Transcript
Page 1: مطوية حقوق المعاقين بالإسلام

كیف تعامل اإلسالم مع المعاقین ؟

)لیس المعاق من شلت جوارحة(

نادي القیم

شذى عبدالحمید زامل السلیم :أعداد الطالبة

وقد أعطى اإلسالم لھؤالء المعاقین حقوقھم فحرص على دمج المعاق

في مجتمعھ ، فقد ولى الرسول صلى اهللا علیھ وسلم ابن أم مكتوم

على المدینة عندما خرج إلحدى غزواتھ ، كما یتجھ اإلسالم إلى

المجتمع والمحیط الذي یعیش فیھ المعاق فیعلمھم ویربیھم على

السلوك الذي یجب علیھم أن یسلكوه في معاملتھم إلخوانھم وأھلیھم

من ذوي العاھات فھو یعلن بصریح العبارة أن ما حل بإخوانھم من

بالء ال ینقص قدرھم وال ینال من قیمتھم في المجتمع فھم جمیعًا

سواء ال تفاضل بینھم إال بالتقوى فقد یكون صاحب العاھة أفضل

إن أكرمكم عند { :وأكرم عند اهللا من ألف صحیح معافى فقال تعالى

فالمیزان الحقیقي ھو التقوى ولیس المال أو الجاه أو } اهللا أتقاكم

الصحة أو الصورة الخارجیة أو غیر ذلك ألنھ ال یمكن أن تتحقق

الغایة السامیة من ھذه الحیاة إال إذا تحقق میزان التقوى ، ھذا المیزان

الذي لھ وقع أّخاذ في ضمیر المسلم بما یحویھ من الخیر واالستقامة

والصالح واإلصالح للفرد والمجتمع ولإلنسانیة جمعاء ، فالتقوى

وقد أكد الرسول صلى اهللا علیھ وسلم ھذه القیمة . جماع لكل فضیلة

في أكثر من حدیث ففي حجة الوداع التي حوت جوامع الكلم وأخطر

أیھا الناس ، إن ربكم : [ قواعد اإلسالم قال صلى اهللا علیھ وسلم

واحد وإن أباكم واحد ، أال ال فضل لعربي على عجمي وال ألسود

]على أحمر إال بالتقوى، خیركم عند اهللا أتقاكم

دمج المعاق في المجتمع كیف قرره

القران الكریم والسنة النبویة ؟

ومع ھذا فإن اإلسالم لم یھمل العاھة واإلعاقة ولم ینكر وجودھا ولم

یتجاھل أثرھا على صاحبھا لذلك وجھ اإلنسان إلى الصبر على ما

یواجھھ من نكبات وكوارث تحل في جسمھ أو مالھ أو أھلھ ،

ولیرجع كل منا إلى نفسھ فإنھ ال شك یجد في سیرتھ أو في سیرة

: من یعرف شدائد صنعت نعمًا ومصائب صنعت رجاًال قال تعالى

ما أصاب من مصیبة في األرض وال في أنفسكم إال في كتاب من {

قبل أن نبرأھا إن ذلك على اهللا یسیر ، لكیال تأسوا على ما فاتكم وال

فاآلیة األولى تعلن }تفرحوا بما آتاكم واهللا ال یحب كل مختال فخور

حقیقة أزلیة وھي أن كل ما یجري في ھذا الكون وما یتعرض لھ

اإلنسان في حیاتھ إنما ھو بقضاء اهللا وقدره وقیمة ھذه الحیاة أنھا

تسكب في النفس البشریة السكون والطمأنینة عند إستقبال الحوادث

والمتاعب بیقینھا أن كل ذلك كان بقضاء وقدر، وتأتي اآلیة الثانیة

لتوجھ النفس البشریة إلى ما یجب أن تكون علیھ عند المصیبة وعند

النعمة فال یأس في األولى وال افتخار في الثانیة ، وقد قررت السنة

عجبا ألمر المؤمن إن : [ ھذا المعنى فقال صلى اهللا علیھ وسلم

أمره كلھ خیر ولیس ذلك إال للمؤمن ، إن أصابتھ سّراء شكر فكان

] خیرًا لھ وإن أصابتھ ضراء صبر فكان خیرًا لھ

Page 2: مطوية حقوق المعاقين بالإسلام

} إن أكرمكم عند اهللا أتقاكم { :قال تعالى

الحمدهللا والصالة والسالم على رسول اهللا وعلى آلھ وصحبھ وسلم تسلیما أما

: بعد

: بدایة البد من التعرف على لفظ إعاقة ، ورد في القاموس المحیط الَعْوُق

) عاقة( عوق : الحبس والصرف والتثبیط ، ویقول صاحب مختار الصحاح

عن كذا ، حبسھ عنھ وصرفھ ، وكانوا فیما مضى یسمون بالمقعدین ثم

أطلقوا علیھم لفظ ذوي العاھات ثم مسمى العاجزین، ولما تطورت النظرة

إلیھم على أنھم لیسوا عاجزین ألن المجتمع ھو الذي عجز عن استیعابھم

وعجز عن تقبلھم وعجز عن االستفادة منھم

مما قد یزید ھوة عدم التعرف على ممیزات أو

مواھب أو صفات أو قدرات لدیھم یمكن

تنمیتھا وتدریبھا بحیث یتكیفون مع مجتمعھم

رغم عاھاتھم ، بل ربما یفوقون غیرھم ممن

نطلق علیھم تجاوزًا األسویاء ، وال شك أن

التسمیات السلبیة مثل المكفوفون ، الصم ،

المشلولون ، المتلفون في أدمغتھم ، والمتخلفون عقلیًا وغیرھا تترك أثرًا

سلبیًا یلصق بالطفل حتى یكبر ووصمة تؤثر على عالقتھ االجتماعیة تأثیرًا

بالغًا، ولكن التسمیات اإلیجابیة مثل ذوو االحتیاجات الخاصة أو ذو

الصعوبات تعطي انطباعاًً وتفاعًال جیدًا لمثل ھؤالء مع المجتمع ، واإلسالم

قد حثنا على اختیار األسماء والكنى الجمیلة والجیدة ومناداة اإلنسان بأحب

األسماء إلیھ فالمسلم ال یحب ألخیھ المسلم إال ما یحب لنفسھ كما أوضح أن

.إدخال السرور على المسلم مما یؤجر علیھ

وعندما نتتبع أحوال ھؤالء المعاقین عبر العصور نجد في التاریخ القدیم أنھ في الدولة

الرومانیة التي تمیزت بالصبغة الحربیة عملت على التخلص من المعوقین حیث وصف القانون

الروماني األصم بالعتھ والبالھة ، وقدیمًا كان الفراعنة یتخلصون من األطفال المعاقین ولكنھم

مع مرور الزمن اصطبغت قوانینھم بالروح اإلنسانیة فنجحوا في استخدام بعض العقاقیر الطبیة

التي تستخدم في عالج بعض حاالت ضعف السمع ، وكان الفیلسوف آرسطو یرى أن أصحاب

اإلعاقة السمعیة ال یمكن تعلیمھم وكذلك أفالطون یرى إخراج المعاقین من مدینتھ الفاضلة

ألنھم ال یؤدون المطلوب منھم لنجاح ھذه المدینة ، وكان القانون اإلنجلیزي القدیم یحرم بعض

. فئات المعاقین من الحقوق والواجبات التي لھم

أما في العھد اإلسالمي فقد اھتم اإلسالم اھتمامًا كبیرًا بكل فئات المجتمع وحرص المسلمون

على الرعایة الكاملة للضعفاء وذوو االحتیاجات الخاصة فلو افترضنا أن في المجتمع فئة قلیلة

من الناس ذوو احتیاجات خاصة تكاد ال تذكر فإن ھذه القلة تحت نظام اإلسالم وحمایتھ ستجد

من یقف جانبھا ویساعدھا ، وعلیھ جاءت اآلیات الكریمة في كتاب اهللا تعالى لتؤكد للجمیع أن

. اهللا تعالى یحث على نصرة الضعیف وإعانتھ قدر االستطاعة

لیس {: والمتأمل في آیات اهللا تعالى یجد نفسھ أمام آیات كثیرة توحي بھذا المعنى قال تعالى

على الضعفاء وال على المرضى وال على الذین ال یجدون ما ینفقون حرج إذا نصحوا هللا

تدل اآلیة داللة واضحة 91:التوبة } ورسولھ ما على المحسنین من سبیل واهللا غفور رحیم

.على أن الضعفاء والمرضى لیس علیھم أیة مشقة إذا لم یقاتلوا مع إخوانھم األصحاء

لیس على األعمى حرج وال على األعرج حرج { :قد تكرر في القرآن لفظ و

، ، إن المتأمل في القرآن الكریم یجد أمامھ مثًال إیجابیًا من أمثلة }المریض حرج وال على

االھتمام والرعایة ، وھذا المثل القائم والخالد بخلود كتاب اهللا تعالى وھو عتاب اهللا تعالى لنبیھ

صلى اهللا علیھ وسلم في قصة عبد اهللا بن أم مكتوم ذلك األعمى الذي حضر إلى رسول اهللا

صلى اهللا علیھ وسلم لیجلس معھ كما تعود فأعرض عنھ رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لعدم

فراغھ وانشغالھ بدعوة كفار مكة وسادتھا ومحاولة جذبھم إلى توحید اهللا وأدار وجھھ عنھ

والتفت إلیھم ، وبالطبع لم یرى ابن أم مكتوم ما فعلھ الرسول صلى اهللا علیھ وسلم ألنھ أعمى ،

اآلیات، وبھذه اآلیات البینات أوضح }....عبس وتولى ، أن جاءه األعمى {:فجاء عتاب اهللا لنبیھ

اهللا تعالى لنبیھ وألمتھ أن المؤمن الضریر الكفیف ھو أطیب عند اهللا من ھؤالء الصنادید الكفرة

، ... ] أھًال بمن عاتبني فیھ ربي:[ ، فكان صلى اهللا علیھ وسلم كلما رآه ھش لھ ورحب وقال

ورغم فقر ابن أم مكتوم وثراء ھؤالء القوم إال أنھ عند اهللا أثقل میزانًا وأحسن حاًال وأفضل

. مقامًا وربما یكون ابن أم مكتوم نبراسًا لھؤالء الضعفاء وكذلك األغنیاء

أبان بن عثمان ، كان لدیھ ضعف في السمع ومع ھذا كان . 1

عالمًا فقیھًا

محمد بن سیرین ، كان ذو صعوبة سمع شدیدة ومع ھذا كان . 2

. راویًا للحدیث ومعبرًا للرؤى

. دعبل الخزاعي . 3

. القاضي عبده السلیماني . 4

. عبد الرحمن بن ھرمز األعرج . 5

. حاتم األصم . 6

. سلیمان بن مھران األعمش . 7

. أبو العباس األصم . 8

سماحة الشیخ عبد : وفي ھذا الزمان نجد أمثلة كثیرة ومنھم

العزیز بن باز رحمھ اهللا مع أنھ كان فاقدًا للبصر إال أنھ كان

. إمامًا زاھدًا ورعًا ناصرًا للدین

كــــیــــف ؟

األســـــــالم نـــــو ر وعــز

العلماء المسلمین الذین یعانون من إعاقة :وأصبحوأعالمًا فمنھم


Recommended