145
۱ ﻣﻨﻴﺔ اﳌﺮﻳﺪ ﰲ أدب اﳌﻔﻴﺪ واﳌﺴﺘﻔﻴﺪ ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﺸﻴﺦ زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﲇ اﻟﻌﺎﻣﲇ ﻗﺪس ﴎه اﳌﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﺪ اﻟﺜﺎ�) ٩١١ ٩٦٥ ( ﺗﺤﻘﻴﻖ رﺿﺎ اﳌﺨﺘﺎري

منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

Embed Size (px)

DESCRIPTION

كتابي است از شهيد ثاني در مورد اداب معلم و متعلم

Citation preview

Page 1: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱

منية املريد

يف أدب املفيد واملستفيد

تأليف

الشيخ زين الدين بن عيل العاميل قدس رسه

املعروف بالشهيد الثا�

) ه ٩٦٥ ٩١١(

تحقيق

رضا املختاري

Page 2: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲

بسم هللا الرحمن الرحيم

الحمد ل الذي علم بالقلم ، علم االنسان

محمد ،ما ل يعلم ، وصىل هللا عىل حبيبه وعبده ونبيه

أفضل من علم وعلم ، وعىل آله وأصحابه

املتأدب� بآدابه وسلم .

الدرجات يف العقبى مع أما بعد ، فإن ك�ل االنسان هو بالعلم ، الذي يضاهي به مالئكة الس�ء ، ويستحق به رفيع

رجليه إذا مىش ، ويستغفر املالئكة أجنحتها تحت جميل الثناء يف الدنيا ، ويتفضل مداده عىل دماء الشهداء ، وتضع

نومة ليلة من لياليه عىل عبادة العابد سبع� سنة . وناهيك بذلك جاللة له الط� يف الهواء والحيتان يف املاء ، ويفضل

وعظ� .

رشائط ، ولرتتيبه ضوابط ، لكن ليس جميع العلم يوجب الزلفى ، وال تحصيله كيف اتفق يثمر الرضا ، بل لتحصيله

شيئا منه من الوقوف عليها ، والرجوع يف ه آداب ووظائف ، ولطلبه أوضاع ومعارف ، البد ملن أرادوللمتلبس ب

وكم رأينا بغاة هذا العلم الرشيف دأبوا يف تحصيله ، وأجهدوا مطلوبه إليها ، لئال يضيع سعيه وال يخمد جده ،

نفوسهم يف طلبة ونيله ، ثم

مديدة طويلة ، منه عىل غاية معتربة . وبعضهم حصل شيئا منه يف مدةبعضهم يدد لذلك الطلب ثرة وال حصل

عن هللا تعاىل وقسوة مظل� ، مع كان ككنه تحصيل أضعافه يف برهة يس�ة قليلة ، وبعضهم يزده العلم إال بعدا

وغ�ه من القواطع من عباده العل�ء " وما كان سبب ذلك قول هللا سبحانه وهو أصدق القائل� : " إ�ا يخىش هللا

وقد وفق االاللهم براعاة األمور املعتربة من الرشائط واآلداب ، وغ�ها من األحوال . الصادة لهم عن بلوغ الك�ل إال

لتفصيل جملة رشيفة ٢الدين " " منار القاصدين يف أاار معا هللا سبحانه بنه وكرمه في� الرج من كتابنا املوسوم ب

.ملن وقف عليه من األنام ، مغنيةمن هذه األحكام

ملن هذه الرسالة إفراد نبذة من رشائط العلم وآدابه ، وما يتبع ذلك من وظائفه ، نافعة إن شاء هللا تعاىل وقد رأينا يف

كالم هللا تعاىل وكالم تدبرها ، موصلة له إال بغيته إذا راعاها ونقشها عىل صحائف الاطره وكررها ، مستنبطة من

واألئة عليهم السالم ، وكان أساط� الحكمة والدين والعل�ءرسوله

الراسخ� ، وسميتها " منية املريد يف أدب املفيد واملستفيد " .

يوفق لها من وأنا أسلل هللا تعاىل من فضله العميم ، وجوده القديم أن ينفع بها نف والاصتي وأحبائ ، ومن

جواد كريم . ويثبت يل بها قدم صدق يوم الدين ، إنهاملسلم� ، وأن يدزل عليها أجر وثواب

وهي مرتبة عىل مقدمة وأبواب والاتة :

Page 3: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳

االول : شواهد نقلیه فصل

شواهد من القرآن

[ يف فصل العلم من القرآن ]

أما املقدمة

ومتعلميه واهت�م واألثر ودليل العقل ، وفضل حامليه فتشتمل عىل جملة من التنبيه عىل فضله من الكتاب والسنة

سبحانه بشلنهم وتييزهم عم سواهم هللا

والسف طرا ، وكفى بذلك جاللة وفخرا ، إعلم أن هللا سبحانه جعل العلم هو السبب الك لخلق هذا العا العلوي

وتبرصة ألويل األلباب : قال هللا تعاىل يف محكم الكتاب تذكرة

هللا عىل كل شئ قدير وأن هللا قد أحاط مثلهن يتنزل االمر بينهن لتعلموا أنهللا الذي اللق سبع س�وات ومن األرض

.بكل شئ عل�

كل علم ، ومدار كل معرفة ، وجعل وكفى بهذا اآلية دليل عىل رشف العلم ، ال سي� علم التوحيد الذي هو أساس

ه من ظلمة العدم إىل ضياء الوجود فقال عىل ابن آدم بعد اللقه وإبراز سبحانه العلم أعىل رشف ، وأول منة امت بها

أول سورة أنزلها عىل نبيه محمد صىل هللا عليه وآله : سبحانه يف

الذي علم بالقلم * علم االنسان ما يعلم اقرأ باسم ربك الذي اللق * اللق االنسان من علق * اقرأ وربك األكرم *

الذي -فتلمل كيف افتتح كتابه الكريم املديد

الباطل من ب� يديه ، وال من اللفه تنزيل من حكيم حميد . ال يلتيه

االيداد هي أعىل من العلم ملا بنعمة االيداد ، ثم أردها بنعمة العلم ، فلو كان ثم منة أو توجد نعمة بعد نعمة -

اعة ، ودقائق وطريق الداللة عىل الرصاط املستقيم اآلالذ بحدزة الرب الصه هللا تعاىل بذلك ، وصدر به نور الهداية ،

املعا� وحقائق البالغة .

اشتمل بعضها عىل اللق االنسان من التي قد -وقد قيل ويف وجه التناسب ب� اآلي املذكورة يف صدر هذه السورة

: إنه تعاىل ذكر أول حال االنسان ، وهو -النظم البديع يف ترتيب آياته علق ، ويف بعضها تعليمه ما يعلم ، ليحصل

يف آالر حالك يف مع أنها أالس األشياء ، وآالر حاله ، يف تلك الدرجة التي هي غاية الخساسة ، فرصت علقه ،كونه

لو كان العلم أرشف املراتب ، إذ لو كان غ� أرشف هذه الدرجة التي هي الغاية يف الرشف والنفاسة ، وهذا إ�ا يتم

هذا املقام أوىل . لكان ذكر ذلك الشئ يف

نه تعاىل قال :ووجه آالر : أ

وربك األكرم * الذي علم بالقلم * علم االنسان ما يعلم .

Page 4: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤

.

الوصف علة " ، وهذا يدل عىل أن هللا سبحانه وقد تقرر يف أصول الفقه : " أن ترتب الحكم عىل الوصف مشعر بكون

املؤداة ان اقرتانه باألكرميةاالنسان العلم ، فلو كان شئ أفضل من العلم وأنفس لك االتص بوصف األكرمية ، ألنه علم

بلفعل التفضيل أوىل .

الخشية . ورص الخشية يف العل�ء ، فقال : وبني هللا سبحانه ترتب قبول الحق واالالذ به عىل التذكر ، والتذكر عىل

سيذكر من يخىش و : إ�ا يخىش هللا من عباده العل�ء .

الحكمة فقال :وسمى هللا سبحانه العلم بالحكمة ، وعظم أمر

ومن يؤت الحكمة فقد أوت ال� كث�ا .

وحاصل ما فرسه يف الحكمة مواعظ القرآن والعلم والفهم والنبوة يف قوله تعاىل :

والحكمة " والكل يرجع إىل العلم . " ومن يؤت الحكمة " وآتيناه الحكم صبيا " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب

سواهم ، فقال سبحانه :ورجح العامل� عىل كل من

األلباب . هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون إ�ا يتذكر أولوا

وب� األعمى والبص� ، -الخبيث والطيب : قل ال يستوي -وفرق يف كتابه العزيز ب� عرشة : ب� الخبيث والطيب

س� ذلك وجدت مرجعه جميعا إىل العلم .والحرور . وإذا تلملت تف والظلمة والنور ، والدنة والنار ، والظل

وقرن سبحانه أوىل العلم بنفسه ومالئكته ، فقال :

. ه إال هو واملالئكة وأولوا العلمشهد هللا انه ال إل

وزاد يف إكرامهم عىل ذلك مع االقرتان املذكور ، بقوله تعاىل :

وما يعلم تلويله إال هللا والراسخون يف العلم .

:وبقوله تعاىل

قل كفى بال شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب .

وقال تعاىل :

يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ،

وقد ذكر هللا سبحانه الدرجات ألربعة أصناف :

للمؤمن� من أهل بدر :

Page 5: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥

إ�ا املؤمنون الذين إذ ذكر هللا وجلت قلوبهم ،

إىل قوله :

د ربهم ،لهم درجات عن

وفضل هللا املداهدين ، وللمداهدين :

ومن يلته مؤمنا قد عمل الصالحات فلولئك لهم الدرجات العىل ، وملن عمل الصالحات :

وللعل�ء :

يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات .

األصناف بدرجات ، فوجب كون العل�ء ففضل أهد بدر عىل غ�هم من املؤمن� بدرجات ، وفضل العل�ء عىل جميع

أفضل الناس .

وقد الص هللا سبحانه يف كتابه العل�ء بخمس مناقب :

األوىل : االكان :

والراسخون يف العلم يقولون آمنا به ،

الثانية : التوحيد :

شهد هللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولوا العلم ،

الثالثة : البكاء والحزن :

الذين أتوا العلم من قبلهإن

إىل قوله : ويخرون لألذقان يبكون ،

الرابعة : الخشوع :

إن الذين أوتوا العلم من قبله اآلية ،

الخامسة : الخشية :

إ�ا يخىش هللا من عباده العل�ء.

ه مع ما آتاه من العلم والحكمة :وقال تعاىل مخاطبا لنبيه آمرا ل

�عل وقل رب زد�

Page 6: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦

: وقال تعاىل

بل هو آيات بينات يف صدور الذين أوتوا العلم.

وقال تعاىل :

وتلك األمثال نرضبها للناس وما يعقلها إال العاملون.

فهذه نبذة من فضائله التي نبه هللا عليها يف كتابه الكريم .

شواهد من السنة

[ في� روي عن النبي صىل هللا عليه وآله ويف فضل العلم ]

يف ذلك كث�ة تنبو عن الحرص .وأما السنة فهي

فمنها قول النبي صىل هللا عليه وآله :

. من يرد هللا به ال�ا يفقهه يف الدين

وقوله صىل هللا عليه وآله :

طلب العلم فريضة عىل كل مسلم .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

كتب هللا له كفال من االجر . همن طلب عل� فلدركه كتب هللا له كفل� من االجر ، ومن طلب عل� فلم يدرك

قوله صىل هللا عليه وآله :و

بيده ما من متعلم يختلف إىل باب من أحب أن ينظر إىل عتقاء هللا من النار فلينظر إىل املتعلم� ، فوا الذين نف

عىل األرض وهي تستغفر وبنى هللا له بكل قدم مدينة يف الدنة ، وكيش العا إال كتب هللا له بكل قدم عبادة سنة ،

وك ويصبح مغفورا له ، وشهدت املالئكة أنهم عتقاء هللا من النار. له ،

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ال� له من أن يكون أبو قبيس من طلب علم ، فهو كالصائم نهاره القائم ليله ، وإن بابا من العلم يتعلمه الرجل

ذهبا فلنفقه يف سبيل هللا .

هللا عليه وآله :وقوله صىل

درجة واحدة يف الدنة . من جاءه املوت وهو يطلب العلم ليحيي به االسالم كان بينه وب� األنبياء

Page 7: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷

وقوله صىل هللا عليه وآله :

وذلك الن الشيطان يضع البدعة درجة ، ب� كل درجت� حرض الفرس سبع� عاما ، ٥فضل العا عىل العابد سبعون

العا فيزيلها ، والعابد يقبل عىل عبادته .للناس فيبرصها

وقوله صىل هللا عليه وآله :

الس�وات واألرض حتى النملة يف حدرها ، وحتى فضل العا عىل العابد كفض عىل أدناكم ، إن هللا ومالئكته وأهل

معلم الناس الخ� . الحوت يف املاء ليصلون عىل

وقوله صىل هللا عليه وآله :

طلب العلم فهو يف سبيل هللا حتى يرجع .من الرج يف

وقوله صىل هللا عليه وآله .

كان عمله كعبادة أربع� عاما . من الرج يطلب بابا من العلم ل�د به باطال إال حق ، وضاال إىل هد

لعلی علیه السالم : وقوله صىل هللا عليه وآله

نعم .الن يهدي هللا بك رجال واحدا ال� من أن يكون لك حمر ال

وقوله صىل هللا عليه وآله ملعاذ :

الن يهدي هللا بك رجال واحدا ال� لك من الدنيا وما فيها .

وروي ذلك أنه قاله لع عليه السالم أيضا .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

هللا .ويعلمونها عباد رحم هللا اللفائ : فقيل : يا رسول هللا ! ومن اللفاؤك ؟ قال : الذين يحيون سنتي

وقوله صىل هللا عليه وآله :

طيبة ، فقبلت املاء فلنبتت الكألطائفة إن مثل ما بعثتني هللا به من الهد والعلم كثل غيث أصاب أرضا ، وكان منها

املاء ، فنفع هللا بها الناس ورشبوا منها ، وسقوا وزرعوا ، وأصاب طائفة أمسكت ٢والعشب الكث� وكان منها أجادب

هللا به فعلم قيعان ال تسك ماء وال تنبت كال ، فذلك مثل من فقه يف دين هللا ونفعه ما بعثني الر إ�ا هيمنها أ

وعلم ، ومثل من يرفع بذلك رأسا و يقبل هد هللا الذي أرسلت به .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

الحق ، ورجل آتاه هللا الحكمة ، فهو لطه عىل هلكته يفإال يف اثن� : رجل آتاه هللا ما ال فس - يعني ال غبطة -ال حسد

يقيض بها ويعلمها .

Page 8: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أجورهم شيئا ، ومن دعا إىل ضاللة كان من دعا إىل هد كان له من االجر مثل أجور من تبعه ، ال ينقض ذلك من

ئا . ال ينقص ذلك من آثامهم شي عليه من االثم مثل آثام من تبعه ،

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ولد صالح يدعو له . إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث : صدقة جارية ، أو علم ينقع به ، أو

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أجرها ، وعلم يعمل به من بعده . ال� ما يخلف الرجل من بعده ثالث : ولد صالح يدعو له ، وصدقة تدري يبلغه

وقوله صىل هللا عليه وآله :

إن املالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا با يصنع .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

اطلبوا العلم ولو بالص� .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

من غدا يف طلب العلم أظلت عليه املالئكة ، وبورك له يف معيشته ، و ينقص من

رزقه .

عليه وآله :وقوله صىل هللا

من سلك طريقا يلتمس به عل� سهل هللا له طريقا إىل الدنة .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

نوم مع علم ال� من صالة عىل جهل .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

فقيه أشد عىل الشيطان من ألف عابد .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

والبحر ، فإذا انطمست أو شك أن تضل الس�ء . يهتد بها يف ظل�ت الرب إن مثل العل�ء يف األرض كمثل الندوم يف

الهداة .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

Page 9: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹

وسبع� صديقا . أكا ناش نشل يف العلم والعبادة حتى يكرب أعطاه هللا تعاىل يوم القيامة ثواب اثن�

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أريد أن أغفر لكم عىل ما كان منكم لقيامة : إ� أجعل علمي وحلمي فيكم إال وأنايقول هللا عز وجل للعل�ء يوم ا

وال أبايل .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ما جمع شئ إىل شئ أفضل من علم إىل حلم .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ما تصدق الناس بصدقه مثل علم ينرش .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ويرده عن رد . ملرء املسلم إىل أاليه هدية أفضل من كلمة حكمة يزيده هللا بها هد ،وما أهد ا

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أفضل الصدقة أن يعلم املرء عل� ثم يعلمه أالاه .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

العا واملتعلم رشيكان يف االجر ، وال ال� يف سائر الناس .

عليه وآله :وقوله صىل هللا

قليل العلم ال� من كث� العبادة .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

ومن راح إىل املسدد ال يريد إال من غدا إىل املسدد ال يريد إىل ليتعلم ال�ا أو ليعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة ،

ليتعلم ال�ا أو ليعلمه فله أجر حاج تام الحدة .

:وقوله صىل هللا عليه وآله

اغد عاملا أو متعل� أو مستمعا أو محبا ، وال تكن الخامسة فتهلك .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

حلق الذكر ، فإن ل سيارات من إذا مررتم يف رياض الدنة فارتعوا . قالوا : يا رسول هللا ! وما رياض الدنة ؟ قال :

.حفوا بهم املالئكة يطلبون حلق الذكر ، فإذا أتوا عليهم

Page 10: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰

وتبيع ، وتص وتصوم ، وتنكح وتطلق ، : حلق الذكر هي مدالس الحالل والحرام ، كيف تشرتي قال بعض العل�ء

وتحج وأشباه ذلك .

يتفقهون ، ومدلس يعون هللا تعاىل ويسللونه ، والرج رسول هللا صىل هللا عليه وآله فإذا يف املسدد مدلسان : مدلس

بالتعليم أما هؤالء فيدعون هللا ، وأما هؤالء فيتعلمون ويفقهون الداهل ، هؤالء أفضل ، فقال : كال املدلس� إىل ال� ،

أرسلت . ثم قعد معهم .

وهو يف املسدد متك عىل برد عىل أحمر ، وعن صفوان بن عسال ريض هللا عنه قال : أتيت النبي صىل هللا عليه وآله ،

العلم . فقال : جئت أطلبفقلت له : يا رسول هللا ! يا رسول هللا ! إ�

بعضا حتى يبلغوا س�ء الدنيا من مرحبا بطالب العلم ، إن طالب العلم لتحفة املالئكة بلجنحتها ، ثم يركب بعضها

محبتهم ملا يطلب .

فلتاه رجل فقال : يا أبا الدرداء ! إ� أتيتك من وعن كث� بن قيس قال : كنت جالسا مع أب الدرداء يف مسدد دمشق ،

قال : ، الحديث بلغني عنك أنك تحدثه عن رسول هللا صىل هللا عليه وآله . املدينة ، مدينة الرسول صىل هللا عليه وآله

سمعت رسول هللا صىل هللا عليه وآله يقول : با جاء بك تدارة ؟ قال : ال . فقال : وال جاء بك غ�ه ؟ قال : ال ، ثم قال :

لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن لك هللا به طريقا إىل الدنة ، وإن املالئكةمن سلك طريقا يلتمس فيه عل� س

يف األرض ، حتى الحيتان يف املاء . وفضل العا عىل العابد كفضل القمر عىل العا ليستغفر له من يف الس�وات ومن

ورثوا العلم ، فمن أالذ به فقد وال دره� ، إ�ا سائر الكواكب . إن العل�ء ورثة األنبياء . إن األنبياء يورثوا دينارا

أالذ بحظ وافر .

يف أزقة البرصة إىل باب بعض املحدث� ، أنه قال : كنا �يش وأسند بعض العل�ء إىل أب يحيى زكريا بن يحيى الساجي

تهزئ ، ف� زال عن مكانه فقال : ارفعوا أرجلكم عن أجنحة املالئكة . كاملس فلاعنا يف امليش ، وكان معنا رجل ما جى

جفت رجاله . حتى

رجل الليع إىل أن سمع بحديث النبي صىل هللا وأسند أيضا إىل أب داود السدستا� أنه قال : كان يف أصحاب الحديث

عليه وآله :

إن املالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ،

: صىل هللا عليه وآله فدعل يف رجليه مس�رين من حديد ، وقال

فلصابته اآلكلة يف رجليه . ،أريد أن أطل أجنحة املالئكة

" هذه الحكاية يف " رشح مسلم وذكر أبو عبد هللا محمد بن إس�عيل التميمي

وقال : فشلت رجاله وسائر أعضائه .

Page 11: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱

شواهد من امئة

[ في� روي عن طريق الخاصة يف فضل العلم ]

الرضا عليه� السالم عن آبائه عن النبي الصحيح إىل أب الحسن ع بن موىسومن طريق الخاصة ما رويناه باالسناد

صىل هللا عليه وآله أنه قال :

تعلمه ل تعاىل حسنة ، وطلبه طلب العلم فريضة عىل كل مسلم ، فاطلبوا العلم يف مظانه واقتبسوه من أهله ، فإن

وتعليمه من ال يعلمه صدقة ، وبذله ألهله قربة إىل هللا تعاىل ، ألنه عبادة ، واملذاكرة به تسبيح ، والعلم به جهاد ،

واملحدث يف الخلوة ، والحرام ومنار سبيل الدنة ، واملؤنس يف الوحشة ، والصاحب يف الغربة والوحدة ، معا الحالل

به أقواما فيدعلهم يف الخ� قادة والزين عند االالالء ، يرفع هللا والدليل عىل الرساء والرضاء ، والسالح عىل األعداء ،

تسحهم ، ويف صلواتها ويقتد بفعالهم ، وينتهى إىل آرائهم ، ترغب املالئكة يف اللتهم وبلجنحتها تقتبس آثارهم

البحر وهوامه وس�ع الرب وأنعامه . إن العلم حياة القلوب تبارك عليهم . ويستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان

ومدالس األبرار ، االبصار من الظلمة ، وقوة األبدان من الضعف ، يبلغ بالعبد منازل األاليار ، من الدهل ، وضياء

ومدارسته بالقيام ، به يطاع الرب ويعبد ، وبه توصل والدرجات العال يف اآلالرة األوىل . الذكر فيه يعدل بالصيام ،

ملن يحرمه ، يلهمه السعداء ، ويحرمه األشقياء ، فطوب األرحام ، ويعرف الحاللوالحرام . والعلم إمام ، والعمل تابعه

هللا من حظه .

وعن أم� املؤمن� عليه السالم :

أوجب عليكم من طلب املال ، إن املال أيها الناس اعلموا أن ك�ل الدين طلب العلم والعمل به ، أال وإن طلب العلم

ه وسيفي لكم ، والعلم مخزون عند أهله [ وقد أمرتم بطلبه بينكم ، وقد ضمن مقسوم مضمون لكم ، قد قسمه عادل

. أهله فاطلبوه من

وعنه عليه السالم :

. ال يسدها إال اللف منه العا أفضل من الصائم القائم املداهد ، وإذا مات العا ثلم يف االسالم ثلمة

وعنه عليه السالم :

ذما أن يربأ منه من هو فيه . ا نسب إليه ، وكف بالدهلكفى بالعلم رشفا أن يدعيه من ال يحسنه ويفرح به إذ

وعنه عليه السالم أنه قال لكميل بن زياد :

واملال محكوم عليه ، واملال تنقصه يا كميل ! العلم ال� من املال ، العلم يحرسك وأنت تحرس املال ، والعلم حاكم ،

النفقة والعلم يزكو عىل االنفاق .

:وعنه عليه السالم أيضا

Page 12: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲

الثا� : العلم ال ينقص بالنفقة ، العلم أفضل من املال بسبعة : األول : أنه م�اث األنبياء ، واملال م�اث الفراعنة ،

الحافظ ، والعلم يحفظ صاحبه ، الرابع : العلم يدالل يف الكفن ويبغى املال واملال ينقص بها ، الثالث : يحتاج املال إىل

جميع الناس يحتاجون إىل العا يف ن والكافر ، والعلم ال يحصل إال للمؤمن ، السادس :الخامس : املال يحصل للمؤم ،

. السابع : العلم يقوي الرجل عىل املرور عىل الرصاط واملال كنعه أمر دينهم ، وال يحتاجون إىل صاحب املال ،

وعنه عليه السالم :

. قيمة كل امرئ ما يعلمه ، ويف لفظ آالر : ما يحسنه

وعن زين العابدين ع بن الحس� عليه� السالم :

تعاىل أوحى إىل دانيال : أن أمقت لو يعلم الناس ما يف طلب العلم لطلبوه ولو بسفك املهج والوض اللدج ، إن هللا

ل الدزي العلم التارك لالقتداء بهم ، وأن أحب عبيدي إيل التقي الطالب للثواب عبادي إىل الداهل املستخف بحق أهل

، الالزم للعل�ء ، التابع للحل�ء القابل عن الحك�ء.

وعن الباقر عليه السالم قال :

ومن علم باب ضاللة كان عليه من علم باب هد فله مثل أجر من عمل به ، وال ينقص أولئك من أجورهم شيئا ،

أوزارهم شيئا. مثل أوزار من عمل به ، وال ينقص أولئك من

وعنه عليه السالم :

ا ينتفع بعلمه أفضل من سبع� ألف عابد.ع

وعنه عليه السالم :

حملة العلم وعلموه إالوانكم ك� إن الذي يعلم العلم منكم له أجر املتعلم ، وله الفضل عليه ، فتعلموا العلم من

علمكموه العل�ء.

وعنه عليه السالم :

ملدلس أجلسه إىل من أثق به أوثق يف نف من عمل سنة.

الصادق عليه السالم :وعن

قال : إن علمه الناس كلهم جر له . من علم ال�ا فله مثل أجر من عمل به . قلت : فان علمه غ�ه يدري ذلك له ؟

قلت : فإن مات ؟ قال : وإن مات.

وعنه عليه السالم قال :

يقول يف كتابه : " ليتفقهوا يف الدين تفقهوا يف الدين ، فإن من يتفقه منكم يف الدين فهو أعراب ، وإن هللا عز وجل

يحذرون ". ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم

Page 13: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳

وعنه عليه السالم :

هللا إليه يوم القيامة ، و يزك له عليكم بالتفقه يف دين هللا وال تكونوا أعرابا ، فإنه من يتفقه يف دين هللا ينظر

عمال.

وعنه عليه السالم :

أصحاب رضبت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا.لوددت أن

وعنه عليه السالم :

أحاديث فمن أالذ بشئ منها فقد أالذ حظا إن العل�ء ورثة األنبياء ، إن األنبياء يورثوا دره� وال دينارا ، وإ�ا ورثوا

تحريف الغال� عنهعلمكم هذا عمن تلالذونه ، فإن فينا أهل البيت يف كل اللف عدوال ينفون وافرا ، فانظروا

وانتحال املبطل� وتلويل الداهل�.

وعنه عليه السالم :

إذا أراد هللا بعد ال�ا فقهه يف الدين.

الناس ويشدده يف قلوبهم وقلوب وقال معاوية بن ع�ر للصادق عليه السالم : رجل رواية لحديثكم يبث ذلك يف

الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا ية أيه� أفضل ؟ قال :الروا شيعتكم ، ولعله عابدا من شيعتكم ليست له هذه

أفضل من ألف عابد .

وعنه عليه السالم قال :

ما من أحد كوت من املؤمن� أحب إىل إبليس من موت فقيه.

وعنه عليه السالم :

إذا مات املؤمن الفقيه ثلم يف االسالم ال يسدها شئ.

وعن الكاظم عليه السالم قال :

وأبواب الس�ء التي كان يصعد منها أع�له ات املؤمن بكت عليه املالئكة وبقاع األرض التي كان يعبد هللا عليها ،إذا م

شئ ، الن املؤمن� الفقهاء حصون االسالم كحصن سور املدينة لها. ، وثلم يف االسالم ثلمة ال يسدها

وعنه عليه السالم قال :

ما هذا ؟ فقيل : عالمة ، فقال : وما املسدد ، فإذا ج�عة قد أطافوا برجل ، فقال :دالل رسول هللا صىل هللا عليه وآله

ووقائعها ، وأيام الداهلية واالشعار العربية ، قال : فقال النبي صىل هللا العالمة ؟ فقالوا : أعلم الناس بلنساب العرب

وآله : إ�ا العلم ثالثة : آية النبي صىل هللا عليهوآله : ذاك علم ال يرض من جهله ، وال ينفع من علمه ، ثم قال عليه

فهو فضل محكمة ، أو فريضة عادله ، أو سنة قائة ، وما الالهن

Page 14: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤

شواهد من امحادیث و التفاسیر

[ يف ما روي عن التفس� املنسوب إىل العسكري عليه السالم يف فضل العلم ]

من " تفس� العسكري " عليه السالم يف قوله تعاىل :

وإذ أالذنا ميثاق بني إاائيل ال تعبدون إال هللا إىل قوله " واليتامى "،

عليه وآله قال : قال اإلمام عليه السالم : وأما قوله عز وجل " واليتامى " فإن رسول هللا صىل هللا

، ومن مسح يده أكرمهم أكرمه هللا حث هللا تعاىل عىل بر اليتامى النقطاعهم عن آبائهم ، فمن صانهم صانه هللا ، ومن

بكل شعرة مرت تحث يده قرصا أوسع من الدنيا با فيها ، وفيها ما برأس يتيم رفقا به جعل هللا تعاىل له يف الدنة

وتلذ األع� وهم فيها الالدون . تشتهي األنفس

قال اإلمام عليه السالم :

كيف حكمه في� يبتىل به من ليه ، وال يدريوأشد من يتم هذا اليتيم يتيم انقطع عن إمامه ، ال يقدر عىل الوصول إ

فهذا الداهل برشيعتنا املنقطع عن مشاهدتنا يتيم يف حدره ، أال رشائع دينه ، أال فمن كان من شيعتنا عاملا بعلومنا ،

عن رسول هللا وعلمه رشيعتنا ، كان معنا يف الرفيق األعىل . حدثني بذلك أب عن أبيه عن آبائهم فمن هداه وأرشده

صىل هللا عليه وآله .

وقال ع عليه السالم :

العلم الذي حبوناه به ، جاء يوم من كان من شيعتنا عاملا برشيعتنا ، فلالرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إىل نور

ي العرصات ، وحلة ال يقوم ألقل سلك منها الدنيا بحذاف�ها . ثم يناد القيامة عىل رأسه تاج من نور يضئ ألهل تلك

بنوره ليخرجه من عا من بعض تالمذة آل محمد ، أال فمن أالرجه يف الدنيا من ح�ة جهله ، فليتشبث مناد : هذا

علمه يف الدنيا ال�ا ، أو فتح عن قلبه من الدهل قفال ح�ة ظلمة هذه العرصات إىل نزه الدنان ، فيخرج كل من كان

أو أوضح له عن شبهة .

: عليه السالم قال

وقد لبس عليها يف أمر صالتها شئ ، امرأة عند فاطمة الصديقة عليها السالم ، فقالت : إن يل والدة ضعيفة ،وحرضت

ذلك ، ثم ثنت فلجابت ، ثم ثلثت ، إىل أن عرشت فلجابت ، ثم الدلت من وقد بعثتني إليك أسللك ، فلجابتها عن

س ع� بدا لك ، أرأيت من اكرتي مة عليها السالم : هاتالكثة ، وقالت : ال أشق عليك يا بنت رسول هللا . قالت فاط

مائة ألف دينار أيثقل عليه ؟ قالت : ال . فقالت أكريت [ خ ل : اكرتيت ] أنا يصعد يوما إىل سطح بحمل ثقيل وكراه

عليه وآله يقول ع ، سمعت أب صىل هللا لكل مسللة بلكث من ملء ما ب� الث إىل العرش لؤلؤا ، فلحر أن ال يثقل

عليهم من اللع الكرامات عىل قدر كثة علومهم ، وجدهم يف إرشاد عباد هللا ، : إن عل�ء شيعتنا يحرشون فيخلع

أيها الكافلون أليتام آل محمد يخلع عىل الواحد منهم ألف ألف اللعة من نور ، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : حتى

أئتهم ! هؤالء تالمذتكم ، واأليتام الذين كفلتموهم ، ونعشتموهم ئهم الذين همالناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبا

عنهم من العلوم ، اللع العلوم يف الدنيا ، فيخلعون عىل كل واحد من أولئك األيتام عىل قدر ما أالذ ، فااللعوا عليهم

Page 15: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٥

ؤالء األيتام عىل من تعلم منهم ، ثم وكذلك يخلع ه ملن يخلع عليه مائة ألف حلة ، -يعني يف األيتام -حتى أن فيهم

ما كان عىل هؤالء العل�ء الكافل� لأليتام حتى تتموا لهم اللعهم وتضعفوها ، فيتم لهم إن هللا تعاىل يقول : أعيدوا

عليهم عىل مرتبتهم . قالت فاطمة عليها لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك مرتبتهم ممن اللع

ألفضل م� طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة ، وما فضل ما طلعت عليه مة هللا إن سلكا من تلك الخلعالسالم : يا أ

الشمس ؟ فإنه مشوب بالتنغيص والكدر .

وقال الحسن بن ع عليه� السالم :

ا اشتبه يخرجه من جهله ، ويوضح له م فضل كافل يتيم آل محمد [ املنقطع ] عن مواليه الناشب يف [ تيه ] الدهل ،

ويسقيه ، كفضل الشمس عىل السها . عليه [ عىل فضل كافل يتيم ] يطعمه

وقال الحس� بن ع عليه� السالم :

إليه حتى أرشده بهداه [ خ ل : من كفل لنا يتي� ، قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت

املوايس ! إ� أوىل بهذا الكرم ، اجعلوا له يا مالئكتي يف الدنان الكريم وهداه ] ، قال له هللا عز وجل : يا أيها العبد

علمه ألف ألف قرص ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم . بعدد كل حرف

وقال ع بن الحس� عليه� السالم :

يا رب كيف أفعل ؟ قال : إيل . قال : أوحى هللا عز وجل إىل موىس عليه السالم : حببني إىل اللقي ، وحبب اللقي

آبقا عن باب أو ضاال عن فنائ ، أفضل لك من عبادة مائة سنة صيام [ ظ ذكرهم آالئ ونع�ئ ليحبو� فالن ترد

العايص املتمرد . قال : فمن نهارها وقيام ليلها . قال موىس عليه السالم : ومن هذا العبد اآلبق منك ؟ قال : بصيام ]

الغائب عنه بعد ما عرفه ، الداهل برشيعة دينه ، تعرفه قال : الداهل بإمام زمانه تعرفه ،الضال عن فنائك ؟

عل�ء ويتوصل به إىل مرضاته . قال ع [ بن الحس� ] عليه� السالم : فلبرشوا معارش رشيعته ، وما يعبد به ربه

شيعتنا بالثواب األعظم والدزاء األوفر .

سالم :وقال محمد بن ع عليه� ال

كذلك العا معه شمعة يزيل بها ظلمة العا كمن معه شمعة تضئ للنايس ، فكل من أبرص بشمعته دعا له بخ� ،

فخرج بها من ح�ة ، أو ندا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، وهللا تعاىل الدهل والح�ة ، فكل من أضاءت له

عىل غ� الوجه الذي أمر هللا عز ضل به من الصدقة بائة ألف قنطاريعوضه عن ذلك بكل شعرة ملن أعتقه ما هو أف

ولكن يعطيه هللا ما هو أفضل من مائة ألف ركعة ب� يدي الكعبة . وجل به ، بل تلك الصدقة وبال عىل صاحبها ،

وقال جعفر بن محمد عليه� السالم :

الخروج عىل ضعفاء شيعتنا ، وعن أن كنعونهم عنعل�ء شيعتنا مرابطون يف الثغر الذي ي إبليس وعفاريته ، و

انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والرتك والخزر ألف يتسلط إبليس وشيعته النواصب ، أال فمن

ألف مرة ، ألنه يدفع عن أديان محبينا ، وذاك يدفع عن أبدانهم .

Page 16: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٦

وقال موىس بن جعفر عليه� السالم :

أشد عىل إبليس من ألف عابد ، الن يتي� من أيتامنا ، املنقطع� عن مشاهدتنا ، والتعلم من علومنافقيه واحد ينقذ

ذات نفسه ذات عباد هللا وإمائه ، لينقذهم من يد إبليس ومردته ، العابد همه ذات نفسه فقط ، وهذا همه مع

أفضل عند هللا من ألف [ ألف ] عابد وألف ألف عابدة . وكذلك هو

ع بن موىس عليه� السالم : وقال

مؤونتك ، فادالل الدنة . أال إن الفقيه يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت ، همتك ذات نفسك ، وكفيت الناس

أعدائهم وفر عليهم نعم جنان هللا ، وفصل [ ظ : حصل ] لهم رضوان هللا من أفاض عىل الناس ال�ة ، وأنقذهم من

قف حتى تشفع لكل من أالذ الهادي لضعفاء محبيه ومواليه ! -يه : أيها الكافل أليتام آل محمد ويقال للفق تعاىل .

فئام وفئام حتى قال عرشا ، وهم الذين أالذوا عنه علومه ، وأالذوا عنك أو تعلم منك ، فيقف ، فيدالل الدنة معه

عنه إىل يوم القيامة فانظروا كم فرق ما ب� املنزلت� ؟ عمن أالذ

محمد بن ع عليه� السالم :وقال

االااء يف أيدي شياطينهم ويف أيدي إن من تكفل بليتام آل محمد املنقطع� عن إمامهم ، املتح�ين يف جهلهم ،

وأالرجهم من ح�تهم وقهر الشياط� برد وسواسهم ، وقهر الناصب� بحدج النواصب من أعدائنا ، فاستنقذهم منهم ،

فضل الس�ء عىل األرض والعرش عىل فضلوا عند هللا عىل العابد بلفضل املواقع ، بلكث منربهم ودليل أئتهم ، لي

الس�ء . كفضل القمر ليلة البدر عىل أالفى كوكب يف ١وفضلهم عىل هذا العابد الكريس والحدب عىل الس�ء ،

وقال ع بن محمد عليه� السالم :

والذاب� عن دينه بحدج هللا ، واملنقذين الداع� إليه والدال� عليه ،لوال من يبقى بعد غيبة قائكم من العل�ء

الذين كسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة ك� -ومردته ومن فخاخ النواصب من شباك إبليس -لضعفاء عباد هللا

جل .عن هللا عز و ، ملا بقي أحد إال ارتد عن دين هللا ، أولئك هم األفضلون ٢كسك السفينة سكانها

وقال الحسن بن ع عليه� السالم :

تسطع من تيدانهم ، وعىل رأس كل يلت عل�ء شيعتنا القوامون بضعفاء محبينا وأهل وال يتنا يوم القيامة ، واألنوار

يف عرصات القيامة ، ودورها مس�ة ثالث مائة ألف سنة ، فشعاع تيدانهم قد انبثت تلك األنوار ١واحد منهم تاج بهاء

أالرجوه إال تعلق بشعبة من نبث ، فال يبقى هناك يتيم قد كفلوه من ظلمة الدهل وعلموه ، ومن ح�ة التيهي

الدنان ، ثم ينزلونهم عىل منازلهم املعدة لهم يف جوار أستاذيهم أنوارهم فرفعتهم إىل العلو حتى يحاذي بهم فرق

من شعاع تلك التيدان يبقى ناصب من النواصب يصيبه وبحرضة أئتهم الذين كانوا إليهم يدعون ، وال ومعلميهم ،

لن�ان ، فتحملهم حتى تدفعهم إىلعليه أشد من لهب ا إال عميت عيناه ، وصمت أذناه ، وأالرس لسانه ، وتحول

سواء الدحيم. الزبانية ، فتدعوهم إىل

ر ومناسبة للرسالة .لالالتصا فهذه نبذة م� ورد يف فضائل العلم من الحديث ، اقترصنا عليها إيثارا

Page 17: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۷

من الحکمة القدیمة شواهد

[ يف فضل العلم من الكتب السالفة والحكم القد�ة ]

ومن الحكمة القدكة :

قال لق�ن البنه :

فاجلس معهم ، فإن تكن عاملا نفعك علمك وإن تكن يا بني االرت املدالس عىل عينك ، فإن رأيت قوما يذكرون هللا

فإن تكن أن يظلهم برحمته فتعمك معهم ، إذا رأيت قوما ال يذكرون هللا فال تدلس معهم ، هللاجاهال علموك ، ولعل

يظلهم بعقوبة فتعمك معهم . عاملا ينفعك علمك ، وإن كنت جاهال يزيدوك جهال ، ولعل هللا أن

ويف التوراة : قال هللا تعاىل ملوىس عليه السالم :

فتعلمها ثم اعمل بها ، ثم أبدلها ك تنال ة يف قلب أحد إال وأردت أن أغفر له ،عظم الحكمة ، فإ� ال أجعل الحكم

ذلك كرامتي يف الدنيا واآلالرة ب

ويف الزبور :

تقيا ، فحادثوا العل�ء ، فإن تددوا قل ألحبار بني إاائيل ورهبانهم : حادثوا من الناس األتقياء فإن تددوا فيهم

والعقل ثالث مراتب ما جعلت واحدة منهن يف اللقي ، وأنا أريد هالكه . العقالء ، فإن التقى والعلمعاملا ، فحادثوا

: قيل

الخشية ال تحصل إال بالعلم ، ولذلك قدم العلم وإ�ا قدم التقى ، الن التقى ال يوجد بدون العلم ، ك� تقدم من أن

يكون عاقال . عىل العقل ، الن العا البد وأن

اإلنديل قال هللا تعاىل يف السورة السابعة عرشة منه :يف

وتعلموه ، فإن العلم إن يسعد ويل ملن سمع بالعلم و يطلبه ، كيف يحرش مع الدهال إىل النار ! ؟ اطلبوا العلم

لوا : نخاف أن يغنكم يفقركم ، وإن ينفعكم يرضكم ، وال تقو كم يشقكم ، وإن يرفعكم يضعكم ، وإن

ال يخزيه ، إن هللا ولكن قولوا : نرجو أن نعلم ونعمل ، والعلم يشفع لصاحبه ، وحق عىل هللا أن نعلم ، فال نعمل ،

فيقولون : ظننا أن يرحمنا ويغفر لنا . فيقول تعاىل : تعاىل يقول يوم القيامة : يا معرش العل�ء ! ما ظنكم بربكم ؟

عبادي إىل تودعتكم حكمتي ال لرش أردته بكم ، بل لخ� أردته بكم ، فاداللوا يف صالحاس فإ� قد فعلت ، إ� قد

. جنتي برحمتي

السالم : وقال مقاتل بن سلي�ن . وجدت يف اإلنديل : أن هللا تعاىل قال لعيىس عليه

مس عىل الكواكب ، كفضل الش عظم العل�ء واعرف فضلهم . فإ� فضلتهم عىل جميع اللقي إال النبي� واملرسل� ،

شئ. وكفضل اآلالرة عىل الدنيا ، وكفض عىل كل

ومن كالم املسيح عليه السالم :

Page 18: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۸

من علم وعمل فذاك يدعى عظي� يف ملكوت الس�ء .

شواهد من اآلثار

[ يف فضل العلم من اآلثار وتحقيقات بعض العل�ء ]

ألف ركعة تطوعا. نتعلمه أحب إلينا منومن اآلثار عن أب ذر ريض هللا عنه : باب من العلم

وقال : سمعنا رسول هللا صىل هللا عليه وآله ، يقول :

مات شهيدا . -وهو عىل هذه الحال -إذا جاء املوت طالب العلم

وإن كان معينا ، والقرب وإن كان قصيا ، وعن وهب بن منبه: يتشعب من العلم الرشف وإن كان صاحبه دنيا ، والعز

ضيعا ، والسالمة وإن كان سقي� .حق�ا ، واملهابة وإن كان و وإن كان فق�ا ، والنبل وإن كانوالغنى

كوت ؟ كذا القلب إذا منع عنه العلم والفكر : أليس املريض إذا منع عنه الطعام والرشاب والدواء وقال بعض العارف�

والحكمة كوت.

كرامات : ينال فضل املتعلم� ، وتحبس عنه ظ من علمه فله سبعوقال آالر : من جلس عند العا ، و يطق الحف

عليه إذا الرج من منزله طالبا للعلم ، وإذا جلس يف حلقة العا نزلت الرحمة الذنوب ما دام عنده ، وتنزل الرحمة

. فحصل له منها نصيب ، وما دام يف االست�ع يكتب له طاعة ، وإذا استمع و يفهم عليه ،

أنا عند املنكرسة بحرمانه عن إدراك العلم ، فيص� ذلك الغم وسيلة إىل حرضة اللهتعاىل ، لقوله تعاىل : ضاق قلبه

.قلوبهم

طبيعته إىل العلم ، ولهذا أمر صىل هللا وير إعزاز املسلم� للعا وإذاللهم للفساق ، ف�د قلبه عن الفسق ، وتيل

عليه وآله بدالسة الصالح� .

: من جلس مع ثانية أصناف من الناس زاده هللا ثانية أشياء : وقال أيضا

حصل له الشكر والرضا بقسم هللا تعاىل ، ومع من جلس مع األغنياء زاده هللا حب الدنيا والرغبة فيها ، ومع الفقراء

اللهو واملزاح ومع من والكرب ، ومع النساء زاده هللا الدهل والشهوة ، ومع الصبيان ازداد السلطان زاده هللا القسوة

ومع الصالح� ازداد رغبة يف الطاعات ، ومع العل�ء ازداد الفساق ازداد من الدرأة عىل الذنوب وتسويف التوبة ،

من العلم.

الفراسة ، ويوسف علم التعب� ، وداود صنعة علم هللا تعاىل سبعة نفر سبعة أشياء : آدم األس�ء كلها ، والخرض علم

وعيىس التوراة واإلنديل : سلي�ن منطق الط� ،الدروع ، و

" ويعلمه الكتاب والحكمة والتورية واإلنديل "

Page 19: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۹

هللا عليه وآله علم الرشع والتوحيد وعلمك ما تكن تعلم ومحمدا صىل

الرحمن علم القرآن والحكمة "، " ويعلمهم الكتاب

والرفعة عليهم ، وعلم الخرض كان سببا لوجود موىس تلميذا له املالئكة له فعلم آدم عليه السالم كان سببا يف سدود

كان سببا لوجدان األهل عليه� السالم ، وتذل له ك� يستفاد من اآليات الواردة يف القصة ، وعلم يوسف ويوشع

بة ، وعلم والدرجة ، وعلم سلي�ن كان سبب وجدان بلقيس والغل واململكة واالجتباء ، وعلم داود كان سببا للرئاسة

. الشفاعة سببا لزوال التهمة عن أمة ، وعلم محمد صىل هللا عليه وآله كان سببا يف عيىس كان

العا يف دعواه رزق الحكمة ، والزاهد الدنة يف أيدي أربعة : العا ، والزاهد ، والعابد ، واملداهد ، فإذا صدق طريق

الثناء . يرزق االمن ، والعابد الخوف ، واملداهد

شواهد من العل�ء و الحک�ء

استولت املعرفة اإللهية عىل قلبه فصار : العل�ء ثالثة : عا بال غ� عا بلمر هللا ، فهو عبد قال بعض املحقق�

، فال يتفرغ لتعلم علم االحكام إال ما البد منه ، وعا بلمر هللا غ� ما بال مستغرقا بشاهدة نور الدالل والكربياء ،

وعا بال وبلمر هللا ، فهو جالس الذي عرف الحالل والحرام ودقائق االحكام ، لكنه ال يعرف أاار جالل هللا ، وهو

املحسوسات ، فهو تارة مع هللا بالحب له ، وتارة مع الخلق بالشفقة عىل الحد املشرتك ب� عا املعقوالت ، وعا

مشتغال بذكره صار معهم كواحد منهم ، كلنه ال يعرف هللا ، وإذا الال بربهمن ربه إىل الخلق والرحمة ، فإذا رجع

وهو املراد بقوله صىل هللا عليه وآله : والدمته ، فكلنه ال يعرف الخلق ، فهذا سبيل املرسل� والصديق� ،

سائل العل�ء ، والالط الحك�ء ، وجالس الكرباء.

العامل� بال ، فلمر بسائلتهم عند الحاجة العل�ء " العل�ء بلمر هللا تعاىل غ�فاملراد بقوله صىل هللا عليه وآله " سائل

بال الذين ال يعلمون أوامر هللا ، فلمر بخالطتهم ، وأما الكرباء ، فهم إىل االستفتاء ، وأما الحك�ء فهم العاملون

ثالث عالمات : فللعا آلالرة ، ولكل واحد من الثالثةفلمر بدالستهم ، الن يف مدالستهم ال� الدنيا وا العاملون به� ،

دون الرب ، واالستحياء من الناس يف الظاهر وال يستحيي بلمر هللا : الذكر باللسان دون القلب ، والخوف من الخلق

ء ال الوف الرجا بال ذاكر الائف مستحي ، أما الذكر فذكر القلب ال اللسان ، والخوف الوف من هللا يف الرس . والعا

بال وأمره له ستة أشياء : الثالثة املذكورة للعا املعصية ، والحياء حياء ما يخطر عىل القلب ال حياء الظاهر . والعا

جالسا عىل الحد املشرتك ب� عا الغيب وعا الشهادة ، وكونه معل� للمسلم� ، بال فقط ، مع ثالثة أالر : كونه

وبلمر هللا كمثل الشمس ال تزيد وال ريقان األوالن إليه ، وهو مستغن عنه� . فمثل العا بالوكونه بحيث يحتاج الف

يكمل تارة وينقص أالر ، ومثل العا بلمر هللا كمثل الرساج يحرق نفسه تنقص ، ومثل العا بال فقط ، كمثل القمر

ويضئ لغ�ه.

Page 20: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۰

الفصل الثانی : شواهد عقلیة

عىل فضل العلم ] [ يف دليل العقل

وأما دليل العقل فنذكر منه وجه� :

بلن املوجود أرشف من املعدوم ، بل أحده� : أن املعقوالت تنقسم إىل موجودة ومعدومة . والعقول السليمة تشهد

حساس ج�د ونام ، والنامي أرشف من الد�د . ثم النامي ينقسم إىل ال رشف للمعدوم أصال . ثم املوجود ينقسم إىل

العاقل أرشف من غ�ه . ثم والحساس أرشف من غ�ه . ثم الحساس ينقسم إىل عاقل وغ� عاقل ، وال شك أن وغ�ه ،

أرشف من الداهل . فتب� بذلك أن العا أرشف املعقوالت العاقل ينقسم إىل عا وجاهل ، وال شبهة يف أن العا

يلحق بالواضحات . واملوجودات وهذا أمر

وقسم عكسه ، وقسم يرضيانه ، وقسم ال : أن األمور عىل أربعة أقسام : قسم يرضاه العقل ، وال ترضاه الشهوةوالثا�

الدنيا ، والثا� : املعايص أجمع ، والثالث : العلم ، والرابع : الدهل . يرضيانه ، فاألول : كاألمراض واملكاره يف

بالنار ، كذا ال يرضيان بالدهل ، فك� أن العقل والشهوة ال يرضيان فمنزل العلم من الدهل بنزلة الدنة من النار ،

ريض بالعلم فقد الاص يف جنة حارضة ، و [ من ريض ] بالدهل وك� أنه� يرضيان بالدنة ، كذا يرضيان بالعلم ، فمن

حارضة . فقد ريض بنار

ها .ثم من االتار العلم يقال له بعد املوت : تعودت املقام يف الدنة فادالل

ولآلالر : تعودت النار فاداللها .

وك�ل األ يف البعد عن املحبوب ، والدليل عىل أن العلم جنة ، والدهل نار أن : ك�ل اللذة يف إدراك املحبوب ،

جزء ، واملحبوب من تلك األجزاء هو االجت�ع . واالحراق بالنار أشد فالدراحة إ�ا تؤ ، ألنها تبعد جزء من البدن عن

جميع األجزاء ، وتقتيض الدرح ، الن الدرح ال يفيد إال تبعيد جزء مع� عن جزء مع� ، والنار تغوص يف يالما منإ

تبعيد بعض االجزاء عن بعض.

واملدرك أبقى وأنقى ، فاللذة أرشف . وال وإذا تقرر ذلك ، فكل� كان االدراك أغوص وأشد ، واملدرك أرشف وأكمل ،

أرشف من البدن ، وأن إدراك العقل أغوص وأرشف ، وأما املعلوم فال شك أنه الروح ، وهو شك أن محل اللذة هو

تكليفاته ، وأي معلوم أرشف من أرشف ، ألنه هو هللا رب العامل� ، وجميع مخلوقاته من املالئكة وغ�هم ، وجميع

ذلك ؟ !

ونفاسة ذاته . ولنقترص من املقدمة وعظم جوهره ،فإذا قد تطابق العقل والنقل عىل رشف العلم ، وارتفاع محله ،

عىل هذا القدر .

Page 21: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۱

الباب امول

يف آداب املعلم واملتعلم

وهي ثالثة أنواع

[ النوع امول : آداب اشرتكا فيها ]

[ النوع الثا� : آداب يختص بها املعلم ]

[ النوع الثالث : آداب يختص بها املتعلم ]

Page 22: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۲

النوع امول

اشرتكا فيهاآداب

وهي قس�ن : آدابه� يف أنفسه� ، وآدابه� يف مدلس الدرس .

القسم امول

آدابه� يف أنفسه�

مدار االع�ل عىل النيات ، وبسببها [ األمر األول ] أول ما يدب عليه� إالالص النية ل تعاىل يف طلبه وبذله ، فإن

رة ال يعلم قيمتها لعظم قدرها ، وتارة وبال عىل صاحبه ، مكتوب يف جوه يكون العمل تارة الزفة ال قيمة لها ، وتارة

السيئات وإن كان بصورة الواجبات . ديوان

نفسه ، وإرشاد عباده إىل معا دينه ، وال فيدب عىل كل منه� أن يقصد بعمله وجه هللا تعاىل وأمثال أمره ، وإصالح

هرة أو تيز عن األشباه أو املفاالرة لالقران أو الرتفع عىل االالوان أو جاه أو ش يقصد بذلك غرض الدنيا من تحصيل مال

وتفوت الدار اآلالرة والثواب ونحو ذلك من األغراض الفاسدة التي تثمر الخذالن من هللا تعاىل وتوجب املقت ، ،

الدائم ، فيص� من

يحسنون صنعا . األالرسين أع�ال ، الذين ضل سعيهم يف الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهمب

قال هللا تعاىل : واالمر الدامع لالالالص تصفية الرس عن مالحظة ما سو هللا تعاىل بالعبادة ،

فا عبد هللا مخلصا له الدين أال هللا الدين الخالص ،

وقال تعاىل :

وما أمروا إال ليعبدوا هللا مخلص� له الدين حنفاء .

إىل قوله : وذلك دين القيمة ،

تعاىل :وقال

فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمال صالحا وال يرشك بعبادة ربه أحدا

. قيل : نزلت يف من يعمل العمل ، ويحب أن يحمد عليه

وقال تعاىل :

. منها وماله يف اآلالرة من نصيب من كان يريد حرث اآلالرة نزد له يف حرثه ، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته

وقال :

Page 23: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۳

. مذموما مدحورا العاجلة عدلنا له فيها ما نشاء ملن نريد ثم جعلنا له جهنم يصليها من كان يريد

وقال النبي صىل هللا عليه وآله :

فهدرته إىل هللا ورسوله ، ومن كانت إ�ا األع�ل بالنيات وإ�ا لكل امرئ ما نو ، فمن كانت هدرته إىل هللا ورسوله

. فهدرته إىل ما هاجر إليه كحها ،هدرته إىل دنيا يصيبها أو امرأة ين

بلن كسب . ووجهه بعض الفضالء العلم وهذا الخرب من أصول االسالم ، وأحد قواعده وأول دعائه . قيل : وهو ثلث

بخالف فالنية أحد أقسام كسبه الثالثة ، وهي أرجحها ، ألنها تكون عبادة بانفرادها العبد يكون بقلبه ولسانه وبنانه ،

القسم� اآلالرين .

تنبيها للمطلع عىل حسن النية وكان السلف وج�عة من تابعيهم يستحبون استفتاح املصنفات بهذا الحديث

. وتصحيحها ، واهت�مه بذلك واتنائه به

وقال صىل هللا عليه وآله :

. نية املؤمن ال� من عمله . ويف لفظ آالر : أبلغ من عمله

وقال صىل هللا عليه وآله :

. إ�ا يبعث الناس عىل نياتهم

مخربا عن جربئيل عن هللا عز وجل أنه قال : -وقال صىل هللا عليه وآله

. االالالص ا من أااري ، استودعته قلب من أحببت من عبادي

وقال صىل هللا عليه وآله :

قال : ف� عملت فيها ؟ قال : فعرفها ، إن أول الناس يق يوم القيامة عليه رجل استشهد فلت به ، فعرفه نعمه ،

ولكنك قاتلت ليقال جرئ ، فقد قيل ذلك . ثم أمر به ، فسحب عىل قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبت .

فعرفها ، قال : ف� عملت فيها ألقي يف النار . ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن فلت به فعرفه نعمه ، وجهه حتى

قال : كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال : عا ، وقرأت القرآن ليقال : علمته وقرأت فيك القرآن .؟ قال : تعلمت العلم و

فقد قيل ذلك . ثم أمر به ، فسحب عىل وجهه حتى ألقي يف النار. قارئ القرآن ،

وقال صىل هللا عليه وآله :

الدنيا يدد عرف الدنة يوم ا منمن تعلم عل� م� يبتغى به وجه هللا عز وجل ، ال يتعلمه إال ليصيب به غرض

القيامة.

وقال صىل هللا عليه وآله :

من تعلم عل� لغ� هللا وأراد به غ� هللا فليتبوأ مقعده من النار.

Page 24: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲٤

وقال صىل هللا عليه وآله :

النار. ويف رواية : الناس إليه أدالله هللا من طلب العلم ليداري به العل�ء أو لي�ري به السفهاء ، أو يرصف به وجوه

فليتبوأ مقعده من النار.

قال صىل هللا عليه وآله :

الناس إليكم ، وابتغوا بقولكم ما عند هللا به وجوه ال تعلموا العلم لت�روا به السفهاء ، وتدادلوا به العل�ء ، ولترصفوا

أحالس البيوت ، اج الليل ، جدد القلوبينابيع الحكمة ، مصابيح الهد ، فإنه يدوم ويبقى ، وينفذ ما سواه . كونوا

. اللقان الثياب ، تعرفون يف أهل الس�ء وتخفون يف أهل األرض

وقال صىل هللا عليه وآله :

ليرصف به وجوه الناس إليه ، أو يلالذ من طلب العلم ألربع دالل النار : ليباهي به العل�ء ، أو كاري به السفهاء ، أو

به من األمراء.

هللا عليه وآله : وقال صىل

. ما ازداد عبد عل� ، فازداد يف الدنيا رغبة إال ازداد من هللا بعدا

وقال صىل هللا عليه وآله :

. كل علم وبال عىل صاحبه يوم القيامة إال من عمل به

وقال صىل هللا عليه وآله :

أشد الناس عذابا يوم القيامة عا ينفعه علمه .

وآله :وقال صىل هللا عليه

. . ويف راوية : كمثل الرساجنفسه مثل الذي يعلم الناس الخ� ، وينىس نفسه مثل الفتيلة تضئ للناس وتحرق

وقال صىل هللا عليه وآله :

و يرش به ثنا ، فذلك يستغفر له عل�ء هذه األمة رجالن : رجل آتاه هللا عل� فبذله للناس ، و يلالذ عليه طع� ،

ويقدم عىل هللا سيدا رشيفا حتى يرافق املرسل� ، ورجل آتاه هللا ودواب الرب ، والط� يف جو الس�ء ، حيتان البحر ،

من نار ، وينادي مناد : عن عباد هللا ، وأالذ عليه طع� ، ورش به ثنا فذلك يلدم يوم القيامة بلدام عل� فبخل به

عليه طع� ، واشرت به ثنا ، وكذلك حتى يفرغ من الحساب وأالذهذا الذي أتاه هللا عل� ، فبخل به عن عباد هللا ،

وقال صىل هللا عليه وآله :

من كتم عل� ألدمه هللا بلدام من نار.

Page 25: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲٥

وقال صىل هللا عليه وآله :

هللا عىل ابن آدم. العلم عل�ن : فعلم يف القلب فذاك العلم النافع ، وعلم عىل اللسان فذاك حدة

عليه وآله :وقال صىل هللا

املرشك ، فيقمعه كفره . ولكن أتخوف إ� ال أتخوف عىل أمتي مؤمنا وال مرشكا . فلما املؤمن ، فيحدزه إكانه ، وأما

. ما تعرفون ، ويعمل ما تنكرون عليكم منافقا عليم اللسان ، يقول

وقال صىل هللا عليه وآله :

. إن أالوف ما أالاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان

وقال صىل هللا عليه وآله :

. أال إن رش الرش رشار العل�ء ، وإن ال� الخ� اليار العل�ء

وقال صىل هللا عليه وآله :

من قال أنا عا فهو جاهل .

وقال صىل هللا عليه وآله :

القرآن ، يقولون : قرأنا بعدكم أقوام يقرؤون يظهر الدين حتى يداوز البحار ، وتخاض البحار يف سبيل هللا ، ثم يلت من

أعلم منا ؟ ثم التفت إىل أصحابه فقال : هل يف أولئك من ال� ؟ قالوا : ال . القرآن من أقرأ منا ، ومن أفقه منا ، ومن

أولئك منكم من هذه األمة ، وأولئك هم وقود النار. قال :

االولفصل

وبذله ][ ما روي عن طريق الخاصة يف لزوم االخالص يف طلب العلم

ومن طريق الخاصة رو الكليني بإسناده إىل ع عليه السالم قال :

فمن اقترص من الدنيا عىل ما أحل قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : منهومان ال يشبعان : طالب دنيا ، وطالب علم ،

لم من أهله وعمل به ندا ، ومن أن يتوب ويراجع . ومن أالذ الع هللا له سلم ، ومن تناولها من غ� حلها هلك ، إال

. حظه أراد به الدنيا فهي

وبإسناده إىل الباقر عليه السالم :

الناس إليه ، فليتبوأ مقعده من النار ، من طلب العلم ليباهي به العل�ء ، أو كاري به السفهاء ، أو يرصف به وجوه

إن الرئاسة ال تصلح إال ألهلها .

Page 26: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲٦

ليه السالم قال :وبإسناده إىل أب عبد هللا ع

. ٣اآلالرة أعطاه هللا ال� الدنيا واآلالرة من أراد الحديث ملنفعة الدنيا يكن له يف اآلالرة نصيب ، ومن أراد به ال�

وعنه عليه السالم :

ما أحب . وقال : أوحى هللا تعاىل إىل إذا رأيتم العا محبا للدنيا ، فاتهموه عىل دينكم ، فإن كل محب لشئ يحوط

مفتونا بالدنيا ، فيصدك عن طريق محبتي ، فإن أولئك قطاع طريق داود عليه السالم : ال تدعل بيني وبينك عاملا

. املريدين ، إن أد ما أنا صانع بهم أن أنزع حالوة مناجات من قلوبهم عبادي

وعنه عليه السالم قال :

قيل : يا رسول هللا ! وما دالولهم يف ما يداللوا يف الدنيا ،قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : الفقهاء أمناء الرسل

. فاحذروهم عىل دينكم الدنيا ؟ قال : اتباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك

وعنه عليه السالم قال :

وصنف يطلبه لالستطالة والختل ، طلبة العلم ثالثة ، فاعرفوهم بلعيانهم وصفاتهم : صنف يطلبه للدهل واملراء ،

واملراء مؤذ م�ر ، متعرض للمقال يف أندية الرجال ، بتذاكر العلم ف يطلبه للتفقه والعمل : فصاحب الدهلوصن

حيزومه . وصاحب قد ترسبل بالخشوع ، وتخىل من الورع ، فدق هللا من هذا اليشومه وقطع منه وصفة الحلم ،

ويتواضع لألغنياء من دونه ، فهو لحلوانهم هاضم ، أشباهه ، االستطالة والختل ذو الب وملق ، يستطيل عىل مثله من

التفقه ] والعمل ذو هللا عىل هذا الربه ، وقطع من آثار العل�ء أثره ، وصاحب الفقه [ خ ل : ولدينه حاطم ، فلعمى

ويخىش وجال داعيا مشفقا مقبال عىل شلنه كآبة وحزن وسهر ، قد تحنك يف برنسه ، وقام الليل يف حندسه ، يعمل

. أوثق إالوانه ، فشد هللا من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أمانه ارفا بلهل زمانه ، مستوحشا منع

قال : ورو الصدوق يف كتاب " الخصال " بإسناده إىل أب عبد هللا عليه السالم

ومن العل�ء من األول من النار ، إن من العل�ء من يحب أن يدمع علمه ، وال يحب أن يؤالذ عنه ، فذاك يف الدرك

الدرك الثا� من النار ، ومن العل�ء من ير أن يضع العلم عند ذوي الثوة إذا وعظ أنف ، وإذا وعظ عنف ، فذاك يف

العل�ء من يذهب يف علمه مذهب والرشف وال ير له يف املساك� وضعا ، فذاك يف الدرك الثالث من النار ، ومن

قرص يف شئ من أمره غضب ، فذاك يف الدرك الرابع من النار ، ومن ه و [ خ ل : أو ]الدبابرة والسالط� ، فإن رد علي

الدرك الخامس من النار ، ومن يطلب أحاديث اليهود والنصار ليغزر به علمه ويكث به حديثه ، فذاك يف العل�ء من

ال يحب املتكلف� ، فذاك يف الدرك ال يصيب حرفا واحدا ، وهللا العل�ء من يضع نفسه للفتيا ويقول : سلو� . ولعله

. فذاك يف الدرك السابع من النارالنار ، ومن العل�ء من يتخذ العلم مروة وعقال السادس من

Page 27: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۷

الفصل الثانی

من احادیث امنبیاء و الرسل

[ يف لزوم االخالص من اآلثار وكالم امنبياء ]

وعن النبي صىل هللا عليه وآله :

يا طالب العلم إن القائل أقل ماللة السالم لقي الخرض عليه السالم فقال : أوصيني . فقال : الخرض :أن موىس عليه

واعلم أن قلبك وعاء ، فانظر ماذا تحشو به وعاءك ، واعرف الدنيا من املستمع ، فال تل جلساءك إذا حدثتهم ،

ليتزودوا منها للمعاد . وإنها جعلت بلغة للعبادوراءك ، فإنها ليست لك بدار ، وال لك فيها محل قرار ، وانبذها

ورض نفسك عىل الصرب تخلص من يا موىس ! وطن نفسك عىل الصرب تلق الحلم ، وأشعر قلبك التقو تنل العلم ،

االثم .

املنطق باملنطق مهذارا ، إن كثة يا موىس ! تفرغ للعلم إن كنت تريده ، فإ�ا العلم ملن تفرغ له ، وال تكونن مكثارا

عليك بذي اقتصاد ، فإن ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن تش� العل�ء ، وتبدئ مساوئ السخفاء ، ولكن

عنه سل� ، وجانبه عن السفهاء ، فإن ذلك فضل الحل�ء وزين العل�ء ، إذا شتمك الداهل فاسكت الدهال ، واحلم

حزما ، فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكث .

يا ابن عمران ! ال تفتحن بابا ال تدري ما غلقه ، وال تغلقن بابا ال تدري ما فتحه .

عابدا ؟ من يحقر حاله ويتهم هللا با يا ابن عمران ! من ال تنتهي عن الدنيا نهمته ، وال تنقيض فيها رغبته كيف يكون

ق له كيف يكون زاهدا ؟

غ�ك نوره. لمه لتحدث به ، فيكون عليك بوره ، ويكون عىليا موىس ! تعلم ما تعلم لتعمل به ، وال تع

ومن كالم عيىس عليه السالم :

إال بالعمل ؟ وإنكم عل�ء تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغ� عمل ؟ وال تعملون لآلالرة ، وأنتم ال ترزقون فيها

وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العمل أن يطلب عمله ، السوء ، االجر تلالذون والعمل تضيعون ؟ يوشك رب

وضيقه ، هللا تعاىل نهاكم عن الخطايا ك� أمركم بالصيام والصالة . كيف يكو�ن أهل العلم العريضة إىل ظلمة القرب

وقدرته ، كيف يكون من أهل العلم من اتهم هللا في� من سخط رزقه واحتقر منزلته ؟ وقد علم أن ذلك من علم هللا

دنياه ، أصابه ؟ كيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر من آالرته ، وهو مقبل عىل رىض شيئاق له ، فليس ي

. الكالم ليخرب به ، وال يطلب ليعمل به ؟ وما يرضه أحب إليه م� ينفعه ؟ كيف يكون من أهل العلم من يطلب

ومن كالمه صلوات هللا عليه :

ويل لعل�ء السوء تصىل عليهم النار.

Page 28: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۸

ال :ثم ق

شئ منها إال وجدت فاجرا قد سبقك اشتدت مؤونة الدنيا ، ومؤونة اآلالرة ، أما مؤونة الدنيا ، فإنك ال تد يدك إىل

يعينونك عليها . إليه ، وأما مؤونة اآلالرة ، فإنك ال تدد أعوانا

وأوحى هللا تعاىل إىل داود :

أولئك قطاع طريق عبادي املريدين ، عن طريق محبتي ، فإنيا داود ال تدعل بيني وبينك عاملا مفتونا بالدنيا فيصدك

. مناجات من قلوبهم إن أد ما أنا صانع بهم أن أنزع حالوة

. من عرض الدنيا يدد ريح الدنة وعن أب ذر ريض هللا عنه قال : من تعلم عل� من علم اآلالرة ل�يد به عرضا

الفصل الثالث

فی درجة اإلخالص

الشيطان وأهمية االخالص ][ يف مكايد

املعنى صعبة املرتقى ، يحتاج طالبها إىل عظيمة املقدار كث�ة االالطار دقيقة -وهي درجة االالالص -هذه الدرجة

وكيف ال يكون كذلك ، وهو مدار القبول ، وعليه يرتتب الثواب ، وبه نظر دقيق ، وفكر صحيح ، ومداهدة تامة .

وتعب العا ، وجد املداهد .عبادة العابد ، تظهر ثرة

وشوائب الفساد إليه متوجهة ، ولو فكر االنسان يف نفسه ، وفتش عن حقيقة عمله لوجد االالالص فيه قليال ،

فإن الباعث األكثي سي� يف االبتداء لباغي العلم طلب الداه والقواطع عليه مرتاكمة ، سي� املتصف بالعلم وطالبه ،

وربا يلبس عليهم نتشار الصيت ، ولذة االستيالء ، والفرح باالستتباع ، واستثارة الحمد والثناء ،وا واملال والشهرة ،

عن الرشع الذي رشعه رسول هللا صىل هللا عليه وآله . الشيطان مع ذلك ، ويقول لهم : غرضكم نرش دين هللا ، والنضال

حاال ، بحيث يرصف الناس عنه ، فلينظر عل� منه وأحسن واملظهر لهذه املقاصد يتب� عند ظهور أحد من االقران أكث

واملعتقد لفضله أحسن ، وهو له أكث احرتاما ، وبلقائه أشد استبشارا ممن كيل حينئذ : فإن كان حاله مع املوقر له ،

نتهى االمر ال يدري كيف ، وربا ا غ�ه مع كون ذلك الغ� مستحقا للمواالة ، فهو مغرور وعن دينه مخدوع وهو إىل

عىل أحدهم أن يختلف بعض تالمذته إىل غ�ه وإن كان يعلم أنه بلهل العلم إىل أن يتغايروا تغاير النساء فيشق

ومستفيد منه يف دينه . منتفع بغ�ه

منها ، وهو مغرور يف ذلك ، وإ�ا ينكشف وهذا رشح الصفات املهلكة املستكنة يف ا القلب التي يظن العلم النداة

ه العالمات ونحوها .بهذ

أو معينا عىل التعليم لشكر هللا تعاىل ولو كان الباعث له عىل العلم هو الدين لكان إذا ظهر غ�ه رشيكا ، أو مستبدا

أوتاد األرض ، ومرشدي الخلق ، ومعلميهم دين هللا تعاىل ومحيي سنن إذ كفاه وأعانه عىل هذا املهم بغ�ه ، وكث

املرسل� .

Page 29: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۲۹

عنك ، ال النرصاف وجوه الناس إىل غ�ك ، إذ س الشيطان عىل بعض العامل� ويقول : إ�ا غمك النقطاع الثوابوربا لب

وأالذوا عنك لكنت أنت املثاب ، واغت�مك لفوات الثواب محمود . وال يدري لو رجعوا إليك أو اتعظوا بقولك ،

وأعود عليه يف اآلالرة من انفراده . فضل ] أجزل ثوابا ،املسك� أن انقياده للحق وتسليمه االمر األفضل [ خ ل : أل

واالتصاص أهلها بها ، لكانوا مذموم� يف وليعلم أن أتباع األنبياء واألئة لو اغتموا من حيث فوات هذه املرتبة لهم

الدين .االمر إىل أهله أفضل األع�ل بالنسبة إليهم ، وأعود عليهم يف الغاية ، بل انقيادهم إىل الحق وتسليم

الشيطان ، ويحدث نفسه بلنه لو ظهر وهذا كله من غرور الشيطان والدعه ، بل قد ينخدع بعض أهل العلم بغرور

نفسه قبل التدربة واالمتحان غرور ، فإن النفس سهلة القياد يف الوعد من هو أوىل منه لفرح به ، وإالباره بذلك عن

تعاىل وذلك ال يعرفه مر تغ� ، ورجع ، و يف بالوعد إال من عصمه هللاقبل نزول االمر . ثم إذا دهاه اال بلمثال ذلك

. اإال من عرف مكايدة النفس ، وطال اشتغاله بامتحانه

أرباب القلوب ، فإن يددهم ، فمن ومن أحس يف نفسه بهذه الصفات املهلكة ، فالواجب عليه طلب عالجها من

االمرين قد امتحى أثره ، وذهب مخربه ، و يبق إال الربه ، ويسلل هللا املعونة كتبهم املصنفة يف ذلك . وإن كان كال

واملدافعة مه� سئل ، إال أن يحصل والتوفيق . فإن عدز عن ذلك ، فالواجب عليه االنفراد والعزلة ، وطلب الخمول

عىل رشيطة التعلم والعلم .

العلوم ، والرب الدين من ب� الخلق ، لباب لو فتح الندرستوربا يلتيه الشيطان هنا من وجه آالر ، ويقول : هذا ا

االسالم باالالالص ، مع أن ع�رة الدين من أعظم الطاعات . فليدبه حينئذ بلن دين لقلة امللتفت إىل الرشائط واملتلبس

مة ، بل ينتهض ال يفرت عن عمله إىل يوم القيا ال يندرس بسبب ذلك ما دام الشيطان يحبب إىل الخلق الرئاسة ، وهو

اآلالرة ، ك� قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : لنرش العلم أقوام ال نصيب لهم يف

إن هللا يؤيد هذا الدين بلقوام ال الالق لهم .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

إن هللا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.

حب الداه والثناء والتعظيم ، فإن ذلك لق حق يرتب يف قلبهفال ينبغي أن يغرت بهذه التلبيسات ، فيشتغل بخالطة الخ

بذر النفاق ، وقال صىل هللا عليه وآله :

. حب الداه واملال ينبت النفاق يف القلب ك� ينبت البقل

وقال صىل هللا عليه وآله :

رء املسلم .دين امل ما ذئبان ضاريان أرسال يف زريبة غنم بلكث فسادا فيها من حب الداه واملال يف

الخالص منها ، فإن الفتنة والرضر بهذه فليكن فكره يف التفطن لخفايا هذه الصفات من قلبه ، ويف استنباط طريق

غ�ه براحل ، فإنه مقتد به في� يلت ويذر ، فيقول الداهل : لو كان ذلك الصفات من العا واملتعلم أعظم منها يف

أن ب� الذنب� بونا بعيدا ، فإن الداهل به منا . فيتلبسون بهذه األالالق الذميمة . إاللكان العل�ء أوىل باجتنا مذموما

Page 30: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۰

فعله وذنب من تلىس به واقتد بطريقته إىل يوم القيامة ، ك� ورد يف يلت القيامة بذنبه ، والعا يلت بذنبه الذي

األالبار الصحيحة.

الشاذ النادر املستثنى يف قوله تعاىل بحر عميق يغرق فيه الدميع إالبالدملة ، فمعرفة حقيقة االالالص ، والعمل به و

شديد التفقد واملراقبة لهذه الدقائق ، وإال التحق بلتباع الشياط� وهو ال : إال عبادك منهم املخلص� . فليكن العبد

يشعر .

والداهل همه الرواية ، وقد روي الرعاية ،واالمر الثا� : استع�ل ما يعلمه كل منه� شيئا فشيئا ، فإن العاقل همه

عن ع عليه السالم أنه قال :

ناج ، وعا تارك لعلمه ، فهذا هالك . قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : العل�ء رجالن : رجل عا آالذ بعلمه ، فهذا

ة وحرسة رجل دعا عبدا إىل هللا تباركالتارك لعلمه . وإن أشد أهل النار ندام وإن أهل النار ليتلذون من ريح العا

برتكه علمه ، واتباعه الهو ، وطول وتعاىل فاستداب له وقبل منه ، فلطاع هللا فلدالله الدنة ، وأدالل الداعي النار

. االمل ين اآلالرة االمل ، أما اتباع الهو فيصد عن الحق ، وطول

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

. يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب ك� يزل املطر عن الصفا إن العا إذا

عاد ليسلل مثلها ، فقال ع بن الحس� وجاء رجل إىل ع بن الحس� عليه� السالم فسلله عن مسائل ، فلجاب ، ثم

عليه� السالم :

إذا يعمل به يزد صاحبه إال العلم مكتوب يف اإلنديل : ال تطلبوا علم ما ال تعلمون وملا تعملوا با علمتم ، فإن

. كفرا ، و يزدد من هللا إال بعدا

وسلل املفضل بن عمر أبا عبد هللا عليه السالم فقال : بم يعرف الناجي ؟

قال :

. ذلك مستودع من كان فعله لقوله موافقا فلنت له بالشهادة ، ومن يكن فعله لقوله موافقا ، فإ�ا

من� عليه السالم يف كالم له الطبه عىل املنرب :وقال أم� املؤ

كالداهل الحائر الذي ال يستفيق عن أيها الناس إذا علمتم فاعلموا با علمتم لعلكم تهتدون ، إن العا العامل بغ�ه

والحرسة أدوم عىل هذا العا املنسلخ من علمه منها عىل هذا الداهل جهله ، بل قد رأيت أن الحدة عليه أعظم

ألنفسكم فتدهنوا ، وال جهله ، وكاله� حائر بائر ، ال ترتابوا فتشكوا ، وال تشكوا فتكفروا ، وال ترالصوا املتح� يف

الفقه أن ال تغرتوا ، وإن من أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه تدهنوا يف الحق فتخرسوا ، وإن من الحق أن تفقهوا ، ومن

طع هللا يلمن ويستبرش ، ومن يعص هللا يخب ويندم.أعصاكم لربه ، ومن ي ، وأغشكم [ لنفسه ]

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

Page 31: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۱

االنصات . قال : ثم مه يا رسول هللا ؟ قال جاء رجل إىل النبي صىل هللا عليه وآله فقال : يا رسول هللا ما العلم ؟ فقال :

ول هللا ؟ قال : العمل به . قال : ثم مه يا رسول هللا ؟ قال : قال : ثم مه يا رس ؟ االست�ع . قال : ثم مه ؟ قال : الحفظ .

. نرشه

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

عل� كث�ا ، فاستلذن موىس يف زيارة كان ملوىس بن عمران عليه السالم جليسا [ ظ : جليس ] من أصحابه قد وعى

ولكن إياك أن تركن إىل الدنيا ، فإن هللا قد حملك عل� فال تضيعه ،لحقا ، أقارب له ، فقال له موىس : إن لصلة القرابة

غيبته ، فسلل موىس عليه السالم عنه ، وتركن إىل غ�ه . فقال الرجل : ال يكون إال ال�ا . وم نحو أقاربه ، فطالت

ك به علم ؟ قال : نعم هو ذا السالم عنه فقال له : أالرب� عن جل فالن أل فلم يخربه أحد بحاله ، فسلل جربئيل عليه

مصاله يدعو هللا ، ويقول : يا عىل الباب قد مسخ قردا يف عنقه سلسلة . ففزع موىس عليه السالم إىل ربه ، وقام إىل

يا موىس لو دعوتني حتى تنقطع ترقوتاك ما استدبت لك فيه ، إ� رب صاحبي وجلي ؟ فلوحى هللا عز وجل إليه :

ضيعه ، وركن إىل غ�ه.ف كنت حملته عل� ،

ورو أبو بص� عن أب عبد هللا عليه السالم قال :

التواضع ، وعينه الرباءة من الحسد ، قال أم� املؤمن� عليه السالم : يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كث�ة ، فرأسه

األسباب واألمور ، ويده الرحمة ، الفحص ، وقلبه حسن النية ، وعقله معرفة وأدنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه

ومركبه الوفاء ، وسالحه زيارة العل�ء ، وهمته السالمة ، وحكمته الورع ، ومستقره النداة ، وقائده العافية ، ورجله

العل�ء ، وماله األدب ، وذال�ته اجتناب الذنوب ، ل� الكلمة ، وسيفه الرضا ، وقوسه املداراة ، وجيشه محاورة ،

املوادعة ، ودليله الهد ، ورفيقه محبة األاليار. املعروف ، وملواهورداؤه

الطويل عن الصادق عليه السالم : ٤ويف حديث عنوان البرصي

العلم ، فاطلب أوال يف نفسك ليس العلم بكثة التعلم إ�ا هو نور يقع يف قلب من يريد هللا أن يهديه ، فإذا أردت

هللا يفهمك. استع�له ، واستفهمحقيقة العبودية . واطلب العلم ب

امولفصل

منزلة العلم من العمل

[ يف أن الغرض من طلب العلم هو العمل ]

ليس إال ثرتها ، أما شدرتها بدون اعلم أن العلم بنزلة الشدرة ، والعمل بنزلة الثمرة ، والغرض من الشدرة املثمرة

االنتفاع بها يف أي وجه كان رضب من الثمرة بهذا املعنى . االستع�ل ، فال يتعلق بها غرض أصال ، فإن

أمرين : علم معاملة ، وعلم معرفة . فعلم وإ�ا كان الغرض الذات من العلم مطلقا العمل ، الن العلوم كلها ترجع إىل

ودة ، وكيفية من االحكام ، ومعرفة أالالق النفس املذمومة واملحم املعاملة هو معرفة الحالل والحرام ونظائره�

Page 32: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۲

آالت لهذه العلوم منها . وعلم املعرفة كالعلم بال تعاىل وصفاته وأس�ئه . وما عداه� من العلوم إما عالجها والفرار

تتبعها . وظاهر أن علوم املعاملة ال تراد إال للعمل ، بل أو يراد بها عمل من االع�ل يف الدملة ، ك� ال يخفى عىل من

يكن لها قيمة .لوال الحاجة إليه

وحفظها عن املعايص ، وإلزامها الطاعات ، : املحكم للعلوم الرشعية ونحوها ، إذا أهمل تفقد جوارحه وحينئذ فنقول

الواجبات إىل السنن اتكاال عىل اتصافه بالعلم ، وأنه يف نفسه هو املقصود ، وترقيها من الفرائض إىل النوافل ، ومن

ال يزيلها إال دواء مركب عن دينه ، ملبس عليه عاقبة أمره ، وإ�ا مثله مثل مريض به علةيف نفسه ، مخدوع مغرور

طلب الطبيب بعد أن هاجر عن وطنه حتى عث عىل طبيب من أالالط كث�ة ، ال يعرفها إال حذاق األطباء ، فسعى يف

دق كل التي منها تدلب وعلمه كيفيةوفصل له االالالط ، وأنواعها ومقاديرها ، ومعادنها حاذق ، فعلمه الدواء ،

حسنة بحسن الط ، ورجع إىل بيته ، وهو واحد منها ، وكيفية اللطها وعدنها ، فتعلم ذلك منه ، وكتب منه نسخة

و يشتغل برشبها واستع�لها ، أفرت أن ذلك يغني عنه من مرضه شيئا ؟ ! يكررها ويقرأها ، ويعلمها املرىض ،

ألف مرة يغنه ذلك من نسخة ، وعلمه ألف مريض حتى شفى جميعهم ، وكرره كل ليلةلو كتب منه ألف هيهات

ك� تعلم ، ويرشبه ، ويصرب عىل مرارته ، ويكون رشبه يف مرضه شيئا إىل أن يزن الذهب ، ويشرتي الدواء ويخلطه

فكيف إذا ر من شفائه ،االحت�ء ، وجميع رشوطه ، وإذا فعل جميع ذلك كله ، فهو عىل الط وقته ، وبعد تقديم

وأحكم علم املعايص الدقيقة والدليلة ، و يرشبه أصال ؟ هكذا الفقيه إذا أحكم علم الطاعات ، و يعمل بها ،

وما ز نفسه منها ، وأحكم علم األالالق املحمودة ، و يتصف بها ، فهو يدتنبها ، وأحكم عىل األالالق املذمومة ،

عن دينه ، إذ قال هللا تعاىل : نفسه مخدوع مغرور يف

قد أفلح من زكيها .

تعلم كيفية تزكيتها ، وكتب علمها ، وعملها الناس . و يقل : قد أفلح من

املرض ، وأما أنت فمطلبك القرب من وعند هذا يقول له الشيطان : ال يغرنك هذا املثال ، فإن العلم بالدواء ال يزيل

عليه األالبار الواردة يف فضائل العلم . فإن كان املسك� معتوها مغرورا يدلب الثواب ، ويتلوهللا تعاىل وثوابه ، والعلم

العلم ، وتنسيني ما ورد يف هواه ، فاط�ن إليه وأهمل ، وإن كان كيسا ، فيقول للشيطان : أتذكر� فضائل وافق ذلك

بلعم بن باعورا ، الذي كان يف حرضته اثنا عرش ألف مش�ا إىل يف وصفه -العا الذي ال يعمل بعلمه ، كقوله تعاىل

نظر ير العلم ، مع ما آتاه هللا من اآليات املتعددة التي كان من جملتها أنه كان بحيث إذا محربة يكتبون عنه ،

العرش ك� نقله ج�عة من العل�ء :

فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو ترتكه يلهث .

صف العا التارك لعلمه :وقوله تعاىل يف و

كمثل الح�ر -العمل بها مثل الذين حملوا التورية ثم يحملوها أي يفعلوا الغاية املقصودة من حملها ، وهو

يحمل أسفارا .

وآله : فلي الزي أعظم من تثيل حاله بالكلب والح�ر ؟ ! وقد قال صىل هللا عليه

د من هللا إال بعدا .من ازداد عل� ، و يزدد هد يزد

Page 33: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۳

وقال صىل هللا عليه وآله :

الرحا. ، فيدور به [ ظ : بها ] ك� يدور الح�ر يف ٥يلقى العا يف النار فتندلق أقتابه

وكقوله عليه السالم :

. رش الناس العل�ء السوء

م [ وال يعمل ] سبع مرات . أي إن يعل وقول أب الدرداء : ويل للذي ال يعلم مرة ، ولو شاء هللا لعلمه ، وويل للذي

في� علمت ؟ وكيف قضيت شكر هللا تعاىل ؟ العلم حدة عليه ، إذ يقال له : ما ذا عملت

وقال صىل هللا عليه وآله :

. إن أشد الناس عذابا يوم القيامة عا ينفعه هللا بعلمه

والذي أالرب بفضيلة العلم هو الذي أالرب أن يحىص .فهذا وأمثاله م� قد أسلفناه يف صدر هذا الباب وغ�ه أكث من

وأن حالهم عند هللا أشد من حال الدهال ، بذم العل�ء املقرصين يف العمل بعلمهم

أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض .

ضيع المر هللا تعاىل املهمل للعمل امل وأما علم املعرفة بال تعاىل ، وما يتوقف عليه من العلوم العقلية ، فمثل العا به

ملك ، فعرف امللك ، وعرف أالالقه وأوصافه ولونه وشكله وطوله وحدوده يف شدة غروره ، مثل من أراد الدمة

إال أنه قصد ومدلسه ، و يتعرف ما يحبه ويكرهه ويغضب عليه ، وما يرىض به ، أو عرف ذلك وعرضه وعادته

زي وهيلة وحركة وسكون ، فورد عىل عن جميع ما يحبه من الدمته ، وهو مالبس لدميع ما يغضب به ، وعاطل

به ، متلطخا بدميع ما يكرهه امللك ، عاطال من جميع ما يحبه ، متوسال امللك ، وهو يريد التقرب منه واالالتصاص

مثال العا بل هذا له ، ولنسبه واسمه وبلده وشكله وصورته ، وعادته يف سياسة غل�نه ومعاملة رعيته . إليه بعرفته

ترك هذا العا جميع ما عرفه ، واشتغل بلد معرفته وبعرفة بالقسم� معا ، التارك ملا يعرفه ، وهو ع� الغرور ، فلو

واتباعه للشهوات ذلك أقرب إىل نيله املراد من قربته واالالتصاص به . بل تقص�ه يف العمل ، ما يحبه ويكرهه ، لكان

إذ لو عرف هللا حق معرفته لخشيه واتقاه ، ك� نبه من املعرفة إال األسامي دون املعا� ، يدل عىل أنه ينكشف له

هللا عليه بقوله :

إ�ا يخىش هللا من عباده العل�ء.

إىل داود عليه السالم : وال يتصور أن يعرف األسد عاقل ، ثم ال يتقيه وال يخافه ، وقد أوحى هللا تعاىل

. لضاريالفني ك� تخاف السبع ا

األسد . ويف فاتحة الزبور : نعم من يعرف من األسد لونه وشكله واسمه قد ال يخافه ، وكلنه ما عرف

رأس الحكمة الشية هللا تعاىل .

Page 34: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳٤

الفصل الثانی

فی ووب تقصیر العال

[ يف الغرور يف طلب العلم واملغرتين من أهل العلم ]

الفقهاء من الصالة الصيام والدعاء وتالوة الرشيعة ، واستع�ل ما دونه وللعا يف تقص�ه يف العمل بعد أالذه بظواهر

أالر ، فإن االع�ل الواجبة عليه ، فضال عن غ� الواجبة ، غ� منحرصة في� ذكر ، القرآن ، وغ�ها من العبادات رضوب

واملناقشة عليه أعظم ، وهو بهمن الخارج عن األبواب التي رتبها الفقهاء ما هو أهم ، ومعرفته أوجب واملطالبة بل

والحسد والحقد ، وغ�ها من الرذائل املهلكات ، م� هو مقرر يف تطه� النفس عن الرذائل الخلقية : من الكرب والرئاء

وغ�ها . وكذا القول وحراسة اللسان عن الغيبة والنميمة ، وكالم ذي اللسان� ، وذكر عيوب املسلم� علوم تختص به ،

محالها ، البد لكل أحد من تعلمها وامتثال حكمها ، وهي الدوارح ، فإن لها أحكاما تخصها وذنوبا مقررة يفيف سائر

عل�ء الحقيقة كتاب البيوع واإلجارات وغ�ها من كتب الفقه ، بل ال بد من الرجوع فيها إىل تكليفات ال توجد يف

العامل� ، وكتبهم املدونة يف ذلك .

نفسه وإرضاء ربه تبارك وتعاىل . لعا بال تعاىل يف رضاه بالعلوم الرسمية ، وإغفاله إصالحوما أعظم اغرتار ا

العمل ، فقد ذكرنا وجه الغرور فيه ، وأن مثاله وغرور من هذا شلنه يظهر لك من حيث العلم ومن حيث العمل : أما

وهو بل مثاله مثال من به علة البواس� والربسام ،الدواء ، واشتغل بتكراره وتعليمه ، ال مثال املريض إذا تعلم نسخة

االستحاضة ، وتكرار ذلك ليال ونهارا ، مع مرشف عىل الهالك ، محتاج إىل تعلم الدواء واستع�له ، فاشتغل بتعلم دواء

غاية وال يستحيض ، ولكنه يقول : ربا يقع علة االستحاضة المرأة ، وتسللني عنه ، وذلك علمه بلنه رجل ال يحيض

ذكرناه . كذلك املتفقه املسك� ، قد تسلط الغرور ، حيث ترك تعلم الدواء النافع لعلته مع استع�له ، ويشتغل با

األرض ، والحسد والرئاء والغضب والبغضاء والعدب باالع�ل التي يظنها من عليه اتباع الشهوات ، واالالالد إىل

صىل هللا عليه وآله : املعايص الواضحات ، فليلتفت إىل قولهالصالحات ، ولو فتش عن باطنها وجدها من

أد الرئاء الرشك .

وإىل قوله صىل هللا عليه وآله :

. دنة من يف قلبه مثقال ذرة من كربال يدالل ال

وإىل قوله صىل هللا عليه وآله :

. كل الحسنات ك� تلكل النار الحطبالحسد يل

وإىل قوله صىل هللا عليه وآله :

حب املال والرشف ينبتان النفاق ك� ينبت املاء البقل.

استع�ل الدواء لسائر املهلكات الباطنة ، وربا إىل غ� ذلك من االالبار املدونة يف أبواب هذه املهلكات . وكذلك يرتك

وترصيف لنحووالتاليف ، فيلقى هللا وهو عليه غضبان ، فرتك ذلك كله ، واشتغل بعلم ا يختطفه املوت قبل التوبة

Page 35: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳٥

واإلجارات واللعان والدراحات والدعاوي الكل�ت واملنطق وبحث الدالالت وفقه الحيض واالستحاضات والسلم

إليه غ�ه وال يحتاج إىل شئ من ذلك يف مدة عمره إال نادرا ، وإن احتاج إليه أو احتاج والبينات والقصاص والديات ،

عيني بإج�ع املسلم� . العلوم التي هي فرضفهو من فروض الكفايات ، وغفل مع ذلك من

كفاية ، ومرتبة فرض الكفاية بعد فغاية تلك العلوم إذا قصد بها وجه هللا تعاىل العظيم ، وثوابه الدسيم أنها فرض

، العا بعلمه وجه هللا تعاىل ، الشتغل يف ترتيب العلوم باألهم فاألهم تحصيل فرض الع� ، فلو كان غرض هذا الفقيه

واالستعالء ، والداه واملال ، فيدب فاألنفع ، فهو إما غافل مغرور ، وإما مراء يف دينه مخدوع ، طالب للرئاسة واألنفع

عليه وتهلكه . عليه التنبيه لدواء إحد العلت� قبل أن تقو

تعاىل ا الفقه عن هللاهللا تعاىل وإ� وليعلم من ذلك أيضا أن مدرد تعلم هذه املسائل املدونة ليس هو الفقه عند

الخوف والهيبة والخشوع ، ويحمل عىل التقو ، ومعرفة الصفات بإدراك جالله وعظمته ، وهو العلم الذي يورث

كتابه بقوله : واملحمودة ف�تكبها ، ويستشعر الخوف ويستث� الحزن ، ك� نبه هللا تعاىل عليه يف املخوفة فيدتنبها ،

. رجعوا إليهم هم طائفة ليتفقهوا يف الدين ولينذروا قومهم إذافلوال نفر من كل فرقة من

األموال برشوط املعامالت ، وحفظ والذي يحصل به االنذار غ� هذا العلم املدون ، فإن مقصود هذا العلم حفظ

املهم هو معرفة سلوك واملال يف طريق هللا آلة ، والبدن مركب ، وإ�ا العلم األبدان باألموال وبدفع القتل والدراحات ،

العبد وب� هللا تعاىل ، إىل هللا تعاىل ، وقطع عقبات القلب التي هي الصفات املدمومة ، وهي الحداب ب� الطريق

ومن ثم كان العلم موجبا للخشية ، بل هي منحرصة يف فإذا مات ملوثا بتلك الصفات كان محدوبا عن هللا تعاىل ،

وله : بق العا ك� نبه عليه تعاىل

. إ�ا يخىش هللا من عباده العل�ء

أعم من أن يكونوا فقهاء أو غ� فقهاء .

٤سلوك طريق الحج عىل علم الخرز ومثال هذا الفقيه يف االقتصار عىل علم الفقه املتعارف مثال من اقترص من

لحاج يف شئ . كذلك هذا الرجل الحج ، ولكن املقترص عليه ليس من ا الرواية والخف ، وال شك أنه لو يكن لتعطل

بل هي مقدمة للمقصد هذه العلوم لتعطلت معرفة االحكام ، إال أنها ليست املندية بنفسها ، ك� حررناه لو يتعلم

الذات .

دين هللا ، فكيف حال من يرصف عمره يف وإذا كان هذا مثال حال الفقيه العارف برشع هللا ورسوله وأئته ومعا

محض الفساد ، واالشتغال بعرفة الوجود ، وهل هو نفس املوجودات أو زائد الكون والفساد الذي مآلهمعرفة عا

ما طلبوا معرفته فضال عن مشرتك بينها ، أو غ� ذلك من املطالب التي ال ثرة لها ، بل يحصل لهم حقيقة عليها أو

غ�ه .

بخدمته وتكميل نفوسهم في� يوجب هم بدالول داره واالشتغالوإ�ا مثالهم يف ذلك مثال ملك اتخذ عبيدا ، وأمر

جهته ، فل� أداللهم داره ليشتغلوا با أمرهم به أالذوا ينظرون إىل جدران الزلفى لد حرضته واجتناب ما يبعد من

فكيف تر تلك الدار ، وأرضها وسقفها حتى رصفوا عمرهم يف ذلك النظر وماتوا ، و يعرفوا ما أراد منهم يف داره

Page 36: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳٦

إليهم مع هذا االه�ل العظيم لطاعته ، بل االنه�ك الفظيع حالهم عند سيدهم املنعم عليهم املسدي جليل إحسانه

يف معصيته ؟ !

حتى استنار ظاهره ، بل مثال برئ واعلم أن مثال هؤالء أجمع مثال بيت مظلم باطنه ، وضع الرساج عىل سطحه

املوت ظاهرها مزينة وباطنها جيفة ، وكمثال رجل قصد ضيافة امللك ، أو كقبورالحش ، ظاهرها جص ، وباطنها نت

أقرب مثال إليه : رجل زرع زرعا فدصص باب داره ، وترك املزابل يف صدر داره ، وذلك غرور واضح ج . بل إىل داره

يدز رأسه ويقطعه ، فال الزرع عن الحشيش بقلعه من أصله ، فلالذ فنبت ، ونبت معه حشيش يفسده ، فلمر بتنقية

فمن ال يطهر القلب وينبت ، الن مغارس النقائص ومنابت الرذائل هي األالالق الذميمة يف القلب ، يزال يقو أصله

كمريض ظهر به الدرب ، وقد أمر بالطالء ورشب الدواء : منها تتم له الطاعات الظاهرة إىل مع اآلفات الكث�ة . بل

ما يزيد يف ظاهره ، والدواء ليقلع مادته من باطنه ، فقنع بالطالء وترك الدواء ، وبقي يتناول عىلأما الطالء ليزيل ما

أهلكه . املادة ، فال يزال يط الظاهر ، والدرب دائا يتزايد يف الباطن إىل أن

علينا ، فإن ذلك بيده ، وهو وال يدعله حدة نسلل هللا تعاىل أن يصلحنا ألنفسنا ، ويبرصنا بعيوبنا ، وينفعنا با علمنا

أرحم الراحم� .

الفصل الثالث

التوکل علی هللا

[ يف التوكل عىل هللا تعاىل واالعت�د عليه ]

أعني استع�ل العلم -ترجع إىل الثا� ولكن واحد منه� رشائط متعددة ، ووظائف متبددة بعد هذين إال أنها بلاها

األفعال ، والتنزه عن مساوئها ، فإذا استعمله عىل وجهه أوصله إىل كل ال� األالالق وحميدفإن العلم متناول ملكارم -

طلبه ، وأبعده عن كل دنية تشينه . ككن

نفسه إىل هللا تعاىل واالعت�د عليه توجيه –بعد تطه� نفسه من الرذائل املذكورة وغ�ها -فم� يلزم كل واحد منه�

ليس بكثة التعلم ، - ٢ك� تقدم من كالم الصادق عليه السالم -العلم اإللهي من عنده فإنيف أموره وتلقي الفيض

من هللا تعاىل ، ينزله عىل من يريد أن يهديه . وإ�ا هو نور

وباال عليه ، وال عىل أحد من اللق هللا وأن يتوكل عليه ويفوض أمره إليه ، وال يعتمد عىل األسباب فيوكل إليها وتكون

اىل ، بل يلقي مقاليد أمره إىل هللا تعاىل فيلمره ورزقه وغ�ه� ، يظهر عليه حينئذ من نفحات قدسه ، ولحظات تع

عليه وآله : أوده ، ويحصل مطلبه ، ويصلح به أمره . وقد ورد يف الحديث عن النبي صىل هللا أنسه ما يقوم به

. ٢ه لغ�ه أن هللا تعاىل قد تكفل لطالب العلم برزقه الاصة ع� ضمن

ال يكلفه بذلك بل بالطلب ، وكفاه مؤونة بعنى أن غ�ه يحتاج إىل السعي عىل الرزق حتى يحصل غالبا وطالب العلم

الرزق إن أحسن النية ، وأاللص العزكة .

Page 37: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۷

منذ هللا تعاىل ب وجميل معونته وعندي يف ذلك من الوقائع والدقائق ما لو جمعته بلغ ما يعلمه هللا من حسن صنع

مائة إىل يومي هذا ، وهو منتصف شهر رمضان سنة ثالث -اشتغلت بالعلم ، وهو مبادئ عرش الثالث� وتسع

وبالدملة فليس الخرب كالعيان . والمس� وتسع مائة .

الحس� بن علوان قال : كنا يف مدلس ورو شيخنا املتقدم محمد بن يعقوب الكليني قدس هللا روحه بإسناده إىل

االسفار ، فقال يل بعض أصحابنا : من تؤمل ملا قد نزل بك ؟ فقلت : يه العلم ، وقد نفدت نفقتي يف بعضنطلب ف

وما علمك رحمك هللا ؟ قال : إذن وهللا ال تسعف حاجتك ، وال يبلغك أملك ، وال تندح طلبتك . قلت : فالنا ، فقال :

تب :الك إن أبا عبد هللا عليه السالم حدثني أنه قرأ يف بعض

كل مؤمل غ�ي باليلس ، أن هللا تبارك وتعاىل يقول : وعزت وجاليل ومددي وارتفاعي عىل عريش ألقطعن أمل

وألبعدنه من وص ، أيؤمل غ�ي يف الشدائد ، والشدائد بيدي وألكسونه ثوب املذلة عند الناس ، وألنحينه من قرب ،

فمن الذي مفاتيح األبواب وهي مغلقه ، وباب مفتوح ملن دعا� ،بالفكر باب غ�ي ؟ ! وبيدي ، ويرجو غ�ي ويقرع

فقطعت رجاءه مني ؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة أملني لنوائبه فقطعته دونها ؟ ! ومن الذي رجا� لعظيمة

عبادي ، فلم وب� ومألت س�وات ممن ال كل من تسبيحي ، وأمرتهم أن ال يغلقوا األبواب بيني ، فلم يرضوا بحفظي ،

كشفها أحد غ�ي ، إال من بعد إذ� ، ف�يل أراه الهيا يثقوا بقويل ، أ يعلم من طرقته نائبه من نوائبي أنه ال كلك

بالعطاء قبل ما يسللني ، ثم انتزعته عنه ، فلم يسللني رده ، وسلل غ�ي ! أف�ا� أبدأ عني ؟ ! أعطيته بدودي

أوليس الدود والكرم يل ؟ أوليس العفو والرحمة ب سائ ؟ ! أبخيل أنا فيبخلني عبدي ؟ !املسللة ، ثم أسلل فال أجي

وأهل فمن يقطعها دو� ؟ أفال يخىش املؤملون أن يؤملوا غ�ي ؟ فلو أن أهل س�وات بيدي ؟ أوليس أنا محل اآلمال ؟

قص من ملك مثل عضو ذرة ، وكيف ينقص ما انت أريض أملوا جميعا ، ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الدميع

للقانط� من رحمتي ، ويا بؤسا ملن عصا� و يراقبني. ملك أنا قيمه ؟ فيا بؤسا

آالره : ورواه الشيخ املربور رحمة هللا عليه بسند آالر عن سعيد بن عبد الرحمن ، ويف

بعدها. لله حاجةفقلت يا ابن رسول هللا أمل ع . فلماله ع ، فقلت : ال وهللا ما أس

اإلمامة من الدانب القديس حاثا عىل التوكل أقول : ناهيك بهذا الكالم الدليل الساطع نوره من مطالع النبوة عىل أفق

من جوامع الكالم يف هذا املقام واالعت�د يف جميع امله�ت عليه ، ف� عليه مزيد عىل هللا تعاىل ، وتفويض االمر إليه

لث من اآلداب .وهذا هو األمر الثا

وبذل الوسع يف تكميل النفس . رو معاوية من الناس والتواضع وتام الرفق بع : حسن الخلق زيادة عىل غ�ه�والرا

عليه السالم يقول : بن وهب قال : سمعت أبا عبد هللا

لبتم منه العلم ، وال تكونوا ملن ط اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار ، وتواضعوا ملن تعلمونه العلم ، وتواضعوا

. عل�ء جبارين ، فيذهب باطلكم بحقكم

ورو الحلبي يف الصحيح عن أب عبد هللا عليه السالم قال :

Page 38: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۸

من رحمه هللا ، و يؤمنهم من قال أم� املؤمن� عليه السالم : أال أالربكم بالفقيه حق الفقيه ؟ من يقنط الناس

ال و يرتك القرآن رغبة عنه يف غ�ه ، أال ال ال� يف علم ليس فيه تفهم ، أال معايص هللا ، عذاب هللا ، و يرالص لهم يف

ال� يف قراءة ليس فيها تدبر ، أال ال ال� يف عبادة ليس فيها تفكر .

سمته ، وصلحت أحواله وتواضعت واعلم أن املتلبس بالعلم منظور إليه ، ومتليس بفعله وقوله وهيلته ، فإذا حسن

إىل غ�ه من الرعية ، وفشا الخ� فيهم ، وانتظمت أحوالهم ، ومتى نفسه ، وأاللص ل تعاىل عمله ، وانتقلت أوصافه

منشل لفساد النوع كان الناس دونه يف املرتبة التي هو عليها فضال عن مساواته ، فكان مع فساد نفسه يكن كذلك

انقطع عمله ، وبطل وزره ، بل هو باق ما بقي ا . ويا ليته إذا هلكواللله . وناهيك بذلك ذنبا وطردا عن الحق وبعد

من تلىس به واست بسنته .

برتبة ، فإذا كان ورعا تقيا صالحا تلبست العامة وقد قال بعض العارف� : إن عامة الناس أبدا دون املتلبس بالعلم

الل يف الشبهات تعلق العامي بالحرام فإن تناولتلبست العامة بالشبهات ، فإن د باملباحات ، وإذا اشتغل باملباح

عن نقل األعيان ، الحرام كفر العامي . وكفى شاهدا عىل صدق هذه العيان وعدول الوجدان ، فضال

ال يدالل إليهم طمعا ما وجد إىل الفرار الخامس : أن يكون عفيف النفس عايل الهمة منقبضا عن امللوك وأهل الدنيا ،

فمن فعل ذلك ، فقد عرض نفسه والان أمانته ، وكث�ا ما يثمر عدم ة للعم ع� صانه السلف .منهم سبيال ، صيان

النقل الوجدان . البغية ، وإن وصل إىل بعضها يكن حاله كحال املتعفف املنقبض ، وشاهده مع الوصول إىل

وال يددون للعلم مقدارا ، وقد كانوا يف ،قال بعض الفضالء لبعض االبدال : ما بال كرباء زماننا وملوكها ال يقبلون منا

عل�ء ذلك الزمان كان يلتيهم امللوك واألكابر وأهل الدنيا ، فيبذلون لهم سالف الزمان بخالف ذلك ؟ فقال : إن

أع� أهلها وعظم قدر ويلتمسون منهم علمهم ، فيبالغون يف دفعهم ورد منتهم عنهم ، فصغرت الدنيا يف دنياهم

ما آثره هؤالء الفضالء عىل الدنيا ، ولوال حقارة الدنيا ، نظرا منهم إىل أن العلم لوال جاللته ونفاستهالعلم عندهم

لدنياهم ، عنها . وملا أقبل عل�ء زماننا عىل امللوك وأبناء الدنيا وبذلوا لهم علمهم الت�سا وانحطاطها ملا تركوها رغبة

لع� ما تقدم.عظمت الدنيا يف أعينهم ، وصغر العلم لديهم

وقد سمعت جملة من االالبار يف ذلك سابقا ، كقول النبي صىل هللا عليه وآله :

الدنيا ، قال : اتباع السلطان ، فإذا الفقهاء أمناء الرسل ما يداللوا يف الدنيا . قيل : يا رسول هللا ! وما دالولهم يف

. فعلوا ذلك فاحذروهم عىل دينكم

وغ�ه من األحاديث .

اتباعه ليكون توطئة له ووسيلة إىل واعلم أن القدر املذموم من ذلك ليس هو مدرد اتباع السلطان كيف اتفق ، بل

واملقدار وحب الدنيا والرئاسة ونحو ذلك ، أما لو اتبعه ليدعله وصلة ارتفاع الشلن ، والرتفع عىل االقران وعظم الداه

عن املنكر ، ونحو ذلك يج الحق وقمع أهل البدع واالمر باملعروف والنهيالنوع إعالء كلمة الدين وترو إىل إقامة نظام

، وما ورد أيضا من الرتاليص يف ذلك يدمع ب� ما ورد من الذم ، فهو من أفضل األع�ل فضال عن كونه مرالصا ، وبهذا

ألبواب الرشيفة ومحمد ا من األعيان كع بن يقط� وعبد هللا الندايش وأب القاسم بن روح أحد بل من فعل ج�عة

Page 39: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۳۹

األئة ، ومن الفقهاء مثل السيدين األجل� املرت والريض بن إس�عيل بن بزيع ونوح بن دراج ، وغ�هم من أصحاب

نص� الدين الطويس ، والعالمة بحر العلوم ج�ل الدين ابن املطهر وغ�هم . وأبيه� والخواجة

السالم أنه قال : عن الرضا عليه -قة الصدوق وهو الث -وقد رو محمد بن إس�عيل بن بزيع

عن أوليائه ويصلح هللا به أمور إن ل تعاىل بلبواب الظامل� من نور هللا به الربهان ومكن له يف البالد ، ليدفع بهم

دار ذو الحاجة من شيعتنا ، بهم يؤمن هللا روعه املؤمن يف املسلم� ، ألنه ملدل املؤمن� من الرضر ، وإليه يفزع

ويزهر نورهم حقا ، أولئك أمناء هللا يف أرضه ، أولئك نور هللا تعاىل يف رعيتهم يوم القيامة ، الظلمة ، أولئك املؤمنون

من نورهم نور القيامة تضئ منهم القيامة ، اللقوا ألهل الس�وات ، ك� تزهر الكواكب الزهرية ألهل األرض ، أولئك

فهنيئا لهم ، ما عىل أحدكم أن لو شاء لنال هذا كله . قال ، قلت : باذا جعلني هللا وهللا للدنة واللقت الدنة لهم ،

منهم يا محمد. فداك ؟ قال : تكون معهم فترسنا بإدالال الرسور عىل املؤمن� من شيعتنا ، فكن

الرئاسة واالستعالء ، إذا الدنيا وحب واعلم أن هذا ثواب كريم لكنه موضع الخطر الواليم والغرور العظيم ، فإن زهرة

.الصواب واملقاصد الصحيحة املوجبة للثواب ، فال بد من التيقظ يف هذا الباب نبتا يف القلب عليه كث�ا من طرق

مساجد الد�عات محافظا أن يحافظ عىل القيام بشعائر االسالم وظواهر االحكام ، كإقامة الصلوات يف ٣السادس :

للخاص والعام مبتدئا ومديبا ، واالمر باملعروف والنهي عن املنكر ، والصرب عىل ء السالمعىل رشيف األوقات ، وإفشا

ذلك بالنبي صىل هللا عليه وآله وغ�ه األذ بسبب ذلك ، صادعا بالحق باذال نفسه ل ال يخاف لومة الئم مستلسيا يف

اىل .عند القيام بلوامر هللا تع من األنبياء ، متذكرا ما نزل بهم املحن

وأكملها ، فإن العل�ء هم القدوة وإليهم وال يرىض من أفعاله الظاهرة والباطنة بالدائز ، بل يلالذ نفسه بلحسنها

وقد يراقبهم لالالذ منهم من ال ينظرون إليه ، ويقتدي بهم من ال يعلمون املرجع ، وهم حدة هللا تعاىل عىل العوام .

عليها من املفاسد . ه أبعد عن االنتفاع به ، ولهذا عظمت زلة العا ملا يرتتب ينتفع العا بعلمه فغ� به . وإذا

الحميدة والشيم املرضية : من السخاء والدود ، وطالقة ويتخلق باملحاسن التي ورد بها الرشع وحث عليها ، والخالل

والتنزه عن د� االكتساب ، ملروة ،الروج عن االعتدال ، وكظم الغيظ ، وكف األذ واحت�له ، والصرب وا الوجه من غ�

، والسعي يف قضاء الحاجات وبذل الداه االستنصاف ، وشكر املفضل وااليثار وترك االستيثار ، واالنصاف وترك

ما ملكت االكان ، ومدانبة االكثار من والشفاعات ، والتلطف بالفقراء ، والتحبب إىل الد�ان واألقرباء ، واالحسان إىل

واالنكسار واالطراق والصمت بحيث يظهر أثر الخشية عىل هيلته وس�ته زاح ، والتزام الخوف والحزنالضحك وامل

دليال عىل علمه . وسكونه ونطقه وسكوته . ال ينظر إليه ناظر إال وكان نظره مذكرا ل تعاىل ، وصورته وحركته

وة القرآن متفكرا يف معانيه ، ممتثال ألوامره ، منزجرا كتال ومالزمة اآلداب الرشعية القولية والفعلية الظاهرة والخفية .

ما ورد من وعده ووعيده ، قائا بوظائفه وحدوده ، وذكر هللا تعاىل بالقلب واللسان ، وكذلك عند زواجره ، واقفا عند

وال يقترص من والصيام وحج البيت الحرام ، الدعوات ، واألذكار يف آناء الليل والنهار ونوافل العبادات من الصالة

ويظلم نوره ك� تقدم التنبيه عليه . العبادات عىل مدرد العلم ، فيقسو قلبه

واجتناب الروائح الكريهة ، وترسيح وزيادة التنظيف بإزالة األوساخ ، وقص األظفار وإزالة الشعور املطلوب زوالها ،

املنيفة .واالالالق الحميدة اللحية ، مدتهدا يف االقتداء بالسنة الرشيفة ،

Page 40: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۰

والرئاء والعدب واحتقار الناس ، وإن كانوا دونه ويطهر نفسه من مساوئ األالالق وذميم األوصاف : من الحسد

والخيالء والتنافس يف والبغي والغضب لغ� هللا ، والغش والبخل والخبث والبطر والطمع والفخر بدرجات ، والغل

با يفعل ، والعمى عن عيوب النفس واالشتغال عنها وحب املدح الدنيا واملباهاة بها واملداهنة والتزين للناس

والفحش يف والعصبية لغ� هللا ، والرغبة والرهبة لغ�ه ، والغيبة والنميمة والبهتان والكذب بعيوب الناس ، والحمية

القول .

ها هنا تنبيه العا والغرض من ذكر ولهذه األوصاف تفصيل وأدوية وترغيب وترهيب ، محرر يف مواضع تخصه ،

عىل الدملة ، وهي وإن اشرتكت ب� الدميع ، إال أنها به� أوىل ، واملتعلم عىل أصولها ، ليتنبه لها ارتكابا واجتنابا

الرس ، وك� ال تصح عبادة القلب وع�رته وصالة ١وظائفه� ، الن العلم ك� قال بعض األكابر فلذلك جعلناها من

واألالباث ، فكذلك ال تصح عبادة الباطن إال بعد إال بعد تطه�ها من االحداث -يفة الدوارح التي هي وظ -الصالة

تطه�ه من البائث األالالق .

واالالالق الذميمة ، ك� قال الصادق عليه السالم ونور العلم ال يقذفه هللا تعاىل يف القلب املندس بالكدورات النفسية

:

. يهديه هو نور يقذفه هللا تعاىل يف قلب من يريد هللا أن ليس العلم بكثة التعلم ، وإ�ا

. القلب ونحوه قال ابن مسعود : ليس العلم بكثة الرواية إ�ا العلم نور يقذف يف

هي العلم يف العرف العامي ، وإ�ا هو وبهذا يعلم أن العلم ليس هو مدرد استحضار املعلومات الخاصة ، وإن كانت

املوجب للبص�ة والخشية ل تعاىل ك� تقدم تقريره . ئ من ذلك العلمالنور املذكور الناش

أفردناها عنه اهت�ما بشلنها وتنبيها فهذه جملة الوظائف املشرتكة بينه� ، وأكثها راجع إىل استع�ل العلم إال أنا

عىل أصول الفضائل .

القسم الثا�

آدابه� يف درسه� واشتغاله�فی

وهي أمور :

ومذاكرة وفكرا وحفظا وإقراء وغ�ها األول : أن ال يزال كل منه� مدتهدا يف االشتغال قراءة ومطالعة وتعليقا ومباحثة

مطلوبه ورأس ماله ، فال يشتغل بغ�ه من األمور الدنيوية مع االمكان ، ، وأن تكون مالزمة االشتغال بالعلم هي

ومن هنا قيل : أعط العلم بعد قضاء وظيفته من العلم بحسب أوراده ،يقترص منه عىل قدر الرضورة . وليكن وبدونه

. كلك يعطك بعضه

وعن أب عبد هللا عليه قال :

Page 41: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۱

عبادي م� تحيا عليه القلوب امليتة إذا هم قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : إن هللا عز وجل يقول : تذاكر العلم ب�

انتهوا فيه إىل أمري .

يه السالم :وعن الباقر عل

والورع . رحم هللا عبدا أحيا العلم . فقيل : وما إحياؤه ؟ قال : أن يذاكر به أهل الدين

وعنه عليه السالم :

. تذاكر العلم دراسة ، والدراسة صالة حسنة

أو االسرتشاد ، الخ� ، قاصد لالرشاد الثا� : أن ال يسلل أحدا تعنتا وتعديزا ، بل سؤال متعلم ل أو معلم له منبه عىل

شدرته ، فلما إذا قصد مدرد املراء والددل ، وأحب ظهور الفلج والغلبة فإن فهناك تظهر زبدة التعليم والتعلم وتثمر

تعاىل . وفيه مع ذلك عدة معايص : يثمر يف النفس ملكة ردية وسدية البيثة ، ومع ذلك يستوجب املقت من هللا ذلك

عىل النفس وتزكية لها ، وهذه كلها ذنوب مؤكدة ، وعيوب منهي عنها فيه ، وثناءكإيذاء املخاطب وتدهيل له وطعن

وال حلي� إال ويقليك . السنة املطهرة ، وهو مع ذلك مشوش للعيش ، فإنك ال تاري سفيها إال ويؤذيك ، يف محالها من

النبي صىل هللا عليه وآله : وقد أكد هللا سبحانه عىل لسان نبيه وأئته عليهم السالم تحريم املراء ، قال

. ال تار أالاك ، وال تازحه ، وال تعده موعدا فتخلفه

وقال صىل هللا عليه وآله :

. ذروا املراء ، فإنه ال تفهم حكمته ، وال تؤمن فتنته

وقال صىل هللا عليه وآله :

من ترك املراء وهو محق بني له بيت يف أعىل الدنة ومن ترك املراء وهو

. ي له بيت يف ربض الدنةمبطل بن

وعن أم سلمة ريض هللا عنها ، قالت : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

. مالحاة الرجال -بعد عبادة األوثان ورشب الخمر -إن أول ما عهد إيل رب ، ونها� عنه

وقال صىل هللا عليه وآله :

. ما ضل قوم [ بعد أن هداهم هللا ] إال أوتوا الددل

ال صىل هللا عليه وآله :وق

. ال يستكمل عبد حقيقة االكان حتى يدع املراء وإن كان محقا

وقال الصادق عليه السالم :

Page 42: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۲

فال كاري يف أي حال كان إال من كان املراء داء دوي ، وليس يف االنسان الصلة رش منه ، وهو اللق إبليس ونسبته ،

. الدين جاهال بنفسه وبغ�ه ، محروما من حقائق

حتى نتناظر يف الدين . فقال : وروي أن رجال قال للحس� بن ع بن أب طالب عليهم السالم : اجلس

فاطلبه ، مايل وللم�راة ؟ وإن الشيطان يا هذا أنا بص� بديني مكشوف ع هداي ، فإن كنت جاهال بدينك فاذهب

والدهل . ثم املراء ال يخلو من أربعة أوجه : إما أن الناس لئال يظنوا بك العدز ليوسوس للرجل ويناجيه ويقول : ناظر

وأضعت� ذلك العلم ، أو تدهالنه تت�ر أنت وصاحبك في� تعل�ن ، فقد تركت� بذلك النصيحة ، وطلبت� الفضيحة ،

، أنت فظلمت صاحبك بطلب عثته ، أو يعلمه صاحبك فرتكت حرمته ، فلظهرتا جهال والاصمت� جهال ، وإما تعلمه

وأحسن صحبة دينه منزلته . وهذا كله محال ، فمن أنصف وقبل الحق وترك امل�راة ، فقد أوثق إكانه و تنزله

وصان عقله .

هذا كله من كالم الصادق عليه السالم .

هللا به ، معنى أو قصدا ، لغ� غرض ديني أمر واعلم أن حقيقة املراء االعرتاض عىل كالم الغ� بإظهار اللل فيه لفظا أو

صدقه واالعرتاض بكل كالم يسمعه ، فإن كان حقا وجب التصديق به بالقلب وإظهار وترك املراء يحصل برتك االنكار

ما يتمحض النهي عن املنكر برشوطه حيث يطلب منه ، وإن كان باطال و يكن متعلقا بلمور الدين ، فاسكت عنه

جهة النظم والرتتيب بسبب قصور اللل فيه من جهة النحو أو اللغة أووالطعن يف كالم الغ� إما يف لفظه بإظهار

يقول : ليس ك� تقول ، وقد أالطلت فيه لكذا وكذا ، وإما يف قصده مثل املعرفة أو طغيان اللسان ، وإما يف املعنى بلن

هذا الكالم حق ولكن ليس قصدك منه الحق ، وما يدري مدراه ، أن يقول :

فضله ومعرفته للمسللة ، والباعث عليه ملتكلم تتحقق بكراهة ظهور الحق عىل غ� يده ليتب�وعالمة فساد مقصد ا

بإظهار نقصه ، وه� شهوتان رديتان للنفس : اما إظهار الفضل فهو تزكية الرتفع بإظهار الفضل والتهدم عىل الغ�

عنه يف محكم كتابه ، قد نهى هللا تعاىلوهو من مقت ما يف العبد من طغيان دعو العلو والكربياء ، و للنفس ،

فقال سبحانه :

فال تزكوا أنفسكم

مقت طبع السبعية ، فإنه يقتيض أن كزق غ�ه ويصدمه ويؤذيه ، وهي مهلكة . وأما تنقيص اآلالر فهو

ملعرتض عىل أن وتهييج الغضب وحمل ا واملراء والددال مقويان لهذه الصفات املهلكة ، وال تنفك امل�راة عن االيذاء

باطل ، ويقدح يف قائله بكل ما يتصور ، فيثور التشاجر ب� املت�ري� ، ك� يعود فينرص كالمه با ككنه من حق أو

يف إفحاه وانكائه . التهارش ب� الكلب� ، يقصد كل منه� ، أن يعض صاحبه با هو أعظم نكاية وأقو يثور

عىل تنقيص غ�ه ، باألدوية النافعة يف ىل إظهار فضله والسبعية الباعثة لهوعالج ذلك أن يكرس الكرب الباعث له ع

ذكره يف أاار معا الدين أو غ�ه من الكتب املؤلفة يف ذلك . عالج الكرب والغضب من كتابنا املتقدم

Page 43: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۳

إىل الرش يف أبدا يستدر الحمقى وال ينبغي أن يخدعك الشيطان ، ويقول لك : أظهر الحق وال تداهن فيه . فإنه

بك . فإظهار الحق حسن مع من يقبل منه ، إذا وقع عىل وجه معرض الخ� ، فال تكن ضحكه الشيطان يسخر

من طريق النصيحة بالتي هي أحسن ال بطريق امل�راة . االالالص ، وذلك

حها .فسادها أعظم من صال وللنصيحة صفة وهيلة ، ويحتاج فيها إىل التلطف ، وإال صارت فضيحة ، فكان

والددال ، وعرس عليه الصمت إذا ألقى عليه ومن الالط متفقهة هذا الزمان ، واملتسم� بالعلم غلب عىل طبعه املراء

منهم فرارك من األسد . قرناء السوء أن ذلك هو الفضل . ففر

يف علم آالر ، بل أو شهرة أو دين أو الثالث : أن ال يستنكف من التعلم واالستفادة ممن هو دونه يف منصب أو سن

ارتفاع منصبه وشهرته من استفادة ما ال يعرفه ، فتخرس صفقته ويقل يستفيد ممن ككن االستفادة منه ، وال كنعه

املقت من هللا تعاىل ، وقد قال النبي صىل هللا عليه وآله : علمه ويستحق

. الحكمة ضالة املؤمن ، فحيث وجدها فهو أحق بها

أنه قد استغنى واكتفى با عنده ، مه هللا : ال يزال الرجل عاملا ما تعلم ، فإذا ترك التعلم وظنوقال سعيد بن جب� رح

فهو أجهل ما يكون .

وأنشد بعضهم يف ذلك :

وليس العمى طول السؤال وإ�ا * تام العمى طول السكوت عىل الدهل

. ٣املسللة يستحي الدهل منه ا منومن هذا الباب أن يرتك السؤال استحياء ، ومن هنا قيل : من استحي

وقيل أيضا : من رق وجهه رق علمه.

وقيل أيضا : ال يتعلم العلم مستحي وال مستكرب .

ورو زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العد ، قالوا : قال أبو عبد هللا عليه السالم :

. إ�ا يهلك الناس ، ألنهم ال يسللون

وعنه عليه السالم :

. ٣لعلم عليه قفل ، ومفتاحه املسللة إن هذا ا

هو أصغر منه ، فإنه مع وجوبه االنقياد للحق بالرجوع عند الهفوة ، ولو ظهر عىل يد من -وهو من أهمها -الرابع :

هللا تعاىل ، موجب للطرد والبعد ، قال النبي صىل هللا عليه وآله : من بركة العلم ، واالرصار عىل تركه كرب مذموم عند

يا رسول هللا ! إن أحدنا يحب أن يكون يدالل الدنة من يف قلبه مثقال حبة من كرب . فقال بعض أصحابه : هلكناال

. هللا عليه وآله : ليس هذا الكرب ، إ�ا الكرب بطر الحق وغمص الناس نعله حسنا وثوبه حسنا . فقال النبي صىل

Page 44: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤٤

من ظهوره عىل يدي الصغ� والكب� به بعد ظهوره ، وذلك أعمواملراد ببطر الحق رده عىل قائله ، وعدم االعرتاف

والدليل والحق� ، وكفى بهذا زجرا وردعا .

ليلمن من صدور هفوة أو زلة أو الخامس : أن يتلمل ويهذب ما يريد أن يورده أو يسلل عنه قبل إبرازه والتفوه به

ذلك إذا اعتاد االااع يف السؤال والدواب فيكث سقطه صالحة ، والالف وهم أو انعكاس فهم ، فيص� له بذلك ملكة

يخىش أن يص� ذلك عليه نقصه ويظهر الطاؤه ، فيعرف بذلك ، سي� إذا كان هناك من قرناء السوء من ويعظم

وصمة ، ويدعله له عند نظرائه وحسدته وسمة .

طيبا يف بدنه وثوبه ، ال بسا أحسن مت السادس : أن ال يحرض مدلس الدرس إال متطهرا من الحدث والخبث متنظفا

الحارضين من الدلساء واملالئكة ، سي� إن كان يف مسدد . وجميع ما ورد ثيابه ، قاصدا بذلك تعظيم العلم وترويح

الرتغيب يف ذلك ملطلق الناس ، فهو يف حق العا واملتعلم آكد . من

Page 45: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤٥

النوع الثا�

آداب يختص بها املعلم

من أهم العبادات وآكد فروض هو األصل الذي به قوام الدين ، وبه يؤمن ا�حاق العلم ، فهواعلم أن التعليم

الكفايات ، قال هللا تعاىل :

وإذ أالذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه .

وقال هللا تعاىل :

. الكتاب أولئك يلعنهم هللا ويلعنهم الالعنون للناس يفإن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهد من بعد ما بيناه

ومن مشاه� االالبار قوله عليه السالم :

. ليبلغ الشاهد منكم الغائب

واالالبار بعناه كث�ة ، وقد مر جملة منها .

وآدابه تنقسم ثالثة أقسام : آدابه يف نفسه ، وآدابه مع طلبته ، وآدابه يف مدلس درسه .

القسم امول

آدابه يف نفسه مضافة إىل ما تقدم

وهي أمور :

صفحات وجهه ونفحات لسانه ، األول : أن ال ينتصب للتدريس حتى تكمل أهليته ، ويظهر استحقاقه لذلك عىل

وتشهد له به صلحاء مشايخه ، ففي الخرب املشهور :

املتشبع با يعط كالبس ثوب زور.

نه فقد تصد لهوانه.وقال بعض الفضالء : من تصدر قبل أوا

وقال آالر : من طلب الرئاسة يف غ� حينه يزل يف ذل ما بقي.

وأنشد بعضهم :

ال تطمحن إىل املراتب قبل أن * تتكامل األدوات واألسباب

Page 46: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤٦

إن الث�ر تر قبل بلوغها * طع� ، وهن إذا بلغن عذاب

يتعلمه منه ، وإن كان املتعلم كب� مكان ينسب إىل من: أن ال يذل العلم فيبذله لغ� أهله ويذهب به إىل الثا�

. قال ١السلف ، وأالبارهم يف ذلك كث�ة مشهورة مع الخلفاء وغ�هم القدر ، بل يصون العلم عن ذلك ك� صانه

هوان العلم أن يحمله العا إىل بيت املتعلم . الزهري :

ابتذاله ، ويحسن فيه نية صالحة ، فال راجحة عىل مفسدة اللهم إال أن تدعو إليه رضورة ، وتقتضيه مصلحه دينية

. لنفسه : ع بن عبد العزيز الدرجا� بلس . وما أحسن ما أنشده القايض أبو الحسن

يقولون يل فيك انقباض وإ�ا * رأوا رجال عن موضع الذل أحد�

أر الناس من داناهم هان عندهم * ومن أكرمته عزة النفس أكرما

رق الح يل يستفز� * وال كل من القيت أرضاه منع�وما كل ب

وإ� إذا ما فاتني االمر أبت * أقلب كفي نحوه متندما

و أفض حق العلم إن كان كل� * بدا طمع ص�ته يل سل�

إذا قيل : هذا منهل قلت : قد أر * ولكن نفس الحر تحتمل الظ�

القيت لكن ألالدماو ابتذل يف الدمة العلم مهدتي * ألالدم من

* إذا ، فاتباع الدهل قد كان أحزما ٤أأسقى به عزا وأسقيه ذلة

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه يف النفوس لعظ�

٥ولكن أذلوه فهان ودنسوا * محياه باألط�ع حتى تده�

هللا تعاىل :الثالث : أن يكون عامال بعلمه زيادة عىل ما تقدم يف االمر املشرتك ، قال

. أتلمرون الناس بالرب وتنسون أنفسكم . . . اآلية

وعن أب عبد هللا عليه السالم يف قول هللا عز وجل :

إ�ا يخىش هللا من عباده العل�ء :

من صدق فعله قوله ، ومن يصدق قوله فعله فليس بعا .

وعنه عليه السالم :

فإن أجابه وإال ارتحل . ومن عمل علم ، والعلم يهتف بالعملالعلم مقرون إىل العمل ، فمن علم عمل ،

وعنه عليه السالم :

Page 47: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۷

. إن العا إذا يعمل بعلمه زلت موعظته من القلوب ك� يزل املطر عن الصفا

وقال ع عليه السالم :

. ٦ينفرهم بتهتكه قصم ظهري عا متهتك وجاهل متنسك ، فالداهل يغش الناس بتنسكه ، والعا

وقد أنشد ذلك بعضهم فقال :

فساد كب� عا متهتك * وأكرب منه جاهل متنسك

ه� فتنة للعامل� عظيمة * ملن به� يف دينه يتمسك

وبذل الوسع يف تكميل النفس ، فإن االمر املشرتك ، وتام الرفق ، ٢الرابع : زيادة حسن الخلق فيه والتواضع عىل

األنبياء ، ك� قال النبي صىل هللا عليه وآله : بنزلة نبي منالعا الصالح يف هذا الزمان

. عل�ء أمتي كلنبياء بني إاائيل

الواحد ألوف واآلن ال يوجد من بل هم يف هذا الزمان أعظم ، الن أنبياء بني إاائيل كان يدتمع منهم يف العرص

د علق يف عنقه أمانة عظيمة ، وحمل أعباء من الدين فليعلم أنه ق العل�ء إال الواحد بعد الواحد ، ومتى كان كذلك ؟

جهده ، وليبذل يف التعليم جده ، عىس أن يكون من الفائزين . ثقيلة ، فليدتهد يف الدين

وقد روي عن أب عبد هللا عليه السالم قال :

وللمتكلف ثالث عالمات : والصمت ، كان أم� املؤمن� عليه السالم يقول : إن للعا ثالث عالمات : العلم ، والحلم

. بالغلبة ، ويظاهر الظلمة ينازع من فوقه باملعصية ، ويظلم من دونه

قال : ٢ -رفعه -وعن محمد بن سنان

يل . قالوا : قضيت حاجتك يا روح قال عيىس بن مريم عليه� السالم : يا معرش الحواري� ! يل إليكم حاجة ، اقضوها

أحق بهذا يا روح هللا ! فقال : إن أحق الناس بالخدمة العا ، إ�ا فقالوا : كنا نحن هللا ! فقام فغسل أقدامهم ،

بالتواضع تعمر الحكمة ال لكي� تتواضعوا بعدي يف الناس كتواضعي لكم . ثم قال عيىس عليه السالم : تواضعت هكذا

بالتكرب ، وكذلك يف السهل ينبت الزرع ال يف الدبل .

كث� من املبتدئ� باالشتغال ، تصحيح نع من تعليم أحد لكونه غ� صحيح النية ، فربا عرس عىلالخامس : أن ال كت

السعادة اآلجلة ، وقلة أنسهم بوجبات تصحيحها ، فاالمتناع من تعليمهم النية لضعف نفوسهم وانحطاطها عن إدراك

إذا أنس بالعلم .تفويت كث� من العلم ، مع أنه يرجى بربكة العلم تصحيحها يؤدي إىل

[ ظ : كانت ] عاقبته أن صار ل . . معناه صارت وقد قال بعضهم : طلبنا العلم لغ� هللا فلب أن يكون إال هللا

. العلم حتى أرادوا به هللا وما عنده وعن الحسن : لقد طلب أقوام العلم ما أرادوا به هللا وال ما عنده ، ف� زال بهم

Page 48: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۸

الحسنة ، وينبهه عىل الطر العلم الذي إذا أشعر من املتعلم فساد النية أن يستدرجه باملوعظةلكن يدب عىل املعلم

يف ذلك حاال فحاال ، حتى يقوده إىل القصد الصحيح ، فإن يندع ذلك ، ال يراد به هللا ، ويتلو عليه من األالبار الواردة

أشار ع عليه السالم بقوله : يزيده إال رشا . وإىل ذلكمنه قيل يرتكه حينئذ وكنعه من التعلم ، فإن العلم ال ويئس

ال تعلقوا الدواهر يف أعناق الخنازير .

وعن الصادق عليه السالم قال :

ال تحدثوا الدهال بالحكمة فتظلموها قام عيىس بن مريم عليه� السالم الطيبا يف بني إاائيل ، فقال : يا بني إاائيل

لموهم.، وال تنعوها أهلها فتظ

ولقد أحسن القائل :

ومن منح الدهال عل� أضاعه * ومن منع املستوجب� فقد ظلم

فاالمر كذلك ، وإن كان من جهة حب وفصل آالرون فقالوا : إن كان فساد نيته من جهة الكرب واملراء ونحوه� ،

سدة وتعديها ، وألنه ال يكاد يخلص من إصالحه أن ال كنعه ، لعدم ثوران املف الرئاسة الدنيوية ، فينبغي مع اليلس من

للسعادة األبدية بالذات ، والرئاسة الرذيلة أحد يف البداية ، فإذا وصل إىل أصل العلم عرف أن العلم إ�ا يطلب هذه

الزمة له قصد أم يقصد .

ن العهود واملواثيق ما أالذ عىل العل�ء م السادس : بذل العلم عند وجود املستحق وعدم البخل به ، فإن هللا سبحانه

وال يكتمونه . أالذه عىل األنبياء ليبيننه للناس

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

حتى أالذ عىل العل�ء عهدا ببذل قرأت يف كتاب ع عليه السالم : إن هللا يلالذ عىل الدهال عهدا بطلب العلم

العلم للدهال ، الن العلم كان قبل الدهل .

. ليكن الناس عندك يف العلم سواء عبد هللا عليه السالم يف هذه اآلية : وال تصغر الدك للناس قال :وعن أب

وعن جابر الدعفي عن أب جعفر عليه السالم :

. زكاة العلم أن تعلمه عباد هللا

ويفعله ، أو يوجب أن يحرم شيئا السابع : أن يحرتز من مخالفة أفعاله ألقواله وإن كانت عىل الوجه الرشعي مثل

وإن كان فعله ذلك مطابقا للرشع بحسب حاله ، فإن األحكام شيئا ويرتكه ، أو يندب إىل فعل شئ وال يفعله ،

وقضاء حوائج املؤمن� باالتالف االشخاص ، ك� لو أمر بتشييع الدنائز وباقي أحكامهم ، وأمر بالصيام الرشعية تختلف

الشتغاله با هو أهم منه بحيث ينايف اشتغاله با يلمر به ما واألئة ، و يفعل ذلك ، وأفعال الرب وزيارة قبور األنبياء

للمخالفة أو متع� ، وحينئذ فالواجب عليه مع الوف التباس االمر أن يب� الوجه املوجب هو فيه ، والحال أنه أفضل

وآله ح� رآه بعض أصحابه ليال كيش مع عليه دفعا للوسواس الشيطا� من قلب السامع ، ك� اتفق للنبي صىل هللا

يتوهم أنها ليست من نسائه فقال له : إن هذه زوجتي فالنة ونبهه عىل العلة ، بعض نسائه إىل منزلها ، فخاف أن

Page 49: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٤۹

ترك االعرتاض عند اشتباه الحال بل لخوفه عليه من تلبيس إبليس عليه . وإن كان الواجب عىل السامع من أول األمر

يف آداب املتعلم . -إن شاء هللا تعاىل -ك� سيلت املسوغ ، إىل أن يتحقق الفساد عند احت�ل

والشمع ، فإنه ال ينقش يف الشمع إال ما هو وبالدملة فمثل العا واملتعلم يف انتقاشه بلالالقه وأفعاله ، مثل الفص

يخهم عىل االتالف أفعالهم وأالالقهم ،عيانا يف ج�عات من طلبة العلم مع مشا منقوش يف الفص . وقد شاهدنا هذا

.وال ينبئك مثل الب�

رأ من أحد ميال عن الحق أو الثامن : إظهار الحق بحسب الطاقة من غ� مداملة الحد من اللق هللا تعاىل فإذا

حق براتب يقبل هدره ، فإن يندع توصل إىل نهيه ورده إىل ال تقص�ا يف الطاعة وعظه باللطف ثم بالعنف ، فإن

األمر باملعروف .

املكلف� يف أصل الوجوب ، الن العا وهذا حكم يختص بالعا زيادة يف التكليف عن غ�ه ، وإن شاركه غ�ه من

ولقوله أثر يف القلوب ، فعليه يف ذلك زيادة تكليف ، ولذلك قال النبي صىل هللا بنزلة الرئيس الذي إليه األمر والنهي

عليه وآله :

ا ظهرت البدع يف أمتي ، فليظهر العا علمه ، فمن يفعل فعليه لعنه هللا .إذ

الدينية ، والقيام بالوظائف الرشعية وما جاءت الغفلة يف الغالب واستيالء الدهالة ، والتقص� عن معرفة الفرائض

ق عىل وجهه ، وإتعاب النفس يف إال من تقص� العل�ء من إظهار الح والسنن الحنيفية وأداء الصلوات عليه وجهها ،

وردهم إىل سلوك سبيل هللا بالحكمة واملوعظة الحسنة . إصالح الخلق

ويؤانسوهم ، فتزيد رغبة الداهل وانه�ك بل ال يكتفي عل�ء السوء بالتقص� عن ذلك حتى كالئوهم عىل الباطل

: إن كل قاعد يف بيته أين� -ونعم ما قال -العل�ء العلم . ولقد قال بعض الفاسد ، ويقل وقار العا ويذهب ريح

وحملهم عىل املعروف ، سي� فليس الاليا عن املنكر من حيث التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم معا الدين كان

العينية كالصالة ورشائطها سي� يف القر والبوادي . العل�ء فإن أكث الناس جاهلون بالرشع يف الواجبات

نفسه لالرشاد والتعليم باللطف ، متوصال إليه كفاية أن يكون يف كل بلد وقرية واحد يعلم الناس دينهم ، باذال فيدب

قبولهم ، وأهمه قطع طمعه عنهم ومن أموالهم ، فإن من علموا منه الرغبة يف شئ بالرفق وكل ما يكون وسيلة إىل

هللا تعاىل وامتثال أمره ، وقع ذلك يف ، وأما إذا قصد وجهمن ذلك زهدوا فيه ويف علمه ، واضمحل أمرهم بسبب ذلك

واستقاموا عىل نهج السداد . قلوب الخاصة والعامة ، وانقادوا المره

فال أحق بالعذر . وهذا كله إذا يكن عليه الطر ، وال عىل أحد من املسلم� رضر يف ذلك وإال

رو عبد هللا بن سلي�ن ، قال :

من أهل البرصة يقال له عث�ن األعمى ، وهو يقول : إن الحسن عليه السالم يقول ، وعنده رجلسمعت أبا جعفر

فهلك إذا مؤمن آل الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار ، فقال أبو جعفر عليه السالم : البرصي يزعم أن

. ينا وش�ال ، فوهللا ال يوجد العلم إال ههناالحسن ك فرعون ، ما زال العلم مكتوما منذ بعث هللا نوحا ، فليذهب

Page 50: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۰

القسم الثا�

آداب املعلم مع طلبته

ويدمعها أمور :

النفس باآلداب الدينية ، والدقائق الخفية ، األول : أن يؤدبهم عىل التدريج باآلداب السنية والشيم املرضية ، ورياضة

سي� إذا آنس منهم رشدا ،الكامنة والدلية ، ويعودهم الصيانة يف جميع أمورهم

ومراقبة هللا تعاىل يف جميع اللحظات ، وأن وأول ذلك أن يحرص الطالب عىل االالالص ل تعاىل يف عمله وسعيه ،

ويعرفه أن بذلك ينفتح عليه أبواب املعارف وينرشح صدره ، وينفدر من قلبه يكون دائا عىل ذلك حتى امل�ت ،

وحكمه ، ويتلو عليه اآلثار بارك له يف حاله وعلمه ، ويوفق لإلصابة يف قوله وفعلهينابيع الحكمة واللطائف ، وي

ويزهده يف الدنيا ، ويرصفه عن التعلق بها والركون إليها الواردة يف ذلك ويرضب له األمثال الدالة عىل ما هنالك

الحازم� ودأب العراض عن الفا� هو طريقأنها فانية وأن اآلالرة باقية ، والتلهب للباقي وا واالغرتار بزالرفها ويذكره

ووقتا للعلم والعمل فيها ، وليحرز ثرته يف دار عباد هللا الصالح� ، وأنها إ�ا جعلت ظرفا ومزرعة القتناء الك�ل

االقبال بصالح االع�ل .

هللا عليهم ، وأنهم عىل منابر األنبياء صىل الثا� : أن يرغبهم يف العلم ويذكرهم بفضائله وفضائل العل�ء ، وأنهم ورثة

ذلك م� ورد يف فضائل العلم والعل�ء من اآليات واالالبار واالشعار من نور يغبطهم ، األنبياء والشهداء ، ونحو

ويرغبهم مع ذلك بالتدريج عىل ما واألمثال ، ففي األدلة الخطابية واالمارات الشعرية هز عظيم للنفوس االنسانية .

الكفاية من الدنيا والقناعة بذلك ع� يشغل القلب من التعلق بها ، االقتصار عىل امليسور ، وقدريع� عليه من

وتفريق الهم بسببها .

ذلك ما تام األمان ومقت املواساة الثالث : أن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه من الرش ، فإن

، ففي صحيح االالبار :

تى يحب ألاليه ما يحب لنفسه .ال يؤمن أحدكم ح

روحا� وهو أجل من الدس�� ، وعن ابن وال شك أن املتعلم أفضل االالوان بل األوالد ك� سيلت ، فإن العلم قرب

. لفعلت الذي يتخطى الناس حتى يدلس إيل ، لو استطعت أن ال يقع الذباب عليه عباس : أكرم الناس ع جلي

. ليقع عليه فيؤذينيويف رواية : إن الذباب

ني . فقال له عند الوداع : أوص وعن محمد بن مسلم قال : دالل رجل من أهل الدبل عىل أب جعفر عليه السالم

:فقال

لنفسك ، وإن سللك فلعطه ، وإن عليك بتقو هللا وبر أالاك املؤمن ، وأحب له ك� تحب لنفسك ، وأكره له ما تكره

ال كل لك ، كن له عضدا ، وإنه لك عضد ، وإن وجد عليك فال تفارقه تله ال�ا ، وإنهكف عنك فلعرض عليه ، وال

وآزره وأكرمه وألطفه ، [ ظ : تسل ] سخيمته ، وإن غاب فاحفظه يف غيبته ، وإن شهد فاكفه ، واعضده حتى تسلل

فإنه منك وأنت منه .

Page 51: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۱

وكل الرب ورد يف حقوق االالوان آت هنا مع زيادة ،

ما يؤدي إىل فساد حال أو ترك اشتغال أو أن يزجره عن سوء األالالق ، وارتكاب املحرمات واملكروهات ، أوالرابع :

أو معارشة من ال تليق به عرشته ، أو نحو ذلك بطريق التعريض ما أمكن ، ال إساءة أدب ، أو كثة كالم لغ� فائدة ،

حداب الهيبة ، ويورث التوبيخ ، فإن الترصيح يهتك الترصيح مع الغنى عنه ، وبطريق الرحمة ال بطريق بطريق

االرصار ، وقد ورد : الدرأة عىل الهدوم بالخالف ، ويهيج الحرص عىل

لو منع الناس عن فت البعر لفتوه ، وقالوا ما نهينا عنه إال وفيه شئ .

ويف املعنى أنشد بعضهم :

النفس تهو من يدور ويعتدي * والنفس مائلة إىل املمنوع

ولكل شئ تشتهيه طالوة * مدفوعة إال عن املمنوع

املسدد ، ومع معاوية بن الحكم ملا تكلم وانظر إرشاد رسول هللا صىل هللا عليه وآله ، وتلطفه مع االعراب الذي بال يف

يف الصالة .

ا ، ويغلظ القول عليه إن نهاه جهر فإن انزجر لذكائه با ذكر من اإلشارة فبها ونعمت ، وإال نهاه اا ، فإن ينته

كل سامع ، فإن ينته فال بلس حينئذ بطرده واالعراض عنه إىل أن اقتضاه الحال ، لينزجر هو وغ�ه ، ويتلدب به

إذا الاف عىل بعض رفقته من الطلبة موافقته . يرجع ، سي�

لكالم ، والتحابب والتعاون عىل التخاطب يف ا وكذلك يتعهد ما يعامل به بعض الطلبة بعضا من إفشاء السالم وحسن

بصدده . الرب والتقو ، وعىل ما هم

ملعاملة الناس ، فيكمل لهم فضيلة وبالدملة فك� يعلمهم مصالح دينهم ملعاملة هللا تعاىل ، يعلمهم مصالح دنياهم

الحالت� .

الخامس : أن ال يتعاظم عىل املتعلم� ، بل يل� لهم ويتواضع ، قال تعاىل :

. الفض جناحك ملن اتبعك من املؤمن�وا

وقال صىل هللا عليه وآله :

. إن هللا أوحى إيل أن تواضعوا

وقال صىل هللا عليه وآله :

. رفعه هللا ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد هللا عبدا بعفو إال عزا ، وما تواضع أحد ل إال

ما هم عليه من مالزمتهم له ، واعت�دهم معه كاألوالد ، معوهذا يف التواضع ملطلق الناس ، فكيف بهؤالء الذين هم

عليه من حق الصحبة وحرمة الرتدد ورشف املحبة وصدق التودد . عليه يف طلب العلم النافع ، ومع ما هم

Page 52: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۲

ويف الخرب عنه صىل هللا عليه وآله :

علموا وال تعنفوا ، فإن املعلم ال� من املعنف .

وعنه صىل هللا عليه وآله :

لينوا ملن تعلمون ، وملن تتعلمون منه.

وقد تقدم ، الرب عيىس عليه السالم مع الحواري� وغسله أقدامهم ، وغ�ه من االالبار .

لقيهم ، والبشاشة وطالقة الوجه وإظهار فعىل املعلم تحس� اللقه مع املتعلم� زيادة عىل غ�هم ، والتلطف بهم إذا

الشفقة ، واالحسان إليهم بعلمه وجاهه حسب ما ككن . وإظهار البرش وحسن املودة وإعالم املحبة

أحب األس�ء إليه ، وما فيه تعظيم له بكنيته ونحوها من -سي� الفاضل املتميز -وينبغي أن يخاطب كال منهم

لصدورهم ، وأبسط يكني أصحابه إكراما لهم ، فإن ذلك ونحوه أرشح وتوق� ، فلقد كان رسول هللا صىل هللا عليه وآله

وأجلب ملحبتهم . لسؤالهم ،

صىل هللا عليه وآله يف قوله : ويزيد يف ذلك من يرجو فالحه ويظهر صالحه ، وليمتثل وصية رسول هللا

. فإذا أتوكم فاستوصوا بهم ال�ا إن الناس لكم تبع ، وإن رجاال يلتونكم من أقطار األرض يتفقهون يف الدين ،

شفاءه فليفعله ، فإن داء الدهالة النفسانية لنسبة إىل املتعلم كالطبيب للمريض ، فكل ما يرجو بهوبالدملة فالعا با

أقو من األدواء البدنية .

باالتالف األمزجة والطباع . وقد يتفق كون الالف ما ذكرناه هو الصالح والدواء ، ك� يختلف ذلك

زائدا عىل العادة يسلل عنه وعن أحواله مالزمي الحلقة: وهو من جنس السابق إذا غاب أحد منهم أو من السادس

أرسل إليه ، أو قصد منزله بنفسه ، وهو أفضل ك� كان يفعل رسول هللا صىل وموجب انقطاعه ، فإن يخرب عنه بشئ

ويسلل تفقد أهله ومن يتعلق به ، فإن كان مريضا عاده أو يف غم الفض عنه ، أو مسافرا ١عليه وآله مع أصحابه هللا

يحتاجوا إليه يف شئ تودد ودعا . عنهم ، وتعرض لحوائدهم ووصلهم با أمكن ، وإن

وأحوالهم ، ويكث الدعاء لهم ، ويف السابع : أن يستعلم أس�ء طلبته وحارضي مدلسه وأنسابهم وكناهم ومواطنهم

ذلك .والبلد وأين أنزل غنية يف ، بالسؤال عن االسم والكنية ٢الحديث املسلسل

متلطفا يف إفادة طالبيه مع رفق ونصيحة الثامن : أن يكون سمحا ببذل ما حصله من العلم ، سهال بإلقائه إىل مبتغيه

ما يبدله لهم من الفوائد النفيسات ، وال يدالر عنهم من أنواع العلم شيئا وإرشاد إىل امله�ت ، وتحريض عىل حفظ

أهال لذلك .أو يسللون إذا كان الطالب يحتاجون إليه

الحال ، فإن سلله الطالب شيئا من ذلك وليكتم عنهم ما يتلهلوا له من املعارف ، الن ذلك م� يفرق الهم ويفسد

شحا بل شفقة ولطفا ، ثم يرغبه بعد ذلك يف االجتهاد والتحصيل ، ليتلهل نبهه عىل أن ذلك يرضه ، وأنه كنعه منه

وغ�ه . لذلك

Page 53: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۳

. كباره " الربا� " أنه الذي يرب الناس بصغار العلم قبل وقد روي يف تفس�

الع� ، ومن فرض الع� إصالح قلبه التاسع : صد املتعلم أن يشتغل بغ� الواجب قبله ، وبفرض الكفاية قبل فرض

د ثانيا من مؤاالذته هو نفسه بذلك ليقتدي املتعلم أوال بلع�له ، ثم يستفي وتطه� باطنه بالتقو ، ويقدم عىل ذلك

وكذلك كنعه من علم األدب قبل السنة وهكذا . أقواله ،

الفائدة إىل أفهامهم وأذهانهم ، مهت� بذلك العارش : أن يكون حريصا عىل تعليمهم ، باذال وسعه يف تفهيمهم وتقريب

شيئا . ويفهم كلما يكن رضورة إىل ما هو أرجح منه ، وال يدالر من نصحهم مؤثرا له عىل حوائده ومصالحه ،

ال يضبطه حفظه ، وال واحد منهم بحسب فهمه وحفظه ، وال يعطيه ما ال يحتمله ذهنه ، وال يبسط الكالم بسطا

قدر درجته وبحسب فهمه ، فيلقي للمتميز الحاذق يقرص به ع� يحتمله بال مشقة ، ويخاطب كل واحد منهم عىل

ح لغ�ه ال سي� متوقف الذهن ، ويكررها ملن ال يفهمها إال بتكرار ،الذي يفهم املسللة فه� محققاباإلشارة ، ويوض

ملحتملها ، ويب� الدليل املعتمد ويبدأ بتصوير املسللة ثم يوضحها باألمثلة إن احتيج إليه ، ويذكر األدلة واملآالذ

لك ما يدب مراعاته مع من بكذا ، وهو ضعيف لكذا ، مراعيا يف ذ ليعتمد ، والضعيف لئال يغرت به ، فيقول : استدلوا

وال هضم غ�ه العل�ء ، بلن يقصد مدرد بيان الحق حيث يتوقف عىل ذلك ، ال رفع نفسه عىل غ�ه يضعف قوله من

عنه [ خ ل : عنها ] وما يتعلق بتلك ويب� أاار حكم املسللة وعللها ، وتوجيه األقوال واألوجه الضعيفة والدواب

وحكمه حكمها ، وما يخالفها وملالذ الحكم� والفرق ب� يبني عليها وما يشبهها املسللة من أصل وفرع ، وما

عليها أو عىل باملسللة من النكت اللطيفة واأللغاز الظريفة واألمثال واالشعار واللغات ، وما يرد املسللت� ، وما يتعلق

عبارة مثلها وجوابه إن أمكن .

ذلك ، لغرض صحيح ، ال ملدرد إظهار حكم أو تخريج أو نقل ونحووينبه عىل غلط من غلط فيها من املصنف� يف

يغرت به ، كل ذلك مع أهلية امللقى إليه لذلك . ] النصيحة ، لئال الخطل والصواب ، بل [ ل

التي ال تنخرم ، أو يضبط مستثنياتها إن الحادي عرش : أن يذكر يف تضاعيف الكالم ما يناسبه من قواعد الفن الكلية

بزيادته ونقصانه مطلقا إال مواضع مخصوصة ، ويبينها ، وكل� اجتمع سبب ت ، كقوله : كل ركن تبطل الصالةكان

املالك ، وأن الحدود تسقط قدمت املبارشة عىل السبب ، وكل من قبض شيئا لغرضه ال يقبل قوله يف الرد إىل ومبارشة

إال أن يكون املستحلف قاضيا وقد استحلفه لدعو اقتضته ، حالفبالشبهة ، وأن االعتبار يف اليم� بال تعاىل بنية ال

إال من أدعي عليه القايض أو نائبه املستحلف ، وأن كل ك� عىل نفي فعل الغ� فهي عىل نفي العلم ، فاالعتبار بنية

مال ابتداء ، ونحو وأن السيد ال يثبت له يف ذمة عبده أو بهيمة [ ظ : بهيمته ] كذلك ، -عىل قول -أن عبده جنى

ذلك .

الكتاب والسنة واالج�ع والقياس عىل ويب� له جمال م� ينضبط ويحتاج إليه من أصول الفقه ، كرتتيب األدلة من

ودرجاتها ، وحدود ما ناسب تحديده ، وجملة من أس�ء املشهورين من الصحابة وجه واالستصحاب وأنواع األقيسة

واملشتبه من ذلك ، واملختلف ووفياتهم وضبط املشكل من أس�ئهم وأنسابهم .والتابع� والعل�ء وتراجمهم

والعرفية املتكررة يف العلم ، ضبطا ملشكلها ، فيقول : هي واملؤتلف منه ، ونحو ذلك ، وجملة من األلفاظ اللغوية

مع طول فيدتمع لهممكسورة مخففه أو مشددة ، ونحو ذلك ، كل ذلك تدريدا شيئا فشيئا مفتوحة أو مضمونة أو

الزمان ال� عظيم .

Page 54: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥٤

بإعادة محفوظاتهم ، ويسللهم ع� ذكره لهم الثا� عرش : أن يحرصهم عىل االشتغال يف كل وقت ، ويطالبهم يف أوقات

حافظا مراعيا أكرمه وأثنى عليه ، وأشاع ذلك ما يخف فساد حاله بإعداب من امله�ت واملباحث ، فمن وجده

طبيب يضع الدواء حيث يحتاج إليه ده مقرصا عنفه يف الخلوة ، وإن رأ مصلحة يف املال فعل ، فإنهونحوه ، ومن وج

وينفع .

الغريبة ، يخترب بذلك أفهامهم الثالث عرش : أن يطرح عىل أصحابه ما يراه من مستفاد املسائل الدقيقة والنكت

غلط منهم يف ذلك إال أن ير يف ذلك مصلحة . وال يعنف من ويظهر فضل الفاضل ، ليتدربوا بذلك ويعتادوه ،

وقد روي عن ابن عمر أن النبي صىل هللا عليه وآله قال :

الناس يف شدر البوادي ووقع يف نف إن من الشدر شدرة ال يسقط ورقها ، وإنها مثل املسلم حدثو� ما هي ؟ فوقع

هللا ؟ قال : هي النخلة ، فقال له أبوه : لو قلتها لكان أحب ما هي يا رسول أنها النخلة ، فاستحييت ، ثم قالوا : حدثنا

كذا وكذا . إيل من

الطلبة ، وإعادة ذكر ما أشكل منه ليمتحن وكذلك إذا فرغ من رشح درس ، فال بلس أن يطرح مسائل تتعلق به عىل

به شكره ، ومن يفهمه فمن ظهر استحكام فهمه له بتكرار اإلصابة يف جوا بذلك فهمهم وضبطهم ، ملا رشح لهم ،

يف إعادته له . تلطف

الفائدة التي ال تحصل مع االنفراد ، وإعادة ما وينبغي للشيخ أن يلمر الطلبة باالجت�ع يف الدرس ملا يرتتب عليه من

ليثبت يف أذهانهم . وقع من التقرير بعد فراغه في� بينهم

صغ�ا ، فإن ذلك من بركة العلم . قال يقولها بعضهم وإن كانالرابع عرش : أن ينصفهم يف البحث ، فيعرتف بفائدة

االنصاف ، ومن ينصف يفهم و يتفهم . فيالزمه يف بحثه والطابه ، ويسمع بعض السلف : من بركة العلم وآدابه

السؤال من مورده عىل وجهه وإن كان صغ�ا ، وال يرتفع عن س�عه فيحرم الفائدة .

فالحسد حرام فكيف بن هو بنزلة الولد ، هم لكثة تحصيله أو زيادته عىل الاصته من ولد وغ�ه ،وال يحسد أحدا من

فإنه مربيه وله يف تعليمه وتخريده يف اآلالرة الثواب الدزيل ويف الدنيا وفضيلته يعود إىل معلمه منها أو فر نصيب ،

املستمر والثناء الدزيل . الدعاء

وأفلح ، بل االمر بيد هللا والعلم فضل من املشايخ اهتم بتفضيل ولده عىل غ�ه من الطلبةوما رأينا وال سمعنا بلحد

هللا يؤتيه من يشاء ، وهللا ذو الفضل العظيم .

اعتناء مع تساويهم يف الصفات من سن الخامس عرش : أن ال يظهر للطلبة تفضيل بعضهم عىل بعض عنده يف مودة أو

الصدر وينفر القلب . فإن كان بعضهم أكث تحصيال وأشد اجتهادا وأحسن ك ربا يوحشأو فضيلة أو ديانة ، فإن ذل

ينشط ، ويبعث عىل االتصاف فلظهر إكرامه وتفضيله وب� أن زيادة إكرامه لتلك األسباب ، فال بلس بذلك فإنه أدبا ،

بتلك الصفات املرجحة .

بلكث من درس إال برضا الباق� ، ويختار فاألسبق ، وال يقدمه السادس عرش : أن يقدم يف تعليمهم إذا ازدحموا األسبق

باتفاق منهم وهو املسمى بالتقسيم أن يبدأ يف كل يوم بدرس واحد منهم ، فإن إذا كانت الدروس يف كتاب واحد

Page 55: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥٥

ملاللة وبقاء علم من نفسه عدم ا الدرس املبدأ به ربا حصل فيه من النشاط يف التقرير ما ال يحصل يف غ�ه ، إال إذا

فيقدم درس العبادات عىل درس املعامالت وهكذا ، وإن رأ مع ذلك النشاط ، ف�تب الدروس برتتيب الكتاب ،

األسبق ليحض املتلالر عىل التقدم كان حسنا . تقديم

، فإن سمح ذلك مصلحة كنحو ما ذكرنا وينبغي أن ال يقدم أحدا يف نوبة غ�ه ، وال يؤالره عن نوبته إال إذا رأ يف

إن شاء -مع بيان املسللة مفصلة -جاؤوا معا وتنازعوا أقرع بينهم برشطه اآلت بعضهم لغ�ه يف نوبته فال بلس ، وإن

تعاىل يف القسم الثالث من النوع الثالث . هللا

بالرفق طاقته والاف ضدره ، أوصاه السابع عرش : إذا سلك الطالب يف التحصيل فوق ما يقتضيه حاله أو تحمله

بنفسه وذكره بقول النبي صىل هللا عليه وآله :

. إن املنبت ال أرضا قطع وال ظهرا أبقى

ونحو ذلك م� يحمله عىل األناة واالقتصاد يف االجتهاد .

وتخفيف االشتغال ، وليزجره عن تعلم ما ال وكذلك إذا ظهر له منه نوع سامة أو ضدر أو مبادئ ذلك ، أمره بالراحة

يقرص ذهنه عن فهمه ، فإن استشاره من ال يعرف حاله يف الفهم والحفظ يف فهمه أو سنه ، من علم أو كتابيحتمله

التلالر أشار عليه بكتاب سهل فن أو كتاب يرش عليه حتى يدرب ذهنه ويعلم حاله ، فإن يحتمل الحال قراءة

تاب يليق بذهنه ، وإال تركه ، الن نقل الطالب إىل ما قابال نقله إىل ك من الفن املطلوب ، فإن رأ فهمه جيدا وذهنه

قصوره بخالف ذلك . إليه عىل جودة ذهنه وك�له م� يزيد انبساطه ويوفر نشاطه ، وإىل ما يدل عىل يدل نقله

تعاىل. األهم فاألهم ، ك� سيذكر إن شاء هللا وال ككن الطالب من االشتغال يف فن� أو أكث ، إذا يضبطه� ، بل يقدم

ال يفلح يف فن أشار عليه برتكه واالنتقال إىل غ�ه م� يرجى فالحه فيه . وإذا علم أو غلب عىل ظنه أنه

نفس الطالب العلوم التي وراءة ، ك� الثامن عرش : إذا كان متكفال ببعض العلوم ال غ� ، ال ينبغي له أن يقبح يف

عدو ما جهل ، كمعلم العربية واملعقول إذ عادته تقبيح الفقه ، ومعلم يتفق ذلك كث�ا لدهلة املعلم� ، فإن املرء

علم الحديث والتفس� ، وأشباه ذلك . الفقه تقبيح

العلم الذي بيده متلالرة ع� بيد غ�ه وهكذا ينبغي أن يوسع عىل الطالب طريق التعلم يف غ�ه ، وإذا رأ مرتبة

الواجب من نصح املسلم� وحفظ العلم والدين ، وأتم الدليل عىل ك�ل يرشده إىل من بيده السابق ، فإن ذلك هو

وموجب امللكة الصالحة للمتعلم . املعلم ،

ملصلحة راجعة إىل املتعلم ، فإن هذه التاسع عرش: وهو من املهم أن ال يتلذ ممن يقرأ عليه إذا قرأ عىل غ�ه أيضا

بعلمه وجه هللا تعاىل ، لغباوتهم وفساد نياتهم . مصيبه يبتىل بها جهلة املعلم� ومن ال يريد

فإنه عبد ملمور بلداء رسالة سيده وهو من أوضح األدلة عىل عدم إرادتهم بالتعليم وجه هللا الكريم وثوابه الدسيم ،

سيد ، بل ألداء الرسالة ال ينبغي لألول الغضب ، فإن ذلك ال ينقصه عند ال إىل بعض عبيده ، فإذا أرسل السيد عبدا آالر

قدرا ورفعه عنده إذا وجده ممتثال ال يريده منه أو من غ�ه . يزيده

Page 56: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥٦

عىل تحصيل غرضه بنفسه أن فالواجب عىل املعلم إذا وجد من الطالب نشاطا وقوة عىل تعدد الدرس ، و يقدر

وهذا أمر اتفق يل مع من تام النصيحة ورعاية حفظ األمانة . يرشده ابتداء إىل من يقرأ عليه درسا آالر ، فإن ذلك

برص أحسن هللا جزاءه . بعض مشايخي

لو كان جاهال مع عدم علم الطالب ، أو فاسقا هذا كله إذا كان املعلم اآلالر الذي انتقل إليه الطالب بنفسه أهال ، أما

علم عليه ، بحيث يفيد الطالب ملكة ردية ال يرجح عليها ما يحصله من ال أو مبتدعا أو كث� الغلط ، ونحو ذلك

من االغرتار به حسن مع مراعاة املقصد الصحيح املندح ، فالتحذير

. وهللا يعلم املفسد من املصلح

فينبغي أن يقوم املعلم بنظام أمره يف العرشون : إذا تكمل الطالب وتلهل لالستقالل بالتعليم واستغنى عن التعلم ،

ل عليه واالالذ عنه ، فإن الداهل بحاله قد ال يلنس وال يطمنئ به وإنباالشتغا ذلك ، وكدحه يف املحافل ، ويلمر الناس

معلوماته وتقواه وعدالته ، ونحو تصد للتعليم ، بدون إرشاد من هو معلوم الحال . ولينبه عىل حاله مفصال ومقدار

الحال .فإن ذلك سبب عظيم النتظام العلم وصالح ذلك م� له مدالل يف إقبال الناس عىل التعلم منه ،

واحتياجه إىل التعلم ، ينبغي أن يقع ذلك ك� أنه لو رأ منه ميال إىل االستبداد والتدريس ويعلم قصوره عن املرتبة

فإن يندع فليظهر ذلك عىل وجه صحيح املقصد حتى يرجع إىل االشتغال عنده ، ويشدد النك� عليه يف الخالء ،

ويتلهل للك�ل .

كل وقت من تلمل العلة املحوجة إىل ن املعلم بالنسبة إىل املتعلم بنزلة الطبيب ، فال بد له يفومرجع االمر كله إىل أ

العلة ، وللذك يف تفصيل الحال ماال يدالل تحت الضبط ، فإن لكل مقام االصالح ومداواته عىل الوجه الذي تقتضيه

صالحا ، ولكل مرض دواء ناجحا . وهللا املوفق . مقاال

Page 57: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۷

الثالثالقسم

آدابه يف درسهفی

وهي أمور :

اللباس والهيئة والنظافة يف الثوب األول : أن ال يخرج إىل الدرس إىل كامل األهبة ، وما يوجب له الوقار والهيبة يف

لباسا ، وال يعتني بفاالر الثياب بل با يوجب الوقار وإقبال القلوب عليه ، ك� والبدن ، ويختار له البياض ، فإنه أفضل

النص به يف أئة املحافل من األعياد والدمعات وغ�ه� . ورد

األالبار الصحيحة يف هذا الباب با ال مزيد وقد اشتمل كتاب [ الزي و ] التدمل [ واملروءة ] من كتاب " الكايف " عىل

عليه ، ويخرج التعرض له عن موضوع الرسالة .

٤كل ما يشينه ، كان بعض السلف وليتطيب ويرسح لحيته ، ويزيلوليقصد بذلك تعظيم العلم وتبديل الرشيعة ،

ويتطيب ويلبس ثيابا جددا ، ويضع رداءه ، عىل رأسه ، ثم يدلس عىل منصة إذا جاءه الناس لطلب الحديث يغتسل

هللا عليه وآله . وال يزال يبخر بالعود حتى يفرغ ، ويقول : أحب أن أعظم حديث رسول هللا صىل

عليه وآله : أن يدعو عند الروجه مريدا للدرس بالدعاء املروي عن النبي صىل هللالثا� :

أجهل أو يدهل ع ، عز جارك ، وجل اللهم إ� أعوذ بك أن أضل أو أضل ، أو أزل أو أزل ، أو أظلم أو أظلم ، أو

ل وال قوة إال بال الع العظيم ، اللهمهللا حسبي هللا ، توكلت عىل هللا ، وال حو ثناؤك ، وال إله غ�ك . تم يقول : بسم

. ثبت جنا� أدر الحق عىل لسا�

ويديم ذكر هللا تعاىل إىل أن يصل إىل املدلس .

[ املسدد ] إن كان مسددا ، وإال نو الثالث : أن يسلم عىل من حرض إذا وصل إىل املدلس ، ويص ركعت� تحية

لذلك أو الحاجة إىل تسديده وتلييده وعصمته من الخطل ، أو مطلقت� ، فإن وتلهيلهبه� الشكر ل تعاىل عىل توفيقه

بعض العل�ء . ثم يدعو بعده� " الصالة ال� موضوع " وأما استحبابها لذلك بخصوص فلم يثبت ، وإن استحيه

بالتوفيق واإلعانة والعصمة .

محتبيا ، غ� مرتبع وال مقع ، وال غ� ذلك انيا رجليه أوالرابع : أن يدلس بسكينة ووقار وتواضع والشوع وإطراق ، ث

وال كد رجليه وال إحديه� من غ� عذر ، وال يتكئ إىل جنبه وال وراء ظهره ونحو من الدلسات املكروهة مع االالتيار ،

ذلك ، كل ذلك يف حال الدرس ، أما يف غ�ه فال بلس الن الطلبة بنزلة أوالده .

. ال� املدالس ما استقبل بها س مستقبل القبلة ، ألنه أرشف ولقوله صىل هللا عليه وآله :الخامس : قيل يدل

أكث ، وكذا من يدلس إليهم لالست�ع . وككن أن يقال باستحباب استدباره لها ليخص الطلبة باالستقبال ، ألنهم

Page 58: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۸

إىل القبلة تغليظا عليهم يف الحذر من كالم ومثله ورد يف القايض ، إال أن لذلك مزية زائدة يف ذلك ، وهو كان الخصوم

هنا عىل الخصوص . الباطل ويف حال الحلف ، وال نص

وبث الفوائد الرشعية ، وتبليغ االحكام السادس : أن ينوي قبل رشوعه بل ح� الروجه من منزله تعليم العلم ونرشه ،

املذاكرة ، وإظهار الصواب والرجوع إىل الحق ، واالجت�ع واالزدياد يف العلم ب الدينية التي أو تن عليها وأمر ببيانها ،

من املقاصد . فإن بإحضارها ذكر هللا تعاىل ، والدعاء للعل�ء املاض� والسلف الصالح� ، وغ� ذلك م� يحرضه عىل

ألجل كذا ، ويرتب لها بالبال وكثتها يزيد ثواب العمل ، فإ�ا األع�ل بالنيات. وليس املراد بالنية أن يقول : أفعل كذا

التقرب إىل هللا تعاىل وطلب مخصوصة ، بل املراد بها بعث النفس وتصميم العزم عىل الفعل املخصوص ، لغرض ألفاظا

وهللا مطلع عىل قلبه يقصد غ� ذلك كقصد الظهور يف - الزلفى لديه ، حتى لو تلفظ وقال : أفعل ذلك هللا تعاىل

فساد نيته فهو مخادع ل تعاىل مراء للناس ، وهللا مطلع عىل -جيح عىل األمثال والنظراء والرت املحافل وارتفاع الصيت

العبادة . أصلح هللا تعاىل بفصله وكرمه أع�لنا والبث طويته فيستحق العقوبة عىل هذه الذنوب وإن كانت بظهر

ومقاصدنا بنه وفضله . وسددنا يف أقوالنا وأاللص اائرنا

والتنقل عن مكانه والتقلقل ، ويديه عن قر عىل سمت واحد مع االمكان ، فيصون بدنه عن الزحفالسابع : أن يست

النظر بال حاجة . البعث والتشبيك به� ، وعينيه عن تفريق

الحشمة ، ويذهب العزة من القلوب ، وأما ويتقي كثة املزاح والضحك ، فإنه يقلل الهيبة ويسقط الحرمة ، ويزيل

، تلنيسا ٢ومن بعده من األئة املهدي� ١يفعله النبي صىل هللا عليه وآله املزاح فمحمود ، ك� كانالقليل من

. ٣حتى تبدو نواجذه وتلليفا للقلوب ، وقريب منه الضحك ، فقد كان النبي صىل هللا عليه وآله يضحك للدلساء

، والعدل التبسم . ٤ولكن ال يعلو الصوت

التفاتا الاصا بحسب الحاجة للخطاب موضع يربز وجهه فيه لدميع الحارضين ، ويلتفت إليهمالثامن : أن يدلس يف

يسلله أو يبحث معه عىل الوجه بزيد التفات إليه وإقبال عليه ، وإن كان ويفرق النظر عليهم ، ويخص من يكلمه أو

الحارضين يف حكم الباحث ، لقارئ منأو وضيعا ، فإن تخصيص املرتفع� من أفعال املتدربين واملرائ� . وا صغ�ا

والنظر بحسب حاله وسؤاله . فيخصه با يتعلق بدرسه ، ويعطي غ�ه من الخطاب

سن أو صالح أو رشف ، ونحو ذلك ، التاسع : أن يحسن اللقه مع جلسائه زيادة عىل غ�هم ، ويوقر فاضلهم بعلم أو

بالباق� ، ويكرمهم بحسن السالم وطالقه الوجه والبشاشة اإلمامة ، ويتلطف ويرفع مدالسهم عىل حسب تقدكهم يف

بعض األالبار ما يوهمه ، وتحقيقه يف واالبتسام ، وبالقيام لهم عىل سبيل االحرتام وال كراهة فيه بوجه ، وإن كان يف

غ� هذا املحل .

تيمنا وتربكا ، ويدعو عقيب العظيم العارش : أن يقدم عىل الرشوع يف البحث والتدريس تالوة ما تيرس من القرآن

يستعيذ بال من الشيطان الرجيم ، ويسمي هللا تعاىل ويحمده ، القراءة لنفسه وللحارضين ولسائر املسلم� ، ثم

والسلف الصالح� ، وعىل آله وأصحابه ، ثم يدعو العل�ء املاض� -صىل هللا عليه وآله -عىل النبي ويص ويسلم

ونحوها دعا لواقف املكان . ديه وللحارضين وإن كان يف مدرسةوملشايخه الاصة ولوال

موضوع إجابة ، وفيه اقتداء بالسلف من وهذا وإن يرد به نص عىل الخصوص ، لكن فيه ال� عظيم وبركة واملحل

العل�ء ، فقد كانوا يستحبون ذلك .

Page 59: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٥۹

أنه يقول من جملة الدعاء : ٣وذكر بعض العل�ء

يدهل ع . اللهم أنفعني با علمتني ن أصل أو أصل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أواللهم إ� أعوذ بك أ

ل عىل كل حال ، اللهم إ� أعوذ بك من علم ال ينفع ، ومن قلب ال يخشع ، وعلمني وما ينفعني وزد� عل� والحمد

ومن نفس ال تشبع ومن دعاء ال يسمع.

فيها من قوله اءة سورة األعىل ، ويزعم أنه متلس ومتفلل بايختار قر ٥وكان بعض العل�ء

األعىل

وقوله

قدر فهد

وقوله سنقرئك فال تنىس

وقوله فذكر

وقوله

صحف إبراهيم وموىس.

وروي أن من اجتمع مع ج�عة ، ودعا يكون من دعائه :

به جنتك ، ومن اليق� ما تهون به تبلغنا اللهم اقسم لنا من الشيتك ما يحول بيننا وب� معصيتك ، ومن طاعتك ما

وأبصارنا وقوينا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثارنا عىل من علينا مصائب الدنيا . اللهم متعنا بلس�عنا

تسلط همنا وال مبلغ علمنا ، وال وانرصنا عىل من عادانا ، وال تدعل مصيبتنا يف ديننا ، وال تدعل دنيانا أكرب ظلمنا ،

علينا من ال يرحمنا .

األلفاظ ، مرتسال مبينا موضحا مقدما ما الحادي عرش : أن يتحر تفهيم الدرس بليرس الطرق وأعذب ما ككنه من

مرتبا من املقدمات ما يتوقف عليها تحقيق املحل ، واقفا يف موضع الوقف ، ينبغي تقدكه ، مؤالرا ما ينبغي تلال�ه ،

إليه ، وإذا فرغ من ، مكررا ما يشكل من معانيه وألفاظه مع حاجة الحارضين أو بعضهم موضع الوصل موصال يف

تقرير املسللة سكت قليال حتى يتكلم من يف نفسه كالم عليه .

يذكره� جميعا أو يؤالره� جميعا ، سي� وال يذكر يف الدرس شبهة يف الدين ويؤالر الدواب عنها إىل درس آالر ، بل

يحتمل أن ال يعود إىل ذلك املقام ، فتقع الشبهة يف نفسه وال يتفق له يدمع الخاص والعام ، ومنإذا كان الدرس

سببا يف فتنته . جوابها ، فيص�

فاألهم ، فيقدم أصول الدين ثم التفس� ثم الثا� عرش : إذا تعددت الدروس ، فليقدم منها األرشف فاألرشف واالهم

م بحسب مرتبتها ، والحاجة إليهاالنحو ثم املعا� ، وعىل هذا قياس باقي العلو قه ثمالحديث ثم أصول الفقه ، ثم الف

وسيلت إن شاء هللا ما يع� عىل هذا الرتتيب يف باب يخصه .

Page 60: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۰

ضبطه ، الن املقصود إفادتهم وضبطهم ، الثالث عرش: أن ال يطول مدلسه تطويال كلهم ، أو كنعهم فهم الدرس أو

وال يقرصه تقص�ا يخل ببعض تقريره أو ضبطه أو فهمه ، لفوات املقصود ، ذه الحالة فات املقصود .فإذا صاروا إىل ه

التقسيم إذا كانوا من أهله . ويراعي يف ذلك مصلحة الحارضين يف الفائدة والتطويل ، واستيفاء األقسام يف

جوع أو عطش أو مدافعه حدث أو أو الرابع عرش : أن ال يشتغل بالدرس ، وبه ما يزعده ويشوش فكره ، من مرض

برد أو حر مؤمل� ، حذرا من أن يقرص عن استيفاء املطلوب من البحث شدة فرح أو غم أو غضب أو نعاس أو قلق أو

بغ� الصواب . ، أو يفتي

صوت مزعج ، أو شمس موجبة للحر الخامس عرش : أن ال يكون يف مدلسه ما يؤذي الحارضين من دالان أو غبار أو

املطلوب ، بل يكون واسعا مصونا عن كل ما يشغل الفكر ويشوش النفس الشديد ، أو نحو ذلك م� كنع من تلدية

فيه الغرض املطلوب . ليحصل

النهار ، إذا يكن عليه فيه رضورة وال السادس عرش: مراعاة مصلحة الد�عة يف تقديم وقت الحضور وتلال�ه يف

الوقت الصالح باملطالعة والتصنيف حيث يكون االشتغال به أوىل من التدريس شتغال يفمزيد كلفة ، ومن الرضورة اال

بعضهم من ك�ل فهمه ، وقد روي عن السابع عرش: أن ال يرفع صوته زيادة عىل الحاجة ، وال يخفضه الفضا كنع

النبي صىل هللا عليه وآله :

. إن هللا يحب الصوت الخفيض ، ويبغض الصوت الرفيع

فيهم ثقيل السمع ، فال بلس بعلو وىل أن يا يداوز صوته مدلسه ، وال يقرص عن س�ع الحارضين ، فإن حرضواأل

. حديث صوته بقدر ما يسمعه ، وقد روي يف فضيلة ذلك

األصوات وسوء األدب يف املباحثة ، : أن يصون مدلسه عن اللغط ، فإن الغلط تحت اللغط ، وعن رفع الثامن عرش

املسللة إىل غ�ها قبل إك�لها . فإذا ظهر من أحد الباحث� شئ من مبادئ ذلك هات البحث ، والعدول عنواالتالف ج

قبح االنتقال املذكور ، وأن املقصود تلطف يف دفعه قبل انتشاره وثوران النفوس ، ويذكر لدملة الحارضين ما يقتيض

لرفق ، واستفادة البعض من البعض ، ويذكرهم ما جاء الفائدة والصفاء وا اجت�ع القلوب عىل إظهار الحق وتحصيل

والبغضاء املوجب� [ ظ : امل�راة واملنافسة والشحناء ، سي� أهل العلم املتسم� به ، وأن ذلك سبب العداوة يف ذم

نيا كون االجت�ع الالصا ل تعاىل ليثمر الفائدة يف الد املوجبت� ] لتشويش الفكر وذهاب الدين ، وأن الواجب

والسعادة يف األالر .

إنصاف بعد ظهور الحق ، أو أكث التاسع عرش : أن يزجر من تعد يف بحثه أو ظهر منه لدد أو سوء أدب أو ترك

الحارضين أو الغائب� ، أو ترفع عىل من هو أوىل منه يف املدلس ، أو الصياح بغ� فائدة ، أو أساء أدبه عىل غ�ه من

بلدب الطالب يف الحلقة ، الة الدرس با ال ينبغي ، أو ضحك أو استهزأ بلحد أو فعل ما يخلمع غ�ه ح نام أو تحدث

إن شاء هللا تعاىل . ١وسيلت تفصيله

زجرهم وكفهم عن مساوئ األالالق ، هذا كله إذا يرتتب عىل ذلك مفسدة تربو عليه ، وهذا النوع مغاير ملا مر من

بشلن أنفسهم ، وإن كان ككن إدراجه فيه ، إال أن االهت�م بشلنه حسن ذكره علقالن هذا الاص بالدرس وذاك با يت

عىل الخصوص .

Page 61: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۱

عن تقرير ما أورده أو تحرير العبارة العرشون : أن يالزم االرفاق بهم يف الطابهم وس�ع سؤالهم ، وإذا عدز السائل

وجه إيراده ، وأجاب با عنده .مراده أوال وب� فيه ، لحياء أو قصور ووقع عىل املعنى ، عرب عن

بقولك كذا ؟ فان قال : نعم . أجابه ، وإن اشتبه عليه مراده سلله عن األمور التي يحتمل إرادته لها ، فيقول له : أتريد

وإال ذكر محتمال آالر .

دميع كانوا كذلك ال حيلة فيه ، ويتذكر أن ال وإن سلل عن شئ ركيك فال يستهزئ به وال يحتقر السائل ، فإن ذلك أمر

ثم تعلموا وتفقهوا .

فإن للقادم دهشة سي� ب� يدي : أن يتودد لغريب حرض عنده ، وينبسط له لينرشح صدره ، الحادي والعرشون

فإن ذلك يخدله وكنعه من املسللة [ خ ل : املسللة ] واملشاركة العل�ء . وال يكث النظر وااللتفات إليه استغرابا له ،

كان من أهله . إنيف البحث

يبحث -وهو -حتى يدلس ، وإن جاء الثا� والعرشون : إذا أقبل بعض الفضالء ، وقد رشع يف مسللة أمسك عنها

للفراغ وقيام الد�عة بقدر ما يصل إىل املدلس ، فليؤالر تلك البقية ، أعادها له أو مقصودها ، وإذا أقبل وقد بقي

بقيامهم عند جلوسه . يدلس ثم يعيدها أو يتمم تلك البقية ، كيال يخدل املقبلببحث أو غ�ه إىل أن ويشتغل عنها

عرض يف الدرس ما ال يعرفه ، فليقل : ال إذا سئل عن شئ ال يعرفه ، أو -وهو من أهم اآلداب -الثالث والعرشون :

فمن علم العا أن يقول في� ال النظر يف ذلك . وال يستنكف عن ذلك ، أعرفه أو ال أتحققه أوال أدري أو حتى أراجع

يعلم :

" ال أعلم وهللا أعلم " .

قال ع عليه السالم :

أعلم . إذا سئلتم ع� ال تعلمون فاهربوا ، قالوا : وكيف الهرب ؟ قال : تقولون : هللا

وعن أب جعفر الباقر عليه السالم قال :

باآلية من القرآن يخر فيها أبعد . إن الرجل ليرسع [ خ ل : ليرشع ]ما علمتم فقولوا ، وما تعلموا فقولوا : هللا أعلم

ما ب� الس�ء [ واألرض ] .

وعن زرارة بن أع� قال :

ويقفوا عندما ال يعلمون. سللت أبا جعفر عليه السالم : ما حق هللا عىل العباد ؟ قال : أن يقولوا ما يعلمون ،

وعن الصادق عليه السالم :

ما يعلموا ، قال هللا عز وجل : " أ يؤالذ عباده بآيت� من كتابه : أن ال يقولوا حتى يعلموا ، وال يردواإن هللا الص

هللا إال الحق " وقال : " بل كذبوا با يحيطوا بعلمه وملا يلتهم تلويله ". عليهم ميثاق الكتاب أن ال يقولوا عىل

. مقاتله " ال أدري " أصيبتوعن ابن عباس ريض هللا عنه : إذا ترك العا

Page 62: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۲

وعن ابن مسعود ريض هللا عنه : إذا سئل أحدكم ع� ال يدري ، فليقل :

. ال أدري ، فإنه ثلث العلم

وقال آالر : ال أدري ثلث العلم .

يكث منها لتسهل عليهم ويعتادوها ، وقال بعض الفضالء : ينبغي للعا أن يورث أصحابه " ال أدري " . ومعناه أن

فيستعملوها يف وقت الحاجة .

وقال آالر : تعلم " ال أدري " ، فإنك إن قلت : ال أدري ، علموك حتى تدري ،

. ٧وإن قلت : أدري ، سللوك حتى ال تدري

قلوب الناس عظمة ، تفضال من هللا واعلم أن قول العا : " ال أدري " ال يضع منزلته ، بل يزيدها رفعة ويزيده يف

دليل واضح عىل عظمة محله وتقواه وك�ل معرفته . ال يقدح يف املعرفة ، وتعويضا له بالتزامه الحق ، وهوتعاىل عليه

بسائل معدودة . الدهل

من مشكالت املسائل . وإ�ا كتنع وإ�ا يستدل بقوله : " ال أدري " عىل تقواه ، وأنه ال يدازف يف فتواه ، وأن املسللة

وديانته ، ألنه يخاف لقصوره أن يسقط من أع� الناس ، وهذه جهالة مه وعدمت تقواهمن " ال أدري " من قل عل

القصور ، بل فإنه بإقدامه عىل الدواب في� ال يعلم يبوء باالثم العظيم ، وال يرصفه ع� عرف به من أالر منه ،

دين ، تصديقا ملا ورد يف الحديث التقول يف ال يستدل به عىل قصوره ، ويظهر هللا تعاىل عليه ذلك بسبب جرأته عىل

القديس :

. من أفسد جوانية أفسد هللا برانيه

وهذا املسك� ال يقولها أبدا ، يعلم أنهم ومن املعلوم أنه إذا رؤي املحققون يقولون يف كث� من األوقات : " ال أدري "

ه ، واتصف با احرتز عنه لفساد نيته لدهله وقلة دينه ، فيقع في� فر من يتورعون لدينهم وتقواهم ، وأنه يدازف

وسوء طويته .

وقد قال النبي صىل هللا عليه وآله :

املتشبع با يعط كالبس ثوب زور .

موىس عليه السالم العلم إىل هللا تعاىل ملا وقد أدب هللا تعاىل العل�ء بقصة موىس والخرض عليه� السالم ح� يرد

بغاية الذل من موىس عليه السالم وغاية العظمة ٢هللا عنه� من اآليات املؤذنة حكاه سئل هل أحد أعلم منك ؟ با

الخرض عليه السالم . وسيلت إن شاء هللا تعاىل يف هذه الرسالة جملة من نكتالقصة . من

وتبي� الطائه قبل عىل فساده الرابع والعرشون : أنه إذا اتفق له تقرير أو جواب توهمه صوابا ، يبادر إىل التنبيه

املبادرة ، وتحمله النفس االمارة بالسوء عىل التلال� إىل وقت آالر الال تفرق الحارضين ، وال كنعه الحياء أو غ�ه من

الدع النفس وتلبيس إبليس لعنه هللا . ، فإنه من

Page 63: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۳

يان الحق مع الحاجة إليه ، تلال� ب وفيه رضر عظيم من وجوه كث�ة : منها : استقرار الخطل يف قلوب الطلبة ، ومنها :

الوقت اآلالر فيستمر الخطل يف فهمه ، ومنها : طاعة الشيطان يف ومنها : الوف عدم حضور بعض أهل املدلس يف

يفيد الطالب� الخطل ، وهو موجب لطعمه فيه مرة ثانية وهلم جرا . ومع تلديته للواجب من ذلك االستمرار عىل

يف أجره ، مضافا إىل ما استحقه من االجر بفعل ما الراجع سببا فيه ، فيشارك ملكة صالحة تعقب ال�ا عظي� يكون

وربحت تدارته برجوعه إىل الحق ، ويرفعه هللا تعاىل بسبب ذلك ، الالف ما يظنه ، يدب عليه ، فقد غنمت حركته

الداهل ويتوهمه األحمق الغافل .

القارئ ، وقد جرت عادة السلف أن با يدل عليه إن يعرفهالخامس والعرشون : التنبيه عند فراغ الدرس أو إرادته

يقولوا حينئذ : " وهللا أعلم " .

كقوله : هذا آالره ، أو : ما بعده يلت إن شاء وقال بعض العل�ء : األوىل أن يقال قبل ذلك كالم يشعر بختمه الدرس ،

كر هللا تعاىل ولقصد معناه . ولهذا ينبغي أن يستفتح كل" وهللا أعلم " الالصا لذ هللا تعاىل ، ونحو ذلك ، ليكون قوله

جعل الذكر دليال عىل الفراغ درس ببسم هللا الرحمن الرحيم ، ليكون ذاكرا ل تعاىل يف بدايته والاتته ، وإذا

يتمحض له .

تفرقوا عىل الخشوع وتطه� الباطن ، لي السادس والعرشون : أن يختم الدرس بذكر شئ من الرقائق والحكم واملواعظ

يورث يف القلوب قوة ، وربا أعقب قسوة ، فليحركه يف كل وقت إىل االقبال ، والخضوع واالالالص ، فإن البحث البحت

ويالحظه باالستك�ل ، وال شئ أصلح من تلك الحالة .

آلالر حسب ما يقتضيه فيؤالر ذلك إىل ا هذا كله إذا يكن بعد ذلك دروس حارضة بحيث يكون االشتغال بها أوىل ،

الحال .

إىل اإلجابة ، ملا قد غشيهم من السابع والعرشون : أن يختم املدلس بالدعاء ك� بدأ به ، بل هو اآلن أوىل وأقرب

األئة الراشدين والعل�ء السابق� ، وتعميم ج�عة املسلم� ، وأن الرحمة والصهم من املثوبة ، وليتضمن دعاؤهم

لوجه هللا ، مقربة إىل مرضاته . الالصة يدعل أع�لهم

مسلسل بختمه به مشهور ، ومتنه : وقد ورد أن النبي صىل هللا عليه وآله كان يختم مدلسه بالدعاء . وفيه حديث

اغفر لنا ما أالطلنا وما أنه صىل هللا عليه وآله كان إذا فرغ من حديثه ، وأراد أن يقوم من مدلسه يقول : اللهم

وأنت املؤالر ، ال إله إال أنت. نا وما أعلنا ، وما أنت أعلم به منا ، أنت املقدمتعمدنا ، وما أار

ولهم : منها إن كان يف نفس أحد منهم الثامن والعرشون : أن ككث قليال بعد قيام الد�عة ، فإن فيه فوائد وآدابا له

يذكرها له ، ومنها عدم مزاحمتهم ورفع حاجة ، وقد صرب عليها حتى فرغ بقايا سؤال تلالر ، ومنها إن كان الحد به

ركوبه بينهم إن كان يركب عنهم بخروجه قبلهم ، والفق النعال اللفه ، وهو آفة عظيمة الطرة ، ومنها عدم الكلفة

إىل غ� ذلك .

يدالل عليه عىل قدر منازلهم ، ويوقظ التاسع والعرشون : أن ينصب لهم نقيبا فطنا كيسا يرتب الحارضين ، ومن

وتركه ، ويلمر بس�ع الدروس واالنصات إليها ملن ال يعرف ، وكذلك م وينبه الغافل ، ويش� إىل ما ينبغي فعلهالنائ

Page 64: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦٤

أن يلقى به العا من رئيسا آالر يعلم الداهل ، ويعيد درس من أراد ، ويرجع إليه يف كث� ما يستحيى ينصب لهم

املتعلم حالمسللة أو درس ، فإن فيه ضبطا لوقت العا ، وصالحا ل

الثالثون : أن يقول إذا قام من مدلسه :

سبحان ربك رب العزة ع� يصفون ، وسالم سبحانك اللهم وبحمدك ، أشد أن ال إله إال أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ،

العامل� . عىل املرسل� ، والحمد ل رب

. وك� يستحب ٢الثالث آيات كفارة املدلس أن. ويف بعض الروايات رواه ج�عة من فعل النبي صىل هللا عليه وآله

يف حقه آكد . ذلك العا يستحب لكل قائم لكنه

Page 65: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦٥

النوع الثالث

يف اآلداب املختصة باملتعلم

ثالثة أقسام : آدابه يف نفسه ، وآدابه مع شيخه ، وآدابه يف مدلس ١وهي تنقسم ك� مر

درسه .

القسم امول

آدابه يف نفسه

وهي أمور :

واستمراره ، وقد تقدم ما يدل عليه ، األول : أن يحسن نيته ، ويطهر قلبه من األدناس ، ليصلح لقبول العلم وحفظه

التحصيل ، وهناك من أسباب الفائدة األالروية : ولكن أعيد هنا لينبه عىل كونه من أسباب

ال تنمو وال تكث بركته وال يزكو ، كالزرع يف قال بعض الكامل� : تطييب القلب للعلم كتطييب األرض للزراعة ، فبدونه

أرض بائرة غ� مطيبة .

وقال النبي صىل هللا عليه وآله :

كله ، أال وهي القلب . إن يف الدسد مضغة إذا صلحت صلح الدسد كله ، وإذا فسدت فسد الدسد

.هللا عز وجل وقال سهل بن عبد هللا : حرام عىل قلب أن يدالله النور ، وفيه شئ م� يكرهه

الحفظ بقلة الذنوب وقال ع بن الرشم : شكوت إىل وكيع قلة الحفظ ، فقال : استعن عىل

وقد نظم بعضهم ذلك يف بيت� فقال :

شكوت إىل وكيع سوء حفظي * فلرشد� إىل ترك املعايص

وقال اعلم بلن العلم فضل * وفضل هللا ال يؤتاه عايص

ونباهة الخاطر وسالمة والحواس وقلة يف الفراغ والنشاط وحالة الشباب وقوة البدنالثا� : أن يغتنم التحصيل

املنزلة واالتسام بالفضل والعلم ، فإنه أعظم صاد عن درك الك�ل ، بل الشواغل وتراكم العوارض ، سي� قبل ارتفاع

يف النقصان واالالتالل . سبب تام

Page 66: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦٦

تستحيوا منه بسبب املنزلة فيفوتكم وا سادة فتلنفوا من التعلم أوقال بعضهم : تفقهوا قبل أن تسودوا . أي تص�

العلم .

وقال آالر : تفقه قبل أن ترتأس ، فإذا رأست ، فال سبل إىل التفقه .

وجاء يف الخرب :

كربه كالذي يكتب عىل املاء مثل الذي يتعلم العلم يف صغره كالنقش عىل الحدر ، ومثل الذي يتعلم العلم يف

هللا تعاىل عىل ذلك بقوله : وآتيناه الحكم صبيا ابن عباس ريض هللا عنه : ما أوت عا عل� إال وهو شاب وقد نبهوعن

ال ينبغي له أن يحدم عن الطلب ، فإن الفضل واسع والكرم وافر والدود فائض . وهذا باعتبار الغالب ، وإال فمن كرب

، قال هللا تعاىل " واتقوا هللا املطلوب املحل قابال تت النعمة وحصل وأبواب الرحمة والهبات مفتحة ، فإذا كان ،

ويعلمكم هللا وقال تعاىل :

. وملا بلغ أشده واستو آتيناه حك� وعل�

: -حكاية عن موىس عليه السالم -وقال تعاىل

. إىل غ� ذلك ، ٦ففررت منكم ملا الفتكم فوهب يل رب حك�

الدين وعل�ء مصنف� يف الفقه وغ�ه ، يف حال كربهم فتفقهوا وصاروا أساط� يف ٧لف وقد اشتغل ج�عه من الس

التضييع ، فإن بقية العمر ال ثن لها ك� قيل : فليغتنم العاقل عمره ، وليحرز شبابه عن

مات وكحو يستدرك املرء فيها ما أفات ويحيا ما أ بقية العمر عندي ما لها ثن * وما م غ� محمود من الزمن

السوء بالحسن

الطلب وك�ل االجتهاد ، وقوة الدد الثالث : أن يقطع ما يقدر عليه من العوائق الشاغلة ، والعالئق املانعة عن تام

كان يس�ا ، وبا يسرت مثله من اللباس وإن كان اللقا ، فبالصرب عىل يف التحصيل ، ويرىض با تيرس من القوت وإن

الحكمة والك�ل . العلم ، ويدمع شمل القلب عن مفرتقات اآلمال ، ليتفدر عنه ينابيع تنال سعة ضيق العيش

طلبه بذل النفس وضيق العيش والدمة قال بعض السلف: ال يطلب أحد هذا العلم بعز النفس فيفلح ، ولكن من

العل�ء أفلح .

.وقال أيضا : ال يصلح طلب العلم إال ملفلس . فقيل : وال الغني املكفي

فقال : وال الغني املكفي.

كل شئ . ال يبلغ أحد من هذا العلم ما يريد حتى يرضبه الفقر ، ويؤثره عىل ٣وقال آالر :

إالوانه ، ومات أقرب أهله فلم يشهد وقال بعضهم : ال ينال هذا العلم إال من عطل دكانه ، والرب بستانه ، وهدر

جنازته .

Page 67: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۷

واجت�ع الفكر . وبالغ بعض املشايخ فقال صود به أنه ال بد فيه من جمع القلبوهذا كله وإن كان فيه مبالغة ، فاملق

ال يشغلك فكر غسله . ومن هنا قيل : العلم ال يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك . لبعض طلبته : اصبغ ثوبك حتى

انع جملة ، حتى قال وأعظم مانع ، بل هو امل الرابع : أن يرتك التزوج حتى يقيض وطره من العلم ، فإنه أكرب شاغل

بعضهم : ذبح العلم يف فروج النساء .

وعن إبراهيم بن أدهم : من تعود أفخاذ النساء يفلح. يعني اشتغل بهن عن

الك�ل .

عىل تقدير السالمة فيه من تشويش وهذا أمر وجدا� مدرب واضح ، ال يحتاج إىل الشواهد ، كيف مع ما يرتتب عليه

واألسباب ، ومن املثل السائرالفكر بهم األوالد

" لو كلفت بصلة ما فهمت مسللة " .

واجب أوىل منه ، وال شئ أوىل وال أفضل فإن ذلك حيث ال يعارضه با ورد يف النكاح من الرتغيب ، وال يغرت الطالب

ل ، فقد وجب يفزماننا هذا ، فإنه وإن وجب عىل األعيان والكفاية عىل تفصي وال واجب أضيق من العلم . سي� يف

يص� كالواجب العيني يف مخاطبة الكل زماننا هذا عىل األعيان مطلقا ، الن فرض الكفاية إذا يقم به من فيه كفاية ،

األصول . به ، وتلثيمهم برتكه ، ك� هو محقق يف

م ، وال سي� لغ� ما ينبغي لطالب العل الخامس : أن يرتك العرشة مع من يشغله عن مطلوبه ، فإن تركها من أهم

وبطالته ، فإن الطبع ااق ، وأعظم آفات العرشة ضياع العمر بغ� الدنس ، والصوصا ملن قلت فكرته ، وكث تعبه

العرض والدين إذا كانت لغ� أهل . فائدة ، وذهاب

فليخرت الصاحب احتاج إىل صاحب ، والذي ينبغي لطالب العلم ، أن ال يخالط إال ملن يفيده أو يستفيد منه ، فإن

ن ذكره ، وإن ذكر أعانه ، وإن احتاج واساه ، وإن ضدر صربه ، فيستفيد من الصالح الدين التقي الذك ، الذي إن

اللقه ملكة صالحة فإن يتفق مثل هذا ، فالوحدة وال قرين السوء ،

را ، سفرا وحرضا ، وال يذهب شيئا من ونها السادس : أن يكون حريصا عن التعلم ، مواظبا عليه يف جميع أوقاته : ليال

الرضورة ملا البد منه من أكل ونوم واسرتاحة يس�ة ، إلزالة امللل ومؤانسة زائر أوقاته يف غ� طالب العلم إال بقدر

من فإن بقية العمر ال ثن لها و وتحصيل قوت ، وغ�ه م� يحتاج إليه ، أو أل وغ�ه ، م� يتعذر معه االشتغال ،

استو يوماه فهو مغبون .

١قيل : ال يستطاع العلم براحة الدسد . وليس بعاقل من أمكنه الحصول عىل درجة ورثها األنبياء ثم فوتها ، ومن هنا

ال تحسب املدد ترا أنت آكله * لن دون الشهد من أ النحل ". وقيل : وقيل : الدنة حفت باملكاره . وقيل : " والبد

حتى تلعق الصربا تبلغ املدد

اشتغاله ، وال يؤالر تحصيل فائدة السابع : أن يكون عايل الهمة ، فال يرىض باليس� مع إمكان الكث� ، وال يسوف يف

بعد ساعة ، الن للتلال� آفات ، وألنه يف الزمن التايل يحصل غ�ها ، وإن قلت تكن منها ، وإن أمن فوات حصولها

س ، فليشتغل باملطالعة والحفظ بدهده ، وال يربط شيئا بشئ .له مانع عن الدر حتى لو عرض

Page 68: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۸

تعاىل بعد بل البد يف كل وقت من موانع وليعلم أنه إن أراد التلال� إىل زمن يكمل فيه الفراغ ، فهذا زمن يخلقه هللا

فإن قطعته وإال قبل أن يقطعك كلها ، ك� ورد يف الخرب : الوقت سيف وعوائق وقواطع ، فقاطع ما أمكنت منها

قطعك .

العارف� : وإىل هذا املعنى أشار بعض األولياء الفضالء مش�ا إىل الحث عىل مقامات

وكن صارما كالوقت فاملقت يف " عىس " * وإياك " ع " فهي أالطر علة

وا زمنا وانهض كس�ا فحظك * البطالة ما أالرت عزما لصحة

واالرج عن قيود التلفت وأقدم وقدم ما قعدت له مع * الخوالف

وجد بسيف العزم " سوف " فإن تدد * تدد نفسا ، فالنفس إن جدت جدت

فال يشتغل يف النتائج قبل املقدمات ، وال يف الثامن : أن يلالذ يف ترتيب التعلم با هو األوىل ، ويبدأ فيه باألهم فاألهم

تقاديات ، فإن ذلك يح� الذهن ويدهش العقل .قبل إتقان االع -والسمعيات يف العقليات -االتالف العل�ء

وهكذا القول يف كل فن . وإذا اشتغل يف فن ، فال ينتقل عنه حتى يتقن فيه كتابا ، أو كتبا إن أمكن

ذلك عالمة الضدر وعدم الفالح ، فإذا وليحذر التنقل من كتاب إىل كتاب ، ومن فن إىل غ�ه من غ� موجب ، فإن

له أن ال يدع فنا من العلوم املحمودة ، ونوعا من أنواعها إال وينظر فيه كدت معرفته ، فاألوىلتحققت أهليته ، وتل

اشتغل باألهم عىل مقاصده وغايته ، ثم إن ساعده العمر وأنهضه التوفيق ، طلب التبحر فيه ، وإال نظرا يطلع به

فاألهم ، فإن العلوم متقاربة وبعضها مرتبط ببعض غالبا .

ويرصف ج�م قويه يف العلم الذي هو العمر ال يتسع لدميع العلوم ، فالحزم أن يلالذ من كل علم أحسنه ،واعلم أن

م� يوجب ك�ل النفس وتزكيتها باألالالق الفاضلة واألع�ل الصالحة ، أرشف العلوم ، وهو العلم النافع يف اآلالرة

ناسبه . معرفة الكتاب والسنة ، وعلم مكارم األالالق وما ومرجعه إىل

Page 69: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

٦۹

القسم الثا�

آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من تعظيم حرمته

قال الصادق عليه السالم :

-وال تلالذ بثوبه ، وإذا داللت عليه كان أم� املؤمن� عليه السالم يقول : إن من حق العا أن ال تكث عليه السؤال ،

نهم ، واجلس ب� يديه وال تدلس اللفه ، وال تغمز بعينك ، وال دو فسلم عليهم جميعا ، والصه بالتحية -وعنده قوم

العا مثل من القول : قال فالن وقال فالن ، الالفا لقوله ، وال تضدر لطول صحبته ، وإ�ا مثل ترش بيدك ، وال تكث

هللا . الصائم القائم الغازي يف سبيل النخلة تنتظرها متى يسقط عليك منها شئ ، والعا أعظم أجرا من

ويف حديث الحقوق الطويل املروي عن سيد العابدين عليه السالم :

وأال ترفع عليه صوتك ، وال وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوق� ملدلسه وحسن االست�ع إليه واالقبال عليه ،

عنده أحدا ، وأن يديب ، وال تحدث يف مدلسه أحدا ، وال تغتاب تديب أحدا يسلله عن شئ حتى يكون هو الذي

وليا ، فإذا فعلت عندك بسوء ، وأن تسرت عيوبه وتظهر مناقبه ، وال تدالس له عدوا ، وال تعادي له تدفع عنه إذا ذكر

علمه ل جل اسمه ال للناس . ذلك شهدت لك مالئكة هللا عز وجل بلنك قصدته ، وتعلمت

بقوله : الخرض عليه السالم وفي� حكاه هللا عز وجل عن موىس عليه السالم ح� الاطب

هل أتبعك عىل أن تعلمن م� علمت رشدا ،

ويف قوله :

جملة جليلة من اآلداب الواقعة من املتعلم ملعلمه ، مع جاللة قدر ستدد� إن شاء هللا صابرا وال أعيص لك أمرا ،

اآلداب الالئقة ذلك من استع�ل السالم وعظم شلنه ، وكونه من أويل العزم من املرسل ، ثم كنعه موىس عليه

باملعلم ، وإن كان املتعلم أكمل منه من جهات أالر .

وضع الرسالة ، لكنا نش� إىل ما يتعلق ولو أردنا استقصاء ما اشتمل عليه تخاطبه� من اآلداب والدقائق ، لخرجنا عن

بالكلمة األوىل ، وهي قوله :

هل أتبعك عىل أن تعلمن م� علمت رشدا .

فقد ذلت عىل اثنتي عرشة فائدة من فوائد األدب :

األوىل : جعل نفسه تبعا له ، املقتيض النحطاط املنزلة يف جانب املتبوع .

التواضع . " هل " أي هل تلذن يل يف اتباعك ، وهو مبالغة عظيمة يف الثانية : االستيذان ب

الثالثة : تدهيل نفسه واالعرتاف ملعلمه بالعلم بقوله

" عىل أن تعلمن " .

Page 70: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۰

هللا تعاىل به ، أي يكون إنعامك الرابعة : االعرتاف له بعظيم النعمة بالتعليم ، ألنه طلب منه أن يعامله بثل ما عامله

ع كانعام هللا عليك . ولهذا املعنى قيل :

أنا عبد من تعلمت منه . و : من علم إنسانا مسللة ملك رقه .

ودل ذلك عىل أن املتعلم يدب ة عبارة عن االتيان بثل فعل الغ� ، لكونه فعله ال لوجه آالر ،الخامسة : أن املتابع

عليه من أول األمر التسليم ، وترك املنازعة .

وهو غاية التواضع . ٣بقيد ، السادسة : االتيان باملتابعة من غ� تقييد بشئ بل اتباعا مطلقا ، ال يقيد عليه فيه

اء باالتباع ، ثم بالتعليم ، ثم بالخدمة ، ثم بطلب العلم .السابعة : االبتد

كلنه قال : ال أطلب منك الثامنة : أنه قال : هل أتبعك عىل أن تعلمن : أي أطلب عىل تلك املتابعة إىل التعليم ،

عىل تلك املتابعة ماال وال جاها .

ما علمت ، فلنت أبدا مرتفع ع املساواة بل بعضالتاسعة : م� علمت إشارة إىل بعض ما علم ، أي ال أطلب منك

زائد القدر .

لشلنه� . العارشة : قوله : م� علمت اعرتاف بلن هللا علمه ، وفيه تعظيم للمعلم والعلم وتفخيم

وضل ، وفيه اعرتاف بشدة الحاجة إىل التعلم الحادية عرشة : قوله " رشدا " طلب االرشاد ، وهو ما لوال حصوله لغوي

ب� لعلمه . ، وهضم عظيم لنفسه ، واحتياج

عليه السالم صاحب التوراة الذي الثانية عرشة : ورد أن الخرض عليه السالم علم أوال أنه نبي بني إاائيل ، موىس

بهذا التواضع العظيم بلعظم أبواب -مع هذا املنصب -وقد أت كلمه هللا عز وجل بغ� واسطة ، والصه باملعدزات ،

السعادة هذا هو األليق ، الن من كانت إحاطته بالعلوم أكث ، كان علمه با فيها من البهدة املبالغة ، فدل عىل أن

أكث ، فيشتد طلبه لها ، ويكون تعظيمه ألهل العلم أكمل .

ه بدواب موىس عليه السالم أجاب ثم مع هذه املعرفة من الخرض عليه السالم وهذه الغاية من األدب والتواضع من

األدب مع موىس عليه السالم بل وصفه بالعدز وعدم الصرب ، رفيع وكالم منيع ، مشتمل عىل العظمة والقوة ، وعدم

بقوله :

إنك لن تستطيع معي صربا .

وإجالله ملقامه ، عىل وجه يقتيض وقد دلت هذه الكلمة الوجيزة أيضا عىل فوائد كث�ة من أدب املعلم وإعزازه للعلم

منه ملناسبة املقام ، وله مدالل واضح يف أصل الرسالة : يس به ، وال دالل له بهذا الباب ، لكنا نذكر جملةالتل

باإلضافة إىل مقام الصابرين األوىل : وصفه بعدم الصرب عىل تعلم العلم ، املقتيض النحطاط قدره وسقوط محله ،

مة . والرح الذين وعدهم هللا تعاىل بالكرامة ، وبرشهم بالصالة

Page 71: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۱

واالتصاف به وتحصيل أسبابه ، وهو يف الثانية : نفيه عنه االستطاعة عىل الصرب ، املوجب لقطع طمعه يف السعي عليه

ما يقتيض الحال من املعلم توصيته بالصرب ال تعديزه عنه . األغلب أمر مقدور للبرش ، وكان غاية

منهم الزمخرشي ، وهو موجب املؤبد عىل رأي ج�عة من املحقق�" لن " املقتضية للنفي الثالثة : نفي االستطاعة ب

لليلس منه ، لوقوع االالبار به من معلم متبوع صادق .

املؤكدات ، وهو غاية عظيمة يف " لن " وغ�ها من " إن " ، وإسمية الدملة ، والنفي ب الرابعة : توكيد الدملة ب

التعديز والتضعيف

نفسك ، فلنت ال تعلم حالك عند صحبتي ، نك إن تخيل لك أنك صابر عىل حسب ما تدده منالخامسة : اإلشارة إىل أ

عنك هو الصرب معي ، وهذا أمر أنا أعلم به ، لعلمي بقدار ما تطلب تعلمه ألنك تصحبني بعد ، والصرب الذي أنفيه

، وجهلك به .

إىل الصرب العظيم ، الخارج عن مره ، وأنه أمر يحتاجالسادسة : التنبيه عىل عظم قدر العلم وجاللة شلنه وتفخيم أ

أعظم شلنا وأكرب نفسا وأقو صربا وأعظم ك�ال من غ�ه من الناس عادات البرش ، إذ ال شك أن موىس كليم هللا ونبيه

، فإنه نور سوي ، ونفس مستقيمة السابعة : التنبيه عىل أنه ال ينبغي أن يبذل العلم إال ملن كان ذا صرب قوي ، ورأي

من هللا تعاىل ، ال ينبغي وضعه كيف اتفق ، وبذلهلمن أراد ، بل ال بد من م�رسته قبل ذلك واالتباره ، وقابليته له

بكل وجه .

الدنان وعزكة الصرب ، فمن ثم كان الثامنة : التنبيه عىل أن علم الباطن أقو مرتبة من علم الظاهر ، وأحوج إىل قوة

استعداده ، وحامال له بقوة ، والوفه الخرض عليه السالم مع ذلك محيطا بعلم الظاهر عىل حسب موىس عليه السالم

يف نفيه أنه الصرب عىل تحمل العلم الباطني ، وحذره من قلة الصرب ، وأراد عليه السالم بهذه املبالغة من عدزه من

الخطابيات ، ال أنه غ� مقدور البتة ، وإال ملا م� يشق تحمله عليك ، ويعرس تدشمه ، عىل جهة التلكيد يف أمثال هذه

قال له موىس عليه السالم بعد ذلك :

ستدد� إن شاء هللا صابرا .

متقاربة يف إفادة املعنى يف هذا املقام ، وقس عىل ما أرشنا إليه من اآلداب والوظائف ما تحتمله بقية اآليات ، فهي

املرام . وبه يرتقى من أراد التوصل إىل باقي

العل�ء ، تفريعا عىل املنصوص منها إذا تقرر ذلك ، فلنعد إىل ذكر اآلداب املختصة باملتعلم مع شيخه ، حسب ما قرره

، وهي أمور :

األالالق واآلداب منه ، فإن تربية الشيخ األول : وهو أهمها أن يقدم النظر فيمن يلالذ عنه العلم ، ويكتسب حسن

وجعل مكانها اللقا حسنا ، كفعل الفالح الذي يقلع الشوك من األرض ، ألالالقه الذميمة لتلميذه ، ونسبة االراجه

وليس كل شيخ يتصف بهذا الوصف ، بل ما منها النباتات الخبيثة من ب� الزرع ، ليحسن نباته ويكمل ريعه ، ويخرج

كل عا يصلح للنيابة ، فليخرت من كملت الرسول هللا صىل هللا عليه وآله ، وليس أقل ذلك ، فإنه يف الحقيقة نائب عن

Page 72: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۲

مروته ، وحسن وظهرت ديانته ، وتحققت معرفته ، وعرفت عفته ، واشتهرت صيانته وسيادته ، وظهرت أهليته ،

تعليمه ، وجاد تفهيمه ، وقد تقدم جملة أوصافه .

اللق املتعلم ودينه أصعب من وال يغرت الطالب بن زاد علمه مع نقص يف ورعه أو دينه أو اللقه ، فإن رضره يف

السلف : هذا العلم دين ، فانظروا عمن تلالذون دينكم . الدهل الذي يطلب زواله ، وأشد رضرا ، وعن ج�عة من

م�رسته وثناء منهم عىل سمته واللقه وم� يؤنس به أن يكون له مع مشايخ عرصه كثة بحث وطول اجت�ع وزيادة

من غ� قراءة عىل الشيوخ ، الوفا من وقوعه يف التصحيف والغلط من بطون الكتبوبحثه ، وليحرتز ممن أالذ علمه

والتحريف .

والصحفيون الذين يلالذون علمهم بعض السلف : من تفقه من بطون الكتب ضيع االحكام . وقال آالر : إياكم قال

يصلحون . من الصحف ، فإن ما يفسدون أكث م�

عىل العلم ، وهو ع� الح�قة ، الن وترك االالذ من الخامل� ، فإن ذلك من الكرب وليحذر من التقييد باملشهورين ،

ويغتنمها حيث ظفر به ، ويتقلد املنة ممن ساقها إليه ، وربا يكون الحكمة ضالة املؤمن ، ويلتقطها حيث وجدها

ترجى بركته فيكون النفع به أعم ، والتحصيل من جهته أتم . الخامل ممن

التقو والنصح والشفقة للطلبة نصيب أحوال السلف والخلف تدد النفع غالبا إال إذا كان للشيخ من وإذا سربت

باالشتغال به أكث ، وبالعكس حالاالنتفاع بتصنيف األتقى أوفر ، والفالح وافر ، وكذلك إذا اعتربت املصنفات ، وجدت

املدرد . العا

بعد األب يف -الدس�� ، فيبالغ الحقيقي والوالد الروحا� ، هو أعظم من الوالدالثا� : أن يعتقد يف شيخه أنه األب

تربيته ، وقد سئل اإلسكندر عليه السالم : ما بالك توقر معلمك أكث يف رعاية حق أبوته ووفاء حق -حقه ك� تقدم

فقال : الن املعلم سبب لحيات الباقية ، ووالدي لحيات الفانية . من والدك ؟

قصد لذة نفسه فوجد هو ، وعىل وأيضا يقصد الوالد يف األغلب يف مقاربة والدته وجوده ، والك�ل وجوده وإ�ا

القصد الخايل عنه ، وأما املعلم فقصد تكميل وجوده ، وسببه تقدير قصده لذلك ، فالقصد املقرتن بالفعل أوىل من

يف فة إىل العدم ، فإنه حاصل للديدان والخنافس ، وإ�ا الرشفألصل الوجود إال باإلضا وبذل فيه جهده ، وال رشف

ك�له ، وسببه املعلم .

وله ٣الهمة أب الطبع ال يقبل الحد منة ، وقد روي أن السيد الريض املوسوي قدس هللا روحه كان عظيم النفس عايل

٥وغ�ه ، ومنها أن بعض مشايخه ٤، ح� أراد صلته بسبب مولود ولد له يف ذلك قصص غريبة مع الخليفة العبايس

قال له يوما :

فانتقل إليها . فلب ، فلعاد عليه بلغني أن دارك ضيقة ال تليق بحالك ، ويل دار واسعة صالحة لك ، قد وهبتها لك

بيك ، من غ�ه ؟ فقال له الشيخ : إن حقي عليك أعظم من حق أ الكالم ، فقال : يا شيخ أنا أقبل بر أب قط ، فكيف

قال بعض الفضالء : الروحا� ، وهو أبوك الدس�� . فقال السيد رحمه هللا : قد قبلت الدار . ومن هنا أل� أبوك

من علم العلم كان ال� أب * ذاك أبو الروح ال أبو النطف

Page 73: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۳

علم ، وإ�ا الطبيعي . وطبع النفس ال الثالث : أن يعتقد أنه مريض النفس ، الن املرض هو االنحراف عن املدر

البدنية . ويعتقد أن شيخه طبيب مرضه ، ألنه يرده إىل املدر الطبيعي الرجت عن طبعها بسبب غلبة أالالط القو

الدرس ، ألنه إن يخالفه في� يش� عليه ، كلن يقول له : اقرأ الكتاب الفال� ، أو اكتف بهذا القدر من . فال ينبغي أن

ىل طبيبه يف وجه عالجه .الالفه كان بنزلة املريض يرد ع

وقد قيل يف الحكم : مراجعة املريض طبيبه توجب تعذيبه .

حرضة الطبيب وغيبته ، كذلك املتعلم ، وك� أن الواجب عىل املريض ترك تناول املؤذيات ، واألغذية املفسدة للدواء يف

من الحقد والحسد والغضب والرشه التي غاية املعلم النهي عنها : فيدب أن يطهر نفسه من النداسة املعنوية ،

وغ�ها من الرذائل ، ويقطع مادة املرض رأسا لينتفع بالطبيب . والكرب والعدب ،

عيوبه ، فإن ذلك أقرب إىل انتفاعه به ، ورسوخ الرابع : أن ينظره بع� االحرتام واالجالل واالكرام . ويرضب صفحا عن

ما يسمعه منه يف ذهنه .

عيب معلمي عني ، وال تذهب بربكة ف إذا ذهب إىل شيخه تصدق بشئ ، وقال : اللهم اسرتولقد كان بعض السل

علمه مني .

وقعها ، أو قال : رفعها . وقال آالر : كنت أصفح الورقة ب� يدي شيخي صفحا رفيقا ، هيبة له لئال يسمع

وقال آالر : وهللا ما اجرتأت أن أرشب املاء وشيخي ينظر إيل ، هيبة له .

املهدي ، فاستند إىل الحائط وسلله عن حديث ، وقال حمدان األصفها� : كنت عند رشيك ، فلتاه بعض أوالد الخليفة

فعاد رشيك ملثل ذلك ، فقال : أتستخف بلوالد الخلفاء ؟ قال : ال ، ولكن العلم فلم يلتفت إليه وأقبل علينا ، ثم عاد ،

ركبتيه ، فقال رشيك : هكذا يطلب العلم . عند هللا من أن أضيعه . فدثا عىل أجل

للعلم ، فبتواضعه له يناله ، الخامس : أن يتواضع له زيادة عىل ما أمر به من التواضع للعل�ء وغ�هم ، ويتواضع

رفعة ، وتعظيم حرمته مثوبة ، والتشمر يف الدمته رشف . وليعلم أن ذله لشيخه عز ، والضوعه له فخر وتواضعه له

وآله : لنبي صىل هللا عليهوقد قال ا

تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والوقار ، وتواضعوا ملن تعلمون منه .

وقال صىل هللا عليه وآله :

من علم أحدا مسللة ملك رقه . قيل : أيبيعه ويشرتيه ؟ قال : بل يلمره وينهاه .

وأنشد بعض العل�ء :

تكرم النفس التي ال تهينها أه� لهم نف لك يكرمونها * ولكن

Page 74: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷٤

أعلم بالصواب منه ، بل ينقاد إليه يف السادس : أن ال ينكر عليه ، وال يتآمر وال يش� عليه بخالف برأيه ، ف� أنه

ويذعن لنصحه ، ويتحر رضاه وإن الالف رأي نفسه ، وال يستبق معه رأيا أموره كلها ، ويلقي إليه زمام أمره رأسا ،

باللسان والقلب . ويشاوره يف أموره كلها ، ويلتر بلمره ، وال يخرج عن رأيه وتدب�ه وال االتيارا ،

نفسه . ويف قصة موىس والخرض عليه� السالم تنبيه عىل قال بعض العل�ء : الطل املرشد أنفع للمسرتشد من صوابه يف

ذلك .

قلت : رأيت أنك قلت يف كذا وكذا ، فقلت ف ونقل بعض األفاضل عن بعض مشايخه ، قال : حكيت لشيخي مناما يل

و يكلمني ، وقال : لوال أنه كان يف باطنك تدويز املطالبة وإنكار ما أقول لك ، ملا لك ذاك ؟ قال : فهدر� شهرا

جر ذلك عىل لسانك يف املنام .

قلبه .واالمر ك� قال ، إذ قل� ير االنسان يف منامه الالف ما يغلب يف اليقظة عىل

الخطاب وكافه ، وال يناديه من بعد ، بل السابع : أن يبدله يف الطابه وجوابه ، يف غيبته وحضوره ، وال يخاطبه بتاء

ذلك ، ويخاطبه بصيغ الدمع تعظي� نحو " ما تقولون يف كذا " و " ما يقول : " يا سيدي " و " يا أستاذ " وما أشبه

نكم " أو " تقبل هللا منكم " أو " رحمكم هللا " .كذا " و " قلتم ريض هللا ع رأيكم يف

األستاذ ، أو شيخنا ، أو شيخ االسالم وال يسميه يف غيبته باسمه إال مقرونا با يشعر بتعظيمه ، كقوله : قال الشيخ ، أو

، ونحو ذلك .

يغفل عن الدعاء له مدة حياته موته ، فال الثامن : تعظيم حرمته يف نفسه واقتداؤه به ، ومراعاة هديه يف غيبته وبعد

يدب رعايته يف غ�ه ، فإن عدز عن ذلك قام وفارق املدلس . زيادة ع� ٤، ويرد غيبته ، ويغضب لها

قربه واالستغفار له ، والرتحم عليه ويرعى ذريته وأقاربه ، وأوداءه ومحبيه يف حياته وبعد موته ، ويتعاهد زيارة

مسلكه ، ويراعي يف العلم والدين عادته ، ويقتدي بحركاته وسكناته يف الهديوالصدقة عنه ، ويسلك يف السمت و

وعاداته ، ويتلدب بآدابه ، ومن ثم كان األهم تحصيل شيخ صالح ليحسن االقتداء به . عباداته

التليس ، فبه يظهر أثر الصحبة . ثم إن قدر عىل الزيادة عليه بعد االتصاف بصفته فعل ، وإال اقترص عىل

وعىل توبيخه له عىل ما فيه نقيصة ، أو تاسع : أن يشكر الشيخ عىل توقيفه [ خ ل : توفيقه ] له عىل ما فيه فضيلة ،ال

ويعد ذلك من الشيخ ٢م� يف ايقافه عليه ، وتوبيخه إرشاد ، وصالحه ، كسل يعرتيه ، أو قصور يعانيه ، أو غ� ذلك

إليه ، فإن ذلك أميل لقلب الشيخ ، وأبعث له عىل عليه باعتناء الشيخ به ونظره من جملة النعم

االعتناء بصالحه .

ذلك من قبل ، فال يظهر أنه كان عارفا به وإذا وقفه الشيخ عىل دقيقة من أدب ، أو نقيصة صدرت منه ، وكان يعرف

النصيحة يف وقت ذلك واعتنائه بلمره ، ليكون بذلك مستدعيا للعود إىل وغفل عنه ، بل يشكر الشيخ عىل إفادته

إال أن يرتتب عىل ترك بيان فإن كان له يف ذلك عذر ، وكان إعالم الشيخ به أصلح ، فال بلس به وإال فيرتكه ، الحاجة ،

العذر مفسدة ، فيتع� إعالمه به .

Page 75: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷٥

د عن مالزمته وحسن عقيدته واعتقا العارش : أن يصرب عىل جفوة تصدر من شيخه ، أو سوء اللق ، وال يصده ذلك

عىل أحسن تلويل وأصحه ، ف� يعدز عن ذلك إال قليل التوفيق . -التي ظاهرها مذموم -ك�له ، ويتلول أفعاله

املوجب إليه ، ويدعل العتب فيه عليه ، ويبدأ هو عند جفوة شيخه باالعتذار والتوبة م� وقع واالستغفار ، وينسب

للطالب يف آالرته ودنياه .وأنفع فإن ذلك أبقى ملودة شيخه ، وأحفظ لقلبه ،

ومن صرب عليه آل أمره إىل عز الدنيا وعن بعض السلف : من يصرب عىل ذل التعليم بقي عمره يف ع�ية الدهالة .

واآلالرة .

مطلوبا . ومنه األثر املشهور عن ابن عباس ريض هللا عنه� : ذللت طالبا ، فعززت

الدامع . مثل الذي يغضب عىل أساط�وقال بعضهم : مثل الذي يغضب عىل العا

يوشك أن يذهبوا ويرتكوك . فقال للقائل : وقيل لسفيان بن عيينة : إن قوما يلتونك من أقطار األرض تغضب عليهم ،

هم حمقى إذا مثلك ، إن يرتكوا

ما ينفعهم لسوء اللقي . ولبعضهم :

٤اصرب لدائك إن جفوت طبيبه * واصرب لدهلك إن جفوت معل�

الخطب ، لو أتينا عليها لطال ١وللسلف الصالح يف صربهم مع مشايخهم أقاصيص غريبة ،

ويحمل عىل ذلك نفسه ، وإن انتظره الحادي عرش : أن يدتهد عىل أن يسبق بالحضور إىل املدلس قبل حضور الشيخ ،

املدلس ، فهو أوىل مع تيرسه . عىل باب داره ليخرج وكيش معه إىل

فإن فاعل ذلك من غ� رضورة أكيدة يتلالر يف الحضور عن حضور الشيخ ، فيدع الشيخ يف انتظاره ، ويحرتز عن أن

العافية . معرض نفسه للمقت والذم . نسلل هللا

القرطبي ، قال : كنا نختلف إىل أب ع القايل [ وقت إمالئه " حك ياقوت يف معدمه عن هارون بن موىس القي

وصلت إىل لزهراء ] ، ونحن يف فصل الربيع ، فبين� أنا يوما يف بعض الطريق إذا أالذتني سحابة ، ف�ا النوادر " بدامع

فلمر� بالدنو منه ، وقال يل : مهال يا أبا نرص ، ال مدلسه حتى ابتلت ثياب كلها ، وحول أب ع أعالم أهل البلد ،

مداهد ، �ها تبدلها . ثم قال : كنت أالتلف إىل ابنيضمحل ويزول برسعة بثياب غ تلسف عىل ما عرض ، فهذا شئ

أالرج منه إىل منزله ألفيته مغلقا وتعرس ع فتحه ، فلدلدت عليه ، ألتقرب منه ، فل� انتهيت إىل الدرب الذي كنت

� فل هذا البكور ، وأغلب عىل القرب منه ، فنظرت إىل اب بدنب الدرب فاقتحمته ، فقلت : سبحان هللا ! أبكر

اقتحام ، حتى تخلصت بعد أن تخرقت ثياب توسطت ضاق ب ، و أقدر عىل الخروج ، وال عىل الدالول فاقتحمته أشد

: قال انكشف العظم ، ومن هللا بالخروج ، فوافيت مدلس الشيخ عىل تلك الحال . ثم وأثر الرسب يف لحمي حتى

فلين أنت م� عرض يل ؟ ثم أنشد بيت الح�سة :

لمدد والساعون قد بلغوا * جهد النفوس وألقوا دونه األزرادببت ل

وكابدوا املدد حتى مل أكثهم * وفاز باملدد من واىف ومن صربا

Page 76: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷٦

ال تحسب املدد ترا أنت آكله * لن تبلغ املدد حتى تلعق الصربا

وحده أم معه غ�ه ، فإن الشيخ الثا� عرش : أن ال يدالل عىل الشيخ يف غ� املدلس العام بغ� إذنه ، سواء كان

وال يكرر االستيذان ، وإن شك يف علم الشيخ به كرره ثالثا ، وال يزيد يف استلذن بحيث يعلم الشيخ و يلذن ، انرصف

بلظفار األصابع ، ثم باألصابع ، ثم االستيذان عليها ، أو ثالث طرقات بالباب أو بالحلقة ، وليكن طرق الباب الفيا

عن الباب ، فال بلس برفع ذلك ابتداء بقدر ما يسمع ال غ� ، وإن أذن قليال ، فإن كان املوضع بعيدابالحلقة قليال

تقدم أفضلهم فلسنهم بالدالول والسالم عليه ، ثم يسلم عليه األفضل فاألفضل . وكانوا ج�عة

ح الصدر صايف الذهن ، ال يف نشيطا منرش الثالث عرش : أن يدالل عىل الشيخ كامل الهيلة فارغ القلب من الشواغل ،

ونحو ذلك ، متطهرا متنظفا ، بعد استع�ل ما يحتاج إليه من سواك وأالذ حال نعاس أو غضب أو جوع أو عطش ،

مدلس ذكر ، وإزالة رائحة كريهة ، ال بسا أحسن ملبوسه ، سي� إذا كان يقصد مدلس العلم ، فإنه ظفر وشعر ،

من آدابها .واجت�ع يف عبادة ، وهذه األمور

واستيفازه وأمله وقائلته ، ونحو ذلك الرابع عرش : أن ال يقرأ عىل الشيخ عند شغل قلبه وملله ونعاسه وجوعه وعطشه

يبتدئه الشيخ بطلب القراءة فليدبه كيف كان . م� يشق عليه فيه البحث . اللهم إال أن

معه فسكتوا عن الحديث ، أو دالل ده من يتحدثالخامس عرش : إذا دالل عىل الشيخ يف غ� املدلس العام ، وعن

أو يكتب ، فرتك ذلك و يبدأ بكالم أو بسط حديث ، فليسلم ويخرج والشيخ وحده يص أو يقرأ أو يذكر أو يطالع

يدالل يف عداد من أشغل أن يحثه الشيخ عىل املكث ، فإذا مكث فال يطيل ، إال أن يلمره بذلك ، الشية أن ايعا ، إال

ال بال أدركه املقت يف الوقت .مشغو

درسه ، فإن كل درس يفوت ال عوض السادس عرش : إذا حرض مكان الشيخ فلم يدده انتظره ، وال يفوت عىل نفسه

نائا صرب حتى يستيقظ ، أو ينرصف ثم يعود ، والصرب ال� له ، وال يوقظه له ، وال يطرق عليه ليخرج إليه . وإن كان

وال يلمر به .

كان السلف يفعلون ، ونقل عن ابن عباس مثله . هكذا

باألقراء فيه ، وال يخرتع عليه وقتا السابع عرش : أن ال يطلب من الشيخ إقراء يف وقت يشق عليه فيه أو تدر عادته

شيخ منه ، الرتفع والحمق عىل الشيخ والطلبة والعلم . وربا استحيا ال الاصا به دون غ�ه وإن كان رئيسا ، ملا فيه من

الاص لعذر عائق له ما هو أهم عنده يف ذلك الوقت ، فال يفلح الطالب . فإن بدأه الشيخ بوقت مع� أو فيرتك ألجله

عن الحضور مع الد�عة ، أو ملصلحة رآها فال بلس .

فرتاش وتواضع والشوع . واألوىل له اال الثامن عرش : أن يدلس ب� يديه جلسه األدب بسكون والضوع وإطراق رأس

أن يفرش قدميه ، ويدلس عىل بطونه� ، ويتعاهد تغطية أقدامه وإرالاء أو التورك . قيل : ويحسن هنا االقعاء . وهو

ثيابه .

ومخدة أو درابزين ، ونحو ذلك ، أو أن ال يستند بحرضة الشيخ إىل حائط أو -وهو من جنس ما قبله -التاسع عرش :

وال يعتمد عىل يده إىل ورائه أو جنبه أو ظهره ، وال يضع رجله أو خ جنبه أو ظهره ،يدعل يده عليه ، وال يعطي الشي

بدنه أو ثيابه عىل ثياب الشيخ أو وسادته أو سدادته . يده أو شيئا من

Page 77: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۷

وسادته . وإن أمره الشيخ بذلك ، فال يفعل قال بعضهم : ومن تعظيم الشيخ أن ال يدلس إىل جانبه وال عىل مصاله أو

فال بلس بامتثال أمره يف تلك الحال ، ثم يعود إىل ما يقتضيه األدب . انتهى . إذا جزم به جزما يشق عليه مخالفته ،إال

فذهب إىل كل من االمرين فريق من الصحابة وقد تكلم الناس يف أي االمرين أوىل : امتثال االمر ، أو سلوك األدب ،

ل موجه . بعدهم والتفصي عىل ما نقل عنهم ، فضال عمن

عليه ، متعقال لقوله : بحيث ال يحوجه إىل العرشون : وهو من أهمها أن يصغي إىل الشيخ ناظرا إليه ، ويقبل بكليته

وينظر إىل كينه أو ش�له أو فوقه أو أمامه لغ� حاجة ، وال سي� عند بحثه إعادة الكالم ، وال يلتفت من غ� رضورة

سي� عند بحثه . ن ينظر إال إليه ، وال يضطرب لضدة يسمعها ، وال يلتفت إليهاكالمه له ، فال ينبغي أ معه أو

صدره ، وال كس بها شيئا من بدنه أو ثيابه وال ينفض كميه ، وال يحرس عن ذراعيه ، وال يومى بيده إىل وجه الشيخ أو

و فمه أو يعبث بها يف أنفه ، وال يفتح من أعضائه ، وال يضع يده عىل لحيته أ ، وال يعبث بيديه أو رجليه ، أو غ�ه�

وال يعبث بلزراره ، وال يفرقع وال يقرع سنه ، وال يرضب األرض براحته ، أو يخط عليها بلصابعه ، وال يشبك بيديه فاه ،

لفظ حاجة ، وال يبصق وال كتخط ، وال يتنخع ما أمكنه ، وال ي أصابعه ، بل يلزم سكون بدنه ، وال يكث التنحنح من غ�

سرتفاه بعد يلالذها منه بنديل ونحوه ، وال يتدشل ، وال يتمطى ، وال يكث التثاؤب ، وإذا تثاءب النخامة من فيه بل

رده جهده ، وإذا عطس حفظ صوته جهده ، وسرت وجهه بنديل ونحوه .

وذلك كله م� يقتضيه النظر املستقيم والذوق السليم .

حاجة ، وال يسار يف مدلسه ، وال أن ال يرفع صوته رفعا بليغا من غ� -ما قبله وهو من جنس -الحادي والعرشون :

ما يضحك منه ، أو ما فيه بذاءة ، أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء يغمز أحدا ، وال يكث كالمه بغ� رضورة ، وال يحك

الشيخ ، فإن ك لغ� عدب ، وال لعدب دونبا يسلله ، وال يتكلم ما يستلذنه أوال ، وال يضح أدب ، بل وال يتكلم

غلبه تبسم تبس� بغ� صوت البتة .

بينه وب� أحد بنقل ما يسوؤه عنه ، وليحذر كل الحذر من أن يغتاب أحدا يف مدلسه ، أو ينم له عن أحد ، أو يوقع

فالن يود أن أقرأ عليه ، أو أردت : -كالحاث له عىل االعتناء بلمره -يقول كاستنقاص به أو تكلم فيه ورد ما قاله ، أو

مكروها أو حراما أو كب�ة ، عىل فالن وتركت ألجلك ، أو نحو ذلك ، ففاعل ذلك وأمثاله مع كونه ارتكب أن أقرأ

ورئائه ، وقد تقدم يف حديث ع عليه السالم ما يدل عىل ذلك . مستحق للزجر واإلهانة والطرد والبعد ، لح�قته

؟ و : ال نسلم ، وال : من نقل هذا ، وال : : أن يحسن الطابه مع الشيخ بقدر االمكان ، وال يقول له : الثا� والعرشون

املنقول غ� هذا . وشبه ذلك ، فإن أراد استفادة أصله أو من نقله ، تلطف يف أين موضعه ؟ وال يقل : املحفوظ ، أو

الستفادة .الوصول إىل ذلك ، ثم هو يف مدلس آالر أوىل عىل سبيل ا

منعنا كذا ؟ أو فإن سئلنا عن كذا ؟ أو : فإن قيل لنا كذا ؟ أو فإن -يف موضع ؟ وال أسلم -وكذلك ينبغي أن يقول

للدواب سائال له بحسن أدب ولطف عبارة . فإن أورد كذا ، وشبهه ، ليكون مستفه�

فال يغ� وجهه أو عينيه ، وال يش� إىل صواب سهوا ،وإذا أرص الشيخ عىل قول أو دليل و يظهر له ، أو عىل الالف

وإن يكن الشيخ مصيبا ، لغفلة أو سهو أو قصور نظر يف تلك الحال ، غ�ه كاملنكر ملا قال ، بل يلالذه ببرش ظاهر ،

يف البرش لألنبياء واألوصياء عليهم السالم . فإن العصمة

Page 78: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۸

الناس كث�ا ، مثل أن يقول له الشيخ : يقع ممن ال يحسن األدب من وليحذر من مفاجلة الشيخ بصورة رد عليه ، فإنه

يقول له الشيخ : مرادك يف سؤالك كذا ، أو الطر لك كذا ؟ فيقول : ال ، أو ما أنت قلت كذا ؟ فيقول : ما قلت كذا ، أو

الدواب .املقصود يف مرادي ، أو ما الطر يل هذا ، وشبه ذلك ، بل طريقه أن يتلطف باملكارشة عىل هذا

أليس مرادك كذا ؟ فال يبادر بالرد عليه وكذلك إذا استفهمه الشيخ استفهام تقرير وجزم كقوله : أ تقل كذا ؟ أو

عن ذلك بكالم لطيف يفهم الشيخ قصده منه ، فإن يكن بد من تحرير بقوله : ال ، ونحو ذلك ، بل يسكت أو يوري

الذي قلته ، أو الذي قصدته ، أو أعود إىل قصد كذا . ويعيد كالمه ، وال يقول : وقوله ، فليقل : اآلن أقول كذا ، قصده

لتضمنه الرد عليه .

و يتعقبه ، أو بحثا وفيه إشكال ، إذا ذكر الشيخ تعليال وعليه تعقب ، -وهو من جنس ما قبله -الثالث والعرشون :

يبادر إىل ذكر ذلك ، وال إىل التعقب عىل الشيخ بسبب إه�له فال و يستشكله ، أو إشكاال وعنه جواب ، و يذكره ،

ذلك ، فإن تذكر الشيخ يش� إىل ذلك بللطف إشارة ، كقوله : " ما ملحتم عن االشكال جوابا " مثال ، ونحو له ، بل له أن

ه .الشيخ ، أو يعلم منه أنه يؤثر ذلك من فبها ونعمت ، وإال فاألوىل السكوت عن ذلك إال أن يلذن

ا يعتاده بعض الناس يف كالمه وال ب الرابع والعرشون : وهو من جنس ما قبله أيضا أن يتحفظ من مخاطبة الشيخ

وسمعت ؟ وتدري ؟ ويا رجل مبارك ؟ ونحو ذلك . وكذلك ال يحك ما بك ؟ وفهمت ؟ ٢يليق الطابه به ، مثل أيش

قليل الحياء ، أنت قليل يا ، مثل قال فالن لفالن : " أنتغ�ه م� ال يليق الطاب الشيخ به ، وإن كان حاك الوطب به

يقول : إذا أراد الحكاية ما جرت العادة بالكناية به ، الرب ، وما عندك ال� ، و [ أنت ] قليل الفهم " ونحو ذلك ، بل

أيضا ، أو األالبار قليل الخ� ، وما عند األبعد ال� ، ومثل هذه الكناية وردت يف بعض مثل قال فالن لفالن : األبعد

يلت بضم� الغائب مكان ضم� املخاطب ، وشبه ذلك .

مستهدن ، أو نحو ذلك ، أن ال يضحك الخامس والعرشون : إذا سبق لسان الشيخ إىل تحريف كلمة يكون لها توجيه

مل ما صدر منه ، وال يدالله عليه ، وال يغمز غ�ه وال يش� إليه ، بل وال يتل وال يستهزئ ، وال يعيدها كلنه يتبادر بها

ال سي� في� هو فيه معذور وال يصغي إليه سمعه ، وال يحكيه الحد ، فإن اللسان سباق ، واالنسان غ� معصوم ، قلبه

والبالء والخرسان ، مستحق للزجر والتلديب والهدر والتلنيب ، ، وفاعل شئ م� ذكر مع شيخه معرض نفسه للحرمان

مقت هللا سبحانه له ومالئكته وأنبيائه والاصته . مع ما يستوجبه من

أو من غ�ه ، ال سي� إذا كان من غ�ه السادس والعرشون : أن ال يسبق الشيخ إىل رشح مسللة أو جواب سؤال منه

و أو إدراكه له قبل الشيخ ، إال أن يعلم من الشيخ إيثار ذلك منه ، أ وتوقف ، وال يساوقه فيه ، وال يظهر معرفته به

عليه ذلك ابتداء والتمسه منه ، فال بلس به حينئذ . عرض الشيخ

فيه وال يساوقه به بل يصرب حتى يفرغ السابع والعرشون : أن ال يقطع عىل الشيخ كالمه أي كالم كان ، وال يسابقه

عل همه سو غ�ه والشيخ يتحدث معه أو مع ج�عة املدلس ، بل ال يد الشيخ من كالمه ثم يتكلم . وال يتحدث مع

إىل قول الشيخ وفهمه . االصغاء

يحك حكاية ، أو ينشد شعرا ، وهو الثامن والعرشون : إذا سمع الشيخ يذكر حك� يف مسللة ، أو فائدة مستغربة أو

يف الحال ، متعطش إليه فرح به ، كلنه يسمعه قط . قال بعض يحفظ ذلك ، أن يصغي إليه إصغاء مستفيد له

Page 79: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۷۹

شيئا . وقال أيضا : إن ألسمع الحديث من الرجل ، وأنا أعلم به منه ، فلريه من نف أ� ال أحسن منه السلف : إ�

سمعته قبل أن يولد . الشاب ليتحدث بحديث ، فلستمع له كل� أسمعه ولقد

عن الشيخ فيه ، وال فيه من االستغناء " نعم " ملا عن حفظه له ، فال يديب ب -الرشوع يف ذلك -فإن سلله الشيخ عند

أحب أن أستفيده من الشيخ ، أو : أسمعه منه ، أو : بعد عهدي به ، أو : يقول : " ال " ملا فيه من الكذب ، بل يقول :

به ، أو أشار إليه بإتامه جهتكم أصح ، ونحو ذلك . فإن علم من حال الشيخ أنه يؤثر العلم بحفظه له مرسة هو من

باتباع غرض الشيخ ابتغاء ملرضاته وازديادا لرغبته فيه . أو الظهار تحصيله ، فال بلس امتحانا لضبطه أو حفظه

فإنه يضيع الزمان وربا الشيخ ، التاسع والعرشون : أنه ال ينبغي له أن يكرر سؤال ما يعلمه ، وال استفهام ما يفهمه ،

نقل الصخر . قال بعض السلف : إعادة الحديث أشد من

يستعيد الشيخ ما قاله ، الن ذلك إساءة يقرص يف االصغاء والتفهم ، أو يشغل ذهنه بفكر أو حديث ثموينبغي أن ال

حارض الذهن ملا يسمعه من أول مرة . وكان بعض املشايخ ال يعيد ملثل هذا إذا أدب ، بل يكون ك� مر مصغيا لكالمه

االصغاء إليه واالقبال عليه ، فله أن ه ، أو يفهمه معاستعاده ويزبره عقوبة له . أما إذا يسمع كالم الشيخ لبعد

بسؤال لطيف . يسلل الشيخ إعادته أو تفهيمه بعد بيان عذره

إال أن يعلم من حال الشيخ أنه ال يكره الثالثون : أن ال يسلل عن شئ يل غ� موضعه ، ففاعل ذلك ال يستحق جوابا .

وال يلح عليه يف السؤال إلحاحا مضدرا ، وال يسلله يف طريقه إىل أن يبلغ مقصده ذلك ، ومع ذلك فاألوىل أن ال يفعل ،

أمر الدين وأنا ماش ، وال وأنا أتحدث مع وقد حك عن بعض االجالء أنه أوىص بعض طلبته فقال : ال تسللني عن

، ال تسللني إال وقت اجت�ع العقول فإن هذه أماكن ال يدتمع فيها عقل الرجل الناس ، وال وأنا قائم ، وال وأنا متكئ ،

ويحسن يف جوابه ، قال صىل هللا الحادي والثالثون : أن يغتنم سؤاله عند طيب نفسه وفراغه ، ويتلطف يف سؤاله ،

عليه وآله :

السؤال نصف العلم . االقتصاد يف النفقة نصف املعيشة ، والتودد إىل الناس نصف العقل ، وحسن

أكمل استيضاح ، فمن رق وجهه رق علمه : أن ال يستحيي من السؤال ع� أشكل عليه ، بل يستوضحهالثا� والثالثون

عند اجت�ع الرجال . ، ومن رق وجهه عند السؤال ظهر نقصه

قال الصادق عليه السالم :

إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه املسللة .

له املقصود اتضاحا [ خ ل : إيضاحا ] يقول : نعم ، قبل أن يتضح الثالث والثالثون : إذا قال له الشيخ : أفهمت ؟ فال

من قوله : أفهم ، الن استثباته يحصل له مصالح عاجلة وآجلة ، فمن جليا ، لئال يكذب ويفوته الفهم ، وال يستحيي

عتناؤه ورغبته وك�ل ا املسللة وسالمته من الكذب والنفاق بإظهار فهم ما يكن فهمه ، واعتقاد الشيخ الحاجة حفظ

قلبه دائا ، واعتياده هذه الطريقة املرضية واالالالق عقله وورعه وملكته لنفسه ، ومن اآلجلة ثبوت الصواب يف

الرضية .

Page 80: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۰

قال الخليل بن أحمد العرويض رحمه هللا : منزلة الدهل ب� الحياء واألنفة .

بشئ ، أو سلله عن شئ ، أو أشار إليه ، بحيث إذا أمره الرابع والثالثون : أن يكون ذهنه حارضا يف جهة الشيخ

مرسعا و يعاوده فيه . يحوجه إىل إعادته ثانيا ، بل يبادر إليه

إياه باليمنى ، فإن كان ورقة الخامس والثالثون : إذا ناوله الشيخ شيئا تناوله باليمنى ، وإذا ناوله هو شيئا ناوله

وال يدفعها إليه مطوية إال إذا علم أو ظن إيثار الشيخ لذلك ، وإذا أالذ دفعها إليه ، يقرأها أو قصة مثال نرشها ، ثم

ورقة بادر إىل أالذها منشورة قبل أن يطويها أو يرتبها ، ثم يطويها أو يرتبها هو . من الشيخ

فإن كان للنظر يف موضع مع� ، إىل إدارته ، وإذا ناول الشيخ كتابا ناوله إياه مهيا لفتحه والقراءة فيه ، من غ� احتياج

املكان . فليكن مفتوحا كذلك ، ويع� له

كان بعيدا ، وال يحوج الشيخ إىل مد يده وال يرمي إليه الشئ رميا من كتاب أو ورقة أو غ�ه� ، وال كد يده إليه إذا

س ب� يديه لشئ من ذلك ، فال وإذا قام أو جل قائا ، وال يزحف زحفا ، أيضا الالذه منه أو إعطائه ، بل يقوم إليه

وال يضع رجله أو يده أو شيئا من بدنه أو ثيابه عىل ثياب الشيخ أو وسادته ونحوه� يقرب منه كل القرب ،

ك� تقدم .

للكتابة ، ويتفقد أوصافه ، ويفرق ب� -قبل إعطائه إياه -السادس والثالثون : إذا ناوله قل� ليكتب به ، فليعده

يديه دواة ، فلتكن مفتوحة األغطية مهيلة للكتابة منها . وإن ناوله سكينا فال كانتا ملتصقت� . وإن وضع ب�سنيه إن

جهته ، قابضا عىل طرف إليه شفرتها وال نصابها ويده قابضة عىل الشفرة ، بل يكون عرضا وحد شفرتها إىل يصوب

لسابع والثالثون : إذا ناوله سدادة ليص عليها نرشها أوال ، ا النصاب م� ي النصل جاعال نصابها عىل ك� اآلالذ .

محراب تحر به القبلة إن يفرشها هو عند قصد ذلك . قال بعض العل�ء : وإذا فرشها ، وكان فيها صورة وأوىل منه أن

أمكن ، وإن كانت مثنية جعل طرفيها إىل يسار املص . انتهى .

إال إذا اطردت العادة باستصحابها ، وال يص عليها إذا كان املكان طاهرا وال يدلس بحرضة الشيخ عىل سدادة

واملرتفع� ، ك� يتفق ذلك ببعض البالد . واستع�لها بحيث ال يكون شعارا عىل األكابر

ده إن تنقل له ، وإىل االالذ بيده أو عض الثامن والثالثون : إذا قام الشيخ بادر القوم إىل أالذ السدادة إن كانت م�

ذلك عىل الشيخ ، ويقصد بذلك كله التقرب إىل هللا تعاىل بخدمته والقيام احتاج إليه ، وإىل تقديم نعله إن يشق

ألبيه ، والدمته للعا الذي بحاجته ، وقد قيل : أربعة ال يلنف الرشيف منهن ، وإن كان أم�ا : قيامه من مدلسه

ته للضيف . يتعلم منه ، والسؤال ع� ال يعلم ، والدم

قائم أو قاعد ، بل ال يضطدع التاسع والثالثون : أن يقوم لقيام الشيخ ، وال يدلس وهو قائم ، وال يضطدع وهو

واألجود حينئذ أن ال ينام حتى ينام الشيخ إال أن يلمره بالنوم بحرضته مطلقا ، إال أن يكون يف وقت نوم ويلذن له ،

فيطيعه .

يقتيض الحال الالف ذلك لزحمة أو غ�ها ، يخه ، فليكن أمامه بالليل ووراءه بالنهار ، إال أناألربعون : إذا مىش مع ش

أو يلمره الشيخ بحالة فيمتثلها .

Page 81: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۱

الخطرة ، ويحرتز من ترشيش ثياب ويتع� أن يتقدم عليه يف املواطئ املدهولة الحال لوحل أو حوض مثال ، واملواطئ

قدامه أو من ورائه . ها بيديه إما منالشيخ ، وإذا كان يف زحمة صانه عن

حالة امليش ، وه� يف ظل ، فليكن عن وإذا مىش أمامه التفت إليه بعد كل قليل ، فإن كان وحده والشيخ يكلمه ،

اليسار ، لعله يبصق أو كتخط ، وقيل : عن يساره متقدما عليه قليال كينه كامللموم مع االمام ، ويخ له الدانب

ويعلم الشيخ بن قرب منه أو قصده من األعيان إن يعلم الشيخ به . ه ،ملتفتا إلي

بركابه إن كانا راكب� ، ومالصقة ثيابه ، وال كيش إىل جانبه إال لحاجة أو إشارة منه ، ويحرتز من مزاحمته بكتفه أو

ونحوها ، وبالدهة التي ال ١ت الشمس يف الشتاء ، وبدهة الددار يف الرصافا ويؤثره بدهة الظل يف الصيف ، وبدهة

الشمس فيها وجهه إذا التفت إليه . تقرع

وال يستمع وال يلتفت ، فإن أدالاله يف وال كيش بينه وب� من يحدثه ، ويتلالر عنه� إذا تحدثا ، أو يتقدم ، وال يقرب

الحديث فليلت من جانب آالر وال يشق بينه� .

يكتنفاه تقدم أكربه� وتلالر األصغر . األوىل أن يكون أكربه� عن كينه ، وإنوإذا مىش مع الشيخ اثنان ، فاكتنفاه ف

وال يناديه ، وال يسلم عليه من بعيد وال من وإذا صادف الشيخ يف طريقه بدأه بالسالم ، ويقصده إن كان بعيدا ،

في� يستش�ه فيه مطلقا ٢، ويبادر ابتداء باألالذ يف طريق حتى يستش�ه ورائه ، بل يقرب منه ثم يسلم ، وال يش� ،

بتلطف وحسن أدب ، كقوله رأيه إال أن يلزمه بإظهار ما عنده ، أو يكون ما رآه الشيخ الطل ، فيظهر ما عنده بالرد إىل

كذا ، أو الصواب كذا ونحو ذلك . : يظهر أن املصلحة يف كذا ، وال يقول : الرأي عندي

وأهمها ، والباقي م� يستنبط منه بإحد ص عىل جملة منها ، بل عىل أرشفهاواعلم أن هذه اآلداب م� قد دل الن

أحدها مراعاة العادة املحكمة يف مثل ذلك . وهللا املوفق . الطرق التي تبني عليها االحكام التي

Page 82: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۲

القسم الثالث

آدابه يف درسه وقراءته ، وما يعتمده حينئذ مع شيخه ورفقته

وهو أمور :

فهو أصل العلوم وأهمها ، وكان السلف همها أن يبتدئ أوال بحفظ كتاب هللا تعاىل العزيز حفظا متقنا ،األول : وهو أ

القرآن . ال يعلمون الحديث والفقه إال ملن حفظ

تعريضه للنسيان ، بل يتعهد دراسته وإذا حفظه فليحذر من االشتغال عنه بغ�ه اشتغاال يؤدي إىل نسيان شئ منه أو

أبدا . د منه كل يوم ثم أيام ثم جمعة دائاومالزمة ور

يدمع فيه ب� طرفيه ، ويقدم ئ ويدتهد بعد حفظه عىل إتقان تفس�ه وسائر علوم ، ثم يحفظ من كل فن مخترصا

الخاتة . يف –إن شاء هللا -األهم فاألهم عىل ما يلت تفصيله

فيه وتحصيال له ، وإن أمكن رشح فن أكثهم تحقيقاثم يشتغل باسترشاح محفوظاته عىل املشايخ ، وليعتمد يف كل

درس فلقل ، وقد تقدمت اإلشارة إليه . دروس يف كل يوم فعل ، وإال اقترص عليه املمكن من

طبعه ، وليحذر من االشتغال با الثا� : أن يقترص من املطالعة عىل ما يحتمله فهمه ، وينساق إليه ذهنه ، وال كده

وتفاريق التصانيف ، فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه . ويح� الذهن من الكتب الكث�ةيبدد الفكر ،

الخبط واالنتقال املؤدي إىل التضييع وليعط الكتاب الذي يقرؤه والفن الذي يلالذه كليته ، حتى يتقنه ، حذرا من

ن يصح فهمه ، ويستقر رأيه عىل الخالف يف العقليات ونحوها ، قبل أ وعدم الفالح ، ومن هذا الباب االشتغال بكتب

بص�ة . ذهنه يف فهم الدواب ، وهذا أمر يختلف باالتالف النفوس ، واالنسان فيه عىل نفسه الحق ، ويحسن

الشيخ أو عىل غ�ه ممن يعينه ، ثم الثالث : أن يعتني بتصحيح درسه الذي يحفظه قبل حفظه تصحيحا متقنا عىل

تكرارا جيدا ، ثم يتعاهده يف أوقات يقررها ملواظبته ، ل�سخ رسوالا حفظه يحفظه حفظا محك� ، ثم يكرره بعد

وال يحفظ ابتداء من الكتب استقالال من غ� تصحيح ، ألدائه إىل بحيث ال يزال محفوظا جيدا ، متلكدا ، ويراعيه

الفقه . أن العلم ال يؤالذ من الكتب ، فإنه من أرض املفاسد سي� ٣والتحريف ، وقد تقدم التصحيف

وإعرابا وإذا رد الشيخ عليه لفظة ، الرابع : أن يحرض معه الدواة والقلم والسك� للتصحيح ، ويضبط ما يصححه لغة

مع ما قبلها ليتنبه لها الشيخ ، أو يلت بلفظ الصواب عىل وجه فظن أو علم أن رده الالف الصواب كرر اللفظة

فذاك ، وإال ن لغفلة ، وال يقل بل هي كذا ، فإن رجع الشيخ إىل الصوابذلك سهوا أو سبق لسا االستفهام ، فربا وقع

الذي عرفه ، مع اطالع الشيخ أو أحد ترك تحقيقها إىل مدلس آالر بتلطف ، وال يبادر إىل إصالحها عىل الوجه

يعرس تداركه ، الشيخ يف جواب مسللة ، وكان ال يفوت تحقيقه ، وال الحارضين عىل املخالفة ، وكذلك إذا تحقق الطل

فإن كان كذلك .

-يف الحال -الشيخ عىل ذلك كالكتابة يف رقاع االستفتاء ، وكون السائل غريبا ، أو بعيد الدار أو مشنعا تع� تنبيه

باإلشارة ثم بالترصيح ، فإن ترك ذلك اليانة للشيخ :

Page 83: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۳

فيدب نصحه با أمكن من تلطف أو غ�ه .

التصحيح " . كتب قبالته " بلغ العرض " أو " [ بلغ ]وإذا وقف عىل مكان يف التصحيح

بحفوظاته ويديم الفكر فيها ، الخامس : بعد أن يرتب األهم فاألهم يف الحفظ التصحيح واملطالعة ويتقنها فليذاكر

حارضي حلقة شيخه ك� سيلت تفصيله . ويعتني با يحصل فيها من الفوائد ، ويذاكر بها بعض

االزدياد ، ويغتنم ما بقي من عمره ، فإن م أوقات ليله ونهاره عىل ما يحصله ، فإن األوراد توجبالسادس : أن يقس

للحفظ األسحار ، وللبحث االبكار ، وللكتابة وسط النهار ، وللمطالعة بقية العمر ال قيمة لها . وأجود األوقات

ووقت الدوع أن حفظ الليل أنفع من حفظ النهار ، -التدربة ودلت عليه -وبقايا النهار . وم� قالوه واملذاكرة الليل

والخرضة والنبات واألنهار الداريات ، وقوارع الطرق عن امللهيات كاألصوات ٤أنفع من وقت الشبع ، واملكان البعيد

تنع من اللو القلب ، وتقسمه عىل حسب تلك الحاالت . التي تكث فيها الحركات ، ألنها

كر بدرسه لخرب :السابع : أن يب

بورك المتي يف بكورها .

ولخرب :

اغدوا يف طلب العلم ، فإ� سللت رب أن يبارك المتي يف بكورها .

ويدعل ابتداءه الخميس ، ويف رواية : يوم السبت أو الخميس ، ويف الرب

آالر عنه صىل هللا عليه وآله :

[ لطالبه.أطلبوا العلم يوم االثن� فإنه ييرس [ خ له : يتيرس

وروي يف يوم األربعاء الرب :

ما من شئ بدئ يوم األربعاء إال وقد تم .

وربا االتار بعض العل�ء االبتداء يوم األحد ، و نقف عىل ملالذه .

إسناده ورجاله ومعانيه وأحكامه وفوائده الثامن : أن يبكر بس�ع الحديث وال يهمل االشتغال به وبعلومه ، والنظر يف

ومسنده ومرسله ، وسائر أنواع ، فإنه أحد جناحي العا بالرشيعة وتواريخه وصحيحه وحسنه وضعيفه ولغته

والدناح اآلالر القرآن . واملب� لالحكام ،

املقصود من نقل الحديث وتبليغه . وال يقنع من الحديث بدرد الس�ع ، بل يعتني بالدراية أكث من الرواية ، فإنه

أنساب الكتب . تني برواية كتبه التي قرأها أو طالعها سي� محفوظاته ، فإن األسانيدالتاسع : أن يع

ويدتهد عىل رواية األمور املهمة وأن يحرتص عىل كلمة يسمعها من شيخه أو شعر ينشده أو ينشئه أو مؤلف يؤلفه ،

، ومعرفة من أالذ شيخه عنه وأسناده ، ونحو ذلك .

Page 84: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸٤

والفوائد امله�ت ، أن ينتقل إىل و غ�ها من املخترصات ، وضبط ما فيها من االشكاالتالعارش : إذا بحث محفوظاته أ

املطالعة املتقنة والعناية الدائة املحكمة ، وتعليق ما مر به يف بحث املبسوطات وما هو أكرب م� بحثه أوال ، مع

وع الغريبة وحل املشكالت ، والفرق ب�من الفوائد النفيسة واملسائل الدقيقة والفر املطالعة أو سمعه من الشيخ

يسمعها يف أي فن كانت ، بل أحكام املتشابهات من جميع أنواع العلوم التي يذاكره فيها ، وال يحتقر فائدة يراها أو

هللا عليه وآله أنه قال : يبادر إىل كتابتها وحفظها . وقد روي عن النبي صىل

كتابته . فيدوا العلم . قيل : وما تقييده ؟ قال :

منه الحديث ، فيعدبه وال يحفظه ، وروي أن رجال من األنصار كان يدلس إىل النبي صىل هللا عليه وآله ، فيسمع

رسول هللا : فشكا ذلك إىل النبي صىل هللا عليه وآله ، فقال له

استعن بيمينك ، وأومل بيده أي الط .

يف باب الكتابة أالبار أالر يف ذلك . " وسيلت إن شاء هللا تعاىل ومن هنا قيل : من يكتب علمه يعد علمه عل� ،

باليس� ، ويغتنم وقت الفراغ والنشاط الحادي عرش : أن يبالغ يف الدد والطلب والتشم� ، وال يقنع من إرث األنبياء

الرئاسة ، فإنها أدو األدواء وأعضل األمراض . قبل عوارض البطالة وموانع ٤ورشخ الشباب

ع� النقص وحقيقة الدهل وعنوان ليحذر كل الحذر من نظر نفسه بع� الك�ل واالستغناء عن املشايخ ، فإن ذلكو

الح�قة ودليل قلة العلم واملعرفة لو تدبر .

إال ال�ا وتحصيال وأدبا ، واطالعا الثا� عرش : أن يالزم حلقة شيخه بل جميع مدالسه إذا أمكن ، فإن ذلك ال يزيده

أشار إليه ع عليه السالم يف حديثه السابق بقوله : فوائد متبددة ال يكاد يددها يف الدفاتر ، ك�عىل

وال تل من طول صحبته ، فإ�ا هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها منفعة .

ها كنوز مختلفة بسائر الدروس ، فإن وال يقترص عىل س�ع درس نفسه فقط ، فإن ذلك عالمة قصور الهمة ، بل يعتني

ذهنه ذلك ، فيشارك أصحابها حتى كلن كل درس له ، فإن عدز وجواهر متعددة ، فليغتنم ما فتح له منها إن احتمل

اعتنى باألهم فاألهم . عن ضبط جميعها

ضبطها ال يصلح لدالوله فيها ، هذا يف الدروس املفرقة ، وأما درس التقاسيم فشلنها كدرس واحد ، فمن يطق

ثالث عرش : إذا حرض مدلس الشيخ ، فليسلم عىل الحارضين بصوت يسمعهم .ال

ويخص الشيخ بزيادة تحية وإكرام .

وعد بعضهم حلق العلم حال أالذهم يف البحث من املواضع التي ال يسلم فيها .

قلب ك� هو البحث وحضور ال وهو متده حيث يشغلهم رد السالم ع� هم فيه من ٤واالتاره ج�عة من األفاضل ،

عليهم أرض من كث� من املوارد التي ورد أنله ال يسم فيها . الغالب ، سي� إذا كان يف أثناء تقرير مسللة ، فإن قطعه

Page 85: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸٥

ال يشعر حتى يفرغ إن أمكن ، لكن متى أريد ذلك ، فليدلس الداالل عليهم عىل بعد من مقابلة الشيخ ، بحيث

الشواغل عنه . فعجمعا ب� حق األدب معه وحق البحث يف د

منزلته كذلك ، بل يدلس حيث ينتهي به الرابع عرش : إذا سلم ال يتخطى رقاب الحارضين إىل قرب الشيخ إن يكن

له الشيخ أو الحارضون بالتقدم أو كانت منزلته أو كان يعلم أيثار الشيخ املدلس ك� ورد يف الحديث ، فإن رصح

بها الحارضون أو لكونه كب� السن أو كث� مصلحة كلن يذاكره مذاكرة ينتفعوالد�عة لذلك ، وكان جلوسه بقرب

الفضيلة والصالح فال بلس .

كالمه فه� كامال بال مشقة ، ولكن ال يقرب الخامس عرش : أن يحرص عىل قربه من الشيخ حيث يكون منزلته ، ليفهم

أو بدنه عىل ثياب الشيخ أو وسادته أو سدادته ك� مر وال يضع شيئا من ثيابه منه قربا ينسب فيه إىل سوء األدب ،

أن يزعده منه وإن كان أحق به بحسب واعلم أنه متى سبق إىل مكان من مدلس الدرس كان أحق به ، فليس لغ�ه

كاملحرتف إذا ألف مكانا من السوق أو الشارع ، فال يسقط حقه منه ملفارقته ، األدب ، قيل : ويبقى بعد ذلك أحق به

املص املشتمل عىل فائدة يف وهذا البحث آت يف مكان ٢انقطع عن الدرس يوما أو يوم� إذا حرض بعد ذلك . وإن

الصالة كالذكر ونحوه .

مع الشيخ واحرتام ملدلسه ، وليحرتم السادس عرش : أن يتلدب مع رفقته وحارضي املدلس ، فإن تلدبه معهم تلدب

كرباءه وأقرانه ورفقته .

آثره غ�ه بدلسه يقبله ، لنهي عرش : أن ال يزاحم أحدا يف مدلسه ، وال يؤثر قيام أحد له من محله ، فإن السابع

مدلسه ، ويدلس فيه آالر ، قال صىل هللا عليه وآله : النبي صىل هللا عليه وآله عن أن يقام الرجل من

ولكن تفسحوا وتوسعوا .

حب االيثار بالقرائن ، فال بلس . حة للحارضين ، وعلم من الاطر املؤثرنعم لو كان جلوسه يف مدلس من آثره مصل

من : الثامن عرش : أن ال يدلس يف وسط الحلقة ، وال قدام أحد لغ� رضورة ، ملا روي

أن النبي صىل هللا عليه وآله ، لعن من جلس وسط الحلقة.

فال بلس به . - عدم الس�ع كضيق املدلس وكثة الزحام واستلزام تركه -نعم لو كان لرضورة

برضاه� معا ، ملا روي : التاسع عرش : أن ال يدلس ب� أالوين أو أب وابن أو قريب� أو متصاحب� إال

أن النبي صىل هللا عليه وآله نهى أن يدلس الرجل ب� الرجل� إال بإذنه� .

ويتفسحوا ألجله ، ويكرموه با يكرم به مثله ، ويوسعوا لهالعرشون : ينبغي للحارضين إذا جاء القادم أن يرحبوا به ،

ضم نفسه وال يتوسع ، وال يعطي أحدا منهم جنبه وال ظهره ، ويتحفظ من ذلك وإذا فسح له يف املدس وكان حرجا

تلالر . أو يخرج من بنية الحلقة أو ويتعهد عند بحث الشيخ له ، وال يدنح عىل جاره ، أو يدعل مرفقه قائا يف جنبه ،

Page 86: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸٦

عليه بحثه ، وإذا رشع بعضهم يف درس الحادي والعرشون : أن ال يتكلم يف أثناء درس غ�ه با ال يتعلق به أو با يقطع

ال تفوت فائدته ، إال بإذن من الشيخ وصاحب الدرس . ، فال يتكلم بكالم يف درس فرغ وال بغ�ه م�

وال سي� مشاركة الشيخ . قال بعض حدا يف حديثه مع الشيخ ،الثا� والعرشون : أن ال يشارك أحد من الد�عة أ

يف ذلك : ٤وأنشد بعضهم ٣حديثه . الحك�ء : من األدب أن ال يشارك الرجل يف

وال تشارك يف الحديث أهله * وإن عرفت فرعه وأصله

فإن علم إيثار املتكلم بذلك فال بلس .

غ� الشيخ إال بإشارته ، أو اا بينه� عىل غ�ه ينهه [ خ ل : ينهره ]الثالث والعرشون : إذا أساء بعض الطلبة أدبا

الشيخ تع� عىل الد�عة انتهاره وردعه واالنتصار للشيخ بقدر االمكان عىل سبيل النصحية . وإن أساء أحد أدبا عىل

الشيخ املسامحة ، وفاء لحقه . وإن أظهر

عىل الشيخ ، فل�اع نوبته تقدكا وتلال�ا .إذا أراد القراءة ١الرابع والعرشون :

وآله يسلله ، وجاء رجل من فال يتقدم عليها بغ� رضا من هي له . وروي أن أنصاريا جاء إىل النبي صىل هللا عليه

ثقيف ، فقال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

قبل حاجتك . ألنصارييا أالا ثقيف إن األنصاري قد سبقك باملسللة ، فاجلس كي� نبدأ بحاجة ا

ذلك يف وقت فلشار به ، امتثل أمره قيل : وال يؤثر بنوبته ، فإن االيثار بالقرب نقص ، فإن رأ الشيخ املصلحة يف

معتقدا ك�ل رأيه وتصويب غرضه يف ذلك .

ووجوب ذمته . قيل : يستحب للسابق أن يقدم عىل نفسه من كان غريبا لتلكد حرمته

إذا كان للمتلالر حاجة رضورية وعلمها املتقدم . حديث عن ابن عباس ريض هللا عنه وكذلكوروي يف ذلك

كقضاء حاجة وتدديد وضوء إذا يطل وتحصل النوبة بتقدم الحضور يف مدلس الشيخ ، وإن ذهب بعده لرضورة ،

تخ� ، ويستحب له حينئذ مراعاة إذا كان العلم م� يدب تعليمه وإال الزمان عادة ، وإذا تساويا أقرع بينه� . هذا

القرعة . الرتتيب ثم

ومدرسها إذا رشط عليه إقراء أهلها يف وقت املدرسة ١ولو جمعهم عىل درس مع تقارب أفهامهم جاز أيضا ، ومعيد

ا بغ� إذنهم وإن سبق ، مع عدم وجوب التعليم ، أو مع وجوب الدميع ، أم مع� ، وال يدوز له تقديم غ�هم عليهم

العوض ذلك اليوم ، أو درس الخارج دون أهل املدرسة ، ففي استثنائه أو وجوب إقرائه ، وترك ما يخصه من لو وجب

تقديم أهل املدرسة أوجه . واألوسط أوسط .

يف أدبه مع شيخه ، ويحرض كتابه الخامس والعرشون : أن يكون جلوسه ب� يدي الشيخ عىل ما تقدم تفصيله وهيلته

حال القراءة عىل األرض مفتوحا بل يحمله بيديه ويقرأ منه . فيه معه ، ويحمله بنفسه ، وال يضعه الذي يقرأ

Page 87: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۷

فإذا أذن له استعاذ بال من الشيطان السادس والعرشون : أن ال يقرأ حتى يستلذن الشيخ ، ذكره ج�عة من العل�ء ،

هللا عليهم ، ثم يدعو للشيخ ولوالديه وملشايخه ، عىل النبي وآله صىل الرجيم ، ثم سمى هللا تعاىل وحمده وصىل

ولسائر املسلم� ، وإن الص مصنف الكتاب أيضا بدعوة كان حسنا . وللعل�ء ولنفسه

حضور الشيخ أو يف غيبته ، إال أنه يخص وكذلك يفعل كل� رشع يف قراءة درس أو تكراره أو مطالعته أو مقابلته يف

ويرتحم عىل مصنف الكتاب ك� ذكرناه . ءته عليه ،الشيخ بذكره يف الدعاء عند قرا

وإمامنا " ونحو ذلك قاصدا به الشيخ . وإذا فرغ من وإذا دعا الطالب للشيخ قال : " وريض هللا عنكم أو عن شيخنا

الدرس دعا الشيخ أيضا .

نا نبهه عليه وعلمه إياه وذكره جهال أو نسيا ويدعو الشيخ للطالب كل� دعا له ، فإن ترك الطالب االستفتاح با ذكرناه

وهذا من ٢الحديث باألمر يف االبتداء باألمور املهمة بتسمية هللا وتحميده ، به ، فإنه من أهم اآلداب ، وقد ورد

أهمها .

فيه من الفوائد والضوابط ينبغي أن يذاكر من يرافقه من مواظبي مدلس الشيخ با وقع ٣السابع والعرشون :

يف املذاكرة نفعا عظي� قدم عىل نفع الحفظ . ذلك ، ويعيدوا كالم الشيخ في� بينهم ، فإن والقواعد وغ�

الواطرهم ، وشذوذ بعض ما سمعوه عن وينبغي االااع بها بعد القيام من املدلس قبل تفرق أذهانهم ، وتشتت

ل املذاكرة .به الطالب يف العلم مث ١فال شئ يتخرج أفهامهم ، ثم يتذاكروه يف بعض األوقات

عىل قلبه ، ليعلق ذلك بخاطره ، فإن فإن يدد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه ، وكرر معنى ما سمعه ولفظه

اللسان ، وقل أن يفلح من اقترص عىل الفكر والتعقل بحرضة الشيخ الاصة تكرار املعنى عىل القلب كتكرار اللفظ عىل

يرتكه ويقوم وال يعاوده . ، ثم

انرصافه بحيث ال يسمع لهم صوتا ، الثامن والعرشون : أن تكون املذاكرة املذكورة يف غ� مدلس الشيخ ، أو فيه بعد

وجرأة ، سي� إذا كان لهم معيد ، فإن تصدره لإلعادة يف مدلس الشيخ من فإن اشتغالهم بذلك وإس�عهم له قلة أدب

يلمره الشيخ بذلك ملصلحة يراها . الصفات وأبعدها عن اآلداب ، اللهم إال أن أقبح

ومعيدهم ، فال ينازعوه في� يقوله لهم التاسع والعرشون : عىل الطلبة مراعاة األدب املتقدم أو قريبا منه مع كب�هم

الحال ويتوصلوا إىل بيان الحق بحسب االمكان ، فإذا بقي الحق مشتبها إذا وقع منهم فيه شك ، بل يرتفقوا يف تحقيق

الصواب كيف كان . الشيخ فيه بلطف من غ� بيان من الالف ومن وافق ، مقترصين عىل إرادة بيان راجعوا

رفقته ويرغبهم يف االجت�ع والتذاكر الثالثون : يدب عىل من علم منهم بنوع من العلم ورضب من الك�ل أن يرشد

والقواعد والغرائب عىل جهة النصيحة واملذاكرة ما استفاده من الفوائد والتحصيل ، ويهون عليهم مؤونته ، ويذكر لهم

ثواب هللا تعاىل وجميل يبارك هللا له يف علمه ويستن� قلبه ، وتتلكد املسائل عنده مع ما فيه من جزيل ، فبارشادهم

نظره وعطفه .

ه فيه . وقد جرب يثمر ، و يبارك هللا ل ومن بخل عليهم بشئ من ذلك كان بضد ما ذكر ، و يثبت علمه وإن ثبت

ذلك لد�عة من السلف والخلف .

Page 88: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۸

لهم ، فقد كان مثلهم ثم من هللا وال يحسد أحدا منهم وال يحتقره ، وال يفتخر عليه وال يعدب بفهم نفسه وسبقه

ويستزيده منه بدوام الشكر ، فإذا امتثل ذلك وتكاملت أهليته واشتهرت تعاىل عليه ، فليحمد هللا تعاىل عىل ذلك

ارتقى إىل ما بعده من املراتب . وهللا ويل التوفيق . تهفضيل

Page 89: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۸۹

الباب الثا�

يف آداب الفتوى واملفتي واملستفتي

[ ويشتمل عىل مقدمة وأربعة أنواع ]

[ املقدمة يف أهمية االفتاء ]

[ النوع امول يف اممور املعتربة يف كل مفت ]

[ النوع الثا� يف أحكام املفتي وآدابه ]

النوع الثالث يف آداب الفتوى ][

[ النوع الرابع يف أحكام املستفتي وآدابه وصفته ]

Page 90: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۰

[ املقدمة ]

[ يف أهمية االفتاء ]

ولنذكر من ذلك املهم ، فإنه باب متسع ، ولنقدم عىل ذلك مقدمة فنقول :

وارث األنبياء صلوات هللا عليهم ، وقائم اعلم أن االفتاء عظيم الخطر كث� االجر كب� الفضل جليل املوقع ، الن املفتي

فلينظر كيف يقول . ٢والخطر ، ولهذا قالوا : املفتي موقع عن هللا تعاىل . بفرض الكفاية ، لكنه معرض للخطل

أشياء كث�ة نورد جملة من عيونها : وقد ورد فيه ويف آدابه والتوقف فيه والتحذير منه من اآليات واالالبار واآلثار

تعاىل :قال هللا

يستفتونك قل هللا يفتيكم .

وقال تعاىل :

ويستنبؤنك أحق هو قل إي ورب إنه لحق .

وقال تعاىل :

يوسف أيها الصديق أفتنا يف سبع بقرات س�ن .

وقال تعاىل يف التحذير :

. الكذب . . . اآلية وال تقولوا ملا تصف ألسنتكم الكذب هذا حالل وهذا حرام لتفرتوا عىل هللا

وقال تعاىل :

وأن تقولوا عىل هللا ما ال تعلمون .

وقال تعاىل :

أم عىل هللا تفرتون . قل أرأيتم ما أنزل هللا لكم من رزق فدعلتم منه حراما وحالال قل هللا أذن لكم

فانظر كيف قسم مستند الحكم إىل القسم� ، ف� يتحقق االذن فلنت مفرت .

: -أكرم اللقه عليه -ية عن رسوله صىل هللا عليه وآله وانظر إىل قوله تعاىل حكا

ولو تقول علينا بعض األقاويل * الالذنا منه باليم� * ثم لقطعنا منه الوت�

حضوره ب� يديه ؟ فإذا كان هذا تهديده ألكرم اللقه عليه ، فيكف حال غ�ه إذا تقول عليه عند

Page 91: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۱

وقال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

حتى إذا يبق عاملا اتخذ الناس ال يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العل�ءإن هللا

وأضلوا . رؤساء جهاال ، فسئلوا فلفتوا بغ� علم فضلوا

وقال صىل هللا عليه وآله :

من أفتي بفتيا من غ� تثبت ويف لفظ : بغ� علم فإ�ا إثه عىل من أفتاه .

صىل هللا عليه وآله : وقال

أجرؤكم عىل الفتو أجرؤكم عىل النار .

وقال صىل هللا عليه وآله :

علم ، أو مصور يصور الت�ثيل . أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي ، أو رجل يضل الناس بغ�

ومن كالم أم� املؤمن� عليه السالم :

حائر عن قصد السبيل ، مشغوف عز وجل لرجل� : رجل وكله هللا تعاىل إىل نفسه ، فهو إن من أبغض الخلق إىل هللا

ضال عن هدي من كان قبله ، مضل ملن اقتد به يف بكالم بدعة قد لهج بالصوم والصالة ، فهو فتنة ملن افتت به ،

هال الناس ، عان بلغباش الفتنة ، [ رهن بخطيته ] : ورجل قمش جهال ، يف ج حياته وبعد موته ، ح�ل الطايا غ�ه ،

ما قل منه ال� م� كث ، حتى إذا ارتو من آجن أشباه الناس عاملا و يغن فيه يوما ساملا ، بكر فاستكث ، قد س�ه

يلمن أن الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس عىل غ�ه ، [ وإن الالف قاضيا سبقه واكتنز من غ� طائل ، جلس ب�

املبه�ت املعضالت هيل لها حشوا من رأيه مه من يلت بعده ، كفعله بن كان قبله و ] إن نزلت به إحد ينقض حك

يف مثل غزل العنكبوت : ال يدري أصاب أم أالطل ، ال يحسب العلم يف شئ ثم قطع [ به ] ، فهو من لبس الشبهات

وإن اظلم عليه أمر اكتتم به ملا شئ يكذب نظره ، أنكر ، وال ير أن وراء ما بلغ فيه مذهبا ، [ إن قاس شيئا م�

فهو مفتاح عشوات ، ركاب شبهات ، الباط ٤جرس فق ، ] يعلم من جهل نفسه ، لكيال يقال له : ال يعلم ، ثم

[ الريح ] الهشيم م� ال يعلم فيسلم ، وال يعض يف العلم برضس قاطع فيغنم ، يذرو الروايات ذرو جهاالت ، ال يعتذر

الفرج الحرام ، ويحرم بقضائه الفرج الحالل ، الملئ بإصدار ، تبك منه املواريث ، وترصخ منه الدماء ، يستحل بقضائه

أهل ملا منه فرط من ادعائه علم الحق . ما عليه ورد ، وال هو

: العباد ؟ قال ورو زرارة بن أع� عن الباقر عليه السالم قال : سللته ما حق هللا تعاىل عىل

أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ماال يعلمون .

وعن أب عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه� السالم يقول :

وزر من عمل بفتياه . من أفتى الناس بغ� علم وال هد ، لعنته مالئكة الرحمة ومالئكة العذاب ، ولحقه

السالم :وعن املفضل قال : قال أبو عبد هللا عليه

Page 92: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۲

با ال تعلم . أنهاك عن الصلت� فيه� هلك الرجال : أن تدين هللا بالباطل ، وتفتي الناس

محمد علي� السالم إال كاد أن يتصدع وعن ابن شربمة الفقيه العامي ، قال : ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن

قلبي ، قال :

بال ما كذب أبوه عىل جده ، وال جده ه قال ابن شربمة : وأقسمحدثني أب عن جدي عن رسول هللا صىل هللا عليه وآل

عىل رسول هللا صىل هللا عليه وآله قال :

الناس ، وهو ال يعلم الناسخ من رسول هللا صىل هللا عليه وآله : من عمل باملقابيس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى قال

املنسوخ ، واملحكم من املتشابه فقد هلك وأهلك .

رسول هللا صىل هللا عليه وآله يسلل أحدهم ن بعض التابع� قال : أدركت عرشين ومائة من األنصار من أصحابوع

إىل هذا حتى ترجع إىل األول . عن مسللة ف�دها هذا إىل هذا ، وهذا

حد منهم يحدث صىل هللا عليه وآله ، ما أ وعنه قال : لقد أدركت يف هذا املسدد عرشين ومائة من أصحاب رسول هللا

وال يسلل عن فتيا إال ود أن أالاه كفاه الفتيا . حديثا إال ود أن أالاه كفاه الحديث ،

أن يكفيه صاحبه الفتيا . وقال الرباء : لقد رأيت ثالثائة من أهل بدر ما فيهم من أحد إال وهو يحب

دنون . م وعن ابن عباس ريض هللا عنه� : من أفتى الناس يف كل ما يسللونه فهو

بينهم . إن العا ب� هللا وب� اللقه ، فلينظر كيف يدالل ٤وعن بعض السلف :

يسللك ، فال يكن همك أن تخرجه م� وقع وقال بعض األكابر لبعض املفت� : أراك تفتي الناس ! فإذا جاءك الرجل

يسللك عنه . فيه ، ولتكن همتك أن تتخلص م�

ل�عد . أدركت أقواما يسلل أحدهم عن الشئ وإنه وعن عطاء بن السائب التابعي :

وعن ثوبان مرفوعا :

سيكون أقوام من أمتي يتعاطى فقهاؤهم عضل املسائل أولئك رشار أمتي .

فيقول هللا له : كذبت . وعن ابن مسعود ريض هللا عنه : عىس رجل أن يقول : إن هللا أمر بكذا ،

سلمني وسلم مني . املسيب ال يفتي فتيا إال قال : اللهموعن يحيى بن سعيد قال : كان ابن

ويف رواية أالر : ٥وثالث� [ منها ] ال أدري . وعن مالك بن أنس أنه سئل عن ثان وأربع� مسللة ، فقال يف اثنت�

دواب أن يف واحدة منها . وكان يقول : من أجاب يف مسللة ، فينبغي قبل ال أنه سئل عن المس� مسللة ، فلم يدب

نفسه عىل الدنة والنار ، وكيف الالصه ثم يديب . يعرض

وقال : ليس من العلم شئ الفيف ، وسئل يوما عن مسللة فقال : ال أدري ، فقيل : هي مسللة الفيفة سهلة ، فغضب

قوال ثقيال ، فالعلم كله ثقيل . أما سمعت قول هللا تعاىل : إنا سنلقي عليك

Page 93: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۳

وفقهه ب� املسلم� أنه سئل عن شئ فقال : أحد فقهاء املدينة املتفق عىل علمه ٤ بكر وعن القاسم بن محمد بن أب

إليك ال أعرف غ�ك ، فقال القاسم : ال تنظر إىل طول لحيتي وكثة الناس حويل ، ال أحسنه ، فقال السائل : إ� جئت

ما رأيتك يف مدلس أنبل منك مثل ا فوهللاوهللا ما أحسنه . فقال شيخ من قريش جالس إىل جنبه : يا ابن أالي ألزمه

أحب إيل أن أتكلم با ال علم يل به . اليوم . فقال القاسم : وهللا الن يقطع لسا�

فسللته عن أشياء مشكلة يف الحيض ، أنه داللت عليه يوما امرأة وعن الحسن بن محمد بن رشفشاه االسرتآبادي

عذبتك واصلته إىل وسطك وتعدز عن جواب امرأة . فقال : يا الالة ! لو فعدز عن الدواب ، فقالت له املرأة : أنت

مسللة يسلل عنها لوصلت عذبتي إىل قرن الثور . علمت كل

إليها الباب . وأقوالهم يف هذا كث�ة فلنقترص عىل هذا القدر ، ولنرشع يف األنواع التي ينقسم

Page 94: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹٤

النوع امول

اممور املعتربة يف كل مفت

كان قي� بعرفة األحكام الرشعية ، رشط املفتي كونه مسل� مكلفا عدال فقيها ، وإ�ا يحصل له الفقه إذااعلم أن

والسنة واالج�ع وأدلة العقل ، وغ�ها م� هو محقق يف محله . وال تتم مستنبطا لها من أدلتها التفصيلية من الكتاب

واإلمامة واملعاد ، من علم وصفاته التي يتم بها االكان ، والنبوةإال بعرفة ما يتوقف عليه إثبات الصانع معرفة ذلك

والترصيف واللغة ، من العربية . ورشائط الحد والربهان من علم الكالم ، ومعرفة ما يكتسب به األدلة من النحو

بها ، وعلومه تعلقأصول الفقه . وما يتعلق باألحكام الرشعية من آيات القرآن ، ومعرفة الحديث امل املنطق . ومعرفة

منه . ومعرفة مواضع الخالف والوفاق بعنى أن متنا وإسنادا ، ولو بوجود أصل صحيح يرجع إليه عند الحاجة إىل شئ

قوله فيها ال يخالف االج�ع ، بل يعلم أنه وافق بعض املتقدم� أو يغلب عىل ظنه يعرف يف املسللة التي يفتي بها أن

نفسانية وقوة قدسية يقتدر ا األولون ، بل تولدت يف عرصه أو ما قاربه . وأن يكون له ملكةاملسللة يتكلم فيه أن

ما يناسبها من األدلة . بها عىل اقتناص الفروع من أصولها ، ورد كل قضية إىل

موكول إىل أصول الفقه . وهذه رشائط املفتي املطلق املستقل ، أوردناها عىل طريق االج�ل ، وتفصيلها

فرعية يحتاج إليها ، أو يسلل عنها استفراغ ا اجتمعت هذه األوصاف يف شخص ، وجب عليه يف كل مسللة فقهيةفإذ

التفصي ، وال يدوز له تقليد غ�ه يف إفتاء غ�ه ، وال لنفسه مع سعة وقت الفعل الوسع يف تحصيل حكمها بالدليل

ضيقه جوز له تقليد مدتهد حي . ث ال ينايف الفعل ، ومعالذي تدالل فيه املسللة ، بحيث ككنه فيه استنباطها بحي

ويف امليت وجهان . ومنهم من منع مطلقا .

Page 95: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹٥

النوع الثا�

يف أحكام املفتي وآدابه

وفيه مسائل :

غ�ه تع� عليه الدواب ، وإن كان ثم غ�ه االفتاء فرض كفاية ، وكذا تحصيل مرتبته ، فإذا سئل وليس هناك ١األوىل :

كفاية ، وإن يحرض إىل واحد مع عدم املشقة يف السعي إىل اآلالر ، ففي تعي� ، فالدواب يف حقه� فرض وحرض

مكلف بها ككنه تحصيل رشائطها ، الدواب عىل الحارض وجهان . وإذا يكن يف الناحية مفت وجب السعي عىل كل

الفسق . وال يسقط هذا الوجوب عن البعض باشتغال جميعا يف االثم و كفاية ، فإن أاللوا جميعا بالسعي ، اشرتكوا

الوجوب ظن بوصوله إىل املرتبة ، لدواز أن ال يصل املشتغل إليها ملوت وغ�ه . وال يكفي يف سقوط البعض ، بل

الوصول وإن قلنا باالكتفاء به يف القيام بفرض الكفاية ، مع احت�له .

ك�ل التلمل كغضب وجوع وعطش وشغل قلبه ، وحصل ما كنعه منالثانية : ينبغي أال يفتي يف حال تغ� اللقه

مقلق وحر مزعج ، وبرد مؤ ومدافعة األالبث� ، ونحو ذلك ، ما يتضيق وحزن وفرح غالب ونعاس وماللة ومرض

ملا صحت فتواه عىل كراهة ، فإن أفتى يف بعض هذه األحوال معتقدا أنه كنعه ذلك من إدراك الصواب ، وجوبه ،

فيه من املخاطرة .

أو غ�ه عمل بقوله الثا� ، فإن الثالثة : إذا أفتى يف واقعة ، ثم تغ� اجتهاده ، وعلم املقلد برجوعه ، من مستفت

كان قد عمل به قبل علمه بالرجوع ينقض . ولو يعلم املستفتي يكن عمل بالقول األول يدز العمل به ، وإن

يف عمل آالر . كلنه يرجع يف حقه ، ويلزم املفتي إعالمه برجوعه قبل العمل وبعده ، ل�جع عنهف برجوع املفتي ،

أفتى بذلك ثانيا بال نظر . وإن ذكرها و الرابعة : إذا أفتى يف حادثة ثم حدث مثلها ، فإن ذكر الفتو األوىل ودليلها

باألوىل ، أو وجوب إعادة االجتهاد قوالن . جواز إفتائه يذكر دليلها ، وال طرأ ما يوجب رجوعه ، ففي

باالجتهاد ثم وقعت املسللة . ومثله تدديد الطلب يف التيمم ، واالجتهاد يف القبلة ، والقايض إذا حكم

من كان من أهل بلد الالفظ ، أو الخامسة : ال يدوز أن يفتي با يتعلق بللفاظ االكان واألقارير والوصايا ، ونحوها إال

ا برادهم يف العادة . فتنبه له فإنه مهم . الب�

Page 96: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹٦

النوع الثالث

يف آداب الفتوى

وفيه مسائل :

الدواب شفاها ، فإن يعرف لسان األوىل : يلزم املفتي أن يب� الدواب بيانا يزيل االشكال ، ثم له االقتصار عىل

الواحد ، ألنه الرب . كفاه ترجمة عدل� ، وقيل يكفي ٢املستفتي

من الفتو يف الرقاع ملا يتطرق إليها من كث� الهرب ٤وله الدواب كتابة ، وإن كانت عىل الطر ، وكان بعض السلف

السائل مزية يف الدواب ، وكث�ا ما شاهدنا سائال برقعة يكون لفظه مخالفا ملا يف االحت�الت ، فإن لكل حرف من لفظ

ه الدواب ونخرق الرقعة .رقعته ، ف�جع إىل لفظه بعد أن نكون كتبنا ل

وليحرتز من الغالقة واالستهدان فيها ، الثانية : أن تكون عبارته واضحة صحيحة ، يفهمها العامة ، وال يزدريها الخاصة ،

لغة ، ونحو ذلك . وإعراب غريب أو ضعيف ، وذكر غريب

يستفصل السائل إن حرض ، ويعيد السؤال أن الثالثة : إذا كان يف املسللة تفصيل ، ال يطلق الدواب ، فإنه الطل ، ثم له

ثم يديب . وهذا أوىل وأسلم . وله أن يقترص عىل جواب أحد األقسام إذا علم يف رقعة أالر إن كان السؤال يف رقعة

ذلك . وله أن يفصل األقسام يف الواقع للسائل ، ثم يقول : " هذا إن كان االمر كذا ، أو والحال ما ذكر " ، ونحو أنه

وقال : هذا يعلم الناس الفدور بسبب إطالعهم عىل حكم ١بعضهم ، وابه ، ويذكر حكم كل قسم ، لكن هذا كرههج

األقسام وينفع . ما يرض من

السؤال ، ولو ترك الرتتيب مع التنبيه عىل الرابعة : إذا كان يف الرقعة مسائل ، فاألحسن ترتيب الدواب عىل ترتيب

قوله تعاىل : يكون من قبيلمتعلق الدواب فال بلس ، و

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فلما الذين اسودت وجوههم . . . اآليت� .

وتهذيبه فواسع . الخامسة : قال بعضهم : ليس من األدب كون السؤال بخط املفتي ، فلما بإمالئه

الرقعة تعرض له ، بل عىل ما يف يف السادسة : ليس له أن يكتب السؤال عىل ما علمه من صورة الواقعة إذا يكن

كذا فدوابه كذا . الرقعة ، فإن أراد الالفه ، قال : إن كان االمر

واستحبوا أن يزيد عىل ما يف الرقعة تعلق بها م� يحتاج إليه السائل ، الحديث :

هو الطهور ماؤه الحل ميتته .

وتفهيم جوابه ، فإن ثوابه جزيل . تفهم سؤالهالسابعة : إذا كان املستفتي بعيد الفهم ، فل�فق به ويصرب عىل

فإن السؤال يف آالرها ، وقد يتقيد الثامنة : ليتلمل الرقعة كلمة كلمة تلمال شافيا ، وليكن اعتناؤه بآالر الكالم أشد ،

الدميع به ويغفل عنه . قال بعض العل�ء :

وينبغي أن يكون توقفه يف املسللة السهلة كالصعبة ليعتاده .

Page 97: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۷

إن وجد لحنا أو الطل يحيل املعنى ، التاسعة : إذا وجد فيها كلمة مشتبهة سلل املستفتي عنها ونقطها وشكلها . وكذا

آالره الط عليه أو شغله ، ألنه ربا قصد املفتي بااليذاء ، فكتب يف البياض أصلحه . وإن رأ بياضا يف أثناء سطر أو

لبعض األعيان . فتواه ما يفسدها ، ك� نقل أن ذلك وقع بعد

ويباحثهم برفق وإنصاف ، وإن كانوا دونه العارشة : يستحب أن يقرأها عىل حارضيه ممن هو أهل لذلك ويستش�هم

ظهور ما قد يخفى عليه ، فإن لكل الاطر نصيبا من فيض هللا تعاىل ، إال أن يكون وتالمذته ، لالقتداء بالسلف ، ورجاء

السائل كت�نه ، أو يف إشاعته مفسدة .فيها ما يقبح إبداؤه ، أو يؤثر

جاف ، ويتوسط يف سطوره ب� توسعتها الحادية عرشة : ليكتب الدواب بخط واضح وسط ، ال دقيق الاف ، وال غليظ

ال تختلف أقالمه والطه ، الوفا من التزوير ولئال يشتبه الطه . وتضييقها . واستحب بعضهم أن

فيه أو إالالل ببعض املسؤول عنه ، نظره فيه وتلمله ، الوفا من االتالل وقع الثانية عرشة : إذا كتب الدواب أعاد

الدواب . ويختار أن يكون ذلك قبل كتابة اسمه والتم

اليرس من الرقعة ، وال يكتب فوق فالعادة قدكا وحديثا أن يكتب يف الناحية ٥الثالثة عرشة : إذا كان هو املبتدئ ،

البسملة أو نحوه بحال .

ويسمي هللا تعاىل ويحمده ، ويص عة عرشة : يستحب عند إرادة االفتاء أن يستعيذ بال من الشيطان الرجيم ،الراب

ويقول : رب ارشح يل صدري . . . اآلية [ كذا ، ظ : اآليات ] . عىل النبي وآله صىل هللا عليه وآله ، ويدعو

ما علمتنا ففهمناها سلي�ن . . . لعظيم ، سبحانك ال علم لنا إالوكان بعضهم يقول : " ال حول وال قوة إال بال الع ا

اآلية اللهم صل عىل محمد وآله ، وصحبه وسائر النبي�

من الخطل والحرمان ". والصالح� ، اللهم وفقني واهد� وسدد� واجمع يل ب� الصواب والثواب ، وأعذ�

" حسبنا هللا " أو " حسبي هللا " أو " ل " أو " هللا املوفق " أوالخامسة عرشة : أن يكتب يف أول فتواه : " الحمد

االبتداء بالتحميد ، للحديث . وينبغي أن يقوله بلسانه ويكتبه ، ثم الدواب وبال التوفيق " أو نحو ذلك . وأحسنه

يختمه بقوله :

الفال� " فينتسب إىل ما يعرف به من ن بن فالن" وهللا أعلم " أو " وبال التوفيق " ، ويكتب بعده : " قاله أو كتبه فال

قبيلة أو بلد أو صفة ، ونحوها .

من الحك ، بخالف كتب العلم السادسة عرشة : قال بعضهم : وينبغي أن يكتب املفتي باملداد دون الحرب ، الوفا

فاألوىل فيها الحرب ، ألنها تراد للبقاء والحرب أبقى .

جليا ، حتى كان بعضهم يكتب [ خترص جوابه غالبا ، ويكون بحيث يفهمه العامة فه�السابعة عرشة : ينبغي أن ي

ال ؟ : " ال " أو : " نعم " ونحوها . تحت أيدوز ] : " يدوز " ، و : " ال يدوز " وتحت أم

ه أو : الصالة عبد هللا ، صىل هللا عليه وآل الثامنة عرشة : قال بعضهم : إذا سئل عمن قال : أنا أصدق من محمد بن

فال يبادر بقوله : هذا حالل الدم أو عليه القتل ، بل يقول : إن ثبت ذا بإقراره لعب ، ونحوه� م� ينبغي إراقة دمه ،

Page 98: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۸

يسلل هذا القائل ، فإن قال : أردت بينة كان الحكم كذا . وإذا سئل عمن تكلم بشئ يحتمل الكفر وعدمه ، قال : أو

أو قلع عينا أو غ�ه� ، احتاط وذكر رشوط القصاص . وإن سئل عمن وإن سئل عمن قتلكذا ، فالدواب كذا وكذا .

ما يقتيض تعزيرا ذكر ما يعزر به ، فيقول : يرضب كذا وكذا ، وال يزاد عىل كذا . فعل

ع الرق والكفر وغ�ه� من موان إذا سئل عن م�اث ، فليست العادة أن يشرتط يف اإلرث عدم ٢التاسعة عرشة :

ما إذا أطلق االالوة واألالوات واألع�م وبنيهم ، فال بد أن يقول يف امل�اث ، بل املطلق محمول عىل ذلك ، بخالف

أبوين ، أو أب ، أو أم . الدواب : من

وسقط فالن . وإن كان يسقط بحال وإن كان يف املذكورين يف رقعة االستفتاء من ال يرث ، أفصح بسقوطه ، فيقول :

قال : وسقط فالن يف هذه الحالة . دون حال ،

وإذا سئل عن إالوة وأالوات وبن� وبنات ، فال ينبغي أن يقول : للذكر أو نحو ذلك ، لئال يتوهم أنه ال يرث بحال ،

كذا وكذا سه� ، لكل ذكر حظ األنثي� ، فإن ذلك قد يشكل عىل العامي ، بل يقول : " يقتسمون الرتكة عىل مثل

فال بلس أيضا لقلة الفاء معناه ، وإن كان األول أوضح . ى سهم " مثال . ولو أت بلفظ القرآن ،سه�ن ولكل أنث

دين إن كانا . . . إىل آالره . وينبغي أن يقول أوال : تقسم الرتكة بعد االراج ما يدب تقدكه من وصية أو

السائل شيئا يفسدها ، وإذا كان موضع يدالعرشون : ينبغي أن يلصق الدواب بآالر االستفتاء وال يدع فرجة ، لئال يز

الدواب ملصقا كتب عىل وضع االلصاق .

وإذا كتبه يف ظهرها كتبه يف أعالها ، وإذا ضاق موضع الدواب ، فال يكتبه يف ورقة أالر ، بل يف ظهرها أو حاشيتها ،

ليصل جوابه .فيضيق املوضع فيتمم يف أسفل ظهرها إال أن يبتدئ من أسفلها متصال باالستفتاء

ال يرىض بكتابته يف ورقته ، فليقترص عىل الحادية والعرشون : إذا ظهر للمفتي أن الدواب الالف غرض املستفتي ، وأنه

فتواه أن الصمه بحيل رشعية ، فإنه من أقبح العيوب وأشنع الخالل . ومن مشافهته بالدواب ، وليحذر أن كيل يف

هو له ويرتك ما هو عليه .امليل : أن يكتب يف جوابه ما وجوه

يعلم أحده� با يدفع به حدة صاحبه ، وليس له أن يبدأ يف مسائل الدعو والبينات بوجوه املخالص منها ، وال أن

كيال يتوصل بذلك إىل إبطال حق .

ال ينفق عىل يرشده إليه ، كمن حلف وينبغي للمفتي إذا رأ للسائل طريقا ينفعه ، وال يرض غ�ه رضرا بغ� حق ، أن

زوجته شهرا حيث ينعقد اليم� ، فيقول :

لبعض العل�ء : حلفت أن أطل امرأت يف أعطها من صداقها أو قرضا أو بيعا ، ثم أبرأها منه . وك� حك أن رجال قال

نهار رمضان ، وال أكفر وال أعيص . فقال :

سافر بها .

Page 99: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۹۹

وهو م� ال يعتقد ظاهره ، وله - فتي العامي با فيه تغليظ وتشديدالثانية والعرشون : إذا رأ املفتي املصلحة أن ي

الحاجة ، حيث ال يرتتب عليه مفسدة ، ك� روي عن ابن عباس ريض هللا فيه تلويل جاز ذلك ، زجرا وتهديدا يف مواضع

: سلله رجل عن توبة القاتل ، فقال : ال توبة له . وسلله آالر فقال : له توبة . ثم قال عنه أنه

فلم أقنطه . لكن يدب عليه التورية أما األول فرأيت يف عينه إرادة القتل فمنعته ، وأما الثا� ، فداء مسكينا قد قتل

إرصاره عىل الذنب ، أو وهو يريد القتل ونحو ذلك . يف ذلك ، فيقول : ال توبة له ، أي يف حالة

فاألسبق ، ك� يفعله القايض يف ته أن يقدم األسبقالثالثة والعرشون : يدب عىل املفتي عند اجت�ع رقاع بحرض

أو جهل السابق أقرع . قيل : وتقدم امرأة ومسافر شد رحلة ، الخصوم ، وهذا في� يدب فيه االفتاء ، فإن تساووا

أو بالسبق الرفقة ونحوه� ، إال إذا كثوا بحيث يترضر غ�هم ترضرا ظاهرا ، فيعود إىل التقديم ويترضر بتخلفه عن

القرعة ، ثم ال يقدم أحدا إال يف فتيا واحدة .

أهل للفتو وإن كان دونه ، ووافق ما الرابعة والعرشون : إذا رأ املفتي رقعة االستفتاء ، وفيها الط غ�ه ممن هو

هذا جواب صحيح ، أو جواب كذلك ، أو مثل هذا ، أو بهذا أقول ، عنده ، كتب تحت الطه : الدواب صحيح ، أو

يذكر الحكم بعبارة أالرص وأرشق . حو ذلك . وله أنون

تقريرا منه ملنكر ، بل له أن يرضب عليه ، وأما إذا رأ فيها الط من ليس أهال للفتو ، فال يفتي معه ، الن يف ذلك

وأنه ال يحبسها عنده إال بإذنه . وله نهي السائل وزجره وتعريفه فبح ما فعله وإن يلذن له صاحب الرقعة ، لكن

يدب عليه البحث عن أهل الفتو . كان

معه ، الوفا م� قلناه . واألوىل يف هذا وإن رأ فيها اسم من ال يعرفه سلل عنه ، فإن يعرفه فله االمتناع من الفتو

ذلك أجابه شفاها . املوضع أن يشار إىل صاحبها بإبدالها ، فإن أب

االمتناع من الفتيا معه . وأما إذا كانت لية ، و يكن الطل ، عدل إىلولو الاف فتنة من الرضب عىل فتيا عادم األه

االمتناع من االفتاء تاركا للتنبيه عىل الطئها ، بل يدب عليه الرضب عليها عند الطل ، وجب التنبيه عليه وحرم عليه

ب جوابه عند ذلك الخطل . كتب صوا تيرسه أو االبدال ويقطع الرقعة بإذن صاحبها . وإذا تعذر ذلك وما يقوم مقامه ،

صاحبها . ويحسن أن تعاد للمفتي املذكور بإذن

فليقترص عىل كتب جواب نفسه ، وأما إذا وجد فتيا األهل ، وهي عىل الالف ما يراه هو ، غ� أنه ال يقطع بخطئها ،

وال يتعرض لفتيا غ�ه بتخطئة وال اعرتاض .

قيل : يكتب : يزاد يف الرشح ل أصال ، و يحرض صاحب الواقعة ،الخامسة والعرشون : إذا يفهم املفتي السؤا

يكتب . فلتكن الكتابة يف محل ال يرض بحال الرقعة : لنديب عنه ، أو : أفهم ما فيها . وعىل تقدير أن

وإذا فهم من السؤال صورة ، وهو يحتمل غ�ها ، فلينص عليها يف أول جوابه .

يزيد : وإال فكذا وكذا . : فعل كذا ، وما أشبه ذلك ، فاالمر كذا وكذا ، أو فيقول : إن كان قال كذا ، أو

Page 100: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۰

من آية أو حديث ، ومنعه بعضهم ، السادسة : والعرشون : ليس بنكر أن يذكر املفتي يف فتواه حدة مخترصة ، قريبة

، وإن أفتى فقيها ذكرها . وهوبعضهم ، فقال : إن أفتى عاميا يذكر الحدة ليفرق ب� الفتيا والتصنيف ، وفصل

إج�ع املسلم� ، أو : ال أعلم يف هذا حسن . بل قد يحتاج املفتي يف بعض الوقائع إىل أن يشدد ويبالغ ، فيقول : هذا

الواجب وعدل عن الصواب ، أو االج�ع ، أو فقد أثم أو فسق ، أو : وعىل ويل الالفا ، أو : من الالف هذا فقد الالف

املصلحة ، وتوجبه الحال . ذ بهذا ، أو ال يهمل االمر ، وما أشبه هذه األلفاظ ، عىل حسب ما تقتضيهأن يلال األمر

Page 101: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۱

النوع الرابع

يف أحكام املستفتي وآدابه وصفته

وفيه مسائل :

مستفت ، يسلل عنه من االحكام األوىل : يف صفته : كل من يبلغ درجة املفتي الدامع للعلوم املتقدمة ، فهو في�

عرصه ، بل ربا كان أعلم من املفتي يف علوم أالر ال يتوقف عليها االفتاء ويعرب عنه بالعامي أيضا وإن كان من أفاضل

املدتهدون ، وبالعام من دونهم . العامية االصطالحية تقابل الخاصية بلي معنى اعتربت ، فهاهنا يراد بالخاص ، فإن

حدة عىل ع� ما قبل قوله فيه ، تفعيل التقليد قبول قول من يدوز عليه الخطل ، بغ�ويقال له أيضا : مقلد ، واملراد ب

االحكام قالدة يف عنق من قلده . من القالدة ، كلنه يدعل ما يعتقده من

فإن يدد ببلده من يستفتيه وجب ويدب عىل من ذكر ، االستفتاء إذا نزلت به حادثة يدب عليه علم حكمها ،

إىل من يفتيه ، وإن بعدت داره . عليه الرحيل

العراق إىل الحداز ، وقد تقدم رحلة وقد رحل الالئق من السلف يف املسللة الواحدة الليايل واأليام ، ويف بعضها من

الدرداء . رجل من الحداز إىل الشام يف حديث أب

يص� به أهال لالفتاء وعدالته فإن جهل الثانية : يلزم املقلد أن ال يستفتي إال من عرف ، أو غلب عىل ظنه علمه با

االمرين . إما بامل�رسة املطلعة له عىل حاله ، أو بشهادة عدل� به ، أو بشياع علمه لزمه البحث ع� يحصل به أحد

عدوال ، بحيث يثمر قولهم بكونه متصفا بذلك ، أو بإذعان ج�عة من العل�ء العامل� بالطريق وإن يكونوا حاله

لها أو الشياع أو شهادة عدل� . ، وإن جهلت عدالته ، رجع فيها إىل العرشة املفيدة الظن

أالذ بها ، وإن االتلفوا وجب عليه الثالثة : إذا اجتمع اثنان فلكث ممن يدوز استفتاؤهم ، فإن اتفقوا يف الفتو

وأورع العامل� ، فإن تعارض األعلم واألورع ،الوصف� رجع إىل أعلم الورع� الرجوع إىل األعلم األتقى ، فإن االتلفوا يف

قلد األعلم ، فإن جهل الحال أو تساووا يف الوصف تخ� ، وإن بعد الفرض .

العامة ، وال نعلم به قائال منا ، بل املنصوص وربا قيل بالتخي� مطلقا ، الشرتاك الدميع يف األهلية ، وهو قول أكث

عندنا هو األول .

جواز تقليد املدتهد امليت مع وجود الحي أو ال معه ، للدمهور أقوال : أصحها عندهم جوازه مطلقا ، الن الرابعة : يف

بعدهم يف االج�ع والخالف ، والن موت الشاهد قبل الحكم ال كنع املذاهب ال توت بوت أصحابها ، ولهذا يعتد بها

بشهادته بخالف فسقه . الحكم

عىل الالفه . وهذا -وال ينعقد يف حياته لفوات أهليته باملوت ، ولهذا ينعقد االج�ع بعدهوالثا� : ال يدوز مطلقا ،

منهم ، بل ال نعلم قائال بخالفه رصيحا ممن يعتد بقوله . لكن هذا هو املشهور ب� أصحابنا ، الصوصا املتلالرين

عصوم ، ك� ال يخفى .أصولنا ، من أن العربة يف االج�ع إ�ا هو بدالول امل الدليل ال يتم عىل

الرسالة . والثالث : املنع منه مع وجود الحي ال مع عدمه ، وتحقيق املقام يف غ� هذه

Page 102: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۲

من شاء في� نزل به ، ثم إذا حرضت الخامسة : لو تعدد املفتي وتساووا يف العلم والدين ، أو قلنا بتخي�ه مطلقا ، قلد

األول ؟ وجهان ، وعدمه أوجه ، وكذا القول يف تلك الواقعة يف وقت واقعة أالر ، فهل يدب عليه الرجوع فيها إىل

آالر .

تدديد السؤال ؟ فيه وجهان : أحده� السادسة : إذا استفتى فلجيب ، ثم حدثت تلك الواقعة مرة أالر ، فهل يلزمه

استمرار املفتي عليه وهذا يلت يف وهو األقو ، لثبوت الحكم ، واألصل : نعم ، الحت�ل تغ� رأي املفتي ، والثا� : ال ،

الحي ، أما امليت فال . تقليد

االعت�د عىل الط املفتي إذا أالربه عدل السابعة : له أن يستفتي بنفسه ، وأن يبعث ثقة يعتمد الربه أو رقعة ، وله

كون ذلك الدواب بخطه . أنه الطه ، أو كان يعرف الطه و يشك يف

عدالن ؟ وجهان : أجوده� الثا� . إىل املرتجم العدل ، وهل يكفي الواحد أم يشرتطولو يعرف لغة املفتي افتقر

ذلك ، وال يومئ بيده إىل وجهه . وال الثامنة : ينبغي للمستفتي أن يتلدب مع املفتي ويبدله يف الطابه وجوابه ونحو

يقل له : ما تحفظه يف كذا ، وال إذا أجابه :

بخالفه ، وال : إن كان جوابك موافقا نحو ذلك ، وال : أفتا� فالن ، أو : غ�ك بهذا ، أو : هكذا فهمت ، أو : وقع يل ، أو

وال مشغول با كنعه من تام الفكر . وال يطالبه بدليل ، ١وال مستوفز ، ملا كتب فاكتب وإال فال . وال يسلله وهو قائم

يف ذلك املدلس بعد قبول ة ، طلبها يف مدلس آالر ، أو قلت كذا ؟ فإن أحب أن تسكن نفسه بس�ع الحد وال يقل :

الفتو مدردة .

فاألعلم ، ثم باألورع ثم باألعدل ثم باألسن التاسعة : إذا أراد جمع الط مفتي� يف ورقة واحدة ، فاألوىل البدأة باألعلم

بن شاء .ولو أراد إفراد األجوبة يف رقاع بدأ ٢اإلمامة . ، وهكذا عىل ترتيب املرجحات يف

ال مخترصا مرضا باملستفتي . ولتكن رقعة االستفتاء واسعة ، ليتمكن املفتي من استيفاء الدواب واضحا

الغرض مع إبانة الخط واللفظ ، ينبغي أن يكون كاتب الرقعة ممن يحسن السؤال ، ويضعه عىل ٣العارشة :

مواضع االشتباه ويضبطها ، وإن كان من أهل العلم السؤال وينقط وصيانته� ع� يتعرض للتصحيف ، ويب� مواضع

وكان بعض العل�ء ال يكتب فتواه إال يف رقعة كتبها رجل من أهل العلم . فهو أجود ،

قال : " ما تقول رحمك هللا ، أو ريض الحادية عرشة : ال يدع الدعاء يف الرقعة للمفتي ، فإن اقترص عىل فتو واحد ،

سددك وريض هللا عن والديك ؟ " ونحو ذلك ، وال يحسن أن يدالل نفسه يف ، أو أيدك ، أوهللا عنك ، أو وفقك هللا

الدعاء .

ما قول الفقهاء ، سددهم هللا ، أو أيدهم ؟ وإن أراد جواب ج�عة قال : " ما تقولون ريض هللا عنكم ؟ أو ما قولكم أو

ىل .الواحد ، فهو أو ونحو ، وإن أت بعبارة الدمع لتعظيم ٢"

طيها . ويدفع الرقعة إىل املفتي منشورة ويلالذها منشورة ، وال يحوجه إىل نرشها وال إىل

Page 103: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۳

مع وجوب الحكم عليه ك� تقدم الثانية عرشة : إذا يدد صاحب الواقعة مفتيا يف البلد ، وجب عليه الرحلة إليه

وأن الزمان يدوز اللوه من املدتهد ، نعوذ بال تعاىل امليت ال قول له ، فإن يدده يف بلده وال يف غ�ها بناء عىل أن

مكلفا بشئ يصنعه يف وجب عليه االالذ باالحتياط يف أمره ما أمكن ، فإن يتفق االحتياط ، فهل يكون من ذلك

واقعته ؟ فيه نظر .

Page 104: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰٤

الباب الثالث

يف املناظرة ورشوطها وآدابها وآفاتها

وفيه فصالن :

رشوطها وآدابها ][ الفصل امول يف

[ الفصل الثا� يف آفاتها وما يتولد منها من مهلكات امخالق ]

Page 105: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰٥

[ الفصل ] امول

يف رشوطها وآدابها

فمن اشتغل بها عىل وجهها وقام اعلم أن املناظرة يف أحكام الدين من الدين ، ولكن لها رشوط ومحل ووقت ،

فإنهم تناظروا يف مسائل ، وما تناظروا إال هللا ، ولطلب ما هو ، برشوطها ، فقد قام بحدودها واقتد بالسلف فيها

حق عند هللا تعاىل .

وملن يناظر هللا ويف هللا عالمات ، بها تتب� الرشوط واآلداب :

وغزارة علمه وصحة نظره ، فإن ذلك األوىل : أن يقصد بها إصابة الحق وطلب ظهوره كيف اتفق ، ال ظهور صوابه

األكيد . رفت ما فيه من القبائح والنهيمراء ، قد ع

قبول املناظر للحق ، وأنه ال يرجع عن رأيه ومن آيات هذا القصد أن ال يوقعها إال مع رجاء التلث� ، فلما إذا علم عدم

لرتتب اآلفات اآلتية وعدم حصول الغاية املطلوبة منها . وإن تب� له الطاؤه ، فمناظرته غ� جائزة ،

وجهها الرشعي وكانت يف واجب ، فهي ن ال يكون ثم ما هو أهم من املناظرة ، فإن املناظرة إذا وقعت عىلالثانية : أ

واجب عيني أو كفائ هو أهم منها ، يكن االشتغال بها سائغا . من فروض الكفايات ، فإذا كان ثم

املنكر ، وقد يكون املناظر يف مدلس لنهي عناألمر باملعروف وا -يف هذا الزمان -ومن جملة الفروض التي ال قائم بها

عىل من سرب األحوال املفروضة واملحرمة . مناظرته مصاحبا لعدة مناك� ، ك� ال يخفى

بل يدري منه ومن غ�ه يف مدلس ثم هو يناظر في� ال يتفق أو يتفق نادرا من الدقائق العلمية والفروع الرشعية ،

والتقص� في� يدب رعايته من النصيحة للمسلم� واملحبة واملوادة ، ما يعيص وااليذاءاملناظرة من االيحاش واالفحاش

القائل واملستمع ، وال يلتفت قلبه إىل شئ من ذلك ، ثم يزعم أنه يناظر ل تعاىل . به

سان الصمه انتقل بان له الحق عىل ل الثالثة : أن يكون املناظر يف الدين مدتهدا يفتي برأيه ال بذهب أحد ، حتى إذا

مذهب من يقلده فلي فائدة له يف املناظرة ، وهو ال يقدر عىل تركه إن إليه ، فلما من ال يدتهد ، فليس له مخالفة

فإن فرضه االالذ با برتجح ضعفه ؟ ثم عىل تقدير أن يباحث مدتهدا ويظهر له ضعف دليله ماذا يرض املدتهد ؟ ظهر

املدتهدين ، فإنهم يتمسكون بلدلة ثم يظهر لهم أو لغ�هم � اتفق ذلك لسائرعنده ، وإن كان يف نفسه ضعيفا ، ك

أنها يف غاية الضعف .

فتتغ� فتواهم لذلك حتى يف املصنف الواحد ، بل يف الورقة الواحدة .

الحق ، وال ذلك . واملهم أن يب� الرابعة : أن يناظر يف واقعة مهمة أو يف مسللة قريبة من الوقوع ، وأن يهتم بثل

الحق . يطول الكالم زيادة عىل ما يحتاج إليه يف تحقيق

Page 106: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰٦

االستدالل والتحقيق ، ك� يتفق ذلك كث�ا وال يغرت بلن املناظرة يف تلك املسائل النادرة توجب رياضة الفكر وملكة

ض والتزييفات ، ويفاملعرفة ، فيتناظرون يف التعريفات ، وما تشتمل عليه من النقو لقاصدي حظ النفوس من إظهار

االعتبار . املغالطات ونحو ، ولو االترب حالهم حق االالتبار لوجد مقصدهم عىل غ� ذلك

فإن الخلوة أجمع للهم وأحر لصفاء الخامسة : أن تكون املناظرة يف الخلوة أحب إليه منها يف املحفل والصدور ،

والحرص عىل االفحام ولو بالباطل . وقد يتفق ألصحاب ما يحرك دواعي الرئاء الفكر ودرك الحق ، ويف حضور الخلق

املحافل ، واحتيالهم عىل االستيثار املقاصد الفاسدة الكسل عن الدواب عن املسللة يف الخلوة ، وتنافسهم يف املسللة يف

بها يف املدامع .

أن يظهر عىل يده ، أو يد وال يفرق ب� السادسة : أن يكون يف طلب الحق كمنشد ضالة ، يكون شاكرا متى وجدها ،

عرفه الخطل وأظهر له الحق ، ك� أو أالذ طريقا يف طلب ضالة ، فنبهه غ�ه ، ف� رفيقه معينا ال الص� ، ويشكره إذا

لسان الصمه أن يفرح به ضالته يف طريق آالر ، والحق ضالة املؤمن يطلبه كذلك ، فحقه إذا ظهر الحق عىل غيه عىل

يف مداهدته ومدافعته جهده . ل ويسود وجهه ويربد لونه ، ويدتهدويشكره ، ال أنه يخد

سؤال ، بل ككنه من إيراد ما يحرضه ، السابعة : أن ال كنع معينه من االنتقال من دليل إىل دليل ومن سؤال إىل

اللزوم فليقبله ، الحق ، فإن وجده يف جملته أو استلزمه وإن كان غافال عن ويخرج من كالمه ما يحتاج إليه يف إصابة

املطلوب . هللا تعاىل ، فإن الغرض إصابة الحق ، وإن كان يف كالم متهافت إذا حصل منه ويحمد

ذلك من أراجيف املناظرين ، فهو محض فلما قوله : " هذا ال يلزمني ، فقد تركت كالمك األول وليس لك ذلك " ونحو

العناد والخروج عن نهج السداد .

املعرتض الدليل عليه ، وكنع املدعى وهو عا ناظرات يف املحافل تنقيض بحض املدادالت حتى يطلبوكث�ا ما تر امل

يف االنكار واالرصار عىل العناد ، وذلك ع� الفساد والخيانة للرشع املطهر ، والدالول به ، وينقيض املدلس عىل ذلك

ذم من كتم علمه .

الحق ، والغالب أنهم يحرتزون من مناظرة بالعلم ، ليستفيد منه إن كان يطلبالثامنة : أن يناظر مع من هو مستقل

عىل لسانهم ، ويرغبون فيمن دونهم طمعا يف ترويج الباطل عليهم . الفحول واألكابر ، الوفا من ظهور الحق

ل ، ومن يناظر ل ما يديك إىل معرفة املناظرة ووراء هذه الرشوط واآلداب رشوط أالر وآداب دقيقة ، لكن في� ذكر

أو لعلة .

Page 107: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۷

الفصل الثا�

يف آفات املناظرة وما يتولد منها من مهلكات امخالق

الفضل ، هي منبع جميع األالالق اعلم أن املناظرة املوضوعة لقصد الغلبة واالفحام واملباهاة والتشوق ، الظهار

ها إىل الفواحش الباطنة من الكرب والعدب والرئاء إبليس ، ونسبت املذمومة عند هللا تعاىل ، املحمودة عند عدوه

والقتل والقذف . وتزكية النفس وحب الداه وغ�ه ، نسبة الخمر إىل الفواحش الظاهرة من الزنا والحسد واملنافسة

الرشب استصغارا له ، فدعاه ذلك إىل ارتكاب سائر وك� أن من ال� ب� الرشب ، وب� سائر الفواحش ، فاالتار

عليه حب االفحام والغلبة يف املناظرة وطلب الداه واملباهاة ، دعاه ذلك إىل إظهار حش ، فكذلك من غلبالفوا

الخبائث كلها .

حتى أن أبغض األشياء إىل املناظر أن يظهر فلولها : االستكبار عن الحق وكراهته ، والحرص عىل مدافعته بامل�راة فيه ،

شمر لدحده با قدر عليه من التلبيس واملخادعة واملكر والحيلة ، ثم تص� ي الحق عىل لسان الصمه ، ومه� ظهر

للفضل واستنقاصا بالخصم له عادة وطبيعة ، حتى ال يسمع كالما إال وتنبعث داعيته لالعرتاض عليه ، إظهارا امل�راة

وإن كان محقا ، قاصدا إظهار نفسه ال إظهار الحق .

سو هللا تعاىل ب� من افرت عىل هللا من الذم ، وما يرتتب عليه من املفاسد ، وقد وقد تلونا عليك بعض ما يف املراء

كذبا ، وب� من كذب بالحق ، فقال تعاىل :

ومن أظلم ممن افرت عىل هللا كذبا أو كذب بالحق ملا جاءه .

وروي عن أب الدرداء وأب ذلك ، من أنه عبارة عن رد الحق عىل قائله ، واملراء يستلزم ٣وهو كرب أيضا ، ملا تقدم

أمامة وواثلة وأنس قالوا :

الدين ، فغضب غضبا شديدا يغضب الرج علينا رسول هللا صىل هللا عليه وآله يوما ، ونحن نت�ر يف شئ من أمر

امل�ري قد تت بهذا ، ذروا املراء ، فإن املؤمن ال كاري ، ذروا املراء فإن مثله ، ثم قال : إ�ا هلك من كان قبلكم

بثالثة أبيات يف الدنة : يف رباضها [ ظ السارته ، ذروا املراء فإن امل�ري ال أشفع له يوم القيامة ، ذروا املراء ، فلنا زعيم

املراء املراء وهو صادق ، ذروا املراء فإن أول ما نها� عنه رب بعد عبادة األوثان : ربضها ] وأوسطها وأعالها ، ملن ترك

.

عنه صىل هللا عليه وآله :و

ثالث من لقي هللا عز وجل بهن دالل الدنة من أي باب شاء : من حسن اللقه .

واليش هللا يف املغيب واملحرض ، وترك املراء وإن كان محقا .

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

عىل االالوان ، وينبت عليه� النفاق . القلوب قال أم� املؤمن� عليه السالم : إياكم واملراء والخصومة ، فإنه� كرضان

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

Page 108: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۸

قال جربئيل للنبي صىل هللا عليه وآله : إياك ومالحاة الرجال .

نحو ليصوبوا نظره ، وينرصوه عىل الرئاء ، ومالحظة الخلق والدهد يف است�لة قلوبهم ، ورصف وجوههم ٤وثانيها :

والرئاء هو الداء العضال واملرض املخوف والعلة املهلكة ، قال هللا تعاىل : ا هو ع� الرئاء بل بعضه ،الصمه . وهذ

والذين ككرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور

قيل : هم أهل الرئاء . وقال تعاىل :

فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صالحا وال يرشك بعبادة ربه أحدا .

والرئاء هو الرشك الخفي ، وقال صىل هللا عليه وآله :

إن أالوف ما أالاف عليكم الرشك األصغر . قالوا : وما الرشك األصغر يا رسول هللا ؟

الذين كنتم تراؤون يف الدنيا ، قال : هو الرئاء يقول هللا تعاىل يوم القيامة إذا جاز العباد بلع�لهم : اذهبوا إىل

ن عندهم الدزاء ؟ فانظروا هل تددو

وقال صىل هللا عليه وآله :

للمرائ� . استعيذوا بال من جب الخزي ، قيل : وما هو يا رسول هللا ؟ قال : واد يف جهنم أعد

وقال صىل هللا عليه وآله :

اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل إن املرائ يناد يوم القيامة : يا فاجر يا غادر يا مرائ ! ضل عملك وبطل أجرك ،

له .

فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمال عن أب عبد هللا عليه السالم يف قول هللا عز وجل : ٤ورو جراح املدائني

صالحا وال يرشك بعبادة ربه أحدا

قال :

يسمع به الناس ، فهذا الذي يشتهي أن الرجل يعمل شيئا من الثواب ، ال يطلب به وجه هللا إ�ا يطلب تزكية الناس ،

أشرتك بعبادة ربه .

وعنه عليه السالم قال :

صعد بحسناته يقول هللا عز وجل : قال النبي صىل هللا عليه وآله : إن امللك ليصعد بعمل العبد مبتهدا به ، فإذا

اجعلوها يف سد� إنه ليس إياي أراد به .

وعن أم� املؤمن� عليه السالم :

أن يحمد يف جميع أموره . عالمات للمرائ : ينشط إذا رأ الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحبثالث

Page 109: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۰۹

اعرتض عىل قوله وزيف دليله بشهد من وثالثها : الغضب ، واملناظر ال ينفك منه غالبا ، سي� إذا رد عليه كالمه ، أو

يكون بغ� حق ، وقد ذم هللا تعاىل ورسوله الغضب وغضبه قد يكون بحق ، وقد الناس ، فإنه يغضب لذلك ال محالة ،

كيف كان ، وأكثا من التوعد عليه : قال هللا تعاىل :

فذم الكفار با عىل رسوله . . . اآلية ، إذ جعل الذين كفروا يف قلوبهم الحمية حمية الداهلية فلنزل هللا سكينته

أنعم عليهم من السكينة . � باتظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب ، ومدح املؤمن

الغضب . وعن عكرمة يف قوله تعاىل : سيدا وحصورا قال : السيد : الذي ال يغلبه

وروي :

أن رجال قال : يا رسول هللا مر� بعمل وأقل . قال : ال تغضب ، ثم أعاد عليه فقال :

ال تغضب .

ال تغضب . وسئل عليه السالم : ما يبعد من غضب هللا تعاىل ؟ قال :

وعنه صىل هللا عليه وآله :

من كف غضبه سرت هللا عورته .

وقال أبو الدرداء .

قلت : يا رسول هللا ! دلني عىل عمل يداللني الدنة ، قال : ال تغضب .

وقال صىل هللا عليه وآله :

الغضب يفسد االكان ، ك� يفسد الصرب العسل .

وقال صىل هللا عليه وآله :

أحد إال أشفى عىل جهنم . ما غضب

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

أسكن البادية ، فعلمني جوامع الكالم . سمعت أب يقول : أت رسول هللا صىل هللا عليه وآله رجل بدوي ، فقال : إ�

فقال : ال أسلل عناالعراب املسللة ثالث مرات حتى رجع الرجل إىل نفسه ، فقال : آمرك أن ال تغضب ، فلعاد عليه

شئ بعد هذا ، ما أمر� رسول هللا صىل هللا عليه وآله إال بالخ� .

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

العسل . قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : الغضب يفسد االكان ك� يفسد الخل

وذكر الغضب عند أب جعفر الباقر عليه السالم فقال :

Page 110: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۰

غضب ف� يرىض أبدا حتى يدالل النار . إن الرجل لي

وعنه عليه السالم قال :

مكتوب يف التوراة في� ناجى هللا عز وجل به موىس عليه السالم : يا موىس !

أمسك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي .

وعن أب حمزة الث�يل قال : أبو جعفر عليه السالم :

احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ، يف قلب ابن آدم ، وإن أحدكم إذا غضبإن هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد

ودالل الشيطان فيه .

واالالبار يف ذلك كث�ة ، ويف االالبار القدكة :

ويكون بعدي الليفتي . فقال شاب قال نبي من األنبياء ملن معه : من يكفل يل أن ال يغضب يكون معي يف درجتي ،

عليه . فقال الشاب : أنا .من القوم : أنا . ثم أعاد

بالغضب ، ووىف به . ووىف به ، فل� مات كان يف منزلته بعده ، وهو ذو الكفل ألنه كفل له

التشفي يف الحال رجع إىل الباطن ورابعها : الحقد ، وهو نتيدة الغضب ، فإن الغضب إذا لزم كظمه ، لعدزه عن

قلبه استثقاله والبغض له والنفار منه ، وقد قال صىل هللا عليه وآله : واحتقن فيه فصار حقدا . ومعنى الحقد أن يلزم

املؤمن ليس بحقود .

من البالء ، والهدر والقطيعة والكالم فالحقد ثرة الغضب ، والحقد يثمر أمورا فاحشة : كالحسد والش�تة با يصيبه

كاية ملا يقع منه املؤدي إىل االستهزاء والسخرية وهتك سرت وغ�ه ، والح فيه با ال يحل من كذب وغيبة وإفشاء ا ،

وااليذاء بالقول والفعل حيث ككن ، وكل هذه األمور بعض نتائج الحقد . منه ،

الباطن ، وال تنهى قلبك عن بغضه حتى تتنع وأقل درجات الحقد مع االحرتاز عن هذه اآلفات املحرمة أن تستثقله يف

لرفق والعناية ، والقيام عىل بره ومواساته ، وهذا كله ينقص درجتك يف الدين ،وا ع� كنت تتطوع به من البشاشة

ويحول بينك وب� فضل عظيم وثواب جزيل ، وإن كان ال يعرضك لعقاب .

حقه الذي يستحقه من غ� زيادة وال نقصان واعلم أن للحقود عند القدرة عىل الدزاء ثالثة أحوال : أحدها أن يستويف

بالعفو ، وذلك هو الفضل ، والثالث أن يظلمه با ال يستحقه ، وذلك هو الدور ، ، والثا� أن يحسن إليه، وهو العدل

االتيار األرذال ، والثا� هو االتيار الصديق� ، واألول هو منتهى درجة الصالح� . وهو

بها ، وحض عليها رسوله واألئة فليتسم املؤمن بهذه الخصلة إن ككنه تحصيل فضيلة العفو التي قد أمر هللا تعاىل

عليهم السالم : قال هللا تعاىل : الذ العفو . . . اآلية .

وقال تعاىل : وأن تعفوا أقرب للتقو . وقال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

Page 111: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۱

مة فتصدقوا ، وال عفا رجل عن مظل إن كنت لحالفا عليهن : ما نقصت صدقة من مال -والذي نف بيده -ثالث

يوم القيامة ، وال فتح رجل باب مسللة إال فتح هللا عليه باب فقر . يبتغي بها وجه هللا تعاىل إال زاده هللا تعاىل بها عزا

وقال صىل هللا عليه وآله :

صدقة ال عزا ، فاعفوا يعزكم هللا ، وال التواضع ال يزيد العبد إال رفعة ، فتواضعوا يرفعكم هللا ، والعفو ال يزيد العبد إال

تزيد املال إال كثة ، فتصدقا يرحمكم هللا .

وقال صىل هللا عليه وآله :

عفا . قال موىس عليه السالم : يا رب ! أي عبادك أعز عليك ؟ قال : الذي إذا قدر

الطبته : رسول هللا صىل هللا عليه وآله يف ورو ابن أب عم� عن عبد هللا بن سنان عن الصادق عليه السالم قال : قال

واالحسان إىل من أساء إليك وإعطاء أال أالربكم بخ� الالئق الدنيا واآلالرة ؟ : العفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك

من حرمك .

واالالبار يف هذا الباب كث�ة ، ال تقتيض الرسالة ذكرها .

والامسها : الحسد ، وهو نتيدة الحقد ، والحقد نتيدة الغضب ك� مر .

كالمه ، وتارة يحمد كالم غ�ه ، ومتى ينفك منه غالبا ، فإنه تارة يغلب ، وتارة يغلب ، وتارة يحمد يفواملناظر ال

صاحبه ، وهو ع� الحسد ، فإن العلم من أكرب النعم ، فإذا تنى أحد كون يكن الغلب والحمد له تناه لنفسه دون

الغلب ولوازمه له فقد حسد صاحبه . ذلك

ريض هللا عنه : الذوا العلم حيث وجدتوه املتناظرين إال من عصمه هللا تعاىل ، ولذلك قال ابن عباسوهذا أمر واقع ب

بعض ، فإنهم يتغايرون ك� تتغاير التيوس يف الزريبة . ، وال تقبلوا أقوال الفقهاء بعضهم يف

ن جميع ما وقع من الذنوب ذمه أ وأما ما جاء يف ذم الحسد والوعيد عليه فهو الارج عن حد الحرص ، وكفاك يف

من الحسد ملا حسد إبليس آدم ، فصار أمره إىل أن طرده هللا ولعنه ، والفساد يف األرض من أول الدهر إىل آالره ، كان

والروح يف أبدانهم ، وصار عذاب جهنم الالدا فيها ، وتسلط بعد ذلك عىل بني آدم ، وجر فيهم مدر الدم وأعدله

اللق آدم ، وهو الذي أوجب قتل ابن آدم أالاه ، ك� حكاه هللا ء ، وهو أول الطيئة وقعت بعدسبب الفساد عىل اآلبا

كتابه الكريم . تعاىل عنه� يف

وقد قرن هللا تعاىل الحاسد بالشيطان والساحر ، فقال :

حسد . ومن رش غاسق إذا وقت * ومن رش النفاثات يف العقد * ومن رش حاسد إذا

ه وآله :وقال صىل هللا علي

الحسد يلكل الحسنات ك� تلكل النار الحطب .

وقال صىل هللا عليه وآله :

Page 112: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۲

الشعر ، ولكن حالقة الدين ، والذي دب إليكم داء األمم قبلكم : الحسد والبغضاء ، وهي الحالقة ، ال أقول حالقة

ولن تؤمنوا حتى تحابوا . نفس محمد بيده ال تداللون الدنة حتى تؤمنوا ،

صىل هللا عليه وآله :وقال

بالدور ، والعرب بالعصبية ، ستة يداللون النار قبل الحساب بستة . قيل : يا رسول هللا ! من هم ؟ قال : األمراء

بالدهالة ، والعل�ء بالحسد . والدهاق� بالكرب ، والتدار بالخيانة ، وأهل الرستاق

ورو محمد بن مسلم عن الباقر عليه السالم أنه قال :

الحطب . إن الرجل ليلت [ بلي ] بادرة فيكفر ، وإن الحسد ليلكل االكان ، ك� تلكل النار

وعن أب عبد هللا عليه السالم :

آفة الدين : الحسد ، والعدب ، والفخر .

وعنه عليه السالم قال :

آتيتهم من فض ، وال تدن عينيك إىل ما قال هللا عز وجل ملوىس عليه السالم : يا ابن عمران ! ال تحسدن الناس عىل

ساالط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت ب� عبادي ، ومن يك كذلك فلست ذلك ، وال تتبعه نفسك ، فإن الحاسد

منه وليس مني .

وعنه عليه السالم قال :

إن املؤمن يغبط وال يحسد ، واملنافق يحسد وال يغبط .

ثارت بينه� املنافرة وظهر منه� الغضب من لوازم الحقد ، فإن املتناظرين إذا وسادسها : الهدر والقطيعة ، وهو أيضا

املخطئ واعتقد وأظهر أنه مرص عىل باطله مزمع عىل الالفه ، لزم من وادعى كل منه� أنه املصيب ، وأن صاحبه

كث� قال : سمعت أبا رو داود بن وغضبه هدره وقطيعته ، وذلك من عظائم الذنوب وكبائر املعايص ، حقده عليه

عبد هللا عليه السالم يقول :

ال يصطلحان ، إال كانا الارج� من االسالم قال أب : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : أكا مسلم� تهاجرا فمكثا ثالثا ،

.) ١كالم أاليه كان السابق إىل الدنة يوم الحساب ( و يكن بينه� والية ، وأيه� سبق إىل ٦،

وعن أب عبد هللا عليه السالم أنه قال :

) ٢كاله� . فقال له معتب : ( ال يفرتق رجالن عىل الهدران إال استوجب أحده� الرباءة واللعنة ، وربا استحق

ال يدعو أالاه إىل صلته ، وال يتغامس له عن كالمه ، سمعت جعلني هللا فداك هذا الظا ، ف� بال املظلوم ؟ قال ألنه

أالي أنا الظا ، اثنان فنازع أحده� اآلالر ، فل�جع املظلوم إىل صاحبه حتى يقول لصاحبه : أي أب يقول : إذا تنازع

) ٣حكم عدل يلالذ للمظلوم من الظا . ( حتى يقطع الهدران بينه وب� صاحبه ، فإن هللا تبارك وتعاىل

ورو زرارة عن أب جعفر عليه السالم قال :

Page 113: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۳

عىل قفاه وتدد ثم قال : فزت . الشيطان يغري ب� املؤمن� ما يرجع أحدهم عن دينه ، فإذا فعلوا ذلك استلقىإن

) ٤تللفوا وتعاطفوا . ( فرحم هللا امرء ألف ب� ولي� لنا ، يا معرش املؤمن�

وعن أب بص� عن أب عبد هللا عليه السالم قال :

أوصاله ، وناد يا ويله ما لقي من املسل�ن ، فإذا التقيا اصطكت ركبتاه ، وتخلعتال يزال إبليس فرحا ما اهتدر

لثبور .

بل من نتيدة املناظرة ، فإن املناظر وسابعها : الكالم فيه با ال يحل من كذب وغيبة وغ�ه� ، وهو من لوازم الحقد ،

ه� فيكون مغتابا ، وربا يحرف كالمه ، فيكون كاذباالتهد� ، والذم والتو ال يخلو عن حكاية كالم صاحبه يف معرض

مباهتا ملبسا ، وقد يرصح باستدهاله واستح�قه ، فيكون متنقصا مسببا .

يخرج عن أحد الحرص . وكفاك يف ذم وكل واحد من هذه األمور ذنب كب� ، والوعيد عليه يف الكتاب والسنة كث� ،

فقال تعاىل : يتة ،الغيبة أن هللا تعاىل شبهها بلكل امل

ال يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يلكل لحم أاليه ميتا فكرهتموه .

وقال النبي صىل هللا عليه وآله :

كل املسلم عىل املسلم حرام ، دمه وماله وعرضه .

والغيبة تتناول العرض .

وقال صىل هللا عليه وآله :

عىل ، وإن صاحب الغيبة ال يغفر له الرجل قد يز� فيتوب ، فيتوب هللاإياكم والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزنا ، إن

حتى يغفر له صاحبه .

بيوتها ، فقال : وقال الرباء : الطبنا رسول هللا صىل هللا عليه وآله أسمع العواتق يف

ن تتبع عورة أاليه تتبع هللا م يا معرش من آمن بلسانه و يؤمن بقلبه ! ال تغتابوا املسلم� ، وال تتبعوا عوراتهم ، فإنه

عورته ، ومن تتبع هللا عورته يفضحه يف جوف بيته .

وعن أب عبد هللا عليه السالم :

عز وجل : إن الذين يحبون أن تشيع ما من مؤمن قال يف مؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهو من الذين قال هللا

الفاحشة يف الذين آمنوا لهم عذاب أليم

النبي صىل هللا عليه وآله :وعن

إن الغيبة أشد من ثالث� زنية ،

ويف حديث آالر :

Page 114: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱٤

من ستة وثالث� زنية .

املفضل بن عمر عن أب عبد هللا عليه والكالم يف الغيبة يطول ، والغرض هنا اإلشارة إىل أصول هذه الرذائل . ورو

السالم أنه قال :

أالرجه هللا من واليته إىل والية ، وهدم مروءته ليسقط من أع� الناسمن رو عىل مؤمن رواية يريد بها شينه

الشيطان ، فال يقبله الشيطان .

وعنه عليه السالم يف حديث :

تروي عنه أو تعيبه . عورة املؤمن عىل املؤمن حرام ، قال : ما هو أن ينكشف فرت منه شيئا ، إ�ا هو أن

عليه� السالم قال [ ظ : قاال ] :ورو زرارة عن أب جعفر وأب عبد هللا

وزالته . أقرب ما يكون العبد إىل الكفر أن يؤاالي الرجل عىل الدين ، فيحيص عليه عثاته

ورو أبو بص� عن أب جعفر عليه السالم قال :

ماله كحرمة دمهمعصية ، وحرمة قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : سباب املؤمن فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه

عن أب حمزة قال : سمعت أبا عبد هللا عليه السالم يقول :

وال يقبل هللا تعاىل من مؤمن إذا قال املؤمن ألاليه : أف ، الرج من واليته ، وإذا قال : أنت عدوي ، كفرا أحده� ،

عمال ، وهو مضمر عىل أاليه املؤمن سوء .

: ورو الفضيل عن أب جعفر عليه السالم قال

ال� . ما من انسان يطعن يف ع� مؤمن إال مات برش ميته ، وكان قمنا أن ال يرجع إىل

والرتفع فوق املقدار يف الهيئات واملدالس ، وثامنها : الكرب والرتفع ، واملناظرة ال تنفك عن التكرب عىل االقران واألمثال ،

غلبتهم . وال يرصحون عند ظهور الفلج عليهم بلنا كونه حقا ، حذرا من ظهور وعن إنكار كالم الصمهم ، وإن الح

مخطئون وأن الحق قد ظهر يف جانب الصمنا .

من يف قلبه منه مثقال ، وقد فرسه وهذا ع� الكرب الذي قد أالرب عنه النبي صىل هللا عليه وآله بلنه ال يدالل الدنة

" بطر الحق " : رده عىل قائله وعدم . واملراد ببطر الحق وغمص الناس صىل هللا عليه وآله يف الحديث السابق بلنه

به بعد ظهوره ، و " غمص الناس " بالصاد املهملة بعد امليم والغ� املعدمة : احتقارهم . االعرتاف

احتقره حيث يزعم أنه محق ، وأن وهذا املناظر قد رد الحق عىل قائله بعد ظهوره له ، وإن الفي عىل غ�ه ، وربا

ملكة العلم والقوان� املؤدية إليه . طل الذي يعرف الحق ، وال لهالصمه هو املب

وعن النبي صىل هللا عليه وآله أنه قال حاكيا عن هللا تعاىل :

العظمة إزاري ، والكربياء ردائ ، فمن نازعني فيه� قصمته .

Page 115: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱٥

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

أعظم الكرب غمص الخلق ، وسفه الحق . قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : إن

فمن فعل ذلك ، فقد نازع هللا عز قال : قلت : وما غمص الخلق وسفه الحق ؟ قال : يدهل الحق ويطعن عىل أهله ،

وجل رداءه .

ورو الحس� بن أب العالء عن أب عبد هللا عليه السالم قال سمعته يقول :

وجل رداءه يزده هللا عز وجل إال جنس ، والكرب رداء هللا ، فمن نازع هللا عزالكرب قد يكون يف رشار الناس من كل

سفاال .

وسئل عليه السالم عن أد االلحاد . قال : إن الكرب أدناه .

ورو زرارة عن أب جعفر وأب عبد هللا عليه� السالم قاال :

ال يدالل الدنة من يف قلبه مثقال ذرة من كرب .

ن يزيد ، قال :وعمن عمر ب

وأركب الدابة الفارهة ، ويتبعني قلت ألب عبد هللا عليه السالم : إ� آكل الطعام الطيب ، وأشم الرائحة الطيبة ،

الغالم ، فرت يف هذا شيئا من التدرب ، فال أفعله .

ق . قال عمر : فقلت أما وجهل الح فلطرق أبو عبد هللا عليه السالم ثم قال : إ�ا الدبار امللعون من غمص الناس ،

الحق فال أجهله ، والغمص ال أدري ما هو ؟

قال : من حقر الناس وتدرب عليهم فذلك الدبار .

وعن أب حمزة عن أب جعفر عليه السالم قال :

ب أليم ، وال يزكيهم ، ولهم عذا قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : ثالثة ال يكلمهم هللا وال ينظر إليهم يوم القيامة

وعد منهم الدبار .

مناظره يف كالمه وغ�ه ليدعله ذال�ة وتاسعها : التدسس وتتبع العورات ، واملناظر ال يكاد يخلو عن طلب عثات

منقصته ، حتى أن ذلك قد يت�د بلهل الغفلة ومن يطلب علمه للدنيا لنفسه ، ووسيلة إىل تسديده وبراءته أو دفع

ويقول : ٣بها ، وربا يتبدح به ه وعيوبه ، ثم إنه قد يعرض به يف حرضته ، أو يشافههفيتفحص عن أحوال الصم ،

عن الدين وأتباع الشياط� ، وقد قال هللا تعاىل : وال تدسسوا كيف أالملته وأالدلته ، إىل غ� ذلك م� يفعله الغافلون

وقال صىل هللا عليه وآله : ٤.

مسلم تتبع هللا عورته ، ومن بقلبه ! ال تتبعوا عورات املسلم� ، فمن تتبع عورةيا معرش من آمن بلسانه و يؤمن

تتبع هللا عورته فضحه ، ولو يف جوف بيته .

Page 116: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱٦

وعن أب جعفر الباقر عليه السالم :

٦زالته ليع�ه بها يوما ما . أقرب ما يكون العبد إىل الكفر أن يؤاالي الرجل الرجل عىل الدين فيحيص عليه

أب عبد هللا عليه السالم :وعن

بها يوما ما . أبعد ما يكون العبد من هللا أن يكون الرجل يؤاالي الرجل وهو يحفظ زالته ليع�ه

وعنه عليه السالم قال :

مؤمنا بشئ كت حتى يركبه . قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ، ومن ع�

م :وعنه عليه السال

من لقي أالاه با يؤنبه أنبه هللا يف الدنيا واآلالرة .

وعنه عليه السالم قال :

يلتيك ما يغلبك منه ، وال تظنن بكلمة قال أم� املؤمن� عليه السالم يف كالم له : ضع أمر أاليك عىل أحسنه حتى

الخ� محمال . الرجت من أاليك سوء وأنت تدد لها يف

ما يحب لنفسه ، فهو ناقص االكان ءة الناس والغم برسورهم ، ومن ال يحب ألاليه املسلمالفرح بسا ٤وعارشها :

بعيد عن أالالق أهل الدين .

أن ٥االالوان ، وقد ورد يف أحاديث كث�ة وهذا غالب ب� من غلب عىل قلبهم محبة إفحام االقران وظهور الفضل عىل

ج من والية هللا وطاعته ، ومن جملتها ذلك .واحدا الر للمسلم عىل املسلم حقوقا إن ضيع منها

النيس عن أب عبد هللا عليه السالم قال : رو محمد بن يعقوب الكليني ، قدس هللا روحه ، بإسناده إىل املعىل بن

وهو واجب عليه إن ضيع منها قلت له : ما حق املسلم عىل املسلم ؟ قال : له سبع حقوق واجبات ما منهن حق إال

نصيب ، قلت له : جعلت فداك وما هي ؟ قال : يا معىل ! إ� عليك من والية هللا وطاعته ، و يكن هللا فيهحقا الرج

حق منها أن تحب له أن تضيع وال تحفظ ، وتعلم وال تعمل ، قال : قلت له : ال قوة إال بال ، قال : أيرس شفيق أالاف

تدتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره ، والحق ا� : أنما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك ، والحق الث

ولسانك ويدك ورجلك ، والحق الرابع : أن تكون عينه ودليله ومرآته ، والحق الثالث : أن تعينه بنفسك ومالك

السادس : أن يكون لك الادم وليس الخامس : أن ال تشبع ويدوع ، وال ترو ويظ� ، وال تلبس ويعر ، والحق

فيغسل ثيابه ويصنع طعامه وكهد فراشه ، والحق السابع : أن ترب قسمه ، الادم ، فواجب أن تبعث الادمكألاليك

وال تلدئه أن يسللكها ، دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته ، وإذا عملت أن ال حاجة تبادره إىل قضائها ، وتديب

وواليته بواليتك . بواليته ولكن تبادره مبادرة ، فإذا فعلت ذلك وصلت واليتك

واالالبار يف هذا الباب كث�ة .

Page 117: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۷

نفسه إما ترصيحا ، أو تلويحا وتعريضا ، وحادي عرشها : تزكية النفس والثناء عليها ، وال يخلو املناظر من الثناء عىل

بتصويب كالمه وتهد� كالم الصمه .

وقيل ٤تعاىل : فال تزكوا أنفسكم : قال هللا وكث�ا ما يرصح بقوله " لست ممن يخفى عليه أمثال هذا " ونحو ، وقد

عىل نفسه . لبعض العل�ء : ما الصدق القبيح ؟ قال : ثناء املرء

الناس ، ويوجب مقتك عند هللا تعاىل ، واعلم أن ثناءك عىل نفسك مع قبحه ونهي هللا تعاىل عنه ، ينقص قدرك عند

بالفضل قدرك عند غ�ك ، فانظر إىل أقرانك إذا أثنوا عىل أنفسهم نفسك ال يزيد يف وإذا أردت أن تعرف أن ثناءك عىل

فاعلم أنهم أيضا يف حال تزكيتك نفسك كيف يستنكره قلبك ، ويستثقله طبعك ، وكيف تذمهم عليه إذا فارقتهم ،

بللسنتهم إذا فارقتهم . يذمونك بقلوبهم ناجزا ، ويظهرونه

واالقران وأتباعهم بوجه مسا ، وقلب منازع ون إليه ، فإنهم يلقون الخصوموثا� عرشها : النفاق ، واملتناظرون يضطر

لقائهم ، وفرائصهم مرتعدة يف الحال من بغضهم ، ويعلم كل واحد من صاحبه أنه ، وربا يظهرون الحب والشوق إىل

كاذب في� يبديه ، مضمر الالف ما يظهره .

وقد قال صىل هللا عليه وآله :

وتقاطعوا يف األرحام ، لعنهم هللا عند ذلك العلم ، وتركوا العمل ، وتحابوا باأللسن وتباغضوا بالقلوب ، إذا تعلم الناس

. فلصمهم وأعمى أبصارهم .

نسلل هللا العافية .

املوجب للنار ، واملتناظرون يتفاوتون فيها فهذه اثنتا عرشة الصلة مهلكة ، أولها الكرب املحرم للدنة ، وآالرها النفاق

دينا ، وأكثهم عقال من جملة مواد هذه األالالق ، وإ�ا غايتهم إالفاؤها عىل حسب درجاتهم ، وال ينفك أعظمهم

لغ� هللا . النفس عن ظهورها للناس وعدم اشتغالهم بدوائها ، واالمر الدامع لها طلب العلم ومداهدة

ويقربه من هللا تعاىل ويدنيه . ه ، أو يسعدهوبالدملة فالعلم ال يهمل العا أبدا ، بل إما أن يهلكه ويشقي

الرئاسة الندرست العلوم ، ويف سد بابها فإن قلت : يف املناظرة فائدتان : إحداه� ترغيب الناس يف العلم ، إذ لوال حب

تشحيذ الخاطر وتقوية النفس لدرك مآالذ العلم . ما يفرت هذه الرغبة ، والثانية : أن فيها

رشوط واثنتي عرشة آفة ل�اعي املناظر نذكر ما ذكرناه لسد باب املناظرة ، بل ذكرنا لها ثانية قلنا : صدقت ، و

فوائدها من الرغبة يف العلم وتشحيذ الخاطر ، فإن كان غرضك أنه ينبغي أن رشوطها ، ويحرتز عن آفاتها ثم يستدر

فبئس ما حكمت ، فإن هللا تعاىل يذ الخاطر ،يرالص يف هذه اآلفات ، وتحتمل بلجمعها ألجل الرغبة يف العلم وتشح

من ثواب اآلالرة ال بالرئاسة . ورسوله وأصفياءه رغبوا الخلق يف العلم با وعدوا

مستغن عن نيابتك عنه ومعاونتك . نعم الرئاسة باعث طبيعي ، والشيطان موكل بتحريكه والرتغيب فيه ، وهو

رسول هللا صىل هللا عليه وآله : لشيطان ، فهو ممن قال فيهمواعلم أن من تحركت رغبته يف العلم بتحريك ا

Page 118: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۸

ومن تحركت رغبته بتحريك األنبياء عليهم السالم إن هللا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، وبلقوام ال الالق لهم ،

.تعاىل ، فهو من ورثة األنبياء واللفاء الرسل وأمناء هللا تعاىل عىل عباده وترغيبهم يف ثواب هللا

ذكرناها ، فإن كان ال يقدر عىل وأما تشحيذ الخاطر فقد صدقت ، فليشحذ الخاطر وليدتنب هذه اآلفات التي

التفكر فيه وتصفية القلب عن كدورات األالالق ، فإن ذلك أبلغ يف اجتنابها فليرتكه ، وليلزم املواظبة عىل الطعم وطول

ناظرة .وقد تشحذت الواطر أهل الدين بدون هذه امل التشحيذ ،

ألجل تلك املنفعة الواحدة ، بل حكمه يف ذلك والشئ إذا كانت له منفعة واحدة وآفات كث�ة ، ال يدوز التعرض آلفاته

تعاىل : حكم الخمر وامليرس ، قال هللا

نفعه� . يسللونك عن الخمر وامليرس قل فيه� إثم كب� ومنافع للناس وإثه� أكرب من

ركه� . وهللا املوفق .فحرمه� لذلك وأكد تح

Page 119: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۱۹

الباب الرابع

يف آداب الكتابة والكتب التي هي آلة العلم

Page 120: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۰

وما يتعلق بتصحيحها وضبطها ووضعها

وحملها ورشائطها وعاريتها وغ� ذلك .

[ آداب الكتابة والكتب وما يتعلق بها ]

وفيه مسائل :

الكتاب والسنة ، وما يتبعه� من العلوم امللة الحنيفية من األوىل : الكتابة من أجل املطالب الدينية ، وأكرب أسباب

العقلية . وهي منقسمة يف االحكام حسب العلم املكتوب : فإن كان الرشعية ، و [ ما ] يتوقفان عليه من املعارف

فهي كذلك ، وإن كان األعيان فهي كذلك ، حيث يتوقف حفظه عليها ، وإن كان واجبا عىل الكفاية واجبا عىل

مستحبا فكتابته مستحبة .

ال يوجد من كتب الدين ما يقوم بفرض وهي يف زماننا هذا بالنسبة إىل الكتاب والسنة موصوفة بالوجوب مطلقا ، إذ

التفس� والحديث ، فإن معامله� قد أرشفت عىل االندراس ، ورايات أعالمه� الكفاية بالنسبة إىل األقطار ، سي� كتب

ورواية ، كفاية . ، فيدب عىل كل مسلم االهت�م بحاله� كتابة وحفظا وتصحيحا آذنت باالنتكاس قد

به كل مكلف ، ويلثم بالتقص� فيه كل ومن القواعد املعلومة أن فرض الكفاية إذا يقم به من فيه كفاية يخاطب

العيني إىل أن يوجد ما فيه كفاية . مكلف به ، فيكون يف ذلك كالواجب

كث� من اآلثار : فمنه عن النبي صىل هللا ك يف الحث عىل الكتابة والوعد بالثواب الدزيل عىل فعلهاوقد ورد مع ذل

عليه وآله أنه قال :

قيدوا العلم ، قيل : وما تقييده ؟ قال : كتابته .

وروي :

يحفظه ، فشكا ذلك إىل فيعدبه وال أن رجال من األنصار كان يدلس إىل النبي صىل هللا عليه وآله يستمع منه الحديث

النبي صىل هللا عليه وآله ، فقال له النبي :

استعن بيمينك ، وأومل بيده أي الط .

وعن الحسن بن ع عليه� السالم : أنه دعا بنيه وبني أاليه ، فقال :

فليكتبه منكم أن يحفظه إنكم صغار قوم ، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آالرين ، فتعلموا العلم ، فمن يستطع

وليضعه يف بيته .

وعن أب بص� قال : سمعت أبا عبد هللا عليه السالم يقول :

اكتبوا فإنكم ال تحفظون حتى تكتبوا .

Page 121: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۱

وعنه عليه السالم قال :

القلب يتكل عىل الكتابة .

وعن عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد هللا عليه السالم :

احتفظوا بكتبكم ، فإنكم سوف تحتاجون إليها .

وعن املفضل بن عمر قال : قال يل أبو عبد هللا عليه السالم :

الناس زمان هرج ال يلنسون فيه إال بكتبهم اكتب وبث علمك يف إالوانك ، فإن مت فلورث كتبك بنيك ، فإنه يلت عىل

عليه وآله أنه قال :ورو الصدوق يف أماليه بإسناده إىل النبي ، صىل هللا

النار ، وأعطاه هللا تعاىل بكل حرف إن املؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم كانت الورقة سرتا في� بينه وب�

عند العا ساعة ناداه امللك : جلست إىل عبدي ، وعزت وجاليل ألسكننك مدينة أوسع من الدنيا وما فيها ، ومن جلس

ايل . معه وال أب الدنة

إالالصها يف طلبه العلم ، ألنها عبادة ورضب من الثانية : يدب عىل الكاتب إالالص النية ل تعاىل يف كتابته ، ك� يدب

لغ� هللا تعاىل من حفوظ النفس والدنيا كالقصد بالعلم ، وقد تقدم من ذمه تحصيل العلم وحفظه ، والقصد بها

ووعيده ما فيه كفاية .

فلينظر ما يوقعه ، ويرتتب عىل أنه موقع بيده ما يكون يوم القيامة حدة له أو عليه ، -ا أو رشا ال� -ويزيد عنه

يعمل بها يف حياته وبعد موته دهرا طويال ، فهو رشيك يف أجر من الطه ما يرتتب من ال� أو رش ، ومن سنة أو بدعة

وزره ، فلينظر ما يسببه . ينتفع به أو

بسبب كثة االنتفاع به ودوامه ، ومن هنا كتابة ربا زاد عىل ثواب العلم يف بعض املوارد ،ويعلم من ذلك أن ثواب ال

حيث إن مدادهم ينفع بعد موتهم ، ودماء الشهداء ال تنفع بعد ١الشهداء جاء تفضيل مداد العل�ء عىل دماء

موتهم .

العلوم النافعة ما أمكنه بكتابة أو رشاء ، وإال ا يفالثالثة : ينبغي لطالب العلم أن يعتني بتحصيل الكتب املحتاج إليه

ترق زائد التحصيل ، وكث�ا ما تدرب بها األفاضل يف األزمنة السابقة ، وحصل لهم بواسطتها فبإجارة أو عارية ، ألنها آلة

عىل من يتمكن منها ، ولهم يف ذلك أقاصيص يطول االمر برشحها .

من الفهم ، بل يحتاج مع ذلك إىل يها وجمعها وكثتها حظه من العلم ، ونصيبهوال ينبغي للطالب أن يدعل تحص

أحسن القائل : التعب والدد والدلوس ب� يدي املشايخ . ولقد

الرابعة : أن ال يشتغل بنسخها إن أمكنه تحصيلها برشاء ونحوه ، الن إذا تكن حافظا واعيا * فدمعك للكتب ال ينفع

لنفسه ، وال يرىض لعلم أهم . نعم لو تعذر الرشاء لعدم الثمن أو لعزة الكاتب ، فليكتببتحصيل ا االشتغال

باالستعارة مع إمكان تلكه .

Page 122: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۲

العلم ، وال يفوت الحظ إال بالكسل . ومتى آل الحال إىل النسخ فليشمر له ، فإن هللا يعينه وال يضيع به حظه من

الحة يف ذلك .ص ومن ضبط وقته حصل مطلبه ، وقد تقدم جملة

استحباب مؤكدا ، ملا فيه من اإلعانة يستحب إعارة الكتب ملن ال رضر عليه فيها ممن ال رضر منه بها ٢الخامسة :

الرب والتقو ، مع ما يف مطلق العارية من الفضل واألجر . وقد قال عىل العلم واملعاضدة عىل الخ� واملساعدة عىل

بعض السلف :

ينساه ، أو كوت فال ينتفع به ، أو وقال آالر : من بخل بالعلم ابت بإحد ثالث : أن ٣الكتب . بركة العلم إعارة

ذلك إلحسانه ويدزيه ال�ا . وينبغي للمستع� أن يشكر للمع� ٤تذهب كتبه ،

بل يرده إذا به وال يطل مقامه عنده ، السادس : إذا استعار كتابا وجب عليه حفظه من التلف والتعيب ، وأن ال يلط

يفوت االنتفاع به عىل صاحبه ، ولئال يكسل عن تحصيل الفائدة منه ، ق حاجته ، وال يحبسه إذا استغنى عنه ، لئال

صاحبه من إعارة غ�ه إياه . ولئال كنع

كث�ة نظ� االبطاء برد الكتب عن السلف أشياء وأما إذا طلبه املالك حرم عليه حبسه ويص� ضامنا له ، وقد جاء يف ذم

والتقص� يف حفظها امتنع غ� واحد من إعارتها . ونثا ، وبسبب حبسها

وال يحشيه ، وال يكتب شيئا يف بياض السابعة : ال يدوز أن يصلح كتاب غ�ه املستعار أو املستلجر بغ� إذن صاحبه ،

سمعه ، وال يسوده ، وال يع�ه غ�ه ، وال وهو ك� يكتبه املحدث عىل جزء فواتحه والواته ، إال إذا علم رضا مالكه ،

عىل االنتفاع باملطالعة رضورة حيث يدوز رشعا ، وال ينسخ منه بغ� إذن صاحبه ، فإن النسخ انتفاع زائد يودعه لغ�

وأشق .

له إمساكه واالنتفاع به مع فإن كان الكتاب وقفا عىل من ينتفع به غ� مع� ، فال بلس بالنسخ منه ملن يدوز

من الناظر فيه أو من يلذن له ، بل قد يدب ، فإن يكن له ناظر االحتياط . وال بلس بإصالحه ممن هو أهل لذلك

إىل الحاكم الرشعي . الاص فالنظر فيه

وال يضع املحربة عليه ، وال كر بالقلم وإذا نسخ منه بإذن صاحبه أو ناظره ، فال يكتب منه والقرطاس يف بطنه ،

ق الكتابة .املمدود فو

االنسان كتابه ، فقد يدوز فيه ما ال وبالدملة فيدب حفظه من كل ما يعد عرفا تقص�ا ، وهو أمر زائد عىل حفظ

فإن كث�ا من الناس كتهن كتابه يف الغاية بسبب الطبع البارد ، يدوز يف املستعار . الصوصا املتهاون بحفظ الكتب ،

ه .ال يسوغ يف املستعار بوج وهذا االمر

منشورا ، بل يدعله ب� كتاب� مثال ، أو كريس الثامنة : إذا نسخ من الكتاب أو طالعه ، فال يضعه عىل األرض مفروشا

تقطيع حبكه وورقه وجلده . عىل الوجه املعروف ، لئال يرسع

أن يكون بينها رق ونحو ذلك ، واألوىل التاسعة : إذا وضع الكتب مصفوفة ، فلتكن عىل كريس ، أو تحتها الشب أو

ك ال تتند أو تبىل . وب� األرض اللو ، وال يضعها عىل األرض

Page 123: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۳

به ، وكذلك يدعل بينها وب� ما وإذا وضعها عىل الشب أو نحوه جعل فوقها وتحتها ما كنع من تلكل جلودها

يصادمها أو يسندها من حائط أو غ�ه .

فيضع األرشف أعىل الكل ، ثم يراعي التدريج ، رشف مصنفها ،ويراعي األدب يف وضع الكتب باعتبار علومها ورشفها و

حائط جعله أعىل الكل واألوىل أن يكون يف الريطة ذات عروة يف مس�ر أو وتد يف فإن كان فيها املصحف الكريم

ثم تفس� الحديث ، ثم أصول الدين ، طاهر نظيف يف صدر املدلس ، ثم كتب الحديث الرصف ، ثم تفس� القرآن ،

ثن أصول الفقه ، ثم الفقه ، ثم العربية .

يف أثنائه لئال يرسع تكرسها ٢وضع الردة وال يضع ذات القطع الكب� فوق دوات الصغ� ، لئال يكث تساقطها ، وال يكث

وفائدته معرفة الكتاب وتيرس االراجه من وينبغي أن يكتب اسم الكتاب عليه يف جانب آالر الصفحات من أسفل ،

لكتب .ب� ا

وال مسندا [ خ ل : وال ٥وال مكنسا العارشة : أن ال يدعل الكتاب الزانة للكراريس أو غ�ها ، وال مخدة وال مروحة

ال سي� يف الورق . وال يطوي حاشية الورقة أو زاويتها ، وال يعلم بعود مستندا ] وال متكا وال مقتلة للرباغيث وغ�ها ،

ونحوها ، وإذا ظفر فال يكبس ظفره قويا .جاف ، بل بورقة لطيفة أو بشئ

اشرت كتابا تعهد أوله وآالره ووسطه ، الحادية عرشة : إذا استعار كتابا ينبغي له أن يتفقده عند أالذه ورده ، وإذا

واعترب صحته ، وم� يغلب عىل ظنه صحته إذا ضاق الزمان عن تفتيشه أن وترتيب أبوابه وكراريسه ، وتصفح أوراقه

حتى يظلم . يريد إصالحه حاقا أو إصالحا ، فإنه من شواهد الصحة ، حتى قال بعضهم : ال يضئ الكتابإل ير

بالرضب والكشط ، وااللحاق ونحوها .

طهارة مستقبال طاهر البدن والثياب الثانية عرشة : إذا نسخ شيئا من كتب العلم الرشعية ، فينبغي أن يكون عىل

" بسم هللا الرحمن الرحيم " و " الحمد هللا والصالة عىل رسوله وآله " وإن اب بكتابةوالحرب والورق ، ويبتدئ الكت

ذلك : قال املصنف أو الشيخ ، املصنف قد كتبها ، لكن إن تكن من كالم املصنف أشعر بذلك ، بلن يقول بعد يكن

ونحو ذلك .

الفال� ، ويتلوه كذا وكذا " إن يكن " آالر الدزء وكذلك يختم الكتاب بالحمدلة والصالة والسالم ، بعدما يكتب :

الكتاب الفال� ، أو الدزء الفال� ، وبت�مه تم الكتاب " ونحو ذلك ، ففيه فوائد كمل الكتاب ، ويكتب إذا كمل : " تم

كث�ة .

دس ونحو ذلك ، ويتلفظ وجل ، أو تق وكل� كتب اسم هللا تعاىل أتبعه بالتعظيم ، مثل : تعاىل ، أو سبحانه ، أو عز

هللا عليه وآله كتب بعده الصالة عليه وعىل آله والسالم ، ويص ويسم هو بذلك أيضا ، وكل� كتب اسم النبي صىل

أيضا . بلسانه

ك� يفعل بعض املحروم� املتخلف� وال يخترص الصالة يف الكتاب ، وال يسلم من تكريرها ولو وقعت يف السطر مرارا

" صلسم " أو " صله " فإن ذلك كله الالف األوىل واملنصوص ، بل قال صلعم " أو " صلم " أو " صم " أو من كتابة "

العل�ء : إن أول من كتب " صلعم " قطعت يده . بعض

Page 124: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲٤

هللا عليه وآله أنه قال : وأقل ما يف االالالل بإك�لها تفويت الثواب العظيم عليها ، فقد ورد عنه صىل

الكتاب . اب تزل املالئكة تستغفر له ما دام اسمي يف ذلكمن صىل ع يف كت

" رضوان هللا عليه " أو بذكر أحد من السلف وإذا مر بذكر أحد من الصحابة سي� األكابر كتب " ريض هللا عنه " أو

باألنبياء ، والسالم" تغمده هللا برحمته " ونحو ذلك . وقد جرت العادة باالتصاص الصالة االعالم كتب " رحمه هللا " أو

كله ، بل يدوز الصالة عىل كل مؤمن ، ك� دل وينبغي أن يدعل الئة عليهم السالم السالم ، وإن جاز الالف ذلك

عليه القرآن والحديث .

بالرواية وال بإثبات املصنف . بل يكتبه وكتابة ما ذكر من الثناء ونحوه هو دعاء ينشئه ال كالم يرويه ، فال يتقيد فيه

منه . وإن سقط من األصل املنقول أو املسموع

العناية بإثباته وضبطه أكث . هذا هو وإذا وجد شيئا من ذلك قد جاءت به الرواية أو مذكورا يف التصنيف كانت

إىل اسقاط ذلك كله من الكتابة مع النطق بذلك . وينبغي أن يذكر الراجح ومختار األكث ، وذهب بعض العل�ء

ولو اقترص عىل الصالة يكن به بلس . ٢النبي مع الصالة عمال بظاهر اآلية ، السالم عىل

وتصحيحه . ويدتنب التعليق جدا الثالثة عرشة : ال يهتم املشتغل بالعلم باملبالغة يف حسن الخط ، وإ�ا يهتم بصحته

حروف . وقال بعضهم : وزن الخط وهو اعة الكتابة مع بعثة ال ، وهو اللط الحروف التي ينبغي تفريقها ، واملشق

القراءة أبينها ، وأجود الخط أبينه . وزن القراءة : أجود

ملن ضعف نظره ، وربا ضعف نظر وينبغي أن يدتنب الكتابة الدقيقة ، ألنه ال ينتفع بها ، أو ال يكمل االنتفاع بها

الكاتب نفسه بعد ذلك ، فال ينتفع بها .

ما تكون إليه . : ال تفعل فإنه يخونك أحوج -د رآه يكتب الطا دقيقا وق -بعض السلف لكاتب قال

وقت الحاجة أي وقت الكرب وضعف وقال بعضهم : اكتب ما ينفعك وقت احتياجك إليه ، وال تكتب ما تنتفع به

البرص .

هم من تدويد الكتابة أغراضهم التي هي أ وهذا كله يف غ� مسودات املصنف� . فإن تلنيهم يف الكتابة يفوت كث�ا من

مشتبكة الحروف والكل�ت ، لرسعة الكتابة واشتغال الفكر بلمر آالر . ، فمن ثم نراها غالبا عرسة القراءة

أو رالوا فيرسع إليه الحفا . قال الرابعة عرشة : قالوا : ال ينبغي أن يكون القلم صلبا جدا فيمنع اعة الدري ،

جلفتك وأسمنها ، وحرف قطتك وأكنها . وليكن السك� حادة جدا لرباية طلبعضهم : إذا أردت أن تدود الطك ، فل

صلبا ، ويحمدون يف ذلك القصب عليه القلم ٤األقالم وكشط الورق ، الاصة ال تستعمل يف غ� ذلك ، وليكن ما يقط

الصقيل . الفاريس اليابس جدا ، واآلبنوس الصلب

كل حرف حقه ، وكل كلمة حقها ، ويلت بها مشتبهة بغ�ها ، بل يعطي الخامسة عرشة : ينبغي أن ال يقرمط الحروف

عن النبي صىل هللا عليه وآله أنه قال لبعض كتابه : ويراعي من اآلداب الواردة يف ذلك ما روي

Page 125: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲٥

يم ، امليم ، وحسن هللا ، ومد الرحمن ، وجود الرح ألق الدواة ، وحرف القلم ، وانصب الباء ، وفرق الس� ، وال تعور

اليرس ، فإنه أذكر لك . وضع قلمك عىل أذنك

وعن زيد بن ثابت أنه قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

إذا كتبت " بسم هللا الرحمن الرحيم " فب� الس� فيه .

وعن ابن عباس ريض هللا عنه قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

ترفع الس� .ال تد الباء إىل امليم حتى

وعن أنس قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

إذا كتب أحدكم " بسم هللا الرحمن الرحيم " فليمد الرحمن .

وعنه أيضا :

من كتب " بسم هللا الرحمن الرحيم " فدوده تعظي� ل غفر هللا له .

وعن ع بن أب طالب عليه السالم أنه قال :

هللا الرحمن الرحيم " فغفر له . تنوق رجل يف " بسم

وعن جابر ريض هللا عنه ، قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :

إذا كتب أحدكم كتابا فليرتبه ، فإنه أندح .

هللا ، أو رسول هللا صىل اله عليه وآله ، فال كرهوا يف الكتابة فصل مضاف اسم هللا تعاىل منه كعبد ٤السادسة عرشة :

مع ما بعده أول سطر آالر ، لقبح الصورة . وهذا الكراهة للتنزيه . عبدا ورسوال يف آالر سطر ، وهللا يكتب

عنهم ، ونحوها املوهم لخلل ، كقوله " ساب ويلتحق بذلك أس�ء النبي صىل هللا عليه وآله وأس�ء الصحابة ريض هللا

يف آالر سطر ، وما بعده يف أول آالر . فال يكتب " ساب " مثال النبي صىل هللا عليه وآله كافر " ،

الفصل كذلك . وكذلك كرهوا جعل بعض بل وال االتصاص للكراهة بالفصل ب� املتضايف� ، فغ�ه� م� يستقبح فيه

آالر . الكلمة يف آالر سطر ، وبعضها يف أول

، ثم ما كان مع غ�ه من أصل مصنفه السابعة عرشة : عليه مقابلة كتابه بلصل صحيح موثوق به ، وأوالده ما كان مع

الن الغرض عليه الطه ، ثا قوبل به مع غ�ه م� هو صحيح مدرب ، بخط املصنف ، ثم بلصل قوبل معه إذا كان

يكون كتابه مطابقا ألصل املصنف . املطلوب أن

نبغي مزيد االهت�م متعينة ، في -الصحة وبالدملة فمقابلة الكتاب الذي يرام النفع منه عىل أي وجه كان م� يفيد

بها .

Page 126: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲٦

٥قال : ال . قال : تكتب ، وعن األالفش البنه : كتبت ؟ قال : نعم . قال : عرضت كتابك ؟ ٤وقد قال بعض السلف

نسخ و يعارض الرج أعدميا . قال : إذا نسخ الكتاب و يعارض ، ثم

إال أن ٧و يعارض تحول بالفارسية . الث مراتوقد سقه إليه الخليل بن أحمد رحمه هللا فقال : إذا نسخ الكتاب ث

األالفش اقترص عىل مرت� .

فيعدم املعدم ، ويشكل املشكل ، الثامنة عرشة : إذا صحح الكتاب باملقابلة ، فينبغي أن يضبط مواضع الحاجة

ويضبط املشتبه ، ويتفقد مواضع التصحيف .

أوىل منه ، وتعب بال فائدة ، نقطه وشكله ، ألنه اشتغال با غ�هأما ما يفهم بال نقط وشكل ، فال ينبغي االعتناء ب

وكث� من الناس . وربا يحصل للكتاب به إظالم ، ولكن ينتفع به املبتدئ

ورو جميل بن دراج قال : قال أبو عبد هللا عليه السالم :

أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء .

ذكاة الدن� ذكاة أمة . املعنى كحديثومن مه�ت الضبط ما يقع بسببه االتالف

وكذلك ضبط امللتبس من األس�ء ، إذ هي س�عية .

دقة الخط وضيق األسطر . وإذا وإن احتاج إىل ضبطه يف الحاشية قبالته فعل ، ألنه أبعد من االلتباس سي� عند

حرف " ن " . أوضحه يف الحاشية كتب عليه فيها " بيان " أو

املهملة ، فلهم يف ضبطها طرق : يف ضبط األحرف بضبط الحروف املعدمة بالنقط ، وأماوقد جرت العادة

يغفل املعدم سهوا ونحوه ، فيشتبه منها : أن ال يتعرض لها ويدعل االه�ل عالمة عليها ، و يرتضه ج�عة ، فقد

باملهمل .

والدال مثال من أسفل نقطة ، والس� ط الراءومنها : أن ينقطها من أسفل بنحو نقط نظ�ها املعدم من أعىل ، فينق

الحاء ، فال ينقط من أسفل لئال يلتبس بالديم . من أسفل ثالثا وهكذا . واستثني منها

أصغر م� يف األصل . ومنها : أن يكتب مثل ذلك الحرف منفردا ، واألوىل أن يكون تحته ، وأن يكون

عىل قفاها [ هكذا : س ] . ل أو كالقالمة مضطدعةومنها : أن يكتب عىل املهمل شكلة صغ�ة كالهال

وال يفظن له كث� لخفائه . ومن الضبط ومها : أن يخط عليها الطا صغ�ا ، وهو موجود يف كث� من الكتب القدكة ،

صغ�ة أو همزة ، ويف باطن الالم الم صغ�ة . أن يكتب يف باطن الكاف املعلقة كاف

محل شك عند مطالعته أو تطرق احت�ل : يكتب عىل ما صححه وضبطه يف الكتاب وهو يفالتاسعة عرشة : ينبغي أن

" صحة " [ ظ : " صح " ] صغ�ة .

Page 127: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۷

يف الحاشية : " صوابه كذا " إن كان ويكتب فوق ما وقع يف التصنيف أو يف النسخ وهو الطل : " كذا " صغ�ة ، ويكتب

كذلك ، أو يكتب عىل ما أشكل عليه و يظهر له وجهه " ص " وهي يتحققه ، أو " لعله كذا " إن غلب عىل ظنه أنه

-من " ضبة " ويدوز أن تكون معدمة ، مخترصة ٣قال بعضهم : -صاد مهملة مخترصة من " صح " . صورة رأس

صوابا تحققه هو أو غ�ه بعد ذلك ، وكان املنقول وتكتب فوق الكتابة غ� متصلة بها لئال يظن رضبا أو غ�ه ، فإذا

هي فوقه وأشاروا إىل أن الضبة نصف " صح " وأن الصحة تكمل فيها ٤" صح " . قيل : زاد تلك الصاد حاء فيص�

نقله غ� غافل ، فال يظن أنه غلط فيصلحه . مع صحة روايته ومقابلته مثال ، وإىل تنبيه الناظر فيه عىل أنه منقب يف

اؤه . واستع� لتلك الصورة اسم الضبة لشبهها بضبة االناء التي يصلح بها إبق وقد يتداا بعضهم فيغ� ما الصواب

ال يتده قراءته ، ك� أن بدامع أن كال منه� جعل عىل ما فيه اللل ، أو بضبة الباب لكون املحل مقفال بها اللله ،

الضبة يقفل بها.

فيه ب� ثالثة أمور : العرشون : إذا وقع يف الكتاب زيادة أو كتب فيه شئ عىل غ� وجهه تخ�

وبالحك ، وسيلت أن غ�ه أوىل -املوحدة بالباء –األول : الكشط ، وهو سلح الورق بسك� ونحوها ، ويعرب عنه بالبرش

نحو ذلك . منه ، وهو أوىل يف إزالة نقطة أو شكلة أو

جدا يف حال طراوة املكتوب وأمن صقيلالثا� : املحو ، وهو اإلزالة بغ� سلخ إن أمكن ، بلن تكون الكتابة يف ورق

زمنا وأسلم من فساد املحل غالبا . ومن الحيل الديدة عليه لعقه رطبا نفوذ الحرب ، وهو أوىل من الكشط ألنه أقرب

بخفة ولطافة .

ومن هنا قال بعض السلف : من املروة أن ير يف ثوب الرجل وشفتيه مداد .

الحديث ، الن كال منه� يضعف الكتاب ، من الكشط واملحو ، ال سي� يف كتبوالثالث : الرضب عليه ، وهو أجود

ويحرك تهمة ، وربا أفسد الورق .

مدلس الس�ع حتى ال يبرش شئ ، وألنه ربا وعن بعض املشايخ أنه كان يقول : كان الشيوخ يكرهون حضور السك�

إلحاقه آالر يكون ما برش صحيحا يف روايته ، فيحتاج إىل الكتاب مرة أالر عىل شيخ يصح يف رواية أالر ، وقد يسمع

اآلالر عليه بصحته . ويف كيفية الرضب بعد برشه . ولو الط عليه يف رواية األول ، وصح عند اآلالر اكتفي بعالمة

المسة أقوال :

وأجوده ما كان ٢املغاربة بالشق ، أحدها : أن يصل بالحروف املرضوب عليها ويخط بها الطا ممتدا ، ويسمى عند

وال يطمس الحروف ، وال كنع قراءة ما تحته . دقيقا بينا يدل عىل املقصود ، وال يسود الورق ،

املبطل وآالره ومثال هكذا " [ . . . ] " وثانيها : أن يدعل الخط فوق الحروف منفصال عنها منعطفا طرفاه عىل أول

آالره ، ومعناه : من هنا ساقط إىل هنا ، أوله ولفظة " إىل " فوق وثالثها : أن يكتب لفظة " ال " أو لفظة " من " فوق

يحسن في� صح يف رواية ، وسبط يف أالر ، ومثاله هكذا : " ال . . إىل " أو أو : ال يصح مثال هذا إىل هنا : ومثل هذا

" من . . إىل " . هكذا

Page 128: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۸

هكذا : " ( . . ) " فإن ضاق املحل جعله يف مثالهورابعها : أن يكتب يف أول الكالم املبطل ويف آالره نصف دائرة ، و

أعىل كل جانب .

بذلك لخلو ما أش� إليه بها من الصحة والامسها : أن يكتب يف أول املبطل ويف آالره صفرا ، وهو دائرة صغ�ة سميت

ل ذلك يف أعىل من عدد ، مثاله هكذا " . . . " ، فإن ضاق املحل جع كتسمية الحساب لها بذلك ، لخلو موضعها

كل جانب .

سطر فإن شئت علم با ذكر يف الثالثة ومنهم من يصل ب� املبطل مكان الخط نقطا متتالية . ولو كان املبطل أكث من

وآالره ، وإن شئت علم بها يف طرف الزائد فقط . األال�ة من الخمسة يف أول كل سطر

موضعها ، إال إذا كانت الثانية أجود صورة أو ع األوىل صوابا يفوإذا تكررت كلمة أو أكث سهوا رضب عىل الثانية لوقو

األوىل آالر سطر ، فإن الرضب عليها أوىل ، صيانة ألول السطر . أدل عىل القراءة . وكذا إذا كانت

مبتدأ والرب ، فمراعاة عدم التفريق ب� ما وإذا كان يف املكرر مضاف ومضاف إليه أو صفة وموصوف أو متعاطفان أو

ال عىل املتوسط ، لئال يفصل بالرضب ب� شيئ� بينه� ارتباط أوىل من مراعاة ذكرنا والرضب عىل املتطرف من املتكرر

األول أو األال� أو األجود ، إذ مراعاة املعا� أحق من تحس� الصورة يف الخط .

ه وآالره : " صح " صغ�ه ، وله أن أول وإذا رضب عىل شئ ثم تب� له أنه كان صحيحا ، وأراد عود إثباته كتب يف

يكررها عليه ما يؤد إىل تسويد الورق .

في� إذا رضب بغ� ذلك من ويختار التكرار في� إذا رضب بالخط املتصل أو املنفصل أو النقط املتتالية ، وعدمه

ائرة ، والصفر ، ويكتب لفظ " من " و " ال " و " إىل " ونصف الد العالمات ، ويحسن حينئذ أن يرضب عىل العالمة من

" صح " .

مشتق من اللحاق بالفتح أي االدراك ، إذا أراد تخريج شئ سقط ، ويسمى اللحق بفتح الحاء ٣الحادية والعرشون :

السطور لسالمته من تضييقها وتغليس ما يقرأ ، سي� إذا كانت السطور فليخرجه يف الحاشية وهو أوىل من جعله ب�

والحت�ل سقط آالر فيخرجه إىل قاال : وجهة اليم� من الحوايش أوىل إن أمكن بلن اتسعت ، لرشفها متالصقة ، ضيقة

سقط آالر يف السطر ، فإن الرج له إىل اليسار أيضا اشتبه محل [ جهة اليسار ، فلو الرج األول إىل اليسار ، ثم ظهر

� ، وربا التقيا لقرب السقط� ، التخريد ٤بحل اآلالر ، أو إىل اليم� تقابل طرف أحد ] السقط�

وجعله ضابطا يزيل االشتباه إال أن فيظن أن ذلك رضب عىل ما بينه� عىل ما مر يف كيفية الرضب ، فاالبتداء باليم�

يكث السقط يف السطر الواحد وهو نادر .

، وليكن متصال باألصل ، وال فيه بعده ] نعم إن كان الساقط آالر سطر ألحقه بآالره مطلقا لألمن حينئذ [ من نقص

الحاشية اليمنى ، نعم إن ضاق املحل لقرب الكتابة من طرف الورقة أو يكتبه يف أول السطر بعده وال يلحقه يف

الرج إىل الدهة األالر . للتدليد

Page 129: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۲۹

، الحت�ل الورقة ، ال نازال به إىل أسفلها وليكن كتب الساقط ، من أي جهة كان التخريج ، صاعدا لفوق إىل أعىل

مقابله . ويدعل رؤوس الحروف إىل جهة اليم� ، سواء كان يف جهة ك� الكتابة تخريج آالر بعده ، فال يدد له محال

أم يسارها .

كان سطرين أو أكث جعل السطور أعىل وينبغي أن يحسب الساقط ، وما يدئ منه من األسطر قبل أن يكتبها ، فإن

السطور إىل جهة الكتابة إن كان التخريج عن كينها ، وإن كان عن يسارها بحيث تنتهي نازال بها إىل أسفل ، ٣الطرة

قبل فراغ الساقط كمل يف األسطر من جانب الكتابة بحيث تنتهي سطوره إىل طرف الورقة فإن انتهى الهامش ابتدأ

أعىل الورقة أو أسفلها بحسب ما يكون من الدهت� .

يحتمل الحك عند حاجته مرات . بحاشية الورقة من أي جهة كانت ، بل يدع مقداراوال يوصل الكتابة واألسطر

السطر الذي فوقه منعطفا قليال إىل ثم كيفية التخريدة للساقط أن يدعل يف محله من السطر الطا صاعدا إىل تحت

[ هكذا : . . [ . . أو . . . ] . . . ] . جهة التخريج من الحاشية ليكون إشارة إليه ،

[ هكذا : . ] . . أو . . [ . . ] وهو غ� أن يصل ب� الخط وأول الساقط بخط ممتد بينه� ١واالتار ج�عة من العل�ء

تسويد الكتاب ، سي� إن كث التخريج . نعم إن يكن ما يقابل محل السقوط الشت�له عىل ٢مريض عند الباقي ،

قبالة املحل : " يتلوه كذا يف املحل الخط إىل أول الساقط ، أو كتب الاليا ، واضطر إىل كتابته بحل آالر االت� مد

الفال� " أو نحوه م� يزيل اللبس .

وتصغ�ها أوىل ، وبعضهم يكتب " صح رجع " وإذا كتب الساقط يف التخريج وانتهى منه كتب يف آالره : " صح " ،

" رجع ". وبعضهم يقترص عىل

" بلغ " و " بلغت " أو بلغ وقوفه ب تاب عىل الشيخ ، أو يف املقابلة علم عىل موضعالثانية والعرشون : إذا صحح الك

كان ذلك بخط الشيخ فهو أوىل ، ففيه فوائد جمة من أهمها الوثوق العرض " أو نحو ذاك م� يفيد معناه ، وإن

والضبط ، فإن ذلك م� يحتاج ثقةواالعت�د عليها عىل تطاول األزمنة إذا كان الشيخ أو املقابل معروفا بال بالنسخة

العزكة يف األزمنة املتقاربة لزماننا عن مبارشة التصحيح والضبط إليه سي� يف هذا الزمان ، لضعف الهمة وفتور

بحسب االمكان . الحديث ، فاالعت�د عىل تصحيح الثقات السابق� مع االجتهاد يف تحقيق الحق الصوصا لكتب

أو قلم غليظ ، وال يوصل الكتابة كلها ي أن يفصل ب� كل كالم� أو حديث� بدائرة أو ترجمةالثالثة والعرشون : ينبغ

املقصود وتضييع الزمان فيه . عىل طريقة واحدة ، ملا فيه من عرس استخراج

م يفرغ واالتار بعضهم إغفال الدائرة حتى يقابل ، وكل كال ورجحوا الدائرة عىل غ�ها ، وعمل عليها غالب املحدث� ،

ويف املقابلة الثانية ثانية ، وهكذا . منه ينقط يف الدائرة التي تليه نقطة

أو االتالف رواية أو نسخة ، أو نحو الرابعة والعرشون : ال بلس بكتابة الحوايش والفوائد والتنبيهات املهمة عىل غلط

لك " صح " .باالذن ، وال يكتب يف آالر ذ ذلك ، عىل حوايش كتاب كلكه ، أو ال كلكه

الكلمت� ، أو يدعل بدل التخريدة إشارة ويخرج لها بلعىل وسط كلمة املحل التي كتبت الحاشية ألجلها ال ب�

تخريج الساقط يف األصل . بالهندي ، وكل ذلك ليتميز هذا عن

Page 130: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۰

يكتب ذلك يف صورة " حشة " وبعضهم وبعضهم يكتب عىل أول املكتوب من ذلك : " حاشية " أو " فائدة " مثال أو

آالره .

املباحث والفروع الغريبة ، ك� اتفق وال ينبغي أن يكتب إال الفوائد املهمة املتعلقة بذلك املحل ، وال يسوده بنقل

مصطلح العل�ء ، فلفسدوا أكث الكتب . وال ينبغي الكتابة يف األسطر لبعض غفلة أهل هذا العرص الذين يقفوا عىل

مطلقا .

بالحمرة ونحوها ، فإنه أظهر يف البيان ويف والعرشون : ينبغي كتابة الرتاجم واألبواب والفصول ، ونحو ذلكالخامسة

ممزوج باملت أن تيز املت بكتابته بالحمرة ، أو تخط عليه بها الطا منفصال عنه فواصل الكالم . ولك يف كتابة رشح

انعطاف الخط من طرفيه . لكن تيزه عن الرضب برتك ممتدا عليه كالصورة الثانية من صور الرضب املارة ،

الكلمة الواحدة بعضها مت وبعضها رشح ، وكتابة جميع املت بالحمرة أجود ، ألنه قد كتزج بحرف واحد ، وقد تكون

بالحمرة . وهللا املوفق . فال يوضح ذلك بالخط إيضاحه

Page 131: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۱

وأما الخاتة

فتشتمل عىل مطالب مهمة :

امول يف أقسام العلوم الرشعية وما تتوقف عليه ][ املطلب

[ املطلب الثا� يف مراتب أحكام العلم الرشعي وما ألحق به ]

[ املطلب الثالث يف ترتيب العلوم بالنظر إىل املتعلم ]

Page 132: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۲

املطلب امول

يف أقسام العلوم الرشعية وما تتوقف عليه

من العلوم العقلية وامدبية

الفصل ] األولوفيه فصالن : [

يف أقسام العلوم الرشعية األصلية

وعلم األحكام الرشعية وهي أربعة : علم الكالم ، وعلم الكتاب العزيز ، وعلم األحاديث وعلم األحاديث النبوية ،

املعرب عنها بالفقه .

عرف هللا تعاىل ورسوله وقاعدتها ، الن به ي فلما علم الكالم : ويعرب عنه بلصول الدين ، هو أساس العلوم الرشعية

يشتمل عليه ، وبه يعرف صحيح اآلراء من فاسدها وحقها من باطلها ، وقد والليفته ، وغ�ها [ خ ل : غ�ه� ؟ ] م�

الحث عىل تعلمه وفضله كث� من الكتاب والسنة : قال هللا تعاىل : جاء يف

فاعلم أنه ال إله إال هللا .

وقال تعاىل :

نفسهم ما اللق هللا الس�وات واألرض وما بينه� إال بالحق . أو يتفكروا يف أ

وقال تعاىل :

أو ينظروا يف ملكوت الس�وات واألرض وما اللق هللا من شئ .

الصانع الواحد القادر العا الحكيم . ومرجع ذلك إىل االمر بالنظر واالستدالل بالصنعة املحكمة واآلثار املتقنة ، عىل

الخدري قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله :وعن أب سعيد

ما قلت : وال قال القائلون قب مثل " ال إله إال هللا " .

وآله : وعن أب عبد هللا عليه السالم عن أبيه عن جده قال : قال رسول هللا صىل هللا عليه

من مات ال يرشك بال شيئا دالل الدنة .

عن ع عليه السالم يف قول هللا عز وجل :وعنه عليه السالم عن آبائه

هل جزاء االحسان إال االحسان .

قال ع عليه السالم : سمعت رسول هللا صىل هللا عليه وآله يقول :

Page 133: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۳

إن هللا عز وجل قال : ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إال الدنة .

وعن ابن عباس قال :

العلم . قال : ما صنعت يف رأس العلم وآله ، فقال : يا رسول هللا علمني من غرائبجاء أعراب إىل النبي صىل هللا عليه

العلم يا رسول هللا ؟ قال : معرفة هللا حق معرفته . قال االعراب : وما حتى تسلل عن غرائبه ؟ قال الرجل : ما رأس

ال كقوله وال أحد ظاهر باطن أول آالر ،معرفته ؟ قال : تعرفه بال مثل وال شبه وال ند ، وأنه واحد معرفة هللا حق

نظ� ، فذلك حق معرفته .

والصدوق ٢عىل كتاب التوحيد للكليني ، واألثر يف ذلك عن أهل البيت عليهم السالم كث� جدا ، ومن أراده فليقف

ابن بابويه رحمه� هللا تعاىل .

بالتصنيف وأطلق عليها اسم العلم : أفردت وأما علم الكتاب : فقد استقر االصطالح فيه عىل ثالثة فنون قد

فيدالل فيه معرفة مخارج الحروف أحدها : علم التدويد ، وفائدته معرفة أوضاع حروفه وكل�ته مفردة ومركبة ،

إمالتها وتفخيمها ، ونحو ذلك . وصفاتها ومدها وإظهارها وإالفائها وادغامها

بها ، ونقلت عن الني صىل هللا عليه االعرابية والبنائية التي نزل القرآنوثانيها : علم القراءة ، وفائدته معرفة الوجوه

الفن األول ، وقد يطلق عليه� علم واحد ، ويدمعه� تصنيف واحد ، وآله تواترا ، ويندرج فيه بعض ما سبق يف

�له يف االحكام واملواعظ عليه استع وثالثها : علم التفس� ، وفائدته معرفة معانيه واستخراج أحكامه وحكمه ، ليرتتب

معرفة ناسخة ومنسوالة ومحكمة ومتشابهه ، وغ�ها . وقد يفرد الناسخ واألمر والنهي وغ�ها ، ويندرج فيه غالبا

ويخص بعلم آالر إال أن أكث التفاس� مشتملة عىل املقصود منه� . واملنسوخ ،

يف قوله ٣عباس ريض هللا عنه مرفوعا ر ، فروي عن ابنوقد ورد يف فضله وآدابه والحث عىل تعلمه أالبار كث�ة وآثا

تعاىل :

يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوت ال�ا كث�ا .

قال : الحكمة ، القرآن .

وروي عنه ريض هللا عنه أنه يعني تفس�ه ، فإنه قد قرأه الرب والفاجر .

ومنسواله ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه حكمة : املعرفة بالقرآن ناسخهوعنه ريض هللا عنه يف تفس� اآلية أنه قال : ال

ومؤالره ، وحالله وحرامه ، وأمثاله .

وقال صىل هللا عليه وآله :

أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه .

هللا عليه كانوا يلالذون من رسول هللا صىل وعن أب عبد الرحمن السلمي قال : حدثنا من كان يقرئنا من الصحابة أنهم

األالر حتى يعلموا ما يف هذه من العلم والعمل . وآله عرش آيات ، فال يلالذون يف العرش

Page 134: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳٤

كاألعراب يهذ الشعر هذا . وعن ابن عباس ريض هللا عنه قال : الذي يقرأ القرآن وال يحسن تفس�ه

وعن النبي صىل هللا عليه وآله :

من النار . من قال يف القرآن بغ� علم فليتبوأ مقعده

وقال صىل هللا عليه وآله :

من تكلم يف القرآن برأيه فلصاب فقد أالطل .

وقال صىل هللا عليه وآله :

من قال يف القرآن بغ� ما يعلم جاء يوم القيامة ملد� بلدام من نار .

وقال صىل هللا عليه وآله :

أكث ما أالاف عىل أمتي من بعدي رجل يتلول القرآن يضعه عىل غ� مواضعه .

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال : قال أب :

ما رضب رجل القرآن بعضه ببعض إال كفر .

يعني تفس�ه برأيه من غ� علم .

بلنساب العرب ووقائعها وأيام الناسحديث العالمة الذي قيل للنبي صىل هللا عليه وآله أنه أعلم ٥وقد تقدم

عليه وآله : الداهلية واالشعار العربية ، فقال النبي صىل هللا

العلم ثالثة : آية محكمة ، أو فريضة ذاك علم ال يرض من جهله ، وال ينفع من علمه ، ثم قال صىل هللا عليه وآله : إ�ا

عادلة ، أو سنة قائة ، وما سواهن فهو فضل .

هذا القدر . م يف جملة ذلك م� يطول ويخرج من وضع الرسالة ، فلنقترص منه عىلوالكال

القرآن ، وهو ما أضيف إىل النبي صىل هللا وأما علم الحديث : فهو أجل العلوم قدرا وأعالها رتبة وأعظمها مثوبة بعد

فة ، حتى الحركات والسكنات واليقظة السالم قوال أو فعال أو تقريرا أو ص عليه وآله أو إل األئة املعصوم� عليهم

والنوم .

وهو رضبان : رواية ، ودراية .

فاألول : العلم با ذكر .

ما ذكر ، ومتنه وطرقه وصحيحه وسقيمه وهو علم يعرف به معا� -وهو املراد بعلم الحديث عند االطالق -والثا� :

، وما يحتاج إليه من رشوط الرواية .

ليعرف املقبول منه واملردود ، ليعمل به أو يدتنب .وأصناف املرويات ،

Page 135: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳٥

القريب له . وقد روي عن الصادق وهو أفضل العلم� ، فإن الغرض الذات منه� هو العمل ، والدراية هي السبب

عليه السالم أنه قال :

ال� تدريه ال� من ألف ترويه .

وقال عليه السالم :

عليكم بالدرايات ال الروايات .

طلحة بن زيد ، قال : قال أبو عبد هللا عليه السالم :وعن

والعل�ء تدزيهم الدراية والدهال رواة الكتاب كث� ، ورعاته قليل ، فكم مستنسخ للحديث مستغش للكتاب ،

تدزيهم الرواية .

عليه وآله : وم� جاء يف فضل علم الحديث مطلقا من االالبار واآلثار قول النبي صىل هللا

الشاهد الغائب ، فإن الشاهد عىس أن يبلغ من هو أوعى له منه . ليبلغ

وقوله صىل هللا عليه وآله :

هو أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس نرض هللا امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غ�ه ، فرب حامل فقه إىل من

بفقيه .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

نة أو يثلم به بدعة ، فله الدنة . من أد إىل أمتي حديثا يقام به س

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أحاديثي ويعلمونها الناس . رحم هللا اللفائ . قيل : ومن اللفاؤك ؟ قال : الذين يلتون من بعدي ف�وون

وقوله صىل هللا عليه وآله :

له شافعا وشهيدا . وكنت من حفظ عىل أمتي أربع� حديثا من أمر دينها بعثه هللا يوم القيامة فقيها ،

هذا بعض ما ورد من ألفاظ هذا الحديث .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

من عبادة ست� سنة . من تعلم حديث� اثن� ينفع به� نفسه ، أو يعلمه� غ�ه ، فينتفع به� كان ال�ا له

وقوله صىل هللا عليه وآله :

فقولوا : هللا أعلم . القيامة ، فإذا بلغكم عني حديث تعرفوهمن رد حديثا بلغه عني فلنا مخاصمه يوم

Page 136: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳٦

وقوله صىل هللا عليه وآله :

من كذب ع متعمدا أو رد شيئا أمرت به ، فليتبوأ بيتا يف جهنم .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

به . من بلغه عني حديث فكذب به ، فقد كذب ثالثة : هللا ورسوله ، والذي حدث

ه صىل هللا عليه وآله :وقول

السيف ، جالؤها الحديث . تذاكروا وتالقوا وتحدثوا ، فإن الحديث جالء القلوب ، إن القلوب لرتين ك� يرين

ورو ع بن حنظلة قال سمعت أبا عبد هللا عليه السالم يقول :

اعرفوا منازل الناس عىل قدر روايتهم عنا .

ل :وعن أب عبد هللا عليه السالم قا

أحاديث من أحاديثهم ، فمن أالذ إن العل�ء ورثة األنبياء ، وذاك أن األنبياء يورثوا دره� وال دينارا ، وإ�ا ورثوا

هذا عمن تلالذونه ، فإن فينا أهل البيت يف كل اللف عدوال ينفون بشئ منها فقد أالذ حظا وافرا ، فانظروا علمكم

تلويل الداهل� . الغال� وانتحال املبطل� و عنه تحريف

وعن معاوية بن ع�ر قال : قلت ألب عبد هللا عليه السالم :

وقلوب شيعتكم ، ولعل عابدا من شيعتكم ليس له هذه رجل رواية لحديثكم يبث ذلك يف الناس ويشدده يف قلوبهم

أفضل ؟ قال : الرواية ، أيه�

الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد .

وعن أب بص� قال قلت ألب عبد هللا عليه السالم : قول هللا جل ثناؤه :

الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

قال :

هو الرجل يسمع الحديث . فيحدث به ك� سمعه ، ال يزيد فيه وال ينقص منه .

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال : قال أم� املؤمن� عليه السالم :

كذبا فعليه . حدثتم بحديث فلسندوه إىل الذي حدثكم ، فإن كان حقا فلكم ، وإن كانإذا

عليه السالم يقول : ورو هشام بن سا وح�د بن عث�ن ، وغ�ه� قالوا : سمعنا أبا عبد هللا

Page 137: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۷

وحديث الحس� حديث الحسن ، حديثي حديث أب ، وحديث أب حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحس� ،

أم� املؤمن� حديث رسول هللا صىل هللا عليه وآله : وحديث رسول هللا وحديث الحسن حديث أم� املؤمن� ، وحديث

عليه وآله قول هللا عز وجل . صىل هللا

علم بحكم رشعي فرعي مكتسب من وأما الفقه : فلصله يف اللغة : الفهم أو فهم األشياء الدقيقة ، ويف االصطالح :

استنباطا منه . وفائدته امتثال أوامر هللا تعاىل واجتناب نواهيه املحصالن للفوائد تفصي ، سواء كان من قصه أمدليل

الدنيوية واألالروية .

وم� ورد يف فضله وآدابه الرب :

من يرد هللا به ال�ا يفقهه يف الدين .

والرب :

فقيه أشد عىل الشيطان من ألف عابد .

يه وآله :وقوله صىل هللا عل

الصلتان ال تدتمعان يف منافق : حسن سمت وفقه يف الدين .

وقوله صىل هللا عليه وآله :

أفضل العبادة الفقه ، وأفضل الدين الورع .

والرب أب سعيد قال :

قراءة يقرأ رجل سورة ، أو يلمر رجال ب كان النبي صىل هللا عليه وآله وأصحابه إذا جلسوا كان حديثهم الفقه ، إال أن

سورة .

ورو ح�د بن عث�ن عن أب عبد هللا عليه السالم قال :

إذا أراد هللا بعيد ال�ا فقهه يف الدين .

ورو بش� الدهان قال : قال أبو عبد هللا عليه السالم :

ا احتاج إليهم احتاج إليهم ، فإذ ال ال� يف من ال يتفقه من أصحابنا ، يا بش� ! إن الرجل منهم إذا يستغن بفقهه

أداللوه يف باب ضاللتهم ، وهو ال يعلم .

وعن املفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد هللا عليه السالم يقول :

يوم القيامة ، و يزك له عليكم بالتفقه يف دين هللا ، وال تكونوا أعرابا ، فإنه من يتفقه يف دين هللا ينظر هللا إليه

عمال.

Page 138: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۸

ب عنه عليه السالم قال :ورو أبان بن تغل

لوددت أن أصحاب رضبت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا .

االمر ، لزم بيته و يتعرف إىل أحد من إالوانه وروي عنه عليه السالم أنه قال له رجل : جعلت فداك ، رجل عرف هذا

؟ قال : فقال :

كيف يتفقه هذا يف دينه ؟ .

با عبد هللا عليه السالم يقول :وعن ع بن أب حمزة قال : سمعت أ

يف كتابه : تفقهوا يف الدين ، فإنه من يتفقه منكم يف الدين ، فهو أعراب ، إن هللا تعاىل يقول

ليتفقهوا يف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون .

وعن أب جعفر عليه السالم قال :

الك�ل كل الك�ل التفقه يف الدين ، والصرب عىل النائبة ، وتقدير املعيشة .

ورو سلي�ن بن الالد عن أب عبد هللا عليه السالم أنه قال :

ما من أحد كوت من املؤمن� أحب إىل إبليس من موت فقيه .

وعنه عليه السالم ، قال :

إذا مات املؤمن الفقيه ثلم يف االسالم ثلمة ال يسدها شئ .

يقول : وعن ع بن أب حمزة ، قال : سمعت أبا الحسن موىس بن جعفر عليه� السالم

وأبواب الس�ء التي كان يصعد فيها إذا مات املؤمن بكت عليه املالئكة ، وبقاع األرض التي كان يعبد هللا عليها ،

شئ ، الن املؤمن� الفقهاء حصون االسالم ، كحصن سور املدينة لها . يف االسالم ثلمة ال يسدهابلع�له ، وثلم

وعن أب عبد هللا عليه السالم قال :

وإن كان تقية . ال يسع الناس حتى يسللوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يلالذوا با يقول

العلم ، وقد تقدم جملة منه . رشعية مضافة إىل ما ورد يف مطلقفهذه نبذة من االالبار املختصة بالعلوم ال

Page 139: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱۳۹

الفصل الثا�

يف العلوم الفرعية

أما املعرفة بال تعاىل وما يتبعه فال يتوقف أصل تحققه عىل شئ من وهي التي تتوقف معرفة العلوم الرشعية عليها ،

بالذات ، وإن كان ل مكلف ، وهو أول الواجباتيكفي فيه مدرد النظر ، وهو أمر عق يدب عىل ك العلوم ، بل

يتوقف عىل بعض العلوم العقلية كاملنطق وغ�ه . الخوض يف مباحثه وتحقيق مطالبه ، ودفع شبه املبطل� فيه

من النحو والترصيف واالشتقاق وأما الكتاب العزيز فإنه بلسان عرب مب� ، فيتوقف معرفته عىل علوم العربية

الفقه ليعرف به حكم عامه والاصه ، ومطلقه ومقيده ، ومحكمه يان والبديع ولغة العرب ، وأصولواملعا� والب

عينية ، رضوبه . فمعرفة ما يتوقف عليه من هذه العلوم واجب كوجوبه : فإن كان عينيا فهي ومتشابهه ، وغ�ها من

وإن كان كفائيا فهي كفائية ، وسيلت تفصيله إن شاء هللا تعاىل .

الحديث عنه بعرفة أحوال رواته من وأما الحديث النبوي فالكالم فيه كالكالم يف الكتاب ، وعلومه علومه ، ويزيد

منها وما يدب رده ، وهو علم الاص بالرجال . حيث الدرح والتعديل ، ليعرف ما يدب قبوله

وأما الفقه فيتوقف معرفته عىل جميع ما ذكر من العلوم الفرعية واألصلية :

أما الكالم ، فلتوقف معرفة الرشع عىل شارعه وعدله وحكمته ، ومعرفة مبلغه وحافظه .

معرفتها ملن يريد التفقه بطريق وأما الكتاب ففيه نحو المس مائة آية تشتمل عىل أحكام رشعية ، فال بد من

االستدالل .

اآليات القرآنية ، فإن ككن منه ومنوأما الحديث ، فال بد من معرفة ما يشتمل منه عىل االحكام ليستنبطها

استفادتها منها من االج�ع ، ودليل العقل عىل الوجه املقرر يف أصول استنباطها منه� رجع إىل بقية األدلة التي ككن

الفقه .

غ�ه . واملنطق آلة رشيفة لتحقيق األدلة مطلقا ، ومعرفة املوصل منها إىل املطلوب من

اثنا عرش ، وهي ترجع بحسب ما وقف عليها العلوم الرشعية ، وجملة ما يتوقف عليه الفقهفهذه عرشة علوم يت

االشتقاق قد أدرج يف أصول الفقه غالبا ، ويف بعض العلوم العربية ، استقر عليه تدوين العل�ء إىل ثانية ، فإن علم

داالل مع النحو يف أكث وضوعة لها ، والترصيفوالبيان والبديع قد صار عل� واحدا يف أكث الكتب امل وعلم املعا�

الكتب ، وقل من أفرده عل� ، الصوصا كتب املتقدم� .

فتدبر ذلك موفقا .

Page 140: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤۰

املطلب الثا�

يف مراتب أحكام العلم الرشعي وما ألحق به

وهي ثالثة : فرض ع� ، وفرض كفاية ، وسنة .

طلب العلم فريضة علم كل مسلم . حمل حديثفاألول ما ال يتلد الواجب عينا إال به ، وعليه

وهو يرجع إىل اعتقاد وفعل وترك .

لالمام ، والتصديق با جاء به النبي فاألول : اعتقاد كلمتي الشهادت� ، وما يدب ل وكتنع عليه واالذعان باإلمامة

الدزم ليل تسكن النفس إليه ويحصل بهواآلالرة م� ثبت عنه تواترا . كل ذلك بد صىل هللا عليه وآله من أحوال الدنيا

.

كفاية ، لصيانة الدين ودفع شبه املبطل� ، وما زاد عىل ذلك من أدلة املتكلم� والخوض يف دقائق الكالم ، فهو فرض

بحيث يتوقف التعلم عليه ، ومثلها الزكاة وأم الفعل : فتعلم واجب الصالة عند التكليف بها ودالول وقتها ، أو قبله

وم والحج والدهاد واالمر باملعروف .والص

عىل املكلف بلحد األسباب املذكورة يف وأما باقي أبواب الفقه من العقود وااليقاعات فيدب تعلم أحكامها حيث يدب

كتب الفقه ، وإال فهي واجبة كفاية .

كذلك أحكام عرشة النساء عنه ، و ومنه تعلم ما يحل ويحرم ، من امللكول واملرشوب وامللبوس ، ونحوها م� ال غنى

منها . ملن له زوجة ، وحقوق امل�ليك ملن له شئ

تعليم ما ١ك� أسلفناه يف صدر الكتاب وأما الرتك : فيدالل يف بعض ما ذكر ، ليدتنب ، وم� يلحق به بل هو أهمه ،

تحقق يف علم مفرد ، وهواملهلكة كالرئاء والحسد والعدب والكرب ، ونحوها ، م� يحصل به تطه� القلب من الصفات

من أجل العلوم قدرا ، إال أنه قد اندرس بحيث ال يكاد تر له أثرا .

بعده ونحوه ، وجب عىل الويل تعليم ولو توقف تعلم بعض هذه الواجبات عىل االشتغال به قبل البلوغ لضيق وقته

يحصل به النداة من النار ، قال هللا تعاىل :االمر بتعليم مطلق األهل ما الولد ذلك قبله من باب الحسبة ، بل ورد

يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا .

معناه : علموهم ما يندون به من النار .

وقال صىل هللا عليه وآله :

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .

كحفظ القرآن واألحاديث وعلومه� الرشعية :وأما فرض الكفاية : ف� ال بد للناس منه يف إقامة دينهم من العلوم

وأحوالهم واالج�ع ، وما يحتاج إليه يف قوام أمر املعاش كالطب والفقه واألصول والعربية ومعرفة رواة الحديث

الصنائع الرضورية كالخياطة والفالحة حتى الحدامة ، ونحوها . والحساب ، وتعلم

Page 141: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤۱

فرع :

البعض به جميع املكلف� عن إثهم املرتتب ل من فرض الع� ، ألنه يصان بقيامقال بعض العل�ء: فرض الكفاية أفض

فإ�ا يصان به عن االثم القائم به فقط . عىل تركهم له ، بخالف فرض الع�

ذلك ، وهو كث� ومنه تعلم الهيلة لالطالع وأما السنة : فكتعلم نفل العبادات ، واآلداب الدينية ، ومكارم األالالق وشبه

الهندسة وغ�ها . عىل عظمة ، هللا تعاىل ، وما يرتتب عليه من

ما يرتتب عليه إثارة الشكوك . وبقي علوم أالر بعضها محرم مطلقا ، كالسحر والشعبذة وبعض الفلسفة ، وكل

، والرمل ، فإنه يحرم تعلمها مع اعتقاد تلث�ها وتحقيق وقوعها وبعضها محرم عىل وجه دون آالر كلحكام الندوم

سبيل التفاؤل ، االمر مستندا إىل هللا تعاىل ، وأنه أجر العادة بكونها سببا يف بعض اآلثار وعىل ومباح مع اعتقاد كون

وبعضها مكروه كلشعار املولدين املشتملة عىل الغزل وتزجية الوقت بالبطالة ، وتضييع العمر بغ� فائدة . وبعضها

تصلح عار الخالية ع� ذكر ، م� ال يدالل يف الواجب كلشعار العرب العاربة التيواالش مباح كمعرفة التواريخ والوقائع

لالحتداج بها يف الكتاب والسنة ، فإنها ملحقة باللغة .

بالنظر إىل ذاته ، وقد ككن جعله مندوبا وباقي العلوم من الطبيعي والريايض والصناعي أكثه موصوف باإلباحة

العلوم الرشعية بتقويتها يف القوة النظرية ، وقد يكون حراما إذا استلزم التقص� غ�ه منلتكميل النفس ، وإعدادها ل

الغافل� عن حقائق الدين . العلم الواجب عينا أو كفاية ، ك� يتفق كث�ا يف زماننا هذا لبعض املحروم� يف

قدر املعترب منها يف اآللية مع وجوب ال ومن هذا الباب االشتغال يف العلوم التي هي آلة العلم الرشعي زيادة عن

الكفاية به ، ونحوه . االشتغال بالعلم الرشعي ، لعدم قيام من فيه

يخرج عن موضوع الرسالة . ولتحرير أقسام العلوم وبيان أحكامها عىل التفصيل محل آالر ، فإن ذكره هنا

وربا الصه بعضهم بالثالثة األال�ة ، وككن واعلم أن تخصيص العلوم األربعة بالرشعية مصطلح ج�عة من العل�ء ،

إليه . وال حرج يف ذلك . فإنه مدرد اصطالح ملناسبة ، وهللا أعلم . رد كل علم واجب أو مندوب

Page 142: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤۲

املطلب الثالث

يف ترتيب العلوم بالنظر إىل املتعلم

لئال يضيع سعيه أو يعرس عليه طلبه ، اعلم أن لكل علم من هذه العلوم مرتبة من التعلم ، البد لطالبه من مراعاتها

للعلم سن� كث�ة ، يحصلوا منه إال عىل القليل ، وآالرين حصلوا منه وليصل إىل بغيته برسعة ، وكم قد رأينا طالبا

مدة قليلة بسبب مراعاة ترتيبه وعدمه . كث�ا يف

موافقه مراد هللا تعاىل منها : إما باآللية ، غرضوليعلم أيضا أن الغرض الذات ليس هو مدرد العلم بهذه العلوم ، بل ال

الوجود ، أو إرشاد عباده إىل ما يراد منهم ، أو غ� ذلك من املطالب ، وبسبب أو بالعلم ، أو بالعمل ، أو بإقامة نظام

يختلف ترتيب التعلم . ذلك

لوم والتلهل للتفقه يف الدين بطريق الع فمن كان تعلمه يف ابتداء أمره وريعان شبيته وهو قابل للرتقي إىل مراتب

أول أمره بحفظ كتاب هللا تعاىل وتدويده عىل الوجه املعترب ، ليكون مفتاحا االستدالل والرباه� فينبغي أن يشتغل يف

ومعينا ناجحا ، وليستن� القلب به ، ويستعد بسببه إىل درك باقي العلوم . صالحا

أسباب العلم الرشعي ، فيقرأ أوال علم بية ، فإنها أول آالت الفهم ، وأعظمفإذا فرغ منه اشتغل بتعلم العلوم العر

إىل األصعب ، واألصغر إىل األكرب حتى يتقنه ويحيط به عل� . الترصيف ، ويتدرج يف كتبه من األسهل

املعا� ، ومدالال له أثرا عظي� يف فهم ثم ينقل إىل النحو ، فيشتغل فيه عىل هذا النهج ويزيد فيه بالدد والحفظ فإن

عربيان . جليال يف إتقان الكتاب والسنة ، ألنه�

ثم ينتقل منه إىل بقية العلوم العربية : فإذا فرغ منها أجمع اشتغل باملنطق .

وحقق مقاصده عىل النمط األوسط ، وال يبالغ فيه مبالغته يف غ�ه ، الن املقصود منه

البا .يحصل بدونه ، ويف الزيادة تضييع للوقت غ

ليحصل له بذلك ملكة البحث واالطالع عىل ثم ينقل منه إىل علم الكالم ، ويتدرج فيه كذلك ، ويطلع عىل طبيعياته

مزايا العوا والواصها .

أوىل العلوم بالتحرير ، وأحقها بالتحقيق ثم ينتقل منه إىل أصول الفقه ، متدرجا يف كتبه ومباحثه كذلك ، وهذا العلم

تعاىل ، فال يقترص منه عىل القليل ، فبقدر ما يحققه تتحقق عنده املباحث حو ملن يريد التفقه يف دين هللابعد علم الن

واألدلة الرشعية . الفقهية

وليس من العلوم الدقيقة ، وإ�ا هو ثم ينتقل منه إىل علم دراية الحديث ، فيطالعه ويحيط بقواعده ومصطلحاته

.مصطلحات مدونة وفوائد مدموعة

والتصحيح عىل حسب ما يقتضيه الحال فإذا وقف عىل مقاصده انتقل إىل قراءة الحديث بالرواية والتفس� والبحث

يشتمل عىل أبواب الفقه وأحاديثه . ويسعه الوقت ، وال أقل من أصل منه

Page 143: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤۳

رضوان هللا عليهم ١ء أفردها العل� ثم ينتقل منه إىل البحث عن اآليات القرآنية املتعلقة باألحكام الرشعية ، وقد

كتابا ، وليبحث عن أاارها ، وليمعن النظر يف كشف أغوارها ، فليس لها بالبحث والصوها بالتصنيف ، فليطالع فيها

العالم ، وفهم الناس لها عىل حسب ما تقف عليه االفهام ، إذ ليست كغ�ها من كالم األنام ، وإ�ا هي كالم امللك حد

كه أفهامهم .تصل إليه عقولهم وتدر

يطلع فيه عىل مطالبه ورؤوس مسائله ، فإذا فرغ منها انتقل بعدها إىل قراءة الكتب الفقهية ، فيقرأ منها أوال كتابا

ال تكاد تستفاد إال من أفواه املشايخ بخالف غ�ه من العلوم ، ثم يرشع وعىل مصطلحات الفقهاء وقواعدهم ، فإنها

ما يليق به من العلوم ، واستفادة ث واالستدالل ، واستنباط الفرع من أصوله ، ورده إىلقراءة كتاب آالر بالبح ثانيا يف

االستنباط من عموم لفظ أو إطالقه ، ومن حديث صحيح أو حسن أو الحكم من كتاب أو سنة من جهة النص أو

،ليتدرب عىل هذه املطالب عىل التدريج ، فليس من العلوم شئ أشد ارتباطا بغ�ه غ�ه�

األقىص واملطلب األسنى ووارثه األنبياء ، وال أعم احتياجا إليها منه ، فليبذل فيه جهده وليعظم فيه جده ، فإنه املقصد

توصله إىل هذه البغية ، وتبلغه هذه الرتبة ، وهي ٢إلهية وقوة منه قدسية وال يكفي ذلك كله إال بهبة من هللا تعاىل

من يشاء من عباده ، وال حيلة للعبد فيها ، بل هي منحة إلهية ونفحة ربانية يخص بهافقه دين هللا تعاىل ، العمدة يف

أثرا بينا يف إفاضتها من الدناب القديس : إال أن للدد واملداهد والتوجه إىل هللا تعاىل ، واالنقطاع إليه

والذين جاهدوا فينا لندينهم سبلنا وإن هللا ملع املحسن� .

له مقدمة ، وإذا وفق له ، فال يقترص ه رشع يف تفس� الكتاب العزيز بلاه ، فكل هذه العلومفإذا فرغ من ذلك كل

يكث من التفكر يف معانيه ، ويصفي نفسه للتطلع عىل الوافيه ، عىل ما استخرجه املفرسون بلنظارهم فيه ، بل

الحقائق ما يصل إليه ينئذ يظهر عليه منتعاىل يف أن كنحه من لدنه فهم كتابه وأاار الطابه ، فح ويبتهل إىل هللا

درر ويف ظاهره ال� ، والناس يف التقاط فرره ، واالطالع عىل غ�ه من املفرسين ، الن الكتاب العزيز بحر لدي يف قعره

حسب االتالف مراتب حسب ما تبلغه قوتهم ويفتح هللا به عليهم ، ومن ثم نر التفاس� مختلفة بعض حقائقه عىل

كالكشاف للزمخرشي ، ومنها ما يغلب عليه الحكمة في� يغلب عليهم من العلم : فمنها ما يغلب عليه العربية أهلها

ما مفاتيح ] الغيب للرازي ، ومنها ما يغلب عليه القصص كتفس� الثعلبي ، ومنها والربهان الكالمي كمفاتح [ أو :

إىل غ� ذلك من املظاهر . ومن املشهور . د الرزاق القايش . . يسلط عىل تلويل الحقائق دون تفس� الظاهر كتلويل عب

ما روي من :

أن للقرآن تفس�ا وتلويال وحقائق ودقائق ، وأن له ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا .

ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء ، وهللا ذو الفضل العظيم .

الطبعي والريايض والحكمة والعملية لحكمة منفإذا فرغ من ذلك وأراد الرتقي وتكميل النفس ، فليطالع كتب ا

ثم ينتقل بعده إىل العلوم الحقيقية وما الرج عنها من رضورات دار الفناء ، واملشتملة عىل تهذيب األالالق يف النفس

ونتيدة كل معلوم ، وبها يصل إىل درجة املقرب� ويحصل عىل مقاعد والفنون الحقية ، فإنها لباب هذه العلوم

هللا وإياكم إىل ذلك الدناب إنه كريم وهاب . الواصل� ، أوصلنا

Page 144: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤٤

لفهمها . فلما القارصون عن درك هذا كله برتتيب من هو أهل لهذه العلوم ، وله استعداد لتحصيلها ، ونفس قابلة

صول إليه متدرج� هذا املرام ، فليقترصوا منها عىل ما ككنهم الو هذا املقام ، واملمنوعون بالعوائق عن الوصول إىل

واالحكام الدينية . عليه . فإن يكن لهم بد من االقتصار ، فال أقل من االكتفاء بالعلوم الرشعية فيه حيث ما دللنا

قامت النبوات ، وانتظم أمر املعاش فإن ضاق الوقت أو ضعفت النفس عن ذلك ، فالفقه أوىل من الدميع ، فبه

النفس وإصالح القلب من علم الطب النف ، ليرتتب عليه العدالة مراعاته من تهذيبواملعاد ، مضيفا إليه ما يدب

قامت الس�وات واألرض والتقو التي هي مالك االمر . التي بها

الخق ، قال هللا تعاىل : فإذا فرغ ع� اللق له من العلوم فليشتغل بالعمل الذي هو زبدة العلم وعلة

عبدون . وما اللقت الدن واإلنس إال لي

األول . وما أجهل وأالرس وأحمق من وهذه العلوم بنزلة اآلالت القريبة أو البعيدة للعمل ، ك� حققناه يف الباب

يرصف عمره ، ويدعل كده يف تحصيل آالتها من غ� أن يشتغل بها اشتغاال يتعلم صنعة لينتفع بها يف أمر معاشه ، ثم

إن شاء هللا تعاىل . به الغرض منها . فتدبر ذلك موفقا يحصل

تتمة الكتاب

وبينت لك ك�ل اآلداب ، وحثثتك عىل اعلم وفقك هللا تعاىل أ� قد أو صحت لك السبيل ، وعلمتك كيفية املس� ،

والتشم� ، واغتنام أيام عمرك القص� ، يف اقتناء الفضائل النفسانية ، والحصول عىل دالول هذا الباب ، فعليك بالدد

فإنها من ك�الت نفسك االنسانية ، لمية ، فإنها سبب لسعادتك املؤبدة ، وموجبه لك�ل النعمة املخلدة ،امللكات الع

الحكمية ، ودلت عليه اآليات القرآنية واالالبار النبوية ، فتقص�ك يف وهي باقية أبدا ال تعدم ك� تحقق يف العلوم

حرستك الطويلة . الك�ل يف أيام هذه املهلة القليلة موجب لدوام تحصيل

نوعك من بلدك أو محلتك ، وتتل بزيادة واعترب يف نفسك اآلن إن كنت ذا برصة أنك ال ترىض بالقصور عن أبناء

شلنك ، مع أنك وهم يف دار السيسة ، وعيشة دنية زائلة عل� قليل ، وال يكاد علمهم عىل علمك وارتفاع شلنهم عىل

بلن تكون غدا يف دار البقاء عند القليل ، فكيف ترىض لنفسك إن كنت عاقال عىل نقصك من الخارج� عنك إال يطلع

والشهداء ، والصالح� ، والعل�ء الراسخ� ، واملالئكة املقرب� ، ومنازلهم اجت�ع جميع العوا من األنبياء واملرسل� ،

موقف صف النعال ، وأنت اآلن دة الزائلة يفالدار عىل قدر ك�التهم التي حصولها يف هذه الدار الفانية ، وامل يف تلك

العقل أو سبات . نعوذ بال من سنة الغفلة وسوء الزلة . قادر عىل درك الك�ل ، ما هذا إال قصور يف

وأ لك باألمان من ذلك ؟ وقد عرفت أن وهذا كله عىل تقدير سالمتك يف تلك الدار من عظيم االالطار وعذاب النار ،

األعيان أو الكفاية ، وأن الواجب الكفائ إذا يقم به من فيه كفاية يلثم الدميع وم واجب إما عىلأكث هذه العل

برتكه ، ويص� حكمه يف ذلك كالواجب العيني .

العلوم الرشعية ، والحاصل عىل درجتها وأين القائم يف هذا الزمان بل يف أكث األزمان بالواجب من تحصيل هذه

مراتبه وجوبه عىل الكفاية ، وأد ما يتلد به هذا الواجب أن يكون يف كل التفقه يف الدين ، فإن أقلاملرضية ؟ سي�

Page 145: منيه المريد في اداب المفيد و المستفيد

۱٤٥

أقطار األرض ومتى اتفق منه قائم به ممن فيه كفاية ، وهذا ال يحصل إال مع وجود اللق كث� من الفقهاء يف قطر

ذلك يف هذه األزمنة ؟

وغ�ه ، وتصحيحها وضبطها ، وكل هذا والكتب التي يتوقف عليها من الحديثهذا مع القيام با يلزمه من العلوم ،

واالشتغال بغ� العلم ، ومقدماته ، قد صار من أعلم العصيان ، وإن كان أمر معدوم يف هذا الزمان ، فالتقاعد عنه

تغال بالعلوم الرشعية عىل االش العبادة من دعاء أو قراءة قرآن ، فلين السالمة من أهوال القيامة للقاعد عن بصورة

الدرجة العلية ؟ ! تقدير رضاه بهمته الخسيسة عن ارتقاء مقام أهل

سائر جنسك من الحيوانات ليس إال بهذه واعترب ثالثا [ ظ : ثانيا ] عىل تقدير السالمة من ذلك كله أن امتيازك عن

الخطل والصواب ، املوجبة لتحصيل العلوم النافعة لك بينها ، [ املميزة ] ب� القوة العاقلة ، التي قد الصك هللا بها من

من امللكل واملرشب ، الدار ويف دار املآب ، فقعودك عن استع�لها في� اللقت له ، وانه� كل يف مهلكك يف هذه

الديدان والخنافس فإنها تلكل وترشب وتدمع القوت وغ�ه� من االع�ل التي يشاركك فيها سائر الحيوانات حتى

أعظم من قادر عىل أن تص� من جملة املالئكة املقرب� باستع�ل قوتك يف العلم والعمل بل تناكح وتتوالد مع أنكوت

املالئكة ، ع� الخرسان املب�

مهلتكم ، وتالفوا تفريطكم ، قبل زوال فتنبهوا معرش إالوا� وأحبائ أيقظنا هللا وإياكم من غفلتكم واغتنموا أيام

ان ، فيا لها حرسة ال يتدارك فارطها ، وندامة وتخلد محنتها ! األوان والحصول يف حيزاالمكان وفوت

مرصوفا عىل علوم الرشيعة ، وأحلنا جميعا نبهنا هللا وإياكم من مراقد الطبيعة ، وجعل ما بقي من أيام هذه املهلة

األكرم� وأجود األجودين . يف دار كرامته بنازلها الرفيعة . إنه أكرم

وعىل آله أهل العصمة والعدالة ، وعىل هذا القدر نختم الرسالة ، حامدين ل تعاىل ، مصل� عىل الاتم الرسالة ،

وفرغ منه مؤلفها الفق� إىل عفو هللا تعاىل ورحمته : زين الدين بن مسلم� مستغفرين من ذنوبنا إنه غفور رحيم ،

والمس� وتسع مائة . العرشين من شهر ربيع األول سنة أربع الشامي العام ضحى يوم الخميس يوم ع بن أحمد

والحمد ل رب العامل� . وتقبلها هللا برحمته ، وتلقاها بيد كره ورأفته إنه جواد كريم