من مفاسد

البدع

بسم الله الرحمن الرحيمالحمدلله رب العالمين، والصالة والسالم على

خاتم األنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن أشد معاول الهدم والتخريب في دين الله عز وجل معول األهواء والبدع، ذلك

المعول الذي مازال يضرب صفحة الدين البيضاء حتى تتحطم ويحل محلها ما حذر منه

النبي صلى الله عليه وسلم من الضالالت والبدع.

فكم أخفت البدع من سنة؟وكم أضلت من طائفة؟وكم أظلمت من قلب؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم: »افترقت اليهود على إحدى

وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين

فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده، لتفترقن أمتي على

ثالث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في

.»النار

فهذه الفرق هي فرق األهواء والبدع والقول على الله

تعالى بغير علم، قال اإلمام \ اآلجري: "رحم الله عبداحذر هذه الفرق، وجانب

البدع، واتبع ولم يبتدع، ولزم األثر، فطلب الطريق

المستقيم واستعان بمواله ."الكريم

:ما جاء في ذم البدع وأهلها

aدaعbوهaا مaا قال تعالى: cت dة\ اب eي aان هcب aرaو{ eانaوcضeاء رaغe cت eالd اب cهeمc إ aي aاهaا عaل cن aب aت ك

eهaا{ aت عaوcهaا حaقd رeعaاي aا رaمaف eهd الل[27]الحديد:

dة\ قال الحافظ ابن كثير: eي aان هcب aرaو{aدaعbوهaا{ cت أي: ابتدعها أمة اب

cهeمc{ النصاري aي aاهaا عaل cن aب aت أي: }مaا كما شرعناها لهم، وإنما هم .التزموها من تلقاء أنفسهم

eغaاء رeضcوaانe وقوله تعالى: cت eالd اب }إ }eهd فيه قوالنالل :

أنهم قصدوا بذلك : أحدهمارضوان الله، قاله سعيد بن

.جبير وقتادة

ما كتبنا عليهم ذلك، إنما : الثاني.كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله

عaوcهaا حaقd وقوله تعالى: aا رaمaف{eهaا{ aت أي: فما قاموا بما رeعaاي

التزموا حق القيام، وهذا ذم :لهم من وجهين

االبتداع في دين الله ما : أحدهما.لم يأمر به الله

في عدم قيامهم بما : والثانيالتزموا مما زعموا أنه قربهم

.إلى الله عز وجل

ومما ورد كذلك في ذم البدع واألهواء والمحدثات قوله

bم تعالى: cك aي eل bنزeلa إ c مaا أ eعbوا dب }ات eهe c مeن دbون eعbوا dب aت a ت bمc وaال oك ب dن رoم

aاء{ eي وcلa [3]األعراف: أ

dذeينa وقال تعالى: aال c ك bوا bون aك a ت }وaالaعcدe مaا c مeن ب aفbوا aل ت cاخaو c قbوا dرaفa ت cمbهa eكa ل ِئ aـ وcل

b aاتb وaأ oن aي cب جaاءهbمb ال }tيمeِظaع tابaذaآل عمران: ع[

105]

وعن عبدالله مسعود رضي الله عنه قال: خَّطd رسول الله صلى الله

} على األرض، عليه وسلم خطاثم خَّط »هذا سبيل الله«وقال:

\ عن يمين الخَّط ويساره، خطوطا»هذه سبل على كل سبيل وقال:

ثم تال هذه منها شيطان يدعو إليه« \ اآلية: aقeيما ت cسbي مeاط aرeا صaذ aهـ dنa }وaأ

aق dرaفa bلa فaت ب c الس{ eعbوا dب aت a ت eعbوهb وaال dب فaات eهe bم ب bمc وaصdاك eك eهe ذaل eيل ب aن سaع cمb eك ب

} aونbقd aت bمc ت dك aعaل [ 153]األنعام: ل.الخطوط التي عن يمينه ويساره

ومن األحاديث في ذم البدع والتمسك بالسنة: حديث العرياض بن سارية

رضي الله عنه قال: "وعِظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعِظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت

منها العيون قالوا: يارسول الله، كأنها موعِظة مودع فأوصنا، قال:

»أوصيكم بتقوى الله، والسمع }، وإنه \ حبشيا والطاعة، وإن كان عبدا

من يعش منكم بعدي فسيرى \، فعليكم بسنتي وسنة \ كثيرا اختالفاالخلفاء الراشدين من بعدي، عض�وا

عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات األمور، فإن كل محدثة بدعة وكل

.»بدعة ضاللة

ومن األحاديث قوله صلى الله عليه »من أحدث في أمرنا هذا ما وسلم:

ليس منه فهو رد�«.

»من وقوله صلى الله عليه وسلم: \ ليس عليه أمرنا فهو رد� .»عمل عمال

»ومن وقوله صلى الله عليه وسلم: سنd في اإلسالم سنة سيِئة فعليه

وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ال ينقص ذلك من أوزارهم

.»شيء

»لتتبعن وقال صلى الله عليه وسلم: \ بشبر، سنن من كان قبلكم، شبرا\ بذراع، حتى لو دخلوا جحر وذراعا

قالوا: اليهود ضب لدخلتموه«»فمن؟والنصارى؟ قال: «.

ما ورد عن السلف في ذم :البدع

أما علماء السلف من الصحابة والتابعين واألئمة، فقد اشتد نكيرهم

على أهل األهواء والبدع، وكانت لهم في ذلك عبارات خالدة تكتب

بماء الذهب، ومن ذلك:عن حذيفة بن اليمان رضي الله

عنه قال: "اتبعوا آثارنا وال تبتدعوا، ،\ \ بعيدا فإن أصبتم فقد سبقتم سبقا

\ وإن أخطأتم فقد ضللتم ضالال\ ."بعيدا

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: .""اتبعوا وال تبتدعوا فقد كفيتم

وكان رضي الله عنه يقول في خطبته: "إنما هو القول والعلم،

فأصدق القول قول الله وأحسن الهدى هدى محمد

صلى الله عليه وسلم، وشر األمور محدثاتها، وكل محدثة

."بدعة، وكل بدعة ضاللة

وقال ابن عباس رضي الله عنه: "عليكم باالستقامة واألثر، وإياكم

."والتبدع

وقال أيضا: "ما يأتي على الناس من عام إال أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه

سنة، حتى تحيا البدع، وتموت ."السنن

وقال الحسن: "صاحب البدعة ال يزداد \ وصالة إال ازداد من \، صياما اجتهادا

\، وكذا قال أيوب السختياني ."الله بعدا

وقال ابن المبارك: "اعلم أي أخي أن الموت اليوم كرامة

لكل مسلم لقي الله على السنة، فإنا لله وإنا إليه

راجعون، فإلى الله نشكو وحشتنا، وذهاب اإلخوان،

وقلة األعوان وظهور البدع، وإلى الله نشكو عِظيم ما حل بهذه األمة من ذهاب العلماء

."وأهل السنة وظهور البدع

فإذا كان هذا قول ابن المبارك في بدع عصره، فماذا نقول نحن في بدع

!عصرنا؟

وقال اإلمام أحمد بن حنبل: "أصول أهل السنة عندنا: التسمك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم، واالقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضاللة".

،\ وأقوال أئمة السلف في ذلك كثيرة جداوهذا غيض من فيض، والحر{ تكفيه

.اإلشارة

:من مفاسد البدع

وخطورة البدع ومفاسدها على اإلسالم والمسلمين عِظيمة، ومن ذلك:

أن ظهور البدع تؤدي إلى ذهاب \: أوالالسنن وانطماس معالم الدين

الصحيح.

\ أنه يؤدي إلى الجهل ويدخل : ثانياعليه، ألنه إذا انطمست السنن أفتى

.الناس بغير علم فضلوا وأضلوا

أنه يؤدي إلى الشرك \: ثالثاوالخروج من اإلسالم، فإن شرك

عباد القبور كان بسبب البدع التي استحسنوها وأخذوها عن غالة

.الصوفية

أنه يؤدي إلى الغلو في \: رابعاالدين، وتكفير المسلمين

واستباحة دمائهم وأموالهم، كما .حدث في بدعة الخوارج

\ أن صاحب البدعة يرى أن : خامساالدين ناقص، وهو يريد أن يكمله

ببدعته، فلو كان يرى أن الدين كامل الستغنى عن البدع وقنع بالسنة،

ولذلك يكثر في أهل البدع الكذب على رسول الله صلى الله عليه

وسلم، فإذا تبين كذبهم قالو: "كذبنا له، ولم نكذب عليه"، وهذا فيه افتراء

على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يبلغ البالغ المبين، حتى أتى هؤالء المبتدعة فقاموا

.بإكمال ما أهمله

\ أن البدع تنتشر ألن الحق : سادساثقيل على النفوس والباطل

سهل، ومن هنا نجد أن أصحاب البدع يزهدون في السنن، وتفتر

عزائمهم عن العمل بها، وينشطون في البدع، فينفقون

أموالهم وينصبون أبدانهم، ويضيعون أوقاتهم في نشر

البدع، ومن ذلك بدع السماع، .والرقص وإقامة الموالد وغيرها

أن البدع تعيد الجاهلية إلى \: سابعاحياة الناس، فتورث التفرق

وكثرة االختالف، وكل فريق يرى أن ما هو عليه أحسن مما عليه

ب� اآلخر، كما قال تعالى: cزeل{ حb }ك }aونbحeرaف cمeهc aدaي eمaا ل ]المؤمنون: ب

53،]قa وقال: dرaفa bلa فaت ب c الس{ eعbوا dب aت a ت }وaال

}eهe eيل ب aن سaع cمb eك [153]األنعام: ب .

أما السن فإنها تجمع الناس وتؤلف بين قلوبهم،

فيكونون إخوة متحابين على منهج واحد، ودين

واحد، ممتثلين قوله تعالى: eه� cلe الل ب aحe c ب aصeمbوا }وaاعcت

}c قbوا dرaفa a ت \ وaال ]آل جaمeيعا[103عمران: .

\ أن البدع أخطر من : ثامناالشهوات؛ ألن صاحب الشهوات

يعلم أنه على معصية فيتوب منها، أما صاحب البدعة فيِظن

أنه على طاعة وعلى خير وعلى استقامة، وهو ممن يشمهلم

bمc قوله تعالى: bك oِئ aب bن }قbلc هaلc ن dلaض aينeذd \ ال aعcمaاال رeينa أ aسcخa cاألe ب cمbهaا وa cي aاةe الد{ن ي aحc bهbمc فeي ال عcي aس

}\ cعا bونa صbن ن eسcحb dهbمc ي نa bونa أ ب aسcحa ي[104-103]الكهف: .

أن البدع تصد الناس عن \: تاسعادين الله عز وجل، وتمنع الكفار من الدخول في اإلسالم، فإذا ما رأى غير المسلم ومن ال يعرف حقيقة اإلسالم ما عليه كثير من

المسلمين من الجهل والبدع والخرافات والطقوس الفارغة،

ظن أن ذلك هو اإلسالم، وأن الدين يأمر بهذه البدع

\ له والضالالت، فكان ذلك صارفا.عن الدخول في اإلسالم

\ أن بعض المسلمين : عاشراالجدد ممن تركوا الكفر

ودخلوا في اإلسالم، ولجوا إليه عن طريق أهل البدع،

\ ومنهم من تبنى بدعامكفرة، فصدق عليه المثل القائل: فرd من الموت وفي

.الموت وقع

والبدع كما أنها تؤدي : حادي عشرإلى الغلو فإنها كذلك تؤدي إلى

الجفاء والتفريَّط والتساهل، كما في بدعة من يرى أنه مجبور

على فعل المعاصي، وأنه ليس له إرادة وال استطاعة على منع ذلك، وربما أنشد في ذلك قول

الشاعر:\ وقال له ألقاه في اليمo مكتوفا

*** إياك أن تبتلd بالماء

فجعل االحتجاج بالقدر حجة له على فعل المعاصي وال حجة

له في ذلك؛ ألن الله عز وجل أثبت لإلنسان مشيِئة فقال:

اء aن شaمaن وeمcؤb cي اء فaل aن شaمaف{ } cرbفc aك cي [ وأثبت 29]الكهف: فaل

c له إرادة كما قال: ادbوا aرa aوc أ }وaلaهb عbدdة\{ c ل aعaد{وا وجa أل bرbخc ال

[46]التوبة: .

ومن ذلك: بدعة من قالوا إن اإليمان هو التصديق فقَّط، وإن

األعمال ال تدخل في مسمى اإليمان، فقالوا إن إيمان أفجر رجل في األمة مثل إيمان أبي

بكر، ألنهما يشتركان في التصديق، وكل ذلك من البدع التي جرأت الناس على فعل

.المعاصي، وارتكاب المحرمات

والبدعة من محبطات : ثاني عشراألعمال، ألن العمل ال يقبل إال

بشرطين:\ لوجه الله األول: * أن يكون خالصا

.تعالى* \ على السنة.الثاني: أن يكون صوابا

وكل البدع مخالفة للسنة، وأغلبها ال يراد بها وجه الله تعالى، وإنما يراد بها

األموال والدنيا والمناصب والشهرة بين الناس، فال يقبلها الله عز وجل بل

يرد�ها، ويضرب بها وجه صاحبها، .ويعاقبه على إحداثها

والبدعة من أعِظم المحرمات، : ثالث عشرألنها من جنس القول على الله بال علم،

وقد قرنه الله عزوجل بالشرك، قال ابن القيم: "وأما القول على الله بال علم فهو

\ وأعِظمها أشد هذه المحرمات تحريما\، فإنه يتضمن الكذب على الله، إثما

ونسبته إلى ما ال يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه،

وتحقيق ما أبطله، وإبطال ما حققه، وعداوة من وااله، ومواالة من عاداه،

وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما ال يليق به في ذاته وصفاته وأقواله

.وأفعاله

فليس في أجناس المحرمات ،\ أعِظم عند الله منه، وال أشد إثماوهو أصل الشرك والكفر، وعليه

أسست البدع والضالالت، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها:

.""القول على الله بال علم

ثم قال رحمه الله: "فذنوب أهل البدع �ها داخلة تحت هذا الجنس، فال كلتتحقق التوبة منه إال بالتوبة من البدع، وأنى بالتوبة منها لمن لم

يعلم أنها بدعة، أو يِظنها سنة، فهو يدعو إليها، ويحض عليها، فال تنكشف

لهذا ذنوبه التي تجب عليه التوبة منها إال تنكشف لهذا ذنوبه التي

تجب عليه التوبة منها إال بتضلعه من السنة وكثرة اطالعه عليها، ودوام

البحث عنها والتفتيش عليها، وال ترى \ "صاحب بدعة كذلك أبدا