد والعلة والوصف والظرف.وإن كن أوالت محل مثال مفهوم الشرط من كتاب اهللا قوله تعاىل يف املطلقات البوائن

فمفهومه أن غري أوالت احلمل من املطلقات البوائن ال جتب على الزوج هلن فأنفقوا عليهن نفقة.

"من ابتاع طعاما فال يبعه حىت يستوفيه"، فمفهومه أن من وهب له ومثاله من السنة قو له طعام جيوز بيعه قبل استيفائه، وهو كذلك عند مالك.

فال أي الثالثة فإن طلقهاومثاله يف الغاية من كتاب اهللا قوله تعاىل يف املطلقات ثالثا ت زوجا غري زوجها األول أي ، فمفهومه أن املبتوتة إذا نكححتل له حىت تنكح زوجا غريه

ا حتل لزوجها األول إذا طلقها الثاين، وهو كذلك أيضا. وطئها يف نكاح صحيح الزم أ

Page 10: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

10

"رفع القلم عن ثالثة: الصيب حىت يبلغ، واجملنون حىت يفيق، ومثاله من السنة قوله والنائم إذا استيقظ ال والنائم حىت يستيقظ، فمفهوم الغاية أن الصيب إذا بلغ، واجملنون إذا أفاق،

م خطاب اهللا باألحكام الشرعية، ألن معىن رفع القلم رفع اخلطاب يرفع عنهم القلم، بل يتعلق التكليفي.

الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد ومثاله يف العدد من كتاب اهللا قوله تعاىل يف البكر الزاين دة على ذلك العدد والنقص منه ال جيوز.فمفهوم قوله مائة جلدة أن الزيا منهما مائة جلدة

"إذا ولغ الكلب يف إناء أحدكم فليغسله سبع مرات" فمفهوم ومثاله من السنة قوله العدد أن الزيادة على السبع وأن النقص منها غري جائز.

أي طاقتها، ال يكلف اهللا نفسا إال وسعهاومثاله يف احلصر من كتاب اهللا قوله تعاىل صر أن الذي يف الوسع من املأمورات هو الذي يكلف به.فمفهوم احل

"ال يقبل اهللا صالة بغري طهور" أي وضوء أو غسل أو بدهلما ومثاله فيه من السنة قوله وهو التيمم ملن عجز عنهما، فمفهوم احلصر أن الصالة الواقعة بطهور مقبولة أي صحيحة.

ربائبكم اليت يف حجوركم من نسائكم اليت و ومثاله يف الصفة من كتاب اهللا قوله تعاىل ن ا الزوج، وإمنا عقد عليها دخلتم ن أن الزوجة اليت مل يدخل فمفهوم قوله الاليت دخلتم

فقط ال حترم عليه بنتها أي ال حيرم عليه نكاحها.جتب "يف الغنم السائمة زكاة" فمفهوم الصفة أن املعلوفة ال ومثاله فيها من السنة قوله

فيها زكاة وهو كذلك عند غري مالك.وأنتم عاكفون وقوله احلج أشهر معلوماتومثاله يف الظرف من كتاب اهللا قوله تعاىل

فمفهوم الظرف أن احلج يف غري تلك األشهر، واالعتكاف يف غري املساجد غري يف املساجد مشروع وال حيل.

تحت أبواب السماء وأغلقت أبواب "إذا دخل رمضان ف ومثاله فيه من السنة قوله "إذا حلم أحدكم حلما خيافه فليبصق عن يساره" فمفهوم الظرف أن غري جهنم"، وقوله

Page 11: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

11

رمضان من الشهور ال تفتح فيه أبواب السماء وال تغلق فيه أبواب جهنم، وأن البصاق عن اليمني أو عن األمام أو الوراء ال يؤمر به من حلم حلما خيافه.

ن دليل اخلطاب حجة شرعية ما مل يكن له مانع شرعي، وموانعه ستة: وحمل كو منها كون ذكر القيد الذي هو الشرط أو الوصف أو غريمها من القيود اليت جيري فيها دليل

فوصف وربائبكم الاليت يف حجوركماخلطاب خارجا خمرج الغالب ال خمرج التقييد كقوله تعاىل ن يف حجر الزو ج خرج خمرج الغالب، ألن الغالب يف الربيبة أن تكون يف حجر الربائب بكو

زوج أمها، فليس مقصودا به تقييد حترمي الربيبة على زوج أمها مبا إذا كانت يف حجره فتحرم عليه وإن مل تكن يف حجره فال حترم، وهذا هو مذهب مالك خالفا للظاهري فإنه اعترب التقييد.

وهو الذي سخر لكم البحر متنان ال التقييد كقوله تعاىل ومنها كون ذكر القيد ألجل االفوصف اللحم بالطراوة خرج خمرج امتنان اهللا على عبيده ال ألجل تقييد لتأكلوا منه حلما طريا

جواز أكل اللحم بكونه طريا فال جيوز أكل القديد.اليوم اآلخر أن حتد : "ال حيل المرأة تؤمن باهللا و ومنها خروج القيد خمرج التوكيد كقوله

على ميت إال على زوجها أربعة أشهر وعشرا" فوصف املرأة باإلميان باهللا واليوم اآلخر خرج خمرج التأكيد ال لقصد التقيد، وإن كان غري املؤمنة كالكتابية حيل هلا اإلحداد على غري الزوج فوق

الكتابية اليت حتت املسلم ثالث وال جيب عليها اإلحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا، بل واملسلمة يف ذلك سواء.

ال يتخذ املؤمنون الكافرين أولياء ومنها كون ذكر القيد ألجل بيان الواقع حنو قوله تعاىل: فتقييد النهي عن مواالة الكفار مبا إذا كانت من دون املؤمنني خرج لبيان من دون املؤمنني

م إذا مل تكن من دون املؤمنني، بل مواالة الكفار الواقع حني النهي فال يدل على جواز مو اال مطلقا سواء من دون املؤمنني أم ال.

إن تستغفر هلم سبعني مرة ومنها املبالغة حنو قوله تعاىل يف النهي عن االستغفار للمنافقني الغة يف فتقييد االستغفار بكونه إن وقع سبعني مرة ال ينفعهم خرج خمرج املب فلن يغفر اهللا هلم

إذا زاد على السبعني ينفعهم ذلك، بل املراد أن استغفاره عدم الغفران، فال يدل على أن النيب هلم ال ينفعهم ولو بلغ منتهى العدد.

Page 12: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

12

: "يف الغنم السائمة زكاة" فتقييد ومنها كون القيد ذكر ألجل سؤال سائل عنه كقوله عن الغنم السائمة، فال يدل على أن املعلوفة ال الغنم بالسؤم إمنا كان ألن سائال سأل النيب

جتب فيها الزكاة، بل املعلوفة والسائمة سيام يف وجوب الزكاة، وهذا هو مذهب مالك. ـا يقـول تنبيـه قرآن وسنـة الرســول ومن أصولــه اليت

ا يقول ا أي هذا هو الرابع من أدلة مذهب مالك، يعين أن من أصول مالك اليت ا يف الشرعيات تنبيه اخلطاب من القرآن وتنبيه اخلطاب من سنة الرسول ويسمى أيضا حيتج

بفحوى اخلطاب، وهو مفهوم املوافقة، وإمنا مسي مفهوم املوافقة لكون املعىن املسكوت عنه موافقا اخلطاب باملعىن للمعىن املنطوق به يف احلكم، وإمنا مسي بتنبيه اخلطاب ألن السامع يتنبه عند

املنطوق به وحده إىل داللة اللفظ على معىن غري مذكور موافق للمعىن املذكور يف احلكم باملساواة له فيه، واألولية به عنه.

وتدل إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما فمثال مفهوم املساوي من القرآن قوله تعاىل ظلما يف التحرمي ألن العلة يف التحرمي أكله ظلما باملفهوم املوافق على مساواة إحراقه ألكله

اإلتالف، وتلك العلة موجودة بتمامها يف إحراقه.فإن اآلية تدل باملنطوق فال تقل هلما أفومثال مفهوم األوىل من القرآن قوله تعاىل

حرمي من على حترمي التأفيف على الوالدين، وتدل باملفهوم املوافق على أن ضربه هلما أوىل بالتالتأفيف، ألن العلة يف حترمي التأفيف عليهما هي اإليذاء، وتلك العلة أمت يف الضرب منها يف

التأفيف.الثابت يف البخاري: ومثال تنبيه اخلطاب املساوي للمنطوق يف احلكم من السنة قوله

على أن مال العبد "من ابتاع عبدا فماله للذي باعه إال أن يشرتطه املبتاع"، فإنه يدل باملنطوقاملبيع للبائع إال أن يشرتطه املشرتي، ويدل باملفهوم املوافق على أن مال األمة املبيعة مساو ملال

العبد املبيع فيما ذكر.الثابت يف البخاري ومثال تنبيه اخلطاب األوىل باحلكم من املنطوق من السنة قوله

كراع لقبلته"، فإنه يدل باملنطوق على أن أيضا: "لو دعيت إىل كراع ألجبت، ولو أهدي إيل

Page 13: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

13

إجابة الداعي إىل كراع وقبول الكراع هدية سنة، ويدل باملفهوم املوافق على أن ما هو أكثر من الكراع أوىل بسنية القبول وإجابة الداعي إليه.

طاب قال يف مجع اجلوامع: قال الشافعي واإلمامان إمام احلرمني واإلمام الرازي: إن تنبيه اخلمن باب القياس اجللي، وقيل من باب داللة اللفظ. يعين أن اللفظ الدال على املنطوق دل عليه ا جمازية من باب فال حيتاج للقياس، واختلف يف كيفية داللته عليه، فقال الغزايل واآلمدي إ

اإليذاء؛ إطالق األخص، وهو منع التأفيف واألكل يف آييت الوالدين واليتيم على األعم وهو منعقلت: وهو جماز مرسل، وقيل إن داللة اللفظ على تنبيه اخلطاب حقيقة عرفية، وإن العرف نقل لفظ التأفيف ولفظ األكل يف اآليتني مثال على معنامها األخص إىل معىن يعمهما وغريمها

رفا.وهو اإليذاء يف األول واإلتالف يف الثاين ليكون الضرب واإلحراق يف منطوق اآليتني عـج الصـواب وحجة لديـه مفهوم الكتــاب وسنة اهلادي إىل

اهلادي إىل طريق الصواب حجة شرعية عند يعين أن مفهوم الكتاب والسنة سنة النيب ا وهو اخلامس من األدلة املعدودة يف النظم؛ واملراد مالك، يعين أنه من أدلة مالك اليت يستدل

تضاء. واالقتضاء على قسمني تصرحيي وتلوحيي:باملفهوم عنده داللة االقفالتصرحيي: هو أن يدل اللفظ داللة التزام على معىن ال يستقل املعىن األصلي بدونه

لتوقف صدقه أو صحته عليه عادة أو عقال أو شرعا، مع أن اللفظ ال يقتضيه.أوحينا إىل موسى و مثال املفهوم املتوقف صحة الكالم عليه عادة من الكتاب قوله تعاىل

فمنطوق اآلية أن اهللا عز وجل أمر موسى أن يضرب البحر أن اضرب بعصاك البحر فانفلقبعصاه، وأن البحر انفلق، ومفهومها تقدير "فضربه" قبل قوله: "فانفلق" ألن هذا املنطوق ال

بب عادي عادة بدون هذا املفهوم الذي تقديره "فضربه" قبل قوله "فانفلق"، ألن االنفالق مس عن الضرب، ووجود املسبب بدون سبب حمال عادة.

فمنطوق اآلية واسأل القريةومثال املفهوم املتوقف صحة الكالم عليه عقال قوله تعاىل األمر بسؤال القرية أي األبنية اجملتمعة، وصحة ذلك عقال متوقفة على املفهوم الذي هو تقدير

رية نفسها حمال عقال.األهل قبل قوله القرية، ألن سؤال الق

Page 14: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

14

فمنطوق وأقيموا الصالةومثال املفهوم املتوقف صحة الكالم عليه شرعا قوله تعاىل اآلية األمر بإقامة الصالة وهو املنطوق متوقفة صحته شرعا على تقدير األمر بالطهارة قبلها.

يمة األنعاموكقوله تعاىل يمة األنعام أحلت لكم حالل، وهذا فمنطوق اآلية أن املنطوق متوقفة صحته شرعا على تقدير التناول أي أحل لكم تناوهلا الشامل لألكل وغريه.

: "رفع عن أميت اخلطأ ومثال املفهوم املتوقف صدق الكالم عليه عقال من السنة قوله ذه والنسيان وما استكرهوا عليه"، فإن منطوق احلديث أن اخلطأ والنسيان واإلكراه مرفوعة عن ه

األمة، وصدق هذا الكالم متوقف عقال على املؤاخذة، أي رفع عن أميت املؤاخذة باخلطأ اخل؛ ألن نفس اخلطأ والنسيان واإلكراه غري مرفوع عن هذه األمة ملشاهدة وقوع هذه الثالثة منهم

حسا. األصلي وأما االقتضاء التلوحيي: فهو أن يدل اللفظ داللة التزام على معىن يلزم من املعىن

لكن ال يتوقف عليه صدقه وال صحته ال عقال وال شرعا وال عادة، وال يتوجه إليه القصد عادة فمنطوق اآلية جواز أحل لكم ليلة الصيام الرفث إىل نسائكممثاله من الكتاب قوله تعاىل

واز اجلماع يف كل جزء من الليل حىت اجلزء األخري منه املالقي للصباح، وذلك يلزم منه ج اإلصباح باجلنابة يف رمضان.: : "النساء ناقصات عقل ودين" قيل: وما نقصان دينهن؟ قال ومثاله من السنة قوله

ن "متكث إحداهن شطر دهرها ال تصلي" ، فمنطوق احلديث تبيني نقصان دين النساء بكوما، ألن املقام ميكثن شطر الدهر ال يصلني، وذلك يلزم منه أن أكثر أمد احليض مخسة عشر يو

مقام مبالغة يف ذم النساء بنقص العقل والدين، فلو كن ميكثن يف احليض أكثر من ذلك لذكره، ومخسة عشر يوما هي شطر الدهر. ومعىن كون املعىن املفهوم باللزوم يف اآلية واحلديث ال يتوجه

هذا املعىن، ال أن اهللا إليه القصد عادة أن املتكلم مبثل هذا الكالم يف عرف الناس ال يقصد تعاىل غري قاصد له تعاىل عن ذلك علوا كبريا، بل هو املطلع على كل خفي وجلي.

تنبيه سنة الذي جـاها عظــم مثت تنبيــه كتـاب اللــه مث

الذي عظم جاهه يعين أن من أدلة مذهب مالك التنبيه من كتاب اهللا أو من سنة النيب لتنبيه من قبيل داللة اللزوم، وتسمى بداللة اإلمياء. عند اهللا، وداللة ا

Page 15: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

15

وهي: أن يقرن الوصف حبكم لو مل يكن اقرتان الوصف بذلك احلكم لبيان كونه علة له لعابه الفطن مبقاصد الكالم، ألنه ال يليق بالفصاحة.

بقطع فإن اقرتان األمر والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهمامثاله من الكتاب قوله تعاىل يد السارق مع وصفه بالسرقة يدل باللزوم على أن السرقة هي علة القطع شرعا، إذ لو مل تكن

علة له لكان الكالم غري بليغ.ار رمضان ـ : "اعتق ومثاله من السنة قوله لألعرايب ـ الذي قال له واقعت أهلي يف

ار رمضان يدل رقبة اخل"، فإن اقرتان األمر بالتكفري مع وصف األعرايب لن فسه بالوقاع يف باللزوم على أن الوقاع علة لألمر بالتكفري بالعتق أو اإلطعام أو الصوم يف الشرع؛ إذ لو مل يكن

علة له لكان الكالم غري بليغ، بل يكون غري جواب أي غري مفيد. ذلمدينة الرسول أسـخى من بـ مثت إمجـاع وقيـس وعمــل

(مثت إمجاع) يعين أن اإلمجاع دليل من أدلة مذهب مالك، يف وهو لغة: العزم، واصطالحا: اتفاق العلماء اجملتهدين من هذه الألمة بعد وفاة النيب

أي عصر سواء كان يف عصر الصحابة أم ال، وسواء كان املتفق عليه حكما شرعيا كحلية يب أو عقليا كحدوث العامل، أو دنيويا كتدبري اجليوش.النكاح، أو لغويا ككون الفاء للتعق

وال يعترب فيه وفاق العوام مع اجملتهدين، واملراد بالعوام من مل يبلغ درجة االجتهاد، فيدخل جمتهد الفتوى، وجمتهد املذهب، أي فيعترب وفاقهم للمجتهدين املطلقني، وال ينعقد مع خمالفة

ة، والزهري من التابعني، وكاألوزاعي من تابع التابعني.إمام معترب كابن عباس من الصحابوالبد له من مستند من كتاب أو سنة أو قياس؛ وال يشرتط فيه انقراض عصر اجملمعني وال

م على عدد التواتر؛ وهو حجة شرعية عند مجيع أهل السنة لقوله تعاىل ومن يشاقق كول املؤمنني نوله ما توىل ونصله جهنم وساءت الرسول من بعد ما تبني له اهلدى ويتبع غري سبي

: "ال جتتمع أميت على ضاللة".، وقوله مصريا وهو على قسمني: نطقي وسكويت، فالنطقي هو أن يكون اجتماع اجملتهدين على احلكم

بالنطق به من كل واحد منهم، والسكويت هو أن ينطق به بعضهم ويسكت الباقون، وهو حجة ظنية؛

Page 16: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

16

لى قسمني قطعي وظين، فالقطعي منه املشاهد أو املنقول بالتواتر؛ والظين هو والنطقي عاملنقول خبرب اآلحاد الصحيح، وهو حجة ظنية. والقطعي حجة قطعية، وهو الذي مينع خرقه إلحداث قول زائد، ويقدم على ما عارضه من الكتاب والسنة والقياس ولو اجللي، ألن الكتاب

لتأويل، والقياس حيتمل املعارض أو فوت شرط من شروطه، واإلمجاع والسنة يقبالن النسخ وا معصوم من هذا كله.

م ومل خيالف يف حجية اإلمجاع إال الروافض واخلوارج والشيعة والنظام، وخالفهم لغو، أل ليسوا من أهل السنة، ومن جحد حجيته مل يكفر لكنه ابتدع شنيعة.

ومشهور ونظري. فالضروري هو الذي يكفر واجملمع عليه على ثالثة أقسام: ضروريجاحده بال خالف كتحرمي الزنا أعاذنا اهللا منه. واملشهور يكفر جاحده على املشهور إن كان منصوصا يف الكتاب والسنة، ألن جحده تكذيب للشارع، مثاله ربا اجلاهلية وربا النساء. وأما

لكتاب والسنة، كفساد احلج بالوطء قبل النظري فال يكفر جاحده اتفاقا ولو كان منصوصا يف االوقوف، وكاستحقاق بنت االبن السدس مع بنت الصلب، فإن هذين جممع عليهما ولكنهما

نظريان.(وقيس) يعين أن من أدلة مذهب مالك رمحه اهللا القياس الشرعي، وهو لغة التقدير

الرأي وينبوع الفقه، ومنه والتسوية، قال الفهري: والنظر فيه من أهم أصول الفقه إذ هو أصل تتشعب الفروع، وهو جل العلم.

وحده اصطالحا: محل معلوم على معلوم ملساواته يف علة احلكم عند احلامل. فخرج احلكم الثابت بالكتاب أو السنة فال يسمى قياسا، ودخل بقوله عند احلامل القياس الفاسد يف

حيح.نفس األمر ألنه قبل ظهور فساده معمول به كالصوأركانه أربعة، األول: املقيس عليه، وهو حمل احلكم املشبه به كالرب، والثاين: حكم األصل كتحرمي الربا يف الرب، والثالث: الفرع، وهو حمل احلكم املشبه وهو كالدخن مثال يف القياسه على

دخار يف قياس الرب، والرابع: العلة، وهو الوصف اجلامع بني املقيس واملقيس عليه كاالقتيات واال الدخن على الرب.

Page 17: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

17

وهو مقدم على خرب الواحد عند مالك إذا تعارض معه، ألن اخلرب متضمن للحكم فقط، والقياس متضمن للحكم واحلكمة أي العلة؛ وجيري يف الكفارة والتقدير واحلدود على املشهور.

فيها جبامع كل منهما مثاله يف الكفارة قياس رقبة الظهار على رقبة القتل يف اشرتاط اإلميانكفارة. ومثاله يف التقدير قياس أقل الصداق على أقل نصاب السرقة يف جعله ربع دينار جبامع كون كل منهما الستباحة عضو. ومثاله يف احلدود قياس الالئط على الزاين يف لزوم احلد جبامع

إيالج فرج يف فرج مشتهى طبعا حمرم شرعا. ألسباب وال الشروط وال املوانع.وال جيري يف الرخص وال ا

ا خمالفة للدليل. والقياس عليها يؤدي إىل كثرة ا ال يعقل معناها، وأل أما الرخص فألاملخالفة فوجب أنه ال جيوز. وأما األسباب والشروط واملوانع فألن القياس عليها يستلزم نفي

إذ جيعل السبب أوالشرط أو املانع السببية والشرطية واملانعية من خصوص املقيس واملقيس عليه، هو املعىن املشرتك بني املقيس واملقيس عليه. وما سوى ما ذكر من األحكام الشرعية جيري فيه

القياس اتفاقا.الذين أمجعوا عليه (وعمل مدينة الرسول أسخى من بذل) يعين أن عمل مدينة النيب

م الصحابة والتابعو ن لكن بشرط أن يكون فيما ال جمال للرأي من أهل مذهب مالك، واملراد فيه من األحكام الشرعية، وقيل إن عملهم حجة مطلقا أي ولو يف احلكم االجتهادي. وحجة

م أعرف القولني قوله : "املدينة كالكري تنفي خبثها" واخلطأ خبث فوجب نفيه عنهم، وأل دي.بالوحي لسكناهم مبحله، وهو مقدم عند مالك على اخلرب اآلحا

م بعض األمة بل ومذهب اجلمهور أن ه ال يقدم عليه، وليس حبجة شرعية استقالال، ألإذا وافقهم عملهم دليال من أدلة الشرع قواه على معارضها اتفاقا. مثاله عند مالك احتجاجه على نفي خيار اجمللس يف البيع بأنه وجد عمل أهل املدينة على نفيه، وقدمه على احلديث

ان باخليار ما مل يتفرقا". : "البائعالصحيح وهو قوله وهو اقتفـاء ما لـه رحجــان وقول صحبـه واالستحســان

Page 18: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

18

من أدلة مذهب مالك، (وقول صحبه) يعين أن القول املروي عن أصحاب رسول اهللا يعين أنه حجة شرعية عند مالك سواء كان الصحايب إماما أو مفتيا أو حاكما، وسواء كان قوال

فعال.أو واملراد بقول الصحايب رأيه الصادر عن اجتهاده، ويشرتط فيه عند مالك أن يكون منتشرا،

ومل يظهر له خمالف، نقله الباجي عن مالك.ومعىن كونه حجة أن اجملتهد التابعي إىل هلم جرا جيب عليه اتباعه، وال جتوز خمالفته، وأما

الصحابة. اجملتهد الصحايب فليس حجة عليه قول غريه منا يف الشرعيات. واختلف (واالستحسان) يعين أن االستحسان من أدلة مالك اليت حيتج يف تفسريه، فقيل: (هو اقتفاء ما له رجحان) أي هو اتباع الدليل الراجح على معارضه من األدلة الشرعية، وهو على هذا التفسري ال خمالف يف وجوب العمل به لإلمجاع على وجوب العمل

لراجح من الدليلني املتعارضني.با يف نفس من باالجتهـاد يتصـف وقيـل بل هـو دليـل ينقـذف

(وقيل) أي وقال بعض املالكية (بل هو دليل ينقذف) أي يقذفه اهللا (يف نفس من باالجتهاد يتصف) أي يف ذهن العامل املتصف باالجتهاد املطلق حىت ينقدح فيه وينشرح له.

عنه فال يعلـم كيـف خيبــر يقصــر 1ـهولكن التعبيـر عن

(ولكن التعبري منه) أي من اجملتهد (يقصر عنه) أي يقصر عن الدليل الذي قذف اهللا يف قلبه (فال يعلم كيف خيرب) أي فال يعلم كيف اإلخبار أي التعبري عن الدليل املقذوف يف ذهنه

صحيح كما قال يف "الغيث اهلامع" قال والشرح له يف قلبه، وهو على هذا التفسري مردود على الابن احلاجب: ألنه إن مل يتحقق كونه دليال فمردود اتفاقا، وإن حتقق ذلك فمعترب اتفاقا، ورده البيضاوي بأنه البد من ظهوره ليتميز صحيحه من فاسده، ألن ما ينقدح يف نفس اجملتهد قد

كاملمتنع، ألن من أوصاف اجملتهد يكون ومها ال عربة به؛ وقال ابن احلاجب: تصوره عندي

هذا املثبت يف املنظومة الواردة يف آخر الكتاب، لكن املثبت أثناء الشرح (منه) والسياق يؤيده. 1

Page 19: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

19

البالغة، والبليغ هو الذي يبلغ بعبارته كنه مراده، فكيف ينقدح يف ذهنه دليل ويعجز عن التعبري عنه.

وممن أنكره الشافعي وقال: من استحسن فقد شرع؛ وعمل به مالك، رواه عنه البصريون يفة وبعض احلنابلة. من أصحابه، وأنكره العراقيون منهم؛ وقال به أيضا أبو حن

وقال األبياري: إن االستحسان هو األخذ باملصلحة اجلزئية الكائنة يف مقابلة دليل كلي، كما إذا اختار بعض ورثة املشرتي باخليار الرد، واختار بعضهم اإلمضاء، فالقياس الكلي رد

م ورثوا عنه اخليار ويف تبعيضه دخول الضرر على البائع، واملصلحة اجلزئية أخذ اجمليز اجلميع ألا وتقدميها على القياس الكلي ألن فيه ارتكابا ألخف الضررين، اجلميع؛ وإمنا استحسن األخذ ألن اجمليز تعارض له ضرران أحدمها رد اجلميع فيفوته غرضه من املبيع بالكلية، والثاين أخذه

بيع وليس غرضه إال يف بعضه، وهذا أخف، ألن ضرر أخذ اإلنسان ملا ال غرض فيه جبميع املأخف من ضرر فوات غرضه بالكلية. ومعىن كون رد اجلميع هو القياس الكلي أن البائع باع

متاعه مجلة، فالقياس إذا رد إليه بعضه أن يرد إليه مجيعه، ألن يف رد البعض إليه ضررا به.ستحسان هو ختصيص الدليل العام بالعادة ملصلحة الناس يف ذلك، وقال أشهب: إن اال

كاستحسان دخول احلمام من غري تعيني بزمن املكث وقدر املاء، مع أن الدليل الشرعي العام مينع ذلك، ألنه داخل يف القدر املنهي عنه يف احلديث للجهل بالثمن وهو املاء ومقدار املكث.

غري تعيني قدره ألنه قدر يسري معفو عنه استحسانا؛ وإمنا وكذا شراء الشرب من القربة مناستحسن جواز هذين األمرين ألن املكايسة فيهما بتعني قدر املاء املغتسل به وقدر املكث يف احلمام يف األوىل، وقدر املاء املشروب يف الثانية قبيحة عادة. وهو على هذا التفسري خمتلف فيه،

وأقرها فهو ثابت بالسنة، وإن كانت دة إن كانت يف زمن النيب والصحيح رده ألن تلك العا يف زمن اجملتهدين ومل ينكروها فهو إمجاع سكويت، وإال فهي مردودة إمجاعا.

فمالـك لـه على ذه اعتمــاد وسـد أبواب ذرائـع الفســاد

ا يف الشرعيات ويعتمد يعين أن سد أبواب الوسائل إىل الفساد من أدلة مالك اليت حي تج عليها، فمىت كان الفعل السامل من املفسدة وسيلة إىل مفسدة منعنا منه، وهذا خاص مبذهب

مالك.

Page 20: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

20

وقد أمجعت األمة على أن وسائل الفساد على ثالثة أقسام: قسم متفق على منعه، وقسم ابديه الذين يسبون متفق على جوازه، وقسم خمتلف فيه. فاملتفق على منعه كسب الصنم عند ع

اهللا عند سبه، وكحفر اآلبار يف طرق املسلمني، وإلقاء السم يف أطعمتهم، ألن يف هذين وسيلة إىل إهالك املسلمني، فهذه الوسائل الثالثة حمرمة إمجاعا. والقسم املتفق على جوازه كغرس شجر

ا وسيلة إىل الزنا، العنب مع أنه وسيلة إىل عصر اخلمر منها، وكالشركة يف سكىن الدور م ع أا فإن هاتني الوسيلتني جائزتان إمجاعا. والقسم املختلف فيه مل مينعه إال مالك كبيوع اآلجال فإوسيلة إىل الربا، ومل مينعها إال مالك، وكدعوى األمة فإن مالكا منع توجيه اليمني فيها على

على املدعى عليه مبجردها؛ قال يف املدعى عليه مبجردها، وأما دعوى املال فيتوجه اليمني التنقيح: واعلم أن الذريعة كما جيب سدها جيب فتحها ويندب ويكره ويباح، فإن الذريعة هي

الوسيلة، فكما أن وسيلة احملرم حمرمة فكذلك وسيلة الواجب واجبة كالسعي إىل اجلمعة واحلج.ملفاسد يف نفسها، وموارد األحكام على قسمني: مقاصد وهي املتضمنة للمصاحل وا

ا ووسائل وهي الطرق املفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من حتليل وحترمي غري أأخفض رتبة من املقاصد يف حكمها، فالوسيلة إىل أفضل املقاصد هي أفضل الوسائل، وإىل أقبح

ه تعاىل املقاصد هي أقبح الوسائل، وإىل ما يتوسط متوسطة، ويدل على اعتبار الوسائل قولم ال يصيبهم ظمأ وال خممصة م اهللا إال كتب هلم به عمل صاحلإىل قوله ذلك بأ فأثا

ما حصال بسبب التوسل إىل اجلهاد الذي هو على الظمأ والنصب وإن مل يكونا من فعلهم أل وسيلة إىل إعزاز الدين وصون املسلمني باستعداد وسيلة الوسيلة.

ا تبع له، وقد خولفت هذه كلما سقط اعتبار قاعدة: املقصد سقط اعتبار الوسيلة ألالقاعدة يف إمرار املوسى على رأس من ال شعر له يف احلج، مع أنه وسيلة إىل إزالة الشعر فيحتاج

إىل ما يدل على أنه مقصود يف نفسه وإال فهو مشكل.كالتوسل إىل فداء قد تكون وسيلة احملرم غري حمرمة إذا أفضت إىل مصلحة راجحة تنبيه:

م خماطبني بفروع الشريعة عندنا، األسارى بدفع املال للعدو الذين حرم عليهم االنتفاع به لكووكدفع مال لرجل ليأكله حراما حىت ال يزين بامرأة إذا عجز عن ذلك إال به، وكدفع املال

للمحارب حىت ال يقتتل هو وصاحب املال، واشرتط مالك فيه اليسارة.

Page 21: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

21

فقد تبني من كالم القرايف هذا أن املداراة وسيلة إىل حرام، وهو أكل اللصوص قلت: م مؤمنون فليسوا كالكفار احلربيني يف مسألة م خياطبون بفروع إمجاعا، أل للمال احملرم عليهم أل القرايف؛ وإذا كانت املداراة وسيلة إىل حمرم كام الدليل الكلي يقتضي حترميها ألن وسيلة احملرما كما يف فداء األسارى من أيدي حمرمة إال إذا أفضت إىل مصلحة أرجح من احملرم املتوسل إليه الكفار باملال، فإنه يفضي إىل مصلحة هي ختليص أنفس املسلمني، وتلك املصلحة هي أرجح

ا الذي هو أكل الكفار للمال حراما. وأما املداراة باملصلحة امل فضية من احملرم املتوسل إليه ا الذي هو أكل إليها وهي ختليص املال من اللصوص ليست بأرجح من احملرم املتوسل إليه اللصوص للمال حراما، ألن ختليص املال باملال يف املداراة ال يساوي ختليص نفوس األسارى

لكانت باملال يف مسألة القرايف، ولو فرضنا أن املصلحة يف املداراة أرجح من احملرم الناشئ عنها غايتها اجلواز ألن األصل يف وسيلة احملرم التحرمي، وإذا انتفى غريه بقي اجلواز فقط، إذ ال ميكن أن تكون وسيلة احملرم واجبة، وإذا مل تكن املداراة واجبة مل تكن الزمة ملن وديت عنه بغري إذنه

نسان فعله وتركه ال فأحرى إن وديت عليه بغري رضاه، وال جيرب عليها من أباها ألن اجلائز لإليلزمه أداؤه ملن وداه عنه بغري إذنه إمجاعا، ألنه ودى عنه للصوص حقا غري واجب عليه وأوصل

إليه نفعا ال يلزمه إيصاله إىل نفسه. ورأيــه يف ذاك ال يعـــاب وحجـة لديـه االستصحــاب

يه يف ذلك) أي يعين االستصحاب حجة شرعية لدى مالك، فهو من أدلة مذهبه، (ورأيف جعله حجة شرعية (ال يعاب) أي ال يرد وال ينتقد عند أهل النظر الصحيح يف العلم الشرعي. وهو على قسمني: استصحاب العدم األصلي واستصحاب ثبوت ما دل الشرع على

ثبوته لوجود سببه حىت يثبت نفيه.عية يف حقنا حىت يدل دليل فاألول هو املسمى بالرباءة األصلية، وهو انتفاء األحكام الشر

ا، وال يكون حجة شرعية إال بعد البحث عن دليل من كتاب أو سنة يدل على على ثبوخالف العدم األصلي، فإن مل يوجد حكم برباءة الذمة من التكليف وهذه إباحة عقلية،

. وما كنا معذبني حىت نبعث رسوالواألصل فيه قوله تعاىل

Page 22: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

22

ري األصل يف وخالف يف الدليل األ ري وأبو الفرج منا وطائفة من الفقهاء، فقال األفمفهوم اآلية أن ما وما أتاكم الرسول فخذوهاألشياء قبل ورود الشرع املنع واحتج بقوله تعاىل

بأن مل يوجد عليه دليل من كتاب أو سنة أنه ال جيوز األخذ به، وقوله مل يأت به الرسول أحلت فمفهوم اآلية أن املتقدم قبل احلل املنع، وقوله تعاىل حل هلميسألونك ماذا أتعاىل

يمة األنعام فمفهوم اآلية أن األنعام كانت قبل ورود اآلية حمرمة عليهم. لكم وقال أبو الفرج األصل يف األشياء قبل ورود الشرع اإلباحة الشرعية ال العقلية، وحجته

، وأعطى كل شيء خلقه، وقوله تعاىل األرض مجيعاهو الذي خلق لكم ما يفقوله تعاىل فمعىن اآليتني أن األشياء خلقت مباحة لبين آدم، والتحرمي يف بعضها طار على اإلباحة.

وتظهر فائدة هذا اخلالف عند عدم األدلة الشرعية أو تعارضها يف شيء خاص، قاله ري يكون احلكم يف الشيء الذي تعارضت فيه األدلة أو القرايف وحنوه للمازري؛ فعلى قول األ

عدمت هو املنع، وعلى قول أيب الفرج يكون فيه اإلباحة. قال يف "الضياء الالمع" قال املازري كأكل الرتاب.

وفصل بعض الفقهاء يف الشيء الذي تعارضت فيه األدلة أو عدمت فقال إن كان ذلك قدر مرتبته يف املضرة كأكل الرتاب وشرب تبغة الشيء مضرا فهو منهي عنه كراهة أو حترميا على

"الضرر وال ضرار" أي يف ديننا، وإن كان نافعا كأكل فاكهة مبجرد التشهي ومشها، لقوله هو الذي خلق والتفكه فهو مأذون فيه إباحة أو ندبا أو وجوبا على مرتبته يف النفع لقوله تعالة

ائز فيه نفع.وال مين إال جب لكم ما يف األرض مجيعا والنوع الثاين من االستصحاب هو معىن قول الفقهاء: األصل بقاء ما كان على ما كان، ومعناه أن الشيء الذي دل الشرع على ثبوته لوجود سببه جيب احلكم باستصحابه حىت يدل دليل على نفيه، كثبوت امللك لوجود سببه الذي هو الشراء، فيحكم به حىت يثبت زواله،

ا وكثبوت شغل الذمة لوجود سببه الذي هو االلتزام أو االتالف فيحكم به حىت يثبت براءبالبينة أو اإلقرار. وهذا األصل حجة شرعية عند األكثر من العلماء وخالف فيه أبوحنيفة، وحجته أن االستصحاب يعم كل شيء، وإذا كثر عموم الشيء كثرت خمصصاته، وما كثرت

Page 23: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

23

يكون حجة شرعية، وأجيب بأن الظن ضعيف جيب اتباعه حىت خمصصاته ضعفت داللته، فال يوجد معارضه الراجح.

بعض فروع الفقـه تنبين عليــه وخرب الواحد حجـة لديـــه

يعين أن اخلرب أي احلديث والفعل والتقرير الذي رواه واحد عدل فطن مأمون ثقة أو من حجة شرعية عند مالك بىن عليه بعض فروع الفقه يف مذهبه، حكمه عن رسول اهللا يف

ومفاده الظن، وهو اخلرب العاري عن قيود املتواتر بأن كان خرب واحد عدل أو خرب مجع ال ميتنع تواطؤهم على الكذب عادة كاالثنني والثالثة واألربعة، وهو على قسمني: مستفيض وغري

ا زاد على ثالثة وقيل على اثنني وقيل على واحد، والثاين ما دون ذلك وهو مستفيض، فاألول مما رواه واحد أو اثنان أو ثالثة، وقيل إن املستفيض واسطة بني اخلرب املروي بعدد التواتر وخرب الواحد؛ فاملتواتر هو خرب اجلمع الذي ميتنع تواطؤهم على الكذب عادة عن حمسوس وهو يفيد

واملستفيض ما رواه مجع ال ميتنع تواطؤهم على الكذب عادة وهو يفيد العلم العلم الضروري،النظري. واآلحادي خرب الواحد العدل وهو يفيد الظن. وقال ابن خويز منداد أنه يفيد العلم إذا كان راويه عدال، واختار ابن احلاجب قوله، وقيده مبا إذا احتفت به قرينة منفصلة زائدة على

ما أخرجه الشيخان أو أحدمها ملا احتف به من القرائن منها: جاللتهما يف هذا العدالة مثلالشأن، وتقدمهما يف متييز الصحيح على غريمها، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول، وقال ابن

حجر وهذا التلقي وحده أقوى يف إفادة العلم من جمرد كثرة الطرق. ن على وجوب العمل خبرب الواحد يف الشهادة إىل اآل وانعقد اإلمجاع من لدن حممد

والفتوى وحكم احلاكم واألمور الدنياوية كاختاذ األدوية واألغذية والتجارة والسفر. ومذهب مالك والشافعي وأمحد وأيب حنيفة والفقهاء واألصوليني وجوب العمل به يف سائر األمور

أو بالعقل والشرع معا؛ حجة األول قوله الدنياوية ، واختلفوا هل وجوب العمل به ثابت بالشرع أي فتثبتوا حىت يتبني لكم صدق ما يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينواتعاىل

قال، فموجب التثبت كون املخرب فاسقا، فمفهومه أن خرب الصاحل يعمل به بال تثبت، واإلمجاع وعملوا به واحتجوا به وشاع ذلك بينهم من السكويت أيضا فإن الصحابة استدلوا خبرب الواحد

Page 24: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

24

غري نكري. وحجة الثاين من الشرع اآلية واإلمجاع السكويت املذكوران، ومن العقل أنه لو مل جيب العمل به لعطلت األحكام املدونة خبرب الواحد، وهي كثرية جدا، وال سبيل إىل القول بتعطيلها.

ج حفظتـه النقلــهلـه احتجا وباملصالـح عنيـت املرسلــه

نقل عنه االحتجاج باملصاحل املرسلة أي املطلقة من االعتبار واإللغاء، أي يعين أن مالكا ي عنها بل سكت عنها، ألن املصاحل على ثالثة أقسام: اليت مل يرد عن الشارع أمر جبلبها وال

ها ألنفسهم كمصلحة حفظ األوىل: املصلحة املعتربة شرعا أي اليت أمر الشارع العباد جبلبالعقل فإن الشارع أمر جبلبها إمجاعا، ولذلك حيرم استعمال كل مأكول أو مشروب أو مشموم

يزيل العقل بالقياس على اخلمر.ى الشارع العباد عن جلبها ألنفسهم كمصلحة ارتداع امللك الثانية: امللغاة شرعا أي اليت

ا ال جت ار رمضان فإ لب له إال بإلزامه التكفري بصوم شهرين متتابعني فال ختيري عن اجلماع يف بينه وبني اإلطعام والعتق لسهولة بذل املال عليه يف شهوة الفرج؛ وقد ألغى الشارع هذه املصلحة ار رمضان يف التكفري بني الصوم واإلطعام والعتق، ومل يفرق بني امللك وغريه، بتخيري اجملامع يف

ا ال جتلب للعامل إال بإباحة الفطر له يف وكمصلحة التقوي عل ى احلصاد ومحل األثقال فإفلذلك مل يقسه فمن شهد منكم الشهر فليصمهرمضان وقد ألغاها الشارع بإلزمه الصوم بقوله

الفقهاء على املسافر يف إباحة الفطر جبامع املشقة، فال جيوز له الفطر فيه إال إذا خاف يف أثناء متادى على الصوم إىل الغروب أورث ذلك له مرضا أو هالكا. النهار أنه إذا

الثالثة: املصلحة املرسلة أي املطلقة من االعتبار واإللغاء وهي حجة عند مالك، ومعىن احتجاجه أنه يأمر جبلبها ويقيس عليها كمصلحة اإلقرار من املتهم بالسرقة، فإن مالكا يبيح

ا أن الصحابة جلبها بضربه حىت يقر وحجته يف الع م مل ا، فإن من املقطوع به أ عملوا كانوا يتعلقون باملصاحل يف وجوه الرأي ما مل يدل دليل شرعي على منعها ككتابتهم للمصحف

للمصاحف ومجع الناس على ونقطهم وشكلهم له ألجل حفظه من النسيان، وكحرق عثمان ابة واحلرق هو احلكم املعمول به ألجل مصحف واحد خوف االختالف يف الدين، فجواز الكت

املصلحة املرسلة اليت هي احلفظ من النسيان والسالمة من االختالف يف الدين. وأىب عن ا كبار أصحاب مالك ومجهور العلماء وقالوا ال جيوز ضرب املتهم بالسرقة ليقر ألنه االحتجاج

Page 25: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

25

ا إذا قد يكون بريئا، وترك الضرب ملذنب أهون من ضرب بريء، و قال الغزايل إمنا جيوز العمل كانت يف حمل الضرورة بأن كانت إذا مل جتلب أدى ذلك هلالك الدين أو النفس أو العقل أو النسب أو املال أو العرض بشرط أن تكون كلية أي عامة على بالد اإلسالم، وأن تكون قطعية

مني يف احلرب املؤدي إىل قتل الرتس الوقوع، مثال استعماهلا رمي الكفار املترتسني بأسرى املسلم إن مل يرموا استأصلوا املسلمني بالقتل الرتس معهم إذا قطع أو ظن ظنا قريبا من القطع بأوغريه، وإن رموا سلم غري الرتس من املسلمني فيجوز رميهم حلفظ باقي األمة، فاحلكم هو جواز

املسلمني، وهذه املصلحة واقعة يف حمل رمي الكفار مع الرتس، واملصلحة املرسلة حفظ سائر ا إذا مل جتلب أدى ذلك إىل هالك نفوس مجيع املسلمني ووقوعها قطعي، ألن الرمي الضرورة أل

يدفعهم عن املسلمني قطعا وهي عامة على املسلمني. بـه وعنـه كان طورا يعــدل ورعي خلف كان طورا يعمــل

ا يعين أن رعي اخل ا لكنه يعمل لف أي مراعاة اخلالف من أدلة مالك اليت كان يستدل ا دائما. تارة ويعدل عنها تارة أخرى فال احتجاج

ورعي اخللف: هو إعمال اجملتهد لدليل خصمه أي اجملتهد املخالف له يف الزم مدلوله بعدم فسخ نكاح الذي أعمل يف عكسه دليال آخر، مثاله: إعمال مالك دليل خصمه القائل

الشغار يف الزم مدلوله الذي هو ثبوت اإلرث بني الزوجني املتزوجني بالشغار إذا مات أحدمها، وهذا املدلول هو عدم الفسخ، وأعمل مالك يف نقيضه وهو الفسخ دليال آخر، فمذهبه وجوب

أنه خمالف فسخ نكاح الشغار وثبوت اإلرث بني املتزوجني به إذا مات أحدمها واعرتضه عياض بللقياس الشرعي؛ ألن القياس الشرعي أن جيري اجملتهد على مقتضى الدليل، واعرتضه أيضا بأنه غري مطرد يف كل مسألة خالف، وذلك مشكل ألنه إن كان حجة عمت يف كل مسألة وإال

بطلت، ألن ختصيصه ببعض مسائل اخلالف حتكم أي ترجيح بال مرجح. ة بأن رعي اخللف حجة يف بعض املسائل دون بعض، وضابط ذلك وأجاب ابن عرف

رجحان دليل املخالف عند اجملتهد على دليله يف الزم مدلول دليل املخالف، فليس حتكما ألن له مرجحا، وثبوت الرجحان ونفيه إمنا يكون حبسب نظر اجملتهد يف النوازل واعرتضه بعض

الزمه، ألن فيه إثبات ملزوم دليل اجملتهد املراعي الفقهاء بأنه يقتضي إثبات اللزوم بدون

Page 26: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

26

للخالف كمالك يف املثال، بدون الزمه ألن مالكا أثبت فسخ نكاح الشغار لدليل شرعي دون الزمه الذي هو عدم اإلرث بني الزوجني وذلك حمال. وأجيب بأن استحالة وجود امللزوم بدون

لزوم الشرعي فال استحالة يف انفكاك امللزوم فيه عن الزمه ال تكون إال يف اللزوم العقلي وأما الا ملزومة لإلرث شرعا أي جعلها الالزم مع وجود ملزومه كموجبات اإلرث كالبنوة مثال فإالشرع ملزومة له، وقد ينتفي اإلرث مبوانع كالكفر والرق مع وجود البنوة، واألصل فيه عند مالك

فيه سعد بن أيب وقاص وعبد بن زمعة كل منهما يف قصة ولد زمعة الذي اختصم قوله يدعيه، يدعي سعد أنه ابن أخيه عتبة، ويدعي عبد أنه أخوه ألنه من أمة أبيه، فأحلق رسول اهللا

الولد بصاحب الفراش الذي هو زمعة، وللعاهر احلجر أي الرجم واحتجيب منه يا سودة ملاأي حكم الفراش فأحلق الولد بصاحبه الذي احلكمني رأى من شبهه بعتبة، فراعى رسول اهللا

هو زمعة وحكم الشبه فأمر بنت صاحب الفراش اليت هي سودة بنت زمعة باالحتجاب من الولد.

ويشرتط يف جواز مراعاة اخلالف أن ال يؤدي إىل صورة ختالف اإلمجاع كمن تزوج بغري في الشهود والشافعي يف الدانق ويل وال شهود بدانق مقلدا أباحنيفة يف نفي الويل ومالك يف ن

وهو نصف سدس الدرهم، فإن هذا النكاح جيب فسخه أبدا إمجاعا، ويشرتط فيه أيضا أن ال يرتك املراعي له مذهبه بالكلية كأن يتزوج مالكي تزوجا فاسدا على مذهبه صحيحا عند غريه مث

حته، فإن تزوجت من قبل زوجا مل يطلق ثالثا، فإن ابن القاسم يلزمه الثالث مراعاة للقول بصيفسخ نكاحه عند ابن القاسم ألن الفسخ حينئذ إمنا كان مراعاة للقول بصحة النكاح األول،

ومراعاة اخلالف مرتني تؤدي إىل ترك املذهب بالكلية. جيب أم ال قد جرى فيه اختـالف وهل على جمتهـد رعـي اخلالف

هاء اختلفوا هل رعي اخلالف جيب على كل جمتهد من العلماء املالكية أم ال يعين أن الفق جيب على قولني، واختلفوا أيضا هل يراعى كل خالف أو إمنا يراعى منه املشهور فقط.

أن فروع الفقـه فيها تنحصــر وهذه مخـس قواعـد ذكــر

Page 27: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

27

قريبا، ومعىن احنصارها فيها يعين أن فروع الفقه كلها تنحصر يف هذه اخلمس اليت سيذكرهاأن الفروع كلها مستخرجة منها بالنظر إما بواسطة أو بوسائط، وأشار إىل تعداد القواعد اخلمس

بقوله: بالشك بل حكـم اليقيـن يتبـع وهي اليقني حكمـه ال يرفــع

يعين أن األول من القواعد اخلمس هي أن حكم اليقني ال يرفع بالشك بل يتبع حكماليقني أي يستصحب ويلغى الشك، ألن القاعدة الشرعية أن الشك يلغى عند مجيع العلماء ويستصحب احلال الذي كان قبله، قال املقري: قاعدة املعترب يف األسباب والرباءة وكل ما ترتتب عليه األحكام العلم وملا تعذر يف أكثر الصور أقيم الظن مقامه لقربه منه، وبقي الشك ملغى

األصل إال أن يدل دليل خاص من الشرع على اعتباره كالنضح من الشك يف إصابة علىالنجاسة، وكالوضوء من الشك يف احلدث عند مالك؛ وأما إمتام الصالة فاملعترب فيه عند الشافعي والباجي اليقني وعند النعمان وابن احلاجب الظن؛ وقال األبياري األصل اتباع الظن مطلقا حيث

العلم ما مل يرد يف الشرع املنع من ذلك كمنع القضاء بشهادة العدل وإن غلب على ال يشرتطالظن صدقه، وهذا مما قدم فيه النادر، وأما الشك فساقط االعتبار إال يف النادر كنضح من شك

يف إصابة النجاسة وغسل اليدين عند القيام من النوم.ملن شك ثالثا أو أربعا، فإن املتيقن ثالثة ومن فروع هذه القاعدة لزوم البناء على اليقني

ألن األربعة وجبت بيقني فال تربأ منها إال بيقني. ومنها لزوم البينة للمدعي ألن األصل براءة ذمة املدعى عليه فال تعمر إال بيقني.

يف املصلي الذي جيد بني أليتيه شيئا أنه ال ينصرف حىت واألصل يف هذه القاعدة قوله تا أو جيد رحيا قاله القرايف يف اهليث اهلامع؛ قال حلولو وهذه القاعدة تشتمل على يسمع صو

قاعدة العمل باالستصحاب وتندرج فيها قاعدة إلغاء الشك يف املانع واعتباره يف املقتضي والشرط.

ومعىن ذلك أنا إذا شككنا يف املانع ينتفي احلكم ألن ثبوته منتف قبل الشك، وإن قلت: يف السبب مل نرتب املسبب ألن عدمه متيقن قبل الشك، وإن شككنا يف الشرط مل شككنا

نرتب املشروط ألن عدمه متيقن قبل الشك.

Page 28: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

28

مثال الشك يف املانع: الشك يف الطالق فإنه ال ينتفي به احلكم املتيقن الذي هو استمرار العصمة وحلية االستمتاع؛

ت فإنه ال يرتتب عليه السبب الذي هو ومثال الشك يف السبب: الشك يف دخول الوق إجياب الصالة ألن عدمه متيقن فال يثبت بالشك؛

ومثال الشك يف الشرط: الشك يف الطهارة فإنه ال يرتتب عليه املشروط الذي هو صحة الصالة ألن عدم الطهارة هو املتيقن قبل الشك فال يرتتب.

مشقـة يـدور حيثمـا تقــع مـع، والتيسريوضـرر يـزال

(وضرر يزال) يعين أن القاعدة الثانية من القواعد اخلمس الين تنحصر فيها فروع الفقه : "ال ضرر وال ضرار" ألن الشريعة مبنية وجوب إزالة الضرر عمن نزل به، واألصل فيها قوله

على جلب املصاحل ودفع املفاسد. ب أخف الضررين املتعارضني؛ ومن فروعها شرع وتندرج يف هذه القاعدة قاعدة ارتكا

الزواجر من احلدود والضمان ورد املغصوب مع القيام وضمانه بالتلف، والتطليق باإلضرار واإلعسار.

(والتيسري مع . مشقة يدور حيثما وقع) يعين أن القاعدة الثالثة من القواعد اخلمس اليت يثما وقعت أي كلما وقعت املشقة حسا جاء يدور عليها الفقه دوران التيسري مع املشقة ح

.وما جعل عليكم يف الدين من حرجالتيسري شرعا. واألصل فيها قوله تعاىل ومن فروع هذه القاعدة األخذ باألخف، والرخص كجواز القصر واجلمع والفطر يف

، ألن العبادة السفر. قال القرايف: املشاق قسمان، قسم ال تنفك العبادة عنه فال يوجب ختفيفاقررت معه كالوضوء يف الربد والصوم يف احلر، وقسم تنفك عنه وهو ثالثة أقسام، فإن كان يف الضروريات عفي عنه إمجاعا كما إذا كان فيه هالك نفس أو عضو، وإن كان يف مرتبة التتميمات

ات فمحل مل يعف عنه إمجاعا كما إذا كان فيه جمرد جهد فقط، وإن كان يف مرتبة احلاجي خالف بني العلماء كما إذا كان فيه مرض خفيف.

من األمـور فهي فيـه تعمــل وكل مـا العـادة فيـه تدخـل

Page 29: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

29

يعين أن كل ما تدخل فيه العادة أي عادة العوام القولية والفعلية من األحكام الشرعية فهي ان مطلقا وتبيينه إن كان جممال. عاملة فيه أي حمكمة فيه ختصيصه إن كان عاما وتقييده إن ك

والذي تدخل فيه عادة العوام القولية أي الذي حتكم فيه هو ألفاظ الناس يف األميان واملعامالت من العقود والفسوخ واإلقرارات والشهادات والدعاوى، وهي يف غلبة استعمال اللفظ يف معىن

هن منه عند اإلطالق ويصري املعىن غري معناه األصلي أم ال حىت يصري هو املتبادر إىل الذ األصلي كاملهجور.

مثال ختصيصها للعام محل ميني من حلف أن ال يركب دابة على ذوات األربع، فال حينث بركوب غريها من كل ما يدب على وجه األرض، كما إذا ركب نعامة أو إنسانا مع أن لفظ

بذوات األربع. الدابة لغة يشمل كل ما ذكر ولكن خصصته العادة القوليةوأما عادة العوام الفعلية فهي غلبة معىن من املعاين على مجيع البالد أو بعضها، وهي حمكمة يف أمور معلومة كمعرفة أسباب األحكام من الصفات اإلضافية كصغر ضبة وكربها، وإطالق ماء وتقييده، وغالب الكتابة، ونادر العذر ودائمه وتقدير نفقات الزوجات واألقارب

م، وكتمييز ما هو األنسب للرجال من متاع البيت وما هو األنسب للنساء منه. وكسومثال حتكيمها القضاء للمرأة بالفرش والوسائد إذا اختلفت مع الزوج فيها وال بينة ألن ا ال ميلكها إال النساء، وكالقضاء بآلة احلرب للرجل إذا اختلف مع امرأته وال العادة قاضية أ

ا الميلكها إال الرجال؛ بينة، ألن العادة قاضية أهلند بنت عتبة: "خذي ما وقوله خذ العفو وامر بالعرفواألصل يف هذه قوله تعاىل

يكفيك وولدك باملعروف" ملا قالت له إن أبا سفيان رجل مسيك.ا من مجلة األدلة الشرعية ختصص عموم ا آليات ومل يتكلم الناظم على العادة الشرعية أل

ا وتنسخ املتقدم عليها. ا وتبني جممال واألحاديث وتقيد مطلقاوهذه القواعد األربعة ذكرها القاضي حسني، وقال إن فروع الفقه كلها آئلة إليها، وحبث بعضهم يف ذلك فقال يف رجوع مجيع الفقه إليها تعسفا ألن أصوله منتشرة تتضح بالتفصيل،

ة وإليها أشار الناظم بقوله: وزاد بعض العلماء قاعدة خامس وقيل ذي إىل اليقيـن ترجــع وللمقاصــد األمـور تتبــع

Page 30: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

30

(وللمقاصد أمر تتبع) يعين أن األمور تتبع املقاصد فإن كان حسنا كان حسنا، وإن كان قبيحا كان قبيحا.

بالقصد ألن ومن فروعها متييز العبادات من العادات بالقصد ومتييز مراتب العبادات القصد شرط صحة يف العبادات احملضة وشرط حلصول الثواب يف مجيع األعمال. ومنه ختصيص

العموم وتقييد املطلق يف األميان بالنية على تفصيل يذكر يف كتب الفروع.ا. واألصل فيها قوله وتندرج يف هذه القاعدة قاعدة سد الذرائع إىل الفساد وقد تقدم بيا

عمال بالنيات وإمنا لكل امرئ ما نوى" : "إمنا األ (وقيل ذي إىل اليقني ترجع) أي وقيل إن قاعدة تبعية األمور ملقاصدها ترجع إىل قاعدة اليقني ال يرفع بالشك، ألن الشيء إذا مل يقصد فنحن على يقني من عدم حصوله، وهذا القول

حكاه الشيخ حلولو. خـلف فيهـا واردمخستها ال وقيل للعـرف وذي القواعــد

ا داخلة فيها، وهذا ا ترجع إىل قاعدة حتكيم العرف أي أ (وقيل للعرف) أي وقيل إالقول حكاه ويل الدين العراقي عن بعض العلماء قال ألن العادة تقتضي أن غري املنوي من

دين غسل وصالة وكنيابة يف عقد ال يسمى غسال وال قربة وال عقدا؛ وقد رد الشيخ عز ال أحكام الشرع كلها إىل جلب املصاحل ودرء املفاسد.

(وذي القواعد . مخستها ال خلف فيها وارد) يعين أن هذه القواعد اخلمس ال خالف بني ا أصوال تبىن عليها فروع الشريعة، وإمنا اخلالف بينهم يف تفصيل ذلك؛ قال العلماء كلهم يف كو

إىل هذه األصول فيه تكلف باعتبار وسائط، فلو زيدت يف نشر البنود ورجوع بعض فروع الفقه األصول اليت ترجع إليها فروع الفقه مع وضوح الداللة لزادت على املائني.

مين محـد دائـم ليـس يبيــد قد مت ما رمت وللــه احلميـد

على حممد وآلـــه الكــرام وأطيب الصـالة مع أسىن السالم

ما قصد نظمه (وهللا احلميد) أي املتصف بصفة احلمد يف األزل (قد مت ما رمت) أي (مين محد دائم ليس يبيد) أي ال يفىن على مد الدهور (وأطيب الصالة مع أسىن السالم) أي

Page 31: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

31

ومنه أطيب الصالة وأضوى السالم (على حممد وآله الكرام) مجع كرمي؛ وآله: املؤمنون من بين هاشم.

ظومة الفقيه سيدي أمحد بن حممد بن أيب كف، وآخر وهذا آخر ما أردنا من شرح مندعوانا أن احلمد هللا رب العاملني، والصالة والسالم على سيدنا حممد خامت النبيئني وإمام املرسلني وعلى آله وصحبه أمجعني وتابعيهم وتابع التابعني هلم بإحسان إىل يوم الدين عدد ما ذكره

الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. تهى حبمد اهللا وحسن عونه وتوفيقه اجلميل وحسبنا اهللا ونعم الوكيل. ان

: الشاطبي الوهرانينقله ورتبه م08/2005في

بسم اهللا الرمحن الرحيم وصلى اهللا على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم

دالئـل الشـرع العزيز العلمـا احلمـد للــه الذي قد فهمـا

على النبـي اهلـامشي أمحــدا والسـالم أبـــدا مث الصـالة

والتابعيــن هلـم على الـدوام وآلـه الغر وصحبـه الكــرام

ذكر مباين الفقه يف الشرع العزيـز وبعد فالقصد بذا النظم الوجيـز

وأستمد منه فتحــه املبيــن فقلت واللـه املعيـن أستعيــن

Page 32: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

32

مالك اإلمام ستــة عشـــر غـر أدلـة املذهب مذهـب األ

سنـــة من لــه أمت املنــه نص الكتـاب مث نص السنــه

سنـة من بالفضل كلـه قمـن وظاهر الكتـاب والظاهـر مـن

مث دليـــل سنــــة األواه مث الدليل من كتـاب اللـــه

ـا يقـول ة الرســول تنبيـه قرآن وسنـ ومن أصولــه اليت

ـج الصـواب وحجة لديـه مفهوم الكتــاب وسنة اهلادي إىل

تنبيه سنة الذي جـاها عظــم مثت تنبيــه كتـاب اللــه مث

مدينة الرسول أسـخى من بـذل مثت إمجـاع وقيـس وعمــل

وهو اقتفـاء ما لـه رحجــان وقول صحبـه واالستحســان

يف نفس من باالجتهـاد يتصـف ـل ينقـذفوقيـل بل هـو دلي

عنه فال يعلـم كيـف خيبــر ولكن التعبيـر عنــه يقصــر

فمالـك لـه على ذه اعتمــاد وسـد أبواب ذرائـع الفســاد

ورأيــه يف ذاك ال يعـــاب وحجـة لديـه االستصحــاب

ليــهبعض فروع الفقـه تنبين ع وخرب الواحد حجـة لديـــه

لـه احتجاج حفظتـه النقلــه وباملصالـح عنيـت املرسلــه

بـه وعنـه كان طورا يعــدل ورعي خلف كان طورا يعمــل

جيب أم ال قد جرى فيه اختـالف وهل على جمتهـد رعـي اخلالف

أن فروع الفقـه فيها تنحصــر وهذه مخـس قواعـد ذكــر

بالشك بل حكـم اليقيـن يتبـع عوهي اليقني حكمـه ال يرفــ

مشقـة يـدور حيثمـا تقــع وضـرر يـزال والتيسيـر مـع

من األمـور فهي فيـه تعمــل وكل مـا العـادة فيـه تدخـل

وقيل ذي إىل اليقيـن ترجــع وللمقاصــد األمـور تتبــع

مخستهـا ال خـلف فيهـا وارد وقيل للعـرف وذي القواعــد

مين محـد دائـم ليـس يبيــد قد مت ما رمت وللــه احلميـد

Page 33: Sharh Isal Al Salik fi Usul al-Imam Malik

33

على حممد وآلـــه الكــرام وأطيب الصـالة مع أسىن السالم

(انتهى)