1

يف ظالل رمضان وصيامه

القصراوي مدحت أبوعبداهلل

2

3

مقدمة

4

يف ظالل رمضان وصيامه املقدمة

5

احلمد هلل والصالة والسالم عىل رسول اهلل، وعىل آله وصحبه ومن وااله، وبعد..

حا فمال ىل ربنا تعاىل حتى نلقاه إفام زلنا سائرين نسان إنك كادح إىل ربك كددإ ا الإ ، ومدا زلندا سدائرين قيده ياأيه

ببالغ حقيقته وإقامة حكمه ونظامه ومنهجه.. ،لقامة هذا الدين وبالغه

، فإهنا مراحل وفرصىل ربنا تعاىل يرسل اهلل تعاىل مواسم اخلري؛ ويف تعاقب الليل والنهار آيات وعرب إويف الطريق

، وقد جعل اهلل يف الليل «أيام، فإذا مىض بعضك مىض كلكابن آدم إنام أنت »ىل اهلل تعاىل، قال احلسن البرصي إنقطعها

ىل نعم ربه شكر، وأنت بني نعمة من إىل معاصيه تذكر، ومن نظر إة ملن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، فإذا نظر يوالنهار آ

ربك ومعصية من نفسك..

، ومنهدا برشدائعههلا طرقا فأعانندا عليهدا وقد أوىص اهلل تعاىل بالتقوى فهي غاية نبتغيها، وقد جعل اهلل تعاىل حلصو

.. فللده احلمدد «الصوم يل وأنا أجزي بده»عىل رجاء العباد التقوى بامتثاله، وخبأ تعاىل أجره الصيام، الذي نص تعاىل

عىل ما تفضل به من الرشائع وله احلمد عىل ما وعد من األجر.

يعة، فأردنا بيان موقع كل منهام وكيدف يتلقا دا عندها البعض ومصالح جاءت هبا الرش يقفويف الصيام مشقات

املؤمن.

ستغفار ورجاء التقوى، وارتباط صوم والصالة والذكر والقرآن، واالويف الصيام تقلب بني ألوان من العبادة بني ال

ق، هكدذا هذا بمنهج األمة وهويتها وحركتها هبذا الدين علامء وجمتمعات.. إن هذا الدين حزمة واحدة ال يقبل التفري

تذوق املؤمن هلا.. وكيفية النظر يف موقع هذه التعبدات أنزله اهلل وهكذا أوجب أن نقوم به؛ فأردنا

ىل بقية الشعائر والرشائع والتعبدات اخلاصة واحلدرا العدام إعندما نمتثل أمر اهلل يف شعرية فال بد من النظر الكيل

جب اهلل تعاىل، وال نقدم صورة من التنداقض ندددهب هبدا أنفسدنا أنندا هبذا الدين؛ فال ننفصل يف صيامنا عن بقية ما أو

ونشمت عدونا بالتالعب هبذا الدين، ونددهب أجياال تنشأ عىل مدا تظدن أهندا قدد ،نمتثل، ونغضب ربنا يف تر ما أمر

أن واجدب إقامدة . ومل تعلدم ورسالةومرشبا حضاريا ،استوفت ما أمر اهلل، وإنام مل تذق السالم شامال، منهجا وغاية

سالمهم..إ ومتكني وحتكيم هذا الدين وقيادته لألمة هو يف رقبتهم مجيعا بمقتىض

يف ظالل رمضان وصيامه املقدمة

6

عدن اهلل من هنا كانت تلك الرسائل، خطابا ألرواحنا وقلوبنا لتشفى من سقمها وعللها، وخطابدا لعقولندا لنعدي

تعاىل أمره..

وأحيدي بده األمدة.. واكتب له القبول ارشح له الصدوربه القلوب و أحيودعنا ما أمرتنا ببالغه، فاللهم اللهم أ

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

وصىل اهلل وسلم وبار عىل أكرم اخللق حممد وعىل آله وصحبه وسلم

يف ظالل رمضان وصيامه اخلالق الرحيم هو املرشع الرحيم ـ1

7

الرمحة يف تناول الطيبات حيث أمرت، وتركها حيث أمرت

لنسان وخلق حاجته للطعام والرشاب، وخلق له األطعمة واألرشبة، أمدره أن يأكدل دا الذي خلق ا اهلل تعاىل إن

ىل اهلل تعاىل برت الطيبداتإم عليه أن حيرم عىل نفسه من تلقاء نفسه، وحرم عليه أن يتقرب خلق له من الطيبات، وحر

وملا هم بعض أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليده وعدها رهبانية غري مقبولة.. التي مل حيرمها اهلل تعاىل ومل يأمر برتكها،

دذين ف للتقدوى وسلم برت اللحم والطيبات وتر النساء والتبتل، هناهم عن هذا، وأخربهم أن هذا خمدال دا ال ياأيه

تدواإ إن اهلل ال حي مواإ طيبات ما أحل اهلل لكمإ وال تعإ ر قواإ اهلل آمنواإ ال حت تدين، وكلواإ ا رزقكم اهلل حالال طيب ا وات به املإعإ

منون ذي أنتم به مؤإ .. ال

فواإ إن واهلل تعاىل رحيم وكريم بواإ وال تسإ جد وكلواإ وارشإ فني، يا بني آدم خذواإ زينتكمإ عند كل مسإ به املإسإه ال حي

ق؟ زإ يبات من الر ط رج لعباده والإ تي أخإ م زينة اهلل ال فإين أصوم وأفطر آلية، وقال صىل اهلل عليه وسلم: ا ..قلإ منإ حر

.وأقوم وأنام وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني

فقبول التحليل والتحريم عبادة متصلة بالتوحيد وأصل الدين، وتر ما بة بإطالق، ليس قرفرتإ ما أحل اهلل تعاىل

أحل اهلل تعاىل إن كان عىل وجه الترشيع بتحريم ما أحل فهو رش ، وإن تر عىل وجه القربة هلل تعاىل بدال دليدل يددل

عىل استحباب الرت فهو بدعة مردودة يف وجه صاحبها.

ض حالال طيبا جريمة تعاىل اهللتحريم ما أحل ف ا الناس كلواإ ا يف األرإ ده ، يا أيه ديإطان إن وال تتبعواإ خطوات الش

بني ليده، إوبإمجاهب املفسين، فدطوات الشيطان هنا هي أمره بتحريم ما أحل اهلل تعاىل عدىل وجده القربدة لكمإ عدو مه

ا : من األنعام قوله تعاىل بعد ذكره ملا خلق من الزروهب أخرب تعاىل أنه أنشأ وكذا ش ، يعندي العاليدة الظهدر حولة وفرإ

كلدواإ دا ثم قال تعاىل آمدرا وناهيدا: حلمل الناس واملتاهب كالبل، والقريبة من األرض كأهنا فرش، كالضأن واملعز،

بني رزقكم اهلل، وال ت ه لكمإ عدو مه يإطان إن .. تبعواإ خطوات الش

متناهب، هوسبحانه من أمرنا برت الطعام والرشاب والشدهوة أمرنا أن نأكل منه وحرم علينا االإن الذي خلق هذا و

هب عام هنى عنه وقدت مدا هندى فكذلك االمتنا ..عبادةما أحل اهلل تعاىل وقبول إباحته، حتريم فكام أن عدم هنار رمضان،

عبادة، فيعبد اهلل تعاىل هبذا وهذا، متتنع حيث أمر وتتناول حيث أمر ، هكذا عبد اهلل.. ،عنه

وكام أن النعام بالنعم، من املنن العظام، فاعلم أن الرحيم الذي خلق لك ما تقتات وهنا أن تشق عدىل نفسدك أو

تلدواإ تنعدت عدن الطعدام والرشداب حتدى لدكلو ام دخول النار،، بل قد يكون سببا لمتتنع، حتى أنك تأثم وال تقإ

يف ظالل رمضان وصيامه اخلالق الرحيم هو املرشع الرحيم ـ1

8

ا، أنفسكمإ إن اهلل كان بكمإ رحيام ا، وكان ذلك عىل اهلل يسدري يه نار ل ف نصإ وان ا وظلإام فسوإ علإ ذلك عدإ .. هدذا ومن يفإ

ة، ر أن متتنع أياما معدودات يف رمضان، فاعلم أنه كدام أن خلإدق الطيبدات وإباحتهدا مندهو الذي أم الرحيم سبحانه

ة أيضا..ن فاعلم أن تركها والنهي عنها يف وقت حمدد، ألمره تعاىل، م

املرشدهبفاعلم أن المتناهب أيضدا مدن وكام أن اخللق جاء من اخلالق الرحيم، والتناول مأمور به من املرشهب الرحيم،

متناعك رحة.. ثق يف هذا وتعامل مع اهلل تعاىل عىل هذا..علم أن احيم سبحانه وتعاىل، فكام أن تناولك رحة فاالر

يف ظالل رمضان وصيامه ـ افتقار اخللق لترشيع رهبم وطاعته 2

9

اخللق لترشيع رهبم تعاىل وطاعتهافتقار

ىل إطعامه إياهم وربوبيتهإكام هم مفتقرون

زز من ذلة، حاشا هلل..من قلة أو يغتني من فقر أو يتعبك ر اعلم أن اهلل تعاىل ال يرشهب لك ليتكث

وال يقصد تعاىل إعنا م، بل إن اهلل ما يرشهب لك إال ملصلحتك، فإنده تعداىل لعباده ليشق عليهمواهلل تعاىل ال يرشهب

يرشهب لك ليجمع لك اخلري يف الدارين وحيصل لك مصاحلك..

ه ويشدفي ،ويسدقيه يطعمده ،يغدذوه ؛ىل ربده تعداىلإليه من جهة الربوبيدة، فيحتداج إىل اهلل تعاىل، فقري إوالعبد فقري

ويعافيه..

وطلبده ،ليدهإوالسعي واحلفد ،وطاعته ،ىل عبادتهإمفتقر فهو، اىل اهلل تعاىل من جهة ألوهيته، ا وأشد وثمة فقر آخر، كهذ

عمل.ال هبذا القصد وهذه املحبة وهذا الإفال رسور للقلب وال نعيم وال صالح وال اطمئنان وقصده وإيثاره وحمبته..

يريد يرشهب له ويبني له ىل اهلل تعاىل، لإن، حمتاج وحتصيل العبد ملصاحله ال يستقل هبا أبدا، فالعبد من حيث هو إنسا

ذين من قبإلكمإ ويتوب عليإكمإ لكمإ ويإديكمإ سنن ال هان قدإ ، وهلذا سمى تعاىل ما أنزل نورا مبينا اهلل ليبني جاءكم برإ

بين ا ا مه نا إليإكمإ نور كمإ وأنزلإ ب ن ر ثلده يف وقال م شد بده يف النداس كمدن م ا يمإ نا له نور ييإناه وجعلإ أو من كان ميإت ا فأحإ

نإها لامت ليإس بدارج م عاملني ة، وسمى مجلة الرسالة رح؟ الظه لإ ة ل نا إال رحإ سلإ . وما أرإ

رتباطدات والعالقدات الفرديدة يف العبادات واملعدامالت وسدائر اال، وسائر ترشيعاته، ومن هنا رشهب تعاىل الصيام

و ل مصاحلك، فاهلل أعلم بك منك، وأعلم بام يصدلحك، ومدا تقرتحده هدال لعنات وال ملشقة، بل لتحص واجلامعية،

در نام ما رشعه لك هو حتقيق لرحته الذي يشق عليك بي مإ دن األإ ديعكمإ يف كثدري ملموا أن فيكمإ رسول اهلل، لدوإ يط واعإ

يعني لو يطيعكم يف اقرتاحاتكم لكانت مشقة عليكم. لعنتهمإ

بة إىل مر أن رأإيمإ سدي بني تعاىل م ثيقول ابن كثري ) همإ فقال: ف بالنسإيعكمإ يف ك اعاة مصاحل

در لوإ يط ثدري مدن األمإ

تارونه ألدى ذلك إىل عنتكمإ وحرجكم لعنتهمإ : لوإ أطاعكمإ يف مجيع ما تإ .(ا.هدأيإ

نفسكم أحق يف مقابل ما رشهب تعاىل..فرشهب اهلل تعاىل لكم هو الرحة، ورأيكم أل

.. فبهذا املأخذ يتناول العبد تكليف الصيام ويتقبله ويتلقاه من ، بل وسائر الرشائعفمن هذا املأخذ رشهب لك الصيام

واحلمد هلل. ..، وهبذا املأخذ يتلقى من ربه تعاىل سائر التكاليفربه تعاىل

يف ظالل رمضان وصيامهـ املصالح هي املقصودة واملشقات تابعة 3

10

عىل قوانني دارنا املصالح هي املقصودة واملشقات تابعة وجارية

نا رزق وسعنا تكاليف هه، ووسع

ة حة اهلل تعاىل مضمنة فيام رشهب، رشهب اهلل تعاىل لك لتحقيق مصلحتك، ورشعه رحة لك، فر نا إال رحإ سلإ وما أرإ

عاملني لإ ه عدىل لسدان رسدوله الكدريم نة يف الرسالة، والرسالة هي مجلة ما أخرب ورشهب سبحانلم أن الرحة مضم ، فع ل

صىل اهلل عليه وسلم.

لة يف أحكامه تعاىل ورشائعده، فدام فال تقرتح وجه الرحة عىل اهلل تعاىل وتناقض به ما رشهب لك، ولكن الرحة مفص

بدا لك غري ذلك فا م نفسك بيقني.

ائع، وإنام هدو تبدع لتحقيدق املصلحة هي املقصودة يف الترشيع، وما حصل من املشقات فهو ليس بمقصود يف الرش

)يراجع املوافقات للشاطبي(. املصالح، وما حصل منها معمول حسابه يف ميزانك فتجازى عليه..

جلهدد، هكدذا حتصديل الطعدام والرشدابنوهب من اب يف حتقيق مصاحلنا أن تتحققالدار يف هذهلقد جرت أحوالنا

لتحقيدق ، قوانني هذا العامل جاءت الرشائع، قد يستلزم حتقيقهاواملساكن والولد والعلم وغريه، وعىل عادة دارنا وعىل

نوعا من املشقة املعتادة يف دارنا، ومن طلب مصلحة بال نوهب من املشدقة فليطلدب عاملدا غدري هدذا ،مصاحلها املقصودة

قيل لشدي ادنا..العامل.. لكن جرى هذا العامل عىل نوهب من املشقات املحتملة، وهكذا نزلت الرشائع، فجاءت عىل اعتي

يراجدع املوافقدات [ السالم: ماذا لو جرت املصالح واملنافع بال عوارض أو مشقات؟ فقال: يكدون عدامل غدري هدذا العدامل.

.]للشاطبي، خمترص الصواعق املرسلة البن القيم

نلكن ما جيب القطع به طيقها وأكثر منها، ولدذا ، ومعنى أهنا يف وسعنا، أننا نألهنا يف وسعنا ا تكاليفه تعاىلأننا وسعإ

دعهايينة لآلية، قال سفيان بدن عييندة أثنى شي السالم عىل تفسري سفيان بن ع دا إال وسإ س قدال: ال يكلدف اهلل نفإ

يسها، فلم تأت الرشائع بغاية الوسع بل جاءت باليس، يعني بأقل ا نطيق.

ية أ » ..يقول رحه اهلل تضتإ اآلإ در فاقإ هلمإ وال ضيق وال حرج؛ بدالف ما يقإ عسإ دور هلمإ منإ غريإ فهمإ به مقإ ن ما كل

عه الذي ه ا وسإ ا له ولكنإ فيه ضيق وحرج عليإه وأم دور ه قدإ يكون مقإ ص فإن دإ سعة فهدو دون مددى و منإه يف عليإه الش

رج يق واحلإ سه فيه جمال ومتسع وذلك مناف للض هود؛ بلإ لنفإ اقة واملإجإ ين منإ حدرج الط بدلإ وما جعل عليإكمإ يف الد

وال يريد بكم الإعسإ يسإ له يريد اهلل بكم الإ ن عييإنة يف قوإ يان بإ عها: قال سفإ ها إال وسإ فإ إ يكل ها ومل ها ال عسإ إال يسإ

هود فها طاقتها لبلغ املإجإ الم طاقتها ولوإ كل سإ ة الإ م أئم ](431/ 41جمموهب الفتاوى )[ .«،فهذا فهإ

يف ظالل رمضان وصيامهـ املصالح هي املقصودة واملشقات تابعة 3

11

نا التكاليف ووعىل هذا فقد وس فدالرزق ، لنستعني به عىل التكاليف والقيدام هبدا قد وسعنا الرزقيف نفس الوقت عإ

يسعنا ونحن نسع الرشائع فلله احلمد.

زاقهدمإ « ..يقول رحه اهللوهذا ما قرره شي السالم ابن تيمية رحه اهلل حيث اهلل تعاىل أمرهمإ بعبادتده وضدمن أرإ

يفهمإ يسعونه وأرإ ل ق ما يسعهمإ فتكإ زإ طاهمإ منإ الر امل ما يسعونه وأعإ عإ فهمإ منإ األإ دع يف فكل وسإ زاقهمإ تسعهمإ فهدمإ يف الإ

ما ي ق بنيإ قه ففرإ ره ووسعهمإ رزإ ره: وسعوا أمإ قه وأمإ ه وإحإ رزإ ته وبر ئق برحإ عبإد وهذا هو الال عبإد وما يسعه الإ سانه سع الإ

مته وغناه .](431/ 41جمموهب الفتاوى )[ »وحكإ

تلواإ أنفسكمإ أو اوقال تعاىل فيمن رغب عن رشعه وحكمه ا فعلوه ولوإ أنا كتبإنا عليإهمإ أن اقإ رجواإ من دياركم م خإ

نإهمإ يل م، يعني أنا مل نكتب عليهم هذا بل كتبنا عليهم ما يف يسهم ووسعهم، فكيف يرغبون عام رشهب وحكدم إال قل

من ربنا سبحانه فلله احلمد.وسائر الرشائع سبحانه وقد رشهب هلم اليس؟! هكذا نتلقى الصيام

نا فيها لغدوب منغص وعاملا آخر بقوانني أخرى.. به كان نعيام بال فإذا لقي العبد ر نا فيها نصب وال يمسه ال يمسه

هكذا اقتضت حكمة اهلل تعاىل.

ني دارنا وعاملنا، وأهنا ىل قواننتلقى اليوم رشائعه تعاىل، عاملني أن املصلحة مقصودة وأن املشقة تابعة، وأهنا جرت ع

ىل حيث ال نغص وال تعب وال كدر.. فاللهم بلغنا رضدا واجلندة إسعنا ويسنا، وأن هذا لفرتة قليلة، ثم ننقلب يف و

وقنا سدطك والنار.

يف ظالل رمضان وصيامه ـ األعامل ونتائجها مكتوبة للعبد 4

12

كتوبة للعبدهتا العارضة ونتائجها املتولدة، مااألعامل ومنافعها ومشق

لعبد..ملنفعة اللمصالح املقصودة ةتابع اما حصل من املشقات يف الترشيع الرباين ليس بمقصود بالقصد األول، ولكنه

لكن كل مشقة حدثت مكتوب أجرها، حتى ما طرأ، وكل مصلحة حتققت من أي عبادة هلدا أجرهدا ولدو حتققدت

عرضا من العبد، فالعمل، وأثره، وما تولد منه، وما طرأ عليه، وما اكتنفه من مشقة مكتوب عند اهلل تعاىل..

مدا طدرأ عليده مدن مشدقة د كل ما يقوم به، وأنه يكتب لدهاهلل تعاىل ذكر أنه يكتب للعب يف هذا باجلهاد، فإنواعترب

د من عمله من مصالح وإن مل يعلم هبا أو حصلت بال قصد، غري أنه امتثل ما أمر هبا من قبل عارضة، ويكتب له ما تول

ذكر تعاىل جزاء األعامل، ثم يذكر تعداىل مدا طدرأ ربه تعاىل.. ذكر تعاىل يف سورة التوبة هذا ، وكان املتوقع يف اآلية أن ي

.. لكن نظم اآليات غاير هذا فذكر تعاىل ويذكر ما نتج من مصلحة تولدت من العمل عليها من مشقة أو عرض للعبد،

رغم أهنا ليست أعامال، بل »أعامال صاحلة«وأنه تعاىل يكتب به للعبد أوال، ما تولد من األفعال وما عرض من املشقات

، فلام جاء ذكر العمل بعدها ذكر تعاىل أنده يكتبده »أعامال«هي مشقات عارضة ونتائج متولدة، ومع ذلك تكتب للعبد

للعبد، فعلم أنه تعاىل إن جازى عىل اآلثار واملشقات العارضة جزاء األعامل، فكيف بجزاء األعامل نفسدها؟.. وانظدر

ىل نظم اآليات..إ

ل املإدي سه ما كان ألهإ فسهمإ عنإ نفإ غبوا بأنإ فوا عنإ رسول اهلل وال يرإ راب أنإ يتدل عإ هلمإ من األإ مإ نة ومنإ حوإ ذلك بأهن

ئ ا يغيظ الإ ط ار وال ينالون منإ عدو نديإال إال كتدب ال يصيبهمإ ظمأ وال نصب وال خمإمصة يف سبيل اهلل وال يطئون موإ كف

سنني، وال ينإفقون نفقة صغرية وال كبري ر املإحإ ا إال كتدب هلدمإ هلمإ به عمل صالح إن اهلل ال يضيع أجإ طعون وادي ة وال يقإ

زيم اهلل سن ما كانوليجإ ملون أحإ ..ا يعإ

اخليدل »ىل أجور مل ترد ببال صاحبها، قال صدىل اهلل عليده وسدلم: إىل من ربط خيل واحتبسها يف سبيل اهلل، انظر إوانظر

لثالثة : لرجل أجر، ولرجل سرت، وعىل رجل وزر، فأما الذي له أجدر فرجدل ربطهدا يف سدبيل اهلل، فأطدال هلدا يف مدرج أو

روضة، فام أصابت من طيلها ذلك من املرج والروضة كان له حسنات، ولو أهنا قطعت طيلهدا فاسدتنت رشفدا أو رشفدني،

احلديث. ..« كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أهنا مرت بنهر فرشبت منه، ومل يرد أن يسقي به، كان ذلك حسنات له

اته ومنافعده، والصدلة ومشدقا ا ومنافعهدا، والعفدة والعددل ، واجلهاد ومشدقوعىل هذا املجرى الصيام ومشقاته

وعىل هذا سائر التكاليف.. ،والصدق كذلك

فثق يف رحة وحكمة وعظم جزاء من رشهب لك الصيام، وهبذا املأخذ وهبذه اليدد تنداول تكليفده تعداىل، وكدل مدا

... فلله احلمديكتنف هذا التكليف وما ينتج عنه وما يعرتضه

يف ظالل رمضان وصيامه ـ العبادة والتوكل قرينان، فاعمل بحول اهلل ال بحولك 5

13

التوكل قرينانالعبادة و

قوته ال قوتك، تكن حمموال ومعانافاعمل بحوله ال حولك، و

قد جتد يف الصيام أو الصالة أو اجلهاد أو العلم أو البالغ، أو احلياة عموما مشقات، وال بد..

هذا قد جتد يف دحر الباطل ومواجهة الظلم والطغيان واالستبداد والفساد، نوعا من املشقة، وال بد من ذلك، فعىل

جرى هذا العامل.. وهبذا جرت سنة اهلل تعاىل وحكمته.

ك ال بمعونته تعاىل وحوله، وهلذا قرن تعاىل عبوديته بالتوكل عليده، فدإن توكلدت عليده أعاندإال قوة لك عىل هذا

ة، جهاد أو علم، مواجهة الظلم أو الباطل أو الطغيان.فقمت بام أمر من صيام أو صال

ال بتوكل.إمة وال هدى وال علم ال تتم توبة وال استقا

يف حركة احلياة ومواجهة الباطل تصري بالتوكل ستارا للقدرة، فيصبح األثر ال لعملك أنت بل يصبح عملك سببا،

ويصبح األثر لقدرة اهلل تعاىل الطليقة.

م كفا مدن حصدباء، واعترب يف هذا بإلقائه صىل اهلل عليه وسلم كفا من حىص يوم بدر، فقد ألقى صىل اهلل عليه وسل

كدان متثدال بعبوديدة التوكدل، فبتوكلده ه قرن عبوديدة االفكان جهده وتعبده صىل اهلل عليه وسلم أن يرمي به، لكن

ال وأصابت عينيه ومندريه.إوصول احلصباء بقدرة اهلل تعاىل؛ فام تركت مرشكا

ديد الرش ، حتى قال سلمة بدن سدالمة وقف املسلمون يوم بدر يتعبدون بالثبات والتضحية، وبالتوكل قتلوا صنا

قد هنداه صدىل ال باهلل تعاىل، وإقدروا عىل هذا ، ومل ي»وجدنا عجائز صلعا بدنا فنحرناها«بن وقش ريض اهلل عنه بعدها

فإندك «: اهلل عليه وسلم وقال له: يا ابن أخي أولئك املأل، وروي أنه ما زال متغريا عليه حتى سأله سلمة فقدال لده

.»إىل نعم من نعم اهلل تزهدهامدت ع

ثم فتحوا الدنيا، بجيوش كانت دائام أقل بكثري من عدوها، وغالب النسبة كانت كل رجل يقابل ستة أو سبعة مدن

الكفار، فانترصوا، وفتحوا القلوب قبل البالد، وتوطن السالم واهتدى اخللق هبم وأقاموا حضارة ألكثدر مدن ألدف

التاري . سنة، أعظم وأقوى حضارة يف

تعدس واندتكس، وإذا »ىل نفسك وخذلك، فكنت كام قال النبي صدىل اهلل عليده وسدلم إوإن مل تتوكل عليه وكلك

يتعس ويقع فال حيصل مطلوبا، وينتكس فينقلب عىل وجهده، وهدذا غايدة إن أراد حتصيل مصلحة ف «شيك فال انتقش

يف ظالل رمضان وصيامه ـ العبادة والتوكل قرينان، فاعمل بحول اهلل ال بحولك 5

14

فهو عاجز «وإذا شيك فال انتقش»تدراجها باملنقاش السوء وخيبة السعي، وإذا أصابه مكروه ولو شوكة عجز عن اس

عن حتصيل مطلوب له، وهو عاجز عن اهلروب من مكروه ضار له..

فمن توكل أفلح حيث عمل بحول ربه تعاىل ال حول نفسه، وعمل بقوة ربه تعاىل ال قوة نفسه، وهذا رسيع اخلطو

بقوة ربه وقدرته وحوله تعاىل. لموهو عاف ال ىل اهلل تعاىل، يقوى عىل ما ال يقوى عليه غريه، كيإ

تعني وهلذا قال تعاىل ا نسإ بد وإي ا نعإ لإ عليإه ، وقال إي ه وتوك بدإ لإدت وإليإده متداب ، وقال فاعإ ، عليإده توك

لإت وإليإه متاب وقال: .لإت وإليإه أنيب عليإه توك ، وقال عليإه توك

ىل رب العاملني.إاملتوكل حممول ومعان، ويكفي هذا لعبد يريد ذلك السفر العظيم

ىل آخدر حلظدة.. إىل لقاء اهلل تعاىل، وحتى استيفاء التعبدد إو ىل إقامة الدين،إاليوم وغدا التوكل وبعد غد التوكل..

. فنسأل اهلل تعاىل والية أمرنا يف الدارين وحلنا بحوله وقوته .«ن كنوز اجلنةال باهلل كنز مإال حول وال قوة »وهلذا كانت

ىل دار السالم..إ

يف ظالل رمضان وصيامه ـ الرمحة فيام أمر ال فيام تظن 6

15

الرمحة فيام أمر ال فيام تظن

إذا علمت أن رشيعة اهلل تعاىل كلها رحة وحكمة ومصلحة وخري، فال تفرتض أنت طريقة هذه الرحة وتفصيال ا

ىل إالعلم بأوجه وتفصيل تلك الرحة يعلمها اهلل تعاىل ال أنت، وإال ملا احتاج الناس وتعارض هبا رشيعة اهلل تعاىل، بل

د خاصدة اجلاهليدة العامليدة الرشائع إذا استغنوا بعقوهلم، لكن تقرر بالعربة من استقراء حيداة النداس يف كدل جاهليدة

لم وأنتمإ كام تقرر من كتاب اهلل تعاىل أن املعارصة د لمون واهلل يعإ .ال تعإ

أن الرحة يف الصيام وإن ظمأ صاحبه وجاهب وتعب، ويقرر تعاىل أن الرحة يف اجلهاد وإن أصديب إن اهلل تعاىل يقرر

صاحبه أو استشهد أو حتمل مشقات.. وهكذا كل ما رشهب.. الرحة ثم.. الرحة هنا .

رهواإ شيإئ ا وه بل نزل قوله تعاىل كمإ وعسى أن تكإ ل كمإ ، و خريإ بهواإ شيإئ ا وهو رش للم وأنتمإ ال ، وعسى أن حت واهلل يعإ

لمون نزلت يف شأن اجلهاد ومشقاته، ملا كره البعض القتال وتبعاته، وأعلم املسلمون حينئدذ أن الرحدة يف اجلهداد تعإ

ال استعىل الباطل وفسدت الدنيا وأسدنت احليداة واسدتبيح املسدلمون ديندا وإ ،مهام كانت مشقاته، إذ هو رحة للحياة

وأعراضا ودماء ومقدرات.. وقد كان.

، وصد من أراد اهلدى عن احلق.ين الباطل وفتن املسلم عن دينهوه احلق وز ولوال اجلهاد لش

لبوا واستقروا واطمأنت هبم احلياة..بل ولوال اجلهاد لظن أهل الباطل أهنم عىل حق، وأهنم لوال أهنم كذلك ملا غ

وامره من املصالح والرحة واحلكمة.أبل هي بعض ا ضمن تعاىل أحكامه وأو ليست هذه كلها رحات؟

وهكذا مشقات احلج، والنفقة، والصلة، والعفو والصفح، والكف عن الشهوات املحرمة.. هكذا كل ما رشهب تعاىل.

اىل سوء أدب من جاهل ال يعلم، وتقديم بني يدي اهلل ورسوله، وهذا منهدي عنده..فاقرتاح وجه الرحة عىل اهلل تع

فمن أراد معرفة الرحة فليتتبع أحكام اهلل تعاىل وأوامره، فهنا الرحة يقينا ال فيام تظنه.. هكذا تتلقى أمر اهلل بالصديام

.، وهكذا سائر التكاليفوهكذا تتناوله بيد العبودية

جميء رمضان صيفا أو شتاء.. إن جهادا وما يستتبعه من أمل البدذل أو أمل الفقدد أو اجلدرح أو ار،إن حرا أو طول هن

كل هذا معمول حسابه عند اهلل تعاىل ، واهلل يعلمه، ولديس ءء مدن وكذلك النفاق، وغريه ا أمر تعاىل، الشهادة..

ثقة يف حكمه تعاىل..طمئنان والعاملني، فكن واثقا متلقيا بيد االذلك يغيب عن رب ال

ذلك، فإهنام من رت فإنك كام ترى الرحة واحلكمة يف خلقه، فهكذا الرحة واحلكمة يف رشعه تعاىل، فكام ترى هذا فلإ

نفس املشكاة، هذا خلقه وذا أمره.. فلله احلمد عىل ما خلق وعىل ما أمر.

ل رمضان وصيامه ظاليفـ من خلق ورزق له األمر والرشع 7

16

ومن له األمر والرشع ،من خلق ورزق له األمر والرشع

يملك القدر.. فكيف يطاع غريه؟هو الذي

إن الذي خلق النسان وحاجته للطعام والرشاب، وخلق له الطعام والرشاب، وخلق الوجود كله، وخلق قدوانني

ثم هداه لطريقة ،احلياة، وسري الشمس والقمر وأجرى النجوم واألفال ، وبث من كل دابة، وأعطى لكل خملوق خلإقه

حياته وسننها..

لنهي للعبد، فله وحده حق الترشيع، وليس ملدن مل للدق هذا اخللق وأبدعه هو الذي له حق األمر واإن الذي خلق

ومل يرزق أن يعتدي عىل حق اهلل تعاىل فيرشهب بغري إذنه، معه أو من دونه.

يليق بطاعته أو معصيته.ب له من األقدار، وللق له ما والذي يرشهب للعبد هو الذي يملك له قدره، فريت

تسب رشعه بطاعة أمره واجتناب هنيه.. هذا ومن يتق اهلل: ل تعاىلقا ه منإ حيإث ال حيإ زقإ ا ويرإ ه خمإرج جيإعل ل

هذا قدره وخلقه يف الدنيا.

ومن يتق اهلل هذا رشعها ره يسإ ه منإ أمإ .يف الدارين املطلق هذا خلقه وقدره جيإعل ل

ومن يتق اهلل هذا رشعها ر مإ له أجإظ رإ عنإه سيئاته ويعإ هذا خلقه وقدره يف اآلخرة. يكف

ليس لغري اخلالق أن يرشهب، وال يملك غري اخلالق املرشهب ترتيب القدر واخللق املرتتب عىل طاعة العبد وامتثاله ألمر

ته له.اهلل تعاىل أو معصي

قواإ وقال تعاىل قرى آمنواإ وات ل الإ ض فهذا رشعه وأمره ولوإ أن أهإ دامء واألرإ دن الس نا علديإهم بركدات م لفتحإ

بواإ رتتب عىل الطاعة، امل فهذا خلقه وقدره نا ، بتكذيب خدربه،فهذا معصية ألمره ورشعه ولكن كذ هم بدام فأخدذإ

سبون فهذا خلقه وقدره املرتتب عىل املعصية. كانواإ يكإ

اهلل تعداىل، وهلدذا قدال ال يف رشعة اهلل تعاىل.. لذا فاألمن كدل األمدن يف طاعدةإلن جتد هذا يف أي قانون، لن جتده

لمون براهيم إ ن إن كنتمإ تعإ أحقه باألمإفريقنيإ لئك أجاب ببداهة ثم ؟فأيه الإ م أوإ بسواإ إيامهنم بظلإ إ يلإ ذين آمنواإ ومل ال

تدون هإ ن وهم مه دتم، وقال للمرشكني هلم األمإ كإ تمإ وال تافون أنكمإ أرشإ كإ فدإن آهلدتكم ال، وكيإف أخاف ما أرشإ

متلك قدرا ألحد فكيف أخافها؟

ل رمضان وصيامه ظاليفـ من خلق ورزق له األمر والرشع 7

17

انبي صىل اهلل عليه وسلم أن يقول وأمر ال ا وال ض ع س نفإ لك لنفإ ؟ أليإس اهلل بكداف عبإدده ، وقال له قل ال أمإ

ذين من دونه فونك بال عون من دون اهلل إنإ أ ، وأمر أن يقول ولو ا تدإ تم م رادين اهلل بض هلإ هن كاشدفات قلإ أفرأيإ

ه ته ، ض ة هلإ هن إسكات رحإ لون ؟ أوإ أرادين برحإ ل املإتوك بي اهلل عليإه يتوك .قلإ حسإ

.لعبيده، ألن أحدا مل للق معه يرشهبال حيق ألحد أن يتعدى عىل حق اخلالق يف أن

كام ال حيق ألحد أن يرشهب للعبيد، ألن أحدا ال يملك هلم قدرا و الخلقا عىل أفعاهلم سواه.. سبحانه يف عليائه.

ظالل رمضان وصيامهـ رشائع اهلل لتحصيل مصالح الدارين يف8

18

رشائع اهلل لتحصيل مصالح الدارين

العموم واإلطراد عىل وجه

كدذلك عندما يرشهب اهلل تعاىل لك، لتحصيل مصاحلك، فاعلم أن هذه املصالح ليست هي مصالح الدنيا فقط، بدل

مصالح اآلخرة، فاملقصود جريان األمور عىل استقامة وتوازن يف الدارين..

تزم العبد بمنهجه تعاىل املنزل، ومل جتعل أحد الدارين عىل خماصمة مع األخرى، بل جعل تعاىل طريقهام واحدا ما ال

يين من فلنحإ ن ذكر أوإ أنثى وهو مؤإ ملدون منإ عمل صاحل ا م سدن مدا كدانواإ يعإ درهم بأحإ زينهمإ أجإ ، ه حياة طيبة ولنجإ

قى بع هداي فال يضله وال يشإ مى، فمن ات قيامة أعإ م الإ ه يوإ رش ا ونحإ ري فإن له معيشة ضنك رض عن ذكإ . ومنإ أعإ

رشائع جريان مصالح العبد يف الدنيا عىل أكمل الوجوه وخريها وأمجعها، وأن جتري هذه املصالح عدىل فمقصود ال

توازن واطراد فردا ومجاعة وأمة، وأن جتري عىل وجه تطرد به وتستمر.

ومقصود الرشائع كذلك حتصيل مصالح العبد يف اآلخدرة، فالدذي يملدك الددار اآلخدرة والدذي وضدع طرقهدا

ال إذا أخذها من حتت إذن الشدارهب سدبحانه، عدىل وجده إاهلل تعاىل، وال وصول للعبد ألي من مصاحله ومسالكها هو

، كذلك سائر ما أمر من حجاب للمرأة أو حتريم الصيام من ربك العبودية واالفتقار، والثقة واالطمئنان، عىل هذا تلق

مة من تكليفات رب العاملني أوسع مدى وأعمق تأثريا واعلم أن مرامي احلك ربا أو مخر أو زنا، وكذا سائر التكاليف..

وأبقى أثرا ا تقف عليه عقولنا القارصة..

هددون لنا لنمهد ألنفسنا منزال هنا ، ثمة دار غري دارنا يرشهب اهلل تعاىل ؛ فدامذا ومنإ عمل صاحل ا فألنفسدهمإ يمإ

عليك لو أرسلت فراشا يكون لك مهادا هنا ؟.

كل حلظة يف الدنيا أن ن اآلخرة هي مقصود الرب تعاىل، والدنيا طريقها وجمال العمل هلا، يقول ابن القيم رحه اهلل إ

.بلها آالف آالف السنني يف اآلخرة.تقا

ه، » :يقول رحه اهلل تي تصه امه ال تمل أنإ يريد به أي ام فيحإ ي رفة األإ ا معإ صدان، وأم يدادة والنهقإ وما يلإحقه فيهدا مدن الز

مة، كله نفس منإها يقابله آالف آالف من الس دودة منإرص فاس معإ ا أنإ ها، وأهن لم قرص ، فلديإس هلدذه ويعإبقداء نني يف دار الإ

الية ق ام اخلإ ي عمر إىل النعيم أوإ إىل ااألإ ة الإ عبإد منإساق زمنه، ويف مد ، والإبقاء ام الإ بة إىل أي نإ طه نسإ

ة املإنام مل حيم، وهي كمد جلإ

ا س ف منإها نفإ اله أنإ ال يرصإ ل حي وقلإب واهب، فام أوإ حب له عقإ بهه وتر األإفه فيام حي مور إىل اهلل، فلوإ رص إال يف أحب األإ

ظالل رمضان وصيامهـ رشائع اهلل لتحصيل مصالح الدارين يف8

19

ده قته عليإده ربه فه فيام يمإ فه فيام ال ينإفعه؟ فكيإف إذا رص ط ا، فكيإف إذا رص دتعان وال لكان مفر ة إال بده ؟ فداهلل املإسإ .«قدو

](111/ 4مدارج السالكني بني منازل إيا نعبد وإيا نستعني )[

، له ولغريه من إخوانه حتقيق مصالح الدنيا، فليعلم أن مقصود الرب تعاىل حتصيلها عىل اطراد وعموم ىلإفمن نظر

اطراد واستمرار..عىلو، من اخللق

حتصديل للعبد آخرتده، فمصداحلها مضدمنة يف نفدس وجده رشائعه حوليعلم أيضا أن مقصود الرب تعاىل أن تصل

يا واآلخرة مصالح الدنيا، قال تعاىل نإ يا فعند اهلل ثواب الده نإ ن كان يريد ثواب الده ، فإن صادمت الرشيعة لدذة هندا م

تك هنا ..فاعلم أهنا لعوض هنا ، وإن أجهدت هنا فاعلم أنه لصالحك هنا ولراح

ثمة يوم قريب.. قريب قريب.. يطلع برص عىل عامل آخر وخلق آخر ومدوازين أخدرى، وسدتجد عددتك هندا

..ثمخلري وجنتك وسبب رقيك يف مدارجها هي نفس هذه الرشيعة املباركة، فاسعد هبا يا عبد اهلل واستمسك، فإن ا

ظالل رمضان وصيامهيف ـ االنكسار بني يدي اهلل تعاىل 9

20

نكسار بني يدي اهلل تعاىلاال

نكسار لده مة عموما.. فإن قلوبنا مفتقرة لالع اهلل تعاىل لنا، يف العبادات والعادات، وللفرد ولألكام أننا فقراء لترشي

.وبني يديه تعاىل

نكسار القلب له، والقلب املنكس هلل تعاىل يقرتب اليه عز وجل هو إىل اهلل تعاىل، وأقرب طريق إإننا نريد الوصول

من اهلل ويقرتب اهلل تعاىل منه.

جديل، أقدرتب سأل موسى ربه تعاىل.. فقال رب أين أجد ؟ قال: يا موسى عند املنكسدة قلدوهبم مدن أ ويف األثر

دة »ولوال ذلك الحرتقت قلوهبم، ويف بعض األلفاظ ليهم كل يوم شربا،إ غني عنإدد املإنإكس غيك؟ قال: ابإ ن أبإ يا رب أيإ

نو منإهمإ ك مواقلوهبمإ فإين أدإ ال ذلك لتهد ا لوإ ا باع م ](411/ 6حلية األولياء وطبقات األصفياء )[ «ل يوإ

وى، وال ط عإ لظ منإ الد اهلل حجاب أغإ عبإد وبنيإ الإ ن عبإد اهلل التسرتي: ليإس بنيإ ل بإ درب مدنإ وقال سهإ ريدق إليإده أقإ

تقا ف منإ اهلل.االفإ وإ خرة اخلإ يا واآلإ نإ يف الده ل كل خريإ ](02/ 1جمموهب الفتاوى )[ ر، وأصإ

لرادة ربه الدينية الرشعية، فينكس هدواه ألمدر ،والقلب املنكس هلل تعاىل هو من يكس إرادته الطبعية ومقتىض شهواته

تنكس مراداته ملرادات اهلل تعاىل الرشعية التي تتضمن حمابه تعاىل ورضاه.ملحاب ربه ومساخطه ملساخط ربه، فربه، وحمابه

وهبذا النكسار لرادات القلب، لرج العبد من مشيمة الطبع فيولد ميالدا جديدا، بالتزامه أمر ربه ال بالعمل عىل

مقتىض هواه وطبعه..

م لن تلجوا ملكوت الساموات د يعني اجلنة د حتدى يا بني ارسائيل إنك»ويف هذا جاء األثر عن املسيح عليه السالم

. «تولدوا مرتني

ه »ول ابن القيم رحه اهلل يق كر ذلك. ويفس ن تيإمية رحه اهلل يذإ الم ابإ سإ ت شيإ الإ عان سمعإ والدة نوإ : بأن الإ

روفة، والث ا: هذه املإعإ بإع، قال: وهذه أحد مة الط س، وظلإ وح وخروجهام منإ مشيمة النفإ قلإب والره انية: والدة الإ

منني ب للإمؤإ سول كان كاألإ والدة ملا كانتإ بسبب الر ](12/ 3مدارج السالكني بني منازل إيا نعبد وإيا نستعني )[ .«الإ

واملقصود أن القلوب ىف هذه الوالدة ثالثة: قلب مل يولد ومل يأإن له بل هدو جندني ىف بطدن »قيم أيضا: ويقول ابن ال

الشهوات والغى واجلهل والضالل.

التوحيد واملعرفة وتلص من مشيمة الطباهب وظلامت النفس واهلوى، فقرت عينده وقلب قد ولد وخرج إىل فضاء

به وقلوب، وأنست بقربه األرواح، وذكرت رؤيته باهلل، فاطمأن باهلل، وسكن إليده، وعكدف هبمتده باهلل وقرت عيون

ظالل رمضان وصيامهيف ـ االنكسار بني يدي اهلل تعاىل 9

21

عليه، وسافرت مه وعزائمه إىل الرفيق األعىل، ال يقر بشء غري اهلل، وال يسكن إىل ءء سواه، وال يطمدئن بغدريه،

ره حيداة قلبده ورضداه غايدة مطلبده، وحمبتده قوتده، كإ ، فذ جيد من كل ءء سوى اهلل عوضا ، ال جيد من اهلل عوضا أبدا

وإن كدان القريدب "ومعرفته أنيسه، ورضاه غاية مطلبه، وحمبته قوته، ومعرفته أنيسه، عدوه من جذب قلبده عدن اهلل:

ية التباين.. فهذان قلبان متباينان غا"وإن كان البعيد املناويا". ووليه من رده إىل اهلل ومجع قلبه عليه "املصافيا

التجريد، وآنس من خالل الديار أشدعة ، قد أصبح عىل فضاء وقلب ثالث ىف الربزخ ينتظر الوالدة صباحا ومساء

واحلظ كل احلدظ ىف طاعتده وحبده، وتدأإبى ، التوحيد، تأإبى غلبات احلب والشوق إال تقربا إىل من السعادة كلها بقربه

وتعويقه، فهو بني الداعني تارة وتارة قدد قطدع عقبدات وآفدات، وبقدى عليده مفداوز غلبات الطباهب إال جذبه وإيقافه

](46طريق اهلجرتني وباب السعادتني )ص: [ .«وفلوات

أو من كان ومن هنا يولد الشدص من جديد فكأنام حيا بعد موت، بل هو فعال هبذا قد حيا بعد موت.. قال تعاىل

ييإناه وجع نإهاميإت ا فأحإ لامت ليإس بدارج م ثله يف الظه ش به يف الناس كمن م ا يمإ نا له نور .لإ

تدرج عدن »عندما تتلقى التكليف من ربك تعاىل فليكن هذا هدفك، فهذا غاية الرتبية عىل هذا املنهج الربداين، أن

، وأن ترج من مشديمة الطبدع ]املوافقات للشاطبي[ «راأنت عبد له اضطراداعية هوا حتى تكون عبدا هلل تعاىل اختيارا كام

ق ىل مقتىض ما يريد تعاىل، فاحلياة أغدىل مدن أن تنفدإىل أمر الرب تعاىل، وأن تضن بالعمل واحلياة عىل مقتىض ما تريد إ

عىل هوى شدص فان..

تشعر، وال تتكلم وال تعمدل وال تدرت وال تتددذ واخلسارة كل اخلسارة أن تعرض عليك حياة ال تنفعل فيها وال

موقفا، إال هلل تعاىل، فتتكاسل عنها أو ترتدد يف القدام عليها واألخذ هبا، كيف وهبذا يسمو العمل من عمدل شددص

ىل عمل متصل باهلل تعاىل، وهل هنا اصطفاء أو تفضيل أعظم من هذا؟إفان

بينك وبني الفائزين جبل اهلوى، نزلدوا بدني يديده »وى، يقول ابن القيم أخربين ماذا حيول بينك وبينه؟ إنه جبل اهل

.يا اللحاق هبم. بلغنا اهلل وإ.«ونزلت خلفه.. فاطإو فضل منزل تلحق بالقوم

ظالل رمضان وصيامهوالتناول بأمراهلل أعىل وأفضل يفلرتك ـ ا11

22

والتناول بأمر اهلل طعم أعىل من للرتك

الرتك والتناول عىل مقتىض الطبع

مرة أردت ففعلت؟ كم مرة تريد أن تأكل فتأكل، أن ترشب فترشب.. كم

لكن أن تأكل ألمره، وترت ألمره، وتعجل طعامك ألمره يف وقت، وتؤخره ألمدره يف وقدت آخدر، فتجدري عدىل

مقتيض العبودية والطاعة.. فعىل هذا يقتات قلبك وبه يصلح، فبهذا حياة القلب ونعميه ورسوره.. وبمقددار اقتيدات

القلب عىل أمر ربه تعاىل ومرضاته حييا ويصلح.

ة وشهوة وهوى، وأما من اصطفاه اهلل ترت ألجله؛ فالغالب يعمل لرغبإن من أعظم النعم واملنن أن تفعل ألجله و

به تعاىل أن يرتكه لنفسه وأن يقيض عمره لرغبات فانية ومصالح حمدودة مضدطربة ومتناقضدة وقصدرية «فيضن »تعاىل

األمد ومريرة املذاق وسيئة العاقبة..

وخري األمور أن تكدون حيداة «إيا أريد بام تريد»اىل ليحيا بأمر ربه ويعمل له وبه، كام قال البعض فيصطفيه اهلل تع

العبد هلل تعاىل، وبه، وبام يريد تعاىل.

ىل مقتىض أمر الرب تعاىل، إهندا مدران عدىل التجدرد والعبوديدة إإن الصيام دربة عىل الندالهب من مقتىض النفوس

لطان النفس، لتكون مطواعة هلل تعاىل، مندلعة من احلظوظ، منكسة هلل تعاىل، فتزكو..لتتضاءل الشهوة ويتقزم س

وعند انكسار النفوس هلل تعاىل تأتيها اخللع والعطايا من رب العاملني، وتأيت وفود اخلري.. فهنيئا ملن امتثل أمدر ربده

.هب هلل نفسه.. فاحلمد هللهواه وطو روأخ

ظالل رمضان وصيامهرضا اهلل يف النعم يف الرشائع داللتها عىل أعظمـ 11

23

ئع داللتها عىل رضا اهلل تعاىل وحمبتهالنعم يف الرشا أعظم

ليس الشأن يف أن تتعب أو تنصب، أو جتوهب أو تظمأ، لكن أعظم النعم، والشأن كل الشأن، أن ينال عملدك رشف

.تعاىل ىل اهللإالوصول

،فرهبان النصارى، والبوذيون، واهلنادكدة، وأتبداهب كونفوشديوس، والدداليالما يف التبدت، والوثنيدون يف افريقيدا

مدون أنفسدهم مدن متدع الددنيا ر وغريهم كثري، يتعبون وينصبون أكثر منك، وهم يظمؤون وجيوعون أكثر مندك، وحيإ

حرمة، بكثري.ر ا ترت أنت من اخلبائث املموهنا عىل أنفسهم أكثوطيبا ا وحير

م ولرتعون تعبدات، وبميض الزمن يقددس واضدعوها وخمرتعوهدا، ثدم يدأيت مال يدني دن هدم يعيشون عىل وهإ

، يتلقون بال عقل، فيتتابعون كالفراش يف النار.يعقلون به وال برص وال أفئدة تعيكاألنعام ال سمع

إن من أعظم نعم اهلل تعاىل علينا أننا مل ندرتهب رشيعة وال عبدادة، بدل علمندا أدلدة صدحة الرسدالة، وهدي متدواترة

لرسالة وعلمنا أهنا متضمنة ملا يريض اهلل تعاىل..متكاثرة، تتزاحم عىل النفس كثر ا، فاستيقنا صحة ا

ليده تعداىل إن اسدتوفينا إفأفعال الصالة وأقواهلا أنزهلا اهلل تعاىل وضمنها رضاه، فاستيقنا وصدول أقواهلدا وأفعاهلدا

رشوطها الرشعية.

هلل.. وهكدذا وتر الطعام والرشاب هنار رمضان أمر بوحي استيقنا رضا اهلل تعداىل عنده وعلمندا وصدول العمدل

مناسك احلج تعلمها رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم بوحي فعلم أن أفعاله وأقواله وزمنه ومكانه هو حمل رضدوان اهلل

ليه تعاىل، وكذا اجلهاد والنفاق..إقينا، واستيقنا وصوله تعاىل ي

يف القلوب. معان وكذا كل الرشائع وأحكامها، عبادة كانت أو معاملة، قوال أو فعال أو اعتقادا أو

وهلذا حرمت البدهب ملا تتضمن من املفاسد الكثرية، وأعظمها أهنا ضالل عظيم حيث يدعي خمرتعها رضا اهلل تعداىل

من مفرت، فمن تلقاهدا منده مل رت عليه، ولن يقبل عملعنها من قول أو عمل أو اعتقاد، وهذا املدعي كاذب عىل اهلل مف

بعد تعبه وكده وفناء عمره فيام ال ينفع..جيد شيئا عند لقاء اهلل تعاىل

هلذا كانت الرشائع والتكاليف من اهلل تعاىل أعظم النعم.. وهلذا ختم تعاىل آية الصيام ببيان أن تفصيل الرشائع مدن

م التي تستوجب الشكر.. أجل النعم ولتكإ وال يريد بكم الإعسإ يسإ وا اهلل عدىل مدا يريد اهلل بكم الإ ة ولتكدرب عدد لوا الإ

كرون عدل علديإكمإ مدنإ تعاىل يف خامتتها قالذكر شكره عىل رشعة الوضوء، ف، وهداكمإ ولعلكمإ تشإ ما يريد اهلل ليجإ

مته عليإك ركمإ وليتم نعإ كرون حرج ولكنإ يريد ليطه ، وقال يف خامتة آية كفارة حنث اليمني مإ لعلكمإ تشإ كذلك يبدني

ظالل رمضان وصيامهرضا اهلل يف النعم يف الرشائع داللتها عىل أعظمـ 11

24

كرون مة وقال يف سياق آيات أحكام الطالق والعدة اهلل لكمإ آياته لعلكمإ تشإ كروا نعإ ا واذإ وال تتدذوا آيات اهلل هزو

مة يعظكمإ به اهلل عليإكمإ كإكتاب واحلإ زل عليإكمإ من الإ ..وما أنإ

دزل إليإدك وهلذا فرح مؤمنوا أهل الكتاب بام أنزل تعاىل وبرشائعه رحون بدام أنإ تاب يفإك ذين آتيإناهم الإ وأمدر وال

ل اهلل وب أنزل تعاىل بالفرح بام ا جيإمعون قلإ بفضإ رحوا هو خريإ يفإ ته فبذلك فلإ ، يعندي اليدامن والقدرآن.. وقدال رحإ

فسهمإ يتإلو عليإهمإ آياته ويزك تعاىل منني إذإ بعث فيهمإ رسوال منإ أنإ مهم الإ لقدإ من اهلل عىل املإؤإ مة يهمإ ويعل كإ كتاب واحلإ

فاحلمد هلل عىل نعمه.. وإنإ كانوا منإ قبإل لفي ضالل مبني

إن عظمة الرشائع أهنا تدل قطعا عىل ما يريض رب العاملني تعاىل من قول وعمل واعتقاد وموقف، وتصدل العبيدد

نعه من ثم من حياة عابثة أو عمل ضائع جيعلده اهلل باهلل تعاىل، فتمنع العبد أن يقيض عمره ضاال يظن نفسه مهتديا، ومت

يوم القيامة هباء منثورا..

ليه، نعمة ما بعدها نعمة، وهذه خاصة رشائع الرسل.. فقبل أن تتعب؛ إإن تلك الوصلة باهلل تعاىل، ويقني الطريق

هل فيام تقدم عليه رضوان اهلل يقينا أم ال؟ ..انظر

ليندا إة اهلل تعاىل فقد أجرم، ومن ابتدهب بدعا لنعمل عليها فقد خدعنا، ومن أوصل فمن حلنا عىل رشيعة غري رشيع

سلني ليها وأقامنا عليها فقد نصح، وهلذا قال تعاىل إرشائع اهلل تعاىل ودعانا وذلك لسالمة وصحة ما وسالم عىل املإرإ

غوه عن رهبم.. فسالم اهلل عليهم..بل

رضا فأدركه، وال جتعلنا ن تعب وكد ومل يرضك.فاللهم اجعلنا ن طلب

ظالل رمضان وصيامهـ االستغفار والتوبة خري صاحب يف12

25

االستغفار والتوبة خري صاحب ومستصحب

وآخره وخاللهيف أول الطريق

من أنفع ما يستصحبه املسلم يف بداية رمضان وخالله وهنايته، وما يستصحبه يف أول عمره وخالله وآخره، ومن أعظدم

ىل اهلل تعاىل..إه تعاىل، ويبدأ بالتوبة، ويكرر التوبة ويصبح أوابا منيبا رجاعا ىل ربإنعم اهلل تعاىل عىل العبد أن يتوب

ال للو العبد من الذنوب، وال من عيوب النفوس، وقبح الفعال، والتقصري يف احلقوق، وتعدي احلدود، والتفريط

سديان، وغفلدة، وحدظ نفدس إكامل وإمتام ما وجب عليده، ونحصاء ما جيب أن يقوم به، وعدم يف الواجبات، وعدم إ

ووسوسة شيطان، وغضب لنفس، وسدط وأحقاد، وعيوب وشهوة تعمي، وقلق يف غري حمله، وحتقري كبدري وتعظديم

حقري.. إهنا النفس.

ددي »وقد علم النبي صىل اهلل عليه وسلم بعض أصحابه أن يدعو بكلمتني ينفعانه فأمره أن يقول اللهم أهلمني رشإ

أن يددعو إذا أصدبح وإذا ،لم النبي صىل اهلل عليه وسلم الصديق األكرب، أبدا بكدر ريض اهلل عنده، وع«وقني رش نفس

هادة، فاطر السموات واألرض، رب كل ءء ومليكده، »أمسى وإذا أخذ مضجعه هبذا الدعاء اللهم عامل الغيب والش

ا أو أجدره إىل أشهد أن ال إله إال أنت أعوذ بك من رش نفس ومن رش الشيطان ورشكه وأن أقدرتف عدىل نفسد سدوء

، يقول شدي السدالم ابدن تيميدة: «وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان»، وكان أبو بكر يقول ]ابوداوود والرتمذي[ «مسلم

.«وذلك ألن الشيطان يوسوس والنفس تقبل»

ا أصابك منإ حسنة فمن اهلل،وقد قال تعاىل سك وما أصابك م م فإ يعني بسدببك، أمدا اخلدري فداهلل ن سيئة فمن ن

تعاىل سببه ومبدؤه ومتمه تعاىل.

ىل نفسه كان الرش، وكانت الذنوب.إفمن خذله اهلل تعاىل ووكله

، ومبدأ الذنوب هي النفوس، فمن وقي رش نفسده «والذنوب هي أصل الرشور يف العامل»يقول ابن تيمية رحه اهلل

فقر، بل وهال األمدم، فإن الذنوب لك ومتنع الرزق واخلري واهلدى، وتوجب اخلذالن واهلزيمة وال، كلهوقي الرش

ن قال تعاىل سدلإ نإ لكمإ وأرإ إ نمك ض ما مل رإ ناهمإ يف األإ ن مك نا منإ قبإلهمإ منإ قرإ لكإ ا كمإ أهإ إ يروإ دامء علديإهمإ أمل ا ا الس رار مددإ

ن ا آخر دهمإ قرإ شأإنا منإ بعإ ناهمإ بذنوهبمإ وأنإ لكإ تهمإ فأهإ ري منإ حتإ ار جتإ هنإ نا األإ .ين وجعلإ

كام أن الذنوب هي التي حتول بني القلب وربه.

ظالل رمضان وصيامهـ االستغفار والتوبة خري صاحب يف12

26

هلل عليه وسلم يعد لده أصدحابه يف ىل لقاء اهلل تعاىل.. كان صىل اإولذا كانت التوبة خري صاحب وخري مستصحب

، وكان جزاء أصحاب حممد «تب عيل، إنك أنت التواب الغفوررب اغفر يل و»س الواحد أكثر من مائة مرة يقول املجل

ذين مع نبيهم صىل اهلل عليه وسلم بعد غزوة العسة بعدوه يف سداعة لقد تاب اهلل عىل النبي واملإهاجرين واألنصار ال ات

ة فدتإح اآلية، وكانت خامتة حياة رسول اهلل ..الإعسإ د اهلل والإ خلون يف ديدن ، إذا جاء نرصإ دت النداس يددإ اهلل ورأيإ

ا، واج ا أفإ اب ه كان تو ه إن فرإ تغإ د ربك واسإ ماندة امتة اخللق وغاية املؤمنني التوبة بل وكانت خ فسبحإ بحمإ دنا األإ إنا عرضإ

سان إن نإ ن منإها وحلها الإ فقإ نها وأشإ ملإ أنإ حيإ بال فأبنيإ ض واجلإ رإ اموات واألإ ب اهلل عىل الس ، ليعدذ دا جهدوال ه كدان ظلوم

منات وكان اهلل غف املإنافقني و منني واملإؤإ كات ويتوب اهلل عىل املإؤإ كني واملإرشإ ا رحيام املإنافقات واملإرشإ .ور

الذنوب توجب خلال يف العلم واليقني، وتوجب خلال يف الرادة، وهلذا بيان..

ظالل رمضان وصيامهيف لطلب املغفرة طريق ـ 13

27

لطلب املغفرة طريق

، وليستصحبها جيب أن يعرف سياق هذه املغفدرة يف طبيعدة هدذا والتوبة املغفرة ىل ربه دإوالسائر د ليطلب الصائم

الدين الرباين..

ليه ليس سياق تعبد يف حمراب منعزال! إنه سياق مواجهة وحركة ضدد إإن سياق طلب املغفرة من اهلل تعاىل والتوبة

يف سبيل ذلك.الباطل لقرار احلق وإعالئه وحتمل الصعاب واملشاق

نا إنإ نسينا أوإ أخإ ربنا ال تؤاخ يطلب املؤمنون املغفرة يف مثل هذا السياق ا كام حلإتده عدىل ذإ طأإنا ربنا وال حتإملإ عليإنا إرصإ

لإنا ما ال طاقة لنا به م الإكافرين الذين منإ قبإلنا ربنا وال حتم قوإ نا عىل الإ النا فانإرصإ حإنا أنإت موإ فرإ لنا وارإ ف عنا واغإ .واعإ

ىل اهلل تعاىل بواليتهم له، وختموا دعاءهم بطلب النرص عىل الكافرين، مع أنده مل إفمع طلب الرحة واملغفرة، تضعوا

ني، لكن مع طلب املغفرة والرحة والعفو كان إعالن حمبتهم له تعاىل فطلبدوا يذكر يف السياق كفار وال جهاد يف موقف مع

، وهذا من لوازم واليدتهم لده و مسدوطات املحبوب وإقرار حمابه تعاىلالنرص إعالنا أهنم يف جهاد مستمر ال ينقطع يف حمإ

النا البالرحدة إىل النرصد، وهدو ال يتحقدق إفيه وهم حيتاجون ولوازمه، ، هذا اجلهاد هو من طبيعة هذا الدينأنإت موإ

واملغفرة والعفو، فإنه لو وقع خذالن وهزيمة فيكون منبعها وسببها الذنوب املانعة من النرص .. هذا سياق دعاء أمة حممد

صىل اهلل عليه وسلم، فمن تصور حمرابا بال مواجهة للباطل فليس هذا هو شأن دين حممد صىل اهلل عليه وسلم.

ذين هاجروا وجاهددوا يف طن آخر يبني تعاىل كيف ترجى رحته ومغفرته؛ فيقول تعاىل ويف مو ذين آمنوا وال إن ال

ة اهلل واهلل غفور ر جون رحإ املهداجرون ، فحدد تعاىل سبيل رجداء رحتده، وأخدرب أن أولئدك حيم سبيل اهلل أولئك يرإ

كام يف خامتة اآلية، فمن سدلك غدري هدذا ،ليها، وأخرب أن الرحة تنتظرهمإهم الذين ينتظروهنا ويسعون جاهدون وامل

ألنه ليس له أن يشرتط، بل هلل تعاىل. ؟ما أراد إسالما آخر وطبيعة أخرى فهل جيدالسبيل وأراد

ألسدنة رسدله وعدىل إنجاز ما وعدهم عىليف موطن ثالث يطلب املؤمنون من رهبم تعاىل املغفرة وتكفري السيئات و

فرإ لنا ذ متابعتهم هلم: نا فاغإ كمإ فآمنا رب يامن أنإ آمنوا برب ا ينادي للإ نا منادي نا سمعإ نا إن ندا رب رإ عنا سديئاتنا وتوف نوبنا وكف

ندددا دددرار، رب بإ قيامدددة إ مدددع األإ م الإ زندددا يدددوإ تنا عدددىل رسدددلك وال تإ لدددف املإيعددداد وآتندددا مدددا وعددددإ ..ندددك ال تإ

ي حيدده هلم رهبم سبحانه..ذهذا دعاؤهم، فانظر سياق املغفرة ال

ظالل رمضان وصيامهيف لطلب املغفرة طريق ـ 13

28

مإ أين ال أضيع عمل عامل منإكمإ منإ ذك تجاب هلمإ رهبه رجوا فاسإ ذين هاجروا وأخإ ض فال ضكمإ منإ بعإ ر أوإ أنإثى بعإ

خلنهمإ جن رن عنإهمإ سيئا مإ وألدإ ا مدنإ منإ ديارهمإ وأوذوا يف سبييل وقاتلوا وقتلوا ألكف ار ثواب هنإ تها األإ ري منإ حتإ ات جتإ

ن الثواب عنإد اهلل واهلل . عنإده حسإ

ىل اهلل تعاىل باستجابتهم لداعي اهلل تعاىل، وتضعوا لدرهبم تعداىل أن يغفدر هلدم الدذنوب ويكفدر عدنهم إفإهنم ملا تقربوا

.«يصيبهم يف هذا السبيل اجلهاد، واهلجرة، والقتال يف سبيله، والصرب عىل ما»السيئات، اشرتط اهلل تعاىل الستجابة دعائهم

طبيعة هذا الدين وطبيعة حركتده يف األرض ليحمدل يظرفا آنيا أو مالبسات خاصة بل ه تليس إن هذه الرشوط

منعهم من رؤية اخلري.املدجج واملترتس واملحتمي بقوة مادية ليويزيح الرش ،اخلري للناس

الصرب عىل القتل والصدلب، ورأوا أن هدذا أمدام مدا وعندما طلب السحرة الذين آمنوا مع موسى املغفرة طلبوها ب

ر طلبوا من غفران جرائمهم قليل!! وهذا هو موقفهم: حإ مكم الس ذي عل ه لكبريكم ال قال آمنإتمإ له قبإل أنإ آذن لكمإ إن

جلكمإ ديكمإ وأرإ لمون ألقطعن أيإ ف تعإ دا فلسوإ ندا منإقلبدون، إن دا إىل رب إن عني، قالوا ال ضدريإ بنكمإ أمجإ منإ خالف وألصل

منني ل املإؤإ نا خطايانا أنإ كنا أو فر لنا ربه مع أنإ يغإ .نطإ

ردا ومتواترا.هل تريد املزيد؟ اقرأ كتاب اهلل تعاىل.. سرتى هذا املعنى مط

طبيعدة ديدن، وطبيعدة إن التضحية من أجل هذا الدين ورصاهب الباطل وجماهدته ومغالبته لديس ظرفدا آنيدا.. إنده

نيل ما عند اهلل تعاىل. الطريق، وسبيل

،فمن تصور دينا ال ينرصه وال يضحي من أجله، فليس هو هذا الدين، ومن تصور طريقا ليس فيه أن يبذل هلل تعاىل

فليس هذا ما جاء به القرآن.. ومن أراد االستيقان فليقرأ القرآن مرة وإيثارا له وملرضاته وملا عنده، يه وتوكال عليهثقة ف

ما خاطبه ربه.. بل ليفقه ما جاء به وليعي ثانية .. ليس تراتيل وال أماين

ىل هو الذي حيددها سبيل، اهلل تعاإن للمغفرة والرحة وسكنى الغرف العالية يف جنات عدن عند رب العاملني، هلذا

، وليس العبيد.وحيدد معاملها

فاللهم انرص املجاهدين، والصامدين، واملرابطني، واملرتبصني، ورشفاء امليادين، ومقاومي الباطل، ورافيض الظلم،

والساعني لنرصة دينك يف كل مكان، واجعلنا منهم.

ظالل رمضان وصيامهيف االستغفار والتوبة متنع الذنوب من تبديل الفطرة ـ 14

29

ستغفار والتوبة متنع الذنوب مناال

رة وحتويرها وطمس نورهاتبديل الفط

إين خلقدت »إن نكتة التوبة هي أهنا متنع التبديل والتغيري والتحوير، وذلك أن اهلل تعاىل فطدر عبداده عدىل احلنيفيدة

، فهدذا «معرفة اهلل تعداىل وحمبتده وتوحيدده»، يقول شي السالم ابن تيمية: ومعنى احلنيفية هي «عبادي كلهم حنفاء

موجود يف كل فطرة.

فأتتهم الشياطني فاجتالتهم عدن ديدنهم وحرمدت علديهم مدا »ا التغيري والتبديل والتحوير فجاء من الشياطني وأم

هذا خطؤها وضعفها ونقصدها الندابع مدن ظلدم النفدوس وجهلهدا.والنفس تقبل هذا من الشياطني و، «أحللت هلم

واحلنيفية تشمل جانبني:

ار به.األول: املعرفة والتصديق باهلل تعاىل والقر

إرادة اهلل تعاىل وقصده وحمبته وتوحيده.الثاين:

والذنوب واالنحرافات البرشية هي التي تطمس نور الفطرة ومعرفتها، كام تنحرف بإراد دا لرتيدد غدري اهلل تعداىل

ىل سواه.إوتسعى

والتكدذيب ىل الشدكإولو تتابع هذا فقد يضعف التصديق أو تضعف الرادة واملحبدة، ولدو تتدابع أكثدر لوصدل

.وإرادة ىل التعلق بغري اهلل تعاىل حمبة إواجلحود، أو وصل

أول اخلطر هو الذنب وتتابعه إذا مل يعد منه صاحبه رسيعا.

، وجيد العبد يف نفسه وفطرته من أما التوبة فتزيل عوائق وغواء الذنوب عن القلب، فتعمل الفطرة عملها وتصح

كان غافال عنه، ووجدها تعرف اهلل وتطلبه يف يس ودون كلفة، وما كان يظنه من العمل مااملعرفة ومن إرادة اهلل تعاىل

ليه ترتاح نفسه.إالصالح عىل غري هواه، إذا به جيده مشتهى قلبه ونعيم روحه، وبه تقر عينه، و

ائقهدا، ثدم معرفتها وطلبها هلل تعاىل، وعملت بانطالق بعد حجب الذنوب وإزالدة عومقتىض بالفطرة فإذا عملت

الوحي جاء بام تصدق به وتعرفده، لكدن وجدت نور الوحي املبار ، صدقته، ألهنا جتد يف نفسها تصديقه جممال، وجتد

مثدل ندور »، يقول ابدن كثدري نهور عىل نور ىل نور الفطرة، وهلذا قال تعاىل جاء عىل وجه مفصل، فيأيت نور الوحي ع

هدو شبه قلب املؤمن وما هو مفطور عليه من اهلدى، وما يتلقاه من القرآن املطابق ملدا املؤمن الذي يف قلبه، كمشكاة، ف

، فشدبه قلدب املدؤمن يف صدفائه يف نفسده ه ويتإلوه شداهد منإده فمنإ كان عىل بينة منإ رب مفطور عليه، كام قال تعاىل:

ظالل رمضان وصيامهيف االستغفار والتوبة متنع الذنوب من تبديل الفطرة ـ 14

30

من القرآن والرشهب بالزيت اجليد الصايف املرشق املعتدل، الدذي بالقنديل من الزجاج الشفاف اجلوهري، وما يستهديه

.]تفسري ابن كثري، سورة النور[ «ال كدر فيه وال انحراف

وعندما تعمل الفطرة، جتد الوحي مصدقا ودافعا وهاديا، وهبذا يتم هداها، فالرسل جاءت لتكميل الفطرة وتقريرها.

يف إرادة فامنع تلك القداذورات والنجاسدات مدن الدذنوب فقدد فإذا وجدت يف نفسك ضعفا يف تصديق أو خلال

ىل رهبا تعاىل ال تشبع من كالمده، فدإذا سدمعت كالمده عرفتده إأمرضتها، فإذا رفعت عنها العلل واألمراض انطلقت

.«لو صفت قلوبنا ما شبعت من كالم اهلل» وتلقته، قال عثامن

ال إال به، ولدن تسدعى إذاته، ولن تعطي حمبتها لسواه، ولن تقر عينها وإذا صحت فلن ترىض بغري اهلل تعاىل مرادا ل

ليه..إال بالوصول إليه ولن ترتاح إ

عىل حمل معرفة اهلل وإرادته، وحمل نظر الدرب ملاذا نستحمق فنضع غواء ونجاسات الذنوب وقاذورات املعايص

؟من املعرفة ونضعف أو نفسد ما فيهدا مدن الرادة..غواء فتنسى ما فيها عىل فطرتنا ملاذا نغش تعاىل، وهو القلب؟

جسد ، وبالتوبة يصح قلبك وتسدتقيم ىل التوبة من الطعام والرشاب، فبالطعام والرشاب يصح إأرأيت؟ أنت أحوج

أال هلم. ىل اهلل..إفطرتك وتعمل أجهزتك املعطلة فتنطلق

ظالل رمضان وصيامهيف ترك الذنوب لطلب اليقني ـ 15

31

ترك الذنوب لطلب اليقني

ا، واملبنيدة عدىل امليثداق عىل املعرفة، فإذا ما يف القلوب من املعرفدة املفطدورة عليهدخطر الذنوب أهنا تضع غواء

كمإ العظيم ت برب هدهمإ عىل أنفسهمإ ألسإ تهمإ وأشإ ي نا؟ وإذإ أخذ ربهك من بني آدم من ظهورهمإ ذر ، قالواإ: بدىل شدهدإ

العبد.إذا هبا تغيب عن

والغفلة والنسيان هي لوازم للنفس البرشية، ومن هنا فقد يأيت عىل القلب غني، وهدو مدا يصديب املقدربني، وهلدذا

ة »كرم اخللق صىل اهلل عليه وسلم: يستغفرون، وقال أ م مائة مدر يوإ فر اهلل، يف الإ تغإ ه ليغان عىل قلإبي، وإين ألسإ صدحيح [« إن

.](0212/ 1مسلم )

وقد يصيب القلب غيم، وهو ما يصيب أصحاب اليمني املقتصدين.

«الذنوب جراحات، ورب جرح وقدع يف مقتدل»وعندئذ فاعلم أن وقد يقدح يف القلب سهم الذنوب وجراحاته،

.]ابن القيم رحه اهلل[

اهلل عنه، وحكمه أنه أليام غلب. ذيفة ريض، كام قال حباملعصية اليامن بالطاعة ومادة النفاقوقد متد القلب مادة

وتوايل الذنوب عىل القلب يضعف علم القلب، سواء املعرفة املفطور عليها، أو العلم املكتسب بالوحي، فيعود كام

، قال ابن مسعود: إين ألجد العبد ينسى العلدم بالدذنب«منكرا ملا كان به عارفا، وجاهال بام كان به عاملا»قال ابن تيمية

رواإ به يصيبه، ثم تال ا ذك . ونسواإ حظا

وقد جيد العبد من الضعف ما يصبح اليامن بالغيب، رغم وجوده، كأنده اسدتدعاء لشدء غائدب وبعيدد، يتدذكره

كدام يقدول «التصور التام»ىل الواجب وهو إصاحبه بصعوبة وضعف، فال يتحقق للعبد من اليامن بالغيب ما يصل به

ملا أخرب به تعاىل يصبح به الغيب الذي وعد اهلل تعاىل حاضا للعبد فيعطي موجبه من «التصور التام»شي السالم، و

العمل عىل وفقه طلبا وهربا، ورغبا ورهبا.

ر اهلل قلبه فأصبح وكأن عرش ربه بارز له، وكأنده يدرى أهدل اجلندة يتنعمدون ما الفارق بينك وبني حارثة الذي نو

حيا ليله.. ىل الرصاط، ومن ثم أظمأ هناره وأاجلنة فيها يتضاغون، وكأن املوت يطلبه وكأنه واقف عوأهل

هنا ال تعني التديل، بل هي حقائق أكثر صحة ووجودا وحقيقة ا نعيشه يف دنيانا.. «كأن»وكلمة

ظالل رمضان وصيامهيف ترك الذنوب لطلب اليقني ـ 15

32

زم»قال له صىل اهلل عليه وسلم بث أن استشهد، ثم سألت أمده عنده يف ، ثم مل يل«إنك امرؤ نور اهلل قلبه، عرفت فالإ

اجلنة فتصرب أم يف النار فتبكي؟ فقال هلا صىل اهلل عليه وسلم: وحيك يا أم حارثة، أوجنة هي؟! إهندا جندان، وإن ابندك

أصاب الفردوس األعىل!.

والتصدديق، ثدم ما الفارق بيننا وبني حارثة إال أن حارثة أزال عوائق الذنوب فتجلت الفطرة عام فيها مدن املعرفدة

صدق هذا نور الوحي املبار ، فبلغ للصديقية فعاش أياما مباركة ومات ميتة كريمة ونال املنازل العال.

تسمع فالنا يقرأ اآلية طوال الليل، وآخر ال يفارق ذكر املوت قلبه ساعة، وآخر ال يصل به طول األمدل أن يصديل

وصحايب يشهق شهقة ترج ،وآخر يموت هلول آية ،، وآخر يغشى عليهالصالة التالية، وآخر يمرض يف بيته لسامعه آية

فيها روحه ملا سمع وصف اجلنة يف سورة النسان.. ما الفارق؟ وملاذا عايشوا الغيب أكثر من احلاض؟ إهنم امتنعوا عام

نإده أفمن كان عىل بينة م ق هذا نور الوحي يفسد الفطرة وحيورها ويغشى عليها، وصد ه ويتإلوه شداهد م ب فكدان ن ر

لتصديق واملعايشة للحقائق الكربى، وهي نعمة ما بعدها نعمة؛ فنسأل اهلل منته ووقايتنا رشور أنفسنا.اليقني وا

ظالل رمضان وصيامهيف قيمة ودور أصحاب اليقني ـ 16

33

قيمة ودور أصحاب اليقني يف األمم

وحلظات مفصلية يف التاريخ

اآلالف واملاليدني، ويظهدر احلدق ثبتيمة وملح الناس، هبم ثمة أشداص يوزعون اليقني عىل األمة، هم عيون األ

وتظهر أدلته، ال يرتابون وال تزيغ عيوهنم رغم عظم الفتن والشبه واضطراب املوازين..

ال تعصف هبم رغبة وال رهبة وال يرتابون يف قيم هذا الدين وتصوراته، بل تزيدهم املحن رؤية وشفافية، كام يقول أحددهم

ددإت فيك إال بصرية »دجال وهو يواجه ال لدم البدارز واملعإ ليهم كدالظالل يف اهلجدريإالناس ، يفيء](0026/ 1صحيح مسلم )[ «ما ازإ

ىل مواقفهم.. إنه اليقني.إعند التيه وضالل الطريق، ترمق أفعاهلم وتسمع أقواهلم وتقتفى آثارهم وينحاز الناس

ىل مدار التاري ..تريد مثاال هلم ولدورهم؟ إهنم ع

م بجالوت وجنوده عندما خاف البعض من القدام وقالوا: يوإ قال أصحاب اليقني اخلاص املبندي ال طاقة لنا الإ

القو اهلل ي املوصوفون بوصف عىل نور الفطرة ونور الوح م مه ذين يظنهون أهن ن فلام تردد البعض قالوا قال ال كم م

ن اهلل واهلل مع ابرين فئة قليلة غلبتإ فئة كثرية بإذإ ا، الص درغإ عليإندا صدربإ نا أفإ وثبدتإ وملا برزواإ جلالوت وجنوده قالواإ رب

كافرين م الإ قوإ نا عىل الإ دامنا وانرصإ ن اهللفه ، أقإ .اآلية..زموهم بإذإ

، ملا رأوا قارون يف زينته، وخدعوا بمظاهره، ومل يلتفتوا ىل بقاء هذا أو زواله، إرغب البعض يف الدنيا، خفة وعجلة

لكمإ ندها مل تزغ أبصار وال يقني قوم وع م ويإ علإ ذين أوتوا الإ ملنإ ، وقال ال أدركدوا آمن وعمدل صداحل ا ثواب اهلل خريإ

ددر ال بعد هال قارون فقالوا إركوا هذا مبكرا، وأما الباقون فلم يد ن يشاء منإ عبداده ويقإق مل زإ كأن اهلل يبإسط الر ، ويإ

ن اهلل عليإنا خلسف بنا ال أن م لح ا، لوإ ه ال يفإ كأن كافرون ويإ أدركوا بتعجب بعد اهلال ، ولو طال بأهل الددنيا النعديم لإ

فقد يفتن أمثال هؤالء، لكن اليقني يف نفوس قوم رأوا به األمور من مباديا فعرفوا مراميها، قال عامر بن عبدد قديس:

.«لو رفع الغطاء ما ازددت يقينا»

وا جمرى التاري ، مل يزيغوا أمام شبهة عرضت بدل روا وغري إهنم من آمنوا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وهاج

هم أزالوا الغشاوة عن العيون والقلوب بإذن رهبم تعاىل.. كان يسري أحدهم ويثبت ويتحدر هبدذا الددين، فلدام آمدن

ا خالد دهب ي»الناس بعدهم، بسببهم وعىل درهبم، قال عليه الصالة والسالم للكرام الذين آمنوا بعد، كدالد بن الوليد،

.« ما أدركت غدوة أحدهم وال روحتهعنك أصحايب فواهلل لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته يف سبيل اهلل تعاىل

ظالل رمضان وصيامهيف قيمة ودور أصحاب اليقني ـ 16

34

كيف تكتسب هذا اليقني؟ إهنا نفس اخلطة ونفس املأخذ.. تدب واسدتغفر وارفدع حجدب الدذنوب وتلدص مدن

د يف نفسك من املعرفة اليقني، وجتدد مدن الدوحي يقيندا ىل قلبك نور الوحي فتجإقذارا ا وتطهر من نجاسا ا ليصل

ق وحتيا بام تؤمن وتذوق الغيب وأنت حي.. وعندها مصدقا حتى تتزاحم عىل قلبك أدلة احلق ويقينه، فتعيش ما تصد

ما أفلحك.

ويف فتن اليوم مثال واختبار..

ظالل رمضان وصيامهيف وقد تذهب بأصل اليقني نجاساتالذنوب ـ 17

35

الذنوب نجاسات وقد تذهب بأصل اليقني

اليقني؟ بل اخش منها ما هو أشدد وأعظدم وهدو زوال اليقدني وانتفداء التصدديق.. تاف من الذنوب أن تضعف

هنا فكم ن يشك أو يكذب، ال الفتقاد الدليل بل لكثرة الذنوب، فهذا الذي تليت عليه آيات اهلل تعاىل فقال يف شأهنا أ

لني اخرتاعا موخرافات القدماء و ري األإوهلذا النمط البرشي، قال له: ليس األمر كام تزعم فقال اهلل تعاىل له، أساط

ت عىل قلبك الذنوب فحجبت عنك اخلري وأفسددت ت عن رؤيته؛ فقد تراكمجبإ فليس القرآن أساطري األولني، بل ح

ما فيك من الفطرة فكذبت باحلق وخست..

بك..، لكن اخللل يف قلجيده من طلبه ، فاحلق يف مكانهانتفاءهوتكذيبك له ال يعني

سبون قال تعاىل ا كانوا يكإ ، بلإ ران عىل قلوهبم م لني، كال و ري األإ، يقدول ابدن كثدري إذا تتإىل عليإه آياتنا قال أساط

لده عدىل رسدوله أي: ليس األمر كام زعموا وال كام قالوا أن هذا القرآن أساطري األولني، بل هو كالم اهلل ووحيه وتنزي»

يإن الذي قد لبس قلدوهبم مدن كثدرة الدذنوب صىل اهلل عليه وسلم، وإنام حجب قلوهبم عن اليامن به ما عليها من الر

سدبون واخلطايا؛ وهلذا قال تعاىل: والدرين يعدرتي قلدوب الكدافرين، والغديم كال بلإ ران عىل قلوهبمإ ما كدانوا يكإ

.]تفسري ابن كثري، سورة املطففي[ « للمقربنيلألبرار، والغني

إن املؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء »وروى المام أحد عن أيب هريرة قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم:

كال يف قلبه، فإن تاب ونزهب واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت حتى تعلو قلبه، وذا الران الذي ذكر اهلل يف القرآن:

سبون «.بلإ ران عىل قلوهبمإ ما كانوا يكإ

ال املطهرون، إأن كتاب اهلل تعاىل ال يمسه يف السامء ، وحكاه عن شي السالم،ىل ما قاله ابن القيم رحه اهللإوانظر

كتاب عىل طهدارة، إمدا وهم املالئكة، فال يناله شيطان، وهذا يف مس الكتاب نفسه، وجعل تعاىل حكم مس املؤمن لل

ىل، فيقول رحه اهلل فإن كان هذا يف مدس األيددي للمصداحف، فمدن وجوبا وإما ندبا، من باب الشارة أو قياس األوإ

طاهر من دنس الذنوب ونجاسا ا.. وهلذا ال يشبع املطيعون من كالم الال القلب إباب أوىل أنه ال متس معانيه الرشيفة

ء، فتتفتح هلم معانيه، ويقرأ اآلية فيفهمها كام لو أنه مل يسمعها من قبل، ويفهم منها مدا مل يكدن اهلل، وال يشبع منه العلام

يعلم، رغم أنه يقرؤها مئات املرات..

ظالل رمضان وصيامهيف وقد تذهب بأصل اليقني نجاساتالذنوب ـ 17

36

بل ويبارش القلب من اليقني ورؤية احلق، فرياه حقائق بني يديه ويذوق هذه احلقائق ويراها بقلبه، لتصبح وحددها

لبه، فال يطلب الدليل من خارج، بل جيد الدليل يف قلبده حقدائق يعيشدها ويدذوقها وجيدد دليال ال يستطيع دفعه عن ق

علمها يف نفسه ضوريا واضطراريا، وهو من أعىل أنواهب العلوم واليقني..

سارة من لس هذا اخلري بعوائق الذنوب وأدراهنا..خلفيا

من الذنوب ما يعلق بقلبك، فإنه حمل رشيدف، خلدق أرأيت؟ إهنا التوبة، فورا وبال مهل، ودوما وكل يوم، ال تدهب

ىل ربه..إألرشف معرفة وعلم وأرشف قصد وحمبة، فال تنجسه بل طهره ليستقبل اهلدى، وال تضعفه عن السري

يف الشأن اخلاص فقط، بل الذنوب املتعلقة بالشأن العدام والتقصدري يف خدمدة ليست الذنوب كام جيب أن حتذر أن

السلبي عىل الغري، وخذالن احلق يف أي موطن وتعليم الغري سوءا، واألثر السء لكلمدة أو موقدف أو األمة، والتأثري

عمل، إجيابا أو سلبا..

به أو جتادل يف شأنه أو تنكره، جادا أو هازال، عاملا أو جاهال، اسدتدفيت توبة من ذنب تذكره أو تنساه، تقر جتب ال

به أو أعلنته..

جد يف تنافس لغري اهلل، أو جمادلة ظاملة أو استعالء أو رياء أو جحدا حلق، دق أو جل..قد يكون ذنبا يف املس

قد يكون وأنت تف لنرصة احلق فيدخل يف القلب أن يكون لنفسك نصيب، فردا أو طائفة أو مجاعة أو شيدا أو الفتة!

يف أمر مل تدؤمر بده عدىل هدذا الوجده.. قد يكون الذنب تقصريا أو تركا ملأمور أو فعال ملحظور.. وقد يكون مبالغة

أو سوء ترتيب اهتامم، قدد تتدزاحم احلقدوق والواجبدات فتقرصد وتنشدغل بدأمر عدن أمدر.. اقد يكون غفلة أو نسيان

!.أحوجكأحوجني وما أرأيت.. ما

ة، فالتقصدري ثم لو استوفيت د وهذا ال يكون د لكن تنزال.. فحق اهلل تعاىل أعظم أن يستوفيه برش عىل وجده املقابلد

الزم والتوبة الزمة..

اليقني أساس العمل، وإن استقر التصور التام انطلق العمل بال مشقة بل انطلق الزما للتصدور التدام الدذي يمدأل

يقول األستاذ سيد قطب رحه اهلل أن ميزة القلب فيعيش الغيب الذي يفرض نفسه عىل القلب، وهذه عالمة الصالح..

انوا يعيشون يف اآلخرة بمشاعرهم ويقينهم وحتركهم أكثر ا يعيشون يف الدنيا..أهنم ك أصحاب حممد

أتم اهلل علينا وعليك هداه الكريم..

ظالل رمضان وصيامهيف ع الغواية كام متنع الضالل االستغفار والتوبة متنـ 18

37

ستغفار والتوبة متنع الغواية كام متنع الضاللاال

فالقلدب ت القلب وحمبته هلل تعاىل أو تنفيهدا،اكام تضعف الذنوب العلم والتصديق أو تنفيه، فإهنا قد تضعف إراد

خلق مفطورا عىل حمبة اهلل وطلبه وعبادته، وإنام أيضا تغشى غدواء الدذنوب عدىل هدذه الرادة فتضدعف، أو تنتفدي

ىل غريه تعاىل..إفينحرف هبا العبد

كم من قلب ال يتم رشده بل يغوى عن علم وبينة، يعرض عليه احلق فيكرهه ويأباه ويدفعه، ال الفتقداد دليدل بدل

ذين نحرفة، قال تعاىل يف شأن هؤالء له عن نيل شهواته ومطالبه املف هواه ويراه مانعا ألنه لال ف عنإ آيايت ال سأرصإ

ق احلإ ض بغريإ ون يف األرإ منواإ هبا، يتكرب اإ كل آية ال يؤإ د ال يتدذ ، وإن يروإ شإ اإ سبيل الره اإ سبيل ، وه سبيال وإن يروإ وإن يروإ

غي يتدذوه سبيال يدامن اهلل تعاىل هلم رشدهم وقال يف شأهنم ، وهؤالء بدالف من أتم الإ ولكن اهلل حبب إليإكم الإ

فسوق والإ ر والإ كفإ ه إليإكم الإ نه يف قلوبكمإ وكر يان وزي اشدون ، عصإ لئك هم الر مة ، أوإ ن اهلل ونعإ ال م . فضإ

ال بحبه وإرادته.. إه ال يتم ال باتباعه، واتباع إأن ترى احلق حقا خري، لكن ال تتم النعمة

ر منده وتكرهده.فدنال بدأن تإوكذلك أن ترى الباطل باطال خري، لكن ال تتم النعمة إال باجتنابه، وال يدتم اجتنابده

وقد تسبب الذنوب خلال آخر وهو تعطل الرادة بالعراض وعدم الحتفال بأمر الدين ابتداء، وال شغل نفسه بصحة

م الرسالة أو بطالهنا، فتعطل الرادة عن الهتامم بطلب احلق هو جريمة كانحراف الرادة سواء. ر رهب بلإ همإ عن ذكإ

رضون عإ رضون وال مه رضدون ، قلإ هو نبأ عظديم ذين كفروا عام أنذروا معإ وكدأينإ مدنإ آيدة يف أندتمإ عنإده معإ

رضون ون عليإها وهمإ عنإها معإ ض يمره رإ اموات واألإ در الس رهمإ فهمإ عدنإ ذكإ رضدون بلإ أتيإناهمإ بذكإ .. وغدري همإ معإ

قد يفتقده لعراضه وعدم االحتفال بشأنه..قد يفتقد العبد احلق لنفرته منه كام ف ذلك من اآليات.

إن إفساد الذنوب لرادات القلوب قد يكون مضعفا، كام حيدث لغالب العصاة واملذنبني، وقد يكون مهلكدا، كدام

والنفدرة منده ملدالفدة اهلدوى، أو إعراضده عنده للحدق إما برفض القلب ، واهللكة «املعايص بريد الكفر»قال السلف

عموما فال حيفل بصدق الرسول وال بام معه من احلق. «الدين»وانشغاله بغريه فيعظم ما فيه من أمر الدنيا وحيتقر أمر

ة وجد العبد يف نفسه ىل فطرته، فإذا رفعت تلك احلجب والغواء واألدران املانعإفالتوبة واالستغفار تعيد القلب

من حب ربه تعاىل وإرادته وإيثاره عىل ما سواه ما مل يكن يشعر به، رغم أنه مفطور عليه..

ظالل رمضان وصيامهيف ع الغواية كام متنع الضالل االستغفار والتوبة متنـ 18

38

ثم يأيت نور الوحي مؤكدا لتلك الرادة ومفصال هلا، كام أكد املعرفة وفصلها، فيكون يف القلب البينة، علام وعمال،

نإه وهذا معنى قوله تعاىل را،ال ومقر دا ومفص ثم يأيت شاهد الوحي مؤك ه ويتإلوه شاهد م ب ن ر د أفمن كان عىل بينة م

فتتم للعبد نعمة ربه تعاىل.. يعني يتبعه د «يتإلوه »ومعنى

فع أو نسيه فكذب باحلق أو شك فيه ضل، وإذا انحرفت إرادته عن احلق غوى، والعلدم الندا للعلمإذا افتقد العبد

. ما ضل صاحبكمإ وما غوىيمنع الضالل، والعمل الصالح وإرادته يمنع الغواية.. وقد قال تعاىل

ىل االندالهب من املعايص والتطهر منها وأن يغسل قلبه بتوبة ماحية، فتعمل فطرته إىل ءء حاجته إفام احتاج العبد

الظمأ..ويستقبل الوحي مصدقا، ويتلقاه كاملاء البارد عىل

ومن متت له إرادته للحق كام تم له العلم والتصديق والتصور التام، فقد أوثر بدري كثري.. ومن كان أتم إرادة وأتم

عليكم بسدنتي وسدنة اخللفداء »علام، كان أتم هداية.. وهلذا وصف النبي صىل اهلل عليه وسلم خلفاءه الراشدين بقوله

يف الرادة واهلداية يف العلم..فالرشد «الراشدين املهديني من بعدي

ومثل هذا يقطع يف حلظات وأيام ما يقطعه غريه يف سنوات، ويأخذ يف سرية األولني ويصدحبهم، وقدد يسدبق مدع

لني ابقني الس و ن األإ ة م خرين ، ثل ن اآلإ يل ممدة.. ال ، وقد يوزهب اليقني عىل إخوانه وأمته، قد يثبت ويثبت اهلل به أوقل

دقإك.. تدري، فقط اصدق اهلل يصإ

ل رمضان وصيامه ظاليف الصيام .. و احلراك هبذا الدين ـ 19

39

الصيام.. واحلراك هبذا الدين

فريضة الصيام شعرية من شعائر السالم، والسالم حركة حتريرية للنسان، كل من يؤمن هبذا الدين هو مكلدف

لك مدنإ أنإ يكدون لدك فواهلل ألنإ يإدي اهلل بك »باحلركة به وإبالغه للناس واستنقاذهم من اهللكة ا، خريإ رجال واحد

ر النعم .](41/ 2صحيح البداري )[ «حإ

يسأل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم عن أفضل األعامل فيقول الصالة عىل وقتها ثم يرتب بعدها بر الوالددين ثدم

اجلهاد يف سبيل اهلل.

م: أيه العمدل أحدبه إىل اهلل؟ قدال: : سألإ بن مسعود اهلل يقول عبد دالة عدىل »ت النبي صىل اهلل عليإه وسل الص

تها ؟ قال: «وقإ ؟ قال: « ثم بره الوالديإن »، قال: ثم أي ثني هب « اجلهاد يف سبيل اهلل»قال: ثم أي ته قال: حد دتزدإ ، ولدو اسإ ن

.](440/ 4صحيح البداري )[ .لزادين

اب اهلل تعاىل يربط التدلف عنه بالنفاق، وجيعل اليامن هو ذروة سنام السالم، ويف كت يف حديث آخر جيعل اجلهاد

إىل لتفاتثني عىل عدم االمة عىل املحبة ويويأمر بالنرصة للدين ولو ارتد من ارتد، وجيعل اجلهاد عال واجلهاد قرينني،

لوم الالئم يف التضحية والنرصة هلذا الدين..

املسلم حيمل للناس اخلري وأثمن ما يف ىل عبادة رب العباد.إالسالم حركة حتررية وحتريرية للناس من عبادة العباد

الوجود وأعزه، وهو الداللة عىل اهلل تعاىل.

يداة هدو أمدر غريدب عدىل طبيعدة ديدن اهلل تعداىل ، وعدىل الصدائمني.الرهبنة واالنسحاب بالسالم من حركة احل

واحلركة هبذا الدين، حركة الصوام القوام، عىل حماور..

أوهلا حركة العلامء ببيان احلق.. وال بد أن يكون ببيان احلق بأصدوله وفروعده وتفصديالته، فدال يكفدي أن يقولدوا

فهذا مطلوب نعم لكنه يدأيت ثانيدا بعدد معندى التوحيدد بتحقيدق للناس صلوا أو البس احلجاب أو غضوا أبصاركم،

العبودية هلل تعاىل بقبول رشعه ورفض ما سواه، وإفراد اهلل بحقه اخلالص يف الترشيع ويف العبادة.

فيجب أن يطال العلم والتوجيه والدعوة األفراد، كام جيب أن يوجه نحو املؤسسات التي ترس الباحية والحلداد

ىل األنظمة العلامنية التي تفصل الددين عدن الدولدة وتنحيده إنة للمجتمعات،كام جيب أن يوجه العلم والدعوة والعلم

جانبا.

ل رمضان وصيامه ظاليف الصيام .. و احلراك هبذا الدين ـ 19

40

وللتوضيح حتديدا فيجب أن تكون الدعوة وتوجيه العلامء د يف عرصنا خاصة د عىل ثالثة حماور:

ورفض الترشيع والتقنني من دونده وبغدري األول: ببيان أن قبول رشهب اهلل ورفض ما سواه، برفض تبديل الرشائع،

إذنه وبغري أمره، أن هذا ركن من أركان التوحيد، ال يتم إسالم املرء بدونه؛ فيواجهون العلامنيدة والباحيدة يف أصدوهلا

ويواجهون أمر تبديل الرشائع، كام يواجهون حركة الحلاد.

و التدآمر معهدم عدىل املسدلمني أو مواقدف اخلدذالن كام يواجهون أمر والء الكافرين، ومظاهر م عىل املسلمني أ

للمسلمني، أو الدخول حتت والء العدو ورايته أو االنتظام يف سلكه.

الثاين: مواجهة انحراف املؤسسات فيواجهون تلك املؤسات د حتى لو كانت يف دول تزعم إقامتها للرشيعة د تلك

س وتقهرهم؛ فال بد من إصالح األمر ومواجهتها، والتوجيه لقامدة التي تنرش الباحية أو تقوم عىل الربا أو تظلم النا

املؤسسات التي تقيم أمر اهلل وتقوم عىل وفقه وحكمه وقيمه، وتشار يف بناء األمة، دينا ودنيا.

الثالث: التوجيه الفردي والبناء القيمي وبيان األحكام للفرد، افعدل وال تفعدل، أخالقدا وسدلوكا فرديدا وأرسيدا

عيا، وبناء الشدصية الجيابية والفاعلدة، حتمدل العقيددة الصدحيحة وترتمجهدا يف املواقدف ومتتثدل مقتضديا ا واجتام

، كدام أو الفتة وال يكتفون بالنتامء لشي أو مدرسة أو إطار أو مجاعة خالقها وسلوكها..وأحكامها، وامتثال قيمها وأ

ال يركزون عىل قضايا من الدين دون قضايا.

، ثم يرتكون املؤسسات التي نداف منها عىل أبنائنا وعىل واتر أما إذا رأيتهم يقولون للناس غضوا والبس وافعل

ويرتكون جتريم والء أجيالنا، ثم يرتكون جريمة تبديل الرشائع وترسي حق التحليل والتحريم القانوين لغري اهلل تعاىل،

كثريا باخليانة. و الغفلة.. غفلة تشتبهأاألجرة قبض فاعلم أهنم دخلوا يفالكافرين والتحذير منه،

واسدتمرار واستمرار حشوده وتكتالتده، حركة املجتمع املحور اآلخر، وهو ومع حركة العلامء والدعاة فال بد من

حراكه وتنوهب أطروحاته وخياراته لرفض الظلم واحلفاظ عىل اهلوية وإقامة الدين.

ا دينده وحريتده ويمندع الفسداد ، حركة يمتلك فيها من القوة والبدائل ما حيمي هبحركة املجتمعال بد من إجيابية و

ستبداد والعلامنية والتبعية، وحيمي نفسه من تزييف احلقائق..واال

نزل القرآن يف رمضان، وجعل تعاىل صوم الشهر معلال بنزول القرآن فيه، وانترص السالم يوم بدر يدوم الفرقدان،

ون بسببه، وهذا يف رمضان، فالفرقان البياين والفرقان امليداين كال ا يف هذا الشهر الكريم..الذي نحن اليوم مسلم

ل رمضان وصيامه ظاليف الصيام .. و احلراك هبذا الدين ـ 19

41

تغداء احلق ومنازلة الباطل ومطاردته.. فليع الصائم عن ربه كالمه وبيناته، وليع عن ربه أمره بإقامة وال نواإ يف ابإ

ملون فإهنم، إن تكونواإ تأإ قوإ جون الإ جون من اهلل ما ال يرإ ملون كام تأإملون وترإ اهلل ابتعثنا لندرج من شاء مدن عبدادة » مإ يأإ

..«ىل عدل السالمإىل سعة اآلخرة، ومن جور األديان إىل عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إالعباد

الرشائع.. القلب مع العمل مع الجيابية، اجلانب الفردي مع ، العقائد مع الشعائر مع «إن هذا الدين حزمة واحدة»

اجلانب اجلامعي واحلرا العام، وإال أثم العبد عند لقاء اهلل تعاىل.. فسؤاله تعاىل عن حزمة هذا الددين ومجلتده، حيدث

أندتم خدري »يرة جاء السالم ليدرج النسان نسيجا خمتلفا وخلقا جديدا.. كنتم خري أمة أخرجت للناس، قال أبو هر

م هذا الدين..«الناس للناس م الخراج ونعإ م العبد ونعإ .. فنعإ

ظالل رمضان وصيامهيف ـ األعامل بمتعلقها 21

42

األعامل بمتعلقها

األعامل بمتعلقها.. والصائم يقصد اهلل تعاىل، وأعظم ما يف الصوم الكف عن أعظم شدهوات النفدوس ومدا بده

متثدال مدع حتقيدق و شداء ألفطدر رسا، لكدن االول ال اهلل تعاىل،إقوام احلياة إخالصا هلل تعاىل، بحيث ال مراد للعبد

الخالص مناط خلري كثري..

والعمل بمتعلقه؛ فمن عمل ألمر دنيوي فهو متعلق بمن هو تراب، أصال ومآال، والعمل يتبع غايته، فال بدد أن

ىل الرتاب ويفنى بفناء من تعلق به..إينتهي

تداء واآلخر بال انتهاء.. اهلل تعاىل هو األول يف األزل وال ومن عمل هلل تعاىل فقد تعلق عمله بمن هو األول بال اب

ىل حدده، إليها فاهلل تعاىل قبل ذلك، وهكذا أبدا، بام ال يصل عقل إبداية ألوليته، وكل بداية تصورها عقلك ووصل

وال يقف عنده.

وكل هناية يتصورها عقلك فاهلل تعاىل بعد ذلك، بال هناية وال حد يقف عنده عقلك..

ل عمل علقته باهلل تعاىل وأردت به رضاه وحمبته، فقد تعلق عملك هبدذا اخللدود، فهدو إذن عمدل آمدن وقدد وك

وأبقاها. وأعظمهاأمنا اخلزائن كثرأوضعته يف

يتمتع أهل اجلنة خلودا بال هناية رغم أن عملهم الصالح قد يستغرق موقفدا واحددا أو حلظدات قليلدة كسدحرة

استشهدوا يف حينها، وكهذا الصحايب الذي سأل رسول اهلل صدىل اهلل عليده وسدلم أقاتدل أم فرعون الذين آمنوا ثم

أ سلم؟ فقال صىل اهلل عليه وسلم: أسلم ثم قاتل، فأسلم ثم قاتل فقتل فدخل اجلنة، قال أبوهريرة: دخدل اجلندة ومل

جركثريا.أ يسجد هلل سجدة، عمل قليال و

فلددن تقابددل مددا يقضدديه يف قددربه أو يف موقفدده يددوم القيامددة. وهنددا مددن يعمددل سددنوات مهددام طالددت

ثم جيازى كل منهم خلدا يف اجلنة، كام قال ابن القيم رحده اهلل كدل حلظدة يف الددنيا تقابلهدا آالف آالف السدنني يف

اآلخرة..

ذلك أن العمل تعلق باهلل تعاىل فبقي ببقائه سبحانه وتعاىل، فدلد العمل وبقي أثره أبدا.

تعاىل. ما دونه واحتقارعىل ما سواه الص مرتبط ومبني عىل اليقني، وانرصاف القلب هلل تعاىل وإيثاره الخ

ظالل رمضان وصيامهيف ـ األعامل بمتعلقها 21

43

املدلص يتميز باملوضوعية وعدم البهرجة، يف كل جمال جتده موضوعيا جادا، مدؤخرا هدواه وشدصده واعتبدار

لكربإ أو هوى أو اعتبار شدص أو حدزب أو ذاته ونفسه، متجردا هلل ولعبادته، ولقضاياه التي حيملها.. ال يبيع دينه

نصيب دنيوي..

املدلص ال يدجل وال يقبل الدجل، ال يعيش بشعارات فارغة أو الفتات ال مضمون هلا، ال تسدتطيع أن حتدرف

بوصلته ليرت قضاياه أو لذل دينه وإخوته أو يعادي أهله وأمته..

ات وينتقي من النصوص ما لدم الباطل.املدلص ال يستعمل آلة الدين للدنيا وال يلوي اآلي

املدلص عني قلبه متعلقة برب العرش العظيم، وقصده وإرادته معلقة به سبحانه وتعاىل..

طوبى للمدلصني ، أولئك مصابيح الددجى، تدنجيل عدنهم كدل فتندة »قليل هم املدلصون وعملة عزيزة لكن

](411/ 9شعب اليامن )[ «تتجىل»، ويف لفظ «ظلامء

ب من األقدار بربكة أعامهلم الصاحة ما مل يكن يف احلسبان وال يف مقدورهم.. إن تعليق العمل باهلل تعاىل يبار بده ترت

]املستدر للحاكم، وشعب اليامن للبيهقي[.. «أخلص دينك يكفك العمل القليل«العمل ويبار به أثره، قال صىل اهلل عليه وسلم

ىل يدوم القيامدة إاهلل عليه وسلم الدنيا وفتحوا القلوب وبقي أثر عملهم فتح املدلصون من أصحاب حممد صىل

تتوارثه األجيال وتقوم عىل وفقه الك وأمم، تنظر القلوب أعامهلم لتقتفي أثرهم فكم من شهيد نال الشهادة تأسيا

ىل سدري م إي، وهبم، ألهنم استشهدوا، وكم من عامل ينهل من علومهم يتحرى كلام م ومجلهدم، هبدا يسدتدل ويعد

يدعو اخللق ويقتدي..

علق عملك باهلل فعملك أغىل من أن تعلقه بفان فييضيع يف الرتاب وتطويه األيام نسيا منسيا..

ظالل رمضان وصيامهيف ـ القــرب طلب الصديقني وغاية العباد 21

44

ــــــــــــــــــــربالق

طلب الصديقني وغاية العباد

ه لسانه..، يسبق قلب واللسان الصائم ذاكر.. دائم الذكر، ذاكر القلب

ده من الطعام والرشاب، كاف كيف يف طداعام ا حيث أمدر، رت وقد انرصف قلبه و ه عن شهوات الدنيا بل وعن ما يقيم أوإ

ن مطلب روحه، تائبا مستغفرا، انطلقت فطرته بنور الوحي املبار تطلب اهلل تعاىل..حيث أمر، أخر مطلب جسده ع

سان يلهج وقلدب لشدع ويقدوم ر ربه تعاىل، مشغول به؛ لويف الطريق.. فزاد روحه واقتيا ا وحيا ا ونعيمها بذك

ين هذا الذكر، مشغول بالعرش، تطوف روحه، به بينام ينشغل اآلخرون بحشوش الدنيا ومزابلها..بمعا

الذكر، قال صىل اهلل عليده وسدلم ىل السامء، تقرتب من اهلل تعاىل حالإإن الروح، وهي مرتبطة باجلسد، هلا رحلتها

، فإنكمإ ال » فقال أصوا م بالتسبيح والتهليل يف سفرهم.. عض أصحابهعندما رفع ب فسكمإ بعوا عىل أنإ ا الناس أرإ أيه

رب إىل أحدكمإ م عون أقإ ذي تدإ ا، إن ال ا بصري عون سميع ام تدإ ، وال غائب ا، إن عون أصام السدنن الكدربى [ «راحلتده نإ عندق تدإ

.](، وأحد430/ 1للنسائي )

].مسلم وأبو داود والرتمذي[ ..«أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»وللروح قرب آخر حال السجود

اهب إذا دعان وقرب آخر حال الدعاء وة الد و عدم الوقف .. ولذا فالوجه األقوى يف اآلية ه فإين قريب أجيب دعإ

ل القدراءة أقدوى ألن فيده داللدة عدىل قريب عىل قوله وإن كان وجها صحيحا ألنه يدل عىل قرب عام، ولكن وصإ

.]2شي السالم ابن تيمية، جمموهب الفتاوى ج[ القرب اخلاص بحال الداعي وهو املقصود يف اآلية.

.‟اهلل تعاىل يقرب من خلقه كيف يشاء نإ”ة د أهل السنوهذا القرب يقابله قرب من اهلل تعاىل للعبد، والقاعدة عن

فاهلل تعاىل يتنزل يف ثلث الليل األخري، وثلث الليل ال ينقطع من األرض، واهلل تعاىل يقرب ألهل كل ناحية يظللها

، يقرب من خلقه كيف يشاء.. واهلل تعاىل أكرب من كل ءء.، واهلل تعاىل عىل عرشهالثلث األخري كيف يشاء

يقرب تعاىل عشية عرفة ألهل املوقف دون غريهم، يقول شي السالم: فيجدوا من الرقة واخلشوهب ما مل جيدوه من

ىل عشية عرفة، بعد العرص.إالفجر

ويقرب تعاىل من الساجد والذاكر والداعي قربا خاصا به، فتقرتب روح العبد من رهبا تعداىل، ويقدرتب اهلل تعداىل

فهدذا «البداطن»رب خاص غري القرب العام من عموم اخللق الذي هو معنى ومقتىض اسدمه منها كيف يشاء.. وهو ق

ظالل رمضان وصيامهيف ـ القــرب طلب الصديقني وغاية العباد 21

45

عام، لكن هنا قرب آخر يف بعض األزمان كثلث الليل، وبعض األمكنة يف بعض األزمان كعشية عرفدة وهدو قدرب

خاص بأهل املوقف، ثم ثمة قرب آخر لبعض األشداص؛ للعابد والداعي والذاكر..

ب رون، واشتاقت قلوب املحبني وكدادت أوصداهلم أن ث؟ حق لك، فعن هذا بحث األولون واآلخ تبح عن القرإ

تتقطع من أجله، ومات بعضهم من شدة الشوق والوجد.. أترى عبارة حتيط هبذا املشهد؟! يدا واهدم كيدف يوصدف

ذا يبحدث عنده وينفدق قرب كهذا؟ وأي كلمة تعرب عن حب وشوق ما له مثيل، يا واهم.. هذا ءء جيرب ويذاق، هد

ال مدن حمدض الفضدل، فضدل فدوق إالعمركله مهرا صغريا صغريا، وقليال قليال، ثمنا ملا ليس له ثمن، ومل ينلده عبدد

ال يصدق العبد نفسه أن ذاقه وفتحت له فيه روزنة وكوة.. ،العبارة

ترى أن تذكر غدريه؟ أو تفدرت هذا القرب وهاتيك املحبة، أ «ذاقت»فضال عن أن تكون «ملحت»أترى قلبا وروحا

خ فيدك مع قصده و ه عىل غدريه؟ أو يدؤثر سدواه؟ لدو سدألته هدذا لرصدعن ذكره؟ أو يثوى يف قلبه غري حبه؟ أو جي

به؟رإ ال بق إال بذكره وهل طابت اجلنة إ؟ يقول لك: وهل طابت الدنيا وعاتب: كيف تسأل هذا

ب، لكن الشأن كل الشأن أن تذوق، ومدن ذاق لدزم، أصف لك وتصف يل؟ لكنه وصف لتلك املحبة وذلك القر

قال بعضهم:

ساكن يف القلب يعمره .. لست أنساه فأذكره

ال يكف عن الذكر واللهج الدائم والبحث والقصد ومجع اهلم، كلام تعطل حلظة رصخ: واخساريت تعطلت عن املسدري،

العمر؟ ألغريه؟ أملن دونه؟ فواحسيت ويا ظلمي لنفس ويا هلفي عىل مقصودي وحمبويب..فيم أنفقت تلك اللحظات وذلك

فلريجدع أهدل الددنيا يا صائم.. أتطلب القرب؟ حق لك.. وهل أثمن منه؟ وهل أغىل وأعىل من ذلدك القدرب؟

مل لطدر هلدم ببدال ومل الدون ورضوا باحلقري، أما أنت ففي سفر ما هلم بده علدم و أخذوا ؛خال وفاضهمبدنياهم، وقد

يذوقوا طعمه..

..والتوقي واخلوف زاد حتى الوصوللكن السفر طويل ندشى فيه من القواطع والشواغل، ولذا فالتوكل والتضهب

اخلدري وبشدارات الرضدا ليه وفودإسفر طويل لكن ما أحاله وما أعاله، يؤنس فيه احلبيب تعاىل من يطلبه ويرسل

سى فيذكر ، تعيص فيغفر لك ويسرت ، يدعو ملواصلة املسري، يناديك من قدرب ويتلقدا طمئنان.. تنوعالمات اال

د وحيملك بقوته.. من بعإ

يا مسافرا بلغنا اهلل وإيا الوصول..

ظالل رمضان وصيامهيف ـ ذكـر اهلل يف كل حال بحسب ذلك احلال 22

46

ذكر اهلل يف كل حال بحسب ذلك احلال

اف .. لصياما فالذكر مقرون مع ذاكر؛الصائم ائامت واحلإ ائمني والص اكرين والص افظدات والدذ ني فروجهمإ واحلإظ

يام ا عظ ر فرة وأجإ غإ رات أعد اهلل هلم م

اك ا والذ .. اهلل كثري

قلوب وعندما تقرأ قول اهلل تعاىل مئنه الإ ر اهلل تطإ سب ذلدك بحفاعلم أن ذكر اهلل تعاىل يكون يف كل حال أال بذكإ

..احلال، وبام جيب يف ذلك احلال

لصباح واملساء.ذا يف وظائف اليوم والليلة، وافذكره تعاىل عقب الصلوات بالتسبيح هو ذكر ذلك احلال، وك

وذكره تعاىل يف مناحي احلياة يتحقق بذكر حكمه تعاىل الواجب يف ذلك احلال لطاعته والقيام بام أمدر تعداىل، فهدذا

كمإ مام الطربي وغريه قولده تعداىل وعىل هذا فس ال ذكر ذلك احلال، كدرإ كروين أذإ فداذكروين بالطاعدة »يعندي فداذإ

، ثم ذكر أن ذكره تعاىل بالتسبيح عموما هو القول الثاين لآلية..«أذكركم بالثواب

كره تعاىل يف ذلك ذ عدو وتاذل الصديق وشدة األمر.. فذكره تعاىل وقت الضيق والكرب ووقت الشدة وتكالب ال

را، وأنهالوقت هو بذكر حكمته وقدرته حكيم وأنه حيد؛ حممود عدىل مدا يفعدل، وأنده قدد وأنه قد جعل لكل شئ قدإ

جعل مع العس يسا، وبعد العس يسا، وأنه رفع عن األمة الرص واألغالل وما ال طاقة هلا به رشعا وقدرا ما قامدت

يعني الغاضدب، د ألوليائه ودفعه عن املؤمنني، وأنه يثأر ألوليائه كام يثأر الليث احلرب كر قربه ومعيتهبأمره تعاىل، وذ

أزلنيىل عباده وهم ليصلحهم ال ليعنتهم، وأنه يضحك إ وأنه لترب عباده ويمحصهم «كن فيكون»وأن أمره (1)

قنطني

قادير ليست بيد العبيد..وقد قرب فرجهم.. فام أدرانا؟ .. إن للسامء خطوها غري األرض، وإن امل

عند النعم يذكر تعاىل بذكر حقه وذكر الدار اآلخرة وأهنا أبقى وأن حال الدنيا فان، فيزهد وهدو يملدك، ويشدتاق

لآلخرة والدنيا بني يديه، ويلتزم حكم اهلل تعاىل فيام آتاه اهلل من أمر الدنيا..

كلها بني يديده، مدع النبدوة والرسدالة، فيشدتاق لآلخدرة قال يوسف عليه السالم عند جتمع األهل وامللك والدنيا

تني من تأإويدل األحاديدث ويدعو نيا ، رب قدإ آتيإتني من املإلإك وعلمإ ض أندت وليدي يف الدده داموات واألرإ ر السفداط

ا، واآلخرة ني بالص قإ لام وأحلإ ني مسإ ني توف ، علديهام ، وقال شي السالم ابن تيميدة وابدن القديم أن داوود وسدليامنحل

].42، صد 0مدارج الساكني، جد[ من األنبياء األغنياء امللو ومع ذلك فهام أزهد أهل زماهنام.. السالم،

.أي صائرين إلى الضيق والشدة -كذا ضبط -عل، بالمد: اسم فا"آزلين"قوله: ، جاء يف حاشية السندي: تضبط أزلين، أو آزلين (1)

ظالل رمضان وصيامهيف ـ ذكـر اهلل يف كل حال بحسب ذلك احلال 22

47

أمر مذكوره وحمبوبه عن اقرتاف ما يشتهي ملدالفته العبدعند املعصية يذكر هنيه ووعيده وقدرته وسلطانه، فريتدهب

تعاىل.

وباجلهاد وبالثبدات واالعتصدام بداهلل وطلدب وال نواعند مواجهة السالم مع عدوه يذكر أمر اهلل باملواجهة

الشهادة والبحث عن الدور املطلوب منه يف موقعه والنصح للمسلمني وسد الثغرات وحفظ األعراض والكدف عدن

ذلك ا أمر تعاىل.املعصية املسببة للهزيمة، وغري

وهكذا يف أمر الوالدين، والزوجة والولد واجلار والقريب والعدو واملوافق واملدالف واملؤمن والكافر.. هلل تعداىل

أمر وحكم يف كل حال ال تغني عنه طقطقة املسابح وحتريك الشفاه، بل الذكر هنا بدذكر احلكدم وامتثالده، ولدو ذكدر

، وإنام ذكره ىل االستدفافإنى عنه، كمن يستغفر بلسانه وهو مقيم عىل املعصية فهذا أقرب بالشفاه ومل يقم بأمره ما أغ

تعاىل حينها برت ما هنى عنه.

ويف كل حال يذكر اهلل تعاىل فيذكر من صفاته وأسامئه، ويذكر من حكمه وأمره، ويذكر من أمر اآلخدرة، مدا يدرى

اهلل تعاىل، راغبا فيام عنده، رضاه واجلنة..األمر كام وضعه اهلل تعاىل ويتناوله كام أمر

وأما الذكر باللسان ومعاين التسبيح والتحميد فإهنا روضة ونعيم يرافق املؤمن من الدنيا ويستمر معه يف اجلندة فدال

، ولنبني بعض معانيها إن شاء اهلل..طعينق

ظالل رمضان وصيامهيف ـ معاين بعض الذكر وأثره 23

48

وأثره معاين بعض الذكر

عىل اليقني وكامل اإلرادة

حميد والتهليل باللسان املواطئ للقلب هو نعيم روح املؤمن، وهو مدن العبوديدات املستصدحبة مدن التسبيح والت

ىل نعيم خالص جيري بال كلفة ألنه أعدىل إىل اجلنة، وهي تدوم يف اجلنة لكنها تنقلب من تكليف فيه نعيم الروح إالدنيا

وغريها.من التنعم باملدلوق يف اجلنة من مأكل ومرشب ومسكن ومنكح وملبس

ىل ما تقتضديه صدفات اجلدامل إال القلب مع ربه تعاىل، ما بني النظر حل بيانالذكر باللسان من التسبيح والتحميد و

..«احلمد هلل»والكرام والعطاء ا يوجب ويقتيض احلمد واللهج به، فيقول

كافر أو شيطان وما يراه العبدد مدن ىل البهاء والعظمة واجلالل ا يقتيض التنزيه عن كل سوء ينسبهإوما بني النظر

.«سبحان اهلل»صفات نقص نفسه وجهلها وظلمها، فيوجب الكامل هلل وتنزيه تعاىل عن السوء، فيقول

سدبحان اهلل وبحمدده سدبحان اهلل»أو «سبحان اهلل وبحمده»أو «سبحان اهلل واحلمد هلل»قرتان بد بينهام باال وجيمع

، واجلمع بني مقتضيا ام فداألول يوجدب احلدب والثداين يوجدب قرتان بني احلالنيال، مقصود من ذلك هذا ا«العظيم

.التعظيم والذل، والعبادة هي غاية احلب مع غاية الذل هلل تعاىل؛ فعليهام مدار حتقيق العبودية

نه وكل رجداء ال مإال له وكل خوف إتعاىل وإفراده باأللوهية ما ينفي كل حب يف القلب هلل والعبد يذكر من تأليهه

ال ألمره الرشعي، وينفي مفردات العبودية كلها عن غريه تعاىل؛ فيسلم قلبه لربه إال له وكل طاعة إال فيه وكل تعظيم إ

ال اله »خاليا من مزاحة اهلوى ومن طاعة الغري ومن التعلق بسواه أو احلب لغريه أو التعظيم ملن دونه، وعىل هذا يقول

عنى املحقق لكامل التوحيد، وهو حيرق الذنوب بحسب قوة ما قدام بقلدب صداحبه مدن هدذا لتحقيق ذلك امل «اال اهلل

.ىل تكميل الطاعةإالتحقيق والتجريد، وهو يدفع العبد كذلك

..«اهلل أكرب»وهبذا يقول العبد نظرا وتعظيام، والتكبري هلل تعاىل يصغر به ما سواه،

ه وحول النفس وقو ا، وهذا معنى االفتقار وهو يوجب عبوديدات واحلول والقوة هلل يقتيض التربي من حول غري

، وهي كنز من اجلنة..«ال باهللإال حول وال قوة »عظيمة منها التوكل، واملتوكل حممول بقوة ربه تعاىل، فيلهج

وهكذا أمر اهلل تعاىل يف الذكر.

قلوب اقرأ مئنه الإ ر اهلل تطإ ت ربدك وأفعالده وحكمتده ورحتده وقدرتده وامتالكده أمدر ىل صدفاإوانظدر أال بذكإ

ىل يف كل حال هو بحسب ذلك احلال.الدارين.. ستجد الكثري فيطمئن قلبك.. فذكره تعا

ظالل رمضان وصيامهيف ـ معاين بعض الذكر وأثره 23

49

لده: دن عبداس يف قوإ دواس وبدوام الذكر ولزومه تتنزل املالئكة عىل قلب العبد وتلزمه وتبتعد الشياطني، فعدن ابإ الإوسإ

ن وس، وإذا ذكر اهلل خنس »، قال: اس اخلإ يإطان جاثم عىل قلإب ابإن آدم، فإذا سها وغفل وسإ .](432/ 1مصنف ابن أيب شيبة )[« الش

ادة اخلدري وأما عند لزوم الذكر فإن املالئكة تتنزل عىل قلب العبد، واملالئكة تتنزل بالتصديق وتقويته وزيادته، وبإر

، وإن ل ملك ملة عود أنه قال: إن للإ ن مسإ ة وتقويته، وهبذا يزداد اليقني وتزداد إرادة اخلري، فعن عبإد اهلل بإ ، فلم يإطان ملة لش

مد اهلل يحإ ، فمنإ وجدها فلإ ق ديق باحلإ وتصإ ريإ ، فمنإ وجددها املإلك إيعاد باخلإ ق ذيب باحلإ ، وتكإ يإطان إيعاد بالرش ، وملة الش

تعذإ باهلل. يسإ ](461الزهد أليب داود )ص: [ فلإ

فاملالئكة كام تنزل باملطر الذي هو قوت األجساد، تتنزل مالئكة أخرى بقوت القلوب واألرواح وهو التصديق بل

هوموالفوالعلوم (2)

وتتنزل بإرادة اخلري والرغبة فيه وحتبيبه للقلب )إيعاد بداخلري(، فيصدلح القلدب )تصديق باحلق(،

وصالحه.. بزيادة تصديقه وفهمه وعلمه، وزيادة إرادته وحبه للدري، و ا قوتا القلب وهبام قوامه

ه، فيكون مطابقا ملدا فيهدا، وهبدذا صدالح وما تتنزل به املالئكة هو مطابق ملا يف الفطرة من معرفة اهلل وحبه وتوحيد

العبد وسعادته..

نرصاف عن السوء، بينام الغافل تأتيه الريب والشكو ، وكل الوعىل هذا فالذكر سبب لليقني ولكامل إرادة اخلري وا

ه فدذكره قادح منافق يف زماننا يقدح يف قلبه شيئا يمرضه أو حيريه، واملعصوم من عصمه اهلل واستمسك به والذ بجنابد

ومل يغفل عنه حتى لقائه تعاىل.. فاحذر فإن قطاهب الطريق كثري فالإزم سالحك وجنتك وحصنك بذكره تعداىل، فتتندزل

ن نقديضإ لده شديإطان ا فهدو لده املالئكة بدال من لزوم الشياطني؛ فإن يف مقابل تنزل املالئكة حإ ر الر ش عن ذكإ ومن يعإ

تدون قرين، و هإ م مه سبون أهن بيل وحيإ وهنمإ عن الس مإ ليصده ، وعندها تلزم الشياطني قلدب العبدد بالتكدذيب بداحلق إهن

والتشكيك فيه، كام تلزمه باليعاد بالرش وتقوية إرادة الباطل.

شكارين..لك ،اللهم لك ذكاريناجعلنا و عند مذكورين،و اكرينذلك فاللهم اجعلنا

. راجع تفسير اإلمام البيضاوي، سورة فصلت، قوله تعالى )تتنزل عليهم المالئكة( (2)

مضان وصيامه ظالل ريف ـ العفة من أخالق الصوام 24

50

العفــــة من أخالق الصوام أهل هذا الدين

افظدات قرن اهلل تعاىل بني الصوم وحفظ الفروج ني فدروجهمإ واحلإدافظ ائامت واحلإ ائمني والص ، وذكدر والص

، وقدال «ية عدىل النكداحب الذي ال جيد قدرة مادقاطع للشهوة للعز » «الصوم وجاء»النبي صىل اهلل عليه وسلم أن

شي السالم وغريه من أهل العلم أن الصوم يقلل جمرى الدم يف العروق، وهو جمرى الشيطان من ابن آدم، فإذا قل

املجرى بالصوم قلت وسوسته..

ره ده وقدر اسام ومعنى، الفطرة تعرف هذا، والوحي أك ناها، جبلت النفوس عىل حمبتها، العفة اسمها حسن كمع

يف أمره.د وشد

ش سوؤها وقبحها يف الفطرة والعقول املستقيمة والوحي الربداين، وذلدك لتعداظم قبحهدا ضدها الفاحشة، فح

حتى إذا أطلق اسم الفاحشة دل عىل الزنا أو ما هو أخس من الشذوذ وغريه.

والفاحشدة تسدتند الفاحشة اليوم تعيش حتت الفتة الباحية، الباحية اليدوم تلتدف بالفتدة احلريدة، والباحيدة

بدورها للعلامنية التي تعادي رشيعة رب العاملني وترفضها ومتنع قيامها وحتكيمها..

اقطة.. األمنية والعالميدة السد ةجهزاألافع عنه اليوم جيوشنا العلامنية وتد اوالعلامنية والباحية والحلاد حتميه

ب والفجور..األوىل بالظلم والقتل والتعذيب واملطاردة، والثانية بالكذ

ى ام الدين وسيطرته عىل احليداة ويدريريد هؤالء ترسي الباحية كقيم وثقافة يف حياة األمة، بنشء يرفض أحك

..«ال اهللإله إال »ي اخلروج من قيود ما متليه عليه احلرية ه

تنقصدها يراد أن تستقر من خالل التعليم والعالم الذي لطو خطوات مرتبة ومقصدودة، يفلسدفها بجدرأة ال

للعلامنية والباحية، وجييزها شيوخ مأجورون مطأطئي الرأس نعال لكل من يدوس، ثم أجهزة أمنية الوقاحة رموز

سالمي يرفض هذا، وسالح حيمي هذا الجرام..إتتعقب وترصد أي حرا

وأمدال أن حدا هبدذايدديم فرالقبول هلذه الباحية حتى فركدوا أثمة دياثة بدأت تدب يف جمتمعاتنا وبدأ نوهب من

..يستقر ويدوم ويرس

الفطر مع هذا الدين أعمدق مدن أن لكن ما ال يعلمونه هو أن هذا الدين عميق وأن حب النفوس للعفة وتوافق

ديام ..لغيه كالب الهثةتهوات أن متيلدواإ مديإال عظ ذين يتبعون الش ب املدرتهب .. بدل إن املفاجدأة أن الغدر ويريد ال

د برتسي تلك الباحية وحايتها وتعليمهدا للمجتمعدات هندا وبالباحية ما زالت تقوم اآللة الصهيونية يف هوليو

مضان وصيامه ظالل ريف ـ العفة من أخالق الصوام 24

51

ولألجيال جيال بعد جيل حتى ال لرج الناس عام قرروه بجهد من أمر هذه الباحية، ذلك أهنا طارئة عىل الفطدرة،

ىل العفة..إالت النفوس ولو تركت الفطرة بدون إحلاح عىل الباحية مل

وهنا يبقى هذا الدين وتبقى الفطرة التي يقررها ويؤكدها باقية ثابتة راسددة، حتدارب الباحيدة يف عقدر دارهدا

وتستنقذ الكثري من حتت وطأ ا يف الغرب نفسه، وهنا كذلك يبقى اخلطاب الرباين راسددا وتبقدى الفطدرة كدذلك

مل عمله..رغم تلك الفقاعات، ويبقى السالم يع

ليه من علامنيدة إوهنا يرفع الصائمون شعار هذا الدين، صائمني وأعفة، ويبقى دورهم يف رفض الباحية بام تستند

هم وحديددهم، وإحلاد واستدفاف بالدين، ورفض تلك األنظمة القائمة عىل فصل الدين عن احلياة بجيوشهم وحدد

ىل قاعددة إون عىل طريقده.. مسدتندين ون عىل اهلل ويدل العهد يدل يعتصم الصائمون برهبم ويتفون باسمه ويبقون عىل

بمعنى إفراد اهلل تعاىل بحقه اخلالص يف الترشيع. ،العبودية والتوحيد بقبول رشهب اهلل ورفض ما سواه

وتر اخللوة املحرمدة واليدامءة املحرمدة والفعدل املحدرم.. العفة مجيلة اسام ومعنى، عفة الكلمة وعفة النظرة،

وتبقى الصائمة العفيفة ترفض ارتكاس النجاسة والوحل املنتن وتبقى مضديئة بقيامهدا بدأمر اهلل تعداىل تددل عليده

ة د ولو بني الغنم املستعرض بجسده الرخيص يف الشدوارهب د مضديئة ربها، وسلوكها وقيمها، تبقى در بمظهرها وخم

وسط الظالم..

احلرام، واملرشب احلرام، وغصب الناس أمواهلم، ورسقة إرثهم، وجحدد وتعم العفة العفة عن املال احلرام، واملطعم

حقوقهم، وأكل مال الرشيك والغافل والصغري والضعيف واليتيم واألرملة والعامل الفقراء واملساكني والبسطاء..

ماندا..عفة الفرج وعفة البطن متالزمان .. إهنم الصائمون.. رصة من مسك بني الناس خلقدا وأماندة وعفدة وأ

يام، فإن مثل ذلك كمثل رجل »روى أحد رحه اهلل يف حديث حييى بن زكريا عليهام السالم أنه قال: ..وآمركمإ بالص

ك.. ك يف عصابة كلههمإ جيد ريح املإسإ ة منإ مسإ ](122/ 01مسند أحد ط الرسالة )[« احلديثمعه رص

.م الفطر إذا..فنعإ ل ابن القيم ومن صام عن الشهوات يف الدنيا أفطر عند لقاء اهلل تعاىل يقو

ظالل رمضان وصيامهيف القرآن رسائل اهلل إليكـ 25

52

ليكإالقرآن رسائل اهلل

لناس ئا لألمر بصيامه ذكر تعاىل نزول القرآن العظيم يف رمضان موط ى ل آن هد قرإ ذي أنزل فيه الإ ر رمضان ال شهإ

ن قان وبينات م فرإ دى والإ ه ، اهلإ يصمإ ر فلإ هإ عديل يف اللدوح ، أمجدع الكتدب وخريهدا وأعالهدا.. فمن شهد منكم الش

نا لعيل حكيم املحفوظ تاب لديإك ه يف أم الإ درون ، ويف السدامء وإن ده إال املإطه ، ويف األرض حمفدوظ مدن ال يمسه

ا له حلافظون م يبدل منه حرف، لتبديل والتحريف، فلا ر وإن كإ نا الذ لإ ن نز دا ... وذكر تعاىل ليلدة نزولده إنا نحإ إن

باركة ناه يف ليإلة مه ر حكيم،، نا كنا منذرين إ، أنزلإ رق كله أمإ نإ عندن فيها يفإ ا م ر فذكر تعاىل أن فيهدا ندزول القدرآن اأمإ

.فرق األمور وتقديرهاوفيها

ضدم وأمدر جلدل يف ىل العبيد، وهذا نبأ عظيم وحدث إىل األرض، خطاب اهلل تعاىل إالقرآن هو رسائل السامء

رضون التاري البرشي يم أنتمإ عنإه معإم ب ، قلإ هو نبأ عظ تصمون ما كان يل منإ علإ ىل إذإ لإ عإ .. املإل األإ

حدثنا اهلل تعاىل فيها عن نفسه وعن أسامئه وصفاته وأفعاله وحقوقه، عن رضاه وسدطه، وعن بعض ما حيددث

كمإ يف املأل األعىل هب عن قلوهبمإ قالوا ماذا قال ربه عيله ؟ حتى إذا فز ق وهو الإ كبري قالوا احلإ .. الإ

حدثنا اهلل فيها عن مبدأ النسان ومصريه وما يراد منه، وعن قدر اهلل فيه وتعامله معه، وعن مكانة هذا املدلدوق

ووظيفته..

والعام وكافة عالقاته، بربه ونفسه ليه يف شأنه الفردي إتفضل اهلل تعاىل فتناول تفصيل حياة العبد وذكر أحكامه

حياةوحكمه وتكليفه للعبد لتستقيم حياته تعاىل وكافرين، أولياء وأعداء، أرحام وأباعد، فذكر وخلق اهلل، مؤمنني

..، ويصلح شأنهأمته

هلذا الرتتيل، لثقدل هدذا الكتداب يف ، وتنصب قليالكتابا تقرؤه نائام ويقظانا ال يغسله املاء، ترتله بني يدي ربك

رأ الساموات واألرض، فلو نزل عىل جبل ية اهللل نإ خشإ ا م ع تصد ا مه ته خاشع .. يإ

تعرف فطرتك خطاب اهلل تعاىل، ال تطئه بصرية وال فطرة نظيفة تسمعه تقول: أعرفه.. إنه كالم ريب، لاطبدك

ىل املعدايل، يشدغلك إىل أعامقك ويكشفك أمام نفسك وحينو عليك ويأخذ بيديك، يأخدذ برفدق ويددعو إفينفذ

اءها حكمة ورحة ونصفة احلق ودمدغا السامء ويعرفك خطوها وكيف تسري األحداث عىل األرض، وأن وربقضاي

الباطل..

ظالل رمضان وصيامهيف القرآن رسائل اهلل إليكـ 25

53

ويعيد ترتيب حياتك وفقا ،ويعيد صياغة نفسك ،ولرجك إخراجا جديدا ،ويسمو بشدصيتك ،يرفع اهتاممك

ملنهج رب العاملني..

ني وتصحب األنبياء..حيدثك عن السابقني ويلحقك بالصاحلني وتعايش املتق

منني ىل عاقبتهم هنا إخريون، فانظر تأمن يف كنفه؛ فعىل الطريق سار قبلك املإؤإ ا عليإنا نرصإ ىل إوانظر وكان حق

رمني عاقبتهم هنا لمون، بام غفر يل ريب وجعلني من املإكإ مي يعإ .. قال يا ليإت قوإ

ون ، وهنا إن الإباطل كان زهوق اكام تعرف عاقبة الباطل هنا ارس لئك هم اخلإ عله يف جهنم، أوإ كمه مجيعا فيجإ .فريإ

، تعدرف عدن همشدغلما يقولون ومدا ي ون، تعرفالعرش والكروبيتعرف ماذا يقول املقربون من املالئكة، حلة

ومسء.. وعن مصري احلياة واألحياء وعن الدار املنتظرة لكل، حمسن الغابرين،

قلإ يأخذ بك للقرب من ربك، وأنت عىل يقني بأن ما رشهب لك فيه حقا يريض ربك، فتقرب من ربك عىل بينة

يب ن ر ىل حيداة خاصدة جددا إاين ، وإذا بك تشعر بالقرب وتذوقه وتراه، فيأخذ من ذلدك العدامل الفد إين عىل بينة م

وغايات سامية وقضايا كبرية وأهداف رائعة، فتسعد وأنت توض معاركه و تم برصاعاته وقضاياه..

يرسم لك حياة من جديد ويوضح لك معاملها..

جاء القرآن ونزل ليعيد إخراجك وإخراج األمة.. يبني خطابه عىل حق اهلل اخلالص بالتوحيدد وتلقدي الرشدائع

نهج، ثم يرشهب يبني لك تفاصيل املنهج، حتى استئذان الصبيان يف البيوت يف دخوهلم عليك، ومعارشتدك وقبول امل

النظدرة وأداء ألهلك وإنفاقك املال وقسمة إرثك وطريقة مشيتك ودرجة ارتفاهب صوتك وانتقاء للكلمدة وعفدة

اهلل لكمإ أن تضلهواإ ي ذا تفاصيل من باب الرحة واملنة .. وهكاحلقوق وإقامة العدل وحفظ الغيب يعندي لدئال بني

دنإ ولذا ذكر اهلل رسالته يف إطار املنة تضلوا، أو كراهة أن تضلوا، لقدإ من اهلل عىل املإؤمنني إذإ بعث فديهمإ رسدوال م

.. أنفسهمإ يتإلو عليإهمإ آياته

ملجتمدع والدولدة يف أدق جماال دا، بأحكدام مفصدلة أو قواعدد عامدة ومقاصدد وحددود كام نظم حياة ا

وتصورات وقيم..

إنه النبأ العظيم واحلدث الضدم واألمر الفارق واجللل.. أخربين، بل أخرب نفسك وأخرب ربك.. كيف استقبلت

اقت هبددا نفددس ظاملددة؟هددذا النبددأ العظدديم وتلددك الرحددة السددابغة وتلددك املنددة الفريدددة؟ فرحددت هبددا أم ضدد

قل هو نبأ عظيم.. صدق اهلل العظيم

ظالل رمضان وصيامهيف ـ إىل الصالة تأوي ومنها تنطلق 26

54

ومنها تنطلق يىل الصالة تأوإ

رشهب اهلل الصيام بالنهار، ورشهب القيام بالليل، فيقرن العبد بني أن يكون صواما وأن يبيت قواما..

الصدالة؟والصالة هي التيان بكينونتك لتقف هبا بني يددي ربدك تعداىل.. وهدل مدن صدائم ال يدذوق طعدم

تعرف معنى الصالة ومعنى أن تأيت ربك بكينونتك تعرفه من حديث رسول اهلل صدىل اهلل عليده وسدلم يف ركوعده

الذي يبني كيف كان يركع صىل اهلل عليه وسلم، وعىل منواله كيف يسجد أو يقوم أو حيمد أو يستغفر..

دت ولدك »ل يف ركوعده روي الشافعي يف مسنده أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم كدان يقدو اللهدم لدك ركعإ

دتقلتإ بده قد ي ومدا اسإ ي وعظامي وشعري وبرش عي وبرص ، خشع سمإ ت وبك آمنإت وأنإت ريب لمإ دمي هلل رب أسإ

عاملني ت، خشدع لدك اللهم لك »أنه كان يقول: ، ويف روايته، ورواه مسلم«الإ دلمإ دت، وبدك آمنإدت، ولدك أسإ ركعإ

ي، و عي، وبرص .«خمي، وعظإمي، وعصبيسمإ

، فريكع السمع ويركع البرص، يركدع املد فكان يف ركوعه صىل اهلل عليه وسلم يشعر هبذا الركوهب شعورا عميقا

ويركع العظم ويركع العصب ويركع ما حلته قدمه..

بني يدي ربه حال وقوفه، يقنت ولشدع ولضدع بكينونتده؛ فيقندت السدمع يقنتفذا يكون الوقوف قنوتا، فك

ويقنت البرص ويقنت امل ويقنت العظم ويقنت العصب وتقنت مجلة ما حلته قدمه من حلم وعظدم ودم وعصدب

ق، وكل خلية يف جسده وكل قطرة دم يف عروقه. وعرإ

سلم يسجد السمع ويسجد البرص ويسجد امل وتسجد العظام.. تسجد كدل قطدرة دم وكذا سجوده صىل اهلل عليه و

وكل خلية يف كينونته.. هلل رب العاملني؛ فقد روي نفس دعاء الركوهب د السابق ذكره د حال السجود عن بعض الصحابة.

وحيمدد العصدب وكذا حال حده بعد ركوعه.. يقف ليحمد معه السمع وحيمد البرص وحيمد امل وحيمد العظم

وحتمد مجلة ما حلته قدمه هلل رب العاملني..

وبني السجدتني يقعد ليستغفر، ال يستغفر لسانه فحسب، بل يستغفر السدمع ويسدتغفر البرصد ويسدتغفر املد

ويستغفر العظم ويستغفر العصب.. تستغفر كل جارحة.. يده ورجله ولسانه وبطنه وفرجه وجلده..تسدتغفر كدل

كل مزعة حلم.. يسدتغفر قلبده مدن كدل وسداوس وخدواطر، ومدن أي معندى حمدرم أو ال يليدق..خلية يف جسده،

ال ترت شيئا من كينونتك ال يصيل، ما بني قنوت وركوهب وحد وتذلل لربك واستغفار له..

كل هذا عىل وجه املشاهدة واليقني واحلضور..

ظالل رمضان وصيامهيف ـ إىل الصالة تأوي ومنها تنطلق 26

55

شاهدة واحلضور، خطاب لك أندت، أندت أندت، ثم تدبر كتاب ربك وكالمه تعاىل وتلق منه خطابا عىل وجه امل

ليك وما خاطبك به، مقصود به شدصك وواقعك..إ؛ ذلك أن اهلل تعاىل سيسألك عام أنزل أنت ولواقعك

ثم تدبر ذكر له حتميدا و ليال، تسبيحا وتكبريا، وتوكال وخشوعا..

العظمة والبهاء..ىل صفات اجلالل وإالتسبيح وما يشتمل عليه من أمر التعظيم، والنظر

ىل صفات اجلامل والكرام والعطاء..إالتحميد وما فيه من النظر

وما فيه من جتريد العبودية طاعة وتعيظام وحمبة وخشدوعا واسدتعانة ورغبدة ورهبدة «قول ال اله اال اهلل»التهليل

ورجاء، وسائر مفردات العبادة..

، وجودا وحياة وقيومية، وغاية وقصدا.التكبري وما فيه من تعظيم الرب واستصغار ما دونه

لك «ال باهللإال حول وال قوة » ل والقوة واخلروج من قوتك وحوإ ىل قوة ربك إوما فيها من توكل وتربي من احلوإ

له.. تعاىل وحوإ

..الدعاء واللهج به وإظهار الذل واالفتقار وإنزال احلوائج باهلل تعاىل وحده.. تطلب منه حوائج الدنيا واآلخرة

فلله ما أحىل قوله يف هذه احلال: أسألك بعز وذيل إال رحتني. أسألك بقوتك وضدعفي، »يقول ابن القيم رحه اهلل

وبغنا عني وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة اخلاطئة بني يديك، عبيد سواى كثيدر، وليس يل سديد سدوا ، ال

ن، وأبتهل إليك ابتهدال اخلاضدع الدذليل، وأدعدو دعداء ملجأ وال منجى منك إال إليك، أسألك مسألة املسكيددد

.«اخلائف الضير، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عينددددداه، وذل لك قلبه

ا أحداذرهد هدبومن أعدددوذ .... ... وذ به فيام أؤمله امن ألديد

رهضون عظام أنت جاب أنت كارسه ... وال ييال جيربالناس عظام

، فتشعر بمعنى الوقوف والقندوت، وتشدعر بمعندى الركدوهب وعىل منوال هذه العبودية تكون الصالة بكينونتك

ستغفار والتوبة والندم..والذل، وبمعنى احلمد والثناء واالمتنان، وبمعنى االواخلضوهب، وبمعنى السجود

ليك..إوتتلقاه، رسائل ربك تدبر كالم ربككام ت

فتقار لربك والذل بني يديه..، والدعاء والتضهب واالبمعاين ما تقول قلبك وتتدبر ذكره قائام

..«كأنك تراه»وكل هذا عىل وجه اليقني واملشاهدة والنظر بقلبك

ظالل رمضان وصيامهيف ـ إىل الصالة تأوي ومنها تنطلق 26

56

ا طويال ىل الصالة من انشغال طويل إتلوذ ليها، ومنها تنطلق..إفتأوي إن لك يف النهار سبإح

الته فام أحسن، ومن ال حيسن صالته فامذا سيحسن؟ ومن ال حيسن صدالته أو ضديعها أخي إنه من ال حيسن ص

فهو ملا سواهاه مضيع..

ظالل رمضان وصيامهيف ـ التقوى غـاية 27

57

ةـايـوى غـالتق

ذين من قبإلكمإ د لعلكمإ تتقون اهلل تعاىل غاية الصيام التقوى فقال جعل يام د كام كتب عىل ال كتب عليإكم الص

الرت من أجله، جوعا وظمأ وتركا للشهوة من أجله، مع الذكر وقراءة القرآن، أن هذا مقرب يعلم اهلل تعاىل أن

دذي يا الصيام كام ذكرت يف غاية اخللق لتحقيق التقوى.. تلكم الغاية التي ذكرت يف كدم ال بددواإ رب ا النداس اعإ أيه

ذين من قبإ لعلكدمإ ...خلقكدمإ لق ، والتقوى يف اآليدة إمدا أن تكدون متعلقدة بداخل لكمإ لعلكمإ تتقون خلقكمإ وال

بددواإ من أجل الوصول للتقدوى ،بالعبادة فيكون اجلهد املبذول بالتوحيد ثم امتثال األمرمتعلقة ، أو تتقون .. اعإ

. لعلكمإ تتقون

ليها، حيث جعلها القرآن جدائزة يسدتحقها صداحبها بعدد إىل جهد للوصول إرشية فريدة، حتتاج التقوى حالة ب

ة منك تعرض أو تتكاسل عن حتقيقهدا امتحان لقلبه ومواقف، ليثبت نجاحا يستأهل به التقوى، فالتقوى ليست من

لفريدة والسامية..يف حق ربك! حاشا وكال؛ بل هي منة من اهلل تعاىل أن تصل لتلك احلالة البرشية ا

وىمتحان واال ىل اجلهدإانظر تحن اهلل قلوهبمإ للتقإ ذين امإ لئك ال ىل تدبر عميق.إحتتاج أوإ

ىل قوله تعاىل عن موقف أصحاب حممد صىل اهلل عليه وسلم يف أحرج املواقف بني اجلهداد والبيعدة عدىل إوانظر

صلحا لالف ظاهره ما خرجوا من أجله، وما بني التمسك بالسدالم والصدرب عدىل الثبات ثم البيعة عىل املوت ثم

ل ألوان ميدة من العبادة خمتلفة، يقول تعداىل اختالف األحداث وبذإ دذين كفدروا يف قلدوهبم احلإ حيدة د إذإ جعدل ال

ية اهل لهافأنزل اهلل سكينته عىل ر د اجلإ وى وكانوا أحق هبا وأهإ مة التقإ

زمهمإ كل منني وألإ وكان اهلل بكل ، سوله وعىل املإؤإ

يام علء . ءإ

داك قوى وصية اهلل لألولني واآلخرين الت تداب مدن قدبإلكمإ وإيك دذين أوتدواإ الإ يإنا ال قدواإ اهللولقدإ وص .مإ أن ات

هدو حالدة فريددة، حالدة الشددص الناس يعيشون ويتكلمون ويفعلون ويشعرون، كام يشاؤون، لكن ذلك التقدي

الرباين؛ شعوره عبادة وتقرب، وأفعاله عبادة وتقرب، وأقواله عبادة وتقرب، وآثاره خري وداللة عىل اهلل تعاىل..

قه قربان، حساسيته ودوافعه قربان، غايته من كل حركة يف احليداة ف موحه وأ حبه كدوفه كرجائه قربان، أمله وط

ام يكون قربانا، غدري ب عليه، يراها ويشعر هبا ويشغلهاقربان، رؤيته للحياة واألحياء واألحداث قربان، كل حلظة متر

ما يفعل اآلخرون ويقتلون أوقا م! الفارغة! ألن قلوهبم فارغة.

غاية جهد..التقوى غاية عمر، و

ظالل رمضان وصيامهيف ـ التقوى غـاية 27

58

التقوى حالة تعاش، وطعم يذاق، وملبس يسرت ويزين.. التقوى حساسية يف ضمري وإرهداف يف حدس.. كلدم

طيب وفعل حسن وأثر خري.. التقوى أمان لألعراض وأمان للدماء وأمان لألموال.. يأمن معه كل عرض وتسدترت

به كل عورة.

التقوى أمان عىل املشاعر، حيث هنا الرقيب.

التقوى إقدام يف موطنه ولو تأخر جبان أو بديل أو اله أو شحيح، إقدام ولو بذل ماله ودمه، وعمره وراحتده..

وإحجام ولو سال لعاب اآلخرين واستسهلوا احلرام أو برروه أو تقاتلوا عليه..

لشدبه الزائفدة ولدو التقوى تقف أمام اجليوش الظاملة والعروش املهابدة والشدهوات املرتعدة واحلدرام املدزين وا

تزخرفت والرموز الباطلة ولو طنطنت..

التقي يستعيص عىل التضليل والضالل، والتزيني والغواء، والتوجيه لألهواء واالستدفاف..

باطن كظاهر بل خري منه، ورس كعالنية بل خري منها، مدخل كمدرج بل خري منه، فعل كقول بل خري منه..

العظيم اجلنة يف مواطن كثرية من كتابه، يدأمنون إذا فدزهب اآلخدرون ويفدوزون عنددما سم لذا علق تعاىل هبذا اال

يتحس الكثري، أجلوا الفوز ليوم احلساب ففازوا يف الدارين.. فسبحان من لتار ويصطفي.

مإ جنات النعيم متقني عند رهب إن املإتقني إن املإتقني يف جنات وعيون عيم إن املإتقني يف جنات ون إن للإ

قوا بمفاز مإ يف جنات وهنر ذين ات ي اهلل ال زنون ، وينج وء وال همإ حيإ هم السه لئك هم املإتقون ال يمسه ا ، أوإ هلم م

مإ يشاءو سنني ، ن عند رهب دذي كدانوا ، ذلك جزاء املإحإ سدن ال رهم بأحإ زيمإ أجإ ذي عملوا وجيإ وأ ال ر اهلل عنإهمإ أسإ ليكف

ملون ا يعإ متقني مفاز .. إن للإ

.. اللهدم النادرة وخدري نتداج برشدي.. فداللهم.. اللهدمالعملة إهنم ابحث عنهم يف كتاب اهلل وسري األولني..

ا متقني إمام نا للإ علإ . اجإ

ظالل رمضان وصيامهيف ـ جماالت التقوى وآفـاقهـا 28

59

من باطن الصدور اـجماالت التقوى وآفاقه

ىل قيادة األمةإ ،ىل واقع الناسإ ،العبادةىل حمراب إ

عندما تكون التقوى غاية عمر، وغاية جهد..

يذاق، وملدبس يسدرت ويدزين.. وعنددما تكدون حساسدية يف ضدمري وعندما تكون التقوى حالة تعاش، وطعم

وإرهافا يف حس.. كلم طيب وفعل حسن وأثر خري..

ىل صددره إوأشدار «أال إن التقوى هاهنا، أال إن التقوى هاهنا، أال إن التقوى هاهندا»فاعلم أهنا تبدأ من القلب

يلزم منها تقوى اجلوارح..صىل اهلل عليه وسلم.. فتقوى القلوب هي أصل التقوى و

تنظدرإ اض املنظور، شاغله غددا يقددم لده شهادة، يعيشه بكينونته، أكثر ا يعيش احل التقي الغيب يف القلب ولإ

متإ لغد ا قد س م .. يذكر املوت والبىل، واملصري يف القبدور وصدمتها وظلمتهدا، وطدول يدوم القيامدة وضدحه نفإ

.به، وخوفه وفزعه، وميزانه الدقيق الذي ال يغفل مثاقيل الذر وهجريه وظمأه ونص

نإ هدو قاندت آنداء ، لعله ينجو من الرقاد للمناجاة واألنني، وإصالح احلال يزعجه ويقلقه أمر اآلخرة فيهب أم

ه ة رب جو رحإ خرة ويرإ ذر اآلإ ا وقائام حيإ يإل ساجد .. الل

فسه يف أهل القبور، ال حزنا وال رصاخا وال عبسا يف وجه أحد، بل بحثا عن بضاعة إذا نزل هبا هذا املندزل ن يعد

نه يوم املوقف كان ونسيانه.. وإذا خرج موضيقه، وينجو مع دوده وباله كان سعيدا ناجيا، ينجو من كروبه وظلمته

أم م آمنا وسعيدا، قيامة أفمن يلإقى يف النار خريإ م الإ ..؟ن يأإيت آمن ا يوإ

عاملني شدص مشغول بالوقوف بني يدي ربه، التقي م يقوم الناس لرب الإ لاف من حرية اليوم وفزعده .. يوإ

ء.. مشغول بامليزان قلق من الرصاط، لقلبده وجيدب ووجيدف وتقطع األنساب واألوارص وفقدان احلميم واألخال

تلقي الصحائف ومن حلظة سامهب حكم اهلل تعاىل بالنجاة أو اخلسان.. هذا شغله وهذا إحساسه..من

التقوى حالة للكلمة الصادرة، بني السوء واخلري فيأت اخلري، كلمة وأثرا للكلمة، وما بني حسن وأحسن فيقول

التي هي أحسن.

بدة ، وفعلده، وتدر املحدرم والشدعور بقبحده وهيويف األفعال.. التقوى يف معرفة الواجب والشعور به، وهيبته

إتيانه..

ظالل رمضان وصيامهيف ـ جماالت التقوى وآفـاقهـا 28

60

ن للتقي حواجز وحدود حإ اب حفيظ، منإ خش الدر بعيد، هذا ما توعدون لكل أو متقني غريإ نة للإ لفت اجلإ وأزإ

نيب غيإب وجاء بقلإب مه .. بالإ

التقدوى ليده.إى به فيها، أو ترشئب األعناق قتد طاء، واملوقف.. التقوى يف مواقف الشهاد التي ي التقوى يف األخذ والع

ليه والداللة عليه.إليه طلب اخلري والتوجيه إيف حال الصمت أن يصمت قاصدا تر األذى، ويف الكالم أن يدفعه

لشدى مدن عمدل ينتهدي منده وال تنتهدي منده ىل أثر أفعاله وأقواله ومواقفه وآثارها، إالتقوى ينظر هبا صاحبها

اء عملده.. بدل يبحدث السدتمرار املالئكة كتابة ألثر يسء، كام لشى أن يغادر الدنيا وما زال يكتب له سوء من جر

األثر احلسن بعد انتهاء العمل بل انتهاء احلياة.

رح صاحب أمل أو آفدة، ال حيدرج التقوى حساسية وخلق، ومراعاة للشأن العام، وحق الناس، فال يغتاب وال جي

ضيفا وال يعيب مضيفا، ال يكيد وال يستعيل وال حيتقر مسلام، ال يزعج جارا وال يؤذي طريقا، ال يضيق طريقا عاما

الصداحب يف والصاحب، رفيدق ب ا للرحم واجلار.. وفي ل، فللطريق حرمة وللمسلمني حقوقبسيارة أو أغراض حم

ال يؤذي بصوته وال نظرته وال كلمته.. نظيدف مجيدل ال يضدع األذى بدل يزيلده، الطريق وزميل العمل والرشيك،

ضدارة اليدامن.. حذلدك، إهندا أخالقه يف قمة احلضارة وأرقاها، ليست احلضارة النسانية فقط بل ما هو أعىل مدن

احلضارة الربانية..

عىل مقدرات بلده فريعاها وحيفظها أمينا يؤمتنوذلك العنرص الذي تقوم عليه النهضة وتتقدم األمم ..إنه التقي

.، فشعوره بأمته أعىل من شعوره بشدصهوفيا يقدم الشأن العام عىل شأنه الفردي الشديص

،ودحر الباطل ،ووالء املؤمننيوإقامة أحكامه، ونرصة الدين وإقامته ،التقوى يف املواقف العامة وإصالح األمة

،ورعايدة الفقدري والضدعيف ،ونرشد الددعوة واخلدري ،وإصالح املجتمدع ،يتهوإقامة املؤسسات لقامة الدين ورعا

وكف الدمعة وسرت العورة وكفاية احلاجات وسد اخلالت، وتقدم األمة وامتالكها وتفريج الكروب وتنفيث اهلموم

ربية األمة وفق القوة وتوطني العلم واجتياز الفجوة احلضارية مع الغرب، والقيام بأمر الرسالة ونرشها وبالغها، وت

منهج اهلل إعالما وتعليام وتوجيها وثقافة..

التقوى سمت وهدي وصالح، حال وملبس، التقوى يظهر أثرها عىل وجه صاحبها ويف ثقل عملده وأثدره، التقدوى

تصنع شدصية جديدة وفريدة.. ترجو خريه وتأمن رشه، وتأمن عىل غيبتك لو فارقته، مطمئنا لقلبه وصددره، آمندا عدىل

وقفه، تأمن عىل عرضك ومالك وعورتك.. يسرت ويتأمل ملعصيتك وحيب استقامتك وال يرى لنفسه فضال عليدك! ال م

ظالل رمضان وصيامهيف ـ جماالت التقوى وآفـاقهـا 28

61

وشدعور حسدن صدر فسيح ويدد جدوادة نة متسع للتنافس واخلري..يف اجل ليك؛ إذإسيق ينافس يف دنيا، وال يضيق بدري

ليه، لكن املالئكة مشغولة أن إقد ال تفطن بحياته و اته..وظن بدري.. يدلك عىل اخلري بحضوره وغيبته، بواقعه وذكراه،

تكتب عمله وقوله وأثره ومشاعره واجتاهاته، وحزنه وفرحه، و ه وقصده..

أمانيه ليست يف األرض بل يف السامء، وللسامء شغلها هبذا التقي..

أرأيت كم ندس ونحن ننرصف عن الغاية التي أرادها اهلل لنا؟

..فإذا أنا بريب عز وجل يف » فيم لتصمون!! قال صىل اهلل عليه وسلمها وللمالئكة انشغاهلا.. انظر إن للسامء أمر

أحسن صورة، فقال: يا حممد! فيم لتصم املأل األعدىل؟. قلدت: ال أدري رب. قدال: يدا حممدد! فديم لتصدم املدأل

قلت: ال أدري رب. فرأيته وضدع كفده بدني األعىل؟. قلت: ال أدري رب. قال: يا حممد! فيم لتصم املأل األعىل؟.

كتفي حتى وجدت برد أنامله يف صدري، وجتىل يل كل ءء وعرفت، فقال: يا حممد! فديم لتصدم املدأل األعدىل؟.

قلت: يف الكفارات والدرجات. قال: وما الكفارات؟. قلت: نقل األقدام إىل اجلمعات، واجللوس يف املساجد بعدد

وضوء عىل الكريات. فقال: وما الدرجات؟. قلت: إطعام الطعام، ولدني الكدالم، والصدالة الصلوات، وإسباغ ال

]رواه الرتمذي[..«والناس نيام

أرأيت فيم انشغال املالئكة؟ شغلهم باألتقياء.. فأقول لنفس، ولك، ولكل خملوق.. اتق اهلل.

ان وصيامه ظالل رمضيف ـ الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة 31

62

لصيام جزء من منهجا

ال بقبول املنهج كلهإال يتم الصيام

نطداق المن شعائر السالم، وحكمه الوجوب، والوجدوب يف السدالم لديس وجوبدا فرديدا يف ةشعرييام الص

اخلاص، بل الوجوب يف هذا الدين وجوب فردي ومجاعي يقوم به الفرد يف خاصة نفسه وتقوم بده اجلامعدة يالفرد

ين وفرائضه وحفظ املحرمدات واحلددود يف دولة وسلطة قائمة عىل إقامة الد ثلة يف تعاون الفرد مع إخوانه و ثال

وإقامة املجتمع عىل أساس التصور الرباين للحياة واألحياء والعالقات واألمدوال وسدائر ارتباطدات البرشد أفدرادا

وأرسا وجمتمعات وسلطة وعالقات متبادلة.. وإعالم وتعليم وثقافة وهوية..

مده إىل اهلل ذلكدم اهلل ، قول للناس كلها، عىل لسان نبيهالصيام فرهب عن أصل كبري ي فحكإء تمإ فيه من ءإ تلفإ وما اخإ

فراده د عىل احلياة كلها..ة الترشيع الرباين د والصوم أحد أىل اهلل بالطاعة يظهر يف هيمنإ، فحق الربوبية والتوجه ريب

قانونا، وحددودا، وأخالقدا، وتوجيهدا.. يغدري الفدرد الترشيع الرباين الذي يغري احلياة تغيريا عميقا.. تصورا، و

واملؤسسات والشارهب واملجتمع واجليوش ونظم التعليم والعالم..

السالم أحكام قانونية؛ مدنية وجنائية واجتامعية ودولية، وقوانني أرسة، قيم وأخالق، فندون وآداب، مؤسسدة

لة لسلسة النبوة املباركة لألنبياء ىل العامل، وصإ إورسالة أمة حاكمة وتوجيه إعالمي وتربية تعليمية، تصور عن احلياة،

اجلامع ملا قبله واملهيمن والشاهد عليه. د صىل اهلل عليه وسلمد جيال بعد جيل، بالقيام بإرث حممد

الترشيع الرباين منحة ليقوم الناس بالقسط، فقد نزلت الرساالت من أجل إقامة هذا املجتمع وهذه احليداة عدىل

كتاب واملإيزان ليقدوم زل وإقامة العالقات عىل أساسها، ق القسط املنوف نا معهم الإ بينات وأنزلإ نا رسلنا بالإ سلإ لقدإ أرإ

ط قسإ والقسط هو ما أنزل اهلل ال ما يظنه البرش. ، الناس بالإ

ليها، إللعاملني الحتياجهم رساالت، لكنه تعاىل أنزهلا رحة ىل الإال يستقل اخللق بالترشيع وإال ملا احتاج الناس

فقدراء إىل اهلليارب العاملني يف قوله تعاىل ىل ترشيعإولدخول احتياجهم ا الناس أندتم الإ ؛ فمدن مل يدر احتيداج أيه

ال فام أجهله.ن مل ير ترشيع ربه رحة بل ح أو معاند أو كاره ألمر ربه تعاىل.. وم ،البرش لترشيع رهبم فإما جاهل

دواءهمإ للهوى هي احلق املقابلالرشيعة كم بيإنهم بمدآ أندزل اهلل وال تتبدعإ أهإ ، فإمدا هدذا وإمدا ذا ، وأن احإ

بع العبودية أو اهلوى، واهلوى مفسد للحياة، ليس فقط، بل لألرض، ليس فقط، بل واءهمإ لفسدت ولو ات قه أهإ احلإ

ض ومن فيهن رإ اموات واألإ .الس

ان وصيامه ظالل رمضيف ـ الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة 31

63

ملصالح أو أعراق أو أجناس أو أحزاب املرشعون من البرش جهال وأصحاب قصور وأهواء وصفقات وانحياز

عبون بحياة يتاليديولوجيات أو يوجهون من خالل أجهزة خبيثة أو أرباب أموال أو رؤوس فساد.. أأو طوائف أو

ومشاعر ومصري أغىل خملوق وأسامه، وهو النسان.

بداهنمإ ولكنهم يغتصبون حق من خلق ورزق نازعوا اهلل يف حقه.. مل للقوا ومل يرزقوا، بدارهمإ ورهإ دذواإ أحإ ات

ن دون اهلل ا م باب ين م أرإ ن الد عوا هلم م كاء رش إ يأإذن به اهللأمإ هلمإ رش . ا مل

الباحية عندهم والفاحشة حرية، والربا نامء، واخليانة وجهة نظر.. لالفون الفطرة ويقتلوهنا، يشدقون وتشدقى

هبم األمم.

ورشهب اآلداب لتحقيدق لعلكمإ تتقدون وفرض القصاص لعلكمإ تتقون السالم منهج اهلل، فرض الصيام

دذي خلقكدمإ لتقوى، ورشهب مجيع الرشائع عىل نفس منوال الصيام لتحقيق التقوىا كدم ال بددواإ رب ا الناس اعإ يا أيه

ذين من قبإلكمإ لعلكمإ تتقون ، فال حيققها امرؤ يرفض بعض أحكامه أو يرفض تدخل الدين يف حياتده، بدل ال وال

.، فإن أصل التقوى اتقاء الرش ثم اتقاء املحرمات.تداءيكون مسلام اب

له إال »ستسالم دينونة هلل تعاىل بقبول حكمه واالستسالم له تعاىل، عنوان االالصيام فرهب عىل حتقيق اخلضوهب وال

احليداة عدىل وفدق وحقيقته حتقيقها بإفراد اهلل تعاىل بالعبادة والطاعة يف الترشيع، فردا وجمتمعا، فيقرر إقامدة «ال اهللإ

ال اهلل، فتقوم الرشيعة ويقوم الدين..إله إمقتىض إعالنه أنه ال

أجل حتقيقه، حيكم السياسة واالقتصداد أحكامه، وتقوم منو تقوم املؤسسات بناء عىل عقيدته وتصوراته وقيمه

سالم حكمه يف كل هذا ى عن هذه املجاالت، فللجتامهب واألخالق والفنون واآلداب، ال يقبل السالم أن ينح واال

وقيمه وأهدافه وغاياته التي تتحقق يف هذه املجاالت ومن خالل األفراد واملؤسسات.

عند وجود أمة حتمل هذا املفهوم وتلك العقيدة فلن متاحك يف أحكامه وسيادته راقصة وال يعرتض ديدوث وال

ا رموزا!!..جيادل جاهل وال حيارب علامين إال واجهته األمة، بدال من أن يصبحو

املفهوم؟ عن هذا نبحث، ويف ميالدها من جديد وإخراجها الثاين نأمل إن هذا التي حتمل وتتبنى لكن أين األمة

واهلل غالب عىل أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون.. ..شاء اهلل، ونرى األمر عن قريب بإذن اهلل

ان وصيامه ظالل رمضيف ـ الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة 31

64

الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة

. وهو شعرية ظاهرة، والشعائر الظاهرة هي شعار أمة هلا ترشيعها وهلا عقيد ا، ومن ثم فمدن متدام الصوم شعرية.

رشيعتهددا ومددن لددوازم عقيددد ا أن تكددون هلددا هويتهددا، املنبثقددة مددن هددذه العقيدددة ومددن لددوازم تلددك الرشدديعة..

.. ليسوا العدرب أو الدرت األفارقدة أو ينيمازيغ وال البابليني وال الفينيقنحن أمة تصوم، ليست هي الفراعني، وال األ

ثم تنصهر تلك االنتامءات فيها وتعمل من خالهلا كفصائل عمل هلوية واحدة. الفرس أو الرببر.. إهنا أمة السالم..

الصوم أحد تلك الرشائع، وهو فرهب من رشائع حتكم احلياة؛ فهو جزء من رشيعة فالسالم عقيدة ورشيعة وهوية..

ية..وداللة عىل هو

قد يعيش املسلمون يف أوطان هلا سياد ا، لكن هذه األوطان ال متثل حواجز وال هوية بديلة، بل أخدذت األوطدان

وأرضده التارليدة.وحوزتده متثدل بيضدة السدالم «أوطدان اسدالمية»قدسيتها من السالم وأخذت قيمتها من أهنا

، يدئن املغدريب «ال اهللإلده إال »صب العنرص، بل جتتمع عدىل ال جتتمع أمتنا عىل توم األرض وال نعرات اجلنس وال تع

ألخيه يف مرص، ويتأمل اجلزائري ألهل غزة، وتنتفض الباكستان من أجل القدس، وتبكي ماليزيا من أجل أمتها.. نعدم

..ال من خونة األمةإ، هذا حيدث

وجدب بينهدا التعداون والتكامدل تمعة، أمة جيب أن تكون الرشيعة الواحدة هي احلاكمة، واهلوية الواحدة هي اجلا

رسا بالتدآمر أو علندا بالتظداهر. زء منهدا مدواالة العددو أو منارصتدهووجوب الوحدة ونرصة القضايا وحيرم عىل جد

جلميع لتحقيق منهج اهلل..لوحدة ا تض فئة من املسلمني بأخرى، مع وجوب السعي ال

ىل من أي شعور بانتامء آخر، أال إن احلدود تراب، ال تفصدل يأخذ املسلم جنسيته من عقيدته، وشعوره بإسالمه أع

قلبا حيمل عقيدة عن آخر حيمل نفس العقيدة..

.«كن مسلام أوال، ثم كن ما شئت بعد ذلك»يقول بعض األفاضل من العلامء املعارصين

اهيم أباندا بمجدرد عقيدة مجعت بيننا وين نوح ومل نره، وفرقت بني نوح وابنه وكانا يف بيدت واحدد.. جعلدت ابدر

براهيم وأبيه .. مجعت بيننا وبني املأل األعىل فتددعو لندا حلدة العدرش واملقربدون، ومل ندرهم ومل إسالمنا وفرقت بني إ

ال من إخبار اهلل باهتاممهم بأمرنا.. أمة واحدة ولدو تباعددت األقطدار أو اختلفدت األجنداس أو األلسدنة أو إنعرفهم

فأثبدت األخدوة بينندا «..فإنه زاد إخوانكم من اجلن»ومالئكة.. قال صىل اهلل عليه وسلم األلوان، ولو بني إنس وجن

وبني جنس آخر ال نراهم.. إنه السالم.

ان وصيامه ظالل رمضيف ـ الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة 31

65

ىل إة عرب الزمان مع مجيع املؤمنني من ندوح أخو مع غريه أو يفارق.. أرشف ما يف العبد عقيدته، وفيها يلتقي املؤمن

ىل أصدحاب األخددود.. مدن هدود إىل عيسى املسيح، من سحرة فرعون ملا آمنوا إىل أصحاب موسى الكليم إابراهيم

ىل شعيب واملؤمنني، حتى حممد صىل اهلل عليه وسلم.. يقدول الالحدق إىل لوط وأهله، إىل صالح ومن معه، إوصحبه،

يامن وال للسابق ذين سبقونا بالإ واننا ال خإ فرإ لنا ول نا اغإ لذين آمنوارب علإ يف قلوبنا غال ل .. جتإ

لريى ،نيمأو واىل غري املسل ،ىل من سواهإأو حتاكم ،من عبد غري اهللحكم من مل يدر هذا فليقرأ القرآن ولينظر يف

رغب عن رشيعته،و سواه ىل ماإوعمن حتاكم ،أن حكمهم واحد، فنفى اهلل اليامن والسالم والتوحيد عمن عبد غريه

أو حكم بغري رشعه، أو واىل الكفار عىل املسلمني.. كذلكم قال اهلل من قبل.

إنه السالم عقيدة وجنسية، رشيعة وهوية.. فمن ابتغاه غري هذا فليس هذا عندئذ دين اهلل تعاىل، بل أمر مزيدف..

ام لشتى مناحي احلياة، كام ال تنزهب عنه هويتده، وال أما السالم فال ينزهب منه عقيدته، كام ال تنزهب عنه رشيعته قانونا حاك

عن أصحابه جنسيته.. إن الدين عند اهلل السالم.

فإذا اجتمع املسلمون عىل رؤية هالل دخول رمضان فصاموا مجيعا، بال فروق وطنية أو قوميدة.. ثدم إذا اجتمعدوا

رض ومغارهبا لقامة شعرية من شعائر السالم، ذا خرجوا مجاعات يف مشارق األإفرأوا هالل شوال فأفطروا مجيعا، و

فليتذكروا أن هذا كله فرهب عن أصل ضدم، وهو أهنم أمة واحدة..

وجيعة غزة تدمي قلوبنا وأفراح املقاومة أفراحنا، واجلندي املسلم الذي يذل الصدهاينة هدو خدري وأكدرم وأرشف

آمر عدىل إرادة شدعبه وحيدارب دينده وهويتده..وأطهر من جندي يقنص النساء ويغتصب البنات ويقتدل إخوانده ويتد

صالح ، هو األقرب.. املسلم أينام كان، وبحسب ما يقوم به ه عمل غريإ لك، إن ه ليإس منإ أهإ .. يا نوح إن

احلديث يطول ولكن يف هذا تنبيه ملن كان له قلب أو ألقى السمع أو به بقية من ضمري أو بعض من دين.

ظالل رمضان وصيامهيف خامتة الصيام واألعامل ... وأفراح املؤمن

66

وأفراح املؤمن واألعامل..خامتة الصيام

نعم يفرح املؤمن.. لكن بم؟

رحون بدام أندزل ، فهذه أفضل وأكمل حاالت القلب يفرح بإنزال الكتاب.. نعم يفرح كتاب يفإ ذين آتيإناهم الإ وال

، يعني من آمن به منهم من اخلاشعني.إليإك

ىل مدا يفدرح بده.. القرآن، وقبوله وال يفرح باليامن وإنزال دل اهلل يامن به.. هبذا أمر اهلل تعاىل وجعله أوإ قدلإ بفضإ

ا جيإمعون رحواإ هو خريإ يفإ ته فبذلك فلإ يعني باليامن والقرآن. وبرحإ

أو خوفه إنام هو حزن أو خدوف يف حدال أن يعيصد يفرح بامتثاله األمر؛ بقيامه باحلسنة وتركه السيئة، كام أن حزنه

إذا رستك حسنتك، وساءتك سيئتك، »ربه، ففرحه وحزنه يف إرضاء الرب تعاىل أو سدطه، قال صىل اهلل عليه وسلم

.«فأنت مؤمن

واإ اهلل ع أمر ومتام معونة اهلل تعاىل له يفرح بإمتامه ما ة ولتكرب عد ملواإ الإ كرون ولتكإ .. ىل ما هداكمإ ولعلكمإ تشإ

يامن إن كنتمإ صادقني بقيامه باملنهج واستقامته عليه يفرح . بل اهلل يمنه عليإكمإ أنإ هداكمإ للإ

مئدذ املندة.. اخللق هبذا الدين وتلك يفرح بتحقيق املنهج عىل األرض ونرصته ومتكينه وتوجيهه للحياة لينعم ويوإ

اهلل منون، بنرصإ رح املإؤإ .. وهو نرص ليس للعبد فيه نصيب إال أنه يفرح بتمكني منهج ربه وإيصال النعمة لخوانده يفإ

من العباد.

وعبوديات خمتلفة.. ففي سورة النرص ثالث آيات هبا ثالث حقائق،

، واملقصود به حتطيم قوى البغي واألوضاهب املادية التي تقيم الكفر وحتميه األوىل بشارة بالنرص املرتتب عىل اجلهاد

اهلل؛ فهو نرص مؤسس، وسامه وتفتن الناس ال بد له من «سبب»ليه تعاىل، ألن العمل واجلهاد إ، فهو منسوب نرصإ

ة جزء سبب.مكمل وال بد من إزالة العوائق، وهذا هلل تعاىل، فام من سبب إال وهو يف احلقيق

ويف اآلية الثانية نتيجة النرص املنشود، وهي املنشودة من ورائه، وهي دخول الناس أفواجا يف دين اهلل، ببيدان احلدق

«دين اهلل»ىل إوهو منترص وعدم تشويه وعدم فتنة الناس عنه، فهذا هو املطلوب.. جهاد وجترد، بغرض دخول الناس

املؤمن أن يذوق الناس طعم هذا الدين وتلك النعمة العظيمة، بأن تصل األمانة وليس يف طاعة البرش، فهذه هي فرحة

ىل عبيد اهلل تعاىل.إالتي حيملها

ظالل رمضان وصيامهيف خامتة الصيام واألعامل ... وأفراح املؤمن

67

اخللق هبذه العقيدة بصورة تامعي السالمي، والثانية لينعمفاألوىل انتصار لكلمة اهلل وإعالء النظام السيايس واالج

.شكل نظام سيايس واجتامعي عن خيار حر حقيقي ورؤية للحق مطبقا يف فردية

العفدو واملغفدرة عدىل ضام للنفس، وتواريا لدورها، طالباستغفار التزاما بالعبودية وهويف اآلية الثالثة التسبيح واال

التقصري..

، وبيدان الغايدة املرجدوة ، مؤسسديا وفرديدافالسورة دائرة عىل حتقيق اجلهاد وإكامل اهلل نتيجته للمجاهدين بالنرص

ستطالة، وهضم النفس وإخراجهدا مدن الرصداهب واألجدر الددنيوي طلبدا للعفدو اخللق ال البغي عليهم وال اال ايةهبد

حتقيقا للعبودية وإمتاما هلا. غفرة وجرب النقص ومغفرة التقصري،وامل

فهذه هي فرحة املؤمن بالنرص عندما يأيت، هبذا يفرح وهلذا يفرح.

يب حلبيبه، ويرى قدر كرامة اهلل للمؤمن وقيمته عند ربه تعاىل.. وراجدع يفرح عند لقاء ربه، وفوزه، حيث لقاء حب

ده إشارة البيضاوي يف التفسري آلية يونس ومثلها يف سبأ، ففي يونس يقول تعاىل دا إن د اهلل حق ا وعإ جعكمإ مجيع إليإه مرإ

ذين آ زي ال لإق ثم يعيده ليجإ نإ حيم وعذاب أليم بام يبإدأ اخلإ اب م ذين كفرواإ هلمإ رش ط وال قسإ احلات بالإ منواإ وعملواإ الص

فرون بتغيري النظم بني إثابة املؤمنني وعقاب الكافرين والنص عىل تعليل إعادة اخللدق يدوم القيامدة بإثابدة » كانواإ يكإ

كأن البدء والعادة مقصود هبام إثابدة املدؤمنني د لق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصاحلاتيبدأ اخلد املؤمنني

.]يف املوضعني راجع تفسري البيضاوي[« ليهم لسوء أفعاهلمإبالذات، وأما العقوبة فبالعرض كأنه داء ساقه

اومثلها يف سبأ تينا الس ذين كفروا ال تأإ ة يف وقال ال دزب عنإده مثإقدال ذر غيإدب ال يعإ تينكمإ عامل الإ عة قلإ بىل وريب لتأإ

دذين دزي ال تاب مبني، ليجإرب إال يف ك غر منإ ذلك وال أكإ ض وال أصإ رإ اموات وال يف األإ داحل الس ات آمندوا وعملدوا الص

ق كريم أولئك هل فرة ورزإ .مإ مغإ

ففي اآليتني أن القيامة تقوم لثابة املؤمن، فهو املقصود، وقيمته يف احلياة والكون ودورة الوجود هي هدذه القيمدة

ليها اآليات..إالتي تلفت

دذين ق بالتوحيد صطفاء من بني اخللاالىل اهلدى وإنعم هبذا تفرح، كام يفرح املؤمن بالداللة كتداب ال نا الإ رثإ ثم أوإ

طفيإنا منإ عبادنا ىل التوحيدد أمدر إويدخل يف املصطفني الظامل لنفسه باملعصية واملقتصد والسابق املقرب، فاهلداية اصإ

س »عظيم، روى البداري عن أيب سعيد أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم قال ذي نفإ مع أنإ تكوندوا وال بيده، إين ألطإ

ظالل رمضان وصيامهيف خامتة الصيام واألعامل ... وأفراح املؤمن

68

ل اجلنة نا، ثم قال: « ثلث أهإ إ نا اهلل وكرب دل اجلندة، إن »قال: فحمدإ ر أهإ مدع أنإ تكوندوا شدطإ س بيدده، إين ألطإ ذي نفإ وال

ع ود..مثلكمإ يف األمم كمثل الش ر األسإ د الثوإ يف جلإ .«رة البيإضاء

كتب قبل خلقك أنك مدن أهدل باهلداية، والعناية بك قبل أن توجد، وأن ت عنايته بك واختصاصه لك تفرح بسبق

هذا الدين.. فإنك مهام عملت من جهد للدري فبسبق أوليته قبل ذلك، بأن كتب يف األزل أن للقك وأن يديك..

ب، ويتلقا من البعد، ويطبب لك جرحك لنفسك باملعصية؛ فيبتليك أو يتوب عليك أو تفرح أل نه يناديك من قرإ

ف عن كثري ل الذنوب بل ببعضها، بل بالقليل كال ا، وإن ابتال فليس بك . ويعإ

ائم أطيب عنإد اهلل ..خ » ها اهلل تعاىل كل يوم، ورى أحد، والبيهقي يف الشعبتفرح أن اجلنة تعد، ويزين لوف فم الص

م جنته ن اهلل كل يوإ روا، ويزيط فر له املإالئكة حتى يفإ تغإ ك، وتسإ داحلون أنإ »ثم قال: "منإ ريح املإسإ يوشك عبدادي الص

ذى، نة واألإ قوا عنإهم املإؤإ ](، وأحد يف مسنده002/ 2شعب اليامن )[ «ويصريون إليإك.. يلإ

دزن منتظرا أن تتم له الفرحة هنا .. يفرح املؤمن هنا بام أمر اهلل، هدب عندا احلإ ذي أذإ د هلل ال مإ ندا ؛ وقالوا احلإ إن رب

نا دار املإق ، لغفور شكور ذي أحل نا فيها لغوب ال نا فيها نصب وال يمسه ه ال يمسهل . امة من فضإ

ر صورة أهل اجلنة وألبس لباسهم وحديل حالهدم وعن بعض السلف قال: ذكر لنا أن الرجل إذا دخل اجلنة فصو

ات فرحا، فيقال له: أرأيت سوار ورأى أزواجه وخدمه ومساكنه يف اجلنة يأخذه سوار فرح، لو كان ينبغي أن يموت مل

.]حلية األولياء أليب نعيم عن عبد بن حيد، ويروى عن ثابت البناين[ فإهنا قائمة لك أبدا. ?فرحتك هذه

نة خالدين فيهاولذا قال تعاىل ذين سعدواإ ففي اجلإ ا ال صدق اهلل العظيم. ..وأم

بلغنا املنزل..عن هذه السعادة نبحث.. فاللهم

وصىل اهلل وسلم وبار عىل أكرم خلقه حممد، وعىل آله وصحبه وسلم.

ظالل رمضان وصيامهيف الفهرس

69

الفهرس

3 .......................................................................................................... مقدمة

1 ....................................... أمرتة يف تناول الطيبات حيث الرحاخلالق الرحيم هو املرشهب الرحيم، -4

9 ............................ كام هم مفتقرون إىل إطعامه إياهم وربوبيته افتقار اخللق لترشيع رهبم تعاىل وطاعته -0

42 ............................................. املقصودة واملشقات تابعة وجارية عىل قوانني دارنا املصالح هي -3

40 ....................................... األعامل ومنافعها ومشقا ا العارضة ونتائجها املتولدة، مكتوبة للعبد -1

43 .................................................................................... لعبادة والتوكل قرينانا -2

42 ................................................................................. الرحة فيام أمر ال فيام تظن -6

46 .......... .. فكيف يطاهب غريه؟هو الذي يملك القدر من خلق ورزق له األمر والرشهب ومن له األمر والرشهب -1

41 .................................................. مع العموم والطراد رشائع اهلل لتحصيل مصالح الدارين -1

02 ............................................................................... االنكسار بني يدي اهلل تعاىل -9

00 ................................... الرت والتناول عىل مقتىض الطبع للرت والتناول بأمر اهلل طعم أعىل من -42

03 .................................................. أعظم النعم يف الرشائع داللتها عىل رضا اهلل تعاىل وحمبته -44

02 ............................... يف أول الطريق وخالله وآخره االستغفار والتوبة خري صاحب ومستصحب -40

01 ..................................................................................... لطلب املغفرة طريق -43

09 ................................. تبديل الفطرة وحتويرها وطمس نورها االستغفار والتوبة متنع الذنوب من -41

34 ............................................................................... تر الذنوب لطلب اليقني -42

33 ......................................... وحلظات مفصلية يف التاري قيمة ودور أصحاب اليقني يف األمم -46

32 .............................................................. الذنوب نجاسات وقد تذهب بأصل اليقني -41

31 ........................................................... متنع الغواية كام متنع الضاللاالستغفار والتوبة -41

ظالل رمضان وصيامهيف الفهرس

70

39 ............................................................................ الصيام.. واحلرا هبذا الدين -49

10 ........................................................................................ األعامل بمتعلقها -02

11 .................................................................... طلب الصديقني وغاية العباد ربالقد -04

16 .................................................................. ذكر اهلل يف كل حال بحسب ذلك احلال -00

11 ........................................................ عىل اليقني وكامل الرادة ذكر وأثرهمعاين بعض ال -03

22 ............................................................. العفددددة من أخالق الصوام أهل هذا الدين -01

20 .................................................................................. القرآن رسائل اهلل إليك -02

21 ........................................................................... إىل الصالة تأوي ومنها تنطلق -06

29 .............................................................. من باطن الصدور جماالت التقوى وآفاقهدا -01

29 ........................................................ إىل حمراب العبادة، إىل واقع الناس، إىل قيادة األمة -01

60 ................................................. ال يتم الصيام إال بقبول املنهج كله الصيام جزء من منهج -09

61 ............................................................. الصيام شعرية ظاهرة وهو جزء من هوية أمة -32

66 ........................................................................خامتة الصيام واألعامل.. وأفراح املؤمن