(Özgü) دار النشر: أوزكو

اسم الكتاب: بصائر من القرآن

اسم المؤلف: أ.د. رقية طه العلواني

تنظيم الصفحات: محل الترتيب

تنظيم الغلاف: يونس قره آسلان

العنوانLord Matbaası

Topkapı / İstanbulTel: 0 212 674 93 54

Matbaa Sertifika No: 22858

[ حقوق الطبع محفوظة ]2020 (Özgü) دار النشر: أوزكو ©

رقم شهادة الناشر : 13562ISBN: 977-9901-731-8-5

العنوانÖzgü Yayıncılık ve Tanıtım Hizmetleri San. Tic. Ltd. Şti.

Yerebatan Cad. Salkımsöğüt Sok. No: 4 Kat: 3, Cağaloğlu/İstanbulTel.: 0212 511 75 52

info@arkkitap.com - www.arkkitap.com

الأستاذة الدكتورة رقية العلواني

بجامعة الآداب كلية في الإسلامية الدراسات أستاذة البحرين. قامت بنشر العديد من المؤلفات في مجالات علمية مختلفة من أبرزها تدبر القرآن الكريم ودراسات المرأة والأسرة وتعليم القيم الحضارية، باللغتين العربية والإنجليزية، وترجمت الكثير من كتاباتها إلى الفرنسية العالمية الجوائز بالعديد من فازت والتركية وغيرهما. السنة في العالمية نايف الأمير جائزة منها والإقليمية من وكرمت 2005م، عام الأولى دورتها في النبوية يزيد ما لها والتربوية. الأكاديمية الجهات من العديد على الستين مؤلفا ما بين كتب منشورة وبحوث علمية

في مجلات ومؤتمرات محكمة.

Ruqaia.comdrruqaia@yahoo.com

المحتويات

7 بينيديبصائرمنالقرآن11 تدبرسورةالفاتحة12 أسماءالسورةوعلاقتهابمقاصدها17 الأجواءالتينزلتفيهاسورةالفاتحةوعلاقتهابمقاصدها24 تدبرالسورةالتفصيلي30 »الحمدللهربالعالمين«37 مالكيومالدين41 إياكنعبدوإياكنستعين44 اهدناالصراطالمستقيم53 التناسببينخاتمةالفاتحةومفتتحسورةالبقرة

55 تدبرسورةالبقرة55 بينيديسورةالبقرة.61 الأجواءالتينزلتفيهاسورةالبقرة66 مقاصدسورةالبقرةومحاورها69 التدبرالإجماليلسورةالبقرة90 التدبرالتفصيليلسورةالبقرة

7

بين يدي بصائر من القرآن

لامعلىخير لاةوالس العالمين،والص الحمدللهربالمرسلين،وعلىآلهوصحبهأجمعين،وبعد:

بدأترحلتيفيتعليمونشرتدبرالقرآنالكريمبعدتقديميلرسالةالألفية بداية في بماليزيا العالمية ة الإسلامي الجامعة في كتوراه الدالثالثة.وكنتحينهاقدانتهيتللتومنكتابةوتقديمرسالتيللدكتوراهالموسومةبـ:»أثرالعرففيفهمالنصوص-قضاياالمرأةأنموذجا«التيتركتأثراعميقافيمسيرتيالفكرية.فقداطلعتمنخلالالإعدادأويلاتلنصوصالقرآنالكريم والبحثفيموضوعاتهاعلىكثيرمنالت

ا. اخاص المتعلقةبقضاياالمرأةتعلق

بين يد بصائر من القرآن

8

اسعبينالعديدمنتلكالتأويلات وقدتبينليحينهاالبونالشل أتأم وبدأت ومقاصدها، معانيها في نة البي العظيمة النصوص وبين

لاعميقافيأسبابذلكوفيالعواملالتيتقفخلفه. تأموبداليواضحاأنتراجعالتدبرفيكتاباللهعزوجل،منأبرزتلككبرأي العواملالتيتضعفصلةالإنسانبالقرآنوتقودهإلىالتمس

مخالفلظاهرالنصوصأوبتأويلأبعدمايكونعنها.منهنازادترغبتيفيتقديممساهمةمتواضعةفيتنميةالوعيتصحيح في وأثره قواعده وتعليم الكريم القرآن تدبر بأهمية ونشرهسلوكياتالإنسانوالقيامبدورهالمناطبهعلىهذهالأرضمنخلال

إعمارهاوإصلاحهابالعملالصالحالبناء.راللهسبحانهوتعالىأنيحدثذلكقبيلقدوميإلىمملكة وقدورات الد من سلسلة بإلقاء فيها بدأت التي الله( )رعاها البحرينوالمحاضراتفيمختلفدورتعليمالقرآنالكريموتحفيظهفيتدبر

القرآنالكريموسوره.وهنابدأتأعظمرحلةخضتها)ولمأزلأخوضغمارها(معتدبرما ربط إلى ة الماس الإنسان حاجة لي فت وتكش العزيز، الله كتابوالواقع الكون في آيات من يراه ما مع الكتاب في آيات من يتلوه

والأنفس.

بصائر من القرآن

9

وأصلهذاالجزء)الذيأقدمهبينأيديالباحثينوالقراء(وماسيأتيبعدهبإذناللهمنأجزاء،تفريغللمحاضراتوالدروسالأسبوعيةالتيكنتألقيهاكليومثلاثاءبعدصلاةالعصرمنذعام2010مفيمسجدأماماسبقذلكمنمحاضرات الشيخةحصةبمنطقةجريالشيخ.قبل الأمرمن فقدولله وماسجلمنها تسجل لم غالبها فإن ودروس،

ومنبعد.ورغمعزميعلىالانشغالفيهذهالفترةبتسجيلماتبقىليمنحلقاتتدبرسورالقرآنحتىالانتهاءمنهاكاملةبإذناللهتعالى،إلاأنيراجعتنفسيفيذلكوخشيتحلولالأجلقبلانتهاءالعمل.

الأمرالذيدفعنيإلىالكتابةمعالاستمرارفيالتسجيلأولابأول،للإتمامذلككلهعلىالوجه وج وكليأملورجاءأنيوفقنيالمولىعز

الذييرضيهويقبلهإنهسميعمجيب.أماجزءالمقدمةفقدرأيتإرجاءطباعتهونشرهلحينالانتهاءمنتدبرالقرآنكاملاليتضمنالمنهجوالقواعدوالأصولالتيسرتعليهاومايمكنأنيطرأعليهامنتعديلاتوإضافات،لايخلومنهاأيعمل

وجهدبشري.ولايفوتنيفيهذاالمقامأنأتقدمبجزيلالشكروعظيمالامتنانلكلأولئكالذينساهموافيالتسجيلوالتفريغوالتحميلعلىالمواقع

بين يد بصائر من القرآن

10

الاجتماعي، التواصل وسائل فيمختلف كله ذلك ونشر الإلكترونيةإضافةإلىترجمةالعديدمنالحلقاتالمسجلةإلىلغاتمختلفة.واللهاسألليولهمالتوفيقوالسدادوالقبولوهوالهاديإلىسواءالسبيل

أ.د.رقيةطهالعلواني2020/1/6ممملكةالبحرين

11

تدبر سورة الفاتحة

،اختارهاسبحانه وجل سورةالفاتحةهيأعظمسورةفيكتاباللهعزثقافاتهم اختلاف على عباده به يخاطب الذي كتابه فاتحة ليجعلها

وأزمنتهموبيئاتهم،وليفتتحبهارسالتهإلىخلقه.يجعلهم أن سبحانه شاء الذين للخلق الافتتاح خطاب فالفاتحةولعظم مقاصدها، ويحققون القرآن رسالة يقيمون الأرض، في خلفاءهذهالسورةالجليلةومعانيهاالعظيمةومقاصدهاالبليغة،فقدتعددتالأسماءالتيأطلقتعليها1،فماذافي»أمالكتاب«منمعانومقاصدسورةالفاتحةمنالسورذاتالأسماءوالألقابالكثيرةجرتعلىألسنةالقراء .1والعلماءمنعهدالسلف،.انظر:تفسيرالقرطبي–ط2دارالكتبالمصرية)111/1(،تفسيرابنكثير–ط1دارالكتبالعلمية)18/1(،البرهانفيعلومالقرآن–ط1دارإحياءالكتبالعربية)1/269–270(،ابنعاشور،االتحريروالتنوير–الدارالتونسية

للنشر1984هـ،)1/131(.

تدبر سورة الفاتحة

12

جعلهاتختصبكلهذهالفضائل؟وماذافيهالتكونرقيةوشفاءللنفسالبشريةمنجميعأمراضهاالحسيةوالمعنوية؟ماذافي»أمالكتاب«منمقاصدومعانجعلهاتتلىوجوبافيكلركعةمنركعاتالصلاة؟وماذافيأمالكتابمنغاياتوأسرارجعلهاتختصدونسائرسورالقرآنبلفظالصلاة؟وماالذيفي»أمالكتاب«ليجعلهاتحوزكلهذهالمنزلة–وفيالصلاةالتيهيعنوانالصلة وجل العظيمةفيكتابالله–عز

بينالعبدوربه؟.لعلالنظرفيأسماءالسورةوماوردمنأحاديثصحيحةفيفضلهاوالغايات العظيمة المقاصد تلك من عدد عند بنا يقف ومنزلتها،

السامقةالتيتحققهاتلاوةهذهالسورة.

أسماء السورة وعلاقتها بمقاصدها

هذهالسورةالكريمةحازت علىالعديدمنالألقابوالأسماء،وهذاالقرآن لمقاصد وجمعها وتلاوتها تدبرها وأهمية مكانتها على دليلالعظيمكله،منتوحيداللهسبحانهإلىدورالإنسانفيالقيامبمهمة

الخلافة،وأهميةتزكيتهلنفسهالتيبينجنبيه.ومنأشهرالأسماءالتيعرفتبهاسورةالفاتحة:»أمالكتاب«،»السبعالمثاني«؛و»الفاتحة«وهذاالاسمالأخيرهوأشهرها.ومنأسمائهاسورة

بصائر من القرآن

13

السيوطي أنهاها حتى والأساس، والشافية، والشكر، والحمد، الصلاة،إلىخمسةوعشريناسمافيكتابهالإتقان2،وفاتحةالكتابوردتفي

الحديث:)لاصلاةلمنلميقرأبفاتحةالكتاب(.3والأصلاللغويلمادة)فتح(يدلعلىخلافالإغلاق،يقال:فتحتالبابوغيرهفتحاوبابفتح:مفتوحفيعامةالأحوال،ثميحملعلىهذاالمعنىالماديسائرالمعانيالمعنوية،فيقال:فتحاللهعليهفي

العلم،وفتحاللهعليهبابالرزق...ولفظ)الفتح(وردفيالقرآنالكريمفيثمانيةوثلاثينموضعا)38(.وفيالقرآنالكريمسورةجاءتباسمالفتح،والمتتبعلسياقاتاللفظةفيالقرآنالكريميجدأنهجاءعلىمعنيينرئيسين:الفتحالمادي،وهوالأصلفيمعنىالفتحلغة،والفتحالمعنوي،وأكثرماجاءهذااللفظ

بحسبهذاالمعنىالمعنوي.و»الفاتحة«كماجاءعنابنعاشور:مشتقةمنالفتح،وهوإزالةحاجزعنمكانمقصودولوجه،فصيغتهاتقتضيأنموصوفهاشيءيزيلحاجزا،-جلالالدينالسيوطي،الإتقانفيعلومالقرآن،ج1،ص167.انظر:تفسيرابنكثير .2

–ط1دارالكتبالعلمية)18/1(.–تفسيرالقرطبي،مرجعسابق،)112/1(،تفسيرابنكثير،مرجعسابق،)19/1(،التحرير

والتنوير،مرجعسابق،)135/1(.–رواهالبخاري)الأذان/714(.وضعقوس .3

تدبر سورة الفاتحة

14

وليسمستعملافيحقيقتهبلمستعملافيمعنىأولالشيء؛تشبيهاللأولبالفاتح؛لأنالفاتحللبابهوأولمنيدخل.ومعنىفتحهاالكتابأنهاجعلتأولالقرآنلمنيريدأنيقرأالقرآنمنأوله،معماتضمنته

منأصولمقاصدالقرآن.4وعند التدبر في هذا الاسم يتضح كذلك أن الفاتحة جاءت بمفتاح العلاقة بين العبد وخالقه سبحانه وتعالى، المتمثل في علاقة التوحيد والعبودية؛ فلاتفتحعلاقةالإنسانبربهإلامنخلالتصحيحالتوحيدبأنواعهالثلاثةالمعروفة–توحيدالربوبية،توحيدالألوهية،توحيدالأسماءوالصفات،أعظم من أن يؤكد دقيق معنى الفاتحة،وهذا التياجتمعتفيسورةمقاصد السورة هو التوحيد وتحقيقه في واقع حياة القارئ لها، وهذا معنى

مضاف إلى الفتح.

بينماجبريل قال: أنه عباس ابن عن جاء صلى الله عليه وسلم النبي وفيحديثقاعدعندالنبيصلى الله عليه وسلم،سمعنقيضا5منفوقهفرفعرأسهفقال:»هذابابمنالسماءفتحاليوملميفتحقطإلااليومفنزلمنهملكفقال:هذاملك–ابنعاشور،التحريروالتنوير،مرجعسابق،ج1،ص131،135.وانظركذلك:ابنرجب .4الحنبلي،تفسيرسورةالفاتحة،دارالمحدثللنشروالتوزيع،1427هـ،ج1،ص22.

علىالرابطالإلكتروني:http://shamela.ws/browse.php/book-29574#page-17

النقيض:هوصوتكصوتالبابإذافتح.انظر:شرحالنوويعلىمسلم–ط2دار .5إحياءالتراثالعربي–بيروت)91/6(.

بصائر من القرآن

15

نزلإلىالأرضلمينزلقطإلااليومفسلموقال:أبشربنورينأوتيتهماقبلك؛فاتحةالكتابوخواتيمسورةالبقرةلنتقرأبحرف لميؤتهمانبي

منهماإلاأعطيته«.6ولعلبعضالسلففهمهذاالمعنىالدقيقومنهمابنتيميةرحمهالله،حيثعرفعنهأنهلايكلمهأحدبغيرضرورةبعدصلاةالفجر،ولايزالفيالذكريسمعنفسه،وربمايسمعذكرهمنإلىجانبه،معكونهفيخلالذلكيكثرمنتقليببصرهنحوالسماء،هكذادأبهحتىترتفع

الشمسويزولوقتالنهيعنالصلاة.وقدروىالبزارعنهذلكفقال:)كنتمدةإقامتيبدمشقملازمهجلالنهاروكثيرامنالليل،وكانيدنينيمنهحتىيجلسنيإلىجانبه،ويكررها، الفاتحة يقرأ فرأيته حينئذ، يذكر وما يتلو ما أسمع وكنتويقطع ذلك الوقت كله –أعني من الفجر إلى ارتفاع الشمس– في تكرير

تلاوتها(.7

ولاأرىأنالقصدمنالتكرارلذاتهقدرماينصرفإلىاستجلابالتدبرفيمعانيهاواستحضارمقاصدهاالعظيمة،التيبهاتقوىعلاقة

العبدبخالقهالعظيمسبحانهوتعالى.أخرجهمسلم)806(. .6

–أبوحفصالبزار،الأعلامالعليةفيمناقبشيخالإسلامابنتيمية،تحقيق«صلاح .7الدينالمنجد،دارالكتابالجديد،بيروت،1976م،ص38–39

تدبر سورة الفاتحة

16

ومنالأسماءالتيثبتتصحتهاوعرفتبهاسورةالفاتحة؛السبعالعظيم﴾]الحجر:87[ والقرآن المثاني من آتيناكسبعا ﴿ولقد المثاني.

أيفاتحةالكتاب.ر.والثاني: والمثانيتطلقباعتبارمعنيين:باعتبارماثنيلفظهوكريتأنواعهوأقسامه،فالتثنيةيرادبهامطلقالعددمنغير باعتبارماثن

تخصيصبعددالاثنين.8ومنأسماءهذهالسورةالعظيمةكذلك؛الصلاة.فقدوردفيالخبرنصفين، وبينعبدي بيني الصلاة »قسمت : وجل عز الله الصحيحعن نصفهاليونصفهالعبديولعبديماسأل،فإذاقالالعبد﴿الحمدللهربحيم﴾قالالله: حمـنالر العالمينقالالله:حمدنيعبدي،وإذاقال:﴿الردنىعبدي.وإذا ين﴾قالالله:مج أثنىعليعبدي،وإذاقال﴿مالكيومالدقال﴿إياكنعبدوإياكنستعين﴾قال:هذهالآيةبينيوبينعبديولعبديراطالمستقيمصراطالذينأنعمتعليهم ماسأل،فإذاقال﴿اهدنــــاالصالين﴾قال:هؤلاءلعبديولعبديماسأل«. غيرالمغضوبعليهمولاالضوفيذلكتأكيددورالفاتحةفيالقيامبالصلاةوتحصيلخشوعها.فالأصلفيالصلاةوروحها؛الخشوع.وتلاوةالفاتحةفيهامرةبعدمرةفيكلركعة،يشعرالمرءبهيبةموقفهبينيديخالقهفيالصلاةوالتفطن

–ابنرجب،مرجعسابق،ص27ومابعدها. .8

بصائر من القرآن

17

ذلك لتحقيق الصلاة حركات سائر في والتفكر مناجاته عظمة إلىوالوصولإليه.

والناس–كماهومعلوم–يتفاوتونفيمدراكهموأساليبهمفيالتعبيروالبيان،إلاأنمنرحمةاللهسبحانهأنأنزلهذهالسورةوفرضتلاوتهافيالصلاةليتساوىالناسفيهيئةمناجاتهسبحانهعلىاختلافهم،فالكليقرؤونهاويناجونبهاخالقهمسبحانه،ويبقىالتفاوتفيالنيةوالإخلاصوغيرهامنمراتبالعبودية،وهذاحاصللامنقبيلتلاوةالسورةذاتهافحسب،بلمنقبيلتدبرالقارئفيها،واستحضارمعانيها،ومايفتحاللهسبحانهوتعالىمنالفضلعلىالعبدفيإقبالهعلىخالقه

وتفريغذهنهمنالاشتغالبغيرها.تدبرها في التفاوت ولكن الفاتحة، يقرأونسورة المصلين فجميعوأثرهافيتحصيلالخشوعفيالصلاةالذيهوالمقصدالأساسيمنها،في الخشوع وحصول الفاتحة، سورة وتدبر تلاوة بين فالعلاقة عظيم،

الصلاة واضح فريد في معانيه. من هنا كانت الصلاة تفتتح بها.

الأجواء التي نزلت فيها سورة الفاتحة وعلاقتها بمقاصدها

فيها نزلت التي والظروف التاريخية الأجواء على الوقوف إنالسورة،يفتحأمامالمتدبرآفاقاواسعة،تمكنهمنالربطبينماشهده

تدبر سورة الفاتحة

18

جيلالتنزيلالأولمنوقائعوأحداثإبانتنزلالسورة،ومايشهدهالمتدبرفيواقعهليتعلممنخلالهاكيفيةمعالجةالأحداثوتصحيح

الواقع.سورة بعد ونزلت العلم، أهل أكثر أكد كما مكية الفاتحة وسورة

المدثر،فهيخامسسورةفيالنزول.نزلتفيالفترةالحرجةللدعوةوقبلالهجرةالأولىإلىالحبشة.وكانتمواقفالمشركينتتفاوتمنالدعوةالإسلامية؛فمنهممناتخذالمداهنةوالمخادعة،ومنهممناتخذالعنفوالشدة،إلاأنهمتلازموا

فيمواقفالصدوالتكذيبوتضامنوافيقيادةحملتها.9وبقيأثرالدعوةمحدودالنطاقفيالعددوالقوةمقابلماواجههالمسلمونمنمشاقوصعوبات،ورغمكلالصعابالتيتواجههاالدعوةتبدأالسورةالعظيمةبالحمد،وتعلمالنبيصلىاللهعليهوسلموأصحابهلله العبودة تمام من الحمد وأن حال، كل في المطلق الحمد ممارسةوالبدء ومشقة، وضيق شدة في والمسلمون نزلت فالسورة سبحانه؛بالحمديجعلهحالةإيمانيةمتواصلةلاترتبطبالظروفالتييمربها

الإنسان،ولكنهانابعةمنداخلذاتهوشعوره.وسلمصور عليه الله الرسولصلى دروزة،سيرة عزة بتصرفشديدعن:محمد – .9مقتبسةمنالقرآنالكريم،عناية:عبداللهبنإبراهيمالأنصاري،منشوراتالمكتبة

العصرية،بيروت،1400هـ،ج1،ص152ومابعدها.

بصائر من القرآن

19

منهناومنذتلكالفترةالمبكرةفيعمرالدعوة،تعلمالمسلمونأنيحمدوااللهسبحانهعلىمختلفالأوضاعالتييمرونبهاوالشدائدالتييقاسونها.فعلاقة العبد بخالقه ينبغي أن تبنى على الحمد المطلق، لا تخضع لتقلبات الحياة والظروف، بل هي متربطة بشعور الإنسان بالامتنان

للخالق سبحانه لتبث في نفسه الأمل والتفاؤل.

ولايعنيالحمدألايهتمالمرءبتحسينأوضاعهأومحاولةتغييرهانحوالأفضل،ولكنهيعنيأنيبقىقلبهراضيابماقسماللهتعالىله،فالحمديلازمالقلبفلايخرجمعهضجرولاسخطولاتأففمنالظروف

والأحوالوالصعاب.ولونظرنافيالواقعاليوملوجدناأنالكثيرمنالناساعتادعلىالشكوىلخلقاللهمنكلشيء،حتىباتلايستشعرنعماللهعليهمنكثرةشكواهوترديدالعباراتالسلبيةعلىمسامعهومسامعغيره.هذاالمسلكلايقودالإنسانإلىالشعوربأيدرجةمندرجاتالرضا،الأمرالذييمكنأنيوديبهإلىالمداومةعلىعياداتالأطباءالنفسيين

باحثاعنحل.والشعوربالحمدلايعنيأنالإنسانلاتواجههصعوباتأومتاعب،أن كما وقسم. الله كتب بما الراضين الحامدين من أنه تعني ولكنهاالحمدلايعنيالكسلوالخضوعوالاستسلاملواقعمرير،فالمؤمنيعمل

بجوارحهبكلمافيوسعهوالقلبحامدشاكرلأنعماللهعليه.

تدبر سورة الفاتحة

20

وقديكون هذا الحمد من أسباب الشفاء في سورة الفاتحة وإن كان القرآن اسقدجاءتكمموعظةمنربكموشفاء كله شفاء.قالتعالى:﴿ياأيهاالندور﴾]يونس:57[.فالرضاوالحالةالنفسيةالهادئةالتييثمرها لمافيالص

الحمدفيالنفوس،كفيلةبمواجهةالإنسانلأشدالأمراضضراوة.10وقدجاءالحديثعنالرقيةبسورةالفاتحة،عنأبيسعيدالخدرىرضياللهعنهقال:)بعثنارسولاللهفيسرية،فنزلنابقومفسألناهمالقرىدهمفأتونا،فقالوا:هلفيكممنيرقيمنالعقرب؟ فلميقرونا،فلدغسيقلت:نعمأنا،ولكنلاأرقيهحتىتعطوناغنما،قالوا:فإنانعطيكمثلاثينات،فبرأوقبضناالغنم،قال: شاة؛فقبلنا،فقرأتعليهالحمدللهسبعمرفعرضفيأنفسنامنهاشيء،فقلنالاتعجلواحتىتأتوارسولالله،قال:اقدمناعليه،ذكرتلهالذيصنعت،قالوماعلمتأنهارقية؟اقبضوا فلم

الغنمواضربواليمعكمبسهم(.11منهناقالابنالقيم:)فالقرآنهوالشفاءالتاممنجميعالأدواءيوفق ولا يؤهل أحد كل وما والآخرة، الدنيا وأدواء والبدنية، القلبيةللاستشفاءبه،وإذاأحسنالعليلالتداويبه،ووضعهعلىدائهبصدقوإيمان،وقبولتام،واعتقادجازم،واستيفاءشروطهلميقاومهالداءأبدا،–انظرحولذلكعلىسبيلالمثال:عبدالرحمنالطريري،الضغطالنفسي،الرياض، .10شركةالصفحاتالذهبية1994م.كيتكينان،السيطرةعلىالضغوطاتالنفسية،

بيروت،الدارالعربيةللعلوم1999م–رواهالبخاري،فضائلالقرآن،حديثرقم4721. .11

بصائر من القرآن

21

وكيفتقاومالأدواءكلامربالأرضوالسماء،الذيلونزلعلىالجبالالقلوب أمراض من مرض من فما لقطعها؟!! الأرض على أو لصدعها،والأبدان،إلاوفيالقرآنسبيلالدلالةعلىدوائهوسببه،والحميةمنه

لمنرزقهاللهفهمافيكتابه(.12المعاصرين الباحثين من الكثيرين وتفسيرات أقوال تعددت وقدفيالحديثعنالشفاءبالقرآن،وخاصةسورةالفاتحة.إلاأنتتبعكلمةشفاءوسياقاتهافيالقرآنالكريم،تكشفعنالكثيرممايمكنأنيقعفيهالتباسأويذهبفيهالباحثمذاهببعيدةأقربإلىالشطحات

منهاإلىالصواب.أيها ﴿يا يونس: فيسورة الشفاء ذكر فيها جاء التي الأولى فالآيةدوروهدىورحمة بكموشفاءلمافيالص نر وعظةم الناسقدجاءتكممأن النحل إلى ربك ﴿وأوحى النحل: سورة وفي ]يونس:57[. للمؤمنين﴾ كل من كلي ثم يعرشون ا ومم جر الش ومن بيوتا الجبال من اتخذيختلفألوانه الثمراتفاسلكيسبلربكذللايخرجمنبطونهاشرابموفي ]النحل:68–69[. يتفكرون﴾ لقوم لآية ذلك في إن للناس شفاء فيهلمنالقرآنماهوشفاءورحمةللمؤمنينولايزيد سورةالإسراء:﴿وننزالظالمينإلاخسارا﴾]الإسراء:82[.وفيسورةفصلت:﴿ولوجعلناهقرآناقلهوللذينآمنواهدى وعربي لتآياتهأأعجمي القالوالولافص أعجمي

–ابنقيمالجوزية،زادالمعادفيهديخيرالعباد،ج4،ص352. .12

تدبر سورة الفاتحة

22

وشفاءوالذينلايؤمنونفيآذانهموقروهوعليهمعمىأولئكينادونكانبعيد﴾.]فصلت:44[. منم

وسورةالفاتحةوهيأعظمسورةفيكتاباللهلهامنذلكالنصيبالوفير.ففيحديثأبيبنكعبرضياللهعنهقال:قالرسولاللهصلىنجيل وراةولافيالإ اللهعليهوسلم:«ألاأعلمكسورةماأنزلتفيالتبورولافيالقرآنمثلها؟»قلت:بلىقال:»إنيلأرجوأنلاتخرج ولافيالزعليهوآلهوسلم، صلىالله منذلكالبابحتىتعلمها«فقامرسولاللهثنيويديفييدهفجعلتأتباطأكراهيةأنيخرج وقمتمعه،فجعليحدورةالتي الس ادنوتمنالبابقلت:يارسولالله قبلأنيخبرنيبها،فلملاة؟«فقرأتفاتحةالكتاب، وعدتني،فقال:»كيفتقرأإذاقمتإلىالصعزوجل:﴿ولقدآتيناك بعالمثانيالتيقالالله فقال:»هي،هي،وهيالس

سبعامنالمثانيوالقرآنالعظيم﴾الذيأعطيت.13فقد يكون الشفاء للمؤمن من قبيل الحمد والطمأنينة التي تبنيها السورة العظيمة في النفس خاصة وأنها تتلى في كل ركعة.وهيالسورةالوحيدةفيكتاباللهالتيجاءالأمربتلاوتهافيكلركعةمنركعاتالصلاة،فريضةكانتأمنافلة،الأمرالذييؤكدأنهذهالسورةبمنزلةعهدبينالعبدوربهسبحانه،عهديتجددويقوىفيكلركعة،عهديذكرالإنساندا القرآن، فضائل كتاب الصحيحين، على المستدرك النيسابوري، عبدالله أبو – .13

رالمعرفة،بيروت،1998م،ج2،رقم2092.

بصائر من القرآن

23

بمقامعبوديتهلخالقهسبحانه.منهنالاينبغيأنيغفلالقارئللسورةعنمقاصدهاالعظيمة.

وهذاالعهديقوىبمراقبةالعبدلخالقهسبحانه،المؤسسعلىحمدالإنسانلخالقهالعظيم،الذييدفعبهإلىالتوجهإليهوحدهطلباللعون

والهدايةوسائرمطالبالدنياوالآخرة.14وأسمائها وماجاءفيفضائلها العظيمة السورة والمتدبرفيهذهيتبينلهأنمقصودها؛ذلكالعهدالذييشكلفاتحةالعلاقةبينالعبدوربهعزوجل.والصلةبيناسمالسورفيكتاباللهومقاصدهاجليل؛فهذهالسورةالعظيمةمنأشهرأسمائهاالفاتحة،فكانمقصودهاالأعظممفتتحالعلاقةبينالعبدوربهسبحانه،منهناجاءموضعهافيكتاباللهالكريمفيأوله،وموضعهافيالصلاةفيأولها.فالعلاقةبينالعبدثم ومن سبحانه، عليه الثناء وجميل بالحمد تفتتح سبحانه وخالقهمراقبتهفيكلمقام،وهذاممايستشفمماقالهالبقاعيمنكلاموجيه

فيشأنالكشفعنمقصودالسورة.

–أشارالبقاعيإلىأنمقصودسورةالفاتحةالعظيمهوالمراقبةوكلشيءلايفتتح .14ور، بهالااعتدادبه.برهانالدينالبقاعي،مصاعدالنظرللإشرافعلىمقاصدالسhttp://shamela.ws/browse.:الرابطعلىج1.1987م،الرياض،المعارفـ،،مكتبة

php/book-1404#page-61

تدبر سورة الفاتحة

24

تدبر السورة التفصيلي

قبلأنيبدأالقارئبتلاوةهذهالسورةالعظيمة،وقبلالشروعفيفيراقبها نيته على يقبل أن عليه ككل، العظيم القرآن على الإقبالويصححها؛فلابدمنتعلمالنيةقبلالعمل،والإقبالعلىالقرآنالعظيممنأعظمالأعمال؛ولذاجاءعنالعديدمنالسلفاهتمامهمبتصحيحعالجت »ما النيةخاصةمعالأعمالالجليلة.جاءعنسفيانالثوري:

ةلي«.15 ،ومر ةعلي مننفسي،مر علي أشد شيئاقطفتور ولا رياء يمازجها لا صادقة بداعية القلب في تكون والنيةويتلافىبهاالمسلمكلتفريط،فيحملهعلىكلسببينالبهالوصولإلىكتابالله،ويقطعكلسببيحولبينهوبينالإفادةمنهذاالكتابالعظيم،ومافاتهمنالفرصالسابقةتداركهابحسبالإمكان؛فيصلحقلبهبالنيةويعمرهبالإخلاص،فلايأتيإلىكتاباللهليماريبهأحداأويعضدبهرأيارآهأوفكراجالفيخاطره،بليأتيللقرآنطالباالهدايةمنه،تاركاوراءظهرهدواعيالمدحوالثناءمنالخلق،معرضاعنكلما

يحولبينهوبينابتغاءرضااللهعزوجل.–أبونعيمأحمدبنمهرانالأصبهاني،حليةالأولياءوطبقاتالأصفياء،دارالفكر .15

للطباعةوالنشروالتوزيع،http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&-

bk_no= 131&ID=1434

بصائر من القرآن

25

يقولابنالقيمرحمهاللهفيذلك:»لايدركمعانيهولايفهمهإلاالقلوبالطاهرةوحرامعلىالقلبالمتلوثبنجاسةالبدعوالمخالفاتأنينالمعانيهوأنيفهمهكماينبغي«.16منهناكانالبدءبالاستعاذةقبلتلاوةالقرآنالكريممنأعظمالخطوات.فالقرآنالعظيميستقبلهالقارئبقلبهأولا،والقلبوالعقلكالمرآةبقدرصفائهاونقاوتهاوتخليصهامن

الشوائب،بقدرماتنطبعفيهاصورالحقائقكماهيعليه.يطانتذكروافإذا نالش همطائفم الذيناتقواإذامس قالتعالى:﴿إنبصرون﴾.سورةالأعراف،الآية201.فالاستعاذةاستعانةوتوجهإلى همماللهسبحانهليخلصالقلبمنكلشائبةتحولبينهوبينالقرآنالعظيم،وهيعمليةمتداخلة؛فالقارئيقبلعلىالقرآنليطهرهويطهرقلبهفيآنمعا،ولامستعانلهإلاباللهالعليالعظيم،فالشيطانيعرضللإنسانأثناءإقبالهعلىالقرآنويصرفهبالاشتغالبكلشيءإلاالقرآن،فإذااستمرالقارئفيتلاوته،أقبلالشيطانعلىإشغالالقلبوالعقلعنالنظرفيمقاصدالآياتوتدبرها.وقديجعلهيسوففيذلكويحببإليهالكسلوفعلأيعملآخرإلاالقرآن،ولاسبيلللخلاصمنذلكبدونالاستعاذةبحولاللهوقوته،التيهيشعارالإخلاصوملاذه.قالتعالى: إلا همأجمعين* ولأغوين لهمفيالأرض لأزينن أغويتني بما رب ﴿قالعباديليس مستقيم*إن عبادكمنهمالمخلصين*قالهذاصراطعلي

–ابنقيمالجوزية،التبيانفيأقسامالقرآن،مرجعسابق،ج1،ص144. .16

تدبر سورة الفاتحة

26

مناتبعكمنالغاوين﴾؛منهنايعتصمالمؤمنبالله لكعليهمسلطانإلاسبحانهموقناأنالشيطانلاسلطانلهعلىأصحابالإخلاصوالتوحيد،وجل،وأخلصله،وتوكلعليه،لايقدرعلىإغوائه مناعتصمباللهعز وأنوإضلالهشيطان،وإنمايكونلهالسلطانعلىمنتولاهوأشركمعالله،

فهؤلاءرعيته،فهووليهموسلطانهمومتبوعهم.منهناجاءتالكلمةالأولىفيالسورةمفتتحةبقولهتعالى:»بسمالله«،وسواءكانتالبسملةآيةمنسورةالفاتحةأمهيآيةمستقلة،أمكله17، الكريم القرآن سور بين لازمة قرآنية فاصلة وإنما بآية، ليست–اختلفأهلالعلمفيالبسملة؛هلهيآيةمنالفاتحةأمهيآيةمستقلةأم .17ليستبآيةوإنماجاءتللفصلبينالسور؟فذهبالحنفيةوالمالكيةوالحنابلةفيالصحيحمنمذهبوعليهجمهورالأصحابأنهاليستبآيةمنالفاتحةولامنغيرها–وأجمعواأنهابعضآيةمنسورةالنمل–لكنيستحبقراءتهاعندالحنفيةوالحنابلةفيالصلاةقبلالفاتحةمعالإسراربها،أماالمالكيةفقالوافيالمشهورمنمذهبهم:لايقرؤهاسراولاجهرافيالصلاة.ولابأسبهافيالنافلة.وذهبالشافعيةإلىأنهاآيةمنالفاتحة–قولاواحدا–،ويجهربهافيالصلاة،وهيكذلكآيةفيأولكلسورة–سوىبراءة–فيظاهرالمذهب.وانظر:المبسوط–طدارالمعرفةبيروت–سنةالنشر:1414هـ)15/1(،بدائعالصنائعفيترتيبالشرائع–ط2دارالكتبالعلمية)203/1(،عقدالجواهرالثمينةفيمذهبعالمالمدينة–ط1دارالغربالإسلامي)99/1(،الذخيرة–ط1دارالغربالمنهاج– الشافعي–ط1دار البيانفيمذهبالإمام ،)177–176/2( الإسلاميجدة)182/2(،روضةالطالبينوعمدةالمفتين–ط3المكتبالإسلامي)242/1(،الكافيفيفقهالإمامأحمد–ط1دارالكتبالعلمية)245/1(،الإنصاففيمعرفةإليه تميل والذي .)48/2( العربي التراث إحياء دار ط2 – الخلاف من الراجح

بصائر من القرآن

27

فالنتيجةواحدة؛وهيأنالإنسانلايفتتحشيئاولاكتاباولاعملاولاقولاإلابهذهالكلمة:»بسماللهالرحمنالرحيم«.واللهربطهاباسمذاته)جلجلاله(ولميصرفهاإلىاسمصفةمنصفاته،أواسمفعلمنأفعاله

عزوجل.﴿اقرأباسمربكالذي وإذاربطذلكبقولهتعالىفيسورةالعلق:خلق﴾،أدركالقارئأنكلعمليدخلإليهالمرءلابدوأنيكونباسمالله،وهنالاتقفالمسألةعندترجيحقولعلىغيرهبقدرماتقفعندالمقصدمنالبسملةوضرورتهافيالإقبالعلىالأعمال،وتأثيرهافي

تذكيرالمؤمنبعطاءاللهسبحانهوتعالىومنتهعليه.18عز – لهسبحانه؛لله وعبوديته بالله بعلاقته العبد تذكر والبسملةوجل–،وأنكلماهوفيهمننعمةوقوةوقدرةإنماهومنالله،فلاحول

ولاقوةلهإلابه.البسملةتذكرهبأنلاشيءيتحركفيهذاالكونمندوناسمالله–عزوجل–،لذلكهيإقرارمنالإنسانبأناللههوالذييحرك،هوالذيالنفسهوالرأيالأخيرأنهاآيةمنالفاتحةوتقرأفيكلركعةسواءجهربها

أملميجهر.–للشعراويرحمهاللهكلامجميلفيهذاالمعنىى،انظر:محمدمتوليالشعراوي، .18

خواطرالشعراوي،ج1،علىالرابط:http://www.greattafsirs.com/Tafsir_Library.aspx?SoraNo=1&Ayah-

No=1&MadhabNo =7&TafsirNo=76

تدبر سورة الفاتحة

28

يفعل،هوالذييسببهذهالأسباب،هوالذيخولهأنيستعملهذهالأسباب.

فسورةالفاتحةومنأولكلمةفيها–»بسمالله«–تربيالإنسانعلىاليقينباللهوعظيمقدرته،وفيالمقابلتذكرهبحاجتهوفاقتهإلىخالقه،فلاشيءفيالكونيعملإلاباسمه.كماأنهاتذكرهبألايسيرفيالتعامل

معالأشياءومزاولةالأعمالإلاوفقمنهجالربالذيخلق.فسورةالفاتحةتدورحولثلاثةمقاصدإيمانيةعمليةتشكلعلاقةالإنسانبخالقه؛الحمد،العبوديةوالاستعانةباللهسبحانهعليها،لتحققلهالهدايةالتيلاتأتيإلامعالإلحاحبالدعاءبهاإلىجانبماذكر.

الحمد + العبودية والاستعانة الهداية إلى الصراط المستقيم

ومنهناتتبينبعضجوانبالحكمةمنتلاوةتلكالسورةالعظيمةفيكلركعة،بحيثلاتصحالصلاةولاتتمإلابها.

وجاءاسماللهفيالبسملةقبلاسمي»الرحمنالرحيم«.فلفظالجلالة»الله«–سبحانهوتعالى–جمعكلصفاتالكمالوالجمالوالجلالللهسبحانهوتعالى،تلكالصفاتالتيتجعلالإنسانموقنابعجزهوعبوديتهوحاجتهوفاقتهللهالواحدالأحد،ذيالغنىالمطلق،والقدرةالشاملة،

والعلمالمحيط،إلىغيرذلكمنصفاتالكمالوالجلالوالجمال.

بصائر من القرآن

29

ثميأتيبعدذلكفيالبسملةاسما»الرحمنالرحيم«،ويأتيالاسمانمعابعدذلكفيالفاتحة،ليتبينللإنسانأنعلاقتهبخالقهعلاقةتقومعلىالرحمة؛فالعبدمرحومبتلكالعلاقة،واختيارالاسمينمعا»رحمنرحيم«للدلالةعلىأنهسبحانهيعمعبادهبرحمته،تلكالرحمة–رحمةوفاجرهم، برهم العباد لجميع الشاملة المتواصلة – »الرحمن« اسمهإلوهيته، وعبيد ربوبيته، عبيد جميعا، فالعبيد ومصيبهم. مخطئهم

علىأيةحالمنطاعةوعصيان،منقربوبعد.تلكالعبوديةالتيتكونحينيختارالإنسانطريقالعبوديةوالطاعةوالانقيادلأوامرالله،وعلاقةالعبوديةهنافيهااختيار،وهنايأتيمعنىالذين العبيد لأولئك عبوديته، رحمةخاصةلأهل يعطيني »الرحيم«

يعبدونهعبوديةالألوهية،عبوديةالاختياروالرضا..منهناتكون:»بسماللهالرحمنالرحيم«افتتاحعلاقةالعبدمعالله–عزوجل–ليكونعبدالإلوهيتهطوعاواختياراومحبة،كماهوعبد

لربوبيتهاضطرارا.الدخولضمن البشريعن بالعجز فالبسملةتحويمعانيالإقرارركبعبادالله،والتوفيقلفهمكتابهوتدبرآياتهوطاعةأوامرهإلابإعانته

سبحانهوهدايتهالمستمدةمنأسماءالله،الرحمنالرحيم.

تدبر سورة الفاتحة

30

»الحمد لله رب العالمين«

بعد سبحانه لخالقه خطابه العبد بها يفتتح كلمة أول »الحمد«البسملة.هذهالكلمةالتييتساوىالخلقتعبيرابهالخالقهم،ويتفاوتونفيمراتباليقينبهاوحضورقلوبهمواستشعارهملمعانيهاالعظيمة.على مطلق ثناء والحمد الشكر. من أعم اللغوي المعنى في والحمدوهو سبحانه، لله إلا يكون فلا وصفاته، ذاته لكمال سبحانه المحمودالمستحقللمحامدكلهاجلشأنه.وللأصوليينكلامجميلحولالتفريق

بينالحمدوالشكر:

اء ر )فالحمدأعم؛لكونههوالثناءالحسنمطلقا،أعني:فيمقابلةالسكرلله،ولا كرليسهوقولالقائل:الش اءعلىجهةالتعظيم.والش ر والضالعلىتعظيمالله،وإنكانالثانيجزءامنهوالأول القولالمطلقالدفردمنهذاالجزء،بلهوصرفالعبدجميعماأنعماللهعليهوأعطاهإلىماخلقلأجلهمنجميعالحواسوالآلاتوالقوى،فالحمدهناأعم

كرمطلقا،فكلشكرحمدولاعكس(.19 منالشمنهناكانيستحبللمؤمنألايبدأدعاءإلابقوله:»الحمدلله«؛

تقديماللثناءوالشكرللمعبودسبحانه.–المرداوي،التحبيرشرحالتحريرفيأصولالفقه،تحقيق:السعودية:مكتبةالرشيد، .19

ج1،ص47–48.

بصائر من القرآن

31

وهناتبدولفظة:»الحمدلله«كلمةجامعةتجمعكلمعانيالثناء،و.– وجل المدح20،كلمعانيالتذللوالانكساربينيديالله–عز

بـ»سورة تعرف التي الفاتحة تبنيهسورة الذي الحمد يتحول وهناالحمد«منمجردلفظةتقالباللسان،إلىعبادةعظيمةتدورعليهاكلأعمالالإنسانفيواقعهوحياته.فهيليستمجردكلمةتنطقهاالألسنةخاليةعنالمعانيوالحقائق،فالحمدالحقيقييبدأباستحضاركلالنعمالتييمكنأنتخطرعلىالبال،يمررهاعلىعقلهوفكرهساعةأنيقول:

الحمدلله،معاستحضارأنهلنيحصيتلكالنعم.فسورةالفاتحةتبنيفيالإنساناستحضارالنعم؛والفارقشاسعبينعبديقول:»الحمدلله«مجردكلمةينطقهابلسانهدونتفكر،وبينعبديقول»الحمدلله«منأعماققلبه،مستحضرانعمهسبحانهالتيوهبها–لهذاالإنسان،متفكرافيها،مستشعراعجزهعنالإحاطة وجل الله–عز

بها،فضلاعنالقيامبواجبشكرهاوشكرواهبهاوحمده.الحمد:هوالثناءعلىالمحمودبجميلصفاتهوأفعاله.والشكر:الثناءعليهبإنعامه، .20حمدشكرا،فهذافرقمابينالحمدوالشكر.فأماالفرق شكرحمد،وليسكل فكلبينالحمدوالمدح،فهوأنالحمدلايستحقإلاعلىفعلحسن،والمدحقديكونعلىحمدمدحوليسكلمدححمدا.وانظر:تفسيرالماوردي–ط فعلوغيرفعل،فكلدارالكتبالعلمية)53/1(.قالالنوويفيالأذكار–طدارالفكربيروت1414هـ)ص:117(:أجمعالعلماءعلىاستحبابابتداءالدعاءلبالحمدللهتعالىوالثناءعليه،ثمالصلاةعلىرسولاللهصلىاللهعليهوسلمم،وكذلكتختمالدعاءبهما،والآثارفيهذاالبابكثيرةمعروفة.اهـ.وانظرلمزيدفائدة:مجموعالفتاوى)376/22–381(.

تدبر سورة الفاتحة

32

القلب في يحولهامنمجردشعور وتدبرب»الحمد« بوعي التلفظوكلامباللسانإلىفعلوسلوك؛لأنالحمدلايتمولايكونحمداحقيقياإلاحينيستشعرالإنسانأنماأفاضاللهعليهبهمنالنعم،مدعاةلهأنيفيضبهويبذلهلمنهودونهوأقلمنه،فيتحولالحمدحينئذمنمجردلفظةتقالإلىعمليظهرفيالسلوك،ويبدوأثرهعلىالجوارح؛ليصبحشكراعمليايجعلالعبدمقدماكلماأنعماللهبهعليهلطاعتهوالقيام–حمداحقيقياحينيبخل وجل بأمرهفيالواقع.فماحمدعبدربه–عز

ويضنبمالديهمننعمعلىغيرهفيمجتمعهومحيطهومنحوله.فمنوهبهاللهفضلمالأنيفيضبذلكالفضلعلىغيره،ومنوهبهاللهفضلعلم–ولوبكلمة،فيأيمجالمنمجالاتالعلم–أنيفيضبهويبذلهلغيره،ومنعلمهاللهحرفاعلمهلغيره،ومنأعطاهاللهشيئامنمتاعالدنياأوجاهاوسلطانافليبذلمنذلكعلىغيرهمنفعةوعطاءاعلىهذهالأرض،خليفة وبذلاوسخاء؛ليصبحهذاالإنسانخليفةحق

للهعلىأرضهحامدالأنعمهحقالحمد.حينئذيصبحالحمدسلوكاوواقعامعاشا،وبهذايفهممعنىالحديثأناللهسبحانهينالرضاهبكلمةحمديقولهاالعبد–الحمدلله–على

شربةماءيشربها.21عنأنسبنمالك،قال:قالرسولالله–صلىاللهعليهوسلم–:»إناللهليرضىعن .21العبدأنيأكلالأكلةفيحمدهعليهاأويشربالشربةفيحمدهعليها«.الحديثالذي

بصائر من القرآن

33

وعمل سلوك لكنها باللسان، تقال كلمة مجرد أنها المسألة فليست ومنهج حياة يسير به الإنسان حامدا لله في ذاته وحياته. من هنا كان الحمد مقدمة للشكر وبداية له. فمن لم يستشعر الحمد وينطق به نطقا معبرا عن الامتنان لخالقه الذي شعره القلب، أنى له أن يشكر بالجوارح والأفعال!.

رب العالمين«تأتيبعدهاالمرحلةالثانيةوهي كماأن»الحمد للهاستذكارالعبدأنهذاالحمدإنماهولربالعالمينسبحانه،واختياركلمة»رب«فيهدلالةواضحةعلىتربيةالخالقسبحانهلخلقهوعباده.فالربيربي.22والتربيةقدتكونبالمنعوقدتكونبالعطاءكلاهماتربية،

تربيةلذلكالعبدالذيتبنيهسورةالفاتحة.إناستحضارهذاالمعنىينقلالإنسانإلىمرحلةجديدةفيمدرسةالعبودية؛عبديتخرجبرتبةمع»الذينأنعمتعليهم«،عبدبرتبة»غير، المغضوبعليهم«عبدليسمن»الضالين«.وكلهذايحتاجإلىترق

يحتاجإلىتربية.أخرجهمسلمفيصحيحه)2734(.

الربفيكلامالعربيطلقعلىأربعةمعان:الأول:السيدالمطاع،ومنه:قولهتعالى: .22اأحدكمافيسقيربهخمرا{]يوسف:41[.الثاني:المالكللشيء،كمايقال:رب }أمبانيونوالأحبار{وهم :}والر وجل الدار،أيمالكها.الثالث:المدبر،ومنه:قولاللهعزالعلماء،سمواربانيين؛لقيامهمبتدبيرالناسبعلمهم،وقيل:ربةالبيت؛لأنهاتدبره.اللاتيفيحجوركم{ }وربآئبكم الرابع:الربمشتقمنالتربيةومنه:قولهتعالى:]النساء:23[تفسيرالطبري–ط1دارهجر)1/142–143(،تفسيرالماوردي–طدار

الكتبالعلمية)54/1(.والذينذهبإليههناهذاالمعنىالأخير.

تدبر سورة الفاتحة

34

وحينيفهمالإنسانأناللهسبحانهيربيه،وقدتكونالتربيةبالمحنةوالمرض…يدرك بالصحة والتعب، بالراحة والشدة، بالرخاء والمنحة،

بهفيسائرأحواله. وجل طرفامنلطفاللهعزفاللهسبحانهأرادأنيربيعبادهبسورةبالفاتحة،ففرضهاعليهمفي

كلركعة،وجعلالصلاةقائمةعلىهذهالسورةالجليلة.وإذامااستحضرالإنسانحقيقةتربيةاللهسبحانهله،تغيرتنظرتهإلىالحياةكليا،وبدأينظرإلىالأمورنظرةمختلفة،تصرفقلبهعنالاشتغالبالهموموالتعبوالنكدفيالحياة.فمايمربهمنآلاموأحزانوهموملاتنفكعنطبيعةالحياةالدنيا،منقبيلتربيةاللهسبحانهله.جوانب من تخلو لا الحياة تلك في المظلمة الجوانب تبدو وهنا

مشرقةمضيئةلأنهانابعةمنتربيةالربللعبد.فالربلايربيبالعطاءدوما،بللابدمنالعطاءأنيتخللهمنع،ولابدمنالصعودأنيتخللهنزول،ولابدمنالجوانبالمضيئةالمشرقةالتيتبهجالإنسانوتدخلالسرورعلىقلبهأنيتخللهاشيءمنالكدر

المشوببالحزن.والمنع الحزن من أنهامظلمة العبد يراها قد التي الجوانب وتلكوالابتلاءليستمرادةلذاتها؛وإنماهياختباروامتحانليحصلالتمحيصوالتربية،وتظهرالأشياءعلىحقائقها.فمنخلالتلكالمواقفيستبين

بصائر من القرآن

35

في تسري روحا كانت أنها أم خاوية كلمات كانتمجرد أ الأقوال؛ أثرالقلوبوالعقولوتنقادلهاالجوارح؟كلذلكلايتحققإلاإذافهمالإنسانأنمنجوانبالحكمةمنالابتلاءفيالدنيا؛تربيةاللهسبحانهلعباده.

الحمد عن ينفك لا المؤمن تجعل التي الحقة، التربية هي فهذهيحمدهعلىعطائه، كما منعه على العالمين رب الله فيحمد لخالقه،ويحمدهعلىأخذهكمايحمدهعلىهبته،يحمدهعلىكلشيء،علىكلنعمة،علىكلحاليتنقلإليهاويترقىفيها،وهذاهومصداق»الحمد«

الذيتبنيهسورةالفاتحة.ثمإنهذهالتربيةالربانيةقائمةعلىمعنىعظيمملازمللربوبية،ألاوهوالإيمانواليقينبالرحمةبالخلق»رحمنرحيم«.والصلةبينالرب»ربالعالمين«و»الرحمنالرحيم«تبينصلةالرببمربوبيه،صلةالخالقا،إنالربالذي سبحانهبعباده،صلةتستجيشكلمعانيالحمدحقرحيم،عالمبضعفهموقوتهم،عالمبظروفحياتهم يربيعبادههوربامتفائلا،قادراعلى خبيربأحوالهم.الأمرالذييجعلالمؤمنإيجابيأنيتحملمسؤوليةالخلافةعلىالأرض،تلكالإيجابيةالمبنيةعلىحسنالظنبخالقهسبحانهويقينهأنهجلشأنهلنيتركه،ولنيتخلى

عنهمهمااشتدتالمحنوتتابعتالشدائد.الفاتحة فسورة الفاتحة، سورة في الشفاء معاني جاءت هنا ومنتحميالإنسانمنالمخاوفوالهواجسالتيتطاردهحينيكونبعيدا

تدبر سورة الفاتحة

36

عنخالقه،يشعربضعفهالبشريوغربتهووحدتهفيعالمتتلاطمفيهمشاعرالمصالحوتعلوفيهأصواتالمدافع،لتنقلهإلىعالمرحبمحاطبالرحمةوالرأفةالإلهيةمنكلجوانبه؛فتهدأنفسه،وتسكنجوارحه،الرحيم الرحمن الرب ذلك إلى والسكينة الاطمئنان بمعاني ويشعربإرادة يفتك ما أكثر من واليأس فالحزن الخير، إلا به يريد لا الذي

الإنسان،ويفتفيعزيمتهويشلقواه.والربالجليلالقادرعلىعبادهالذيبيدهالأمركله،يعاملعبادهفي والسكينة الطمأنينة يبعث المعنى وهذا ورأفته، ولطفه برحمتهالنفسفيشفيهامنمخاوفهاوقلقها.والنفسالبشريةلاتطيبإلاإذا

تخلصتمنالخوفوالقلق.ثمإنالتحررمنذلكالخوفيقويمعانيالتوحيدالعظيمةوأولهاتوحيدالألوهية،فهذاالعبدالذيتبنيهسورةالفاتحةلايمكنأنيكون

. وجل مكبلابقيودالاستعبادلغيرالله–عزتوحيد عطاء إلى ينفتح وتجعله الإنسان، تحرر الحمد سورة إنالألوهية،وإنواحدةمنعطاءاتتوحيدالألوهيةتلكالطمأنينةالتيتنزلعلىقلبالمؤمنحينيستشعرأنمنيتصرففيههوالرحمن

الرحيم،فتهدأنفسهوتسكنروحهويطمئنقلبه،وذلكمالشفاء.فالشفاءأعظممايتحققحينيتيقنالعبدبقوةالشفاءوتأثيره،وهذا

يحدثحينيؤمنالمرءيقيناأناللهقادررحمنرحيمبه.

بصائر من القرآن

37

مالك يوم الدين

تنتقلالسورةإلىآيةعظيمةتنقلالإنسانإلىالواقعالذيلاينبغيالتيلا القصيرة، الحياة فيحياته،رحلة أبدا الإنسان ينفكعنه أن

ينبغيأنتأخذههمومهاواهتماماتهابعيداعنالحقيقة.فالحياةالدنياليستهينهايةالمطاف،بلفيالحقيقةهيبداية–ليومالدين وجل عز المطاف.وهذاالوصفوهذهالملكيةمنالله–»مالكيومالدين«منخصائصالربالجليلالذيلايقدرأحدأنينازعهفيهأويدعيه.ولذلكجاءتالآيةبهذاالنوعمنالملك،إذلوجاءتالآيةبملكاللهللدنيامثلا،فقديقولجاهل:إنفيالدنياملوكا،وهذهحقيقة،معأنالحقيقةالأخرى:أنهذاالملكالذيينسبإلىملوكالدنياإنماهوملكظاهري،يقالعلىسبيلالتجوز،وليسعلىسبيلالحقيقة.

يملك الدنيا، متاع من شيئا أو أرض قطعة الإنسان يمتلك فقدالتصرففيه،لكنهملكناقصمقيدمحدود،بحدودالزمانوالمكان،أماالملكالحقيقيالكاملالمطلقالأبديالأزليفإنه»للهالواحدالقهار«.فاللهوحدههوالذيلهالملكالحقيقي؛ملكقدرةوهيمنةوسلطةمطلقة،أماالبشرفحتىوإنادعواأنلهمملكافهوإلىزوال،كماذهبملكفرعونالذيكانيقول:﴿أليسليملكمصروهذهالأنهارتجري

منتحتي﴾]الزخرف:51[.

تدبر سورة الفاتحة

38

–وحده،فكيف وجل فإذاكانملكالدنيافيالحقيقةإنماهولله–عزبملكيومالدين؟ذلكالملكالذيخصاللهبهنفسه،ووصفنفسهبه

فيهذهالآية!.فإذاتدبرالمؤمنفيهذهالمعاني،تحررقلبهمنكلعبوديةلأحدغيرالله،ومنكلخوفوتعلقبأحدغيرهسبحانه،تحررمناستشعارأنا أحدامنالناسيملكلهضراأونفعا،عطاءأوأخذا،فقراأوغنى،عز،تحررمنكلذلكليبقىالقلبمتعلقاباللهوحدهلاشريكله، أوذلا

وتلكمدرجةرفيعةفيسلمالعبودية.كماأن»مالكيومالدين«تربيفينفسالإنسانالشعوربالطمأنينةلميكنفي إن يوما، إليه قهراوغصباسيرجع المسلوبمنه وأنحقه

الحياةالدنيا،ففيالآخرةعندأحكمالحاكمين.فمنظلمأووقععليهأمريكرههولميتمكنمناستردادحقه،أوردمظلمته،لضعفأوعجزأمامقوةغاشمةأوسلطةقاهرة،تفتحهذهالآية

أمامهأبوابالأملوالثقةباللهوعدله،فتهدأنفسهوتسكنروحه.هذهالمعانيالعظيمةتربيفينفسالعبدأنهناكيوماتردفيهالحقوقلأصحابها،وترفعالمظالمفيهعنالمظلومين.وهذايعززالإيمانباليومالآخرويقويه؛حتىلايتزعزعإيمانهباللهسبحانهحينيؤخذمنه

حق،أوتقععليهمظلمة.

بصائر من القرآن

39

هذه يؤكد الحقوق مهضومة وحديثا( )قديما الشعوب بعض وواقعالإشكاليةالخطيرة؛فكممنأقوامتزعزعإيمانهمبالله،وربماوقعوافيشركالارتدادعنالدينبسببمايرونهمنمآسومحنتمرعليهمأوعلىغيرهم.وهذامتوقعالحدوثإذاضعفالفهمأواليقينباللهأوكلاهما.ومنتأملتلكالمعانيعلمواستبانتلهطبيعةالعلاقةالتيتقيمهاسورةالفاتحةبينالعبدوربه،أنهاعلاقةقويةلاتضعفهاالظروفالشديدةوالمحنالصعبة؛علاقةقائمةعلىحسنظنالعبدبربهأناللهسينصره،بالتقوى تكون وسلوكياته الإنسان حياة في سبحانه أوامره إقامة وأنوالصبروالعدل،وسيجازيهبالحسنىإنأحسن،وسيأخذعلىيدظالمه،

ولنيضيعلهحقاوإنضيعهالبشرفيالدنيا.فالبشرقديتعرضإلىمايؤلمهومايسره،مايبغضهومايحبه،فماالذييجعلالعلاقةبينهوبينربهلاتتزعزعولاتتغيرسوىحسنالظنبخالقهسبحانه؟وهنايأتيالإيمانباليومالآخرليفتحأمامهأبوابامنالأملوالتفاؤل،ويصرفعنهالوساوس،والشعورباليأسأوالإحباطأو

السخطوالجزعأماممنعطفاتالحياةالخاصةأوالعامة.منهنايترقىالإنسانفيكلتلكالمراحلفيمدرسةالعبودية،ليصبحعبداحامداشاكراللهمحسناالظنبربه،موقناأناللهحكمعدللايضيععندهحق،ولايظلمعندهأحد،وأنهمالكيومالدينوالحسابوالجزاء،فيبدأالإنسانالدخولفيعالمجديد،مرحلةعاليةمنمراحل

تدبر سورة الفاتحة

40

إنها – وجل عز – الله وبين بينه والصلة العلاقة مراحل العبودية،منمرحلة»إياكنعبد«.

»إياكنعبد«،يتأملطويلابأنهيكلماللهويخاطبه،وأن فحينيقول:اللهيراهويسمعه،كماقالالنبيصلىاللهعليهوسلمفيوصفمرتبة

الإحسان»أنتعبداللهكأنكتراه،فإنلمتكنتراهفإنهيراك«.23والمؤمنيرىآثاررحمتهسبحانهبهوبخلقه،ومنأعظمآثاررحمتهالمشتت القلب فإن سواه؛ لأحد بالعبادة يتوجه لا جعله أن سبحانهالمترددبينأربابمتعددين،قلبتائهشاردلايستطيعأنيرضيأحداالواحد الله أم خير قون متفر ﴿أأرباب يقولسبحانه: ولذلك أربابه، من

ار﴾]يوسف:39[. القهفي وتخرج العبودية، مراحل في ترقى الذي المؤمن العبد وهذاالرب–سبحانه–وهداه العبدالذيوفقه »الفاتحة«،هو مدرسةسورةالتي العظيمة الهداية بدايات هي وهذه له، شريك لا وحده لعبادتهيسألهاالعبدفيأواخرسورةالحمد،فهيليستهدايةقائمةعلىالدعاءهذاجزءمنحديثجبريلالمشهورفيالصحيحين–البخاري)50(،مسلم)8(– .23عنأبيهريرة،قال:كانالنبي–صلىاللهعليهوسلمم–بارزايوماللناس،فأتاهجبريلفقال:ماالإيمان؟قال:الإيمانأنتؤمنباللهوملائكته،وكتبه،وبلقائه،ورسلهوتؤمنبالبعث.قال:ماالإسلام؟قال:الإسلام:أنتعبدالله،ولاتشركبهشيئا،وتقيمالصلاة،وتؤديالزكاةالمفروضة،وتصومرمضان.قال:ماالإحسان؟قال:أنتعبدالله

كأنكتراه،فإنلمتكنتراهفإنهيراك...إلخ.

بصائر من القرآن

41

بالتكاليف القيام الهدايةفي منجانبالعبدفحسب،بلطرفتلكوالأوامرالربانية.

إياك نعبد وإياك نستعين

–للعبد،ورحمتهبه،تربيتهلهبإفراده وجل ومنتمامهدايةالله–عزسبحانهبالعبودية؛بأنلايعبدإلاإياه.فـ»إياكنعبد«:تعنيتوجهالقلبلله،وقصدهوحدهلاشريكله.فالعبوديةالحقةليستانقياداظاهرايبدوعلىالجوارحفحسب،بللابدأنيسبقذلكخضوعوانكسارفيالقلبمعمحبةواختيار،فالعبوديةهيكمالالحبمعكمالالخضوعوالذل،فعبودية

مندونمحبةلاتسمىعبوديةوليستهيالعبوديةالمرادةشرعا.24قائمعلىعبوديةومحبة،معخوفوخضوعوخشيةمنالله تعبد

سبحانه.،– وجل و»إياكنعبد«قصرتوحصرتالعبادةفلاتكونإلالله–عزتبنيهاسورة التي –كمثل القلوب أعمال العبادةمن سواءكانتهذهقالشيخالإسلامفيمجموعالفتاوى)19/10(:»العبادة:اسميجمعكمالالحبللهونهايته، .24وكمالالذلللهونهايته،فالحبالخليعنذلوالذلالخليعنحبلايكونعبادة،وإنماالعبادةمايجمعكمالالأمرين،ولهذاكانتالعبادةلاتصلحإلالله«وقالفيموضعآخر)56/10(:»العبادةتتضمنكمالالحبونهايتهوكمالالذلونهايته،فالمحبوبالذيلا

يعظمولايذللهلايكونمعبودا،والمعظمالذيلايحبلايكونمعبودا«.

تدبر سورة الفاتحة

42

الفاتحة؛مناليقينباللهوالاستعانةبهسبحانهوالتوكلعليهأممنأعمالالجوارح،فلايجوزصرفشيءمنتلكالعباداتالقلبيةلأحدسواه.

وهذهالعبوديةالتيتأتيبقولالعبد:»إياكنعبد«هيعبوديةالتسليملأمراللهوحده،والانقيادلمراضيهولوكانتعلىخلافهوىالنفس.بلإنمنتمامالعبوديةأنيخرجالعبدمنهوىنفسهإلىمايحبهاللهويرضاه؛فلايعبداللهسبحانهتقليدالأقوالالرجالولاعادتالمجتمع.ومن اللهسبحانه، والخضوعلأمر بالامتثال تكون الحقة فالعبوديةثمإخضاعكلشيءآخرلأمره،وبمثلهذهالعبوديةللهوحده،والخضوعكل من العبد يتحرر سواه، ما دون وحده ومراضيه لمحابه والانقياد

شوائبالشركوضلالاتالأهواءوالأفكاروالآراء.والترابطالواضحبينمعاني»إياكنعبد«وبينسؤالهسبحانهوالتوجهأنعمت الذين صراط المستقيم. راط الص ﴿اهدنا السورة نهاية إليهفيالين﴾.]الفاتحة:6–7[.ذلكالدعاء عليهمغيرالمغضوبعليهمولاالض

المتضمنطلبالفرارمنرفقةالمغضوبعليهموالضالين.–وطريقالعبودية وجل والإنسانيضلويشقىحينيبتعدعنالله–عز،أوحينيعبدالله وجل لهوحده،ويتبعهواهويتخذهإلهالهمندوناللهعزفقوله: وأفكارهم. البشر مناهج وفق أو وأفكاره، آرائه وفق العالمين رب»إياكنعبد«تحررهمنكلذلك،تخلصهمنالضلال،وتأخذهبعيداعنطريقالضالينوالمغضوبعليهم،وتضعهعلىجادةالطريق؛طريقالمرضيعنهم.

بصائر من القرآن

43

»إياكنعبد«إقرارمنالعبدوتسليمبأنيعبداللهوفقمايأمره؛فلاشرعإلاماشرع،ولاحاكمعلىالعبدإلاهوسبحانه.

وليسغيرهذاالقرآنالكريموالوحيالمعصوم،يهديالبشرإلىسواءالسبيل؛منهناكانتالفاتحةتسلمالعبدإلىمابعدهامنسورالقرآن،حوتأوامروتكاليفوعبادات..فالفاتحةسورةتفتتحبهاالعلاقة

بينالعبدوخالقه.والتذلل والخضوع الحب على تبنى وأن لابد العلاقة تلك أن إلاكل من خلصه له، شريك لا لواحد والقلب الإرادة وتوجيه والسكون،الأربابالمتعددين؛هوىالنفس،عاداتالآباءوالأجداد،وآراءالبشر…كلهؤلاءيتلاشونأماموجهةالقلبوهويقرأقولهتعالى:»إياكنعبد«.بيدأنذلكلايتحققللعبدمنتلقاءنفسهدونالاستعانةبخالقهأخرى مرة والقصر الحصر وجاء نستعين«، »وإياك يقول: وهو سبحانه»وإياكنستعين«كماجاءفيالعبادة»إياكنعبد«،ليؤكدمعنىالتوحيد

وإفرادالخالقسبحانهبالعبادة.فالعبادة لله وحده و الاستعانة بالله وحده دون غيره. ومن ذلك ما قاله ابن تيمية رحمه الله:«وعلمالقرآنجمعفيالفاتحةوعلمالفاتحةفيهذينالأصلينعبادةاللهوالتوكلعليه«.25وكلماازدادالعبدفهماوتطبيقا–ابنتيمية،جامعالرسائل.وذكرالسيوطيكذلكأنإياكنعبدمجملشامللجميع .25أنواعالشريعةالفروعية،وإياكنستعينشامللعلمالأخلاق.جلالالدينالسيوطي،

تدبر سورة الفاتحة

44

لهذهالمعاني،كلماترقىفيسلمالعبودية،وباتمستحقالرفقةالذينأنعماللهعليهم.

اهدنا الصراط المستقيم

ويأتيبعدهاالدعاءبطلبالهدايةإلى»صراطالذينأنعمتعليهم«،بمنزلةالأخذ والاستعانة بالعبادة لخالقهسبحانه العبد إفراد فتقدمبالأسباب،ومنثمجاءالدعاءلتخليصالنفسمنمظنةالدخولفيمرضالعجبوتوابعه،وقطعالطريقأمامالوساوسوالخواطرالتييمكن

أنتؤديإليه.ومنازل القلوب أعمال وأعظم العبادات أعظم من الاستعانة والسائرينإلىالله،ولذاتتابعالعلماءفيالحديثعنمنازل»إياكنعبد

وإياكنستعين«.26–وحاجتهوفاقتهإلىربه وجل فاستحضارطلبالعونمنالله–عزسبحانه،يذكرالإنسانبحجمهالحقيقيوضعفهوعجزه.فلايتمللعبدمقصدولاعملإلابمشيئةاللهوإرادتهوتوفيقه،وليسبحولهولابقوته.أسرارترتيبالقرآن،تحقيق:عبدالقادرعطا،الطبعةالثانية،دارالعتصام،القاهرة،

1978م،ص80.كأبيإسماعيلالهرويفي»منازلالسائرين«،وابنالقيمفيشرحهعليهالمسمى .26

»مدارجالسالكينبينمنازلإياكنعبدوإياكنستعين«.

بصائر من القرآن

45

ويبقى الرياح، أدراج بالأسباب التعلق آفة الإنسان تذهبعن وهناوكبيرة، صغيرة كل في وتوفيقه الله عون إلى وفاقة حاجة في الإنسانفالعلاقةبينتمامالعبوديةوالاستعانةباللهسبحانهعلاقةالنتيجةبالسبب؛فالاستعانةباللهوحدهسببلارتقاءالعبدفيمنازلالعبوديةودرجاتها.وهنايتساقطعنالإنسانمايشعربهمنتوجهالقلبنحوطلبفكيف ضرا ولا نفعا لأنفسهم يملكون لا الذين الخلق من المعونةيملكونهالغيرهم.والمؤمنيباشرالأخذبالأسبابالمباحةبجوارحهويبقىالقلبمستعيناباللهوحدهواثقابأنالأمركلهبيدهسبحانه.

منهناكانت»لاحولولاقوةإلابالله«منكنوزالجنة27،فهيإقرارمنالعبدبعجزهوضعفهوقلةحيلتهعنالقيامبشيءإلابمعونةاللهسبحانهله.فإذاكانالعبدفيقيامهبأحوالالدنيالايستطيعهاإلابحولاللهوقوته،فأنىلهأنيقومبالعبادةوالتقربإلىاللهوطاعتهبدونحولهاللهسبحانه؟»إياكنستعين«،لتحررالإنسان منهناجاءتهذهالكلمةالجليلةمنأعظموأخطرالأمراضالقلبية؛الرياءوالعجب.فالعبدإذاقامبطاعة،تصاغرالعملفينفسهوإنكانكبيرا،لمايستحضرمنفضلاللهعزوجلعليهوعونهوتوفيقهلهفيذلك،فالفضلللهسبحانهعليهفيأنفتحلهكمافيالصحيحين–البخاري)6384(،مسلم)2704(–منحديثأبيموسىالأشعري .27أنالنبي–صلىاللهعليهوسلمم–قالله:»ألاأدلكعلىكلمةهيكنزمنكنوز

الجنة«قلت:بلىيارسولالله.قال:»لاحولولاقوةإلابالله«.

تدبر سورة الفاتحة

46

ويسرلهأسبابالهدايةوالتوفيقللطاعة،كماتتصاغرأمامهمراءاةالخلقأومعاينتهملمايأتيمنالطاعاتوالقربات،فيتخلصمنالعجبوالرياء.موجبات من قلبه تحرر العبد، نفس في المعاني هذه ثبتت وإذا–وفتحلهبابالهداية،ولذلكآنلذاك وجل عز الضلالوغضبالله–

راطالمستقيم«. العبدأنيرفعيديهبالدعاءويقول:»اهدناالصوالفاتحةهناتعلمالإنسانأنيقدمبينيديخالقهالأسبابقبلإعلانالحمدوتوحيدالخالقوإفرادهبالعبادةوالاستعانة،ليتوجذلكبطلبالهدايةمناللهسبحانه؛لأنالعبدلايستطيعأنيعرفالهدايةأو–هوالذي وجل يوفقإليهادونأنيهديهاللهلهاويعينهعليها.فالله–عزيفتحلهأبوابالهدايةوأسبابها؛ليصبحالطريقأمامذاكالعبدمعبدا

–بيديهويهديهإلىصراطهالمستقيم. وجل لأنيأخذالله–عزوالهدايةأعظممطلوبيسعىإليهالعبد،وهيعلىنوعين28:

وكافرهم، مؤمنهم البشر، لجميع عامة هداية وهي البيان: هداية–بينللناسسبيلالحقوسبلالضلالة وجل مطيعهموعاصيهم،فالله–عزاكفورا﴾]الإنسان:3[،﴿وهديناهالنجدين﴾ اشاكراوإم بيلإم ﴿إناهديناهالس]البلد:10[وأرسلإليهمرسلا،وأنزلكتبا،تهديالناسوترشدهمإلىانظرابنالقيمفيمدارجالسالكين–ط3دارالكتابالعربي–بيروت)1/32(،وانظر .28كذلكلمزيدفائدة:المفرداتفيغريبالقرآن–ط1دارالقلم،الدارالشامية)ص:835(.

بصائر من القرآن

47

صراطاللهالمستقيم،فهذهالدلالةدلالةالبيانوالإرشادالتيتعمالخلق،فكماتكونلأهلطاعتهتكونلأهلمعصيته.

أماالنوعالثانيمنالهدايةفهوهدايةالتوفيق،وهذالنوعمنالهدايةهوالمرادهنافيسورةالفاتحة،فهذهالهدايةلاتكونإلالأهلالطاعةوالإيمانومنوفقهاللهواصطفاه،فلاتكونإلالعبيدألوهيتهسبحانه،

بخلافالهدايةالأولىالتيتعمعبيدربوبيةاللهسبحانه.وهذاالتخصيصفيهدايةتوفيقاللهسبحانهلأولئكالذينتقربواإليهبالحمد،وسلكواطريقالهدايةوسألوهامنهسبحانه،فلذلكخصهماللهبتلكالهدايةالخاصة؛فمنطلبالهدايةوسعىلهاسعيهاهداهاللهإليها،ومنأرادالتوفيقلأمراللهوصدقفينيتهوقصدهوفقهوأعانهوأعطاه.كماجاءتكلمة»اهدنا«بصيغةالجمع؛لتذكرالإنسانأنهمعكونهالعبد أنيربيذلك يريد وجل عز فردالكنهمعفردفيجماعة،فاللهعلىمحبةالخيرللجميعوعدمالأنانيةوحبالذات،يرجوالخيرلغيرهمنالمسلمينعرفهمأملميعرفهم،يطلبالهدايةلنفسهولغيره،ولذاجاءت»اهدنا«بصيغةالجمعولمتأتبصيغةالمفرد،بلولاتقبلمن

العبدحينيطلبها–فيالفاتحة–علىالإفراد.والأنانية، الشح بحكم فقط لنفسه والخير الهداية العبد يريد قدمرض تعالج القلوب، في ما وتشفي تعالج التي الفاتحة سورة ولكن

تدبر سورة الفاتحة

48

الشح29وتنتزعهمنالقلوبفيعبارةواحدة»إياكنعبدوإياكنستعين«،منهناجاءتبصيغةالجمع.

راط المستقيم«. »اهدنا الص

الصراطالمستقيمطريقواضح،بدايتههناونهايتههناكفيالفردوسوالشهداء والصديقين النبيين من عليهم الله أنعم الذين مع الأعلى،–لميترك وجل عز والصالحين،صراطمستقيمواضحالمعالم،فالله–عبادهدونإشاراتوبيانوهدايةإلىذلكالصراط،بلوضحالسبيل،وأقامالدليل،وأرسلالرسلمبشرينومنذرين،ولطريقاللهالمستقيم

داعين،إنهصراطواضحتمامالوضوح.يعبرهفي لن الدنيا المستقيمفيهذه الصراط لميسرعلى ومنالآخرة،ولنيصلإلىالنعيمالمقيمفيجنةالخلدمعالذينأنعمالله

عليهممنالنبيينوالصديقينوالشهداءوالصالحين.30الشحأيالبخل.قالابنفارسفيمقاييساللغة–طدارالفكر–عامالنشر:1399هـ .29، ح يكونمنعامعحرص.منذلكالش ينوالحاء،الأصلفيهالمنع،ثم )3/178(:الشواحدمنهماالفوز جلانعلىالأمر،إذاأرادكل الر وهوالبخلمعحرص.ويقالتشاحنفسهفأولئكهمالمفلحون{ ثناؤه:}ومنيوقشح جل بهومنعهمنصاحبه.قالالله

]الحشر:9[.قالابنالقيم–رحمهالله–فيمدارجالسالكين–ط3دارالكتابالعربي–بيروت .30)1/33(:منهديفيهذهالدارإلىصراطاللهالمستقيم،الذيأرسلبهرسله،وأنزل

بصائر من القرآن

49

إلاأنهلاحولللعبدولاقوةعلىذلكإلاباللهوحده،فلابدلهمنإعانةاللهوتوفيقهليسلكهذاالصراطالمستقيم.

ولأهميةطلبالهدايةإلىالصراطالمستقيم،جاءذكرهفيالسورةمرةأخرى:»صراطالذينأنعمتعليهم«ويأتيالتذكيرمرةأخرىبأنهذا إلى وتوفيقه العبد هداية في الفضل وصاحب والواهب المنعمالصراطإنماهواللهسبحانه،فتأتيكلمة»أنعمت«كماجاءتمنقبل

كلمة»اهدنا«فاللههوالهاديوهوالمنعموهوالمتفضل.وهناتتخلصالنفسمنالشعوربالمنعلىخالقهاسبحانهوتعالىبالطاعاتولوكثرت،فكلمة)اهدنا(و)أنعمت(تعززفيالنفسمنةاللهعلىعبدهإذهداهوأنعمعليهبأنيكونمعتلكالكوكبةمنالسائرين

فيطريقالهداية.وهناتضعسورةالفاتحةالإنسانفيهذهالآيةعلىالمحك؛فالنعمة الدنيا أبواب الله على عبده يفتح بأن مال، ولا كثرة ليست في الحقيقية ذلك المستقيم، الصراط إلى الهداية هي الحقيقية النعمة بل ونعيمها، الصراطالذيمنهديإليهفيهذهالدنياووفقهربهلسلوكهوالسير

عليهكانمنالفائزينفيالآخرةوالناجينمنالعذابالأليم.بهكتبه،هديهناكإلىالصراطالمستقيم،الموصلإلىجنتهودارثوابه،وعلىقدرثبوتقدمالعبدعلىهذاالصراطالذينصبهاللهلعبادهفيهذهالداريكون

ثبوتقدمهعلىالصراط.

تدبر سورة الفاتحة

50

فكممنإنسانأعطاهاللهمننعيمالدنياوجاههاومناصبهاومالهاوملذاتهاوملهياتها،ثممالبثذلككلهأنانقلبإلىنقمةعلىصاحبه،

فكانمدعاةلجلبغضبالربسبحانه!النعمة نقمة؟ أمهي نعمة فيحقيقتها الظاهرية النعم تلك فهلالحقيقيةالعظمىهيالهدايةإلىصراطاللهالمستقيم،وليستشيئا

آخرمنحطامالدنياوزخرفها.ثمتأتيالسورةعلىمعنىجديديبعثفيالنفسالسكينةوالصبرفتشير وعقبات، ابتلاءات من المؤمن يكابده قد وعما المشاق، علىالدرب؛ ذلك على معه تسير التي الصالحة الرفقة تلك إلى السورةمن عنهم المرضي عليهم، المنعم إنهم عليهم« أنعمت الذين »صراطقبلاللهعزوجل،حتىولوكانالمؤمنلايراهمفيعصرهأوزمانه،لكنهميعيشونمعه،ويعلمسبيلهم،وماقصهاللهورسلهفيكتابهالكريممنقصصهم،وحسنمآلهم،ومنيسيرعلىدربهم،فالطريقآمن،ليسبدعاولاغريبا،فيهصعوباتوعثراتوعقبات،بلوحتىصخور،إلاأنهالمتوضعفيذلكالطريقلتسدالطريقعلىسالكيه،بلليرتقيهاالسالكون

فيه؛فيصبحواأكثرقدرةوقوةعلىمواصلةالسير.وخاصة بالغربة، الشعور من تخلصه الفاتحة سورة في الآية هذهغربةآخرالزمان،حينيستشعرالإنسانأنهغريبوسطجموعالناس،حينيستشعرأنهغريببتمسكهوالتزامه،غريببحفاظهعلىعقيدتهومبادئهوثباتهعلىقيمه،غريبحينينأىعنالدنياويترفععندناياها.

بصائر من القرآن

51

إنسورةالفاتحةتبددذلكالشعوربالغربة،تبددهحينتضعفيحسبانالمؤمنأنهمعالذينأنعماللهعليهموهداهمواجتباهمواصطفاهم،فتلكالمؤمن قلب على تنزل وسكينة نور العظيمة السورة هذه من الآياتعليهم أنعمت الذين صراط )6( المستقيم راط الص ﴿اهدنا برداوسلاماالين﴾،منهناجاءذكرالضلالوالغضب، غيرالمغضوبعليهمولاالضوضعت الفاتحة سورة في والآيات تناسب. بينهما والغضب فالضلالعلاجاللضلالوللغضب،خلصتالإنسانمنالضلال.ذلكالضلالفي–بكلأشكالهوأنواعه،ولايمكنأنيأتيالضلال وجل البعدعنالله–عز

–لأنهانتكاسة–إلاباتباعمنهجغيرمنهجاللهسبحانه،»إياكنعبد«لتجعلالمؤمنفيحصانةوأمانووقاية ولذلكجاءتمنذلكالضلال،فلايمكنأنيأتيالضلالوهويعبدااللهحقالعبادة؛فالضلاللايأتيإلاحيناتخذمعبودامندونالله،وغالبمنيعبدمندوناللههوالهوىوالنفس؛فكلأشكالالضلالمنحسدوحقدوتنافسعلىالدنيا،وحتىالكفربالله،وتقديمآراءالبشروعقولهاوعاداتهاعلىأحكاماللهوشرعه،لايمكنأنتأتيإلامنقبيلهوىالنفسواتباعالهوى.الين«؛لتسدل ثمتأتيخاتمةالسورة»غيرالمغضوبعليهمولاالضالستارعلىجميعمايمكنأنيقودويأخذالإنسانبعيداعنمنهجالله–،فالأعمالوالأفعالالتييقعفيهاالإنسانوتستجلبغضب وجل –عزمن المنهج؛ عن يبتعد حين إلا تكون أن يمكن لا – سبحانه – الرب

تدبر سورة الفاتحة

52

هناجاءالتحذيرفيالسورةوفيآياتأخروسورعدةمنأفعالاليهودوالنصارى،حينابتعدوامنمنهجاللهسبحانهفيحياتهم.

فالعبدحينلايحققمعنى»إياكنعبد«فيواقعحياته،ويعبدهوىوالصراط الطريق البعدعن ذلك؛ المترتبةعلى النتيجة تكون نفسه،فمنضل وجل. عز الله المتسجلبلغضب الضلال فيكون المستقيم،عنمنهجاللهغضباللهعليه،ومنعبداللهحقعبادته–كماأوضحت

سورةالفاتحة–لايمكنأنيكونضالاأومغضوباعليه.منهناكانتسورةالفاتحةشفاءحقيقيالكلتلكالأمراض،التيبهذه وتقوى ترتقي حين والروح البدن أمراض من بكثير أخطر هيالمعانيالعظيمةالتيجاءذكرهافيسورةالفاتحة،تستطيعمواجهة

أصعبالأمراضالبدنية.ولذاوردعنابنالقيمأنهكانيقولأنهكانيتداوىبسورةالفاتحة.31فسورةالفاتحةتقوياليقينبالله–عزوجل–أنهلنيصيبالإنسانإلاماكتباللهله،ومنأكثرالأشياءالتيتقويمناعةالمريضضدالأمراضالبدنية؛تقويةجانبالإرادةوالتفاؤللديه،والأملبالشفاءوحصوله.

قالابنالقيم–رحمهالله–فيالداءوالدواءطالمجمع)1/8(:ولوأحسنالعبد .31الشفاء.ومكثتبمكةمدةتعتريني تأثيراعجيبافي لها لرأى بالفاتحة التداويأدواء،ولاأجدطبيباولادواء،فكنتأعالجنفسيبالفاتحة،فأرىلهاتأثيراعجيبا.

فكنتأصفذلكلمنيشتكيألما،وكانكثيرمنهميبرأسريعا.

بصائر من القرآن

53

وسورةالفاتحةتزودالمؤمنالمتدبربهذاالمعنىحينيرددبقولهواعتقاده:»إياكنعبدوإياكنستعين«فالربالذييصرفأمورعبادهبكلرحمنرحيم، دقائقهاوتفاصيلهامنراحةأوتعبصحةأومرض.ربوهذهمعانيعظيمةتحققهاسورةالفاتحة؛لتفتحلهآفاقطبيعةالعلاقةالجديدةبينهوبيناللهعزوجل،القائمةعلىالأملبهسبحانه،والطمع

برحمتهوالتوكلعليهسبحانه.منهناكانتهذهالسورةأعظمسورةفيكتابالله؛بهذهالمعانيتربية الفاتحةفي بهاسورة تنقلت التي المراحل التربيةوهذه وهذهالهداية لهدايته مستحقا لله حقيقيا عبدا ليصبح المؤمن الإنسانالخاصة،مستحقالرحمتهالرحمةالخاصةالقريبةمنعبادهالمحسنين،بهذهالمعانياستحقتأنتكونفاتحةفيكلشيء.فهيفاتحةلذلك

الكتاب،الذييشكلالمنهجفيحياةالإنسانعلىالأرض.

التناسب بين خاتمة الفاتحة ومفتتح سورة البقرة

ومنأساليبالخطابالقرآنيالعظيم؛ذلكالترابطوالتناسببينفسورة البقرة؛ تليها؛سورة التي السورة ومفتتح الفاتحة خاتمةسورةالفاتحةاختتمتبالدعاءبطلبالهدايةإلىالصراطالمستقيم،وجاءتذلك )1( ﴿الم العظيمة: البقرة سورة بدايات في ومقتضياتها الإجابة

تدبر سورة الفاتحة

54

الكتابلاريبفيههدىللمتقين﴾]البقرة:1،2[.فالآياتتوضحأنمنأرادالهدايةفلايكفيفقطالدعاء،بلعليهأنيسيروفقالمنهجالذي

جعلهاللهمنارةلهدايةالبشرعلىاختلافعصورهموأزمنتهم.وكلماازدادالإنسانطلباللهداية،فعليهأنيزدادتمسكابكتاباللهومنهجهعلماوعملالتأتيهالهدايةالخاصةلعباداللهالمؤمنينالسائلين

لهافيقوهعزوجل:)اهدناالصراطالمستقيم(.ولعلهذايكشفمعنىمنمعانيالحديثالصحيحالذيجاءفيهعنالنبي–صلى الله عليه وسلم–أنه»كانجالساوكانعندهجبريلإذسمعنقيضا32فوقه،فرفعجبريلبصرهإلىالسماءفقال:هذابابقدفتحمنالسماءمافتحقطفنزلمنهملكفأتىالنبي–صلىاللهعليهوسلم–فقال:أبشربنورينأوتيتهمالميؤتهمانبيقبلك،فاتحةالكتابوخواتيمسورة

البقرة،لمتقرأمنهماحرفاإلاأعطيته«.33يعطيه الذي النور بذلك عطاءاتها، بكل الفاتحة سورة هي هذه–للمؤمن؛لكييهديه،ويوضحلهالطريقالذي وجل الرحمنالرحيمعز

جاءبيانهفيهذاالكتابالعظيم.

النقيض:هوصوتكصوتالبابإذافتح.انظر:شرحالنوويعلىمسلم–ط2دار .32إحياءالتراثالعربي–بيروت)91/6(.

أخرجهمسلم)806(. .33

55

تدبر سورة البقرة

بين يدي سورة البقرة.34

يعانيالإنسانفيكثيرمنالأحيانمنمخاوفشتى،هموم،أحزان،المشاعر هذه المستقبل.كل إلى وتشوفات تطلعات قلق، آلام، آمال،الإنسانيةالمعتادةتحتاجإلىإطارومنهجيؤصلللإنسانكيفيةالسيرقالابنعطيةفيالمحررالوجيزفيتفسيرالكتابالعزيز–ط1دارالكتبالعلمية .34)1/81(:»هذهالسورةمدنية،نزلتفيمددشتى،وفيهاآخرآيةنزلتعلىرسولاللهوهملا كسبت نفسما كل توفى ثم ، الله إلى فيه ترجعون يوما ﴿واتقوا صلى الله عليه وسلم،وهي:يظلمون﴾]البقرة:281[.ويقاللسورةالبقرة:»فسطاطالقرآن«؛وذلكلعظمهاوبهائهاوماتضمنتمنالأحكاموالمواعظ.وقالابنالجوزيفيزادالمسيرفيعلمالتفسير

–ط1دارالكتابالعربي)1/24(:»قالابنعباس:هيأولمانزلبالمدينة«.وقالابنكثيرفيتفسيره–طدارالكتبالعلمية)66/1(:»والبقرةجميعهامدنية بلاخلافوهيمنأوائلمانزلبها،لكنقولهتعالىفيه)واتقوايوماترجعونفيه

إلىالله(ا،يقالأنهاآخرمانزلمنالقرآنويحتملأنتكونمنها«.

تدبر سورة البقرة

56

فيهذهالحياةوفقكلتلكالمشاعروالأحاسيسالبشرية.يؤصلللإنسانكيفيتعاملمعآمالهوآلامه،مخاوفهوأحزانهوهمومه،ذنوبهوطاعته.منهجيسيرعليهعلىهدى،وهذاالهدىلايمكنأنيتحققإلامنخالقيعلمخفاياتلكالنفسالبشرية،يعلممايحزنهاومايسعدها،يعلممايضرهاوماينفعها،يعلممايأتيلهابالخيروالنفعوالصلاحومايأتيعليهابالشروالوبال،سواءأكانتتلكالنفستعيشبمفردهاأوتعيش

فيمجتمعأوتعيشفيأسرةأوتعيشفيأمة.سورةالبقرةهيالسورةالتيأوصىالنبي–صلى الله عليه وسلم–بتلاوتهاوتعلمها.وهيالسورةالتيقالعنها:»إنأخذهابركةوتركهاحسرةولاتستطيعهابأنهما عمران آل مع وصفها التي السورة إنها السحرة. يعنى البطلة«السورة هذه بتعلم وصيتهلأمته في – صلى الله عليه وسلم – النبي يقول »الزهراوين«؛وإحقاقهافيواقعحياةالبشرأفراداأومجتمعات:)تعلمواالقرآن(وكلمةتعلموا،لهامغزىومقصد؛فالتعلملايكونمحصورافقطفيتلاوةأوحفظفيالصدور،التعلمبمعنىالتطبيقوالسيرعلىالمنهجالذيجاءفيهذهالسورةالعظيمة:)تعلمواالقرآن،تعلمواالبقرةوآلعمران،تعلمواالزهراوينفإنهمايأتيانيومالقيامةكأنهماغمامتانأوكأنهماغيايتان35قالالنوويفيشرحمسلم–ط2دارإحياءالتراثالعربي–بيروت)6/90(:قالأهل .35اللغة:الغمامةوالغيايةكلشيءأظلالإنسانفوقرأسهمنسحابةوغبرةوغيرهما.

قالالعلماء:المرادأنثوابهمايأتيكغمامتين.اهـ.

بصائر من القرآن

57

تعلمواسورة تحاجانعنصاحبهما، فرقانمنطيرصواف36 كأنهما أوالبقرةفإنتعليمهابركةوتركهاحسرةولاتستطيعهاالبطلة(.37

سورةالبقرةمعآلعمرانسماهماالنبي–صلى الله عليه وسلم–الزهراوين؛لنورهما،كلماتها لتصبح السورة هذه بتعلم أوصى أجرهما. لعظيم لهدايتهما،

وآياتهادستورايسيرعليهالمؤمنفيحياته.تعلمالآياتيقودالإنسانلمعالجةمخاوفهوقلقهويأتيبالإجاباتالصريحةعلىتطلعاتهوأشواقهوآمالهوطموحاته.السورةجاءتلتكون

فيقلبالمؤمنوعقلهوحياتهوواقعه.سورةالبقرةجاءتإجابةعلىالسؤالوالدعاءالملحالذييلحبهراطالمستقيم« العبدعلىربهفيسورةالفاتحةحينيقول»اهدنــــاالص:﴿الم.ذلكالكتابلاريب وجل فإذابسورةالبقرةتأتيوتفتتحبقولهعز

فيههدىللمتقين﴾.]البقرة:1،2[قين«،لابدمنالعمل،ولذلكلايمكن هذههيالهداية»هدىللمتأنيفهمتعلمالقرآنبعيداعنتطبيقهفيالواقع،بعيداعنتنفيذه.لا:)91–90 /6( بيروت – العربي التراث إحياء دار –ط2 فيشرحمسلم النووي قال .36قوله–صلى الله عليه وسلم–:»أوكأنمافرقانمنطيرصواف«.معنىفرقان:قطعتان.والفرق:القطعةفرقكالطودالعظيم﴾.و»الصواف:المصطفة منالشيء.قالاللهعزوجل:﴿فكانكل

المتضامةلتظلقارئها.والبطلة:السحرة.اهـ.الحديثأخرجهأحمدفيمسندهواللفظلهبرقم)22157(طالرسالة،مسلم)804( .37

بلفظ»اقرؤوا«بدل»تعلموا«.

تدبر سورة البقرة

58

يمكنأنيكونهناكانفصالأوشرخبينأنيحفظالإنسانالآياتفيقلبهوصدرهويتلوها،وبينأنلايعيشتلكالآياتفيواقعهوتعامله

وأخذهوعطائهوسلوكهوأخلاقه،لايمكنأنيكونهناكشرخ.منهنايمكنفهمالمقصدمنتسميةهذهالسورةالعظيمةمعآل

عمرانبـ»الزهراوين«؟لمافيهمامنالنوروالهداية.38ينفذ لكي بد لا العظيمة السورة هذه في الموجود البقرة فنورفيالقلبمنأنتفتحلهامنافذالعقلوالإدراك؛لأجلأنينفذذلك

النور.وسورةالبقرةهيأطولسورةفيكتابالله،وفيهاأعظمآيةفيكتابالله،هذهالسورةالتيكانيمكثصحابةالنبي–صلى الله عليه وسلم–السنواتالطواللتعلمهاكماوردعنعبداللهبنعمر–رضياللهعنهما–أنهمكثعلى

سورةالبقرةثمانيسنينيتعلمالسورة.39قالالقرطبيفيتفسيره–ط2دارالكتبالمصرية)4/3(:للعلماءفيتسميةالبقرة .38وآلعمرانبالزهراوينثلاثةأقوال:الأول:إنهماالنيرتان،مأخوذمنالزهروالزهرة،فإمالهدايتهماقارئهمابمايزهرلهمنأنوارهما–أيمنمعانيهما–.وإمالمايترتبعلىقراءتهمامنالنورالتاميومالقيامة،وهوالقولالثاني.الثالث:سميتابذلك؛

لأنهمااشتركتافيماتضمنهاسماللهالأعظم.:)238( النشر:1412هـحديثرقم الرسالة–سنة جاءفيموطأمالك،طمؤسسة .39عبداللهبنعمرمكثعلىسورة ثنامالكأنهبلغهأن ثناأبومصعب،قال:حد »حدالبقرة،ثمانيسنينيتعلمها«.قالالزرقاني–تعليقاعلىالأثرالسابقعنابنعمر

بصائر من القرآن

59

أن عليهم شيء أسهل فكان حافظة، أمة العرب أن المعروف ومنوالحروف الكلمات حفظ كان ما ولكن والحروف، الكلمات يحفظوامقصدهم،بلحفظالآياتوالتعاليموالأوامرفيواقعهموتطبيقهافي

مجتمعهم،كانالمقصدوالغايةالأساس،وهذامعنىالنور.عن وتحاج تدافع عمران آل مع السورة هذه تأتي أن معنى وهذا

صاحبهايومالقيامة.وحياته، بقلبه، السورة حفظ الذي البقرة سورة صاحب فالإنسانوسلوكه،وتطبيقهلها،كانجزاءهأنتحفظهسورةالبقرةوتشفعلهوتدافععنهيومالقيامة،بقدرمادافععنأحكامهاوأوامرهاوتطبيقهافيواقع

حياته.الإنسان على تفيض أي بركة«؛ »أخذها أن معاني من معنى وهذاالغاية هو التطبيق التعلم. لذلك وتطبيقه تعلمه خلال من بالبركة

الأساسمننزولالقرآنالعظيم.والأسرة الإنسان بناء في ومقاصدها بأحكامها العظيمة فالسورةوالمجتمعنزلتلأجلأنتحفظفيالحياة،فيالتعامل،فيالاقتصاد،–فيشرحهعلىالموطأط1مكتبةالثقافةالدينية)2/22(:...ليسذلكلبطء–معاذالله–،بللأنهكانيتعلمفرائضهاوأحكامهاومايتعلقبها،فقدرويعنالنبي–صلى الله عليه وسلم

–كراهةالإسراعفيحفظالقرآندونالتفقهفيه.

تدبر سورة البقرة

60

فيالأسرة،فيالزواج،فيالخطبة،فيالرضاع،فيالطلاق–كماستأتي–تفاصيلهفيمواضعهفيسورةالبقرة.

ثمإنفيسورةالبقرةأعظمآيةفيكتابالله40،هذهالآيةالتيلايزالعلىالإنسانحافظولايقربهشيطانإذاماقرأبها.41

آيةالكرسي؛لماجاءفيصحيحمسلم)810(عنأبيبنكعب،قال:قالرسولالله– .40صلى الله عليه وسلمم–:»ياأباالمنذر،أتدريأيآيةمنكتاباللهمعكأعظم؟«قال:قلت:اللهورسولهأعلم.قال:»ياأباالمنذرأتدريأيآيةمنكتاباللهمعكأعظم؟«قال:قلت:﴿اللهلاإلهإلاهوالحيالقيوم﴾]البقرة:255[.قال:فضربفيصدري،وقال:»واللهليهنك

العلمأباالمنذر«.عنأبيهريرة–رضياللهعنه–قال:وكلنيرسولالله–صلى الله عليه وسلم–بحفظزكاةرمضان، .41فأتانيآتفجعليحثومنالطعامفأخذته،وقلت:واللهلأرفعنكإلىرسولالله–صلى الله عليه وسلمم–قال:إنيمحتاج،وعليعيال،وليحاجةشديدة،قال:فخليتعنه،فأصبحت،فقالالنبي–صلى الله عليه وسلمم–:»ياأباهريرة،مافعلأسيركالبارحة«،قال:قلت:يارسولالله،شكاحاجةشديدة،وعيالا،فرحمته،فخليتسبيله،قال:»أماإنهقدكذبك،وسيعود«،فعرفتأنهسيعود؛لقولرسولالله–صلى الله عليه وسلم–إنهسيعود،فرصدته،فجاءيحثومنالطعام،فأخذته،فقلت:لأرفعنكإلىرسولالله–صلى الله عليه وسلمم–،قال:دعنيفإنيمحتاجوعليعيال،لاأعود،فرحمته،فخليتسبيله،فأصبحت،فقالليرسولالله–صلى الله عليه وسلم–:»ياأباهريرة،مافعلأسيرك«،قلت:يارسولاللهشكاحاجةشديدة،وعيالا،فرحمته،فخليتسبيله،الثالثة،فجاءيحثومنالطعام،فأخذته، »أماإنهقدكذبكوسيعود«،فرصدته قال:فقلت:لأرفعنكإلىرسولالله،وهذاآخرثلاثمرات،أنكتزعملاتعود،ثمتعودقال:دعنيأعلمككلماتينفعكاللهبها،قلت:ماهو؟قال:إذاأويتإلىفراشك،فاقرأآيةالكرسي:﴿اللهلاإلهإلاهوالحيالقيوم﴾]البقرة:255[،حتىتختمالآية،فإنكلنيزالعليكمناللهحافظ،ولايقربنكشيطانحتىتصبح،فخليتسبيله،فأصبحتفقالليرسولالله–صلى الله عليه وسلم–:»مافعلأسيركالبارحة«،قلت:يارسولالله،

بصائر من القرآن

61

فالتخلصمنالمخاوفوالقلقالذييحيطبالبشرلايمكنأنيتمإلامنخلالشحنةوقوةإيمانيةدافئة.تلكالقوةالإيمانيةالتيتمدهبهاهذهالسورةالعظيمةوبخاصةفيآيةالكرسيحينيقرأهاالمؤمن

مستشعراعظمةمايقرأ،مستحضراللآياتالتيقرأها.

الأجواء التي نزلت فيها سورة البقرة

سورةالبقرةمدنيةنزلتفيمدينةرسولاللهصلى الله عليه وسلم،فعنأمالمؤمنينعائشة،قالت:»مانزلتسورةالبقرةوالنساءإلاوأناعنده«.42

ولاشكأنتحديدمكيةالسورةأومدنيتهايؤثرتأثيرامباشرافيفهمالسورة؛إذيختلفالمعنىعندربطهبالأحداثالتيوقعتبمكة

عنذلكالمعنىالذييرتبطبأحداثالمدينة.وأكثرالموضوعاتالتيتتصدىلهاالسوروالآياتالمكية،هوبيانأصلالعقيدةالإسلامية،ومجادلةالمشركينحولها،وسوقالأدلةلبطلانزعمأنهيعلمنيكلماتينفعنياللهبها،فخليتسبيله،قال:»ماهي«؟قلت:قاللي:إذاأويتإلىفراشكفاقرأآيةالكرسيمنأولهاحتىتختمالآية:﴿اللهلاإلهإلاهوالحيالقيوم﴾]البقرة:255[،وقاللي:لنيزالعليكمناللهحافظ،ولايقربكشيطانحتىتصبح.فقالالنبي–صلى الله عليه وسلم–:»أماإنهقدصدقك،وهوكذوب،أتعلممنتخاطب

منذثلاثليالياأباهريرة؟«،قال:لا،قال:»ذاكشيطان«.–أخرجهالبخاريفيالصحيحدارطوقالنجاة،الطبعة:الأولى،1422هـ،رقم:)4993(. .42

تدبر سورة البقرة

62

ومعاداتهم المشركين، لأحوال والتعرض الوحدانية، وتأكيد الوثنية،صلى الله عليه وسلمومنآمنمعه،والمبادرةبالدعوةوإنذارالعشيرة.وهكذا للنبيأكثرالقرآنالمكييتعرضلإثباتالعقيدة،ومجادلةمنينكرونهامن

عبدةالأوثان.أماالسورالمدنيةوآياتها،فإنهاتبينالأحكامالتشريعية،وأحوالأهلالكتابمعأهلالإيمان،وسنالنظملتكوينالمجتمعالصالحالذييقومعلىمبادئالإسلام،ومايحلومايحرمفيهذاالمجتمع،وفيهاقيامالأسرةالإسلاميةالتيتقومعلىتقوىمناللهتعالى،ورضوانمنهورحمة.43كماأنغالبالسورالمدنيةتناولالتحدياتالتيتواجههاالمجتمعاتالمسلمة،وبخاصةالوصفالقويالذيوصفبهالمنافقونفيالآيات،والتنديدالشديدالذينددبهمفيها،اللذانيدلانعلىما

كانلظهورهذهالطبقةمنخطورةوأثر.وسورةالبقرةمنأوائلالسورالمدنيةالتينزلتبعدالهجرة؛أي

أولمابدأيكونللإسلامدولة.قالابنعباس:هيأولمانزلبالمدينة.وحكىابنحجرفيشرحصحيحالبخاريالاتفاقعليه،فقال:واتفقواعلىأنهامدنيةوأنهاأول–محمدبنأحمدبنمصطفىبنأحمدالمعروفبأبيزهرة،زهرةالتفاسير،دار .43

النشر:دارالفكرالعربي،ج1،ص75.

بصائر من القرآن

63

سورةأنزلتبها.ففيهاشرعفرضالصيام،والصيامفرضفيالسنةالأولىمنالهجرة،فرضفيهاصومعاشوراء.44

وهذاالتوقيتالذيبدأتفيهسورةالبقرةبالنزولهوتوقيتفيغايةالأهميةللمسلمين؛فقدبدأتملامحالمجتمعوالكيانتظهر،وتحولفيهالزمانبعدثلاثةعشرعامامنابتلاءواضطهادوتعذيبإلىوقت

بناءوتأسيسوتشريع.وقدنزلتهذهالسورةالعجيبةفيمددشتى،فظلتآياتهاتنزللمدة10سنوات،تصاحبالمؤمنينفيجميعمراحلالتأسيسوالبناءحتىالانتهاءواكتمالالدين.45فرغمأنأغلبآياتهاكانتأولالقرآننزولابالمدينة،إلاأنبقيتهاظلتتتنزلطوالالفترةالمدنيةحتىكانمنها

آخرمانزلمنالقرآن.46–أحمدبنمحمدبنإبراهيمالثعلبي،الكشفوالبيانعنتفسيرالقرآن،دارإحياء .44التراثالعربي،بيروت،2002م،ج1،135.جمالالدينأبوالفرجعبدالرحمنبنعليبنمحمدالجوزي،زادالمسيرفيعلمالتفسير،دارالكتابالعربي،بيروت،الطبعةالأولى،1422هـ،ج1،ص24.أحمدبنعليبنحجرأبوالفضلالعسقلاني،فتحالباريشرحصحيحالبخاري،تحقيق:محمدفؤادعبدالباقي،دارالمعرفة،بيروت،

1379هـ،ج8،160.الأندلسي عطية بن تمام بن الرحمن عبد بن غالب بن الحق عبد محمد أبو – .45المحاربي،المحررالوجيزفيتفسيرالكتابالعزيز،دارالكتبالعلمية،بيروت،

الطبعةالأولى،1422هـ،ج1،81.–ابنعاشور،التحريروالتنوير،مرجعسابق. .46

تدبر سورة البقرة

64

والمتدبرفيالأحكامالواردةفيالسورةالكريمةيتلمساستمرارتنزلهاعلىفتراتطويلةفيالمدينة؛فقداشتملتعلىأحكامالحجوالبلد الحرام الشهر في المشركين من القتال أحكام وعلى والعمرة،الحرامالتيكاننزولهامابينسنةخمسوسنةست.وكذلكاشتمالهاعلىأحكامالحجوالذيفرضفيسنةثمانوفيهاأيضاآياتالربا،قال

القرطبي:وآياتالرباأيضامنأواخرمانزلمنالقرآن.47ومنالواضحأنسورةالبقرةاستمرنزولهالفتراتطويلةعاصرتمختلفالتغيراتوالأحوالالتيمربهاالمجتمعالمسلم،حتىإنبعض

السورالمدنيةنزلت،وسورةالبقرةلماتنزلنهاياتهابعد.وقدأشارابنعاشورإلىهذاحينتناولسورةالأنفال،فقال:»ولعلسورةالأنفالقدانتهتقبلانتهاءنزولسورةالبقرة،لأنالأحكامالتيتضمنتهاسورةالأنفالمنجنسواحدوهيأحكامالمغانموالقتال،وتفننتأحكامسورةالبقرةأفانينكثيرةمنأحكامالمعاملاتالاجتماعية.ومنالجائزآل نزول وبعد آلعمران، بقليلسورة نزولها بعد نزلت البقرة أنتكونعمرانبقليلنزلتالأنفال،فكانابتداءنزولالأنفالقبلانتهاءنزول

البقرةوآلعمران«.48–أبوعبداللهمحمدبنأحمدبنأبيبكربنفرحالأنصاريالخزرجيشمسالدين .47الثانية، الطبعة القاهرة، المصرية، الكتب دار القرآن، لأحكام الجامع القرطبي،

1384هـ–1964م،ج1،ص152.–ابنعاشور،مرجعسابق،ج17،ص35. .48

بصائر من القرآن

65

والناظر في البيئة التي نزلت فيها السورة يدرك أن التحديات التي كانت النفاق عن المتواصل فالحديث كثيرة؛ متنوعة حينها المسلمين تواجه والمنافقينعلىسبيلالمثاليعدواحدامنأهممحاورسورةالبقرةالعظيمة،وهومنضمنالتحدياتالتيبرزتفيذلكالوقت.وتناولالحديثعنهفيأكثرمنموضعلهمدلولاتهالعميقةفيأهميةوآلياتالتعاملمعهذاالمرضالاجتماعيوالأخلاقيالخطيرالذييمكنأن

يظهرفيأيمجتمعولايقتصرعلىبيئةالمدينةفحسب.49فسورةالبقرةتناولتالواقعفيحياةالأفرادبكلإحداثياتهالتيكانالنفاقوالمنافقونيشكلونجزءامنه؛فالمنافقونيظهرونفيوقتالقوةالماديةلجنيالمكاسبالعاجلةليسإلا.وقدتخللتهاعظاتوتلقيناتوما البشرية النفس تعالج واجتماعية وأخلاقية إيمانية وتعليماتيعتريهامنأحوال،وانطوتفيهاصورعديدةمنالعهدالمدنيوظروف

المسلمينفيه.تربويا توجيها تبقى خصوصيتها، مع الزمنية الظروف هذه أن إلاوتعليماأخلاقياينطبقعلىمختلفالأحوالوالأزمنة.وهذافيواقعالأمرمنأشكالالإعجازفيكتابالله.يقولالأستاذدروزةفيتفسيرهفقال:)ومعمافيالآياتمنخصوصيةزمنيةواحتوائهاصورةللمنافقين–راجعفيتفاصيلذلككلهبحثناالمنشور:السياقالزمانيوالمكانيوأثرهفي .49فهمالنصوصالقرآنية..مقاصدسورةالبقرةأنموذجا.مجلةالدراساتالإسلامية.

جامعةعمارثليجي.الجزائر.العددالتاسع)يونيو2017م(

تدبر سورة البقرة

66

فيعهدالنبيصلى الله عليه وسلمفإنفيإطلاقالخطابوتعميمهتلقيناعامامستمرالمدىبتقبيحالأخلاقوالمواقفوالأقوالالمنسوبةللمنافقينوالتي

تبدرمنبعضالناسفيكلزمنومكان(.50

مقاصد سورة البقرة ومحاورها

ومنزلتها فضلها في ورد وما العظيمة السورة هذه في المتأملمنأحاديثصحاح،وآثارعنالصحابةوغيرهمفيتعلمهاوالحرصعليها،يتبينلهأنلهامقاصدوغاياتفيغايةالأهمية،تتفقوتلكالمكانةالسامقةلها.ثمإذاماتمالنظرإلىالسياقالمكانيوالزمانيالمصاحبلنزولها،كانللمتدبرتبينطرفمنتلكالمقاصد؛فنزولالمدينة، في المسلم المجتمع بناء عهد أول في كان السورة هذهواستقلالأهلالإسلامبمدينتهم،لذافقدكانمنأولأغراضهذهمن لها الله أقام لما مفسدة بعناصر يختلط أن من تنقيته السورةالصلاح؛سعيالتكوينالمجتمعالإسلاميعلىصورةنقيةمنشوائبالدجلوالدخل.فأرادأنيقيم البيت المسلم داخليا وخارجيا على دعامة

التقوى ودرعها الحصين.

–دروزةمحمدعزت،التفسيرالحديث،دارإحياءالكتبالعربية–القاهرة،الطبعة: .501383هـ،ج6،ص135.

بصائر من القرآن

67

ومنالمعلومأنالمجتمعالمسلمكانفيمرحلةبناءوتأسيسفيالمدينة،ولميكنالمجتمعالمسلمبحاجةفيبنائهوتأسيسهإلىأحجاروتراببقدرماكانبحاجةإلىأساس أصيل متمثلا في التقوى.منهناجاءتسورةالبقرةالعظيمةلتؤسسالفردوتقيمالأسرةوالمجتمععلى سبنيانهعلىتقوىمنالله دعامةهدايةالتقوى.قالتعالى:﴿أفمنأسبهفينار فانهار بنيانهعلىشفاجرفهار س ورضوانخيرأممنأس

لايهديالقومالظالمين﴾سورةالتوبة:109. والله م جهنومنالعلماءالذينيستشفمنهمأنالتقوى هي مقصد سورة البقرة،الشاطبيرحمهاللهحيثقال:»لماهاجررسولاللهصلى الله عليه وسلمإلىالمدينةكانمنأولمانزلعليهسورةالبقرة،وهيالتيقررتقواعدالتقوىالمبنيةعلىقواعدسورةالأنعام،فإنهابينتمنأقسامأفعالالمكلفينجملتها،الإسلام قواعد هي التي كالعبادات لها تفاصيل غيرها في تبين وإنوالعاداتمنأصلالمأكولوالمشروبوغيرهماوالمعاملاتمنالبيوع

والأنكحةوماداربها،والجناياتمنأحكامالدماءومايليها«.51كذلك، البقرة لسورة المقصد هذا أكدوا الذين المعاصرين ومن

الشيخمحمدالغزاليفيتفسيرهالموضوعيللقرآنالكريم.52–أبوإسحاقالشاطبي،مقاصدالشريعة،ج3،ص305. .51

–محمدالغزالي،نحوتفسيرموضوعيلسورالقرآنالكريم،دارالشروق،الطبعة9، .522007م،ص45.

تدبر سورة البقرة

68

فالسورة كلها تدور حول التقوى، إذ لا بناء حقيقي في الفرد والمجتمع والأمة دون وجود التقوى التي تشكل حقيقة العمل وروح البناء.

السورة هذه نزول تحف التي السياقات إن القول، يمكننا هنا منالعظيمة واستمرار نزولها لسنوات في المدينة، تقودنا إلى القول إن المقصد الأساس للسورة هو هداية التقوى؛فلاتتحققالهدايةفيحياةالمسلم

بدونتقوى:)هدىللمتقين(.حاول إذا البقرة سورة في الأول الآيات أن ذلك على الأدلة ومنالمتدبرالبحثعنالمناسبةبينسورةالبقرةوبينسورةالفاتحةفيها،سيجدالإجابةواضحةفيمقصدسورةالبقرةالعظيم،ففيآخرآياتسورةالفاتحة–تلكالسورةالتيلابدمنتلاوتهافيكلركعةيركعهاللهعزوجلفريضةأونفلا–تجددعاءوطلبالأعظممقصوديقصدهالمؤمنراطالمستقيم)6(صراطالذينأنعمت ألاوهوطلبالهداية﴿اهدناالص

الين﴾]الفاتحة:6،7[. عليهمغيرالمغضوبعليهمولاالضثمتأتيالآياتبعدهامباشرةفيسورةالبقرةمفتتحةبقولهتعالى:)ذلكالكتابلاريبفيههدىللمتقين(]البقرة:2[.إنهاالإجابةللدعاءالسابقفيسورةالفاتحة،إنهاهدايةالتقوىالتييلحعليهاالمسلم.

وهذانوعمنأنواعالترابطبينالسور؛أواخرهاوالبداياتالتيتليها.فهدايةالتقوىجاءتفيالسورةالعظيمةمقصودة:»ذلكالكتابلا

ريبفيههدىللمتقين«.

بصائر من القرآن

69

وكلماجاءفيسورةالبقرةمنآياتوتشريعاتوأحكاممتعلقةمتعلقة بالرضاع، بالطلاق، الزوجية، بالحياة بالأسرة، متعلقة بالفرد،التقوى.وهي لجزئياتهداية تفصيل فيها ما وبالإنفاق.كل بالجهاد،ليستهدايةنظرية؛بلهدايةعمليةلاتتحققبمجردتطبيقالأحكام

والتشريعاتدونرصيدعميقمنالتقوى.قين« ومنهناخصتسورةالبقرةبالهداية؛بأنهاللمتقين»هدىللمت

ثمجاءبأوصافهؤلاءالمتقين.البقرة، سورة معاني فيه تستقبل الذي الوعاء هو الذي فالقلبالعظيمة السورة وآياتهذه للهداية. تقوىليصل فيه أنتكون لابدلايمكنأنتحققالهداية،إلاحينيكونذلكالقلبفيهمنمعانيالتقوىمايؤهلهللانتفاعبالهداية،التيهيمنأصلصفاتالقرآن

العظيم.

التدبر الإجمالي لسورة البقرة

أقام بدايته الأولمنذ الجزء أجزاء: تتألفمنثلاثة البقرة سورةدعائمالهداية–والمقصدالأساسفيالسورة:هوالهداية؛فالسورةسورةهداية،سورةنورفيالدنياوفيالآخرةلأصحابها،لمنيقومبحقها–أقام، وجل دعائمالهدايةعلىالتوحيدالخالصالصادقالذيهومراداللهعز

تدبر سورة البقرة

70

يقولابنقيمالجوزية:»إنكلآيةفيالقرآنمتضمنةللتوحيدشاهدةبهداعيةإليه«.53

فالجزءالأولفيسورةالبقرةأقامدعائمالهدايةعلىالتوحيد،وبينمنذالبدايةأنلاعمليصحإلاحينيبنىعلىذلكالتوحيد:

﴿ذلكالكتابلاريبفيههدىللمتقين)2(الذينيؤمنونبالغيب﴾]البقرة:2،3[.

ثمقدمتالسورةالعظيمةفيالجزءالأولنموذجاواضحاومثالاوفق حياتها في التوحيد تقيم أن استطاعت ما الأمم من الأمة عملي

المنهجالربانيالذينزلعليها،إنهاأمةبنيإسرائيل.–وفضلهاعلىالعالمين، وجل أمةبنيإسرائيلاختارهاالله–عزفضلهاليسبناءعلىقوميةأوعرقأوماشابه؛فالله–سبحانهوتعالىلتلكالأمة أوكل وإنما والكلعندهسواء، الخلق العدل،خلق –هوالتوحيدفي تقيم بأن وتطبيقه، المنهج مهمة – إسرائيل بني أمة –

حياتها.ذلكالمنهجالذيأنزلهعلىالنبيموسىعليهالسلاموبقيةالأنبياء

منبنيإسرائيل.انظر:مدارجالسالكين–ط3دارالكتابالعربي–بيروت)3/417(. .53

بصائر من القرآن

71

النموذج تقدم أن قبل البداية في البقرة وتعرضالآياتفيسورةمهمةالإنسانالخليفةالذيماجاءعلىهذهالأرضليلعبويعبث،وإنما:﴿إنيجاعلفيالأرضخليفة﴾]البقرة:30[ومهمةهذاالخليفةأن

يقومبالمنهجويتقنهفيحياتهوفيواقعه.لبني متنوعة متعددة مواقف الأول الجزء في السورة تعرض ثمإسرائيلفيسياقالتذكيرلهذهالأمة،الأمةالتينزلعليهاالقرآنأول

مانزل؛أمةالعرب.من نماذج لها عرض الأمة هذه على الله أنزله الذي الكتاب هذاتعاملبنيإسرائيلمعمنهجهم،معدعوةنبيهمموسى–عليهالسلام–معالتوراةكيفتعاملوا؟الربسبحانهوتعالىأكدهذهالوصية﴿خذوا

ةواذكروامافيهلعلكمتتقون﴾]البقرة:63[. ماآتيناكمبقووالوصيةليستلبنيإسرائيلدونغيرهم،الوصيةلكلالأمم،الوصيةة﴾54والحديثعن لهذهالأمةالتينزلفيهاالقرآن﴿خذواماآتيناكمبقوالقوةهنايتضمنكلأشكالوأسبابالقوةالماديةوالمعنويةبماتتضمنه

منمعانيالصدقوالجدوالعملالحقيقيالذييعكسالإيمانبها.قالابنالجوزيفيتفسيرهزادالمسير–ط1دارالكتابالعربي–بيروت)1/74(:وفي .54المراد»بقوة«أربعةأقوال:أحدها:الجدوالاجتهاد،قالهابنعباسوقتادةوالسدي.والرابع: مجاهد. قاله فيه، بما العمل والثالث: العالية. أبو قاله الطاعة، والثاني:

الصدق،قالهابنزيد.

تدبر سورة البقرة

72

فحينيأخذالمؤمنالقرآنوسورةالبقرةوأوامرها،لابدأنيأخذهابقوةوبطاعةوخضوعوانكسارورغبةحقيقيةفيتطبيقهافيواقعحياته.كماأنالأخذبقوةيتضمنمعنىالدفاععنالمنهج؛فطبيعةالحياةالكافية القوة المؤمن لميكنلدى فإذا والتحديات. تدورمعالابتلاءلمواجهةتلكالتحديات،سيفشلفيالقيامبحقالمنهج.منهنايفهمالربطبماجاءفيالحديثأنهما:»سورةالبقرةوآلعمران،يأتيانيومالقيامةيحاجانعنصاحبهما«؛لأنصاحبهمادافععنهمافيالدنيا،دافع

عنالمنهج،وربمادفعمالهوحياتهثمنالتطبيقذلكالمنهج. عز الرب أوصى التي التضحيات عن تتحدث السورة أن كمالاة﴾]البقرة:45[،هذهالوصيةالعظيمة بروالص :﴿واستعينوابالص وجلوطريق بالورود، مفروشة ليست فالحياة التحديات؛ مواجهة لأجلتطبيقالمؤمنللمنهجفيحياتهوواقعه،يمكنأنيواجهالصعوبات

والأشواك.البقرةومعانيهابقلبه الأمرالذييقتضيأنيحملالمؤمنسورةويدافععنقيمهاومبادئهاوأحكامها،إلاأنبنيإسرائيللميتمكنوامن

أخذذلكالكتاببقوة،بلقالوا:﴿سمعناوعصينا﴾.]البقرة:93[مرة بعد مرة – الأول الجزء في – البقرة سورة في الآيات وتأتيإلىقضيةالعصيانالذيوقعفيبنيإسرائيل،ثمإلىالشركبأنواعه

بصائر من القرآن

73

القضية الذيهو التوحيد التوحيد،ذلك بعيداعنخلوص المتعددةالأولى،ولذلكتقولعنهمالآيات:﴿وأشربوافيقلوبهمالعجلبكفرهم

قلبئسمايأمركمبهإيمانكمإنكنتممؤمنين﴾]البقرة:93[.عبادةالعجلالتيوقعتفيبنيإسرائيلتعكسالبعدعنالتوحيد،التخبط،الزيف،الانحرافعنالمنهج،المماطلةفيتنفيذأوامرالله:]88 ]البقرة: غلف﴾ ﴿قلوبنا آيةأخرى: في وقالوا وعصينا« سمعنا »قالوا

أغلقت55،وهيبالفعلقدأغلقت.الآياتفيسورةالبقرةتحدثناعنأشكالمنالعقوباتالتيأصابتوتعالى سبحانه الله بمنهج القيام في ترنحت التي الأمة تلك قلوبقستقلوبكممنبعدذلك﴾]البقرة: وتنفيذهفيواقعالحياة.إنهاقسوة﴿ثم

74[وغلفوختم،لمكلهذهالعقوباتعلىالقلوب؟!العقوبةمنجنس فإن المنهج أمام قلبه يغلق الإنسانحينما لأنالعمل.إذاأغلقالإنسانقلبهأمامآيالقرآنالعظيم،ولميسمحلهاأنتنفذوتغيرفيحياته،وتصححمساره،وتهذبسلوكهوأخلاقياته،لايمكنإلاأنيكونالإغلاقوالختموالقسوةهوالجزاءالمناسبلهذا

العمل،وذلكماحدثمعبنيإسرائيل.هذاأحدالمعنينفيتفسير»غلف«.قالالراغبالأصفهانيفيتفسيره–ط1كلية .55الآداب–جامعةطنطا)1/256(:أصلالغلف:سترالشيءبالشيءالذييجعلفيه،

يعنيقلوبنامغطاةعماتدعوناإليهفلانفهمه.

تدبر سورة البقرة

74

التوحيد، موضوع على جديد من الأول الجزء نهاية في خلص ثموماأنزلإلينا بالله وأنالتوحيدالخالصهودعوةالأنبياء﴿قولواآمناوماأنزلإلىإبراهيموإسماعيلوإسحاقويعقوبوالأسباطوماأوتيقبينأحدمنهمونحن بيونمنربهملانفر موسىوعيسىوماأوتيالن

لهمسلمون﴾]البقرة:136[هذهدعوةالإسلام.وتسلمتالأمةالمسلمةالتينزلعليهاالقرآنالمسؤوليةالعظيمة؛مسؤوليةالقيامبدعوةالأنبياءدونأنتفرقبينأحدمنهموسواءآمن

اليهودوالنصارىأملميؤمنوا.فالإسلامجاءليكونالرسالةالخاتمة،الرسالةالخالدة،الرسالةالتيتحميتراثالأنبياءجميعا،الرسالةالتيتحميتعاليماليهوديةالحقةما بمثل آمنوا ﴿فإن قبل الأنبياءمن بها التيجاء الحقة والنصرانيةوهو آمنتمبهفقداهتدواوإنتولوافإنماهمفيشقاقفسيكفيكهمالله

ميعالعليم﴾]البقرة:137[. السهذاالمنهجالربانيالواضحالأسسوالمعالمبنتهسورةالبقرة–فيالجزءالأول–فيقلبالمؤمن،حينيؤمنويوقنأنهلايمكنأنتتحققالهدايةفيواقعهدونالتوحيد،التوحيدالذيهومدارالعلاقةمعالله–

–فلاتستقيمالعلاقةدونالتوحيد. وجل عزفلايكفيأنيشهدأنلاإلهإلااللهوأنمحمدارسولاللهباللساندونأنيشهدهافيواقعه،فيتعامله،فيعطائه،فيالسلوكياتالتيتحكم

بصائر من القرآن

75

أركانالحياةونواحيهاالمتعددة.فلابدأنيكونالواقعمصداقالتلكالشهادةحتىيشفعللمؤمنالقرآن.

فكيفيشفعلهالقرآنوهولايدافععنذلكالقرآنفيواقعهمنخلالحمايةتلكالتعاليمالعظيمةالتيجاءتفيالقرآنالعظيموفي

هذهالسورةالكريمةالمباركة؟!أماالجزءالثانيفيسورةالبقرةفيبدأبالحديثعنالقبلةوتحويلالقبلةنحوالمسجدالحرام،وتحملالأمةالمسلمة؛الأمةالوسطالتيجعلناكم ﴿وكذلك الأمم: على الشهادة مسؤولية القرآن عليها نزلعليكمشهيدا﴾ سول الر ويكون اس الن لتكونواشهداءعلى وسطا ة أم

]البقرة:143[.رغم قبل، من إسرائيل بنو التيضيعها والأمانة الرسالة هي إذا،أنالأمةالمسلمةكلفتبعدمتضييعها.وماجاءفيالجزءالأولمنحديثعنبنيإسرائيل،إنماجاءفيسياقالتحذيرلهذهالأمةمنأنتقعفيماوقعفيهبنوإسرائيلمنتضييعللأمانةالمتمثلةفيالمنهج

الربانيالمنزلعليهمفيالتوراة.منهناجاءالجزءالثانيبكلالتعاليموالتفاصيلالتييحتاجهاالناسفيمعاشهموسائرتعاملاتهم،فآياتتحدثتعنالقصاص،وأخرى

ينوالوصاياوالزواج… تحدثتعنالد

تدبر سورة البقرة

76

الحياة واقع في المنهج تقيم التي التعاليم كل السورة جمعتيتركهم أن لعباده سبحانه الله أراد فما الفوضى؛ من البشر وتخلصيعبثونويلعبونويجربونالقانونتلوالقانون،ليجدواأنفسهمفينهايةتعممناحيحياتهمالأسريةوالاجتماعية أمامفوضىعارمة المطاف

والثقافية.ولذلكمنذاللحظةالتينزلفيهاآدمعليهالسلام،أعطيلهذلكيهدىفمنتبعهداي ن كمم ايأتين المنهج:﴿قلنااهبطوامنهاجميعافإم

فلاخوفعليهمولاهميحزنون﴾]البقرة:38[.لقدجاءالجزءالثانيبكافةالتفاصيلحتىفيمايخصالعلاقةبينالزوجين؛لتضعتلكالعلاقةفيإطارمنتقوىالله–سبحانهوتعالى–تعالى: بقوله الآيات تلك وختمت العلن، في كما السر في ومراقبتهقون﴾ اسلعلهميت ناللهآياتهللن ﴿تلكحدوداللهفلاتقربوهاكذلكيبي

]البقرة:187[.مناحي في الأحكام مختلف عن تحدثت حين العظيمة والآياتالحياة،أوضحتأنذلكالمنهجلابدأنيطبقفيإطارمنتقوىالله––وأنالإنسانالضعيفالذيلايأخذتلكالتعاليمويطبقها وجل عزعلىنفسهفيحياتهالأسرية،يصعبعليهتطبيقهافيمجتمعهالذي

يشكلالأسرةالأكبر.

بصائر من القرآن

77

نفسه نزعات على ينتصر أن يستطيع لا الذي الإنسان أن كماوهواها،لايستطيعأنينتصرعلىأحدلأنهفشلفيالانتصارعلىنفسهوأهوائهاونزعاتهاومافيهامنجنوحفيبعضالأحياننحوالشر

والفساد.وسورةالبقرةتعلمالإنسانمنخلالالأوامروالنواهيكيفيتقيالله،كيفيقوللنفسه:»لا«حينينبغيأنيقوللها:»لا«.وعلىقدرما–فيقلبذلكالمؤمنالذيتبنيهالسورةفي وجل تكونعظمةالله–عزآياتهاآيةبعدآيةعلىقدرمايكونتعظيمذلكالإنسانلأمراللهووقوفهعننواهيه.ولذلكالكلاممتواصلفيالسورةفيالجزءالثانيعن:﴿فلاتعتدوها﴾ فلاتقربوها﴾]البقرة:187[﴿تلكحدودالله تلكحدودالله

]البقرة:229[.الأمر تعظيم يكبر القلب، في وتوحيده تعظيماللهسبحانه وبقدر

وتطبيقهفيواقعالإنسانوحياتهالعملية.ولاتخرجآياتالجهادفيسبيلاللهعنذلكالإطار،فهوليسمنقبيلالتسلطعلىشعوبالعالمأبدا،أوالإكراهلهمعلىالدخولفيالدين،وإنمامنبابحمايةالقيمالعظيمةالتيتضيعالحياةالإنسانيةإنضيعتها:العدالة،الحريةوالمساواة.وهيقيمجاءتبهاكلالشرائعالشر وزيف النفوسمنغوائل بحماية الكفيلة القيم تلك السماوية.

تدبر سورة البقرة

78

والفساد.56أمة انتشلت البقرة سورة في جاءت التي العظيمة التعاليم هذهكانتتتقاتللسنواتوسنواتفيمابينهاعلىالماءوالكلأوالأشياء

الماديةالمحدودة.57لقدخلصتهذهالتعاليمحينطبقتفيواقعالحياةالمجتمعمن

صراعاتمحمومةاستنزفتطاقاته.تقف التي المحمومة البؤر تلك كل من يعاني بات اليوم وعالمالمصالحالماديةعلىرأسها،والتيتدفعبهنحوالصراعوالنزاعلأجل

أنيبقىالأقوىحتىلولميكنصالحا.فحاجةالعالمإلىمنهجمنالربلخلقهلايفرقبينأبيضوأسود،

ولايصنفالناسوفقأعراقهموأجناسهمولغاتهمحاجةماسة.58

يحب لا الله إن تعتدوا ولا يقاتلونكم الذين الله سبيل في ﴿وقاتلوا سبحانه: قال .56والحرمات الحرام هر بالش الحرام هر ﴿الش وجل: عز وقال ]190 ]البقرة: المعتدين﴾واعلموا قصاصفمناعتدىعليكمفاعتدواعليهبمثلمااعتدىعليكمواتقواالله

معالمتقين﴾]البقرة:194[ الله أنكماحدثفيحربالبسوسالتياستمرتبينقبائلتغلبوبنيبكرمايقرب .57من40عامابسببناقةقتلت.انظر:الكاملفيالتاريخ–ط1دارالكتابالعربي–

بيروت)473/1–485(.روىأحمدفيمسنده–طالرسالةحديثرقم)23489(عنأبينضرةقالحدثني .58

بصائر من القرآن

79

والتعدد، والاختلاف التنوع بذلك جميعا خلقهم سبحانه فالربوأنزللهممايقيمحياتهم،كماأوضحلهمأنالهلاكفيالبعدعنهذا

ة«. المنهج:»خذواماآتيناكمبقوسورة من الثاني الجزء ختم ولذلك البقرة، سورة رسالة هي هذهالبقرةبقصةطالوتوجالوت؛ليبينمعنىالثباتعلىالحقوالصبرعلىتعاليمالمنهجوالتزاماته،مؤكداسنةالتمحيصوالغربلةوالتدافع

بينالناس،ليحقاللهالحقبكلماتهولوكانبقلةعددوعدة.﴾]البقرة:249[. ﴿كممنفئةقليلةغلبتفئةكثيرةبإذنالله

ولكنلكيتغلبهذهالفئةمنالناسلابدأنينتصرالمنهجفيمن تتخلص أن بد لا العلن، في يكون أن قبل سرها في أولا، نفوسهاأدواءالنفسونزعاتهاوأنانيتهاوتسلطهاورغبتهافيالتسلطوالجبروتوالتكبرعلىالآخرين،فماكانلذلكالمنهجولالأصحابهأنيرتقواعلى

أنفسهموحياتهمإلابتلكالتعاليم.ثميأتيفيبدايةالجزءالثالثمنالسورةالتأكيدمرةأخرىعلىأندعوةالأنبياءواحدةمتمثلةفيالتوحيدوإقامةالمنهجفيواقعالحياة

الإنسانية،وحمايةالعدالةوالحريةوالمساواةفيه.منسمعخطبةرسولالله–صلى الله عليه وسلم–فيوسطأيامالتشريقفقال:»ياأيهاالناس،ألاإنربكمواحد،وإنأباكمواحد،ألالافضللعربيعلىعجمي،ولالعجميعلىعربي،

ولاأحمرعلىأسود،ولاأسودعلىأحمر،إلابالتقوى...«الحديث.

تدبر سورة البقرة

80

كماجاءتالآياتلتوضحأنماحصلمنصراعاتبينالبشرماالنفوسونزعاتها كانلتحقيقرسالةالأديان،بلكانمنقبيلأطماعوأنانيتهاورغبتهافيالتسلطعلىالآخرين،كماحدثفيقصةطالوت

وجالوت.ثمتأتيالآيةالعظيمةأعظمآيةفيكتابالله،تلكالآيةالتيقالالله كتاب من آيةمعك أي المنذر أبا »يا بنكعب: لأبي صلى الله عليه وسلم النبيأعظم؟فيقولأبي:قلتاللهورسولهأعلم،قال:ياأباالمنذرأيآيةمعكآية – القيوم﴾ الحي هو إلا إله لا ﴿الله قلت: قال: أعظم؟ الله منكتابالكرسي–قال:فضربرسولالله–صلى الله عليه وسلم–فيصدريوقال:ليهنكالعلم

أباالمنذر«.59آيةالكرسيأعظمآيةفيكتابالله،تلكالآيةالتيجاءفيهاالحديث»إذاأويتإلىفراشكفاقرأآيةالكرسيلنيزالعليكمناللهحافظولا

يقربكشيطانحتىتصبح«.60أعظمآيةفيكتابالله،آيةالتوحيد،الآيةالتييعرفاللهسبحانهوتعالىويتجلىفيهالعبادهبصفاته،فالقرآنكمايقولابنالقيم:»القرآن

كلاماللهوقدتجلىاللهفيهلعبادهبصفاته«.61أخرجهمسلم)810(. .59

رواهالبخاري)2311(عنأبيهريرة–رضياللهعنه–وقدسبقذكرهقريبا. .60انظر:الفوائد–طدارعالمالفوائد)ص98(. .61

بصائر من القرآن

81

وفيهذهالآيةالعظيمة–سبحانهوتعالى–تجلىلعبادهبصفاتهفيالقيوم﴾]البقرة:255[. هوالحي لاإلهإلا هذهالآية﴿الله

الله تجلى وقد الله كلام »القرآن ذلك: حول الجوزية قيم ابن يقولالهيبةوالعظمةوالجلال فتارةيتجلىفيجلباب فيهلعبادهبصفاته،فتخضعالأعناقوتنكسرالنفوسوتخشعالأصواتويذوبالكبركماوهو والكمال الجمال فيصفات يتجلى وتارة الماء، في الملح يذوبكمالالأسماءوجمالالصفاتوجمالالأفعالالدالعلىكمالالذات،فيستنفدحبهمنقلبالعبدقوةالحبكلها،بحسبماعرفذلكالعبدمنصفاتجمالهونعوتكماله،فيصبحفؤادعبدهفارغاإلامنمحبته«.62أن قبل بقلبه يقرأها حين المؤمن قلب بها يتيقن الصفات وهذه

تتحركبهاشفتاه.ماوات القيوملاتأخذهسنةولانوملهمافيالس هوالحي لاإلهإلا ﴿اللهبإذنهيعلممابينأيديهموما ومافيالأرضمنذاالذييشفععندهإلاماوات هالس بماشاءوسعكرسي خلفهمولايحيطونبشيءمنعلمهإلا

العظيم﴾]البقرة:255[. والأرضولايئودهحفظهماوهوالعلي،– وجل صفاتعظيمة،صفاتتولدفيقلبالمؤمنالتوكلعلىالله–عزالمخاوف من وأمن حرز في صاحبها تجعل قلبية أعمالا تورثه صفات

انظر:الفوائد–طدارعالمالفوائد)ص98(. .62

تدبر سورة البقرة

82

المتوهمة،الخوفمنالعين،الخوفمنالسحر،الخوفمنالحسد،الخوفمنالفقر،الخوفعلىالمستقبل،الخوفعلىالنفس،الخوفمنالمرض،الخوفعلىالأولاد،تسقطعنهكلتلكالمخاوفالمتوهمةبنورالإيمانحينيتجلىفيقلبه.نورالإيمانبصفاتالكمالوالجلالللهالواحدالقهار.وكلماشهدالعبدهذالصفاتحينيقرأهذهالآيةالعظيمةولدتلديهتوكلاعلىالله،وشعورابالافتقارإليهسبحانهوالاستعانةبهدونسواهوالذلوالخضوعوالانكسارله،وهذامحضالتوحيدوالعبودية.هذامحضرسالةالتوحيدالعظيمةأنيشعرالإنسانأنلاحاجةلهإلىأحدسوىالله–سبحانهوتعالى–فيخشعالقلبلله؛تعظيماوإجلالاوتوقيرا–فيخشع وجل عز – نعمالله يديخالقه،ويشهد بين وينكسر ومهابةالقلبفتتبعهالجوارحوتسيرعلىهداه–فالقلبقائد–فلايبقىهناكخوفمنأحد،فتتبددالمخاوفوماأكثرالمخاوفالتييعانيمنها

الإنسانفيوقتناالحاضر!ولكنمنملأالإيمانبربهقلبهأيخافأحدا؟!ولذلكجاءتالآياتين﴾.]البقرة:256[وبعدأنتعرفالله التيتليها–بعد﴿لاإكراهفيالدالذينآمنوا.﴾ ولي سبحانهوتعالىوعرفذاتهالعليةلخلقهبصفاته﴿الله

]البقرة:257[.فإذااستشعرالعبدبأناللهمولاهيتولىشؤونه،يصرفحياته،يدبرلهالمستقبلكمادبرلهالماضيوالحاضر،تهدأنفسهوتتبددمخاوفه

بصائر من القرآن

83

والمال الرزق الخوفعلى و والعين السحروالحسد –ومن البشر منوالوظيفة–بوجودهذهالصفاتالإيمانيةفيقلبه.

ولاأحدينكروجودهذهالأشياءوالمخاوفالتيتحفبالإنسان،كمالاأحدينكروجودالشر،لكنعلىالمؤمنأنيحررقلبهمنالخوفمن–وينكسربين وجل الشر،وهذالنيحدثإلاحينيخضعالعبدلخالقه–عزيديه،ويستشعرضعفهوفاقتهوحاجتهلخالقه،وأنهفيحمىمولاهوحفظه.على البقرة سورة في التركيز لماذا هنا: الواضح السؤال ويأتيالتخلصمنهذهالمخاوفوالأحزان،والبيتالذيتقرأفيهسورةالبقرة

يفرمنهالشيطان؟63إنسان هو آياتها عين على البقرة سورة تصنعه الذي الإنسان لأنحر،قوي،إنسانقادرعلىأنيلتزمالمنهجالربانيفيواقعالحياة.ولايمكنلإنسانخائفجبانمترددمليءرأسهبالأوهاموالوساوسوالقلقوالأرق،أنيلتزمبالمنهجفيالواقع،لايمكنأنيأخذهذاالكتاببقوة.

منأينجاءتكلهذهالشحنةمنالقوةوالدافعية؟جاء هنا من المؤمن، قلب في المعاني هذه شهود من جاءتتأكيدالنبي–صلى الله عليه وسلم–علىقراءةآيةالكرسيصباحاومساءبعدكلروىمسلمفيصحيحهحديثرقم)780(عنأبيهريرة،أنرسولالله–صلى الله عليه وسلم–قال: .63»لاتجعلوابيوتكممقابر،إنالشيطانينفرمنالبيتالذيتقرأفيهسورةالبقرة«.

تدبر سورة البقرة

84

صلاة64لتتركزتلكالمعانيفيالقلبفيشعربالاطمئنان؛تلكالعملةالمفقودةفيعالماليوم!.

لقدتفننالإنسانالمعاصرفيصنعالأقفالوأجهزةالحماية،ولكنهلايزالأكثرالمخلوقاتخوفاوقلقا.والإيمانيبددمشاعرالخوفوالقلقفيالنفس.قدتمرعلىالإنسانأوقاتيشعرفيهابحكمبشريتهبشيءمنالخوفوالقلق،ولكنأنيستسلملذلكويعيشفيدوامتها،فهذاما

لايستقيممعدواعيالإيمانواليقينفيالنفس.الكرسي آية بعد عليه والحض الإنفاق عن الحديث جاء هنا منالعظيمة؛لأنالمؤمنالذييخافعلىالمستقبلوعلىأموالهمنالنفادوعلىثروتهمنأنتتبددأوتضيع،لايمكنأنيبذل،لايمكنأنيضحي،لايمكنأنيعطي.أماالمؤمنالذياستقرتفيقلبهمعانيالإيمان

بأسماءاللهوصفاتهسبحانه،وأنهلهملكالسماواتوالأرضوهوالذييأمربالعطاءويعدبمزيد

منهللمنفق،فالأمريختلفعنده.فالسورةبآياتهاتعلمهأنماينفقهفاللهيخلفه،وأنماعندكمينفدباق﴾]النحل:96[. مهمازاد،وماعنداللهباقما﴿عندكمينفدوماعنداللهروىالنسائيفيالكبرى)9/44(حديثرقم)9848(عنأبيأمامةقال:قالرسولالله .64 ةإلا صلاةمكتوبةلميمنعهمندخولالجن –صلى الله عليه وسلمم–:»منقرأآيةالكرسيفيدبركل

أنيموت«والحديثصححهالألبانيبطرقهفيالسلسلةالصحيحة)661/2(.

بصائر من القرآن

85

المال من يقلل الذي وإنما المال، من يقلل أن يمكن لا فالإنفاقمخالفةالمنهجالرباني.الربالذيأمربالإنفاقضمنأنلايقلذلكالمال،بليزدادويتضاعفأضعافامضاعفةولذلكجاءتالآيةبالمقابل:

دقات﴾.البقرة)276((. ﴿يمحقاللهالرباويربيالصالربامخالفةللمنهجالربانيمخالفةصريحة،فيهاستغلاللحقوقالضعفاءوحاجتهمإلىجانبمايحملهمنضعفالشعورالإنسانيبالآخرينوآلامهموحاجتهم،فجاءتسورةالبقرةلتحييفيالنفوسمنها يعاني التي المخاوف وتبدد غيرهم، تجاه الإنسانية المشاعروأعلن البنوك، في والفوائد الربا بنار اكتوى الذي المعاصر العالم

إفلاسهأكثرمنمرة.قلوب إفلاس بل وبنوك، اقتصاد إفلاس بالإفلاس المقصود وليسضيعتالمنهجالربانيالذيأمربالإنفاقوحرمالرباولذلكيقول﴿يمحقويذهب ينقصها أي يمحقها .]276 ]البقرة: دقات﴾ الص ويربي الربا اللهالبشر بتحذير الربا آيات عن الحديث ختام في عقب ولذا بركتها65، منالحربمناللهسبحانهوتعالى:﴿فإنلمتفعلوافأذنوابحربمنالله ورسوله﴾]البقرة:279[»فإنلمتفعلوا«بتركالربا﴿فأذنوابحربمناللهورسوله﴾حرب؟!نعمحرب،ومايعيشهعالمناالمعاصراليومحرببكل

–الراغبالأصفهاني،المفردات،ج1،ص761،مادةمحق. .65

تدبر سورة البقرة

86

المقاييس.الحربالتييبدأهاالإنسانبجهلهوتطاولهعلىأحكاماللهسبحانهوتجاوزهلمنهجهالذيأنزلوفرض.

وهناتجيبسورةالبقرةعنالمعضلاتالتيدوخترؤوسالعالماليوممنالعلماءوالمفكرينوالنقادوالمحللين؛سياسيينواقتصاديينواجتماعيين.لمكلتلكالمعاناةفيالعالمالمعاصررغمكلالتقدم

التقنيوالعلميالمشهود؟!لمالمعاناة؟لمزادتالحروب؟لمزادالفقر؟لمزادالشقاء؟لمزادتالتعاسة؟لمزادالضنك؟لمزادالتعب؟لمزادالمرضرغمالتقدمفيوسائلالطب؟هذهالأسئلةتجيبعنهاسورةالبقرةبطريقةواضحةلمننالله يتدبرفيآياتهاويقفعندمعانيها﴿فإنلمتفعلوافأذنوابحربم

ورسوله﴾.فالإنسانأعلنالحربعلىالمنهجالذيأنزلهالخالقإليهليهديهوينقذه،ليسعدهلاليشقيه،ليعطيهلاليمنعه،حينضرببكلأحكامهالاقتصادية حياته تفاصيل كل في له مخالفا وعاث الحائط عرض

والمعيشيةوغيرها.ين«. ثمتنتقلالآياتللحديثعنموضوعفيالمعاملاتالمادية:»الدلتجعلآياتهاتدخلفيكلخلجاتالنفسفتداويها،فيكلحركاتالحياةالإنسانيةفتعالجها،وتضعالبصمةالحقيقيةعليها؛بصمةالتقوى.

بصائر من القرآن

87

ين،في الد التقوىيجبأنتكونحاضرةفيكلمعاملاتالحياة،فيالكتابة،فيالشهادة،فيكلشيء.

ثميعودالله–عزوجل–فيؤكدفيختامآياتسورةالبقرةأنهلاهدايةللبشريةبعيداعنالمنهجالرباني،لاهدايةعلىالإطلاق،لايمكنأنتكونهناكهداية.قديتساءلالبعضكيفالسبيل؟كيفالنجاة؟لايمكنأنتكونالنجاةبعيداعنالمنهجالربانيالذيليسمجردشعار،ولامجردكلماتتحفظفيالصدور،والذيلابدأنيكونواقعايطبق،

واقعاتسيرعليه،واقعاتمشيعليه.الأمانةلاتحتاجعلىسبيلالمثالأنيضعالإنسانشعاراعلىرأسهأوعلامةتخبرالناسبأمانته.الأمينيمارسالأمانةفيحياتهفيعرفبأنهالأمين.النبي–صلى الله عليه وسلم–مالقبنفسهقبلالبعثةبأنهالصادقالأمينولكنقومهقالواعنه:»الصادقالأمين«؛لأنهعرفبصدقهوأمانته،عاملهم

بالصدقوالأمانة.فتطبيقالمنهجالربانيلايحتاجرفعشعارأوإعلان،وإنماالأخلاقوالسلوكوالمعاملةستكونهيالشعارالحقيقي،الصدىالحقيقيلما

يؤمنبهفيالواقعويعيشعليه.ثمتختمسورةالبقرةبالدعاءالعذب،الدعاءالذييبينعجزالإنسانوتقصيره،شعورهبالانكساربينيديخالقه،حينيبذلجهدهويخشىوسعها﴾]البقرة:286[ولكنفينهاية نفساإلا صدورالخطأ:﴿لايكلفالله

تدبر سورة البقرة

88

المطافالإنسانبحكمبشريتهقدتصدرمنهأخطاء،أونسيان،فتأتيالآيةتستوعبذلكوتحتويهبأجملاعتذاروأرقعبارةوانكسار:﴿ربنا

لاتؤاخذناإننسيناأوأخطأنا﴾]البقرة:286[.اعتذارعنكلمايقعخارجاعنإرادةالإنسان.ولكنالذيليسخارجاعنإرادتههوفعلهفيالواقع،وتطبيقهلتلكالإرادةالتييطلعاللهعليها،ولذلكجاءقبلآياتالدعاءفيختامسورةالبقرة:﴿وإنتبدوا﴾]البقرة:284[؛مفهومالمراقبة مافيأنفسكمأوتخفوهيحاسبكمبهاللهالذاتية.مفهومأنيراقبالإنسانخالقهفيسره،فيكونحريصاعلىأنهخيرامنعلانيته،هذاالحرصلايمكنأنيتحققإلاحين يكونسرفي ما تبدوا ﴿وإن السرعندهعلانية وأن أناللهمطلععلىسره تيمن

.﴾ أنفسكمأوتخفوهيحاسبكمبهالله﴿لا الدعاء: يأتي الإنسان، ذات في المعاني هذه استحكمت فإذاتؤاخذناإننسيناأوأخطأنا﴾؛فهولميتعمدالمخالفة،وإنماقصدهالطاعةوالسيرعلىالمنهج،ولكنقدتقعبعضالأخطاء.﴿ربنالاتؤاخذناإننسيناأوأخطأناربناولاتحملعليناإصراكماحملتهعلىالذينمنبهواعفعناواغفرلناوارحمنا لنامالاطاقةلنا قبلناربناولاتحم

أنتمولانافانصرناعلىالقومالكافرين﴾]البقرة:286[.يحرص والذي بتعاليمها البقرة الذيصنعتهسورة الإنسان هذاعلىأنيتعلمها،ويدافععنتلكالسورة،وعنالقرآنبمالهوحياته

بصائر من القرآن

89

لأجلأنيطبقماجاءفيها،هوإنسانيستحقأنتدافععنهسورةالبقرةيومالقيامة،يستحقأنتظلهسورةالبقرةيومالقيامةفيذلكاليومالعصيب،فيذلكاليومالذييبلغفيهالناسمبلغاعظيمامنالتعبآل ومعها السورة هذه تأتي اليوم ذلك في والانتظار، والحر والجهدعمران،تقدمهسورةالبقرةوآلعمرانيشفعانويحاجانعنصاحبهما66؛

لحفظهلهما.فكلما ازداد المرء حفظا لكتاب الله في قلبه وحياته وسلوكه زاده الله

حفظا في نفسه وفي ماله وفي أسرته وفي مجتمعه.67

حفظالإنسانلسورةالبقرةفيسلوكهوتعاملهيجعلهفيحفظاللهورعايته.منهنايفهمماجاءعنابنعباسأنهقال:بينماجبريلقاعدروىمسلمفيصحيحهحديثرقم)805(عنجبيربننفير،قال:سمعتالنواسبن .66سمعانالكلابي،يقول:سمعتالنبي–صلى الله عليه وسلم–يقول:»يؤتىبالقرآنيومالقيامةوأهلهالذينكانوايعملونبهتقدمهسورةالبقرة،وآلعمران«،وضربلهمارسولاللهصلى الله عليه وسلمثلاثةأمثالمانسيتهنبعد،قال:»كأنهماغمامتان،أوظلتانسوداوانبينهماشرق،أوكأنهماحزقانمنطيرصواف،تحاجانعنصاحبهما«.اهـ.وقدمرنحوهمعناقريبا.جلهذاشواهدعظيمةمنهاماجاءمنحديثأخرجهأحمدفيمسندهطالرسالة .67)2669(،الترمذي)2516(وغيرهما،عنعبداللهبنعباس–رضياللهعنهما–أنهركبخلفرسولالله–صلى الله عليه وسلم–يوما،فقاللهرسولالله–صلى الله عليه وسلم–:»ياغلام،إنيمعلمككلمات:احفظاللهيحفظك،احفظاللهتجدهتجاهك،وإذاسألتفاسألالله،وإذااستعنتفاستعنبالله،واعلمأنالأمةلواجتمعواعلىأنينفعوك،لمينفعوكإلابشيءقدكتبهاللهلك،ولواجتمعواعلىأنيضروك،لميضروكإلابشيءقدكتبه

اللهعليك،رفعتالأقلام،وجفتالصحف«.

تدبر سورة البقرة

90

عندالنبي–صلى الله عليه وسلم–سمعنقيضا68منفوقهفرفعرأسهفقال:»هذابابمنالسماءفتحاليوملميفتحقطإلااليومفنزلمنهملكفقال:هذاملكنزلإلىالأرضلمينزلقطإلااليومفسلموقال:أبشربنورينأوتيتهماقبلكفاتحةالكتابوخواتيمسورةالبقرةلنتقرأبحرف لميؤتهمانبي

منهماإلاأعطيته«.69هذهالخواتيمالعظيمةالتيتشعرالإنسانبحفظاللهسبحانهوتعالىله،لأنهقدحفظآياتهذهالسورةالعظيمةفيحياتهوواقعه،فيعملهالخواتيم وسلوكه،فيعطائه،فيزواجه،فيأسرته،فيمجتمعه،تلكالتيينشدها الحفظوالأمنوالأمانوالسلاموالرحمة تحققللإنسانالعظيمة؛ السورة هذه في يجده ذلك كل إليها، سبيلا يجد يكاد ولا

سورةالبقرة.

التدبر التفصيلي لسورة البقرة

المناسبةبينمفتتحسورةالبقرةوبينمختتمسورةالفاتحةواضحة؛ فالسورةالتيينبغيعلىالمسلمأنيكررهافيكلركعةيركعهاللهعزالنقيض:هوصوتكصوتالبابإذافتح.انظر:شرحالنوويعلىمسلم–ط2دار .68

إحياءالتراثالعربي–بيروت)91/6(.أخرجهمسلم)806(. .69

بصائر من القرآن

91

فريضةأونفلا–حوتدعاءوطلبالأعظممقصوديقصدهالمؤمن وجلراطالمستقيم)6(صراطالذينأنعمت ألاوهوطلبالهداية.﴿اهدناالصالين﴾]الفاتحة:6،7[،ثمتأتيالآيات عليهمغيرالمغضوبعليهمولاالضبعدهامباشرةفيسورةالبقرةمفتتحةبقولهتعالى:﴿الم.ذلكالكتابلاريبفيههدىللمتقين﴾]البقرة:1،2[.إنهاالإجابةللدعاءالسابقفيسورةالفاتحة،إنهاالهدايةالتييطلبهاالمسلمويلحعلىاللهبالدعاء

للوصولإليها.الهدايةالتيلاسعادةولانجاةلافيالدنياولافيالآخرةبعيداعنها،يجدهافيالسورةالعظيمة،إنهاهدايةالتقوى،:﴿ذلكالكتابلاريبفيههدىللمتقين﴾.كلماجاءفيسورةالبقرةمنآياتوتشريعاتوأحكاممتعلقةبالفرد،متعلقةبالأسرة،متعلقةبالحياةالزوجية،متعلقةبالطلاق،متعلقةبالرضاع،متعلقةبالجهاد،متعلقةبالإنفاق،كلمافيهاتفصيللجزئياتالهدايةالحقيقية؛فالهدايةفيالسورةليستهدايةالذي المنهج بعيداعن يهتدي أن نظرية،بلهدايةعملية،فلايمكنيقدمهالقرآنللإنسان.لايمكنأنيكونالإنسانعلىهدى،وهويسيرالعمل إنهاهداية القرآن. منهج بعيداعن وسلوكه وتعامله فيحياته

والسلوكليكونفعلامحققالمعانيالهدايةالعظيمة.ولكنهذهالهدايةفيالسورةجعلهااللهسبحانهللمتقين،ثمجاء

بأوصافهؤلاءالمتقين.

تدبر سورة البقرة

92

فالشرطفيتحققالهدايةأنيكونالقلبالذيهوالوعاءالذيتستقبلفيهمعانيسورةالبقرةعلىتقوىمنالله،مايؤهلهللانتفاعبالهداية.

وقدوصفاللهسبحانهالقرآنكلهبأنههدى70،ولكنلكيتتحققتلكالهداية،لابدللقلبالذييستقبلوينتفعبمعانيالهدايةوبأنوارهاأنيكونفيهتقوى.والمعنىالواضحالأساسللتقوىأنيسيرالإنسانعلى

وحذر. توقوهناتتضححكمةأخرىتحملفيطياتهاالتحذيرمنالإقبالعلىالقرآنبقلبمريض،يأتيإلىالقرآنبتراكماتوأهواءمختلفة،لايطلبفيه تتحقق لا التلقي من النوع وذاك القلوب من النوع فهذا الهداية،

معانيالهداية.ولذلكحددتالآياتالخمسالأولىفيسورةالبقرةمنهمهؤلاء

الذينسينتفعونبهدايةالبقرة؟إنهمالمتقون.)3( ينفقون رزقناهم ا ومم لاة الص ويقيمون بالغيب يؤمنون ﴿الذينناتمنالهدى كماقالسبحانه:﴿شهررمضانالذيأنزلفيهالقرآنهدىللناسوبي .70لناهعلىعلمهدى والفرقان﴾]البقرة:185[وقالعزوجل:﴿ولقدجئناهمبكتابفصورحمةلقوميؤمنون﴾]الأعراف:52[وقالتعالى:﴿طستلكآياتالقرآنوكتابمبينهدىوبشرىللمؤمنين﴾]النمل:1،2[وقال:﴿الم)1(تلكآياتالكتابالحكيم)2(القالوا هدىورحمةللمحسنين﴾]لقمان:1–3[وقالسبحانه:﴿ولوجعلناهقرآناأعجمي

قلهوللذينآمنواهدىوشفاء﴾]فصلت:44[. وعربي لتآياتهأأعجمي لولافص

بصائر من القرآن

93

والذينيؤمنونبماأنزلإليكوماأنزلمنقبلكوبالآخرةهميوقنون)4(أولئكعلىهدىمنربهموأولئكهمالمفلحون﴾]البقرة:3–5[

قين«فيموضعين،ثمفي فيهذهالآياتذكرتالهداية»هدىللمتنهايةصفاتهمتأتي»أولئكعلىهدى«؛تأكيدللمعاني.منأعظمصفاتأولئكالمتقينالذينينتفعونبهدايةسورةالبقرة،همالذينيعرفون

بأنهمأصحابالزهراوين:إنهم»يؤمنونبالغيب«.فالإيمان بها؛ إلا المرء إيمان يتم أن يمكن التيلا الحقيقة تلكوالاهتداءبالقرآنوتطبيقتعاليمالقرآنوأحكامه،كلذلكيقومعلى

تلكالحقيقة:»الإيمانبالغيب«،الإيمانبعالمماوراءالحس.فالإيمانبالغيبجزءلايتجزأمنحقيقةإيمانالإنسانوتصديقه،وهو وأسمائه وصفاته ووحدانيته سبحانه الله بوجود الإيمان من يبدأ

سبحانه:﴿لاتدركهالأبصاروهويدركالأبصار﴾]الأنعام:103[.ثمإنجميعأركانالإيمانتقومعلىالإيمانبالغيب؛فالإنسانيؤمنبالملائكةولايراهم،وبكلالكتبالتيأنزلتعلىأصحابهامنالأنبياء

ولميرها،ويؤمنبالأنبياءعليهمالسلامولميرهم.كلذلكإيمانبالغيب،فلابدمنالإيمانبالغيبأنيقوىفيالنفسالبشرية،ويستقرفيالقلب؛لكييتمكنالقلبمنالاستفادةمنأنوار

الهدايةالموجودةفيسورةالبقرة.

تدبر سورة البقرة

94

والإيمانبالغيبليستمجردحقيقةإيمانيةفقطغائبةعنالواقع،و بالشهادة النطق و العبادات سائر إلى الإنسان بجوارح تأخذ فهيلاة ممارسةشعائر،وسلوكيات،وأعمالكلهانابعةمنذلك:﴿ويقيمونالص

ارزقناهمينفقون﴾. ومم–يدفعإلىإقامةالصلاة وجل فإيمانالإنسانبالغيبوبوعدالله–عزوالوقوفبينيديخالقهوقوفايليقبإيمانهبأنهيخاطبربهسبحانه.

مجرد ليست الصلاة أصبحت قلبه، في بالغيب الإيمان قوي فإذامعاني في وتفكرا وتدبرا وخضوعا وسجودا ركوعا يقيمها بل صلاة،

الآياتالتييقرأفيكلركعة.هذهالمعانيالعظيمةلاتتحققمنقلبلايؤمنبالغيب،بلتتحققمنقلبقدوضعالإيمانبالغيبنصبعينيهوفيأعماققلبهالذيآمن.حينهاتصبحالصلاةالتييصليهاتليقبالرب–سبحانهوتعالى–الذييصليويركعويسجدويخضعله،فلمتعدالصلاةعمليةروتينية،ولامجردحركاتبالجسدلاتغنيعنصاحبهاالكثير،بلأصبحتصلاة

تنهىعنالفحشاءوالمنكر.صلاةتجعلمنالعبادةممارسةمتواصلةللعملالصالحالذييريدهالهدايةالمطلوبة،وتتحول الله–سبحانهوتعالى–تتجددمنهامعاني

الصلاةإلىعطاءودافععظيمللعطاءالمعنويوالمادي.

بصائر من القرآن

95

ينفقون﴾؛فالرزقبكل رزقناهم ا ﴿ومم وهذاسرالترابطبمابعدها:أشكاله،أكانموهبة،علما،عملا،عطاء،خيرا،مالا،جاها،منزلة،كلما

أنعماللهبهعلىالعبد،أنفقمنه.وهنايأتيالسؤالماوجهالربطبينالإنفاقوبينماقبلهمنالحديث

عنالهداية؟الإنسانالذييهتديبنورالقرآنالعظيموبتلكالصلاةيتحولإلىإنسانكثيرالعطاءوالخير،إنسانمعطاءيتخلصمنالشح،يتخلصمنالأنانية،إنسانيعطيولايمنع؛لأنهيدركأنالعطاءإنماهوعطاءوتفضلوامتنانمنالله–سبحانهوتعالى–عليه،فلاينبغيأنيمسكهأينماحل فالمؤمنكالغيث،خير أنيمنعهعنمستحقيه. ينبغي ولا

ونزلفيمكانأعطىالخيرالذيلديه.71ففيالصحيحين–البخاري)6122(،مسلم)2811(–عنعبداللهبنعمرأنالنبي .71–صلى الله عليه وسلم–قال:»مثلالمؤمنكمثلشجرةخضراء،لايسقطورقهاولايتحات«فقالالقوم:هيشجرةكذا،هيشجرةكذا،فأردتأنأقول:هيالنخلة،وأناغلامشابفاستحييت،فقال:»هيالنخلة«..قالالنوويفيشرحمسلم–ط2دارإحياءالتراثالعربي–بيروت)17/154(:قالالعلماء:وشبهالنخلةبالمسلمفيكثرةخيرهاودوامظلهاوطيبثمرهاووجودهعلىالدوام،فإنهمنحينيطلعثمرهالايزاليؤكلمنهحتىييبس،وبعدأنييبسيتخذمنهمنافعكثيرة،ومنخشبهاوورقهاوأغصانها،اومخاصروحصراوحبالاوأوانيوغيرذلك،ثم فيستعملجذوعاوحطباوعصيفهي ثمرها، نباتهاوحسنهيئة ثمجمال بهعلفا، وينتفع نواها آخرشيءمنهامنافعكلهاوخيروجمال،كماأنالمؤمنخيركلهمنكثرةطاعاتهومكارمأخلاقه

تدبر سورة البقرة

96

للاستهداءبآياتسورة ثمإنهؤلاءالمتقينالذينأصبحوامحلاالبقرةونورالكتابالعظيميؤمنونبكلالرسالاتالتيسبقت:﴿والذينيؤمنونبماأنزلإليكوماأنزلمنقبلكوبالآخرةهميوقنون﴾.الإيمانبالنسبةلهملايفرقبينموسىوعيسىومحمد–صلواتاللهوسلامهبهمجميعاجزءمن فالإيمان الرسل؛ بكل فيؤمنون – أجمعين عليهم

عقيدتهمالتينزلبهاالقرآنعلىقلبمحمد–صلى الله عليه وسلم.لايفرقونبينأحدمنالرسلكماسيأتيفيخواتيمسورةالبقرة بالله آمن كل والمؤمنون ربه من إليه أنزل بما سول الر ﴿آمن العظيمة:

قبينأحدمنرسله﴾]البقرة:285[. وملائكتهوكتبهورسلهلانفروهنا الأديان، بين ولا السماوية الرسالات بين تفرقة هناك فليستظهرلطيفةأخرىمنلطائفهذهالسورةالعظيمة؛أنالمؤمنبإيمانهللسلام، عالميا ومشروعا رسالة يصبح الكتاب، ذلك بنور واستهدائهللخيروالعطاء.لايقفعطاءذلكالمؤمنالمستهديبنورآياتسورةالبقرةعندأمتهوعندقومهوعندرسالته،وإنمايمتدليشملكلالبشرية.في بالآخرة واليقين يوقنون﴾، هم وبالآخرة قبلك من أنزل ﴿ومامواصفاتهؤلاءالذينيستهدونبآياتسورةالبقرةمهمجدا،فهوالذييدفعبهمإلىالتضحيةفيبعضالأحيان،التضحيةالتييتطلبهاالإيمانويواظبعلىصلاتهوصيامهوقراءتهوذكرهوالصدقةوالصلةوسائرالطاعاتوغير

ذلك.اهـ.

بصائر من القرآن

97

والالتزامبأحكامالتشريع.فهناكيومالدينوالجزاءواليقينبأنالدنيادارعملوليستدارجزاء،وأنالإنسانيقومبعملولوكانمثقالذرة

منخيرأوشر،ليجازىبه.﴿وبالآخرةهميوقنون﴾.واليقينهو:العلمالحاصلللقلببعدالنظروالاستدلال،فيوجبقوةالتصديقحتىينفيالريبوالشك،ويوجبطمأنينةالقلببالإيمانهب عنه:اللهم وسكونهوارتياحهبه.72وكانمندعاءأبيبكررضيالله»تعلموا قال: معدان، بن خالد بن عون ة. وني ومعافاة ويقينا إيمانا لي

اليقينكماتعلمواالقرآنحتىتعرفوهفإنيأتعلمه«.،ولاتحمد قالابنمسعود:»اليقينأنلاترضيالناسبسخطاللهزق الر ،فإن وجل عز ،ولاتلمأحداعلىمالميؤتكالله أحداعلىرزقاللهوتعالى تبارك الله فإن كاره كراهية ه يرد ولا حريص حرص يسوقه لا ضا،وجعلالهم وحوالفرجفياليقينوالر بقسطهوعلمهوحلمهجعلالر

خط. والس ك والحزنفيالشعنه: رضيالله عنهللحسنبنعلي بنأبيطالبرضيالله قالعلين،قال:اليقينمارأته يمانواليقين؟قال:أربعأصابع.قال:بي »كمبينالإ

قتبه. يمانماسمعتهأذنكوصد عينكوالإ–ابنرجبالحنبلي،فتحالباري،ج13،1.وانظركتاباليقينلابنأبيالدنياففيه .72

فوائدجيدة.

تدبر سورة البقرة

98

وحينتستقركلتلكالمعانيفيالنفسسيصلالإنسانلمرحلةبهم﴾.وطريقالهدايةطريقممهدميسر نر الهداية:﴿أولـئكعلىهدىمللفلاحوالفوزفيالدنياوفيالآخرة،ولذاجاءفينهايةالآية))وأولـئك–فيالدنيا وجل همالمفلحون((.قطعاهمفائزون،فائزونبرضىالله–عزوفيالآخرة.فائزونبالسكينةوالطمأنينةالتييفتقرإليهاالعالماليوم.تتحقق البقرة، سورة تضعه الذي النهج على يسير الذي فالمؤمنمعانيالأمنوالأمانفيحياتهوالسكينةوالطمأنينةالتيلاتشترى–؛لأنتلكالقلوب وجل بالأشياءالمادية،هيتمنحوتعطىمنالله–عزوتطبيقها وبانتفاعها بإقدامها العطاء لذلك مؤهلة أصبحت المؤمنة

لتلكالآياتالعظيمة.ثمإنالآياتتنتقلبعدذلكفيسورةالبقرةلتتحدثعننموذجآخرمنالناس،نموذجلايغنيعنهمالإنذارالموجودفيآياتاللهالعظيمة،لاتغنيعنهمقراءةسورةالبقرةأوالاستماعلها؛لأنالقلوبالتيتتلقىتلكالذينكفروا الآياتماعادتمحلاللانتفاعبهاولذلكجاءتالآية:﴿إنعلىقلوبهموعلى سواءعليهمأأنذرتهمأملمتنذرهملايؤمنون)6(ختمالله

سمعهموعلىأبصارهمغشاوةولهمعذابعظيم﴾]البقرة:6،7[.صنفمنالبشرختموأغلقعلىقلبهجزاءبمافعل.سدكلمنافذالإدراكمنقلبوسمعوبصرأمامالاستماعوالتلقيلآياتذلكالكتابأو قرأ لو عليهمعمى، القرآن البشر من الصنف ولذلكهذا العظيم،

بصائر من القرآن

99

استمعإلىالقرآنلايغنيعنهذلكشيئا؛لأنالمحلقدأغلق،لأنالسمعوالبصروالفؤادكلأولئكقدأغلقدونتلقيآياتالقرآنالعظيم،هذا

صنفمنالناسلاتنفعمعهآياتالقرآنالعظيم.73وهناكصنفثالثتقدمهسورةالبقرة؛ليتعلممنهاالقارئالكيفيةالتيينبغيأنيتلقىبهاآياتالقرآنالعظيمكيفيةمعينة،إنهقلب

مؤهللأنينتفعبالهدايةالموجودةفيهذهالآيات.هم وما وباليومالآخر بالله آمنا يقول من الناس ﴿ومن يقولتعالى:وما أنفسهم إلا يخدعون وما آمنوا والذين الله يخادعون )8( بمؤمنين

يشعرون﴾]البقرة:8،9[.أن إلى ينتبه لا يدعيه، ادعاء مجرد الإيمان قضية يعتبر صنفالإيمانقضيةقلبيةتبدأبالقلبأولاوتنتهيبالقلبكذلك،لايدركأنالإيمانعلاقةبينالإنسانوربه،لايدركأن»الإيمانماوقرفيالقلب

وصدقهالعمل«.74قالابنتيميةفيمجموعالفتاوى)16/583–586(:الكافرمادامكافرالايقبلالحق .73سواءأنذرأملمينذرولايؤمنمادامكذلك؛لأنعلىقلبهوسمعهوبصرهموانعتصدعنالفهموالقبول.وهكذاحالمنغلبعليههواه...فبينحالالكافرالمصرعلى

كفرهأنالإنذارلاينفعهللحجبالتيعلىقلبهوسمعهوبصره.هذامنقولالحسنالبصريرحمهاللهيروىعنهمنغيروجه.انظر:المصنفلابن .74– الراية الكبرىلابنبطة–طدار )163/6(،الإبانة الرشد أبيشيبة–ط1مكتبة

الرياض)805/2(،شعبالإيمانللبيهقي–ط1مكتبةالرشد)158/1(.

تدبر سورة البقرة

100

يعتقدأنمجردالادعاءباللسانكافللدخولفيصفوفالمؤمنين،وقديكونهذافعلاحاصلاأمامالناس،ولكنهقطعالايغنيعنهؤلاء–ولذلكهذاالادعاءيولد وجل شيئافيالعلاقةبينهموبينالله–عزمرضا فيقلوبهمنوعامنأنواعالأمراض:﴿فيقلوبهممرضفزادهمالله

ولهمعذابأليمبماكانوايكذبون﴾]البقرة:10[. هذاالادعاءولدفيقلوبهممرضالنفاق؛مرضالبعدعنالله–عز–مرضجعلهمينظرونإلىالحقائقالماثلةأمامأعينهمعلىأنها وجلأشياءمغلوطةمكذوبة،هويقومبالفسادولكنلايراهفساداولاإفسادا،بليراهصلاحا،يراهخيرا:﴿وإذاقيللهملاتفسدوافيالأرضقالواإنمانحنمصلحون)11(ألاإنهمهمالمفسدونولكنلايشعرون﴾.]البقرة:11،12[.قلبه، في نورا أنيجعلاللهللإنسان في الهداية فائدة تتضح وهنانورافيبصره،نورافيحياته،نورايهتديبه،نورايرىبهالحقائقكماهيفيالواقع،نورالايجعلهيرىالخيرشراأويرىالشرخيرا،نورالايجعلهيرىالفسادإصلاحاوإنأجمعالناسعلىذلك،نورايجعلهيرى

الحقحقاوالباطلباطلا.هذاالصنفمنالناسفيتعاملهمعالقرآنالكريميقاربالصنفالثانيالذيجاءتالآياتعلىذكرهيستمعلدعواتالمؤمنينبالإيمان:فهاءألاإنهم ﴿وإذاقيللهمآمنواكماآمنالناسقالواأنؤمنكماآمنالس

فهاءولكنلايعلمون﴾.]البقرة:13[. همالس

بصائر من القرآن

101

ينظرونإلىالأموربسطحيةعجيبة،ينظرونإلىقضيةالإيمانعلىحسبالناسالذينيؤمنونبهاويتبعونها،فحينيرونأنأتباعذلكالدينوذلكالإيمان–كماكانفيعهدالنبيصلى الله عليه وسلمفيبدايةالعهدالمكي–الغالب

عليهمأنهممنالضعفاءوالعبيد،حكمواعلىالدينبعدمالصلاحية.وقدقادتهمتلكالسطحيةإلىالنظرفيالدينمنخلالالنظرفيدرجةالأتباعومكانتهمالماديةوالاجتماعية.أماالمؤمنالذييهتديبنورآياتالكتابالعظيملايرىالأموربسطحية،وإنماينظرإلىالأمور

بحقائقهابعيداعنتلكالحساباتالمادية.إلى السطحية الرؤية تلك بهم تصل لم المنافقون هؤلاء ولذلكقالوا آمنوا الذين لقوا ﴿وإذا تماما: بهم ابتعدت وإنما حقيقةالإيمان،آمناوإذاخلواإلىشياطينهمقالواإنامعكمإنمانحنمستهزئون)14(

همفيطغيانهميعمهون﴾.]البقرة:14،15[. يستهزئبهمويمد اللهكلتلكالأصناف–عداذاكالصنفالأول–الذياهتدىبآياتلالة الكتابالعظيممنالمتقين،دخلوافيصفقةخاسرة:﴿اشترواالضبالهدىفماربحتتجارتهموماكانوامهتدين﴾]البقرة:16[أعظمخسارة

للإنسانفيالدنياوالآخرةأنيشتريالضلالةبالهدى.والحديثعنالهدىفيسورةالبقرةحديثمتواصليضرباللهلهالأمثالليقربالمعانيغيرالمحسوسةمنخلالالأمثالالمحسوسة

تدبر سورة البقرة

102

التييراهاالناسفيواقعهم:﴿مثلهمكمثلالذياستوقدنارا﴾.]البقرة:ماءفيهظلماتورعدوبرق﴾]البقرة:19[. 17[﴿أوكصيبمنالس

والكلامالواردفيكلتلكالأمثال،جاءعنالغيثوالنوروالبرق؛لصلتهابقضيةالهداية،ولذلكجاءفيختامالآيات:﴿يكادالبرقيخطف أبصارهمكلماأضاءلهممشوافيهوإذاأظلمعليهمقامواولوشاءالله

شيءقدير﴾]البقرة:20[. علىكل الله لذهببسمعهموأبصارهمإنفالنورموجودفيآياتهذاالقرآنالعظيم،لكنلايراهمنأنأغلقعينيه،فإنالإنسانإنأغلقالمنافذأمامذلكالنورفأنىلنورالهداية

أنينفذإلىقلبسدوختمعليه؟!!ثمتنتقلآياتسورةالبقرةالعظيمةإلىدعوةمفتوحةلكلالناس:﴿ياأيهاالناساعبدواربكمالذيخلقكموالذينمنقبلكملعلكمتتقون﴾

]البقرة:21[.وهونداءمحببمناللهسبحانهلخلقه،يذكرهمبأنهربسبحانهيربيهم فهو أبدانهم، وغذى رباهم فكما صوره، بكل بالعطاء يربيهمبالمنهجالذييغذيأرواحهموقلوبهم،فيدعوهملعبادتهوهوغنيعن

قون«. تلكالعبادة»لعلكمتتوهذهالتقوىلاتتحققإلابهذهالهدايةالتيهيأعظممقاصدهذهالسورة،ولكيتتحققفلابدمناستجابةمنقبلالخلقلهابالعباد،ةبكل

بصائر من القرآن

103

أشكالهامنصلاةوصياموزكاةوشعائروواجباتوالتزاماتفيالمجتمع..إلخلتحقيقواقعالتقوىفيالحياةوتحقيقثمارالهدايةالعظيمة.

:﴿الذيجعللكمالأرض وجل ثمتذكرالآياتالعظيمةبنعماللهعزماءماءفأخرجبهمنالثمراترزقا ماءبناءوأنزلمنالس فراشاوالسلكم﴾]البقرة:22[،لتوقظالفطرة،تلكالفطرةالتييدمغهاالإنسانأحيانا

ويسكتصوتهاويخرسهببعدهعناللهسبحانه.النعم تلك على اعتياده خلال من يحصل قد الذي البعد ذلكالأرضمستقرة، ورؤية السماء رؤية على فيعتاد فيحياته. ووجودهاورؤيةكلماحولهمنالنعم،وبمرورالوقتيألفوجودها،فلاتعدعنصر

تحريكلدواعيالإيمانفيقلبه.هذاالنوعمنالنظرفيآياتالكونإذاصحللإنسانأنينظرفيهانظرةغيرمعتادةوغيرمألوفةلابدأنتوقظفينفسهمعانيالتوحيد﴿

أنداداوأنتمتعلمون﴾]البقرة:22[. فلاتجعلواللهوالقرآنيهزالفطرةلتستيقظفتدركأناللهواحد،واحدفيخلقه،

واحدفيملكه،واحدفيقدرتهلاشريكله.ثمإنالقرآنيتحداهمبتشكيكهمفيهذاالكتابالعظيم،بأنيأتواالجهودلأجل في وتضافر بدعوةجماعية يقوموا وأن مثله، من بسورةإنكنتمصادقين﴾]البقرة:23[. تحقيقذلك.﴿وادعواشهداءكممندونالله

تدبر سورة البقرة

104

القرآنيتحدىغرورالإنسانوعنادالإنسانوتكبرهحينيسيربعيدايجادل الذي المكابر الكافر الإنسان غرور يتحدى الهداية، منهج عنفياللهبغيرعلم،يجادلفيآياتهذاالقرآنالعظيمبغيرعلمفتكونالنتيجةقطعاهيالخسارة:﴿فإنلمتفعلواولنتفعلوافاتقواالنارالتي

تللكافرين﴾]البقرة:24[. وقودهاالناسوالحجارةأعدوخسارةالإنسانالمكذببالقرآنليستفقطخسارةفيالآخرة،بلخسارةفيالدنيا؛خسارةالضلالخسارةالضياع.إنهاالضريبةالتييدفعهامنيمشيبعيداعننورالقرآن.وهيضريبةباهظةلايدركحقيقتهاإلا.وفي وجل ذلكالإنسانالذييتخبطفيظلماتالضلالوالبعدعناللهعزذاتالوقتوكطبيعةللقرآنالعظيمتأتيالبشارةفيالمقابلللمؤمنين

الذيناستطاعواأنيحولواآياتالكتابإلىعملصالح.لهمجناتتجريمنتحتها الحاتأن رالذينآمنواوعملواالص ﴿وبش

الأنهار﴾]البقرة:25[.ثمتأتيالآياتفيسورةالبقرة–آيةبعدآية–بالأمثالالمختلفة؛–وهوكثير–إنماهولبيان وجل لتبينأنضربالأمثالفيكتاباللهعز

الحقائقوتقريبها.والمثلكغيرهمنآياتالقرآنالعظيمةيهتديبهالمؤمن،ولكنالفاسقوالخارجوالبعيدعنآياتالكتابالعظيملايجدفيتلك

بصائر من القرآن

105

الآياتوالأمثلةأينوعمنأنواعالهداية،لايجدإلاالمزيدمنالضلال]البقرة: الفاسقين﴾ إلا به يضل وما كثيرا به ويهدي كثيرا به ﴿يضل عز الله وبين بينه العهد ينقض أن يرتضي الذي الإنسان ذلك .]26

. وجلوسورةالبقرةتتحدثعنالعهد،تتحدثعنالميثاقطويلافيآياتمتعددة،الميثاقمعبنيإسرائيل،الميثاقمعالإنسان،الميثاقمعآدم–عليهالسلام–أبوالبشر؛لتذكرالإنسانبأنوجودهعلىهذهالأرضلا إلينا وأنكم عبثا خلقناكم أنما ﴿أفحسبتم العبث. نوعامن ماكان

ترجعون﴾]المؤمنون:115[.وأنخلقهبمثابةعهدبينهوبينخالقهسبحانه،ذلكالخلقستتحدثعنهالآياتالتاليةفيقصةالخليقةونزولآدمعليهالسلامعلىالأرض،– وجل عز فالإنسانالذييقطعالميثاقوالعهدالذيبينهوبينالله–فلاالتزامولااستهداءبآياتكتاباللهالعظيمهوالخاسرالحقيقي:﴿بهأنيوصلويفسدونفيالأرضأولئكهمالخاسرون﴾ ويقطعونماأمرالله

]البقرة:27[.الأرض، في المفسدون بها يقوم التي والإفساد الفساد أشكال كلتنصبالخسارةعليهمبالدرجةالأولىوليسعلىالآخرين،فالخاسر

الأكبرفيتلكالمعركةهوالإنسانالمفسدفيحدذاته.

تدبر سورة البقرة

106

ثمتنتقلالآياتالعظيمةفيسورةالبقرةبشكلآخريستنكرعلىيميتكم وكنتمأمواتافأحياكمثم الكافرينكفرهم:﴿كيفتكفرونبالله

إليهترجعون﴾]البقرة:28[ يحييكمثم ثم«،اللهسبحانهوتعالىيكفربه،ونعمهعلىالإنسان »كيفتكفرونباللهنازلةبالليلوالنهار؟!.وأعتىالكفاروالمشركين–منفرعونوغيره–مااستطاعأنيدفععبرتاريخالبشريةعننفسهالموت،فكيفيكفرالإنسانباللهوهوالذيأحياهثميميتهثمهوقادرعلىأنيبعثهبعد

الموتثمإليهيرجعالخلقجميعا؟!﴾هناالآياتتشكلللإنسانلوناجديدامنألوان ﴿كيفتكفرونباللهالحوارمعنفسه،توقظماناممنالفطرةلتدركالمعانيالعظيمة:﴿هو

الذيخلقلكممافيالأرضجميعا﴾]البقرة:29[.فالآياتفيسورةالبقرةتخاطببأساليبمتعددةومتنوعة؛لتستلكلمايمكنأنيوقظفيهمنأساليبالهداية،وتحاولالآياتأنتعيد

منكانفيقلبهذرةمنحياةإلىجادةالصواب.شيءعليم﴾ سبعسماواتوهوبكل اهن ماءفسو استوىإلىالس ﴿ثم

]البقرة:29[.فتلفتالنظرإلىالحكمةمنالخلقالعظيمالذييسيروفقذلكقصة إنها الآيات، عظيمةحددتها غاية المتقنلأجل المحكم النظام

بصائر من القرآن

107

قالوا خليفة الأرض في جاعل إني للملائكة ربك قال ﴿وإذ الخليقة:س حبحمدكونقد ماءونحننسب أتجعلفيهامنيفسدفيهاويسفكالد

لك﴾]البقرة:30[.فالصلةواضحةبينالهدايةوبينالقصةالأولىفيسورةالبقرة؛قصةغاية عن ليتساءل البداية، من الإنسان وتوقظ تحدد الآيات الخليقة.

وجودهعلىالأرضوالدورالذييقومبه.أسئلةمشروعةلايمكنلعاقليمتلكمنوسائلالإدراكوالعقلنصيباإلاويطرحهاعلىذاتهبعيداعنالتوهموالخرافاتوالتضليل.

لربوبيةاللهسبحانه؛اضطرارا، أمانةخلقهووجودهعبدا والخلافةوعبدالإلوهيته؛اختياراليعمرالأرضلاليفسدهاوفقالمنهجالذيأنزلإليهمنخالقهالذيكلفهبحملهذهالأمانة:﴿ذلكالكتابلاريب

قين﴾. فيههدىللمتفي السور من وغيرها وآياتها البقرة وسورة والمنهج الكتاب إذا،

–تشكلمنهجالإنسانالخليفة. وجل كتابالله–عزولايمكنأنيتوصلالإنسانإلىذلكالمنهجبعيداعنالعلم،لايمكنأنيتوصلإليهعنطريقالخرافةوالجهلوالتكهن،فاقتضترحمةعلى عرضهم ثم كلها الأسماء آدم ﴿وعلم آدم: أنعلم الخالقوحكمته

الملائكةفقالأنبئونيبأسماءهؤلاءإنكنتمصادقين﴾]البقرة:31[.

تدبر سورة البقرة

108

فالحوارالدائربيناللهسبحانهوتعالىوبينالملائكةفيقصةخلقآدم–عليهالسلام–حددالمهمةوحددالمنهج،قالسبحانه:﴿قالألمماواتوالأرضوأعلمماتبدونوماكنتم أقللكمإنيأعلمغيبالستكتمون﴾]البقرة:33[،وهنااتضحتمعالمالقضيةأمامالملائكةوأمام

الإنسانالذييقرأفيهذاالكتابالعظيم.وهناأمراللهسبحانهوتعالىالملائكةبأنيسجدوالآدم،والسجودهناليسسجودعبادة؛وإنماسجودتشريفوتكليفمنقبلالخالقالذيأمر،وليسمنأجلآدمعليهالسلام.75وإبليسلميدركهذاالمعنىحيننظرإلىآدموتكوينهدوناهتمامبقضيةالأمرالذيجاءمنرب

آدموربالملائكةأجمعين.وهنايتضحضلالإبليسالذيلمينظرإلىالأمرعلىأنهأمررباني،عليهالامتثاللهوطاعته،بلنظرإلىجزئياتوتفاصيلتتعلقبنظرته

الدونيةلآدم،فأعمتهعنذلكودفعتبهإلىالتمردوالعصيان.)1/293(:واختلفالناسفي قالالقرطبيفيتفسيره–ط2دارالكتبالمصرية .75كيفيةسجودالملائكةلآدمبعداتفاقهمعلىأنهلميكنسجودعبادة،فقالالجمهور:كانهذاأمراللملائكةبوضعالجباهعلىالأرض،كالسجودالمعتادفيالصلاة،لأنهالظاهرمنالسجودفيالعرفوالشرع،وعلىهذاقيل:كانذلكالسجودتكريمالآدموإظهارالفضله،وطاعةللهتعالى،وكانآدمكالقبلةلنا.ومعنى«لآدم«:إلىآدم،كمايقالصلىللقبلة،أيإلىالقبلة.وقالقوم:لميكنهذاالسجودالمعتاداليومالذيهووضعالجبهةعلىالأرضولكنهمبقىعلىأصلاللغة،فهومنالتذللوالانقياد،

أياخضعوالآدموأقروالهبالفضل.

بصائر من القرآن

109

ووجهاللهسبحانهوتعالىآدمعليهالسلامإلىأهميةالالتزامبالأمروالتوقفعندهوعدمتجاوزالحدود:﴿وقلناياآدماسكنأنتوزوجكالجنةجرةفتكونامنالظالمين﴾ وكلامنهارغداحيثشئتماولاتقرباهذهالش]البقرة:35[افعلولاتفعل،اسكنوكلامنهارغداولاتقرباهذهالشجرة.أمرونهيتماماككلآياتسورةالبقرةوالقرآنالعظيم،افعلولاتفعل.وقدمتالآياتنموذجآدمعليهالسلاموحواءحينتجاوزاذلك

يطانعنها..﴾]البقرة:36[. المنهج:﴿فأزلهماالشالخطيئة إلحاق من والإنجيل التوراة كتب في ورد ما وبخلافبحواءواشتراكهامعالشيطانفيإضلالآدم،يأتيالقرآنالعظيممبيناالزلل، آدموحواء،كلاهماأخطأ،كلاهماوقعفي »فأزلهما«؛أي بكلمة:يطان :﴿فأزلهماالش وجل عز كلاهمالميقفعندالأمرالإلهيمناللهولكمفي اكانافيهوقلنااهبطوابعضكملبعضعدو عنهافأخرجهماممومتاعإلىحين﴾]البقرة:36[.والإزلال:جعلالغيرزالا الأرضمستقرأيقائمابهالزللوهوكالزلقأنتسيرالرجلانعلىالأرضبدوناختيار

لارتخاءالأرضبطينونحوه.76التيوردت القرآن تعاليم أن الأولى القصة والمغزىالأساسمنفيالسورة–وفيسورأخرى–لايقفالإنسانمنهاموقفالمتفرجولا

–ابنعاشور،التحريروالتنوير،ج1،مسألةفأزلهماالشيطان. .76

تدبر سورة البقرة

110

المترتبةعلى والنتائج العواقب أنيستحضر المخالف،وعليه موقفمخالفةالمنهجوالأمرالإلهي.

ولوتدبرالقارئفيمايحدثمنكوارثومشاكلومصائب،لتبينأنهانتيجةواضحةلمخالفاتصادرةمنالبشرلذلكالمنهجالذيأنزله

اللهسبحانهوتعالى.منهناكانعلىالإنسانأنيبادربالتوبةوالتراجععنالخطأوعدمالاحتجاجبشيءلتبريرأخطائهوزلاته.ولذلكجاءتالآياتتتحدثحيم﴾ ابالر و عنالتوبة﴿فتلقىآدممنربهكلماتفتابعليهإنههوالت

]البقرة:37[.فالطبيعةالبشريةتشيبقابليتهلأنيزلويخالف،وقديبتعدعن–فتحأمامهوله وجل منهجالله،ومعتلكالقابليةمنرحمةالله–عز

حيم«. ابالر و بابالتوبة77»فتابعليهإنههوالتوالربالذيتابعلىآدمهوالربالذيلميزلفاتحاأبوابالتوبةلخلقهجميعا،فكلماأخطأالعبد،عالجالخطأبخطوةصحيحةوهيالتوبةوالتراجع.دلتالنصوصالشرعيةعلىقبولتوبةالعبدمالميعاينملكالموتأوتخرجالشمس .77منمغربها.ففيالحديثعنابنعمر–رضياللهعنهما–عنالنبي–صلى الله عليه وسلم–قال:»إناللهيقبلتوبةالعبدمالميغرغر«رواهأحمدبرقم)6160(طالرسالة،الترمذي)3537(،ابنماجه)4253(وغيرهموحسنهالألبانيفيصحيحالجامعالصغيروزيادته)386/1(.قالابنالقيمفيمدارجالسالكين–ط3دارالكتابالعربي–بيروت)294/1–295(:

وأماالتوبةمنقريبفجمهورالمفسرينعلىأنهاالتوبةقبلالمعاينة.

بصائر من القرآن

111

وهنايتضحالفارقالجوهريبينماصدرعنآدمعليهالسلامحينأخطأوبينماصدرمنإبليس؛فآدموإبليسكلاهماأخطأ،ولكنالفارقأنإبليسأصرعلىخطئهولميتراجعويعترفبالذنب،ولميتبفبقيعلىضلاله،أماآدمأخطأفاعترفبذنبهوتراجععنالخطأوتابعن

ذلكالخطأ.منها اهبطوا ﴿قلنا ومنذتلكاللحظةبدأالنزولعلىهذهالأرضايأتينكممنيهدىفمنتبعهدايفلاخوفعليهمولاهم جميعافإم

يحزنون﴾]البقرة:38[.وحيننزلآدموبدأتالحياةالبشريةعلىهذهالأرضلميتركاللهيهدىفمنتبعهدايفلا ن كمم ايأتين آدمبدونمنهج،قال:»فإم وجل عز

خوفعليهمولاهميحزنون«.فالمنهجسيهديهفيالدنياوفيالآخرةإلىحياةخاليةمنالخوفوالحزن،خاليةمنالاكتئابوالقلقوالمتاعبالنفسيةالمتزايدة،التييعانيمنهاإنسانالعصرالذيلميدركأبسطجزئياتهذهالمعضلةالتييعيشهاويعانيمنها،معضلةالبعدعنالمنهج،قال:﴿والذينكفروا

بوابآياتناأولئكأصحابالنارهمفيهاخالدون﴾]البقرة:39[. وكذثمتبدأالآيات–منالآية39وحتىنهايةالجزءالأولمنسورةالبقرةتقريبا–فيتقديمنموذجحي؛نموذجبشريلأمةمنالأممركزتعليها

تدبر سورة البقرة

112

سورةالبقرةالعظيمة.وأوضحتجوانبمختلفةومواقفمنحياةتلكالأمةفيتعاملهامعالمنهجالربانيالذيأنزلهالله–سبحانهوتعالى–إليهاوأرسلهإليهاعبررسلهاوأنبيائها؛إنهاأمةبنيإسرائيل،وذلك

مباشرةبعدقصةآدم.سورةالبقرةتقدمالمواقفالمختلفةلبنيإسرائيلوكيفيةتعاملهممعالمنهجالربانيومعالميثاقوالعهدالذيكانبينهمكبشروأمة،أنزل

عليهاكتابوأنزلإليهارسل،وبينالله–سبحانهوتعالى–.وجاءتمواقفهمفيسياقالتعلموالاعتبارمنالمواقفالتيوقعتفيبنيإسرائيل؛لتجنبتكرارماحدثوالسقوطفيالزلاتوالأخطاء

والعثراتمرةتلومرةفيالأمم.التاريخية،فهو التعاملمعالأحداث القرآنفي وهنايتضحمنهجوالتجربة للتعلم وحقل درس لأنه ولكن تاريخ، أنه لمجرد يعرضه لاواكتسابالخبرةوالعظة.فمنلايحسنقراءةالماضيلايمكنلهأن

يتعلمويعرفكيفيعيشالواقعأويستشرفالمستقبل.قصةبنيإسرائيلحاضرةبوضوحفيمواقفمتنوعةفيسورةالبقرةالعظيمة،مؤكدةأنكلمايحدثللأمموللأقوام،إنماهونتيجةطبيعيةتلقائيةلكيفيةتعاطيتلكالأمممعالمنهجالذيأنزلمنربهاسبحانه

وتعالى.

بصائر من القرآن

113

﴿يابنيإسرائيلاذكروانعمتيالتيأنعمتعليكم..﴾]البقرة:40[،وأعظمنعمةينعماللهبهاعلىالإنسان–ونعمهكثيرةلاتحصى–نعمة

أنينزلعليهمنهجا،أنيعطيهمنهجا،يقولله:افعلولاتفعل.إنهالمنهجالذيأخذاللهسبحانهعليهمأنيقوموابهويتحملواأمانةالتطبيقلتعاليمهفيواقعهم:﴿اذكروانعمتيالتيأنعمتعليكموأوفوا

بعهديأوفبعهدكموإيايفارهبون﴾]البقرة:40[.لبني المعاني من الكثير تحمل والوصية العظيمة، الوصية وتأتيإسرائيل،أنرسالاتالأنبياءمنعهدآدمإلىخاتمةالرسالات–رسالةمحمدصلى الله عليه وسلم–رسالةواحدةتدعوإلىالتوحيدوتأمربالخيروالعملالصالح.وعنصريات،لا لقوميات تعملحسابا ولا غيرمجزأة رسالة وهيرسالة إيمانية؛ رسالة لأنها المختلفة؛ الدنيا لعطاءات حسابا تعملقالمامعكمولاتكونوا :﴿وآمنوابماأنزلتمصد وجل التزاممعاللهعز

لكافربهولاتشتروابآياتيثمناقليلاوإيايفاتقون﴾]البقرة:41[. أولتلكالأمة–أمةبنيإسرائيل وجل رسالةالنبي–صلى الله عليه وسلم–وصيةاللهعز–أنتؤمنبالرسالةالتيجاءبهاالنبي–صلى الله عليه وسلم–؛لأنهاتتمةلرسالةموسى

وعيسى–عليهماالسلام–وجميعمنسبقهممنالأنبياء.فالرسالةواحدةلاتفرق،لأنمايفرقليسالدينوالرسالات،وإنمامايفرقبينالبشرالأهواءوالأطماعوالحساباتالشخصيةالمادية،ولذا

تدبر سورة البقرة

114

جاءكثيراهذاالمعنىفيسورةالبقرة:﴿ولاتشتروابآياتيثمناقليلاوإيايفاتقون﴾]البقرة:41[.

فالكارثةالكبرىحينيتحولالدينإلىمتاجرةمنقبلمنيعرفبالأحباروالرهبانفيبنيإسرائيلوغيرهم،حينباعواواشترواالدينلأجلمصالحهمالشخصية:﴿ويشترونبهثمناقليلا﴾]البقرة:174[ويتكرر

ذلكالتحذيركثيرافيالسورة.ثمتتوالىالصورلتلكالمتاجرةبالدينفيالسورة؛فتارةيلبسونوأنتمتعلمون﴾ بالباطلوتكتمواالحق الحقبالباطل:﴿ولاتلبسواالحق

]البقرة:42[.والخطابفيسورةالبقرةيأتيلبنيإسرائيل،ولكنالعبرةبعموم

اللفظلابخصوصالسبب؛فالخطابموجهللمسلمينأيضا.فالحقلاينبغيأنيكتمحينيكونالحقعلىالفردويظهرهحينيكونله،فالحقلايخضعللحساباتالشخصيةالمادية78،فالحقلايخضع

لأهواءشخصية.وهناتبرزأهميةالربطبينتدبرالقرآنوبينالواقعالمعاش،فالمطلوب

منالإنسانأنيصححويعدلوفقالمنهجالربانيفيكتابالله.ورسولهليحكمبينهمإذافريقمنهممعرضون)48( قالسبحانه:﴿وإذادعواإلىالله .78يأتواإليهمذعنين)49(أفيقلوبهممرضأمارتابواأميخافونأن وإنيكنلهمالحق

عليهمورسولهبلأولئكهمالظالمون﴾]النور:48–50[. يحيفالله

بصائر من القرآن

115

الإنسان أن اليوم، الكثيرين معاناة أسباب أعظم من واحدا ولعلالمعاصرأصبحيتاجرويبيعويشتريبالحقوالباطل!.

ولذايوجدفيالمجتمعمنيحقالحقحينيكونالحقإلىجانبهولصالحتحقيقأغراضهوأطماعهالشخصية،وحينيكونالحقمخالفالأهواءنفسهولمصالحهالشخصيةيسارعبكتمانهويسارعبلبسالحق

بالباطل،وهوماتحذرمنههذهالآياتالعظيمة.وتستمرالآياتفيتقديممعالمفيطريقالهداية،وفيكيفيةعرضإسرائيل، بني عن الحديث سياق في الرباني المنهج معالم وتقديماكعين﴾ الر مع واركعوا كاة الز وآتوا لاة ﴿وأقيمواالص بـ وتستمرالوصايا

]البقرة:43[والأمربالعبادةمنصلاةوزكاةيأتيفيسياقالحديثعنالتعامللترتقي جاءت العبادات كل لأن والمنهج؛ الدين وتقديم عرض فيبالنفوس،وتخلصهامنشوائبها،جاءتلتكونعوناللإنسانعلىالارتقاءكاة الز وآتوا لاة الص ﴿وأقيموا الأحداث: مع تعامله وطريقة بسلوكياته

اكعين﴾ واركعوامعالربالمعروف يأمر من على يعيب مباشرة تليها التي الآية في ثمإطار في تبدو وصية وهي ويأتيه، المنكر عن وينهى نفسه، وينسىمنيتصدىللأمربالمعروفوالإصلاحوالنهيعنالفساد.﴿أتأمرون

تدبر سورة البقرة

116

تعقلون﴾ أفلا الكتاب تتلون وأنتم أنفسكم وتنسون بالبر الناس]البقرة:44[.79

وهذاالتوبيخوالتقريع–وإنكانخطابالبنيإسرائيل–إلاأنهعام؛منحيثالمعنىلكلواعظيأمرولايأتمر،ويزجرولاينزجر،يناديالناسالبدارالبدار،ويرضىلنفسهالتخلفوالبوار،ويدعوالخلقإلىالحق،وينفرعنه،ويطالبالعوامبالحقائقولايشمريحهامنه.وهذاهوالذييبدأبعذابهقبلعبدةالأوثان،ويعظممايلقى؛لوفورتقصيرهيوم

لاحاكمإلاالملكالديان.80وقد الدين، الكثيرمنرجالات الازدواجيةمرضيصيب ومرضأصابالأحبارمناليهودوالرهبانمنالنصارىويصيبغيرهمكذلك.وفيالحديثالمتفقعليه–البخاري)3267(،ومسلم)2989(واللفظله–عنأسامة .79بنزيد–رضياللهعنهما–قال:سمعترسولاللهيقول:)يؤتىبالرجليومالقيامةفيلقىفيالنار،فتندلقأقتاببطنه،فيدوربهاكمايدورالحماربالرحى،فيجتمعإليهأهلالنارفيقولون:يافلان،مالك؟!ألمتكنتأمربالمعروفوتنهىعنالمنكر؟

فيقول:بلى،قدكنتآمربالمعروفولاآتيه،وأنهىعنالمنكروآتيه.وعنأنسبنمالكقال:قالرسولاللهصلى الله عليه وسلم:»لماأسريبي،مررتبرجالتقرضشفاههمبمقاريضمننار،فقلت:منهؤلاءياجبريل؟قال:هؤلاءخطباءمنأمتكيأمرونالناسبالبروينسونأنفسهم،وهميتلونالكتاب،أفلايعقلون؟!«رواهأحمد)13421(،وابنحبانفيصحيحه)53(،وابنأبيشيبة)37731(وصححهالألبانيفيالسلسلة

الصحيحة)585/1(.–الألوسيفيتفسيرهروحالمعاني–ط1دارالكتبالعلمية)1/250( .80

بصائر من القرآن

117

وهويجعلالإنسانيتصرفبعيداعننفسهلايرىالعيوبالموجودةفيه،وإنماينظرإلىعيوبالآخرينويضخمهاوكأنهقدأعطيحصانة

ضدها.والمنهجالربانييقيمالحجةعلىأتباعه؛فالإنسانحينيتعلمشيئامنالمنهجيصبحذلكالتعلمحجةعليه،وعليهأنيمارسمايتعلمه

ويعلمه،ويخرجبهمنالإطارالنظريإلىالإطارالعملي.الازدواجية من للتخلص ناجعا علاجا العظيمة الآيات وتقدمعلانية الإنسان يظهره ما بين والتساوي التوازن ليصبح الحياة فيأمامالآخرينوبينمايسرهويبطنهفيواقعهوتعامله.كيفيتحققالتناغموالتناسقبينالسروالعلن،كيفيصبحالعلنانعكاسالما:، يجيب الرباني المنهج وصفاء، نقاوة من سره في الإنسان يخفيهالخاشعين﴾ على إلا لكبيرة وإنها لاة والص بر بالص ﴿واستعينوا

]البقرة:45[.إنهالصبرعلىالنفسوالتحليبهوالترقيبها؛فالأمريحتاجإلىصبرعلىالطاعة،والتحليبالصفاتالحسنةوالأخلاقالطيبةمنأعلىدرجاتالصبر،ولذلكجاءتالتوصيةبه.والصبرلاينفكعنالصلاة.منهناكانتالصلاةفيحياةالنبيالكريمصلى الله عليه وسلمليستمجردأداء

فريضة،ولاعبئاعلىعاتقهيريدأنيتخلصمنه.

تدبر سورة البقرة

118

كانصلى الله عليه وسلمإذاحزبهأمرفزعإلىالصلاة81،كانيناديعلىبلالفيقول:أرحنابهايابلال.

فكيفتمكنالنبيصلى الله عليه وسلممنتحويلالصلاةإلىمفزعوملجأوكهفيأويإليهحينتأتيعليهالمحن!

باستحضارالخشوعفيالصلاةوممارستهالذيهوروحالصلاةولبها.وهذايتحصلباليقينبلقاءالله–سبحانهوتعالى–﴿الذينيظنونأنهمملاقوربهموأنهمإليهراجعون﴾]البقرة:46[.الصلاةلقاءبينالعبدوركوعه تلاوته في يخاطبه وهو – وجل عز – ربه العبد يناجي وربه،وسجوده.وهذاالنوعمنالصلاةالذييرتقيبأخلاقياتالإنسانويرتقي

بسلوكياته.فالصلاةهيأعظمصلةتربطبينناوبينالخالقسبحانه،روحهاالخشوع.وثمرةالصلاةالخاشعةالسعادةوالفلاحفيالدنياوالآخرة.قالتعالى:﴿قد

أفلحالمؤمنونالذينهمفيصلاتهمخاشعون﴾.سورةالمؤمنون:1–2.ومنمحنهذاالعصر،فقدانالخشوعفيالصلاة،كماقالحذيفةبناليمانرضىاللهعنه:)أولماتفقدونمندينكمالخشوعوآخرماتفقدونيشيرإلىالحديثالذيرواهأحمدبرقم)23299(طالرسالة،أبوداود)1319(،وغيرهما .81عنحذيفةبناليمانرضياللهعنهقال:»كانرسولاللهصلى الله عليه وسلمإذاحزبهأمرصلى«.

والحديثحسنهالألبانيفيصحيحالجامعالصغير)858/2(.

بصائر من القرآن

119

مندينكمالصلاة،وربمصللاخيرفيه،ويوشكأنتدخلالمسجدفلاترىفيهمخاشعا(.82

وأدوات بقنوات المتصل أولا، القلب في إلا يكون لا والخشوعتصبفيهمتمثلةفيالعقلوالسمعوالبصر؛فهذهالقنواتتستقبلعشراتالمسموعاتوالصوروالكلمات،فهيلاتبقىفارغةبلتمتلئوكل والأحداث الأخبار ومن التلقائية الرواسب من معقد بخليطفيها يعيش التي والطبيعية والاجتماعية الثقافية البيئة تحويه ما

الإنسان.منهناكانلابدمنمرانوتدريبطويلللتنبهإلىمايدخلإلىهذهالقنواتالتيتصبفيالقلبمباشرة،والتيبناءعليهايحصلالإنسانعلىالخشوعأولايحصل.وهذاالنوعمنالصلاةهوالذييرتقيبأخلاقياتالانسانالمسلموبسلوكياته،وتبنيفيهتلكالأخلاقياتسورةالبقرةالتيتحثعلىصلاةالمؤمنينالخاشعين؛صلاةأولئكالصلاة إلى يأتون وربه. العبد بين لقاء الصلاة هذه في يرون الذينيديخالقهم بين ويضعونها وباهتماماتهم بآلامهم بأحزانهم بهمومهملعمل ممارسين ، وجل عز به الاستعانة مستحضرين وتعالى سبحانهالاستعانةوالتيهيمنأعظمأعمالالقلوب.ولايستعانبأحدأعظم

مناللهسبحانهوتعالى.–مصنفابنأبيشيبة،7/140،برقم34808 .82

تدبر سورة البقرة

120

وهذهالمعانيتولدهاسورةالبقرةالعظيمةلتأتيبالوصيةمنجديد:لتكمعلى ﴿يابنيإسرائيلاذكروانعمتيالتيأنعمتعليكموأنيفضتجزينفسعننفسشيئاولايقبلمنها العالمين)47(واتقوايومالا

شفاعةولايؤخذمنهاعدلولاهمينصرون﴾.والتذكيربالنعمةمنأساليبالقرآنالعظيم؛لإقبالالقلوبعلىالطاعاتبالشكروالحمدومراعاةأوامراللهسبحانهفيالواقع.والنعمةخلق، ممن غيرهم على أنعم كما عليهم به الله أنعم ما لكل شاملةوالتذكير والرسل، الأنبياء وإرسال الكتب إنزال من عليهم أنعم وما

بالتفضيلالقائمعلىتلقيالمنهجوالتمسكبهليسإلا.ذلكالتذكرالذيلاينفكعنتذكرالآخرة؛اليومالذييلاقيفيه

اللهعزوجل،والذيسيجدفيهماقدممنعمل.وتواصلالآياتالحديثعنمواقفوأحداثمختلفةحدثتلبني

اسرائيلوتبدأبواحدمنأهمهامتمثلافيالنجاةمنظلمفرعون.وبنوإسرائيلأمة،عاشتفيحالةاضطهادوعذابشديدمنقبلفرعون،وهذهالحالةمنالاضطهادوالتعذيبالتيعاشوهاوالتيأنقذهممنهااللهعزوجلونجاهممنها،هيعلىغيرعملقاموابهأوقدموه؛فكانتتلكالنعمةمدعاةبأنيذكرهماللهعزوجلبهاليستخرجمنهم

القدرةعلىاتباعالمنهجالربانيالذيأنزلهإليهم.

بصائر من القرآن

121

نآلفرعونيسومونكمسوءالعذابيذبحونأبناءكم يناكمم ﴿وإذنجبكمعظيم.وإذفرقنابكمالبحر نر لكمبلاءم وفيذ ويستحيوننساءكمفأنجيناكموأغرقناآلفرعونوأنتمتنظرون)50(وإذواعدناموسىأربعينن عفوناعنكمم اتخذتمالعجلمنبعدهوأنتمظالمون)51(ثم ليلةثملكلعلكمتشكرون)52(وإذآتيناموسىالكتابوالفرقانلعلكم بعدذ

تهتدون)53(﴾.فالمؤمنلاينبغيله،وهويعيشفيحالةممارسةالمنهجوفيحالةالنعم،أنينسىمامربهمنظروفصعبةقاسية.والتذكيربالمواقفالصعبةليسلأجليعيشالإنسانمرارةالموقفمراتومرات،ولكنوالخضوع بالطاعة معها التعامل فيحسن عليه، الله نعمة ليستحضر

لمننجاه.ومابينالكلامعنالنعمةالعظيمةالتيامتنبهااللهعليهم،جاءالحديثعنموقفبنيإسرائيل؛فبعدأنخلصهمربهمونجاهممنبطشى، فرعونوقومه،ماقابلواالنعمةبالحمدوالشكرللربالذيأنقذونج

اتخذتمالعجلمنبعدهوأنتمظالمون﴾. بلبالنكرانوالجحود:﴿ثمواتخاذ وجل عز بالله بالشرك وانتكسوا التوحيد عن القوم تراجععبادةالعجلمندونالله،فكانذلكأعظمالظلمالذيوقعوافيه.وكانذلكالموقفمنأوائلالمواقفالتيوقفهابنوإسرائيلضدنبيهمعليه

تدبر سورة البقرة

122

السلام.إلاأناللهسبحانهوتعالىأعطاهمفرصةتلوأخرىليتوبعليهمويعفوعنهم،وتلكنعمةأخرى.

ثمتذكرهمالآياتبنعمةالمنهج:﴿وإذآتيناموسىالكتابوالفرقانلعلكمتهتدون)53(؛ذاكالمنهجالربانيالذيوصفهالقرآنفيمواضعأخرىبالنوروالهدى.فكلهاتعاليمسماويةتقيمللناسحياتهمومعاشهموفقماأمراللهسبحانه.إلاأنالقومغلبتعليهمشقوتهموتمادوافيالجوانب التيتعكسكثافة السلام الماديةمنموسىعليه الطلباتالحسيةفيهموضعفالإيمانبالغيبفيقلوبهم؛فالإيمانبالغيبركيزةالتمسكبالتعاليموالمنهج،كماهوأساسالعلاقةبينالإنسانوخالقه

الذيلايراه.﴿وإذقالموسىلقومهياقومإنكمظلمتمأنفسكمباتخاذكمالعجلفتاب بارئكم عند لكم خير لكم ذ أنفسكم فاقتلوا بارئكم إلى فتوبواحيم)54(وإذقلتمياموسىلننؤمنلكحتى ابالر و إنههوالت عليكمنبعد بعثناكمم اعقةوأنتمتنظرون)55(ثم جهرةفأخذتكمالص نرىالله موتكملعلكمتشكرون)56(وظللناعليكمالغماموأنزلناعليكمالمنأنفسهم كانوا ولكن ظلمونا وما رزقناكم ما بات طي من كلوا لوى والس

يظلمون)57(﴾.وهناظهرتأزمةالعجلالتيتعكسكثافةالحسيةوالتجسيدفيصحبتهم طول خلال من شدتها ازدادت التي الأمراض تلك عقولهم،

بصائر من القرآن

123

وعشرتهملآلفرعون،ومعاينتهملمظاهرالمادةوتمركزهافيحياتهم.الأمرالذييؤكدأهميةالإصلاحوالجهربالحقوإعلاءكلمتهفيالواقعالإنساني،إذأنطولالرقادوالصمتعلىالباطل،يجعلالفردوالمجتمع

فيأسرالشهواتواستمراءالخطأوالرضابه.وتتوالىفرصالتوبةعليهملتوضحللمؤمنينطرفامنحلمهسبحانهسلوكياتهم ويصححوا مواقفهم عن ليتراجعوا لهم وإمهاله عباده على

ويغيروامنطبائعهم.؛كي متعددة فرصا يعطى الدنيا الحياة هذه في الإنسان هكذا ويتراجععنالأخطاءويقيلالنفسمنالعثراتوينهضبهامنكبوتها،

فالتعثروالتخبطممايتعرضلهالبشردائما.إلاأنالإشكاليةالتييحكيهاالقرآنالعظيم،هيوقوعهمفيأسر

الشهواتالماديةوالحسيةحدالميتمكنوامنالتحررمنقيوده.منهناجاءالتركيزعلىالتوحيدوتنقيته،إذأنمنأعظمعطاءاتالتوحيدأنهيحررالإنسانمنأسرالشهواتالمادية،والوقوعفيسلطان

النزواتوالشهواتمنمال،وجاه،ولهثوراءها.وتبقىالمواقفالتيعرضتهاسورةالبقرةعنهمتشهدبعجزهمعننعم من الرغم فعلى للماديات؛ العبودية أسر من والانفكاك الخلاصاللهعليهمبتخليصهممنأسرفرعون،إلاأنهملميتمكنوامنمجاهدة

تدبر سورة البقرة

124

الشهوات من قلوبهم أسر وفك المعنوي التحرر إلى للتوصل أنفسهمالمختلفة.

﴿وإذقلناادخلواهذهالقريةفكلوامنهاحيثشئتمرغداوادخلواالمحسنين)58( وسنزيد لكمخطاياكم نغفر حطة وقولوا دا سج البابلالذينظلمواقولاغيرالذيقيللهمفأنزلناعلىالذينظلموارجزا فبد

ماءبماكانوايفسقون)59(﴾. نالس موأخطائهم ذنوبهم عن بالتكفير بالمبادرة اللهسبحانه أمرهم فقدبطاعةاللهودخولالأرضالتيأمرهم–بصرفالنظرعنمكانها–،إلاأنهمتمادوافيذلكولميمتثلوالماأمراللهسبحانهوقالواغيرماأمرهمبه.كلذلكيعكسلجاجتهمفيقبولالحقوالإذعانلأمراللهوطاعته.فانفجرت بعصاكالحجر ﴿وإذااستسقىموسىلقومهفقلنااضرب زقالله شربهمكلواواشربوامنر أناسم منهاثنتاعشرةعيناقدعلمكل

ولاتعثوافيالأرضمفسدين)60(﴾.أن السلام عليه موسى من يطلبون وهم عنهم تتحدث فالآيات–وقدفعلموسىعليهالسلام،وربيسبحانه وجل يستسقيلهمالله–عزوتعالىقدملهممعجزةماديةعاينوهابأعينهم،فقدرأواالماءوهويتفجرولاتعثوا بينأيديهم،ثمجاءهمالأمرالإلهي:﴿كلواواشربوامنرزقاللهفيالأرضمفسدين﴾.ولكنماذاكانتالنتيجة؟لميتوقفبنوإسرائيل

بصائر من القرآن

125

عندذاكالأمرالإلهيوالمنهجالرباني،وإنماوقفواعندشيءآخر،شيءمادي،ووقعوافيأسرالشهواتمنجديد.

ذاكأنالتوحيدالذيكانفيقلوبهملميلامسشغافالقلوبتوحيدالشهوات الحقيقيمنسلطة التحرر يحررهم أن استطاع ما ضعيف،المادية،فكانتالنتيجةأنقالوا:﴿لننصبرعلىطعامواحدفادعلناربكوقثائهاوفومهاوعدسهاوبصلها﴾ اتنبتالأرضمنبقلها يخرجلنامم

]البقرة:61[.لمينظرواإلىعطاءالحريةوتنسمالحريةبكلمعانيها،قدرمانظرواإلىالفتاتوتشوقتأنفسهموتطلعتإلىماكانوايأكلونوهمعبيد

تحتضيمفرعونوعبوديته.تعطىوتوهب الحريةحين لهاثمن،وأن الحرية أن الآياتتعلمنالأمةمنالأمم،ينبغيلتلكالأمةأنتكونعلىمستوىعطاءالحرية،

علىمستوىالتضحية،علىمستوىالبذل.آياتسورةالبقرةالتينزلتعلىمدىسنوات،عاشهاالمسلمونفيالمجتمعالمدنيالأول؛فترةبناءالدولةالمدنية،تريدأنتربيفي

المسلمينمعانيالتضحيةوالحريةبأوسعفضاءاتهاونطاقاتها.فالحريةليستكلمةتقال،الحريةليستمجردشعار،بلأنيتحررالمرءداخلنفسهمنأسرشهواتها،وأنينفضعنهقيودها،ليصبحعبدا

تدبر سورة البقرة

126

بأبهىصوره التوحيد ثمرة الحرية كانت هنا من سواه. دون وحده للهوحلله.

وبنوإسرائيللميتخلصوامنأسرالشهواتالمادية،اشتاقوالطعمالتيكانتمتكرسةومتأصلةفي المادية العبودية،اشتاقواللشهواتلةوالمسكنةوباءوا نفوسهم،فماذاكانتالنتيجة:﴿وضربتعليهمالذ

﴾]البقرة:61[. بغضبمناللههذهالنتيجةطبيعيةتمامالكفرهم،ولطريقةتعاملهممعالمنهجالربانيالمتمثلفيالتوراة،فاللهسبحانهوتعالىأنزللهممنهجا،وحينيقابلالإنسانالمنهجالربانيبالكفروالجحودوالعناد،والمعصيةتلوالنصوص على التحايل ومحاولة تليها، التي مع والمخالفة المعصية،والتلكؤفياتباعأوامراللهسبحانه،لايمكنأنتكونالنتيجةمغايرة.

لةوالمسكنة«.83 »وضربتعليهمالذقالالطاهربنعاشورفيالتحريروالتنوير–طالدارالتونسيةللنشر–سنةالنشر: .83ولذلك العزة الذاللاغيروهيضد الصغاروهيبكسر »الذلة :)528 /1( هـ 1984قابلبينهماالسموألأوالحارثيفيقوله:]وماضرناأناقليلوجارنا...عزيزوجارالأكثرينذليل[والمسكنة:الفقر.مشتقةمنالسكون؛لأنالفقريقللحركةصاحبه.وتطلقعلىالضعف،ومنهالمسكينللفقير.ومعنىلزومالذلةوالمسكنةلليهود:أنهمفقدواالبأسوالشجاعةوبداعليهمسيماالفقروالحاجةمعوفرةماأنعماللهعليهم،فإنهملماسئموهاصارتلديهمكالعدم،ولذلكصارالحرصلهمسجيةباقية

فيأعقابهم«اهـ.

بصائر من القرآن

127

والذلة:أنيصبحالإنسانأسيرا.قديكونفرداأوجماعةأوشعبا،فالشعوبأيضاتقعفيالأسروالذلوالخضوعوالمسكنةظاهراوباطنا.فالذلةنتيجةطبيعيةلعدمخضوعالإنسانلمنهجخالقهسبحانهوتعالى،الأمرالذييترتبعليهأنيخضعلغيرهمنالبشرفيالواقع.فذاكيحركه

منهناوأخريوجههمنهناكوهويعاينذلةومسكنة.الذلةأنيفقدالإنسانحريتهفيالنظروالتصوروالتطلعوالهدف.منهناعوقببهابنوإسرائيلجزاءوفاقالماتوهموهمنالحريةبعيداعنالتقيدبالمنهجالربانيوتعاليمه،فسقطوافيوحلالذلةوالمهانة.فلاحريةولاعزةحقيقيةبعيداعنالمنهجالرباني؛فاتباعالمنهجالربانييحررالإنسانمنسطوةغيرهمنمناهجيختطهاالبشر.منهناكانتعينالحريةوالعزةأنيكونالإنسانعبداللهسبحانهدونسواه.يقولابنعاشوررحمهالله:)الذلةضدالعزة،فالذليلخائف؛لأنهيخشىاويعلم العدوانوالقتلوالغزو،وأماالعزيزفهوشجاع؛لأنهلايخشىضر

أنماقدرلهفهوكائن(.84هذهالمعادلةلميدركهابنوإسرائيلووقعوابسببهافيمخالفاتالذينآمنواوالذين كثيرة،ولذلكجاءتالآيةالعظيمةالتيبعدها:﴿إنواليومالآخروعملصالحافلهم ابئينمنآمنبالله هادواوالنصارىوالص

أجرهمعندربهمولاخوفعليهمولاهميحزنون﴾]البقرة:62[.–ابنعاشور،المرجعالسابق،ج1،ص541. .84

تدبر سورة البقرة

128

هم ولا عليهم خوف »ولا سبحانه: بقوله الآية ختام جاء هنا منبذلته الأسير الإنسان يدفعها ضريبة هما والحزن الخوف يحزنون«.

ومسكنته،يدفعهاالعبدإزاءقابليتهللاستعبادلغيره.ولايقتضيالدخولفيمرحلةالذلةوالمسكنةأنيكونالناسفيحالفقرماديأوماشابه،بلقدتدخلالمجتمعاتفيهاوهيفيحالاكتفاءمادي،لكنهاتشعربالخوفعلىالأرزاقوالخوفعلىالمستقبلإلىجانبحزنلاينفكمنمنظومةالخوف،يدفعهانحوالذلةوالمهانة.ويتخبطالناسفيالبحثعنأسبابودوافعلمايعانونهبعيداعنواليوم بالله آمن المنهج:﴿من عن البعد في المتمثل الأساسي العاملهم ولا عليهم خوف ولا ربهم عند أجرهم فلهم صالحا وعمل الآخر

يحزنون﴾]البقرة:62[فيالدنياوالآخرة.الآخر واليوم بالله يؤمن لم من أن هو: الآية في المخالفة ومفهومينفكعنهاولايستطيع الحزنوالخوفعندهحالةملازمةلا سيكونالتخلصمنأسرها،وهذاماحدثويحدثحينيخالفالإنسانفردا

كانأوشعباالمنهجالإلهيالرباني.أماالمتبعللمنهجالربانيفيحياته،فالخوفوالحزنلديهنسبيانقديمرانبه،ولكنمايلبثأنيعيدهالمنهجإلىفسحةالأملوالتفاؤل

واليقينبرحمةاللهوإحسانه.

بصائر من القرآن

129

وتعودالآيةمنجديدفيسياقالحديثعنبنيإسرائيل،لتؤكدأنالإشكاليةالكبرىفيبنيإسرائيلومواقفهمالمتعددةالتيتتناولهاأخذنا ﴿وإذ الرباني سورةالبقرة،إنماكانتتكمنفيمخالفةالمنهجةواذكروامافيهلعلكم ميثاقكمورفعنافوقكمالطورخذواماآتيناكمبقو

تتقون﴾]البقرة:63[والأمربأخذالمنهجالربانيبقوةلاينصرفإلىالقوةالماديةفحسب،بلالقوةالمعنوية؛قوةالاعتقاد،قوةالإدراك،قوةالتنفيذوالتطبيقفي

قون«. واقعالحياةللمنهجالرباني»لعلكمتتوالآياتوإنكانتتتحدثعنبنيإسرائيلوتعاملهممعالتوراة،إلاأنهاوردتفيسياقالتحذيرللأمةالمسلمةالتيكلفتبحملأمانة

القرآنالعظيم.ة«وصيةلكلفردفينفسهوإنسانفيمجتمعه: »خذواماآتيناكمبقوقون«،ولكلمجتمعبأفراده ةواذكروامافيهلعلكمتت »خذواماآتيناكمبقو

ومجموعه.أماإذاكانالتوليوالإعراضعنالمنهجالربانيطريقالهم،كانتوليتم الوقوعفيإشكاليةالتعاملمعهالتيوقعتمعبنيإسرائيل.﴿ثمالخاسرين﴾ من لكنتم ورحمته عليكم الله فضل فلولا ذلك بعد من

]البقرة:64[

تدبر سورة البقرة

130

ثمتتوالىالقصصوالمواقفالتيتعكسسوءتعاملبنيإسرائيلمعالمنهجالرباني؛فمنتحايلعلىالتعاليمإلىمجاهرةبالعصيان.﴿بتفقلنالهمكونواقردةخاسئين﴾ ولقدعلمتمالذيناعتدوامنكمفيالس

]البقرة:65[.فئةمنبنيإسرائيلاعتدواعلىالأمرالربانيوتجاوزوهبالمعصيةوالخروجعليه،الأمرالذيأدىإلىمسختلكالفئة.وسواءأكانذلكالمسخحقيقيا،أومسخامعنويا،فإنالخسارةوالنكالكانتالجزاءلها.﴿فجعلناهانكالالمابينيديهاوماخلفهاوموعظةللمتقين﴾]البقرة:66[العواقب ارتباط قاعدة يحمل المواقف لهذه القرآني السرد ذلك .كلتترتبعليهاعقوبات الرباني، المنهج بالمقدمات؛فمخالفة والنتائج

فرديةوقدتكونجماعية.ثمتنتقلالآياتإلىموقفآخرمنمواقفبنيإسرائيلسميتالسورةبه،نموذجآخرفيالتحايلعلىالتعاملمعالمنهجالرباني،أن الإلهي الأمر من السلام عليه موسى أخبرهم ما الآيات فتقصبقرة﴾ تذبحوا أن يأمركم الله إن لقومه موسى قال ﴿وإذ بقرة يذبحوا

]البقرة:67[.ولكنالقوماعتادواعلىالتعاملمعالأوامرالربانيةوالوحيالإلهي،بالتحايلوالمماطلةوكثرةالسؤالحولالتفاصيل،لالأجلأنيفهموا،

ولكنلأجلأنيجدوامدلفاللتحايلوالتباطؤفيالتطبيق.

بصائر من القرآن

131

وهذامنالمسالكالخطيرةفيالتعاملمعالمنهجالرباني.فالسؤالعنالحكمةوالقصدمنوراءالتشريعالإلهي،منالأمورالمقبولةالتيقدتقويدوافعالتطبيقللتعاليمفينفسالفردوالمجتمع.إلاأنذلك

إنجاءبنيةالتهربمنذلكالأمر،فالأمرمختلف.فأصلالعبادةوحقيقتها:أنيكونالإنسانعبداخاضعاللهسبحانهمنقادالأمره،فهمالحكمةمنالتشريعأماستعصتعلىفهمهوإدراكه.إلاأنأولكلمةردبهاالقومعلىموسىعليهالسلام:﴿قالواأتتخذناهزوا﴾]البقرة:67[وهذهعباراتتشيبسوءأدبهمفيالتعاملمعالنبينلناما عليهالسلام،لتأتيمنبعدهاالمماطلة:﴿قالواادعلناربكيبينلنامالونها﴾]البقرة:69[﴿قالوا هي﴾]البقرة:68[﴿قالواادعلناربكيبي

نلناماهي﴾]البقرة:70[. ادعلناربكيبيمنهناكشفالقرآنالكريمالتزويروالكذبوالاحتيالالذيوقعوامخرجماكنتمتكتمون)72(فقلنا ارأتمفيهاوالله فيه:﴿وإذقتلتمنفسافادتعقلون﴾ لعلكم آياته ويريكم الموتى الله يحي كذلك ببعضها اضربوه

]البقرة:72،73[.وهنايظهرالغرضمنسردقصةذبحالبقرةبأنيضرببهاالقتيلليعيدهاللهسبحانهوتعالىبقدرتهإلىالحياةمنجديد،فيشهدعلى

منقتلهمنبنيإسرائيلبعدأنأنكرواقتله.

تدبر سورة البقرة

132

ولايخلوالأمرمنتقريبصورةالبعثإلىقلوببنيإسرائيلالذينأولعوابالحسوضعفالإيمانبالغيب.

الربانيواستجابتهم لقدكانذلكاختباراآخرلإيمانهمبالمنهجلتطبيقه،إلاأنهملمينجحوافيهفكانتالنتيجةأنضرباللهقلوبهمقسوة﴾ أشد أو كالحجارة فهي ذلك بعد من قلوبكم قست ﴿ثم بالقسوة:

]البقرة:74[.فالقسوةفيالقلبعقوبةتجعلمنهمتصلبامتبلدالحس،لايشعربالآياتولابالمواعظحينتمرأمامعينيه،وماتلبثأنتظهرعلىالعينفتتصلبفيهاالدموعوتجفالمآقي،فلاتعدقادرةعلىأنتذرفدمعةمنخشيةالله،ويالهامنعقوبةلاتأتيإلاعلىمخالفةومعصية

عظيمة!ومنأعراضقسوةالقلبكذلك،أنتمرعليهالمواعظفيكتاباللهويسمعالآياتبأذنيهويراهافيواقعهبعينيه،ولكنهالاتحركفيهقلباباتجاهتلكالآياتالعظيمة،فيخرمؤمناخاضعالها،كمالاتحركفيه

التيهيمنأعظمأعمالالقلوب. وجل بواعثالخشيةمناللهعزثمتنتقلالآياتإلىموقفآخرمنمواقفسوءالتعاطيمعالمنهجوصوره أشكاله بكل التحريف وهو ألا إسرائيل، بني قبل من الرباني

؛تحريفمعنويوتحريفحسي.

بصائر من القرآن

133

حينقال﴿أفتطمعونأن وجل أماالمعنويفهوماأخبرعنهاللهعزفونهمنبعدما يحر ثم يؤمنوالكموقدكانفريقمنهميسمعونكلاماللهعقلوهوهميعلمون)75(وإذالقواالذينآمنواقالواآمناوإذاخلابعضهموكمبهعندربكم عليكمليحاج ثونهمبمافتحالله إلىبعضقالواأتحد

أفلاتعقلون﴾]البقرة:75،76[.الازدواجية،النفاق،جعلالدينبضاعةوتجارة،كلهاأشكالوصورللتحريف،ومنهاكذلكالاستشهادبآياتتحققأغراضاشخصيةمعينةوإخفاءغيرها.هذهالمواقفكلهاتجسدالنفاقوتعززالازدواجيةفيفي لما خلافا به والإيمان الله طاعة ادعاء مع المنهج، مع التعامل

الواقع.قالوا بعض إلى بعضهم خلا وإذا ا آمن قالوا آمنوا الذين لقوا ﴿وإذاعليكم﴾.ولكنهليغنيذلكالادعاءفيالتعامل ثونهمبمافتحالله أتحدونوما يعلممايسر الله ؟!قالسبحانه:﴿أولايعلمونأن وجل معاللهعز

يعلنون﴾]البقرة:77[.علمهم وقلة سبحانه بالله إيمانهم ضعف يعكس التحايل ذلك

ونومايعلنون«. بإحاطتهوقدرتهسبحانه:»يعلممايسربعدهم يأتي من محذرا العظيم القرآن يسوقها التي الصور تلكمنالوقوعفيمثلذلكونظائره،فالتعاملمعالمنهجالربانييقتضي

تدبر سورة البقرة

134

إخلاصافيالنيةوتجردايعكسصدقالتوحيدللهوحده،وعمقالرغبةفيتطبيقهواقعامعاشاوسلوكامنظورا.

يتمثل فهو القرآن منه يحذر الذي التحريف من الآخر النوع أماالتدبر من والذهن العقل خلو مع باللسان، فقط والتلاوة القراءة فيوالدروس، المواعظ من عليه تتلى مما القلب وخلو ويتلو يقرأ فيمافهيعمليةتفريغللنصوصوالآياتمنمضامينهاالعمليةومفاهيمهايون القيميةوتحويلهاإلىكلماتوعباراتمنطوقةفحسب:﴿ومنهمأميظنون﴾]البقرة:78[،ولذاقال وإنهمإلا أماني لايعلمونالكتابإلاالتلاوة إلا الكتاب يعلمونمن الآية:لا فيهذه المفسرين جمعمنوالقراءة،أماالتدبروالتفقهوالتفهموالتطبيقفهذاشيءبعيدتماما

عناهتمامهم.85قالابنالقيمفيذلك:»ذماللهالمحرفينلكتابهوالأميينالذينالشوكاني: وقال الأماني«.86 وهي التلاوة مجرد إلا منه يعلمون لاتفهم التلاوةدون لهمإلامجرد أي:لاعلم التلاوة( )الأماني: وقيل:

وتدبر«.87–عنابنعباسفيقوله:إلاأماني:إلاقولايقولونهبأفواههمكذب. .85

الجوزي، ابن دار السيدمحمد، التفسير،جمعيسرى بدائع الجوزية، القيم ابن – .86السعودية،1999،ج1،300.

–محمدبنعليالشوكاني،فتحالقدير،دارالفكر،بيروت،ج1،ص104. .87

بصائر من القرآن

135

أماالتحريفالحسيفهويتمثلفيكتابةآياتوإخفاءآياتالكتابيقولونهذامن تحريفابأيديهم:﴿فويلللذينيكتبونالكتاببأيديهمثم

ليشتروابهثمناقليلا﴾]البقرة:79[. عنداللهجاءفيتفسيرها:)حرفواالتوراةوزادوافيهامايحبونومحوامنها

مايكرهونومحوااسممحمدصلى الله عليه وسلممنالتوراة(.88التبديل التحذيرمن قبلها والتي أنفيهذهالآية القرطبي وذكرابتدعفيدينالله أو بدلوغير الشرع،فكلمن والزيادةفي والتغييرماليسمنهولايجوزفيهفهوداخلتحتهذاالوعيدالشديدوالعذابالأليم،وقدحذررسولاللهصلى الله عليه وسلمأمتهلماقدعلممايكونفيآخرالزمان…..فحذرهمأنيحدثوامنتلقاءأنفسهمفيالدينخلافكتاباللهأوسنتهأوسنةأصحابهفيضلونبهالناس،وقدوقعماحذرهوشاع،وكثروذاع.89فيخضع هواه على يحرف بالدين! المتاجرة أشكال من شكل إنهاالدينوالمنهجالربانيلأغراضهالشخصية،ليعززبهرأياأويعضدنهجا

أويدعمأحدامنالخلق.المتاجرة أشكال المعاصرةمن المجتمعات في مايحدث وغالببالدين،الذيلايأتيإلابالنتائجالوخيمةالتيتفسدالمجتمعوتلبس

–نقلاعنتفسيرالطبري. .88–القرطبي،تفسيرالآية79منسورةالبقرة. .89

تدبر سورة البقرة

136

علىالناسدينهموعوضاعنالتعديلوالتصحيحمنخلالفهمالكتابالعظيم،يشيعالتحريفوالتزويروالبعدعنهديالقرآنالكريم.

سورة في ذكرها جاء وقد قليلا« ثمنا به »ليشتروا وردت: ولذلكالبقرةكثيرا،فيسياقالتحذيرمنهذاالنهجالخطير.

فالدينلاينبغيأنيخضعللبيعولاللشراء،وآياتالكتابجاءتالخطأ وتعدل الصواب تقيم أن الباطللأجل من الحق وبيان بالهدىالمتقلبة النفوس لأهواء البشر يخضعها أن وليسلأجل والانحراف،ا مم لهم ﴿فويل الوعيدعليهاشديدا: المتغيرة،منهناكان وأطماعها

ايكسبون﴾]البقرة:79[. كتبتأيديهموويللهمممفالمالالحرامالمكتسبمنوراءالمتاجرةبآياتالكتابالعظيموبالعلىصاحبهقلأوكثر،وهذابالفعلماحدثمعبنيإسرائيل.

منهناانتقلتالآياتمنجديدإلىذلكالميثاقوالمنهجالربانيفالتوراةجاءتبشرائع السماوية، الشرائع بهكل الذيجاءت الواحدعزيزة، ربانية بتعاليم جاء والإنجيل ، وجل عز الله من لأنها عظيمة؛والقرآنجاءليتمالتعاليموالمبادئالتيلاتستقيمالحياةالإنسانيةإلاوبالوالدينإحسانا الله بها:﴿وإذأخذناميثاقبنيإسرائيللاتعبدونإلالاة وذيالقربىواليتامىوالمساكينوقولواللناسحسناوأقيمواالص

قليلامنكموأنتممعرضون﴾]البقرة:83[. توليتمإلا كاةثم وآتواالز

بصائر من القرآن

137

جاءت العظيمة، والقيم بالتوحيد جاءت السماوية الرسالات كلبالأمربالإحسانللوالدينوالأقاربوقولالخيروعملالخيروالصلاحالسلوك فيمرحلة ترتقيبصاحبها بعبادات والمعروف،جاءت والبرعليها يختلف لا التي الشرائع هذه الآخرين. مع والتعامل والتطبيققليلامنكموأنتممعرضون«. توليتمإلا اثنان،كيفكانالموقفمنها؟!»ثمجوبهت أنها إلا ورصانتها التعاليم هذه عظمة من الرغم فعلىبالتوليوالإعراضمنقبلالأغلبيةمنهم.والمفرداتالقرآنيةعبرتقال لاحقا. والإعراض أولا فالتولي المنهج؛ مع هؤلاء حالة عن بدقةأن إلا )القويم(، السلوك ترك في يشتركان والمعرض المتولي الكفوي:المعرضأسوأحالا،لأنالمتوليمتىندمسهلعليهالرجوع،والمعرضيحتاجإلىطلبجديد،وغايةالذمالجمعبينهما،أماالصدفهوالعدول

عنالشيءعنقلى.90ولايظهرمنسياقالآياتسببمحددلتوليهمعنتلكالمسالكالقويمةوالصفاتالرصينةوالأخلاقالمتينةسوىقساوةقلوبهموضعفتوحيدهموخنوعإرادتهم،حتىعمتالأبصاروضلتالقلوبوترنحت

النفوسعنمعاليالأمور.–أيوببنموسىالكفوي،الكلياتمعجمفيالمصطلحاتوالفروقاللغوية،على .90

الموقع:http://shamela.ws/browse.php/book-7037#page-134،فصلالألفوالعين.

تدبر سورة البقرة

138

ثمتنتقلالآياتإلىنوعآخرمنالازدواجيةفيالتعاملمعالآياتوالمنهجالرباني،وهومنهجالانتقائيةفيمايأخذويترك،فيايفعلولايفعل،لإخضاعالمنهجالربانيللمصالح،والأهواءوالمقاييسالشخصيةأفتؤمنون ...﴿ العاجل: القريب في الطمع التيلايحكمهاسوىمنطقخزي ببعضالكتابوتكفرونببعضفماجزاءمنيفعلذلكمنكمإلاا بغافلعم العذابوماالله نياويومالقيامةيردونإلىأشد فيالحياةالد

تعملون﴾]البقرة:85[.تستقيم لكي وتفصيلا جملة أخذه من لابد الرباني والمنهجالحياةالإنسانيةعلىالأرض،فهوجاءبتعاليمهلينظمعلاقاتالفردبذاتهوأسرتهومجتمعهفيإطاريحققالثمارالمرجوةفيالواقعوفيالمجتمع.أماأنتطبقجزئيةمنهويتركالجزءالآخرفهذااعوجاجفيالأخذبه،يؤديإلىتعضيةالتعاليمومنثمإحداثخروقاتفيالفهم

والتطبيق.فالقصاص)علىسبيلالمثال(الذيوردفيسورةالبقرة،لايؤخذبعيداعنكلماجاءمنآياتتعززقيمةالحياةوحقالإنسانفيهاوحرمةالاعتداءعليهابكلوسائلوأساليبالاعتداء،فتقعالتعضيةجاء .قصاص معها جاء ما وترك آية أخذ في الانتقائية تكون حينغاياتها تحقق متينة، قوية أسس على والتعاليم التشريع بناء ليتم

ومقاصدها.

بصائر من القرآن

139

إلى وردها الانتقائية إشكالية فكك الآيات في العظيم والقرآنأصولهاوجذورهامبينامنجديددورالأهواءوالانغماسفيالعروض﴾.. بالآخرة نيا الد الحياة اشتروا الذين ﴿أولئك تكريسها: في الدنيويةف ]البقرة:86[باعواشترى،باعآخرتهواشترىدنياهبثمنبخس:﴿فلايخف

عنهمالعذابولاهمينصرون﴾]البقرة:86[.اوقدحدثتمعبنيإسرائيلوتحدثمعغيرهم، فالقضيةخطيرةجدولذلكالقرآنوقفعندهافيسورةالبقرةطويلا؛ليأتيبأساليبالعلاج

الجذريةويحاصرهاذاتيا.وتعودالآياتمنجديدلتتحدثعنموسى–عليهالسلام–والكتاب87[؛ ]البقرة: سل...﴾ بالر بعده من ينا وقف الكتاب موسى آتينا ﴿ولقدفالرسالاتواحدةولكنالإشكاليةفيتعاملالبشرمعتلكالرسالاتبتم ﴿...أفكلماجاءكمرسولبمالاتهوىأنفسكماستكبرتمففريقاكذ

وفريقاتقتلون﴾]البقرة:87[.وهنايواجهالقرآنالعظيمالنفوسالضعيفةبخفاياها،فالسببفيمخالفةبنيإسرائيلللمنهجالربانيالذيجاءبهموسى–عليهالسلام

–أنهقدجاء»بمالاتهوىأنفسكم«،إنههوىالنفس.أخطرأمراضالنفسفيالتعاملمعالمنهجالرباني:هوىالنفس،منهنانصالقرآنعليهفيآياتعدة،وعدهواحدامنأبرزمايعبد

تدبر سورة البقرة

140

مندوناللهسبحانه:﴿أرأيتمناتخذإلهههواهأفأنتتكونعليهوكيلا﴾]الفرقان:43[﴿أفرأيتمناتخذإلهههواه...﴾]الجاثية:23[.

قالالكفوي:الهوىهوميلالنفسإلىماتستلذهمنالشهواتمنغيرداعيةالشرع.91

وقدسميبذلك؛لأنهيهويبصاحبهفيالدنيافيكلداهية،وفيالآخرةإلىالهاويةكماقالالراغب.

ولابنتيميةرحمهاللهكلامفيذمالهوى:)صاحبالهوىيعميهالهوىويصمهفلايستحضرماللهورسولهفيالأمرولايطلبهأصلاولايرضىلرضااللهورسولهولايغضبلغضباللهورسولهبليرضىإذاحصلمايرضيهواهويغضبإذاحصلمايغضبلهبهواهفليسقصدهأنيكونالدينكلهللهوأنتكونكلمةاللههيالعليا،بلقصدهالحميةلنفسهوطائفتهأوالرياءليعظمهوويثنىعليهأولغرضمنالدنيافلميكنللهغضبهولميكنمجاهدافيسبيلالله،بلإنأصحابالهوىيغضبونعلىمنخالفهموإنكانمجتهدامعذورالايغضباللهعليهويرضونعمنيوافقهموإنكانجاهلاسيءالقصدليسلهعلمولاحسنقصدفيفضيهذاإلىأنيحمدوامنلميحمدهاللهورسولهويذموامنلميذمهاللهورسولهوتصيرموالاتهم

ومعادتهمعلىأهواءأنفسهملاعلىديناللهورسوله(.92–الكفوي،فصلالألفوالهاء .91

–ابنتيمية،منهاجالسنة،ج5،ص256. .92

بصائر من القرآن

141

منهناكشفالقرآنالعظيمسرقتلهمالأنبياءوتكذيبهملدعوتهم،فدعوةالأنبياءجاءتلتحررالبشرمنسلطانالهوىوالخضوعوالانقياد

لأمره،إلىالعبوديةللهوتنفيذشرعه. منهناذكرالقرآنوصفهملقلوبهم:﴿وقالواقلوبناغلفبللعنهمالله

بكفرهمفقليلامايؤمنون﴾]البقرة:88[.وقدساقالقرآنالعظيمهذهالمقدماتليبينللنبيالكريمعليهمع مواقفهم عن يخرج لن دعوته من هؤلاء موقف أن والسلام الصلاة

أنبيائهم.قبل من وكانوا معهم لما ق مصد الله عند ن م كتاب جاءهم ا ﴿ولم اعرفواكفروابهفلعنةالله اجاءهمم يستفتحونعلىالذينكفروافلم

علىالكافرين)89(﴾.وهمفيالأصلكانوايستفتحونعلىالعرببماجاءبه،ويتباهونويتفاخرونأنهقدأظلنازماننبييبعث،فلمابعثكذبوه.وهمفيذلكالتعاملمع بناءعلى الحقيقة،لأنموقفهمكان في يتغيرموقفهم لمالدينبالمتاجرة.عرفواأنهذاالكتابالذيأنزلعلىالنبي–صلى الله عليه وسلم–المعرفةقد المعرفة؛لأنتلك ،عرفوابذلكولكنهمتجاهلواتلك حقتناقضماتهواهأنفسهموتتشوفإليه،ولذاشهدالقرآنعليهم:﴿بئسمامنفضلهعلى لالله بغياأنينز اشتروابهأنفسهمأنيكفروابماأنزلالله

تدبر سورة البقرة

142

منيشاءمنعبادهفباءوابغضبعلىغضبوللكافرينعذابمهين﴾]البقرة:90[.

وهناتبرزنتيجةالمتاجرةبالدين:الغضبوالعذابالمهينمناللهاتخذتمالعجلمنبعده ناتثم سبحانهوتعالى.﴿ولقدجاءكمموسىبالبيوأنتمظالمون﴾]البقرة:92[.جاءتالآياتتذكرهمبمواقفهمالمخزيةمع

موسىعليهالسلامحيناتخذواالعجلمنبعده.﴿وإذ العصيان: بإعلانهم ذكرهم الميثاق، عليهم الله أخذ حين ثمةواسمعواقالوا أخذناميثاقكمورفعنافوقكمالطورخذواماآتيناكمبقوسمعناوعصيناوأشربوافيقلوبهمالعجلبكفرهمقلبئسمايأمركمبه

إيمانكمإنكنتممؤمنين﴾]البقرة:93[.لدى الإيمان يولد لم إن المحك: على الإنسان القرآن يضع وهناالإنسانقوةدافعةللاتباعوالطاعةوأخذالمنهجالربانيبقوة،فماقيمة

ذلكالإيمان؟!.ؤمنين«،فإذاكانالإيمان م إيمانكمإنكنتم به يأمركم بئسما »قلفبئس الرباني المنهج ومخالفة الأنبياء بقتل يأمرهم يدعون الذيالإيمانهو؛فالإيمانلايجعلالإنسانيعيشفيتناقضمميتبينما

يؤمنبهفيقلبهوبينمايمارسهفيحياتهوسلوكه.وتنتقلالآياتفيتسلسلواضحيعرضنتائجهذاالنوعمنالتعاملمعالمنهجالرباني:حبالدنياوالركونإليهاوكراهيةالموت…فالموت

بصائر من القرآن

143

بالنسبةلهميشكلالعالمالآخرالذيباعوهبثمنبخس،اشترواالدنياالذين ومن حياة على الناس أحرص الآخرة:﴿ولتجدنهم باعوا ولكنهم

رألفسنة...﴾]البقرة:96[. أحدهملويعم أشركوايودهذاالنوعمنالبشرلايريدلحياتهعلىالأرضأنتنتهي،ويعيشوبين بينه ويباعد العذاب عن ذلكسيزحزحه أن الأمل بطول واهماون الموتالذيتفر وقوعه.ذاكأنهغابتعنهالحقيقةالراسخة:﴿قلإن

منهفإنهملاقيكم﴾]الجمعة:8[.فالربالذيكفروابهسيأتونإليهويعودونإليهوسيوفيهمأعمالهميوم:﴿.وماهوبمزحزحه وجل القيامة،ولذلكجاءختامالآياتفقالاللهعز

بصيربمايعملون﴾]البقرة:96[. والله ر منالعذابأنيعمثمإنذلكالإنسانالذييعيشهذهالازدواجية،يعيشمعادياحتىللملائكةوالأنبياءوالكتب،حينعادىالمنهجالربانيالذيجاءبهالله–سبحانهوتعالى–ولذلكجاءتالآيةبقولهسبحانهوتعالى:﴿ولقدالفاسقون﴾]البقرة:99[،فلايكفر ناتومايكفربهاإلا أنزلناإليكآياتبيبهذهالآياتالواضحةوبذلكالمنهجالعظيمالذيأنزلهاللهعلىالنبي

الكريممحمدصلى الله عليه وسلمإلامنخرجعنأوامرربهسبحانهوتعالى.ولذلكلماجاءهمالرسول–صلى الله عليه وسلم–مصدقالمامعهم،وضعواكتابهمقلمامعهمنبذفريق مصد اجاءهمرسولمنعندالله خلفظهورهم﴿ولم

تدبر سورة البقرة

144

وراءظهورهمكأنهملايعلمون﴾]البقرة: منالذينأوتواالكتابكتابالله101[.أرادواأنيخفواالمنهجالربانيوماكتبفيالتوراةمناستبشار

بنبوةمحمدصلى الله عليه وسلموالنبذإلقاءالشيءوطرحهلقلةالاعتدادبه.93والمفردةتصورموقفهذاالفريقمنهممنكتاباللهومنهجربهم،شعورهم وعدم للكتاب الدونية نظرتهم يعكس الذي الموقف ذلكبأهميتهومكانتهوقيمةماجاءفيهمنتعاليمربانيةوتوجيهاتسامية.ولايخلوذلكمنالتحذيروالتنبيهإلىأهميةإدراكالمتلقيلقيمةالتعاليمالواردةفيالكتابوالحرصعليها،فعلىقدرمايشعرالمرءبقيمةمافيالكتاب،يعظمه،وعلىقدرمايشعربفائدتهلهفيحياته

وأمره،يتبعهويسيرعلىهداه.وهؤلاءحينباعواكتابربهمالعظيموخالفوانهجهفيحياتهم،سارواياطينعلىملكسليمان﴾]البقرة:102[. وراءالشياطين:﴿واتبعواماتتلوالشوتأتيالآياتفيسياقالحديثعنأنبياءبنيإسرائيل،فموسى–عليهالسلام–لميكنهوالنبيالوحيدالذيكذببهبنوإسرائيل،بل

كانمنقبلهأنبياءكذبواواتهموابالأباطيل.تعددالأنبياءفيهموموقفهممنهملميتغير؛لماجاءفيدعوةالأنبياءلمن علموا ﴿ولقد ومآربهم: ومحاصرةلأطماعهم لأهوائهم مخالفة من

https://www.almaany.com/quran/2/101/10/– .93

بصائر من القرآن

145

اشتراهمالهفيالآخرةمنخلاقولبئسماشروابهأنفسهملوكانوايعلمون﴾]البقرة:102[.

مخالفة من فيه بما ونهجهم لأقوالهم وخضعوا الشياطين اتبعواومناقضةصريحةللمنهجالرباني،لتوهمهمأنذلكالاتباعسيدرعليهمالهدى، ماجاءهممن السحرعلى آثروا لقد أرباحاومكاسبعاجلة.فتعلمواكيفيفرقونبينالمرءوزوجه…»ولبئسماشروابهأنفسهم

لوكانوايعلمون«.بئسهامنتجارة!فالساحروالمخالفللمنهجالربانيالمنهجالذي–مهمادرذلكعليهمنمكاسبدنيويةوقتيةفهي وجل أمراللهبه–عز

فيالواقعخسائرلامكاسب.لقدخسرنفسه،خسرآخرته،خسردنياه،ولذلكأوردالقرآنهذهخيرلوكانوا اللفتةالعظيمة:﴿ولوأنهمآمنواواتقوالمثوبةمنعندالله

يعلمون﴾]البقرة:103[.على تحصل ولو يتاجرخاسرا من بين العظيم الفارق يظهر وهنامكسبماديعاجل،وبينمنيؤمنويتقياللهفتلكهيالتجارةالرابحة.ليست الرباني،وهي المنهج في التوجيهات أعظم الآيةمن وهذهخاصةببنيإسرائيلفحسب،بللكلالبشرفينظرتهملمفهومالربح

والخسارة.

تدبر سورة البقرة

146

فاتباعالإنسانللمنهجالربانيفيالحياةوالسلوككسبحقيقيفيالدنياوفيالآخرةوربحأصيللايتبدل،بنقيضمخالفةذلكالمنهج،لا مؤقت بلباس تلبست وأن حقيقية منخسارة ذلك وراء يأتي وما

يظهرها.وهنايأتيالتوجيهالربانيمؤكداضرورةمخالفةهؤلاءوالتميزعنهمفيكلأمرولوكانكلمةمتشابهةلفظاوتأتيبخلافالمعنى،كعادتهمفيتزييفالأموروتلبيسها:﴿ياأيهاالذينآمنوالاتقولواراعناوقولوا

انظرناواسمعواوللكافرينعذابأليم﴾]البقرة:104[.والمسألةهناليستكلمةتقال،ولكنهالتميزوالشعوربرفعةالمنهجالذيأراداللهسبحانهللمؤمنينأنيستحضروه.وألغىبذلككلأشكالالتبعيةالعمياءوالتشبهالبغيضالذييمحومعالمالشخصيةويطمس

بنيتها.ثمتأتيالآياتبعدذلكمؤكدةعداوةالمتاجرينبالدينالذينلايرغبونفيإنزالخيرالرسالةعلىغيرهم،ولونبذوهاوراءظهورهم:﴿لعليكممن الذينكفروامنأهلالكتابولاالمشركينأنينز مايودالعظيم﴾ الفضل ذو والله منيشاء برحمته يختص والله ربكم من خير]البقرة:105[.وهنايبينالقرآنالعظيمعظمةالخيرالعميمالذينزلبالفضل إياه واصفا وشريعته القرآن تعاليم منخلال المؤمنين على

العظيم.

بصائر من القرآن

147

ثمتتوالىالآياتبعدذلكلتبينموقفبنيإسرائيلمنالدعوةحاصرتهم التي الأمراض يعكس الذي الموقف ذاك القرآن، الجديدة؛

وشابتنفوسهموعلاقتهمبخالقهموبالمنهجالذيأنزلعليهم.فالقرآننزلمصدقالمامعهم،ولكنالحسدحالبينهموبيناتباعه

وتصديقه،رغمكلماتبينلهممندلائلوبينات.اراحسدا كثيرمنأهلالكتابلويردونكممنبعدإيمانكمكف ﴿ود..﴾]البقرة:109[.وهناتظهر منعندأنفسهممنبعدماتبينلهمالحقكثير سمةالعدالةوالإنصاففيالقرآنحينيتحدثعنالمخالفين:»ودنأهلالكتاب«.فحتىولوكانتالكثرةغالبة،إلاأنهالاتنفيوجود م

عددمنهمخالفواذلكالنهجالمعوج.وهنايكشفالقرآنالعظيمعنغوائلالنفوسالمريضةالتيتاجرت

نعندأنفسهم«. بديناللهوبرسالاتالأنبياء:»حسدامبالثقةواليقينبعطاءاللهسبحانهوتعالى قلبه إذاامتلأ فالمؤمنوقسمتهللأرزاقبينخلقه،بعدتعننفسهدواعيالحسد،فالحاسديقعفيإشكاليةعقديةحينيتوهمبحسدهأنالربالذيقسمالأرزاق،

أعطىغيرهومنعه.لقدوقعبنوإسرائيلفيإشكاليةالحسدالتيجاءنتيجةطبيعيةلتغليبهمالحسوالمادةعلىالإيمانبالغيبوالآخرة،فتضخمتمساحة

تدبر سورة البقرة

148

الدنيافيقلوبهموهيمتاعقليل،وتضاءلتالآخرةفينفوسهموهيدارالقرار.

لهم ن تبي ما بعد ن م أنفسهم عند ن م »حسدا ولذلكجاءتالآية«هميعرفونالحق. الحق

ووفق عليه للسير ولا لاتباعه تكفي لا وحدها بالحق فالمعرفةمنهجه.وتلكالعوارضمنقبيلالابتلاءاتوالمحنالتيتعرضلهاشيء علىكل الله بأمرهإن كلالرسل:﴿فاعفواواصفحواحتىيأتيالله

قدير﴾]البقرة:109[.وتتوالىالآياتفيتقديممنهجيةالتعاملمعالأممالمخالفةللمنهجالربانيالذيفيهالهداية،فسورةالبقرةتتحدثعنالهداية،وتقدموسائلالهدايةوكيفيةالوصولإلىالهداية،منخلالالآياتوالأوامرالربانية:موالأنفسكممنخيرتجدوهعند كاةوماتقد لاةوآتواالز ﴿وأقيمواالص

بماتعملونبصير﴾]البقرة:110[. الله إن اللهوالقرآنالعظيمهنايوضحللمؤمنينسبيلالهدايةفيالتعاملمع–،ومخالفة وجل عز – أنزلهالله الذي المنهج السيرعلى المخالفين:الأممالسابقةفيطغيانهاوفيكفرهاومعاندتها،وتلقيذلكالمنهج

بصدررحبوإيمانويقين.منهناعابتالآياتعلىاليهودوالنصارىقولهمباحتكارالجنةمنكانهوداأونصارى...﴾]البقرة: ةإلا لأنفسهم:﴿وقالوالنيدخلالجن

بصائر من القرآن

149

111[؛فالجنةليستحكراعلىأحد،ولاأحديملكمفاتيحالجنةإلاهمقلهاتوابرهانكمإن الخالقالذيخلقوأعطىورزق:﴿...تلكأماني

كنتمصادقين﴾]البقرة:111[.وهذهالإشكاليةخطيرةيقعفيهاكثيرونبزعمهم:»فلانيدخلالجنة،وفلانيدخلالنار«.وهناتبدأعملياتالتشنيعوالتشهيرمنكلفريقعلىمخالفيه:﴿وقالتاليهودليستالنصارىعلىشيءوقالتالنصارىليستاليهودعلىشيءوهميتلونالكتابكذلكقالالذينلايعلمون

مثلقولهم﴾]البقرة:113[.إلاأنذلكلايغيرمنحقيقةالأمر،وأنالحكموالفصلبيداللهيحكمبينهميومالقيامةفيماكانوافيهيختلفون﴾ وحدهدونسواه:﴿...فالله

]البقرة:113[.أنيذكرفيهااسمهوسعىفيخرابها نعمساجدالله نم ﴿ومنأظلمممنياخزيولهمفي لهمفيالد خائفين ئكماكانلهمأنيدخلوهاإلا أول

الآخرةعذابعظيم﴾.)114(منهنافإندورالإنسانالمبلغأنيبينالحقيقةويعرضالرسالةمن فليس الناس على الحكم أما وسلوكه، حياته في عليها ويسيروجه المشرقوالمغربفأينماتولوافثم اختصاصأحدمنالبشر:﴿لله

﴾]البقرة:115[. الله

تدبر سورة البقرة

150

وتأتيآياتعظيمةتعززالإيمانفيقلوبأصحابهوأتباعه،وأناللهسبحانهوتعالىمااتخذولدا،فهوالغنيعنكلأحد،لهمافيالسماوات

ومافيالأرض.له كل ماواتوالأرض ولداسبحانهبللهمافيالس ﴿وقالوااتخذاللهوإذاقضىأمرافإنمايقوللهكن ماواتوالأرض قانتون)116(بديعالسلكقال أوتأتيناآيةكذ فيكون)117(وقالالذينلايعلمونلولايكلمنااللهناالآياتلقوميوقنون قدبي ثلقولهمتشابهتقلوبهم الذينمنقبلهممبشيراونذيراولاتسألعنأصحابالجحيم﴾. )118(إناأرسلناكبالحق

والكلعبيدلربوبيتهعزوجل،بديعالسماواتوالأرضوإذاقضىأمرافإنمايقوللهكنفيكون.هذهالآياتتكرسالتوحيدوتؤكدأنهذهالدعوةالإسلاميةجاءتلتكونخاتمةالرسالاتوالمناهج،مصدقةلما

بينيديهامنالتوراةوالإنجيل.هدى قلإن بعملتهم ﴿ولنترضىعنكاليهودولاالنصارىحتىتتمالك العلم من الذيجاءك بعد أهواءهم اتبعت ولئن الهدى هو اللهتلاوته ولانصير)120(الذينآتيناهمالكتابيتلونهحق منولي مناللهئكهمالخاسرون)121(يابنيإسرائيل ئكيؤمنونبهومنيكفربهفأول أوللتكمعلىالعالمين)122( اذكروانعمتيالتيأنعمتعليكموأنيفضتجزينفسعننفسشيئاولايقبلمنهاعدلولاتنفعها واتقوايومالا

شفاعةولاهمينصرون)123(﴾.

بصائر من القرآن

151

تأتيالآياتلتقررحقيقةانعدامالرضامنالمتبعينلأهوائهممنمنهجه على بقي طالما ورسالته الكريم النبي عن والنصارى اليهودفي ونهجه الله شرع تشابه لا الأهواء فشريعة إليه؛ أنزل بما وتمسكالسير في وليس عليه، أنزله وما كتابه في الله بينه ما والهدى شيء.وراءمنيدعيالهدىوليسمنأهله؛فالهدايةنهجحياةوليسادعاء

المدعينوشعاراتالمدلسين.فمنيؤمنبالكتابحقاويسيرفيحياتهعلىمنهجهوأوامرههمأولئكالذينيقيمونأوامرهوتعاليمهفيحياتهموواقعهم.أماأولئكالذينيتلونآياتهفيكتبهمويخالفونهافيواقعهم،فأولئكهمالخاسرونالحقيقيونفيالدنياوالآخرة.فمنأعظمخسارةممنأعطاهاللهمنهجاثمانساقلمخالفتهفيواقعهمتخبطافيسيره،لايعرفلهشريعةسوى

أهواءنفسهوأطماعذاته.على لهم وتفضيله عليهم الله بنعمة تذكرهم الآيات تأتي وهناالعالمينفيزمانهموبالمنهجالذيأنزلهإليهم.وهوتذكيرلاينفكعنالتذكيربلقاءاللهعزوجلالذييجدفيهالإنسانجزاءماقدمهمن

عمل:لتكم ﴿يابنيإسرائيلاذكروانعمتيالتيأنعمتعليكموأنيفضتجزينفسعننفسشيئاولايقبل علىالعالمين)122(واتقوايومالا

منهاعدلولاتنفعهاشفاعةولاهمينصرون)123(﴾.

تدبر سورة البقرة

152

ثمتنتقلالآياتلتردجميعالرسالاتإلىالحنيفيةالسمحاءالتيجاءبهاأبوالأنبياءإبراهيمالخليلعليهالسلام:﴿وإذابتلىإبراهيميتيقاللا قالإنيجاعلكللناسإماماقالومنذر هن ربهبكلماتفأتمينالعهديالظالمين)124(وإذجعلناالبيتمثابةللناسوأمناواتخذوارابيتي قامإبراهيممصلىوعهدناإلىإبراهيموإسماعيلأنطه منماجعل رب إبراهيم قال وإذ جود)125( عالس ك والر والعاكفين للطائفينواليومالآخر ذابلداآمناوارزقأهلهمنالثمراتمنآمنمنهمبالله هاروبئسالمصير﴾. هإلىعذابالن أضطر عهقليلاثم قالومنكفرفأمت

والآياتتذكربأنموذجإبراهيمعليهالسلامالذيوفىبأمانةالتكليفوحملرسالةالتوحيد.كماتوضحالآياتالعظيمةأنالإمامةفيالدينلاتورثبالنسب،بلمنخلالالقيامبتكاليفهاوحملأعبائها،فهاهوأبوالأنبياءيسألاللهعزعزوجلأنيجعلهافيذريتهلتأتيهالإجابة:)لاينالعهديالظالمين(؛فالقضيةليستادعاءوتوريثا،ولكنهاأمانةيستحقهامنيقومبهاحقالقيام،وفيذلكتقريعللمنحرفينعننهجه

وملتهالحاملينلشعارالانتسابإليه.وهناتمهدالآياتلانتقالالرسالةوالمنهجإلىأمةالقرآنمنخلالالحديثعنمكانةالبيتالعتيقالذيجعلهاللهمثابةللناسوأمنا،مقيمةدعائمالبيتعلىرسالةالتوحيدالخالدةونقاوتهالصافيةفلاتفسدهاشوائبالشركولادعاوىالتحريف.منهناكانالحديثعن

بصائر من القرآن

153

تعبد أوثان التوحيدوصفائه،فلا التطهيرمتضمناالحفاظعلىنقاوةولاأصنامترفعوالأمركلهلله.حينهاتصعددعوةإبراهيمعليهالسلامسائلةالأمنوالرزقلكلمنأمالبيتوقصدهمنالمؤمنينالموحدين.وماتزالأصداءتلكالدعوةالصادقةتترددفيالأرجاء،يعاينأثرهاكلمنيقصدالبيتالحرامحاجاأومعتمرا،حيثيرىالتوحيدوهو

يعمرأرضاكانتخاليةمنكلحياة.إنهارسالةالتوحيدالتيجاءبهاالأنبياءفلميحابوافيهاأحدا،ولم

يخضعوالأهواءأقوامهممنالبشر.اإنك ﴿وإذيرفعإبراهيمالقواعدمنالبيتوإسماعيلربناتقبلمنة أم يتنا ذر ومن لك مسلمين واجعلنا ربنا العليم)127( ميع الس أنتحيم)128(ربنا ابالر و سلمةلكوأرنامناسكناوتبعليناإنكأنتالت منهميتلوعليهمآياتكويعلمهمالكتابوالحكمة وابعثفيهمرسولام لةإبراهيمإلا إنكأنتالعزيزالحكيم)129(ومنيرغبعنم يهم ويزكالحين نياوإنهفيالآخرةلمنالص ولقداصطفيناهفيالد منسفهنفسهبها ى ووص )131( العالمين لرب أسلمت قال أسلم ربه له قال إذ )130( إلا فلاتموتن ين اصطفىلكمالد الله إن بني ويعقوبيا إبراهيمبنيهسلمون)132(أمكنتمشهداءإذحضريعقوبالموتإذقاللبنيه وأنتمموإسماعيل إبراهيم آبائك ه وإل هك إل نعبد قالوا بعدي من تعبدون ما

تدبر سورة البقرة

154

ما لها خلت قد ة أم تلك )133( مسلمون له ونحن واحدا ها إل وإسحاقاكانوايعملون﴾. اكسبتمولاتسألونعم كسبتولكمم

تعلنالآياتأنالإسلامهودينجميعالأنبياءعليهمالصلاةوالسلام،وهذاالبناءواحدفيأصولهفيقواعده،فيتوحيده،وفيإسلامهللهربعليه إبراهيم قلب الذيسكن الإخلاص الآيات تظهر كما العالمين.السلامالظاهرفيدعوتهوإسماعيل:)ربناتقبلمنا(،فلاشيءيدوربخلدالمؤمنحينيقدمعملابينيديخالقهسوىقبولالعمل.تلكالدعوةالتيرافقتهادعوةإبراهيمعليهالسلامببعثةرسوليتلوالآياتويعلم

الكتابويزكيالنفوسبالحكمة.لقدكانإبراهيمعليهالسلامالنموذجالواضحلدعوةالتوحيدالتيوصىبهاأبناءه،تلكالوصيةالتيتحملمعهاأمانةالتكليفبالحفاظعلىدعوةالتوحيد،فدونهاتتساقطكلالمصالحوالأغراض.وفيالآياتردعلىأولئكالذينباعوادينهممنأجلدنياهمومصالحهمالشخصية؛الاتباع إلى صاحبه يقود الذي الخالص التوحيد إبراهيم؛ ملة فهذهوكبيرة، فيكلصغيرة الرباني للمنهج والخضوع والانقياد والتسليمولهذاوصىبهاإبراهيمبنيهويعقوب:)أمكنتمشهداءإذحضريعقوبهآبائك وإل هك إل قالوانعبد لبنيهماتعبدونمنبعدي قال إذ الموت

هاواحداونحنلهمسلمون(. إبراهيموإسماعيلوإسحاقإل

بصائر من القرآن

155

فليسثمةشرعيةلماوقعمنخلافحولكلمةالتوحيدواتباعالنبيعليهالصلاةوالسلامبعدهذا.

ةقد ثميسدلالستارعلىهذهالمواقفبقولاللهعزوجل»تلكأماكانوايعملون(.فلا اكسبتمولاتسألونعم لهاماكسبتولكمم خلتجدوىمنالدخولفيمعاركتاريخيةأونزاعاتمضىزمانهاوانقضى؛

فالمرءلايسألعنغيره،ولكنيسألعنعملهوإيمانهومايعتقد.ثمتعودالآياتلتنقلادعاءاتالمفترينواحتكارالهدايةفياتباعأهوائهمالتيألبسوهالبوسالديانةاليهوديةوالنصرانية:﴿وقالواكونواهوداأونصارىتهتدواقلبلملةإبراهيمحنيفاوماكانمنالمشركينوإسماعيل إبراهيم إلى أنزل وما إلينا أنزل وما بالله آمنا قولوا )135(بيون الن أوتي وما وعيسى أوتيموسى وما والأسباط ويعقوب وإسحاقنهمونحنلهمسلمون)136(فإنآمنوابمثل قبينأحدم بهملانفر منروهو إنتولوافإنماهمفيشقاقفسيكفيكهمالله ماآمنتمبهفقداهتدواوصبغةونحنلهعابدون ومنأحسنمنالله ميعالعليم)137(صبغةالله السوهوربناوربكمولناأعمالناولكمأعمالكم وننافيالله )138(قلأتحاجإبراهيموإسماعيلوإسحاقويعقوب ونحنلهمخلصون)139(أمتقولونإننكتم ومنأظلممم قلأأنتمأعلمأمالله والأسباطكانواهوداأونصارى ةقدخلت اتعملون)140(تلكأم بغافلعم وماالله شهادةعندهمنالله

اكانوايعملون﴾. اكسبتمولاتسألونعم لهاماكسبتولكمم

تدبر سورة البقرة

156

وهناتعلنالآياتبراءةالأنبياءجميعهممنكلأشكالالتحريفوالتزويرالذيطالماجاءوابهعلىيدبعضأتباعهم،فالتوحيدواحد؛

ملةإبراهيمحنيفاوماكانمنالمشركين.إعلانالشهادةالتييختمبهااللهسبحانهوتعالىالجزءالأولمنالسورةقبلأنتنتقلالآياتإلىالتشريعاتالتيجاءبهاالقرآنالكريم؛فمندعائمالاعتقادالصحيح:الإيمانبجميعالأنبياءدونتفرقةبينهم.وهكذايأتيالجزءالأولمنالسورةفيسياقالتحذيرمنكلماوقعفيهبنوإسرائيلمنأخطاءفادحةفيالتعاملمعمنهجاللهالمنزلعليهم.الأمرالذيأدىإلىاستبدالهمبأمةأخرىأنزلاللهعليهاالقرآنليشهدبهواقعهموحياتهممنخلالممارستهالتلكالتعاليموتقديمهاللعالم.ولعلمنأخطرماوقعبهبنوإسرائيل،تحويلهمالمنهجإلىادعاءوأخضعوا بالدين، وتاجروا واعتقادهم، سلوكهم في إيمانهم فخالفوا

المنهجالربانيلأهوائهموأطماعهمالشخصية.وسورةالبقرةفينهاياتالجزءالأولوبداياتالجزءالثانيتقدمالإسلامكرسالةعالميةلكلالأممولكلالشعوب.فالقرآنماجاءليكونمحصورافيقوميةمعينةأوفيجنسمعين،بلهوخطابلكلالأمم.الخطابمباشرة القرآن يوجه لماذا نفسههنا: يطرح وثمةتساؤللبنيإسرائيل؟)يابنيإسرائيل(.إنهاعالميةالرسالةالقرآنيةوأهمية

بصائر من القرآن

157

تقديمهاللعالمكله،ذلكالتقديمالذييقتضيارتقاءالحاملللرسالةبسلوكهوحياتهومعاشهليكونأهلالذلكالحملوالتلقيوالبلاغلرسالة

القرآن.الآيات تحمل الكريمة البقرة سورة من الأول الجزء ختام وفيوماأنزلإلينا مسئوليةالبلاغلمنيؤمنبهذاالكتاب:)قولواآمناباللهوماأنزلإلىإبراهيموإسماعيلوإسحاقويعقوبوالأسباطوماأوتينهمونحنله قبينأحدم بهملانفر بيونمنر موسىوعيسىوماأوتيالنمسلمون(.المسئوليةالتيتحولالإيمانإلىواقعمعاشوحياةتشريعيةواضحةالمعالموفقماأمراللهبه،منهناكانالجزءالثانيمنسورةالبقرةمتضمنالكلتفاصيلالحياةالأسريةوالاجتماعيةوالاقتصادية؛لايغادرصغيرةولاكبيرةإلاوأتىبهافيسياقالتشريع؛لأنهمنهجالتوحيدفي هداية.ذلكالمنهجالذيلايحملأعباءهإلامناستقر

قلبهوضميرهوأقامهعلىدعائمالتقوىوخشيةالله.تحديد في الهداية معالم البقرةجاءت منسورة الأول الجزء فيالعظيم بالقرآن المؤمنين نفوس في يستقر أن ينبغي الذي الاعتقادمنهجاللهداية،بعدعرضمستفيضلمواقفبنيإسرائيلفيالتعاملمعكتابهم،التيتولدتمنإيمانهمالهشواعتقادهمالضعيف،لتؤكدوتوحيده بالله الإيمان الربانيحول المنهج مع العلاقة ارتكاز ضرورة

وتعهدهبالتنقيةوالتصفية.

تدبر سورة البقرة

158

من بحشد اختص الذي البقرة سورة من الثاني الجزء ويأتيالتشريعاتوالتعاليم،حتىقيلأنسورةالبقرةحوتألفأمروألفنهيوألفحكموألفخبر94،ليقيمهاعلىأساسالتوحيدوعمقهفيقلبالفردالذيأخذتلكالتعاليموالتشريعاتبقوةالاعتقادورصانة

الفهموصحةالتوجه.وبدأالجزءالثانيبقضية»القبلة«؛ذلكالمكانالذييتوجهإليهالمسلمونفيكليومعلىالأقلخمسمراتبقلوبهموأبدانهم.وقدكانالمسلمونفيمكةيتوجهونأولالأمرحينفرضتالصلاةإلىبيتالمقدس،فيذلكالوقتالذيكانالعربفيالجاهليةيقدسونالبيتالحرامويعظمونه،ولربمارأوافيتوجهالمسلمينآنذاكباتجاهالجزيرة في الحرام البيت لمكانة التحدي من شيئا المقدس بيت

العربية.وحينهاجرالنبي–صلى الله عليه وسلم–كاناليهوديعتبرونأنهذانوعمنأنواعالتفوقالذيجاءوابهعلىالمسلمين،منحيثإنالمسلمينيتوجهون

نحوقبلتهم،أينحوبيتالمقدس.نقلهالقرطبيعنابنالعربي.قالالقرطبيفيتفسيره–ط2دارالكتبالمصرية)1/ .94152(:»قالابنالعربي:سمعتبعضأشياخييقول:فيهاألفأمروألفنهيوألف

حكموألفخبر«.اهـ.وانظر:أحكامالقرآنلابنالعربي–ط3دارالكتبالعلمية)1/15(.

بصائر من القرآن

159

كان صلى الله عليه وسلم الله رسول »أن أنس: عن الآيات، نزلت الأجواء تلك وفيماء الس في وجهك تقلب نرى )قد فنزلت: المقدس«، بيت نحو يصليوجهكشطرالمسجدالحرام(البقرة/144، كقبلةترضاهافول فلنولينركعة، صلوا وقد الفجر، صلاة في ركوع وهم سلمة بني من رجل فمر

لت،فمالواكماهمنحوالقبلة«.95 القبلةقدحو فنادى:ألاإنفهاء عنسفهاءاليهود:﴿سيقولالس وجل وبدأالكلامعنهابقولهعزالمشرقوالمغرب همعنقبلتهمالتيكانواعليهاقللله منالناسماولا]البقرة:142[يهديمنيشاءإلى مستقيم﴾ صراط إلى يشاء من يهديحياتها تفاصيل أدق في الأمة، لهذه بها الله أذن التي الهداية معالمالموضوع حول الروايات من الكثير وردت وقد وعباداتها. وشعائرهاأن التحول،إلاأنسياقالآياتوماجاءبعدهاوقبلهايوضح وأسبابتحولالقبلةإعلانوميلادلأمةأنزلاللهعليهاكتاباومنهجالتقومبهبينالناس،دونأيتوهملأيشكلمنأشكالالتشبهأوالتبعيةلأحد،صلى الله عليه وسلموالمسلمين وخاصةأناليهودكانوايتفاخرونعلىالنبيالكريم

بأنهميصلونإلىقبلتهم،فحسمالأمر.وممايؤكدذلكأنالآيةالتيوردتبعدهاخاطبتالمسلمينبهذاةوسطالتكونواشهداءعلىالناسويكون التكليف:﴿وكذلكجعلناكمأم

سولعليكمشهيدا﴾]البقرة:143[. الر–رواهمسلم527. .95

تدبر سورة البقرة

160

الناسشهادة بالشهادةعلى التكليف مهام القبلةلإتمام فتحويلتقومعلىأسسالاعتقادالذيبينهالقرآنفيالجزءالأول.إنهاشهادة

ترتكزعلىالوسطية.ولاتخرجمعانيالوسطيةالتيوردتبتصاريفهافيخمسةمواضعفيالقرآنعن:العدلوالخيريةوالاستقامة.عنأبيسعيدالخدري–رضياللهعنه–قال:قالرسولاللهصلى الله عليه وسلم:»يجاءبنوحيومالقيامةفيقالله:هلبلغت؟فيقول:نعميارب!فتسألأمته،هلبلغكم؟فيقولون:مابكم فيجاء وأمته، محمد فيقول: شهودك؟ من فيقول: نذير، من جاءنا]البقرة: وسطا﴾ ة أم جعلناكم ﴿وكذلك صلى الله عليه وسلم فتشهدونثمقرأرسولاللهسولعليكمشهيدا﴾ 143[قال:عدلا﴿لتكونواشهداءعلىالناسويكونالر

)البقرة:143(.96منهنايفهمأنالوسطيةهيمنهجفيالتعاملمعالكتابالعظيميتسمبالعدلوالخيريةوالاستقامة.والترابطبينالشهادةالتيافتتحتبهاالآيةوالوسطيةصريح،فالشهادةلاتقبلإلامنالعدلولاتقومإلا

بالعدلوتهدفلتحقيقالعدل،وهذايتضمنالخيريةوالاستقامة.قبلة إلى حولناكم )إنما للآية: كثير ابن تفسير في جاء هنا منإبراهيمعليهالسلام،واخترناهالكملنجعلكمخيارالأمم،لتكونوايوم

–رواهالبخاري:كتاب:التفسير،باب:قولهتعالى:)وكذلكجعلناكمأمةوسطا(. .96

بصائر من القرآن

161

القيامةشهداءعلىالأمملأنالجميعمعترفونلكمبالفضل.والوسطهاهنا:الخياروالأجود(.97

عليها، تكون أن الأمة لهذه الله أراد التي الصبغة هي فالوسطيةوالوسطيةليستشعاراوادعاءأجوف،وإنماهيلبتشريعاتهاودستورها

ومنهجهافيالتعاملمعالتعاليمالربانية.والشهادةعلىالأممتقتضيمنهذهالأمةالجديدة–الأمةالمسلمةالفتيةالتيبنيتدعائمهافيالمجتمعالمدنيومعبداياتنزولسورةالبقرةإلىنهاياتها–أنتستشعرعظمالمسؤوليةالملقاةعلىعاتقها

وهذاماحدثفيبدايةهذاالجزء.أمورعدة الحرام البيت إلى المقدس بيت القبلةمن وفيتحويل

تتصلبمهمةالشهادةومنهجالوسطيةللأمةالمسلمة:تحولالمسلمينفيمكةمنالبيتالحرامإلىبيتالمقدس؛إنماالقوميةوالتعصبالذيكانظاهرافيقريشحينها؛ كانلنزعفتيلفالعربفيالجاهليةكانوايرونعظمتهمومجدهمفيالبيتالحرام،المقدس بيت نحو الصلاة في المسلمين توجه كان الوقت ذلك وفيالولاء ليجعل القومية، والتعصبات النعرات فتيل لينتزع لماذا؟

–تفسيرابنكثير،ج1،تفسيرالآيةعلىالرابط: .97http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura2-aya143.html

تدبر سورة البقرة

162

والانتماءالوحيدللدين،وليسلقومولالجنسولالأرض،فانتزعذلكمنهذهالأمةوهيلاتزالمجردمجموعةمنالأفرادالمستضعفينفيمكة.وكانالتحديالذيواجههالمسلمونالمستضعفونفيمكة،وهميديرونوجوههماتجاهبيتالمقدسكبيرا،ولكنهذهالأمةأريدلهاومنذأولكلمةأنزلهااللهعلىرسوله–صلى الله عليه وسلم–أنتكونمتميزةفيكلشيء،أنتكونقويةومختلفةفيكلتصوراتهاواعتقاداتها،ليسلأجلالاختلافوالتميزفيحدذاته،ولكنلكيتبينوتصلحماقدفسدفي

الأمةالسابقة.ثملماانتقلتتلكالأمةالمسلمةالجديدةإلىالمجتمعالمدنيحيثتبرزقوةاليهودوعنجهيتهمبموروثهمالدينيالذينسفوهبجهالتهم،وكيفكانتيتفاخرونعلىالعرببأنهمأهلالأنبياء،فيذلكالوقت

–نبيهأنيتحولإلىالبيتالحرامفيالقبلة. وجل أمرالله–عزسواءأكانتالقبلةنحوالبيتالحرامأونحوبيتالمقدس،فالأمر كلهمحضابتلاءواختباروتربيةلهذهالأمةالمسلمة،ولذاربي–عزلنعلممن –ذكرذلكوقال:﴿وماجعلناالقبلةالتيكنتعليهاإلا وجلنينقلبعلىعقبيه﴾]البقرة:143[.إنهاختباروابتلاء، سولمم بعالر يتلابدأنتكونهذهالأمةبمكوناتهاوبأفرادهامتوجهةبإخلاصوصدقإلىالله–سبحانهوتعالى–وحدهدونمنسواه،ولاتبتغيمرضاةالعرب

﴾]البقرة:143[. علىالذينهدىالله ولااليهود﴿وإنكانتلكبيرةإلا

بصائر من القرآن

163

موضوعتحويلالقبلةيرتبطبهويةالأمةواعتزازهابالتمسكبتعاليمعلىالذينهدى القرآنولوكانتتخالفغيرهم:»وإنكانتلكبيرةإلا

.» اللهوالآيةتوضحأنالإنسانالذييهتديبآياتالكتاب،تتبينلهمعالمفلا حياته، جزئيات في الأوامر إلى بسلاسة فينقاد الرباني، المنهجيثقلعليهأمرولايشتدعليهطلبلأنهيبتغيالهداية،ويراهافيذلكالمنهاجالرباني،فكلمايأتيمنالله–سبحانهوتعالى–هويرىفيهالهداية،فتستسلمنفسهوروحهوتنقادإلىذلكالمنهجالربانيبرحابة

الصدرالذيانشرحبآياتالكتاب.ثمتأتيالآياتوتبينمنجديدطبيعةالمعركةالتياصطنعهااليهودمعالأمةالمسلمة،لتمررمنخلالهاالأهواءوالمصالحالشخصية،رغممنربهموما الذينأوتواالكتابليعلمونأنهالحق معرفتهابالحق:﴿وإن

ايعملون﴾]البقرة:144[ بغافلعم اللهوبدأهؤلاءبمسلكالتشويشوإشاعةالبلبلةفيصفوفالمجتمعالمسلممنخلالزعمهمأناللهقدأضاعصلاتهمالتيكانوايصلونهاباتجاهبيتالمقدس.ولذلكجاءتالقاعدةالحاسمةمبينةللنبي–صلى الله عليه وسلمآيةماتبعواقبلتك –وللمسلمين﴿ولئنأتيتالذينأوتواالكتاببكلوماأنتبتابعقبلتهمومابعضهمبتابعقبلةبعضولئناتبعتأهواءهم

منبعدماجاءكمنالعلمإنكإذالمنالظالمين﴾]البقرة:145[.

تدبر سورة البقرة

164

والقرآنمرةتلوالأخرىيؤكدأنشريعتهمالتييسيرونعليها،إنماهيشريعةأهواءوأمزجةلاشريعةحقوهدى،والفارقشاسعبينمن

يحكمههواه،ومنيحكمهالعلموالهدىوالحق.وفيالآياتتعزيزللأمةالمسلمةالتيأنزلالله–سبحانهوتعالى–عليهاالقرآنبإذكاءروحالقناعةوالإيمانبالحقالذيأنزلعليها،وبيانالحقيقة لكنهافي الدين، باسم ترفع المصطنعة المعارك تلك أنكل

معاركأهواءومطامعومصالحشخصيةوالدينمنهابراء.وهذاالتأسيسالقويعلىعدمالخضوعوالتبعيةلأهواءالناسمبدأأصيلأسسهالقرآنالعظيموأكدهفيهذاالجزءمنالسورة؛حتىيدركالمسلمونأنالشهادةعلىالناسليستبالإجباروالإكراهبلمنخلالتقديمالمنهجالربانيالذيأنزلعليهاحينيعيشوهواقعابكلتفاصيله،ومنثميشهدهالخلقرفعةوعلواوعزاوأمناواستقرارا،يدفعبهمللسير

عليهوتبنيه.والأمةالمسلمةلنتكونفيموطنالشهادةعلىالناسإلاباتباعذلكالمنهاجالربانيوتشريعاته،فالسيرهناليسمجردتقليدأعمى،تعاليم كل في فيه الهداية نور يظهر الذي الحق على سير هو وإنما

وتشريعاتالمنهجالذيجاءلتلكالأمة.وهناتواصلالآياتالعظيمة،لتبينللنبي–صلى الله عليه وسلم–وللأمةبأسرهاالجري المطلوبمنهملايتمثلفي الرباني،وأن المنهج الحقفي أن

بصائر من القرآن

165

وراءإقناعهؤلاءبالحق،فالمسألةلاتتعلقبمعرفةوجهلولابقناعةأوجهالةقدرماتتعلقبنفوسصدهاماكانيدورفيقلبهامنحسدوأطماعآتيناهم ﴿الذين وطمسه: الحق كتمان إلى بهم دفعت شخصية وأهواءوهم فريقامنهمليكتمونالحق الكتابيعرفونهكمايعرفونأبناءهموإن

يعلمون﴾]البقرة:146[كتمان الإسلاميةمنخطر الأمة ليحذر الآيات؛ يأتيسياق وهناالحق،فالحقلابدأنيظهر،سواءكانيتماشىمعالمصالحالشخصيةللأفرادأوكانعلىعكستوجهاتالبشرومصالحهموأطماعهم،فالحقأحقأنيتبع،والباطلأحقأنيزهقويدمغ،حتىولوكانذاكالباطل

يسايرأهواءشخصيةأويحققمصالحذاتية.فالحقجاءليحقبتعاليمهفيالواقع،ولميأتلكييخضعلأهواء

الناسومصالحهم.وجهةهوموليها منالممترين)147(ولكل منربكفلاتكونن ﴿الحق علىكل الله جميعاإن فاستبقواالخيراتأينماتكونوايأتبكمالله

شيءقدير﴾]البقرة:148[وهناتذكرالآياتالمسلمينبأنالتوجهللقبلةمنأعظمالأشياءالتيتجمعقلوبهموتوحدصفوفهمنحوعملالخيروإشاعتهوالتسابقفينشره:))فاستبقواالخيرات((؛فوحدةالقبلةتحييفيالقلوبوحدة

تدبر سورة البقرة

166

في المسلمون اختلف فمهما الصالح، العمل في المتمثل الهدفأفكارهموآرائهم،ومهماتباينتأماكنوجودهمواهتماماتهم،فالتوجه فول خرجت حيث ﴿ومن الهدف: وحدة إلى يعيدهم واحدة قبلة نحوا عم بغافل الله وما ربك من للحق وإنه الحرام المسجد شطر وجهك

تعملون﴾]البقرة:149[صلى الله عليه وسلم–ولهذهالأمةفي وتأتيالآياتلتقدمحقيقةجديدةللنبي–مختلفعصورهاوليسفقطفيالمجتمعالمدنيالأولالذيكانيواجهمختلفالتحديات–منيهودومنافقينومشركين،تتمثلفيالعلاجفيالمنهجالربانيمعأصحابالأهواءوالدعاوىالباطلة:﴿فلاتخشوهم

نعمتيعليكمولعلكمتهتدون﴾]البقرة:150[. واخشونيولأتمالناسفيهذاالموضعمنالسورةلهدلالة والحديثعنخشيةوعلاقةبالشهادةعلىالناس،فلايليقبمنيشهدأنيخشىغيرالله؛تخشوهم »فلا والخير: بالعدل واقفة بالحق ناطقة تأتيشهادته حتى

واخشوني«.يكون ما أكثر و تعظيم، يشوبه خوف الراغب: قال كما والخشيةذلكعنعلمبمايخشىمنه.98والخشيةعملقلبييقودالإنسانإلىممارساتوسلوكياتبحسبمايخشاه.منهناجاءتالآياتبالنهيعن

–الراغبالأصفهاني–المفردات،مادةخشي. .98

بصائر من القرآن

167

الخشيةمنالناسمهمابلغشأنهم؛ذاكأنهذاالنوعمنالخشيةيقودالإنسانإلىتحصيلرضاهموإيثارذلكعلىماسواه،فتتعددالوجهاتفيحياةالإنسان،وهوأمريتنافىمعخشيةاللهسبحانهوتوحيده.منهناجاءالسياقبالتذكيربمنةاللهسبحانهعليهم:﴿كماأرسلنافيكمرسولامنكميتلوعليكمآياتناويزكيكمويعلمكمالكتابوالحكمةويعلمكم

مالمتكونواتعلمون﴾]البقرة:151[والتزكية التلاوة في النبي–صلى الله عليه وسلم دور العظيمة الآيات توضح وهناقراءة القرآن المسلمين على يقرأ كان ما – صلى الله عليه وسلم – فالنبي والتعليم؛فحسب،بلكانيعلم،والفارقكبيربينالقراءةالمجردةوبينالتعليم!.العظيممفردة القرآن القراءة،وقداستعمل والتلاوةليستمجرد

يقرأ،ومفردةيتلوللفوارقبينهما.وليست الاتباع مع الكريم بالقرآن خاصة التلاوة الراغب: يقولبالقراءة تارة المنزلة باتباعكتبالله فالتلاوةتختص القراءةكذلك؛فهيأخص وترهيب، وترغيب ونهي أمر فيهامن لما بالارتسام، وتارةمنالقراءة،فكلتلاوةقراءة،وليسكلقراءةتلاوة.ويفهم من ذلك أن التلاوة اتباع وعمل وليست مجرد قراءة. وهذاالمعنىيتناسبمعسياق

الآياتفيمهمةالنبيالكريمصلى الله عليه وسلم.أماالتعليمفاختصبمايكونبتكريروتكثيرحتىيحصلمنهأثرفينفسالمتعلم.قالبعضهم:التعليمتنبيهالنفسلتصورالمعاني،

تدبر سورة البقرة

168

هالنفسلتصورالمعاني…فمنالتعليمقوله:الرحمنعلم والتعلمتنبالقرآن…ويعلمهمالكتابوالحكمة.99

والمشهودة، الفعلية المتابعة معاني فيها يعنيخطوات فالتعليموهوماكانيقومبهالنبي–صلى الله عليه وسلم–فيتعليمالرعيلالأولالتشريعاتالإلهيةوالآياتالقرآنيةالتيكانتتتنزلعليه–صلى الله عليه وسلم،لذاكان–النبي

–صلى الله عليه وسلمهوالمعلمالأول.وهذهلفتةرائعةلكلمنيتصدىلتعليمالناسالقرآنالعظيم،والمعلم القارئ بين فالفارق قارئ، مجرد لا معلما، يكون أن

كبير.الشرك أرجاس من باطنا )ويزكيهم( حيان: أبو فيقول التزكية أماوأنجاسالشك،وظاهرابالتكاليفالتيتمحصالآثاموتوصلالإنعام.قالابنعباس:التزكية:الطاعةوالإخلاص.وقالابنجريج:يطهرهممنالشرك.وقيل:يأخذمنهمالزكاةالتيتكونسببالطهارتهم.وقيل:يدعوإلىمايصيرونبهأزكياء.وقيل:يشهدلهمبالتزكيةمنتزكيةالعدول،ومعنىالزكاةلاتخرجعنالتطهيرأوالتنمية.100ثميقولأتىبهافعلا

مضارعاليدلعلىالتجدد.–الراغب،المرجعالسابق،مادةعلم. .99

الكتب دار الموجود، عبد عادل تحقيق: المحيط، البحر الأندلسي، حيان أبو – .100العلمية،بيروت،1993م،ج1،ص618.

بصائر من القرآن

169

وواقعالأمرأنهذهالآيةالعظيمةتضعأساسالتعاملمعكتاباللهالعظيموتخطللمسلممسارالتفاعلمعهذاالمنهجالربانيبمايؤدي

إلىتحقيقهفيالواقعالإنسانيوتصويبه.ثمتأتيالوصيةالتيتليهافيأسسالتعاملمعالمنهجالربانيقبلالبدءبالتشريعاتوتفاصيلها،متمثلافيذكراللهبطاعةأوامرهوماجاءمنتشريعاتوأمورفيهذاالكتاب:﴿فاذكرونيأذكركمواشكرواليولا

تكفرون﴾]البقرة:152[.المنهج بتلقي فالذكر والشكر، الذكر بين التلازم جاء هنا ومنبالطاعةوالاتباعوالشكرعلىهذا،وهومقابلالجحودوالكفرانونكرانالنعمة،وهذاماحدثمعبنيإسرائيلمنجحودوكفراننعمةالهداية

فياتباعالمنهج.والفارقكبيربينمنيتعاملمعالمنهجمنبابالذكروالشكر،في العشوائية لمسيرته وتحديدا لحركته تقييدا فيه يرى من وبين

الحياة.لتلقي مستعدة النفوس يجعل أن لأجل الجزء هذا في فالتمهيدالأوامروالتشريعاتوتلقيهابعمقالإحساسبشكرالنعمةحتىتتحققفيها:)سمعناوأطعنا(،أماحينيكونالمنطلقالجحودوالنكرانفسيكون

التلقيبـــ:)سمعناوعصينا(.

تدبر سورة البقرة

170

الأوامر لتلقي النفسي الإعداد عن موصولا الحديث يأتي وهناوالدعاء: بالصلاة والاستعانة الطاعات على بالصبر والأحكامابرين﴾ الص مع الله إن لاة والص بر بالص استعينوا آمنوا الذين ﴿ياأيها

]البقرة:153[.الربانيةيحتاج والتعليماتوالأوامر الرباني المنهج فالسيرعلىإلىصبروثباتوتحملمشاقلاتخلومنهاالتكاليف؛فالآياتتؤهلالنفسيةالمسلمة–فرداكانأوجماعة–لتضعفيحسبانهامايمكنأنتمربهمنمواقفشديدةوخطوبأليمةتستدعيالتضحيةوتقتضي

الصبروتتطلبالصلاة.المنهج تعاليم النفوسمنممارسة تتمكن فبدونصبروصلاةلاالربانيوتطبيقهفيالواقع؛فالسيرعليهيحتاجمنالإنسانالخروجمن

داعيةهواهإلىمايدعوإليهاللهورسولهمنأوامروتكاليف.الإنسان لتعطي اللهسبحانه أمر ما وفق بها بالقيام الصلاة وتأتي

القدرةعلىالمواصلةوالثباتومواجهةالصعاب.منهناكانالربطبينهذهالآيةوقولهتعالى:﴿ولاتقولوالمنيقتلأمواتبلأحياءولكنلاتشعرون﴾]البقرة:154[؛فتطبيق فيسبيلاللهالمنهجالربانيفيالواقعالإنسانيلايخلومنالبذلالذيقديصلحدالمنهج بها جاء التي العظيمة القيم على للحفاظ بالنفس التضحية

بصائر من القرآن

171

الرباني،ليصبحفيظلهاالموتحياةمننوعآخريختلفعنالحياةسبيل يقتلفي لمن تقولوا »ولا البشريةوسماتهاالتييعرفهاالناس:

أموات«. اللهوفيالآيةإخراجلكلالأطماعالدنيويةوالسلطويةالتيلأجلهاقدوإحقاق الله( )فيسبيل فالخروجهنامحصور ويقتتلون؛ الناس يقاتلوالنزاع الصراع مبدأ على يقوم لا هنا للنفس فالبذل به؛ الله أمر مابينالبشرللبقاءعلىالأقوىوالأغنىوالأشدوتحقيقأهواءالنفوس

وشهواتها.والقرآنالعظيميعالجواقعاإنسانيافيهمنالصعوباتوالاختباراتمافيه،فجاءالحديثعنعوارضالحياةمنخوفوجوعونقصحقيقيونقصمن والجوع بشيءمنالخوف ﴿ولنبلونكم فيالأموالوالأنفس:

ابرين﴾]البقرة:155[. رالص الأموالوالأنفسوالثمراتوبشفي أو صحته في يصاب قد بنقص، ماله في يصاب قد فالإنسانتجارته،وقديصابفيأولاده،أوفيبيته،كماحدثمعالنبي–صلى الله عليه وسلم–حينابتليوأصحابه،وكانتبهجرالوطنوالعشيرةوالأقاربفيسبيل

اللهوإعلاءكلمته.101

قالسبحانه:﴿للفقراءالمهاجرينالذينأخرجوامنديارهموأموالهميبتغونفضلا .101ادقون﴾]الحشر:8[. ورسولهأولئكهمالص ورضواناوينصرونالله منالله

تدبر سورة البقرة

172

تجعل التي النفسية التربوية الوقفات من العديد فيها والآياتالنظرة نحو بها والدفع الصعبة الظروف لتقبل مهيأة البشرية النفسالشموليةالإيجابيةللأموروالأحداثدونتقليلكنهالمشاعرالإنسانيةابرين)155(الذينإذاأصابتهممصيبة رالص فيالمواقفالصعبة:﴿وبش

وإناإليهراجعون﴾]البقرة:156[. قالواإناللهوإنا فالمصائبومايصيبالإنسانممايكرهتواجهبــــ:»قالواإنالله

إليهراجعون«.فالمالوالصحةوالأولاد،كلهامناللهولله،وهذهالكلمةتذكيفيالإنسانالإحساسوالإيمانبهذهالحقيقةالتيقدتغيبعنبالهحين

وقوعمايكره.ثمإنكلشيءيعودإليهسبحانه»وإناإليهراجعون«،فإنكانكلشيءيعودإليهويرجع،فليرجعالمؤمنإليهفيمصابهوليصبروليحتسبويستحضررحمتهسبحانهفيالأخذكمافيالعطاء،وحكمتهفيالأخذ

كمافيالعطاء،فيالزيادةوفيالنقصان،فيالصحةوفيالمرض.والآياتتشكلدعامةقويةلكلمنيتعرضلابتلاء.والإنسانمؤمناالتفاوتيكونبتلك أوكافرايتعرضللابتلاءوالمصائب،إلاأن كانالحصانةالتيتؤسسهاسورةالبقرة.فمابينالصبروالصلاةوالدعاء،تهدأالنفسوتسكنالروحوتثوبإلىخالقهامستعينةبهعلىماتمر

به،وتعللنفسهاببشارةاللهسبحانهلهاعلىصبرها.

بصائر من القرآن

173

المهتدون﴾ هم وأولئك ورحمة ربهم من صلوات عليهم ﴿أولئك]البقرة:157[102.

إنهامنظومةالهدايةالتيتحميالمؤمنمنالتخبطوالوقوعفيشركالأحزانالمتواصلةوالندمعلىمافات،والعجزعناستقبالالأحداثالصعبةوتجاوزهاللاستمرارفيالسيرفيطريقالحياةبمايرضيالله.بالله،يصل المؤمنين قلوب المتنزلةعلى والرحمة الصلوات بين وما

المؤمنإلىبرالهداية.الأولى: الصدمة عند الصبر باب في البخاري للإمام الصحيح الجامع في جاء .102مصيبة أصابتهم إذا ﴿الذين العلاوة: ونعم العدلان نعم عنه: الله رضي عمر قالوإناإليهراجعون،أولئكعليهمصلواتمنربهمورحمة،وأولئكهم قالوا:إنالله لاة،وإنهالكبيرةإلا بروالص المهتدون﴾]البقرة:157[وقولهتعالى:﴿واستعينوابالصعلىالخاشعين﴾]البقرة:45[.اهـ..وهذاالأثروصلهالحاكمفيالمستدركمنطريقجريرعنمنصورعنمجاهدعنسعيدبنالمسيبعنعمركماساقهالمصنفوزاد»أولئكعليهمصلواتمنربهمورحمة«نعمالعدلان»وأولئكهمالمهتدون«نعمالعلاوةوهكذاأخرجهالبيهقيعنالحاكم،وأخرجهعبدبنحميدفيتفسيرهمنوجهآخرعنمنصورمنطريقنعيمبنأبيهندعنعمرنحوه،وظهربهذامرادوقد الاهتداء، والعلاوة والرحمة، الصلاة العدلين وأن وبالعلاوة، بالعدلين عمرروينحوقولعمرمرفوعاأخرجهالطبرانيفيالكبيرمنحديثابنعباسقال:قالرسولالله–صلى الله عليه وسلم–»أعطيتأمتيشيئالميعطهأحدمنالأممعندالمصيبةإناللهوإناإليهراجعون«فأخبرأنالمؤمنإذاسلملأمراللهواسترجعكتبلهثلاثخصالمنالخيرالصلاةمناللهوالرحمةوتحقيقسبلالهدى.اهـمختصرا.قاله

الحافظابنحجرفيفتحالباريطدارالمعرفة–بيروت)173/3(.

تدبر سورة البقرة

174

ومنتلكالنقطةالمحورية،تنطلقالتعاليموالتشريعاتالربانيةاعتمر أو البيت حج فمن الله شعائر من والمروة فا الص ﴿إن تباعا:عليم﴾ شاكر الله فإن خيرا ع تطو ومن بهما ف يطو أن عليه جناح فلا

]البقرة:158[وكانالمسلمونيتحرجونفيالسعيبينالصفاوالمروة103،وقدنصببالتوحيد مليء الذي القلب أن لتبين الآية فجاءت الأصنام، عليهماوالإيمانوالإدراكوالشعوربأناللهواحد،لايضرهإنكانثمةصنمعلىذلكالجبلأوذاك،لايضرهالأمر،ومكةلمتزلتحتسلطةالمشركين.شاكرعليم«. الله عخيرافإن فبهماومنتطو و »فلاجناحعليهأنيطسياق في الحق كتمان كارثة عن الحديث في الآيات تتوالى ثمالتحذيروالترهيبمنذلكالمسلكالمعوجفيالتعاملمعالكتاب؛روىمسلمفيصحيحه)1277(عنعروةبنالزبيرأنهقاللعائشةرضياللهعنها: .103إنيلأظنرجلا،لولميطفبينالصفاوالمروة،ماضره،قالت:»لم؟«قلت:لأناللهالبيتأواعتمرفلاجناح فمنحج فاوالمروةمنشعائرالله الص تعالىيقول:﴿إنفبهما﴾–]البقرة:158[فقالت:ماأتماللهحجامرئولاعمرتهلميطف عليهأنيطوبينالصفاوالمروة،ولوكانكماتقوللكان:»فلاجناحعليهأنلايطوفبهما«وهلتدريفيماكانذاك؟إنماكانذاكأنالأنصاركانوايهلونفيالجاهليةلصنمينعلىشطالبحر،يقاللهماإسافونائلة،ثميجيئونفيطوفونبينالصفاوالمروة،ثميحلقون،فلماجاءالإسلامكرهواأنيطوفوابينهماللذيكانوايصنعونفيالجاهلية،قالت:فأنزلاللهعزوجل﴿إنالصفاوالمروةمنشعائرالله﴾]البقرة:158[إلىآخرها،

قالت:فطافوا.

بصائر من القرآن

175

لتتلى آياته أنأظهراللهسبحانه الحقبعد يبرركتمان فليسثمةمامن والهدى نات البي من أنزلنا ما يكتمون الذين ﴿إن وتطبقلالتكتم:عنون﴾ ويلعنهماللا ناهللناسفيالكتابأولئكيلعنهمالله بي بعدما]البقرة:159[.والحديثوإنكانعنفريقمناليهودكتمواماجاءفي

التوراة،إلاأنهعامفيحقكلمنآتاهاللهمنهجايتلى.بهاكلكاتمعلمافرضاللهتعالى ذكرالطبريرحمهاللهأنهمعنيالذينتابواوأصلحواوبينوافأولئكأتوبعليهموأنا بيانهللناس:﴿إلا

حيم﴾]البقرة:160[. ابالر و التوالكلامعنالتوبةوالإصلاحوتصحيحماقاموابهمنكتمانللبيناتوالآياتدليلعلىأنالذيحالبينهذاالفريقالذيكتمالحقمنبنيإسرائيلوبينإظهارالحق،إنماهوالأطماعالبشريةالتيخشيهؤلاءمنفواتهاإنأظهرواالحق،سواءأكاننبوةالرسولعليهالصلاةوالسلامأوعمومالحق.وفيذلكتأكيدللأمةالمسلمةأنالحقأعظمماينبغيأنتدافععنهوأنتتبناهفيحياتهاوتشريعاتها،ولكييصبحالحقهوأعظمالذيلأجلهتضحى الحق ولكييصبحذلك أتباعه، نفوس في حقيقةالأرواحوتبذلالأموالوالنفوس،ولكييصبحبهذهالمنزلةالعظيمة.

وهذايتطلبأنيعرفالإنسانعظمةالربسبحانهالذيشرعوأنزلمنخلالآياتهالمبثوثةفيالكونكماهيمقروءةفيالقرآنالكريم:التي والفلك والنهار الليل واختلاف والأرض ماوات الس خلق في ﴿إن

تدبر سورة البقرة

176

ماءمنماءفأحيا منالس تجريفيالبحربماينفعالناسوماأنزلاللهحاب ياحوالس دابةوتصريفالر فيهامنكل بهالأرضبعدموتهاوبث

ماءوالأرضلآياتلقوميعقلون﴾]البقرة:164[. ربينالس المسخفالإنسانيعيشبيننوعينمنالآيات:آياتمرئيةمحسوسةمنخلقالسماءوالأرضوالنجوم،وآياتفيكتاباللهتقرأليفهممنهاالحكمةمنوراءالخلقوكيفيةحفظهلهمنخلالاتباعأوامراللهوتعاليمهفي

التعاملمعه.وتتضحالحكمةمنالربطفيالسياقبينالحديثعنآياتاللهفيالكونوماسيأتيبعدهامنتشريعاتأسريةومجتمعيةواقتصاديةفيالسورة،لعلمنجوانبتلكالحكمة:تقويةالتوحيدوالإيمانبعظمةاللهسبحانهوقدرتهفيالكونوالنفس،فينطلقالإنسانفيتطبيقأوامراللهفيحياتهبصدقوعزيمة.ومنهاكذلكلفتالأنظارإلىدقةالصنعفيالخلقوجمالالسيروفقسنناللهفيالكون،فالكونيسيروفقماأمراللهوماخلقلهولايملكأنيحيدعنذلكقيدأنملة.فإذاماسارالإنسانعلىنهجاللهفينفسهوأسرتهومجتمعه،تراءتلهدقةالصنع

وكمالالإتقانوجمالالتشريعوالسيروفقأمراللهسبحانه.المرئية الزخموالحشدمنالآيات فهذهالآياتالمحسوسة،وهذاتحتاجإلىمنيتعقلهاليتوصلإلىمحبةاللهسبحانهوتعالىوتوحيده؛

محبةلايقدمعليهامحبةغيره.

بصائر من القرآن

177

ولذلكجاءتمباشرةالآيةالتيتليها،تعيبعلىأصحابالعقولأندادا الله دون من فاتخذوا عقولهم ذهبت ممن الضعيفة المختلةأندادايحبونهم يحبونهمكحبالله:﴿ومنالناسمنيتخذمندوناللهولويرىالذينظلمواإذيرونالعذاب الله حب والذينآمنواأشد الله كحب

شديدالعذاب﴾]البقرة:165[. الله جميعاوأن ةلله القو أنوالآيةجاءتلتكشفسخافةتلكالعقولوجهالةأصحابهاوضلالهمامندونالله،وقدعاينتلكالآياتمنحوله. فكيفلعاقلأنيتخذندكماأنالمحبةمنأعظمدواعيالاتباع،فالإنسانجبلعلىاتباعمنيحب؛فإذاأحبالعبدخالقهسبحانه،كاناتباعهلهأقوىوأعمق

وتمسكهبشرعهأولىوأجدر.فالأوامروالنواهيوالتشريعاتالتيستأتيتباعافيسورةالبقرةليستمبنيةفقطعلىالأمروالنهيالمجرد،أبدا،إنماهيمبنيةعلىعلاقةقويةتصنعهاسورةالبقرةبينالله–سبحانهوتعالى–وبينالعبد

الذييتلقىالمنهجالرباني.إنهاعلاقةالمحبة.سورةالبقرةالعظيمةتبنيعلاقةالإيمانوالحبللهسبحانهوتعالى،

فإذاجاءتالأوامر،كانتطبيقهامنبثقاعنحبورغبةفيالعطاء.((،فلايقدمعلىمحبةاللهشيئا،وكلما الله حب ))والذينآمنواأشدقويتأملالعبدفيصنعاللهوآياتهفيالكونوالخلقوالكتاب،اشتد

تدبر سورة البقرة

178

المبثوثةفيكلشيء،ليسفقط وجل حبهوشهدقلبهآثاررحمةاللهعزفيالكون،ولكن:﴿وفيأنفسكمأفلاتبصرون﴾]الذاريات:21[.

ربهم قدموامحبةغيرهعلى أنفسهمحين ظلموا« الذين يرى »ولو جميعاوأن ةلله القو ،»ولويرىالذينظلمواإذيرونالعذابأن وجل عزشديدالعذاب«،لوعاينواالعذاب؛مشاهديومالقيامةلأدركواحجم الله

خسارتهمالحقيقيةبعدفواتالأوان.وذكرالقوةفيالآيةيظهرجانباآخريتعلقبالاتباع،فالإنسانإنلميتبعالمنهجالرباني،ساروراءمناهجغيره،تضلهبعيداعنطريقالهدى.فيحينأنالقوةللهجميعالالسواه.إلاأنأولئكالذييتبعونمناهجغيرهميعيشونفيوهمقوةغيرقوةالله–سبحانهوتعالى–.ذلكالوهم

الذييستيقظونمنهحالمعاينةالعذابيومالقيامة.الذيناتبعوامنالذيناتبعواورأواالعذابوتقطعتبهم أ ﴿إذتبرءوا أمنهمكماتبر ةفنتبر لناكر الأسباب)166(وقالالذيناتبعوالوأنأعمالهمحسراتعليهموماهمبخارجينمنالنار﴾ مناكذلكيريهمالله

]البقرة:167[.فهؤلاءكانوالقمةسائغةلمناستولواعليهموسيطرواعلىعقولهم،وتحكموافيقراراتهمفاخترعوالهمأحكاماوقوانينوتشريعاتمندونفيالاقتصاد،والأسرة،والحياة،والميراثوفي وجل ماشرعاللهعز

كلميادينالحياة.

بصائر من القرآن

179

لأن القابلية لديها كانت المستضعفة الفئة تلك أن الأمر وواقعتستعبدلبشريتحكمفيحياتهاوفيتصرفاتها،وهنايقدمالقرآنالعظيمأالذين المشهدالغائبالحاضريومالقيامةحينيتساقطالأتباع:»إذتبر

عتبهمالأسباب«. اتبعوامنالذيناتبعواورأواالعذابوتقطجميعا لله القوة أن عنهم: غابت التي الحقيقة هؤلاء رأى وهناتخبطت النفوس، في تستقر لم إن الحقيقة تلك والآخرة. الدنيا فيالقيود أسر في لتقع المضللة، القوانين اتباع و الشيطان فيخطواتنعمة الضعيفة النفوس تلك سلبت لقد وقلوبها. عقولها في والأغلالالقوةلله أن وحقيقة التوحيد، حقيقة إلى والتوصل والتفكير التعقلجميعا،وأناللهشديدالعذابلمنخالفمنهجهفيواقعالحياة،وبدل

منهجهوتشريعاتهفيالواقع.افي ولذلكجاءتالآيةالتيتليهامباشرة﴿ياأيهاالناسكلوامممبين. عدو لكم إنه يطان الش خطوات بعوا تت ولا با طي حلالا الأرضتعلمون﴾ لا ما الله على تقولوا وأن والفحشاء وء بالس يأمركم إنما

]البقرة:168–169[.والآيةتوضحأنالسيروراءخطواتالشيطانوطرقهيسوقالإنسانإلىتحكمالشيطانفيحياتهحتىيصبحالآمرالناهي)يأمركم(؛فالمنهجليتقولعلى وجل الشيطانييضللويذهببالإنسانبعيداعنخالقهعز

مالاتعلمون«. اللهسبحانهبمالاعلمله:»وأنتقولواعلىالله

تدبر سورة البقرة

180

لاتصلحللتطبيقفيهذا وجل عز وقديقولهؤلاءإنشريعةاللهالزمن؛فالعالمقدتطور،والأحكامالتيجاءتفيسورةالبقرةوالقرآن

قفيهذاالعصر!. ماعادتتصلحلأنتطبفالشيطانيزينللإنسانخطوةخطوة؛ليوهمهأنالمنهجالذيجاء

فيالقرآنغيرصالحللتطبيقفيالواقعالمتغير.ثمتستمرالآياتلتقدمبتسلسلرائعنماذجلأنواعالتبعيةلغيرإلى وأنواعه، الشيطانبكلأشكاله التبعيةللأقوياء،وتبعية الله،فمن

تبعيةالآباءوالأجداد.بعماألفيناعليهآباءنا قالوابلنت ﴿وإذاقيللهماتبعواماأنزلالله

أولوكانآباؤهملايعقلونشيئاولايهتدون﴾]البقرة:170[.والآياتتقررأنالإنسانحينيسيرمتخبطابعيداعناتباعمنهج

اللهسبحانهوتعالىفيواقعه،فلابدأنيقعفيتبعيةغيره.إلا لشيء لا المألوف للقديم التبعية إشكالية يفكك والقرآنللاعتيادعليه،فالنفستألفمااعتادتعليه،ويصعبعليهاأنتنسلخ

منعاداتهاوتقاليدهاوأعرافهاوبيئاتهاوأحكامآبائهاوأجدادها.إلاأنالقرآنلايكتفيبتفكيكها،بليواجهأصحابهابالحقيقةالتيلايريدونالاعترافبها:»أولوكانآباؤهملايعقلونشيئاولايهتدون«.النفستألفالشيء،ولكنماذالوكانفيذلكالشيءالخرابوالدمار؟!.

بصائر من القرآن

181

لهم وهبها التي الإدراك منافذ كل أغلقوا أن عليهم القرآن عاب لقدالخالق،فماعادوايسمعونصوتاإلاالباطلالذيفيرؤوسهم.

وماتلبثالآياتالعظيمةبعدأنمهدتالطريقوأزاحتعنالقلبوالعقلكافةالحواجزوالموانعالتيتقفبينهماوبينتطبيقشرعاللهسبحانه،تنتقلإلىبيانمقاصدالأوامروالنواهي؛فالشريعةبأحكامهاالعظيمةجاءتلتحققالمصالحوتدرأالمفاسدوتصلحللإنسانمعاشه

ومعاده.منهناجاءتالأوامرمفتتحةالخطاببنداءمحببإلىالنفوس:«

ياأيهاالذينآمنوا«.إنكنتم باتمارزقناكمواشكروالله ﴿ياأيهاالذينآمنواكلوامنطيبه مولحمالخنزيروماأهل معليكمالميتةوالد إياهتعبدون)172(إنماحرحيم﴾.)173( غفورر الله غيرباغولاعادفلاإثمعليهإن فمناضطر لغيراللهفيه يدخل وما فالجسد الطعام، عن بالحديث الآيات ابتدأت لقدأمانةبكلجزئياته،فلابدأنيقامعلىالحلالالذيارتضاهاللهلعباده؛فالشرابوالطعامعناصرالحياةللجسدالإنسانيوبهماقواممعيشته،

فكانالحديثعماأحلاللهوحرممنأوائلمايبتدأبه.وقدتتضحالحكمةللإنسانمنالمنعوالتحريمللميتةوالدمولحمالخنزيرمنخلالمضارهاالجسيمةعلىالصحةوقدلاتتضح،إلاأن

تدبر سورة البقرة

182

المؤمنيتلقىالأوامربالسمعوالطاعةوالامتثالللأمرالإلهيولولمتظهرحكمتهأوتفهممقاصده.

وماتلبثالآياتالعظيمةأنتلفتالأنظارإلىالربطبينالأكل الحسيالممنوعومايمكنأنيطلقعليهالأكلالمعنويالمحرم:﴿إنئكما منالكتابويشترونبهثمناقليلاأول الذينيكتمونماأنزلاللهيومالقيامةولايزكيهمولهم النارولايكلمهمالله يأكلونفيبطونهمإلالالةبالهدىوالعذاببالمغفرة ئكالذيناشترواالض عذابأليم)174(أولالذين وإن لالكتاببالحق نز الله لكبأن فماأصبرهمعلىالنار)175(ذ

اختلفوافيالكتابلفيشقاقبعيد﴾.فقضيةالتلاعببأحكامالكتابوالمتاجرةبالدينلتحقيقمصالحدنيويةعاجلةومكاسبمادية،لهينوعمنتناولالحرامليسإلا.منهناجاءالتعبيربقولهسبحانه:)مايأكلونفيبطونهمإلاالنار(؛فكممنالأشخاصيتورعونعنتناوللحمالخنزيرإيمانابحرمةتناوله–وهذاأمرمحمودتماما–إلاأنهملايتورعونعنالمتاجرةبالدينوالتعاملبالرباوتضييعالمالالعاموأكلأموالالناسبالباطل،وتضييعحقوقالآخرين

ولايرونفيذلكحراماكحرمةتناوللحمالخنزيروالميتة.كلها المحرمات هذه بين الآيات في العظيم القرآن ربط هنا منليبينأنالحرامواحد،وإنتعددتصورهوتغيرتأشكاله،لكنالحرام

بصائر من القرآن

183

إيثارهم بسبب إلا ذلك كان وما أحله. ما والحلال الله حرمه ما كلالعاجلعلىالآجلالذيأوضحالقرآنالكريمنهايته.

التنافس في أوقعهم الآجلة على الفانية للدنيا الإيثار ذلكوالاختلاف:)وإنالذيناختلفوافيالكتابلفيشقاقبعيد(؛فالاختلاففيالكتابفيمابينالأممسواءأكانواأهلالتوراةأوالإنجيلأوالقرآنحاصلمنقبلالأهواءوالمصالحالشخصيةالتيتتضارب،فتوقعالبشرفيصراعونزاعوشقاقوضلالبعيد؛ذاكالصراعالذيقديزجبالدينفيهليصبحأداةمنأدواتالنزاع،يشهرهكلفريقفيوجهالآخروفق

مصالحه.هذاالنزاعالعميقتجذرتأصولهوقواعدهومبادئهوتتجذر؛لأنهلميصنععلىعينتشريعاتربانية،لاتحابيأحدا،وإنماصنععلىعينتشريعاتبشريةصاغتهاأهواءمحمومةومصالحمشؤمة،أدتبهاإلى

كتمانالحقالذيسرعانماجرالعالمكلهإلىبؤرةمنالحمم.البقرة، سورة في ظهورها والنواهي والأوامر التشريعات وتواصلولكنهاأوامرونواهمبنيةعلىمحبةاللهعزوجلوالإيمانالعميقبأنالصلاحوالخيرفياتباعالمنهجالرباني.وتؤسسالآيةمنذالبدايةفي كن أنتولواوجوهكمقبلالمشرقوالمغربول قولهعزوجل:﴿ليسالبربيينوآتىالمال واليومالآخروالملائكةوالكتابوالن منآمنبالله البرائلينوفي بيلوالس هذويالقربىواليتامىوالمساكينوابنالس علىحب

تدبر سورة البقرة

184

ابرين كاةوالموفونبعهدهمإذاعاهدواوالص لاةوآتىالز قابوأقامالص الرهم ئك وأول صدقوا الذين ئك أول البأس وحين اء ر والض البأساء في

المتقون﴾]البقرة:177[.فالتشريعفيحقيقتهليسلأجلالشكلوالمظهرولاالهيئةالخارجيةوإنكانذلكجزءامنها،ولكنالأصلفيكافةالأوامروالنواهيالصدقمعاللهوتحريالتقوىوالتزامها.والغرضالأساسمنتلكالتشريعاتهوالوصولإلىالهدايةالتيلايمكنأنيكونمحلهاإلاقلبيتقيالله

فيمشاعرهوتصرفاتهوسلوكه.واليومالآخر إيمانبالله فأوامراللهسبحانهوتشريعاتهبنيتعلىوالملائكةوالكتابوالنبيين،لينعكسذلكالإيمانفيالسلوكوالواقعهذويالقربىواليتامىوالمساكين بكلتفاصيله:﴿...وآتىالمالعلىحبكاةوالموفون لاةوآتىالز قابوأقامالص ائلينوفيالر بيلوالس وابنالساءوحينالبأسأولئك ر ابرينفيالبأساءوالض بعهدهمإذاعاهدواوالصالذينصدقواوأولئكهمالمتقون﴾]البقرة:177[،فالآيةتتحدثعنصدق،وتقوى،وتصرفاتوسلوكياتوانعكاسلعلاقةالصدقمعاللهسبحانه

وتعالىوتقواه.ثمتتنقلالآياتبعدذلكوتتحولإلىمقصدالحفاظعلىالنفسالذيهوضرورةمنضرورياتالتشريعفيالواقع104،ولذلكجاءالتشريعالحفاظعلىالنفسأحدمقاصدالتشريعوأحدضرورياتالتشريعالخمسةوهي: .104

بصائر من القرآن

185

في القصاص عليكم كتب آمنوا الذين ﴿ياأيها وتعالى: سبحانه بقولهوالعبدبالعبدوالأنثىبالأنثىفمنعفيلهمنأخيه بالحر القتلىالحرشيءفاتباعبالمعروفوأداءإليهبإحسانذلكتخفيفمنربكمورحمة

فمناعتدىبعدذلكفلهعذابأليم﴾]البقرة:178[.وهنايأتيالقرآنعلىذكركلالتقاليدالباليةالتيانتشرتبينالناسفيبيئةالتنزيلالأولىمنثأروانتقاموحروبوسفكللدماءوماشابه،تلكالتقاليدالتيتعكسضآلةقيمةالحياةالإنسانية،بل

قيمةالإنسان.ثمتنتقلالآياتفتبين:﴿ولكمفيالقصاصحياةياأوليالألبابلعلكمتتقون﴾]البقرة:179[؛فالقصاصشرع؛لأجلحياةالمجتمعوالحفاظعلىالأرواحالبريئةالتيلاينبغيأنتزهقدونوجهحق.فالقاتلفيجريمةالقتلالعمديقتلويقتصمنهلتبقىأرواحالأبرياءفيالمجتمعآمنة.

المجتمع في تسيب يحدث رادعةصارمة، تكون فالعقوبةحينلايسوقإلىانهيارفيمنظومةالأمنالذيجاءالشرعلتحقيقهفيحياةالناس،ولذلكماأعظمالتعبيرفيقوله!:»ولكمفيالقصاصحياةيا

قون«. أوليالألبابلعلكمتتحفظالدين،والنفس،والعقل،والنسلوالعرض،والمال.قالالشاطبيفيالموافقات–ط1دارابنعفان)3/236(:»الأصولالكليةالتيجاءتالشريعةبحفظهاخمسة،

وهي:الدين،والنفس،والعقل،والنسل،والمال«.

تدبر سورة البقرة

186

والآياترغبتفيالعفووذكرتالإنسانبأخوتهللإنسانولوكانقاتلابنهأوأخيه،وفتحتالبابواسعاأمامالعفوعنالقاتلأوقبولالديةعنطيبنفس.أماأنيتركالقاتلدونعقوبةفذلكسيؤديإلىلمنزلة تعظيم الآية وفي المجتمع. في والانتقام الثأر فوضى انتشارالأخوةالتيلايسقطهاالقتلوإعلاءلشأنالحفاظعليهاوتركأسباب

قطعها.ثمتنتقلالآياتمنتشريعالحفاظعلىالنفسإلىتشريعالحفاظأشكالها كل في وأدائها تحملها في والصدق والوصايا الأموال علىالوصية خيرا ترك إن الموت أحدكم حضر إذا عليكم ﴿كتب وصورها:

اعلىالمتقين﴾]البقرة:180[ للوالدينوالأقربينبالمعروفحقمن والمالية الإنسانية العلاقات تصون حاضرة قضية والتقوى

التلاعببهاأوالتهاونفيأدائها.لهبعدماسمعهفإنماإثمهعلىالذين جاءفيختامالآية:﴿فمنبد

سميععليم﴾]البقرة:181[. الله لونهإن يبددبيب يسمع الله أن استحضار على تقوم ذاتية، مراقبة فالمراقبةالنملةالسوداءفيالليلةالظلماء،وأنهسبحانهيعلمالسروأخفى،وأنالمؤمنالحقيؤديأمانةالكلمةولوقيلتلهسراولميطلععليهاأحد

منالبشر.

بصائر من القرآن

187

تهذب التي العظيمة الصوم عبادة عن للحديث الآيات تنتقل ثمأمام عزيمتها وتشتد الإنسانية الإرادة لتقوى الروح وتطهر النفسفهي واضحة السورة في الصوم ومقاصد المختلفة. الحياتية المواقفتربيالفردوتقويإرادته،فالصوميصلالإنسانبخالقه،ويصفيويخلصالنفسمنشوائبها،ولذانصتالآيةعلىذلك:﴿ياأيهاالذينآمنواكتبيامكماكتبعلىالذينمنقبلكملعلكمتتقون﴾]البقرة:183[. عليكمالصفعبادةالصيامحينيقومبهاالإنسانعلىأتموجهجديرةبأنتصلوالفرد للمجتمع تكون أن يمكن التيلا التقوى مرحلة إلى بالإنسانقيمةدونها؛فالتقوىضمانةوحصانة،وسياجللتشريعاتالإلهيةوكيفية

تنفيذهافيواقعالحياة.التقوىليستمجردحالةنفسيةبعيدةعنالواقع،التقوىتخلقفيالقلب،ثمينفعلهذاالقلبمعالجوارحلتحقيقالمنهجالربانيوالسير

عليهوالانقيادلأمرهوالخضوعلماجاءفيه.وتتوالىالآياتفيالحديثعنالصوم،ويؤكدالله–سبحانهوتعالى–أنالغرضمنفرضالصيامليستعذيبالجسمولاالشعوربالجوعبالنسبةللبطنأوالحاجاتالماديةللإنسان،قدرالشعوربتقوىالله،يريد سبحانه:﴿... فيقول التعسير وليس التيسير التشريع في فالأصلبكماليسرولايريدبكمالعسر...﴾]البقرة:185[وهذهالمعانيالتي الله

جاءتفيالصوم،إنماجاءتلتحققمعانيالتقوى.

تدبر سورة البقرة

188

وتحتفيالآياتالعظيمةبشهرالصوماحتفاءبالكتابالذيأنزلتنات أولآياتهفيه:﴿شهررمضانالذيأنزلفيهالقرآنهدىللناسوبي،]185 ]البقرة: ﴾... فليصمه هر الش منكم شهد فمن والفرقان الهدى منوكأنعبادةالصيامإنماجاءتتشريفالذلكالمنهجالربانيالذيأنزله

سبحانهوتعالىفيرمضان.ولاتنفكالآياتعنالتذكيربالشكرعلىنعمةالتشريعالتيفتحتالبابللإنسانليتصلبخالقهويتقربإليهبالطاعات،فيرتفعبهاوترتقيروا روحهوتزكونفسهبأدائهاعلىالوجهالذيأمربهالحقسبحانه:﴿ولتكب

علىماهداكمولعلكمتشكرون﴾]البقرة:185[. اللهفالأوامروالتكاليفولوتخللتهابعضالمشقة،إلاأنهاليستعبئاولاقيودا،والنواهيليستكبحالجماححريةالبشرقدرماهيتحرير

لهمنالوقوعفيأسرشهوةعابرةأونزوةسافرة.وتلازمعبادةالصومألوانزاهيةمنالعبادات؛فتلاوةالقرآنوالدعاء

والصلاة،كلهاتزكيالنفسمنوعثاءالطريقوأعباءالحياة.والملاحظأنالحديثعنتزكيةالنفسوالروححاضربقوةفيآياتالسورةوتشريعاتها،فمابينالتشريعاتيأتيالحديثعنالعبادات:﴿وإذااعإذادعانفليستجيبوا سألكعباديعنيفإنيقريبأجيبدعوةالد

ليوليؤمنوابيلعلهميرشدون﴾]البقرة:186[.

بصائر من القرآن

189

رحمته واستجلاب سبحانه الله إلى التقرب على قائم فالتكليفوالسؤالمنه،ذاكالسؤالالذيهوفيحقيقتهتلبيةلأمراللهسبحانه

فيالتوجهإليهوالطلبمنه.العبد من تستدعي علاقة وربه العبد بين العظيمة العلاقة هذهالاستجابة،وتستدعيمنهكلماحزبهأمرأنيفزعإلىالخالقسبحانه

بالدعاء.105ثمتنتقلالآياتالعظيمةلتدخلالتقوىفيأدقالعلاقاتالإنسانيةوأخصها؛مابينالزوجوزوجته.التقوىحاضرةفيهذهالجزئيات،والقرآنبإنسانية يليق إلىمستوى العلاقةالجسديةليجعلهاترقى يهذبتلكالإنسانوكرامته،فيحيطهابالستروالاحتشاممنكلجهة.وتختمالآيةفيالحديثعنالعلاقةالزوجيةلتبينحدودتلكالعلاقةفتقول:﴿تلكحدودآياتهللناسلعلهميتقون﴾]البقرة:187[. نالله فلاتقربوهاكذلكيبي الله

والحدودخطوطتوضحللمؤمنينمالهموماعليهممنحقوقوواجباتومسؤوليات؛لتنظمحياتهموتدفععنهمشرالظلموالاعتداء؛ففيمسائلفعندأحمدفيمسندهطالرسالة)234/4(برقم)2411(،مسلم)2730(وغيرهماواللفظ .105لأحمد،عنابنعباس–رضياللهعنهما–أنرسولالله–صلى الله عليه وسلم–كانإذاحزبهأمر،قال:»لاإلهإلااللهالحليمالعظيم،لاإلهإلااللهربالعرشالكريم،لاإلهإلااللهربالعرشالعظيم،لاإلهإلااللهربالسماواتوربالأرضوربالعرشالكريم«

ثميدعو.

تدبر سورة البقرة

190

الزواجوالطلاقوضعتالشريعةالإسلاميةللمسلمينالمنهجالواضحوالحدودالتيتضمنحقوقكلطرفوتمنعالاعتداءعليها.

وهيفيذاتالوقتابتلاءواختباروامتحانلإرادةالإنسانالذييتمرنعلىتقويةإرادتهأمامالشهواتوالوقوفأمامالخطوطالحمراءدونتجاوزهامنخلالالعبادة.فمنتعلمواعتادالوقوفعندحدوداللهمعنفسهوفيعلاقتهمعزوجته،هوالإنسانالمؤهلللحفاظعلىتلك

الحدودفيتعاملهمعالآخرين.وحرية الأمن لتحقيق وجدت؛ التي الحمراء الخطوط هي الحدوداقادراعلىتجاوزالشهوات، الإنسانفيأبهىصورها.تجعلالإنسانحرفالحريةالحقةالتيجاءبهاهذاالمنهجلاتتوجإلابالوقوفعندحدودالله.الحديث إلى الأسرة محيط من العظيمة الآيات انتقلت هنا منعنأموالالناس،فالإنسانالعاجزعنالوقوفعندحدوداللهفيمحيط

أسرته،أنىلهأنيقفخارجها!.أماالإنسانالقادرعلىعدمتجاوزالخطوطالحمراءومراعاةحدودالله–سبحانهوتعالى–هوالإنسانالقادرعلىألايأخذشيئاليسله

بحق،ولايأكلأموالالناسبالباطل.لتأكلوا الحكام إلى بها وتدلوا بالباطل بينكم أموالكم تأكلوا ﴿ولا

ثموأنتمتعلمون)188(﴾. نأموالالناسبالإ فريقام

بصائر من القرآن

191

والقرآنالعظيميعبربالأكلعنأخذمالالغيربغيرحق،فالإنسانيأخذالمالالذيهوعصبالحياةفيأكلبهويشرب،فلايبقىفيهعرقإلاودخلهالحرام.منهناجاءفيالحديثالصحيح:))كللحمنبتمن

سحتفالنارأولىبه((.وتنتقلالآياتبعدالحديثعنالمالإلىالحديثعنحرمةالبيوت وليسالبر وأمنها:﴿يسألونكعنالأهلةقلهيمواقيتللناسوالحجوأتواالبيوتمنأبوابها مناتقى البر كن بأنتأتواالبيوتمنظهورهاولفي القرآن تعاليم تظهرعظمة وهنا .)189( تفلحون﴾. لعلكم الله واتقواحمايةالبيوتوصيانةحرمتهاوالترقيبعاداتالناسفيآدابالدخولوالخروج.فقدكانالقومفيالجاهليةإذاأرادأحدهمسفراوخرجمنبيته،لميدخلالبيتمنبابه،ولكنيتسورهمنقبلظهره؛ظنامنهمأنذلكأقربللبر.فنزلالقرآنالكريمليصححالمفاهيمويعدلالتعاليمويهذبالنفوسبتعليمهابأنالبرفيالتقوىوإتيانالبيوتمنأبوابهاإتيانالأمورمنوسائلها الترغيبفي المعروفة.وفيذلكدلالةعلى

المشروعةوطرقهاالمعروفةالموصلةإليها.للفرد حصانة تصبح النفوس في تنتعش حين الفردية والتقوىوالمجتمع،حصانةللأمة،يأمنفيهاالإنسانعلىنفسهوعلىبيته.ذاكأنالبشرالذيتعلمالخوفمناللهلايخافمنهعلىشيءولا

علىأحد.

تدبر سورة البقرة

192

النفس عن المشروع الدفاع قضية إلى ذلك بعد الآيات وتنتقلوالإذنبالقتال:

والفتنة نحيثأخرجوكم ﴿واقتلوهمحيثثقفتموهموأخرجوهممولاتقاتلوهمعندالمسجدالحرامحتىيقاتلوكمفيهفإن منالقتل أشدغفور الله فإن فإنانتهوا لكجزاءالكافرين)191( كذ فاقتلوهم قاتلوكمفإنانتهوافلا ينلله حيم)192(وقاتلوهمحتىلاتكونفتنةويكونالد رهرالحراموالحرمات هرالحرامبالش علىالظالمين)193(الش عدوانإلاواتقوا فمناعتدىعليكمفاعتدواعليهبمثلمااعتدىعليكم قصاصالذينيقاتلونكم معالمتقين)194(وقاتلوافيسبيلالله الله واعلمواأن الله

المعتدين﴾. لايحب الله ولاتعتدواإنالأوامر من سلسلة بعد جاء والقتال النفس عن بالدفاع والأمروالتوجيهاتالشخصيةالتيدخلتفيحياةالفرد،وفيأدقالعلاقاتالخاصةبينالزوجين،وفيالمال،وفيالعطاء،وفيحرمةالبيوت،ثم

انتقلتإلىالقتال.ذاكأنالمجتمعالذيلايستطيعأفرادهأنيحافظواعلىحدوداللهوتشريعاتهوقوانينهفيحياتهمالخاصةوفيأموالهموفيسلوكهمومبادئه قيمه عن الدفاع من يتمكنوا لن بينهم، فيما الآخرين مع

خارجها.

بصائر من القرآن

193

إنهاالتقوىوالوقوفعندحدودالله،فمنيراعيحدوداللهسبحانهعلى القادر الإنسان هو الإنسانية، العلاقات أدق في ويتقيه وتعالى

حمايةمجتمعهومكتسباته.أماإنكانعاجزاعنأنيحميالمجتمعمننفسه،وطغيانشهواته،فامتدتيدهإلىالحرامفأكلأموالالناس،فهوأعجزعنحمايةأسرته

ومجتمعه.في كماجاء فالجهاد والجهاد. القتال مفردة بين واضح فرق وثمة»لسانالعرب:»استفراغمافيالوسعوالطاقةمنقولأوفعل«.والجهادفيالمعنىالاصطلاحي:»بذلالوسعفيالمدافعةوالمغالبةفيكلميادينالمدافعةوالمغالبةوليسفقطفيميادينالقتال«؛فالجهادأعمبكثيرالتعامل في والقاعدة وليسالأصل فالقتالهوالاستثناء القتال؛ من

بينالدولوالشعوب.وتبقىمنظومةالتقوىواضحةفيكلالتعاليمالإنسانيةحتىوقتالمعتدين«؛فالعدوانبكلصورهعلى لايحب الله القتال:»ولاتعتدواإن

الآخرينوأموالهموأعراضهممحرمبكلأشكالهوصوره.وتنتقلالآياتفيالحديثعنتفاصيلالقتالوآدابوتشريعاتعالقتال،كحمايةالنفسوالدفاععنهاوحمايةلمكتسبات القتال،ولمشرعليكم اعتدى ﴿فمن : وجل عز بقوله أيضا الآيات هذه لتختم الأمة،فاعتدواعليهبمثلمااعتدىعليكم...﴾]البقرة:194[.وتأتيالتفاصيل

تدبر سورة البقرة

194

لتعكسعدالةالتشريعفياستردادالحقوقوالدفاععنالنفس،فلايحقللإنسانأنيدفععننفسهالاعتداءبعدوانأكثر.

ومنالمتعارفعليهأنالحروبيحدثفيهاسفكللدماءوقدتزهقأرواحبريئةمننساءوأطفالأبرياءوحالاتاعتداءوانتهاكاتلحقوقالإنسان،فماالذييردعالبشرعنكلهذا؟!هناتأتيالآيةالعظيمة:﴿

معالمتقين﴾]البقرة:194[. الله واعلمواأن واتقوااللهإنهاالتقوى؛الضمانالوحيدوالحصنالحصينلمراعاةحقوقالإنسان

وحمايتهامنكلاعتداءوتجاوز.لقدمرتشريعالقتالفيالإسلامبعدةمراحل،ففيالمرحلةالمكيةكانالمؤمنونمأمورينبالصبروكفالأذىكماقالالله:﴿ألمترإلىالذينكاة﴾سورةالنساء:77،ثملما لاةوآتواالز واأيديكموأقيمواالص قيللهمكفانتقلواللمدينةوصارتلهمدولةأذنلهمبالقتالولميفرضهعليهمقالعلىنصرهملقدير﴾سورة الله سبحانه:﴿أذنللذينيقاتلونبأنهمظلمواوإن الحج:39،ثمجاءالأمربقتالمنقاتلوا،قالعزوجل:﴿وقاتلوافيسبيلاللهالمعتدين﴾.سورةالبقرة:190. لايحب الله الذينيقاتلونكمولاتعتدواإن

قالشيخالإسلامابنتيمية)رحمهالله(:»لمابعثنبيهوأمرهبدعوةالخلقإلىدينه،لميأذنلهفيقتلأحدعلىذلكولاقتالهحتىهاجرإلىالمدينةفأذنلهوللمسلمينبقولهتعالى:﴿أذنللذينيقاتلونبأنهم

بصائر من القرآن

195

علىنصرهملقدير،الذينأخرجوامنديارهمبغيرحق الله ظلمواوإنمتصوامع الناسبعضهمببعضلهد ولولادفعالله أنيقولواربناالله إلامنينصره الله كثيراولينصرن وبيعوصلواتومساجديذكرفيهااسماللهكاة لاةوآتواالز ناهمفيالأرضأقامواالص عزيز،الذينإنمك لقوي الله إنعاقبةالأمور﴾.ثمإنهبعدذلك وأمروابالمعروفونهواعنالمنكروللهلكم كره وهو القتال عليكم ﴿كتب تعالى: بقوله القتال عليهم أوجبلكم وعسىأنتكرهواشيئاوهوخيرلكموعسىأنتحبواشيئاوهوشر

يعلموأنتملاتعلمون﴾.البقرة:216. واللهولميكنتشريعالقتالفيالإسلامخارجاعنمقاصدالرسالةالخاتمةوالحرية العدل، إقامة في تتمثل عليا إنسانية قيم من فيها جاء وما امينلله قو والمساواةبينالبشر.قالتعالى:﴿ياأيهاالذينآمنواكونواشهداءبالقسطولايجرمنكمشنآنقومعلىألاتعدلوااعدلواهوأقرب

خبيربماتعملون﴾.المائدة:8. الله إن للتقوىواتقوااللهفالعدلوالإنصافمنهجدقيقيمثلجميعصورالقسطوالعدلمعالقريبوالبعيد،المخالفوالموافقدونتمييزبينمسلمأوغيرمسلم،أحد؛فمبدأالظلممحرم بلينهىعنجميعصورالجوروالظلممعكلبكلحال،فلايحللأحدأنيظلمأحدامهمااختلفمعه.منهناكانت

أعظممقاصدتشريعالقتالتحقيقالعدالة.106–للمزيدحولهذهالمسألة،انظربحثنا:قراءةمقاصديةفيجهادالنبيالكريمصلى الله عليه وسلم .106مقصدالعدالةأنموذجا.مجلةالشهاب،المجلدالثالث،العددالثاني،يونيو2017م.

تدبر سورة البقرة

196

الله الذينيقاتلونكمولاتعتدواإن قالتعالى:﴿وقاتلوافيسبيلاللهالمعتدين﴾قالابنالمنذر:»رويناعنابنعباسأنهقالفيقوله: لايحب﴿ولاتعتدوا﴾»ولاتقتلواالنساءوالصبيان،والشيخالكبير،ولامنألقى

إليكمالسلموكفلله،فإنفعلتمهذافقداعتديتم«.والإحسان: والبذل الإنفاق عن الحديث إلى الآيات تتنتقل وهنا الله هلكةوأحسنواإن ولاتلقوابأيديكمإلىالت ﴿وأنفقوافيسبيلاللهفإنأحصرتمفمااستيسر والعمرةلله واالحج المحسنين)195(وأتم يحبفمنكانمنكم ولاتحلقوارءوسكمحتىيبلغالهديمحله منالهديفإذاأمنتم نصيامأوصدقةأونسك أسهففديةم نر ريضاأوبهأذىم مفمااستيسرمنالهديفمنلميجدفصيام عبالعمرةإلىالحج فمنتمتلكلمنلميكن تلكعشرةكاملةذ وسبعةإذارجعتم ثلاثةأيامفيالحجشديدالعقاب﴾. الله واعلمواأن واتقواالله أهلهحاضريالمسجدالحرامفلاتلقوابأيدكمإلىالتهلكة،منخلالالشحوالبخلوعدمالرغبةفيالبذلوالتضحيةوالعطاء.ولذلكيكثرفيآياتالقرآنالعظيمالحديثنفسهفأولئكهمالمفلحون﴾]الحشر:9[. عنشحالنفس107﴿ومنيوقشحقالالراغبفيالمفرداتفيغريبالقرآن–ط1دارالقلم–بيروت)ص:446(: .107الأنفس وأحضرت تعالى: قال عادة. كان فيما وذلك حرص، مع بخل : ح »الشنفسه﴾]الحشر9[.يقال:رجل ﴾]النساء/128[،وقالسبحانه:﴿ومنيوقشح ح الشةعليكم﴾ ةعلىالخير﴾]الأحزاب19[،﴿أشح ة،قالتعالى:﴿أشح شحيح،وقومأشح

]الأحزاب/19[«

بصائر من القرآن

197

وفيكلهذهالآياتوالحديثعنالعبادات،لاتغيبالتقوىعنها؛فهيالسمةالظاهرةعلىكلالآياتوالأعمالوالعبادات.حتىكأنهذهالاعمالكلها،لاقصدمنهاإلاالترقيفيهدايةالتقوىالتيهيمحور

السورةومقصدهاالأعظم.ثمتنتقلالآياتبعدذلكإلىالحديثعنتعاليمجديدةفيمدرسةويقوي يربي ما والتضحية والبذل والشعائر العبادات فيهامن ربانية

الإرادةفينفسالإنسان؛عبادةالحج.بذل فيها الإنفاق، من متعددة أشكالا جمعت التي العبادة تلكتجاهد أن تعلمت التي النفس تلك والمادي. البدني بالجهد للنفسشهواتهاوتسموفوقمتاعبها،نفسقويةالإرادة،تبذلبسخاءلأجلغاية

﴾]البقرة:196[الإخلاصفيالعبادة. والعمرةلله واالحج عظيمة﴿وأتمفالحجمدرسةيتخرجفيهالإنسانقادراعلىالعطاءوالبذل،وقادراعلىتجاوزشحالنفس،إنسانمحصنبالتقوى،إنسانزادتعندهالتقوى،أشهرمعلومات ولذلكتستمرالآياتفيالحديثعنمدرسةالحج﴿الحجوماتفعلوا فلارفثولافسوقولاجدالفيالحج الحج فمنفرضفيهنادالتقوىواتقونياأوليالألباب﴾ خيرالز دوافإن وتزو منخيريعلمهالله

]البقرة:197[.الحجمدرسةكبرىيتعلمفيهاالإنسانالصبروالتضحية،يتعلمأنهلنيرفععمله،ولنيقبلإلاحينيكونخاليامنالرفثوالفسوقوالجدال

تدبر سورة البقرة

198

والسباب،يتعلمكيفينزهالإنسانلسانهوعينه.يتعلمكيفيتجاوزا إنساناحقيقي ويغضالطرفعنعثراتالآخرين،يتعلمكيفيكونمتسامحايبذلالخيرللآخرين،يتعلمكيفيعفووكيفيصفح،إنسان

جديدإنسانتصنعهتلكالمدرسةالربانيةالموجودةفيالحج.الحجليسمجردشعيرة،بلهيحياةجديدةلإنسانفهممقاصدالحجالعظيمةليرجعصفحةنقيةأكثرقدرةعلىإصلاحنفسهوماحوله:

»منحجولميرفثولميفسقرجعكيومولدتهأمه«.108من البشر بين الواضح الاحتكاك فيه يرى الحج واقع في والناظرمختلفالأجناسوالأعراق،فهورسالةعالميةيجتمعفيهالمسلمون؛فالحج لبعض، بعضهم ويغفر البعض، بعضهم من ويتعلموا ليتعارفوامدرسةللتقوى،منهناجاءالحديثعنزادالتقوىمتصلابالحج:﴿...

ادالتقوىواتقونياأوليالألباب﴾]البقرة:197[. خيرالز دوافإن وتزوولنيزدادالإنسانفيتقواهإلاحينيتجاوزالشحالموجودفينفسهوالأنانيةالتيتحولبينهوبينالبذلوالعطاء.ولنترتفعأسهمالإنسانفيالتقوىإلاحينيتربىعلىعينتلكالتشريعاتالإلهية.ويتضحمنالآياتالعظيمةوحثهاالمتواصلعلىالذكرالذيلاينقطعللهسبحانهروىالبخاري)1521(واللفظله،ومسلم)1350(–عنأبيهريرةرضياللهعنهقال: .108فلميرفث،ولميفسق،رجعكيوم لله سمعتالنبيصلىاللهعليهسلميقول:»منحج

ه«. ولدتهأم

بصائر من القرآن

199

وتعالى،دليلعلىأنأعظمزادللمؤمنفيرحلةالحياةوالموتوالبعثوليسفيرحلةالحجفحسب،هوالذكر.إذأنهيذكرالإنسانبغايةوجودهعلىالأرضويردهإلىجادةالصواب،فلاينبغيلهأنيستغنيعنهطرفةعين،فأيلحظةخلافيهاقلبالعبدولسانهعنذكراللهكانتعليهلاله.كماأنالذكريولدالتقوىفيالقلبويذكينورها،ومامنزادينفع

الإنسانفيدينهودنياهوآخرتهكالتقوى.فلارفثولافسوقولا الحج فمنفرضفيهن علومات أشهرم ﴿الحجاد الز خير فإن دوا وتزو الله يعلمه خير من تفعلوا وما الحج في جدالتبتغوا أن جناح عليكم ليس )197( الألباب أولي يا واتقون قوى التعندالمشعرالحرام نعرفاتفاذكرواالله فإذاأفضتمم بكم نر فضلامأفيضوامن الين)198(ثم نقبلهلمنالض واذكروهكماهداكموإنكنتممحيم)199(فإذاقضيتم غفورر الله إن حيثأفاضالناسواستغفروااللهذكرافمنالناسمنيقول كذكركمآباءكمأوأشد ناسككمفاذكرواالله منيقولربنا نياومالهفيالآخرةمنخلاق)200(ومنهمم ربناآتنافيالدئك نياحسنةوفيالآخرةحسنةوقناعذابالنار)201(أول آتنافيالد

سريعالحساب)202(﴾. اكسبواوالله م لهمنصيبموالتقوىخيرمايتزودبه،وخيرمايرتديهالإنسان:﴿يابنيآدمقدأنزلناعليكملباسايواريسوآتكموريشاولباسالتقوىذلكخيرذلك

كرون﴾الأعراف:26. لعلهميذ منآياتالله

تدبر سورة البقرة

200

والربطبينالزادوالتقوىفيالآياتعظيم؛فالإنسانفيرحلتهكلهاحتىيستقربهالمقام،فيلقىاللهسبحانهوتعالىيحتاجإلىزاد،والزادفيالأصلهوطعاموشرابيؤخذويعدللسفروالرحلة.فإذاأدركالإنسان

حاجتهإليه،تزودمنهقدرحاجتهوأكثرإناستطاعإلىذلكسبيلا.وحاجتهللتقوىلاتعدلهاحاجة؛ففيالدنياهيخيرزاد.ومنذلك

ماذكرهسبحانهللمتقين،قالتعالى:ومن يحتسب لا حيث من ويرزقه مخرجا له يجعل الله يتق ﴿ومنشيءقدرا﴾. لكل بالغأمرهقدجعلالله الله فهوحسبهإن يتوكلعلىاللهر يكف يجعللهمنأمرهيسرا)4(﴾.﴿ومنيتقالله الطلاق:2–3.﴿ومنيتقاللهئاتهويعظملهأجرا﴾.الطلاق:5.والآياتفيعظيمثوابالمتقين عنهسيالمتقين﴾آل يحب الله وكرامتهمكثيرة:﴿بلىمنأوفىبعهدهواتقىفإنمعالمتقين﴾ الله المتقين﴾التوبة:4.﴿واعلمواأن يحب الله عمران:76.﴿إن

التوبة:36.الأمرالذييفهممنهالمتدبرطرفامنحكمتهسبحانهبالقولفيختامالآية:﴿واتقونياأوليالألباب﴾.أصحابالعقولالذينأدركواأنلاشيءيستدعيأنيحرصواعليهكحرصهمعلىالتقوى.كماأناللهسبحانهتفضلعلىعبادهففتحلهمسبيلالتقوىمنخلالعبادةالحجمن بأعظم حجه من الحاج عاد فما فيها. ذكره على والحث العظيمةفيأيام قلبتقينقي.فلايضرهبعدهاإنتعجلأوتأخر:﴿واذكرواالله

بصائر من القرآن

201

رفلاإثمعليهلمن لفييومينفلاإثمعليهومنتأخ فمنتعج عدودات مواعلمواأنكمإليهتحشرون﴾.)203( واتقواالله اتقى

في الحاج بها تزود التي والتقوى المبرور الحج ذلك ثمرة وتظهرحياتهوسلوكياته،فلاازدواجيةولانفاقاجتماعيولاقبولبأيشكلنياويشهد منأشكالالفساد:﴿ومنالناسمنيعجبكقولهفيالحياةالدالخصام)204(وإذاتولىسعىفيالأرض قلبهوهوألد علىمافي اللهالفساد)205(وإذاقيل لايحب والله ليفسدفيهاويهلكالحرثوالنسلومن المهاد)206( ولبئس م فحسبهجهن ثم بالإ ة العز أخذته اتقالله لهرءوفبالعباد)207(يا والله الناسمنيشرينفسهابتغاءمرضاتاللهإنه يطان بعواخطواتالش لمكافةولاتت أيهاالذينآمنواادخلوافيالس ناتفاعلمواأن نبعدماجاءتكمالبي بين)208(فإنزللتمم م لكمعدونالغمام فيظللم أنيأتيهمالله عزيزحكيم)209(هلينظرونإلا الله

ترجعالأمور)210(. وإلىالله والملائكةوقضيالأمرفي الفساد أشكال لكل مكافحا صادا الإنسان جعل التقوى زادالمجتمع.فالإنسانالذيتخرجفيمدرسةالحجلايقبلبمنهجالفساديعيش فلا علانيته، على الصلاح ذلك فانعكس سره صلح والإفساد.حالةتناقضبينالتقوىالتييحملهافيقلبهوالمنهجالذييسيرعليهفيالحياة.ليسهناكتناقضبينقولهوفعلهعلىنقيضالصورةالتي نياويشهدالله اسمنيعجبكقولهفيالحياةالد تنقلهاالآية:»ومنالن

تدبر سورة البقرة

202

ثمةتناقضوازدواجية،يقولشيئا الخصام«. ألد وهو قلبه في ما علىويبطنغيره.الإنسانالذيتصنعهمدرسةالحجوتعاليمالمنهجالرباني

وتصوغهالتقوىإنسانسرهخيرمنعلانيته.لتجعل وشحها؛ وأنانيتها النفس ظلمات تبدد التي التقوى إنها

الإنسانيشرينفسهابتغاءمرضاتالله.فلايمكنأنيحدثالفسادإلاحينيتصورالإنسانأنذاتهوأنانيتهقبلالآخرين،وأنمصلحتهالضيقةفوقمصلحةالجميع،منهنايأتي الفساد:﴿وإذاتولىسعىفيالأرضليفسدفيهاويهلكالحرثوالنسلفحسبه ثم ةبالإ أخذتهالعز الفساد)205(وإذاقيللهاتقالله لايحب والله

ولبئسالمهاد)206( م جهنمنهناكانتتعاليمسورةالبقرةكفيلةبتحقيقالسلمالداخلي،فالأفرادالقادرونعلىتحقيقالسلمالداخليمعأنفسهموالتصالحمعذواتهممنخلالاتباعمنهجاللهوالقيامبأوامرالإسلام،همأولئكالذينيستطيعونتحقيقالسلمالاجتماعي:﴿ياأيهاالذينآمنواادخلوامبين﴾ عدو لكم إنه يطان الش خطوات بعوا تت ولا كافة لم الس في

]البقرة:208[الفرقة إن الشيطان. خطوات عن جديد من الحديث جاء هنا منقبيل من تكون لا البشر، بين والصراعات والحروب والقتال والنزاع

بصائر من القرآن

203

تطبيقمنهجربانيلايرضىلعبادهإلاالخيروالإيمانوالصلاح!إنهالايمكنإلاأنتكونمنقبيلالجريوراءالأهواءالبشريةوالشحالنفسي.بين البينات والآيات الزلل من والتحذير التخويف يأتي وهناناتفاعلموا نبعدماجاءتكمالبي ظهرانيكموتتلىعليكم:﴿فإنزللتممنالغمام فيظللم أنيأتيهمالله عزيزحكيم)209(هلينظرونإلا الله أن

ترجعالأمور)210(﴾. وإلىالله والملائكةوقضيالأمرزلترجل لةفيالأصل:استرسالالرجلمنغيرقصد،يقال: والز،والمزلة:المكانالزلق،وقيلللذنبمنغيرقصد109؛فالإنسانإذا تزلترخصفيها،واستسهلتلكالذنوبالتيصدرتمنغيرقصد،صارتمسهلةلخطواتوسلطانالنفسوالشيطانعليه.ومنهقولهتعالى:﴿إنمايطان﴾آلعمران:155.فالعلاقةبيناتباعخطواتالشيطان استزلهمالش

والوقوعفيالزللوطيدةكعلاقةالمقدمةبالنتيجة.منهناقدمالنهيعناتباعخطواتالشيطانعلىالزلل؛إذإنالسير

وراءخطواتالشيطانيقودإلىالزلل.فالشيطانيتدرجمعالإنسانالمؤمنفيزينلهالتوسعفيالمباحات،ثمالتساهلفيالمتشابهات،ثممحقراتالذنوب،وهكذاحتىيصلبه

إلىالزلل،ومنثمالوقوعفيماهوأكبر.–الراغبالأصفهاني،المفردات،مادةزل .109

تدبر سورة البقرة

204

وقدجاءالنهيعناتباعخطواتالشيطانفيسورةالبقرةفيسياقفيالأرض ا مم كلوا الناس أيها ﴿يا تعالى قالالله الطعامكذلك؛ ذكرمبين﴾]البقرة:168[؛ يطانإنهلكمعدو بعواخطواتالش باولاتت حلالاطيتتعلق لا المسلم، حياة في مركزية قضية الطعام من الحلال فتحريالحراممن تمتدلتشملكلأشكال بل والميتةفحسب، الدم بتحريم

غشوتدليسواختلاسورباوتفريطفيحقوقالناس.أماأولئكالمكذبونالسائرونعلىخطواتالشيطانفماذاينتظرون: نالغماموالملائكةوقضيالأمر فيظللم أنيأتيهمالله ﴿هلينظرونإلا

ترجعالأمور)210(﴾. وإلىاللهبالمنهج وعلاقتهم إسرائيل بني عن أخرى مرة الحديث جاء ثمكم إسرائيل بني ﴿سل ونعمه: الله آيات مع تعاملهم وكيفية الربانيشديد الله منبعدماجاءتهفإن لنعمةالله نةومنيبد آتيناهممنآيةبي

العقاب﴾]البقرة:211[الحديثعنالأممالسابقةمنبنيإسرائيلوتبديلالنعمةفيخضمالإنسان أن يؤكد المنهج، اتباع و الأمان، و السلام، نعم عن الحديثوالأممحينيستبدلونأهواءهموأطماعهمبالمنهجالرباني،ويبدلونماأنعماللهبهعليهممنتعاليموأوامر،فلنيكونهناكسوىالعقاببكلأشكالهالمتنوعةوصوره.والقرآنيوضحبعضأسبابالوقوعفيذلك:﴿

بصائر من القرآن

205

نياويسخرونمنالذينآمنواوالذيناتقوا زينللذينكفرواالحياةالديرزقمنيشاءبغيرحساب﴾.)212( فوقهميومالقيامةوالله

ثمتنتقلالآياتلبياننعمةاللهعلىالخلقبإرسالالرسلوإنزالإلى ليصلوا بالحق؛ اختلافاتهم وتفض البشر حياة لتحكم الكتب؛الهدىوالحق.أماأولئكالذينجعلواالاختلافمطيةلبغيهمفيطلبالاستعلاءبغيرحق،فماكانلهمأنيستهدوابتلكالكتبولابرسالاتةواحدةفبعث الأنبياء؛لمارسخفينفوسهممنالبغي:﴿كانالناسأمليحكمبين رينومنذرينوأنزلمعهمالكتاببالحق بيينمبش الن اللهما بعد من أوتوه الذين إلا فيه اختلف وما فيه اختلفوا فيما الناسالذينآمنوالمااختلفوافيهمن ناتبغيابينهمفهدىالله جاءتهمالبي

يهديمنيشاءإلىصراطمستقيم﴾]البقرة:213[. بإذنهوالله الحقوالآيةالعظيمةفينصهاعلىسببالاختلاففيرسالاتالأنبياء،البشر؛ممن الذيحداببعض البغي فهو بينهم(؛ )بغيا بكلمة حددتهالمخالفة إلى يذهبوا أن حق بغير غيرهم بعلى الاستعلاء يطلبونوالتنازعفيرسالاتالأنبياءوماجاءفيهامنالحقالبين)البينات(؛

ليحققوامآربهموأطماعهم.وواقعالأمرأنكثيرامايستعملالدينالحقمادةللنزاعاتوالصراعات

منقبلأهلالبغيوالظلملتحقيقمآربهموالوصولإلىأغراضهم.

تدبر سورة البقرة

206

منهناكانالتدافعبينهؤلاءوهؤلاء،فجاءالحديثعنثمنالثباتأنتدخلوا :﴿أمحسبتم علىالمنهجالربانيالذيجاءبهكلالأنبياءاء ر تهمالبأساءوالض ايأتكممثلالذينخلوامنقبلكممس ةولم الجننصر ألاإن سولوالذينآمنوامعهمتىنصرالله وزلزلواحتىيقولالر

قريب﴾]البقرة:214[؛ اللهفالثباتعلىالحقيحتاجإلىتضحياتوبذل،وسنةاللهفيالخلقماضية.فكانالحديثعنالإنفاقوالعطاءوالقتاللإعلاءالقيمالعظيمةخير من أنفقتم ما قل ينفقون ماذا ﴿يسألونك الأنبياء: بها التيجاءبيلوماتفعلوامن فللوالدينوالأقربينواليتامىوالمساكينوابنالسبهعليم﴾]البقرة:215[.منوجوهالإنفاق:التضحية،البذل، الله خيرفإنالعطاءفيسبيلاللهواتباعالمنهجوكلمايدخلفيهامنقيمالخيرلهالإنسانمن التييعلمهاالله.وفيالآيةبيانلمايمكنأنيتعرض

بأساءوضراءومشقةفيذلك.ومنبعدالحديثعنبذلالمال،يأتيالحديثعنبذلالنفسولوكانمماجبلتالنفوسعلىكراهته:﴿كتبعليكمالقتالوهوكرهلكملكم وعسىأنتكرهواشيئاوهوخيرلكموعسىأنتحبواشيئاوهوشر

يعلموأنتملاتعلمون﴾]البقرة:216[. واللهفالقرآنهنايربيتلكالنفوسلتكونعلىاستعدادللبذلوالعطاء

فيسبيلإعلاءكلمةالحقوإرسائها.

بصائر من القرآن

207

إلاأنالقرآنالعظيميعالجذلككلهبواقعيةأبعدماتكونعنالمثاليةفالقتالكره:»كتبعليكمالقتالوهوكرهلكم«،وهناإشارةواضحةإلىواقعيةالتشريعاتالإلهية؛فالتشريعاتالإلهيةليستمثالية،التشريعاتالإلهيةصادرةمنربيعلممايحبهالبشرومايكرههومايدورفيخلجات

نفوسهم،فهوالسميعالعليم:»كتبعليكمالقتالوهوكرهلكم«.عليه يحمل فيما خارج من الإنسان تنال التي المشقة والكرهبإكراه.110وممالاشكفيهأنالقتالفيهمشقة،ولكنهامنقبيلمشقةالتكليفاللازمالقيامبه؛لتحقيقغايةأعظمعبرتالآيةعنهابتأكيد

أنهخيرلكم:»وعسىأنتكرهواشيئاوهوخيرلكم«.فالإنسانحينيخرجممايهواهويحبهإلىمايحبهاللهورسوله،فيخرجإلىمايكرههلأجلتحقيقمايكلفهاللهسبحانهبه،يكونقدخرجعن

نفسهلأجلمرضاةربه.كماأنالآيةالعظيمةتؤكدمحدوديةعلمالإنسانوتدبيرهفقديكرهشيئايرىفيهالمشقةوالأذىوالضرروهوفيعلماللهسبحانهالمطلقوإحاطتهوتقديرهوحكمتهورحمتهمحضخير.منهنايأتيالتسليمللإنسان بدا ولو حدوده عند والوقوف سبحانه الله لأوامر والانقيادالمحدودفيعلمهالقاصرفينظرته،فيتلكالأموركره،ولوبداوقوعها.

–الراغبالأصفهاني،المفردات،مادةكره. .110

تدبر سورة البقرة

208

عن وصد كبير فيه قتال قل فيه قتال الحرام هر الش عن ﴿يسألونك الله عند أكبر منه أهله وإخراج الحرام والمسجد به وكفر الله سبيلدينكم عن يردوكم حتى يقاتلونكم يزالون ولا القتل من أكبر والفتنةئكحبطت إناستطاعواومنيرتددمنكمعندينهفيمتوهوكافرفأول ارهمفيهاخالدون.إن ئكأصحابالن وأول نياوالآخرة أعمالهمفيالدأولئكيرجونرحمت الذينآمنواوالذينهاجرواوجاهدوافيسبيلالله

غفوررحيم﴾.]البقرة:217–218[ والله اللهوهناتأتيالآياتبالتفاصيلالتيتكشفعنطرفمنتلكالحكمةالإلهيةفيالتكليفبالقتال،فمنأعظممقاصدالجهاد؛حمايةقيمةالعدالةوالإنصافبينالناس،وعدمإهدارهابينهم؛أيأناللهأمربالقتاللصدالعدوانوالدفاععنالأعراضوالحرمات،وحرمالاعتداءوالبدءبالقتال.الظلم مكافحة يوجب بما العدالة، بتحقيق الناس كلف والإسلاموالبغيحيثكان؛لالغرضفرضالهيمنةوالسيطرةواستعمارالشعوب،

بللتحقيققيمةالعدالةوحمايتها.للنبيعليهالصلاةوالسلام: قال أعرابيا أن الحديث: وقدوردفيالرجليقاتلللمغنم،والرجليقاتلللذكروالرجليقاتلليرىمكانه،فمنفيسبيلالله؟فقالالنبيصلى الله عليه وسلم:»منقاتللتكونكلمةاللههيالعليا

فهوفيسبيلالله«.111–رواهالبخاري،حديثرقم123. .111

بصائر من القرآن

209

أن على يدل وهذا والاعتداء، والمقاتلة الحرابة هو القتال فمناطالكفر، لا الظلم العدوان دفع هو إنما الجهاد، على الحقيقي الباعث

بدليلأنغيرالمقاتلمنالمدنيينلايقاتل.112التي الصعوبات لمواجهة يتهيأ أن المؤمن الإنسان تعلم والآياتتواجههفيالواقعنتيجةتمسكهبمبادئالمنهجالرباني.ولذلكالنبي–صلى الله عليه وسلم–والمجتمعالأولالذيصنعتهآياتسورةالبقرةهجرمكة،وهويحبهاويعشقترابها،لكنحباللهوتعاليمهوتنفيذمنهجهأحبإليه

مماأحب.أولئكيرجون الذينآمنواوالذينهاجرواوجاهدوافيسبيلالله ﴿إنغفوررحيم﴾.إنهالإنسانالقويالإرادةوالعزيمة،فلا والله رحمتالله

تفلهالشدائدوالصعابولاتغيرهالحوادثالجسام.منهناانتقلتالآياتمنالهجرةمنالمكانالذيلايتمكنفيهمنالعيشالكريمالذييمكنهمنالقيامبمهمةالخلافةبكلمتطلباتهاما فيه ترى فلا عليه وتعتاد النفس تألفه قد الذي الحرام هجرة إلىيقلقها،إمابسببماتعارفعليهفيبيئتهأولأسبابأخرى:﴿يسألونكعنالخمروالميسرقلفيهماإثمكبيرومنافعللناسوإثمهماأكبرمنالآيات لكم الله ن يبي لك كذ العفو قل ينفقون ماذا ويسألونك نفعهما

لعلكمتتفكرون﴾.–أخرجهأبوداودفيسننه،ج3ص52،والبيهقيفيالسننالكبرىج9ص90. .112

تدبر سورة البقرة

210

وقدنزلتهذهالآياتوكانالقوميعتبرونالخمرمنالحياةالاجتماعيةالتيألفوها،فكيفلهمأنيتخلواعنهاويفارقوها:يعشقونويحبونالخمر

اكيفيهجرونه،وهميحبونه؟! اجم حبكيفيهجرشيئااعتادعليه؟!﴿يسألونكعنالخمروالميسرقلفيهماإثمكبيرومنافعللناسوإثمهماأكبرمننفعهماويسألونكماذاينفقونلكمالآياتلعلكمتتفكرون﴾؛فالخمروالميسر نالله قلالعفوكذلكيبيفيهمامنافعللناس؛منافعجزئيةنسبية،ولكنإثمهماأكبرمننفعهما،

113. وجل ومنهناجاءالتحريممنعنداللهعزقالالبغويفيتفسيره–طدارطيبة)1/249(:وجملةالقولفيتحريمالخمرعلى .113ماقالالمفسرون:أناللهأنزلفيالخمرأربعآياتنزلتبمكةوهي:﴿ومنثمراتالمسلمون فكان ]67 ]النحل: حسنا﴾ ورزقا سكرا منه تتخذون والأعناب النخيليشربونهاوهيلهمحلاليومئذ،ثمنزلتفيمسألةعمرومعاذبنجبل﴿يسألونكأكبرمننفعهما﴾ وإثمهما للناس ومنافع إثمكبير فيهما قل والميسر عنالخمر]البقرة:219[..فتركهاقوملقوله﴿إثمكبير﴾وشربهاقوملقوله﴿ومنافعللناس﴾إلىأنصنععبدالرحمنبنعوفطعامافدعاناسامنأصحابالنبي–صلى الله عليه وسلم–وأتاهمفقرأ بهم فقدموابعضهمليصلي المغرب بخمرفشربواوسكروا،وحضرتصلاة»قلياأيهاالكافرونأعبدماتعبدون«هكذاإلىآخرالسورةبحذف»لا«فأنزلاللهلاةوأنتمسكارىحتىتعلمواماتقولون﴾ تعالى﴿ياأيهاالذينآمنوالاتقربواالص]النساء:43[فحرمالسكرفيأوقاتالصلاة،فلمانزلتهذهالآيةتركهاقوم،وقالوا:لاخيرفيشيءيحولبينناوبينالصلاة،وتركهاقومفيأوقاتالصلاةوشربوهافيغيرحينالصلاة،حتىكانالرجليشرببعدصلاةالعشاءفيصبحوقدزالعنهالسكر،ويشرببعدصلاةالصبحفيصحواإذاجاءوقتالظهر،واتخذعتبانبنمالكصنيعاودعارجالامنالمسلمينفيهمسعدبنأبيوقاصوكانقدشوى

بصائر من القرآن

211

فالتشريعاتتوازنبينالمفاسدوالمصالح،لينتهيإلىأنالأمرقديحرم،وفيهجزءمنالمنفعةإذاغلبتعليهالمضرةوالمفسدة.

والآيةجاءتبآفةالخمروالميسرمعا؛لمابينهمامنتلازموإهدارللثروةالماديةوالفكريةللبشر.

يقولأبوحيانفيذلك:»ذكراللهتعالىفيالخمروالميسرمفسدتين:إحداهمادنيوية،والأخرىدينية،فأماالدنيويةفإنالخمرتثيرالشرورجللايزال والأحقاد،وتؤولبشاربهاإلىالتقاطع،وأماالميسرفإنالريقامرحتىيبقىسليبالاشيءله،وينتهيإلىأنيقامرحتىعلىلهمرأسبعير،فأكلوامنهوشربواالخمرحتىأخذتمنهم،ثمإنهمافتخرواعندوفخر فيهاهجاءللأنصار فأنشدسعدقصيدة وتناشدواالأشعار، وانتسبوا ذلكالبعيرفضرببهرأسسعدفشجه،فانطلق لقومه،فأخذرجلمنالأنصارلحيسعدإلىرسولالله–صلى الله عليه وسلم–وشكاإليهالأنصاريفقالعمر:اللهمبينلنافيالخمربياناشافيا،فأنزلاللهتعالىتحريمالخمرفيسورةالمائدة:﴿ياأيهاالذينآمنوايطانفاجتنبوهلعلكم إنماالخمروالميسروالأنصابوالأزلامرجسمنعملالشيطانأنيوقعبينكمالعداوةوالبغضاءفيالخمروالميسر تفلحون)90(إنمايريدالشلاةفهلأنتممنتهون﴾]المائدة:90،91[وذلكبعدغزوة وعنالص كمعنذكرالله ويصدالأحزاببأيامفقالعمررضياللهعنه:انتهينايارب،قالأنس:حرمتالخمرولميكنيومئذللعربعيشأعجبمنهاوماحرمعليهمشيءأشدمنالخمر.وعنابنعمر–رضياللهعنهما–قال:لمانزلتالآيةفيسورةالمائدةحرمتالخمرفخرجنابالحبابإلىالطريقفصببنامافيها،فمناكسرصبهومنامنغسلهبالماءوالطين،ولقدغودرتأزقةالمدينةبعدذلكحينافلمامطرتاستبانفيهالون

الخمروفاحتمنهاريحها.اهـ.

تدبر سورة البقرة

212

ينيةفالخمرلغلبةالسروروالطرببهاتلهيعن أهلهوولده،وأماالدذكراللهوعنالصلاة،والميسرسواءكانغالباأومغلوبايلهيعنذكر

الله«.114إذيبلغالإهدارفيهذاالمجالحدايفوقالمليارات.ولذلكختمتالآياتبقولهتعالى–داعياالخلقإلىالتفكرومراجعةالنفسللخلاصرون« لكمالآياتلعلكمتتفك نالله منهذهالسلوكياتالخطيرة–:»يبيتفكرفيالمالالذييهدر،فيالعلاقاتالتيتهدموفيالبيوتوالأسر

التيتحطمجراءهذهالأوبئةالفتاكة.الكوارث لهذه التحريم العظيمكشفجوانبمنمقاصد والقرآنأن يطان الش يريد )إنما تعالى: بقوله والمادية والإنسانية الاجتماعيةكمعنذكرالله يوقعبينكمالعداوةوالبغضاءفيالخمروالميسرويصد

نتهون()91(سورةالمائدة. لاةفهلأنتمم وعنالصومنمقاصدتحريمهاتينالآفتينمايترتبعليهمامنسوءالتصرففيأمانةالعقلوأمانةالمال.تلكالأماناتالتيجعلالقرآنالعظيمكرمه به الإنسان، على النعم أعظم من فالعقل خاصة؛ مصارف لهماالخالقعزوجل،وفضلهعلىسائرماخلقوأوجببهالتكاليف.الأمرالذييقتضيالحفاظعليهوالقيامبذلكعلىأحسنصورة.وكذلكالمال–أبوحيانالأندلسي،تفسيرالبحرالمحيط،دارالكتبالعلمية،بيروت،1993م، .114

ج4،ص17

بصائر من القرآن

213

منأجلالوسائلالتييقومبهاالإنسانبمهمةالاستخلافوواجباتها،فأنىلعاقلأنيهدرهويضيعهبالقمار!.

وثمةتلازمبينالخمروالقمار؛منحيثإنالإنسانالعاقلالمكتملعادة جرت فقد ماله؛ إهدار وبين بينه ويحول عقله سيمنعه النضجالعقلاءعلىالسعيفيكسبالمالوتحصيلهوالحفاظعليه.فلايقدمالإنسانعلىإهدارمابذلالجهدفيتحصيلهوكسبهمنالمالإلاحينيضعفعقلهوتتضاءلقدرتهعلىالتفكرفيمآلاتالأمورونتائجها،

فيتخبطبعيداعنصوتالعقلالذيأسكتهوغطاهبتناولالخمر.وعلىالنقيضمنإهدارالأموالفيالقنواتالموبوءة،تقدمالآياتأشكالامنأوجهالإنفاقالمشروعةمنكفالةالأيتاموالقيامبحقوقهم:﴿فيقلإصلاحلهمخيروإنتخالطوهم نياوالآخرةويسألونكعناليتامى الد الله إن لأعنتكم ولوشاءالله يعلمالمفسدمنالمصلح والله فإخوانكم

عزيزحكيم﴾...]البقرة:220[.اأنزل ووردفيسببنزولهذهالآيةماجاءعنابنعباسقال:لمالذين ﴿إن بالتيهيأحسن﴾، إلا اليتيم مال تقربوا ﴿ولا : وجل عز – اللهيأكلونأموالاليتامىظلما﴾،انطلقممنكانعندهماليتيمفعزلطعامهيءمنطعامهفيحبس لالش منطعامهوشرابهمنشرابه،وجعليفض– الله لرسول ذلك فذكروا عليهم، ذلك واشتد يفسد، أو يأكله حتى لهوجل:﴿ويسألونكعناليتامىقلإصلاحلهمخير﴾، –عز صلى الله عليه وسلم–فأنزلالله

تدبر سورة البقرة

214

فتخلطونطعامكمبطعامهموشرابكمبشرابهم.والآيةتوضحأنالقصدالحفاظعلىأموالاليتيم،ومافيهتحقيقلمصلحته،وليسالوقوعفي

الحرجوالعنتوالمشقة.ثمتنتقلبعدذلكالتعليماتوالتشريعاتإلىمؤسسةالزواجالذييعكسبدورهصورةأخرىمنصورالإيمانوالتقوى؛فالزواجليسقضيةجامدةأوماديةبحتة،بلهيعلاقةوتعلقماديوروحيومعنويوفكري،المشاعروالاعتقاد.وهناتظهر تناغموانسجامفي يقامعلى أن لابدعظمةهذاالدينفيالارتقاءبالنفسالبشريةحتىفيأدقالحالات

الحسيةوأخصها.والمؤمن؛ المشرك بين الزواج عن والنهي التحريم جاء هنا منعلاقة ليس فالزواج والكفر؛ الإيمان بين الواضح والتنافر للتناقضماديةبدنيةفحسب،بلعلاقةأرواحوعقولوتآلفقلوبوتزاوجأفكار.فلابدأنيكونثمةمستوىمعينللاتفاقوالانسجاموالتناغمبينالزوجوالزوجة،وأنىأنيتحققهذاالتناغموالتوافق،وهناكاختلافجذري

فيالاعتقادوفيالشعورفيأهمقضيةللإنسان!.منهناجاءالربطفيالآياتبينالعلاقةالفكريةالإيمانيةوالعلاقة

الخاصةبينالزوجين،ليجعلمنهاعلاقةمكملةلذلك:شركةولو نم ؤمنةخيرم ولأمةم ﴿ولاتنكحواالمشركاتحتىيؤمنشرك نم ؤمنخيرم ولاتنكحواالمشركينحتىيؤمنواولعبدم أعجبتكم

بصائر من القرآن

215

ةوالمغفرةبإذنه يدعوإلىالجن اروالله ئكيدعونإلىالن أول ولوأعجبكمقلهو نآياتهللناسلعلهميتذكرون)221(ويسألونكعنالمحيض ويبيرن حتىيطهرنفإذاتطه ولاتقربوهن أذىفاعتزلواالنساءفيالمحيضرين المتطه ويحب ابين و الت يحب الله إن الله أمركم حيث من فأتوهنواتقوا موالأنفسكم )222(نساؤكمحرثلكمفأتواحرثكمأنىشئتموقدعرضة الله تجعلوا ولا )223( المؤمنين ر وبش لاقوه م أنكم واعلموا اللهسميععليم)224(﴾. والله واوتتقواوتصلحوابينالناس يمانكمأنتبر لأثمتنتقلالآياتمنالحديثعنالزواجفيإطارهالعامإلىالحديثعنتفاصيلدقيقةفيالعلاقةالخاصةبينالرجلوالمرأةفيذاتالسياقالارتقائيبذلكالعملالحسيالبحث؛لتحويلهإلىعملعبادييسموبسرالإنسانوخاطرهويسهمفيتزكيةجسدهمنكلحرامإلىالحلال

المباحالذييحققالعفةوالطهارة.وتدخلالآياتالعظيمةرقابةالتقوىوظلالهاعلىكافةالجزئياتوالمشاهد،فتطهرتلكالعلاقةوتنقيهاوترتقيبهالتجعلمنهاعلاقةوالطهر التقوى من بسياج مصانة الإنسانية، بالكرامة تليق سامية

والعفاف.والناظرفيواقعالإنسانيةاليوم،يلحظذلكالبونالشاسعبينرقيالقرآنالعظيمبألفاظهومعانيهحولتلكالعلاقةالخاصةبينالزوجين،وبينالفوضىالعارمةالحاصلةفيمختلفوسائلالإعلامالحديثالتي

تدبر سورة البقرة

216

جعلتتلكالعلاقةتبدووكأنهاأقربإلىالحيوانيةمنهاإلىالإنسانية؛فالدورانفيفلكالشهواتوتلبيةنداءاتهاالمحمومةظهرفيمختلفحول الإعلام وسائل من الكثير وإفصاحات بل ورمزيات، إيحاءاتلهاأن الكريم القرآن أراد التي العلاقاتالخاصةبينالرجلوزوجته

تبقىمقصورةفيبيوتالزوجيةمصانةبينجدرانها.وتواصلالآياتالعظيمةتهذيبالنفوسوتربيةالعقولوالوقوفبهامع تدور متدنية مستويات إلى هبوطها دون تحول التي الحدود عندقلهوأذىفاعتزلوا شهواتهادونضابطأورابط:﴿ويسألونكعنالمحيضمن فأتوهن رن فإذاتطه حتىيطهرن ولاتقربوهن النساءفيالمحيضرين)222(نساؤكم المتطه ابينويحب و الت يحب الله إن حيثأمركماللهواعلموا موالأنفسكمواتقواالله حرثلكمفأتواحرثكمأنىشئتموقد

رالمؤمنين﴾]البقرة:223[. أنكمملاقوهوبشومابينالتطهرالحسيمنالحيضوالتطهرالمعنويالذيجاءفيسياقمحبةاللهسبحانهوتعالىلعبادهالمتطهرين،تأتيالتوبةالتيهيغسللأدرانالنفسوالروحمنالآثاموالمعاصي؛فكماحثاللهسبحانه

عبادهعلىتطهيرالجسد،حثعلىتطهيرالروحوالنفسمنالآثام.قلب من تنبثق وسلوكه، ومشاعره الإنسان تصقل حالة فالتقوىأنكم واعلموا الله »واتقوا داره: عمق في كان ولو الله مراقبة يستشعر

رالمؤمنين«. ملاقوهوبش

بصائر من القرآن

217

كماتعالجالآياتقضيةتشيعفيالبيوتوبينأفرادالأسرةوالزوجينبشكلخاص،تتمثلفيكثرةالحلفوالقسمباللهسبحانه.﴿ولاتجعلواسميععليم. والله واوتتقواوتصلحوابينالناس يمانكمأنتبر عرضةلأ الله والله باللغوفيأيمانكمولكنيؤاخذكمبماكسبتقلوبكم يؤاخذكمالله لا غفورحليم)225(للذينيؤلونمننسائهمتربصأربعةأشهرفإنفاءوافإنحيم)226(﴾.فالقسمتعظيمالمقسمبهوتأكيدالمقسمعليه، غفورر اللهمنهناكانلابدمنالحفظعليهوالحرصعلىالوفاءبه،واستثنىمنذلكمايقسمالإنسانعليهتلفظادونقصدلهبقلبه،فهذاممايعفواللهسبحانهعنه.وفيهذاتوجيهللارتقاءبألفاظالإنسانوأقوالهومراقبتهلمايصدرعنهبقصدأوبدونقصد.وقديصلالحلفإلىدرجةأنيقسمالرجلعلىأنيعتزلامرأته،فلايقربها،ولايعاملهامعاملةالأزواجأكثرمنأربعةأشهر.وكانإيلاءالناسفيالجاهليةالسنةوالسنتين،وقدتقضيالمرأةعمرهاكالمعلقة،فلاهيزوجةتتمتعبحقوقالزوجة،ولاهيمطلقةتستطيعأنتتزوجبرجلغيره؛فجاءالقرآنليعيدالأمورإلىنصابهاويوصدأيبابيجرعلىالمرأةالظلموهضمحقوقها،فحددالأمر

بأربعةأشهرلمراجعةالزوجنفسه.وكماكانتالتقوىحاضرةفيالزواج،ظهرتتجلياتهافيالطلاقوالفرقةبينالزوجين،ثمتنتقلالآياتبعدذلكإلىتفاصيلوإجراءاتفيالعلاقةالزوجية،علاقةالطلاق،وعلاقةالنفورالتيقدتحدث:﴿وإنسميععليم﴾]البقرة:227[وهنايظهرنبلالأخلاق الله عزمواالطلاقفإن

تدبر سورة البقرة

218

التيصنعتعلىعينالتقوىحتىفيحالوقوعالنفوربينالزوجين،تلك على الحكم في البشرية السلبية النفسية المشاعر تتحكم فلاالعلاقة؛فالذييحكمالعلاقةهوذاكالمنهجالربانيالذييقفحائلا

بينالإنسانواتباعهوىنفسهفيالمحبةأوفيغيرها.فالتقوىتحولبينالإنسانوبينالاعتداءعلىالمرأة–الطرفالذيقديبدوالأضعف–لتجعلتلكالعلاقاتمحكومةبمنطقهالابمنطق

الأهواءوالأمزجةالمتقلبة.ثمتنتقلالآياتللحديثعنالتفاصيلالمتعلقةبحدوثالطلاق، وتأملواكيفتكونالتقوىحاضرةفيكلهذهالجزئيات،يقولربيعزأنيكتمن لهن ثلاثةقروءولايحل :﴿والمطلقاتيتربصنبأنفسهن وجلواليومالآخر...﴾]البقرة:228[. بالله يؤمن إنكن فيأرحامهن ماخلقاللهماعلاقةالإيمانباللهفيمراعاةالمعتدةلعدتهاوالفترةالتيتعتدفيها؟الإيمانقضيةفاعلة،الإيمانماوقرفيقلبالإنسانوصدقتهأعمالتصدقه الإيمانقضيةحاضرة وتصرفاته، وأفعاله وسلوكياته الإنسانبالمعروف مثلالذيعليهن الأعمالوالتصرفاتوالممارسات:﴿...ولهن

عزيزحكيم﴾]البقرة:228[ درجةوالله جالعليهن وللرلكمأن تانفإمساكبمعروفأوتسريحبإحسانولايحل ﴿الطلاقمرفإنخفتم يقيماحدودالله أنيخافاألا شيئاإلا اآتيتموهن تأخذوامم

بصائر من القرآن

219

فلاجناحعليهمافيماافتدتبهتلكحدودالله يقيماحدودالله ألافأولئكهمالظالمون)229(فإنطلقها حدودالله فلاتعتدوهاومنيتعدلهمنبعدحتىتنكحزوجاغيرهفإنطلقهافلاجناحعليهما فلاتحللقوم نها يبي الله حدود وتلك الله حدود يقيما أن ظنا إن يتراجعا أنبمعروفأو فأمسكوهن يعلمون)230(وإذاطلقتمالنساءفبلغنأجلهنضرارالتعتدواومنيفعلذلكفقد بمعروفولاتمسكوهن حوهن سرعليكموماأنزل هزواواذكروانعمةالله ظلمنفسهولاتتخذواآياتالله بكل الله واعلمواأن عليكممنالكتابوالحكمةيعظكمبهواتقواالله

شيءعليم)231(﴾.ولوأنالبيوتوالعلاقاتبينالزوجينوالعلاقاتالأسريةأقيمت،لماكانثمةحاجةإلى وجل علىدعائمالمنهجالمصانبتقوىاللهعز

الوقوففيطوابيروصفوفعلىأبوابالمحاكمالشرعية!.التي العارمة والفوضى النزاعات تلك كل لحل الحاجة ولانتفتتسودالكثيرمنالأسروالبيوتاليوم،فماسادتتلكالفوضىوالعداوةوالكراهيةوضياعالحقوقوعدمالإمساكبمعروفولاالتسريحبإحسان

إلاحينغابتمعالمالمنهجالربانيفيالقلوبوالسلوك.والمشاهدمنارتفاعوتزايدنسبالطلاقفيالمجتمعاتالمسلمة،الذي الحياة وأسلوب والسلوك بالعمل التقوى ربط أهمية إلى يشيريعيشهالإنسانمعأهلهوأسرتهومنحوله.فالتقوىفيالسورةحاضرة

تدبر سورة البقرة

220

الدفع ،الأمرالذييؤكدقوتهافي التشريعات بتفاصيلهافيمختلفبالإنساننحوالأفضلفيالتعاملوالأخلاق.

تعتدوها فلا الله تلكحدود ...﴿ منهناختمتالآيةبقولهتعالى:فالحدودفي ]البقرة:229[؛ الظالمون﴾ هم فأولئك الله حدود يتعد ومنالعلاقاتالأسريةبينالزوجينوضعهاالربسبحانهوتعالى،وعلىقدرتقوىالعبدومحبته،تكونمراعاةالحدودالتيوضعها.هذهحدوداللهالتييبينهالقوميعلمون. وجل ،وهذهثمرةمراعاةحدوداللهعز وجل عزومابينالإمساكبمعروفوالتسريحبإحسان،تتحققمقاصدالرابطةالزوجيةوحلتلكالرابطةإذااقتضىالأمر،دونإلحاقالضرربأيمن

الطرفين.التعبير وفيوصفالإمساكبمعروفوالتسريحبإحسانمنبديعالقرآني،فإنالإمساكبالزوجةوالإبقاءعليهاعلىقيدالزواج؛ربماكانلإيقاعالضرربها،وهذامخالفلماهومعروفشرعاوعقلاوعرفا.وهذاالإضرارمماتعارفعليهالناسفيالجاهليةقبلالإسلام،فنزلالقرآن

ليصححتلكالأوضاعالمخالفةللعدلوالرحمةوالحكمة.من وجود المسلمة، المجتمعات بعض في اليوم له يؤسف ومماأن لها يراد الزوجية الحياة وكأن بها الإضرار لأجل بالزوجة يمسك

تكونسجنالاسكناوأمانالكلأفرادالأسرة.

بصائر من القرآن

221

﴿وإذا الربانية: التعليمات مخالفة وجل عز الله تحريم جاء ولذابمعروف حوهن بمعروفأوسر فأمسكوهن طلقتمالنساءفبلغنأجلهنضرارالتعتدواومنيفعلذلكفقدظلمنفسهولاتتخذوا ولاتمسكوهنالكتاب من عليكم أنزل وما عليكم الله نعمة واذكروا هزوا الله آيات)231( عليم شيء بكل الله أن واعلموا الله واتقوا به يعظكم والحكمةإذا أنينكحنأزواجهن فلاتعضلوهن وإذاطلقتمالنساءفبلغنأجلهنواليوم تراضوابينهمبالمعروفذلكيوعظبهمنكانمنكميؤمنبالله

يعلموأنتملاتعلمون)232(. الآخرذلكمأزكىلكموأطهرواللهفإبقاءالمرأةعلىقيدالزوجيةبقصدالإضراربها–كمايحدثفيا–لامحبةفيعشرتهاولابقاءعليها–يعدمن مجتمعاتكثيرةجدضرارالتعتدواومنيفعلذلكفقدظلم المحرمات:﴿...ولاتمسكوهنهزوا...﴾]البقرة:231[وتختمبقوله﴿...واتقوا نفسهولاتتخذواآياتالله

. وجل شيءعليم﴾]البقرة:231[تقوىاللهعز بكل الله واعلمواأن اللهفليستالأسرةولابيتالزوجيةبالسجنالذييكرهالإنسانعلىالسكن تحقق هو لقيامه الأساس المقصد إن بل بينجدرانه العيش

والطمأنينةوالراحة.والقرآنالعظيمذهبإلىأبعدمنذلكفيتعميقهذاالمعنى؛حينجعلعدمتمسكالرجلبثنائيةالإمساكبمعروفوالتسريحبإحسان،منقبيلاتخاذآياتاللههزوا.فآياتالقرآنالعظيمنزلتلأجلأنيسير

تدبر سورة البقرة

222

عليهاالناسفيحياتهموواقعهموليسلأجلتلاوتهاومخالفةأوامرهاوأحكامهافيالواقعالإنساني.

وعندتتبعمفردةالطلاقفيالقرآن،يلحظالمتدبرأناللفظةتأتيعندالحديثعنالإجراءاتالمتعلقةبالانفصالوالأحكامالعمليةأساليب عن الحديث يكون أنهحين إلا وغيرها. والرجعة العدة منوالإحسان المعروف بمفردات الكلام يأتي الطلاق فيحال التعامل

والتقوى.العظيم، القرآن في وتوابعها المفردة منظومة يجعل الذي الأمرتؤسسلنهجقويمفيالتعاملاتالأسرية،وخاصةفيحالوقوعالطلاق:

تانفإمساكبمعروفأوتسريحبإحسان﴾. ﴿الطلاقمروقدتحدثبعضالمفسرينوالفقهاءعنتأويلالمعروفبردحقوقالمرأةالمالية،وألايذكرهابسوءأوينفرغيرهمنها.إلاأنالتدبرفيهاوفيالسياقالذيوردتفيهاآياتوأحكامالطلاق،يدركأنالمسألةأبعدمنذلك،وأنذكرالإحسانالذي–هوأعلىمنالمعروفدرجةوأقربإلىالتقوى–فيمجالالتسريحلهدلالةخاصة؛ذاكأنالتسريحفراق،والإنسانحينيفارقأحدا،وخاصةفيوقوعالطلاقالذيهوفيتحري يجانب ما غالبا الزوجية، للخلافات فاصل حد وضع حقيقتهالإحسانبحكممايخالجالنفسمنمشاعروذكرياتسلبية،فكانذكر

الإحسانمنأعظمآياتالبيانالقرآني.

بصائر من القرآن

223

والحكمة الكتاب إنزال الناس على العظيم القرآن امتن هنا منالتيهيعلمآياتهوحكمهوفهمحقائقالقرآن115،معالتذكيربعلماللهسبحانهالمحيطبمايفعلهالإنسانومايقومبه؛فالإيمانباللهسبحانهوتعالىيصدقهتعاملالإنسانومحافظتهعلىالقيامبماأمراللهسبحانهفيأدقتفاصيلحياتهالعائليةالتيلايطلععليهاإلااللهسبحانهولا

يعلمخفاياهاودقائقهاإلاهو.ويأتيالحديثهناعنالتقوىالتيتمنعالرجلمنإلحاقأيضررأنههوسبحانه بالزواج،كما المرأة الذيأحلعشرة بالمرأة،فاللههوأباحالطلاقإناقتضىالأمر،فهوالذييمنع،ولذلكالآياتكلهاتنتهي

شيءعليم﴾. بكل الله واعلمواأن بالحديثعنتقوىالله:﴿واتقوااللهوفيثناياذلكجاءالنهيعنالعضل.والعضلفيالأصليأتيبمعنىالمنعوالشدةوالحبسفيشدةومضرة.116وقداختلففيتوجيهالخطابهلهوللأولياءأمللأزواج،إلاأنمنأحسنماجاءفيذلكأنالخطابللأمة؛لأنهامتكافلةفيالمصالحالعامةعلىحسبالشريعة؛كأنهيقول:ياأيهاالذينآمنواإذاوقعمنكمتطليقللنساءوانقضتعدتهنوأراد

أزواجهنأوغيرهمأنينكحوهنوأردنهنذلكفلاتعضلوهن.–الراغبالأصفهاني،المفردات،ص135،مادةحكم. .115

–ابنعطية،المحررالوجيزفيتفسيرالكتابالعزيز،تفسيرسورةالنساء،الآية .11619،ص27.

تدبر سورة البقرة

224

وعلىهذاالوجهيأخذكلواحدحظهمنالخطابللمجموع،والحكمةفيهذاالخطابالعامهناأنيعلمالمسلمونأنهيجبعلىمنعلممنهمبوقوعالمنكرمنأولياءالنساءأوغيرهمأنينهوهمعنذلكحتىيفيئواإلىأمرالله،وأنهمإذاسكتواعلىالمنكرورضوابهيأثمون،والسرفيتكافلالأمةأنالأفرادإذاوكلواإلىأنفسهمفكثيرامايرجحونأهواءهموشهواتهمعلىالحقوالمصلحة،ثميقتديبعضهمببعضمععدمالنكير،فيكثرالشروالمنكرفيالأمةفتهلك،ففيالتكافلوالتعاونعلىإزالةالمنكردفاععنالأمة،ولكلمكلفحقفيذلك؛لأنالبلاءإذاوقعفإنهيصيبهسهممنه.117منهناجاءالحديثعنالوعظالذيفيأصلمعناه:زجرمقترنبتخويف.118كماربطالقرآنالعظيمبيناتعاظالناسفيذلكوإيمانهمالواقعي والتطبيق الإيمان بين التلازم تأكيد ذلك وفي سبحانه، بالله

لتعاليمالقرآنالعظيم.يعلموأنتملاتعلمون﴾]البقرة:232[. ﴿ذلكمأزكىلكموأطهروالله

منهناجاءختامالحديثعنهذهالقضيةالأسريةببيانثمرةاتباعمنهجاللهسبحانهوتعالىفيالنفسالإنسانيةمتمثلةفيحدوثالتزكيةوحصولالتطهير؛فالتزكيةمنالمادةالثلاثية)زكا(،نقول:»زكازكاءوزكواوزكيوتزكى،وزكاهالله،وزكىنفسهتزكية«،»وأصلالزكاةفياللغةالطهارة

–بتصرفبسيطعن:محمدرشيدرضا،تفسيرالمنار،آيةالبقرة232. .117–الأصفهاني،المفردات،وعظ،ص542. .118

بصائر من القرآن

225

والنماءوالبركةوالمدح«،كماجاءفيلسانالعرب،وزادالراغبقيدالهذاكاة:النموالحاصل النماءخاصابالمعنىالقرآنيللمادةفقال:»أصلالز

عنبركةاللهتعالى،ويعتبرذلكبالأمورالدنيويةوالأخروية«.التحليبالصفات )أزكى(يؤكدأهمية منهنايظهرأنورودلفظةوالأخلاقالمحمودة،و)أطهر(التيتؤكدأهميةالتخليةعنالسيئاتوالصفاتالمذمومة.ولعلالحكمةفيتقديملفظة)أزكى(على)أطهر(فيالآية،هوأناتباعهذهالصفاتالمحمودةحتىفيحالةوقوعالطلاقوماقديصاحبهامنتوتراتنفسية،سيثمرفيتطهيرنفسالإنسانمن

القبائحوالصفاتالمذمومة.فالتحليةوالتخليةيسيرانجنباإلىجنبويبقىالسياقمحدداأيهمايكونمؤديالغيره.وقدتقدمالأمربالصفاتالمحمودةفيسياقهذهالآيات،فكانالتحليبهامسوقاإلىالتخليعنالصفاتالمذمومةسواءماتعارفعليهالناسقبلنزولالقرآنأواعتادواعليهمنسلوكيات

مخالفةلماأمربهكتابالله.

ضاعة الر حولينكاملينلمنأرادأنيتم ﴿والوالداتيرضعنأولادهنبالمعروفلاتكلفنفسإلاوسعها وكسوتهن وعلىالمولودلهرزقهنفإن ذلك مثل الوارث وعلى بولده له مولود ولا بولدها والدة تضآر لاأن أردتم وإن عليهما جناح فلا وتشاور نهما م تراض عن فصالا أرادا

تدبر سورة البقرة

226

بالمعروف آتيتم آ م سلمتم إذا عليكم جناح فلا أولادكم تسترضعوابماتعملونبصير﴾233. الله واعلمواأن واتقواالله

ثمتنتقلالآياتللحديثعنالرضاعفيحالالطلاقوفيغيرحالالطلاقليؤكدالقرآنالعظيممنخلالمنظومةالمعروفأنالعلاقاتالأسريةلاتبنىإلاعلىالخيروالمعروف،ولاتبنىعلىالصراعبينالرجلوالمرأة.منهناكانالنهيعنالمضارةوإلحاقالأذىبأيطرف

منالأطرافبسببوجودالوليد.والآيةالعظيمةواحدةمنآياتتكلمتعنالرضاعوالفصالفيالقرآنالكريم،حيثذكرتالكلمتانأربععشرةمرةفيسبعسور.والآياتالعظيمةتوضحأهميةالرضاعةالطبيعيةوفائدتهاللطفلوالأمفيذاتالوقت.وقد

كشفتالعديدمنالدراساتالعلميةفوائدالرضاعةالطبيعيةللطفل.وفيموضعالآيةفيالسورةبعدآياتالطلاق،تأكيدلضرورةالاهتمامبالأبناءوالقيامبشئونهم؛فانفصامالعلاقةبينالزوجين،لاينبغيأنالكثيرمنالآباءوالأمهات أن إذ يعانيمنهالأبناءولوكانواصغارا.

يهملونالاهتمامبالأبناءفيتلكالمرحلة.إلى الخلاف المواقفمن بقوةفيجميع المعروفحاضرا ويبقى

الطلاقإلىالرضاع.وتنتقلالآياتالعظيمةللحديثعنسببآخرغيرالطلاقفيإنهاءأزواجا ويذرون منكم يتوفون ﴿والذين الوفاة: وهو ألا الزوجية، الرابطة

بصائر من القرآن

227

فلاجناحعليكم أربعةأشهروعشرافإذابلغنأجلهن يتربصنبأنفسهنبماتعملونخبير.ولاجناحعليكم بالمعروفوالله فيمافعلنفيأنفسهنأنكم ضتمبهمنخطبةالنساءأوأكننتمفيأنفسكمعلمالله فيماعرعروفاولاتعزموا اإلاأنتقولواقولام سر ولكنلاتواعدوهن ستذكرونهنيعلممافيأنفسكم الله كاححتىيبلغالكتابأجلهواعلمواأن عقدةالن

غفورحليم﴾.234–235. الله فاحذروهواعلمواأنوالحديثعنانتهاءالرابطةالزوجيةبالوفاةفيسورةالبقرة،وردفيسياقالأحكامالمتعلقةبهامنعدةومايلحقبها.منهناجاءتوالتربص )يتربصن(، مفردة باستعمال بالعدة بالأمر الكريمة الآياتالعظيم القرآن بالشيء.وقديكونمنمقاصداستعمال طولالانتظارللفظةالتربصفيعدةالمرأةفيالطلاقوالوفاة،بيانالجوانبالنفسيةالمتعلقةبذلكالانتظار؛فالمرأةالمعتدةسواءأكانتمطلقةأوتوفيعنهازوجها،تمرعليهاتلكالأياموالشهورطويلة،فكانالإتيانبلفظة

التربصدقيقامعبراعنجوانبمنحالتها.والناظرفيتاريخالعربوغيرهمفيحالالإحدادعلىالزوج119،يرىعجبايدركمنخلالهطرفامنرحمةالتعاليمالقرآنيةوعظمةالأحكامالموصلي. بـنمحمـود الله عبـد انظر: الفقهية، الحداد بأحكام يتعلق ما –حول .119الأخبـارلتعليـلالمختـار–دارالمعرفـة–بـيروت771/3،ابـنعبـدالـبر–أبـوعمـريوسـفبـنعبـدالله–مؤسسـةالنـداء355/6،455،الرملـي–شمـسالأئمـة–نهايةالمحتـاج.ط–الحلـبي–041/7،وابـنقدامـة–المغـني8/77–المراجعالسابقة،

والكاساني–بدائعالصنائع802/3.

تدبر سورة البقرة

228

الشرعيةالتيانتشلتالنساءمنبؤرةالظلموالوقوعفيبراثنالجهلوالخرافةالذيطغىعلىالكثيرمنالأعرافوالعاداتالجائرةالمتعلقةبهذاالأمرالتيعبرتسطوتهاالزمنلتصلإلىالعصرالراهن؛فكثيرعالةعلى وتمسي زوجها، وفاة بعد بالمرأة ترحب المجتمعاتلا من

أسرتهاوأسرةزوجها،بلونذيرشؤمعليهم.120حتىإنالأممالمتحدةنشرتفيتقريرلهاعام2010مأنملايينمنأراملالعالميعشنتحتذلالفقرالمدقعوالنبذوالعنفوالتشرد

وسوءالصحةوالتمييزفيكلمنالقانونوالعرف.121إنماجاءتبهالتعاليمالقرآنيةفيتحديدفترةالإحدادعلىالزوج،ومنثمالنصعلىحقالمرأةبعدانقضاءالعدةفيالزواجوالبدءبحياةجديدة،يعدمنأوضحالدلائلعلىرحمةالشريعةالإسلاميةبالمرأةبخالقه الإنسان بعلاقة الأوامر تلك مراعاة وربط لحقوقها، وحفظها

بماتعملونخبير﴾. سبحانه:﴿واللهوالقرآنيؤكدمرةبعدمرةوآيةبعدآيةوحكمابعدحكمأنالالتزامبهذهالأوامروالتعاليمالشرعية،إنماهومنصميمإيمانالعبدوتقواهوالتعبيرعنمراقبتهلمولاه.تلكالمراقبةالتيتصلإلىحدالوقوفعنالتعريضبالرغبةفيزواجالمعتدة.والتعريضقولمفهوملمقصود

–انظرحولذلك:محمدرشيدرضا،تفسيرالمنار،تفسيرآية234. .120https://www.un.org/ar/events/widowsday/background.shtml– .121

بصائر من القرآن

229

على للدلالة يصلح ما الكلام يتضمن أن أو فيه. بنص وليس الشيءالمقصودوغيره،وإنكانالإشعاربالمقصودأوضحوأتم.122

على العقد عن بالنهي المتعلقة الأحكام ختام في جاء هنا منيعلممافيأنفسكمفاحذروه الله المعتدةبقولهعزوجل:﴿واعلمواأنالقرآن أحاطها العظيمة الأحكام فهذه حليم﴾؛ غفور الله أن واعلمواالعظيمبسياجداخلييبدأفيضميرالإنسانونفسهوشعورهبمراقبةتحقيق إلى يسوق الذي الأمر وجهره. سره على واطلاعه سبحانه اللهالنزاهةالحقيقيةوالعفةالطبيعيةفيالأفراد،وهوأمرلميكنليتحققلوبقيتالأحكامالشرعيةوالتعاليمالإلهيةقواعدعمليةغيرمرتبطة

بالإيمانوالتقوى.منهناجاءالحديثفيجميعأحكامالزواجوالطلاقوالعدةوالمهورمحاطابسياجالتقوى،مصنوعاكماهيالنفسالبشريةالتيقدتعتريها

حالاتالضعف: لهن تفرضوا أو وهن تمس لم ما النساء طلقتم إن عليكم جناح ﴿لاعلىالموسعقدرهوعلىالمقترقدرهمتاعابالمعروف عوهن فريضةومت وقدفرضتملهن وهن منقبلأنتمس اعلىالمحسنين.وإنطلقتموهن حقكاح فريضةفنصفمافرضتمإلاأنيعفونأويعفوالذيبيدهعقدةالن–راجعفيذلك:ابنالعربي،أحكامالقرآن،ج1،ص285.وانظركذلك:محمدعقلة، .122

نظامالأسرةفيالإسلام،مطبعةالشرق،عمان،1983م.

تدبر سورة البقرة

230

تعملون بما الله إن بينكم الفضل تنسوا ولا للتقوى أقرب تعفوا وأنبصير﴾.236–237.

التي والحالات الإنسانية الظروف مختلف الآيات تستغرق وهناوأعمق أدق عن المفردات وأنزه بأجزل معبرة الطلاق بوقوع تتعلقتفاصيلالعلاقةالزوجية،فيإطاريعلمالبشريةرفعةالإنسانوكرامتهمنخلالالتعابيرالتيتجريعلىلسانه.فإذابالقرآنالعظيميعبرعنها

بلفظةالمسفيسياقيقتضيتأطيرالطلاقوأحكامه.الحالة هذه في للمطلقة عنها الحديث القرآن ساق التي والمتعةتحققمقاصدالمعروفوالخيربينالناسوجبرالخواطر؛فغالبحالاتفكانت شابه، وما الطباع تنافر قبيل من تحدث الدخول قبل الطلاقلقصد محققة إحسانه، ودرجة المادية الزوج بحالة المرتهنة المتعة

الحفاظعلىالمعروفبينالناس.عقدة بيده الذي يعفو أو ﴿يعفون العفو: عن الحديث جاء هنا منبما الله إن بينكم الفضل تنسوا ولا للتقوى أقرب تعفوا وأن كاح النتعملونبصير﴾.والعفوبماأنفقمنمالعامللرجالوالنساء،فقديحصلفيبعضالحالاتأنيكونالعفومنقبلالرجالأولىوبعضهامنالنساءأولى،فجاءالخطابعامابالعفوبحسبالوضع:)وأنتعفواأقربللتقوى(.والعلاقةبينالعفووالتقوىعلاقةتلازموترابط،فكلمازادرصيدالتقوىفيالقلب،ظهرذلكفيتعاملاتالإنسان،ولوكانفيحالظرفكالطلاق

بصائر من القرآن

231

الذيقديحدثفيهمنالكدرفيالعلاقاتالإنسانيةمايحدث.وتدخلالآياتالقرآنيةفيأعماقضميرالمؤمنلتذكرهبالفضلبينالأطراف

التيآلتالعلاقةبينهمإلىالطلاقفيهذاالسياق.والقاعدةعامةجامعةلكلمعانيالفضيلةالتيتندرجوتنضمتحتلواءلفظةالفضل؛فالتمسكبحقوقالإنسانوماأعطىوماأخذغيرمنهيعنه،ولكنالقرآنجاءبالعفوهناوجعلتحريالعفووالتجاوزوالتنازلعمايحقللإنسان،درجةأقربللتقوىوأحرىلمنيتوخاهاويطلبها.ثمجاءبالحديثعنالفضلالذيهوزيادةعلىالعفولاتنحصربعطاءماديأومعنوي،بلتشملذلككلهفيإطارعلمالإنسانواستحضاره

بأنسائرعملهمحطنظراللهسبحانهوتعالىوبصره.عن الكلام فيخضم الصلوات على الحفاظ عن الحديث يأتي ثمالطلاقوالزواجوالخطبةوالعدةوالمهروغيرذلكمنتشريعاتوأحكام

اجتماعيةوقضائيةوأسرية.قانتين.فإنخفتم لاةالوسطىوقوموالله لواتوالص ﴿حافظواعلىالصالمتكونواتعلمون. كماعلمكمم فرجالاأوركبانافإذاأمنتمفاذكروااللهتاعاإلىالحولغير زواجهمم ةلأ والذينيتوفونمنكمويذرونأزواجاوصيعروف منم إخراجفإنخرجنفلاجناحعليكمفيمافعلنفيأنفسهناعلىالمتقين.كذلك عزيزحكيم.وللمطلقاتمتاعبالمعروفحق والله

لكمآياتهلعلكمتعقلون﴾.238–242 نالله يبي

تدبر سورة البقرة

232

فالصلاةوسائرالعبادةشرعت؛لتهذيبالأخلاقوتصحيحالسلوكمختلف على البشر بين التعامل في الانحرافات وتقويم الإنسانيالأصعدة.فكانمنأجملأوجهالتناسبأنيأتيالحديثعنالمحافظةأن .كما والعدة والطلاق النكاح في الحديثعنالأحكام أثناء عليهاالصلاةتعلمالإنسانالانقيادوالخضوعلأمراللهسبحانهوتعالى؛فالربجلشأنهالذيأمربالصلاةوالمحافظةعليها،هوالذيأنزلالأحكام

والشرائع،وأمربالقيامبها.والحفظيأتيفيالقرآنبمعانمختلفة،منهاالقيامعلىالشيءحفظاوقيامابأمرهورعاية.وفيهذاالمعنىتأتيالمحافظةعلىالصلوات.

التي المصلي فالمحافظةمن اثنين؛ بين المفاعلة والمحافظةمنوتحقيق وشروطها وأركانها أوقاتها بمراقبة تكون هنا بها الأمر جاءمقاصدهاالقلبية،حتىتحفظلهالصلاة.فالإنسانحينيحفظصلاتهبإقامتهافيأوقاتهابحدودهاوشروطهاوآدابها،فإنهاتحفظهفيحياتهوبعدمماته.تحفظهفيحياتهمنالوقوعفيالمعاصيوالزلات؛لأنها)تنهىعنالفحشاءوالمنكر(،وتعينهفيالشدائدفتحفظتوازنهالنفسيلاة(،وتكونسببافيحفظهبمعيةاللهلهكماقال بروالص )واستعينوابالص

كاة(.123 لاةوآتيتمالز إنيمعكملئنأقمتمالص تعالى:)وقالالله–بتصرفعن:محمدرشيدرضا،تفسيرالقرآنالحكيمالشهيربتفسيرالمنار، .123

ج2،ص436.

بصائر من القرآن

233

ومنلطائفالتناسبالذيذكرهبعضالعلماءماأشارإليهالبقاعيرحمهاللهبقوله:)ولماذكرتأحكامالنساءوشعبتحتىضاقفسيحالعقلبانتشارهاوكادأنيضيعفيمتسعمضمارهامعماهناكمنمظنةبالأولاد والشغل الإحن الحاملعلى بالبغض والنفرة بالعشق الميلوغيرذلكمنفتنوبلاياومحنيضيقعنهانطاقالحصرويكونبعضهامظنةللتهاونبالصلاةبلوبكلعبادةاقتضىالحالأنيقال:يارب!إنالإنسانضعيفوفيبعضذلكلهشاغلعنكلمهمفهلبقيلهسعة

لعبادتك؟فقيل:﴿حافظوا﴾.124والمحافظةتقتضيالدواموالثباتعلىالصلاةفيالخوفوالأمنفيالضعفوالقوة؛فالمقصودالأعظممنالصلاةذكراللهسبحانهوهوأمريلازمقلبالمؤمن،فكانتالآية:﴿فإنخفتمفرجالاأوركبانافإذايتمكن لم فإن تعلمون﴾. تكونوا لم ا م علمكم كما الله فاذكروا أمنتماحقهابالقياموالركوعوالسجودلخوف، المؤمنمنالقيامبالصلاةموفيفليصلماشياأوراكبا؛فالصلاةحاضرةفيمختلفالأحوالالتييمربهاالمؤمن.وهوأمرلهدلالةعظيمةحولمكانةالصلاةودورهافيتبديدقلقالإنسانومخاوفه.فكلمايحيطبالإنسانمنمشاغلالحياةومخاوفهالاينبغيأنيصرفالقلبعنالصلاة،بليجبأنيفزعإليهاويستمد

العونمنخالقهعزوجل.–البقاعي،نظمالدررفيتناسبالآياتوالسور،سورةالبقرة،ص238. .124

تدبر سورة البقرة

234

ثمتعودالآياتمنجديدللحديثعنالأحوالالأسرية،فجاءذكرالمرأةالتييتوفىعنهازوجهاوحقهافيالنفقةوالسكنى:﴿والذينيتوفونتاعاإلىالحولغيرإخراجفإن زواجهمم ةلأ منكمويذرونأزواجاوصيعزيز عروفوالله منم خرجنفلاجناحعليكمفيمافعلنفيأنفسهن نالله اعلىالمتقين.كذلكيبي حكيم.وللمطلقاتمتاعبالمعروفحق

لكمآياتهلعلكمتعقلون﴾.أربعة والآيةتوضحجانبالمتذكرهآياتالعدة:﴿يتربصنبأنفسهنفي السكنى من يمكن أن بالزوجات الوصية باب فمن وعشرا﴾؛ أشهر﴿ لقوله: ذلك، من يمنعن ولا كاملا، حولا وفاتهم بعد أزواجهن بيوتأوبوضع – والعشر بالأربعةأشهر انقضتعدتهن فإذا إخراج﴾.125 غيرفإنهنلايمنعن المنزل، الخروجوالانتقالمنذلك –واخترن الحملمنذلكلقوله:﴿فإنخرجن﴾إلخ.126والتناسببينذكرالمحافظةعلىالصلاةوالحديثعنعدمإخراجالمرأةالمتوفىعنهازوجها،بيانلدورالمحافظةعلىالصلاةفيواقعالناسوحياتهم.والناظرفيواقعالعديدمنالمجتمعاتوكيفيةتعاملالكثيرينمعالأراملوسلبحقوقهن،–ذهبالجمهورإلىأنهامنسوخةبالأربعةالأشهروالعشركماتقدم،وأنالوصية .125المذكورةفيهامنسوخةبمافرضاللهلهنمنالميراث،والراجحلديماذهبإليه

مجاهدأنهامحكمةلانسخفيها.انظر:الشوكاني،فتحالقدير،ص240–هذاقولمجاهدوهوقولوجيهاختارهابنتيميةوهوأولىمنالقولبأنالآية .126

منسوخةبآيةتحديدالعدة،فالآيةلاتتحدثعنالعدةبلعنالسكنى.

بصائر من القرآن

235

يدركعظمةالقرآنالكريمفيالحثعلىالحفاظعلىحقالمرأةبعدالأمربالحفاظعلىالصلوات؛فالتلازمعظيمبينالعباداتوالشرائع

والمعاملاتالإنسانية؛فالربالذيشرعهاواحدسبحانه.ثمإنالآيةالعظيمةختمتبصفتيعزيز؛إظهاراللغلبةوالقهرلمنيخترن لا وهن أخرجهن أو المذكور، بالتمتيع الوصية تنفيذ من منعالخروج،ومشعرابالوعيدعلىذلك.وقوله:حكيم؛إظهارأنماشرعمن

ذلكفهوجارعلىالحكمةوالإتقان،ووضعالأشياءمواضعها.127فالذينيتوفونمنكمويذرونأزواجاوقدوصواوصيةلأزواجهمبالنفقةوالسكنىحولا،فهذاالمجموعشرطوجوابهفإنخرجن–أيقبلذلك–وخالفنوصيةالزوجبعدأنيقمنالمدةالتيضربهااللهتعالى:﴿فلاجناحعليكمفيمافعلنفيأنفسهنمنمعروف﴾؛أينكاحصحيح،لأنإقامتهنبهذهالوصيةغيرلازمة؛والسببفيهأنهمكانوافيزمانالجاهليةيوصونبالحول، الاعتداد المرأة على يوجبون وكانوا حولا، والسكنى بالنفقة

فبيناللهتعالىفيهذهالآيةأنذلكغيرواجب.ن اعلىالمتقين)241(كذلكيبي ﴿وللمطلقاتمتاعبالمعروفحق

لكمآياتهلعلكمتعقلون﴾)242(. اللهويعودالحديثعنالتقوىالتيتظهرفيكلجوانبالحياةحتىفيالعلاقاتالزوجية،فهيليستتقوىنظريةبلعمليةسلوكية،تقوى

–أبوحيان،البحرالمحيط، .127

تدبر سورة البقرة

236

تجعلالإنسانالمسلميراقبتصرفاتهوأفعالهلأنهيرىويؤمنويستحضرأناللهعليهرقيب.

فياترىأيشكلمنأشكالالتغييرسيحصلفيالمجتمعاتوالأسرالتعليمات تحرس التي الحصانة هي التقوى تصبح حين المسلمة

والتعاملاتالماليةوالاقتصاديةوالأسريةوالاجتماعية؟.منهنايشيارتفاعنسبالطلاقفيالمجتمعاتالمسلمةبالخطورةالحاصلةفيمستوياتالتقوىالسلوكيةفيالحياةالأسرية،تلكالتقوىالتيفرغتفيكثيرمنالأحيانمنمحتواهاالعمليوالسلوكيلتنحصرفيمظاهروصوروأشكال.منهناختمتالآياتبقولهتعالى:﴿كذلكلكمآياتهلعلكمتعقلون﴾)242(.فالآياتبينة،ولكنهاتحتاجإلى نالله يبي

تعقلوتبصريقودالإنسانإلىتطبيقهافيالواقع.ماحدث إلى رائعةمنجديد انتقالة ذلك بعد الآيات تنتقل ثمفيالأممالسابقة:﴿ألمترإلىالذينخرجوامنديارهموهمألوفحذر لذوفضلعلىالناسولكن الله أحياهمإن موتواثم الموتفقاللهماللهسميععليم﴾. الله واعلمواأن أكثرالناسلايشكرون.وقاتلوافيسبيلالله

.244–243والترابطفيالآياتبينماذكرمنتعاليموأحكامتتعلقبالأسرة،وبينذكرالفرارمنالموت،والأمربالقتالوبذلالنفسوالتضحيةبها،

بصائر من القرآن

237

يتبينمنخلالهذاالترابطللمتدبرأنمنيراقباللهسبحانهوتعالىفيجزئياتحياتهوتفاصيلهاالأسريةوغيرها،أقدرعلىمواجهةأقدار

اللهسبحانه،ولوكانتتتطلببذلالنفسوالتضحيةبها.كماأنالقيامبأعباءالأسرةوالوقوفعندأوامراللهسبحانهوطاعتهوحسنالعشرةبينالزوجين،أمورتتطلبقدراكبيرامنالتضحيةوإنكارالذاتفيبعضالأوقاتلغايةتحصيلرضىاللهسبحانهوتعالى،وهوأمريسهلعلىالمرءحينيستذكرسرعةانقضاءأيامحياتهومرورها

بحلوهاومرها،وهيجزءمنطبيعةالامتحانفيالدنيا.وفيالآيةوقوفبالإنسانعندالحقيقةالتيقديغفلعنهافيخضمانشغالهبتفاصيلحياته،المتمثلةفيأنالفرارمنقدرالموتلايجدي،وأنالإنسانقديفرمنمكانلآخرظنامنهأنماينتقلإليهأفضلمما

انتقلعنهوفارقه،ليدركأنالأمرلايحلبالفراروالانتقال.فهذهصورةلأمةسابقةخرجتمنديارهافيجموع،تباينتالتفاسيرفيذكرأسبابخروجهامابينالهروبمنالطاعونإلىالفرارمنالقتالإلىأمورأخرى128،إلاأنالظاهرمنالآيةأنهذهالأمةلمتخرجفيسبيلالله،وإنماأخرجهاحذرالموتالذيلايمكنللإنسانأنيفرمنه،وأن

الخوفمنأسبابهالظاهرة،لايباعدبينالإنسانوبينقدرالموت.–انظرعلىسبيلالمثال:الرازي،مفاتيحالغيب،تفسيرسورةالبقرة،آية243. .128

تدبر سورة البقرة

238

منهناجاءالأمربالقتالبعدهامباشرة؛لتكونهذهالآيةتمهيدالهوتخفيفاعلىالنفوسمنالتكليفبهإذاتوافرتدواعيه:﴿وقاتلوافيسميععليم﴾.إلاالقتاللايكونإلافيسبيلالله، الله واعلمواأن سبيلاللهوليسفيسبيلأمورأخرىكأهواءالنفوسوالسيطرةعلىالغيروتحقيقمصالحمادية،فالقتالفيالإسلام؛لإحقاقمنهجالحقفيالأرضمنالعدالةوالحريةوالمساواةللبشروحمايتهامنعبثالعابثينوأطماعالطامعين.ثمختمتالآيةبقولهسبحانه:)سميععليم(؛لتحثالمؤمنعلىتفقدنيتهوقلبهوتخليصهمامنكلشائبة؛فاللهسبحانهمطلععلىعملهوخواطرهوقصده.فالقتالفيسبيلاللهلايتطلبرفعشعاراتأولافتاتتخبرأنأصحابهاخرجوافيسبيلالله،ولكنهيتطلبالصدقفيالنيةوالعمل،فكانت)سميععليم(أبلغتناسبلتحقيقهذاالمعنى.وتواصلالآياتالعظيمةفيحديثهاعنالبذلوالتضحية،فمنبذلنذاالذي الروحوالأنفسإلىبذلالأمواللتحقيقمقاصدالتشريع:﴿ميقبضويبسط قرضاحسنافيضاعفهلهأضعافاكثيرةوالله يقرضاللهوإليهترجعون﴾.)245(.ومنأوجهالتناسببينذكرالقتالوذكرالإنفاق،

أنمنهانعليهبذلروحه،كانبذلهلمالهأهونعليه.من غيره إلى الإنسان يدفعه ما القطع،وسمي من والقرضضربالمالبشرطردبدلهقرضا.129وهيمفردةتحويمعنىأنماينفقهالمرء

–المفردات،مرجعسابق،ص402. .129

بصائر من القرآن

239

فيسبيلالله،يردهسبحانهوتعالىإليه،وهوالغنيعنعباده،خلقهمورزقهمولميكنلهممنشيء.فالباذلفيسبيلاللهمنمالأونفس،أنها العظيمة الآية ومنجماليات كثيرة. أضعافا منه بخير عليه يرديكون لغيره المرء يقدمه فليسكلقرض الحسن، القرض حثتعلىحسنا.والحسنيقتضيتصفيهالنيةوتنقيتهاقبلالإقدامعليه،ومنثميحسنفيتقديمهللمقترضفلايصاحبهبمنولارياء،مستحضراأناللهيقبضويبسط،فسنتهماضيةفيتوزيعالأرزاقومنهاالأموال،فبذلالمالفيمواضعالبسطالتيحضالقرآنعليهالنينقصفيرزقه،كما

أنالإمساكفيهالنيزيدفيرزقهمنشيء.منهناختمتالآيةالكريمةبقوله:)وإليهترجعون(؛فالرجوعإلىاللهسبحانهوتذكرالإنسانهذهالحقيقة،يحركنفسهللبذلوالعطاءوينزع

عنهالتعلقبالأشياء،فهويدركأنهسيتركهاويرحلعنها. لنبي قالوا إذ موسى بعد من إسرائيل بني من الملإ إلى تر ﴿ألمقالهلعسيتمإنكتبعليكم لهمابعثلناملكانقاتلفيسبيلاللهوقدأخرجنامن القتالألاتقاتلواقالواومالناألانقاتلفيسبيلاللهعليم نهموالله اكتبعليهمالقتالتولواإلاقليلام ديارناوأبنائنافلم

بالظالمين﴾246.تأتيالآياتعلىمواقفوقعتفيبنيإسرائيلفيسياقتحذيرالأمةمنالتخاذلوالتراجعوالتكاسلوالتباطؤفيتنفيذالأمرالرباني؛

تدبر سورة البقرة

240

فهم )الملأ( القرآن عليهم يطلق ممن والمنعة والقوة الجاه فأصحابيملأونالعيونبقوتهمومنظرهمومكانتهم،طلبواالقتالفيسبيلاللهظنامنهمأنالأمرلايخرجعنالادعاءوالشعاراتالفارغة.طلبوامننبيلهمأنيبعثلهمملكايقاتلواتحترايتهفيسبيلالله،ولكنالنبيالذييعرفحالهممنالتخاذلسألهمبأسلوبالتقرير:ربماإذاأتاكم

الأمروالمنهجالربانيتقاعستموتراجعتموتخاذلتم.فالتضحيةوالبذلوالسيرعلىالمنهجالربانيليستبشعاروادعاء،ولكنهالفعلوالعملالذيلايحتاجإلىادعاء.وعلىالرغممنتأكيدهمضرورةالقيامبهلوجودمسوغاتهومبرراتهإلاأنهمسرعانماتخاذلوا

حينأزفتالحقيقة.والحديثعنالقتالنموذجليسإلا؛فالعبرةبالموقفأمامالأمرالإلهيمنالاستجابةوالطاعةإلىالرفضوالتقاعسوالتخاذلللتنصل

منالأمر.ثمتتوالىالآياتفيهذهالقصةتحديدالتبينتخاذلوتراجعهذهالتحديات أمام وتراجعها الرباني المنهج تنفيذ في ومماطلتها الفئةالشخصيةوالأهواءوالمطامعالذاتية.لقدهزمتهذهالفئةفيداخلهاوذاتهاقبلأنتلاقيعدواخارجيا،والهزيمةالداخليةأشدمنالخارجية.قدبعثلكمطالوتملكاقالواأنىيكونله الله همإن ﴿وقاللهمنبي الله نالمالقالإن بالملكمنهولميؤتسعةم الملكعليناونحنأحق

بصائر من القرآن

241

يؤتيملكهمنيشاء اصطفاهعليكموزادهبسطةفيالعلموالجسمواللهفيه التابوت يأتيكم أن ملكه آية إن هم نبي لهم وقال عليم. واسع والله اتركآلموسىوآلهارونتحملهالملائكةإن م ةم بكموبقي نر سكينةم

ؤمنين﴾.247–248. فيذلكلآيةلكمإنكنتمموهنالايقفالقرآنبالقارئعلىشخصيةالنبيالمرسلإليهم؛إذإنالعبرةبالحدثوالموقف،لابذكرتفاصيلالأشخاصوالأزمنةوالأماكن،التي التفاسيرمنمختلفالإسرائيليات تنزيه منهناكانلابدمنتذهببالمتلقيبعيداعنالمعانيوالمقاصدالعظيمةوراءذكرهذه

الأحداثوالقصص.فالآياتتوضحاللجاجالذيانتشربينبنيإسرائيلوتأصلفيهم،إضافةإلىمعاييرهمالزائفةفيالأحقيةبالقيادةوالملك.ويبدوأنالماديةتجذرتفيقلوبهموعقولهمفلميروافيالملكالمعينلهمأيأحقيةأوأفضليةعليهم؛منحيثالمالوالقوةالبدنية،وأسقطواوالإيمانية العقلية بالقوة المتعلقة المقاييس كل حساباتهم من

والأمانة.بالملك، عبيده من لعبد سبحانه الله اصطفاء معنى أغفلوا كمايشاء، من يؤتيه أن على القادر وهو سبحانه بيده الملك أن وحقيقةوقدأيدهبآيةواضحةمنعنده.إلاأنالقومأبواإلاالنزاععلىالسلطةوالصراعحولها.والقرآنفيسياقذكرهلهذاالشكلمنالاعتراضعلى

تدبر سورة البقرة

242

اختيارالملك،ينبهكذلكإلىمافعلهكفارقريشمعرسولاللهصلى الله عليه وسلمحينلميروافيهأهليةأوأحقيةللنبوةبمعاييرهمالماديةالضيقة.

يحذر البشر، بين للصراع كنموذج القضية لهذه بعرضه والقرآنمنهذاالنزاع.والسلطةمنأكبرالإشكالياتالتييحدثفيهاالنزاعالإنساني؛فالإنسانإنلميتنبهإلىتهذيبنفسهوإصلاحقلبه،نزعتفي والوقوع وإمكانياته، بذاته والعجب غيره على التسلط إلى نفسه

التباغضوالتحاسدحدالصراعوالنزاع.استعدادها تدعي كانت التي الضعيفة النفوس تلك هزمت لقدللتضحيةبالنفسوالماللتنفيذالأمرالإلهي.تراجعتوتقاعستلأنهانفوسمستعبدة،لمتتمكنمنالتحررمنهواهاوأغراضهاالشخصيةأو

تتخلىعنهاأمامأمراللهوتشريعهلها.وهذاالنوعمنالنفوسلاتستقيمبهالمجتمعات،ولاتقامبهالدول،ولاتصانبهالأعراض،ولاتحفظبهالذمم،ولاتنفذبهالقوانينوالأوامروالنواهيوالمناهجالتيجاءبهاالقرآنالعظيم.وممالاشكفيهأنالآيات،وهيتتحدثعنبنيإسرائيلتأتيفيسياقالتحذيرلهذهالأمةالتيخاطببهاالقرآنأولماخاطب.وماسوقالقصةوالحدثإلالأجلأنيعتبرالمتلقيويتعلممنها،ماينعكسعلىحياتهويصلحواقعه.

مبتليكمبنهرفمنشربمنه الله افصلطالوتبالجنودقالإن ﴿فلميإلامناغترفغرفةبيدهفشربوامنه فليسمنيومنلميطعمهفإنهمن

بصائر من القرآن

243

اجاوزههووالذينآمنوامعهقالوالاطاقةلنااليوم نهمفلم إلاقليلامنفئةقليلةغلبت كمم بجالوتوجنودهقالالذينيظنونأنهمملاقواالله

ابرين﴾.249. معالص والله فئةكثيرةبإذناللهوهناتعرضالآيةالكريمةموقفهذهالفئة،وهيتتعرضلامتحانآخر،تختبرفيهاقوةإرادتهاوصبرهاومدىتمسكهابالأمرالصادرعنقيادتها.إلاأنالغالبيةمنهافشلتمنجديدفشربتمنذلكالماءالذينهيتعنالشربمنه،لتثبتمنجديدتخاذلهاوقلةصبرهاوضعفإرادتها.

والآيةتبينأنالاختباراتوالمواقفالصعبةتسهمفيالكشفعنمعادنالناس؛فهيضروريةفيبيانقوتهمأوضعفهم،وخاصةفيمواقفالشدةوالقتالومواجهةالأعداء،فلابدمنالتمحيصوالغربلة.ولايخلوالموقف–والآياتنزلتفيالمدينة–منإشارةإلىمواقفالمنافقينوتقاعسهموتراجعهمأمامالصعوباتوالمحنالتيمربهاالمسلمونفي

فتراتمختلفةمنمواجهةالعدو.طالوت مع خرجت التي الفئة تراجع الاختبارات تلك عن ونتجوتناقصعددها.ذاكأنالثباتعلىالمنهجوالانصياعلهمنأهمشروطالقتالوالمواجهة؛فليستالمسألةمجردعدد،ولكننوعيةالعددوثباتهوقوةإرادته.والمتدبرفيالآياتيلحظتلكاللفتاتالرائعةفيالإعدادالعسكريالذيتؤسسه.لقدتراجعتتلكالفئةأمامالمغرياتوتساقطتأمامالمحنوالشدائدوالابتلاءات،وثبتأولئكالذينيظنونأنهمملاقو

تدبر سورة البقرة

244

الله؛فاليقينبلقاءاللهسبحانهمنأعظمدوافعالثباتوالصمود،ولوكانابرين﴾. معالص والله نفئةقليلةغلبتفئةكثيرةبإذنالله فيقلة:﴿كمموهناتأهلتتلكالفئةالقليلةفيالعددالصابرةفيموقفها،لمعيةالله

سبحانهوتعالى.إنهالصبروالثباتالذيتقدمهسورةالبقرةمنخلالقصةطالوت،وضرورةالبعدعنالشعاراتوالادعاءات؛فالإيمانيحتاجلثباتوصبروتحمل.ولنيقومبذلكإلامنيضعنصبعينيهلقاءاللهعزوجل.ولنيتحقق لم ما النصرعلىعدوخارجي لفرد يكتبلأمةمنالأممولاما وراء السير ويوقف جنبيه، بين التي النفس على داخليا النصرأمرالله.منهنا وامتثال الشخصية والنزعات تمليهعليهمنالأهواءبرزالتضرعإلىاللهسبحانهفيذلكالموقفالشديد،وقدتراءتلهمقوةجالوتوجنوده.التضرعالذيينبعمنعمقالإيمانبقوةاللهسبحانهوتعالىوحوله،والتبرؤمنقوةالإنسانالذاتيةوحوله،فكانتالهزيمةبإذناللهلابإذنالبشر،ليظهرسنةالتدافعبينالخلقالماضيةإلىيومالدين.ابرزوالجالوتوجنودهقالواربنآأفرغعليناصبراوثبتأقدامنا ﴿ولموقتلداودجالوتوآتاه وانصرناعلىالقومالكافرينفهزموهمبإذناللهالناسبعضهمببعض ايشآءولولادفعالله الملكوالحكمةوعلمهمم اللهنتلوها ذوفضلعلىالعالمين.تلكآياتالله الله لفسدتالأرضولـكن

وإنكلمنالمرسلين﴾.250–252. عليكبالحق

بصائر من القرآن

245

والتدافعبوجودالكفارووجودالمؤمنينالصدامبينالقويوالضعيف،وبوجودالظالموالمظلوم.والآياتالعظيمةتزودالمؤمنينبآلياتالثبات

والصبرلأجلالمواجهةوتحقيقأوامراللهواقعامعاشا.فالإنسانلايمكنأنيحققنصراخارجيا،إنهزمفيبيتهوأسرتهأمامضعفهفلميقفعندحدوداللهوأمره.النصريتحققبنفوساتقتوسارت وتعالى سبحانه الله آيات هابت نفوس وتعالى، سبحانه ربهاعلىالمنهجفيواقعها.منهناتفهمالهزائمالمتتاليةالتيمنيبهاالأسرية فيحياتهم المنهج مخالفة التاريخمنجراء عبر المسلمون

والعائليةوالاجتماعية.إنالهزائمالمتكررةجاءتكنتيجةطبيعيةلمخالفةأمراللهسبحانهوتعالىفيواقعالحياة،وماكانمنالممكنأنيتحققالنصر،والنفوس

قدهزمتفيداخلها،هزمتفيمعركةالتقوىوالإيمان.وعلىقدرمايزيدرصيدالإنسانمنتقوىاللهعزوجلفيحياتهوفيخلجاتنفسهوعلاقاتهالأسريةوالزوجيةوالأبوية،بقدرمايزيدنجاح

الإنسانوقوتهوقدرتهعلىحمايةوطنهوأرضهوعرضه.منهناجاءالحديثعنالتدافعبينالخيروالشروالصلاحوالفسادفي والإيمان التقوى يقلمنسوب يعلوحين فالفساد والباطل؛ والحقالثانيمن الجزء ولذلكختماللهعزوجل والسلوك، والتطبيق الواقع

تدبر سورة البقرة

246

نتلوهاعليكبالحق هذهالسورةالعظيمةبقولهتعالى:﴿تلكآياتاللهوإنكلمنالمرسلين﴾.

التشريعات بمختلف جاء الذي السورة من الثاني الجزء ختمالأسريةوالاجتماعيةوالقضائيةوالاقتصاديةبتوجيهالخطابإلىالنبيصلواتاللهوسلامهعليهبأنهمنالمرسلين،وأنكجئتبآياتأنزلتبالحق،وبشرائع،وأوامر،وتعاليم،ونواه،ولمتكنأنتفيذلكبدعامنالجزء ختام بين التناسق فكان الرسالات، لتتمم وإنماجئت الرسل،

الثانيوبدايةالجزءالثالث:ورفعبعضهم لنابعضهمعلىبعضمنهممنكلمالله سلفض ﴿تلكالرناتوأيدناهبروحالقدسولوشاء درجاتوآتيناعيسىابنمريمالبيناتولكناختلفوا مااقتتلالذينمنبعدهممنبعدماجاءتهمالبي اللهيفعلما الله مااقتتلواولكن فمنهممنآمنومنهممنكفرولوشاءالله

يريد﴾.]البقرة:253[.الرسائلوالتعاليموالشرائعجاءبهاالرسلحملةالآياتوالأوامرالله ائتمنهم الذين أولئك هم للخلق، الرباني المنهج تشكل التيالصلاة عليهم فعلوا وقد الأمانة ويؤدوا الرسالة ليبلغوا ؛ وجل عز وجل والسلامجميعا.والتفاضلفيمابينهممبنيعلىحكمةاللهعزوكيفيةتصريفهللأمور،وفقمشيئتهسبحانهوتعالىوعلمهالمطلق

بالأمور.

بصائر من القرآن

247

للصراع بؤرة العظيمة الرسالات تلك تكون أن يمكن لا هنا منوالاختلافولاللاقتتالولاالنزاعبينالناس.وتقررالآيةأنماحدثمناقتتالونزاعبعدالأنبياء،حصلمنقبلبعضأتباعأولئكالأنبياءالذينلميحملواتلكالأمانةعلىوجههاالحقيقي،ولميدركوامقاصدالرسالاتالسماوية.وقدأعطىاللهسبحانهوتعالىحريةالاختيارلعباده

القائمةعلىالمسئوليةوالاختباروالابتلاءفيماوهبهممنعقول.فالآياتالواضحاتالبيناتفيالكتبالسماوية،دعتالناسإلى–والتعاونعلىالخيروالبروالتقوى،ولكناختلفوا وجل توحيدالله–عزوتفرقوا:﴿...ولكناختلفوافمنهممنآمنومنهممنكفر...﴾]البقرة:253[.فمنسارعلىالإيمانسارعلىنهجالأنبياءوالرسالاتالسابقة،ومنتخلفعنذلككفربرسالاتالأنبياءالتيدعتإلىالوحدةوالتعاون

لاإلىالتفرقوالتقاتل.والإنسانفرداكانأوجماعةأوشعباماكانلهأنيحتجعلىفعلهالاختياريومعاصيهبمشيئةاللهسبحانه؛فهومخيرفيالمنهجالذيقبيل من حدث فالصراع معهم. يختلف حين الناس مع فيه يتعامل

مخالفةالمنهجالربانيفيالواقعالإنساني.ثمتنتقلالآياتمباشرةبعدذلكلمخاطبةالمؤمنينعنالمعاملاتا، الماليةفيإطارمنهجالإيمان،فالإيمانباللهسبحانهوتعالىصدقاوحق

هوالذييعكسصدقوأمانةالإنسانفيتعاملاتهالمالية.

تدبر سورة البقرة

248

والجزءالثالثيتحدثكثيراعنتلكالأماناتوتلكالتعاملات،ارزقناكم ويبدأبذلكالخطابالمحبب:﴿ياأيهاالذينآمنواأنفقوامممنقبلأنيأتييوملابيعفيهولاخلةولاشفاعةوالكافرونهمالظالمون﴾

]البقرة:254[.فالإنفاقوبذلالمالالذيرزقهاللهللإنسانمنقبيلتصديقالإيمانإلى ويتحول القلب، في ويستقر يبدأ ما أول اعتقاد فالإيمان بالفعل.ارزقناكم«.فقديرزقالله سلوكوأعمال؛ولذاجاءتالآيةعامة»أنفقواممالعبدعلما،أوقوةفيالجسدأوفيالمقالأوموهبةمعينةلايمتلكهاأحدسواه.فعليهأنيستحضرأنكلمالديهليسمنقبيلنفسه،بللا أنه يستشعر حين والإنسان له، وتعالى سبحانه الله رزق قبيل منيمتلكشيئاوأنالملككلهلله،وأنالرزقكلهلله،وأنكلمافييديهلذلكالإنسان،حينهاتستقرمشاعرالتواضع وجل إنمااستخلافاللهعز

فيسويداءقلبه،ويتعززمفهومالبذلوالعطاء.وقدوضعتالآياتمنظومةالإنفاقبشكلهاالعامبكلأنواعالإنفاق،وحددتمعالمتلكالمنظومةوبدأتبالآيةالأولى؛لتبينأنالإنفاقلا، وجل يمكنأنيؤتيثمارهدونأنيستشعرالإنسانأنكلمالديهمناللهعزالفرصة الزمنالمحددعلىهذهالأرضفترةمحدودة؛فكلماجاءته وأنللبذلوالعطاء،عليهألايؤخرها:﴿...منقبلأنيأتييوملابيعفيهولاخلةولاشفاعة﴾]البقرة:254[.الأمرالذييؤسسمفهومالاستباقبالخيرات.

بصائر من القرآن

249

ثمتنتقلالآياتإلىأعظمآيةفيكتابالله؛آيةالكرسي،هذهالآيةالعظيمةالتيجاءتلتكملماجاءتبهالآيةالسابقةمنإيقاظنفسالإنسانأنهلايملكشيئا،وأنالملكالحقيقيللهالواحدالقهار،منالقيوملاتأخذهسنةولا هوالحي لاإلهإلا هناتبدأبلفظالجلالة:﴿اللهبإذنه مواتومافيالأرضمنذاالذييشفععندهإلا نوملهمافيالسبماشاء يعلممابينأيديهموماخلفهمولايحيطونبشيءمنعلمهإلاالعظيم...﴾ ماواتوالأرضولايئودهحفظهماوهوالعلي هالس وسعكرسي

]البقرة:255[.بسردصفاتهسبحانه وجل آيةالكرسيتعرفالإنسانعلىخالقهعزويعطي يبذل لمن الإنسان ليتعلم »الله« الجلالة بلفظ فتبدأ وتعالى،ويقدم،فيكونعملهخالصالوجههسبحانهلالغيره.ثمتأتيعلىقوله»لاإلهإلاهو«تلكالشهادةالتيلايمكنأنتصحالأعمالولا وجل عز

هو«. ترفعولاتقبلبدونها:»اللهلاإلهإلاشهادةالتوحيدالتيقامتبهاالسمواتوالأرض،شهادةالتوحيدالتييصلحبهاأمرالأرضوالسماء،شهادةالتوحيدالتيجاءبهاالأنبياء،شهادةالتوحيدالتيهيدعوةالنبي–صلى الله عليه وسلم–ومنقبلهمنالأنبياء130،:)36/1( الرسالة المعاد–ط27مؤسسة القيمرحمهاللهفيمقدمةزاد ابن قال .130بهاالأرضوالسماوات، له،كلمةقامت إلهإلااللهوحدهلاشريك أشهدأنلاوخلقتلأجلهاجميعالمخلوقات،وبهاأرسلاللهتعالىرسله،وأنزلكتبه،وشرع

تدبر سورة البقرة

250

شهادةالتوحيدالتيقامتعلىأساسهاكلالشرائعالسماوية،شهادةالتوحيدالتيقامتعلىأساسهاكلالأوامروالنواهي،دعامةالمنهجأنينفذفيواقعالحياة،شهادةلايستقيم وجل الربانيالذيأمربهعزهو« أمرولانهيبدونتحققتلكالشهادة،شهادةالتوحيد»اللهلاإلهإلالايمكنأنيستقيمإنفاقولابذلولاعطاءولامنعبدونأنيتحققفيفللأمورإلاالله،لامدبر قلبالإنسانوواقعهأنهلاإلهإلاالله،لامصرفيالكونإلاالله،لارازقإلاالله،لاواهبإلاهو،لاأحديعطيويصرف

ويتصرففيالكونإلاهوسبحانهوتعالى.الأولى:صفة الصفة الصفتين،، بتلك الآية وجاءت وم« القي »الحيالحياةالمطلقةالدائمة،كمافيقولهتعالى:﴿وتوكلعلىالحيالذيلا،حياةمطلقة، وجل يموت﴾]الفرقان:58[الحياةصفةمنصفاتاللهعز شيءهالكإلا فالكليموتون،وهوسبحانهالباقيالذيلايموت:﴿كل

وجهه﴾]القصص:88[.والنار، الجنة سوق وقام الدواوين، ووضعت الموازين، نصبت ولأجلها شرائعه،وبهاانقسمتالخليقةإلىالمؤمنينوالكفاروالأبراروالفجار،فهيمنشأالخلقوالأمروالثوابوالعقاب،وهيالحقالذيخلقتلهالخليقة،وعنهاوعنحقوقهاوعليها القبلة، نصبت وعليها والعقاب، الثواب يقع وعليها والحساب، السؤالالعباد، الجهاد،وهيحقاللهعلىجميع الملة،ولأجلهاجردتسيوف أسستفهيكلمةالإسلام،ومفتاحدارالسلام،وعنهايسألالأولونوالآخرون،فلاتزولقدماالعبدبينيدياللهحتىيسألعنمسألتين:ماذاكنتمتعبدون؟وماذاأجبتم

المرسلين؟اهـ.

بصائر من القرآن

251

وم(؛أيالقائمعلىتصريفكلشيءمنأصغر والصفةالثانية:)القيشيءفيالكونإلىأكبرأمرفيه،ماتسقطمنورقةعلىشجرةإلايعلمها،ولاتتحركنسمةهواءفيهذاالكونإلاوهوالمحركالأوللها،سبحانهلايتحركشيءفيالكونإلابعلمهوبمشيئتهسبحانه

وتعالى.قائمعلىكلنفسبماكسبت،ملكمتصرففيمملكتهكأعظمهذا وأخذا، وتقديرا وتصريفا وعطاء ومنعا ملكا التصرف، يكون ما

التصريفالعظيملايكونإلامناللهسبحانهوتعالى.وهناتبدأتتضحمعالمومقاصدأنتكونهذهالآيةهيأعظمآيةفيكتابالله،لتعزيزإيمانالمرءباستحضارأناللههوالقائمبتصريفالأمورالمدبرلكلشيءفيمملكته.فإذااستقرتهذهالحقيقةفيالقلب،يدركحينهاالإنسانضعفهكإنسانأمامقوةاللهالمطلقةسبحانهوتعالى،الأمرالذييجعلهيخلصالتوجهللهسبحانهوحدهبالإيمانوالاستسلاموالخضوعوالانقيادلهدونسواه؛فالبشركلهمعاجزونيمرضونويموتون،

يضعفونويعجزون،فلمينقادالعاقللهمويخضعلأمرهم؟!.وهنايبدأالقلبيخضعوينقادويستسلملأوامراللهسبحانهوتعالى،ويسلمزمامأمرهوقيادحياتهفيالصغيرةوالكبيرةفيالسلموالحرب،فيالأسرةوالاقتصادللخالقالحيالقيومالذيلاتستقيمالأمورإلا

بإذنه.

تدبر سورة البقرة

252

ومافيالأرض«،وهناتتساقطكلالتوجهات ماوات مافيالس »لهالشركيةوالأندادليتحررالإنسانمنسلطةالخضوعلأحدمندونالله

سبحانهوتعالى.بإذنه...﴾]البقرة:255[والشفاعة–التي ﴿...منذاالذييشفععندهإلاكانيزعمالمشركونأنهملايعبدونمندوناللهشيئاإلاليقربهمإلىالله

زلفى131–نفاهاربيسبحانهوتعالىعنكلأحدإلابإذنه.ثمتأتيالآيةعلىعلمهسبحانهوتعالى؛العلمالمطلق،لتدخلذلكالإنسانفيعمليةمراقبةمستمرةدائمةلخلجاتمشاعره،لخواطره،﴿...يعلمما ولمايدورفينفسه؛فكلصغيرةوكبيرة،اللهمطلععليهابماشاء...﴾علم بينأيديهموماخلفهمولايحيطونبشيءمنعلمهإلايعلمكل يكون، وما كان ما يعلم الكون. فيهذا مطلقعلىكلشيءصغيرةوكبيرة،ولاتخفىعليهخافيةفيالأرضولافيالسماء،لافي

سرولافيعلانية.منهناكانتآيةالكرسيالعظيمةفيكلمقطعمنمقاطعهاتبني،علاقةمبنية وجل فيالنفسعلاقةودعامةلعلاقةالإنسانمعاللهعزه علىقمةالإيمانبقدرتهسبحانهوتعالىوبسلطتهالمطلقة:»وسعكرسي

العظيم«. ماواتوالأرضولايؤودهحفظهماوهوالعلي الس بوناإلىالله ليقر 136–قولهسبحانه:﴿والذيناتخذوامندونهأولياءمانعبدهمإلا .131

زلفى{]الزمر:3[

بصائر من القرآن

253

منهناجاءتالآيةالتيتليهالتقررأنالإيمانوالاعتقادلايمكنأنيبنىإلاعلىالحرية،فلايبنىعلىالإكراه،ولايساقالناسبالسلاسل،فالإيمانمبناهالحريةفيالاعتقاد،ولكنهاحرية وجل للإيمانباللهعز

تترتبعليهامسئوليةكاملةعنالاختيار.بالطاغوت يكفر فمن الغي من شد الر تبين قد ين الد في إكراه ﴿لاسميععليم﴾ فقداستمسكبالعروةالوثقىلاانفصاملهاوالله ويؤمنبالله

]البقرة:256[.الآيةتقررحريةالاعتقادوهيعامة،يتضحفيهاالترابطمعماقبلهافالإنسانالعاقليستطيعأنيدركمنهوالمستحقللعبادةوالخضوعدونسواهبعدكلهذهالآياتالبينات.وتأملوامعيكيفجاءتالآية...﴾؛طاغوتهوكلماطغىوتجاوز ﴿...فمنيكفربالطاغوتويؤمنباللهوزادعنالحدفهوطاغوتمنمعبودأومتبوعأومطاع،فطاغوتكلقوممنيتحاكمونإليه؛غيراللهورسوله،أويعبدونهمندونالله،أويتبعونهعلىغيربصيرةمنالله،أويطيعونهفيمالايعلمونأنهطاعةلله.132وتتنوع

وتختلفوتتعددأشكالالطواغيتفيالعالم.والتدبرفيالآيةوماقبلهايسهمفيفهمكيفيةنشأةظاهرةالطواغيتوصناعتهم،حينيتصورالإنسانأنأيأحدأوأيشيءفيهذاالكونله–ابنالقيمفيإعلامالموقعينعنربالعالمين–ط1دارالكتبالعلمية)1/40(. .132

تدبر سورة البقرة

254

مساحةأكثرمنالمساحةالتيينبغيأنتكونله،وحينيعتقدمتوهماأنأحدايمتلكشيئامندوناللهسبحانهوتعالى،منهنايتشكلالطاغوت.والطاغوتقديكونشخصاوقديكونشيئا،فكلمايتجاوزالحد،كللهيتحولإلى وجل مايتجاوزمعالمالمنهجالربانيالذيوضعهاللهعزطاغوت،الإنسانالمتجبرالمتسلطيتحولإلىطاغوتحينيظنأنماأنهيمتلك ملكهاللهسبحانهوأعطاهمنمفاتيحالملكوالقوة،تعنيالناسوالتحكمفيحياتهم،كماستأتيالآية السيطرةعلىمقدراتالتاليةفيقصةالذيحاجإبراهيمفيربه.فقداعتقدأنهيمتلكقدرةفيالإحياءوالإماتةفطغىوتكبر،ولذلك وجل مضاهيةلقدرةاللهعزالقرآنيقولعنفرعون:إنهطغى،﴿اذهبإلىفرعونإنهطغى﴾]طه:24[،

طغىحينتصورأشياءليستمناختصاصه،وظنواهماأنهاله.فمنيكفربالطاغوتلابدأنيؤمنبشيءآخرمقابلهذاالكفر،لايمكنأنيكفرالإنسانولايؤمنبشيءمقابلذلكالكفر،منيكفربالطاغوتسيؤمنبالله،ومنيؤمنباللهفقداستمسك؛أيطلبالتمسك

بقوةوشدةبالعروةالوثقى.إلا إله »لا قول والمفسرين؛ العلماء أغلب قول على الوثقى والعروةالسموات بها التيقامت التوحيد الخالدة،كلمة التوحيد الله«133؛كلمة–اختلفتعبارةالمفسرينفيالشيءالمشبهبه،فقالمجاهد:العروةالإيمان. .133وقالالسدى:الإسلام.وقالابنعباسوسعيدابنجبيروالضحاك:لاإلهإلاالله،

بصائر من القرآن

255

والأرض،كلمةالتوحيدالتيجاءبهاالرسل134،كلمةالتوحيدالتيعليهاصلاحالعالمفيالدنياوالآخرة،كلمةالتوحيدالتيلايصلحالعملإلابها.اغوتويؤمنباللهفقداستمسكبالعروةالوثقىلا »فمنيكفربالطيسمع وكبيرة، يسمعكلصغيرة عليم«سميع: سميع والله لها انفصامخواطرالنفسوهيتحدثصاحبهادونأنينطقبها،عليمبكلشيء،عليمبمايختلجفيالقلبمنإيمانواعتقادأونفاقوكفر.وفيذكرالسميعالعليم؛تذكيرللمؤمنبتصحيحنيتهوتفقدخواطرهوقلبهحتى

يبقىصافيانقيا.تبني إنها إذ الله؛ كتاب في آية أعظم الكرسي آية كانت هنا منالإيمانوالاعتقادعلىنوروبصيرة،وعلىالإيمانبأناللهسميععليم،فهوالذيلاتخفىعليهخافيةفيالأرضولافيالسماءولافيباطن

الإنسانولاظاهره.أماوقداستقرتهذهالحقائقفيقلبالمؤمنوآمنباللهواستمسكاستحقولاية فـقد إذا لها، انقطاع ولا انفصام التيلا الوثقى بالعروةالذينآمنوامنالظلماتإلىالنوروالذينكفرواأولياؤهم ولي الله:﴿اللهوهذهعباراتترجعإلىمعنىواحد.اهـ.الراغبالأصفهانيفيتفسيره–ط1كلية

الآدابجامعةطنطا)1/532(الطاغوت( واجتنبوا الله اعبدوا أن رسولا ة أم كل في بعثنا ولقد ( تعالى: قال – .134نوحيإليهأنهلاإله ]النحل:36[وقالسبحانه:)وماأرسلنامنقبلكمنرسولإلا

أنافاعبدون(]الأنبياء:25[. إلا

تدبر سورة البقرة

256

هم النار أصحاب أولئك الظلمات إلى النور من يخرجونهم الطاغوتفيهاخالدون﴾]البقرة:257[.

وهنايظهرالربطالبديعبينالآياتوبينالاستمساكبالعروةالوثقى،وبينولايةاللهللمؤمنينالمستمسكينبها.ماذايحدثحينيصبحالله

العبد؟. سبحانهوتعالىوليتشكلالآيةالتيسبقتهاالشرطلولايةاللهلأمورالعبد،فلايتولىأمورعبدلميؤمنباللهويستمسكبالعروةالوثقى–شهادة وجل اللهعز

التوحيد–اعتقاداوقولاوفعلاوسلوكا.فكلمةالتوحيدليستمجردكلمةباللسان؛»لاإلهإلاالله«فحسب،فمقتضاهاتحقيقتلكالشهادةحضورافيالواقعوالسلوكفيكلصغيرةوكبيرة،حينيعطي،ويسامح،حينيعفو،ويتعاملمعالصغيروالكبير.،أناللهسميععليم وجل هذاالإنسانيشهدأنلاربسوىاللهعزبكلشيء،منهناكانمنقاللاإلهإلااللهموقنابهادخلالجنة135؛–روىالبخاريفيصحيحه)128(منحديثمعاذأنالنبيصلى الله عليه وسلمقال:»مامنأحد .135يشهدأنلاإلهإلااللهوأنمحمدارسولالله،صدقامنقلبه،إلاحرمهاللهعلىالنار«.وروىمسلمفيصحيحه)27(منحديثأبيهريرةرضياللهعنهأنالنبيصلى الله عليه وسلمقال:»أشهدأنلاإلهإلاالله،وأنيرسولالله،لايلقىاللهبهماعبدغيرشاكفيهما،إلادخلالجنة«وروىقبلهحديثعثمانرضياللهعنهأنالنبيصلى الله عليه وسلمقال:»منمات

وهويعلمأنهلاإلهإلاالله،دخلالجنة«.

بصائر من القرآن

257

كل يحرك عملا وإنماصارت كلمة، مجرد عادت ما الكلمة تلك لأنوتعامله وسلوكياته ومشاعره وخواطره كيانه كل يحرك الإنسان، ذلكوتصرفاته،وبذلكاستحقأنيكوناللهسبحانهوتعالىوليالهذاالإنسان:الذينآمنوا«؛فاللهحينيتولىأمرالعبدفلاعليهمافاتهمن »اللهولي

الدنيا،فاللهوليهحاميهوكافيهورازقه.وهناتظهرالعلاقةبينأعظمآيةفيكتابالله–آيةالكرسي–والرقيةالشرعيةالتيتجعلالإنسانيشعرأنهفيحصن،وحمايةوكفايةمن

ربالعباد.فونكبالذينمندونه...﴾]الزمر:36[،فهل بكافعبدهويخو ﴿أليسالله

يخافمنيكوناللهوليهوكافيه؟!.﴿...يخرجهممنالظلماتإلىالنور...﴾]البقرة:257[؛ظلماتالطاغوتالذيبطبيعتهيدخلالإنسانفيظلماتالشبهاتوالشهواتوالأهواءوالمصالحالشخصيةالمتعددةالغريبةالتيتتنوعفيكلزمانوفيكل

مكان.من العبد يخرج الذي هو فالله ور« الن إلى لمات الظ ن م »يخرجهم

الظلماتالمتعددةإلىنورالإيمانواليقين.وروىالطبرانيفيالأوسطالمعجمالأوسط)1/238(حديثرقم)778(عنأبيهريرة

قال:قالرسولاللهصلى الله عليه وسلم:»منقال:لاإلهإلااللهموقنادخلالجنة«.

تدبر سورة البقرة

258

ور نالن اغوتيخرجونهمم وفيالمقابل»والذينكفرواأوليآؤهمالطلمات«؛فالكافريصبحعبدالذاكالطاغوت،يتحكمفيحياته. إلىالظوهناتظهرمعنىآثارأنيسيرالإنسانعلىالمنهجالشيطانيدونمنهج،ليصبحمشتتاممزقاتتقاذفهالأهواءوالطواغيت،تخرجه وجل اللهعز

مننورالتوحيدوالإيمانإلىظلماتالجهلوالكفروالطغيان.﴿أولئك الآخرة: نار قبل الدنيا في نار البشر من النوع هذا حياةأصحابالنارهمفيهاخالدون﴾]البقرة:257[،هذاالنوعمنالبشرالذييتولاهالطاغوتيعيشفيشقاءونكد،لايدريأينيتوجه،ولابأيقانون

أوتشريعيدين.هذهالآياتالثلاثالعظيمةتشكلعظمةالاعتقادالذيبنتهسورةالبقرة،ولذاكانمنالمناسبأنتنتقلالآياتإلىموقفإبراهيموذاكالرجلالذييشكلنموذجاللطاغوتعلافيالأرضوأفسدفيهابظلمهوقدرتهوصفاتهالعظيمةالتيجاءت وجل وكفره،وبإنكارهلوجوداللهعز

فيآيةالكرسي.

قال إذ الملك الله آتاه أن ربه في إبراهيم حاج الذي إلى تر ﴿ألم إبراهيمربيالذييحييويميتقالأناأحييوأميتقالإبراهيمفإن مسمنالمشرقفأتبهامنالمغربفبهتالذيكفروالله يأتيبالش الله

لايهديالقومالظالمين﴾]البقرة:258[.

بصائر من القرآن

259

رجلامتناللهعليهبالملكوهوليسبملكمطلققطعا،فالملكالمطلقللهالواحدالقهار،ولكناللهخولهنعمةالتصرففيمكانمعينلوقتمعينمحدود،ولكنهلميفهمتلكالمعادلةالصعبة،وتصورأنهيمتلكملكاحقيقيامندونالله،فإذابهذاالطاغوتالمتجبرالمتكبر

يقولواهماجاهلا:»أناأحييوأميت«.التي الطاغوتوبينالآية العمليلذلك الموقف والربطبينهذاإلى ور الن ن م يخرجونهم اغوت الط »أوليآؤهم : وجل عز بقوله سبقتهاالإحياء على القدرة يملك أحد فلا والواقع، الحقيقة نور لمات«؛ الظوالإماتةإلاالله،ولكنهذاالرجلالمتجبرمارأىتلكالحقيقةوذلكالنور؛لأنهقدأخرجمننورالحقيقةوالواقعإلىظلماتالكفروالجهل،

فمارأىتلكالحقيقةوظنأنهيحييويميت.من بها فأت المشرق من مس بالش يأتي الله فإن إبراهيم قال ...﴿الرائع،فيه التعامل أنواع ]البقرة:258[،نجدهنانوعامن ﴾... المغربلفتةعظيمة؛فيحينترىأنالطرفالذيأمامكلايرتقيإلىالمستوىاللهيأتي الذيأنتفيه،حاولأنتخاطبهعلىقدرعقله:»قالإبراهيمفإنمسمنالمشرقفأتبهامنالمغرب«،وهنالميتمكنمنالمحاجة بالش

أكثرمنذلك.،]258 ]البقرة: الظالمين﴾ القوم يهدي لا والله كفر الذي فبهت ...﴿المين«.ولنا »فبهتالذيكفر«وبقيعلىكفره،»واللهلايهديالقومالظ

تدبر سورة البقرة

260

المين«،لماذا أننتساءلعندقةالتعبيرالقرآني:»واللهلايهديالقومالظلميكتباللهالهدايةلهؤلاءالظالمين؟

لأنهملميكونواأهلاولامحلالتلكالهدايةبظلمهم،فالظالمماعادأهلاولامحلاللهداية؛لأنهظلمنفسهبالكفر،أمالوأنهآمنلكانمحلالهدايةالله،أماوأنهقدكفرفإنكفرهوقعباختياره؛لأنهلاإكراهفيالدين؛بحكم وجل فالكفرقراراختيارييترتبعليهالضلالوالبعدعناللهعزاختيارهوقراره،أماوأنالإيمانقراراختياري؛فالهدايةنتيجةمترتبة

وثمرةطبيعيةلاختياركالذيقمتبهبأمراللهوهوالإيمان.ثمتقدمالآياتالعظيمةصورةأخرىلذلكالإنسانالذييمرعلىالآياتفيالكوندونأنيتفطنإليها،فيحينأنالمؤمنالفطنالعاقلالإيمان بذور فيه لتتحرك الكون، في المبثوثة الآيات بقراءة مطالبعلىقريةوهي والعودةوالرجوعلخالقهسبحانهوتعالى:﴿أوكالذيمرمائةعام بعدموتهافأماتهالله خاويةعلىعروشهاقالأنىيحييهذهاللهبعثهقالكملبثتقاللبثتيوماأوبعضيومقالبللبثتمائةعام ثمهوانظرإلىحماركولنجعلكآية فانظرإلىطعامكوشرابكلميتسناتبينله نكسوهالحمافلم للناسوانظرإلىالعظامكيفننشزهاثمشيءقدير﴾]البقرة:259[.فالآيةهناتتكلمعن علىكل الله قالأعلمأنوالتناسب الخلق. في الجارية الآيات أعظم والموت،وهمامن الحياة»الحيالقيوم«،وبين وجل واضحبينآيةالكرسيالتيجاءفيهاقولهعز

بصائر من القرآن

261

هذهالآياتالتيتتحدثعنمظاهرإحيائهسبحانهوتعالىلكلشيءفيهذاالكون،التيهيمظاهرحقيقيةتدلعلىأناللهحيقيوم.هذهالمظاهريراهاكلالناسيمرعليهاالمؤمنوالكافر،ولكنالمؤمنحينيمرعليهايتحركالإيمانفيقلبهويتجدد،فيخرجهمنالظلماتإلىالنور،أماالكافرفيمرعلىالآياتبغفلةورعونة،فتزيدهتلكالآيات

كفراوظلماوظلمةرغمعظمتها.بعثه...﴾]البقرة:259[،إنهقادرعلىكل ثم مائةعام ﴿...فأماتهاللهشيء﴿...قالكملبثتقاللبثتيوماأوبعضيومقالبللبثتمائةعاموتقريب وجل ...﴾]البقرة:259[،وهناالآياتتعرضجانبامنقدرةاللهعزمرورالزمنوعدمشعورالإنسانبهبعدالانتقالإلىالعالمالآخر:﴿...

ه...﴾]البقرة:259[. فانظرإلىطعامكوشرابكلميتسنفالشيءالطبيعيأنهذاالطعامسينتهيويتحللبمرورتلكالفترةالزمنيةالطويلة،إلاأناللهسبحانههوالذيبيدهكلالأسبابيوقفهابإرادتهوقدرتهمتىمايشاءويجريهاحينيشاء،فهومسببالأسباب،وبهذاينقطعالتفاتالمؤمنإلىالتمسكبالأسبابوالتعلقبهامنحيثالركونإليهادونمسببالأسباب.أمامنحيثالأخذبها،فهومطالببذلك،ولكنمع

اليقينبأنهالاتعملأوتتوقفبذاتهادونإرادةاللهسبحانه.إلى النظر دون الأسباب بمسبب التعلق إلى الآية توجه هنا منالأسباب؛لأنهذهالقضيةمهمةجدافيكلالتصرفاتوالسلوكيات

تدبر سورة البقرة

262

الثالثمن الجزء التيستأتيفي المالية المعاملات فيهاقضايا بماسورةالبقرة.

هوانظرإلىحماركولنجعلك ﴿...فانظرإلىطعامكوشرابكلميتسناتبينله نكسوهالحمافلم آيةللناسوانظرإلىالعظامكيفننشزهاثمشيءقدير﴾]البقرة:259[.»كيف«الكيفيةمثال علىكل الله قالأعلمأنحسي،مثالماديأمامالأعينوالأبصاروأمامالقلوبالتيتستطيعأنتنتفعبالآياتوبالهدى،فتأتيالآياتفتزيدمنسوبالإيمانواليقينفيها.،هذهالآيات وجل ثمتنتقلفينفسالسياقلبناءاليقينباللهعزبأسرهاتبنيالإيمانواليقين،تؤكدهوترسخهفينفسالإنسانحتىلا

يحيدولايزيغعنهأبدا.عن سؤاله وفي – السلام عليه – إبراهيم قصة في الآيات وتواصلأرنيكيفتحييالموتىقال كيفيةإحياءالموتى:﴿وإذقالإبراهيمرب نالطيرفصرهن قلبيقالفخذأربعةم أولمتؤمنقالبلىولكنليطمئنيأتينكسعياواعلم ادعهن جزءاثم نهن جبلم اجعلعلىكل إليكثمة كمثلحب ثلالذينينفقونأموالهمفيسبيلالله عزيزحكيم.م الله أن يضاعفلمنيشاءوالله ةوالله ائةحب سنبلةم أنبتتسبعسنابلفيكللايتبعونماأنفقوا ثم واسععليم.الذينينفقونأموالهمفيسبيلاللهيحزنون﴾. هم ولا عليهم خوف ولا ربهم عند أجرهم لهم أذى ولا ا من

]البقرة:260–262[

بصائر من القرآن

263

وهناتأتيهذهالمعانيفيبداياتالجزءالثالث؛ليجعلمنالإيمانبالبعثحقيقةثابتةراسخةفيقلبالمؤمنلايتغيرعنهاولايحيد،لافيتصرفاتهولافيسلوكه،فتأتيالسلوكياتوالأفعالمصداقالتلك

الحقيقةالراسخةمناليقينوالإيمان.عن يتحدث جاء الذي العجيب والتناسب الترابط كان هنا من عز الماليةبعدالحديثعنالإيمانواليقينوصفاتالله المعاملات

وقدرتهعلىالإحياءوالإماتةوأنهحيقيوم. وجلحتىتنعكسحقيقةالإيمانبالبعثعلىسلوكالإنسانحينينفقويعطيويقدممالديهفيسبيلالله.فالمؤمنلاينفقبشكلآليدونتفكرواستذكارلليقينبأنالمالليسملكاصرفاللإنسان،بلهوأمانة

منالمالكالحقيقيسبحانهوتعالى.فالمالسببووسيلة،وليسغايةولميخلقالعبدلجمعالمالوكنزه،بللجعلالعالمالذييعيشهأفضلوأحسن؛فالذيوهبهالمالهوالذي

أمرهبالبذلوالعطاء.فإذامابذلالإنسان؛استجابةلأمرمسببالأسبابورازقالخلق،

فإنهسيجعللهمنالأسبابمايغنيهويخلفبهعليه.منهناكانتمنظومةالإنفاقمبنيةعلىاليقينبأنمايبذلهفيسبيلالله،سيعودعليهبأضعافمضاعفة؛لأنالذييبذلفيسبيلههوالقادرعلىمضاعفتهاأضعافامضاعفةفهومالكهاالحقيقيدونسواه.

تدبر سورة البقرة

264

سبع أنبتت ة حب كمثل الله سبيل في أموالهم ينفقون الذين ﴿مثلواسععليم﴾ يضاعفلمنيشاءوالله ةوالله سنبلةمائةحب سنابلفيكل

]البقرة:261[.وعطائه. الإنسان بذل تنعكسعلى وجل عز الله فالإيمانبصفاتإيمانهبأناللهواسعفيعطائه،عليمبصدقالعبد،وهويعطي،يخلصيضاعف بل بالصدقة، ينقص لا فالمال منه. والوقاية الشح من العبدأضعافامضاعفةعلىقدرمافيالقلبمناليقينبأناللهسيضاعف.

وتواصلالآياتالعظيمةبناءمنظومةالإنفاقفيسورةالبقرة،لتقدمآداباروحيةومشاعرتصقلوتسمووترتقيبالإنسان،فالإنفاقليسلأجلالفقيرومساعدتهفحسب،بلالإنفاقأولاوابتداءلنجاةالمتصدقذاته

منالشحوالضعفأمامالمالوالانهزامتحتوطأته.الإنفاقيأخذمننفسالمنفقشوائبهاوكدرها،فلايبقيفيهاطمعافيثناءبشرأوسعياوراءكلمةمديحأوشهرةبينالناسبالكرموالجود،منهناجاءالنهيعنإتباعالإنفاقبالمنوالأذىلنفسالفقير:﴿الذيناولاأذىلهم أنفقوامن يتبعونما لا ثم أموالهمفيسبيلالله ينفقونأجرهمعندربهمولاخوفعليهمولاهميحزنون﴾]البقرة:262[.فالذييتبعما العطاءمنعنده،لن –وأن وجل عز – المالمالالله أن يؤمنينفقبالمنعلىأحد.فالذيينفقفيسبيلهسبحانههوصاحبالمنة

والفضلأولاوابتداء.

بصائر من القرآن

265

فالمالليسمالالأحدمنالبشر،وليسملكاخالصاله،وإنماالملكالحقيقيللهالواحدالقهار،

فلايليقبالمؤمنالذيقداستقراليقينفيقلبهأنيمنعلىأحدمنالناسأنأجرىاللهسبحانهعلىيديهطاعةله.

وهنايأتيالتقابلبينالمنانالذيهومنأسماءاللهسبحانهوتعالى المن تعالى الله اختص هنا من الإنفاق. بعد عنه المنهي المن وبينلنفسه؛لأنهمنالعبادتكديروتعيير،ومناللهتعالىإفضالوتذكيركما

وردعنابنالقيم.له يفتح عليهحين وتعالى اللهسبحانه منة في الإنسان تأمل ولوبابالعطاءللخلق،لسجدشكرالخالقهالذيجعليدهتمتدبالعطاء

لاتمتدلأخذه.ثمتستمرالآياتفينفسالمنظومة؛لتهذبنفسالمؤمنوتجعلالفعلوالسلوكمرآةصادقةتعكسصفاءالإيمانونقاوةاليقينالذيقداستقرفيقلبالمؤمنحينيعطيويبذلمننفسهوماله:﴿قولمعروفحليم﴾]البقرة:263[،حتى غني ومغفرةخيرمنصدقةيتبعهاأذىوالله

لايخالجفكرهحينينفقأنهصاحبالفضلوالعطاءابتداء.فالعطاءليسفيحجمهالمادي،بلفيالأثرالحسنوالفعلالذيأوأذى،لايستوي يتركهذلكالعطاء،فالذييقومبمعروفويتبعهبمن

تدبر سورة البقرة

266

معمنلايملكالعطاءالمادي،ولكنهيملكالكلمةالطيبةوالمشاعرالصادقةالتيتدخلالسرورعلىصاحبالحاجةولاتجرحه.

وعلى بجزئياتها. وليس الله، شرع في ومقاصدها بغاياتها فالأمورالمنفقاستحضارهذهالمعانيالعظيمةحينينفق،فاللهغنيعنتلك

الصدقة،والمحتاجالأولإليهاهوصاحبالصدقة. بالمن صدقاتكم تبطلوا لا آمنوا الذين أيها ﴿يا الآيات: وتستمرواليومالآخرفمثله والأذىكالذيينفقمالهرئاءالناسولايؤمنباللهكمثلصفوانعليهترابفأصابهوابلفتركهصلدالايقدرونعلىشيءأموالهم ينفقون الذين ومثل الكافرين. القوم يهدي لا والله كسبوا ا م موابل أصابها بربوة ة جن كمثل أنفسهم ن م وتثبيتا الله مرضات ابتغاءبصير﴾ تعملون بما والله فطل وابل يصبها لم فإن ضعفين أكلها فآتتالصورة لتقرب الإنساني الواقع من بالأمثلة وتأتي ،]265–264 ]البقرة:فالمن والبذل؛ للعطاء المصاحبة القيمالأخلاقية وتعزز الأذهان إلىالصدقة لتلك المادية القيمة كانت وإن حتى الصدقة يبطل والأذىكبيرة،فالأشياءليسبقيمتهاالمادية،بلبقيمتهاالمعنويةالتيأراداللهسبحانهوتعالىأنتكونوتتحققفيها.فالإنسانالذييرائيالناسبصدقتهوبذلهدونالتوجهللهسبحانهبالطاعة،والذييتبعماينفقبالمنوالأذىمنالقولوربمابالفعللمنبذللهوأنفق،لاثمرةحقيقيةلعمله.وجاءالقرآنالكريمبمثلينمتقابلينلبيانالفارقالشاسعبينالمرائي

بصائر من القرآن

267

وبينالمخلصفيإنفاقهلوجهالله؛فالأولكالحجرالصلدالمغطىبترابلكنذاكالغطاءظاهري،وليستراباصالحاللزرعوالإنبات،فإذامانزلإذابهيكشف يفترضفيهأنيساعدهعلىالإنبات، الماءالذي عليهالمتوجه المؤمن أما القادرةعلىالإنبات. عنحقيقتهوطبيعتهغيربعملهوصدقتهلخالقهسبحانهوطمعافيمرضاته،فهوكالجنةالصالحةللمزيدمنالعطاءومضاعفتهسواءفيذلكإذامانزلعليهاالوابل؛أيالغيثالشديدأوالقليلالضعيف،أثمرتوأعطتلطيبهاوقدرتهاالذاتيةعلىالعطاءوالإنبات.فالمؤمنإنأنفققليلاأوكثيرابحسبالعمل، في والإخلاص الصادقة النية نفقته نفقته على تتقدم قدرته،المان أو المنافق قليلا،بخلاف ولوكان بذله فتثريهوتغنيهوتضاعفوالمرائيحتىالبذلالكثيرلاينفعفيهولايؤثرفيصلابةوقساوةقلبهالذيعلاهالنفاقوالجريوراءالناس.وتختمالآياتبأناللهسبحانهوتعالىبصيربعملالإنسانليستحضرالمؤمننظراللهسبحانهوتعالىإلىعملهالظاهروالباطن،فيعملعلىتنقيتهمنكلشائبةمنرياء

أومنأوأذى.وتستمرالآياتالكريمةفيتقويةدافعالإخلاصودواعيهفيالبذلوالإنفاقمنناحيةخاصة،لتؤكدأنالأصلفيالعمل؛الصدقفيالنيةله أحدكمأنتكون ﴿أيود وإخلاصالتوجهللهسبحانهوحدهدونسواه:الثمرات ننخيلوأعنابتجريمنتحتهاالأنهارلهفيهامنكل ةم جنيةضعفاءفأصابهاإعصارفيهنارفاحترقتكذلك وأصابهالكبرولهذر

تدبر سورة البقرة

268

من أنفقوا آمنوا الذين أيها يا تتفكرون. لعلكم الآيات لكم الله ن يبيمواالخبيثمنه نالأرضولاتيم اأخرجنالكمم باتماكسبتمومم طيحميد﴾. غني الله تنفقونولستمبآخذيهإلاأنتغمضوافيهواعلمواأن

]البقرة:266–276[.العمل وإخلاص سبحانه الله مع كالصدق الإنسان ينفع شيء فلاله.قديكونالعملكبيرافيحجمهونوعهومظاهره؛فكفالةأيتامهنا،وحفرآبارهناك،وبناءمدارس،وربمامساجد،وغيرهامنأعمالالخيروالبرالتيهيأنفعالأعمالللإنسانيوملاينفعمالولابنون،إلاأنعدمالإخلاصفيها،أحرقهاوأزالنفعهامعشدةحاجةالإنسانإليهايوم

القيامة.اختيار أهمها: من لعل ودلالات علامات الإنفاق في وللإخلاصالأجودوالأطيبوالأفضللتقديمهبينيدياللهسبحانهالغنيالحميد،منهناجاءتالآيةالكريمةلتؤسسمبدأالإحسانفيالإنفاقمنخلالبذلأفضلمايمتلكهالإنسان،وتوخيالأفضلللإنفاق،والحذرمنتقديم

الرديءصدقةللهسبحانه.وبقدرتيقنالإنسانأناللهسبحانههوالرزاقمالكالملكالغنيعنالعبادوأموالهم،الواهبلهمقبلأنيسألوه،يكونتحريالمؤمنلنوعيةالصدقاتوجودتها؛فاليقينكلمازادفيالقلب،زادالعطاءوالسخاءعدم هو الذي والبخل الإيمان يستقيم فلا والأحسن؛ للأفضل والبذل

بصائر من القرآن

269

يقينفيموعوداللهوسوءأدبمعهسبحانهوتعالى،منهناجاءتالآيةالتيبعدهابقولهسبحانه:

نه م غفرة م يعدكم بالفحشاءوالله يطانيعدكمالفقرويأمركم ﴿الشواسععليم.يؤتيالحكمةمنيشاءومنيؤتالحكمةفقد وفضلاواللهننفقةأونذرتم رإلاأولواالألباب.وماأنفقتمم ك أوتيخيراكثيراومايذيعلمهوماللظالمينمنأنصار﴾]البقرة:268–270[وهنا الله ننذرفإن متقدمالآياتتحليلالمايحدثفيعقلالإنسانحينيمسكعنالعطاءمنالوهمبأنالمالينقصبالصدقةوالإنفاق.جاءفيالحديث:عنأبيعبدا صلى الله عليه وسلمقال:مانقصتصدقةمنمال،ومازادالله رسولالله هريرةأن

«.رواهمسلم رفعهالله إلا ا،وماتواضعأحدلله عز بعفوإلاالمال يزيد الصدقات إخراج أن بتأكيد الوهم ذلك يعالج فالقرآنلانهايةله،ولا وجل وينميهويربيه.هذههيالحقيقة،وأنعطاءاللهعزينحصرفيالأشياءالمادية،إنماهوعطاءبكلأشكالهوصوره.ومنصور

ذلكالعطاءالرباني؛الحكمة.والحكمة:فعلماينبغي،علىالوجهالذيينبغي،فيالوقتالذيربك سبيل إلى ﴿)ادع بها: وتعالى سبحانه الله أمر هنا من ينبغي.136

بالحكمةوالموعظةالحسنة﴾(]سورةالنحل،الآية:125[.–ابنالقيمالجوزية،مدارجالسالكين،ج2،ص449. .136

تدبر سورة البقرة

270

الذيلايشترىبمالالدنيا،فكممن وجل والحكمةمنعطاءاللهعزصاحبمالوفير،لايمتلكمنالحكمةمايجعلهيحافظعلىاليسير

منماله.منهناجاءتالحكمةبعدالحديثعنالإنفاقوالإخلاصفيه،فهيوإخراج وجل هبةإلهيةيتعرضالمؤمنلنفحاتهابزيادةاليقينباللهعزالشحمنقلبه؛فكلمازاداعطاءالإنسانوبذلهلمساعدةالآخرين،موقنابماعنداللهسبحانه،زادهاللهحكمةتمكنهمنمعرفةماينبغيعمله.ومنأعظمالحكمةأنينفقالإنسانمنمالهفيحياتهقبلفواتأوان

الإنفاقوالبذل.وتستمرالآياتفيبناءالإخلاصفيالإنفاقوتصفيتهمنحظوظاهيوإنتخفوها دقاتفنعم النفسوكلشوائبالرياء:﴿إنتبدواالصبماتعملون ئاتكموالله رعنكممنسي وتؤتوهاالفقراءفهوخيرلكمويكفخبير﴾]البقرة:271[؛فالصدقةسواءكانتسراحينيقتضيالأمرالسر،أوعلانيةحينيقتضيالأمرالإعلان،وتشجيعالآخرينعلىالبذلوالعطاء،كلهاينبغيأنتكونللهوحدهالخبيربعملالإنسانومايخالطهمنالنية

والقصد.فكلمايعطيهالإنسانفيأيسبيلغيرسبيلالله،لاقيمةله،ولذاتنفقون وما فلأنفسكم خير من تنفقوا ﴿وما بعدها: التي الآية جاءتتظلمون﴾ لا وأنتم إليكم يوف خير من تنفقوا وما الله وجه ابتغاء إلا

بصائر من القرآن

271

]البقرة:272[؛فمايعطيهويبذلهالإنسانمنخيرفهوراجعإليهولأجلتنقيةنفسهوتخليصهامنالشحوشوائبالنفس،وأنالإنفاقالذيينفع

صاحبههوذاكالبذلالخالصلوجهاللهسبحانه.ولذلكتستمرالآياتفيهذاالجزءمنسورةالبقرةبإعطاءنماذجلأولئكالذينيستحقونالعطاءمنالذينلايظهرونللناسالفقروالحاجةوالعوز؛ممنعلاإيمانهمبكرامتهمفوقالحاجةالماديةحتىوصلبهم

حدالتعفف:لايستطيعونضربافيالأرض ﴿للفقراءالذينأحصروافيسبيلاللهفتعرفهمبسيماهملايسألونالناس عف يحسبهمالجاهلأغنياءمنالتبهعليم.الذينينفقونأموالهمبالليل الله إلحافاوماتنفقوامنخيرفإنهم ولا عليهم خوف ولا ربهم عند أجرهم فلهم وعلانية ا سر هار والن

يحزنون﴾.]البقرة:273–274[وعزةالمؤمنوكرامتهلاتخدشهاالحاجةالماديةولاالفقر،فيقينهباللهوليستمنعطاءأحدمنالبشر. وجل يجعلهيدركأنالأرزاقبيداللهعزمنهناكانالمؤمن–ولوكانصاحبحاجة–غيروقافعلىأبوابالخلقيستجديمنهمالعطاء،فالعطاءيأتيمنالربسبحانهالذيأمرالمؤمنينبالبحثعنالمتعففينالأعزةالذينلاتدفعهمالحاجةإلى

ذلالسؤالوالطلب.

تدبر سورة البقرة

272

منهناكانعطاءالمؤمنوإنفاقهفيوجوهالخيرلاينحصرفيليلأونهار،فيسرأوفيعلانية.وهناتعالجالآياتإشكاليةالموسميةعندالبعضفيالخيروالإنفاق؛فالإنفاقالذيتصنعهسورةالبقرةفينفوسالمؤمنينإنفاقوعطاءلايعرفالتوقفوالموسميةفيرمضانأوغير

ذلكمنأيامالخيروالطاعات،فكلالأيامفرصللعطاءوالبذل.اوعلانيةفلهمأجرهمعند هارسر ﴿الذينينفقونأموالهمبالليلوالنربهمولاخوفعليهمولاهميحزنون﴾]البقرة:274[،وهناأصبحالأجرمفتوحالاسقفلهولاحدود،فالأجرعنداللهسبحانهعظيمومنتهالعظيمةمن المعاني قلوبهمهذه في استقرت الذين كبيرةلأولئكالإيمانالذيصنعتهسورةالبقرةالعظيمة.والتناسببينالأمانمنالخوفوالحزنوثوابالإنفاقوالعطاءعظيم؛فالمؤمنالذيلميخشالفقروالنقصفيمالهعندالبذلوالعطاء،أمنهاللهسبحانهمنكل

خوفوحزن.وهذاالجزاءالعظيملاينحصرفيالآخرةفحسب،بليمتدليشملالدنياكذلك؛فالإنفاقوالبذلحصنأمانللمؤمنمنالخوفمنالفقرسبحانه الله من بوعد فقدانه، أو المال قلة على الحزن وألم والحاجة

وتعالى.ومنالأزماتالتيتعانيمنهاالإنسانيةاليوم،ذلكالخوفالمشوببالحزنعلىأموالهمومستقبلهمأومستقبلأولادهمالماديالذيقد

بصائر من القرآن

273

يدفعالناسإلىحدالحرصالشديدوالتكالبعلىالمالوالصراعفيتحصيله.وهيأمورحاصلةفيكثيرمنالمجتمعاتالمعاصرة،حتى

باتالبعضمنالخوفعلىالرزقفيقلقدائموهمقائم.ذلكالقلقالذيقديدفعالإنسانإلىالحرصعلىتحصيلالمالعن الحديث جاء هنا من مشروعة. غير كانت ولو الوسائل بمختلفالربابعدهذهالآيات؛فالرباطريقغيرمشروع،فيهاستغلالوجشعلايليقبإنسانيةالإنسانوتعاملهمعغيرهمنبنيالبشر.غالبالدوافع

لتحصيلهتنبعمنخوفالإنسانمننقصانرأسماله.منهناتنتقلالآياتإلىصورةأناسيرونأنأرصدتهمفيالبنوك

تزدادبالربا137،وتنقصبالزكاةوالصدقات.–الربا:فضلخالعنعوضبمعيارشرعيمشروطلأحدالمتعاقدينفيمعاوضة، .137وأنهاسملمقابلةعوضبعوضمخصوصغيرمعلومالتماثلفيمعيارالشرعحالةالزيادةفيأشياءمخصوصة.وهي البدلين،أوأحدهما،وأنها أوتأخرفي العقد،عندالمالكية،والحنفية:هوكلبيعفاسدأيضا.وهوبشكلعامعدةأنواع:منهارباالجاهلية:هوأنهقديكونعلىالرجلدينلرجل،فيحلالدين،فيقوللهصاحبالدين:تقضي،أوتربي.ورباالفضل،وهوالبيعمعهزيادةأحدالعوضينعلىالآخر،كبيعديناربدينارين،نقداونسيئة،وصاعبصاعين،ورطلبرطلين،يدابيد،ونسيئة.عبداللطيفالحاتمي،الفوائدالتأخيريةوشرعيتها،مطبعةالنجاحالجديدة،الدارالتشريعات في الربا .)February 01, 2015( أمين، ولد نقلاعن: البيضاء،2008م، Issue 28, pp.85-155, 2015،القانونوالفقهمجلةقانونية.فقهيةدراسةالموريتانية:

Issue 28, pp.85-155, 1.2015

تدبر سورة البقرة

274

يطانمن بالايقومونإلاكمايقومالذييتخبطهالش ﴿الذينيأكلونالربا مالر البيعوحر الله باوأحل ذلكبأنهمقالواإنماالبيعمثلالر المسومنعاد بهفانتهىفلهماسلفوأمرهإلىالله ر ن فمنجاءهموعظةمدقات باويربيالص الر فأولئكأصحابالنارهمفيهاخالدون.يمحقاللهالحاتوأقاموا الذينآمنواوعملواالص ارأثيم.إن كف كل لايحب واللهكاةلهمأجرهمعندربهمولاخوفعليهمولاهميحزنون. لاةوآتواالز الصؤمنين.فإن باإنكنتمم وذروامابقيمنالر ياأيهاالذينآمنوااتقوااللهورسولهوإنتبتمفلكمرؤوسأموالكملا نالله لمتفعلوافأذنوابحربم

تظلمونولاتظلمون﴾]البقرة:275–279[.والآياتتصفسلوكالإنسانالمتذبذبيسيرفيحياتهبلامنهجشرعهم في كالبيع فالربا مقاييسه، في كالحلال الحرام يرى متخبطافي السعدي هناجاءعن المال.من رأس في زيادة فكلاهما المعوج،تفسيره:)لماانسلبتعقولهمفيطلبالمكاسبالربويةخفتأحلامهموضعفتآراؤهم،وصاروافيهيئتهموحركاتهميشبهونالمجانينفي

عدمانتظامهاوانسلاخالعقلالأدبيعنهم(.138إليه ذهب كما القبور من القيام حال في التخبط ينحصر ولاجمعمنالمفسرين،بليعيشحالةالتخبطفيحياتهمنيلهثوراء

–تفسيرالسعدي،الآية275. .138

بصائر من القرآن

275

المكاسبالماديةوزيادةرأسهمالهدونالنظرفيالوسائلالمشروعةمنهاأوالمحرمة.كماأنالآياتتقدممنهجالتبريرالذييسلكهأولئكالمخالفونلأمراللهسبحانه؛فتراهميطلقونعلىالرباأنهبيع،وعلىالمحرمة والسلوكيات المخالفات عشرات وهكذا هدية، أنها الرشوة

يسمونهابغيرحقيقتها.وليسالبيعكالربا؛فالبيععمليةمشروعةمباحةفيهامكابدةوتداولالربافهياستغلاللحاجةالغير.والماللايتكاثر للمالوالعمل،أماالأخروية بالعقوبة بالوعيد الآية ختمت هنا من عمل.139 دون بنفسهالمتمثلةفيالخلودفيالنارلفاعلهاوالمصرعلىالتعاملبهابعدنزولالحكمالشرعيفيهاوبيانه.والتحريمالواردهناجاءفيصورتهالقطعية.الذي المحق. في المتمثلة الدنيوية العقوبة إلى بعدها وانتقلتهومحووإبطالونقصوإذهابللبركة.وكلمةالمحقجامعةلكلهذهزيادة ليست المال في الظاهرية الزيادة أن المرابي ليفهم المعاني،–يعودظهورالرباإلىتفتقعبقريةالإنسانعنإمكانيةالمتاجرةبالنقودفيالنقود، .139كشفت فقد الميلاد، قبل قرنا 37 إلى الظاهرة هذه التاريخية المصادر وترجععمليات تباشر كانت التي هي المعابد أن النهرين بين ما بلاد في الحفرياتالقرض،وأنسعرالفائدةعلىالنقودكانفيحدود20فيالمائة،وعلىالشعيرفيحدود33فيالمائة،وأنالاسترقاقكانيتهددالمقترضوعائلتهفيحالةعدمالموريتانية:دراسة التشريعات .«الربافي السداد.ولدأمين،محمدفالالحسن

فقهيةقانونية«مجلةالفقهوالقانون.Issue 28, pp.85-155.2015 Issue 28, pp.85-155 (2015): 1.2015

تدبر سورة البقرة

276

حقيقية؛فالماليتقومبمايمكنللإنسانالحصولعليهبقيمته،وهذالاينطبقعلىالزيادةالربوية.

وهيحقيقةمشاهدةفيعالماليومالذيأنهكتاقتصاداتهودمرتهاالربابكلأشكالهاوصورها.

والمالالحلاليربوويزدادوتظهربركته،والمالالحراموإنكثر،فهوممحوقفيهسحتلابركةفيهولانماءولاخيرولاعطاء،يأتيعلىكل :﴿يمحقالله وجل شيءفيأكلهكماتأكلالنارالهشيم،ولذايقولاللهعز

ارأثيم﴾]البقرة:276[ كف كل لايحب دقاتوالله الرباويربيالصحال في الحرب في الدخول من شديد تحذير في الآيات وتنتقلالإصرارعلىالتعاملبالرباوعدمالإقلاععنه:﴿ياأيهاالذينآمنوااتقواوذروامابقيمنالرباإنكنتممؤمنين)278(فإنلمتفعلوافأذنوا اللهولا تظلمون لا أموالكم رءوس فلكم تبتم وإن ورسوله الله من بحربتظلمون﴾]البقرة:278–279[،هيالحرببكلصورها،هيالحربالتيدقتطبولهامنذزمنبعيدحيننكصالناسعنالمنهجالربانيفي

الحياةالاقتصادية.ونظرةسريعةعلىبنوكالعالماليوم،ومصارفالعالمفيالشرقوفيالغرب؛تلكالمصارفوالبنوكوالمؤسساتالماليةالتياتبعتمنهجالربا،وارتضتمخالفةالمنهجالربانيماذاحدثلها؟ألميحدثذلك

بصائر من القرآن

277

المحق؟ألميمحقاللهتلكالأموال؟ألمتصبحتلكالأصفارالمليونيةأصفارالاقيمةلهافيالبنوك؟ألميصبحذلكواقعاوحقيقة؟!.

وحينيرىالمتدبرهذهالآياتفيالواقع،تتحركفيهدوافعالإيمانفيتوقفعنذلكالعمل،منهنا وجل والتوبةوتعودبهإلىخالقهعزجاءتالآيةالعظيمةبالتوبة:»وإنتبتمفلكمرؤوسأموالكملاتظلمونولاتظلمون«.وجاءالربطبينهاوبينالتذكيربالرجوعإلىاللهسبحانهوتوفيةالأنفسأعمالهافيسياقدفعالإنسانلمراجعةنفسهوتداركمافاتهمنأمورهالاقتصاديةومخالفاته؛لتصفيتهاقبليوماللقاءوالرجوعإلىالخلاقسبحانهالذيأمرونهىوشرعليطاعأمرهولايخالفشرعه:لا وهم كسبت ما نفس كل توفى ثم الله إلى فيه ترجعون يوما ﴿واتقوا

يظلمون﴾]البقرة:281[.يقدم بل فحسب، والتشريع التحريم عند يقف العظيملا والقرآنالبديل،مذكراالإنسانأنهماخلقلجبايةالمالولاليكونخزانةبنك،

بلخزانةعطفورحمةوبذل.فاللهسبحانهشرفه:﴿إنيجاعلفيالأرضخليفة﴾]البقرة:30[،وماكانلذلكالخليفةأنيتحولإلىقطعةمنالحديدتكونخزانةلجمعالأموال،فهوإنسانأرادلهخالقهأنيكوننهراوغيثامنالحبوالعطاء،ولذلكجاءتالآياتبعدها:﴿وإنكانذوعسرةفنظرةإلىميسرةوأن ثم قواخيرلكمإنكنتمتعلمون.واتقوايوماترجعونفيهإلىالله تصد

تدبر سورة البقرة

278

اكسبتوهملايظلمون﴾]البقرة:280–281[.فلامزايدة نفسم توفىكللا فالمؤمن بحاجته، متاجرة ولا وأحزانه والمحتاج الفقير آلام علىيتاجربفقرالآخرينوحاجاتهمالمادية،بليمسحدموعهمويخففمن

آلامهموأحزانهمبماأنعماللهبهعليهمنمالوعطاء.وفيالمقابلتنتقلالآياتإلىأطولآيةفيسورةالبقرةآيةالدين؛واضح، سبقها ما وبين بينها والترابط أهلها، إلى الأمانات أداء آيةفالإمهالفيردالدينمنأصحابالعسرة،لايعنيأنالإنسانلايقومبضبطالحقوقوتقييدهابالكتابة:﴿ياأيهاالذينآمنواإذاتداينتمبدينىفاكتبوهوليكتببينكمكاتببالعدلولايأبكاتب إلىأجلمسم الله وليتق الحق عليه الذي وليملل فليكتب الله علمه كما يكتب أنسفيهاأوضعيفاأو ربهولايبخسمنهشيئافإنكانالذيعليهالحقمن شهيدين واستشهدوا بالعدل ه ولي فليملل هو يمل أن يستطيع لاهداء نترضونمنالش رجالكمفإنلميكونارجلينفرجلوامرأتانممهداءإذامادعوا رإحداهماالأخرىولايأبالش إحداهمافتذك أنتضل ولاتسأمواأنتكتبوهصغيراأوكبيراإلىأجلهذلكمأقسطعنداللهتديرونها حاضرة تجارة تكون أن إلا ترتابوا ألا وأدنى هادة للش وأقوم تكتبوهاوأشهدواإذاتبايعتمولايضار بينكمفليسعليكمجناحألا والله ويعلمكمالله كاتبولاشهيدوإنتفعلوافإنهفسوقبكمواتقواالله

شيءعليم﴾]البقرة:282[ بكل

بصائر من القرآن

279

صورها أبهى في التقوى وممارسة الأمانة المؤمن يعلم فالقرآنيكتب أن المؤمن على تفرض التي التقوى الحاضرة، التقوى وحللها؛ين ينمهماكانكبيراأوصغيرا.التقوىالتيتفرضعليهأنيؤديالد الد

ربهولايبخسمنهشيئا«. إلىصاحبه:»وليتقاللهشيءعليم«،التقوىالتيتتحول »واتقوااللهويعلمكماللهواللهبكلإلىمنهجيدخلفيخلجاتنفسهفيحركفيهادواعيالأمانةوالإيمان،اؤتمن الذي »فليؤد بالأداء: يطالب أن قبل يؤدي تجعله التي التقوىهادةومنيكتمهافإنهآثمقلبهوالله أمانتهوليتقاللهربهولاتكتمواالشبماتعملونعليم«.إنهاالتقوىالتيصنعتهاسورةالبقرة،التقوىالتي

تثمرالهدايةبأحلىصورها،بالنورالذيفيها.وقدتعرضالكثيرونفيالقديموالحديثلقضيةتنصيفشهادةالمرأةالمذكورةفيالآية،بعيدافيكثيرمنالأحيانعنمقاصدالشهادة.فالشهادةوسيلةلتحقيقمقصدالعدالةوإيصالالحقوقإلىأصحابهاالتيتضافرتالنصوصعلىأهميتهاومحوريتهافيتعاليمالشريعةالإسلامية.وعلىهذافالقولبجوازشهادةالمرأةفيالحدودوالقصاصلاينبغيالنظرإليهمنخلالزاويةفقهيةأحادية،تقومعلىاستدعاءالآراءالفقهيةالمتوافرةفيالمسألة،ومنثمإجراءعملياتالترجيحوالموازنةلهذاالرأيأوذاك،معإغفالأهميةاستحضارالمقاصدالباعثةعلىالحكمبهذاالرأيأوذاك

كوسيلةلتحقيقمطلبالعدالةكماجاءتفيالآيةالمذكورة.

تدبر سورة البقرة

280

منهناذهبالعلماءإلىجوازشهادةالنساءفيالأموالواستشهدواذلك فمنع منفردات، شهادتهن قبول في اختلفوا ولكنهم الآية، بهذهالجمهور.وتعرضالعلماءإلىتفسيرآيةالدين،وتأويلسببتنصيفشهادةالمرأةفيالأموالأومايقصدبهالمال140،وذهبغالبيتهمإلى

أنذلكدليل واضح على نقصان عقل المرأة عن الرجل بإطلاق.وفسرالعلماءالضلالالواردفيالآيةبأنهالنسيان،والنسيانحالةتصيبالعقلتمنعهمنتذكرالشيءوقتالحاجةإليه.والنسيانتركالإنسانضبطمااستودع؛إمالضعفقلبه،وإماعنغفلة،أوعنقصدعند والنسيان الأصول. علماء بعض ذكره القلب، عن ينحذف حتى

الأطباءنقصانأوبطلانلقوةالذكاء.141فالضلالعنالشهادة،إنماهونسيانجزءمنهاوذكرجزءوالعلة في الحقيقة هي التذكير،ولكنالضلاللماكانسببالهنزلمنزلته.فالمعنىإنضلتهذهذكرتهاهذه،وإنضلتهذهذكرتهاهذهلاعلىالتعيين.142–المالكالقرضوالغصبوالديونوماقصدبهالمالكالبيعوالوقفوالإجارةوالهبة .140والصلحوالمساقاةوالمضاربةوالشركةوالوصية.انظرفيذلك:ابنقدامة،المغني،مرجعسابق،ج9،151.وراجعفيذلككلهكتابنا:أثرالعرففيفهمالنصوص…قضايا

Ruqaia.com:الإلكترونيالموقععلى2003م.دمشق،الفكر،دارأنموذجا،المرأة–المناوي،مرجعسابق،،ج2،69. .141

الشوكاني،فتح المسير،مرجعسابق،ج6،119.محمدبنعلي الجوزي،زاد ابن – .142القدير،مرجعسابق،ج1،302.

بصائر من القرآن

281

والمتدبرفيالآيةالتيجاءتفيسياقالحثوالحضعلىأداءالشهادةوالحفاظعلىالحقوقلاينبغيأنتنزعمنالسياقالذيوردتفيه،سياقتحملالأمانةوأداءالأماناتومنهاالشهاداتوالحرصعليها،وتحميلأفرادالمجتمعرجالاونساءتلكالأمانةوالحفاظعليهالحفظحقوقالناسوعدمالتخليعنهاتحتضغطمخاوفمعينةمنأدائها.حياتهم تتعرض قد ممن الشهود ويحميحقوق يقدم العظيم والقرآنلتهديدأوخطرلإدلائهمبالشهادة.وهذامطلبومقصدعظيممنمقاصدسورةالبقرةيرتبطبالتقوىالعظيمةالتيتدخلفيكلجزئياتالحياة

الإنسانيةللفردوالمجتمع.قبوضةفإنأمنبعضكم ﴿وإنكنتمعلىسفرولمتجدواكاتبافرهانمهادةومن ربهولاتكتمواالش الذياؤتمنأمانتهوليتقالله بعضافليؤدبماتعملونعليم﴾]البقرة:283[.والنهيعن قلبهوالله فإنهآثم يكتمهاكتمانالشهادةهنالهخصوصيةلاتقفعندالحفاظعلىالأموالوفيالمجتمع. في التعاملات كافة ليشمل يمتد بل المالية، المعاملاتوالتناسبعظيمبينإثمالقلبوكتمانالشهادة؛ليوضحالقرآنالكريمالعدل على المجتمع دعائم وإرساء الحق إقامة في الشهادة مكانةوالإنصاف.وتتعددالشهاداتالتييشهدهاالإنسانفيحياتهوعليهأنيؤديهاولايكتمها،وأداؤهامرتبطبتقواهالتيفيقلبه.منهناختمت

الآيةبتأكيدعلماللهسبحانهوإحاطتهلمايعملهالمرءويقومبه.

تدبر سورة البقرة

282

الآيات تلك في وجل عز بقوله البقرة سورة آيات تختم ولذلكماواتومافيالأرضوإنتبدوامافي العظيمةمجددا:﴿للهمافيالس بمنيشاءوالله فيغفرلمنيشاءويعذ أنفسكمأوتخفوهيحاسبكمبهاللهآمن بهوالمؤمنونكل سولبماأنزلإليهمنر شيءقدير.آمنالر علىكلوقالواسمعنا سله ر ن م أحد بين ق نفر ورسلهلا وكتبه وملائكته باللهإلاوسعهالها نفسا وإليكالمصير.لايكلفالله ربنا وأطعناغفرانكماكسبتوعليهامااكتسبتربنالاتؤاخذناإننسيناأوأخطأناربنالنا ولاتحملعليناإصراكماحملتهعلىالذينمنقبلناربناولاتحممالاطاقةلنابهواعفعناواغفرلناوارحمناأنتمولانافانصرناعلى

القومالكافرين﴾]البقرة:–284–286[.143روىمسلمفيصحيحه)125(عنأبيهريرةقال:لمانزلتعلىرسولاللهصلى الله عليه وسلم﴿لله .143مافيالسماواتومافيالأرضوإنتبدوامافيأنفسكمأوتخفوهيحاسبكمبهاللهفيغفرلمنيشاءويعذبمنيشاءواللهعلىكلشيءقدير﴾قال:فاشتدذلكعلىأصحابرسولالله–صلى الله عليه وسلم–فأتوارسولالله–صلى الله عليه وسلم–ثمبركواعلىالركب،فقالوا:أيرسولالله،كلفنامنالأعمالمانطيق،الصلاةوالصياموالجهادوالصدقة،وقدأنزلتعليكهذهالآيةولانطيقها.قالرسولالله–صلى الله عليه وسلم–:»أتريدونأنتقولواكماقالأهلالكتابينمنقبلكمسمعناوعصينا؟بلقولوا:سمعناوأطعناغفرانكربناوإليكالمصير«قالوا:سمعناوأطعناغفرانكربناوإليكالمصير.فلمااقترأهاالقوم،ذلت بهاألسنتهم،فأنزلاللهفيإثرها:﴿آمنالرسولبماأنزلإليهمنربهوالمؤمنونكلآمنباللهوملائكتهوكتبهورسلهلانفرقبينأحدمنرسلهوقالواسمعناوأطعناغفرانكربناوإليكالمصي﴾ر،فلمافعلواذلكنسخهااللهتعالى،فأنزلاللهعزوجل:﴿لايكلفاللهنفساإلاوسعهالهاماكسبتوعليهامااكتسبتربنالاتؤاخذناإن

بصائر من القرآن

283

عز فالرب بين، قبلها وما العظيمة السورة ختام بين والتناسبأرادمنالبشرتنقيةالسرائروالخواطرالتيلايطلععليهاإلاهو وجلسبحانه.إذإنكتمانالشهادةعلىاختلافأنواعهاودرجاتها،غالبامايكونبسببمخاوفالإنسانمنغيره،وخاصةإنكانصاحبقوةمنمالأوماشابه.فتأتيالآيةلتؤكدأنالمستحقللخشيةوالخوفمنههواللهسبحانهالذيلهملكالسماواتوالأرض.وهناتتبددمخاوفالإنسانمنأيأحدإلااللهسبحانه.وتزدادتلكالخشيةمنهسبحانهحينيستحضرالإنساناطلاعاللهسبحانهعلىمافينفسهسراأوعلانية.ثمتأتيتلكالآيةالتيتطمئنالنفوسوتأتيعلىالقلوبلتهدأبالتذكير سبحانه، الله بمراقبة والخوف الخشية روعة من النفوسبالإيمان،وأنإيمانالإنسانبخالقهسبحانه،يؤمنهمنكلخوف:﴿آمنوملائكتهوكتبه آمنبالله سولبماأنزلإليهمنربهوالمؤمنونكل الرربنا غفرانك وأطعنا وقالواسمعنا رسله من أحد بين ق نفر ورسلهلا

وإليكالمصير﴾]البقرة:285[.الإيمانالذيلايفرقبينالأنبياء؛فهويؤمنبموسىوعيسىوجميعالأنبياءعليهمالسلام.ذلكالإيمانالذييدفعالإنساننحوسماعالأوامر

سماعطاعة:»سمعناوأطعنا«.نسيناأوأخطأنا﴾قال:نعم﴿ربناولاتحملعليناإصراكماحملتهعلىالذينمنقبلنا﴾قال:نعم﴿ربناولاتحملنامالاطاقةلنابه﴾قال:نعم،﴿واعفعناواغفرلنا

وارحمناأنتمولانافانصرناعلىالقومالكافرين﴾قال:نعم.

تدبر سورة البقرة

284

فالسماعوالطاعةهناليسامجردادعاءأوقولباللسان،ولكنسماعوطاعةوتنفيذفيواقعالحياةكماجاءتفيسورةالبقرة.طاعةالأوامروالتشريعاتالتيتجعلللإنسانفيكلوقفةوتصرفقدرامنالإيمان

والتقوىلايطلععليهإلااللهسبحانه.إنهاالطاعةالتيتصنعهاسورةالبقرةفيالأسرة،فيالزواجوالطلاق،فيالصلاةوالصيام،فيالقصاصوالقتال،فيالسلموالحرب.الطاعةالتيتجعلصاحبهاوجلاعلىحذر،يطلبالعفووالمصفحوالمغفرة

بتضرعلخالقهسبحانهالذيإليهالمصير.ولكنطبيعة المنهج، تطبيق تروم التقوى على تبنى التي الطاعةو النسيان أو الجهل أو الغفلة البشرقدتغلبصاحبها،فيصدرعنهاالخطأ،وكلهاتقتضيالتضرعللخالقسبحانهبطلبالمغفرة:»غفرانك

ربناوإليكالمصير«.وسعهالهاما نفساإلا ولذاجاءتالآيةفيالخاتمة:﴿لايكلفاللهكسبتوعليهامااكتسبتربنالاتؤاخذناإننسيناأوأخطأناربناولالناما تحملعليناإصراكماحملتهعلىالذينمنقبلناربناولاتحمبهواعفعناواغفرلناوارحمناأنتمولانافانصرناعلى لاطاقةلنا

القومالكافرين﴾]البقرة:286[.»لايكلفاللهنفساإلاوسعها«،جميعتعاليموأوامرالمنهجالربانيوالخطأ يطيق. لا بما يكلفه لم فالله الإنسان؛ وسع عن خارجة ليست

بصائر من القرآن

285

إلى تنظر فيشريعة و العظيم، الشرع فيهذا والنسيانمعفوعنهماالإنسانعلىأنهإنساننسبيمحدودتطرأعليهالعوارض.

الأمرالذييؤكدأنهاشريعةربانية،منربرحيمكريم،يحبعبادهويتوددإليهموهوغنيعنهم،يتوددإليهمبمافرضهعليهملأجلأنيحيوا

حياةتليقبإنسانيتهم.وهيديانةالقرآنوالإسلامالتيبنيتعلىاليسروالتخفيفوليستشريعةإصرولاأغلال،بلشريعةالرحمة،شريعةالوسطيةواليسر؛ولذااستحقتأنتكونالشريعةالخاتمةلشريعةالأنبياءباختيارنبيهاصلى الله عليه وسلم

الذيتممالرسالاتوبهتمت.منهناجاءالدعاءالمحببالذييجسدرغبةالمؤمنفيتطبيقالمنهجالربانيعلىواقعالحياةرغموجودنوازعالضعفالبشريالتيقدتوقعهأحيانافيالخطأوالنسيان:﴿ولاتحملعليناإصراكماحملتهلنامالاطاقةلنابهواعفعناواغفر علىالذينمنقبلناربناولاتحم

لناوارحمنآأنتمولانافانصرناعلىالقومالكافرين﴾.وهناتبدومعانيالعفووالمغفرةوالرحمةمنالخالق،تحيطبعبادهوترعاهم،تربيهموتهديهموترشدهمللصراطالمستقيمفيثناياالشعورالتيتحمل الولاية مولانا«،تلك »أنت لهم: بتولياللهسبحانهوتعالىمعانيالحمايةوالكفايةوالرعاية،ومنكاناللهمولىلهماذاضاعمنه

وماذافقد؟!.

تدبر سورة البقرة

286

سورةالبقرةالعظيمةأسستهذهالمعانيالرائعةفينفسالمؤمن،ولذاكانتتستحقأنتكونبهذهالمنزلةالتيأراداللهسبحانهوتعالىلهاأنتكون.سورةجعلتمنالإيمانحقيقةويقينا،جعلتمنمعانيصغيرة كل في حياته في المؤمن عليه يسير ومنهجا تعاليم الإيمانأنيعفوعنزلاته وجل وكبيرة،رافعاأكفالضراعةبالدعاءإلىاللهعز

ويغفرهفواتهويصلحعثراته.

بصائر

الإنسان تنمية في الإسهام إلى بصائر مؤسسة تهدفبصائر وتقدم وحضاريا. وسلوكيا فكريا والمجتمع والأسرةعددامنالإصداراتالمعنيةبتدبرالقرآنوربطهبواقعالأفرادوالمجتمع،وممارسةالقيمالإيجابيةالتيجاءتبهاكلسورالقرآنوآياته.وتحاولمنخلالهذهالإصداراتالتوعيةبرسالةبتوجيه بصائر تهتم كما الحضارية. وقيمها العالمية القرآنهذه إيصال في إسهاما العربية بغير للمتحدثين الخطابمن الكثير يتجاوز بأسلوب إليهم القرآنية والقيم المعانيالإشكالياتالناجمةعنالترجمةللتفاسيرولمعانيالقرآن

العظيم.

بصائر: مملكة البحرينBH37BIBB 00 1000 0017 5725 : رقم الحساب المصرفي الدولي BIC: B1BBHBM : رمز السويفت لبنك البحرين الإسلامي

basair@basair.me : البريد الالكتروني