188

أغنية الصيّاد الصغير

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: أغنية الصيّاد الصغير
Page 2: أغنية الصيّاد الصغير

اد أغنية الصغير الصي

-2-

Page 3: أغنية الصيّاد الصغير

:[email protected] E-mail: االلكتروني البريد

[email protected]اب اتحاد موقع اإلنترنت شبكة على العرب الكت

http://www.awu-dam.o rg

مقداد : نسرين للفنانة الغالف تصميم

-3-

كافة الحقوق مـحــــفــــوظـة

الـكـتّـاب التـحــادالــعـرب

Page 4: أغنية الصيّاد الصغير

السبع شاكر محمد

اد أغنية الصغير الصي

* ةــــرواي*

العرب الكتاب اتحاد منشورات من2001- دمشق

-4-

Page 5: أغنية الصيّاد الصغير

-5-

Page 6: أغنية الصيّاد الصغير

-1-

عواء تشبه التي المولولة الطويلة المندائي، صرخة وضعت أضرم الذي الضاري الحب لذلك السعيدة غير النهاية الذئاب،

O عشر وسبعة الطابوق من بيوت بخمسة النار القصب من كوخا بلبلت الردهة إلى المفضي الممر في المهرولة والبردي. األقدام

من مذهولين زالوا ما الذين الطبيين والمعاونين الممرضين التسعة الرجال مواجهة في يتمترسوا أن لهم يتسنV الصرخة. لم

بالدموع.. مليئة وبعيون ممزقة بثياب الردهة اقتحموا الذين شكلوا متفاوتة بدرجات السمراء البشرة ذوي من رجال تسعة المندائي عليه يجلس الذي السرير حول غاضبة بشرية حلقةوردي. بلون مبقعة كبيرة سوداء كتلة صدره إلى يضم الذي

عديدة أذرع منها البشرية.. امتدت الحلقة في الغضب تفاقمالسوداء: الكتلة وإلى المندائي إلى

النجس.. دعه. -أيهاموته؟ بعد تنجسه حتى حياته طوال نجسته أنك يكفك -ألم النجس.. اتركه.(1)الصبي -أيها الغضب كلمات يخَشV لم هو أو يتأثر لم وكأنه المندائي بدا

يهتز وهو وردية بلطخات عةقالمب السوداء الكتلة يضم هذه. كانالساعة. بندول مثل السرير فوق

O فمه كان دونما ولكن يصرخ زال ما وكأنه سعته على مفتوحا وبكتلة بالمندائي عشر الثمانية األذرع التحمت صوت. فجأة،

اللحم.البشرية: الحلقة وراء من ممرض صوت عال

الجثة. سيمزقون الوحوش -هؤالء المجاور السرير على ورمته المندائي حملت عديدة أذرع

األخرى. الجهة من األرض على ويسقط بقوة ينقلب جعله بعنف مرة السرير على وردي بلون المبقعة السوداء الكتلة تمددت

O عشرة أخرى. ثماني إلى تتطلع الدموع منها تسيل حمراء عيناوبالهة. وحزن بغضب بيض.. تتطلع بضمادات الملفوف الرأس

ي)?(1 ــدائي يئالصــاب على تطلــق دارجة شعبية لفظة الصuبي أو الصVب المنالعراق. في

-6-

Page 7: أغنية الصيّاد الصغير

مات؟ -هلورائهم: من ثانية الممرض نفس صوت عال جيب في اآلن وضعتموه فقد دخولكم قبل يمت لم -إذاالموت.تأخير. دون من فسأقطعه اللسان هذا يسكت لم -إذا عمنا ابن كان أن يخبرنا المستشفى هذا في أحد يوجد -أال

O نجلب ال؟.. هل أم مات بذلك؟ ليخبرنا آخر مستشفى من شخصاالممرضين: أحد أجاب

أنه الفور على يعرف إليه النظر يستطيع مVن} -مات.. كلO يومين، طوال معه كان الذي الرجل ذلك ميت.. أخبرنا من وبدال

كالنساء. يصرخ أخذ الرجال مثل يتصرف أن باتجاه زحف قد المندائي يصمت. كان أن له أحدهم أشار

الموجودة الصغيرة الحديدية الخزانة على ليتكئ السرير مقدم وغطى النادبات، النسوة تفعل مثلما األرض إلى ساقيه قربه. مد

الثماني العيون بالبكاء. عادت وأجهَش كوفيته بطرف عينيه الكتلة في البلهاء الحزينة النظرة تلك بنفس تحملق عشرة

بالضمادات. الملفوف والرأس السوداءنأخذه؟ أم نفعل؟.. نتركه ماذا -واآلن،O. -نأخذه طبعانحمله؟ -كيف

-كيف؟ العظام.. أتستطيع عن يسقط يكاد لحمه -نعم.. كيف؟.. إن

اللحم؟ ذلك يسقط أن دون من حملهبالشرشف. -لنلفهميت التي الوسادة تحت من الشرشف طرف سuحب uر .O بعيدا

O السوداء الكتلة جuرت ارتفعت ذلك األسفل. خالل إلى قليالين:يالطب والمعاونين الممرضين واحتجاج همهمة

الحكومة. شرشف المستشفى.. يعني شرشف هذا -لكنالنهار. وضح في الدولة أموال سرقة -يعني

في يبقى فلن بشرشف، يلفونه ميت كل -ماذا؟.. لوأيام. ثالثة بعد واحد شرشف المستشفى

بالشرشف. السوداء الكتلة لف من التسعة الرجال انتهى الممرضين أن اكتشفوا الردهة، باب إلى متجهين بحملهم انقلبوا

إلى الطريق منتصف في لهم وقفوا قد الطبيين والمعاونينالباب.

-ماذا؟المستشفى. بشرشف الردهة من تخرجوا -لن للممرض الثمانية.. قال أخوته بين من طريقه أكبرهم شق

لينة: بلهجة

-7-

Page 8: أغنية الصيّاد الصغير

مليء عتيق شرشف بسبب مذبحة بحدوث ترضى لن -أنتبالقاذورات.

O: الممرض لهجة النت أيضابذمتنا. مسجل الشرشف هذا -لكن

O سيارة فسترى المكان هذا من خرجت -لو والكثير وتابوتا حالما القذر الشرشف هذا ذمتكم إلى البطانيات.. سنعيد من

السيارة. إلى نصلسأرافقكم. الحالة هذه -في يتبعهم طرفيه، من الشرشف الحاملين األربعة الرجال تقدم

عن يتخلى ال أن على أصر الذي والممرض الخمسة أخوتهم ثقيلين. يومين حزن أوهنها بسيقان الممر في الشرشف. تقدموا

كانت وكأنها بدت التي الطوارئ قسم أمام الكبيرة الباحة في المتقاربة الصغيرة البنايات لكن مضى، فيما كبيرة حديقة

طرق من شبكة يشبه ما كونت التي اإلسمنتية والممرات األخوة رأى مثلما الممرض الحديقة. رأى هذه ثلمت السابلة يقف وحولها تابوت سقفها على يستقر صغيرة سيارة التسعة

بشرة ذا وكان الرجال أطول الرجال. تقدم من أربعة أو ثالثةبهدوء: التسعة. سأل األخوة نحو داكنة سوداء

مات؟ هلO: رأسه الشرشف.. هز حاملو بكى متمتما

الله. -ليرحمه متباعدات نخالت فيها تنتصب زالت ما التي الباحة تلك من سقطوا أنهم لو كما وأطفال ونساء برجال فجأة امتألت أو الثالث الدقائق ثقيل. خالل سماوي بحزن ممتلئين الفضاء فالحزانى سقفها، سوى السيارة من يظهر لم التالية األربع

من التابوت التسعة األخوة رفع جانب. حين كل من أحاطوها الجسم ضخم عمالق ممرض ظهر السيارة سقف إلى األرض

النمر: وجه يشبه وجه وذوأين؟ إلى الجثة تأخذون اللصوص، أين؟.. أيها -إلى السيارة سقف على التابوت التسعة األخوة وضع أن بعد

السيارة. تدخل وبين بينه كمتراس ووقفوا نحوه، استدارواO الردهة ممرض النمر: مخاطبا في ووضعوه به الجثة المستشفى.. لفوا شرشف يعيدوا -لمالتابوت.

المتراس إلى اهتمام. نظر أي الردهة لممرض النمر يعر لم ساكنة زالت ما التي أيديه أيديه، قبضات تكورت الذي البشري

بمالبس المتدرع النمر هذا بمقدور كان توترها. ما برغم كان وما التسعة، األخوة هؤالء يخيف أن البيض المستشفى

كان ما األبيض النمر هذا ذلك. لكن ليفعل النمور من قطيعO، ذلك ليعرف كان وما ذلك، يعرف قال: لذلك أبدا

-8-

Page 9: أغنية الصيّاد الصغير

البساطة؟.. أتعتقدون بهذه مستشفى من جثة -تأخذونخضروات؟.. سوق في أنكم

أنزلوها..الداكنة: البشرة ذو الطويل الرجل سألهبها؟ تفعل أن تريد -ماذاالكالم: إليه يوجه مVن} النمر وجد

أسباب نعرف أن بد التشريح.. ال صالة إلى -سآخذها …جريمة هناك الوفاة.. ربما

الطويل: الرجل قاطعه يومين؟.. النار طوال مستشفاكم في تفعل كانت ماذا -إذن،

بمناشيرك لتقطعها أنت تأتينا ثم جلدها، سلختم وأنتم شوتهاO أدع وبلطاتك؟.. لن ملوكي.. يمزق أحدا

الرجال من الكثير ظهر ذلك خالل األبيض، النمر يتزحزح لم حول بالمتجمهرين أحاطوا والذين البيض المالبس يرتدون الذين

O مكونين السيارة O. أيقن طوقا على معركة أن الجميع متماسكاالطوق: خرقوا شرطة مفوضي ثالثة الوقوع. لكن وشك

األمر؟ -ماذا؟.. ما عبر يمر كان ما خالل قامة األطول المفوض سأل

التسعة: اإلخوة أحد المتجمهرين. أجاب أن يريد الرجل وهذا ملوكي، لنسترد نجرس نقتل -كدنا

وليد. يا ليقطعه التشريح غرفة إلى يأخذهمكان. أي إلى ملوكي أحد يأخذ -لن

وليد: للمفوض األبيض. قال النمر فك سقط…و معي ومكانك قانون رجل -أنت

وليد: المفوض قاطعه أن ميت. يجب شاب أمام وإنما قانون، أمام اآلن -لسنا

رجل. يا الموتى نحترموفاة؟ شهادة دون من المستشفى من ميت يخرج -كيفO وجره النمر كتف على ذراعه وليد المفوض وضع عن بعيدا

المتجمهرين:الشهادة؟ هذه تستخرج أين -من

ومخالبه: أنيابه فقد الذي النمر أجاب. اإلحصاء موظف -من

الموظف. هذا إلى -لنذهب-لكن..

O.. هيا. تعترض -ال كثيرا يسيران اآلخرين المفوضين أن المستشفى نمر اكتشف

إلقاء من انتهوا الثالثة المفوضين أن مباشرة. أيقن وراءهما

-9-

Page 10: أغنية الصيّاد الصغير

البيض والنجوم الثالث الخضر البدالت هذه أن عليه. أيقن القبض التي الباسلة روحه حاصرت بالياقات الملتصقة الصغيرة

O، طويلة فترة خالل استمدت، غموض وراء من عزيمتها جدا المرمريتين المنضدتين ذات التشريح صالة عالم ورهبة وغرابة

يستسلم لم البشري. لكنه الجسم تقطيع آالت وسائر البيضاوينO بدأ المستشفى فنظام الخضر، للبدالت المرئية غير للقوة تماما

خارج السائدة القوانين لكل مضاد بمصل المحاصرة روحه يمدالمستشفى. سياج

اإلحصاء. في موظف غرفة إلى الثالث المفوضون قاده ضيقة ممرات في أمامهم برفق، كان وإن دفعوه، الحقيقة

شاب وراءها يجلس منضدة وأمام صغيرة غرفة مزعجة. في وليد المفوض األربعة. قال وقف طبية نظارة عينيه على يضعاالنفجار. وشك على وهو

الموتى يمنح مVن} أنت اإلحصاء؟.. أعني موظف -أنتالشهادات؟

O النظارات ذو الشاب هب رأسه رفع حين قدميه على واقفاأمامه: مفوضين ثالثة ورأى

نعم. في مات لشخص وفاة شهادة على لنحصل نفعل -ماذا

الصباح؟ هذا مستشفاكمنظارة: يحمل الذي الوجه من االرتباك مالمح اختفت

المعالج؟ الطبيب تقرير -أينالتقرير. ذلك إلى نحتاج -إذن،وخاطبهما: زميليه إلى وليد المفوض التفت

الرجل. هذا مع هنا -انتظراواصل: ثم األبيض النمر إلى وأشار

المعالج. الطبيب ألجد الطوارئ قسم إلى -سأذهبالثانية: خطوته في وليد المفوض اإلحصاء موظف أوقفالشديدة؟ حروقه بسبب الصباح هذا مات الذي ذلك -تعني

O. تناول ينتظر لم O المنضدة فوق من جوابا فيه. وبحث ملفاصغيرة: ورقة في يقرأ وهو قال

ساجت؟ -مالك الذي الوقت طوال صامتين ظال اللذين المفوضين أحد قالمضى:

-نعم.. هو.إليهم: ونظر رأسه النظارة ذو الشاب رفع وكنت ساعة ربع قبل المعالج. وصل الطبيب تقرير هو -هذاالمنكود. لهذا وفاة شهادة ألحرر أحد بانتظار

األبيض. النمر إلى وليد المفوض التفت

-10-

Page 11: أغنية الصيّاد الصغير

الوفاة؟. شهادة من نسخة التقرير؟.. أتريد هذا -أتحتاجله: وجهت إهانة وكأن اإلحصاء موظف تدخلالتقرير؟ يحتاج -مVن}

التشريح: ممرض إلى كالمه وجه ثم-أنت؟وليد: المفوض أجابه أسباب ليعرف التشريح غرفة إلى الجثة نقل على -أصر

…الوفاةالنظارة: ذو ضج

المعالجون؟ األطباء يعمله الذي ما إذن، ماذا؟ -يعرف من انسل األبيض النمر ذلك أن الثالثة المفوضون اكتشف

مالحظتهم: فاقت بخفة الغرفة-واآلن؟O اإلحصاء موظف تساءل ببالهة الثالثة المفوضين إلى ناظرا

وليد: المفوض فرق. قال ال بالدة، أوملوكي. وفاة شهادة حرر -اآلن

البالدة: أو البالهة بنفس تساءلهذا؟ يكون -ملوكي؟.. مVن}

ساجت. مالك نفسه -هوO O كرسيه. تناول على اإلحصاء موظف جلس أخيرا ذا سجال

الملف. رفع من المعالج الطبيب تقرير وأخرج مطبوعة أوراقوسأل: رأسه

األحوال هوية شديدة.. أين بحروق ساجت.. المتوفى -مالكبه؟ الخاصة المدنية

اآلخرين: المفوضين أحد سأل

الهوية؟ لهذه حاجتك -ما الوفاة شهادة فقرات أمأل كيف لي قل -وإذن،

من أنتهي أن بعد الهوية أمزق أن يجب إنني بالمعلومات؟.. ثمالشهادة. تحرير

وليد: المفوض قالuغلق لم تحقيق ملف في وثيقة تتلف -كيف بعد؟ يتعني؟ -ماذاالثالث: المفوض أجاب

مركز إلى الماجدية محلة في القاطنين نصف -جرجرنا أننا نعتقد الماضيين.. ماذا اليومين خالل معهم للتحقيق الشرطة

الشرطة؟ مركز في نفعل

-11-

Page 12: أغنية الصيّاد الصغير

ذي الموظف هذا نظرات يرون وهم الثالثة المفوضون أيقن عندئذ غليظ، دماغ ذي رجل مع يتحدثون أنهم الطبية النظارات

وليد: المفوض والجانبين. قال األمام من أحاطوه في اآلن يومين.. هو قبل صديقنا شوت النار أن تعرف -أنت

ما بالشمس، يشوى اآلن، هو المستشفى، ساحة في تابوتاألمر؟ النظارات. ذي الموظف وجه على يطفح بالتعاسة شعور بدا أخذت التي بالمعلومات الوفاة شهادة حقول امتألت وهكذا اإلحصاء. موظف قلم إلى الثالثة المفوضين أفواه من تنتقلuعيد المستشفى بختم وختمت وقعت مرة التابوت الرسمي. أ

الطويل الرجل وليد المفوض السيارة. خاطب سقف إلى ثانيةالداكنة: البشرة ذا

وخذ عمه النجف.. أنت في لدفنه يذهب مVن} فأنت -اصعد، به أوالدك ذهب أوالدك.. هيا.. لو من أربعة أو ثالثة معك

الطريق.. ال منتصف في الكالب إلى عمهم ابن بجثة ونمفسيرO تثق في أنهم غير الموت، صدمة تحت اآلن هم بحزنهم، طويال

وعندئذ الصدمة، هذه من سيفيقون ذلك قبل أو الطريق منتصف عم يا اصعد الطريق.. هيا، في تصادفهم ترعة أول في سيلقونه

جحيل. السيارة، مقدمة في ليجلس الثالثة المفوضون ودفعه

عمهم ابن على وحونني يزالون ما الذين أوالده من ثالثة ودفعوا جحيل العم يد في وليد المفوض الخلفي. دس المقعد إلى

متوقعة: غير بدهشة المصعوق

القبر تكاليف لتغطية النقود دuفعت.. هذه السيارة -أجرةالطريق. ومصاريف والدفن

uغلق حين على أيديهم الثالثة المفوضون وضع السيارة بابا أ أعماقهم. تجاوبت في محبوس ألم صرخات وأطلقوا التابوت

العويل حدة وارتفعت قربهم، الواقفين من العويل أصوات معهم في ببطء المستشفى. تحركت باب باتجاه السيارة تحركت حين الرئيسة المدينة شوارع مخترقة ببطء تسير وظلت األمر، أول

O. بعد يزداد تشييع موكب في اتبالناد والنساء الرجال يتبعها كبرا مارة الملتوي الجسر وتابوتها السيارة عبرت الساعة حوالي

قبل كانت التي السوداء الساحة ثم المحترقة الخمسة بالبيوتO. كان عشر سبعة يومين خلف يسيرون الثالثة المفوضون كوخا

نهاية وفي قانية، حمراء البكاء أحالها بعيون مباشرة السيارةO. علق يسير المندائي كان الموكب قبل مقهى صاحب متعثرا

مقهاه: أمام من الحزين الموكب رم عندما المشرح جسرع زنيم سكير أول -هذا اإلجالل. بهذا يشي

-12-

Page 13: أغنية الصيّاد الصغير

-13-

Page 14: أغنية الصيّاد الصغير

-2-

يكن لم فملوكي المقهى، صاحب قول من العكس وعلىO O، سكيرا الموت، حتى الصادقين العشاق ضرب من هو بل زنيما

في تضطرم أن للنيران سمحت بنزاهة الحب مع تعامل لذلك جسده على الجحيم أبواب فتح الهشاشة. وحين البالغ قلبه

فاقت التي عذاباته من الغض قلبه ليخلص األحدب، القميءO حاول فإنه الحد، اآلخرين.. حين ضمائر في العذابات تفجير أيضاO حقيقته في يكن لم ذلك فعل – فهو اإلرادة، ضعيف أو مهزوزا بقوة اشتهرت أرومة إلى الماجدية- ينتمي قاطني كل يعرف كما

األحيان، معظم في تهور إلى تنقلب التي والشجاعة الشكيمة جاسم عمه يذكرون الماجدية في الناس من الكثير يزال وما

ويعيدون وحده، خاضها التي المجيدة معاركه وبسالته.. يذكرون ال الذي األسطوري بالشجاع إياه ناعتين مجالسهم في روايتها أن ألحد يمكن ال التي أعماله يذكرون كما شيء، يرهبه أو يخيفه جعل حيث جنون من به قام بما معجبين وكانوا بها، بالقيام يفكرO يطفو الملعب شارع نصف الكحالء. نهر في سابحا

O ألن مختلفة، حكاية تكن لم وتلك خياله كان مهما أحدا،O O يجد لم واسعا شارع. نصف قار بقلع اإلدعاء في مصلحة أو نفعا

إذ الشارع، ذلك جانبي على القاطنون تضرر لقد العكس، علىن الشتاء.. في فصل طوال الوحول في يخوضوا أن عليهم تعيO الناس تناقل الوقت، ذلك برمته األمر أن تؤكد أقاويل همسا بين بجاسم لإليقاع فخ أو كخدعة المندائي نجرس دماغ من خرجO يزال ما كان الذي فنجرس الحكومة، فكي يعرف حينذاك، شابا

قاربه، تقيير لقاء جاسم من واحد فلس على يحصل لن أنهالشارع. قار على دله وهكذا

تمام يعرف آخر، شخص أي أو جاسم، أن من الرغم وعلىuذيب ما إذا للعمل يصلح لن الشارع قار أن المعرفة ثانية، مرة أ

العربات مرور يصعب أزقة عبر ونقله الشارع نصف قار قلع فقدO منه وجعل فيها، السطحية القذرة المياه مجاري لكثرة فيها تال

وسط في نفسه نجرس وجد نجرس. وهكذا كوخ قرب أسود الصباح حتى ليلة يمضي أن واضطر لجاسم، صنعه الذي الفخ كما النهر، منتصف في وإغراقه بقاربه الحكومة قار نقل في

يصدق الخاص. لم قارة من جاسم قارب تقيير يعيد أن اضطر

-14-

Page 15: أغنية الصيّاد الصغير

O إن العمارة بلدية مسؤولوا طوله شارع نصف قار قلع شخصا فتركوا قاربه تقيير إعادة في ليستخدمه مترين كيلو من أكثر

O تحقيق دون من األمر الناس أن فضيحة. غير انفجار من خوفا نهر ماء يشق جاسم قارب أيام عدة مرور بعد رأوا الماجدية في

نصف على متحسرين فتنهدوا الجديد، األسود بقاره الكحالءالعاري. شارعهم الجيَش إلى ذهب ساجت أخوه فيه تزوج الذي اليوم في أن الماجدية في يسكن مVن} كل العسكرية. توقع خدمته ليؤدي شجاعة من يمتلكه لما الجيَش في شأن له سيكون جاسم يعرفونه الذين بها يفتخر بمآثر سيقوم أنه وتهور. توقعوا وجرأة

وصلى فلسطين، تحرير أجل من ثانية الحرب قامت ما إذا طلبت أشهر ثالثة مرور الحرب. بعد هذه تنفجر لكي الكثيرون أن جحيل الكبير أخيه من العمارة ثكنة في الجيَش سلطات

المستشفى في مات أخاه أن إذ جاسم، جثة ليتسلم يحضر قبره إلى الشجاع جاسم ذهب النكاف. وهكذا بسبب العسكري

الحزينة. الجيَش موسيقى صوت على مهيب تشييع دون من الكبيرين، أخويه حياة توازنت الحياة، من جاسم باختفاء

الله رجال من الماجدية قاطنو اعتبره الذي جحيل األخص وعلى نفسه أجهد و نملة. جهد إيذاء بمقدورهم ليس الذين البسطاء

من أحد إهاب في أخرى مرة جاسم يولد ال أن التحمل يفوق بماO الممكن من أوالده. كان تحت مرة من أكثر جاسم يولد أن جدا

O كان جحيل أن غير أخيه، أبناء جلود إذ تلين، ال شكيمة وذا حاسما صيد وشباك والقوارب النهر عن صغرهم منذ أوالده بإبعاد قام

دأبوا الذين عمهم وأصدقاء عمهم عالم عن أبعدهم األسماك،ودب. هب مVن} كل على مآثره قص على

قليلة، أمتار سوى كوخه عن يبعد ال الذي النهر عن أبعدهم مقابر وراء الكائنة السيارات تصليح ومحالت ورش في وزرعهم يضربوهم ال أن الورش، تلك أصحاب من وطلب المدينة، وإنما فيها، االشتراك أو الشجارات إثارة حاولوا ما إذا بالعصي محاصرة في جحيل نجح بالمطارق. بذلك عظامهم يطحنون

ثانية. الحياة على اإلطالل من ومنعه أبنائه دم في جاسم الجسم، سليم مالك ولد جاسم رحيل على عام مرور بعد

ال داكنة سمراء ببشرة ظهره.. ولد أعلى في حدبة دونما يعني الثالثة السنة اقتراب التسعة. وعند عمه وأوالد عميه عن تختلف

تلك من األخير الشهر والده. في فقد االنتهاء على عمره منO ساجت ذبل السنة O ذبوال O وكأن توقف، دون من سريعا غير شخصا المقبرة من الدفانون عاد دمه. وحين بامتصاص قام قد مرئي جسد من الحياة امتص الذي الذبول بنفس بالذبول، والدته بدأت

يقف ثانية. لم مرة المقبرة إلى الدفانون عاد وهكذا زوجها،O الثالث السنوات ذو مالك جحيل لحقهأ إذا اليتم، أمام وحيدا

إذا ما أحد يقطع ال التي طفولته، أن عشرة. غير فأصبحوا بأوالده نجرس أرهقت ما بقدر جحيل ترهق لم تعيسة، أو سعيدة كانت

أعصابه. تهتك وكادت المندائي

-15-

Page 16: أغنية الصيّاد الصغير

وابنه. أب بين وثيقة عالقة تربط لم كما بينهما ربطت لكنها قد المندائية ديانته ألن ال النهر، على يطل نجرس كوخ كان

وهكذا ومصلحها، قوارب صانع فهو عمله، بل ذلك، عليه فرضت إذابة كورة وقامت النهر، ساحل على المعطوبة القوارب تناثرت

والنهر. كوخه بين القار ملوكي حاصره الذي للمندائي بالنسبة مريرة البداية كانت

عمه كوخ من فيه تدحرج الذي األول اليوم منذ والنار الماء بين ساحل على القوارب تصليح ورشة إلى األسماك مخزن وراء من

أنه قواربه بين ملوكي لظهور األولى األيام في لنجرس النهر. بداO بات النهر إلى يتجه حين وراءه يركض فهو العمل، عن عاطال

O كورته إلى يتجه حين وراءه ويركض الغرق، من عليه خوفاO القار يبقبق حيث المكشوفة الرائحة. كريهة غازات مطلقا

جميعهم فاألوالد جحيل، آل من أحد نجرس يساعد لم الشمس، طلوع قبل السيارات كراج في أعمالهم إلى يهرعون

الحبوب. أما علوة في عمله إلى الشمس يسبق جحيل وحتى أبطأ الذي المفاصل بداء إلصابتها منها نجرس يئس فقد زوجتهO. وجد حركتها O نفسه نجرس كثيرا على الحفاظ مواجهة في وحيداO الموت أو النهر، في الغرق من ملوكي المبقبق القار في احتراقا

أي بها سيقوم وكان بها، قام التي تدابيره الكورة. أولى في غاطس قارب إلى بحبل ملوكي ربط هو مكانه، في آخر شخص

القابلية لديه الصغير أن اكتشف إنه أال منتصفه، حتى الجرف في نجرس عاد بإحكام. ما مشدودة كانت مهما عقدة أي فك على

أن بعد إال أعصابه وهدوء طمأنينته يسترد أو بالراحة، يشعرO ملوكي ويعود الظالم يسقط عمه. فكر كوخ إلى متدحرجا المدينة شوارع في والتسكع عمله ورشة من بالفرار نجرس

كانوا وما قواربهم، إلى بحاجة الصيادين لكن ومقاهيها، وحينما األيام، أحد ضحى الشأن. في هذا في معه ليتسامحوا

O مقلوب قارب عن وإزميله بمطرقته القديم القار يزيل كان بطنا يكن لم وقت في عليه الفكرة.. هبطت عليه هبطت ظهر، إلى

O، الموضوع في يفكر على اإللهام يهبط مثلما هبطت أصال المربوط ملوكي إلى ونظر به يقوم كان عما الشعراء.. توقف

فيه. يعمل الذي المقلوب القارب إلى بحبليخاطبه: قال جهة أراقب األقل جهتين.. في بين أركض ال األقل -في

اإلبليس. أيها واحدة واتجه الحبل. حمله من ملوكي وفك يديه من أدواته رمى

O يتأخر كوخه.. لم إلى لزوجته: داخله. قال في كثيراO.. سأعود يخرج تدعيه -ال O. أبدا سريعا

O وعاد O قال. عاد مثلما سريعا يدخل سعفات. لم ثالث حامالخارجه: من نادى بل الكوخ،

األسود. الجرو أيها تعال– -ملوكيالورشة. حيث الشاطئ إلى االثنان اتجه

-16-

Page 17: أغنية الصيّاد الصغير

عيني. عن تغيب أن أمامي.. إياك -اجلس تعمالن اللتين يديه إلى نجرس، إلى ينظر ملوكي كان

من حبلين مررتا ثم ثقبتها، ثم السعفات، كعوب بسرعة. قطعتا وخطوط يخاطبه نجرس الثقوب. قال تلك في المبروم القطنالنامية: لحيته متخللة تسيل العرق من رفيعة

O ستبقيك طوافة.. هذه -أترى؟.. هذه أيها الماء فوق عائمااألسود. الجرو

ملوكي: ردد-طوافة.. طوافة..

باتجاه أراقبك األقل السباحة.. في سأعلمك الطوافة -بهذهالكورة.

-طوافة.. طوافة..األسود. الجرو أيها طوافة -نعم.. هي

على الكرب طوافة مالبسه. ثبت ونزع إليه ملوكي سحبO ظهره صدره. إلى حبالها شاداO يقاومه ولم ملوكي، يقاومه لم حين بالبكاء يشرع أو أيضاالنهر: إلى به واتجه حمله

النهر؟ من تخاف ال -أنت بطنه. نظر منتصف وصل حتى النهر ماء في نجرس خوض

O برقبته يتشبث لم الطفل فهذا بدهشة، ملوكي إلى مثلما خوفا عندما تبخرت دهشته أن السابحة. غير علمهما حين ولداه فعلO صدره من جاسم. أنزله عمه تذكر في ساعديه على إياه واضعا

الماء.األسود. الجرو أيها ورجليك يديك -حرك النهر. جمد منتصف باتجاه ذراعيه فوق من ملوكي انزلق

هائجة. صاح سمكة مثل يسبح فملوكي نجرس، عروق في الدمعليه:

ملوكي. يا هنا إلى -عد إلى بسرعة وعاد ماهر سباح بخفة الماء في ملوكي انفتل

النهر: في نجرس يقف حيثالسباحة؟ علمك -مVن}

ملوكي: أجاب-طوافة.. طوافة..

O ليس الطفل نجرس: هذا فكر إنما.. فقط، شجاعا المناسبة. الكلمة يجد لم ألنه يكملها أن دون جملته ترك

معظم فأمضى السباحة، في نجرس رغبة ملوكي حماسة أثارتO الصباح مرة. من أكثر النهر منتصف تجاوزا قد إياه. كانا مشاركا

عقد يفك وملوكي يلهث نجرس كان ما خالل الجرف، على نصف من يتخلص أن استطاع أنه نجرس آمن الطوافة، حبال

-17-

Page 18: أغنية الصيّاد الصغير

تحسنت السباحة على الملوكي تدريبه من شهر همه. بعدO. قرر ليونة أكثر وساقيه. أصبحت يديه حركات يجعل أن وهدوءاالطوافة. تلك دون من يسبح ملوكي

ملوكي. يا -هياملوكي.. قال: يتحرك لم

-والطوافة؟دونها. من ستسبح -اليوم

O نجرس تقدم حين ثم ملوكي تبعه الجرف مياه في مخوضا العوم. لم تجيد أنها واثقة سمكة مثل وانزلق الماء في ركضO يراقبه وظل نجرس يتبعه وصل قد ملوكي مكانه. كان في واقفا

O وكر استدار ثم النهر منتصف إليه: عائدا األسود الجرو أيها شئت متى السباحة تستطيع -اآلنالشجاع.O المقلوب الزورق جانب إلى الساحل، على ظهر، إلى بطنا

يقدر ماءO. لم يقطر جسمه زال وما دشداشته ملوكي ارتدىO كان وما يعرف، أن لنجرس في يعرف أن آخر شخص ألي مقدرا

نفسه لملوكي. هو الصغير الرأس في دار ماذا اللحظات تلك حيث إلى سار أنه فقط، به قام بكلمة. ما ينطق لم ملوكي

حبالها أحد طرف من تناولها األرض، على تستقر الطوافة مخزن خلف وإياها هو ليختفي األرض على وراءه وجرها األربعة

مقدور في أصبح سنوات ثالث وحتى اللحظة هذه األسماك. من على خوف دون من ويعمل وينام ويأكل يتنفس أن نجرسملوكي. السابحين األطفال حيث إلى ملوكي عاد اللحظة تلك منذ

O األسماك مخزن يمين إلى الكائنين الصغيرين الخليجين في بعيداO منخفضان المندائي.. خليجان ورشة عن النهر، كتف عن كثيرا

النهر. وألن عمق في يمتد األرض من طويل لسان بينهما يفصلO مرتفع فهو النهر كتف مستوى في اللسان هذا عن أيضا

من ينبثقن ومتباعدات باسقات نخالت ثالث الخليجين. كانت النهر ماء مستوى ينخفض حين الصيف، اللسان. في هذا ظهرO تبدو جذور الضوء، في النخالت تلك جذور تظهر كتفه، عن كثيراحجر. من قuدت وكأنها قاسية صلبة يلمسها لمن

خالل القوارب تصليح ورشة إلى يقدم لم حين وحتى الورشة في وهو نجرس كان السنوات، لتلك الثالثة األصياف

السابحين أجسام بين بمهارة ينساب هائجة سمكة مثل يراه في حدبة له ولدت الثالث الصيف نهاية والكبار. في الصغار

التي الخرسانية الصخور إحدى فوق من سقط حين ظهره، أعلى أحد يرو� النهر. لم لكتف الواقي الجدار مثيالتها مع تشكل

O لوجوده الحقيقية الحكاية الصخري الجدار أقدام عند ممدا العديدة السنوات خالل حتى اول الكئيب، الغروب ذلك في المائل

كيف يقل لم ملوكي نفسه هو الغروب. حتى ذلك تلت التي وجهها التي األسئلة من الرغم على النهر كتف فوق من سقط

-18-

Page 19: أغنية الصيّاد الصغير

تجاه العم أوالد حماسة خفت وحين التسعة، وأوالده عمه إليهO تركوه الحادثة هذه داخل تلوت التي عظامه آالم مع وحيدا

جسده. أو الجرف في ةسالغاط نجرس قوارب حيث إلى عاد هكذاO المقلوبة الساحل. على بطن إلى ظهراO، ليتعلم ال سنوات ثالث بعد عاد حصير على ليتمدد بل شيئا

O القصب من كان المساء، إلى الصباح من الصغير جسده مكورا يزحف الشمس، تحرقه حين الظالل نحو مكانه من يزحفO يخشى وكأنه نجرس، يسمعها ال أن يجهد خافتة تأوهات مطلقا أن يصدقون عمه أوالد وال عمه وال المندائي كان سر. ما افتضاح

فهم، قطة،سال تلك بسبب ظهره أعلى في ستظهر حدبة يسقطون األطفال من العديد رأوا الجوار في كثيرون وغيرهم

من لآلخرين بدا كما لهم بدا بعد، النهر. فيما كتف فوق من البالغ حظه له أنبت الذي الوحيد هو ملوكي أن الماجدية، قاطنيالنهر. كتف فوق من سقوطه جراء ظهره في حدبة الغرابة سن في فتيات ثالث كانت الجوار، في الساكنين كل بين من الحدبة.. بتلك له دخل ال العاثر ملوكي حظ أن يعرفن ملوكي،

محوه التالية السنوات خالل ملوكي حاول الذي الغروب ذلك في للنفس، المقبض الغروب ذلك في طائل، بال ولكن ذاكرته من

صادق ابنة ساهرة تؤديها كانت لعبة في يشارك أن ملوكي حاول ونعيمة الكبار، اطينفالص من بعد فيما أصبح الذي األعرج الصياد

صادق ابنة وسليمة العمارة، بلدة في اإلطفاء جندي طارش ابنة يحشر أن ملوكي الكبير. حاول السوق في الرجال عباءات خياط براثن فأظهر المشاركة هذه رفضن أنهن غير لعبتهن، في نفسه

أن أال فيه، الذكر ثائرة فثارت ساهرة صفعته عندئذ فحولته،O أضخم كانت التي ساهرة بضربات ثورته دمرت منه جسما

وانتصارها هياجها جعلها ثم النهر، كتف باتجاه إياه دافعة متواصلة الخرساني الجدار نحو بقوة تدفعه إن الذكر هذا على السهل الفتيات أرعبت السقطة الناتئة.. تلك الصخور ذي المائل

من الصغير الجسد الصخور تقاذفت فقد الثالث، الصغيرات على يتلوى أخذ الذي الجسد ساهرة تترك أخرى. لم إلى صخرة

وتهرب، تتركه لم الخرساني، الجدار أقدام عند الساحل رمل ماعز مثل الصخور نتوءات فوق قافزة مسرعة، نزلت إنما

الساحل.. لم برمل رأسه ودقت ملوكي برقبة جبلي. أمسكت ملوكي.. فم من المتدفق الزبد وال الجسد تشنجات تخفها

وخاطبته: المتشنجة الرقبة على قبضتها من شددتبالسكين. يذبحك أبي سأجعل دفعك مVن} قلت -إذا

من حبه بنيران ملوكي اشتعال بعد وحتى سنوات، وطوال سر على الفتيات تلك حافظت خارجه، ومن جسده داخل

O السقطة، على محافظتهن عدم في النساء عن قيل لما خالفا يقاوم كان ملوكي إن فقط، نجرس يعرفه الذي أن األسرار. غير

رهيبة بمقاومة يحتمل هو أو الحادثة، تلك بعد عديدة شهور خالل إلى أحد يأخذه ضار�. لم حيوان مثل تلوت التي عظامه مآال

-19-

Page 20: أغنية الصيّاد الصغير

O يتلق لم أنه يعني مستشفى، أو طبيب أحدهم، يد على عالجا الذي الفحص عن توقفوا المستشفى، إلى نجرس حمله وحين يفهم ونجرس الشرطة، من ورقة نجرس من وطلبوا بدأوه،O حصير إلى أعاده وهكذا الشرطة، من ورقة تعني ماذا جيدا

O عليه ليتمدد القصب أخرى. عديدة أياما استقرت قد صغيرة حدبة كانت للشفاء ملوكي تماثل عندما

O األمام إلى صدره طاوية ظهره أعلى في إلى كتفيه وساحبة قليالO. تلك األعلى فأمضى األطفال، يتحاشى جعلته الحدبة قليال

O التالية األربع أو الثالث السنوات في المندائي مع بجد عامال كيف تعلم كما سنه، صغر من الرغم على الصنعة ورشته. تعلم

ر الصيادين مهارة بنفس النهر في أحجامها بمختلف الزوارق يسيO يكن ولم الصغير، الصياد لقب عليه أطلقوا وهكذا الكبار، صيادا

،O � لم فهو أبدا � لم بل النهر، من نوع أي من شبكة يرم خيط يرم بالصياد مناداته الماجدية قاطنو واصل ذلك ومع السنارة،

منهم عدد افتتح إذا عاملة كيد عمه أبناء احتاجه الصغير. حينO من والركالت، بالصفعات يعني بالقوة، جروه بهم، خاصة ورشا أسرار تلقف الورش تلك في ورشهم، إلى المندائي ورشة

قليلة، سنوات بعد بالسيارات الخاصين والكهرباء الميكانيكO ملوكي وأصبح O مطلبا ورش في السيارات ألصحاب عزيزا

من أنه إذ الجميع، أرضى قد العمل مضمار في وكان التصليح، في عمله سنوات الحراثة. خالل بثور يوصف الذي النوع ذلك

هذا عمهم ابن أن عمه أوالد اكتشف السيارات، تصليح ورشO منهم أحد كان ما الالزم، من أكثر مسالم هو إذ بسالته فقد قادرا الذي الغروب ذلك منذ بسالته فقد قد العم ابن أن التصور على انهارت الشجاعة روحه وأن بااللتواء، ظهره عظام فيه بدأت يريد ال اآلن وإنه القصب، حصير على عاناها التي اآلالم جمر فوق

O به جرت التي الحياة نم واألخرى ةسالغاط الزوارق بين أوالO المقلوبة همدت سيارات بين اآلن به وتجري ظهر، إلى بطنا

أكثر. ال بأمان العيَش سوى يريد ال محركاتها، ظل الكبيرة والشاحنات السيارات من العديد بين وحتى

O uنادي أن يجب ألنه ال الصغير، الصياد بلقب محتفظا دأب بل به، يبعدهم. من اآلخرون وتداوله به، الصراخ على عمه أوالد

طفولته، أماكن عن فيها ابتعد والتي تلت التي السنوات في في وينمو يتغذى ظل خوف من يتخلص لم المندائي، ورشة عن بها يلتقي أال على دأب لذلك األعرج، الصياد ابنة ساهرة من قلبهO المندائي. ورشة على أخرى مرة يتردد أخذ عندما حتى أبدا

الخدمة أداء سن بلغ قد كان الثمانين حرب اشتعلت عندما يرفضه، الجيَش جعل جسمه وضآلة حدبته أن العسكرية. غير

ورشة في القصب حصير على ليتمدد القلب مسحوق فعادO ثانية، مرة المندائي غيره. لكن سيحققها كان ما بطوالت باكيا

O بقوة كلهر المرة، هذه المندائي، قار بإسقاط يقوم أن إياه آمرا وجه من الساحل. فر فوق جانبه على مقلوب زورق عن قديم

التي األزقة إلى الكبير، األسماك مخزن وراء ما إلى المندائي

-20-

Page 21: أغنية الصيّاد الصغير

O نفسه وجد الملعب. فجأة، شارع إلى تفضي مع لوجه وجهاO ليس مكانه في مكانه.. تسمر في فتسمر ساهرة O وال خوفا هلعا

Oشيئ لكن بالذبح، وهددته حدبة له أنبتت التي الفتاة من آخر.. OاO O آخر شيئا في البرق من خيط يتلوى مثلما قلبه في تلوى تماما

من يسقط كاد حتى أمامها.. لهث واقف وهو السماء.. لهث أنه يصدق له. لم ابتسمت بل مثله، تلهث فلم هي اللهاث. أما

وخاطبته: له ابتسمت لكنها الوجه، هذا في ابتسامة يرىملوكي؟ حالك -كيف

ال. أم أجابها قد كان أن يعرف ال بل قال، ماذا يعرف ال نفسه وجد أفاق بنائم. حين طيف يمر كما جانبه من ومرتO O لسان طرف على جالسا الذي المكان مقابل األرض.. تماماحدبة. له لتنبت سنوات قبل منه سقط

-21-

Page 22: أغنية الصيّاد الصغير

-3-

أوالده عن جحيل التالي. بحث اليوم ضحى في الدفانون عاد الخضروات سوقي مقاهي في متناثرين ووجدهم الستة،

يوم بهم عصف الذي الهلع عن الحزين ألبيهم والخردة. رووا بيتهم، من يفرون الفاتحة، مجلس من يفرون وجعلهم س،مأ

O جحيل المقاهي. كان في ليتفرقوا ليحصل إليهم يستمع صامتا سرادق أكبر الثالثة المفوضون نصب كيف هـل المزيد. رووا على

السرادق، هذا وصف إلى بحاجة جحيل كان وما المدينة، شهدته الذين الثالثة أوالده مع بيته إلى عاد عندما الضحى في رآه فقد

الثالثة المفوضين أن ألبيهم رووا المقبرة. كما إلى رافقوه في الغذائية المواد مسؤول يغشوا أو يقنعوا أن استطاعوا كميات فجلبوا حرب، شهيد تعيينات لملوكي ليصرف المحافظة

لم البداية، والسكر. في والقهوة والشاي السجائر من كبيرة من قارئ قرآن، بقارئ جاؤوا بل الصوت، مسجالت يستخدموا

إمام فالح الجوار: الشيخ من أحد ذهن في يخطر أن الصعوبة ال الذي الصوت ذا الشيخ هذا أن يصدق الحسين.. مVن} حي جامع

في الكريم القرآن آيات سيتلو المطربين أعظم صوت يضارعه يصدق، ال الذي هو بدؤوا.. وهذا ملوكي؟.. ثم فاتحة مجلس مجلس أبانا.. بدأوا يا ملوكي من السخرية قرروا أنهم وظننا

O الواحدة الساعة في الفاتحة …ظهراO؟.. هل -الواحدة س؟مأ العرق شربتم ظهرا

وأصابه أباهم أدهَش ما وهذا صادقين، وكانوا ذلك، نفوا يمكن ال ومناسبة يقاوم ال سبب عمهم ابن فموت بالحيرة، أحاديث إلى اإلصغاء من دقائق عشر . بعد العرق لكرع إضاعتها

O ينتقل الهلع بدأ الستة، أوالده أنه جحيل.. أيقن إلى تدريجيا في أسرف التي الباهظة التكاليف ليسدد بيته بيع إلى سيضطر روى الماضية، العشر الدقائق الثالثة. خالل المفوضون تبذيرها كل من هرعوا واألطفال والنساء الرجال أن كيف ألبيهم األوالد أقيم الذي النساء عزاء مجلس وغص الماجدية، وشوارع أزقة ويلقي نجرس ورشة يكتسح وكاد الكبير، األسماك مخزن وراء في المندائي وقوف لوال النهر في المقلوبة وزوارقه أدواته بكل

مجلس يده. أما في غليظة وعصا النادبات الالطمات وجوه امتأل كيف يعلم أحد فال الكبير، السرادق ذلك الرجال، فاتحة

-22-

Page 23: أغنية الصيّاد الصغير

واألطفال هـوحول أمامه الفائضون وقف وكيف بالمعزين، فقد صحيح، ألبيهم األبناء رواه الذي هذا بينهم. كل يتقافزون

O ذبحوا الثالثة المفوضين أن الماجدية في الناس تناقل خروفا القادمون البرازيلي. ورأى الدجاج من صناديق ثالثة وطبخوا العراء األرض في تحتها النيران تضطرم كبيرين قزانين األوائل

الواحدة الساعة نعني الساعة، تلك في السرادق جانب إلىO أبانا. يا ظهرا

رقمو والرز اللحم يأكلون واألطفال والنساء الرجال أخذO والنصف الثانية الساعة من الباذنجان الليل. منتصف حتى ظهرا

في السيارات محطة من الجنود من الكثير عبر العصر ومنذ التي السيارات يجدوا لم الذين الجنود أولئك المقابل، الجانب الشاي ويشربوا ليأكلوا عبروا البعيدة، مدنهم إلى تأخذهم

والقهوة. من فروا ألنهم– الستة ملوكي عم أوالد يره لم الذي أن غير

O السرادق باب التي الثالثة بالتكاليف- الدفاتر مطالبتهم من خوفا المتبرعين المعزين أسماء لتسجيل الثالثة المفوضون فتحها عن يدافع أن الضحى ذلك في جحيل العزاء. قرر لمجلس بالمال

أن وشبابيكه.. قرر وأبوابه وغرفه وسقفه أساساته عن بيته،الثالثة. المفوضين تبذير جراء البيت هذا فقدان دون يقاتل

وال بالمعزين، مكتظ ألنه ال السرادق، أمام جحيل بصر زاغ مربوطة خراف ثالثة رأى ألنه بل خارجه، المنتظرين الكثيرين

O رأى ألنه األول، السرادق سقو إلى صفائح من منظم غير ركاماO جانبها وإلى الراعي عالمة السمن الرز شواالت من آخر ركاما

غرام. كيلو مائة زنة باب في الجالسين الثالثة المفوضين جعل مرآه لكن وراء من النساء معه تجاوبت عال� بصوت ينتحبون السرادق

والزنود الصدور على ولطم وعويل بصراخ األسماك مخزن المفوضين أحضان في الستة وأوالده جحيل بحماسة. ضاع

يعرف ال الذين ينحبالمنت الرجال عشرات أحضان في ثم الثالثة، يجهل الحزن من بحر في جحيل أرباعهم. غرق ثالثة جحيل

O كان فيه. وما غاص كيف يجهل هو أو أعماقه، يصدق أن قادرا بكى لكنه كاألطفال، ويبكي سينتحب أنه الوقور الرجل وهو

من هدر والذي يقاوم ال الذي الحزن لتيار مجاراة ليس وانتحب،O السرادق داخل قلبه أعماق من وبكى انتحب إنما إياه، جارفا

المسكين. أخيه ابن عاناه لما بالجراح المثخنO. يبك� لم كما وبكى عينيه على كوفيته وضع هكذا أبدا أجلسه ليسكبها، عينيه في دموع تبقV لم حين يعني هدأ، حين

األولى األريكة على السرادق مدخل في الثالثة المفوضون مرة، قهوة سقوه عليه، الخدمة صبيان التعازي. دار ليتقبل

O أنفه تحت ووضعوا O طبقا استكان له قدموا بالسجائر، مليئا بصره وزاغ وحوله، أمامه الجالسين في نظره الشاي. أجال

بأقل حتى أو الطريق، في بنصفهم يلتقي أن يتوقع لم فهو ثانية،

-23-

Page 24: أغنية الصيّاد الصغير

حبوب الماجدية: تجار في القوم علية بكثير.. إنهم نصفهم من بقنوط: أكل ذلك. فكر شابه وما ماشية وتجار أسماك وصفاطو

بالذات؟.. ملوكي؟.. ملوكي عزاء في ليشاركوا جاءوا هؤالء بقلبه فشعر الثالثة، المفوضين تذكر التالية، اللحظة في لكنه

مضض. على وقبله الحال تفهم ذلك ومع يغوص، ال أن حاول البيت، بفقدانه الخاص تصوره يمحو أن حاول

O، التفكير عن يتوقف أن حاول هو أو الطريقة، بهذه يفكر تماما أنه يتذكر ولم العداء، الثالثة المفوضين هؤالء يناصب لم فهو

إنهم ثم األسباب، من سبب ألي همطريق منتصف في وقف إلى أو إليه بالنسبة غرباء ليسوا إنهم إلى إضافة أوالده بمثابة

عائلته.O، صحيح وهذا أخرى، أمكنة من وادميق لم الثالثة فهؤالء جدا

الماجدية. في المشي وتعلموا أمهاتهم حليب ورضعوا ولدوا فقد فوليد والجيرة، الصداقة بوشائج معهم ويرتبط آباءهم يعرف كان الصياد ابن هو وعدنان النجارين، سوق في كريم الحالق ابن هو

ومناديها. المحكمة فراش شاكر ابن هو وجعفر صادق، األعرج اآلباء؟.. هؤالء هؤالء عني يتخلى أن يمكن جحيل: هل فكر

من جحيل هلع كان يخذلونني؟.. ما هل عمري، سني أصدقاء.. فهم رحم من ولدت مبالغة الثالثة المفوضين يعرف كما– وهVم}

اإلجراءات من وغامضة طويلة سلسلة على الجميع- يتكئون في يواجهون الذين اآلخرين اآلخرين، لحيرة المثيرة القانونية الزوايا أكثر من القانون رأس نهايته في أو الطريق منتصف

O. بدا أو الظروف، أجبرتهم الذين أولئك لجميع للجميع، ظالما هؤالء الثالثة المفوضين أن بهم االحتكاك على العاثر حظهم عليها. وهذا التغلب يمكن ال بمهارة بالقانون اللعب بموهبة ولدوا حيرة دوامة في ترميهم التي الدهشة هناك وإنما كله، األمر ليس هم لهم، الثالثة المفوضين تنكر من النابعة الدهشة تلك أكبر، طفولتهم تذكر يستطيعون وكانوا والدتهم، منذ يعرفونهم الذين

الماجدية كانت وقت في وجعفر وعدنان وليد ولد وصباهم. فقد عيونهم فتحوا نامية. حين كمحلة وجودها مخاض من انتهت قد

O األمور ومدركين حولهم ما على O إدراكا كانت فيه لبس ال سليما جرافات وتهدها تثلمها لم التي وشوارعها ببيوتها عامرة الماجدية

الطويل البيوت صف ضمن من كان بيت في عدنان البلدية. ولد مخزن عند وينتهي المتقاعد البلدية رئيس بيت من يبدأ الذي

O يشكل الصف ذلك الكبير. كان األسماك شارع جانبي من جانبا فقد جعفر أما الملعب، شارع في وليد القديم. وولد الصيادين

شوارع الجامع. ثالثة شارع عمق في البعيدة األزقة في ولد بالنسبة االتساع بالغة جغرافية قياسات تشكل متباعدة

يزال ما الذي الكحالء النهر.. نهر األطفال. لكن لتصورات القريب شاطئه على جمعهم حقيقي، نهر برهبة حينذاك يحتفظ

السباحة من ثالثة أو صيفين خالل يعرفوا الكحالء. لم جسر من ذلك الصداقة. مع تفعله أن يمكن ما الماء، في والعبث

من الرغم على النهر مياه في تتوحد أو تنبثق لم فصداقتهم

-24-

Page 25: أغنية الصيّاد الصغير

O. لكنها عديدة أيام طوال المتكررة لقاءاتهم وراء ولدت جدا النهر، من اآلخر الجانب في االبتدائية السالم مدرسة سياج األول اليوم ففي المشاكسة، والطباع السيئة النوايا من ولدت

بمسافة الماجدية عن بعيدين أنفسهم وجدوا المدرسة، في لهمO خمسين O ثالثين إلى إضافة الكحالء جسر طول هي مترا هي مترا بعيد عالم في أنفسهم وجدوا والمدرسة، الجسر بين المسافة

O لهم توفر كانت األحوال، كل في فالماجدية، موطنهم، عن جداO، اليوم ذلك في واألمان. وواجهوا الطمأنينة O أيضا قدموا أطفاال

شراسة أقل يكونوا ولم والمحمودية، السرية محلتي من تلت التي األيام في الماجدية. اكتشفوا أطفال من وعدوانية

الساكنين المندائيين األطفال ومسكنة وداعة ذاك األول اليومO كانت الوداعة تلك أن اكتشفوا كما السرية، محلة في O سببا قويا قساوة من الرغم على اآلخرين األطفال عدوانية تفجير في

خشنة لعصبة األولى العالئم بدت والمعلمين. وهكذا المديروجعفر. وعدنان وليد من مؤلفة وشرسة

خوف بين الصفوف متسلقة طريقها العصبة هذه شقت عليها. ثم والمعلمين المدير عصي انهيال وبين منها الطالب

يرفص وراء يلوذ كان مVن} إن إذ وشأن، سمعة العصبة لهذه أصبحO والمعلمين المدير عصي كان منها، االنتقام في أفلح إنه معتقداuطرح O ي حين العصبة هذه تكشفت المدرسة. ثم سياج خارج أرضا

القدم كرة في فذة رياضية قدرات عن االبتدائي الخامس وصلت في عنها يدافع مVن} ووجدت والميدان، الساحة وألعاب والسلة من الالمعة الفضية الكؤوس رأسه أدارت الذي المدير حضرة معلم دأب لخزانته، األعلى السطح مألت التي األحجام مختلف

لكل الوارثة العصبة هذه عن المستميت المدافع الرياضة، في القول على الماجدية، في األوائل للقاطنين الخشنة الصفات

فقط: والمعلمين المدير وليس إنسان كل حضرة المستقبل، في الرياضة نجوم ألمع من الثالثة هؤالء -سيكون

بل فقط، السالم لمدرسة ليس الكبير المجد سيجلبون إنهمبرمتها. العمارة لمدينة

بطن في يزال ما الذي المجد لهذا وقف أرخميدس لكن معلمي من سواء بمقدوره، أحد كان بالمرصاد. ما الغيب

الذين واإلعدادية المتوسطة المدارس طالب من أم المدرسة باألجسام الخاص أرخميدس قانون يحشر أن لتدريسهم تطوعوا كل ذلك عن عجزت الثالثة. كذلك هؤالء أدمغة في الطافية في أمامهم اآلخرون هاسأغط أو وهاسأغط التي والقدور األواني

سيقانهم من أرخميدس أمسكهم بالماء. وهكذا مليئة طسوت االبتدائي. أضمروا السادس في ثانية سنة البقاء على وأجبرهم

العلوم، كتاب في صورته فمزقوا ألرخميدس، سوداء كراهية ليقلعوا أيديهم بين أرخميدس وقوع الثانية السنة طوال وتمنوا بطريقة أمنيتهم لهم حقق الحظ أن شعرة. غير شعرة لحيته

المتوسطة. إال المدرسة إلى يقودهم النجاح وجدوا عندئذ أخرى، فقد دراستهم، طريق في معهم السير يواصل لم الحظ ذلك أن

-25-

Page 26: أغنية الصيّاد الصغير

من ثانية مرة عليهم أرخميدس لحية تأطل حالما عنهم تخلى سنتين وطوال للمتوسطة، األولى الدراسة للسنة العلوم كتاب

والماء الغاطسة األجساد بين التخبط من الخالص في يفلحوا لم على أنفسهم وجدوا التخبط، ذلك من فلتوا المزاح. وحين

المدرسة، مع لهم عهد آخر ذلك المدرسة. كان خارج الرصيف المسائية المدرسة إلى يذهبوا لن أنهم آلبائهم أكدوا فقد

وراء ينتظرهم أرخميدس ألن الثالثة، للسنة الدراسة لمواصلة تقبلوا الثالثة، األبناء إليه آل الذي المصير اآلباء الصف. تقبل باب ورضاهم لقناعتهم بل أرخميدس، جالفة من متيقنون ألنهم ذلك آباءهم وال هم فال الدراسة، في مراحل من أبناؤهم إليه وصل بما ما ربع إلى حتى أو نصف إلى وصل عوائلهم من فرد أي وال

O األبوي اليقين هذا الثالثة. كان هؤالء إليه وصل مفخرة من ضرباإخفائها. عدم سبيل في جاهدوا

النهر في بالسباحة لهم تسمح تزال ما كانت أعمارهم وألنO أمضوا فقد الصبيان، مع واللعب اللعب من سعيدة أوقاتا

وعدم تحاشيهم إلى بأترابهم دفع الذي اللعب ذلك الصاخب،بهم. االحتكاكO. وهكذا والعنف الخشونة نحو ينزلقون كانوا توقع تدريجا القريب في والدتهم الماجدية ستشهد أشقياء الثالثة أن الكثيرون

O هذا يكن العاجل. لم في أنجبت المحلة فهذه طبيعي، غير أمرا جرت التي األحداث لكن الرجال هؤالء صنف من العديد الماضي

الستيني، العقد من األخيرة السنوات في ماجرى يعني بعد، فيما فقدت ومثلما سيقع أنه مؤكد هو ما أو متوقع، هو ما كل خالفت

ومخزن الكحالء جسر بين القائمة بيوتها من صفين الماجدية عريها عن كشفت وكأنها المحلة هذه فبدت الكبير األسماك المصير ذلك وجعفر وعدنان وليد فVقVدV النهر، أمام الداخلي ال إليه سيصلون أنهم على الكثيرون اتفق الذي والغامض المؤلم

نظرتهم في خطأ على المتوقعون أولئك كان محالة. ما بالنظر لهم المشهود من معظمهم وكان لألمور، وقياسهم وليد لمستقبل توقعهم في المعجزات أهملوا إنهم غير السديد، هذا على لومهم على ليجرؤ أحد كان وما وجعفر، وعدنان

أن المعقول من ليس أو عليه، المتعارف من ليس إذ اإلهمال، انقالب فتيان. لكن ثالثة مصير يغير لكي انقالب قيام يتوقعوا

مسار ليغير بل فتيان، ثالثة حياة مسار ليغير ال قام،1968 تموزبأكمله. شعب

مدارس أعلنت االنقالب، حدوث على أشهر خمسة مرور بعد الجويسم نعيم يتأخر الممتازة. لم للشرطة دورة عن الشرطة

O بعادإلا من العائد O شغل والذي مؤخرا O مركزا تنظيم في قياديا الشهادة حملة من العاطلين كل إرسال في العمارة، في الحزب

وكان الدورة، بهذه لالنخراط أعمالهم تؤهلهم الذين االبتدائية، أي يصدق لم المتسكعين، هؤالء ضمن من وجعفر وعدنان وليد نعيم الرفيق به قام بما يثق لم إنه أو الثالثة، اآلباء من أب

أسماء األيام أحد مساء في الثالثة اآلباء سمع وحين الجويسم،

-26-

Page 27: أغنية الصيّاد الصغير

O طويلة قائمة ضمن الراديو من المذيع يذكرها أبنائهم من جدا أخرى مفخرة حققوا أبناءهم أن الثانية، للمرة أيقنوا األسماء،

uذيعت O، بها يتحدثون ظلوا المأل.. مفخرة على أ أحد ال أن إذ طويال في ليس معارفهم، من حتى وال أجدادهم، أو آبائهم من وال منهم

uذيع وعرضها المدينة طول في بل فقط، الماجدية من اسمه أالراديو.

في يجتمعون الثالثة اآلباء بدأ بعضهم، عرفوا منذ مرة، وألولO. كانوا كريم حالقة دكان في أو ليلة كل الصيادين مقهى عصراO انقلبت المصائر أو األمور ألن سعداء البداية، في سعداء رأسا

O عقب، على أن عليهم المقدر ألبنائهم الشرطة مطاردة من فبدال من أبناؤهم أصبح القانون، على الخارجين األشقياء من يكونوا األشقياء وأرجل أيدي في الحديد سيضعون الذين الشرطة رجال الشرطة رجال فعله ما تذكروا تطول بدأت التي جلساتهم خالل

O لبعضهم يروون وبدأوا السابقون، وقعت حقيقية ألحداث قصصا وكيف الجوار، في ومعارفهم ولذويهم لهم وقعت الماضي، في فيه جرت الذي بالشكل تحدث أو تقع، كانت ما األحداث تلك أن

أوالدهم. من الثقة يسحبون بدأو وبالتدريج الشرطة رجال لوالذلك؟ على وافقنا الشرطة؟.. كيف رجال من -سيصبحون

الثالثة فاألوالد أوانه، فات قد المصير هذا على االحتجاج لكن إسبوع. ثم من أكثر منذ بغداد في الشرطة بمدرسة التحقوا على دأبوا حين وباألخص ونكد، هم مجالس إلى اللقاءات تحولت

O تنتهي أسئلة تبادل العهود في الشرطة رجال مثالب عند دائما يمتلك ما بحكم المحكمة وحاجب فراش شاكر الماضية. كان

O أكثرهم المجال هذا في وخبرة معرفة من O يأسا من وتشاؤما الليلية لقاءاتهم أحد الثالثة. في األوالد إليه سيصل الذي المصير

الحالق: كريم تساءل الصيادين مقهى فيالممتازة؟ بالشرطة يعنون ماذا …-ممتازة؟

األعرج: الصياد أجاب سيأخذ الشرطة من الصنف هذا أن يعنون أنهم -أعتقد

عن الثالثة اآلباء كف الحديث هذا بعد المجاورة الدول من رشوةO وكفوا اللقاء، ولكن بعد، تقع لم وأحداث أمور مناقشة عن أيضا

ينبرن آذانهم في تتردد الدول" ظلت من رشوة جملة: "يأخذونالزمن. من طويلة فترة خاص إيقاع ذي

ظل الممتازة، الشرطة مدرسة في تخرجوا أن بعد وحتىO الصبياني العبث الرجولة مالمح من الرغم على لهم مالزما تكتف لم الشرطة مدرسة وكأن عليهم ظهرت التي األولى

سالمة على المحافظة أجل من يجهدون كرجال بإعدادهم أنوفهم تحت شوارب ولصق أجسامهم بمط قامت بل القانون،

O حالقتها الواجب من لحى وإنماء من أساسي كنمط يوميا عنه. العين إغفال حال بأي يمكن ال التي العسكرية الواجبات

وليد جسم استطال طوليهما على وجعفر عدنان حافظ وفيما من ليكونوا العامة األمن مديرية الثالثة. اختارتهم أطول ليصبح

-27-

Page 28: أغنية الصيّاد الصغير

سلوكهم درسوا يعني ملفاتهم، المسؤولون درس أن بعد رجالها العسكري النظام من الرغم على أنه ووجدوا، المدرسة، داخل

األفكار لتهذيب المتواصلة الحزبية والتربية للمدرسة الصارم الخشن والتعامل العنف على دأبوا الثالثة هؤالء أن والسلوك،

الفتيان من فاعتبروهم المدرسة، في طالب الخمسمائة بينO يمتلكون الذين هذا أن التدجين. غير تقبل ال وفظة باسلة أرواحا وعدنان لوليد بالنسبة الفهم هذا وفق يجري يكن لم األمر

األولى السنة في المريرة التجربة هذه مثل واجهوا فهم وجعفر، مسافة محلتهم عن ابتعدوا قد وكانوا السالم، مدرسة من

O.. خمسون خمسين O مترا عنيفة عصبة في يتكتلون جعلهم مترا يبعد وموطنهم التجربة نفس يواجهون اليوم وهم الغرباء، ضد

O، كيلو وثمانون ثالثمائة بمسافة عنهم وازدادوا فتماسكوا متراO شراسة الطالب لهم حسب وعندئذ السابق، من أكثر وعنفا

O العراق مدن جميع من القادمون الخمسمائة وهكذا خاصا، حسابااألمان. على الثالثة هؤالء حصل

O وبذلوا خضر، مالبس دون من مدينتهم إلى عادوا O جهدا هائال وحتى األمن، سلك في انخرطوا إنهم آبائهم إقناع في

حججهم تسند لم المدنية مالبسهم تحت المخيفة مسدساتهم إلى حاجة دون من اآلباء على هبطت القناعة االسناد. لكن تمام

تلك كانت ما قناعة حكومية، حجج أو وثائق إلى تستند تبريرات اآلباء أولئك عقول باتجاه سوقها على قادرة الثالثة المسدسات

عام أيديهم. خالل في وضعت التي الثالثة الرواتب قدرة الثالثةO منهم أي يكن لم مديرية جدران وراء عمله عن للحديث مضطرا

O ألن المحافظة، أمن O يكن لم الماجدية قاطني من أحدا متلهفا عدنان غاص العام ذلك هناك. خالل به يقومون الذي ما لمعرفة سرج وليد امتطى فيما للمديرية، الداخلية المكاتب في وجعفرO نارية، دراجة O المدينة شوارع عبر بها منطلقا البريد موزعا

يد طالت مرت التي الثالثة أو الشهرين خالل بعد، الرسمي. فيما من األسماك ومهربي الغذائية المواد بأسعار المتالعبين األمن

قبضة ذات اليد تلك وكانت بغداد، إلى المحافظة من الصفاطين غرامات دفع مع الحبس إلى أولئك كل ذهب حيث وشديدة قوية بين القانون على يخرجون الذين اآلخرون كبيرة.. تذكر مالية تذكروا القبضة، تلك عن بعيدين يزالون ما والذين وأخرى فترة بـ معهم يتكلمون حين ينعتونهم فبدأوا وجعفر، وعدنان وليد

الدعوات من بحر في الطيبون األوالد الطيبين". عام "أوالدنا أول المسكرة. في المشروبات عنها تغب لم التي والوالئم

كضرب للماجدية المتاخمة البساتين في الوالئم تلك جرت األمر،O الصفاطون لها جند التكتم، من يمكن الذين الوسطاء من عددا

النخيل أشجار تحت من الوالئم تلك بالدهاء. وانسحبت وصفهم السمع، استراق على العصية الداخلية الغرف إلى البيوت، إلى وأسماع أنظار إلى الليلية، النوادي إلى البيوت من خرجت ثم

جميع بحر في العوم من أشهر ثالثة أو شهرين طوال الجميع، الثالثة الممتازون الشرطة صمد المسكرة المشروبات أنواع

-28-

Page 29: أغنية الصيّاد الصغير

O، الوسطاء من المتدفقة الملتوية األسئلة فيض أمام ومن أوال على الثمالة، حتى يشربون بعد. كانوا فيما أنفسهم الصفاطين

O، الخمرة شرب بدأوا أنهم من الرغم يسمحوا لم أنهم إال حديثا المسالك فتضيء أدمغتهم في تتوهج أن المشروبات ألبخرة

سيارة منها تفلت لم التي األمن ألفخاخ الغامضة والدروب عيون في الثالثة الممتازون الشرطة بدا هاربة. وهكذا

O ووسطائهم الصفاطين إنهم إذ مواندو غامضين، رجال من ضربا اصطياد محاوالتهم خالل الصغيرة أسرارهم بعض لهم كشفوا

المعلومات.،O من تحرروا أنهم يعني أمن، رجال كونهم من تحرروا أخيرا

الرغم على وعملهم، الحقيقية هوياتهم وإنكار والغموض الصمتO أن من مدينة طول في بل فقط، الماجدية في ليس أحدا

O األمن. لكنهم رجال من أنهم يجهل ال وعرضها العمارة أخيراميوا ثم وسuجنوا ضuربوا أن بعد طuردوا أنهم والحقيقة تحرروا، uر

وسجنهم طردهم أسباب أحد يعرف المحلية. لم الشرطة إلى المسؤولين أحد إن تلت.. قيل التي السنوات طوال ونقلهمO: خاص مجلس في قال المحافظة أمن في الكبار جدا

األمن سيارات بنزين يسرقون -كانواO جاء الكالم هذا لكن O، متأخرا O جدا الناس أن حد إلى متأخرا

هؤالء أن نسوا المدينة، عموم في الناس وحتى الماجدية، في مستطاعهم في أصبح مرة، األمن. وألول رجال من كانوا الثالثة آلبائهم، رواتبهم تسليم عن كفوا وعندئذ الخضر، المالبس ارتداء بعد وجمعتهم المراكز، على بتوزيعهم المحلية الشرطة قامت

ذلك يتقبلون هم وكانوا ثانية، مرة فرقتهم ثم المديرية، في ذلك إلى سيقانهم يجر المساء دام ما اعتراض أو احتجاج دون من

والموظفين المعلمين من الصنف ذلك إلى الليلية، النوادي في إهانة ظالل حتى أو غضاضة، يجدون ال الذين والممرضين

الدمثين المرحين الشرطة لهؤالء وملحقاتها العرق أرباع تقديم والهزل الفكاهة من ساحرة لمسات الموائد على يضفون الذين

ومعارف أصدقاء الليالي في لهم وجدوا الجميل. وهكذا يشربونه. كانت ما ثمن دفع على االستعداد لديهم ومعجبين عنهما شعرة قدر يختلفان ال الصحو في الفكه وحسهم دماثتهم

O وراءهم يسحبون وكانوا السكر، في تأدية خالل طاهرة أذياال السجائر يتقبلون كانوا أنهم الشرطة. صحيح مراكز في واجباتهم نوع. بدا أي من رشوة في يتورطوا لم إنهم ال الطعام، ووجبات

جنتهم واعتبروه معه تآلفوا مكان آخر، مكان من جاء تورطهم أن تطول أخذت فسهراتهم بها، التفريط ينبغي ال التي الصغيرةO، تصاعدت العرق وكميات والتخلف الغيابات كثرت وعندئذ كثيرا

O العقوبات كثرت وعندئذ الواجبات، عن في والحجز أيضا ردعهم، في العقوبات وال الصارمة اإلجراءات تنفع المراكز. لم

O، المفتوحة النوادي أبواب عن ردهم أو ال أنفسهم هم ألنهم ليال الهائل االنجذاب لمقاومة ضئيلة، كانت مهما قدرة، أية يملكون

المغناطيسية. موجاته ببث المشرعة األبواب تلك تقوم الذي

-29-

Page 30: أغنية الصيّاد الصغير

إلى .. نقلتهم األساليب: النقل آخر إلى الشرطة لجأت ال إنهم ونصف، شهر مرور بعد اكتشفت التي المرور مديرية

مدير وفهم وقوانينه، المرور تجاه حساسية أية يمتلكون المرور. لقوانين احترام عدم "حساسية" بأنها كلمة الشرطة

النجدة شرطة فأعادتهم النجدة، شرطة باتجاه ثانية بهم طوح ألنهم بل ما، أحد إنجاد في أخفقوا ألنهم ال أسبوع، مضي قبل

ركنوا أن بعد العامرة الموائد حيث إلى السيارات طواقم قادواللنوادي. المجاورة المظلمة األزقة في السيارات تسديدها. في يخطئ لم الثانية ضربته الحظ ضرب وحين

أن بعد أوالدهم استقامة من يئسوا الذين الثالثة اآلباء اعتبرO الضربة هذه عليهم، العصي عشرات كسروا القدر من نوعا المعجزات من مغاير نوع ربما هي أو الفهم، على العصي الملغز

O بها أيقنوا ذلك والمارقين. مع بالكفرة الخاصة O يقينا يرقى ال تاما من لحظة لحظة، خالل بأعينهم رأوا قد داموا ما الشك، إليه

هؤالء قفز كيف ألوالدهم، بالنسبة له قيمة ال إن اعتقدوا زمن المفوضين. خانة إلى االعتياديين الشرطة أفراد خانة من األوالد

بوسع حتى وال فكه تدلى الذي الشرطة مدير بوسع كان وما شيء أي شيء.. فعل فعل منه رتبة األقل اآلخرين المسؤولين

في صدر الذي الثورة قيادة مجلس قرار ألن اإلطالق، على الشرطة بترفيع والخاص السبعينيات لعقد األخير السنوات الحاجة عدم حد إلى الوضوح من كان مفوضين، إلى الممتازة

والتفسير. الشرح إلى وليد احتفل تلك، المفوضين عالم إلى الولوج ليلة في مثله تشهد لم الذي األسطوري احتفالهم وجعفر وعدنان

من العديد رأت أنها الماضية. صحيح عهودها كل في الماجدية دامية، بمشاجرات معظمها ينتهي التي الصاخبة الزواج حفالت

ساحة أو بيت في ومحصورة محدودة زواج حفالت ظلت أنها إال الليلة تلك في الثالثة المفوضين حفلة بيت. لكن أمام صغيرة

O. حتى مختلف آخر نوع آخر، نوع من كانت لم الثالثة اآلباء تماماO يعتبروها O اعتبروها بل ولتدينهم، لهم تحديا للفرح يقاوم ال تدفقاالطاغي. خرج الليلة، تلك ظالم يسقط أن قبل العصر، عند

هزيم من فروا أنهم والحقيقة بيوتهم، من الثالثة المفوضون لمجموعات الحاد والغناء األكف وتصفيق والزغاريد الطبول

الوحيدة الماجدية ساحة في التقوا ،اترصغيال الفتيات من كبيرة غير الخضر، بمالبسهم كانوا.الكحالء جسر فم عليها ينفتح التي عشرات تلقوا إذ لهم، أهداها من اليذكرون جديدة بدالت أنها

من مئات تلقوا والمعارف. كما واألصدقاء األقارب هدايا البدالت بإحكام منهن واحدة كل على المثبتة الصغيرة السود الوسائد

صغيرة. بيضاء نجمة األحضان، في وأخذوهم إليهم الساحة في الناس هرع

O وأوسعوهم وظهورهم، أكتافهم على باألكف خفيفة وضربات قبالO أيديهم هزوا ثم O هزا لهم المصافحة. بدا حرارة من ليرفعوا عنيفا

-30-

Page 31: أغنية الصيّاد الصغير

من فروا عندئذ التهاني، لتقديم سيأتي الماجدية قاطني جميع أن جورج عند توقفوا السرية باتجاه الجسر سالكين الساحة الخضر ببدالتهم الصغير دكانه باب من عليه أطلوا منصور،O الالمعة الصغيرة البيض والنجوم الجديدة وسائدها فوق جدا

ابتسامة جورج لهم قمصانهم. ابتسم ياقات في الملصقة السودمجلجلة: ضحكة إلى بسرعة تطورت عريضة

عليكم عوننا في الله -ليكنO. مبكر وقت في الرجل قالها عجيبة نبؤة كانت تلك جدا نظرات إليه أرسلوا لكنهم العرق، من كاملة زجاجة ناولهمبالعتاب.. احتج: محملة

زجاجة؟ من أكثر تشربون -هلوليد: أجابصديق. من أكثر يأتينا -ربما

O. في منهم يأخذ أن ورفض ثانية زجاجة ناولهم الغسق نقودا النخلة النهر. وتحت في الممتد األرض لسان إلى تسللوا

لهم أرسل ما وسرعان األرض، على متربعين جلسوا الوسطىO المقابلة البيوت أحد O بساطا مثلج ماء ودورق الصوف من ثمينا

الظالم في حتى تلتمع ظلت أقداح وخمسة فواكه وطبقلنظافتها.جعفر: قال

أقداح؟ -خمسةعدنان: أجابضيفان. إلينا سيقدم -يعنيO، الضيفان تأخر دكان حيث النهر عبور إلى ااضطر فقد كثيرا

واللبلبي. الرائب اللبن من وكيسين بزجاجة ثينهال وعادا جورج دكان من يعودون ريثما أجلوها لكنهم التهنئة، لتقديم آخرون جاء

األرض لسان فاكتظ التسعة جحيل أوالد إليهم إنضم جورج. ثم شوارع في انتشر قد الحفلة هذه خبر كان النهاية حتى بدايته من

O الماجدية من وخرج األزقة، في توغل ثم األربعة، الماجدية عابرا يصلون المهنئون والمحمودية. بدأ والسراي السرية نحو الجسر

حلقات في توزعوا ثم واألكياس، بالزجاجات محملة بطوابير لسان وحتى الكحالء جسر من النهر كتف محتلين متقاربة، وعصاه نجرس ورشة أوقفتهم أن إلى تجاوزوه ثم األرض،

وجوههم. في المشرعةO شدتهم في الماجدية قاطني عن معروف هو لما وخالفا

تلك في عيونهم أغمضوا الحفالت، هذه مثل عن تغاضيهم وعدم رؤوس على الشارع في العرق كرعوا الذين أبنائهم عن الليلة

ما إلى بصلة يمت ال الحفلة هذه في يحدث ما معتبرين األشهاد،O واألخالق، الدين إلى يسيء الثالثة اآلباء أغمض مثلما تماما

الثالثة. وهكذا المفوضون أبناؤهم وسيفعله فعله عما عيونهم والطريق السوي الطريق بين محايد طريق في الحفلة سارت

-31-

Page 32: أغنية الصيّاد الصغير

الردئ. شارع من فتى جاء الحفلة ازدهار من ثالثة أو ساعتين بعد

O يروه لم الذين الثالثة للمفوضين خجله بسبب بدا الملعب، سابقاO،أ المحلة سوق إلى تخرج لم بيت بفتاة أشبه الكأسين بعد بدا

المحيطين أصوات شجعته بسرعة، كرعهما اللذين األولينالثالثة: بالمفوضين

-علوكي.. هيا..علوكي. -هيا.. يا واللبن الفاكهة وأطباق الزجاجات فوق علوكي صوت وارتفع

من تعرجه أخذ الذي المهنئين صف فوق ارتفع والباقالء، واللبلبي المندائي، نجرس وورشة الكحال جسر بين ما النهر كتف تعرجO النهر فوق ارتفع O بالجسر مصطدما األخرى، الضفة إلى وعابرا

الشارع من اآلخر الجانب في البيوت صف فوق ارتفع كماO صوته المتعرج. ارتفع المهنئين لصف المواجه O، صافيا مصلصال

O تكسراته زوايا من تسيل يتكسر وحين O صغيرة، أحزانا أحزانا البيوت من النسوة باألسى. خرجت تخفق القلوب تجعل رقيقة

العبرات. ويسكبن يسمعن الرصيف، امتداد على ليجلسن المشاجرات تلك دون من مشاكل، دون من الحفلة مضت

الليل منتصف في الماجدية في الحفالت عادة إليها تنتهي التي إلى نداء النجدة شرطة مديرية في السيطرة شرطي وجه

السيارات: طواقم الجسر من الكحالء نهر ساحل يحتلون شخص ألف من -أكثر

O. ويحدثون الساحل الكبير.. يحتلون األسماك مخزن إلى ضجيجا مختلف في مرابضها من النجدة شرطة سيارات اتجهت

لتعبر صافراتها، مطلقة بسرعة اتجهت العمارة، مدينة أنحاء سياراتهم من نزلوا النهر، كتف مواجهة في وتتوزع الجسر

حول الجالسين من طالبين بحذر وتقدموا أيديهم، في واألسلحةO حركة بأية األتيان عدم والكؤوس الزجاجات اتجاهها. كان أيا

صوت: واحتجنشرب؟ كيف -إذن، الثالثة المفوضين رأوا مشرعة وأسلحتهم أكثر تقدموا حين

الظالم في تلتمع الصغيرة البيض النجمات رأوا الوسط، في النجدة سيارات مفوضو وعرف والكؤوس، الزجاجات فوق

شرطي أجابوا ثم والقبل، األحضان دور وحل الحفلة، مفوضيالقلق: أكله الذي السيطرةالشرطة. تخص حفلة خطر.. إنها هناك -ليس

مديرية إلى وال مرابضها إلى ال النجدة سيارات ترجع لم مرحة هادئة الحفلة الثاني. مضت اليوم صباح في إال النجدة وأخرى فترة بين يرتفع الذي علوكي صوت من إال الليل طوال باالنغالق. تأخذ بدأت التي المحتفلين عيون من النعاس ليزيل

ينتشل الليل، منتصف بعد من الثالثة بعد ما منذ نجرس ظل

-32-

Page 33: أغنية الصيّاد الصغير

الجرف فوق ومن اللسان فوق من الساقطين السكارى بقاربه وشتم شتمهم يواصل كان ما خالل النهر.. يلتقطهم إلى العالي

كؤوسهم. أمام جالسين زالوا ما الذين اآلخرين قد أحد ال وكأن التالي، اليوم في الحفلة عن أحد يتحدث لمO كأن المتعرج، النهر كتف على سمأ مساء جلس يشتر لم أحدا

لم علوكي كأن منصور، جورج من عبوتها كانت مهما زجاجة أية ودخل اآلذان فترك الطريق أخطأ الذي العذب صوته يطلق

في الفجر غبَش حتى يستمر لم كأنه نجرس وحتى القلوب، ذهب الصباح النهر. في في سقطوا الذين السكارى التقاط

صدرت الظهر وعند الشرطة، مديرية إلى الثالثة المفوضون ومر جديدة، شرطة بمراكز لاللتحاق لهم جديدة تعيين أوامرO عديدة عديدة، أيام هبعد مرت مثلما بسالم اليوم حد إلى جداO، الناس وحتى أنهم، األفراد. الشرطة من كانوا إنهم نسوا أيضا

بيض نجمات دون من شرطة كانوا عندما تصرفوا ومثلما تلك يحملون وهم التصرف نفس تصرفوا ياقاتهم، في صغيرة

من خال� سلوك وذات طيبة مرحة عصبة ظلوا النجمات، من اللين الجانب إلى واجباتهم تنفيذ في مالوا الغطرسة المتخاصمين خروج فيها عملوا التي المراكز وشهدت القانون،

وأصدقاء. لكنهم متصالحين دماؤهم تسيل الذين والمتشاجرينO اكتشفوا النجمات أن وهو األمر، بادئ في أهمية روهييع لم أمرا

إلى األعلى، إلى دفعتهم قد ياقاتهم في المثبتة الصغيرة البيضO: منهم االقتراب استطاعتهم في كان ما الناس من فئات سابقا

من كبيرة ومجموعة العامون والمدراء الدوائر ورؤساء القضاة طبعهم فقط. كان بعيد من إليهم ينظرون كانوا الذين التجار الحسية اللذة نحو السريع وإنجذابهم الفكاهة إلى وميلهم المرح

ما سرعان فضاءات في عجل على يحلقون جعلهم على القادرةO بدلها تاركة الثاني، اليوم في تختفي حتى يستمر صداعا

البيض والنجمات واالنجذاب والميل الطبع هذا الظهيرة، أبواب خالل من إبطاء بال يمرقون جعلتهم الياقات. في الصغيرةO األكثر الليلية النوادي كانوا حين ارتادوها التي تلك من رقياO، شرطة نوادي بين متنقلين الجديدة أماسيهم فأمضوا أنفارا عن يتوقفوا النفط. لم حقول في والعاملين والمهندسين األطباء

العرق أبخرة من المنبثقة الشاحبة األخيلة نحو اليومي اندفاعهم في المسؤولون يتوقف لم نفسه الوقت رؤوسهم. في في

إليهم التأديبية العقوبات توجيه عن المحافظة شرطة مديرية إلى فلجأوا نفع، ذات غير الزمن من فترة بعد لهم بدت والتي

شرطة مركز إلى وليد المحافظة. نقلوا مركز خارج بهم التطويح إلى وجعفر العزيز، ناحية مركز إلى وعدنان الغربي، علي قضاء كما وضيق بكآبة األوامر هذه إلى ينظروا السالم. لم ناحية مركز من إليه يحتاجون ما بسرعة جمعوا وإنما المسؤولون، توقع

إلى وسافروا الصغيرة، حقائبهم في حشروها وأحذية مالبس على كان التي البائسة المنافي اآلخرون اعتبرها التي األماكن

السرعة. بهذه إليها يصلوا ال أن الجدد المفوضين

-33-

Page 34: أغنية الصيّاد الصغير

في الغارقة النائية الصغيرة المدن تلك في وظائفهم تسلموا مفوضين من ومعقدة، وغامضة قاسية تقاليد ذي ريف أعماق

O أكبر شعر فيها يبق لم رؤوس ذوي مفوضين بكثير، منهم سنا لم لكنهم الشبان، المفوضين لهؤالء باألسى أسود. شعروا

أو اقتنعوا ألنهم اإلطالق، على شخص أو شيء من يحذروهمO التهور يبدو فتيان ثالثة تحذير من فائدة ال أن أيقنوا في واضحا

في فساد أوكار اكتشفوا المتهورين هؤالء أن عيونهم. غير الثالثة. المدينة في الدولة أراضي سراق من ومجموعة مدينتين

جناحي على وجودهما من الرغم على وعدنان، وليد المفوضان للغجر، مخيمين على األولين اليومين في عثرا البعيدن، العمارة علي بين والواقعة للصحراء المشابهة العراء األرض في أحدهما وليد المفوض وقف حمرين.. هكذا جبال وسلسلة الغربي الغجر مخيم أمام الشرطة سيارة ووراءه متباعدين بساقين

القانون. من ومرتعبين مرتجفين ساقية أمام سقطوا الذين غجر بمخيم ليصطدم عمر، نهران في توغل عدنان والمفوض

O مخيم أريافها أو السالم في يكن الموسيقية. لم تهمآال مخرسا وراء فيما غاص أنه غير يغزوه، أن جعفر للمفوض يمكن غجر على الصارمة القانون يد ليضع والثرثار، والخمس الضلع أنهار

أعماق عن الخارجة الدولة أراضي استغلوا الذين الفالحين الريفية المدن تلك في أمضوها التي الثالثة الشهور خالل األهوار فوضعوا واألسواق، الشوارع في تسير ونزاهتهم جدارتهم جعلوا

الحبس. في المشاكل بإثارة المشهورين الريفيين كل مما أكثر المشاكل غيوم تجمعت الثالثة الشهور تلك في مديرية الماضية. اضطرت العشر السنوات خالل تجمعت

uعيد أن الشرطة وأن المحافظة، مركز إلى الثالثة المفوضين ت يرجعوا لم المحافظة حدود خارج إلى الغجر مخيمي بتهجير تقوم الرغم على فيها ذهبوا التي العافية من أفضل بعافية المدينة إلى إلى الطازج.. عادوا الدسم وطعامه النقي الريف هواء من

يثير ما فيها يجدوا لم التي وواجباتهم القديمة مراكزهمO وعادوا الحماسة، أيديهم وكانت الليلية، نواديهم إلى أيضا

O للكؤوس الحاملة إلى المسافة منتصف في تتوقف ما كثيرا في الصغيرة جناتهم ضياع على الحسرات مطلقين أفواههم،

أصدقاءهم، أن غير جلساءهم، أن غير النائية، الريفية المدن تلك لهم يكنون زالوا ما وعرضها، المدينة طول في الناس أن غير لتلك خسارتهم من الرغم على فهم واالحترام، والحب الود

وحبهم ومرحهم وبساطتهم بطيبتهم محتفظين ظلوا الجنان بعد المهندسين نادي في الرجال أحد وصفهم ولقد الخير، لفعل

الليل: آخر في خروجهم الرغم على البيض النجمات قيمة يعرفون ال الفتيان -هؤالء

الماجدية. في وعاشوا ولدوا إنهم من راغبين يكونوا ولم القيمة، تلك يعرفون جعلهم مVن} جاء ثم

ال رغبة أخرى، رغبة طائلة تحت وقعوا لكنهم المعرفة، تلك في طيبتهم سخر الذي المحتال الرجل ذلك تخص بل تخصهم

-34-

Page 35: أغنية الصيّاد الصغير

ساحته إلى نقوده. جرهم كيس ليملئ الكبيرة، بالمنافع وزهدهمO، المدفوعة النوادي في الدعوات من سلسلة بعد وطرح سلفا

O التجاري مشروعه O، جزءا بطريقة فضولهم إثارة في ونجح جزءا قطارة. بعد خالل من أفكاره يسكب وكأنه هائبط في غريبة

البيض نجماتهم على معولين الثالثة المفوضون تحرك أسبوع إلى نظروا الذين الكبار المسؤولين أبواب فتح في الصغيرة

مسؤول: كل من نفسه السؤال وواجهوا بدهشة، ظلهم غازية؟؟.. مشروبات وكالة فتح لكم يمكن -أنتم؟.. كيف

مسؤول، كل حضرة وفي الدولة؟ في موظفون أنكم أنسيتميردون: الرجل، ذلك وضعها التي الخطة وحسب

عالوي. ناصر اسمه مسكين لرجل -نحن؟.. إنها على عالوي ناصر اسم يحمل الذي المسكين ذلك وحصل

والبصرة بغداد من تأتي الشاحنات وبدأت الوكالة، فتح حق الوكالة من تخرج أصغر شاحنات وأخذت الوكالة، مخازن لتملئ والنواحي، األقضية على الغازية المشروبات صناديق لتوزع

وامتألت العمارة، وسينمات مقاهي على أخرى سيارات ودارت المفوضون عرج األول الشهر نهاية بالمال. في المسكين جيوبحصتهم. ألخذ الثالثة

بهدوء: الرجل قالتقصدون؟ حصة أية .. حصة؟

وليد: أجابالوكالة؟ في شركاؤك -حصتنا.. ألسنا

الصراخ: يشبه بما يتحدث الرجل بدأ فجأة،ماذا؟ -شركائي؟.. في

الذين الناس وسط ذهولهم في الثالثة المفوضون بدا الكلمات الماء. فرت في سقطت أرانب مثل حولهم تجمهروا

لم الذي الرجل يحتاجه ما هذا وكان واجمين، فظلوا منهمصوته: نبرة يخفض

يثبت ما للناس بل لي، ليس شركائي؟.. اخرجوا أنتم -إذن،كم؟ودعق قانونية؟.. أين عقود الشركاء بين كالمكم.. أليس

الناس: إلى النظر من فترة بعد حديثه واصل ثم رسمية.. ليس جهة من مصدقة ليست بأوراق حتى -سأقبل

هذه؟ حتى لديكموقال: المتجمهرين إلى التفت صادرة باسمي رسمية السرقة؟.. وكالة تكون كيف -أرأيتم

شركائي.. أألنهم أنهم مدعين هؤالء يأتيني ثم الدولة، منشرطة.. مفوضو

فهموا المتجمهرين لكن يكملها، أن دون من كلماته وترك فوق الوسطى النخلة تحت تجمعوا المساء ذلك بالغتها. في

من الحزن طرد في المترعة الكؤوس تفلح األرض. لم لسان

-35-

Page 36: أغنية الصيّاد الصغير

وليد: قلوبهم.. قاليخدعنا؟ عالوي هذا؟؟.. ناصر حدث -كيفجعفر: أجابالقانون. قواعد ضمن معنا لعب -ألنه

عدنان: تساءل رجل بنا ويبطَش القانون رجال القانون؟.. نحن -قواعد

سوق؟ من يقربها أن دون من يده في زالت ما والكأس وليد قال

فمه: الوكالة معنا.. إجازة لعبه أتقن كيف حق.. انظر على -جعفر

ولم دولة، موظفو فنحن معه أسمائنا درج لنا يحق ال ألنه باسمهO نسجل على مبني العقد هذا مثل ألن العدل كاتب عند معه عقدا هذه دولة.. أليست موظفي كوننا من يأتي والباطل باطل، الثقة بخيط المفوضين نحن ثالثتنا فعلقنا بها، أقنعنا التي هحججبه؟

O: عدنان قال معلقاشهر. أول في الخيط هذا -وقطع

جعفر: قالكبير. بمبلغ كمبيالة عليه أخذنا كنا -لو

وليد: قال المحكمة؟.. إلى بها بالكمبيالة؟.. نذهب سنفعل كنا -وماذا

O. هزيلة مبالغ إلى بتقسيطها المحكمة ستقوم شهرياعدنان: رد

O. منه أخذنا قد كنا األقل -في شيئاجعفر: قال

O أكثر عالوي ناصر -درس مدرسة دروس كل من نفعاالشرطة.

وليد: تساءلتقول؟ -ماذاجعفر: أجابه ثالثة من متعلم نصف سوق رجل نال كيف أرأيت

الثالثة نحن فتطوحنا بمهارة القانون ساحة في مفوضين؟.. لعبالساحة. هذه خارج

يشربوها أن وقبل ببعضها، ودقوها ثانية كؤوسهم عمروادواخلهم. في دوافعها غيرت قد كثيرة أمور كانت

-36-

Page 37: أغنية الصيّاد الصغير

-4-

لم ملوكي، قلب في البرق خيط يشبه ما شيء تلوى عندما في التحكم األقل في أو كبحها، إلى سبيل ال غامضة بقوة يشعر

الخارج إلى السطح، إلى تطفو أو أعماقه في تغوص زمانها، عليه وسلمت ساهرة التقته حيث الزقاق ركن من إياه حاملة

ومخزن الصيادين أكواخ فوق ما إلى البيوت، فوق ما إلى ثم الكحالء، ونهر المندائي ورشة فوق ما إلى الكبيرة، األسماك

األعذاق جانب من به ومارة النخيل، جذوع بين ما إلى به عائدة يشعر الجمري.. لم طور في التمر يزال ما حيث المتدلية بل مرة، أول الحب يهاجمهم الذين العشاق سائر مثل بانعدام

مطرقة رأسه، على هوت هائلة مطرقة تشبه خارجية بقوة شعرO كان أنه لو كما الزقاق ركن في دقته ونصف- متر بطول مسمارا

O األرض، لسان طرف على اآلن الجالس نفسه ملوكي هو مواجهاO النهر ذلك في األمر، في يفكر أن يرد لم للماجدية، ظهره وموليا وسلمت ساهرة التقته عندما الزقاق ركن عند له جرى الذي

تلك من حقيقية ضربة تلقى إنه متأكد ألنه يفكر أن يرد عليه.. لمO المطرقة، اليمنى يده قبضة أن من اآلن متأكد هو مثلما تماما

هذا ضغط تحت وهو له اليسرى. بدا يده كف بقوة تمسك تلك بسبب وخلفه أمامه صغيرة أجزاءO سيتناثر رأسه أن اليقين،

O كان لو كما جسمه من تشع الحرارة أخذت الضربة. ثم على فرنا ورشة باتجاه وركض نابض مثل جلسته من هب االنفجار وشك

O المندائي. تناول O مجذافا بشكل الورشة سقيفة إلى مستنداO واندفع عمودي، O هائجا زورق جانب إلى الواقف بنجرس ومارا أحد فك هياجه معه. وبنفس يتحدث أو يحييه أن دون من مقلوب وامتطى الماء في بقوة دفعه ثم مربطه، من نجرس زوارق

O بعنف الزورق يده. تمايل في والمجذاف مؤخرته الماء ناثراO بساقيه توازنه إليه أعاد ملوكي أن غير الجانبين، إلى عنه بعيداO تجذيفه وبدأ مؤخرته في جلس منتصف إلى القارب موجها بسرعة يجذف وأخذ التيار، مواجهة في مقدمته عدل ثم النهر،

O طويلة لفترة وظل وبقوة، بزورقه يتقدم مكانه. كان في ثابتا تزاحم لكن ثالثة، أو مترين نحوه المندفعة المياه صفائح فوق

ذات لكنها لينة مرايا وكأنها الالمعة البيض الماء صفائح وتدافع منه، تقدم الذي مكانه إلى الوراء إلى الزورق تعيد وقوة عزم أقل بعد وأيقن ملوكي، به يقوم ما مكانه من يراقب نجرس كان الخبل، أصابه قد الفتى هذا أن المراقبة، من دقائق عشرة من

-37-

Page 38: أغنية الصيّاد الصغير

النهر عن شيء كل يعرف الذي وهو بذلك يقوم وفكر: كيف مطرقته النهر؟.. رمى منتصف في التيار يصعد الزوارق، وعن

صوته: بأعلى وصاح الجرف، نحو وتقدم وإزميلهبه؟ تقوم الذي المجنون.. ما -أيها

يستنفد أن يريد وكأنه التجذيف. بدا عن ملوكي يتوقف لم الماء. انتبهت سطح تثقب التي السريعة الضربات بتلك قوته كل

فتركن الجرف، على واألواني المالبس يغسلن اللواتي النسوة رجال النسوة إلى وزورقه. انضم ملوكي وتابعن بأيديهن ما

حركات تضعف صامتة. لم بدهشة� يراقب الكل وبدأ وأطفال تسري ذراعيه أن لو كما وقوة سرعة ازدادت وإنما مجذافه

إليه. كان تنتميان الذي الجسد خارج من تستمدانها قوة فيهما العاجز بسخطه، والمشحونة المتوترة اللحظات تلك في ملوكي

نحو بإطراء يتقدم زورقه أن يرى عليه، السيطرة عن نفسه هو وسط في يجري ما التيار. لكن وضد الجسر نحو الكحالء، جسرO مختلف الشاطئ شهود أنظار وأمام النهر واقعي وغير تماما

،O O كان فالزورق تماما ثبتته مرئية غير قوة وكأن مكانه في متوقفاالتيار. وجه في

وسرعة قوته من التيار ضاعف إنذار، سابق دون ومن دفعة وعزمه قوته فقد ملوكي أن الحقيقة وفي جريانه، الشاطئ شهود فجأة. رأى متوهج مصباح انطفاء مثل واحدة التيار اكتسحه وهكذا جانبه، على الزورق ميالن نجرس وكذلك

O في سقوطه ثم ملوكي انهيار رأوا كما الأيسر، جانبه إلى مائال الأمام إلى فاندفع بالزورق يتالعب التيار الزورق. أخذ قاع

O والنساء الرجال المشروع. أيقن سدة باتجاه نفسه حول دائرا ملوكي أن

فوق الضجيج فارتفع السدة، ركائز على سيتحطمان والزورق من الجمع ذلك رأى حين ثقيل وجوم إلى تحول ثم رؤوسهم،

والنساء الرجال ويسبح النهر في بمالبسه نفسه يرمي وهو نجرس والأطفال

نحو بأحد وتشبث بسرعة إليه نفسه. وصل حول الدائر الزورق بقوة جانبيه

O الأعلى إلى نفسه سحب ثم في جلس الماء. حين من خارجا الزورق

O O الهثا في وجهه على المنبطح ملوكي يوبخ لم بالكامل، ومبلال بالمجذاف ممسكة زالت ما يديه إحدى الزورق. كانت قاع

من الزورق ووجه يده، من المجذاف نجرس بقوة. خلصO الجرف بموازاة قاده ثم الشاطئ، نحو مقدمته إلى به عائدا

الورشة. حيث حصير فوق ووضعه يديه بين الزورق قاع نم ملوكي حمل

أكثر أو العشر الخطوات الورشة. خالل سقيفة أمام القصبO نجرس يفكر لم القصب، وحصير الزورق بين قطعها التي قليال

الفتى.. هذا وزن بخفة فكر بل به، قام ما على ملوكي بتقريع

-38-

Page 39: أغنية الصيّاد الصغير

األسود؟.. الجرو هذا يأكل تساءل: أالسأله: – عليه الممدد ملوكي جانب إلى الحصير على جلس

األمر؟ -ماO، ملوكي نشج O وتحرك باكيا للمندائي.. عاد ظهره مديرا

يسأله: النهر تنسى جعلك السيارات تصليح في عملك -هل

O أصبحت والقوارب؟.. هل O فيه تصعد الذي الحد إلى حمارا نهراوسطه؟ من

النهر: إلى ينظر وهو كالمه وواصل تريد كنت أين ذلك؟.. إلى تفعل جعلك الذي السبب هو -ما

الذهاب؟ هذا أن بد جواب. فكر: ال أي على ملوكي من يحصل لم يستبدل أن كبيرة. تذكر مشكلة أو ورطة في نفسه أوقع الفتىO األسماك مخزن وراء ما إلى واتجه فنهض المبلولة، ثيابه تاركا

O سيصدقها كان وما يجهلها، نيران ألسنة بين يتقلب ملوكي لو أبدامعرفتها. له تسنى

نجرس عاد حين المدينة يضيء يزال ما الشفق ضوء كان القصب، حصير على المدد ملوكي نسي قد كان الورشة، إلى فارق أنه وهلة أول في ثانية. ظن مرة رآه حين إال يتذكره ولم

الظن.. تطلع هذا أبعد الخافت ملوكي شخير لكن الحياة، ارتفع الذي الشفق وضوء النهار بقايا إلى السماء، إلى المندائي

أن وعرف البعيدة العليا السماء بأطراف وتعلق األرض عنO، المدينة على سيحط الغروب O قريبا O وقريبا عفاريت فكر: أن جدا

جوار إلى ينام أن ألحد يصح وال الغروب، مع سينطلقون الجن النائم. ملوكي سيتلبس العفاريت أحد أن المؤكد من نهر، ساحل بجردل وعاد النهر إلى اتجه األمر، هذا وقوع دون يحول ولكي

أنه يعني ينهض، قدميه. لم إلى رأسه من ملوكي على سكبه ماء أن نجرس فاضطر الحصير، على تململ بل نومه، من يهب لم

Oدجر عليه يسكب وبماء بعرقه غارق وهو ملوكي آخر. جلس المنقلبة.. قال: بسحنة نجرس إلى الجردلين. نظر

-لماذا؟O أتركك -هل الغروب؟ عليك يسقط أن إلى نائما مهتزين. تجاوز بساقين النهر باتجاه وسار ملوكي قام مرات عدة فغطس صدره، منتصف إلى الماء وصل حتى الجرف

سطح فوق فقط رأسه وكان النهر، لجرف الضحضاح الماء فيوأذنيه. وعينيه فمه في يدخل أن للماء وسمح الماء،

المقلوبة: القوارب أحد فوق من نجرس صوت جاءهالدنيا. على سيحط فالظالم -اخرج،

جيوبه في نجرس. بحث جانب إلى وجلس النهر من خرجالنهر: في ألقاها أنه غير سجائره، علبة عن

-39-

Page 40: أغنية الصيّاد الصغير

نجرس؟ يا سيجارة -ألديك في تغطس أن قبل جيبك من فتخرجها سجائرك تتذكر ألمالنهر؟

ألن ثانية سيجارة وطلب نجرس، علبة من سيجارة دخن أول ظالم األولى. سقط بلل قد شعره نم يسيل كان الذي الماء

O، المساء غامضين شبحين بعيد من يراهما لمن وبدوا سريعاO زال ما الذي الدخان، يطلقان مناخرهما من ببياضه، محتفظا

وفميهما.ملوكي سأل مقدمات، وبدون فجأة ضربتك امرأة.. فتاة أن شعرت لو نجرس يا تفعل -ماذارأسك؟ قمة على بطابوقة

O صدره في المحصور الدخان نجرس أخرج O خيطا من طويالاآلخر: هو وسأل فمه،

ملوكي؟ يا بطابوقة امرأة ضربتك -هلشعرت. لو -قلت نشيجه تذكر التيار، ضد ملوكي صراع تذكر المندائي لكن

كتفيه من وأمسكه ملوكي إلى القصب.. التفت حصير علىنحوه: وأدارهرأسك؟ على بطابوقة ضربتك امرأة أن أصحيح ـ

O ملوكي انتفض من نهض ثم نجرس قبضتي من نفسه مخلصا ناحية والتفت المقلوب. وقف القارب عن وابتعد مكانه

نجرس... صاح: O أسألك كلما لماذا ـ آخر؟.. بسؤال إلي ترده سؤاال

بمالبس األسماك مخزن وراء ليختفي ظهره أعطاه ثم شوارع في وال الجوار في ال ملوكي يظهر جافة. لم نصف

من والكثير بلبلة ظهوره مساءO. أحدث التاسعة بعد إال الماجدية الليلية حفلتها بدأت التي الثالثة المفوضين ثلة بين والقال القيل الرمادية ببدلته بهم األرض. مر لسان وسط في النخلة تحت

بحروف المكتوبة وبالكلمات األمام من باألزرار المليئة المزرقة ال واحدة، قطعة من بدلة كانت والظهر، الصدر في إنجليزية العمال من سرقها قد وكان المهمة، المناسبات في إال يلبسها

O واسعة مغربة. كانت جسر بنائهم خالل اليوغسالف O جدا قياسا مقاسه. لذلك على ليجعلها لخياط يأخذها ولم الضئيل، لجسمه

O مر وهكذا داخلها، في يسبح وكأنه يلبسها حين يبدو بين سابحا وعلي وبعلوكي الثالثة، بالمفوضين اإلنجليزية والكلمات األزرار

والمسدسات البنادق وعتاد الظاهر في األقمشة بائع وحيد بن النفط بائع موسى بن وبعلي الباطن، في المياه أعماق وقنابلO بهم حصان... مر يجرها كبيرة بعربة علبة يديه بإحدى حامال من وحتى يحييهم، أن دون من مثلج، بماء مليئة معدنية كيكوز

لجلستهم إهانة باإلهانة، الجميع نظرة. شعر عليهم يلقي أن دون بدالت يرتدون كانوا وإن حتى اآلخرون، يحترمها أن يجب التي

-40-

Page 41: أغنية الصيّاد الصغير

أجنبية. عمل جعلتها التي ملوكي خطوات وتابعوا اإلهانة، ابتلعوا انهم غير

O الجانبين إلى تتجه الفضفاضة بدلته األمام. تابعوا من بدال تابعوه األرض، لسان نهاية في النخلة تحت وقف حين ملوكيO به يشعروا لم بفضول المعدنية الكيكوز علبة يضع وهو سابقا

وكيس زجاج قدح جانبي جيب من أخرج ثم برقة، األرض على أكياس ثالثة أخرج آخر جيب ومن الثلج، بمكعبات مليء نايلون

O، النايلون من الخفيفة، الظلمة في محتوياتها يميزوا لم أيضا جانبي جيب من أخرجها التي الكاملة العرق زجاجة ميزوا لكنهمآخر.كاملة؟.. زجاجة ـأحدهم... قتل قرر ملوكي أن يعني هذا ـ

النخلة، جذع إلى البدلة قماش وراء الضائعة حدبته أسند أن الثالثة، المفوضين خاصة لهم، ظهره.بدا أعطاهم أنه يعني

التي قلوبهم أن إليهم. إال الموجهة باإلهانات الليل مأل ملوكي ثم اإلهانات، تلك مع تسامحت العرق، يشربون ما خالل تلين

لم ملوكي أن تذكروا حين تسامحها في ـ القلوب تلك ـ سمتO. دار العرق شرب أن له يسبق ظاهره همس بينهم، همس أبدا

لملوكي. الخير حب على استند وباطنه ورطة؟ في هو إذن، ـ؟... ملوكي؟.. إنه ـ قاطني نصف إيقاع على قادر مVن}

ورطة. مليون في الماجديةهكذا؟.. أنتركه ـإلينا.. فسيأتي ورطة في كان نعم... إذا ـ

أن إليه، يذهب أن اقترح الجميل، الصوت وذ علوكي لكنرأسه. ملوكي حشر أين يعرف

إلى جلس حالما علوكي وجه في زمجر ملوكي أن غير إلى علوكي فتراجع ضار، حيوان مثل وكشر جانبه. زمجر

السابق. قال: مجلسهينهشني.. كاد ـ

يعبر أن ملوكي حاول التكشيرة، وبتلك الزمجرة، بتلك أن بنفسه. حاول لالنفراد حاجته عن الجميل الصوت ذي لعلوكي

O نفسه مع وحيد وهو يفكر استعادة عن لشاآلخرين. ف عن بعيدا أخذ غضبه وإن يغضب، بدأ أنه وشعر الزمجرة، تلك بعد هدوئه

من قدحه حافته. رفع حتى المترع قدحه إلى لجأ وهكذا يتفاقم، مرة. أول يشرب مVن} به يشعر الذي الوجل أو التردد ذلك دون حتى بلعومه من النار فشبت قطرة، آخر حتى وشربه قدحه رفع اللبن كيس وربع اللبلبي كيس نصف بسرعة وابتلع معدته، قاع

O يشبه ما وارتفع عينيه، الدموع الرائب. مألت النمل من جيشا كنذير فمه من يتدفق اللعاب رأسه. بدأ إلى بطنه من المسرع وفمه. ورأسه بطنه على طرأ بما ينشغل لم أنه غير للغثيان،

-41-

Page 42: أغنية الصيّاد الصغير

النخلة تحت الظلمة في جمرتها توهجت سيجارة أشعل أن اضطر جذعها على رأسه يريح أن أراد وحين السامقة،

O عجيزته يزحلق الجذع. وبدأ ذلك عن حدبته ليبعد األمام إلى قليال حين ارتعشت رأسي؟.. لماذا على الضربة تلك يفكر: لماذا

الجمال... آيات من آية حورية.. هي جميلة؟.. هي رأيتها؟... أهي يعاود أن تفكيره.. حاول وارتبك عينيه أغمض الحد هذا عند

فكره. أمام المنافذ جميع سد ساهرة جمال أن غير التفكير،O ومأل جلسته في فشل. اعتدل لكنه ثانية ذلك حاول قدحا

O آخر، O قدحا والثلج، الماء من والقليل العرق من الكثير فيه مترعا من صغيرة شرارات فتطايرت األول، القدح كرع مثلما وكرعه

مساماته. فتح من ساخنة أبخرة جسمه ونفث دموعه، مع النار فمسحه وجهه من غزير عرق وسال األمامية، البدلة أزرار جميع

على قدر مثل تغلي بها أحس التي معدته هدأت بأردانه. حين الجانب في المتوهجة المصابيح عن عينيه أغمض حين النار، يفكر أن حاول انسجام، دون من والمتراقصة النهر من اآلخر والزرق الحمر الصغيرة الكرات الدوائر، لكن أخرى، مرة

أنه يحس جعلته توقف، دونما جفنيه تحت المتحركة والصفرملونة. دوامات في يعوم

الدوائر واختفت النمل جيَش شيء.. اختفى كل اختفى ثمO واختفت الملونة، مسامات من المتدفقة الساخنة األبخرة أيضا خشنة أرض على ال لينة وسادة على يجلس هو اآلن، جسده،O وعاد السريع جريانه عن كف والنهر صلبة، كان، مثلما هادئا

العابث. رقصها عن النهر من اآلخر الجانب مصابيح وتوقفت ثم قليل، قبل واإلرباك البلبلة به عصفت الذي فكره صفا اآلن،

O، يعهدها لم قوة كبيرة، بقوة اآلن يشعر إنه في تستقر سابقاالمحطم. المنهك جسده

للمرة ولو يفكر أن لرأسه النادر الصفاء بهذا يمر وهو حاول الذي الصفاء هذا لوال سيصل ماكان حقيقة إلى يصل أن األخيرة،

O. وماكان الليلة هذه بعد عليه يحصل لن سيصدق أحد أبدا سوء من وهذا ـ ملوكي عليه. لكن قصه أنه لو إليه ماتوصل

طوال المزرية تعاسته على سيطل الذي الباب فتح ـ حظه كان الكأس، تلو الكأس يكرع ماكان التاليتين. خالل السنتين

خالل خوفه أمام البداية في شربه. حار سرعة بنفس يفكر من انقضت التي السنوات تلك الماضية، عشرة األثنتي السنوات

فهذه بيتها، باب أمام من يمر أن دون من ساهرة، يرى أن دون النهر كتف فوق من رمته أن بعد الخوف قلبه في خلفت الفتاة

الخرسانية. الصخور إلىO باإلنسان يمر الذي النوع من الخوف ذلك يكن لم تاركا قلبه بسالة مزق هو بل الزمان، تعاقب يمحوها ما سرعان بصمة

من ساهرة تحولت الصغيرة. وهكذا السن تلك في وهو الجريء دائم. إذن، فزع مصدر إلى بسعادة معه اللعب يمكن صغير كائن إليها؟... النظر أحب أنني بحيث حدث اليوم؟.. ماذا حدث ماذا

أحببتها؟.. لحظة... هل كل في وقت، كل في أراها أن أحب

-42-

Page 43: أغنية الصيّاد الصغير

مVن} هي إنها تذكر حين فزعه وازداد األخير، تساؤله من فزع الجانب أشجار فطارت سريعتين، كأسين حدبته.. كرع له صنع

O النهر وهدر السماء، نحو النهر من اآلخر نحوه. مرتفعاO الفارغة والكأس العرق زجاجة تناول O ونهض بيد، كال واقفا

O يتمايل وهو O. استدار أماما سار ثم الخلف، إلى بصعوبة وخلفا أن دون ورفاقهم. من الثالثة بالمفوضين ومر مهتزتين، بساقين قدميه أن لو كما العينين. سار مغمض يسير كان ألنه يراهم، في وغاب غيره، آخر شخص يقودهما الطريق تعرفان اللتين

O األسماك مخزن وراء الظلمة بيته. عن بعيدا رأسه. في يطن والدوار الثاني اليوم عصر في استيقظ

عينيه فتح أنه يعني استلقائه، من ينهض أن دون من استيقظ في صعوبة جانبه. وجد على مقلوب زورق أضالع فطالعته فقط،O. تذكر فمه وكان المتيبستين، شفتيه على لسانه تمرير جافا

سطح فواجهه اآلخر، الجانب إلى رأسه فأدار وكأسه، زجاجتهO مقلوب قولزر أسود لينهض، جانبه على ظهر. انقلب إلى بطناO الجالس نجرس جفل ساقيه على وقف وحين أمام مقرفصالواحه.أ شقوق بين القطن فتائل يحشر وهو آخر مقلوب قاربتفعل؟.. ماذا ـO.. كنت ـ نائمامتى؟.. منذ ـأمس.. ليلة منذ ـالملعون؟.. األحدب أيها العرق تشرب بدأت ـ

بدلته الساحل. نزع إلى واتجه الزورقين بين من خرج في وحشرها بعناية طواها ثم مرات عدة ونفضها الفضفاضة

لباسه في وهو لنجرس الضفة. بدا إلى مربوط زورق مقدمة وبشرته ظهره أعلى في المكورة وحدبته فقط الداخلي

بالجن يعج مكان من قادم وكأنه للمندائي بدا السوداء، أن غير تلسعه الماء ببرودة فشعر النهر في والشياطين. غطس

وبسرعة مرات عدة فأغطسه رأسه، في ازدادا والدوار الطنينO ماكان الماء: خالل تحت المتماسكة النهر قاع رمال على واقفا

بصدره المار الجرف لمياه الضعيف التيار ماكان خالل القوية، جسمه تنعَش لم الباردة المياه أن أحس ساقيه، ومابين وبطنه بدأ أنه يحس كان العكس، على أمس، ليلة سكرة أذبلته الذي

O قوته يمتص به، المار الماء تيار أن لو كما بالتدريج يذوب شيئا.O فشيئا

فيها وضع التي القارب مؤخرة فوق من نجرس صوت جاءهوحذاءه: بدلتهاألمور. من الكثير سيغير أمر اليوم هذا حدث ـ

أصابعه. أضاف بين تشتعل سيجارة فرأى إليه رأسه رفعنجرس:

-43-

Page 44: أغنية الصيّاد الصغير

وهابي. إلى تعود سمك سيارة الثالثة المفوضون صادر ـوهابي. سيأكلهم ـالماجدية. في اليوم صادفته شخص كل من سمعته ما هذا ـ الصغيرة البيض النجمات سيجعل بلوكهم يبدأ أن وقبل ـياقاتهم. فوق من تطيرO. سمعته ما هذا ـ أيضا

ملوكي. تذكر عيني على صغيرة سوداء غيمة هبطت فجأة،O أن شعر قد ساهرة. كان شقيق عدنان المفوض O، خيطا جديدا

O O خيطا تلك هوت منذ به ربطه قد وبقلبه بحياته يتعلق حساسا إن وسخط، خوف لحظة في وآمن أمس، رأسه على المطرقة

في لها حدود ال مقدرة لديه ينازع ال الذي ينصفاطال ملك وهابي نحو األقل. تقدم في إليه بالنسبة الحيوي الخيط هذا قطع

إلى رأسه في الطنين تحول فقد سيجارة منه وطلب المندائيO قليل قبل كان حيث إلى صدام. عاد اليمنى ويده رأسه مبقيا

.الماء فوق السيجارة تحمل التييقول: المندائي عاد ـO الواحدة الساعة وبعد ـ الحبس. في وهابي وضعوا ظهرا

على الشاخصتين المفتوحتين ملوكي عيني في الماء تدفق ورقة مثل يتلوى الماء غشاء وراء من المندائي رأى المندائي،

ليخرج عينيه وفرك سيجارته بهدوء. رمى الماء يموجها رقيقةالماء. تساءل: منهما وضعوه ثم أسماكه الحبس؟.. صادروا في وهابي وضعوا ـبالمدافع.. الماجدية بضرب إال وهابي يرضى الحبس؟.. لن في

يعتقدون. لكن الماجدية قاطنوا كان ملوكي قال ومثلما سيارة أمسكوا منذ وبالضبط الصباح، منذ الثالثة المفوضين

كيلو وعشرين ثمانية وأعادوها سعد، نهر في المهربة األسماكO سائقها مع الماجدية، شرطة مركز حيث إلى الوراء، إلى مترا

موقعين الوكيل ومع السائق مع حققوا وهابي، أعمال ووكيل إياهم ألهمها التي األسئلة من ومبلبلة محيرة شبكة في بهما

من ساعة نصف بعد التفاصيل بكل يعترفان جعلوهما القانون، الحقيقي المالك تخص أخرى بأشياء ويعترفان التحقيق، حاكم أمام سراحهما. وضعوا بإطالق وعدوهما أن بعد لألسماك أن يمكن ثغرة أي من الخاليين التحقيق محضري التحقيق يقرأ وهو الذهول التحقيق حاكم الدفاع. أصاب منها يتسلل

اآلمال، عليه علق قد وماكان النهاية، إلى البداية من المحضرين المراكز مفوضو يضعها التي والكبيرة العديدة الثغرات تلك يعني تطل أبواب األحوال، كل في هي والتي التحقيق، محاضر في

وهكذا المحضرين، هذين في يجدها لم الموقوفين، براءة علىO له تركه الذي الوحيد الدرب سلك O مفتوحا المفوضون ومعبدا

قضبان وراء ما إلى وهابي أعمال ووكيل السائق، فذهب الثالثة، بخسة بأسعار الصفاطين ملك أسماك وبيعت التوقيف، غرفة

-44-

Page 45: أغنية الصيّاد الصغير

كانت فقد ذلك ومع الدولة، خزينة إلى اإليراد طريق عن ذهبت في القاطنين أرباع ثالثة من أكثر به تلذذ طعم ذات األسماك تلك

الماجدية.. لين أنه وصفه يمكن الذي الرجل ذلك ليس نفسه ووهابي

في به يصطدموا لم الثالثة المفوضين أن العريكة... يبدوO، اختاروه هم بل مصادفة، الطريق كضحية اختاروه اختيارا

يحتفظون يزالون ما قانون كرجال وبأسهم هيبتهم رضفل في تقع لم السيارة تلك أن المؤكد وابتساماتهم. ومن بدماثتهم مالكها الصفاط اسم ذكر يشأ لم مجهول مخبر بسبب قبضتهم

O. لقد زمجرة الدنيا مأل الذي لوهابي بعد فيما قالوا مثلما ووعيدا رجال ألن المهربة، السيارة تلك عن شيء كل يعرفون كانوا

بل والمقاهي، الشوارع في بهم يلتقون كانوا وهابي وعمال لوهابي اختيارهم الماجدية. كان شرطة مركز في ويزورونهم

تربع فوهابي قاطبة، األسماك تجار أسود أقوى مواجهة يعني وهو لطوله، الناس نسيه زمن منذ الصفاطين هرم قمة علىر والمسؤولين، الناس لدى وحظوة ونفوذ ثروة ذو رجل وسي المحملة السيارات من لها عد ال أساطيل األزمنة كل خالل

لماذا يفهم لم أنه إال األخرى، والمحافظات بغداد إلى باألسماك العمارة خارج األسماك تصدير عدم المحلية السلطات قررت بين بمكانته فكر بسمعته، الرجل الموسم. فكر هذا خالل

فقدانه جراء فقده الذي بالمال يفكر لم أنه يعني الصفاطين، ومكيدة مكيدة، أنه على برمته األمر إلى نظر عندئذ� للسيارة،

بالسموم. مترعة قلوب إلى منقادة عدائية عقول صنعتها حقيرةO الماجدية شرطة مركز دخل O زاعقا O وصارخا المفوضين وشاتما

O الثالثة، المركز مأمور الستقباله خرج الصريحة، أسماءهم وذاكرا لينة وكلمات مبتسمة بوجوه استقبلوه الثالثة، والمفوضون

الكالم ذلك "عمي" وجعلوا بكلمة كالمهم يبدأون معتذرة. كانوا،O O، سلسا O هادئا ملك التوسل. وألن يشبه بما يرشح ودافئا

الالمعة البيض النجمات اآلن، يرى، أن يستطع لم الصفاطينها ال تفعله، أن يمكن وما الصغيرة السود وسائدها على تومض ألن فتيان ثالثة رأى إنما الحكومة، تمثل ألنها بل فقط، القانون بقوة أولدهم فتيان ثالثة الماجدية، شوارع في أمامه يتدحرجون كانوا نفسه يكلف ال مVن} نظرة إليهم ينظر تجعله معرفة يعرفهم آباء

وفراش النجارين سوق في بمجلسه: حالق مروا لو لهم القيامO يعمل القريب األمس حتى كان وصفاط محكمة في على صيادا القوارب الستئجار إليه يلجأ يزال ما اآلن وحتى قواربه، أحد

هؤالء تجاه سخطه وتفاقم غضبه تفاقم والشباك. وهكذا الحكومة. وقال بأنف يصطدم جعلوه الذين الثالثة المتوسلين

O الشرطة، مركز باب أمام تجمهروا الذين الناس سمعه كالماO، ليس أنه يقين على وكانوا فيه، لبس ال تام بوضوح سمعوه كالما

O بل O، تهديدا مركز من الصفاط خرج أن بعد بعد، وفيما صريحاO عشر سبعة شهد الشرطة على ووقعوا امرأة، عشرة وأربع رجال

خائفة غير مطمئنة وبقلوب اإلبهام، وببصمات باألقالم شهاداتهم

-45-

Page 46: أغنية الصيّاد الصغير

O، وواضح عال� بصوت يقول وهابي سمعوا أنهم مجبرة، وغير جدا القمامة، في وجعفر وعدنان وليد الثالثة المفوضين سيلقي أنه

في هي كبيرها، إلى صغيرها من الحكومة كل الحكومة، وأن عندي يساوي ال ظالله تحت تتبخترون الذي القانون وأن جيبه، رأوا أنهم شهدوا كما واحدة، فاصولياء حبة نعم فاصولياء، حبة

O، القبر دود سيأكلها التي بأعينهم وهابي أمسك كيف غدا مدخل في مرات عدة وهزه قميصه قمة من وليد بالمفوض

O مرات عدة بالحائط ضربه ثم المركز، من يخرج أن قبل أيضا التحقيق محضر الثالثة المفوضون سيارته. وضع ويركب المركز

O عشر السبعة عليه وأدخلوا التحقيق، حاكم أمام واألربع رجال سيارة حوض في نقلهم إلى اضطروا الذين امرأة، عشرة

ثائرة ثارت أقوالهم، يصدق لكي دفعات ثالث على الشرطة الفاصولياء... بحبة قانونها وصف من اشمأزت التي الحكومة

ر المحضر، من نسخة يقرأ وهو الشرطة مدير وجه امتقع وسيO O كتابا O رسميا O التحقيق، حاكم من فيه يطالب بإمضائه موقعا ضمانا

O الثالثة. المفوضين حياة على وهابي من رسمياO الظالم أصبح اآلن، أن يعني وذلك وهابي، حول كامال

وفي يسلكه، أن أرادوه الذي الطريق له شقوا الثالثة المفوضينO الواحدة الساعة مركز إلى المفوضون أولئك أعاده ظهرا

البصر زائغ الماجدية في الناس يديه. رآه في والقيود الشرطة الخلفي الحوض في القرفصاء جالس وهو الرأس ومكشوف رفضوا قد الثالثة المفوضون الشرطة. كان لسيارة المكشوف

O ورفضوا أخوته، وأبناء أوالده التماسات وكذلك توسالته، أيضا نقله بعدم يديه، في القيود وضع بعدم الماجدية، جامع إمام رجاء أحد وسيركب الخاصة بسيارته بل الشرطة، سيارة في

وجهه: في واسعة وابتسامة وليد معه. قال المفوضين لنا، أب بمثابة هو بل عمنا، أنه بالنا عن يغب لم اآلن لحد ـالحكومة. قانون ومع الحكومة مع تورطونا ال لكن

وقانونها. سارت الحكومة أمام بسرعة المتوسلون تراجع شرطة مركز إلى الصفاطين ملك بيت من ببطء السيارة

لرؤية دكاكينهم من الناس لخروج الكافي الوقت تاركة الماجدية، رمأمو المكشوف... أدار الخلفي حوضها في المتقرفص وهابي

وكلمات الثالثة المفوضون قاده الذي لوهابي ظهره المركز يزال ما التي التوقيف غرفة إلى أفواههم، من تتساقط االعتذار

ووكيله. سائقه فيها يقبع لم أنه غير لشيء، يحتاج كان إن القضبان خلف من سألوه

أغلق والذي لحظة كل في المتفاقم سخطه بسبب يسمعهمأذنيه. وسد عينيه

جديدة: سيجارة أشعل أن بعد نجرس قال قبول عدم بشرط أيام ثالثة لمدة وهابي الحاكم حبس ـ

بكفالة.. خروجهفقط: الماء فوق ورأسه ملوكي قال

-46-

Page 47: أغنية الصيّاد الصغير

الكفالة؟.. رفض لماذا ـالمفوضين. حياة هدد ألنه ـ

وهو أخرجه.. قال ثم الماء تحت رأسه ملوكي أغطسفمه: من الماء يقذفO، سيقع أحدهم أن أعتقد ـ تخيفهم ال وهابي فآل قتيال

الحكومة.الحديث: تغيير فحاول المندائي، قلب إلى الخوف سرى

لم اآلن لحد تأكل؟... أنا لم متى الماء؟.. منذ من تخرج أال ـسوية. لنأكل غدائي... اخرج أتناولO. وراءك سآتي اذهب، ـ سريعا

الزجاجة عن بحث نجرس، ذهاب بعد وحذاءه بدلته ارتدىفزمجر: عليهما، يعثر ولم الورشة أرجاء في والقدح

عليهما... النجس... استولى الصبي ـO الماجدية شوارع في ملوكي تطوح الغداء بعد صداعه حامال

دكاكين أبواب في يتوقف أو مقهى في يجلس مكان. لم كل إلى لم أنه إلى إضافة الحديث، سيدور ماذا حول يعرف فهو معارفه،

O يكن نهاية إلى اآلن. وصل حتى سمع مما أكثر لسماع متلهفا األرض وتبدأ المعبد الشارع ينتهي حيث إلى الجامع، شارع

يبدو الذي البساتين شريط حتى الممتدة السوداء األرض الخالء، البساتين شريط الشرقي. راقب األفق على ينتصب وكأنه

عليه وسيطر األخرى، فوق واحدة الدخان من بطبقات المغمور من مرت والضوء. ثم الهزيل الشفق لذلك بالكآبة إحساس

تنانير أدخنة من متماسكة وغير وواسعة طويلة سحابة فوقه البيوت من المنبعثة الجاف الحطب حرق رائحة وشم الماجدية،

منه، قدم الذي الشارع يسلك لم لكنه الخلف، إلى القريبة. انكفأO تولد التي األزقة، المتشابكة، األزقة إلى انكفأ O انطباعا عن غريبا

تقوده التي األزقة يعرف مشوش. كان عقل من خرجت هندسة ال ألنه ال كبيرة. سلكها مسافات مختصرة الملعب شارع إلى

O يملك هي وتدور تلتوي أزقة بين ملتو� سير في هدره يمكن وقتا ما الوصول يريد ألنه بل نظام، أو استقامة دون من األخرى ساهرة، بيت من مقربة على يقف أو يمر، حتى سرعة من أمكنه مثله. استيقظ بشري قلب يستيقظ لم كما اآلن استيقظ فقلبهO وبيوت كائنات: بشر من يحيطه ما تجاه مشاعره كل قالبا

دقائق قبل كانت التي خطواته أن وحيوانات. اكتشف وشوارع باتجاه سريعة أصبحت هدف، أي من وخالية وئيدة لحظات أو

O: أهذا ساهرة. فكر بيت يبحث الحب؟... لم يسمونه ما متسائال قادر غير ألنه الجواب، يجد أن يشأ لم نفسه هو ألنه الجواب عن

عليه... العثور على وتجاوز الملعب شارع الخلف.عبر من الماجدية سوق اخترق

خلفه. مر الكائنة األزقة في ليغوص السوق من الثاني النصفO بفتاة كهربائية شرارة السريعة. لكن بخطواته إياها متجاوزا

-47-

Page 48: أغنية الصيّاد الصغير

مكانه: في وسمرته صعقتهالخطوات؟ بهذه مسرع أنت أين ملوكي... إلى ـ

أعلى على إياها وضاغطة كبيرة رقية حاملة أمامه ووقفت سلمت التي نفسها األمام...هي إلى متكورين نهداها فنفر بطنها العالي الجرف فوق من به قذفت التي نفسها وهي أمس، عليه التي نفسها وهي سنة، عشرة اثنتي قبل الخرسانية الصخور إلى

مVن} هي إنها ذكر ما إذا بالموت إياه مهددة وخنقته وراءه قفزت جميع من العرق ونز محموم، مثل أمامها قذفته. ارتجف

واقفة ظلت ما إذا عليه سيغمى أنه جسده. توقع مساماتO أمامه أطول: وقتامريض؟ أنت ملوكي؟... هل مابك ـ

وهمهم: ملوكي أفاقO. أسير ال... كنت ـ مسرعا

الوجه في ماكرة ابتسامة رسمت ساهرة داخل األنثى لكن ساهرة ثوب التقط كما االبتسامة، ملوكي الجميل. التقط

الثوب هذا وظل صغيرة، حمر دوائر تنقطه أبيض كان البيتي، قلبه إلى حميمية األكثر الذكرى حياته في لحظة آخر حتى

اكتشف الكئيب الغروب ذلك من اللحظة تلك وعينيه. فيO خانه الذي القلب ذلك قلبه، في مايدور بفتاة ليتعلق إياه تاركا في حدبة له صنعت عندما شهور، طوال اآلالم أقسى له سببتظهره... أعلى

بصوتها: متغنجة ساهرة قالتتساعدني.. أال ـ

O معها الرقية. سار إلى ساحرة إشارة بعينيها وأشارت حامال في يطير بغزارة. كاد وجهه من ينضح يزال ما والعرق الرقية خطوات، عدة بعد خياشيمه في عطرها تدفق عندما الهواء

O سيقف أنه وعرف O أم عاجال قلبه بسبب الموت باب أمام آجال في هو األعرج. وقف الصياد بيت أمام وقف أنه الخائن. غير

تقف الخشبية الباب وعتبة الداخل في ساهرة ووقفت الخارجO ظل لكنه الرقية، منه لتتناول يديها بينهما. مدت لو كما جامدا

ابتسامة عليه. طفت الكرة أعادت الكهربائية الصعقة تلك أنالجميل: الوجه في الثانية للمرة األنثىملوكي؟ يا ماذا ـ

ألم انتبه وإنما السؤال، بسبب ليس ملوكي وجه شحب جانب إلى المجاز. وقفت إلى البيت فناء من قدمت التي ساهرة

والشك. سألت الفضول من بمزيج ملوكي إلى وناظرة ابنتهاملوكي: عن بنظرها تحيد أن دون من ابنتهاالفتى؟.. هذا يكون مVن} ـ

االبنة: أجابتملوكي... تعرفيه؟... إنه ألم ـ

-48-

Page 49: أغنية الصيّاد الصغير

يل؟حج أخ ابن ملوكي ـنعم.. ـ

مليئة بلهجة وقالت األم، عيني من المريبة النظرة اختفتبالحنان:

O أصبح الصغير ملوكي ـ تدخل؟ ال ... لماذا رجال ناول ثم واضحة، أو مفهومة غير بهمهمة األم ملوكي شكر

السابقة. الهمهمة بنفس واالبنة األم وودع ساهرة إلى الرقية منعطف وراء يختفي وهو ملوكي تراقبان واالبنة األم ظلت

األم: الزقاق. سألتمجنون؟.. وكأنه فيها يبدو التي البدلة هذه يلبس لماذا ـ

المجاز.. أجابت: في ساهرة ضحكة رنتO.. كان أن منذ مجنون ملوكي ـ صغيرا

اآلن ال الكالم، هذا مثل يسمع حتى ملوكي الحظ يخدم لم يعرف مثلما عرف أنه حياته. غير من لحظة آخر في حتى وال

األعرج. الصياد بابنة تعلق قلبه أن أمه، ثدي إلى الطريق الرضيع حدبة له صنعت عندما ال أم له أساءت قد كانت إن اآلن يهمه وال وهو بهدوء يفكر أن األمس في حاول مثلما حاول الصغر، في

الجرف. في النهر تيار يؤرجحه قارب مؤخرة على جالس فترة بين نفسه يدس حمر بدوائر المنقط األبيض الثوب لكن مبررة، غير قناعة إلى توصل ذلك، تفكيره. مع ليربك وأخرى

غير أنه وهي تلك، لقناعته الحقيقية األسباب يملك ال أنه يعني والشبابيك األبواب تغلق لن ساهرة أن ساهرة. أو من مرفوض

على والشبابيك األبواب تلك فتحت التي هي ألنها حبه، أمام مثلما الحب ملوكي وابتلع صحته، عن وأسئلتها بابتسامتها وسعها

يعني وذلك بصفاء، قاعها. فكر حتى المترعة العرق كؤوس ابتلع بدوائر المنقط األبيض الثوب ذلك يحشر أن دون من فكر أنه

O نفسه حمر أن تعدو ال ساهرة أن تفكيره، في اإلرباك محدثا التي اإلحباطات عن فرق، ال العزاء، أو الجائزة أو الجزاء تكون

O وقفت والتي حياته، وسمت O ليكون طموحه أمام حائال uشار رجال يباأليدي. له

جورج إلى جانب. هرول كل من يحيطه الظالم أن اكتشف في النايلون. غاص من أكياس وثالثة زجاجة بربع وعاد منصورO وكر األسماك، مخزن وراء األكواخ ظلمة األرض لسان إلى راجعا

O بجماعة المثلج. مر بالماء مليئة كيكوز علبة حمله إلى مضيفا طرفه. حتى اللسان في وتوغل يحييهم، أن دون من األمس ليلة

مؤونته بسط السامقة، النخلة تحت ةنالخش األرض على هناكO وجلس المستوي. شرب غير النخلة جذع على حدبته مريحا الحافة إلى مألها أنه يعني أمس، ليلة شربها مثلما األولى كأسه

كثب عن يراقبه لمن ملوكي قاعها. بدا حتى واحدة دفعة وكرعهاO ظل بل أمس، ليلة حفلة من خبرة أية يتعلم لم أنه يشرب غريرا

المفوضين جماعة كانت الماء، أو الحليب يشرب مثلما العرق

-49-

Page 50: أغنية الصيّاد الصغير

شربه، طريقة وتراقب األرض، لسان على حل منذ تراقبه ولو حتى خمرة بشارب تليق ال بائسة طريقة إنها على واتفقوا

O. تابعوا كان عدنان المفوض فقال ثانية؛ للكأس شربه مبتدئابامتعاض:

الحبس؟ في نضعه انتحار... هل هذا ـعلوكي: سأل

فعل؟.. ماذا ـO، يفعل لم ـ القاتل. الشراب هذا من سننقده ولكننا شيئا

جعفر: المفوض قالO... إنه يشرب لم ـ الشرب. طريقة يجهل سابقا

ناحية من ارتفع مخشخَش. صوت صوت حديثهم قطعO األرض، لسان طرف متتابعة. انصتوا ضخمة آهات مطلقا

معدني أنبوب باطن من والمنبعث المتفجر المتقطع، للصوتO أكثرهم المفوضين. كان جماعة تصور كما ضخم، هو إنصاتا فوق القعقعة تفجرت الجميل. حين الوجه ذو المغني علوكي

O: علوكي قال النهر متنهداهذه؟ أغنية أية ـ

عدنان: فأجابالصغير.. الصياد أغنية إنها ـفيها؟ يقول ماذا ـ

عدنان: قالفيها. يقول ماذا يعلم وحده الله ـ

لسان طرف من القادم المعدني الضجيج توقف فجأة،O أن لو كما األرض. توقف الصوت يختفي أن قرر ما شخصا

ملوكي. فم في الفلين من كبيرة قطعة فحشر لألذان الشارخ كانت الكلمات ألن المبهم غنائه عن يتوقف لم نفسه وملوكي والكالب والقطط الفئران حتى يحشر أن على قادر فهو تعوزه،

رأسه إلى العرق أبخرة صعدت حين توقف لكنه أغنيته، في أين تذكر ثمل وحين بضراوة، الرأس ذلك داخل مافي وهاجمت

عن فتوقف بالضبط المكان تذكر والكأس، األمس زجاجة دفن فربع بها، واإلتيان األرض نبَش إلى يسرع لم ذلك، مع الغناء،

بنفس الثالثة الكأس الكثير. ابتلع فيه يزال ما أمامه الزجاجة أبخرة أخذت الثمالة.ثم ينشد لمن مثالية اعتبرها التي الطريقة

بعاطفة والمملوء المثقل قلبه لتحاصر رأسه من تهبط العرق الثمالة طائلة تحت وهو بها. تيقن أحس أن له يسبق لم جديدة

O ومعشوق عاشق، عاشق، أنه كلمات استرجع حينما أيضا دروب كل يسلك أن هذا يقينه أمام ساهرة. قرر وابتسامات

التي الحب دروب كل سيطرق وكذلك أمامه، ستنفتح التي الحب هو عليه، ينبغي الذي العاشق مصير هو فهذا أمامه، ستنغلق من كنوع تام برضى نتائجه يتقبل وأن أعباءه يحمل أن ملوكي،

-50-

Page 51: أغنية الصيّاد الصغير

في ساهرة تسقطه لم الحب هذا أن ملوكي والقدر. آمن القضاء أن أمه بطن في وهو عليه قuدر إذ هو، قدره القدر، هو إنما قلبه،

O يعيَش نسي ملوكي: حبه. هكذا بلغة يعني وذلك بقدره، سعيداO ونسي رأسه، قمة على هوت التي المطرقة الشرارة أيضاO وانطلق اليوم، هذا عصر صعقته التي الكهربائية في محلقا

العصافير تفعل كما ال انطلق النهر، فوق الراكد الخفيف الظالم السماء، أعالي في الصقور تفعل مثلما بل السريع، بطيرانها

لتوحي رفيف أو حركة دون من جناحيها فاردة ببطء� تدورباإلجالل.

وعقله العشق، بتبعات قلبه ملوكي أنهك الحد، هذا عند إحساس يداهمه األولى األولى.. وللمرة كأسه منذ بدأ بتفكير

مكان من صاروخ مثل انبثق إنما الخارج، من يقدم لم بالسعادة، أول لتداهم الصغيرة الصياد أغنية فارتفعت جسده، داخل من ما

O تضخمت التي المفوضين مجموعة تداهم مVن} حلقة فباتت كثيرا األولى. للمرة المكان هذا إلى أتوا الذين الشبان من واسعة والبقوليات، والفواكه والعرق البيرة زجاجات معهم جالبين جاؤوا

على العرق أبخرة خالل الثالثة المفوضين من يحصلوا أن وآملين أن أجل من وهابي، تجاه السر في اتخذت إجراءات أو تفاصيل

المطلعين سمة متخذين الماجدية، وبيوت شوارع في ينشروها دواوين في تجري التي تلك وبخاصة األمور، بواطن على

المفوضون الحال، واقع وفي الثالثة، المفوضون الحكومة. كان كمفوض الليلي بواجبه يقوم وليد المفوض أن إذ وجعفر، عدنان في لهما والمشاركين القادمين نوايا يعرفان المركز، في خافر

ال العام وضعه في الحال األرض. وألن لسان وسط في حفلتهما درع وراء تمترسا فقد الدولة، أعمال يخص ما قدر يخصهما بدأ الليل منتصف وهابي. بعد مصير حول الصمت من سميك

وقنوطهم أسفهم حاملين باالنسحاب الفضوليون القادمونفارغة. الزجاجات وراءهم وتاركين بن وعلي علوكي الثالثة المفوضين حفالت جالس كان مكان أي إلى يهمهم ال حسين بن وعلي وحيد بن وعلي موسى يقوم أن متوقع ما أو يفعله أن يمكن وماذا وهابي، مصير سيصل

في ينتظموا أن يهمهم الثالثة. كان المفوضين ضد وهابي آل به أو يستمعون أيديهم، في والكؤوس المعتادة اليومية الدائرة تلك

في اليوم هذا خالل جرت التي والمقالب النكات يروونالماجدية.

مات ومVن} المرض سرير على مات ومVن} تزوج مVن} يذكرونO O الوطن.تيقنوا بعلم ملفوفا ليلتهم حفلة أفسد وهابي أن تماما

واصلوا ذلك، مع الحكومة، على وهجومه المهربة بسيارته هذه الحفلة إعادة محاولين الفضوليين، رحيل بعد كؤوسهم قرع

O يعرفونه الذي االعتيادي طريقها في لتسير تعودوا والذي جيدا وكؤوسهم قنانيهم فيها األرض لسان شهد ليلة أول منذ عليه

أيديهم. أصابع بين المتوهجة سجائرهم وجمراتO الحلقة من موسى بن علي انسل إلى األرض لسان هابطا

-51-

Page 52: أغنية الصيّاد الصغير

اللسان طرف إلى نظر عودته خالل مثانته، ليفرغ الساحلوتساءل:

ملوكي؟.. فر هل ـ إلى ملوكي. التفتوا تذكروا فقط، اللحظة هذه في اآلن،

الذهول. يشبه ما عليهم واستولى بعضهم، إلى ثم اللسان طرفحسين: بن علي قال

يا عليها تجلس التي للحافة المقابلة الحافة على جالس أنا ـيمر. أره لم بي... أنا سيحتك فإنه هنا من مر لو عدنان،

جعفر: المفوض قالالجرف. على سقط إذن، ـ

المرتفع. داروا األرض لسان تحت الجرف على الجميع هبط الساحل، مياه في سيقانهم منتصف حتى وخوضوا اللسان حول استمر علوكي لكن مكانهم، إلى ملوكي. عادوا على يعثروا ولم يجلس كان الذي المكان في اللسان. بحث نهاية نحو سيره في وهو رفاقه إلى قدح. انضم أو زجاجة على يعثر ملوكي. لم فيه

يقول:وراءه.. قدحه يترك نراه... لم أن دون من بنا مر ـ

: عدنان سألنراه؟ أن دون من بنا مر كيف هذا؟... أعني حدث كيف ـ

جعفر: قالاألسود. األحدب هذا على طرأت غريبة أشياء ـ

عدنان: قالمنه. نحذر أن يجب ـ

O: قال علوكي لكن ضاحكاO.. أغنيته وجد الصغير الصياد هذا ـ أخيرا

-52-

Page 53: أغنية الصيّاد الصغير

ـ5 ـ

األخير اليوم وهو ملوكي، لمأتم الثالث اليوم ضحى في سبعين الثالثة المفوضون وضع مفترض، هو كما الفاتحة لمجلس

O المفوضين دفاتر يرى وهو الرجل وجه أربد يل،حج يد في دينارا المتبرعين وبأسماء بالمال المتبرعين بأسماء تمتلئ تكاد الثالثة

الحية والخراف النباتي الزيت وصفائح والطحين الرز بأكياس مصائبهم؟... تحرك في هؤالء كل أفي والمذبوحة. فكر: كيف

ثالث لمح حين صدره منتصف إلى وصعد بطنه أسفل من ألم السرادق، نحو وتتجه وليد، المفوض بيت من تخرج كبيرة صوان�

وسط في متباعدة أماكن في بوضعها الفتيان حاملوها قامO الصواني تلك السرادق. حوت الدجاج بأفخاذ مليئة كبيرة صحونا

أرغفة الصواني حواف على وتوزعت بالزيت، المقلية وصدورها دجاجة. عشرين من أكثر قلوا أنهم يلحج الخبز. قدر من كثيرةه هذا عند تفكيره أوقف هذه ستنتهي أين يعرف ال الحد. ألن

O وكان األمور، O، ذلك من واثقا O كان مثلما تماما يحدث هذا أن واثقا كل يعرف مثلما يعرف فهو ملوكي، فاتحة مجلس في مرة أول

اليوم مساء في إال يقدم ال الطعام أن الماجدية، في القاطنينuختم الفاتحة مجلس أن يعني وهذا الثالث، عشاء.. بوجبة ي

بصحن وعاد األكل، صواني إلى واتجه جعفر المفوض نهض حين وليد يل. خاطبهحج أما وضعهما خبز ورغيفي بالدجاج مليءتردده: رأى

لملوكي... ثواب... ثواب الطعام هذا أكل ـيل: حج قال

O ملوكي أشبعتم ـ أمس.. وأول أمس ثواباعدنان: المفوض قال

يل..حج يا بالثواب بالثواب.. سنخنقها ملوكي روح سنغرق ـ من ليس أنه ساخط. فVهVمV بذهول إليه وجعفر وليد نظر تجلس تزال ما وروحه ملوكي من السخرية أو التهكم الكياسة

تهور على وليد السرادق. غطى من ما مكان في منزوية اآلنالسرادق: في الجالسين خاطب حين عدنانO كان األكل... مVن} إلى تفضلوا ـ واجب فتناوله ليتفضل، جائعا

-53-

Page 54: أغنية الصيّاد الصغير

O. فيه ألن ثواباO عدنان وأضاف خطئه: عن التكفير محاوال

الله. يرحمكم فتفضلوا ، السبيل أبناء طعام هذا ـ الكالم، هذا كل إلى بحاجة السرادق في الجالسون يكن لم

أرض على وتوزعت دخلت منذ الدجاج صواني تابعوا فهم واألفخاذ الصدور لحم في أبصارهم وانغرزت السرادق. تابعوها

الرغم وعلى منه، يسيل يزال ما الذي بالزيت والملتمع المحمرO زال ما الوقت أن من مكتظ السرادق فإن الصباح، من مبكرا

ومن الجبهة، من القادمين الجنود من معظمهم وكان بالناس، التسعة يلحج أوالد الجبهة. شارك إلى سيذهبون الذين الجنود

برغم بضراوة المعزين مزاحمين السبيل أبناء طعام تناول في خطوة وال عنه يبتعدوا لم أمس، منذ السرادق يفارقوا لم أنهم

هذا كل وأمضوا أمس، ليلة بيتهم في يناموا لم أنهم حتى واحدة، مجلس إلى القادمين من بمصابهم العزاء تلقي في ال الوقت سورة قراءة من وملوا ودخنوا وشربوا أكلوا بل فقط، الفاتحة نصف قراءة إلى فلجأوا المرحوم، فقيدهم روح على الفاتحة

فكروا. هكذا كاملة، للسورة ملوكي روح حاجة ما إذ السورة، قد يلحج يكن محمرة. لم بعيون اليوم هذا صباح استيقظوا

وال ، المعزين من أحد وماكان أمس، صباح الهيئة بهذه رآهم كل في فهم تراوده، سيئة ألفكار يسمح نفسه، حجيل حتى

قد أكثر أو ثلثهم أن إلى إضافة المرحوم، عم أبناء األحوال،الفقيد. العم ابن رفقة في وشبابه وصباه طفولته أمضى

القزانين تحت النيران أزت وحالما النهار، منتصف عند الجنود من كبيرة مجموعة عبرت الكثيف، الحطب دخان مطلقة إلى المسافرين. انضمت محطة من قادمة الملتوي الجسر

مVن} بذهول لحج السرادق. راقب يغادروا لم الذين الضحى جنود كانت الذين المعزين جموع من أمامه يجري ما يصدق ال

قد كانوا الماجدية من رجال تقاطر ثم الجنود، من طالئعهمO. أمس قدموا أيضا وسلخه األخير الخروف ذبح الذهول وبنفس راقب كما

القزانين. أحد في والصغيرة الكبيرة قطعه ورمي وتقطيعهO راقب جموع متأخرين وصلوا الذين المعزون أزاح كيف أيضا

O الحاملين العرايا شبه والصبيان األطفال من قصديرية قدورا إلى والمرق واللحم بالرز مليئة بها ليعودوا األحجام، مختلف

والمحركين القزانين حول الدائرين الطباخين راقب عوائلهم،O يرهم لم توقف... طباخون دون من مغارفهم تحزموا سابقا

إياهم مثبتين لدشاديشهم األمامية األطراف ورفعوا بكوفياتهم يرى وهو لحج بطونهم. أيقن حول بإحكام المعقودة بكوفياتهم

والصبيان واألطفال صنف، كل من والرجال الجنود، جموع هو أو شيء كل يكون أن يمكن هذا الفاتحة مجلس أن الفقراء،

وتساءل فاتحة، مجلس يشبه أو يكون أن عدا ما شيء أي يشبه أجل من أمامي يجري الذي هذا كل يجري أن يمكن بصمت: هل

كل ألن إجابة، عن البحث مشقة نفسه يكلف ملوكي؟... لم روح

-54-

Page 55: أغنية الصيّاد الصغير

ليثبت وقت أو حجة إلى أحد يحتاج ولن أمامه، يجري كان هذا التعبير بمقدوره ليس سخط صدره، في عارم سخط ذلك. تفجر

يستطع لم ذلك، واحدة. ومع بصرخة ولو منه التخلص أو عنه كائن إلى وأحاله عليه تمرد السخط ذلك أن يعني به، التحكم: بصوت فجأة يصيح ضعيف إنساني عال�

ملوكي؟ روح ـ على تجمعت التي الكلمات األخرى، الكلمات أوقف لكنه

O، بها يفكر أن دون من لسانه ظهر يقوم أن دون من أو مسبقاuرك قد رأسه. كان في بتهيئتها O ت في الطويلة أريكته على وحيدا

إليه. نبَش التعازي تقديم كثرة من جزع قد وكان السرادق، باب هذه مثل مضى فيما رأى قد كان إذا ما المذهول ذهنه في

O يجعله شيء إلى يصل لم لكنه ما، شخص مأتم في الوالئم قادراملوكي. مأتم والئم مع مقارنة عقد على

O. الواحدة الساعة حوالي القزانين في الطبيخ نضج ظهرا للمعزين الطعام بتقديم الثالثة المفوضين أوامر الطباخون تلقىO في في الطعام يقدم لم الماضيين لليوميين السرادق. وخالفا

uقل بل صغيرة، صحون كبيرة صوان� إلى القزان من الرز ن الرز تالل وفوق البناء، مجارف تشبه ضخمة خشبية بمغارف صينية كل لنقل رجال أربعة الكبيرة. تعاون اللحم قطع وضعوا

السرادق. داخل إلى القزانين أمام من الخبز معاجن في الجوار في البيوت من المرق جاء ثم

يحملها الخبز، أرغفة من عالية أعمدة بالمعاجن ولحقت الكبيرة، انتهى أنوفهم. حين مستوى حتى بطونهم منتصف من صبيان

والصبيان األطفال بهم أحاط ،الصواني ملء من الطباخون نحو راكضين األطفال أيديهم. انسحب في القصديرية والقدورO المملوءة بقدورهم بيوتهم O، رزا بقدور ثانية مرة عادوا ثم ولحماالجوار. بيوت من والخبز المرق ألخذ أخرى

من قطيع يفعل مثلما أكلهم المعزون بدأ السرادق داخل في تحدث وكادت الكبيرة، اللحم قطع على الجائعة. هجموا الذئاب

واآلخر. غير الحين بين الثالثة المفوضين تدخل لوال مشاجراتO، كان الطعام أن O كثيرا مأل أعادوا الطباخين أن بحيث كثيرا

على تمشي أخذت الناس أن لحلج فرغت. بدا التي الصوانيO امتأل قد نفسه لحج الطعام. كان O رزا O ولحما O، ومرقا فقد وخبزا

O أصغر صينية أمامه الثالثة المفوضون وضع صواني من حجما الفارغة الصواني القرآن...رفعت مقرئ فيها شاركه المعزين،

في صuب الذي الشاي اآلن اآلكلين. جاء معظم تجشأ أن بعد السرادق. في مرة من أكثر الشاي صواني ودارت كبيرة، أقداح

الغروب. ساعة حتى المتأخرين للقادمين يقدم الطعام ظل األولى سيارتان توقفت قصير بوقت الغروب ساعة قبل ذو والرجل السائق منه أنزل خلفي، بحوض صغيرة شاحنة

O كان الذي والعقال الكوفية األمامية، القمرة في معه جالسا الكوفية ذو الرجل بالصغيرين. ظل وال بالكبيرين ليسا عجلين

-55-

Page 56: أغنية الصيّاد الصغير

عمريهما أن بعد، فيما السرادق في حواليه للجالسين يؤكد من الثاني الطرف في وقفت الثانية السنة. والسيارة يبلغ بالكاد الطرف الملتوي، والجسر الكحالء جسر بين الممتد العراء

نقل حافالت صنف من طويلة سيارة الكحالء، جسر من القريب طغى بصوت وصاح مقدمتها أمام السائق مساعد الركاب. وقف

القرآن: مقرئ صوت علىبغداد... بغداد... ـ

حتى وال أحد، يتوقع السرادق. لم إلى وصل ما كل ذلك في باستمرار المنطلق النداء هذا أن أنفسهم، الثالثة المفوضين

فوضى يحدث أن يمكن المسافرين نقل سيارات محطاتO من خروجهم حال الصغار التالميذ وضجيج فوضى مثل وضجيجا

ما النداء ذلك أحدث كيف الثالثة المفوضون مدارسهم. رأى الجنود أولئك رأوا قد بالسرادق. كانوا عصفت زوبعة يشبه

منذ السرادق أرض على أقدامهم بين الصغيرة السفر وحقائب ساعة في تجمعوا ثم السبيل، أبناء طعام من أكلوا الصباح،

الخبز ومعاجن واللحم الرز صواني حول النهار منتصف مابعد والقهوة الشاي شرب الضحى منذ وواصلوا بالمرق، المليئة

مثل يتقافزون النداء، ذلك بعد اآلن، أنهم إال السجائر، وتدخين أكتافهم... على معلقة الصغيرة وحقائبهم الهائجة الفئران ويزاحم ببعض، بعضهم يصطدم راكضين السرادق من خرجواO، بعضهم ملوكي. روح على الفاتحة سورة يقرؤوا أن ناسين بعضا

في الواقفة السيارة باتجاه الشارع في يركضون اآلن، هم، المعلقة الصغيرة وحقائبهم الخالء، األرض من البعيد الطرف

ضخمة. بدا بندوالت مثل ظهورهم على تتأرجح أكتافهم إلى من زاوية في تبكي ملوكي روح يرون أنهم الثالثة للمفوضينالسرادق.

بسخط: عدنان المفوض قال إذا الجنود نطرد الفاتحة.. هل سورة يقرؤوا لم أنهم حتى ـ

ثانية؟ مرة جاؤوا ماوليد: المفوض أجابه

ال... ـوالسجائر؟.. والشاي األكل ذلك بعد فعلوا ماذا رأيت هل ـ في سيارات هناك بذلك... ليست القيام على اضطروا ـ

أنهم تعتقد فماذا منهم، مقربة على سيارة تقف ثم المحطة،فاعلون؟

uنهي، بل حديثهما، قوطع بعد، فيما فتحه إلى يعودا لم ألنهما أO نسياه قد كانا لو كما الباكية. كان ملوكي روح معه ونسيا تماما

مجلس في يرابط أن عمله رب كلفه الذي القصاب عاملالفاتحة. بسؤال حديثهما قطع مVن} هو الحيوانات بذبح يقوم لكي

O: اعتبره ملحا

-56-

Page 57: أغنية الصيّاد الصغير

أذبح؟ ماذا ـباستغراب: وليد المفوض قال

تعني؟ ماذا ـO أذبح هل ـ O عجال O؟ االثنين أم واحدا معاO ـ O... واحدا O.. ستذبحه فقط.. واآلخر واحدا غدا

بدهشة: القصاب عامل تساءلO؟.. ماذا ـ بغد�؟.. تعني غدا

آمرة: ولكنها رصينة بلهجة وليد المفوض أجابهO... افعل تسأل أنت ـ لك.. أقوله ما كثيرا

الغروب ضوء في القزانين تحت ثانية مرة النيران توهجت ودوت واألعلى، الجانبين إلى الكثيفة أدخنتها مطلقة الواهن قدور تحت الهواء بضغط تعمل التي النفطية الطباخات أصوات من أكثر وانهمكت الجوار، في عديدة بيوت في الكبيرة المرقO الجوار في متفرقة بيوت في امرأة عشرة اثنتي بإشعال أيضا

عزاء في الالطمات النادبات أصوات التنانير. كانت في النيراناآلخر. الجانب في البيوت إلى وتصل النهر تعبر النساء

O جحيل بذل O جهدا O بيتــه إلى يعــود أو يفــر ال لكي هــائال مهــروال يكن مســاء. لم الســابعة الســاعة في الســرادق إلى رجــع حين

مثل ليرى سيعيَش أنه خياله، في حتى وال جحيل، بال في ليخطر الســرادق. لكنــه على أقبلــوا الذين الناس من الغفير الحشد هذا

در الــذي المكــان نحــو مرتبكــة مهزوزة، بخطوات تقدم uأن لــه قــ يغــادره. أن دون من القادمين تعازي فيه يتقبل والذي فيه يجلس

ــل فقط، الماجدية من ليس المساء، هذا المعزون جاء كــل من ب وهـذا الفاتحة، لمجلس الثالث اليوم هو اليوم فهذا المدينة، أنحاء الــذين المتخلفين أولئــك كــل قــدم وهكــذا األخير، اليوم أنه يعني

ــومين خالل المجيء عن تخلفــوا لكنهم المجلس بهذا يعرفون الي األمس فــزع القــديم، الفــزع األسباب. عــاد من لسبب الماضيين

O جحيــل يطــرق دفــاتر ثالثــة رأى فقــد الســابق، من أمض طرقــا يكــون لن أنــه يعــني وهــذا وجعفر، وعدنان وليد أيدي في جديدةO مضــافة ثانيــة حياة عاش لو حتى الموتى ديون تسديد على قادرا

الحالية. حياته إلى القدوم. كان عن تنقطع لم التي المعزين وفود جحيل راقب الخشبيةكاألرائ على أجسادهم الناس وحشر اكتظ، قد السرادق واآلخر. الواحد بين اصبع مسافة يتركوا أن دون من الطويلة، السرادق على المطل البيوت صف من أخرى أرائك خرجتO وصفت السرادق بين المسافة منتصف حتى جنب إلى جنباO جحيل رآهم مثلما المعزون كان الكحالء وجسر O خليطا من ضخما والمعلمين المواشي وتجار والصفاطين الشرطة ورجال الجنود

مبالغ بمودة يصافحونه الحرة. كانوا المهن وأصحاب والموظفين إنهم غير يجب، مما أكثر رقيقة عزاء كلمات ويسمعونه بها

دفاترهم يفتحون الذين الثالثة للمفوضين النقود يعطون

-57-

Page 58: أغنية الصيّاد الصغير

يفكر مثلما فكر، تعاسته، يضاعف هذا وكان األسماء، ويسجلون وتزوجوا وعملوا وعاشوا ولدوا الذين أمثاله من البسطاء الرجال

O يشابهونهم أبناءO بواجوأن ولو بالهم في يخطر لم والذين تماما إن اآلخرين.. فكر فوق واحدة درجة أنفسهم يرفعوا أن للحظة

فكره المعزين. لكن هؤالء بكل معرفة على ملوكي كان هو ألنه اإلجابة، على بالحصول يهتم لم الموتى بديون المشوش

بيته في ونما ولد الذي أخيه ابن عن شيء كل يجهل كان نفسهO يجهل هو بل الطريق، قارعة على ومات عن شيء كل أيضا تمددهم من أكثر ليست البيت مع فوشائجهم التسعة، أوالدهة على حياتهم. تفاصيل عن الحديث عن العاجزة النوم أسر

على الثالثة المفوضون ودأب ويودعون، يأتون المعزون كان وأخبر وحيد بن علي جاء العشاء لتناول منهم الكثير حجز

أحدهم. يريد المقرئ أن الثالثة، المفوضين: بصوت سألهم الذي بالمقرئ الثالثة المفوضون أحاط عال�أختمه؟ وقت أي الفاتحة؟.. وفي مجلس أختم -هل

أذنه: في وليد المفوض همسالحقير. الدين رجل يا صوتك -اخفضالدين: رجل انتفض

؟.. أنا؟.. ياأوالد الجرباء.. الكلبة -حقير؟.. مVن}عدنان: المفوض أسكتهالحبس؟ في نضعك أن بهمس.. أتريد -تحدث-لماذا؟

وليد: أجابه عقود يجروا أن الدين لرجال يسمح والقانون متى -منذ

والطالق؟ الزواجباستمرار.. قال: المرتعَش وجهه في ابتسامة علت

الجرباء الكلبة أوالد -يا المفوضين طفولة صديق القرآن ومقرئ الدين رجل كان صوته بصره. كان يفقد أن قبل المدرسة إلى معهم ذهب الثالثة،O األعراس في يغني أخذ أعمى أصبح وحين الطفولة، منذ جميال

واستمع بالمدينة، مر كبير دين رجل لكن األوالد، ختان وحفالت النجف، مدينة في دينية مدرسة إلى ينتمي أن فأقنعه صوته إلى

الناس في يخطب وبدأ وجلباب، بعمامة سنوات خمس بعد وعاد تالوة على اعتاش لكنه المدينة، طرف في جامع في الجمع أيام

الفاتحة. مجالس في القرآنالدين: رجل قال

إذن؟ ستختمونه -متىوليد: المفوض قالأيام عشرة بعد بعد.. ربما نقرر -لم

-58-

Page 59: أغنية الصيّاد الصغير

الدين: رجل احتجO لكم جدوا الحال هذه في أيام؟ -عشرة آخر مقرئا

وليد: المفوض قالالمقرئ هو -أنتالدين: رجل أصرولن.. الحبس إلى المجلس.. أذهب هذا في أواصل -لن

ثانية: مرة عدنان المفوض أسكتهبسالم تمضي الليلة -دع

O المعزين آخر خرج بسالم. حين الليلة وأمضى بعد مودعا منتصف قبل األخيرة الساعة حتى استمرت التي العشاء وليمة واأالمبكر. أطف ملوكي رحيل على الثالثة المفوضون بكى الليل،

O جحيل يتركهم أن وقبل المصابيح، سألهم: بيته إلى ذاهباأيام؟.. لماذا؟ -سبعة

خديه: على يزاالن ما الدموع وخطا جعفر المفوض قالملوكي. يموت يوم كل -ليس

جحيل أوالد تسلل السرادق، خلف النهر كتف ناحية من علي تبعهم دقائق. ثم بعشر أبيهم ذهاب بعد الداخل إلى التسعة

علوكي آخرهم وكان موسى، بن وعلي حسين بن وعلي وحيد بنO. في صدره إلى يحضن الذي لهم نظموا السرادق عمق شواالO ونظام بسرعة رتبوها الطويلة، األرائك أماكن بتغيير مكانا

قد كانوا أو العمل، بهذا القيام على تعودوا أنهم لو كما وبصمت الفسحة في جلسوا مرة. وهكذا من أكثر اآلن قبل به قاموا

إذا يراهم أن أحد باستطاعة كان وما ،كباألرائ المحجوبة األخيرةO غرة. أخرجوا حين على السرادق دخل ما بالكبدة مليئة صحونا

O والطماطة، البصل مع المقلية مترعة صغيرة وكاسات وصحونا زجاجات نهضت الصحون وبين الرائب، واللبن والخيار باللبلبي

الليلة منذ فرغوا، قد الثالثة المفوضون كان العرق من كاملة بنسيان الخاصة فلسفتهم إسناد من الفاتحة، لمجلس األولى دعائم على ملوكي لفقدان القاتم الحزن ذلك إغراق أو حزنهم

عم أوالد الفلسفة هذه في العرق. وشاركهم قناني من قوية موسى بن وعلي حسين بن وعلي وحيد بن وعلي التسعة ملوكي

وعلوكي. من اللحظة هذه حتى يزالون، ما الثالثة المفوضون كان

المفاجئ الموت صدمة تأثير تحت ملوكي، لرحيل الثالثة الليلة وتعداد ذكر في األولى كؤوسهم بعد بدأوا لرفيقهم. وهكذا

O فيه وقالوا الفقيد، مناقب أغلظ تمزيق على القدرة له كالما يكرعون كانوا ما خالل عالية بأصوات نحبوا وهكذا القلوب، قماش وراء من جحيل صوت رن الثانية. فجأة كؤوسهم

السرادق:-وليد.. وليد.

-59-

Page 60: أغنية الصيّاد الصغير

وهي منهم البعض أيدي تجمدت مثلما قلوبهم في الدم تجمد الذي وليد المفوض إلى زائغة بعيون الكؤوس. نظروا تحمل يجري بما معرفة على جحيل يكن فمه. لم إلى سبابته عامد المرات اآلف تقلب البيت، إلى ذهب حين السرادق. فهو داخل تهاجمه الموتى ديون دفاتر وكانت السطح، فوق فراشه على وجاء فراشه من الذئاب. هب من قطيع مثل جانب كل من

O أغلق الذي بابه من يمرق أن يستطع ولم السرادق، إلى مسرعا نواح وسمع السرادق حول الداخل. دار من بإحكام عuقدت بحبال

قلبه أن شعوره من الرغم وعلى الداخل، في الموجودين الموتى ديون دفاتر أن إال الصغيرة، القطع ماليين إلى ظىتش

ثانية. مرة لصقها أعادتوليد. -وليد.. يا

براحة؟ نبكي تتركنا أن يمكن جحيل؟.. أال يا تريد -ماذا على أثقل كانت الديون تلك أن غير بالذنب، جحيل شعر

الجديد.. قال: الذنب هذا من قلبهوليد.. يا -الدفاتر

تتحدث دفاتر أية -عن والمسكنة.. التوسل من اقتربت حتى جحيل لهجة النت

قال:O تعرف -أنت فقير.. رجل أنني وجعفر عدنان وكذلك جيداO.. أنا ليعطوا فاتحة مجلس أي إلى يذهبوا لن وأوالدي يا نقودا

ثم امتألت التي الدفاتر الموتى؟.. تلك ديون أسدد كيف وليدأخرى.. دفاتر فتحتم

بغضب: وليد قالالدفاتر؟ عن بحديثك ملوكي على بكاءنا لتقطع -أجئت

تسدد. أن ويجب وليد يا ديون -إنها فالدفاتر دفتر، بأي دماغك تشغل وال ونم جحيل يا -اذهب

التي األخرى بها وستلحق النهر، في رميناها امتألت التي األولىامتألت. ما متى فتحناهابدهشة: جحيل قال

النهر؟ في -رميتوهاO بها؟.. إن تحتفظ أن تريد -أكنت دين بتسديد يطالبك لن أحدا

الدفاتر؟ معك معك.. هل ليست الدفاتر ألن ميت،-ال.

بكاءنا. نكمل ودعنا ونم جحيل يا إذهب -إذن، أي من ذنب أي يثقلها لم بخطوات السرادق عن جحيل ابتعد وكر من يهرب أنه لو كما سريعة بخطوات بيته إلى نوع. اتجه

O اللحظات تلك في قلبه كان للشياطين، والسخط بالكدر مشحونا النهر. في الثالثة المفوضون رماها التي المعزين حقوق بسبب

بالجحود المطعون قلبه إلى بالعودة أخذت الطمأنينة أن غير

-60-

Page 61: أغنية الصيّاد الصغير

تذكر حين الثالثة، المفوضين سلوك تذكر حين الحقوق، وغمط فربما ربه استغفر ما سرعان أعمال.. لكنه من به قاموا ما

ذلك مع الثالثة، المفوضين على اآلخرين من افتراءO كانت ظنونه وجد ألنه الليل.. جافاه من متأخرة ساعة حتى النوم جافاهO وكان نفسه، حقوق ابتالع في سيشترك إنه ذلك، من متأكدا

O جلس أنه لو المعزين O وظل غدا السابع اليوم حتى جالسا يتقبل نفسه الوقت وفي منهم، العزاء ليتقبل الفاتحة لمجلس

في منهم مساهمة يدفعونه الذي مالهم الثالثة المفوضون بل النهار، وضح في سرقة الميت. فكر: هذه ذوي أعباء تخفيف

البيت من يفر أن الكريم. قرر القرآن آيات ظل تحت سرقة هيO يجلس لن أنه قرر كما عمله إلى ليذهب الفجر في باب في أبدا

السرادق.

-61-

Page 62: أغنية الصيّاد الصغير

-6-

قاربين بين ملوكي نام السابقة، الليلة في حدث ومثلما الليلة قاربي نفس ليسا ولكنهما الساحل، على مقلوبين

O الورشة إلى قدم حين الضحى في نجرس الماضية. رآه إال عارياO الداخلية، مالبسه من الجنين يتخذه الذي الوضع ذلك في متكوراO كبرت أنها لو كما حدبته وظهرت أمه، بطن في كانت عما كثيرا

إنما بالحدبة، ينشغل لم المندائي أن غير مضى، فيما عليهتساءل:نائم؟ وهو بدلته سلبوه -هل

المزرقة الرمادية البدلة تلك رأى عندما المندائي اطمأن القاربين أحد ظهر على مرمية رآها األجنبية، بالحروف المليئة

O الفجر في استيقظ قد يكملو بإهمال. كان المقلوبين سابقاO األفق، تسلقه في الذهبي الشمس قرص شعور بنفس وشاعرا

ارتكاب على يقدمون يجعلهم الذين المولهين العاشقين النهر في وغطس وحذاءه بدلته راضية. نزع بنفس الحماقات

فأغطس الماء برودة الجفنين. لسعته مطبقتي زالتا ما بعينينO وظل رأسه ثم نفسه، انقطع حين إال يخرجه ولم إياه مغطسا ثم ساقيه، بين يدور الماء بتيار يحس الماء. كان برودة مع تالءم

ينوء زال ما الذي رأسه في ساهرة انبثقت عندما عيناه انفتحت يسترجعها، أن حاول بسرعة، اختفت ساهرة السكر. لكن بثقل

وهو حاول غامض، بطنين المملوء الرأس ذلك إلى يعيدها أن أن إال بقوة، يغمضهما وهو حاول ثم وسعهما، على عينيه يفتح

O أعال� إلى بجناحين حلقت الحبيبة ينعشه أن من مجهولة. وبدال خدرها التي قوته مكامن ويوقظ ويفيقه ينعشه البارد، النهر ماء

O، برقة النوم. قاومها من ولذيذة رقيقة موجة دهمته السكر، أيضا في سار بل الجرف، إلى النهر من ويقفز ينتفض لم أنه يعنيO، الماء O متمايال حالم، شخص ببطء النهر قاع فوق قدميه ناقال

أعماق إلى ويجرفه به يغدر كاد الذي الضحضاح الماء من وخرجO النهر، أن دون حتى القارب، ظهر على المرمية ببدلته وماراO يراها، السابق. لم مكانه نفس في القاربين بين نفسه وملقيا

Vاآلن تحولت فقد اللذيذة، رقتها على محافظة الموجة تلك تبق يسبق لم بسرعة المتغيرة واأللوان الدخان من طبقات إلى

O رأى أن لملوكي لها. مثيالO ألن الضحى، في ملوكي يوقظ أن نجرس اضطر O كلبا سائبا

-62-

Page 63: أغنية الصيّاد الصغير

وسأل: وجهه، عن اللزج اللعاب أزال ملوكي وجه يلعق وأخذ جاءذلك؟ فعل -منالكلب. -ذلكبغضب: ملوكي قال

ذلك؟ يفعل -وتركته تهيئتها. غطس في وبدأ القار كورة إلى عليه. اتجه يرد لمO ليسترد ال ثانية، مرة النهر ماء في ملوكي في منه ضاع حلما في الكلب به قام ما سائب. اعتبر كلب بالع ليزيل بل الفجر، آخر حتى منه الفكاك يستطيع لن ربما سيء، فأل نذير وجهه

بدلته في الضئيل جسمه يدخل كان ما خالل العمر. فكر،O، وبالقدح سمأ أول عرق بزجاجة الفضفاضة، وأصيب أيضا

دفنهما أين تذكر أنه متأكد هو خبئهما، أين يتذكر لم ألنه بالذهول ذمة برأ أنه من متأكد هو مثلما أمس، ليلة يشرب كان عندما

O عاجز اآلن أنه سرقتهما. إال من نجرس المكان تذكر عن تماماO أن لو كما بسكين، قشطهما أو دماغه من بمسحهما قام شخصا

كلب. لسان ظهر على جاءه الذي السيئ بالنذير منآفO: به يمر أن قبل نجرس أوقفه قائال

لتقييره جاهز زورق تتأخر.. لدينا -الساعة؟ أية -فيالغداء -بعد

غداءك؟ تتناول متى أعرف -كيفO. الثانية الساعة بعد -إذن، ظهراO نفسه ملوكي اعتبر بذلك ورشة في يومية بإجرة عامال

منتصف في الواقع الماجدية سوق أو الماجدية نجرس. كانت حدث عما المعلومات بآخر المشترين يزود الملعب، شارع

اليوم. هذا وصباح أمس يوم خالل وهابي آل فعله وعما لوهابي، أحد سيجندلون وهابي آل أن الماجدية في الناس توقع

عشيرة ألن ثالثتهم، يجندلوهم لم إذا هذا الثالثة، المفوضين قوية وأوالدهم، وأخوته أوالده العشيرة بتلك ويعنون وهابي،

الثالثة المفوضين آباء المتنفذ. حتى المال ذوات ومن الشكيمة ليلة بيوتهم. لكن بأبواب ستصطدم كبيرة مصائب أن توقعوا أن دون من الظهيرة من يقترب الصباح وهذا بسالم، مرت أمس

من الظهيرة في السوق إلى األخبار جاءت شيء. ثم منه يلد عن الدولة في المتنفذون المسؤولون بها: تخلى موثوق مصادر أمام وهابي يفخر كان الذي المحافظ نائب وحتى وهابي،

هذا حتى له، الحميمة بصداقته األصدقاء وغير األصدقاء وجهه يربد ولم باألمر، سمع حين وجهه أربد الكبير المسؤولO O بل لصديقه، جرى لما استنكارا الجاحد الصديق هذا على غضبا

O منه وصنعت بل الدولة، له قدمته ما لكل انتشلته أن بعد رجال هذه الغضب شرارة إن البائسة، الصيادين زوارق فوق من

أنها إال عام، مائة كل في مرة إال تحدث ال مصادفة أشعلتها

-63-

Page 64: أغنية الصيّاد الصغير

O وهابي من لتجعل حدثت في بالرصاص الرمي يستحق رجال آل من وفد إلى بذهول يستمع المحافظ نائب عامة. كان ساحةO يعرف يكن بعميدهم. لم المنكوبين وهابي وقد األمر، عن شيئا والمستندة المترتبة والحقوق االعتبارات على الوفد أعضاء راهن هي مثلما الحقائق له فذكروا الحميمة، الصداقة دعامات على الذي السبيل أو المنفذ يجد أن أجل من تزوير، أو تحوير دون من

الذي البسيط المأزق هذا من لإلفالت صديقه يسلكه أن يمكن كارثة إلى ومغمورين مستجدين مفوضين ثالثة أيدي على تحول

دهشته عن التصريح عن المحافظ نائب يتورع كبيرة. لم سخيفة.. ماذا نكتة من أكثر ليس كله األمر واعتباره واستغرابه

إلى بغداد.. يعني أين؟.. إلى مهربة؟.. وإلى اسماك سيارة تعنيO ليس هذا الوطن، داخل الناس.. هذا يعرفه الذي بالمعنى تهريبا

سيارة تعني تصريحه.. ماذا المحافظ نائب وسع سخف.. ثم العمارة في الصفاطين ملك لوهابي؟.. وهابي بالنسبة أسماكر أن بمقدوره والذي O يسي O األسماك، سيارات من أسطوال أسطوال

حين فجأة توقف األسطول ذلك نهاية.. لكن له وليس بداية له المحافظ هو اآلخر الطرف في المتحدث وكان الهاتف جرس رن

O. صافحه مكتبه إلى حضوره طلب الذي برتب ضباط ثالثة فوراO المحافظ وخاطبه عالية، بهم: معرفا

O يشكون جاءوا الفيلق من ممثلون -إنهم إلينا أمراقليلة: بكلمات الضباط أحد وشرح وحدتنا أن يعرف كمبالتموين. جنا عن مسؤولون -نحن

عناصر أحد الوحدات لهذه التموين وإدامة الجبهة في تقاتل يقاتل أن عليه العسير من الجائع فالجندي أهمها، وربما النصر،

فيه التموين وحدات أعني القتال. والفيلق، هذا يواصل وإنإسبوع. من أكثر منذ األسماك في نقص من تعاني

O وهابي حال انقلبت المحافظ نائب ذهن في عقب على رأساO الكلمات فلتت الذي عنه: غصبا

إذن؟ وهابي فعله ما -هذاO نائبه من وطلب المحافظ، على أغلق O توضيحا شرح واقعيا

O المحافظ نائب النهاية.. وتساءل: إلى البداية من األمر راوياجيشنا؟ ضد للعدو مساعدة وهابي عمل يعتبر -أال

O يهرول وهابي بدأ هكذا العظمى، الخيانة تهمة نحو مسرعاقال: حين إليها الطريق منتصف في أوقفه الضباط أحد لكن

O هذا -ال.. ولكن حرب جشع.. تاجر رجال مرة يحدث لن األسماك تهريب أن الثالثة الضباط اقتنعلنائبه: المحافظ قال خروجهم ثانية. بعدO -وجه ألولئك شكر كتاب الشرطة.. أعني مديرية إلى كتابا

القانون. عن والمدافعين عملهم في المتفانين الثالثة المفوضين بلهجة مكتبه. صرفهم إلى عاد حين وهابي آلل يكترث لم السبل يجهل ال القانون إليه. ألن العودة عدم منهم وطلب باردة،

-64-

Page 65: أغنية الصيّاد الصغير

فيها. يسير التي في اآلخرين شأن نفسه يرمي أن يستطيع ملوكي كان الذي وهابي مصير حول مدوخة بسرعة الدائرة الحديث دوامات

ظهره أعطى أنه إال االجتماعي، السلم أسفل إلى غاص وفي السوق دكاكين أبواب في ويقال قيل ما لكل المحدودب

ما في يغرق هو أو عشقه، في يغوص الماجدية. كان مقاهيO يشبه O الصمود يستطيع ال أنه قاع. وجد دون من نهرا أمام طويال ال الذي العسير األمر بذلك تكن لم ساهرة. ورؤيتها رؤية عدم

يريد جسده داخل في عضو أي أو قلبه يحققه. لكن أن يمكن ما نداء رأسه، في يتفجر نداءO سمع أنه الرؤية. بيد تلك من أكثر مضى فيما فهمه على حتى أو سماعه، على القدرة لملوكي كانO نداءO األيام، من O واضحا O وصريحا عن بالكف يأمره ومفهوما

ساحله على ليطلق النهر باتجاه وعاد رأسه طأطأ التهور. وهكذا انشغل ملوكي أن وصدعته. غير نجرس ذهن شغلت التي أغنيته الطرف مشاعر معرفة عن عاجز عاشق ينشغل لم كما بأغنيتهبها. والشوارع النهر ساحل فمأل اآلخر،

الثالث الليالي في وأصدقاؤهم الثالثة المفوضون أخفق حين لسان طرف على كأسه مع الوحيد ملوكي ضم في التالية، نحوه. كان مرئية غير خيوط مد حاولوا مجلسهم، إلى األرض

O أكثرهم لوكيع تلك طوال فهو األمر، هذا تحقيق إلى تحرقا أو فهم عن عجز لكنه الصغير، الصياد أغنية يتابع كان اللياليO األمر، آخر في له، بدت التي كلماتها حفظ أو األلغاز من ضربا

دراية له شخص إلى معانيها وفهم فكها يحتاج التي الطالسم علوكي مناورات لكل ملوكي والجن. صمد العفاريت بلغة وثيقة الثالثة المفوضين استغراب أثارتا جأش ورباطة بهدوء

لتلك ينتبه أو يحس لم ملوكي أن وجلسائهم. الحقيقة كانت ذلك، العاشق. مع انذهاله في غاطس فهو المناورات،

األرض لسان طرف في جالس وهو وإتقاد حيوية تزداد طاقتهO خمرته يعب أمامه. كان القنينة وربع O، ويسكر سريعا سريعا

يحييهم، أن دون من العتيد المفوضين بمجلس ليمر وينهضO تثقله لم ورأسه بهم مر حينما المساء أول في فعل مثلما تماما

بدأت فساهرة عشقه، في تغيير أول طرأ العرق. ثم أبخرة بعد المقلوبين.. تأتيه القاربين بين الورشة في يتمدد حين إليه تأتي

األرض من واحد شبر وجود عدم من الرغم على قربه، وتجلس وتداعب بينهما.. تهدهده ملوكي يتمدد أن بعد القاربين بين

وال حقيقة إال ليس يجري ما أن وآمن ينام. اعتقد حتى شعره الليالي بعض في القاربين بين يتمدد حين ألنه وهم، بأي له عالقة

فإن دماغه، على أطبقت قد العرق أبخرة أو متعكر ومزاجه وكان الليالي، وأمض أقسى هي تلك تأتي. كانت ال ساهرة مع تنتهي ال ومناكدات مشاجرات في التالي اليوم صباح يمضي مطاردته أو ضربه، إلى األحيان معظم في يضطر الذي نجرس

الورشة. عن بعيدة مسافة إلىO الورشة إلى الحبيبة مجيء على ترتب أن قبل لهدهدته ليال

-65-

Page 66: أغنية الصيّاد الصغير

المحبين: لغة في يقولون مثلما أو بالجميل، العرفان واجب ينام الفجر، في النوم من النهوض على دأب العاشقين. وهكذا وفاء

من أمس ليلة دوار يزيل لكي المرات عشرات النهر في يغطس األماكن، بعض في يبهت لونها أخذ التي بدلته يرتدي ثم رأسه، ملوكي يكن األعرج. لم الصياد بيت باب مقابل في ليقف ويهرع في أمس لليلة السريعة الكؤوس من المنهوك مخه يشغل

العتبة. هو، على ساهرة لتطل يمضي الوقت من كم حساب توجهها التي الصباح تحية ويسمع ابتسامتها، إلى ينظر فقط، ترسله والكواكب. ثم األقمار وراء من قادم يخاله بصوت إليه،O الفطور، طعام األعرج الصياد لبيت ليجلب السوق إلى أو جبنا

O O. ال أو كبابا إنما يكرهون، ماذا أو يأكلوا أن يحبون ماذا يهمه قيمرا األمس، كؤوس بسبب متوازنة غير تزال ما التي بخطواته يمضيO ويعود معلقة واالبتسامة الباب في شاخصة ساهرة ليجد الهثا

O ويكر مكانها، في O الورشة إلى قافال وتلك االبتسامة تلك حامال كفيلة كزوادة جسمه، من جزء كل في بل قلبه، في ليس التحية ثانية يعود حيث النهار، منتصف حتى الروحي غذائه بتأمين منتصف وتحية ابتسامة للوداد ومتلهفة عطشى بروح ليتلقى بهذا أتخمت قد هوفةلالم روحه أن عندئذ يشعر وكان النهار، بالذات الوقت هذا وفي المرئي، وغير الملموس غير الغذاء يشبه الذي األبح الخشن بصوته الكلمات الغامضة أغنيته تنطلق

اإلنهيار. قبل خشبي سقف طقطقة ابتسامات تكررت حيث التالية، واألسابيع األيام في بعد، فيما قد بالطمع، المصابة ملوكي روح أن بدا والظهر، الفجر وتحيات

وبنفس يوم كل المتكرر الغذاء هذا من الملل إليها تسللO أن إلى الوتيرة. إضافة لكنه ملوكي، داخل في استيقظ ما شيئا

مطالبها، في ملوكي روح ينازع وأخذ بالضبط، معرفته في أخفقO ملوكي اندفع عندئذ O أمامه، حياته جالدا اجتياز على إياها ومجبرا

O يعرف لم ومسالك ممرات تحف المخاطر وأي تنتهي أين مطلقا الذي الزمان حتى وال المكان وال الشخص ال يذكر ال بها. فهو وخلب األنفاس حبس الذي الحديث ذلك إلى إليه، فيه استمع

في واضطراب فوضى من يحدثه وما الهدهد عظم حول األلباب،O النساء أصلب العظم ذلك سحر يجعل وكيف النساء، قلوب قلبا

عين. ظل بغمضة يهواها من أحضان في تقع جفاءO وأشدهن الطائر فهذا للهدهد، صورة يريه عمن يبحث أيام ثالثة ملوكي

مرة من أكثر يمر يوم كل وكان العمارة، مدينة في الوجود نادر والذي عمه، بيت أفرشة محمل على بعرفه المنتصب بالهدهد من كان الذي المحمل ذلك على طويل زمن منذ نجار رسمه السحرية العظام صاحب أوصاف عمه. حفر زوجة أثاث ضمن

O واستغرق دماغه، في أغصان من بيديه صنعها مصيدة ليعد وقتا الحصى. غاب لقذف جلد وقطعة مطاطية وسيور دفلى شجرة

نجرس أمام ظهر وحين العصر، حتى الصباح من الورشة عنO أن نجرس فظن اللون، وشاحب القوى منهوك كان من قطيعا

O يتضور ملوكي يطارده. كان كان الكالب منذ يأكل لم فهو جوعا

-66-

Page 67: أغنية الصيّاد الصغير

زورق على جلس صوتها يسمع ولم الحبيبة يرV لم أنه كما الصباح،نجرس. من سيجارة وطلب مقلوب

اليوم؟ هذا طوال كنت -أيننجرس: سأل ثالثة أو نفسين يجب.. بعد لم

النساء؟ محبة يجلب الهدهد عظم أن نجرس يا صحيح -هلباستغراب.. أجاب؟ إليه نجرس نظر

يقولون. -هكذاذلك؟ تجرب لم أنت -إذن،

أين األسود، والجر أيها ثم.. أنت الهدهد؟ لعظم حاجتي -ماالعظم؟ هذا ستجد

O امتص أن بعد ملوكي قال O نفسا سيجارته: من عميقاجيبي. -في

بدهشة: نجرس سألهجيبك؟ في الذي هو -ما

-الهدهد.O أخرج المتوج رأسه جيبه. كان من البطن ممزق هدهدا

نجرس عليه تعرف ملوكي إليه يديره جانب كل إلى يميل بعرفهبوجل: نجرس ملوكي. قال دي في مايزال وهو

O تدع السائبة.. ال الكالب سليل يا -إخفه يراه.. سيقتلوننا أحدااألسود؟ األحدب أيها عليه عثرت عليه.. أين ليستولوا يا تساعدني أن منه.. ينبغي الكثير البساتين.. هناك -فيعظامه؟ بين من السحري العظم لي وتحدد نجرس

نجرس احتجالسحر؟ أمارس كنت أنني لك قالوا -هل

O: ملوكي انفجر غاضبا مرة ولو تساعدني أن يمكنك النجس.. أال الصبي -أيهاواحدة؟

بدهشة.. سأله: فيه المندائي حدقملوكي؟ يا فتاة حب في وقعت -هلملوكي: وناح

العظم ذلك إيجاد في هي.. ساعدني مVن} تسلني -نعم.. وال. يانجرسO نجرس فكر قال: ثم قليال

إلى الليلة سأذهب هدهد، على فيه تحصل يوم كل -ليسالعظم. بذلك معرفة لديهم فربما المندائيين الشيوخ

-سأرافقك.بحضورك. يتحدثوا لن إنهم وحدي، -سأذهب

-67-

Page 68: أغنية الصيّاد الصغير

O أن على المندائيين الشيوخ رأي قر لم القدامى من أحداO يحدد O عظما هذا من عظم كل وإن الهدهد، عظام من معينا

الرأي وإن العظام، لبقية السحرية القدرة نفس له الطائرuحفظ الهدهد،وبذلك عظام كل تجمع أن هو الحكيم من السحر ي

O، فأصبح سبتي الذي اللحم نجرس نقصان. أزال دون عن قاسيا بعناية العظام لف مستعملة. ثم غير حالقة بشفرة العظامO: لملوكي وأعطاها وخاطها نظيفة، بيضاء قماش بقطعة قائالO تجعل -ال الرجال.. جميع ومراد كنز بأمرها.. إنها يعرف أحدا

كالمي؟ فهمت عليها.. هل يحصلوا لكي قتلك عن يتورعوا لن المفوض التالي اليوم صباح في الهدهد عظام له أخرجت

O عدنان إذ الرسمية، بمالبسه له ساهرة. خرج شقيقته من بدال المفوض واجبات أنهى أن بعد البيت إلى للتو دخل قد كان

ليدخل ملوكي استدار التي اللحظة في أمس. دخل لليلة الخافرO الباب ملوكي الزقاق. طرق O لعادته خالفا صباح يجري لما وخالفا

لم بشجاعة جيبه في النائمة الهدهد عظام دتهمأ فقد يوم، كل يزال ما عدنان المفوض مضى. كان فيما يمتلكها كان إنه يتذكر

uطرق.. عاد الباب سمع حين المجاز في أمامه فوجد ليفتحه ييحييه: أن دون من قال الذي ملوكي

ساهرة؟ -أين الصباح في أخته من يريد ماذا يعرف أن المفوض حاول

جافة. وضعت بلهجة السؤال أعاد ملوكي لكن هذا، الباكرO أخيها جانب إلى بظهورها ساهرة يحدث أن يمكن ما لكل حدا

O ابتسامة له وابتسمت حالمة، بنظرة إليها رنا االثنين بين الحقاO ناولته ثم ناعسة، O، صحنا الذي الفطور نوع له وحددت ونقودا

O لئال بسرعة يجلبه أن عليه ينبغي مشوية. وطماطة يبرد: كبابا المفوض السوق. نظر باتجاه مسرعة بخطوات ملوكي مضىوسألها: بعجب، أخته إلى عدنان

O األسود األحدب من جعلتي -إذن، لك.؟ خادما البيت. غير داخل نحو أخيها وراء تسير وهي ساهرة قهقهت

مفرطة بحساسية يتمتع الذي القانون رجل عدنان، المفوض أن التي والناعسة الحالمة االبتسامات تفته لم حوله، يجري ما تجاه

هما مثلما مشغول فكره ألن نفسه، في فكتمها وأخته، تبادلها في جرى ما وجعفر. استرجع وليد المفوضين فكرا مشغوالن

نوري أحمد القصاب عامل وكيف أمس، عصر الماجدية سوق التبجح بذلك والرعونة، األزدراء بذلك وجعفر وليد المفوضين

باب في واقفة كانت جميلة امرأة إعجاب ليثير الكياسة، وعدم الذي اإلحساس نفس اعتراه ذلك كل استرجع دكانه.. حين

المركز باب في وليد قميص بأعلى وهابي أمسك عندما اعتراه شفته عدنان المفوض بالحائط. مضغ مرات عدة وضربه

السرير. في يتمدد وهو السفلى من أيام ثالثة بعد حتى السوق في الناس توقعات تتحقق لم

تلك تلت التي الخمسة األيام في تتحقق ولم الحادث، ذلك

-68-

Page 69: أغنية الصيّاد الصغير

نوري أحمد هزأهما اللذين االثنين المفوضين أن الثالثة.. توقعوا عامله، إياه باعهما الذي اللحم غرام كيلو ربع على العتراضهمO. ثم لالنتقام سيسعيان هذين أن السوق في الناس اقتنع سريعا من الحادثة اختفت ثم بسرعة، وابتلعاها اإلهانة مضغا المفوضين

يمكن الحماقات من الكثير أن إذ أنفسهم، السوق رجال أذهان يرون كانوا الذين وهابي وآل وهابي إال الظهور، خلف رميها القصاب لذلك المقدر المظلم المصير البصر سليمة بعيون

O خلتا لسنتين كان الذي القصاب التعس، الذي الكثير يملك ال رجالO يضع يجعله أبواب الكالم. انفتحت يبدأ حين األخرى فوق ساقا األبيض، بالبالط هوبطن دكانه فوسع أمامه، مصراعيها على الرزق ستة اللحم. بعد فرم ومكائن الكهربائية المجمدات الناس ورأى الماجدية. سوق في القصابين دكاكين معظم يمتلك أصبح أشهر

أصبح الحرب اندلعت للمستشفيات. وحين لحوم مورد أصبح ثمO وبات للفيلق، الموردين أحد وبدأت مال، وذا نفوذ ذا رجال

باب في تقف واأللوان األصناف جميع من الخاصة السياراتO وجيز وقت إلى كان أنه ينس لم محله المشترين يتحلق قصابا

ببدالت ليزهو العمل مالبس يترك لم لذلك دكانه، أمام ليقفوا الدم، بقعبالملطخة. القديمة مالبسه يرتدي ظل إنما أنيقة،

المجزرة، إلى وماعزه وخرافه وعجوله أبقاره مع بنفسه ويذهبO O ذبحها على مشرفا للطبيب البنفسجي الختم وجود على وحريصا

O البيطري O ذبائحه على مطبوعا وهذا األمراض، من سالمتها مؤكدا السلطات ودراية بصر تحت من مرت قد ذبائحه أن يعني

البيطرية. الصحية المكان نفس إلى التوقيف، إلى قادوه الثالثة المفوضين لكن

وعربد هاج قد وهابي كان شهور. وإذا قبل وهابي شغله الذي والدموع الرأس مطأطأ ظل نوري أحمد فإن صوته، بأعلى وهدد الطبيب ومعهم داهموه الثالثة المفوضين ألن عينيه، من تسيل

خلف والعجول واألبقار الخراف يذبح وهو ومساعدوه البيطري بهم خاصة مجزرة أوجدوا قد وعماله هو الملعب. كان سياج معهم وجدوا أنهم إلى للقانون. إضافة الصحية الرقابة عن بعيدةO O ختما O وحبرا هذا كل الحكومة. كان وحبر لختم مشابهين بنفسجيا باللعب نفسه تهغرأ قد الرجل أن باعتبار وغفرانه طويه يمكنO قاطني بين شائع الغفران هذا مثل وكان القانون، ظهر وراء قليال

كانت الذبائح معظم أن أثبتت الصحية السلطات لكن الماجدية،O السلطات تلك وأبدت مريضة، حيوانات حول قوية شكوكا

وهكذا قصير، بوقت الذبح قبل ميتة كانت وبإنها منها البعض جميع الذبائح، تحرق السلطات تلك ترى وهي الماجدية ضجت السوق. وثارت وسط في الملعب، وراء ضبطتها التي الذبائح

الناس: ثائرةلنأكلها. الفطائس يبيعنا كان -إذن، الماجدية قاطني عيون في الثالثة المفوضين قدر ارتفع

شهر مر العباد. ثم صحة على الغيورين المنقذين واعتبروهم قبضات في الحريرية قفازاتهم الثالثة المفوضون فيه وضع

-69-

Page 70: أغنية الصيّاد الصغير

مأمور القاضية. كان الضربات نوع من لكماتهم وكانت أيديهم، باعة من العجيب الخليط لهذا يوم كل دهشة يزداد المركز يدخلون أخذوا الذين والصيادين والخضروات واألسماك الفواكه

uطلق الصباح، في التوقيف في مضمونة بكفاالت سراحهم وي المفوضون نرص الشهر، ذلك التالي. خالل اليوم في أو المساء لهم يقف الجميع وبدا والقانونية، االجتماعية مراكزهم الثالثة من الرغم الشرطة. وعلى سيارة في أو راجلين يمرون عندما

في االبتسامات ظلت الحريرية، لقفازاتهم القاضية الضرباتالسنتهم. فوق السلسة الناعمة والكلمات وجوههم،

ماو لوهابي المحدودب ظهره أو حدبته ملوكي أدار ومثلما أدار الوقت، من فترة الماجدية قاطني شغل لغط من حوله دار

O ظهره السمعة تلك تهمة تكن لم الحظ، المنكود للقصاب أيضا سمعة إلى أضيفت والتي الفضيلة من ضرب هي التي الحسنة

الصالح أجل من ويعملون عملوا قانون كرجال الثالثة المفوضين امتنانه عن التعبير في حتى يفكر أو ليهتم يكن لم العام. بل

كلمات إزجاء من اآلخرون به قام مثلما الثالثة، المفوضين لهؤالءO يشتر لم ملوكي ألن ال بحرارة، مصافحتهم أو الشكر من لحما

ألنه بل العام، بالصالح يؤمن ال ألنه وال حياته، طوال قصاب أي في وجده، في أنفه منتصف حتى هدهده وعظام هو غارق

O يسير يجعله كيف اآلن، لحد يجهل الذي عشقه مع متوازنا أن يمكن ما كل من وخال� سوي واحد طريق في قلبه خلجات

خالل أنه ليعرف يكن لم نفسه، ملوكي هو روحه. لكنه، يرهق في وقع قد الهدهد، عظام بمساعدة العشق سعادة عن بحثه

بناء قصير زمن منذ أكملوا الذين الثالثة المفوضين طريق رحمة. وملوكي دونما والقاسية البهية المتألقة القانونية قلعتهم

إلى قدميه سحب يمكن الذي الفتى األبله، الفتى بذلك ليس عشقه أن غير ولهه، أن غير وسهولة، بيسر الطريق في أفخاخO أسقط O ستارا لم حقيقة ذهنه. تلك توقد على الغفلة من سميكا

O، إليها يلتفت لم هو أو بها، يعترف أن يرد تجري كانت ألنها أبدالعشقه. كثافة الظالل أشد في

بين يحلق يجعله الذي الشراب أوان حل يعني المساء، حلO السحاب عليها، يحط أشجار ال حيث الحبيبة طيف مع وحيدا

O يعود المدوخة، الثقيلة أبخرته الشراب ينفث وحين من وحيدا القوى مهدود نجرس ورشة في قاربين بين ليتمدد طيف، دون

O األنفاس، ومبهور ينام. حتى ليهدهده ثانية مرة الطيف منتظراO مر الماضيات الليالي أمسيات في مر مثلما حفلته مؤونة حامال

أحدهم أن لو كما وجلسائهم. توقف الثالثة المفوضين بمجلس غير غامضة قوة أن أو مقاومتها، بوسعه ليس بقوة به أمسكO الثالثة المفوضين مكان مكانه. كان في سمرته مرئية فارغاO O أن توقع جلسائهم ومن منهم خاليا قضية أن خاصة وقع، قد أمرا

كان ملوكي اهتمام أن تطوراتها. غير أوج بلغت قد القصاب كان وما غيره، أحد ليهم كان ما مكان آخر، مكان حول يحوم طرف باتجاه تقدمه بأسراره. واصل يحيط أو به يعرف أن ألحد

-70-

Page 71: أغنية الصيّاد الصغير

O أن شعر ذلك، األرض. مع لسان O ما شيئا من حفلته، من مفقودا العشق أنشوطة التفت منذ تكراره على تعود الذي الليلي عالمهO يجلس وهو ه،ـل بدا.قلبه حول لسان أن النخلة، جذع إلى متكئا

O األرض O موحشا الثالثة المفوضين أولئك دون من مهجورا كانت التي قهقهاتهم إلى بحاجة أنه شعر فجأة، وأصدقائهم

بعض في ترتفع التي أصواتهم إلى وأخرى، فترة بين تنفجرO. لكنه إليها يستمع أو لها يهتم لم أنه من الرغم على األحيان، أبداO. ثم يأتون أنه لو المساء. تمنى هذا افتقدها لحظات بعد حاال

O نسى كما كله، ذلك نسى قليلة ما ابتلغ فقد حوله، ما كل أيضاالقاع. حتى كعادته، األولى كأسه في

ظن األولى الوهلة في رآها، مكانها في الكأس وضع حالماO تصاعد الذي الكأس تأثير أن لكنه ذلك، يتخيل جعله سريعا

O، األمام إلى فتحركت بسباته حركها شاب صورة كانت قليال األرض من بعضهما. رفعها يحتضنان وعاشقة عاشق وشابة، هي بل فقط، صورة ليست أنها واكتشف وإبهامه، بسبابته

O تفحصها األرض لسان فوق الخافت الضوء رسالة. في مقربا الرسالة مظروف فرأى ظهرها، على قلبها عينيه، من إياها

O. فكر: صورة رسالة.. أهي مظروف على ملصقة حبيبين واضحا قلبها مجلة. ثم من أقتطعا اللذان الحبيبان فطالعه لي؟.. قلبها

صدغيه، في قلبه دقات يسمع وهو ثانية وفكر اآلخر، وجهها على لي، تكن لم إذا وثقيلة، مغلقة وهي كتابة، مظروفها على ليس الرسالة دس فإنه تأكده عدم من الرغم ن؟.. وعلىلم هي إذن،O دسها الجانبي، بدلته جيب في الهدهد، عظام المست حتى عميقا

يميلون الذين أولئك من ليس فهو رأسه، تجتاح بالبلبلة أحسO يبحث هو بل الطويل، التفكير إلى هذا مثل يفكر عمن دائما

O التفكير يعثر أن جوارحه بكل اللحظة تلك في عنه. تمنى بدالالشخص. هذا مثل على

O، يتحقق لن أنه آمن الذي تمنيه من انتشله مجيء أبدا وكلماتهم ضحكاتهم تتقدمهم جاءوا وأصدقائهم الثالثة المفوضين لو كما المعتاد، مكانهم في مجلسهم واتخذوا الفكهة، الساخرة

O طرف في الجالس ملوكي يروا لم أنهم اعتاد لما اللسان. وخالفاO يسمع لم لكنه ألحاديثهم، أذنيه فتح عليه O، شيئا ال فهم مهما

أصواتهم ترتفع متباعدة، فترات في إال عال� بصوت� يتحدثونO لتصبح بسرعة، ذلك بعد تنخفض ثم فجأة، ثانية. مرة همسا

O أن ملوكي شعر O شيئا يطيق يعد لم فهو عليه، طرأ غريباO، وحدته في العوم مع يثرثر أن يتحدث، أن يتمنى إنه منفردا

O كان لو حتى ما، شخص أحد جاء لو آخر. تمنى كوكب من قادماO، علوكي إليه، منهم يخرج لكي الطريق أمامه سيمهد فربما مثال

لو الجانبي. تمنى بدلته جيب في المستقرة الرسالة معمعة من إلى يذهب لم ألنه أسف وكم والكتابة، القراءة يعرف كان أنه

ملوكي أقرانه. اكتشف من اآلخرون إليها ذهب مثلما المدرسة لم فهو ذلك، من وعجب بالتمنيات، امتألت قد هذه أمسيته أن

O يكن O يتمنى أن معتادا يبتلع أن الماضية. قبل حياته خالل شيئا

-71-

Page 72: أغنية الصيّاد الصغير

إلى الكأس يرجع رأسه. لم فوق يقف علوكي رأى الثانية كأسهO ظل بل مكانها، O شفتيه، قرب بها ممسكا ال بعينين إليه وناظرا

تطرفان.العصر؟ طوال ملوكي يا كنت -أين

O، هادئة بأعصاب إليه ينظر كان يجبه، لم استعاد فقلبه جدا وهو علوكي سنة. أضاف عشرة اثنتي منذ فقدها التي بسالتهO كعبيه على يجلس O: منه.. أضاف قريبا هامسا

عنك. تبحث كانت -فتاة نصفه كرع ذلك ومع كأسه، في يغلي أخذ العرق أن شعر

O وحرارة االرتعاش. سأل اعتراها بيد مكانها إلى الكأس معيدافمه: في تزال ما العرق

أرادت؟ -ماذاملوكي: أمام األرض في بعينيه يبحث وهو علوكي أجاب

أدري. -الO أضاف ثم عينيه: بإحدى ملوكي غامزا

حــتى تجــدك ولم عنك بينكما؟.. بحثت يدور ماذا يعرف -مVن}.المكان هذا إلى جاءت إنها

امتدت منه إرادة دون ومن ملوكي، من صرخة تفلت كادت ابتسامة وطفت الجانبي، بدلته جيب في الرسالة وتحسست يده

ــا أن دون من واختفت علوكي، وجه في سريعة ــوكي، يالحظه ملــه واحدة. احتقن دفعة وكرعها األرض من كأسه تناول ثم ذو وجه

وهــو علــوكي.. قــال على تفت لم خفيفة بحمرة الداكنة السمرةالمسلوقة: الباقالء من قبضة يمضغ

اآلن؟ إليها أذهب -هلO كنت -إذا وهي ستفعل أنها تعتقد إليها.. ماذا فاذهب مجنونا

؟كمن تفوح العرق رائحة تشمO نهض الرسالة تحسس عن تتوقف لم التي يده مع إياه تاركا

في ليجلس عاد الذي علوكي حول الرؤوس جيبه. تقاربت فيO: مكانه.. همس مبتسماجيبه. في -الرسالة

-72-

Page 73: أغنية الصيّاد الصغير

-7-

O وازداد الرابع، اليوم في ثانية الفاتحة مجلس ازدهر ازدهارا على الفاتحة سورة لقراءة المعزون عاد إذ الخامس، اليوم في وسuجلت المال، أكثرهم ودفع ثالثة، مرة عادوا ثم ،ملوكي روح

الثالثة. المفوضون يحملها التي الجديدة الدفاتر في أسماؤهموالجنود. الماجدية فقراء من للسرادق القادمين أكثر كان

O والعجول الخراف وظهرت الرابع. اليوم ضحى منذ أيضا جعل ضخم، صوت مسجل بدله وحل القرآن مقرئ اختفى على المطل البيوت صف قاطني وخاصة الجوار، في الناس

O جاسم يتفاهموا. حل لكي يصرخون السرادق، أبيه من بدال الناس. تعازي لتقبل السرادق باب في األولى األريكة في يلحج

نحوه تقدمت عندما يفر وكاد األمر، أول باالرتباك جاسم شعر ليلة جلسة في بعد، فيما جاسم المعزين. قال من مجموعة

وألخوته الثالثة للمفوضين قال السرادق، مؤخرة في النهار نفس بن ولعلي حسين بن ولعلي وحيد بن ولعلي ولعلوكي الثمانيةO وشرب وحزنهم جلستهم شاركهم يعرفه ال ولجندي موسى قليال

بل به، شعر ما االرتباك ليس ال قال، كؤوسهم، جميع من إنما الفقيد، عمه البن ليس قلبه، في والكرب الخوف بسقوط المعزين كلمات على يرد كلمات بأية لجهله جاسم هو لنفسه

وما رشاش، مدفع طلقات مثل سريعة األفواه من انطلقت التي وبهذه الكلمات هذه مثل رص بكيفية الجاهل هو بمقدوره كان

كلها بها يحيط أن يعني ويجمعها، بها يلحق أن واإلتقان، السرعة كما البداية، في نفسه أكثر. وجد أو واحدة منه تفلت أن دون من وغير واضحة غير بكلمات ويهمهم بقوة، المعزين يحضن أكد،

التي اللحظة هذه في أي اآلن، دحل يعرف لم وهو مفهومة، وجهه كان لماذا السرادق، مؤخرة في لجلسائه فيها يتحدثO ينضح O. اعتقد عرقا عمه ابن على جاسم دموع أن المعزون غزيرا وجهه، مسامات كل من بل فقط، عينيه من ليس تتدفق أخذت

البكاء هذا عن يكف أن عيونهم في تجول والدموع منه فطلبوا جاسم هو إنه ثانية، مرة لجلسائه أكد يقتله. ثم لئال الغريبO عمره أرباع ثالثة أمضى ماكنات أجزاء لغات إلى مستمعا

المتعددة، بلغاتها األجزاء تلك هـتقول ما يفهم وكان السيارات، حين يعرفها كان كما العافية، بلغة تصوت حين يعرفها كان

-73-

Page 74: أغنية الصيّاد الصغير

في أخفق لكنه األخير، نزعها في تتحشرج هي أو تستغيث متشابهة كلمات إلى استمع فقد المعزين، البشر بلغة اإلحاطة

كان الذي وهو األفواه، جميع من تدفقت األنين، من وخالية جافة ثقب على وقادرة مؤلمة ألنها مخيفة، الحزن كلمات أن يعتقد

في اللغة، بهذه الجاهل هو وجد، والقلوب. وهكذا الصدور اآلهات أن الفرار، على فيها يوشك كان التي األخيرة اللحظات المرصوصة الكلمات تلك كل من بالغة أكثر المبهمة واألصوات

حيوان. بهمهمات التعازي فتقبل بإتقان، النساء عزاء ازدهر الرجال، فاتحة مجلس ازدهر ومثلما

O. استقبلت بحماسة أيام سبعة إلى العزاء تمديد النسوة أيضا مرتقب. ارتفعت عيد أو مفرح خبر استقبال حماسة تضارع

O. قوة وزنودهن صدورهن ضربات وازدادت ندبهن أصوات وعددا من بعيدة أماكن من قدمن نسوة العزاء هذا إلى توجهت ثم

والبعيدة، القريبة المدن من كثيرة أفواج وصلت بل المدينة،O نجرس ملوكي. كان روح حول الحزن سحب كاثفتلت ما كثيرا

النادبة، لألصوات السمع ليصيخ الورشة في عمله عن يتوقف لها تعرضت التي السنين مئات بآالم والمثقلة المبحوحة،

يعود األرض. ثم هذه نسوة من لبعضها أجيال وأورثتها وتحملتها في توقف عندما جملته نفس يردد أن بعد عمله إلى نجرسالسابقة: المرة

موتاها. تندب واحدة -كل بلعومه من يغوص غريب بارتياح يحس نجرس كان ذلك، مع

أصواتهن ترتفع عندما قدميه، كعبي يصل حتى عجيب ببطء يدرن وهن والخشن، المباشر العويل من خال� إيقاع في وتمتزج

يتسارع وال يبطئ ال إيقاع بعضها، مع متداخلة حلقات في كلماتهن من يمطر الحزن وكان باألرض، أقدامهن بدق يضبطنه ونادبات أمواتهن فيه يودعن الذي الباكي نشيدهن من الموقعة ذروته، الموقع الندب يصل حين نجرس المدحور. كان حظهنملوكي. على طويل بكاء في وينخرط أدواته يرمي

O للقاطنين وكذلك الجوار، في للناس بدا امتداد على بعيدا إلى الفاتحة مجلس تمديد تم أن بعد الماجدية، شوارع وعمق قرارات من متأكدين غير فهم أكثر، ربما أو أيام، سبعة

سلكت ملوكي روح أن لهم بدا الشأن، هذا في الثالثة المفوضينO O طريقا والغرباء والجنود الفقراء أشبعت فهي تصرفها، في غريبا في الحافالت لفظتهم حيث مرة أول المدينة طرقوا الذين

ملوكي- األغنياء وساقت-روح الرئيسة، السيارات محطة دفاتر في أسماءهم ليسجلوا السرادق، إلى والموسرين لمجلس الخامس اليوم منذ اكتشفوا، الثالثة. ثم المفوضين

أول بين والتخريب. من األذى إلى تميل ملوكي روح أن الفاتحة، والقصابون والفواكه الخضروات باعة كان ذلك، اكتشف من

سوق بهم يعج الذين الكسبة من وغيرهم والخبز السمك وباعة وفي ساللهم في يعرضونه ما يبيعون عادوا ما الماجدية. إذ

أن قبل يبيعون كانوا مثلما عرباتهم، وفي دكاكينهم واجهات

-74-

Page 75: أغنية الصيّاد الصغير

uقبض ليندبن وذهبن بيوتهن تركن ملوكي. فالنسوة روح تO ويهيجن ويلطمن عداهن. وهكذا ما الجميع نساها قديمة أحزانا

األطفال فاضطر طباخات، بدون الماجدية بيوت معظم ظلت أن منهم، بتشجيع ربما بل اآلباء، اعتراض دون ومن والصبيان،

بقدورهم فهرعوا أمهاتهم، تركتها التي الفراغات يمألوا رقلموا الرز ليس جالبين القزانين، حيث إلى القصديرية

O المملوء والكرفس والرشاد والفجل الخبز بل فقط، لحما حلوى من كبيرة كميات يجلبون األحيان بعض وفي والحلبة، أصحاب واللبن. حتى والمحلبي الدقيق وحلوى الشعرية

من شكوا الماجدية، في عددها قلة من الرغم على المقاهي، من السن فكبار مقاهيهم، على ملوكي لروح الكاسح الهجومO الفاتحة مجلس في وجدوا الرجال في مكان أي يضاهيه ال مكانا

الشاي لشرب فقط، الماجدية في وليس وعرضها المدينة طول من المستمرة األكل وجبات وتناول السجائر وتدخين والقهوة الليل. إضافة منتصف قبل األخيرتين الساعتين وحتى الضحى

األخرى، المدينة محالت من القادمين المسنين الرجال لقاء إلى الماضية، األزمنة وتواريخ أحداث يحفظون الذين الرجال أولئك

كان منها. ولو والعبر المغازي واستخالص روايتها في البارعين في والطاولي الدومينو بلعب يسمحون الثالثة المفوضونO المقاهي الشبان لترك السرادق، ما بأقصى وركضوا أيضا قبل السرادق أقواس تحت أماكن ليشغلوا طاقة، من يمتلكون

من تنطلق اللعنات بدأت باحتاللها. وهكذا غيرهم يقوم أن الالعنون لوكي. كانم روح لتطارد المقاهي ومن السوق، أنها لو كما منخفض بصوت اللعنات تلك إطالق على حريصين

المفوضون يتساهل ال الذي القانون على الخروج من ضرب ظلت المهموسة، اللعنات تلك من الرغم معه. على الثالثة

حصان يجرها التي العالية والعربات باليد، المدفوعة العربات مليئة بشواالت محملة الفاتحة مجلس إلى تقدم منفرد،

من عديدة وبسالل والباميا، األبيض والقرع والبطاطا بالباذنجان والبطيخ. للرقي خاصة وعربات الطازجة، والخضار الطماطة

هذه يرسلون الجملة وبائعوا الخضروات عالوي أصحاب كان جلب في يساهموا أن أجل من الضحى، ساعة في العربات واصلوا والقصابين المواشي تجار أن لوكي. ثمم لروح الرحمة

اللحم وقطع والعجول والماعز الخراف إرسال في مساهمتهم في المسؤولين إلى طلباتهم الثالثة المفوضون جدد الكبيرة. كما

والقهوة الشاي من الشهيد تعيين على للحصول المحافظة يوافق ولم الطعام، وزيت والدقيق والرز والسجائر والسكر

ثالثة حصص منحوهم بل واحد، شهيد حصة على المسؤولون المتالعبين مالحقة في الطيبة سمعتهم بسبب ال شهداء،

الفقراء عوائل بإطعام قام الذي السرادق لذلك إنما والنصابين، األول الصف بيوت امتألت الجنود. وهكذا من الغفيرة والجمهرة

وبالطباخات الخضراوات، بشواالت السرادق على المطل المرق قدور تحت تدوي رؤوسها نيران التي الكبيرة النفطية الليل، منتصف قبل األخيرة الساعة وحتى الضحى من الكبيرة

-75-

Page 76: أغنية الصيّاد الصغير

حتى المألى الخبز معاجن تخرج الطويل، الوقت هذا كل وخالل ممسكة مازالت التي اللحم وقطع المرق بأنواع حافاتها

O الكبيران القزانان بالعظام. كان من محتوياتهما يجددان ما كثيرا الساعة تلك في يضطرون الطباخون وكان واللحم، الرز

المرسلة الطعام صواني الجوار بيوت ترفض أن بعد األخيرة، هذا فيه لتضع المالبس خزانات سوى لديها يبقV لم ألنه إليها

وراء الفائض الطعام رمي إلى الطباخون أولئك يضطر الطعام، صواني أن إلى البستان. إضافة جهة من الكبير األسماك مخزن وبشكل الطعام، فترات بين للمعزين تقدم التي والبطيخ الرقي

الثاني الصف بيوت في وراءها تركت انقطاع، دون من مستمرO إلى والصبيان األطفال بنقلها قام ما سرعان القشور من تالالO قصير قصير، وقت والعظام. بعد والمرق الرز تالل حيث جدا والمعزين الثالثة والمفوضين القزانين أمام الطباخين توقع فاق

رأى السرادق، في الخدمة واجبات يؤدون كانوا الذين األصدقاءO ومعهم هؤالء كل السرادق، في الجالسون الغرباء المعزون أيضا

تدير ألسنتها، والمتدلية بهدوء المهرولة السائبة الكالب قطعان ومن عيونها، تطرف أن دون من السرادق نحو نحوهم، رؤوسها

تمر وهي للطباخين تتعرض أن دون ومن نباحها، تطلق أن دون وراء الطعام تالل نحو أنوفها لتتبع رؤوسها تدير ثم منتصفهم، من

المفوضين وخاصة المعزين، من الكثير األسماك. بدا مخزن كل من تجمعت التي تلك السائبة الكالب قطعان أن الثالثة،

الحزينة الجنائزية المواكب بأفضل قامت قد المدينة، أنحاء من عديدة مجموعات مرت الكالب قطعان بدقة. وراء المنظمة

عليها حكم مجموعات الحمل، عربات تجر التي والخيول الحمير ومن منفردة تسير كانت ألنها والبالدة، بالغباء السرادق أصحاب

لم غاضبة، نفوس أطلقته الذي الحكم ذلك أن غير نظام، دون إلى الوصول من والجائعة المنهكة المتعبة الحيوانات تلك تمنعوالبطيخ. الرقي قشور ركام

خالل السائبة الكالب قطعان مجيء تكرر عندما بعد، فيما تمر وهي سلوكها طريقة من تغير أن دون من التالية، الليالي

مخزن وراء الظلمة في تختفي ثم الطباخين وتجتاز بالسرادق صنعتها التي الفسحة في جحيل أبناء أحد قال الكبير، األسماك

السرادق: مؤخرة على المستعرضة األرائك إلينا تنظر تطرف.. كانت ال بعيون السرادق إلى تنظر -كانت

هذا؟ كل يعني متدلية.. ماذا وألسنتهاجاسم: الكبير شقيقه أجابه

لم أنها غير باتجاهنا، تنظر هي إلينا.. صحيح تنظر تكن -لمإلينا. تنظر تكن

وتساءل: أمامه األرض على كأسه الصغير الشقيق وضعمVن}؟ إلى تنظر -إذن،ملوكي. روح إلى تنظر -كانت

O الثالثة المفوضون بذل O جهدا أعصابهم على للمحافظة هائال

-76-

Page 77: أغنية الصيّاد الصغير

الجنود أعاد عندما للمأتم الخامس اليوم ضحى بعد ما ساعة في نحو المهرولون زمالؤهم به قام الذي السابق المشهد نفس

ظهورهم. كادوا على بسرعة تتحرك والحقائب بغداد سيارةO يسقطونهم وكادوا معهم، يجرفونهم الهائج اندفاعهم خالل أرضا

من القادمين باآلخرين التصادم من الحذر وغير المتزن غيرO المنادي صوت منه يأتي الذي االتجاه المعاكس، االتجاه عاليا:O وزنانا

-بغداد.. بغداد.. الطرف في الواقفة الركاب حافلة الثالثة المفوضون راقب

الكحالء. خالل وجسر السرادق بين الممتدة الخالء لألرض الثاني األمامي الباب في تجمهروا الذين الجنود يراقبون كانوا ما

O، بعضهم وشاتمين والعنين صارخين متدافعين، للحافلة بعضا صوت وارتفع األولى، الحافلة أمام وقفت أخرى، حافلة أتت

الرصيف: على ووقف منها نزل الذي السائق مساعد-بصرة.. بصرة.. بصرة..

تأخذهم ال حتى أماكنهم عن بسرعة الثالثة المفوضون ابتعد بهياج تحركت موجة السرادق، من المنطلقة الثانية الجنود موجة

والطعام الراحة من طويلة بفترة تمتعت أن بعد عنيف، ضخمة عربة الثالثة المفوضون راقب والتدخين. ثم والشراب

البصرة ونومي البرتقال بعصير مليئة كبيرة زجاجات تحمل األرض في ومستقرة الرصيف صاعدة هندي. راقبوها والتمرO الخالء أو الثالثة المفوضون يقلق الرصيف. لم حافة من قريبا

uطبخ ما سيأكل بمن أذهانهم تنشغل وفي القزانين في اآلن ي األول الصف بيوت في النفطية الطباخات على الكبيرة القدور حتى فالجنود للسرادق، والمواجهة الجسر شارع على المطلة

محطة من قادمين الجسر يعبرون يزالون ما اللحظة هذه داخل األرائك على المتعبة أجسادهم ليرموا السيارات،

بالجنود السرادق غص النهار منتصف السرادق. في من يأسهم بعد المأتم إلى قدموا الذين المدنيين والمسافرين

المعزين إلى إضافة مقاصدهم، إلى تنقلهم التي الحافالت قدوم والشيوخ اآلن، لحد موجودين ومازالوا األول اليوم في أتوا الذين

العمل. عن والمتعطلين حراسة لفصيل األكل ألخذ قصاعهم مع جنود ستة بوصول الوقت أزف الجيَش، تعيينات ترك الذي العسكري المستشفى

الصواني في الطعام لصب الخفية اإلشارة الطباخون فهم أو األطفال جمهرة ظهرت . كما السرادق في للمعزين الكبيرة

في مختبئين كانوا أنهم لو كما القصديرية بقدورهم والصبيان الحراسة. انتقلت فصيل جنود ظهور بانتظار القريبة األزقة

السرادق، داخل إلى الكبيرة اللحم بقطع المغطى الرز صواني هذا كل حافاتها. تم حتى بالمرق المليئة الخبز معاجن تبعتها ثم

منذ أوقفوا، الذين الثالثة المفوضين إشراف تحت ونظام بهدوء الطعام وجبات تناول أثناء المعزين تجاوزات للمأتم، األول اليوماآلخرين. صواني على

-77-

Page 78: أغنية الصيّاد الصغير

حدوثه، من يخشون الثالثة المفوضون كان الذي حدث ثم فجأة. المضغ عن توقفوا األولى بلقماتهم المنهمكون فالمعزون

الخالء، لألرض البعيد الطرف من القادم للنداء السمع أصاخواواضحين: نداءين أسماعهم والتقطت

-كوت.. كوت..-ناصرية.. ناصرية..

لكل الجنود ترك على سيترتب بما الثالثة المفوضون فكر أن يستطيع مVن} يجدوا ال أو سيخسرونه ألنهم الطعام. ال هذا

لحظة في المأتم.. آمنوا وبسمعة بسمعتهم فكروا لكنهم يأكله، هؤالء وجوه في االنفجار عن عاجز سخط مكتوم، سخط

في بجحودهم المأتم سيطعنون الذين الجاحدين المعزين والقهوة الشاي من الكبيرة الكميات تلك بعد األخيرة، اللحظة

O اعتباره يمكن ال وقت امتداد على والسجائر، O. آمنوا قصيرا أبدا لهم، ليس العظم، حتى ومؤلمة وجارحة صريحة إهانة هذه أن

لروح إنما المأتم، لهذا ومشرفين منظمين سوى ليسوا فهمملوكي.

يحمل عسكري صوت أوقفهم بالنهوض الجنود بدأ ما خاللO، يزال ما رجل من انطلق حازم ضابط.. صوت نائب رتبة شابا رأسه.. أوقفهم لشعر المتخلل الكثير الشيب من الرغم على

الطعام: صواني أمام ثانية وأجلسهمO؟.. مVن} وجوهكم في تضعوا أن يمكن -أال طعام يترك نظراO الوصول إنسان؟.. أتريدون روح أجل من المقدم المأتم سريعا

ولن مكانها في ثابتة فهي البيوت تلك إلى بيوتكم؟.. سنصل إلى الشبان أيها األكل أخرى.. واصلوا إلى مدينة من مثلنا ترحل

O الفقيد، روح على الفاتحة سورة اقرأوا ثم الشجعان، فغداالدنيا. هذه عن مثله سنرحل

إلى يعودون الجنود يرون وهم الثالثة المفوضون شعر روح يرون أنهم عنه، انقطعوا الذي األكل ويواصلون أماكنهمO ومبتسمة، جالسة السرادق، صدر في جالسة ملوكي خالفاO احتلت حين لألمس O، مكانا وباكية. عابسة منزوياO الحامل الغريب الجندي ذلك جاء ثم القماش من كيسا

تربط بيض بحبال العليا فتحته والمعقودة الشكل طيومخر منتصف بعد كتفه. جاء إلى معلقة حمالة لتصنع بقمته، قاعدتهO القماش من المصنوع السرادق باب فوجد الرابعة، الليلة مغلقا

O مرتين السرادق حول الداخل. دار من بإحكام منفذ عن باحثاوصاح: السرادق باب أمام الرئيس. وقف الباب غير آخر

مكان من جاء متعب جندي الداخل؟.. أنا في أحد يوجد -أالO أن أعلم الدنيا.. أنا آخر في الداخل.. رحمة في ما شخصا

حصير، على النوم سوى أريد الباب.. ال افتحوا الميت، لفقيدكمأنم. لم يومين األرض.. منذ على حتى أو

O به، تظاهروا الذي نومهم من التسعة حجيل أوالد نهض ظنا نهض السرادق. كما حول يحوم الذي هو يلحج أن منهم

-78-

Page 79: أغنية الصيّاد الصغير

جلساؤهم. سأل وكذلك األرائك فوق من الثالثة المفوضونO: وليد المفوض هامساله؟ نفتح -هل

صديقه: صوت درجة بنفس عدنان المفوض أجابغد. ليلة سيأتون أمثاله من العشرات فإن له فتحنا -إذا

جعفر: المفوض تساءلالعابرين؟ لمبيت مكان إلى المأتم سرادق نحول -هلO وليد المفوض قال الموضوع: حاسما

ألي الغد في نسمح ولن الليلة، هذه ينام الجندي هذا -لندعO كان لو حتى شخص المكان. هذا في بالنوم ضابطا

مقدمة في األرض على كيسه الغريب. رمى الجندي دخلO السرادق رأسه بجسمه. وضع بكامل انهار ثم وسادة، منه جاعال

الجندي هذا أن وليد المفوض النوم. ظن في وغط كيسه علىO حياته طيلة يرV لم فهو الحياة، فارق قد بهذه ينام شخصا

الثالثة المفوضون ظنه. أعاد بدد الجندي غطيط السرعة. لكن حسين بن وعلي وحيد بن وعلي وعلوكي التسعة حجيل وأبناء أماكنها، إلى والصحون والكؤوس الزجاجات موسى بن وعلي

السرادق. أطفأوا نهاية في الفسحة في ثانية مرة مجتمعين وراء من أحد يراهم ال لكي الداخل، في الكهربائية المصابيح

خافت بنور الكهربائي النور عن واستعاضوا السرادق، قماش حجب وقد الدائرية جلستهم في نفطي. بدوا لفانوس وشاحب

زجاجات من أمامهم عما الضئيل الفانوس نور منهم البعض مثل الهامسة وأصواتهم البطيئة وحركاتهم وصحون، وكؤوسللسرقة. خطة وضعهم أثناء لصوص

الثالثة المفوضون كف الليلة، هذه في الحزن جلسة خالل كانوا مثلما األبد إلى ملوكي صديقهم لفقدانهم البكاء عن

مناقب بذكر الماضية. اكتفوا لليالي الحزن تجلسا في يفعلون حزن جلسة أثناء الثالثة، المفوضون آمن التي المناقب الفقيد،

O أن الليلة، هذه ذكروا ملوكي، سوى بها باالتصاف جدير غير أحداO O كالما O، عاما على شخص أي شخص، أي لوصف يصلح إنه إال جيدا

O كان سواء اإلطالق، O أم السامعين لدى معروفا لديهم. ثم مجهوال في فجائية حركة حدثت إذ الشرب وعن الكالم عن توقفوا

متكئات في الفراغات خالل من خلفهم. نظروا السرادقO الغريب الجندي فرأوا األريكتين، O جالسا O وجهه ورافعا ومتشمما

O: عدنان المفوض بأنفه.. قال الهواء هامساالكالب. تفعل مثلما يتشمم الجندي -هذا ما وهو جلستهم نحو نحوهم، وتقدم مكانه من الغريب نهض

متكأ فوق من عليهم أطل ثم بمنخريه، الهواء يستروح يزال ينظر عاد ثم الزجاجات إلى نظره ونقل إليهم، األريكة. نظر

حركاتهم االرتباك يسود األقل في أو وجوههم تربد إليهم. لم أي من خالية باردة نظرات بادلوه إنما بالذنب، الشعور من كنوع

-79-

Page 80: أغنية الصيّاد الصغير

من عليهم يطل يزال ما وهو إحراج. قال أو غضب أو احتجاجصوته: يختلج أو عينه تطرف أن دون من األريكة متكأ فوق

العدو، مواجهة في ونحن هذا مأتمكم عن الكثير -سمعناO يخص المأتم هذا أن اعتقدوا الجيَش وحدات في والجنود رجال

فيه العرق تقدمون إنكم بالهم في يخطر لم لكن األولياء، يشبه.O أيضا

بهدوء: جعفر المفوض قال يفعل أن يفكر ومVن} المأتم، هذا في العرق أحد يقدم -لم

الرصاص. عليه سنطلق ذلكالغريب: الجندي تساءلأمامكم؟ الذي هذا يعني ماذا -إذن،جعفر: المفوض أجابه سوى عليه الحزن ينسينا ما نجد وأصدقاؤه.. لم أهله -نحن

السم. هذاالغريب: الجندي قال

أو كأس على أحصل أن يمكن عونكم.. هل في الله -ليكنكأسين؟عدنان: المفوض قالفقط. يكفينا ما جلبنا فقد قطرة، على تحصل -لنالغريب: الجندي قال

O الرائحة.. كنت -أيقظتني O متعبا O.. متعب نوم في غاطا أيضا أن الرائحة؟.. أتفهمون؟.. يجب أيقظتني.. تلك الرائحة تلك لكن

ثانية.. النوم أستطيع كأسين.. لن أو كأس عن بعضكم يتنازلأتفهمون؟. الرائحة، تلك

وخالية ومتزنة هادئة بل جافة، وال غاضبة صوته نبرة تكن لم والسخط. االشمئزاز نحو اآلخرين يدفع الذي المبتذل الطلب من

قلوب دخلت التسعة، جحيل أوالد قلوب كلماته دخلت وعلي وحيد بن وعلي علوكي قلوب ودخلت الثالثة، المفوضين

دزينة دخول على قادرة وكانت موسى، بن وعلي حسين بنO. قال حاضرين كانوا لو رجال قلوب من أخرى علوكي أيضا

O الغريب: للجندي كالمه موجهاقنينة؟ ربع -أيكفيك

وليد: المفوض وسأله باستغراب، إليه الجميع نظرالربع؟ بهذا ستأتي أين -من

O الليلة هذه -اشتريت O، ربعا المزيد.. أحدنا أراد فربما زائدامنه؟ أحرمه فهل إلينا، قدم الفتى وهذا

وليد: المفوض سألهO؟ له تعطيه -هل مجانا

لي. -ال.. سيدفع

-80-

Page 81: أغنية الصيّاد الصغير

وقال: الغريب الجندي ابتسم-سأدفع.

شخصية عن األولى اللحظات منذ الغريب الجندي كشف المبالغ غير النظام إلى يمت ما لكل بالحماسة ومفعمة منظمة

ثقيلة األحيان معظم في تبدو التي النظافة إلى باإلضافة به، مثلما بهدوء التسعة. تركهم يلحج أبناء وعقول عيون في الوطء

المخروطي الخاكي قماشه كيس من أخرج بهدوء، إليهم جاء وهبط السرادق من ومنشفة. خرج نعال وفردتي دشداشة

مالبسه جميع وضع الساحل وعلى المائل، الخرساني الجدار إليهم النهر. عاد في غطس ثم الجيَش، في تعلمه ربما بنظام،

O O ماءO، رأسه شعر يقطر ال جافا النظيفة. نشر دشداشته ومرتديا السرادق، مقدمة في األرائك إحدى متكأ على وجواربه المنشفة

في العسكري حذاءه ووضع الخاكيين وقميصه بنطلونه رتب في وحذاءه مالبسه أدخل ثم عديدة، بألوان النايلون من كيسحباله. عقدة وشد المخروطي الخاكي القماش كيس

O. شرب توسعت التي الجلسة إلى انضم الهدوء بنفس قليال كان الذي وليد المفوض إلى واستمع وبسرعة، األولى كأسهملوكي: مناقب بعض يسرد

O الله، ليرحمه -كان، لآلخرين. لديه ما كل يمنح كريماالكبير: يلجح ابن اعترض

من أصابع ثالثة لتحطيم مطرقة إلى ذلك؟.. تحتاج قال -مVن}تريده. ما نصف على منه لتحصل يديه من يد كل

يلجح ابن العتراض يأبه أن دون من وليد المفوض قالالكبير:

O -وكان O أمينا …و ونزيهاجحيل: أبناء من آخر ابن فقاطعه

؟.. ملوكي؟.. هذا اشتعلت التي البدلة اللص؟.. حتى -مVن}مغربة. جسر شيدوا الذين اليوغسالف العمال من سرقها معه

عدنان: المفوض قالO يسرق لم -لكنه منا. شيئا

…و محظوظون -ألنكمجعفر: المفوض قاطعه

O يسرق -ولم بيته. من وال ورشته من نجرس.. ال من شيئاليقول: االبن ذلك عاد

نجرس إلى ينظر نجرس.. كان وورشة بيت في تربى -لقدأبيه. إلى ابن ينظر مثلما

الضيق: يشوبها بنبرة وليد المفوض قالO؟.. هيا يكن -ألم O. ذلك أنكروا متسامحا أيضاأخوته: بين الثاني الترتيب يشغل الذي جحيل ابن قال

-81-

Page 82: أغنية الصيّاد الصغير

نعرفه.. ملوكي ال آخر شخص عن وليد يا تتحدث -أنت خطأه.. إنه ألحد يغفر ال أنه تعرف وليد يا نفسك متسامح؟.. أنت

ينجو أن ألحد يمكن وال غريبة انتقامه وسبل خسيس، منتقم كان ماذا أعرف ال قوية، صفعة جاسم صفعه منها.. مرة،

جاسم كان وعندما العصر صفعه. عند جاسم لكن السبب، سياج من طابوقة تحركت الداخلية، البيت باحة في معي يتحدث

من سقطت ثم أحد، لها ينبته أن دون من تحركت السطح، من يتدفق والدم األرض على هـطول بكل جاسم وتمدد السياج، طابوقات ثالث تحركت ثالث أو ثانيتين بعد السلم وتسلقنا رأسه،

O، السطح سياج من مثل يصرخ كان الذي جاسم وحملنا أيضا مكانه. إلى المخلوع كتفه ليعيد العظام، مجبر صابر إلى األطفال

O نجد ولم O. كنا السطح على أحدا ملوكي أن يقين على أيضا البيت هجر على جاسم أجبر وهكذا القبر، إلى جاسم سيرسل مع تصالح أن بعد إال يرجع ولم أصدقائه، بيوت في والمبيتملوكي.األكبر: األخ أكداأليام. من يوم في يقتلني -كاد

فهدر: الذكرى، تلك استعاد عندما صدره في الغضب استعركالب. ساللة ابن وكلب حقير، ولد -إنه

وفي سمعه، ما لكل يتحمس لم الغريب، الجندي تكلم بعدئذ محايدة باردة، بلهجة سأل إنما يستنكره، لم الوقت نفس

ومهذبة:هذا؟ يكون -مVن}

مقطب: بوجه وليد المفوض أجابه-ملوكي.

السابقة: اللهجة بنفس يسأل الغريب الجندي عادملوكي؟ يكون مVن} -ولكن،

اللهجة: وبنفس وليد المفوض أجابه ثانية مرة نغرق الذي السرادق.. المرحوم.. الميت هذا -صاحب

عليه. حزننا ننسى لكي العرق في أنفسنا ذات لهجة إلى الغريب.. تحولت الجندي لهجة تبدلت عندئذ

غامضة.. قال: بأمور ومنذرة بتهذيب، ومقرعة الئمة ثقيلة، نبرةالطريقة. بهذه مأتمهم في الموتى عن نتحدث أن يجب -ال

أبناء فيها تجمع التي الجهة من غاضب صوت انطلق فجأة،جحيل:

الغريب. أيها فمك -اغلقعدنان" المفوض قال

O. أفواهنا نغلق أن -يجب جميعا

-82-

Page 83: أغنية الصيّاد الصغير

-83-

Page 84: أغنية الصيّاد الصغير

-8-

على الملصقة الرسالة تلك بعد ملوكي، تسلم الشتاء بحلول كمية أجنبية، مجلة من مقتطعة متعانقين حبيبين صورة مغلفها

O تملئ أن يمكن الرسائل من غرام كيلو مائة الحتواء يتسع شواالرة الرز. رسائل من قلبه ولوال الفهم، على وعصية ومدوخة محي

وسخيفة ومضحكة هزلية أنها وآمن ألعتقد بالعشق الملتاع سيقانهم. على الوقوف عن عاجزين مازالوا أطفال وخربشات

O مغلفها فتح حين رأسه صدعت التي األولى الرسالة مثل تماما من أخرجها التي ةالورق في كتابة ال أن ووجد إليها وتطلع

O فقط المغلف، سطحها. من مختلفة أمكنة في موزعة رسوما القلب لكن والتمائم، األدعية من نوع أنها األولى الوهلة في ظن

O منه يقطر يزال ما والدم بسهم المخزوق لكن تحته، بركة مكونا دموع بحيرة مكونتين الدموع تسحان تزاالن ما اللتين العينين أنها يتيقن جعله سطحها، وعلى داخلها تعوم واألسماك تحتهماO أغلق دماغهu أن الحبيبة. غير من حب رسالة إلى ينظر وهو تماما التي الطالسم هذه يفك عله نجرس إلى أخرى.. لجأ رسوممخه. بلدت

إحداهما وفوق المفتوحتين العينين نجرس يا تعني -ماذاقمر؟ األخرى وفوق شمس

القدامى المندائيين الشيوخ حكمة الوارث نجرس حتى تمتلك التي الجميلة الحماقات وراء االنجراف على والمنيع

تلك وراء هجس نجرس حتى تقاوم، ال التي الخاصة إغراءاتهاO والغامضة الغريبة الرسوم كبيرة، حقائق على تنفتح قد أسرارا

في يخطر أن دون من غموضها، وراء والولوج فكها له تسنى لوO، باله يرى وهو ملوكي العبث. انفجر وليدة تكون قد إنها أبدا

فيها غرق أنه لو كما طويلة مدة الرسوم في النظر يمعن نجرسمنها. الخروج على القدرة يملك أن دون من

نجرس؟ يا -ماذا في وغارقتين حالمتين ماتزاالن بعينين إليه نجرس نظرالغامضة.. قال: الرسوم

-ماذا؟ رسالتها تكتب لم أفهمها؟.. لماذا ال التي الرسوم هذه -لماذا

-84-

Page 85: أغنية الصيّاد الصغير

اآلخرون؟ العشاق يفعل مثلما ولو تكتب، وال تقرأ ال إنك تعرف ذكية.. إنها فتاة -حبيبتك

لك، يقرأها من على لتعثر تلهث فوسف عادية رسالة لك كتبت الجرو أيها تعتقد فهل ثالث، شخص إلى سركما يخرج وعندئذO سيبقى الشخص هذا لسان أن األسود يتحرك أن دون من ساكنا

سيجد فماذا الرسوم هذه ذلك؟.. أما تعتقد اآلخرين؟.. هل أمام نفسك أنت إنك ترى أيديهم؟.. أال في وقعت لو اآلخرون فيها

تعرف وهي ذكية، امرأة ملوكي يا حبيبتك فهمها؟.. إن عن عاجزنفسها. تحمي كيف

كان ولو الورشة على المطل النخيل فوق ساهرة حلقتO. ومع فوقه تقللح السماء في سحاب هناك الماجدية أن أيضا

فيها اإلنسان يهيم لكي تصلح ال المتشابكة وأزقتها بشوارعها الظهيرة، ساعة حوالي ليهيم. في نجرس ترك فقد وجهه، على األزقة نفس وفي الشوارع نفس في هيامه خالل ملوكي دار

إليه نظروا قد األماكن، تلك قاطني من الكثير مرات. كان ثالث قد شيء عن يبحث كان إن بعضهم يسأله وكاد وريبة، بدهشة

ملوكي تسلم النهار منتصف بعد الواحدة الساعة فقده. في عند المكان نفس في وجدها أنه يعني وهذا الثانية، الحبيبة رسالة شاحب األولى. كان الرسالة فيه وجد الذي األرض لسان طرف كان حيث المقلوب القارب سطح على وضعها حين الوجه

O نجرس O األولى الرسالة فارشا يعلوهما اللتين العينين ودارساوالشمس. القمر

والقمر الشمس تعلوهما اللتان المفتوحتان -العينانO.. ماذا الرسالة هذه في موجودتان نجرس؟ يا ذلك يعني أيضا

مضى فيما المندائي على تمر لم عجيبة صفاء لحظة في لو كما رآه غيره، دون المعنى هو يكون أن يمكن ما بوضوح رأىO أن عند كاشفة واحدة ومرة فجأة تهاوت قد وقاتمة سميكة حجبا

المستور.. قال: المغزى والشمس تنام، ال التي العين هي ملوكي يا المفتوحة -العين

جفاها النوم أن تخبرك الفتاة الليل.. تلك هو والقمر النهار تعنيO O. ليال ونهارا

إلى ينظر وهو تام بوضوح المعنى له تكشف ملوكي حتى بالذنب، الشعور وطأة تحت ينهار الرسالتين. كاد في الرسمين

لوال النهار، منتصف حوالي إلى الليل منتصف منذ ينام فهو نجرس كان الذي الثانية.. الرسم الرسالة في اآلخر الرسمO بصمت، فيه النظر يمعن النامية. حاول لحيته في يده ممرا

قال: حين نجرس يساعد أن ملوكي تبدأ ساقية يحفران وامرأة ورجل النهر عن بعيدة -شجرة

سقي يريدان أنهما يعني الشجرة.. أال تلك نحو النهر منالشجرة؟

سطح عن الرسالتين نجرس أزاح إنذار سابق دون من الهواء في فطارتا ببغض أزاحهما بيده، المقلوب القارب

-85-

Page 86: أغنية الصيّاد الصغير

O مرفرفتين متباعدين. مكانين في األرض على تحطا أن قبل قليالO دنست اعتبرها التي الحركة بهذه ملوكي تفاجأ قدسية من جزءا

قال: غاضبتين، بعينين نجرس إلى رأسه عشقه. رفع-ماذا؟ملوكي.. إنهما.. يا فتاة ترسلهما لم الرسالتان -هاتاندمه: في مازال والغضب ملوكي قاطعه

عرفت؟ تكذب.. وكيف -أنت القارب سطح على وأجلسه ذراعه من ملوكي امسكO: وخاطبه المقلوب، قليال

أعرفها.. لكن أن أريد وال حبيبتك، تكون مVن} أعرف -الفهمت؟ بعثهما.. هل آخر شخص منها.. هناك ليستا الرسالتانعرفت؟ -كيف

تشق بمسحاة تفكر األرض كل في عاشقة المرأة وجود -ال يضحك أن غايته شخص إال به يقوم ال عابث عمل هذا ساقية، بها

منك. أمسكه نجرس لكن جلسته، من ينهض أن ملوكي حاول

بقوة: مكانه في وثبته كتفيه على ذلك ومع مخ، أي من خال� هذا رأسك أن العلم تمام أعلم -أنا

السخف. هذا الفتاة.. انسV هذه عن ملوكي.. ابتعد يا أحذرك فأناسخف؟ -أيO. تسميه الذي -هذا حبا طرف حتى فيه غطس بل السخف، هذا ملوكي ينسV ولم

أصبح الشتاء، ذلك حذر. خالل وال وجل دون من فيه وعام أنفه،O ملوكي O أجر، دون من األعرج الصياد لعائلة خادما نهاية ال خادما

الناس أنظار وتحت الشمس ضوء في بها يقوم التي للواجبات أن بوسعه ليس الذي التابع إلى تحول الليل وأسماعهم. وفي

O يرفض ملوكي، عدنان. حاول وبخاصة الثالثة، للمفوضين أمرا لمطبخ اليومية السوق مشتريات فيها جلب التي األيام تلك في ساهرة، من االبتسامة من أكثر ينال ان األعرج، الصياد بيت

بدأت األيام، تلك تكرار مع بل طائل، دون من ذلك حاول الرقيقة تحياتها وحتى باالختفاء، ثم بالذبول رةهسا ابتسامة ذلك، حالوة. مع دون ومن جافة مقتضبة، كلمات إلى تحولت

يحس ال يسمعه. كان أو يراه ما كل في شفافية يرى ملوكي كان وجهها. على تعابير في التجهم وال صوتها نبرة في بالجفاف يسمعها حالما لعمقها قاع ال سعادة في يغطس كان العكس،

يعقده حينما حتى الجميل وجهها إلى يتطلع حينما أو تتكلم،والعبوس. التجهم

O، الشتاء ذلك خالل يوم أي في الروحي غذاؤه ينقطع لم أيضا عاد وما جديدة، رسالة يتلقى يوم كل عصر األيام. في من

O ملوكي هو غموضها، جالء في يساعده نجرس على واعتمادا

-86-

Page 87: أغنية الصيّاد الصغير

O له يكون أن استطاع اآلخرين، مساعدة دون من نفسه قاموسا إليه وصلت التي الرسائل كثرة من استخرجه الرسوم، لمعاني

مع األرض، لسان طرف في النخلة تحت المحدد المكان في وتلونها األيام بعض في سعادته تنوش الحزن ظالل كانت ذلك،

اإلطالق. على يراها أن بوده كان ما بألوان يظهر عاد وما الشتاء، بداية في أعماله كل أنجز فنجرس

O، كثيرة أيام طوال الورشة في ملته أفراد مع أمضاها جدا الجانب في السرية محلة في معظمهم يسكن الذين المندائيين

لسان وأصدقاؤهم الثالثة المفوضون هجر النهر. كما من اآلخر ما الليلية، النوادي إلى ولجأوا والمطر الجو برودة بسبب األرض

بقضائها يقنعهم أن استطاع التي الدافئة األمسيات بعض عداO. وعلى قليلة أمسيات وهي نجرس، ورشة سقيفة تحت جدا

أنه إال األمسيات، تلك في بالرفقة الدافئ إحساسه من الرغم تتجمع كيف يجهل التي الصغيرة المرارات بعض فيها يمضغ كان مضادة ضارية مقاومة تمتلك للنفس، مرهقة صغيرة غيوم مثل

يقرر ،هصحو يسترد حين يعني التالي، اليوم صباح لبعثرتها. وفيO O قرارا بن وعلي وعلوكي الثالثة المفوضين دعوة بعدم قاطعا أخرى أمسية لقضاء موسى، بن وعلي حسين بن وعلي وحيدO الرسالة يتسلم حالما الورشة. لكنه سقيفة تحت في عصرا

O هوادة بال عنهم يبحث فإنه األرض لسان طرف بوهم مدفوعا المفوض إن األمسيات، تلك إحدى في اكتشف السعادة. ثم

والتي تلك، الصغيرة المرارات غيوم بتكثيف يقوم مVن} هو عدنان أن باله إلى ورد المطاف. وحالما نهاية في مضغها من له مفر ال

في سقط حبها، في انصهر التي اإلنسانة شقيق هو المفوض هذا بل وبطشه، انتقامه من يخاف كان ألنه ال الهلع، من دوامات

تمزيق على إقدامه من الحب، هذا طريق في وقوفه من خاف االستمرار على قادر أنه لحظة، أي في يتصور، لم التي سعادته

دونها. من الحياة فيO، ينتظر لم لأليام حبه وقدر قدره يترك لم أنه يعني طويال يوم ظهيرة في وليد المفوض إلى لجأ فقد تشاء، ما بهما لتفعل

الشرطة. مركز في وجعفر عدنان يكن وممطر. لم عاصفO وجده O وحيدا المفوضين: غرفة في النفطية المدفأة وحاضنا

أحدهم؟ ضربك -ملوكي؟.. هل األريكة على المطر بماء وبدلته هو المبلل ملوكي جلس

وليد.. المفوض جانب إلى الطويلةيرتجف: وهو أجابالضربة. له سأرد يضربني -مVن}سبب. دون من الجو هذا مثل في إلي تأت� لم -أنتبتردد: ملوكي قال

عدنان. بي يفعل ماذا ترى -أنتالدهشة: تسكنهما بعينين إليه وليد المفوض نظر

-87-

Page 88: أغنية الصيّاد الصغير

بك؟ فعل عدنان؟.. ماذا -المفوضالمتردد: صوته بنفس يقول ملوكي عاد

يجرحني يخاطبني؟.. إنه كيف ترV جلساتنا.. ألم -في…بكالمه

O: وليد المفوض قاطعه ضاحكا أنه تعتقد معك؟.. لماذا نمزح معك.. كلنا يمزح -إنه

يجرحك؟صوته: في ألم ونبرة مكانه.. قال في ملوكي تململال. عدنان ذلك.. لكن أعرف أنا معي، يمزح -الكل إليه.. وضمه ملوكي كتف على ذراعه وليد المفوض وضع

وقال: سيجارة، هـل قدمO ونشأنا ولدنا ملوكي.. لقد يا فقط صديقنا لست -أنت جميعا

أخونا. أنت الصغير الصياد أيها واحد، مكان فيO الشرطة مركز من الصغير الصياد وخرج بإخوة مشحونا

الماجدية. مثل محلة في تعني ماذا يعرف كثيرة أو البرد شديدة عديدة ليال الزيارة تلك على مرت

O ملوكي قضاها المطر، سقيفة تحت وكأسه زجاجته ربع مع وحيدا لم وحدته وطأة من خفف الذي العزاء أن نجرس. غير ورشةO، يختف� السامقة النخلة تحت يوم كل عصر يجده الذي العزاء أبدا

التي الظلمة من الرغم على يرى، األرض. كان لسان طرف في وهج في بوضوح الرسائل. يتبينها تلك رسوم السقيفة، تلف

في فريسته جارح ليلي طائر يتبين مثلما سيجارته جمرة ويشكو يناجيها نفسه، مع يتحدث أن ملوكي يتعود الظلمة. لم

حالما بعنف تحركت والتي ظهره ركبت التي الهموم يبثها أو لهاO، كؤوسه يكرع قلبه. كان العشق اخترق O، ويدخن صامتا صامتاO وينظر وبالورشة وبالسقيفة به المحيطة الظلمة مخترقا

O O، بصمت النهر سطح فوق الضوء التماعات وملتقطا من أيضا حين عليه. وحتى أطبق الذي الصمت لهذا بثقل يشعر أن دون

يظل فإنه الليالي، بعض من متأخر وقت في علوكي إليه يتسللO يجعل كيف يعرف لبق متحدث علوكي أن لسانه. ومع مبتلعا

لم ملوكي فإن األخرى، وراء واحدة بمهارة تصطف الكلمات تمام ذلك يعرف علوكي األحيان. كان غالب في إليه يستمع يكن

ملوكي إليه يلجأ الذي العالم معرفة عن عجز أنه غير المعرفة، يستمر الذي علوكي ليزعج ذلك كان وما األوقات، هذه مثل في

O بالكالم. متدفقا طعم له الذي العصيب الوقت حل للشتاء، األخير الشهر فيO يفهم لم ملوكي. فهو فم في الحنظل مرارة بين تمزق كيف أبدا

O للنقود يقم لم نفسه هو ألنه ومعدته، قلبه أيما في أهمية أو وزنا محنة مواجهة في يقف بدأ الماضية. اآلن، عمره أيام من يوم أنفقها والتي العلويين، بدلته جيبيV تمأل كانت التي نقوده نفاد

ورشة في العمل توقف حين الماضية الشتاء شهور طوال

-88-

Page 89: أغنية الصيّاد الصغير

بلهجة أخبره نجرس لكن نجرس، من يستدين أن نجرس. حاول يسلفه، أن يمكن واحد دينار على العثور عليه يصعب أنه حاسمة،

المدينة. هذه في قلبه على عزيز شخص ألي وال ملوكي هو له الO كبيرة بسعادة األمل يحدوه كعاشق بقلبه فكر أي تفوق جدا

ببطء يمتصها التي الصغيرة هناءاته أن من الرغم على وصف فيها يغوص اسفنجية وسادات مثل بها ويشعر مساء، كل في

O لها. فكر مثيل ال براحة المتعب رأسه بذلك ليس بمعدته، أيضا بجلب الكفيل الشراب بذلك إنما الناس، عليه تعارف الذي األكل

O األماكن أكثر من السعادة O، إظالما ال أن كيف وعجب وإقفاراومعدته. قلبه بين فكاك

O عمه أوالد ورش إلى عاد بين متمرس عاشق بدقة موازنا افتقدوه قد عمه أبناء يكن القلب. لم وأهواء المعدة متطلبات

حينما فقط اآلن وتذكروه نسوة هم بل لورشهم، هجره طوال على يقرعوه لم مثلما عودته على يعترضوا أمامهم. لم وقف

آلة إضافة يتقبلون مثلما ثانية وجوده وتقبلوا عنهم، ابتعادهO يعترضوا ولم القديمة، آالتهم صناديق إلى جديدة على أيضا

ملوكي يشاء. حرص ساعة أية في واختفائه يشاء ساعة حضوره قيود على المحافظة على الشتاء، من األخير الشهر ذلك خالل

األعرج. الصياد ببيت مرئية غير بحبال المشدودة العذبة عبوديته وتحية االبتسامة ليتلقى البيت بباب يقف الضحى، في فهو

الهرولة والسوق. تلك البيت بين المعتادة هرولته يبدأ ثم الصباح،O الرابعة الساعة حتى النهار طوال عشقه زوادة هي التي عصرا

وشحوم بزيوت المشبعة العمل مالبس عنه ينضو عندماO، الماجدية إلى السيارات. يعود نشوة تغمضهما تكاد وبعينين الهثا

O مبكرة سعادة كان ذلك، الحبيب. مع رسالة تسلم على جداO يجدها O أم عاجال النخلة وتحت األرض لسان طرف في آجال

بكميات تتدفق سعادة من جديدة أمسية تبدأ السامقة. وهكذا قلبه من تخرج السعادة تلك وكانت انقطاع، دون ومن متساوية

O لتطوقها بل حوله، من الموجودات لتمس ال هو ثم ومن أوال أنانية. كان رغبة أية من وخالية ونقية شفافة لجة في تغرقها كأسه مع السقيفة تحت وهو الليالي بعض في يفاجئه نجرس من أية إفساد في ليفكر نجرس يكن الظالم. لم في وحيدينO يظل لذلك أماسيه، أحد على يجلس أو السقيفة أمام واقفاO المقلوبة، قواربه النهر من القادم بالندى المشبع الهواء متلقيا

O يجلس القريب. كان ينتظر وكأنه النهر باتجاه ووجهه صامتا المنداة الظلمة في المندائي جلسة تطول منه. حين نبيه قدوم الفرصة ينتظر شرير شبح وكأنه لملوكي يبدو النهر، بهواء

حادلة تناول في عارمة رغبة يديه تتآكل وعندئذ عليه، لالنقضاضعليه. والهجوم الغليظة القار

والذي المقلوب، قاربه على جلسته في نفسه ونجرس شرابه أزاغهما اللتين ملوكي عيني في شرير شبح إلى تحول

هذا طوال ويسمعه يراه لما منذهل بعقل يفكر كان المسكر،O ملوكي، وأقوال تصرفات من الشتاء للهدهد اصطياده من بدءا

-89-

Page 90: أغنية الصيّاد الصغير

Oيفوق سخف أو عبث من ما أنه العابثة. فكر، بالرسائل وانتهاء يشبه الذي القميئ األحدب، األسود، هذا غرام في فتاة وقوع

قناعته، من وعدل عاد أنه آدم. غير بني يشبه مما أكثر القرود العصية األحداث من الكثير حياته من مضى فيما رأى قد فهو لوال تحدث أن يمكن ال والتي الحب، صنعها التي التصديق على

الذي الرجل وهو نجرس، الحب. أيقن لهذا المرئية غير القوة مع العيَش من له مفر ال أنه وعي منذ وصروفها الحياة مع تصالح السحرية القوة هو الحب إن شيء، كل في تشبهه كائنات

لها، حدود ال تدميرية طاقة تمتلك التي العالم هذا في الوحيدة حذر. كانت دون من معها يتعاملون الذين هم فقط، الحمقى وإن

لو ملوكي إليه سيصل الذي المصير حول تدور نجرس خشيةO ظل قلبه. وراء السير في مستمرا

من فنهض ثيابه، بلل قد المندى الهواء أن إلى المندائي تنبه ظلمة في القابع ملوكي إلى المقلوب. نظر القارب سطح فوق

أن يمكن سره: هل في فقط. وتساءل تلتمعان وعينيه السقيفة ظهره مصيبة؟.. أدار إلى األسود الجرو هذا مصير ينتهي

وداع. كلمة دون من بيته باتجاه ومضى للسقيفةO تدور المندائي توقعها التي المصيبة ظلت مصير عن بعيدا

الزوارق جاءت الصيف بحلول الشتاء انتهى حتى ملوكي أن يعني وهذا المندائي، ورشة إلى بتثاقل عائمة المعطوبة

أنه يعني األعرج. كما الصياد بيت من مقربة على سيبقى ملوكي وعلي وحيد بن وعلي وعلوكي الثالثة المفوضين خدمة سيعاود

لسان على المساء جلسات خالل موسى بن وعلي حسين بن قماش وراء من الهدهد عظام على يربت وهو له األرض. بدا

سعادته صيف هو الصيف هذا إن المزرقة الرمادية بدلته هذه فوق مخلوق ألي سعادة أية تضارعها ال التي القصوى

ألحياء الثالثة المفوضون يأتي أن وقبل العصر، األرض. عندO رسالتين على عثر الوليد، الصيف هذا في األولى حفلتهم خالفا

وقرب والهناء بالوفاء تعد سابقاتها مثل معتاد. إحداهما هو لما الثانية عند يتوقف وبالدماء. لم بالدموع مليئة والثانية الوصال،

،O سيصل الطريق في قادم شر أو سوء نذير يعتبرها ولم أبداO O، أم عاجال في يعوم يزال ما الصيف هذا مقدم في ألنه آجالالعاشقين. سعادة

كان جلسة ملوكي ومعهم وجلساؤهم الثالثة المفوضون أحيا عاش مما أكثر يعيَش أن له تسنى لو عنها يتحدث سيظل ملوكي

العرق يجب: قناني مما أكثر كان شيء القصير. كل عمره من فوق علوكي صوت األقداح. حلق وحتى لياتووالبق والفواكه آخر، جانب من النهر سطح وفوق جانب، من البيوت سطوح

العذب. صوته لسماع توقفوا الجسرين على العابرين أن حتى الذي علوكي صوت يسمع التالي اليوم ضحى حتى ملوكي ظل

أذنيه. في يرن يزال ماO الضحى هذا في إلى يوم كل يفعل مثلما ملوكي هرول أيضا

األولى اللحظة في عليه الكآبة األعرج. سقطت الصياد بيت

-90-

Page 91: أغنية الصيّاد الصغير

ناولته التي والدتها إنما ساهرة، تظهر الباب. لم وقف عندما األنواع حاسمة، قليلة بكلمات له وحددت والنقود، السلة

ذلك في والخبز. بدا والفواكه واللحم الخضروات من والكميات أبخرة تأثير تحت يزال ما أنه لو كما يده في والسلة الضحى

ما نوعية من تدقيق دون من السلة س. مألمأ مساء عرقO ودفع اشترى، إقناعه في يجهدون الباعة يجعل أن دون من نقودا مرة يقف وهو نفسه يوم. انقبضت كل يجري مثلما باألسعار

أخذت الصارم بوجهها فاألم األعرج، الصياد بيت باب في ثانية ال اليوم هذا في تعاسته أن الباب. أحس وأغلقت السلة منه

هذا أمام صمد عليه. لكن مرت سابقة تعاسة بأية قياسها يمكنO كان ألنه حدوثه. صمد سبب يجهل الذي الجديد الطارئ متيقنا

O الحبيبة، من المرسلة الرسوم تلك بكل اليقين تمام من متيقنا هو أجله من النهار في وال الليل في ال النوم وعدم الشوق من النوم إطارة في تسبب الذي المعشوق ملوكي ملوكي،

نجح كلها. وهكذا العمارة في بل الماجدية، في فتاة أجمل عيني يتوصل مستساغ. لم مذاق ذات وجعلها المريرة الوقائع لي في

بين السريع التوافق هذا إلى اآلخرين، العشاق شأن ملوكي يخلق أن يمكن ما كل زرع عن يكف ال الذي الخارجي عالمه

قناعته بنى إنما مشاعره، وهيجان قلبه لوعة وبين األحباطات من أكثر هذا وكان الحبيبة، رسائل بها امتألت التي الرسوم علىلملوكي. بالنسبة ومرض� كاف�

لم الزقــاق، منعطــف وراء ينتظــره كان الذي الشرطي لكن مركــز إلى قــاده المجــاور، البســتان نخيــل فــوق ليحلــق يمهلــه

الثالثـة. تركـه المفوضـين أصدقاء أحد يستحقه باحترام الشرطة لـيرى الـداخل، إلى ودفعه إليه عاد المفوضين. ثم غرفة باب في

O عــدنان المفــوض منضــدته وراء يجلس الغرفــة. كــان في وحيــدا يردهــا. لم عــدنان لكن الصــباح بتحيــة كبير. حياه ملف في ويقرأ عليهــا، وجلس األريكة نحو أمامه. خطا باألوراق مشغول أنه فكر

وقال: عدنان المفوض إليه فالتفتمني؟ إذن دون من جلست -كيف المفوض فم من تنطلق الجافة الجملة هذه سمع حين حتىO سيواجه أنه أو ورطة، في وقع أنه باله إلى يرد لم عدنان، موقفاO ومن ذهول، دون من صديقه إلى ينظر األقل. ظل في عصيبا

استغراب. دونكنت. حيث وقف األريكة من -انهض

المعقولة وغير الحادة األمر لهجة أوقفت المرة، هذه جسمه أن غير ينهض أن الحركة. حاول عن جفنيه إليه بالنسبة

المتصلب. السمنت من كتلة إلى تحول أنه لو كما يطاوعه لمO. دار ونهض الملف عدنان المفوض أغلق منضدته حول واقفا

الذي ملوكي فاضطر فوقه، يقف وكأنه بدا ملوكي، أمام ووقفإليه. رأسه يرفع أن اللحظة، هذه حتى يجري ما يصدق لم

متمرد؟ أنت -إذن،

-91-

Page 92: أغنية الصيّاد الصغير

O O رأسه مرفوعا وجهه بشرة من خفف والشحوب ومبتسما عندما ورقبته، خديه في صغيرة بيض دوائر فظهرت الداكنة مثل ثم صدره، بامتداد اليسرى عدنان المفوض ذراع ارتفعت

O. قوية صفعة صوت فرن ملوكي، باتجاه تحركت سريع سوط جدا الهواء. في رجاله وارتفعت األريكة على ملوكي جسم انطرح ودار إبطيه، من األعلى إلى ورفعه عليه عدنان المفوض انحنىO يزال ما وهو نفسه حول ليضعه الجسم، الضئيل ملوكي حامال ثم رأسه، ليرفع مرات عدة الغرفة. هزه وسط في قدميه على وبكفه بدلته، أعلى اليسرى يده بقبضة وأمسك إبطيه ترك

يستطع لم التي والسريعة القوية صفعاته وجهه إلى سدد اليمنى إال صفعاته توجيه عن عدنان المفوض يكف تفاديها. لم ملوكي

طائر رأس يميل مثلما ضربة كل مع يميل ملوكي رأس رأى حينO. منضدته وراء جلسيل وعاد األرض على ميت. رماه الهثاالقانون. سير في التدخل عاقبة -سترى

من الباب. خاطبه في يقف الذي الشرطي على نادى ثمإليه. ينظر أن دون

التوقيف. غرفة إلى -خذهO، الطويلة التوقيف غرفة في إحدى في الشرطي رماه جدا بدلة يرتدي الذي الفتى هذا أن للموقوفين البعيدة. بدا ازواياه فارق ربما أنه حراك، دون من األرض على والممدد غريبة، الغداء وجبة وصلت حين منه. حتى يقتربوا لم لذلك الحياة، عرفوا أنهم الطعام. غير إلى يدعوه أن دون من حالته في تركوه

O يزال ما أنه العصر نور في يلتمعان دموعه خطي رأوا حين حيا وعلى المعرفة، تلك من الرغم أذنيه. على باتجاه يجريان وهما

من كشريك التوقيف غرفة جدران بين معهم وجوده من الرغمO يظل لكي إليه العون يد مد الواجب القانون، قوة أمام متماسكا

O يروا لم فهم منه، االقتراب على منهم أحد يتجرأ لم سابقاO O موقوفا التوقيف. ظل في ليودع شرطي ذراعي بين محموالO ملوكي يبدلها أن دون من وضعيته في وهو بصمت دموعه نازفا

صباح حل أن إلى التوقيف غرفة من البعيدة الزاوية تلك في الشرطة فيه يقوم الذي الوقت أن يعني وهذا التالي، اليوم

الفناء حول ينتشرون ثم للمركز الخارجي الباب بإغالق ليتيحوا التوقيف، غرفة باب يفتحوا أن قبل بأيديهم، وأسلحتهمO للموقوفين O وقتا المياه. دورة إلى للذهاب كافياO يزال ما الذي ملوكي فوق األمس شرطي وقف في ممدا

من وهزه عليه أمس. انحنى ضحى فيه وضعه الذي المكانكتفه:

ملوكي. يا -ملوكي.. ملوكي.. استيقظنديتين- تزاالن ما بعينين إليه نظر

O -نمت O طويال يبدأ أن قبل بالخروج ملوكي.. أسرع يا جدا الساعة في إال أخرى مياه بدورة ىظتح الدوام.. لن وقت

مساءO. الثامنة

-92-

Page 93: أغنية الصيّاد الصغير

اضطر ملوكي، من جواب على الشرطي يحصل لم حيناألرض: عن صدره من رفعه إلى

ملوكي. يا وجهك اغسل األقل -في التوقيف، غرفة خارج أمامه ودفعه األرض عن أنهضه

احتلها التي الواسعة المياه دورة غرفة أدخله حتى دفعه وواصل التوقيف غرفة في المكان نفس إلى ملوكي الموقوفون. عاد

الماء. جلس حنفية تحت طويلة مدة رأسه وضع أن بعدO القرفصاء O ركبتيه، فوق ذراعيه شابكا عليهما. يبدو رأسه وواضعا

O أمضاه الذي الوقت خالل دموعه كل استنفد أنه على ممددا وجبة لتناول الموقوفين دعوة التوقيف. رفض غرفة أرضية

من رأسه صفا الغداء. حين وجبة وكذلك وصلت، التي الفطور يفكر، أن حاول عدنان، المفوض صفعات سببته الذي الطنين

لن والذي اآلن، لحد يفهمه لم الذي األمر يفهم أو يصل أن حاولO يفهمه غيره. حاول آخر لشخص وقع وكأنه له أحدهم رواه لو أبدا

جرى ما يربط أو يقرن أن أجل من الوراء إلى بالزمن يعود أنO كنا أمس أول متى؟.. مساء منذ.. فكر: منذ أحداث من معا

من أمه طلبته ما جلبت األرض.. أمس لسان على النخلة تحت يمكن المركز.. كيف إلى الشرطي بي أتى ثم البيت، حاجات عائلته.. ويضربني؟.. كان وخدمت يضربني؟.. خدمته أن لعدنانO ظل يراه. وهكذا أن دون من الحقيقي بالسبب يمر ملوكي غافال

وهوانه. وذله تعاسته سبب عن ظهر وحتى أمس منذ التوقيف قضبان خلف وجوده طوال

حين إال يتذكرونه ال عمه فأوالد لغيابه، أحد يفطن لم اليوم، هذا تعود فقد الغياب، لهذا يقلق أو يهتم لم أمامهم. ونجرس يقفO التي ملوكي نزوات على نجرس عيني عن يختفي تجعله ما كثيراO O الوقت ذلك كل أمضى عديدة. وهكذا أياما O منسيا بين ومرميا

الموجودان وجعفر وليد القانون. والمفوضان على الخارجين للتحقيق. أحد يستدعه ولم به، يمرا لم منه قليلة أمتار بعد على قدميه، كعبي حتى فيه الخوف تغلغل األخير الخاطر هذا عند

O الطريق يتخيل أن دون من ورأى أن تذكر إذ السجن، إلى واضحاالسجن. من وفلت الثالثة المفوضين قبضة في وقع أحد ال

O، الرابعة الساعة في فيها تخلو التي الساعة تلك عصراO المارة من الماجدية شوارع مركز علوكي دخل الحر، من هربا

O يغني وهو الشرطة مصادفة كانت األغاني. تلك إحدى من مقطعا يكن لم إذ ملوكي، إلى المفقودة الحرية أعادت مصادفة غريبة، فلديه األسباب، من سبب ألي الشرطة مركز ليدخل علوكي شرطة، مركز أي يدخلوا ال أن يجب المطربين بأن راسخة قناعة

من الساخنة الساعة هذه في بسمعتهم. لكنه األذى يلحق لئالO دخله بل فقط، الماجدية شرطة مركز يدخل لم النهار، مترنما والبندقية الباب في الواقف الحارس أغنية. كان من بمقطعO يعرفه كتفه إلى معلقة الحميمة بصداقته ويعرف جيدا

الداخل. إلى وراءه وسار المركز باب ترك قد الثالثة، للمفوضين أدار ثم التوقيف، غرفة نوافذ من نافذة كل أمام علوكي وقف

-93-

Page 94: أغنية الصيّاد الصغير

توقف الخارجي. لكنه الباب نحو واتجه الداخل في لمن ظهره مزرقة رمادية بدلة رأى الباب. لقد إلى المسافة منتصف في

بصوت ودوائر. تساءل ومربعات إنجليزية كتابة صدرها على: عال�

لموكي؟ تكن لم إذا البدلة هذه -لمنO، البدلة هذه يعرف أنه فكر لو حتى يخطئها ولن جيدا خاللها، من النظر ودقق النافذة إلى بدلة. عاد ألف بين وضعوها

المتورمتين.. صاح: ملوكي عيني فرأىهنا؟ تفعل -ملوكي.. ماذا

O مرتفع بصوت ملوكي بكى ذراعيه.. صاح بين رأسه دافناثانية: مرة علوكي

التوقيف؟ في وضعك -مVن}O ملوكي صوت خرج O ضعيفا نحيبه: مع متقطعا

عدنان. -المفوض بجناحين. عاد طار أنه لو كما المركز فناء من علوكي اختفى

بيريه دون من وليد المفوض وبرفقته ساعة نصف من أقل بعد ملوكي إلى وجهه. نظر في واضحة النوم آثار رأسه. كانت علىO يزال ما وهو السفلى. شفته فمضغ زاويته، في القرفصاء جالسا

كل على واطلع األدراج في وبحث المفوضين غرفة إلى توجهالخافر.. سأله: المركز عريف له األوراق. أيقظوا

التوقيف؟ في ملوكي وضع -مVن}سيدي. عدنان -المفوض

أوراقه؟ -أينسيدي. لديه أوراق -ال

التحقيق؟ حاكم من أمر دون من أوقفه -تعنيسيدي. -نعم

وقال يده. نهض بقبضة المنضدة وليد المفوض ضربالخافر: للعريف

O. سراحه -أطلق فوراO ملوكي جاء العريف. خاطبه وراء مشيته في مترنحا

وليد: المفوضانتهى. قد شيء فكل ملوكي، يا البيت إلى -لنذهب

اآلن. بدأت هي بل وليد، المفوض قرر مثلما األشياء تنته� ولم كان الماجدية. ما سوق باتجاه الملعب شارع في الثالثة سار

والمفوض علوكي من المنطلقة المواساة كلمات يسمع ملوكي فدماغه ثانية، األمر هذا حدوث بعدم الحاسم وعده وال وليد،

إلى ومتسلطة: الوصول ملحة فكرة واحدة، بفكرة اشتعلمنصور. جورج

بدهشة: منصور جورج تساءل

-94-

Page 95: أغنية الصيّاد الصغير

من المبكر الوقت هذا ملوكي؟.. وفي يا زجاجة -نصفالنهار؟

كالم، دون من جورج أمام المنضدة على النقود ملوكي وضعO الجانبي بدلته جيب في القنينة نصف ووضع على بها ضاغطا من الخالي نجرس بيت ودخل جديةاالم إلى الهدهد. عاد عظام

O خبز رغيفي المطبخ من وأخذ ساكنيه، البطاطا حبات من وعدداO والطماطة. خرج والخيار المسلوقة يجد فلم بالورشة مارا

المجاور. البستان في ليغوص سيره وواصل نجرس، األلسن تحركت التوقيف، من ملوكي خروج من ساعة بعد

له. جرى الذي ذلك بهمس لتلوك وعرضها، الماجدية طول فيuلقي أسالك تنقل مما بأسرع الحقيقة تلك تنقلت القبض البرق: أ

بين الجملة هذه التوقيف.. تنقلت في ووضع ملوكي على الشوارع في دارت والسطوح، والشبابيك األبواب من البيوت،

الجانب إلى الجسرين وعبرت الماجدية، في الوحيدة والساحة قواربهم ظهور فوق البربرة الصيادون وحملها النهر، من اآلخر

مع األسماك إلى ورموها والمشرح، والكحالء دجلة أنهار في القنوط في بعد فيما وقعوا األنهار. ثم تلك أعماق في شباكهم الشائعات، نشر يجيدون ال ألنهم ال ومنذهلين، ائرينحو حزانى

بفراغات اصطدموا ألنهم بل والقال، القيل يحبذون ال ألنهم وال التي عقولهم في البلبلة أشاعت الجملة تلك كلمات بين عديدة

بنبرة منهم الكثير الحقائق. تساءل أرباع أو بأنصاف تقبل الO أعلى O أن يعني الهمس: ماذا من قليال في ملوكي يضع مفوضا

الماجديون، سراحه؟.. بدأ بإطالق آخر مفوض يقوم ثم التوقيف،O يمتلكون الذين أولئك أو بوضع اآلخرين، بمصائب تتوهج عقوال

رة. غير الفراغات تلك لملئ االفتراضات القنوط أن المحيO يمتلك ال فملوكي ثانية، أصابهم يمارسها أخرى حياة أو أسرارا

O الكحالء، نهر في الجارية المياه كوضوح واضح فهو عنهم، بعيدا على يجرؤ من هناك فليس السرقة، فعل ارتكب لو وحتى

O يكنون الماجدية فقاطنو مالمته، O احتراما إذ للصوص، خاصا والظالم النور يتحدون الذين الشجعان من كضرب إليهم ينظرون الغافلين حاجات لينهبوا لحظة، كل في المتربص والموت

O جعل الذي ما والنائمين. إذن، قضبان وراء يرميه مفوضا يريدون ؟..كانوااخارجه ليطوحه آخر مفوض يأتي ثم القانون، ليس فملوكي إشاعاتهم، تستقيم لكي الحقيقة إلى الوصول

O يعرفون القصاب. هم أحمد وال الصفاط، وهابي ملوكي أن جيدا نفس في ولد بل فقط، بالخمرة المترعة لياليهم جليس ليس

يكن لم أنه وعدنان. صحيح وليد المفوضان فيه ولد الذي الزقاقصباهم. أواخر في بهم اللحاق استطاع لكنه أترابهم، من

اصطادوا بإشاعاتهم، عصفت التي البلبلة من يتخلصوا ولكي أخبرهم مرة سبعين من وأكثر مرة، سبعين من أكثر علوكي بعد، القانون. فيما خرق ملوكي أن من أكثر يعرف ال أنه علوكيO، متأخر وقت في األخبار تلقى الذي نجرس عرف قانون أي جدا

O يخبر لم لكنه بخرقه، ملوكي قام الذي ذاك O به أحدا مفضال

-95-

Page 96: أغنية الصيّاد الصغير

الطويلة الحياتية تجاربه تنبئه أن دون من لنفسه به االحتفاظO الجاثم بالخطر أن اعتقد اللحظة، تلك في ألنه ملوكي، من قريبا

عبث من اعتباره يمكن األحدب األسود هذا به قام ما كل خاطره إلى يرد لم أنه عادة. غير اآلخرون يغفره الذي الصبيان

O. يغفر لن الذي هو ملوكي أن أبداO التالي، اليوم منتصف في الورشة في ملوكي ظهر مترنحاO السقيفة إلى بالطين. اتجه ملطخة وببدلة منقلبة وبسحنة مارا في شيء كل كان فقد الغريبة، ملوكي بهيئة المذهول بنجرس

O. تبعه وجهه السقيفة، عمود جانب إلى ووقف نجرس متورما ال بصوت نجرس ظهره. خاطب على متمدد وهو بنظره وتفحصه

فيه: حياةسيجارة. -أعطني

عن عازف ملوكي أن عرف وحين له، وناولها سيجارة أشعل وقت قبل ملوكي عمله. استيقظ إلى وعاد ظهره أعطاه الكالم،O النهر، في بالطين الملطخة ببدلته الرسائل. غطس تسلم وخالفا

جراء جلده وراء تتغلغل بالنشوة يشعر لم القديمة ألحاسيسه جسمه أن له النهر. بدا في الغاطس بجسمه الماء تيارات مرور

هذا ضغط رؤيتها. تحت يمكنه ساخنة أبخرة ينفثان أخذ وبدلتهO يزال ما وهو عنه بدلته اضن الشعور من الماء. غسلها في غاطسا

إلى الزوارق. عاد أحد على لينشرها النهر من وخرج عناية، دونO المتماسك، الرملي الجرف قاع على وجلس النهر رأسه تاركاالماء. فوق فقط على جالس وهو الوقت من عليه مضى كم ملوكي يعرف ال

O يعرف لكنه النهر، قاع بعد. يحن لم الرسائل تسلم وقت أن جيدا ما التي بدلته يرتدي ماكان وخالل الوقت، يسبق أن قرر ذلك مع

تلك من واحدة لتسلم غريب شوق هزه ماءO، تقطر تزال اللحظات تلك الملتاع. في قلبه في الدفء تشيع التي الرسائل

O نسى المبللة، بدلته ارتداء تلت التي O نسيانا من ذاقه ما كل تاماO وكأن أذى، المؤلمة الصفعات تلك تلقى غيره آخر شخصا

غرفة في نوم أو أكل دون من يومين ونصفي ليلة وأمضىO التوقيف. ذهب O وعاد األرض لسان إلى مسرعا O مسرعا من أيضا

القصب حصير على نفسه الموعودة. رمى رسالته يجد أن دون طوال شرب أو أكل دون من النوم وواصل السقيفة، تحت

هذا، الموتى نوم من يسحبه أن خاللهما نجرس حاول يومين،فشل. لكنه

النوم من المتورمتين عينيه فتح الثالث اليوم فجر فيO فمه الطويل. كان من طبقة تعلوهما مشققتين وشفتاه جافا األرض لسان وفي النهر في الورشة، في نظره القشور. قلب

يجدد الذي العشاق ضرب من ملوكي أن منه. يبدو مبعدة على الذي الوقت هذا حتى استيقظ منذ فهو عشقه، طاقة النوم

O أمضاه حواسه. كل على عشقه سيطر النهر، جرف في غاطسا حين …الحبيبة يرى أن دون من مضى الوقت من فكر: كم

اآلن. لحد ينفجر لم قلبه أن كيف عجب األيام عدد إلى توصل

-96-

Page 97: أغنية الصيّاد الصغير

الباب أمام األعرج. وقف الصياد بيت حيث إلى توجه الضحى فيO المغلق O أو متجاهال وراء من عليه هجمت التي المصائب متناسيا

يتمزق. أن يوشك عاشق وبقلب ثابتة بيد الباب.. طرقه هذا في والتقط ،هلمرآ وجهها شحب التي ساهرة عن الباب انفتح من خفيفة طبقة والحظ الشحوب، ذلك المتوترة اللحظة تلك

جبهتها.. تعلو السوادبك؟ جاء الذي -ما

بسرعة: وينخفض يعلو صدرها وكان تلهث، كانتاألسود. القرد أيها ثانية مرة تأت -ال

رأسه، على مطرقة تهو� وجهه. لم في بعنف الباب وأغلقت في شيء تقوض إنما وصعقته، به مرت كهربائية شرارة أو

يعد لم تقوضه. وهكذا صوت يسمع كان حتى تقوض صدره، عاد رجل مثل الورشة إلى معنى. عاد وللنهر وللطيور للبساتين

حياته في مرة وألول عائلته، أفراد جميع دفن أن بعد المقبرة من؟.. تحب فهي تحبني تكن لم وحيد. فكر: إذا أنه ملوكي شعر مVن} ماذا يعرف يكن أكاذيب؟.. لم مجموعة أهي الرسائل، وتلكO وترميه قلبه تقلع تكاد التي المشبوبة بمشاعره يفعل عنه. بعيداO المقلوبة الزوارق أحد على جلس O الساحل، من قريبا واضعاO ركبتيه، بين رأسه شيء. أي يرى أن دون من األمام إلى وناظرا زورق ألواح تبديل في معه العمل إلى يجره أن نجرس حاول

له. يستجب لم ملوكي لكن خشبية، بدعامات األرض عن مرفوع حتى الوضعية نفس وعلى المكان نفس في جلسته في استمر به، يحس أو نجرس يراه أن دون من اختفى الشمس. ثم غروب

اليوم صباح في نجرس الهواء. اكتشف في تبخر أنه لو كما للصيادين يؤجرها التي الصغيرة الثالثة زوارقه أحد اختفاء التالي

أن وعرف المدينة، شباب من التجذيف متعة لطالبي أو البربرةالزورق. أخذ مVن} هو ملوكي قاطنو سمع قليلة، بساعات اليوم ذلك شمس غروب بعد

نجرس وسمع الجسرين، بين الشارع على المطل البيوت صف لسان فوق وجلساؤهم الثالثة المفوضون وسمع بيته، في وهو

أغنية الغريبة، ملوكي أغنية الجسرين على والعابرون األرض، الرغم الماجدية. وعلى قاطنو عليها أطلق مثلما الصغير الصياد

O أن من O يكن لم أحدا الغامضة، الغريبة لكماتها فهم على قادرا القلب. نياط تقطع سكاكين مثل بها يشعر كان الجميع أن غير غير األغنية لكلمات ليس لها، السمع يصيخ علوكي كان

لتصبح ترتفع التي وتردداته ونبراته للصوت وإنما المفهومة، النحيب. في يشبه ما إلى لتتحول تنخفض ثم العويل، إلى أقربحزين: بصوت قال الليالي جلسات إحدى

O سيموت قلب نزيف أنها أغنية، ليست -هذه O، أو آجال أو عاجالذبيح. لرجل أخيرة صرخة هي ربما

وفشل والزورق، ملوكي اختفاء على أسبوع من أكثر انقضى الذين وجلساءهم الثالثة المفوضين حتى عليه، العثور في الجميع

-97-

Page 98: أغنية الصيّاد الصغير

عليه يعثروا لم منهم، األغنية تقترب حين جلستهم من يهبون بامتداده والساحل الخرساني الجدار على يتوزعون أنهم برغم

O قريبة الصغير الصياد أغنية يسمعون الجسرين. كانوا بين جدا في وشاع مرئي، غير كائن وكأنه المغني يرون ال أنهم إال منهم،

طوال للجن معاشرته بسبب بالجنون أصيب ملوكي أن الماجدية رفضوا الذين وأوالده لجحيل الشائعة تلك الليل. وصلت المندائي ورشة إلى ذهب األكبر االبن جاسم تصديقها. لكن

مقدمات: دون من وسألهبملوكي؟ حل -ماذاأحب. -لقدO جاسم فكر المندائي: يسأل وعاد قليال

-أحب؟.. لماذا؟ السؤال، طرح وقت في ليس الجواب، عن المندائي عجز

O بذل سنوات. لكنه بعد حتى بل O جهدا تهوى أن من يده ليمنع هائالبحنق: جاسم. قال رأس على بالمطرقة

جاسم. يا بسرعة هنا من -امض.. امض طوال سماعهم من الرغم على ملوكي وجود الناس نسى

بدأوا وجلسائهم الثالثة المفوضين ة. حتىحبالنا أغنيته الليلO ينسونه أغنية لسماع يتألمون كانوا أنهم من الرغم على تدريجيا يروه. أن دون من الفضاء في الهائم الصياد الصغير، الصياد بعد ساعة وفي ليلة، كل ففي المندائي، هو يراه الذي الوحيد

ورشته في الساحل على يقف المندائي كان الليل، منتصفO O. يتقدم يتأخر لن الذي الصغير الصياد زورق قدوم منتظرا طويال بالخبز مليئة سلة األحدب األسود ويناول الزورق نحو نجرس

نجرس بعضهما، إلى ينظران االثنان والسجائر. يظل والطعام الزورق، مؤخرة في الجالس وملوكي الساحل، على الواقفO فخذيه: على المجذاف مريحا

مولكي؟ يا متى -إلىنجرس. يا خدعوني -لقد

ويمسك المندائي ينحني وعندئذ بينهما، الكلمات وتتوقفO بقوة ويدفعه الزورق مقدمة الساحل. بعد رمل من إياه محررا بعد النهر في وزورقه هو ظهر اختفائه، على كامل شهر مرور

O الزورق زحف الظهر. حين بعد من الثالثة الساعة رمل على قليالO وسار منه ملوكي نزل الشاطئ، من مجموعة باتجاه مترنحا

يردد: وهو نجرس الورشة. تابعه خلف القامة القصير النخيلالظهيرة؟ في -ثمل األرض وحفر النخالت، تلك أمام ركبتيه على ملوكي ركع

مكانهما ينسى اللتين والكأس الزجاجة اخرج ثم العاريتين، بيديه والطين التراب من وغسلهما النهر إلى الصحو. انقلب في

خلفه.. يقف كان الذي نجرس واجه نهض بهما. حين العالقسأله:

-98-

Page 99: أغنية الصيّاد الصغير

القنينة؟ لهذه حاجتك فما ثمل -أنت مخزن وراء عليه. غاب يرد أن دون من نجرس جانب من مر

O المترنحة، مشيته وواصل األسماك، زقاق أول إلى منعطفاوسأله: منشد، بقالة أمام وقف ثم صادفه،

أبيض؟ نفط صفيحة لديك -هلفقط. صفيحة نصف -لدى

-هاتها.O نصفها حتى المملوءة القصدير صفيحة منشد ناوله نفطا

أخبره ملوكي أن بخاصة بها، يفعل ماذا يسأله أن دون من أبيض هذا طلب في أرسله نجرس أن نجرس. ظن من النقود يأخذ أن

أن تذكر حوله، من الدنيا اشتعلت حين بعد، فيما لكنه النفط،األسود. النفط بل عمله في األبيض النفط يستخدم ال نجرس

O تزال ما الشمس كانت والجسرين الناس يجلد أبيض قرصا يترع ملوكي بدأ عندما ملتهبة، بسياط والنهر والبيوت والشوارع

نفس في السامقة، النخلة تحت األرض، لسان على كأسهO منه جعلت التي رسائله فيه يتسلم كان الذي المكان إنسانا هتجلسا عن تختلف وبالهته. لم لحماقته العطف يستحق المبكر توالوق بجانبه، التي النفط بأمرين: صفيحة إال ةالسابق

O السابقة الطريقة بنفس كأسه يكرع كان ما لحفلته. خالل جدا كان الذي حبه على بل حياته، على ليس بصمت يبكي يبكي، كان

O O فيها صار التي األيام والخداع. تذكر الغَش من ضربا من خادما تذكر صغيرة، وهي ظهره عظام حطمت جاحدة لفتاة أجر دون

ونصفي الليلة تذكر أخيها، من نالها التي القوية الصفعاتO أمضاها التي اليومين O باكيا O وذليال من قذرة زاوية في ومرميا

له وجود ال الذي حبي المزعوم، حبي التوقيف. فكر: إن غرفة خرقة إلى حولني قد جيبي، في القابعة الهدهد عظام برغم

في انخرط يزيلوها. ثم أن شاؤوا التي القاذورات كل بها مسحواطويل. صامت بكاء

أخذ الذي الثقل يقاوم أن أجفانه. حاول وثقلت رأسه ثقل الغسق ظلمة كانت استيقظ جانب. حين كل من عليه يضغط

والجسرين. والنهر والشارع البيوت على حطت قد الخفيفة بدأوا قد الثالثة المفوضون كان إن ليرى الوراء إلى التفت

يجدهم. أزال لم عندما االرتياح عليه ال. بدا أم المسائية جلستهم النفط. نهض لصفيحة كسدادة المستعملة الصغيرة الطين كومة الساحل، إلى األرض لسان فوق من يهوي وكاد قدميه على ما إلى الصفيحة نفسه. رفع ليوازن طاقة من يمتلك ما كل وبذلO وقلبها رأسه فوق على بالنفط شعر وعندئذ عقب، على رأسا

من جزء كل إلى جسده، إلى األسفل، إلى تغلغل ثم رأسه ثم بكاملها، بالسائل المزرقة الرمادية بدلته وتشربت جسده،

لسان فوق من الصفيحة األرض. رمى إلى منها يسيح النفط أخذ مبللة فوجدها الكبريت علبة عن وبحث الساحل، إلى األرض

منها. عود إشعال في محاوالته كل بالفشل وباءت بالنفط،

-99-

Page 100: أغنية الصيّاد الصغير

O الشارع إلى اتجه وهكذا O مترنحا كل في والحكة بالحرارة وشاعرا انتظر الشارع رصيف النفط. على أحدثهما التي جسمه أجزاء

O أكثر أو دقائق خمس كبريت. بعد علبة منه ليستعير يمر شخصاO علبة منه وأخذ ملوكي سيجارة. أوقفه بيده رجل مر قليال

O إليه ينظر الرجل كبريت. كان في يفشل يراه وهو مبتسماO، له يشعل أن منه ملوكي آخر. طلب وراء عود إشعال فقام عودا وجهه. أخذ في معلقة زالت ما واالبتسامة بسرعة بذلك الرجل في الرجل، البدلة. رأى من وقربه منه المشتعل العود ملوكيO صرخة، إلى ابتسامته فيه تحولت التي اللحظة O عمودا من هائال

النار وكادت األسفل، وإلى األعلى نحو اتجاهين، في انطلق النارO هو تمسكه أن لضخامتها يعرف السريع. لم فراره لوال أيضا

فتقيأ تغلي بمعدته الهائل. شعر السعير هذا مثل للنار أن ملوكي ومع ينفجر، يكاد حتى بسرعة يكبر بقلبه شعر كما فيها، ما كل

الهواء، من المزيد سوى يريد يكن دقاته. لم عدد ازداد ذلك عن الماء، عن بحث الشواء، رائحة ينفث جسده أخذ وحين

صرخات أية تشبه ال صرخات الملتهب جوفه من النهر. انطلقتO نفسه، حول يدور وهو بشري، كائن يطلقها إلى االتجاه من وبدالO توجه النهر، O راكضا البيوت. صف نحو له مثيل ال بسعير ومدفوعاO. ذعر بابه اللهب خالل من رأى بيت أول دخل الساكنون مفتوحاO يرون وهم عجلة أنها ظنوا راكضة، بيتهم إلى تدخل عظيمة نارا

حين دارهم. لكن داخل إلى السفلة أحد دفعها مشتعلة سيارة ودخلت واقفة هبت ثم األرض، على وانطرحت النار تلك قفزت السطح، إلى وصعدت الخروج إلى عادت ثم أفرشتهم، غرفة النيران رأوا ثم ذلك، كل رأوا المجاورة.. حين الدار إلى لتقفزuخرج غرف كل في لتنتشر األفرشة غرفة من الكبيرة ألسنتها ت القافزة، النار تلك مذعورين. كانت وفروا دارهم تركوا الدار،

األرض على المنطرحة باستمرار، والمتوهجة الصارخة، والنساء الرجال طاردها قد أكبر، بنشاط ثانية والناهضة من والمرادي وبالمجاذيف الحديد وبقضبان بالحجارة واألطفال

O وراءها تاركة بيت، إلى بيت منها. خمسة أكبر متفجرة نيرانا بوحشية راقصة الهائلة اللهب ألسنة خرجت الطابوق من بيوت

خاصر والصراخ، النيران سوى تعد الخارجية. لم شبابيكها من الماجدية. من الجزء هذا في موجودة والرجال، واألطفال النساء الماجدية وساحة األزقة من قدموا الذين المتجمهرون شارك

في ونجحوا والصارخة، القافزة النار وضرب رجم في الوحيدة، نحو وعلى بسرعة، اتجهت أنها غير األخرى، البيوت عن إبعادها األسماك مخزن جانب إلى القائمة الصيادين أكواخ إلى أعمى،

O عشر سبعة في عظيمة نار اشتعلت الكبير. وهكذا من كوخا من وأطفالهم ونساؤهم الصيادون فر أن بعد والبردي، القصب

الذي الشارع في الجمهور عدد الغاضبة. تضاعف النار هذه وجهO تطلق تزال ما التي اللهب ألسنة أضاءته البيوت من أزيزا

O الفضاء في ترمي األكواخ وأخذت الخمسة، النيران من كتالO وكأن بشدة. بدا المتوهجة الراكضة النار بين يجري صراعا فأخذ هدوئه، على السيطرة فقد الذي الجمهور وبين الصارخة

-100-

Page 101: أغنية الصيّاد الصغير

كان نحوه النار تتجه وحين عليه، يده تقع ما بكل النار هذه يرميO يهرب O الشارع تاركا الغاضبة النار تلك وجدت أمامها. ثم فارغا

صوت وسuمع نحوه، هائلة بسرعة النهر.. انحدرت إلى الطريق الناس تحته. راقب غطست ثم الماء، بسطح ارتطامها

سطح تحت من انبثقت التي النار النهر، كتف على المجتمعونO، ازدادت وقد الماء O راقبوا كما توهجا عنها، انفصلت النار من بقعا

النار هياج الماء. ازداد تيار مع ومتهادية وطافية مشتعلة وظلت اليمين ونحو تارة اليسار نحو العنيفة حركتها وازدادت الزاعقة

اندفعت تنطفئ.. فجأة، أو تتوقف أن دون من أخرى، تارة الصراخ بذلك مصحوبة المنحدر نحو واتجهت النهر من خارجة

للفرار. في فتهيؤوا نحوهم، اتجهت أنها يعني وهذا الالإنساني، من مكشوف، برأس بينهم طريقه المندائي شق اللحظة، هذهO طريقه كوفية.. شق أو عقال دون على والنساء بالرجال مطوحا

بدأت التي النار نحو النهر، نحو بسرعة ينحدر الجميع جانبيه. رآه ينشر رأوه ثم نفسها، حول تدور وهي ببطء المنحدر تصعد

من صغيرة ألسنة تطلق ظلت التي النار تلك بها ويلف بطانية النار حول بإحكام البطانية المندائي البطانية.. لف حواف تحت الساحل. على بالبطانية ملفوفة وسقطت حركتها همدت التيO بها وصعد ذراعيه بين البطانية المندائي حمل حين فوق راكضا

O المتجمهرون رأى المنحدر، من تخرج الدخان من كثيفة سحبا معلقة بقيت مقرفة لحم شواء رائحة وشموا البطانية، طرفي

انطلقت حين سيارة المندائي طويلة. أوقف فترة الجو في إلى البطانية يضم الذي المندائي المستشفى. شعر نحو بسرعةO السيارة استدارة مع يميل ملوكي برأس صدره O. يمينا ويسارا أن لو كما الجانبين إلى بليونة يميل البطانية وراء من به شعر المندائي أطلق المطاوع. عندئذ المطاط من أصبحت رقبته

المارة رتموس الطريق على المحالت بكل مرت طويلة صرخةأماكنهم. في

-101-

Page 102: أغنية الصيّاد الصغير

-9-

جحيل سلك الفاتحة، لمجلس السادس اليوم فجر بزغ حين مع والملعب. دار الجسر شارعي بين المتشابكة األزقة

فوق من النهر ليعبر كبيرة مسافة وقطع العديدة انعطافاتها نفسه بالسرادق. كانت المرور يتفادى لكي الكحالء، جسر

هذا من نفرت قد الحياة صروف جميع مع المتصالحة المسالمة سورة لتقرأ إليه تأتي الناس أن معرفته من الرغم على المكان، ظن أو كذب قد جحيل يكن أخيه. لم ابن روح على الفاتحة نفسه أعماق في تعتمل كانت التي باألحاسيس السيئة الظنون

منذ قلبه في الخوف نما الماضية. وهكذا األيام من يوم أيما في شرير شيء بوجود ظنه السرادق. كان هذا لظهور األولى األيام إلى انقلب قد الفاتحة، لمجلس الثاني اليوم منذ السرادق داخل وتؤكده، ذلك له تثبت كانت أحاسيسه لكن إثباته، يمكن ال يقين والمسالم، الطيب البسيط، الجاهل، الرجل جحيل، كان وما

تلك أن ليثبت ضن�م بشكل الوقائع عن ليبحث فكرة يشغل أن يعني ال هذا أن حقيقية. غير دعامات على ترتكز األحاسيس

مخاوفه أن بل الغيب، وراء من القادم الضرب ذلك من ظنونه واقعية: المخلوقات أكثر من جاءت قد الظنون تلك من

الثالثة. المفوضون يعني متأخرة، ساعة في البيت إلى عاد حين مساءO، سمأO أضواءه السرادق أطفأ أن بعد المعزين، استقبال عدم عن إعالنا

O صافحوه البيت، باب في ينتظرونه الثالثة المفوضين وجد واحدا من كمية وليد المفوض وضع ثم عيونهم، في والدموع اآلخر بعد

O المفوض يد يده. قاوم في المالية األوراق أخذها، عدم محاواليده: حركة أوقفت للمفوض اللينة اللهجة لكن

كان رحوملمفا حقك، من النقود جحيل؟.. هذه يا األمر -ماابنك. بمثابة

جحيل: قالأردها؟ كثيرة.. كيف -إنهاعدنان: المفوض قالبردها؟ طالبك -مVن}

-102-

Page 103: أغنية الصيّاد الصغير

جحيل: أكدموتى. ديون -إنهاجعفر: المفوض قالاألحياء. يدفعها أن يجب التي ملوكي ديون -إنها

وليد: المفوض الكلمات. طمأنه هذه لسماعه جحيل ارتعَشتقلق. فال النهر، مياه مع األسماء دفاتر -ستذهب

O وتركوه O وظل بيته، باب في قلقا بيته. اضطر داخل حتى قلقا باطن من المعدنية العلبة يخرج أن المستقرة غير نفسه برغم

له أعطاها التي السابقة النقود إلى النقود هذه ويضيف األرض، وربما الليلة، تلك في العلبة. تيقن دفن ويعيد الثالثة، المفوضون

النقود. بهذه الثالثة للمفوضين أخيه ابن باع أنه األلف، للمرة ينتبه أو يلحظ لم الكحالء جسر باتجاه الساحة عبر عندما

الجسرين بين الخالء األرض يرV لم فهو يساره، إلى الجسر إلى كما الصغيرة، والسيارات الكبيرة والحافالت بالجنود امتألت قد مع توزعن اللواتي والشاي والقيمر الحليب بائعات يرV لم

الشارع بين المعبد رعuي الرصيف منتصف في وأوانيهن أطباقهن الذي الغريب الجندي هو بوضوح ذلك كل رأى الذي والنهر. لكن

O الفجر في خرج ليرمي الخلفي، السرادق غطاء تحت من أيضا هذا أن األولى للوهلة النهر. اعتقد في الفارغة الزجاجات

السائقين مساعدي نداءات سمع وحين يوم، كل يحدث النشاط داخل من حقيبته ليخطف يسرع لم سياراتهم اتجاهات على

ستأخذه التي السيارة في مقعد على ليحصل ويركض السرادق أمس. وأول أمس قبله الجنود فعل مثلما يفعل لم مدينته، إلى

األريكتين أعاد منه، خرج الذي المكان نفس من السرادق دخل تركته ما كل من الفسحة ونظف مكانيهما إلى المستعرضتين

تسجيل آلة وفتح المنضدية المراوح أمس. أدار ليلة جلسة الذين والجنود والنهر البيوت فوق المقرئ صوت فسبح الصوت

لكن إليه، يتوجه أن بعضهم السرادق. حاول نحو رؤوسهم أدارواواثقة: بأصوات دنكأ حين أوقفنهم الفطور بائعات

uفتح -لن العاشرة. بعد إال ي عليها. بعد وجلسوا األرض في أماكنها إلى حقائبهم أعادوا

منه خرج للسرادق، مقابل بيت باب انفتح دقائق عشر من أقل رأسيهما، فوق كبيرتين صينيتين يحمالن وبنت، ولد صبيان، أعاد ثم منهما الغريب الجندي السرادق. أخذهما باب نحو واتجها

بسرعة تتكشف السرادق أسرار الحبال. كانت بعقد الباب سد صوت وأطلقت السرادق أمام من كبيرة حافلة للغريب. مرت

من جحيل أوالد من أربعة أو ثالثة فسقط المزعج، الضاج منبهها وليد المفوض هب كما شاتمين، العنين األرض إلى األرائكO عليها: النائم األريكة في جالسا باب في منبهاتهم إطالق عن السائقون هؤالء يكف -أال

السرادق؟

-103-

Page 104: أغنية الصيّاد الصغير

O مازال وهو جعفر المفوض أجاب أريكته: على متمددا األولياء أحد ضريح السرادق أن لو كما ذلك يفعلون -أنهم

الصالحين.O انتبهوا الحكيم. الذكر آلي المرتل المقرئ صوت إلى جميعا

آثار بوضوح يحمل بوجه التفت التسجيل، آلة وأطفأ وليد قفزبغضب: أمس.. قال ليلة جلسة

ذلك؟ فعل -مVن}الغريب: الجندي أجاب-أنا.أخرى. مرة ذلك تفعل -ال

-لماذا؟به. نقوم ما ويعرفون علينا يدخلون الناس -ستجعل

يهتموا أن دون من أو ينتبهوا، أن دون من النوم إلى عادوا الكحالء. وجسر السرادق بين الخالء األرض في يجري ما إلى

عن يبحثون بقليل. كانوا العاشرة بعد القهوة صانع أيقظهم السبيل، أبناء طعام صواني ولجت عندما األرائك تحت أحذيتهم

O يكون يكاد السرادق أن الشاي. اكتشفوا صواني تبعتها ثم ممتلئا أبناء طعام حول وتحلقوا األرائك من قفزوا الذين بالجنود

جعفر: المفوض تساءل السرادق أمام الخارج، السبيل. فيالجنود؟ هؤالء كل جاء -متى

عدنان: المفوض عليه رد فقد بالرحمة تسبح ملوكي روح اآلن.. دع العاشرة بعد -إنها

O. تعذبت كثيرا روح فعلته ما هالهم الكحالء، جسر ناحية التفتوا عندما لكنهم

بدهشة: وليد المفوض بالماجدية. قال ملوكي السيارات محطة من أكبر كاملة.. إنها سيارات محطة -هذهالرسمية.

O رأوه ما يعتبروا لم ذلك، مع القانون، أو المألوف على خروجا الصغيرة الركاب نقل وسيارات المسافرين فحافالت

O يمارسوا لم أنفسهم، والمسافرين يعبث أو يهزأ أن يمكن عمال إلى المسافرين تنقل ظلت والسيارات فالحافالت القانون، بهيبة

بنفس تلك النقل وسائل يركبون المسافرون وظل مقاصدهم، بعد فيما األمر لهم بسطت النقل نقابة أن السابقة. غير طرقهمO مغايرة بطريقة ومحالتهم الباعة فدكاكين لنظرتهم، تماما

من أقفرت المحطة بناية داخل الموجودة والمقاهي والمطاعم تركوا المسافرين اإلبهام: أن أو اللبس تتحمل ال وبعبارة الزبائن، الطعام على يحصلون ألنهم الجانب، هذا إلى وعبروا المحطةO، والشاي المراوح بهواء مبرد ظل في الجلوس إلى إضافة مجانا

O الهواء، ومكيفات O. وهكذا ومجانا الحافالت تقدم حين أيضاO، تجد ال المحطة إلى والسيارات إلى السائقون فاضطر أحدا

-104-

Page 105: أغنية الصيّاد الصغير

فأولئك بالنقابة، لحقت الخسارة أن يعني وهذا وراءهم، العبور تأخذ فسياراتهم المحطة، رسوم يدفعون ال السائقون

يحدث؟.. ماذا رأيتم خارجها.. هل من المسافرين مكان آخر، مكان من يجري ما يرون الثالثة المفوضون كان

O يبعد لهم قال لذلك النقابة، منه نظرت الذي المكان عن كثيراوليد: المفوض والشاي الطعام تقديم من تمنعوننا هذا؟.. هل بكل شأننا -ما

O المتوفى؟ لروح ثوابا المشحون السابق حديثهم النقابة مسؤولو يواصل لم

االنسحاب عليهم ينبغي منطقة في أنفسهم وجدوا إذ باالحتجاج، وعاجزين مطوقين أنفسهم سيجدون فإنهم وإال عجل، على منها من ثالثة مواجهة في أنهم تامة دراية على فهم منها، الخروج عن

صالبة من المستمدة الشكيمة بقوة المعروفين المفوضين من فاتحة مجلس إلى ظهورهم والمسندين جانب، من القانون

آخر. جانب المسلحين الشرطة رجال من رهط ظهر ساعة من أقل بعد

الحافالت النقابة. أعادوا مسؤولي بصحبة والبنادق بالهراوات دون من المسافرين نقل محطة إلى الصغيرة والسيارات

الحافالت يتبعوا لم الذين بالجنود يتحرشوا لم لكنهم مشاكل، صغيرة مجموعات ومتوزعين متجمهرين ظلوا بل والسيارات،

الساحة تاركين انسحبوا قد الصباح باعة الخالء. كان األرض في والكبة والتكة الكباب تبيع عربات فظهرت الظهيرة، لباعة

الجنود جمهرات بين ودار مرقها، في السابحة الكروية وباعة بالمفرد، السجائر يبيعون صبيان اآلخرين والمسافرين

إليها الحاجة عند إال الذهن على تخطر ال حاجات يعرضون آخرون في تنفذ ومسامير الشعر إزالة ومالقط الجافة كالبطاريات

الحمل منع وحبوب بالحديد المسلح بالسمنت المبنية الجدرانوغيرها. األسماك لصيد المياه أعماق وقنابل

ال أحد يأت� لم السرادق في الغداء طعام يقدم أن قبل حتى الجانب في األخرى المدينة محالت من وال الماجدية قاطني من

في كمشاركة بالمال ويتبرع التعازي ليقدم النهر، من اآلخر فكل السبب، يجهلون ال الثالثة المفوضون العزاء. كان تكاليف

اليوم هذا خالل أحد وال ودفعوا، جاؤوا المعارف وغير المعارف الماجدية. قاطني من السن وكبار والفقراء الجنود سوى جاء

O الثالثة المفوضون فتحها التي الدفاتر صفحات بقيت وهكذا بيضا الفاتحة مجلس أن يعني أرقام. وهذا ودونما أسماء دونما

القلق يتسلل لم ذلك، المادية. مع الموارد في خسارة ستلحقه والقهوة والشاي الطعام، يخص فيما الثالثة المفوضين إلى

Oم يدفعوا لم ألنهم والسجائر، لمجلس األول اليوم منذ مقابلها اال االعتباري جانبه من األمر في رواكف حين قلقوا الفاتحة. لكنهم

ذوي من الماجدية أموات األموات، بين ومكانته بملوكي المتعلقخاص. بشكل الحيثيات

-105-

Page 106: أغنية الصيّاد الصغير

جحيل وأوالد الثالثة المفوضين أدهَش الغريب الجندي لكن بن وعلي حسين بن وعلي وحيد بن وعلي وعلوكي التسعة وتنظيم تقديم يعني واالبتكار، التنظيم على بقدرته موسى التعزية، ساعات خالل والسجائر الشاي وصواني الطعام وجبات

O وفتح O بابا منهم أي خاطر في لترد تكن لم مالية لموارد جديدا المخروطية حقيبته يخطف لم الذي الغريب اإلطالق. فهذا على

مدينته، إلى تأخذه التي الحافالت إحدى نحو الفطور بعد ويتوجه وعندئذ صارم، زمني جدول وفق الشاي تقديم أوقات نظم

القهوة دلة أما ساعة، كل في مرة تظهر الصواني هذه أخذت حيثيات، ذات بشخصيات مرتبط ظهورها وأصبح تختفي فكادت

uقدم الطعام عاد وما اقتصر إنما السرادق، يدخل مVن} لكل ي السبيل أبناء طعام وحتى والعشاء، الغداء وجبتي على تقديمه

والثانية الغداء، وجبة من ساعة قبل األولى مرتين، تقديمه تقرر جحيل أوالد كان المرتين كال وفي العشاء، وجبة من ساعة قبل

بصرف قام الصحون. كما في ما أرباع ثالثة يبتلعون التسعة من بها ويدورون السجائر صواني بحمل يقومون الذين الصبيان

المنضدة فوق الصواني تلك فظلت الجالسين، على توقف دون إلى التوجه عليه ينبغي سيجارة يريد ومVن} السرادق، منتصف في إخراج إلى بالمعزين الخجل دفع وهكذا ألخذها، الصواني تلك

الثالثة المفوضون جيوبهم. استوعب من سجائرهم علب اهتمامهم ضمن من يكن لم إذ بصعوبة، الغريب إجراءات ملوكي، روح إلى الرحمة يجلب أن يمكن ما صرف في االقتصاد

السرادق، في للمعزين ذلك كل عرض في بالغوا هم إنما صديقهم. روح على الرحمة تتدفق أن أجل من خارجة وللفقراء،

الذين المعزين نوايا في بالشك الرابع اليوم منذ بدأوا أنهم غير وجوه السرادق. كانت عن االبتعاد في يرغبون ال وكأنهم بدوا المالبس وكانت تتكرر، الماجدية قاطني من والفقراء السن كبار

أخرى. بعد ساعة تكثر بل تقل، ال الخاكية فوقها طاولة بوضع وساعدوه بسرعة معه اتفقوا لكنهم

الجنود: خاطب حين صينية شجعان رجال بفقيدنا.. أنتم لنا تعازيكم لكم نشكر -نحن كما …مرة من أكثر واجهتموه ألنكم الموت، يعني ماذا وتعرفون المجلس هذا مثل يعني الفاتحة.. ماذا مجلس يعني ماذا تعرفون

uقدم ماذا رأيتم بالذات.. أنتم كل نذكر أن المعيب ومن فيه يO أن تعتقدون شيء.. أال تلك في تضعونه قيمته كان مهما مبلغا

يساعد المرحوم روح على الفاتحة سورة تقرؤوا أن بعد الصينية ستجعل المبالغ هذه أن التكاليف؟.. ثم بعض تحمل على ذويه

المرحوم.. روح يرضي ما تقديم يواصل الفاتحة مجلسالفاتحة. سورة قرأ مVن} الله تعازيكم.. ليرحمه على نشكركم بصوت الفاتحة سورة بقراءة وبدأ وجهه أمام يديه ورفع

الجنود تعازي وتقبلوا دفاترهم، الثالثة المفوضون مسموع. أغلق الفاتحة. كانت سورة قرؤوا أن بعد السرادق لترك المضطرين

المراوح هواء وكان المالية، باألوراق امتألت قد الصينية

-106-

Page 107: أغنية الصيّاد الصغير

استبدل ساعة نصف من أقل بعثرتها. بعد في أخذ قد المنضدية المقوى. الورق نم بصندوق الصغيرة الصينية الثالثة المفوضون

السيارات محطة من قدمت قد الجنود من كبيرة مجاميع كانت صواني قuدمت حين غادروا. لكن الذين الجنود أماكن لتحتل

السرادق إلى خرجوا الذين الجنود عاد الغداء، لوجبة الطعام الصواني حملة يوجهوا أن الثالثة المفوضون فاضطر ثانية، مرة

السرادق. بجوار الخالء األرض في أخريات بوضع األيام في تنتهي كانت ما غير على الغداء وجبة انتهت

القزانين حول الطباخين أن الثالثة المفوضون الماضية. عرفO األمر كان الغريب. ما سطوة تحت وقعوا توقع، مجرد أو تخمينا

O يتصببون وهم الطباخون ذكر إنما النيران ألسنة أمام عرقا الصواني مأل بعدم وجه الغريب ذلك إن القزانين، تحت المتوهجة

وجبة على بعد فيما قدموا الذين الجنود ينل لم ثانية. وهكذا مرة على الرحمة أجل من لهم تقديمها المحتمل أو المؤمل من كانuقدم كان الذي بالشاي واكتفوا المرحوم، روح دخلوا عندما ي

السرادق.O سلكت ملوكي روح لكن أهمل أن بعد غريبة سبال

الماضية األيام في مارسوها التي الوسائل الثالثة المفوضون الفتيان دفعت الروح الرحمة. فهذه من بحار في إلغراقها

محاصرة إلى القصدير قدور الحاملين واألطفال والصبيانuقلب كاد حتى بضراوة مهاجمتهم ثم الطباخين، القزانان. وعلى ي

الطباخين وتكشيرات الثالثة المفوضين تدخل من الرغم داخل في ما إلى القصديرية القدور حملة وصل فقد وتهديداتهم،

الطعام. استسلم لنهب بائسة بعملية وبدؤوا القزانين، حuرموا الذين الجنود ساهم عندما والطباخون الثالثة المفوضون

دقائق وخالل القزانين، من الطعام غرف في الغداء وجبة منالقزانين. في ما كل اختفى

منقلبة، بوجوه السرادق مقدمة في الثالثة المفوضون جلس على تتأرجح وحقائبهم الخارج إلى منطلقين الجنود تقافز فجأة،

الخالء: لألرض الثاني الطرف من نداء ارتفع إذ ظهورهم،-بغداد.. بغداد..

إلى الجديدة السيارات محطة عادت ساعة من أقل بعد الركاب نقل وسيارات الحافالت وراء وعبرت ثانية، مرة الظهور

المتجولون والباعة صنف، كل من الباعة عربات الصغيرة الصدقات. استجداء على الدائبين والنساء الرجال من ومجموعة

O يقصدون الذين الجنود لكن الصوت، مسجل أغلق بغداد غير مدنا األرض على وتمددوا األرائك من نهضوا بل السرادق، يغادروا لم

يعرف رؤوسهم. لم تحت وسائد حقائبهم من جاعلين المتمددين للجنود يقولون ماذا أو يفعلون ماذا الثالثة المفوضون

فقد وكأنه بدا الغريب الجندي وعرضه. حتى السرادق طول في فاتحة. مجلس في النوم قرروا الذي المتعبين هؤالء أمام حيلته وسيلة على عثروا ألنهم ال تسامحوا الثالثة المفوضين لكن

أن يعرفون ألنهم بل ملوكي، لروح الرحمة تجلب جديدة

-107-

Page 108: أغنية الصيّاد الصغير

األبخرة تنفث وجعلتها األرض أحرقت السرادق خارج الشمسO هم تمددوا الساخنة. وهكذا باب تاركين األرائك على أيضا

O السرادق االنقذاف أو الداخل إلى الولوج ينوي لمن مفتوحا.O خارجا

بين الخالء األرض اكتظت الغسق، اختفاء وحتى العصر منذ والمسافرين الصغيرة والسيارات بالحافالت والسرادق الجسر

عقدوا أنهم لو كما اتخذوا، قد الجنود والباعة. كان والعرباتO O، اتفاقا O السرادق مسبقا منتصف وتفرقهم. في لتجمعهم مكانا التيار الجديدة السيارات لمحطة المقابلة البيوت باعت الليل

لتنتهي البيوت تلك من عديدة أسالك فخرجت الكهربائي، والرز والكباب التكة بيع عربات فوق بالنور متوهجة بمصابيح

في الحافالت تقف أن يخشون الثالثة المفوضون والمرق. كان أو مترين إال تترك لم حتى السيارات زحفت فقد السرادق، بابالسرادق. وبين بينها ثالثة

من القادمين الجنود من العديد نام السابع اليوم ليلة في الجندي إلى إضافة جنود ثالثة شارك السرادق. كما في الجبهة

بن وعلي وعلوكي الثالثة للمفوضين الحزينة الجلسة في الغريب التسعة، جحيل وأوالد موسى بن وعلي حسين بن وعلي وحيد

O وكانوا O كرماء جنودا منصور جورج من جuلب ما كل دفعوا إذ جداجيوبهم. من

محطة أصبحت الفاتحة لمجلس السابع اليوم طوالO الجديدة المسافرين أو اختفائه قبول المعقول غير من واقعا

للباعة الكهربائي التيار باعت التي فالبيوت القانون، بقوة تدميره األمر تطور الظهر وبعد والخبز، الشاي بيع في هؤالء شاركت

والشاي. الطعام تقدم مطاعم إلى االستقبال غرف تحويل إلى نساء وظهرت البارد، اللبن أقداح تبيع أخرى بيوت أخذت ثم

البيض مع يبعنه الذي السياح خبز يصنعن البيوت جدران بحذاءO السن وكبار األطفال بالسمن. ووجد المقلي O ربحا بيع في وفيراالكبيرة. الثلج قطع فيها تطفو جرادل من البارد الماء أقداح

الشك تغلغل السابع اليوم مساء من التاسعة الساعة في فهم المقاهي، وأصحاب الماجدية سوق باعة صدور في والخوف الفاتحة مجلس أن المدينة، في شخص أي يعرف مثلما يعرفون

uخ أن يجب األقل، في بساعة قبلها أو الساعة هذه مثل في متي في كشأنه استمر إنما يختموه، لم الثالثة المفوضين أن غير

المواشي تجار الليل. كان منتصف قبل ما إلى الماضية الليالي ماذا لمعرفة متلهفين بالجملة الخضراوات وباعة والقصابون

اللحوم نرسل نظل الفاتحة. فكروا: هل مجلس ختم عدم يعني ملوكي لعنوا متى؟.. ثم والخضروات؟.. إلى والخراف والعجول

الثالثة المفوضون كان الساعة تلك موته. في وساعة يكرعون الغريب الجندي إلى إضافة جنود وستة وجلساؤهم

الثالثة المفوضون غرق الراحل. ثم صديقهم على الحزن كؤوس خاللها، الكؤوس عب من ذلك يمنعهم طويلة.. لم بكاء نوبة في

بسرعة تصعد العرق أبخرة التسعة. بدأت جحيل أوالد وبخاصة

-108-

Page 109: أغنية الصيّاد الصغير

األكبر: جحيل بن جاسم فسأل رؤوسهم، إلىوليد؟ يا أحب ملوكي أن صحيح -هل

ينتحب: وهو وليد المفوض أجابه وتبعناه تكون.. راقبناه مVن} عرفنا ذلك.. وليتنا يفعل لم -ليته

فتاة. بأية يلتقي نره لم لكنناعدنان: المفوض قال

به. يقتنع وجعلناه الحب هذا له اختلق مVن} أننا -يبدويبكي: وهو علوكي قال

قتلته. الرسائل -الرسائل.. تلكموسى. بن علي وخاطب البكاء عن جعفر المفوض توقفتلك.. رسائلك -لوالموسى: بن علي قال

ذلك. مني طلب مVن} -أنتمخديه: في والدموع عدنان المفوض قال

نبكي. نحن وها نضحك، أن -أردناO الثمانية أخوته وال لجحيل األكبر االبن جاسم يفهم لم شيئا

ذلك في وشاركهم كؤوسهم إلى أيديهم فمدوا سمعوه، مما حسين بن وعلي وحيد بن وعلي وعلوكي الثالثة المفوضون

المفوضين الستة. اجتاحت والجنود والغريب موسى بن وعليبحرقة. يبكون وكانوا جديدة، بكاء نوبة الثالثة

يئةطالب بخطواته جحيل تعثر الظالم وفي اللحظات، هذه في مرات، عدة خفيض بصوت المندائي.. ناداه بيت باب وصل حتى

من نجرس إليه صوته. خرج بأعلى صاح جواب يأته لم وحينرأسه. على غطاء دون

نجرس؟ يا أفعل ماذا …-نجرس-ماذا؟األنجاس.. -هؤالء؟ -مVن}

وعلي حسين بن وعلي وعلوكي وأوالدي الثالثة -المفوضونوحيد. بن وعلي موسى بن

بهم؟ -ماأيام. عشرة الفاتحة مجلس يستمر أن -قرروامجانين؟ أيام؟.. أهم -عشرة

الناس. يغادر أن بعد العرق يشربون أنجاس.. إنهم -إنهمقلت؟ -ماذانجرس. يا قلته ما سمعت -لقد سمع ثم الظالم، في فجأة تلتمعان نجرس عيني جحيل رأى

-109-

Page 110: أغنية الصيّاد الصغير

صوته: يعرف بيوتهم.. هل في نومهم عدم في السبب هو هذا -إذن،

بذلك؟ الناس-نعم.

-انتظرني. بيده، غليظة وعصا بسرعة خرج ثم بيته إلى نجرس دخل

باب في وراءه. وقفا جحيل وتدحرج بسرعة األمام إلى وخطا المندائي يتبعه.. صاح وجحيل حوله نجرس دار ثم السرادق،

صوته: بأعلى في العرق أيام؟.. تشربون الحرام.. عشرة أوالد يا -اخرجوا

الذين اخرجوا.. وليد.. جعفر.. عدنان.. أنتم ملوكي؟.. هيا مأتمتخرجون؟ ال الحرام.. لماذا أوالد يا الداخل.. أنتم في

جحيل: قالنجرس. يا أحد يرد -ال

كبريتك. علبة -أعطنيصوته: بأعلى يصيح الكبريت.. عاد علبة جحيل ناوله

الحرام. أوالد يا كالجرذان جحوركم من -سأخرجكم السرادق. قماش من وقربه كبريت عود المندائي أشعل

األعلى إلى انطلقت فجأة، بهدوء، تتراقص صغيرة لهبة كانت ولها مدمدمة الجوانب إلى نزلت ثم البارود، ألعاب صاروخ مثل

O نفثت هائلة كرة أصبحت ثم أزيز، O أسود دخانا كل إلى كثيفاO وعكست الجوانب، O نورا O هائال من البيوت صف على ساخنا

المندائي فتراجع آخر، جانب من النهر صفحة وعلى جانب،جانبهما. إلى ليقفوا راكضين هرعوا الذين والمسافرون وجحيل

التسعة جحيل وأوالد الثالثة المفوضين وجحيل المندائي رأى وستة موسى بن وعلي حسين بن وعلي وحيد بن وعلي وعلوكي

O جنود O يفرون بيضاء بدشداشة وشابا النيران تحت من خارجا مستعرة تتأجج النيران المظلمة. ظلت األزقة في ويختفون

سيارات وصلت وحين القصب، وحصران األرائك بخشب من يبق توهجه. لم خبا الذي الجمر سوى تجد لم المطافئ وعوارضه سةوالمق الحديدية أضالعه سوى الكبير السرادق

الليل. بظلمة فالتحمت النيران سودتها التي والجانبية العليا

بغداد1999تموز/

-110-

Page 111: أغنية الصيّاد الصغير

-111-

Page 112: أغنية الصيّاد الصغير

لمؤلفل صدر

؟1973 الغري مطبعة رواية والرماد -النهر1.1979 األمة مطبعة رواية -المقبرة2– الثقافية الشؤون دار قصص مجموعة البعيد الشتاء -ذلك3

.1986 بغداد.1992 بغداد– الثقافية الشؤون دار رواية البيضاء -الحقول4.1995 بغداد– الثقافية الشؤون دار رواية -المقطورة5.1999 بغداد– للطباعة الحرية دار رواية الساخنة -الثلوج6 دمشق– العرب الكتاب اتحاد قصص مجموعة شتاء بال -حكايات7

1999.

: للفتيان روايات.1985 الثالثة -األبطال1.1985 -المهربون2.1985 الشجعان البحارة -رحلة3.1987 يقهرون ال -األبطال4

-112-

Page 113: أغنية الصيّاد الصغير

الوطنية األسد مكتبة في اإليداع رقم

–السبع شاكر محمد/ رواية: الصغير الصياد أغنيةدمشق:

سم.24 ؛ ص127 – 2001 العرب، الكتاب اتحاد

813.009563- 2أ ع ب س813.03- 1أ ع ب س

- السبع4العنوان- 3

مكتبة1615/8/2001ع- األسد

-113-