401
١

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

  • Upload
    -

  • View
    88

  • Download
    0

Embed Size (px)

DESCRIPTION

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

Citation preview

Page 1: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١

Page 2: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢

Page 3: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣

بسم اهللا الرمحن الرحيمنصدر حبوثنا الكالمية جبملة من املقدمات املفيدة اليت ال غىن عنها ، للتعرف علـى

عرفة وامل وره يف حياة اإلنسان ، ود ذوره يف الفطرة اإلنسانية ، وج فهومه ، وم واقع الدين .املعتربة يف اإلسالم

قيم األخالقية والاإلنسان ـ حياة١عارضـه ، بـل وي إنسانا ميلك من العقل شيئا ، خيالف التقدم الصناعي ال نتصور

.رفاه والاليت تؤتيه الراحة» التكنولوجيا « يقوده إىل دعم و اسـتغالل وه غري أن املشكلة يف هذه اآلونة من حياة البشر تنبع من موقع آخر ،

اإلنسانية شاعر وامل ألخالقعله ا وج توزيع ، وال لصاحل اإلنتاج » التكنولوجيا « الغرب هذه .ضحية هلذه الغاية

:نداء يطرق األمساع من بعيد إلنسان املثايل ، ظهر أناس ذووهذه الظروف احلرجة بالنسبة لويف

Page 4: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤

طردون احلياة اآللية وي لوب مستنرية يشكون هذه احلالة احمليطة باإلنسان ، وق ضمائر حية ن أ و اإلنسان قد وصل إىل الدرك األسفل من القيم األخالقية ، أحسوا أن وقد . املصطنعة

ال توصـله إىل ) توزيـع وال قيم ضحية اإلنتاج وال جعل الطاقات اإلنسانية (احلياة اآللية الوقت نفسه إىل ويف ثروة بسرعة ، وال السعادة على اإلطالق ، بل تقوده إىل حتصيل املال

هذا املنطلق حاول هؤالء إضفاء طابع روحي على حياة ومن . ياعهاضثل و وامل حتطيم القيم .اإلنسان حىت تتوزان احلياة املادية مع احلياة املعنوية

حنن إذ نبارك هلؤالء العلماء خطوم نذكرهم أن القرآن الكرمي قد وصف احليـاة وا طيف يدور بني الل وال ة اخلالية من املعنويات املاديتفـاخر وال زينـة وال لهو وال عبقيم بأ :والد واألنتهي بالتكاثر يف األموالوي

اعلموا أنما احلياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في (: قال سبحانه ته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطامـا األموال واألوالد كمثل غيث أعجب الكفار نبا

.)١( ) وفي اآلخرة عذاب شديد ومغفرة من اهللا ورضوان وما احلياة الدنيا إال متاع الغرورمن بدايتـها إىل أا تدور وك ترى أنه سبحانه يقسم احلياة املادية إىل أقسام مخسة

:ي وهايتها بني هذه املدارج . ـ اللعب١ . ـ اللهو٢ .تجمل وال ـ التزين٣ . ـ التفاخر٤ .والد واأل ـ التكاثر يف األموال٥

__________________ .٢٠اآلية : سورة احلديد )١(

Page 5: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥

يعتقد العلماء أن كل قسم من هذه األقسام يشغل مقدارا من عمـر اإلنـسان مث وعل كل واحد منها يأخذ من ول شتداد قواه ، ا و يندفع إىل القسم اآلخر حسب تكامل سنه

. يفارقه حىت ميوت والعمر اإلنسان مثان سنوات ، مث اخلامس يستمر معه إىل خامتة حياته ه هذه احلياة الفارغة من القـيم ، بنبـات خمـضر ال دوام مث إن اآلية املباركة تشب

ه ، فسرعان ما يتحول النبات األخضر إىل األصفر الـذي ينفـر منـه طافت ول الخضراره .اإلنسان

فمثل اإلنسان الغارق يف مستنقع املادة كمثل هذا النبات حيـث يبتـدئ حياتـه ستقر يف اية املطاف ، جيفة يف بطن األرض ، إال من قرن حياته وي لطافة وال باإلخضرار

زهوق روحهاملنقطعة مبوته وة املعنوية غري ة باحليااملادي. والذين كفروا (: قول وي القرآن الكرمي أيضا يصور احلياة املادية بشكل آخر وإن

هاهللا عنـد دجوئا ويش هجدي لم اءهى إذا جتاء حآن مالظم هبسحة ياب بقيعركس مالهمأع .)١( ) سابه واهللا سريع احلسابفوفاه ح

مال ما يغري واجل فاحلياة املادية يف ريعاا تتجلى بصورة شيء واقعي له من الزهو به كالسراب الذي خيدع العطشان ، فإذا انتهى إىل اية املطاف من عمره ، يقف علـى

.أا مل تكن شيئا واقعيا يسكن إليهذا تفاعلت مع اجلانـب الروحـي ، خذ املنحى السليم إ ة إنما تأ إن احلياة اإلنساني خالق مكانة مرموقة يف حياته ، كما أن حلاجاته املاديه ذاك املقام ليكون للدين والقيم واأل

: الدين ، إذا وقفنا على أمرين ما تتجلى هذه احلقيقة ، أي لزوم التوجه إىلإن و.املنشود__________________

.٣٩اآلية : سورة النور )١(

Page 6: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦

؟ ؟ وما واقعه ـ ما هو الدين١ ؟ و دوره يف حياة اإلنسان ـ ما ه٢

* * *

؟ ا هي جذوره يف الفطرة اإلنسانية وم؟ ما هو الدين ـ ٢تخلف ، بل هو ثـورة فكريـة تقـود وال ال حياول الدين إرجاع البشر إىل اجلهل

: أبعاده األربعة ا هذه ااالت إال وم.يع ااالتترقي يف مج والاإلنسان إىل الكمال .رافات واخلذيبها عن األوهام وعقائد والأ ـ تقومي األفكار

.صول األخالقيةتنمية األ ـ ب .حتسني العالقات اإلجتماعية ـ ج

ة والةد ـ إلغاء الفوارق العنصريقومي. ظل اإلميان باهللا الذي ال ينفـك عـن يصل اإلنسان إىل هذه املآرب األربعة يف و

:يك توضيحها لإ واإلحساس باملسؤولية ،ال يـتمكن اإلنـسان : عقيدة فنقول والأما يف اال األول ، أعين إصالح األفكار

املفكر من العيش بال عقيدة ، حىت أولئك الذين يضفون على منهجهم طـابع اإلحلـاد ، الالدينية ، ال يتمكنون من العيش بال عقيدة يف تفـسري الكـون رفعون عقريم بشعار وي

.ياة واحليك نظرية الدين لواقع الكون وال.ياةواحليع األنظمة املادية بأا إبداع موجود عال قام خبلق ومج إن الدين يفسر واقع الكون

فاجلاعـل غـري أخضعه لنظام دقيق ، وقد دود ، وح ديدها بقوانني وحت صويرها وت املادة .عطي غري اآلخذ واملاعول ،

وملكما أنه يفسر احلياة اإلنسانية بأا مل تظهر على صفحة الكون عبثا

Page 7: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧

يخلق اإلنسان سدى ، بل لتكونه يف هذا الكوكب غاية عليا يصل إليها يف ظل تعـاليم .داة املبعوثني من جانب اخلالق إىل هداية خملوقه واهلاألنبياء

هذا هو تفسري الدين لواقع الكون سر احلياة ، غري أن املادي حياول تفسري الكـون :يقول و وهبشكل مغاير ،

نه ال غاية أ و ي اليت قامت فأعطت لنفسها نظما ، وه إن املادة األوىل قدمية بالذات . لإلنسان القاطن فيها والهلا ،

اية ، فإن نشوءه مـن و اإلنسان اإلهلي بداية أخرى ، إن للكون يف نظرية وبعبارة .إىل اهللا تعاىل ـ باسم املعاد ـ اهللا سبحانه ، كما أن ايته

أنه ال يـتمكن نهاية ، مبعىن وال غري أن الكون يف نظرية اإلنسان املادي فاقد للبداية ال « ب: ا سـألته جييبـك ؟ بل كلم جد وو كون وت نه كيف حتقق أ و ، تهمن ترسيم بداي

ال « ايته ، ولو سألته عن ذلك ألجابك ب وغ كما أنه ال يتمكن من تفسري ايته . »أدري فهذا العامل عند الفيلسوف املادي أشبه بكتاب خمطوط خمروم قد سقطت من أوله . »أعلم دئه وال علـى ختامـه خره أوراق مما أدخله يف إطار اإلام ، فال يقف اإلنسان على ب وآ

ال أدري « يس له هنا جواب سوى ولتامه وخي جاهل ببدء العاملفالفيلسوف املاد«. مل تزل األسئلة الثالثة التالية عالقة بذهن اإلنسان منذ أن عرف ميينه : ثالثة وبعبارة :ي وهمن يساره ، ؟ ـ إنه من أين١ ؟ أينىلإ و ـ٢ .؟ اذا خلق ومل ـ٣

ضح من خالل تتاألسئلة الثالثة جييب عنها الفيلسوف اإلهلي بأجوبة رصينة وهذه ن اية املطاف هيأ ومجاهلا أن البداية من اهللا ،إ وهذه الرسالة ،

Page 8: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨

ثـل واملن الغاية هـي التخلـق بـالقيم أ و ،)١( ) إنا هللا وإنا إليه راجعون (اهللا سبحانه عند اإلجابة عن هـذه سبحانه ، غري أن املادي يكل فاته وص تصاف بأمسائه إل وا األخالقية . يأيت بشيء مقنع والاألسئلة

.عقائد والن للدين دورا يف تصحيح األفكارإهذا األساس قلنا وعلى خالل املقارنة بني الفكر اإلهلي واملنهج املادي يف اإلجابة على األسئلة الثالثة ومن

م اإلنسان أن التكامل الفكري إمنا يتحقق يف ظل الدين ، ألنه يكشف آفاقا وسيعة أمام يعل. ام ، بل يقوده إىل اخلرافات فكريه ، يف حني أن املادي ميأل الذهن باجلهل واإل وت عقليته

علفا وال ل ميكن أن تتحد العلة واملعلول ، وه ؟ إذ كيف ميكن للمادة أن متنح نفسها نظما .؟ فعول ، واجلاعل واعولوامل

.هذا ما يتعلق بدور الدين يف جمال إصالح الفكر والعقيدة: يتعلق بتنمية الدين لألصول السامية لألخالق فنقول ما و وه وأما يف اال الثاين ،

ينفك عـن إن العقائد الدينية تعد رصيدا لألصول األخالقية إذ التقيد بالقيم ورعايتها ال مصاعب وآالم يصعب على اإلنسان حتملها إال بعامل روحي يسهلها ويزيل صعوبتها له ،

فهذه بعض . ساعدة املستضعفني وم وهذا كالتضحية يف سبيل احلق والعدل ورعاية األمانة األصول األخالقية اليت ال تنكر صحتها ، غري أن جتسيدها يف اتمـع يـستتبع آالمـا

ت ، كما يستتبع احلرمان من بعض اللذائذ ، فما هو ضمان حتقق هذه األصـول عوباوص .؟

إن اإلعتقاد باهللا سبحانه وأن يف إجراء كل أصل من األصول األخالقية أجرا كبريا يصل إليه اإلنسان يف احلياة األخروية ، خري عامل لتحبيذ اإلنسان وتشويقه على إجرائهـا

صحبت األخالق نصائح وعظـات وال ذاك اإلعتقاد أل ول حياته الدنيوية ، والتلبس ا يف .جافة ال ضمان إلجرائها

__________________ .١٥٦ سورة البقرة اآلية )١(

Page 9: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩

لـوال الـدين لتجلـت « : ملعاصر ويف هذا الصدد يقول ويل ديوارانت املؤرخ ا صارت الغاية منها الفوز بالنجاح الدنيوي ول ،أا أشبه باملبادالت اإلقتصادية وك خالقاأل

فوز مضادا للقيم لتمايل عنها ، لكون الغاية يف جانب الالقـيم ، وال النجاحوكان حبيث ل .)١(» منا هي العقيدة الدينية اليت تترك اإلحساس باملسؤولية يف روح اإلنسان إو

ات اإلجتماعية ، فنذكر فيه ما يتعلق بتوطيده العالق ما و وه أما يف اال الثالث ، وذكرنا يف دعمه األخالق السامية ، فإن العقيدة الدينية تساند األصول االجتماعيـة ألـا

كون اإلنسان بنفـسه مقـودا إىل العمـل ويتصبح عند اإلنسان املتدين تكاليف الزمة ، .جراءواإل

ندئذ وع .ة القاهرة إال بالقوى املادي غري أن تلك األصول بني غري املتدينني ال تراعى ذا مشهود ملن الحظ حيـاة األمـم وه ال تتمتع األصول اإلجتماعية بأي ضمان تنفيذي

.املادية غري امللتزمة مببدأ أو معادقومية املفروضة علـى عـاتق وال أما اال الرابع ، أعين إلغاءه الفوارق العنصرية و

.شويه احلقائق وتهل واجلغراءإل واسلطة والاملستضعفني بالقوة فالكل بالنسبة إليه حسب إن الدين يعترب البشر كلهم خملوقني ملبدأ واحد ، : فنقول

رفيـع بعـض وت تفريـق وال يرى أي معىن للتمييز وال اجلوهر كأسنان املشط ، الذات و خـرين أهلكهـم وآ هم الشبع فيض بعض آخر ، كما ال يرى معىن لوجود أناس اختم وخت

.احلرماناجلوع و أثري واضح ، أفيصح وتفهذه هي ااالت األربعة اليت للدين فيها دور

__________________ .٤٧٨لذائذ الفلسفة ، ص ) ١(

Page 10: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠

؟ عله يف زاوية النسيان وجنبعد الوقوف على هذه التأثريات املعجبة أن مل البحث عنه ، أنه ليست كل عقيدة تتسم باسم ي وه غري أن هنا نكتة نلفت نظر القارئ إليها ،

ما تقدر عليها كل عقيدة دينية تقوم على نإ و بداعها ، إ و الدين قادرة على خلق هذه اآلثار كون واصلة إلينا عن طريق األنبياء الصادقني ، ففي مثل تلك العقيدة جند وت أساس العقل ،

تتجلى بصورة الرهبانيـة غري هذه الصورة يصبح الدين عقائد خرافية ويف ياة واحل احلركةيول السلبية إىل غري ذلك من اآلثار السيئة اليت نلمسها يف العقائد الدينية اليت ال متـت وامل

.جال الدين احلقيقي بصلة ورإىل الوحيرقي وال ضاد للتقدم وم حنطاط ، واإل فاملفكر الغريب إذ يتهم الدين بأنه عامل التخلف

.عقائد الدينية، فهو يهدف إىل أمثال هذه الإن الدين احلقيقي يلغي الفوارق السلبية اليت ال متت إىل : ي وه خرىنكتة أ وهناك

ما املميزات اإلجيابية اليت ال تنفك عن أفراد البشر فهي غري ملغاة أ و أساس منطقي بصلة ، كذلك أفـراد خرى ، أبدا ، فكما أن أصابع اليد الواحدة ختتلف كل واحدة منها عن األ

.نشاط والركة واحلفكر والالبشر يتفاوتون من حيث العقلا يرفضه وم تغيري ، وال فالفوارق اليت تنشأ من نفس طبيعة اإلنسان غري قابلة للحذف

.سلطة والذفه عن جمال احلياة هو اإلمتيازات النابعة من القوة وحيالدين اآلن وقت التعرف على جذوره ان وح إىل هنا تعرفنا على اجلوانب احلقيقية للدين

.نسانيف فطرة اإل

Page 11: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١

:فطرة والالديناإلميان باملبدأ والتوجه إىل ما وراء الطبيعة من األمور الفطرية اليت عجنـت خلقـة

.غرائز والاإلنسان ا ، كما عجنت بكثري من امليول :اكات اإلنسان تنقسم إىل نوعني أقول بشكل عام إن إدر

اكات اليت هي وليدة العوامل اخلارجة عن وجود اإلنسان حبيث لوالها اإلدر ـ ١ .ندسة واهلكيمياء والملا وقف اإلنسان عليها بتاتا ، مثل ما وقف عليه من قوانني الفيزياء

طرته من دون أن يتدخل يف اإلحيـاء وف اإلدراكات النابعة من داخل اإلنسان ـ ٢غبته يف الزواج يف ورعطش ، وال حساسه باجلوع إ و فسهكمعرفة اإلنسان بن . عامل خارجي

ـ تلك املعـارف . نصب يف فترات من حياته وامل شتياق إىل املال واإل سن معينة ، ن إو ـلمـاء الـنفس وع .عماق وجوده أ و تنبع من ذات اإلنسان ـ شئت مسيتها باألحاسيس

.رفانيدعون أن التوجه إىل املبدأ داخل حتت هذا النوع من العإن علماء النفس يعتقدون بأن للنفس اإلنسانية أبعادا أربعة يكون كل بعـد منـها

.مبدأ آلثار خاصةذا البعد من الروح اإلنسانية خالق وه احلقائق ، ستكشاف ا و روح اإلستطالع ـ أ ا يف العلومواله ملا تقدم اإلنسان منذ أن وجد يف هذا الكوكب ، شرب ول عارف ، وامل للعلوم

.ستكشاف احلقائقاوجل ذلك جيـد اإلنـسان يف وأل عروف ، وامل رتوع إىل الرب وال حب اخلري ، ـ بقـسط مطلـوب والفالعدل .فساد والنزجارا عن الشر ا و صالح ، وال إىل اخلري نفسه ميال

ذلك ور منفور له كذلك ، إىل غري واجل ظلم وال ظروف ، وال لكل إنسان يف عامة األجواء إىل األول د يف أعماق ذاته مـيال وجي من األفعال اليت يصفها كل إنسان باخلري أو الشر ،

بتعادا عن الثاين ،او

Page 12: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢

.خالق اإلنسانية واأل النوع من اإلحساس مبدأ للقيموهذاصناعة فاملـصنوعات وال جماالت الطبيعة القته باجلمال يف وع عشق اإلنسان ـ ج .اهلا من هذا البعد ومجتماثيل الرائعة تستمد روعتها واللوحات الفنية والة ،ميل واجلالدقيقة

إن كل إنسان جيد يف نفسه حبا أكيدا للحدائق الغناء املكتظة باألزهـار العطـرة با لإلنسان وح إىل الصناعات اليدوية املستظرفةشجار الباسقة ، كما جيد يف نفسه ميال واأل

ي يف الوقت نفسه وه لها تنبع من هذه الروح اليت عجن ا اإلنسان ، وك ، اجلميل املظهر .خالقة للفنون يف جماالت خمتلفة

يتأجج لدى الشباب يف سن البلوغ ، فيدعو اإلنسان إىل الشعور الديىن الذي ـ دإلنسان بكـل ن اأ واإلعتقاد بأن وراء هذا العامل عاملا آخر يستمد هذا العامل وجوده منه ،

.ستمد منه ويخصوصياته متعلق بذلك العامليدوه باإلختبارات أ و البعد الرابع الذي اكتشفه علماء النفس يف العصر األخري وهذا

آياته املباركـات ، نعـرض شار إليه يف أ و املتنوعة مما ركز عليه الذكر احلكيم قبل قرون :بعضها .)١( ) نيفا فطرت اهللا التي فطر الناس عليهافأقم وجهك للدين ح ( ـ أ

ي تدل بوضوح على وه تفسري للفظة الدين الواردة قبلها ، » فطرة اهللا « إن عبارة شيء خلق ـ ن مصري اإلنسان بيده أ و نسان ، واإل مبعىن اإلعتقاد خبالق العامل ـ أن الدين

.غرائز والطر على كثري من امليول وفر به كما خلقط وفاإلنسان عليه ،__________________

.٣٠اآلية : سورة الروم ) ١(

Page 13: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣

.)١( ) وهديناه النجدين ( ـ ب اخلري و أي فنا اإلنسان طريقالشر عر يس املراد التعرف عليهما عن طريق ول .طريق

لـك وذن مل يقع يف إطار تعليم األنبياء ، إ و بحانه ، األنبياء بل تعريفهما من جانب ذاته س ولسانا * ألم نجعل له عينين * ... * لقد خلقنا اإلنسان في كبد (ألنه سبحانه يقول قبله

.بداعهإ و فالكل من معطياته سبحانه عند خلق اإلنسان) وهديناه النجدين* وشفتين إن دل على شيء فإمنا يدل على أن النظرية اليت اكتشفها علماء معرفة النفس وهذا

اصلها إن الدين بصورته الكلية أمر فطري ينمو وح مما ركز عليها الوحي بشكل واضح ، .ما خيضع لسائر امليول والغرائزتنمية ك والضع للتربية وخيحسب منو اإلنسان ورشده ،

* * *

دور الدين يف احلياة ـ٣مر مكنون يف فطرة اإلنسان ، غري أنه نه أ أ و فهومه وم لقد بان مما ذكرنا واقع الدين

نه له التأثري الكبري يف حيـاة اإلنـسان العلميـة أ و جيب علينا أن نعرف دوره يف احلياة ، ت احليوية نـشري إىل الااجل إيقاف القارئ على تأثري الدين يف هذه وأل جتماعية ، واإل

:بعضها

:أ ـ الدين مبدع للعلوم ) حلـاد واإل الدين (حنن نستعرض يف هذا البحث مدى تأثري النظريتني املتضادتني

تطلع إىل والحول نشوء العامل ، يف استكشاف احلقائق__________________

.١٠اآلية : سورة البلد ) ١(

Page 14: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤

.ون جنوح ـ فعال ـ إىل صحة إحدى الفرضيتنيالسنن السائدة فيه ، من دنبني فيما وس بيينه نظريتني متقابلتني ال جتتمعان أبدا ، وت ال شك أن يف تفسري العامل

بعد الصحيح منهما ، غري أن الذي نركز عليه هنا هو حتديد تأثري كـل واحـدة مـن .ريتني على تكامل العلوم ورقيهاالنظ

تعتمد على أن العامل من الذرة إىل ارة إبـداع عقـل كـبري ، :النظرية األوىل .لقه وخدرته أبدع العامل وقعلم ، فهو بعلمه والوجود مجيل ، غري متناه يف القدرةوم

القدرة ، اخلارجني عنـها ، أي وال إن مادة العامل أزلية ليس للعلم :النظرية الثانية يـشبهه مـن ومـا فيه سنن ، فإمنا هي وليدة التصادف أ أثري فيه ، فلو وجدت وت صنع

الفروض العلمية اليت تشترك مجيعها يف القول بإفاضة املادة الصماء العمياء علـى نفـسها .قوانني والالسنن

ن احلقيقة ستتجلى يف األحباث اآلتية ، حنن ال نريد التركيز على إحدى الفرضيتني أل ـ اإلنسان على التحقيـق ية نظرية من النظريتني حتث ما نركز على معرفة أ نإو ثري روح وت

؟ البحث يف نفسه قدرة ، قد أبدع املادة وال عامل املادة صنع موجود غري متناه يف العلم هل القول بأن

؟ عة قدرته وسقوانني بفضل علمه والجرى فيها السننأوو صارت ذات ول قدرة صنع ، وال للعلم يس فيها ول زليةن املادة مل تزل أ أو القول بأ

كما هـو أحـد ـ وانني فإمنا هي وليدة الصدفة أو وليدة التضاد احلاكم عليها وق سنن .يقرب من ذلكما وأ ـ الفروض للماديني املاركسيني

؟ كاملها وتي النظريتني هو املؤثر يف تقدم العلومفأ ىل جيد يف نفسهية األوال شك أن الباحث عن الكون لو تدرع بالنظر

Page 15: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥

ليه أن يتفحص وع نظم ، وال حساسا بأن العامل غري منفك عن السنن إ و حافزا على التحقيق .عنها

ة الثانية ، ألن حتقق الصدفة أو التضاد الـسائد خبالف الباحث املعتنق للنظري وهذانظمة يف داخل املادة حىت يبحث أ و بني أجزاء املادة ، ال يورث العلم حبتمية حدوث سنن

ستطلع للحقائق السائدة فيه ، أن يتكئ وامل عنها اإلنسان فال يصح للباحث عن سنن العامل .على منصة الدراسة إال أن يكون معتقدا بالنظرية األوىل دون النظرية الثانية

اعثـة وب للعلـوم ما ادعيناه يف صدر البحث من أن العقيدة الدينية خالقـة وهذا .للتحقيق

ي أن الدين مبعىن اإلعتقاد بكون العامل خملوقـا لعلـم وه خرجنا ذه النتيجة وقد تدبر يف اإلنـسان وال نه يثري روح التعمق أ و درة ، عامل كبري يف تقدم العلوم البشرية ، وق

أقوى ال يثري شوق أاهلا مببد دم اتص وع عتقاد بأصالة املادة واإل احملقق ، يف حني إن الالدينية .تحقيق والالبحث

هناك عدة فرق من دعاة املادية ن أ و وه نعم ، ها هنا سؤال رمبا خياجل ذهن القارئ تقدم ، والاإلحلاد يعرقل خطى التحقيق كان وظمها ، فل ون ، من املكتشفني ألسرار الطبيعة

؟ قتحقي والفكيف وصل هؤالء إىل ما وصلوا إليه من الكشفن كانوا حيملون شعار اإلحلاد ، لكنها شعارات على السنتهم إ و إن هؤالء :اجلواب

ما قلوم فتخفق خبالف ذلك ، مبعىن أنهم يعتقدون يف صميم قلوم خبضوع العـامل أ و ،وال ذاك ول تعرف عليها ، وال نظم ، اليت هم بصدد كشفها وال لقوة كربى أجرت فيه السنن

عتقاد خبضوع العامل لتلك القوة ، ملا حصل هلم اإلميان بأن املـادة ذات سـنن واإل اإلميان رات املتوغلة يف أعماق واعيدها ، حتى النجوم وباءها ، قريبها ومسظم ، أرضهاون

Page 16: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦

حيصل اإلميـان وال الكون فإن إصرارهم على كشف النظم فرع اإلميان بوجودها فيها ، الإ و .ال ملن اعتقد خضوع العامل لقوة كربى عاملة قادرة ، أجرت فيها الـسنن ذعان إ واإل

ون السنن احلكيمة وليدة التصادف ال يوجب أي إذعان بوجود وك فاإلعتقاد بأزلية املادة .ائيها ونالنظم يف مجيع أجزاء العامل ، قريبها

ستكشاف ذو عقيدة خاصة إن كل مستكشف قبل الشروع يف اإل : أوضح وبعبارة عيدها ، مشتملة علـى وب يتها ، قريبها وم ي أن كل ذرة من ذرات هذا العامل حيها وه ،

فرغه يف قالب العلم ، فعندئذ نسأل من أين حصل هلـذا وي يستكشفه ن أ وقانون يريد ه فما هذا املنشأ صدر ، وم ال بد أن يكون هلذا العلم مبدأ . عتقاد واإل املكتشف هذا اإلذعان

؟درة هائلني وق إين أعتقد بأن جمموع العامل إبداع قوة كربى ذات علم « : قال فإن

، لصح له أن يعتقد بأن كل جزء من أجـزاء » كمتها وح درا وق أوجدت العامل بعلمها يوجـد فيـه وال هذا العامل ذو نظام ، ألن فعل العامل القادر احلكيم ال ينفك عن النظم

. اضطراب والاختاللن املادة الصماء صارت ذات نظام يف ظـل أ و إين أعتقد بأزلية املادة « : وإن قال

إن اإلعتقاد بالصدفة ال يالزم اإلذعان بالنظام : ، فيقال له » الصدفة طيلة األزمنة املتمادية .ل أن ال يوجدمائة باملائة بل حيتمل أن يوجد هناك نظام كما حيتم

فتفسري اإلذعان بوجود النظام مائة باملائة عن طريق اإلعتقاد بالصدفة باطل جـدا ألنه من قبل تفسري العلم القطعي ، بشيء ال يوجد العلم بـل يوجـد اإلحتمـال ، ألن

ن هلذا اإلذعـا فال بد اإلعتقاد بالصدفة مبدا الحتمال وجود النظام ال اإلذعان بوجوده ، يس هي إال ولمن علة أخرى غري الصدفة ،

Page 17: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧

.خراجه إىل حيز الوجودإ وقدرة دخيلني يف إنشاء العامل والاإلعتقاد بكون الشعورلكل مكتشف قبـل اإلنـشغال : ل وق إن شئت أفرغ هذا البيان بقالب منطقي و

ها ، هـذا مـن و يريد كشف وه سنن يف هذا العامل ، وال بالكشف ، إذعان بوجود النظم .جانب

جانب آخر ، إن املادي يرى العامل الوحيد لظهور السنن هـو الـصدفة ، ومن ن املستكشف مع أ . مورثا لإلذعان بل أقصى ما تورثه هو االحتمال كنها ليست عامال ول

.ظام وننه حيتمل أن يكون هناك سنةحيمل العلم بالسنن ال أقاء ، وب ال قيام العامل ، حدوثا يس هو إ ول بعامل ثان ن يفسر ذاك اإلذعان فيجب أ

.درة أزليني وقبعلم

الدين دعامة األخالق ب ـقد تعرفت على دور الدين يف إثارة روح التحقيق يف اإلنسان ، لكن له دورا آخر

:يك بيانه لإ وكيم أصوهلا يف اتمع ، وحتيف تركيز األخالقتمسك بالقيم األخالقية ، ال ينفك عن احلرمـان يف وال ال شك أن إقامة األخالق

جيب أن نبحث عن عامل ندئذ وع رك اللذائذ النفسانية يف ظروف أخر ، وت بعض األحايني .النجاح يف هذا املعترك

غرائز املتعدية اليت ال تعـرف وال إن اإلنسان مقهور للميول النفسانية : فمن جانب الئم ، وافق القيم أم خالفها وم نال كل لذيذ وت تفجر أمامها ، ي تريد أن وه لنفسها حدا

.نسان يف كثري من فترات حياتهذا شيء حيسه كل إ وه،

Page 18: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨

عمـل وال ن الفطرة اإلنسانية توحي إىل صاحبها حبفظ القـيم إ: جانب آخر ومن سه صـراعا ند ذلك جيد اإلنسان يف نف وع .باألخالق كما أن علماء التربية يوصون بذلك

عنيفا بني ميوله ، فال بد لنجاحه يف هذا املعترك من عامل يرجح كفة الفطرة اإلنـسانية العامل خصوصا يف الفترات اليت يغيب هذا وعمل بالقيم ، فما ه وال املوحية حبفظ األخالق

.؟ يسأل اإلنسان عما يفعل والنام فيها العيون ، وتفيها الرقيب ،ـ ن بصورة عامل قوي يرجح كفة األخـالق ، هنا يتجلى الدي وحي لإلنـسان وي

ـ بح مجاح الغرائز ، ألن املتدين يعتقد بأن كل ما يعمل من خري وك بالعمل بالقيم ر يف وشوما يعزب عن ربك مـن (دقه أ و هذه الدنيا ، سيحاسبه اهللا سبحانه عليه بأشد احلساب

ة في األرثقال ذراءممال في الس١( ) ض و(. وال حـساب ال يف احليـاة وال يعتقد بكتاب ومل خبالف ما إذا كان ملحدا وهذا

اهل وجت نازعها يف كيانه رادعا عن نقض احلدود وت بعدها فال يرى يف معترك صراع الغرائز قـر أمـام القيم غري عنصر ضعيف التأثري يدعى بالفطرة اإلنسانية ، اليت سرعان ما تتقه

.نزوات والطوفان الشهوات ، .م فيه شيء ملموس ال نطيل الكالوهذا

حصن منيع يف خضم متقلبات العالم ج ـ الدين نسان يعـيش يف الـسراء واإل إن احلياة يف هذا الكوكب حليفة التعب والوصب ،

امللمات املؤملة القاصـمة نوازل إىل غري ذلك من وال واجه الباليا وي عزةضراء ، يفقد األ وال .؟ نظلها وحللظهر ، فما هي السلوى يف مواجهة علقم احلياة

__________________ .٦١اآلية : سورة يونس ) ١(

Page 19: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩

راسخا جتاه احلـوادث ن الدين هو السلوى الكربى اليت جتعل اإلنسان جبال أقول إ :؟ لوجهني رث ، ملاذا متزلزل عن الكوا والاملؤملة غري متزعزع يف الباليا

مظاهر مـشيئة من ور ، فه وش ه يعتقد أن ما جيري يف الكون من خري فإن أما أوال يفعل إال عن مصلحة ، فهـذه وال اخلالق احلكيم الذي ال يصدر منه شيء إال عن حكمة

ن كان اإلنسان ال يشعر بذلك يف ظـرف إ و الكوارث ، مرة ظواهرها ، حلوة بواطنها ، .جنالء احلقائقا وبتالء ، ولكنه يقف عليه بعد كشف الغطاء واالملصيبةا

جـه مـشرق ووستقبلها بصدر رحبا ون اإلنسان إذا صرب جتاه املصائب فإ ثانياوضائه قال سبحانه وق ضاه بتقديره ور ستقامته ، ا و باته وث يكون مأجورا عنده سبحانه بصربه

:) ابرينر الصشبـون ال* واجعه را إليإنا هللا وة قالوا إنصيبم مهتابإذا أص ذين * أولئـكفعند ذلك يتجلـى الـدين . )١( ) عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم املهتدون

ن نـشراح ، غـري أ ا و لها ببشاشة فف املصائب ، بل رمبا يستقب وخي كدواء يسكن اآلالم اقد الدواء الضـطراباته ، ألنـه ال وف املادي يف ذاك اال فاقد البلسم جلراحات حياته ،

ؤجر بأعماله فهو يعتقد وي ثاب بصربه ، وي إلنسان ، ايعتقد بأن وراء املادة عاملا حيشر فيه ي وه ها ، فال مناص منها إال إليها ، نتهي إلي وي بأن دائرة الكون حمدودة باملادة ، يبدأ منها

رفيه روحه ، فألجل ذلـك نـرى وت مياء ال تقدر على تسكني جروح اإلنسان وع صماءما الزمرة املؤمنة باحلياة األخرويـة ، أ و االنتحار شائعا بني تلك الزمرة ، عند املصائب ،

واب على خالف املاديني ث وال سلون أنفسهم بالصرب وي فيستقلون آالم املصائب عند حلوهلا .ستسلمون أمامها ويحيث يستكثروا

__________________ .١٥٧ ـ ١٥٥اآليات : سورة البقرة ) ١(

Page 20: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠

فراغ املعاين العالية يف قوالب حسية ضيقة ، إ و فلو صح لنا تشبيه املعقول باحملسوس لظهر ، املوجبة لإلنفجار ، فال عتب علينا إذا قلنا بأن الدين جتاه التيارات املؤملة القاصمة ل

كصمام األمان يف املسخنات البخارية اليت مل يزل خبارها يزداد حينا بعد حـني ، فلـوال ورث القتل أ و صمام األمان الذي يوجب تسريح البخار الزائد ، النفجر املسخن يف املعمل

ـ مـن بـاب تـشبي اعتذرنا عن هذا املثال بأنه وقد ريق الفظيع ، واحل الذريع ول ه املعق .باحملسوس

* * *

ـ املعرفة املعتربة ٤فالدين الـواقعي .وىل لفهم الدين هي الوقوف على املعرفة املعتربة فيه إن اخلطوة األ

. لالستناد ، بل يشترط فيها الشروط التاليةال يعترب كل معرفة حقا قابال ومهية وال فض املعرفة الظنية ور ذعان واإل املعرفة القطعية اليت ال تنفك عن اجلزم ـ أ

:شكية ، قال سبحانه وال) ـهنكـان ع كل أولئك ادالفؤو رصالبو عمإن الس به علم لك سا ليم قفال توجـل وألترى أن اآلية ترفض كل معرفة خرجت عن إطار العلم القطعي ، . )١( ) مسئوال يف كثري من اآليات اقتفاء سنن اآلباء ذلك ي ـ جداد ، اقتفاء بال دليل واضح ، واأل ذم ال وب

بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمـة وإنـا علـى (: تقانه ، يقول سبحانه إ و علم بصحته في قرية من نذير إال قال مترفوها إنا وجدنا وكذلك ما أرسلنا من قبلك * آثارهم مهتدون

.)٢( ) آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون__________________

.٣٦اآلية : سورة االسراء ) ١( .٢٣ ـ ٢٢اآليتان : سورة الزخرف ) ٢(

Page 21: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١

ملضللني حيث يعضون أناملهم من الندم يوم القيامة والقرآن ينقل أخبار الكثري من ا وقـالوا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا اهللا وأطعنا الرسوال (: بقوله

ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا * ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيال .)١( ) كبريا

قلبية أو العقلية ، وال تعترب املعرفة ، إذا كانت نابعة من أدوات املعرفة احلسية ـ بل لكم الـسمع واهللا أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا وجع (: يقول سبحانه

.)٢( ) واألبصار واألفئدة لعلكم تشكروندراكـات واإل فئدة كناية عن العقل واأل بصار رمز األدوات احلسية ، واأل فالسمع

.دراكات اخلارجة عن إطار تلك األدوات غري قابلة لالستناد واإلالصحيحة الفكرية ، ألما أكثر صوابا ) عقل وال احلس (وات املعرفة على هذين اعتمد من بني أد وإمنا

ما غريمها من األدوات اليت يعتمد عليها مرضى القلوب فهي غـري قابلـة أ و عظم نتيجة أونظريـة « روع قد بينت يف علم وف ذين األمرين من أدوات املعرفة شعوب وهل لالستناد ،

.»املعرفة قليدهم أمرا وت جداد واأل نه إذا كان اقتفاء اآلباء و أ وه نعم هناك سؤال يطرح نفسه

؟ إذ يـصح لكـل مذموما فلماذا جوزه اإلسالم يف باب معرفة األحكام الفرعية العملية امله ، أو ليس ذلك تقليد هلم وع حكام من إمام الفقه واأل مسلم أن يأخذ مذهبه يف الفروع

.؟ كتقليد الكفار آلبائهم أخذ األحكام عن اتهد البارع املتخصص اذا السؤال واضحة ، إذ اإلجابة على ه و

قليده بـال دليـل ، ألن وت و الرجوع إىل الغري ، وه يف فنه ، ليس من قبيل التقليد املذموم قتفائه أثره رجوعا ورجوع اجلاهل إىل العالم

__________________ .٦٨ ـ ٦٦اآليات : سورة االحزاب ) ١( .٧٨اآلية : نحلسورة ال) ٢(

Page 22: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢

ليه سرية العقالء يف مجيع ااالت ، فاجلاهل بالصنعة يرجع إىل عاملها وع إليه مع الدليل ، .ذا كله يف األمور الفرعية وهكذا دواليك ، وهاهل الطب يرجع إىل خبريه ، وج،

مر فيها يدور بـني اإلثبـات واأل املسائل األصولية ، فهي مسائل جذورية ، وأما نفي احملض كما هو عند املاديني ، فـال يـصح وال ، كما هو احلال عند اإلهليني ، احملض

التقليد فيها ، إذ ليس هناك قدر مشترك حىت يؤخذ بـه ويرجـع يف الزائـد عليـه إىل عي كونه متخصصا يف هذا العلم وامل من اإلهلياملتخصص ، فإن كالي يداد.

ة من دون جعـل الغور يف املسائل األصولي فالجل ما ذكرنا ، جيب على اإلنسان .ةج وح سندافكر

* * *

املعارف العليا يف اإلسالم ـ٥ إن اإلسالم حيث على التعرف على أمور ثالثة من بـني املوضـوعات املختلفـة

.ها ذات أمهية ملن يطلب الواقععتربوي

:طبيعة وال ـ معرفة الكون١قل انظـروا (: ن حبماس على حتصيلها يقول سبحانه هذه املعرفة مما يؤكد القرآ

.)١( ) ماذا في السماوات واألرضإن في خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنهار آليـات (: أيضا ويقول .)٢( ) ألولي األلباب

__________________ .١٠١اآلية : سورة يونس ) ١( .١٩٠اآلية : سورة آل عمران ) ٢(

Page 23: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣

عماقها حسب معطياتـه غور يف أ وال فال حميص لإلنسان املتدين عن دراسة الطبيعة .ابلياتهوق

: ـ معرفة اإلنسان نفسه ٢من ضروريات املعارف اليت أكد عليها كما أكد على سابقتها ، قال سبحانه وهي

ي اآلفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه احلق أولم يكف بربك أنـه سنريهم آياتنا ف (: هيدء شيلى كل ش١( ) ع(.

ن اإلنسان من خالل التعرف عليها أ و تضافرت الروايات على أمهية معرفة النفس و .ها ، يعرف رب يعيش فيهل الطبيعة اليتوك

: ـ معرفة التاريخ ٣ (: عظات ، يقول سبحانه وال إن القرآن يؤكد على معرفة التاريخ مبا أنه مثار العرب

.)٢( ) لقد كان في قصصهم عبرة ألولي األلباب .)٣( ) فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (: سبحانه ويقول

اليت حيبذ اإلسالم على التعرف عليها كل من يريد أن يلمس هذه هي املوضوعات معرفتـه سـبحانه صل إىل الواقع ، فاملعرض عن هذه املعارف ، حمجوب عن وي احلقائق

.ننه يف الكونوس

* * *

؟ نبحث عن وجود اهللا سبحانه ـ ملاذا٦ نقومالئل وجوده ، ودأن نركز على أسباب معرفته سبحانهوقبل

__________________ .٥٣اآلية : سورة فصلت ) ١( .١١١اآلية : سورة يوسف ) ٢( .١٧٦اآلية : سورة األعراف ) ٣(

Page 24: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤

و مأخوذ من دسائس املاديني ال وه باإلجابة عن سؤال كثريا ما يطرح نفسه بني الشباب ، .سيما املاركسيني يف األوساط اإلسالمية

يس ول اء املادة حبث ال صلة له باحلياة ، إن البحث عن ما ور : حصيلة السؤال هو ومن املوضوعات اليت تقع يف إطار احلياة اليت حيياها اإلنسان يف أدوار عمره املختلفة ، مـن

ن هناك موجودات أ و بحث عما وراء الطبيعة وال .يخوخته وش صباه إىل شبابه إىل كهولته بـدع وم نفوس ، وفوقها مبدعها وال عقول وال حكامها ، كاملالئكة أ و عليا جمردة عن املادة

ردها ، ال ينفع يف احلياة ولو أثبت بألف دليل ، فصرف الوقـت وجم ماديها: مجيع العوامل .حول هذه املباحث يعوق الشاب عن القيام بوظائفه الالزمة

اإلجابة عن هذا السؤال واضحة بعد اإلطالع على ما ذكرنا ، فقـد عرفـت أن وري دعامة هلا وخأثريا عظيما يف تكامل العلوم كما أنه ضمان لألخالق ، وت را قويا للدين دو

.صن احلصني يف متقلبات األحوال واحل، بل ضمان لتنفيذ القوانني الصاحلة ،جتماعيـة فطـي واال خالقية واأل فإذا كان له ذلك الشأن العظيم يف حياتنا العلمية

فما يتشدق به املـادي مـن أن . ة عظيمة لإلنسانية شتغال بغريه ، خسار واال الصفح عنه الم خـال وكا وراء الطبيعة ال صلة له باحلياة ، مكذوب على الدين وم البحث عن الدين

أثريه يف اجلوانب احليوية من اإلنسان ، إنما وت نعم ، ما ذكرنا من دور الدين . عن التحقيق ما األديـان أ و خيالفهما ، وال خالق واأل لعلمشؤون الدين احلقيقي الذي يواكب ا من وه

.زور فخارجة عن موضوع حبثناب وسماء بكذ والاملختلفة املنسوبة إىل الوحي

:دفع الضرر احملتمل مور اخلارجة عن إطار املـادة روحيا حيفزنا إىل البحث عن هذه األ إن هناك عامال

الت اإلصالحجاهناك جمموعة كبرية من ر ن أو وهاديات ،وامل

Page 25: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥

ذيبه ، وراحوا ضحية رقيـه ، و األخالق الذين فدو أنفسهم يف طريق إصالح اتمع و عوا اتمعات البشرية إىل االعتقاد بـاهللا سـبحانه ود عصار واأل توالوا على مدى القرون

ياة ن احل أ و ظائف وضعها عليهم ، وو دعوا أن له تكاليف على عباده ا و فاته الكمالية ، وصمنا هو جسر يعرب به اإلنـسان إ و خر مقطع منها ، وآ يس املوت آخرها ول ال تنقطع باملوت

ظائفه فلـه وو ن من قام بتكاليفه أ و حياة ناقصة إىل حياة كاملة ، ومن من دار إىل دار ، .ما من خالف واستكرب فله النكاية الكربىأ واجلزاء األوىف ،

صالح ، ومل يكـن هـؤالء واإلن رجاالت الوحيهذا ما مسعته آذان أهل الدنيا م فعاهلمأ و ختالق ، بل كانت عالئم الصدق الئحة من خالل حيام واإل متهمني بالكذب

عند ذاك يدفع العقل اإلنسان املفكر إىل البحث عن صـحة مقالتـهم دفعـا . ذكارهمأوالء بأقل من إخبـار يس إخبار هؤ ول .للضرر احملتمل أو املظنون الذي يورثه مقالة هؤالء

إنسان عادي عن الضرر العاجل أو اآلجل يف احلياة اإلنسانية ، فترى اإلنسان العاقل يهتم .تفحص عن وجوده حىت يستريح من الضرر املخرب عنه ويبإخباره

. ما اعتمد عليه علماء الكالم يف إثبات لزوم البحث عن معرفة اهللا سـبحانه وهذا .لذاك الضرر احملتمل أو املظنونفأوجبوا هذا البحث دفعا

:كر املنعم وشمعرفة اهللاال شك أن اإلنسان يف حياته غارق يف النعم ، فهي حتيط به منذ نعومة أظفاره إىل

.ذا الشيء مما ال ميكن ألحد إنكاره وهخريات حياته ،أ يتحقـق الـشكر إال وال جانب آخر إن العقل يستقل بلزوم شكر املـنعم ، ومن

.مبعرفته حث عن املنعم الذي غمر اإلنسانهذين األمرين جيب البوعلى

Page 26: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦

عوتـه إىل ودفاضها عليه ، فالتعرف عليه من خالل البحث إجابة هلتاف العقـل أ و بالنعم .شكر املنعم املتفرع على معرفته

م املنعزوم شكر ول دور الدين يف احلياة ، دفع الضرر احملتمل ، (هذه الوجوه الثالثة هتمام ا أكثر واال اليت أملعنا إليها باإلمجال حتفز اإلنسان إىل البحث عن معرفة اهللا ) عقال

منا يعرض من يعرض عن هذه املسائل لعلل إ و من اهتمامه مبا هو دخيل على حياته املادية ، نفـك عـن عتقاد به ال ي واالروحية غري خافية على الباحث ، إذ ال شك أن معرفة اهللا ،

قيام بالوظائف وال جتماعية ، واال عاية األصول األخالقية ور دود يف احلياة وح االلتزام بقيود نـسلكون يف وامل باحية اليت يتوخاها املاديون واإل ل ذلك ينايف احلرية املطلقة وك الفردية ، الضماناتبدأ ليس إنكارا لنفسه بل للفرار مما يترتب عليه من وامل فإنكار الدين . عدادهم

.دود واحلقيود واللتزامات ،واإل .ذةختالف هوى اإلنسان اإلباحي الذي ال يرى أصال يف احلياة إال اللوهي

* * * ذوره يف الفطـرة وج إىل هنا انتهت املقدمات اليت أردنا إيرادها لبيان مفهوم الدين

قع الكالم بعدها يف وي .ىلعا وت جوب معرفة اهللا تبارك وو وره يف حياة اإلنسان ود اإلنسانية .وجود اخلالق املبدع هلذا الوجودأدلة

* * *

Page 27: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧

Page 28: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨

Page 29: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩

الطرق إىل معرفة اهللاإن الطرق إىل معرفة اهللا بعدد أنفاس اخلالئق : ي وه هناك كلمة قيمة ألهل املعرفة

ثري ، فإن لكل ظاهرة من الظواهر الطبيعية وجهني ، يشبهان وجهـي وك بل فوقها بكثري وقعها يف الكون ، ومصوصياا وخدودها وحعملة الواحدة ، أحدمها حيكي عن وجودها ال

من ـ فهذه الظاهرة الطبيعية . شوئها منها ون وامها ا وق خر حيكي عن اتصاهلا بعلتها واآل باحث جهة خاصـة تقع موضوع البحث يف العلوم الطبيعية ، فيأخذ كل ـ الوجه األول

خر وآ عادن وامل طالعه ، فواحد يبحث عن التراب ا و وقه وذ همن هذا الوجه حسب ختصص .الث عن احليوان إىل غري ذلك من املوضوعات وثشجار ، واألعن النبات

تعرف عليه مـن ناحيـة وال كما أا من الوجه الثاين تقع طريقا ملعرفة اهللا سبحانه :آثاره

ن آثارنــــا تــــدل علينــــاإ

ــار ــدنا إىل اآلثـ ــانظروا بعـ فـ

أكد اإلسالم علـى هان ، فقد وج قريها هلا وح أن الظواهر الطبيعية ، جليلها ومبا

قل انظروا ( : صوصياا ، قائال وخغور يف آثارها والمعرفتها

Page 30: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠

ختاذه هدفا ا و ، لكن ال مبعىن الوقوف عند هذا التعرف )١( ) ماذا في السماوات واألرض .نظم والأوجد فيها السننومن القها ، وخك املعرفة جسرا ملعرفة بارئها، بل مبعىن اختاذ تل

األول ن أ وعرف اإلهلي عليها ه وت إن الفرق الواضح بني تعرف املادي على الطبيعة ينظر إىل الطبيعة مبا هي هي ، ويقف عندها من دون أن يتخذها وسيلة لتعـرف آخـر ،

لل تكوا ، يف حني أن اإلهلي ، مع أنه ينظـر إىل وع ودهاو التعرف على مبادئ وج وه الظواهر الطبيعية مثلما ينظر إليها املادي ويسعى إىل التعرف على كل ما يسودها من نظم

ه يتخذها وسيلة وسن ، فإنو التعرف على الفاعل الذي قـام بإجيادهـا وه لتعرف عال ن الثانية نظرة إىل ويف ة يف األوىل نظرة إىل ظاهر املوجود ، جراء السنن فيها ، فكأن النظر إو

.الظاهر متجاوزا منها إىل الباطنغفل عـن وي أوضح ، إن املادي يقتصر يف عامل املعرفة ، على معرفة الشيء وبعبارة ياته ، فلو اكتفينـا يف معرفـة وآ الشيء من طريق آثاره أي معرفة مبد وه معرفة أخرى ،

عرفة األوىل حبسنا أنفسنا يف زنزانات املادة ، ولكن إذا نظرنا إىل الكون بنظرة الظواهر بامل ي املعرفة اآليوية لوصلنا يف ظل ذلك ، إىل وه خذنا مع تلك املعرفة معرفة أخرى أ و وسيعة

لى ذلك فكل املظاهر الطبيعية مع وع .مال واجل كمال وال علم وال بالقدرة ءعامل أفسح ملي كوـا وم سنن آيات وجود بارئها وال ع ما فيها من النظم وم روعةوال ما فيها من اجلمال

ند ذلك يتجلى للقارئ صدق ما قلنا من أن الطرق إىل معرفـة اهللا بعـدد وع نشئها ، ومعاة ود جل ذلك نرى أن رجال الوحي وأل .نتهاء إىل ارة ا و الظواهر الطبيعية بدءا بالذرة

وعتها فإـا ورانه على الدعوة إىل النظر يف مجال الطبيعةالتوحيد يركزون يف معرفته سبح أصدق شاهد

__________________ .١٠١اآلية : سورة يونس ) ١(

Page 31: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١

.دبر يف آياته وتذا مشهود ملن طالع القرآن وهبدعا ، ومعلى أن هلا صانعاـ رض واأل السماء ىلإ و خالل توجيه اإلنسان إىل الطبيعة من وفه مـن ا فيهـا وم

إن فـي خلـق (: كفي يف ذلك قوله سـبحانه وي كائنات ، يريد هدايته إىل مبدئها ، ـاسالن نفعا ير بمحري في البجالفلك التي تار وهالنل وتالف اللياخض واألرات واومالس

فأحيا به األرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف وما أنزل اهللا من السماء من ماء .)١( ) الرياح والسحاب املسخر بين السماء واألرض آليات لقوم يعقلون

ة ، كـثرية فيض هلذه احليـا وم إن الرباهني الدالة على وجود خالق هلذا الكون ، قرا إىل احلس أ و ولكي تقف على أوضحها . ن ذاكرون فيما يلي بعضا منها وحن متعددة ،

العقول على اخـتالف تجربة نركز البحث على برهان النظم الذي يتجاوب مع مجيع وال .سطوح تفكريها

* * * __________________

.١٦٤اآلية : سورة البقرة ) ١(

Page 32: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢

Page 33: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣

الربهان األول

النظمبرهان

يبتين برهان النظم على مقدمات أربع . إن وراء الذهن اإلنساين عاملا مليئا باملوجودات ، حمتفا بالظواهر الطبيعية :األوىل

ذه املقدمة قد أطبـق وه ن ما يتصوره اإلنسان يف ذهنه هو انعكاس للواقع اخلارجي ، إو ن كل فكرة وامل عليها اإلهلييرافض أت إىل املثالية ، مبعىن وجل قامت على نفي الواقعية ادي

.نفي احلقائق اخلارجيةكمـا . ري ذلك وغ يطا وحم را وحب سا ومش إنسان واقعي يعتقد بأن هناك قمرا إن كل

ذه هي اخلطوة األوىل يف مضمار معرفة وه صور املنعكسة فيه ، وال هنه وذ يعتقد بوجوده ، شترك فيها الفالسفة الواقعيون ، دون املثـاليني مبعـىن وي.واقعياتي التصديق بال وهاهللا ،

.اخليالينيذب عليه ، إذ وك يظهر أن رمي اإلهلي باملثالية مبعىن نفي الواقعيات ، افتراء وبذلك

الوقت نفسه ينفـي واقعيـات األشـياء ويف ال يوجد على أدمي األرض من يكون إهليا وجد هناك إنسان ذه العقيدة ولو. ظواهر الطبيعيةوال

Page 34: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤

.املنحرفني عن الفطرة السليمة اإلنسانيةمن ومنا هإ وفليس من تلك الزمرة ،ا سواه وم رمبا حيكى عن بعض العرفاء من أن املوجود احلقيقي هو اهللا سبحانه وما

ناك مصباح يف ذا نظري ما إذا كان ه وه موجود بااز ، فله معىن لطيف ال يضر مبا قلناه ، ضوء لغريهـا ، فهكـذا وجـود وال إن الضوء ضوء الشمس : ضوء الشمس ، فيقال

.الذاتاملمكنات ، املفتقرات املتدليات بالذات ، بالنسبة إىل واجب الوجود القائم بن كل ما يف الكون ال ينفك عـن إ و إن عامل الطبيعة خاضع لنظام حمدد ، :الثانية

ل ما تطورت هـذه العلـوم وك اليت كشفت العلوم الطبيعية عن بعضها ، سنن وال النظم .قوانني السائدة عليه وال اإلنسان خطوات أخرى يف معرفة الكونىخط

وانني ال ينفك عن وقراد منه أن كل ما يف الكون من سنن وامل أصل العلية ، :الثالثة علة ، أمر حمال ال يعترف به العقل ، ققه بال وحت ن تكون الشيء بال مكون أ و علة توجده لل نتيجة علة وع ا فيه من نظم وم لى ذلك فكل الكون وع .ربهان وال الوجدان وب بالفطرة ، .ونته وكأوجدته

: داللة األثر تتجلى بصورتني إن:الرابعة ية علـى وجود األثر يدل على وجود املؤثر ، كداللة املعلول على علته ، واآل ـ أثر األقدام يدل على أ و البعرة تدل على البعري ، « : نقل عن أعرايب أنه قال وقد ، صاحبهاذه الداللة مما ال يفتـرق وه .، إىل غري ذلك من الكلمات اليت تقضي ا الفطرة » املسري

اللةإ وهلي ، واإلفيها املاديهو الصورة الثانية من الد منا املهم. ال تنحصر يف اهلداية إىل وجود املؤثر ، بل هلا داللة أخرى يف إن داللة األثر ـ ب

ي الكشف عن خصوصيات املؤثر وهطول الداللة األوىل ،

Page 35: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥

نوضح ذلك ول .ريها وغ صفات وال عوره ، أو جترده من تلك الكماالت وش لمه وع من عقله :مبثال

ي وجود املؤثر وه وىلاملؤلف يف الطب ، كما له الداللة األ » القانون « إن كتاب ي الكشف عن خصوصياته اليت منها أنه كان إنسانا خبريا بأصـول وه ، له الداللة الثانية

دواء ، عارفا باألعشاب الطبية ، إىل غري ذلك مـن وال وانينه ، مطلعا على الداء وق الطب .اخلصوصيات

:هلا داللتان ) الفردوسي (وامللحمة الكبرية احلماسية لشاعر إيران اللة على أن املؤلف ود داللة على أن تلك امللحمة مل تتحقق إال بظل علة أوجدا ،

تواريخ ، بارعا يف استعمال املعاين املتناسبة مع وال كان شاعرا محاسيا مطلعا على القصص يـة األثريـة ، متر به مما بقي من احلضارات املوروثـة كاألبن ثل ذلك كل ما وم .املالحم

صغرية ، إىل غري ذلـك وال عامل الكبرية وامل صنائع املستظرفة اليدوية وال كتب النفيسة ، والفاملهم يف هذا الباب هو عدم اإلقتصار على الداللـة . نظر كل إنسان وم مما يقع يف مرأى

.األوىل بل التركيز على الداللة الثانية بوجه علمي دقيقستكشف وي قف العقل على اخلصوصيات احلافة بالعلة ، ضوء هذه القاعدة ي وعلى

اسبة الدقيقـة ، واحملقضي بوضوح بأن األعمال اليت متتاز بالنظام وي الوضع السائد عليها ، .مله ، هذا وعال بد أن تكون حصيلة فاعل عاقل ، إستطاع بدقته أن يوجد أثره

نظام الصحيح ، تكون وال ة الالزمة كما يقضي بأن األعمال اليت ال تراعى فيها الدق تفكري ، فهذا ما يصل إليه العقل وال اعل بال شعور وف ناشئة عن عمل عامل غري عاقل ،

:الني التاليني توضيح احلال نأيت باملث ول.السليم بدرايته لنفترض أن هنا خمزنا حاويا ألطنان عدة من مواد البناء مبا فيها احلجر :املثال األول

سالك واألزجاج والشب واخلص واجلمسنت واإلديدحلوا

Page 36: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦

ريها من لوازم البناء ، مث وضع نصف ما يف هذا املخزن حتت تصرف أحـد وغ األنابيبو .املهندسني أو املعماريني ، لينشئ به عمارة ذات طوابق متعددة على أرض منبسطة

من مواد اإلنشاء رف ما تبقى يف املخزن وج فترة من الزمن جاء سيل جارف وبعد .ركها على شكل تل على وجه األرضوت

.رادة مهندس عاملإ وقد نتج عن عمل) العمارة (إن العمل األول .عور وشفقد حدث بالفعل الطبيعي للسيل من دون إرادة) التل (أما الثاين

مـارة ، صورهم حيكمون بعقالنية صانع الع وع وميام وق فالعقالء مبختلف مراتبهم كـسائه اجلـدران إ و دى قوة إبداعه يف البناء ، من وضعه األعمدة يف أماكنها املناسبة وم

نابيـب امليـاه احلـارة أ و ده األسالك وم صبه األبواب يف مواضعها اخلاصة ، ون باملرمر ، .قيقة ودري ذلك مما يتبع هندسة خاصة وغغاسل ، واملصلها باحلمامات ووباردةوال

ا خنرج إىل الصحراء كي نشاهد ما صنعه السيل ، فغاية ما نـراه هـو ولكن عندم قضبان احلديدية وال تراب ، وال رمر قد اندثر حتت الطني وامل ترتيب فاحلجر وال انعدام النظام

بواب مرمية هنا واأل سالك تراها مقطعة بني قطعات اآلجر ، واأل قد طرحت إىل جانب ، شكل عام ، إن املعدوم من هذا احلشد وب .تبعثر وال فوضىري ذلك من معامل ال وغ ناك ، وه

. تدبر والاسبة ، إذ ال هندسة واحملهو النظامحدث للتل فاقـد هلمـا ، وامل كمة ، وح فالذي يستنتج أن املؤسس للبناء ذو عقل

املـاء اين نتاج تدفق ث وال لم ، وع ول نتاج عقل واأل فاملهندس ذو إرادة والسيل فاقد هلا ، .ركته العمياءوح

Page 37: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧

لنفترض أننا دخلنا إىل غرفة فيها شخصان كل منهما جالس أمام آلة :املثال الثاين عرف مواضع وي كتابة ، وال طابعة يريدان حترير قصيدة ألحد الشعراء فاألول حيسن القراءة

عان خر أمي ال جييد سوى الضغط بأصابعه علـى األزرار ، فيـشر واآل احلروف من اآللة .بعملهما يف حلظة واحدة

الذي نالحظه أن األول دقيق يف عمله يضرب بأصابعه حسب احلروف الواردة يف .القصيدة دون أن يسقط حرفا أو كلمة منها

يستطيع أن وال اآلخر ، األمي البصري ، فيضرب على اآللة دون علم أو هدى ا موأ تالف األوراق ، إ و تيجة عمله ليست إال اهلباء ون :سني من الشني وال مييز العني من الغني ،

: يأيت بشيء مما أردناه وال خربة والتاج الثاين حمصول جاهل ال علم له ون فنتاج األول حمصول كاتب متعلم ،

تعلم أن حيرروا نـسخة وال رموا لذة العلم وح و أعطي اال لأللوف ممن كف بصرهم ول اليت حيرروا الستحال ذلك ، ألم يفقدون ما هـو العمـدة صحيحة من ماليني النسخ

.ساسواأللعلنا نشاهد يف كل جزء من هذا الكون مثل تلك الصفحة اليت حـررت فيهـا و

زم بأنـه وجن سن أسلوب كاتبها وح عرفة وم عتراف بعلم رانا ملزمني باإل وت قصيدة الشاعر اا لفعل صيب رأى نفسه يف غرفة خاليـة ، يكن فعله مش ومل بصري مل يكن فاقدا للعلم ،

لعب على آلة طابعة كي ينتج تلك الـصفحة مـن قـصيدة وي فطرق يف خياله أن يلهو .الشاعر

دبر وت ذكر األمثلة املتقدمة يتضح لنا الفرق بني األعمال اليت تصدر عن إرادة وبعد .تدبر واليت حتدث عن طريق الصدفة ، إذ ال إرادة فيها وال،

) تعقل وال ال بفضل التجربة بل يف ضل التفكر (القاعدة اليت يدركها العقل وهذه أوضح براهني اإلهليني يفمن وهي روح برهان النظم الذي ه

Page 38: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨

لخص بيام يف تطبيق وم .مشلها جلميع الطبقات ا و ادية ، وامل فض اإلحلاد ور إثبات الصانع سنن املوجودة وال كشف عن الرموز وي العلم مل يزل يتقدم ن أ وهذه املقدمة على العامل ، ه

فرعها دف إىل وت شعبها وت صنافهاأ و علوم كلها بشىت أقسامها وال طبيعة وال يف عامل املادة العامل الذي نعيش فيه ، من الذرة إىل ارة عامل منسجم تسود عليـه ن أ و وه أمر واحد

.ا تتردد بني شيئني ال غريإ: ؟ أقول ك العلةضوابط ، فما هي تل والأدق األنظمةمال واجل إن هناك موجودا خارجا عن إطار املادة عاملا قادرا واجدا للكمال :األول

ضوابط دقيقة ، فهو بفضل و نظيمها بقوانني وت صويرها بأدق السنن ، وت ، قام بإجياد املادة ضفى عليه السنن أ و جرى فيه القوانني ، أ و عاملدرته الالمتناهية ، أوجد ال وق علمه الوسيع

ـ اليت مل يزل العلم من بدء ظهوره إىل اآلن جاهدا يف كشفها ، ستغرقا يف تدوينـها ، وم .قدرة هو اهللا سبحانه والذا املؤثر اجلميل ذو العلموه

ة يـست مـسبوق ول اء العمياء القدمية اليت مل تزل موجودة ، إن املادة الصم :الثاين ضفت على نفسها السنن القومية يف ظل أ و بالعدم ، قامت بنفسها بإجراء القوانني الدقيقة ،

جيال إىل هذا النظام واأل نتهت على مر القرون ا و إنفعاالت غري متناهية حدثت يف داخلها .ر العيونأ والعظيم الذي أدهش العقول

ي قادرة على متييز وه ة لربهان النظم ، الرابع إذا عرضنا هاتني النظريتني على املقدمة بطل ثانيتهما ملا عرفت من أن وت ا ستدعم أوالمها الصحيح من الزائف منهما ، فال شك أ ثر ، تعرب عن اخلصوصيات الـسائدة علـى واأل اخلصوصيات الكامنة يف وجود املعلول

شعور يف وال ي تالزم العلم ه و نظم تكشف عن احملاسبة والدقة ، وال علة ، فالسنن وال املؤثر العلة ، فكيف تكون املادة العمياء الصماء الفاقدة ألي شعور هي اليت أوجدت هذه السنن

.؟ نظموال

Page 39: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩

نظم ، اليت مل يتوفق العلم إال لكشف أقل القليل منها ، وال ضوء ذلك فالسنن وعلى بطـل وتا يناسبهما ، ومعلم والها للشعور كتنافا و ي احتضان العلة وه تثبت النظرية األوىل

قـة ود اء العمياء بإضفاء السنن على نفسهابال حماسبة ي قيام املادة الصم وه النظرية الثانية بتخيل أن انفعاالت كثرية ، حادثة يف صميم املادة ، انتهت إىل ذاك النظام املبـهر حتـت

.خلية اليت تلوكها ألسنة املاركسينيأو غريها من الصراعات الدا» الصدفة « عنوان ـ ذلك فكل علم من العلوم الكونية ، اليت تبحث عن املـادة وعلى صوصياا وخ

وانينها ، كعملة واحدة هلا وجهان ، فمن جانب يعـرف املـادة وق كشف عن سننها وتفالعامل الطبيعي ينظر إىل واحد . انعها وص جانب آخر يعرف موجدها ومن خبصوصياا ،

اين ينظر إىل كلتا اجلهتني عامل الرب وال ن الوجهني كما أن العارف ينظر إىل اجلهة األخرى مثبات املقدمة ذا نستنتج أن العلوم الطبيعية كلها يف رحاب إ و .عل األوىل ذريعة للثانية وجي

دق الطرق أو ن اكتمال العلوم يعني ذلك الربهان بأوضح الوجوه أ و الرابعة لربهان النظم ، .زمان واألن اإلعتقاد بالصانع العامل القادر يصاحب العلم يف مجيع العصورأ و،

:اخلتام نركز على نقطتني ويف ، فعندما يسرد نظم » اآليات « و » اآلية « بلفظة ء إن القرآن الكرمي ملي :األوىل

إن في ذلك آلية لقوم (: عقبه بقوله رائبه ، ي وغ عرض عجائب العامل وي ننها ، وس الطبيعة إىل غري ذلك من الكلمات احلاثـة علـى ) يعقلون ( أو ) يذكرون ( أو ) يتفكرونذه اآليات تعرض برهان النظم بأوضح أشكاله على لسان الفطـرة ، وه تدبر ، وال التفكر

مشعرة بأن)١(بداللة آيوية __________________

ي داللة خاصة إبتكرها القرآن الكرمي وراء سائر الدالالت اليت كـشف وه منسوب إىل اآلية ، : اآليوية ) ١( ركزنا عليهما وراد من الداللة اآليوية ه واملعنها املنطقيون يف أحباثهم العلمية ،

Page 40: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٠

ن جاعلها موجـود ، نظم احمليرة يكشف بوضوح عن أ وال التفكر يف هذه السنن الالحبة جل أن يقف القارئ وأل .احملال أن تقوم املادة الصماء العمياء بذلك ومن عامل قادر ، بصري

: يف سورة النحل يف هذا املضمار الكرمي على بعض هذه اآليات نشري إىل ما ورد واألعناب ومن كل ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل (: قوله سبحانه ـ ١

.)١( ) الثمرات إن في ذلك آلية لقوم يتفكرونوما ذرأ لكم في األرض مختلفا ألوانه إن في ذلك آلية لقوم (: قوله سبحانه ـ ٢ .)٢( ) يذكرون أنزل من السماء ماء فأحيا به األرض بعد موتها إن في واهللا (: قوله سبحانه ـ ٣

.)٣( ) ذلك آلية لقوم يسمعونومن ثمرات النخيل واألعناب تتخذون منه سكرا ورزقـا (: قوله سبحانه ـ ٤

آلي ا إن في ذلكنسقلونحعم ي٤( ) ة لقو(. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذلال يخـرج (: قوله سبحانه ـ ٥

.)٥( ) من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آلية لقوم يتفكرون__________________

من أن التعمق يف األثر والتدبر يف خصوصياته ، يهدينا إىل وجود املؤثر وخواصه ، ففي تلك الداللة ، اآليـة .ن ذو اآلية غري حمسوس وال ملموسن كاإملموسة وحمسوسة ، و

.١١اآلية : سورة النحل ) ١( .١٣اآلية : سورة النحل ) ٢( .٦٥آلية ا: سورة النحل ) ٣( .٦٧اآلية : سورة النحل ) ٤( .٦٩اآلية : سورة النحل ) ٥(

Page 41: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤١

ن كان يعتمد على مقدمات أربع غري أن الثالثـة األول إ و إن برهان النظم :الثانية منـا إ و .مما اتفق فيه مجيع العقالء إال شذاذ اآلفاق من املثاليني املنكرين للحقائق اخلارجية

ريها وغ فلكية وال كيز على توضيح املقدمة الرابعة باستعانة من العلوم الطبيعية املهم هو التر هذا املضمار جند كلمات بديعة خلرباء العلم من ويف .ساسا لتلك املقدمة أ و اليت تعد روحا

طلب مـين : مصمم العقل اإللكتروين » كلودم هزاوي « يقول : كتشفني وامل املخترعني م بتصميم آلة حاسبة كهربائيـة ، تـستطيع أن حتـل الفرضـيات قبل عدة سنوات القيا

لـوازم وال ستفدت هلذا الغرض من مئـات األدوات ا و عادالت املعقدة ذات البعدين ، وامل .»لكتروين العقل األ« ان نتاج عملي وسعيي هذا هو وكلكتروميكانيكية ،اال

نا أسعى أ و ى املصاعب مل شت وحت سنوات متمادية صرفتها إلجناز هذا العمل ، وبعد ي أن اجلهاز هذا ، ميكـن أن وه لصنع جهاز صغري ، يصعب علي أن أتقبل هذه الفكرة

.يوجد من تلقاء نفسه دون حاجة إىل مصممعترب كـل وت تعلقة بغريها يف الوقت ذاته ، وامل إن عاملنا مملو باألجهزة املستقلة لذاا

ذا استلزم أن يكون للعقـل إ وعقل اإللكتروين الذي صنعته ، واحدة منها أعقد بكثري من ال لكتروين هذا مصمم فكيف ميكننا إذن أن ننفي هذا القول بالنسبة إىل أجسامنا مبا فيها اال

فاعالت كيميائية ، فال بد من وجود مصمم حكيم وت عمال فيزيائية أ و من خواص حياتية .)١( منه ذي أنا جزء حقري والخالق هلذا الكون

د عليها املاديون خلفا عن سلف ،العجب من الفرضية اليت يعتمو__________________

.١٥٩العلم يدعو لإلميان ، ص ) ١(

Page 42: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٢

.يقولون بأن اإلنفعاالت الالمتناهية الالشعورية انتهت صدفة إىل هذا النظام البديعوإن هذا اإلفتـراض ال : يف حق هذه النظرية » أدوين كونكلني « يقول الربوفسور

.»ن قاموسا لغويا ضخما أنتجته املطبعة إثر انفجار فيها إ« : خيتلف عن قولنا قمار الفلكيـة ، واأل إن نظام الكون الدقيق جيعل العلماء يتنبأون حبركة السيارات

.تعبري عن الظواهر الطبيعية مبعادالت رياضيةوال من الفوضى ، لدليل واضح علـى أن هـذه يف الكون بدال إن وجود هذا النظام يستطيع وال ن هناك قوة عاقلة ، مهيمنة عليه ، أ و سس معينة أ و احلوادث جتري وفق قواعد

ـ شعور وال ويت حظا من العقل أن يعتقد بأن هذه املادة اجلامدة الفاقدة للحس أكل من .)١( تزال حمافظة عليه والقيت وبنفسها النظام ،قد منحت ـ إثر الصدفة العمياءويف

رضها بشكل أديب ، علمي ، وع إن هناك مئات الكلمات حول تشييد برهان النظم .اكتفينا بعرض هذا املقداروقد موافق لروح العصر ،

* * * __________________

.املصدر السابق نفسه) ١(

Page 43: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٣

برهان النظم بتقرير ثان

آية دخالة الشعور يف وجود الكوناإلنسجام إن التقرير السابق لربهان النظم كان يعتمد على مالحظة كـل ظـاهرة ماديـة ،

عن سائر الظواهر نفصلة عن سائر الظواهر ، فالنظام السائد على اخللية منفصال وم مستقلة .نظر وال، كان حمل البحث

ريها ، وغ قمر وال يعة كحركة الشمس مثله سائر الظواهر املادية ذات األنظمة البد و اإلنسجام السائد علـى العـامل ، غري أنه ميكن تقرير هذا الربهان بشكل آخر يعتمد على

أن ذاك النظـام املتـصل تصال على واإل تصال البديع بني أجزائه فيستدل باإلنسجام واإلقق ذلك النظام املعجب املتصل وال وجوده ملا حت ول لم واسع ، وع املنسجم إبداع عقل كبري

.املتناسقأثري الكل وت إن األحباث العلمية كشفت عن اإلتصال الوثيق بني مجيع أجزاء العامل

يف الكل ، حىت أن صفصفة أوراق الشجر غري منقطعة عن الريح العاصف يف أقاصي بقاع الضوئية ، مؤثرة يف حيـاة ىت أن النجوم البعيدة اليت حتسب مسافاا بالسنني وح األرضعمل كبري يشد ذا اإلنسجام الوثيق ، الذي جعل العامل كم وه نسان ، واإل يوان واحل النبات

بعضه بعضا ، أدل

Page 44: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٤

.جياده حبيث جعل الكل منسجما مع الكلإ ودليل على تدخل عقل كبري يف إبداعهن على الطبيعة أوضح دليل توازن يف الكون السائدي وال بعبارة واضحة ، إن الضبط و

جل أن تتبني مالمح هذا التقريب نأيت باألمثلـة وأل على تدخل عقل كبري يف طروئهما ، : التالية

إن حياة كل نبات تعتمد على مقدار صغري من غاز ثاين أوكسيد الكاربون ، ـ ١ النبـات وكـسجني ، مث حيـتفظ أ و الذي يتجزأ بواسطة أوراق هذا النبات إىل كاربون

وكسجني لفظ األ وي زهار واأل مثار واأل غريه من املواد ، الفواكه ومن بالكاربون ليصنع منه .زفري األساسية يف حياة اإلنسان والالذي نستنشقه يف عملية الشهيق

احليوانات مل تقم بوظيفتها يف دفع ثاين أوكسيد الكـاربون ، أو مل يلفـظ ن أ وولستنفذت احلياة احليوانية ، أو النباتيـة ا و قلب التوازن يف الطبيعة النبات األوكسجني ، الن

.ات اإلنسان وموى النبات وذكل األوكسجني أو كل ثاين أوكسيد الكاربون ،وجد هذا النظام التباديل أ و يوان واحل فمن ذا الذي أقام مثل هذه العالقة بني النبات

ك على وجود فاعل مدبر وراء ظواهر الطبيعة هو ؟ أال يدل ذل ذين العاملني املتباينني بني ه .؟ ذا التوازنالذي أقام مثل ه

منذ سنوات عديدة زرع نوع من الصبار يف أوستراليا كسياج وقائي ولكن ـ ٢تلف أ و ، قرى وال هذا الزرع مضى يف سبيله حىت غطى مساحة واسعة وزاحم أهايل املدن

ارت أوسـتراليا يف خطـر مـن وص ده عن اإلنتشار جيد األهايل وسيلة لص ومل مزارعهم !!. اكتساحها جبيش من الزرع صامت ، يتقدم يف سبيله دون عائق

Page 45: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٥

وطاف علماء احلشرات يف أرجاء املعمورة إىل أن وجدوا أخريا حشرة ال تعيش إال على ذلك الصبار ، وال تتغذى بغريه وهي سريعة اإلنتشار وليس هلا عـدو يعوقهـا يف

يبق منها سـوى ومل ا لبثت هذه احلشرة أن تغلب على الصبار ، مث تراجعت وم سترالياأو .)١(بقية للوقاية تكفي لصد الصبار عن اإلنتشار إىل األبد

كف عـن وت فكيف عرفت هذه احلشرة أن عليها أن تقضي على الزائد من الصبار ؟ أال يكـشف على األشياء األخرى الباقي لتحفظ أشجار الصبار على توازا فال تطغى

.؟ ضبط عن خالق مدبر حكيم والهذا التوازن (كان مالحو السفن الكبرية يف العهود املاضية يصابون مبرض األسـقربوط ـ ٣

، ولكـن أحـد الرحالـة ) )ث(نشأ عن نقص فيتامني وي أمراض سوء التغذية من ووهالليمون ، ترى من أين نشأت هذه العالقة و عصري وه اكتشف دواء بسيطا لذلك املرض

ذا املرض ، أال يدل ذلك على أن خالق الداء خلق وه )ث(بني الفواكه اليت حتوي فيتامني اب كلية وغ وال هذا التوازن لعمت الكارثة وانعدم النوع اإلنساين ول الدواء املناسب له ، .؟ عن وجه البسيطة

ستقروا فيها ، استوردوا اثين عشر ا و ون أوستراليا عندما نزل املهاجرون األول ـ ٤ يكن هلذه األرانب أعداء طبيعيون يف أوستراليا ، ومل طلقوها هناك ، أ و زوجا من األرانب

ـ فتكاثرت بشكل مذهل ، مما تسبب بإحداث أضرار بالغة باألعشاب شائش ، ومل واحل اكتشف فريوس خاص يسبب مرضا تنفع احملاوالت الكثرية لتقليل نسل هذه األرانب حىت

.واشي وامل هلا ، فعادت املروج اخلضراء يانعة ، وزاد على أثر ذلك إنتاج األغنامقاتال__________________

.١٥٩العلم يدعو لإلميان ، ص ) ١(

Page 46: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٦

ذي يؤدي أي ختلخل فيه إىل وال أليس هذا التوازن الدقيق املربمج يف مظاهر الطبيعة ؟ له املدبر وراء الطبيعة واإل قاطعا على وجود اخلالق اخلبرية ، دليالأضرار بالغـ املاء هو املادة الوحيدة املعروفة اليت تقل كثافتها عنـدما تتجمـد ، ـ ٥ ذه وهل

اخلاصية أمهيتها الكبرية بالنسبة للحياة إذ بسببها يطفو اجلليد على سطح املاء عندما يشتد كون تدرجييا كتلـة وي ار ، واأل بحريات وال ص إىل قاع احمليطات من أن يغو الربد ، بدال

سطح البحر يكون طبقـة على وليد الذي يطف واجل .ذابتهاإ و صلبة ال سبيل إىل إخراجها ذلك تبقـى األمسـاك وب عازلة حتفظ املاء حتتها عند درجة حرارة فوق درجة التجمد ،

.ال عائق وب الربيع ذاب اجلليد بسرعةريها من احليوانات املائية حية ، فإذا جاءوغنسب إىل فعل املادة الصماء وال دقة يف املقاييس وال فهل ميكن إعزاء كل هذا الضبط

ظـيم وع كي عن نظام متقن وحي ساب وح ال إنه يكشف عن تدبري واحل العمياء البكماء ، ضبط وال زن املدهش دل على أن وراء كل ذلك خالقا حكيما هو الذي أوجد هذا التوا وي

.الدقيقعقل يف وال كمة واحل ذا الضبط يشهدان على دخالة الشعور وه أجل إن ذلك التوازن

ي أمور ال تتوفر يف الصدفة بل تتوفر يف قـوة عليـا وه سيريه وت دبريه وت ذا العامل إدارة ه فتخـضع ، امال وش حتياجات احلياة إدراكا كامال ا و شاعرة هادفة تدرك مصلحة الكون

.عالقات والالكون ملثل هذه الضوابط

Page 47: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٧

برهان النظم بتقرير ثالث

:اهلادفية آية تدخل الشعور يف تطور النظم إن النظرة الدقيقة يف عامل الكون دينا إىل نظام خاص نسميه بنظام اخلدمة ، حبيث

بقاء للثانية نرى أن أنظمة خاصة يف الكون جعلت يف خدمة أنظمة كونية أخرى حبيث ال فعندئذ يطرح السؤال التايل . ذلك نالحظ صلة قومية بني املظاهر املختلفة ول بدون األوىل ،

.؟ إن هذه الكيفية امللموسة يف عامل الكون كيف برزت يف عامل الوجود: ي أقل شأنا من أن تبدع أنظمة يكون قسم منها يف خدمة وه أمن ناحية الصدفة ،

ي عاجزة عن إجياد فرد ذا الشكل الدقيق فكيف ذه اموعة الكبرية وه خر ، القسم اآل .؟

ـ .اليت رمبا يلتجئ إليها بعض املاديني » خاصية املادة « أم من ناحية ي أيـضا وهدف إىل أن لكل خلية ، أو لكل ذرة » فرضية اخلاصية « فإن . أعجز عن القيام بالتفسري

ما كون أنظمة كبرية يف أ و .و ذو نظام وه ت أثرا خاصا ينتهي إىل موجود خاص من الذرا أنظمة مثلها فال ميكن أن يفسرخدمة

Page 48: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٨

ال : نـأيت مبثـال ول .خباصية املادة ، فإن هذا أثر اموع ال أثر كل جزء من أجزاء املادة ظهرها على صفحة الوجود ، مادية ت جهزة اليت خلقت ا علال واأل شك أن لتكون املرأة

مادية تنتـهي لنب الذي يتكون يف صدرها علال والصوصيات احلافة ا واخلفلها مع ثدييها .إىل تلك الظواهر

صوصيات القائمـة واخل الدته على حنو يتناسب وو كما أن لتكون الطفل يف رمحها إن لكل ذلك علـال اري تغذية خاصة تعتمد على اللنب فقط ، وجم كونه بفم خاص وت ا

.مادية ال تنكرو كون املرأة بأجهزا املادية يف خدمة الظاهرة الثانية بعامة وه إال أن هناك أمرا ثالثا

فعندئذ نسأل عن هذه . دامة احلياة إ و أجهزا حبيث لوال األوىل ملا كان للثانية جمال العيش وىل وسـيلة ؟ هل الصدفة جعلت األ هي وليدة أية علةالكيفية اليت مسيناها بنظام اخلدمة ،

ي عاجزة عن إجيادها ذه الكمية اهلائلة ، ولو صح التفسري ا لصح يف مولود وه للثانية ، .ري املعدودة ، إال باألرقام النجومية وغأو مولودين ال يف هذه املواليد غري املتناهية

عقيم ، ألن فرضية اخلاصية ، علـى فـرض و إذن وه ناحية خاصية املادة من وأما تفسري الكمية من النظم اليت أ و صحتها ، دف إىل تفسري النظام اجلزئي خباصية املادة ،

يقول بـه واليقع بعضها يف خدمة البعض خباصية املادة فهو مما ال تفي به تلك الفرضية ، .يكون أثرا خللية واحدة أو حنوهاتخادم مما ال ميكن أن والنسجام واإلأصحاا ،

ذه اخلصوصية وليدة وه إن العقل يف هذا املوقف يقضي بوجه بات بأن هذا النظام ريطة خاصة جعلت الظـاهرة وخ مبدع عامل قادر قد نسق هذه النظم بأطروحة علمية ،

وجد األوىل قبل أنأ واألوىل ذريعة للثانية ،

Page 49: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٩

ن اخللقة غري منفكة عن اهلدف ، كما أن أ و ذا ما نسميه باهلادفية ، وه يبدع الثانية بزمن ، و الذي يتبناه اإلهليون باسم وه القول به ال ينفك عن إشراف مبدع عامل قادر على الكون

.إله العاملبداع قد هيأت قبل والدة الطفل بـأعوام ، واإل بعبارة واضحة نرى أن يد القدرة وداركت ما يتوقف عليه وتياته يف مسري احلياة ، وح كثرية يتوقف عليها عيش الطفل أجهزة

مـن وذا أوضح دليل على أن الكون ال خيل وه حياة الطفل يف أوليات عمره بوجه بديع ، فض الصدفة عـن ور ينفك عن تدخل الشعور ، ال و وه .ن مبدعه كان هادفا أ و هدف ،

.ليله وحتقاموس تفسري الكونمثلة رائعة هلذا النوع من اهلادفية يف صـفحة الكـون أ و ترى من نظائر بارزة كمو

.طوينا عنها الكالم

Page 50: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٠

Page 51: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥١

برهان النظم بتقرير رابع

حتماالت يف نشأة احلياةاإل برهان حسابمنا هو اختالف إ و مستقال يست هي دليال ول ميكن تقرير برهان النظم بصورة رابعة و

« ذا التقرير مـا نـسميه ب وه الربهان واحدة ، وصور التقرير خمتلفة ،يف التقرير ، فروح .» اإلحتماالت يف نشأة احلياة برهان حساب

روط وشاحلياة رهن قيودإن تكون احلياة فوق األرض نتيجة اجتماع شروط عديدة يكون كل شرط منـها

ستحلية بفقدان واحد منـها كون ظاهرة احلياة م وت مبثابة جزء علة لوجود ظاهرة احلياة ، نها ما يـرتبط ومذه الشروط منها ما يرتبط بالفلك ، وه عن كثري منها أو مجيعها ، فضال

وقد . اد ومج يوان وح ا فيها من نبات وم نها ما يرتبط باألرض وم غازات ، وال باهلواء احمليط إن : نا نقول ن يف غىن عن سردها ، غري أ وحن تكفلت العلوم الطبيعية بتبيني تلك الشروط

نسق الذي يؤدي وال هذه الشروط من الكثرة إىل درجة يكون احتمال اجتماعها بالترتيب يف مقابـل مـا ال حيـصى مـن إىل استقرار ظاهرة احلياة عن طريق الصدفة ، احتماال

إن حتقق احليـاة مثال. كون اإلحتمال يف الظآلة على وجه ال يعتمد عليه وي اإلحتماالت ، :باب نشري إىل أقل القليل منها سأ وحيتاج إىل عوامل

Page 52: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٢

حييط باألرض اليت نعيش على متنها غالف مسيك مـن الغـازات يـسمى ـ ١قية تصون الكرة األرضية من ا و و مبثابة مظلة وه بالغالف اجلوي يبلغ مسكه مثامنائة كيلومتر

اثر يف الفضاء منذ ما يقرب من تن وت التعرض خلطر النيازك اليت تنفصل يوميا من الكواكب وال هذا الغالف لسقطت على كل بقعة من األرض ماليـني ول عشرين مليونا من السنني

.النيازك احملرقةجـل ذلـك تكـون وأل ، مليون ميال ٩٣األرض تبعد عن الشمس مسافة ـ ٢

ـا ، فلـو تناسب مع متطلبا وي احلرارة اليت تصل إليها من الشمس مبقدار يالئم احلياة ، لنقـصت كميـة رض على املقدار احلايل إىل الضعف مثال واأل زادت املسافة بني الشمس

و نقصت هذه املسافة إىل النصف لبلغت احلرارة اليت ول احلرارة اليت تتلقاها من الشمس ، . كلتا الصورتني تصري احلياة غري ممكنة ويفتتلقاها األرض الضعف ،

% ٧٨نشقه مزيج من غازات شىت منـها النيتـروجني إن اهلواء الذي نست ـ ٣% ٥٠ارت نسبة األوكسيجني يف اهلـواء وص ، فلو تغري املقدار % ٢١وكسيجني واأل

بلغ األمر إىل درجة لو أصـابت ول لتبدلت مجيع املواد القابلة لإلشتعال إىل مواد حمترقة ، ا يابسا ، ولو تـضاءلت نـسبة شرارة غابة ، ألحرقت مجيع ما فيها دون أن تترك غصن

.لفقدنا أكثر العناصر اليت تقوم عليها حضارتنا اليوم% ١٠لغت وبكسجني يف اهلواءواأل هذه مناذج من الشروط العديدة اليت يتوقف عليها إمكان احلياة يف هـذه الكـرة ،

ـ لى ه وع . حتصى وال ي إىل درجة من الكثرة تكاد ال تعد فيها وه ع إىل ذا األسـاس نرجإن لظهور احلياة على وجه البسيطة عوامل ضرورية ال بد منـها : صلب املوضوع فنقول

ستحال على الكائنات احلية ا و من عواملها الالمتناهية انعدمت احلياة فإذا ما فقدت عامال .استمرارها

ميـاء ذلك فإن فرض توفر هذه الشروط الالزمة املتناسقة ، بانفجار املادة الع وعلى املادةبنحو الصدفة ، احتمال ضئيل ال يعتمد عليه ، ألن

Page 53: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٣

األوىل عند انفجارها كانت تستطيع أن تظهر مبا ال حيصى من الصور املختلفـة الـيت ال يتساءل كيف تفجرت املادة تستقر فيها احلياة إال بصورة خاصة أو حبالة واحدة ، فعندئذ

هذه الصورة اخلاصة الـيت متكـن احليـاة مـن قل واسع إىل وعوىل بال دخالة شعور األ .اإلستقرار

فلنأخذ من مجيع الظواهر احليوية حشرة صغرية مبا حتويه مـن ماليـني العناصـر فبوسع املادة األوىل أن تظهر بأشكال خمتلفـة . ركبت بنسبها املعينة اخلاصة وقد املختلفة

كيـف : ندئـذ نتـساءل وع .واحدة منها نما الصاحلة هلا إ و غري صاحلة حلياة احلشرة ، ، من بني الصور الكثرية اخلضوع لـصورة » الصدفة « استطاعت املادة األوىل عن طريق

!؟ واحدة صاحلة حلياالى وع الربهان هو الربهان املعروف يف العلوم الرياضية حبساب اإلحتماالت ، وهذا

:توضيحه نأيت مبثال اول بالضغط علـى األزرار ، وحي لسا وراء آلة طابعة نفترض أن شخصا بصريا جا

وف ددها مائة مبا فيها احلروف الصغرية والكبرية ، أن حيرر قـصيدة لـشاعر معـر وع :كقصيدة لبيد اليت يقول فيها

ـ لأال ك ـ ش ا خـال اهللا باطـل يء م

لكــوزائــل ال حمالــةعــيم ن

،) أ(بت صدفة احلرف األول من هذه القـصيدة فاحتمال أن الضربة األوىل أصا

ضربة الثالثة أصـابت صـدفة وال،) ال(ضربة الثانية أصابت كذلك احلرف الثاين منها والهو احتمال يف مقابل احتمـاالت كـثرية ال ...لم جرا وه ،) ك (احلرف الثالث منها

صيل ذلك الرقم الرياضي فعليـك أن ت حت ن أرد إ و .ميكن بياا باألرقام الرياضية املقروءة تضرب عدد حروف اآللة الطابعة يف نفسها بقدر عدد حروف القصيدة املراد حتريرهـا ،

فـسوف )٣٨(دد حروف البيت من القصيدة وع فلو كانت حروف اآللة الطابعة مائة ، . من األصفار)٧٦(حتماالت واحد أمامه يكون عدد اال

Page 54: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٤

ل بيتا آخر ، فإن احتمال حترير هذين البيتني علـى يـد أضفنا إىل البيت األو ولو .صاحبنا األعمى صدفة ، سيصل إىل عدد يقرب من الصفر

الذي هو املناسب لتحقق ـ يستحيل على املفكر أن يتقبل هذا اإلحتمال الضئيل ورا حـر وقد البيتني ل من يرى وك .فرضيات اهلائلة وال من بني تلك اإلحتماالت ـ املراد

تكن لتحدث عن طريق ومل .لم حمررها وع صورة صحيحة ، يقطع حبكمة وب باآللة الطابعة .الصدفة العمياء

ياة الناشئني من اجتماع ماليني املاليني واحل هذا بالنسبة إىل قصيدة فكيف بالكون بأن قة ، فهل يصح لعاقل أن يتفوه د وال عوامل بنسب معينة يف غاية اإلتقان وال من الشرائط

ققت صدفة مـن بـني هـذه وحتهذه الشرائط للحياة تواجدت عند انفجار املادة األوىل عد اإلعتماد على هذا اإلحتمال ، رياضيا ، اعتمادا على صـفر ، وي .االحتماالت الكثرية

) : كريسي موريسن ( ذلك يقول العالمة ويف احلـرارة يف الـشمس ، رجة ودعدها عن الشمس ، وب إن حجم الكرة األرضية «

وكـسيد قـدار ثـاين أ وممية املاء ، وك ك قشرة األرض ، ومس شعتها الباعثة للحياة ، أوقاءه على قيد احلياة كل هذه األمـور وبهور اإلنسان وظجم النيتروجني ، وح الكاربون ،

. قصد واللى التصميم وع ،) أي إنه نظام ال فوضى (تدل على خروج النظام من الفوضى ما كان ميكن حدوث كل ذلك ـ طبقا للقوانني احلسابية الصارمة ـ كما تدل على أنه

كذا كان ميكن أن حيدث ه . مصادفة يف وقت واحد على كوكب واحد مرة يف بليون مرة .)١(» ، ولكن مل حيدث هذا بالتأكيد

ظم يتماشى مع ذه الصورة الرياضية ، يدل على أن برهان الن وه تقرير هذا الربهان و والستويات ، واملناسب مجيع العقول ويمجيع العصور ،

__________________ .م يدعو لإلميان ـ كريسي موريسنالعل) ١(

Page 55: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٥

اآلية ويف ذا يعلم سر تركيز القرآن على ذاك الربهان ، و .ينحصر تقريره بصورة واحدة لق السماوات واألرض واخـتالف الليـل إن في خ (: قال سبحانه . التالية إشارات إليه

والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل اهللا من السماء من ماء فأحيا تة وابا من كل دث فيهبا وتهوم دعب ضاء به األرمالس نير بخاب املسحالساح ويريف الرص

.)١( ) واألرض آليات لقوم يعقلون

:إشكال على برهان النظم على برهان النظم مبـا حاصـله أن )٢(إعترض الفيلسوف اإلنكليزي ديفيد هيوم

قائم على أننا شاهدنا أن مجيع ـ الغربالسفة وف كما تومهه هيوم ـ أساس برهان النظم سفينة ال وال صانع ماهر ، فالبيت ال ينشأ بال بناء ، من واملصنوعات البشرية املنظمة ال ختل

توجد بال عمال ، فال بد للكون املنظم من صانع خالق أيضا لشباهته بتلك املـصنوعات .البشرية

صنوعات وامل على التشابه بني الكائنات الطبيعية ، مث انتقد هذا اإلستدالل بأنه مبين عدية حكم أحـدمها إىل اآلخـر وت ولكن هذا التشابه مبجرده ال يكفي لسحب . البشرية

الختالفهما ، فإن مصنوعات البشر موجود صناعي بينما الكون موجود طبيعـي فهمـا ؟ ا حكم اآلخرصنفان ال تسانخ بينهما ، فكيف ميكن أن نستكشف من أحدمه

بشر فوجدناها ال توجد إال بصانعصحيح أننا جربنا مصنوعات الو__________________

.١٦٤سورة البقرة اآلية ) ١(ان يعد من أكرب الفالسفة املشككني وك . م ١٧٧٦ويف عام وت م ١٧١١و اسكتلندي املولد ، ولد عام وه) ٢(

و مؤلف على شكل حـوار بـني شخـصني وه »احملاورات « ى ب أورد هذا اإلشكال يف كتابه املسم وقد ، .»كلثانتس « ل املدافع عنه باسم خر ميث واآل»فيلون « افتراضيني أحدمها ميثل مشككا يف برهان النظم باسم

Page 56: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٦

كننا مل جنرب ذلك يف الكون ، فإن الكون مل يتكرر وجوده حىت يقف اإلنسان ول عاقل ، ذا ال ميكن أن يثبت له علة خالقـة و جياده ، بل واجهه ألول مرة ، إ و على كيفية خلقه

هد عملية اخللـق وش على غرار مصنوعات البشر إال إذا جربه من قبل عشرات املرات ، ربه يف املصنوعات البشرية ، حىت يقف على أن الكون مبـا وج تكون كما شاهد ذلك وال

هذا هو حمصل إشكاله . انع خبري وص جد من دون خالق عليم فيه من النظام ال ميكن أن يو .أوردناه بغاية الوضوح

إن ماذكره من اإلشكال ينم عن فهم ساذج وسطحي للغايـة لربهـان الـنظم ، ستوعب برهان النظم بصورته وت عرب عن فقدان الغرب ملدرسة فلسفية متكاملة تدرك وي

نما هو برهـان إ و تجربة ، وال تمثيل وال رتبط أبدا بالتشابه الصحيحة ، فإن هذا الربهان ال ي اهيته بأنه صادر من فاعل عاقـل ومعقلي تام ، حيكم العقل فيه بعد مالحظة طبيعة النظام

.الق قديروخ توضيح ما ذكرناه أن برهان النظم ليس مبنيا على التشابه بني مـصنوعات البـشر

، حىت يقال بالفرق بـني الـصنفني ، » هيوم « يف اعتراض وجود الطبيعي كما جاء وامل . ميكن إسراء حكم األول إىل الثاين والاك طبيعي وذقال هذا صناعيوي

حىت يقال إنا جربنـا ذلـك يف ـ الذي هو املالك يف التجربة ـ على التماثل وال وفنا على تواجده مرارا دم وق وع جنربه يف الكون لعدم تكرر وقوعه ومل املصنوعات البشرية

.عديته إليه وت، فال يصح سحب حكم األول على الثايننضباط بني أجزاء الوجود ، واإل تناسق وال هو قائم على مالحظة العقل للنظم ما نوإ

شاة ، بأن موجد النظم ال حمالة يكون وم فيحكم مبا هو هو ، من دون دخالة ألية جتربة :يك البيان لإ وعور ، وشموجودا ذا عقل

Page 57: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٧

ور احلس ود خرى عقلية واأل إن برهان النظم مركب من مقدمتني ، إحدامها حسية ما دور أ و سنن السائدة عليه ، وال ينحصر ىف إثبات املوضوع ، أي وجود النظام يف الكون

ددة ، ال ميكن أن يكون نتيجـة كمية احمل وال ذا النظام بالكيفية العقل فهو يرجع إىل أن ه .الصدفة أو أي عامل فاقد للشعور

فإن مجيع العلوم الطبيعية متكفلة ببيان الـنظم . أما الصغرى ، فال حتتاج إىل البيان ي قضاء وه نما املهم هو بيان الكربى ، إ و البديعة السائدة على العامل من الذرة إىل ارة ،

ه وليد دخالة عقل كبري يف حدوثه من دون استعانة يف حكمه مبسألة التـشابه أو العقل بأن : جمردا عن كل ذلك فنقول بل يستقل به. التجربة

خالة الشعور ود ـ اإلرتباط املنطقي بني النظام١لك ألن النظم وذ خالة الشعور ، ود إن العقل حيكم بوجود رابطة منطقية بني النظم

:قيقة إال أمور ثالثة ليس يف احل .كيفية وال ـ الترابط بني أجزاء متنوعه خمتلفة من حيث الكمية١ .تفاعل فيما بينها والالتعاونميكن ونسيقها بنح وت ـ ترتيبها٢ .توخاة من ذلك اجلهاز املنظم وم ـ اهلادفية إىل غاية مطلوبة٣

ه إىل جمرته ، فإذا نظر العقل والنظام ذا املعىن موجود يف كل أجزاء الكون من ذرت نبات وانتهاء بالنجوم وال يوان واحل رورا باإلنسان وم يف كل جوانب الكون ابتداء من الذرة

رتبـة وم نسقة وم ، كيفية أوال وال أى فيها أجزاء خمتلفة يف الكمية ور رات وا كواكبوالوجودها ثالثا ، حكـم بنحو خاص ثانيا ، ورأى كيف يتحقق بذلك اهلدف املنشود من

الق هادف شاعر ، يوجـد وخمن فوره بأن ذلك ال ميكن أن يصدر إال من فاعل عاقل ، تعاون وت نسقها حبيث ميكن أن تتفاعل فيما بينها وي رتبها وي يفا ، وك األجزاء املختلفة كما

.لتحقيق اهلدف املطلوب من وجودها

Page 58: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٨

ستند إىل شيء غري النظر إىل ماهيـة النظـام احلكم الذي يصدره العقل ال ي وهذا إىل التجربـة وال يستند ال إىل التشابه وال وه . اآلبية للتحقق بال فاعل عاقل مدبر تهطبيعو

.ضرابهأ و) هيوم (كما ختيل إن مالحظة العقل ملا يف جهاز العني أو األذن أو املخ أو القلب أو اخللية من النظام

ناسقها بشكل ميكنها من التفاعل فيما وت ، يفا ، أوال وك اء خمتلفة كما ، مبعىن وجود أجز قيق اهلدف اخلاص منها ثالثا ، يدفع العقل إىل احلكم بأا من فعل خـالق وحت بينها ثانيا ،

.صد وقادفية وهقل وععليم ، الحتياجها إىل دخالة شعورن شئت إ و .شعور رابطة منطقية وال قلخالة الع ود ذا تبني أن بني اجلهاز املنظم ، و

تنـادي ) ادفيـة واهل تناسق ، وال الترابط ، (إن ماهية نفس النظام مبقوماته الثالثة : قلت .عور كبري وشام خملوق عقل واسعإن النظ: بلساا التكويين

خالة الشعور بشكل آخر ود ـ تقرير الرابطة املنطقية بني النظام٢ندما يرى اجتماع ماليني الشرائط الالزمة الستقرار احلياة على األرض إن العقل ع

عناصـر وال اجتماع آالف األجـزاء حبيث لو فقد بعضها الختلت احلياة ، أو عندما يرى الالزمة لإلبصار ، يف العني ، حبيث لو فقد جزء واحد أو تقدم أو تأخر عن مكانه املعـني

جبارا أرسى مثـل هـذا بصار ، حيكم أن هناك عقال الختلت عملية الرؤية واستحال اإل كم بدخالة الشعور وحي توفيق ، وال ترتيب وال نسجام واإل وجد مثل هذا التنسيق أ و النظام ، تفاق ، ألن اجتماعها عن طريق الصدفة كما ميكن أن واإل في حصوله بالصدفة ون يف ذلك

ون مبا ال يعد وال حيـصى مـن الـصور يكون ذه الصورة املناسبة كذلك ميكنه أن يك ينئذ يكون احتمال استقرار هذه الصورة مـن بـني وح األخرى غري املناسبة ، كيفياتوال

ال ما و وه ضعيفا جدا يكاد يبلغ الصفر الرياضي يف ضآلته ، تلكم الصور اهلائلة ، احتماال . عن العاقل احملاسبيذهب إليه اإلنسان العادي فضال

Page 59: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٥٩

إن هذه احملاسبة الرياضية اليت يجريها العقل إذا هو شاهد النظام الـسائد يف أجل ، الكون ، تدفعه إىل احلكم بأن هناك علة عاقلة اختارت هذه الصورة من بني تلك الـصور

.)١(عت تلك الشرائط الالزمة ذا الشكل املناسب للحياة ومجرادة ،إ واهلائلة بقصد يرتبط بشيء من التمثيل وال ن النظم قويا صامدا سليما عن أي نقد يبقى برها وذا

منا هو العقل وحده ينتهي إليه عن طريق مالحظـة إ و ،» هيوم « أو التجربة كما تصور ذا يتساوى املوجود الطبيعـي واملـصنوع ونفس ماهية النظام من دون تنظريها بشيء ،

السيارة وجـدت ن أ وبأن الساعة وجدت بال صانع أ فالعقل إذا رفض اإلذعان . البشري أنهـا حيث يـرى ) سيارة وال الساعة (مالحظة نفس الظاهرة ألجل وبال علة ، فإمنا ه

يس هذا احلكم إال ألجـل ول .حتققت بعد ما مل تكن ، فيحكم من فوره بأن هلا موجدا ن شئت قلـت إ و زوم وجود فاعل له ، ول اإلرتباط املنطقي بني وجود الشيء بعد عدمه ،

.علولية الذي يعترف به العقل يف مجيع ااالت واملألجل قانون العليةكما أن حكم العقل يف املقام بأن املوجود املنظم خملوق عقل كبري ، ناشـئ مـن

لمحاسـبة خالة الشعور ، أو استحالة ظهور النظام صدفة ل ود اإلرتباط املنطقي بني النظام .الرياضية اليت مرت ، ال ألن العقل مثل أو جرب فتوصل إىل هذه النتيجة

اهيته يف األشياء اليت نراها تنـادي بلـسان وم إن طبيعة النظام : حصيلة الكالم وذا هو الذي جيعل العقـل يـذعن وهالق عاقل ، وخ تكوينها أنها صادرة عن فاعل شاعر

.)٢(اء النظام الكوين ، من دون النظر إىل شيء آخر بوجود مثل هذا اخلالق ور__________________

.ها هنا مفصال راجع التقرير الرابع لربهان النظم ، فقد أشرنا فيه إىل ما)١(دام (ذكر األستاذ وقد . ن كان هو أقواها إ و إن األسئلة املتوجهة إىل برهان النظم ال تنحصر مبا ذكرناه ، )٢(

اهللا خـالق « جاب عنها يف كتاب أ و السبع ، على ورب وت مجيع اإلشكاالت املطروحة حول هذا الربهان ) ظله ). ٢٧٩ إىل ٢٢٠ : (راد التوسع فيها فلريجع إىل الصفحات التالية من فمن أ» الكون

Page 60: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٠

Page 61: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦١

الربهان الثاين

برهان اإلمكان :مور توضيحه يتوقف على بيان أو

.متنع واملمكن واملتقسيم املعقول إىل الواجب :األمر األول تحقق ، فإما أن يصح اتصافه به وال إن كل معقول يف الذهن إذا نسبنا إليه الوجود

.لذاته أو ال .الثاين هو ممتنع الوجود كاجتماع النقيضني

ول هو واجب الوجود واأل .إما أن يقتضي وجوب اتصافه به لذاته أو ال : األول و .ذاتهل

عـدم وال الثاين ، هو ممكن الوجود لذاته ، أعين به ما تكون نسبة كل من الوجود و .إليه متساوية

إذا تصورنا شيئا ، فإما أن يكون على وجه ال يقبـل الوجـود : خرى بعبارة أ و رتفاعهما ، ا و ول هو املمتنع بالذات كاجتماع النقيضني واأل .اخلارجي عند العقل أو يقبله

. الضدين ، ووجود املعلول بال علةجتماعاو زوم حتققه ولالثاين ، إما أن يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجودهو

Page 62: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٢

عـدم وال ما أن يكون متساوي النسبة إىل الوجود إ و .يف اخلارج ، فهذا هو الواجب لذاته ـ يكون معـدوما ، وقد جل ذلك قد يكون موجودا وأل فال يستدعي أحدمها أبدا ، و وه

.ريه وغمكن لذاته ، كأفراد اإلنسانامل ميكن أن يتصور وال شق رابع له ، وال سلب وال التقسيم ، دائر بني اإلجياب وهذا

. حتت هذه األقسام الثالثةداخالمعقول ال يكون . وجود املمكن رهن علته:األمر الثاين

، ال يتوقف وجوده علـى إن الواجب لذاته مبا أنه يقتضي الوجود من صميم ذاته كما أن املمتنع حيث يستدعي من صميم ذاته عـدم . وجود علة توجده ال ستغنائه عنها

الوجـود يف جل ذلك قالوا إن واجب وأل .وجوده فال حيتاج يف اإلتصاف بالعدم إىل علة علة هـو تنع الوجود يف عدمه ، مستغنيان عن العلة ، ألن مناط احلاجة إىل ال ومم وجوده ،

ـ وم .متنع ، ممتنع الوجود لذاته وامل .فاقة ، والواجب ، واجب الوجود لذاته وال الفقر وا هثـاين وال فاألول ميلك الوجود لذاته ، . ال حاجة له يف اإلتصاف بأحدمها إىل علة كذلك

.يتصف بالعدم من صميم الذاتل مركز الـدائرة إىل حميطهـا ال عدم كمث وال املمكن فبما أن مثله إىل الوجود وأما

كل من اإلتصافني حيتاج إىل علة خترجه من حالة يف وترجيح لواحد منها على اآلخر ، فه .ره إما إىل جانب الوجود أو جانب العدم وجتالتساوي

ما علة العدم فيكفي أ و نعم ، جيب أن تكون علة الوجود أمرا متحققا يف اخلارج ، ي إن : مثال. العلة فيها عدماجلهل عن اإلنسان األم حاللإ و طرد ه ، يتوقـفالعلم مكان .دم العلم فيكفي فيه عدم تلك املبادئ وعما بقاؤه على اجلهلأ و ، وجوديةئعلى مباد

.طالما وبتسلسل وال يف بيان الدور:األمر الثالث

Page 63: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٣

الوقت نفسه يكون الـشيء ويف ، عبارة عن كون الشيء موجدا لشيء ثان الدورذا باطل ألن مقتضى كون األول علة للثاين ، تقدمه وه .الثاين موجدا لذاك الشيء األول

فينـتج كـون . قتضى كون الثاين علة لألول تقدم الثاين عليه وم :أخر الثاين عنه وت عليهـ احد ، متقـدما النسبة إىل شيء و وب الشيء الواحد ، يف حالة واحدة ، ري متقـدم ، وغ

طالنـه كارتفاعهمـا مـن وب ذا هو اجلمع بني النقيـضني ، وه .ري متأخر وغ تأخراوم .ا يستلزمه حمال ومفينتج أن الدور. الضروريات البديهية

شترط كل واحد ا و إذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة : لتوضيح احلال منثل مبثال و ، إمضاء اآلخر ، فتكون النتيجة توقف إمضاء كل على إمـضاء اآلخـر منهما إلمضائها

.ند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاة إىل يوم القيامة ، ملا ذكرنا من احملذوروعلو أراد رجالن التعاون على محل متاع ، غري أن كال يـشترط : آخر هاك مثاال و

.لن حيمل املتاع إىل مكانه أبداف. قدامه على محله إقدام اآلخرإيف عاليل املمكنة ، مترتبـة وامل فهو عبارة عن اجتماع سلسلة من العلل أما التسلسل و

ثـاين وال ،) ب(على ) أ(كون الكل متسما بوصف اإلمكان بأن يتوقف وي غري متناهية ، ن دون أن تنتهي عاليل م وامل كذا دواليك تتسلسل العلل وه ثالث على رابع وال ،) ج(على

.إىل نقطةعاليـل ، تكـون وم حقيقة التسلسل ال خترج عن حدود ترتب علل :باختصار و

لـى وع . من جانب آخر ، أعين أوهلا ري متناهية وغ ـ أعين آخرها ـ متناهية من جانب ا مع منه ذلك ، يتسم اجلزء األخري بوصف املعلولية فقط خبالف سائر األجزاء ، فإن كال

ملا فوقه ، علة ملا دونه ، فاملعلولية وصف مشترك بني اجلميع ، سائدة علـى كونه معلوال جزائها كلها خبالفلى أ وعالسلسلة

Page 64: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٤

:ما بيان بطالنه أ وهذا واقع التسلسل. العلية فهي غري صادقة على اجلزء األخريصـف لـنفس إن املعلولية كما هي وصف عام لكل جزء من أجزاء السلسلة ، و

ما أن كل واحدة من احللقات معلولة ، فهكذا جمموعها الذي نعبر عنه وك .السلسلة أيضا إذا كانـت : فعندئذ يطرح هذا الـسؤال نفـسه . بسلسلة املعاليل املترتبة ، أيضا معلول

ومن ىل عامل الوجود ، السلسلة اهلائلة معلولة ، فما هي العلة اليت أخرجتها من كتم العدم إ ـ .؟ مع أن حاجة املعلول إىل العلة أمر بديهي الظلمة إىل عامل النور انون العليـة مـن وق

ومـن . القوانني الثابتة ال ينكره إال الغيب أو اادل يف األمور البديهية ، هذا من جانـب يكون أول السلسلة علـة غـري جانب آخر إن السلسلة مل تقف ولن تقف عند حد حىت

لى هذين األمـرين تتـسم وع تد بال توقف عند نقطة خاصة ، ومت ، بل هي تسري معلولندئـذ وع .السلسلة بسمة املعلولية من دون أن يكون فيها شيء يتسم بسمة العلية فقـط

خرجة هلا عن كتم العدم إىل ما هي العلة احملققة هلذه السلسلة املعلولة ، امل : يعود السؤال ؟ حيز الوجود

اء هذا البيان يف كل واحدة من حلقات السلسلة ، كما أجري يف نفـس رولك إج ـ وم من أجزاء السلسلة معلوال إذا كان كل واحد : قول وت السلسلة بعينها ة تسما بـسم

هفسمـن هـذه اليت أخرجت كل واحدة ما هي العلة : املعلولية ، فيطرح هذا السؤال ن .األجزاء اهلائلة املوصوفة بوصف املعلولية ، من حيز العدم إىل عالم الوجود

احلاجة إىل العلة ، فما تلك العلة اليت نفضت المة وع كانت املعلولية آية الفقر وإذا .؟ را غنية بالغرييوص تحقق والتها لباس الوجودبس والغبار الفقر عن وجه هذه احللقات

Page 65: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٥

المـة وع إن معلولية األجزاء اليت ال تنفك عن معلولية السلسلة آية التعلق بالعلة ، ا ذاك الغـري وم ؟ فما هي تلك العلة اليت تتعلق ا األجزاء . ة القيام به ومس التديل بالغري ،

؟ الذي تتعلق به السلسلةجابتك بلساا التكويين بأـا مفتقـرة يف إذا سألت كل حلقة عن حاهلا أل وأنت

فإذا كان هذا حال كل واحدة من . وجودها ، متعلقة يف مجيع شؤوا بالعلة اليت أوجدا إن كل : خنرج ذه النتيجة ندئذ وع .هذا احللقات ، كان هذا أيضا حال السلسلة برمتها

.أيـضا معلـول ) السلـسلة (ليل ركب من املعا وامل واحدة من أجزاء السلسلة معلولة ، يكون معلـوال وال فروض أنه ليس هنا شيء يكون علة وامل علول ال ينفك عن العلة ، وامل وال وقفها عند نقطة خاصة قائمة بنفسها أعين ما يكون علة وت يلزم انقطاع السلسلة الإو

.ذا خلف وه ،يكون معلوالتعلـق ـا ، وم ة متقوم بالعلة اليت تتقدمه ، كل معلول من السلسل إن: فإن قلت

كذا إىل ما شـاء وه ثاين بالثالث ، وال فاجلزء األول من آخر السلسلة وجد باجلزء الثاين ، ذا املقدار من التعلق يكفي يف رفع وه .لقات غري احملدودة واحل اهللا من األجزاء غري املتناهية

.اجة واحلالفقر كان يستند إىل علة تتقدمه ويستمد منها وجـوده ، نإ و لول ، إن كل مع : قلت

ولكن ملا كانت العلل يف مجيع املراحل متسمة بسمة املعلولية كانت مفتقرات بالـذات ، ينفض غبار الفقر عن وجهه باألصـالة ، إذ وال ثل هذا ال يوجد معلوله باإلستقالل ، وم

ور اإلجياد باإلستقالل بل دور ود اإلفاضة باألصالة ليس هلذه العلل يف مجيع احللقات دور كذا كـل وه دفع إىل معلوله ، وال مثل هذه العلل دور الوسيط واألخذ من العلة املتقدمة

منا متلك ما متلكه مـن إ و فهي عند ذاك ال متلك شيئا بذاا . حلقة نتصورها علة ملا بعدها ثل هـذا وم .األخرى من دون استثناء يف ذلك ثلها حال العلل وم طرف العلة اليت تتقدمها

ءها غنية بالذات بل تبقى على ما أجزا والال يصير السلسلة

Page 66: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٦

فال بد أن يكون هناك علة وراء . تعلقات بالغري وم صفناها به من كوا مفتقرات بالذات و .كون سنادا هلا وتهذه السلسلة ترفع فقرها

مسة : حتمل مستني ) غري األخرية ( هذه احللقات ن كل حلقة من إ: بعبارة أخرى وذه السمة تعلن أنها مل متلـك مـا وة املعلولية ومس ذه السمة توجد ما قبلها ، و العلية ،

ذا األمر جار وه .ها إال باالكتساب مما تقدمها من العلة ملكته ومل تدفع ما دفعته إىل معلول فإذا تصبح نفس السلـسلة . ل جزء يقع يف أفق احلس أو الذهن وك ةكل حلق ائد يف وسثل تلك السلـسلة ال وم .ربط بالغري وال تعلق وال فقر ، وال يع أجزائها حتمل مسة احلاجة ومج

ال غـري ي مسة العلية وه ميكن أن توجد بنفسها إال باإلستناد إىل موجود حيمل مسة واحدة كوـا غـري متناهيـة إىل رج عن وخت ند ذاك تنقطع السلسلة وع .علولية عن مسة امل رتويت

.التناهي

متثيالن لتقريب امتناع التسلسل امللموسة فهاك مثالني على إذا أردت أن تستعني يف تقريب احلقائق العقلية باألمثلة

:ذلك ن مل إ و العقلية اليت نشري إليها باإلشارة ـ إن كل واحدة من هذه املعاليل :األول

حبكم فقرها الذايت ، مبرتلة ـ نقدر على اإلشارة إليها عن طريق احلس لكوا غري متناهية بإضافة صفر املعلوم أن الصفر ومن . فاجتماع هذه املعاليل مبرتلة اجتماع األصفار . الصفر

جل ذلك حيكم العقل فأل. ينتج عددا صحيحا وال ، صفر مهما تسلسل ، ، بإضافة صفر بأنه جيب أن يكون إىل جانب هذه األصفار عددا صحيحا قائما بالنفس حـىت يكـون

يف احملاسبة ، فال يقـرأ واله ملا كان لألصفار اتمعة اهلائلة أي دور ول مصححا لقراءا ، .الصفر مهما أضيفت إليه األصفار

ري متوقفة على وغذا كانت غري متناهية إن القضايا املشروطة إ:الثاين

Page 67: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٧

، مشروطا بقيام عمـرو إذا كان قيام زيد مثال. مطلقة ، ال خترج إىل عامل الوجود قضيةكذا دواليك إىل غري النهاية ، فلن يتحقق القيام عندئذ من وه يامه مشروطا بقيام بكر ، وق

ثاين بإمضاء وال ءه للورقة بإمضاء الثاين ، كما إذا شرط األول إمضا ـ أي واحد منهم أبدا إال إذا انتهت تلك القضايا إىل قضية ـ كذا ، فلن تمضى تلك الورقة إىل األبد وه ثالث . بأن يكون هناك من يقوم أو ميضي الورقة من دون أن يكون فعله مشروطا بشيءمطلقة

ـ تتقدمه ن وجود كل منها مشروط بوجود علة مبا أ ـ فهذه املعاليل املتسلسلة ـ فال تخرج إىل عامل الوجود ما مل تـصل إىل تكون قضايا مشروطة متسلسلة غري متناهية

مشروطا بوجود علـة وجوده يكون وال ىل موجود يكون علة حمضة ، أي إ مطلقة قضية .ا فرضناه غري متناه متناهيا وم غري متسلسل ،ندئذ يكون ما فرضناه متسلسال وعأخرى ،

عاليل غري متناهية ، فـرض حمـال وم ي أن فرض علل وه فقد خرجنا ذه النتيجة فيكون الصحيح خالفه أي انقطـاع السلـسلة ، إذ ال . الستلزامه وجود املعلول بال علة

.)١(سلب والواسطة بني اإلجياب .يك نفس الربهانلإ ون اإلمكان توضيح برهااليت هلا دور يفإىل هنا متت املقدمات

تقرير برهان اإلمكان دات اإلمكانية بدليل أا توجدال شك أن صفحة الوجود مليئة باملوجو

__________________ ثبتوا البطالن أو طرحه الفالسفة يف أسفارهم وقد إن بطالن التسلسل من املسائل املهمة يف الفسلفة اإلهلية . )١(

ولكن أكثرها غري مقنع ألم استدلوا على البطالن بالرباهني اهلندسية اليت ال جتـري . حبجج كثرية تناهز العشر ا ذكرناه من الربهان ، برهان فلسفي حمض مقتبس من أصول احلكمة املتعاليـة الـيت وم مور املتناهية إال يف األ

برزهم يف العصر األخري سيدنا الراحل املغفور أ و رسى قواعدها تالمذة مدرسته أ و زيأسسها صدر الدين الشريا .1لعالمة الطباطبائي له ا

Page 68: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٨

تغير ، إىل غري ذلك من احلاالت الـيت وال لطرأ عليها التبد وي فىن ، وت حدث وت تنعدم ، و .ات االفتقار ومسهي آيات اإلمكان

اقعة يف أفق احلس إما موجودات بال علة أو هلـا مكانية ، الو املوجودات اإل وهذه مث العلة املمكنة إما أن تكون متحققة مبعاليلها . لى الثاين فالعلة إما ممكنة أو واجبة وع .علة

.، أو مبمكن آخر) أي املوجودات اإلمكانية ( علوليـة وامل ةيلزم نقض قانون العلي ـ أي كوا موجودات بال علة ـ فعلى األول

ثل هذا لو قلنا بأن علتها نفسها ، مـضافا إىل أن فيـه وم.ن كل ممكن حيتاج إىل مؤثر أو .مفسدة الدورعلـة املمكنـة متحققـة ـذه وال كوا متحققة بعلة ممكنة يأ ـ الثاينوعلى

.يلزم الدور احملال ـ املوجودات اإلمكانية ذا املمكن اآلخر متحقق مبمكن آخـر وه قها مبمكن آخر أي حتق ـ الثالثوعلى

.يلزم التسلسل الذي أبطلناه ـ كذاوه .يثبت املطلوب ـ أي كون العلة واجبة ـ الرابعوعلى

املمكنات إىل الواجـب فاتضح أنه ال يصح تفسري النظام الكوين إال بالقول بانتهاء عدها خاليـة عـن ويرة اليت يصححها العقللذاته القائم بنفسه ، فهذه الصورة هي الصو

.ستلزم للمحال حمال واملما الصور الباقية فكلها تستلزم احملال ،أ و.اإلشكالفالقول بكوا متحققة بال علة أو كون علتها نفسها ، يدفعه قانون العلية الذي هو

اك وذ قا ببعـضها اآلخـر ، معترف به عند اجلميع ، كما أن القول بكون بعضها متحق القول بأن كل ممكن متحقق مبمكن و .البعض اآلخر متحقق بالبعض األول يستلزم الدور

.كذا يستلزم التسلسل وهثاين بثالث والثان

Page 69: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٦٩

بنفسه ، املفـيض فلم يبق إال القول بانتهاء املمكنات إىل الواجب بالذات ، القائم .للوجود على غريه

كيممكان يف الذكر احلبرهان اإل يكتف مبجرد ومل صوله مدعومة بالرباهني اجللية ، أ و إن الذكر احلكيم طرح معارفه

فاإلسـتدالل . ربهان وال الدعوى بال دليل ، فهو كاملعلم يلقي دروسه على تالميذه بالبينة بت أن الوحي حجـة ذه اآليات ليس كاستدالل الفقيه ا على الفروع ، فإن الفقيه أث

قامة احلجة عليها من الوحي ، بل اإلستدالل ا يف هذا املوقـف إ و فأخذ بتفريع الفروع أشـار وقـد . تأهلني وامل الذي حنن فيه كاإلستدالل بسائر الرباهني املوروثة عن احلكماء

.سبحانه يف اآليات التالية إىل شقوق برهان اإلمكان أي شيء وال ققا وحت يقة املمكن ، حقيقة مفتقرة ال متلك لنفسها وجودا فإىل أن حق .)١( ) يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى اهللا واهللا هو الغني احلميد (: آخر ، أشار بقوله

.)٢( ) وأنه هو أغنى وأقنى (: مثله قوله سبحانه و .)٣( ) واهللا الغني وأنتم الفقراء (: وله سبحانه قو تكون علته نفسه ، أشار وال إىل أن املمكن ، ومنه اإلنسان ، ال يتحقق بال علة ، و

.)٤( ) أم خلقوا من غير شيء أم هم اخلالقون (: سبحانه بقوله __________________

.١٥اآلية : سورة فاطر ) ١( .٤٨اآلية : سورة النجم ) ٢( .٣٨اآلية : سورة حممد ) ٣( .٣٥اآلية : سورة الطور ) ٤(

Page 70: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٠

ومـن ستقالل واإل آخر باألصالة أن املمكن ال يصح أن يكون خالقا ملمكن وإىل ماوات واألرض بل أم خلقوا الس (: دون اإلستناد إىل خالق واجب ، أشار سبحانه بقوله

.)١( ) ال يوقنون تتركها بال وال ظائرها تستدل على املعارف العقلية برباهني واضحة ون فهذه اآليات

.)٢(دليل

واب وجسؤال إن القول بانتهاء املمكنات إىل علة أزلية موجودة بنفسها ، غري خملوقـة :السؤال

يص القاعدة العقلية ، فإن العقل حيكم بـأن الـشيء ال متحققة بغريها ، يستلزم ختص والوالواجب يف فرض اإلهليني شيء متحقق بال علة ، فلـزم نقـض تلـك . يتحقق بال علة

.ة العقليةالقاعد

: وجوه على واجلوابادي ، فكالمها يعترف مبوجود قدمي وامل إن هذا السؤال مشترك بني اإلهلي :األول

ن املمكنـات أ و مكان ، واإل فاإلهلي يرى ذلك املوجود فوق عالم املادة . متحقق بعلة غري تـشكل إىل صـور وت وىل اليت تتحول ادي يرى ذلك املوجود ، املادة األ وامل .تنتهي إليه

فعلى كل منهما جتب اإلجابة عـن هـذا . االت ، فإا عنده قدمية متحققة بال علة وح .)٣( خيتص باإلهلي والالسؤال

__________________ .٣٦اآلية : سورة الطور ) ١(ولـو . دعو البشرية إليـه وي كما أن فيها داللة واضحة على أن التفكر املنطقي مما يتوخاه القرآن الكرمي ) ٢(

.القرآن الكرميربهنة املبتنية على املدعى ، فقد فتح باا والكانت الفلسفة مبعىن التفكر الصحيحن منهجه يستلزم وجـود أ و زعم اختصاصه باإلهلي » برتراند راسل « والعجب أن الفيلسوف اإلنكليزي ) ٣(

.عرفت خالفهوقد الشي بال علة

Page 71: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧١

مبا ـ ظواهر املادية فإا وال إن القاعدة العقلية ختتص باملوجودات اإلمكانية : الثاينـ . العدم إىل عالم الوجود ال تنفك عن علة خترجها من كتم ـ دمأنها مسبوقة بالع وال ول

.و حمال وهالعلة للزم وجود املمكن بال علة ،ا هذا حالـه وم . بالعدم الواجب يف فرض اإلهليني فهو أزلي قدمي غري مسبوق ما وأ

وال املسبوق بالعدم ء الشي جياد ، فإما من خصائص واإل غين عن العلة ال يتعلق به اجلعل .ان موجودا يف األزل وكيعمان ما مل يسبقه العدم أبدا

زعم أن احلاجة إىل العلة من خصائص املوجود السائل مل حيلل موضوع القاعدة و وواجب خـارج وال مبا هو موجود مع أنها من خصائص املوجود املمكن املسبوق بالعدم ،

.فرق بني اخلروجني واضح والخروجا ختصصيا ال ختصيصيا ،عن موضوع القاعدة إن القول بانتهاء املمكنات إىل موجود واجب متحقق بنفـسه مقتـضى : الثالث

.فال يصح األخذ حبكمه يف جمال دون جمال. الربهان العقلي الذي حيكم يف سائر ااالتم بلزوم انتـهاء املوجـودات إىل علولية حيك وامل فالعقل الذي يعترف بقانون العلية

كل ما بالعرض ال بد أن « : عبر احلكماء عن هذه القاعدة بقوهلم وقد . موجود واجب : كما استعانوا يف توضيحه بأمثلة كثرية معروفة يف حملها ، حنـو . »ينتهي إىل ما بالذات

األغذية احللوة بالـسكر ن حالوة إ و نور مضيء بنفسه ، وال كل شيء مضاء بالنور ، إن .سكر حلو بنفسه ، إىل غري ذلك من التقريبات العرفيةوال

Page 72: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٢

خامتة املطافن االستنتاج منه متوقف على امتنـاع أ و قد تعرفت على مقدمات برهان اإلمكان

ري ربهان غ وال وال تسليم امتناع هذين األمرين ، ألصبح القياس عقيما ول تسلسل ، وال الدوركل ما استدل به على إثبات الصانع ال يكون منتجـا ن أ وذي نركز عليه هنا ه وال .منتج

ولوال هذا التسليم لكانت الرباهني ناقصة ، غري . تسلسل وال إال إذا ثبت قبله امتناع الدور .مفيدة

اال ود يكون منتجا عمها ال أ و أوضح الرباهني من وإن برهان النظم الذي ه : مثالن سلسلة الكون منتهية إليه ، إال إذا ثبت قبلـه امتنـاع أ و على أن للعالم خالقا واجبا ،

درة فائقة يعجز اإلنسان وق وسيعألن النظام البديع آية كونه خملوقا لعلم . تسلسل وال الدورلك القدرة قدمية ، فـال يثبـت وت باما كون ذلك العلم واج أ و .عريفهما وت عن وصفهما كذا ، إما وه آخر إذ من احملتمل أن يكون خالق النظام ممكنا خملوقا ملوجود . بذلك الربهان

خاصة عاليل متوقفة عند نقطة وامل لسلة العلل وس فإثبات كون النظام . أن يدور أو يتسلسل ة ، قائمة بنفسها ال بغريها ، حيتاج إىل تسليم امتنـاع هي واجبة ال ممكنة ، غنية ال فقري

تسلسل كما هو واضح ، فكأن املستدل بربهان النظم أو سائر الـرباهني أخـذ وال الدور . مسلما عند االستدالل اامتناعهما أصال

* * *

Page 73: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٣

الربهان الثالث

برهان حدوث املادةوجههـا وت فاد الطاقات املوجودة يف الكون باستمرار ، إن األصول العلمية أثبتت ن ـ .)١(شاطاتها ون نتهي بسببه فعالياتها وت إىل درجة تنطفئ معها شعلة احلياة نفـاد (ذا وه

تحقق للمادة ليس أمرا ذاتيا هلا ، إذ وال يدل على أن وصف الوجود ) الطاقات وانتهاؤها زوال هذا بدا ، فنفادها و أ و مرا ذاتيا هلا ، لزم أن ال يفارقها أزال أ تحقق وال الوجودكان ول

.الوصف عنها خري دليل على أن الوجود أمر عرضي للمادة ، غري نابع من صميم ذاـا لزم من ذلك أنوي

__________________ ميكن وال ن األجسام احلارة إىل األجسام الباردة حراريا مستمرا م أثبت العلم بكل وضوح أن هناك انتقاال ) ١(

عىن ذلك أن وم.أن يحدث العكس بقوة ذاتية حبيث تعود احلرارة فترتد من األجسام الباردة إىل األجسام احلارة هنالـك ومئذ لـن تكـون وي .نضب فيها معني الطاقة وي الكون يتجه إىل درجة تتساوى فيها مجيع األجسام

ا كانت احلياة ال تـزال ومل .عمليات كيميائية أو طبيعية ، ولن يكون هنالك أثر للحياة نفسها يف هذا الكون طبيعية تسري يف طريقها ، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكـون ال وال تزال العمليات الكيميائية وال قائمة ،

كذا توصـلت وه .وقف كل نشاط يف الوجود وت بعيد طاقاته منذ زمن ت الستهلك الإ و ميكن أن يكون أزليا .العلوم دون قصد إىل أن هلذا الكون بداية

الديناميكا احلرارية تدل على أن مكونات هذا الكون تفقد حرارـا تـدرجييا نيإن قوان : وباختصار .األجسام حتت درجة من احلرارة البالغة اإلخنفاض هي الصفر املطلق نها سائرة حتما إىل يوم تصري فيه مجيع أو .ياةستحيل احل وتومئذ تنعدم الطاقةوي

Page 74: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٤

يكون لوجودها بداية ، ألن الزم عدم البداية كون هذا الوصف أمرا ذاتيا هلا كمـا هـو اية ، مع أن العلم أثبت هلـا ذاتيا هلا لوجب أن ال يكون هلا كان و ول شأن كل ذايت ،

.هذه النهاية الإ و اقة ليس أمرا ذاتيـا هلـا ، إن الوجود للمادة املتحولة إىل الط : أخرى وبعبارة

ال أن واحل فعالية ، وال نعدام احلياة ا و ن ال تسري املادة إىل الفناء أ و لوجب أن ال يفارقها أبدا ها الطبيعية العلومها و وت اعترفت بأن املادة سينتهي سلطانتافىن قوـ وت ومت طاقا . ربد وت

ونـه غـري ذايت وك فاملفارقة يف جانب النهاية دليل على عدم كون الوجود ذاتيا للمادة ، .نقصده من حدوث املادةما وذا ه وهيالزم أن يكون هلا بداية ،

* * * ب قيت هناك براهني أخر طرحها العلماء يف الكت وب الثالثة ، إىل هنا مت بيان الرباهني

:الكالمية نشري إىل عناوينها « كمله الفيلسوف اإلهلي البارع أ و برهان احلركة الذي أبدعه احلكيم أرسطو ـ ١

.تقنهاأ وأشرف الرباهنيمن و وه»صدر املتأهلني .)١() اإلشارات (ذكره الشيخ الرئيس يفوقد برهان الصديقني ـ ٢ . ـ برهان الوجوب٣ . ـ الربهان األسد األخصر٤ .)٢( ـ برهان الترتب ٥

__________________ .١٨ ، ص ٣اإلشارات ج ) ١(. ١٦٦ و ١٦٥ ، ص ٢يضا ج أ و .٣٧ ـ ٣٦ ، ص ٦سفار ، ج واأل .٦٧الحظ جتريد اإلعتقاد ، ص ) ٢(

.راجعة إىل ما ذكرنا من املصادرهني فعليه املفمن أراد الوقوف على هذه الربا

Page 75: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٥

: هنا نكات جيب التنبيه عليها بقيت .علة عند املادي وال العلة عند اإلهلي:األوىل

يريد منه معىن مغايرا ملا يريده ل وك ادي يستعمل كلمة العلة وامل إن كال من اإلهلي .اآلخر

ها من العدم ، وخم الوجود على االشياء فالعلة عند اإلهلي هي مفيضـ رج صيرها ومميع شؤونه وجب ورته وص فعند ذلك يكون املعلول مبادته ـ موجودة بعد أن كانت معدومة

ـ ي الـيت وه ل شؤوا وك ورا وص منوطا ا ، فالعلة هي اليت تعطي املادة وجودها ـ .قخترجها من ظلمة العدم إىل حيز التحق ـ بالتايل

إن النفس توجد الصور يف . نفس اإلنسانية وال للتوضيح منثل لذلك بالصور الذهنية ونعم ، النفس تستعني يف خلقها لبعض الصور بأمثلة خارجية حمسوسة . كونها فيه وت الذهن

ولكنها قد ختلق أحيانا صورا يف الذهن ال مثيل هلا يف اخلارج كاملفـاهيم الكليـة مثـل .مكان واإلمفهومي اإلنسان

التايل إن اخلالق خلـق املـادة وب .ذلك فالعلة اليت يقصدها اإلهلي هي ذلك وعلى .حاطها بشبكة من النظام البديع الذي مل يكن قبل ذلك قطأ وفاض عليها صورهاأو

ار الـذي تفاعالت يف املادة ، كالنج وال العلة عند املادي فهي املوجد للحركة ما وأهيئـة ضم بعضها إىل بعض بنحو خاص فتصري علـى وي ناك وه جيمع األخشاب من هنا

رتبها ندسة خاصـة وي ناك وه طني من هنا وال الكرسي ، أو كالبناء الذي جيمع األحجار .حوله إىل خبار وتناء ، أو كالنار اليت توجب غليان املاء وبفتصري جدارادي يف استعمال كلمة العلة فيطلقها على نفس املادة املتحولـة إىل يتوسع املا ورمبا

وقود إىل الطاقة ، والمادة أخرى كاحلطب إىل الرماد ،

Page 76: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٦

.رارة واحلصوت والالكهرباء إىل الضوءوفبذلك علم أن بني املصطلحني بونا شاسعا ، فأين العلة اليت يستعملها اإلهلـي يف

ورته ، من العلة اليت يستعملها املادي يف موجد احلركة يف املادة وص دتهمفيض الوجود مبا !!. املادة القابلة للتحول إىل شيء آخريف وأ

ه بق والذي دعى املادي إىل تفسري العلةمهاذا املعىن هو اعتقادم الطاقـات وق ددـ املعتقد حلدوث املـادة ذا خبالف األهلي وه .ناها عن موجدها وغ املوجودة فيها قها وسب

.بالعدم ، فلها علة فاعلية خمرجة هلا من العدم إىل الوجود :ذينك اإلصطالحني أشار احلكيم اإلهلي السبزواري بقوله ىل وإ

ــود يف اإل ــي الوج ــلمعط ــي فاع هل

ــل ــي قائ ــرك الطبيع ــي التح معط

ن مل يوجد املادة إ و وجدها وم احلركة نعم رمبا يستعمل اإلهلي لفظة العلة يف معطي

.نار لإلحراق ، توسعا يف اإلصطالح والار علة للسرير ،إن النج: ورتها ، فيقول وصءأنتم تخلقونه أم نحـن * أفرأيتم ما تمنون (: ما ذكرنا يشري قوله سبحانه وإىل

أفرأيتم النـار * ... ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * رأيتم ما تحرثون أف * ... اخلالقون .)١( ) ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن املنشئون * التي تورونوهللا سبحانه أيضا شجر ، وال زرع وال نسانال شك أن لإلنسان دورا يف تكون اإل و

باحلركة حيثولكن دور اإلنسان ال يتجاوز كونه فاعال. دورا__________________

.٧٢ ، ٧١ ، ٦٤ ، ٦٣ ، ٥٩ ، ٥٨ات اآلي: سورة الواقعة ) ١(

Page 77: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٧

جري املاء عليها ، فأين وي غرس األشجار وي نثر البذور يف األرض وي يلقي النطفة يف الرحم .ورة وصشجرة ، مادة وال... زرع والود على اإلنسانإفاضة الوجمن وه

ا بينهما وم اء ومس إن يف الكتاب الكرمي نصوصا على حدوث الكون أرضا :الثانية .ا فيهماوم

.اآليات يف هذا الشأن كثرية نشري إىل القليل منهاو .)١( ) حبة وخلق كل شيءأنى يكون له ولد ولم تكن له صا (: قال سبحانه

. )٢( ) ... اهللا الذي خلق سبع سماوات ومـن األرض مـثلهن (: سبحانه وقال رض ، ولكـن واأل اآلية الثانية خبلق السماء ويف .فصرح يف اآلية األوىل بخلق كل شيء

.فس اإلنسان وندابةصرح يف اآليتني التاليتني خبلق كل .)٣( ) واهللا خلق كل دابة (: قال سبحانه

. )٤( ) هل أتى على اإلنسان حني من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (: سبحانه وقال .إىل غري ذلك من اآليات

حدوث الكون يف األحاديثأمري بن أيب طالب املؤمنني عقال اإلمام يف خطبة له 7لي:

حدث خلقه على ومباحلمد هللا الدال على وجوده خبلقه ،« __________________

.١٠١اآلية : سورة األنعام ) ١( .١٢اآلية : سورة الطالق ) ٢( .٤٥اآلية : سورة النور ) ٣( .١اآلية : سورة الدهر ) ٤(

Page 78: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٨

.)١(» أزليته :أيضا 7وقال

ن شـيء م وال كان ، احلمد هللا الواحد األحد الصمد املتفرد الذي ال من شيء « .)٢(» خلق ما كان ، وال من أوائل كانت قبله أبدية أزلية صولمل يخلق األشياء من أ « : 7وقال

لقهما خ لقل خلقأ و، به ،تقن خو رصه وتصور نسر فأح٣(» ما صو(. ال جيري عليه السكون واحلركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه « : 7وقال

.)٤(» ويعود فيه ما هو أبداه وحيدث فيه ما هو أحدثه :7اإلمام احلسن بن علي وقال

.)٥(» بتدع ما ابتدأ ا و، إبتدأ ما ابتدع ،خلق اخللق فكان بديئا بديعا « البحث عن راهين وب انعإىل هنا مت البحث عن أدلة وجود الص نيه الالمعة ، فحان ح

.فعاله بفضل منه تعاىلأ وفاته وصأمسائه

* * * __________________

.١٥٢ج البالغة ، اخلطبة ) ١( .٤١التوحيد للصدوق ، ص ) ٢( .١٦٣ج البالغة ، اخلطبة ) ٣( .١٨٦اخلطبة : ج البالغة ) ٤( .٥ ، احلديث ٤٦وحيد للصدوق ، ص الت) ٥(

Page 79: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٧٩

Page 80: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٠

Page 81: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨١

فعاله سبحانهأ وفاته وصأمساؤه دأ قد كان متوقعا أن يمسائـه أ و شكل اإلهليون صفا واحدا يف كل ما يرجع إىل املب

رجع أكثر وي .ختلفوا فيما بينهم من أبسط املسائل إىل أعمقها فعاله ، إال أم ا أ و فاتهوصختالف يف هذه املسائل هو احلجـر واإل .فعالهأ و فاته وص ما خيتلفون فيه إىل معرفة أمسائه

.ذاهب يف اتمع اإلنساين العاملي واملاألساس لظهور الديانات يتشعبون إىل عشرات الفـرق ، رغم إقرارهم بوجود اإلله اخلالق للعامل ، فالثنوية

صينية اليت تتواجد فيها الثنويـة وال كفي يف ذلك أن نالحظ الديار اهلندية وي طوائف ، وال .أكثر من أي مكان آخر

ـ ، فقد انقسمت هذه الديانـة إىل يعقوبيـة ال تقصر عنهم املسيحية و سطورية ون .ريها من الطوائف وغلكانيةوم

أمة كبرية من اإلهليني يف العامل فقـد افترقـوا إىل ، الذين يشكلون أما املسلمون و .فعالهأ و من اختالفهم يف صفات املبدأل اختالفهم ناش وج.طوائف خمتلفة أيضا

Page 82: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٢

نابلة هلم آراء خاصة يف صفات البـارئ واحل فها هم أصحاب احلديث من احلشوية » التوحيـد « سيما كتـاب فعاله يقف عليها كل من نظر يف كتب أهل احلديث ، ال أو

.ري ذلك وغمحد بن حنبلأل» السنة « البن خزمية ، و توحيد ، فقد تشتتوا إىل وال م أصحاب العدل وه ال يقصر عنهم اختالف املعتزلة ، و

إىل غري ذلـك مـن . نظامية إىل خابطية ومن يلية ، زفمن واصلية إىل ه . مذاهب متعددة .الفرق

ضرارية حـىت ظهـر ارية و وجن ، فقد تشعبوا إىل جهمية اجلربية من املسلمني ا وأمربيـة ، واجل عتزلـة وامل الشيخ أبو احلسن األشعري ، فجاء مبنهج معدل بني أهل احلديث

.فكاره ، إىل أن صار مذهبا رمسيا ألهل السنةأ وفعكف العلماء على دراسة عقائدهذا األمر يعطي هلذا وه .فاته وص فعالهأ و فهذه الطوائف مل ختتلف غالبا إال يف أمسائه

.سر ويعبور عنه بسهولة وال ، فال ميكن التهاون فيهالفصل من العقائد أمهية قصوى

اللية الذاتية واجلالصفات اجلمالية .اللية وجلبية ، أو مجالية وسثبوتية: إن صفاته سبحانه تنقسم إىل قسمني

« شرية إىل واقعية يف ذاته مسيـت وم ال يف املوصوف فإذا كانت الصفة مثبتة جلم اجة عنه سبحانه وح ذا كانت الصفة هادفة إىل نفي نقص إ و .»مجالية « أو » ثبوتية ذاتية

.»جاللية « أو» سلبية « مسيت الثبوتية املشرية إىل وجود كمالياة من الصفات واحلقدرة والفالعلم

Page 83: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٣

تغري مـن الـصفات وال ركة واحل تحيز وال كن نفي اجلسمانية ول. واقعية يف الذات اإلهلية و .السلبية اهلادفة إىل سلب ما هو نقص عن ساحته سبحانه

» اجلالليـة « و » اجلمالية « أشار صدر املتأهلني إىل أن هذين اإلصطالحني وقد ي اجلالل واإلكـرام تبارك اسم ربك ذ (: قال سبحانه . قريبان مما ورد يف الكتاب العزيز

فة اإلكرام ما تكرمت ذاته ـا وص فصفة اجلالل ما جلت ذاته عن مشاة الغري ، )١( ) .رته باجلالل ويفيوصف بالكمال. )٢(ملت وجت

العلم ، القدرة ، احلياة : ي وه إن علماء العقائد حصروا الصفات اجلمالية يف مثانية ي وه كما حصروا الصفات السلبية يف سبع . غىن وال ة ، التكلم ، ، السمع ، البصر ، اإلراد

وال حال يف غريه وال متحيز وال نه غري مرئي أ و عرض وال جوهر وال أنه تعاىل ليس جبسم .يتحد بشيء

غري أن النظر الدقيق يقتضي عدم حصر الصفات يف عدد معني ، فإن احلق أن يقال . ، فاهللا متصف بـه كل وصف يعد كماال ن أواللية ه واجل اجلمالية إن املالك يف الصفات

الليـة يف واجل يس علينا أن حنصر الكمالية ول جزا فهو مرته عنه ، وع ل أمر يعترب نقصا وك .عدد معني

صفات السلبية وال ذلك ميكن إرجاع مجيع الصفات الثبوتية إىل وصف واحد وعلى صفات اليت وردت يف القرآن الكرمي تفـوق وال ذكرناه أن األمساء ؤيد ما وي .إىل أمر واحد

.بأضعاف املرات العدد الذي ذكره املتكلمونقد وقع اإلختالف يف بعض ما عد من الصفات الثبوتية بأا هل هي من الصفات و

رادة ، حىت أن واإلكالتكلم. الثبوتية الذاتية أو الثبوتية الفعلية__________________

.٧٨اآلية : سورة الرمحن ) ١( .١١٨ ، ص ٦األسفار ، ج ) ٢(

Page 84: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٤

بعض ما عد من الصفات الذاتية يف بعض املناهج ، ليس من صفات الذات قطعا ككونـه .يوافيك الفرق بينهما وس.الفعلصادقا بل من صفات

فات الفعل وصصفات الذاتول ما يكفي يف واأل فة الفعل ، وص تقسم املتكلمون صفاته سبحانه إىل صفة الذا

.علم والياة واحلوصف الذات به ، فرض نفس الذات فحسب ، كالقدرةـ الثاين ما يتوقف توصيف الذات به على فرض الغري وراء الـذات و و فعلـه وه .سبحانه

فصفات الفعل هي املنتزعة من مقام الفعل ، مبعىن أن الذات توصف ذه الصفات ظائرمها من الصفات الفعلية الزائـدة ون رزق وال لك كاخللق وذ ع الفعل ، عند مالحظتها م

عىن انتزاعها ، أنا إذ نالحظ النعم اليت يتنعم وم .على الذات حبكم انتزاعها من مقام الفعل ثـل وم.نسبها إىل اهللا سبحانه ، نسميها رزقا رزقه اهللا سبحانه ، فهو رزاق ون ا الناس ، .غفرة فهما يطلقان عليه على الوجه الذي بيناهمل واذلك الرمحة

كل ما جيـري علـى ن أ و وه تعريف آخر لتمييز صفات الذات عن الفعل وهناك وأما ما جيـري علـى . صفات الذات من وفه) ثبات دائما اإل (الذات على نسق واحد

.ات األفعالصفمن واإلجياب أخرى ، فه وبالذات على الوجهني ، بالسلب تارةياة ال حتمل عليه سبحانه إال على وجه واحل قدرة وال ضوء هذا الفرق فالعلم وعلى

رمحة حتمل عليه باإلجيـاب تـارة وال غفرة وامل رزق وال ولكن اخللق . و اإلجياب وه واحدغفر للمستغفر ومل يغفر للمصر علـى . خيلق ذلك ومل فتقول خلق هذا . سلب أخرى وال

.الذنب

Page 85: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٥

خلـوه وال ختصار ، إن صفات الذات ال يصح لصاحبها اإلتصاف بأضدادها باو .ولكن صفات الفعل يصح اإلتصاف بأضدادها. منها

ي القيومية ، فإن وه مث إن الصفات الفعلية حيثيات وجودية نابعة من وصف واحد وال اخللق من عنده مبـا هـو داية كلها حيثيات وجودية قائمة به سبحانه مفاضة واهل رزق .قيوم

تقسيم آخرراد من األوىل مـا وامل .ضافية واإل و تقسيمها إىل النفسية وه للصفات تقسيم آخر و

اإلضـافة إليـه ، وال تتصف به الذات من دون أن يالحظ فيها اإلنتساب إىل اخلـارج ن الـذات ، ي ما كان هلا إضافة إىل اخلارج ع وه قابلها الصفات اإلضافية ، وي .كاحلياة

.قدرة على املقدور والكالعلم باملعلومكيان عـن وحت ضافية جتريان على الذات واإل هذا املالك ، فكل من النفسية وعلى

.واقعية فيهوىل تسميتها باإلنتزاعيـة ال واأل .)١(علية وال رازقية وال يةر اإلضافية باخلالق تفسورمبا . يقابل النفسيةافية مباضصيص اإل وختباإلضافية ،

الصفات اخلربيةإن هناك اصطالحا آخر خيتص بأهل احلديث يف تقسيم صـفاته سـبحانه فهـم

واملراد من األوىل هو الصفات الكمالية ومن الثانية ما وصف . ربية وخ يقسموا إىل ذاتية عني ، إىل غري أ و دين ، ونه ذا وجه ، وي وك سبحانه به نفسه يف الكتاب العزيز من العلو ،

لفاظ الواردة يف القرآن اليت لوذلك من األ__________________

.١١٨ ، ص ٦األسفار ، ج ) ١(

Page 86: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٦

.تشبيه والأجريت على اهللا سبحانه مبعانيها املتبادرة عند العرف لزم التجسيم .سيمات الرائجة يف صفاته سبحانههذه هي التق

قايسة أساس معرفة صفاته سبحانه واملاإلبتعاد عن التشبيهكان أن يتعرف على األشياء مقيـدة وامل إعتاد اإلنسان الساكن بني جدران الزمان

تجسم ، متسمة بالكيف والكم ، إىل غري ذلك من وال كان ، موصوفة بالتحيز وامل بالزمان .واصفات اجلسمانية وملوازم املادة

خـالده إىل إ و نكبابه على املادة ا و مدى حياته سوس واحمل إن مزاولة اإلنسان للحس األرض ، عوده على متثيل كل ما يتعقله ، بصورة األمر احلسي حىت فيما ال طريق للحس

ؤيده يف ذلك أن اإلنسان إنما وي . عن املادة ةقائق املرته واحل يال إىل حقيقته كالكليات واخليـف لأ و تخيل فهو أنيس احلـس وال ساسكليات من طريق اإلح وال يصل إىل املعقوالت

.)١(اخليال تشبيه فال ميكنهم أن جيردوا وال البشر جبلوا على املعرفة على أساس املقايسة نأوك

فقد قضت العادة املالزمة لإلنسان أعـين أنـسه . تمرين وال أنفسهم من ذلك إال بالرياضة شيء يف اإلطار املادي ، أن يصور لربه صـورا خياليـة عتياده على معرفة كل ا و باملادة ،

ل أن يتفق إلنسان أن يتوجه إىل ساحة وق .على حسب ما يألفه من األمور املادية احلسية .فسه خالية عن هذه احملاكاة ونكربياء ، والالعزة

__________________ .٢٧٣ ، ص ١٠امليزان ، ج ) ١(

Page 87: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٧

تعطيل والهبني التشبي على ذلك األساس افترق اإلهليون إىل مشبهة تشبه ربها بإنسان لـه حلـم ، ودم ،

يـنني ، وع أس ، ور عضاء حقيقية من يـد ، ورجـل ، أ و ه جوارح ول عر ، وعظم ، وش .)١(صافحة واملجيوز عليه اإلنتقال. عر قطط وشمصمت ، له وفرة سوداء ،

ـذه األوصـاف نكار بارئإ و.هلكة التشبيه ومسيمفهؤالء تورطوا يف مغبة التج عتقاد بالبارئ على هذه الصفات جيعـل املادية املنكرة أوىل من إثباته ربا للعامل ، ألن اإل

.فكار املنرية واألدعوة إليها أمرا منكرا تتنفر منه العقول والاأللوهيةفرطة يف جتسيمها ، فإنا نجـد يف وم بيههافإذا كانت تلك الطائفة متهورة يف تش

ار التجسيم فوقعت يف إسـارة وع مقابلها طائفة أخرى أرادت التحرز عن وصمة التشبيه فعاله ، قائلة بأنه أ و عرفة صفاته وم التعطيل ، فحكمت بتعطيل العقول عن معرفته سبحانه

يس إىل معرفته من سـبيل إال ولليس ألحد احلكم على املبدأ األعلى بشيء من األحكام ، إن النجاة كل النجاة يف االعتراف بكل مـا : سنة ، فقالت وال بقراءة ما ورد يف الكتاب

» مالك « فهذا . فتيش وت قاش ومن دون جدل ون ورد يف الشرع الشريف من دون حبث ش (: ئل عن معىن قوله سبحانه عندما سرلى العى عوتاس اإلستواء معلوم : ، قال ) ثم

.)٢(سؤال عنه بدعة والميان به واجب ، واإل، والكيف جمهول ،كل ما وصف اهللا به نفـسه يف كتابـه « : نقل عن سفيان بن عيينة أنه قال وقد

.)٣(» سكوت عليه والفتفسريه تالوته__________________

.١٠٤ ، ص ١نحل ، ج والامللل) ١( .٩٣ ، ص ١نحل ، ج والامللل) ٢( .٣٢ ، ص ١الكربى البن تيمية ، ج الرسائل ) ٣(

Page 88: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٨

ترى أن من املمكن التعرف على صفاته سبحانه من طريق ولكن هناك طائفة ثالثة نظيم احلجج العقلية على ضوء ما أفاض اهللا سبحانه على وت رتيب األقيسة املنطقية وت التدبر

رأي ن الباحث حمايدا ، منحـازا عـن أي فكر ، بشرط أن يكو وال عباده من نعمة العقل .قاشه خملصا للحق غري مبتغ إال إياه ونن يكون يف حبثهأ ومسبق ،

نة نبيه إال وسفاته يف كتابه وصوحجتهم يف ذلك أن اهللا سبحانه ما نص على أمسائه إفراط املـشبهة ستطاع جمتنبا وامل كره يف حدود املمكن وف لكي يتدبر فيها اإلنسان بعقله

.سنة الصحيحة والكتاب العزيز والالعقلإليه وفهذا أمر يدع. فريط املعطلةوت« : 7ذلك الطريق الوسط ، قال إىل و تدع 7كلمة قيمة لإلمام علي وهناك

عبارة دف وال .)١(» حيجبها عن واجب معرفته ومل مل يطلع العقول على حتديد صفته ، ن كانت غري مأذونة يف حتديد الصفات اإلهلية لكنها غري حمجوبـة عـن إ و العقول إىل أن

وما خلقـت اجلـن واإلنـس إال (: قال سبحانه وقد التعرف حسب ما ميكن ، كيف كاملة ال تتيسر إال بعد أن تتحقق املعرفة املستطاعة والوالعبادة الصحيحة . )٢( ) ليعبـدون .باملعبود يكفي يف تعين هذا الطريق ما ورد يف أوائل سورة احلديد من اآليـات الـست و

سبح هللا ما في السماوات واألرض وهـو العزيـز (: ي قوله سبحانه وه ذكرها تربكا وناحلكيم * ع وهو ميتييي وحض ياألرات واومالس لكم له ء قديريل * لى كل شاألو وه

واآلخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء__________________

.٢٩ج البالغة ، اخلطبة ) ١( .٥٦اآلية : سورة الذاريات ) ٢(

Page 89: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٨٩

ليمام * عة أيفي ست ضاألرات واومالس لقالذي خ وه لجا يم لمعش يرلى العى عوتاس ثمفي األرض وما يخرج منها وما يرتل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم واهللا

صريلون بمعا تإلى * بمض واألرات واومالس لكم له وراألم عجرل فـي * اهللا تاللي ولجي .)١( ) النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور

يظن عاقل أن اآليات الواردة يف آخر سورة احلشر إمنا أنزهلا اهللا تعاىل ـرد وهل هو اهللا الذي ال إله إال هو عالم الغيب والشهادة (: ي قوله سبحانه وه تالوة ، وال القراءة

حيمالر نمحالر وه * زيزالع منيامله مناملؤ المالس وسالقد امللك وإال ه اهللا الذي ال إله وه ان اهللا عحبس ركباملت ارركون اجلبشا يى * مناء احلـسماألس له رواملص ارئالب اهللا اخلالق وه

احلكيم زيزالع وهض واألرات واوما في السم له حبسع ذلك فما معىن التدبر يف وم.)٢( ) ي .؟ اآليات القرآنيةإمنـا « : عض علماء السلف حيث يقول ن ما أثر عن ب وهتقف على مدى وبذلك

أعطينا العقل إلقامة العبودية ال إلدراك الربوبية فمن شغل ما أعطي إلقامة العبودية بإدراك .)٣(» الربوبية فاتته العبودية ومل يدرك الربوبية

فـإن العـامل الإ و .إن إقامة العبودية الكاملة رهن معرفة املعبود مبا يف إمكان العبد دراك واإل قيم العبودية له مبا أعطي من الـشعور وي مده وحي جبميع ذراته يسبح اهللا سبحانه

وإن من شيء إال يسبح بحمده ولكـن ال تفقهـون (: املناسب لوجوده ، قال سبحانه مهبيحسفلو كانت وظيفة اإلنسان. )٤( ) ت

__________________ .٦ ـ ١اآليات : سورة احلديد ) ١( .٢٤ ـ ٢٢اآليات : سورة احلشر ) ٢( .٣٣، ص » تفويض والعالقة االثبات« احلجة يف بيان احملجة ، كما يف ) ٣( .٤٤اآلية : سورة األسراء ) ٤(

Page 90: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٠

يـة سـائر إقامة العبودية جمردا عن املعرفة التفصيلية للمعبود ، تكون عبوديته أشبه بعبود مبقـدار مـا املوجودات بل أنزل منها بكثري ، إذ يف وسع اإلنسان معرفة معبوده تفصيال

.أعطي من املقدرة الفكرية اليت مل يعطها غريهن إ و . يدعه أحد ومل فإن أريد من إدراك الربوبية إدراك كنه الذات فهو أمر حمال ،

فعاله حسب املقدرة اإلنسانية يف ضـوء األقيـسة املنطقيـة أ و فاته وص أريد معرفة أمسائه .سنة الصحيحة القطعية فهذه وظيفة العقل والكتابوال

مبا يف وسع ـ مجيعنا نرى أنه سبحانه يذم املشركني الذين مل يعرفوه حق معرفته و .)١( ) اهللا لقوي عزيزما قدروا اهللا حق قدره إن (: إذ يقول سبحانه ـ اإلنسانمساء ، واألقيقة الصفات وحاهلدف هو معرفة كنه الذات اإلهلية وكان ل: باختصار و

ما إذا كان املقصود هو التعرف على ما هناك من اجلمـال أ و كان ترك البحث متجها ، شك أن للعقل أن عجز ، فال وال في ما رمبا يتصور يف الذات اإلهلية من النقص ون كمالوال

. مقدوره أن يصل إليه ويفل ،يطرق هذا اا

الطرق الصحيحة إىل معرفة اهللا ملدركات العالم ن كانت غري مساخنة إ و فعاله ، أ و فاته وص مساءهأ و إن ذاته سبحانه

هنا جند ومن . احملسوس ، لكنها ليست على حنو يستحيل التعرف عليها بوجه من الوجوه ـ تكلمني يسلكون طرقا خمتلفة للتعرف على مالمح العالم الربويب ، وامل أن احلكماء م وه

يرون أن ذلك العامل ليس على وجه ال يقع يف أفق اإلدراك مطلقا ، بل هناك نوافذ علـى .قلية ، يرى منها ذلك العامل الفسيح العظيم ونالغيب عقلية

__________________ .٧٤اآلية : سورة احلج ) ١(

Page 91: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩١

:وها حنن نشري إىل هذه الطرق

األول ـ الطريق العقليإذا ثبت كونه سبحانه غنيا غري حمتاج إىل شيء ، فإن هذا األمر ميكن أن يكـون

له ، قضا ون يف غناه مبدأ إلثبات كثري من الصفات اجلاللية ، فإن كل وصف استلزم خلال . ولزم سلبه عن ذاتهانتفى عنه

سلك الفيلسوف اإلسالمي نصري الدين الطوسي هذا السبيل للربهنة على مجلة وقد في الزائد ، ون ووجوب الوجود يدل على سرمديته ، « : من الصفات اجلاللية حيث قال

هة ، واجلحتاد ،اإل و تحيز ، واحللول ، وال ، دض وال تركيب مبعانيه ، وال ثل ، وامل شريك ، وال حـوال واال عـاين وامل لذة املزاجيـة ، وال مل مطلقا واأل اجة ، واحل لول احلوادث فيه ، وح .»رؤية والصفات الزائدةوال

من الصفات الثبوتية حيـث بل انطلق احملقق من نفس هذه القاعدة إلثبات سلسلة والتمام ، واحلقية ، واخلريية ووجوب الوجود يدل على ثبوت الوجود ، وامللك ، « : قال

.)١(» ، واحلكمة ، والتجرب ، والقهر ، والقيومية ينفي مجلة ) وجوب الوجود (و وه«: سبقه إىل ذلك مؤلف الياقوت إذا قال وقد

جوهر ، وال عرض ، وال حـاال يف وال نه ليس جبسم ، أ و من الصفات عن الذات اإلهلية .)٢(» وادث به وإال لكان حادثا شيء وال تقوم احل

مال واجلذلك ميكن اإلذعان مبا يف العامل الربويب من الكمالوعلى __________________

.١٨٥ ـ ١٧٨فاته ، ص وصجتريد اإلعتقاد ، باب إثبات الصانع) ١( .٩٩ و ٨١ و ٨٠ و ٧٦ الياقوت ، ص أنوار امللكوت يف شرح) ٢(

Page 92: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٢

كونه سبحانه موجودا غنيا واجب الوجـود ، ألجـل بطـالن و وه واحد بثبوت أصل . على النفوسجوب وجوده أمرا مشكال وويس إثبات غناه ول.التسلسل الذي عرفته

سلبية ، وستعرف وال تعرف على صفاته الثبوتية وال هذا تنفتح نوافذ على الغيب ومن . على هذه الصفات من هذا الطريقالربهنة

نفس واأل املطالعة يف اآلفاق:الثاين صول اليت ميكن التعرف ا على صفات اهللا ، مطالعة الكون احمليط واأل من الطرق

درة مطلقة عارفـة جبميـع وقا فيه من بديع النظام ، فإنه يكشف عن علم واسع وم بنا ، ه القاعـدة فمن خالل هذ . ل القوانني اليت تسود الكائنات وك اخلصوصيات الكامنة فيه ،

رب هذا الطريق أي مطالعة الكون ، ميكن لإلنسان أن يهتدي إىل قسم كبري من الصفات وعحبكم أا ليس كمثلها شيء ليست ـ فاته وص ذا يتبني أن ذات اهللا سبحانه و .اجلمالية

إمنا « : ول فق التعقل ، حتى نعطل العقول ونق ري واقعة يف أ وغ حمجوبة عن التعرف املطلق أمر الكتاب العزيز بـسلوك هـذا وقد . »قامة العبودية ال إلدراك الربوبية أعطينا العقل إل

: ال سبحانه وق .)١( ) قل انظروا ماذا في السماوات واألرض (: يقول سبحانه . الطريق) تالف اللياخض واألرات واوملق السـاب إن في خات ألولي األلبار آليهالن٢( ) ل و(. إن في اختالف الليل والنهار وما خلق اهللا في السماوات واألرض آليات (: ال سبحانه وق

.)٣( ) لقوم يتقون__________________

.١٠١اآلية : سورة يونس ) ١( .١٩٠اآلية : ان سورة آل عمر) ٢( .٦اآلية : سورة يونس ) ٣(

Page 93: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٣

«: درة حيث قال ق وال سلك هذا الطريق احملقق الطوسي يف إثبات صفة العلم وقد .)١(» ستناد كل شيء إليه دليل العلم ا وحكام والتجردواإل

سنة الصحيحة والالرجوع إىل الكتاب: الثالث ـ و التعرف على أمسائـه وه رع ، ع الش أصل ثالث يعتمد عليه أتبا وهناك فاته وص

لك بعدما ثبت وجوده وذ لمام ، وك قوال األنبياء أ و فعاله مبا ورد يف الكتب السماوية أوـ سم من صفاته ، ووقفنا على أن األنبياء مبعوثون من جانب اهللا وق سبحانه ادقون يف وص .لمام وكأقواهلم

نقف على ما يف املبدأ ـ الذي ال خطأ فيه وال زلل ـ ، بفضل الوحي وباختصار هو اهللا الذي ال إله إال هو امللـك (: سبحانه فمن ذلك قوله . ؤون وش األعلى من نعوت

ان اهللا عحبس ركباملت اراجلب زيزالع منيامله مناملؤ المالس وسركون القدـشا ياهللا * م ـوه زيـزالع وهض واألرات واوما في السم له حبسى يناء احلسماألس له رواملص ارئالب اخلالق

شرون إمسا وعانية ومث مائةيوافيك أن امساءه يف القرآن وس.)٢( ) احلكيم.

هودالكشف والش: الرابع ثلة قليلة يشاهدون بعيون القلوب ما ال يدرك باألبصار ، فيـرون مجالـه وهناك

. يوصف لغريهم وال ألصحابهكرد قليب ، يفعاله بإدراكأ وفاته وصاللهوج لقاءات واإلشاهدات الروحية واملوالفتوحات الباطنية من املكاشفات

__________________ .ة مطبعة العرفان ـ صيداع ، طب١٧٢جتريد اإلعتقاد ، ص ) ١( .٢٤ و ٢٣اآليتان : سورة احلشر ) ٢(

Page 94: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٤

يا أيها الـذين آمنـوا إن (: قال سبحانه . يف الروع غير مسدودة ، بنص الكتاب العزيز باطـل وال لوبكم نورا تفرقون به بني احلق أي جيعل يف ق . )١( ) تتقوا اهللا يجعل لكم فرقانا

زون به بني الصحيحوتية والمنهرفة واملستدالل بل بالشهود واإلزائف ال بالبكاش. يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا وآمنوا برسوله يؤتكم كفلـين مـن (: سبحانه وقال

.)٢( ) ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم واهللا غفور رحيمرحمتهعـاده ، يف وم ميشي املؤمن يف ضوئه طيلة حياته ، يف معاشه وما املراد من النور ه و

.)٣(نياه وددينه ، إىل غري ذلك مـن )٤( ) ناوالذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبل (: سبحانه وقال

تقـوى ، إىل وال يف ضوء املجاهدة قائق وح اآليات الظاهرة يف أن املؤمن يصل إىل معارف كال لو تعلمون علـم (: أن يقدر على رؤية اجلحيم يف هذه الدنيا املادية ، قال سبحانه

.)٥( ) لترون اجلحيم * اليقنيمنا يـصل إ و يست احلقائق رمية للنبال ، ول نعم ليس كل من رمى أصاب الغرض ،

فتوحات الباطنية إال وال إليها األمثل فاألمثل ، فال حيظى مبا ذكرناه من املكاشفات الغيبية ر القليل ممن خلص روحهذالن

__________________ .٢٩اآلية : سورة األنفال ) ١( .٢٨اآلية : سورة احلديد ) ٢(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي بـه (: أما يف الدنيا فهو النور الذي أشار إليه سبحانه بقول ) ٣(

). ١٢٢ية اآل: سورة األنعام () في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منهايوم ترى املؤمنني واملؤمنات يـسعى نـورهم بـين (: أشار إليه سبحانه بقوله ما ويف اآلخرة فه وأما

).١٢اآلية : سورة احلديد () أيديهم وبأيمانهم .٦٩اآلية : سورة العنكبوت ) ٤( .٦ ـ ٥اآلية : اثر سورة التك) ٥(

Page 95: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٥

.بهوصفى قلبان ذا البحث الضايف ، أنه ليس ملسلم التوقف عن حماولة التعـرف علـى وقد .القهم وخئه حبجة أنه ال مساخنة بني البشرأمسا وصفات اهللا

نعم ، حنن ال ندعي أن بعض هذه الطرق ميسورة السلوك للعامة مجيعا ، بل منـها نها ما هو خاص يستفيد منه مـن بلـغ وم رفة ربه ، ما هو عام متاح لكل إنسان يريد مع

.)١(عرفة واملمبلغا خاصا من العلم

* * *

؟ اإلعراض عن البحث عما وراء الطبيعة ، ملاذاعد حدود املادة أقصى وت هناك طوائف متنع من البحث عما وراء هذا العامل املشهود

عجـب وال. من العلم املتعلق مبا وراء الطبيعة قيمةسلب كل وتما تصل إليه املعرفة البشرية ه ، ولكن ال يبيحون البحث أن بعض هذه الطوائف من اإلهليني الذين يعتقدون بوجود اإلل

.كتفون يف ذلك باإلميان بال معرفة ويعما وراء الطبيعة على اإلطالق :إليك هذه الطوائف و

املاديون: الطائفة األوىل نفون أي وجود وراء العامل الطبيعي ، فالوجود وي لذين يعتقدون بأصالة املادة اوهم فرغنا عن إبطال هذه النظرية يف األحباث السابقة اليت دلتنا على وقد . للمادة عندهم مساو . قدمي قائم بالذاتنتهائها إىل وجودا وظامها ونحدوث املادة

__________________ .٢٥٩ إىل ص ٢٤٤اجلزء الثالث ، ص مفاهيم القرآن ، : لوقوف على مفتاح هذا الباب راجع يف ا) ١(

Page 96: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٦

املفرطون يف أدوات املعرفة: الطائفة الثانية يعتقدون مبا وراء الطبيعة ، غري أنهم يعتقدون بارتفاع قمم ذلـك العـامل وهؤالء

.منالها األفها وتوخها حبيث ال ميكن أن تبلغها العقولومش يأتون عليه بدليل ، فإن عند العقل قضايا بديهية كمـا أن وال يدعون أمرا وهؤالء

ري وغ قضايا البديهية صادقة بالبداهة يف حق املادة وال .لديه قضايا نظرية منتهية إىل البديهية ة إىل البديهيـة ، ما أن العقل يستنتج من إاء القضايا النظرية يف األمور الطبيعي وك .املادة

تقف علـى وس .نتائج كانت جمهولة ، فهكذا عمله يف القضايا الراجعة إىل ما وراء املادة .ه ذا الطريق يف ثنايا الكتابفعالأ وكيفية الربهنة على صفاته

شهود والمدعو الكشف: الطائفة الثالثة يعة هو ذيب النفس يعتقدون أن الطريق الوحيد للتعرف على ما وراء الطب وهؤالء

ذا يف اجلملة ال إشـكال فيـه ، وه علها مستعدة لقبول اإلفاضات من العامل الربويب ، وجفال مانع من أن تكـون أدوات . شهود ادعاء بال دليل وال ولكن حصر الطريق بالكشف

.كشف والعقل والددة من احلساملعرفة متع

شاعرةعض األ وباحلنابلة: الطائفة الرابعة يعتقدون بأن الطريق الوحيد للتعرف على العامل الربويب هو إخبار السماء ، وهؤالء

سمانيتها وج ساطتها أو تركبها ، وب فال جيوز لنا احلكم بوحدة الذات اإلهلية أو كثرتها ، عن هـؤالء أن العقـل عزبوقد . نباء الواردة من السماء واأل أو تجردها ، إال باألخبار

قـال . عنصر مساوي موهوب من قبل اهللا تعاىل لإلنسان ال كتشاف احلقائق بشكل نسيب واهللا أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا وجعل لكم السمع واألبصار (: سبحانه

Page 97: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٧

.)١( ) نواألفئدة لعلكم تشكروعلوية حث وال راسة احلقائق السفلية ود أوضح دليل على قدرة العقل على البحث و

يف تدبر أربع مـرات والربعني مرة ، والتفكر مثانية عشر مرة ، أ و الوحي على التعقل سبعة .الكتاب العزيز

.صيص بال دليلختصيص هذه اآليات مبا وقع يف أفق احلس ختواخلوض يف البحث عما وراء املادة أمرا حمظورا ، فلم خاض القـرآن يف كان ومث ل

: قال سبحانه . عى مجيع اإلهليني إىل سلوك هذا الطريق الذي سار عليه ود هذه املباحث ، ـ .)٢( ) عرش عما يـصفون لو كان فيهما آلهة إال اهللا لفسدتا فسبحان اهللا رب ال ( ال وق

ما اتخذ اهللا من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعـال (: سبحانه لرباهني على ترى يف هاتني اآليتني أدق ا . )٣( ) بعضهم على بعض سبحان اهللا عما يصفون

، ر فوقهوصتيوافيك تفسري اآليتني عند البحث عن وصـف وس التوحيد يف التدبري مبا ال ي .التوحيد

خالل ومن ، هإن الكتاب الكرمي يذم املشركني بأنهم يعتقدون مبا ال برهان هلم علي هان على كـل مـا و أنه جيب عليهم حتصيل الرب وه ذلك يرسم الطريق الصحيح لالهليني

أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا (: قال سبحانه . عاد وامل يعتقدونه يف املبدأ .)٤( ) ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم ال يعلمون احلق فهم معرضون

__________________ .٧٨اآلية : سورة النحل ) ١( .٢٢اآلية : سورة األنبياء ) ٢( .٩١اآلية : سورة املؤمنون ) ٣( .٢٤اآلية : سورة األنبياء ) ٤(

Page 98: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٨

عمل السلف يف هذا اال حجة ، فهذا اإلمام علي بن أيب طالـب قـد كان وول .هلمه القصار مبا ليس يف وسع أحد غري وكسائله وربهخاض يف اإلهليات يف خط

نه أخذت وع وألجل ذلك ترجع إليه كثري من املدارس الفكرية العقلية يف اإلهليات ، .قائدها وعمامية أصوهلا واإلتوحيد ، والاملعتزلة العدل

اضي بعمل أهل احلديث من احلنابلـة واملفال ندري ملاذا حتتج سلفية العصر احلاضر ملؤمنني علي بن أيب طالب ربيب أحضان الـنيب حتتج بفعل اإلمام أمري ا وال شاعرة ، واأل

.و تلميذه األول خليفة املسلمني أمجعني6إن للناس مسالك خمتلفة يف هذا اال ، فهناك من « : ;قال العالمة الطباطبائي لقع وال ة ، عدسنة ب وال إىل ماوراء ظواهر الكتاب عتطل وال يرى البحث عن احلقائق الدينية

.كتاب والسنة ال يصدقانهم واليخطئهم يف ذلك ،ـ فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر يف آيات اهللا ذل اجلهـد يف وب

حتجاج باحلجج العقليـة ، واإل نظر فيها وال تفكر وال عرفة آياته بالتذكر وم تكميل معرفته ؤالء هم الذين حيرمون البحث عـن حقـائق وه .اتفرقات السنة املتواترة معىن توافقه وم

الكالمي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية مث الـدفاع سنة ، حىت البحث وال الكتاب .)١(» سلمة عند أهل الدين واملعنها مبا تيسر من املقدمات املشهورة

__________________ .١٥٣ ، ص ٨امليزان ، ج ) ١(

Page 99: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٩٩

أهل احلديث يف ثوب جديدعودة نظريةالتحقيق يف ن أ و وه لقد عادت نظرية أهل احلديث يف العصر احلاضر بشكل جديد

مبـا أن « : قال حممد فريد وجدي . املسائل اإلهلية ال يمكن إال من خالل مطالعة الطبيعة مذهبهم فنجعلـهما م الطبيعي يف الدعوة إىل عل وال خصومنا يعتمدون على الفلسفة احلسية

عمدتنا يف هذه املباحث بل ال مناص لنا من اإلعتماد عليهما ، ألمـا اللـذان أوصـال .)١(» اإلنسان إىل هذه املنصة من العهد الروحاين

أخربوا الناس عـن ذات :قد كان األنبياء « : السيد أبو احلسن الندوي وقال ا يهجم على اإلنسان بعـد موتـه وم صريه وم بداية هذا العامل ن وع فعاله ، أ و فاته وص اهللافحـص يف وال فوهم مؤنة البحـث وك تاهم علم ذلك كله بواسطتهم عفوا بال تعب ، وآ

مقدماا اليت يبنون عليها حبثهم ليتوصلوا إىل جمهول ، ألن وال علوم ليس عندهم مبادؤها يـؤدي إليهـا نظـرهم وال ها حواسهم ، طبيعة ، ال تعمل في وال هذه العلوم وراء احلس

الذين خاضوا يف اإلهليات من غـري ... إىل أن قال ... يست عندهم معلوماا األولية ول واطر سـاحنة وخعلومات ناقصة وم لى غري هدى جاؤوا يف هذا العلم بآراء فجة وع بصرية

.)٢(» ضلوا أ وظريات مستعجلة ، فضلواونيف وإال أن الكالم ه. مطالعة الطبيعة ، كما مر إىل ا ولقرآن يدع ال شك أن ا : أقول

راستها يف الربهنة على املسائل اليت طرحها القرآن الكـرمي ود مدى كفاية النظر يف الطبيعة :مثل قوله سبحانه

.)٣( ) ليس كمثله شيء (__________________

.١٦ ، ص١على أطالل املذهب املادي ، ج ) ١( .٩٧ماذا خسر العامل ، ص ) ٢( .١١اآلية : سورة الشورى ) ٣(

Page 100: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٠

.)١( ) وهللا املثل األعلى ( .)٢( ) له األسماء احلسنى ( .)٣( ) فأينما تولوا فثم وجه اهللا () بكل ش وهو اطنالبو الظاهرو اآلخرل واألو وهليمء ع٤( ) ي(. ) ما كنتم نأي كمعم وه٥( ) و(.

طالعـة العـامل وم إىل غري ذلك من املباحث واملعارف اليت ال تنفع دراسة الطبيعة عقليـة قـدمات وموقوف على حقيقتها ، بل حتتاج إىل مبادئ والاملادي يف فك رموزها

.سس منطقيةأودينا إىل أنه ال و يعي دينا إىل أن للكون صانعا عاملا قادرا ، إن مطالعة العامل الطب

.دبر كل شيء ومنه خالق كل شيء ،ا وادر على كل شيء ، وقسبحانه عامل بكل شيءإن : فإذا أردنا أن حندد مدى املعرفة احلاصلة من النظر يف الطبيعة ، فلنا أن نقـول

وقفنا على أن الطبيعة ختضع لقوة وي حدود ماوراء الطبيعة ، اإلمعان يف الطبيعة يوصلنا إىل دبري مدبر عامل قادر ، ولكن ال ميكن لإلنسان التخطي عن ذلك إىل املسائل اليت وت قاهرة

:لمثال نقول وليطرحها القرآن أو العقل ، ؟ اءها نفسهاإذا كان ماوراء الطبيعة مصدرا للطبيعة فما هو املصدر ملا ور :أوال

__________________ .٦٠اآلية : سورة النحل ) ١( .٢٢اآلية : ، سورة احلشر ٨اآلية : سورة طه ) ٢( .١١٥اآلية : سورة البقرة ) ٣( .٣اآلية : سورة احلديد ) ٤( .٤اآلية : سورة احلديد )٥(

Page 101: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠١

أو مركـب ، ثري ، بـسيط أو حادث ، واحد أو ك هل ذلك املصدر أزلي :ثانيا ؟ كمال أو ال والجامع جلميع صفات اجلمال

؟ د ينتهي إليه أو الهل لعلمه ح :ثالثا ؟ هل لقدرته اية تقف عندها أو ال :رابعا

؟ خرها أو ال وآهل هو أول األشياء :خامسا ؟ اطنها وبهل هو ظاهر األشياء :سادسا

أفال يتدبرون (: قول وي أمر بالتدبر فيها وي الكرمي إن هذه املعارف يطرحها القرآن .)١( ) القرآن أم على قلوب أقفالها

واإلمعان يف الطبيعة ال يفيد يف اإلجابة عن هذه التـساؤالت ، والوقـوف علـى .املعارف املطروحة يف القرآن

ـ أن يصار إىل التعطيـل إما : ال مناص عن سلوك أحد الطريقني عندئذو رمي وحت يوصلنا إىل حتليـل هـذه ما اإلذعان بوجود طريق عقلي إ و .البحث حول هذه املعارف

.ساعدنا على الوقوف عليها وياملعارفإن الذين يحرمون اخلوض يف هذه املباحث يعتمدون على أن التعرف على حقيقـة

اول وحي ل ، ولكن ليس كل حبث كالمي ينتهي إىل ذلك احلد نه صفاا أمر حما وك الذات .البحث عن حقيقة الذات اإلهلية كما أوضحناه

ززت موقفهم ، حيث أثبتـت أن وع إن العلوم الطبيعية قد خدمت مسلك اإلهليني .ل العقائدوحة يف جمار نظام كله ، إال أا قاصرة عن حل كل املشاكل املطالكون

__________________ .٢٤اآلية : سورة حممد ) ١(

Page 102: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٢

را لكل قاصد يف هذه األحباث ليس متاحا لكل أحد ، وليس ميس التعمق نعم ، إن باألمور احلسية يـصعب لك ألن اإلنسان بسبب أنسه وذ ، فهي من قبيل السهل املمتنع ، فكره عن كل ما ت أ للتفكر فيما وراء الطبيعة بفكر عليه حتريريهتفرضه عليه ظروفه حىت ي

.متحرر من أغالل املاديةآخر حملدودية اإلنسان عن درك عميق املعارف اإلهلية وهناك ـ وجه أدوات ن أو وه

جل لمات مل توضع إال لبيان املعاين احلسية احملدودة فأل وك اإلنسان للتعبري حمدودة بألفاظ كان بتلـك وامل ذلك ال مناص له عن التعبري عن احلقائق الكونية العليا املطلقة عن الزمان

قة ،األلفاظ الضذلك يشري بعض العرفاء بقولة واىلي : ـ باو ث أال إن ـ طي خ ـ ن م ن ـ جس ةعس ت

وعشرين ح فـا عـن معانيـه قاصـر ر

بأن ال تطرح املسائل االهلية العويصة إال على أهلها الشيخ الرئيس ابن سينا يوصي و

أيها األخ إني قد مخضت يف هذه اإلشارات عن « : إشاراته يف خامتة الكتاب يف قول ويمل يـرزق ومن بتذلني وامل ه عن اجلاهلني نضقمتك قفي احلكم يف لطائف ، ف لأ و زبدة احلق

لحـدة هـؤالء من م كان وان صفاه مع الفاغة ، أ وك عادة ، وال دربة وال ،الفطنة الوقادة توقفه عما يتـسرع إليـه وب من تثق بنقاء سريرته ، فإن وجدت . همجمهومن الفالسفة

صدق ، فاعطه ما يسألك منه مدرجا مجـزءا وال نظره إىل احلق بعني الرضا وب الوسواس ، ال خمارج هلا ليجري يف مـا أيمان وب اهده باهللا وع رس مما تسلفه ملا تستقبله ، مفرقا تستف

فـى بـاهللا وك ينك وب يأتيه جمراك ، متأسيا بك ، إن أذعت هذا العلم أو أضعته فاهللا بيين .)١( »وكيال

أحدحث مباحث عامة جيوز لكلولسنا هنا مدعني أن هذه املبا__________________

.٢١٩ ، ص ٣اإلشارات ، ج ) ١(

Page 103: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٣

.وتوا مقدرة فكرية فائقةبل خاصة جبماعة أ. ثرة مزالقها وكارتيادها لدقة مسالكها ،ـ فألجل ذلك نطرح املعارف اإلهلية يف ضوء العقل وحي مـستمدين مـن اهللا وال

فظنا عن ركوب الباطل ، إ وحيسبحانه أن يرينا احلقعزيز حكيمن ه.

* * *

Page 104: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٤

Page 105: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٥

Page 106: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٦

Page 107: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٧

الذاتية الصفات الثبوتية

)١(

العلمن العالم من أمسائه أ و أمجع اإلهليون على أن العلم من صفات اهللا الذاتية الكمالية ،

:د مبقدمة همنتبيني احلال ول.ذا مل خيتلف فيه اثنان على إمجاله وهالعليا ،

؟ العلم ما هوره صورة حاصلة من الشيء على صفحة الذهن ، أو أنـه انعكـاس عبأن ف العلم

أخذ احلكماء هذا التعريـف مـن وقد . اخلارج على الذهن عند اتصال اإلنسان باخلارج . اإلنساندالعلوم الرائجة عن

فإن العلم ينقسم إىل حصويل . ولكن التعريف ناقص لعدم مشوله لبعض أقسام العلم :يك توضيح القسمني وال.تعريف املذكور يناسب األول دون الثاين وال ،ضوريوح

الحظ ما حييط به يف الكون من شجر وي إن اإلنسان عندما يطل بنظره إىل اخلارج كا ولكن بتوسط صورة بني شيء اخلارجي مدر وال مر ، يصبح مدركا وق س ومش جر ، وح

رة منلصودرك تنتزع تلك ا واملاملدرك

Page 108: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٨

فالشجر هـو املعلـوم بـالعرض ، . اخلارج بأدوات املعرفة مث تنتقل إىل مراكز اإلدراك منا أمسينا الشيء اخلـارجي معلومـا إ و نسان هو العامل واإل صورة هي املعلوم بالذات ، وال

والهـا ول صورة معلوما بالذات ، ألن اخلارج معلوم لنا بواسطة هذه الصورة وال بالعرض .النقطعت صلة اإلنسان بالواقع

ألن الشيء . إن الواقعية اخلارجية ليست حاضرة عندنا ذه السمة : خرى بعبارة أ و ثقـل يف احلجـر وال رطوبة يف املـاء ، وال احلرارة يف النار ، : اخلارجي له أثره اخلارجي

جل ذلك أصبح وأل .ننا ذه الصفات ن الشيء اخلارجي ال يرد إىل أذها أعلوم وم .ديدواحلصورة معلومة بالذات ملزاولة اإلنسان دائما للـصور وال الشيء اخلارجي معلوما بالعرض ،

.الذهنيةما ال تكون فيه الواقعية اخلارجيـة : و وهتقف على تعريف العلم احلصويل وبذلك

ت احلسية كلها موظفة يف خدمـة دوا واأل .معلومة بنفسها ، بل بتوسط صورة مطابقة هلا تظـنن هـذا وال .ك ، اخلارج ، الصورة املدر: فهو يعتمد على ثالثة ركائز .هذا العلم

رعية اخلارج ، إذ ال شك أن األمر على العكس ، فاخلارج هـو وف اعترافا بأصالة الصورة زاوله هـو وي الذي ميارسه الذهن صورة هي املنتزعة منه واحلاكية عنه ، غري أن وال األصيل

يلته الوحيـدة لـدرك وس ذه الصورة الذهنية وه .الصورة املوجودة عنده ال نفس اخلارج .حساسها واخلارج

ما العلم احلضوري فهو عبارة عـن أ و .إىل هنا وقفت على تعريف العلم احلصويل :حضور املدرك لدى املدرك من دون توسط أي شيء ، وله قسمان

درك شيء مع كون املدرك غـري املـدرك وامل ما ال يتوسط فيه بني املدرك ـ ١لك أن اخلارج يدرك بواسطة وذ .ذا كالعلم بنفس الصورة املنتزعة من اخلارج وه .حقيقة

والالصورة ، وأما الصورة نفسها فمعلومة بالذات

Page 109: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٠٩

ن باخلارج عن طريـق الـصورة فعند اتصال اإلنسا . ني املدرك أي شيء وب يتوسط بينها حصويل باعتبار علمه باخلـارج عـن طريـق الـصورة ، : مان الذهنية جيتمع هناك عل

.ضورها بواقعيتها عند املدرك وحوحضوري باعتبار علمه بنفس الصورةاملعلوم يف العلم احلصويل غري ن أ و وه تقف على فرق جوهري بني العلمني وبذلك

احلضوري يكون املعلـوم حاضـرا لديـه ويفدرك بواقعيته كما عرفت ، لدى امل حاضرذا كالصورة العلمية الذهنية فإا بواقعيتها اليت ال خترج عن كوـا موجـودا وه بواقعيته

.ذهنيا ، حاضرة لدى اإلنسانألول ضوري ثنائيها يف هذا القسم ا واحل يظهر أن احلصويل ثالثي األطراف وبذلك

.منه درك أي شيء ولكنهما يتحـدان بالـذات وامل ـ ما ال يتوسط فيه بني املدرك ٢

ركه لذاته ، فإن واقعية كل إنـسان ود لك كعلم اإلنسان وذ .عتبار واال تلفان باللحاظ وخي و يشاهد ذاته مـشاهدة عقليـة وه يست ذاته غائبة عن نفسه ، ول حاضرة بذاا لديه ،

ساسا وجدانيا ويراها حاضرة لديه من دون توسط شيء بني اإلنسان املدرك س ا إح وحيالثيها وث هذه احلالة يصبح العلم أحادي األطراف بدل ثنائيها يف الثاين ويف .اته املدركة وذ

يتحـد ندئـذ وع .و املعلوم يف آن واحد وه فاإلنسان يف هذه احلالة هو العامل . يف األول العلـم ومـن . نكشافا بالنـسبة إىل ذاتـه ا و صبح ذات اإلنسان علما وت دركوامل املدرك

مه ، فالكل حاضر لدى الـذات بـال واآل احلضوري علم اإلنسان بأحاسيسه من أفراحه .توسط صورة

أنـا «: ، فيقال تقف على ضعف اإلستدالل على وجود اإلنسان بتفكره وبذلك ل بوجود التفكر على وجود، فاستد» أفكر إذن أنا موجود

Page 110: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٠

: ، وجه الضعف )١(املفكر إن علم اإلنسان بوجود نفسه ضروري ال حيتاج إىل الربهنة ، فليس تفكر ـ أوال

.فسه وناإلنسان أوضح من علمه بذاته» نـا أ« : اعترف بالنتيجة يف مقدمة االستدالل حيث قـال إن املستدل ـ ثانيا

.لما مث حاول االستدالل عليهس ومفقد أخذ وجود نفسه أمرا مفروضا. أفكر

تعريف جامعضوري يصح أن يقـال إن واحل على ضوء ما ذكرنا من تقسيم العلم إىل احلصويل

ذا التعريف يشمل وه ،» حضور املعلوم لدى العامل « العلم على وجه اإلطالق عبارة عن غري أن احلاضر يف األول هو الصورة الذهنية دون الواقعية اخلارجية . )٢(يه العلم بكال قسم

فالصورة الذهنية يف العلم . ني العامل وب الثاين نفس واقعية املعلوم من دون وسيط بينها ويفكما أن ذات اإلنسان يف العلم احلـضوري . احلصويل حاضرة لدى اإلنسان غري غائبة عنه

ا أـا مكـشوفة ومب فيه ، مبا أا واقفة على نفسها ، تسمى عاملة ، ي وه حاضرة لديه ، هناك حضورا ال غيبوبة ، يـسمى ذلـك ا أن ومب لنفسها غري غائبة عنها ، تعد معلوما ،

.احلضور علمافـإذا . التعريف جامع شامل كل أنواع العلوم احلاصلة يف املمكن والواجب وهذا

األشـياء (خرى بفعله أ و يقع البحث يف علمه سبحانه تارة بذاته وقفت على هذه املقدمة ). اخلارجة عن ذاته

__________________ ). ديكارت (املستدل هو الفيلسوف الفرنسي ) ١( إىل حقيقة العلم من دون مراعاة شرط التعريف احلقيقي فـال ليس اهلدف من التعريف إال اإلشارة بوجه ) ٢(

.ستلزم للدور ألخذ املعرف يف التعريفيؤاخذ عليه بأنه م

Page 111: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١١

سبحانه بذاته علمهشاهدا عن وم إن علمه سبحانه بذاته ليس حصوليا مبعىن أخذه الصورة من الذات

متناع هذا القسم من العلم عليه كما سيأيت ، بل حضوري مبعىن حـضور ذاك الطريق ال :دل على ذلك أمران ويذاته لذاته ، . مفيض الكمال ال يكون فاقدهن إـ األول

إنه سبحانه خلق اإلنسان العامل بذاته علما حضوريا ، فمعطي هذا الكمال جيب أن كمل ألن فاقد الكمال ال يعطيه ، فهو واجـد لـه واأل يكون واجدا له على الوجه األمت

نـا أى ذاته غري ن مل نحط ولن حنيط خبصوصية حضور ذاته لد إ و ن وحن .بأحسن ما ميكن .»لمه ا من دون وساطة شيء يف البين وعحضور ذاته لدى ذاته« نرمز إىل هذا العلم بفيـضه ، وم ال يسوغ عند ذي فطرة عقلية أن يكون واهب الكمال : وباختصار

يـث وح .ستفيد أكرم من املفيد وامل كان املوهوب له أشرف من الواهب ، الإ و .فاقدا له نها الذوات العاملة بأنفسها ، وجب أن يكون الواجب وم ثبت استناد مجيع املمكنات إليه

.)١(واجدا هلذا الكمال أي عاملا بذاته علما يكون نفس ذاته ال زائدا عليها .ختفائها غري موجودةا ون عوامل غيبوبة الذات إـ الثاين

جزاء لـيس هلـا أ و جود كمي ذو أبعاض إن املوجود املادي مبا أنه مو : توضيحه تغيب بعض أجزائه عـن الـبعض ـ إذ ال جتتمع أجزاؤه يف مقام واحد ـ وجود مجعي

غيبوبـة اآلخر فال يصح للموجود املادي من حيث إنه مادي أن يعلم بذاتـه ، ملكـان ال .املسيطرة على أجزاء ذاته

فإذا. ات بالذاتالذنع حتقق علم ومتفالغيبوبة مضادة حلضور الذات__________________

.فاته مع ذاته يف األحباث اآلتيةيوافيك عينية ص وس.١٧٦ ، ص ٦أنظر األسفار ، ج ) ١(

Page 112: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٢

ان موجودا بسيطا مجعيا دون أجـزاء وك تبعض وال زئية واجل كان املوجود مرتها من الغيبة ذلك نشاهد حضور ذواتنا وب .طلقابعاض ، كانت ذاته حاضرة لديها حضورا كامال م أو

بداننا بل مبعـىن حـضور الواقعيـة أ و عند ذواتنا لكن ال مبعىن حضور أبعاض أجسامنا فلو فرضنا موجودا . تجزئة وال بعض وال املرتهة عن الكم » أنا « اإلنسانية املعرب عنها بلفظة

اليت هي من خصائص بساطة عاريا عن كل عوامل الغيبة وال من التجرد على مستوى عال ذا معىن علمه سبحانه بذاته أي حضور ذاته وه .الكائن املادي ، كانت ذاته حاضرة لديه

تفرق كما سيوافيك برهان بساطته عند وال تركب وال لدى ذاته بأمت وجه لترتهه عن املادية .البحث عن الصفات السلبية

لمه بذاته هناك مجاعة ينفون ع غري أن . دالئل أخر تركناها روما لالختصار وهناك :يك بيان مذهبهم لإو

بالذات يستلزم التغاير العلمنسبة وال علوم وامل ماستدل النافون لعلمه سبحانه بذاته بأن العلم نسبة قائمة بني العال

ـ وال سبة الشيء إىل نفسه حمال إذ ال تغاير ون إنما تكون بني الشيئني املتغايرين ، ة إثنيني. .الشيء الواحد أعين سبحانه تعاىل ، مبا هو شيء واحد ، ال تتصور فيه نسبة: اختصار وب

ـ تغاير إن وال إن التعدد : أجاب عنه احملققون مبا هذا حاصله وقد العلـم يف وما هاحلصويل ألنه عبارة عن إضافة العالم إىل اخلارج بالصورة الذهنية ، ففيه الصورة املعلومة

ما العلم احلضوري فال يشترط فيه التغاير خارجا بل يكفي التعدد أ و .وية اخلارجية غري اهل .اعتبارا

ا أن الذات حاضرة ومب ذاته غري غائبة عن ذاته فهو عامل ، إنه سبحانه مبا أن : مثال .لديها فهي معلومة

ثياتيعلوم ألجل ح واملعالم والإن إطالق العلم: خرى أوبعبارة

Page 113: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٣

اعتبار وب ،» علما « فباعتبار انكشاف الذات للذات يسمى ذلك االنكشاف . اعتباراتواعتبار كوا واقفة علـى وب ،» معلومة « كون الذات مكشوفة لدى الذات يطلق عليها

ت كيفية علم اإلنسان بذاته ، لرمبا يسهل عليك تصديق و اعترب ول .»عالمة « ذاا تسمى .ذلك

تكون بنوع من وقد ما ذكرنا يعود قول احملققني إن املغايرة قد تكون بالذات وإىللـك وذ نا ، ذاته تعاىل من حيث إا عاملة مغايرة هلا من حيث إا معلومة ، وه .االعتبار .)١( يف تعلق العلم كاف

علمه سبحانه باألشياء قبل إجيادهاول هو واأل .لم بعده وع قبل اإلجياد ، م عل : سبحانه باألشياء على قسمني إن علمه

:يك الدليل عليه لإ والمية ،أهم املسائل الكومن وهالذي نرتئيه

بالسببية علم باملسبب العلم ـ ١علم بالعلة ، مبا هي علة ، علم وال .إن العلم بالسبب ، مبا هو سبب ، علم باملسبب

علم بالعلة ، العلم باحليثية اليت صارت مبدأ لوجود املعلـول راد من ال وامل بوجود املعلول ، .توضيح هذه القاعدة منثل باألمثلة التالية ول.دوثهوح

اسـبات الكونيـة يقـف علـى أن واحمل إن املنجم العارف بالقوانني الفلكية ـ أليس علمـه و .شاكل ذلك يتحقق يف وقت أو وضع خاص ما واخلسوف أو الكسوف أ

.ذا وكالطوارئ إال من جهة علمه بالعلة من حيث هي علة لكذاذه __________________

.٣١٣رح القوشجي ، ص وش ،١٧٥كشف املراد يف شرح جتريد االعتقاد ، ص ) ١(

Page 114: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٤

وضاعه يقـدر أ و حوال القلب أ و نواعهأ و إن الطبيب العارف حباالت النبض ـ بيس هذا العلم إال من جهة علمه بالعلة ول . أيامه مبا سيصيب املريض يف مستقبل ؤعلى التنب

.من حيث هي علةإن الصيديل العارف خبصوصية السم إذا شربه اإلنسان خيرب عن أنه سيقضي ـ ج

.على حياة الشارب يف مدة معينة ، أيضايس لـه ول إن العالم بأمجعه معلول لوجوده سبحانه : إذا عرفت هذه األمثلة نقول

.كونـه وت فالعلم بالذات علم باحليثية اليت هي سبب لتحقق العـامل . علة إال ذاته سبحانه علم باحليثية اليت صـدر منـها ـ كما عرفت دالئله ـ العلم بالذات : عبارة أخرى وب

ذا الربهان مبين على مقدمات وه .علم بتلك احليثية يالزم العلم باملعلول وال الكون بأمجعه ، :ند اإلهليني نشري إىل خالصتها عمسلمة

ـ إن العامل جبميع أجزائه مستند إليه سبحانه ـ وىلاأل و مقتـضى التوحيـد يف وه .نه ال خالق إال هوإ واخلالقية ،

على خصوصية تقتضي صدور لية شيء لشيء عبارة عن كونه مشتمال ع ـ الثانيةلول يف اخلارج حبيث لوال تلك اخلصوصية ملـا وجب إجيابا قطعيا وجود املع وت املعلول عنه

جود املعلـول رابطـة وو جل ذلك تكون بني اخلصوصية القائمة بالعلة وأل .حتقق املعلول وصلة خاصة تقتضي وجود املعلول ، ولوال تلك اخلصوصية لكانت نسبة املعلول إىل العلة

.النريها الفاقد هلا ، متساوية ، مع أنه ضروري البط وغ،فاخلصوصية املوجودة يف النار املوجبة للحرارة غري اخلصوصية املوجـودة يف املـاء

.املقتضية للرطوبة ، وجهة زائدة ئةعداه ، بنفس ذاته ال خبصوصية طار فاعليته تعاىل لما إن ـ الثالثة

الكل ، كما هو مقتضى بساطة ذاتهفهو بنفس ذاته فاعل. عليها

Page 115: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٥

عاىل فاعل بذاتـه ال وت فالواجب تبارك . سواه) اخلصوصية الزائدة (غناه عن كل شيء و .حبيثية منضمة إليها

. العلم باجلهة املقتضية للشيء ، علم بذاك الشيء إنـ الرابعةترتب عليه الزمه ، وي .هة واجل فيتحصل أن علمه تعاىل بذاته ، علم بتلك اخلصوصية

.مةأعين علمه باألشياء قضاء للمالزإن « : قال صدر املتـأهلني . فالسفة وال أشار إىل هذا الربهان أعاظم املتكلمني وقد

علم بالعلة يـستلزم العلـم وال ـ حبسب وجودها ـ ذاته سبحانه ملا كانت علة لألشياء » مبعلوهلا ، فتعقلها من هذه اجلهة ال بد أن يكون على ترتيب صدورها واحدا بعد واحد

)١(. :يم السبزواري يف منظومته بقوله لك يشري احلكذوإىل ــال ــغ بموعـ ــ إهريـ دنتذا اسـ

ــو ذاتــ إ ــه وه ــد شــ لي دهه لق

بالــســم بلــ العببمــا هوالــس بب

ــع ــ بمل مــا مسبــب ــ وه ب ٢( بج(

تقان دليل علمه باملصنوعات واإل ـ اإلحكام٢

يـدلنا علـى أن ) كقلم أو عقل الكتروين (يط أو معقد إن حلاظ كل جهاز بس كما تدل دائرة معارف ضخمة . عالقات وال صانعه عامل مبا يسود ذلك اجلهاز من القوانني

.امعيها مبا فيها وجعلى علم مؤلفيهاإن وجود املعلول كما يدل على وجود العلة ، فخصوصياته تدل : أخرى وبعبارة

لعالم مبا أنه خملوق هللا سبحانه، فاعلى خصوصية يف علته __________________

.روحه وشوراجع يف ذلك أيضا التجريد. ٢٧٥ ، ص ٦األسفار ، ج ) ١( .١٦٤املنظومة ، قسم الفلسفة ، ص شرح ) ٢(

Page 116: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٦

.قيق التركيب على أن خالقه عامل مبا خلق ، عليم مبا صـنع ود يدل ما فيه من بديع اخللق .كنونة يف املخلوق ترشدنا إىل صفات صانعهفاخلصوصيات امل

فإن املصنوع يدل مـن جهـة . وقع هذا الربهان موضع عناية عند املتفكرين وقد جهة موافقة مجيعها ومن جزائه أي كون صنع بعضها من أجل بعض ، أالترتيب الذي يف

لـك للغرض املقصود من ذلك املصنوع ، على أنه مل حيدث عن فاعـل غـري عـامل بت .اخلصوصيات ، بل حدث عن صانع رتب ما قبل الغاية ، فيجب أن يكـون عاملـا بـه

ن احلائط مـن أ و درك أن األساس قد صنع من أجل احلائط أ و نسان إذا نظر إىل بيت واإل . بصناعة البناءأجل السقف ، يتبني له أن البيت قد وجد عن عالم

ضبوطة وم قادير معينة وم ظام بديع ون من إتقان ودقة احلاصل ، أن املصنوع مبا فيه ورموز ، عارف مبا يتطلبه ذلك املـصنوع وال حيكي عن أن صانعه مطلع على هذه القوانني

نتهاء إىل ارة اهلائلة ا و هنا يشهد الكون ابتداء من الذرة الدقيقة ومن . نظمةأ و من مقادير طيطات بالغة الدقة ، علـى وخت يسوده من أنظمة اخللية الصغرية إىل أكرب جنم ، مبا ومن ،

. ن من املستحيل أن يكون جـاهال أ و وانني وق أن خالق الكون عامل بكل ما فيه من أسرار ) أال يعلم من خلق وهو اللطيف اخلبري (: أشار القرآن الكرمي إىل هذا الدليل بقوله وقد

)١(. .)٢( ) خلقنا اإلنسان ونعلم ما توسوس به نفسهولقد (: تعاىل وقال ا مضى ، مبتـدع اخلالئـق وم علم ما يمضي « : 7اإلمام أمري املؤمنني وقال

.)٣(» نشؤها بحكمته ومبعلمه__________________

.١٤اآلية : سورة امللك ) ١( .١٦ة اآلي: سورة ق ) ٢( .١٩١ج البالغة ، قسم احلكم ، ) ٣(

Page 117: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٧

سبحان من خلق اخللق بقدرته ، أتقن « : 7اإلمام علي بن موسى الرضا وقال .)١(» موضعه بعلمه ضع كل شيءو وما خلق بحكمته

حكام دليـل إل وا«: هذا الدليل أشار احملقق الطوسي يف جتريد االعتقاد بقوله وإىل .»العلم

عيشتها وم يصدر من بعض احليوانات أفعال متقنة يف ترتيب مساكنها قد :فإن قلت ؟ ويل العلمطيور ، مع أا ليست من أ والثري من الوحوش وكنمل وال، كما يف النحل

ما ذكرنا من أن اإلتقان يف الفعل يدل على علم الفاعل قضية عقلية إن :قلت غريما هذه احليوانات فإن عملها بإهلام من خالقها كما عليه النـصوص أ و للتخصيص ، قابلة

وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من اجلبال بيوتا ومن الشجر (: قال سبحانه . القرآنية فاسلكي سبل ربك ذلال يخرج من بطونها شراب ثم كلي من كل الثمرات * ومما يعرشون

.)٢( ) مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آلية لقوم يتفكرونرمبا يقال من تفسري هذه األفعال العجيبة بغرائز احليوانات ، فـال ينـايف مـا وما

فإن الغرائز الصماء ال تزيد عن كوا مادة عمياء ال تقدر على إجياد شيء موزون . ذكرنا .لتفسري جمال آخر ول.منهاإال إذا كانت هناك قيادة عالية تسوقها إىل ما هو املطلوب

باألشياء بعد إجيادها علمه سبحانه وقتان وحأفعاله قبل اإلجياد ، وبقد تعرفت على براهني علمه بذاته

__________________ .٦٥ ، ص ٤حبار األنوار ج ) ١( .٦٩ ـ ٦٨اآليتان : سورة النحل ) ٢(

Page 118: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٨

املقام بالربهانني التاليني كوينها فنكتفي يف وت البحث عن علمه سبحانه بأفعاله بعد إجيادها :

سبحانه فعله ـ علمه١ . لـه عد الكل معلوال وي إن األشياء اخلارجية تنتهي يف مقام الوجود إىل اهللا سبحانه

عرفـت أن وقد . حيجب عنها وال ل معلول حاضر بوجوده العيين عند علته ال يغيب وك .حقيقة العلم هو حضور املعلوم لدى العامل

إن كل موجود سواه ممكن ، جوهرا كان أو عرضا ، خارجيـا : خرى أوبعبارة . حميص للممكن عن االستناد إليـه وال إلمكان ، فالكل مصبوغ بصبغة ا . كان أو ذهنيا

.)١(حاطته سبحانه به إ ويس االستناد إال احلضور لديهوليس للمعلوليـة ول إن كل ممكن معلول يف حتققه هللا سبحانه ، : توضيح هذا الدليل

عىن يامه ا قياما واقعيا كقيام املعىن احلـريف بـامل وق معىن سوى تعلق وجود املعلول بعلته .فكما أن املعىن احلريف بكل شؤونه قائم باملعىن اإلمسي فهكذا املعلول قائم بعلتـه . اإلمسي

ما أن انقطاع املعىن احلريف عن اإلمسي يقضي على وجوده ، فهكذا انقطاع املعلول عن وك .العلة ينتهي إىل انعدامه

من البصرة « : فإذا قلت عىن وم بصرة ، وال لسريو ا وه ، فهناك معىن إمسي » سرتوالمها ملا كـان ولولكن املعىن الثاين قائم بالطرفني . و ابتداء السري من ذلك البلد وه حريف

يس له واقعية سوى ول ومثله املعلول أي الوجود اإلمكاين املفاض ، قائم باملفيض . له قوام هذا شأنه ال يكون ا وم .و ، مع فرض اإلمكان ، خلف وه يلزم استقالله الإ و .تعلقه بعلته

جيتمعال و وهخارجا عن وجود علته ، إذ اخلروج عن حيطته يالزم االستقالل__________________

. ، بتصرف١٧٥كشف املراد ، ص ) ١(

Page 119: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١١٩

دم اخلروج عنها ، كون األشياء كلها حاضرة وع فالزم الوقوع يف حيطته . مع كونه ممكنا .فت من أن العلم عبارة عن حضور املعلوم لدى العاملواحلضور هو العلم ملا عر. لدى ذاته

لى سـبيل وع .على ذلك أن العالم كما هو فعله ، فكذلك علمه سبحانه ويترتب ويف التقريب الحظ الصور الذهنية اليت ختلقها النفس يف مسرح الذهن ، فهي فعل النفس

مـا أن وك إىل صور ثانية ، حتتاج النفس يف العلم بتلك الصور وال نفس الوقت علمها ، ليله خملوق وج القها فهكذا العالم دقيقه وخ ي قائمة بفاعلها وه النفس حميطة بتلك الصور

.و حميط به وهحانه قائم به ،هللا سب

وجوده دليل علمه ـ سعة٢ .كانمل وا زمان وال ادة وامل أثبتت الرباهني القاطعة أن وجوده سبحانه مرته عن اجلسم

ا كان هذا شأنه يكون وجوده غري حمدود وال متناه وم و فوق كل قيد زماين أو مكاين وهكاين ال وامل فاملوجود الزماين . كان وامل تقيد فرع كون الشيء سجني الزمان وال إذ احملدودية

ـ . حيصره حاصر وال ما املرته عن ذينك القيدين فال حيده شيء أ و يتجاوز إطار حميطه ا وم . حييطه شيء بل هو حييط كل شيء والهذا حاله ال يغيب عنه شيء

سبيل التقريب نقول إن اإلنسان اجلالس يف الغرفة الناظر إىل خارجها مـن وعلى و خبالف الواقف على الـسطح أو وه كوة صغرية ال يرى من القطار العابر إال جزءا منه

.الناظر من أفق أعلى كالطائرةصل فكلما كان اإلنسان متجردا عن القيود تكون إحاطته باألشـياء هذا األ وعلى

يد ال حييط به شيء من األشـياء وق ل حد وك كان وامل ه عن الزمان املرت واهللا .وأكثر أكثر .كان ، بل هو احمليط بكل ما جيري على مسرح الوجود واملالواقعة يف إطار الزمان

Page 120: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٠

وجل أين األين إن اهللا عز« : ذكرنا بقوله إىل بعض ما7أشار اإلمام علي وقد . مجـاورة وال ، كل مكان ، بغري مماسـة يف و وه ل أن حيويه مكان ، وج فال أين له ،

.» خيلو شيء منها من تدبريه والحييط علما مبا فيها ، .زئياتبحث عن علمه سبحانه باجلسنتلو عليك بعض اآليات الكرميات عند الو

مراتب علمه سبحانه :مه سبحانه باألشياء ذو مرتبتني قد تبني مما ذكرنا أن عل

.عرفت برهانهوقد ا قبل إجيادها يف مرتبة الذات علمه:وىل األهذا حـسب . علمه ا بعد إجيادها خارج مرتبة الذات وقد عرفت برهانه :الثانية

ه سبحانه مظاهر عبـر غري أن الذكر احلكيم يذكر لعلم . فيةما ساقتنا إليه الرباهني الفلس :عنها تارة

الثة بالكتـاب املـبني ، ورابعـة وث خرى بالكتاب املسطور ، أ و باللوح احملفوظ ، ـ ادسة بالكتـاب املؤجـل ، وسامسة بالكتاب احلفيظ ، وخ بالكتاب املكنون ، ابعة وس

.ثبات واإلاشرة بلوح احملو وع.سعة بأم الكتابا وتامنة باإلمام املبني ، وثبالكتاب ، في لوح محفوظ * بل هو قرآن مجيد (: فإىل اللوح احملفوظ أشار سبحانه بقوله

ىلإ و.)٢( ) فـي رق منـشور * وكتاب مسطور (: الكتاب املسطور بقوله ىلإ و .)١( ) ال رطب وال يابس إالو (: الكتاب املبني بقوله

__________________ .٢٢ و ٢١اآليتان : سورة الربوج ) ١( .٣ و ٢اآليتان : سورة الطور ) ٢(

Page 121: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢١

في كتاب مكنون * إنه لقرآن كرمي (: الكتاب املكنون بقوله ىلإ و .)١( ) في كتاب مبني قد علمنا ما تنقص األرض منهم وعنـدنا كتـاب (: له الكتاب احلفيظ بقو ىلإ و .)٢( )

وما كان لنفس أن تموت إال بإذن اهللا كتابا (: الكتاب املؤجل بقوله ىلإ و .)٣( ) حفيظيل في الكتاب لتفسدن فـي وقضينا إلى بني إسرائ (: الكتاب بقوله ىلإ و .)٤( ) مؤجال

.)٦( ) وكل شيء أحصيناه في إمام مبني (: اإلمام املبني بقوله ىلإ و .)٥( ) األرض مرتين لـوح احملـو ىلإ و .)٧( ) وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم (: أم الكتاب بقوله ىلإو

اكتفينا يف اإلشـارة إىل كـل وقد . )٨( ) يمحو اهللا ما يشاء ويثبت (: ثبات بقوله واإل .كتاب بآية واحدة مع أن بعض هذه الكتب وردت اإلشارة إليها يف آيات كثرية

صوصياا فمن قائل بتجردها عن وخ مث إن املفسرين اختلفوا يف حقيقة هذه الكتب تبا وك قائل بكوا ألواحا ومن . ة حىت يصح أن تعد مظاهر لعلمه غري املتناهي ادي وامل املادة

ميكـن الركـون إىل وال وقاا على وجه الرمز ، أ و عمارهاأ و مادية سطرت فيها األشياء .سنة الصحيحة والري تفسريها عن طريق الكتاب وحتهذين القولني بل جيب اإلميان ا

نبحث عنهما يف فصل خاص بـإذن وس قدر وال يعد من مظاهر علمه القضاء مث إنه .منه سبحانه

__________________ .٥٩اآلية : سورة األنعام ) ١( .٧٨ و ٧٧اآليتان : سورة الواقعة ) ٢( .٤اآلية : سورة ق ) ٣( .١٤٥اآلية : سورة آل عمران ) ٤( .٤اآلية : سورة اإلسراء ) ٥( .١٢اآلية : سورة يس ) ٦( .٤اآلية : سورة الزخرف ) ٧( .٣٩اآلية : سورة الرعد ) ٨(

Page 122: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٢

:نكتتان جيب التنبيه عليهما

:سبحانه حضوري ال حصويل أ ـ علمهغـري أن الـذي . نعيده وال ضوري واحل قد تعرفت على الفرق بني العلم احلصويل

أما علمه الـذايت بذاتـه : له حضوري فع وب جيب إلفات النظر إليه أن علمه سبحانه بذاته شياء فقد عرفت أنـه علـى ما علمه باأل أ و .ضورها لديها وح فلعدم غيبوبة ذاته عن ذاته

:وجهني علم بتلك احليثيـة وال إن العلم بالذات علم باحليثية اليت تصدر عنها األشياء :األول كشف تفصيلي عن األشـياء علـى ذلك يتضح أن علمه سبحانه بذاته وب .علم باألشياء

.الوجه الالئق بذاتهألن املمكن قائم بوجود الباري سـبحانه . حضور املمكنات لدى الواجب :الثاين

ـ وه.ن قيامه بذاته سبحانه أشبه بقيام املعىن احلريف باإلمسيإ و قاء وب حدوثا مـن وذا النحفإذا كانت املوجودات اإلمكانية ذه . نائه وف هالوجود ال يقبل الغيبوبة إذ هي مناط انعدام

فعلى . نائها وف ا هو إال فرض انعدامها وم ؟ اخلصوصية ، فكيف يتصور هلا االنقطاع عنها ـ الوقت نفسه حاضر لديه ويف جياده ، إ و ذلك فالعالم بعامة ذراته ، فعله سبحانه و أي وه

.فان ولكنهما متصادقان يف اخلارجعله مفهومان خمتل وففعلم اهللا. احلضور ، علمهأن له سبحانه وراء العلم احلضوري علما حـصوليا أ ا وأمفالبحـث عنـه ال و ،

املشائيني من الفالسفة زعموا أن له سبحانه علما فإن. موكول إىل حمله يف الكتب املطولة .وليا أمسوه بالصور املرتسمةحص

:زئيات سبحانه باجل ب ـ علمه الفالسفة علمه سبحانه باجلزئياتتعجب فعجب إنكار بعض وإن

Page 123: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٣

معان فيما ذكرنـا واإل .وابها وج متأثرين ببعض الشبهات الواهية اليت ستقف على بعضها تضح وي .حول املوجودات اإلمكانية يوضح لزوم علمه سبحانه باجلزئيات وضوحا كامال

:يك بيانه لإ وفاضة الوجود من اهللا سبحانه ،إ وة اخللقةحقيقته إذا وقفت على كيفيفاته وص من الذرة إىل ارة متجدد متغري ال بعوارضه ـ بكل ما فيه ـ إن الكون مـود يف عـامل واجل سـتقرار واال ا يتراءى للناظر من الثبات وم .واته وذ فقط بل جبواهره

ذلك ، فاملادة جبميع ذراا خاضـعة للـتغري قيقة غري واحل خطأ احلواس ، من والطبيعة فه يالن وس عىن التغري يف عامل املادة هو جتدد وجودها وم .وانأ و سيالن يف كل آن وال تبدلوال

ووجود املادة ، اليت حقيقتها .فكل ظاهرة مادية مسبوقة بالعدم الزماين . حتققها آنا بعد آن بـات وث ها املاء باستمرار ، فليس هلا بقـاء سيالن ، أشبه بعني نابعة يتدفق من وال التدرج .ستقرارا وومجود

تجزئة ، ومل يكن بإمكـان والفاضة الوجود على وجه التدريجإ وفإذا كانت اخللقة جزائه ، حسب صدوره من اهللا أ و املعلول اخلروج عن حيطة علته ، يظهر أن العالم بذراته

ور بوصف التدرج لديه سبحانه ، يـالزم ض واحل فاإلفاضة التدرجيية ، . تعاىل ، معلوم له .عاىل باجلزئيات اخلارجية وتعلمه تبارك

شبهات املنكرينقي الكالم يف حتليل الشبهات الـيت وب قد عرفت برهان علمه سبحانه باجلزئيات ،

:يك بياا لإ و.يف هذا االأثريت

يف علمهالعلم باجلزئيات يالزم التغير :وىل الشبهة األ قالوا لو علم سبحانه ما جيري يف الكون من اجلزئيات لزم تغير علمه

Page 124: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٤

يث إن اجلزئيات الزمانية متغرية ، فلو كانت معلومة وح . النتفت املطابقة الإ و بتغير املعلوم .و حمال وههللا تعاىل لزم تغير علمه ،

نهم مـن أنكـر كونـه عاملـا وم« : أوضحها العالمة ابن ميثم البحراين بقوله و .منا يعلمها من حيث هـي ماهيـات معقولـة إ و باجلزئيات على الوجه اجلزئي املتغير ،

زيد جالسا يف هذه الدار ، فبعد خروجه منها ، إن بقي علمـه جتهم أنه لو علم كون وح .)١(» ن زال لزم التغري إ و ،األول ، كان جهال

حتليل الشبهة :واب عنها واجلية جدا ،إن الشبهة واه

لك أنه لو استلزم تعلق العلم باجلزئيات تغيره عند تغير وذ بالنقض بالقدرة ، :أوالقدرة من صفات الذات ، فمـا والاملعلوم ، فإنه يلزم أيضا تغير قدرته بتعلقها باجلزئيات ،

.؟ اجلواب يف جانب العلم وههو اجلواب يف جانب القدرة ما علمـه أ وإن علمنا باحلوادث املوجودة يف أزمنة خمتلفة علم زماين . باحلل :نيا وثا

فإن هذه صفات عارضـة . ستقبل وم اض وم فال يكون مثة حال . تعاىل فليس بزماين أصال ، سمى ما يزاوله من الزمان حاال وي للزمان بالقياس إىل املوجود الزماين الذي يعيش فيه ،

ما املوجود اخلارج عـن إطـار أ و.ا سيوافيه ، مستقبال وما مضى بالنسبة إليه ماضيا ، ومفاهللا سـبحانه . ستقبل وماضر وحكل مكان فال يتصور يف حقه ماض وبيط به واحمل الزمان

عضها وب ن بعضها واقع يف احلاضر أعامل جبميع احلوادث اجلزئية دفعة واحدة ال من حيث . متعاليا عن الدخول حتت األزمنةبل يعلمها علما شامال. ضها يف املستقبلع وبيف املاضي

__________________ .٩٨قواعد املرام ، ص ) ١(

Page 125: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٥

كانت ) كما أنه مل يكن زمانيا (إنه تعاىل ملا مل يكن مكانيا أيضا :بعبارة أخرى ولى ذلك وع .توسط وم عيد وب ه قريب نسبته إىل مجيع األمكنة على السواء فليس بالقياس إلي

فـاملوجودات مـن األزل إىل . تكون نسبته إىل مجيع األشياء يف مجيع األزمنة على السواء ، بل هي حاضرة » سيكون « و » كائن « و » كان « يس يف علمه ول األبد معلومة له

إذ عنده بكل خصوصياا لكن ال من حيث دخول الزمان فيها حبسب أوصافها الثالثة ، ثل هذا العلم ال يكون مـتغريا بـل مـستمرا كـالعلم وم .ال حتقق هلا بالنسبة إليه تعاىل

.بالكليات بالسيارات العابرة واحدة تلـو إذا كان الشارع حافال : الذهن نأيت مبثال ولتقريب

فإنه يرى يف كل حلظـة سـيارة . ان هناك إنسان ينظر إليه من نافذة ضيقة وك خرىاألـ فالسيارات حينئذ بالنسبة إليه على أقسام ثالثة سيارة مـرت ، .واحدة يارة متـر ، وس .ذا التقسيم صحيح بالنسبة إليه يف هذا املوضع وه.يارة مل متر بعدوس

، فإنه يرى جمموع هذا اإلنسان ينظر إىل هذا الشارع من أفق عال كان ولولكن .النسبة إليه عندئذ يصح هذا التقسيم ب والالسيارات دفعة واحدة

دود املكان يقف على مجيع وح ذلك األصل فاملوجود املرته عن قيود الزمان وعلى .نصبغ املوجودات املتغرية بصبغة الثبات بالنسبة إليه وتاألشياء مرة واحدة ،

فالعلم يف املثال الذي ذكر يف بيان الشبهة من كون زيد جالسا يف الدار سـاعة مث معـىن للتقـدم وال حدةروج مرة وا واخل منها يف ساعة أخرى ، يتعلق باجللوس خروجه

.تأخروال

الشبهة بوجه آخر حل ه سبحانه باألشياء علما حصولياإن الشبهة قائمة على فرض كون علم

Page 126: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٦

ند ذلك يكون التغري يف املعلوم مالزما وع عن طريق الصور املرتسمة القائمة بذاته سبحانه ر القائمة به ويلزم على ذلك كون ذاته حماللتغري الصل وال للتغريوتبد.

وأما لو قلنا بأن علمه سبحانه باجلزئيات علم حضوري مبعىن أن األشياء وياـا الوقت نفسه علمه ، فال مانع مـن القـول ويفقائقها العينية ، فعله سبحانه وح اخلارجية

فإن التغري املمتنع . انه إثر طروء التغري على املوجودات العينية بطروء التغري على علمه سبح ما العلم الفعلي ، أي العلـم يف مقـام أ و ما هو العلم املوصوف بالعلم الذايت على علمه إن

ل ال يعدو عن كون نفـس فإن العلم يف مقام الفع . الفعل ، فال مانع من تغريه كتغير فعله » غري اإلضافات ممكـن وت «: ذلك يشري احملقق الطوسي بقوله ىلإ و . علمه ال غري الفعل

)١(. قصود من اإلضافات هو فعلـه وامل .اإلضافات ال يف الذات ويف أي إن التغري إنما ه

ت من دون حـدوث تعلقا وامل مانع من حدوث التغري يف اإلضافات وال الذي هو علمه ، .تغير يف الذات

إدراك اجلزئيات حيتاج إىل آلة :الشبهة الثانية ه و سبحانه مـرت وه ت جسمانية ، الآ و إن إدراك اجلزئيات حيتاج إىل أدوات مادية

.وازم اجلسمانية ولعن اجلسم عن هذه الشبهة واضح ، ذلك أن العلم باجلزئيات عن طريـق األدوات واجلواب

حط األشياء إحاطة قية ، ومل تكن األشـياء قائمـة بـه املادية إمنا هو شأن من مل يموميحاضرة لديه ، كاإلنسان ، فإن علمه ا ملا كان عن طريق انتزاع الصور بوسيلة األدوات

.عماهلاإ واحلسية كان إدراك اجلزئيات متوقفا على تلك األدوات__________________

.١٧٦جتريد االعتقاد ، ص ) ١(

Page 127: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٧

يامها به قياما وق ا كان علمه عن طريق إحاطته باألشياء الواجب عز امسه ، فلم وأما .عماهلاإ وحقيقيا فال يتوقف علمه ا على األدوات

إن إدراك « : هذا اجلواب يشري الفاضل القوشجي ىف شرح التجريد بقولـه وإىل فة ما إذا كان إضا أ و اجلزئيات إمنا حيتاج إىل آلة جسمانية إذا كان العلم بانتزاع الصورة ،

.)١(» حمضة بدون الصورة فال حاجة إليها

باجلزئيات يالزم الكثرة يف الذاتالعلم: الشبهة الثالثة خفاء يف أن صور األشياء وال إن العلم صورة مساوية للمعلوم مرتسمة يف العالم ،

.)٢(ثرة الصور يف الذات األحدية من كل وجه وكخمتلفة ، فيلزم كثرة املعلومات ، فإنه مبين على كون علمه واضحة ـ حسب ما عرفت ـ واإلجابة عن اإلشكال

باألشياء مرتسما يف ذاته سبحانه كارتسام األشياء يف النفس اإلنسانية ، فيلـزم حـدوث ويات عرفت أن علمه باألشياء ليس ذا النمط ، بل اهل وقد . الكثرات يف الذات األحدية

م أقوى من ارتـسام صـور ذا النوع من العل وه اخلارجية حاضرة لدى ذاته بال ارتسام ، .األشياء

العلم باجلزئيات يوجب انقالب املمكن واجبا:الشبهة الرابعة جلاز أن ال يوجد ، فينقلب علمه الإ و لو تعلق العلم باملتجدد قبل جتدده لزم وجوبه

.)٣(و حمال وه جهالتعاىل الإ وإن علمه تعاىل ال يتعلق باحلوادث قبل وقوعها: خرى أوبعبارة

__________________ .٤١٤شرح جتريد االعتقاد للقوشجي ، ص ) ١( .املصدر السابق) ٢( .١٧٦ ، ص دكشف املرا) ٣(

Page 128: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٨

مـا الثـاين أ وا حادثة ،أما األول فلكو . يلزم أن تكون تلك احلوادث ممكنة وواجبة معا .فألا لواله جلاز أن ال توجد ، فينقلب علمه جهال

عن الشبهة واضحة ، فإن احملال هو اجتماع املمكن بالذات مع الواجـب واإلجابةفإن املعاليل . ما اجتماع املمكن بالذات مع الواجب بالغري فهو أمر ال شبهة فيه أ و بالذات

.امة ممكنات بالذات واجبات بالغريعند وجود العلة التذلك فلو تعلق علمه سبحانه بوجود حادث يف وقت خاص فعلمه سبحانه ال وعلى

علمه موافقا للواقع ، وجوب وجوده إذ غاية ما يقتضي كون . خيرجه عن اإلمكان الذايت هو اهللا سبحانه أو غريه ن بالذاتو جيتمع مع املمك وهبالغري ، سواء أكان السبب.

إن احلادث الذي يقع يف ظرف خاص ال يخرج عن حد اإلمكان بعد : وباختصار الوقـت نفـسه ويف فالعالم كله ممكن بالذات . تعلق علمه تعاىل به وحصول علته التامة

.واجب بالغري

ة علمه تعاىلوسع القرآن الكرميفهي تعين أنه » عليم إن اهللا بكل شيء « مما قدمنا تقف على عظمة اجلملة القائلة

يقـول . رمـوز وال ا يف الكون من األسرار وم ا هو كائن وم ا يأيت وم تعاىل عامل مبا مضى وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إال هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من (: سبحانه

.)١( ) إال يعلمها وال حبة في ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبنيورقة قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه اهللا (: سبحانه ويقول

__________________ .٥٩اآلية : األنعام سورة ) ١(

Page 129: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٢٩

يضوا في األرمات واوما في السم لم١( ) ع(. اهللا يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض األرحام وما تزداد وكل (: سبحانه ويقول

.)٢( ) شيء عنده بمقدارا توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من ولقد خلقنا اإلنسان ونعلم م (: تعاىل وقال .)٣( ) حبل الوريد

عالم الغيب ال يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات وال فـي (: عز من قائل وقال .)٤( ) ب مبنياألرض وال أصغر من ذلك وال أكبر إال في كتا

.على علمه تعاىل باجلزئياتإىل غري ذلك من اآليات الدالة

رفعة التعبري القرآين عن سعة علمهاقعيته ، فإن اإلنسان وو إن من املفاهيم املعضلة هو تصور مفهوم الالمتناهي حبقيقته

يف ح تصور الالمتناهي أمرا مشكال ذلك أصب ول مل يزل يتعامل يف حياته مع األمور احملدودة ـ فهذه املنظومة مبا فيها من السيارات جزء من مجرتنا الواسـعة . غاية الصعوبة عليه ع وم

ن أكرب عدد تعارف اإلنسان إ و .ركبات وامل كل متناهيان من حيث الذرات وال ذلك فاجلزء الذي يتألف من رقم واحد أمامه تـسعة العادي على استخدامه يف حياته هو رقم املليارد

.أصفار ها يف العلوم الرياضية توصلت إىلمث إن احلضارة البشرية بسبب تكامل

__________________ .٢٩اآلية : سورة آل عمران ) ١( .٨اآلية : سورة الرعد ) ٢( .١٦اآلية : سورة ق ) ٣( .٣ية اآل: سورة سبأ ) ٤(

Page 130: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٠

ع ذلك فإن كل ما توصل إليه اإلنسان من األرقـام حـىت وم ةما يسمى باألرقام النجومي قرآن الكرمي عندما يريد بيان علمه سـبحانه وال النجومية ال يتجاوز كونه عددا متناهيا ،

ـ عداد الرياضـية واأل من حيث كونه ال متناهيا ، ال يستخدم األرقام ىت النجوميـة وحولو أنما فـي األرض (: قول ويئع يبني سعة علمهالنتهائها إىل حد ما ، بل يأيت مبثال را

كيمح زيزاهللا إن اهللا ع اتكلم تفدا نر محة أبعبده سعمن ب هدمي رحالبو ة أقالمرجمن ش ( )١(.

ر أنظر إىل هذا التعبري الرائع الذي يفوق كل التعابري فال جتد أيرقم رياضي يـصو أحد إن مقدار علمه قال و ول .) ما نفدت كلمات اهللا (: سعة علمه سبحانه يعادل قوله

ما نفدت كلمـات (: هو العدد الواحد أمامه مئات األصفار ملا أفاد أيضا ما يفيده قوله ، )٢( ) وتيتم من العلم إال قلـيال وما أ (: ذلك تقف على حقيقة قوله سبحانه وب ) اهللا

ضـآلة ر عن قلة علم اإلنسان و عايري البشرية كما يعب وامل فإنه يعرب عن محدودية املقاييس .معارفه

يف علمه تعاىل باجلزئيات )ع(كلمات اإلمام علي وال نجومهـا وال ر الـسماء ، ال يعزب عنه عدد قط « : 7قال أمري املؤمنني مقيل الذر يف الليلة الظلمـاء ، وال دبيب النمل على الصفا ، وال سوايف الريح يف اهلواء ، .)٣(» في األحداق وخيعلم مساقط األوراق ،

عاصي العباد وم ،احلمد هللا الذي يعلم عجيج الوحوش يف الفلوات « : 7وقال ختالف النينان يف البحارا ويف اخللوات ،

__________________ .٢٧اآلية : سورة لقمان ) ١( .٨٥اآلية : سراء سورة اإل) ٢( .١٧٨ج البالغة ، خطبة ) ٣(

Page 131: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣١

.)١(» الطم املاء بالرياح العاصفات وتالغامرات ، .)٢(» الضمائر ، له اإلحاطة بكل شيء بر وخقد علم السرائر ،« : 7وقال

قع الكالم فيما وي .ي العلم وه إىل هنا مت الكالم عن إحدى الصفات الثبوتية الذاتية .ي القدرة ، بإذنه سبحانه وهيلي يف الصفة الثانية

* * * __________________

.١٩٨ج البالغة ، خطبة ) ١( .٨٦خطبة ج البالغة ، ) ٢(

Page 132: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٢

Page 133: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٣

الذاتية فات الثبوتيةالص

)٢(

القدرةجل ذلك يعد وأل .إتفق اإلهليون على أن القدرة من صفاته الذاتية الكمالية كالعلم

.)١(القادر من أمسائه سبحانه قـال ابـن . يسار وال امللك والغىن ـ كما عرفها أصحاب املعاجم ـ القدرة لغة

عنـد (يقول سـبحانه . دير وق قدرة أي ملكه فهو قادريقال قدر على الشيء : منظور .اريس والقدر الغىن وال أي قادر ،)٢( ) مليك مقتدرالقدرة إذا وصف ا اإلنسان فاسم هليئة له ، ا يتمكن من فعـل : الراغب وقال

خيفى أن تفـسري الراغـب وال .ىل ا فهو نفي العجز عنه ذا وصف اهللا تعا إ و .شيء ما خطأ واضـح ، ) نفي العجز عنه (القدرة يف اهللا سبحانه بإرجاعها إىل الصفات السلبية

. يشذ كمال عن ذاته والألن القدرة كمال__________________

خبـالف »زيد علـم « سم عبارة عن أن األول ال يحمل على املوضوع فال يقال واإل الفرق بني الصفة ) ١(ـ لى ذلك جرى االصطالح يف أمسائه وع »زيد عالم « قال وي الثاين فيحمل عليه فـالعلم . فاته سـبحانه وص

.أمساؤه تعاىل» احلي « و » القادر « و » العالم « ياة صفات و واحلقدرةوال .٥٥اآلية : سورة القمر ) ٢(

Page 134: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٤

:القدرة تعريف :ني فسروا القدرة بوجوه أبرزها متكل واملمث إن الفالسفة

صح أن وي ترك ، فالقادر هو الذي يصح أن يفعل وال القدرة مبعىن صحة الفعل ـ ١ .يترك

فالقادر من إن شاء فعل . ترك عند عدمها وال القدرة هي الفعل عند املشيئة ، ـ ٢ .مل يشأ مل يفعل نإ ون شاء مل يفعل ، أإو

ذا وه .ترك إمكانهما للقادر وال لتعريف األول بأن معىن صحة الفعل أورد على ا وقد اإلنسان مبا هو إنسان ميكـن أن : قال وي ي يقع وصفا للماهية هو اإلمكان إما إمكان ما

مكان استعدادي يقع وصفا للمادة املستعدة ألن تتـصف اما إ و .كن أن ال يفعل ومي يفعللى كال التقديرين فال يصح تبيني وع .مكان أن تكون شجرة احلبة هلا إ : بكمال مثل قولنا

قدرته سبحانه ذه العبارة ألن اهللا سبحانه منزه عن املاهية بل هو وجود كله ، فكيـف سـتعداد ، واإلكما أنه سبحانه مرته عن املـادة . عوارضهامن وميكن توصيفه بإمكان ه

.ستعداد ، هذا واإلقدرته بشيء يقوم باملادةفكيف يصح تبيني أورد على التعريف الثاين بأن ظاهره كون الفاعل موجدا للفعـل باملـشيئة ، وقد

ـ زمه أن ال يكون الفاعل تاما يف الفاعلية إال بضم ضميمة إليه وال ـ ي املـشيئة وه و وهاته حـىت املـشيئة ن كل شيء سوى ذمستحيل على اهللا سبحانه ، ألنه غين يف الفاعلية ع

.الزائدة عليها

عن التعريفني دفاع رتيهه عن الـنقص وت لهال ومجإن اهلدف من وصفه تعاىل بالقدرة هو إثبات كمال

التعاريف طروء نقص أو توهم يفالزم بعضكان وفل. عيبوال

Page 135: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٥

ـ .مال املطلـق حيضها يف الك ومتحقه سبحانه ، وجب جتريدها عن تلك اللوازم ذا ال وه .خيتص بالقدرة بل كل الصفات اجلارية عليه سبحانه تتمتع بذلك األمر

علم ، فليس اهلدف من وال صدر الشعور وم مال ، واجل إن احلياة مبدأ الكمال : مثال ما الذي ندركـه مـن احليـاة ، أ و .توصيفه سبحانه باحلياة إال اإلشارة إىل ذاك الكمال

ن األحياء الطبيعية ، فإنه ميتنع توصيفه تعاىل به الستلزامه كونه سبحانه موجودا نتزعه م ونجـل ذلـك وأل .نفعال إىل غري ذلك من خصائص احلياة املادية واإل طبيعيا مستعدا للفعل

ذه ضابطة كلية يف مجيع الـصفات وه .جيب أن نصفه سبحانه باحلياة جمردة عن النقائص ذا ما يسعى إليه احلكـيم وه توصف ذاته سبحانه بشيء منها إال ذا املالك ، اإلهلية فال

ند ذلك يصح تفسري قدرته سبحانه مبا ورد يف التعريفني ولكـن وع .العارف باهللا سبحانه بتجريد كل واحد منهما عما يستلزمه من النقائص ، ككونه سبحانه ذا ماهية أو مـادة

مبشيئة زائدة على الذات ، كما أو كونه سبحانه فاعال . لمستعدة ، كما يف التعريف األو .يف التعريف الثاين

فاعله ال ختلو عن أقـسام نسبة الفعل إىل إن وذلك فالذي ميكن أن يقال ه وعلى :ثالثة

لك هـو الفاعـل وذ أن يكون الفاعل متقيدا بالفعل فال ينفك فعله عنه ، :األول .شمس يف اشراقها وال،املضطر كالنار يف إحراقها

.أن يكون الفاعل متقيدا بترك الفعل فيكون الفعل ممتنعا عليه :الثاين أن ال يكون الفاعل متقيدا بواحدة من النسبتين فال يكون الفعل ممتنعا حىت :الثالث القدرة إىل كـون فيعود األمر يف تفسري . الترك ممتنعا حىت يتقيد بالفعل وال يتقيد بالترك ،

مطلقا غري مقيد بشيء من الفعلالفاعل

Page 136: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٦

.)١(الترك وتـرك أم وال هذا ما نفهمه من توصيفه سبحانه بالقدرة سواء أفسرت بصحة الفعل

فإنا نأخذ من التعـريفني كمـال القـدرة . »ن شاء مل يفعل إ و إن شاء فعل « فسرت ب تـرك ، وال ن القدرة يف حقه سبحانه مبعىن صحة الفعل فيصح أن يقال إ . طرح نقائصها ون

كما يصح أن يقال بالتعريف الثاين ، ال مبعىن كونه . مبعىن جترده عن التقيد بالفعل أو الترك .رده عن أي إلزام بأحد الطرفني باملشيئة الزائدة ، بل ما عرفت من جتفاعال

دالئل قدرته .قواهاأ و أوضحها بوجوه نعرضأستدل على قدرته سبحانه

ـ الفطرة األولعتقد وي إن كل إنسان جيد يف قرارة نفسه اجنذابا إىل قدرة سامية عند طروء الشدائد

ذا ما يلمسه مـن دون وه .أن هناك قدرة عليا هي امللجأ الوحيد للنجاة يف تلك األحايني يلـزم أن الإ و املطلقـة ، عن وجود تلك القدرة ووجود هذه الفطرة حاك . عليم وت تلقني

وهمه عنـد طـروء وت وليس املراد من الفطرة هنا هو تصور القادر . يكون وجودها لغوا الشدائد حىت يقال إن تصور الشيء ال يدل على وجوده كتصور العنقاء الذي ال يعد دليال

حساسه ذلك إ و يت الوجداين ، جنذاب الذا واإل على وجودها ، بل املراد منها امليل الباطين ، .اإلجنذاب كسائر أحاسيسه

ائد اآليس من كل سبب مادي جيد يففاإلنسان الغارق يف الشد__________________

توصيفه سبحانه بالقدرة مبعىن جترده عن اإللزام بأحد الطرفني يالزم ثبـوت وصـف ذلك تعرف أن وب) ١( .يه ، بإذن منه سبحانهلكالم فيوافيك ا وساإلختيار له سبحانه

Page 137: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٧

أن هناك موجودا عاملا بمشاكله قادرا على دفعها ـ وجدانا ال يشك فيه ـ أعماق نفسه وال ينايف فطريته الغفلة عنه بعد ارتفاع الشدائد وزوال احملن ، إذ ليس كـل أمـر . عنه

جواء خاصة حىت غريـزيت أ و طفإن لظهور الغرائز شرائ . فطري متجل يف مجيع الظروف .غضب والالشهوة

صفاته من العلـم إىل ووجوده سبحانه ، تدع إىل وإن الفطرة كما تدع وباختصار :يقول سبحانه . قدرةوال

) مون إن كنـتعـداهللا ت ـرة أغياعالس كمتأت اهللا أو ذابع اكمإن أت كمتأيقل أر .)١( ) بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون * دقنيصا

الثاين ـ النظام ـ الكوين هاء ، ودقة وروعـة ، وب ا فيه من مجال وم ليل ، وج النظام الكوين مبا فيه من دقيق

وقـد . عهـا روأ و أدقهاكنه من خلق ومتع األشياءحكام ، حيكي عن قدرة مبدإ و تقانإولما تكاملت هـذه وك .أثبتت قدرة الصانع و .خدمت العلوم الطبيعية كثريا يف هذا اال

وائعه ، تجلت هـذه ور دائعه وب وانينه وق العلوم وازداد وقوف اإلنسان على سنن الكون .جلىأ وة بنحو أحسنالصف

ضح أن فعل الفاعل ، كما يكشف عن وجود الفاعل ، يكـشف عـن يتوبذلك له ، كذلك يدل على مقدرته ئفالديوان الشعري الرائع كما يدل على وجود منش . صفته درته على التحليق يف آفاق وقوقه املتفوق وذالفنية

__________________ .٤١ و ٤٠: يتان اآل:سورة األنعام ) ١(

Page 138: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٨

البن سينا يف » القانون « تاب وك .بك املعاين السامية يف قوالب األلفاظ اجلميلة وس اخلياليف الفلسفة ، يدالن على أن مؤلفهما كان مـن » الشفاء « تابه اآلخر باسم وك الطب ،

يصف روائـع أفعالـه جل ذلك نرى أنه سبحانه عندما وأل .فلسفة وال البارعني يف الطب اهللا (: يقول سـبحانه » القدير « دائع صنعه يف آيات الذكر احلكيم ، خيتمها باسم وب

الذي خلق سبع سماوات ومن األرض مثلهن يتنزل األمر بينهن لتعلموا أن اهللا على كـل .)١( ) قد أحاط بكل شيء علماشيء قدير وأن اهللا

نا نرى يف كلمات اإلمام إ و .المتا القدرة وع تقان يف الفعل آيتا العلم واإل حكامفاال .ال صنعه سبحانه ومج أنه يستند يف الربهنة على قدرته تعاىل بروعة فعله7علي

رياح برمحته ، ووتد بالصخور ميدان شر ال ون فطر اخلالئق بقدرته ، « : 7قال .)٢(» أرضه

» جائب ما نطقت به آثار حكمته وع رانا من ملكوت قدرته أ و « : 7ويقول )٣(.

ءم بقدرتـه بـين وال ج حـدودها و فأقام من األشياء أودها ، « : 7ويقول .)٤(» متضادها

.)٥(» ظيم قدرته وعقام من شواهد البينات على لطيف صنعتهأ و« : 7ويقول __________________

.١٢اآلية : سورة الطالق ) ١( .النهج ، اخلطبة األوىل) ٢( .٩١النهج ، خطبة األشباح ، اخلطبة ) ٣( .املصدر نفسه) ٤( .١٦٥النهج ، اخلطبة ) ٥(

Page 139: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٣٩

.لماته وك خطبهإىل غري ذلك منكيـف « : يف جواب بعض املالحـدة 7اإلمام جعفر بن حممد الصادق وقال

يف نفسك هترقد من أراك كنع بج١(» احت(.

ـ معطي الكمال ليس فاقدا له الثالثيقتدر ا عطاه قدرة أ و دالئل قدرته سبحانه أنه خلق اإلنسان كما خلق غريه ومن

املعلـوم أن اإلنـسان ومن . شياء الظريفة واأل صنائع اهلائلة وال غرائب وال ى إجياد البدائع علـ درته معلول وجوده سبحانه ، فهل ميكن أن يكون مفيض وق بوجوده ق اإلنـسان ال وخ

؟ القادر فاقدا هلا

تعاىل لكل شيء سعة قدرتهطلق الذي ينجذب إليه اإلنسان يف بعـض إن الفطرة البشرية تقضي بأن الكمال امل

ـ األحايني قادر على كل شيء ممكن ، وال يتبادر إىل األذهان أبدا لـوال تـشكيك ـقد كان املـسلمون ولأن لقدرته حدودا أو أنه قادر على شيء دون شيء ، ـ املشككني

العزيز ، الناص على عموميـة يف الصدر األول على هذه العقيدة إستلهاما من كتاب اهللا .قدرة اهللا سبحانه

درته حىت وصل أمر األحباث الكالمية إىل شيوخ املعتزلة فجاؤوا بتفاصيل يف سعة ق .مجالسبحانه نشري إليها على وجه اإل

.إنه تعاىل ال يقدر على القبيح : )٢( ـ قال النظام ١__________________

.٩١ ، ص التوحيد للصدوق) ١(ان عهده عهد ازدهار الترمجـات األجنبيـة وك . ه ٢٣١ين النظام املتوىف عام هو ابراهيم بن سيار بن ها ) ٢(

.فكار واألاملظنون أنه تأثر بتلك اآلراءومن . لآلراء الوافدة إىل بالد اإلسالم

Page 140: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٠

. معلومهال يقدر على خالف : )١(ال عباد بن سليمان الصيمري وق ـ٢ .ال يقدر على مثل مقدور عبده : )٢(ال البلخي وق ـ ٣ .ال يقدر على عين مقدور العبد : )٣(ال اجلبائيان وق ـ ٤

نسب إىل احلكماء أنه سبحانه ال يقدر على أكثر من الواحد وال يصدر منـه ورمبا .)٤(بياا إىل موضع آخر ناك عقائد للثنوية مبهمة نترك وه.و العقل وهإال شيء واحد

أكثر هؤالء ن أ وبد وي .هذه صورة تارخيية عن نشأة هذا الرأي ، أي تقييد قدرة اهللا توافيك شبهام وس .تأثروا باآلراء الدخيلة الوافدة إىل بالد اإلسالم يف عصر ضة الترمجة

.راض أدلة القائلني بعموم قدرتهليلها بعد استعوحت

بعموم القدرة اإلهلية أدلة القائلنيمبعىن أنه تعـاىل . إن املقصود من عموم قدرته سبحانه هو سعتها لكل شيء ممكن

استدل احملققـون عليـه وقد . قادر على خلق كل ما يكون ممكنا لذاته غري ممتنع كذلك :بقوهلم

أما األول فألن املقتضي لكونه. دانع مفقو واملإن املقتضي موجود« __________________

.نقل عنه القول بكون داللة األلفاظ ذاتية ال وضعية ومل نقف على ترمجته يف املعاجموقد ) ١(الحظ إرشاد الطـالبني إىل . »ج املسترشدين « ذكر العالمة احللي نظريته يف قدرته سبحانه يف وقد

.١٨٩ج املسترشدين ، ص . ه٣١٧لقاسم الكعيب املتويف عام ا هو أبو) ٢(سالم بـن حممـد ابنه أبو هاشم عبد ال و . ه ٣٠٣الوهاب املتويف عام بن عبد ا الشيخ أبو علي حممد ومه) ٣(

.ما آراء خاصة خيالفان فيها سائر شيوخها وهلقطامأ وانا من رؤساء املعتزلة وك. ه٣٢١املتويف عام )٤ (ةيأيت البحث عن عقائد الثنوية يف مبحث التوحيد يف اخلالقي.

Page 141: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤١

هة واجل كان وامل سبتها إىل اجلميع متساوية لكوا مرتهة عن الزمان ون تعاىل قادرا هو ذاته ، .فليس شيء أقرب إليه من شيء حىت تتعلق به القدرة دون اآلخر

مكان مشترك بني واإل الثاين فألن املقتضي لكون الشيء مقدورا هو إمكانه ، وأما .»و املطلوب وهيضا مشتركة بني املمكناتالكل فتكون صفة املقدورية أ

:ضيح ذلك الدليل بالبيان التايل تووميكن :مور التالية إن موانع عموم قدرته ميكن أن تكون أحد األ

.أن ال يكون الشيء ممكنا بالذات ، مثل اجتماع النقيضين أو الضدين ـ أوالذا كما إذا كـان وه .وهلا للجميع ومش هأن يكون هناك مانع من نفوذ قدرت ـ ثانيا

.عارضة لقدرته وميف مقابله قدرة مضاهية . بالنسبة إىل األشياءأن تكون ذاته غري متساوية ـ ثالثا

ن املقصود من عموم قدرتـه هـو أما األول ، فأل . والعوامل الثالثة منتفية برمتها ت ، فال تتعلق القدرة اإلهلية به أبدا ، ال لقصور يف مشولها لكل أمر ممكن دون املمتنع بالذا

ما الثاين ، فألن القدرة املضاهية املعارضة لقدرته مرفوضة أ و .الفاعل بل لقصور يف املورد تة الواجب سبحانه ذاتا وي مبا ثبدحيف حمله من و تدم مثيل له يف صفحة الوجود ، وع ثب

.مكنة فليست مزاحمة لقدرته إذ هي مخلوقة لهما القدرة املأوكان جيعله متساويا بالنسبة وم رط وجهة وش الثالث ، فألن تنزهه عن كل قيد وأما

فـإن . إىل كل ممكن بالذات فال وجه ألن يقع بعض املمكنات يف إطار قدرته دون اآلخر يف قدرته سبحانه رهن كون بعضالتبعيض

Page 142: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٢

فإن . زمان خاص ، كاإلنسان الذي يعيش يف مكان و شياء قريبة إليه دون بعضها اآلخر األ األشياء الغابرة أو املستقبلة خارجة عن حوزة قدرته ، حملدودية ذاتـه بـالقيود الزمانيـة

ألن عراض فال معىن واأل واهر واجل مكنة واأل ما ارد التام اخلالق لكل األزمنة أ و .كانيةوامل .رعيدة عن اآلخ وبتكون ذاته قريبة إىل واحد

.توضيح ذلك الربهانهذا بهى مما ذكر يبتىن على عدم تناهي ذاتـه سـبحانه يف أ و برهان آخر أروع هناك واصله أن وجوده سبحانه غري حمدود وال متناه ، مبعىن أنه وجود مطلق وح كمال وال اجلمال

ا هو غري متناه يف الوجود ، غري متناه يف وم .دود العقلية واخلارجية ال يحده شيء من احل مال ، ألن منبع الكمال هو الوجود ، فعدم التناهي يف جانب الوجود يـالزم واجل الكمال

ى من القدرة فهي غري متناهية تبعا لعدم أ و ي كمال أروع أ و عدمه يف جانب الكمال ، .كل ممكن بالذات لثبت سعة قدرتهتناهي كماله ، في

قدرته سبحانه مبعىن آخر سعةثاين ما طرحه احلكماء وال إن لسعة قدرته سبحانه معنيني أحدمها ما تعرفت عليه ،

علهـا ، تنتـهي إىل وف اديها ، ذاتها وم اصله أن الظواهر الكونية ، جمردها وح .يف كتبهم فكل ما يطلـق . يف ذاته ، ال شريك له يف فاعليته فكما أنه ال شريك له . قدرته سبحانه

ـ حنو األسـباب على وعليه كلمة املوجود فهو خملوق هللا سبحانه مباشرة أ سببات ، واملذا هو التوحيد يف اخلالقية الذي سنشرحه عند البحـث يف وه .فالكل يستند إليه ال حمالة

.الصفات السلبيةسعة القدرة هم الثنوية الذين جعلوا فاعل اخلري غري فاعـل املخالف هلذا املعىن من و يف مستقالامة املعتزلة الذين صريوا اإلنسان فاعال وعالشر ،

Page 143: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٣

.)١(نوضح ، بإذنه تعاىل ، يف حمله بطالن هاتني العقيدتني وس.أفعالهعقل نه صدر ال وم قول احلكماء بكون الصادر عن اهللا سبحانه هو العقل األول ما وأ

ال ختـالف حمضة ةرضييوىل ، فالظاهر أا ف واهل الثاين إىل أن تنتهي دائرة الوجود إىل املادة تفصيل موكـول إىل وال بات ، سب وامل انتهاء املوجودات إىل اهللا سبحانه عن طريق األسباب

.حمله

عة قدرته سبحانه وسالنصوص الدينية :طالقها ، نذكرمنها إ وعلى سعة قدرتهسنة واللقد تضافرت النصوص من الكتاب

وكان (: وله سبحانه وق .)٢( ) وكان اهللا على كل شيء قديرا (: قوله سبحانه وما كان اهللا ليعجزه من شـيء فـي (: وله سبحانه وق .)٣( ) شيء مقتدرا اهللا على كل

.)٤( ) في األرض إنه كان عليما قديراالسماوات وال » لكـا وم لطانا وس درة وق ، علما له سواء األشياء« : 7اإلمام الصادق وقال

)٥(. .)٦(» هو القادر الذي ال يعجز « : 7اإلمام موسى بن جعفر وقال

__________________ طالن مقالة املعتزلة عند البحـث يف وب لبحث يف التوحيد يف اخلالقية ، سنذكر بطالن عقيدة الثنوية عند ا ) ١(

.تفويض والاجلرب .٢٧اآلية : سورة األحزاب ) ٢( .٤٥اآلية : سورة الكهف ) ٣( .٤٤اآلية : سورة فاطر ) ٤( .٧٦ص و١٣١توحيد الصدوق ، ص )٦( و )٥(

Page 144: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٤

جوبتهاأو أسئلة ذه هـي وها بعدة أسئلة نطرحها مث حنللها ، إن القائلني بعموم قدرته سبحانه قوبلو

:األسئلة أجيب باإلجياب لزم افتراض الشريك ؟ فلو هل يقدر سبحانه على خلق مثله ـ ١

.دم عمومها وعله سبحانه ، ولو أجيب بالنفي ثبت ضيق قدرتهصغر حجم هل هو قادر على أن جيعل العامل الفسيح يف البيضة من دون أن ي ـ ٢

و كون املظـروف وه ؟ فإن أجيب باإلجياب لزم خالف الضرورة العامل أو تكبر البيضة .ن أجيب بالنفي لزم عدم عموم قدرتهإ وأكرب من الظرف

؟ فإن أجيب باإلجيـاب وجد شيئا ال يقدر على إفنائه هل ميكنه سبحان أن ي ـ ٣ن أجيب بالسلب لزم أيضا عدم عمـوم إ و.ر على إفنائهلزم عدم سعة قدرته حيث ال يقد

.لبا ، ضيق قدرته وسففي هذا السؤال يلزم من اجلواب ، إجيابا. قدرته .خرى بالتفصيلأ وما اإلجابة عنها فبوجهني تارة باإلمجالأ وهذه هي األسئلة ،

سئلة ا ورد يف هذه األ وم ذاتى هو تعلق قدرته باملمكن بال فألن املدع :أما اإلمجال يعد وال .ليست أمورا ممكنة بالذات بل كلها إما حمال بالذات أو شيء يستلزم ذلك احملال

فعدم قدرة اخلياط على خياطة القميص من اآلجـر ، . عدم القدرة عليها نقصا يف الفاعل .عد نقصا يف قدرمادم قدرة الرسام على رسم صورة الطاووس على املاء ال يوع

لـى وع .مخسة) ٢×٢( مثلما إذا طلبنا من عامل رياضي ماهر أن جيعل نتيجة وهذاهذا األساس ال ينحصر السؤال فيما ذكر ، بل كل ما ال يكون ممكنا بالذات ال يقـع يف

.إطار القدرة لقصور فيه ال لقصور يف القدرة

Page 145: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٥

:فإليك بيانه الثة اجلواب التفصيلي عن األسئلة الثوأما طالبـة خبلقـه ، وامل أما األول ، فألن املثل محال بالذات أن يقع يف إطار القدرة

.مطالبة بأمر حمالآخر ، إن القيام خبلق املثل يستلزم اجتماع الضدين يف شيء واحد ، فبما أن وببيان

ا ال ممكنا ، قدميا ال حادثا ، غري متناه املفترض وجوده مثله سبحانه ، جيب أن يكون واجب ي ال تتعلق إال بشيء غري موجود ، جيب أن يكون وه ا أنه تعلقت به القدرة ومب .ال متناه

ذا ما قلناه مـن أنـه يـستلزم وه .حادثا ال قدميا ، ممكنا ال واجبا ، متناهيا ال غري متناه .اجتماع الضدين يف شيء واحد

فإن عدم تعلق القدرة جبعل الشيء الكبري يف . بني اإلجابة عن السؤال الثاين تتوذا إذ البداهة حتكم بأن الظـرف . جهة كونه غري ممكن يف حد ذاته من والظرف الصغري ، ه

جانب آخر ، لو جعل الكـبري يف ومن جيب أن يكون أكرب من مظروفه ، هذا من جانب فالقيام ذا اإلجياد يستلزم . ي كون الظرف أصغر من مظروفه الظرف الصغري يلزم نقيضه أ

.بريا وك أعين الظرف أو املظروف يف آن واحد صغريا واحدكون شيءالسؤال الثالث ، فألن املفترض حمال الستلزامه احملال بالذات ، ففرض خلقـه وأما

:، بيانه حملال سبحانه شيئا ال يقدر اخلالق على إفنائه ، ال ينفك عن اا أنه مقيد بعـدم إمكـان ومبإن الشيء املذكور مبا أنه أمر ممكن فهو قابل للفناء ،

للفناء اجبا ، قابال وو فتصبح القضية كون شيء واحد ممكنا . إفنائه فهو واجب غري ممكن .ري قابل لهوغ

، ألن املخلوقإفنائهإن كونه خملوقا يالزم إمكان : أخرىوبعبارة

Page 146: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٦

ونه غري قابل لإلفناء يستلزم أن ال يكون وك قائم باخلالق فلو قطعت صلته به لزم انعدامه ، ـ .اجتماع النقيضني ـ على الفرض ـ خملوقا ، فاملفروض يف السؤال يستلزم حتققه ذا و

ل اهللا قادر على خلق جسم ال ه: تقدر على اإلجابة على نظائر هذه األسئلة مثل أن يقال فإن فرض كونه خملوقا يالزم . ؟ فإن هذا من باب اجلمع بني املتناقضني يقدر على حتريكه

الوقت نفسه فرضنا أنه سبحانه غري قادر على حتريكه ويف . للتحريك كونه متناهيا ، قابال !!

ا بسطاء العقول مـن منا يغتر إو مثاهلا ال تضر بعموم القدرة ، أ و إن هذه الفروض .جل من أن خيفى عليهم جوااما أهل الفضل والكمال فأأ والناس ،

شبهات النافني لعموم القدرةحان وقت البحث وقد . قد عرفت بعض التفاصيل يف هذه املسألة يف صدر البحث

.بشكل يناسب وضع الكتابليلها وحتعنها

در على فعل القبيحسبحانه ال يق أ ـ اهللاقادرا عليه لصدر عنه ، وكان إستدل النظام على أنه تعاىل ال يقدر على القبيح بأنه ل

.ال األمرين حمال وك بقبحه أو حمتاجا إىل فعلهفيكون إما جاهال احلسن ىلإ و ا بالنسبة إليه أ و اإلجابة عنه واضحة ، إذ املقصود قدرته على القبيح و

يس هنا مـا ول . فكما هو قادر على إرسال املطيع إىل اجلنة قادر على إدخاله النار .سواءـ دله وعلكن ملا كان هذا العمل خمالفا حلكمته سبحانه . يعجزه عن ذلك العمل سطه ، وق

ألن القبيح ال يرتكبه الفاعل إال جلهله بقبحه أو حلاجتـه إليـه ، وكـال . فال يصدر عنه ـ بني عدم القدرة على الشيء أصال فكم فرق . ساحته املقدسة األمرين منتفيان عن دم وع

القيام به لعدم

Page 147: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٧

والفالوالد املشفق قادر على ذبح ولده ، ولكن الدواعي إىل هذا الفعل منتفيـة ، . الداعي .يصدر هذا الفعل إال من جاهل شقي أو حمتاج معدم

.دم الداعي وعط بني عدم القدرةفالنظام خل

ب ـ عدم قدرته تعاىل على خالف معلومه بأن ما علم اهللا تعـاىل ذهب عباد بن سليمان الصيمري إىل عدم سعة قدرته قائال

ا علم عدم وقوعه ال يقع قطعا ، فهو ممتنع وم وعه ، يقع قطعا ، فهو واجب الوقوع ، وق لقدرة تتعلق بشيء يصح وقوعه ا هو واجب أو ممتنع ال تتعلق به القدرة ، إذ ا وم .الوقوع

أحادي التعلق ، أي ذا حالـة ـ حسب تعلق علمه ـ شيء الذي صار وال . وقوعه وال .واحدة حتمية ، ال يقع يف إطار القدرة

عاىل والدة رجل يف زمن معين ، يكون وجـوده يف ذاك وت إذا علم سبحانه :مثالألن املفروض أن . لذي هو خالف ما علم علوما ، فال تتعلق قدرته بعدمه ا وم الزمن قطعيا

.دمه صار ممتنعا ، لكون علمه كاشفا عن الواقع كشفا تاما وعوجوده صار واجبافألن الزم ما ذكره أن ال تتعلق قدرتـه بـأي ـ أما أوال : اإلجابة عنه بوجهني و

. حانه أو معلوم العدم ألن كل شيء إما أن يكون معلوم التحقق يف علمه سب . شيء أصال ذين اإلطارين ، يف أحد ه فيكون كل شيء داخال . ثاين ممتنعه وال فاألول واجب التحقق ،

.و مسلم البطالن وهفيلزم أن ميتنع توصيفه بالقدرة على أي شيء ،واجب بالغري ، كما مل يفرق وال عباد مل يفرق بني الواجب بالذات ابن إن ـ ثانياو

متناع الذاتيان ، واإل فاملانع من تعلق القدرة هو الوجود . متنع بالغري وامل ملمتنع بالذات بني ا جانب عـدم ومن متناع الغرييان الالحقان بالشيء من جانب وجود علته واإل ال الوجود

.علته

Page 148: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٨

إن كل شيء تتعلق به القدرة جيب أن يكون يف حد ذاته ممكنا تتساوى :توضيحه ونه واجب الوجود عند وجود علته ال خيرجه عـن حـد وك .عدم وال بة الوجود إليه نس لى ذلك وع .كما أن كونه ممتنع الوجود عند عدم علته ال خيرجه عن ذلك احلد . اإلمكان

الوجود أي بني ضرورة ـ ن كان بني حمقق الوجود أو حمقق العدم إ و فمعلومه سبحانه ، لكن هـذه الـضرورة يف ـ ورة العدم بالنسبة إىل عدم علته ضربالنسبة إىل وجود علته و

بل الشيء حىت بعد حلـوق . كال الطرفني ال جتعل الشيء واجبا بالذات أو ممتنعا كذلك اإلمتناع من جانب وجود علته أو عدمه ، موصوف باإلمكان غري خارج عن الضرورة أو .حد اإلستواء

رادته إ وقد تعلق علمه ـ ة اإلنسان يف وقت معني أعين والد ـ ففي املثال املفروض ولكن عدم وقوعه ليس ألجل عدم . يقع نقيضه وال سبحانه على خلقه يف ذاك الظرف ،

دم خلق املعلوم ، بل لكونـه وع قدرته سبحانه عليه ، بل يف وسعه سبحانه قطع الفيض ألجل كونه ) اخللقة عدم (راد ، فكم فرق بني عدم القيام بالشيء أ و على خالف ما علم

.دم قدرته عليه وع علم صالحه ،خالف ما

تعاىل على مثل مقدور العبد ج ـ عدم قدرته ا طاعـة أوقدور العبد ، ألنه إمذهب البلخي إىل أن اهللا تعاىل ال يقدر على مثل م

تحيلة عليه لها مس وك عل اإلنسان ال خيرج عن هذه العناوين الثالثة ، وف معصية أو عبث ، والن يستلزمان أن يكون هللا واأل . لزم اتصاف فعله بالطاعة أو املعصية أو العبث الإ و تعاىل

مرت وقد . و مستحيل عليه سبحانه وه خري يدخل حتت القبيح واأل .و حمال وه تعاىل آمر ، :ما األوالن فنقول أ و.اإلجابة عن عدم قدرته على القبيح فال نعيد

احلقيقية القائمة بالشيء نفسه ،عصية ليستا من األمور واملالطاعةإن

Page 149: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٤٩

فعندئذ ليس هنـا . الفته له وخم بل مها أمران يدركهما العقل من مطابقة الفعل للمأمور به أي إشكال يف قدرته سبحانه على مثل ما قام به العبد مبا هو مثل ، بـأن يكـون فعلـه

ما عدم اتصاف فعله سبحانه حينئـذ أ و .يئته وه مع فعل العبد يئة واهل سبحانه متحد الذات عصيان فال يضر بقدرته تعاىل على مثل ما أتى به اإلنسان ، ألن املالك وال بوصف الطاعة

قيقته اخلارجية ال العناوين اإلعتبارية أو اإلنتزاعية غري الداخلة وح يف املثلية هو واقعية الفعل إن الطاعة « : ما ذكرنا ينظر قول العالمة احللي يف شرح التجريد ىلإ و .يف حقيقة الشيء

نفترض أن إنسانا قام ببناء بيت امتثاال . )١(» فان ال يقتضيان اإلختالف الذايت وص عبثوال اد مثل ذلك البيت من دون تفاوت قـدر شـعرة جيألمر آمره ، فاهللا سبحانه قادر على إ

ل العبد بالطاعة دون فعله سبحانه ، لكن ذلك ال يوجد فرقا جوهريا بني تسم فع وي بينهما .يئة وهالفعلني ، بل الفعالن متحدان ماهية

اإلختالف يف األمر اإلعتباري أو اإلنتزاعي ، ففعل اإلنسان إذا نسب إىل أمر منا وإأنه سبحانه ال يقدر على ذا ال يوجب التقول ب وه .اآلمر يتسم بالطاعة دون فعله سبحانه

.مثل فعل عبدهنعم ، هناك أفعال صادرة عن اإلنسان باملباشرة ، قائمة به قيام العرض باملوضوع ،

فعدم صدورمها عن اهللا سبحانه سببه كونهما من األفعال املادية القائمة . كل واأل كالشربع ذلك كله وم .يتصف ذه األفعال باملوضوع املادي ، واهللا سبحانه مرته عن املادة ، فال

وته ، حبيث لـو وق وله وح ا يصدر منه من األفعال املباشرة بإقداره سبحانه وم فاإلنسان: .انقطع الفيض من ربه لصار اإلنسان مع فعله خربا بعد أثر

__________________ . ـ طبعة صيدا١٧٤كشف املراد ، ص ) ١(

Page 150: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٠

دور العبدقدرته تعاىل على عني مق د ـ عدمذهب اجلبائيان إىل عدم سعة قدرته سبحانه ، كما ذهب من تقدم ، ولكن بتفصيل

لزم اجتماع النقيضني إذا أراده الإ و تعاىل ال يقدر على عين مقدور العبد ، و أنه وه آخر ، .رهه العبد ، أو بالعكس وكاهللا

بقاء علـى وال ند داعي القادر عليه ، إن املقدور من شأنه الوقوع ع : بيان املالزمة رضنا وجـود داع وف مقدور واحد واقعا من قادرين ، فلو كان .العدم عند وجود صارفه

ن أ و ألحدمها ووجود صارف لآلخر يف وقت واحد ، لزم أن يوجد بالنظر إىل الـداعي .تناقضانا م ومهيبقى على العدم بالنظر إىل الصارف ، فيكون موجودا غري موجود ،

إن اإلمتناع ال خيتص بالصورة اليت ذكرها اجلبائيان أعين الـيت ـ أوال: واجلواب ارف اآلخر بعدمه ، بل جيري اإلمتناع فيما إذا تعلقت وص تعلق فيها داعي أحدمها بالفعل

تني علـى ينه ، فإن الزم ذلك اجتماع علتني تام وع إرادة كل منهما بإجياد نفس املقدور .معلول واحدإن عدم قدرته سبحانه على عني فعل العبد ، ألجل أنها إنما تتعلق باملمكن ـ ثانيا

دم تعلقها باملمتنع ال يـدل وع . ، فال تتعلق به القدرة اال وحم مبا هو ممكن فإذا صار ممتنعا ضفناه إليها ال يثبت أكثر من أن أما وا فرضه اجلبائيان من الصور ، أ وم .على عدم سعتها

ـ يف فرض اجلبائيان ـ صدور الفعل يف تلك الظروف حمال الستلزامه اجتماع النقيضني ا هو حمال خـارج عـن وم.أو اجتماع العلتني التامتني على معلول واحد كما يف فرضنا

. يطلق عليه عدم القدرة والإطار القدرة؟ هل يريدان منه الشيء قبل »عني مقدور العبد « ن من قوهلما ماذا يريدا ـ ثالثاو

تشخص يف هذا وال األول فال عينيةا؟ فإذا أراد وجوده ، أو بعده

Page 151: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥١

ن أرادا الثاين ، فعدم إ و . يتجاوز الشيء يف هذه املرحلة عن كونه مفهوما كليا وال الظرفال خارج عن إطار واحمل .و حمال وه يل احلاصل نه من قبيل حتص تعلق القدرة عليه إمنا هو أل

.القدرةعلق إرادته سبحانه على وت تعلق إرادة العبد على إجياده « إن ما ذكراه من ـ ورابعا

، فكرة ثنوية وجدت يف األوساط اإلسالمية حيث تصور أن فعل العبد خملوق له » نقيضه جماله كل ول ،) بده وع اهللا ( هناك فاعلني مستقلني نأ و يس خملوقا هللا سبحانه بالتسبيب ول

.ند ذلك ال يرتبط مقدور العبد باهللا سبحانه بصلة وع.اخلاصفكل فاعل خمتارا كـان أو . غري أن ذلك باطل كما سنبينه يف التوحيد يف اخلالقية

بد ، فإمنا يريد بـإرادة اهللا فلو أراد الع . رادتهإ و غريه ، ال يقوم بالفعل إال بإقداره سبحانه .ضطرار كما سنشرحه بإذنه سبحانه واالدرته على وجه ال يوجب اإلجلاءوق

* * *

Page 152: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٢

Page 153: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٣

الصفات الثبوتية الذاتية

)٣(

احلياةولكن . من أمسائه سبحانه » احلي « ن أ و تفق اإلهليون على أن احلياة من صفاته ، إ

يفيـة وكحانه يتوقف على فهم معىن احلياة حسب اإلمكـان ، إجراء هذا اإلسم عليه سب .إجرائها على واجب الوجود

درك وي وجود غري احلي ، وامل ال شك أن كل إنسان مييز بني املوجود احلي : نقول ه رغم تلك املعرفة العامة ، ال يستطيع أحـد إدراك حقيقـة بأن احلياة ضد املوت ، إال أن

.وجودات احليةاحلياة يف املشدها استعصاء علـى أ و فاحلياة أشد احلاالت ظهورا ولكنها أعسرها على الفهم ،

.التحديدولكنها . هبوا مذاهب شىت وذ ذلك اختلفت كلمة العلماء يف تبيني حقيقتها وألجل

:اآلثار التالية يف املوصوف ا يف نظر علماء الطبيعة تالزم .دفع وال ـ اجلذب١ .رشد واللنمو ـ ا٢ .تكاثر وال ـ التوالد٣ . ـ احلركة وردة الفعل٤

Page 154: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٤

ـ التعريف للحياة إمنا يشري إىل آثار احلياة ال إىل بيان حقيقتها ، وهذا ي آثـار وهيـاة واحل ع ذلك كله نرى البعد الشاسع بني احليـاة النباتيـة وم مشتركة بني أفراد احلي

اخلصائص األربع املذكورة ، ولكن احلياة يف احليـوان فالنبات احلي يشتمل على . البشريةشعور ال جيعل احليوان وال ذا الكمال الزائد املتمثل يف احلس وه شعور وال تزيد عليها باحلس

شـرف أ و كما أن هناك حياة أعلى . قا مغايرا للحياة ، بل جيعله مصداقا أكمل هلا امصد ىل اخلصائص اخلمس ، خصيـصة اإلدراك العلمـي ي أن ميتلك الكائن احلي مضافا إ وهلى ذلك فاخلصائص األربع قدر مشترك بـني مجيـع املراتـب وع ، )١(نطقي وامل عقليوال

.ن كانت لكل مرتبة من املراتب خصيصة متتاز ا عما دواإ والطبيعيةم هدف إال وليعلم أن علماء الطبيعة ذكروا هذا التعريف واكتفوا به ألنه مل يكن هل

ما احلياة املوجودة خارج عامل الطبيعة فلـم أ و .اإلشارة إىل احلياة الواقعة يف جمال حبوثهم .تغاهلم بالبحث عن الطبيعةتكن مطروحة لديهم عند اش

احلياة بنحو آخر تعريفيا كذا سائر املراتب العل وه ال شك أن احلياة النباتية غري احلياة احليوانية يف الكيفية ،

بـل هـي مـشترك . ولكن ذلك ال جيعل الكلمة مشتركا لفظيا ذا معان متعددة . للحياة .كامل وتمعنوي يطلق مبعىن واحد على مجيع املراتب لكن بعملية تطوير

تقوم ـ مبا أنه حيوان ـ نسان واإل يوان واحل إن احلياة املادية يف النبات : توضيحه :بأمرين ، مها

__________________ .س املوجود يف احلياة احليوانيةعقلي تطوير للح والنطقي واملذا اإلدراك العلميوه) ١(

Page 155: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٥

ذلك دف اخلصائص األربع اليت ىلإ و .تأثر وال تأثري وال نفعال ، واإل الفعل :األول .»الفعالية « كن أن نرمز إىل هذه اخلصيصة ب ومي.ذكرها علماء الطبيعة كما أوضحنا

فال شك أنه متحقق يف أنواع احلياة الطبيعية . درك باملعىن البسيط وال احلس :اين الثن كـان إ و فقد كشف علماء الطبيعية عن وجود احلس يف عموم النباتـات . حىت النبات

الدراكية « ب هذا األمر نرمز ىلإ و .ريه وغ اإلنسان البدائي عاملا بوجوده يف بعضها كالنخل «.

دراكيـة ، وال النتيجة أن مقوم احلياة يف احلياة الطبيعية مبراتبها هو الفعاليـة فتصبح نه ال يصح أن تطلق احليـاة علـى النبـات أ و راتبهما املتكاملة ، وم بدرجاما املتفاوتة

يوان إال بالتطوير لوجود البون الشاسع بني احلياتني ، فالـذي يـصحح اإلطـالق واحلشوائب املالزمة ملا يناسـب وال ستعمال مبعىن واحد هو عملية التطوير حبذف النواقص واال .يوان واحل من النباتكال

نسانية ، مبا هو إنسان ال مبـا هذا األساس يصح اطالق احلياة على احلياة اإل وعلى كـن فكيف مي الإ و طالق هو عملية التطوير اليت وقفت عليها ، هو حيوان ، واملصحح لإل

ب من احليـاة العقليـة يف أن تقاس احلياة اإلنسانية مبا دوا من احلياة ، فأين الفعل املترق قـوانني وال ين درك اإلنسان للمسائل الكلية أ و ! يوانية واحل اإلنسان من فعل اخلاليا النباتية

احلياتني ، تجد أنا ومع هذا البون الشاسع بني ! عور احليوان وش الرياضية من حس النبات يس ذاك املعىن الواحـد إال ول .مبعىن واحد عليها » احلي « طلق ون نصف الكل باحلياة ،

ركا متناسبا مع كل مرتبـة مـن ود ولكن فعال » دراكا « و » فعاال« كون املوجود .مراتب احلياة

و حمفـوظ يف مجيـع وه رك ، د وال ، إن مالك احلياة الطبيعية هو الفعل وباختصار فإذا صح إطالق احلياة مبعىن واحد على تلك الدرجات . كامل وت املراتب ، ولكن بتطوير

باملعىن فاهللا سبحانه حي . املتفاوتة فليصح على املوجودات احلية العلوية لكن بنحو متكامل الذي تفيده تلك الكلمة ،

Page 156: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٦

زبدة واللب وال خذ بالنخبة واأل نواقص وال ى ، حبذف الزوائد مسلكن حياة مناسبة ملقامه األ « و » فعال « : ن شئت قلت إ و.»مدرك « و » فاعل « واملعىن ، فهو سبحانه حي أي

.راكيتها ودفعالية املمكنات، ال ك» دراك

لتصوير التطوير يف اإلطالق متثيلبها ينتزع مفهوما وسـيعا ن العقل بعد مالحظة مرات أ و ما ذكرناه يف حقيقة احلياة ،

كان يطلق يف البداية علـى » املصباح « إن لفظ : مثال. ينطبق على مجيعها ، أمر رائج تمدن ، فاصبح يطلق على كـل وال الغصن املشتعل ، غري أنه تطور حسب تطور احلضارة

قيقة املقومة ا ذاك إال ألن احل وم غاز والكهرباء ، مبفهوم واحد ، وال نفط وال مشتعل بالزيت ذه احلقيقة وه .نريا ما حوله وم كون الشيء ظاهرا بنفسه ، مظهرا لغريه : لصحة اإلطالق

املصباح الكهربائي على حنو ويف موجودة يف مجيع املصاديق ، ـ مع اختالف مراتبها ـ .أمت

النباتإن من الوهم تفسري حياة الباري من خالل ما نلمسه من احلياة املوجودة يف نفعال كيميائي أو ا و كما أن من الوهم أن يتصور أن حياته رهن فعل . نسان واإل يوانواحل

يف حتققها يف بعـض ن كان دخيال إ و يف حقيقة احلياة كل ذلك ليس دخيال فيزيائي ، إذ املوجـودات مراتبها ، إذ لوال هذه األفعال الكيميائية أو الفيزيائية ، المتنعت احليـاة يف

. يف حقيقتها مطلقـا على كونه دخيال لكن دخالته يف مرتبة خاصة ال يعد دليال .الطبيعية لكوا مقومـة حلقيقـة كما أن اشتعال املصباح بالفتيلة يف كثري من أقسامه ال يعد دليال

املقـوم ي أن وه ندئذ خنرج بالنتيجة التالية وع .ن كانت كذلك لبعض أقسامه إ و املصباح .شئت فعبروما راكا ، أ ود ، فعاالاعال وف ، مدركاامال وعللحياة كون املوجود عاملا

Page 157: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٧

دليل حياته سبحانه :ىل برهان بعد الوقوف على أمرين ال أظن أنك حتتاج يف توصيفه سبحانه باحلياة إ

.بحث فيهتقدم الوقد . ادر وققد ثبت بالربهان أنه سبحانه عامل ـ األولإن حقيقة احلياة يف الدرجات العلوية ، ال خترج عن كون املتـصف ـا ـ الثاين

.اعال وفاملا وع ،عاال وفدراكاـ فإذا تقرر هذان األمران تكون النتيجة القطعية أنه سبحانه ، مبا أنه عامل ادر ، وق

ا نفس احلياة عند تطويرها حبذف ومه قدرة للفعل وال عال ، ملالزمة العلم للدرك ، وف دراكإنه تعـاىل حـي « : جل ذلك نرى أن احلكماء يستدلون على حياته بقوهلم وأل .الزوائد

.)١(» المتناع كون من ميكن أن يوصف بأنه قادر عامل ، غري حي يوافيك أن مجيـع وس .علم وال احلقيقة حياته سبحانه عبارة عن اتصافه بالقدرة ويف

.صداقا ومن كانت خمتلفة مفهوما ، لكنها متحدة واقعيةإ وه سبحانهصفاتاعلة ، فمن املستحيل وف أضف إىل ذلك أنه سبحانه خلق موجودات حية ، مدركة

.ن يكون معطي الكمال فاقدا لهأ

سنة والحياته سبحانه يف الكتاب (: يت ال موت فيها إذ يقـول إن اهللا تعاىل يصف نفسه يف الذكر احلكيم باحلياة ال

فيه إمسا له » احلي « جاء لفظ وقد . )٢( ) وتوكل على احلي الذي ال يموت وسبح بحمده اهللا ال (: ال وعيقول جل. سبحانه مخس مرات

__________________ .٤٦كشف الفوائد يف شرح قواعد العقائد للعالمة احللي ، ص ) ١( .٥٨اآلية : سورة الفرقان ) ٢(

Page 158: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٨

موال نة وسن ذهأخال ت ومالقي احلي وإال ه ١( ) إله(. عاىل كان وال شـيء وت إن اهللا تبارك « : 8مام حممد بن على الباقر اإلوقال

يا ال موت فيه وح املا ال جهل فيه ، وع ادقا ال كذب فيه ، وص غريه ، نورا ال ظالم فيه ، .)٢(» ذلك ال يزال أبدا وكذلك هو اليوم وك،

كان حيا بال كيف : ه إال هو إن اهللا ال إل « : 8االمام موسى بن جعفر وقال ...ا بال حياة حادثة ، بل هو حي لنفسه كان عز٣(» وجل إهلا حي(.

ة واجبة ال يتطرق إليها العـدم ، وال فحياته سبحانه كسائر صفاته الكمالية ، صف ناسـب وي ضـرورتها ، تطرق ذلك يضاد وجوبهـا و نقطاع ، ألن واال يعرض هلا النفاد

.فروض خالفه واملإمكانها ،

* * * __________________

.٢٥٥اآلية : السورة البقرة )١( .١٤١توحيد الصدوق ، ص ) ٣(و ) ٢(

Page 159: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٥٩

فاتة البوتية الثالصذاتي )٥(و ) ٤(

معر والالسصب ورد وقـد ن من أمسائه السميع البصري ، إ و بصر ، وال إن من صفاته سبحانه السمع

واتر وصفه سبحانه بكونه مسيعا بصريا يف وت هذان الوصفان يف الشريعة اإلسالمية احلقة ، :قوال أبرزها على أولكنهم اختلفوا يف حقيقة ذينك الوصفني. سنة والالكتابفني يغايران وصف العلم ، بل مهـا مـن وص صره سبحانه ليسا وب إن مسعه ـ ١

.شعب علمه باملسموعات واملبصرات ، فألجل علمه ما صار يطلق عليه أنه مسيع بصري .نظري املوجود يف اإلنسان دراكانإ وإنهما وصفان حسيان ، ـ ٢بصر يغايران مطلق العلم مفهوما ، ولكنهما علمان خمصوصان وال السمعإن ـ ٣

دون أن يستلزم ذلك التوصيف جتـسما ، ومن وراء علمه املطلق من دون تكثر يف الذات فشهود املسموعات مسع ، . بصرة عنده سبحانه وامل ا هذا إال حضور اهلويات املسموعة ومبـصرة وامل ري علمه املطلق باألشياء العامة ، غري املسموعة و غ وه هود املبصرات بصر ، وش

)١(. __________________

.٤٢٣ ـ ٤٢١ ، ص ٦االسفار ، ج ) ١(

Page 160: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٠

:ي وهإذا تعرفت على األقوال نذكر مقدمةلك بوصـول األمـواج وذ دوات طبيعية أ و إن السماع يف اإلنسان يتحقق بأجهزة

. مث تدركه النفسينها إىل الدماغ املادم والصوتية إىل الصماخ ،مـن وإن وجود هذه األدوات املادية هل ه : ي وه غري أنه جيب التركيز على نكتة

نسان ، أو أنـه دخيـل يف واإل سماع يف مرتبة خاصة كاحليوان وال لوازم حتقق اإلبصار اليت شرحها العلم مبشراطه إنما دوات واأل ؟ ال شك أن هذه اآلالت حقيقتها بصورة عامة

هي من خصوصيات اإلنسان املادي الذي ال ميكنه أن يقوم بعملية اإلستماع واإلبـصار فلو فرض ملوجود أنه يصل إىل ما يصل إليه اإلنسان من دون هذه األدوات فهـو . بدوا

بـصار هـي حـضور واإل عأوىل بأن يكون مسيعا بصريا ، ألن الغاية املتوخاة من السما صور حاضرة عند موجـود وال مواجصور عند النفس املدركة ، فلو كانت األ وال األمواج

.علىأ وبال إعمال عمل فيزيائي أو كيميائي فهو مسيع بصري أيضا لتحقق الغاية بنحو أمت ثبت عند البحث عن مراتب علمه أن مجيع العوامل اإلمكانية حاضـرة لديـه وقد

بصرات خصوصا ، أفعاله سبحانه ، وامل سموعات وامل طالق ، سبحانه ، فاألشياء على اال لى هذا فعلمه وع عراضه حاضر لدى ذاته أ و الوقت نفسه علمه تعاىل ، فالعامل جبواهره ويف

.باملسموع كاف يف توصيفه بأنه مسيع كما أن علمه باملبصر كاف يف توصيفه بأنه بصريـ باملسموعات أو املبصرات مثل علمه سبحانه بالكليات ، نعم ليس علمه ذلك وب

.ثالث والفرق بني القول األولتقف على ال

إجابة عن سؤال بصرات لديه سبحانه مصححا لتوصيفه بالـسميع وامل إذا كان حضور املسموعات

؟ بصري فليكن هذا بعينه مصححا لتوصيفه بأنه ال مس ذائق شاموال

Page 161: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦١

جابة عن هذا السؤال واضحة بعد الوقوف على أن أمساءه سـبحانه توقيفيـة واإل لموسات حاضرة لديه سبحانه كحضور املسموعات وامل ذوقات وامل لك أن املشمومات وذو احلي القيوم أي وه كيف ، والوجود اإلمكاين بعامة مراتبه قائم به سبحانه ، . بصراتوامل

صحح ، لكن ملا كان وامل لى ذلك ال فرق من حيث املالك وع .هقوم لغري وامل القائم بنفسه رج يف تعريفه سبحانه مل يـصح إطـالق وامل القول بتوقيفية أمسائه تعاىل لسد باب اهلرج

.شام عليه والذائق والالمسال

سنة واليف الكتاب »البصري « و » السميع « ٤٢ مرة والثـاين ٤١جاء األول بصري ، فقد وال إنه سبحانه وصف نفسه بالسميع

.مرة يف الكتاب العزيزالغايات اليت يرشد إليها الذكر احلكيم يف مقام التوصيف ما هـو إيقـاف ومن

اإلنسان على أن ربه مسيع يسمع ما يتلفظه من كالم ، بصري يرى كل عمل يصدر منـه وا وتتقوا وتـصلحوا بـين أن تبر (: يقول سبحانه . فيحاسبه يوما حسب ما مسعه ورآه

ليمع ميعاهللا ساس وـوا أن اهللا (: قوله سبحانه وي )١( ) النلماعـبيل اهللا وقاتلوا في سو ليمع ميع(: قول سبحانه وي )٢( ) س صريلون بمعا تاهللا بمو ما كنتم نأي كمعم وه٣( ) و(

.)٤( ) واهللا يسمع تحاوركما إن اهللا سميع بصري (: قول سبحانه ويـ ، بصري ال بتفريق آلـة وال « : 7اإلمام علي بن أيب طالب وقال شاهد ال وال

.)٥(» بمماسة __________________

.٢٢٤اآلية : سورة البقرة ) ١( .٢٤٤ اآلية: سورة البقرة ) ٢( .٤اآلية : سورة احلديد ) ٣( .١: اآلية : سورة اادلة ) ٤( .١٥٥ج البالغة ، اخلطبة ) ٥(

Page 162: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٢

.)١(» سكت علم سره من ومن تكلم سمع نطقه ، « : 7وقال ا مل يزل اهللا تعاىل عليما قادرا حيا قدمي « : 7اإلمام علي بن موسى الرضا وقال .)٢(» سميعا بصريا هو تعاىل مسيع بصري ، سميع بغري جارحـة ، « : 7اإلمام جعفر الصادق وقال

.)٣(» بصر بنفسه ي وصري بغري آلة ، بل يسمع بنفسهوب بصر مبـا وي إنه سميع بصري ، يسمع مبا يبصر ، « : 7اإلمام حممد الباقر وقال

.)٤(» يسمع حتاد بعضها مع الـبعض ا و .واحلديث األخري يشري إىل احتاد صفاته سبحانه مع ذاته

فليست حقيقة السمع يف ذاته سبحانه غري حقيقة البصر ، بل هـو . اآلخر يف مقام الذات .صر كلها وببصر بالذي يسمع ، فذاته مسع كلها وييسمع بالذي يبصر

__________________ .١٨٢ج البالغة ، اخلطبة ) ١( .١٤٤ و ١٤٠توحيد الصدوق ، ) ٣(و ) ٢( .املصدر السابق) ٤(

Page 163: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٣

ة الذاتيبوتيةالصفات الث)٦(

اإلدراكدرك بصيغة الفاعل من أمسائه ، تبعا وامل قد عد بعض املتكلمني اإلدراك من صفاته ،

.)١( ) ركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف اخلبريال تد (: لقوله سبحانه شك أنه سبحانه حبكم اآلية الشريفة مدرك ، لكن الكالم يف أن اإلدراك هـل وال

؟ ، أو هو علم رادفه وي ؟ ، أو هو يعادل العلم زئيات واجل هو وصف وراء العلم بالكليات م باملوجودات اجلزئية العينية ، فإدراكه سبحانه هو شهود األشياء اخلارجية العلو وه خاص

.ووقوفه عليها وقوفا تامااأللفاظ املستعملة يف القرآن الكـرمي يف أنـواع اإلدراك : يقول العالمة الطباطبائي

عرفـان والفهـم وال كرذ وال شعور وال سبان واحل كثرية رمبا بلغت العشرين كالعلم والظن عقل وال شهادة وال برة واخل كمة واحل فظ واحل زعم وال رأي وال فكر وال يقني وال دراية وال فقهوال .بصرية والفتوى واللحق ا مثل القولوي

تغير ، غري والركة واحلاأللفاظ ال ختلو معانيها عن مالبسة املادةوهذه __________________

.١٠٣اآلية : سورة األنعام ) ١(

Page 164: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٤

فألجل عدم استلزامها النقص . شهادة وال ربة واخل كمة واحل العلم احلفظ : ي وه مخسة منها ـ .)١( ) واهللا بكل شيء عليم (: قال تعاىل . والفقدان استعملت يف حقه سبحانه ال وق

.)٢( ) وربك على كل شيء حفيظ (تعاىل إنـه هـو العلـيم (: ال سبحانه وق)٣( ) واهللا بما تعملون خبري (: تعاىل وقال

٤(. ) احلكيم( .)٥( ) أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (: تعاىل وقال

بر عنـه وع اآلياتيظهر أن إدراكه سبحانه ليس شيئا وراء ما جاء يف هذه وبذلك ، ) الـشهيد (قرب هو كونه مبعىن األخري واأل.شهيد والكيم واحلبري واخلفيظ واحل بالعليم

يامها به قيام املعىن احلريف باإلمسي ، معـىن وق ضورها لدى ذاته وح فشهوده للموجودات .)٦( ) صار وهو اللطيف اخلبريال تدركه األبصار وهو يدرك األب (كونه مدركا لألشياء

* * * __________________

.١٧٦اآلية : سورة النساء ) ١( .٢١اآلية : سورة سبأ ) ٢( .٢٣٤اآلية : سورة البقرة ) ٣( .٨٣اآلية : سورة يوسف ) ٤( .٢٦١ ـ ٢٥٩ ، ص ٢ ، الحظ فيما ذكرناه امليزان ، ج ٥٣اآلية : سورة فصلت ) ٥( .١٠٣اآلية : االنعام سورة) ٦(

Page 165: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٥

بوتية الذاتيةالصفات الث)٧(

اإلرادة يشك يف ذلك أحـد مـن والإن اإلرادة من صفاته سبحانه ، واملريد من أمسائه ،

ذلك جيب علينـا اخلـوض يف جل وأل.نما اختلفوا يف حقيقة إرادته تعاىل إ و .اإلهليني أبدا :مقامني

.اآلراء املطروحة يف تفسري اإلرادة على وجه اإلطالقاستعراض :األول .يةتفسري خصوص اإلرادة اإلهل :الثاين

؟ ما هي حقيقة اإلرادة ـ ١إن اإلرادة والكراهة كيفيتان نفسانيتان كسائر الكيفيـات النفـسانية ، جيـدمها

غـري أن . مور الوجدانية األ ريمها من وغ مل واأل اإلنسان بذاما بال توسط شيء مثل اللذة يـك اآلراء لإ و.ياغته يف قالب علمـي وص علميا اهلدف حتليل ذلك األمر الوجداين حتليال

.املطروحة يف هذا اال اعتقاد« كراهة ب وال»اعتقاد النفع « أ ـ فسرت املعتزلة اإلرادة ب

Page 166: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٦

ترك متساوية ، فإذا حصل يف النفس وال فعل، قائلني بأن نسبة القدرة إىل طريف ال » الضرر .را فيهصري الفاعل مؤث وياإلعتقاد بالنفع يف أحد الطرفني ، يرجح بسببه ذلك الطرف

أنه ناقص جدا ، ألن جمرد اإلعتقاد بالنفع ال يكـون مبـدأ للتـأثري يالحظ عليه ومبـا ور يريدها ، وال من األفعالفعل ، إذ كثريا ما يعتقد اإلنسان بوجود النفع يف كثري وال

ع ذلك يريدها ملوافقتها لبعض القوى وم ال يعتقد بوجوده فيها ، بل يعتقد بوجود الضرر .احليوانية

خرى اإلرادة بأا شوق نفساين حيصل يف اإلنـسان تلـو أفسرت مجاعة ـ ب .اعتقاده النفع

وال إذ رمبـا تتحقـق اإلرادة أن تفسري اإلرادة بالشوق ناقص جدا يالحظ عليه و وال يتحقق الشوق املؤكد وقد . يكون مثة شوق كما يف تناول األدوية املرة ألجل العالج

.شتهيات احملظورة للرجل املتقي واملتكون هناك إرادة موجدة للفعل كما يف احملرمات .صوصا من وجه وخشوق عموما والذلك صارت النسبة بني اإلرادةوألجل

عرب عنها بالقـصد وي فعل وال اإلرادة كيفية نفسانية متخللة بني العلم اجلازم ـ جيس ذلك القصد من مقولة الشوق بقـسميه ول .تصميم أخرى وال اإلمجاع وب والعزم تارة ،

ري املؤكد ، كما أنه ليس من مقولة العلم رغم حضوره لدى الـنفس كـسائر وغ املؤكدةالكيفيات النفساني.

.»يل القاطع حنو الفعل واملالقصد« ، حقيقة اإلرادة وباختصار ناك نظريات أخرى طوينا عنها وه هذه بعض التفاسري املختلفة حول حقيقة اإلرادة

.الكالم رادة اإلهلية بواحدة منها ، أماكل تقدير ، ال ميكن تفسري اإلوعلى

Page 167: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٧

رادة باعتقاد النفـع مـالزم إلنكـار اإلرادة مطلقـا يف أولها فقد عرفت أن تفسري اإل لك ألن مرجعها إىل العلم بالنفع ، مع أنـا وذ عن اهللا سبحانه املوجودات اإلمكانية فضال

نكـر وي عتقاد بالنفع ، والقائل ذه النظرية يثبت العلم واإل جند يف أنفسنا شيئا وراء العلم ري اإلرادة باإلعتقاد بالنفع يف املوجودات اإلمكانية يبطـل تفـسري فإذا بطل تفس . اإلرادة

يوافيك أن من يفسر إرادة اهللا سبحانه بالعلم باألصلح ، متأثر وس .إرادته سبحانه به أيضا ـ الظاهر يف النفع الشخصي ـ من هذا التفسري ، غري أنه بدل العلم بالنفع إىل العلـم ـ

.ق حباله سبحانه ، اهلادف إىل مصاحل العباد ، فانتظرباألصلح الالئالتفسري الثاين ، أعين الشوق أو خصوص الشوق املؤكد ، فلو صح يف اإلنسان وأما

فإن الشوق . فال يصح يف اهللا سبحانه ، ألن الشوق من مقولة اإلنفعال تعاىل عنه سبحانه ج من النقص إىل الكمال ، فيـشتاق إىل إىل الشيء شأن الفاعل الناقص الذي يريد اخلرو

.الشيء شوقا أكيداتـصميم ، وال عزم ، أو اإلمجـاع وال التفسري الثالث ، فسواء أفسرت بالقصد وأما

ي ذا املعىن يستحيل أن تقـع وه فحقيقتها احلدوث بعد العدم ، والوجود بعد الالوجود .)١(وصفا لذاته الستلزامه كون ذاته معرضا للحوادث

: عدم مناسبة هذه التعاريف لذاته سبحانه ، صار املتأهلون على طـائفتني وألجل طائفة جتعلها من صفات الفعل من صفات الذات لكن مبعىن آخر ، و طائفة حتاول جعلها

ـ عمـال قدرتـه إ و رزق تنتزع من فعله سبحانه وال فتذهب إىل أن اإلرادة كاخللق ذه وهيـك لإ و.شكاالت الواردة على كوا من الصفات الذاتيـة الطائفة أراحت نفسها من اإل

.الكالم حول نظريات هاتني الطائفتني__________________

. للحوادثيوافيك يف الصفات السلبية أن ذاته تعاىل ليست حمالوس) ١(

Page 168: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٨

خصوص اإلرادة اإلهلية ـ تفسري٢جانب آخر إن ومن احته سبحانه ، ملا كانت اإلرادة باملعاين املتقدمة غري مناسبة لس

ــ كمـال فيـه ، ا مضطر يف مقابل كونه فاعال ـ مريدا ون الفاعل فاعال وك اإلرادةققون توصيفه سبحانه ا مبعىن يصح محلـه واحمل دمها يعد نقصا فيه ، حاول احلكماء وع .فسري هذه احملاولة بصور خمتلفةيك تلإ و.وصيفه به وتعليه

سبحانه علمه بالنظام األصلح دتهأ ـ إرامنا فسروها ا فرارا من إ و .مت واأل كمل واأل إن إرادته سبحانه علمه بالنظام األصلح

نفعال ، كما هو احلال يف واإل ا يستلزم الفعل وم درجي ، وت توصيفه سبحانه بأمر حدوثي .اإلرادة اإلنسانية

عقل نظام اخليـر وي ونه مريدا أنه سبحانه يعقل ذاته معىن ك « : قال صدر املتأهلني لك النظـام يكـون ال حمالـة كائنـا وذ .نه كيف يكون أ و من ذاته ، املوجود يف الكل

.)١(» ستفيضا ومو بعينـه هـو وهإن إرادته سبحانه بعينها هي علمه بالنظام األمت ، « : أيضا وقال

.)٢( » الداعي ال أمر آخر على الوجه األمت لإن إرادته سبحانه هي العلم بنظام الك « : احملقق الطوسي وقال

ذا كانت القدرة والعلم شيئا واحدا ، مقتضيا لوجود املمكنات على النظام األكمـل إ و ، .)٣(» رادة شيئا واحدا يف ذاته خمتلفا باإلعتبارات العقلية واإلعلم والكانت القدرة

__________________ .٣١٦ ، ص ٦األسفار األربعة ، ج ) ١( .٣٣٣املصدر السابق ، ص ) ٢( .٣٣١املصدر نفسه ، ص ) ٣(

Page 169: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٦٩

مناقشة هذه النظريةصلح ولكن تفسري واأل تم واأل امل بالنظام األكمل وع ال شك أنه سبحانه عامل بذاته

فإنكارها يف مرتبة الذات مساوق . ة فيه سبحانه اإلرادة به ، يرجع إىل إنكار حقيقة اإلراد إلنكار كمال فيه ، إذ ال ريب أن الفاعل املريد أكمل من الفاعل غري املريد ، فلو فـسرنا

يـشبه الفاعـل رفناه فاعال وع إرادته سبحانه بعلمه بالنظام ، فقد نفينا ذلك الكمال عنه ر أن القـدرة أفاده احملقق الطوسي حيث تـصو ذلك يظهر النظر فيما وب .املضطر يف فعله

جل عدم صحة هذا التفسري نرى وأل .علم شيء واحد بذاته خمتلفان باإلعتبارات العقلية وال عبد اهللا قلت أليب : قال بكير بن أعين . ينكرون تفسريها بالعلم :ئمة أهل البيت أأن

؟ فقانشيئته خمتلفان أو مت ومعلمه : 7الصادق ترى أنك تقول سأفعل كذا إن شاء اهللا العلم ليس هو املشيئة ، أال « : 7فقال

.)١(» تقول سأفعل كذا إن علم اهللا وال، تـرك ، والإن اإلرادة صفة خمصصة ألحد املقدورين أي الفعـل : شئت قلت وإن

لـك وذ الإجيـاد ، وال صحة اإلجياد أما القدرة ، فخاصيتها . قدرة وال ي مغايرة للعلم وهترك على السواء ، فال تكون نفـس اإلرادة وال طريف الفعل ىلإ و بالنسبة إىل مجيع األوقات

خراج القدرة عن كوـا متـساوية بالنـسبة إىل إ و اليت من شأا ختصيص أحد الطرفني .الطرفنيدة من املبادئ القريبة إىل الفعل ، را واإل املبادئ البعيدة لإلرادة ، من والعلم فه ما وأ

.فال معىن لعدمها شيئا واحدا ن كان أمرا معقوال إ و فاسد خمصصا ألحد الطرفني ، وامل نعم ، كون علمه باملصاحل

ن اشترك مع اإلرادة يفإ و، لكن ال يصح تسميته إرادة__________________

.رادة ، باب اإل١٠٩ ، ص ١الكايف ، ج ) ١(

Page 170: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٠

ي ختصيص الفاعل قدرته بأحد الطرفني ، إذ اإلشتراك يف النتيجة ال يوجب أن وه النتيجة .كون كافيا عن توصيفه بذلك الكمال أي اإلرادة وييقوم العلم مقام اإلرادة

واب وجسؤال؟ إذ لو كانت واقعيـة ملاذا ال تكون حقيقة اإلرادة نفس علمه سبحانه : رمبا يقال

تركيب وال كثرة آية التركيب ، وال .ول غري واقعية الثاين للزمت الكثرة يف ذاته سبحانه األ .ه عن كل ذلكو تعاىل مرت وه الكل إىل األجزاء ،يالزم اإلمكان ، لضرورة احتياج

كل مع الذات ، أن ذاتـه وال إن معىن احتاد الصفات بعضها مع بعض ، : اجلواب ون تلك الصفات بواقعياا ، موجودة فيها أ و قدرة كلها ، حياة كلها سبحانه علم كلها ،

عضها الثالـث قـدرة ، وب عضها اآلخر علما ، وب يس بعضها حياة ول على حنو البساطة ، يراد من ذلك إرجاع واقعية إحدى الـصفات إىل وال .الستلزام ذلك التركيب يف الذات

ثبات صفة إ و فإن مرد ذلك إىل إنكار مجيع الصفات .علمه قدرته : األخرى بأن يقال مثال .واحدة

قـدرة وال ياة واحل سيطة اجتمع فيها العلم وب إن هناك واقعية واحدة حبتة وباختصار ذا غري القول بأن واقعية إرادتـه وه .ركب وت بواقعياا من دون أن حيدث يف الذات تكثر

فإن مرد ذلـك إىل نفـي . شيئة وامل واقعية اإلرادة هي واقعية علمه ، ليلزم من ذلك نفي كما أن القول بأن واقعية قدرته ترجع إىل علمه مرده إىل نفي القدرة ال إثبـات . اإلرادة :توضيح املطلب نقول ولالوحدة

كون لكل مفهوم واقعية فيه وي إنه ميكن أن تنتزع مفاهيم كثرية من الشيء البسيط لك مثل اإلنسان اخلارجي بالنسبة إىل اهللا سـبحانه ، وذ .تركب وال التكثرمن دون طروء

. عضا منه معلوم وب ال أن بعضا منه مقدور ، . فهو كله مقدور هللا ، كما أن كله معلوم هللا الوقت نفسه ويففالكل مقدور ،

Page 171: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧١

.ع ذلك ليست واقعية املعلومية نفس واقعية املقدورية وم.معلومكـون ويدرة كلها ، وق تقدر على جتويز أن تكون ذاته سبحانه علما كلها ، وذا

.)١(تركب واللكل وصف واقعية من دون طروء الكثرة

إرادته سبحانه ابتهاجه بفعله ب ـلك ألنه ملا كانت ذاته وذ .ضاها به ور إن إرادته سبحانه ابتهاج ذاته املقدسة بفعلها

نبعث من اإلبتهاج الـذايت وي امه ، فهو مبتهج بذاته أتم اإلبتهاج ومت ريسبحانه صرف اخل ذه احملبة الفعلية هـي وهوازمه ولابتهاج يف مرحلة الفعل ، فإن من أحب شيئا أحب آثاره

رادة مـن صـفات اإلرادة يف مرحلة الفعل ، وهي اليت وردت يف األخبار اليت جعلت اإل فابتهاجه الـذايت : رادة يف مقام الفعل إ و إرادة يف مقام الذات ، : مرحلتان فلإلرادة . فعله

.ضاه بفعله إرادة يف مقام الفعل ورإرادة ذاتية ،فإن حقيقـة اإلرادة . إن هذه النظرية كسابقتها ال ترجع إىل حمصل :يالحظ عليه ا باآلخر إنكار هلذا الكمـال يف فسري أحدمه وت .ري حقيقة اإلبتهاج وغ غري حقيقة الرضا ،

مـضطرا موجبـا ، مر أن كون الفاعل مريدا ، يف مقابل كونه فاعال وقد . ذاته سبحانه فال ميكن نفي هذا الكمال عن ذاته على اإلطالق ، بل جيب توصيفها ا . كملأ و أفضل

.ه يف هذا البابانيوافيك بي وسعلى التطوير اخلاص الذي مر مثله يف تفسري احلياة ،

سلطنة والإعمال القدرة ج ـ إرادته سبحانهعلها وج إن مجاعة من املتكلمني ملا وقفوا على أنه ال ميكن توصيفه سبحانه باإلرادة

من صفات ذاته الستلزامه بعض اإلشكاالت اليت مرت عليك ، عمدوا إىل جعلـها مـن إنا « :قالوا . رازقية والصفات الفعل كاخلالقية

__________________ إن للشيخ احملقق األصفهاين يف تعليقاته على الكفاية كالما يف املقام ينفعك جدا ، فراجع اية الدرايـة ج ) ١( . ، ط طهران١١٧ ـ ١١٦ ، ص ١

Page 172: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٢

ا كانت سلطنته تعاىل تامة ومل سلطنة ، وال ال نتصور إلرادته تعاىل معىن غري إعمال القدرة يتصور النقص فيها أبدا ، فبطبيعة احلال يتحقق الفعل يف وال نواحي ، وال مجيع اجلهات من

وجد صرف إعمال القدرة من دون توقفه على أية مقدمة أخرى ، كمـا هـو وي اخلارج .)١( ») إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (: مقتضى قوله سبحانه

سلطنة إما إختياري له سبحانه أو اضـطراري ، والن إعمال القدرة إ:يالحظ عليه يصح توصيفه بالقـدرة وال مضطرا سبيل إىل الثاين ألنه يستلزم أن يكون تعاىل فاعال والال بد أن يكـون . ؟ خمتارا لى األول ، فما هو مالك كونه فاعال وع . تسميته بالقادر وال

خمتارا ، فال يـصح نفيذ القدرة شيء يدور عليه كونه فاعال وت هناك قبل إعمال السلطنة .كتفاء بإعمال القدرةاإل

ت ، إن اإلكتفاء بإعمال القدرة من دون إثبات اختيار له يف مقام الـذا وباختصار .األحناء ، غري مفيدمن وبنح

الفعلسبحانه نسبة متامية السبب إىل د ـ إرادتهإن الصفة : اصل نظريته وح جعل العالمة الطباطبائي إرادته تعاىل من صفات فعله ،

الوحيدة من بني الصفات النفسانية اليت جيدها اإلنسان يف صميم ذاته ، القابلة لإلنطبـاق .»القصد « ، هي صفة » اإلرادة « على عنوان

ققه ، عبارة عن امليل النفـسي حت والذي هو واسطة بني العلم بالفعل » القصد « و .للفاعل إىل اإلتيان بالفعل

ألننا ندرك بالوجدان أن ارادتنا متوسطة . يصح أبدا تفسري اإلرادة بصفة العلم وال .تيان به ، ال نفس العلم واالبني علمنا بالفعل

ـ بعد جتريدها من النقائص ـ هذا ، فإذا أردنا توصيفه تعاىل باإلرادة وعلى ال ـ .قيقة العلم غري ماهية اإلرادة وحميكننا تطبيقها على علمه تعاىل ، ألن ماهية

__________________ .٣٨ ، ص ٢ احملاضرات ، ج ٨٢آلية ا: سورة يس ) ١(

Page 173: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٣

.جتريد اإلرادة عن النقائص ال جيعلها متحدة مع العلم حقيقةولية هللا تعاىل ، كصفات تكون صفة فع ـ بعد جتريدها من النقائص ـ مث إن اإلرادة

.رمحة والجياد واإلاخللقسباب إجياد الفعل ، تنتزع عنـد ذاك أ و ما تكتمل مجيع مقدمات عند: بيان ذلك

، من دون أن تكون هنـاك » مرادا « فعل وال ،» مريدا « صفة اإلرادة ، فيكون تعاىل .واقعية ما بإزاء صفة اإلرادة سوى حالة متامية األسباب

قتـضيات وم اإلرادة يف اهللا تعاىل صفة منتزعة من اجتماع علـل : أخرى ارة وبعباميتها إىل الفعـل ، ومت إذا عند ذاك ، تارة ينسب اكتمال مقدمات الفعل . وجود الشيء

) اكتمال املقدمات (فإذا نسب إىل الفعل مسيت هذه احلالة . وأخرى ينسب إىل اهللا تعاىل وإذا نسب إىل اهللا تعاىل مسيت هـذه . »مراد اهللا « : فعل ، ونفس ال » إرادة الفعل « :

.»مريدا « : تعاىل واهللا،» إرادة اهللا « : احلالة إن الرباهني اليت أقامها احلكماء إلثبات كون اإلرادة إحـدى :1العالمة ويقول

لمه ع و صفات الذات ، ال تثبت أزيد من أن مجيع مظاهر الوجود مستندة إىل قدرته تعاىل .)١( تثبت أن إرادته تعاىل عني علمه أو قدرته والبالنظام األصلح ،

املالك إلطالق اإلرادة هو متامية الفعل من حيث السبب كان وإنه ل :يالحظ عليه .ترى و كما وه، يلزم صحة إطالقها فيما إذا كان الفاعل املضطر تاما يف سببيته ،

ـ مية السبب فيما إذا كان الفاعل عاملا أضف إىل ذلك أن متا اعرا ، حقيقـة ، وشقلنا إنه جيب إجراء الصفات على اهللا سبحانه بعد التجريـد وقد . رادة حقيقة أخرى واإل

ادية ، مع التحفظ على معناهـا ، ال سـلخها عـن حقيقتـها وامل عن شوائب اإلمكان .اقعيتهاوو

__________________ اية احلكمة ص و .٣١٦ و ٣١٥ ، ص ٦ يف تعاليق األسفار ج 1ما أوردناه هو تقرير واضح ملا أفاده ) ١(

٣٠٠.

Page 174: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٤

احلق يف املوضوع ـ هري عليه سبحانه على التطوير الذي ذكرناه وجت احلق أن اإلرادة من الصفات الذاتية

:ي وهفاته سبحانهجل توضيح املطلب نأيت بكلمة مفيدة يف مجيع ص وأل»احلياة « يف جتريدها مـن شـوائب ـ يف إجراء صفاته سبحانه عليه ـ جيب على كل إهلي

لها عليه باملعىن الذي يليق بساحته مع التحفظ على حقيقتها ومح ات اإلمكان ، ومس النقص .اقعيتها حىت بعد التجريدوو

ـ وصياتريه عليه مجردا عن اخلص وجن ا نصفه سبحانه بالعلم ، ، إن مثال دود واحلن مـا كـو أ و.و حضور املعلوم لدى العامل وه اإلمكانية ولكن مع التحفظ على واقعيته ،

ثل وم .علوم ، فهو منزه عن هذه اخلصوصيات وامل ا أو إضافة بني العالم يعلمه كيفا نفسان دة عـن ري عليه سبحانه جمر وجت ذلك اإلرادة ، فال شك أا وصف كمال له سبحانه ،

نقضاء بعد حصول املراد ، فإن ذلك كلـه مـن واال تدرج وال طروء وال سمات احلدوث خمتارا يف مقابـل منا يراد من توصيفه باإلرادة كونه فاعال إ و .خصائص اإلرادة اإلمكانية

يك توضـيحه يف لإ و ذا هو األصل املتبع يف إجراء صفاته سبحانه وه . مضطرا كونه فاعال :د اإلرادة ورم

و الفاعل الطبيعي ، كالنار وه إن الفاعل إما أن يكون مؤثرا بطبعه غري عامل بفعله ، ما أن يكون عاملا بفعله غري مريد له فيصدر منه الفعل عن شـعور إ و .بالنسبة إىل اإلحراق

راده وإمنا أراده ألجـل ما أن يكون عاملا مريدا عن كراهة مل إ و .بال إرادة كرعشة املرتعش وإما أن يكون عاملا مريـدا . ن وأضعف الضررين ، كما يف الفاعل املكره يأنه أقل اخلطر

قـسمان وال .و الفاعل املريد الراضـي بفعلـه وه لكن ال عن كراهة بل عن رضا بفعله لقـسم ن كانا يشتركان يف كون الفاعل فيهما مريدا لكن ملا كان الفاعل يف ا إ و األخريان

بعامل خارجي ، ال يعد فعله مظهراألول منهما مقهورا

Page 175: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٥

.لإلختيار التام ، خبالف الثاين فالفاعل فيه فاعل خمتار تام وفعله مجلى لإلختيارثبات جيرنا إىل القول بأن فاعليتـه واإل احلصر احلقيقي الذي يدور بني النفي وهذا :أحد الوجوه األربعة سبحانه ب

فاقدا للعلم ، أو يكون عاملا فاقدا لإلرادة ، أو يكـون عاملـا أن يكون فاعال إما ريـدا وم ريدا ولكن عن كراهة لفعله ألجل إحاطة قدرة قاهرة عليه ، أو يكون عاملـا وم

ول ثالثة األ وال .اعلية الباري سبحانه غري خارجة عن إحدى هذه الوجوه وف .راضيا بفعله يكـون وال مله ، وع مريدا مالكا لزمام فعله سبحانه فتعين كونه فاعال غري الئقة بساحته .هذا من جانب. لق واخلمقهورا يف اإلجياد

تـدرج وال جانب آخر إن اإلرادة يف املراتب اإلمكانية ال تنفك عن احلدوث ومن اهللا سـبحانه ، املعلوم إن إجراءها ذه السمات على ومن نقضاء بعد حصول املراد ، واال

فيجب علينا يف إجرائها عليه سـبحانه حـذف . حمال الستلزامه طروء احلدوث على ذاته بورا وجمدم كونه مضطرا يف فعله وع اختياره هذه الشوائب ، فيكون املراد من إرادته حينئذ

.بقدرة قاهرةل بكوا مـن وجب القو الإ و عم املراد ، فلو صح تسمية هذا اإلختيار باإلرادة فن

.صفات الفعلإن اإلرادة صفة كمال ال ألجل كوا حادثة طارئة منقضية بعـد : أخرى وبعبارة مة عدم املقهورية حـىت إن وس منا هي صفة كمال لكوا رمز اإلختيار إ و حدوث املراد ،

لفعل على اآلخر تلـو الفاعل املريد املكره له قسط من اإلختيار ، حيث خيتار أحد طريف ا غاية من توصيف وال فإذا كان اهلدف . حماسبات عقلية فريجح الفعل على الضرر املتوعد به

دم املقهورية فتوصيفه سبحانه بكونه خمتـارا غـري وع الفاعل باإلرادة هو إثبات اإلختيار ألن مقهور يف سلطانه ، غري جمبور يف إعمال قدرته ، كاف يف جـري اإلرادة عليـه ،

مر أنـه يلـزم يف إجـراء وقد . كمل واأل املختار واجد لكمال اإلرادة على النحو األمت الكمال ، فكمال اإلرادة ليس يفخذ جبهة واألالصفات ترك املبادي

Page 176: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٦

من وكوا طارئة زائلة عند حدوث املراد أو كون الفاعل خارجا ا عن القوة إىل الفعل أ اهلا يف كون صاحبها خمتارا ، مالكا لفعله آخذا بزمام عملـه ، بل كم. النقص إىل الكمال

هذا هو كمال اإلرادة ، فاهللا سبحانه واجد له على النحو األكمل إذ هو الفاعل كان وفل .)١( ) واهللا غالب على أمره (املختار غري املقهور يف سلطانه ،

يف السنة اإلرادةرادتـه مـن إ و أن مـشيئته :ملأثورة عن أئمة أهل البيت يظهر من الروايات ا :يك نبذا من هذه الروايات والالقية ، واخلصفات فعله ، كالرازقية

مل يـزل اهللا : قلـت « : قال 7 عبد اهللا روى عاصم بن حميد عن أيب ـ ١ .)٢(» عاملا قادرا ، مث أراد مل يزل اهللا . معهإن املريد ال يكون إال ملراد: قال . ؟ مريدا

رادة مبعىن العزم على اال هي اإلرادة اليت كانت يف ذهن الراوي وسأل عنها ن أ ويبدفأراد اإلمام هدايته إىل أن اإلرادة ذا املعـىن ال . الفعل ، الذي ال ينفك غالبا عن الفعل

جـل أن وأل .اد أو حدوث املريد ميكن أن تكون من أوصافه الذاتية ، ألنه يستلزم قدم املر اإلرادة باملعىن 7يتلقى الراوي معىن صحيحا لإلرادة ، يناسب مستوى تفكريه ، فسر

أي مث » مل يزل اهللا عاملا قـادرا مث أراد « : ال وق الذي جيري عليه سبحانه يف مقام الفعل صافه الذاتية بـشكل ال ولكن ما جاءت به الرواية ال ينفي أن تكون اإلرادة من أو . خلق

. جمبور والو كونه سبحانه خمتارا بالذات غري مضطر وهيستلزم قدم املراد ، تفسريهانه مرحلتان كعلمه ، ولكلظهر أن إلرادته سبحوبذلك

__________________ .٢١اآلية : سورة يوسف ) ١( .ديث األول ، احل١٠٩ ، باب اإلرادة ، ص ١الكايف ج ) ٢(

Page 177: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٧

.اصاخلأخبرين عن اإلرادة « : 7قلت أليب احلسن : روى صفوان بن يحىي قال ـ ٢ .»اخللق ومن من اهللا ،

ا يبدو هلم بعد ذلك من الفعل وم اإلرادة من اخللق الضمري ، « : 7فقال : قال يتفكـر ، وال يهم وال ما من اهللا تعاىل فإرادته ، إحداثه ال غري ذلك ، ألنه ال يروي أ و ،فإرادة اهللا الفعل ال غري ذلك ، يقول لـه . ي صفات اخللق وه ذه الصفات منفية عنه ، وه

كيف لذلك ، كمـا وال تفكر وال همة ، وال بلسان ،كن فيكون ، بال لفظ ، وال نطق .)١(» أنه ال كيف له

رادة اليت كـان البحـث فاإل. تحليل وال الرواية تتحد مع سابقتها يف التفسري وهذه ا يبدو للمريد بعد الـضمري وم الضمري« يدور عليها بني اإلمام والراوي هي اإلرادة مبعىن

يـصح وال ية اإلمكان ، وآ املعلوم أن اإلرادة ذا املعىن مسة احلدوث ، ومن . »من الفعل « : ن الباري ، فقال جل ذلك ركز اإلمام على نفيها ذا املعىن ع وأل .توصيفه سبحانه به

ي وال يهميتفكر والألنه ال يرو «. ألجل أن يتلقى الراوي مفهوما صحيحا عن اإلرادة يناسـب مـستوى ـ ولكن

فإرادة اهللا الفعل ال غري ذلـك ، « : عقليته فسر اإلمام اإلرادة ، باإلرادة الفعلية ، فقال اجلهات ال يصح لنا أن نقول إن اإلمـام فمع مالحظة هذه . »... يقول له كن فيكون

.بصدد نفي كون اإلرادة من صفات الذات ، حىت باملعىن املناسب لساحة قدسه سبحانه .)٢(» املشيئة محدثة « : قال 7 عبد اهللا روى حممد بن مسلم عن أيب ـ ٣

الراويواهلدف من توصيف مشيئته سبحانه باحلدوث هو إبعاد ذهن __________________

.٣املصدر السابق ، احلديث ) ١( .٧ ، باب اإلرادة ، احلديث ١ ج الكايف ،) ٢(

Page 178: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٨

فا للذات ، فإن تفسري اإلرادة ذا املعـىن ال وص علها وج عن تفسريها بالعزم على الفعل فألجل ذلك فسر اإلمام اإلرادة بأحد معنييهـا . خيلو عن مفاسد ، منها كون املراد قدميا

ـ ، كناية عن حدوث فعله » املشيئة محدثة « : ال وق و اإلرادة يف مقام الفعل وه دم وع .قدمه

تقدر على تفسري ما ورد حول اإلرادة من الروايات اليت تركز على كوـا وبذلك .)١(فا لفعله سبحانه وص

عـد نـت ب أ و مث إن ها هنا أسئلة حول كون إرادته سبحانه من صفاته الذاتيـة ، :يك بعض تلك األسئلة لإ و.اإلحاطة مبا ذكرنا تقدر على اإلجابة عنها

كما ذكره الـشيخ ـ إن امليزان يف متييز الصفات الذاتية عن الصفات الفعلية ـ ١ثبات بل تكون واإل األوىل ال تدخل يف إطار النفي ن أ وه ـ الكليين يف ذيل باب اإلرادة

يعلم ، خبالف الثانية فإا تقع حتت دائرة النفي وال قال إن اهللا يعلم أحادية التعلق ، فال ي فعلى ضوء هذا ، جيب أن تكـون اإلرادة مـن . يعطي وال واإلثبات فيقال إن اهللا يعطي

يريد اهللا بكـم (: يقول سبحانه . ثبات واإل صفات الفعل إذ هي مما يتوارد عليها النفي ال يو رساليرسالع بكم ٢( ) ريد(.

:واجلواب عن هذا السؤال بوجهني ثبات هي اإلرادة يف مقام الفعـل ، واإل إن اإلرادة اليت يتوارد عليها النفي :أحدمها

و اإلختيار ، فال تقع يف إطـار وه ما اإلرادة يف مقام الذات اليت فسرناها بكمال اإلرادة أو .ثبات واإلالنفي

ا أجاب به صدر املتأهلني معتقدا بأن هللا سبحانه إرادة بسيطة جمهولـة م :نيهما ثاوثبات ، اإلرادة العددية اجلزئية املتحققـة يف مقـام واإل ن الذي يتوارد عليه النفي أ و الكنه ونه سبحانه وكما أصل اإلرادة البسيطة ،أ و.الفعل

__________________ .١١١ ـ ١٠٩ ، ص ١ثقة اإلسالم الكليىن ، ج الحظ الكايف ، ل) ١( .١٨٥اآلية : سورة البقرة ) ٢(

Page 179: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٧٩

ن منـشأ أ و .جياب ، فال جيوز سلبه عن اهللا سـبحانه إ و عن إرادة ال عن اضطرار فاعالاالشتباه هو اخللط بني اإلرادة البسيطة يف مقام الذات ، اليت ال تتعدد وال تتـثىن ، وبـني

.ثبات واإلتثىن ويرد عليها النفي وتاملتحققة يف مقام الفعل اليت تتعدداإلرادة العددية فرق بني اإلرادة التفصيلية العددية اليت يقع تعلقها جبزئي من أعداد طبيعـة « : قال

ـ من طرفي املقدور كما يف القادرين من احليوانات ، واحدة أو بكل واحد ني اإلرادة وب .)١(» عن غريهم إلهلية اليت يكل عن إدراكها عقول أكثر احلكماء فضالالبسيطة احلقة ا

لو كانت اإلرادة نفس ذاته سبحانه لزم قدم العامل ، ألنها متحدة مع الذات ـ ٢ .ي ال تنفك عن املراد وهذات موصوفة ا ، وال،

عناهـا احلقيقـي إن اإلشكال ال خيتص مبن جعل اإلرادة مب ـ ال أو :يالحظ عليه وصفا لذاته سبحانه ، بل اإلشكال يتوجه أيضا على من فسر إرادته بـالعلم باألصـلح

سـتحالة انفكـاك ا و الستناد وجود األشياء إىل العلم بالنظام األمت الذي هو عين ذاته ، ـ املعلول عن العلة أمر بين من غري فرق بني تسمية هذا العلم إرادة أو غريها ، كـان و فل

. لعلمه ، واملفروض أن علمه قدمي ، للزم قدم النظام لقدم علتهالنظام األصلح معلوالإذا قلنا بأن إرادته سبحانه عبارة عن كونه خمتارا غري ملزم بواحـد مـن ـ وثانيا

. قدم العامل إذا اختار إجياد العامل متأخرا عن ذاتهالطرفني ، ال يلزم عندئذحذا حذوه من االعتقاد باإلرادة الذاتية البـسيطة ومن إن لصدر املتأهلني ـ وثالثا

ه ، أن جييب بأن جهولة الكنلنا حبقيقة هذه اإلرادة انا عن البحث وك هدة إعماهلا يصيفي . خيلق قدميا وملنه ملاذا خلق حادثاأ وعن كيفية صدور فعله عنه

__________________ .٣٢٤ ، ص ٦سفار ، ج األ) ١(

Page 180: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٠

الزمان كم متصل ن أ و وه نعلقها على هذا البحث بعد التنبيه على أمر وها هنا نكتة صورة نوعية ومن مكان إىل مكان ومن غيره من حال إىل حال وت ينتزع من حركة الشيء

كـان للزمـان ركتها ملا وح وال املادة ول إىل أخرى ، فمقدار احلركة عبارة عن الزمان ، حقيقي بل مفهوم ومهيمفهوم .

كان القدماء يزعمـون أن وقد . ركة واحل هذا ما أثبتته األحباث العميقة يف الزمان ري ذلك من الكواكب السيارة ، ولكن احلقيقة وغ نيرين وال الزمان يتولد من حركة األفالك

.ولدته ومأن كل حركة حليفة الزمان ورامستهاألول : إن التبدالت عنصرية كانت أو أثريية ، مشتملة على أمرين : ادقوبعبارة

الثاين . ، حالة االنتقال من املبدا إىل املنتهى ، سواء أكان اإلنتقال يف الوصف أم يف الذات .سيالن ال على حنو دفعي وال، كون ذلك االنتقال على وجه التدريج

فكأن شيئا .اعتبار الثاين توصف بالزمان وب ة ، فباعتبار األمر األول توصف باحلرك نتقال ، يكون مبدء النتزاع مفهومني منه ، لكـن كـل واإل تبدل وال واحدا باسم التغري

.باعتبار خاص ، هذا من جانب يصح وقوعهـا وال تجزئة وال جانب آخر ، إن املادة تتحقق على حنو التدريج ومن

قة سيالة متدرجة أشبه بسيالن املاء ، فكل ظاهرة ماديـة بنحو مجعي ، ألن حقيقتها حقي ا هذا حاله يستحيل عليه التحقق اجلمعي أو تقدم جزء منـه وم تتحقق تلو سبب خاص ،

ذا االعتبار تشبه األرقـام ووطنه ، ومأو تأخره بل ال مناص عن حتقق كل جزء يف ظرفه قدمه وت .»ستة وال األربعة« لوقوع بني ليس له موطن إال ا » مخسة « عداد ، فالعدد واأل

سببات املترتبة بنظام خـاص وامل لى ذلك فاألسباب وع .على موطنه كتأخره عنه مستحيل .له وحم من أجزائها عن موطنهءيستحيل عليها خروج أي جز

ماذا يريد القائل من قولـه لـو : ي وه إذا عرفت هذا األمر نرجع إىل بيان النكتة فإن أراد أنه يلزم حتقق العـامل يف . ؟ ذاتية هللا سبحانه يلزم قدم العامل كانت اإلرادة صفة

زمان زمان قبله ويف فترة ماضية ، فهذا ساقط حبكم املطلب األول ، ألن املفروض أنه ال قبل عامل املادة ملا عرفت من أن حركة

Page 181: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨١

.ولده وتاملادة ترسم الزمانجمموع العـامل فقـد وعلى لى البعض اآلخر أ أراد لزوم تقدمي بعض أجزائه ع وإن

.عرفت استحالته ، فإن إخراج كل جزء عن إطاره أمر مستحيل مستلزم النعدامه .)١(مث إن لصدر املتأهلني يف هذا املقام كالما عميقا فمن أراد اإلطالع فلريجع إليه

* * * __________________

.٣٦٨ ، ص ٦األسفار ، ج ) ١(

Page 182: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٢

Page 183: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٣

صفات الثبوتية الذاتيةال

)٨(

بدية واألاألزليةوقـد . بدي من أمسائه واأل بدية من صفاته سبحانه ، كما أن األزيل واأل إن األزلية

ليـه وع مكاما القدمي الباقي ، فالقدم على اإلطالق ، والبقاء كذلك من صفاته ، . يطلقيه األوالن ألجل أنه املـصاحب مـوع طلق عل وي .فهو سبحانه قدمي أزيل ، باق أبدي

األزمنة احملققة أو املقدرة يف املاضي ، كما يطلق عليه اآلخران ألجل أنه املوجود املـستمر دي مبعىن املوجود مبا يطلق عليه السرم ور .الوجود يف األزمنة اآلتية حمققة كانت أم مقدرة

.الحقة والاامع جلميع األزمنة السابقةالباقي األبدي بالنسبة وب إن توصيفه بالقدمي األزيل بالنسبة إىل املاضي ، اختصار وب

.صفات والهذا ما عليه املتكلمون يف تفسري هذه األمساء. إىل املستقبلولكن هذا التفسري يناسب شأن املوجود الزماين الذي يصاحب األزمنة احملققـة أو

صاحبة له ، بل هو خـالق واملبحانه مرته عن الزماناملقدرة ، املاضية أو الالحقة ، واهللا س . حيويـه مكـان وال حقه ، فهو فوق الزمان واملكان ، ال حييطه زمان وال هللزمان سابق

لى ذلك فالصحيح يف التفسري أن يقال إن املوجود اإلمكاين ما يكون وجوده غري نابع وعقابلـه واجـب وي وجود من قبل علته ، طرأ عليه ال وي من ذاته ، بل يكون مسبوقا بالعدم

الوجود

Page 184: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٤

يالبـسه وال يكون وجوده نابعا من ذاته ، وواجبا بذاته ، ميتنع عليه تطرق العدم ما وهوم دكما ميتنع أن يطرأ عليه الع . ثل ذلك ال يسبق وجوده العدم ، فيكون قدميا أزليا وم .أبدا

.، فيكون أبديا باقيا ال يكون واجب الإ و بداأ و طاردة للعدم أزال تميته وح ة الوجود ، ضرور وباختصار .و خلف الفرض وهالوجود بل ممكنه ،

برهان هذه الصفات األربع التابعة لوجوب وجوده فقد مـضى بيانـه عنـد وأما الإ و ذاته ، وب مكانية إىل واجب ضروري قائم بنفسه نتهاء املوجودات اإل االبحث عن لزوم

.ققها وحتمكانيةور املوجودات اإلميتنع ظهاألزيل ا وأم باقي من أمسائه سبحانه ، فعلى القول بأن أمساءه وال قدمي وال بدي واأل عد

ذي ورد منـها وال .سنة وال سبحانه توقيفية ، ال يصح تسميته تعاىل إال مبا ورد يف الكتاب « و » القـدمي « ريان أعين هو األخ :ئمة واأل يف الروايات املروية عن الرسول الكرمي

، دون األولين ، كما سيوافيك يف آخر الفصل عند التعرض ألمسائـه تعـاىل يف » الباقي .سنة والالكتاب

ي ال تنحصر يف الثمانيـة الـيت وه إىل هنا مت البحث عن الصفات الثبوتية الذاتية ، كما أن كل نقص فهو مطلقا فهو تعاىل متصف به تعرضنا هلا ، فكل كمال يعد كماال

دفع احلاجة وت سنة تشري إىل كماله تعاىل وال ل أمسائه اليت وردت يف الكتاب وك .ه عنه مرتنقص عن ساحة قدسه ، فلو أردنا توصيفه سبحانه بوصف واحد جمعي ، فهو الكمال وال

ـ وال ذا أردنا تفسري ذلك الكمال إ و .املطلق أو الغىن احملض امع جلميـع وصف الواحد اجلهنا جيعـل ومن . الصفات ، فيكفي جعل الصفات الثمان الثبوتية اليت حبثنا عنها شرحا له

رمزا للذات املستجمعة جلميـع الـصفات » اهللا « و وه اإلسم الواحد من أمسائه سبحانه .الكمالية

ل قع البحث يف الباب الثاين التـايل حـو وي هذا كله حول صفاته الثبوتية الذاتية ، .أيت اإلشارة إليه جمددا وتتقدم الفرق بينهماوقد صفاته الثبوتية الفعلية ،

* * *

Page 185: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٥

Page 186: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٦

Page 187: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٧

الصفات الثبوتية الفعليةفات وص صفات الذات ، : قد عرفت عند تقسيم صفاته سبحانه أنها على نوعني

ه سبحانه ـا الصفات اليت يكفي يف توصيف ن أ ولنا بأن الفرق بني النوعني ه وق الفعل ، .علم والفرض ذاته فهي صفات الذات ، كالقدرة واحلياة

رض شـيء وف الصفات اليت يتوقف توصيفه سبحانه ا على صدور فعل منه وأما هذا الفرق يرجع ما اشـتهر ىلإ و .غري الذات فهي صفات الفعل املنتزعة من فعله سبحانه

كون أحادي التعلق فهو وي ثبات واإل ييف الكتب الكالمية من أن كل وصف ال يقبل النف ثبات أخرى فهو صـفة واإل قع يف إطار النفي تارة وي ا ال يكون كذلك وم صفة الذات ،

. يغفـر وال يعلم ، ولكن يقال إنه سبحانه يغفـر وال فال يقال إنه سبحانه يعلم . الفعلصدق ، فهو ال و دف يف هذا املقام هو البحث عن بعض صفات فعله سبحانه كالتكلم واهل

فاته جمايل يف عـامل اإلجيـاد ، وص فإن له سبحانه حسب أمسائه . ادق وص سبحانه متكلم فور إىل غـري وغ حيم ور نعم ، وم ميت ، ورازق وم ظاهر يف عامل اخللق ، فهو محيي وم

.وافيك يف آخر الفصل بإذنه تعاىلفاته اليت ست وصذلك من أمسائه

* * *

Page 188: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٨

Page 189: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٨٩

الصفات الفعلية

)١(

التكلمالبحث يف ن أ وبد وي سنة على كونه سبحانه متكلما وال أمجع املسلمون تبعا للكتاب

ن مل إ و هذا الوصف هو أول مسألة طرحت على بساط املناقشات يف تاريخ علم الكـالم ل هو حادث أو قدمي وه نه ما هو ، أ و شغلت مسألة الكالم اإلهلي ، وقد . يكن أمرا قطعيا

دثت بسببه مـشاجرات بـل وح فكرين اإلسالميني يف عصر اخللفاء ، وامل بال العلماء ، وميكننـا » حمنة خلق القرآن « رفت ب وع جل تفاصيلها وس صدامات دامية ذكرها التاريخ

:أن نالحظ لذلك عاملني رئيسيني ارت مبـدأ وص الفتوحات اإلسالمية اليت أوجبت اختالط املسلمني بغريهم :األول

ذلك اخلضم املشحون بتـضارب األفكـار ويف .جنبية واأل الحتكاك الثقافتني اإلسالمية .طرحت مسألة تكلمه سبحانه يف األوساط اإلسالمية

ظائرها حىت ينصرف املفكرون عن ون البحث عن هذه املسألة ترويج اخللفاء :الثاين .حنرافاما ونقد أفعاهلمإن البحـث يف : ث هذه الفكرة باخلصوص فنقول بد من التنبيه على مصدر ب وال

ه خملوقا أو غري خملوق ، حادثاون وك ،حقيقة كالمه سبحانه أوال

Page 190: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٠

لـى رأسـهم وع أو قدميا ثانيا ، مما أثاره النصارى الذين كانوا يف حاشية البيت األموي علـى أن فبما أن القرآن نـص . يوحنا الدمشقي الذي كان يشكك املسلمني يف دينهم

عيسى بن مرمي كلمة اهللا ألقاها إىل مرمي ، صار ذلك وسيلة ألن يبث هذا الرجـل بـني أكلمة اهللا قدميـة أو ال : و أنه كان يسأهلم وه املسلمني قدم كلمة اهللا عن طريق خاص ،

.؟ .قدمية: فإن قالوا

.ثبت دعوى النصارى بأن عيسى قدمي: قال .ال: قالوا وإن .عمتم أن كالمه خملوقز: قال

إن القرآن حادث ال قدمي ، : فألجل ذلك قامت املعتزلة حلسم مادة الرتاع ، فقالوا .خملوق هللا سبحانه

وملا مل تكن هذه املسألة مطروحة يف العصور السابقة بني املسلمني تشعبت فيهـا . دا كما سـيأيت ضاربت األقوال ، حىت لقد صدرت بعض النظريات املوهونة ج وت اآلراء

لكن نظرية املعتزلة القت القبول يف عصر اخلليفة املأمون إىل عصر املتوكل ، إال أن األمـر .نابلة واحلانقلب من عصر املتوكل إىل زمن انقضاء املعتزلة لصاحل أهل احلديث

ريقت دماء بريئة ، شغلت بال املسلمني عن أ و الفترتني وقعت حوادث مؤسفة ويف م هلذه املسألة من نظري يف تاريخ املـسلمني وك دنيا ، وال ما يهمهم من أمر الدين التفكر في

.!! :اخلوض يف املقصود نقدم أمورا وقبل الذين أثبتوا هللا كالما قدميا ـ كالبية وال إن وصف الكالم عند األشاعرة ـ األول

ـ صفات فعلهمامية فهو عندهم من واإل من صفات الذات ، خبالف املعتزلة ـ يوافيك وسحدث ذلك االختالف من مالحظة قياسني متعارضني ، فاألشـاعرة وقد . احلق يف ذلك

:تبعوا القياس التايل

Page 191: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩١

ما أ و.ل ما هو وصف له فهو قدمي ، فكالمه تعاىل قدمي وككالمه تعاىل وصف له ،ة متفاوتة متعاقبة كالمه تعاىل مؤلف من أجزاء مترتب : و وه غريهم فقد تبعوا قياسا غريه ،

.فهو حادث ، فكالمه تعاىل حادثوكذلك ل ما ه وكيف الوجود ،فسروه بأنه معىن قائم بذاته يـسمى ـ ألجل تصحيح كونه قدميا ـ :واألشاعرة

الوا إن معىن كالمه أنه موجـد وق مامية أخذوا بالقياس الثاين واإل عتزلة وامل .الكالم النفسي .ت يف اخلارج ، فهو حادثصوااأل وللحروف

احلنابلة هنا قول آخذ بكال القياسني املتناقضني حيث قـالوا إن كالمـه ولبعض ذا من غرائـب األقـوال وه الوقت نفسه هي قدمية ، ويف أصوات قائمة بذاته و حروف

.فكارواألعـن إن تفسري كونه سبحانه متكلما ال ينحصر يف اآلراء الثالثة املنقولـة :الثاين

دتـه الـرباهني نابلة ، بل هناك رأي رابع أي واحل ) مامية واإل املعتزلة (عدلية وال األشاعرةإن : اصـله وح وضحته النصوص القرآنية وورد يف أحاديث أئمة أهل البيت ، أ و الفلسفية

وف يوافيك توضيح هـذه وس الوقت نفسه كالمه ، ويف عراضه ، فعله أ و العامل جبواهره .النظرية

ند العدلية هو وع إن الطريق إىل ثبوت هذه الصفة عند األشاعرة هو العقل :الثالث مـا النقـل فقـد أ و .وف يوافيك دليل األشاعرة عند البحث عن نظريتهم وس السمع ،

: ال تعاىل وق .)١( ) منهم من كلم اهللا (: تضافرت اآليات على توصيفه به ، قال تعاىل ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربـه (: ال سبحانه وق.)٢( ) موسى تكليما وكلم اهللا (وما كان لبشر أن يكلمه اهللا إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل (: ال تعاىل وق .)٣( )

وحيوال فيسر __________________

.٢٥٣اآلية : سورة البقرة ) ١( .١٦٤اآلية : سورة النساء ) ٢( .١٤٣اآلية : سورة االعراف ) ٣(

Page 192: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٢

كيمح ليع هاء إنشا ين تعاىل أن وقد . )١( ) بإذنه مياء ال يعدو عن األقسام نبيتكليمه األ ب :التالية

.» وحيا إال« ـ ١ .»وراء حجاب من وأ« ـ ٢ . »أو يرسل رسوال« ـ ٣

.فاء وخنبياء بسرعة إىل الكالم امللقى يف روع األ) إال وحيا (: فقد أشار بقوله يف 7 إىل الكالم املسموع ملوسـى ) أو من وراء حجاب (: كما أشار بقوله

الواد األيمن في البقعة املباركـة فلما أتاها نودي من شاطئ (: قال تعاىل . البقعة املباركة المنيالع با اهللا ري أنى إنوسا مة أن يرجالش ٢( ) من(.

إىل اإللقاء الذي يتوسط فيه ملك الـوحي ، ) أو يرسل رسوال (: أشار بقوله و ففي احلقيقة املوحي يف األقسام )٣( ) على قلبك * نزل به الروح األمني (: قال سبحانه

الثالثة هو اهللا سبحانه تارة بال واسطة باإللقاء يف الروع ، أو بالتكلم من وراء حجـاب فهذه األقسام الثالثـة . خرى بواسطة الرسول أ و يرى املتكلم ، وال حبيث يسمع الصوت

.هي الواردة يف اآلية املباركة .يف حقيقة كالمه سبحانه :بع الرا

منا اخلالف يف إ و قد عرفت أنه ال خالف بني املسلمني يف توصيفه سبحانه بالتكلم .دمه ثانيا ، فيجب البحث يف مقامني وقتفرع عليه حدوثه وي ،حقيقته أوال

* * * __________________

.٥١اآلية : سورة الشورى ) ١( .٣٠اآلية : سورة القصص ) ٢( .١٩٤ و ١٩٣ان اآليت: سورة الشعراء ) ٣(

Page 193: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٣

حقيقة كالمه تعاىل ـ املقام األول :ملطروحة يف حقيقة كالمه تعاىل إليك فيما يلي اآلراء ا

روف ليست قائمـة وح قالت املعتزلة ، كالمه تعاىل أصوات :نظرية املعتزلة ـ أصـرح بـذلك وقد . بذاته تعاىل بل خيلقها يف غريه كاللوح احملفوظ أو جربائيل أو النيب

صوات املقطعـة ، واأل حقيقة الكالم ، احلروف املنظومة ، « : فقال عبد اجلبار القاضي يوجد يف غريه ، فهكذا يكون توجد يف غريه ، ورازقا برزق ذا كما يكون منعما بنعمة وه

.)١(» عل يس من شرط الفاعل أن يحل عليه الف ولمتكلما بإجياد الكالم يف غريهأن كونه سبحانه متكلما ذا املعىن ال خالف فيه ، إنما الكالم يف حصر والظاهر هذا الذي قالته املعتزلة ال ننكره بل حنن نقوله « : قال يف شرح املواقف . التكلم ذا املعىن

اء ذلـك دم قيامه بذاته تعاىل ولكن نثبت أمرا ور وععترف حبدوثه ونسميه كالما لفظيا ون« )٢(.

يالحظ على هذه النظرية أن ما ذكره من تفسري كالمه سبحانه بإجيـاد احلـروف . صوات يف األشياء ، إنما يصح يف الكالم الذي خياطب به سبحانه شخصا أو أمـة واأل

يه ينظر ما ذكرنا من اآليات حـول تكليمـه سـبحانه لإ و ذكره املعتزلة ، ما وفطريقه ه ما إذا مل يكن هناك خماطب خاص جلهة اخلطاب فال بد أن يكـون ا و .)٣(موسى أو غريه

فاكتفـاء . كالمه سبحانه على وجه اإلطالق هو فعله املنبئ عن مجاله ، املظهر لكمالـه ما القسم الثاين فـال ينطبـق أ و املعتزلة مبا ذكروا من التفسري إنما يناسب القسم األول ،

لفاظ ، بل عبارة عن األعيان واأل اإلطالق ليس من قبيل األصوات إذ فعله على وجه . عليه سمى سبحانه فعلهوقد . عراض واألواهر واجلاخلارجية

__________________ ـ .٥٢٨ ، ص ٤١٥، املتويف عام عبد اجلبار صول اخلمسة للقاضي شرح األ )١( رح املواقـف للـسيد وش

.٤٩٥الشريف ص .يوافيك األمر اآلخر الذي يثبته األشاعرة وس.٧٧ص ، ١ شرح املواقف ، ج )٢(وما كان لبشر (: ال سبحانه وق .١٦٤اآلية : سورة النساء ) وكلم اهللا موسى تكليما (: قال سبحانه )٣(

.٥١اآلية : سورة الشورى ).. . أن يكلمه اهللا إال وحيا

Page 194: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٤

:يلي النظرية اليت نذكرها فيماذه هي وهاآلياتكالما يف غري واحد من ال شك أن الكالم يف أنظار عامة النـاس هـو احلـروف :نظرية احلكماء ـ ب

هتزازه حبيث ا و وهو حيصل من تموج اهلواء .صوات الصادرة من املتكلم ، القائمة به واألتوسع يف إطالقه فيطلـق ولكن اإلنسان االجتماعي ي . إذا زالت األمواج زال الكالم معه

قول هذا كالم النيب أو إلقاء وي الكالم على اخلطبة املنقولة أو الشعر املروي عن شخص ، ا هذا إال من باب وم .هتزازات واال امرئ القيس ، مع أن كالمهما قد زال بزوال املوجات

.نقول واملشاهدة ترتب األثر على املروي ومالتوسع يف اإلطالقذا فكل فعل من املتكلم أفاد نفس األثر الذي يفيده كالمه من إبـراز مـا هوعلى

قائق ، يصح تسميته كالما من بـاب التوسـع واحل يكتنفه الفاعل يف سريرته من املعاين عرفت أن املصباح وضع حينما وضع على مصداق بسيط ال يعدو الغصن وقد . تطويروال

غـازي وال موجودا يف اجلهـاز الـزييت ـ إلنارةو ا وه ـ ولكن ملا كان أثره . املشتعلفإذا صحت . ثل ذلك احلياة على النحو الذي أوضحناه وم كهربائي أطلق على اجلميع ، وال

ن إ و فهـو » الكالم « از ذلك التوسع يف ذينك اللفظني ، جيوز يف لفظ وج تلك التسمية ضمري املـتكلم مـن وضع يوم وضع لألصوات واحلروف املتتابعة الكاشفة عما يقوم يف

روف املتتابعـة بنحـو واحلاملعاين ، ، إال أنه لو وجد هناك شيء يفيد ما تفيده األصوات ذا الشيء الذي ميكن أن يقوم مقام الكالم وه .مت لصحت تسميته كالما أو كلمة أ و أعلى

ن اللفظي هو فعل الفاعل الذي يليق أن يسمى بالكالم الفعلي ، ففعل كل فاعل يكشف ع غري أن داللة األلفاظ علـى . كمال وال عظمة وال قدرة وال مدى ما يكتنفه الفاعل من العلم

ؤثر من العظمـة وامل ثار على ما عليه الفاعل واآل اللة األفعال ود ضمائر اعتبارية وال السرائر .تكوينية

ذلك نرى أنه سبحانه يصف عيسى بن مرمي بأنه كلمة اهللا اليت ألقاهـا إىل وألجل :قول ويمرمي العذراء

Page 195: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٥

يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم وال تقولوا على اهللا إال احلق إنما املسيح عيسى (هنم وحرو ميرا إلى مألقاه هتكلمول اهللا وسر ميرم ن١( ) اب(.

ح كلمة اهللا مع أنه يكشف عن قدرة اهللا سبحانه على ال يكون سيدنا املسي وكيف كر ، وألجل ذلك عد وجـوده آيـة وذ خلق اإلنسان يف الرحم من دون لقاء بني أنثى

.عجزةومقل لو (: قول وي ضوء هذا األصل يعد سبحانه كل ما يف الكون من كلماته ويف

) نفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا كان البحر مدادا لكلمات ربي ل )٢(.

ولو أنما في األرض من شجرة أقالم والبحر يمده مـن بعـده (: سبحانه ويقول .)٣( ) سبعة أبحر ما نفدت كلمات اهللا

وال يقرع ، ال بصوت . كن ، فيكون : يقول لما أراد كونه « : 7 علي يقول ثله ، مل يكن من قبل ذلك كائنا ، وم نما كالمه سبحانه فعل منه ، أنشأه إ و يسمع ، بنداء .)٤(» قدميا لكان إهلا ثانيا كان وول

:عظمة خلقة اإلنسان نا أنه قال مبي7نقل عنه وقد صـــغري جـــرمكأتـــزعم أنـــ

ــرب ــامل األك ــوى الع ــك انط وفي

ــت ــابوأن ــبني الكت ــذي امل ال

بأحهفـــرـــظ يهاملـــر ضمر

رب عما يف املبـدأ وخت فكل ما يف صحيفة الكون من املوجودات اإلمكانية كلماته ،

.درة وقلم وعال ومجمن كمال : نأيت خبالصته 1م للعالمة الطباطبائي كالوهناك

__________________ .١٧١اآلية : سورة النساء ) ١( .١٠٩اآلية : سورة الكهف ) ٢( .٢٧اآلية : سورة لقمان ) ٣( . ، ط عبده١٢٢ ، ص ٢ ، ج ١٧٩طبة ج البالغة ، اخل) ٤(

Page 196: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٦

تكلم ما يف ذهنه مـن الما عبارة عن إبراز اإلنسان امل وك ما يسمى عند الناس قوال املعىن بواسطة أصوات مؤلفة موضوعة ملعىن ، فإذا قرع مسع املخاطب أو الـسامع انتقـل

و التفهـيم وه املعىن املوجود يف ذهن املتكلم إىل ذهنهما فحصل بذلك الغرض من الكالم على معىن حقيقة الكالم متقومة مبا يدل : ناك نكتة نبه عليها احلكماء فقالوا وه .تفهموال

ما بقية اخلصوصيات ككونه بالصوت احلـادث يف صـدر اإلنـسان ، أ و خفي مضمر ، ونه حبيث يقبل أن يقع مسموعا وك عتماده على مقاطع الفم ا و روره من طريق احلنجرة وم

يست دخيلة يف حقيقة املعىن الـذي يتقـوم بـه ول ، فهذه خصوصيات تابعة للمصاديق .الكالم

ذا اإلشارة الوافية وك . املوضوع ، الدال على ما يف الضمري ، كالم فالكالم اللفظي ـ .قيام ، أمر وقـول وال إلراءة املعىن ، كالم ، كما أن إشاراتك بيدك إىل القعود ذا وك

صوصياا عن وخب الوجودات اخلارجية فإا ملا كانت حاكية بوجودها عن وجود علتها ، مبا أن وجودها مثال لكمال ـ الوجودات اخلارجية اخلصوصيات الكامنة فيها ، صارت

ليه فمجموع العامل اإلمكاين كالم اهللا سبحانه ، يتكلم بـه بإجيـاده وع .كالما ـ علتهاعـالم وال ما أنه تعاىل خالق العالم وك .فاته وص نشائه ، فيظهر املكنون من كمال أمسائه إو

ـ مظهر به خبايا األمساء خملوقه ، كذلك هو تعاىل متكلم بالعامل ، عـامل وال صفات ، وال .)١( كالمه

هواتول يخبر ال بلسان « : يف ج البالغة 7يد املوحدين وس قال أمري املؤمنني يضمر وال ريد وي يتحفظ ، وال حفظ وي يلفظ ، وال ول ، يق دواتأ، ويسمع ال خبروق و

حبة ، رضى من غري رق وي ، ي وي غضغضب من غري مشقة ، يقول ملن أراد كونـه وي ب : منا كالمه سبحانه فعل منه أنـشأه إ و يسمع ، بنداء وال فيكون ، ال بصوت يقرع ، . كنومل يكن من قبل ذلك كائنا ،م ، ٢(» قدميا لكان إهلا ثانيا ولو كان ثله(.

__________________ . ، ط بريوت ، بتلخيص٣٢٥ ، ص ٢ن ، ج امليزا) ١( . ، ط عبده١٢٢ ، ص ٢ ، ج ١٧٩طبة ج البالغة ، اخل) ٢(

Page 197: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٧

:ذلك يشري احملقق السبزواري يف منظومته بقوله وإىل ــسال ـــل ــتهجـك ن ــة ان هج البالغ

ــرج ــل خ ــبحانه الفع ــه س كالم

إن تدر هـذا ، محـد األشـيا تعـرف

ــ ــه إليهـ ــضف إن كلماتـ )١(ا تـ

حان وقت البحث عـن وقد إىل هنا وقفت على نظرية احلكماء يف كالمه سبحانه

.نظرية األشاعرة يف هذا املقام جعلت األشاعرة التكلم من الصفات الذاتيـة ، ووصـفوا :نظرية األشاعرة ـ ج

ـ إن الكالم النفسي غـري العلـم : الوا وق كالمه سبحانه بالكالم النفسي ، إلرادةري ا وغبل أن نقوم بنقل نـصوصهم وق تفننوا يف تقريب ما ادعوه بفنون خمتلفة ، وقد . كراهةوال

ال شك أن املتكلم عندما خيرب عن شيء ففيه عـدة : نرسم مقدمة مفيدة يف املقام فنقول صديق ، كلها من مقولة العلم ، أما التصور فهو عبارة عن إحضار املوضوع وت تصورات

.ما التصديق فهو اإلذعان بنفس النسبة على املشهورأ و.نسبة بينهما يف الذهنال ومولواحملالعلم : قالوا وقد . علم ينقسم إليهما وال .تصديق شعبتا العلم وال وال شك أن التصور

.هذا يف اإلخبار عن الشيء. فتصورالإ و كان إذعانا بالنسبة فتصديقإن. مورد النهي ، كراهة فيـه ويفمر ، إرادة يف الذهن ،اإلنشاء ، ففي مورد األوأما

.ي ما يناسبهاترج والويف االستفهام والتمين اإلنشائية ، كاألمر ويف ـ وراء العلم ـ فاألشاعرة قائلون بأن يف اجلمل اإلخبارية

و وه كراهة ، شيء يف ذهن املتكلم يسمى بالكالم النفسي وال ، وراء اإلرادة نهي مثال واليف اإلنسان ) النفسي (ذا الكالم وه ما الكالم اللفظي فهو تعبري عنه ، أ و الكالم حقيقة ،

يه سبحانه قدمي لقدم ذاته ، وألجل إيـضاح احلـال نـأيت وف حادث يتبع حدوث ذاته ، .بنصوص أقطاب األشاعرة يف املقام

__________________ .١٩٠لسبزواري ، لناظمها ، ص شرح منظومة ا) ١(

Page 198: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٨

إن من يورد صيغة أمر أو ـي « : قال الفاضل القوشجي يف شرح التجريد ـ ١أو نداء أو إخبار أو إستخبار أو غري ذلك جيد يف نفسه معاين يعبر عنها ، نسميها بالكالم

عىن الذي جيده يف نفسه ويدور يف خلده ، ال خيتلـف بـاختالف العبـارات وامل .ياحلسقصد املتكلم حصوله يف نفس السامع على موجبه ، وي الحات ، صط واال حبسب األوضاع

.)١(» هو الذي نسميه الكالم خيفى أن ما ذكره جممل ال يعرب عن شيء واضح ، ولكن الفضل بن روزان وال

.ذكر كالما أوضح من كالمهإن الكالم عندهم لفظ مشترك يطلقونه علـى « : قال الفضل يف ج احلق ـ ٢ارة يطلقونه على املعىن القائم بالنفس الذي يعرب عنـه وت من احلروف املسموعة ، املؤلف بد من إثبات هذا الكالم وال .و قدمي قائم بذاته وه قولون هو الكالم حقيقة ، وي باأللفاظ

:صوات فنقول واأل، فإن العرف ال يفهمون من الكالم إال املؤلف من احلروف ر لريجع الشخص إىل نفسه أنه يـزوه إذا أراد التكلم بالكالم فهل يفهم من ذاته أن

رتب معاين فيعزم على التكلم ا ، كما أن من أراد الدخول على السلطان أو العامل فإنه ويفاملنصف جيد من نفسه هـذا . قول يف نفسه سأتكلم ذا وي شياءأ و يرتب يف نفسه معاين

.فها هو الكالم النفسي. البتةقول على طريقة الدليل إن األلفاظ اليت نتكلم ا هلا مدلوالت قائمة بـالنفس مث ن

.)٢( »فنقول هذه املدلوالت هي الكالم النفسيإن ما ذكره صحيح ولكن املهم إثبات أن هذه املعاين يف اإلخبار غري :يالحظ عليه

ليت تدور يف خلد املتكلم ليست إال ن املعاين ا أ و و غري ثابت بل الثابت خالفه ، وه العلم ، عاين املفردة ، أو املركبة ، أوتصور امل

__________________ .٤٢٠شرح التجريد للقوشجي ، ص ) ١( . ، ط النجف١٤٦ ، ص ١ الصدق ، ج ج احلق املطبوع يف ضمن دالئل) ٢(

Page 199: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

١٩٩

، فأي شيء هنا وراء تصديقات وال اإلذعان بالنسبة ، فريجع الكالم النفسي إىل التصورات كما أنه عندما يرتب املتكلم املعاين اإلنـشائية ، فـال . العلم حىت نسميه بالكالم النفسي

. تصديق بالفائـدة وال يكون مقدمة هلما ، كتصور الشيء ما وراهته أ وك يرتب إال إرادته ـ مهـا كراهة ، فأي شيء هنـا غري وال فريجع الكالم النفسي يف اإلنشاء إىل اإلرادة ري وغ

ـ ند ذلك ال يكون التكلم وع .التصور حىت نسميه بالكالم النفسي فا وراء العلـم يف وصمع أن األشاعرة يصرون علـى إثبـات وصـف . اإلخبار ووراءه مع اإلرادة يف اإلنشاء

كونه متكلما بالذات ، غري كونـه : جل ذلك يقولون وأل رادة ، واإل للمتكلم وراء العلم وىل أن نستعرض ما استدلوا به على أن الكالم النفـسي شـيء واأل .ريدا بالذات وم عاملا

:ذا بيانه وه.وراء العلمإن الكالم النفسي غري العلم ألن الرجل قد خيرب عما ال يعلمه بـل يعلـم :األول

قال السيد الـشريف يف شـرح . خالفه أو يشك فيه ، فاإلخبار عن الشيء غري العلم به و غري وهوالكالم النفسي يف اإلخبار معىن قائم بالنفس ال يتغري بتغري العبارات « : واقف امل

.)١(» العلم إذ قد خيرب الرجل عما ال يعلمه ، بل يعلم خالفه ، أو يشك فيه إن املراد من رجوع كل ما يف الذهن يف ظرف اإلخبار إىل العلـم ، :يالحظ عليه

فاملخرب الشاك أو العـامل بـاخلالف . تصديق وال جلامع بني التصور هو الرجوع إىل العلم ا فما يف ذهنه من هذه التصورات الثالثة . نسبة احلكمية مث خيرب وال مول واحمل يتصور املوضوع

ـ نعم ليس يف ذهنه الشق اآلخر من العلـم . و التصور وه ال خيرج عن إطار العلم ، و وهموجود عند اإلخبـار يف م بالتصديق فزعموا أنه غري نشأ اإلشتباه تفسري العل وم .التصديق

غفلة عن أن عدم وجود العلم مبعىن التصديق ال وال ذهن املخرب الشاك أو العالم باخلالف ، .و التصور وهيدل على عدم وجود القسم اآلخر من العلم

__________________ .٩٤ ، ص ٢ ، ج شرح املواقف) ١(

Page 200: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٠

دلوا به يف جمال اإلنشاء قائلني بأنه يوجد يف ظرف اإلنشاء شيء غري ما است :الثاين ه قد يأمر الرجل مبا ال يريده ، كاملختبر لعبده و الكالم النفسي ، ألن وه كراهة ، وال اإلرادة

.)١(ال ، فاملقصود هو اإلختبار دون اإلتيان هل يطيعه أو :ختبارية على قسمني إن األوامر اإل :أوال: يالحظ عليه

تتعلق بنفس الفعل ، كما يف أمره سبحانه وال قسم تتعلق اإلرادة فيه بنفس املقدمة أن (باملقدمات نـودي » اخلليل « جل ذلك ملا أتى وأل.مساعيلإ بذبح 7» اخلليل «

اهيمرا إبا * ييؤالر قتدص ٢( ) ... قد(. يها غاية األمر أن الداعي إىل األمـر مـصلحة وذ يه باملقدمة قسم تتعلق اإلرادة ف و

مترتبة على نفس القيام بالفعل ، ال على ذات الفعل ، كما إذا أمر األمري أحد وزرائـه يف كاحلالة ـ هذه احلالة ويف .املأل العام بإحضار املاء لتفهيم احلاضرين بأنه مطيع غري متمرد

من إرادة ، غاية األمر أن القسم األول تتعلق اإلرادة فيه باملقدمة ال خيلو املقام ـ السابقة .فما صح قولهم إنه ال توجد اإلرادة يف األوامر اإلختبارية. نا باملقدمة مع ذيها وهفقط ،

إن الظاهر من املستدل هو تصور أن إرادة اآلمر تتعلق بفعـل الغـري ، أي :وثانيا ذلك حيكم بأنه ال إرادة متعلقة بفعل الغـري يف األوامـر اإلمتحانيـة ، املأمور ، فألجل

ولكـن . ستنتج أن فيها شيئا غري اإلرادة رمبا يسمى بالطلب عندهم أو بالكالم النفسي وياحلق غري ذلك فإن إرادة اآلمر ال تتعلق بفعل الغري ألن فعله خارج عن إطار اختيار اآلمر

فألجل ذلك ، إن ما اشتهر من القاعدة من تعلق . ال يقع متعلقا لإلرادة كذلك وا ه وم ، صـوري ، إذ هـي ال تتعلـق إال بالفعـل ناهي بفعل املأمور به ، كالم وال إرادة اآلمر يس ولاإلختياري

__________________ .نفس املصدر) ١( .١٠٥ ـ ١٠٤اآليتان : سورة الصافات ) ٢(

Page 201: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠١

عال اآلمر اإلختيارية ، فال حميص من القول بأن إرادة اآلمر متعلقة بفعـل فعل الغري من أف المها وك ن شئت قلت إنشاء البعث إىل الفعل أو الزجر عنه ، إ و نهي ، وال و األمر وه نفسه

.عدان من أفعاله اإلختيارية ويواقع يف إطار اختيار اآلمرىل ما بعث إليه ، أو انتهاؤه عما زجر هو انبعاث املأمور إ وال نعم ، الغاية من البعث

.زجر عنه لعلم املكلف بأن يف التخلف مضاعفات دنيوية أو أخرويةـ ختبارية على وزان واإل ذلك يكون تعلق إرادة اآلمر يف األوامر اجلدية وعلى و وه

. مراد له انزجاره فإنه غاية لآلمر ال وال زجره ، ال فعل املأمور تعلق إرادته ببعث املأمور و .نهي والا هو غاية األمر ومفالقائل خلط بني متعلق اإلرادة ،

الذهن أن يعترض على ما ذكرنا بأن اآلمر إذا كان إنسانا ال تتعلـق يف ويبدورمبا ما الواجب سبحانه فهو آمر قاهر ، إرادته نافـذة أ وإرادته بفعل الغري خلروجه عن اختياره

.)١( ) من في السماوات واألرض إال آتي الرحمن عبداإن كل (يف كل شيء ، ولكن اإلجابة عن هذا اإلعتراض واضحة ، فإن املقصود من اإلرادة هنا هو اإلرادة التشريعية ال اإلرادة التكوينية القاهرة على العباد املخرجة هلم عن وصف اإلختيار اجلاعلة

.ال إرادة ، فهي خارجة عن مورد البحثهلم كآلة ب .)٢( ) ولو شاء ربك آلمن من في األرض كلهم جميعا (: قال سبحانه

فهذه اآلية تعرب عن عدم تعلق مشيئته سبحانه بإميان من يف األرض ، ولكن مـن واهللا (: قال سبحانه . جانب آخر تعلقت مشيئته بإميان كل مكلف واع

__________________ .٩٣اآلية : سورة مرمي ) ١( .٩٩اآلية : سورة يونس ) ٢(

Page 202: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٢

عام ، كما أن هدايته السبيل عامة » احلق « : فقوله . )١( ) يقول احلق وهو يهدي السبيل .مثله لكل الناس

، إىل )٢( ) نن الذين من قـبلكم يريد اهللا ليبين لكم ويهديكم س (: سبحانه وقال .)٣(غري ذلك من اآليات الناصة على عموم هدايته التشريعية

ميان بنص القرآن واإل إن العصاة والكفار مكلفون مبا كلف به أهل الطاعة :الثالث كيك إرادته عن لزم تف الإ و تكليف عليهم ال يكون ناشئا من إرادة اهللا سبحانه وال الكرمي ، و الذي نسميه بالكالم النفسي تارة وه بد أن يكون هناك منشأ آخر للتكليف وال مراده ،

.طلب أخرى ، فيستنتج من ذلك أنه يوجد يف اإلنشاء شيء غري اإلرادة وال،أجابت عنه املعتزلة بأن إرادته سبحانه لو تعلقت بفعل نفسه فال تنفـك عـن وقد

إذا تعلقت بفعل الغري ، فبما أنها تعلقت بالفعل الصادر من العبد عن حريـة ماأ و املراد ، ختار العبد يتحقق الفعل ا و ختيار العبد ، فإن أراد اختيار فال حمالة يكون الفعل مسبوقا ب او .ن مل يرد فال يتحققإ و،

خرى مل تتعلق مشيئته سبحانه على صدوره الفعل من العبد علـى كـل أوبعبارة نما تعلقت على صدور منه بشرط سـبق اإلرادة ، إ و تقدير ، أي سواء أراده أم مل يرده ،

. فالالإ وفإن سبقت يتحقق الفعلإن إرادته سبحانه ال تتخلف عن مراده مطلقا من غري فرق بـني :األوىل أن يقال و

ة واإل ةاإلرادة التكوينيا األوىل . رادة التشريعيه لو تعلقت إرادته التكوينيـة علـى أمفألن ،إنما أمـره (: إجياد الشيء مباشرة أو عن طريق األسباب فيتحقق ال حمالة ، قال سبحانه

إذا أراد شيئا أن يقول له كن__________________

.٤اآلية : سورة االحزاب ) ١( .٢٦اآلية : سورة النساء ) ٢( . ختام الفصل السادس من الكتاب يف عموم هدايته سبحانه يففيك البحث مفصالسيوا) ٣(

Page 203: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٣

.)١( ) فيكونتـنفري ، وال بعث ، أو نفس الزجر وال انية ، فألن متعلقها هو نفس اإلنشاء الثا وأم

.واهيه ، سواء امتثل العبد أم خالف ونو متحقق بال شك يف مجيع أوامرهوهواهيـه ، ون نتهاؤه فليسا متعلقني لإلرادة التـشريعية يف أوامـره ا و دفعل العب ا وأم

فتخلفهما ال يعد نقضا للقاعدة ، ألن فعل الغري ال يكون متعلقا إلرادة أحد ، لعدم كون جل ذلك قلنا يف حمله إن اإلرادة التشريعية إمنا تتعلـق وأل ، )٢(فعل الغري يف اختيار املريد

.زجر ، ال فعل الغري والنفس ، أي إنشاء البعثبفعل ال كفار ، وال ي أن اإلرادة التشريعية موجودة يف مورد العصاة وه فخرجنا ذه النتيجة

.ن مل ميتثل العبدإ وتعلق متحقق ،واملما ذكره الفضل بن روزبهان من أن كل عاقل يعلم أن املتكلم من قامـت :الرابع

معىن كونه سبحانه متكلما هو خلقه الكالم ، فال يكون ذلك كان وفة التكلم ، ول به ص .)٣(الوصف قائما به ، فال يقال خلالق الكالم متكلم ، كما ال يقال خلالق الذوق أنه ذائق

و القسم احللويل ، بل له وه إن قيام املبدأ بالفاعل ليس قسما واحدا :يالحظ عليه نـه وم ضارب ، وال ضرب يف القاتل وال ، فإن القيام منه ما هو صدوري ، كالقتل أقسام

والتكلم كالضرب ليس من املبادئ احللوليـة يف .قدرة يف العالم والقادر وال حلويل كالعلم الفاعل بل من املبادئ الصدورية ، فألجل أنه سبحانه موجد الكالم يطلق عليه أنه متكلم

ن مل يكن املبدأ قائماإ وبل رمبا يصح اإلطالق. إطالق القاتل عليه سبحانهوزان__________________

.٨٢اآلية : سورة يس ) ١(رب املنفيني عنه سبحانه واجل كان على وجه اإلجلاء الإو ـ ن أمكن إو ـ املريد هو اهللا تعاىل كان وحىت ل ) ٢(

.كما سيأيت يف الفصل السادس . ، ط النجف األشرف١٤٧ ، ص ١ج ئل الصدق ، دال) ٣(

Page 204: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٤

لبان لبائع وال ار حلوليا بل يكفي نوع مالبسة باملبدأ ، كالتم وال بالفاعل أبدا ال صدوريا ما عدم إطالق الذائق على خالق الذوق فألجـل أن صـدق املـشتقات أ و .لنب وال التمر

شام بسبب إجيـاده وال عليه سبحانه الذائق بإحدى أنواع القيام ليست قياسية حىت يطلق مبا احترز اإلهليون عن توصيفه ما ألجل اإلبتعاد عما يوهم التجـسيم ور .شم وال الذوق

.وازمهولإن لفظ الكالم كما يطلق على الكالم اللفظي ، يطلق على املوجـود يف :اخلامس

.)١( ) اجهروا به إنه عليم بذات الصدوروأسروا قولكم أو (: قال سبحانه . النفس على املوجود يف الضمري مـن بـاب العنايـة » القول « إن إطالق :يالحظ عليه

من التقول باللسان فال يطلق على املوجود يف الذهن الذي ال » القول « فإن . شاكلةوامل .ب العنايةن باالعلمية إال مواقعية له إال الصورة

حصيلة البحث نشائية وراء التصورات واإل إن األشاعرة زعموا أن يف ذهن املتكلم يف اجلملة اخلربية

مبا ور ،» الكالم النفسي « وىل ، ووراء اإلرادة يف الثانية شيئا يسمونه تصديقات يف األ وال صـححوا كونـه ذلك وب .بالكالم النفسي يف القسم اإلنشائي » الطلب « خصوا لفظ

.ن الكل من الصفات الذاتيةأ وادرا وقسبحانه متكلما ، ككونه عاملاأوقفنا على خالف ما ذهبوا إليـه ، ـ كما مر عليك ـ تحليل وال البحثولكن

كراهة يف اجلمل وال وراء اإلرادة وال لما عرفت من أنه ليس وراء العلم يف اجلمل اخلربية ، ـ . كما عرفت أن الطلب أيضا هو نفس اإلرادة .ء نسميه كالما نفسيا اإلنشائية شي و ول

أرادوا بالكالم النفسي معىن الكالم اللفظي أو صورته العلمية اليت تنطبق علـى لفظـه ، واليرجع لبه إىل العلم

__________________ .١٣اآلية : ورة امللك س) ١(

Page 205: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٥

.اء ذلك فلسنا نعرفه يف نفوسنا إذا راجعناهن أرادوا به معىن ورإ ويزيد عليه ، :ىل انشاد قول الشاعر لتجاء األشعري فيما ذهب إليه إاوأما

ــؤاد و ــي الف ــالم لف ــاإإن الك من

جعــل اللــسان علــى الفــؤاد دلــيال

.)١(فاألحباث العقلية أرفع مكانة من أن يستدل عليها بأشعار الشعراء

الكالم النفسي غري معقول « وله احملقق الطوسي من أن ما يق تقف على أن وبذلك .، أمر متني ال غبار عليه»

مت الكـالم وبه .)٢(شاعرة واألكماء واحل املعتزلة: إىل هنا مت بيان النظريات الثالث .و حدوث كالمه تعاىل أو قدمه وهان أوان البحث يف املقام الثاين وحيف املقام األول ،

دمه وقيف حدوثه اين ـاملقام الثثريت مسائل صفات اهللا تعاىل بني املتكلمني ، كانـت أهـم أ و ملا ظهرت الفلسفة

تبىن املعتزلـة وقد . لق القرآن وخ مسألة طرحت على بساط البحث مسألة كالم اهللا تعاىل ة يف ا كانت اخلالفـة العباسـي ومل .نبروا يدافعون عنه بشىت الوسائل ا و القول خبلق القرآن

راءهـا ، اسـتفاد آ و بعده إىل زمن الواثق باهللا ، تؤيد حركة االعتزال ومن عصر املأمون انت وك .اموا باختبار علماء األمصار اإلسالمية يف هذه املسألة وق املعتزلة من هذا الغطاء ،

ال نفر ميتنع إ ومل نتيجة هذا اإلمتحان أن أجاب مجيع الفقهاء يف ذلك العصر بنظرية اخللق .قليل على رأسهم اإلمام أمحد بن حنبل

.إرجاع مسألة أن كالم اهللا تعاىل غري خملوق إىل القرن الثاينوميكن __________________

.٢٥٠ ، ص ١٤الحظ امليزان ، ج ) ١( .ملقام الثاين لئال يلزم التكرارما نظرية احلنابلة فنبحث عنها يف اأو) ٢(

Page 206: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٦

ع أن أهل احلديث يلتزمون بعدم التفوه بشيء وم .إىل زمن املأمون يف طي الكتمان وبقيت أو عهد من الصحابة ، إال أنهم خالفوا مبـدأهم يف 9مل يرد فيه نص عن رسول اهللا

ـ هذه املسألة ، إىل أن اجنر م األمر إىل إعالا على رؤوس األشهاد وات املنـابر وصه. فقد أخذ يروج لفكرة عدم خلق . واقفه وم إىل أمحد بن حنبل سبق يف ذلك بينهم يرجع وال

يف سبيلها من املشاق ما هو مـسطور يف دافع عنها حبماس ، متحمال وي القرآن أو قدمه ، عرفت امتناعه عن اإلقرار خبلق القرآن عند استجواب الفقهاء فـسجن وقد . زبر التاريخ

ذبوع ر منه إال الثبات غم كل ذلك مل ور لد بالسياط ، وجان هذا هو وك صمود ، وال يسجل وقد . طريان صيته يف البالد اإلسالمية فيما بعد ت إىل اشتهاره و لعوامل اليت أد أبرز ا

.ني املفكرين من املتكلمني وبالتاريخ مجلة من املناظرات اليت جرت بينهبو احلسن األشعري أ و حنبلإيضاح احلال يف املقام نأيت مبا جاء به أمحد بن وألجل .يف هذا اال

والقرآن كالم اهللا ليس مبخلوق ، فمن زعـم أن القـرآن « : قال أمحد بن حنبل قف ومل يقل خملوق وو زعم أن القرآن كالم اهللا عز وجل ومن خملوق فهو جهمي كافر ،

الوتنا له خملوقة ، وت ا بالقرآن زعم أن ألفاظن ومن . ول غري خملوق ، فهو أخبث من األ وال .مل يكفر هؤالء القوم كلهم فهو مثلهمومن . قرآن كالم اهللا ، فهو جهميوال

وملاوله التوراة من يـده ، ون اهللا موسى تكليما ، من اهللا مسع موسى يقينا ، وكلم .)١(» يزل اهللا متكلما عاملا ، تبارك اهللا أحسن اخلالقني

ن من قـال إ و نقول إن القرآن كالم اهللا غري خملوق « : حلسن األشعري أبو ا وقال .)٢(» خبلق القرآن فهو كافر

__________________ .٤٩كتاب السنة ، ألمحد بن حنبل ، ص ) ١( .٣٢١يني ، ص حظ مقاالت اإلسالم وال ،٢١اإلبانة ، ص ) ٢(

Page 207: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٧

غري وال هنا قوم يقولون القرآن ال خملوق ها : نقل عن إمام احلنابلة أنه قيل له وقد ليس مبخلوق : هؤالء أضر من اجلهمية على الناس ، ويلكم فإن مل تقولوا : فقال . خملوق

الـذي أعتقـد : ؟ قـال ما تقول : فقيل له . فقال أمحد هؤالء قوم سوء . فقولوا خملوق شك يف هذا ومن سبحان اهللا ، : مث قال . شك فيه أن القرآن غري خملوق وال ذهب إليه أو .)١(؟

: عبد اجلبار ما املعتزلة فيقول القاضي أ و .شاعرة واأل نابلة واحل هذا ما لدى احملدثني و خملوق محدث أنزله اهللا على وه حيه وو أما مذهبنا يف ذلك إن القرآن كالم اهللا تعاىل «

اللة لنا على األحكام لنرجع إليه يف احلـالل عله د وج على نبوته ، اال ود مالنبيه ليكون ع ن مل إ و تلوه ون ذا هو الذي نسمعه اليوم إ و شكر ، وال ستوجب منا بذلك احلمد ا و رام ، واحل

محدثا من جهة اهللا تعاىل فهو مضاف إليه على احلقيقة كما يضاف ما ) ما نقرؤه (يكن محـدثا ) امروء القيس (ن مل يكن إ و ، ننشده اليوم من قصيدة امرئ القيس على احلقيقة

.)٢(» هلا اآلن : يف حتليل املسألة نقدم أمورا اخلوضوقبل

إذا كانت مسألة خلق القرآن أو قدمه مبثابة أوجدت طائفتني يكفـر كـل ـ ١إن من زعم أن القرآن خملوق فهو جهمي كافر : منهما عقيدة اآلخر ، فإمام احلنابلة يقول

إن القول بكون القرآن غري خملوق أو قدمي شرك باهللا سبحانه ، فيجب : عتزلة تقول وامل ،ا ال شك فيـه أن ومم .غط ول سنة باجتناب كل هياج وال كتاب وال حتليلها على ضوء العقل

فـال الإ و.اد عليها التناكر وساملسألة كانت قد طرحت يف أجواء خاصة عز فيها التفاهم ن التوحيـد يف خالفـه ، أ و فتراق يف أمر تزعم إحدى الطائفتني أنه مالك الكفر معىن لإل

.زعم الطائفة األخرى عكس ذلكوت املثابة لكان على الوحي التصريحكانت مسألة خلق القرآن ذهولو

__________________ . القرآن غري خملوق ، أمساء احملدثني القائلني بأن٧٦ ، وقد ذكر يف ص ٦٩اإلبانة ، ص ) ١( .٥٢٨صول اخلمسة ، ص شرح األ) ٢(

Page 208: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٨

فع الستار عن وجه احلقيقة ، مع أنا نرى أنه ليس يف الشريعة اإلسـالمية ور بأحد القولني نعم ، استدلت الطائفتـان بـبعض . نما ظهرت يف أوائل القرن الثاين إ و نص يف املسألة ،

.إال األوحـدي ـ على فرض الداللة ـ ال يقف عليها اآليات ، غري أن داللتها خفية ، قف عليـه كـل وي شرك جيب أن يرد فيه نص ال يقبل التأويل وال ا يعد مالك التوحيد وم

.اد وبحاضر أخبارا يف شرك أيب حنيفة والـرباءة منـه ) اإلبانة (نقل األشعري يف كتابه وقد

لق القرآن ، فتاب تقية ، خمافة أن يقدم عليـه ، كمـا ستتابة ابن أيب ليلى إياه لقوله خب اوال بعـدم وق مع أن الطحاوي ذكر يف عقائده ما يناقض ذلك . )١(صرح هو نفسه بذلك

.خلق القرآن رغم أنه حنفي ، املشرب واملسلكالوا فقط إنه غري وق كان بعض السلف يتحرجون من وصف القرآن بأنه قدمي ـ ٢املعلـوم أن ومـن . وا يف هذا القول حىت وصفوا كالم اهللا بأنه قدمي جنهم تدر لك. خملوق

توصيف شيء بأنه غري خملوق أو قدمي مما ال يتجرأ عليه العارف ، ألن هذين الوصفني من كالمه سبحانه غري ذاته فكيف ميكن أن يتصف بكونه غري خملوق فلو كان خصائص ذاته نا صحة تلك العقيدة اليت ال يناهلا إال األوحدي يف علم الكـالم ولو فرض . أو كونه قدميا

فكيف ميكن أن تكون هذه املسألة الغامضة مما جيب االعتقاد به على كل مسلم مـع أن ويف درك كون شيء غـري اهللا سـبحانه وي اإلنسان البسيط بل الفاضل ال يقدر أن حيلل

.الوقت نفسه غري خملوقا تفارق سـائر و سر التكليف من مسات الشريعة اإلسالمية وي دةإن سهولة العقي

غـري ـ و غري ذاته وه ـ املذاهب السائدة على العامل ، مع أن تصديق كون كالمه تعاىل .خملوق أو قدمي ، شيء يعسر على اخلاصة فكيف على العامة

__________________ .٧٢ ـ ٧١اإلبانة ، ص ) ١(

Page 209: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٠٩

و أمـر تنكـره وه »املقروء « أهل احلديث هو قدم القرآن إن الظاهر من ـ ٣صارت تلك العقيدة مبرتلة من البطالن حـىت حتامـل وقد . فس القرآن ون عقل وال البداهة

ضل اعتقادا أ و والقائل بقدم القرآن املقروء أشنع حاال « : عليها الشيخ حممد عبده إذ قال .)١(» وة إىل خمالفتها دع والمن كل ملة جاء القرآن نفسه بتضليلها

ملا رأى ابن تيمية ، الذي نصب نفسه مروجا لعقيدة أهل احلديث ، أنها عقيـدة ويـا أيهـا (و . )٢( ) يا أيها املزمل (دوث قوله وح تافهة صرح حبدوث القرآن املقروء

ثر(وله وق .)٣( ) املد ل التي تاهللا قو معس ا قدجهوفي ز ادلكإىل غري ذلـك ... )٤( ) ج .)٥(من اآليات الدالة على حدوث النداء والسمع من حينه ال من األزل

قول إن ترتيـب ويوالعجب أنه يستدل بدليل املعتزلة على حدوث القرآن املقروء ، توقف علـى ي» بسم اهللا « مل يستلزم احلدوث ، ألن حتقق كلمة واجل حروف الكلمات

فاحلدوث واإلنعدام ذايت . نعدامها مث حدوث السني كذلك إىل آخر الكلمة ا و حدوث الباء ملا أمكن أن توجد كلمة ، فإذن كيف ميكـن أن الإ و ملفردات احلروف ال ينفك عنها ،

.؟ يكون مثل هذا قدميا أزليا مع اهللا تعاىل دمه شـعار أهـل احلـديث ملا كانت فكرة عدم خلق القرآن أو القول بق ـ ٤

جانب آخر كان القول بقدم القرآن املقروء وامللفوظ شيئا ال يقبله العقـل ومن متهم وس ة بنظرية جديدة أصلحوا ا القولالسليم ، جاء األشاعر

__________________ ٤٩، الحظ ص حذف حنو صفحة من الرسالة يف الطبعات الالحقة وقد . رسالة التوحيد ، الطبعة األوىل ) ١(

.من طبعة مكتبة الثقافة العربية .١اآلية : سورة املزمل ) ٢( .١اآلية : سورة املدثر ) ٣( .١اآلية : سورة اادلة ) ٤( .٩٧ ، ص ٣عة الرسائل الكربى ، ج جممو) ٥(

Page 210: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٠

تجأوا إىل أن املراد من كالم اهللا تعاىل ليس هو القرآن املقروء وال دمه وق بعدم خلق القرآن .)١(عرفت مدى صحة القول بالكالم النفسي وقد الكالم النفسي ، بل

.دم القرآن املقروءدم الكالم النفسي ليس مبرتلة القول بقكل تقدير فالقول بقوعلى دوثه مالكا للكفر مع أنه سبحانه يصفه وح كيف يكون القول خبلق القرآن ـ ٥

ه حمدث أي؟ أمر جديدبأن ما يأتيهم من ذكر * اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( :قال سبحانه

واملراد من الذكر هو القرآن الكرمي لقوله . )٢( ) من ربهم محدث إال استمعوه وهم يلعبون وإنه لـذكر (: وله سبحانه وق ،)٣( ) إنا له لحافظونإنا نحن نزلنا الذكر و (: سبحانه

مكلقوو ٤( ) لك(. عىن كونه جديدا أنـه وم .و وصف للذكر وه هو اجلديد ، » محدث « واملراد من ذلك بعـض سـور وك .كما أن اإلجنيل جديد ألنه أتاهم بعد التوراة . أتاهم بعد اإلجنيل

يس املراد كونه محدثا من حيث نزوله ، بل ول .ياته ذكر جديد أتاهم بعد بعض وآ آنالقرفالذكر بذاته محدث ، ال برتوله . »ذكر « املراد كونه محدثا بذاته بشهادة أنه وصف ل

.)٥(فال معىن لتوصيف احملدث بالذات بكونه من حيث الرتول ولـئن شـئنا (: أنه سبحانه يقول يف حقه ميكن القول بقدم القرآن مع وكيف

، فهل)٦( ) لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم ال تجد لك به علينا وكيال__________________

ليس هذا أول مورد تقوم فيه األشاعرة إلصالح عقيدة أهل احلديث ، بل قامت بذلك يف عـدة مـوارد ) ١( .دف إخراجها يف قالب يقبله العقل

.٢ ـ ١اآلية : سورة األنبياء ) ٢( .٩اآلية : سورة احلجر ) ٣( .٤٤اآلية : سورة الزخرف ) ٤( .لتقدم ما بالذات على ما بالعرض) ٥( .٨٦اآلية : سورة اإلسراء ) ٦(

Page 211: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١١

!.؟ عدام واإليصح توصيف القدمي باإلذهابمحط الرتاع مل يحدد بشكل واضح يقدر اإلنسان على القـضاء العجب أن ـ ٦

شـاعرة عنـد واأل فيه ، فها هنا احتماالت ، ميكن أن تكون حمط النظر ألهل احلـديث طلب حكمها مـن العقـل ونتوصيف كالمه سبحانه بالقدم نطرحها على بساط البحث

.قرآنوال عجز اإلنسان يف مجيع القرون عن اإلتيان مل الفصيحة البليغة اليت واجل األلفاظ ـ أ رأها الرسـول فتلقتـها األمسـاع وق جاء ا أمني الوحي إىل النيب األكرم ، وقد مبثلها ،

فهي ليست مبخلوقة على اإلطالق ال هللا سبحانه . ررا األقالم على الصحف املطهرة وح .وال لغريهـ تـشريع وال يف جماالت التكوين فاهيم الرفيعة وامل املعاين السامية ـ ب وادث واحل

.ريها وغداب واآلخالقواألشار أ و ياة اليت حبث عنها القرآن واحل قدرة وال فاته من العلم وص ذاته سبحانه ـ ج

.مله وجإليها بألفاظه .علمه سبحانه بكل ما ورد يف القرآن الكرمي ـ د .الكالم النفسي القائم بذاته ـ ه .ن كان خملوقا هللاإ وخملوقا للبشرالقرآن ليس ـ و

احملتمالت ال ختتص بالقرآن الكرمي بل تطرد يف مجيع الـصحف الـسماوية وهذه .سله ورالنازلة إىل أنبيائه

.قدم والبيان حكمها من حيث احلدوثوإليك عقل يعتقد بكوـا غـري وال فال أظن أن إنسانا ميلك شيئا من الدرك ـ أما األول

وجود من املوجودات ، ممكـن ومي شيء من األشياء ، وه خملوقة أو كوا قدمية ، كيف و نفس الشرك باهللا وه فإذا كانت غري خملوقة وجب أن تكون واجبة بالذات . غري واجب

مل ، فال خيرج تكلمه عـن واجل ىت لو فرض أنه سبحانه يتكلم ذه األلفاظ وح سبحانه !؟ كن أن يقال إن فعله غري خملوق أو قدميكونه فعله ، فهل مي

Page 212: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٢

ذا سـائر وك فهو قريب من األول يف البداهة ، فإن القرآن يشتمل ، ـ الثاينوأما الصحف على احلوادث احملققة يف زمن النيب من محاجة أهل الكتاب واملشركني وما جرى

فهل ميكن أن نقول بأن احلادثـة الـيت يف غزواته وحروبه من احلوادث املؤملة أو املسرة ، قد سمع اهللا قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اهللا واهللا (: حيكيها قوله سبحانه

صريب ميعا إن اهللا سكمراوحت عمسقدمية)١( ) ي ، . صحف السماوية عما جرى على أنبيائـه وال عاىل يف القرآن وت أخرب اهللا تبارك وقد ا جرى على سائر األمم من ألوان العذاب ، كما أخرب عمـا جـرى يف وم من احلوادث

تدبري ، فهذه احلقائق الواردة يف القرآن الكرمي ، حادثة بال شك ، ال وال التكوين من اخللق .قدمية

ل ما يرجـع وك ياة واحل قدرةال و فاته من العلم وص فال شك أن ذاته ـ الثالثما وأيس مبخلوق بالبداهـة ، ولكنـه ال ول ال هو ، قدمي بال إشكال له إ اليها كشهادته أنه ال إ

ليها إشري به إىل هذه احلقائق ، فمعانيه املشار وي خيتص بالقرآن بل كل ما يتكلم به البشر .مل حادث واجل الكالم الوقت نفسه ما يشار به من ويفباأللفاظ واألصوات قدمية ،

ا ليس فيها ، فال شـك وم أي علمه سبحانه مبا جاء يف هذه الكتب ـ الرابعما وأحبدوث ـ ةومل يقل أحد من املتكلمني اإلهليني إال من شذ من الكرامي . أنه قدمي نفس ذاته

.علمهليس حبـروف كونه سبحانه متكلما بكالم قدمي أزيل نفساين أعين ـ اخلامسوأما

رادة ، فقد عرفت أن ما مساه األشاعرة كالما نفسيا ال خيرج واإل األصوات ، مغاير للعلم .رادته البسيطة قدميانإ و شك أن علمه والرادة واإلعن إطار العلم

نفي كونه غري خملوق ، كون القرآناهلدف من نأوهو ـ السادسوأما __________________

.١اآلية : اادلة سورة ) ١(

Page 213: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٣

. الوقت نفسه هو خملوق هللا سبحانه ، فهذا أمر ال ينكره مـسلم ويف غري خملوق للبشر ، قل (: قال سبحانه . ناس بأمجعهم ال يقدرون على مثله وال فإن القرآن خملوق هللا سبحانه

وا بمثل هأتلى أن يع اجلنو ت اإلنسعمتلئن اج مهـضعكان ب لوون بمثله وأتآن ال يذا القر .)١( ) لبعض ظهريااختلط وقد التحليل يعرب عن أن املسألة كانت مطروحة يف أجواء مشوشة وهذا

يكن حمط البحث حمررا على وجه الوضوح حىت يعرف املثبت عن ومل احلابل فيها بالنابل في ، املن ع هذا التشويش يف حترير حمل الرتاع نرى أن أهـل وم .مخض احلق من الباطل وي

.ونه غـري خملـوق وك شاعرة يستدلون بآيات من الكتاب على قدم كالمه واأل احلديث .ك هذه األدلة واحدا بعد واحديلإو

أدلة األشاعرة على كون القرآن غري خملوق .إستدل األشعري بوجوه

) إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون (وله سبحانه ق : األول الدليل (: ا يدل من كتاب اهللا على أن كالمه غري خملوق قوله عز وجل ومم :قال األشعري . )٢(

كن في قول لهأن ن اهندء إذا أريا لشلنا قوم٣( ) كونإن(. اهللا كـان و ول .»كن فيكون « له القرآن خملوقا لوجب أن يكون مقوال كان وفل

إما أن يؤول : ذا يوجب أحد أمرين وه .لكان للقول قول » كن « للقول عز وجل قائال .لك حمال وذ األمر إىل أن قول اهللا غري خملوق ، أو يكون كل قول واقعا بقول ال إىل غاية

.)٤( غري خملوق بت أن هللا عز وجل قوال وثذا استحال ذلك صحإو__________________

.٨٨اآلية : سورة اإلسراء ) ١( .٤٠اآلية : سورة النحل ) ٢( .٤٠اآلية : سورة النحل ) ٣( .٥٣ ـ ٥٢اإلبانة ، ص ) ٤(

Page 214: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٤

ـ أوال : يالحظ عليه ون يف اآليـة إن اإلستدالل مبين على كون األمـر بـالك ـنه سبحانه كالسلطان اآلمر ، فكما أ و .صوات واأل ظائرها أمرا لفظيا مؤلفا من احلروف ون

واتعوانه باللفظ ، فهكذا سبحانه يتوسل عند خلق الـسم أ وأنه يتوسل عند أمره وزراءه .»كن « قول ، فيخاطب املعدوم املطلق بلفظة والرض باللفظواأل

. هذا اإلحتمال باطل جدا ، إذ ال معىن خلطاب املعدومشك أنوال نه أ و يقال يف تصحيحه بأن املعدوم معلوم هللا تعاىل فهو يعلم الشيء قبل وجوده وما

ن كنت يف إ و ن العلم بالشيء ال يصحح اخلطاب ، سيوجد يف وقت كذا ، غري مفيد ، أل الت ، فهل يصح واآل رسي باملعدات ار الذي يريد صناعة الك شك من ذلك فالحظ النج .مثل له فرق أو فروق واملن كان بني املثالإ وأن خياطبها ذا اللفظ ، هذا

املراد من األمر يف اآلية ، كما فهمه مجهور املسلمني ، هو األمر التكـويين ما وإنرادته سـبحانه اآلية أن تعلق إ قصود من وامل املعبر عن تعلق اإلرادة القطعية بإجياد الشيء ،

راد كونه فإنه يتكـون أ و ن ما قضاه من األمور أ و يأىب عنه الشيء ، وال يعقبه وجوده ، توقف ، كاملأمور املطيع الذي يؤمر فيمتثـل ، والدخل يف حيز الوجود من غري امتناع وي

. يكون منه اإلباء وال ميتنع والال يتوقفـ بني األمر التكليفي التشريعي الوارد يف الكتاب تقف على الفرق وبذلك سنة ، وال

عن خياطب به غريه فضال وال فاألول خياطب به اإلنسان العاقل للتكليف . مر التكويين واأل .ذا خبالف األمر التكويين فإنه رمز لتعلق اإلرادة القطعية بإجياد املعدوم وه.املعدوم

يقول لمـا أراد « يب طالب يفسر األمر التكويين بقوله أمري املؤمنني علي بن أ وهذانما كالمه سبحانه فعل منـه ، إ و بنداء يسمع ، وال يقرع ال بصوت . كونه كن ، فيكون

أهشأنكائنا ، وم قبل ذلك من كني و كان ولثله ، لم

Page 215: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٥

.)١(» قدميا لكان إهلا ثانيا سـابقا لتزم بأن هنا قوال ون . يلزم التسلسل وال حنن نختار الشق الثاين ، ـ ثانياو

» كـن « حدثه حىت كلمة أ و على القرآن هو غري خملوق أوجد به سبحانه جمموع القرآن يع الكتب الـسماوية ومج فتكون النتيجة حدوث القرآن . ظائرها ون الواردة يف تلك اآلية

فينقطع التسلسل باإللتزام بعـدم . واحدا سابقا على اجلميع مه إال قوال ال وك يع كلمه ومج .خملوقية لفظ واحد

مع أا . مثاهلا قدمية أ و الواردة يف اآلية » كن « كيف ميكن أن تكون كلمة ـ ثالثاا لشيء إذا إنما قولن (يقول سبحانه خمربا عن املستقبل . إخبار عن املستقبل فتكون حادثة

جل ذلك التجأ املتأخرون من األشاعرة إىل أن لفـظ وأل.) أردناه أن نقول له كن فيكون .)٢(قدمي هو املعىن األزيل النفساين والحادث» كن «

األرض فـي إن ربكم اهللا الذي خلق السماوات و (: قوله سبحانه ـ الدليل الثاين ـومجالنو رالقمو سمالشثيثا وح هطلبي ارهل النشي الليغش يرلى العى عوتاس ام ثمة أيست

المنيالع باهللا ر كاربت راألمو اخللق ره أال لهات بأمرخس٣( ) م(. ذكـر » واألمر « ا قال ومل مجيع ما خلق داخل فيه ، » اخللق « ف: ي قال األشعر

مـا أمـر اهللا فهـو أ و .فدل ما وصفناه على أن أمر اهللا غري خملوق . أمرا غري مجيع اخللق ذا يوجب أن وه مر اهللا كالمه ، أ و إنه سبحانه أبان األمر من اخللق ، : اختصار وب .كالمه

.)٤(ري خملوق يكون كالم اهللا غـ يف اآلية مبعىن كالم اهللا » األمر « إن اإلستدالل مبين على أن :يالحظ عليه و وه

قالوقد غري ثابت بل القرينة تدل على أن املراد منه غريه ، كيف __________________

.١٨٦ج البالغة ، اخلطبة ) ١( .١٥٣ ، ص ١ األشعري ، ج دالئل الصدق حاكيا عن الفضل بن روزان) ٢( .٥٤اآلية : سورة األعراف ) ٣( .٥٢ ـ ٥١اإلبانة ، ص ) ٤(

Page 216: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٦

ـ ) والنجوم مسخرات بأمره أال له اخللق واألمر (: سبحانه يف نفس اآلية راد مـن واملـ اإلجياد مبعىن ـ اخللق ن أ ودف اآلية ه وه .ول قرينة على الثاين واأل اللفظني واحد ، ـ

شـياء مث اإلنـصراف واأل يس شأنه سبحانه خلق العامل ول دبريه كالمها من اهللا سبحانه وتتدبري على وجه اإلستقالل مـن وال فويض تدبريها إىل غريه حىت يكون اخللق منه وت عنها

.غريه ، بل الكل من جانبه سبحانه األمر النظام السائد عليها ، فكأن فاملراد من اخللق إجياد ذوات األشياء ، واملراد من

دل على ذلك وي .نظام اجلاري بينها وال مر باألوضاع احلاصلة فيها واأل اخللق يتعلق بذواا .بعد اخللق» تدبري األمر « بعض اآليات اليت تذكر

تة أيـام ثـم إن ربكم اهللا الذي خلق السماوات واألرض في س (: يقول سبحانه .)١( ) استوى على العرش يدبر األمر ما من شفيع إال من بعد إذنه

اهللا الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العـرش (: تعاىل وقال القمو سمالش رخسو كمبلكم بلقاء رات لعل اآليفصي راألم ربدى يمسل مري ألججكل ي ر

.)٢( ) توقنونفليس املراد من األمر ما يقابل النهي ، بل املراد الشؤون الراجعـة إىل التكـوين ،

ثانيا منه سبحانه فهو اخلالق املالك ال تدبري وال تصرف وال ، فيكون املقصود أن اإلجياد أوال .تدبري وال يف اإلرادة والجياد واإلشريك له يف اخللق

.)٣( ) إن هذا إال قول البشر (: وله سبحانه ق ـ الدليل الثالث للبشر ،فمن زعم أن القرآن خملوق فقد جعله قوال« : شعري قال اال

__________________ .٣اآلية : سورة يونس ) ١( .٢اآلية : سورة الرعد ) ٢( .٢٥اآلية : سورة املدثر ) ٣(

Page 217: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٧

.)١(» ما أنكره اهللا على املشركني وهذا. إن من يقول بأن القرآن خملوق ال يريد إال كونه خملوقا هللا سبحانه :يالحظ عليه شرين سـنة وع ما على مدى ثالث جزله عليه من ون وحى به إىل النيب أ و فاهللا سبحانه خلقه

.بعضهم لبعض ظهريا ولو كان عله فوق قدرة البشر فلن يأتوا مبثلهوجنعم ، كون القرآن خملوقا هللا سبحانه ال ينايف أن يكون ما يقرؤه اإلنسان خملوقا له

لقـيس ذا كمعلقة امرئ ا وه صوات اليت ينطق ا الناس خملوقة هلم واأل لبداهة أن احلروف .لوق للقارئ وخمريها ، فأصلها خملوق لنفس الشاعر ، ولكن املقروء مثال له ،وغ

بعده مل ينقحوا موضع الرتاع فزعموا أنـه إذ ومن قبله ومن والعجب أن األشعري فإمنا يراد منه كون القرآن مصنوعا للبشر ، مع أن الضرورة قاضية » القرآن خملوق « قيل

وهذا كتاب (: قول البارئ سبحانه فيه أقر وي ف ميكن ملسلم يعتنق القرآن خبالفه ، فكي كاربم اهلنه بأن القرآن خملوق للبشر )٢( ) أنزفوتبل املسلمون مجيعا يقولـون يف . ، أن ي

غري أن املقروء على ألسنتهم خملـوق ألنفـسهم ، . القرآن نفس ما قاله سبحانه يف حقه على أن ون املثال خملوقا هلم ليس دليال وك يكون مثال ما نزله سبحانه خملوقا لإلنسان ، ف

ناس بأمجعهم عاجزون عن إجياد مثل القرآن ولكنهم قادرون علـى وال .املمثل خملوقا هلم .دبر وتفالحظ. إجياد مثاله

غري تام من » بانة اإل« تقف على أن أكثر ما استدل به األشعري يف كتاب وبذلك .يما ذكرنا كفاية وف.قده ون نطيل املقام بإيراده والجهة الداللة ،

إن املعروف من إمام احلنابلة أنه مـا كـان يـرى : ي وه عليها ننبه بقي هنا نكتة يها السلف الصاحل ألنه ما كاناخلوض يف املسائل اليت مل خيض ف

__________________ .٥٦ـ ص اإلبانة )١( ) ٢اآليـة : اجلاثية () ترتيل الكتاب من اهللا العزيز احلكيم (: ثله قوله وم .١٥٥اآلية : سورة االنعام )٢( .خرىأيات كثرية وآ

Page 218: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٨

ا ال خيوضون فيه من أمـور ومعلما إال علم السلف ، فما خيوضون فيه خيوض فيه ، يرى ذه املسألة مل يتكلم فيها السلف فلم يكن له أن وه .جيب اإلعراض عنه الدين يراه ابتداعا

ـ بتدعون هم الذين يتكلمون ، فما كان له أن يسري وراءهم وامل .يتكلم فيها ان مـن وكـ نعم نقل عنه ما يوافق التوقف . ينبس ببنت شفة وال واجبه حسب أصوله أن يتوقف ـ

زعم ومن من زعم أن القرآن خملوق فهو جهمي ، : قال نهأ و رغم ما نقلنا عنه من خالفه .أنه غري خملوق فهو مبتدع

ويرى احملققون أن إمام احلنابلة كان يف أوليات حياته يرى البحث حول القـرآن ، طلب منه اخلليفة العباسـي ما زالت احملنة و ولكنه بعد . بدعةبأنه خملوق أو غري خملوق ،

ع ذلك مل يـؤثر وم .د له ، اإلدالء برأيه ، إختار كون القرآن ليس مبخلوق املتوكل ، املؤي .)١(إنه قدمي : عنه أنه قال

:البيت موقف أهلا جرى على الفريقني من احملن ، يشهد بأن التشدد فيه مل يكن وم إن تاريخ البحث

. سألة للتنكيل خبـصومها زاحة الشكوك ، بل استغلت كل طائفة تلك امل إ و إلحقاق احلق منعوا أصحام من اخلوض يف تلك املـسألة ، :فألجل ذلك نرى أن أئمة أهل البيت

؟ ما تقول يف القرآن: ال له وق7فقد سأل الريان بن الصلت اإلمام الرضا .)٢(» لوا تطلبوا اهلدى يف غريه ، فتض والالم اهللا ال تتجاوزهك« : 7فقال

سألت الصادق جعفر بن حممد: قال وروى علي بن سامل عن أبيه__________________

.٣٠٠تاريخ املذاهب اإلسالمية ، ص ) ١( .٢٢٣ ، ص ٢لقرآن ما هو ، احلديث التوحيد للصدوق ، باب ا) ٢(

Page 219: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢١٩

؟ يابن رسول اهللا ما تقول يف القرآن: فقلت له و الكتاب وه رتيله ، وت حي اهللا ، وو تاب اهللا وك وقول اهللا ، هو كالم اهللا « : فقال

.)١(» من خلفه ، ترتيل من حكيم محيد والالعزيز ال يأتيه الباطل من بني يديه 7وحدث سليمان بن جعفر اجلعفري قال ، قلت أليب احلسن موسى بن جعفر

اختلف فيه من قبلنا ، فقال قوم إنه خملوق ؟ فقد يا ابن رسول اهللا ، ما تقول يف القرآن : .ال قوم إنه غري خملوق وق،

.)٢(إنه كالم اهللا : أما إين ال أقول يف ذلك ما يقولون ، ولكني أقول : 7فقال يبتعد عن اخلوض يف هذه املسألة لما رأى من أن اخلوض 7فإنا نرى أن اإلمام ولكنـهم . ن اإلكتفاء بأنه كالم اهللا أحسم ملادة اخلـالف أ و فيها ليس لصاحل اإلسالم ،

رحوا بأن اخلالق هو وص عندما أحسوا بسالمة املوقف ، أدلوا برأيهم يف املوضوع ، :نزل ، فهو غريه ، وامل يلزم احتاد املنزل الإ و قرآن ليس نفسه سبحانه ، وال ريه خملوق وغ اهللا

.وقافيكون ال حمالة خملفقد روى حممد بن عيسى بن عبيد اليقطيين أنه كتب علي بن حممد بن علي بـن

بسم اهللا الرمحن الـرحيم ، عـصمنا اهللا « : إىل بعض شيعته ببغداد 7موسى الرضا ى أن حنن نـر . ن ال يفعل فهي اهللكةإ وياك من الفتنة ، فإن يفعل فقد أعظم ا نعمة ، إو

جيب ، فيتعاطى السائل ما لـيس لـه ، وامل اجلدال يف القرآن بدعة ، اشترك فيها السائل ـ ، عز وجل يس اخلالق إال اهللا ولتكلف املجيب ما ليس عليه ، وي ا سـواه خملـوق ، وميـاك إ و جعلنا اهللا ، قرآن كالم اهللا ، ال تجعل له إمسا من عندك فتكون من الضالني ، وال

.)٣(» م من الساعة مشفقون وهمن الذين يخشون رم بالغيب__________________

.٢٢٤ ، ص ٣التوحيد ، للصدوق ، باب القرآن ، احلديث ) ١( .٢٢٤ ، ص ٥املصدر السابق ، احلديث ) ٢( .٤املصدر السابق ، احلديث ) ٣(

Page 220: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٠

احملنة اليت نقلها املؤرخون ، حيث كان أمحد بن أيب الروايات املروية إشارة إىل ويفـ دؤاد يف عصر املأمون كتب إىل الوالة يف العواصم اإلسالمية أن خيتربوا الفقهاء دثني واحمل

رض عليهم أن يعاقبوا كل من ال يرى رأي املعتزلـة يف هـذه وف يف مسألة خلق القرآن ، لغـت احملنـة وب ياسته مع خصوم املعتزلة وس تهواثق فطبقا سري وال اء املعتصم وج .املسألة

قى أمحد بن حنبل مثانية وعشرين شهرا حتت العذاب فلم يتراجع وب أشدها على احملدثني ، قصى خصومهم ، فعنـد أ و ا جاء املتوكل العباسي ، نصر مذهب احلنابلة ومل .)١(عن رأيه

كانوا باألمس القريب يفرضون حاطت احملنة بأولئك الذين إ و ذلك أحس احملدثون بالفرج .آراءهم بقوة السلطان

بينـها ، وت رآنيا ، ملعرفة احلقيقة وق إسالميا ، فهل ميكن عد مثل هذا اجلدال جداال .ضمائر القلوب؟ اهللا العامل باحلقائق و شيء آخرأو أنه كان وراءه

* * * __________________

عقد يف الكتاب باب مفصل يف احوال اإلمام وقد . ٢٥٢ ، ص ١١ الحظ سري أعالم النبالء للذهيب ، ج ) ١( .أمحد

Page 221: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢١

الصفات الفعلية

)٢(

الصدقمـن » الصدق « ن أ و من أمسائه ، » الصادق « هليون على أن واإل إتفق املسلمون

واملراد من صدقه كون كالمه مرتهـا عـن . ن اختلفوا يف طريق الربهنة عليه إ و صفاته ، ب الكذب شمن الصفات الفعلية ، يكـون » الكالم « ا كان املختار عندنا يف ومل .و هأن

قائما عال وف ألنه إذا كان املوصوف بالصدق من الصفات الفعلية . الصدق يف الكالم مثله .باهللا سبحانه ، فوصفه أوىل بأن يكون من تلك املقولة

ه عما يعده و سبحانه مرت وه ، يح عقال الكذب قب ميكن اإلستدالل على صدقه بأن و قبح من األمور اليت يدركها العقل ، وال ربهان مبين على كون احلسن وال .العقل من القبائح

عوارض ، حيكم بكون شيء حسنا بالذات أو قبيحـا وال نه مع قطع النظر عن الطوارئ أو .ىل فرقتنيذا األصل هو األمر املهم الذي فرق املتكلمني إ وه.مثله

فإذا أخذنا باجلانب اإلجيايب يف ناحية ذلك األصل ، كما هو احلق ، يثبت كونـه تقبيح العقليني يـصفونه سـبحانه وال ولكن األشاعرة املنكرين للتحسني . سبحانه صادقا

بأن الكذب نقص ،بالصدق ، مستدلني تارة

Page 222: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٢

د أخرب عن كونه صادقا وكال الدليلني ن الشرع ق خرى بأ أ و .والنقص على اهللا تعاىل حمال .خمدوش جدا

على اهللا فألنه لو قلنا بالتحسني والتقبيح العقليني ، يكون النقص حماال أما األول ، ا إذا مأو ـ كالتكلم ـ عله وف فعل ، فذاته مرتهة عن النقص ، وال سبحانه يف ناحية الذات

ن إ و النقص على اهللا سبحانه يف خصوص فعله أنكرنا ذلك األصل فال دليل على استحالة جل ذلك جوز األشـاعرة الظلـم عليـه وأل. مطلقاكان طروء النقص على الذات حماال

.ن كانت ال تصدر عنه سبحانه ألجل إخباره بذلكإ وكذا سائر القبائح ، وهسبحانه ، يثبت صدقه وال فألن ثبوت صدقه شرعا يتوقف على صدق قول النيب الثاين ، وأما

، لـزم 9 بتصديق اهللا سبحانه ، فلو توقف تصديقه سبحانه على تـصديق الـنيب إال .الدور

وحي علـى كونـه وال وألجل ذلك جيب أن يكون هناك دليل قاطع وراء الشرع .سبحانه صادقا ال يكذب

العامل ، اصله أن كذبه ينايف مصلحة وح دليل آخر ، أشار اليه بعض املعتزلة وهناك ألنه إذا جاز وقوع الكذب يف كالمه تعاىل ارتفع الوثوق بإخباره عن أحوال اآلخـرة ،

.واألصلح واجب عليه تعاىل ال يصح اإلخـالل بـه . ذلك فوات مصاحل ال حتصى ويفراد من كونه واجبا هو إدراك العقل أن موقفه سبحانه يف ذلك اال يقتضي اختيـار وامل

.)١(رك غريه ت واألصلحبح ، ق وال سنولكن الدليل مبين على األصل املقرر عند العدلية من إدراك العقل احل

ـ فعند ذلك يدرك األصـلح . عوارض وال مع قطع النظر عن مجيع الطوارئ صاحل ، أو والجل ذلك وأل .صاحل على غريمها وال ري الصاحل ، كما يدرك لزوم اختيار األصلح وغ الصاحل

. آخر دليالال يكون__________________

. ٣٢٠شرح القوشجي ، ص ) ١(

Page 223: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٣

ـ ما لو فسرناه بالكالم النفسي أ و .هذا إذا قلنا بأن كالمه من الصفات الفعلية ـكراهـة ، وال رادة واإل طار العلـم إفقد عرفت أنه ال خيرج عن ـ كما قالت األشاعرة

ميكن تفسري صدق العلم إال بكونـه وال ه ، فعندئذ يكون صدق كالمه مبعىن صدق علم لى كل تقدير وع .كراهة فليس له فيهما معىن معقول وال ما صدق اإلرادة أ و .مطابقا للواقع

.من الصفات الذاتية ال الفعلية ـ حينئذ ـ يكون الصدق عندهم

* * *

Page 224: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٤

Page 225: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٥

الصةفات الفعلي

)٣(

احلكمةص تواترت النـصو وقد نه ، كما أن احلكيم من أمسائه إن احلكمة من صفاته سبحا

:القرآنية بذلك ، فقال سبحانه ) كيمح ليماهللا عمشعرا بأن العلم غري احلكمة)١( ) و .

تقـان ، واإلأحدمها ، كون الفعل يف غاية اإلحكام: إن احلكمة تطلق على معنيني . خيل بواجب وال ، كون الفاعل ال يفعل قبيحاانيها وث.كمال واإلاية اإلمتاموغ

إنه فعيل مبعىن مفعل ، كأليم مبعـىن ـ األول : هيف احلكيم وجو « : قال الرازي سن وح عىن اإلحكام يف حق اهللا تعاىل يف خلق األشياء ، هو إتقان التدبري فيها ، وم مؤمل ،

ريمها ، إال أن آثار التدبري فيها وغ بقة والنملة التقدير هلا ففيها ما ال يوصف بوثاقة البنية كال واتليست بأقل من داللة الـسم ـ لمه وع وجهات الدالالت فيها على قدرة الصانع ـالذي أحسن كل شيء (: ذا هذا يف قوله وك .درته وق بال على علم الصانع واجل رضواأللقه٢( ) خ(.

__________________ .٢٦اآلية : رة النساء سو) ١( .٧اآلية : سورة السجدة ) ٢(

Page 226: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٦

منا إ و ليس املراد منه احلسن الرائق يف املنظر ، فإن ذلك مفقود يف القرد واخلرتير ، و و املراد بقوله وه .سن التدبري يف وضع كل شيء موضعه حبسب املصلحة املراد منه ح :)

.)١( ) يراوخلق كل شيء فقدره تقدأفحسبتم (: إنه عبارة عن كونه مقدسا عن فعل ما ال ينبغي ، قال تعاىل ـ الثاىن

.)٢( ) أنما خلقناكم عبثا .)٤(و )٣( ) وما خلقنا السماء واألرض وما بينهما باطال (: وقال

.حدا بعد اآلخروافيما يلي عن كال املعنيني ونبحث __________________

.٢اآلية : سورة الفرقان ) ١( .١١٥اآلية : سورة املؤمنون ) ٢( .٢٧اآلية : سورة ص ) ٣(احلكمة عبارة عن معرفة أفضل املعلومات بأفضل العلوم ، فاحلكيم ن أ و وه ذكر الرازي هنا معىن ثالثا وقد ) ٤(

اهللا ، فيلزم أن يكون احلكيم احلق هو اهللا ، ألنه دللنا على أنه ال يعرف اهللا إال وقد : مبعىن العليم ، قال الغزايل و علمه األزيل الدائم الذي ال يتصور زواله وه أصل العلوم ، ) العلم بأصل األشياء (و وه يعلم أصل األشياء ،

أقول ). ٢٨٠ ـ ٢٧٩ احلسىن ، ص أمساء اهللا . ( الشبهة وال ، املطابق للمعلوم مطابقة ال يتطرق إليها اخلفاء .لثالث تكون احلكمة من شعب علمهلى املعىن ا وع:

Page 227: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٧

احلكمة

)١(

املتقن فعله: احلكيم واهللا دبر باتزان وي قدر وي قد عرفت أن احلكيم يطلق على الفاعل الذي يعمل بإتقان

.سبحانه حكيم ذا املعىنتقان فإن الناظر يرى واإل حكام واإل فعله يف غاية البداعة أوضح دليل على ذلك أن و

هز بكل ما وج ن كل نوع خلق بأفضل صورة تناسبه ، أ و أن العامل خلق على نظام بديع ، فـانظر ن شئت إ و .ساعده على السري إىل الكمال وت حيتاج إليه من أجهزة ديه يف حياته

. تعاىلمظاهر حكمتهمن و مما هإىل األشياء احمليطة بكربعني مليون مـستقبل حـساس أ و فإن فيها ما يقرب من مائة العني مثال ظفالح

للضوء تسمى باملخاريط والعصي ، وطبقة املخاريط والعصي هذه واحدة من الطبقـات أربعة أعـشار ـ بطبقاا العشر ـ يتجاوز ثخانتها وال العشر اليت تشكل شبكية العني ،

! رج من العني نصف مليون ليف عصيب ينقل الصورة بشكل ملون وخي.املليمتر الواحدو مضخة احلياة اليت ال تكل عن العمل ، فإنه ينبض يوميا ما يزيـد وه القلب وهذا

هلا مثانية آالف ليتر من الدم ،على مائة ألف مرة ، يضخ خال

Page 228: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٨

ون غالون على مدى حياة اإلنسان ، فتـرى هـل سني ملي ومخ مبعدل وسطي يضخ ستة ويستطيع حمرك آخر القيام مبثل هذا العمل الشاق ملثل تلك الفترة الطويلة من دون حاجـة

...؟ إلصالح .أمثال ذلك الكثري مما ال تستوعبه السطور بل وال الزبرو

مة اإلهلية يف إن معطيات العلوم الطبيعية عما يف الكون أفضل دليل على وجود احلك نطيل الكالم يف احلكمة ذا املعىن ، فإا يف احلقيقة من شعب وال .رضيات واأل الفلكيات

يما من وجهني على أنه ميكن اإلستدالل على كونه حك . القدرة اليت استوفينا الكالم فيها :آخرين غري ما مر

فإن صدور الإ و ن نظام ، بأحس إن إرادته سبحانه تعلقت خبلق كل شيء :األول ما ألجل إ و حكام ، إما ألجل جهل الفاعل بالنظام الصحيح ، واإل فعل خارج عن اإلتقان

فعدولـه . عجزه ، وكال العاملني منفيان عن ساحته ، لسعة علمه لكل شيء وسعة قدرته غيـا ، وال ونه عابثا يس هو إال ك ول قدرة الوسيعني حيتاج إىل دليل ، وال عن مقتضى العلم

.يوافيك فيما يأيت أنه مرته عن القبيحوس. ؤثره ، فهو كالظل يناسب ذا الظل وم إن أثر كل فاعل يناسب واقع فاعله :الثاين

وجود متـوازن أخـذا وم فالفاعل الكامل من مجيع اجلهات يكون مصدرا لفعل كامل ، . مشاة الظل لذي الظلبقاعدة

سنة والتقان يف الكتاب واإلاحلكمة (: إن توصيفه سبحانه باحلكمة ذا املعىن ورد يف الذكر احلكيم ، قال سـبحانه

.)١( ) الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبري إىل احلكمة اإلهلية مبعىن7أشار اإلمام علي وقد

__________________ .١اآلية : سورة هود ) ١(

Page 229: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٢٩

.)١(» قدر ما خلق فأحكم تقديره « : حكام بقوله واإلاإلتقان وال تعلـيم وال نشئهم حبكمه ، بال اقتـداء وم مبتدع اخلالئق بعلمه ، « :وقوله

.)٢( » حكيم ملثال صانعاحتذاءألوا عن فوائد األمور وسا حول حكمته تعاىل ، مث إن بعض املغرورين أثاروا شكوك

:ي وهالتالية . ـ الزائدة الدودية١ . ـ اللوزتان٢ . ـ ثديا الرجل٣ . ـ صيوان األذن٤ . ـ الفضاء الوسيع٥

صوروا أـم أحـاطوا وت ولكن هؤالء اغتروا مبا حصلوا عليه من علوم جتريبية ، لة اطالعهم علـى وق ن العلماء يعترفون بضآلة علومهم سرار العامل ، مع أن الواقعيني م بأ

.)٣( ) وما أوتيتم من العلم إال قليال (: قال سبحانه . موزه ورسنن الكون .)٤( ) يعلمون ظاهرا من احلياة الدنيا (: سبحانه وقال

مور اليت استشكل فيها مة هلذه األ هذا ، مع أن العلم احلديث كشف عن الفوائد اجل .)٥(زعموا أنها مضادة حلكمته سبحانه رون وهؤالء املغرو

* * * __________________

).٩١(ج البالغة ، اخلطبة ) ١( ).١٩١(ج البالغة ، اخلطبة ) ٢( .٨٥اآلية : سورة األسراء ) ٣( .٧اآلية : سورة الروم ) ٤( ؟ »األعضاء الزائدة ملاذا « ، حتت عنوان ٣٧٨ ـ ٣٧٠ص » ون اهللا خالق الك« الحظ ) ٥(

Page 230: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٠

Page 231: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣١

احلكمة

)٢(

املرته عن فعل ما ال ينبغي: احلكيم ي ذا املعىن أعم مـن وه إن املعىن الثاين للحكمة هو التنزه عن فعل ما ال ينبغي ،

م اجلور العدل الذي نهو الذي ال ـ بعبارة أخرى ـ فاحلكيم. ريه وغ ظلم ، وال عرفه بعد .يفعل القبيحتقبـيح وال التصديق بثبوت هذه الصفة للباري تعاىل مبين على القول بالتحـسني و يدرك العقل كوا حـسنة أو قبيحـة ، فإن مفاد تلك املسألة أن هناك أفعاال . العقليني

ه عن اإلتصاف بالقبيح ،ويزنبالذات م ينعل ما ال ينبغي وفدرك أن الغ. وال نه موجود ال جيور أ و عدل وال هو األساس للحكم باتصافه تعاىل باحلكمة وهذا

.كتاب العزيز والعلى ضوء العقلهنا يلزمنا البحث عن تلك املسألة ومن يظلم

* * *

تقبيح العقليان والالتحسنين دون استعانة من يدرك العقل من صميم ذاته م ذهبت العدلية إىل أن هناك أفعاال

هالشرع أا حسنة ، جيب القيام ا ، أو قبيحة جيب الترت

Page 232: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٢

رشـد وم ى عن الثانية ، فهو كاشف عما يدركه العقل و ولو أمر الشارع باألوىل . عنها .ه العقل ، أو يقبح ما حسنهيس للشرع أن يعكس القضية بأن يحسن ما قبح ول.إليه

يتـسم فعـل وال بحها ، وق ت األشاعرة ، ال حكم للعقل ىف حسن األشياء قالو ال ما حسنه الشارع ، باحلسن أو القبح بذاته قبل ورود الشرع ، فألجل ذلك ال حسن إ

العـدل ولو كان الظلم قبيحا ، فألن الشارع ى عنه ، فلو كان .ال ما قبحه إ قبيح وال .و عكس وجعل العدل قبيحا والظلم حسنا ، لكان كما قال ول.بهحسنا فألنه أمر

صاف ما إىل قبح العقليني يقسمون األفعال من حيث اإلت وال مث إن القائلني باحلسن :أقسام ثالثة

ذا ما يسمى باحلـسن وهقبح ، والما يكون الفعل بنفسه علة تامة للحسن :األول ىت وم ال حسنا أبدا ، فالعدل مبا هو عدل ، ال يكون إ . ظلم وال مثل العدل قبح الذاتيني ، وال

ال قبيحا إذلك الظلم مبا هو ظلم ال يكون وك عد حمسنا ، وي ما وجد ال بد أن يمدح فاعله .ظلم حسنا والستحيل أن يكون العدل قبيحا وي.سيء ومىت ما وجد ففاعله مذموموم

كون الفعل علة تامة ألحدمها ، بل يكون مقتضيا لإلتصاف مـا ، ما ال ي :الثاين فسه ، فإما أن يكون حسنا كتعظيم الصديق مبا هو هو أو يكـون ون حبيث لو خلي الفعل

ولكنه ال ميتنع أن يكون التعظيم مذموما لعروض عنوان عليـه كمـا إذا . قبيحا كتحقريه ن التحقري ممدوحا لعروض عنوان عليه كما إذا صار سـببا ، أو يكو كان سببا لظلم ثالث

فالصدق الـذي . ينحصر املثال ما بل الصدق والكذب أيضا من هذا القبيل وال .لنجاتهذا وه .فيه ضرر على اتمع قبيح ، كما أن الكذب الذي فيه جناة اإلنسان الربيء حسن

مبا ـ ظلم وال بالقبح ، ـ مبا هو عدل ـ دلظلم فال جيوز أن يتسم الع وال خبالف العدل .باحلسن ـ هو ظلم

Page 233: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٣

منـا يتبـع إ و اقتضاء فيه يف نفسه لإلتصاف بأحدمها ، وال ما ال علية له ـ الثالثبـيح وق ذا كالضرب فإنه حسن للتأديـب ، وه عناوين املنطبقة عليه ، وال اجلهات الطارئة

.لإليذاءغرض املطلوب يف هذا البحث هو تبيني أن هناك وال .بينهمهذا هو التقسيم الرائج

يدرك العقل إذا طالعها ، بقطع النظر عن كل اجلهات الطارئة عليها ، أنها حـسنة أفعاال ذمنقول إن كل فعل من األفعال داخل يف وال .جيب أن ميدح فاعلها أو قبيحة جيب أن ي

.هذا اإلطاراع بني الفريقني دائر بني اإلجياب اجلزئي والسلب الكلي ، إن الرت : وبعبارة أخرى

.ولون باألول واألشاعرة بالثاينفالعدلية يق

قبح واليف إطالقات احلسنمنا الكالم يف مالك كون الشيء حسنا إ و قبح معىن واحدا ، وال ال شك أن للحسن

دها فيما سن والقبح مالكات نور كر للح و خيتلف باختالف املوارد ، فقد ذ وه .بيحاأو ق :يلي

يعد حسنا ، ـ مبا أنه يالئم الطبع ـ فاملشهد اجلميل . نافرته وم مالءمة الطبع ـ ١ ومثلـه الطعـام اللذيـذ .يعد قبيحا ـ مبا أنه منافر للطبع ـ ، كما أن املشهد املخوف

قبح وال سن واحل .يق احلمار قبيحان و واء املر الد صوت الناعم ، فإما حسنان كما أن والدوام وال أضف إىل ذلك أنهما ال ميكنهما الثبات . ختالف واال ذا املالك ليسا حمل البحث

.، الختالف الطبائعفقتل إنسان لعدائـه . الفتهما وخمنوعية وال صلحة الشخصية وامل موافقة الغرض ـ ٢

هله ، أ و ولكنه قبيح ألصدقاء املقتول . غراض القاتل الشخصية حسن ، حيث إنه موافق أل ما يف اال النوعي أ و .هذا يف اال الشخصي . صاحلهم الشخصية وم ملخالفته ألغراضهم

ا أن الظلـم هـادم ومب صاحل النوع فهو حسن وم ، فإن العدل مبا أنه حافظ لنظام اتمع الف وخمللنظام

Page 234: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٤

شاعرة ، فإن واأل ذا أيضا خارج عن جمال البحث بني العدلية وه .و قبيح ملصلحة النوع فه قبح على وجه الدوام ، ملا عرفت وال املصاحل الشخصية ال تصحح توصيف الفعل باحلسن

كالقتل حسن عند فـرد أو جمـع فرب فعل . صاحل الشخصية وامل من اختالف األغراض قبح الذاتيني اللذين ال يتغري اإلتصاف وال ما هو عن احلسن بحث إن وال بيح عند آخرين ، وق

.ما عند قوم دون قوم ، وجيل دون جيل ، بل يكون حكما ثابتا للفعل أبداةا وأمدامها وكبقاء النظام ـ املصاحل النوعي ن كانت تـصبغ الفعـل إ وفهي ـقبح يف هـذا وال يصح توصيف احلسن دوام ، لكن ال وال قبح على وجه الثبات وال باحلسن

مع غض النظر عن غـريه ـ ألن املراد بالذايت كون مالحظة نفس الفعل . املورد بالذاتيني يس األمر كذلك يف توصيف الفعل باحلـسن ول موجبا إلدراك العقل حسنه أو قبحه ، ـ

راض اخلارجة عن حقيقة الفعـل فاسد النوعية ، فإن لتلك األغ وامل أو القبح ألجل املصاحل فألجل ذلك جيب أن يكون مثل ذلك خارجا عن حمـل . وصيفه وت دخالة يف إدراك العقل

بح الظلم من هذه الزاوية ، فال ميكن عدهم وق و اعترف األشاعرة حبسن العدل ول الرتاع ، .موافقني للعدلية

، فاألول زين هلـا هل واجل للنفس أو نقصا هلا ، كالعلم كون الشيء كماال ـ ٣إذ ال . للنقـاش يس حمال ول تقبيح ذا املعىن ال غبار عليه وال ولكن التحسني . ثاين شين وال

ـ فصاحة كماال وال شجاعة وال أظن أن أحدا على أدمي األرض ينكر كون العلم نا ، وحس .بيحا وقفهاهة نقصاس والنب واجلهلواجل

قـبح ، وال على فرض كوا مالكات لإلتصاف باحلـسن فهذه املالكات الثالثة : هم يف املالك الرابع التايل ري وغنما البحث بني العدليةإ وخارجة عن حرمي البحث ،

ا استحق منها وم ما استحق من األفعال مدح فاعله عد عند العقالء حسنا ، ـ ٤ سه من حيث هونفلك مبالحظة الفعل وذ.ذما عد عندهم قبيحا

Page 235: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٥

على نفع شخصي أو دون أن يالحظ كونه مشتمال ومن هو ، من دون ضم شيء إليه ، .جوب تركه ووجوب فعله ، أو قبحه وونوعي ، فيستقل العقل حبسنه

إذا وقع الفعل يف إطار العقل البشري من دون فرق بني األفراد ، : شئت قلت وإن ابال وق ده العقل موصوفا باحلسن وج الفعل نفسه ، ع غض النظر عن أي شيء آخر غري وم

ذا كما إذا الحظ جزاء اإلحسان باإلحسان فيحكم حبسنه ، وه .العكسعلى وللمدح ، أ .زاءه باإلساءة فيحكم بقبحهوج

فالعقل يف حكمه هذا ، ال يالحظ سوى نفس املوضوع ، مـن دون أن يتـصور قبح الذاتيني ، ال يهدف إال إىل هـذا وال ث احلسن فمبح. كونه يتضمن صالحا أو فسادا

.القسمتقبـيح وال واألقسام الثالثة األوىل خارجة عن جمال البحث ، كما أن التحـسني

قبيح خروج العامل باللبـاس غـري وت العاديني ، كتحسني خروج اجلندي بالبزة العسكرية .املناسب ، خارجان أيضا عن حمل البحث

احلسن ما استحق الثواب ن أ وتقبيح مالكا خامسا ، ه وال توهم أن للتحسني يورمبا ولكنه خارج عن جمال البحث أيضا ، كيف . حق العقاب عنده قبيح ما است وال عند اهللا ،

عن اإلعتقاد تقبيح الربامهة الذين ال يدينون بشريعة فضال وال حبث عن أصل التحسني وقد نعم قد اختذ هذا الوجـه . اب يف اآلخرة ، فكيف يكون هذا مالك البحث عق وال بالثواب

حبجة أن العلم باستحقاق الثواب وال سنادا من أراد أن ينكر احلسن ، عقاب علـى وال قبح .اخل يف جمال الشرع ودالفعل خارج عن نطاق العقل ،

.مما قدمنا يعلم ما فيهو عدلية نأيت بالتوضيح التايل وال الرتاع بني األشاعرة زيادة البيان يف تعيني حمل وألجل

:

Page 236: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٦

تقبيح العقليني ، يعللـون حـسن العـدل وال إن كثريا من الباحثني عن التحسني اشتمال الثـاين وب عدوان ، باشتمال األول على مصلحة عامة وال بح الظلم وق حسان ، واإل

. بح الثاين اجلميـع وقحبسن األولجل تلك النتائج عم اإلعتراف وأل .على مفسدة كذلك ن املسألة مركزة على حلـاظ نفـس أ وولكنك عرفت أن مالك البحث أوسع من ذلك ،

ل وه ؟ وابعه ، هل يدرك العقل حسنه أو قبحه ، أو ال وت ر عن تواليه ظالفعل مع غض الن ل العقـل وه ؟ ال ذم جزاء احملسن باإلساءة أو وي العقل ميدح إحسان احملسن باإلحسان ، وه ؟ ال يقبح تكليف اإلنسان مبا ال يطيقه ، أو ن عمل العامل بامليثاق ، أوال ل العقل حيس

.صاحل ، فردية كانت أم اجتماعية وامل؟ فالنقاش على هذا الصعيد ال بالنظر إىل األغراض مميز ، جيد من صميم إن كل عاقل : تحسني العقليني يقولون وال فالقائلون بالتقبيح

ذاته حسن بعض األفعال وقبح بعضها اآلخر ، وإن هذه األحكام نابعة من صميم القـوة .وية اإلنسانية املثالية واهلالعاقلة

أول من قام بتحرير حمل الرتاع على الوجه الذي قررناه هو احملقق الالهيجـي يف والغرض من طرح هذه املـسألة ن أ وصواب حتريره ه وضح دليل على أ و .ليفه الكالمية آت

ن العقل هل يستطيع أن يستكشف وصـف أ و التوصل إىل التعرف على أفعاله سبحانه ، أ و ؟ ال أفعاله ، أو ؟ عند اهللا تعاىل وكذلك قبيح عنده هل ه ن ما هو حسن عند العقل أو

تقبيح على مالحظـة نفـس وال التحسنيال بكون املدار يف ستكشاف إ ميكن ذلك اإل وال .الفعل مبا هو هو

تقبيح باملالكات السابقة من املالءمة وال على ذلك فال معىن للبحث عن التحسني و تمـع ، وا ادما للنظام وه الفته ، أو كونه حافظا وخم نافرة للطبع ، أو موافقة الغرض واملي التعرف علـى أفعـال البـاري وه املسألة لبطلت الغاية اليت طرحت ألجلها تلك الإو

.سبحانه

Page 237: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٧

؟ تقبيح العقليان من املشهورات والهل التحسنيتقبـيح العقلـيني مـن وال تكلمني أن التحـسني وامل رمبا يظهر من بعض احلكماء

.»اآلراء احملمودة « سمى ب وتاملشهورات اليت اتفقت عليها آراء العقالء نها اآلراء املسماة ب وم ...فأما املشهورات ) : اإلشارات ( الشيخ الرئيس يف وقال

ـ .، إذ ال عمدة هلا إال الشهرة» املشهورة « مبا خصصناها باسم ور ،» احملمودة « ي وهعتراف واإل يؤدب بقبول قضاياها وملسه ، وح مهه وو قله ارد ، وع آراء لو خلي اإلنسان

دع إليها ما يف يست ومل ، لكثرة اجلزئيات ، راء بظنه القوي إىل حكم يمل اإلستق ومل ا ، ري ذلك ، مل يقض ا اإلنسان طاعة وغ مية واحل نفة واأل جل واخل طبيعة اإلنسان من الرمحة

ن الكـذب قبـيح ال إ و مثل حكمنا إن سلب مال اإلنسان قبيح . لعقله أو ومهه أو حسه ن صـرف إ و هذا اجلنس ما يسبق إىل وهم كثري من النـاس ، ومن . عليه ن يقدم ينبغي أ

كثريا عنه الشرع من قبح ذبح احليوان ، اتباعا ملا يف الغريزة من الرقة ملن تكون غريزتـه .كذلك ، وهم أكثر الناس

نه خلق دفعة تـام أ و ليس شيء من هذا يوجبه العقل الساذج ، ولو توهم نفسه و نفسانيا أو خلقيا ، مل يقض يف أمثال هذه القـضايا يسمع أدبا ومل يطع انفعاال ومل العقل

ه بأن الكل أعظم مـن يس كذلك حال قضائ ول .توقف فيه وي بشيء ، بل أمكنه أن جيهله فاملشهورات إما من الواجبات وإما من التأديبات الـصالحية ، : ـ إىل أن قال ـ اجلزءمـا مـا اسـتقرائيات وإ ما خلقيات وانفعاليات ، وإ طابق عليه الشرائع اإلهلية ، وإ وما يت

.)١(» لة ومما حبسب أصحاب صناعةإ وما حبسب اإلطالق ،اصطالحيات ، وهي إ__________________

يريـد منـه أن : » ما اصطالحيات إ و «: قوله ـ ٢٢٠ ـ ٢١٩ ، ص ١تنبيهات ، ج وال اإلشارات) ١(، فإن العلم بأبوة زيد لعمرو مساوق للعلـم » العلم باملتقابالت واحد « : تكون مشهورة عند الكل كقولنا

أو عنـد . و مشهور عند املناظرة وه ،» التسلسل حمال « : أو عند أصحاب صناعة كقولنا . ببنوة عمرو لزيد . »رامالربا ح« و » اإلله واحد « : أصحاب ملة كقولنا

Page 238: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٨

فها إنك ترى أن الشيخ الرئيس يعد كون سلب مال اإلنسان قبيحا ، من القـضايا يؤدب ومل قله ، وع خلي ن اإلنسان لو أ و نه ليس له مدرك سوى آراء العقالء أ و املشهورة

.بقبول قضاياها ، مل يقض بقبحه .توافقه على ذلك احملقق الطوسي يف شرحه على اإلشاراوقد

:إن القياس ينقسم إىل أقسام مخسة :يالحظ عليه ـ خطايب ،٣ ـ جديل ،٢ ـ برهاين ،١ . ـ سفسطي٥ ـ شعري ،٤

:ركب من اليقينيات وأصوهلا ستة واألول منها يت ـ التجريبيات ،٣ ـ املشاهدات ،٢ ـ األوليات ،١ . ـ الفطريات٦ ، ـ املتواترات٥ ـ احلدسيات ،٤

فيتألف من املشهورات واملسلمات ، سـواء ـ أعين القياس اجلديل ـ الثاينوأما .أكانت عند الكل أم عند طائفة خاصة

فلو جعل . و يقابل القياس الربهاين وه ذلك فاملشهورات من مبادئ اجلدل ، وعلى رف بأنه ال مدرك وع لقياس اجلديل دخل يف ا أ و تقبيح العقليان من املشهورات وال التحسني

يؤدب بقبول قضاياها ومل سه ، وح قله ارد وومهه وع له إال الشهرة اليت لو خلي اإلنسان و غري مـا وه.ثبات العقالئي منهماإ وتقبيح العقليني والمل يقض ا ، يلزم إنكار التحسني

.يتبناه القائلون بالعقليدخاهلمـا إ و خراجهما من القياس الربهاين إ و ن املشهورات أضف إليه أن جعلهما م

ثار اليت تترتب على القول بـالعقلي ، كمـا واآلحتت القياس اجلديل يبطل مجيع األحكام تقبيح برهانيا ، فال يكون ما يترتب عليـه وال إذ على هذا ، ال يكون التحسني . أوضحناه

املمكن جدا اتفاق ومن . يت تطابقت عليها آراء العقالء مبرهنا به بل يعد من املشهورات ال العقالء على

Page 239: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٣٩

.قبيح حسنا والضدها ، فعند ذلك يكون احلسن قبيحامبـادئ اجلـدل ، من وإن الشيخ الرئيس جعل املشهورات أعم مما ه : فإن قلت

ه اجلملة فمنها أما املشهورات من هذ « : فأدخل فيها األوليات حيث قال يف صدر كالمه مبـا ور ) احملمـودة ( نها اآلراء املـسماة ب وم وها مما جيب قبوله وحن أيضا هذه األوليات .»إذ ال عمدة هلا إال الشهرة ) املشهورة (خصصناها باسم

ريها حىت أن وغ ما ذكرمت صحيح ، فإن املشهورات عنده أعم من اليقينيات : قلت ومـن نه يعترف ا عموم الناس تعد مـشهورات ، ااران ، فمن حيث األوليات هلا اعتب

مقابل هذا القسم ، قسم آخـر ويف.ب قبوهلا يقينيات وجيحيث إنه حيكم ا حمض العقل توقف العقل الصرف يف احلكم ا ، ولكن لعموم الناس وي ي غري يقينيات وه للمشهورات .ا خيصص هذا القسم باسم املشهوراتمب ور،» آراء حممودة « سمى وتا اعتراف

: فاملشهورات تقال باإلشتراك املعنوي على ما يعم اعتراف الناس ا ، وهلا قسمان تبعه عدوا التحسني والتقبيح من القسم الثاين ومن ولكن الشيخ . ري يقينيات وغ يقينيات ،

. من األحكام ، فالحظا بين عليه ومتقبيح العقليني والو يستلزم إنكار التحسني وه،

؟ بحها وقللحكم حبسن األفعال ما هو املالكإذا كان حمل الرتاع ما ذكرنا من إدراك العقل حسن الفعل أو قبحه بالنظر إىل ذاته مع غض النظر عما يترتب عليه من التوايل ، فيقع الكالم يف أن العقـل كيـف يقـضي

؟ ائها هو املالك يف قض ومباحلسن والقبح ،إن املالك لقضاء العقل هو أنه جيد بعض األفعال موافقا للجانب األعلى من اإلنسان

.دم موافقة بعضها اآلخر لذلك وعوالوجه املثايل يف الوجود البشري ، بعض األفعال كمال للموجود احليإنه يدرك أن: شئت قلت وإن

Page 240: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٠

بح الثاين وق زوم اإلتصاف به ، ول حبسن األول عضها اآلخر نقص له ، فيحكم وب املختار ، على هلذا املعىن أي الطبع األ ـ فيما ذكرنا من املالكات ـ و عمم الطبع ول .زوم تركه ول

. يف املالك األوليف اإلنسان ، لكان هذا املعىن داخالقل عملي ، فقد قـال وع إن احلكماء قسموا العقل إىل عقل نظري :توضيح ذلك

إن النظرية هي اليت ا يحوز اإلنسان علم ما ليس من شـأنه أن يعملـه « : املعلم الثاين .»إنسان ، والعملية هي اليت يعرف ا ما من شأنه أن يعمله اإلنسان بإرادته

عقل العملـي مـن وال إن العقل النظري « : احلكيم السبزواري يف توضيحه وقال اهللا موجـود : النظري شأنه العلوم الصرفة غري املتعلقة بالعمل مثل شأما التعقل ، لكن

.و ذلك وحنن صفاته عني ذاته ،أ وواحد ، تسليم وال الرضا« و » التوكل حسن « : والعملي شأنه العلوم املتعلقة بالعمل مثل

تني ذا العقل هو املستعمل يف علم األخالق ، فليس العقالن كقـو وه .»صرب حممودة وال .)١(» و الناطقة وهمتباينتني أو كضميمتني ، بل مها كجهتني لشيء واحد

وال ذلك ول يف احلكمة النظرية قضايا نظرية تنتهي إىل قضايا بديهية ، نمث ، كما أ ارت غري منتجة ، فهكذا يف احلكمة العملية ، قضايا غري معلومة ال وص مت القياسات لعق

ملا عرف اإلنسان شيئا من قضايا احلكمـة الإ و قضايا ضرورية ، نتهاء إىل تعرف إال باإل فكما أن العقل يدرك القضايا يف احلكمة النظرية من صميم ذاته فهكـذا يـدرك . العملية

.بديهيات القضايا يف احلكمة العملية من صميم ذاته بال حاجة إىل تصور شيء آخر__________________

.٣١٠لسبزواري على شرح املنظومة ، ص تعليقات احلكيم ا) ١(

Page 241: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤١

إن تصديق كل القضايا النظرية جيب أن ينتهي إىل قضية امتنـاع اجتمـاع :مثال من القضايا رتفاعهما ، حبيث لو ارتفع التصديق ا لما أمكن التصديق بشيء ا و النقيضني

املثلث تساوي زاويتني قائمتني ، لك كاليقني بأن زوايا وذ »أم القضايا « ذا تسمى ب ول ،فإنه ال حيصل إال إذا حصل قبله امتناع صدق نقيض تلك القضية ، أي عـدم مـساواا

جل ذلك اتفقت كلمـة وأل . فلو احتمل صدق النقيض ملا حصل اليقني بالنسبة الإ و .هلما الربهان إىل أم القضايا احلكماء على أن إقامة الربهان على املسائل النظرية إمنا تتم إذا انتهى

.اليت قد عرفتكما أن للقضايا النظرية يف العقل النظـري قـضايا : ضوء هذا البيان نقول وعلى

بديهية أو قضايا أولية تنتهي إليها ، فهكذا القضايا غري الواضحة يف العقل العملي ، جيب ديق ذه القضايا يف احلكمة اضحة عنده حبيث لو ارتفع التص وو أن تنتهي إىل قضايا أولية

.العملية ملا صح التصديق بقضية من القضايا فيهاتقبـيح العقلـيني وال فمن تلك القضايا البديهية يف العقل العملي ، مسألة التحسني

« و » الظلم قبـيح « و » العدل حسن « الثابتني جلملة من القضايا بوضوح ، مثل قولنا .»جزاؤه باإلساءة قبيح « و »جزاء اإلحسان باإلحسان حسن

عقل العملي يدركها من صميم ذاته وال فهذه القضايا قضايا أولية يف احلكمة العملية ضوء التصديق ا يسهل عليه التصديق مبا يبىن عليهـا ويف .مالحظة القضايا بنفسها ومن

، خالق أواليف جمال العقل العملي من األحكام غري البديهية ، سواء أكانت مربوطة بـاأل .أم تدبري املرتل ثانيا ، أم سياسة املدن ثالثا ، اليت يبحث عنها يف احلكمة العملية

ويل أ و إن العالم األخالقي حيكم بلزوم تكرمي الوالدين واملعلمني : لنمثل على ذلك و حسانلك ألن التكرمي من شؤون جزاء اإل وذالنعمة ،

Page 242: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٢

ـ هانة هلم من شؤون جزاء اإلحسان باإلساءة واإل الذات ، و حسن ب وه حسان ، باإل و وه .قبيح بالذات

والباحث عن أحكام تدبري املرتل حيكم بلزوم القيام بالوظائف الزوجية من الطرفني تخلف عنها ختلف عنه ، والن القيام ا قيام بالعمل بامليثاق ، بح التخلف عنها ، ذلك أل وق .ين قبيح بالذاتثا والول حسن بالذاتواأل

عالم اإلجتماعي الذى يبحث عن حقوق احلاكم واحلكومة على اتمع حيكـم وال اخلروج عن تلك الضابطة لك ألن وذ بأنه جيب أن تكون الضرائب معادلة لدخل األفراد ،

.و قبيح بالذات وهظلم على الرعيةعملية ، سواء أكانـت قس على ذلك كل ما يرد عليك من األحباث يف احلكمة ال و

(اتمع الكـبري إىل و، أ ) البيت (اتمع الصغري إىل و، أ ) خالقاأل (راجعة إىل الفرد بحث عنه الباحثون ، مبا أنه من شؤون العقل العملـي ، وي فكل ما يرد فيها ). السياسة

ا الواضحة البديهيـة يف طالنا إىل القضاي وب لبا ، صحة وس جيب أن ينتهي احلكم فيه إجيابا .جمال ذلك العقل

(إىل هنا انتهينا إىل أنه جيب انتهاء األحكام غري الواضحة ابتداء يف جمال العقلـني لك دفعا للـدور وذ .إىل أحكام بديهية مدركة بال مؤونة شيء منهما ) النظري والعملي

. األول ، أي احلكمة النظرية تسلسل الذي استند إليه علماء املنطق واحلكمة يف القسم وال .دليل واحد سار يف اجلميعوال

و تعيني املالك لدرك العقل صحة وه إذا عرفت ما ذكرنا ، يقع الكالم يف أمر آخر :الا يف جمال العقلني ، فنقول القضايا البديهية أو بط

ـ و إن املالك يف جمال العقل النظري عبارة عن انطباق القضية مـع التكـوين دم ع ن صميم ذاته أن اجتماع النقيضنيانطباقها ، فالعقل ، يدرك م

Page 243: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٣

الوقت نفسه ويف نه ال ميكن احلكم بكون شيء موجودا أ و شيء غري متحقق يف اخلارج ، .بال حاجة إىل جتربة واستقراء احلكم بكونه معدوما ، يدرك ذلك

الءمتها للجانب وم لقضيةاملالك يف العقل العملي فهو عبارة عن درك مطابقة ا وأما .املثايل من اإلنسان غري اجلانب احليواين ، أو منافرا له

فاإلنسان مبا هو ذو فطرة مثالية ، يتميز ا عن احليوانات ، جيد بعـض القـضايا نـايف وامل زوم العمل ، ول فيصف املالئم باحلسن . مالئمة لذلك اجلانب العايل أو منافية له

يدرك القضايا ذين الوصفني لشخصه فقط أو لصنف خاص وال .إلجتنابزوم ا ول بالقبحمن اإلنسان أو لكل من يطلق عليه اإلنسان ، بل يدرك حسن صدورها أو قبحـه لكـل

لك ألن املقوم لقضائه وذ .موجود عاقل خمتار سواء وقع حتت مظلة اإلنسانية أو خارجها فهو يدرك أن العدل . ري خصوصية للمدرك بأحد الوصفني نفس القضية مبا هي هي من غ

خيتص حكمه بأحدمها بزمان وال ظلم قبيح كذلك ، وال اجلميع ، ومن حسن عند اجلميع . جيل دون جيل والدون زمان

تقبـيح العقلـيني وال إىل هنا مت تبيني األمرين اللذين هلما دور يف احلكم بالتحسني :ا ومه األول مقدمة للثاين ،ب أن ال يخلط أحدمها باآلخر لكونوجي

.أ ـ إنتهاء كل القضايا يف جمال العقلني إىل قضايا بديهية دفعا للمحذور .ب ـ تبيني مالك درك العقل صحة تلك القضايا البديهية يف جمال العقلني

تقبيح العقليني الذاتيني يف غىن عن الربهنة وال اتضح بذلك أن املدعي للتحسني وقد املدعي ال متناع اجتماع النقيضنياه ، كما أن بنملا يت

Page 244: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٤

تكلمني اتفقوا على أنه جيب انتهاء القـضايا وامل عجب أن احلكماء وال .ارتفاعهما كذلك وزم التسلسل يف مقـام ول عقمت األقيسة الإ و النظرية يف العقل النظري إىل قضايا بديهية ،

يقـسموا ومل جراء ذلك األصل يف جانب العقل العملي اإلستنتاج ، ولكنهم غفلوا عن إ ـ سـتنتاج واإل كيـف . ضروريةديهية ، أو نظرية و وب القضايا العملية إىل فكرية زم واجل

بالقضايا غري الواضحة الواردة يف جمال العقل العملي ال يتم إال إذا انتهى العقل إىل قـضايا ائل املطروحة يف األخالق ، مما جيب اإلتصاف عرفت أن املس وقد . واضحة يف ذلك اال

عائلية اليت يعرب عنها بتدبري املـرتل ، أو وال به أو الترته عنه ، أو املطروحة يف القضايا البيتية وضوح على منط واحد الدبري املدن ، ليست يف وت القضايا املبحوث عنها يف علم السياسة

اجلزم بكل القضايا العملية إال إذا كانت هنـاك فال ينال العقل. راتب وم، بل هلا درجات رتفـع وي قضايا بديهية واضحة تبتين عليها القضايا اهولة العملية حىت حيصل اجلزم ـا

جل ذلك حنن يف غىن عن التوسع يف طرح أدلة القائلني بالتحسني وأل .اإلام عن وجهها . نذكر إال النزر اليسري منها والتقبيحوال

كما أم غفلوا عن تقسيم القضايا يف احلكمة العملية إىل القسمني ، فهكذا غفلوا فوجد وي .عن تبيني ما هو املالك لدرك العقل صحة بعض القضايا أو بطالا يف ذلك اال

كتـب عيار أمور غري تامة يقف عليها من راجع ال وامل يف كلمات املتكلمني يف بيان املالك .الكالمية

تقبيح العقليني والبالتحسني ة القائلنيأدلنتفائهما مطلقا لو ثبتا وإل «: أشار إليه احملقق الطوسي بقوله ما وه :الدليل األول

قبح يثبتان من طريق الشرع ، يلزم مـن ذلـك والأي إنا لو قلنا بأن احلسن . )١(» شرعا .عدم ثبوما بالشرع أيضا

انا حبكم العقل ، حبيث كان العقلسن والقبح لو كإن احل :توضيحه __________________

.١٨٦كشف املراد ، ص ) ١(

Page 245: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٥

بح الكذب ، فال إشكال يف أن ما أمر بـه الـشارع وق يف إدراك حسن الصدق مستقالا ى عنه يكون قبيحا ، حلكم العقل بأن الكذب قبـيح ، والـشارع ال وم يكون حسنا

. يتصور يف حقه ارتكابه وال القبيح ،يرتكبلو مل يستقل العقل بذلك ، فلو أمر الشارع بشيء أو ى عنه أو أخرب حبسن وأما

بح الكذب فال حيسن لنا اجلزم بكونه صادقا يف كالمه حىت نعتقـد مبـضمونه وق الصدقبت قبحه الحتمال عدم صدق الشارع يف أمره أو إخباره فإن الكذب حسب الفرض مل يث

. خبارالشارع بأنه ال يكذب مل حيصل لنا اليقني بصدقه حىت يف هذا اإل قال وبعد ، حىت ل . شرعا والفيلزم على قول األشعري أن ال يتمكن اإلنسان من احلكم حبسن شيء ال عقال

بح بعضها اآلخـر ، وق لو مل يستقل العقل حبسن بعض األفعال : شئت قلت نوإخربنا اهللا سبحانه عن طريق أنبيائه بأن الفعل الفـالين حـسن أو أ و كذب ، وال كالصدق

.قبيح ، مل جنزم بصدق كالمه لتجويز الكذب عليهإنا ال جنعـل « شعري أجاب عن هذا اإلستدالل بقوله مث إن الفاضل القوشجي األ

سن عبارة عن كـون الفعـل قبح لريد ما ذكر بل جنعل احل وال نهي دليلي احلسن وال األمر .)١(» ذم والقبح عن كونه متعلق النهي والدح ، واملمتعلق األمر

صطلح فيصح أن يقال إن ما وقع وامل إن البحث تارة يقع يف التسمية :الحظ عليه يعلم بذلك ال يتوقف إال وال .ذم قبيح وال ا وقع متعلق النهي وم دح حسن ، وامل متعلق األمر

خرى يقع يف الوقوف على احلسن الواقعي أو القبح كـذلك أ و . مساعهما من الشرع علىنهي بشيء إذ من وال عند الشرع ، فهذا مما ال ميكن استكشافه من جمرد مساع تعلق األمر

نه ليس بعابث ، ال يثبت به نفيإقال و ول.يه واحملتمل أن يكون الشارع عابثا يف أمره__________________

.٤٤٢التجريد للفاضل القوشجي ، ص شرح ) ١(

Page 246: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٦

. أو كاذبا يف كالمهالمه ، الحتمال كونه هازال وكاحتمال العابثية عن فعله فألجل ذلك جيب أن يكون بني اإلدراكات العقلية شيء ال يتوقف درك حـسنه

لـم بح الظ وق و حسن العدل وه يف دركه ، ن يكون العقل مستقال أ و بحه على شيء ، وقبح الكذب حىت يستقل العقل بذلك على أن كل ما حكم به الـشرع وق سن الصدق وح

ا تعلق به النـهي وم أن ما تعلق به األمر حسن شرعا ، فيثبت عندئذ . فهو صادق يف قوله ذا ما يهدف إليه احملقق الطوسي من أنه لوال استقالل العقـل يف بعـض وه .قبيح شرعا

. قبح بتاتاال وال ما ثبت حسناألفع )١(» وجلاز التعـاكس « : ما أشار إليه احملقق الطوسي أيضا بقوله ـ الدليل الثاين

.قبح والأي يف احلسنقبح ، جيوز له أن يحـسن أو وال إن الشارع على القول بشرعية احلسن :توضيحه

و وهسني اإلساءة وحتلى هذا يلزم جواز تقبيح اإلحسان وع .يقبح ما حسنه العقل أو قبحه سن أو يمـدح فإن وجدان كل إنسان يقضي بأنه ال يصح أن يذم املح . باطل بالضرورة

.)٢(» سواء يكونن املحسن واملسيء عندك مبرتلة وال« : 7قال أمري املؤمنني . املسيءنها كالم جديـد ا أ يقوهلا مب وال اإلمام يهدف بكلمته هذه إيقاظ وجدان عامله ، و

.غفل عنه عاملهاحلسن والقبح شرعيني ملا حكم ما الربامهة واملالحـدة وكان ل ـ الدليل الثالث

املاديون وامللحدون وهؤالء .كمون بذلك مستندين إىل العقل وحي الذين ينكرون الشرائع ، ين من أساسه ، غرا يرفضون الشرائع والد وم املنتشرون يف أقطار واسعة من شرق األرض

.بح بعضها اآلخر وقعترفون حبسن أفعالوي__________________

.١٨٦كشف املراد ، ص ) ١( .٥٣، الكتاب ج البالغة ) ٢(

Page 247: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٧

وألجل ذلك يغرون شعوب العامل بطرح مفاهيم خداعة ، بدعايام اخلبيثة ، مـن بذ ون سجناء وال ية باألسرى فظ حقوق البشر والعنا وح سالم العامليني ، وال قبيل دعم الصلح

عقل البشري يف مجيـع وال التمييز العنصري ، إىل غري ذلك مما يستحسنه الذوق اإلنساين ـ .صاحلهم الشخصية وم األوساط ، يطرحون ذلك ليصلوا من خالله إىل أهدافهم وال ول

. العاملحلاد يف واإلكون هذه املفاهيم مقبولة عند عامة البشر ملا استخدمها دعاة املادية ال يشك أحد يف حسنها سواء ورد حسنها من الشرع أم واحلاصل أن هناك أفعاال

جل وأل . قبيحة عند الكل ، سواء ورد قبحها من الشرع أم ال كما أن هناك أفعاال . مل يرد علم شيئا من األحكام ، بل نـشأ يف وال ذلك لو خير العاقل الذي مل يسمع بالشرائع ،

ى دينـارا ، أو يكـذب عط وي ي ، خايل الذهن من العقائد كلها ، بني أن يصدق البوادطى دينارا ، ويالصدق على الكذب وال ع وال قضاء الفطرة ول . ضرر عليه فيهما فإنه يرجح

.ا اختار الصدق دائما وملبح الكذب ملا فرق بينهما ، وقحبسن الصدققضاء يف أمور ترجع إىل الفرد واتمع وال قدرة احلكم يعرب عن أن العقل له وهذا

ليسا مبرتلة سـواء ، سيء واملن احملسنأ وبح خمالفته ، وق ، فيحكم حبسن إطاعة وليه املنعم .و ذلكوحن

.قبح باعتبار السمع ، ملا قبح من اهللا تعاىل شيء وال احلسنكان ول ـ الدليل الرابع ز ذلك يسد باب يوجتو. املعجزات على أيدي الكاذبني كذلك ملا قبح منه إظهار ولو كان

دعاء ، ال ميكن تصديقه مـع جتـويز معرفة األنبياء ، فإن أي نيب أتى باملعجزة عقيب اإل .إظهار املعجزة على يد الكاذب يف دعواه

ذلك سـدوا وب .برز ما يترتب على إنكار القاعدة أ و النتيجة الباطلة من أهم وهذه .النبوةباب معرفة

: اإلجابة عن هذا الدليل بقوله والعجب أن الفضل بن روزبهان حاول

Page 248: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٨

، بل لعـدم جريـان عدم إظهار املعجزة على يد الكذابني ليس لكونه أمرا قبيحا عقال « فعند ذلك ال ينسد باب معرفة األنبياء ، . عادة اهللا ، اجلاري جمرى احملال العادي ، بذلك

.)١(» م العادي حكم باستحالة هذا اإلظهار ألن العلن اهللا ال جيري اإلعجـاز أ وفإنه يالحظ عليه ، إنه من أين وقف على تلك العادة ،

التصديق متوقفا على إحرازها ، لزم أن يكون املكذبون بنبوة ولو كان .على يد الكاذب ة األنبياء ، إذ مل تثبت عندهم تلك بعده ، معذورين يف إنكارهم لنبو ومن قبله من ونوح أ

.العادة ، ألن العلم ا إمنا حيصل من تكرر رؤية املعجزة على يد الصادقني دون الكاذبنيإن حتصيل جريان عادة اهللا بأن ال يظهر املعجزة على يد الكاذب : أن يقال وميكن

ن إ و .ول عند األشاعرة ، جيب أن يستند إىل مصدر ، فإن كان املصدر هو العقل فهو معز كان هو السمع فاملفروض أنه حيتمل أن يكون الشرع كاذبا يف هذا اإلدعاء ، بل ال مسع

.قبل ثبوت نبوة النيب يـصح وال .البديهياتمن وإن منكر احلسن والقبح منكر ملا ه : حصيلة البحث و

.ؤالء ينازعون فيها وهالكالم معه ، ألن الرتاع ينقطع إذا بلغ إىل مقدمات ضروريةليت شعري ، إذا مل حيكم العقل بامتناع التكليف مبا ال يطاق ، وجوز أن ينهى اهللا

يدركـه ها ، أي أمـر : عاقبه عليه ، فقل وي لق فيه اضطرارا وخي سبحانه العبد عن الفعل !!.؟ العقل

مل تدفع أن يكلف اهللا عباده : ار جنجار للمناظرة ، فقال الن وال اجتمع النظام : قيل .؟ ما ال يطيقون

.؟ مل سكت: فسكت النظام ، فقيل له __________________

)١ (٣٦٩ ، ص ١دق ، ج دالئل الص.

Page 249: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٤٩

ومل التزمـه الزمه القول بتكليف ما ال يطاق ، فـإذ أكنت أريد مبناظرته أن : قال .؟ لزمهأيستح ، فبم

:يك نصه لإ وه أبو احلسن األشعري يف ملعه ،ن ما ذكر وهتعرف مدىوبذلك هللا تعاىل ذلك : ؟ قيل له هل هللا تعاىل أن يؤمل األطفال يف اآلخرة : فإن قال قائل «

ـ يقبح منه أن يعذب املؤمنني ، وال«... إىل أن قال ... » و عادل إن فعله وه ، دخل ويـ ه يعاقب الكافرين ه أخربنا إن منا نقول إنه ال يفعل ذلك ، ألن إ و .الكافرين اجلنان ال و وه

.)١(» جيوز عليه الكذب يف خربه

تقبيح العقليني والعلى نفي التحسني أدلة األشاعرة

اهللا مالك كل شيء يفعل يف ملكه ما يشاء ـ الدليل األولوالدليل على أن كل ما فعله فله فعله ، أنه « : استدل األشعري على مقالته بقوله

حاظر ، وال زاجر ، وال آمر ، وال فوقه مبيح ، وال ، القاهر ، الذي ليس مبملوك ، املالك فإذا كان هذا هكذا ، مل يقبح منه شيء ، إذ . د له احلدود وح من رسم له الرسوم ، وال

فلما. تينا ما مل منلك إتيانه أ و كان الشيء إنما يقبح منا ، ألنا جتاوزنا ما حد ورسم لنا ، فإمنا يقبح الكذب ألنه : فإن قال . حتت آمر ، مل يقبح منه شيء والمل يكن الباري مملوكا

.و أمر به مل يكن عليه اعتراض ولو حسنه لكان حسنا ، ولأجل ،: قبحه ، قيل له .كذب ، كما جوزمت أن يأمر بالكذبفجوزوا عليه أن ي: فإن قالوا .)٢(» به ، جاز أن يوصف به ليس كل ما جاز أن يأمر: قيل هلم

__________________ .١١٦اللمع ، ص ) ١( .١١٧اللمع ، ص ) ٢(

Page 250: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٠

فإننا نسأل الشيخ األشعري إنه سبحانه إذا أولم طفله يف ـ أما أوال : يالحظ عليه أى ورذبه بألوان التعذيب ، مع كون الطفل بريئـا مل يـصدر منـه ذنـب ، وع اآلخرة

أو أنـه ! ؟ فس احلسن ونلك بأم عينه يف اآلخرة ، هل يرى ذلك عني العدل ، األشعري ذ .؟ جيد ذلك الفعل ، من وجدانه ، أمرا منكرا

ما لو فعل باألشعري نفس ما فعل بطفله مع كونه مؤمنا ، فهل يرضى بذلك ومثله سـبحانه مالـك عنه ، حبجة أن اهللا راه نفس العدل ، غري متجاوز وي يف أعماق روحه ،

.؟ ؟ أو أنه يقضي خبالف ذلك امللك يفعل يف ملكه ما يشاءه سبحانه مالك امللك :ثانيا ا وأمـ لكوت يقدر على كل أمر ممكن وامل فال شك أن

قبيح ، فعموم قدرته لكل ممكن مما ال شبهة فيه وال من غري فرق بني احلسن ـ كما عرفت الفعل الفالين قبيح ال يصدر عن احلكيم ، ليس حتديـدا مللكـه ، ولكن حكم العقل بأن

كمه يف وح ذا هو املهم يف حل عقدة األشاعرة الذين يزعمون أن قضاء العقل وه .درتهوق .أفعاله سبحانه نوع دخالة يف شؤون رب العاملني ، ولكن احلق غري ذلك

العقلية ، يكـشف عـن إن العقل بفضل التجربة ، أو بفضل الرباهني :توضيحه إن : العقـل قال والقوانني السائدة على الطبيعة ، كما يكشف عن القوانني الرياضية ، فل

كل زوج ينقسم إىل متساويني ، فهل حيتمل أن العقل بذلك فرض حكمه على الطبيعة ، ان هـذا هـو ؟ فإذا ك ينه وب عقل كشفه وال أو يقال إن الطبيعة كانت حتمل ذلك القانون

شفه يف عامل الطبيعة ، فليكن هو الفارق بني إدراكه حـسن وك الفرق بني فرض احلكم رضه احلكم على اهللا سبحانه وف يه ال يصدر منه ، أ و ن أي فعل يصدر منه أ و بحه وق الفعل

سبحانه ، ارضا على اهللا وف فليس العقل هنا حاكما . عله وف رادتهإ و فرضا حيدد سعة قدرته يكشف عن أن املوصوف ـ فاته اليت منها الكمال والغىن وص بل هو بالنظر إىل اهللا تعاىل

اصة احلكمة ، ال وخمبثل هذه الصفات

Page 251: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥١

. اإلخالل مبا هو حسن واليصدر منه القبيح ،غىن عن كـل وال إن العقل يكشف عن أن املتصف بكل الكمال ، :خرى أوبعبارة

ذا وه دم الداعي إليه ، وع تنع أن يصدر منه الفعل القبيح ، لتحقق الصارف عنه شيء ، مي ينايف كونه تعاىل قادرا عليـه وال متناع ليس امتناعا ذاتيا حىت ال يقدر على اخلالف ، اإل

ترك به وال رك القبيح ، فإن الفعل باإلختيار ، وت ينايف اختياره يف فعل احلسن وال بالذات ، يهدف به إىل حتديد وال .ذا معىن ما ذهبت إليه العدلية من أنه ميتنع عليه القبائح وه .أيضا

تب على نفـسه أن ال خيـل وك فعله من جانب العقل ، بل اهللا حبكم أنه حكيم ، التزم تبيني بالنظر إىل صفاته وال يس دور العقل هنا إال دور الكشف ول . يفعل القبيح وال باحلسن

.كمتهوحتحـررا وم ليس فوضويا ـ مع كون قدرته عامة ـ إن فعله سبحانه : ختصار وبا

منا هو إ و يس التحديد مفروضا عليه سبحانه من ناحية العقل ، ول جياب ، إ و عن كل سلب قيقة كشف عنه العقل ، كما كشف عن القـوانني الـسائدة علـى الطبيعـة وح واقعية عن كل قيد وحد ، حبجة حفظ شأن اهللا سبحانه فتصور أن فعله سبحانه متحرر . والكون

، وسعة قدرته ، أشبه باملغالطة ، فإن حفظ شأنه سبحانه غري فرض احنالل فعله عن كل .رط وشقيد

بالتأمل فيما ذكرنا يظهر ضعف سائر ما استدل به القـائلون بنفـي التحـسني وملتأخرون عن أيب احلسن تهم اليت أقامها ا بأس باإلشارة إىل بعض أدل وال .تقبيح العقليني وال

.األشعري

تقبيح ضروريا ملا وقع اإلختالف والالتحسنيوكان ل: الدليل الثاين بح العدوان ضروريا ملا وقع وقالعلم حبسن اإلحسانكان ول : اقالو

Page 252: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٢

.وجدانني العلم بأن الواحد نصف اإلثنني ، لكن التايل باطل بال وبالتفاوت بينه» جيوز التفاوت يف العلوم لتفاوت التـصور « : عنه احملقق الطوسي بقوله وأجاب

)١(. وقد . إنه قد تتفاوت العلوم الضرورية بسبب التفاوت يف تصور أطرافها :توضيحه

. فاألوليات أبده من املـشاهدات مبراتـب : قرر يف صناعة املنطق أن للبديهيات مراتب رابعة أبده من املتـواترات ، وال ثالثة أبده من احلدسيات ، وال ه من التجريبيات والثانية أبد

ضابط يف ذلك أن ما ال يتوقف التصديق به على واسطة وال .امسة أبده من الفطريات واخل .كذا وه ،)٢(لك مثل األوليات وذسوى تصور الطرفني فهو أبده من غريه ،الزمة ، لـزم أن ال تكـون احلدسـيات مـن فلو صح ما ذكره األشاعرة من امل

.اليقينيات ، إن العلوم اليقينية ، مع كثرا ليست على منط واحد ، بل هلا مراتـب وباختصار

لى ذلك فال مانع من وع قينياته وي ذا شيء يلمسه اإلنسان إذا مارس علومه وه رجات ، ودي يف املقـام تـصور أن وه أن يقع االختالف يف بعض العلوم الضرورية لدوافع خاصة ،

كم باحلسن والقبح حتديد لسلطتهاحل__________________

.١٨٦كشف املراد ، ص ) ١(ال ووجه الضبط أن القضايا البديهية إما أن يكون تصور طرفيها مع النسبة كافيا يف احلكـم واجلـزم ، أ ) ٢(

.يكون .باطن أو ال والعلى واسطة غري احلس الظاهرواألول هو األوليات ، والثاين إما أن يتوقف

.شاهدات باحلس الباطن ومدات باحلس الظاهرنقسم إىل مشاه وتوالثاين املشاهدات ،تكون كذلك ال وول إما أن تكون تلك الواسطة حبيث ال تغيب عن الذهن عند تصور األطراف أ واأل

ثاين إما أن يستعمل فيه احلدس ، وهو انتقال وال .ا معها سمى بالقضايا اليت قياسا وت ، فاألول هي الفطريات ، يستعمل فيه ، فاألول هو احلدسيات ، والثاين إن كان احلكم فيـه ال والذهن الدفعي من املبادي إىل املطالب أ

ن مل يكن كذلك بل حاصال إ و بإخبار مجاعة ميتنع عند العقل تواطؤهم على الكذب فهو املتواترات ، حاصال .هاعلم بذلك حد كل واحد منوقد من كثرة التجارب فهي التجربيات

Page 253: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٣

ي للحفاظ على عموم سلطته سبحانه ، فألجل ذلك رفضت األشاعرة هذا العلم الضرور .تعاىل

احلسن والقبح عقليني ملا تغرياكان ول: الدليل الثالث ا قبح احلسن ، ومل حسن القبيح إن احلسن والقبح لو كانا عقليني ملا اختلفا ، أي ملا

لك فيما إذ تـضمن الكـذب وذ تايل باطل ، فإن الكذب قد حيسن والصدق قد يقبح وال .صدق إهالكه والإنقاذ نيب من اهلالك ،

حسنا عندما استفيد به عـصمة دم والالكذب قبيحا لذاته ملا كان واجبا كان وفل .)١(نيب عن ظامل يقصد قتله

رتكاب أقل القبيحني مع إمكان التخلص ا و «: ه احملقق الطوسي بقوله عنوأجاب «)٢(.

إن الكذب يف هذه الصورة على قبحه إال أن ترك انقاذ النيب أقبح من : وتوضيحه على أنه ميكن . الكذب ، فيحكم العقل بارتكاب أقل القبيحني ختلصا من ارتكاب األقبح

). أي التورية (يض التخلص عن الكذب بالتعرإن ختليص النيب أرجح من حسن الصدق فيكون تركـه أقـبح مـن :وباختصار

و الكذب ال شتماله على املصلحة العظيمـة ، وه الكذب فريجح ارتكاب أدىن القبيحني .على الصدق

ـ أضف إىل ذلك ، أن اإلستدالل مبين على كون قبح الكذب وح ن الـصدق ، سما على ما مر من أن األفعال بالنسبة إىل أ و .سن العدل ، ذاتيني ال يتغريان وح كقبح الظلم

وال قبح على أقسام منها ما يكون الفعل علة تامة ألحدمها ، فال يتغري حـسنه وال احلسن قبحه بعروض العوارض كحسن اإلحسان

__________________ .١٢١ ، ص ١اإلحكام ، لآلمدي ، ج ) ١( .١٨٧د ، ص ف املراكش) ٢(

Page 254: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٤

نها ما يكون مقتضيا ألحدمها ، فهو موجب للحسن لو مل يعرض عليه وم .قبح اإلساءة وبح الكذب من هذا وق تقدم أن حسن الصدق وقد . كذا يف جانب القبح وه عنوان آخر ،

.يذاءإ مقتضيا ألحدمها كالضرب ، جزاء أو والنها ما ال يكون علة وم.القبيل

* ** بحهـا ، وق يستقل العقل حبسنها ي أن هناك أفعاال وه إىل هنا خرجنا ذه النتيجة

بحها مطردا يف مجيع الفاعلني وق قضي ما من دون أن يستعني بالشرع ، ويرى حسنها ويو مالءمة الفعـل أو وه ذكرنا مالك قضائه وقد . ، من غري اختصاص باخلالق أو املخلوق

.لوية املثالية اليت خلق اإلنسان عليهامنافرته للشخصية العمث إن القول بالتحسني والتقبيح العقليني إمنا يتم على القول بأن اإلنسان فاعل خمتار

ما على القول بأنه جمبور ىف أفعاله ، فالبحث عنهما منفي بانتفاء موضوعه ، ألن شيئا أ و ،ا أن األشاعرة يصورون اإلنسان ومب .ح عقال بالقب وال من أفعال ابور ال يتصف باحلسن

يوافيك كون اإلنـسان وس تقبيح العقليني ، وال جمبورا ، فالزم مقالتهم نفي التحسني فاعال .)١( خمتارا غري جمبور ، كما سيوافيك نقد ما استدل به األشاعرة على مقالة اجلرب فاعال

تقبيح يف الكتاب العزيز والالتحسنيتقبيح وال التدبر يف آيات الذكر احلكيم يعطي أنه يسلم استقالل العقل بالتحسني إن

.نهي عن القبيح ويخارج إطار الوحي ، مث يأمر باحلسن__________________

. ، حول قوهلم بكون اإلنسان جمبورا يف فعله ٣٢٩الحظ شرح جتريد االعتقاد للفاضل القوشجي ، ص ) ١( .»فعال اإلنسان أ والعدل اإلهلى« البحث يف اجلرب األشعرى عند البحث يف صاليوافيك مفوس

Page 255: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٥

إن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن (: قال سبحانه ـ ١ذكرت لكملع عظكمي يغالباملنكر واء وش١( ) ونالفح(.

.)٢( ) قل إنما حرم ربي الفواحش ( ـ ٢ .)٣( ) يأمرهم باملعروف وينهاهم عن املنكر ( ـ ٣ر وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا واهللا أمرنا بها قل إن اهللا لا يأم ( ـ ٤ .)٤( ) بالفحشاء

حـسان والفحـشاء فهذه اآليات تعرب بوضوح عن أن هناك أمورا توصف باإل ن اإلنسان جيد اتصاف األفعال أ و عروف قبل تعلق األمر أو النهي ا ، وامل بغي وال نكروامل

ـ .تـراب وال بأحدها ناشئا من صميم ذاته ، كما يعرف سائر املوضوعات كاملاء يس ولمنا دور الشرع هو تأكيـد إدراك العقـل إ و عرفان اإلنسان ا موقوفا على تعلق الشرع

.نهي عن القبيح والباألمر باحلسنضائه فيما تـستقل بـه قأضف إىل ذلك أنه سبحانه يتخذ وجدان اإلنسان سندا ل

:عقليتهلصالحات كاملفـسدين فـي أم نجعل الذين آمنوا وعملوا ا (: يقول تعاىل ـ ٥

.)٥( ) األرض أم نجعل املتقني كالفجار ) ما لكم كيف تحكمون * أفنجعل املسلمني كاملجرمني (: قول سبحانه وي ـ ٦

)٦(. .)٧( ) هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان (: قول سبحانه وي ـ ٧

__________________ .٩٠اآلية : سورة النحل ) ١( .٣٣اآلية : سورة االعراف ) ٢( .١٥٧اآلية : سورة االعراف ) ٣( .٢٨اآلية : سورة االعراف ) ٤( .٢٨اآلية : سورة ص ) ٥( .٣٦ ـ ٣٥: اآليتان : سورة القلم ) ٦( .٦٠اآلية : سورة الرمحن ) ٧(

Page 256: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٦

تقبيح وال يدع جماال لتشكيك املشككني يف كون التحسني فالتدبر يف هذه اآليات ال .ية من دون حاجة إىل حجة ظاهريةمن األمور العقلية اليت يدركها اإلنسان باحلجة الباطن

* * *

Page 257: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٧

تقبيح العقليني والمثرات التحسني لك أن وذ تقبيح العقليني مكانة مرموقة يف األحباث الكالمية وال حتتل مسألة التحسني

ه تنحـل وبنه مرته عن فعل ما ال ينبغي ، أ و أجل ما تثبته هذه املسألة حكمة الباري تعاىل .يك فيما يلي بيان بعض منهالإ و.ريها وغالكثري من املشاكل الكالمية

ـ وجوب املعرفة١على لزوم معرفة اهللا سبحانه علـى كـل ـ ما عدا األشاعرة ـ إتفق املتكلمون

قليا ، مبعىن أن العقل حيكم حبسن املعرفة وقبح تركها ، لما يف املعرفة مـن إنسان لزوما ع هذا . و قبيح وه تركها من الوقوع يف الضرر احملتمل ، ويف أداء شكر املنعم ، وهو حسن ،

ألنه حسب الفـرض ـ لما ثبت وجوب املعرفة ، ال عقالالإ وإذا قلنا باستقالل العقل ، .ه مل يثبت الشرع بعدرعا ، ألن شوال ـ احلكممعزول عن

ـ وجوب ترتيه فعله سبحانه عن العبث٢ زوم اقتراا بالغايـات ول يه أفعاله سبحانه عن العبث رتمما يترتب على هذه املسألة ت

ألة من املسائل اليت تشاجرت فيهاذه املس وهغراضواأل

Page 258: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٨

لحكماء فيها رأي خاص ول .انية على السلب جياب والث وىل على اإل شاعرة فاأل واأل العدلية .ها بالبحث بعد عرض هذه النتائجذلك فإنا نفرد ولأيضا ،

ـ لزوم تكليف العباد٣إذا كان فعله سبحانه مرتها عن العبث ، يستقل العقل باحلكم بلزوم إيصال كـل

زجـرهم ل ، و ليفهم مبا يوصلهم إىل الكما لك بتك وذ مكلف إىل الغايات اليت خلق هلا ، لم وع.تفتح يف ضوء التكليف طاقام الروحية وت عما مينعهم عنه ، حىت ال يتركوا سدى ،

قبح ال يكفي يف استكماله ، إذ هناك أمور تصده عن بلوغ الغايـة أو وال اإلنسان باحلسن .شرع وال تعلم إال من طريق الوحي والي جمهولة له ، وهتوصله إليها

ألنبياء ـ لزوم بعث ا٤إن مسألة لزوم إرسال الرسل أيضا ، تبتين على هذه املسألة ، فالعقل الذي يـدرك بأن اإلنسان مل خيلق سدى بل خلق لغاية ، يدرك بأنه ال يصل إليها إال باهلداية التشريعية

.)١(اإلهلية ، فيستقل بلزوم بعث الدعاة من اهللا تعاىل هلداية البشر

يف برهان مدعي النبوة ـ لزوم النظر٥ينات ، فإذا ادعى إنسان السفارة من وب نبياء احلقيقيني يبعثون مبعاجز ال شك أن األ

؟ علـى اسـتقالل رهانه وب اهللا تعاىل إىل الناس ، فهل جيب على الناس ، النظر يف دعواه ما علـى أ و .احملتملصغاء دفعا للضرر واإل تقبيح ، جيب النظر وال العقل يف جمال التحسني

شرعا ، لعـدم وال ـ ألنه حسب الفرض معزول ـ القول بعدمه ، فال جيب ذلك عقال !. ه مل يهتد إىل حقيقة األمرألنتيجة ذلك أن التارك للنظر معذور ، ون.ثبوته بعد

ـ العلم بصدق دعوى النبوة٦نبنا والئ باملعاجزإذا اقترنت دعوة املتحة ، فلو قلنات الواضبي

__________________ .ة العامة يف لزوم بعثة األنبياء يف مباحث النبوسنبحث مفصال) ١(

Page 259: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٥٩

قبح ، حكمنا بصدقه ، لقبح إعطاء البينات للمـدعي وال باستقالل العقل يف جمال احلسن ام ، فال دليـل ما إذا عزلنا العقل عن احلكم يف املق أ و .الكذاب ، ملا فيه من إضالل الناس

.رع بعد مل يثبت حىت حيكم بصدقهعلى كونه نبيا صادقا ، والش

ستمرار أحكام اإلسالما و ـ اخلامتية٧تقبيح ، باملعىن الذي عرفت من املالءمـة للفطـرة وال إن استقالل العقل بالتحسني

لك وذ . إىل يوم القيامة لودها وخ قاء أحكام اإلسالم وب نافرة هلا ، أساس اخلامتية وامل العلويةطور املـدنيات ، وت تتبدل بتبدل احلضارات وال أن الفطرة مشتركة بني مجيع أفراد البشر

يغير جبلته ، فيصبح ما تستحسنه الفطرة أو تستقبحه وال فإن تبدهلا ال ميس فطرة اإلنسان .)١(تغير إليه وال يتطرق التبدل والخالدا إىل يوم القيامة ،

ـ ثبات األخالق٨ضارات أو تبدهلا تبعا الختالفها ، مما واحل إن مسألة ثبات األخالق يف مجيع العصور

بديت فيه اآلراء ، فمن قائل بثبـات أ و طرح مؤخرا عند الغربيني ودارت حوله املناقشات ال ولكـن املـسألة . واحلضارات غيرها حسب تغير األنظمة وت قائل بتبدهلا ومن صوهلا ، أ

تقبيح العقليني الناشئني من قضاء اجلبلة اإلنـسانية العاليـة وال يف ضوء التحسني تنحل إال ما ما يتغري بتغري أ و .لود واخل فطرة الثابتة ، فعند ذاك تتسم أصول األخالق بسمة الثبات وال

.تقاليد العرفية والاحلضارات فإمنا هو العادات يتغري حكم وال ، فإنه أمر يستحسنه العقل ، » ن إكرام احملس « خذ على ذلك مثال

فإذا ، األصول . يفياته وك منا الذي يتغري مبرور الزمان ، وسائل اإلكرام إ و العقل هذا أبدا ، .هي املتغيرة ـ اليت ليست إال لباسا لألصول ـ تقاليد والعادات والثابتة ،

__________________ . يف مباحث النبوة اخلاصةسالمسنبحث عن خامتية اإل) ١(

Page 260: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٠

شرور والصائب وامل ـ احلكمة يف الباليا٩شرور ، فإن وجود هـذه وال من املسائل املشهورة يف احلكمة اإلهلية مسأله الباليا

احلوادث أوجد إشكاالت على حكمته بل علمه تعاىل ، فهي بظاهرها تدل على انعـدام نـايف وت كمته مبعىن إتقان أفعاله من جهـة ثانيـة ، نايف ح وت النظام يف الكون من جهة ،

أعين كون فعله مرتها عما ال ينبغي من جهـة ثالثـة ، ـ على حنو اإلطالق ـ حكمته .يامه بالقسط من جهة رابعة وق أعين عدله تعاىل ـ على حنو اخلصوص ـ نايف حكمته وتنقاش سواء يف علم الكالم وال يث إا من املسائل الطويلة الذيل ، اليت وقع فيها البحث وح

. العرض اإلمجايل هلذه النتائجكمة اإلهلية ، فإنا نفردها بالبحث بعد واحلأو الفلسفة

ـ اهللا عادل ال جيور١٠تقبيح العقليني وال الثابتة بفضل القول بالتحسني ـ من أبرز مصاديق حكمته تعاىل

نفرده بالبحث مع بيان مكانته يف وس يظلم وال نه ال جيور أ و عدله ، مبعىن قيامه بالقسط ـ :ترتب عليه بعض النتائج منها وي.التشريع اإلسالمي

أ ـ قبح العقاب بال بيان ، فإنه ال يعاقب عباده من دون أن يبني هلم تكاليفهم ، فإن إذا كان اهللا تعاىل عادال بني أن ال يقع البيان من دون فرق . زوم ترته الواجب عنه ول ذلك ظلم حيكم العقل بقبحه

ذا األصل ممـا اتفـق عليـه وه .وامل معينة وع يصل إليهم ألسباب وال ، أو يقع أصال .نوا عليه أصالة الرباءة يف الشبهات غري املقترنة بالعلم اإلمجايل وباألصوليون

تقبيح العقليني إذا مل تثبت الرباءة من الـشرع وال نعم ، املسألة تبتىن على التحسني .فروض أن البحث فيها بعده واملسنة ، والسطة الكتاببوا

Page 261: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦١

ب ـ قبح التكليف مبا ال يطاققدرة يف العبـد والمن نتائج حكم العقل بعدله تعاىل ، حكمه بلزوم وجود التمكن

ـ زامهم مبا هو فوق طاقتهم ظلم وال ن تكليفهم أ و لإلتيان مبا يكلفون به ، و قبـيح ال وهبحث مستقل بعد عرض هذه جل أمهية هذا البحث نفرده أيضا ب وأل يصدر عن احلكيم ،

.النتائج

قدر يف مصري اإلنسان والج ـ مدى تأثري القضاء قدر يف مصري اإلنسان ، وال من مجلة املسائل املترتبة على عدله تعاىل ، تأثري القضاء

، مما وقع فيـه اجلـدل ذه املسألة مع كوا من املسائل األصولية يف العقيدة اإلسالمية وهتفرع عليهـا وي .راقة الدماء بني املسلمني يف العصور األوىل إ و نقاش إىل درجة التكفري وال

يث إن الوقـوف عليهمـا وح .مسألة البداء أو تغيري املصري باألعمال الصاحلة أو الطاحلة مـن ل خـاص منهما بفصيتوقف على اإلسهاب والتفصيل يف مباحثهما ، خصصنا كال

.فصول الكتاب

د ـ إختيار اإلنسانلك وذ ختيار اإلنسان يف أفعال نفسه ، امن مجلة املسائل املترتبة على عدله تعاىل ،

يسيث إن هذه املسألة أيضا من املسائل وح .ور وج رافيما يقوم به ، ظلم أن كونه جمبورا مفريط ، أفردناها بالبحث يف فصل وت عددت فيها اآلراء بني إفراط وت اليت كثر فيها اجلدال

ـ مستقل من الكتاب ، مع ما يتفرع عليها من البحوث حول احلسنة دايـة واهل سيئة ، وال .ري ذلك وغضاللةوال

خروي ـ املصحح للعقاب األ همن مجلة التساؤالت اليت طرحت حول عدله سبحانه ، ما هو املـصحح للعقـاب

:لك من جهتني وذ؟ األخروي

Page 262: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٢

المها نقص تعاىل وك ؟ هل هو للتشفي أو اإلنتقام ملاذا العقاب األخروي ـ األوىل .اهللا عنه

تخلف وال إن مقتضى القانون العقلي أن تكون العقوبة على مقدار اجلرم ، ـ الثانية .؟ رمون يف النار أبدا واور ترته اهللا عنه ، فلم يخلد الكافرون وجعن ذلك ظلم

.)١(هما بعد التعرض للبحث عن عدله تعاىل سنجيب عنو

* * * __________________

دله تعاىل ، أجاب عنها األستاذ دام ظله يف موسوعته وع خرى من التساؤالت حول حكمته أناك مجلة وه )١( .٢٨١ ـ ٢٦٩ وص.٩٩ ـ ٩٧، فالحظ ص » اهللا خالق الكون «

Page 263: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٣

مثرات التحسني والتقبيح العقليني

)١(

فعال اهللا سبحانه معللة بالغاياتأنه ال جيب عليـه أ و ذهبت األشاعرة إىل أن أفعاله سبحانه ليست معللة باألغراض

:وه ستدلوا على ذلك بوجا و يقبح منه شيء والشيء

الوجه األوله ال بتحصيل ذلك الغرض ألن فعله تعاىل لغرض لكان ناقصا لذاته مستكمال كان ول

.)١(و معىن الكمال وه ما هو أصلح له من عدمهإاليصلح غرضا للفاعل على العباد فال يلزم كم تفضال واحل أجابت العدلية بأن أفعاله تعاىل معللة باملصاحل و

.)٢(بعته املاتريدية وتختاره صاحب املقاصدا و. وجوب األصلح والاالستكمال

:توضيح اجلواب

؟ الغاية ، غاية للفاعل أو للفعل هلغرض الراجـع إىل فعلـه ، وال ن األشعري خلط بني الغرض الراجع إىل الفاعل ، إ

قائل بكون أفعاله والفاالستكمال موجود يف األول دون الثاين ،__________________

.٢٣١املواقف ص ) ١( .٥٤إشارات املرام ص ) ٢(

Page 264: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٤

ين دون األول ، والغـرض صاحل ، إمنا يعين ا الثا وامل دواعي وال غايات وال معللة باألغراض غرض باملعىن وال نيا يف األفعال ، وغ نيا يف الصفات وغ باملعىن األول ينايف كونه غنيا بالذات

غيا فاجلمع بني وال ونه سبحانه عابثا وك غوا ، ول الثاين يوجب خروج فعله عن كونه عبثا لغو ، بالقول باشتمال وال ونه حكيما مرتها عن العبث وك كونه غنيا غري حمتاج إىل شيء ،

.اته ، كما ال خيفى وذىل وجودهنظام ال إ والكم ترجع إىل العباد وحأفعاله على مصاحل

العلة الغائية تفسريالعلة الغائية اليت هي إحدى أجزاء العلة التامة ، يراد منها يف مصطلح احلكماء ، ما

كون متقدمة صـورة وت الوجوب ، اإلمكان إىل ومن تخرج الفاعل من القوة إىل الفعل ، بـالقوة إىل ققا ، فهي السبب خلروج الفاعل عن كونه فاعال وحت تأخرة وجودا وم هناوذ

النجار ال يقوم بصنع الكرسي إال لغاية مطلوبة مترتبة عليـه ، : مثال. بالفعل كونه فاعال . بالفعـل كونه فاعال بالقوة ، إىل ساحةتصور تلك الغاية ملا خرج عن كونه فاعال وال ولروجه من اإلمكان إىل الفعلية ، ألجـل وخ لى هذا فللعلة الغائية دور يف حتقق املعلول وع

.حتريك الفاعل حنو الفعل ، وسوقه إىل العمل وصف وال نتصور العلة الغائية ذا املعىن يف ساحته ، لغناه املطلق يف مقام الذات وال

لوجود ، تام يف مقام الفعل ، فال حيتـاج يف اإلجيـاد إىل فعل ، فكما أنه تام يف مقام ا واللق واخل فلو كانت فاعلية احلق ، كفاعلية اإلنسان ، فال يقوم باإلجياد الإ و .شيء وراء ذاته

بشيء وراء ذاته ، إال ألجل الغاية املترتبة عليه ، فيكون ناقصا يف مقام الفاعلية مستكمال .. جيتمع مع غناه املطلقال ووه

استغلته األشـاعرة يف غـري وقد . و حق ال غبار عليه وه هذا ما ذكره احلكماء ، رض ، وجعلوا فعلـه كفعـل وغ ختذوه حجة لتوصيف فعله عاريا عن أية غاية ا و موضعهعمل بال غرض ولكن االحتجاج مبا وي بال غاية ، ) العياذ باهللا (العبني ، يفعل وال العابثني

الته ، واضح البطالن ، ألنذكره احلكماء إلثبات ما ق

Page 265: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٥

كم ينتفع ـا وح إنكار العلة الغائية ذا املعىن ، ال يالزم أن ال يترتب على فعله مصاحل لك ألنه سـبحانه وذليته ، وعن مل تكن مؤثرة يف فاعلية احلق إ و نتظم ا النظام ، وي العباد

وال ما يناسـب ذلـك ، فاعل حكيم ، والفاعل احلكيم ال خيتار من األفعال املمكنة إال .الفه وخييصدر منه ما يضاده

نـه يف أ و ال يعىن من ذلك أنه قادر على أحد الفعلني دون اآلخر ، : ثانية وبعبارة مقام الفاعلية يستكمل بالغاية ، فيقوم ذا دون ذاك ، بل هو سبحانه قادر علـى كـال

ذا كـالقول بأنـه وه اسب حكمته ، ن وي خيتار منهما إال ما يوافق شأنه ، وال األمرين ، جيور ، فلسنا نعين من ذلك أنه تام الفاعلية بالنـسبة إىل العـدل دون وال سبحانه يعدل

تـه ، مح ورأفتـه وركمته ، وح لكن عدله . اجلور ، بل نعين أنه تام القادرية لكال العملني .تقتضي أن خيتار هذا دون ذلك مع سعة قدرته لكليهما

صاحل ، مـع وامل غايات وال ول بأن أفعال اهللا ال تعلل باألغراض هذه هي حقيقة الق .م من دون أن يكون هناك استكمالك واحلكون أفعاله غري خالية من املصاحل

الوجه الثاينكـم واحل ن املـصاحل أ و مث إن أئمة األشاعرة ملا وقفوا على منطق العدلية يف املقام

نها غري راجعة إىل الفاعل ، بـل إىل العبـاد أو ليست غايات للفاعل بل غايات للفعل ، :يك نص كالمهم لإ و.نظام ، طرحوه على بساط البحث فأجابوا عنهوال

.ن الغرض قد يكون عائدا إىل غريهإ وال نسلم املالزمة ،: فإن قيل حسان إليه إن كان أوىل بالنسبة إليه تعاىل من عدمه ، جـاء واإلنفع غريه : قيل له

ن مل إ وصـلح ، أ وحسان ، ما هو أوىل به واإلام ألنه تعاىل يستفيد حينئذ بذلك النفع اإللز ن مساويا أو مرجوحا مل يصلح أنيكن أوىل بل كا

Page 266: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٦

.)١(يكون غرضا له » ـج احلـق « يف رده على » الفضل بن روزان « جاء بنفس هذا البيان وقد :ال وقللعالمة احللي

مـا يـستوي لك ألن وذ ما هو أصلح له من عدمه لفاعل إال إنه ال يصلح غرضا ل وجوده مرجوحا بالقياس إليه ال يكون باعثا على كان ودمه بالنظر إىل الفاعل أ وع وجودهببا إلقدامه عليه بالضرورة فكل ما يكون غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح وس الفعل بوجوده ناقصا يكون الفاعل مستكمال يق به من عدمه فهو معىن الكمال فإذن لأ و للفاعل .)٢(بدونه

أن املراد من األصلح واألوىل به ، ما يناسب شؤونه فاحلكيم ال يقوم : يالحظ عليه فتفسري . املوجودة فيه ئفاعل غريه يقوم مبا يناسب املباد إال مبا يناسب شأنه كما أن كل

.ضعهكمله ، تفسري يف غري مو ويوىل مبا يفيده واألاألصلح خارجيا عن ذاته ، وىل ليس مبعىن أن هناك عامال واأل األصلح معىن أنه ال خيتار إال و

كمتـه ، وح وىل ، بل مقتضى كماله واأل فرض عليه إجياد األصلح وي شيئته وم حيدد قدرته عبث فهو سبحانه ملا كـان جامعـا وال ترك اللغو وي وىل واأل ال خيلق إال األصلح ، ن أ وه

أبرزها كونه حكيما ، صار مقتضى ذلك الوصف ، إجيـاد مـا ومن لية للصفات الكما ؟ فـرض واللزام واإلستفادة واالحديث االستكمالمن ورك ما يضاده ، فأين ه وت يناسبه

ن اخلصم مل يقـف أ و كل ذلك يعرب عن أن املسائل الكالمية طرحت يف جو غري هادئ .على منطق الطرف اآلخر

الفعل املقتـرن : نه تامة الفاعلية بالنسبة إىل كال الفعلني إن ذاته سبحا : واحلاصل لك لعموم قدرته سبحانه للحسن وذباحلكمة ، واخلايل عنها ،

__________________ .٢٠٤ ، ص ٨رحه ، ج وش.٣٣٣املواقف ، ص ) ١( .٢٣٣ ، ص ١دالئل الصدق ، ج ) ٢(

Page 267: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٧

ذا صادق يف وه ص فعله باألول ، وخي ولكن كونه حكيما يصده عن إجياد الثاين . القبيحوـ عذيبـه ، وت اهللا قادر على إنعام املؤمن : مثال . بيح وق حسن: كل فعل له قسمان ام وت

الفاعلية بالنسبة إىل الكل ولكن ال يصدر منه إال القسم احلسن منهما ال القبيح ، فكما ال ناقـصا يف كونه) على القول ما (يستلزم القول بصدور خصوص احلسن دون القبيح

نعام املـؤمن إ و الفاعلية ، فهكذا القول بصدور الفعل املقترن باملصلحة دون ارد عنها ، ولويتـه ال أ و مساويا لتعذيبه بل أوىل به وأصلح لكن معىن صـالحه وال ليس مرجوحا

يهدف إىل استكماله أو استفادته منه ، بل يهدف إىل أنه املناسب لذاته اجلامعة للـصفات رفعه عن ارتكاب القبـيح ، يطلـب وت ماله ، وك فجماله. الية ، املرتهة عن خالفها الكم

.والتجنب عن خمالفه ـ رن للحكمةو املقاوه ـ الفعل املناسب له

:الثالث الوجه دليل ثالث لألشاعرة حاصله أن غرض الفعل خارج عنه ، حيصل تبعا لـه وهناك

اء ابتداء ، فال يكون شيء مـن الكائنـات إال ا أنه تعاىل فاعل جلميع األشي ومب .توسطهوبيس جعـل ول . له ، ال غرضا لفعل آخر ال حيصل إال به ، ليصلح غرضا لذلك الفعل فعال

.)١(البعض غرضا أوىل من البعض البعض غاية للبعض فإما كان ول: قول وي عليه أن يقرر الدليل بصورة كاملة وكان

.و حمال وه، فيتسلسل ،ال وأ. فقد ثبت املطلوبأن ينتهي إىل فعل ال غاية له ،

: يالحظ عليه لـقال يشك من أطل بنظره إىل الكون ، بأن بعض األشياء مبا فيها من اآلثار ، خ

ما الغاية من أ و فالغاية من إجياد املوجودات الدانية كوا يف خدمة العالية منها . ألشياء أخر حد تكون مظاهرخلق العالية فهي إبالغها إىل__________________

.٢٠٤ ، ص ٨رحه ، ج وش.٣٢٢املواقف ، ص ) ١(

Page 268: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٨

.مال بارئها وكجمايل لصفات ربهاوإذا نظرنا إىل الكون بالنظر التجزيئي ، نرى هناك أوائل األفعال وثوانيها وثوالثها و

إىل كماله املمكـن فيقع الداين يف خدمة العايل ويكون الغرض من إجياد العايل إيصاله ... وال يتطلب إجياد اجلميل بالذات غاية سوى وجـوده ، ألن . الذي هو أمر مجيل بالذات .الغاية منطوية يف وجوده

.هذا إذا نظرنا إىل الكون بالنظر التجزيئيإذا نظرنا إىل الكون بالنظر العام فالغاية للنظام اجلملي ليست أمرا خارجا عن وأما حىت يسأل عنها بالنحو الوارد يف الدليل ، بل هي عبارة عن اخلـصوصيات وجود النظام جزائه إىل الكمال املمكن ، والكمال املمكـن أ و ي بلوغ النظام بأبعاضه وه املوجودة فيه

عد صورة فعلية لـه ، فـاهللا وي املتوخى من اإلجياد ، خصوصية موجودة يف نفس النظام أو بعضا ، لق ، حىت يبلغ ما يصدق عليه فعله ، كال وجد فعله املط أ و سبحانه خلق النظام

عن النظام ، حىت يقال إىل الكمال الذي ميكن أن يصل إليه ، فليست الغاية شيئا مفصوال .ما هي الغاية هلذه الغاية حىت يتسلسل أو يصل إىل موجود ال غاية له:

يل بالذات ، فيسقط أن إيصال كل ممكن إىل كماله ، غاية ذاتية ألنه عمل مج ومبا السؤال عن أنه ملاذا قام ذا ، ألنه حني أوصل كل موجود إىل كماله املمكن فالـسؤال

.يسقط إذا انتهى إىل السؤال عن األمر اجلميل بالذات الغرض مـن اإلجيـاد بداع النظام ، لقلنا بأن إ و فلو سئلنا عن الغاية ألصل اإلجياد

مث إذا طرح السؤال عن اهلدف من إيصال . ه املمكن عبارة عن إيصال كل ممكن إىل كمال كل ممكن إىل كماله املمكن ، لكان السؤال جزافيا ساقطا ألن العمل احلسن بالـذات ،

.غاية نفس وجوده والفعل واليليق أن يفعل ،بالغه إىل كماله فيض آخر ، يـتم بـه إ و فاإلجياد فيض من الواجب إىل املمكن ،

ينقص من خزائنـه وال موع فيض من الفياض تعاىل إىل الفقري احملتاج الفيض األول ، فا ي غاية أظهر منأ وبدع من هذا ،أ وشيء فأي كمال أحسن

Page 269: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٦٩

ذا مبثابة أن يسأل ملاذا يفعل اهللا األفعـال احلـسنة وه ذلك ، حىت حتتاج إىل غاية أخرى ا هـو ومسنة بالذاتو أنه فعلها ألنها ح وهبالذات ، فإن اجلواب مستتر يف نفس السؤال

. حيتاج إىل غاية أخرى والحسن بالذات ، نفسه الغاية إذا سألنا الشاب الساعي يف التحـصيل : تقريب األمر إىل الذهن منثل مبثال وألجل

لنيل الشهادة العلمية ، فإذا أعدنا : ؟ فيجيب لنا له ملاذا تبذل اجلهود يف طريق حتصيلك وقلالشتغال يف إحـدى املراكـز : ؟ جييبنا لغاية من حتصيلها ما هي ا : لنا وق السؤال عليه

لنا ما هي الغاية من االشتغال وق فإذا أعدنا عليه السؤال . اإلدارية الصناعية أو العلمية ، أو فلو سألناه بعدها عن الغاية مـن . عيال وال لتأمني وسائل العيش مع األهل : ؟ يقول فيها

جاب أ و جدنا السؤال جزافيا ألن ما تقدم من الغايات أمني سبل العيش ، لو وت طلب الرفاه لكالم إىل األخـرية يـسقط عنها غايات عرضية هلذه الغاية املطلوبة بالذات ، فإذا وصل ا

.السؤال

فعاله سبحانه احلكيمةأ والقرآن (: والعجب من غفلة األشاعرة عن النصوص الصرحية يف هذا اال يقول سبحانه

.)١( ) نما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ال ترجعونأفحسبتم أ .)٢( ) وما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما العبني (: عز من قائل وقال ظـن الـذين وما خلقنا السماء واألرض وما بينهما باطال ذلك (: سبحانه وقال

.)٣( ) كفروا فويل للذين كفروا من النار إىل غري ذلـك مـن )٤( ) وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون (: سبحانه وقال

.صرح بإقترانه باحلكمة والغرض وتاآليات اليت تنفي العبث عن فعله__________________

.١١٥اآلية : رة املؤمنون سو) ١( .٣٨اآلية : سورة الدخان ) ٢( .٢٧اآلية : سورة ص ) ٣( .٥٦اآلية : سور الذاريات ) ٤(

Page 270: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٠

عدهم األشاعرة الذين اشتهروا بالتعبد بظواهر النـصوص تعبـدا وب احلديثوأهل آليـات مؤوليها ، ال مناص هلم إال تناس ا وال حرفيا غري مفوضني معانيها إىل اهللا سبحانه

.نسبونه إىل خمالفيهم ويون منهم يفر وهاملاضية أو تأويلها

احلكماء على مذهب األشاعرة عطف مذهبـ اخلطأ الواضح ، عطف مذهب احلكماء على مذهب األشاعرة ومن صوير أن وت

و خطأ حمـض كيـف وه الطائفتني تقوالن بأن أفعال اهللا سبحانه غري معللة باألغراض ، إن من املعطلة قوما جعلوا فعـل اهللا تعـاىل : قول وي خيطئ األشاعرة ذا صدر املتأهلني وه

إن : ال أيضا وق .)١(ع أنك قد علمت أن للطبيعة غايات وم خاليا عن احلكمة واملصلحة ، غرض عن شيء من أفعاله مطلقا بل إمنا نفوا يف فعله املطلـق إذا وال احلكماء ما نفوا الغاية

ما ثـواين األفعـال أ و مجلة واحدة ، غرضا زائدا على ذاته تعاىل لوحظ الوجود اإلمكاين تبـهم مـشحونة وك قيدة فاثبتوا لكل منها غاية خمصوصة كيف وامل فعال املخصوصة واأل

باحـث وم نافعها كما يعلم من مباحـث الفلكيـات وم بالبحث عن غايات املوجودات .)٢(ريها وغلم األدوية وعلم التشريح وعاألمزجة واملركبات

:فنظرية احلكماء تتلخص يف أمرين ذلك وعلى كما تترتب على فعله وح ن هنا مصاحل أ و أن أفعاله غري متصفة بالعبث واللغو ـ ١

.قوم ا النظام وي، يستفيد ا العباد ،إذا لوحظ الوجود اإلمكاين على وجه اإلطالق فليس لفعله غرض خارج عن ـ ٢

وغرض اخلارج عن الذات ل وال وجود اإلمكاين مجلة واحدة ذاته ، ألن املفروض مالحظة ال .يس شيئا وراءه ولأمرا موجودا فهو داخل يف الوجود اإلمكاينكان

__________________ .٢٨٠ ، ص ٢األسفار ، ج ) ١( .٨٤ ، ص ٧األسفار ، ج ) ٢(

Page 271: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧١

ال يكون منا الغرض نفس ذاته ، لئ إ و خارجا عن الذات ليس الغرض شيئا : ويقولون خارج عن ذاته يف القيام بالفعل ، آية كونه ناقصا يف ناقص الفاعلية ألن احلاجة إىل شيء

عله عن كل شيء سوى وف ، غين يف ذاته تهفروض أنه سبحانه تام يف فاعلي وامل الفاعليته ، .)١(ذاته

من اخللق هو مث إن هلم بيانا فلسفيا ممزوجا بالدليل العرفاين يهدف إىل كون الغرض :ه فسروا قوله سبحانه وبذاته سبحانهكنـت « : وله يف احلديث القدسي وق ) وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون (

واهللا سـبحانه هـو غايـة » كرتا خمفيا فأحببت أن أعرف فخلقت اخللق لكي أعرف .)٢(جع إىل أسفارهم أراد الوقوف على برهام فلريومن . الغايات

* * * __________________

.٢٦٣ ، ص ٢األسفار ، ج ) ١( .٢٦٣ ، ص ٢حظ األسفار ، ج ال) ٢(

Page 272: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٢

Page 273: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٣

مثرات التحسني والتقبيح العقليني

)٢(

صائب والشرور واملالباليا

وكونه حكيما يف صائب والشرور ، من املسائل املشهورة الذائعـة الـصيت وامل الباليا إن مسألة :ا صلة باملباحث التالية وهلاحلكمة اإلهلية ،

فكيف . إذا كان الدليل على وجود اخلالق املدبر هو النظام السائد يف الكون ـ ١ يفسر وجود بعض الظواهر غري املتوازنة العاصـية عـن النظـام كـالزالزل والـسيول

.طوفانات ، فإا من أبرز األدلة على عدم النظاموالالصانع تعاىل حكيما يف فعله ، متقنا يف عمله ، واضعا كل شيء يف كان ول ـ ٢

حمله ، مرتها فعله عما ال ينبغي ، فكيف تفسر هذه احلوادث اليت ال تنطبق مع احلكمـة ا ال ينبغيمن ورت مبن يصنع األشياء املتقنة أسواء أفسيكون فعله مرتها عم. ا بالقسط فكيف جيتمع عدله سبحانه مع هـذه ائم وق إذا كان اخلالق عادال ـ ٣

.إىل غري ذلك. دمرها وترب الديار وختاحلوادث اليت تبتلع النفوس الربيئة يف آن واحد ،ن وحن شرور يرتبط باملسائل املتقدمة ، وال باليا وال ذلك فالبحث عن املصائب وعلى

.نطرح هذه املسألة بعد أن أقمنا الدليل على كونه حكيما

Page 274: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٤

نـهم وم البحث عن الشرور ، ليس مسألة جديدة كشف عنها فالسفة الغرب إناإلنكليزي ، كما رمبا يتخيله بعض من ال خـربة لـه بالفلـسفة » هيوم « الفيلسوف

ية ، فإن هذه املسألة قد طرحت بني القدامى من فالسفة اإلغريق فاإلسالمية ، بل واإلغري .تأخرين من فالسفة اإلسالم وامل،

إن املوجودات املمكنة بالقـسمة العقليـة يف بـادئ « : فقد اشتهر قول أرسطو :إلحتمال تنقسم إىل مخسة أقسام ا

. ـ ما هو خري كله ال شر فيه أصال١ . ـ ما فيه خري كثري مع شر قليل٢ . ـ ما فيه شر كثري مع خري قليل٣ .شر وال ـ ما يتساوى فيه اخلري٤ . »ق ال خري فيه أصال ـ ما هو شر مطل٥

منا املوجود مـن إ و مث صرحوا بأن األقسام الثالثة األخرية غري موجودة يف العامل ، .)١(اخلمسة املذكورة هو قسمان

ه ١٠٥٠ ، م ه ٩٧٩ت (حبث الفيلسوف اإلسالمي صدر الدين الشريازي وقد يف مثانيـة » األسفار األربعة « باليا يف كتابه القيم وال صائب وامل شر وال عن مسألة اخلري )

فصول حبثا علميا ، كما حبث عنها احلكيم السبزواري يف قسم الفلسفة من شرح املنظومة سبقهما عدة من األجالء كما تبعهما ثلـة أخـرى مـن املفكـرين وقد . حبثا متوسطا

: خاص فنقولشريح وتن نقتبس فيما يلي ما ذكره هؤالء احملققون بتحليل وحن.سالمينياإلىت اليوم إىل االعتقاد وح باليا دفعت بعض الطوائف يف التاريخ وال إن مسألة الشرور

ه اخلري هو غـري إلـه و االجتاه املسمى بالثنوية ، حيث تصور أن إل وه بالتعدد يف اخلالق ، هم يعتقدون بأن ا أن ومب .جل ذلك عرفوا بالثنوية وأل الشر ، هروبا من اإلشكال املذكور ،

ه الواجباإلهلني خملوقان لإلل__________________

.٦٨ ، ص ٧األسفار ، ج ) ١(

Page 275: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٥

.الواحد ، فهم من أهل التثليث على هذا اإلعتبار : عن مشكلة الشرور تتحقق بوجهني كل تقدير فاإلجابةوعلى .فلسفيا كليا حتليلها حتليال ـاألول

. تربويا مؤثرا يف تكامل النفوسيالحتليلها حتل ـ الثاين :اك البيان وه يلج البابني ،فعلى من يريد اإلسهاب يف البحث أن

* * *

التحليل الفلسفي ملسألة الشرور البحث األول ـ حاصل هذا التحليل أن ما يظنه بعض الناس من أن هناك حوادث غري منتظمة ، أو

و نظروا إىل ول .قة احملدودة إىل هذه األمور نظرام الضي من ئضارة مدمرة ، فإمنا هو ناش كون موقف وي ألذعنوا بأا خري برمتها ، » النظام الكوين العام « هذه احلوادث يف إطار

:املسألة كما قاله احلكيم السبزواري لـبعض مـن نغـم ما ليس موزونـا

ــل ــام الك ــي نظ ــلفف ــتظم ك نم

:تفصيله فيتوقف على بيان أمرين ما أ وهذا إمجال اجلواب ،

ـ النظرة الضيقة إىل الظواهر األمر األولنها شرور ال جتتمـع مـع أ و إن وصف الظواهر املذكورة بأنها شاذة عن النظام ،

سطه وقلهد وعثانيا ، ـ باملعىن األعم ـ كمته سبحانه وح ،النظام السائد على العامل أوال علـها حمـورا وجصاحلها ، ومثالثا ، ينبع من نظرة اإلنسان إىل الكون من خالل نفسه ،

ويه وذ رى أنها تعود على شخصه وي فعندما ينظر إىل احلوادث . الكا لتقييم هذه األمور ومذه ا هذا إال ألنه يتوجه إىل ه وم .فات واآل باإلضرار ، ينربي من فوره إىل وصفها بالشرور

تجاهل غري نفسه يف العامل ، من غري فرق بني من مضى ويالظواهر من منظار خاص

Page 276: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٦

ففـي . عيش فيها وي يعيش يف احلاضر يف مناطق العامل أو سوف يأيت ومن من غابر الزمان ولكن هذه احلـوادث يف الوقـت نفـسه . وىل تتجلى تلك احلوادث شرا وبلية النظرة األ

بيان ذلك ول .نظم وال احلكمة والعدل علكتسي خ وت صالح وال خلرينظرة ثانية تنقلب إىل ا وب :تعد يف ظاهرها من الشرور فنقول حنلل بعض احلوادث اليت

سيل العارم يهدم مرتله ، وال إن اإلنسان يرى أن الطوفان اجلارف يكتسح مزرعته ، ظـواهر وال عليه هذه احلوادث والزلزلة الشديدة تزعزع بنيانه ، ولكنه ال يرى ما تنطوي

.من نتائج إجيابية يف جماالت أخرى من احلياة البشريةأشبه اإلنسان يف مثل هذه الرؤية احملدودة بعابر سبيل يرى جرافة حتفر األرض وما

ثرية الغبار والتراب يف اهلواء ، فيقضي من فـوره وم ، أو دم بناء محدثة ضوضاء شديدا يدري بأن ذلك يتم متهيدا لبناء مستشفى كـبري يـستقبل ال و وه يء وس اربأنه عمل ض

.هيء للمحتاجني إىل العالج وسائل املعاجلة والتمريض ويعاجل املصابني وياملرضىولو وقف على تلك األهداف النبيلة لقضى بغري ما قضى ، ولوصف ذلك التهـدمي

.صاعد من األغربة وتوضاء ،نه ال ضري فيما حصل من الضأ وبأنه خري ،إن مثل هذا اإلنسان احملدود النظر يف تقييمه ، مثل اخلفاش الذي يؤذيه النور ألنـه

ـ يقبض بصره ، بينما يبسط هذا النور ماليني العيون على آفاق الكون سهل لإلنـسان وي مالكا لتقييم هـذه أفهل يكون قضاء اخلفاش على النور بأنه شر . جماالت السعي واحلياة

.؟ كال ، ال هر الطبيعية املفيدةالظوا

ـ الظواهر حلقات يف سلسلة طويلة مر الثايناأل ، منعزلة عن غريها ، نظرة ناقصةإن النظر إىل ظاهرة من الظواهر

Page 277: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٧

ألن احلوادث حلقات مترابطة متسلسلة يف سلسلة ممتدة ، فما يقـع اآلن منـها . مبتورةو عاليـل واملا سيقع يف املستقبل ، يف سلسلة من العلـل ومب ا وقع يف أعماق املاضي يرتبط مب

.سببات واملسبابواأل مع غض النظر عما سبقها هنا ال يصح القضاء على ظاهرة من الظواهر حبكم ومن

ا يلحقها ، بل القضاء الصحيح يتحقق بتقييمها جملة واحدة والنظر اليها نظرا كليا وم ،اجلو ترتبط ارتباطا وثيقا مبا سبقها أو يلحقها يف وفإن كل حادثة على البسيطة أ . جزئيا ال

عبث بأوراق املنضدة اليت أمامـك يـرتبط وي حىت أن ما يهب من النسيم . من احلوادث فال بد للمحقق أن يالحـظ مجيـع . ارتباطا وثيقا مبا حدث أو سيحدث يف بقاع العامل

فعند ذاك يتغري حكمه ويتبدل قضاؤه ولن يصف شيئا . تشكل وال لون اإلرتباط احلوادث ب .بالشذوذ ، ولن يسم شيئا بأنه من الشرور :عض األمثلة اليت هلا صلة ما إذا عرفت هذين األمرين فلنأت بب

ـ شـجار ها تقطع األ إذا وقعت عاصفة على السواحل فإن ـ ١ دمر األكـواخ وتبلية ، ولكنها يف الوقت نفـسه وال ثاث ، فتوصف عند ساكين الساحل بالشر ألقلب ا وت

.تنطوي على آثار حيوية ملنطقة أخرى توجب حركة السفن الشراعية املتوقفة يف عرض البحر بسبب سـكون فهي مثال

ئ وصـلهم إىل شـواط وت ذا تنقذ حياة املئات من ركاا اليائسني من جنام ، و .الريح .النجاة ، فهي موصوفة عند ركاب السفينة باخلري

ن كانت رمبا دم بعض املساكن إال أا يف نفس الوقت تعتـرب إ و إن الرياح ـ ٢بديد األدخنة وت ريك السحب املولدة للمطر وحت زهاروسيلة فعالة يف عملية التلقيح بني األ

كاثفت لتعذرت أو تعسرت عملية وتبقيت واملتصاعدة من فوهات املصانع واملعامل اليت ل إىل غري ذلك من اآلثار الطيبة هلبـوب . قاطنني حول تلك املصانع وال التنفس لسكان املدن

.الرياح ، اليت تتضاءل عندها بعض اآلثار السيئة أو تكاد تنعدم ائيا

Page 278: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٨

لن كانت تسبب بعض اخلسائر اجلزئيـة أو الكليـة يف األمـوا إ و الزالزل ـ ٣ـ على بعض الفـروض ـ نفوس ، إال أا توصف باخلري إذا وقفنا على أن علتها وال ـ

وجـب ذلـك وي جاذبية القمر اليت جتذب قشرة األرض حنو نفسها ، فريتفع قاع البحر ذا يف نفس الوقت يوجب أن تـصعد ميـاه فإن ه . الزالزل يف مناطق خمتلفة من اليابسة

سهول فتجـدد فيهـا وال سقي املزارع وت على األراضي احمليطة ا ار فتفيض واأل البحار .ود خبري العطاء وجتاحلياة

على الزالزل آثار نافعة أخرى يقف عليها اإلنسان املـتفحص يف تلـك ويترتب ذين األمرين للقضاء العاجل بأن تلك احلـوادث ااالت ، فهل يبقى جمال مع مالحظة ه

.؟ عليها أية فائدةاليا ال يترتب وبشرورإن علم اإلنسان احملدود هو الذي يدفعه إىل أن يقضي يف احلوادث بتلك األقـضية

: سبة علمه إىل ما ال يعلمه لرجع القهقرى قائال ون الشاذة ، ولو وقف على علمه الضئيل ) كانحباطال سذا به لقتا خا منبالعلم (: وله تعاىل ذعن بق وأل .)١( ) ر نم ما أوتيتمو

.)٣( ) يعلمون ظاهرا من احلياة الدنيا (: وله سبحانه وق.)٢( ) إال قليالالسبب نجد أن العلماء املوضوعيني الذين مل تبهرهم منجـزات العلـوم ومل وهلذا

حذرون من التسرع يف وي بقصور العلم البشري يغرهم ما حصل هلم من التقدم ، يعترفون ) ولـيم كـروكش (ذا العامل اإلنكليزي األستاذ وه كيف. القضاء واحلكم على األشياء

من بني « : مكتشف إشعاع املادة ، واملخترع لكثري من أدوات التجارب الكيميائية قال رق اكتـشافايت الطبيعيـة ، للت يل ط وذ مجيع الصفات اليت عاونتين يف مباحثي النفسية ،

إىل غري. )٤(» انت تلك اإلكتشافات أحيانا غري منتظرة ، هو اعتقادي الراسخ جبهلي وك__________________

.١٩١اآلية : سورة آل عمران ) ١( .٨٥اآلية : سورة اإلسراء ) ٢( .٧اآلية : سورة الروم ) ٣( .١٣٦ ، ص ١ل املذهب املادي ، ج على أطال) ٤(

Page 279: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٧٩

عاظم الفالسفة واملعنيني بتحليل الظواهر أ و ذلك من الكلمات املأثورة عن كبار املفكرين ـ .جزهم عن الوقوف على أسرار الطبيعة وع الطبيعية ، فإنك تراهم يعترفون جبهلهم ذا وه

إىل حـد علمـت أين بلغ علمي « : هو املخ الكبري يف عامل البشرية الشيخ الرئيس يقول .» لست بعامل

فلسفي آخر للشرور لحتلي ناك حتليل فلسفي آخر ملشكلة الباليا وه قد وقفت على التحليل الفلسفي املاضي ،

:اصله وحعله أدق من سابقه ، ولصائبواملمنا يتجلى عند النفس إذا قيس بعـض إ و إن الشر أمر قياسي ليس له وجود نفسي

:يك بيانه لإ واحلوادث إىل بعض آخر ،بالثنوية يقولون إن اهللا سبحانه خري حمض ، فكيـف خلـق العقـارب إن القائلني

.سباع الضواري واليوانات املفترسة واحلالسامة واحليات القاتلةولكنهم غفلوا عن أن اتصاف هذه الظواهر بالشرور اتصاف قياسي وليس باتصاف

س إىل اإلنـسان الـذي منا يتصف به إذا قيإ ونفسي ، فالعقرب مبا هو ليس فيه أي شر ، واقعية يف صفحة الوجود ، بل هو أمر انتزاعي تنتقل إليـه يتأذى من لسعته ، فليس للشر

يك توضيح هـذا لإ و .قيقة وح النفس من حديث املقايسة ، ولوالها ملا كان للشر مفهوم .اجلواب

إلنسان منها ما يكون له واقعية كموصوفه ، مثل كون ا : إن الصفات على قسمني فاتصاف اإلنسان بالوجود واملتر بالعـدد . كل متر يساوي مائة سنتيمتر ن أ وموجودا ، أ

حىت لو مل يكن علـى . املذكور ، أمران واقعيان ثابتان للموجود ، توجه إليه الذهن أم ال . إنسان واحد أو متر كذلك فالوصفات ثابتان هلماوجه البسيطة إال

بعبـارة وىل ذلك الوصـف ، أ ه واقعية إال أن اإلنسان ينتقل إ ومنه ما ال يكون ل صغر ، فإن الكرب ليس والصحيحة ينتزعه الذهن باملقايسة ، كالكرب

Page 280: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٠

.منا يدرك بالقياس إىل ما هو أصغر منهإ وشيئا ذا واقعية للموصوفـ رض توصف بالصغر تارة إذا قيست إىل الشمس ، األ : مثال بر أخـرى إذا الك وب

ملا صـح وصـف الإ و جل ذلك ال يدخالن يف حقيقة املوصوف ، وأل .قيست إىل القمر .األرض بوصفني متعارضني

إذا عرفت انقسام األوصاف إىل القسمني ، فعليك حتليل مفهوم الشر على ضـوء ما كونـه أ و .مور احلقيقية ا سم ، من األ وذ إن كون العقرب موجودا : هذا البيان فنقول

ضرره وت يتصف به سم العقرب إذا قيس إىل اإلنسان مناإ و شرا ، فليس جزءا من وجوده ، فإذا كان كذلك . وجبا لبقائه وم للعقرب فانه يعد كماال الإ و به أو فقدانه حلياته بسببه ،

.سهل عليك حل عقدة الشرور من جوانبها املختلفةنه ليس من خالق يف صفحة الوجـود إال اهللا أ و لقيةأما من جانب التوحيد يف اخلا

و خري حمض ليس للشر إليه سبيل ، فكيف خلق هذه املوجودات املتسمة بالشر وه سبحانهما اتصافها أ وا هلا من الصفات احلقيقية ، وم، فاجلواب أن املخلوق هو ذوات هذه األشياء

ق العلة ، بل هو أمر قياسي يتوجه إليه اإلنـسان ، بالشر فليس أمرا حقيقيا حمتاجا إىل تعل .عند املقايسة :مات الفالسفة القدامى إذ قالوا هذا املعىن تؤول كلوإىل

.يس أمرا موجودا حمتاجا إىل العلة ولـ الشر أمر عدمي ، ١« . بالذات بل جمعول بالعرضـ الشر ليس جمعوال ٢اء املوجودة يف هذا العامل املسماة عنـد اجلمهـور إذا تصفحت مجيع األشي ـ ٣

.)١(» شرورا ، مل جتدها يف أنفسها شرورا ، بل هي شرور بالعرض خيرات بالذات يست ول بهيمية وال ذلك األخالق الذميمة فإا كلها كماالت للنفوس السبعية وحنو

ة هذه األخالقمنا شريإ و.شهوية والبشرور للقوى الغضبية__________________

.٦٢ ، ص ٧ربعة ، ج األسفار األ)١(

Page 281: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨١

ـ تفريط وال الرذيلة بالقياس إىل النفوس الضعيفة العاجزة عن ضبط قواها عن اإلفراط ن وع .سوقها إىل مسلك الطاعة الذي تناط به السعادة الباقية

ومن ا إدراكات ، موم فهي من حيث كو واهل وجاع والغموم واأل اآلالموكذلك منا هـي شـرور إ و حيث وجودها أو صدورها من العلل الفاعلة هلا ، خريات كمالية ،

.بالقياس إىل متعلقااعمـل ، فلـيس يف وال تقان يف الفعل واإل من جانب توصيفه سبحانه باحلكمة ا وأم

ب وجودات شيء خيالف احلكمة ، فإنه سـبحانه خلـق العقـار وامل خلق هذه احلوادث الذي أعطـى (عطاها ما يكفيها يف احلياة أ و حسن اخللقة سباع بأ وال ضواري وال واحليات

وجودات بالشر ويتراءى أا وامل منا تتسم هذه احلوادث إ و .)١( ) كل شيء خلقه ثم هدى .و أمر ذهين ال خارجي وهخالف احلكمة من حيث املقايسة ،

ي أن هناك عاملني دفعا اإلنسان إىل تصور أن الشر وه النتيجة إىل هنا خرجنا ذه :ا ومهنه عصيان عن النظمأ و، أمر عيين خارجي يعد إجياده على خالف احلكمة والعدل

.ناسي سائر املوجودات وت ـ النظرة إىل األشياء من منظر األنانية١غفلة عن أنه أمر عـدمي وال صوف ، تصور أن الشر له عينية خارجية كاملو ـ ٢

.يتوجه إليه الذهن عند املقايسةحان وقت البحث عن التحليل التربوي للشرور الذي يسهل التصديق بعـدم وقد

ـ ربويـة ألجل هذه اآلثار الت ـ كون إجيادها على فرض كوا أمورا عينية يف اخلارج ـ .خمالفا للحكمة والعدل

حليل التربوي ملسألة الشرورـ الت البحث الثاين ويفإن هلذه احلوادث آثارا تربوية مهمة يف حياة البشر املادية تارة ،

__________________ .٥٠اآلية : سورة طة ) ١(

Page 282: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٢

جل هذه الفوائد صح إجيادها ، سواء وأل .غفلة عن الضمائر والعقول ثانيا وال إزاحة الغرور .ت ، كما عليه املعترض ، أو موجود بالعرض ، كما حققناهقلنا بأن الشر موجود بالذا

.احدة بعد األخرىفيما يلي توضيح هذه اآلثار ووإليك

املصائب وسيلة لتفجري الطاقات أ ـقدم العلوم ورقي احلياة البشرية وت صائب خري وسيلة لتفجري الطاقات وامل إن الباليا

كثر احلضارات مل تزدهر إال يف أجواء احلـروب أ ، فها هم علماء احلضارة يصرحون بأن نافسات حيث كان الناس يلجأون فيها إىل استحداث وسائل الـدفاع يف وامل صراعاتوال

ففي مثل هذه . راب وخ مواجهة األعداء املهامجني ، أو إصالح ما خربته احلروب من دمار املثـل ويف .يئة ما يلزم و تميم ما نقص ، وت الظروف تتحرك القابليات جبربان ما فات ،

.»احلاجة أم اإلختراع « : السائر إذا مل يتعرض اإلنسان للمشاكل يف حياته فإن طاقاتـه سـتبقى : واضحة وبعبارة

روج الطاقات من القـوة إىل وخ تتفتح ، بل منو تلك املواهب وال جامدة هامدة ال تنمو .شدائدوال الفعلية ، رهن وقوع اإلنسان يف مهب املصائب

منا ندعي أن عروضها إ و نعم ، ال ندعي بأن مجيع النتائج الكبرية توجد يف الكوارث ن الوالدين الذين جل ذلك ، نرى أ وأل .يهيء أرضية صاحلة لإلنسان للخروج عن الكسل

طفـاال شدائد ال يـدفعان إىل اتمـع إال أ وال يعمدان إىل إبعاد أوالدمها عن الصعوبات .يهتزون لكل ريح كالنبتة الغضة أمام كل نسيم

أجواء احلياة احملفوفة باملشاكلاللذان ينشئان أوالدمها يفوأما

Page 283: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٣

.واملصائب فيدفعان إىل اتمع أوالدا أرسخ من اجلبال يف مهب العواصف ب عـودا ، رة البريـة أصـل أال إن الشج « : 7قال اإلمام علي بن أيب طالب

.)١(» بطأ خمودا أ و أقوى وقودايةنباتات البدو والروائع اخلضرة أرق جلودا ،والفعسى أن تكرهوا شيئا ويجعـل اهللا فيـه (: هذه احلقيقة يشري قوله سبحانه وإىل .)٢( ) خيرا كثريا

.)٣( ) إن مع العسر يسرا * مع العسر يسرافإن (: تعاىل وقوله أي تعرض للنصب )٤( ) وإلى ربك فارغب * فإذا فرغت فانصب (: تعاىل وقوله

ـ ما فرغت من العبادة ، هد بعد واجل سعي وال تعب باإلقدام على العمل وال أن النـصر وك .يفترقان خوان الأ وال ينفصالنواحملنة حليفان

باليا جرس إنذار والب ـ املصائبشهوات يوجب غفلة كـربى وال ستغراق يف اللذائذ واإل إن التمتع باملواهب املادية

نعم ، ازداد ابتعـادا عـن وال يف اللذائذ لما ازداد اإلنسان توغال وك عن القيم األخالقية ، قف عليها يف وي ياة غريه ، وح قة يلمسها كل إنسان يف حياته ذه حقي وه .اجلوانب املعنوية

رس إنذار يذكره وج نتباه اإلنسان من هذه الغفلة من هزة فإذن ال بد ال . صفحات التاريخ يس هناك ما هو أنفع يف هذا اال من بعض احلوادث ول .نبهه من غفلته وي وقظ فطرته وي

تخلى عن غروره وي ن املزعجات حىت يدرك عجزه اليت تقطع نظام احلياة الناعمة بشيء م د يف الكتاب العزيز التصريح بصلةن جن وحن.فف من طغيانهوخي

__________________ .٤٥ج البالغة ـ خطبة ) ١( .١٩اآلية : سورة النساء ) ٢( .٦ و ٥اآليتان : سورة االنشراح ) ٣( .٨ و ٧اآليتان : ة االنشراح سور) ٤(

Page 284: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٤

.)١( ) أن رآه استغنى * إن اإلنسان ليطغى (: الغىن ، إذ يقول عزوجل الطغيان بإحساس هذا يعلل القرآن الكرمي بعض النوازل واملصائب بأا ترتل ألجل الـذكرى وألجل

نا أهلها بالبأساء وما أرسلنا في قرية من نبي إال أخذ (: رجوع إىل اهللا ، يقول سبحانه وال .)٢( ) والضراء لعلهم يضرعون

ولقد أخذنا آل فرعون بالسنني ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون (: ايضا ويقول ( )٣(.

له ، ، فهي مبثابة صـفع ذكرة وتصائب سببا ليقظة اإلنسان وامل هكذا تكون الباليا .الطبيب وجه املريض املبنج إليقاظه ، الذي لوال صفعته النقطعت حياة املريض

ي أن التكامل األخالقي رهن احملن واملصائب ، كما أن وه فقد خرجنا ذه النتيجة .نوازل والالتفتح العقلي رهن الباليا

رور ، كما يتخذها سلما للرقي إىل واإلنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغ .يعدها مصيبة وكارثة يف احلياةال يستفيد منها شيئا فوقد مدارج الكمال العلمي ،

سبب للعودة اىل احلق ج ـ الباليايس اهلدف من خلقـة ول إن للكون هدفا ، كما أن خللق اإلنسان هدفا كذلك ،

يس اهلدف من بعث األنبيـاء ول . ميكن الوصول إليه صل إىل ما وي اإلنسان إال أن يتكامل ا كانت املعاصي والـذنوب مـن أكـرب ومل . حتقيق هذه الغاية السامية نزال الكتب إال إو

رقل مسرية تكامله ع وت األسباب اليت توجب بعد اإلنسان عن اهلدف الذي خلق من أجله ، ، كانت الباليا

__________________ .٧ و ٦اآليتان : لعلق سورة ا) ١( .٩٤اآلية : عراف سورة األ) ٢( .١٣٠اآلية : عراف سورة األ) ٣(

Page 285: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٥

صيانه حىت يعـود إىل وع واملصائب خري وسيلة إليقاف اإلنسان العاصي على نتائج عتوه ظهر الفساد في (: هذه النكتة يشري قوله سبحانه ىلإ و .رجع إىل الطريق الوسطى وي احلق

.)١( ) لبر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهـم يرجعـون اولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من (: قول سبحانه يف آية أخرى وي

األراء ومونالسكسبوا يا كانم بماهذنوا فأخلكن كذب٢( ) ض و(.

قديرها وتسبب ملعرفة النعم د ـ البالياـ ن ال تتجلى احلياة لذيذة حمبوبـة ، إن بقاء احلياة على منط واحد يوجب أ ذا وه

ـ وال ميل واجل لو واحل خبالف ما إذا تراوحت بني املر ة الـسالمة إال قبيح ، فال ميكن معرف وال . العافية إال عند نزول البالء وال الصحة إال بلمس املرض ، وال .بالوقوف على العيب

.تدرك لذة احلالوة إال بتذوق املرارةومـن نتقال من حال اىل حال واإل يمة الطبيعة ينشئان من التنوع وق فجمال احلياة

طبيعة جعل الوديان إىل جانب اجلبـال ، جل ذلك نلمس أن خالق ال وأل .وضع إىل آخر ثمار املرة جنب احللوة ، واملاء األجاج جنب العذب الفرات وال شواك جانب الورود ، واأل

مـاال وك ، تباين اليت تضفي على الطبيعة اء ومجاال وال ، إىل غري ذلك من مظاهر التضاد .الالوج

ربيـر وت كفي يف تسويغ نزوهلـا ، وت باليا ، هذه هي اآلثار التربوية للمصائب وال .حتقيقها يف احلياة البشرية

* * * __________________

.٤١اآلية : سورة الروم ) ١( .٩٦اآلية : عراف سورة األ) ٢(

Page 286: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٦

الباليا املصطنعة لألنظمة الطاغوتيةنهـا مـن إن هناك من املحن ما ينسبه اإلنسان اجلاهل إىل خالق الكون ، واحلال أ

وجـدت أ و بل األنظمة الطاغوتية هي اليت سببت تلك احملن . تيجة منهجه ون كسب نفسه .و كانت هناك أنظمة قائمة على قيم إهلية ملا تعرض البشر لتلك احملن ولتلك الكوارث ،

فالتقسيم الظامل للثروات هو الذي صار سببا لتجمع الثـروة عنـد ثلـة قليلـة ، ت كثرية ، كما صار سببا لتمتع الطائفة األوىل بكل وسائل الوقايـة حنسارها عن مجاعا او

فهـذه الباليـا املـصطنعة . رمان الطائفة الثانية منها وحواحلماية من األمراض واحلوادث مزكية للنفوس ، بل يء أرضية وال خارجة عن إطار البحث ، فال تكون موقظة للفكر

.ثورات والصاحلة لإلنتفاضاتي أن الظواهر غري املتوازنة حبسب النظرة الـسطحية وها خرجنا ذه النتيجة إىل هن

ربوية وال مناص يف احلياة البـشرية وت ا آثار اجتماعية وهل متوازنة بالقياس إىل جممل النظام .عاىل وتسطه سبحانه وق لعدله وال حلكمة اخلالق والمنها فال تعد مناقضة للنظم السائد

* * *

Page 287: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٧

مثرات التحسني والتقبيح العقليين

)٣(

اهللا عادل ال جيورمبا هو ـ العقل ن أ وه ـ على ما عرفت ـ تقبيح العقليني وال إن مقتضى التحسني

ن أحد هذين الوصـفني أ و حسن أو قبيح ، ـ مبا هو هو ـ ذا الشيء يدرك أن ه ـ هو قيد مـن القيـود ، لة ظرف من الظروف أو من دون دخا ـ مبا هو هو ـ ثابت للشيء

.دون دخالة درك مدرك خاصومن قبيحه يدرك واقعية عامة ، متـساوية بالنـسبة إىل وتذلك فالعقل يف حتسينه وعلى مـدح وي فالعدل حـسن . فاعلني ، من غري فرق بني املمكن والواجب وال مجيع املدركني

لى هذا األساس فاهللا سبحانه ، وع .م فاعله عند اجلميع فاعله عند اجلميع ، والظلم قبيح يذ من غـري خـصوصية ـ أعين استحقاق الفاعل للمدح أو الذم ـ املدرك للفعل ووصفه

للفاعل ، كيف يقوم بفعل ما حيكم بأن فاعله مستحق للذم ، أو يقوم بفعل ما حيكم بأنه ؟ ه عنهجيب الترت

يصدر وال ا جيب الترته عنه ، ومم ألن الظلم قبيح ذلك فاهللا سبحانه عادل ، وعلى ا ينبغي اإلتصاف به ، فيكون اإلتصاف بالعدل من ومم القبيح من احلكيم ، والعدل حسن

.شؤون كونه حكيما مرتها عما ال ينبغي .حداإن اإلنسان يدرك أن القيام بالعدل كمال لكل : شئت قلت وإن

Page 288: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٨

.عنده سـبحانه ـ حسب إدراك العقل ـ وكذلك وه . أحد وارتكاب الظلم نقص لكل .)١(قوم مبا جير النقص إليه ويعه كيف جيوز أن يرتكب الواجب خالف الكمال ،وم

دفع إشكالرمبا يقال إن كون الشيء حسنا أو قبيحا عند اإلنسان ، ال يدل على كونه كذلك

.؟ يرتكب القبيح والترك الواجبعند اهللا سبحانه ، فكيف ميكن استكشاف أنه ال ياإلنـسان يـدرك ن أ ولك أن مغزى القاعدة السالفة ه وذ واإلجابة عنه واضحة ،

حكيم ، من غري فـرق بـني شاعر ، ولكل عاقل بح الظلم لكل مدرك وق حسن العدل عنـد ذا نظري درك الزوجية لألربعة ، فالعقل يدرك كوا زوجا وه .فواعل وال الظروف

اجلميع ، ال عند خصوص املمكن ، فليس املقام من باب إسراء حكم اإلنسان املمكن إىل الواجب تعاىل ، بل املقام من قبيل استكشاف قاعدة عامة ضرورية بديهية عنـد مجيـع

خيتص هذا األمر ذه القاعـدة ، بـل وال .لوقهم وخم املدركني من غري فرق بني خالقهم . يف احلكمة النظرية كذلكمجيع القواعد العامة

قبيح ، واتصافه بكل كمال يفهذا يثبت ترتهه سبحانه عن كلوعلى __________________

القبيح عنه تعاىل بأن الداعي إىل صدوره إما داعي احلاجة ، أو داعـي عدم مبا يقرر وجه عدم صدور ور) ١(ما الثاين فلكون احلكمة أ و ا األول فلغناه املطلق ، أم. والكل منتف يف حقه سبحانه . احلكمة ، أو داعي اجلهل

.ما الثالث فلكونه عاملا على اإلطالقأ ويف خالفه ،و خالف التحقيـق ، وه أن هذا الدليل مبىن على كون فاعلية الواجب بالداعى الزائد على ذاته ، ومبا

مد عليه العالمـة يف تاعوقد . ات ، أتينا به يف اهلامش لكونه تاما يف الفاعلية فال حيتاج فيها إىل شيء وراء الذ ري ذلك من الكتب وغ ٢٦٠فاضل املقداد يف شرح ج املسترشدين ص وال .١٨٨ ـ ١٨٧شرح التجريد ص

.الكالمية

Page 289: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٨٩

التايل فهو وبه عنه ، ا جيب الترت وم مقام الفعل ، فيثبت كونه تعاىل حكيما ال يرتكب اللغو . يعتدي واليظلم وال ال جيورعادل

العدل يف الذكر احلكيمسط ، نورد فيما يلي بعضا تضافرت اآليات الكرمية مركزة على قيامه سبحانه بالق

:منها ) شهد اهللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولو العلم قائما بالقـسط (: قال سبحانه

)١(. ته بالقيام بالقسط ، عرف الغاية من بعثة األنبياء بإقامة القـسط شهد على ذا وكما

.بني الناسلقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب وامليـزان ليقـوم (: قال سبحانه

.)٢( ) الناس بالقسطحماسبة العباد يوم القيامة ، إذ يقـول كما صرح بأن القسط هو الركن األساس يف

.)٣( ) ونضع املوازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا (: سبحانه ريها إرشادات إىل ما يدركه العقل من صميم ذاته ، بـأن وغ يف هذه اآليات وما

جيب أن يتصف اهللا تعاىل به يف أفعالـه نهأ و العدل كمال لكل موجود حي مدرك خمتار ، .ب أن يقوم سفراؤه به وجيخرة ، واآليف الدنيا

__________________ .١٨اآلية : سورة آل عمران ) ١( .٢٥اآلية : سورة احلديد ) ٢( .٤٧اآلية : سورة األنبياء ) ٣(

Page 290: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٠

العدل يف التشريع اإلسالمي يت عرفت أنه لواله الرتفـع الوثـوق بوعـده ال ـ املكانة اليت حيتلها العدل وهذه

هي اليت جعلته سبحانه يعـرف أحكامـه ـ خنرم الكثري من العقائد اإلسالمية ا و عيدهوو .شرع إال ما كان مطابقا لهنه ال يأ وصف تشريعاته بالعدل ،وي

اب ينطق بـاحلق وهـم ال وال نكلف نفسا إال وسعها ولدينا كت (: يقول سبحانه .)١( ) يظلمون

فاجلزء األول من اآلية ناظر إىل عدله سبحانه بني العباد يف تشريع األحكام ، كما .أن اجلزء الثاين ناظر إىل عدله يوم اجلزاء يف مكافاته ، هذا

كـن كـانوا أنفـسهم فما كان اهللا ليظلمهم ول (: شعار الذكر احلكيم هو وإن .زاء واجلته سبحانه يف التشريعو يكشف عن عدال وه.)٢( ) يظلمون

روايات أئمة أهل البيت العدل يف ه بالعدل ، 7إشتهر عليالتوحيـد « : نه أخذت املعتزلة ، حىت قيل وع وأوالد

.:هم يك بعض ما أثر عن وال.»رب أمويان واجلتشبيه والعدل علويانوال التوحيـد أن ال تتوهمـه « : عن التوحيد والعدل ، فقال 7سئل علي ـ ١

. فطلب معناهفرض كونه سبحانه عادالوقد )٣(» عدل أن ال تتهمه وال__________________

.٦٢اآلية : سورة املؤمنون ) ١( .٩اآلية : سورة الروم ) ٢( .٤٧٠حلكم ـ رقم ج البالغة ـ قسم ا) ٣(

Page 291: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩١

ا شعار أصـحابنا ومه هذان الركنان مها ركنا علم الكالم « : قال ابن أيب احلديد ترتيههم الباري سبحانه عن ول صحابه ، أ و املعتزلة لنفيهم املعاين القدمية اليت يثبتها األشعري

جهة يف وأن ال تتومهه جسما أو صورة أ : » أن ال تتومهه « : عىن قوله وم فعل القبيح ، خمصوصة أو مالئا لكل اجلهات ، كما ذهب إليه قوم ، أو نورا من األنوار ، أو قوة سارية

يس ول جنس األعراض اليت حتل احلال أو حتل املحل من ويف مجيع العامل كما قاله قوم ، أ ذا فقد بعرض ، كما قاله النصارى ، أو حتله املعاين واألعراض فمىت توهم على شيء من ه

.خولف التوحيد أجربك على القبيح أي أن ال تتهمه يف أنه : » أن ال تتهمه « الركن الثاين فهو وأما

تتهمه يف أنه مكن الكذابني من املعجزات فأضل م وال عاقبك عليه ، حاشاه من ذلك ويعدل الـيت يـذكرها ري ذلك من مسائل ال وغ تتهمه يف أنه كلفك ما ال تطيقه والالناس ،

ثـواب علـى فعـل وال أصحابنا مفصلة يف كتبهم ، كالعوض عن األمل فإنه ال بد منه ، .عيده فإنه ال بد منه وودق وعده وصالواجب فإنه ال بد منه ،

.7توحيد مأخوذ عن أمري املؤمنني وال األمر أن مذهب أصحابنا يف العدل ومجلة فرض كالمه مـن ويف قد صرح فيها مبذهب أصحابنا بعينه ذا املوضع من املواضع اليت وه

.)١(» هذا النمط ما ال حيصى إن أسـاس الـدين : قال له أن رجال 7عن الصادق ) الصدوق (روى ـ ٢

تهيأ وي بد لعاقل منه ، فاذكر ما يسهل الوقوف عليه وال لمه كثري ، وع التوحيد والعدل ، ما العـدل أ ويد فأن ال تجوز على ربك ما جاز عليك ، أما التوح « : 7فقال . حفظه

.)٢(» فأن ال تنسب إىل خالقك ما المك عليه __________________

.٢٢٧ ، ص ٢٠شرح ج البالغة ، البن أيب احلديد ، ج ) ١( .٩٦ احلديث األول ، ص التوحيد ، باب معىن التوحيد والعدل ،) ٢(

Page 292: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٢

.)١(» كم فصل وحشهد أنه عدل عدل ،أ و« : 7ال علي وق ـ٣ـ رتفع عن ظلم عبـاده ، ا و الذي صدق يف ميعاده ، « : 7ال وق ـ ٤ ام وق

.)٢(» دل عليهم يف حكمه وعبالقسط يف خلقه ،دل يف كل ما قضى وع الذي أعطى حلمه فعفا ، «: ال صلوات اهللا عليه وق ـ ٥

« )٣(. .)٤(» تحملين على عدلك والاللهم امحلين على عفوك ،« : 7ال وق ـ ٦

يوافيك قسم منها عند البحث وس إىل غري ذلك من املأثورات عن أئمة أهل البيت ، .ارختي واالبحث عن اجلرب والقدر ، والعن القضاء

* * * __________________

.٢١٤ج البالغة ، اخلطبة ) ١( .١٨٥ج البالغة ، اخلطبة ) ٢( .١٩١ج البالغة ، اخلطبة ) ٣( .٢٢٧ج البالغة ، اخلطبة ) ٤(

Page 293: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٣

مثرات التحسني والتقبيح العقليني

)٤(

؟ ما هو املصحح لعقوبة العبدندئـذ وع تنكيل بالظاملني وال ارمني لقد تضافرت النصوص السماوية على عقوبة

:يقع الكالم يف مقامني (: ؟ فهل هو التشفي كما يف قوله سـبحانه ما هو الغرض من العقوبة :األول

؟ )١( ) ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فال يسرف في القتل إنه كـان منـصورا كن هذه الغاية منتفية يف جانب احلق سبحانه ألنه أجل من أن يكون له هـذا الـداعي ول

ذا إنما يصح يف دار التكليف وه ؟ أو العتبار اآلخرين . الستلزامه طروء اإلنفعال إىل ذاته ما مائة جلـدة الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منه (: يقول سبحانه . ال يف دار اجلزاء

وال تأخذكم بهما رأفة في دين اهللا إن كنتم تؤمنون باهللا واليوم اآلخر وليـشهد عـذابهما مننياملؤ ن٢( ) طائفة م(.

ينة على أن الغاية قر) وليشهد عذابهما طائفة من املؤمنني (: فقوله __________________

.٣٣اآلية : سورة اإلسراء ) ١( .٢اآلية : سورة النور ) ٢(

Page 294: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٤

.زاين هو اعتبار اآلخرين ، أو أنه أحد الغايات والمن جلد الزانيةيفا ، غـري أن وك أن من السنن العقلية املقررة مساواة العقوبة للجرم كما :الثاين

ة منتفية يف العقوبات األخروية ، فإن قسما من ارمني خيلدون يف النار مع أن هذه املعادل .معصيتهم أقل مدة من مدة التعذيب

والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النـار هـم فيهـا (: قال سبحانه .)١( ) خالدون

املنافقني واملنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هـي وعد اهللا (: سبحانه وقال قيمم ذابع ملهاهللا و مهنلعو مهبس٢( ) ح(.

إتفقت اإلمامية على أن الوعيد باخللود يف النار متوجه إىل الكفـار « : قال املفيد » قرار بفرائضه من أهل الصالة واإل ن أهل املعرفة باهللا تعاىل الذنوب م خاصة دون مرتكيب

)٣(. اعتقادنا يف النار أنه ال خيلد فيها إال أهـل الكفـر « : وقال الصدوق يف عقائده

.)٤(» والشرك ، فأما املذنبون من أهل التوحيد فيخرجون منها بالرمحة اليت تدركهم ا هل إ و إن السؤال عن غاية العقوبة ، : ول عن السؤال األول ، فنق :اجلواب وأما

هي للتشفي أو إلجياد اإلعتبار يف غري املعاقب إمنا يتوجه على العقوبات اليت تترتب علـى التشفي أو : تشريع ، فللتعذيب يف ذلك اال إحدى الغايتني وال العمل عن طريق التقنني

.اإلعتبار__________________

.٣٩اآلية : رة سورة البق) ١( .٦٨اآلية : التوبة سورة) ٢( .١٤أوائل املقاالت ، ص ) ٣( . امللحقة بشرح الباب احلادي عشر ، الطبعة القدمية٩٠عقائد الصدوق ، ص ) ٤(

Page 295: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٥

إذا كانت العقوبة أثرا وضعيا للعمل بالوجهني اآلتيني ، فالسؤال ساقط ، ألن وأما والعقوبة اليت تالبس وجوده يف احلياة األخرويـة ، هناك ضرورة وجودية بني وجود ارم

منا يتجه السؤال مع إمكان التفكيك إ و فعند ذلك ال يصح أن يسأل عن أن التعذيب ملاذا ، .وضع والرفع ، كالعقوبات اإلتفاقية وال،

:عقوبة تتصور على وجهني والمث إن املالزمة اخلارجية بني اإلنسانمن األعمال اإلجرامية أو الصاحلة اليت تصدر من اإلنسان يف عامل إن كال :األول

ذه امللكـات وه .ارسته ومم د يف النفس ملكة مناسبة هلا ، بسبب تكرار العمل الطبيعة توج . ميم ذاته وص عن وجود اإلنسان ، بل تشكل حاق وجوده النفسانية ليست شيئا مفصوال

حل إمنا حيشران ذه امللكات اليت اكتسباها يف احلياة الدنيوية عـن طا وال فاإلنسان الصاحل إن كل نفس : ن شئت قلت إ و .عصية ، ولكل ملكة أثر خاص يالزمها وامل طريق الطاعة

رحيان ، وال مع ما اكتنفها من امللكات تكون خالقة للصور اليت تناسبها ، إما اجلنة والروح عقاب خملوقني للنفس قائمني ا على وال على ذلك يكون الثواب ف. ذاا وع أو النار وهليبها

ذا كاإلنسان الصاحل الذي ترسـخت فيـه امللكـات وه .يتمكن من ترك اإلجياد ال وحن دأ وال تستقر نفسه وال الصاحلة يف هذه الدنيا ، فإنه ال يزال يتفكر يف األمور الصاحلة ،

ان الطاحل الذي ترسخت فيه امللكات اخلبيثة عن طريق مقابله اإلنس ويف إال بالتفكر فيها ، و أراد ول رديئة ، وال األعمال الشيطانية يف احلياة الدنيوية فال يزال يتفكر يف األمور الشريرة

.إبعاد نفسه عن التفكر فيما يناسب ملكتها مل يقدر على ذلكيني من احلقائق الـيت أن الثواب والعقاب األخرو ) الطباطبائي (من العالمة ويظهر

ا موجودان يف هذه النـشأة غـري أن ومه فاسدة ، وال يكتسبها اإلنسان بأعماله الصحيحة إن ظـاهر اآليـات أن « : ني ما أعد لنفسه من اجلنة والنار ، قال وب األحجبة حتجز بينه

يف الدنيا وراء احلياة اليت يعيشلإلنسان

Page 296: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٦

عراق ، يعيش ا فيهـا وسـيطلع أ و ة ، ذات أصول ا فيها حياة أخرى سعيدة أو شقي .»ويقف عليها عند انقطاع األسباب وارتفاع احلجب

أثريها أمورا مطلوبة أو وت إن األعمال تهيء بأنفسها أو باستلزامها « : إىل أن قال .)١(» غري مطلوبة أي خريا أو شرا هي اليت سيطلع عليها اإلنسان يوم يكشف عن ساق

.استظهر ما ذكره من عدة آيات ذكرها يف كتابهوقد ضوء ما ذكرنا ، فاإلنسان الوارد إىل احلياة اجلديدة إمنا يردها مبلكات طيبـة وعلى

ذه اللوازم تتجلى بصورة وه . شاء أم مل يشاء باا لوازم تطلبها ضرورة وجو وهل أو خبيثة ، .نقم لكل من الطائفتني والالنعم

ذا نظري من شـرب الـسم وه .قط السؤال عن اهلدف من التعذيب فعند ذلك يس .براء واإلفيقتل ، أو شرب الدواء النافع فيربأ ، فال يصح السؤال عن اهلدف من القتل

ـ إن من املقرر يف حمله أن لعمل اإلنسان صورتني ، صورة دنيوية :الثاين ورة وصا يناسبه ، فالصالة هلا صورا اخلاصة يف أخروية ، فعمل اإلنسان يتجلى يف كل ظرف مب

.ذكار ، ولكن هلا صورة أخرى يف احلياة األخرويةأ وهذه احلياة من حركات كما أن الصوم له وجود خاص يف هذا الظرف يعرب عنه باإلمساك عن املفطرات ،

عمال مـن كذا سائر األ وه.ه وجود آخر يف العامل األعلى يعرب عنه بكونه جنة من النار ولإن الذين يأكلون (: خرب عنه الكتاب العزيز ، يقول سبحانه ذا ما أ وه .حلهااط و احلهاص

.)٢( ) أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا__________________

.٩٣ ـ ٩١ ، ص ١امليزان ، ج ) ١( .١٠ية اآل: سورة النساء ) ٢(

Page 297: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٧

وال يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اهللا من فضله هو خيرا لهم (: سبحانه وقال .)١( ) بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة

هنم فتكوى بها جبـاههم وجنـوبهم يوم يحمى عليها في نار ج (: سبحانه وقال .)٢( ) وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون

إىل غري ذلك من اآليات اليت تدل على حضور نفس العمل يوم القيامـة ، لكـن ويف سان واقعية تتجلى يف ظرف بصورة ذا يعرب عن أن لفعل اإلن وه باللباس األخروي ،

.آخر بأخرى تنفك عنه ، فإذا كان عمل كل إنسان يعد مـن وال عمال تالزم وجوده األوهذه

البسات ذاته ، فالسؤال عن أن التعذيب ملاذا ، يكون ساقطا ، إذ وم مالزمات وجوده ، .السؤال إمنا يتوجه إذا كان التفكيك أمرا ممكنا

ففي الوجه األول تكون نفس اإلنسان الـصاحل أو : ني الوجهني واضح والفرق ب اره حسب امللكات اليت إكتسبتها يف هذه الدنيا حبيث ون قابه وجنته وع الطاحل خالقة لثوابه

الوجـه الثـاين ويف .دوء إال بفعل ما يناسبها واهل ال ميكن لصاحب هذه امللكة السكون آلخرة بوجوده األخروي من دون أن يكون للنفس دور يف تلـك يكون العمل متجليا يف ا

احلياة يف جتلي هذه األعمال بتلك الصور بل هي من مالزمات وجود اإلنسان احملـشور ، . ينفك عنه وال البسه وي قارنه وي فال يحشر اإلنسان وحده بل حيشر مع ما يالزم وجوده

يف القسم األول رابطة إنتاجية حبيـث تكـون اختصار تكون رابطة اجلزاء مع اإلنسان وبما يف الثاين فهي من مالزمـات وجـود أ و .سيء وال ولدة للجزاء احلسن وم النفس منتجة

.البساته من دون انتاج وماإلنسان وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة (: قال تعاىل

__________________ .١٨٠اآلية : سورة آل عمران ) ١( .٣٥اآلية : سورة التوبة ) ٢(

Page 298: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٨

.)١( ) كتابا يلقاه منشورا لعلك لو نظرت إىل اآليات اليت حتكي عن حضور نفـس العمـل يف اآلخـرة ، و

مالزمـات ذات احتمال كون هذه األعمال بصورها األخرويـة مـن « ضفت إليها أوقـال . لسهل عليك اإلجابة عن السؤال من أن التعذيب ملاذا » طالحه نسان صالحه و اإل

ـ )٢( ) يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ( :سبحانه (: ال سـبحانه وقعلمت نفس مـا (: سبحانه ال وق .)٣( ) ووجدوا ما عملوا حاضرا وال يظلم ربك أحدا

ترض(: ال سبحانه حاكيا عن لقمان وق .)٤( ) أح ـنة مبمثقال ح كا إن تهإن ينا بي .)٥( ) خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في األرض يأت بها اهللا

ققهـا وحت إال نفس العمل الذي يعبر عنه بتجسم األعمال فليس احلاضر يوم اجلزاء .بالصور املناسبة لذلك الظرف

روايات من أن العمل الصاحل حرث اآلخرة أو مطلـق وال ما ورد يف اآليات ولعل فذات العمل طاعة كان أو عصيانا ، حب يزرعـه . العمل كذلك إشارة إىل هذا اجلواب

خرة حيـصده صري حرثا له يف اآل ويتكامل ويذا احلب ينمو وهية ،اإلنسان يف حياته الدنيو من كان يريد حرث اآلخرة نزد له في حرثه ومن كان (: حبسب ما زرع ، قال سبحانه

.)٦( ) يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في اآلخرة من نصيب العمل الصاحل حرث« : 7ري املؤمنني قال أم

__________________ .١٣اآلية : سورة اإلسراء ) ١( .٣٠اآلية : سورة آل عمران ) ٢( .٤٩اآلية : سورة الكهف ) ٣( .١٤اآلية : سورة التكوير ) ٤( .١٦اآلية : سورة لقمان ) ٥( .٢٠اآلية : سورة الشورى ) ٦(

Page 299: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٢٩٩

.)١(» اآلخرة .ن أن رابطة اجلزاء مع اإلنسان رابطة العلية واملعلوليةكل ذلك يعرب ع

جياده أو كونه زارعا يف هذه الدنيا زرعا إ و فاإلنسان بوجوده علة جلزائه ، إما خبلقه (فإذا كانت الرابطة ذه الصورة . ني حرثه انفكاك وب يس بينه ول حيصد جناه يف اآلخرة ،

. جمالمل يكن للسؤال) العلية واملعلوليةسنة أن حيصر النعمة والنقمـة يف هـذين وال نعم ، ال يصح ملتشرع ملم بالكتاب

مله ، فإن الظاهر أن وع نكر جنة مفصولة أو عذابا كذلك عن وجود اإلنسان وي القسمنيع ذلك كله وم .نار وجودين مستقلني يرد إليهما اإلنسان حسب أعماله وال لكل من اجلنة

ا كان اإلشـكال ومل . من أن يكون هناك تعذيب أو تنعيم بأحد املعنيني املاضيني ، ال مانع .عقليا ، كفى يف رفعه ما ذكرنا من الوجهني

:الثاين فنقول اجلواب عن السؤالوأما يفا ، إمنا يرتبط وك عقوبة كما وال ذكر من السنة العقلية من التطابق بني اجلرم إن ما ما إذا كانت العقوبة أثرا وضعيا للعمل فال جند تلـك املطابقـة يف أ و اجلعلية ، بالعقوبات

. يف الكيف والالكم .الية تدوم مدة عمـره ومفالسائق الغافل حلظة واحدة رمبا يتحمل خسارات نفسية

نسان الذي يستر بذرة شوك أو بذرة ورد حتت التراب ، حيصد األشواك والورود ما واإل .رته ومث ، فالعمل كان آنيا والنتيجة دائمية ، فليست املعادلة حمفوظة بني العملدام العمر

__________________ . ، طبعة عبده٢٢لبالغة ، اخلطبة ج ا) ١(

Page 300: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٠

فإذا كان عمل اإلنسان يف هذه احلياة بذورا ملا حيصده يف اآلخرة فال مانع مـن أن وقد يف رد اإلشكال ، ذا بنفسه كاف وه .ري املدة تكون النتيجة دائمية والعمل آنيا أو قص

ن أعماله القصرية سوف تورث حسرة طويلـة أو أ و عرفه سبحانه نتيجة عمله يف اآلخرة أقدم علـى وقد ن عمله هنا سينتج له يف اآلخرة أشواكا تؤذيه أو ورودا تطيبه ، أ و دائمة

اللوم متوجه إليه ، قال سبحانه حاكيا عن هناك لوم ف فلو كان ختيار ، ا و العمل عن علم وقال الشيطان لما قضي األمر إن اهللا وعدكم وعد احلق ووعدتكم فأخلفتكم (: الشيطان

تلوموني ولوموا أنفسكم ما وما كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي فال ـمله ل إن الظـالمنيون من قبمكترا أشبم تي كفرإن رخيصم بما أنتمو رخكمصا بمأن

أليم ذاب١( ) ع(. .د هلذا النظرفيما مر من اآليات اليت تعد اجلزاء األخروي حرثا لإلنسان تأييو

مكان إ و على أن من احملتمل أن اخللود يف العذاب خمتص مبا إذا بطل استعداد الرمحة بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم (: قال تعاىل . اإلفاضة

.)٢( ) فيها خالدون إحاطتها به إحاطة توجب زوال أي قابليـة ) أحاطت به خطيئته و (: قوله ولعل

.)٣(روج عن النقمة واخلستعداد نزول الرمحة ،اوكان ، فيظهر صحة ما ذكرنا إذا أمعنت النظر فيما تقدم يف اجلواب عـن وكيف ثله ال جتري م ويف اجلزاء إما خملوق للنفس أو يالزم وجود اإلنسان ن أ و وه السؤال األول

.السنة العقلية كما هو واضح

* * * __________________

.٢٢اآلية : براهيم إسورة ) ١( .٨١اآلية : سورة البقرة ) ٢( .٨٦ ، ص ١٢امليزان ، ج ) ٣(

Page 301: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠١

مثرات التحسني والتقبيح العقليني

)٥(

التكليف مبا ال يطاق حمالامتناع التكليف مبا ال يطاق ، أمـا إذا عقل البديهي حيكم ب وال إن الوجدان السليم

اإلرادة اجلديـة يف لـوح وقوفه على عجز املأمور ال تنقدح بعد وكان اآلمر إنسانا ، فه ذلك يكون مرجع التكليف مبا ال يطاق إىل كـون نفـس وألجل .ضمري روحه نفسه و

.التكليف حماال .اضح من وجهنيإذا كان اآلمر هو اهللا سبحانه ، فاألمر فيه وما وأ

، فيستحيل عليه سبحانه من حيـث التكليف مبا ال يطاق أمر قبيح عقال :األول كأن يكلف الزمن بالطريان . احلكمة أن يكلف العبد مبا ال قدرة له عليه ، وال طاقة له به

برة ، من غري فرق بني كون نفـس التكليـف إىل السماء ، أو إدخال اجلمل يف خرم اال وت ممكنا ، ولكن كان خارجا عن إطار قدرة املخاطب ، كالطريان إىل السماء ، أ بالذا

كـدخول اجلـسم . نسانإ و من غري فرق بني إنسان نفس التكليف مبا هو هو حماال كان .الكبري يف اجلسم الصغري من دون أن يتوسع الصغري أو يتصغر الكبري

نه ال يكلف اإلنسان إال وسعه ،بحااآليات الصرحية يف أنه س :الثاين

Page 302: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٢

وما (: ال تعاىل وق .)١( ) ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها (: طاقته ، قال سبحانه وقدر .)٢( ) ربك بظالم للعبيد

والظلم هـو اإلضـرار بغـري . )٣( ) وال يظلم ربك أحدا (: عز من قائل وقال .ضرار أعظم من هذا ، تعاىل اهللا عن ذلك علوا كبرياي إأ واملستحق ،

ريهـم يف وغ بسط فيه الكالم األصوليون وقد هذا ملخص القول يف هذا األصل ، .كتبهم اخلاصة بفنهم

ـ شاعرة سلكوا غري هذا املـسلك ن األ هذه الرباهني املشرقة نرى أ ومع وزوا وجعقـل وال ذلك أظهروا العقيدة اإلسالمية ، عقيدة خمالفة للوجدان وب .التكليف مبا ال يطاق

سالم عن املـتكلمني املأسوف عليه أن املستشرقني أخذوا عقائد اإل ومن . فطرة وال السليمهم جيوزون التكليف شعريني ، فإذا م يصفوا بكوا على خالف العقل والفطرة ألن األ

.مبا ال يطاق .)٤( استدلوا به من اآليات املهم هو حتليل ماو

طاقمبا ال ي شاعرة على التكليفأدلة األاستدلوا بآيات ختيلوا ـ من الرجوع إىل العقل يف هذا اال بدال ـ شاعرةإن األ

يك تلك اآليات مـع بيـان لإ و.ا مبنأى عما يتبنونه يف املقامأداللتها على ما يرتأونه مع .ليله وحتاستدالهلم

__________________ .٢٨٦اآلية : سورة البقرة ) ١( .٤٦اآلية : سورة فصلت ) ٢( .٤٩اآلية : سورة الكهف ) ٣()٤ ( ي على ما ، للوقوف على ما استدل به الشيخ أبو احلسن األشعر ١١٤ و ١١٣ و ٩٩ع ، ص الحظ اللم

.يتبناه يف هذا املقام

Page 303: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٣

لم يكونوا معجزين في األرض وما كان لهـم أولئك (: قوله تعاىل ـ اآلية األوىل من دون اهللا من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون

( )١(. ما كـانوا (م لفوا به مع أ وك إم قد أمروا أن يسمعوا احلق : وجه االستدالل

.فدل ذلك على جواز التكليف مبـا ال يطـاق : ) يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون .ل على أن من مل يقبل احلق ومل يسمعه على طريق القبول مل يكن مستطيعاود

يظهر ضعفه بتفسري مجل اآلية واحـدة . إن اإلستدالل ضعيف جدا :يالحظ عليه .بعد األخرى

مبعىن أنهم مل يكونوا : ) أولئك لم يكونوا معجزين في األرض (: قوله تعاىل ـ أن خرجوا عن زي العبودية فإن قدرم مل تغلـب إ و معجزين هللا تعاىل يف حيام األرضية

.قدرة اهللان اختـذوا إ و أي إـم : ) ولياءوما كان لهم من دون اهللا من أ (: قوله ـ ب

.أصنامهم أولياء ، ولكنها ليست أولياء حقيقة ، وليس هلم أولياء من دون اهللاأي يعاقبون عقابا مضاعفا جزاء مبا أتوا : ) يضاعف لهم العذاب (: قوله ـ ج

.عمال السيئة واألبه من الغي والظلمهذه اجلملـة يف : ) ستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ما كانوا ي (: قوله ـ د

وال .مقام التعليل ، يريد أنهم مل يكفروا ومل يعصوا أمر اهللا ألجل غلبة إرادـم إرادة اهللا من دون اهللا بل ألم ما كانواألن هلم أولياء

__________________ .٢٠اآلية : سورة هود ) ١(

Page 304: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٤

عون أن يسمعوا أو يبصرو آياته حىت يؤمنوا ا ، ولكن عدم استطاعتهم ليس مبعىن يستطيعدم وجودها فيهم من بداية األمر بل ألم حرموا أنفسهم من هـذه الـنعم بالـذنوب

وي أعني ال يبصرون ا ، وذ فصارت الذنوب وسيلة لكوم ذوي قلوب ال يفقهون ا ، . فصاروا كاألنعام بل هم أضلوي آذان ال يسمعون ا ،وذ

لهم قلوب ال يفقهون بها ولهم أعين ال يبصرون بها ولهم آذان ال (: قال سبحانه .)١( ) يسمعون بها أولئك كاألنعام بل هم أضل

دم قدرم علـى وع ية التكليف فرق بني عدم اإلستطاعة فيهم من بدا : وباختصار حاطـة إ و غي وال دم اإلستطاعة لتماديهم يف الظلم وع .بصارهاإ و ستماع اآليات ا و اإلميان

فاآلية نزلت يف اـال الثـاين . مساعهمأ و بصارهمأ و عينهمأ و ظلمة الذنوب على قلوم العـصيان حاديـث علـى أن واأل تواترت النصوص من اآليات وقد . بحث يف األول والفلمـا زاغـوا أزاغ اهللا (: قال سبحانه . مساع صماء واأل طغيان جيعل القلوب عمياء وال

مه٢( ) قلوب(. لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصـحاب (: سبحانه حاكيا عن ارمني وقال

.)٣( ) قا ألصحاب السعريفاعترفوا بذنبهم فسح* السعريختيار ال ينايف اإلختيار كماء من أن اإلمتناع باإل واحل فالكلمة املعروفة بني املتكلمني

.ريح الفطرة وصمقتسبة من هذه اآليات وعلم آدم األسماء كلها ثم عرضهم على (: قوله تعاىل اآلية الثانية ـ

__________________ .١٧٩اآلية : عراف سورة األ) ١( .٥اآلية : سورة الصف ) ٢( . ١١ ـ ١٠اآليتان : سورة امللك ) ٣(

Page 305: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٥

ادقنيص مالء إن كنتؤاء همـا * املالئكة فقال أنبئوني بأسـا إال ملن ال علم كانحبقالوا سكا إننتلمعاحلكيم ليمالع ١( ) أنت(.

.مساء مع أنهم مل يكونوا عاملني اإنه سبحانه كلفهم باإلنباء باأل: وجه اإلستدالل للتعجيز ال للتكليـف ) أنبئوني بأسماء هـؤالء (إن األمر يف قوله :يالحظ عليه

وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ( : بعث حنو اإلنباء حقيقة نظري قوله سبحانه والادقنيص مون اهللا إن كنتن داءكم مدهوا شعادثله ون مة موروا بس٢( ) فأت(.

و إنشاء البعث حنـو الـشيء ، لكـن وه مر معىن واحدا إن لصيغة األ :توضيحه حسب اختالف املقامات ، فتارة تكون الغاية من اإلنـشاء هـي بعـث الغايات ختتلف

عاقـب تاركـه ، وي ذا هو األمر احلقيقي الذي يثاب فاعلـه وه املكلف حنو الفعل جدا « خرى تكون الغاية أمورا غريه ، فال يطلق عليه أ و .ستطاعتها و شترط فيه قدرة املكلف وي

كونوا قردة (: تسخري يف اآلية التالية وال السابقة ، ، كالتعجيز يف اآلية » التكليف اجلدي اسئني٣( ) خ(.

.مـر إىل غري ذلك من الغايات اليت تدفع املتكلم إىل التعبري عن مقاصده بصيغة األ .لك واضح ملن تتبع كالم العقالءوذ

لى الـسجود فـال يوم يكشف عن ساق ويدعون إ (: قوله تعاىل ـ اآلية الثالثة ) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون * يستطيعون

)٤(. __________________

.٣٢ و ٣١اآليتان : سورة البقرة ) ١( .٢٣اآلية : سورة البقرة ) ٢( .٦٥ اآلية: سورة البقرة ) ٣( .٤٣ـ ٤٢اآليتان : سورة القلم ) ٤(

Page 306: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٦

إنه إذا جاز تكليفهم يف اآلخرة مبا ال يستطيعون جاز ذلـك يف : وجه االستدالل .الدنيا

رادة إ و إن الدعوة إىل السجود يف ذلك الظرف ليست عـن جـد :يالحظ عليه ني للـسجود حـال بل الغاية من إنشاء البعث إجياد احلسرة يف املشركني التارك . حقيقية

مثال ، ية بصدد بيان أنهم يف أوقات السالمة رفضوا اإلطاعة واإل واآل .استطاعتهم يف الدنيا وبعدما كشف الغطاء عن أعينهم ورأوا العذاب مهوا بالطاعة والسجود ولكن أنـى هلـم

:خرى يك تفسري جمل اآلية واحدة بعد األلإ وذلك يف اآلخرة ،تفاقمـه ألن وكناية عن اشتداد األمـر : ) م يكشف عن ساق يو (: قوله ـ أ

اإلنسان إذ أراد عبور املاء املتالطم يكشف عن ساقيه مث خيوض غماره ، فاستعري لبيـان « : كشف ، كما يقال لألقطع الشحيح وال ن مل يكن هناك ماء وال ساق إ و شدة األمر

.غل والن مل يكن هناك يدإ و،» يده مغلولة تكليفا عن جد ، بل لزيـادة وال ال طلبا : ) يدعون إلى السجود (قوله ـ ب

احلسرة على تركهم السجود يف الدنيا مع سالمتهم ، كما يقول املعلم املمتحن لتلميـذه جياد احلسرة يف قلبه طالع واسهر الليايل ، إل ه سريسب يف اإلمتحان ، أدرس و الذي يعلم أن

.مع أنه ليس هناك جمال لواحد من هذه األمور، إما لسلب السالمة عنهم إثر أعماهلم اإلجرامية : ) فال يستطيعون (: قوله ـ ج

أو ـ ) يوم تبلـى الـسرائر ( ـ يف الدنيا ، أو الستقرار ملكة اإلستكبار يف سرائرهمقال أمـري . زاء واجل الدنيا واحنصار اآلخرة بالنتاج لتعلق مشيئته سبحانه باحنصار العمل يف

سبقة اجلنة ، والغاية النـار ، والدا السباق ، وغن اليوم املضمار ، إ و أال« : 7املؤمنني نكم يفإ وأفال تائب من خطيئته قبل منيته ، أال عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، أال

Page 307: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٧

ولعل الوجه األول من هذه الوجوه الثالثة أقرب إىل مفاد . )١(» من ورائه أجل أيام عمل ، الظاهر ) وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون (: اآلية ، ملا يف آخرها من قوله

.يف عدم سالمتهم يف غري ذاك الظرف أي تكون أبـصارهم خاشـعة : ) ارهم ترهقهم ذلة خاشعة أبص (: قوله ـ د

.غشاهم يف ذلك اليوم ذلةوتإم ملا دعوا إىل : ) وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون (: قوله ـ ه

خرة حة أبدام ، يدعون إىل السجود يف اآل وص السجود يف الدنيا فامتنعوا عنه مع صحتهم دامتهم على ما فرطوا يف الـدنيا ون والغاية من الدعوة ازدياد حسرم . يستطيعون وال ، .م ساملون أصحاءوه

جمل اآلية تعرب بوضوح عن أن الدعوة إىل السجود يف ذلك الظرف ال وجمموع .تكون عن جد بل لغايات أخر ال يشترط فيها القدرة

ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فال (: قوله تعاىل ـ اآلية الرابعة .)٢( ) تميلوا كل الميل فتذروها كاملعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن اهللا كان غفورا رحيما

فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة (: ه إنه سبحانه أمر بالعدل يف قول : وجه اإلستدالل .ع ذلك أخرب عن عدم اإلستطاعة على العدل وم)٣( )

إنه سبحانه أمر بالعدالة من يتزوج أكثر من واحدة كما مر يف هذه :يالحظ عليه خرب يف اآلية املستدل ا عن عدم الوقت نفسه أ ويف.اآلية

__________________ .٢٨ البالغة ، اخلطبة ج) ١( .١٢٩اآلية : سورة النساء ) ٢( .٣اآلية : ورة النساء س) ٣(

Page 308: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٨

الوقت نفسه أيضا ى عن التعلـق ويف استطاعة املتزوجني أكثر من واحدة على العدل ، عراض عن األخريات رأسـا حـىت ال تـصرن كاملعلقـات ، ال واإل التام باحملبوبة منهن

. مطلقات والمتزوجاتوبالتأمل يف مجل اآليتني يظهر أن العدالة اليت أمر ا غري العدالة اليت أخرب عن عدم

.استطاعة املتزوج على القيام اـ فاملستطاع هو الذي يقدر عليه كل متزوج أكثر من واحدة ، و العدالـة يف وه

جبوارحه اليت حتت ريها من حقوق الزوجة اليت يقوم الزوج ا وغ سكن وامل أكل وامل امللبس .واطنه اليت ال سلطان له عليها وباختياره ، ال جبواحنه

و مما ال وه بشاشة واألنس وال غري املستطاع منها فهو املساواة يف إقبال النفس وأما . سلطان له عليه وال حييط به اختياره والميلكه املرء

* * * كنا بالذات أو غري ممكن ، ممـا إىل هنا تبني أن التكليف مبا ال يطاق سواء أكان مم

يقر به العقالء يف حيام االجتماعية ، كما تنكره اآليات وال نكره الفطرة ، وت يأباه العقل .الصرحية

ما استدل به الشيخ األشعري فال داللة فيه ، واحلافز له علـى سـوق هـذه وأما ا اختار عدم تأثري قدرة العبد يف فعلـه لك أنه مل وذ .اآليات على ما يتبناه هو رأيه املسبق

يس للعبد دور إال كونه ظرفـا للفعـل ، ول صوصياته هللا سبحانه ، وخ نه بعامة أجزائه أو :دة العبد ، رتب على ذلك أمرين ون اخللق من اهللا سبحانه مقارنا إلراوك

جواز التكليف مبا ال يطاقـ لاألو .

Page 309: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٠٩

.للفعلكون اإلستطاعة مقارنة ـ الثاين ألنه إذا مل يكن لقدرة العبد دور يف نفس الفعل ، فال يفرق بني كون ف ل ، أما األو

.عرفت بطالنهوقد التكليف مقدورا عليه أو غري مقدور ، ستطاعة قبل الفعل رمبا واإل فإمنا ذهب إليه توهما منه أن وجود القدرة الثاين ، وأما

زوم ول جياد منه سبحانه ، فقال بعدم تقدم اإلستطاعة واإل ال جيتمع مع القول بكون اخللق . يف البحث التايلعقدنا له عنوانا مستقالما وذا ه وهمقارنتها مع وجود الفعل ،

نابلة هي رفضهم العقـل واحل هل احلديث أ و إن املشكلة املهمة يف كالم األشاعرة لبه فال يترقب منه غري وص أعدم العقل ومن . عدامه يف ااالت اليت خيتص بالقضاء فيها إو

.هكذا آراء

* * *

Page 310: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٠

Page 311: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١١

مثرات التحسني والتقبيح العقليني

)٦(

القدرة على الفعل قبله .؟ هل االستطاعة والقدرة يف اإلنسان متقدمان على الفعل أو مقارنان له

.اجلميععل هذا مراد ولق التفصيل واحل.العدلية على األول ، واألشاعرة على الثاين :راد منها أحد األمرين ويإن القدرة تطلق: بيان ذلك

كون الفاعل يف ذاته حبيث إن شاء : ن شئت قلت إ و ترك ، وال صحة الفعل :األول فلو أريد من القدرة هذا املعىن ، فال شك أا مقدمة على الفعل . ن مل يشأ مل يفعل إ و فعل

ساكت قادر على التكلم وال على القيام حال القعود ، فطرة ووجدانا ، فإن القاعد ، قادر .يف زمان سكوته ، لكن باملعىن املزبور

ما يكون الفعل معه ضروري الوجود باجتماع مجيع ما يتوقف وجود الفعل :الثاين فالقدرة ذا املعىن مقارنة للفعـل ، . قق العلة التامة اليت ال ينفك املعلول عنها وحت عليه ،

.ن كانت متقدمة رتبةإ و عليه تقدميا زمانياليست مقدمة

Page 312: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٢

ا أثري حوهلا من الشبهات خصوصا مـا ذكـره وم واحلق إن املسألة بديهية للغاية ثله مـا ذكـره تالميـذ وم .)١(أشبه بالشبه السوفسطائية ) اللمع (الشيخ األشعري يف

) شرح التجريد (ي يف ظام الدين القوشج ون .) شرح املقاصد (مدرسته ، كالتفتازاين يف ظهر لبه من فخر الدين الـرازي وي ا ذكرناه من التفصيل هو احلاسم يف البحث ، وم .)٢(

.)٣() شرح املواقف ( نقله السيد اجلرجاين يف يالذيظهر أن ما أقامته املعتزلة من الرباهني على تقدم القدرة على الفعل تنبيهات وبذلك ولكن الذي ينبغي البحث عنـه . مر إىل هذا التفصيل املسهب حيتاج األ وال على املسألة ،

مقارنـة القـدرة (هو تبيني احلافز الذي دعى الشيخ األشعري إىل اختيار ذلك املذهب سنة متساويان ، فإذا يقع والنسبة إىل ما جاء يف الكتاب لقارنة با وامل مع أن التقدم ). للفعل

.ختيار القول بالتقارن بل التركيز عليهالكالم يف تعيني الداعي إىل اا خملوقة هللا ال إ و مبسألة خلق أفعال العباد ، قوله واحملتمل قويا أن يكون الداعي ه

تبعا ، حىت أن القدرة احلادثة يف العبد عند حدوث الفعل غري مؤثرة يف وال للعباد ال أصالة املتقدمـة علـى الفعـل ، دة نفي القـدرة فإذا املناسب لتلك العقي . إجياده بل مقارنة له

أن الشيخ تصور أن القدرة املتقدمة على الفعل تزاحم قدرة اهللا وك كتفاء باملقارن له ، واإلثبـات إ و تعاىل فألجل ذلك وجد يف نفسه دافعا روحيا إىل الربهنة على بطالن التقـدم

.التقارن__________________

.٩٤ ـ ٩٣الحظ اللمع ، ص ) ١( .٣٩٢رح القوشجي ، ص وش٢٤٠ ، ص ١شرح املقاصد ، ج ) ٢( .١٥٤ ، ص ٦شرح املواقف ، ج ) ٣(

» نحل وال امللل« ورته األشاعرة من الرباهني العقلية يف كتابه صجاء األستاذ دام حفظه جبميع ما ت وقد .١٩٣ ـ ١٧٢ ، ص ٢فالحظ ج

Page 313: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٣

المذتـه ، بـل وت شـعري في التقدم ال خيتص بالشيخ األ ون نعم ، القول بالتقارن .)١(ريهم وغبن الراوندي ،ا ومد بن عيسى ، وحموافقهم عليه بعض املعتزلة ، كالنجار ،

لك أيـضا وذ . قدرة اهللا تعاىل متقدمة على الفعل اتفقت كلمة اجلميع على أن وقد الواجـب ويف .مكان واإل معلوم حسب أصولنا ، ألن القدرة يف غريه سبحانه عني القوة

ل صفة من صفاته ، بالفعل ليس وك ن وجوده بالذات ، أ و وجوب ، وال اىل عني الفعلية تع . استعداد وال إمكان والفيها قوة

فع بعض اإلشكاالت ود أسهب صدر املتأهلني الكالم يف هذا املقام يف أسفاره وقد .)٢(عليته وفاليت ترد على القول بقدم قدرته

البيتاالستطاعة يف أحاديث أئمة أهل .لقد تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت على تقدم االستطاعة علـى الفعـل

: بعض ما روي عنهم يف هذا الشأن يكلإوما كلـف « : قال 7 عبد اهللا روى الصدوق عن هشام بن سامل عن أيب ـ ١

ـ رهم اهم عن شيء حىت جعل هلم اإلستطاعة ، مث أم وال اهللا العباد كلفة فعل اهم ، و بل األخـذ وق نهي ، وال باإلستطاعة متقدمة قبل األمر تاركا إال وال فال يكون العبد آخذا

.)٣(» بسط والبل القبض وقتركوالنده قوم وع ـ مسعته يقول : قال عبد اهللا وروى أيضا عن أيب بصري عن أيب ـ ٢

اإلستطاعة قبل الفعل «:فقال ـ ركات واحليتناظرون يف األفاعيل__________________

.٩٢ ، ص ٦شرح املواقف ، ج ) ١( .٣١٢ ، ص ٦األسفار األربعة ، ج ) ٢( .٣٥٢ ، ص ١٩اإلستطاعة ، احلديث التوحيد للصدوق ، باب ) ٣(

Page 314: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٤

.)١(» بسط إال والعبد لذلك مستطيع والمل يأمر اهللا عزوجل بقبض« : يقول 7 عبد اهللا مسعت أبا : مان بن خالد قال وى أيضا عن سلي ور ـ ٣

بد قبضالع ط والال يكون منسض والبمة للقبقدة متتطاعط إال باسس٢(» ب(. عبـد اهللا وروى أيضا عن حممد بن أيب عمري عمن رواه من أصحابنا عن أيب ـ ٤يكون مستطيعا غري وقد و مستطيع وه إال ال يكون العبد فاعال « : قال مسعته يقول 7ناك روايـات كـثرية وه )٣(» يكون معه اإلستطاعة أبدا حتى يكون فاعال ال و ، فاعل

.فالحظها) التوحيد (أخرى مبثوثة يف باب اإلستطاعة من لفعـل قولـه لطيف ما استدل به أئمة أهل البيت على تقدم اإلستطاعة على ا ومن

سأل هشام « ، فقد )٤( ) وهللا على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيال (: سبحانه من كان صحيحا : ؟ قال ما يعين بذلك : ال وق بن احلكم اإلمام الصادق عن معىن اآلية .)٥(» يف بدنه ، مخلى سربه ، له زاد وراحلة

ـ « : يقول 7 عبد اهللا مسعت أبا : صري ال أبو ب وق « ومن عرض عليه احلج ول .)٦(» أجدع مقطوع الذنب فأىب ، فهو ممن يستطيع احلج حمارعلى

__________________ .٣٥٢ ، ص ٢١التوحيد للصدوق ، احلديث ) ١( .٣٥٢ ، ص ٢٠املصدر السابق ، احلديث ) ٢( .٣٥٠ ، ص ١٣بق ، احلديث املصدر السا) ٣( .٩٧اآلية : سورة آل عمران ) ٤( .٣٥٠ ، ص ١٤التوحيد للصدوق ، احلديث ) ٥( .٣٥٠ ، ص ١١املصدر السابق ، احلديث ) ٦(

Page 315: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٥

Page 316: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٦

Page 317: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٧

الصفات اخلبريةراد من األوىل أوصـافه وامل ربية ، وخ قسم بعض املتكلمني صفاته سبحانه إىل ذاتية

حاديث واأل ياة ، واملراد من الثانية ما أثبتته ظواهر اآليات واحل قدرةل وا من العلم : املعروفة اختلفت نظريات املتكلمني يف وقد . يدين إىل غري ذلك وال له سبحانه من العلو ، والوجه ،

:ذا القسم من الصفات إىل أقوال تفسري ه

اإلثبات مع التكييف والتشبيه األول ــ هللا سبحانه عينني زعمت املجسمة واملشبهة أن قـال . دين مثـل اإلنـسان وي

ن أ وأما مشبهة احلشوية فقد أجازوا على ربهم املالمـسة واملـصافحة ، « : الشهرستاين خرة إذا بلغوا يف الرياضة واالجتهاد إىل واآل املسلمني املخلصني يعانقونه سبحانه يف الدنيا

.)١(» حد اإلخالص __________________

!. الحظ بقية كالمه يف هذا اال فإنه يوقفك على مبلغ وعي املشبهة. ١٠٥ ، ص ١نحل ، ج والامللل) ١(

Page 318: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٨

.نقل فال حنوم حول هذه النظرية والتجسيم باطل بالعقل والأن التشبيهومبا

تشبيه والاإلثبات بال تكييف الثاين ـات على اهللا سبحانه باملعىن املتبادر تبعه يجرون هذه الصف ومن إن الشيخ األشعري

.» تكييف والبال تشبيه« منها يف العرف ، لكن ألجل الفرار عن التشبيه يقولون إن هللا سبحانه وجها بال كيف ، كما قال « ) : اإلبانة (يقول األشعري يف كتاب

(: له يدين بال كيف ، كما قال نإ و ، )١( ) ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام (: يدبي لقت٣( » )٢( ) خ(.

ـ «: ليست هذه النظرية خمتصة باألشعري ، فقد نقل عن أيب حنيفة أنه قال و ا وم .»نفس فهو له صفات بال كيف والذكر اهللا تعاىل يف القرآن من الوجه واليد

نفي عنه التشبيه كمـا ون تثبت هذه الصفا ون «: نقل عن الشافعي أنه قال وقد . ») ليس كمثله شيء (: نفى عن نفسه فقال

و إمرارها كما جاءت من وه حنن نسلك مسلك السلف الصاحل « : ابن كثري وقال .)٤(» تشبيه والغري تكييف

هذه احلقائق لكن ال كاملوجودة يفهذه النظرية أن له سبحانه وحاصل __________________

.٢٧اآلية : سورة الرمحن ) ١( .٧٥اآلية : سورة ص ) ٢( .١٨اإلبانة ، ص ) ٣( .٤٩ ـ ٤٦، ص » تفويض والعالقة اإلثبات« بن كثري ا وشافعي والالحظ فيما نقلناه عن أيب حنيفة) ٤(

Page 319: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣١٩

ـ على حسب زعمهـم ـ ذلك توفقوا وبعينناأ وفله يد وعني ، ال كأيدينا . البشر يف ـ .قتضى الترتيه ومر النصوصظواهاجلمع بني

حتليل هذه النظريةيس أحد أعرف ول ال شك أنه جيب على كل مؤمن اإلميان مبا وصف اهللا به نفسه ،

كما أنه ليس ألحد أن يصرف كالمه . )١( ) أأنتم أعلم أم اهللا (: به منه ، يقول سبحانه يتبادر من ظاهره من دون قرينة قطعيـة تـستوجب سبحانه يف أي مورد من املوارد عما

سنة حبجـة أن ظواهرهـا ال وال ولون ظواهر الكتاب الذين يؤ ـ لةفإن قول املؤو . ذلكن إ و سنة الصحيحة ما خيالف العقل ، وال مردود ، إذ ال يوجد يف الكتاب ـ توافق العقل

منا يتخيلونه إ و الكتاب املتبادر منه ، علونه خمالفا للعقل ليس ظاهر وجي ما يتصورونه ظاهرا .ظاهرا كما سيبني

ـ وهلم بأن هللا يدا حقيقة بال كيف وق مث إن ما جاء به األشاعرة يف هذه النظرية ـ لك أن العقيدة اإلسالمية تتسم بالدقة واحلـصافة ، وذ .ال يرجع إىل معىن صحيح ـ مثالعقـل وال بدو جلية مطابقـة للفطـرة وت ام ، إل وا الوقت نفسه بالسالمة من التعقيد ويف

نـصرانية ، وال تجسيم املأثور من اليهودية وال لى ذلك فإبرازها بصورة التشبيه وع .السليملغاز كما يف هذه ، ال جيتمع مـع موقـف واإل كما يف النظرية األوىل ، أو بصورة اإلام

فالقول بأن هللا يدا ال كأيدينا ، . ميقرآن يف عرض العقائد على اتمع اإلسال وال اإلسالما يلـهجون بـه وم .كذا سائر الصفات اخلربية أشبه باأللغاز وه أو وجها ال كوجوهنا ،

ويكررونه من أن هذه الصفات جتري على اهللا سبحانه بنفس معانيها احلقيقيـة ولكـن إمرارها على اهللاوكان إذ ل. الكيفية جمهولة ، أشبه باملهزلة

__________________ .١٤٠اآلية : سورة البقرة ) ١(

Page 320: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٠

تعاىل بنفس معانيها احلقيقية ، لوجب أن تكون الكيفية حمفوظة حىت يكـون االسـتعمال . حقيقيا ، ألن الواضع إمنا وضع هذه األلفاظ على تلك املعاين اليت قوامها بنفس كيفيتـها

ى اهللا سبحانه بال كيفية ، أشـبه بكـون ثبات معانيها عل إ و فاستعماهلا يف املعاين احلقيقية ... ناب وال وال والحيوان أسدا حقيقة ولكن بال ذنب وال خملب

. ، قوهلم إن هللا يدا حقيقة لكن ال كاأليدي ، كالم يناقض ذيله صدره وباختصار ذف الكيفية حـذف وح فاليد احلقيقية عبارة عن العضو الذي له تلك الكيفية املعلومة ،

. جيتمعان والهاحلقيقت (» البلكفـة « سنة من هذه وال أضف إىل ذلك أنه ليس يف النصوص من الكتاب

منا هو شيء اخترعته األفكار للتدرع بـه يف مقـام رد إ و عني وال أثر ، ) أي بال كيف :ذلك يقول العالمة الزخمشري ولاخلصم عن جمه عليهم بتهمة التجسيم

ــه ــبهوه بخلق ش ــد ــواوق وتخوف

ــة ــستروا بالبلكف ى فترــو ــنع ال ش

تشبيه ، فليكف يف جماالت وال ليت شعري ، لو كفت هذه اللفظة يف دفع التجسيم

ن له دما ال كـسائر إ و أخر بأن يقال يف حقه سبحانه إن له جسما ال كسائر األجسام ، إنمـا « : إن بعض املتجرئني من املـشبهة قـال حىت. الدماء وحلما ال كسائر اللحوم .)١(» لحية ، واعفوين عنهما واسألوا عما وراء ذلك والاستحييت ، عن إثبات الفرج

عن إطار أحد تبني أن عقيدة األشعري يف باب الصفات اخلربية ال خترج ، وبذلك :األمرين التاليني

__________________ .١٠٥ ، ص ١ نحل ج والامللل) ١(

Page 321: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢١

أجريت هذه الصفات على اهللا سـبحانه مبعانيهـا لو ـ التجسيم والتشبيه ـ ١ .ع حفظ حقيقتها وماملعهودة يف األذهان

و أجريت على اهللا سبحانه مبعانيها املتبادرة مـن دون ل ـ التعقيد والغموض ـ ٢ .لسانلقلق بال ومعقد ، بني جمسم ومفالقوم بني مشبه. وضيح وتتفسري

ن كانت رائجـة يف عـصر إ و »اإلثبات بال تكييف « اخلتام نقول إن نظرية ويف عده ، ولكنها هجرت بعد ذلك إىل أن جاء ابن تيمية احلراين فجـددها وب بله وق األشعري

قال يف مجلة كالم . تشبيه وال عل مذهبهم بني التعطيل وج مساها مذهب السلف ، أ و ثارهاأو ينفون عنه ما وصف به نفـسه أو وال لون صفات اهللا تعاىل بصفات خلقه فال ميث « : له

يقل أحد مـن ومل :إىل أن قال ـ فاته العليا وص وصفه به رسوله فيعطلوا أمساءه احلسىن تابعني إن اهللا ليس يف السماء ، وال إنه ليس على العرش ، وال من الصحابة وال سلف األمة

وال إنه داخل العـامل والن مجيع األمكنة بالنسبة إليه سواء ، إ وال إنه يف كل مكان ، وال » وها وحن إنه ال جتوز اإلشارة احلسية إليه باألصابع وال منفصل ، وال متصل وال خارجه ،

)١(. يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما « : زهرة ذلك قال أبو وعلى

غـض ، وب بة وحم د ، وي جه ، وو ستواء على العرش ، ا و تية ، وحت جاء يف القرآن من فوقية فهل هذا هو مـذهب . الظاهر احلريف وب ا جاء يف السنة من ذلك أيضا من غري تأويل ، وم

لقد سبقه ذا احلنابلـة يف القـرن الرابـع : قول يف اإلجابة عن ذلك ون ؟ السلف حقا اقشهم العلماء يف ذلك الوقـت ون ، دعوا أن ذلك مذهب السلف ا و اهلجري كما بيناه ،

شارة احلسية واإل سمية ال حمالة ، فكيف ال يؤدي إليهما واجل ثبتوا أنه يؤدي إىل التشبيه أو .إليه جائزة

__________________ .٤٨٩ جمموعة الرسائل الكربى ، ص اموعة الكربى يف) ١(

Page 322: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٢

فى أن يكون ذلك مذهب ون اجلوزي ، تصدى هلم اإلمام الفقيه احلنبلي اخلطيب إبن ولذا .)١(» السلف

هـاجم أحـد احلنابلـة وقد إن البن اجلوزي كالما مبسوطا يف نقد هذه النظرية ، حيث قال ه ٤٥٧املروجني هلا أعين القاضي أبا يعلى الفقيه احلنبلي املشهور املتويف سنة

جل ذلك اسـتتر هـذا وأل .»له ماء البحار لقد شأن أبو يعلى احلنابلة شيئا ال يغس « : .املذهب حىت أعلنه ابن تيمية جبرأة خاصة له

:ال وقمث إن أبا زهرة املعاصر انتقل إىل ما ذكرناه يف نقد تلك النظريةيد اهللا (: لقد قال سبحانه . ي من الناحية اللغوية وه ولنا أن ننظر نظرة أخرى «

ديهمأي ق(: ل ا وق .) فو ههجإال و الكء هيأهذه العبارات يفهم منها تلـك . ) كل ش؟ فيصح أن تفسر اليد ؟ أم أا تفهم منها أمور أخرى تليق بذات اهللا تعاىل املعاين احلسية

.صح أن يفسر الوجه ، بالذات وي) كناية أو استعارة عنها (بالقوة عاىل وت ربه سبحانه وق لدنيا مبعىن قرب حسابه ، أن يفسر الرتول إىل السماء ا ويصح

ـ .لفاظ تقبل هذه املعاين واأل ن اللغة تتسع هلذه التفسريات ، إ و .من العباد و أوىل بـال وهإن هللا يـدا « : كقـوهلم . شك من تفسريها مبعانيها الظاهرة احلرفية ، واجلهل بكيفياا

فإن هذه إحـاالت علـى ... اخل » ا لكن ليس كرتولنوهللا نزوال« ، » ولكن ال نعرفها يـست ول بينما لو فسرناها مبعان تقبلها اللغـة . غاياا وال جمهوالت ، ال نفهم مؤداها ،

.)٢(» يس فيها جتهيل ولغريبة عنها لوصلنا إىل أمور قريبة فيها ترتيه :يقول . ذه النظرية نأيت خبالصتهمث إن للغزايل كالما متينا يف نقد ه

__________________ .٢١٨ ، ص ١تاريخ املذاهب اإلسالمية ، ج ) ١( .٢٢٠ ـ ٢١٩املصدر نفسه ، ص ) ٢(

Page 323: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٣

حاديث النبوية هلـا معـان واأل إن هذه األلفاظ اليت جتري يف العبارات القرآنية « عان أخرى جمازية مـشهورة ومي حمالة على اهللا تعاىل وه.ي احلسية اليت نراها وهظاهرة ، . حماولة تفسري والا العريب من غري تأويليعرفه

إن قلب املـؤمن بـني « و » إن اهللا مخر آدم بيده « 9فإذا مسع اليد يف قوله أحدمها : ، فينبغي أن يعلم أن هذه األلفاظ تطلق على معنيني » ن إصبعني من أصابع الرمح

يستعار هذا وقد .صب وع ظم وع و عضو مركب من حلم وه ـ و الوضع األصلي وه ـالبلدة يف يد األمري « : ، كما يقال اللفظ أعين اليد ملعىن آخر ليس هذا املعىن جبسم أصال

ري العامي أن يتحقـق وغ فعلى العامي . ن كان األمري مقطوع اليد إ و ، فإن ذلك مفهوم » فإن خطر بباله أن . الن ذلك يف حق اهللا حم أ و قينا أن الرسول مل يرد بذلك جسما وي قطعا

بادة املخلـوق وعفإن كل جسم خملوق ، . اهللا جسم مركب من أعضاء ، فهو عابد صنم .)١(» بادة الصنم كانت كفرا ، ألنه خملوق وعكفر ،

يد اهللا فـوق (: أحسن الغزايل حيث جعل تفسري اليد يف مثل قوله سبحانه ولقد ديهموضيحا هلا من دون حماولة تفـسريها وت درة ، معىن لآلية من غري تأويل ، بالق ) أي. قول إن الواجب اتباع ظاهر اآليـة ون لةذا ما سنركز عليه بعد البحث عن عقيدة املؤو وهـ فرادية أم ال ، واإل سنة بال احنراف عنه سواء أكان موافقا ملعانيها احلرفية وال ذه هـي وه

فس اإلمام األشعري ، فزعموا أن الواجب اتباع معانيها احلرفية ون ابلةاملزلقة الكربى للحن .اء أكانت موافقة للظاهر أم السو

ـ التفويض الثالثريهم إىل إجراء هذه الصفات على اهللا سبحانه مع وغ شاعرةذهب مجع من األ وقد

.تفويض املراد منها إليه__________________

.جلاء العوامإ) ١(

Page 324: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٤

: الشهرستاين قالوجه وال يؤولون وال إن مجاعة كثرية من السلف يثبتون صفات خربية مثل اليدين «

الرحمن علـى (: ذلك ، إال أم يقولون إنا ال نعرف معىن اللفظ الوارد فيه ، مثل قوله ني مبعرفة تفسري هذه ولسنا مكلف .) لما خلقت بيدي (: ثل قوله وم ، ) العرش استوى

.)١(» لك قد أثبتناه وذاآليات ، بل التكليف قد ورد باإلعتقاد بأنه ال شريك له ، :ال وقجنح الرازيوإليه

هذه املتشاات جيب القطع بأن مراد اهللا منها شيء غري ظواهرها ، كما جيـب « .)٢(» جيوز اخلوض يف تفسريها والتفويض معناها إىل اهللا تعاىل

نظرية التفويض حتليلرى أنـه يكفيـه يف ويإن التفويض شعار من ال يريد أن يقتحم األحباث اخلطرية ،

ن أ و شهادة أن ال إلـه إال اهللا : بني اإلسالم على مخس « : 9النجاة قول رسول اهللا .)٣(» ج وصوم رمضان واحليتاء الزكاةإ وقام الصالة ،إ وحممدا رسول اهللا ،

وألنه يرى أن التفويض أسلم من اإلثبات الذي رمبا ينتهي بـه إمـا إىل التـشبيه .ام اللذين ال جيتمعان مع سمة سهولة العقيدة واإلالتعقيدإىل وتجسيم الباطلني أوال

عابوا علـى نظريـة ـ صحاب النظريتني السابقتني أأعين ـ ولكن أهل اإلثبات ديث واحلتلك النظرية جمرد اإلميان بألفاظ القرآنالتفويض بأن غاية

__________________ . بتلخيص٩٣ ـ ٩٢ ، ص ١نحل ، ج والامللل) ١( .٢٢٣أساس التقديس ، ص ) ٢( .٧ ، كتاب اإلميان ، ص ١ري ، ج صحيح البخا) ٣(

Page 325: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٥

معانيها إىل اهللا فويض وت فإن اإلميان باأللفاظ . سوله منها ور فهم ملراد اهللا وال من غري فقه (: سبحانه مبرتلة القول بأن اهللا تعاىل خاطبنا عبثا ، ألنه خاطبنا مبا ال نفهم ، واهللا يقول

مله نيبمه ليان قوول إال بلسسا من رلنسا أرم١( ) و(. صورن أن اآليـات إن ألهل التفويض عذرا واضحا يف هذا اال ، فإم يت :أقول

ى سبحانه عن ابتغاء تأويلها وقد املشتملة على الصفات اخلربية ، من اآليات املتشاة ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه (: فقال سبحانه . مر عباده باإلميان ا أو

تأويله وما يعلم تأويله إال اهللا والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل ابتغاء الفتنة وابتغاء فال عتب عليهم إذا أعرضوا عن تفـسريها . )٢( ) من عند ربنا وما يذكر إال أولو الألباب

اإلشكال يف عدم كون هذه اآليـات مـن اآليـات نعم ، . وفوضوا معانيها إليه سبحانه املتشاة ، فإن املفاد فيها غري متشابه إذا أمعن فيها اإلنسان املتجرد عن كل رأي سابق ،

.كما سيوافيك بيانهوالعجب أن ما عابوا به أصحاب التفويض وارد عليهم أيضا ، فإن إثبات الصفات

تتبادر عند إيرادها مفردة ، مع حفظ الترتيه ، جتعلها ألفاظا بال اخلربية مبعانيها احلرفية اليت ألن الكيفية املتبادرة من هذه الصفات هي املقومة ملعانيها فإثبات مفاهيمها . معان واضحة

تنقلب اآليات البينات فعندئذ. احلرفية مع سلب كيفياا أشبه بإثبات الشيء يف عني سلبه ـ . معقولة وال غري مفهومة جلها إىل آيات أ و رف املعاين الدالة على أش أن اهللا تعـاىل وك

.ميون ال يعلمون من الكتاب إال أماينم أ وهخاطبهم__________________

بعه ابن تيمية يف هذا النقد كما نقله يف وت .٩٢٨ ، ص ٤الفتوحات املكية ، ج . ٤اآلية : براهيم إسورة ) ١( .٦٠تفويض ، ص والتعالقة اإلثبا

.٧اآلية : سورة آل عمران ) ٢(

Page 326: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٦

ـ التأويل الرابع قـدرة ، وال إن املعتزلة هم املشهورون ذه النظرية حيث يفسرون اليـد بالنعمـة

د يظهر حقيقة التأويل يف هذه اآلية عندما نـور وس .ظهار القدرة إ و ستواء باإلستيالء واإل . اعتزايلعلى منطلف الذي أ) الكشاف (عبارات تفسري

واهرها مع قطع النظر عـن مـورد وظ إن تأويل نصوص اآليات :يالحظ عليهم و الصفات اخلربية ، ليس بأقل خطرا من نظرية اإلثبات ، إذ رمبا ينتهي التأويل إىل اإلحلـاد

.)١(نكار الشريعة إو فيجب ترك إن ظاهر القرآن خيالف العقل الصحيح ، « : أقبح قول من يقول وما

.»النقل ألجل صريح العقل سنة مـن غـري وال التمسك يف أصول العقائد مبجرد ظواهر الكتاب « : يقول وأ

(: بظـاهر قولـه هة عمال واجل تجسيم وال بصرية ، هو أصل الضاللة ، فقالوا بالتشبيه .)٢( ) الرحمن على العرش استوى

الكتاب العزيز خيالف ظاهرها صريح العقل ، فإن مـا وذلك ألنه ال توجد آية يف يتخيلونه ظاهرا ليس بظاهر ، بل اآلية ظاهرة يف غري ما تصوروه ، وإمنا خلطوا الظـاهر

فإن اليد مفردة ظاهرة يف العضو اخلاص وليست كذلك فيمـا إذا . احلريف بالظاهر اجلملي « إنـه : فإن قول القائل يف مدح إنسان .حفت ا القرائن وجعلتها ظاهرة يف معىن آخر

، ليس ظاهرا يف اليد العضوية اليت أمسيناها » قابض اليد « ذمه بأنه يف و، أ » باسط اليد . البخل واإلقتار ورمبا يكون مقطوع اليـد يف وباملعىن احلريف بل ظاهر يف البذل والعطاء أ

.ظاهرها ومحل اجلملة على غري ذلك املعىن ، محل على غري__________________

قد استوىف الشيخ األستاذ دام ظله الكالم يف أقسام التأويل يف مقدمة اجلزء اخلامس من موسوعته القرآنية ) ١( .١٦ ـ ١٢ص » مفاهيم القرآن « .٦٧تفويض ، ص وال ـ كما يف عالقة اإلثبات٨٢شرح أم الرباهني ، ص ) ٢(

Page 327: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٧

ؤولة ، فإن كان تأويلهم على غرار ما تقدم منا ، ذلك جيب مالحظة كالم امل وعلى لة ، بل هـم مقتفـون ، فهؤالء ليسوا مبؤو ) متييز الظاهر اجلملي عن الظاهر اإلفرادي (

على ضـوء القـرائن ـ يصح تسمية تفسري الكتاب العزيز وال سنة ، وال لظاهر الكتاب ن كان تأويلهم بـاختراع إ و .ظواهر وال صمنا هو اتباع للنصو إ و ، تأويال ـ املوجودة فيه

لة حقـا ، معان لآليات من دون أن تكون يف اآليات قرائن متصلة دالة عليها ، فهم املؤو .ام واإلالتعقيدإىل ويس التأويل بأقل خطرا من اإلثبات املنتهي إما إىل التجسيم أول

لزوم األخـذ بالكتـاب ( ية الكل نأ و، إن الذي جيب التركيز عليه ه وباختصار ، أمر مسلم فيجب على الكل اتباع الذكر احلكيم من دون أي حتوير أو حتريف ) سنة والإمنا الكالم يف الصغرى ، أي تشخيص الظاهر عن غـريه . ويلأ وتدون أي تصرفومن ،

.إذ به ترتفع مجيع التوايل الفاسدة اب الفكر منـهم نبـذوا اآلراء املـسبقة صحأ و قادة الطوائف اإلسالمية نأ وول

فكار املوروثة ، وركزوا البحث على تشخيص الظاهر من غريه ، حـسب املقـاييس واأل قاشهم حول الصفات ، الذي دار عرب مئات السنني ، ون الصحيحة ، الرتفع جدال الناس

. من إيثار اهلوى على احلقذي مل يكن نابعا إالوال

اإلجراء باملفهوم التصديقي س ـاخلام (فادها التصديقي وم رماها وم حقيقة هذه النظرية أنه جيب اإلمعان يف مفهوم اآلية و

مث توصيفه سبحانه باملعىن اجلملي املفهوم منها من دون إثبات املعىن احلريف ) ال التصوري . تأويلها والللصفات

ند اإلفراد ، وللجمل املركبة منهورا ع وظإن للمفردات حكما :توضيحه

Page 328: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٨

أسد « فال شك أنك إذا قلت . يتخالفانوقد يتحد الظهوران وقد . املفردات ظهورا آخر يتبـادر » رأيت أسدا يف الغابة « كما أنك إذا قلت . ، فإنه يتبادر منه احليوان املفترس »

.من اجلملة نفس ما تبادر من املفردفإن املتبادر من األسد يف كالمك غري املتبادر » رأيت أسدا يرمي « لت إذا ق وأما

. على خالف الظاهر و احليوان املفترس بل يكون محله عليه ، محال وه نفراداا و منه حرفيا فسريه بالبطل الرامي عند القتال فهو تفسري للجملة بظاهرها من دون تصرف وت ما محله أو .أويلوت

:ميم قول الشاعر ولو مسع عريب صب ىلدـرجالح مـاك الـسـد شأس

لــه لبــد ، أظفــاره مل تقلــم

فال يشك يف أن املراد من األسد هو البطل املقدام املقتحم جلبهات القتال ال احليوان

:ذا لو مسع قول القائل وك.املفترســي ــد عل ــةأس امعــروب ن ويف احل

ــصافرف ــفري ال ص ــن ــر م تخــاء تنف

ال يتردد يف نفسه بأن املراد هو اإلنسان املتظاهر بالشجاعة أمام الضعفاء ، اخلائف

فال يصح لنا أن نتهم من يفسر البيتني باإلنـسان الـشجاع أو . املدبر عند لقاء األبطال حتوير والتني للمعىن من دون تأويلاملثبمن وبل ه. لةاملتظاهر به ، بأنه من املؤو .

ثباته هللا سبحانه ال اجلمود على إ و فالواجب علينا هو الوقوف على املفاد التصديقي القوم حبثوا عـن مفـاد نأ و ول .ثباته أو نفيه عن اهللا سبحانه إ و املعىن احلريف التصوري ،

ثبتوه هللا سبحانه من أ و التصديقياآليات ، جمردين عن اآلراء املسبقة ، لوقفوا على الظاهر .شبيه وتصرف أو مغبة جتسيم وتمة تأويل وصدون أن يكون هناك

من البحث نركز على موارد مما وقعإراءة منوذج من هذا النمط وألجل

Page 329: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٢٩

لني ، حىت يتضح أن اإلثبات باملعىن الذي يتبناه املثبتون ، ؤو وامل يف جمال النقاش بني املثبتني تام ، بل هنـاك وال لون ، غري صحيح تصرف على النحو الذي ارتكبه املؤو وال تأويلوال

.تأويل والام واإلإثبات جمرد عن التجسيم

* * *

Page 330: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٠

Page 331: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣١

ستواؤه عليها و ـ عرشه سبحانه١جاء هذا الوصف يف كثري من وقد . إن من صفاته سبحانه كونه مستويا على عرشه

« كمـا ورد لفـظ . شرين مرة وعرش يف الذكر احلكيم اثنني اآليات ، فقد ورد لفظ الع (: قوله سـبحانه : كل راجع إىل عرشه سبحانه إال آيتان مها وال مرة واحدة ، » عرشه

ظيمع شرا علهء ويمن كل ش تأوتيش (: وله سبحانه وق .)١( ) ورلى العه عيوأب فعرو ة إىل استوائه راجع ـ ي ما عدا ثالث آيات وه ستواء اثىن عشر مرة ، اإل كما ورد )٢( )

.سبحانه على العرش ن له سبحانه عرشا بعهم األشعري أن اآليات ظاهرة يف أ وت ادعى أهل احلديث وقد

أخذ املشبهة مبا ادعاه أهل احلـديث مـن وقد . عليه ، غري أن الكيف جمهول نه مستو أو .ون القول بكون الكيف جمهوالالظاهر من دجيجـا بـالغني بـني وع أثارت هذه املسألة يف األوساط اإلسالمية ضجيجا وقد

الباحثني أمعنوا النظر يف هذه اآليات جمردين عـن نأ ون نقول ، ل وحن .ؤولة وامل الصفاتية ن العقائد املوروثة ، لوقفوا علىكل ما حيملونه م

__________________ .٢٣اآلية : سورة النمل ) ١( .١٠٠اآلية : سورة يوسف ) ٢(

Page 332: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٢

ريرا ذا قـوائم ، وس ا ال دف إىل ما عليه الصفاتية من أن له سبحانه عرشا أ و مفادها ، على ما عليه وال .موضوعا على السماء واهللا جالس عليه ، والكيف إما معلوم أو جمهول

ة اآلية إىل محلها على خالف ظاهرها ، بـل القـرائن املؤولة من تأويل اآلية مبعىن حاج املوجودة يف بعض هذه اآليات تضفي على اآلية ظهورا يف املعىن املـراد مـن دون مـس

عمل يف التأويل ، فاآليات ال حتتاج إىل التأويل أي محلها علـى وت تعمد وال بكرامة الترتيه . ليست اآليات ظاهرة فيهامعان

. احلريف معلوم لكل أحد بال شبهةلعرش مبعناهال شك أن اشني أصل صحيح واحد ، يدل علـى وال راء وال العني: عرش « : قال ابن فارس

: من ذلك العرش ، قال اخلليـل العـرش . ارتفاع يف شيء مبين ، مث يستعار يف غري ذلك مث استعري ذلك . ) ى العرش ورفع أبويه عل (: ذا صحيح ، قال اهللا تعاىل وه .سرير امللك

:قال زهري . ثل عرشه: ذا زال عنه قيل إ و.عرش: وامه وق، فقيل ألمر الرجل تداركتما األحالف قـد ثـل عرشـها

)١( »وذبيان إذ زلـت بأقـدامها النعـل

: الراغب يف مفرداته قال. ستيالء التام واال نه التمك معلوم لغة فإن ء االستوا كما أن

اسـتوى زيـد : حنو . أحدمها يسند إليه فاعالن فصاعدا : واستوى يقال على وجهني « ثـاين أن يقـال وال.) ال يستوون عند اهللا (: ال تعاىل وق .كذا ، أي تساويا يف ومروع

ـ ( ، ) ذو مرة فاستوى (: العتدال الشيء يف ذاته حنو فـإذا اس أنـت تيوت ( ، ) اقتضى معـىن » على « ىت عدي ب وم.) فاستوى على سوقه ( ، ) لتستووا على ظهوره

.)٢( » ) الرحمن على العرش استوى (: االستيالء كقوله __________________

.٢٦٤ ، ص ٤معجم مقاييس اللغة ، ج ) ١( .»سوا « لراغب ، مادة مفردات ا) ٢(

Page 333: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٣

عتمـاد واإل االستواء يف اآلية ليس ظاهرا يف معىن اجللوس ن أ ووالذي نركز عليه ه وقـد . دبريه وتتمكن التام ، كناية عن سعة قدرته والعلى الشيء ، بل املراد هو االستيالء

دح بشرا أخا قال األخطل مي . استعمل اإلستيالء ذا املعىن يف غري واحد من أبيات الشعر :امللك بن مروان حني ويل إمرة العراق عبد

رــش ــتوى ب اس ــم ــراقث ــى الع عل

ــراق م مهدف وــي ــر س غي ــن )١(م

:وقال آخر

ــيهم ــتوينا عل اســا و ــا علون فلم

ــر ــسر وكاس ى لنعــر م صــاه كنرت

وم القائل يف البيت الثاين على العـدو وق ر على العراق إن املقصود هو استيالء بش.

.ها هنا علوا حسيا بل معنويايس العلوولإذا عرفت ذلك فنقول ، لو أخذنا باملعىن احلريف للعرش ، كما هو املتبادر من قوله

وش ، فيجب أن نقول إن هللا سبحانه عرشا ، كعـر )٢( ) ولها عرش عظيم (: سبحانه .ه عليه ، باجللوس عليه متمكناند ذلك يتمحض املراد من استوائ وع.سالطني والامللوك

ـ .لنا بأن املراد من الظاهر هو الظهور التصديقي وق لو نبذنا هذا املعىن ، وأما و وهاملتبادر من جمموع اآلية بعد اإلمعان يف القرائن احلافة بتلك اجلملة ، يكون املراد من اآلية

.دبريه من دون استعانة بأحد وتخرة واآلالكناية عن استيالئه على ملكه يف الدنياهو حلاكية عن استوائه على العرش تدلواجلمل الواردة يف كثري من اآليات ا

__________________ .٧ ، ص ٩نهاية ، ج والالبداية) ١( .٢٣اآلية : سورة النحل ) ٢(

Page 334: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٤

ثبت بأن املقصود بيان قيامه بتدبري األمـر قيامـا وت األول ، على أن املراد هو الثاين دون . هو اخلالق فهو املدبر أيضانه سبحانه كماأ وينبسط على كل مادق وجل ،

ـ لتبيني سعة تدبريه الذي ال يقف على حقيقته أحـد ـ إستعانوقد بتـشبيه ــ ئني على عروشهم سالطني ملكهم متك وال و تدبري امللوك وه املعقول باحملسوس وزراء وال

.دبريه سبحانه تدبري تكويين وتقنيين وتغري أن تدبريهم تدبري تشريعي. حميطون م :ن املراد هو ذلك أمران على أويدل

إنه سبحانه قد أتى بذكر التدبري يف كثري من اآليات بعد ذكر إستوائه :األمر األول التـدبري أما ما جاء فيه . قيقته أخرى وح صداقه وم ،فذكر لفظ التدبري تارة . على العرش

:بلفظه ، فقوله سبحانه إن ربكم اهللا الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوى علـى ( ـ أ

) لكم اهللا ربكم فاعبدوه أفال تـذكرون العرش يدبر األمر ما من شفيع إال من بعد إذنه ذ )١(.

اهللا الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر ( ـ ب اآليات لعلكـم بلقـاء ربكـم الشمس والقمر كل يجري ألجل مسمى يدبر األمر يفصل

.)٢( ) توقنوناهللا الذي خلق السماوات واألرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على ( ـ ج

دبر األمر من الـسماء إلـى ي * العرش ما لكم من دونه من ولي وال شفيع أفال تتذكرون .)٣( ) األرض

__________________ .٣اآلية : سورة يونس ) ١( .٢اآلية : سورة الرعد ) ٢( .٥ ـ ٤اآليتان : سورة السجدة ) ٣(

Page 335: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٥

) ثم استوى علـى العـرش (: وىل يرتب سبحانه التدبري على قوله ففي اآلية األ كما أنه يف اآلية الثانية بعد ما يذكر قـسما . »استوى على عرش التدبري « عىن ليكون امل

يـدبر (: قول وي قمر يعطي ضابطة كلية ألمر التدبري وال من التدبري وهو تسخري الشمس روىل ، اآلية الثالثةلى غرار اآلية األ وع.) األم.

: من دون تسميته فمثل قوله سبحانه ما جاءت فيه اإلشارة إىل حقيقة التدبري وأما إن ربكم اهللا الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغـشي (

ات بأمرخسم ومجالنو رالقمو سمالشثيثا وح هطلبي ارهل الناللي ـراألمو اخللـق ره أال لهالمنيالع باهللا ر كارب١( ) ت(.

يان مناذج منه ، مث وب اآلية إشارة إىل حقيقة التدبري ) يغشي الليل النهار (: فقوله جيـاد واإل قأي إليه يرجع اخلل . ) أال له اخللق واألمر (: ال وق أتبعه ببيان ضابطة كلية

.مر التدبريأوففي الكل إملاع إىل أمر التدبري إما بلفظه . قس على هاتني الطائفتني سائر اآليات و

وحملـت * فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة (: مصاديقه ، حىت قوله سبحانه ببيان وأوانشقت السماء فهي يومئـذ * فيومئذ وقعت الواقعة * األرض واجلبال فدكتا دكة واحدة

يومئذ تعرضـون ال * وامللك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * واهيةدارة شؤون امللك يـوم إ و هذه اآلية هو عرش التدبري فالعرش يف . )٢( ) تخفى منكم خافية .)٣( ) لمن امللك اليوم هللا الواحد القهار (: قال تعاىل . ال ملك إال ملكه

.)٤( ) وله امللك يوم ينفخ في الصور (: سبحانه وقال __________________

.٥٤اآلية : عراف سورة األ) ١( .١٨ ـ ١٣اآليات : سورة احلاقة ) ٢( .١٦اآلية : سورة غافر ) ٣( .٧٣اآلية : نعام سورة األ) ٤(

Page 336: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٦

و تصوير سيطرة حكمه تعاىل يف ذلك اليـوم وه فهذه اآليات تعبر عن معىن واحد .)١( ) أال له احلكم وهو أسرع احلاسبني (: قال سبحانه . الرهيب

.)٢( ) هنالك الوالية هللا احلق هو خير ثوابا وخير عقبا (: سبحانه وقال ـ فاملتدبر يف هذه اآليات يقف على أا دف إىل حقيقة واحدة ي أن خلـق وه

ما جلوسه على العرش مبعناه أ و دبريها ، وت السموات واألرض ، مل يعجزه عن إدارة األمور .س مبراد قطعااحلريف فلي

إنه قد جاء لفظ اإلستواء على العرش يف سبع آيات مقترنا بذكر فعل :األمر الثاين ا بينهما يف ستة وم رض واأل و رفع السموات بغري عمد ، أو خلق السموات وه من أفعاله

فإن ذاك قرينة على أن املراد منه ليس هو اإلستواء املكـاين ، بـل . يشبه ذلك ما وأيام أ جياد ، ال شريك لـه واإل فكما ال شريك له يف اخللق . سيطرة على العامل كله وال الءاإلستي

: قول وي وألجل ذلك حيصر التدبري بنفسه ، كما حيصر اخللق ا . سلطة وال أيضا يف امللك ) المنيالع باهللا ر كاربت راألمو اخللق ٣( ) أال له(.

إىل صـريح تعمق ، ابتداع مفـض وال رك التفكر وت داتفاجلمود على ظهور املفر ـ ، بأن هللا مثال )٤( ) ليس كمثله شيء (: ر قوله سبحانه حىت أن من فس . الكفر يس ول

.بائله وحكمثله مثل ، وقع يف مغبة الشركإىل أمور جذورها تبعه ، استناد ومن واإلستناد إىل األحاديث اليت يرويها ابن خزمية

بقوله » التوحيد « تابه املعروف ب وك عرف الرازي ابن خزمية وقد . نصارى وال من اليهود واعلم أن حممد بن اسحاق بن خزمية« :

__________________ .٦٢اآلية : السورة األنعام ) ١( .٤٤اآلية : سورة الكهف ) ٢( .٥٤اآلية : عراف سورة األ) ٣( .١١اآلية : ى الشورسورة ) ٤(

Page 337: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٧

« يف الكتـاب الـذي مسـاه ب ) ليس كمثله شيء (أورد استدالل أصحابنا ذه اآلية نا أذكر حاصل كالمه بعد أ و .عترض عليها ا و احلقيقة كتاب الشرك ، يف و وه .»التوحيد

.)١(» مضطرب الكالم ، قليل الفهم ، ناقص العقل حذف التطويالت ألنه كان رجال حتـصى ، رب ، من مفاسد ال واجل قول بالقدر وال تجسيم ، وال وألجل ما يف التشبيه

:قال الدكتور أمحد أمني سادت تعاليم املعتزلة إىل اليوم لكان للمسلمني موقـف آخـر يف رأيي لو ويف «

.)٢(» عد م التواكل وقلهم اجلرب وشاعجزهم التسليموقد التاريخ غري موقفهم احلايل ، رد املسلمون عن وجت رأيي ، لو سادت احلرية الفكرية على املسلمني ، ويف :ل أقو

ـ ظروا إىل الكتاب العزيز ون كل رأي سابق ورثوه من أهل احلديث ، سكوا بالـسنة ومت الـذين عـرفهم الرسـول يف :عن طريق أهل بيته 9الصحيحة املروية عن النيب

ر يف التاريخ غري مـوقفهم مسلمني موقف آخ لكان لل ) حديث الثقلني (احلديث املتواتر .احلايل

ورد يف يزان ، تقدر على تفـسري مـا وامل قررنا من الضابطة لى ضوء ما وع هذا ، ا يشاها ، دون أن متـس وم تيان والفوقية واإل نب واجل الترتيل من الوجه والعني واليدين

. تأويالت الباردة غري الـصحيحة دون أن خترج عن ظواهر اآليات بال ومن كرامة الترتيه ، واإلجراء ، على النمط التصديقيصوريال املعىن احلريف الت ، .

* * * __________________

.١٥٠ ، ص ٢٧مام الرازي ، ج تفسري اإل) ١( .٧٠ ، ص ٣سالم ، ج ضحى اإل) ٢(

Page 338: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٨

Page 339: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٣٩

ـ وجهه سبحانه٢بأن هللا وجها بال كيف « ) : انةاإلب (شعري قال يف كتابه قد عرفت أن اإلمام األ

و يريد بذلك إثبات الوجه وه .)١( ) ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام (: كما قال .»بال كيف « قول ويهللا سبحانه مبعناه احلريف ولكن فرارا عن التشبيه يذيله بالبلكفة

ويلها الذات ، ولكن ما قالت به قولون تأ وي ةواملؤولة يعتقدون بلزوم التأويل يف اآلي منا حتتاج إليه لـو إ و ن كان صحيحا نتيجة ، إال أن اآلية ال حتتاج إىل التأويل ، إ و ةاملؤول

بـسبب القرينـة الـيت ـ ظاهراوكان ما ل أ و .فرضنا أن الوجه ظاهر يف العضو اخلاص .كون الظاهر املتبادر هو املتبع ويه ،خصه ، فال حتتاج إلي وشيف ذات الشيء ـ سنذكرها

قال . الوجه ، كما يأيت مبعىن العضو اخلاص ، يأيت مبعىن الذات نأ ووالدليل عليه ه :مبا عرب عن الذات بالوجه ، قال ر« : ابن فارس

ــصيه ا حم تــس ــا ل ــتغفر اهللا ذنب س

)٢(» رب العباد إليـه الوجـه والعمـل

__________________

.٢٧اآلية : سورة الرمحن ) ١( .»وجه « ، مادة ٨٨ ، ص ٦املقاييس ، ج ) ٢(

Page 340: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٠

وجه االنسان أو وجه كل شـيء متـام الوجه ، أن بولعل وجه التعبري عن الذات جل ذلك إذا رأى شخص وجه إنسان آخر يقول رأيته ، كأنـه وأل عند الناظر ، حقيقته

لى ذلك فيحتاج محل اللفظ على واحد من املعنـيني الـرائجني إىل ع و .رأى الذات كلها .كثرة اإلستعمال إىل حد احلقيقةقرينة ، ألن املعىن الثاين بلغ ب

) ذو اجلالل واإلكـرام (: والقرينة تعني املعىن الثاين ، حيث وصف الوجه بقوله ال من صفات الوجه ، أعين اجلزء املعلوم أنها من صفات الرب ، أي ذاته سبحانه ، ومن

اجلـالل « الوجه هنا مبعىن العضو املخصوص ، لوجـب أن جيعـل ولو كان .من الكل .»كرام واالذي اجلالل« قول وي،) املضاف إليه (فا للرب وص،» كرام واال

ال املضاف ، ) الرب (فا للمضاف إليه ، وص نه سبحانه جعله وألجل ذلك نرى أ املعلوم أن ومن ، ) تبارك اسم ربك ذي اجلالل واإلكرام (: ال سبحانه وق رىيف آية أخ

ـ منا صاحبه هو نفس الرب ، إ و اإلسم ليس صاحب هذا الوصف ، يوافيك توضـيح وس .انه ليس جبسم يف الصفات السلبيةوافر عند البحث عن كونه سبح

» إن اهللا خلق آدم على صورته « : ي وه كلمة مروية عن الرسول األعظم وهناك ولكن القـوم لـو . لق آدم على طبقها وخ فاستدل به املشبهة على أن هللا سبحانه صورة

رجعوا إىل أئمة أهل البيت لوقفوا على أن احلديث نقل مبتورا ، فقـد روى الـصدوق جه مـن وو قبح اهللا وجهك : يقول لرجل مسع النيب رجال « : قال 7بسنده عن علي

.)١(» مه ، ال تقل هذا ، فإن اهللا خلق آدم على صورته : 9فقال . يشبهك .و آدم وهسب من يشبهه وتأي على صورة هذا الرجل الذي تسبه

__________________ .١٥٢ ، ص ١٠ ، احلديث ١٢التوحيد للصدوق ، الباب ) ١(

Page 341: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤١

إن : يا ابن رسول اهللا « : 7وروى أيضا عن احلسني بن خالد أنه قال للرضا قاتلـهم اهللا لقـد : الناس يروون أن رسول اهللا قال إن اهللا خلق آدم على صورته ، فقال

: إن رسول اهللا مر برجلني يتسابان ، فسمع أحدمها يقول لصاحبه : حذفوا أول احلديث ا ألخيـك ، ، ال تقل هذ عبد اهللا يا : 9قبح اهللا وجهك ، ووجه من يشبهك ، فقال

.)١(» فإن اهللا عزوجل خلق آدم على صورته

* * * __________________

.١٥٣ ، ص ١١ ، احلديث ١٢، الباب التوحيد للصدوق ) ١(

Page 342: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٢

Page 343: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٣

ـ يده سبحانه٣ خلقت بيدي (إن هللا سبحانه يدين بال كيف ، كما قال « : قال اإلمام األشعري

على معناها احلريف والظهور اإلفرادي ، ولكن فرارا عن التشبيه و يريد محل اليد وه .)١( ) .»بال كيف « يردفه بقوله

ولكن . ال شك أن اليد أو اليدين إذا أطلقتا مفردتني ، يتبادر منهما العضو اخلاص بع إال إذا كان موافقا لظهوره التصديقيتـا إذا كانـا أ و .هذا ظهوره اإلفرادي ، وال يم

:يك البيان لإ وتخالفني فاملتبع هو الثاين ، فرمبا يكون ظاهرا يف غري هذا ،مواذكر عبدنا داوود ذا األيد إنه (: قال سبحانه : رمبا يكون ظاهرا يف القوة ـ ١

ابه ليس املراد منه العضو اخلاص ، بل املراد هو القوة ، كما يق . )٢( ) أوال وال شك أن : :قال الشاعر » مايل بكذا يد « ، أو يقال » لفالن يد على كذا «

فاعمــد لمــا تعلــو فمالــك بالــذي

ــدان ــور ي ــن األم ــستطيع م ال ت

»يد الدهر « : قال ويريح فجعل هلما اليد ، والاإلعتبار شبه الدهروذا

__________________ .٧٥ية اآل: سورة ص ) ١( .١٧اآلية : سورة ص ) ٢(

Page 344: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٤

.، ملا هلما من القوة» بيد الشمال زمامها « الشاعر وقال أي » لفالن عندي أيـادي كـثرية « يقال : ورمبا يكون ظاهرا يف النعمة ـ ٢ فإن له عندي يديا « : قال الشاعر . أي نعمة » وله عندي يد بيضاء « حسان ، إ و فواضل

تهم مـن ون ل يصح أن حنمل اليد يف هذين املوضعني على العضو اخلاص ، فه. »نعما أو؟ ريف اآليـات وحت نعمة يف املوضع الثاين ، بالتأويل وال فسرها بالقوة يف املوضع األول ،

.كال ، اليظهر صحة ما قلناه من أن املتبع ليس هو الظهور األفرادي بـل الظهـور وبذلك

حانه ينسب اخلدعة واملكر والنسيان إىل نفسه سبحانه يف آيات ترى أنه سب أال. التصديقي .)١( ) ويمكرون ويمكر اهللا واهللا خير املاكرين (: كثرية منها قوله

املعلوم أن ومن هو اخلدعة ، ) املكر ( عىن احلريف هلذه اللفظة وامل والظهور اإلفرادي بينما الظهور التصديقي مينع من محله علـى . عنه سبحانه يلة العاجز ، تعاىل وس اخلدعة ،

و متوفر يف كـالم وها يضاهيها وردت من باب املشاكلة ، وم املعىن اإلفرادي ، ألن اآلية فليس لنا احلمل على املعىن احلريف حبجة أنه جيب محل كـالم اهللا علـى . ريهم وغ العرب

نقول أيضا ، جيب علينا حمل كـالم اهللا علـى وحنن . ويله وحتريفه ظاهره ، وليس لنا تأ منا هو ظاهر كلمة مـن اآليـة ، إ و لكن ما يدعونه من الظاهر ليس ظاهرا لآلية . ظاهره

و القوة يف املوضع األول والنعمة يف املوضـع وه واملتبع هو ظهورها التصديقي واجلملي ، .الثاين

لمـا خلقـت (: قوله سبحانه إذا وقفت على ما ذكرنا ، فيجب إمعان النظر يف يدفإن للمفسرين فيه آراء) بي .

.أ ـ اليد مبعىن القدرة__________________

.٣٠اآلية : نفال سورة األ) ١(

Page 345: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٥

.ب ـ اليد مبعىن النعمة؟ كمـا أن »بيدي « أورد عليهما أن قدرة اهللا واحدة فما وجه التثنية يف قوله و

حصى ، فلماذا نعسبحانه ال ت هاهاثم؟ ن. .ه يرتفع اإلشكال املتقدم وبنعمة ، والج ـ اليدان مبعىن القدرة

لو دلت القرائن على أن اآلية ظاهرة فيما ذكر لوجب األخذ به ، ملا عرفت : أقول .من أن املتبع هو الظهور التصديقي ال اإلفرادي ، ولكن مل تتحقق القرائن عندنا

احلمل على املعىن اللغوي لكنه كناية عن كونه سبحانه متوليا خللقه ال غريه ، ـ داليدين ، فإمنا يباشرها بيديه ، فغلب العمل باليدين على فإن أكثر األعمال اليت يقوم ا ذو ولو . »عملت يداك هو مما « حىت قيل يف عمل القلب . سائر األعمال اليت تباشر بغريمها

إنسان إنسانا آخر سب مت يداك « : زي بعمله ، يقال له وجحـىت قيـل . »هذا ما قدهذا مما « : جل ذلك ليس فرق بني قولك وأل .»وفوك نفخ يداك أوكتا « : لفاقد اليدين

لهم ممـا أولم يروا أنا خلقنا (: نه قوله سبحانه وم .»هذا ما عملته يداك « و » عملته .)١( ) عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون

.والكل ظاهر يف كونه سبحانه هو املتويل للخلقة ، واملبدع ال غريه : و أنه سبحانه بصدد التنديد بالشيطان قائال وه إذا عرفت ذلك ، يتبني مرمى اآلية نا أعلم حباله ، واملصاحل أ و جياده ، إ و توليت خلقه بأنك ملاذا تركت السجود آلدم مع اني

فهل استكربت علـي ، أم كنـت مـن . مر املالئكة بالسجود له أ و اليت دعت إىل أمرك .العالني

خصه ال وشوالدليل على أن اخللق باليدين كناية عن توليه سبحانه خللقه بذاته__________________

.٧١اآلية : رة يس سو) ١(

Page 346: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٦

مالك التنديد إعراض إبليس عـن الـسجود ن أ وصديه خللقه بالعضوين ، ه وت عن توليه ـ حبيث لو خلقه بغريها ) اليد (ملصنوعه سبحانه من غري مدخلية خللقه بالعضو اخلاص

.ملا توجه إليه لوم ـ ع ذلك أعرض ابليس عن سجودهومداة ق من دون دخالة أل فاملالك هو اإلعراض عن السجود ملا قام به سبحانه من اخلل

.اخللقةتويل خللق سائر األناسي ، فلماذا خص خلقه آدم وامل إذا كان هو املبدع : فإن قيل

؟ بنفسهثله قوله وم .نيع فعل إبليس وش ضيلته وف تخصيص لبيان كرامته وال إن اإلضافة : قلنا

فتخصيص اإلضافة )١( ) ي فقعوا له ساجدين فإذا سويته ونفخت فيه من روح (: سبحانه أن طهرا بيتي للطائفني والعاكفني والركع السجود (: لبيان تشريفه سبحانه ، كما يقول

( )٢(. عون اهللا يد إن الذين يبايعونك إنما يباي (: مثل ما تقدم ، الكالم يف قوله سبحانه و

اهللا فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اهللا فـسيؤتيه فهل عندما نزلت اآلية فهم منها السلف الصاحل ما ينسبه إليهم ابن تيمية )٣( ) أجرا عظيما

ي فوق أيدي الصحابة ، وه هو املعىن اللغوي لكن ليست يده كيد املخلوقات من أن املراد درته ، بدليل ما فيها من ديد ملن ينكث ، بأن مغبة وق أو أم فهموا أن املراد سلطان اهللا

.النكث تعود عليهفلو تكاثفت اجلهود على تشخيص الظواهر ، سواء أكانت معان حقيقية أم جمازية

تأويـل وال جتهيـل ، وال تعطيل وال تشبيه ، وال ت مجيع التوايل فال يلزم متثيل ، الرتفع .روج عن الظواهر ، بل كان أخذا بالظواهر باملعىن املتبادر عند أهل اللغة أمجعنيوخ

__________________ .٢٩اآلية : سورة احلجر ) ١( .١٢٥اآلية : سورة البقرة ) ٢( .١٠اآلية : سورة الفتح ) ٣(

Page 347: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٧

وقالت اليهود يد اهللا مغلولة غلت أيديهم (: ذلك لو تدبروا يف قوله سبحانه وحنو ، ألذعنوا بأن املراد من إثبـات )١( ) ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء

كمـا . ذلـه وب ، بل املراد بيان سعة جوده بسط اليد هللا سبحانه ليس هو البسط احلسي وال تجعل يدك مغلولة إلـى عنقـك وال (: يذعنون به عند الوقوف على قوله سبحانه

.)٢( ) تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسوراات حيملون اآلية األوىل أي فرق بني اآليتني حبيث أن املثبتني للصف : فعندئذ نتساءل

بال« على املعىن املتبادر من اليد عند اإلفراد ، مث ألجل الفرار من التجسيم يعقبونه بقوهلم الوقت نفسه ال يشك هؤالء أنفسهم يف أن املراد من اآلية الثانية هو البـذل ويف .»كيف !!؟ بخل والود أو التقتريواجل

شاعرة يف إثبات الـصفات اخلربيـة هللا واأل حلنابلةإىل هنا ظهر أن ما متسكت به ا عاين اإلفرادية ، غافلني عن أن املتبـع وامل سبحانه ، يبتين على التمسك بالظهورات احلرفية

فهومة عند العـرب وامل يف احملاورات هو الظهور التصديقي برعاية القرائن املتصلة بالكالم و مشوا على تلك الضابطة لوقفوا علـى ترتيهـه ول. سواء أوافقت املعاين اإلفرادية أم ال

اكتفينا يف هذا املقام بتبـيني األلفـاظ وقد . عاين له وامل سبحانه عن إثبات هذه األعضاء لى ضوء ما بيناه من الضابطة تقدر على وع .ه عليه ، الوجه ، اليد العرش واستواؤ : الثالثة

.السنة الصحيحةتبيني سائر األلفاظ الواردة يف الذكر احلكيم و

* * * __________________

.٦٤سورة املائدة اآلية ) ١( .٢٩اآلية : سورة اإلسراء ) ٢(

Page 348: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٨

Page 349: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٤٩

Page 350: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٠

Page 351: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥١

فهرس اآليات الصفحة/ رقم اآلية

سورة البقرةوإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله (

عادوادقنيص مون اهللا إن كنتن داءكم مدهوا ش ( ٣٠٥ / ٢٣

وعلم آدم األسماء كلها ثم عرضهم على املالئكـة فقـال (ادقنيص مالء إن كنتؤاء همأنبئوني بأس (

٣٠٤ / ٣١

نا إال ما علمتنا إنك أنـت العلـيم قالوا سبحانك ال علم ل (احلكيم (

٣٠٥ / ٣٢

والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها ( ) خالدون

٢٩٤ / ٣٩

) اسئنية خدوا قر٣٠٥ / ٦٥ ) كون

) يس بن كسلى مب ابـحأص فأولئك هطيئتبه خ اطتأحئة و ) النار هم فيها خالدون

٣٠٠ / ٨١

) اسعاهللا إن اهللا و هجو لوا فثموا تمنفأي رباملغو رقهللا املشوليمع (

١٠٠ / ١١٥

٣٤٦ / ١٢٥ ) ني والعاكفني والركع السجودأن طهرا بيتي للطائف (

٣١٩ / ١٤٠ ) أأنتم أعلم أم اهللا (

) ابرينر الصشبا* وإنا هللا وة قالوا إنصيبم مهتابإذا أص الذين

Page 352: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٢

ات من ربهم ورحمة وأولئك أولئك عليهم صلو * إليه راجعون ) هم املهتدون

١٩ و٨ / ١٥٧ ـ ١٥٥

إن في خلق السماوات واألرض واختالف الليـل والنهـار ( ل اهللا منا أنزمو اسالن نفعا ير بمحري في البجالفلك التي تو

سماء من ماء فأحيا به األرض بعد موتها وبث فيها من كـل الدابة وتصريف الرياح والسحاب املسخر بين الـسماء واألرض

) آليات لقوم يعقلون

٥٥ و ٣١ / ١٦٤

١٧٨ـ ١٧٧ / ١٨٥ ) يريد بكم العسريريد اهللا بكم اليسر وال (

) ليمع ميعاهللا ساس والن نيوا بلحصتقوا وتتوا ورب١٦١ / ٢٢٤ ) أن ت

) بريلون خمعا تاهللا بم١٦٤ / ٢٣٤ ) و

) ميعوا أن اهللا سلماعبيل اهللا وقاتلوا في سوليم١٦١ / ٢٤٤ ) ع

١٩١ / ٢٥٣ ) منهم من كلم اهللا (

) موال نة وسن ذهأخال ت ومالقي احلي وإال ه ١٥٧ / ٢٥٥ ) اهللا ال إله

٣٠٢ / ٢٨٦ ) ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها (

سورة آل عمرانن في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة فأما الذي (

وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إال اهللا والراسخون فـي العلـم ) ولو الألبابيقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إال أ

٣٢٥ / ٧

شهد اهللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولـو العلـم قائمـا ( ) بالقسط

٢٨٩ / ١٨

قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه اهللا ويعلم ما ( ) في األرضفي السماوات وما

١٢٨ / ٢٩

٢٩٨ / ٣٠ ) يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا (

٣١٤ / ٩٧ ) وهللا على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيال (

) ابإال بإذن اهللا كت وتمفس أن تا كان لنمالوجؤ١٢١ / ١٤٥ ) ا م

وال يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اهللا من فضله هو خيرا ( لهم بل

Page 353: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٣

٢٩٧ / ١٨٠ ) هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة

رض واختالف الليـل والنهـار إن في خلق السماوات واأل ( ) آليات ألولي األلباب

٩٢ و ٢٢ / ١٩٠

) كانحباطال سذا به لقتا خا منب٢٧٨ / ١٩١ ) ر

سورة النساء ٢٠٧ / ٣ ) فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة (

أموال اليتامى ظلما إنمـا يـأكلون فـي إن الذين يأكلون ( ) بطونهم نارا

٢٩٦ / ١٠

٢٨٣ / ١٩ ) فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل اهللا فيه خيرا كثريا (

) لكممن قب الذين ننس كمديهيو لكم نيباهللا لي ريدي ـوبتيو كيمح ليماهللا عو كمليع (

٢٢٥و ٢٠٢ / ٢٦

ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فال تميلوا (كل الميل فتذروها كاملعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن اهللا كـان

) رحيماغفورا

٣٠٧ / ١٢٩

١٩١ / ١٦٤ ) وكلم اهللا موسى تكليما (

يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم وال تقولوا علـى اهللا إال (احلق إنما املسيح عيسى ابن مريم رسول اهللا وكلمته ألقاها إلى

مهنم وحرو مير (

١٩٥ / ١٧١

) ليمء عياهللا بكل ش١٦٤ / ١٧٦ ) و

سورة املائدةوقالت اليهود يد اهللا مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل (

) يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء٣٤٧ / ٦٤

Page 354: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٤

ورة األنعامس

قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اهللا أو أتتكم الساعة أغيـر اهللا ( ادقنيص مون إن كنتعدون * تعدا تم كشفون فيعدت اهل إيب

) إليه إن شاء وتنسون ما تشركون

١٣٧ / ٤١ و ٤٠

) ـرا فـي البم لمعيو وا إال ههلمعب ال ييالغ فاتحم هعندووالبحر وما تسقط من ورقة إال يعلمها وال حبة فـي ظلمـات

) األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبني

١٢٨ و ١٢١ / ٥٩

) احلاسبني عرأس وهو احلكم ٣٣٦ / ٦٢ ) أال له

٣٣٥ / ٧٣ ) وله امللك يوم ينفخ في الصور (

٧٧ / ١٠١ ) أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء (

) دي وهو ارصاألب ركهدال تاخلبري اللطيف وهو ارصاألب ١٦٤و ١٦٣ / ١٠٣ ) رك

أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النـاس ( ) كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها

٩٤ / ١٢٢

٢١٧ / ١٥٥ ) ه مباركوهذا كتاب أنزلنا (

سورة األعراف

وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا واهللا أمرنا بها قل ( ) إن اهللا ال يأمر بالفحشاء أتقولون على اهللا ما ال تعلمون

٢٥٥ / ٢٨

) را حمقل إناحشالفو يبر ٢٥٥ / ٣٣ ) م

) ام ثمة أيفي ست ضاألرات واومالس لقاهللا الذي خ كمبإن ر سمالـشثيثا وح هطلبي ارهل النشي الليغش يرلى العى عوتاس

مره أال له اخللق واألمر تبارك اهللا والقمر والنجوم مسخرات بأ المنيالع بر (

٣٣٦و٣٣٥و٢١٥ / ٥٤

Page 355: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٥

وما أرسلنا في قرية من نبي إال أخذنا أهلها بالبأساء والضراء (

) لعلهم يضرعون٢٨٤ / ٩٤

هل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات مـن ولو أن أ ( ) السماء واألرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون

٢٨٥ / ٩٦

) ـملهات لعرالثم نقص منو ننين بالسوعا آل فرذنأخ لقدو ) يذكرون

٢٨٤ / ١٣٠

) أرنـي أنظـر بقال ر هبر هكلما وى لميقاتنوساء ما جلمو ـهكانم قرـتل فإن اسإلى اجلب لكن انظراني ورقال لن ت كإلي

بللج هبلى رجا تاني فلمرت فوـى فسوسم ـرخا وكد لهعل جمننيل املؤا أوأنو كإلي تبت كانحبقال س ا أفاقعقا فلمص (

١٩١ / ١٤٣

٢٥٥ / ١٥٧ ) يأمرهم باملعروف وينهاهم عن املنكر (

٢٣ / ١٧٦ ) نفاقصص القصص لعلهم يتفكرو (

) ـملها وون بهصربال ي نيأع ملها وون بهفقهال ي قلوب مله ) آذان ال يسمعون بها أولئك كاألنعام بل هم أضل

٣٠٤ / ١٧٩

سورة األنفال

) لهاهللا قت لكنو ملوهقتت اهللا فلم لكنو تيمإذ ر تيما رمو مليمع ميعا إن اهللا سنسالء حب همن مننياملؤ ليبليى ومر (

٣٩٨ / ١٧

) كفـريـا وقانفر ل لكمعجقوا اهللا يتوا إن تنآم ا الذينها أيي ) كم ويغفر لكم واهللا ذو الفضل العظيمعنكم سيئات

٩٤ / ٢٩

) املاكرين رياهللا خاهللا و كرميون وكرمي٣٤٤ / ٣٠ ) و

سورة التوبة

٣٣٢ / ١٩ ) ال يستوون عند اهللا (

) كيمح ليماهللا ع٢٢٥ / ٢٦ ) و

عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهميوم يحمى (

Page 356: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٦

٢٩٧ / ٣٥ ) وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون

دين فيها وعد اهللا املنافقني واملنافقات والكفار نار جهنم خال (قيمم ذابع ملهاهللا و مهنلعو مهبسح هي (

٢٩٤ / ٦٨

سورة يونس) ام ثمة أيفي ست ضاألرات واومالس لقاهللا الذي خ كمبإن ر

من بعد إذنـه استوى على العرش يدبر األمر ما من شفيع إال ) ذلكم اهللا ربكم فاعبدوه أفال تذكرون

٣٣٤و ٢١٦ / ٣

إن في اختالف الليل والنهار وما خلق اهللا في الـسماوات ( ) واألرض آليات لقوم يتقون

٩٢ / ٦

) ن رع بزعا يمال فـي وض وة فـي األرثقـال ذرمن م كب ) السماء

١٨ / ٦١

٢٠١ / ٩٩ ) ولو شاء ربك آلمن من في األرض كلهم جميعا (

٩٢ و ٣٠و ٢٢ / ١٠١ ) قل انظروا ماذا في السماوات واألرض (

سورة هود) أح اببريالر كتكيم خن حمن لد لتفص ثم هاتآي ت٢٢٨ / ١ ) كم

أولئك لم يكونوا معجزين في األرض وما كان لهم من دون ( عمون السطيعتسوا يا كانم ذابالع مله فاعضاء يليأو اهللا من

) يبصرونوما كانوا

٣٠٣ / ٢٠

سورة يوسف ١٧٦ / ٢١ ) واهللا غالب على أمره (

) احلكيم ليمالع وه ه١٦٤ / ٨٣ ) إن

ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هـذا ( ل قدمن قب اييؤأويل راتقبي حا رلهعج (

٣٣٢ / ١٠٠

Page 357: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٧

٢٣ / ١١١ ) لقد كان في قصصهم عبرة ألولي األلباب (

سورة الرعداهللا الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى علـى (

يجري ألجل مسمى يـدبر العرش وسخر الشمس والقمر كل ) األمر يفصل اآليات لعلكم بلقاء ربكم توقنون

٣٣٤و ٢١٦ / ٢

) اددـزا تمو امحاألر غيضا تممل كل أنثى وحا تم لمعاهللا ي ) وكل شيء عنده بمقدار

١٢٩ / ٨

١٢١ / ٣٩ ) يمحو اهللا ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (

سورة ابراهيموما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه ليبين لهم فيـضل اهللا (

احلكيم زيزالع وهاء وشن يدي مهياء وشن يم ( ٣٢٥ / ٤

) احلـق ـدعو كمدعإن اهللا و راألم ا قضيطان لميقال الشوووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم مـن سـلطان إال أن

نـا دعوتكم فاستجبتم لي فال تلوموني ولوموا أنفسكم مـا أ بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون مـن

أليم ذابع مله ل إن الظالمنيقب (

٣٠٠ / ٢٢

سورة احلجر ٢١٠ / ٩ ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (

) يوفإذا ساجدينس وا لهوحي فقعفيه من ر تفخنو ه٣٤٦ / ٢٩ ) ت

سورة النحل ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل واألعناب ومن كل (

Page 358: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٨

٤٠ / ١١ ) الثمرات إن في ذلك آلية لقوم يتفكرون

ذرأ لكم في األرض مختلفا ألوانه إن في ذلك آلية لقوم وما ( ) يذكرون

٤٠ / ١٣

٢١٥ / ٤٠ ) إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون (

) احلكيم زيزالع وهلى و١٠٠ / ٦٠ ) املثل األع

واهللا أنزل من السماء ماء فأحيا به األرض بعد موتها إن في ( ) ذلك آلية لقوم يسمعون

٤٠ / ٦٥

ومن ثمرات النخيل واألعناب تتخذون منه سـكرا ورزقـا ( ) ك آلية لقوم يعقلونحسنا إن في ذل

٤٠ / ٦٧

) مـنـا ووتيال باجلب خذي منل أن اتحإلى الن كبى رحأوو ) الشجر ومما يعرشون

١١٧ / ٦٨

ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذلال يخرج من (بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آلية

) لقوم يتفكرون

٤٠ / ٦٩

) ل لكمعجئا ويون شلمعال ت اتكمهطون أمن بكم مجراهللا أخو ) لعلكم تشكرونالسمع واألبصار واألفئدة

٢١ / ٧٨

إن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن ( ) الفحشاء واملنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون

٢٥٥ / ٩٠

سورة اإلسراء إسرائيل في الكتاب لتفسدن فـي األرض وقضينا إلى بني (

) مرتين١٢١ / ٤

وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامـة ( ) كتابا يلقاه منشورا

٢٩٧ / ١٣

عنقك وال تبسطها كل البـسط وال تجعل يدك مغلولة إلى ( ) فتقعد ملوما محسورا

٣٤٧ / ٢٩

Page 359: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٥٩

ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فال يـسرف فـي (

) القتل إنه كان منصورا٢٩٣ / ٣٣

لم إن السمع والبصر والفؤاد كل وال تقف ما ليس لك به ع ( ) أولئك كان عنه مسئوال

٢٠ / ٣٦

تسبح له السماوات السبع واألرض ومن فيهن وإن من شيء ( إن مهبيحسون تفقهلكن ال تده ومبح حبسـا إال يليمكان ح ه

) غفورا

٨٩ / ٤٤

٢٧٨و٢٢٩و١٣٠ / ٨٥ ) وما أوتيتم من العلم إال قليال (

ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم ال تجد لك به علينا ( ) وكيال

٢١٠ / ٨٦

) عمتـذا قل لئن اجوا بمثـل هأتلى أن يع اجلنو ت اإلنس ) القرآن ال يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهريا

٢١٣ / ٨٨

سورة الكهف ٣٣٦ / ٤٤ ) هنالك الوالية هللا احلق هو خير ثوابا وخير عقبا (

١٤٣ / ٤٥ ) اهللا على كل شيء مقتدراوكان (

٣٠٢ و٢٩٨ / ٤٩ ) ووجدوا ما عملوا حاضرا وال يظلم ربك أحدا (

قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبـل أن ( لوي وبر اتكلم نفداتددا بمثله مجئن (

١٩٥ / ١٠٩

سورة مرمي ٢٠١ / ٩٣ ) إن كل من في السماوات واألرض إال آتي الرحمن عبدا (

سورة طه ٣٣٢و ٣٢٦ و٣٢٤ / ٥ ) الرحمن على العرش استوى (

٢٨١ / ٥٠ ) خلقه ثم هدىربنا الذي أعطى كل شيء (

Page 360: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٠

سورة األنبياء

ما يـأتيهم * اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( ) من ذكر من ربهم محدث إال استمعوه وهم يلعبون

٢١٠ / ٢ ـ ١

) ا آلهكان فيهم ش لوـرالع بان اهللا رحبا فستدة إال اهللا لفس ) عما يصفون

٩٧ / ٢٢

أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر مـن ( ضونمعي وذكر من قبلي بل أكثرهم ال يعلمون احلق فهم معر

(

٩٧ / ٢٤

٢٨٩ / ٤٧ ) ونضع املوازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا (

سورة احلج) زيزع ره إن اهللا لقويقد قوا اهللا حرا قد٩٠ / ٧٤ ) م

سورة املؤمنون) ن ممو أنت تيوتفإذا اسك٣٣٢ / ٢٨ ) ...ع

وال نكلف نفسا إال وسعها ولدينا كتاب ينطق باحلق وهم ال ( ) يظلمون

٢٩٠ / ٦٢

ما اتخذ اهللا من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله (ال بلعو لقا خصفونبما يمان اهللا عحبض سعلى بع مهضع (

٩٧ / ٩١

٢٦٩ و ٢٢٦ / ١١٥ ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ال ترجعون (

سورة النور جلـدة وال الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائـة (

تأخذكم بهما رأفة في دين اهللا إن كنتم تؤمنون بـاهللا واليـوم دهشلياآلخر و

Page 361: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦١

مننياملؤ نا طائفة ممهذاب٢٩٣ / ٢ ) ع

ظمآن مـاء والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه ال (حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد اهللا عنده فوفاه حسابه واهللا

) سريع احلساب

٥ / ٣٩

٧٧ / ٤٥ ) واهللا خلق كل دابة (

سورة الفرقان ٢٢٦ / ٢ ) وخلق كل شيء فقدره تقديرا (

١٥٧ / ٥٨ ) وتوكل على احلي الذي ال يموت وسبح بحمده (

سورة الشعراء) األمني وحل به الرزن * لى قلبك١٩٢ / ١٩٤ ـ ١٩٣ ) ع

سورة النمل) ظيمع شرا علهء ويمن كل ش تأوتي٣٣٣و ٣٣١ / ٢٣ ) و

القصصسورةفلما أتاها نودي من شاطئ الواد األيمن في البقعة املباركـة (

المنيالع با اهللا ري أنى إنوسا مة أن يرجالش من ( ١٩٢ / ٣٠

٣٢٢ / ٨٨ ) وجهه هو كل شيء هالك إالال إله إال (

سورة العنكبوت) سننياملح عإن اهللا لما ولنبس مهنديها لنوا فينداهج الذين٩٤ / ٦٩ ) و

Page 362: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٢

سورة الروم

٢٧٨و ٢٢٩ / ٧ ) يعلمون ظاهرا من احلياة الدنيا (

٢٩٠ / ٩ ) أنفسهم يظلمونفما كان اهللا ليظلمهم ولكن كانوا (

فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت اهللا التي فطر الناس عليهـا (ال تبديل لخلق اهللا ذلك الدين القيم ولكن أكثـر النـاس ال

) يعلمون

١٢ / ٣٠

) ادالفس رم ظهذيقهاس ليدي النأي تبا كسر بمحالبو رفي الب ) بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون

٢٨٥ / ٤١

سورة لقمان) ة أورخكن في صل فتدرخ نة مبمثقال ح كا إن تهإن ينا بي

ات أواوما اهللافي السأت بهض يفي األر ( ٢٩٨ / ١٦

ولو أنما في األرض من شجرة أقالم والبحر يمده من بعده (كيمح زيزاهللا إن اهللا ع اتكلم تفدا نر محة أبعبس (

١٩٥و ١٣٠ / ٢٧

سورة السجدةي خلق السماوات واألرض وما بينهما في ستة أيـام اهللا الذ (

ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي وال شفيع أفال ) يدبر األمر من السماء إلى األرض * تتذكرون

٣٣٤ / ٥ و ٤

٢٢٥ / ٧ ) حسن كل شيء خلقهالذي أ (

سورة األحزاب ٢٠٢ / ٤ ) واهللا يقول احلق وهو يهدي السبيل (

١٤٣ / ٢٧ ) وكان اهللا على كل شيء قديرا (

Page 363: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٣

) نا أطعنتا ليقولون يار يفي الن مهوهجو قلبت موا ينأطعا اهللا و

وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيال * الرسوال ) ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبريا*

٢١ / ٦٨ ـ ٦٦

سورة سبأ) بزعب ال ييالم الغال في عات واومة في السمثقال ذر هنع

) األرض وال أصغر من ذلك وال أكبر إال في كتاب مبني١٢٩ / ٣

١٦٤ / ٢١ ) وربك على كل شيء حفيظ (

سورة فاطر ٦٩ / ١٥ ) اهللا واهللا هو الغني احلميديا أيها الناس أنتم الفقراء إلى (

وما كان اهللا ليعجزه من شيء في السماوات وال في األرض ( ) إنه كان عليما قديرا

١٤٣ / ٤٤

سورة يس ١٢١ / ١٢ ) وكل شيء أحصيناه في إمام مبني (

) ـا أوله ـما فهامعا أندينأي ملتا عمم ما لهلقنا خا أنوري لم ) مالكون

٣٤٥ / ٧١

١٧٢ / ٨٢ ) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (

سورة الصافات) اهيمرا إبأن ي * الر قتدص اقدي٢٠٠ / ١٠٥ و ١٠٤ ) ؤ

سورة ص) ابأو هد إنذا األي وداوا دندبع اذكر٣٤٣ / ١٧ ) و

) الذين ظن اطال ذلكا بمهنيا بمو ضاألراء وما السلقنا خمو كفروا

Page 364: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٤

٢٦٩و ٢٢٦ / ٢٧ ) رفويل للذين كفروا من النا

أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كاملفـسدين فـي ( ) األرض أم نجعل املتقني كالفجار

٢٥٥ / ٢٨

) يدبي لقتا خ٣٤٣و٣٢٤و٣١٨ / ٧٥ ) لم

سورة غافر ٣٣٥ / ١٦ ) الواحد القهارلمن امللك اليوم هللا (

٣٠٢ / ٤٦ ) وما ربك بظالم للعبيد (

سورة فصلت) ـهأن مله نيبتى يتح في أنفسهما في اآلفاق واتنآي ريهمنس

) يداحلق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شه ١٦٤و ٢٣ / ٥٣

سورة الشورى ٩٩ / ١١ ) ليس كمثله شيء (

) ريدن كان يمثه ورفي ح له زدة نث اآلخررح ريدن كان يم ) حرث الدنيا نؤته منها وما له في اآلخرة من نصيب

٢٩٨ / ٢٠

لبشر أن يكلمه اهللا إال وحيا أو من وراء حجاب أو وما كان (كيمح ليع هاء إنشا يبإذنه م وحيوال فيسسل رري (

١٩١ / ٥١

سورة الزخرف) كيمح ليا لعنياب لدالكت في أم هإن١٢١ / ٤ ) و

) ورهلتلى ظهوا عوت٣٣٢ / ١٣ ) س

بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية مـن نـذير إال قـال *

مترفوها إنا

Page 365: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٥

ا آبندجونودقتلى آثارهم ما عإنة ولى أما ع٢٠ / ٢٣ ـ ٢٢ ) اءن

) مكلقوو لك لذكر هإن٢١٠ / ٤٤ ) و

سورة الدخان) ا العبنيمهنيا بمو ضاألرات واوما السلقنا خم٢٦٩ / ٣٨ ) و

سورة اجلاثية ٢١٧ / ٢ ) كتاب من اهللا العزيز احلكيمترتيل ال (

سورة حممد ١٠١ / ٢٤ ) أفال يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (

٦٩ / ٣٨ ) واهللا الغني وأنتم الفقراء (

سورة الفتح) ديهمأي قاهللا فو د٣٢٢ / ١٠ ) ي

كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى علـى سـوقه (اعرالز جبعي ... (

٣٣٢ / ٢٩

سورة ق ١٢١ / ٤ ) قد علمنا ما تنقص األرض منهم وعندنا كتاب حفيظ (

) لمعنان وا اإلنسلقنخ لقدوهفسبه ن وسسوا ت١١٦ / ١٦ ) م

سورة الذاريات ٨٨ / ٥٦ ) وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون (

Page 366: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٦

سورة الطور

١٢٠ / ٣ ـ ٢ ) في رق منشور * وكتاب مسطور (

٦٩ / ٣٥ ) نأم خلقوا من غير شيء أم هم اخلالقو (

٧٠ / ٣٦ ) أم خلقوا السماوات واألرض بل ال يوقنون (

سورة النجم ٣٣٢ / ٦ ) ذو مرة فاستوى (

٦٩ / ٤٨ ) وأنه هو أغنى وأقنى (

سورة القمر ١٣٣ / ٥٥ ) عند مليك مقتدر (

نسورة الرمح ٣٣٩و ٣١٨ / ٢٧ ) ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام (

٢٥٥ / ٦٠ ) هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان (

٣٤٠و ٨٣ / ٧٨ ) تبارك اسم ربك ذي اجلالل واإلكرام (

سورة الواقعة ٧٦ / ٥٩ ـ ٥٨ ) م تخلقونه أم نحن اخلالقونءأنت * أفرأيتم ما تمنون (

٧٦ / ٦٤ ـ ٦٣ ) ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * أفرأيتم ما تحرثون (

ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحـن * أفرأيتم النار التي تورون ( ) نشئونامل

٧٦ / ٧٢ ـ ٧١

) آن كرميلقر هون * إنكناب م١٢١ / ٧٨ـ ٧٧ ) في كت

Page 367: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٧

سورة احلديد

) احلكيم زيزالع وهض واألرات واوما في السهللا م حبس * لهى كل شـيء ملك السماوات واألرض يحيي ويميت وهو عل

ء * قديرـيبكـل ش وهو اطنالبو الظاهرو اآلخرل واألو وه ليمع * ـام ثـمة أيفي ست ضاألرات واومالس لقالذي خ وه

نها وما استوى على العرش يعلم ما يلج في األرض وما يخرج م يرتل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنـتم واهللا

صريلون بمعا تبم * عجرإلى اهللا تض واألرات واومالس لكم لهوراألم (

٨٩ / ٥ ـ ١

ج النهار في الليل وهو عليم بذات يولج الليل في النهار ويول ( ) الصدور

٨٩ / ٦

) ـديهمأي نـيم بهـورى نعسات يمناملؤو مننيى املؤرت موي ) وبأيمانهم

٩٤ / ١٢

) تة وزينو ولهو ا لعبيناة الدا احليموا أنلماع كمـنيب رفـاخ ثم هاتبن الكفار بجث أعثل غيالد كماألوال ووفي األم كاثرتو ـديدش ذابة عفي اآلخرا وطامكون حي ا ثمفرصم اهرفت هيجي

اة الدا احليمان وورضاهللا و نة مفرغمورورالغ اعتا إال مين (

٤ / ٢٠

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتـاب وامليـزان ( ) ليقوم الناس بالقسط

٢٨٩ / ٢٥

كم كفلين من يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا وآمنوا برسوله يؤت ( اهللا غفـورو لكـم فرغيون به وشما تورن ل لكمعجيته ومحر

حيمر (

٩٤ / ٢٨

سورة اادلةقد سمع اهللا قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اهللا (

كمراوحت عمساهللا يوصريب ميعا إن اهللا س ( ٢٠٩و ١٦١ / ١

Page 368: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٨

سورة احلشر

) نمحالر وة هادهالشب ويالغ المع وإال ه اهللا الذي ال إله وهحيمالر * المالـس وسالقـد امللك وإال ه اهللا الذي ال إله وه * ملهيمن العزيز اجلبار املتكبر سبحان اهللا عما يشركون املؤمن ا

هو اهللا اخلالق البارئ املصور له األسماء احلسنى يسبح له ما في احلكيم زيزالع وهض واألرات واومالس (

٨٩ / ٢٤ ـ ٢٢

لصفسورة ا) الفاسقني مدي القوهاهللا ال يو مهاغ اهللا قلوباغوا أزا ز٣٠٤ / ٥ ) فلم

سورة الطالق) رل األمزنتي نض مثلهاألر منات واومس عبس لقاهللا الذي خ

شيء قدير وأن اهللا قـد أحـاط بينهن لتعلموا أن اهللا على كل ) بكل شيء علما

٧٧ / ١٢

سورة امللكفاعترفوا * لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعري (

) بذنبهم فسحقا ألصحاب السعري ٣٠٤ / ١١ ـ ١٠

٢٠٤ / ١٣ ) قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدوروأسروا (

) اخلبري اللطيف وهو لقخ نم لمع١١٦ / ١٤ ) أال ي

سورة القلم) رمنيكاملج لمنيل املسعجون* أفنكمحت فكي ا لكم٢٥٥ / ٣٦ ـ ٣٥ ) م

*يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فال يستطيعون (

Page 369: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٦٩

خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى الـسجود

) وهم سالمون ٣٠٥ / ٤٣ـ ٤٢

سورة احلاقة) فخور نفي الص فخة فإذا ناحدال * ة واجلبو ضملت األرحو

وانشقت السماء * فيومئذ وقعت الواقعة * فدكتا دكة واحدة وامللك على أرجائها ويحمل عرش ربـك * فهي يومئذ واهية انيئذ ثمموي مقهة * ةفوافيخ فى منكمخون ال تضرعئذ تموي (

٣٣٥ / ١٨ـ ١٣

سورة املزمل ٢٠٩ / ١ ) يا أيها املزمل (

سورة املدثر) ثرا املدها أي٢٠٩ / ١ ) ي

٢١٦ / ٢٥ ) إن هذا إال قول البشر (

سورة الدهر تى على اإلنسان حني من الدهر لم يكن شيئا مـذكورا هل أ ((

٧٧ / ١

سورة التكوير) ترضا أحم فسن تلم٢٩٨ / ١٤ ) ع

سورة الربوج) جيدآن مقر ول هفوظ * بحح م١٢٠ / ٢٢ و ٢١ ) في لو

Page 370: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٠

سورة البلد

) خ دلقدان في كبا اإلنس١٣ / ٤ ) لقن

١٣ / ١٠ ـ ٨ ) وهديناه النجدين* ولسانا وشفتين* ألم نجعل له عينين (

سورة الشرحفـإذا فرغـت * إن مع العسر يسرا * فإن مع العسر يسرا (

بإ * فانصغبوفار كبلى ر ( ٢٨٣ / ٨ ـ ٥

سورة العلق ٢٨٤ / ٧ ـ ٦ ) أن رآه استغنى * اإلنسان ليطغىكال إن (

سورة التكاثر ٩٤ / ٦ ـ ٥ ) لترون اجلحيم * كال لو تعلمون علم اليقني (

* * *

Page 371: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧١

فهرس األحاديث الصفحة

9الرسول األكرم وددم م لب ح اب اهللا تي ، ك ترتع و اب اهللا تن ك ليقم الث يك ف كاري ت نإ« ي نربخ أريب اخليفلط النإيت أهل بييت ، و رتع ، و ضى األر ل إ اءم الس نما مهيي فونفلخ تفيروا كظان ، فضو احلليا عردى يتا ح قرتف ي نا ل مهنأ

«.

ب

»إن اهللا مخر آد٣٢٣ .» بيده م

٣٢٣ . »نمح الرعصاب أن منيعبص إنين بؤم املبلإن ق«

ولسا ردمن حمأ اهللا وال إهل أن ال إ ادةهش : سمى خ ل ع المي اإلس بن« .»ان ضمصوم ر وج واحلكاة الزاءتيإ ، والة الصامقإ ، واهللا

٣٢٤

7أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ٧٨ .»ه على أزليتحدث خلقه ومب خبلقه ،ودهجال على و الد هللادماحل«

كان ، وال ي ال من شيء ذد ال رفتد امل لصم الواحد األحد ا هللا دماحل« .»ا كان ن شيء خلق مم

٧٨

» لق األشخمل يأ ي اء منولص أز ةلي أوائ ال ، و ة ، منديله أبقب تل كان .»ورته سن ص فأحما صورور خلقه ، وصنقتأبل خلق ما خلقه و

٧٨

» ال جي كري عليه الس ـ ون واحلركة ، وكيف جيري عليه م ا هو أجراه ويعود

Page 372: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٢

و فيه ما هو أبداهيث فيهحدثهد٧٨ . » ما هو أح

» طلع العقمل ي لول ع ى تهتف صيددحل ، ومي حهبجا عب واجنم هتفرع «.

٨٨

» ضي ومما ي لماخل ع دعتبى ، مضالئق بعلمه ما م و ته مها بحكمشؤن «.

١١٦

» إن اهللا عين األين فال أين له ، وجل أن حيويه مكان ، وهو وجل أ ز حييط علما مبا فيها ، وال خيلو . يف كل مكان ، بغري مماسة ، وال جماورة

.»ها من تدبريه شيء من

١٢٠

» مقطر الس ددع هنع بزعال ي اء ، و هومجال ن وايف الـريح يف ا وال ساء ، ة الظلمليل الذر يف اللا ، وال مقيل على الصفيب النم ، وال دباءواهل

م لمعيساقط األواق ، ورخاألح فياقد« .

١٣٠

اد بي الع اصعم ، و اتوش يف الفلو حج الو يجي يعلم ع ذ ال احلمد هللا « اتيف اخللو ا ، وتخ الن الفين اتان يف البحار الغامر و ، ـ ت اءالطـم امل

. »اتفاص العياحالرب

١٣١

»قدالس علم ائرو ، رخبالض رلائم ، ره١٣١ . » بكل شيءةاط اإلح

ان ور ميد ، ووتد بالصخ تهمحر ب احشر الري نقدرته، و الئق ب فطر اخل « .» ضهرأ

١٣٨

»أولكرته وت قدرتهانا من محكم به آثار طقت١٣٨ » وعجائب ما ن

بقدرته بين متضادها الءمودها و ج حد ا ، و األشياء أوده نأقام م ف« «.

١٣٨

١٣٨ .» قدرته وعظيمنعته صيفات على لطنأقام من شواهد البيف«

١٦١ . »ةاهد ال بمماس ، والشةيق آلري ال بتفروالبص«

»طقهن معس كلمت نمو ، من هسر لمع كت١٦٢ .» س

»ولقي ا أرلم ك اد وهن في ، ونك كن ، ال بص تو و عقـرـ ي اءدال بنسيعم إ ، و هه سبحانما كالمف ن أل منه ، أ عشن و هثلمه قب من كنل ، مل ي .»ان قدميا لكان إهلا ثانيا نا ، ولو كك كائلذ

٢١٥ و ١٩٦ و ١٩٥

»برخل ال ب يانس ل وواته و ، ال خب عمسوقير أ وداتو ـ ، ي ال و ولقـ ضري و ، يحب ال يضمر و ريديال يتحفظ ، و حفظ و يفظ ، و يل نى مرقةرغي و ، يغضب

Page 373: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٣

ويغضمب غن ري م١٩٦ . »ةقش

»قدرم لقأ فا خت كمدقحه٢٢٩ . »ير

ال و تعلـيم ال واءتدال اق حبكمه ، بمهئنشم والئق بعلمه ،مبتدع اخل « ملثذاءتاح انعال صيمك ح« .

٢٢٩

٢٤٦ .»اء و سةلرتدك مبنيء ع واملسنس املح يكوننال و«

ودا ، ائع اخلضرة أرق جل رو وال أصلب عودا ، ةرة البري ال إن الشج أ« .»ودا طأ خمبأ وى وقوداو أقات البدويةاتبنوال

٢٨٣

»التحيدأالو همهوتت ل أالال ودع ههمت٢٩٠ .» ت

»أ وهأن دهلشدل عدع ، و لحفص ٢٩٢ . »كم

ي القسط ف ام ب ق و اده ، ب ظلم ع نتفع ع را و اده ، يعي صدق يف م ذال« .»ي حكمه م فهيلدل عع وخلقه ،

٢٩٢

٢٩٢ .» ما قضى دل يف كلع و حلمه فعفا ،عظمي ذال«

»اح مملاللهلين ع، فوكى عملال وحن تلي ع لكد٢٩٢ .»ى ع

»مالعل الصاحل حث اآلخر٢٩٩ . »ةر

ار سبقة اجلنة ، والغاية الن وال ، دا السباق غ و ، ن اليوم املضمار إ و أال« ال بؤسه ، أال عامل لنفسه قبل يومه ، أ منيتلبن خطيئته قال تائب مف، أ .» من ورائه أجل نكم يف أيام عملإو

٣٠٧

8مام احلسن بن علي اإل ٧٨ .»تدأ تدع ما اببا وتدع ،أ ما ابدتبيئا بديعا ، إد بخلق اخللق فكان«

7مام حممد الباقر اإل ورا ال ظـالم فيـه ، وال شيء غريه ، ن عاىل كان وت إن اهللا تبارك « ادقا الوص

Page 374: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٤

فيه ، وح فيه ،املا ال جهل وع فيه ،كذب ا ال موتوكي ذلك هواليوم

.»ذلك ال يزال أبدا وك١٥٨

١٦٢ .»ا يسمع مبصر بي وا يبصر ،مإنه مسيع بصري ، يسمع ب«

7اإلمام جعفر الصادق »اح فكيم كنع بجتنيف ن هترقد ١٣٩ .»فسك أراك

١٤٣ .» وسلطانا وملكا وإحاطة ما وقدرةلاء ، عو له ساألشياء«

، بـل صري بغري آلة وب ، ع بصري ، سميع بغري جارحة هو تعاىل مسي « .»بصر بنفسه وييسمع بنفسه

١٦٢

،ن شاء اهللال كذا إعفأك تقول سى أنرت املشيئة ، أالو ليس هملالع« . » تقول سأفعل كذا إن علم اهللاوال

١٦٩

١٧٥ .» أراد مما قادرا ، ثال ع اهللا يزلمل. معه إال ملراد ال يكونريدإن امل«

١٧٧ .»ة ثدح ماملشيئة«

حـي اهللا ، و و تـاب اهللا وك قول اهللا ، كالم اهللا و )القرآن ( هو« وتزنوه .لهي و الكتاب م الباطل ال يأتيه العزيز ن ب ه نييدي ال و من لفه خ

. » محيدمن حكيم، ترتيل

٢١٩

» ك ما جبعلى ر زوجفأن ال ت عليك ، أما التوحيد أ و ازل مدفأن ا الع .» إىل خالقك ما المك عليه بال تنس

٢٩١

»م الع اهللا ا كلف ب كلفة فع اهم عن شيء وال لاد ى جعل هلـم حتكـا إال تار وال ذا آخ دباهم ، فال يكون الع و رهم أم اإلستطاعة ، مث

بإستطاعة مقتهي وال مة قبل األمر دبل القبض وق ترك وال بل األخذ وق ، ن . »بسطوال

٣١٣

إال بـسط وال بقـبض وجل عز مل يأمر اهللا لع الف لب ق ستطاعةاال« لذلك مستطيع والعبد« .

٣١٤

»ال يكون من العبد قبط إال باستطاعة والضسب م قدتللقبضهم

Page 375: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٥

٣١٤ »والبسط

مستطيعا غري فاعليكونوقد و مستطيع وه إال العبد فاعال ال يكون « ،ى يكون معه اإلستطاعة يكون فاعالال وأبدا حت «.

٣١٤

) على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيال وهللا ( عز وجل اهللا قوليف ؟ ما يعين بذلك

. »ةلاحر واد زهى سربه ، لل كان صحيحا يف بدنه ، مخن م «:قال

٣١٤

»معليه ن رضاحل ع و لجب فـأىب ، محارعلى وقطوع الذنم عدأج .»يع احلج ط يستمنفهو م

٣١٤

7مام موسى الكاظم اإل »هالو ز ذ القادرجع١٤٣ .»ي ال ي

إهلا حيا عز وجلكان... كان حيا بال كيف : إن اهللا ال إله إال هو « بال حياة حادثة ، بل هو حلنفسه ي «.

١٥٨

، ما تقول اهللارسول نيا ب : 8قلت أليب احلسن موسى بن جعفر ه خملوق ، وقال قوم إن فيه من قبلنا ، فقال قوم فلت؟ فقد اخ يف القرآن

ه غري خملوقإن. ه إن: ي ال أقول يف ذلك ما يقولون ، ولكني أقول أما إن : 7فقال

. »الم اهللاك

٢١٩

7مام علي الرضا اإل »سبح ان مبقدرته ن أ خلق اخللق ،ت م لق قنكل وو حبكمته ها خ ضع

» موضعه بعلمهشيء١١٧

١٦٢ .»يا قدميا سميعا بصريا تعاىل عليما قادرا ح اهللامل يزل«

ا مأ و ، و هلم بعد ذلك من الفعل دبا ي وم الضمري ، من اخللق اإلرادة« وال يهم والويه ال ير ذلك ، ألنريه ال غاثد ، إحتهادإر تعاىل ف اهللا نم

يتفكر ،

Page 376: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٦

ال غري لع اهللا الففإرادة. ي صفات اخللق وهالصفات منفية عنه ،وهذه

همة ، وال بلسان ، ، وال نطق ذلك ، يقول له كن فيكون ، بال لفظ . » له لذلك ، كما أنه ال كيف كيف وال تفكروال

١٧٦

ى يف غريه ، فتضلوا وا اهلد تطلب والهواوز ال تتجكالم اهللا) القرآن ( « «.

٢١٨

يروون أن رسول اهللا اسإن الن : يا ابن رسول اهللا : 7للرضا قلت . خلق آدم على صورتهقال إن اهللا 6 6 اهللا إن رسول : احلديث لووا أ فذ اهللا لقد ح مهلات ق «:فقال

مب ر رلجني ي تسان ، ف ابمسأ ع حدهل ا يقول م ق : هباحصباهللا ح و جهك و ،وجهم 6 يشبهك ، فقال ن : يا عبدهذا ألخلق اهللا ، ال ت يك

. »هتور على ص آدمقل خوجل عز، فإن اهللا

٣٤١

7م علي اهلادي مااإل » بسم اهللا الر محن الر نمصا اهللا حيم ، ع إ وة ، ف ينمن الفت ـل إاكفعن ي

نرى أن اجلدال نحن. ن ال يفعل فهي اهللكة إ و ، ةما نع هفقد أعظم ب ة ، اشعيف القرآن بدتركلائ فيها السوا فيب ، يتما ليس ى السائلاطع

، عز وجـل اخلالق إال اهللا يس ول ما ليس عليه ، تكلف ايب وي له ، ا من عنـدك مساقرآن كالم اهللا ، ال تجعل له وال ا سواه خملوق ، وم

الفتكون من الض لنعإ و ، ا اهللا ني ، جي ون ربـشخهـم اك من الذين ي »ونقف مشةاعالس ن ممه وبالغيب

٢١٩

* * *

Page 377: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٧

فهرس األشعار الصفحة

ببالــس ــوــا هب العلــم بمببالــس

ــب جــه و ــسبب ب ــا م بم ــم عل

١١٥

* * * ــوا ــه وتخوف ــبهوه بخلق ش ــد وق

ــة ــستروا بالبلكف ى فترــو ــنع ال ش

٣٢٠

* * * ــ ــكـالسل ـ نالجه ــالب ــةغ ج انهت

ــالك مــه س بحانــف اله عجــر ل خ

١٩٧

* * * دنــت ــره إذا اسـ ــالم بغيـ وعـ

ــهد ش ــد ــه لق ذات ــو هــه و إلي

١١٥

* * * إن آثارنــــا تــــدل علينــــا

فــانظروا بعــدنا إلــى اآلثــار

٢٩

أال إن ثوبا خـيط مـن نـسج تـسعة

وعشرين حرفـا عـن معانيـه قاصـر

١٠٢

Page 378: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٨

* * * ـــغريص مجـــر ـــكان معـــزأت

ــر األكب ــالم ى العــو ــك انط وفي

١٩٥

ــذي ــبني ال ــاب امل الكت ــت أنو

ـــرظهفـــه يربأحرماملـــض

١٩٥

ــة امعب نــرو ــي ويف احل ــد عل أس

ــصافر ــفري ال ص ــن ــر م ــاء تنف خفت

٣٢٨

ــيهم ــتوينا عل اســا و نلوــا ع فلم

ــر ــسر وكاس ى لنــرع ص مــاه كنرت

٣٣٣

* * * ـ ر هدذإن ت ـ ا ح ـ م األش دي ـ ا ت عرف

ــه إلملإن ك ــياتـ ــضهـ فا تـ

١٩٧

* * * ــراق ــى الع ــشر عل ــتوى ب اس ــم ث

ــراق م مهدف وــي ــر س غي ــن م

٣٣٣

* * * أال كل شـيء مـا سـوى اهللا باطـل

ــل ــة زائ ــيم ال محال ــل نع وك

٥٣

ـ ي فاعـل معطي الوجـود فـي اإلهل

ــل ــي قائ ــرك الطبيع حــي الت معط

٧٦

ــا مإناد وــؤ ــي الف ــالم لف إن الك

جعــل اللــسان علــى الفــؤاد دلــيال

٢٠٥

تداركتما األخالق قـد ثـل عرشـها

ــل عا النامهــد ــت بأق ــان إذ زل يذبو

٣٣٢

ــصيه حم تــس ــا ل ــتغفر اهللا ذنب أس

ــل مالعــه و جــه الو ــاد إلي رب العب

٣٣٩

Page 379: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٧٩

* * * وكــم مــن عائــب قــوال صــحيحا

وآفتــه مــن الفهــم الــسقيم

ط

ـمغن ض مـنعونـا لـبزوم سا ليم

ــل ــام الك ــي نظ ــتظمفف نــل م ك

٢٧٥

لدى أسـد شـاك الـسالح مجـرب

ــم ــم تقل ــاره ل ــد ، أظف لب ــه ل

٣٢٨

* * * د لممـا فاعلـو فمعب ا ت ـ لـك يذال

ــستط ــ ال تاألم ــن ــديع م انور ي

٣٤٣

* * *

Page 380: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٠

Page 381: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨١

فهرس االعالم والكىن واأللقاب )األلف حرف (

، ٣٤٥ ، ٣٤٠ ، ٣٢٣ ، ٣٠٤ : 7آدم ٣٤٦.

.د: ابن خلدون .د: ابن أيب العوجاء

.٣٣٦ ، ٨٢: ابن خزمية ، ٢٣٨ ، ٢٣٧ ، ١٣٨ ، ١٠٢: ابن سـينا

٢٧٩ ، ٢٣٩. .١٢٤: ابن ميثم البحراين

.١٣٣: ابن منظور .٢٠٨: ابن أيب ليلى

، ٣٢٢ ، ٣٢١ ، ٢٠٩ ، ٨٧: ابـن تيميــة ٣٢٥. . ه: ملرتضى ابن ا

. ه: ابن عساكر

.٣١٣: ابن الراوندي .٣١٨: ابن كثري

.٣٢٢: ابن اجلوزي .٣٣٩ ، ٣٣٢: ابن فارس

.٢٩١: ابن أيب احلديد .٩٩: ابو احلسن الندوي

.٣١٨ ، ٢٠٨: ابو حنيفة .٢١٨: ابو علي بن سامل

.٣١٤ ، ٣١٣: ابو بصري .٣٢٢): الفقيه احلنبلي ( ابو يعلى

.٣٢٢ ، ٣٢١: زهرة ابو ٢٠٦ ، ٢٠٥ ، ٨٢ ، ه: ابو احلسن االشعري

ــ ٢١٥ ، ٢١٣ ، ٢١٢ ، ٢٠٨، ، ٢١٧ ـ ،٢٦٣ ، ٢٥١ ـ ٢٤٩

Page 382: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٢

٣١٨ ، ٣١٣ ، ٣١٢ ، ٣٠٨ ، ٣٠٢ ، ٢٩١

،٣٣٩ ، ٣٣١ ، ٣٢٣ ، ٣٢١ ، ٣٢٠ ، ٣٤٣.

.٢٠٠ : 7ابراهيم .٣٤٦: ابليس

.٣٣٧: امحد أمني .٢٢٠: أمحد بن ايب دؤاد

، ٢٠٧ ـ ٢٠٥ ، ٨٢ب ، : د بن حنبل امح٢٢٠.

.٤٢: إدوين كونكلني .٢٧٤ ، ٧٤: ارسطو .٢٠٠ : 7امساعيل

.٢١٧ ، ٢٠٧ ، ١٩٤: امرؤ القيس .٣٣٣: األخطل

)حرف الباء ( .٧٠: برتراند راسل

.٣٣٣) : أخو عبد امللك بن مروان ( بشر .١٤٨ ، ١٤٠: البلخي

)حرف التاء ( .٣١٢: التفتازاين

)حرف اجليم ( .١٩٣: جربئيل

.٣١٢ ، ١٩٩ ، ١٩٣: اجلرجاين )حرف احلاء (

. ه: حسن الصدر .ي: حسن مكي

.٣٤١: احلسني بن خالد ، ٢٦٦ ، ١٤٩ ، ١٤٠) : العالمـة ( احللي ٢٨٨.

.د: محاد بن عجرد )حرف اخلاء (

.٣٣٢) : بن امحد الفراهيدي ( اخلليل )حرف الدال (

.٦٤٠: اماد الد .٢٧٤ ، ٥٩ ، ٥٨ ، ٥٦ ، ٥٥: ديفيد هيوم

.١١٠: ديكارت )حرف الراء (

٣٢٤ ، ٢٢٦ ، ٢٢٥) : فخر الدين ( الرازي ،٣٣٦.

.٣٣٢ ، ١٣٣: الراغب .٢١٨: الريان بن الصلت )حرف الزاي (

.٣٢٠: الزخمشري

Page 383: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٣

.٣٣٢: زهري

)حرف السني ( ــسبزواري ، ٢٤٠ ، ١٩٧ ، ١١٥ ، ٧٦: ال

٢٧٥ ، ٢٧٤. .٨٧: سفيان بن عيينة

.٢١٩: سليمان بن جعفر اجلعفري .٣١٤: سليمان بن خالد

.٢٨٨: السيوري .٢٥٣: سيف الدين اآلمدي

)حرف الشني ( .٣١٨: الشافعي

.٣٢٤ ، ٣١٧: الشهرستاين .٣٤٥ ، ٣٠٠أ ، : الشيطان

)حرف الصاد ( ، ١١٥ ، ٨٣ ، ٧٤ ، ٦٧: صدر املتـأهلني

٢٧٤ ، ٢٧٠ ، ١٨٠ ، ١٧٩ ، ١٧٨ ، ١٦٨ ،٣١٣.

ــصدوق ، ٢١٩ ، ٢١٨ ، ١٦٢ ، ١٥٨: ال٣٤٠ ، ٣١٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩١.

.١٧٦: صفوان بن حيىي

)حرف الطاء ( ، ١٧٢ ، ١٦٣ ، ٩٨ ، ٦٧: الطباطبـــائي

٢٩٥ ، ١٩٥. .٢٠٨: الطحاوي

)حرف العني ( .١٧٥: عاصم بن محيد

.د: عبد اهللا بن املقفع .١٤٧ ، ١٤٠: د بن سليمان الصيمري عبا

.٢٠٧ ، ١٩٣) : القاضي ( عبد اجلبار .٢١٨: علي بن سامل

.١٩٥ ، ١٩٤ ، ١٩٠: عيسى بن مرمي .١٥٠ ، ١٤٠: عبد السالم بن حممد اجلبائي

) حرف الغني( .٣٢٣ ، ٣٢٢ ، ٢٢٦: الغزايل

)حرف الفاء ( .٣٥: الفردوسي

، ٢١٥ ، ٢٠٣ ، ١٩٨: الفضل بن روزان ٢٦٦ ، ٢٤٧. .٥٥: فيلون

Page 384: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٤

)حرف القاف (

، ٢٤٥ ، ٢٢٢ ، ١٩٨ ، ١٢٧: القوشجي ٣١٢ ، ٢٥٤.

)حرف الكاف ( .٥٤: كرسي موريسون

.١٧٧: الكليين .٥٥: كلثانتس

.٤١: كلودم هزاوي )حرف الالم (

.٢٣٦: الالهيجي .٢٩٨: لقمان

)حرف امليم ( .٢٢٠ ، ٢٠٦ ، ٢٠٥ ، ١٩٠: املأمون .٨٧: مالك

.٢٢٠ ، ٢١٨ ، ١٩٠: املتوكل .ك: حممد بن مكي

.٩٩: حممد فريد وجدي .١٧٧: حممد بن مسلم

.٣١٤: حممد بن أيب عمري .٢١٩: حممد بن عيسى بن عبيد اليقطيين

.٢٠٩: حممد عبده .١٩٥ ، ١٩٤ ، ١٩٠ : 3مرمي

.د: املرتضى .د: مطيع بن اياس

.٢٩٤: املفيد .٢٠٦ ، ١٩٣ ، ١٩٢ : 7وسى م

.ب: مري حامد حسني اهلندي )حرف النون (

.٣١٣ ، ٢٤٨: النجار .٢٤٨ ، ١٤٧ ، ١٤٦ ، ١٣٩: النظام

)حرف اهلاء ( .٣١٣: هشام بن سامل

.٣١٤: هشام بن احلكم )حرف الواو (

.٢٠٥: الواثق باهللا .٢٧٨: وليم كروكش .٩: ويل ديورانت

)حرف الياء ( .د: حيىي بن زياد

.١٩٠: يوحنا الدمشقي

* * *

Page 385: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٥

فهرس الفرق والديانات واملذاهب ٢١٨ ، ١٩١ ، ١٧٥ ، ١٦٩: أئمة أهل بيت

،٣٤٠ ، ٣٣٧ ، ٣١٤ ، ٣١٣. ، ٢٩ ، ٢٣ ، ٢٢ ، ٢١ج ، د ، : اإلسالم ٣١٩ ، ٢٥٩ ، ٢١٩ ، ١٤٠ ، ١٣٩.

، ١٩٧ ، ١٩١ ، ١٩٠ ، ٩٨: االشــاعرة ٢١٠ ، ٢٠٩ ، ٢٠٧ ، ٢٠٥ ، ٢٠٤ ، ١٩٩

،٢٢٢ ، ٢٢١ ، ٢١٥ ، ٢١٣ ، ٢١١ ، ٢٥٢ ، ٢٤٨ ، ٢٣٥ ، ٢٣٤ ، ٢٣٣ ، ٢٢٣

،٢٦٣ ، ٢٥٨ ، ٢٥٧ ، ٢٥٤ ، ٢٥٣ ، ٣٠٢ ، ٢٧٠ ، ٢٦٩ ، ٢٦٧ ، ٢٦٥ ، ٢٦٤

،٣٢٣ ، ٣١٩ ، ٣١٢ ، ٣١١ ، ٣٠٩ ، ٣٤٧.

.٢٩٤ ، ١٩١ ، ١٩٠ ، ٩٨: اإلمامية ، ٩٩ ، ٩٨ ، ٨٥ ، ٨٢ ، ه: أهل احلديث

٢١١ ، ، ٢٠٩ ، ٢٠٦ ، ٢٠٥ ، ١٩٠ ، ٣٣٧ ، ٣٣١ ، ٢٦٩ ، ٢١٣.

.٨٢: أهل السنة .٢٤٦ ، ٢٣٥: الربامهة

ــة ، ١٤٣ ، ١٤٢ ، ١٤٠ ، و ، ه: الثنويـ٢٧٩ ، ٢٧٤.

.٢٠٧ ، ٨٢: اجلهمية ــة ، ١٩١ ، ١٩٠ ، ٩٨ ، ٨٢ ، ه: احلنابل

٣٠٩ ، ٢٢٠ ، ٢١٨ ، ٢١٧ ، ٢٠٧ ، ٢٠٥ ،٣٤٧ ، ٣٢٣ ، ٣٢١.

.٣١٧ ، ٨٢ ، ه: احلشوية .٨٢: اخلابطية

.٣١٢: السوفسطائية .٨٢: الضرارية

، ٢٣٣ ، ٢٣١ ، ٢٢٢ ، ١٩١ن ، : العدلية ٢٦٥ ، ٢٥٨ ، ٢٥١ ، ٢٣٥ ، ٢٣٤ ، ٣١١.

.٢٢٠ ، ٢٠٦ ، ٢٠٥: الفقهاء

Page 386: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٦

، ٦٩ ، ٦٧ ، ٥٥ز ، ) : احلكماء ( الفالسفة

١٢٢ ، ١١٥ ، ١٠٧ ، ١٠٢ ، ٩٠ ، ٧١ ، ١٦٨ ، ١٥٧ ، ١٤٣ ، ١٤٢ ، ١٤٠ ، ١٣٤

،٢٣٧ ، ٢٠٥ ، ١٩٧ ، ١٩٦ ، ١٩٤ ، ٢٧٠ ، ٢٦٤ ، ٢٥٨ ، ٢٤٤ ، ٢٤١ ، ٢٤٠

،٣٠٤ ، ٢٨٠. .٢١٢: الكرامية .١٩٠: الكالبية ، ٢٠٣ ، ٢٠٢ ، ٢١) : الكافرون ( الكفار ٢٩٤.

ــون ، ١٣٤ ، ١١٥ ، ٩٠ ، ز ، ه: املتكلم٢١٢ ، ٢٠٦ ، ٢٠٥ ، ١٨١ ، ١٧١ ، ١٦٣

،٣٠٢ ، ٢٥٧ ، ٢٤٤ ، ٢٣٧ ، ٢٢١ ، ٣١٧ ، ٣٠٤. .٨٢) : اجلربية ( اربة

.٢٦٣: املاتريدية .٣٩ ، ٢٤ ، ١٤: املاركسيون

، ٣٣١ ، ٣٢٠ ، ٣١٧: اسمة واملـشبهة ٣٤٠.

.د: اوسية ١٨٩ ، ١٣٩ ، ٨١ ، ج ، د ، ه : املسلمون

،٢٢١ ، ٢١٧ ، ٢١٤ ، ١٩٢ ، ١٩٠ ، ٣٣٧ ، ٣١٧ ، ٢٦١ ، ٢٢٥.

.٨١ ، د ، ه: املسيحية ــشركون ، ٢١٧ ، ٢١٢ ، ٩٧ ، ٩٠: املـ

٣٠٦.

، ١٤٣ ، ١٤٠ ، ١٣٩ ، ٩٨ ، ٨٢: املعتزلة ٢٠٥ ، ٢٠٢ ، ١٩٢ ، ١٩١ ، ١٩٠ ، ١٦٥

،٢٦٣ ، ٢٢٢ ، ٢٢٠ ، ٢٠٩ ، ٢٠٧ ، ٣٢٦ ، ٣١٣ ، ٣١٢ ، ٢٩١ ، ٢٩٠ ، ٣٣٧.

.٢٤٦ ، و ، د ، ه: املالحدة .٨١: امللكانية

ــة ، ٣٢٨ ، ٣٢٧ ، ٣٢٣ ، ٣١٩: املؤولـ٣٣٩ ، ٣٣٢ ، ٣٣١ ، ٣٢٩.

.٦٠٧ ، ٨٢: النجارية .٨١: النسطورية .٣١٩: النصرانية .٣٣٦ ، ٢٩١ ، ١٩٠: النصارى .٨٢: النظامية .٨٢: اهلزيلية

.٨٢: الواصلية .٨١: اليعقوبية .٣١٩ ، د ، ه: اليهودية

* * *

Page 387: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٧

واألممفهرس الشعوب والقبائل .ج) : أهل الروم ( الرومان .٣٤٧ ، ٣٤٤: العرب .ج: الفرس

.ج: اليونانيون .٣٤٧ ، ٣٣٦: اليهود

* * *

Page 388: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٨

Page 389: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٨٩

فهرس األماكن والوقائع .٤٥ ، ٤٤: استراليا

.ج: ايران .١١٨: البصرة

.٢٩٥ ، ١٤٦: اجلنة .ج ، ك: الشام

.٣٣٣: العراق

* * *

Page 390: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٠

Page 391: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩١

احملتويات الصفحة املوضوع ٧ ........................................................................ تصدير

١٩ ................................................................ كلمة املؤلف ١ .......................................... مقدمات أصولية عامة : الفصل األول

٣ .......................................... قيم األخالقية والاإلنسان ـ حياة١ ٣ ............................................... يطرق األمساع من بعيد نداء

٦ ..................... ؟ ا هي جذوره يف الفطرة اإلنسانية وم؟ ـ ما هو الدين٢

٦ ..............................................إصالح األفكار والعقائد أ ـ

٦ ............................................. ب ـ تنمية األصول األخالقية

٦ .......................................... العالقات اإلجتماعية توطيد ج ـ

٦ ....................................... قومية وال د ـ إلغاء الفوارق العنصرية

١١ ..............................................................فطرة وال الدين

١١ .................................................... أ ـ روح اإلستطالع

١١ ........................................................ اخلريب ـ حب

١٢ ...................................................... ج ـ عشق اجلمال

Page 392: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٢

الصفحة املوضوع

١٢ ...................................................... د ـ الشعور الديين

١٣ ................................................... دور الدين يف احلياة ـ٣

١٣ ..................................................الدين مبدع للعلوم أ ـ

١٤ .........................................................النظرية األوىل

١٤ .........................................................النظرية الثانية

١٧ .............................................. الدين دعامة األخالق ب ـ

١٨ ........................... حصن منيع يف خضم متقلبات العامل ج ـ الدين

٢٠ ......................................................... ـ املعرفة املعتربة ٤

٢٢ .............................................. املعارف العليا يف اإلسالم ـ٥

٢٢ ..............................................طبيعة والالكون ـ معرفة١

٢٣ ................................................اإلنسان نفسه ـ معرفة٢

٢٣ ......................................................تاريخ ال ـ معرفة٣

٢٣ .................................... ؟ نبحث عن وجود اهللا سبحانه ـ ملاذا٦

٢٤ ....................................................الضرر احملتمل دفعـ

٢٥ ................................................كر املنعم وشمعرفة اهللا ـ

٢٧ .......................................... عرفة اهللالطرق إىل م : الفصل الثاين

٢٩ ........................................................ الطرق إىل معرفة اهللا

٣٣ ................................................ برهان النظم : الربهان األول

٣٣ ........................................................... األوىلاملقدمة

٣٤ ............................................................ الثانية املقدمة

٣٤ ............................................................ الثالثة املقدمة

٣٤ ........................................................... الرابعة املقدمة

٤٣ ..................................................... برهان النظم بتقرير ثان ٤٣ ............................... آية دخالة الشعور يف وجود الكون اإلنسجام

Page 393: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٣

الصفحة املوضوع

٤٧ .................................................... الثبرهان النظم بتقرير ث

٤٧ ..................................تدخل الشعور يف تطور النظم اهلادفية آية ٥١ .................................................... برهان النظم بتقرير رابع

٥١ ................................. االحتماالت يف نشأة احلياة برهان حساب

٥١ ................................................. روط وشيوداحلياة رهن ق

٥٥ ................................................. برهان النظم إشكال على

٥٦ ................................................. شكالاجلواب على اإل ٥٧ .......................... خالة الشعور وداملنطقي بني النظام ـ اإلرتباط١

٥٨ ........... لشعور بشكل آخرخالة ا ود ـ تقرير الرابطة املنطقية بني النظام ٢

٦١ .............................................. برهان اإلمكان : الربهان الثاين

٦١ .................. متنع وامل مكن واملتقسيم املعقول إىل الواجب : األمر األول

٦٢ ..................................... وجود املمكن رهن علته : األمر الثاين

٦٢ .......................... طالما وبتسلسل واليف بيان الدور: األمر الثالث

٦٦ ........................................... متناع التسلسل إمتثيالن لتقريب

٦٧ ..................................................... تقرير برهان اإلمكان

٦٩ .......................................... كيم برهان اإلمكان يف الذكر احل

٧٠ .......................................................... واب وجسؤال

٧٠ ..................................................... على وجوه واجلواب

٧٢ ............................................................ خامتة املطاف

٧٣ ........................................ برهان حدوث املادة : الربهان الثالث

٧٥ ........................... علة عند املادي وال العلة عند اإلهلي :األوىل النكتة

٧٧ ................. نصوص الكتاب احليكم على حدوث الكون :الثانية النكتة

٧٧ ............................................. الكون يف األحاديث حدوث

Page 394: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٤

الصفحة املوضوع ٧٩ ............................................ صفات والاألمساء : الثالثالفصل

٨١ ............................................... فعاله سبحانهأ وفاته وصأمساؤه

٨٢ ......................................... اتية اللية الذ واجلاجلمالية الصفات

٨٤ ............................................. فات الفعل وصالذات صفات

٨٥ ............................................................. آخر تقسيم

٨٥ .......................................................... اخلربية الصفات

٨٦ ................... قايسة أساس معرفة صفاته سبحانه وامل اإلبتعاد عن التشبيه

٨٧ ..................................................... تعطيل وال بني التشبيه

٩٠ ............................................ الصحيحة إىل معرفة اهللا الطرق

٩١ ............................................. الطريق العقلي :األول ـ

٩٢ .................................. نفس واألاملطالعة يف اآلفاق: الثاين ـ

٩٣ ....................... سنة الصحيحة والإىل الكتاب الرجوع: الثالث ـ

٩٣ .......................................... الكشف والشهود :الرابع ـ

٩٥ ............................ ؟ ا وراء الطبيعة ، ملاذا البحث عم اإلعراض عن

٩٥ ............................................ املاديون : األوىل الطائفة ـ

٩٦ ........................... املفرطون يف أدوات املعرفة :الطائفة الثانية ـ

٩٦ ............................. شهود والمدعو الكشف :الطائفة الثالثة ـ

٩٦ ............................ عض األشاعرة وب احلنابلة : الرابعة الطائفة ـ

٩٩ ................................... أهل احلديث يف ثوب جديد عودة نظرية

* * * الباب األول

تية الذاتيةالصفات الثبو

١٠٧ .............................................................. العلم ـ ١

١٠٧ ......................................................... ؟ العلم ما هو

Page 395: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٥

الصفحة املوضوع

١١٠ .......................................................... تعريف جامع

١١١ .................................................... سبحانه بذاته علمه

١١٢ ................................ يستلزم التغاير بالذات العلم: دليل النافني

١١٣ ...................................... علمه سبحانه باألشياء قبل إجيادها

١١٣ ....................................... ببية علم باملسبب بالس ـ العلم ١

١١٥ .......................... تقان دليل علمه باملصنوعات واإل ـ اإلحكام٢

١١٧ ...................................... باألشياء بعد إجيادها علمه سبحانه

١١٨ ............................................. سبحانه فعله ـ علمه١

١١٩ ........................................ وجوده دليل علمه ـ سعة٢

١٢٠ .......................................................... مراتب علمه

١٢٢ .............................................. جيب التنبيه عليهما نكتتان

١٢٢ .............................. سبحانه حضوري ال حصويل أ ـ علمه

١٢٢ ....................................... سبحانه باجلزئيات ب ـ علمه

١٢٣ ................................ لعلمه سبحانه باجلزئيات شبهات املنكرين

١٢٣ ................... العلم باجلزئيات يالزم التغري يف علمه :الشبهة األوىل

١٢٤ ........................................................ حتليل الشبهة

١٢٥ ............................................... الشبهة بوجه آخر حل

١٢٦ .......................... إدراك اجلزئيات حيتاج إىل آلة :الشبهة الثانية

١٢٧ ................. العلم باجلزئيات يالزم الكثرة يف الذات : الشبهة الثالثة

١٢٧ .......... العلم باجلزئيات يوجب انقالب املمكن واجبا : الشبهة الرابعة

١٢٨ ......................................... عة علمه تعاىل وسالقرآن الكرمي

١٢٩ ....................................... رفعة التعبري القرآين عن سعة علمه

١٣٠ ........................ يف علمه تعاىل باجلزئيات )ع(كلمات اإلمام علي

١٣٣ ............................................................. القدرة ـ ٢

١٣٤ ......................................................... القدرة تعريف

Page 396: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٦

الصفحة املوضوع

١٣٤ ..................................................... عن التعريفني دفاع

١٣٦ ........................................................... دالئل قدرته

١٣٦ ..................................................... الفطرة : األول

١٣٧ ................................................ النظام الكوين :الثاين

١٣٩ ................................. ال ليس فاقدا له معطي الكم: الثالث

١٣٩ ............................................ تعاىل لكل شيء سعة قدرته

١٤٠ ........................................ بعموم القدرة اإلهلية أدلة القائلني

١٤٢ ......................................................... برهان آخر

١٤٢ ........................................... خر قدرته سبحانه مبعىن آ سعة

١٤٣ .................................... عة قدرته سبحانه وسالنصوص الدينية

١٤٤ ........................................................ جوبتها أ وأسئلة

١٤٦ ............................................ شبهات النافني لعموم القدرة

١٤٦ ............................. القبيح سبحانه ال يقدر على فعل اهللاـأ

١٤٧ ........................... عدم قدرته تعاىل على خالف معلومه ـب

١٤٨ ......................... تعاىل على مثل مقدور العبد عدم قدرته ـج

١٥٠ .......................... قدرته تعاىل على عني مقدور العبد عدم ـد

١٥٣ .............................................................. احلياة ـ ٣

١٥٤ ................................................ احلياة بنحو آخر تعريف

١٥٦ ........................................ لتصوير التطوير يف اإلطالق متثيل

١٥٧ .................................................... دليل حياته سبحانه

١٥٧ ........................................ سنة وال لكتاب حياته سبحانه يف ا

١٥٩ ................................................. بصر وال السمع ـ ٥ و ٤

١٦٠ ....................................................... إجابة عن سؤال

١٦١ ............................ سنة واليف الكتاب »البصري « و » السميع «

Page 397: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٧

الصفحة املوضوع

١٦٣ ............................................................ اإلدراكـ ٦

١٦٥ ............................................................. اإلرادة ـ ٧

١٦٥ ........................................... ؟ ما هي حقيقة اإلرادة ـ١

١٦٨ ..................................... خصوص اإلرادة اإلهلية ـ تفسري٢

١٦٨ .............................. ظام األصلحسبحانه علمه بالن أ ـ إرادته

١٦٩ ............................................... مناقشة هذه النظرية ١٧٠ ................................................... واب وجسؤال

١٧١ ................................... إرادته سبحانه ابتهاجه بفعله ـ ب

١٧١ .......................... سلطنة والإعمال القدرة إرادته سبحانه ـ ج

١٧٢ ...................... سبحانه نسبة متامية السبب إىل الفعل إرادته ـ د

١٧٤ .............................................. احلق يف املوضوع ـ ه

١٧٦ ....................................................... يف السنة اإلرادة

١٧٨ .......................... ه من صفات ذاته بعض األسئلة حول كون إرادت

١٨٣ ..................................................... بدية واألاألزلية ـ ٨

* * * الباب الثاين

الصفات الثبوتية الفعلية ١٨٥ ................................................... الصفات الثبوتية الفعلية

١٨٩ .......................................................... التكلم ـ ١

١٩٣ ................................... حقيقة كالمه تعاىل املقام األول ـ

١٩٣ ................................................أ ـ نظرية املعتزلة

١٩٤ .............................................نظرية احلكماء ب ـ

Page 398: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٨

الصفحة املوضوع

١٩٧ ............................................ج ـ نظرية األشاعرة

٢٠٤ ..................................................... حصيلة البحث

ـ ٢٠٥ ...................................... دمه وقيف حدوثه املقام الثاين

٢١٣ ............................ أدلة األشاعرة على كون القرآن غري خملوق

٢١٨ ............................................. :البيت موقف أهل

٢٢١ ......................................................... الصدق ـ ٢

٢٢٥ ......................................................... احلكمة ـ ٣

٢٢٧ .............................................. املتقن فعله : احلكيم ـ ١

٢٢٨ ................................... ةسن والتقان يف الكتاب واإل احلكمة

٢٣١ ................................ املرته عن فعل ما ال ينبغي : احلكيم ـ ٢

٢٣١ ........................................... تقبيح العقليان وال التحسني

٢٣٣ ........................................... قبح وال يف إطالقات احلسن

٢٣٧ ....................... ؟ تقبيح العقليان من املشهورات وال هل التحسني

٢٣٩ .......................... ؟ بحها وقحكم حبسن األفعاللل ما هو املالك

٢٤٤ ............................... تقبيح العقليني وال بالتحسني أدلة القائلني

٢٤٤ ..................................................... الدليل األول

٢٤٦ ...................................................... الدليل الثاين

٢٤٦ .................................................... الدليل الثالث

٢٤٧ ..................................................... الدليل الرابع

٢٤٩ ..................... تقبيح العقليني والعلى نفي التحسني أدلة األشاعرة

٢٤٩ ...........يشاء اهللا مالك كل شيء يفعل يف ملكه ما: الدليل األول

٢٥١ .. ختالفتقبيح ضروريا ملا وقع اال والالتحسني كان ول: الدليل الثاين

٢٥٣ ............... احلسن والقبح عقليني ملا تغريا كان ول: الدليل الثالث

Page 399: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٣٩٩

الصفحة املوضوع

٢٥٤ ................................... تقبيح يف الكتاب العزيز وال التحسني

٢٥٧ ........................................ تقبيح العقليني وال مثرات التحسني

٢٥٧ ................................................ وجوب املعرفة ـ١

٢٥٧ ........................... وجوب ترتيه فعله سبحانه عن العبث ـ٢

٢٥٨ ............................................ لزوم تكليف العباد ـ٣

٢٥٨ ............................................. لزوم بعث األنبياء ـ٤

٢٥٨ ..................................... النظر يف برهان النبوة ـ لزوم٥

٢٥٨ ...................................... بصدق دعوى النبوة ـ العلم٦

٢٥٩ ............................... ستمرار أحكام اإلسالم ا و ـ اخلامتية٧

٢٥٩ ................................................ ـ ثبات األخالق ٨

٢٦٠ ............................ شرور والصائب واملالباليا ـ احلكمة يف٩

٢٦٠ ............................................ اهللا عادل ال جيور ـ١٠

٢٦٠ ......................................... العقاب بال بيان أ ـ قبح

٢٦١ ................................... التكليف مبا ال يطاق ب ـ قبح

٢٦١ ................... قدر يف مصري اإلنسان والالقضاء ج ـ مدى تأثري

٢٦١ .............................................. ختيار اإلنسان ا د ـ

٢٦١ ................................... املصحح للعقاب األخروي ـ ه

٢٦٣ ........................................ تقبيح العقليني وال مثرات التحسني

٢٦٣ ................................ أفعال اهللا سبحانه معللة بالغايات ـ ١

٢٦٣ ..................................) من ادلة األشاعرة (الوجه األول

٢٦٣ ................................ ؟ فاعل أو للفعلالغاية ، غاية لل هل

٢٦٤ ................................................ العلة الغائية تفسري

٢٦٥ ...................................................... الوجه الثاين

٢٦٧ ..................................................... الثالث الوجه

Page 400: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٠٠

الصفحة املوضوع

٢٦٩ .................................... فعاله سبحانه احلكيمة أ والقرآن

٢٧٠ ....................... احلكماء على مذهب األشاعرة عطف مذهب

٢٧٣ ........................ وكونه حكيما صائب والشرور واملالباليا ـ ٢

ـ ٢٧٥ ................... التحليل الفلسفي ملسألة الشرور البحث األول

٢٧٥ .......................... ـ النظرة الضيقة إىل الظواهر األمر األول

٢٧٦ .................... ـ الظواهر حلقات يف سلسلة طويلة األمر الثاين

٢٧٩ ........................................ فلسفي آخر للشرور حتليل

٢٨١ ..................... ملسألة الشرور ـ التحليل التربوي البحث الثاين

٢٨٢ ............................... املصائب وسيلة لتفجري الطاقات أ ـ

٢٨٣ ................................ باليا جرس إنذار والب ـ املصائب

٢٨٤ ................................. ىل احلق إسبب للعودة ج ـ الباليا

٢٨٥ ............................ قديرها وتسبب ملعرفة النعم ـ الباليا د

٢٨٦ ................................. الباليا املصطنعة لألنظمة الطاغوتية

٢٨٧ .............................................. اهللا عادل ال جيور ـ ٣

٢٨٨ ...................................................... دفع إشكال

٢٨٩ ........................................... الذكر احلكيم العدل يف

٢٩٠ ....................................... يف التشريع اإلسالمي العدل

٢٩٠ .................................. روايات أئمة أهل البيت العدل يف

٢٩٣ .................................. ؟ ما هو املصحح لعقوبة العبد ـ ٤

٣٠١ ...................................... كليف مبا ال يطاق حمال الت ـ ٥

٣٠٢ ............................ مبا ال يطاق أدلة األشاعرة على التكليف

٣١١ ................................................. القدرة على الفعل قبله

٣١٣ ................................ ستطاعة يف أحاديث أئمة أهل البيت اإل

Page 401: الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل

٤٠١

الصفحة املوضوع

الباب الثالث الصفات اخلربية

٣١٧ .......................................................... الصفات اخلربية

٣١٧ ................................... اإلثبات مع التكييف والتشبيه :األول

٣١٨ ................................... تشبيه والاإلثبات بال تكييف :الثاين

٣١٩ ..................................................... ذه النظرية حتليل ه

٣٢٣ ..................................................... التفويض : الثالث

٣٢٤ .................................................. نظرية التفويض حتليل

٣٢٦ ........................................................ التأويل : الرابع

٣٢٧ .................................... اإلجراء باملفهوم التصديقي :اخلامس

٣٣١ ........................................ ستواؤه عليه ا و ـ عرشه سبحانه١

٣٣٩ ...................................................... ـ وجهه سبحانه٢

٣٤٣ ........................................................ ـ يده سبحانه ٣

الفهارس

٣٥١ ............................................................ فهرس اآليات

٣٧١ ......................................................... ألحاديث فهرس ا

٣٧٧ ........................................................... فهرس األشعار

٣٨٥ .......................................... فهرس الفرق والديانات واملذاهب

٣٨٧ ........................................... فهرس الشعوب والقبائل واألمم

٣٨٩ ................................................... فهرس األماكن والوقائع

٣٩١ .......................................................... احملتويات فهرس