1
حرب الع�صاباتبني النظرية العلميـة
والتطبيق الفل�صطيني
2
حرب الع�صابات
بني النظرية العلميـة والتطبيق الفل�سطيني
اإعداد الأ�صري حممد ناجي �صبحة
____________
الطبعة الأوىل – 1432هـ / 2011م
ت�زيع: م�ؤ�س�سة فل�سطني للثقافة
________________________________________________________
�س�رية – دم�سق – �ص.ب: 13029
هاتف: 00963116374802
فاك�ص: 00963116374551
[email protected] :الربيد اللكرتوين
www.thaqafa.org :امل�قع اللكرتوين
3
حرب الع�صاباتبني النظرية العلميـة والتطبيق الفل�سطيني
اإعداد الأ�صري حممد ناجي �صبحة
4
5
اإهـــــداء
اإىل اأ�صود كتائب ال�صهيد عز الدين الق�صام..
اإىل ال�صهداء العظام..
واإىل املرابطني املجاهدين..
ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٿ ٿ ٿ واإىل ال�صابرين الثابتني؛ جرحى واأ�رسى..
اأهدي كتابي هذا..
راجيا من اهلل القبول..
6
7
ـبـوة مـن قـبـ�س الن
ي�رضهم من خذلهم من ت�جه�ا، ل اأينما الأمة من�س�رين »لن تربح هذه
النا�ص، حتى ياأتي اأمر اهلل وهم بال�سام«.
»اإذا ف�سد اأهل ال�سام فال خري فيكم. ل تزال طائفة من اأمتي من�س�رين، ل
ي�رضهم من خذلهم، حتى تق�م ال�ساعة«.
»عقر دار امل�ؤمنني ال�سام«.
»اإين راأيت املالئكة يف املنام اأخذوا عم�د الكتاب فعمدوا به اإىل ال�سام، فاإذا
وقعت الفنت فاإن الإميان بال�سام«.
فيه، اأك�ن بلدا اكتب يل اهلل، ر�س�ل يا قال: اأنه بن ح�الة اهلل »عن عبد
فل� اأعلم اأنك تبقى مل اأخرت اإل قربك. فقال عليه ال�سالم: »عليك بال�سام،
عليك بال�سام، عليك بال�سام«. فلما راأى ر�س�ل اهلل كراهيته لل�سام، قال:
ف�تي من بالدي، اأدخل »هل تدرون ما يق�ل اهلل عز وجل؟ يق�ل: اأنت �س
فيك خريتي من عبادي«
ي بي عم�دا اأبي�سا كاأنه ل�ؤل�ؤ، حتمله املالئكة، فقلت: ما »وراأيت ليلة اأ�رض
حتمل�ن؟ قال�ا: عم�د الإ�سالم اأمرنا اأن ن�سعه بال�سام«
8
»عليك بال�سام فاإنها خرية اهلل من اأر�سه، جتبي اإليها خريته من عباده«
»�ستجدون اأجنادا: جندا بال�سام، وجندا بالعراق، وجندا باليمن. قال عبد
اهلل: فقمت فقلت: اخرت يل يا ر�س�ل اهلل. فقال: عليكم بال�سام، فمن اأبى
بال�سام يل تكفل قد وجل عز اهلل فاإن غدره، من ولي�ستعذ مبنه، فليلحق
.)1(
واأهله«
* * *
1جميع ما تقدم ماأخ�ذ من كتاب )ف�سائل ال�سام/ للربيعي(، حتقيق ال�سيخ الألباين، وجميع الأحاديث اإما �سحيحة
اأو ح�سنة.
9
تقدمي
الدكتور اأحمد نوفل
اأ�صتاذ ال�رسيعة الإ�صالمية يف اجلامعة الأردنية
اهلل و�سعها اجتماعية، ك�نية �سنة التدافع و�سنة احلياة، قان�ن ه� اع ال�رضر
وعدم �سالمة و�سمان اأمان، �سمـام جعلها بل واملجتمعات، الك�ن بنية يف
م��سعني يف الكرمي القراآن كررها وقد العبادة، اأماكن واأمن لالأر�ص، ف�ساد
ۓ {ۓ فقال: احلج، و�س�رة البقرة �س�رة هما كرميتني، �س�رتني من
ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ} ]البقرة: 251[، وقال: ڄ ڄ ڦ ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ ڤ ڤ {ٹ
ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ} ]احلج: 40[.
واخلالف بني بني الب�رض �سنـة اأخرى، و�سيالزمهم ذلك ما لزمتهم احلياة:
{پ ڀ ڀ} ]ه�د:118[. وكثريا ما يح�سم الب�رض خالفاتهم بالق�ة
واحلروب.
ها نف�س �ستجد الق�ة( )فائ�ص نظرية فاإن خالفات، ثمة يكن مل اإن وحتى
اإن اأر�سه، ومتتعا برثوته. ال�سعيف، ومتددا يف ال�اقع؛ اعتداء على متحققة يف
عف عف ل يغري الأق�ياء اإل بالعتداء على الطرف ال�سعيف، ورائحة ال�س ال�س
واملحيطات البحار يف القر�ص اأ�سماك الدم رائحة جتذب كما الأق�ياء جتذب
نح� الفرائ�ص.
10
عذاب اأماين اإل ال�سالم وما الأ�سياء. طبيعة وهذه احلياة، طبيعة هي هذه
عفاء ويتعلل�ن بها، كما ه� حال العامل العربي الر�سمي واأحالم، يحلم بها ال�س
الي�م.
�سعفهم اإن بل ال�سعفاء، يرحم�ن ل الأق�ياء واأن كذلك، الأمر دام ما
اإىل ترى اأفال والإفناء، بالإنهاء عفاء ال�س ويهدد بالعتداء، الأق�ياء يغري
احلروب فيها تفتعل كيف اإفريقيا م�سري اإىل ترى واأل احلمر؟ الهن�د م�سري
ع الأ�سلحة »ليتفانى« النا�ص يف حرب قذرة ل م�سلحة لهم فيها؟ ولكن وت�ز
عفاء، ففرن�سا واأمريكا تتناطحان من خالل الأق�ياء يت�سارع�ن من خالل ال�س
الأفارقة... وهكذا..
النهاية اأن اأم عفاء؟! لل�س اأمل من لل�اقع �داوير ال�س الت�س�ير هذا بعد فهل
احلتمية با�ستئ�سالهم هي لهم باملر�ساد؟
اجل�اب نعم! اإن لهم ف�سحة وفر�سة للبقاء والنت�سار، �رضط اأن يتغلب�ا على
�سعفهم، ويقهروا �سلبيتهم وخ�فهم و�سع�ر الإحباط والياأ�ص والتمزق والتفرق،
ويجتمع�ا على املقاومة و�سن »حرب الع�سابات«.
لقد غريت حرب الع�سابات وجه التاريخ! واإن لنا فيها نحن امل�سلمني جتربة
اأب� جندل واأب� ب�سري من م�اقعهما اتخذ عتيقة قدمية منذ فجر الإ�سالم، حني
على طريق الق�افل نقاط هج�م وانق�سا�ص على م�سالح قري�ص، فقامت قري�ص
[ النبي بني امل�قعة التفاقية بعك�ص املدينة، يف يقبلهم اأن [ النبي ترج�
وقري�ص، وقد كان.
على اأن حرب الع�سابات، اأو حرب ال�سعب، اأو املقاومة، اأو العمل الفدائي،
11
ة الـم�ستعمرة منها، �سار لها قد اأ�سبحت علما وممار�سة، و�سار لل�سع�ب، خا�س
جتارب، تتبادلها الأمم والأق�ام، وتتكامل اخلربات بني امل�ست�سعفني.
فكل عاملنا الإ�سالمي خا�ص حرب حترير �سد امل�ستعمر، حتى حقق لبالده
واجلهاد النر�سال �سفحات اأجمل من ولعل ف�احدة.. واحدة ال�ستقالل،
ره ال�سعب اجلزائري يف مقاومة �سعبية قدمت فيها اجلزائر ملي�نا والقتال؛ ما �سط
ون�سفا من ال�سهداء.
قيمـة غنيـة العربي باملغرب يف الرر اخلطابي يف حرب الكرمي عبد وجتربة
�ي�ص ال�س قناة معلم م�رضرف. واملقاومة امل�رضية يف كذلك. وجتربة عمر املختار
م. على اأن من اأعظم جتارب حروب الع�سابات جتربة ال�سعب عمل �سجاع متقدر
؛ فقد انخرط ال�سعب كله يف مقاومة رائعة �سد طغيان اأمريكي عات الفيتنامي
مة، وحرق الغابات ج ل يرحم، وا�ستخدم كل الأ�سلحة املحظ�رة واملحر مدج
�سنعت فرن�سا قبله ومن ال�لدان. له ت�سيب ما املجازر من وارتكب والب�رض،
ه يف ذات البلد، ومع ذات ال�سعب، وخرج ال�سعب الفيتنامي منت�رضا نيع نف�س ال�س
الطاغيتني، ولقنهما در�سا تعلمت منه على الق�تني ال�ستعماريتني امل�ستكربتني
كل �سع�ب الأر�ص.
وث�رة غيفارا وحربه الفدائية مدر�سة يف حرب الع�سابات، حتى غدا رمزا
للمقاومة. وخا�ص ال�سعب اللبناين مقاومة عنيدة با�سلة، و�سطر مالحم من العرب
الفرن�سي، ال�ستعمار �ري يف مقارعة ال�س ال�سعب والبط�لة والت�سحية. وكذا
ر بط�لت وت�سحيات. �سط
كلر بني متميزا معلما تظل فل�سطني، يف املقاومة ونبالة ب�سالة اأن على
12
الفل�سطينية املقاومة جتربة قبلها ومن )حما�ص(.. جتربة وخا�سة التجارب،
اإمنا تنخرط يف القيادات وتنجرف باجتاه ت�س�يات غري �س�ية، اأن تنحرف قبل
م�رضوع مقاومة املقاومة.
العقد اأوا�سط يف الربيطاين ال�ستعمار من الفل�سطينية املقاومة ابتداأت لقد
الثاين من القرن الع�رضين، اأي منذ قرابة قرن من الآن.. اإل قليال.
ثم تط�رت مبقاومة م�رضوع اليه�د ال�سهاينة، بالهجرة اإىل فل�سطني والت�طن
فيها. وظهرت قيادات فذة لهذه الأعمال البط�لية، من اأبرزها عز الدين الق�سام،
وتقبل اهلل رحمهم وغريهم... احل�سيني، القادر وعبد عدي، ال�س وفرحان
جهادهم.
بعدها.. اأو الكرامة اإن يف حرب تنكر، )فتح( بط�لت ل �سطرت ولقد
هداء، قبل اأن يت�سلط عليها جمم�عة من التجار وال�سما�رضة الذين باع�ا دماء ال�س
دين مقاولني عن الأعداء. وا�ستغل�ا متعهر
فل�سطينية مقاومة )حما�ص(، حركة ظهرت �سنة، وع�رضين نيف منذ ثم
واملقاومة ومقارعة اجلهاد احل�صر على العظيم ومبادئه يف الإ�سالم منطلقة من
زمن يف غدت وقد ،]191 پ}]البقرة: پ ٻ {ٻ املحتل:
وقدمت الإن�ساين، والتاريخ العامل مدى على املقاومة رم�ز من واحدة ي�سري
تفرت عزميتها �س�ن، ومل العظام وامل�ؤ�سر قادتها ال�سهداء، يف مقدمتهم ق�افل من
وما لنت. ثم خا�ست حروب م�اجهة مع اأعتى ق�ة ع�سكرية يف العامل، مع اأنه
لي�ص مطل�با من حركات املقاومة اأن ت�اجه جي��سا يف حروب نظامية، ومع هذا
اأثبتت م�ج�دية وخرجت منت�رضة مرف�عة الراأ�ص وبهمة علية.
13
كانت حرب غزة منعطفا تاريخيا اأوقف فيه العدو من طرف واحد اإطالق
بع�ص اآمل واإن كان العدو خ�رض يف هذه احلرب، اأن كله العامل النار، واعرتف
يف واإ�رضائيل هم اأنف�س يعتربون فهم العتيد؛ والن�رض اجلديد ال�اقع هذا العرب
خندق واحد، ي�ؤذيهم ما ي�ؤذيها، ويقاتل�ن من تقاتله.
بني الع�سابات، »حرب كتاب على �رضيعا، اطلعت، ياق، ال�سر هذا يف
ولبث الغمرات، خا�ص ممن وكاتبه الفل�سطيني«. والتطبيق العلمية النظرية
هذه واملعاي�سات وامل�ساهدات التجارب من ل و�سج �سن�ات، ال�سجن يف
حرب عن الكتب مئات اإىل لين�سم بالكتاب نرحب ونحن فحات. ال�س
حرب يف الإ�سالمية العربية التجربة من الكتب ع�رضات واإىل الع�سابات،
الع�سابات.
اأ�ساأل اهلل لهذا الكتاب وكاتبه القب�ل، واأ�ساأل اهلل لأمتنا اأن ت�ستفيد من كلر
جتربة، ومن كلر كلمة مقاومة، واأن جتعل املقاومة لها نهجا وخيارا، فما جنـيـنا
اخليارات اأربح املقاومة وخيار وؤام. الز وامل�ت العلقم اإل ال�سالم خدعة من
تعلمه اخليارات.. والأحمق من ل واأرداأ اأ�س�اأ العدو واحلل�ل، وخيار م�ساملة
اخلربة والتجربة.
رب على الن�سال اأن ت�سبح املقاومة ثقافة �سعبية عامة، واأن يك�ن ال�س يجب
فدائية. هذا ه� واأريحية وروح م�سحية �سجاعة بكل تبعاته وتكاليفه وحتمل
ف والن�رض والعزة والتحرير. طريق ال�رض
جاء وما بالق�ة، اإل ي�سرتد اأن ميكن ل بالق�ة؛ اأخذ ما اأن وحقا، وفعال
14
باملفاو�سات تبدده اأقل التحديات. والأق�سى اأكرم على اهلل واأعز من اأن يتحرر
م الأحياء؛ اإل بالدماء وال�سهداء، فهذا م�رضى اأعظم الأنبياء، ومهره اأكرم ما يقدر
الدماء.. ول نامت اأعني اجلبناء..
د.اأحمد نوفل
اأ�ستاذ ال�رضيعة الإ�سالمية
يف اجلامعة الأردنية
عمان ـ الأردن
15
مــة مـقـد
اإن الناظر اإىل حال العمل الث�ري واجلهادي يف فل�سطني على مدار العق�د
اجله�د من الكثري على معتمدا الع�س�ائي، التط�ر على قائما يجده ال�سابقة،
والتقييمية التحليلية النظرات اإىل مفتقرا يجعله ما الذاتية، واملبادرات الفردية
اأو ت�ثيق غري من الكرام مرور متر ـ غزارتها رغم ـ الث�رية فالتجارب غالبا،
حتليل، فرتى مئات بل اآلف العمليات الع�سكرية تنفذ ومتر باإجنازاتها واأخطائها
دون اأن جتد من يت�قف عندها فيدر�سها وي�ستخل�ص النتائج منها، ثم ي�سعها بني
اأيدي العاملني لال�ستفادة منها.
لذا، فاإن كثريا من ال�سلبيات التي واجهت العمل ال�طني الفل�سطيني ل زالت
متكررة، وما زال ال�سق�ط عند »الع�سافري« ي�سكل ن�سبة كبرية من العرتافات،
اأو يقظة ودومنا الطريقة، بنف�ص املقاومني بحق ذ تنف الغتيالت زالت ول
مراجعة حقيقية متاأنية.
كذلك ل زال ال�ستهتار الأمني، والف�سل املرتتب على ا�ستخدام الت�سالت
قد كنا واإن معترب. من زال.. ول زال.. ول ت�سري، ول والقافلة الإلكرتونية،
الع�سكري يف قطاع العمل ملح�ظا على الأخرية تط�را املدة ن�سهد يف بداأنا
غزة، وا�ستفادة طيبة من التجارب ال�سابقة، ونقال لتجارب وخربات ال�سع�ب
الأخرى، التي عا�ست احلياة الث�رية ومار�ست حرب الع�سابات �سد عدوها.
16
اإدارة العمل املقاوم ه املقاومة الفل�سطينية ه� خلل يف اإن اخللل الذي تعي�س
اإدارة اأما ال�سحيحة. ال�جهة اإىل العاملني وت�جيه منه، وال�ستفادة وت�جيهه
اأدارت فعندما العمل، هذا تدير التي احلركة فكر اإىل خا�سعة فهي ال�سيا�سة،
حركة فتح واملنظمة العمل املقاوم كانت ت�جهه ليقطف حل�ل �سلمية ت��سلها
عملها حما�ص حركة اأدارت وعندما لنف�سها، هي حددتها )واهية( ثمار اإىل
اإدارته اإن �ساء هته اإىل وجهة اأخرى ونح�سبها قد اأح�سنت يف املقاوم فاإنها وج
اهلل.
لهم جتارب نرية، بعق�ل ميتازون اإىل مفكرين الفل�سطينية حتتاج الث�رة اإن
الذي الأمر امل�سابهة، العامل لث�رات متعمقة بدرا�سات يدعم�نها ثرية عملية
ي�ؤهلهم اإىل درا�سة الكم الهائل من التجربة والتاريخ الث�ري يف فل�سطني، واإنني
التي ال�سلبيات للكثري من اأن وج�د مثل ه�ؤلء املفكرين، ي�سمن جتاوزا اأوؤكد
ر ال�ق�ع فيها، وي�سمح بالتخطيط امل�ستقبلي البديل عن الندفاع الع�س�ائي تكر
الذي ن�سهده كثريا لالأ�سف.
الأمل اأن اإل به، نفخر ما الإجنازات من حققت فاملقاومة ذاتنا، جنلد لن
ا�ستفادة واأكرث تخطيطا، واأدق اأثرا، واأبلغ ق�ة اأكرث لتك�ن عليها معق�د
وا�ستثمارا للخربات.
اأبرز على ال�س�ء ت�سليط اإىل خاللها من اأ�سعى املقل، جهد الدرا�سة هذه
العملية النظرية بني �رضيعة مقارنة واإجراء احلديثة، الع�سابات( جتارب )حرب
للتجربة درا�ستي �ص واأخ�سر لق�اعدها، الفل�سطيني والتطبيق احلروب لهذه
الق�سامية التي ع�سناها و�سمعناها و�ساهدناها.
17
فخربت الق�سامية، اجلهادية التجارب مئات اإىل �سجني يف ا�ستمعت لقد
وقد وم�ستمرة، متكررة فاأغلبها ولالأ�سف فيها، تقع التي الأخطاء من الكثري
ا�ستفدت من بع�سها يف هذه الدرا�سة، وا�ست�سهدت بها مبا يت�افق مع الأب�اب
التي �سنطرقها.
والنفع اخلري فيه ويجعل القب�ل، العمل لهذا يكتب اأن العظيم اهلل اأ�ساأل
والفائدة، واأن يكتبه يف ميزان ح�سناتنا ي�م نلقاه، اإنه �سميع جميب.
18
19
متهيد
20
21
متهيد
ما هي حرب الع�صابات؟
حرب الع�سابات هي حرب اأقل من حمدودة، وغري نظامية، بني طرفني غري
ل جزءا من تكتيكات حرب متكافئني. وهي قد تك�ن حربا وحدها، اأو ت�سكر
تقليدية، دوافعها حتررية، اأو للتخل�ص من دكتات�رية، اأو انف�سامية عرقية، وهي
غالبا ما ت�ستند اإىل حركة �سيا�سية تت�ىل اإدارتها.
اإذن فهي حرب غري نظامية، لأنها ل تعتمد اأ�سل�ب احلرب النظامية القائمة على
امل�اجهة املبا�رضة، فحرب الع�سابات تق�م على العمل ال�رضري، وا�ستخدام اأ�سل�ب
املجم�عات ال�سغرية املنف�سلة، وانتهاج اأ�سل�ب الكر والفر واخلديعة والكمائن
وعدم الظه�ر، والكتفاء با�ستخدام ال�سالح اخلفيف لتحقيق هذا الغر�ص.
ني جي�س تقابل على تق�م فاإنها )الكال�سيكية(، النظامية احلروب بينما
نظاميني اأو اأكرث، تدور بينهم معارك ع�سكرية كبرية ذات طابع معل�م، وتعتمد
هذه احلرب على نظام اجلي��ص يف التعبئة والتنظيم والقتال، وا�ستخدام ال�سالح
�سكل خمتلف فهي احلربية. وال�سفن والطائرات والدبابات املدفعية من الثقيل
واأ�ساليبها وو�سائلها اأهدافها يف تختلف والآليات، واخلطط التكتيكات من
وميزاتها ومبادئها التي ت�ستند اإليها.
22
وت�جهه املقاوم العمل تق�د �سيا�سية حركة اإىل ت�ستند الع�سابات وحرب
تق�م احلركة هذه ثماره. وتقطف اأداءه، تقيم لنف�سها، ر�سمتها التي ال�جهة
قادرا ليك�ن ال�سعب ب�عي يرقى �سيا�سي وعي بخلق املقاوم العمل مب�ازاة
على حمل اأعباء وتبعات الث�رة. فحرب الع�سابات هي ذراع ع�سكري حلركة
هي ال�سي�عية »اإن قال: حني ث�رته مبادئ يف )ماو( اأثبته ما وهذا �سيا�سية،
.)1(
ينية« القائدة حلرب الع�سابات ال�س
طاردا حترريا دافعه كان ما منها فمتعددة: الع�سابات حرب دوافع اأما
هدفه كان ما ومنها اجلزائرية، والث�رة الفل�سطينية الث�رة كما لالحتالل؛
لدوافع كان ما ومنها والك�بية، ال�سينية كالث�رة الدكتات�رية؛ من التخل�ص
انف�سالية؛ كث�رة الأكراد على احلدود الرتكية العراقية الإيرانية، والث�رة البا�سكية
املمثلة بحركة )اإينا( النف�سالية.
وحرب الع�سابات كما ذكرنا تك�ن بني طرفني غري متكافئني، الأول جي�ص
وت�سكيالت وفرقا ثقيال عتادا ميلك و�سيادة، كيان ذات لدولة يتبع
نظامي
اإل اأفراد ل ميلك�ن نة من الآخر فمجم�عات مقاتلة مك� الطرف اأما مقاتلة،
�سالحا خفيفا مدع�ما بالإميان والإخال�ص يف النتماء.
ليتقي ع�سكريا، ال�سعيف الطرف ي�ستخدمه اأ�سل�ب الع�سابات فحرب
والتكن�ل�جي، العددي الفارق ويتجنب خ�سمه، به يتمتع الذي التف�ق
تنفع معها كرثة عدد ن�سبيا، واأ�سكال يف امل�اجهة ل اأ�ساليب بدائية في�ستخدم
جي��ص اخل�سم وثقل عدته، مما ي�سطر اخل�سم اإىل مالحقته وم�اجهته بالطريقة
1 احلرب وال�سرتاتيجية /يه��سيفت هركيف.
23
التي يفر�سها الطرف ال�سعيف، وبالتايل يتخلى هذا اخل�سم عن تف�قه الهائل،
ول ي�ستطيع ال�ستفادة منه كثريا.
فتك�ن هي طريقة )ا�سرتاتيجية(، قد تك�ن الع�سابات اأن حرب ويالحظ
وال�سينية الفيتنامية التجارب يف احلال ه� كما ال�حيدة، الأ�سا�سية القتال
حربا تك�ن وحينها هنا، بحثنا م��س�ع هي والتي والفل�سطينية، والك�بية
مفت�حة زمانيا، اأهدافها اأكرث �سم�لية وعمقا وحي�ية.
وقد تك�ن حرب الع�سابات تكتيكا، فتك�ن اإحدى طرق القتال امل�ساندة
اأ�ساليب اجلي��ص هذه فت�ستخدم نظامية، جي��ص بني الدائر التقليدي للقتال
قتالية حمددة تخ��سها وحدات خا�سة مدربة على هذا الل�ن من القتال، تق�م
باأغرا�ص حمددة؛ ك�حدات من الك�ماندوز. ويف ذات الإطار، قد تعمد بع�ص
الدول املتحاربة اإىل خلق ع�سابات غري نظامية كي تخدم اأغرا�سها.
لتينية كلمة )جاريال(، وهي ا�سم عامليا الع�سابات على حرب اأطلق لقد
اجلهاد م�سطلحات عن يعرب عاملي م�سطلح ولأنه ال�سغرية(، )احلرب تعني
والث�رة واملقاومة والن�سال والنتفا�سة، ف�سن�ستخدمه نحن يف درا�ستنا.
وقد تك�ن الع�سابة كلمة غري حمببة اإىل النف�ص لرتباطها ببع�ص املعاين ال�سلبية
يف الأذهان، اإل اأنها لي�ست بالكلمة ال�سلبية يف حقيقتها وج�هرها، فقد وردت
يف حديث لر�س�ل اهلل ] يف �سحيح م�سلم: »اللهم اإن تهلك هذه الع�سابة من
اأهل الإ�سالم؛ ل تعبد يف الأر�ص«.
24
ملحة تاريخية:
تعد حرب الع�سابات �س�رة قدمية من �س�ر ال�رضاع، �سبقت احلرب النظامية
نظامية، غري ق�ات بني بداأت وال�رضاعات النزاعات اأن ذلك وج�دها، يف
كفاءتها، من وترفع قدرتها من وتزيد نف�سها، تـعـد الق�ات هذه اأخذت ثم
وق�ة، ب�رضعة عليها والرد امل�سادة الهجمات مل�اجهة ق�اتها من وت�ساعف
وت�سن هجمات ا�ستباقية خاطفة، فبداأت ت�سكل الق�ات �سبه النظامية، ومن ثم
النظامية، لتتح�ل ال�رضاعات اإىل حرة نظامية ت�سبه واقع احلال هذه الأيام.
ولقد بداأت حرب الع�سابات على �سكل غارات خاطفة ومتكررة بني مقاتلي
القبائل املختلفة يف م�ساع لل�سيطرة على الكالأ واملاء، ول�سمر اأرا�ص جديدة اإىل
البدائية الغارات بع�ص الأ�ساليب القبيلة وزعيمها، وا�ستخدمت هذه ممتلكات
بقيت عنا�رضها اأن اإل واملباغتة، والتم�يه والفر، كالكرر الع�سابات؛ حلرب
غري مكتملة، فال تنطبق عليها مبادئ حرب الع�سابات املعا�رضة ب�سكل فعلي.
ومن اأ�سهر حروب الع�سابات القدمية يف تاريخنا العربي: )حرب الب�س��ص(، و
)داح�ص والغرباء(. ثم جاءت جتارب حروب الع�سابات يف ع�رض النب�ة، ومن
اأبرزها جتربة ال�سحابي اجلليل )اأب� ب�سري(.
التجارب مع ف�سيئا �سيئا )احلديثة( الأخرية الع�سابات حرب وتط�رت
الث�رية الناجحة التي خا�ستها ال�سع�ب �سد امل�ستعمر وامل�ستبد، ومع كل جتربة
جديدة كانت )اجلاريال( تاأخذ �سكال اأكرث و�س�حا، وتثبت لها ق�اعد ومبادئ
املختلفة حلرب الأ�سكال متثل ث�رية مدار�ص ت�سكلت و�سمات جديدة، حتى
الع�سابات املدنية والريفية.
25
ولقد ا�ستطاعت حرب الع�سابات عرب تاريخها حتقيق جناحات وانت�سارات
طرد من متكنت فقد بها.. املجتمع وقناعة اأهميتها، من زادت واإجنازات؛
امل�ستعمر مهما عظمت ق�ته، وحترير البالد املحتلة مهما طال احتاللها، وحتقيق
الفرق الرغم من والتف�ق، على التقدم واملر�س�مة، وحتقيق املرج�ة الأهداف
ال�سا�سع يف ميزان الق�ى ل�سالح عدوها.
عدوها: على الع�سابات حرب فيها انت�رضت التي املعا�رضة الأمثلة ومن
والث�رة الياباين، وال�ستعمار الداخلية الدكتات�رية م�اجهة يف ال�سينية الث�رة
اجلزائرية يف وجه والث�رة الأمريكية، املتحدة ال�ليات م�اجهة الفيتنامية يف
املدع�مة خارجيا، الدكتات�رية الك�بية يف وجه الفرن�سي، والث�رة ال�ستعمار
والث�رة الأفغانية يف وجه ال�س�فييت.
* * *
26
27
مدار�س
حرب الع�صابات
28
29
مدار�س حرب الع�صابات
�سنعر�ص فاإننا خلرباتهم، ونقال الآخرين، جتارب من لالنتفاع و�سعيا
يحتذى مدار�ص �سكلت التي احلديثة الع�سابات حروب من مناذج باإن�ساف
معها ونعر�ص الفيتنامية(.. الك�بية، )ال�سينية، واأبرزها �ص، تدر وجتارب بها
)التجربة اجلزائرية(، وقبلها جميعا نعر�ص خري جتربة عرفتها الإن�سانية، األ وهي
م�رضوعنا، لنا تبارك خاطفة وم�سات منها نعر�ص املحمدية.. النب�ية التجربة
ونغرتف من معانيها يف ا�ستنتاجاتنا اإن �ساء اهلل.
اأول: حرب الع�صابات يف ع�رس النبوة:
ب�سكل الع�سابات حرب مبادئ الأطهار و�سحابته [ الر�س�ل ا�ستخدم
لت اأ�س ممار�ساتهم ولعل واجلهاد.. الدع�ة من مبكرة مرحلة ويف بل كبري،
بها اقتدى متكاملة مدر�سة اأ�سبحت حتى املبادئ، تلك من بع�سا وابتكرت
قادة الفتح الإ�سالمي وجند الإ�سالم على مر الع�س�ر.
العناوين و�سنتحدث هنا عن هذه املدر�سة باخت�سار، حيث �سنطرق بع�ص
وامل�اقف التي برزت فيها فن�ن حرب الع�سابات ومبادوؤها.
30
جمموعات اأبي ب�صري:
احلديبية، وقد ] مع م�رضكي مكة �سلح اهلل ر�س�ل فقد عقد نعلم، كما
ت�سمن هذا ال�سلح بنـدا اعتربه كبار ال�سحابة جمحفا بحق امل�سلمني، بل رف�س�ه؛
ل�ل طاعتهم لر�س�ل اهلل ].
امل�سلمني فعلى م�سلما اأهل مكة من املدينة اإىل )من جاء الن�ص ه�: وهذا
رده اإىل اأهله، اأما من جاء اإىل مكة من اأهل املدينة م�رضكا فلي�ص على اأهل مكة
رده(..
ولقد ا�ستطاع ال�سحابي املجاهد عتبة بن اأ�سيد )اأب� ب�سري( اأن يفر من قيده
الذي كبله به خاله، الأخن�ص بن �رضيف، وفر اإىل مدينة ر�س�ل اهلل ]، واأقام فيها
اأياما بني اإخ�انه م�رضورا بدينه �سعيدا باإميانه، وملا علمت قري�ص بذلك اأر�سلت من
امل�رضكني من يرده اإليهم، وحدث�ا ر�س�ل اهلل بذلك، فما كان من ر�س�ل اهلل ]
وفاء للعهد اإل اأن رده اإليهم على كره من ال�سحابة.
بينما اأحدهما، فقتل حرا�سه، على ب�سري اأب� احتال الع�دة، طريق ويف
امل�رضك يجروؤ مل وهناك ب�سري.. اأب� فتبعه املدينة، اإىل الفرار من الثاين متكن
ثانية، بعد ما راأى ما ح�سل ب�ساحبه، وعندها اأبي ب�سري معه على ا�سطحاب
اأوماأ ر�س�ل اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم باإميائة خفية التقطها اأب� ب�سري و�سارع اإىل
ه! ي�سعر حربا ل� كان معه رجال«.. فانطلق تنفيذها، فقال عليه ال�سالم »ويح اأم
اأب� ب�سري اإىل اأر�ص حمايدة يجمع الرجال وكل فار بدينه من اأر�ص الكفر، حتى
جتمع لديه جمم�عات مقاتلة، واتخذت لنف�سها قاعدة ع�سكرية قريبة من �ساحل
البحر.
31
ثم بداأ بالإغارة على ق�افل امل�رضكني و�سلبها، حتى ت�رضرت جميع ق�افلهم،
وفقدوا الأمان حتى على اأنف�سهم، فما كان من م�رضكي مكة اإل اأن بعث�ا ب�فد
اإىل ر�س�ل اهلل ] يف املدينة يطلب�ن منه اأن يتنازل عن ال�رضط الذي و�سع�ه هم،
وه� ال�رضط الذي ذكرناه اآنفا. وبذاك حقق اأب� ب�سري هدفه، وعاد جند الإ�سالم
.)1(
اإىل مع�سكرهم واإىل مدينة ر�س�ل اهلل ] والن�رض ي�سري بركبهم
الغتيالت:
ولقد ا�ستخدم ر�س�ل اهلل ] مبداأ الغتيالت يف العديد من املرات التي راأى
امل�سلمني ويفت من ع�سد امل�رضكني اأنه احلل الأمثل، فيحقن بذلك دماء فيها
يف الغتيال عمليات حققت وقد قل�بهم، يف الهلع ويدب �سملهم ويفرق
اغتيال )كعب النب�ة؛ الغتيالت يف عهد اأمثلة بنجاح، ومن اأهدافها جمملها
)ابن و رافع(، )اأب� و )اأب� عقل(، و اأبي حقيق(، بن )�سالم و الأ�رضف(، بن
بنت )ع�سماء و الهنديل( خالد بن )�سفيان و يه�د. وجميعهم �سنينة(..
مروان(.. وغريهم.
ونقف مع اأحد هذه الأمثلة، وهي عملية اغتيال راأ�ص الكفر اليه�دي: )�سالم
بن اأبي حقيق(.. فقد جمع عدو اهلل )ابن اأبي حقيق( اليه�د من ح�له، واأخذ
اإيذائهم ويف وباأعرا�سهم، بهم التعري�ص يف ومتادى امل�سلمني، على يحر�ص
بكل و�سيلة ممكنة.. ولذا كان قرار قتله.
1الرحيق املخت�م، املباركف�ري.
32
اختار ر�س�ل اهلل ] اأمري املجم�عة مب�ا�سفات خا�سة جتعله قادرا على اإنفاذ
املهمة بنجاح، فه� )عبد اهلل بن عتيك(، جماهد �سادق خمل�ص يف دينه، �سجاع
ومقدام، ل ي�ساوره الرتدد يف اأ�سعب امل�اقف، ويتقن اللغة العربية ـ لغة اليه�د،
اأمه اإن ثم الأمر. لزم اإن التعامل معهم والفهم عليهم واإفهامهم وبالتايل ميكنه
بالر�ساعة يه�دية، مما ي�فر له مربرا كافيا لدخ�ل ح�سن اليه�د، وي�فر له ملجاأ
جمم�عته، يختار اأن اهلل لعبد [ اهلل ر�س�ل وترك احلاجة. اقت�ست حال يف
اإليهم واإىل قدراتهم، ويك�ن�ا وذلك كي يختارهم �سمن م�ا�سفاته، فيطمئن
على ت�افق كامل ي�سهل عليهم اإجناح مهمتهم.
)�سالم(، يقيم حيث خيرب، ح�سن �س�ب الثالثة واإخ�انه اهلل عبد انطلق
بعد اأن جمع�ا ما ت�فر من معل�مات عن عدوهم. وكان همهم الأول دخ�ل
احل�سن، واإيجاد ملجاأ اآمن بداخله ي�سمح لهم بر�سد الهدف عن قرب والقيام
بعمليتهم على ب�سرية كاملة، فكان ات�سال عبد اهلل باأمه التي �سمحت لهم بالإقامة
يف بيتها، وبالتايل ا�ستطاع�ا دخ�ل احل�سن ب�سحبتها، ومن ثم اإيجاد ملجاأ ق�س�ا
فيه مدة ال�ستعداد والر�سد ثم النطالق. وملا جتمعت لديهم املعل�مات الالزمة
والكافية لتنفيذ املهمة، واملت�فرة عرب الر�سد واملراقبة، و�سع املجاهدون خطتهم،
وانطلق�ا للعمل مت�كلني على اهلل، م�ستفيدين من قدرات اأمريهم، وحتديدا يف
احلديث باللغة العربية، حيث كانت مفتاحهم لل��س�ل اإىل داخل ق�رض عدو اهلل
)�سالم بن اأبي حقيق(، وهناك ا�ستطاع�ا قتله والن�سحاب باأمان، دون اأن مي�ص
.)1(اأحدهم ب�س�ء
1 ن�ر اليقني.
33
ال�صــرايا والبعـــوث :
اأهداف لتحقيق املجاهدة والبع�ث ال�رضايا ع�رضات [ اهلل ر�س�ل بعث
لتحقيق اأو هج�مية قادم، ل�سد خطر دفاعية كانت �س�اء مدرو�سة، ع�سكرية
اإجناز وتقدم.
هذه ال�رضايا عملت على طريقة حرب الع�سابات يف معظمها؛ فقد اعتمدت
باأن لقادتها النب�ي الأمر ية. ولذا كان وال�رضر املباغتة مبداأ اأ�سا�سي على ب�سكل
ي�سريوا ليال ويكمن�ا نهارا، واأن ل يحدث�ا عن وجهتهم. بل اإنه ا�ستخدم اأول
ر�سالة مغلقة ل يعلم بن�دها وفح�اها حاملها، فقد اأر�سل )عبد اهلل بن جح�ص(
على راأ�ص �رضية، ومل يخربه عن وجهته، بل اأعطاه ر�سالة مغلقة، وطلب منه اأن
اإل بعد م�سري ي�مني، واأن يق�م بقراءتها على جنده، ومن ثم يخريه ل يفتحها
على حتى جمه�لة ية ال�رض وجهة تك�ن وبذلك الن�سحاب، اأو ال�ستمرار يف
جندها.
ناهيك عن اأن عددا من امل�سلمني مل يك�ن�ا يعلم�ن ب��س�ل ق�ات امل�سلمني
ل�ن مكة لفتحها، ول اإل يف اللحظات الأخرية، فها هم ع�رضة اآلف مقاتل ي�س
يعلم اأهلها بذلك اإل وامل�سلم�ن على اأب�ابها. ويكفي يف هذا املجال الإ�سارة اإىل
اأن ر�س�ل اهلل ] مل يعلن عن وجهة �رضية اأو غزوة ط�ال حياته اإل غزوة تب�ك،
في�ستعد التي كانت؛ القحط واجل�ع الطريق وحمنة املكان وق�س�ة لبعد وذلك
امل�سلم�ن لها.
* * *
34
ينية )املاويـة(: ثانيا: املدر�صة ال�ص
خللق م�جهة الأ�سكال، متعددة اأن�سطة رافقها كبرية، ريفية جاريال هي
لدى اأفراد ال�سعب، قادها احلزب ال�سي�عي ال�سيني، وكان هدفها وعي �سيا�سي
ال�سيطرة على احلكم.. فحاربت العدو اخلارجي، وال�ستبداد الداخلي.
ال�سي�عي احلزب قادها التي ال�سعبية بالحتجاجات ال�سينية الث�رة بداأت
ال�سيني يف العقد الثاين من القرن الع�رضين، ثم بداأت هذه الحتجاجات تتنظم
�سيئا ف�سيئا، اإذ اأن�ساأ احلزب 20 نقابة عمالية من عمال املناجم وعمال �سكك
احلديد، ثم دخلت هذه النقابات يف اإ�رضاب ق�ي عام 1922م، قاده الزعيم
ال�سيني )ماوت�صي تونغ(، الذي اأ�سبح الأب الروحي للث�رة ال�سينية.
اأطلق )ماو( �رضارة الث�رة يف الأرياف، بعك�ص تعاليم املارك�سية، فقد حترك
الفالحية الحتادات وحرك ث�رية، ن�اة اأول قاعدة تراأ�ص حني )ه�تان( من
لتحقيق هدفه، واأطلق عليها ا�سم: )احلرب الأهلية الثورية الأوىل(.
بناء جي�ص ث�ري، بهدف حترير مناطق اإىل بادر )ماو( يف �سنة )1927م(
ي�سعب مهاجمتها، وذلك لإقامة قاعدة انطالق على اأر�سها، معتمدا يف ذلك
على عمال املناجم والفالحني، اإ�سافة اإىل بع�ص اجلن�د الثائرين الفارين من قيادة
) الك�منتانغ(.
بداأ )ماو( بتنظيم )انتفا�سة ح�ساد اخلريف( من خالل فرقته الأوىل، اإل اأن
القب�ص واألقي فادحة، خ�سائر ق�اته وتكبدت بالف�سل، مـنـيـت تلك حماولته
عليه، غري اأنه متكن من الفرار.
جلاأ )ماو( اإىل اجلبال، حيث اأن�ساأ ق�اعد �س�ثياتية، ومناطق حكم تدير كل
35
الأم�ر احلياتية والع�سكرية، ثم عمد اإىل اإن�ساء )ق�اعد حمراء( اأخرى، فات�سعت
رقعة �سيطرته.. مما اأثار ردة فعل عنيفة لدى )ت�سيانغ كاي ت�سك( الذي حاولت
اإىل اأن )ماو( بادر بالن�سحاب بق�اته اإل ق�اته تط�يق ق�ات )ماو ( وجي�سه،
ا�ستغرقت التي با�سم )امل�سرية الكربى( الغربي، وذلك ما بات يعرف ال�سمال
عاما كامال، عرب فيها 10 اآلف كيل� مرت، وكانت ق�اته قد بداأت بـ )100(
األف ثائر، وانتهت بـ )20( األف ثائر فقط، حتى و�سل اإقليم )�سان �سي (.
ويف العام )1937م( كانت اليابان قد �سنت هج�ما على ال�سني، فتحالف
)ماو( مع )ت�سيانغ كاي( يف �سدر العدوان الياباين، وا�ستمر احلال على ذلك حتى
العام 1945م، حتى و�سعت احلرب اأوزارها با�ست�سالم اليابان. وعندئذ جتدد
القتال بني الطرفني؛ ال�سي�عي بقيادة )ماو(، واليميني بقيادة )ت�سيانغ (، وا�ستمر
ال�سي�عي�ن ا�ستطاع حيث 1949م، العام حتى الطرفني بني دائرا القتال
النت�سار، والتجاأ )ت�سيانغ ( اإىل جزيرة تاي�ان واأقام حك�مة ال�سني ال�طنية.
ها، اأ�س�س ال�سينية، ووا�سع الث�رة ت�نغ(، مفكر )ماوت�سي اعتـبـر هذا وقد
يت منظ�مة اأفكار الث�رة ال�سينية بـ )املاوية( ن�سبة له، ومن الكتب التي حتى �سمر
و�سعها يف هذا املجال: »امل�سكالت ال�سرتاتيجية للحروب الث�رية يف ال�سني«
و »يف احلرب ط�يلة الأمد«، و »امل�سكالت ال�سرتاتيجية حلرب الأن�سار �سد
اأ�سا�سية من مدر�سة اأ�سبحت التي امل�ؤلفات من اآخر اإىل عدد اإ�سافة اليابان«.
.)1(مدار�ص حرب الع�سابات احلديثة
1 امل��س�عة ال�سيا�سية، د. عبد ال�هاب الكيايل.
36
من روؤى )ماو( يف حرب الع�صابات:
- يرى ماو اأن حرب الع�سابات تتاألف من ثالث مراحل:
1- الن�سحاب ال�سرتاتيجي: يك�ن العدو فيه ه� الأق�ى، والث�رة ت�ساغله
وت�رضبه رغم �سعفها.
2- الت�ساوي ال�سرتاتيجي: ي�سعف العدو وي�ستنزف، وتق�ى الث�رة وتبداأ
بالتح�ل اإىل ق�ات نظامية.
3- ال�رضبة ال�سرتاجتية: تتغري الث�رة لت�سبح جي�سا نظاميا وتنزل بالعدو �رضبة
ق الن�رض. ق�ية لتحقر
ولهذه املراحل اأثران:
اأ- ع�سكريا ومنهجيا: العمليات التكتيكية تاأخذ بعدا ا�سرتاتيجيا، واملراحل
يف التدريجية والزيادة املبادرة خلق زيادة على القدرة اجلاريال تعطي
حجم العمليات.
ال�سعب نف��ص يف الأمل روح تبث اجلاريال واأيدول�جيا: نف�سيا ب-
واملعاناة الأمل اأن فيفهم�ن النفق، نهاية يف ال�س�ء يهم فرت واملقاتلني،
.)1(
والت�سحية �سيك�ن لها ثمار ونتائج
ويرى )ماو( اأن حرب الع�سابات تتنا�سب مع الدول ال�ا�سعة كال�سني، التي
حررت مقاطعة )ينالدا( فاأ�سبحت مركزا لها.
1احلرب وال�سرتاتيجية، يه��سيفت هركيف.
37
كما يرى �رضورة العتماد على الذات من الناحية الل�ج�ستية، بحيث يك�ن
وا�سنطن، يف دعمنا »مع�سكر يق�ل: حيث عدوها، من غنيمة الث�رة �سالح
و�سابط الت�ريد الذي ينقله لنا ه� ت�سانغ كاي �سك«.
واأخريا، فاإن من املبادئ التي اأكد عليها )ماو( كذلك، ه� اأنه ل جناح للث�رة
اإل بالعتماد على الفالحني.
* * *
ثالثا: املدر�صة الكوبيـة:
ب�سخ�ص ارتبطت �سغرية، ريفية )جاريال( الك�بية الث�رة اعتبار ميكننا
قائدها )فيدل كا�صرتو(، والذي ل زال على راأ�سها. فقد قام هذا املحامي ال�ساب
بجمع )120( ثائرا من الناقمني على حكم )بات�ستا(، وهاجم�ا ثكنة )ف�نكادا(
قبله.. من انتحارا عد الهج�م اأن هذا اإل الع�سكرية، يف )1953/7/26م(،
حيث كان عدد جن�د الثكنة �سخما، يزيد على )1000( جندي، فباء الهج�م
راأ�سهم على منهم، جمم�عة اأ�رض ومت املنا�سلني، معظم وقتل الذريع، بالف�سل
كا�سرتو نف�سه، وحكم عليه بال�سجن )15( عاما، اإل اأنه اأفرج عنه بعد عامني.
وف�ر خروج كا�سرتو من ال�سجن، ت�جه اإىل املك�سيك، وهناك جمع بع�ص
اأتباعه، وعاد اأعد عدته، ودرب اأن�ساره، واأ�س�ص معهم حركة )26 مت�ز(، ثم
بهم على ظهر �سفينة )غرانا(، ي�سحبه )81( منا�سال، اأبرزهم املنا�سل املعروف
)ت�سي جيفارا(.
وقد اأطلق الث�ار ال�رضارة الأوىل لث�رتهم من جبال )�سريا ماي�سرتا(، حتت �سعار
38
)�صنعي�ش هذه ال�صنة اأحرارا اأو منوت �صهداء(. ويف نهاية العام كان الفالح�ن قد
اأخرى يف جبال )دوليكامرياي( ويف ا�ستجابت جبهات للث�رة، ثم ا�ستجاب�ا
�سمال )�سانتياغ�(... وهكذا ا�ستعلت البالد، وهبت الث�رة يف كامل القطاعات
واملناطق.
بداأت الث�رة يف اأيامها القا�سية بالزحف اإىل اجلبال �س�ب املدن، و�رضعت
يف دخ�ل املدن وفتحها دومنا عناد كبري، بدءا من مدينة )�سانتاكالرا( التي فتحها
)ت�سي جيفارا(، وانتهاء بالعا�سمة )هافانا( التي فتحت على يد) فيدل كا�سرتو(
يف مطلع عام )1959م(.
يذكر اأن ت�سي جيفارا حاول نقل التجربة اإىل )ب�ليفيا(، فانتقل اإليها ب�سحبة
جمم�عة من الث�ار، اإل اأنه ف�سل يف ذلك لعدم قدرته على جمع ال�سكان ح�له،
.)1(
فانتهت ث�رته بعد )11( �سهرا مبقتله يف اأكت�بر عام 1967
من �صمات الثورة الكوبية:
- اعتمدت على ال�سخ�سانية اأكرث من العقالنية، فقد طرح كا�سرتو ورفاقه الث�رة
القادمة ال�سلطة طبيعة م�ساألة يناق�س�ا اأو يطرح�ا اأن دون امل�سلح والعمل
من عامني بعد اإل املارك�سية تتنب مل اإنها بل تتبناها، التي والأيدول�جية
انطالقها.
اخل�سبة الرتبة واعتربتها لها، مقرا والأرياف اجلبال على الث�رة اعتمدت -
وهناك ال�سخمة، ال�سكنية والتجمعات املدينة ولي�ص لها، الأمثل واملكان
1 امل��س�عة ال�سيا�سية، د. عبد ال�هاب الكيايل.
39
ك�نت الق�اعد املتحركة التي تعمل على ن�رض الأفكار وت�جيه املقاتلني الذين
ينت�رضون بني ال�سكان.
تعر�ص التي امل�سلحة الدعاية ت�سكل عمليات تنفيذ على الث�رة اعتمدت -
وحت�سد واإعالمية، �سيا�سية وظروفا اأج�اء تخلق ت�سيي�ص كاأداة العامة اأمام
الأن�سار والث�ار، فكان الفالح�ن الب�سطاء اأكرث تاأثرا بالبط�لت والأعمال
من الأفكار والأق�ال.
- مل تعتمد على وج�د مراحل حمددة ووا�سحة لنت�سارها.
- يعترب البع�ص اأنها ل تقيم وزنا حقيقيا مل�سقات الث�رة، فهي �رضب من املغامرة
املاأ�ساوية، كما حدث مع النهاية اإىل اأ�سحابها تق�د والتي املح�س�بة، غري
جتربة 26 مت�ز.
- نادى )كا�سرتو( باإمكانية بدء الث�رة يف كل زمان ومكان مبجرد وج�د ث�ريني
احلاجة لنتظار الث�رة(، ودون )ب�ؤرة با�سم �سماهم ه� للقتال، م�ستعدين
ظروف ث�رية م�اتية.
رابعا: الثورة الفيتنامية )املدر�صة الفيتنامية(:
الث�رة وبداأت )1956م(، العام يف �سعبية كث�رة الفيتنامية الث�رة بداأت
تت�ساعد حتى بلغت ذروتها يف العام )1960م( بتاأ�سي�ص )جبهة التحرير ال�طنية
ـ فيت كنغ( وزعيمها )ه��سي من(.
يام(، )نغ�دين نظام اإ�سقاط على اأمريكا عملت )1963م( العام يف
زعزعت ع�سكرية انقالبات �سل�سلة ذلك تبع ثم امليزان، يف ق�تها وو�سعت
40
ها م�سطرة لدخ�ل حرب حقيقية، تدفع فيها كيان الدولة، ف�جدت اأمريكا نف�س
ق�اتها وترمي بثقلها، نظرا للدعم الكبري الذي قدمته جمه�رية فيتنام الدميقراطية
ال�سمالية لث�ار )األفيت كنغ(.
الأ�سلحة وكانت ال�سينية(، )الهند كامل لي�سمل العمليات م�رضح وامتد
عرب فيتنام تدخل الل�جي�ستي الدعم اأ�سكال وخمتلف واجلن�د والعتاد وامل�ؤن
طريق )الالوح�ص(. كما كانت تت�اجد يف كمب�ديا مب�افقة اأمريها يف خميمات
العام ويف كنغ(، )األفيت لـ تابعة ث�رية ومدار�ص وم�ست�سفيات ومع�سكرات
اأذهلت التيت(، )هج�م �سميت �ساملة، بهجمات اجلبهة قامت )1968م(
فيتنام، حيث التاريخي يف حرب املنعطف العام عام باأ�رضه.. وعـد هذا العامل
وافقت اأمريكا التي متلك ق�ة ت�سل اإىل ن�سف ملي�ن جندي بعدتهم وعتادهم
على اإجراء مفاو�سات �سالم يف باري�ص، اإل اأن احلرب بقيت م�ستعلة ط�ال مدة
املفاو�سات التي ا�ستمرت ط�يال حتت وطاأة الهجمات التي مل تهداأ.
ويف العام 1970م اأعلن الرئي�ص الأمريكي )نك�س�ن( عن ان�سحاب �سكلي
املت�اجدة الع�سكرية الق�ات من جزء �سحب مع فيتنام، يف احلرب اإدارة من
هناك، اإل اأن ذلك مل ي�قف ال�ستعمار، وبقيت احلرب يف ا�ستعالها. حتى كان
ترجيح �ساهم يف والذي الكبري، الربيع العام 1972م، حيث حدث هج�م
الكفة ل�سالح )األفيت كنغ(.. ويف مطلع عام 1973م، وبعد مفاو�سات �ساقة،
الأمريكية، وجمه�رية املتحدة ال�ليات اأطرافها: بني باري�ص معاهدة وقرعت
امل�ؤقتة الث�رية واحلك�مة )�سايف�ن(، فيتنام وجمه�رية الدميقراطية، فيتنام
جلمه�رية فيتنام اجلن�بية.
قامت م�ست�ساريها، �سحب يف اأمريكا وتباط�ؤ ال�سع�بات ب�سبب ولكن
41
احلك�مة الث�رية امل�ؤقتة بهج�م ع�سكري كبري ووا�سع النطاق على ط�ل احلدود
العام من ني�سان �سهر ياأت ومل 1974م، عام نهاية يف الفيتنامية الكمب�دية
)1975م( حتى وقعت املدن الرئي�سية يف فيتنام بيد الث�ار، وكان احلدث الأهم
.)1(
�سق�ط العا�سمة �سايغ�ن بيد الث�ار، فغريوا ا�سمها اإىل )ه��سي من(
* * *
خام�صا: حرب التحرير اجلزائرية )ثورة املليون �صهيد(:
كانت ث�رة عظيمة يف وجه ال�ستعمار الفرن�سي ال�ستيطاين، قام بها ال�سعب
اجلزائري بقيادة جبهة التحرير ال�طني، وا�ستطاعت انتزاع ا�ستقالل اجلزائر بعد
ا�ستعمار دام )130( عاما.
انطلقت �رضارة الث�رة يف 1954/11/30م، والذي ي�سادف عيد الق�ميرني
ي�سني عند الأوروبيني، حيث بداأت مبجم�عات م�سلحة �سغرية، متلك بع�ص القدر
الأ�سلحة البدائية، ثم اأعلنت عرب بيان لل�سعب اجلزائري عن هدفها، ودعت اأبناء
ال�سعب لالن�سمام اإليها.
وقد دخلت الث�رة اجلزائرية اأربع مراحل حتى و�سلت اإىل التحرير:
امل�ؤمتر عقد تخللها لها، قدمنا التي البداية عرب وكانت الأوىل: املرحلة
با�سم عرف الذي 1956م، عام منت�سف يف ال�طني التحرير جلبهة الأول
عن واأ�سفر النائية، اجلزائر وديان اإحدى يف عقد والذي ال�س�مام(، )م�ؤمتر
اإقرار امليثاق التاريخي للجبهة، واإن�ساء املجل�ص ال�طني للث�رة اجلزائرية، وجلنة
1 امل��س�عة ال�سيا�سية، د. عبد ال�هاب الكيايل.
42
للث�رة. التنفيذية ال�سلطة ميار�س�ن اأع�ساء املك�نة من خم�سة والتنفيذ التن�سيق
وفيه مت تق�سيم اجلزائر اإىل خم�ص مناطق ع�سكرية، ت�ىل كل منطقة منها عقيد
بعد اآب( 20( اأ�سبح وقد امل�سلح. الكفاح ت�سعيد امل�ؤمتر وقرر اجلبهة، يف
للمجاهد(.ال�ستقالل: )الي�م ال�طني
املرحلة الثانية )1956 ـ 1958م(: �سهدت هذه املرحلة ارتفاعا يف حدة
الث�رة ازدادت اأن اإل للق�ساء عليها، للث�رة يف حماولة الفرن�سي امل�ساد الهج�م
ا�ستعال خالل هذه املدة، وبداأت معركة اجلزائر العا�سمة، وا�ستمرت قرابة عام،
اأعلنت خاللها اجلبهة الإ�رضاب العام يف كافة اأنحاء اجلزائر ثمانية اأيام، كما ح�سل
امل�سلمني للطلبة العام الحتاد اإليه دعا طالبي اإ�رضاب اأط�ل الفرتة هذه خالل
اجلزائريرني، وا�ستمر حتى ال�ستقالل. كما بنت احلك�مة الفرن�سية خاللها خط
)م�ر�ص( املكهرب بني اجلزائر وت�ن�ص، وخط )�سال( بني اجلزائر واملغرب.
املرحلة الثالثة )1958 ـ 1960م(: وهي من اأ�سعب املراحل التي مرت
مثل �رض�سة، هج�مية ع�سكرية عمليات الفرن�سي اجلي�ص ذ نف اإذ الث�رة، بها
)ك�درن(، )اإيتان�سيل(، )الأحجار الكرمية(، كما اأقيمت العديد من مع�سكرات
العتقال يف اجلزائر.
قطع وحاول متعددة، جبهات فتح التحرير جي�ص اعتمد املقابل، ويف
الث�ار يف هذه املرحلة عن حك�مة اأعلن الفرن�سي، وقد اإمداد اجلي�ص خط�ط
م�ؤقتة برئا�سة )فرحات عبا�ص(.
اأعلن )ديغ�ل( خالل ذلك عن اعرتاف فرن�سا بحق اجلزائر يف تقرير كما
م�سريها، وكان التفاو�ص وقتها يتم بني احلك�مة الفرن�سية واحلك�مة اجلزائرية
امل�ؤقتة.
43
املرحلة الرابعة )1960 ـ 1962م(: وهي التي �سكلت املرحلة احلا�سمة
الأم�ر امل�سري، حيث حاولت فرن�سا خاللها ح�سم التحرير وتقرير يف حرب
تامة قناعة اإىل اأن و�سلت اإىل مرة، تل� مرة ف�سلت اأنها اإل الع�سكري، باحلل
باأن التفاو�ص ه� احلل ال�حيد والكفيل باإنهاء ال�رضاع، ما اأجربها على الدخ�ل
يف مرحلة تفاو�سية �ساخنة مع احلك�مة امل�ؤقتة، طرحت خاللها حل�ل م�ؤقتة
حق�قا تاأخذ اأن اأو اجلزائر، من اأجزاء اقتطاع خاللها من حاولت وجزئية؛
وامتيازات ما، اإل اأن اجلبهة رف�ست ذلك ب�سكل قاطع.
ويف تلك الأثناء، ت�سكلت اأول هيئة اأركان للجي�ص اجلزائري الذي بداأ ياأخذ
ال�سكل النظامي، واأ�سبح العقيد )ه�اري ب�مدين( اأول رئي�ص اأركان للجي�ص.
وفعال، ت�قف القتال يف 1962/3/19م. وكان الأول من مت�ز ي�م ا�ستفتاء
اجلي�ص ان�سحاب وكان ال�ستقالل، ل�سالح اجلزائري ال�سعب ف�س�ت �سعبي،
الفرن�سي يف 1962/11/5م، وه� ذات التاريخ الذي دخلت فيه فرن�سا اجلزائر
قبل )130( عاما.
م ال�سعب اجلزائري قرابة 1.5 اأن قد نعم! لقد خرج اجلي�ص الفرن�سي بعد
وتعر�ص ال�ستقالل، ث�رة �سبقت عديدة ث�رات م نظ اأن وبعد �سهيد، ملي�ن
اأثناء )1945/5/8م( يف كانت وفظاعة ب�ساعة اأكرثها دم�ية، ب�سعة ملجازر
م�سرية �سعبية راف�سة لال�ستعمار، قتل فيها على يد اجلي�ص الفرن�سي اأكرث من 45
.)1(األف �سهيد يف ي�م واحد، اإ�سافة اإىل مئة جندي فرن�سي
* * *
1 امل��س�عة ال�سيا�سية، د. عبد ال�هاب الكيايل.
44
�صاد�صا: التجربة الفل�صطينية:
مت املح�ر، دول على احللفاء وانت�سار الأوىل العاملية احلرب انتهاء عقب
تق�سيم البالد العربية ح�سب اتفاق )�سايك�ص بيك�(، فكانت فل�سطني من ن�سيب
بريطانيا، ودخلت حالة ا�ستعمار حتت م�سمى النتداب.
اأح�ص ال�سعب الفل�سطيني اأن املهاجرين اليه�د بدوؤوا م�رضوع ا�ستيالء على
الأر�ص، خ�س��سا بعد �سدور )وعد بلف�ر( امل�س�ؤوم، الذي قدمت فيه بريطانيا
تعهدا باإقامة )وطن ق�مي( لليه�د يف فل�سطني، فبداأ ال�سعب عمليات احتجاج
ورف�ص للهجرة وال�ج�د اليه�دي يف فل�سطني، ومت تقدمي �سك�ى للباب العايل
ثم اإىل املندوب ال�سامي، اإل اأن ذلك مل ي�سع حدا للهجرة اليه�دية اأو املمار�سات
والتحر�ص والإف�ساد امل�ست�طنات وبناء الأر�ص باغت�ساب املتمثلة ال�ستعمارية
بال�سكان.. لتبداأ بعدها الهبات ال�سعبية العف�ية، كث�رة )النبي م��سى(، و)ث�رة
على من�سقة غري فعل كردات بغالبها جاءت والتي الرباق(، و)ث�رة يافا(
املمار�سات الربيطانية واليه�دية.
تهدف وطنية وم�سيحية اإ�سالمية جمعيات ت�سكيل ذلك تخلل وقد
اليه�دي الزحف وم�اجهة الربيطاين، ال�ستعمار وطرد ال�ستقالل، اإىل
دعت واإ�سالمية، وطنية م�ؤمترات �سبعة ذلك خالل وعقد )الك�ل�نيايل(..
ال�سعب اإىل عدم بيع اأي قطعة اأر�ص لليه�د، ورف�ص )وعد بلف�ر(، كما دعت
ال�سعب اإىل م�اجهة الحتالل بكل ال�سبل، وت�سكلت اأحزاب فل�سطينية كحزب
الإ�سالح(، و)حزب ال�سباب(، و)م�ؤمتر ال�طني(، و)الدفاع )ال�ستقالل(،
و)احلزب ال�سي�عي الفل�سطيني(، و)الإخ�ان امل�سلم�ن(، وغريهم...
45
ويف العام )1936م( دخلت البالد حالة اإ�رضاب وع�سيان ا�ستمر �ستة اأ�سهر،
كان له اأثر كبري يف حتريك ال�سارع وحت�سيده، وبعيد انتهائه دخلت اجلماهري ث�رة
املقاومة خاللها خا�ست �سن�ات، ثالث ا�ستمرت والتي ال�سهرية، )1936(
الفل�سطينية حرب ع�سابات �رض�سة، وقدمت الت�سحيات واجلراحات، واأثخنت
.)1(
يف عدوها، اإل اأن اخليانة العربية حالت دون جناحها
دخلت فل�سطني احلرب عام )1948م(، وتقدمت اجلي��ص العربية ـ �سكليا
وتقدمت م�اقع، عدة يف ال�سهي�نية الق�ات مع وا�ستبكت فل�سطني، نح� ـ
كتائب املتط�عني من الإخ�ان امل�سلمني وغريهم، فقاتل�ا بب�سالة و�رضاوة، واأبل�ا
بالء ح�سنا، وا�ستخدم�ا فن�ن حرب الع�سابات بنجاح، اإل اأن اخليانة العربية
اأطلت من جديد؛ حيث ان�سحبت اجلي��ص العربية من اأر�ص املعركة، واعتقلت
، ف�سقط )78%( من الأرا�سي الفل�سطينية )2(
املتط�عني، وزجت بهم يف ال�سج�ن
بيد الحتالل الإ�رضائيلي، والذي اأعلن قيام دولته يف 1948/5/15م.
والت�رضيد، ومل يجد من ال�سياع بعدها حالة من الفل�سطيني ال�سعب عا�ص
الدول العربية الهتمام الكايف بق�سيته، وفكر العرب بت�سكيل ج�سم ميثل ال�سعب
الفل�سطيني فيلق�ن على كاهله م�س�ؤولية الق�سية، فكان ت�سكيل منظمة التحرير
الفل�سطينية عام )1964( برئا�سة )اأحمد ال�سقريي(، وت�سكلت حركة فتح التي
والدميقراطية، ال�سعبية اجلبهتني تاأ�سي�ص تبعها احلني، ذلك يف املقاومة قادت
امل�سلحة يف الفل�سطينية املقاومة منظ�مة �سكلت مبجم�عها اأخرى، واأحزاب
املحتلة، الأرا�سي داخل من الع�سكرية العمليات مئات ونفذت احلني، ذلك
1 تاريخ الق�سية الفل�سطينية.
2 احلقيقة الغائبة.
46
اأ�سبحت حيث )1967م(، العام بعد خ�س��سا وم�رض، ولبنان الأردن ومن
فل�سطني حمتلة كلها.
عقد وط�ال ال�ستينات منت�سف منذ الع�سكرية العمليات ا�ستمرت وقد
الإ�سالمي التيار بداأ حيث املا�سي، القرن من الثمانينات ومطلع ال�سبعينات
يف ال�سي�خ مع�سكرات من بدءا واجلهادي، الع�سكري العمل يف بالنخراط
الأردن.. وظهرت جمم�عات نفذت العديد من العمليات، تخلل ذلك ث�رات
جت هذه احلركات ال�سعبية وحالة الغليان �سعبية �سغرية، كث�رة امل�ساجد، ثم تـ�ر
�سعبية بث�رة بداأت والتي )1987/12/8م(، يف الكربى بالنتفا�سة العام
بالعمل مرورا ال�سكاكني، بث�رة بدءا مراحل، عدة اإىل وتط�رت جماهريية،
الع�سكري الناري، و�س�ل اإىل العمل التفجريي.
بعد ذلك، دخلت املنظمة مرحلة )اأو�سل�( التفاو�سية، والتي خا�ست حركة
فتح من خاللها عملية تفاو�سية ط�يلة، متخ�ست عن اتفاق هزيل، ا�سرتجعت
فيه جزئيات من الأر�ص، واعرتفت بحق )اإ�رضائيل( بباقي الأرا�سي الفل�سطينية،
وبذلك تنازل من ل ميلك، ملن ل ي�ستحق.
التي حما�ص، حركة قادتها معتدلة، ب�ترية م�ستمرة بقيت املقاومة لكن
اأ�سبحت كربى احلركات ال�طنية املقاومة، اإىل اأن اندلعت انتفا�سة الأق�سى يف
ع�سكرية، واأكرثها الفل�سطينية، الث�رات اأعنف تعد والتي )2000م(، العام
وا�ستمرت ل�سن�ات قدم خاللها ال�سعب الفل�سطيني اآلف ال�سهداء، اإ�سافة اإىل
العدو واأ�سابت من مة، املهد والبي�ت الآلف من اجلرحى والأ�رضى ع�رضات
تكبدها التي والأ�رضار الإ�سابات من كبري عدد عدا عن قتيل، األف من اأكرث
العدو، ما دفع الحتالل ال�سهي�ين لالن�سحاب من قطاع غزة.
47
ولقد ا�ستطاعت املقاومة تط�ير اأدائها، ورفع كفاءة مقاوميها، فبالإ�سافة اإىل
عمليات اإطالق النار وعمليات التفجري التقليدية التي متيزت بق�تها و�رضا�ستها؛
)�ساروخ با�سم عرف فل�سطيني، �ساروخي �سالح اإنتاج املقاومة ا�ستطاعت
الق�سام(، والذي دب الرعب يف قلب الكيان ال�سهي�ين بكافة قطاعاته.
كذلك فقد ابتكرت املقاومة ما عرف با�سم )حرب الأنفاق(، التي امتاز بها
قطاع غزة، وغري ذلك من الأ�ساليب التي اأظهرتها بق�ة غري معه�دة �سابقا، وقد
�سكل )قطاع غزة( بعد الن�سحاب ال�سهي�ين منه قاعدة ث�رية اأنتجت ق�ة ث�رية
مة، ا�ستطاعت ت�سنيع ال�سالح، واإعداد الرجال، وت�جيه ال�رضبات امل�ؤملة اإىل منظ
عدوها، فكانت قفزة ن�عية يف العمل الفل�سطيني املقاوم.
48
مقارنة:
ول�ستفادة اأعمق من جتارب ومدار�ص العامل يف حروب الع�سابات؛ جنري
هذه املقارنة بينها وبني احلالة الفل�سطينية:
الث�رة الفيتناميةالث�رة الك�بيةالث�رة ال�سينيةوجه املقارنة
ـ م�ساحة الأر�ص
وقاعدة النطالق:
ـ تعدد املراحل:
ـ رجالها:
ـ الت�سليح:
ـ طبيعتها:
ه الث�رة: ـ م�جر
ـ امل�ساحة �سا�سعة،
وقاعدة النطالق من
مقاطعة داخل الأر�ص.
ـ لها مراحل حمددة.
ـ اعتمدت على مقاتلي
ال�سعب.
ـ العتماد على الذات
يف الت�سليح.
ـ احتاجت اإىل نف�ص
ط�يل.
ه ـ احلزب ه� امل�جر
»�سانع الث�رة«.
ـ امل�ساحة �سغرية،
والعمل من الأرياف
والأحرا�ص دون وج�د
مكان حمدد.
ـ لي�ست لها مراحل
)ع�س�ائية(
ـ اعتمدت على مقاتلي
ال�سعب.
ـ العتماد على الذات
يف الت�سليح.
ـ خاطفة و�رضيعة
و�سهلة.
ـ الب�ؤرة الث�رية هي
امل�جه دون وج�د
حزب.
ـ قاعدة النطالق
من دولة جماورة هي
فيتنام ال�سمالية.
ـ لي�ص لها مراحل.
ـ )نظام خمتلط(:
تعتمد على املقاتلني
وجي�ص الدولة.
ـ العتماد على
اخلارج يف الت�سليح.
ـ �سعبة وقا�سية.
ـ احلزب ه� امل�جه.
49
وحتديدا العاملية، الع�سابات حلروب جتارب من اأ�سلفنا ما اإىل وبالنظر
باأن الق�ل ميكننا والفيتنامية(، والك�بية، )ال�سينية، الأبرز: الثالثة املدار�ص
مع وج�د عنها، كبري ب�سكل يختلف الع�سابات الفل�سطيني حلرب النم�ذج
اأنه النماذج، كما بني هذه فه� من�ذج خليط املحدودة. الت�سابه اأوجه بع�ص
عاملي من�ذج اأي يف متكررة ول م�ج�دة غري خا�سة ظروف ب�ج�د يتميز
اآخر:
- فالتجربة ال�سينية اعتمدت ب�سكل اأ�سا�ص على �سعة الرقعة اجلغرافية التي
متتاز بها ال�سني، مما مكن الث�رة هناك من البتعاد عن مركز ق�ة النظام، واإقامة
املقاومة ل�سف�ف داعمة خلفية جبهة وت�سكيل واإعداد، تدريب مع�سكرات
عندما )ماو( بقيادة الث�رة اإن بل )نيان(.. مقاطعة يف ذلك وكان املتقدمة،
ع�رضات ق�امه جي�ص ومعه )ماو( فر الأمر؛ بادئ يف نكراء لهزمية تعر�ست
)الهروب با�سم عرف الذي بالن�سحاب وقام�ا املقاومني، من الأل�ف
الكبري(، م�سافة ت�سل اإىل ع�رضة اآلف كيل� مرت مبتعدا عن خ�سمه.
فيها الأر�ص ت�سكل ل والتي بحال، الفل�سطينية التجربة يطابق ل وهذا
م�ساحة جزئية من مقاطعة )نيان(، فنحن والحتالل نعي�ص باأر�ص متال�سقة ل
يكاد يف�سل بينها فا�سل.
التقدم مع خ�س��سا ويده، الحتالل عني حتت كلها فالأر�ص وبالتايل
العلمي الذي مل يكن يف ذلك احلني، وحتى قطاع غزة الذي حترر من الحتالل،
غري اأنه بقي يف مرمى النريان الإ�رضائيلية، وحتت �سمع وب�رض اأجهزته الإلكرتونية
وطائراته ال�ستطالعية التي ل تفارق �سماءه.
50
اله�سة، وحك�مته )بات�ستا( �سعيفا عدوا واجهت الك�بية والتجربة -
فانطلق )فيديل كا�سرتو( ومعه )81( منا�سال من رفاقه، بدوؤوا الث�رة واأ�سعل�ا
اأوارها، ثم قادوها وانت�رضوا بها يف مدة ل تتجاوز العامني، مل يحتاج�ا خاللها
من والعمل اجلبال يف بالتحرك اكتف�ا بل املدن، داخل من الكثري عمل اإىل
املعارك كربى يف ي�سرتك ومل وهناك.. هنا املقاومني بع�ص وت�جيه خاللها،
احلا�سمة اإل )220( مقاتال، بل اإن احلك�مة الأمريكية التي كانت مبثابة الداعم
حمنة اأول مع عنه وتخلت الالزمة املع�نة تقدم مل )بات�ستا( حلك�مة وامل�ساند
تعر�ص لها.
وجه على ال�رض ق�ى اأعتى ن�اجه فنحن بحال، نا عدو ي�سبه ل ما وهذا
الأر�ص، دولة قائمة، يرتتب م�سريها ووج�دها على نتيجة هذه احلرب، ولي�ص
لها اأر�ص بديلة تع�د اإليها، وما من خيار اأمامها اإل القتال حتى اآخر رمق، هذه
�ستني منذ الفل�سطينية املقاومة واجهتها الإ�رضائيلي، بالحتالل املتمثلة الق�ة
املجازر بحق ارتكاب تت�رع خاللها عن اأنها مل تكل ومل متل، ومل اإل عاما،
الفل�سطيني مل تقت�رض على ال�سعب اإن م�اجهة ال�سابر، بل الفل�سطيني ال�سعب
ـ مبا�رضة غري ب�س�رة واإن ـ ي�اجه �سعبنا اإن بل وحده، الإ�رضائيلي الحتالل
راأ�ص الكفر والإف�ساد يف الأر�ص )اأمريكا(، التي تقف مع الحتالل قلبا وقالبا،
وتدعمه باملال وال�سالح، وتنا�رضه بامل�قف ال�سيا�سي والإعالمي، وتغطي عليه
جرائمه وممار�ساته، فهي مل تتخل عنه ي�ما، ومل تت�ان عن اإخراجه من ماأزقه املرة
تل� الأخرى.
- وعملت الث�رة الفيتنامية من خالل دولة جماورة، هي )فيتنام ال�سمالية(،
بق�اته يف �سارك نف�سه ال�سمايل الفيتنامي اإن اجلي�ص بل اأر�سها، فانطلقت من
51
الكثري يف احلرب فكانت ك�نغ(. )األفيت الث�رة ق�ات جانب اإىل احلرب
ا�ستخدمت الداخل، من ع�سابات حرب تدعمها نظامية، حربا الأحيان من
)القر�سات( اإىل بالإ�سافة ال�ا�سعة، ال�رض�سة وامل�اجهات الثقيلة الأ�سلحة فيها
الث�ار فيه من ال�سهري �سقط اأن هج�م )تت( ال�سغرية هنا وهناك.. وقد ذكرنا
الأمريكي اجلي�ص ومن مقاتل، )23األف( ح�ايل ال�سمايل الفيتنامي واجلي�ص
امل�ساركة الق�ات اآلف جندي، فكم �سيك�ن حجم والفيتنامي اجلن�بي ثالثة
يف ذلك الهج�م؟ وما هي الأ�سلحة امل�ستخدمة فيه من كال الطرفني؟!
ال�سعب فيه حاول الذي ال�قت ففي ذلك، من الفل�سطيني �سعبنا اأين ثم
الفل�سطيني العمل من خارج اأر�سه تعر�ص للم�ؤامرات، فقد اأنهى النظام الأردين
الطبيعي المتداد ت�سكل التي الأردنية الأر�ص من امل�سلح الفل�سطيني ال�ج�د
لفل�سطني و�ساحبة اأط�ل حدود معها، متذرعا بالأخطاء التي وقعت فيها ف�سائل
املقاومة الفل�سطينية، ومت طردها بعد حرب دامية قتل فيها الآلف من الطرفني،
هي حرب )اأيل�ل(.
ثم انتهى ال�ج�د الفل�سطيني يف لبنان بعد ح�سار بريوت عام )1982م(،
يحت�سنها اأو معها ليقاتل الفل�سطينية املقاومة مع عربي جي�ص اأي يقف ومل
�س�ى اجلي��ص هذه من املقاومة تلق ومل لها، انطالق نقطة اأر�سه لت�سكل
امل�ؤامرات واخلذلن.
الث�رات باقي عن اختلفت الفل�سطينية املقاومة فاإن �سبق ما اإىل اإ�سافة
واملقاومات ب�سعف الإمكانات الع�سكرية، وقلة ال�سالح امل�ستخدم، ففي ال�قت
ال�سخ�سي ال�سالح اأكرث من ت�فري الفل�سطينية من املقاومة فيه تتمكن الذي مل
برت�سانة تتمتع الأخرى الث�رات كانت والر�سا�ص، والعب�ة كامل�سد�ص اخلفيف
52
كالث�رة ن�سبيا؛ متط�رة وبن�عيات والذخرية، والعتاد ال�سالح من �سخمة
ال�سينية والفيتنامية والأفغانية.
- كذلك �سكل التط�ر العلمي والتقني والتكن�ل�جي الذي ت�اجهه املقاومة
الفل�سطينية وتتمتع به الدولة العربية يعد عقبة كاأداء يف وجه جناح العمل املقاوم،
وخ�س��سا اأجهزة الر�سد وال�ستطالع واملراقبة التي جعلت املقاومة غري قادرة
على اتخاذ م�اقع متركز خمفية عن عي�ن عدوها، وكذا تط�ر ال�سالح الهج�مي
عرب وقد ومقاتليها، باملقاومة فتكا اأكرث اأ�سبح حيث الحتالل؛ ميتلكه الذي
»ب�سبب بق�له: الفكرة هذه عن الع�سابات، حرب مفكري اأحد )اإجنلز(،
التط�ر العلمي والتكن�ل�جي؛ ت�ساءلت فر�ص جناح املقاومة ب�س�رة فيالق«، اأي
اأن ظه�ر ق�ات منظمة مقاتلة يعني الإجهاز عليها واإبادتها.
)امليزان يف الفرق وهي ال�سط�ر، بني عر�سا ذكرناها اأخرى مالحظة -
ل�سالح ترجح والتي الأخرى، والث�رات الفل�سطينية التجربة بني احلي�ي(
تلك الث�رات ب�سكل كبري. وامليزان احلي�ي يعني الدافعية اإىل القتال وال�سم�د
ومقارنته بني املقاومة وعدوها، فعلى الرغم من اأن امليزان احلي�ي مييل ل�سالح
املقاومة الفل�سطينية يف وجه الحتالل الإ�رضائيلي، اإل اأن هذا الحتالل مبا ميثله
اإحاللية ميلك الرغبة واحلر�ص واحلاجة لأن يحافظ على كيانه، من ك�ل�نيالية
لأنه ل ميلك خط�طا خلفية ين�سحب اإليها كما ان�سحبت اأمريكا اإىل ولياتها من
فيتنام، وكما تراجعت رو�سيا من اأفغان�ستان اإىل احتادها، وكذلك تركت فرن�سا
اأر�ص اجلزائر وعادت اإىل بلدها...
لقد ان�سحب اجلي�ص الإ�رضائيلي من اأر�ص �سيناء ومن جن�ب لبنان اإىل الأر�ص
اإىل غزة وقطاع الغربية ال�سفة من جزئيا ان�سحب ثم اأر�سه، اأنها يدعي التي
53
مربعه الأخري، ومل يعد ميلك الكثري من اخليارات، ولذا فاإن �رضاعه الآن �رضاع
وج�د، ونحن على ثقة باأنه �سيزول باإذن اهلل.
وغريها الفل�سطينية التجربة بني الختالف ت�سكل وغريها الفروق هذه
من التجارب والث�رات، ولكن بال �سك فاإن هناك �سمات وميزات كثرية متثل
ق�ا�سم م�سرتكة بني جميع الث�رات وبني الث�رة الفل�سطينية.
* * *
54
55
اأهداف
حرب الع�صابات
56
57
اأهداف حرب الع�صابات )اجلاريال(
وتنتهك حق�قها، ت�سلب عندما الع�سابات حرب يف ال�سع�ب ت�رضع
لمي ال�سر العمل من فتنتقل ا�سرتجاعها، يف ال�سلمية ال�سبل وتنعدم اأر�سها،
غري ال�سعب ق�ة وتك�ن .)1(
املت�فرة الق�ة ا�ستخدام اإىل البحت، وال�سيا�سي
متكافئة مع عدوها؛ فتبحث عن و�سيلة تتجاوز فيها الب�ن ال�سا�سع بني الق�تني،
فتلجاأ اإىل )اجلاريال(، التي تق�د ال�سع�ب املقه�رة اإىل تف�ق تكتيكي يف وجه
تف�ق اخل�سم ال�سرتاتيجي.
ما عادة الأ�سل�ب، هذا اإىل التي جلاأت ال�سع�ب اأن يجد للتاريخ واملتتبع
ها، اأو اأقاليم تك�ن �سع�با حمتلة �سلبت اأر�سها، اأو عرقيات م�سطهدة مه�س�م حق
�سغرية تبحث عن ال�ستقالل اأو النف�سال... واإن هذه ال�سع�ب ممثلة مبقاومتها
وقادتها ت�سعى اإىل اأهداف عامة حتققها عرب اأعمالها الع�سكرية التي تنفذها �سد
عدوها، وجنمل هذه الأهداف بالآتي:
من�ساآته ب�رضب ذلك كان �س�اء ماديا، واإرهاقه اقت�صاديا العدو ا�صتنزاف
اأو جعله املادية، اخل�سائر تكبيده اأو ال�سياحية، م�ارده زعزعة اأو القت�سادية،
م�سطرا لإنفاق مبالغ طائلة يف م�ساعيه حلفظ اأمنه والق�ساء على املقاومة.
لقد كان القت�ساد ال�سهي�ين مره�نا بارتفاع وانخفا�ص وترية العمل املقاوم،
1 يق�ل كالوفيرت: »اإن حرب الع�سابات ا�ستمرار لل�سيا�سة ب�ا�سطة �رضاع م�سلح«. من كتاب )حرب امل�ست�سعفني(،
روبرت تابر.
58
وقد اعرتف املحتل الإ�رضائيلي باأن اقت�ساده و�سل اإىل اأدنى م�ست�ى له منذ عقد،
وذلك يف العام)2002 ـ 2003م(، وذلك عندما كانت املقاومة تنال منه ومن
مدنه ومغت�سباته ومن�ساآته، فقد بلغت ن�سبة من� اقت�ساده يف العام )1999م(، اأي
قبل انتفا�سة الأق�سى بعام، ن�سبة )8%(، وهي من اأكرث الن�سب ارتفاعا يف العامل،
اأما يف العام )2003م(، فقد بلغت ن�سبة الت�سخم )7.5%(، اأي برتاجع مقداره
.)1(
)15.5%( عن �سن�اته ال�سابقة
وقد تاأثر القت�صاد الإ�رسائيلي على حماور عدة:
ب�سعة اإىل م�ازنات �سخمة، و�سلت الع�سكرية جلي�سه الأن�سطة كلفته فقد -
ماليني من ال�س�اكل ي�ميا، وخ�س��سا بعد ا�ستدعاء اآلف اجلن�د الحتياطيني،
اإ�سافة اإىل ما يلزمه من �سالح وعتاد وم�ساريف.
الع�سكرية الهجمات الحتالل جراء تكبدها التي ال�سخمة املادية الأ�رضار -
ال�ست�سهادية والتفجريية والنارية وال�ساروخية التي نظمتها املقاومة �سد مـدن
القت�سادي ال�ستنزاف عمليات اإىل اإ�سافة م�ست�طنيه، وقطعان الحتالل
املختلفة.
ت�رضق �سيارة اأن 2005/2/22م بتاريخ الثانية اإ�رضائيل قناة اأعلنت فقد
، وميكننا اأن نتخيل كم )2(
كل )17( دقيقة، اأي مبعدل )30( األف �سيارة �سن�يا
�سيك�ن جمم�ع خ�سائره اإذا ما قي�ص مبثل هذا البند.
اإ�رضائيل على م�ساعدات �سن�ية من ال�سادر يف 2007/2/23م: »حت�سل العدد اأحرن�ت(، 1�سحيفة )يديع�ت
اأمريكا بقيمة )2.4( مليار دولر، لكنها قبل اأربع �سن�ات ب�سبب النتفا�سة وم�جة الأعمال الإرهابية طلبت من
اأمريكا قر�سا بقيمة )9( مليار دولر، اإ�سافة اإىل مليار واحد غري م�سرتد«.
2 قناة اإ�رضائيل الثانية، يف 2005/2/22م.
59
اإحجام عن ف�سال ال�ستثمارات، هجرة ويف ال�سياحة، قطاع يف اخل�سائر -
الأرا�سي يف اأم�الهم ي�ستثمرون كان�ا الذين الأعمال رجال من العديد
املحتلة يف م�ساريع اقت�سادية عن ذلك، وتلك الأم�ال كانت ت�سب يف النهاية
يف جيب الحتالل.
مبالغ طائلة، الدولة تدر على خزينة ال�سهي�نية ال�سياحة لقد كانت وزارة
تتلقى باتت حتى حاد، عجز اإىل الفائ�ص حت�ل النتفا�سة حدة ا�ستداد ومع
دعما �سن�يا بلغ مئة ملي�ن دولر. وقد اأخربين الإخ�ة منفذو عملية »�سبارو«
يف القد�ص؛ اأنهم زرع�ا عب�ة �سغرية على �سكل »علبة برية« يف �س�بر ماركت
يه�دي يف القد�ص، وبعد اأنفجارها الذي مل ي�سب اأحدا، اأعلن تلفاز العدو اأن
الت�س�ق يف القد�ص انخف�ص يف الأيام الأوىل التي تلت العملية اإىل الن�سف، قبل
اأن يتعافى من جديد.
القت�سادي ال�ستنزاف من اأخرى عديدة اأ�سكال فهناك ذلك، اإىل اإ�سافة
اآخر غاية يف مثال العراقية التجربة الفل�سطينية، ويف املقاومة به ت�سببت الذي
ال��س�ح، فقد تكلف اجلي�ص الأمريكي يف مالحقته للمقاومة التي اأثخنت فيه
اأم�ال طائلة جعلت كلفة الحتالل ف�ق الطاقة.
ا�صتنزاف العدو �صيا�صيا، وك�صف الوجه احلقيقي لال�صتعمار وتعريته اأمام العامل:
ففي ال�قت الذي يق�م فيه الث�ار ب�رضب العدو والإثخان به، فاإنه �سريد على ذلك
املحرمات، ويقرتف احلق�ق، وينتهك املجازر، فريتكب وهمجية؛ ب�ح�سية
وبهذا ي�سع نف�سه يف املكان احلقيقي الذي يقفه، ويك�سف القناع املزيف الذي
يلب�سه مدعيا الدميقراطية والعدالة.
60
ولقد ا�ستطاعت املقاومة العراقية اأن متار�ص مع اجلي�ص الأمريكي هذا الدور،
طائراته كانت ووحداته، اجلي�ص خط�ط �رضب يف املقاومة جنحت فكلما
وق�اته ترد بق�ة �سد املدنيني الآمنني، فتقتل الن�ساء والأطفال، وتفتح ال�سج�ن
لتزج بع�رضات الأل�ف من الأبرياء بها، ثم تبداأ ف�سائحها بالظه�ر على و�سائل
الإعالم، كف�سيحة �سجن )اأب� غريب( و)غ�انتانام�( وغريهما...
وما اأحدثته الث�رة الفل�سطينية ومقاومتها ل يقل عن ذلك، واإن حدثا مثل بناء
جدار العزل ال�سهي�ين، والذي جاء ردا على عمليات املقاومة اجلريئة التي هزت
قلب الحتالل، جعلت العامل يتنادى يف حمكمة )لهاي( ليخرج بقرار تاريخي
يرف�ص هذا ال�س�ر، ويحرك ع�رضات املظاهرات يف العامل الغربي املناه�سة للدولة
العربية، والداعية اإىل املقاطعة، رغم اأن هذا القرار بقي بعيدا عن التنفيذ، اإل اأنه
يـعـد ج�لة �سيا�سية واإعالمية رابحة للق�سية الفل�سطينية.
وال�صطراب والقلق التوتر من حالة يعي�ش وجعله اأمنه، العدو �صلب
والالا�صتقرار الدائم، وهذا ما يفقده �س�ابه، ويحد من تقدمه وازدهاره، ويجعله
م�سغ�ل التفكري بكيفية حماية نف�سه، واتقاء ال�رضبات امل�جهة اإليه. كما اأن ذلك
�ص للقتل، ومهدد باملالحقة، ي�سعر كل عن�رض يف كيان العدو باأنه م�ستهدف ومعر
مما يجعله يفكر بالبحث عن اأمنه خارج الأر�ص املحتلة؛ وهذا ما خلق ظاهرة
اليه�د البياين لهجرة الر�سم تنا�سب اأر�ص فل�سطني، وقد العك�سية من الهجرة
اإىل فل�سطني تنا�سبا عك�سيا مع ارتفاع وترية الأحداث وامل�اجهات، كما تنا�سب
حدة مع طرديا فل�سطني( اأر�ص خارج )اإىل املعاك�سة لهجرتهم البياين الر�سم
. بل اإن الهجرة الداخلية ظهرت لأول مرة يف الكيان ال�سهي�ين مع )1(
الأحداث
اإىل البالد يف هذا العام بـ )5000( �سخ�ص«. اأكرث من الهجرة األف يه�دي يرتك�ن البالد �سن�يا، وه� 20« 1
يديع�ت اأحرن�ت، العدد ال�سادر يف 2007/4/20م.
61
تعر�ص ال�سمال الفل�سطيني ل�س�اريخ الكتي��سا اللبنانية، ثم مع تعر�ص اجلن�ب
ل�س�اريخ الق�سام الفل�سطينية.
وقد اأورد الرئي�ص ال�سابق جلهاز ال�ساباك الإ�رضائيلي )يعق�ب بريي( يف كتابه
)مهنتي كرجل خمابرات( ق�سة تاجر الذهب الإ�رضائيلي الذي مت خطفه من مدينة
�رضاحه اإطالق ف�ر اأنه )فتح(، وكيف مقاومني من حركة يد )ط�لكرم( على
.)1(
ا�سطحب عائلته واأقاربه وهاجر بهم اإىل م�سقط راأ�سه من حيث اأتى
ال�ست�سهاديرني قنابل ال�سهي�ين جراء الكيان اأو�سال الرعب يف ولقد دب
التي مل تفتاأ تنفجر بهم فتثخن فيهم، حتى مل يع�دوا يجدون و�سيلة ملنعها، وقد
عبـر عن حالة الياأ�ص هذه رئي�ص وزرائهم الأ�سبق )اإ�سحاق رابني( بق�له: »ماذا
اأ�ستطيع اأن اأفعل لرجل يريد اأن مي�ت؟!«.
ال�سري اأو احلافالت اأنف�سهم رك�ب ياأمن�ن على ال�سهاينة ل اأ�سبح وبهذا
يف ال�س�ارع العامة والأ�س�اق املكتظة، ما دفع �رضكة احلافالت الرئي�سية )اإيغد(
اإىل تنظيم حفالت غنائية داخل احلافالت، لت�سجيع النا�ص على رك�بها، وذلك
اإثر عمليات الثاأر التي قامت بها كتائب الق�سام ردا على اغتيال املهند�ص القائد
)يحيى عيا�ص(. ولقد �رضحت اأجهزة اإعالم الحتالل اأكرث من مرة بحقيقة ما
على الإقبال اأن ذلك ومن املقاوم، الفعل نتيجة ال�سهي�ين املجتمع منه يعاين
العيادات النف�سية ت�ساعف مع اأحداث التفجري، واأنه كلما كان انفجار �ساروخ
اأو هج�م يقع م�ساب�ن يف نف��سهم اأكرث مما يقع م�ساب�ن يف اأج�سادهم.
خلق ظرف متاأزم ل خمرج منه، وتر�سيخ قناعة لدى قادة الحتالل و�سا�سته
مهما تنك�رض لن واملقاومة ال�سعب واأن يك�ن، لن للق�سية ع�سكريا حال اأن
1 )مهنتي كرجل خمابرات(، يعق�ب بري؛ رئي�ص جهاز ال�ساباك الإ�رضائيلي ال�سابق.
62
ا�ستدت ال�رضبات، واأنه على الرغم من اإمكانية اإ�سعاف )اجلاريال( حينا، اإل اأنها
لن تلبث اأن تنه�ص من جديد؛ لأنها متثل ال�سعب باأ�رضه، ول ميكن الق�ساء عليها
باأن خمرجه العدو لدى قناعة اإيجاد وبالتايل باأكمله، ال�سعب بالق�ساء على اإل
ال�حيد من اأزمته ه� اللج�ء اإىل التفاو�ص الذي يف�سي اإىل الن�سحاب والرحيل.
وكذلك حتى يعلم العدو باأن تكلفة مت�سكه بالحتالل اأو بكر�سي احلكم باهظة
الثمن، تف�ق ما ميكن اأن يحققه ا�ستمرار ال�ستعمار من مكا�سب.
هذا ما ا�ستطاعت الث�رات التي انت�رضت اأن حتققه، وهذا ما اأقنعت به الث�رة
اجلزائرية فرن�سا، وه� ما و�سل اإليه الأمريكي�ن يف فيتنام دون اأن تهزم جي��سهم
يف اأر�ص املعركة، وكذا احلال مع اجلي�ص ال�س�فييتي يف اأفغان�ستان.
اإن الهج�م ال�سهري )TET( يف )فيتنام(، والذي قتل فيه اأكرث من 32 األف
مقاتل فيتنامي �سمايل وثائر من ق�ات الث�رة )فيتك�نغ(، مقابل )األف( جندي
اأمريكي و)األفي( مقاتل فيتنامي جن�بي م�ايل، وعلى الرغم من خ�سارة الث�رة
الكبرية لالأرواح، اإل اأنه ترك انطباعا كبريا واأثرا عميقا لدى ال�سارع الأمريكي،
وذلك لب�سالة ال�سعب الفيتنامي وا�ستعداد ث�اره للت�سحية مبثل هذا العدد الكبري
حك�متها تدع� كبرية مظاهرات يف الأمريكي ال�سعب فخرج الأرواح، من
اأعلن ج�ن�سن( )ليندون الأمريكي الرئي�ص اإن بل فيتنام، من الن�سحاب اإىل
عن قراره بعدم تر�سيح نف�سه، فكان هذا الهج�م نقطة انعطاف وحت�ل ل�سالح
ال�سعب الفيتنامي الثائر.
ويالحظ اأنه يف اللحظة التي ي�سل فيها الحتالل اإىل هذه القناعة، فاإن املقاومة
تك�ن قد حققت هدفا اآخر، ه� وقف ت��سع الحتالل على الأر�ص، واإيقافه عند
احلدود التي و�سلها، ثم حماولة ا�ستخال�ص اأي اأر�ص اأو م�قع من بني يديه.
63
من الكربى( )اإ�رضائيل باأر�ص يحلم كان الإ�رضائيلي، الحتالل ه� فها
مبمار�سة املعدنية، و�رضع عملته على ينق�ص خارطتها الفرات، وكان اإىل النيل
ذلك عمليا، فاحتل �سيناء امل�رضية، وجن�ب لبنان، واجل�لن ال�س�ري، وبع�سا
حرب فردته حلمه، حطمت الع�سكرية املقاومة اأن اإل الأردنية، الأر�ص من
ثم لبنان، اأر�ص عن الإ�سالمية املقاومة ودحرته �سيناء، اأر�ص عن )رم�سان(
جاءت املقاومة الفل�سطينية لرتغمه على التخلي عن قطاع غزة ال�سامد وبع�ص
من اأرا�سي ال�سفة الغربية، ول زلنا على ذات الطريق حتى الن�رض باإذن اهلل.
بحقهم، باملطالبة احلق اأ�سحاب التزام اإن عامليا: الق�صية عدالة اإبراز
وا�ستماتتهم يف �سبيل حت�سيله، وت�سحيتهم الالحمدودة يف �سبيله؛ يجعل الأنظار
اأي فاإن وج�د �رضاع يف مطلبهم. وكذا بعدالة ت�ؤمن والعق�ل اإليهم، تت�جه
اإليها، ويثري الهتمام بق�سيتها، ويجرب الإعالم على بقعة يف العامل يلفت النظر
عليها، ال�اقعة واملظلمة الق�سية اأبعاد ل�رضح مهياأة الفر�سة فتك�ن متابعتها،
وعدالة مطلبها...
لقد عملت جميع حركات املقاومة وجتارب )اجلاريال( على ب�سط ق�سيتها
عرب املقاومة، وكذا كانت الق�سية الفل�سطينية عندما وقف الأخ )يا�رض عرفات(
لأول مرة يف العام )1994م( على منرب الأمم املتحدة عار�سا ق�سيته.
بق�ة الإعالم ودخل قيام، خري بالدور الفل�سطينية النتفا�سة قامت وقد
يف دعم هذا الهدف وتعظيمه واإجناحه، واإن �س�رة واحدة من �س�ر املقاومة
ومثلها واإعالن، بيان األف عن اأغنت بحجارتهم فل�سطني لأطفال ال�سعبية
ال�سعب مثلت ع�دة( )فار�ص ال�سهيد الطفل ف�س�رة وامل�ؤلفات، الكتب من
الفل�سطيني ال�سجاع املقاوم، و�س�رة الطفل ال�سهيد )حممد الدرة( مثلت ال�سعب
64
حال عن عربت التي ال�س�ر من كثري واأمثالها واملظل�م، املقه�ر الفل�سطيني
ال�سعب الفل�سطيني للعامل كله، وا�ستدرت عطفه من جهة اأخرى، وا�ستح�ذت
على اهتمامه.
تخدم التي الآنية الأهداف من )اجلاريال( حتقق جملة فاإن �صبق، ملا اإ�صافة
الهدف الأ�صمى:
ـق نه�سة عامة لدى ال�سعب و�سح�ة يف نف��ص اأبنائه؛ فت�قظهم من - كاأن حتقر
ال�سبات، وت�رضفهم عن �سفا�سف الأم�ر، وت�ؤدي بهم اإىل رف�ص ال�ستعمار
ومقاومته، وامل�سارعة اإىل الن�سمام واللتحاق ب�سف�ف الث�رة مقاتلني اأو
داعمني اأو م�ؤيدين.
الأمة اإحياء يف فت�ساهم قطرها، اإطار يف اأ�سمل يقظة حتقق الث�رة ولعل -
ها بامل�سائب وت�جيه طاقاتها و�سبابها نح� وجهة اأكرث جدية وعملية، وتب�رض
ال�اقعة فيها، والأخطار املحدقة ح�لها، كما فعلت املقاومة الفل�سطينية يف
نف��ص ع�رضات اآلف ال�سباب العربي والإ�سالمي.
ال�سالح من عدوها وا�ستخدامه اإىل ال�ستيالء على ت�سعى )اجلاريال( - كما
خفيفا يك�ن ما عادة الث�رة �سالح اأن املعل�م فمن وحماربته، �رضبه يف
وقليال وم�سادره �سحيحة، ولذا فاإن غنيمة اأي �سالح من العدو ه� انت�سار
مزدوج، فه� اإرهاق للعدو وا�ستنزاف له، وه� دعم للمقاومة ومت�يل لها،
ورفع ملعن�يات املقاتلني يقابله �رضب ملعن�يات العدو.
حيث ال�سينية، الث�رة عدوها: �سالح على اعتمدت التي الث�رات ومن
احلك�مة اإىل اأمريكا من القادم ال�سالح على ال�ستيالء )ماو( زعيمها ي�سف
65
م�ج�د دعمنا »مع�سكر فيق�ل: ت�سك( كاي )ت�سانغ رئي�سها عرب املتعاونة
اأما يف ت�سانغ كاي ت�سك!«. لنا ه� ينقله الذي الت�ريد يف وا�سنطن، و�سابط
املقاومة الفل�سطينية، فهناك الع�رضات من العمليات الق�سامية التي نفذها اأبطالها
اأر�ص املعركة، ومنها عمليات خلية القد�ص، ب�سالح عدوهم الذي غنم�ه من
، وكذا فعلت ف�سائل املقاومة الأخرى )1(
وعمليات خاليا ال�سهيد )عماد عقل(
يف عدد من عملياتها.
، الأمر حتقـق خ�صائر ب�رسية وقتلى يف �صفوف العدو)2( فاإن املقاومة - كذلك
ده، على الرغم من اأن القتل لي�ص هدفا بذاته، الذي ي�سعفه ويفت من عـ�س
اإل اأنه اأق�رض الطرق اإىل اإقناع العدو بالعدول عن م�اقفه، والن�سحاب من
الأرا�سي التي يحتلها.
ق )اجلاريال( مبقاومتها خلق حالة من ت�ازن الردع والرعب، الذي مينع - وحتقر
املحتل من الجرتاء على ال�سعب، وت��سيع قتله للنا�ص، وال�ستهانة بقدراتهم
ق�ية ل�رضبة �ستعر�سه يرتكبها جمزرة كل اأن يعلم فه� املقاومة، وقدرات
وجريئة وم�ؤملة، ومع كل اإقدام على اغتيال كادر من ك�ادر الث�رة �سيدفع
ثمنا مماثال، وهكذا فاإنه يعلم اأن كل جرمية ميار�سها قد تع�د عليه بال�بال.
1 متكنت خلية القد�ص من قتل اجلندي )ن�سيم ط�ليدان�( وا�ستخدام �سالحه يف علمياتهم التالية. وا�ستطاع القائد
ثم قتلهم يف عملية )م�سعب بن عمري(، بعد الع�سكري )عماد عقل( واإخ�انه غنيمة �سالح اجلن�د يف اجليب
ا�ستخدم�ا ال�سالح يف جهادهم. ونفذ املجاهد )اإبراهيم �سالمة( عملية )غاين تال( يف هج�م )دير بل�ط( بر�سا�ص
غنمه املجاهدون من عملية )عمارة العنبتاوي(.
2 لأول مرة يف تاريخ املقاومة الفل�سطيني ت�سل ن�سبة القتلى ثالثة �سهداء مقابل قتيل �سهي�ين واحد، وذلك يف
انتفا�سة الأق�سى.
66
ويبقى الهدف الأ�صمى للجاريال الثائرة هو حترير الأر�ش املغت�صبة وا�صتعادة
احلقوق امل�صلوبة. هذا الهدف الأ�سمى ميكن حتقيقه باإحدى الطرق التالية:
1ـ الو�صول اإىل املرحلة احلا�صمة بحيث ت�سبح )اجلاريال( مع الزمن جي�سا ق�يا
منظما، فينق�ص على عدوه ويجهز عليه بال�رضبة القا�سية بعد اأن يك�ن قد اأنهكه،
وهذا عني ما ح�سل يف الث�رة ال�سينية والث�رة الك�بية، وهي املرحلة الثالثة التي
حددها )ماوت�سي ت�نغ( يف ا�سرتاتيجيته الث�رية ذات املراحل الثالثة.
وميكن اأن ي�ساف اإىل هذه الطريقة طريقة اأخرى، ي�سفها البع�ص باأنها اأ�سل�ب
اإىل �رضب باأن تعمد )اجلاريال( ال�سعلة(، وذلك منف�سل، وهي طريقة )حرب
تطال انتقامية ع�س�ائية ب�رضبات الرد اإىل ي�سطر متالحق، حتى ب�سكل العدو
دول اأخرى يت�اجد فيها عنا�رض )اجلاريال(، فتدخل هذه الدول حلبة ال�رضاع،
فيت��سع القتال، وتك�ن نهاية العدو على يد هذه الدول بالتعاون مع )اجلاريال(،
وهذا ما حاولته الث�رة الفل�سطينية لكنها مل تنجح يف ال��س�ل اإليه.
غريها، ودعم )اجلاريال( بجي�ص ع�سكريا، يك�ن الطريقة بهذه واحل�سم
فيك�ن الق�ساء على ق�ة العدو واإ�سقاط حكمه وطرده من الأر�ص.
اأن ميار�ص مع رجال بعد اإليه الحتالل ي�سل فر�ش و�صع ل خمرج منه، 2ـ
)اجلاريال( وال�سعب كل ما ميلكه من اأ�ساليب وو�سائل م�رضوعة وغري م�رضوعة،
فيثخن بهم قتال وت�رضيدا وتنكيال لكن دون جدوى.
يف املقابل، تظهر )اجلاريال( جلدا و�سربا واإ�رضارا، فتقاوم التنكيل، وتثبت
متفرقة، قر�سات عرب عدوها اإىل ال�ساع ترد اأن وحتاول العا�سفة، وجه يف
و�رضبات هنا وهناك.
67
هذه املرحلة حتتاج اإىل نف�ص ط�يل وت�سحيات كبرية، لكنها احلل الأمثل يف
م�اجهة ق�ى ال�ستكبار العظمى التي ل ميكن هزمها بال�رضبة القا�سية احلا�سمة،
اأو ا�ستئ�سال جي��سها واإبادتها.
ون�سف ملي�ن الط�يلة التحرير م�سرية يف اجلزائرية الث�رة قدمت ولقد
امللي�ن �سهيد؛ �سعيا لإي�سال فرن�سا اإىل هذه القناعة، وكانت كلما قدمت مزيدا
الرمق حتى وي�سغط يتم�سك اأن الفرن�سي الحتالل حاول الت�سحيات من
الأخري، حتى اأن الأ�سهر الأخرية من الث�رات كانت الأكرث �رضاوة وق�س�ة بني
الث�ار وجالديهم، اإذ حاول اجلي�ص الغا�سب اأن يلعب باأوراقه الأخرية، وي�رضب
ع�ص فكان جدوى، دون لكن احلا�سمة، تك�ن علها فتكا، الأ�سد ال�رضبات
اإىل فرن�سا وا�سطرت املحتل، على وانت�رض ال�سعب، فيه الذي �سمد الأ�سابع
العرتاف والتفاو�ص، ومن ثم الن�سحاب. وقدم ال�سعب الفيتنامي مئات اآلف
القتلى حتى ا�ستطاع اأن ي�سل بال�سعب واحلك�مة الأمريكية اإىل ذات القناعة.
)امليزان احلي�ي(، الذي يفر�ص هذا احلل، ه� معادلة الأ�سا�سي العامل اإن
التي متيل ل�سالح املقاومة، فرتجح على ميزان الق�ى املختل، والراجح ل�سالح
املحتل، فحر�ص ال�سعب اجلزائري على نيل حريته وطرد امل�ستعمر يف�ق حاجة
ورغبة كاحتالل، اجلزائر يف والبقاء اإ�سافية م�ستعمرات اإيجاد اإىل الفرن�سيني
يف�ق الدكتات�رية من والنعتاق ال�ستبداد من بالتخل�ص الفيتنامي ال�سعب
حر�ص الأمريكيني على دعم نظام ا�ستبدادي ل يقدم لهم الكثري.
* * *
68
69
من قواعد
حرب الع�صابات
70
71
من قواعد حرب الع�صابات
هي مبادئ عامة، وق�اعد ثابتة، انتهجـتها اجلماعات الثائرة والفـرق املقاتلة
يف �ستى الأ�سقاع والأزمان، ف�سكلت مبجم�عها �سمات وق�الب ميزت حرب
ها تخت�ص ها ت�سرتك به اجلاريال مع احلروب الكال�سيكية، وبع�س الع�سابات، بع�س
به دون غريها.
الـكـر والـفـر:
وهي من �سيا�سات حرب الع�سابات على مدار تاريخها، فاحلركة الث�رية
اأنها اأي والفر، والختفاء والكر الهج�م من واحدا �سكال تتخذ ل املقاتلة
حا�سمة م�اقف اأمام نف�سها ت�سع بحيث مت�ا�سال �سامال هج�ما تهجم ل
فتك�ن حمدود ل كامل ب�سكل ال�ساحة عن تختفي ل وكذلك وم�سريية،
وال�رضورة، احلاجة تقت�سيه مبا احلركة دائمة هي بل تاأثري، ول ح�س�ر بال
الن�سحاب يك�ن عندما دون حرج وتن�سحب املنا�سبة، اللحظة تهاجم يف
�رضوريا.
ق مبداأ املباغتة واملفاجاأة، وبذلك حتقق اأهدافا مرحلية وهي بذلك كله حتقر
اأجل من »دفاع )ماو(: يق�ل امل��س�عية(، )القر�سات ـ ب يعرف ما �سمن
72
الهج�م، وان�سحاب من اأجل التقدم، وانحناء من اأجل م�اجهة و�سيطرة، م�سي
.)1(
ج لأجل الذهاب امل�ستقيم« متعرر
فالكر والفر وظيفة لتح�سيل الهدف الأ�سا�سي وه� النت�سار، وبالتايل اإذا
يق�ل للجاريال. الراهنة واحلالة يتنا�سب الذي الأمثل لالأ�سل�ب اختيار فه�
»على كل�زي�ست: ويق�ل كالبخار«، يختف�ا اأن املقاتلني »على ل�ران�ص:
املقاتل اأن يختفي كالغيم«. اإذن ه� اإجماع لدى مدار�ص حرب الع�سابات على
تبني العمل بهذا املبداأ.
وبالع�دة اإىل عمليات املقاومة الفل�سطينية، فاإننا نالحظ اأنها بجملها تخ�سع
الأخرى الأ�ساليب اأما باأ�سكالها، ال�ست�سهادية العمليات با�ستثناء املبداأ، لهذا
من املقاومة، فقد اعتمدت الكر على اأهداف حمددة، وال�رضب بق�ة و�رضعة، ثم
اأن يجد العدو وقتا ل�ستدعاء فرق م�ساعدة الن�سحاب باأقل وقت ممكن؛ قبل
ودعم. وحني مل ي�ستطع املقاوم�ن الن�سحاب ب�رضعة من م�قع الهج�م، كان
مع كما ح�سل �سعبة، ماآزق ال�ق�ع يف اأو العتقال اأو ال�ست�سهاد م�سريهم
جماهدي اخللية الأردنية على احلدود الفل�سطينية يف اإحدى عمليات الدوريات،
وقد اأوردناها يف هذا البحث.
اعتماد اخلديعة يف احلرب:
املقاتلة للق�ى ال�سالة وال�سالم: »احلرب خدعة«)2(، وي�رضع يق�ل عليه
ا�ستخدام اخلديعة واملكر والدهاء يف �رضب العدو، اأو يف اأثناء �رضباته، مما يجنب
احلرب وال�سرتاتيجية(، يه��سيفت هركيف. 1
متفق عليه. 2
73
الث�ار �سيئا من التف�ق يف الق�ة التي يتمتع بها عدوهم.. وقد اأكرث مقاتل� حرب
ما اأ�سهر ومن اخل�س�م، �رضب يف خداعية اأ�ساليب ا�ستخدام من الع�سابات
والذي ال�سهرية، طروادة( )ح�سان ق�سة الباب؛ هذا يف التاريخ كتب تناقلته
املدينة ا�ستع�ست فقد طروادة، مدينة احتالل يف الروماين اجلي�ص ا�ستخدمه
عليهم �سه�را ط�يلة، و�سمدت يف وجه ق�اتهم ملناعة اأ�س�ارها و�سم�د اأهلها
وا�ستب�سال مقاتليها، فعمد الرومان اإىل اخلديعة، اإذ اأعدوا جم�سما خ�سبيا حل�سان
كبري، وهم يعلم�ن اأن اأهل طروادة يع�سق�ن اخليل لدرجة التقدي�ص، وقد اأعدوا
هذا املج�سم ب�سكل اأج�ف، حيث كمن بداخله بع�ص اجلن�د، ثم تظاهر اجلي�ص
بالن�سحاب ليال من حميط املدينة، حتى طلع ال�سباح ولي�ص اأمام اأ�س�ار املدينة اإل
م احل�سان، فاأدخل ال�سكان املج�سم داخل املدينة، واحتفل�ا بالن�رض، وعند جم�س
امل�ساء خرج اجلن�د من مكمنهم داخل احل�سان، وت�جه�ا اإىل احلرا�ص فقتل�هم،
قد الأ�س�ار ف�جد اأدراجه، عاد قد الروماين اجلي�ص كان ال�قت ذات ويف
فتحت، و�سقطت املدينة يف اأيديهم باخلداع واحليلة، ل بالق�ة و�سدة الباأ�ص!
ي اهلل عنه، يجد ع�رضات الق�س�ص والناظر يف �سرية )عمرو بن العا�ص( ر�س
اخلداعية التي مكنته من اخلروج من املاآزق والنت�سار يف املعارك، وهذا حال
قادة احلروب املميزين، فكلما كانت القيادة للعمل املقاوم متتلك عقلية خالقة
كان ومقت�سياتها، والأحداث للم�اقف تبعا الأ�ساليب وتبتدع فطنة، مبتكرة
العمل الث�ري اأكرث جناحا وقدرة على ال�ستمرار والإجناز والإثخان بالعدو.
�ر اأما يف جتربتنا الفل�سطينية، فقد ا�ستخدم املقاتل�ن اأ�ساليب )املخادعة( ب�س
متعددة، فتارة يظهر مقاتل الق�سام على طريق )رام اهلل( بلبا�ص )قمباز( اأو لبا�ص
امراأة، فال ياأبه امل�ست�طن�ن املارون يف امل�قع به، ويف اللحظة املنا�سبة ينق�ص عليهم
74
ب�سالحه املخباأ حتت ثيابه. وتارة يزرع املقاوم�ن عب�ة �سغرية يف اأحد امل�اقع
تهدف اإىل حمل ال�سهاينة على الفرار اإىل الجتاه املعاك�ص، وهناك تك�ن العب�ة
ه داخل مقهى �سهي�ين، بينما الكبرية بانتظارهم. وتارة يفجر ال�ست�سهادي نف�س
باأنه يتظاهر النا�ص تدافع ومع اخلارج، يف الآخر ال�ست�سهادي �ساحبه ينتظر
اأنه �سينقذهم، حتى اإذا من رجال الأمن، فيبداأ بجمع النا�ص من ح�له متظاهرا
جتمع�ا ح�له فجر نف�سه بهم، )كما فعل ال�ست�سهاديان: بحر وحلبية(. ورابعة
وخام�سة و�ساد�سة، وكلما اأتقن املقاوم�ن حيلهم، كان النجاح حليفهم)1(.
املباغتة واملفاجاأة :
وذاك خري �سالح ميلكه رجل الع�سابات. واملباغتة تقت�سي اأن ل يعرف العدو
اأو يت�قع مكان وزمان واآلية تنفيذ املقاتلني لهجمتهم القادمة، مما يعني عدم قدرته
على التهي�ؤ وال�ستعداد لها، اأو اإحباطها اأو اتقاء نتائجها.
ال�سعيفة الث�ار اإمكانات بني ال�سحيقة اله�ة بردم كفيل املباغتة عن�رض اإن
الكرثة، مقابل املباغتة فتك�ن املتمركزة، الكبرية العدو ق�ة وبني املهاجمة،
فتخلق بع�سا من الت�ازن. ولتحقيق هذا املبداأ، فقد اعتمدت )اجلاريال( يف قتالها
على ال�رضب بطريقة )الكمائن(، وبطريقة )ال�ستدراج(، ملا حتققه من مفاجاأة
ل من حيث اإليه تخرج لكي الأنفاق ال�سبب حفرت ولذات العدو، لق�ات
يحت�سب.
1 التفا�سيل يف كتاب )�سفحات من جهاد اأبناء الق�سام(، مل�ؤلرفه: اأب� م�ؤمن.
75
لقد متكن ر�س�ل اهلل ] وقادة الفتح الإ�سالمي من بعده من ا�ستخدام عن�رض
املباغتة على اأكمل وجه، وت�ظيفه بالقدر الذي مكنهم من جني النت�سارات التي
تخطت احل�سابات املادية واملنطقية، فقد متكن عليه ال�سالم من مباغتة م�رضكي
املحيطة بهم، اآلف مقاتل يقف على روؤو�ص اجلبال ق�امه ع�رضة مكة بجي�ص
ايا والبع�ث واملعارك والغزوات على وكذا تكرر احلال ع�رضات املرات يف ال�رض
مدار تاريخنا. وه� ما فعله ر�س�ل اهلل ] اأي�سا مع يه�د )خبري( عندما خرج
اطماأنت بينما له، فا�ستعدوا يق�سدهم اأنه فاأوهمهم )غطفان(، نح� بجي�سه
عليهم، باجلي�ص وال�سالم ال�سالة عليه فانعطف ا�ستعداد، باأير تقم ومل خبري،
ففاجاأهم وه� يقف على اأعتاب ح�س�نهم.
ي ومن الق�س�ص اجلميلة التي تروى عن القائد اجلليل )خالد بن ال�ليد( ر�س
اهلل عنه، ما قام به من حركة اأحادية جريئة مفاجئة، زعزع بها �سف�ف جي�ص
عدوه الذي يف�قه عددا وعتادا، فبعد اأن ا�سطف اجلي�سان للم�اجهة؛ امل�سلم�ن
من غفلة ويف عقة، بقيادة العرب من والهم ومن والفر�ص خالد، بقيادة
ه �س�ب عدوه، واجلميع يف ذه�ل، ومل ي�سح�ا ني، انطلق خالد على فر�س اجلي�س
من ذه�لهم اإل بعد اأن و�سل خالد اإىل قائد جي�سهم )عقة(، وانتزعه وه� على
اجلي�ص الكفرة، وهجم �سف�ف ال�سطراب يف فدب اأ�سريا، به وعاد فر�سه،
الإ�سالمي يقتل منهم وياأ�رض، فلم يجدوا اإل الفرار �سبيال، وحقق امل�سلم�ن ن�رضا
.)1(م�ؤزرا بغري خ�سائر
مباغتة من ال�سهي�ين اجلي�ص ن متك احلديث، الع�رض املباغتة يف مناذج ومن
الطريان �سالح ـر فدم وله�هم، غفلتهم يف قادته كان الذي امل�رضي اجلي�ص
حابة الأخيار(، د. �سيد ح�سني العفاين. 1 )فر�سان النهار من ال�س
76
ك �ساكنا، فانتهت احلرب يف �ست �ساعات امل�رضي وه� على اأر�سه دون اأن يحرر
فقط!
اأما يف جتربتنا الفل�سطينية، فقد حقق املجاهدون املباغتة يف مئات ال�رضبات،
ومنها عملية )احلرم الإبراهيمي(، عندما متكن املجاهدان: عماد عقل، وهارون
فقد امل�قع. ح�سانة رغم زميله واإ�سابة املنطقة حار�ص قتل من الدين، نا�رض
املك�س�فة امل�سافة اأن من الرغم وعلى مت�قعة، غري ب�س�رة الأخ�ان ت�رضف
بالعدو اجلن�د مفاجاأة من متكنا اأنهما اإل ط�يلة، النقطة اإىل لل��س�ل اأمامهم
نح�هم ب�رضعة وق�ة، بينما عقدت ال�سدمة على تفكري اجلن�د، فلم ميلك�ا اإل
النظر اإىل املجاهدين اللذين اأفرغا �سالحيهما نح�هم، ثم ان�سحبا ب�سالم.
ـرية( يف الزمان ولتحقيق املباغتة، لبد من ا�ستخدام القدر الأكرب من )ال�سر
واملكان والكيفية، وكلما كانت ع�امل )املكان والزمان والكيفية( بغري ما يت�قع
العدو؛ كان النجاح حليف املقاومة باإذن اهلل.
تو�صيع دائرة ال�رسب:
ويك�ن ذلك بزيادة عدد امل�اقع امل�ستهدفة، وعدم الرتكيز على منطقة دون
غريها، مما يعر�سها لل�سغط والرتكيز، اأو يـخ�سعها للمراقبة واملتابعة. وقد ذكرنا
اأن املباغتة حتتاج اإىل �رضب م�اقع ل يت�قعها العدو، وهذا ل يتاأتى اإل بت��سيع
رقعة العمل املقاوم، وزيادة كم ون�ع اأهدافه، خ�س��سا يف واقعنا الفل�سطيني
الذي يعاين اأ�سال من �سيق البقعة اجلغرافية التي نعي�ص فيها، والتي تـعـد �ساحة
امل�اجهة.
77
دون امل�اجهة �ساحة من وا�ستثناءها جغرافية، بقعة اأي حتييد اأن ويالحظ
مربر، يعطي العدو اأمانا فيها، ويجعله يركز اهتمامه باجتاه البقع ال�ساخنة، وينقل
ق�اته، وتزداد ق�ته يف اإليها، فتقل حاجته ل�ستخدام كامل ق�اته وا�ستخباراته
�رضب املقاومة.
اإىل مكانيا تنق�صم امل�صتهدفة املواقع اأن جند فاإننا الحتالل، واقع اإىل وبنظرة
ق�صمني:
الأول: يتمثل بال�سفة الغربية وحميط قطاع غزة، وي�سمل كذلك امل�ست�طنات
وال�ستيطانية، الع�سكرية والآليات اللتفافية والطرق واحل�اجز واملع�سكرات
املحتلة الأرا�سي اأثناء الجتياحات. والثاين: ه� املدن الدفاع عن ي�سمل كما
)مدنية امل�سماة وامل�اقع الع�سكرية، امل�اقع جميع وي�سمل )1948م(، عام
العبادة كدور اخل�س��سية، ذات امل�اقع جتنب مع وامل�ا�سالت، واقت�سادية(،
اإل ملربرر، بت فيه هذه امل�اقع التعليمية، وما من مرة �رض واملراكز الطبية وحتى
اأو �رضب م�اقع قادة، اغتيال اأو ارتكاب جمازر كبرية، كاإقدام الحتالل على
يف ح�سل كما الردع(، )ت�ازن لتحقيق حماولة فكانت م�سابهة، فل�سطينية
نفذها جماهدو خلية �سل�ان؛ ردا على القد�ص، والتي العربية يف عملية اجلامعة
الق�سام العام لكتائب القائد ا�ست�سهد فيها الدرج( يف غزة، والتي جمزرة )حي
عليهم قنبلة باإلقاء وذلك اآخر، فل�سطينيا ع�رض و�سبعة �سحادة، �سالح ال�سيخ
تـزن )طنـا(.
78
جتنب املواجهات الوا�صعة:
والهجمات والفر( )الكر مبداأ اإىل اأقرب امل�اجهة كانت كلما اأنه حيث
اخلاطفة التي ل ت�سل بحال اإىل امل�اجهة املبا�رضة، والتي ل يط�ل زمنها اأو يت�سع
مكانها، كان العمل اأكرث جناحا.. وذلك من اأ�سا�سيات حرب الع�سابات.
احلا�سمة املعارك عن المتناع »يجب )ماو(: ال�سينية الث�رة قائد يق�ل
الن�رض، على قادرا تك�ن عندما فقط »قاتل اأي�سا: ويق�ل قاطع«، وب�سكل
وان�رضف عندما ل تك�ن قادرا«، و�سبب ذلك اأن ميزان الق�ى خمتل لدرجة ل
يج�ز معها املقارنة، فالعدو ميتلك ال�سالح والعتاد والإمكانات باحلجم الذي
كانت فاإذا اخلفيفة. الأ�سلحة بع�ص متلك ت�اجهه جمم�عة �سغرية اأن ل ميكن
امل�اجهة ط�يلة فاإن ذلك يفقد املقاومة اأهم امتيازاتها، وه� عن�رض املباغتة والكر
والفر واملناورة والختفاء، وعندئذ ترجح كفة الأق�ى، اإذ اأن كل عنا�رض الق�ة
معه.
ون�سري اإىل اأن املجاهد قد ي�سطر اإىل امل�اجهة وال�سم�د حتى النهاية، لكن
اأو خلية حما�رضة من العدو متكن اإذا وحتديدا جدا، خا�سة حالت يف ذلك
مطارد يف م�قع ما، بحيث ل ميكن الن�سحاب منه، فامل�اجهة هي الأ�سل هنا،
مع الإدراك �سبه اليقيني اأن ال�سهادة هي نهاية هذه امل�اجهة.
اإن من ع�امل جناح )اجلاريال( اأن تفر�ص هي �سكل امل�اجهة، وعندما ي�ستطيع
امل�اجهات وجتنب لالنت�سار، اأقرب يك�ن فاإنه امل�اجهة �سكل فر�ص العدو
ال�ا�سعة �سكال وزمانا يعطي املقاومة فر�سة اأكرب للنجاح.
79
البعد عن النمطية :
اخلروج عن املاأل�ف، وجتنب الروتني والتكرار؛ مما يحقق املفاجاأة، وجتنب
النمطية، يعني األ تعتمد )اجلاريال( �سكال معينا يف الأداء واملقاومة واحلركة زمانا
وتتبع املقاومة حركة درا�سة الحتالل على ي�سهل ل حتى واأ�سل�با، ومكانا
تقدم عليه م�ستقبال، اأن ميكن القادمة، وما التنب�ؤ بحركتها ثم خط�اتها، ومن
اأن من بدل املقاومة ويفاجئ املبادرة، زمام ويت�سلم حذره، ياأخذ ثم ومن
تفاجئه، وقد قيل: »خري عادة، اأن ل يك�ن لك عادة«.
نعم! اإن البعد عن الروتني يجعل الزمان مفت�حا للعمل بليله ونهاره، �سيفه
منه ت�ستثنى ل مقاومة، �ساحة كله املكان ويجعل وا�ستعاله، هدوئه و�ستائه،
ه و ماوؤه، مدنه واأريافه، ج�ه وباطن ه ميدان؛ �سهله وجبله، بـر بقعة، ول يحد
اأر�سه... واإن من �ساأن ذلك اأي�سا، اأن يجعل من ال��سائل املتاحة م�ستخدمة على
اأو اغتيال اأو �س�اريخ اأو تفجري الدوام بح�سب احلاجة والإمكان، اإطالق نار
وقن�ص، ويجعل من ال��سائل املت�فرة اأر�سية جيدة للتط�ير، فال يك�ن الت�قف
اجلديد، ويبتكر احلايل، ويط�ر ال�سابق، ي�ستخدم بل ا�ستخدمت، و�سيلة عند
وي�ستجلب ما ا�ستخدمه الغري....
القادم، ت�قع عن ويحجزه اأمره، من حرية يف الحتالل يجعل ذلك كل
ويف�سله يف مقاومته، ويعدم قدرته على م�اكبة ما ت�ستحدثه املقاومة من اأ�ساليب،
بينما ذلك ي�سع املقاومة يف م�قع املبادرة و�سناعة احلدث.
80
التطوير الدائم لأ�صاليب العمل، وعدم الكتفاء مبا �صبق:
اأو امل�اجهة، من معني بروتني ال�ستمرار معها ينفع ل ط�يلة حرب فهي
ا�ستخدام �سالح واحد فيها، اأو العمل ب��سائل وطرق تقليدية حمددة، ذلك اأن العدو
�سيفهم اأ�سل�ب الق�ى املقاومة يف عملها، و�سيجد العالج الناجع الذي يحد من
فاعليتها، وت�قي �رضباتها، بل من املحت�م اأنه �سيعمد اإىل البتكار واإبداع ال��سائل
والطرق والأدوات اجلديدة يف حربه و�رضبه للث�رات، وعندئذ �ستجد )اجلاريال(
ها. ففي ال�قت الذي كان فيه مقاتل� )األفيت ك�نغ( نف�سها قد تخلفت وتقدم عدو
يف )فيتنام( يحتم�ن بالغابات وخ�رضائها لالختفاء من الطريان الأمريكي، قامت
)1(
اأمريكا بتط�ير �سالح جديد يتنا�سب وهذه املع�سلة، فاخرتع�ا )القنابل امل�سمارية(
التي حت�ي اآلف امل�سامري القاتلة التي تنت�رض حال اإطالقها على م�ساحات �سا�سعة،
فت�ؤدي اإىل قتل الث�ار دون اأن يحتاج�ا لروؤيتهم، فلم يكن اأمام املقاتلني اإل اإيجاد
احلل�ل املنا�سبة التي ت�سمح لهم بالتمرت�ص خلف حاجز يقيهم من امل�سامري، ومن ثم
كان حفر املزيد من اخلنادق والأنفاق التي ت�سمح لهم بالختفاء والحتماء.
وقد كان النم�ذج الفل�سطيني متميزا يف تط�ره وتن�ع اأ�ساليبه ودخ�له يف
مراحل اإبداعية متعاقبة، خرجت به من دائرة العمل ال�سعبي الأعزل، اإىل دائرة
الإبداع والبتكار يف اإيجاد الأ�سلحة املنا�سبة لطريقته يف مقاومة عدوه، فبعد اأن
بداأ العمل الفل�سطيني باملقاومة ال�سلمية الحتجاجية وال�ستنكارية، ثم النتفا�سة
ال�سعبية امل�سلحة باحلجر والزجاجة احلارقة؛ تط�ر العمل ليدخل مرحلة )ث�رة
املنازل، يف املت�فر الأبي�ص ال�سالح اأن�اع اأب�سط ا�ستخدمت التي ال�سكاكني(
1 القنابل امل�سمارية تطلق على �سكل دفعات، كل دفعة حت�ي عدة قنابل، كل قنبلة حت�ي اآلف امل�سامري الف�لذية
بط�ل )10( �سنتيمرتا، تنطلق بق�ة فتنت�رض م�سامري كل قنبلة على م�ساحة ط�لها )300( مرت، وعر�سها )90(
مرتا تقريبا.
81
ثم كانت مرحلة العمل امل�سلح با�ستخدام الكم القليل من ال�سالح الناري الذي
يت�فر بيد املقاومني مما غنم�ه من اأيدي الحتالل الإ�رضائيلي، اأو مما مت تهريبه من
اخلارج، اأو مما ورث�ه من الأجيال...
املتفجرة امل�اد املجاهدون فيها ا�ستخدم التي التفجري مرحلة كانت ثم
ت�فري وعندما عجزوا عن البارود وغريه، القدمية وكحل الألغام امل�ج�دة يف
ي�سنرع�ن من خاللها متفجراتهم، اأولية بالبحث عن م�اد الكافية بدوؤوا امل�اد
فا�ستخدم�ا الأ�سمدة النباتية، وامل�اد الطبية، وم�اد التنظيف الكيماوية، فكانت
تط�ر ثم التفجري، عمليات يف جناعتها اأثبتت التي املتفجرة العبد( )اأم مادة
التفجري فكان الت�جيه، التكن�ل�جيا يف ق�سية فيه ال�سالح حتى دخلت هذا
الفل�سطينية املقاومة املرحلة، دخلت ال��سائل... ويف هذه بعد وغريه من عن
حرب ال�ست�سهاديني، الذين اأ�سبح�ا �سالح املقاومة الأق�ى. ثم كانت حرب
نة بالألغام الأنفاق، التي ا�ستطاعت فيها املقاومة جتاوز احلدود الـمـ�سطنعة املح�س
والأ�سالك ال�سائكة والأبراج واأجهزة الر�سد الإلكرتونية.
واأخريا، كانت القفزة البتكارية، والتي متثلت باإنتاج ال�ساروخ الفل�سطيني
املقاتل اإليه ل ت��س ما اأف�سل مبجملها مثلت �س�اريخ من تبـعـه وما )ق�سام(،
الفل�سطيني من ابتكارات تزيد من كفاءة ال�سالح الذي متلكه املقاومة...
اأو حتقيق اإجناز ول ملقاتليها، بقاء للمقاومة، ول ا�ستمرار ل فاإنه وهكذا،
ومناعتها، دفاعاتها وم�ساعفة اأدائها، تط�ير من تتمكن اأن دون لأهدافها
.)1(واإيجاد احلل�ل للمع�سالت التي تعرت�سها
قذائف من كمية غنم�ا اأنهم )1948م( عام حرب يف امل�سلمني الإخ�ان من ع�ن املتط�ر املجاهدون يروي 1
امل�رتر، ومل يك�ن�ا ميلك�ن قاذفات لها، فلم ي�ستطيع�ا ال�ستفادة منها، اإل اأنهم ف�جئ�ا يف الي�م التايل باملجاهد
)ي��سف طلعت( قد ابتكر قاذفا بدائيـا يدويـا �سهر على اإعداده ط�ال الليل، وهكذا ا�ستفادوا مما غنم�ه. ومن
ي اهلل عنه يف معركة القاد�سية، الـقـ�س�ص التاريخـيـة على جتاوز العقبات؛ ما كان من )القعقاع بن عمرو( ر�س
الفيلة، يخ�سى ل واأ�سبح األفه حتى عليه فر�سه ودرب )متثال( فيال ف�سنع الفيلة، من تنفر اخليل وجد عندما
وا�ستطاع اأن يهاجم به الفيلة احلقيقية يف الي�م التايل، واأن يثخن فيها.
82
املركزية والالمركزية:
حتتاج احلركات الث�رية اإىل ا�ستخدام املركزية يف بع�ص ج�انب العمل املقاوم
حفاظا على امل�سار وجناح العمل، وحتديدا يف القرارات ال�سرتاتيجية وال�سيا�سية،
فلي�ص من احلكمة ترك قرارات وقف اأو اإنهاء ال�رضاع، اأو تغيري اأ�س�ص ومبادئ
العمل، اأو قطع اأو و�سل عالقات خارجية، اأو دخ�ل م�اجهات داخلية اأهلية،
بقرارات ل مركزية، تتحكم بها اخلاليا العاملة هنا وهناك.
بينما من ال�س�اب ترك حرية العمل والجتهاد لهذه اخلاليا يف الق�سايا امليدانية
الذي العري�ص والإطار العامة ال�سيا�سة �سمن تقع والتي والروتينية، والي�مية
حددته القيادة، فاإن كان القرار ال�سيا�سي بدخ�ل ث�رة م�سلحة، يـرتك للخاليا
العاملة اأن حتدد املكان والزمان والكيفية التي تنفذ من خاللها هجماتها.
بل اإن على القيادة اأن ت�سجع املبادرات الذاتية والفردية امل�سب�طة، والتي تنمي
العمل وترتقي به وتزيد من فاعليته واإجنازاته وجناحاته.. ومن هنا، فاإننا نالحظ
اأن كمـا كبريا من العمل الفل�سطيني املقاوم يقع �سمن دائرة اجله�د الفردية التي
نفذها اأبطالها مبفردهم، اأو تلك التي نفذها اأو ابتداأها الأفراد، ثم كان الت�سال
م، ومن ثم كان النخراط الع�سكري يف الإطار بالتنظيم الذي �ساعد ووفـر وقد
احلركي.
القي�د من را وحتر حي�ية العمل يعطي الي�مية الأعمال يف الالمركزية اإن
البريوقراطية املعقدة التي تعيقه عن التقدم والإجناز. ويف ذات ال�قت، فاإن هذه
الالمركزية ل تعني بحال اأن يرتك لالأطراف واخلاليا املتناثرة واملنت�رضة اأن حتدد
مع مت�افقة الالمركزية تلك كانت اإنفاذه.. وكلما واآلية الث�ري العمل م�سار
83
قياداتها، متناغمة مع ما ي�سدر عن القيادة من قرارات، فاإن ذلك ي�ساهم قطعا
يف �رضعة الإجناز، وجتنب ال�ق�ع يف الأخطاء والأخطار.
اإذا، فاملقاومة حتتاج اإىل املركزية على امل�ست�ى ال�سرتاتيجي ال�سيا�سي، واإىل
)حركة به امتازت ما وهذا والإجرائي، التكتيكي امل�ست�ى على الالمركزية
الق�سام(، ففي ال�قت الذي كانت تعلن حما�ص( وذراعها الع�سكري )كتائب
هم ومقاتل�ها عنا�رضها كان العدو، مع م�رضوطة هدنة قب�ل عن احلركة فيه
وقد البط�لة، ميادين اإىل انطلق�ا الهدنة انتهت فاإذا والتزاما، ان�سباطا الأكرث
�سهد لهم الحتالل ذاته على ذلك.
�رسب العدو يف نقاط �صعفه:
ووحداته اأطرافه على والرتكيز �سعفه، نقاط يف العدور �رضب من بد فال
جتمعاته عن والبتعاد وات�ساله، اإمداده وخط�ط النائية، ومراكزه املنف�سلة،
يف اإل فيها، اإليه ال��س�ل ي�سعب التي ومراكزه احل�سينة، وم�اقعه الكبرية،
عمليات تندرج حتت اإطار العمل ال�ست�سهادي، اأو يف حالة امتالك اأدوات ت�فرـر
للمقاومة النجاح يف ذلك.
ويف التجارب املعا�رضة، كان الف�سل الأول للث�رة الك�بية يف )26 مت�ز(،
ملحاولتها �رضب مع�سكر �سخم يح�ي بداخله اأكرث من األف جندي بعتادهم،
بينما ل متلك ثقيل، ومتاري�ص و�سالح د�سم من املع�سكر ميتلكه ما اإىل اإ�سافة
من ميلك�ن ل الذين الرجال ع�رضات �س�ى املهاجمة( الثائرة )الق�ة الث�رة
ال�سالح اإل اأخفه واأ�سعفه، فانتهت الث�رة عند ذلك الهج�م، واعتقل قائدها،
84
وقتـل العديد من رجالها. يق�ل )ماو(: »ا�رضب ال�سعيف دون خجل، واهرب
من الق�ي دون خجل!«.
كة، ويف ث�رتنا الفل�سطينية، كانت هذه القاعدة دافعا لختيار الأهداف املتحرر
باحل�اجز املتمثلة الثابتة والأهداف والراجلة، والآليات بالدوريات واملتمثلة
الع�سكرية النائية، وبقيت عمليات اقتحام املع�سكرات ال�سخمة احل�سينة مقت�رضة
على نطاق �سيق، وحتديدا يف قطاع غزة، لندرة الأهداف الأخرى هناك. اأما
امل�قع الدائم لختيار ال�سعي الغربية فهي حمك�مة بظروف خا�سة، مع ال�سفة
الأقل حت�سينا والأ�سعف اأمنا بال �سك.
وليعلم اأن العدو يحافظ على تف�قه يف حرب الع�سابات، ما دام حمافظا على
مبداأ )تركيز الق�ى(، فاإذا ت�زعت ق�اته بداأت ت�سعف وتفقد تف�قها، ولذا فاإن
من اأهداف )اجلاريال( اأن جتعل العدو ينت�رض، فتتفرق ق�اته، لي�سهل على رجال
الع�سابات ا�ستهداف تلك الق�ات وا�سطيادها دون اأن تتمكن من الدفاع عن
نف�سها.
غر م�ساحة الأر�ص ويف اأر�سنا الفل�سطينية، ا�سطر جي�ص الحتالل ورغم �س
وطرقه م�ست�طنيه حلماية منه حماولة يف وا�سعة، م�ساحات على النت�سار اإىل
يف اإح�سائية اإىل فبالع�دة املقاومة، وجماهدي مطاردي وملالحقة اللتفافية،
ب�ؤرة الغربية وحدها حت�ي: )217( ال�سفة اأرا�سي فاإن )حزيران 2007م(،
ا�ستيطانية، و)210( قاعدة ع�سكرية، و)576( حاجزا ع�سكريا، و)800( كم
)1(. الأمر الذي ي�سري اإىل ت�فر عدد كبري جدا من الأهداف من الطرق اللتفافية
�سحيفة القد�ص، اإح�سائية معهد الأبحاث التطبيقية ـ اأرع، العدد ال�سادر يف 2007/6/5م. 1
85
التي ميكن �رضبها، وخ�س��سا اأن الكثري من هذه الأهداف �سعيف اأمنيا وي�سهل
ال��س�ل اإليه، وهذا ما جعل عددا من ال�سباط الع�سكريرني يف اجلي�ص ال�سهي�ين
احل�اجز يف اجلي�ص ع�رضات ن�رض فقد احل�اجز، �سيا�سة على احتجاجاته يقدم
م�اقع )�ساقطة اأمنيا(، فاأ�سبحت �سيدا �سهال لرجال املقاومة الذين ا�ستهدف�ها
ع�رضات املرات.
الهتمام بالقاعدة ال�صعبية:
حيث يعد من اأبرز ع�امل النجاح يف احلركات الث�رية على اختالف منطلقاتها
وت�جهاتها، قدرتها على تك�ين قاعدة �سعبية عري�سة داعمة، تتبنى م�قفها، وتاأمتر
باأمرها، وت�ساند م�سريتها، وت�فر لها ما يلزمها من خدمات وم�ساهمات.
الث�رة يهم ما اأكرث وذلك الب�رضي، الإمداد م�سدر هي ال�سعبية فالقاعدة
ويلزمها، فكلما كانت القاعدة امل�ؤمنة بالث�رة ومنهجيتها اأعر�ص واأو�سع؛ زاد
عدد املتط�عني يف العمل الث�ري واملن�س�ين حتت ل�ائه والعاملني يف �سف�فه.
والقاعدة ال�سعبية هي ال�ستار الذي تتقي به احلركات الث�رية يف اللحظات
احلرجة، وحتتمي به يف حالت الرتاجع.. ففي )اجلاريال(، كان رجال الث�رة يف
النهار فالحني، ويف الليل مقاتلني، ويف )اجلاريال املدنية( يختف�ن يف �سف�ف
ال�سعب في�سعب �سبطهم.
والقاعدة ال�سعبية هي قاعدة الإمداد الل�ج�ستير الذي حتتاجه جميع الق�ى
وتزويدهم والحتياجات، بالطعام لهم ومت�يل للمطاردين، اإي�اء من املقاتلة،
باملعل�مات والتقارير...
86
ولذا، فاإن اعتماد اجلاريال على القاعدة ال�سعبية مينحها فر�سة اأط�ل لل�سم�د
الت�سييق والقمع والتنكيل. ففي ال�قت الذي يك�ن فيه ال�سعب على يف وجه
�سبيلها يحتمل يف فاإنه واأ�سخا�سها، واأدائها ودورها املقاومة بحركات قناعة
الكثري، وهذا ما جعل ال�سعب يف قطاع غزة ي�سرب مع حركة )حما�ص(، رغم
احل�سار والتج�يع وانقطاع الرواتب وقلة ذات اليد.
اأن جترتئ عليه، اإليه ل ن حت�س اأن ال�سعب املقاومة جتاه فاإن واجب وعليه،
عليها اأن ت�سعر ب�سع�ره، واأن ت�سعى حلل اإ�سكالته، واأن ت�فر له احتياجاته، واأن
تنقذه من اأزماته، واأن ل تتعر�ص له بالأذى والرتهيب والتنكيل والإ�ساءة، فينظر
اإليها بكراهية ونف�ر.
ل واملم�ر الداعم الثائرة الق�ى ل ت�سكر اأن الث�ري العمل ق�اعد من اإن
املال له ت�فر اأن منها فاملطل�ب املادي، بالتم�يل عليه تعتمد اأن ل لل�سعب،
الذي يع��سه عن اخل�سائر التي يتكبدها يف الدفاع عن املقاومة؛ من قتل وهدم
الرزق، اأب�اب يف والت�سييق والأم�ال الأرا�سي وم�سادرة وال�سجن للمنازل
واإل فاإن ال�سعب ل ميكنه ال�سم�د..
انتفا�سة من الأوىل ال�ست ال�سن�ات يف الإ�رضائيلي الحتالل اأقدم لقد
منزل، )4600( وهدم فل�سطيني، اآلف خم�سة من اأكرث قتل على الأق�سى
واقتالع )ملي�ن ون�سف ملي�ن( �سجرة، وم�سادرة )600( األف دومن، اإ�سافة
بدون ال�سعب اأمامها �سي�سمد فكيف العتداءات... من اأخرى �سن�ف اإىل
)1(وج�د داعم خلفه يعينه على ال�سم�د؟
نف�ص امل�سدر ال�سابق. 1
87
نعم، اإن علينا اأن ندرك اأن هناك فرقا بني جماعة اأو تنظيم �سعبي قد يعي�ص
على ال�سرتاكات، وبني عمل مقاوم م�سلح يحتاج اإىل م�رضوفات وله تبعات.
كذلك، فاإن من واجب اجلاريال جتاه ال�سعب اأن ت�سعى اإىل تثقيفه واإعداده
للت�سحية ال�ستعداد يبدي لكي بها، والقناعة الث�رية الفكرة وت�ريثه وتاأهيله
بها، وبدون هذا التثقيف فاإن اجلماعات املقاتلة ل تلبث اأن ت�سمحل وتتال�سى،
فال جتد املنابع التي تغذيها بالرجال الذين ي�سمن�ن لها احلياة.
نف��ص يف تغر�سها اأن املقاومة ق�ى على يجب التي الأم�ر اأهم من اإن
اأ�سباب اأهم فهي اإزالته، ب�رضورة والقناعة الحتالل، كراهية ه� ال�سعب؛
النجاح.. ولقد انتف�ص ال�سعب الفل�سطيني بهبات متالحقة تبعا لهذه القناعة،
قرر الثمانينات، وعندما الر�س�خ يف مطلع عقد القناعة �سديدة فلم تكن هذه
وحب وال�طنية اجلهاد معاين بداأت ال�سعب، نف��ص يف غر�سها املجاهدون
املجازر بع�رضات املعاين هذه وتدعمت امل�اطنني، نف��ص يف تتجذر الأوطان
ال�سهي�نية واجلرائم املتن�عة من قتل واإبعاد واعتقال وم�سادرة، فانتف�ص ال�سعب
النج�ص، العدو الطاهر يف وجه خمرز الفل�سطيني الكف ووقف على جالده،
غاية يف �سعبنا من ظروف به مر ما �سن�ات ط�يلة رغم النتفا�سة وا�ستمرت
الق�س�ة وال�سدة والأمل.
ومن الأمثلة العاملية على جناح الث�رات بف�سل اللتفاف اجلماهريي ح�لها:
ومظاهرات م�سريات يف ال�سعب انتظم فقد اإيران(، يف الإ�سالمية )الث�رة
حا�سدة ومت�ا�سلة، بطلب من قائد الث�رة )اخلميني( من منفاه يف بريطانيا، عرب
الكا�سيت(.. )ث�رة ـ ب الإيرانية الث�رة عرفت حتى ب�س�ته، لة م�سج كا�سيتات
ولقد بلغت هذه الطاعة والن�سباط حدا عجيبا، وكانت �سببا رئي�سا يف الن�رض.
88
ل املنا�سل الب�ل�يف )ت�سي جيفارا( يف نقل الث�رة من )ك�با( ويف املقابل، ف�س
اإىل )ب�ليفيا(، فقد انتقل مع بع�ص رفاقه اإىل جبال )ب�ليفيا(، وبداأ العمل الث�ري،
اإل اأنه مل ي�ستطع ك�سب ثقة وتاأييد ال�سعب، فا�ستطاعت الق�ات احلك�مية النيل
منه وقتله بعد اأقل من عام على اإعالن الث�رة التي انتهت مبقتله.
الف�صل ل يعني الياأ�ش:
لبد للثائر من الإميان املطلق باأن حرب الع�سابات هي حرب النـف�ص الط�يل
يبدي �سربا و�سم�دا وجلدا الذي والع�ص على الأ�سابع، ينجح فيها الطرف
اأكرب. وعلى الثائر اأن ي�ؤمن باأن هذا الهدف ال�سامي الذي يبغي بل�غه ل ميكن
حتقق تراكمية اأعمال نتاج ه� بل واحدة، ب�رضبة اأو الب�رض، بلمح يتحقق اأن
الهدف املن�س�د، فاإذا تعر�ست الق�ى الثائرة لنك�سة اأو �رضبة، فاإن ذلك ل يعني
النهاية، ول يعني الياأ�ص والقن�ط اأو ال�سع�ر بالعجز وعدم القدرة على الفعل،
اأن تعني جتديد الهمة، والنطالق بخربة جديدة م�ستقاة من ع�سارة بل يجب
تلك التجربة، والعمل بحر�ص �سديد، وهذا ناجم عن وعي اإ�سايف، يهدف اإىل
عدم ال�سق�ط فيما �سبق.
واإذا �سمحت الق�ى الثائرة لنف�سها اأو لعنا�رضها باأن تدخل مرحلة اإحباط اأو
م ياأ�ص اأو �سغط ناجت عن هزمية م��سعية اأو ف�سل جزئي اأو تقهقر يف ميدان اأو تقد
للعدو، فتلك اإذا هي بداية النهاية.. اأما اإذا انطلقت الث�رة بعزمية متقدمة واإ�رضار
وت�سميم؛ فاإنها تثبت املبداأ القائل: »ال�رضبة التي ل متيتنا تزيدنا ق�ة«.
امل�سه�ر )ت�ما�ص العالـم اإن ينطبق على كل مهمة وعمل، حتى املبداأ هذا
89
اأدي�س�ن( اأجرى األف جتربة لإنتاج م�سباحه الكهربائي، وكانت نتيجتها جميعا
الف�سل، حتى ا�ستطاع يف النهاية اإنتاج هذا الخرتاع الرائع الذي خلد ا�سمه يف
التاريخ.
ل القائد )فيدل كا�سرتو( اأما يف الث�رات العاملية؛ ففي املدر�سة الك�بية، ف�س
ل، واعتقل ه� وعدد من رفاقه، وقتل يف هج�م )22مت�ز(، ل�س�ء تقدير ح�س
ف�ر �سارع بل يياأ�ص، مل )كا�سرتو( القائد اأن اإل الث�رة.. وانتهت اآخرون،
طاردا بلده، فاحتا ليع�د فكره وم�ؤيدي فل�له جمع اإىل ال�سجن من خروجه
احلك�مة العميلة من اأر�سه.
هذه القاعدة متثل اإجابة وجت�سيدا ملبداأ اأ�سا�سي تخ�سع له جميع اأ�سكال حروب
للهجمات الرتاكمي والتاأثري ال�ستنزاف(، )ا�سرتاتيجية مبداأ وه� الع�سابات،
الناجحة املحدودة، فال ميكن للجاريال اأن تهزم عدوها ب�رضبة واحدة، اأو حتى
الدوؤوب، العمل من ط�يال زمنا اإن بل حمدودة، ومعارك �رضبات ب�سل�سلة
زة، وال�سرب دون ياأ�ص، وجتاوز العقبات، هذا وال�رضبات املت�الية، واجله�د املرك
ه� الكفيل بالن�رض على الحتالل، وح�سم احلرب ل�سالح املقاومة.
اأبطال ج فخر كثريا، الياأ�ص وعدم املثابرة املجاهدون مار�ص امليدان، ويف
خطف من متكن�ا حتى بحثا، اجلهادية الطلعات ع�رضات )�س�ريف( خلية
اأدري(، و�سنع مهند�س� كتائب الق�سام ع�رضات النماذج من اجلندي )�سارون
حيز اإىل ال�ساروخ خرج حتى التجارب، ع�رضات عليها واأجروا ال�س�اريخ،
ال�ج�د.
90
التفريق بني ال�صرتاتيجية والتكتيك:
ل بد من اأن متيـز )اجلاريال( بني الأهداف ال�سرتاتيجية العامة، والتكتيكية
بث�ابتها، ويف ذات التم�سك بحق�قها والرتباط لها يتيح التفريق املتبعة، هذا
والتاأقلم والتجارب، الأحداث مع التفاعل على القدرة يعطيها فاإنه ال�قت،
من الكثري ويجنبها يعرت�سها، الذي الأ�س�اك حقل يف وال�سري املتغريات، مع
ه� ما كل با�ستخدام لها وي�سمح الت�ساوؤلت، على ويجيب الإ�سكالت،
ممكن.
حترير ا�سرتاتيجية بني )حما�ص( حركة متيرـز الفل�سطينية، مقاومتنا ففي
لت�سلم واجلاهزية التحرير مرحلية وبني نهرها، اإىل بحرها من كلها فل�سطني
اأي �سرب يخرج منه الحتالل، كما يف )غزة(.. وفرقت حما�ص بني ا�سرتاتيجية
احلق يف املقاومة بكل اأ�سكالها، وم�رضوعية العمل لطرد الحتالل، وبني تكتيك
اختيار الأ�سل�ب الأمثل للمقاومة الذي ت�اجه به الحتالل، والذي يتنا�سب مع
املرحلة وظروفها.
وب�سيغة اأخرى، ه� تفريق وت�فيق بني الثابت واملتغري؛ ثابت املقاومة ومتغري
الأ�سل�ب، ثابت ال�سعي يف التحرير ومتغري القب�ل بالهدنة امل�ؤقتة ذات الأهداف
دة. املحد
* * *
91
العمل
الفل�صطيني
املقـاوم
92
93
العمل الفل�صطيني املقاوم
امل�اجهة مقاتليها تـجنرـب اأ�ساليب على عملها يف الثائرة الق�ى تعتمد
املبا�رضة وال�ا�سعة، مما يحقق لها مبداأ املباغتة الذي حتتاجه..
من لتنق�ص ال�رضية، بكل حماطة ها تعد والتي الكمائن، خيار تعتمد فهي
فتمتلك هي حينها الفعل، القدرة على رد تفقده خاللها على عدوها ب�س�رة
زمام املبادرة، وتثخن فيه، ثم تن�سحب اإىل ماأمنها. وال�سكل الذي يتنا�سب مع
الكمائن، ه� ال�رضب من م�قع ثابت نح� هدف متحرك.
وهي تعتمد الهج�م املباغت، فتعـد مقاتليها مبا يلزم، ومبا ينا�سب املهمة من
�سالح وعتاد، لينفذوا هج�ما مباغتا على الهدف الذي �سبق اأن مت ر�سده؛ ثابتا
كان اأم متحركا. وي�سرتط يف مثل هذا الهج�م ال�رضعة وق�رض مدة التنفيذ، واأن
تك�ن طريقة الن�سحاب مر�س�مة، فتنجز اخللية مهمتها، ثم تع�د اأدراجها اإىل
مكمنها.
وهي تعتمد ال�ستدراج، والذي يخدم طريقة الكمائن. �س�اء كان ال�ستدراج
عليها بناء يتحرك العدو اإىل مغل�طة ا�ستخبارية معل�مات اإي�سال عرب مبا�رضا؛
اإىل نقطة حتددها املقاومة، فيك�ن الكمني جاهزا لالنق�سا�ص على الهدف. اأو
ا�ستدراجا غري مبا�رض، وذلك بت�جيه �رضبات تكتيكية تهدف اإىل اإغرائه بتتبع اأثر
94
املجاهدين، وحماولة اللحاق بهم، وعندئذ يك�ن املقاتل�ن باملر�ساد.
اأدواتها، ملك التي املقاومة اأ�سكال الفل�سطيني جميع ال�سعب مار�ص وقد
لنريان العاري �سدره وتعري�ص ال�سلبية املقاومة من بدءا اإمكاناتها، وت�فرت
فتقتله. بعدوها تنفجر ا�ست�سهادية، قنبلة اإىل اإىل حت�يل ج�سمه عدوه، و�س�ل
اأما �سالح هذا ال�سعب، فه� كل ما وقعت عليه يده؛ من �سالح اأبي�ص اأو ناري
اأو �ساروخي اأو متفجر، وكل ما تفتـق عنه ذهن املقاومة من عمل ا�ستخباري اأو
ا�ست�سهادي، وكل جهد وجهاد؛ �س�اء كان من حتت الأر�ص بالأنفاق، اأو ف�ق
الأر�ص بالهجمات، اأو يف اجل� باملقذوفات، حتى غطى العمل املقاوم م�ساحة
وا�سعة من اأ�ساليب حرب الع�سابات احلديثة.
* * *
95
اأ�صكال هجمات املقاومة
اأول: املقاومة ال�صعبية:
عارمة �سعبية ث�رة يف املقاومة وق�اها الفل�سطينية اجلماهري انطلقت فقد
نهاية عام )1987م(، كان هذا النفجار ق�يا لدرجة اأن كافة قطاعات ال�سعب
�ساركت فيه، فلم ميلك الحتالل اأن ينهيه اأو يح�سمه على الرغم من اجله�د التي
بذلها جي�سه يف قمع ال�سعب والنتفا�سة.
لقد انطلق ال�سعب مبا ميلكه من اإمكانات بدائية ب�سيطة؛ بدءا باحلجر الذي
واعت�سامات ومظاهرات م�سريات من رافقه وما واملرحلة، ال�سعب رمز مثل
اإىل اإيالم عدوه اإىل ا�سطرته احلاجة ثم واإ�رضابات وم�ؤمترات ومهرجانات...
اأعلنت التي ال�سكاكني مرحلة حرب فدخل اأثرا، اأكرب اأدوات عن يبحث اأن
عنها حركة حما�ص يف )1995/10/15م(، وكان اأول املنت�سبني اإليها املجاهد
)عامر اأب� �رضحان(، وتبعته القافلة ترتى.
الزجاجات فا�ستخدم وم�سريته؛ عطاءه الفل�سطيني ال�سعب وا�سل ثم
احلارقة، وا�ستخدم اأ�سل�ب ح�ادث ال�سيارات، كما فعل املنا�سل )عبد الهادي
.)1(
غنيم(، واملجاهد )راتب زيدان(، واملجاهد )خليل اأب� علبة(، وغريهم
املنا�سل )عبد الهادي غنيم( من حركة فتح، قام بعمل حادث يف حافلة يق�دها وي�ستقلها عدد من اليه�د، فقتل 1
منهم )15( �سهي�نيا. واملجاهد )راتب زيدان( من حركة حما�ص قام بده�ص عدد من ال�سهاينة املت�قفني على
حافة الطريق ب�سيارته فقتل منهم ثالثة. واملجاهد )خليل اأب� علبة( قام بده�ص جن�د �سهاينة على جانب الطريق،
فقتل منهم ثمانية، وه� من حركة اجلهاد الإ�سالمي.
96
م(، وذلك كذلك فقد ا�ستخدم ال�سعب الفل�سطيني اأ�سل�ب )التخريب املنظ
ب�رضقة ال�سيارات، واإحراق واإتالف بع�ص املزروعات واملمتلكات، واملثل الذي
ت�رضق اإ�رضائيلية �سيارة األف 30 باأن الحتالل اعرتاف اإىل واأ�سار ذكره �سبق
.)1(
�سن�يا، ي�ؤكد على انتهاج هذا الأ�سل�ب على نطاق وا�سع
عر وال�سطراب ولقد اأحدثت هذه الأ�سكال املقاومة وغريها حالة من الذ
خط�ط وقطعت اأمنه اأفقدته فقد م�ست�طنيه، وقطعان الحتالل �سف�ف يف
الب�رضية اخل�سائر بع�ص اإىل اإ�سافة مادية كبرية، به خ�سائر واأنزلت م�ست�طناته،
املحدودة.
ثانيا: عمليات اإطالق النار:
وهي اأول اأ�سكال املقاومة امل�سلحة التي انتهجها جماهدو فل�سطني منذ انطلق
العمل الفل�سطيني املقاوم، مع دخ�ل الأف�اج الأوىل لال�ستعمار الإجنليزي مطلع
القرن الع�رضين، ثم مع ا�ستفحال ال�رضطان ال�ستيطاين اليه�دي.
ت�ا�سل هذه النم�ذج وتط�ر مع تط�ر ال�سالح وت�فره باأيدي املجاهدين،
�سح التي املراحل يف وخ�س��سا و�سي�عا، ا�ستخداما الأكرث النم�ذج فكان
فيها ال�سالح التفجريي نظرا لقلة الإمكانات املادية، وانعدام اخلربات الب�رضية،
و�سعف التقنيات الإعدادية.
دارة عمليات املقاومة من حيث وبقيت عمليات اإطالق النار مرتبعة على �س
العمليات واأ�سكال اأن�اع كافة وج�د من الرغم على هذا، ي�منا حتى العدد
1 قناة )اإ�رضائيل الثانية(، يف بثها ي�م 2005/2/22م.
97
تقريرا )2005/2/8م( بتاريخ الأوىل( )اإ�رضائيل قناة اأوردت وقد الأخرى.
اإح�سائيا لعدد عمليات املقاومة يف ال�سن�ات الأوىل لنتفا�سة الأق�سى، فكان
عدد عمليات اإطالق النار )13730( عملية، مقابل )138( عملية ا�ست�سهادية
.)1(
تفجريية، اأي بن�سبة )1( اإىل )99(
بكثافة، النار اإطالق عمليات برزت الأوىل، النتفا�سة اأحداث ومع
ال�سهيد الع�سكري كتائب بروز جناحها ثم انبثاق جنم حما�ص، خ�س��سا مع
)يا�رض ال�سهداء املقاومة اأ�س�د فكان )1991م(، عام يف الق�سام الدين عز
النمروطي، ويا�رض احل�سنات، وطارق دخان، واإخ�انهم...(، ثم ملع جنم ال�سهيد
القائد )عماد عقل( يف عام )1992ـ1993م( بعد اأن اأبدع وابتكر واأجنز على
هذا ال�سعيد، لي�سبح اأحد اأعالم املرحلة وعناوينها البارزة، وا�ستحق لقب )اأ�سد
فل�سطني امللثم(.
وادي(، و)جميل ر�سدي(، عزيز )حممد ال�سهداء؛ املجاهدون برز ثم
و)ع��ص �سلمي(، وع�رضات الق�ساميني الذين �س�ب�ا بنادقهم اإىل �سدور عدوهم
فاأثخن�ا فيه، و�سف�ا �سدور ق�م م�ؤمنني.
الحتالل �سف�ف يف ت�قع اأن النار اإطالق عمليات ا�ستطاعت ولقد
ال�سعبية املقاومة يف خ�سائره كانت اأن بعد ب�رضية، وخ�سائر مبا�رضة اإ�سابات
حمدودة جدا، وبداأت و�سائل الإعالم تتحدث عن جن�د تتهاوى، ومع�سكرات
ق الحتالل وتركه تهاجم، ومركبات ت�رضب، وهجمات تت�اىل وتكرث بعدد اأر
يف حرية من اأمره، فقطعت الكثري من خط�ط امل�ست�طنات والطرق اللتفافية،
مما ا�سطر الحتالل اإىل ن�رض مئات احل�اجز الع�سكرية ونقاط املراقبة، الأمر الذي
1 قناة )اإ�رضائيل الأوىل(، يف بثها ي�م 2005/2/8م.
98
اأوجد اأهدافا جديدة �سهلة ال�سطياد، ومكن املقاومة من ا�ستهدافها و�رضبها!
ومن المتيازات التي يراها البع�ص لعمليات اإطالق النار، اأنها تخرج املقاومة
من احلرج الذي قد تت�سبب به العمليات ال�ست�سهادية، التي قد تظهر بنظر العامل
اأنها عمليات اإرهابية، وتاأخذ �سدى اإعالميا وا�سعا.
كما اأن ردة فعل الحتالل على العمليات ال�ست�سهادية عادة ما تف�ق مثيلتها
اإ�سدار قرارات الغتيال بحق اإذ قد ي�سل الأمر اإىل من عمليات اإطالق النار،
كما ال�سهي�ين، العمق يف ال�ست�سهادية العمليات على كرد ال�سيا�سيني القادة
حدث مع القادة ال�سهداء؛ ال�سيخ اأحمد يا�سني، والدكت�ر عبد العزيز الرنتي�سي،
واملهند�ص اإ�سماعيل اأب� �سنب، والدكت�ر فتحي ال�سقاقي...
لطبيعة تبعا وتعددت تن�عت فقد النار اإطالق واأ�سكال عمليات اأما �س�ر
الهدف، وامل�قع، ون�عية ال�سالح، واملهمة املطل�بة. وميكن اأن تتلخ�ص بالآتي:
اأ ـ ال�رسب من موقع ثابت نحو هدف متحرك:
انتظارا ثابتة؛ نقطة يف النارية باأ�سلحتهم املجاهدون يتمركز باأن وذلك
اأو م�ست�طن �سهي�ين، لهدف متحرك �سبق ر�سده، ك�سيارة جيب ع�سكري،
اإ�رضائيلية، ثم النق�سا�ص عليها بق�ة و�رضعة، والنيل منها، ثم اأو حافلة ركاب
الن�سحاب من املكان قبل و�س�ل تعزيزات العدو، والع�دة اإىل نقطة الأمان.
ب ـ ال�رسب من موقع ثابت نحو هدف ثابت:
اأو حاجز ع�سكري، ويق�م ذلك على النق�سا�ص على مع�سكر �سهي�ين،
اأو جتمع ا�ستيطاين، اأو اأير هدف ثابت، ومباغتته وه� يف غفلة من اأمره، فيك�ن
99
النق�سا�ص من نقطة ارتكاز اآمنة ت�فرـر للمجاهدين ال�ستتار الذي يحافظ على
عن�رض املباغتة والحتماء من ردة فعل العدو، ثم ي�سارع املجاهدون بعد تنفيذ
املهمة اإىل الن�سحاب.
ك نحو هدف متحرك: ج ـ ال�رسب من موقع متحر
)عمليات بـ ا�سطالحا املجاهدون عليها تعارف التي العمليات وهي
من اأول كان حيث عقل(، )عماد ال�سهيد بها ا�ستهر من وخري التجاوز(،
بداأها. وتق�م عمليات التجاوز على اأن ت�ستقل اخللية �سيارة مدنية، ثم تعمد اإىل
مالحقة اإحدى �سيارات الحتالل الع�سكرية اأو املدنية دون اأن ت�سعر، وعندما
حتني الفر�سة املنا�سبة، ينطلق �سائق �سيارة املجاهدين بال�رضعة الق�س�ى ليتجاوز
املجاهدون يطل مت�ازيتني؛ ال�سيارتان فيها ت�سبح التي اللحظة الهدف، ويف
ال�سيارة يف ر�سا�ص من معهم ما فيفرغ�ن �سيارتهم، ن�افذ من ب�سالحهم
مالحظة مع الن�سحاب. طريق يف �سريهم ي�ا�سل�ن ثم وركابها، امل�ستهدفة
اإمكانية اأن يك�ن التنفيذ وجها ل�جه، ولي�ص بالتجاوز.
ك نحو هدف ثابت: د ـ ال�رسب من موقع متحر
وقد يك�ن هذا ال�سكل اأقل اأ�سكال الهجمات امل�سلحة ا�ستخداما و�سي�عا،
اأو اأو دورية راجلة، الهدف يف هذه احلالة حاجزا ع�سكريا، وعادة ما يك�ن
�سهاينة يت�اجدون على حمطة ركاب، فيهاجمهم املجاهدون من داخل �سياراتهم
فيجهزون عليهم، ثم ين�سحب�ن نح� نقطة الأمان.
100
هـ ـ القن�ش:
مهارة اإىل يحتاج لأنه وذلك ال�ستخدام، قليلة املقاومة اأ�ساليب من وه�
م�هبة ملك ذلك وقبل عليها، بالتدرب اجتهد من اإل ميلكها ل خا�سة
ملمار�ستها. وميتاز هذا الأ�سل�ب باأنه ل يحتاج اإىل الكثري من الرجال وال�سالح،
كما اأنه ل يح�ي ن�سبة خماطرة عالية تعيق القنا�ص.
وقد ا�ستخدمته املقاومة العراقية ب�سكل وا�سع، فا�ستهر )قنا�ص بغداد( الذي
عرب وبثها عملياته بت�س�ير وقام وحلفاءهم، الأمريكيني اجلن�د مئات اأردى
الإعالم، ف�سكلت اإهانة و�سفعة للجي�ص الأمريكي وجن�ده. بينما مل ت�ستخدمه
املقاومة الفل�سطينية على نطاق وا�سع، واأبرز واأجنح عمليات املقاومة الفل�سطينية
بهذا الأ�سل�ب هي عملية )عي�ن احلرامية( البط�لية، وكان بطلها وفار�سها )ثائر
حماد( من حركة فتح، وقد اأثمرت عمليته تلك عن اأحد ع�رض قتيال �سهي�نيا،
دون خ�سائر يف املقابل، فكانت من اأكرث العمليات جراأة وق�ة.
وقد جنحت كتائب الق�سام يف قن�ص عدد من جن�د الحتالل ب�سكل متفرق،
ر، يف �سهر خ�س��سا يف حميط قطاع غزة، ومنها ما بثته عرب �رضيط تلفزي�ين م�س�
اأيار من العام 2007م، حيث ا�ستطاعت قتل اأحد جن�د الحتالل املتمركزين
على ظهر دبابة �سهي�نية تقف على حدود قطاع غزة.
ونلفت اإىل اأن ال�سالح الناري ا�ستخدم يف معظم اأ�سكال املقاومة الأخرى،
بع�ص اإن بل الأنفاق، حرب يف اأو اخلطف عمليات اأو الغتيالت يف �س�اء
كان�ا تفجريية، ا�ست�سهادية عملية لتنفيذ يت�جه�ن كان�ا الذين املجاهدين
ي�سطحب�ن معهم �سالحا ناريا �سغريا ل�ستخدامه وقت احلاجة.
101
ثالثا: عمليات التفجري:
الأبرز التط�ر ال�ست�سهادية، العمليات �سيما التفجري، عمليات �سكلت
عمليات اأ�سبحت فقد املقاوم، الفل�سطيني العمل تاريخ يف الن�عية والقفزة
احل�سيلة و�ساحبة لها، احلقيقي والزخم املقاومة، عن�ان باأ�سكالها التفجري
الكربى يف اإيقاع اخل�سائر والأ�رضار الب�رضية واملادية، والتاأثري الأكرب على العدو
ال�سهي�ين، فقد �رضبت عمليات التفجري جميع اأ�سناف الأهداف الإ�رضائيلية.
وقد دخلت عمليات التفجري مراحل عدة �ساحبت خمتلف مراحل املقاومة
امل�سلحة، ويف كل مرحلة كان يظهر على �ساحة املقاومة اأبطال ورم�ز �سبغ�ها
)يحيى الأول واملهند�ص القائد ال�سهيد ه�ؤلء؛ اأبرز ومن ومميز، بطابع خا�ص
عيا�ص(، الذي اأ�سبح عن�ان املرحلة ورمز عمليات التفجري.
عد، ف�ساعفت ال�س رد على كافة التفجري ب�سكل مط وقد تط�رت علميات
التدمري، على وقدرة ق�ة اأكرث م�اد وا�ستخدمت العب�ات، اأحجام املقاومة
وتقدمت التح�سينات، من الكثري اإليها واأ�سافت العب�ات اأ�سكال رت وط�
لكي(، )ال�سر البدائي بالتفجري بدءا بالتفجري، التحكم كيفية يف كبرية ب�س�رة
مرورا بنظام الألغام، و�س�ل اإىل الت�قيت، وانتهاء بالتفجري الال�سلكي عرب جهاز
)الرمي�ت( اأو اخلل�ي )البلف�ن(.
امل�صتخدمة يف املقاومة اأ�صكال ل�صكلني من يلي فيما نعر�ش ولتو�صيح ذلك،
هذا املجال، وهما: العبوات، والعمليات ال�صت�صهادية:
102
1 ـ العبوات:
وه� التفجري بدون وج�د ا�ست�سهادي، ويك�ن ب��سع عب�ة نا�سفة يف طريق
الهدف، اأو يف م�قع اكتظاظ، ثم القيام بتفجريها يف اللحظة املنا�سبة اإن كان التفجري
ها، اأو تركها تنفجر وحدها اإن كانت تعمل بالت�قيت اأو بنظام الألغام. م�ج
وتـعـد من اأبرز ميرزات هذا الأ�سل�ب، عدم احلاجة اإىل ا�ست�سهادي لت�سغيله،
اآثار ترك عدم وبالتايل املقاومة، �سف�ف يف ب�رضية خ�سائر وج�د عدم مبعنى
ك�سف اإىل ال�سهي�نية الأمن اأجهزة ير�سد قد الذي اخليط بداية ت�سكل مادية
اخللية التي تقف وراء العمل.
ومن و�صائل العبوات امل�صتخدمة:
اللغم ينفجر حيث يفجرها، من اإىل حتتاج ل التي العب�ة وه� اللغم: ـ اأ
عليه حت�سل ما الألغام ومن له. مالم�سته اأو بقربه الهدف مرور حال تلقائيـا
حق�ل من اأو احلروب، خملفات من الع�سكري اللغم وه� جاهزا؛ املقاومة
ه املجاهدون بطريقتهم البدائية اليدوية. الألغام املنت�رضة يف ال�طن، ومنه ما يعد
وقد ا�ستخدم بكرثة يف قطاع غزة. وبطبيعة احلال، فاإن اللغم ل ميكن ا�ستخدامه
ل�رضب اأهداف ثابتة.
د وقت ب ـ التوقيت: وه� نظام قدمي، تك�ن فيه العب�ة م��س�لة ب�ساعة حتدر
النفجار ح�سبما ي�سبطها املقاوم�ن، فتنفجر وحدها يف ذلك ال�قت. وعادة
الألغام، ول ميكن بعك�ص الثابتة، املكتظة والأهداف الأماكن ت�ستخدم يف ما
ا�ستخدامها لأهداف متحركة.
103
ل العب�ة ب�سلك ط�يل، ينتهي اإىل بطارية لكي: حيث ت��س م ال�ص ج ـ التحك
بالأ�سالك قطبيها ل وي��س العب�ة، بت�سغيل املكلف املقاوم يحملها كهربائية
حلظة التفجري. وامل�سكلة يف هذا ال�سكل، اأن املجاهد م�سطر اإىل القرتاب منها
�سه للخطر عند الن�سحاب، اإل اأنها ت�سلح لالأهداف لتفجريها ب�سكل قد يعرر
اأعلى على قدرة مينحها مما النفجار، دقيقة يف وقت واملتحركة، وهي الثابتة
اإ�سابة الهدف، كما اأنها �سهلة التحكم، ول حتتاج اإىل خربة كبرية يف الإعداد.
ال�س�ارع امل�ست�طنات، وعلى ال�سكل يف طرق املجاهدون هذا ا�ستخدم وقد
اللتفافية، واأثناء الجتياحات يف �سدر اآليات العدو.
اأو )اخلل�ي(، وه� )الرمي�ت(، با�ستخدام الال�صلكي: ويك�ن التحكم ـ د
بدقتها الطريقة هذه ومتتاز املتفجرة. العب�ات يف املقاومة ا�ستخدمته ما اآخر
الأمن، من عاليا قدرا مل�ستخدمها ت�فر اأنها ذلك، من والأهم الإ�سابة، يف
بحيث ميكن ت�سغيل العب�ة يف اأي نقطة مهما بعدت عن م�قع التفجري. وميكن
ا�ستخدامها لالأهداف الثابتة واملتحركة على حد �س�اء. اإل اأن م�سكلتها الأبرز
هة اإليها، تكمن يف اإمكانية الت�س�ي�ص عليها، بحيث ل ت�ستقبل امل�جات امل�ج
مما يعني اإمكانية تعطيلها.
املنت�رضة؛ غري الطرق بع�ص املقاومة ا�ستخدمت فقد �سبق، ما اإىل واإ�سافة
�سيق، نطاق يف بقيت اأنها اإل وغريه... وال�س�ت، الظل، عرب كالتفجري
وجتارب حمدودة مل تتكرر.
وقد ا�ستخدمت املقاومة اأكرث من نظام ت�سغيل يف اآن واحد، وذلك اإما بتزويد
العب�ة باأكرث من اأداة ت�سغيل، اأو بال�ستعانة باأ�سل�بني معا لتجاوز اإ�سكال معني.
ه اأبطال خلية )�سل�ان(، عندما اأرادوا و�سع عب�ة يف م�قع ومثال ذلك؛ ما اأعد
104
ل ت�سل اإليه خدمة ا�ستقبال )الرمي�ت(، ويف ذات ال�قت، يك�ن بعيدا عن نقطة
الأمان م�سافة تزيد عن مائتي مرت، فقام�ا ب��سل العب�ة ب�سلك ط�له مائتي مرت،
ثم �سبك�ا يف نهايته جهاز ا�ستقبال، وابتعدوا عن املكان، ثم قام�ا بت�سغيل العب�ة
وتفجريها عرب )الرمي�ت(، وبهذا جتاوزوا م�سكلة الأمان وم�سكلة امل�سافة.
2 ـ العمليات ال�صت�صهادية:
وهي �سيدة اأ�سكال املقاومة، و�ساحبة الباع الأط�ل يف اإيالم العدو و�رضبه
يف عقر داره، واإيقاع القدر الأكرب من اخل�سائر املادية والب�رضية يف �سف�فه، وهي
الروح رخي�سة يف لتقدمي الكامل وال�سادق الت�سحية والفداء وال�ستعداد متثل
�سبيل اهلل، ون�رضة لهذا ال�طن امل�سل�ب.
ولقد انطلقت �رضارة العمليات ال�ست�سهادية التفجريية على يد املجاهد ال�سهيد
)�ساهر تـمام(، الذي افتتح عهدا جديدا يف البط�لة والت�سحيات، ثم تبعه ال�سيخ
ف م��س�لة، )�سليمان زيدان(، فاملجاهد )�سالمة الأحمد(... وتتابعت قافلة ال�رض
جن�مها مقاتل� حما�ص، ثم اجلهاد الإ�سالمي وردا من الزمان، اإىل اأن دخلت احلركات
الفل�سطينية الأخرى نادي ال�ست�سهاديرني، فاأ�سبحت العمليات ال�ست�سهادية �ساحة
ل للتناف�ص وميدانا للبذل والعطاء، ول زالت اأ�س�اق ال�ست�سهاديرني العظام ت�سج
ماء الزكية املنبعثة من اأج�سادهم واأ�سالئهم الطاهرة. بن�ر الدر
مبداأ فر�ص يف الأق�ى احللقة ال�ست�سهادية العمليات �سكلت لقد نعم!
زرع وكلما ال�سهي�ين، ها عدور على املقاومة فر�سته الذي الردع( )ت�ازن
الفل�سطيني ال�سعب �سف�ف يف واخل�ف والقتل والدمار اخلراب الحتالل
105
عر يف �ص حالة اخل�ف والذ الأعزل، كانت العمليات ال�ست�سهادية تزرع وتكرر
اإىل خ�ف واأمـنهم دام�ص، ليل اإىل نهارهم اأحال مما ال�سهي�ين، الكيان قلب
يف املعادلة تلك حتققت ما واأول وا�سطراب. جزع اإىل وا�ستقرارهم قاتل،
)العف�لة( عمليات )1994م(: عام الإبراهيمي، احلرم ملجزرة الثاأر عمليات
و)اخل�سرية( و)دزنغ�ف(.
وا�ستمرت العمليات ال�ست�سهادية حتى ي�منا هذا وحققت جناحا تل� جناح،
عر والقلق يف قلب املحتل، ول ترتك له مدينة اإل واإجنازا عقب اإجناز، تزرع الذ
تها، ول جتمعا اإل �رضبته. هز
وقبل اأن نختم احلديث عن �سالح التفجري، نذكر اأنه ا�ستخدم بالت�سارك مع
الأ�سلحة الأخرى يف الكثري من العمليات اجلهادية، كال�سالح الناري، وحرب
الأنفاق، والكمائن اجلهادية... ومن الأمثلة على ذلك، عملية )عمن�ئيل( البط�لية،
د(، التي ا�ستخدم فيها �سالح التفجري و�سالح اإطالق النار، وعملية )ال�هم املتبدر
العن�رض واأدارها التفجري، يف وال�ساروخي الناري الح ال�سر فيها ا�ستخدم التي
ال�ست�سهادي، وحققت اجلرح والقتل واخلطف، ثم كان الن�سحاب الآمن.
رابعا: عمليات الختطاف:
واأ�سدها عليه، كلفة واأكرثها للعدو، اإيالما املقاومة اأ�ساليب اأكرث وتلك
حماولة يف عم�ما املقاوم�ن اإليها ويلجاأ اإعالميا.. �سدى واأعالها جراأة،
الحتالل، �سج�ن يف الأبطال الأ�رضى �رضاح اإطالق على الحتالل مل�ساومة
مقابل اإطالق �رضاح الأ�سري ال�سهي�ين الذي اختطفته املقاومة يف عمليتها.
106
ق من خالل عمليات اخلطف اأهدافا اأخرى، منها احل�س�ل اإل اأن املقاومة حتقر
على معل�مات اأمنية من خالل التحقيق مع الأ�سري )الع�سكري خ�س��سا(، كما
ح�سل مع خطفة رجل املخابرات ال�سهي�ين )�سا�س�ن(، ومنها �رضب معن�يات
العدو والتاأثري على جن�ده، ورفع معن�يات املقاتلني والأ�رضى وال�سعب.
التبادل �سفقة فل�سطني؛ �سهدتها التي الأ�رضى تبادل عمليات اأبرز ومن
جرت والتي جربيل(، )اأحمد ب�سفقة املعروفة العامة(، )القيادة نفذتها التي
�سج�ن من فل�سطينيا اأ�سريا )1150( �رضاح مب�جبها واأطلق )1985م(، عام
الحتالل، ومنهم ال�سيخ )اأحمد يا�سني(، مقابل الإفراج عن ثالثة جن�د �سهاينة
املحاولت تكررت ثم لبنان. غزو اأثناء اجلبهة يد يف اأ�رضى وقع�ا قد كان�ا
مرارا، منها ما جنح جناحا جمزوءا، ومنها ما ف�سل ف�سال مطلقا.
اأو�سل�، عهد ويف الأوىل، النتفا�سة ط�ال حما�ص حركة عملت وقد
انتفا�سة الأق�سى، على اختطاف عدد من جن�د الحتالل، فنجحت يف ويف
الذي �سب�س�رتا�ص(، )اآيف ال�سهي�ين اجلندي من بدءا جنديا، ع�رض ب�سعة اأ�رض
ط�ليدان�(... و)ن�سيم �سعدون(، و)اإيالن )1989م(، العام يف اختطافه مت
و�س�ل اإىل رجل املخابرات )�سا�س�ن(، الذي اختطف يف العام )2005م(..
اأيا من هذه العمليات مل ي�ؤدر اإىل عقد �سفقة تبادل اأ�رضى مع الحتالل، اأن اإل
فكان م�سريهم القتل دون مقابل.
يف غاية عملية يف �ساليط(، )جلعاد ال�سهي�ين اجلندي اأ�رض كان واأخريا
د(، ول زالت الروعة والإتقان، اأطلقت عليها الكتائب ا�سم )عملية ال�هم املتبدر
احلركة ترتبع على �سدارة هذا الل�ن من العمليات منذ النتفا�سة الأوىل ب�س�رة
�سبه مطلقة ل يجاريها فيها اأحد.
107
خام�صا: الغتيالت:
وه� اأ�سل�ب ناجح من اأ�ساليب حرب الع�سابات التي ا�ستخدمها املقاتل�ن
قادة اخل�سم ورم�زه ومفكريه، التخل�ص من الأ�سا�ص التاريخ، كان هدفه عرب
عر و�رضب معن�ياته، والظه�ر مبظهر القادر على اإجناز اأي مهمة، واإ�سابته بالذ
وال��س�ل اإىل اأي هدف تختاره )اجلاريال(، وحتقيق انت�سار اإعالمي و�سيا�سي..
لقادة واغتيالته العدو اعتداءات على والرد دع، الر ت�ازن مبداأ تثبيت ثم
)اجلاريال(.
اأكرثها يف ] هذا الأ�سل�ب مرات عديدة، كان وقد ا�ستخدم ر�س�ل اهلل
حق اليه�د، وذلك ملكرهم وحقدهم على الإ�سالم، و�سعيهم الدائم اإىل ح�سد
اأعداء الإ�سالم يف م�اجهته، حماولني النيل من هذا الدين واأبنائه. ومن اأبرز تلك
الغتيالت التي تزخر بالعرب؛ حادثتي اغتيال راأ�ص الكفر اليه�ديني: )كعب بن
الأ�رضف(، و)�سالم بن حقيق(.
فتـن امل�سلمني من اأن يحمي ] من خالل هذه الغتيالت ا�ستطاع وقد
ق جماعات كانت تخطط ل�رضب الإ�سالم يف عا�سفة ومعارك ه�جاء، واأن يفرر
عقر داره، فاأراح اهلل امل�سلمني من �رضورهم، ومن الدخ�ل يف حروب ل يعلم
ثمنها اإل اهلل.
وا�ستخدمت الدول واجلماعات يف الع�رض احلديث اأ�سل�ب عمليات الغتيال
الأ�سل�ب، هذا ا�ستخدم من اأكرث ولعل حق، وبغري بحق كثرية، حالت يف
فانتهجه ال�سهي�ين، الحتالل ه� حتديدا، املرابط الفل�سطيني ال�سعب وبحقر
اأبرز ومن قه. اأر ر مفكر اأو منا�سل اأو اأي جماهد من من خالله يتخل�ص اأ�سل�با
108
ال�زير الرنتي�سي، خليل العزيز عبد يا�سني، )اأحمد ال�سهداء الغتيال؛ �سحايا
م�سطفى، علي اأب� ال�سقاقي، فتحي اإياد«، »اأب� خلف �سالح جهاد«، »اأب�
كمال عدوان، كمال املقادمة، اإبراهيم �سنب، اأب� اإ�سماعيل كنفاين، غ�سان
نا�رض، �سعد �سايل، �سالح �سحادة، يحيى عيا�ص، وغريهم الكثري الكثري...(.
كما حاول الحتالل اغتيال )خالد م�سعل(، رئي�ص املكتب ال�سيا�سي حلركة
حما�ص، اإل اأن حماولته باءت بالف�سل، ورد اهلل كيدهم اإىل نح�رهم.
لذا، كان من املنا�سب اأن يك�ن الرد على جرائم الحتالل باملثل، حتى نحقق
النركاية والردع، ولكن اإحقاقا للحق، فاإن جتربتنا الفل�سطينية مت�ا�سعة جدا يف
اأمن بارزة يف هذا اجلدار )جدار اإحداث ثغرات اإذ مل تنجح يف هذا املجال،
ال�سخ�سيات الإ�رضائيلية(، ومل تتمكن من ال��س�ل اإىل اأي من قادتهم ورم�زهم
البارزين، رغم تكرار املحاولت.
وقد اأجاد رفاق )اجلبهة ال�سعبية( يف عملية اغتيال ال�زير ال�سهي�ين احلاقد
)رحبعام زئيفي(، �ساحب فكرة )الرتان�سفري(، والذي متكن مقاتل� اجلبهة من
العام الأمني اغتيال على ردا فقتل�ه فيه، يقيم الذي الفندق يف اإليه ال��س�ل
للجبهة ال�سعبية )اأب� علي م�سطفى(.
اأنها بقيت اإل اإىل روؤو�ص الحتالل، لقد جرت حماولت عديدة لل��س�ل
حماولت حمدودة مل يرافقها الكثري من الإعداد، ولذا مل يحالفها النجاح، ومنها
حماولة جماهدي اإحدى خاليا )القد�ص( اغتيال الإرهابي اأوملرت، وحماولة اغتيال
)�سارون(، اإل اأنها مل ت�فق ومل يكتب لها النجاح، بل اإن اأكرثها مل يخرج عن
دائرة الر�سم والتخطيط. بينما خطا الإخ�ة خط�ات اأو�سع ملالحقة بع�ص الرم�ز
109
امليدانية للعدو و�رضبهم، فكثريا ما حدد املجاهدون هدفهم )زعيم م�ست�طنة(،
اأو )حاخام منطقة( اأو )خمتار بلدة(، ف��سل�ا اإليه وقتل�ه، ثاأرا لدماء �سعبهم، كما
فعل املجاهد )اأحمد الفليت(.
ومن املحاولت املتقدمة التي يجدر ذكرها، على الرغم من اأنها مل يكتب
لها النجاح الكامل؛ عملية خلية )�سل�ان(، والتي متكن املجاهدون فيها من زرع
قد كان�ا الحتاليل اجلي�ص يف كبري �سهي�ين �سابط �سيارة اأ�سفل نا�سفة عب�ة
ر�سدوه، اإل اأن العب�ة مل تنفجر، فتم اكت�سافها، ومن ثم تفكيكها.
�صاد�صا: حرب الأنفاق:
ب�سبب احل�سار اخلانق الذي فر�سته ق�ات الحتالل يف قطاع غزة، والعزلة
لكي الذي يحيط به من كل التامة التي و�سع�ه فيها عرب اجلدار الإلكرتوين ال�سر
وم�سالك طرق جديدة عن البحث اإىل الفل�سطينية املقاومة ا�سطرت اأطرافه،
مبحاولت فقامت مقتل، يف فت�سيبه ها عدور قلب اإىل عربها ت�سل ملت�ية
امل�ست�طنات واقتحام الأ�س�ار لخرتاق و�سكال وزمانا مكانا متن�عة عديدة
احتياطاته من �ساعف الحتالل لكن واأخفقت، فنجحت واملع�سكرات،
الأمنية والع�سكرية املحيطة به وبكل م�قع، حتى اأ�سبح كل جتمع ا�ستيطاين اأو
ع�سكري اأ�سبه ما يك�ن باحلزام الأمني.
بحث املجاهدون عن اأ�سل�ب يتجاوزون فيه كل هذه التح�سينات، فقدحت
جديد اأ�سل�ب التنفيذ: كان ثم قرارا، اأ�سبحت ما �رضعان فكرة اأذهانهم يف
الذي يحيط الأمان املرور عرب حزام قامت فكرته على جتنب الروعة غاية يف
110
املك�س�ف الأر�ص �سطح ا�ستخدام دون الهدف اإىل وال��س�ل باملع�سكرات،
للرقابة، فكان ال��س�ل عرب باطن الأر�ص باحلفر على عمق ب�سعة اأمتار عم�ديا،
ثم احلفر الأفقي مل�سافة ت�سل اإىل مئات الأمتار، ومن ثم مفاجاأة العدو يف عقر
مدع�ما النار، واإطالق التفجري، بق�ة اأ�سفل من عليه والنق�سا�ص ماأمنه،
الأهل اإىل الع�دة عن ع��سا ربهم لقاء اختاروا الذين ال�ست�سهاديرني ب�سالح
والأحباب.
العدو، واأذهل ديق ال�س فاجاأ رائعا جناحا الأنفاق عمليات حققت وقد
لت له اأرقا وذعرا جعله يعيد ح�ساباته، ويهرع اإىل حماولة اإيجاد احلل�ل التي ف�سك
مل تغن عنه �سيئا، فاأدخل ما ميلك من علم وتكن�ل�جيا وخربات، وا�ستعان باأذنابه
يف مل ذلك كل اأن اإل الأمنية، واأجهزتها الفل�سطينية بال�سلطة ثم وعمالئه،
بالغر�ص، ومل مينع الأبطال من م�ا�سلة احلفر وال��س�ل اإىل اأهدافهم، وتكرار
حماولتهم م�سح�بة بتط�ير الأ�سل�ب، حتى باتت )حرب الأنفاق( عامال مهما
من الع�امل التي �رضعت يف قرار الحتالل بالن�سحاب من قطاع غزة.
املقاوم، الفل�سطيني العمل يف ن�عية قفزة الأنفاق عمليات �سكلت لقد
كتائب فكانت الخرتاع(، اأم )احلاجة القائلة: للحكمة مثاليا تطبيقا ومثلت
ال�سهي�ين والتقني الع�سكري التف�ق جعلت التي لالخرتاعات ول�دا الق�سام
ها، عدور �رضب يف جناحاتها وت�ا�سل املقاومة ا�ستمرار دون حائال يقف ل
الق�سام كتائب اأبناء على ح�رضا احلني ذلك منذ الأنفاق عمليات زالت ول
واأبطالها.
111
�صابعا: ال�صواريخ:
وه� اآخر ما تفتقت عنه عقلية البحث والتط�ير الفل�سطينية املحلية. وكان
اأعلنت اإذ فل�سطيني بتاريخ )2001/10/30م(، اإنتاج اأول �سالح �ساروخي
اأ�سبح الذي ،)1 )ق�سام �ساروخ اإنتاج عن الق�سام الدين عز ال�سهيد كتائب
لة يقـر بها العدو وال�سديق، وتطلق على كلر النماذج املماثلة ا�سمه عالمة م�سج
لهذا ال�ساروخ.
نع �ساروخ )ق�سام 1(، كان مبدى اإطالق ل يتجاوز )16كم(، واأول ما �س
الإنتاج من وا�سعا بابا ليفتح )30كغم(، عن يقل ووزن )15مرتا(، وط�ل
)القد�ص(، �ساروخ و ،)2 )ق�سام �ساروخ فكان بعده، ال�ساروخي والتط�ير
و�ساروخ )الأق�سى(، و�ساروخ )نا�رض(، و�ساروخ )اليا�رض(، كلها على خطى
�ساروخ الق�سام الأول، وبذات اأ�سل�به ومبدئه الت�سغيلي، فقد نقلت كتائب الق�سام
املعل�مات واخلربة والتجربة اإىل �سائر ف�سائل املقاومة الفل�سطينية، �سعيا منها لتعميم
التجربة وت��سيع العمل وتط�ير القدرات يف �رضب العدو ال�سهي�ين.
ثم قفز الإنتاج ال�ساروخي احلم�ساوي قفزة اأخرى بت�سنيع �س�اريخ م�سادة
البتار(، اليا�سني، �ساروخ البنا، �ساروخ يات: )�ساروخ روع، حتت م�سم للد
اجتياح حماولتها اأثناء عة املدر العدو لآليات الت�سدي يف جناعة اأثبت والذي
مدن وخميمات قطاع غزة.
الت�سنيع، يف برنامج اأحد مقاتلي كتائب الق�سام، وحدة �سالح وقد �رضح
،)1()يف �سيافة البندقية(، الذي بثته قناة اجلزيرة يف حزيران من العام )2006م(
1 برنامج )يف �سيافة البندقية( ـ قناة اجلزيرة الف�سائية، حزيران/2006م.
112
األف دولر اأحد ع�رض اأكرث من الكتائب اأن قاذف )RBJ( كان يكلف خزينة
الكتائب حتت اأبطال باأيدي الي�م ت�سنيعه يتم بينما ال�احد، لل�سالح اأمريكي
ى )اليا�سني(، بتكلفة ل تتجاوز مئتي دولر اأمريكي. م�سم
ولقد ا�ستطاعت �س�اريخ الق�سام اإيقاع خ�سائر ب�رضية ومادية يف �سف�ف
الحتالل، اإل اأن الأثر النف�سي واملعن�ي الذي خلفه ال�ساروخ يف م�ست�طني
املغت�سبات املحيطة بقطاع غزة ومدن الحتالل القريبة، بل ويف قادة حك�مة
والب�رضي، حتى املادي الأثر فاق الأمنية، واأجهزته واأركان جي�سه الحتالل
اأ�سبح كاب��سا يزرع فيهم الرعب وال�سطراب، بل واأوجد )الهجرة الداخلية
؛ فكان م�ست�طن� املناطق امل�ستهدفة يفرون من حمم ال�س�اريخ )1(
ال�سهي�نية(
�سبيل الأمن، كما ح�سل على من مزيدا لهم ت�فر اأخرى مناطق ومدن نح�
اأخلى اأيار من العام )2007م(، عندما املثال يف مدينة )ا�سديروت( يف �سهر
�اريخ ال�س كثافة من هربا ال�سمال، نح� بي�تهم امل�ست�طنني ن�سف من اأكرث
الق�سامية.
دع( الر )ت�ازن مبداأ تثبيت اأ�سا�سيا يف عامال الق�سام �ساروخ ـل �سك وقد
الذي ابتداأته العمليات ال�ست�سهادية، وكثريا ما اأبدى الحتالل ا�ستعداده ل�قف
اعتداءاته �سد ال�سعب الفل�سطيني والدخ�ل معه يف هدنة، مقابل وقف اإطالق
ال�س�اريخ على جتمعاته.
وكان �ساروخ الق�سام عامال اإ�سافيا دفع العدو اإىل ت�رضيع ان�سحابه من قطاع
اإىل ال�سهي�ين دون احلاجة العمق اإىل لل��س�ل اأخرى اأوجد و�سيلة غزة، كما
الدائم تعر�سها بـ )13%(، جراء ا�سديروت ال�سكان يف مدينة التخفي�ص على اإىل ائب ال�رض �سلطة 1 »ا�سطرت
ل�س�اريخ الق�سام، التي اأدى �سق�طها اإىل هجرة ال�سكان منها«. �سحيفة )يديع�ت اأحرن�ت(، يف عددها ال�سادر
يف 2006/11/24م.
113
دة واجلـدر الإلكرتونية والإ�سمنتية التي كانت اخرتاق التح�سينات الأمنية امل�سد
تف�سل املجاهدين عن هدفهم.
وكان اأول من حاز �رضف اإنتاج اأول �ساروخ )ق�سام(، ال�سهيد البطل )ن�سال
الف�سل يف تط�ير وت�سنيع الغ�ل( ال�سهيد )عدنان اإىل ين�سب بينما فرحات(،
واملادي والعملي النظري والع�ن املبا�رضة امل�ساعدة وتقدمي الق�سام �س�اريخ
ل�سنع �س�اريخ �ساحة )غزة( املقاومة على لف�سائل التابعة الع�سكرية لالأجهزة
مماثلة.
* * *
114
115
مناذج
وتطبيقات
ق�صاميـة
116
117
مناذج وتطبيقات ق�صامية
الفل�سطينية املقاومة عمليات من مناذج �سنعر�ص القادمة، ال�سفحات يف
ال�سفحات يف لها نا تعر�س التي والأ�ساليب ال��سائل على كاأمثلة الق�سامية،
ال�سابقة.
منفردة، قتالية اأ�ساليب عملياتها يف ا�ستخدمت املقاومة اأن ذكرنا وقد
اأ�ساليب قتالية م�سرتكة؛ فدجمت بني الإطالق اأخرى وا�ستخدمت يف عمليات
والتفجري، واأ�رضكت العمل ال�ست�سهادي باجلهد ال�ستخباري، ووظفت الأنفاق
يف خدمة الهجمات النارية والتفجريية وعمليات اخلطف وهكذا...
الثاقب(، هم التي ت�ستحق ال�ستدلل بها، عملية )ال�س ومن الأمثلة الكبرية
املزدوج(، )العميل ال�ستخباري الأ�سل�ب املقاوم�ن فيها ا�ستخدم التي
�سالح اإىل اإ�سافة ر، املتفجر ال�سالح مع الناري وال�سالح الأنفاق، وحرب
ال�ست�سهاديرني.
فاإىل هذه النماذج..
118
املقاومة ال�صعبية:
اأ ـ حرب ال�صكاكني:
عملية يافا
الزمـان: 1995/2/14م.
املـكـان: مدينة يافا.
ذون: مروان الزايغ ـ غزة )�سهيد(، واأ�رضف البعل�جي ـ غزة )م�ؤبد(. املنفر
النتيجة: ثالثة قتلى.
ر فقر حما�ص، الإ�سالمية املقاومة حركة لنطالقة الثالثة الذكرى حلت
وتقدمي اخلا�سة، طريقتهما على باملنا�سبة الحتفال واأ�رضف، مروان بطالنا:
هدية النطالقة اإىل ال�سعب و�سهدائه.
تفا�سيلها وعرفا فخرباها املحتلة، يافا مدينة يف يعمالن الأخ�ان كان
فجر ومع ربره. لقاء اإىل يقدم من اإعداد نف�سيهما فاأعدا وبناياتها، ب�س�ارعها
كينني لتنفيذ املهمة، وانطلقا �س�ب ذلك الي�م، حزما طعامهما، واأخفيا به �س
لني على اهلل عز وجل، �سائلينه الت�فيق والنجاح. هدفيهما مت�كر
ال امل�سنع الإ�رضائيلي الذي يعمالن فيه ويعرفانه حق املعرفة، كان ال�قت و�س
مبكرا، ومل يفتح امل�سنع اأب�ابه بعد، فانتظرا حتى ح�رض العامل امل�س�ؤول عن فتح
امل�سنع، فتبعاه اإىل الداخل، وب�سكل مباغت انهال عليه بال�سكني طعنا، فاأردياه
قتيال على الف�ر، ثم قاما باإخفاء اجلثة واإزالة اآثار الدماء انتظارا لقادم جديد، فلم
تنته مهمـتهما بعد.
جاء العامل الثاين بعده بقليل، ففعال به ما فعاله مع زميله الأول، واأحلقاه به،
119
ا فانق�س الحتالل، للتايل، وكانت جمندة �سهي�نية يف جي�ص انتظارا ثم جل�سا
خة بدمائها. عليها طعنا بال�سكني، حتى وقعت �رضيعة ملط
�رضبة جراء يده، يف عميقة بجراح )اأ�رضف( املجاهد اأ�سيب ذلك، اأثناء
خاطئة بال�سكني، نزف على اإثرها دماء غزيرة بداأت تفقده ت�ازنه وقدرته على
مبا والكتفاء امل�قع، من والن�سحاب اخلطة، تعديل قررا عندئذ ال�ستمرار،
اأجنزاه، مع اأن عزمهما ونيتهما كانت ال�ستمرار...
�سعارات حم�ساوية، امل�سنع هان على جدران بالدر كتبا الن�سحاب، وقبل
النطالقة، بذكرى احتفال جاءا واأنهما التنفيذ، عن احلركة م�س�ؤولية تعلن
اآثر الأخ اأ�رضف ه الأخ مروان اإىل قطاع غزة، بينما ثم بدءا بالن�سحاب. ت�ج
ب�سبب اإيرز، اأمره على حاجز انك�ساف اإىل مدينة رام اهلل، خ�سية الن�سحاب
الإ�سابة يف يده.
جن جن�ن الحتالل، وبداأ ي�رضب مينة وي�رضة عله ي�سل اإىل املجاهدين، وقام
بحملة اعتقالت �رض�سة هي الأو�سع يف ذلك احلني بحقر قيادات وعنا�رض واأن�سار
)1400( عن فيها املعتقلني عدد زاد حتى وغزة، الغربية ال�سفة يف احلركة
جماهد.
120
ب ـ ا�صتخدام ال�صيارات يف املقاومة ال�صعبية:
الزمان: 1995/10/11م.
املكان: تل الربيع )تل اأبيب(.
ذ: راتب زيدان ـ قبية/رام اهلل، )م�ؤبد(. املنفر
النتيجة: مقتل ثالثة جن�د، وجرح اآخرين.
يف ذكرى جمزرة )قبية(، كان )راتب( على م�عد مع الثاأر، فقد انتظر حل�ل
الذكرى لينفذ هج�مه فيعلرم املحتل اأن جمزرته الب�سعة �ستبقى حمف�رة يف ذاكرة
اأبناء القرية واأبناء فل�سطني، لت�سكل ملهما ودافعا مل�ا�سلة اجلهاد واملقاومة، واأنه
�سيدفع ثمن جرميته مرات ومرات.
اأ و�س�ءه لل�سالة، ودع زوجته وقبـل اأولده، ا�ستيقظ جماهدنا فجرا، ت��س
وم�سى اإىل م�سجد القرية لأداء �سالة الفجر. ثم انطلق ب�سيارته وعي�نه تنظر اإىل
الربيع(، ع، ووىل وجهه �سطر )تل القرية نظرة م�در ح�اري وبي�ت واأرا�سي
لتك�ن م�رضح بط�لته.
اأر�سه، عيناه حتدقان ذهابا واإيابا تبحثان طاف )راتب( كالن�رض حملرقا ف�ق
عن فري�سة ينق�ص عليها، حتى وجد �سالته، حمطة انتظار تعج بجن�د الحتالل،
ماأك�ل بني املحتلني، فتجعلهم كع�سف لتدو�ص روؤو�ص العنان ل�سيارته فاأطلق
قتيل وجريح.
ومن الأمثلة الأخرى على عمليات املقاومة ال�سعبية وحرب ال�سكاكني؛ ما
اإياد البطاط، وهيب اأب� �رضحان، عماد زيدان، نفذه كل من املجاهدين: عامر
الفليت، من�س�ر ريان، هيثم اأحمد اأب� �رضور، اأب� الرب، زيد الكيالين، ماهر
121
العمرين، هاين جابر، وجمم�عة عملية م�سنع كارين، ووحدة اأب� ف�ؤاد جملة،
بدر، وخلية البلدة القدمية يف اخلليل، واأمثلة كثرية اأخرى...
ومثلها اأمثلة على عمليات املقاومة ال�سعبية الأخرى: ال�سيارات، واحلجارة،
وجمم�عة التمام، و�ساهر ال�سخ�سري، املجاهد ومنهم احلارقة. والزجاجات
امل�ساكن ال�سعبية ـ نابل�ص...
عمليات اإطالق النار:
ك نحو هدف متحرك: اأ ـ اإطالق النار من موقع متحر
عملية ال�صجاعية
الزمان: 1992/12/7م.
املكان : حي ال�سجاعية ـ مدينة غزة.
ذون: عماد عقل ـ غزة، وكان م�س�ؤول اخللية، )�سهيد(. املنفر
جميل وادي ـ غزة، وه� �سائق املجم�عة، )�سهيد(.
حمدي ان�سي� ـ غزة.
النتيجة: مقتل ثالث جن�د.
وهي من اأوائل عمليات التجاوز التي اأبدع فيها القائد عماد. حيث انطلق
الأبطال ب�سيارتهم وقد اتخذ كل م�قعه، وت�جه�ا �س�ب ال�سارع الذي حددوه
م�سبقا، ثم �سارت ال�سيارة على مهل انتظارا ملرور الهدف، وبعد قليل لح جيب
ع�سكري من بعيد يتجه �س�بهم، فاأعطى القائد عماد اأوامره باأن تبقى ال�سيارة
على �سريها الطبيعي؛ لأنهم ل يريدون مهاجمة وجه ل�جه، بل النق�سا�ص على
اجليب من نقطة �سعفه من اخللف.
122
عن اختفى اأن وما م�سارهم، يف بق�ا بينما اجليب، تخطاهم وهكذا
وتاأهب بفري�ستها، تلحق وانطلقت ب�رضعة، ال�سيارة ا�ستدارت اأنظارهم حتى
يق�م بينما اخللفي، املقعد اجلال�ص يف باجلندي يتكفل للمهمة: عماد البطالن
مة. ني يف املقدر اأحمد مبهاجمة اجلنديني اجلال�س
م جميل مبهارة حتى اأ�سبحت ال�سيارة مبحاذاة اجليب، وتالقت املراآتان، تقد
بالتكبري، احلناجر وانطلقت ناد، الزر على الأ�سابع �سغطت اللحظة تلك ويف
اأج�ساد اجلن�د الثالثة الذين متلكتهم احلرية، �سا�سات لت�ستقر يف الر واندفعت
فهم امل�ت. وعندئذ �سغط جميل على دوا�سة فلم ي�ستيقظ�ا منها اإل وقد تخط
البنزين ليغادروا امل�قع اآمنني.
عملية واإخ�انه: عقل عماد ال�سهيد عمليات من جمم�عة كانت ومثلها
اخلليل يف 1992/10/22م، وعملية احلاووز يف 1992/12/12م، وعملية
العام 1993م، اآذار من اأربع( يف تق�ع يف 1993/7/8م، وعملية )كريات
�س�ريف: خلية وعمليات 1993م. العام من ني�سان يف ث�ر( )قرن وعملية
يف نعيم بني مفرق وعملية 1996/7/27م، ويف 1996/1/7م، يف
2000/12/8م، وعملية الفح�ص يف كان�ن الأول عام 2005م.
123
ك نحو هدف ثابت: ب ـ اإطالق النار من موقع متحر
عملية ع�سي�ن
الزمان: 2005/10/17م.
املكان: م�قف حافالت )ع�سي�ن( ـ اخلليل.
ذون: حممد اجل�لين ـ اخلليل، وه� �سائق املجم�عة. املنفر
�سكيب الع�يري ـ اخلليل.
م��سى وزوز ـ اخلليل.
النتيجة: ثالثة قتلى، واأربعة جرحى.
)ع�سي�ن(، م�ست�طنة �سهي�نية قريبة من مدينة اخلليل، ح�سينة يف م�قعها،
الطريق وكانت مراقبة، واأبراج ومع�سكرات وح�اجز م�ست�طنات حتيطها
ية اإليها خطرة لكرثة املركبات الإ�رضائيلية املارة فيها، ولكرثة احل�اجز الثابتة امل�ؤدر
والطيارة امل�ج�دة ب�س�رة �سبه دائمة عليها، مما جعلها ذات ح�سانة ومنعة.
قرر املجاهدون اخرتاق ح�سانتها، و�رضب الغا�سبني على اأب�ابها، وتقدمي
�رضبتهم هدية ثاأر يف الذكرى الهجرية ملجزرة احلرم الإبراهيمي يف 15رم�سان.
عر�ص حممد الفكرة على اإخ�انه، فلم تلق بادئ الأمر قب�ل، وذلك خلط�رتها
مت قدر اأن بعد تدار�سها اجلميع اأن اإل فيها، واملجازفة املراهنة ن�سبة وارتفاع
وع يف الإعداد لها.. التفا�سيل الكاملة للخطة املقرتحة، فاتفق�ا على ال�رض
عليه يقف ال�سهي�نية، للحافالت م�قف ي�جد امل�ست�طنة، مدخل وعلى
م�ست�طنة اإىل تقلهم يف طريقهم انتظارا حلافالت ومركبات امل�ست�طنة �سكان
)كريات اأربع( وغريها من امل�ست�طنات واملع�سكرات ال�سهي�نية املحيطة، فاتفق
الإخ�ة على اأن يك�ن هذا امل�قف مق�سدهم، ولعلمهم بخط�رة امل�قع، قرروا
124
الهج�م والن�سحاب ي�ستغرق ال�رضعة واملباغتة؛ بحيث ل العتماد على مبداأ
اأكرث من ب�سع دقائق، ي�سل�ا بعدها اإىل منطقة الأمان.
املجم�عة ر�سا�ص اإىل اإ�سافة غ��ستاف(، )كارل� ر�سا�ص الإخ�ة ـر وف
اأف�سل، نتائج لهم ي�فر مما ال�ساربة، ق�تهم لزيادة وذلك )الكال�سنك�ف(،
و�رضعة يف الأداء، وقدرة على م�اجهة اأي طارئ.
حتى للعمل.. وانطلق�ا اخلطة، اقت�ست كما هم اأنف�س املجاهدون اأعد
و�سل�ا امل�قع قبيل املغرب بقليل، ف�جدوا فيه ما ل يقل عن اثني ع�رض م�ست�طنا
يه�ديا يقف�ن يف املحطة، ول تقف معهم اأي حرا�سة، ففرح�ا بذلك وا�ستب�رضوا
بنجاح املهمة، ثم وا�سل�ا ال�سري يف ال�سارع لتفح�سه، فف�جئ�ا ب�ج�د حاجز
احلاجز هذا باأن و�سعروا )العروب(، خميم مدخل من قريبا يرب�ص ع�سكري
�سيف�سل مهمتهم. وبعد درا�سة للمعطيات اجلديدة، ومراجعة للخطة، وت�ساور
تنفيذها يقدم�ا على واأن ا�ست�سهادية، اعتبار مهمتهم الإخ�ة ر قر بينهم، فيما
بالتنفيذ، يغري امل�ست�طنني من الكبري العدد هذا ف�ج�د الأمر، كلف مهما
وا�ستعداداتهم ال�سابقة والط�يلة تعطي فر�سة جيدة للنجاح.
عاد الإخ�ة اإىل م�قع التنفيذ، وقبالة املحطة ومن فيها من امل�ست�طنني، اأطل
املجاهدان �سكيب وم��سى من النافذة باأ�سلحتهم، و�رضعا باإطالق النار، حيث
اأطلق �سكيب كمية كبرية من الر�سا�ص من �سالحه )الكال�سنك�ف(، فيما تعطـل
�سالح م��سى )الكارل�(، ومل يطلق اأي ر�سا�سة.
باجتاه الق�س�ى بال�رضعة ال�سيارة حممد وقاد بالن�سحاب، �سارع�ا ثم
لال�ستباك ا�ستعدادا ال�سالح من جديد؛ يعدان احلاجز، واأخذ �سكيب وم��سى
125
مع اجلن�د املت�اجدين على احلاجز اإن لزم الأمر. فعال، و�سل الإخ�ة اإىل احلاجز
الذي يبعد عن م�قع التنفيذ اأقل من كيل� مرت واحد، وت�قع�ا اأن يك�ن اجلن�د
بانتظارهم، ف�جدوا اأن الأخبار مل ت�سل اإليهم بعد، واأ�س�ات الر�سا�ص مل تتناه
اإىل م�سامعهم، فمر جماهدونا ب�سالم، وانطلق�ا يف طريق الع�دة فرحني مبا وفقهم
اهلل اإليه.
ومن العمليات التي نـفذت بذات الأ�صلوب:
عملية حاجز )دورا القرع(، يف 2001/11/2م، وعملية )كريات اأربع(،
وعملية )حجاي( يف حزيران 2005م.
ج ـ اإطالق النار من موقع ثابت نحو هدف متحرك:
عملية )غان تال(
املكان: م�ست�طنة )غان تال( ـ غزة.
اخللية: اإبراهيم �سالمة ـ خاني�ن�ص/غزة، )�سهيد(.
براء الأغا ـ غزة.
جمال م��سى ـ غزة، وه� �سائق املجم�عة.
النتيجة: قتل جنديني واإ�سابة ثالث، وغنيمة �سالح ر�سا�ص.
�سد ب�سيد ثمني؛ جيب ع�سكري يتج�ل منفردا يف ال�سارع جاءت اأعني الر
الأمني مل�ست�طنة )غان تال(، فكان قرار الإخ�ة وعلى راأ�سهم جرنال الكتائب
)جميل وادي( �رضبه وال�ستيالء على �سالح اجلن�د فيه، فا�ستدعى املجم�عة،
وو�سعهم بال�س�رة، وتدار�س�ا التفا�سيل، واأعدوا خطـة الهج�م.
126
انطلق الأبطال: اإبراهيم، وبراء، وجمال، مع �ساعات الفجر الأوىل �س�ب
من ما وتقد وبراء، اإبراهيم املجاهدان؛ ل ترج دة، حمد نقطة وعند امل�ست�طنة،
ذلك و�رضعة، بهمة اأ�سفله باحلفر وبدءا بامل�ست�طنة، املحيط ال�سائك ال�سلك
اأن اخلطة التي ر�سم�ها تقت�سي باأن يت�سلال من حتت ال�سلك، لكنهما ا�سطدما
مدف�ن يف الرمال منعهما من التقدم..ب�س�ر اأ�سمنتي
اأ�سيب الأخ�ان ب�سدمة وحرية، ولكن ملعرفة براء باملنطقة، اأ�سار اإىل م�قع
د، ووجدا مدخال منا�سبا نـفذا قريب يح�ي مدخال بديال، فانطلقا اإليه دون ترد
منه اإىل الداخل.
ومل للم�ست�طنة، حرا�سته اأحكم فالحتالل مثاليا، التنفيذ م�قع يكن مل
اأو بها يحتمي اأن للمهاجم ت�سمح طبيعية �س�اتر اأو اأ�سجارا املحيط يف يرتك
ي�سترت خلفها. كما وجد املجاهدان �سارعا ترابيا اأمنيا يحيط بامل�ست�طنة ليزيدها
ا �سجريات �سغرية اأ�سبه باحل�سائ�ص املرتفعة ح�سانة ومنعة، اإل اأن الأبطال تخري
تنم� على حافة الطريق فاحتميا بها، وكادا اأن يدفنا نف�سيهما بالرمال حتى ل
يظهر منهما �سيء. بل وزيادة على ذلك، واإح�سانا لعن�رض املباغتة، فاإنهما كمنا
يف اجلهة الداخلية لل�سارع الأمني، اأي بعك�ص ما يت�قعه جن�د الدورية، وبعك�ص
ما �ستت�جه اإليه اأنظارهم واهتمامهم.
واأل�سن بقل�ب كال�سخر، وعي�ن كال�سقر، لهدفهم انتظارا الأبطال كمن
كر، واأيد تقب�ص على بندقية )كارل� غ��ستاف(، مكت�ب على تلهج بالدعاء والذر
حزامها )كتائب الق�سام ـ خاني�ن�ص(، وبندقية )M16( غنمها املجاهدون من
اجلندي ال�سهي�ين )األ�ن ك�رثاين( بعد اختطافه.
127
ر�سا�ص، من �سالحه ح�اه ما بكلر اإبراهيم عليها فانق�ص الدورية ت مر
ال، والأخ�ان ل يعلمان ما ح�سل مع ركاب اجليب. وبراء يحمل �سالحا معط
اأن ظن وقد اخللفي، املقعد يف اجلال�ص الثالث اجلندي خرج حلظات، وبعد
بال�رضاخ، بداأ وملا وجدهم �رضعى زمالئه، مبحاكاة وبداأ ان�سحبا، املجاهدين
�سا�ص باجتاه اخلارج حتى اأفرغ وت�جه نح� ال�سلك ال�سائك، واأخذ يطلق الر
خمزن الر�سا�ص، ثم انطلق يعدو مبتعدا عن املكان، وعندئذ �سارع اإبراهيم اإىل
تبديل خمزن الر�سا�ص، ثم انطلق خلفه يطلق الر�سا�ص عليه حتى اأ�سابه.
اإخراج وحاول الأوىل، ال�سالح قطعة واأخرجا اجليب، اإىل الأخ�ان عاد
القتيل، فرتكاها و�سارعا بالن�سحاب الثانية، لكنها كانت عالقة حتت اجلندي
بعيدا عن املكان.
عمليات اأخرى بذات الأ�صلوب:
1993/9/14م، يف عنه، اهلل ر�سي عمري بن م�سعب م�سجد عملية
يف الأوىل )عمن�ئيل( وعملية 1993/3/20م، يف القدر ليلة وعملية
2001/12/12م، و)عمن�ئيل( الثانية يف 2002/7/17.
128
د ـ اإطالق النار من موقع ثابت نحو هدف ثابت:
عملية التلة الفرن�سية ـ القد�ص.
الزمان: 1992/9م.
املكان: التلة الفرن�سية ـ مدينة القد�ص.
ذون: حممد عارف ب�سارات ـ طم�ن/جنني، )م�ؤبد(. املنفر
طالل ن�سار ـ غزة.
ب�سري حماد ـ غزة.
النتيجة: مقتل جندي �سهي�ين.
غزة قطاع من القادمني وطالل، ب�سري بالأخ�ين: )حممد( املجاهد التقى
لإحياء العمل اجلهادي الع�سكري يف ال�سفة، وتناق�س�ا جميعا بتفا�سيل العملية
الـمعدة، واتفق�ا على خطة التنفيذ، ووفروا ل�ازمها، ثم انطلق�ا للتنفيذ.
ارتدى حممد بدلة ع�سكرية جلي�ص الحتالل، وحمل بندقيته )M16( حتى
بدا كجندي �سهي�ين، وت�جه به الأبطال ب�سيارتهم نح� الهدف، حيث حمطة
اأخاهم وودع�ا الأبطال، ت�سافح اإ�رضائيلي�ن. جن�د عندها يت�قف حافالت
اأر�ص وداع مفارق، وطلب�ا منه ال�سفاعة يف اجلنة، ثم انطلق�ا وقد ترك�ه يف
املعركة.
ه حممد �س�ب املحطة، ولكنه تفاجاأ اأنها تخل� من اجلن�د اإل واحدا، ت�ج
ح�سيلة فتزداد امل�قع، اإىل يح�رضون اآخرين جن�دا عل قليال النتظار فقرر
م منه اجلندي، وحادثه باللغة العربية التي الهج�م، وعلى غري ما ت�قع حممد، تقد
ي جماهدنا من افت�ساح اأمره، فقرر اأخذ زمام املبادرة، رفع ل يعرفها، وهنا، خ�س
�سالحه �س�ب اجلندي ال�سهي�ين، واأفرغ ر�سا�سه يف ج�سد اجلندي الذي وقع
129
�رضيعا على الف�ر.
ويف تلك اللحظة، كانت �سيارة )GMC( �سهي�نية مليئة باجلن�د ت�سل اإىل
اإىل ف�سارع�ا جنديني، بني دار �سجارا اأن وظن�ا احلادث، ف�ساهدوا املحطة،
لأن �سيء فعل ي�ستطع ه� بينما مل مثلهم، اأنه جندي الإم�ساك مبحمد، ظانني
�سالحه اأ�سبح خاليا من الر�سا�ص.
عمليات مثلها:
يف اخلار�سينة وعملية 1992/10/25م، يف الإبراهيمي احلرم عملية
وعملية 1992/5/7م، يف غزة ـ اخل�سار ح�سبة وعملية 1993/12/6م،
مع�سكر ال�سيخ ر�س�ان يف ت�رضين الثاين 1992م.
130
عمليات الغتيال:
عملية اغتيال )�صمعون بريان(، خمتار م�صتوطنة )كفار داروم(.
الزمان : 1992/5/27م.
املكان: م�ست�طنة )كفار داروم( ـ غزة.
ذ: اأحمد الفليت ـ دير البلح/غزة، )م�ؤبد(. املنفر
النتيجة: قتل خمتار امل�ست�طنة )�سمع�ن بريان(.
تلك عملية بط�لية ناجحة، مبجه�د فردي كامل، خطط واأعد لها املجاهد
ذها بكفاءة واقتدار. اأحمد، ونف
اإىل العمل اجلهادي، ويبحث عن ال�سهادة، بينما مل يكن كان اأحمد يت�ق
املعن�ية الأدوات اأما قاب، الرر بها يجتز �سكينا اإل املادية اأدواتها من ميلك
ث ول حرج! وحية، فحدر والر
ه يف قطاع غزة، هي�ين يغت�سب اأر�س نظر اأحمد ح�له، ف�جد الحتالل ال�س
ووجد م�ست�طنة )كفار داروم( جتثم وع�رضات امل�ست�طنات على اأر�ص فل�سطني،
فتطرد اأهلها، وتنهب خرياتها، وت�سلبها من اأ�سحابها.. ولذا، فقد قرر اأن تك�ن
لكلر وكراهيته بحقده واملعروف وخمتارها، امل�ست�طنة هذه كبري نح� وجهته
امل�ست�طنة �سكان على معن�ي اأثر من قتله ميثله ملا وم�سلم، وعربي فل�سطيني
ل�سكان قطاع غزة الكبرية بالفرحة واأثر معن�ي م�ساد، واملتمثل ومغت�سبيها،
الذين ذاق�ا ال�يالت على يد هذا احلاقد.
بداأ اأحمد مرحلة ر�سد ط�يلة للم�ست�طنة وخمتارها )�سمع�ن بريان(، وا�ستمر
ير�سد ويتابع ط�ال �سهرين، حدد اأحمد خاللهما من اأين ت�ؤكل الكتف.
131
ه تلقاء امل�قع ثم اندفع بطلنا اإىل مغت�سبة )كفار داروم( يحمل �سكينه، وت�ج
الذي اعتاد اأن يرى فيه هدفه، ومل يحتج اإىل وقت ط�يل من النتظار، فقد كان
ال�سهي�ين امل�ستهدف يف مكانه على عادته.
فاأرداه �سكينه يف ج�سده واأعمل قاتال، عنيفا انق�سا�سا عليه اأحمد انق�ص
�رضيعا على الف�ر، وانطلق حماول البتعاد عن املكان، بينما اندفع خلفه ح�سد من
جن�د الحتالل وقطعان امل�ست�طنني يالحق�نه ويطلق�ن عليه النار، حتى اأ�سابته
اأن اهلل اإرادة و�ساءت اخلط�رة، بالغة بجراح اأر�سا طرحته كتفه يف ر�سا�سة
يعي�ص، على الرغم من اأنه مل يكن بينه وبني ال�سهادة التي متناها اإل حلظات...
* * *
132
عمليات اخلطف:
اأ ـ اخلطف الفردي:
عملية خطف اجلندي )�سارون اإدري(.
الزمان: 1996/9/9م.
املكان: �رضفند ـ تل الربيع )تل اأبيب(.
اخللية: جمال اله�ر ـ �س�ريف/اخلليل.
م��سى غنيمات ـ �س�ريف/اخلليل، )�سهيد(.
رائد اأب� حمدية ـ �س�ريف/اخلليل، )�سهيد(.
عبد الرحمن غنيمات ـ �س�ريف/اخلليل.
النتيجة: خطف اجلندي وقتله.
مرتني مبعدل ليلية ج�لة يف اخلروج على �س�ريف خلية جماهدو داأب
زمنا احلال هذا على وا�ستمروا ياأ�رضوه، اإ�رضائيلي جندي عن بحثا اأ�سب�عيا؛
ط�يال، جت�ل�ا خالله ب�سيارتهم يف ط�ل البالد وعر�سها، و�ساروا على اأقدامهم
ط�يال وهم يلب�س�ن زي ال�رضطة ال�رضية ال�سهي�نية بحثا عن بغيتهم، حتى كان
التا�سع من اأيل�ل من العام 1996م.
اأح�سن�ا اأن بعد ب�سيارتهم و)رائد( و)م��سى( )جمال( املجاهدون ت�جه
ال�ستعداد، فغط�ا زجاج ال�سيارة بال�س�اد حتى ل يظهر ما بداخلها للخارج،
اأب�ابها بالأقفال حتى تفتح من اخلارج ول تفتح من الداخل، وذلك وجهزوا
حتى ل يتمكن الأ�سري من الفرار، وو�سع�ا يف امل�سجل �رضيطا غنائيا باللغة العربية،
واألق�ا بع�ص ال�سحف العربية يف ال�سيارة، ثم انطلق�ا مت�كلني على اهلل.
133
ياأ�رضوا األ اأن عزمهم كان كانت وجهتهم نح� م�ست�سفى )�رضفند(، ذلك
لل�سيارة اإدري( )�سارون اأ�سار اجلندي ب�سيارتهم كاملعتاد، اإل جنديا، وجت�ل�ا
فت�قفت، وحتدث معه )م��سى( باللغة العربية بطالقة، فركب اجلندي يف املقعد
مبتعدة الطريق به تعرب ال�سيارة به وانطلقت )رائد(، املجاهد بجانب اخللفي
نح� نهايته.
وي�سع الأمامي، الكر�سي يف )جمال( يجل�ص باأن تق�سي اخلطة كانت
بينما يجل�ص )رائد( بجانب م�سد�سه حتت فخذه، وحزام الأمان على و�سطه،
اجلندي يف الكر�سي اخللفي، وقد تظاهر باأنه نائم، بينما يداه تلتفان اإىل �سدره،
اإذا اقت�سى اإبطه، والر�سا�سة يف بيت النار، حتى وم�سد�سه يف يده خمب�ء حتت
الأمر �رضعة ال�ستخدام، ويف اللحظة التي يبداأ فيها )جمال( بنزع حزام الأمان،
يق�م )رائد( ب�رضب اجلندي على وجهه بكعب امل�سد�ص بينما يلتفت )جمال(
وي�سع م�سد�سه يف راأ�سه حتى ي�سلم بالختطاف.
�سارت اخلطة كما ه� مر�س�م، ولكن بعد اأن �سارت ال�سيارة م�سافة لي�ست
وبغري عندئذ وي�رضة، مينة يلتفت واأخذ الريبة، من �سيئ اجلندي �ساور ط�يلة
ثالث واأطلق اجلندي، �سدر اإىل م�سد�سه )رائد( �س�ب اخلطة اقت�ست ما
لت�سيب الثالثة الر�سا�سة انحرفت بينما باثنتني، اجلندي فاأ�ساب ر�سا�سات،
ج�سم ال�سيارة، ف�رضخ اجلندي: )اأمي.. اأمي(، ثم �سكت اإىل الأبد.
يت�اجد �ئية �س اإ�سارة اأمام ا�سطرارا يقف�ن املجاهدون كان حلظات بعد
وتغطيتها ال�سيارة اأر�سيـة يف اجلثة و�سع اإىل ف�سارع�ا املارة، بع�ص عندها
بقمي�ص اأحدهم.
134
رائحة اجلندي من خرجت ومفاجئ، غريب وب�سكل اللحظة تلك ويف
كريهة، ومل مي�ص على م�ته �س�ى ب�سع دقائق، حتى كاد الإخ�ة يخرج�ن من
عليهم متر التي الأ�س�اأ الرائحة باأنها لنا و�سف�ها بل الرائحة، ل�سدة ال�سيارة
ط�ال حياتهم! وقد حاول�ا فيما بعد اإزالة الرائحة من ال�سيارة بالغ�سل والتنظيف
ور�ص العط�ر، ولكن دون جدوى، فا�سطروا اإىل ا�ستبدال فر�ص ال�سيارة باآخر
جديد..
املجاهدون اأعد اأن �سبق فقد م�سبقا، املعدة اخلطة وفق مبا�رضة العمل بداأ
مكانا اآمنا لإخفاء اجلندي وه� على قيد احلياة للمقاي�سة عليه، لكنهم مل يعدوا
مكانا جلثة!
وف�ر و�س�لهم حميط )�س�ريف(، بدوؤوا بحفر قرب للجندي امليت، وا�ستغرق
العمل ط�ال الليلة حتى ا�ستطاع�ا اإجنازه، تعر�س�ا خاللها اإىل م�اقف �سعبة، فقد
كان ال��سع الأمني حرجا، وطائرات الحتالل جت�ب اجل� وتر�سد املنطقة.
على اأعدوها التي احلفرة يف ودفن�ه الثب�تية، اجلندي اأوراق الإخ�ة اأخذ
عجل، واأبق�ه فيها �سهرين، ثم قام الأخ�ان )عبد الرحمن( و )جمال( بعد ذلك
بتغيري م�قع اجلثة احتياطا؛ حتى ل يك�ن باقي اأفراد اخللية على علم مب�قع اجلثة.
وبقيت اجلثة يف م�قعها مدف�نة ت�سعة اأ�سهر، مل يكن خاللها لدى حك�مة
اعتقلت اأن اإىل الفل�سطينيني، لدى خمط�ف اجلندي باأن علم اأي الحتالل
اخللية، وك�سف مكان اجلثة، وحينئذ خرج رئي�ص وزراء العدو )بنيامني نتيياه�(
اأن )�سارون اإدري( كان خمط�فا، واأنهم عرثوا اأخريا اإىل الإعالم، ليعلن بنف�سه
على جثته.
135
ويالحظ اأن جميع عمليات اخلطف التي قامت بها الكتائب كانت فردية، اإل واحدة،
ومنها:
اآيف �س�سب�رتا�ص، يف 1989/2/26م، واإيالن �سعدون، يف 1989/5/3م،
1992/12/13م، ط�ليدان� ون�سيم 1992/8/11م، يف ك�رثاين، واأل�ن
ويرون 1993/8/5م، ونح�س�ن فاك�سمان، و�سا�س�ن، وجلعاد �ساليط...
ب ـ اخلطف اجلماعي:
عملية خطف احلافلة ـ القد�ص.
الزمان: 1993/7/1م.
املكان: التلة الفرن�سية/القد�ص.
اخللية: ماهر اأب� �رضورـ خميم عايدة/بيت حلم، وه� م�س�ؤول اخللية، )�سهيد(.
حممد عزيز ر�سدي ـ خميم العروب/اخلليل، وه� القائد العام، )�سهيد(.
حممد الهندي ـ بيت حلم، )�سهيد(.
�سالح عثمان ـ خميم جباليا/غزة.
النتيجة: مقتل اثنني من ال�سهاينة وجرح اآخرين.
منذ الق�سام كتائب نفذتها التي ال�حيدة اجلماعية الختطاف عملية هي
التي ال�حيدة العملية اأنها مبعنى )حما�ص(، الإ�سالمية املقاومة حركة انطالق
القائد بداأ حيث واحدا. جنديا ولي�ص اجلن�د من عدد اختطاف ا�ستهدفت
من كبري عدد اأ�رض اإىل تهدف لعملية بالإعداد واإخ�انه عزيز( )حممد ال�سهيد
ال�سهاينة، وذلك ملقاي�ستهم بجميع الأ�رضى يف �سج�ن الحتالل.
136
الحتمالت جميع وو�سع�ا معا، وتدار�س�ها اخلطة، املجاهدون اأعد
ثم قيادتهم، مع اخللية اأع�ساء الثالثة املجاهدون ذلك يف وا�سرتك املمكنة،
نا�سفتني وحقيبتني �سني، وم�سد ،)M16( بندقية من املك�ن العتاد ت�سلم�ا
لتنفيذ املهمة.
انطلق الأبطال بهمة عالية يحمل�ن عتادهم، ويحلم�ن بلقاء ربهم، و�سل�ا
القد�ص، وهناك بحث�ا عن حافلة ي�ستهدف�نها، ف�قع اختيارهم على اإىل مدينة
من كبريا عددا حتمل اأنها لعتقادهم ومقط�رة(، )قاطرة مزدوجة حافلة
ة واملتفق الرهائن. اإل اأن ذلك اأوقعهم يف خطاأ قاتل، حيث خالف�ا اخلطة الـمعد
عليها، اإذ اأن عدتهم وعددهم مل تكن تكفي لل�سيطرة على حافلة مزدوجة مليئة
بالركاب.
ركب )حممد( و )ماهر( يف القاطرة الأوىل معهما حقيبة متفجرة، وبندقية
متفجرة حقيبة ومعه الثانية القاطرة )حممد( ا�ستقل فيما وم�سد�ص، )M16(
مة احلافلة، واأعلن للركاب اأن احلافلة خمتطفة، وم�سد�ص، ثم وقف )ماهر( يف مقدر
واأن عليهم التزام الهدوء وال�سمت، واإل فاإن املجاهدين �سيفجرون احلافلة بهم،
اأما )�سالح( فقد تظاهر باأنه اأحد املخط�فني..
�سالح خطف مبحاولة يه�دية امراأة قامت ال�سيطرة، حتت الأمر وبينما
الف��سى فدبت خطرة، بجراح واأ�سابها الر�سا�ص عليها فاأطلق )ماهر(،
والإرباك يف احلافلة، ثم انطلقت بع�ص الطلقات اأ�سابت اإحداها راأ�ص )�سالح(،
الف��سى ا�ستغالل ال�سائق خطرة، وحاول بجراح م�سابا الأر�ص ف�سقط على
وخطف ال�سالح من يد )ماهر(، اإل اأن )ماهر( عاجله بر�سا�سة اأردته قتيال.
137
�سارت احلافلة بدون �سائق م�سافة ق�سرية، ثم ما لبثت اأن ا�سطدمت بعم�د
كهرباء، فقفز املجاهدان )ماهر( و )حممد( من احلافلة حماولني الن�سحاب من
معها وركبا يه�دية، �سيدة تق�دها اإ�رضائيلية �سيارة اإيقاف اإىل و�سارعا امل�قع،
حتت تهديد ال�سالح، وانطلقا �س�ب مدينة )بيت حلم(.
الع�سكرية املركبات ع�رضات وانطلقت �رض�سة، مطاردة عملية بداأت
ال�سهي�نية تالحق املجاهدين، تق�دهم وت�جههم طائرة مروحية.
ويف هذه الأثناء، حاولت اليه�دية التي تق�د ال�سيارة اأن تتباطاأ، ومل تتجاوب
ل�ا قتـلها ورميـها من ال�سيارة، فاأ�ساب�ها اإ�سابة مع ت�جيهات املجاهدين، فف�س
وقد الطريق، حافة على لت�ستقر م�سارها عن ال�سيارة فانحرفت مبا�رضة، غري
اأ�سيب كل من فيها، فقام الحتالل باعتقالهم، ثم قتـلهم وحرق جثامينهم.
138
عمليات التفجري:
اأ ـ العمليات ال�صت�صهادية:
1ـ با�ستخدام ال�سيارات املفخخة:
عملية )دير �رضف(.
الزمان: 2001/4/29م.
املكان: مدينة نابل�ص.
املنفذ: ال�ست�سهادي جمال نا�رض ـ نابل�ص.
كان )جمال( من ن�سطاء الكتلة الإ�سالمية يف جامعة النجاح ال�طنية، وكان
حتى ط�يال، ال�سهادة عن بطلنا بحث فيها. الدع�ية اللجنة م�س�ؤويل اأحد
وجدها قريبة منه، ووجد الأب�اب تفتح له م�رضعة، فاندفع اإليها م�رضعا ل يهاب
امل�ت..
اأعد )اأب� خالد( نف�سه للقاء ربه، فاغت�سل ولب�ص اأجمل الثياب وتطيب، ثم
خرج مبت�سما فرحا بقرب امل�عد الذي متناه.
من الكيل�غرامات بع�رضات واملح�س�ة املفخخة، �سيارته )جمال( ركب
امل�اد املتفجرة وال�سظايا، اإ�سافة اإىل ا�سط�انات الغاز وقذائف الهاون، وت�جه
اإىل الهدف املحدد. وكان الهدف ي�مها حافلة �سهي�نية تخرج من م�ست�طنة
)�سايف �سمرون( يف بلدة )دير�رضف( املحاذية ملدينة نابل�ص، ولقد كانت حافلة
مليئة بالركاب، تخرج من امل�ست�طنة ب�سكل منتظم، فت�قف )جمال( بال�سيارة
التي اللحظة ملرور هدفه... ويف انتظارا امل�ست�طنة من مدخل قريبة نقطة يف
)جمال( اندفع ال�سارع، على و�سارت امل�ست�طنة من احلافلة فيها خرجت
139
ب�سيارته نح�ها بال�رضعة الق�س�ى، وعند نقطة ال�سفر �سغط على مفتاح ال�سهادة
فانفجرت ال�سيارة باحلافلة وتطايرت النريان منها، اإل اأن احلافلة كانت م�سفحة،
الأمر الذي قلل من خ�سائر الحتالل واإ�ساباته.
مبت�سما ر م�س� �رضيط يف التلفاز �سا�سات على �سهيدنا ظهر امل�ساء، ويف
مت��سحا بالأخ�رض ومتزينا بالع�سبة، وخاطب العامل قائال: »يا اأبناء فل�سطني، يا
اأبناء جامعة النجاح احلبيبة، التف�ا ح�ل خيار املقاومة، واأعلن�ا راية اجلهاد«.
اأ�سل�ب ال�سيارة املفخخة التي يق�دها ومن الأمثلة الأخرى على ا�ستخدام
ا�ست�سهادي:
- عملية )ميح�ل(، يف 1993/4/16م، وبطلها ال�ست�سهادي )�ساهر التمام(.
- عملية )بيت اإيل(، يف 1993/10/3م، وبطلها ال�ست�سهادي )�سليمان زيدان(.
- عملية )نتانيا(، يف 2001/1/1م، وبطلها ال�ست�سهادي )حامد اأب� حجلة(.
- عملية غزة، يف 2001/6/22م، وبطلها ال�ست�سهادي )اإ�سماعيل املع�س�ابي(.
- عملية )�سنجل(، وبطلها ال�ست�سهادي )�سالمة الأحمد(.
140
2 ـ بوا�صطة عمليات التفجري:
عملية )البحر(
الزمان: 2000/12/7م.
املكان: �س�اطئ غزة.
املنفذ: ال�ست�سهادي حمدي ن�سي� ـ غزة.
الفل�سطيني العمل تاريخ يف البحرية ال�ست�سهادية العمليات اأوىل وهي
الأق�سى، انتفا�سة يف ال�ست�سهادية الق�سام كتائب عمليات واأوىل املقاوم،
ولقد كانت عملية ن�عية جريئة اأدت اإىل تدمري زورق حربي �سهي�ين من ن�ع
)دب�ر(، اإل اأنها لقت تعتيما اإعالميا كامال من قبل املحتل.
فقد قررت الكتائب اإ�سعال البحر حتت الحتالل كما اأ�سعلت البـر، ليك�ن
ليك�ن املتفجرة بامل�اد مثقال �سيد زورق فاأعدت �سهي�ن، لبني قربا ماوؤه
النفجار �سديدا، واأعدت للمهمة فار�سا مميزا، ال�ست�سهادي البطل )حمدي(،
الذي كان على جاهزية دائمة للفداء.
انطلق حمدي بعب�ته املتحركة )الزورق( يج�ب بحر غزة ط�ل وعر�سا،
وت�غل يف عر�ص البحر، لي�سل اإىل الزوارق احلربية الإ�رضائيلية ال�رضيعة التي تق�م
بحرا�سة املياه منعا من تهريب ال�سالح والرجال.
العدو زورق ي�ستطع ومل ال�سياد، بخربة نح�ه فانطلق �سيده، له ولح
ب�سدة انفجر ثم انغر�ص يف ج�سم زورقهم، وقد اإل به يح�س�ا ي�قفه، ومل اأن
ح�لت الزورقني اإىل كتلة من اللهب رئيت من �س�اطئ البحر، اإل اأن عدم وج�د
الحتالل خ�سائر حقيقة عن الك�سف دون حال البحر، عر�ص يف ال�سحافة
الذي مل يعلن عن وق�ع العملية.
141
3 ـ احلزام النا�صف:
عملية )بارك(.
الزمان: 2002/3/27م.
املكان: فندق بارك ـ نتانيا )اأم خالد(.
املنفذ: ال�ست�سهادي عبد البا�سط ع�دة ـ ط�لكرم.
اخلليـة: عبا�ص ال�سيد ـ ط�لكرم، وكان م�س�ؤول اخللية، )35 م�ؤبدا(.
فتحي اخل�سيب ـ قفني/ط�لكرم، وه� �سائق العملية، )29م�ؤبدا(.
اأحمد اجلي��سي ـ ط�لكرم، )29 م�ؤبدا(.
مهند �رضمي ـ ط�لكرم، )29 م�ؤبدا(.
معمر �سحرور ـ ط�لكرم، )29 م�ؤبدا(.
ن�رض يتامية ـ ط�لكرم، )29 م�ؤبدا(.
نتيجة العملية: 31 قتيال و160 جريحا.
امتازت عملية )بارك( البط�لية باأنها الأكرب من حيث عدد القتلى ال�سهاينة
خالل العق�د الثالثة الأخرية من العمل الفل�سطيني املقاوم، اإ�سافة اإىل اأن حزامها
النا�سف كان من اأف�سل ما �سنعه اأبطال الق�سام من حيث الق�ة، فلم يكن يح�ي
اأكرث من )4-5( كيل�غرام من امل�اد املتفجرة، اإ�سافة اإىل كمية من ال�سظايا، اإل
امل�قع.. الإ�سابات يف الأرواح والدمار يف الهائل من الكم اأثمر عن هذا اأنه
وقد كان �ساحب الإبداع والمتياز يف اإعداده ال�سهيد القائد )مهند الطاهر(،
اأعلى ح�سيلة قتلى يف العمل الفل�سطيني املقاوم، ومعه ال�سهيد البطل �ساحب
)اإياد حمادنة(، تلميذ ال�سهيد القائد حمم�د اأب� هن�د رحمه اهلل.
ثم ط�لكرم، يف لإخ�انهم عاديا حزاما بداية )نابل�ص( جماهدو اأعد فقد
142
باأ�سل�ب اإعداد حزام جديد على يعمل�ن لأنهم قليال يرتيث�ا اأن اإليهم اأر�سل�ا
اأكرث فاعلية واأو�سع اأثرا واأخف وزنا، فاأعدوا لهم احلزام املذك�ر، بعد اأن و�سع�ا
فيه خال�سة جهدهم وخربتهم ومهارتهم، مدع�مة باإخال�سهم ودعائهم.
جت بتقدمي املبادرة ال�سع�دية كانت القمة العربية قد انعقدت يف )بريوت(، وتـ�ر
ال�سهرية، التي اأ�سبحت تعرف بعد ذلك با�سم )املبادرة العربية لل�سالم(، فكان قرار
قيادة اجلهاز الع�سكري للحركة اأن ت�جه ر�سالة �سديدة اللهجة اإىل امل�ؤمترين، ر�سالة
متفجرة ي��سلها بطل ا�ست�سهادي، �سيغتها: »ل تنازل عن احلق�ق«، لتمثل ردا
بليغا على ما حت�يه املبادرة من تنازل، فكان الإعداد للعملية.
كان قرار الإخ�ة باأن تك�ن العملية مزدوجة، بطالها: ال�سهيد )عبد البا�سط
ت بالأخ )ن�سال( حالت ع�دة(، واملجاهد )ن�سال تلق(، اإل اأن وعكة �سحية األـم
دون م�ساركته يف الهج�م، وبقي ال�سهيد )عبد البا�سط( وحده فار�ص امليدان.
ت�سلم املجاهدون احلزام املتفجر، واأعدوا ال�سهيد للمهمة، واأول الإعداد:
وحية، فكان �سهيدنا على اأمت اجله�زية. التهيئة الر
و�سالحه بع�سبته الإعالم اأمام �سهيدنا ليظهر التلفزي�ين؛ الت�س�ير ثم
ورج�لته، ولي��سل للعامل ر�سائل عدة، فاأدى البطل دوره على اأكمل وجه، كما
لل�سهي�ين احلاقد )�سارون(، اأولها كانت امليدان، ووجه ر�سائل عدة؛ اأداه يف
واآخرها جلامعة الدول العربية وللم�ؤمترين يف بريوت.
بها �سينفذ التي بال�س�رة البا�سط( )عبد ليخرج النهائي، الإعداد كان ثم
يتنكر على باأن اخليار اخللقة، كان �ساب و�سيم جميل �سهيدنا هج�مه، ولأن
اإعداده، الإخ�ة يف فاأح�سن ت�ساء، الدخ�ل حيث ت�ستطيع اإ�رضائيلية فتاة هيئة
حتى ظهر على غري الهيئة التي عرف�ه بها!
143
فتحي ويروي ال�سيارة، برفقته يف �سهيدنا يحمل )فتحي( املجاهد انطلق
عن حال ال�سهيد اأثناء الطريق فيق�ل: »كان )عبد البا�سط( �سائما، واأثناء �سرينا
ين خائبا«، وكان اأكرث من الدعاء، واألح يف الق�ل: »اللهم مكـني منهم، ول ترد
مطمئنا فرحا، وكاأنه يف الطريق اإىل حفل زفافه!«.
الذي ال�سارع على حاجزا تن�سب احتاللية دبابة واجهتهم الطريق، ويف
ي�سلك�نه، وت�قف ال�سيارات املارة وتخ�سعها للتفتي�ص، فت�قف الأخ�ان على
ع له جزءا من �س�رة جانب الطريق، وطلب )عبدالبا�سط( من )فتحي( اأن ي�سمر
البقرة غيبا، وبعد اأن انتهى من الت�سميع ت�جه اإىل اهلل بالدعاء، ثم قال للمجاهد
ـر على بركة اهلل!«.. فقال له )فتحي(: »ولكن اأخ�سى اأن ي�قف�نا«، )فتحي(: »�س
اأول مئة اآية من �س�رة اأن من قراأ فقال عبد البا�سط: »لقد �سمعت حديثا معناه
البقرة ثم دعا اهلل؛ ا�ستجيب له«. فانطلق )فتحي( مطمئنـا، ومـرا على احلاجز
دون اأن يلتفت اإليهما بف�سل اهلل.
البالد ط�ل ال�سيارة جابت 1948م، عام املحتلة الأر�ص داخل ويف
وعر�سها دون جدوى، فقد كان ي�م عيد، واملحالت واملطاعم والن�ادي وكل
املرافق مغلقة الأب�اب، لكنهما ا�ستمرا بالبحث، حتى و�سال اإىل مدينة )نتانيا(،
وبعد ط�ل عناء و�سال اإىل فندق )بارك(، وبت�فيق من اهلل، وجداه دون غريه يعج
بالنزلء، وعلى بابه حار�ص يفت�ص كل من ي�ستبه به. فت�قفت ال�سيارة، وترجل
)عبد البا�سط(، وطلب من )فتحي( املغادرة بعد اأن وعده بال�سفاعة.
كانت هيئة فتاة جميلة، ويف اأث�ابها قلب اأ�سد ه�س�ر عامر بالإميان!!
احلار�ص يعرت�ص اأن دون الفندق ودخل هدفه، نح� ثابتة بخطى انطلق
144
طريقه، ومل مت�ص اإل دقائق معدودة، حتى كان الفندق خرابا، واإذا من بداخله
كع�سف ماأك�ل..!
را ل ي�سدق العقل اأن عب�ة ويف امل�ساء، كانت �س�ر الإعالم تظهر مكانا مدم
تزن ب�سعة كيل� غرامات من امل�اد املتفجرة املعدة بطريقة مثالية تفعل كل ذلك،
ولكننا نق�ل كما قال تعاىل: { پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ}.
اأ�سيب الحتالل بذه�ل �سديد، فعرب عن ذلك بعملية اجتياح �رض�سة، كانت
مدن معظم ف�سملت الت�سعينات، منت�سف املدن ه جي�س ترك منذ الأو�سع هي
ال�سفة الغربية، واأحدثت جمازر ب�سعة يف خميم )جنني( ومدينة )نابل�ص(. ثم ظهر
ذات احلقد على املجاهدين اأبطال اخللية بعد اعتقالهم، �س�اء يف مدة التحقيق
�رية، التي اقرتحت خاللها اأ�سهر، اأو يف املحاكم ال�س اأربعة التي امتدت قرابة
ط�ال ال�سم�ص روؤية من اخللية اأفراد مينع اأن ال�سهي�نيات القا�سيات اإحدى
حياتهم، بينما طالب القا�سي الثالث باإعدامهم.
والعمليات ال�ست�سهادية بالأحزمة النا�سفة تعد باملئات، ومنها:
- عملية )اللمبي(، يف 2002/9/19م، وبطلها ال�ست�سهادي )اإياد رداد(.
- عملية )نتانيا(، يف 2001/5/18م، وبطلها ال�ست�سهادي )حمم�د مرم�ص(.
- عملية )حيفا(، يف 2001/12/11م، وبطلها ال�ست�سهادي )ماهر حبي�سة(.
- عملية )�سبارو(، يف 2001م، وبطلها ال�ست�سهادي )عز الدين امل�رضي(.
- عملية )م�منت(، يف 2002/3/9م، وبطلها ال�ست�سهادي )ف�ؤاد ح�راين(.
- عملية )كفي هلل(، يف 2003/9/9م، وبطلها ال�ست�سهادي )رامز اأب� �سليم(.
- عملية )�رضفند(، يف 2003/9/9م، وبطلها ال�ست�سهادي )اإيهاب اأب� �سليم(.
145
ب ـ العبوات:
عملية اجلامعة العربية
الزمان: 2002/7/31م.
املكان: اجلامعة العربية ـ القد�ص.
اخللية: حممد عرمان ـ خربثا/رام اهلل، وه� م�س�ؤول اخللية، )35 م�ؤبد(.
حممد ع�دة ـ �سل�ان/القد�ص.
وائل قا�سم ـ �سل�ان/القد�ص.
النتيجة: �سبعة قتلى، و 95 جريحا منهم 11 حالة خطرة.
بحق ب�سعة بتاريخ 2002/7/23م على جرمية الإ�رضائيلي اأقدم الحتالل
رج( ب�س�اريخ حربية ثقيلة، اأهلنا يف مدينة غزة، حيث اأقدم على ق�سف )حي الد
)�سالح ال�سيخ الق�سام، لكتائب العام القائد لغتيال وذلك طن؛ )1( زنتها
والن�ساء الرجال من م�اطنا ع�رض و�سبعة ا�ست�سهاده اإىل اأدى مما �سحادة(..
والأطفال وال�سبان، لت�سكل جمزرة ب�سعة ل اأخالقية كباقي جمازره، فكان قرار
حرمة تراعي بالثاأر، ول تاأخذ ن�عية، ق�سامية ل�رضبة الإعداد الإخ�ة ب�رضورة
املكان، كما مل يراع الحتالل حرمة املكان وحرمة البي�ت الآمنة.
بداأ الإعداد، ومل يكن لدى املجاهدين اأكرث من ب�سعة كيل� غرامات من امل�اد
معدنية، �سظية )باألف( مة مطع درا�سية، �سكل حقيبة على فاأعدوها املتفجرة،
تتنا�سب يف �سكلها واملكان الذي �ستزرع فيه والدور وال�ظيفة التي �ست�ؤديها،
بحيث يتم ت�سغيل العب�ة عرب الهاتف النقال )البلف�ن(..
ا�ستهدف يف عملية من اأن ي�سبق لثاأرهم م�قعا جديدا، مل واختار الإخ�ة
يف الطلبة يكرث حيث القد�ص(، ( مدينة يف العربية اجلامعة كفترييا وه� قبل،
146
وقت الت�سجيل، ومع اقرتاب م�عد بدء العام الدرا�سي اجلديد.
اأعد الأخ )عرمان( العب�ة النا�سفة، وو�سع اجلميع اخلطـة وناق�س�ها، وت�جه
ت�سلقا بالعب�ة نح� حرم اجلامعة، وبتاريخ 7/28 الأخ�ان: )ع�دة( و)وائل(
�س�رها اإىل الداخل، وو�سعا احلقيبة يف �سالة الكفترييا، ثم ان�سحبا بهدوء فلم
يرهما اأحد. ومن خارج اجلامعة، قاما بالت�سال لتفجري العب�ة، اإل اأن املفاجاأة
كانت اأنها مل تنفجر! كررا املحاولة لكن دون جدوى.
الأخ اإىل وت�جها مكانها، من العب�ة واأخذ اأدراجه )ع�دة( الأخ عاد
ت��سيل يف اأ�سابها خلال هناك اأن له فتبيـن ها فح�س اأعاد الذي )عرمان(،
اإليها، لإدخالها اجلامعة �س�ر من باإلقائها الإخ�ة قام حينما وذلك الأ�سالك،
فاأعاد الأخ )عرمان( ت��سيل اإن لطف اهلل ورحمته حالت دون تفجريها، بل
الأ�سالك، واأ�سبحت العب�ة جاهزة للتفجري من جديد.
وبعد ثالثة اأيام، ت�جه الأخ )حممد ع�دة( اإىل اجلامعة ليال، واأخفى العب�ة يف
اأحد اأح�ا�ص ال�رد، ثم عاد اإىل منزله، ويف �سبيحة الي�م التايل دخل اجلامعة من
بابها، وت�جه اإىل العب�ة، وزرعها يف امل�قع املحدد، ثم ان�سحب خارجا، ومن
مكان بعيد اأجرى ات�ساله الذي فجر العب�ة.
املكان هز �سديدا كـرث، وكان النفجار واد الظهرية، والر كان ذلك وقت
ال�سعب م�ساعر واألهب رعبا، فاأ�سكنها الأعداء قل�ب وهز دمارا، واأحاله
على ردا الق�سام كتائب من ينتظر كان من غليل و�سفى ابتهاجا، الفل�سطيني
جمزرة )حي الدرج(، واأربك الأمن ال�سهي�ين الذي اأثبت ه�سا�سته.
147
ومن عمليات العبوات املتفجرة الأخرى:
يف ال�سبع، بئر وعملية 1990/6/23م، يف ال�ساحل، عملية
2002/5/10م، وعملية املغري، يف 2003/10/6م، وعملية )تل اأبيب(، يف
1997/1/9م.
اقتحام املع�صكرات:
اقتحام م�صتوطنة اأدورة.
الزمان: 2002/4/27م.
املكان: م�ست�طنة اأدورة ـ اخلليل.
اخللية: منري مرعي ـ بيتا/نابل�ص، وه� م�س�ؤول اخللية، )5 م�ؤبدات(.
طارق دوف�ص ـ اخلليل، )�سهيد(.
فادي دويك ـ اخلليل، )5 م�ؤبدات(.
النتيجة: 5 قتلى، و 18 جريحا.
وهي عملية بط�لية من اأكرث عمليات اقتحام امل�ست�طنات جناحا، فقد جمعت
الن�سحاب يف النجاح وبني واجلرحى، القتلى عدد يف اجليدة النتائج بني
عمليات تعد العمليات هذه مثل اأن رغم املهمة، اإجناز بعد التنفيذ م�قع من
ا�ست�سهادية.
بداأ اإعداد اخللية قبل تنفيذ العملية مبدة ط�يلة، فقد قام ال�سهيد )اأحمد بدر(
بتنظيم )طارق( قام ثم الق�سام، كتائب �سف�ف يف )طارق( ال�سهيد بتنظيم
جهادية بعملية للقيام بتدريبهما ذلك بعد )اأحمد( وقام )فادي(. املجاهد
148
مدينة ا�ست�سهادية يف بعملية للقيام ثم املدينة، الإبراهيمي يف احلرم منطقة يف
)ال�سبع(.. اإل اأن عددا من الع�امل والظروف حالت دون اأي تنفيذ.
اأمنيتهما، جاءهما وبينما كان الأخ�ان )طارق( و)فادي( يف انتظار حتقق
جامعة يف عنهما امل�س�ؤول )منري(، املجاهد وه� جديد، طرف من الفرج
امل�ست�طنات اإحدى تنفيذ عملية جهادية يف الب�لتكنك، حيث عر�ص عليهما
وال�ستعداد بالتدريب القب�ل. و�رضعا يرتددا يف فلم اخلليل، مدينة القريبة من
حتت اإ�رضاف )منري(، حتى اأمت اإعدادهما يف مدة ل تتجاوز ثالثة اأيام.
بت�س�يرهما قام وهناك �سكنه، اإىل )منري( ا�سطحبهما بي�م، العملية وقبل
ف�ت�غرافيا وعلى �رضيط فيدي�، وك�سف لهما عن ا�سم امل�ست�طنة الهدف، وكان
قد ر�سده ب�سكل دقيق وط�يل، ثم ت�جه�ا جميعا اإىل حميط امل�ست�طنة، ودر�س�ا
التنفيذ اآلية على واتفق�ا للهج�م، املعدة اخلطة وتدار�س�ا كثب، عن امل�قع
ووقته.
ا�ستيقظ املجاهدون قبيل الفجر، �سل�ا وت�رضع�ا اإىل ربهم، طالبني الت�فيق
وال�سهادة، وت�جه�ا اإىل م�قع اللقاء، وهناك لب�ص الأخ�ان )طارق( و)فادي( زيا
ع�سكريا �سهي�نيا حتى يظهرا كجن�د الحتالل، وامت�سقا �سالحني ر�سا�سني، مع
كمية كبرية من الذخرية، وودعا )منري( الذي عاد اأدراجه كما اقت�ست اخلطة.
ووا�سال الفجر، �سليا الطريق م�رضعني، ويف امل�ست�طنة انطلقا �س�ب ثم
ال قرب �س�ر امل�ست�طنة ال�سائك، وهناك كمنا قليال، ثم تعانقا ال�سري حتى و�س
الثاين ثم الأول، ال�سائك ال�سلك فتجاوزا العب�ر، وبدءا مرحلة عناق م�دع،
بعد قطعه مبق�ص كانا يحمالنه، وكمنا من جديد قرب البي�ت ال�سكنية، وبعد
149
)فادي( فتبعه عنده، يختبئان كانا الذي البيت ودخل اجلن�د، اأحد جاء قليل
ودخل البيت خلفه، فت�ص الطابق الأول فلم يجد فيه اإل ولدا نائما، فرتكه و�سعد
اإىل الطابق الثاين، وانتظر عند باب غرفة الن�م، حتى ي�سمع �س�ت اإطالق النار
الر�سا�ص، حتى قام بك�رض اإن �سمع �س�ت من )طارق( ح�سب التفاق، وما
الباب؛ ف�جد اجلندي مع زوجته، فاأطلق عليهما النار وقتلهما، ثم ت�جه م�رضعا
اإىل الطابق الأول حيث ينام ال�لد، فقام بقتله، ثم خرج من البيت.
ه اإىل بيت قريب، وقرع اجلر�ص، يف تلك الأثناء كان ال�سهيد )طارق( قد ت�ج
فاأطلق عليه رجل من الطابق العل�ي النار، لكنه مل ي�سبه، ثم اأطلق )طارق( النار
والتقى بالر�سا�ص، يتاأثر فلم حا م�سف كان اأنه اإل ليفتحه، املنزل باب �س�ب
قا كل ملهمته: )طارق( يقتحم البي�ت، و)فادي( ي�سري يف دا، ثم تفر الأخ�ان جمد
ال�سارع الرئي�ص، مي�سطان املنطقة ويطلقان النار على كل حي.
مع ا�ستباكا مريرا التقيا من جديد، وفتحا الأخ�ان يف �سريهما حتى تقدم
فقد حتى الر�سا�ص اإطالق من واأكرثا والع�سكريني، امل�ست�طنني من ح�سد
)طارق( ال�سمع باإحدى اأذنيه، واأثناء ذلك اأطلت عليه اإحدى الن�ساء اليه�ديات
من نافذة املنزل ظانـة اأنه جندي �سهي�ين، فاأطلق عليها النار واأ�سابها.
وبعد اأن �سارفت ذخرية الأخ�ين على النفاد، قررا الن�سحاب، فخرجا من
الع�دة، ال�ساعة، وبداأت رحلة قرابة امل�ست�طنة مكثا يف اأن بعد حيث دخال،
اجلديد الطريق يعرفان ل ولأنهما �سباحا، �سلـكاه الذي غري طريق من لكن
اأربع ذلك اأثناء ح�رضت حتى الن�سحاب وقت فطال الطريق، �سال جيدا،
طائرات مروحية �سهي�نية، وبداأت بتم�سيط املكان بحثا عنهما، فكمنا اأ�سفل
اإنزال اأربع �ساعات من النتظار �ساهدا عمليات اأ�سجار الزيت�ن، وبعد اإحدى
150
ا بالن�سحاب من امل�قع، وعندها جلن�د الحتالل، فاأدركا اأنهما مك�س�فان، فهم
بداأت مئات الر�سا�سات تنطلق نح�هما.
وبعد كثري من امل�ساعب، متكن فادي من الن�سحاب والنجاة باأعج�بة، بينما
اأراد اهلل )طارق( �سهيدا بعد اأن اأ�سابته عدة ر�سا�سات من جن�د الحتالل.
ومن عمليات اقتحام امل�صتوطنات واملع�صكرات الأخرى:
- عملية )عت�سم�نة(، يف 2002/3/7م، وبطلها ال�ست�سهادي )حممد فرحات(.
- عملية )األ�ن م�ريه(، يف 2002/3/28م، وبطلها ال�ست�سهادي )اأحمد عبد اجل�اد(.
- عملية احلمرا، يف 2002/1/31م، وبطلها ال�سهيد )حممد اخلليلي(.
- عملية بقع�ت، يف 2002/5/13م، وبطلها ال�سهيد )اأجمد القطب(.
151
عمليات الدوريات:
عملية نهر الأردن.
الزمان: 1990/11م.
املكان: احلدود الأردنية الفل�سطينية.
اخللية: خالد اأب� غلي�ن ـ خميم حطني/الأردن، )م�ؤبد(.
�سامل اأب� غلي�ن ـ خميم حطني/الأردن، )م�ؤبد(.
فايق كعابنة ـ خميم حطني/الأردن، )م�ؤبد(.
اأمني ال�سانع ـ عمان/الأردن، )م�ؤبد(.
اإبراهيم غامن ـ خميم البقعة/الأردن، )25عاما(.
النتيجة: مقتل �سابط، وجرح اأربعة جن�د.
نف��سهم، يف وا�ستقرت وخميلتهم اأفكارهم داعبت طاملا فكرة ال�سهادة،
ف�سغلتهم حتى بدوؤوا بالبحث عنها لينال�ها، فكان النطالق اإىل فل�سطني..
جل�سة من اأكرث فل�سطني نح� البط�لية العملية يف النطالق ي�ستغرق مل
فجاءت ا�ستعداد؟ على اأنتم هل �س�ؤال: اأعقبها فكرة، طرح تخللها واحدة،
نهر لجتياز اهلل بركة على انطلق�ا ثم »نعم«.. اجلميع: من ال�اثقة الإجابة
الأردن، هدفهم مع�سكر �سهي�ين، وو�سيلتهم اأ�سلحة نارية خفيفة، واأ�سل�بهم
عملية ا�ست�سهادية تهدف اإىل اإحراق املع�سكر وقتل اأكرب عدد ممكن من اجلن�د
ال�سهاينة.
تكفل )اإبراهيم( بت�فري ال�سالح، بينما انطلق باقي الإخ�ة نح� نقطة العب�ر
للنهر. وهناك ال�رضقية اللقاء على احلافة التي حددوها لأنف�سهم، واتفق�ا على
152
�سالح، ومل قطعة اأي معه ولي�ص امل�قع اإىل )اإبراهيم( ح�رض اأن الإخ�ة تفاجاأ
يك�ن�ا يحمل�ن اإل امل�سد�سات ال�سخ�سية، فهل يع�دون؟!
وهنا كان اجل�اب منهم قاطعا، اأن ل ع�دة ول تاأجيل، فقد ح�سب�ا اأنف�سهم
فاأ�سبحت اأجلها وحان ال�سهادة ع�سق مبن فكيف اهلل، لقاء اإىل طريقهم يف
اأمام ناظريه اأن يعدل عنها ويختار الرج�ع؟! ثم انطلق�ا مب�سد�ساتهم واإميانهم،
واخرتق�ا الأ�سالك ال�سائكة و�س�ل اإىل هدفهم.
وهناك اأ�سعل�ا مع عدوهم جبهة اأداروها مب�سد�سات ل حت�ي اإل القليل من
الر�سا�ص، واأدارها جن�د الحتالل بكل ما ميلك�ن من اأ�سلحة خفيفة وثقيلة،
ال�حدة م�س�ؤول ه� �سهي�نيا، �سابطا يقتل�ا اأن ا�ستطاع�ا املجاهدين لكن
ال�سهي�نية، وجرح�ا غريه، وما لبثت اأن ح�رضت التعزيزات، فلم يطل ال�ستباك
الإخ�ة يف باقي نايف، ووقع وا�ست�سهد املجاهدين، نفدت ذخرية اإذ ط�يال،
الأ�رض.
وريات( الأخرى: ومن عمليات )الد
ر �سلطان العجل�ين ـ الأردن. - العملية التي قام بها الأ�سري املحر
153
حرب الأنفاق:
عملية ال�صهم الثاقب
الزمان: 2004/12/8م.
املكان: كارين ـ غزة.
النتيجة: مقتل جندي، وجرح اأربعة اآخرين.
عملية بط�لية جريئة من عمليات )حرب الأنفاق(، تلك التي �سنها اأبطال العز
على عدوهم، ليحيل�ا الأر�ص نارا حتت اأقدامهم. وهي من العمليات التي امتازت
با�ستخدام اأن�اع عدة من ال�سالح املقاوم؛ فقد ا�ستخدم املجاهدون فيها ال�سالح
والعمل واملباغتة، الهج�م اأ�سل�ب ا�ستخدم�ا كما التفجري، و�سالح الناري،
ال�ستخباري، واأ�سل�ب الأنفاق، وف�ق ذلك كله �سالح ال�ست�سهاديني.
من بداأت الأر�ص، باطن يف نية م�س ط�يلة حفر عملية املجاهدون بداأ
الفل�سطينية املحتلة عام الفا�سل بني القطاع والأرا�سي الغزي لل�سيك الطرف
اخلط داخل يقع ال�سهي�ين للجي�ص مع�سكر ح�سني نح� ومتجهة ،)1948(
الأخ�رض، وحتيط به جدران وم�انع، جتعل من ال�سع�بة مبكان ال��س�ل اإليه.
يك الأول، ثم اجتازوا الطريق الأمني من باطن الأر�ص، اجتاز املقاوم�ن ال�سر
يك املحيط باملع�سكر، الذي اتخذه العدو حلماية حدوده امل�سطنعة، ثم اجتازوا ال�سر
وهكذا و�سل الأبطال نقطة داخل امل�قع حددوها م�سبقا، وعند هذه النقطة قام�ا
بزرع عب�ة نا�سفة �سخمة تزن مئات الكيل� غرامات يتم التحكم بها عن بعد.
ن�سقت البعد ال�ستخباري، فقد اإدخال العملية، فه� اأما اجلزء الأروع يف
الق�سام يف اأبطال زرعه معقدة عرب عميل مزدوج، ا�ستخبارية الكتائب عملية
154
�سف�ف العدو، هذا اجلزء الهام من العملية �ساهم ب�س�رة كبرية يف اإجناح املهمة
واإرباك العدو وجعله يفقد �س�ابه.
قيادة طلبت التي املغل�طة املعل�مة اإي�سال ه� املزدوج العميل دور كان
باأن مطاردا تفيد ال�سهي�نية، واملعل�مة الأمن اأجهزة اإىل اإي�سالها منه الكتائب
من قادة كتائب الق�سام �سيت�اجد يف ذات النقطة التي زرعت فيها العب�ة لتنفيذ
مهمة جهادية، فت�جهت ق�ات الحتالل اإىل امل�قع على �سكل جمم�عات راجلة
�سعيا منهم ل�سطياد املجاهد.
راجلة دورية �سكل على الحتالل جن�د من الأوىل املجم�عة و�سلت
دة املحد النقطة اإىل املجم�عة و�سلت اإن وما ب مدر
ب�لي�سي كلب يتقدمها
وكلبهم املجم�عة قائد فقتلت اأ�سفلهم، العب�ة بت�سغيل الق�سام اأ�سد قام حتى
، وجرحت اأربعة جن�د اآخرين بجروح �سعبة.الب�لي�سي
ومل يكتف املجاهدون بذلك، بل خرج من النفق مقاتالن من الق�سام نح�
اإطالقا كثيفا للم�ساندة، وا�ستبكا معها، وتبادل�ا تتابعت التي ال�سهي�نية الق�ة
للر�سا�ص، اأ�سيب اأثناءه عدد من اجلن�د، وا�ستمر ال�ستباك مدة ط�يلة كان دوي
ه وفرقعات قنابله ت�سمع من بعيد، حتى حانت �ساعة ال�سهادة، واختار ر�سا�س
اهلل الأ�سدين اإىل ج�اره.
ومن عمليات حرب الأنفاق الأخرى:
الدين، يف 2001/10م، وعملية )غ��ص قطيف(، ب�ابة �سالح - عملية
وعملية معرب رفح.
155
حرب ال�صواريخ:
اأ ـ ال�صواريخ امل�صادة للدروع )البتار(:
عملية حي الزيت�ن.
الزمان: 2004/5/11م.
املكان: حي الزيت�ن ـ مدينة غزة.
النتيجة: مقتل �ستة جن�د، بعد تدمري دبابتهم.
دبابات وناقالت جند �سهي�نية يف قطاع غزة، وو�سلت اأن ت�غلت بعد
وذلك القطاع، يف حما�ص حركة معاقل من معقال يعد الذي الزيت�ن حي
بهدف تدمري م�ست�دعات وم�ساغل وخمارط حديد حتت ذريعة اأنها ور�ص ت�سنيع
ع�سكري لإنتاج �س�اريخ الق�سام.
وحدة اأن اإل اأدراجها، عادت ثم مهمتها، ال�سهي�نية الق�ة تلك نفذت
�ساروخيا كمينا لها اأعدت اإذ باملر�ساد، لها كانت الق�سام كتائب من مقاتلة
ال�سهي�نية املدرعات اإحدى الق�سامية ال�حدة هذه وا�ستهدفت الفجر، قبيل
ب�ساروخ م�ساد للدروع حملي ال�سنع من ن�ع )بتار(، و�ساءت اإرادة اهلل اأن حت�ي
ال�سهي�نية الق�ة ا�ستجلبتها النفجار، �سديدة م�اد بداخلها امل�ستهدفة املركبة
هذه تفجري اإىل الق�سامي ال�ساروخ انفجار فاأدى العمل، ور�ص لتدمري معها
اأ�سالء اإىل وتبعرثت ب�سدة انفجرت هائلة عب�ة اإىل عة املدر فا�ستحالت امل�اد،
قة ت�زعت يف م�ساحة تزيد عن ن�سف كيل� مرت مربع، وتناثرت معها اأ�سالء ممز
اجلن�د ال�ستة الذين كان�ا بداخلها..
وقد و�سف اأحد اجلن�د ال�سهاينة الذين كان�ا ي�ستقل�ن مركبة اأخرى ت�سري
156
خلف الآلية امل�ستهدفة ذلك النفجار فقال: »كنا ن�سري معا، واإذا باملدرعة تختفي
دمت ومل اأعلم ما الذي حدث!«. فجاأة ومل يبق منها �سيئ، ف�س
التابعة حلركة اجلهاد الإ�سالمي هذا وقد متكنت وحدة من )�رضايا القد�ص(
من احل�س�ل على اأ�سالء اأحد اجلن�د، وحاولت املقاي�سة عليها، اإل اأنها ا�سطرت
اإىل ت�سليمها اإىل الحتالل بعد اأزمة �سغ�طات �سديدة م�ر�ست عليها من جميع
الأطراف، مبا فيها ال�سلطة الفل�سطينية واحلك�مة امل�رضية.
جن جن�ن الحتالل اإثر العملية، واأجرى العديد من التحليالت والتقييمات
حمل من ع�سكرية مركبة اأيـة مبنع قرار اإ�سدار اإىل منها خل�ص والدرا�سات،
كمية من املتفجرات اإل بقرار من القائد الأعلى للجي�ص.
ومن الأمثلة الأخرى ل�صتخدام ال�صواريخ امل�صادة للدروع:
- عملية رفح، يف 2004/10/3م، وعملية بيت حان�ن،
يف 2006/11/22م، وعملية بيت حان�ن، يف 2006/11/23م.
157
:ب ـ �صواريخ الق�صام)1(
من الق�سام �س�اريخ اإطالق ونتائج ت�اريخ لبع�ص ن�ردها اإح�سائية هذه
اأرا�سي غزة نح� التجمعات ال�سهي�نية:
النتائجامل�قع امل�ستهدفالتاريخ
اثنان جرحىا�سديروت2002/3/5م
اإ�سابة خطرةا�سديروت2003/3/19م
اثنان قتلىا�سديروت2004/6/28م
ثالث اإ�سابات�ساعر هينجف2004/6/29م
قتيلة واحدةغ��ص قطيف2004/9/24م
قتيل واحد و 6جرحىم�راغ2004/10/28م
�ست اإ�ساباتنفي دجاليم2004/12/10م
جرح11 جندياعت�سم�نة2004/12/16م
م�قع ع�سكري2005/1/5ماإ�سابة 12 جنديا، منهم اثنان
خطرة
عدة اإ�سابات، اإحداها برت يدنت�سارمي2005/1/15م
قتل جمندةا�سديروت2005/7/14م
ا�سديروت2006/11/21مقتيل، واإ�سابات خطرة، وحرق
م�سنع
ا�سديروت2007/5/21مقتيلة، واإ�سابات خطرة، وتفجري
�سيارة
اأن لي�ؤكد �ساروخا؛ عاد �سيخا اختفى الذي الق�سام »اإن امل�سريي(: ال�هاب )عبد الإ�سالمي املفكر يق�ل 1
املخل�سني لق�ساياهم ل ينته�ن«.
158
التجمعات نح� غزة اأر�ص من تنطلق الق�سامية ال�س�اريخ زالت ول
ال�سهي�نية اإىل الي�م، بينما مل ينتقل هذا الأ�سل�ب اإىل ال�سفة الغربية، مع وج�د
العديد من املحاولت يف هذا املجال، اإل اأنها انتهت اإما بالف�سل، اأو ا�ستطاع
الحتالل اعتقال العاملني عليها واإيقاف تط�يرها.
159
العمل ال�صتخباري:
عملية قتل ال�صابط )نوعام كوهن(.
الزمان: 1994/4/13م.
املكان: بيت�نيا/رام اهلل.
اخللية: عبد املنعم اأب� حميد ـ خميم الأمعري/رام اهلل، )�سهيد(.
علي العام�دي ـ غزة، )م�ؤبد(.
النتيجة: قتل �سابط املخابرات واإ�سابة حار�سيه.
تهداأ قناة، ول لهم تلني الذين ل املجاهدين املنعم( من �سهيدنا )عبد كان
لهم حركة، فاعتقله الحتالل غري مرة، و�ساومه على وطنيته وانتمائه، واألح عليه
بالعمل معهم كعميل، مقابل الإفراج عنه، واإعطائه امتيازات عديدة.
اأن اأي املزدوج(، )العميل فكرة بطلنا ذهن اإىل قفزت الأثناء، تلك ويف
الفر�سة، له �سنحت اإذا ال�سهي�نية، حتى املخابرات مع العمل بقب�ل يتظاهر
�رضبها من الداخل.
ظن�ا املخابرات، حيث رجال ذلك فاأ�سعد القب�ل، قراره كان هنا، ومن
اأنهم وجدوا عينا لهم على املقاومة من داخلها، وبذا �سيجدون و�سيلة ل�رضبها.
اأ�سبح اإليه، حتى امل�كلة باملهمة للقيام يلزمه مبا باإعداده املخابرات بداأت
اآليات على معه واتفق�ا الق�سام، كتائب �سف�ف لخرتاق جاهزا بنظرهم
الت�ا�سل واللقاء.. ثم اأطلق�ا �رضاحه بحجة عدم اعرتافه بالتهم املن�س�بة اإليه.
وكان اأول ما قام به جماهدنا بعد الإفراج عنه، اأنه ت�جه اإىل اإخ�انه يف احلركة،
160
واأطلعهم على ما ح�سل معه، وو�سع نف�سه بني اأيديهم لتخاذ القرار املنا�سب.
ومل يكن اإخ�انه اأقل مبادرة، فقد وجدوها فر�سة �سانحة لالنتقام من الحتالل،
وهنا بداأ التخطيط، ومن ثم الإعداد والتنفيذ.
لقد كانت فر�سة �سنحت للمجاهدين لالنتقام من �سابط املخابرات امل�س�ؤول
عن الإ�سقاط والت�سال مع اخل�نة يف تلك املنطقة، ف��سعت خطة ت�سفيته زمانا
ومكانا وكيفية.
كانت اخلطة تق�م على اأن يتفق )عبد املنعم( مع ال�سابط )ك�هن( على لقاء
لتنق�ص عليه اأ�سد الكتائب بالنتظار؛ يف م�عد حمدد، ويف ذات امل�قع تكمن
ه� ومن معه.
كان امل�عد يف 4/13، واملكان: اأحد �س�ارع )بيت�نيا( يف رام اهلل، والكيفية:
تق�م على اأ�سا�ص اأن يح�رض ال�سابط مع مرافقيه ب�سيارة مر�سيد�ص عربية، ويجد
)عبد املنعم( يف امل�قع املتفق عليه، ويلب�ص لبا�سا مميزا حتى يعرف�ه من خالله،
في�سعد معهم يف ال�سيارة؛ لياأخذوه اإىل م�قع جمه�ل للقاء.
و�سع )عبد املنعم( التفا�سيل بني يدي اإخ�انه الذين ت�جه�ا مبكرا اإىل امل�قع،
واتخذوا و�سعية ال�ستعداد... ويف امل�عد املحدد وفق اخلطة املتفق عليها، جاء
�سابط املخابرات ومعه اثنان من مرافقيه، ظانا اأن رجال خائنا ل�سعبه يبحث عن
الفتات من عدوه ينتظره، لكنه ف�جئ بر�سا�ص الق�سام يرتقبه فيخرتق ج�سده
ومعهم املجاهدون ان�سحب بينما جرحى، وي�قعهم قتيال، فريديه معه، ومن
)عبد املنعم( فرحني مهللني.
161
ومن اأمثلة العمليات ال�صتخبارية الأخرى:
عملية قتل ال�سابط )نحماين(، يف 1993/1/3م، وعملية )ثقب القلب(،
يف 2000/1/18م، وعملية )ال�سهم الثاقب(، يف 2004/12/8م.
م�سيئة، �سفحات من و�سط�ر كثرية، ق�سامية بط�لت من مناذج تلك
حاولنا جمعها يف كتابنا )�سفحات من جهاد اأبناء الق�سام(، فلمن اأراد ال�ستزادة
الرج�ع اإليه؛ ففيه اخلري والنفع اإن �ساء اهلل.
* * *
162
163
و�صائل حتقيق الأهداف
164
165
و�صائل حتقيق الأهداف
حتتاج الع�سابات يف م�سريتها نح� حتقيق اأهدافها اإىل و�سائل واأدوات تعينها
عاب، وت�سهل عليها مهمـتها ومتكنها من بل�غ مرادها، وتق�يها يف م�اجهة ال�سر
ها وو�سائله التي يعتمد عليها يف حربه. وبها جتابه عدو
ك�رض على تعمل التي احللقات �سل�سلة يف حلقة ت�سكل الأدوات هذه اإن
اله�ة ال�سحيقة بني ق�ة العدو املادية، وق�ة )اجلاريال( والث�رات ال�سعبية، وهي
تقلل من كفاءة ق�ة العدو وفاعليتها يف �رضب احلركات الث�رية.
ويف هذا الف�سل، نناق�ص اأبرز هذه ال��سائل والأدوات، وهي:
اأول: التنظيم.
ثانيا: الت�صليح.
ثالثا: ال�صتخبارات.
رابعا: الإعالم.
خام�صا: التخفي والتمويـه.
يفرة، احلرب ال�رسي، النقاط امليتة. �صاد�صا: و�صائل الت�صال الآمنة: ال�ص
�صابعا: الإميان.
166
العدو، م�اجهة يف واملتكاملة احلقيقية الأ�سلحة ت�سكل ال��سائل هذه اإن
اإىل �رضب ي�ؤدي اأن نقطة �سعف، ومدخال ميكن ي�سكل منها اأي فقدان واإن
)اجلاريال(، وبالتايل اإف�سالها، وعدم بل�غها اأهدافها.
اأول: التنظيم
اإذا اإل حربها؛ يف تنت�رض اأو اأهدافها حتقق اأن ع�سابات حلرب ميكن ل
خ�سعت لتخطيط دقيق وتنظيم رتيب وتقييم مت�ا�سل، وف�ق ذلك كله قيادة
ينا�سبها. حكيمة قادرة على قراءة ال�اقع وتقدير واإ�سدار القرار احلكيم الذي
وبغري ذلك ت�سبح الث�رة اأقرب اإىل الهبة ال�سعبية التي تنفجر، ثم �رضعان ما تخب�
وينطفئ اأوارها دون اأن حتدث تغيريا ج�هريا على الأر�ص.
الع�س�ائية من �رضب هي الع�سابات( )حرب اأن اإذن ال�سامع يفهم فال
والالتنظيم، بل اإن ج�هرها ه� التنظيم، واأ�سا�سها الن�سباط والتناغم يف الأداء.
نعم! اإن وج�د تنظيمات عاملة على �ساحة املقاومة، تق�م بدورها يف اإدارة
النجاح. الأمان، ه� �سمان بر لري�س� على الث�رة القيادة وت�جيه مركب دفة
واأدارتها اإل ذكرها، اأ�سلفنا التي الناجحة الث�رات من معا�رضة ث�رة من وما
فات حركات وتنظيمات يراأ�سها مفكرون وث�ار ورجال جتديد ميلك�ن من ال�س
القيادية ما ي�ؤهلهم ليك�ن�ا على راأ�ص الهرم ويف م�قع القيادة والت�جيه. ولقد
و�سع ه�ؤلء املفكرون لث�راتهم خططا �ساملة تت�سمن عدة مراحل، ل بد للث�رة
اأن متر بها، وحددوا الأ�ساليب التي تتنا�سب وكل مرحلة، وال��سائل التي يلزم
ا�ستخدامها يف كل دور.
167
�سناعتها يف و�سارك�ا وحروبها، الث�رة تط�ر القادة ه�ؤلء واكب كما
ها وي�سري بها. وتط�يرها، وط�روا فكرهم معها، وابتدع�ا الفكر الذي ي�سرير
اأ�صكال التنظيم:
ومعرفة وال�سرتاتيجية، التكتيكية الأهداف، حتديد اأن علمنا فقد اإذا
الأ�ساليب التي حتققها، وو�سع اخلطط ومتابعة تنفيذها؛ يحتاج اإىل تنظيم دقيق،
تق�ده نخبة متميزة، ت�سري به اإىل النجاح..
واملجم�عات املقاتلني، الأفراد من كبريا عددا يح�ي الذي التنظيم هذا
التبعات من كبريا وقدرا العامة، والت�سكيالت الداعمة، والعنا�رض الثائرة،
هذه الرئي�سية، التنظيم اأ�سكال لأحد يخ�سع اأن من له بد ل وامل�س�ؤوليات؛
فطبيعة غريها، دون العمل من خا�سة حلالة منها كل ي�سلح التي الأ�سكال
الأر�ص، والعمل املحيط، والعنا�رض، واملهمات، والعدو... كلها ع�امل تفر�ص
�سكال حمددا وتقدمه على غريه، وترجح اأ�سل�با وترف�ص اآخر.
اأما هذه الأ�صكال التنظيمية فهي:
اأول: التنظيم الهرمي:
ن�سبة اإىل �سكل الهرم الذي ميثل راأ�سه املدبب راأ�ص التنظيم وقيادته، وقاعدته
ه� كما بالقاعدة القيادة فيه وتت�سل وعنا�رضه، التنظيم قاعدة هي العري�سة
تت�سل بامل�ست�ى الذي دونها ب�س�رة مبا�رضة، ويت�سل امل�ست�ى الهرم، فالقيادة
الثاين بقاعدة اأو�سع، والتي تت�سل بدورها بامل�ست�ى الذي يليها، وهكذا يك�ن
168
الت�سال من راأ�ص الهرم وحتى اأدنى الق�اعد.. )انظر الر�سم 1(.
ميتاز هذا الأ�سل�ب من التنظيم ب�سه�لة الت�سال و�رضعته بني حلقات التنظيم،
وعدم والت�سال، العالقة يف النفتاح ب�سبب مملة )بريوقراطية( وج�د وعدم
يف تكمن فيه، الأبرز ال�سلبية اأن اإل معل�مة. غري اأو مقط�عة خط�ط وج�د
�سه�لة اكت�ساف جميع حلقات التنظيم، واإمكانية ت�جيه �رضبة قا�سية اإىل جميع
حلقاته من راأ�ص الهرم اإىل قاعدته، فبحدوث خطاأ اأمني اأو اخرتاق داخلي، اأو
عرب التحقيق العتقايل؛ فاإن النهيار ل يت�قف اإل ب�سم�د اأو ا�ست�سهاد م�ست�ى
من ومتنعها املعادية، املخابرات اأمام الطريق تقطع التي ال��سل حلقات من
ال�ستمرار يف فرط عقد التنظيم وك�سف م�ؤ�س�ساته وعنا�رضه.. وعليه، فاإن هذا
املهنية اأو الجتماعية اأو النقابية اأو ال�سيا�سية لالأعمال اإل ي�سلح ل الأ�سل�ب
الع�سكري للعمل ي�سلح بينما ل ال�سديدة.. للمالحقة املعر�سة الهادئة، وغري
والأمني واخلاليا الثائرة املنت�رضة يف ميدان املعركة.
ر�سم )1(
القيادة
امل�ست�ى الثاين
امل�ست�ى الثالث
امل�ست�ى الرابع
169
ثانيا: التنظيم الراأ�صي:
ه� تنظيم �سبيه بالتنظيم الهرمي، اإل اأنه ميتاز بعدم ت��سيع قاعدة الت�سال،
ال��سل حلقة ي�سكل واحد �سخ�ص طريق عن حلقاته على الت�ا�سل فيك�ن
امل�ست�ى، اأكرث من �سخ�ص على هذا اطالع في�سمن عدم بني م�ست�ى واآخر،
وي�سمن عدم اطالع امل�ست�ى اإل على �سخ�ص واحد. واإذا مت ا�ستخدام الت�سال
بني احللقات عرب و�سيلة اآمنة )غري مبا�رضة( كالنقاط امليتة اأو ن�سف امليتة؛ فاإنه يزيد
من اأمنه و�سالمته. )انظر الر�سم 2(.
وميكن اعتماد هذا الأ�سل�ب يف العمل الع�سكري والأمني عم�ما، فه� اأكرث
اأمنا من �سابقه، لأن �سم�د �سخ�ص واحد ميكن اأن يك�ن كفيال ب�قف النزيف
ا�ستخدام و�سائل الت�سال اأن العاملني، كما واإبطال م�سل�سل النهيار وك�سف
الآمنة فيه ي�سمن قطع اخلط�ط، اإل اأن علته الأبرز هي ك�نه اأكرث بطئا وحاجة
لل�قت واجلهد.
ر�سم )2(
القيادة
امل�ست�ى الثاين
امل�ست�ى الثالث
170
ثالثا: التنظيم العنقودي:
�سبيه بعنق�د العنب يف �سكله، ولذا ين�سب اإليه، فه� يتمثل يف قيادة مركزية،
تت�سل بها جمم�عة من القيادات الفرعية، وكل منها تق�د خاليا فرعية منفردة،
جمم�عها يف ت�سكل بحيث فقط، اخلاليا بقيادة مرتبطة تك�ن بينها والعالقة
حبات عنق�د العنب.. )انظر الر�سم3(.
اإذن فكل حبـة متثل خلية منفردة، وهذه اخللية لي�ص لها اأي ارتباط مع اخلاليا
الأخرى العاملة، ولي�ص لديها اأي معل�مة تف�سيلية عنها، وقائد كل منها ل يعرف
ل القادة وكذلك الأعلى، قائده مع اإل ارتباط له ولي�ص الأخرى، املجم�عة
يعرف�ن اإل مروؤو�سيهم )قادة اخلاليا(، دون اأن يعرف�ا التفا�سيل الأخرى، فهي
اأكرث الأ�ساليب اأمنا، واأف�سلها اأداء يف العمل الأمني والع�سكري.
ر�سم )3(
171
رابعا: التنظيم الع�صوائي:
الذاتية واجله�د الفردية املبادرات على قائم عمل ه� الرجتايل(؛ )العمل
دينه وانتمائه جتاه به، القيام عليه يت�جب الذي بدوره الفرد قناعة من النابعة
ووطنه واأمته، فيبادر اإىل الت�سال بعدد من اأقرانه، وين�سئ معهم جمم�عة مقاتلة
اأو اأكرث، ل ي�جد بينها وبني غريها من اخلاليا اأو التنظيمات روابط ر�سمية اأو
خط�ط ات�سال تنظيمية.
ويعد هذا الن�ع من العمل معتمدا بكرثة يف جتربتنا الفل�سطينية، خ�س��سا
اأفرادا متلك التي اأو ات�سال، خط�ط لنف�سها جتد ل التي املجاهدة اخلاليا مع
بجه�دهم فيبادرون ع�سكري، جهاز اإىل منت�سبني غري وهم للجهاد، ت�اقني
الفردية لإن�ساء اخللية واإعدادها وحت�سيل ال�سالح والعتاد، فاإذا �سنحت الفر�سة
لهم لإيجاد روابط باإحدى الأجنحة الع�سكرية املقاتلة، فاإنها تعقد هذا الت�سال،
فتدخل �سمن هيكليته التنظيمية.
ولقد اأثمر هذا ال�سكل من العمل يف فل�سطني عن نتائج طيبة، فقد عملت
هذه اخلاليا مطمئنة لعلمها اأنها متلك مفاتيحها بيدها، ول ميكن جلهة اأن تك�ن
�سببا لت�ؤتى من خلفها، واإن اأي اعتقالت اأو حمالت قد تطال تنظيمات ثائرة
لن ت�سل يف النهاية اإىل ك�سف اأمر اخللية، فال ارتباط بينهما ي�ؤدي اإىل ك�سفها،
ول ميلك اأحد علما باأمر هذه اخللية وما ا�ستطاعت اإجنازه من مهمات.
لإدارة ي�سلح متكامال، ول تنظيما ي�سكل ل العمل من الل�ن هذا اأن اإل
اإىل بها ثائرة وي�سل ي�جه )جاريال( اأن اأو ث�رة مكتملة، اأو حتريك عام �ساأن
عف املادي، �س�اء بقلة ال�سالح، اأو الن�رض، كما اأن خالياه عادة ما تعاين من ال�س
172
بعدم القدرة على تغطية احتياجات العمل ماليا، ملا للعمل الع�سكري من تكلفة
وتبعات قد تثقل كاهل الأفراد بينما حتتمله التنظيمات.
ل�سلة(: خام�سا: التنظيم اخليطي )ال�سر
يك�ن الت�سال فيه من القيادة للقاعدة وبالعك�ص ويف جميع املراحل فرديا،
وبذا؛ ل يتعرف العن�رض اإل على عن�رض اأعلى منه، واآخر اأدنى منه، وفقط. )انظر
الر�سم5(.
)1( وبني )1( و)4(، وبني )2( و)4(، بني اإذن ات�سال هناك يك�ن فال
و)3(.
وميكن اأن يك�ن الت�ا�سل بني احللقات اأمنيـا )نقطة ميتة(، وبالتايل ل يتعرف
اأحد على اأحد بتاتا، ول يك�ن معه خلية يعرفها. فاإذا كان اعتقال اأي من عنا�رض
من واأبعد ال�سابقة، الأ�سكال من �سكل اأير من اأمنا اأكرث يك�ن فاإنه ال�سل�سلة
العرتاف، منه اأو عليه. اإل اأنه يبقى النم�ذج الأبطاأ، والأقل �رضعة يف الإجناز،
والأ�سعف قدرة على تفعيل املجم�عات، لأنه لالأفراد.
وي�سلح هذا ال�سكل لبع�ص املهمات الع�سكرية واجلهادية جل�دته الأمنية، اإل
اأنه ل ي�سلح بتاتا للعمل اجلماهريي، لل�سبب الذي ذكرناه.
مع عك�سيا يتنا�سب الأمن اأن نلحظ التنظيمي، العمل اأ�صاليب جمموع ويف
معرفة قادة واأفراد اخلاليا بع�سهم بع�سا.. فكلما ك�سفت اخلاليا على بع�سها،
)4()3()2(القيادة )1(
173
وكلما تعرف العامل�ن على بع�سهم، وكلما زاد عدد وحجم اخلط�ط امل��س�لة؛
قلت ن�سبة الأمان، وزادت املخاطر واإمكانية ال�سق�ط واحتمالية ك�سف اخلي�ط
واخلط�ط..
وكلما ا�ستخدم مبداأ قطع اخلي�ط عرب النقاط امليتة، وقلة املتعارفني، وكلما
وقلت الأمان، ن�سبة زادت واحتكاكا؛ ات�سال الأقل الأ�ساليب ا�ستخدمت
احتمالية ال�ق�ع والنهيار.
الع�سكري، وقطع التنظيم العنق�دي يف ت�سكيل ج�سم لذا، فاإن الأ�سل�ب
الأف�سل ال�سمان ه� الأمان، و�سائل عرب العمل وخط�ط الت�ا�سل خي�ط
ل�ستمرار اخلاليا العاملة يف مهامها ع�سية على الك�سف وال�سق�ط. ولقد �سهد
الق�سامية اخلاليا خاللها من عملت التي الطريقة اأن بنف�سه؛ ال�سهي�ين العدو
ال�رضيع �سق�طها دون �سكلت حائال الفل�سطينية ال�ساحة املنت�رضة يف املجاهدة
وانهيارها ال�سهل.
وعلى الرغم من ذلك، فاإن ق�س�را ل يزال يعرتي العمل الفل�سطيني املقاوم
من لعدد وال�رضيع املت�ا�سل ال�سق�ط واإن اآمنة، تنظيمية هياكل ت�سكيل يف
اإعداد الكفاءة يف اخلربة، و�سعف فانعدام ذلك. على دليل املجاهدين خاليا
وعدم العاملني، من العديد به وقع الذي وال�ستهتار التنظيمية، الت�سكيالت
ا�ستخدام الأ�ساليب الآمنة يف الت�ا�سل، كل ذلك �سكل بجملته ثغرات كانت
ت�سهم يف ت�سدع وانهيار اأركان العمل الع�سكري... ويف درا�ستنا )اأمن املطارد/
باب اأمن املجموعات( تف�سيل مفيد، نن�سح بالرج�ع اإليه.
174
ثانيا: الت�صليح
ل بد للمقاتل من �سالح ي�ستخدمه يف حربه �سد عدوه، هذا ال�سالح يتنا�سب
وطبيعة احلرب التي يخ��سها رجل الع�سابات. ومن املعروف بداهة اأن هناك
فرقا كبريا بني �سالح املقاتل الثائر، وبني �سالح الدولة املحتلة التي تقاتله؛ ففي
حني ميتلك الحتالل جي�سا نظاميا واأ�سلحة ثقيلة من الطريان والآليات الثقيلة
والقطع احلربية اأو البحرية والعتاد القتايل الهائل، فاإن الثائر ل ميلك اإل �سالحا
خفيفا ي�ستطيع القتال به منفردا، هذا ال�سالح اخلفيف ي�ساعده يف اتباع ق�اعد
الع�سابات ملك رجل وفـر ومباغتة وكمائن.. ول� كـر الع�سابات من حرب
للتدمري �سيتعر�ص وعندها به، الن�سحاب اأو اإخفاءه ا�ستطاع ملا ثقيال �سالحا
والفناء، اإل اإن كانت )اجلاريال( يف دولة �سديقة.
كما اأن اإمكانات )اجلاريال( الب�سيطة، والت�سييق الذي يفر�سه عليها املحتل،
وغريها من الأ�سباب؛ ل ت�ساعد يف امتالك ال�سالح الثقيل بكافة اأ�سكاله، ول�
ا�ستطاعت ت�فريه �ستبقى النقطة الأوىل حائال دون قدرة الث�ار على ا�ستخدامه..
�سالح على يح�سل اأن الثائر باإمكان اأ�سبح ال�سالح، ت�سنيع يف التقدم ومع
فعل كما الثقيل، ال�سالح م�اجهة من وميكنه وكفاءة، فاعلية ذو لكنه فردي
الأمريكية )�ستبحح( �س�اريخ على بح�س�لهم اأفغان�ستان يف املجاهدون
املحم�لة على الكتف، والتي ت�ستطيع اإ�سقاط الطائرات، فكانت �سهما اأ�ساب
الرو�ص يف مقتل، واآمل طريانهم املتف�ق.
من توفريه ا�صتطاعت ما م�صريتها عرب الفل�صطينية املقاومة ا�صتخدمت ولقد
�صالح، وهو �صمن الأ�صكال التالية:
175
اأول: ال�صالح الأبي�ش:
ـكني، ه� اأب�سط اأن�اع ال�سالح املادي الذي ميكن ملقاومة اأن تت�سلح به: ال�سر
ذلك ال�سالح الذي ي�ستخدمه من ل ميلك غريه، فاإذا تعر�ص للقهر وال�سطهاد،
ه يعيث يف الأر�ص ف�سادا ول يجد اأو راأى �سعبه يقتل ويذبح وي�رضد، وراأى عدو
من يرده، تتحرك يف املجاهد ن�ازع ال�طنية واحلمية والثاأر ورف�ص الظلم، ثم
ل يجد اأمامه �سالحا يحقق ثاأره، فيعمد اإىل �سالح ال�سكني، ل�سه�لة احل�س�ل
طـرم يف �سدره. عليه، فيجعل منها اأداة ثاأره، وو�سيلته التي يعرب بها عما ي�س
ل التي اخلا�سة املقاومة اأ�سكال بع�ص يف الأبي�ص ال�سالح ا�ستخدم ولقد
ي�سلح لها اإل ال�سالح الأبي�ص، ول ي�سلح غريه، مثل بع�ص عمليات الغتيال؛
كرجل املختطفني، اجلن�د بع�ص وكقتل )نحماين(، املخابرات �سابط كقتل
يفعل اإ�سدار �س�ت كما ا�ستخدامه ه� عدم )�سا�س�ن(... و�سبب املخابرات
ال�سالح الناري، وبالتايل ل يلفت النظر، ول يك�سف املنفذين.
ويقع �سمن اإطار ال�سالح الأبي�ص، اإ�سافة اإىل ال�سكني، ما ي�سابه عمله: كالفاأ�ص
وال�سيف واحلجارة والزجاجات الفارغة وكل ما ه� دون ال�سالح الناري.
ثانيا: ال�صالح الناري:
بالبنادق مرورا بامل�سد�سات، بدءا غالبا،
�سخ�سي عم�ما، خفيف �سالح
البدائية والأوت�ماتيكية، و�س�ل اإىل املدافع الر�سا�سة.
على الع�سابات ا�ستخداما يف حروب الأ�سلحة اأكرث ه� الناري وال�سالح
176
املقاومة اأ�سكال اأول فل�سطني يف ا�ستخدامه يف كان وقد مدار�سها، اختالف
امل�سلحة، فقد ا�ستخدمه الث�ار يف اأ�سل�ب الكمائن املفاجئة التي كان�ا ي�رضب�ن بها
مركبات العدو واآلياته وق�افل اإمداده وخط�ط مت�ينه وات�ساله، كما ا�ستخدم�ه
يف ال�ستباكات املبا�رضة وغري املبا�رضة، فاأثبت يف ذلك جناعة وجناحا.
كما ا�ستخدمه املقاوم�ن يف احلرا�سات ال�سخ�سية وحماية الذات والقيادات،
فما من مطارد اإل ويلزمه �سالح ناري يحمله دفاعا عن نف�سه، وردا لعدوه، ودفعا
للمخاطر عنه، فبدونه يك�ن عاجزا ل ميلك رد فعل، ول يجد اإل الت�سليم.
ولقد بداأ املجاهدون يف فل�سطني مقاومتهم باأعداد حمدودة جدا من ال�سالح
ه عر�س ما ذكرنا وقد الأخرى، ال�سالح لأن�اع كامل �سبه وبفقدان الناري،
ال�سيخ ال�سهيد )اأحمد يا�سني( يف هذا الباب، حني قال اأن قطعة ال�سالح ال�احدة
كانت تعمل بها جمم�عات الق�سام يف غزة، ثم تنتقل اإىل جمم�عات ال�سفة...
وهكذا!
اأما هذا ال�سح يف ال�سالح؛ فه� عائد اإىل احل�سار ال�سديد الذي فر�سه الحتالل
على احلدود الفل�سطينية من جهاتها الأربع، بحيث ي�سعب تهريب اأي قطعة من
ال�سالح والذخرية، والت�سييق ال�سديد داخل فل�سطني باملالحقة واملتابعة بق�س�ة
لكل من يفكر باقتناء ال�سالح اأو املتاجرة به، ولذا فاإنه يف اللحظة التي ا�ستطاعت
املقاومة فيها حفر اأنفاق �رضية بني قطاع غزة والأرا�سي امل�رضية، اأ�سبح ال�سالح
دائرا احلديث اأ�سبح بل �سالح، قطعة جماهد لكل اأ�سبح حتى بكرثة، يتدفق
ح�ل مفه�م )ف��سى ال�سالح( لكرثته و�سعة انت�ساره دون �س�ابط.
دخ�ل وانت�ساره؛ ال�سالح ت�فر من زادت التي الأ�سباب من فاإن كذلك
177
املناطق عدد اإىل النارية واأ�سلحتها الأمنية باأجهزتها الفل�سطينية ال�سلطة
الفل�سطينية.
اأما عن كيفية احل�س�ل على ال�سالح وا�ستخدامه واحلفاظ عليه، ففي باب
)اأمن ال�سالح( من درا�ستنا )اأمن املطارد( تف�سيل وب�سط ميكن الرج�ع اإليه.
ثالثا: ال�صالح املتفجر:
وه� اأحد اأ�سلحة اجلاريال الأ�سد فتكا.. ا�ستخدمته الث�رة الفل�سطينية قدميا،
ثم خبا جنمه زمنا، ليع�د من جديد مع مطلع الت�سعينات وبق�ة مت�ساعدة واأ�سكال
بغت بها متن�عة، خ�س��سا مع انطالق العمليات التفجريية ال�ست�سهادية التي �س
املقاومة الفل�سطينية.
ب�سكل املقاومة ا�ستخدمتها عديدة �س�را التفجري ل�سالح اأن ويالحظ
طريق يف تزرع التي العب�ات اأولها اأخرى، اأحيانا ومتزامن اأحيانا، مت�ساعد
التجمعات على ترمى التي اليدوية القنابل وثانيها املتحركة، العدو اأهداف
العمليات واأبلغها: واأرقاها وثالثها املتحركة، والأهداف الثابتة والنقاط
ال�ست�سهادية باأ�سكالها؛ �س�اء بالأحزمة اأو احلقائب اأو ال�سيارات املفخخة...
اأو النارية تاأثري كبري يف�ق مثيله من الأ�سلحة اأنه ذو وما مييز هذا ال�سالح،
التدمري اإىل بالإ�سافة اأبلغ، عليه املرتتب وال�رضر اأكرب، اأذاه اأن حيث البدائية،
الأكرب، والإ�سابات يحدثها، التي اجل�سيمة املادية واخل�سائر ي�ساحبه، الذي
والأكرث عددا يف الأرواح، كما اأنه يرتك اأثرا نف�سيا بالغا يف املحيط، قد يف�ق
اإعالميا �سارخا يف املجتمع.. دويا املبا�رضة، كما يحدث يف عمقه الإ�سابات
178
واأكرثها اأثرا هي العمليات التي حريت العدو ال�سهي�ين، ف�قف اأمامها �سامتا،
ومل يجد عليها اإجابة.
الت�سنيع مبداأ على التفجري عمليات يف الفل�سطينية املقاومة اعتمدت لقد
اإىل املركبات اأب�سط امل�اد الأولية لل��س�ل الدائم، وا�ستخدام الذاتي والتط�ير
من ا�ستخرجتها التي اجلاهزة )TNT( مادة ا�ستخدمت اأن فبعد املتفجرة،
الألغام الأر�سية وقذائف الهاون، ومادة كحل البارود امل�ستخرجة من الر�سا�ص،
ومادة الكربيت املاأخ�ذة من كربيت البي�ت، انطلقت لت�سنيع امل�اد املتفجرة من
اإىل عدة م�اد متفجرة الأولية، حتى و�سلت التنظيف وامل�اد الأ�سمدة وم�اد
اإىل منع هذه امل�اد، وفر�ص اأداتها يف �رضب عدوها، مما دفع الحتالل كانت
ح�سارا عليها وطلب متابعة م�سرتيها، الأمر الذي دفع املقاومة اإىل اإدامة البحث
عن م�اد جديدة اأكرث �سي�عا ينتج�ن منها متفجراتهم.
وقد اأدخلت املقاومة التط�ر التكن�ل�جي يف خدمة �سالح التفجري، يف حماولة
التفجري فانتقل املنفذ، على واأقل خطرا ب�رضية، تكلفة واأقل اأثرا، اأعمق جلعله
املجاهد مي�سكها بطارية اإىل واملنتهي بالعب�ة، امل��س�ل ال�سلك ا�ستخدام من
لت�سغيلها، م�سطرا اإىل البقاء قريبا منها، انتقل اإىل ا�ستخدام اأجهزة التحكم عن
بعد، والرمي�ت الذي ل يحتاج اإىل �سلك اأو بطارية، والهاتف النقال الذي ميكن
املجاهد من تفجري العب�ة من اأير م�قع كان.
املقاومة يف امل�ستخدمة الأ�سلحة مقدمة يف التفجري �سالح اأ�سبح وهكذا
الجتياح عمليات يف املدن عن الدفاع يف �س�اء عدوها، �سد الفل�سطينية
اأو واآلياته، لق�اته الكمائن ب ن�س اأو ال�سهي�ين، اجلي�ص ميار�سها التي املتكررة
ملهاجمته يف عقر داره وجتمعاته التي كان يح�سبها اآمنة.
179
اروخي: رابعا: ال�صالح ال�ص
�اريخ املحم�لة على الكتف؛ ونق�سد به ال�سالح ال�ساروخي اخلفيف، كال�س
ا�ستخدمته اأول �سالح �ساروخي للدروع، وه� امل�ساد )RBJ( مثل �ساروخ
املقاومة الفل�سطينية خارج فل�سطني، ثم اأ�سبح يف نهاية الت�سعينات بيد املقاومة
ى )اليا�سني(. يف )غزة(، اإىل اأن متكنت كتائب الق�سام من اإنتاجه حمليا حتت م�سم
ومثله �ساروخ )لو(، وه� قليل يف فل�سطني.
ى وي�سم )الهاون(، باملقذوفات بدءا اأر�سية؛ قاعدة ذات �س�اريخ ومنها
ال�س�اريخ اإىل حمليا، و�س�ل امل�سنعة ثم تاأتي جاهزة، والتي كانت )امل�رتر(،
نع )الق�سام(، والتي اأ�سبحت مفخرة �سناعة ال�سالح املحلية، الأر�سية حملية ال�س
وقد تط�ر هذا ال�ساروخ �سيئا ف�سيئا، ليزداد وزنه وحجمه ومداه وق�ة تفجريه،
ول يزال العمل على تط�يره جاريا، الأمر الذي ي�سعر الحتالل برعب كبري.
ولقد ا�ستطاعت املقاومة الفل�سطينية، وحتديدا كتائب الق�سام، ت�سنيع اأن�اع
عديدة من ال�س�اريخ امل�سادة للدروع، و�س�اريخ )اأر�صـ اأر�ص(، واملقذوفات،
من بق ال�س زال ول امليدان، هذا تت�سابق يف املقاومة الق�ى واأ�سبحت جميع
ن�سيب الق�سام.
اأهدافها والإثخان اأثبتت هذه ال�س�اريخ جناعتها وقدرتها على �رضب لقد
ها، وقد كان )لغباءها وع�س�ائيتها( ف�سل يف عدم قدرة العدو على اإيجاد بعدور
الأمريكي اجلي�ص بخرباء وا�ستعانته العلمي، تقدمه من الرغم لها، على م�ساد
واجلي�ص الربيطاين وغريها من اخلربات، وعلى الرغم من اإنتاجه عدة اأن�اع من
ال�سالح امل�ساد، وتط�يره اأ�سلحة اأخرى، وا�ستعانته باأ�سلحة جاهزة... اإل اأنها
ف�سلت كلها يف اإ�سقاط �ساروخ الق�سام اأو الت�سدي له.
180
عب، لذا، فقد خلقت هذه ال�س�اريخ حالة من )ت�ازن الردع(، واأثارت الر
معه يـجـد فلم جمتمعه، وعم�م والع�سكرية الأمنية واأجهزته العدو واأذهلت
�س�ر واق، اأو حزام اأمني، اأو ح�سار ع�سكري، اأو اإجراءات م�سددة، اأو رقابة
دائمة... كما مل يعد املقاوم بحاجة اإىل النطالق بنف�سه ومبتفجراته اإىل هدفه،
فال�ساروخ يق�م باملهمة عنه.
حماولته را؛ م�ؤخ ال�سهي�ين الكيان على ظهرت التي الرعب اأ�سكال ومن
اإيجاد دروع معن�ية ثقيلة على جميع املباين يف مدينة )ا�سديروت(، باعتبارها
الأكرث تعر�سا ل�س�اريخ الق�سام وت�رضرا منها، اإل اأنهم عدل�ا عن الفكرة لعدم
جدواها، ولرتفاع كلفتها، ولأن الكتائب و�سعت نطاق ال�س�اريخ واأ�سبحت
قادرة على �رضب مراكز اأخرى.
ا�ستخدام حاولت املجاهدة املجم�عات بع�ص فاإن �سبق، ما اإىل اإ�سافة
اإىل وقاتلة �سامة كيماوية م�اد باإ�سافة وذلك مرة، غري )الكيماوي( ال�سالح
بع�ص اأ�سلحة التفجري، وقد ك�سفت التحقيقات هذه املحاولت، اإل اأن الأمر ل
التنفيذ احلقيقي، وذلك التجربة واملحاولة والتفكري، ومل يدخل حيز يزال قيد
يف اع ال�رض باإدخال املقاومة رغبة عدم ال�سبب يك�ن وقد عديدة، لأ�سباب
اإىل ردة فعل قا�سية وف�ق ت�ؤدي اآثارها وخيمة، وقد مرحلة جديدة قد تك�ن
الطاقة.
هذه هي الأ�سلحة اخلفيفة التي ت�سلحت بها املقاومة الفل�سطينية داخل ال�طن،
اأما خارجه؛ فقد ا�ستطاعت املقاومة اأثناء ت�اجدها يف لبنان احل�س�ل على بع�ص
اأن�اع الأ�سلحة الثقيلة، كالدبابات الرو�سية )T55(، وبع�ص ال�س�اريخ امل�سادة
للطريان، واملدافع الثقيلة، وراجمات ال�س�اريخ، واأن�اع اأخرى من ال�سالح، اإل
181
اأنها ا�ستخدمت بغالبها يف ال�رضاع الداخلي واحلرب الأهلية، وانتهى مع خروج
ق�ات الث�رة نح� اجلزائر.
اإن التن�ع يف �سالح املقاومة الذي متلكه، يعطيها ق�ة ومرونة وقدرة على
ا�ستخدام ال�سالح الأن�سب يف ال�قت الأن�سب، وي�ساعد يف ت�جيه �رضبات اأكرث
من فيزيد القادم، ت�قع على قدرة واأبعد اأ�سد حرية ويجعله لالحتالل، اإيالما
املقاومة متعددة، وميكنها من اأنه يجعل بدائل املفاجاأة واأثرها فيه. كما حجم
املناورة، فتتخري ال�سالح الأن�سب من بينها، وتل�ح باأ�سكالها املختلفة.
ثالثا: ال�صتخبارات
ل بد لكلر ث�رة م�سلحة وجماعة منا�سلة من الت�سلح بال�سالح ال�ستخباري
على ويعينها مكائد عدوها، من ويقيها ا�ستقراريتها، لها ي�سمن فه� الأمني؛
من احلديثة الع�سابات حرب مناذج من من�ذج يـخل ومل مهامها... تنفيذ
جهاز ا�ستخباري ي�ؤدي هذا الغر�ص، بل اإن معلمنا ر�س�ل اهلل ] اعتمد مبداأ
ك�سف على تعمل التي ال�ستطالعية الفرق باعتماد وال�ستخبار ال�ستطالع
على وتعمل حتركاتهم، وت�ستطلع اأخبارهم، �ص وتتح�س امل�سلمني، اأعداء ن�ايا
اإي�سال معل�مات مغل�طة اإليهم. كما حر�ص ] يف ذات ال�قت على اأن يقتدي
اأ�سحابه به ويحذوا حذوه، يق�ل عنه الكاتب )منري الغ�سبان( حتت عن�ان؛ )ق�ة
املخابرات النب�ية(: »ل� وقفنا على ال�رضايا والبع�ث والغزوات يف هذه املرحلة،
لأذهلنا ق�ة املخابرات النب�ية ب�س�رة يكاد ل ي�سهد لها التاريخ مثيال«)1(.
رية النب�ية(، اأ. منري الغ�سبان. 1 )املنهج احلركي لل�سر
182
ثم تبعه �سحابته الأخيار من بعده)1(، فاقتف�ا اأثره، فهذا عمر بن اخلطاب
ي اهلل عنه، ي�سع بع�سا من ق�اعد الر�سد وال�ستطالع يف و�سيته ل�سعد بن ر�س
ي اهلل عنه، قائد جي�ص امل�سلمني يف معركة القاد�سية، فيق�ل له: اأبي وقا�ص ر�س
»اإذا وطئت الأر�ص فاأر�سل العي�ن، ول تخف عليك اأمرهم، وليكن عندك من
العرب اأو اأهل الأر�ص من تطمئن من ن�سحه و�سدقه، فاإن الكذوب ل ينفعك
ه، والغا�ص عني عليك ولي�ص عينا لك«. دقك بع�س خربه واإن �س
اإن اأهمية العمل ال�صتخباري تكمن اأ�صا�صا يف اأمرين اثنني، ينبثق عنهما فروع
عديدة:
اأولهما: اإعطاء رجل الع�سابات واملجم�عات املقاتلة الطماأنينة وال�ستقرار
والتخطيط والإعداد للعمل الكامل التفرغ اإىل يدفعه مما بالأمان، وال�سع�ر
ل�رضب عدوه والنيل منه، فه� يثق ب�ج�د عي�ن �ساهرة وجن�د جمه�لني يق�م�ن
على حمايته واحلفاظ عليه من اأن ي�ؤتى من ماأمـنه، اأو اأن يطعن على حني غرة.
متركزه، واأماكن العدو، عن والتف�سيلية الالزمة املعل�مات ت�فري ثانيا:
املعل�مات اإمداده، وكيفية حتركه، ونقاط �سعفه وق�ته، وغريها من وخط�ط
التي حتتاجها اخلاليا يف عملية �رضب العدو والإثخان فيه، واإن هذه املعل�مات
ت�فر للمقاتل �س�رة جليـة عن هدفه، وجتعله �سيدا �سهال له، في�سع اخلطة التي
تتنا�سب وطبيعة الهدف زمانا ومكانا وهيئة.
ح�لها، من ال�اقع معرفة على )اجلاريال( يعـني ال�ستخباري العمل اإن
تك�ن لذلك، ول فت�ستعد له، والتخطيط يدور يف حميطها ما على والطالع
حيق املخت�م(، املباركف�ري. 1الر
183
يف غفلة، ول تفاجاأ بالنازلة وهي يف �سبات عميق، وبالتايل ي�ساعدها يف اتخاذ
الحتياطات الالزمة مل�اجهة كلر خطب.
واملتابع للعمل ال�صتخباري، يالحظ اأنه ينق�صم من حيث مهامـه اإىل ق�صمني:
اأول: الأمن الداخلي:
ويق�م على متابعة الأو�ساع الداخلية للتنظيم وخالياه العاملة، حفظا وترتيبا
واإعدادا، فه� ي�سمل:
اأـ اأمن الأفراد: ويعني احلفاظ على �سالمتهم وحمايتهم مما يتهددهم، و�س�ن
دمائهم واأرواحهم، وعدم تعري�سهم ملا فيه هالكهم اأو اأذيتهم، ففي ال�قت الذي
العدو تبني حركة ا�ستخبارية حية و�ساخنة التنظيم على معل�مات فيه ل يتح�س
التي القيادة يدي املعل�مات بني ت�سع فاإنها ن�اياه، �سيئا من فتك�سف وق�اته،
هم. ت�جه الأفراد ملا فيه �سالمتهم، فتحفظهم من ال�ق�ع يف قب�سة عدور
يف ال�ق�ع من املقاومة جن�د ن يح�س الأفراد( )اأمن فاإن اآخر، باب ومن
�رضك احلرب النف�سية التي عادة ما ي�سنها العدو عرب اإعالمه امل�سلرل، حيث ين�رض
عر يف اأو�ساط رجال املقاومة، وت�سعهم يف �س�رة مغل�طة معل�مات كاذبة تثري الذ
ت�سككهم يف قيادتهم وقدراتها، ويف اإمكانية ا�ستمرارهم وانت�سارهم، فاإذا ما
واقع ال�سحيحة عن املعل�مات املقاومة ق�ى ال�ستخبارات يف اأجهزة وفرت
اأمام املقاتلني، فاإنها فتكفل الحتالل وحاله، وعن جمريات الأم�ر، وو�سعتها
لهم الطالع على حقيقة احلال، وما يتكبده الحتالل من معاناة وخ�سائر، وما
من املقاومة به تتمتع وما املقاومة، جراء ونف�سية مادية اأ�رضار من له يتعر�ص
رباطة جاأ�ص، وقدرة على العمل، وتقدم يف الأداء، واإجناز على الأر�ص، وحتقيق
184
لالأهداف... وما يحيطها من تعاطف اأممي، وتاأييد عاملي، والتفاف جماهريي،
هم واندفاعهم، ويرفع �سقف فاإن ذلك كله يرفع همم املقاتلني، ويزيد من حما�س
ا�ستعدادهم وقناعتهم بعدالة ق�سيتهم، ويحفظهم من ال�سطراب.
ومعل�ماتها اأ�رضارها جماعة اأو ث�رة فلكل والأ�رسار: املعلومات اأمن ـ ب
ها، ولها �نها من ال�ق�ع يف اأيدي عدور التي ت�سعى اإىل حفظها، وتعمل على �س
اأر�سيفها الذي جتتهد يف الحتفاظ به بعيدا عن الأعني اإىل حني حاجة، مبا يح�يه
هذا الأر�سيف من اأوراق ووثائق وم�ستندات وخمط�طات، وهي تعلم اأن وق�ع
ها يعد �رضبة قا�سية قد ت�سيبها يف مقتل، وحتديدا هذه املعل�مات يف اأيدي عدور
اإن حتدثنا عن جماعة ع�سكرية جماهدة، فهي اأ�سد حر�سا على �س�نها وحفظها
باأ�سلم الطرق.
هذه الأ�رضار على اختالف م�سمياتها واأ�سكالها حتتاج اإىل من يق�م بحفظها،
راأ�سه، ميالأ الذي ـه وهـم ال�ساغل، �سغله وتك�ن املهمة، بهذه يخت�ص بحيث
ومهنته التي يبدع فيها، فيبحث عن اأجنع الطرق وال��سائل التي حتقق له الهدف،
وي�سع اأعتى العراقيل التي حت�ل دون ت�رضيبها اأو ال��س�ل اإليها، وي�رضف ب�سكل
دائم على �سالمتها، ويعنى باإ�سافة كلر جديد اإليها، ويق�م على ا�سرتجاع الالزم
منها.
ومع التقدم العلمي، ووج�د الكمبي�تر والإنرتنت، اأ�سبح من ال�اجب على
اأهل ال�ستخبارات والأمن يف املقاومة اأن يعمدوا اإىل التبحر يف فن�ن هذا الباب،
وا�ستخدام ما ميكن منه يف �سبيل حتقيق اأعلى قدر من الأمان لأ�رضار ومعل�مات
املقاومة.
185
ومن العل�م التي وجب على اأهل الخت�سا�ص الهتمام بها؛ ملا لها من دور
ـرية(، ولنا معها يف اأر�سفة وحفظ املعل�مات، )علم الت�سفري( و)علم الكتابة ال�سر
وقفة فيما ه� اآت.
ج ـ اأمن احلفظ من الخرتاق: لعل من اأبرز ما يق�م به جهاز الأمن، ه� حفظ
ج�سم يف اإحداثه اإىل العدور ي�سعى الذي الخرتاق من �سليمة وث�رته تنظيمه
الث�رة وق�اها املنا�سلة والعاملني فيها.
فالعدو يفهم يقينا، كما نفهمه نحن، اأن خري و�سيلة ل�رضب املقاومة والإجهاز
عليها؛ هي �رضبها من الداخل عرب زرع عمالئه ومند�سيه يف �سف�ف الث�رة،
مة، ليك�ن�ا قادرين على ت�رضيب املعل�مات وال�سعي اإىل البل�غ بهم اإىل مراكز متقدر
في�سهل ب��س�ح، وتعريه التنظيم هيكلية تك�سف والتي العدو، اإىل الالزمة
العمليات تخ�ص التي املعل�مات والإبالغ عن فيه، العاملني وا�ستئ�سال �رضبه
اجلهادية قبل حدوثها، في�ستعد العدو لها ويحبطها، كما يق�م�ن بت�س�يه �س�رة
الث�رة واملقاومة من خالل ف�سح بع�ص العمالء العاملني يف �سف�فها، واإظهارها
كمجم�عة من الـخ�نة والعمالء، وبالتايل تنتزع الثقة منها.
كما يهدف العدو من خالل ه�ؤلء العمالء اإىل حرف الث�رة عن م�سارها،
قيادية وم�اقع تب�اأ منا�سب اإن كان�ا ممن واإخراجها من م�سلكها، وخ�س��سا
وال�سعب، املقاومة اأبناء همم تثبيط العدو من خالل عمالئه ويحقق متقدمة.
واإحباط جه�دهم، والتخذيل عنهم ومن ح�لهم، وبذا فاإن مثل ه�ؤلء العمالء
وجماهدو الع�سابات مقاتل� له يتعر�ص ما اأخطر من هم الأغرا�ص؛ متعددي
املقاومة.
186
ولقد جنح عدو الث�رة يف جميع التجارب املعا�رضة يف زرع بع�ص عمالئه يف
�سف�ف الث�ار، فحقق جزءا من اأهدافه، لكنه اأخفق يف حماولت اأخرى، وف�سل
يف حت�سيله اأهدافا اأخرى.
العقاب واإنزال واخل�نة، العمالء ك�سف يف مرارا الث�ار جنح فقد كذلك
اأخطار، درء من متكن�ا وبذا هدفهم، بل�غ من اآخرين ومنع بحقهم، العادل
وتقليل خ�سائر، واإجناح عمل.
ة، د ـ اأمن التعبئة والتوجيه: فكما اأن حلركات املقاومة اأجهزتها الأمنية املخت�س
�سا، وهي ت�سل الليل بالنهار ها اأجهزة تف�قها عددا وعدة وتنظيما وتخ�س فاإن لعدور
بعملها حتاول وهي واأذرعتها، املقاومة ل�رضب وتنفيذا وعمال وتخطيطا بحثا
التط�ير والبتكار، ف�سال عن ا�ستخدام الأ�ساليب التقليدية املتبعة، فال بد للمقاومة
دها وحماولة من متابعة اأ�ساليب هذه الأجهزة وو�سائلها يف �رضب املقاومة ور�س
ال�ق�ف عليها، واإيجاد العالجات واحلل�ل الأمثل التي تـحد من خطرها.
�س�رة ل تف�س اأمنية ثقافة اإيجاد املقاومة؛ حماية اأ�سا�سيات من فاإن وكذا
املجتمع، اأمام اخلبيثة العدو هذا و�سائل وتعري الثغرات، فتك�سف ها، عدور
اآثارها، كدرا�سة ظاهرة )الع�سافري(، و�رضح النجاة منها واتقاء وتعلمهم كيفية
وحل يف والإيقاع الإ�سقاط و�سائل وبيان ال�سم�د، وكيفية التحقيق اأ�ساليب
اخليانة، والإر�ساد اإىل طرق ال�قاية من ذلك كله.
البحث، اإىل ال�ستفا�سة يف التي حتتاج الهامة العناوين يعد من هذا وغريه
وت�عية املجتمع عم�ما، والق�ى املقاومة واجلن�د املجاهدة خ�س��سا باملعل�مات
التي ت�فر لهم احلماية والأمان.
187
ثانيا: الأمن اخلارجي:
ويهتم بالعدور اخلارجي، ومعرفة اأكرب كم من املعل�مات عن مراكز جتمعه،
وخط�ط اإمداده، وكيفية حتركه، واآلية عمله، وماهية نظامه الأمني الذي يحمي
به نف�سه، وطرق ات�ساله، ومكامن ق�ته، ونقاط �سعفه، وه� مق�س�م اإىل:
العدو، عن الدقيقة املعل�مات معرفة على ويق�م وال�صتطالع: د �ص الر ـ اأ
وحتديد الطرق الأمثل ل�رضبه والإيقاع به والتعامل معه، كما يحاول الطالع
والتعرف على خمططات العدو ون�اياه املبيتة، ومن ثم التعامل مع هذه املعل�مات
طات، وال�سعي اإىل اإبطالها، واتخاذ التدابري الأمنية الالزمة التي حتبطها واملخط
وتتقي �رضورها.
اإن من ق�اعد العمل الع�سكري، اأن )الر�سد ن�سف العمل الع�سكري(، وقد
نف�سك، عرفت اإذا خ�سارة؛ دون معركة اأي تخ��ص اأن »با�ستطاعتك قيل:
تعررف والتي الدقيقة، املعل�مات جمع من بد ل وبالتايل ك«، عدو وعرفت
هم، وثغراته التي ميكن اأن ياأت�ه من قبلها... فال ميكن مقاتلي الث�رة بحقيقة عدور
اأن تق�م على مهمة قتالية غري حم�س�بة بدقة، اأو بدون اأن للمجم�عات املقاتلة
تخرب هدفها ب��س�ح، وتعرف كيفية ال��س�ل اإليه واآلية �رضبه، وطريقة الع�دة
يلزمها املهمة من رجال وعتاد واإمكانات؟ وكم الذي حتتاجه املاأمن، وما اإىل
من ال�قت حتى تنجز؟ وما هي املخاطر التي حتفها؟ والط�ارئ التي ميكن اأن
كثرية وحماور امل�ستجدات؟ هذه مع ال�سليم التعامل وكيفية خاللها؟ ت�ستجد
واأ�سئلة عديدة ل تاأتي الإجابة عليها اإل عرب معرفة دقيقة و�ساملة بحالة العدو.
وال�ستطالع، الر�سد لغر�ص �سة متخ�سر فرقا الق�سام كتائب اأوجدت لقد
188
اأطلقت عليها )كتائب املرابطني(، وهي فـرق كثرية العدد من املجاهدين، م�زعة
وجتمعاته، اجلي�ص حركة على التعرف هدفها غزة، قطاع حدود ط�ل على
باأدوار الفرق القيادة، وقد قامت هذه بيد ن�ساطاته، وو�سع ذلك كلره ور�سد
الطائرات حركة بر�سد وذلك املتكررة، الغتيال حماولت م�اجهة يف طيبة
املتجهة اإىل القطاع، والإبالغ عنها قبل و�س�لها لأخذ احليطة واحلذر.
اأن وال�ستطالع �سد الر لفرق ميكن فاإنه والتقني، العلمي التقدم ومع
باأدوات مرورا الليلي، الر�سد باأجهزة بدءا رة، متط�ر تقنية و�سائل ت�ستخدم
ت�فريها ميكن خرائط من يح�يه وما الإنرتنت اإىل و�س�ل مة، املتقدر الت�س�ير
على خدمة )Google earth(، وكل ما من �ساأنه خدمة هذا الهدف.
والناظر اإىل جتربتنا الفل�سطينية، يجد اأن الغالبية العظمى من عمليات املقاومة،
دي، يهدف اإىل معرفة اأكرب قدر من املعل�مات عن �سبقها ن�ساط ا�ستطالعي ر�س
الهدف، حتى ي�ستطيع املقاوم�ن حتديد تفا�سيل املهمة.
ب ـ الخرتاق امل�صاد )اجلا�صو�صية(: اإن قمة النجاح ال�ستخباري يف احلرب
بزرع اخرتاقه ت�ستطيع اأن ه� املحتل؛ ها وعدور الثائرة )اجلاريال( بني الدائرة
عي�ن لها )ج�ا�سي�ص( يف ج�سمه، ليق�م�ا باأدوار عديدة تخدم املقاومة وت�رضب
املحتل، واإن جناح املقاومة يف اإدخال عن�رض لها يف ج�سم العدو عرب ما ي�سمى
اأدائها، يف وتقدمها املقاومة لقدرة رائعا مدل�ل يعطي املزدوج، بالعميل
يبذله من جه�د الرغم مما العدو و�سعف دفاعاته، على اإىل ه�سا�سة ي�سري كما
واإمكانات لتق�يتها.
189
ولذا، فاإن اأي )عميل( يتم ك�سفه يف اأجهزة العدو، فاإنه ي�ست�قف اجلميع،
زا. وتثار عليه �سجة كبرية، ويعطى اهتماما مرك
فعلت كما حروبها؛ يف الخرتاق اأ�سل�ب العظمى ول الد اعتمدت لقد
ال�ليات املتحدة الأمريكية والحتاد ال�س�فيتي يف )احلرب الباردة( التي دارت
واإمكانات ومقدرات وم�ازنات، �ست يف ذلك جه�دا لعق�د، وخ�س بينهما
وقد كانت الق�ة ال�ستخبارية لأي طرف تقا�ص مبقدار ما يحققه من اخرتاق يف
�سف�ف خ�سمه.
ها، وكذا اعتمدت الث�رات هذا الأ�سل�ب يف م�اجهاتها املفت�حة مع عدور
فقد متكنت املقاومة الفل�سطينية من ردر اعتبارها مرارا عرب عدة اخرتاقات اأحدثتها
هي�ين. يف جدار الأمن ال�س
وقد ا�صتطاعت املقاومة من خالل اخرتاقاتها حتقيق عدة اأغرا�ش:
- فقد متكنت من ت�سليل العدو، وذلك باإي�سال معل�مات خاطئة عرب عمالء
مزدوجني �رضف�ا النظر حينا عن بع�ص املجاهدين، و�سلم�ا معل�مات جتعل
بحث اأجهزة الأمن ال�سهي�نية ي�سري يف الجتاه اخلاطئ.
- احل�س�ل على معل�مات ا�ستخبارية عن الحتالل واأذنابه، �س�اء بالطالع
جي�سه، حتركات عن معل�مات مبعرفة اأو وك�سفهم، عمالئه اأ�سماء على
على احل�س�ل �رضور( اأب� )ماهر ال�سهيد فيها ا�ستطاع التي بالطريقة اأو
عن امل�س�ؤول هي�ين ال�س املخابرات �سابط قتل عندما وذلك املعل�مات،
اأعدها الحتالل اأن كان على اتفاق معه للقائه يف �سقة جتنيد العمالء بعد
لغر�ص الت�سال بالعمالء، ثم ا�ست�ىل �سهيدنا على حقيبة اأوراقه وما حت�يه
من وثائق ومعل�مات.
190
ورجال �سباط وقتل الأمنية، واأجهزته لالحتالل قا�سية �رضبات ت�جيه -
اأب� املنعم )عبد ال�سهيد عملية اأبرزها من كثرية، ذلك واأمثلة خمابراته،
حميد(، الذي ت�اعد مع م�س�ؤول كبري يف املخابرات على اللقاء يف مكان
ومرافقه، ه� قتله من فتمكن�ا كمينا، فيه اأعدوا قد الكتائب اأبطال كان
وكذلك عملية ال�سهيد )ماهر اأب� �رضور(، وعمليتا )ثقب القلب ( و)ال�سهم
الثاقب( يف قطاع غزة، وغريها...
اأمنية ا�ستخبارية بالدرجة الأوىل ول - لقد كانت حربنا مع الحتالل حربا
قال�ا عندما ال�سهي�نية، الأمنية الأجهزة قادة عنه عبـر ما وهذا زالت،
»اإن معركتك مع )حما�ص( معركة رابني(: )اإ�سحاق العدو لرئي�ص وزراء
اأمنية، ونحن نكفيك اإياها«، وقد رد اهلل كيدهم اإىل نح�رهم. ولذا ل بد
لنا من اأن ن�سع الأمر يف ن�سابه من حيث الهتمام والأول�ية.
رابعا: الإعــالم
لمية التي متلك تاأثريا كبريا على النا�ص يف كلر يعـد الإعالم من الأ�سلحة ال�سر
ـ )ال�سلطة الرابعة(؛ لما اأو حربا، وقد ا�سطلح على ت�سمية الإعالم ب الظروف �س
لطات الثالث: التنفيذيـة والت�رضيعيـة والق�سائيـة. ملا ميلكه من تاأثري كبري ي�ازي ال�س
و�سلطة الإعالم نابعة من ك�نه �ساحب تاأثري على اجلمه�ر حيثما كان، اإىل
وكاأنه بدا قراراتهم، حتى ويح�سم ت�جهاتهم، ويحدد فكرهم، يبني اأنه حدر
ميلك عليهم �سلطة لكنها بالإقناع، واإن كان الإعالم قدميا ميلك هذه ال�سلطة،
فاإنه ميلك الي�م اأ�سعافها.
191
ويف حرب الع�سابات، يربز الإعالم ك�سالح مقاوم واأداة قتالية، واأ�سل�ب
ل متلك ث�رة
ن�سايل م�از حلمل ال�سالح و�رضب العدو، فه� �سالح ا�سرتاتيجي
ال�سبب فاإن علمنا دوره؛ عرفنا فيه، ـر تق�سر اأن اأو ت�ستغني عنه، اأن مقاومة اأو
الذي جعله �سالحا ا�سرتاتيجيا ولي�ص تكتيكا قتاليا.
دور الإعالم املقاوم:
اإيقاع اإىل يهدف فاإنه ه؛ عدور �سدر اإىل و�س�به �سالحه املقاوم امت�سق اإذا
اأر�سه، فاإن كان العمل املقاوم مقت�رضا الأذى به وحـمـله على الن�سحاب من
على هذا الأ�سل�ب، فاإن تاأثريه يبقى حمدودا مقت�رضا على من تلقى ال�رضبة املبا�رضة،
اأثره، ي�ساعف مفع�له، ويعمم فاإنه له؛ م�از اإعالم املقاوم العمل رافق اإذا اأما
ويقطف ثماره، وهذا ما عرب عنه العقيد الإ�رضائيلي )�سم�ئيل نري( بعد احلرب
بطائراتنا اهلل نحارب حزب كنا فقال: »لقد لبنان، اهلل( يف جن�ب مع )حزب
ودباباتنا يف لبنان، بينما كان يهزمنا يف بيوتنا من خالل التلفزيون«. فقد كان تاأثري
الإعالم اللبناين اأق�ى من تاأثري ال�س�اريخ، وكان كل مقاتل يتحرك لتنفيذ عملية؛
ر لت�ثيق ما يق�م به، وكل اأم يه�دية كانت ترى النفجار على يتحرك خلفه م�س�ر
التلفاز؛ تت�س�ر اأن ابنها ه� ال�سحية.
يف يتعداه كما م�ساحته، يف ال�سالح اأثر يتعدى الإعالم اأثر فاإن ولذا،
اأبناء ال�سعب اأثرا داخليا يف نف��ص ه، فاإن له اأثرا يف عدور اجتاهاته، وكما اأن له
املجاهد. واإن من اأدوار الإعالم يف حرب الع�صابات ما يلي:
- رفع معن�يات ال�سعب و�سحذ همته، وتنمية �سم�ده، وزيادة اإ�رضاره على
192
ه وحت�سيل حق�قه، واإقناع هذا ال�سعب بقدرته على دحر عدوه جمالدة عدور
حتى ل� ظهر ميزان الق�ى راجحا لكفة الحتالل. فه� يربز م�اطن الق�ة
لدى املقاومة، ويعر�ص اإجنازاتها، وي�رضب الأمثلة العاملية على جناح اأ�سحاب
عف الحتالل وه�سا�سة احلق يف انتزاع حق�قهم من مغت�سبيها، وه� يربز �س
جراء عليه بدت التي عف ال�س مناحي بع�ص ويظهر ق�ته، وزيف كيانه،
�رضبات املقاومة.
- تثقيف ال�سعب ب�ستى األ�ان الثقافة الث�رية والأخالقية التي يجب اأن يتحلى
بها، وتعليمه كيف تك�ن املقاومة وال�سم�د، والآليات املثلى يف امل�اجهة.
منها، ال�قاية وكيفية وم�سائده، ومكائده الحتالل بد�سائ�ص ه يب�رض فه�
كيد يرد كيف ويعلمه بل فيها، ال�ق�ع وجتنب اآثارها، من والعالج
الحتالل اإىل نحره، فريتد على اأعقابه دون اأن ينال بـغيته.
- وه� كذلك ين�رض ثقافة م�سادة للثقافة ال�ستعمارية التي يحاول الحتالل
اإل ق�ة احتالل ع�سكرية فما من املقه�ر. ال�سعب اأذهان يغر�سها يف اأن
ال�سعب اأنظار اإىل �رضف تهدف ت�سليلية ثقافة ين�رض اإعالم ق�ة �ساحبها
عن ق�سيته، واإ�سغالهم بت�افه الأم�ر عن عظائمها، ون�رض الرذيلة والف�ساد
اإعالم من الإعالم لهذا بد ول واجلهاد، املقاومة عن ي�سغلهم الذي
م�ساد.
ود عن املقاومة، - ن�رض اأفكار )اجلاريال( وعدالة ق�سيتها عامليا، والدفاع والذ
ورف�ص الحتالل، وتعريف الأمم بها ومب�سداقيتها، والرد على كلر ما يدور
منرب من و�سع�به العامل وخماطبة وت�سليل، واتهامات �سبهات من ح�لها
ين�سف الق�سيـة وينت�رض لها، وي�سعها يف ن�سابها ال�سحيح، واإل فاإن العامل
193
ه، واإعالم م�سلل، باأممه و�سع�به ل ي�سمع عنها اإل من فم مغر�ص، ومنرب م�س�
وتفقد الق�سية تاأييدا ودعما هي بحاجة اإليه.
غري من املقاوم فالعمل اأ�سلفنا، كما العدو على كبري تاأثري ذو والإعالم -
العرتاف عدم اإىل الحتالل يدفع ما وهذا اأثره، من كثريا �سيفقد اإعالم
بخ�سائره خمافة اأن يتزعزع ا�ستقرار جمتمعه. فاإذا كان الإعالم املقاوم ق�يا،
من بيت كلر اإىل بها وي�سل وي�ثقها احلقائق يك�سف اأن ي�ستطيع بحيث
ه، فاإنه ينجح يف اإنتاج اأ�سداء كبرية لكلر عمل �سغري، ويحقق بي�ت عدور
ده، ه، ويفت من ع�س اأثرا معن�يا يف�ق الأثر املادي، فيثبط معن�يات عدور
وي��سله اإىل القناعة باأنه �سعيف اأمام املجاهدين، واأن املقاومة تق�ى ي�ما
بعد ي�م، واأنه �سيدفع الثمن ي�ميا من نف�سه واأولده واقت�ساده واأمنه، واأل
مفر من الن�سحاب.
ث�ار فيتنام )الفيت ك�نغ(، فاأو�سل�ه اإىل ال�سعب الأمريكي وهذا ما جنح به
�سحب على الأمريكية احلك�مة اأرغمت �سعبية مبظاهرات خرج الذي
جي�سها من اأر�ص فيتنام. وهذا ما حتققه املقاومة العراقية ي�ما بعد ي�م مع
كلر ت�س�ير تبثه لعب�ة تنفجر، اأو مركبة تتحطم، اأو جندي يتهاوى، اأو نع�ص
يحمل، اأو مقاومة تنت�رض.
واأغنية ال�سعب ثقافة ويجعلها الأبطال، ق�س�ص يبث املقاوم والإعالم -
الباب فيفتح وبط�لتها، وعملياتها املقاومة اإجنازات ويعر�ص غاره، �س
و�سعبه عر يف �سف�ف جن�ده الذ ويرعبه ويدب ه ويرهب عدو لالقتداء،
يه فيعرر واعتداءاته، وجمازره جرائمه العامل اأمام ويف�سح الأمان، فيفقده
عم والتاأثري. ويك�سف زيفه وي�سلبه الد
194
به؛ اإل ت�ستمر )اجلاريال( الذي ل التحري�ص بدور يق�م املقاوم - والإعالم
بق�له:{ڇ ڇ العزة به رب اأمر الذي ادق ال�س التحري�ص مبفه�مه
ف نبي اهلل ] ڇ ڍ ڍ ڌ} ]�س�رة الأنفال:65[، فتلقعلى مات بالغزو، ه نف�س ث يحدر يغـز، ومل مات ومل فقال: »من ربره اأمر
.)1(
�سعبة من النرفاق«
- كما اأن الإعالم املقاوم اإن كان �سادقا وم�ثرقا يف عر�سه لإجنازات وعمليات
املقاومة، فاإنه يدفع املحتل اإىل العرتاف بخ�سائره، فيزيد من انهيار جمتمعه،
املقاومة مقاتلي ذاته حما�ص ال�قت ويلهب يف معن�يات جنده، ويحطم
وال�سعب. كما اأنه بذلك ي�ثرـق ملقاومته، ويثبت بط�لته، في�سعها بني يدي
امل�ساهد يتعلم منها در�سا فيقتدي، اأو يهتدي بالتكرار تارة، وبالعتبار تارة
اأخرى.
بها، اإعالمية خا�سة منابر باإيجاد اأو اجلماعة للف�سيل ج يرور - وه� كذلك
عمدت فقد والعاملية. املحلية الأخرى الإعالمية املنابر بال�ستفادة من اأو
بها، ة خا�س اإعالمية منابر اإيجاد اإىل فيه عملت قطر كلر الث�رة يف ق�ى
حف ال�س خالل من �س�رتها، وت��سيح فكرها ن�رض خاللها من حتاول
واملن�س�رات والإ�سدارات واملطب�عات وامل�ؤلفات واملحطات التلفزي�نية
اأو اإذاعة الرادي�.
على راأ�سه اإذاعة، لأنها كانت
فما من )جاريال( اإل ودعمها جهاز اإعالمي
ينية والفيتنامية والكردية والفل�سطينية، اأق�ى و�سائل الإعالم، ومنها التجربة ال�س
والي�م اأ�سبحت كل مقاومة اأو حركة اأو جماعة م�سلحة متلك منربا جديدا ه�
1 رواه م�سلم واأب� داوود.
195
ومتيزه و�سه�لته انت�ساره ل�سعة وذلك ور، الد ذات عربه ت�ؤدي )الإنرتنت(،
تلفزي�نية، كما ه� احلال مع حركة قن�ات اإىل امتالك بع�سها اإ�سافة بالأمان،
حما�ص وف�سائيتها )تلفزي�ن الأق�سى(.
اأكرث انت�سارا وحرية، واأ�سبحت ومن ناحية اأخرى، فقد اأ�سبح الإعالم العاملي
فقناة ق�سيتها، لب�سط املنابر هذه اإىل ال��س�ل على قدرة اأكرث املقاومة ق�ى
)اجلزيرة( مثال، وهي القناة الأكرث انت�سارا يف عاملنا العربي، ي�ستطيع اأي ف�سيل
ق�سيته، ويب�سط فكرته فيعر�ص ح�ارا، اأو مقابلة معه لتجري عليها يظهر اأن
ح حقيقته.. وتلك ل �سك نقلة ن�عية ا�ستفادت منها ويدافع عن م�اقفه وي��س
املقاومة.
خام�صا: الـتـخــفـي
العمليات جمم�عة ه� وا�سطالحا: والت�رية، الكتمان ه� لغة التخفي
ه، واحلفاظ على واملمار�سات التي يتبعها املجاهد الثائر لإخفاء حقيقته عن عدور
نف�سه من النك�ساف، وعلى مهمته من الف�سل، في�ستخدم يف �سبيل ذلك اأ�ساليب
احليلة واخلداع اللفظي وال�سكلي والعملي.
وقد امتالأت كتب التاريخ بق�س�ص واأحداث التخفي والتنكر الناجحة التي
هم للهروب منه، اأو لت�سهيل �رضبه يف ا�ستخدمها املقاتل�ن بهدف خداع عدور
عمقه.
196
اأهداف التخفي:
فا�ستطاع ال�سهرية، طروادة( )ح�سان ة ق�س يف للت�سلل التخفي ا�ستخدم
بي( بعد اأن �سمد املقاتل�ن من خالله فتح ح�سن املدينة عرب حيلة )احل�سان اخل�س
احل�سن يف وجه اجلي�ص الغازي ل�سه�ر ط�يلة. وا�ستطاع حذيفة بن اليمان، كامت
�رضر ر�س�ل اهلل ]، اأن يت�سلـل اإىل مع�سكر امل�رضكني يف غزوة الأحزاب، ويع�د
ال بالأخبار. اإىل ر�س�ل اهلل ] حمم
ومن لها، ح�رض ل وح�ادث ق�س�ص يف لالخرتاق التخفي وا�ستخدم
ة العميل امل�رضي )راأفت الهجان(، الذي زرعته اأ�سهرها يف الع�رض احلديث؛ ق�س
املخابرات امل�رضية يف الكيان ال�سهي�ين، فعمل بنجاح على نقل معل�مات مهمة
وخطرية، واخرتاق العديد من امل�ؤ�س�سات ال�سهي�نية، اإىل اأن ت�فرـي يف فل�سطني
هي�ين دون انك�ساف اأمره. ومثله العميل امل�رضي )جمعة ال�س�ال(، والعميل ال�س
�ري، فارتقى يف يف النظام ال�س)اإيلي ك�هن(، الذي غر�سه الحتالل الإ�رضائيلي
�سلم امل�س�ؤولية بحزب البعث احلاكم، اإىل اأن اأ�سبح يف مقدمة ال�سف�ف، ثم مت
اكت�ساف اأمره، فقامت �س�رية باإعدامه.
يف ومقاتل�ها املقاومة فعلت كما املطاردة، اأعمال يف التخفي وا�ستخدم
فل�سطني، ومنهم املهند�ص )يحيى عيا�ص(، والقادة )عماد عقل( و)عادل ع��ص
ع�دة( البا�سط )عبد ال�ست�سهادي املجاهد ـذ ونف هن�د(، اأب� و)حمم�د اهلل(
عمليـته متنكرا بزير فتاة، وكذا فعل )معاوية جرارعة( يف عملية )حمنى يه�دا(.
بيغن(، )مناحم ال�سهي�نية؛ )الأرج�ن( ع�سابات قائد فعله ما اأي�سا وه�
دين، ورجل طبيب، �سخ�سية ومنها ال�سخ�سيات، من العديد تقم�ص الذي
197
و�ساب بريطاين.. وا�ستطاع الإفالت من قب�سة ورقابة اجلي�ص الربيطاين مرارا،
وتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية بحقر ال�سعب الفل�سطيني الأعزل، و�سد
اجلي�ص الربيطاين.
وه� اأ�سل�ب ا�ستخدمه اأبرز قادة العمل الن�سايل بل والإرهابي على م�ست�ى
العامل ليختف�ا عن الأنظار، ومنهم )كارل��ص(، و)اأب� ن�سال(، و)اأوجالن(.
عمليات يف الق�سام جماهدو فعل كما العدو ل�رضب التخفي وا�ستخدم
رة التي متكن�ا عربها من اأ�رض اأكرث من ع�رضة جن�د، يف حماولة الختطاف املتكرر
للمقاي�سة عليهم لإطالق �رضاح الأ�رضى، ومنهم )اآيل �سب�رتا�ص( و)اإيالن �سعدون(
و)نح�س�ن فاك�سمان(، وا�ستخدمه مقاتل�ا خلية )�سل�اد( مرارا لتنفيذ هجمات
نارية ناجحة نح� املركبات ال�سهي�نية، فكان�ا يلب�س�ن )القمباز( والث�ب الن�ساطي
القروي، بينما يخف�ن ال�سالح حتته، فيك�ن هج�مهم مباغتا وعنيفا.
ق هدفني: اأولهما؛ اخرتاق العدو ي ا�ستخدم يف و�سائل قتالية حتقر اإذا فالتخفر
العلميات �سده، وتنفيذ داره، عقر ل�رضبه يف الدقيقة عنه، املعل�مات وجلب
وثانيهما؛ الختفاء عن اأعني العدو، واحلفاظ على الذات، والتنقل باأمان اأكرب.
اأ�صاليب التخفي:
�س�ن وخرباء، ي والتنكر علم وا�سع فيه درا�سات واأبحاث، وله متخ�سر التخفر
ينما على ازدادت اإمكاناته ب�سكل كبري مع التقدم العلمي، وانت�سار �سناعة ال�سر
وجه اخل�س��ص.
198
ول يخرج التخفي الفردي يف اإطاره العام عن اأحد اأ�سل�بني؛ فاإما اأن يك�ن
اإخفاء حقيقة اأن يك�ن يف ال�سم مع اأو ال�سكل واملظهر اخلارجي، التغيري يف
املق�سد، وميكن اجلمع بني الأ�سل�بني زيادة يف الختفاء.
ثبوتية، اأوراق وتزوير الأ�صلي، ال�صم عن بدل جديد ا�صم انتحال ـ اأ
ال�سفر، ورخ�سة كاله�ية، وج�از الأ�سلية؛ الأوراق كبديل عن وا�ستخدامها
ياقة، و�سهادة امليالد. ال�سر
وقد اعتاد املتخف�ن اأن ينتحل�ا اأ�سماء اأ�سخا�ص ميرتني، اأو اأ�سحاب ه�يات
مفق�دة، اأو بالتفاق مع اأ�سخا�ص على انتحال اأ�سمائهم، اأو حتى اأ�سماء وهمية،
على اأن جميع هذه احلالت حتتاج اإىل النتباه اإىل اأن ل تك�ن الأ�سماء املنتحلة
�سني لل�سكر اأو املالحقة. تع�د لأ�سخا�ص ميلك�ن �س�ابق جتعلهم معر
�رير بهذا الأ�سل�ب، حتت ولقد ا�ستطاع )اإيلي ك�هن( اخرتاق النظام ال�س
ى ا�سم )كمال اأمني(، وه� الأ�سل�ب الذي ا�ستخدمه )راأفت الهجان( حتت م�سم
فل�سطني املطارد يف ا�ستخدمه الذي الأ�سل�ب وه� �سمح�ن(، �سارى )ديفد
مرارا.
ب ـ تغيري املظهر، وهو الأ�صلوب الأكرث ا�صتخداما، وي�ستخدم معه الأ�سل�ب
الأول دائما، اإذ ل يعقل تغيري املظهر اخلارجي دون تغيري ال�سم والأوراق الثب�تية
املحم�لة.
العامة للمعامل تغيري مبحاولة بدءا م�سطرد، ب�سكل ر تط� الأ�سل�ب هذا
مرورا م�ستعار، �سعر تركيب اأو وال�سعر، وال�س�ارب اللحية كحلق لل�جه،
بتغيري طبيعة الرلبا�ص الذي اعتاد اأن يرتديه املطارد، كارتداء زي عج�ز اأو امراأة،
199
اأو ارتداء زير العدو، و�س�ل اإىل ا�ستخدام علم التجميل الذي يغيرـر ل�ن الب�رضة
العلم ا�ستخدام هذا اإىل الأمر بل وجتاوز عر. وال�س العينني ول�ن ال�جه ومعامل
يف اإحداث تغيري جذري يف املظهر يزيل عالمات فارقة، وي�سع غريها، ك�سكل
فاه اأو ال�سامة. الأنف وال�سر
ولقد ا�ستخدم رجال املقاومة هذا الأ�سل�ب يف كلر مكان، وب�ا�سطته ا�ستطاع
هم. وقد بات لعدور املطاردون يف فل�سطني احلفاظ على اأنف�سهم، وت�جيه ال�رض
ة املجاهد )حممد ب�سارات( تف�سيال يف هذا الكتاب. ذكرت ق�س
يف الأ�سل�ب هذا الإ�رضائيلي الحتالل ا�ستخدم فقد ال�قت، ذات ويف
)الدفدوفان ى م�سم حتت مقاتلة وحدات فاأن�ساأ الفل�سطينية، املقاومة م�اجهة
يف ويت�اجدون ،العربي الزي يرتدون فكان�ا الـمـ�ستعربني(، وحدات ـ
اأحداثا ت�سهد اأن لها يت�قع�ن التي وامل�اقع عبية، ال�س الفل�سطينية التجمعات
ث�رية، ثم يبادرون اإىل القب�ص على كلر من يحاول تنظيم عمل مقاوم.
اآليات العدو يف ك�صف الـمـتخفني:
يبذل العدو جه�دا كبرية ل�رضب رجل الع�سابات املتخفي، لعلمهم بخط�رته
وقدرته على حتقيق ما يعجز عنه غريه، وي�ستخدم املحتل يف ذلك ما ميلكه من
و�سائل علمية وعملية وعقلية، ومن ذلك:
املهمة: لهذه ال�صعب �صفوف يف واخلونة العمالء بتجنيد وذلك الر�صد، -
وجماهديه ال�سعب هذا اأبناء اإ�سقاط �سبيل يف م�سنية جه�دا العدو بذل فلقد
ني بيت( ال�سهي�ين، وت�سخريهم يف �رضب املقاومة وجتنيدهم يف �سف�ف )ال�سر
200
هة اإىل �سدور هذا ال�سعب ل اإن دور العمالء يف احلرب امل�ج الفل�سطينية. بل
ال�سهي�نية؛ الأمن اأجهزة قادة اأحد ه، وقد �رضح نف�س الحتالل دور يقل عن
اأنه مهما بلغ التقدم التكن�ل�جي لهذه الأجهزة، فاإنها لن تتجاوز )20%( من
ور الأكرب للعمالء. عملها، ويبقى الد
د حركات ن�سطاء املقاومة ورفعها اإىل لقد عمل الطاب�ر اخلام�ص على ر�س
اأماكنهم ك�سف وحماولة واملطاردين، املتخفني عن الدائم والبحث اأ�سيادهم،
ل�رضبهم. ال�سهي�ين اجلي�ص وفعالياتهم، وت�جيه اأن�سطتهم وم�اقعهم، ومعرفة
نفذها جي�ص الحتالل بحقر اأمنية ا�ستخبارية اأنه ما من عملية اجلزم ون�ستطيع
املطل�بني املتخفني الفل�سطينيني، اإل وللعمالء فيها يد وم�ساهمة.
للبند ا�ستكمال وهي �صفوفهم: يف املت�صاقطني وزرع املتخفني، اخرتاق -
ال�سابق، فكثريا ما ن�رض الحتالل عمالءه هنا وهناك يف حماولة لإيجاد خط تنظيمي
اأو ي��سلهم اإىل املطاردين حتت اأير مربرر، ومن ثم التظاهر باأنهم من املقاومني
واأماكن العامة، الهياكل املقاومة، وك�سف املطل�بني، والنخراط يف �سف�ف
ت�اجدها واآليات عملها، ورفعها اإىل اأجهزة الأمن الحتاللية لت�جيه ال�رضبة يف
ال�قت املنا�سب، وقد ك�سفت التحقيقات ا�ستخداما وا�سعا لهذا الأ�سل�ب.
ي تخفر اأ�ساليب تك�سف فالعرتافات املعتقلني: اعرتافات من ال�صتفادة -
املطاردين والعاملني، واملخابئ التي ي�ستخدم�نها، واآليات التخفي التي يتعامل�ن
بها.
املطاردين اإىل ال��س�ل يف العرتافات لهذه الحتالل ا�ستخدام واإن
واملتخفرني، ثم عمل الدرا�سات والبح�ث، كان له الأثر الكبري يف تراكم خربات
201
العدور ومعرفته ل�سل�ك املطارد، وحتديد اأ�ساليب التخفي التي يعتمدها، خ�س��سا
رة وي�ستخدمها جـل املطاردين. اأن الغالبية العظمى من هذه الأ�ساليب متكرر
وحدات عن احلديث �سبق وقد هيئتهم: وعلى املطاردين باأزياء ر نك التـ -
)امل�ستعربني( ال�سهي�نية التي ن�سطت يف النتفا�سة الأوىل، وا�ستطاعت �رضب
املقاومة مرارا، ولعل القارئ يف كتاب )مهنتي كرجل خمابرات( لكاتبه رئي�ص
الحتالل كان كم يدرك بري(، )يعق�ب ال�سابق الإ�رضائيلي ال�ساباك جهاز
مقاوم�ن فيها يك�ن اأن يت�قع التي واملناطق اجلبال من جن�ده يف فرقا يطلق
اأ�سلحة وحتمل املنظمات، رجال بلبا�ص الفرق هذه تنت�رض بحيث مطاردون،
�سبيهة باأ�سلحتهم )كال�سنك�ف(، ويحاول�ن اللقاء والت�سال باخلاليا النا�سطة
اأو و�سعها حتت عد�سات اغتيالها اأو اعتقالها ثم املنطقة، ومن بتلك والعاملة
الرقابة لتحقيق اأهداف اأخرى، وقد جنح�ا يف حماولت عديدة.
من واإخراجهم ني املتخفر جللب اأحداث بافتعال ويك�ن ال�صتدراج: -
مكانهم وظه�رهم على حقيقتهم، فقد اعتمدت اأجهزة الأمن ال�سهي�نية مبداأ
بعد ومراقبته امل�اقع اأحد يف �سالح كرمي احلالت، من العديد يف عم( )الط
اإي�سال معل�مة ملن يعتقد اأن له عالقة باملطارد كي ي��سلها اإليه، اأو افتعال م�سكلة
ه�ر، ومن ثم النق�سا�ص عليه. معينة اأو حدث يدع� �ساحب ال�ساأن اإىل الظ
- ا�صتخدام التكنولوجيا وا�صتثمار التقدم العلمي والتقني امل�صطرد: كالت�سنت
ب�سمة على خاللها من والتعرف والال�سلكية، ال�سلكية الت�سال اأجهزة على
باملطارد، والتعرف املحيطة العالقات �سبكة ال�س�ت وم�قع �ساحبه، ومعرفة
�ص يف بع�ص امل�اقع على خمبئه وحتركاته ون�اياه، اأو بزرع اأجهزة ت�سنت وجت�س
طائرات ا�ستخدام اإىل اإ�سافة للمطارد. تع�د التي ال�سالح وقطع والبي�ت
202
رة التي تك�سف خفايا ناعية وغريها من الأجهزة املتط�ر �ص والأقمار ال�سر التج�س
الأم�ر، وت��سل العدو اإىل هدفه.
- الـمـ�صادفـة: فكثريا ما ت�سل اأجهزة الأمن ال�سهي�نية اإىل املطارد عن طريق
امل�سادفة وبدون �سابق تخطيط؛ بعملية اقتحام ع�س�ائية، اأو ب�ق�عه بيدهم خطاأ،
ه لرهان غري حم�س�ب، كاأن مير عن حاجز ع�سكري ي نف�س �ص املتخفر اأو اأن يعرر
على اأمل اأن ل يفت�س�ه اأو ي�ساأل�ه عن ه�يته، فيدخل يف الحتمالت التي تقبل
اخلطاأ.
***
�صاد�صا: و�صائل الت�صال الآمنة
يف حرب الع�سابات، يبحث العدو عن الثغرات التي حتدث مع الثائر اأثناء
ها و�رضب املقاومة عربها. ويف املقابل، يبحث اقتنا�س عمله ومقاومته، حماول
ها ويتجنب ال�ق�ع فيها والنزلق يف خماطرها، الثائر عن هذه الثغرات لي�سد
ويبحث عن العالج الأن�سب، وطرق ال�قاية الأف�سل، حتى ت�سبح مقاومته اأكرث
اأمنا.
بني �س�اء الت�سال(، )و�سائل بالثغرات: تزخر التي الزوايا اأبرز ومن
القائد واجلندي، بني الت�ا�سل الآخر؛ يف خط�ط مع اأو اأنف�سهم، املجاهدين
و بني املجم�عة والأخرى، وبني اأفراد املجم�عة ذاتها، وبني قطاعات املقاومة
203
املختلفة، وبني املقاومة والإعالم، وب�سكل عام، بني املقاومة والآخر اأيـا كان...
اإذ ي�سطر الثائر دوما اإىل الت�ا�سل مع غريه �سعيا اإىل تن�سيق امل�قف، واحل�س�ل
على ال�سالح والعتاد، وتبادل املعل�مات الالزمة، وتنفيذ الهجمات اجلهادية..
رو حرب الع�سابات والعامل�ن يف هذا املجال ولذا، فقد حاول خرباء ومفكر
ابتكار ال��سائل التي تقلرل خماطر الت�سال، وتعالج ثغراته، فكان اخرتاع احلرب
يفرة والرتميز والنقاط امليتة، والجتهاد يف ال�رضري وتط�يره، وكان العمل بال�سر
ابتكار الأ�ساليب الفاعلة يف قطع اخلي�ط وحم� الآثار، وعدم ترك اأو اإحداث ما
يق�د اإىل ال�ق�ع.
اأول: الت�صفري:
اأكرث بطريقة يفهم�نها، بحيث اأو التخاطب بني طرفني اأ�سل�ب وعلم ه�
خمتلف معنى اإىل احلقيقي معناها يف ت�سري الرم�ز؛ من جمم�عة الر�سالة حتمل
بالت�افق بني امل�ستخدمة البديلة اللغة اخلا�سة تلك الظاهري، وهي عن معناها
الأطراف، بحيث ل ي�ستطيع اأحد غريهم فهمها اأو ال�ق�ف على معانيها.
نني، اأي مع بدء الأعمال يرجع العمل باأنظمة الت�سفري اإىل عدة اآلف من ال�سر
خمط�طات اكت�ساف مت فقد والق�ميات، والتجمعات القبائل بني احلربية
يني�ن هذا العلم وتقدم�ا به، واأ�سبح�ا فرع�نية ت�سري اإىل ذلك، ثم مار�ص ال�سر
ي�ستخدم�ن )الكب�س�لت( ال�سمعية التي يتم اإخفاوؤها؛ اإما بالبلع، اأو باإدخالها
بر(. يف الأح�ساء )من الد
ال�سمع اأ�سل�ب احلفر على اخل�سب، ثم �سكب ا�ستخدام وبعد ذلك، كان
204
وقراأ مع ال�س اأذاب الآخر، الطرف جاء فاإذا للتم�يه، وطالئه فيه الـمذاب
املكت�ب، ثم كانت الهند التي األزمت �سفراءها بتعلم الكتابة بلغة �رضية، واأجادت
يف ذلك حتى و�سعت اأول كتاب يف هذا العلم...
اإ�سافات اإليه اأ�سافت التي الي�نان اإىل لي�سل ا�ستخدامه، ت��سعت رقعة ثم
هامة، ثم ح�سارة ما بني النهرين، من بابليرني واآ�س�ريرني ثم فـر�ص ورومان، اإىل
اأن جاء امل�سلم�ن الذين جعل�ه علما م�ستقال قائما بذاته كباقي العل�م. فدون�ه
كتابه: وح�سية( بكر )اأب� اجلليل العامل كتب حني 241هـ، العام يف خطيا
)�س�ق امل�ستهام يف معرفة رم�ز الأقالم(، ثم كانت م��س�عة )�سبح الأع�سى(
الر�سائل(، يف ال�رضرية املعل�مات )اإخفاء بعن�ان جملدا اأفرد الذي للقلق�سندي،
وق�سمه اإىل ق�سمني؛ الأول يبحث يف الرم�ز وال�سطالحات، والثاين يف فكر
الرم�ز واحلرب ال�رضري.
لكية والال�سلكية العابرة للقارات، اأخذ وبعد اخرتاع الت�سالت احلديثة ال�سر
الت�سفري منحى اآخر، ودخل مرحلة جديدة، و�سكل فيها اأحد اأعمدة احلروب
الثانية العاملية الن�رض، وقد �سهدت احلرب الع�رضية احلديثة، وعامال من ع�امل
اأبرز تلك احلروب ال�ستخبارية التي كان عمادها علم الت�سفري.
ومع انت�سار الإنرتنت، و�سل الت�سفري م��سال مل يكن يت�س�ره عقل، فاأ�سبح
ومن املقاومة، رية والتحر الث�رية الق�ى جميع وا�ستخدمته التعقيد، يف غاية
اأبرزها تنظيم القاعدة، الذي اعتمد على الإنرتنت يف ربط �سبكة عالقاته وتبادل
اأفكاره ومعل�ماته، وعـر�ص اأهدافه وخمططاته واإعداد عملياته.
ومل تكن املقاومة الفل�سطينية بدعا ول ن�سازا، بل ا�ستخدمت الت�سفري البدائي
205
)الرادي�( الإذاعات ا�ستخدام عرب تط�رت ثم الفدائية، اأعمالها انطالق مع
وقد اأعمالها.. يف وا�ستخدمته الإنرتنت عامل دخلت اأن اإىل بالث�ار، ة اخلا�س
ك�سفت التحقيقات ال�سهي�نية مع املقاومني عن كثري من ذلك، اإل اأن التجربة
الفل�سطينية ل زالت خج�لة ن�سبة اإىل غريها، فلم تعط هذا العلم اهتماما م�ستقال،
يق البقعة اجلغرافية كان اأحد الأ�سباب التي ومل تنجز فيه تقدما ملح�ظا. ولعل �س
مة الأبرز، �ساهمت يف ذلك، اإذ اأن الت�سال املبا�رض بني اأطراف العمل كان ال�سر
وا�ستخدام الأ�ساليب البدائية كان ذا جدوى واأمان اأكرث من غريه.
يفرة؛ نرى �رضورة ال�ق�ف ولتحقيق قدر اأعلى من الأمن يف ا�ستخدام ال�سر
من مزيدا وتعطيها ذاتها، يفرة ال�سر اأهمية عن تقل على جمم�عة مالحظات ل
الق�ة والأمان، وهي:
يفرات امل�ستخدمة يف اأجهزة الكمبي�تر، عدم ا�ستخدام �سيفرة جاهزة، كال�سر
اإذ اأن الحتالل اإذا متكن من احل�س�ل على ر�سالة م�سفرة، فاإنه يبداأ بعر�سها على
ة م�سبقا، فاإن مل يجد �سالته انطلق يف يفرات املعد ال�سر الربامج اجلاهزة، وعلى
البحث بالجتاهات الأخرى.
مت�قعة وكلمات وا�سحة وعبارات معروفة م�سطلحات ا�ستخدام عدم
قنبلة مبعنى )رمانة( ت�ستخدم كاأن بالكلمات، ال�سيفرة يف خ�س��سا الدللة،
كـثـر فقد ا�ست�سهادي، مبعنى )عرو�ص( اأو )عب�ة(، مبعنى )بطيخة( اأو يدوية،
ه�لة ال��س�ل اإليها. ا�ستخدام مثل هذه امل�سطلحات، حتى اأ�سبح من ال�س
الدللت، بالكلمات( كن�ص طبيعي وا�سح رة )امل�سف الر�سالة تظهر اأن -
ر�سالة اأنها يدرك األ يجب الر�سالة، قراأ اإذا اأحدهم اأن مبعنى: ولي�ص جتميعا،
206
رة، بل يجدها ر�سالة عاطفية مثال، اأو ر�سالة عمل، اأو ر�سالة اجتماعية، واأن م�سف
كة اأو ل تعطي مدل�ل، لأنه عندئذ �سيعلم يجدها مرتابطة متنا�سقة، لي�ست مفك
ك�سف عليه فت�سهل مفتاحها، عن بالبحث ويبداأ رواءها، ما الر�سالة وراء اأن
الر�سالة، فال�اجب اأن يك�ن الت�سفري بطريقة ل تثري ارتياب اأحد.
م�جهة كانت فاإذا اإليه، الـمـر�سلـة لل�سخ�ص بة منا�س الر�سالة تك�ن اأن -
اإىل طالب مثال، فالأ�سل اأن يتحدث ظاهرها عن الدرا�سة والتعليم والت�سجيل
امل�ساريع عن فاحلديث مهند�ص، اإىل مر�سلـة كانت واإذا والمتحانات،
طات الهند�سية واخلرائط، وهكذا... حتى ل تثري الريبة. واملخط
رة، - ال�سعي اإىل البحث والتط�ير والبتكار يف اأ�ساليب اإر�سال الر�سالة امل�سف
وعدم الكتفاء مبا �سبق من و�سائل وما مت اكت�سافه من اأ�ساليب، وكلما ا�ستطاع
املقاوم اإيجاد و�سائل غري م�سب�قة، يك�ن قد و�سع عراقيل جديدة يف طريق من
يفرة. يحاول ك�سف ال�سر
- عدم ا�ستخدام لغة الت�سفري ذاتها ب�سكل دائم، بحيث ل يبقى ال�ستخدام
يفرة، فاإنه ل يهناأ بذلك، لأنها ملدة ط�يلة، فاإذا ا�ستطاع الحتالل فك رم�ز ال�سر
هم ك�سفها. ل تلبث اأن تتغري، حتى ل� مل يعلم املجاهدون اأن عدو
ذاتها، يفرة ال�سر العدو حتمل يدي بني رة م�سف ر�سالة اأكرث من اإن وق�ع ثم
يق�رضر امل�سافة عليه يف حلرها وفكر رم�زها، بينما اإذا وقعت هذه الر�سائل بني يديه
وهي مكت�بة باأكرث من �سيفرة، فاإن ذلك ي�سعه يف متاهة، وي�سلله يف م�ساره،
ناهيك عن اأن املدة الزمنية كلما طالت؛ زادت من احتمالية وق�ع املجاهدين يف
خطاأ ي�ؤدي اإىل ك�سف �سيفرتهم.
207
- عدم و�سع املعل�مات يف �سلة واحدة، حذرا من وق�عها بيد الحتالل،
اأحد وق�ع ي�ؤدي ل بحيث اأجزاء، اإىل جتزئتها ل يف�س بل الكارثة. فتك�ن
هذه الأجزاء بيد العدو اإىل خ�سارة، وبالتايل ل يفهم العدو مغزى الر�سالة ول
معناها.
م تق�س اأن مثال ومنه كثري، وتف�سيل ط�يل، حديث امل��س�ع هذا وحتت
الر�سالة بكلرـيـتها اإىل عدة اأق�سام، اأو اأن ير�سل ن�ص الر�سالة دفعة واحدة خالية من
رة يف ر�سالة اأخرى. اأير رقم اأو ا�سم، وتر�سل الأرقام والأ�سماء والت�اريخ م�سف
يفرة جمزءا، فالأحرف والكلمات يف ر�سالة، ورم�زها وكذا اأن ير�سل مفتاح ال�سر
واأعقد، ذلك من اأكرث التق�سيم يك�ن اأن وميكن اأخرى. ر�سالة يف ومعانيها
وكلما ازداد تعقيده ازداد اأمانه.
الت�ا�سل، واآليات والتفا�سيل الرم�ز على العاملني جميع اإطالع عدم -
وت�سييق دائرة العارفني بها اإىل اأ�سيق نطاق، والإبقاء على اأعلى درجات ال�رضرية
اخلاليا كم�س�ؤويل املبا�رضة؛ احلاجة �ساحب اإل بها يعلم فال بها، التعامل يف
املت�سلة ولي�ص اأفرادها، اأو �سباط الت�سال... ويف ذلك ف�ائد جمة، منها جتنب
ثرة، اأو حتى الخرتاق، ويف حالة ال�سك اخلطاأ، اأو العرتاف يف التحقيق، اأو الرث
يف انك�ساف اأمرها، ل بد من اجلدر يف امل�سارعة اإىل ا�ستبدالها ب�سيفرة جديدة.
يفرة ومفاتيحها بعد النتهاء منها، والإبقاء عليها �سمن - عدم ك�سف ال�سر
املعل�مات ال�رضرية، فكلما ك�سف العدو اأ�سل�با جديدا يف الت�سفري، فاإنه يحاول
من خالله فهم ذهنية املقاومني وطرق تفكريهم، وي�سعى اإىل تقدير الآلية التي
يعمل�ن بها اأو �سيعمل�ن.
208
انك�سفت اإذا اأنه يعني مما يفرة، ال�سر ذات من خلية يف اأكرث اإ�رضاك عدم -
من اأكرب كم وك�سف ات�سال، خطر من اأكرث �رضب اإىل ت�ؤدي فاإنها ال�سيفرة
بطريقة كانت واإن اخلا�سة، �سيفرتها خلية لكلر يك�ن اأن فيجب املعل�مات.
خا�سة فه� اأف�سل.
ي: ثانيا؛ احلرب ال�رس
وحفظ الت�سال �رضية من التنظيمية املرا�سالت يف ال�رضري احلرب يزيد
املعل�مات، فيجعل اخلط�ط اأكرث اأمنا. وعلى الرغم من املخاطر التي ت�ساحبه،
اإذا اأح�سن املجاهد ا�ستخدامه م�سح�با بع�امل مت�يهية وت�سليلية تزيد من فاإنه
�رضريته، فاإنه �سيح�سل على خط�ط ات�سال اآمنة ي�سعب ك�سفها واخرتاقها.
ن�س��ص كتابة يف كيميائية حماليل ا�ستخدام تعني ال�رضري، باحلرب والكتابة
خمفية، فال تظهر اإل با�ستخدام حماليل كيمائية اأخرى كا�سفة، كبخار الي�د مثال،
اأو بعملية ت�سخني للرقعة التي كتبت عليها الر�سالة.
الر�سائل؛ كتابة يف ا�ستخدمت التي ال�رضية الأحبار اأو املحاليل هذه ومن
كاخلل الع�س�ية، ال�س�ائل وبع�ص البرياميدون، وحمل�ل النحا�ص، كربيتات
والليم�ن واحلليب، وغريها من ال�س�ائل التي تختفي ف�ر كتابتها.
ما باأ�سل�ب )الت�سفري( كذلك مما يزيد من ق�ة هذا الأ�سل�ب؛ ا�ستخدامه مدع
رة، وباحلرب ال�رضي، ومب�قع الذي �سبق ذكره، كاأن تكتب الر�سالة بالرم�ز امل�سف
غري مت�قع )بني �سط�ر ر�سالة عادية اأو على ظهر رقعة غري مت�قعة اأو يف مكان
اآمن(، وبهذا فاإنه اإذا �سقط احلاجز الأول وك�سفت الرقعة، و�سقط احلاجز الثاين
209
وك�سف احلرب ال�رضري امل�ستخدم فظهرت الر�سالة، كانت الرم�ز ال�رضرية )ال�سيفرة(
دة باملر�ساد، ومثلت حاجزا ثالثا يح�ل دون ال��س�ل اإىل حقيقة الر�سالة، املعق
وكذلك ميكن اأن يك�ن تق�سيم الر�سالة اإىل اأجزاء عديدة حاجزا رابعا.
�سمانا جمتمعني ي�سكالن ال�رضري(، و)احلرب يفرة( )ال�سر الأ�سل�بان؛ هذان
لرفع درجة الأمان يف الت�سال، اإل اأنهما يبقيان قابلني لل�ق�ع يف اأيدي اأجهزة
منهما التي جتعل احل�سم نقطة وتبقى الر�سالة، ك�سف ثم ومن املعادية، الأمن
اأ�ساليب ناجحة واآمنة، ه� مقدار التعقيد والغم��ص الذي ي�ساحب لغة الت�ا�سل
وما تت�سم به من حنكة وتدبري.
�تية ال�س امل�جات اأن نن�سى األ فيجب الأثري، عرب الت�سفري ا�ستخدمنا واإن
ال�سابحة يف اجل� ملك للجميع، والكل ي�ستطيع ال��س�ل اإليها، واإذا ا�ستخدمنا
ول ا�ستخدمته منذ احلرب ال�رضري باأن�اعه، فعلينا اأن ندرك اأن جميع خمابرات الد
واأجهزته نا عدور لدى اأن فلنتذكر الكتابية، الرم�ز ا�ستخدمنا واإذا بعيد، زمن
غة لدرا�سة وحتليل كلر اأن�اع الكالم �سة ومتفرر ة متخ�سر الأمنية م�ؤ�س�سات خا�س
الذي ي�سلها �سعيا اإىل تفكيكه وال��س�ل اإىل فح�اه.. فلنحذر!
ثالثا؛ النقاط امليتة:
بني ال�ا�سلة اخلي�ط قطع اإىل الت�سال يف امليتة النقاط ا�ستخدام يهدف
الأطراف، واإيجاد فراغات وتقطيعات معل�ماتية جتعل مهمة الحتالل يف تتبع
املعل�مة وال��س�ل اإليها ثم ال��س�ل من خاللها اإىل اأطراف العمل اأمرا يف غاية
ع�بة والتعقيد. ال�س
210
فه� اأ�سل�ب يحد من حجم املعل�مات املك�س�فة واملتداولة داخليا، بحيث ل
يطلع العامل�ن على بع�سهم البع�ص ب�س�رة مك�س�فة، ول يتعامل�ن معا ب�سكل
مبا�رض، الأمر الذي يجعلهم غري قادرين على تقدمي هذه املعل�مات اإىل العدو عرب
التحقيق اأو بطريقة اخلطاأ اأو امل�سادفة.
عرب ميتة( )ن�سف اأو جامدة، لقاء نقطة عرب )ميتة( النقاط اأكانت و�س�اء
�سخ�ص ملثم اأو غري معروف.. و�س�اء اأكانت )طبيعية( ل حتتاج اإىل اإعداد، اأو
)م�سطنعة( تـعـد من الث�ار لأغرا�ص وا�ستخدامات خا�سة، فاإنها ت�ؤدي الغر�ص
الذي اأ�سلفناه ذاته.
ولتحقيق قدر اأعلى من الهدف الذي ا�ستخدمت لأجله النقاط امليتة، فاإنه ل
بد من اتباع جمم�عة مالحظات، منها:
- ل بد من اتباع قدر كبري من ال�رضرية والكتمان يف التعامل مع النقاط امليتة؛
اأن يك�سف �ساأنه العمل بها، وكل ما من اأو ت�قيت اأو �سكلها، �س�اء مبكانها،
اأمرها.
لأن واللقاء(، والتفريغ )ال�سحن امليتة النقاط العمل يف مب�اعيد اللتزام -
احل�س�ر املبكر اأو املتاأخر قد يك�سف الطرف الآخر يف العمل، وبالتايل ل حتقق
النقطة امليتة عملها وغايتها، وعدم الرتدد على امل�قع بغري حاجة، فكرثة الرتدد
عليها ي�رضرع يف ك�سفها.
ة للعمل بها يف حال - التفاق مع الطرف الآخر على نقطة بديلة تك�ن معد
اإىل ي�ؤدي قد بديلة نقطة التفاق على العاملة، لأن عدم النقطة اأمر انك�ساف
قطع الت�سال اإذا ما انك�سفت النقطة الأوىل.
211
- اإذا كانت النقطة )ن�سف ميتة(، فال بد من مراعاة ك�ن ال�سخ�ص امللثم ل
�ت �ل ال�سديد، اأو ال�س يحمل عالمات فارقة اأو �سمات مميزة؛ كالعرج اأو الط
اأو العمل بحكم يعرفه اأو الآخر الطرف منطقة نف�ص من يك�ن واأل املميز،
العالقة.
- الهتمام ب�سمان �سالمة حميط النقطة امليتة، بحيث تك�ن اآمنة بعيدة عن
اأعني العدو وعمالئه.
هة و�سعبة النك�ساف وميكن لها اأن حتمي ما كلما كانت النقطة اآمنة ومم�
بداخلها من ر�سائل اأو م�اد ملدة زمنية اأط�ل، فاإنها تك�ن مثالية وناجحة.
اأخريا، ميكنني اأن اأقول: اإن اأ�سل�ب )النقاط امليتة(، اإذا اأ�سفناه اإىل الأ�سل�بني
الأمن قدر م�ساعف من اإىل ن�سل فاإننا ال�رضري(، )الت�سفري( و)احلرب ال�سابقني؛
واملحافظة على املعل�مة بعيدة عن اآذان واأعني العدو.
)اأمن درا�ساتنا اإىل بالرج�ع نن�سح امليتة، للنقاط اأ�سلم ا�ستخدام ولتحقيق
املطارد(، ففيه تف�سيل �ساف اإن �ساء اهلل.
* * *
212
�صابعا: الإيــمـان
يتخلى اأن الثائر للمقاتل ميكن ل التي ال�سرتاتيجية الأ�سلحة من الإميان،
عنها، ونق�سد بالإميان؛ القناعة الرا�سخة واليقني املطلق ب�سدقية وعدالة الق�سية،
وما يرتتب على ذلك من بذل وت�سحية وعطاء، وما ينتج عن ذلك من اندفاع
وا�ستعداد وجه�زية دائمة.
فاإن ذلك، غري اأو ق�مية اأو ي�سارية اأو اإ�سالمية الثائر خلفية كانت و�س�اء
الإميان بفكرته ي�لد الق�ة والتميز، اإل اأن الفكر املرتبط باهلل عز وجل ميتاز عن
اأير فكر، والدافعية التي ي�لدها تف�ق اأي دافعية، والنرتاج الذي يثمره يختلف
عن اأير نتاج.
وهنا �سنبحر قليال مع املنحة الإلهية التي يـهبها اهلل لعباده املخل�سني اإن دخل�ا
ميادين اجلهاد والت�سحية يف �سبيل ربرهم ون�رضة لدينهم وق�سيتهم، اإنها منحة اإلغاء
هم. يا�صي واحل�صابات املادية يف املواجهة بني اأهل الإ�صالم وعدو املنطق الر
ففي اللحظة التي ي�سع فيها امل�سلم قدمه يف اأر�ص املعركة م�ستعينا باهلل عز
وجل، فاإن جميع احل�سابات املادية تلغى، وت�سبح الق�ة ل تعني الكرثة، والغلبة
لي�ست بال�رضورة ملن ميلك العدة والعتاد، ويف التاريخ �س�اهد واأدلة... فال ي�جد
الأوائل يف حروبهم امل�سلمني انت�سار تف�سري يقبل
ريا�سي اأو منطق ع�سكري
الهائل هم عدور وتف�ق الدائم، الع�سكري عفهم �س من الرغم على املت�ا�سلة،
عددا وعدة.
213
مناذج خالدة:
مل يتخل امل�سلم�ن ي�ما عن بذل اجلهد والأخذ بالأ�سباب املادية، ثم الت�كل
التي واملعارك امل�اجهات واإعداد. ويف جميع اإميان احلقيقي: بفهمه اهلل على
ت�فـر فيها هذان العن�رضان، كان الن�رض حليف الإ�سالم واأهله، دون النظر اإىل ما
ميلك�ن من العتاد والتعداد.
جني مدج جندي األف 240 الروم جند عدد كان الريموك، معركة ففي
جند وعدد )هرقل(، وم الر اإمرباط�ر قائدهم الع�رض، ذاك يف �سالح باأحدث
ي اهلل عنه، ر�س ال�ليد( بن �سيف اهلل )خالد قائدهم األف جماهد، الإ�سالم 40
بن )خالد فاأجابه امل�سلمني!«، واأقل وم الر اأكرث »ما امل�سلمني: اأحد قال حتى
ي اهلل عنه اإجابة امل�ؤمن باهلل، ال�اثق بن�رضه، العارف باملعنى احلقيقي ال�ليد( ر�س
وم واأكرث امل�سلمني! اإمنا تكرث اجلن�د بالن�رض، وتقل للق�ة، فقال: »بل ما اأقل الر
منكرة هزمية اإىل انتهت طاحنة معركة ودارت الرجال«، بعدد ل باخلذلن،
قتل من امل�سلمني األف جندي، بينما اأكرث من 120 فقتل منهم جلي�ص الكرثة،
.)1(
ب�سعة اآلف
ويف معركة )األي�ص(، دارت حرب طاحنة بني جي�ص الفر�ص وحلفائهم من
ن�سارى العرب، فكان ق�امهم اأكرث من 150 األف مقاتل، وبني جي�ص امل�سلمني
وق�امه ثمانية ع�رض األف جماهد، وكان مقاتل� الفر�ص �سديدي الباأ�ص، حتى قال
)خالد( فيهم: »ما لقيت ق�ما كق�م لقيتهم من اأهل الفر�ص، وما لقيت من اأهل
فار�ص ق�ما كاأهل )األي�ص(«. لكن املعركة انك�سفت عن هزمية نكراء لأعداء اهلل،
.)2(
حتى قتل منهم فيها �سبع�ن األف كافر
1 ابن الأثري والطربي.
حابة الأخيار(، د.�سيد ح�سني العفاين. 2 )فر�سان النهار من ال�س
214
دة، تقابل )م�سيلمة الكذاب( ومعه اأربع�ن ويف معركة اليمامة من حروب الر
ي اهلل عنه بجي�ص فيه ثالثة ع�رض األف م�ؤمن، وانك�سفت األف مقاتل، وخالد ر�س
املعركة عن اأربعة ع�رض األف قتيل مرتد، واألف ومائتي �سهيد م�ؤمن.
مادام امل�سلمني حليف الن�رض وكان واملعارك، امل�اجهات ت�الت وهكذا
عف فيها اإميانهم، وعاد اتكالهم على الإميان �سائرا يف ركبهم، ويف اللحظة التي �س
ق�تهم، عاقبهم اهلل ف�كلهم اإىل معيار العدة والعدد، ففي حنني، راأى امل�سلم�ن
هم ميلك من العدد ما يكفي لهزمية اأير عدو، واغرتوا بق�تهم، فابتالهم اأن جي�س
اهلل بالهزمية اأول الأمر، حتى ثبت ر�س�ل اهلل ] يف م�قعه، فعاد امل�سلم�ن ح�له
وحت�ل �سري املعركة، قال تعاىل:{ۀ ہہ ہ ہ ھ ھ
ھ ھ ے} ]الت�بة:25[.
يا�سيات نعم! لقد تكفل اهلل باأمر الكرثة، ب�رضط حتلرينا بالإميان وال�سرب، ومنطق الرر
حه لنا رب العزة يف كتابه العزيز فقال:{ ڎ ڎ ڈ واحل�سابات الـربـانية و�س
ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ
ڭڭ ۇ ۇ ۆ} ]الأنفال:65ـ66[.
ولقد فهم امل�سلم�ن ذلك جليا، فجعل�ا من الإميان عدة دائمة مل�سريتهم،
اأن ال�ليد( بن )خالد جي��سه قائد من عنه اهلل ي ر�س بكر( )اأب� طلب ولقد
األ عليه وا�سرتط العراق، اإىل املرتدين قتال من النتهاء بعد بجي�سه يت�جه
اأو ممن �ساعدهم ونا�رضهم، على ياأخذ معه اأي اأحد من املرتدين الذين تاب�ا،
نقاء اأن اأدرك لأنه جندي، لكلر ال�قت ذلك يف امل�سلمني حاجة من الرغم
215
العدد املليء اجلي�ص و�سالمة �سفه وامتيازه ب�سدق الإميان؛ خري لهم من كرثة
بال�س�ائب.
ي اهلل عنه �سبب الن�رض، فكان يق�م ين الأي�بي( ر�س وهكذا فهم )�سالح الدر
الليل فيها جند يق�م�ن فاإذا مر بخيمة يتفقد جنده، ليلية يف مع�سكره بج�لة
ويتل�ن القراآن ويلهج�ن بالدعاء، �سعد بهم وقال: »من هنا ياأتي الن�رض!«، واإذا
تاأتي الهزمية!«. وقبل تاألـم حلالهم وقال: »من هنا راأى خيمة فيها جنـد نيام،
اأن تندلع معركة حطني ب�ساعات، قام ليله ومرغ وجهه بالرتاب داعيا ربه باكيا
الإخالد اإل يبق ن�رضة دينك، ومل الأر�سية من اأ�سبابي انقطعت يق�ل: »اللهم
اإليك، والعت�سام بحبلك«.
:[ يق�ل ال�سادق، بالإميان بل بالعدة، ول بالكرثة لي�ست اإذن فالعربة
عتها«. فقال قائل: ومن »ي��سك الأمم اأن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة اإىل ق�س
يل، ولينزعن قلة نحن ي�مئذ؟ قال: »بل اأنتم ي�مئذ كثري، ولكنكم غثاء كغثاء ال�س
كم املهابة منكم، وليقذفن يف قل�بكم ال�هن«، فقال قائل: اهلل من �سدور عدور
.)1(
وما ال�هن يا ر�س�ل اهلل؟ قال: »حب الدنيا، وكراهية امل�ت«
ففي ال�قت الذي بداأ فيه ال�هن ميالأ قل�ب امل�سلمني، بداأت الهزائم تت�اىل
وت�سبح من ن�سيبهم، وبدوؤوا يفقدون الدعم الرباين الذي يج�رض ه�ة احل�سابات
املادية، يق�ل الأ�ستاذ الرا�سد: »وكما تبداأ تراجعات كلر ح�سارة بالنخر لتخلي
التي جتعل كل دع�ة تغزى الفنت هي املقدمة فاإن اإىل ح�سارة مناف�سة، مكانها
انتهاء؛ الريا�سيات هم، فيع�د منطق اأنف�س اإىل الدعاة اهلل فيكل عقر دارها، يف
لي�ص ثمة ع�ن رباين ين�رض القليل على الكثري، بل ال�احد ل ي�ساوي اإل ال�احد،
1 رواه اأحمد واأب� داوود، )�سحيح اجلامع ال�سغري(.
216
ت�ساعفه جهد ثمة لي�ص احل�ساب؛ ومعادلت الإح�ساءات اع ال�رض وت�سبط
.)1(
الربكة، ول خط�ة يط�ى لها الزمن«
وما الإ�سالم، معارك جرت كيف وندرك نفهم اأن ميكننا املعادلة بهذه
املنطق »هذا �سبحة(: )ناجي الأ�ستاذ يق�ل كما انت�سارات، من عنه اأثمرت
.)2(
نعلم اأنه ركن هام من اأركان التف�سري الإ�سالمير كما ذكره القراآن الكرمي«
اإذا؛ عندما اأ�سقط امل�سلم�ن يف جهادهم املكا�سب املادية، وقدم�ا اأرواحهم
رخي�سة يف �سبيل ربرهم، و�سح�ا باأم�الهم وممتلكاتهم دون اأن ينتظروا املقابل،
واأزال ع�بات، ال�س لهم فذلـل املعركة، اأر�ص من املادية احل�سابات اهلل اأ�سقط
من اأمامهم العقبات، فكان الن�رض حليفهم، على الرغم من قلة عددهم و�سعف
اإمكاناتهم.
* * *
1 )�سناعة احلياة(، اأ.حممد اأحمد الرا�سد.
2 )�سفحات من التاريخ الإ�سالمي(، اأ.ناجي �سبحة.
217
�صفات
رجل الع�صابات الناجح
218
219
�صفات رجل الع�صابات الناجح
يـعـد العمل اجلهادي والث�ري من الأعمال ال�ساقة على النف�ص، املرهقة للج�سد،
اخلطرة على كل �سعيد، ولذا قال عنه رب العزة يف كتابه الكرمي: { ٱ ٻ
ٻ ٻ ٻ پ } ]البقرة:216[.
واإن�سانا حديديا، وقلبا ية، م�سحر نف�سا ت�ستدعي وامل�سقة اخلط�رة وهذه
النجاح على قادرا العمل، بهذا للقيام ال م�ؤه يجعله ما فات ال�س من يحمل
ه دون كلل اأو تقاع�ص اأو خ�ر. واإجناز مهامر
ويف هذا الباب، ن�صتعر�ش بع�صا من تلك ال�صفات التي يحتاجها املجاهد نف�صه:
اإميانا عميقا، وروحانية - موؤمن بربه، خمل�ش يف عمله، يحمل بني ج�انحه
عن بعيدا كان التزم اإن لأنه املعا�سي. عن وبعدا اهلل، ب�رضع والتزاما مرهفة،
ال�سلبية يف املمار�سات، متجنربا للتباهي والتفاخر الذي ي�سيب الثائر يف مقتل،
متفانيا يف اإجناز عمله، باذل اجلهد يف اإتقانه.
فاع عن اأر�سه وعر�سه وم�سل�باته، يبذل - موؤمن بعدالة ق�صيته، و�رضورة الدر
يجعل الإميان وهذا لها. وقته فيعطي ق�سيته، عن ودفاعا ربره �سبيل يف كليته
ي دون انتظار للنتائج والأرباح، يعطي دون املجاهد يقاوم بغري ح�ساب، وي�سحر
220
، كما اأن هذا اليقني )1(
طلب، ول يبايل بفداحة الثمن الذي يدفعه جراء عمله هذا
ي�فر له القناعة املطلقة ب�سدقية واأخالقية هدفه، و�سم� وكرامة مهمته؛ فال يقبل
الت�سكيك، ول يتاأثر مبحاولت التاأثري امل�ساد، اأو الإ�سقاط يف �رضك اخليانة.
يف ويرتك باحرتام، النا�ص ويعامل الفا�صلة، الكرمية بالأخالق يتحلى -
اأثرا طيبا يدفعهم اإىل التم�سك بفكرته، والدفاع عنه، وال�ق�ف معه، نف��سهم
الفا�سلة هي مفتاح تبعات ذلك. فالأخالق التذمر من والت�سابق خلدمته دون
ال�سعب يف وج�دها، على تعتمد اأ�سلفنا كما و)اجلاريال( النا�ص، مع النجاح
ها ليك�ن ن�سريها واحلامي لها. وعليها اأن تك�سبه ل�سفر
من والث�رة النهيار، من احلركة يحفظ ما فذلك والكتمان، ال�رسية -
اأنه [ روي عنه العدو. وقد بيد النت�سار وال�ق�ع النك�سار، واملعل�مة من
العمل اأ�سا�سيات فاإن من .)2(
بالكتمان« قال: »ا�ستعين�ا على ق�ساء ح�ائجكم
مة �س اأن نعتقد ول ال�رضرية، من قدر اأعلى �سمان عم�ما؛ والع�سكري الأمني
يحتاجها املجاهد بعد تق�ى اهلل والت�كل عليه اأكرث من هذه، ول نن�سى اأن التفريط
باملعل�مة واإف�ساء املخفير منها، يكلرف العاملني ثمنا باهظا قد يك�ن اأرواحهم،
اأو على الأقل �سن�ات ط�يلة من الأ�رض، فما من عملية اغتيال اأو اعتقال اأو ف�سل
مهمة جهادية اإل و�سبقتها معل�مة فرطت املقاومة بها.
العدو يف اأ�ساليب على والتعرف الأمني، عيد ال�ص ي�صتجد على ما متابعة -
درا�سات على والطالع والتحقيق، والإ�سقاط والغتيال والعتقال املتابعة
�سبيلها، يف الإخال�ص وت�فر بها، الإميان ق�ي اإذا الفكرة تنجح »اإمنا ر�سائله: جمم�عة يف البنا الإمام يق�ل 1
وازدادت احلما�سة لها، ووجد ال�ستعداد الذي يحمل على الت�سحية والعمل لتحقيقها«.
2 روي من عدة طرق اأكرثها �سعيف، غري اأنه �سحيح من حيث التجربة. وينظر يف تخريجه: )املقا�سد احل�سنة(
لل�سخاوي.
221
�سة يف كلر عن�ان. فالطالع على اأ�ساليب العدو يف الغتيال والعتقال؛ متخ�سر
انتزاع وكيفية التحقيق باأ�ساليب واملعرفة فيها، ال�سق�ط من املطارد يقي
التي مبعل�مته الحتفاظ على الأ�سري ي�ساعد الرجال؛ �سدور من املعل�مات
ت�رضه وت�رض حركته واإخ�انه. ونق�ل: اإنه ل يكفي جمرد الطالع على مثل هذه
الدرا�سات، بل ال�ستفا�سة يف درا�ستها والبحث فيها والطالع على ما ي�ستجد
ح�لها با�ستمرار.
البناء وبنائه ج�سمه، باإعداد مهتم الع�سابات فرجل البـدين، الإعداد -
ويعمل مثال، كالتدخني خامال، �سعيفا يجعله اأو ي�ؤذيه ما فيتجنب ال�سليم،
بت�ا�سل على تق�ية ج�سمه ومترينه ليك�ن مرن احلركة، قادرا على حتمل الأعباء
وامل�ساق، ويف ذلك يق�ل ]: »امل�ؤمن الق�ي خري واأحب اإىل اهلل من امل�ؤمن
. فكلما كان اجل�سد ق�يا، كان قادرا على اإجناز مهامه )1(
عيف، ويف كل خري« ال�س
بنيته خالية من الإعاقات والأمرا�ص، فاإنه اأعباء املقاومة، وكلما كانت وحتمل
يك�ن قادرا على حتمل اأمل التحقيق الذي قد يتعر�ص له اأثناء اأ�رضه، وبالتايل يحفظ
�رضه و�رض حركته.
وكذلك فاإنه كلما متلك املجاهد بنية ق�ية وهمـة عليـة، فاإنه يك�ن قادرا على
اخلروج من ماآزق يقع فيها، وخماطر يتعر�ص لها، فكم من حدث كان املجاهد
فيه على �سفا ال�سهادة اأو العتقال، اأخرجته منه خ�س�نته وهمته وق�ة بنيته بعد
لطف اهلل، فكم مرة كان اجلن�د على بعد اأمتار من القائد )ن�رض الدين ع�سيدة(
وتكرر ،)2(
�ساملا اخلروج من مكنته حتمله وق�ة ه نف�س ط�ل لكن يحا�رضونه،
1 رواه م�سلم.
قته ق�ات كبرية، فاختباأ اأ�سفل 2 متكن املجاهد )ن�رض الدين( من الإفالت من بني يدي جي�ص الحتالل بعد اأن ط�
حزمة حطب، وا�ستمر على و�سعيته ي�ما كامال حتى ابتعد اجلي�ص عن املنطقة، فا�ستطاع الن�سحاب بف�سل اهلل.
وجنا ثانية باختفائه داخل برميل �سغري، وثالثة باختبائه يف حاووز ماء.
222
ذلك مع املجاهد ال�سهيد )اإبراهيم �سالمة( و)علي عا�سي(، اإ�سافة اإىل ع�رضات
الق�س�ص مع جماهدين اآخرين.
ال�س�ير الأخ باختيار اأكمل تك�ن البنية و�سالمة اجل�سم ق�ة اأن ويالحظ
واألعاب دورات من يلزم مبا وتدريبه اجل�سم هذا اإعداد على العمل ثم اأول،
اإىل امتحانات وجتارب عملية ت�سعه على املحك احلقيقي، اإخ�ساعه ق�ى، ثم
ب عليه. وت�سرب غ�ره وقدراته وجاهزيته ملا تدر
وتفكيكها بها الرمي باإتقان ال�صالح، من عديدة اأنواع ا�صتخدام يتقن -
وتنظيفها، والطريقة الأمثل يف ا�ستخدامها وتخزينها، ومع معرفته العامة، ل بد
�ص بن�ع من ال�سالح، ي�اظب التدرب عليه حتى يبلغ مرحلة اخلربة له من تخ�س
التي ل يكاد يخالطها خطاأ.
اإن اإتقان التعامل مع ال�سالح؛ يجعل املقاوم ي�سعر بدرجة اأعلى من الطمئنان،
ويجعله مهيئا ل�رضعة ال�ستجابة لأير طارئ جديد، واخلروج من اأير ماأزق قد
.)1(
يقع فيه
املقاتل اأتقن ة، فكلما اأهمية خا�ص اأمر ذو املهارات، وهو العديد من يتقن -
مهارات اإ�سافية؛ كان اأقرب اإىل حتقيق درجة املقاتل املثايل، وبالإ�سافة اإىل مهارة
اإتقان التعامل مع ال�سالح، هناك مهارات اأخرى يحتاجها املجاهد، منها:
ياقة مبهارة و�رضعة، وعلى عدة اأن�اع من املركبات. ال�سر
الإ�سعاف الأويل، ومعاجلة اجلرحى، وكيفية اإخالئهم من اأر�ص املعركة،
وقع املجاهد )�سلطان العجل�ين( يف الأ�رض لعدم معرفته كيفية ا�ستخدام ال�سالح الر�سا�ص، فبعد اأن اأطلق النار من 1
هي�ين واأرداه قتيال، اأخذ بندقية )M16( وحاول ا�ستخدامها، لكنه مل يتمكن من ذلك، م�سد�سه نح� اجلندي ال�س
فهجم عليه اجلن�د واعتقل�ه دون اأن يتمكن من اإحداث ردة فعل.
223
فقد الأمر، لزم اإن الذات ومعاجلة ،ال�سطناعي والتنف�ص احلـقن وا�ستخدام
ا�ستطاع املجاهدون مرارا النجاة والن�سحاب من اأر�ص املعركة ملعرفتهم بهذا
.)1(
العلم، ومن ذلك ما كان يف عملية اختطاف اجلندي )ي�رن(
وت�سلق احلدود، واخرتاق املواقع، اقتحام مثل البـدنيـة؛ املهارات بع�ش -
اجلدران، وق�ص الأ�سالك ال�سائكة، وجتاوز حق�ل الألغام، وال�سهر املت�ا�سل،
والدقة يف املراقبة النهارية والليلية، والقدرة على الر�سد والرتكيز ملدة ط�يلة.
ا�ستخدام امل�صاعدات؛ كالب��سلة، ومهارات ا�صتخدام بع�ش القدرة على -
والكمبي�تر الدقيقة، الت�سال واأجهزة والنهارية، الليلية واملناظري )احلبل(،
والإنرتنت، وكل ما من �ساأنه م�ساعدة املقاتل يف اإنفاذ مهامه والقيام ب�اجباته.
ة بالعمل ال�رسي وحرب الع�صابات، مثل و�سائل - املعرفة ببع�ش املهارات اخلا�ص
هذه اأن ويالحظ اخلفية(. واملرا�سالت ال�رضري، واحلرب )الت�سفري الت�سالت
ميدانيا، تدريبا عمليا النظري، التدريب اإىل بالإ�سافة املهارات وغريها حتتاج
به حقيقية، ت�سل باملجاهد اإىل درجة عالية من الإتقان. واإجراء مترينات �س
- لديه من الوعي ال�صيا�صي ما يجعله قادرا على اختيار املكان والزمان والآلـيـة
املنا�صبة عند اإنفاذ اأي مهمة قتالية، فمن غري الالئق اأن يعمل الثائر بغري ح�ساب،
فيتعار�ص عمله مع امل�سلحة العامة، اأو يتناق�ص مع ما تطرحه حركته، وخ�س��سا
اأن الت�ا�سل بني اأطراف العمل الث�ري يك�ن �سعبا يف خ�سمر العمل الع�سكري،
يك�ن�ن ما كثريا فالعامل�ن متقطعة، تك�ن قد بالقيادة الرتباط وخط�ط
مطاردين، وبالتايل فاملجم�عات قد تعزل عن قيادتها ال�سيا�سية، فال جتد �سابط
اأ�سيب املجاهد )تي�سري �سليمان( اأثناء عملية خطف اجلندي )يرون( بر�سا�سة يف فخذه، فا�ستخدم ما تعلمه من 1
ه، ثم تابع مع اإخ�انه عملية اخلطف بنجاح. اإ�سعاف اأويل يف عالج نف�س
224
تقدير ي�ستطيع �سيا�سيا وعيا ميلك ومن الجتهاد، اإىل نحتاج عندئذ ات�سال،
�س�ابية العمل اأو خطئه.
- احلالة النف�صية العالية، والتي يجب على املقاتل اأن يتحلى بها كل حني، فالعامل
معن�يات ارتفعت وكلما )اجلاريال(، احل�سم يف و�سائل اأهم اأحد ه� النف�سي
املقاتل؛ ازداد اندفاعا وعطاء واإ�رضارا على م�ا�سلة الطريق مهما ارتفع الثمن.
دمات، ول جتنب بال�س تهتز بنف�سية ق�ية ل يتحلى اأن املقاتل اإن على نعم!
ع�بات، فهي نف�ص مليئة بالإميان واليقني مع املخاطر، ول ي�سيبها اخل�ر مع ال�س
ها، جريئة �سة على عدور الذي يحميها من كلر ذلك، وهي نف�سية ثائرة مقاتلة �رض
يف جهادها، م�ستعدة لل�سم�د حتى القطرة الأخرية من دمها، وهي متلك من
الرحمة جتاه اأبناء �سعبها ما يجعلها حتن� عليهم، ومتتنع عن اإيذائهم، تتمتع برباطة
اجلاأ�ص التي متكنها من الت�رضف بحكمة يف اأحلك الظروف، فال ت�سطرب اأو
تهلع، حتب املغامرة دون ته�ر، فتتقدم اإىل حيث ي�جد هدفها الذي ميكن �رضبه،
وحتجم حني ترى اأن التقدم �رضب من النتحار.
ها، ول تبايل مبا وهي نف�ص ل تتاأثر باحلرب النف�سية التي ي�سنها العدو �سد
يبثه اإعالمه امل�سم�م واأل�سنته الكاذبة، فهي دائمة الثرقة بربرها، والطمئنان لقادتها
ة، وهل من جندي بغري طاعة؟! التي ت�سرير اأم�رها، فتلتزم الطاعة الـمب�رض
احلل�ل في�سع متقدة، متيقظة وذهنية مبتكرة، خالقة عقلية ميتلك -
للمع�سالت، ويبتعد عن التبعية والتقليد، يح�سب خط�اته جيدا، ويدر�ص ويقيرم
ف نتائجها فيما ه� اآت. ما �سبق من اأحداث لي�ظر
لديه قدرة على ا�ستيعاب اجلديد، وتط�ير ما ميلك من اأ�ساليب، فيفكر بعقلية
225
ه، ويح�سب ما ميكن اأن يفعله، وهذا يحتاج اإىل اخل�سم، وي�سع نف�سه مكان عدور
عة اأفق واإبحار يف اخليال، اإ�سافة اإىل اطالع على ثقافة اخل�سم. هذا الأ�سل�ب �س
ه، وما هي ه� الذي يجعل رجل الع�سابات قادرا على التنب�ؤ مبا �سيقدم عليه عدو
اأب�اب الثغرات، ويغلق ي�سد هذه النفاذ عربها؟ وبالتايل التي يحاول الثغرات
.)1(
اخلطاأ املحتمل الذي تبنى عليه اأ�س�اأ الحتمالت
- املعرفة الكاملة بت�صاري�ش املنطقة التي ت�صمل حدود عمله، واأماكن اختفائه
التي يخ��سها، وكلما كانت معرفته اأر�ص املعركة ه، ومعرفة طبيعة ه وفرر وكرر
ه، عدور بيد ال�ق�ع من حتميه املعرفة هذه واإن اأف�سل، نتيجتها كانت اأكمل،
�سليم حال الت�رضف ب�سكل له بنجاح، وتتيح اإنفاذ عملياته ومهامه وتعينه يف
حدوث اأير طارئ.
اإ�سافة اإىل ذلك، فه� مطالب مبعرفة ن�سبية بعم�م بالده ومناطقها، وما حت�يه
وم�ست�طناته، العدور ومع�سكرات وقرى، ومدن ووديان وجبال �سه�ل من
ما وكل انعدامها، اأو املياه وفرة واأماكن فيها، يت�اجد التي اخلطر ومناطق
ملهاجمته، الأمثل والهدف لإقامته، الأمثل امل�قع اختيار اإىل اإر�ساده �ساأنه من
والطريق الأمثل ل�سل�كه، وامللجاأ الأح�سن لاللتجاء اإليه.
مكرهم«)2(، اأمن ق�م لغة تعلم »من روي: حيث العدو، لغة اإتقان -
فمعرفة املجاهد للغة العربية يخدمه يف عدة جمالت، فه� يفتح عليه بابا وا�سعا
ه وعاداته وممار�ساته، ويك�سف له الكثري من حتركاته واملعل�مات لفهم طبيعة عدور
ر )بيرت دركر(: »نحن بحاجة اإىل مدبررين وجمازفني؛ فاملدبررون يت�ل�ن التحليل املايل و�س�ؤون العاملني التي يق�ل املفكر 1
حتتاج اإىل درا�سة وحتليل، اأما املجازفني فهم اأ�سحاب اخليال اجلامح الذين ل تقيدهم احلقائق، وينظرون اإىل امل�ستقبل
نظرة اإبداعية«.
2 ق�ل �سحيح واإن مل يثبت حديثا نب�يا.
226
املفيدة عنه عرب اإعالمه، ويعينه يف التخفي اإن كان مطاردا، والتم�يه على نف�سه
راأ�سها عمليات اأعماله، وعلى تنفيذ بع�ص املاآزق، وي�ساعده يف واخلروج من
اخلطف وبع�ص العمليات ال�ست�سهادية.
فكم من عملية جهادية كتب لها النجاح بف�سل هذه ال�سمة، وكم من عملية
ق اأهدافها املر�س�مة اأو جزءا منها لعدم ت�فرها، فقد كان املجاهد ف�سلت ومل حتقر
ه لعملية كبرية، اإل اأن عدم معرفته باللغة العربية اأوقعه )حممد ب�سارات( يعد نف�س
الذي اجلندير وقتل نف�سه، حقيقة عن الك�سف اإىل ا�سطره خطري، ماأزق يف
حاول حمادثته، فلم يحقق كامل هدفه. وكذا ال�سهيد البطل )ف�ؤاد الق�ا�سمة(،
متديرن بزير ر متنكر وه� �سهي�نية مغت�سبة داخل نف�سه لتفجري ها مت�جر كان
يه�دي، فا�سطر لتفجري نف�سه على حاجز ع�سكري، لأنه مل يتمكن من الإجابة
على اجلن�د الذين حتدث�ا معه بالعربية.
وكلما الإ�سالم، جي�ص يف جندي املجاهد الع�سابات رجل فاإن اأخـــريا،
ه. ملك �سفات اأكمل، كان اأقرب اإىل النجاح يف مهمته، والتنكيل بعدور
واإن من ال�ا�سح لكلر ناظر؛ اأن املقاتل الفل�سطيني ل ياأخذ حظا وافرا من
هنير قبل انخراطه يف العمل النر�سايل، الأمر الذي يقلل من الإعداد البدينر والذر
كفاءته، ويحد من جناحاته، ولهذا اخللل اأ�سباب عديدة، منها ما ه� خارج عن
اأن ن�سنفه يف دائرة الق�س�ر، وجتربة قطاع غزة اإرادة املقاومة، ومنها ما ميكن
ت�سري اإىل اأن املقاومة ل� ملكت الفر�سة والإمكانات لقدمت الكثري.
227
من عوامل النجاح
228
229
من عوامل النجاح
النجاح، من اأكرب قدرا املقاومة واملجم�عة املجاهدة اخللية ق حتقر لكي
ومالحظات، اعتبارات بجملة والأخذ اإجراءات �سل�سلة اتباع من لها بد ل
قات، وتعني على جتنب ما ذكرناه من اأخطاء تعالج ما �سبق احلديث عنه من مع�ر
�سليما، ت�ظيفا فت�ظفها وخربات، جتارب من فات ما وت�ستثمر و�سقطات،
وجتني اأطيب الثمار.
واإن الأخذ بهذه املالحظات، اإ�سافة اإىل الق�اعد العامة حلرب الع�سابات،
هذه ومن اهلل، باإذن والنجاح الإجناز من اأعلى قدر حتقيق اإىل ي�ؤدي ما ه�
املالحظات:
والبتهال اإليه، والت�رضع وبعده: واأثناءه الإعداد قبل اهلل على التوكل 1ـ
ل، وه� داد والن�رض، فه� املي�رضر وامل�سهر واللتجاء بالدعاء، و�س�ؤاله الت�فيق وال�س
ل ر لالأم�ر كلرها، خريها و�رضرها، فمن كان مع اهلل كان اهلل معه، { ومن يت�ك املقدر
فه� ح�سبه} ]الطالق:3[.على اهلل
لكن، ل بد من الف�سل والتمييز بني الت�كل على اهلل، وبني الت�اكل املذم�م،
اأخذ ي�ساحبه العقل، وا�ستقرار النف�ص، واطمئنان القلب �سع�ر فالت�كل
بالأ�سباب وعمل باجل�ارح وبذل للجهد، وا�ستعداد لكلر الحتمالت، و�سعي
230
دوؤوب يف �سبيل ت�فري اأ�سباب النجاح وجتنب ع�امل الف�سل، وه� عني ما اأمر به
ديننا احلنيف، و�سار عليه ر�س�لنا الكرمي ].
احلرب، مبادئ ومار�ص الن�رض، اأ�سباب بتجميع [ اهلل ر�س�ل اأخذ لقد
مر�سل يتنزل عليه ال�حي
واجتهد يف احليطة واحلذر وال�ستعداد، رغم اأنه نبي
اأعدائه، ودر�سا �سببا يف ن�رضه على البذل كان حفظا وت�جيها وب�سارة، وهذا
للعاملني من بعده. هكذا كان حاله ] يف هجرته، وه� داأبه يف جميع غزواته
اجلزيرة جابت التي و�رضاياه كتائبه وجماهدي جنده لقادة وو�سيته وحروبه،
العربية ط�ل وعر�سا.
والتكتيكي، ال�سرتاتيجي بالتحديد والهتمام املتوا�صل، التخطيط 2ـ
واأدوات كل منها، وعدم ترك العمل ي�سري بع�س�ائية تق�د اإىل املجه�ل.
كما الآنية، واملهمات اجلزئيات بر�سم الق�سري؛ املدى ي�سمل والتخطيط
ي�سمل املدى البعيد، وما يجب اأن يك�ن عليه احلال، فه� نظرة اإىل امل�ستقبل،
واهتمام بلحظة مبا�رضة العمل.
على يبعث الذي ال�ستقرار اإىل مدعاة التخطيط دقة اإىل الطمئنان اإن
الإبداع، كما اأن العمل على ب�سرية يزيد من احتمالية النجاح وال�ستمرار، فاإذا
كامل امل�قف يك�ن حتى العمل تاأجيل فالأوىل مكتمل؛ غري التخطيط كان
ال��س�ح، واخلطط مكتملة الإعداد.
3ـ التقييم الدائم لكل مراحل العمل، الأمر الذي ي�سمن ال�ستفادة مما �سبق،
وال�ق�ف عند م�اطن اخللل لتجنبها، والتعرف على مكامن الق�ة لالأخذ بها،
خربات واكت�ساب وحتفظها، اخللية حتمي وخال�سات نتائج اإىل وال��س�ل
ومهارات تزيد من جناحها.
231
وهذا التقييم ي�سمل كل عامل يف م�قعه، فاإن كان الأخ م�س�ؤول اأمام غريه،
والتزامه، التقييم بانتهاج النا�ص اأوىل فه� وجمم�عات؛ خاليا باإدارة مكلفا
اأو العادي. واإن كان الأخ ع�س� خلية الفرد تف�ق نتائج واآثار تقييمه ذو لأن
م�س�ؤولها، فاإنه مكلف بدرا�سة وتقييم حال خليته، وحماولة التنب�ؤ مبا �سيك�ن عليه
احلال، وما ي�ست�جب فعله، واأن يرفع ما ي�ستخل�سه من نتائج وقراءة م�ستقبلية اإىل
امل�ست�يات العليا، علهم ي�ظف�نها يف خدمة املجم�ع.
بف�سائلها وق�اها يف الفل�سطينية عم�ما املقاومة الق�س�ر جليا يف برز لقد
اإجراء تقييم دوري ل�اقعها، والقيام بتحليل دائم للم�ستجدات والأحداث من
ح�لها، وربطها بالتاريخ، مت�ازيا مع فهم احلال ومعرفة الطرف الآخر، حتى
اإنتاج درا�سات تقت�سي واإن هذه اجله�د اخليال، يبعد عن واقعيا يك�ن حتليال
واإ�سدارات ت�سكل اأ�سا�سا لنه��ص العمل املقاوم من كب�ته، وتقدمه يف عمله،
واأداء مهامه واإجنازها.
فالبتعاد عن ال�سابق، للبند ا�ستكمال املحيط، وه� مع الدائم التوا�صل 4ـ
ال��سط الذي حتياه املقاومة، واتخاذ القرارات من برج عاج؛ ي�ؤدي اإىل اتخاذ
قرارات وم�اقف خاطئة، وي�سعف العالقة بني املقاومة وحميطها.
ل بد لقيادة العمل املقاوم من اأن تك�ن على ت�ا�سل مع كافة جن�دها، ت�سمع
ت�ساوؤلتهم، رغباتهم، وجتيب على وتلبي احتياجاتهم ت�فر منهم وحتاورهم،
ه، وت�سمع �س�ته، اأن تك�ن على متا�ص مع ال�سارع جت�ص نب�س ثم على املقاومة
فيحميها منه، جزء واأنها منها جزء اأنه في�سعر معه، وتعي�ص �سم�ده، وتدعم
وين�رضها.
232
ا�ستخدمتها كالتي العمل، جناح يف ت�صاهم وعلوم مهارات ا�صتخدام 5ـ
حروب الع�سابات ال�سابقة، كعلم الت�سفري الذي ي�سمن ت�ا�سال اآمنا بني اأطراف
العمل، وفن التنكر والتخفي الذي ي�فر للمجاهد قدرة على الختفاء بعيدا عن
ال�رضي الت�سال واملرا�سالت، وا�ستخدام احلرب اأط�ل، وفن�ن العدو ملدة اأعني
والنقاط امليتة.
وكلما متتع اأع�ساء اخللية مبهارات اإ�سافية تخدم هدفهم؛ ازدادت كفاءتهم
يف اأداء مهامهم، وقدرتهم على جتاوز العقبات التي تعرت�سهم، ومعاجلة الأزمات
التي يقع�ن فيها.
د ن�صف العمل الع�صكري«: قاعدة ع�سكرية �سهرية، وهي اأ�سا�ص يف �ص 6ـ »الر
بتجاربهم، اأبطالنا وجماهدونا اأكـد على �سحتها املقاوم، العمل اجلهادي جناح
زادت معل�مة؛ �رضبه املن�ي الهدف وتفا�سيل دقـة، اأكرث الر�سد كان فكلما
املجاهدين من فاملطل�ب املفاجاآت. وق�ع اإمكانية وقلت النجاح، احتمالية
حت�سيل اأكرب كم من املعل�مات امل�ث�قة عن الهدف، �سكال وكيفا وحركة وت�قيتا،
وحجم الق�ة التي ميتلكها، وم�اطن ال�سعف التي تت�افر فيه، ومكامن الق�ة لديه،
والأ�سل�ب الأمثل للتعامل معه، وال�سالح الأف�سل مل�اجهته والإجهاز عليه، وعدد
املقاومني القادرين على اأداء املهمة دون زيادة مفرطة اأو نق�سان خمل...
ال�ق�ع ال�سحيح، ويريح اخللية من خطر ن�سابه العمل يف ي�سع كل ذلك
والنتائج، الأبعاد حم�س�بة غري مغامرة يف الدخ�ل اأو ،)1(
عقباه حتمد ل فيما
ويجعل املهمة اأقرب للنجاح وحت�سيل النتائج املرج�ة.
1 يف عملية )غاين تال(، كاد املجاهدون اأن يقع�ا يف مقتل؛ ب�سبب معل�مات ناق�سة جاء بها الرا�سد، ت�سري اإىل وج�د
جنديني يف اجليب امل�ستهدف، بينما كان يح�ي ثالثة جن�د!
233
�سا يبذل جهده وي�سخر 7ـ �رسيـة العمل: فحرب الع�سابات ت�اجه عدوا �رض
الأول وهمه الأكرب �سعيه عليها، والإجهاز �سبيل �رضبها اإمكاناته وخرباته يف
ه� جمع املعل�مات عن املقاومة وقادتها وجن�دها، وق�اعد انطالقها واأماكن
وخمططاتها، تفكريها واأ�سل�ب و�سعفها، ق�تها ونقاط وت�سليحها، ت�اجدها
وكل كبرية و�سغرية متعلقة بها.. وكلما ا�ستطاع حت�سيل كم اأكرب من املعل�مات؛
كانت قدرته على �رضب املقاومة اأعلى، و�سهامه نح�ها اأكرث اإيالما واإثخانا.
العدو وجعل معل�ماتها، اإخفاء على )اجلاريال( حر�ص كله، ذلك يقابل
هة جاهال بحقيقتها وباملعل�مات التي يبحث عنها، فت�سبح حربه و�رضباته امل�ج
اأذى كبريا تثمر الع�س�ائية والتخبط على غري هدى، فال املقاومة �رضبا من اإىل
للمقاومني. ومن هنا، داأب الحتالل على تق�ية اأجهزة ا�ستخباراته، واإمدادها
والتقني؛ حتى العلمي التط�ر وو�سائل املادية، والإمكانات الب�رضي، بالكادر
ت�ؤدي دورها على اأكمل وجه.
اإن من اأوىل اأول�يات العمل املقاوم: احلفاظ على �رضرية املعل�مة، ولذا، فاإن
عملها مبجمله يدور ح�ل الكتمان والأمن وال�رضرية، وما الت�سفري واحلرب ال�رضري
ر والنقاط امليتة واملالجئ اإل اأدوات لتحقيق اأعلى قدر والتخفي والتم�يه والتنك
من ال�رضرية والأمن.
يف )CIA( ا�ستخبارات وكالة الأمريكية املتحدة ال�ليات اأن�ساأت لقد
اأعقاب ال�رضبة الع�سكرية املفاجئة التي وجهتها اليابان لالأ�سط�ل الأمريكي يف
البا�سفيك، مطلع الأربعينات، فاأدت اإىل تدمريه بالكامل، فكان قرار اإن�ساء جهاز
.)1(يحارب العدو باملعل�مات، ويحفظ دولته و�سعبه بحفظ املعل�مات
1 اأبجديات الت�س�ر احلركي للعمل الإ�سالمي(، اأ.فتحي يكن، نقال عن كتاب )اجلا�س��سية الأمريكية(، اأندروت�يل.
234
8ـ ال�ستعداد الدائم، والبقاء على جاهزية، واليقظة لكل جديد، والتعامل
ۋ ۋ ٴۇ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ } تعاىل: يق�ل يلزم، مبا معه
ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې } ]الأنفال:60[. فالإعداد اأ�سل ل ميكن التنازل عنه بحال.
وال�ستعداد يعني اأن تبقى املقاومة متيقظة لكلر ما يدور ح�لها من م�ؤامرات
وهجمات وممار�سات تنفذها ق�ات الحتالل، وتهدف من خاللها اإىل �رضب
املقاومة، والنيل من وج�دها.
وال�ستعداد يعني األ يرتك رجل الع�سابات �سالحه، واأل يتخلى عن حر�سه
ويقظته وحذره، وعدم الت�رضف دون اأخذ املخاطر التي حتيط به من كل جانب
بعني العتبار.
وال�ستعداد يعني ا�ستقراء ال�اقع، وتقدير ما ميكن اأن يق�م به العدو، واإعداد
اخلطة الكفيلة باإف�ساله ورد كيده اإىل نحره.
زمانها د حمد حمدودة، معارك يخ��ص نظاميا جي�سا الع�سابات فلي�ست
ومكانها، في�ستعد لها يف حينه، بل هي جبهة مفت�حة للقتال، وميدان يحتمل
العمل يف كلر حني، ميكن اأن تفر�ص فيه املعركة وامل�اجهة على الثائر دون اأن
يخطط لها، فماذا �ستك�ن ردة فعله اإن كان م�سرتخيا؟
ملقاتليها، وتطمئن النف�صية احلالة تركـز على اأن الثوري العمل قيادة 9ـ على
اإىل ي��سلها �سليم ب�سكل بنائها على وتركز وجاهزيتها، �سالمتها اإىل دائما
هدفها، واإن عليها اأن تغر�ص فيهم جملة مفاهيم واأفكار، تزيد من ق�ة نف�سيتهم
وا�ستعدادهم، من ذلك:
235
الإن�سان حترير وه� وم�رضوعيته، ونقائه الهدف قد�سية على الرتكيز -
�ن احلق�ق واملمتلكات، والتاأكيد ود عن الكرامة والعر�ص، و�س والأر�ص، والذ
على الأحقية الدينية والقان�نية والإن�سانية والتاريخية لهذا العمل، واأننا اإمنا نث�ر
لتح�سيل احلق.
- ال�ستعداد الدائم للت�سحية، وه� حت�سيل حا�سل للبند ال�سابق، ففي ال�قت
الذي ي�سل فيه املقاتل اإىل القناعة املطلقة باأحقيته ملا ينا�سل من اأجله، وبقد�سية
ما ميلك يف اأغلى لتقدمي ا�ستعداد على وي�سبح تردد، بدون يندفع فاإنه هدفه،
�سبيل ال��س�ل اإىل هدفه. ففي حرب الع�سابات ت�سكل الت�سحية راأ�ص هرم يف
.)1(
ثقافة املنا�سل، فال غنى له عنها، ول انت�سار له بدونها
- اإيجاد ال�سع�ر الدائم بالثقة بالن�رض لدى املقاتلني، ف�ستان بني مقاتل يائ�ص
فاقد اجلاهزية، الهمة، حمبط، مقتنع بعدم قدرته على حت�سيل هدفه، فه� خائر
اإىل مطمئن جندي وبني اجلهادية، مهامه اأداء يف فا�سل الإمكانية، منخف�ص
وا�سرتجاع الهدف، اإىل وال��س�ل النت�سار حتقيق على ث�رته وقدرة قدرته
ناجح يف باحلي�ية، مليء اجلاهزية، كامل الهمة، متقد فه� امل�سل�بة، احلق�ق
اأداء املهام امل�كلة اإليه.
اإليه، اأن الإميان باهلل والت�كل عليه، والثرقة به واللتجاء ومن بداهة الق�ل،
لة به، وذكره وال�سع�ر مبعيته، خري ما ميكن اأن ي�سحذ الهمم، ويق�ي ودوام ال�سر
جن�د مييز ما وهذا النطالق، اإىل ويدفع والقن�ط، الياأ�ص ويقاوم النف��ص،
املقاومة الإ�سالمية يف كلر مكان.
1 يق�ل ال�سيخ عز الدين الق�سام: »لي�ص املهم اأن ننت�رض، اإمنا نريد اإحياء اجلهاد، وتربية جيل يرى ال�سهادة يف �سبيل اهلل
غايته!«. من كتاب: )عز الدين الق�سام(، اأ.حممد ح�سن �رضاب.
236
10ـ الحتفاظ ب�صالح ا�صرتاتيجي اأو عمليات نوعية ل�صتخدامها وقت احلاجة،
بحيث ت�سكل ردعا للعدو من الإقدام على اأعمال جن�نية وقا�سية؛ كالإقدام على
ارتكاب املجازر اأو اغتيال القيادات ال�سيا�سية اأو ا�ستخدام اأ�ساليب غري اإن�سانية
اأوراقها، بع�ص وتلقي �سالحها، املقاومة ت�ستخدم عندئذ املقاومة، �رضب يف
املنا�سب، ال�قت يف ال�سرتاتيجي �سالحها ت�ستخدم اأو الن�عية، العملية فتنفذ
را اأمام العامل، رافعا لهمة ال�سعب، رادعا لالحتالل من تكرار فعلته، فيك�ن مرب
مظهرا جاهزية املقاومة وا�ستعدادها للتفاعل مع كلر جديد.
وقد ظهر اخللل جليا بعدم وج�د هذا ال�سالح لدى حركة املقاومة الإ�سالمية
يا�سني(، )اأحمد �ص امل�ؤ�سر ال�سيخ اغتيال جرميتي على الحتالل اأقدم حني
ردا تقدم اأن احلركة ت�ستطع بينما مل الرنتي�سي(، العزيز )عبد القائد والدكت�ر
منا�سبا حلجم احلدث، يف حني كان الحتالل يت�قع ردة فعل اأكرب من تلك التي
قدمتها احلركة.
* * *
237
قات املعو
238
239
قات املعو
اأعاقت وخارجية داخلية قات مع�ر �سل�سلة الفل�سطينية املقاومة واجهت
خ�سائرها، من وزادت اإجنازاتها، واأ�سعفت جناحاتها، من وقللت تقدمها،
ت عمر خالياها والعاملني يف �سف�فها. وهذه املع�قات واأبطاأت اأداءها، وق�رض
منها ما يقع �سمن اأخطاء داخلية وع�امل متعلقة باملقاومة ذاتها واأدائها وتنظيمها
وكفاءة اأفرادها، ومنها ما ه� خارجي مرتبط بالحتالل وما ميار�سه من حرب
هة اإىل ال�سعب ومقاومته ومقدراته.. و�سغ�طات م�ج
خارجيا:
فالعالقة بني الحتالل املقاومة، يتمثل يف حرب الحتالل على ما وذلك
اأ�سكال امل�اجهة ولهذه وامل�اجهة، والرف�ص التناق�ص على تق�م واملقاومة
متن�عة وو�سائل قذرة اأ�ساليب من ميلك ما كل ي�ستخدم فالحتالل عديدة،
لطته، وتدجينه وقمع اأير مترد اأو خروج لإنهاء املقاومة، واإخ�ساع ال�سعب ل�س
عن اإرادته، واأ�ساليبه يف ذلك ل تنتهي، ومنها :
1ـ ال�رسبات اليومية، من اغتيالت واعتقالت ومالحقات واإبعاد وت�رضيد،
وهي �سيا�سة دائمة اتبعها الحتالل مع كلر من يقف يف وجهه، حتى زاد عدد
240
�سهداء فل�سطني عن ع�رضات الأل�ف منذ بدء الحتالل، وبلغ عدد الأ�رضى منذ
، اإ�سافة اإىل اأعداد هائلة )1(
عام )1967م( ما يقارب )700( األف حالة اعتقال
من اجلرحى والإعاقات واملبعدين وامل�رضدين.
اأبنائها اأبرز قادتها، واأملع جن�مها، واأخل�ص اأفقدت املقاومة هذه احلمالت
بني �سهيد واأ�سري وجريح وطريد، وبنظرة نلقيها على ف�سائل املقاومة واأجنحتها
بات... الع�سكرية، جند اأنهم تعر�س�ا بال ا�ستثناء لهذه الأ�سكال من ال�رض
والدكت�ر يا�سني، اأحمد �ص امل�ؤ�سر ال�سيخ ال�سهداء قدمت حما�ص فحركة
عبد العزيز الرنتي�سي، واإبراهيم املقادمة، واإ�سماعيل اأب� �سنب، وجمال من�س�ر،
وجمال �سليم، وي��سف ال�رضكجي، و�سالح دروزة، و�سالح �سحادة، ويحيى
عيا�ص، وحميي الدين ال�رضيف، وعادل ع��ص اهلل، و حمم�د اأب� هن�د...
وحركة فتح قدمت ال�سهداء يا�رض عرفات، وخليل ال�زير، و�سالح خلف،
و�سعد �سايل، واأب� اله�ل، وكمال عدوان، واأب� ي��سف النجار...
وقدمت حركة اجلهاد الإ�سالمي امل�ؤ�س�ص فتحي ال�سقاقي، وهاين عابد...
قا�سم، وعمر م�سطفى، علي اأب� والدميقراطية ال�سعبية اجلبهتان وقدمت
وغ�سان كنفاين...
وقدم ال�سعب الفل�سطيني اأ�سعاف ه�ؤلء...
ه�ؤلء وغريهم غـيرب�ا بالقتل، واأ�سعافهم غـيرب بالأ�رض، ناهيك عن ح�سد عظيم
من اجلن�د والفر�سان واأبطال امليدان، الذين خا�س�ا امل�اجهات، وقدم�ا اأرواحهم
ودماءهم واأعمارهم يف �سبيل ربرهم ولتحقيق هدفهم وحترير اأوطانهم.
1 ن�رضة احل�سادـ قناة اجلزيرة، ي�م 2007/6/25م.
241
واملتتبع للحرب ال�رض�سة التي ي�سنها جي�ص الحتالل؛ يدرك حجم الإمكانات
الهائلة التي ير�سدها لهذا الهدف، والأ�ساليب القذرة التي ي�ستخدمها لتحقيقه،
وال�ح�سية والهمجية التي ينتهجها اإىل درجة ي�سعب و�سفها عرب �سط�ر.
�ره، فقتـل اأثناء امل�اجهات، وقتل يف لقد ا�ستخدم الحتالل القتل بكلر �س
العمليات الع�سكرية، وقتل يف اأقبية التحقيق، وقتل اغتيال، وقتل بدم بارد، وقتل
املقاتلني، وقتل ال�سي�خ، وقتل النر�ساء والأطفال، قتل ب�سبب وبغري �سبب، قتل
بيـد عمالئه، فلم يدع بابا للقتل اإل طرقه، ول �سبيال لالإجرام اإل �سلـكه..
مة ا�ستخدم �سيا�سة تك�سري العظام والتنكيل باملقاومني، واأجرى حمالت منظ
واأخرى ع�س�ائيـة من العتقالت، وزج بع�رضات الآلف يف ال�سج�ن، واأبعد
الزه�ر اإىل مرج اإبعاد املجاهدين عن الأر�ص بغري ح�ساب... ولزالت جتربة
ماثلة يف الأذهان.
وهكذا كانت ممار�ساته بحقر ال�سعب ومقاومته يف كلر حني، وه� ما �سكل
ا�ستقرارها دون الأ�سا�ص واحلائل املقاومة، اأمام الأبرز ق واملع�ر الأوىل العقبة
واحلفاظ على ق�تها ودمي�مة تقدمها وحتقيق اأهدافها واآمالها.
ون�رض بالإف�ساد واملقاومة ال�سعب تدمري وحماولة والإ�صقاط، الخرتاق 2ـ
الرذيلة واإ�ساعة النحالل، ومن ثم ربط اأكرب عدد من اأفراد املجتمع بالحتالل،
دماء باإراقة طني مت�رر هم، عدور مع متعاونني واأمتهم، لدينهم وجعلهم خائنني
�سعبهم، كارهني للمقاومة وحماربني لرجالها.
اأير م�ستعمرة اأر�ص دخلها، ومع اأ�سل�ب مار�سه ال�ستعمار يف كلر وذلك
اأن�ساأها، ويف كلر حرب خا�سها منذ فجر التاريخ وحتى ي�منا هذا، وقد منت
242
وبرزت هذه الظاهرة يف ع�رضنا احلديث مع اندلع احلروب العاملية، ثم احلرب
�فيتي. الباردة بني اأمريكا والحتاد ال�س
ولقد �سكلت ظاهرة اخليانة مر�سا اأرق الث�رات يف كلر مكان، ومنها الث�رة
الفل�سطينية، ف�سعت اإىل م�اجهتها ومقاومتها وزيادة ممانعة ال�سعب يف وجهها،
مل م�ج�دة ظاهرة بقيت لكنها اأخرى، تارة وبالق�ة تارة، بالفكر حاربتها
تتمكن جتربة من الق�ساء عليها، وقد �سكلت التجربة اجلزائرية مثال قا�سيا على
اأكرث اأعدمت الث�رة اأن اإىل ت�سري التي وايات الرر ت�اترت حتى احلرب، هذه
من )700( األف �سخ�ص بتهمة العمالة، وه� رقم لي�ص ببعيد عما قتله اجلي�ص
الفرن�سي من الث�ار.
ل�سببني وفئاته قطاعاته بكافة كلره ال�سعب اإ�سقاط اإىل الحتالل �سعى لقد
ني: رئي�س
الأول؛ ه� الخرتاق وجمع املعل�مات التي تخدمه يف حربه لل�سعب وق�اه
املجتمع ب�اقع ه وتب�رض م�اجهته، اأو عليه للث�رة حماولة اأير و�رضب املقاومة،
عن يتنازل وجعله تركيعه اإىل تهدف اأ�ساليب من ينا�سبه وما الفل�سطيني،
حق�قه.
والثاين؛ ه� جتنيد اأكرب قدر من اأبناء ال�سعب وجعله يف �سفر الحتالل، حتى
اإذا ما دخل ال�سعب يف انتفا�سة اأو �رضع يف مقاومة، وجد الكثريون اأنف�سهم غري
ه هم نف�س م بع�س ين للم�ساركة فيها، بل وح�س معنيرني بهذه املقاومة، وغري م�ستعدر
يف ال�سفر الآخر منحازا اإليه.
وا�ستخدم الحتالل يف �سبيل هذين الهدفني ما ميلك من و�سائل، كالرتغيب
243
والرتهيب، واجلن�ص واملال، وا�ستغالل احلاجات، حتى �سكل جي�سا من اخل�نة
يخدم�نه، وي�ساهم�ن مع ق�اته يف قمع املقاومة و�رضب رجالها.
لقد �سكل العمالء اأداة خطرية يف �رضب املقاومة، واحلدر من جناحاتها، واإف�سال
خمططاتها، وقد اأبدع العدو يف ت�ظيف هذه الثلة القذرة لتحقيق هذا الغر�ص.
ى بالتنظيم ومن الأ�سكال ال�ظيفية التي �سخر الحتالل اأذنابه لها؛ ما ي�سم
ال�همي، فبعد اأن قام العمالء بدورهم يف جمع املعل�مات عن املجاهدين، ور�سد
لأ�سيادهم، هدية كلره ذلك وتقدمي عنها، امل�س�ؤولني ومعرفة املقاومة، اأعمال
اأو �سهادة يف ي�سكل م�رضوع مقاومة اأير �سخ�ص قد بداأ الحتالل يبحث عن
امل�ستقبل، و�سعى لل��س�ل اإىل كلر من ميلك اجلاهزية وال�ستعداد لالنخراط يف
العمل اجلهادير ول� بعد حني، فاأدخل اأ�سل�ب )التنظيم ال�همي(.
ويق�م هذا التنظيم على بثر العمالء هنا وهناك، ويق�م ه�ؤلء العمالء بعر�ص
هي�نية باأنهم العمل الع�سكري على عدد من ال�سباب الذين ت�سك املخابرات ال�س
على ا�ستعداد للعمل، فاإذا وافق ال�ساب على العمل ظانـا اأن العميل الذي يعر�ص
عليه ال�سرتاك يف املقاومة من املجاهدين؛ بداأ العميل با�ستدراجه وت�ريطه، اإىل
اأو اعتقاله وتغييبه يف ال�سج�ن لـمدد ط�يلة اأن يك�ن قرار املخابرات باغتياله
تبعده عن ميدان العمل خمافة النخراط فيه، وهذا ما عرب عنه اأحد قادة اأجهزة
هي�نية حني قال: »اإننا نحاول اعتقال )النتحاري( من �رضيره قبل اأن الأمن ال�س
يفكر يف مهمته، حتى ننجح يف منعه من ال�سرتاك يف الأعمال الإرهابية«.
ال�سعب اأرزاقهم، وجت�يع النا�ص يف والت�سييق على 3ـ احلرب القت�صادية،
لي�سعر بتكلفة املقاومة فيتخلى عنها، فكان احل�سار والت�سييق ومنع العمل وفر�ص
244
منع التج�ل، وكان التخريب والتدمري والإف�ساد، وكانت امل�سادرات لالأرا�سي
والغرامات، ائب ال�رض وكانت اخلريات، ونهب احلق�ق و�رضقة واملمتلكات
وحدها الأق�سى انتفا�سة يف الفل�سطيني ال�سعب خ�سائر فاإن الأرقام، وبلـغـة
فاقت املليارات، منها؛ هـدم )4500( منزل، واقتالع )ملي�ن ون�سف( �سجرة
، فما بالك بع�رضات ال�سنني التي )1(
مثمرة، وم�سادرة )600( األف دومن زراعي
احتلت فيها الأر�ص واغت�سبت احلق�ق و�رضقت املمتلكات؟!
الفل�سطيني ال�سعب على املفرو�ص اخلانق القت�سادي احل�سار �سكل لقد
قيادة وت�سلمها )2006م( عام الت�رضيعية النتخابات يف حما�ص ف�ز عقب
�ر هذه احلرب التي مار�سها الحتالل ومن وراءه بحقر ال�سعب احلك�مة اأحد �س
تطهري اأحداث ال�سفة عقب قطاع غزة دون احل�سار على ثم كان ومقاومته،
املقرات الأمنية يف )حزيران/2007م(، ثم دفع رواتب امل�ظفني احلك�ميرني من
بني اأو امل�ؤيردين حلركة حما�ص �سكال اآخر لالبتزاز وامل�ساومة على الرزق غري املنت�س
مقابل التخلي عن املقاومة واأن�سارها، واأثناء ذلك كان تدمري وحرق وتخريب
امل�ؤ�س�سات واملمتلكات التابعة للحركة واأبنائها كامتداد لذات احلرب.
لقد ا�ستخدم الحتالل احلرب القت�سادية حلرمان املقاومة من �سالح املال،
على املقاومة الق�ى ح�ل من النف�سا�ص على النا�ص حلمل ا�ستخدمها كما
اأعمال املقاومة اختالفها، فعلى �سبيل املثال، �سكل هدم املنازل ملن ي�سارك يف
على بال�سري يفكر اأن لغريه ورادعا لهم، ومعاقبا وذويه املقاوم على �ساغطا
نهجه، وكان العقاب اجلماعي لالأهايل وال�سكان عقب كلر عملية جهادية بحظر
التج�ل والهج�م على املنازل واملمتلكات وتخريبها، يف حماولة لك�سف الغطاء
)( �سحيفة القد�ص، العدد ال�سادر يف 2007/6/5م. 1
245
جر وال�سخط من عن املقاومني وتنفري النا�ص من ح�لهم، ودفع املجتمع اإىل ال�س
اأعمال املقاومة، ومن ثم رف�سها وال�ق�ف يف وجهها.
4ـ احلرب الإعالمية: فقد اأبدى الحتالل اأينما حل اهتماما خا�سا بالإعالم،
ـ املقاومة متلكه ما اأ�سعاف منه ميلك الذي ـ ال�سالح هذا ا�ستخدام وحاول
ر اأفعاله الإجرامية بحقر ال�سعب، ويف بطريقة تخدم اأهدافه وتبي�ص �س�رته، وتربر
ه �س�رتها وتثري ح�لها ال�سك�ك. ر باملقاومة وت�س�ر ذات ال�قت، ت�سهر
املقاومة بني �سارية ومعارك �سة �رض حربا الإعالم و�سائل �سهدت لقد
واأن ل�ساحله، اإعالمية ج�لت فيها يك�سب اأن طرف كل حاول ها، وعدور
خ�سمه، وجه يف املنافذ ويغلق م�قفه، اإىل لينحاز نح�ه، العامل ي�ستقطب
قا اإعالميا ل�سالح الحتالل، ب�سبب �سيطرته على و�سهدت العق�د ال�سابقة تف�
و�سائل الإعالم الرئي�سية عامليا ب�سكل مبا�رض اأو غري مبا�رض، اإل اأن الإعالم �سهد
نه�سة اإعالمية وح�س�را حمليا واإقليميا ودوليا، �ساعده يف ذلك الث�رة الإعالمية
املقاومة حاولت حرة اإعالمية منابر وفرت التي والتكن�ل�جية واملعل�ماتية
بها، خا�سة منابر الق�ى هذه امتالك اإىل اإ�سافة اأهدافها، خدمة يف ت�ظيفها
باإذاعتها التحرير منظمة فعلت كما النا�ص، اإىل ر�سالتها وحتمل فكرها، تن�رض
عب(، ثم )�س�ت العا�سفة(، واجلبهة ال�سعبية ـ القيادة العامة باإذاعتها )اإذاعة ال�س
اأطلقت حركة حما�ص )�سبكة الأق�سى الإعالمية( والتي متثلت يف اإذاعة رادي�،
وحمطة حملية، وحمطة ف�سائية، و�سفحة اإنرتنت.
املقاومة �سد الإعالمية حربه يف الحتالل ا�ستخدم ذلك، ومبقابل
وتلفزي�ن و�سحف )رادي� املعروفة الإعالم فه� ميلك و�سائل و�سائل عديدة،
تاأثري ل يخفى اأ�سقاع الأر�ص ذو واإنرتنت(، ولديه )ل�بي( �سهي�ين يف �ستى
246
ا�ستخدم ذلك، اإىل واإ�سافة الأبرز. العاملية املنابر من الكثري وبيده اأحد، على
الحتالل ال��سائل التقليدية املعروفة، فكان ي�سحب عملياته وت�غالته وحروبه
بدعاية اإعالمية عرب مئات األ�ف املنا�سري التي ميطر بها النا�ص، يحاول ت�سليلهم
من خاللها، كما فعل يف جن�ب لبنان، ويف غزة، ومل ياأل جهدا يف ت�ظيف ما
ميلك من طاقات واإمكانات وعق�ل يف هذا املجال.
داخليا:
بع�ص يف اعرتاها الذي الق�س�ر وبع�ص واأدائها، باملقاومة يتعلق ما وه�
مراحلها، وه� ما يجب الرتكيز عليه لتجنبه ومعاجلته، ثم النطالق نح� الأمام.
ومن هذه الع�ائق:
املجاهدة عملها تبداأ اخلاليا ما التمويل: فكثريا الإمكانات و�صعف قلة 1ـ
احتياجاتها، يغطي ثابت مت�يل م�سدر اأو واحدة، �سالح قطعة متلك اأن دون
ممار�سات نح� ها بع�س ويدفع عملها، ي�ؤخر مما اأن�سطتها، بتكاليف ويتكفل
غري ع�س�ائية �سالح م�سادر عن بالبحث تبداأ كاأن نهايتها؛ اإىل ت�ؤدي خاطئة
الناري، ال�سالح على احل�س�ل �سبيل يف الأبي�ص الح ال�سر ت�ستخدم اأو اآمنة،
باإمكانات عملهم يبدوؤون اأو ا�ست�سهادهم، اأو اخللية اأفراد اعتقال اإىل في�ؤدي
ة، مع ما ب�سيطة مت�ا�سعة، ويبق�ن على ذلك مدة ط�يلة ل تعطي النتائج املرج�
ي�ساحب ذلك من خطر كبري.
وعادة ما تك�ن هذه احلالت يف مرحلة ما قبل الت�سال بالتنظيم، ويك�ن
الأفا�سل، املجاهدين من جمم�عات �سهدنا وقد الذات، على العتماد فيها
247
بداأت العمل ببيع حلير زوجاتهم، اأو عقارات لهم اأو لأهلهم، اأو اقرتا�ص مبالغ
املعل�م يبدوؤون به جهادهم)1(. ومن �سيئا من حاجاتهم، وت�فر لهم ما ت�سد
اأن العمل الع�سكري يحتاج اإىل الدعم املايلر ب�سكل كبري، نظرا للتكلفة املرتفعة
ملهامه، والتي ل يقدر عليها الفرد العادي.
عملها بداأت املجم�عات من الكثري اأن فكما الأمنية: اخلربة �صعف 2ـ
عملها بداأت املجم�عات من اأكرب عددا هناك فاإن ب�سيطة، مادية باإمكانات
بخربات اأمنية مت�ا�سعة، اإذ اأن اأفرادها حديث� عهد بالعمل اجلهادي، ولي�ست
لع�ا على جتارب لديهم جتربة اعتقالية اأو خربة باملطاردة واحتياجاتها، اأو مل يط
�سابقة ناجحة، ومل يطلع�ا على الدرا�سات اأو يتلق�ا الت�جيهات التي تر�سدهم
اإىل كيفية العمل الأمنير ال�سليم الذي ي�سمن لهم عمال جهاديا خاليا من الأخطاء
والثغرات، وقدرة على التم�يه على العدو لال�ستمرار ملدة اأط�ل.
والتم�يه والتنكر التخفي و�سائل على الطالع ت�سمن الأمنية فاخلربة
الحتالل حمالت من التمل�ص يف يخدم اأن �ساأنه من ما وكل والت�سليل،
ومالحقاته.
م�سريه اإن كان التحقيق اأقبية للمجاهد �سم�دا يف ت�سمن الأمنية واخلربة
ـ كـبـر اأم ـغـر �س ـ اأ�سل�با يرتك ل فعدونا الحتالل، ق�ات اأيدي ال�ق�ع يف
اإل ا�ستخدمه �سعيا لنتزاع العرتافات من �سدور الأحرار، �س�اء اأكان ج�سديا
نا يف هذا اأو غري مبا�رض، ومل يقف اأداء عدور اأو نف�سيا، ترغيبا اأو ترهيبا، مبا�رضا
املجال عند حدود، بل اجتهد دوريا يف تط�يره تبعا للحاجة. كل ذلك يجعل من
الطالع على تلك الأ�ساليب ودرا�ستها وال�ق�ف عندها ح�سانة حتفظ املجاهد
1 هكذا بداأ جماهدو خلية �س�ريف، واأبطال خلية القد�ص، وه� ما فعله جماهدو خلية �سل�اد.
248
اإىل ي�ؤدي الذي ك�سفها م�سل�سل ومتنع معل�مات، من ميلك�ن وما واإخ�انه،
�رضب كافة �سف�ف العاملني، وك�سف اأطراف العمل.
ميلك ل من كفايته يتدرب فكيف القدرات: و�صعف التدريب قلة 3ـ
ال�سالح؟ وكيف �سيتميز بقدرته على الرمي والإبداع يف الأداء من ل ميلك املال
الذي ي�سرتي به الذخرية؟
لقد �سهدنا جمم�عات عديدة كان اأول تدريب لعنا�رضها يف اأر�ص املعركة،
)حممد املجاهد مع ح�سل كما واحدة! طلقة ذلك قبل يطلق�ا مل اأنهم حتى
دخان(، واملجاهد )اأ�رضف ال�ادي( يف عمليتهما.
به والحتفاظ ال�سالح ا�ستخدام بكيفية اجلهل �سببه ما كذلك نن�سى ول
وتنظيفه من ف�سل يف املهمات، ووق�ع يف املطبات، وفقدان لالأرواح والرجال،
و�سياع للفر�ص، ولك اأن ت�ساأل اأي جمم�عة عاملة جماهدة؛ كم مرة اأف�سل فيها
ال�سالح عمليتهم؟ اأو اأوقعهم يف اأزمات كادت ت�دي بهم؟!
اأكرث فالأمر املتفجرات، �سناعة بخ�س��ص اأما الناري، ال�سالح يف هذا
تعقيدا، فكم من جماهد فقد روحه اأو اأطرافه اأو جزءا من ج�سده لعدم اإح�سانه
التي املادة و�سفات الت�سنيع، باأ�س�ص معرفته و�سعف امل�اد، هذه مع التعامل
للتعامل معها... والأمثلة على ذلك كثرية، نذكر ال�سليمة ي�ستخدمها، والآلية
اللذين منها حادث ا�ست�سهاد الأخ�ين )حامت الق�ا�سمة( و)جهاد دوف�ص(،
ة للت�سنيع، يف�ق ثمنها ع�رضات تفجر بهما م�ست�دع متفجرات يح�ي م�اد معد
اآلف الدولرات، ناهيك عن ندرتها، انفجرت بهما فدمرت املكان، وارتقيا
اإىل اهلل �سهداء.
249
والأمان ال�سالمة ت�فـر التي الإمكانات �سعف الباب ذات يف ويدخل
هم ل ميلك الكمامات للمجاهد العامل يف ت�سنيع امل�اد املتفجرة، حتى اأن بع�س
ال�سهيدان ثنا التفاعالت، وقد حد تنتج عن التي ال�سامة الأبخرة التي تقي من
و�ص( و)جا�رض �سمارو( اأنهما كان يعمالن يف ت�سنيع مئات الكيل� )ن�سيم اأب� الر
وذات قفاز، اأي يلب�سا اأو قناع، اأي وج�ههما على عا ي�س اأن دون غرامات
ي�م ونتيجة ل�ستن�ساق كمية كبرية من الأبخرة ال�سامة؛ وقعا مغ�سيا عليهما يف
ل�ل عناية اهلل، يفقدا حياتيهما اأن الته�ية، وكادا فتحات خمتربهما اخلايل من
وذلك باأن ح�رض من اأنقذهما.
�ش يف العمل: فالإخ�ة العامل�ن يف اخلاليا م�سطرون 4ـ عدم وجود تخ�ص
اإىل اإجناز كلر جزئيات العمل من األفها اإىل يائها، املبا�رضة وغري املبا�رضة، الداعمة
ثم للمهمة، التام فالإعداد ر�سده، ثم امل�قع، اختيار فعليهم والتنفيذية...
تنفيذها، واإيجاد الدعم والتم�يل وما يلزم للتجهيز...
ويف التنفيذ هم مطالب�ن باإتقان كلر اأ�سكال الهجمات، من اإطالق وتفجري
اأن�اع �ستى مع والتعامل املتفجرات، اإعداد باإتقان ومطالب�ن واختطاف،
ال�سالح...
�سلبا على ي�ؤثران الأداء؛ �ص يف التخ�س الت�ستيت يف اجلهد، وعدم اإن هذا
ج�دة واإتقان اأداء اأفراد اخللية، ويبعرثان جه�دهم يف التدريب على جميع اأن�اع
الإبداع. في�سيع ن�ع، اأير الرتكيز على اجله�د دون ت�زيع يعني مما ال�سالح،
ية، التي جتعل من �س وكلنا يعلم اأن من اأ�سا�سيات العمل الإدارير الناجح؛ التخ�س
�سه، متقنا له، حمرتفا يف اأدائه، ملمـا يف تف�سيالته. �ساحبها مبدعا يف تخ�س
250
اقت�سادية اأو�ساعا الفل�سطيني �سعبنا يعاين العمل: يف تفرغ وجود عدم 5ـ
�سعبة فر�سها الحتالل الإ�رضائيلي جراء املقاومة التي تع�سف به، واملجاهدون
واملقاوم�ن جزء من هذا ال�سعب، بل هم قطاع ال�سباب الذي األقي على كاهله
ملكت واأ�سغال حرفا وامتهن العمل، ميدان يف فانخرط وذويه، اأهله اإعالة
جل وقته واهتمامه وتفكريه، وجعلته اأ�سريا لها كليا اأو جزئيا، فقلت جاهزيته
وا�ستعداده يف اأدائه للمهامر اجلهادية والقتالية، وجعلته ل ميلك من وقته ما ميكنه
من اأداء مهامه ويف وقتها ال�سليم.
يك�ن فمتى باأهله، م�سغ�ل ليله مرهق يف نهاره، مبهنته ط�ال ملتزم فه�
عمله تعطيل اإىل ا�سطر النهار، يف التنفيذ تقت�سي مهمته كانت فاإن العمل؟
النظر، وقد وجدنا خاليا عديدة تعطلت يف ذلك الي�م، فيفقد الرزق ويلفت
ال�قت اإيجاد على قدرتهم لعدم مت�ا�سل، ب�سكل وتاأجلت مرارا، عملياتها
خلية اختارت وقد عمله، تعطيل اإىل هم بع�س وا�سطر بل لعملهم، املنا�سب
يعطل�ن الذي الي�م لأنه عديدة، مرات اجلمعة ي�م اجلهادي العمل )�سل�اد(
فيه مهنهم.
ول نعني بكالمنا هذا اأن يقعد املجاهد عن عمله ب�سكل دائم، فالعمل اإ�سافة
اأن املطل�ب لكن للمجاهد، الأمني الغطاء ي�فر فه� رزق، م�سدر ك�نه اإىل
ل يك�ن العمل معيقا للعمل اجلهادي، واأن ت�فرـر احلركة للمجاهد املبلغ املايل
د البديل يف حال ا�سطر اإىل تعطيل عمله. اإ�سافة اإىل �رضورة اأن يتفرغ عدد حمد
مبعا�ص احلركة خالل من رزقهم م�سدر ويك�ن اجلهادي، للعمل الإخ�ة من
�سهري منتظم، ه�ؤلء مطل�ب منهم الإبداع والتفرغ واملثابرة ليك�ن�ا دعامة
العمل.
251
6ـ اأخـطـاء: مع كل ما �سبق من ع�امل اأعاقت العمل املقاوم، فاإن الأخطاء
يف �ساهم اآخر عامال �سكلت املقاومة؛ الث�رية وللحركات للمقاومني الذاتية
ت�سدع الكثري من البنى والهيئات املقاومة، و�سببا يف ف�سل عدد ل يح�سى من
املحاولت اجلهادية، بل ه� ال�سبب الأ�سا�ص يف وق�ع اخلاليا املجاهدة وعدم
جناحها يف تنفيذ ما عقد العزم على اإجنازه من مهام، وما العمليات الناجحة اإل
مزيج من الت�فيق الإلهي اأول واأخريا، ثم القدرة على جتاوز املع�قات وعالجها،
وعدم ال�ق�ع يف الأخطاء.
ومن الأخطاء التي نريد اأن ن�صلط ال�صوء عليها:
تتهاون حيث العاملني: �صالمة ت�صمن التي الأمنية بالقواعد اللتزام عدم -
العديد من اخلاليا املجاهدة باإجراءاتها الأمنية ال�اجب اتباعها لتحقيق اأعلى قدر
اأجهزة قب�سة يف ال�ق�ع وعدم الذات، على املحافظة و�سمان ال�سالمة، من
الحتالل الأمنية والع�سكرية. واإن الإجراءات الأمنية التي ت�سمن للمجاهد حالة
دة، تبداأ من ت�سكيل اخللية، ثم يف احل�س�ل من ال�رضرية تطيل عمر جهاده متعدر
ثم اجلهادية، للمهمات فالإعداد مت�يلها، وم�سادر وم�ستلزماتها اأدواتها على
اأثناء التنفيذ والع�دة من املهمة.. واإن اأي خطاأ قد يقع فيه املجاهد وجماعته يف
باخللية ي�ستغلها الحتالل لالإيقاع ثغرة �سي�سكل املراحل، اأير مرحلة من هذه
ورجالها.
الفل�صطينية املقاومة التي لزمت الأبرز مات ال�ص الفعل: من بردات العمل -
واملت�لردة املح�س�بة، الفعل غري بردات والعمل النفعالية، تاريخها: على مدار
تفرت اأن تلبث ما �سعبية ث�رة اأو هبة فتعقبه املجتمع، م�ساعر يهز جراء حدث
ويخب� اأوراها، كث�رة النبي م��سى وث�رة الرباق قدميا، وث�رة اأحداث النفق عام
252
1997م، وه� ذاته عني ما يح�سل يف العمليات اجلهادية التي ا�ستمرت حينا
من الدهر مقت�رضة على حماولة الردر على عمليات الغتيال، اأو الأحداث الكبرية
واملجازر الب�سعة التي يرتكبها الحتالل.
وحتى ل يقع القارئ يف �س�ء فهم، فاإننا ل نعني اأن ل تك�ن هناك ردات
ورات مبا ت�سكله من فعل، ول نتهمها بال�سلبية املطلقة، بل هي اأحيانا من ال�رض
ومعربر جالده، على فينتف�ص ال�سعب قل�ب يلهب و�ساعق لالحتالل، رادع
لكن الأحداث... مع و�رضعي
وطني وانفعال جيا�سة عاطفة عن �سادق
الـم�سكل فيه اأن يك�ن العمل املقاوم مقت�رضا على ردات الفعل، فال يعمد اإىل
د ه� الزمان واملكان والكيفية املبادرة، ول ي�سبط النف�ص وقت احلاجة، ول يحدر
املنا�سبة ليختار فيها رده و�رضبته.
اجلاهزية متام يف تكن مل جهادية ب�رضبات الرد اإىل املقاومة ا�سطرت لقد
كذلك وهي باإرادتها، طاقتها فا�ستنزفت قا�رضة، �سعيفة ردات فجاءت لها،
ئت بهدف انحرفت عن اأهدافها التي ر�سمتها لنف�سها، فكثري من اخلاليا التي اأن�س
التي مهمتها ترك اإىل روؤية جمزرة مع فا�سطرت مثال، اخلطف عمليات تنفيذ
�سعت اإليها وتدربت على اأ�سل�بها، ثم انطلقت لتنفيذ عملية اإطالق نار �سقطت
ك اأو خطاأ كان فيه نهايتها. فيها ب�رض
�ست بل�ن من العمل، ومن الأمثلة على ذلك خلية )�س�ريف(، التي تخ�س
حتى جاءت الأوامر ب�رضورة الدخ�ل يف �سلك التفجري كردة فعل على ممار�سات
الحتالل، فكانت عمليـتها التفجريية الأوىل نهاية �سفحاتها الط�يلة امل�رضقة.
- الع�صوائية، و�صعف التخطيط التكتيكي: فالقاعدة التي عملت بها املقاومة
الفل�سطينية عم�ما ويف غالب مراحلها، هي )ا�رضب متى كان ذلك ممكنا(، ويف
253
كلر حلظة ت�سنح فيها الفر�سة، دون النظر اإىل الزمان، اأو املكان، اأو الكيفية، اأو
حتى النتائج املرتتبة على ذلك.
جتهز وكلما وتفجريها، زراعتها على العمل يبداأ عب�ة؛ اإعداد مت فكلما
هدف ر�سد مت وكلما الأقرب، هدفه �س�ب اإر�ساله اإىل ي�سار ا�ست�سهادي؛
�سهي�ين؛ يبا�رض اإىل �رضبه بدون ح�ساب.
يتنا�سب مع جميع لكنه قطعا ل يتنا�سب ذلك مع مرحلة دون غريها، قد
يحة ميكن اإر�سالها اإىل املراحل، واإن العديد من الر�سائل الق�ية وال�ا�سحة وال�رض
العدو والعامل اأجمع عرب اختيار الزمان واملكان وطبيعة الهدف وكيفية التنفيذ،
بات اأن حتقق اأهدافا تف�ق ما وغري ذلك من التف�سيالت.. وميكن ملثل هذه ال�رض
حتققه ال�رضبات الع�س�ائية بكثري، فاإذا اأردنا ت�جيه ر�سالة اإىل م�رضوع ال�ستيطان،
اأردنا واإذا امل�ست�طنني، قطعان اإىل ال�رضبات من عدد ت�جيه اإىل نحتاج فاإننا
ياحة، فاملنتجعات وال�س�احل هي املكان املنا�سب لت�جيه ال�رضبات، �رضب ال�سر
عب(، فال بد من الحتفاظ بعملية ن�عية واإذا حر�سنا على تثبيت مبداأ )ت�ازن الر
اإقدام العدو على ارتكاب اأو جاهزة للتنفيذ عقب حادثة اغتيال لأحد القادة،
على غط وال�س وق�سيتهم، الأ�رضى الأنظار �س�ب نلفت اأن اأردنا واإذا جمزرة،
امل�ست�ى ال�سيا�سي والعاملي لالإفراج عنهم، فعمليات اخلطف هي الأمثل لتحقيق
هذا الهدف، وهكذا...
ر الكثري من العارفني؛ اأن انتفا�سة الأق�سى ل� ركزت يف عملها على لقد قد
وحرا�ساتها و�سكانها م�ا�سالتها خط�ط ب و�رض وامل�ست�طنات، ال�ستيطان
فقد ووج�دها، و�سعها يف جذريا تغيريا حتدث اأن ل�ستطاعت ومركباتها،
�سق باحلجارة راأينا الكثري من امل�ست�طنات هجرها اأهلها مبجرد اأن تعر�س�ا للر
254
لأيام ط�يلة، فكيف ل� مت ت�سليط اخلاليا امل�سلحة عليهم وعلى كلر و�سيلة ات�سال
العمل اآمنة، وت�جيه اأهداف مرحلية ر�سم بينهم وبني حميطهم؟ وهكذا ميكن
لتحقيقها؛ عندها يك�ن الإجناز كبريا حقا.
اإىل املجم�عات فالناظر ر الوقوع بها: التي تكر - الوقوع يف ذات الأخطاء
بيد �سق�طها اأ�سباب والباحث عن ال�ساحة، العاملة على الع�سكرية واجلهادية
مت�سابهة عديدة جتارب �سيجد اأهدافها، من الكثري اإجناز يف وف�سلها ها عدور
رة، واأخطاء يتجدد ال�ق�ع بها تك�ن �سببا لنتهاء عمر املجم�عات، فكم متكرر
من املجم�عات كان �سبب �سق�طها ه� ا�ستخدام الهاتف املحم�ل، وكم من
املجاهدين قتلهم ل�سانهم، وكم من املطاردين ا�ست�سهدوا ب�سبب عاطفتهم وعدم
قدرتهم على �سبطها...
من اأكرث يجعل الذي فما العتقال، ميدان يف اأما العمل، ميدان يف هذا
ن�سف الأ�رضى الذين يعرتف�ن، يك�ن اعرتافهم عند الع�سافري، على الرغم من اأنه
ن درا�سته ويتكفل بن�رض ثقافته؟ األ اأ�سل�با مك�س�فا؟ األ ي�جد من يح�س اأ�سبح
ي�جد من يتعهد النا�ص لفهمه وا�ستيعابه والطمئنان اإىل عدم ال�ق�ع به، اأم اأن
الإ�سكال ل يتعلق بالدرا�سة؟!!
مات ال�سلبية للث�رة الفل�سطينية تفتقر هذه النقطة تق�دنا اإىل الق�ل باأن ال�سر
�س�ا جهدهم ووقتهم لدرا�سة ظ�اهر املقاومة، رين املبدعني الذين خ�س اإىل املفكر
وواكب�ا اأحداثها، و�سنف�ا مراحلها، ودر�س�ا �سلبياتها، وو�سف�ا احلل�ل لها..
بحيث ي�ستفيدون من جتارب اأبنائها، وي�سع�ن الأفكار واملبادئ واملناهج التي
تنا�سبها...
255
ال�سني، يف ت�نغ( )ماوت�ص كان هكذا العاملية؛ الث�رات كانت هكذا
لدينا نعم، فيتنام... و)كا�سرتو( و)ت�سي جيفارا( يف ك�با، و)ه��سي من( يف
ه، من ه� اأعظم منهم ت�سحية وتفانيا وجهادا، لدينا من قدم ماله وولده ونف�س
ومن اأعطى عمره لق�سيته، ولكن ذلك ل ينفي حاجتنا اإىل اأمثال اأولئك املفكرين
اأبدا.
له: ال�ساباك قال اأحد حمققي اأن اأع�ساء اخلاليا اأحد جماهدينا وقد روى يل
ما اأمنيـا، وهذا فا�سل�ن لكنكم الع�سكري، العمل تتقن�ن الفل�سطيني�ن »اأنتم
ي�قعكم باأيدينا«. وفعال، لقد �سدقه هذا الكذوب!
* * *
256
257
الـخـاتـمـة
258
259
اخلامتة
هي حرب دائمة بني الحتالل وال�سعب املقه�ر، مكانها كل اأر�ص مغت�سبة
اأ�سحابها، اإىل احلق�ق وع�دة احلق انت�سار اإىل دائما تنتهي م�سل�ب، وحق
وطرد املحتل عن اأر�ص �سلبها دون م�رضوعية.
�سن�ات، وهذا بعدة تنتهي قد لكنها ال�سن�ات، تط�ل ع�رضات قد حرب
وق�اه ال�سعب قدرة اأهمها واأ�سباب، وع�امل م��س�عية ظروف اإىل عائد
اأخطائه، ومعاجلة اأدائه، وتق�مي �سف�فه، وتنظيم مقاومته اإدارة على املقاومة
ومداومة الرتقاء وال�سري نح� النجاح.
ت�ثرـق مقاومة ل واإن تعي�ص ط�يال، اأن تقيرم جتاربها ل ميكنها ث�رة ل اإن
من ت�ستفيد اأن ميكن ل واإخفاقاتها بانت�ساراتها اأبنائها وبط�لت اأعمالها
تاريخها.
بها، فيتعظ غريه جتارب عن يبحث اأن وثائر، ومقاوم جماهد لكل دعوة هي
ه. قي من اتعظ بنف�ص عيد من اتعظ بغريه، وال�ص وينتفع بنتاجها... وقد قيل: ال�ص
واآخر دعوانا اأن احلمد هلل رب العاملني.
260
261
املراجع وامل�صادر
1ـ خمت�رض �سحيح م�سلم.
2ـ الرحيق املخت�م/ املباركف�ري.
3ـ املنهج احلركي لل�سرية النب�ية/ اأ. منري الغ�سبان.
4ـ ف�سائل ال�سام/ الربعي.
5ـ ن�ر اليقني/ اخل�رضي.
6ـ ر�سائل الإمام ال�سهيد ح�سن البنا.
7ـ �سفحات من التاريخ الإ�سالمي/ ناجي �سبحة.
8ـ �سحيح اجلامع ال�سغري/ الألباين.
262
الفهر�س
اإهداء ............................................................................................. 5
من قب�ش النبوة ................................................................................. 7
تقدمي د.اأحمد نوفل ........................................................................... 9
مقدمة ........................................................................................... 15
متهيد ............................................................................................ 19
ما هي حرب الع�سابات؟ ............................................................... 21
ملحة تاريخية ................................................................................. 24
مدار�ش حرب الع�صابات ................................................................ 27
اأول: مدار�ص الع�سابات يف ع�رض النب�ة ...................................... 29
ينية )املاوية( ...................................................34 ثانيا: املدر�سة ال�س
ثالثا: املدر�سة الك�بية ............................................................... 37
رابعا: املدر�سة الفيتنامية ............................................................ 39
41 .............................................. التحرير اجلزائرية خام�سا: حرب
�ساد�سا: التجربة الفل�سطينية .......................................................44
48........................................................................................... مقارنة
اأهداف حرب الع�صابات ................................................................. 55
من قواعد حرب الع�صابات .............................................................. 69
العمل الفل�صطيني املقاوم ................................................................. 91
263
95 ................................................................. اأ�صكال هجمات املقاومة
95 .............................................................. عبية ال�س املقاومة اأول:
ثانيا: عمليات اإطالق النار ........................................................ 96
ثالثا: عمليات التفجري ........................................................... 101
رابعا: عمليات الختطاف ..................................................... 105
107 ............................................................... خام�سا:الغتيالت
�ساد�سا: حرب النفاق ........................................................... 109
�اريخ .................................................................. 111 �سابعا: ال�س
مناذج وتطبيقات ق�صامية ............................................................... 115
و�صائل حتقيق الأهداف ................................................................. 163
اأول: التنظيم ......................................................................... 166
ثانيا: الت�سليح ........................................................................ 174
ثالثا: ال�ستخبارات ............................................................... 181
رابعا: الإعالم ....................................................................... 190
خام�سا: التخفي والتم�يه ....................................................... 195
�ساد�سا: و�سائل الت�سال الآمنة ................................................ 202
212 ....................................................................... �سابعا: الإميان
�صفات رجل الع�صابات الناجح ...................................................... 217
من عوامل النجاح ........................................................................ 227
املعوقات ..................................................................................... 237
257 ........................................................................................ اخلامتة
261 ...................................................................................... املراجع
Recommended