399
صدار ، الإ ن را لقم ا حكا ع لإ م ا ج ل ا1.49 ي طبر لقم ا ما لإ ل* ن ب م*د ح م ل*ه دال ب ع و * ب ا4 ف* ي ل ا ، ت* ي ب* طر لق ر ا ي* س4 ف ت ور ب هB ش م ل ، ا ن را لقم ا حكا ع لإ م ا ج ل ا اب ب ك و ه و" " * . ي طبر لق ا صاري4 ن مد الإ ح ا ع. ب را ل ء ا4 ر ج ل ا ه هاي4 ن ى ل م ا ت د ق4 ف ى ئ ها4 لن ا ق ي ق د ب ل ا ما ، ا ى ئ د ب م ل كB ش ب ق ق ل ومد م كاّ 4 ف ل م ل ا* * 1 ء4 ر ج لا* 1 عه ي لط ا ن م* 2 دمه ق م لا* * 3 ة4 عاذ ي س الإ ي4 ف ول ق لا* ن م ل*ه ال ت4 عد ي* س ا4 ف ن را * لق ا ب را* ق ا4 ذ ا4 ف ى: ل عا ت ال ق4 ف راءة ق ل ك ول د ا4 ب ع ة4 عاذ ي س الإ ى ت ل عا ت له ر ال م ا" *ل: ج~ ن لا[ م ي ج ل ا طان يB * ش ل ا" 98 ر ا ا4 ذ ا ي ا] ذ م*ا ك ل ب ف ي* ش م ل ع ا * ف و م ي4 * ض ما ل ع ا ف و ا4 ؛ ف* را * ق ت ن ا ب ر: ع اB ش لل ا ا ف د4 غ ي4 ف كان ما4 اف*4 ب ئ ب سذ وا و ل ا ن م ي4 مض ي4 ري الد ك4 م لد ك ب ت لإ ى4 ئ وا م ت د ق* ت4 ار ي ج*4 ب* ع م ل ا ي4 ف ا ارت* ق ت ن لي ع4 ف ك ن ر، وا ي4 خ ا م وت* ت د ق* ت لإم لك ا ي4 ف ل: * ب ق د؛ و4 غ* ي4 ف *ون ك تذ م*ا را ا م: ن لا[ ى ل د ت*4 ق ا4 م ذت*B ت ى: ل ع*ا ت ال م*ا ف* ك ؛ ت ئB * س م*ا ه ن ا" " 8 ت* ب ر ي * ق ا ل*ه:B ب م ا؛ و4 م ذت*B ت ى ل د ت*4 ق ي4 ب* ع م ل ا] " ر:* م ق لا[ ر م ق ل ا قB ش4 ب وا شاعه ل ا" 1 ر. يB ث ك و ه و] ي جك. *لإة ص ل ا ي4 ف ه ي4 ق وا*4 ق ل ت4 ج . وا لإة ص ل ر ا ي4 ع ي4 ف راءة ق ل ك ي4 ف ور* ه م ح ل ول ا ق ي4 ف دب4 ب ل ي ا غل ر م ا الإ4 هد@ *لإة ص ل ا ي4 ف ون4 *وذ ع ي ت وم * ق و ي ع4 خ4 ن ل وا ن ب ر ي* س ن ب ا . وك*ان ه ي* ج وا ة4 عاذ ي* س الإ ن ء: ا عط*ا ن عB اش ق*4 ي ل ا ع*ه رك ل ا ي4 ف ان4 *وذ ع ي ت ي ع4 ف اB ش* ل وا ه4 ف* ي4 ن ج و * ب م، وا م ع ل ي ا غل ة4 عاذ ي* س الإ ي4 ف ل*ه *ر ال م ا *ون لB ب مئ ي ، و ع*ه *ل رك ك

الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

  • Upload
    others

  • View
    6

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

1.49الجامع ألحكام القرآن، اإلصدار *لإلمام القرطبي

*وهو كتاب الجامع ألحكام القرآن، المشهور ب! "تفسير القرط!!بي"، ت!!أليفأبو عبدالله محمد بن أحمد األنصاري القرطبي.

* الملف كامل وم!!دقق بش!!كل مب!!دئي، أم!!ا الت!!دقيق النه!!ائي فق!!د تم إلىنهاية الجزء الرابع.

من الطبعة1*الجزء 1* *المقدمة2**القول في االستعاذة3*

أمر الله تعالى باالستعاذة عند أول ك!!ل ق!!راءة فق!!ال تع!!الى: "ف!!إذا ق!!رأت ت أند[ أي إذا أر98القرآن فاستعذ بالله من الش!!يطان ال!!رجيم" ]النح!!ل:تقرأ؛ فأوقع الماضي موقع المستقبل كما قال الشاعر:

وإني آلتيكم لذكرى الذي مضى من الود واستئناف ما كان في غد أراد ما يكون في غد؛ وقيل: في الكالم تقديم وتأخير، وأن كل فعلين تقاربافي المعنى جاز تقديم أيهما شئت؛ كما قال تعالى: "ثم دنا فتدلى" ]النجم:

[ المعنى فتدلى ثم دنا؛ ومثله: "اقتربت الساعة وانشق القم!!ر" ]القم!!ر:8[ وهو كثير.1

@ هذا األمر على الندب في قول الجمهور في كل قراءة في غير الص!!الة.

واختلفوا فيه في الص!!الة. حكى النق!!اش عن عط!!اء: أن االس!!تعاذة واجب!!ة. وكان ابن سيرين والنخعي وقوم يتعوذون في الصالة كل ركع!!ة، ويمتثل!!ون أمر الله في االستعاذة على العم!!وم، وأب!!و حنيف!!ة والش!!افعي يتع!!وذان في الركعة األولى من الصالة ويريان قراءة الصالة كلها قراءة واحدة؛ ومالك ال

يرى التعوذ في الصالة المفروضة ويراه في قيام رمضان. @ أجمع العلماء على أن التع!وذ ليس من الق!رآن وال آي!ة من!ه، وه!و ق!ول الق!!ارئ: أع!!وذ بالل!!ه من الش!!يطان ال!!رجيم. وه!!ذا اللف!!ظ ه!!و ال!!ذي علي!!ه الجمهور من العلماء في التعوذ ألنه لفظ كتاب الل!!ه تع!!الى. وروي عن ابن مسعود أن!!ه ق!!ال: قلت أع!وذ بالل!ه الس!ميع العليم من الش!!يطان ال!رجيم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الش!!يطان

الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم(. @ روى أب!!و داود وابن ماج!!ة في س!!ننهما عن جب!!ير بن مطعم أن!!ه رأى رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم يص!!لي ص!!الة فق!!ال عم!!رو: ال أدري أي صالة هي؟ فقال: )الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا - ثالثا - الحم!!د لل!!ه كث!!يرا الحمد لله كثيرا - ثالثا - وسبحان الله بكرة وأصيال - ثالثا - وأع!وذ بالل!ه من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه(. قال عمرو: همزه المؤتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر. وقال ابن ماج!ة: المؤت!ة يع!ني الجن!ون. والنفث: نفخ الرج!ل من في!!ه من غ!!ير أن يخ!!رج ريق!!ه. والك!!بر: التي!!ه. وروى أب!!و داود عن أبي سعيد الخدري قال: كان رس!!ول الل!ه ص!لى الل!ه علي!!ه وس!لم إذا ق!ام من الليل كبر ثم يقول: )سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك وال إله غيرك - ثم يقول: - ال إله إال الله - ثالثا ثم يقول: - الله أكبر كبيرا - ثالثا - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفث!!ه(؛

Page 2: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ثم يقرأ. وروى سليمان بن سالم عن أبي القاسم رحمه الله أن االستعاذة: أعوذ بالله العظيم من الشيطان ال!رجيم إن الل!!ه ه!!و الس!ميع العليم بس!م الله الرحمن الرحيم. قال ابن عطية: "وأما المقرئون فأكثروا في ه!!ذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة األخرى، كقول بعضهم: أع!!وذ بالله المجي!!د، من الش!!يطان المري!!د؛ ونح!!و ه!!ذا مم!!ا ال أق!!ول في!!ه: نعمت

البدعة، وال أقول: إنه ال يجوز". @ ق!!ال المه!!دوي: أجم!!ع الق!!راء على إظه!!ار االس!!تعاذة في أول س!!ورة "الحمد" أال حمزة فإنه أسرها. وروى السدي عن أه!!ل المدين!!ة أنهم ك!!انوا يفتتح!!!ون الق!!!راءة بالبس!!!ملة. وذك!!!ر أب!!!و الليث الس!!!مرقندي عن بعض المفسرين أن التعوذ ف!رض، ف!إذا نس!يه الق!ارئ وذك!ره في بعض الح!زب قطع وتعوذ، ثم ابتدأ من أوله. وبعضهم يقول: يستعيذ ثم يرجع إلى موضعه الذي وقف فيه؛ وباألول قال أسانيد الحجاز والعراق؛ وبالثاني ق!!ال أس!!انيد

الشام ومصر. @ حكى الزهراوي قال: نزلت اآلي!!ة في الص!!الة ون!!دبنا إلى االس!!تعاذة في غير الصالة وليس بفرض. قال غ!!يره: ك!انت فرض!!ا على الن!!بي ص!لى الل!!ه

عليه وسلم وحده، ثم تأسينا به. روي عن أبي هريرة أن االستعاذة بعد القراءة؛ وقاله داود. قال أبو بكر

بن الع!ربي: "انتهى العي بق!وم إلى أن ق!!الوا: إذا ف!رغ الق!ارئ من ق!راءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم". وقد روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صالته قبل الق!!راءة؛ وه!!ذا نص. فإن قيل: فما الفائدة في االستعاذة من الش!!يطان ال!!رجيم وقت الق!!راءة؟ قلنا: فائدتها امتثال األمر؛ وليس للشرعيات فائدة إال القيام بحق الوفاء لها في امتثالها أمرا أو اجتنابها نهيا؛ وقد قيل: فائدتها امتثال األم!!ر باالس!!تعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة؛ كما قال تعالى: "وما أرسلنا من قبل!!ك

[. قال52من رسول وال نبي إال إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته" ]الحج: ابن العربي: "ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموع!!ة في تفس!!يرهذه اآلية: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" ]النحل:

[ قال: ذلك بعد قراءة القرآن لمن قرأ في الصالة، وهذا قول لم يرد به98 أثر، وال يعضده نظر؛ فإن كان هذا كما قال بعض الناس: أن االستعاذة بع!!د القراءة، كان تخصيص ذلك بقراءة أم الق!!رآن في الص!!الة دع!!وى عريض!!ة،

وال تشبه أصل مالك وال فهمه؛ فالله أعلم بسر هذه الرواية. @ في فضل التعوذ: روى مسلم عن سليمان بن صرد ق!ال: اس!!تب رجالن عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه؛ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: )إني ألعلم كلم!!ة ل!!و قالها لذهب ذا عنه أع!!وذ بالل!!ه من الش!!يطان ال!!رجيم(. فق!!ام إلى الرج!!ل رجل ممن سمع النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فق!!ال: ه!!ل ت!!دري م!!ا ق!!ال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم آنف!!ا؟ ق!!ال: )إني ألعلم كلم!!ة ل!!و قاله!!ا لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(. فقال ل!!ه الرج!!ل: أمجنون!!ا تراني! أخرجه البخاري أيضا. وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي الع!!اص الثقفي أنه أتى الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فق!!ال: ي!!ا رس!!ول الل!!ه، إن الشيطان قد حال بيني وبين صالتي وقراءتي يلبسها علي، فقال له رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم: )ذاك ش!!يطان يق!!ال ل!!ه خ!!نزب ف!إذا أحسس!!ته

Page 3: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فتعوذ بالله منه واتفل عن يس!!ارك ثالث!!ا( ق!!ال: ففعلت فأذهب!!ه الل!!ه ع!!ني. وروى أبو داود عن ابن عمر قال: كان رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال: )ي!!ا أرض ربي ورب!!ك الل!!ه أع!وذ بالل!ه من شرك ومن شر ما خلق في!!ك ومن ش!!ر م!ا ي!!دب علي!ك ومن أس!!د وأس!!ود ومن الحية والعقرب ومن ساكني البلد ووالد وم!!ا ول!!د(. وروت خول!!ة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يق!!ول: )م!!ا ن!!زل منزال ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر م!!ا خل!!ق لم يض!!ره ش!!يء حتى يرتحل(. أخرجه الموطأ ومسلم والترمذي وقال: حديث حسن غ!!ريب

صحيح. وما يتعوذ منه كثير ثابت في األخبار، والله المستعان. @ معنى االستعاذة في كالم العرب: االستجارة والتح!!يز إلى الش!!يء، على معنى االمتناع به من المكروه؛ يقال: عذت بفالن واستعذت ب!!ه؛ أي لج!!أت إليه. وهو عياذي، أي ملجأي. وأعذت غيري به وعوذته بمعنى. ويقال: أعوذ

بالله منك؛ أي أعوذ بالله منك؛ قال الراجز:قالت وفيها حيدة وذعر عوذ بربي منكم وحجر

والعرب تقول عند األمر تنكره: حجرا له )بالض!!م( أي دفع!!ا، وه!!و اس!!تعاذة من األمر. والعوذة والمعاذة والتعويذ كله بمعنى. وأصل أع!!وذ: أع!!وذ نقلت

الضمة إلى العين الستثقالها على الواو فسكنت. @ الشيطان واحد الشياطين؛ على التكسير والنون أصلية، ألنه من ش!!طن

إذا بعد عن الخير. وشطنت داره أي بعدت؛ قال الشاعر:نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهين

وب!!ئر ش!!طون أي بعي!!دة القع!!ر. والش!!طن: الحب!!ل؛ س!!مي لبع!!د طرفي!!ه وامتداده. ووصف أعرابي فرسا ال يحفى فقال: كأنه شيطان في أش!!طان. وسمي الش!!يطان ش!!يطانا لبع!ده عن الح!!ق وتم!رده؛ وذل!ك أن ك!ل ع!ات

متمرد من الجن واإلنس والدواب شيطان؛ قال جرير: أيام يدعونني الشيطان من غزل وهن يهوينني إذ كنت شيطانا

وقيل: إن شيطانا مأخوذ من شاط يشيط إذا هلك، ف!!النون زائ!!دة. وش!!اط إذا احترق. وشيطت اللحم إذا دخنته ولم تنضجه. واشتاط الرج!!ل إذا احت!!د غض!!با. وناق!!ة مش!!ياط ال!!تي يط!!ير فيه!!ا الس!!من. واش!!تاط إذا هل!!ك؛ ق!!ال

األعشى:قد نخضب العير من مكنون فائله وقد يشيط على أرماحنا البطل

أي يهلك. ويرد على هذه الفرقة أن سيبويه حكى أن العرب تقول: تشيطن فالن إذا فعل أفعال الشياطين، فهذا بين أنه تفعي!!ل من ش!!طن، ول!!و ك!!ان

من شاط لقالوا: تشيط، ويرد عليهم أيضا بيت أمية بن أبي الصلت:أيما شاطن عصاه عكاه ورماه في السجن واألغالل

فهذا شاطن من شطن ال شك فيه. @ الرجيم أي المبعد من الخير المهان. وأص!!ل ال!!رجم: ال!!رمي بالحج!!ارة، وقد رجمته أرجم!!ه، فه!!و رجيم ومرج!!وم. وال!!رجم: القت!!ل واللعن والط!!رد والشتم، وقد قيل هذا كله في قوله تعالى: "لئن لم تنته يا نوح لتك!!ونن من

[. وقول أبي إبراهيم: "لئن لم تنت!!ه ألرجمن!!ك"116المرجومين" ]الشعراء:[. وسيأتي إن شاء الله تعالى.46]مريم:

@ روى األعمش عن أبي وائل عن عبدالله ق!!ال ق!!ال علي بن أبي ط!!الب عليه السالم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الصفا وهو مقب!!ل على

Page 4: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

شخص في صورة الفيل وهو يلعنه، قلت: ومن هذا ال!!ذي تلعن!!ه ي!!ا رس!!ول الله؟ ق!!ال: )ه!!ذا الش!!يطان ال!!رجيم( فقلت: ي!!ا ع!!دو الل!!ه، والل!!ه ألقتلن!!ك وألريحن األمة منك؛ قال: ما هذا جزائي من!!ك؛ قلت: وم!!ا ج!!زاؤك م!!ني ي!!ا

عدو الله؟ قال: والله ما أبغضك أحد قط أال شركت أباه في رحم أمه. *القول في البسملة3*

@ قال العلماء: "بسم الله الرحمن الرحيم" قسم من ربنا أنزله عند رأس كل س!!ورة، يقس!!م لعب!!اده إن ه!!ذا ال!!ذي وض!!عت لكم ي!!ا عب!!ادي في ه!!ذه السورة حق، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه الس!!ورة من وع!!دي ولطفي وبري. و"بسم الله الرحمن الرحيم" مما أنزله الله تعالى في كتابنا وعلى هذه األمة خصوصا بعد سليمان عليه السالم. وق!ال بعض العلم!!اء: " إن "بسم الل!!ه ال!!رحمن ال!!رحيم" تض!!منت جمي!!ع الش!!رع، ألنه!!ا ت!!دل على

الذات وعلى الصفات، وهذا صحيح. @ قال بن أبي سكينة: بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الل!!ه عن!!ه نظ!ر إلي رجل يكتب "بسم الله ال!!رحمن ال!!رحيم" فق!!ال ل!!ه: جوده!!ا ف!!إن رجال جودها فغفر له. قال سعيد: وبلغني أن رجال نظر إلى قرطاس في!!ه "بس!!م الله الرحمن الرحيم" فقبله ووضعه على عينيه فغفر له. ومن ه!!ذا المع!!نى قصة بشر الحافي، فإنه لما رفع الرقعة التي فيها اس!!م الل!!ه وطيبه!!ا طيب اس!!مه، ذك!!ره القش!!يري. وروى النس!!ائي عن أبي المليح عن ردف رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )إذا عثرت بك الدابة فال تقل تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يص!!ير مث!!ل البيت ويقول بقوته صنعته ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب(. وقال علي بن الحس!!ين في تفس!!ير قول!!ه تع!!الى:

[46"وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا" ]اإلسراء: قال معناه: إذا قلت "بسم الله الرحمن الرحيم". وروى وكي!!ع عن األعمش عن أبي وائ!!ل عن عبدالل!!ه بن مس!!عود ق!!ال: من أراد أن ينجي!!ه الل!!ه من الزبانية التسعة عشر فليقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واح!!د. فالبس!!ملة تس!!عة عش!!ر حرف!!ا على عدد مالئكة أهل النار الذين قال الله فيهم: "عليها تس!!عة عش!!ر" ]الم!!دثر:

[ وهم يقولون في كل أفعالهم: "بسم الله الرحمن الرحيم" فمن هنالك30 هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا. قال ابن عطية: ونظ!ير ه!ذا ق!ولهم في ليلة القدر: إنها سبع وعشرين، مراعاة للفظة "هي" من كلمات سورة "إنا

[. ونظيره أيضا قولهم في ع!!دد المالئك!!ة ال!!ذين ابت!!دروا1أنزلناه" ]القدر: قول القائل: ربنا ول!ك الحم!!د حم!!دا كث!!يرا طيب!!ا مبارك!!ا في!!ه، فإنه!ا بض!!عة وثالثون حرفا، فلذلك قال النبي الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )لق!!د رأيت بضعا وثالثين ملك!ا يبت!!درونها أيهم يكتبه!ا أول(. ق!ال ابن عطي!ة: وه!ذا من

ملح التفسير وليس من متين العلم. @ روى الشعبي واألعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب "باسمك اللهم" حتى أمر أن يكتب "بسم الله" فكتبه!!ا، فلم!!ا ن!!زلت: "ق!!ل

[ كتب "بس!!م الل!!ه ال!!رحمن110ادعوا الل!!ه أو ادع!!وا ال!!رحمن" ]اإلس!!راء: الرحيم" فلما نزلت: "إن!!ه من س!!ليمان وإن!!ه بس!!م الل!!ه ال!!رحمن ال!رحيم"

[ كتبها. وفي مصنف أبي داود قال الش!!عبي وأب!!و مال!!ك وقت!!ادة30]النمل:

Page 5: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وثابت بن عمارة: إن النبي الله صلى الله عليه وس!!لم لم يكتب بس!!م الل!!هالرحمن الرحيم حتى نزلت سورة "النمل".

@ روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال: البسملة تيجان السور. قلت: وهذا يدل على أنها ليست بآية من الفاتحة وال غيرها. وقد اختلف

العلماء في هذا المعنى على ثالثة أقوال: )األول( ليس!!ت بآي!!ة من الفاتح!!ة وال غيرها، وهو ق!!ول مال!!ك. )الث!!اني( أنه!!ا آي!!ة من ك!!ل س!!ورة، وه!!و ق!!ول عبدالله بن المبارك. )الثالث ( قال الشافعي: هي آي!!ة في الفاتح!!ة، وت!!ردد قوله في سائر الس!ور، فم!رة ق!ال: هي آي!ة من ك!ل س!ورة، وم!رة ق!ال: ليست بآية إال في الفاتحة وحدها. وال خالف بينهم في أنه!ا آي!ة من الق!رآن

في سورة النمل. واحتج الشافعي بما رواه الدارقطني من ح!!ديث أبي بك!!ر الحنفي عن

عبدالحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بالل عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: )إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين فاقرؤوا بس!!م الل!!ه ال!!رحمن ال!!رحيم إنه!!ا أم الق!!رآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن ال!!رحيم أح!!د آياته!!ا(. رف!!ع ه!!ذا الحديث عبدالحميد بن جعفر، وعبدالحميد هذا وثقه أحمد بن حنب!!ل ويح!!يى بن س!!عيد ويح!!يى بن معين، وأب!!و ح!!اتم يق!!ول في!!ه: محل!!ه الص!!دق، وك!!ان

سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه. ونوح بن أبي بالل ثقة مشهور. وحجة ابن المبارك وأحد قولي الشافعي ما رواه مسلم عن أبي أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: )ن!!زلت علي آنفا سورة( فقرأ: "بسم الله الرحمن الرحيم: إنا أعطين!!اك الك!!وثر. فص!!ل لربك وانحر. إن شانئك هو األبتر" ]الكوثر: اآلية[. وذك!!ر الح!!ديث، وس!!يأتي

في سورة الكوثر إن شاء الله تعالى. @ الصحيح من هذه األقوال قول مالك، ألن الق!!رآن ال يثبت بأخب!!ار اآلح!!اد وإنم!!ا طريق!!ه الت!!واتر القطعي ال!!ذي ال يختل!!ف في!!ه. ق!!ال ابن الع!!ربي: "ويكفيك أنها ليس!!ت من الق!!رآن اختالف الن!!اس فيه!!ا، والق!!رآن ال يختل!!ف فيه". واألخبار الصحاح ال!!تي ال مطعن فيه!!ا دال!!ة على أن البس!!ملة ليس!!ت بآية من الفاتحة وال غيرها إال في النمل وحدها. روى مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )قال الله ع!!ز وج!!ل قسمت الصالة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي م!!ا س!!أل ف!!إذا ق!!ال العب!!د "الحمد لله رب العالمين" قال الل!!ه تع!!الى حم!!دني عب!!دي وإذا ق!!ال العب!!د "الرحمن الرحيم" قال الله تعالى أثنى علي عب!!دي وإذا ق!!ال العب!!د "مال!!ك يوم الدين" قال مجدني عبدي - وق!!ال م!!رة ف!وض إلي عب!!دي - ف!!إذا ق!!ال "إياك نعبد وإياك نستعين" قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما س!!أل ف!!إذا قال "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غ!!ير المغض!!وب عليهم وال الضالين" ق!ال ه!!ذا لعب!!دي ولعب!!دي م!!ا س!!أل(. فقول!ه س!بحانه: )قسمت الصالة( يريد الفاتحة، وس!!ماها ص!!الة ألن الص!!الة ال تص!!ح إال به!!ا، فجعل الثالث اآليات األول لنفس!!ه، واختص به!!ا تب!!ارك اس!!مه، ولم يختل!!ف المسلمون فيها. ثم اآلية الرابعة جعلها بينه وبين عبده، ألنها تضمنت ت!!ذلل العبد وطلب االستعانة منه، وذلك يتضمن تعظيم الله تعالى، ثم ثالث آي!!ات تتمة سبع آيات. ومم!!ا ي!!دل على أنه!!ا ثالث قول!!ه: )ه!!ؤالء لعب!!دي( أخرج!!ه

Page 6: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

مالك، ولم يقل: هات!!ان، فه!!ذا ي!!دل على أن "أنعمت عليهم" آي!!ة. ق!!ال ابن بكير: قال ق!!ال مال!ك: "أنعمت عليهم" آي!!ة، ثم اآلي!!ة الس!!ابعة إلى آخره!!ا. فثبت بهذه القس!مة ال!تي قس!مها الل!ه تع!الى وبقول!ه علي!ه الس!الم ألبي: )كيف تقرأ إذا افتتحت الص!!الة( ق!!ال: فق!!رأت "الحم!!د لل!!ه رب الع!!المين" حتى أتيت على آخرها - أن البسملة ليست بآية منها، وكذا عد أهل المدينة وأهل الشام وأهل البصرة، وأكثر الق!!راء ع!!دوا "أنعمت عليهم" آي!!ة، وك!!ذا روى قت!!ادة عن أبي نض!!رة عن أبي هري!!رة ق!!ال: اآلي!!ة السادس!!ة "أنعمت عليهم". وأما أهل الكوفة من القراء والفقهاء فإنهم عدوا فيها "بس!!م الل!!ه

الرحمن الرحيم" ولم يعدوا "أنعمت عليهم". فإن قيل: فإنها ثبتت في المصحف وهي مكتوبة بخطه ونقلت نقله، كما

نقلت في النمل، وذلك متواتر عنهم. قلنا: ما ذكرتموه صحيح، ولكن لكونها قرآنا أو لكونها فاص!لة بين الس!ور - كم!ا روي عن الص!حابة: كن!ا ال نع!رف انقضاء السورة حتى تنزل "بسم الله الرحمن الرحيم" أخرجه أبو داود - أو تبركا بها، كما قد اتفقت األمة على كتبها في أوائل الكتب والرس!!ائل؟ ك!!ل ذلك محتمل. وقد ق!ال الجري!ري: س!ئل الحس!ن عن "بس!م الل!ه ال!رحمن الرحيم" قال: في صدور الرسائل. وقال الحسن أيضا: لم تنزل "بسم الل!!ه الرحمن الرحيم" في ش!!يء من الق!!رآن إال في "طس" "إن!!ه من س!!ليمان

[. والفيص!!ل أن الق!!رآن ال يثبن30وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" ]النمل: بالنظر واالستدالل، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي االضطراري. ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآي!!ة

من كل سورة؛ والحمد لله. فإن قيل: فقد روى جماعة قرآنيتها، وقد تولى الدارقطني جم!!ع ذل!!ك في

جزء صححه. قلنا: لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها، ولنا أخبار ثابت!!ة في مقابلتها، رواها األئمة الثقات والفقهاء األثبات. روت عائشة في ص!!حيح مسلم ق!!الت: ك!!ان رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يس!!تفتح الص!!الة ب!التكبير، والق!راءة بالحم!د لل!!ه رب الع!المين، الح!!ديث. وس!!يأتي بكمال!ه. وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال: ص!ليت خل!ف الن!بي ص!لى الل!ه عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين؛ ال يذكرون "بسم الله ال!رحمن ال!!رحيم" ال في أول ق!!راءة وال في آخره!!ا. ثم إن مذهبنا يترجح في ذل!!ك بوج!ه عظيم، وه!و المعق!!ول؛ وذل!ك أن مس!!جد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقض!!ت علي!!ه العص!!ور، وم!!رت علي!!ه األزمنة والدهور، من لدن رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إلى زم!!ان مالك، ولم يقرأ أحد فيه قط "بس!!م الل!!ه ال!!رحمن ال!!رحيم" اتباع!!ا للس!!نة؛ وهذا يرد أحاديثكم. بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل وعليه تحم!ل اآلثار الواردة في قراءتها أو على السعة في ذلك. قال مال!!ك: وال ب!!أس أن

يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضا. وجملة مذهب مالك وأصحابه: أنها ليست عندهم آية من فاتحة الكتاب

وال غيرها، وال يقرأ بها المصلي في المكتوبة وال في غيرها س!!را وال جه!!را؛ ويجوز أن يقرأها في النوافل. هذا ه!!و المش!!هور من مذهب!!ه عن!!د أص!!حابه. وعن!!ه رواي!!ة أخ!!رى أنه!!ا تق!!رأ أول الس!!ورة في النواف!!ل، وال تق!!رأ أول أم القرآن. وروى عنه ابن نافع ابتداء القراءة به!ا في الص!!الة الف!رض والنف!ل وال تترك بحال. ومن أهل المدينة من يقول: إنه الب!!د فيه!!ا من "بس!!م الل!!ه

Page 7: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الرحمن الرحيم" منهم ابن عمر، وابن شهاب؛ وب!!ه ق!!ال الش!!افعي وأحم!!د وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد. وهذا يدل على أن المسألة مسألة اجتهادي!!ة ال قطعية، كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة ال!!ذي يل!!زم على قول!!ه تكف!!ير

المسلمين؛ وليس كما ظن لوجود االختالف المذكور؛ والحمد لله. @ وق!!د ذهب جم!!ع من العلم!!اء إلى اإلس!!رار به!!ا م!!ع الفاتح!!ة؛ منهم: أب!!و حنيف!!ة والث!!وري؛ وروي ذل!!ك عن عم!!ر وعلي وابن مس!!عود وعم!!ار وابن الزبير؛ وهو قول الحكم وحماد؛ وبه قال أحم!د بن حنب!ل وأب!و عبي!د؛ وروي عن األوزاعي مث!!ل ذل!!ك؛ حك!!اه أب!!و عم!!ر بن عب!!دالبر في )االس!!تذكار(. واحتجوا من األثر في ذل!!ك بم!!ا رواه منص!!ور بن زاذان عن أنس بن مال!!ك قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم س!!معنا ق!!راءة "بس!!م الله الرحمن الرحيم". وما رواه عمار بن رزيق عن األعمش عن شعبة عن ثابت عن أنس قال: صليت خلف النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم وخل!!ف أبي

بكر وعمر، فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. قلت: هذا قول حسن، وعليه تتفق اآلثار عن أنس وال تتضاد ويخرج به

من الخالف في قراءة البس!!ملة. وق!!د روي عن س!!عيد بن جب!!ير ق!!ال: ه!!ذا محمد يذكر رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة - فأمر أن يخافت ببس!!م الل!!ه

[.110الرحمن الرحيم، ونزل: "وال تجهر بصالتك وال تخافت بها" ]اإلس!!راء: ق!!ال الترم!!ذي الحكيم أب!!و عبدالل!!ه: فبقي ذل!!ك إلى يومن!!ا ه!!ذا على ذل!!ك الرس!!م وإن زالت العل!!ة، كم!!ا بقي الرم!!ل في الط!!واف وإن زالت العل!!ة،

وبقيت المخافتة في صالة النهار وإن زالت العلة. @ اتفقت األم!!!ة على ج!!!واز كتبه!!!ا في أول ك!!!ل كت!!!اب من كتب العلم والرسائل؛ فإن كان الكتاب ديوان ش!!عر ف!!روى مجال!!د عن الش!!عبي ق!!ال: أجمعوا أال يكتبوا أمام الشعر "بسم الله الرحمن الرحيم". وق!!ال الزه!!ري: مضت السنة أال يكتبوا في الشعر "بسم الله الرحمن ال!!رحيم". وذهب إلى رسم التسمية في أول كتب الشعر سعيد بن جبير، وتابع!!ه على ذل!!ك أك!!ثر

المتأخرين. قال أبو بكر الخطيب: وهو الذي نختاره ونستحبه. @ قال الماوردي ويقال لمن قال بس!!م الل!!ه: مبس!!مل، وهي لغ!!ة مول!!دة،

وقد جاءت في الشعر؛ قال عمر بن أبي ربيعة:لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المبسمل

قلت: المش!!هور عن أه!!ل اللغ!!ة بس!!مل. ق!!ال يعق!!وب بن الس!!كيت والمطرز والثعالبي وغيرهم من أهل اللغة: بس!مل الرج!ل. إذا ق!!ال: بس!م الله. يقال: قد أكثرت من البسملة؛ أي من قول بس!!م الل!!ه. ومثل!!ه حوق!!ل الرجل، إذا قال: ال حول وال قوة إال بالل!!ه. وهل!!ل، إذا ق!!ال: ال إل!!ه إال الل!!ه. وسبحل، إذا قال: سبحان الله. وحمدل، إذا قال: الحم!!د لل!!ه. وحيص!!ل، إذا قال: حي على الصالة. وجعفل، إذا ق!!ال: جعلت ف!!داك. وطبق!!ل، إذا ق!!ال: أطال الله بقاءك. ودمعز، إذا قال: أدام الل!!ه ع!!زك. وحيف!!ل، إذا ق!!ال: حي على الفالح. ولم ي!!ذكر المط!!رز: الحيص!!لة، إذا ق!!ال: حي على الص!!الة. وجعفل، إذا قال: جعلت فداك. وطبقل، إذا قال: أطال الله بقاءك. ودمعز،

إذا قال: أدام الله عزك. @ ن!!دب الش!!رع إلى ذك!!ر البس!!ملة في أول ك!!ل فع!!ل؛ كاألك!!ل والش!!رب والنحر؛ والجماع والطهارة وركوب البحر، إلى غير ذل!!ك من األفع!!ال؛ ق!!ال

[. "وقال اركب!!وا118الله تعالى: "فكلوا مما ذكر اسم الله عليه". ]األنعام:

Page 8: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[. وقال رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه41فيها بسم الله مجراها ومرساها" ]هود: عليه وسلم: )أغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الل!!ه وخمر إناءك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله(. وقال: )لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله ق!!ال بس!!م الل!!ه اللهم جنبن!!ا الش!!يطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يق!!در بينهم!!ا ول!!د في ذل!!ك لم يض!!ره ش!!يطان أبدا(. وقال لعمر بن أبي سلمة: )يا غالم سم الله وك!!ل بيمين!!ك وك!!ل مم!!ا يليك(. وق!!ال: )إن الش!!يطان ليس!!تحل الطع!!ام أال ي!!ذكر اس!!م الل!!ه علي!!ه( وقال: )من لم يذبح فليذبح باسم الله(. وش!!كا إلي!!ه عثم!!ان بن أبي الع!!اص وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فق!!ال ل!!ه رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثالثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأح!!اذر(. ه!!ذا كل!!ه ث!!ابت في الصحيح. وروى ابن ماجة والترمذي عن النبي صلى الله عليه وس!!لم ق!!ال: )ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بس!م الل!ه(. وروى الدارقطني عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذا مس طهوره سمى الله تعالى، ثم يفرغ الماء على يديه. @ قال علماؤنا: وفيه!!ا رد على القدري!!ة وغ!!يرهم ممن يق!!ول: إن أفع!!الهم مقدورة لهم. وموضع االحتجاج عليهم من ذلك أن الله س!!بحانه أمرن!!ا عن!!د

االبتداء بكل فعل أن نفتتح بذلك، كما ذكرنا. فمعنى "بسم الله" أي بالله. ومعنى "بالله" أي بخلقه وتقديره يوصل إلى

ما يوصل إليه. وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله. وق!!ال بعض!!هم: مع!!نى قوله "بسم الله" يعني بدأت بع!!ون الل!!ه وتوفيق!!ه وبركت!!ه؛ وه!!ذا تعليم من الله تعالى عباده، ليذكروا اسمه عند افتت!!اح الق!!راءة وغيره!!ا، ح!!تى يك!!ون

االفتتاح ببركة الله جل وعز. @ ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى أن "اسم" صلة زائ!!دة، واستش!!هد

يقول لبيد:إلى الحول ثم اسم السالم عليكما ومن يبك حوال كامال فقد اعتذر

فذكر "اسم" زيادة، وإنما أراد: ثم السالم عليكما. وقد استدل علماؤنا بقول لبيد هذا على أن االسم هو المس!!مى. وس!!يأتي

الكالم فيه في هذا الباب وغيره، إن شاء الله تعالى. @ اختلف في معنى زيادة "اسم"؛ فقال قطرب: زيدت إلجالل ذكره تعالى وتعظيمه. وقال األخفش: زيدت ليخرج بذكرها من حكم القس!!م إلى قص!!د التبرك؛ ألن أصل الكالم: بالله. واختلفوا أيضا في معنى دخول الب!!اء علي!!ه، ه!!ل دخلت على مع!!نى األم!!ر؟ والتق!!دير: اب!!دأ بس!!م الل!!ه. أو على مع!!نى الخبر؟ والتقدير: ابتدأت بسم الله؛ قوالن: األول للفراء، والثاني للزجاج. ف! "بسم الله" في موضع رفع خبر االبتداء: وقيل: الخبر محذوف؛ أي ابت!!دائي مستقر أو ثابت باسم الله؛ فإذا أظهرته كان "بسم الله" في موض!!ع نص!!ب بثابت أو مستقر، وكان بمنزلة قولك: زيد في الدار وفي التنزيل "فلم!!ا رآه

[ ف!!! "عن!!ده" في وض!!ع40مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي" ]النم!!ل: نصب؛ روي هذا عن نحاة أهل البصرة. وقيل: التق!!دير ابت!!دائي ببس!!م الل!!ه

موجود أو ثابت، ف! "بسم" في موضع نصب بالمصدر الذي هو ابتدائي. @تكتب "بسم الله" بغير ألف استغناء عنها بباء اإللصاق في اللفظ والخط

[ فإنه!!ا لم1لك!!ثرة االس!!تعمال؛ بخالف قول!!ه: "اق!!رأ باس!!م رب!!ك" ]العل!!ق:

Page 9: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

تحذف لقل!!ة االس!!تعمال. واختلف!!وا فيح!!ذفها م!!ع ال!!رحمن والق!!اهر؛ فق!!ال الكسائي وسعيد األخفش: تحذف األلف. وقال يحيى بن وثاب: ال تحذف إال مع "بسم الله" فقط، ألن االستعمال إنما ك!ثر في!!ه. واختل!ف في تخص!!يص باء الجر بالكسر على ثالثة معان؛ فقيل: ليناسب لفظها عملها. وقي!!ل: لم!!ا كانت الباء ال تدخل إال على األسماء خصت ب!!الخفض ال!!ذي ال يك!!ون إال في األسماء. الثالث: ليفرق بينها وبين م!!ا ق!!د يك!!ون من الح!!روف اس!!ما؛ نح!!و

الكاف في قول الشاعر: ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا

أي بمثل ابن الماء أو ما كان مثله. @ اسم، وزنه إفع، والذاهب منه الواو؛ ألن!!ه من س!!موت، وجمع!!ه أس!!ماء، وتصغيره سمي. واختلف في تقدير أصله، فقيل: فع!!ل، وقي!!ل: فع!!ل. ق!!ال الجوهري: وأسماء يكون جمعا لهذا الوزن، وهو مثل ج!!ذع وأج!!ذاع، وقف!!ل وأقفال؛ وهذا ال تدرك صيغته إال بالسماع. وفيه أرب!!ع لغ!!ات: اس!!م الكس!!ر، واسم بالضم. قال أحمد ين يحيى: من ضم األلف أخذه من سموت أسمو،

ومن كسر أخذه من سميت أسمي. ويقال: سم وسم، وينشد:والله أسماك سما مباركا آثرك الله به إيثاركا

وقال آخر:وعامنا أعجبنا مقدمه يدعى أبا السمح وقرضاب سمه

مبتركا لكل عظم يلحمه قرضب الرجل: إذا أكل شيئا يابسا، فهو قرضاب. "س!مه" بالض!!م والكس!ر

جميعا.ومنه قول اآلخر:

باسم الذي في كل سورة سمه وسكنت السين من "باسم" اعتالال غ!!ير قي!!اس، وألف!!ه أل!!ف وص!!ل، وربم!!ا

جعلها الشاعر ألف قطع للضرورة؛ كقول األحوص:وما أنا بالمخسوس في جذم مالك وال من تسمى ثم يلتزم االسما

@ تقول العرب في النسب إلي االسم: سموي، وإن شئت اس!!مي، تركت!!ه على حال!!ه، وجمع!!ه أس!!ماء وجم!!ع األس!!ماء أس!!ام. وحكى الف!!راء: أعي!!ذك

بأسماوات الله. اختلفوا في اشتقاق االسم على وجهين؛ فقال البصريون: هو مش!!تق

من السمو وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم ألن صاحبه بمنزلة المرتف!!ع ب!!ه. وقيل: ألن االسم يسمو بالمس!!مى فيرفع!!ه عن غ!!يره. وقي!!ل: إنم!!ا س!!مي االسم اسما ألنه عال بقوته على قس!!مي الكالم: الح!!رف والفع!!ل؛ واالس!!م أقوى منهما باإلجماع ألنه األصل؛ فلعلوه عليهما س!!مي اس!!ما؛ فه!!ذه ثالث!!ة

أقوال. وقال الكوفيون: إنه مش!!تق من الس!!مة وهي العالم!!ة؛ ألن االس!!م عالم!!ة

لمن وضع له؛ فأصل اسم على ه!!ذا "وس!!م". واألول أص!!ح؛ ألن!!ه يق!!ال في التصغير سمي وفي الجم!ع أس!!ماء؛ والجم!ع والتص!!غير س!!مي وفي الجم!!ع أسماء؛ والجمع والتصغير يردان األش!!ياء إلى أص!!ولها؛ فال يق!!ال: وس!!يم وال

أوسام. ويدل على صحته أيضا فائدة الخالف وهي: @ ف!!إن من ق!!ال االس!!م مش!!تق من العل!!و يق!!ول: لم ي!!زل الل!!ه س!!بحانه موصوفا قبل وجود الخلق وبع!!د وج!!ودهم وعن!!د فن!!ائهم، وال ت!!أثير لهم في

Page 10: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أسمائه وال صفاته؛ وه!!ذا ق!!ول أه!!ل الس!!نة. ومن ق!!ال االس!!م مش!!تق من السمة يقول: كان الله في األزل بال اسم وال صفة، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات، فإذا أفناهم بقي بال اسم وال صفة؛ وهذا ق!!ول المعتزل!!ة وهو خالف ما أجمعت علي!!ه األم!!ة، وه!!و أعظم في الخط!!أ من ق!!ولهم: إن كالم!!ه مخل!!وق، تع!!الى الل!!ه عن ذل!!ك! وعلى ه!!ذا الخالف وق!!ع الكالم في االسم والمسمى فذهب أهل الحق فيما نق!!ل القاض!!ي أب!!و بك!!ر بن الطيب إلى أن االس!!م ه!!و المس!!مى، وارتض!!اه ابن ف!!ورك؛ وه!!و ق!!ول أبي عبي!!دة وسيبويه. فإذا ق!!ال قائ!!ل: الل!!ه ع!!الم؛ فقول!!ه دال على ال!!ذات الموص!!وفة بكونه عالما، فاالسم كونه عالما وهو المسمى بعينه. وكذلك إذا ق!!ال: الل!!ه خالق؛ فالخالق هو الرب، وهو بعينه االسم. فاالس!!م عن!!دهم ه!!و المس!!مى

بعينه من غير تفصيل. ق!!ال ابن الحص!!ار: من ينفي الص!!فات من المبتدع!!ة ي!!زعم أن ال م!!دلول

للتس!!ميات إال ال!!ذات، ول!!ذلك يقول!!ون: االس!!م غ!!ير المس!!مى، ومن يثبت الص!!فات يثبت للتس!ميات م!!دلوال هي أوص!!اف ال!ذات وهي غ!!ير العب!!ارات وهي األسماء عندهم. وسيأتي لهذه مزي!!د بي!!ان في "البق!!رة" و"األع!!راف"

إن شاء الله تعالى. @قوله: "الله" هذا االسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعه!!ا، ح!!تى ق!!ال بعض العلم!!اء: إن!!ه اس!!م الل!!ه األعظم ولم يتس!!م ب!!ه غ!!يره؛ ول!!ذلك لم يثن ولم

[ أي65يجمع؛ وهو أحد تأويلي قوله تعالى: "وه!ل تعلم ل!ه س!!ميا" ]م!ريم: تسمى باسمه الذي هو "الله". فالله اسم للموجود الح!!ق الج!!امع لص!!فات اإللهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنف!رد ب!!الوجود الحقيقي، ال إل!ه إال ه!و سبحانه. وقيل: معناه الذي يستحق أن يعب!!د. وقي!!ل: معن!!اه واجب الوج!!ود

الذي لم يزل وال يزال؛ والمعنى واحد. @ واختلفوا في هذا االسم هل هو مشتق أو موضوع للذات علم؟. ف!!ذهب إلى األول كثير من أهل العلم. واختلفوا في اشتقاقه وأصله؛ فروى سيبويه عن الخلي!!ل أن أص!!له إاله، مث!!ل فع!!ال؛ ف!!أدخلت األل!!ف والالم ب!!دال عن الهمزة. قال سيبويه: مث!!ل الن!!اس أص!!له أن!!اس. وقي!!ل: أص!!ل الكلم!!ة "ال"

وعليه دخلت األلف والالم للتعظيم، وهذا اختيار سيبويه. وأنشد:اله ابن عمك ال أفضلت في حسب عني وال أنت دياني فتخزوني

كذا الرواية: فتخزوني، بالخاء المعجمة ومعناه: تسوسني. وقال الكسائي والفراء: معنى "بسم الل!!ه" بس!!م اإلل!!ه؛ فح!!ذفوا الهم!!زة

وأدغموا الالم األولى في الثانية فصارتا الما مش!!ددة؛ كم!!ا ق!!ال ع!!ز وج!!ل: [ ومعناه: لكن أنا، كذلك قرأها الحس!!ن. ثم38"لكنا هو الله ربي" ]الكهف:

قيل: هو مشتق من "وله" إذا تحير؛ والوله: ذهاب العقل. يقال: رجل وال!!ه وامرأة والهة وواله، وماء موله: أرسل في الصحارى. فالله س!!بحانه تتح!!ير األلباب وت!!ذهب في حق!!ائق ص!!فاته والفك!!ر في معرفت!!ه. فعلى ه!!ذا أص!!ل "إاله" "واله" وأن الهم!!زة مبدل!!ة من واو كم!!ا أب!!دلت في إش!!اح ووش!!اح، وإس!!ادة ووس!!ادة؛ وروي عن الخلي!!ل. وروي عن الض!!حاك أن!!ه ق!!ال: إنم!!ا سمي "الله" إلها، ألن الخلق يتألهون إلي!!ه في ح!!وائجهم، ويتض!!رعون إلي!!ه عند شدائدهم. وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: ألن الخلق ي!!ألهون إلي!!ه )بنصب الالم( ويألهون أيضا )بكسرها( وهما لغتان. وقي!!ل: إن!!ه مش!!تق من االرتفاع؛ فكانت العرب تقول لكل ش!يء مرتف!ع: اله!ا، فك!انوا يقول!ون إذا

Page 11: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

طلعت الشمس: الهت. وقيل: هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد. وتأل!!ه إذا [ على هذه127تنسك؛ ومن ذلك قوله تعالى: "ويذرك وإالهتك" ]األعراف:

القراءة؛ فإن ابن عباس وغيره قالوا: وعبادتك. ق!!الوا: فاس!!م الل!!ه مش!!تق من هذا، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة، ومن!!ه ق!!ول الموح!!دين: إال إل!!ه إال الل!!ه، معن!!اه ال معب!!ود غ!!ير الل!!ه. و"إال" في الكلم!!ة بمع!!نى غ!!ير، ال بمعنى االستثناء. وزعم بعضهم أن األصل فيه "الهاء" التي هي الكناي!!ة عن الغائب، وذلك أنهم أثبتوه موجودا في فطر عق!!ولهم فأش!!اروا إلي!!ه بح!!رف الكناية عن الغائب، وذلك أنهم أثبتوه موج!!ودا في فط!!ر عق!!ولهم فأش!!اروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه الم الملك إذ قد علموا أن!!ه خ!!الق األش!!ياء

ومالكها فصار "له" ثم زيدت فيه األلف والالم تعظيما وتفخيما. القول الثاني: ذهب إليه جماعة من العلماء أيضا منهم الش!!افعي وأب!!و

المع!!الي والخط!!!ابي والغ!!زالي والمفض!!ل وغ!!يرهم، وروي عن الخلي!!!ل وسيبويه: أن األلف والالم الزمة له ال يج!!وز ح!!ذفهما من!!ه. ق!!ال الخط!!ابي: وال!!دليل على أن األل!!ف والالم من بني!!ة ه!!ذا االس!!م، ولم ي!!دخال للتعري!!ف: دخول حرف النداء عليه؛ كقولك: يا الله، وحروف النداء ال تجتمع مع األلف والالم للتعريف؛ أال ترى أنك ال تقول: يا الرحمن وال يا الرحيم، كم!!ا تق!!ول:

يا الله، فدل على أنهما من بنية االسم. والله أعلم. @ واختلفوا أيضا في اشتقاق اسمه الرحمن، فقال بعضهم: ال اش!!تقاق ل!!ه ألنه من األسماء المختصة به سبحانه، وألنه لو ك!!ان مش!!تقا من الرحم!!ة ال تصل بذكر المرحوم، فجاز أن يقال: الل!!ه رحمن بعب!!اده، كم!!ا يق!!ال: رحيم بعباده. وأيضا لو كان مشتقا من الرحمة لم تنكره العرب حين س!!معوه، إذ كانوا ال ينكرون رحمة ربهم، وقد قال الله عز وجل: "وإذ قيل لهم اس!!جدوا

[ اآلية. ولما كتب علي رضي الله60للرحمن قالوا وما الرحمن" ]الفرقان: عنه في ص!!لح الحديبي!!ة ب!!أمر الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: "بس!!م الل!!ه الرحمن الرحيم" قال سهيل بن عمرو: أم!!ا "بس!!م الل!!ه ال!!رحمن ال!!رحيم" فما ندري ما "بسم الله الرحمن الرحيم"! ولكن اكتب م!!ا نع!!رف: باس!!مك اللهم، الح!!ديث. ق!!ال ابن الع!!ربي: إنم!!ا جهل!!وا الص!!فة دون الموص!!وف، واستدل على ذلك بقولهم: وما الرحمن؟ ولم يقولوا: ومن ال!!رحمن؟ ق!!ال ابن الحص!!ار: وكأن!!ه رحم!!ه الل!!ه لم يق!!رأ اآلي!!ة األخ!!رى: "وهم يكف!!رون

[ وذهب الجمه!!ور من الن!!اس إلى أن "ال!!رحمن"30ب!!الرحمن" ]الرع!!د: مشتق من الرحمة مبني على المبالغة؛ ومعناه ذو الرحمة الذي ال نظير ل!!ه

فيها، فلذلك ال يثنى وال يجمع كما يثنى "الرحيم" ويجمع. قال ابن الحصار: ومما يدل على االشتقاق ما خرجه الترمذي وصححه

عن عبدالرحمن بن عوف أنه س!!مع رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: يقول: )قال الله عز وجل أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت له!!ا اس!!ما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعت!!ه(. وه!!ذا نص من االش!!تقاق،فال معنى للمخالفة والشقاق، وإنكار العرب له لجهلهم بالله وبما وجب له. @ زعم المبرد فيما ذكر ابن األنباري في كتاب "الزاهر" له: أن "الرحمن"

اسم عبراني جاء معه ب! "الرحيم". وأنشد:لن تدركوا المجد أو تشروا عباءكم بالخز أو تجعلوا الينبوت ضمرانا

أو تتركون إلى القسين هجرتكم ومسحكم صلبهم رحمان قربانا

Page 12: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن: وقال أحمد بن يحيى: "الرحيم" عربي و"الرحمن" عبراني، فلهذا جمع بينهم!!ا. وه!!ذا الق!!ول مرغ!!وب عن!!ه. وقال أبو العباس: النعت قد يقع للم!!دح، كم!!ا تق!!ول: ق!!ال جري!!ر الش!!اعر: وروى مط!!رف عن قت!!ادة في ق!!ول الل!!ه ع!!ز وج!!ل: "بس!!م الل!!ه ال!!رحمن الرحيم" قال: مدح نفسه. قال أبو إسحاق وهذا قول حسن. وقال قطرب: يجوز أن يكون جمع بينهما للتوكيد. قال أبو إسحاق: وهذا قول حسن. وفي التوكي!!!د أعظم الفائ!!!دة، وه!!!و كث!!!ير في كالم الع!!!رب، ويس!!!تغني عن االستشهاد، والفائدة في ذلك ما قاله محمد بن يزيد: إنه تفضل بعد تفضل،

وإنعام بعد إنعام، وتقوية لمطامع الراغبين، ووعد ال يخيب آمله. @ واختلفوا هل هما بمعنى واح!!د أو بمعن!!يين؟ فقي!!ل: هم!!ا بمع!!نى واح!!د؛ كندمان ونديم. قاله أبو عبيدة. وقيل: ليس بناء فعالن كفعيل، فإن فعالن ال يقع أال على مبالغة الفعل، نحو قولك: رجل غضبان، للمتلىء غضبا. وفعي!!ل

قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول. قال عملس:فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيم

ف! "الرحمن" خاص االسم عام الفعل. و"الرحيم" عام االسم خاص الفعل. هذا قول الجمهور. قال أبو علي الفارسي: "الرحمن" اسم ع!!ام في جمي!!ع أنواع الرحمة، يختصر به الله. "والرحيم" إنما هو في وجهة المؤمنين؛ كم!!ا

[. وق!!ال الع!!رزمي:43ق!!ال تع!!الى: "وك!!ان ب!!المؤمنين رحيم!!ا" ]األح!!زاب: "ال!!!رحمن" بجمي!!!ع خلق!!!ه في األمط!!!ار ونعم الح!!!واس والنعم العام!!!ة، "والرحيم" بالمؤمنين في الهداي!!ة لهم، واللط!!ف بهم. وق!!ال ابن المب!!ارك: "ال!!رحمن" إذا س!!ئل أعطي، و"ال!!رحيم" إذا لم يس!!أل غض!!ب. وروى ابن ماجة في سننه والترم!ذي في جامع!ه عن أبي ص!الح عن أبي هري!رة ق!ال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يس!!أل الل!!ه يغض!!ب علي!!ه" لفظ الترمذي. وقال ابن ماج!ة: "من لم ي!دع الل!!ه س!بحانه غض!ب علي!ه". وق!!ال: س!!ألت أب!!ا زرع!!ة عن أبي ص!!الح ه!!ذا، فق!!ال: ه!!و ال!!ذي يق!!ال ل!!ه: الفارسي وهو خوزي وال أعرف اسمه. وقد أخذ بعض الشعراء هذا المع!!نى

فقال:الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب

وقال ابن عب!!اس: هم!!ا اس!!مان رقيق!!ان، أح!!دهما أرق من اآلخ!!ر، أي أك!!ثررحمة.

قال الخطابي: وهذا مشكل؛ ألن الرقة ال مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى. وق!!ال الحس!!ين بن الفض!!ل البجلي: ه!!ذا وهم من ال!!راوي، ألن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء، وإنم!!ا هم!!ا اس!!مان رفيق!!ان أحدهما أرفق من اآلخر، والرفق من صفات الله عز وجل؛ قال النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم: )إن الل!!ه رفي!!ق يحب الرف!!ق ويعطي على الرف!!ق م!!ا ال

يعطي على العنف(. @ أك!!ثر العلم!!اء على أن "ال!!رحمن" مختص بالل!!ه ع!!ز وج!!ل، ال يج!!وز أنيسمى به غيره، أال تراه قال: "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن" ]اإلس!!راء:

[ فعادل االسم الذي ال يشركه فيه غيره. وق!!ال: "واس!!أل من أرس!!لنا110 [45من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعب!!دون" ]الزخ!!رف:

فأخبر أن "الرحمن" هو المستحق للعبادة جل وعز. وق!!د تجاس!!ر مس!!يلمة الكذاب - لعنه الله - فتس!!مى برحم!!ان اليمام!!ة، ولم يتس!م ب!ه ح!تى ق!!رع

Page 13: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

مسامعه نعت الكذاب فألزمه الله تعالى نعت الكذاب لذلك، وأن ك!!ان ك!!ل كافر كاذبا، فقد صار هذا الوصف لمسيلمة علما يعرف به، ألزمه الله إياه.

وقد قيل في اسمه الرحمن: إنه اسم الله األعظم؛ ذكره ابن العربي. @ "الرحيم" ص!!فة مطلق!!ة للمخل!!وقين، ولم!!ا في "ال!!رحمن" من العم!!وم ق!!دم في كالمن!!ا على "ال!!رحيم" م!!ع موافق!!ة التنزي!!ل؛ وقي!!ل: إن مع!!نى "الرحيم" أي ب!الرحيم وص!!لتم إلى الل!!ه وإلى ال!رحمن، ف!! "ال!رحيم" نعت محمد صلى الله عليه وسلم؛ أي وبمحمد ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وص!!لتم إلي، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي وكرامتي والنظر إلى وجهي؛

والله أعلم. @ روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن!!ه ق!!ال في قول!!ه "بس!!م الله": إنه شفاء من كل داء، وعون على كل دواء. وأما "الرحمن" هو عون لكل من آمن به، وهو اسم لم يسم به غيره. وأما "الرحيم"، فهو لمن تاب

وآمن وعمل صالحا. وقد فسره بعضهم على الحروف؛ فروي عن عثم!ان بن عف!ان أن!ه س!!أل

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير "بسم الله ال!!رحمن ال!!رحيم" فقال: )أما الباء فبالء الله وروحه ونضرته وبهاؤه وأم!!ا الس!!ين فس!ناء الل!!ه وأما الميم فملك الله وأما الله فال إله غيره وأم!!ا ال!!رحمن فالع!!اطف على البر والفاجر من خلقه وأما الرحيم فالرفيق ب!!المؤمنين خاص!!ة(. وروي عن كعب األحب!!ار أن!!ه ق!!ال: الب!!اء به!!اؤه والس!!ين س!!ناؤه فال ش!!يء أعلى من!!ه والميم ملكه وهو على كل شيء قدير فال شيء يع!!ازه. وق!!د قي!!ل: إن ك!!ل حرف هو افتتاح اسم من أسمائه؛ فالباء مفتاح اسمه بصير، والسين مفتاح اسمه سميع، والميم مفتاح اسمه مليك، واأللف مفت!!اح اس!!مه الل!!ه، والالم مفتاح اسمه لطيف، والهاء مفتاح اسمه هادي، والراء مفت!!اح اس!!مه رازق، والحاء مفتاح اسمه حليم، والنون مفتاح اسمه نور؛ ومعنى ه!!ذا كل!!ه دع!!اء

الله تعالى عند افتتاح كل شيء. @ واختلف في وصل "الرحيم" ب! "الحم!!د لل!!ه"؛ ف!!روي عن أم س!!لمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الرحيم. الحمد" يس!!كن الميم ويق!!ف عليه!!ا، ويبتدئ بألف مقطوعة. وقرأ به ق!!وم من الكوف!!يين. وق!!رأ جمه!!ور الن!!اس: "الرحيم الحمد"، تعرب "ال!!رحيم" ب!!الخفض وبوص!!ل األل!!ف من "الحم!!د". وحكى الكس!!ائي عن بعض الع!!رب أنه!!ا تق!!رأ "ال!!رحيم الحم!!د" بفتح الميم وص!!لة األل!!ف؛ كأن!!ه س!!كنت الميم وقطعت األل!!ف ثم ألقيت حركته!!ا على الميم وح!!ذفت. ق!!ال ابن عطي!!ة: ولم ت!!رو عن ه!!ذه ق!!راءة عن أح!!د فيم!!ا

علمت. وهذا نظر يحيى بن زياد في قوله تعالى: "الم الله".* سورة الفاتحة2** الباب األول في فضائلها وأسمائها3*

@ روى الترمذي عن أبي بن كعب قال قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )م!!ا أن!!زل الل!!ه في الت!!وراة وال في اإلنجي!!ل مث!!ل أم الق!!رآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بي!!ني وبين عب!!دي ولعب!!دي م!!ا س!!أل(. أخ!!رج مالك عن العالء بن عبدالرحمن بن يعق!!وب: أن أب!!ا س!!عيد م!!ولى )عبدالل!!ه بن( عامر بن كريز أخبره أن رسول الله صلى الله عليه سلم ن!!ادى أبي بن كعب وهو يصلي، فذكر الحديث. قال ابن عبدالبر: أب!!و س!!عيد ال يوق!!ف ل!!ه على اسم وهو معدود في أهل المدينة. روايته عن أبي هريرة وحديث!!ه ه!!ذا

Page 14: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

مرسل، وقد روي هذا الحديث عن أبي سعيد بن المعلى رجل من الصحابةال يوقف على اسمه أيضا، رواه عنه حفص بن عاصم وعبيد بن حنين.

قلت: كذا قال في التمهيد: "ال يوق!!ف ل!ه على اس!!م". وذك!ر في كت!!اب الصحابة االختالف في اسمه. والحديث خرج!!ه البخ!!اري عن أبي س!!عيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وسلم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي فقال: ألم يق!!ل الل!!ه

[ - ثم ق!!ال: - )إني24"اس!!تجيبوا لل!!ه وللرس!!ول إذا دع!!اكم" ]األنف!!ال: ألعلمنك سورة هي أعظم السور في الق!!رآن قب!!ل أن تخ!!رج من المس!!جد ثم أخذ بي!!دي فلم!!ا أراد أن يخ!!رج قلت ل!!ه: ألم تق!!ل ألعلمن!!ك س!!ورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع الثم!!اني والق!!رآن العظيم ال!!ذي أوتيت!!ه(. ق!!ال ابن عب!!دالبر وغ!!يره: أب!!و س!!عيد بن المعلى من جلة األنصار وسادات األنصار تف!!رد ب!!ه البخ!!اري واس!!مه راف!!ع، ويقال: الحارث بن نفي!!ع بن المعلى، ويق!!ال: أوس بن المعلى، ويق!!ال: أب!!و سعيد بن أوس بن المعلى، توفي سنة أربع وسبعين وه!!و ابن أرب!ع وس!!تين سنة وهو أول من صلى إلى القبلة حين حولت وسيأتي. وق!د أس!!ند ح!ديث أبي يزيد بن زري!!ع ق!!ال: ح!!دثنا روح بن القاس!!م عن العالء بن عب!!دالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم على

أبي وهو يصلي فذكر الحديث بمعناه. وذكر ابن األنباري في كتاب الرد له: ح!دثني أبي ح!!دثني أب!!و عبيدالل!!ه

الوراق حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن منصور عن مجاه!!د ق!!ال: إن إبليس - لعنه الل!!ه - رن أرب!!ع رن!!ات: حين لعن وحين أهب!!ط من الجن!!ة وحين بعثمحمد صلى الله عليه وسلم وحين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة.

@ اختلف العلماء في تفضيل بعض السور واآلي على بعض، وتفضيل بعض أسماء الله تعالى الحسنى على بعض فقال قوم: ال فضل لبعض على بعض ألن الكل كالم الله وكذلك أسماؤه ال مفاضلة بينه!!ا. ذهب إلى ه!!ذا الش!!يخ أبو الحسن األش!!عري والقاض!!ي أب!!و بك!!ر بن الطيب وأب!!و ح!!اتم محم!!د بن حبان البستي وجماعة من الفقهاء. وروي معناه عن مال!!ك. ق!!ال يح!!يى بن يحيى: تفضيل بعض الق!!رآن على بعض خط!!أ، وك!!ذلك ك!!ره مال!!ك أن تع!!اد سورة أو تردد دون غيرها. وقال عن مالك في قول الله تعالى: "نأت بخ!!ير

[ ق!!ال: محكم!!ة مك!!ان منس!!وخة. وروى ابن106منه!!ا أو مثله!!ا" ]البق!!رة: كنانة مثل ذلك كله عن مالك. واحتج ه!!ؤالء ب!!أن ق!!الوا: إن األفض!!ل يش!!عر بنقص المفضول والذاتية في الكل واحدة وهي كالم الله وكالم الل!!ه تع!!الى ال نقص فيه. ق!!ال البس!!تي: ومع!!نى ه!!ذه اللفظ!!ة )م!!ا في الت!!وراة وال في اإلنجيل مثل أم القرآن(: أن الله تع!!الى ال يعطي لق!!ارئ الت!!وراة واإلنجي!!ل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن إذ الله بفض!!له ه!!ذه األم!ة على غيرها من األمم وأعطاها من الفض!!ل على ق!!راءة كالم!!ه أك!!ثر مم!!ا أعطى غيرها من الفضل على قراءة كالمه وهو فضل منه لهذه األمة. قال ومعنى قوله: )أعظم سورة( أراد به في األجر ال أن بعض القرآن أفضل من بعض. وقال قوم بالتفضيل وأن ما تضمنه قوله تعالى "إلهكم إل!!ه واح!!د ال إل!!ه إال

[ وآي!!ة الكرس!ي وآخ!ر س!!ورة الحش!!ر163هو الرحمن ال!رحيم" ]البق!رة: وسورة اإلخالص من الدالالت على وحدانيته وصفاته ليس موج!!ودا مثال في

[ وما كان مثلها.1"تبت يدا أبي لهب" ]المسد:

Page 15: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ال من حيث الصفة وهذا هو الح!!ق. وممن ق!!ال بالتفض!!يل إس!!حاق بن راهوي!!ة وغ!!يره من العلم!!اء والمتكلمين وهو اختيار القاضي أبي بكر بن الع!!ربي وابن الحص!!ار لح!!ديث أبي سعيد بن المعلى وحديث أبي بن كعب أن!!ه ق!!ال ق!!ال لي رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وس!!لم: )ي!!ا أبي أي آي!!ة مع!!ك في كت!!اب الل!!ه أعظم( ق!!ال

[. ق!!ال: فض!!رب في255فقلت: "الله ال إله إال هو الحي القيوم" ]البقرة: صدري وقال: )ليهنك العلم يا أبا المنذر( أخرجه البخاري ومسلم.

قال ابن الحصار: عجبي ممن يذكر االختالف مع هذه النصوص. وقال ابن العربي: قوله: )ما أنزل الله في التوراة وال في اإلنجيل وال في

القرآن مثلها( وسكت عن سائر الكتب كالصحف المنزل!!ة والزب!!ور وغيره!!ا ألن هذه المذكورة أفض!!لها وإذا ك!ان الش!!يء أفض!ل األفض!!ل ص!ار أفض!!ل الكل. كقول!ك: زي!د أفض!!ل العلم!!اء فه!و أفض!!ل الن!!اس. وفي الفاتح!!ة من الصفات م!!ا ليس لغيره!!ا ح!!تى قي!!ل: إن جمي!!ع الق!!رآن فيه!!ا. وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن. ومن ش!!رفها أن الل!!ه س!!بحانه قسمها بينه وبين عبده وال تصح القربة إال بها وال يلحق عم!!ل بثوابه!!ا وبه!!ذا المعنى صارت أم القرآن العظيم كما صارت "قل هو الله أحد" تع!!دل ثلث القرآن إذ القرآن توحيد وأحكام ووعظ و"قل ه!!و الل!!ه أح!!د" فيه!!ا التوحي!!د كل!!ه وبه!ذا المع!نى وق!ع البي!ان في ق!ول علي!ه الس!الم ألبي. )أي آي!ة في

[. وإنم!!ا255القرآن أعظم( قال: "الله ال إله إال هو الحي القيوم" ]البقرة: كانت أعظم آية ألنها توحيد كلها كما صار قوله: )أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي ال إله إال الله وحده ال شريك له( أفضل الذكر ألنها كلم!!ات ح!!وت جمي!!ع العل!!وم في التوحي!!د والفاتح!!ة تض!!منت التوحي!!د والعب!!ادة والوع!!ظ

والتذكير وال يستبعد ذلك في قدرة الله تعالى. @ روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الل!!ه عليه وسلم: )فاتحة الكتاب وآية الكرسي وشهد الله أنه ال إله إال ه!!و وق!!ل اللهم مال!!ك المل!!ك ه!!ذه اآلي!!ات معلق!!ات ب!!العرش ليس بينهن وبين الل!!ه

حجاب(. أسنده أبو عمرو الداني في كتاب البيان له. @ في أسمائها - وهي اثنا عشر اسما: )األول(: الص!!الة، ق!!ال الل!!ه تع!الى: )قسمت الصالة بيني وبين عبدي نص!!فين( الح!!ديث. وق!!د تق!!دم. )الث!!اني(: ]سورة[ الحمد، ألن فيها ذكر الحمد كم!!ا يق!!ال: س!!ورة األع!!راف واألنف!!ال والتوب!!ة ونحوه!!ا. )الث!!الث(: فاتح!!ة الكت!!اب، من غ!!ير خالف بين العلم!!اء، وسميت بذلك ألن!!ه تفتتح ق!!راءة الق!!رآن به!!ا لفظ!!ا وتفتتح به!!ا الكتاب!!ة في المصحف خطا وتفتتح بها الصلوات. )الرابع(: أم الكت!!اب، وفي ه!!ذا االس!!م خالف جوزه الجمهور وكرهه أنس والحسن وابن سيرين. ق!ال الحس!ن: أم الكتاب الحالل والحرام، قال الل!!ه تع!!الى: "آي!!ات محكم!!ات هن أم الكت!!اب

[. وق!!ال أنس وابن س!!يرين: أم الكت!!اب7وأخ!!ر متش!!ابهات" ]آل عم!!ران: اسم اللوح المحفوظ. قال الله تع!!الى: "وإن!!ه في أم الكت!!اب". ]الزخ!!رف:

[. )الخامس(: أم القرآن، واختلف فيه أيضا فجوزه الجمهور وكره!!ه أنس4 وابن سيرين واألحاديث الثابتة ت!!رد ه!!ذين الق!!ولين. روى الترم!!ذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )الحم!!د لل!!ه أم الق!!ران وأم الكتاب والسبع المثاني( قال: هذا حديث حسن ص!!حيح. وفي البخ!!اري قال: وسميت أم الكتاب ألنه يبتدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في

Page 16: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الصالة. وقال يح!!يى بن يعم!!ر: أم الق!!رى: مك!!ة، وأم خراس!!ان: م!!رو، وأم القرآن: سورة الحمد. وقيل: سميت أم القرآن ألنها أوله ومتض!!منة لجمي!!ع علومه، وب!!ه س!!ميت مك!!ة أم الق!!رى ألنه!!ا أول األرض ومنه!!ا دحيت، ومن!!ه س!!ميت األم أم!!ا ألنه!!ا أص!!ل النس!!ل، واألرض أم!!ا في ق!!ول أمي!!ة بن أبي

الصلت:فاألرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد

ويقال لراية الحرب: أم، لتقدمها واتباع الجيش لها. وأصل أم أمهة، ول!!ذلكتجمع على أمهات قال الله تعالى: "وأمهاتكم". ويقال أمات بغير هاء. قال:

فرجت الظالم بأماتكا وقي!!ل: إن أمه!!ات في الن!!اس، وأم!!ات في البه!!ائم، حك!!اه ابن ف!!ارس في

المجمل. )السادس(: المثاني، سميت بذلك ألنها تثنى في كل ركعة، وقي!!ل: س!!ميت ب!!ذلك ألنه!!ا اس!!تثنيت له!!ذه األم!!ة فلم ت!!نزل على أح!!د قبله!!ا ذخ!!را له!!ا. )السابع(: القرآن العظيم، سميت بذلك لتضمنها جميع علوم الق!!رآن وذل!!ك أنها تشتمل على الثناء على الل!!ه ع!!ز وج!!ل بأوص!!اف كمال!!ه وجالل!!ه وعلى األمر بالعبادات واإلخالص فيها واالعتراف بالعجز عن القيام بشيء منه!!ا إال بإعانته تعالى وعلى االبتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم وكفاية أح!!وال الن!!اكثين وعلى بيان!!ه عاقب!!ة الجاح!!دين. )الث!!امن(: الش!!فاء، روى الدارمي عن أبي س!!عيد الخ!!دري ق!!ال ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )فاتحة الكتاب شفاء من كل سم(. )التاسع(: الرقية، ثبت ذل!!ك من حديث أبى سعيد الخدري وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وس!!لم ق!!ال للرجل الذي رقى سيد الحي: )ما أدراك أنها رقي!!ة( فق!!ال: ي!!ا رس!!ول الل!!ه شيء ألقى في روعي... الحديث. خرجه األئمة وسيأتي بتمامه. )العاش!!ر(: األساس، ش!!كا رج!ل إلى الش!!عبي وج!!ع الخاص!رة، فق!ال: علي!!ك بأس!!اس القرآن فاتحة الكتاب، سمعت ابن عباس يقول: لكل شيء أساس وأساس ال!!دنيا مك!!ة ألنه!!ا منه!!ا دحيت، وأس!!اس الس!!ماوات عريب!!ا وهي الس!!ماء الس!!ابعة، وأس!!اس األرض عجيب!!ا وهي األرض الس!!ابعة الس!!فلى، وأس!!اس الجنان جنة عدن وهي س!!رة الجن!!ان عليه!ا أسس!!ت الجن!!ة، وأس!!اس الن!!ار جهنم وهي الدرك!!ة الس!!ابعة الس!!فلى عليه!!ا أسس!!ت ال!!دركات، وأس!!اس الخلق آدم وأساس األنبي!!اء ن!!وح وأس!!اس ب!!ني إس!!رائيل يعق!!وب وأس!!اس الكتب القرآن وأساس القرآن الفاتحة وأساس الفاتحة بسم الل!!ه ال!!رحمن الرحيم فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتح!!ة تش!!فى. )الح!!ادي عش!!ر(: الوافية، قاله سفيان بن عيينة، ألنها ال تتنصف وال تحتمل االختزال، ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة ونصفها اآلخر في ركعة ألجزأ ولو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يج!!ز. )الث!!اني عش!!ر(: الكافي!!ة، ق!!ال يح!!يى بن أبي كثير: ألنها تكفي عن سواها وال يكفي سواها عنها. يدل عليه ما روى محمد بن خالد اإلسكندراني قال: قال النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )أم الق!!رآن

عوض من غيرها وليس غيرها منها عوضا(. @ قال المهلب: إن موضع الرقية منها إنما هو "إياك نعبد وإي!!اك نس!!تعين"

[. وقيل: السورة كلها رقية لقول عليه السالم للرج!ل لم!!ا5]الفاتحة: اآلية أخبره: )وما أدراك أنها رقية( ولم يق!!ل: أن فيه!!ا رقي!!ة، ف!!دل ه!!ذا على أن

Page 17: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

السورة بأجمعها رقية ألنها فاتحة الكتاب ومبدؤه ومتض!!منة لجمي!!ع علوم!!هكما تقدم والله أعلم.

@ ليس في تسميتها بالمثاني وأم الكتاب ما يمنع من تسمية غيرها ب!!ذلك، [ ف!!أطلق على كتاب!!ه:23قال الله عز وجل: "كتابا متشابها مثاني" ]الزمر:

مثاني ألن األخبار تثنى في!!ه. وق!!د س!!ميت الس!!بع الط!!ول أيض!!ا مث!!اني ألن الفرائض والقصص تثنى فيها. قال ابن عباس: أوتى رسول الله صلى الل!!ه عليه وسلم سبعا من المثاني قال: السبع الطول. ذكره النس!!ائي وهي من "البقرة" إلى "األعراف" ست واختلفوا في السابعة فقي!!ل: ي!!ونس وقي!!ل:

األنفال والتوبة وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير. وقال أعشى همدان:فلجوا المسجد وادعوا ربكم وادرسوا هذي المثاني والطول

وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة "الحجر" إن شاء الله تعالى. @ المثاني جمع مثنى وهي التي جاءت بع!!د األولى والط!!ول جم!!ع أط!!ول. وقد سميت األنفال من المث!!اني ألنه!!ا تتل!!و الط!!ول في الق!!در. وقي!!ل: هي التي تزي!!د آياته!ا على المفض!!ل وتنقص عن الم!!ئين. والمئ!!ون: هي الس!!ور

التي تزيد كل واحدة منها على مائة آية.* الباب الثاني - في نزولها وأحكامها:3*

@ أجمعت األمة على أن فاتحة الكتاب سبع آي!!ات إال م!!ا روي عن حس!!ين الجعفي: أنها ست وه!ذا ش!!اذ. وإال م!ا روي عن عم!رو بن عبي!!د أن!!ه جع!ل "إياك نعبد" آية وهي على عدة ثماني آيات وهذا شاذ. وقوله تعالى: "ولق!!د

[ قوله: )قسمت الصالة( الحديث يرد87آتيناك سبعا من المثاني" ]الحجر: هذين القولين.

وأجمعت األمة أيضا على أنها من القرآن. فإن قيل: لو كانت قرآنا ألثبتها عبدالله بن مس!!عود في مص!!حفه فلم!!ا لم يثبته!!ا دل على أنه!!ا ليس!!ت من

القرآن كالمعوذتين عنده. فالجواب ما ذكره أبو بكر األنباري قال: حدثنا الحسن بن الحباب حدثنا

سليمان بن األشعث حدثنا ابن أبي قدام!!ة ح!!دثنا جري!!ر عن األعمش ق!!ال: أظنه عن إبراهيم قال: قيل لعبدالله بن مسعود: لم لم تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك قال لو كتبتها لكتبتها مع كل سورة. قال أبو بكر: يعني أن كل ركع!!ة س!!بيلها أن تفتتح ب!!أم الق!!رآن قب!!ل الس!!ورة المتل!!وة بع!!دها فق!!ال: اختص!!رت بإس!!قاطها ووثقت بحف!!ظ المس!!لمين له!!ا ولم أثبته!!ا في موض!!ع

فيلزمني أن أكتبها مع كل سورة، إذ كانت تتقدمها في الصالة. @ اختلف!!وا أهي مكي!!ة أم مدني!!ة؟ فق!!ال ابن عب!!اس وقت!!ادة وأب!!و العالي!!ة الرياحي - واسمه رفي!!ع - وغ!!يرهم: هي مكي!!ة. وق!!ال أب!!و هري!!رة ومجاه!!د وعطاء بن يسار والزهري وغيرهم: هي مدني!!ة. ويق!!ال: ن!!زل نص!!فها بمك!!ة ونصفها بالمدينة. حكاه أبو الليث نص!!ر بن محم!!د بن إب!!راهيم الس!!مرقندي في تفسيره. واألول أص!ح لقول!!ه تع!!الى: "ولق!!د آتين!!اك س!!بعا من المث!!اني

[ والحجر مكية بإجم!!اع. وال خالف أن ف!!رض87والقرآن العظيم" ]الحجر: الصالة كان بمكة. وما حفظ أنه كان في اإلس!!الم ق!!ط ص!الة بغ!ير "الحم!!د لله رب العالمين" يدل على ه!!ذا قول!!ه علي!!ه الس!!الم: )ال ص!!الة إال بفاتح!!ة

الكتاب(. وهذا خبر عن الحكم ال عن االبتداء، والله أعلم. وقد ذكر القاضي ابن الطيب اختالف الناس في أول ما نزل من القرآن

فقيل: المدثر وقيل: اقرأ وقيل: الفاتح!!ة. وذك!!ر ال!!بيهقي في دالئ!!ل النب!!وة

Page 18: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم قال لخديجة: )إني إذا خل!!وت وح!!دي س!!معت ن!!داء وق!!د والل!!ه خش!!يت أن يكون هذا أمرا( قالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فوالل!!ه إن!!ك لت!!ؤدي األمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث. فلما دخ!!ل أب!!و بك!!ر - وليس رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم ثم - ذك!رت خديج!ة حديث!!ه ل!!ه ق!!الت: ي!!ا ع!تيق اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل. فلما دخل رسول الله صلى الله علي!!ه وسلم أخذ أبو بكر بيده فقال: انطلق بنا إلى ورق!!ة فق!!ال: )ومن أخ!!برك(. قال: خديجة فانطلقا إليه فقصا عليه فقال: )إذا خلوت وحدي سمعت ن!!داء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في األرض( فقال: ال تفعل، إذا أت!!اك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني. فلما خال ناداه: يا محمد! قل "بس!!م الل!!ه ال!!رحمن ال!!رحيم الحم!!د لل!!ه رب الع!!المين - ح!!تى بل!!غ - وال الضالين"، قل: ال إله إال الله. فأتى ورقة ف!!ذكر ذل!!ك ل!!ه، فق!!ال ل!!ه ورق!!ة: أبشر ثم أبشر، فأنا أشهد أنك الذي بشر ب!!ه عيس!!ى ابن م!!ريم وأن!!ك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وأنك سوف تؤمر بالجهاد بع!!د يوم!!ك هذا، وإن يدركني ذلك ألجاهدن معك. فلم!ا ت!وفى ورق!ة ق!ال رس!!ول الل!ه صلى الله عليه وسلم: )لقد رأيت القس في الجنة عليه ثي!!اب الحري!ر ألن!ه آمن بي وصدقني( يعني ورقة. قال البيهقي رضي الل!!ه عن!!ه: ه!!ذا منقط!!ع. يعني هذا الحديث، فإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعد

[.1[ و"يا أيها المدثر" ]المدثر: 1ما نزل عليه "اقرأ باسم ربك" ]العلق: @ ق!!ال ابن عطي!!ة: ظن بعض العلم!!اء أن جبري!!ل علي!!ه الس!!الم لم ي!!نزل بسورة الحمد لما رواه مسلم عن ابن عباس قال: بينما جبري!!ل قاع!!د عن!!د النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأس!!ه فق!!ال: ه!!ذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إال اليوم فنزل منه ملك فقال: ه!!ذا ملك نزل إلى األرض لم ينزل ق!!ط إال الي!!وم، فس!!لم وق!!ال: أبش!!ر بن!!ورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تق!!رأ بحرف منهما إال أعطيته. قال ابن عطية: وليس كما ظن فإن ه!!ذا الح!!ديث يدل على أن جبريل عليه السالم تقدم المل!!ك إلى الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم معلما به وبما ينزل معه، وعلى هذا يكون جبريل ش!!ارك في نزوله!!ا

والله أعلم. قلت: الظاهر من الحديث يدل على أن جبري!!ل علي!!ه الس!!الم لم يعلم

النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك. وقد بينا أن نزولها ك!!ان بمك!!ة ن!!زل به!!ا جبري!!ل علي!!ه الس!!الم لقول!!ه تع!!الى: "ن!!زل ب!!ه ال!!روح األمين"

[ وهذا يقتضي جميع الق!!رآن فيك!!ون جبري!!ل علي!!ه الس!!الم193]الشعراء: نزل بتالوتها بمكة ونزل الملك بثوابها بالمدينة. والله أعلم. وق!!د قي!!ل: إنه!!ا مكية مدنية نزل بها جبريل مرتين حك!!اه الثعل!!بي. وم!!ا ذكرن!!اه أولى. فان!!ه

جمع بين القرآن والسنة ولله الحمد والمنة. @ قد تقدم أن البسملة ليس!!ت بآي!!ة منه!!ا على الق!!ول الص!!حيح، وإذا ثبت ذلك فحكم المصلي إذا كبر أن يصله بالفاتحة وال يسكت، وال ي!!ذكر توجيه!!ا وال تسبيحا، لحديث عائشة وأنس المتقدمين وغيرهما وق!!د ج!!اءت أح!!اديث بالتوجيه والتسبيح والسكوت، قال بها جماعة من العلم!!اء ف!!روي عن عم!!ر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود رض!!ي الل!!ه عنهم!!ا أنهم!!ا كان!!ا يق!!والن إذا افتتحا الصالة: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتع!!الى ج!!دك وال إل!!ه

Page 19: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

غيرك. وبه قال سفيان وأحمد وإسحاق وأص!!حاب ال!!رأي. وك!!ان الش!!افعي يقول بالذي روي عن علي عن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم، أن!!ه ك!!ان إذا افتتح الصالة كبر ثم قال: )وجهت وجهي( الحديث، ذك!!ره مس!!لم، وس!!يأتي بتمام!!ه في آخ!!ر س!!ورة األنع!!ام، وهن!!اك ي!!أتي الق!!ول في ه!!ذه المس!!ألة

مستوفى إن شاء الله. قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر

في الص!!الة س!!كت هنيه!!ة قب!!ل أن يق!!رأ، يق!!ول: )اللهم باع!!د بي!!ني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغ!!رب اللهم نق!!ني من خطاي!!اي كم!!ا ينقى الثوب األبيض من ال!!دنس اللهم أغس!!لني من خطاي!!اي بالم!!اء والثلج والبرد( واستعمل ذلك أبو هريرة. وقال أبو س!!لمة بن عب!!دالرحمن: لإلم!!ام س!!كتتان ف!!اغتنموا فيهم!!ا الق!!راءة. وك!!ان األوزاعي وس!!عيد بن عب!!دالعزيز

وأحمد بن حنبل يميلون إلى حديث النبي في هذا الباب. @ واختل!!ف العلم!!اء في وج!!وب ق!!راءة الفاتح!!ة في الص!!الة فق!!ال مال!!ك وأصحابه: هي متعينة لإلمام والمنفرد في كل ركعة. ق!!ال ابن خ!!ويز من!!داد البصري المالكي: لم يختلف قول مالك أنه من نسيها في ص!!الة ركع!!ة من صالة ركعتين أن صالته تبطل وال تجزيه. واختل!!ف قول!!ه فيمن تركه!!ا ناس!!يا في ركعة من صالة رباعية أو ثالثي!!ة فق!!ال م!!رة: يعي!!د الص!!الة وق!!ال م!!رة أخرى: يسجد سجدتي السهو، وهي رواية ابن عبدالحكم وغيره عن مال!!ك. قال ابن خويز منداد وقد قيل: إن!!ه يعي!!د تل!!ك الركع!!ة ويس!!جد للس!!هو بع!!د السالم. قال ابن عبدالبر: الصحيح من القول إلغاء تلك الركعة ويأتي بركعة بدال منها كمن أسقط سجدة سهوا. وهو اختيار ابن القاسم. وق!!ال الحس!!ن البصري وأكثر أهل البصرة والمغيرة بن عب!!دالرحمن المخ!!زومي الم!!دني: إذا قرأ بأم القرآن مرة واحدة في الصالة أجزأه ولم تكن عليه إع!!ادة ألنه!!ا صالة قد قرأ فيها بأم القرآن وهي تامة لقوله عليه الس!!الم: )ال ص!!الة لمن

لم يقرأ بأم القرآن( وهذا قد قرأ بها. قلت: ويحتمل ال صالة لمن لم يقرأ بها في كل ركعة، وهو الصحيح على

ما يأتي. ويحتمل ال صالة لمن لم يقرأ بها في أكثر عدد الركعات، وهذا ه!!وسبب الخالف والله أعلم.

وقال أبو حنيفة والثوري واألوزاعي: إن تركها عامدا في صالته كلها وقرأ غيرها أجزأه على اختالف عن األوزاعي في ذلك. وقال أبو يوسف ومحم!!د بن الحس!!ن: أقل!!ه ثالث آي!!ات أو آي!!ة طويل!!ة كآي!!ة ال!!دين. وعن محم!!د بن الحسن أيضا قال: أسوغ االجتهاد في مقدار آية ومقدار كلمة مفهومة نحو:

"الحمد لله" وال أسوغه في حرف ال يكون كالما. وقال الطبري: يقرأ المصلى بأم القرآن في كل ركعة فإن لم يقرأ به!!ا

لم يجزه إال مثلها من القرآن عدد آيها وحروفها. قال ابن عب!!دالبر: وه!!ذا ال معنى له ألن التع!يين له!ا والنص عليه!ا ق!د خص!ها به!ذا الحكم دون غيره!ا ومحال أن يجيء بالبدل منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليه!!ا وإنم!!اعليه أن يجيء بها ويعود إليها كسائر المفروضات المتعينات في العبادات.

@ وأم!!ا الم!!أموم ف!!إن أدرك اإلم!!ام راكع!!ا فاإلم!!ام يحم!!ل عن!!ه الق!!راءة إلجماعهم على أنه إذا أدركه راكعا أنه يكبر ويركع وال يقرأ شيئا وإن أدرك!!ه قائما فإنه يقرأ وال ينبغي ألحد أن يدع القراءة خلف إمامه في ص!!الة الس!!ر فإن فعل فقد أساء وال شيء عليه عند مالك وأصحابه. وأما إذا جهر اإلم!ام

Page 20: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فال قراءة بفاتحة الكتاب وال غيره!!ا في المش!!هور من م!!ذهب مال!!ك لق!!ول [204الله تعالى: "وإذا ق!!رئ الق!!رآن فاس!!تمعوا ل!!ه وأنص!!توا" ]األع!!راف:

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما لي أن!ازع الق!رآن( وق!ول في اإلم!!ام: )إذا ق!!رأ فأنص!!توا( وق!!ول: )من ك!!ان ل!!ه إم!!ام فق!!راءة اإلم!!ام ل!!ه

قراءة(. وقال الشافعي فيما حكى عنه البويطي وأحمد بن حنبل: ال تجزئ أحدا

صالة حتى يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركع!!ة، إمام!!ا ك!!ان أو مأموم!!ا، جه!!ر إمامه أو أسر. وكان الشافعي بالعراق يقول في المأموم: يقرأ إذا أسر وال يقرأ إذا جهر كمشهور مذهب مالك. وق!!ال بمص!!ر: فيم!!ا يجه!!ر في!!ه اإلم!!ام ب!القراءة ق!والن: أح!دهما أن يق!رأ واآلخ!ر يجزئ!ه أال يق!رأ ويكتفي بق!راءة اإلم!!ام. حك!!اه ابن المن!!ذر. وق!!ال ابن وهب وأش!!هب وابن عب!!دالحكم وابن حبيب والكوفيون: ال يقرأ الم!!أموم ش!!يئا جه!!ر إمام!!ه أو أس!!ر لقول!!ه علي!!ه السالم: )فقراءة اإلمام له قراءة( وهذا عام ولقول جابر: من ص!!لى ركع!!ة

لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إال وراء اإلمام. @ الصحيح من هذه األقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول اآلخ!!ر وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العم!!وم لقول!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وسلم: )ال صالة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب( وقول!!ه: )من ص!!لى صالة لم يقرأ فيها بأم القران فهي خداج( ثالث!!ا. وق!!ال أب!!و هري!!رة: أم!!رني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنه: )ال صالة إال بق!!راءة فاتح!!ة الكتاب فما زاد( أخرجه أبو داود. كما ال ينوب سجود ركع!!ة وال ركوعه!!ا عن ركعة أخرى فكذلك ال تنوب قراءة ركعة عن غيره!!ا، وب!!ه ق!!ال عبدالل!!ه بن عون وأيوب السختياني وأب!!و ث!!ور وغ!!يره من أص!!حاب الش!!افعي وداود بن

علي، وروي مثله عن األوزاعي وبه قال مكحول. وروي عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عباس وأبي هريرة وأبي بن

كعب وأبي أي!!وب األنص!!اري وعبدالل!!ه بن عم!!رو بن الع!!اص وعب!!ادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعثمان بن أبي العاص وخوات بن جب!!ير أنهم قالوا: ال صالة إال بفاتحة الكتاب. وهو قول ابن عمر والمشهور من م!!ذهب األوزاعي، فهؤالء الصحابة بهم القدوة وفيهم األسوة كلهم يوجبون الفاتح!!ة

في كل ركعة. وقد أخرج اإلمام أبو عبدالله محمد بن يزي!!د بن ماج!!ه القزوي!!ني في

سننه ما يرفع الخالف ويزيل كل احتمال فقال: حدثنا أبو ريب حدثنا محم!!د بن فض!!يل وح!!دثنا س!!ويد بن س!!عيد ح!!دثنا علي بن مس!!هر جميع!!ا عن أبي سفيان السعدي عن أبي نض!!رة عن أبي س!عيد الخ!!دري ق!ال ق!ال رس!ول الله صلى الله عليه وسلم )ال صالة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحم!!د لل!!ه وسورة في فريضة أو غيرها(. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن!!ه علي!!ه السالم قال للذي علمه الصالة: )وأفع!!ل ذل!!ك في ص!!التك كله!!ا( وس!!يأتي. ومن الحجة في ذلك أيضا ما رواه أبو داود عن ن!!افع بن محم!!ود بن الربي!!ع األنصاري قال: أبطأ عب!!ادة بن الص!!امت عن ص!!الة الص!!بح فأق!!ام أب!!و نعيم المؤذن الصالة فصلى أبو نعيم بالناس وأقبل عبادة بن الص!!امت وأن!!ا مع!!ه حتى صففنا خلف أبي نعيم وأبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يق!!رأ ب!!أم القرآن، فلم!!ا انص!!رف قلت لعب!!ادة: س!!معتك تق!!رأ ب!!أم الق!!رآن وأب!!و نعيم يجه!!ر؟ ق!!ال: أج!!ل! ص!!لى بن!!ا رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم بعض

Page 21: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه فلما انصرف أقب!!ل علين!!ا بوجهه فقال: )هل تقرؤون إذا جهرت بالقراءة( فقال بعضنا: إنا نصنع ذل!!ك قال: )فال. وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن فال تق!!رؤوا بش!!يء من الق!!رآن إذا جه!!رت إال ب!!أم الق!!رآن(. وه!!ذا نص ص!!ريح في الم!!أموم. وأخرج!!ه أب!!و عيسى الترمذي من حديث محمد بن إسحاق بمعناه وق!!ال: ح!!ديث حس!!ن. والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف اإلمام عند أكثر أه!!ل العلم من أصحاب النبي والتابعين وهو قول مال!!ك بن أنس وابن المب!!ارك والش!!افعي وأحمد وإسحاق يرون القراءة خلف اإلمام. وأخرجه أيضا الدارقطني ق!!ال: هذا إس!!ناد حس!!ن، ورجال!!ه كلهم ثق!!ات، وذك!!ر أن محم!!ود بن الربي!!ع ك!!ان يسكن إيلياء، وأن أبا نعيم أول من أذن في بيت المقدس. وقال أبو محم!!د عبدالحق: ونافع بن محمود لم يذكره البخاري في تاريخه وال ابن أبي ح!!اتم وال أخرج له البخاري ومس!!لم ش!!يئا. وق!!ال في!!ه أب!!و عم!!ر: مجه!!ول. وذك!!ر الدارقطني عن يزيد بن شريك قال: سألت عمر عن القراءة خل!!ف اإلم!!ام ف!!!أمرني أن اق!!!رأ قلت: وإن كنت أنت؟ ق!!!ال: وإن كنت أن!!!ا، قلت: وإن جهرت، قال: وإن جهرت. قال ال!!دارقطني: ه!!ذا إس!!ناد ص!!حيح. وروي عن جابر بن عبدالله قال: ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )اإلم!!ام ضامن فما صنع فاصنعوا(. قال أبو حاتم: هذا يصح لمن قال بالقراءة خلف اإلمام وبهذا أفتى أبو هريرة الفارسي أن يقرأ بها في نفسه حين ق!!ال ل!!ه: إني أحيانا أكون وراء اإلمام، ثم استدل بقوله تعالى: )قسمت الصالة بي!!ني وبين عبدي نص!!فين فنص!!فها لي ونص!!فها لعب!!دي ولعب!!دي م!!ا س!!أل(. ق!!ال رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )اق!!رؤوا يق!!ول العب!!د الحم!!د لل!!ه رب

العالمين( الحديث. @ أما ما استدل به األولون بقول عليه السالم: )وإذا قرأ فأنصتوا( أخرج!!ه مس!!لم من ح!!ديث أبي موس!!ى األش!!عري وق!!ال: وفي ح!!ديث جري!!ر عن سليمان عن قتادة من الزيادة )وإذا ق!!رأ فأنص!!توا( ق!!ال ال!!دارقطني: ه!!ذه اللفظ!!ة لم يت!!ابع س!!ليمان ال!!تيمي فيه!!ا عن قت!!ادة، وخالف!!ه الحف!!اظ من أصحاب قت!!ادة فلم ي!!ذكروها، منهم ش!!عبة وهش!!ام وس!!عيد بن أبي عروب!!ة وهم!!ام وأب!!و عوان!!ة ومعم!!ر وع!!دي بن أبي عم!!ارة. ق!!ال ال!!دارقطني: فإجم!!اعهم ي!!دل على وهم!!ه. وق!!د روي عن عبدالل!!ه بن ع!!امر عن قت!!ادة متابعة التيمي ولكن ليس ه!!و ب!!القوي ترك!!ه القطع!!ان. وأخ!!رج أيض!!ا ه!!ذه الزيادة أبو داود من حديث أبي هريرة وقال: هذه الزيادة )إذا قرأ فأنصتوا( ليست بمحفوظة. وذكر أبو محمد عبدالحق: أن مس!!لما ص!!حح ح!!ديث أبي

هريرة وقال: هو عندي صحيح. قلت: ومما يدل على صحتها عنده إدخاله!ا في كتاب!ه من ح!ديث أبي

موسى وإن كانت مما لم يجمعوا عليها. وقد صححها اإلمام أحمد بن حنب!!ل وابن المنذر. وأما قوله تعالى: "وإذا قرئ الق!!رآن فاس!!تمعوا ل!!ه وأنص!!توا"

[ فإنه نزل بمكة وتحريم الكالم في الصالة نزل بالمدين!!ة -204]األعراف: كما قال زيد بن أرقم فال حجة فيها فإن المقصود كان المش!!ركين على م!!ا قال سعيد بن المسيب. وقد روى الدارقطني عن أبي هريرة أنها نزلت في رفع الصوت خلف رسول الله. وقال: عبدالله بن عامر ضعيف. وأم!!ا قول!!ه عليه السالم: )ما لي أنازع القرآن( فأخرجه مال!!ك عن ابن ش!!هاب عن ابن أكيمة الليثي، واسمه فيما قال مالك: عمرو وغيره يقول عامر وقي!!ل يزي!!د

Page 22: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقيل عمارة وقيل عباد، يكنى أبا الوليد توفي س!!نة إح!!دى ومائ!!ة وه!!و ابن تسع وسبعين سنة، لم يرو عنه الزهري إال ه!!ذا الح!!ديث الواح!!د وه!!و ثق!!ة وروى عن!!ه محم!!د بن عم!!رو وغ!!يره. والمع!!نى في حديث!!ه: ال تجه!!روا إذا جهرت فإن ذلك تنازع وتجاذب وتخ!!الج اق!!رؤوا في أنفس!!كم. يبين!!ه ح!!ديث عبادة وفتيا الفاروق وأبي هريرة ال!!راوي للح!!ديثين. فل!!و فهم المن!!ع جمل!!ة من قوله: )ما لي أنازع القرآن( لما أفتى بخالفه، وقول الزهري في حديث ابن أكيمة: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله فيما جهر فيه رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الل!!ه يري!!د

بالحمد على ما بينا وبالله توفيقنا. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: )من كان له إمام فقراءة اإلمام ل!!ه

قراءة( فحديث ضعيف أسنده الحسن بن عمارة وهو م!!تروك، وأب!!و حنيف!!ة وهو ضعيف، كالهما عن موسى بن أبي عائش!!ة عن عبدالل!!ه بن ش!!داد عن جابر. أخرجه الدارقطني وقال: رواه سفيان الث!!وري وش!!عبة وإس!!رائيل بن يونس وشريك وأبو خالد الداالني وأبو األح!!وص وس!!فيان بن عيين!!ة وجري!!ر بن عبدالحميد وغ!!يرهم عن موس!!ى بن أبي عائش!!ة عن عبدالل!!ه بن ش!!داد مرسال عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب. وأما ق!!ول ج!!ابر: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إال وراء اإلمام، ف!!رواه مال!!ك عن وهب بن كيس!!ان عن ج!!ابر قول!!ه. ق!!ال ابن عب!!دالبر: ورواه يح!!يى بن سالم صاحب التفس!!ير عن مال!!ك عن أبي نعيم وهب بن كيس!!ان عن ج!!ابر عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وص!!وابه موق!!وف على ج!!ابر كم!!ا في الموطأ. وفيه من الفقه إبطال الركعة التي ال يقرأ فيه!!ا ب!!أم الق!!رآن، وه!!و يشهد لصحة ما ذهب إلي!!ه ابن القاس!!م ورواه عن مال!!ك في إلغ!!اء الركع!!ة والبناء على غيرها وال يعتد المصلي بركعة ال يقرأ فيها بفاتحة الكتاب. وفيه أيضا أن اإلمام قراءته لمن خلفه قراءة، وهذا مذهب جابر وقد خالف!!ه في!!ه

غيره. @ ق!!ال ابن الع!!ربي: لم!!ا ق!!ال: )ال ص!!الة لمن لم يق!!رأ بفاتح!!ة الكت!!اب( واختلف الناس في هذا األصل هل يحمل هذا النفي على التمام والكمال أو على اإلج!!زاء؟ اختلفت الفت!!وى بحس!!ب اختالف ح!!ال الن!!اظر، ولم!!ا ك!!ان األش!هر في ه!ذا األص!ل واألق!وى أن النفي على العم!وم ك!ان األق!وى من رواي!!ة مال!!ك أن من لم يق!!رأ الفاتح!!ة في ص!!الته بطلت. ثم نظرن!!ا في تكرارها في كل ركعة، فمن تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم: )افع!!ل ذلك في صالتك كلها( لزمه أن يعيد الق!!راءة كم!!ا يعي!!د الرك!!وع والس!!جود.

والله أعلم. @ ما ذكرناه في هذا الباب من األحاديث والمعاني في تعيين الفاتح!!ة ي!!رد على الكوفيين قولهم في أن الفاتحة ال تتعين، وأنها وغيرها من آي الق!!رآن سواء. وقد عينها الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم بقول!!ه كم!!ا ذكرن!!اه، وه!!و المبين عن الله تعالى م!راده في قول!ه: "وأقيم!!وا الص!!الة". وق!د روى أب!!و داود عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكت!!اب وم!!ا تيس!!ر. فدل هذا الحديث على أن قوله عليه السالم لألعرابي: )اقرأ ما تيسر معك من القرآن( ما زاد على الفاتح!ة، وه!و تفس!ير قول!ه تع!الى: "ف!اقرؤوا م!ا

[ وق!!د روى مس!!لم عن عب!!ادة بن الص!!امت أن20تيس!!ر من!!ه" ]المزم!!ل: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ال صالة لمن لم يقرأ بأم الق!!ران -

Page 23: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

زاد في رواية - فص!!اعدا". وقول!!ه علي!!ه الس!!الم: )هي خ!!داج - ثالث!!ا - غ!!ير تمام( أي غ!ير مجزئ!ة باألدل!ة الم!ذكورة. والخ!داج: النقص والفس!اد. ق!ال األخفش: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها لغير تمام، وأخ!دجت إذا ق!ذفت ب!ه

قبل وقت الوالدة وإن كان تام الخلق. والنظر يوجب في النقصان أال تجوز معه الصالة، ألنها صالة لم تتم ومن

خرج من صالته وهي لم تتم فعليه إعادته!ا كم!!ا أم!ر، على حس!ب حكمه!ا. ومن أدعى أنها تجوز مع إقراره بنقصها فعلي!!ه ال!!دليل، وال س!!بيل إلي!!ه من

وجه يلزم والله أعلم. @ روي عن مالك أن الق!!راءة ال تجب في ش!!يء في الص!!الة وك!!ذلك ك!!ان الش!!افعي يق!!ول ب!!العراق فيمن نس!!يها، ثم رج!!ع عن ه!!ذا بمص!!ر فق!!ال: ال تجزئ صالة من يحسن فاتحة الكتاب إال بها وال يجزئه أن ينقص حرفا منه!!ا فإن لم يقرأها أو نقص منها حرفا أع!!اد ص!!الته وإن ق!!رأ بغيره!!ا. وه!!ذا ه!!و الصحيح في المسألة، وأما ما روي عن عمر رحمه الله أنه ص!!لى المغ!!رب فلم يقرأ فيها فذكر ذلك له فقال: كيف كان الركوع والسجود قالوا: حس!ن قال: ال بأس إذا، فحديث منكر اللفظ منقطع اإلس!!ناد، ألن!!ه يروي!!ه إب!!راهيم بن الح!!ارث ال!!تيمي عن عم!!ر، وم!!رة يروي!!ه إب!!راهيم عن أبي س!!لمة بن عبدالرحمن عن عمر، وكالهم!!ا منقط!!ع ال حج!!ة في!!ه وق!!د ذك!!ره مال!ك في الموطأ وهو عند بعض ال!!رواة وليس عن!!د يح!!يى وطائف!!ة مع!!ه، ألن!!ه رم!!اه مالك من كتابه بأخرة، وقال ليس عليه العم!ل ألن الن!بي ص!لى الل!!ه علي!ه وسلم قال: )كل صالة ال يقرأ فيها ب!!أم الق!!رآن فهي خ!!داج( وق!!د روي عن عم!!ر أن!!ه أع!!اد تل!!ك الص!!الة وه!!و الص!!حيح عن!!ه. روى يح!!يى بن يح!!يى النيسابوري قال: ح!!دثنا أب!!و معاوي!!ة عن األعمش عن إب!!راهيم النخعي عن همام بن الحارث أن عمر نس!!ي الق!!راءة في المغ!!رب فأع!!اد بهم الص!!الة. قال ابن عبدالبر: وهذا حديث متصل شهده همام من عم!!ر، روي ذل!!ك من وجوه. وروى أشهب عن مالك قال: سئل مال!!ك عن ال!!ذي نس!!ي الق!!راءة، أيعجبك ما قال عمر؟ فقال: أنا أنكر أن يكون عمر فعله - وأنكر الح!!ديث - وقال: يرى الناس عم!!ر يص!!نع ه!!ذا في المغ!!رب وال يس!!بحون ب!!ه! أرى أن

يعيد الصالة من فعل هذا. @ أجمع العلماء على أن ال صالة إال بقراءة، على ما تقدم من أصولهم في ذل!!ك. وأجمع!!وا على أن ال ت!!وقيت في ذل!!ك بع!!د فاتح!!ة الكت!!اب إال أنهم يستحبون أال يقرأ مع فاتحة الكتاب إال سورة واحدة ألنه األكثر مما جاء عن النبي. قال مالك: وسنة القراءة أن يقرأ في الركعتين األوليين ب!!أم الق!!رآن وسورة، وفي األخريين بفاتحة الكت!!اب. وق!!ال األوزاعي: يق!!رأ ب!!أم الق!!رآن فإن لم يقرأ بأم القران وقرأ بغيرها أجزأه، وق!!ال: وإن نس!!ي أن يق!!رأ في ثالث ركعات أعاد. وقال الثوري: يقرأ في الركعتين األوليين بفاتحة الكت!!اب وسورة ويسبح في األخريين إن شاء، وإن شاء قرأ وإن لم يقرأ ولم يس!!بح جازت صالته، وهو قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين. ق!!ال ابن المن!!ذر: وق!!د روينا عن علي بن أبى طالب رضي الل!!ه عن!!ه أن!!ه ق!!ال: اق!!رأ في األول!!يين وسبح في األخريين وبه قال النخعي. ق!ال س!فيان: ف!إن لم يق!رأ في ثالث ركعات أعاد الصالة ألنه ال تجزئه ق!!راءة ركع!!ة. ق!!ال: وك!!ذلك إن نس!!ي أن يقرأ ركعة في صالة الفجر. وقال أبو ثور: ال تجزئ ص!الة إال بق!راءة فاتح!!ة الكتاب في كل ركع!!ة، كق!!ول الش!!افعي المص!!ري وعلي!!ه جماع!!ة أص!!حاب

Page 24: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الشافعي، وكذلك قال ابن خويز منداد المالكي قال: قراءة الفاتح!!ة واجب!!ة عندنا في كل ركعة، وهذا ه!!و الص!!حيح في المس!!ألة. روى مس!!لم عن أبي قتادة قال: كان رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يص!!لي بن!!ا فيق!!رأ في الظهر والعصر في الركعتين األوليين بفاتح!!ة الكت!!اب وس!!ورتين، ويس!!معنا اآلية أحيانا، وكان يطول في الركعة األولى من الظهر ويقصر الثانية وكذلك في الصبح. وفي رواية: ويقرأ في الركعتين األخريين بفاتح!!ة الكت!!اب وه!!ذا نص صريح وحديث صحيح لما ذهب إليه مالك. ونص في تعين الفاتح!!ة في

كل ركعة خالفا لمن أبى ذلك، والحجة في السنة ال فيما خالفها. @ ذهب الجمهور إلى أن م!!ا زاد على الفاتح!!ة من الق!!راءة ليس ب!!واجب، لما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: في كل صالة قراءة فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى منا أخفينا منكم، فمن قرأ ب!!أم القرآن فقد أجزأت عنه ومن زاد فهو أفضل. وفي البخاري: وإن زدت فه!!و خير. وقد أبى كثير من أهل العلم ترك السورة لض!!رورة أو لغ!!ير ض!!رورة، منهم عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري وخوات بن جب!!ير ومجاه!!د وأب!!و وائ!!ل وابن عم!!ر وابن عب!!اس وغ!!يرهم ق!!الوا: ال ص!!الة لمن لم يق!!رأ فيه!!ا بفاتحة الكتاب وشيء معه!!ا من الق!!رآن، فمنهم من ح!!د آي!!تين، ومنهم من حد آية، ومنهم من لم يحد، وقال: شيء من القرآن معها وكل ه!ذا م!وجب لتعلم ما تيسر من القرآن على كل حال مع فاتحة الكت!!اب، لح!!ديث عب!!ادة وأبي سعيد الخدري وغيرهما. وفي المدونة: وكي!!ع عن األعمش عن خيثم!!ة قال: حدثني من سمع عمر بن الخطاب يقول: ال تجزئ ص!!الة من لم يق!!رأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها. واختلف المذهب في قراءة الس!!ورة على

ثالثة أقوال: سنة فضيلة واجبة. @ من تعذر ذلك عليه بع!!د بل!!وغ مجه!!وده فلم يق!!در على تعلم الفاتح!!ة أو ش!!يء من الق!!رآن وال عل!!ق من!!ه بش!!يء، لزم!!ه أن ي!!ذكر الل!!ه في موض!!ع القراءة بم!ا أمكن!!ه من تكب!ير أو تهلي!!ل أو تحمي!د أو تس!!بيح أو تمجي!!د أو ال حول وال قوة إال بالله، إذا صلى وحده أو مع إمام فيما أسر فيه اإلمام، فقد روى أبو داود وغيره عن عبدالله بن أبي أوفى ق!!ال: ج!!اء رج!!ل إلى الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فق!!ال: إني ال أس!!تطيع أن آخ!!ذ من الق!!رآن ش!!يئا فعلمني ما يجزئني منه قال: )قل سبحان الله والحم!!د لل!!ه وال إل!!ه إال الل!!ه والله أكبر وال حول وال قوة إال بالله( قال: يا رسول الله هذا لله، فم!!ا لي؟

قال: )قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني(. فإن عجز عن إصابة شيء من هذا اللف!!ظ فال ي!!دع الص!!الة م!!ع اإلم!!ام

جهده فاإلمام يحمل ذلك عنه إن شاء الله، وعليه أبدا أن يجه!!د نفس!!ه في تعلم فاتح!!ة الكت!!اب فم!!ا زاد إلى أن يح!!ول الم!!وت دون ذل!!ك وه!!و بح!!ال

االجتهاد فيعذره الله. من لم يواته لسانه إلى التكلم بالعربية من األعجميين وغيرهم ترجم له

الدعاء العربي بلسانه الذي يفقه إلقامة ص!!الته، ف!!إن ذل!!ك يجزئ!!ه إن ش!!اءالله تعالى.

ال تجزئ صالة من قرأ بالفارسية وهو يحسن العربية في قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: تجزئه القراءة بالفارسية وإن أحسن العربية ألن المقصود إصابة المعنى. قال ابن المنذر: ال يجزئه ذلك، ألن!!ه خالف م!!ا أم!!ر الل!!ه ب!!ه

Page 25: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وخالف ما علم النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم وخالف جماع!!ات المس!!لمين.وال نعلم أحدا وافقه على ما قال.

@ من افتتح الصالة كما أمر وهو غير عالم بالقراءة، فطرأ علي!!ه العلم به!!ا في أثناء الصالة ويتصور ذلك بأن يكون سمع من قرأها فعلقت بحفظه من مجرد السماع فال يستأنف الصالة، ألنه أدى ما مضى على حسب ما أمر به

فال وجه إلبطاله. قاله في كتاب ابن سحنون.* الباب الثالث: في التأمين:3*

@ ويسن لقارئ القرآن أن يقول بعد الفراغ من الفاتح!!ة بع!!د س!!كتة علىنون "وال الضالين": آمين ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن.

@ ثبت في األمهات من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وسلم قال: )إذا أمن اإلمام فأمنوا، فإن!ه من واف!ق تأمين!ه ت!أمين المالئك!ة غفر له ما تقدم من ذنبه(. قال علماؤنا رحمة الله عليهم: فترتبت المغفرة لل!!ذنب على مق!!دمات أرب!!ع تض!!منها ه!!ذا الح!!ديث: األولى: ت!!أمين اإلم!!ام، الثانية: تأمين من خلفه، الثالثة: تأمين المالئكة، الرابع!!ة: موافق!!ة الت!!أمين، قيل في اإلجابة وقيل في الزمن وقيل في الصفة من إخالص الدعاء لقوله علي!!ه الس!!الم: )ادع!!وا الل!!ه وأنتم موقن!!ون باإلجاب!!ة واعلم!!وا أن الل!!ه ال

يستجيب دعاء من قلب غافل اله(.ح المق!!راني ق!!ال: كن!!ا نجلس إلى أبي زه!!ير @ روى أبو داود عن أبي مصب النميري وكان من الصحابة، فيحدث أحسن الح!!ديث ف!!إذا دع!!ا الرج!!ل من!!ا بدعاء قال: اختمه بآمين. فإن آمين مث!!ل الط!!ابع على الص!!حيفة. ق!!ال أب!!و زهير أال أخبركم عن ذلك، خرجنا مع رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ذات ليلة، فأتينا على رج!ل ق!د ألح في المس!ألة فوق!ف الن!بي ص!لى الل!ه عليه وسلم يسمع منه فقال النبي صلى الله عليه وس!!لم: )أوجب إن ختم( فقال له رجل من القوم: بأي ش!!يء يختم؟ ق!!ال: )ب!!آمين فإن!!ه ختم ب!!آمين فقد أوجب( فانصرف الرجل الذي سأل النبي فأتى الرجل فق!!ال ل!!ه: اختم يا فالن وأبشر. قال ابن عبدالبر: أبو زه!!ير النم!!يري اس!!مه يح!!يى بن نف!!ير روى عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )ال تقتل!!وا الج!!راد فإن!!ه جن!!د الل!!ه األعظم(. وقال وهب بن منبه: آمين أربعة أحرف يخلق الله من كل ح!!رف ملكا يق!!ول: اللهم اغف!!ر من ق!!ال آمين ]في النس!!خة: آم!!ني[. وفي الخ!!بر )لقنني جبريل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب، وقال إن!!ه كالخ!!اتم على الكتاب( وفي حديث آخر: )آمين خاتم رب العالمين(. قال الهروي قال أب!!و بكر: معناه أنه طابع الله على عب!!اده، ألن!!ه ي!دفع ب!!ه عنهم اآلف!!ات والبالي!ا، فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من إفس!!اده وإظه!!ار م!!ا في!!ه. وفي حديث آخر )آمين درجة في الجنة(. قال أبو بكر: معناه أنه ح!!رف يكتس!!ب

به قائله درجة في الجنة. @ معنى آمين عند أكثر أهل العلم: اللهم استجب لنا، وضع موضع ال!!دعاء. وقال قوم: هو اس!!م من أس!!ماء الل!!ه، روي عن جعف!!ر بن محم!!د ومجاه!!د وهالل بن يساف، ورواه ابن عباس عن النبي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ولم يصح، قاله ابن العربي. وقي!!ل مع!!نى آمين: ك!!ذلك فليكن، قال!!ه الج!!وهري. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: سألت رسول الل!!ه ص!!لى الله عليه وسلم ما معنى آمين؟ قال: )رب افعل(. وق!!ال مقات!!ل: ه!!و ق!!وة

للدعاء واستنزال للبركة. وقال الترمذي: معناه ال تخيب رجاءنا.

Page 26: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ وفي آمين لغت!!ان: الم!!د على وزن فاعي!!ل كياس!!ين. والقص!!ر على وزنيمين. قال الشاعر في المد:

يا رب ال تسلبني حبها أبدا ويرحم الله عبدا قال آمينا وقال آخر:

آمين آمين ال أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين آمينا وقال آخر في القصر:

تباعد مني فطحل إذ سألته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا وتشديد الميم خطأ، قاله الجوهري. وقد روي عن الحسن وجعف!!ر الص!!ادق التشديد، وهو قول الحسين بن الفضل، من أم إذا قصد، أي نحن قاص!!دون

[. حك!!اه أب!!و نص!!ر2نحوك ومنه قوله: "وال آمين البيت الح!!رام" ]المائ!!دة: عبدالرحيم بن عبدالكريم القشيري. قال الج!!وهري: وه!و مب!ني على الفتح

مثل أين وكيف الجتماع الساكنين. وتقول منه: أمن فالن تأمينا. @ اختلف العلماء هل يقولها اإلمام وهل يجهر بها، فذهب الشافعي ومالك في رواية المدنيين إلى ذلك. وقال الكوفيون وبعض المدنيين: ال يجهر به!!ا. وهو قول الط!!بري وب!!ه ق!!ال ابن ح!!بيب من علمائن!!ا. وق!!ال ابن بك!!ير: ه!!و مخير. وروى ابن القاسم عن مالك أن اإلمام ال يقول آمين وإنما يقول ذلك من خلفه، وهو قول ابن القاس!!م والمص!!ريين من أص!!حاب مال!!ك. وحجتهم حديث أبي موسى األشعري أن رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم خطبن!!ا ف!!بين لن!!ا س!!نتنا وعلمن!!ا ص!!التنا فق!!ال: )إذا ص!!ليتم ف!!أقيموا ص!!فوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال غير المغضوب عليهم وال الض!!الين فقولوا آمين يجبكم الله( وذكر الحديث، أخرجه مسلم. ومثله حديث سمي عن أبي هريرة وأخرجه مالك. والصحيح األول لحديث وائل بن حج!!ر ق!!ال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ "وال الض!!الين" ق!!ال: "آمين" يرفع بها صوته، أخرجه أبو داود والدارقطني وزاد "قال أبو بكر: ه!!ذه س!!نة تفرد بها أهل الكوفة هذا صحيح والذي بعده". وترجم البخ!!اري "ب!!اب جه!!ر

اإلمام بالتأمين". وقال عطاء: "آمين" دعاء، أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد

للجة. قال الترمذي: وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أص!!حاب الن!!بي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، يرون أن يرف!!ع الرج!!ل ص!!وته بالت!!أمين وال يخفيها. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. وفي الموط!!أ والص!!حيحين قال ابن شهاب: وكان رسول الل!ه ص!لى الل!ه علي!ه وس!لم يق!ول "آمين". وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة قال: ت!!رك الن!!اس آمين وك!!ان رس!!ول الله صلى الله عليه وس!!لم إذا ق!!ال: "غ!!ير المغض!!وب عليهم وال الض!!الين" قال: "آمين" ح!!تى يس!!معها أه!!ل الص!!ف األول ف!!يرتج به!!ا المس!!جد. وأم!!ا حديث أبي موس!!ى وس!!مي فمعناهم!ا التعري!!ف بالموض!ع ال!ذي يق!ال في!!ه آمين، وهو إذا قال اإلمام: "وال الض!!الين" ليك!!ون قولهم!!ا مع!!ا وال يتق!!دموه بقول: آمين لما ذكرناه والله أعلم. ولقول!!ه علي!!ه الس!!الم: )إذا أمن اإلم!!ام فأمنوا(. وق!!ال ابن ن!!افع في كت!!اب ابن الح!!ارث: ال يقوله!!ا الم!!أموم إال أن يسمع اإلمام يقول: "وال الضالين". وإذا كان ببعد ال يسمعه فال يق!!ل. وق!!ال

ابن عبدوس: يتحرى قدر القراءة ويقول: آمين. @ قال أصحاب أبي حنيفة: اإلخفاء ب!!آمين أولى من الجه!!ر به!!ا ألن!!ه دع!!اء

[. ق!!الوا:5وقد قال الله تع!!الى: "ادع!!وا ربكم تض!!رعا وخفي!!ة" ]األع!!راف:

Page 27: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى: "قد أجيبت دعوتكما" ]ي!!ونس:[. قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمن فسماهما الله داعيين.89 الجواب: أن إخفاء الدعاء إنما كان أفضل لما يدخله من الرياء. وأما ما

يتعلق بصالة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره، وقد ن!!دب اإلم!!ام إلى إش!!هار ق!!راءة الفاتح!!ة المش!!تملة على الدعاء والتأمين في آخرها فإذا كان الدعاء مما يسن الجه!!ر في!!ه فالت!!أمين

على الدعاء تابع له وجار مجراه وهذا بين. @ كلم!!ة آمين لم تكن قبلن!!ا إال لموس!!ى وه!!ارون عليهم!!ا الس!!الم. ذك!!ر الترمذي الحكيم في )نوادر األصول(: حدثنا عبدالوارث بن عبدالص!!مد ق!!ال حدثنا أبي قال حدثنا رزين مؤذن مسجد هشام بن حسان ق!!ال ح!!دثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله أعطى أمتي ثالثا لم تعط أحدا قبلهم السالم وه!!و تحي!!ة أه!!ل الجن!!ة وص!!فوف المالئك!!ة وآمين إال ما كان من موسى وهارون( قال أب!و عبدالل!!ه: معن!!اه أن موس!ى دعا على فرعون وأمن هارون فق!!ال الل!!ه تب!!ارك اس!!مه عن!!دما ذك!!ر دع!!اء

[ ولم ي!!ذكر مقال!!ة89موسى في تنزيل!!ه: "ق!!د أجيبت دعوتكم!!ا" ]ي!!ونس: هارون، وقال موسى: ربن!!ا، فك!!ان من ه!!ارون الت!!أمين، فس!!ماه داعي!!ا في تنزيله، إذ صير ذلك منه دعوة. وق!!د قي!!ل: إن آمين خ!!اص له!!ذه األم!!ة لم!!ا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق!!ال: )م!!ا حس!!دتكم اليه!!ود على شيء م!!ا حس!!دتكم على الس!!الم والت!!أمين( أخرج!!ه ابن ماج!!ة من ح!!ديث حم!!اد بن س!!لمة عن س!!هيل بن أبي ص!!الح عن أبي!!ه عن عائش!!ة أن الن!!بي صلى الله عليه وسلم قال. ..، الحديث. وأخرج أيضا من حديث ابن عب!!اس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )م!!ا حس!!دتكم اليه!!ود على ش!!ي م!!ا حس!!دتكم على آمين ف!!أكثروا من ق!!ول آمين(. ق!!ال علماؤن!!ا رحم!!ة الل!!ه عليهم: إنما حسدنا أهل الكتاب ألن أولها حمد لله وثناء عليه ثم خضوع ل!!ه واستكانة، ثم دعاء لنا بالهداية إلى الصراط المستقيم ثم الدعاء عليهم م!!ع

قولنا آمين. *الباب الرابع - فيما تضمنته الفاتحة من المع!!اني والق!!راءات واإلع!!راب3*

وفضل الحامدين: @قوله سبحانه وتعالى: "الحمد لله" روى أب!!و محم!!د عب!!دالغني بن س!!عيد الحافظ من حديث أبي هري!!رة وأبي س!!عيد الخ!!دري عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم قال: )إذا قال العبد الحمد لل!!ه ق!!ال ص!!دق عب!!دي الحم!!د لي(. وروى مس!!لم عن أنس بن مال!ك ق!!ال ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل األكلة فيحمده عليه!!ا أو يش!!رب الشربة فيحمده عليها(. وقال الحسن: ما من نعمة إال والحم!!د لل!!ه أفض!!ل منها. وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك قال قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وسلم: )ما أنعم الله على عبد نعم!!ة فق!!ال الحم!!د لل!!ه إال ك!!ان ال!!ذي أعطاه أفضل مما أخذ(. وفي )نوادر األصول( عن أنس بن مالك ق!!ال ق!!ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لو أن الدنيا كله!!ا بح!!ذافيرها بي!!د رج!!ل من أمتي ثم قال الحمد لله لكانت الحم!!د لل!!ه أفض!!ل من ذل!!ك(. ق!!ال أب!!و عبدالله: معناه عندنا أنه قد أعطي الدنيا ثم أعطي على أثرها هذه الكلم!!ة حتى نطق بها، فكانت هذه الكلمة أفض!!ل من ال!!دنيا كله!!ا ألن ال!!دنيا فاني!!ة والكلمة باقية، هي من الباقي!!ات الص!!الحات ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "والباقي!!ات

Page 28: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[. وقي!!ل في بعض76الصالحات خ!!ير عن!!د رب!!ك ثواب!!ا وخ!!ير أمال" ]م!!ريم: الروايات: لكان ما أعطى أكثر مما أخ!!ذ. فص!!ير الكلم!!ة إعط!!اء من العب!!د، وال!!دنيا أخ!ذا من الل!!ه فه!ذا في الت!!دبير. ك!!ذاك يج!!ري في الكالم أن ه!!ذه الكلمة من العبد والدنيا من الل!!ه وكالهم!!ا من الل!!ه في األص!!ل ال!!دنيا من!!ه والكلمة منه أعطاه الدنيا فأغناه وأعطاه الكلم!!ة فش!!رفه به!!ا في اآلخ!!رة. وروى ابن ماجة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم: )أن عب!!دا من عب!!اد الل!!ه ق!!ال ي!!ا رب ل!!ك الحم!!د كم!!ا ينبغي لجالل وجه!!كلت ب!!الملكين فلم ي!!دريا كي!!ف يكتبانه!!ا فص!!عدا إلى وعظيم سلطانك فعض!! السماء وقاال يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة ال ندري كيف نكتبها، ق!!ال الل!!ه عز وجل وهو أعلم بما قال عبده، ماذا قال عبدي؟ قاال يا رب إنه ق!!د ق!!ال يا رب لك الحمد كما ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك، فقال الله لهم!!ا

اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها(.الت ]بتش!!ديد قال أهل اللغ!!ة: أعض!!ل األم!!ر: اش!!تد واس!!تغلق، والمعض!!

ب ول!دها فلم يس!!هل لت الم!!رأة والش!!اة: إذا نش!! الض!!اد(: الش!!دائد. وعض!! مخرجه، بتشديد الضاد أيضا فعلى هذا يك!!ون: أعض!!لت الملكين أو عض!!لت الملكين بغير ب!!اء. والل!!ه أعلم. وروي عن مس!!لم عن أبي مال!!ك األش!!عري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ]الطهور شطر اإليمان والحمد لله تمأل الميزان وس!!بحان الل!!ه والحم!!د لل!!ه تمآلن أو تمأل م!!ا بين الس!!ماء

واألرض( وذكر الحديث. @ اختلف العلماء أيما أفضل قول العبد: الحمد لله رب الع!!المين، أو ق!!ول ال إله إال الله؟ فقالت طائفة: قوله الحمد لله رب الع!!المين أفض!!ل ألن في ضمنه التوحيد الذي هو ال إله إال الله، ففي قوله توحيد وحمد، وفي قوله ال إله إال الله توحيد فقط. وقالت طائفة: ال إله إال الله أفضل ألنها تدفع الكفر واإلشراك وعليها يقاتل الخلق، قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال الله(. واخت!!ار ه!!ذا الق!!ول ابن عطية قال: والحاكم بذلك قول النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )أفض!!ل م!!ا

قلت أنا والنبيون من قبلي ال إله إال الله وحده ال شريك له(. @ أجمع المسلمون على أن الل!ه محم!ود على س!!ائر نعم!ه وأن مم!ا أنعم الله به اإليمان فدل على أن اإليمان فعله وخلقه والدليل على ذل!!ك قول!!ه: "رب العالمين". والعالمون جملة المخلوق!!ات ومن جملته!!ا اإليم!!ان ال كم!!ا قال القدرية: إنه خلق لهم على ما يأتي بيانه. الحمد في كالم العرب معناه الثناء الكامل، واأللف والالم الس!!تغراق الجنس من المحام!!د فه!!و س!!بحانه يستحق الحمد بأجمعه إذ ل!!ه األس!!ماء الحس!!نى والص!!فات العال وق!!د جم!!ع

لفظ الحمد جمع القلة في قول الشاعر:وأبلج محمود الثناء خصصته بأفضل أقوالي وأفضل أحمدي

فالحمد نقيض الذم، تقول: حمدت الرجل أحمده حمدا فهو حميد ومحم!!ود والتحمي!!د أبل!!غ من الحم!!د. والح!!د أعم من الش!!كر والحم!!د: ال!!ذي ك!!ثرت

خصال المحمودة. قال الشاعر:إلى الماجد القرم الجواد المحمد

وبذلك سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الشاعر:فشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

Page 29: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والمحمدة: خالف المذمة. وأحمد الرجل: صار أمره إلى الحم!!د. وأحمدت!!ه: وجدت!!ه محم!!ودا، تق!!ول: أتيت موض!!ع ك!!ذا فأحمدت!!ه، أي ص!!ادفته محم!!ودا موافقا، وذلك إذا رضيت سكناه أو مرعاه. ورجل حمدة - مثل همزة - يكثر حمد األشياء ويقول فيها أكثر مما فيها. وحمدة النار - بالتحري!!ك - : ص!!وت

التهابها. @ ذهب أبو جعف!!ر الط!!بري وأب!!و العب!!اس الم!!برد إلى أن الحم!!د والش!!كر بمعنى واحد س!!واء وليس بمرض!!ي. وحك!!اه أب!!و عب!!دالرحمن الس!!لمي في كتاب "الحقائق" له عن جعفر الصادق وابن عطاء. ق!!ال ابن عط!!اء: معن!!اه الشكر لله إذ كان منه االمتن!!ان على تعليمن!!ا إي!!اه ح!!تى حم!!دناه. واس!!تدل الطبري على أنهما بمعنى بصحة قولك: الحمد لله شكرا. ق!!ال ابن عطي!!ة: وه!!و في الحقيق!!ة دلي!!ل على خالف م!!ا ذهب إلي!!ه ألن قول!!ك ش!!كرا إنم!!ا خصصت به الحمد ألنه على نعمة من النعم. وقال بعض العلماء: إن الشكر أعم من الحمد ألنه باللسان وبالجوارح والقلب والحمد إنما يكون باللس!!ان خاصة. وقيل: الحمد أعم ألن فيه مع!!نى الش!!كر ومع!!نى الم!!دح، وه!!و أعم من الشكر ألن الحمد يوضع موضع الشكر وال يوضع الشكر موضع الحم!!د. وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد لل!!ه كلم!!ة ك!!ل ش!!اكر، وإن آدم علي!!ه السالم قال حين عطس: الحمد لله. وقال الله لن!!وح علي!!ه الس!!الم: "فق!!ل

[ وق!!ال إب!!راهيم28الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين" ]المؤمنون: عليه السالم: "الحمد لل!!ه ال!!ذي وهب لي على الك!!بر إس!!ماعيل وإس!!حاق"

[. وقال في قصة داود وسليمان: "وقاال الحمد لله الذي فض!!لنا3]إبراهيم: [. وقال لنبي!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه15على كثير من عباده المؤمنين" ]النمل:

[. وق!!ال أه!!ل111وسلم: "وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ول!!دا" ]اإلس!!راء: [. "وآخر دعواهم أن34الجنة: "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن" ]فاطر:

[. فهي كلمة كل شاكر.10الحمد لله رب العالمين" ]يونس: قلت: الص!!حيح أن الحم!!د ثن!!اء على المم!!دوح بص!!فاته من غ!!ير س!!بق

إحسان، والش!!كر ثن!!اء على المش!!كور بم!!ا أولى من اإلحس!!ان. وعلى ه!!ذا الحد قال علماؤنا: الحمد أعم من الشكر، ألن الحمد يقع على الثن!!اء وعلى التحميد وعلى الش!!كر، والج!!زاء مخص!!وص إنم!!ا يك!!ون مكاف!!أة لمن أوالك معروفا فصار الحمد أعم في اآلي!!ة ألن!!ه يزي!!د على الش!!كر. وي!!ذكر الحم!!د بمعنى الرضا يقال: بلوته فحمدته، أي رض!!يته. ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "مقام!!ا

[. وقال عليه السالم: )أحم!!د إليكم غس!!ل اإلحلي!!ل(79محمودا" ]اإلسراء: أي أرضاه لكم. ويذكر عن جعفر الصادق في قوله "الحمد لله": من حمده بصفاته كما وصف نفسه فقد حمد، ألن الحمد حاء وميم ودال، فالح!!اء من الوحدانية، والميم من الملك، والدال من الديمومية، فمن عرفه بالوحدانية والديمومية والملك فقد عرفه، وهذا هو حقيقة الحمد لله. وقال ش!!قيق بن إبراهيم في تفسير "الحمد لله" قال: هو على ثالثة أوجه: أولها إذا أعط!!اك الله شيئا تعرف من أعطاك. والث!!اني أن ترض!ى بم!ا أعط!اك. والث!الث م!ا

دامت قوته في جسدك أال تعصيه، فهذه شرائط الحمد. @ أثنى الله سبحانه بالحمد على نفسه وافتتح كتابه بحمده، ولم ي!!أذن في ذلك لغيره بل نه!!اهم عن ذل!!ك في كتاب!!ه وعلى لس!!ان نبي!!ه علي!!ه الس!!الم

[. وق!ال علي!ه32فقال: "فال تزك!وا أنفس!كم ه!و أعلم بمن اتقى" ]النجم:

Page 30: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

السالم: )احثوا في وجوه المداحين التراب( رواه المق!داد. وس!يأتي الق!ولفيه في "النساء" إن شاء الله تعالى.

فمعنى "الحمد لله رب العالمين" أي سبق الحمد مني لنفسي أن يحمد نفسه أحد من العالمين، وحم!!دي نفس!!ي لنفس!!ي في األزل لم يكن بعل!!ة، وحمدي الخلق مشوب بالعلل. قال علماؤنا: فيس!!تقبح من المخل!!وق ال!!ذي لم يعط الكمال أن يحمد نفسه ليستجلب لها المنافع ويدفع عنه!!ا المض!!ار. وقيل: لما علم سبحانه عجز عباده عن حم!!ده حم!!د نفس!!ه بنفس!!ه لنفس!!ه في األزل فاستفراغ طوق عباده هو محمل العجز عن حمده. أال ترى س!!يد

المرسلين كيف أظهر العجز بقوله: )ال أحصي ثناء عليك(. وأنشدوا:إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نثني وفوق الذي نثني

وقيل: حمد نفسه في األزل لما علم من كثره نعم!!ه على عب!!اده وعج!!زهم على القيام بواجب حمده فحم!!د نفس!!ه عنهم، لتك!!ون النعم!!ة أهن!!أ ل!!ديهم،

حيث أسقط به ثقل المنة. @ وأجمع القراء السبعة وجمهور الناس على رفع الدال من "الحمد لل!!ه". وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العج!!اج: "الحم!!د لل!!ه" بنص!!ب ال!!دال وهذا على إضمار فعل. ويق!!ال: "الحم!!د لل!!ه" ب!!الرفع مبت!!دأ وخ!!بر وس!!بيل الخبر أن يفيد فم!!ا الفائ!!دة في ه!!ذا؟ ف!!الجواب أن س!!يبويه ق!!ال: إذا ق!!ال الرجل الحمد لله بالرفع ففيه من المعنى مثل ما في قول!!ك: حم!!دت الل!!ه حمدا، إال أن الذي يرفع الحمد يخبر أن الحمد منه ومن جمي!!ع الخل!!ق لل!!ه، والذي ينصب الحمد يخبر أن الحمد منه وحده لله. وقال غير س!!يبويه. إنم!!ا يتكلم بهذا تعرضا لعفو الله ومغفرته وتعظيما له وتمجيدا، فهو خالف معنى الخبر وفيه معنى السؤال. وفي الحديث: )من ش!!غل ب!!ذكري عن مس!!ألتي أعطيته أفض!!ل م!!ا أعطي الس!!ائلين(. وقي!!ل: إن مدح!!ه ع!!ز وج!!ل لنفس!!ه وثناءه عليها ليعلم ذلك عباده ف!!المعنى على ه!!ذا: قول!!وا الحم!!د لل!!ه. ق!!ال الطبري: "الحمد لله" ثناء أثنى ب!!ه على نفس!!ه وفي ض!!منه أم!!ر عب!!اده أن يثنوا عليه فكأنه قال: قولوا الحمد لله، وعلى هذا يجيء قولوا إي!!اك. وه!!ذا

من حذف العرب ما يدل ظاهر الكالم عليه كما قال الشاعر:وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواعج ال يسير فقال السائلون لمن حفرتم فقال القائلون لهم وزير

المعنى: المحفور له وزي!!ر، فح!!ذف ل!!دالك ظ!!اهر الكالم علي!!ه وه!!ذا كث!!ير. وروي عن ابن أبي عبلة: "الحمد لله" بضم ال!!دال والالم على إتب!!اع الث!!اني األول وليتجانس اللفظ وطلب التجانس في اللف!!ظ كث!!ير في كالمهم نح!!و:

أجودك وهو منحدر من الجبل بضم الدال والجيم. قال:... اضرب الساقين أمك هابل

بضم النون ألجل ضم الهمزة. وفي قراءة ألهل مكة "مردفين" بضم ال!!راء إتباع!!ا للميم، وعلى ذل!!ك "مقتلين" بض!!م الق!!اف. وق!!الوا: إلمك، فكس!!روا

الهمزة اتباعا لالم، وأنشد للنعمان بن بشير:ويل امها في هواء الجو طالبة وال كهذا الذي في األرض مطلوب

األصل: ويل ألمها، فحذفت الالم األولى واستثقل ضم الهمزة بعد الكس!!رة فنقلها لألم ثم أتبع الالم الميم. وروي عن الحسن بن أبي الحسن وزي!!د بن

علي: "الحمد لله" بكسر الدال على اتباع األول الثاني.

Page 31: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "رب العالمين" أي مالكهم، وكل من مل!!ك ش!!يئا فه!!و رب!!ه، فالرب: المالك. وفي الصحاح: والرب اسم من أسماء الله تعالى وال يق!!ال في غ!!يره إال باإلض!!افة، وق!!د ق!!الوه في الجاهلي!!ة للمل!!ك ق!!ال الح!!ارث بن

زة: حلوهو الرب والشهيد على يوم الحيارين والبالء بالء

[. وفي42والرب: السيد: ومن قوله تعالى: "اذكرني عند رب!!ك" ]يوس!!ف: الحديث: )أن تلد األمة ربته!ا( أي س!!يدتها وق!!د بين!!اه في كت!!اب )الت!!ذكرة(. والرب: المصلح والمدبر والجابر والقائم. ق!!ال اله!!روي وغ!!يره: يق!!ال لمن قام بإصالح شيء وإتمامه: قد رب!!ه يرب!!ه فه!!و رب ل!!ه وراب، ومن!!ه س!!ميها عليه( أي الربانيون لقيامهم بالكتب. وفي الحديث: )هل لك من نعمة ترب

تقوم بها وتصلحها. والرب: المعبود ومنه قول الشاعر:أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب

ويقال على التكثير: رباه ورببه وربته، حك!!اه النح!!اس. وفي الص!!حاح: وربفالن ولده يربه ربا ورببه وترببه بمعنى، أي رباه. والمربوب: المربى.

@ قال بعض العلماء: إن ه!ذا االس!م ه!و اس!!م الل!ه األعظم لك!!ثرة دع!وة الداعين ب!!ه، وتأم!!ل ذل!!ك في الق!!رآن كم!!ا في آخ!!ر "آل عم!!ران" وس!!ورة "إب!!راهيم" وغيرهم!!ا، ولم!!ا يش!!عر ب!!ه ه!!ذا الوص!!ف من الص!!الة بين ال!!رب

والمربوب مع ما يتضمنه من العطف والرحمة واالفتقار في كل حال. واختلف في اشتقاقه فقيل: إنه مشتق من التربية، فالله سبحانه وتعالى

مدبر لخلقه وم!!ربيهم ومن!!ه قول!ه تع!الى: "ورب!!ائبكم الالتي في حج!!وركم"[. فسمى بنت الزوجة ربيبة لتربية الزوج لها.23]النساء:

فعلى أنه مدبر لخلقه ومربيهم يكون صفة فعل، وعلى أن الرب بمعنى المالك والسيد يكون صفة ذات.

@ متى أدخلت األلف والالم على "رب" اختص الله تعالى ب!!ه، ألنه!!ا للعه!!د وإن حذفنا منه صار مشتركا بين الله وبين عب!!اده، فيق!!ال: الل!!ه رب العب!!اد وزيد رب الدار فالله س!!بحانه رب األرب!!اب يمل!!ك المال!!ك والممل!!وك، وه!!و خالق ذلك ورازقه وكل رب سواه غير خالق وال رازق، وكل مملوك فمملك بعد أن لم يكن، ومنتزع ذلك من يده وإنم!!ا يمل!!ك ش!!يئا دون ش!!يء وص!!فةالله تعالى مخالفة لهذه المعاني فهذا الفرق بين صفة الخالق والمخلوقين. @قوله تعالى: "العالمين" اختلف أهل التأويل في "العالمين" اختالفا كثيرا، فقال قتادة: العالمون جمع عالم وهو كل موجود سوى الله تعالى وال واحد له من لفظه مثل رهط وقوم. وقيل: أهل كل زمان عالم قاله الحس!!ين بن

[ أي165الفضل، لقوله تعالى: "أتأتون الذكران من الع!!المين" ]الش!!عراء: من الناس. وقال العجاج:

فخندف هامة هذا العألموقال جرير بن الخطفي:

تنصفه البرية وهو سام ويضحي العالمون له عياال وقال ابن عباس: العالمون الجن واإلنس، دليله قول!!ه تع!!الى: "ليك!!ون

[ ولم يكن ن!!ذيرا للبه!!ائم. وق!!ال الف!!راء وأب!!و1للعالمين نذيرا" ]الفرق!!ان: عبيدة: العالم عبارة عمن يعق!!ل، وهم أربع!!ة أمم: اإلنس والجن والمالئك!!ة والشياطين. وال يقال للبهائم: عالم، ألن هذا الجمع إنما هو جمع من يعق!!ل

خاصة.

Page 32: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قال األعشى:ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا

وقال زيد بن أسلم: هم المرتزقون، ونحوه قول أبي عمرو بن العالء: هم الروحانيون. وهو معنى قول ابن عباس أيض!!ا: ك!!ل ذي روح دب على وج!!ه األرض. وقال وهب بن منبه: إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم، ال!!دنيا عالم منها. وقال أبو سعيد الخ!!دري: إن لل!!ه أربعين أل!!ف ع!!الم، ال!!دنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد. وقال مقات!!ل: الع!!المون ثم!انون أل!ف ع!الم، أربعون ألف عالم في البر وأربعون ألف عالم في البح!!ر. وروى الربي!!ع بن أنس عن أبي العالي!!ة ق!!ال: الجن ع!الم واإلنس ع!!الم وس!!وى ذل!ك لألرض

أربع زوايا في كل زاوية ألف وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته. قلت: والقول األول أصح هذه األقوال، ألنه شامل لكل مخلوق وموج!!ود

دليله قوله تعالى: "ق!!ال فرع!!ون وم!!ا رب الع!!المين. ق!!ال رب الس!!ماوات [ ثم هو م!!أخوذ من العلم والعالم!!ة ألن!!ه23واألرض وما بينهما" ]الشعراء:

يدل على موجده. كذا قال الزجاج قال: العالم كل ما خلقه الل!!ه في ال!!دنيا واآلخ!!رة. وق!!ال الخلي!!ل: العلم والعالم!!ة والمعلم: م!!ا دل على الش!!يء، فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا وهذا واض!!ح. وق!!د ذك!!ر أن رجال ق!!ال بين يدي الجنيد: الحمد لله فقال له: أتمها كما قال الل!!ه ق!!ل رب الع!!المين فقال الرجل: ومن العالمين حتى تذكر مع الحق؟ ق!!ال: ق!!ل ي!!ا أخي؟ ف!!إن

المحدث إذا قرن مع القديم ال يبقى له أثر. @ يج!!وز الرف!!ع والنص!!ب في "رب" فالنص!!ب على الم!!دح والرف!!ع على

القطع، أي هو رب العالمين. @قوله تعالى: "الرحمن الرحيم" وصف نفسه تع!!الى بع!!د "رب الع!!المين" بأنه "الرحمن الرحيم" ألنه لما كان في اتصافه ب!!! "رب الع!!المين" ت!!رهيب قرنه ب! "الرحمن الرحيم" لما تضمن من ال!!ترغيب، ليجم!!ع في ص!!فاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته وأمن!!ع كم!!ا ق!!ال: "ن!!بئ

،49عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو الع!!ذاب األليم" ]الحج!!ر: [. وقال: "غافر الذنب وقابل التوب شديد العق!!اب ذي الط!!ول" ]غ!!افر:50

[. وفي ص!!حيح مس!!لم عن أبي هري!!رة أن رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه3 وسلم قال: )لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طم!!ع بجنت!!ه أح!!د، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد(. وق!!د تق!!دم

ما في هذين االسمين من المعاني فال معنى إلعادته.ميقع بنص!!ب مال!!ك، @قوله تعالى: "مالك يوم ال!!دين" ق!!رأ محم!!د بن الس!!!ك - وملي!ك. ق!ال !ك - مخفف!ة من مل !ك ومل وفي!!ه أرب!ع لغ!ات: مال!ك ومل

الشاعر:وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا

وقال آخر:فاقنع بما قسم المليك فإنما قسم الخالئق بيننا عالمها الخالئق: الطبائع التي جبل اإلنسان عليها. وروي عن نافع إشباع الكسرة

في "ملك" فيقرأ "ملكي" على لغة من يش!!بع الحرك!!ات وهي لغ!!ة للع!!ربذكرها المهدوي وغيره.

@ اختلف العلماء أيما أبلغ: ملك أو مالك؟ والقراءت!!ان مرويت!!ان عن الن!!بي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. ذكرهما الترمذي فقيل: "ملك" أعم

Page 33: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وأبلغ من "مالك" إذ كل ملك مالك وليس كل مالك ملكا وألن المل!!ك ناف!!ذ على المالك في ملكه حتى ال يتصرف إال عن تدبير المل!!ك ق!!ال أب!!و عبي!!دة والمبرد. وقيل: "مالك" أبلغ ألنه يكون مالكا للناس وغ!!يرهم فالمال!!ك أبل!!غ تصرفا وأعظم إذ إليه إجراء قوانين الشرع، ثم عنده زي!!ادة التمل!!ك. وق!!ال أبو علي: حكى أبو بكر بن السراج عن بعض من اختار الق!!راءة ب!! "مال!ك" أن الله سبحانه قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقول: "رب العالمين" فال فائدة في قراءة من قرأ "مالك" ألنه!!ا تك!!رار. ق!!ال أب!!و علي: وال حج!!ة في ه!!ذا ألن في التنزي!!ل أش!!ياء على ه!!ذه الص!!ورة تق!!دم الع!!ام ثم ذك!!ر الخ!!اص كقول!!ه: "ه!!و الل!!ه الخ!!الق الب!!ارئ المص!!ور" فالخ!!الق يعم. وذك!!ر المصور لما فيه من التنبيه على الصنعة ووجود الحكمة وكم!!ا ق!!ال تع!!الى: "وباآلخرة هم يوقن!!ون" بع!!د قول!!ه: "ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!الغيب". والغيب يعم اآلخرة وغيرها ولكن ذكره!ا لعظمه!ا والتنبي!ه على وج!وب اعتقاده!ا وال!رد على الكفرة الجاحدين لها وكما قال: "الرحمن ال!!رحيم" ف!!ذكر "ال!!رحمن" الذي هو عام وذكر "الرحيم" بعده لتخصيص المؤمنين به في قوله: "وك!!ان بالمؤمنين رحيم!!ا". وق!!ال أب!!و ح!!اتم: إن مالك!!ا أبل!!غ في م!!دح الخ!!الق من "مل!!ك" و"مل!!ك" أبل!غ في م!دح المخل!!وقين من مال!!ك، والف!!رق بينهم!ا أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك، وإذا كان الله تع!!الى مالك!!ا ك!!ان ملكا، واختار هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي وذكر ثالثة أوجه، األول: أنك تضيفه إلى الخاص والع!!ام فتق!!ول: مال!!ك ال!!دار واألرض والث!!وب كم!!ا تقول: مال!!ك المل!!وك. الث!!اني: أن!!ه يطل!!ق على مال!!ك القلي!!ل والكث!!ير وإذا تأملت هذين القولين وجدتهما واحدا. والثالث: أنك تقول: مال!!ك المل!!ك وال تقول: ملك الملك. قال ابن الحصار: إنما كان ذلك ألن الم!راد من "مال!ك" الداللة على الملك - بكسر الميم - وهو ال يتضمن "المل!!ك" - بض!!م الميم - و"ملك" يتضمن األمرين جميعا فهو أولى بالمبالغة. ويتضمن أيض!!ا الكم!!ال ولذلك استحق المل!!ك على من دون!!ه، أال ت!!رى إلى قول!!ه تع!!الى: "إن الل!!ه

[ وله!!ذا247اص!!طفاه عليكم وزاده بس!!طة في العلم والجس!!م" ]البق!!رة: ق!!ال علي!!ه الس!!الم: )اإلمام!!ة في ق!!ريش( وق!!ريش أفض!!ل قبائ!!ل الع!!رب والعرب أفضل من العجم وأشرف. ويتضمن االقتدار واالختي!!ار، وذل!!ك أم!!ر ضروري في المل!!ك، إن لم يكن ق!!ادرا مخت!!ارا ناف!!ذا حكم!!ه وأم!ره، قه!ره عدوه وغلبه غيره وازدرته رعيته، ويتض!!من البطش واألم!!ر والنهي والوع!!د والوعيد، أال ترى إلى قول سليمان عليه السالم: "م!!ا لي ال أرى الهده!!د أم

[ إلى غير ذلك من21، 20كان من الغائبين. ألعذبنه عذابا شديدا" ]النمل: األمور العجيبة والمعاني الشريفة التي ال توجد في المالك.

قلت: وقد احتج بعضهم على أن مالكا أبلغ ألن فيه زيادة حرف فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ ملك.

قلت: هذا نظر إلى الصيغة ال إلى المعنى، وقد ثبتت القراءة بملك وفيه من المعنى ما ليس في مالك على ما بينا والله أعلم.

@ ال يجوز أن يتسمى أحد به!!ذا االس!!م وال ي!!دعى ب!!ه إال الل!!ه تع!!الى، روى البخاري ومس!!لم عن أبي هري!!رة ق!!ال ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )يقبض الله األرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يق!!ول أن!!ا الملك أين ملوك األرض( وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وس!!لم ق!!ال: )إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك األمالك - زاد مسلم - ال مال!!ك إال

Page 34: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الله عز وجل( قال سفيان: مثل: شاهان شاه. وقال أحمد بن حنبل: سألت أبا عمرو الشيباني عن أخنع فقال: أوضع. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أغيظ رجل على الله يوم القيام!!ة وأخبث!!ه رج!ل ل]ك!!ان[ يسمى مل!!ك األمالك ال مل!!ك إال الل!!ه س!!بحانه(. ق!!ال ابن الحص!!ار: وك!!ذلك "ملك يوم الدين" و"مال!!ك المل!!ك" ال ينبغي أن يختل!!ف في أن ه!!ذا مح!!رم على جميع المخل!!وقين كتح!!ريم مل!!ك األمالك س!!واء، وأم!ا الوص!ف بمال!ك وملك فيجوز أن يوصف بهما من اتصف بمفهومهما، قال الل!!ه العظيم: "إن

[. وق!ال ص!!لى الل!!ه علي!!ه247الله ق!!د بعث لكم ط!!الوت ملك!!ا" ]البق!رة: وسلم: )ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الل!!ه يركب!!ون ثبج ه!!ذا

البحر ملوكا على األسرة أو مثل الملوك على األسرة(. @ إن قال قائل: كيف قال "مالك يوم ال!!دين" وي!!وم ال!!دين لم يوج!!د بع!د، فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجده؟ قيل له: اعلم أن مالكا اسم فاعل من ملك يملك، واسم الفاعل في كالم العرب قد يضاف إلى ما بعده وه!!و بمعنى الفعل المستقبل، ويكون ذلك عندهم كالما س!!ديدا معق!!وال ص!!حيحا، كقولك: هذا ضارب زيد غدا، أي سيضرب زيدا. وكذلك: هذا ح!!اج بيت الل!!ه في العام المقبل، تأويله سيحج في الع!!ام المقب!!ل أفال ت!!رى أن الفع!!ل ق!!د ينسب إليه وهو لم يفعله بعد، وإنما أريد ب!!ه االس!!تقبال، فك!!ذلك ق!!ول ع!!ز وجل: "مالك يوم الدين" على تأويل االس!!تقبال، أي س!!يملك ي!!وم ال!!دين أو

في يوم الدين إذا حضر. ووجه ثان: أن يكون تأويل المالك راجع إلى القدرة، أي إنه قادر في يوم

الدين، أو على يوم الدين وإحداثه، ألن المال!!ك للش!!يء ه!!و المتص!!رف في الشيء والقادر علي!!ه والل!!ه ع!!ز وج!!ل مال!!ك األش!!ياء كله!!ا ومص!!رفها على

إرادته، ال يمتنع عليه منها شيء. والوج!!ه األول أمس بالعربي!!ة وأنف!!ذ في طريقه!!ا، قال!!ه أب!!و القاس!!م

الزجاجي. ووجه ثالث: فيقال لم خصص يوم الدين وهو مالك ي!!وم ال!!دين وغ!!يره؟

قي!!ل ل!!ه: ألن في ال!!دنيا ك!!انوا من!!ازعين في المل!!ك مث!!ل فرع!!ون ونم!!روذ وغيرهما وفي ذلك اليوم ال ينازعه أح!!د في ملك!!ه، وكلهم خض!!عوا ل!!ه كم!!ا

[ فأج!!اب جمي!!ع الخل!!ق: "لل!!ه16قال تعالى: "لمن المل!!ك الي!!وم" ]غ!!افر: [ فلذلك قال: مالك يوم الدين، أي في ذلك اليوم16الواحد القهار" ]غافر:

ف الل!!ه ال يكون مالك وال قاض وال مجاز غيره سبحانه ال إله إال هو. إن وص!! سبحانه بأنه ملك كان ذلك من صفات ذاته، وإن وصف بأنه مالك كان ذل!ك

من صفات فعله. @ اليوم: عبارة عن وقت طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، فاستعير فيما بين مبتدأ القيامة إلى وقت استقرار أهل ال!دارين فيهم!!ا. وق!!د يطل!!ق الي!!وم على الس!!اعة من!!ه، ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "الي!!وم أكملت لكم دينكم"

[ وجمع يوم أيام وأصله أيوام فأدغم،3]المائدة: وربما عبروا عن الشدة باليوم يقال: يوم أي!!وم كم!!ا يق!!ال: ليل!!ه ليالء. ق!!ال

الراجز:نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي وهو مقلوب منه أخر الواو وقدم الميم ثم قلبت ال!واو ي!!اء حيث ص!!ارت

طرفا، كما قالوا: أدل في جمع دلو.

Page 35: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ الدين: الجزاء على األعمال والحساب بها، ك!!ذلك ق!!ال ابن عب!!اس وابن مسعود وابن جريج وقتادة وغيرهم، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم،

[ أي25ويدل عليه قوله تعالى: "يومئذ ي!!وفيهم الل!!ه دينهم الح!!ق" ]الن!!ور: [ و"الي!!وم17حسابهم. وقال: "اليوم تجزى كل نفس بما كس!!بت" ]غ!!افر:

[ وق!!ال: "أئن!!ا لم!!دينون" ]الص!!افات:28تجزون ما كنتم تعملون" ]الجاثية: [ أي مجزيون محاسبون. وقال لبيد:53حصادك يوما ما زرعت وإنما يدان الفتى يوما كما هو دائن آخر: إذا رمونا رميناهم ودناهم مثل ما يقرضونا آخر: وأعلم يقينا أن ملكك زائل وأعلم بأن كما تدين تدان

وحكى أهل اللغة: دنته بفعله دينا )بفتح الدال( ودينا )بكسرها( جزيت!!ه، ومنه الديان في صفة الرب تعالى أي المجازي، وفي الحديث: )الكيس من دان نفسه( أي حاسب. وقي!!ل: القض!!اء، وروي عن ابن عب!!اس أيض!!ا ومن!!ه

قول طرفة:لعمرك ما كانت حمولة معبد على جدها حربا لدينك من مضر ومعاني هذه الثالثة متقاربة. والدين أيضا: الطاعة، ومنه قول عمرو بن

كلثوم:وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا

فعلى هذا هو لفظ مشترك وهي: @ قال ثعلب: دان الرجل إذا أطاع، ودان إذا عصى، ودان إذا عز، ودان إذا ذل، ودان إذا قهر، فهو من األضداد. ويطلق الدين على العادة والشأن كما

قال:كدينك من أم الحويرث قبلها

وقال المثقب ]يذكر ناقته[:تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني

والدين: سيرة الملك. قال زهير:لئن حللت بجو في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك

أراد في موضع طاعة عمرو. والدين: الداء عن اللحياني. وأنشد:يا دين قلبك من سلمى وقد دينا

@قوله تعالى: "إياك نعبد" رجع من الغيبة إلى الخط!اب على التل!!وين، ألن من أول السورة إلى ههنا خبرا عن الله تعالى وثناء عليه كقوله "وس!!قاهم

[. ثم ق!!ال: "إن ه!!ذا ك!!ان لكم ج!!زاء".21ربهم شرابا طه!!ورا" ]اإلنس!!ان: [ على ما يأتي.22وعكسه: "حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم" ]يونس:

و"نعبد" معناه نطيع والعبادة الطاعة والتذلل. وطريق معب!!د إذا ك!!ان م!!ذلال للسالكين قال الهروي. ونطق المكلف به إق!!رار بالربوبي!!ة وتحقي!!ق لعب!!ادة الله تعالى، إذ سائر الن!اس يعب!!دون س!!واه من أص!نام وغ!!ير ذل!ك. "وإي!!اك

نستعين" أي نطلب العون والتأييد والتوفيق. قال السلمي في حقائقه: سمعت محمد بن عبدالل!!ه بن ش!!اذان يق!!ول:

سمعت أبا حفص الفرغاني يقول: من أقر ب!!! "إي!!اك نعب!!د وإي!!اك نس!!تعين"فقد برئ من الجبر والقدر.

Page 36: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ إن قيل: لم قدم المفعول على الفعل؟ قي!!ل ل!!ه: ق!دم اهتمام!!ا، وش!!أن العرب تقديم األهم. يذكر أن أعرابي!!ا س!!ب آخ!!ر ف!!أعرض المس!!بوب عن!!ه، فقال له الساب: إياك أعني: فقال له اآلخر: وعن!!ك أع!!رض، فق!!دما األهم. وأيضا لئال يتقدم ذكر العبد والعبادة على المعبود فال يجوز نعبدك ونستعينك وال نعبد إياك ونستعين إياك، فيقدم الفعل على كناي!ة المفع!ول وإنم!!ا يتب!!ع

لفظ القرآن. وقال العجاج:إياك أدعو فتقبل ملقي واغفر خطاياي وكثر ورقي ويروى: وثمر. وأما قول الشاعر:

إليك حتى بلغت إياكا فشاذ ال يقاس علي!!ه. وال!!ورق بكس!!ر ال!!راء من ال!!دراهم، وبفتحه!!ا الم!!ال.

وكرر االسم لئال يتوهم إياك نعبد ونستعين غيرك. @ الجمهور من القراء والعلماء على شد الياء من "إي!!اك" في الموض!!عين. وقرأ عمرو بن قائد: "إياك" بكسر الهمزة وتخفي!!ف الي!!اء، وذل!!ك أن!!ه ك!!ره تضعيف الياء لثقلها وكون الكسرة قبلها. وهذه ق!!راءة مرغ!!وب عنه!!ا، ف!!إن المعنى يصير: شمس!!ك نعب!!د أو ض!!وءك وإي!!اة الش!!مس )بكس!!ر الهم!!زة(:

ضوءها وقد تفتح. وقال:سقته إياة الشمس إال لثاته أسف فلم تكدم عليه بإثمد

فإن أسقطت الهاء مددت. ويقال: اإلي!!اة للش!!مس كالهال!!ة للقم!!ر وهي ال!!دارة حوله!!ا. وق!!رأ الفض!!ل الرقاش!!ي: "أي!!اك" )بفتح الهم!!زة( وهي لغ!!ة

وار الغنوي: "هياك" في الموضعين وهي لغة قال: مشهورة. وقرأ أبو السفهياك واألمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك مصادره

@قوله تعالى: "وإياك نستعين" عطف جمل!!ة على جمل!!ة. وق!!رأ يح!!يى بن وث!!اب واألعمش: "نس!!تعين" بكس!!ر الن!!ون وهي لغ!!ة تميم وأس!!د وقيس وربيعة ليدل على أنه من استعان، فكسرت النون كما تكسر ألف الوص!!ل. وأص!!ل "نس!!تعين" نس!!تعون قلبت حرك!!ة ال!!واو إلى العين فص!!ارت ي!!اء، والمصدر استعانة واألصل استعوان، قلبت حركة ال!!واو إلى العين ف!!انقلبت ألفا وال يلتقي ساكنان فحذفت األلف الثانية ألنه!!ا زائ!!دة، وقي!!ل األولى ألن

الثانية للمعنى ولزمت الهاء عوضا. @قوله تعالى: "اهدنا الصراط المستقيم" اهدنا دعاء ورغب!!ة من المرب!!وب إلى الرب، والمعنى: دلنا على الصراط المستقيم وأرشدنا إليه وأرنا طريق هدايتك الموصلة إلى أنسك وقرب!!ك. ق!!ال بعض العلم!!اء: فجع!!ل الل!!ه ج!!ل وعز عظم الدعاء وجملته موض!!وعا في ه!!ذه الس!!ورة، نص!!فها في!!ه مجم!!ع الثناء ونصفها فيه مجمع الحاجات، وجعل هذا الدعاء الذي في هذه السورة أفضل من الذي يدعو به ]الداعي[ ألن هذا الكالم قد تكلم به رب العالمين فأنت تدعو بدعاء هو كالمه الذي تكلم به، وفي الحديث: )ليس شيء أكرم على الله من ال!!دعاء(. وقي!!ل المع!نى: أرش!!دنا باس!!تعمال الس!نن في أداء فرائضك وقي!!ل: األص!!ل في!!ه اإلمال!!ة ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "إن!!ا ه!!دنا إلي!!ك"

[ أي ملنا، وخرج عليه السالم في مرضه يتهادى بين اثنين،156]األعراف: أي يتمايل. ومنه الهدية ألنها تمال من ملك إلى ملك. ومنه الهدي للحي!!وان الذي يساق إلى الحرم، فالمعنى مل بقلوبنا إلى الح!!ق. وق!!ال الفض!!يل بن عياض: "الصراط المستقيم" طريق الحج، وهذا خاص والعموم أولى. ق!!ال محمد بن الحنفية في قوله عز وجل "اهدنا الص!!راط المس!!تقيم": ه!!و دين

Page 37: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الله الذي ال يقبل من العبادة غيره. وق!!ال عاص!!م األح!!ول عن أبي العالي!!ة: "الصراط المستقيم" رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده. ق!!ال عاص!!م فقلت للحس!!ن: إن أب!!ا العالي!!ة يق!!ول: "الص!!راط المس!!تقيم"

رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه قال: صدق ونصح.@ أصل الصراط في كالم العرب الطريق، قال عامر بن الطفيل:

ا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط شحنوقال جرير: أمير المؤمنين على صراط إذا أعوج الموارد مستقيم وقال آخر: فصد عن نهج الصراط الواضح

حكى النقاش: الصراط الطريق بلغة الروم، فقال ابن عطية: وهذا ض!!عيف جدا. وقرئ: السراط )بالسين( من االستراط بمعنى االبتالع، كأن الطري!!ق يسترط من يسلكه. وقرئ بين الزاي والصاد. وقرئ بزاي خالص!!ة والس!!ين األصل. وحكى سلمة عن الفراء قال: ال!!زراط ب!!إخالص ال!!زاي لغ!!ة لع!!ذرة وكلب وبني القين ق!!ال: وه!!ؤالء يقول!!ون ]في أص!!دق[: أزدق. وق!!د ق!!الوا: األزد واألسد، ولسق به ولصق به. و"الصراط" نصب على المفعول الث!!اني ألن الفعل من الهداية يتع!!دى إلى المفع!!ول الث!!اني بح!!رف ج!!ر، ق!!ال الل!!ه

[. وبغير ح!!رف كم!!ا23تعالى: "فاهدوهم إلى صراط الجحيم". ]الصافات: في هذه اآلية. "المستقيم" صفة ل! "الصراط" وهو الذي ال اعوجاج في!!ه وال انحراف ومنه قوله تعالى: "وأن هذا صراطي مس!تقيما ف!اتبعوه" ]األنع!ام:

[ وأصله مستقوم، نقلت الحركة إلى القاف وانقلبت الواو ياء النكسار153ما قبلها.

@قوله تعالى: "ص!راط ال!ذين أنعمت عليهم" ص!راط ب!دل من األول ب!دل الشيء من الشيء، كقولك: جاءني زي!!د أب!!وك. ومعن!!اه: أدم ه!!دايتنا، ف!!إن اإلنسان قد يهدى إلى الطريق ثم يقطع به. وقيل: هو صراط آخ!!ر، ومعن!!اه العلم بالل!!ه ج!!ل وع!!ز والفهم عن!!ه، قال!!ه جعف!!ر بن محم!!د. ولغ!!ة الق!!رآن "الذين" في الرفع والنصب والجر وه!!ذيل تق!!ول: الل!!ذون في الرف!!ع، ومن

العرب من يقول: اللذو، ومنهم من يقول الذي، وسيأتي. وفي "عليهم" عشر لغات، قرئ بعامته!ا: "عليهم" بض!!م اله!اء وإس!!كان

الميم. "وعليهم" بكس!!ر اله!!اء وإس!!كان الميم. و"عليهمي" بكس!!ر اله!!اء والميم وإلحاق ياء بعد الكسرة. و"عليهمو" بكسر الهاء وضم الميم وزي!!ادة واو بع!!د الض!!مة. و"عليهم!!و" بض!!م اله!!اء والميم كلتيهم!!ا وإدخ!!ال واو بع!!د الميم. و"عليهم" بضم الهاء والميم من غير زيادة واو. وهذه األوج!!ه الس!!تة مأثورة عن األئمة من القراء. وأوجه أربعة منقولة عن الع!!رب غ!!ير محكي!!ة عن الق!!راء: "عليهمي" بض!!م اله!!اء وكس!!ر الميم وإدخ!!ال ي!!اء بع!!د الميم، حكاها الحسن البصري عن العرب. و"عليهم" بضم اله!!اء وكس!!ر الميم من غ!!ير زي!!ادة ي!!اء. و"عليهم" بكس!!ر اله!!اء وض!!م الميم من غ!!ير إلح!!اق واو. و"عليهم" بكسر اله!!اء والميم وال ي!!اء بع!!د الميم. وكله!!ا ص!!واب، قال!!ه ابن

األنباري. @ قرأ عمر بن الخطاب وابن الزبير رضي الله عنهم!!ا "ص!!راط من أنعمت عليهم". واختلف الناس في المنعم عليهم، فقال الجمهور من المفس!!رين: إنه أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وانتزعوا ذل!!ك من قوله تعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئ!!ك ال!!ذين أنعم الل!!ه عليهم من

Page 38: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

النبيين والصديقين والش!!هداء والص!!الحين وحس!!ن أولئ!!ك رفيق!!ا" ]النس!!اء: [. فاآلية تقتضي أن هؤالء على صراط مستقيم، وهو المطلوب في آي!!ة69

الحم!!د وجمي!!ع م!!ا قي!!ل إلى ه!!ذا يرج!!ع، فال مع!!نى لتعدي!!د األق!!وال والل!!هالمستعان.

@ في هذه اآلية رد على القدرية والمعتزل!!ة واإلمامي!!ة، ألنهم يعتق!!دون أن إرادة اإلنسان كافي!!ة في ص!!دور أفع!!ال من!!ه طاع!!ة ك!!انت أو معص!!ية، ألن اإلنسان عندهم خالق ألفعاله فهو غ!!ير محت!!اج في ص!!دورها عن!!ه إلى رب!!ه، وق!!د أك!!ذبهم الل!!ه تع!!الى في ه!!ذه اآلي!!ة إذ س!!ألوه الهداي!!ة إلى الص!!راط المس!!تقيم فل!!و ك!!ان األم!!ر إليهم واالختي!!ار بي!!دهم دون ربهم لم!!ا س!!ألوه الهداية، وال كرروا الس!!ؤال في ك!ل ص!!الة وك!ذلك تض!!رعهم إلي!!ه في دف!!ع المكروه وهو ما يناقض الهداي!!ة حيث ق!!الوا: "ص!!راط ال!!ذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وال الضالين" ]الفاتحة: اآلية[. فكما سألوه أن يهديهم سألوه أال يض!!لهم، وك!!ذلك ي!!دعون فيقول!!ون: "ربن!!ا ال ت!!زغ قلوبن!!ا بع!!د إن

[ اآلية.8هديتنا" ]آل عمران: @قوله تعالى: "غير المغضوب عليهم وال الضالين" اختلف في "المغض!!وب عليهم" و"الض!!!الين" من هم؟ ف!!!الجمهور أن المغض!!!وب عليهم اليه!!!ود والضالين النصارى، وجاء ذلك مفسرا عن النبي صلى الله عليه وس!!لم في حديث عدي بن حاتم وقصة إسالمه، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده والترمذي في جامعه. وشهد لهذا التفسير أيض!!ا قول!ه س!!بحانه في اليه!ود:

[. وق!!ال: "وغض!!ب112 وآل عمران: 61"وباؤوا بغضب من الله" ]البقرة: [ وق!!ال في النص!!ارى: "ق!!د ض!!لوا من قب!!ل وأض!!لوا6الل!!ه عليهم" ]الفتح:

[. وقي!ل: "المغض!!وب عليهم"77كثيرا وضلوا عن سواء السبيل" ]المائدة: المش!!ركون. و"الض!!الين" المن!!افقون. وقي!!ل: "المغض!!وب عليهم" ه!!و من أسقط فرض هذه السورة في الصالة و"الضالين" عن بركة قراءتها. حك!!اه السلمي في حقائقه والماوردي في تفسيره وليس بشيء. قال الم!!اوردي: وهذا وجه مردود، ألن ما تعارضت فيه األخبار وتق!!ابلت في!!ه اآلث!!ار وانتش!!ر فيه الخالف لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم. وقي!!ل: "المغض!!وب عليهم"

باتباع البدع و"الضالين" عن سنن الهدى. قلت: وهذا حسن، وتفسير الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم أولى وأعلى

وأحسن. و"عليهم" في موضع رفع ألن المعنى غضب عليهم. والغض!!ب في اللغة الشدة. ورجل غض!!وب أي ش!!ديد الخل!!ق. والغض!!وب: الحي!!ة الخبيث!!ة لشدتها. والغضبة: الدرقة من جلد البعير، يطوى بعضها على بعض، س!!ميت بذلك لشدتها. ومعنى الغضب في صفة الله تعالى إرادة العقوبة، فهو صفة ذات وإرادة الله تعالى من صفات ذاته أو نفس العقوبة ومنه الحديث: )إن

الصدقة لتطفئ غضب الرب( فهو صفة فعل. @قوله تعالى: "وال الضالين" الضالل في كالم العرب هو الذهاب عن سنن القصد وطريق الح!!ق، ومن!!ه: ض!!ل اللبن في الم!!اء أي غ!!اب. ومن!!ه: "أئ!!ذا

[ أي غبنا بالموت وصرنا ترابا، قال:10ضللنا في األرض" ]السجدة: ألم تسأل فتخبرك الديار عن الحي المضلل أين ساروا

والضلضلة: حجر أملس يردده الم!!اء في ال!!وادي. وك!ذلك الغض!!بة: ص!!خرةفي الجبل مخالفة لونه قال: أو غضبة في هضبة ما أمنعا

Page 39: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ ق!!رأ عم!!ر بن الخط!!اب وأبي بن كعب "غ!!ير المغض!!وب عليهم وغ!!ير الضالين" وروي عنهما في الراء النص!!ب والخفض في الح!!رفين، ف!!الخفض على الب!!دل من "ال!!ذين" أو من اله!!اء والميم في "عليهم" أو ص!!فة لل!!ذين والذين معرفة وال توصف المعارف بالنكرات وال النكرات بالمع!!ارف، إال أن الذين ليس بمقصود قص!!دهم فه!!و ع!!ام ف!!الكالم بمنزل!!ة قول!!ك: إني ألم!!ر بمثلك فأكرمه أو ألن "غير" تعرفت لكونها بين شيئين ال وسط بينهم!!ا كم!!ا تقول: الحي غير الميت والساكن غير المتحرك والقائم غير القاعد، قوالن: األول للفارسي والثاني للزمخشري. والنصب في ال!!راء على وجهين: على الحال من الذين أو من الهاء والميم في عليهم كأنك قلت: أنعمت عليهم ال مغضوبا عليهم. أو على االستثناء كأن!!ك قلت: إال المغض!!وب عليهم. ويج!!وز

النصب بأعني، وحكي عن الخليل. @قوله تعالى: "ال" في "وال الضالين" اختلف فيه!!ا فقي!!ل هي زائ!!دة، قال!!ه

[. وقي!!ل:12الطبري. ومنه قوله تعالى: "ما منع!!ك أال تس!!جد" ]األع!!راف: هي تأكيد دخلت لئال يتوهم أن الض!!الين معط!!وف على ال!!ذين، حك!!اه مكي والمهدوي. وقال الكوفيون: "ال" بمع!!نى غ!!ير وهي ق!!راءة عم!!ر وأبي وق!!د

تقدم. @ األصل في "الضالين": الض!!اللين ح!!ذفت حرك!!ة الالم األولى ثم أدغمت الالم في الالم ف!!اجتمع س!!اكنان م!!دة األل!!ف والالم المدغم!!ة. وق!!رأ أي!!وب السختياني: "وال الضالين" بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين، وهي لغة. حكى أبو زيد ق!!ال: س!!معت عم!!رو بن عبي!!د - يق!!رأ: "فيومئ!!ذ ال

[ فظننته قد لحن حتى سمعت39يسأل عن ذنبه إنس وال جأن" ]الرحمن: !!ر: إذا من العرب: دأبة وشأبة. قال أبو الفتح: وعلى هذه اللغة ق!!ول كثي

ما العوالي بالعبيط احمأرتنجز تفسير سورة الحمد، ولله الحمد والمنة. *سورة البقرة2**مقدمة السورة3*

@وأول مبدوء به الكالم في نزولها وفضلها وما جاء فيها، وهكذا كل سورة إن وجدنا لها ذل!!ك، فنق!!ول: س!!ورة البق!!رة مدني!!ة، ن!!زلت في م!!دد ش!!تى. وقيل: هي أول سورة نزلت بالمدينة، إال قوله تعالى: "واتقوا يوما ترجعون

[ فإنه آخر آية نزلت من الس!!ماء، ون!!زلت ي!!وم281فيه إلى الله" ]البقرة: النح!ر في حج!!ة ال!وداع بم!نى، وآي!!ات الرب!ا أيض!!ا من أواخ!ر م!ا ن!!زل من

القرآن. وهذه السورة فضلها عظيم وثوابها جسيم. ويقال لها: فسطاط القرآن،

قاله خالد بن معدان. وذل!!ك لعظمه!!ا وبهائه!!ا، وك!!ثرة أحكامه!!ا ومواعظه!!ا. وتعلمها عمر رضي الله عنه بفقهها وما تحتوي عليه في اثنتي عشرة سنة،

وابنه عبدالله في ثماني سنين كما تقدم. قال ابن العربي: سمعت بعض أشياخي يقول: فيها ألف أمر وأل!!ف نهي

وألف حكم وألف خبر. وبعث رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم بعث!!ا وهم ذوو عدد وقدم عليهم أحدثهم سنا لحفظه سورة البقرة، وق!!ال ل!!ه: )اذهب فأنت أميرهم( أخرجه الترمذي عن أبي هريرة وص!!ححه. وروى مس!!لم عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يق!!ول: )اق!!رؤوا س!!ورة البق!!رة ف!!إن أخ!!ذها برك!!ة وتركه!!ا حس!!رة وال يس!!تطيعها

Page 40: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

البطل!!ة(، ق!!ال معاوي!!ة: بلغ!!ني أن البطل!!ة: الس!!حرة. وروي أيض!!ا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )ال تجعلوا بي!!وتكم مق!!ابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البق!رة(. وروى ال!دارمي عن عبدالله قال: ما من بيت يقرأ فيه سورة البقرة إال خرج منه الش!!يطان وله صراط. وقال: إن لكل شيء سناما وإن س!نام الق!رآن س!!ورة البق!رة، وإن لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن المفصل. ق!!ال أب!!و محم!!د ال!!دارمي. اللباب: الخالص. وفي صحيح البستي عن سهل بن سعد ق!!ال ق!!ال رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم: )إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن س!!ورة البق!رة ومن قرأه!ا في بيت!ه ليال لم ي!!دخل الش!يطان بيت!ه ثالث لي!!ال ومن قرأها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثالثة أيام(. قال أبو حاتم البستي: قول!ه صلى الله عليه وس!!لم: )لم ي!!دخل الش!!يطان بيت!!ه ثالث!!ة أي!!ام( أراد: م!!ردة الشياطين. وروى الدارمي في مسنده عن الشعبي قال ق!!ال عبدالل!!ه: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليل!!ة ح!!تى يص!!بح، أربع!!ا من أوله!!ا وآي!!ة الكرس!!ي وآي!!تين بع!!دها وثالث!!ا

[. وعن الشعبي عنه:284خواتيمها، أولها: "لله ما في السموات" ]البقرة: لم يقربه وال أهله يومئذ شيطان وال شيء يكره!!ه، وال يق!!رأن على مجن!!ون إال أفاق. وقال المغيرة بن سبيع - وك!!ان من أص!!حاب عبدالل!!ه - : لم ينس القرآن. وقال إسحاق بن عيس!!ى: لم ينس م!!ا ق!!د حف!!ظ. ق!!ال أب!!و محم!!د الدارمي: منهم من يقول: المغ!!يرة بن س!!ميع. وفي كت!!اب االس!!تيعاب البن عبدالبر: وكان لبيد بن ربيعة بن عام بن مالك بن جعفر بن كالب بن ربيع!!ة بن عامر بن صعصعة من شعراء الجاهلي!!ة، أدرك اإلس!!الم فحس!!ن إس!!المه وت!!رك ق!!ول الش!!عر في اإلس!!الم، س!!أل عم!!ر في خالفت!!ه عن ش!!عره واستنشده، فقرأ سورة البقرة، فقال: إنما سألتك عن ش!!عرك، فق!!ال: م!!ا كنت ألقول بيتا من الشعر بعد إذ علمني الله البقرة وآل عم!!ران، ف!!أعجب عمر قوله، وكان عطاؤه ألفين فزاده خمس!!مائة. وق!!د ق!!ال كث!!ير من أه!!ل األخب!!ار: إن لبي!!دا لم يق!!ل ش!!عرا من!!ذ أس!!لم. وق!!ال بعض!!هم: لم يق!!ل في

اإلسالم إال قوله:الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من اإلسالم سرباال

قال ابن عبدالبر: وقد قيل إن هذا ال!!بيت لق!!ردة بن نفاث!!ة الس!!لولي، وه!!وأصح عندي. وقال غيره: بل البيت الذي قال في اإلسالم:

ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه القرين الصالح وسيأتي ما ورد في آية الكرسي وخواتيم البقرة، ويأتي في أول س!!ورة آل

عمران زيادة بيان لفضل هذه السورة، إن شاء الله تعالى. }الم{1*اآلية :3*

@قول!ه تع!الى: "الم" اختل!!ف أه!!ل التأوي!!ل في الح!!روف ال!تي في أوائ!!ل السورة، فقال عامر الشعبي وسفيان الثوري وجماع!!ة من المح!!دثين: هي سر الله في القرآن، ولله في كل كتاب من كتب!!ه س!!ر. فهي من المتش!!ابه الذي انفرد الله تعالى بعلمه، وال يجب أن يتكلم فيها، ولكن نؤمن بها ونقرأ كم!!ا ج!!اءت. وروي ه!!ذا الق!!ول عن أبي بك!!ر الص!!ديق وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم!!ا. وذك!!ر أب!!و الليث الس!!مرقندي عن عم!!ر وعثم!!ان وابن مسعود أنهم قالوا: الح!!روف المقطع!!ة من المكت!!وم ال!!ذي ال يفس!!ر.

Page 41: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقال أبو حاتم: لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إال في أوائل الس!!ور،وال ندري ما أراد الله جل وعز بها.

قلت: ومن هذا المع!نى م!ا ذك!ره أب!و بك!ر األنب!اري: ح!دثنا الحس!ن بن الحباب حدثنا أبو بكر بن أبي طالب حدثنا أبو المن!!ذر الواس!!طي عن مال!!ك بن مغول عن سعيد بن مسروق عن الربيع بن خ!!ثيم ق!!ال: إن الل!!ه تع!!الى أنزل هذا القران فاستأثر منه بعلم ما شاء، وأطلعكم على ما شاء، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه فال تس!ألوا عن!ه، وأم!ا ال!ذي أطلعكم علي!!ه فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به، وما بكل القرآن تعلم!!ون، وال بك!!ل م!!ا تعلمون تعملون. قال أبو بكر: فه!!ذا يوض!!ح أن حروف!!ا من الق!!رآن س!!ترت معانيها عن جميع العالم، اختبارا من الله عز وج!!ل وامتحان!!ا، فمن آمن به!!ا أثيب وس!!عد، ومن كف!!ر وش!!ك أثم وبع!!د. ح!!دثنا أب!!و يوس!!ف بن يعق!!وب القاضي حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا عب!!دالرحمن بن مه!!دي عن س!!فيان عن األعمش عن عم!!ارة عن ح!!ريث بن ظه!!ير عن عبدالل!!ه ق!!ال: م!!ا آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم ق!!رأ: "ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!الغيب" ]البق!!رة:

3.] قلت: هذا القول في المتشابه وحكمه، وهو الصحيح على ما ي!!أتي بيان!!ه

في )آل عمران( إن شاء الله تعالى. وقال جمع من العلماء كبير: ب!!ل يجب أن نتكلم فيها، ويلتمس الفوائد التي تحته!ا، والمع!اني ال!!تي تتخ!!رج عليه!ا، واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة، فروي عن ابن عباس وعلي أيضا: أن الحروف المقطع!ة في الق!رآن اس!!م الل!ه األعظم، إال أن!ا ال نع!رف تأليف!ه منها. وقال قطرب والفراء وغيرهما: هي إش!!ارة إلى ح!!روف الهج!!اء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي ال!!تي منه!!ا بناء كالمهم، ليك!!ون عج!!زهم عن!!ه أبل!!غ في الحج!!ة عليهم إذ لم يخ!!رج عن كالمهم. قال قط!!رب: ك!!انوا ينف!!رون عن!!د اس!!تماع الق!!رآن، فلم!!ا س!!معوا: "الم" و"المص" استنكروا هذا اللفظ، فلما أنصتوا له صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم ب!!القرآن المؤتل!!ف ليثبت!!ه في أس!!ماعهم وآذانهم ويقيم الحج!!ة عليهم. وقال قوم: روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة

[ ن!!زلت26وق!!الوا: "ال تس!!معوا له!!ذا الق!!رآن والغ!!وا في!!ه" ]فص!!لت: ليستغربوها فيفتحون لها أسماعهم فيسمعون الق!!رآن بع!!دها فتجب عليهم الحجة. وقال جماعة: هي ح!!روف دال!!ة على أس!!ماء أخ!!ذت منه!!ا وح!!ذفت بقيتها، كقول ابن عباس وغيره: األلف من الل!!ه، والالم من جبري!!ل، والميم من محمد صلى الله عليه وسلم. وقي!!ل: األل!!ف مفت!!اح اس!!مه الل!!ه، والالم مفتاح اسمه لطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد. وروى أبو الض!!حى عن ابن عباس في قوله: "الم" قال: أنا الله أعلم، "الر" أنا الل!!ه أرى، "المص" أن!!ا الله أفضل. فاأللف تؤدي عن معنى أنا، والالم تؤدي عن اسم الل!!ه، والميم تؤدي عن معنى أعلم. واختار هذا القول الزج!!اج وق!!ال: اذهب إلى أن ك!!ل حرف منها يؤدي عن معنى، وقد تكلمت العرب ب!!الحروف المقطع!!ة نظم!!ا

لها ووضعا بدل الكلمات التي الحروف منها، كقوله:فقلت لها قفي فقالت قاف

أراد: قالت وقفت. وقال زهير:بالخير خيرات وإن شرا فا وال أريد الشر إال أن تا

أراد: وإن شرا فشر. وأراد: إال أن تشاء.

Page 42: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقال آخر:نادوهم أال الجموا أال تا قالوا جميعا كلهم أال فا

أراد: أال تركبون، قالوا: أال فاركبوا. وفي الحديث: )من أع!!ان على قت!!ل مسلم بشطر كلمة( قال شقيق: هو أن يقول في أقتل: أق، كما قال علي!!ه

السالم )كفى بالسيف شا( معناه: شافيا. وقال زيد بن أسلم: هي أسماء للسور. وقال الكلبي: هي أقسام أقس!!م

الله تعالى بها لشرفها وفضلها، وهي من أسمائه، عن ابن عباس أيض!!ا ورد بعض العلماء هذا القول فقال: ال يصح أن يكون قس!!ما ألن القس!!م معق!!ود على ح!!روف مث!!ل: إن وق!!د ولق!!د وم!!ا، ولم يوج!!د ههن!!ا ح!!رف من ه!!ذه الحروف، فال يجوز أن يكون يمينا. والجواب أن يقال: موضع القس!!م قول!!ه تعالى: "ال ريب فيه" فلو أن إنسانا حلف فق!ال: والل!ه ه!ذا الكت!!اب ال ريب فيه، لكان الكالم سديدا، وتكون "ال" جواب القسم. فثبت أن ق!!ول الكل!!بي

وما روي عن ابن عباس سديد صحيح. فإن قيل: ما الحكمة في القسم من الله تعالى، وك!!ان الق!!وم في ذل!!ك

الزم!!ان على ص!!نفين: مص!!دق، ومك!!ذب، فالمص!!دق يص!!دق بغ!!ير قس!!م، والمكذب ال يصدق مع القسم؟. قيل له: القرآن نزل بلغة العرب، والع!!رب إذا أراد بعضهم أن يؤكد كالمه أقسم على كالمه، والله تعالى أراد أن يؤك!!د عليهم الحجة فأقسم أن القرآن من عنده. وقال بعض!!هم: "الم" أي أن!!زلت عليك هذا الكتاب من اللوح المحفوظ. وق!!ال قت!!ادة في قول!!ه: "الم" ق!!ال اسم من أسماء القرآن. وروي عن محم!!د بن علي الترم!!ذي أن!!ه ق!!ال: إن الل!!ه تع!!الى أودع جمي!!ع م!!ا في تل!!ك الس!!ورة من األحك!!ام والقص!!ص في الحروف التي ذكرها في أول الس!ورة، وال يع!رف ذل!!ك إال ن!!بي أو ولي، ثم بين ذلك في جميع السورة ليفقه الناس. وقيل غير هذا من األقوال، فالل!!ه

أعلم. والوقف على هذه الحروف على السكون لنقصانها إال إذا أخبرت عنها أو

عطفتها فإنك تعربها. واختلف: هل لها محل من اإلع!!راب؟ فقي!!ل: ال، ألنه!!ا ليست أسماء متمكنة، وال أفعاال مضارعة، وإنما هي بمنزلة حروف التهجي فهي محكية. هذا مذهب الخلي!!ل وس!!يبويه. ومن ق!!ال: إنه!!ا أس!!ماء الس!!ور فموضعها عنده الرفع على أنها عنده خبر ابتداء مضمر، أي هذه "الم"، كما تقول: هذه سورة البق!!رة. أو تك!!ون رفع!!ا على االبت!!داء والخ!!بر ذل!!ك، كم!!ا تقول: زيد ذلك الرجل. وقال ابن كيسان النحوي: "الم" في موضع نص!!ب، كما تقول: اق!!رأ "الم" أو علي!!ك "الم". وقي!!ل: في موض!!ع خفض بالقس!!م،

لقول ابن عباس: إنها أقسام أقسم الله بها. }ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين{ 2*اآلية: 3*

@قول!!ه تع!!الى: "ذل!!ك الكت!!اب" قي!!ل: المع!!نى ه!!ذا الكت!!اب. و"ذل!!ك" ق!!د تستعمل في اإلشارة إلى حاض!!ر، وإن ك!!ان موض!!وعا لإلش!!ارة إلى غ!!ائب، كما قال تعالى في اإلخبار عن نفسه جل وعز: "ذلك عالم الغيب والشهادة

[، ومنه قول خفاف بن ندبة:6العزيز الرحيم" ]السجدة: أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافا إنني أنا ذلكا

أي أنا هذا. ف! "ذلك" إشارة إلى القرآن، موضوع موض!ع ه!ذا، تلخيص!ه: الم هذا الكتاب ال ريب فيه. وهذا قول أبي عبيدة وعكرمة وغيرهم!!ا، ومن!!ه

[ "تل!!ك آي!!ات الل!!ه83قوله تعالى: "وتلك حجتنا آتيناه!!ا إب!!راهيم" ]األنع!ام:

Page 43: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ أي هذه، لكنها لما انقضت صارت كأنها252نتلوها عليك بالحق" ]البقرة: بعدت فقيل تلك. وفي البخاري "وق!!ال معم!!ر ذل!!ك الكت!!اب ه!!ذا الق!!رآن". "ه!!!دى للمتقين" بي!!!ان ودالل!!!ة، كقول!!!ه: "ذلكم حكم الل!!!ه يحكم بينكم"

[ هذا حكم الله.10]الممتحنة: قلت: وقد جاء "هذا" بمعنى "ذلك"، ومنه قوله عليه السالم في حديث

أم حرام: )يركبون ثبج هذا البحر( أي ذل!!ك البح!!ر، والل!!ه أعلم. وقي!!ل: ه!!وعلى بابه إشارة إلى غائب.

واختلف في ذلك الغائب على أقوال عشرة، فقيل: "ذلك الكت!!اب" أي الكتاب ال!!ذي كتبت على الخالئ!!ق بالس!!عادة والش!!قاوة واألج!!ل وال!!رزق ال ريب فيه، أي ال مبدل له. وقيل: ذلك الكت!!اب، أي ال!!ذي كتبت على نفس!!ي في األزل )أن رحمتي سبقت غضبي(. وفي ص!حيح مس!لم عن أبي هري!رة قال قال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )لم!!ا قض!!ى الل!!ه الخل!!ق كتب في كتاب!!ه على نفس!!ه فه!!و موض!!وع عن!!ده أن رحم!!تي تغلب غض!!بي( في رواية: )سبقت(. وقيل: إن الله تعالى قد ك!!ان وع!!د نبي!!ه علي!!ه الس!!الم أن ينزل عليه كتاب!!ا ال يمح!!وه الم!!اء، فأش!!ار إلى ذل!!ك الوع!!د كم!!ا في ص!!حيح مسلم من حديث عياض بن حم!!ار المجاش!!عي أن رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وسلم قال: )إن الله نظر إلى أهل األرض فمقتهم عربهم وعجمهم إال بقايا من أهل الكتاب وقال إنما بعثتك ألبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا ال يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان( الح!!ديث. وقي!!ل: اإلش!!ارة إلى م!!ا ق!!د نزل من القرآن بمكة. وقي!!ل: إن الل!!ه تب!!ارك وتع!!الى لم!!ا أن!!زل على نبي!!ه

[ لم5صلى الله عليه وسلم بمكة: "إنا سنلقي عليك قوال ثقيال" ]المزم!!ل: ي!!زل رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم مستش!!رفا )وفي النس!!خة: مستسرفا( إلنجاز هذا الوعد من ربه عز وجل، فلم!!ا أن!!زل علي!!ه بالمدين!!ة:

[ كان فيه معنى هذا القرآن2 -! 1"الم. ذلك الكتاب ال ريب فيه" ]البقرة: الذي أنزلته عليك بالمدينة، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك بمك!!ة. وقيل: إن "ذلك" إشارة إلى ما في التوراة واإلنجيل. و"الم" اسم للق!!رآن، والتقدير هذا القرآن ذلك الكتاب المفس!!ر في الت!!وراة واإلنجي!!ل، يع!!ني أن التوراة واإلنجيل يشهدان بصحته ويستغرق ما فيهما ويزيد عليهما م!!ا ليس فيهم!!ا. وقي!!ل: إن "ذل!!ك الكت!!اب" إش!!ارة إلى الت!!وراة واإلنجي!!ل كليهم!!ا، والمعنى: الم ذانك الكتابان أو مثل ذينك الكتابين، أي هذا القرآن جامع لما في ذينك الكتابين، فعبر ب! "بذلك" عن االثنين بشاهد من القرآن، قال الل!!ه

[68تبارك وتعالى: "إنها بقرة ال فارض وال بكر ع!!وان بين ذل!!ك" ]البق!!رة: أي عوان بين تينك: الفارض والبكر، وسيأتي. وقيل: إن "ذل!!ك" إش!!ارة إلى الل!!وح المحف!!وظ. وق!!ال الكس!!ائي: "ذل!!ك" إش!!ارة إلى الق!!رآن ال!!ذي في السماء لم ينزل بعد. وقيل: إن الله تع!!الى ق!!د ك!!ان وع!!د أه!!ل الكت!!اب أن ينزل على محمد صلى الله عليه وس!!لم كتاب!!ا، فاإلش!!ارة إلى ذل!!ك الوع!!د. قال المبرد: المعنى هذا القرآن ذلك الكتاب الذي كنتم تستفتحون ب!!ه على الذين كفروا. وقيل: إلى حروف المعجم في قول من قال: "الم" الح!!روف

التي تحديتكم بالنظم منها. والكتاب مصدر من كتب يكتب إذا جمع، ومن!!ه قي!!ل: كتيب!!ة، الجتماعه!!ا.

فري رحمه!!ا بت الخيل صارت كتائب. وكتبت البغلة: إذا جمعت بين ش!! وتكتبحلقة أو سير، قال:

Page 44: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ال تأمنن فزاريا حللت به على قلوصك واكتبها بأسيار والكتبة )بضم الكاف(: الخرزة، والجم!!ع كتب. والكتب: الخ!!زر. ق!!ال ذو

الرمة:عته بينها الكتب وفراء غرفية أثأى خوارزها مشلشل ضي

والكتاب: هو خط الكاتب حروف المعجم مجموعة أو متفرقة، وسمي كتاباوإن كان مكتوبا، كما قال الشاعر:

تؤمل رجعة مني وفيها كتاب مثل ما لصق الغراء والكتاب: الفرض والحكم والقدر، قال الجعدي:

يا ابنة عمي كتاب الله أخرجني عنكم وهل أمنعن الله ما فعال @قوله تعالى: "ال ريب" نفي ع!ام، ول!ذلك نص!!ب ال!!ريب ب!ه. وفي ال!ريب

ثالثة معان:أحدها: الشك، قال عبدالله بن الزبعرى: ليس في الحق يا أميمة ريب إنما الريب ما يقول الجهول

وثانيها: التهمة، قال جميل: بثينة قالت يا جميل أربتني فقلت كالنا يا بثين مريب

وثالثها: الحاجة، قال: قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أجمعنا السيوفا

فكتاب الله تعالى ال شك فيه وال ارتياب، والمعنى: أن!!ه في ذات!!ه ح!!ق وأن!!ه منزل من عند الله، وصفة من ص!!فاته، غ!!ير مخل!!وق وال مح!!دث، وإن وق!!ع ريب للكفار. وقيل: ه!!و خ!بر ومعن!اه النهي، أي ال ترت!!ابوا، وتم الكالم كأن!!ه قال ذلك الكتاب حقا. وتقول: رابني هذا األمر إذا أدخل عليك شكا وخوف!!ا.

وأراب: صار ذا ريبة، فهو مريب. ورابني أمره. وريب الدهر: صروفه. @قوله تعالى: "فيه هدى للمتقين" الهاء في "فيه" في موضع خفض بفي، وفيه خمسة أوجه، أجودها: فيه هدى. ويليه فيه هدى )بضم الهاء بغ!!ير واو( وهي قراءة الزهري وس!!الم أبي المن!!ذر. ويلي!!ه فيهي ه!!دى )بإثب!!ات الي!!اء( وهي قراءة ابن كثير. ويجوز فيهو هدى )بالواو(. ويجوز فيه ه!!دى )م!!دغما( وارتفع "هدى" على االبتداء والخبر "فيه". واله!!دى في كالم الع!!رب معن!!اه

الرشد والبيان، أي فيه كشف ألهل المعرفة ورشد وزيادة بيان وهدى. @ الهدى هديان: هدى داللة، وهو الذي تقدر علي!!ه الرس!!ل وأتب!!اعهم، ق!!ال

[. وقال: "وإن!ك لته!دي إلى ص!راط7الله تعالى: "ولكل قوم هاد" ]الرعد: [ فأثبت لهم اله!!دى ال!!ذي معن!!اه الدالل!!ة وال!!دعوة52مستقيم" ]الشورى:

والتنبيه، وتفرد هو سبحانه بالهدى الذي معناه التأييد والتوفيق، فقال لنبي!!ه [ فاله!!دى56صلى الله عليه وسلم: "إنك ال ته!!دي من أحببت" ]القص!!ص:

على هذا يجيء بمعنى خلق اإليمان في القلب، ومنه قول!!ه تع!!الى: "أولئ!!ك [8[ وقول!ه: "ويه!دي من يش!!اء" ]ف!اطر: 5على هدى من ربهم" ]البق!رة:

والهدى: االهتداء، ومعناه راجع إلى معنى اإلرشاد كيفما تصرفت. ق!!ال أب!!و المعالي: وقد ترد الهداية والمراد بها إرشاد المؤم!!نين إلى مس!الك الجن!!ان والطرق المفضية إليها، من ذلك قول!!ه تع!!الى في ص!!فة المجاه!!دين: "فلن

[ ومنه قوله تعالى: "فاهدوهم إلى5 - 4يضل أعمالهم. سيهديهم" ]محمد: [ معناه فاسلكوهم إليها. 23صراط الجحيم" ]الصافات:

@ الهدى لفظ مؤنث. قال الف!!راء: بعض ب!!ني أس!!د ت!!ؤنث اله!!دى فتق!!ول: هذه هدى حسنة. وقال اللحياني: هو مذكر، ولم يعرب ألنه مقصور واألل!!ف

Page 45: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ال تتحرك، ويتعدى بحرف وبغ!!ير ح!!رف وق!!د مض!!ى في "الفاتح!!ة"، تق!!ول: هديته الطريق وإلى الطريق والدار وإلى الدار، أي عرفته. األولى لغة أه!!ل الحجاز، والثانية حكاها األخفش. وفي التنزيل: "اهدنا الص!!راط المس!!تقيم"

[ وقي!!ل: إن اله!!دى اس!!م من43و"الحمد لله الذي هدانا لهذا" ]األع!!راف: أسماء النهار، ألن الناس يهتدون فيه لمعايشهم وجميع مأربهم، ومن!!ه ق!!ول

ابن مقبل:حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة يخشعن في اآلل غلفا أو يصلينا

@قوله تعالى: "للمتقين" خص الله تعالى المتقين بهدايت!!ه وإن ك!!ان ه!!دى للخلق أجمعين تشريفا لهم، ألنهم آمن!!وا وص!!دقوا بم!!ا في!!ه. وروي عن أبى روق أنه قال: "هدى للمتقين" أي كرامة لهم، يعني إنما أضاف إليهم إجالال لهم وكرام!!ة لهم وبيان!!ا لفض!!لهم. وأص!!ل "للمتقين": للموتق!!يين بي!!اءين مخففتين، حذفت الكسرة من الي!!اء األولى لثقله!!ا ثم ح!!ذفت الي!!اء اللتق!!اء الساكنين وأبدلت الواو ت!اء على أص!لهم في اجتم!اع ال!واو والت!اء وأدغمت

التاء في التاء فصار للمتقين. الخامسة: التقوى يقال أصلها في اللغة قلة الكالم، حكاه ابن ف!!ارس. قلت ومنه الحديث )التقي ملجم والمتقي فوق المؤمن والطائع( وهو الذي يتقي بصالح عمله وخالص دعائه عذاب الله تعالى، مأخوذ من اتقاء المكروه بم!!ا

تجعله حاجزا بينك وبينه، كما قال النابغة:سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد

وقال آخر: فألقت قناعا دونه الشمس واتقت بأحسن موصولين كف ومعصم

وخرج أبو محمد عبدالغني الحاف!!ظ من ح!!ديث س!!عيد بن زربي أبي عبي!!دة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال ق!!ال يوم!!ا البن أخيه: يا ابن أخي ترى الناس ما أكثرهم؟ ق!!ال: نعم، ق!!ال: ال خ!!ير فيهم إال تائب أو تقي ثم قال: يا ابن أخي ترى الناس ما أك!!ثرهم؟ قلت: بلى، ق!!ال: ال خير فيهم إال عالم أو متعلم. وقال أب!!و يزي!!د البس!!طامي: المتقي من إذا قال قال لله، ومن إذا عمل عمل لله. وقال أبو سليمان الداراني: المتقون ال!!ذين ن!!زع الل!!ه عن قل!!وبهم حب الش!!هوات. وقي!!ل: المتقي ال!!ذي اتقى الشرك وبرئ من النفاق. قال ابن عطية: وهذا فاسد، ألنه قد يكون ك!!ذلك وهو فاسق. وسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبيا عن التقوى، فقال: هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم: قال فما عملت فيه؟ قال: تش!!مرت

وحذرت، قال: فذاك التقوى. وأخذ هذا المعنى ابن المعتز فنظمه:خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى ال تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

السادسة: التقوى فيها جماع الخير كل!!ه، وهي وص!!ية الل!!ه في األولين واآلخرين، وهي خير ما يستفيده اإلنسان، كما قال أبو الدرداء وقد قيل له:

إن أصحابك يقولون الشعر وأنت ما حفظ عنك شيء، فقال:يريد المرء أن يؤتى مناه ويأبى الله إال ما أرادا يقول المرء فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفادا

وروى ابن ماجة في سننه عن أبى أمام!!ة عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم أنه كان يقول: )ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خير ل!!ه من زوج!!ة

Page 46: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقس!!م عليه!!ا أبرت!!ه وإنغاب عنها نصحته في نفسها وماله(.

واألصل في التقوى: وقوى على وزن فعلى فقلبت الواو تاء من وقيته أقيه أي منعته، ورجل تقي أي خائف، أص!!له وقي، وك!!ذلك تق!!اة ك!!انت في

األصل وقاة، كما قالوا: تجاه وتراث، واألصل وجاه ووراث. }ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!الغيب ويقيم!!ون الص!!الة ومم!!ا رزقن!!اهم3* اآلي!!ة: 3*

ينفقون{ @قوله تع!!الى: "ال!!ذين" في موض!!ع خفض نعت "للمتقين"، ويج!!وز الرف!!ع على القطع أي هم الذين، ويجوز النصب على المدح. "يؤمنون" يص!!دقون. واإليمان في اللغة: التصديق، وفي التنزيل: "وما أنت بمؤمن لنا" ]يوس!!ف:

[ أي بمصدق، ويتعدى بالب!!اء والالم، كم!!ا ق!!ال: "وال تؤمن!!وا إال لمن تب!!ع17 [ وروى حجاج بن83[ "فما آمن لموسى" ]يونس: 73دينكم" ]آل عمران:

حجاج األحول - ويلقب بزق العسل - قال سمعت قتادة يق!!ول: ي!!ا ابن آدم، إن كنت ال تريد أن تأتي الخير إال عن نشاط فإن نفسك مائلة إلى الس!!أمة والف!!ترة والمل!!ة، ولكن الم!!ؤمن ه!!و المتحام!!ل، والم!!ؤمن ه!!و المتق!!وي، والمؤمن هو المتشدد، وإن المؤمنين هم العجاجون إلى الله الليل والنه!!ار، والله ما يزال المؤمن يقول: ربنا في السر والعالنية حتى استجاب لهم في

السر والعالنية. @قوله تعالى "بالغيب" الغيب في كالم العرب: كل ما غاب عنك، وهو من ذوات الي!!اء يق!!ال من!!ه: غ!!ابت الش!!مس تغيب، والغيب!!ة معروف!!ة. وأغ!!ابت المرأة فهي مغيبة إذا غاب عنها زوجها، ووقعنا في غيبة وغياب!!ة، أي هبط!!ة من األرض، والغياب!!ة: األجم!!ة، وهي جم!!اع الش!!جر يغ!!اب فيه!!ا، ويس!!مى

المطمئن من األرض: الغيب، ألنه غاب عن البصر. واختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا، فقالت فرقة: الغيب في هذه

اآلية: الله س!!بحانه. وض!!عفه ابن الع!!ربي. وق!!ال آخ!!رون: القض!!اء والق!!در. وقال آخرون: القرآن وما في!!ه من الغي!!وب. وق!!ال آخ!!رون: الغيب ك!!ل م!!ا أخ!!بر ب!!ه الرس!!ول علي!!ه الس!!الم مم!!ا ال تهت!!دي إلي!!ه العق!!ول من أش!!راط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والص!!راط والم!!يزان والجن!!ة والن!!ار.

قال ابن عطية: وهذه األقوال ال تتعارض بل يقع الغيب على جميعها. قلت: وهذا اإليمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل عليه السالم

حين قال للنبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: ف!!أخبرني عن اإليم!!ان. ق!!ال: )أن ت!!ؤمن بالل!!ه ومالئكت!!ه وكتب!!ه ورس!!له والي!!وم اآلخ!!ر وت!!ؤمن بالق!!در خ!!يره وشره(. قال: صدقت. وذكر الح!!ديث. وق!!ال عبدالل!!ه بن مس!!عود: م!!ا آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم ق!!رأ: "ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!الغيب" ]البق!!رة:

3.] [ وق!!ال: "ال!!ذين7قلت: وفي التنزي!!ل: "وم!!ا كن!!ا غ!!ائبين" ]األع!!راف:

[ فهو س!!بحانه غ!!ائب عن األبص!!ار، غ!!ير49يخشون ربهم بالغيب" ]األنبياء: مرئي في هذه الدار، غير غ!!ائب ب!!النظر واالس!!تدالل، فهم يؤمن!!ون أن لهم ربا قادرا يجازي على األعمال، فهم يخشونه في سرائرهم وخل!!واتهم ال!!تي يغيبون فيها عن الناس، لعلمهم بإطالع!!ه عليهم، وعلى ه!!ذا تتف!!ق اآلي وال تتع!!ارض، والحم!!د لل!!ه. وقي!!ل: "ب!!الغيب" أي بض!!مائرهم وقل!!وبهم بخالف

المنافقين، وهذا قول حسن. وقال الشاعر:

Page 47: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وبالغيب أمنا وقد كان قومنا يصلون لألوثان قبل محمد @قول!!ه تع!!الى: "ويقيم!!ون الص!!الة" معط!!وف جمل!!ة على جمل!!ة. وإقام!!ة الصالة أداؤها بأركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها، على ما يأتي بيانه. يقال: ق!!ام الش!!يء أي دام وثبت، وليس من القي!!ام على الرج!!ل، وإنم!!ا ه!!و من

قولك: قام الحق أي ظهر وثبت، قال الشاعر:وقامت الحرب بنا على ساق

وقال آخر:وإذا يقال أتيتم لم يبرحوا حتى تقيم الخيل سوق طعان وقيل: "يقيمون" يديمون، وأقامه أي أدامه، وإلى هذا المعنى أشار عمر

بقوله: من حفظها وحافظ عليها حفظ دين!!ه، ومن ض!!يعها فه!!و لم!!ا س!!واهاأضيع.

@ إقام!!ة الص!!الة معروف!!ة، وهي س!!نة عن!!د الجمه!!ور، وأن!!ه ال إع!!ادة على تاركها. وعند األوزاعي وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى هي واجب!!ة وعلى من تركها اإلعادة، وبه قال أهل الظاهر، وروي عن مالك، واخت!!اره ابن الع!!ربي قال: ألن في حديث األع!!رابي )وأقم( ف!!أمره باإلقام!!ة كم!!ا أم!!ره ب!!التكبير

واالستقبال والوضوء. قال: فأما أنتم اآلن وقد وقفتم على الحديث فقد تعين عليكم أن تقولوا

بإحدى روايتي مال!!ك الموافق!!ة للح!!ديث وهي أن اإلقام!!ة ف!!رض. ق!!ال ابن عبدالبر قوله: )وتحريمها التكبير( دلي!ل على أن!ه لم ي!!دخل في الص!!الة من لم يحرم، فما كان قبل اإلحرام فحكمه أال تعاد من!!ه الص!!الة إال أن يجمع!!وا على شيء فيسلم لإلجماع كالطه!!ارة والقبل!!ة وال!!وقت ونح!!و ذل!!ك. وق!!ال بعض علمائنا: من تركها عمدا أعاد الصالة، وليس ذلك لوجوبه!!ا إذ ل!!و ك!!ان

ذلك الستوى سهوها وعمدها، وإنما ذلك لالستخفاف بالسنن، والله أعلم. @ واختلف العلماء فيمن سمع اإلقامة هل يسرع أو ال؟ ف!!ذهب األك!!ثر إلى أنه ال يسرع وإن خاف فوت الركعة لقوله عليه السالم: )إذا أقيمت الص!!الة فال تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فم!!ا أدركتم فص!!لوا وم!!ا فاتكم فأتموا(. رواه أبو هريرة أخرجه مسلم. وعنه أيضا قال: قال رس!!ولع إليه!!ا أح!!دكم ولكن الله صلى الله عليه وسلم: )إذا ثوب بالص!!الة فال يس!! ليمش وعليه السكينة والوقار صل ما أدركت واقض ما سبقك(. وهذا نص. ومن جهة المع!!نى أن!!ه إذا أس!!رع انبه!!ر فش!!وش علي!!ه دخول!!ه في الص!!الة وقراءتها وخشوعها. وذهب جماعة من السلف منهم ابن عمر وابن مسعود على اختالف عنه أنه إذا خاف فواتها أسرع. وقال إسحاق: يسرع إذا خ!!اف فوات الركعة، وروي عن مالك نحوه، وقال: ال ب!!أس لمن ك!!ان على ف!!رس أن يحرك الفرس، وتأوله بعض!!هم على الف!رق بين الماش!!ي وال!!راكب، ألن

الراكب ال يكاد أن ينبهر كما ينبهر الماشي. قلت: واستعمال سنة رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم في ك!!ل ح!!ال

أولى، فيمشي كما ج!!اء الح!!ديث وعلي!!ه الس!!كينة والوق!!ار، ألن!!ه في ص!!الة ومحال أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم على خالف ما أخبر، فكم!!ا أن الداخل في الصالة يلزم الوقار والسكون كذلك الماش!!ي، ح!تى يحص!!ل ل!ه التشبه به فيحصل له ثوابه. ومما يدل على صحة هذا ما ذكرناه من السنة، وما خرجه الدارمي في مسنده ق!ال: ح!دثنا محم!د بن يوس!ف ق!ال ح!دثنا سفيان عن محم!!د بن عجالن عن المق!!بري عن كعب بن عج!!رة ق!!ال ق!!ال

Page 48: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )إذا توض!!أت فعم!!دت إلى المس!!جد فال تشبكن بين أصابعك فإنك في صالة(. فمنع صلى الله عليه وس!!لم في ه!!ذا الحديث وهو ص!!حيح مم!!ا ه!!و أق!!ل من اإلس!!راع وجعل!!ه كالمص!!لي، وه!!ذه

[ وأن!!ه9السنن تبين معنى قوله تعالى: "فاسعوا إلى ذكر الل!!ه" ]الجمع!!ة: ليس المراد به االش!!تداد على األق!!دام، وإنم!!ا ع!!نى العم!!ل والفع!!ل، هك!!ذا

فسره مالك. وهو الصواب في ذلك والله أعلم. @ واختل!!ف العلم!!اء في تأوي!!ل قول!!ه علي!!ه الس!!الم: )وم!!ا ف!!اتكم ف!!أتموا( وقوله: )واقض ما سبقك( هل هما بمعنى واح!!د أو ال؟ فقي!!ل: هم!!ا بمع!!نى واحد وأن القضاء قد يطلق ويراد به التمام، قال الله تعالى: "ف!!إذا قض!!يت

[.200[ وق!!ال: "ف!!إذا قض!!يتم مناس!!ككم" ]البق!!رة: 10الصالة" ]الجمع!!ة: وقيل: معناهما مختلف وهو الصحيح، ويترتب على ه!!ذا الخالف خالف فيم!!ا يدركه الداخل هل هو أول ص!!الته أو أخره!!ا؟ ف!!ذهب إلى األول جماع!!ة من أصحاب مالك - منهم ابن القاسم - ولكنه يقضي ما فات!!ه بالحم!!د وس!!ورة، فيكون بانيا في األفعال قاضيا في األقوال. قال ابن عبدالبر: وهو المشهور من المذهب. وقال ابن خويز منداد: وه!!و ال!!ذي علي!!ه أص!!حابنا، وه!!و ق!!ول األوزاعي والشافعي ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل والطبري وداود بن علي. وروى أشهب وهو الذي ذكره ابن عبدالحكم عن مالك، ورواه عيسى عن ابن القاسم عن مالك، أن ما أدرك فهو آخر صالته، وأن!!ه يك!!ون قاض!!يا في األفع!!ال واألق!!وال، وه!!و ق!!ول الكوف!!يين. ق!!ال القاض!!ي أب!!و محم!!د عبدالوهاب: وهو مشهور مذهب مالك. قال ابن عبدالبر: من جعل ما أدرك أول ص!!الته ف!!أظنهم راع!!وا اإلح!!رام، ألن!!ه ال يك!!ون إال في أول الص!!الة، والتشهد والتسليم ال يكون إال في أخرها، فمن ههنا قالوا: إن ما أدرك فه!!و أول صالته، مع ما ورد في ذلك من السنة من قوله: )ف!!أتموا( والتم!!ام ه!!و

اآلخر. واحتج اآلخرون بقوله: )فاقضوا( والذي يقضيه هو الف!!ائت، إال أن رواي!!ة

من روى "فأتموا" أك!!ثر، وليس يس!!تقيم على ق!!ول من ق!!ال: إن م!!ا أدرك أول صالته ويطرد، إال ما قاله عبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون والمزني وإسحاق وداود من أنه يقرأ مع اإلمام بالحمد وس!!ورة إن أدرك ذل!!ك مع!!ه، وإذا ق!!ام للقض!!اء ق!!رأ بالحم!!د وح!!دها، فه!!ؤالء اط!!رد على أص!!لهم ق!!ولهم

وفعلهم، رضي الله عنهم. @ اإلقامة تمنع من ابتداء صالة نافل!!ة، ق!ال رس!ول الل!!ه ص!لى الل!ه علي!ه وسلم: )إذا أقيمت الصالة فال صالة إال المكتوبة( خرجه مسلم وغيره، فأما إذا شرع في نافلة فال يقطعها، لقوله تعالى: "وال تبطلوا أعمالكم" ]محمد:

[ وخاصة إذا صلى ركعة منها. وقيل: يقطعها لعموم الح!!ديث في ذل!!ك.33والله أعلم.

@ واختلف العلم!!اء فيمن دخ!!ل المس!!جد ولم يكن رك!!ع ركع!!تي الفج!!ر ثم أقيمت الصالة، فق!!ال مال!!ك: ي!!دخل م!!ع اإلم!!ام وال يركعهم!!ا، وإن ك!!ان لم ي!!دخل المس!!جد ف!!إن لم يخ!!ف ف!!وات ركع!!ة فل!!يركع خ!!ارج المس!!جد، وال يركعهما في شيء من أفنية المسجد - التي تصلى فيها الجمع!!ة - الالص!!قة بالمس!!جد، وإن خ!!اف أن تفوت!!ه الركع!!ة األولى فلي!!دخل وليص!!ل مع!!ه، ثم يص!!ليهما إذا طلعت الش!!مس إن أحب، وألن يص!!ليهما إذا طلعت الش!!مس أحب إلي وأفضل من تركهما وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن خشي أن تفوته

Page 49: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الركعتان وال يدرك اإلمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخ!!ل مع!ه، وإن رجا أن يدرك ركعة صلى ركعتي الفجر خارج المسجد، ثم يدخل مع اإلم!!ام وكذلك قال األوزاعي، إال أنه يجوز ركوعهما في المسجد ما لم يخف ف!!وت الركع!!ة األخ!!يرة. وق!!ال الث!!وري: إن خش!!ي ف!!وت ركع!!ة دخ!!ل معهم ولم يص!!لهما وإال ص!!الهما وإن ك!!ان ق!!د دخ!!ل المس!!جد. وق!!ال الحس!!ن بن حي ويقال ابن حيان: إذا أخ!!ذ المقيم في اإلقام!!ة فال تط!!وع إال ركع!!تي الفج!!ر. وقال الشافعي: من دخل المسجد وقد أقيمت الصالة دخل م!!ع اإلم!!ام ولم يركعهما ال خارج المسجد وال في المسجد. وكذلك ق!!ال الط!!بري وب!!ه ق!!ال أحم!!د بن حنب!!ل وحكي عن مال!!ك، وه!!و الص!!حيح في ذل!!ك، لقول!!ه علي!!ه السالم. )إذا أقيمت الصالة فال صالة إال المكتوبة(. وركعتا الفجر إم!!ا س!!نة، وإما فضيلة، وإما رغيبة، والحجة عند التنازع حجة الس!!نة. ومن حج!!ة ق!!ول مالك المشهور وأبي حنيفة ما روي عن ابن عم!!ر أن!!ه ج!!اء واإلم!!ام يص!!لي صالة الصبح فصالهما في حجرة حفصة، ثم إنه صلى مع اإلمام. ومن حج!!ة الثوري واألوزاعي ما روي عن عبدالله بن مسعود أنه دخل المس!!جد. وق!!د أقيمت الصالة فصلى إلى أسطوانة في المس!!جد ركع!!تي الفج!!ر، ثم دخ!!ل الصالة بمحضر من حذيفة وأبي موسى رضي الله عنهما. ق!!الوا: )وإذا ج!!از أن يشتغل بالنافلة عن المكتوبة خارج المسجد جاز له ذلك في المس!!جد(، روى مسلم عن عبدالله بن مالك ابن بحينة قال: أقيمت صالة الصبح فرأى رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم رجال يص!!لي والم!!ؤذن يقيم، فق!!ال: )أتصلي الصبح أربعا( وهذا إنكار منه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم على الرج!!ل لصالته ركعتي الفج!!ر في المس!!جد واإلم!!ام يص!!لي، ويمكن أن يس!!تدل ب!!ه أيضا على أن ركع!تي الفج!ر إن وقعت في تل!ك الح!!ال ص!!حت، ألن!ه علي!!ه

السالم لم يقطع عليه صالته مع تمكنه من ذلك، والله أعلم. @ الصالة أصلها في اللغة الدعاء، مأخوذة من صلى يص!!لي إذا دع!!ا، ومن!!ه قوله عليه السالم: )إذا دعي أح!!دكم إلى طع!!ام فليجب ف!!إن ك!!ان مفط!!را فليطعم وإن كان صائما فليصل( أي فليدع. وقال بعض العلماء: إن الم!!راد الص!!الة المعروف!!ة، فيص!!لي ركع!!تين وينص!!رف، واألول أش!!هر وعلي!!ه من العلماء األكثر. ولما ولدت أسماء عبدالله بن الزبير أرسلته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالت أسماء: ثم مسحه وصلى علي!!ه، أي دع!!ا ل!!ه. وق!!ال

[ أي ادع لهم. وقال األعشى:103تعالى: "وصل عليهم" ]التوبة: تقول بنتي وقد قربت مرتحال يا رب جنب أبي األوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوما فإن لجنب المرء مضطجعا

وقال األعشى أيضا:ها وصلى على دنها وارتسم وقابلها الريح في دن

ارتسم الرجل: كبر ودعا، ق!!ال في الص!!حاح، وق!!ال ق!!وم: هي م!!أخوذة من الصال وهو عرق في وسط الظهر ويفترق عند العجب فيكتنف!!ه، ومن!!ه أخ!!ذ المصلي في سبق الخيل، ألنه يأتي في الحلبة ورأسه عند صلوي الس!!ابق، فاشتقت الصالة منه، إما ألنها جاءت ثاني!!ة لإليم!!ان فش!!بهت بالمص!!لي من الخيل، وإما ألن الراكع تثنى ص!!لواه. والص!!الة: مغ!!رز ال!!ذنب من الف!!رس، واالثنان صلوان. والمصلي: تالي السابق، ألن رأسه عند ص!!اله. وق!!ال علي رضي الله عنه: سبق رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وص!!لى أب!!و بك!!ر

Page 50: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وثلث عمر. وقيل: هي م!!أخوذة من الل!!زوم، ومن!!ه ص!!لي بالن!!ار إذا لزمه!!ا،[. وقال الحارث بن عباد:4ومنه "تصلى نارا حامية" ]الغاشية:

لم أكن من جناتها علم الل! !ه وإني بحرها اليوم صال أي مالزم لحرها، وكأن المعنى على هذا مالزمة العبادة على الحد الذي

أمر الله تعالى به. وقي!!ل: هي م!!أخوذة من ص!!ليت الع!!ود بالن!!ار إذا قومت!!ه ولينته بالصالء. والصالء: صالء النار بكسر الصاد ممدود، ف!!إن فتحت الص!!اد قصرت، فقلت صال النار، فكأن المصلي يقوم نفس!!ه بالمعان!!اة فيه!!ا ويلين

ويخشع، قال الخارزنجي:فال تعجل بأمرك واستدمه فما صلى عصاك كمستديم

والصالة: الدعاء والصالة: الرحمة، ومنه: )اللهم صل على محمد( الح!!ديث. والصالة: العبادة، ومنه قوله تعالى: "وما كان صالتهم عند البيت" ]األنف!!ال:

[ اآلية، أي عبادتهم. والصالة: النافلة، ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "وأم!!ر أهل!!ك35 [. والصالة التسبيح، ومنه قوله تعالى: "فلوال أن!!ه ك!!ان132بالصالة" ]طه:

[ أي من المصلين. ومن!!ه س!!بحة الض!!حى.143من المسبحين" ]الصافات: [ نصلي. والصالة: القراءة،30وقد قيل في تأويل "نسبح بحمدك" ]البقرة:

[ فهي لفظ مش!!ترك.110ومنه قوله تعالى: "وال تجهر بصالتك" ]اإلسراء: والصالة: بيت يصلى فيه، قاله ابن فارس. وقد قي!!ل: إن الص!الة اس!!م علم وضع لهذه العبادة، فإن الله تعالى لم يخل زمانا من شرع، ولم يخل ش!!رع

من صالة، حكاه أبو نصر القشيري.قلت: فعلى هذا القول ال اشتقاق لها، وعلى قول الجمهور وهي: -

@ اختلف األصوليون هل هي مبقاة على أصلها اللغوي الوضعي االبت!!دائي، وكذلك اإليمان والزك!!اة والص!!يام والحج، والش!!رع إنم!!ا تص!!رف بالش!!روط واألحك!!ام، أو ه!!ل تل!!ك الزي!!ادة من الش!!رع تص!!يرها موض!!وعة كالوض!!ع االبتدائي من قب!!ل الش!!رع. هن!!ا اختالفهم واألول أص!!ح، ألن الش!!ريعة ثبتت بالعربية، والق!!رآن ن!!زل به!!ا بلس!!ان ع!!ربي م!!بين، ولكن للع!!رب تحكم في األسماء، كالدابة وضعت لكل ما يدب، ثم خصصها العرف بالبهائم، فك!!ذلك

لعرف الشرع تحكم في األسماء، والله أعلم. واختلف في الم!!راد بالص!!الة هن!!ا، فقي!!ل: الف!!رائض. وقي!!ل: الف!!رائض

والنوافل معا، وهو الصحيح، ألن اللفظ عام والمتقي يأتي بهما. [132@ الصالة سبب للرزق، قال الله تعالى: "وأمر أهلك بالصالة" ]طه:

اآلية، على ما يأتي بيانه في "ط!!ه" إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى. وش!!فاء من وج!!ع البطن وغيره، روى ابن ماجة عن أبي هريرة قال: هج!!ر الن!!بي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم فهجرت فصليت ثم جلست، فالتفت إلي النبي صلى الله علي!!ه وسلم فقال: )أشكمت درده( قلت: نعم ي!!ا رس!!ول الل!!ه، ق!!ال: )قم فص!!ل فإن في الص!!الة ش!!فاء(. في رواي!!ة: )أش!!كمت درد( يع!!ني تش!!تكي بطن!!ك

بالفارسية، وكان عليه الصالة والسالم إذا حزبه أمر فزع إلى الصالة. @ الصالة ال تصح إال بشروط وفروض، فمن ش!!روطها: الطه!!ارة، وس!!يأتي بيان أحكامها في سورة النساء والمائدة. وستر العورة، ي!أتي في األع!راف القول فيها إن شاء الل!!ه تع!الى. وأم!ا فروض!!ها: فاس!!تقبال القبل!!ة، والني!ة، وتكب!!يرة اإلح!!رام والقي!!ام له!!ا، وق!!راءة أم الق!!رآن والقي!!ام له!!ا، والرك!!وع والطمأنين!!ة في!!ه، ورف!!ع ال!!رأس من الرك!!وع واالعت!!دال في!!ه، والس!!جود والطمأنين!!ة في!!ه، ورف!!ع ال!!رأس من الس!!جود، والجل!!وس بين الس!!جدتين

Page 51: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والطمأنينة فيه، والسجود الثاني والطمأنينة فيه. واألصل في ه!!ذه الجمل!!ة حديث أبي هريرة في الرج!!ل ال!!ذي علم!!ه الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم الصالة لما أخ!!ل به!!ا، فق!!ال ل!!ه: )إذا قمت إلى الص!!الة فأس!!بغ الوض!!وء ثم استقبل القبلة ثم ك!بر ثم اق!رأ م!ا تيس!ر مع!ك من الق!رآن ثم ارك!ع ح!تى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اس!!جد ح!!تى تطمئن س!!اجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افع!!ل ذل!!ك في ص!!التك كله!!ا( خرج!!ه مس!!لم. ومثله حديث رفاعة بن رافع، أخرجه الدارقطني وغيره. قال علماؤنا: فبين قوله صلى الله عليه وسلم أركان الصالة، وسكت عن اإلقامة ورفع اليدين وعن ح!!!د الق!!!راءة وعن تكب!!!ير االنتق!!!االت، وعن التس!!!بيح في الرك!!!وع والسجود، وعن الجلسة الوسطى، وعن التشهد وعن الجلسة األخيرة وعن السالم. أما اإلقام!!ة وتع!!يين الفاتح!!ة فق!!د مض!!ى الكالم فيهم!!ا. وأم!!ا رف!!ع اليدين فليس بواجب عند جماعة العلماء وعامة الفقهاء، لحديث أبي هريرة وحديث رفاعة بن رافع. وقال داود وبعض أصحابه بوجوب ذلك عند تكب!!يرة اإلحرام. وقال بعض أصحابه: الرفع عند اإلحرام وعند الرك!وع وعن!د الرف!ع من الرك!!وع واجب، وإن من لم يرف!!ع يدي!!ه فص!!الته باطل!!ة، وه!!و ق!!ول الحميدي، ورواية عن األوزاعي. واحتجوا بقول!!ه علي!!ه الس!!الم: )ص!!لوا كم!!ا رأيتموني أصلي( أخرجه البخاري. قالوا: فوجب علينا أن نفع!!ل كم!!ا رأين!!اه يفعل، ألنه المبل!!غ عن الل!!ه م!!راده. وأم!!ا التكب!!ير م!!ا ع!!دا تكب!!يرة اإلح!!رام فمسنون عند الجمهور للحديث الم!!ذكور. وك!!ان ابن قاس!!م ص!!احب مال!!ك يقول: من أسقط من التكبيرة في الصالة ثالث تكبيرات فم!!ا فوقه!!ا س!!جد قبل السالم، وإن لم يسجد بطلت صالته، وإن نسي تكبيرة واحدة أو اثنتين سجد أيضا للسهو، فإن لم يفعل في ش!!يء علي!!ه، وروي عن!!ه أن التكب!!يرة الواح!!دة ال س!!هو على من س!!ها فيه!!ا. وه!!ذا ي!!دل على أن عظم التكب!!ير وجملته عنده فرض، وأن اليسير منه متج!!اوز عن!!ه. وق!!ال أص!!بغ بن الف!!رج وعبدالله بن عب!!دالحكم: ليس على من لم يك!!بر في الص!!الة من أوله!!ا إلى آخرها شيء إذا كبر تكبيرة اإلحرام، فإن تركه ساهيا سجد للسهو، ف!!إن لم يسجد فال شيء عليه، وال ينبغي ألحد أن يترك التكبير عامدا، ألنه س!!نة من

سنن الصالة، فإن فعل فقد أساء وال شيء عليه وصالته ماضية. قلت: هذا ه!و الص!!حيح، وه!و ال!ذي علي!!ه جماع!ة فقه!اء األمص!!ار من

الش!!افعيين والكوف!!يين وجماع!!ة أه!!ل الح!!ديث والم!!الكيين غ!!ير من ذهب مذهب ابن القاسم. وقد ترجم البخاري رحمه الله )باب إتم!!ام التكب!!ير في الركوع والسجود( وساق حديث مطرف بن عبدالله قال: صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران بن حصين، فكان إذا سجد ك!بر، وإذا رف!ع رأس!ه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصالة أخذ بي!!دي عم!!ران بن حصين فقال: لقد ذكرني هذا صالة محمد صلى الله علي!!ه وس!!لم، أو ق!!ال: لقد صلى بنا صالة محمد ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم. وح!!ديث عكرم!!ة ق!!ال: رأيت رجال عن!!د المق!!ام يك!!بر في ك!!ل خفض ورف!!ع، وإذا ق!!ام وإذا وض!!ع، فأخبرت ابن عباس فقال: أو ليس تلك صالة النبي صلى الله عليه وسلم ال أم لك فدلك البخاري رحمه الله بهذا الباب على أن التكبير لم يكن معموال ب!!ه عن!!دهم. روى أب!!و إس!!حاق الس!!بيعي عن يزي!!د بن أبي م!!ريم عن أبي موسى األشعري قال: صلى بنا علي يوم الجم!!ل ص!!الة أذكرن!!ا به!!ذا ص!!الة

Page 52: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يك!!بر في ك!!ل خفض ورف!!ع، وقي!!اموقعود، قال أبو موسى: فإما نسيناها وإما تركناها عمدا.

قلت: أتراهم أعادوا الصالة فكيف يقال من ترك التكب!ير بطلت ص!الته ول!!و ك!!ان ذل!!ك لم يكن ف!!رق بين الس!!نة والف!!رض، والش!!يء إذا لم يجب

أفراده لم يجب جميعه، وبالله التوفيق. @ وأما التسبيح في الركوع والسجود فغ!!ير واجب عن!!د الجمه!!ور للح!!ديث المذكور، وأوجبه إسحاق بن راهويه، وأن من تركه أعاد الصالة، لقوله عليه السالم: )أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجته!!دوا في ال!!دعاء

فقمن أن يستجاب لكم(. @ وأما الجلوس والتشهد فاختلف العلماء في ذلك، فقال مال!ك وأص!حابه: الجلوس األول والتشهد ل!!ه س!!نتان. وأوجب جماع!!ة من العلم!!اء الجل!!وس األول وقالوا: هو مخصوص من بين سائر الفروض بأن ينوب عن!!ه الس!!جود كالعرايا من المزابنة، والقراض من اإلجارات، وكالوقوف بعد اإلح!!رام لمن وجد اإلمام راكعا. واحتجوا بأنه لو كان س!!نة م!!ا ك!!ان العام!!د لترك!!ه تبط!!ل صالته كما ال تبطل بترك سنن الصالة. احتج من لم يوجبه بأن قال: لو كان من فرائض الصالة لرجع الس!!اهي عن!!ه إلي!!ه ح!!تى ي!!أتي ب!!ه، كم!!ا ل!!و ت!!رك سجدة أو ركعة، ويراعى في!!ه م!!ا ي!!راعى في الرك!!وع والس!!جود من ال!!والء والرتبة، ثم يسجد لسهوه كما يصنع من ت!!رك ركع!!ة أو س!!جدة وأتى بهم!!ا. وفي حديث عبدالله بن بحينة: أن رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!ام من ركعتين ونسي أن يتشهد فسبح الن!!اس خلف!ه كيم!ا يجلس فثبت قائم!!ا فقاموا، فلما فرغ من صالته سجد سجدتي السهو قبل التس!!ليم، فل!!و ك!!ان الجل!!وس فرض!!ا لم يس!!قطه النس!!يان والس!!هو، ألن الف!!رائض في الص!!الة

يستوي في تركها السهو والعمد إال في المؤتم. واختلفوا في حكم الجلوس األخير في الصالة وما الغرض من ذلك على

خمسة أقوال: أحدها: أن الجلوس فرض والتشهيد ف!!رض والس!!الم ف!!رض. وممن قال ذلك الشافعي وأحمد بن حنب!!ل في رواي!!ة، وحك!!اه أب!!و مص!!عب في مختصره عن مالك وأهل المدينة، وب!!ه ق!!ال داود. ق!!ال الش!!افعي: من ترك التشهد األول والصالة على النبي صلى الله عليه وسلم فال إعادة عليه وعليه سجدتا السهو لتركه. وإذا ترك التشهد األخير س!!اهيا أو عام!!دا أع!!اد. واحتجوا بأن بيان النبي صلى الله عليه وسلم في الصالة ف!رض، ألن أص!!ل فرضها مجمل يفتقر إلى البيان إال ما خرج بدليل وقد قال صلى الل!!ه علي!!ه

وسلم: )صلوا كما رأيتموني أصلي(. القول الثاني: أن الجلوس والتشهد والسالم ليس بواجب، وإنما ذلك كله

س!!نة مس!!نونة، ه!!ذا ق!!ول بعض البص!!ريين، وإلي!!ه ذهب إب!!راهيم بن علي!!ة، وصرح بقياس الجلسة األخيرة على األولى، فخالف الجمهور وش!!ذ، إال أن!!ه يرى اإلعادة على من ترك شيئا من ذلك كله. ومن حجتهم ح!!ديث عبدالل!!ه بن عمرو بن العاص )وفي النس!خة: العاص!ي( عن الن!بي ص!لى الل!ه علي!!ه وسلم قال: )إذا رفع اإلمام رأسه من آخر سجدة في صالته ثم أحدث فق!!د تمت صالته( وهو حديث ال يصح على ما قاله أبو عمر، وقد بيناه في كت!!اب

المقتبس. وهذا اللفظ إنما يسقط السالم ال الجلوس. القول الثالث: إن الجل!!وس مق!!دار التش!!هد ف!!رض، وليس التش!!هد وال

السالم ب!واجب فرض!!ا. قال!ه أب!و حنيف!!ة وأص!حابه وجماع!ة من الكوف!!يين.

Page 53: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

واحتج!!وا بح!!ديث ابن المب!!ارك عن اإلف!!ريقي عب!!دالرحمن بن زي!!اد وه!!و ضعيف، وفيه أن النبي صلى الله عليه وس!!لم ق!!ال: )إذا جلس أح!!دكم في آخر صالته فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صالته(. قال ابن العربي: وك!!ان

شيخنا فخر اإلسالم ينشدنا في الدرس:ويرى الخروج من الصالة بضرطة أين الضراط من السالم عليكم قال ابن العربي: وسلك بعض علمائنا من هذه المسألة فرعين ضعيفين،

أم!!ا أح!!دهما: ف!!روى عب!!دالملك عن عب!!دالملك أن من س!!لم من ركع!!تين متالعبا، فخرج البيان أنه إن كان على أربع أن!!ه يجزئ!!ه، وه!!ذا م!!ذهب أه!!ل العراق بعينه. وأما الثاني: فوق!!ع في الكتب المنب!!وذة أن اإلم!!ام إذا أح!!دث بعد التشهد متعمدا وقبل السالم أنه يجزئ من خلفه، وهذا مما ال ينبغي أن

يلتفت إليه في الفتوى، وإن عمرت به المجالس للذكرى. القول الرابع: إن الجلوس فرض والسالم فرض، وليس التشهد بواجب.

وممن قال هذا مالك بن أنس وأصحابه وأحمد بن حنبل في رواية. واحتجوابأن قالوا: ليس شيء من الذكر يجب إال تكبيرة اإلحرام وقراءة أم القرآن.

القول الخامس: أن التشهد والجلوس واجبان، وليس الس!!الم ب!!واجب، قاله جماعة منهم إسحاق بن راهوي!!ه، واحتج إس!!حاق بح!!ديث ابن مس!!عود حين علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وقال ل!!ه: )إذا ف!!رغت من هذا فقد تمت صالتك وقضيت م!!ا علي!!ك(. ق!!ال ال!!دارقطني: قول!!ه )إذا فرغت من هذا فقد تمت ص!!التك( أدرج!!ه بعض!!هم عن زه!!ير في الح!!ديث، ووصله بكالم النبي صلى الله عليه وسلم، وفصله ش!!بابة عن زه!!ير وجعل!!ه من كالم ابن مسعود، وقوله أشبه بالصواب من قول من أدرجه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وشبابة ثقة. وقد تابعه غس!!ان بن الربي!!ع على ذلك، جعل آخر الحديث من كالم ابن مس!!عود ولم يرفع!ه إلى الن!!بي ص!!لى

الله عليه وسلم. @ واختل!!ف العلم!!اء في الس!!الم، فقي!!ل: واجب، وقي!!ل: ليس ب!!واجب. والص!!حيح وجوب!!ه لح!!ديث عائش!!ة وح!!ديث علي الص!!حيح خرج!!ه أب!!و داود والترمذي ورواه سفيان الثوري عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن محم!!د بن الحنفية عن علي قال قال رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: "مفت!!اح الصالة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم( وهذا الحديث أص!!ل في إيجاب التكبير والتس!!ليم، وأن!!ه ال يج!!زئ عنهم!!ا غيرهم!!ا كم!!ا ال يج!!زئ عن الطهارة غيرها باتفاق. قال عب!!دالرحمن بن مه!!دي: ل!!و افتتح رج!!ل ص!!الته بسبعين اسما من أسماء الله عز وجل ولم يكبر تكبيرة اإلح!!رام لم يج!!زه، وإن أحدث قبل أن يسلم لم يجزه، وهذا تصحيح من عبدالرحمن بن مهدي لح!!ديث علي، وه!و إم!ام في علم الح!ديث ومعرف!ة ص!حيحه من س!قيمه.

وحسبك به! @ وقد اختلف العلماء في وجوب التكب!!ير عن!!د االفتت!!اح فق!!ال ابن ش!!هاب الزه!!ري وس!!عيد بن المس!!يب واألوزاعي وعب!!دالرحمن وطائف!!ة: تكب!!يرة اإلحرام ليست بواجبة. وقد روي عن مالك في المأموم م!!ا ي!!دل على ه!!ذا القول، والصحيح من مذهبه إيجاب تكبيرة اإلح!!رام وأنه!!ا ف!!رض وركن من أركان الصالة، وهو الصواب وعليه الجمهور، وكل من خالف ذلك فمحج!!وج

بالسنة.

Page 54: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ واختلف العلم!!اء في اللف!!ظ ال!!ذي ي!!دخل ب!!ه في الص!!الة، فق!!ال مال!!ك وأص!!حابه وجمه!!ور العلم!!اء: ال يج!!زئ إال التكب!!ير، ال يج!!زئ من!!ه تهلي!!ل وال تس!!بيح وال تعظيم وال تحمي!!د. ه!!ذا ق!!ول الحج!!ازيين وأك!!ثر العراق!!يين، وال يجزئ عند مالك إال "الله أك!بر" ال غ!ير ذل!ك. وك!ذلك ق!ال الش!افعي وزاد: ويجزئ "الله األكبر" و"الله الكبير" والحج!!ة لمال!!ك ح!!ديث عائش!!ة ق!!الت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصالة بالتكبير، والق!!راءة ب! "الحم!!د لل!!ه رب الع!!المين". وح!!ديث علي: وتحريمه!!ا التكب!!ير. وح!!ديث األعرابي: فكبر. وفي سنن ابن ماجة حدثنا أبو بكر بن أبى ش!!يبة وعلي بن محمد الطنافسي قاال: حدثنا أبو أسامة ق!!ال ح!!دثني عبدالحمي!!د بن جعف!!ر قال حدثنا محم!!د ابن عم!!رو بن عط!!اء ق!!ال س!!معت أب!!ا حمي!!د الس!!اعدي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ق!!ام إلى الص!!الة اس!!تقبل القبلة ورفع يديه وقال: "الله أك!!بر" وه!!ذا نص ص!!ريح وح!!ديث ص!!حيح في

تعيين لفظ التكبير، قال الشاعر:رأيت الله أكبر كل شيء محاولة وأعظمه جنودا

ثم إنه يتضمن الق!!دم، وليس يتض!!منه كب!!ير وال عظيم، فك!!ان أبل!!غ في المعنى، والله أعلم.

وقال أبو حنيفة: إن افتتح بال إله إال الله يجزيه، وإن قال: اللهم اغفر لي لم يجزه، وبه قال محمد بن الحسن. وق!ال أب!و يوس!ف: ال يجزئ!ه إذا ك!ان يحسن التكبير. وك!!ان الحكم بن عتيب!!ة يق!!ول: إذا ذك!!ر الل!!ه مك!!ان التكب!!ير أجزأه. قال ابن المنذر: وال أعلمهم يختلفون أن من أحس!!ن الق!!راءة فهل!!ل وكبر ولم يقرأ أن صالته فاسدة، فمن كان هذا مذهبه فالالزم ل!!ه أن يق!!ول ال يجزيه مكان التكبير غيره، كما ال يجزئ مكان الق!!راءة غيره!!ا. وق!!ال أب!!و حنيفة: يجزئه التكبير بالفارسية وإن كان يحسن العربية. ق!!ال ابن المن!!ذر: ال يجزيه ألن!!ه خالف م!!ا علي!!ه جماع!!ات المس!!لمين، وخالف م!!ا علم الن!!بي

صلى الله عليه وسلم أمته، وال نعلم أحدا وافقه على ما قال. والله أعلم. @ واتفقت األمة على وجوب النية عن!!د تكب!!يرة اإلح!!رام إال ش!!يئا روي عن بعض أصحابنا يأتي الكالم عليه في آي!!ة الطه!!ارة، وحقيقته!!ا قص!!د التق!!رب إلى اآلمر بفعل ما أم!ر ب!!ه على الوج!ه المطل!!وب من!ه. ق!ال ابن الع!ربي: واألصل في كل نية أن يكون عقدها مع التلبس بالفعل المنوي بها، أو قب!!ل ذلك بشرط استص!!حابها، ف!!إن تق!!دمت الني!!ة وط!!رأت غفل!!ة فوق!!ع التلبس بالعبادة في تلك الحالة لم يعتد بها، كما ال يعتد بالنية إذا وقعت بعد التلبس بالفعل، وقد رخص في تقديمها في الصوم لعظم الحرج في اقترانها بأوله. قال ابن العربي: وقال لنا أبو الحسن القروي بثغر عسقالن: س!!معت إم!!ام الحرمين يقول: يحضر اإلنسان عند التلبس بالصالة النية، ويجرد النظر في الصانع وحدوث العالم والنبوات حتى ينتهي نظره إلى نية الصالة، ق!!ال: وال يحتاج ذلك إلى زمان طويل، وإنما يكون ذل!!ك في أوحى لحظ!!ة، ألن تعليم الجمل يفتقر إلى الزمان الطويل، وت!!ذكارها يك!!ون في لحظ!!ة، ومن تم!!ام النية أن تكون مستصحبة على الصالة كلها، إال أن ذلك لما كان أمرا يتع!!ذر عليه س!!مح الش!!رع في ع!!زوب الني!!ة في أثنائه!!ا. س!!معت ش!!يخنا أب!!ا بك!!ر الفهري بالمسجد األقصى يقول قال محمد بن سحنون: رأيت أبي س!!حنونا ربما يكمل الصالة فيعيدها، فقلت له ما هذا؟ فقال: عزبت نيتي في أثنائه!!ا

فألجل ذلك أعدتها.

Page 55: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قلت: فهذه جملة من أحكام الص!الة، وس!!ائر أحكامه!ا ي!أتي بيانه!ا في مواضعها من ه!!ذا الكت!!اب بح!!ول الل!!ه تع!!الى، في!!أتي ذك!!ر الرك!!وع وص!!الة الجماع!!ة والقبل!!ة والمب!!ادرة إلى األوق!!ات، وبعض ص!!الة الخ!!وف في ه!!ذه السورة، ويأتي ذكر قصر الص!!الة وص!الة الخ!!وف، في "النس!اء" واألوق!!ات في "هود وسبحان والروم" وصالة الليل في "المزمل" وس!!جود التالوة في

"األعراف" وسجود الشكر في "ص" كل في موضعه إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "ومما رزقناهم ينفقون" رزقناهم: أعطيناهم، وال!!رزق عن!!د أهل السنة م!!ا ص!!ح االنتف!!اع ب!!ه حالال ك!!ان أو حرام!!ا، خالف!!ا للمعتزل!!ة في قولهم: إن الحرام ليس برزق ألنه ال يصح تملكه، وإن الله ال يرزق الح!!رام

وإنما يرزق الحالل، والرزق ال يكون إال بمعنى الملك. قالوا: فلو نشأ صبي مع اللصوص ولم يأكل شيئا إال ما أطعمه اللصوص

إلى أن بلغ وقوي وصار لصا، ثم لم يزل يتلصص ويأكل ما تلصص!!ه إلى أن مات، فإن الله لم يرزقه شيئا إذ لم يملكه، وإنه يم!!وت ولم يأك!!ل من رزق

الله شيئا. وهذا فاسد، والدليل عليه أن الرزق لو كان بمع!نى التملي!!ك ل!وجب أال

يكون الطفل مرزوقا، وال البهائم التي ترتع في الص!!حراء، وال الس!!خال منالبهائم، ألن لبن أمهاتها ملك لصاحبها دون السخال.

ولما اجتمعت األمة على أن الطفل والسخال والبهائم مرزوق!!ون، وأن الله تعالى يرزقهم مع كونهم غ!!ير م!!الكين علم أن ال!!رزق ه!!و الغ!!ذاء وألن األمة مجمعة على أن العبيد واإلماء مرزوقون، وأن الله تعالى ي!!رزقهم م!!ع كونهم غير مالكين، فعلم أن الرزق ما قلناه ال ما ق!!الوه. وال!!ذي ي!!دل على أنه ال رازق سواه قول الحق: "هل من خالق غير الله يرزقكم من الس!!ماء

[ وق!!ال: "إن الل!!ه ه!!و ال!!رزاق ذو الق!!وة الم!!تين"3واألرض" ]ف!!اطر: [ وقال: "وما من دابة في األرض إال على الله رزقها" ]ه!!ود:58]الذاريات:

[ وهذا قاطع، فالله تعالى رازق حقيقة وابن آدم تجوزا، ألن!!ه يمل!!ك ملك!!ا6 منتزعا كما بيناه في الفاتحة، مرزوق حقيقة كالبهائم ال!!تي ال مل!!ك له!!ا، إال أن الشيء إذا كان مأذونا له في تناوله فهو حالل حكما، وما كان من!!ه غ!!ير

مأذون له في تناوله فهو حرام حكما، وجميع ذلك رزق. وقد خرج بعض النبالء من قوله تعالى: "كلوا من رزق ربكم واشكروا له

[ فقال: ذكر المغفرة يشير إلى أن الرزق15بلدة طيبة ورب غفور" ]سبأ: قد يكون فيه حرام.

@قوله تع!!الى: "ومم!!ا رزقن!!اهم" ال!!رزق مص!!در رزق ي!!رزق رزق!!ا ورزق!!ا، فالرزق بالفتح المصدر، وبالكسر االسم، وجمع!!ه أرزاق، وال!!رزق: العط!!اء. والرازقية: ثياب كتان بيض. وارتزق الجند: أخذوا أرزاقهم. والرزقة: الم!!رةنوءة: الواحدة، هكذا قال أهل اللغة. وقال ابن السكيت: الرزق بلغ!!ة أزدش!! الشكر، وهو قول!!ه ع!!ز وج!!ل: "وتجعل!!ون رزقكم أنكم تك!!ذبون" ]الواقع!!ة:

[ أي شكركم التكذيب. ويقول: رزقني أي شكرني.82 @قوله تعالى: "ينفقون" ينفق!!ون: يخرج!!ون. واإلنف!!اق: إخ!!راج الم!!ال من اليد، ومنه نفق البيع: أي خرج من يد الب!!ائع إلى المش!تري. ونفقت الداب!!ة: خرجت روحها، ومنه النافقاء لجح!!ر ال!!يربوع ال!!ذي يخ!!رج من!!ه إذا أخ!!ذ من جهة أخرى. ومن!!ه المن!!افق، ألن!!ه يخ!!رج من اإليم!!ان أو يخ!!رج اإليم!!ان من قلبه. ونيفق السراويل معروفة وهو مخرج الرجل منها. ونف!!ق ال!!زاد: ف!!نى

Page 56: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وأنفقه صاحبه. وأنفق القوم: فني زادهم، ومنه قوله تعالى: "إذا ألمس!!كتم[.100خشية اإلنفاق" ]اإلسراء:

@ واختلف العلماء في الم!!راد بالنفق!!ة ههن!!ا، فقي!!ل: الزك!!اة المفروض!!ة - روي عن ابن عباس - لمقارنتها الص!!الة. وقي!!ل: نفق!!ة الرج!!ل على أهل!!ه - روي عن ابن مسعود - ألن ذلك أفضل النفقة. روى مسلم عن أبي هري!!رة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )دين!!ار أنفقت!!ه في س!!بيل الل!!ه ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودين!!ار أنفقت!!ه على أهلك أعظمها أجرا ال!!ذي أنفقت!!ه على أهل!!ك(. وروي عن ثوب!!ان ق!!ال ق!!ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أفضل دينار ينفقه الرج!!ل دين!!ار ينفق!!ه على عياله ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الل!!ه ع!!ز وج!!ل ودين!!ار ينفقه على أصحابه في سبيل الله( قال أبو قالبة: وبدأ بالعيال ]ثم[ قال أبو قالب!!ة: وأي رج!!ل أعظم أج!!را من رج!!ل ينف!!ق على عي!!ال ص!!غار يعفهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم. وقيل: الم!!راد ص!!دقة التط!!وع - روي عن الض!!حاك نظرا إلى أن الزكاة ال تأتي إال بلفظها المختص بها وهو الزكاة، فإذا ج!!اءت بلفظ غير الزكاة احتملت الفرض والتطوع، ف!!إذا ج!!اءت بلف!!ظ اإلنف!!اق لم تكن إال التطوع. قال الضحاك: كانت النفقة قربانا يتقربون بها إلى الله جل وع!!ز على ق!!در ج!!دتهم ح!!تى ن!!زلت ف!!رائض الص!!دقات والناس!!خات في "براءة". وقيل: إنه الحقوق الواجبة العارضة في األم!!وال م!!ا ع!!دا الزك!!اة، ألن الله تعالى لما قرنه بالص!!الة ك!!ان فرض!!ا، ولم!!ا ع!!دل عن لفظه!!ا ك!!ان فرضا سواها. وقيل: هو ع!!ام وه!!و الص!!حيح، ألن!!ه خ!!رج مخ!!رج الم!!دح في اإلنف!اق مم!ا رزق!!وا، وذل!ك ال يك!ون إال من الحالل، أي يؤت!ون م!ا أل!!زمهم الشرع من زك!اة وغيره!!ا مم!ا يعن في بعض األح!وال م!ع م!!ا ن!دبهم إلي!ه. وقيل: اإليمان بالغيب حظ القلب. وإقام الصالة حظ البدن. ومما رزقن!!اهم ينفقون حظ المال، وه!!ذا ظ!!اهر. وق!!ال بعض المتق!!دمين في تأوي!!ل قول!!ه تعالى: "ومما رزقناهم ينفقون" أي مما علمناهم يعلم!!ون، حك!!اه أب!!و نص!!ر

عبدالرحيم بن عبدالكريم القشيري. }والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وباآلخرة هم4*اآلية: 3*

يوقنون{ @قوله تعالى: "والذين يؤمنون بما أنزل إلي!!ك" قي!!ل: الم!!راد مؤمن!!و أه!!ل الكتاب، كعبدالله بن سالم وفيه نزلت، ون!!زلت األولى في مؤم!!ني الع!!رب. وقيل: اآليت!!ان جميع!!ا في المؤم!!نين، وعلي!!ه ف!!إعراب "ال!!ذين" خفض على العطف، ويصح أن يكون رفعا على االس!!تئناف أي وهم ال!!ذين. ومن جعله!!ا في ص!!نفين ف!!إعراب "ال!!ذين" رف!!ع باالبت!!داء، وخ!!بره "أولئ!!ك على ه!!دى"

ويحتمل الخفض عطفا.... @قوله تعالى: "بما أنزل إليك" يعني القرآن "وم!!ا أن!!زل من قبل!!ك" يع!!ني الكتب السالفة، بخالف ما فعله اليهود والنصارى حسب ما أخبر الل!!ه عنهم في قوله: "وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله ق!!الوا ن!!ؤمن بم!!ا أن!!زل علين!!ا"

[ اآلية. ويقال: لما نزلت ه!!ذه اآلي!!ة: "ال!!ذين يؤمن!!ون ب!!الغيب"91]البقرة: قالت اليهود والنصارى: نحن آمن!!ا ب!!الغيب، فلم!!ا ق!ال: "ويقيم!!ون الص!!الة"

[ قالوا: نحن نقيم الصالة، فلم!!ا ق!!ال "ومم!!ا رزقن!!اهم ينفق!!ون"3]البقرة: قالوا: نحن ننفق ونتصدق، فلما قال: "والذين يؤمنون بم!!ا أن!!زل إلي!!ك وم!!ا أنزل من قبلك" نفروا من ذلك. وفي ح!!ديث أبي ذر ق!!ال قلت: ي!!ا رس!!ول

Page 57: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الله كم كتابا أنزل الله؟ قال: )مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة وعلى أخنوخ ثالثين صحيفة وعلى إب!راهيم عش!ر ص!حائف وأنزل على موسى قب!!ل الت!!وراة عش!!ر ص!!حائف وأن!!زل الت!!وراة واإلنجي!!ل

والزبور والفرقان(. الحديث أخرجه الحسين اآلجري وأبو حاتم البستي. وهنا مس!ألة: إن ق!!ال قائ!!ل: كي!!ف يمكن اإليم!!ان بجميعه!ا م!ع تن!!افي

أحكامها؟ قيل له فيه جوابان: أح!!دهما - أن اإليم!!ان ب!!أن جميعه!!ا ن!!زل من عند الله، وهو قول من أسقط التعب!!د بم!!ا تق!!دم من الش!!رائع. الث!!اني - أن اإليمان بما لم ينسخ منها، وهذا قول من أوجب التزام الش!!رائع المتقدم!!ة،

على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "وب!!اآلخرة هم يوقن!!ون" أي وب!!البعث والنش!!ر هم ع!!المون. واليقين: العلم دون الشك، يقال منه: يقنت األم!!ر )بالكس!!ر( يقن!!ا، وأيقنت واستيقنت وتيقنت كله بمعنى، وأنا على يقين منه. وإنما ص!!ارت الي!!اء واوا في قولك: موقن، للضمة قبلها، وإذا صغرته رددته إلى األصل فقلت مييقن والتصغير يرد األشياء إلى أصولها وكذلك الجمع. وربم!!ا ع!!بروا ب!!اليقين عن الظن، ومنه قول علمائن!!ا في اليمين اللغ!و: ه!و أن يحل!ف بالل!!ه على أم!!ر

يوقنه ثم يتبين له أنه خالف ذلك فال شيء عليه، قال الشاعر:تحسب هواس وأيقن أنني بها مفتد من واحد ال أغامره

يقول: تشمم األسد ناقتي، يظن أنني مفتد بها منه، وأستحمي نفس!!ي فأتركها له وال أقتحم المهالك بمقاتلته فأم!!ا الظن بمع!!نى اليقين ف!!ورد في التنزيل وهو في الشعر كثير، وسيأتي. واآلخرة مشتقة من الت!!أخر لتأخره!!ا

عنا وتأخرنا عنها، كما أن الدنيا مشتقة من الدنو، على ما يأتي.}أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون{5*اآلية 3*

@قوله تعالى: "أولئك على هدى" ق!!ال النح!!اس أه!!ل نج!!د يقول!!ون: أالك، وبعضهم يقول: أاللك، والك!!اف للخط!!اب. ق!!ال الكس!!ائي: من ق!!ال أولئ!!ك فواحده ذلك، ومن قال أالك فواحدة ذاك، وأاللك مث!!ل أولئ!!ك، وأنش!!د ابن

السكيت:أاللك قومي لم يكونوا أشابة وهل يعظ الضليل إال أاللكا وربما قالوا: أولئك في غير العقالء، قال الشاعر: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك األيام

وقال تعالى: "إن الس!!مع والبص!!ر والف!!ؤاد ك!!ل أولئ!!ك ك!!ان عن!!ه مس!!ؤوال" [ وق!!ال علماؤن!!ا: إن في قول!!ه تع!!الى: "من ربهم" ردا على36]اإلس!!راء:

القدرية في قولهم: يخلقون إيمانهم وه!!داهم، تع!!الى الل!!ه عن ق!!ولهم ول!!و كان كما قالوا لقال: "من أنفسهم"، وقد تق!!دم الكالم في!!ه وفي اله!!دى فال

معنى إلعادة ذلك. @"وأولئ!!ك هم المفلح!!ون" "هم" يج!!وز أن يك!!ون مبت!!دأ ثاني!!ا وخ!!بره "المفلح!!ون"، والث!!اني وخ!!بره خ!!بر األول، ويج!!وز أن تك!!ون "هم" زائ!!دة -

يسميها البصريون فاصلة والكوفيون عمادا - و"المفلحون" خبر "أولئك".والفلح أصله في اللغة الشق والقطع، قال الشاعر:

إن الحديد بالحديد يفلح أي يشق، ومنه فالحة األرضين إنما هو شقها للحرث، قال أبو عبيد. ول!!ذلك!!ار فالح!!ا. ويق!!ال لل!!ذي ش!!قت ش!!فته الس!!فلى أفلح، وه!!و بين س!!مي األك الفلحة، فكأن المفلح قد قطع المصاعب حتى نال مطلوب!!ه. وق!!د يس!!تعمل

Page 58: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

في الفوز والبقاء، وهو أصله أيض!!ا في اللغ!ة، ومن!!ه ق!!ول الرج!ل المرأت!!ه:استفلحي بأمرك، معناه فوزي بأمرك، وقال الشاعر:

لو كان حي مدرك الفالح أدركه مالعب الرماح وقال األضبط بن قريع السعدي في الجاهلية الجهالء:

لكل هم من الهموم سعه والمسي والصبح ال فالح معه يقول: ليس مع كر الليل والنهار بقاء. وقال آخر:

نحل بالدا كلها حل قبلنا ونرجو الفالح بعد عاد وحمير أي البقاء: وقال عبيد:

أفلح بما شئت فقد يدرك بالض! !عف وقد يخدع األريب أي أبق بما شئت من كيس وحمق فقد يرزق األحمق ويح!!رم العاق!!ل.

فمعنى "وأولئك هم المفلحون": أي الفائزون بالجنة والب!!اقون فيه!!ا. وق!!ال ابن أبي إسحاق: المفلحون هم الذين أدركوا م!ا طلب!وا ونج!!وا من ش!ر م!ا منه هربوا، والمعنى واحد. وقد استعمل الفالح في السحور، ومنه الحديث: حتى كاد يفوتنا الفالح مع رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم. قلت: وم!!ا الفالح؟ قال: السحور. أخرجه أبو داود. فكأن معنى الحديث أن السحور به بقاء الصوم فلهذا سماه فالحا. والفالح )بتشديد الالم(: المك!!اري في ق!!ول

القائل: لها رطل تكيل الزيت فيه وفالح يسوق لها حمارا

ثم الفالح في العرف: الظفر بالمطلوب، والنجاة من المرهوب. مسألة: إن قال كيف قرأ حم!!زة: عليهم وإليهم ول!!ديهم، ولم يق!!رأ من

ربهم وال فيهم وال جن!!تيهم؟ ف!!الجواب أن عليهم وإليهم ول!!ديهم الي!!اء في!!ه منقلبة من ألف، واألصل عالهم ولداهم وإالهم ف!!أقرت اله!!اء على ض!!متها، وليس ذلك في فيهم وال من ربهم وال جنتيهم، ووافقه الكسائي في "عليهم

الذلة" و"إليهم اثنين" على ما هو معروف من القراءة عنهما. }إن ال!!ذين كف!!!روا س!!!واء عليهم أأن!!ذرتهم أم لم تن!!ذرهم ال6*اآلي!!ة 3*

يؤمنون{ @قول!!ه تع!!الى: "إن ال!!ذين كف!!روا" لم!!ا ذك!!ر المؤم!!نين وأح!!والهم ذك!!ر الكافرين ومآلهم. والكفر ض!!د اإليم!!ان وه!!و الم!!راد في اآلي!!ة. وق!!د يك!!ون بمعنى جحود النعمة واإلحس!!ان، ومن!ه قول!ه علي!!ه الس!الم في النس!اء في حديث الكسوف: )ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع ورأيت أك!!ثر أهلها النساء( قيل: بم يا رسول الله؟ قال: )بكفرهن(، قيل أيكفرن بالل!!ه؟ قال: )يكفرن العشير ويكفرن اإلحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كل!!ه

ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط( أخرجه البخاري وغيره.وأصل الكفر في كالم العرب: الستر والتغطية، ومنه قول الشاعر:

في ليلة كفر النجوم غمامها أي سترها. ومنه سمي الليل كافرا، ألنه يغطي كل شيء بسواده، قال

الشاعر: فتذكرا ثقال رثيدا بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر

ذكاء )بضم الذال والمد(: اسم للشمس، ومنه قول اآلخر:فوردت قبل انبالج الفجر وابن ذكاء كامن في كفر

أي في ليل. والكافر أيضا: البحر والنهر العظيم. والكافر: ال!!زارع، والجم!!ع [.20كفار، ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "كمث!!ل غيث أعجب الكف!!ار نبات!!ه" ]الحدي!!د:

Page 59: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يعني الزراع ألنهم يغطون الحب. ورماد مكفور: سفت الريح عليه ال!!تراب. والكافر من األرض: ما بعد عن الناس ال يكاد ينزل!!ه وال يم!!ر ب!!ه أح!!د، ومن

حل بتلك المواضع فهم أهل الكفور. ويقال الكفور: القرى. @قوله تعالى: "سواء عليهم" معناه معتدل عندهم اإلنذار وتركه، أي سواء عليهم هذا. وجيء باالستفهام من أجل التسوية، ومثله قوله تعالى: "س!!واء

[. وقال الشاعر:136علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين" ]الشعراء: وليل يقول الناس من ظلماته سواء صحيحات العيون وعورها

@قوله تعالى: "أأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمن!!ون" اإلن!!ذار اإلبالغ واإلعالم، وال يكاد يكون إال في تخويف يتس!!ع زمان!!ه لالح!!تراز، ف!!إن لم يتس!!ع زمان!!ه

لالحتراز كان إشعارا ولم يكن إنذارا، قال الشاعر:أنذرت عمرا وهو في مهل قبل الصباح فقد عصى عمرو وتناذر بنو فالن هذا األمر إذا خوفه بعضهم بعضا واختلف العلماء في تأويل هذه اآلية، فقيل: هي عامة ومعناها الخصوص

فيمن حقت عليه كلمة العذاب، وسبق في علم الله أنه يموت على كف!!ره.

أراد الله تعالى أن يعلم أن في الن!!اس من ه!!ذه حال!!ه دون أن يعين أح!!دا. وقال ابن عباس والكلبي: نزلت في رؤس!!اء اليه!!ود، منهم ح!!يي بن أخطب وكعب بن األشرف ونظراؤهما. وقال الربيع بن أنس: نزلت فيمن قتل يوم بدر من قادة األح!!زاب، واألول أص!!ح، ف!!إن من عين أح!!دا فإنم!!ا مث!!ل بمن

كشف الغيب عنه بموته على الكفر، وذلك داخل في ضمن اآلية. @قوله تعالى "ال يؤمنون" موض!!عه رف!!ع خ!!بر "إن" أي إن ال!!ذين كف!!روا ال يؤمنون. وقيل: خبر "إن" "سواء" وما بع!!ده يق!!وم مق!!ام الص!!لة، قال!!ه ابن كيس!!ان. وق!!ال محم!!د بن يزي!!د: "س!!واء" رف!!ع باالبت!!داء، "أأن!!ذرتهم أم لم تنذرهم" الخبر، والجملة خبر "إن". قال النحاس: أي إنهم تب!!الهوا فلم تغن فيهم النذارة شيئا. واختلف القراء في قراءة "أأنذرتهم" فقرأ أهل المدين!!ة وأبو عمرو واألعمش وعبدالله بن أبي إس!!حاق: "آن!!ذرتهم" بتحقي!!ق األولى وتسهيل الثانية، واختارها الخليل وسيبويه، وهي لغة قريش وسعد بن بك!!ر،

وعليها قول الشاعر: أيا ظبية الوعساء بين جالجل وبين النقا آنت أم أم سالم

هجاء "آنت" ألف واحدة. وقال آخر:تطاللت فاستشرفته فعرفته فقلت له آنت زيد األرانب وروي عن ابن محيصن أنه قرأ: "أنذرتهم أم لم تنذرهم" بهمزة ال ألف

بعدها، فحذف اللتقاء الهمزتين، أو ألن أم ت!!دل على االس!!تفهام، كم!!ا ق!!الالشاعر:

تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضيرك لو تنتظر أراد: أتروح، فاكتفى بأم من األلف. وروي عن ابن أبي إسحاق أنه قرأ:

"أأنذرتهم" فحقق الهمزتين وأدخل بينهم!ا ألف!ا لئال يجم!!ع بينهم!ا. ق!ال أب!!و حاتم: ويجوز أن تدخل بينهما ألفا وتخفف الثانية، وأبو عم!!رو ون!!افع يفعالن ذلك كثيرا. وقرأ حمزة وعاص!!م والكس!!ائي بتحقي!!ق الهم!!زتين: "أأن!!ذرتهم" وهو اختيار أبي عبيد، وذلك بعيد عند الخليل. وقال سيبويه: يشبه في الثقلننوا. ق!!ال األخفش: ويج!!وز تخفي!!ف األولى من الهم!!زتين وذل!!ك رديء، ض!! ألنهم إنما يخففون بعد االستثقال، وبع!!د حص!!ول الواح!!دة. ق!!ال أب!!و ح!!اتم: ويجوز تخفيف الهم!!زتين جميع!!ا. فه!!ذه س!!بعة أوج!!ه من الق!!راءات، ووج!ه

Page 60: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ثامن يجوز في غير القرآن، ألنه مخالف للسواد. قال األخفش سعيد: تب!!دل من الهمزة هاء تقول: هأنذرتهم، كما يقال هياك وإياك، وق!!ال األخفش في

[ إنما هو أاأنتم.66قوله تعالى: "ها أنتم" ]آل عمران: }ختم الله على قلوبهم وعلى س!!معهم وعلى أبص!!ارهم غش!!اوة7*اآلية 3*

ولهم عذاب عظيم {ن س!!بحانه في ه!!ذه اآلي!!ة الم!!انع لهم من @قول!!ه تع!!الى: "ختم الل!!ه" بي اإليمان بقوله: "ختم الله". والختم مصدر ختمت الشيء ختما فه!!و مخت!!وم ومختم، شدد للمبالغة، ومعناه التغطية على الشيء واالستيثاق منه حتى ال يدخله شيء، ومنه: ختم الكتاب والباب وما يشبه ذلك، ح!!تى ال يوص!!ل إلى

ما فيه، وال يوضع فيه غير ما فيه. وقال أهل المعاني: وصف الله تعالى قل!!وب الكف!!ار بعش!!رة أوص!!اف:

ين والم!!وت والقس!!اوة واالنص!!راف بالختم والطبع والض!!يق والم!!رض وال!!ر والحمي!!ة واإلنك!!ار. فق!!ال في اإلنك!!ار: "قل!!وبهم منك!!رة وهم مس!!تكبرون"

[. وق!!ال في الحمي!!ة: "إذ جع!!ل ال!!ذين كف!!روا في قل!!وبهم22]النح!!ل: [ وق!!ال في االنص!!راف: "ثم انص!!رفوا ص!!رف الل!!ه26الحمي!!ة". ]الفتح:

[. وق!!ال في القس!!اوة: "فوي!!ل127قلوبهم بأنهم قوم ال يفقهون" ]التوبة: [. وقال: "ثم قست قل!!وبكم من22للقاسية قلوبهم من ذكر الله" ]الزمر:

[. وق!!ال في الم!!وت: "أو من ك!!ان ميت!!ا فأحيين!!اه"74بعد ذل!!ك" ]البق!!رة: [. وق!!ال: "إنم!!ا يس!!تجيب ال!!ذين يس!!معون والم!!وتى يبعثهم122]األنع!!ام:

[. وقال في ال!!رين: "كال ب!!ل ران على قل!!وبهم م!!ا ك!!انوا36الله" ]األنعام: [. وق!!ال في الم!!رض: "في قل!!وبهم م!!رض".14يكس!!بون". ]المطففين:

[ وق!!ال في الض!!يق: "ومن ي!!رد أن يض!!له يجع!!ل ص!!دره ض!!يقا29]محمد: [. وق!!ال في الطب!!ع: "وطب!!ع على قل!!وبهم فهم ال125حرج!!ا". ]األنع!!ام: [. وق!!ال: "ب!!ل طب!!ع الل!!ه عليه!!ا بكف!!رهم" ]النس!اء:87يفقه!!ون" ]التوب!!ة:

[. وس!!يأتي7[. وق!!ال في الختم: "ختم الل!!ه على قل!!وبهم". ]البق!!رة: 155بيانها كلها في مواضعها إن شاء الله تعالى.

@الختم يكون محسوسا كما بينا، ومعنى كما في ه!!ذه اآلي!!ة. ف!!الختم على القلوب: عدم الوعي عن الحق - س!!بحانه - مفه!!وم مخاطبات!!ه والفك!!ر في آيات!!!ه. وعلى الس!!!مع: ع!!!دم فهمهم للق!!!رآن إذا تلي عليهم أو دع!!!وا إلى وحدانيت!!ه. وعلى األبص!!ار: ع!!دم ه!!دايتها للنظ!!ر في مخلوقات!!ه وعج!!ائب

مصنوعاته، هذا معنى قول ابن عباس وابن مسعود وقتادة وغيرهم. @ في هذه اآلية أدل دليل وأوضح سبيل على أن الله سبحانه خالق الهدى والضالل، والكفر واإليمان، فاعتبروا أيها السامعون، وتعجبوا أيها المفكرون من عقول القدرية القائلين بخلق إيم!!انهم وه!!داهم، ف!!إن الختم ه!!و الطب!!ع فمن أين لهم اإليمان ول!!و جه!!دوا، وق!!د طب!!ع على قل!!وبهم وعلى س!!معهم وجعل على أبصارهم غشاوة، فمتى يهتدون، أو من يهديهم من بعد الله إذا أض!!لهم وأص!!مهم وأعمى أبص!!ارهم "ومن يض!!لل الل!!ه فم!!ا ل!!ه من ه!!اد"

[ وكان فعل الله ذلك عدال فيمن أضله وخذله، إذ لم يمنعه حقا23]الزمر: وجب له فتزول صفة العدل، وإنما منعهم ما كان له أن يتفضل به عليهم ال

ما وجب لهم. فإن قالوا: إن معنى الختم والطبع والغشاوة التس!!ميه والحكم واإلخب!!ار

بأنهم ال يؤمنون، ال الفعل. قلنا: هذا فاس!!د، ألن حقيق!ة الختم والطب!!ع إنم!ا

Page 61: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

هو فعل م!!ا يص!!ير ب!!ه القلب مطبوع!!ا مختوم!!ا، ال يج!!وز أن تك!!ون حقيقت!!ه التسمية والحكم، أال ترى أنه إذا قيل: فالن طبع الكتاب وختمه، كان حقيقة أنه فعل ما صار به الكتاب مطبوعا ومختوما، ال التسمية والحكم. هذا ما ال خالف فيه بين أهل اللغة، وألن األمة مجمعة على أن الله تعالى قد وص!!ف نفس!!ه ب!!الختم والطب!!ع على قل!!وب الك!!افرين مج!!ازاة لكف!!رهم، كم!!ا ق!!ال

[. وأجمعت األم!!ة على155تعالى: "بل طبع الله عليها بكفرهم" ]النس!!اء: أن الطب!!ع والختم على قل!!وبهم من جه!!ة الن!!بي علي!!ه الس!!الم والمالئك!!ة والمؤمنين ممتنع، فلو كان الختم والطبع هو التسمية والحكم لما امتنع من ذل!!ك األنبي!!اء والمؤمن!!ون، ألنهم كلهم يس!!مون الكف!!ار ب!!أنهم مطب!!وع على قلوبهم، وأنهم مختوم عليها وأنهم في ض!!الل ال يؤمن!!ون، ويحكم!!ون عليهم بذلك. فثبت أن الختم والطبع ه!!و مع!!نى غ!!ير التس!!مية والحكم، وإنم!!ا ه!!و معنى يخلقه الله في القلب يمنع من اإليمان به، دليله قوله تعالى: "ك!!ذلك

[. وق!!ال: "وجعلن!!ا12نسلكه في قلوب المجرمين. ال يؤمنون به" ]الحجر: [. أي يفقهوه، وما كان مثله.25على قلوبهم أكنة أن يفقهوه" ]األنعام:

@قول!!ه تع!!الى: "على قل!!وبهم" في!!ه دلي!!ل على فض!!ل القلب على جمي!!ع الجوارح. والقلب لإلنسان وغيره. وخالص كل شيء وأشرفه قلبه، فالقلب موضع الفكر. وهو في األصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلبا إذا رددته على بداءته. وقلبت اإلناء: رددته على وجهه. ثم نقل هذا اللفظ فس!مي ب!ه ه!ذا العضو الذي هو أشرف الحيوان، لسرعة الخواطر إليه، ولترددها عليه، كما

قيل:ما سمي القلب إال من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل ثم لما نقلت العرب هذا المصدر لهذا العضو الشريف التزمت فيه تفخيم

قافه، تفريقا بينه وبين أصله. روى ابن ماجه عن أبي موسى األش!!عري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )مثل القلب مثل ريشة تقلبه!!ا الري!!اح بفالة(. وله!!ذا المع!!نى ك!!ان علي!!ه الص!!الة والس!!الم يق!!ول: )اللهم ي!!ا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك(. فإذا كان الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يقوله مع عظيم قدره وجالل منصبه فنحن أولى بذلك اقتداء به، ق!!ال الل!!ه

[. وسيأتي.24تعالى: "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه" ]األنفال: @ الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب - وإن رئيسها وملكها - بأعمالها لالرتباط الذي بين الظاهر والباطن، قال ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء وإن الرج!!ل ليك!!ذب الكذب!!ة فيسود قلبه(. وروى الترمذي وصححه عن أبي هريرة: )أن الرج!!ل ليص!!يب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه(. قال: وه!!و ال!!رين ال!!ذي ذك!!ره الله في القرآن في قول!!ه: "كال ب!!ل ران على قل!!وبهم م!!ا ك!!انوا يكس!!بون"

[. وقال مجاهد: القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب إص!!بع،14]المطففين: ثم يطبع.

قلت: وفي قول مجاهد هذا، وقوله عليه السالم: )إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كل!!ه أال وهي القلب( دليل على أن الختم يكون حقيقيا، والل!!ه أعلم. وق!!د قي!!ل: إن القلب يش!!به

الصنوبرة، وهو يعضد قول مجاهد، والله أعلم. وقد روى مسلم عن حذيفة قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر اآلخر: حدثنا أن )األمانة نزلت في ج!ذر

Page 62: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلم!!وا من الق!!رآن وعلم!!وا من الس!!نة(. ثم حدثنا عن رفع األمانة ق!!ال: )ين!!ام الرج!ل النوم!!ة فتقبض األمان!!ة من قلب!!ه فيظل أثرها مث!!ل ال!!وكت ثم ين!!ام النوم!!ة فتقبض األمان!!ة من قلب!!ه فيظ!!ل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس في!!ه شيء - ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله فيص!!بح الن!!اس يتب!!ايعون ال يك!!اد أحد يؤدي األمانة حتى يقال إن في بني فالن رجال أمينا ح!!تى يق!!ال للرج!!ل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيم!!ان ولقد أتى علي زمان وما أب!!الي أيكم ب!!ايعت لئن ك!!ان مس!!لما ليردن!!ه علي دينه ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردن!!ه علي س!!اعيه وأم!!ا الي!!وم فم!!ا كنت

ألبايع منكم إال فالنا وفالنا(. ففي قوله: )الوكت( وهو األثر اليسير. ويقال للبسر إذا وقعت فيه نكتة

ت، فهو موكت. وقول!!ه: )المج!!ل(، وه!!و أن يك!!ون بين من اإلرطاب: قد وك الجلد واللحم ماء، وقد فسره النبي صلى الله عليه وس!!لم بقول!!ه: )كجم!!ر دحرجته( أي دورته على رجلك فنفط. )فتراه منتبرا( أي مرتفع!ا - م!ا ي!دل على أن ذلك كله محسوس في القلب يفع!!ل في!!ه، وك!!ذلك الختم والطب!!ع، والله أعلم. وفي حديث حذيفة قال سمعت رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم يقول: )تعرض الفتن على القل!!وب كالحص!!ير ع!!ودا ع!!ودا ف!!أي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت في!!ه نكت!ة بيض!!اء ح!تى يصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فال تضره فتنة ما دامت الس!!مواتيا ال يعرف معروفا وال ينك!!ر منك!!را واألرض واآلخر أسود مرباد كالكوز مجخ

إال ما أشرب من هواه...( وذكر الحديث )مجخيا(: يعني مائال. @ القلب قد يعبر عنه بالفؤاد والصدر، قال الل!!ه تع!!الى: "ك!!ذلك لنثبت ب!!ه

[ يع!!ني1[ وقال: "ألم نشرح لك ص!!درك" ]الش!!رح: 32فؤادك" ]الفرقان: في الموضعين قلبك. وقد يعبر به عن العقل، قال الله تعالى: "إن في ذلك

[ أي عق!!ل، ألن القلب مح!!ل العق!!ل في37لذكرى لمن كان له قلب" ]ق: قول األكثرين. والفؤاد محل القلب، والصدر محل الفؤاد، والله أعلم.

@قوله تعالى: "وعلى سمعهم" استدل بها من فض!!ل الس!!مع على البص!!ر لتقدمه عليه، وقال تع!!الى: "ق!!ل أرأيتم إن أخ!!ذ الل!!ه س!!معكم وأبص!!اركم"

[.9[. وقال: "وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة" ]السجدة: 46]األنعام: قال: والسمع يدرك به من الجهات الست، وفي النور والظلم!!ة، وال ي!!درك بالبص!!ر إال من الجه!!ة المقابل!!ة، وبواس!!طة من ض!!ياء وش!!عاع. وق!!ال أك!!ثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع، ألن السمع ال يدرك به إال األص!!وات والكالم، والبصر يدرك ب!!ه األجس!!ام واألل!!وان والهيئ!!ات كله!!ا. ق!!الوا: فلم!!اكانت تعلقاته أكثر كان أفضل، وأجازوا اإلدراك بالبصر من الجهات الست.

@ إن قال قائل: لم جمع األبصار ووحد السمع؟ قي!ل ل!ه: إنم!ا وح!ده ألن!ه مصدر يقع للقليل والكثير، يقال: سمعت الش!!يء أس!!معه س!!معا وس!!ماعا، فالسمع مصدر سمعت، والسمع أيضا اسم للجارحة المسموع به!!ا س!!ميت بالمصدر. وقيل: إنه لما أضاف السمع إلى الجماع!!ة دل على أن!!ه ي!!راد ب!!ه

أسماع الجماعة، كما قال الشاعر:بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب

إنما يريد جلودها فوحد، ألنه قد علم أنه ال يكون للجماع!!ة جل!!د واح!!د. وقال آخر في مثله:

Page 63: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ال تنكر القتل وقد سبينا في حلقكم عظم وقد شجينا يريد في حلوقكم، ومثله قول اآلخر: كأنه وجه تركيين قد غضبا مستهدف لطعان غير تذبيب

وإنما يريد وجهين، فقال وجه تركيين، ألنه قد علم أنه ال يك!ون لالث!نين وجه واحد، ومثله كثير جدا. وق!!رئ: "وعلى أس!!ماعهم" ويحتم!!ل أن يك!!ون المع!!نى وعلى مواض!!ع س!!معهم، ألن الس!!مع ال يختم وإنم!!ا يختم موض!!ع السمع، فحذف المضاف وأقيم المض!!اف إلي!!ه مقام!!ه. وق!!د يك!!ون الس!!معمعك ح!!ديثي - أي اس!!تماعك إلى ح!!ديثي - بمع!!نى االس!!تماع، يق!!ال: س!!

يعجبني، ومنه قول ذي الرمة يصف ثورا تسمع إلى صوت صائد وكالب: وقد توجس ركزا مقفر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذب

أي ما في استماعه كذب، أي هو صادق االس!!تماع. والن!!دس: الح!!اذق. مع )بكس!!ر الس!!ين وإس!!كان والنبأة: الصوت الخفي، وك!!ذلك الرك!!ز. والس!! الميم(: ذكر اإلنس!!ان بالجمي!!ل، يق!!ال: ذهب س!!معه في الن!!اس أي ذك!!ره. والس!!مع أيض!!ا: ول!!د ال!!ذئب من الض!!بع. والوق!!ف هن!!ا: "وعلى س!!معهم". و"غشاوة" رفع على االبتداء وما قبل!!ه خ!!بر. والض!!مائر في "قل!!وبهم" وم!!ا عطف عليه لمن سبق في علم الله أن!!ه ال ي!!ؤمن من كف!!ار ق!!ريش، وقي!!ل من المنافقين، وقيل من اليهود، وقيل من الجميع، وه!!و أص!!وب، ألن!!ه يعم. فالختم على القلوب واألسماع. والغشاوة على األبصار. والغش!!اء: الغط!!اء.

ومنه غاشية السرج، وغشيت الشيء أغشيه. قال النابغة:هال سألت بنى ذبيان ما حسبي إذا الدخان تغشى األشمط البرما

وقال آخر:صحبتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها

قال ابن كيسان: فإن جمعت غشاوة قلت: غشاء بحذف اله!!اء. وحكى الفراء: غشاوى مثل أداوى. وقرئ: "غشاوة" بالنص!!ب على مع!!نى وجع!!ل،

فيكون من باب قوله:علفتها تبنا وماء باردا

وقول اآلخر: يا ليت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا المعنى وأسقيتها ماء، وحامال رمحا، ألن الرمح ال يتقلد. قال الفارسي:

وال تكاد تجد هذا االستعمال في حال سعة واختيار، فق!!راءة الرف!!ع أحس!!ن، وتكون الواو عاطفة جملة على جملة. ق!!ال: ولم أس!!مع من الغش!!اوة فعال متصرفا بالواو. وقال بعض المفس!!رين: الغش!!اوة على األس!!ماع واألبص!!ار، والوقف على "قلوبهم". وق!!ال آخ!!رون: الختم في الجمي!!ع، والغش!!اوة هي الختم، ف!!الوقف على ه!!ذا على "غش!!اوة". وق!!رأ الحس!!ن "غش!!اوة" بض!!م الغين، وقرأ أبو حيوة بفتحها، وروي عن أبي عمرو: غش!!وة، رده إلى أص!!ل المصدر. قال ابن كيسان: ويجوز غشوة وغش!!وة وأجوده!!ا غش!!اوة، ك!!ذلك تستعمل العرب في كل ما كان مشتمال على الش!!يء، نح!!و عمام!!ة وكنان!!ة

وقالدة وعصابة وغير ذلك. @قول!!ه تع!!الى: "ولهم" أي للك!!افرين المك!!ذبين "ع!!ذاب عظيم" نعت!!ه. والعذاب مثل الضرب بالس!!وط والح!!رق بالن!!ار والقط!!ع بالحدي!!د، إلى غ!!ير ذل!!ك مم!!ا ي!!ؤلم اإلنس!!ان. وفي التنزي!!ل: "وليش!!هد ع!!ذابهما طائف!!ة من

[ وه!!و مش!!تق من الحبس والمن!!ع، يق!!ال في اللغ!!ة:2المؤم!!نين" ]الن!!ور:

Page 64: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أعذب!!ه عن ك!!ذا أي أحبس!!ه وأمنع!!ه، ومن!!ه س!!مي عذوب!!ة الم!!اء، ألنه!!ا ق!!د أعذبت. واستعذب بالحبس في الوع!!اء ليص!!فو ويفارق!!ه م!!ا خالط!!ه، ومن!!ه قول علي رض!!ي الل!!ه عن!!ه: أع!!ذبوا نس!!اءكم عن الخ!!روج، أي احبس!!وهن. وعن!!ه رض!!ي الل!!ه عن!!ه وق!!د ش!!يع س!!رية فق!!ال: أع!!ذبوا عن ذك!!ر النس!!اء ]أنفسكم[ فإن ذلك يكسركم عن الغزو، وكل من منعته شيئا فق!!د أعذبت!!ه، وفي المثل: "أللجمنك لجاما مع!!ذبا" أي مانع!!ا عن رك!!وب الن!!اس. ويق!!ال: أعذب أي امتنع. وأعذب غيره، فهو الزم ومتعد، فسمي الع!!ذاب ع!!ذابا ألن ص!!احبه يحبس ويمن!!ع عن!!ه جمي!!ع م!!ا يالئم الجس!!د من الخ!!ير ويه!ال علي!!ه

أضدادها. }ومن الن!!اس من يق!!ول آمن!!ا بالل!!ه وب!!اليوم اآلخ!!ر وم!!ا هم8*اآلي!!ة 3*

بمؤمنين{ @ روى ابن جريج عن مجاهد قال: نزلت أربع آيات من س!!ورة البق!!رة في المؤمنين، واثنتان في نعت الكافرين، وثالث عش!!رة في المن!!افقين. وروى أسباط عن السدي في قول!!ه: "ومن الن!!اس" ق!!ال: هم المن!!افقون. وق!!ال

علماء الصوفية: الناس اسم جنس، واسم الجنس ال يخاطب به األولياء. @ واختلف النحاة في لفظ الناس، فقي!!ل: ه!!و اس!!م من أس!!ماء الجم!!وع، جمع إنسان وإنسانة، على غير اللفظ، وتصغيره نويس. فالناس من النوس وهو الحركة، يقال: ناس ينوس أي تحرك، ومنه حديث أم زرع: "أن!!اس من حلي أذني". وقيل: أص!!له من نس!!ي، فأص!!ل ن!!اس نس!!ي قلب فص!!ار نيس تحركت الياء فانفتح ما قبلها ف!!انقلبت ألف!!ا، ثم دخلت األل!!ف والالم فقي!!ل: الناس. قال ابن عباس: نس!!ي آدم عه!!د الل!!ه فس!!مي إنس!!انا. وق!!ال علي!!ه السالم: )نسي آدم فنسيت ذريته(. وفي التنزيل: "ولقد عه!دنا إلى آدم من

[ وسيأتي وعلى هذا فالهمزة زائدة، قال الشاعر:115قبل فنسي" ]طه: ال تنسين تلك العهود فإنما سميت إنسانا ألنك ناسي

وقال آخر:فإن نسيت عهودا منك سالفة فاغفر فأول ناس أول الناس

وقيل: سمي إنسانا ألنسه بحواء. وقيل: ألنسه بربه، فالهمزة أص!!لية، ق!!الالشاعر:

وما سمي اإلنسان إال ألنسه وال القلب إال أنه يتقلب @ لما ذكر الله جل وتعالى المؤمنين أوال، وبدأ بهم لشرفهم وفضلهم، ذكر الك!!افرين في مق!!ابلتهم، إذ الكف!!ر واإليم!!ان طرف!!ان. ثم ذك!!ر المن!!افقين بعدهم وألحقهم بالكافرين قبلهم، لنفي اإليمان عنهم بقوله الحق: "وما همامية حيث قالوا: إن اإليمان قول باللسان بمؤمنين". ففي هذا رد على الكر وإن لم يعتق!!د ب!!القلب، واحتج!!وا بقول!!ه تع!!الى: "فأث!!ابهم الل!!ه بم!!ا ق!!الوا"

[. ولم يقل: بما قالوا وأضمروا، وبقوله عليه الس!!الم: )أم!!رت85]المائدة: أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال الله فإذا قالوها عصموا م!!ني دم!!ائهم وأموالهم(. وه!!ذا منهم قص!!ور وجم!!ود، وت!!رك نظ!!ر لم!!ا نط!!ق ب!!ه الق!!رآن والسنة من العمل مع القول واالعتقاد، وق!!د ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!ه وس!لم: )اإليم!ان معرف!ة ب!القلب وق!ول باللس!ان وعم!ل باألرك!ان(. أخرجه ابن ماجة في س!!ننه. فم!!ا ذهب إلي!!ه محم!!د بن ك!!رام السجس!!تانيوأصحابه هو النفاق وعين الشقاق، ونعوذ بالله من الخذالن وسوء االعتقاد.

Page 65: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ ق!!ال علماؤن!!ا رحم!!ة الل!!ه عليهم: الم!!ؤمن ض!!ربان: م!!ؤمن يحب!!ه الل!!ه ويواليه، ومؤمن ال يحبه الله وال يواليه، ب!!ل يبغض!!ه ويعادي!!ه، فك!!ل من علم الله أنه يوافي باإليمان، فالله محب له، موال له، راض عنه. وك!!ل من علم الله أنه يوافي بالكفر، فالل!!ه مبغض ل!!ه، س!!اخط علي!!ه، مع!!اد ل!!ه، ال ألج!!ل إيمانه، ولكن لكفره وضالله الذي يوافي به. والكافر ضربان: ك!!افر يع!!اقب ال محالة، وكافر ال يعاقب. فال!!ذي يع!!اقب ه!!و ال!!ذي ي!!وافي ب!!الكفر، فالل!!ه ساخط عليه معاد له. وال!!ذي ال يع!!اقب ه!!و الم!!وافي باإليم!!ان، فالل!!ه غ!!ير ساخط على هذا وال مبغض له، بل محب ل!!ه م!!وال، ال لكف!!ره لكن إليمان!!ه

الموافي به. فال يجوز أن يطلق القول وهي: - @ بأن المؤمن يستحق الثواب، والكافر يستحق العق!اب، ب!ل يجب تقيي!ده بالموافاة، وألجل هذا قلنا: إن الل!!ه راض عن عم!!ر في ال!!وقت ال!!ذي ك!!ان يعبد األصنام، ومريد لثوابه ودخول!!ه الجن!!ة، ال لعبادت!!ه الص!!نم، لكن إليمان!!ه الموافي به. وإن الله تع!!الى س!!اخط على إبليس في ح!ال عبادت!!ه، لكف!ره

الموافي به. وخالفت القدرية في هذا وقالت: إن الله لم يكن س!!اخطا على إبليس

وقت عبادته، وال راضيا عن عمر وقت عبادته للصنم. وهذا فاسد، لم!!ا ثبت أن الله سبحانه عالم بما يوافي به إبليس لعنه الل!!ه، وبم!!ا ي!!وافي ب!!ه عم!!ر رضي الله عنه فيما لم يزل، فثبت أنه كان ساخطا على إبليس محبا لعمر. ويدل عليه إجماع األمة على أن الل!!ه س!!بحانه وتع!الى غ!!ير محب لمن علم أنه من أهل النار، بل هو س!اخط علي!!ه، وأن!ه محب لمن علم أن!ه من أه!ل الجن!!ة، وق!!د ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )وإنم!!ا األعم!!ال بالخواتيم( ولهذا قال علماء الصوفية: ليس اإليمان ما يتزين به العب!!د ق!!وال وفعال، لكن اإليم!!ان ج!!ري الس!!عادة في س!!وابق األزل، وأم!!ا ظه!!وره على

الهياكل فربما يكون عاريا، وربما يكون حقيقة. قلت: هذا كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبدالله بن مسعود قال

حدثنا رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وه!!و الص!!ادق المص!!دوق: )إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علق!!ة مث!!ل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذل!!ك ثم يرس!!ل الل!!ه المل!!ك فينفخ في!!ه ال!!روح وي!!ؤمر ب!!أربع كلم!!ات يكتب رزق!!ه وأجل!!ه وعمل!!ه وش!!قي أو س!!عيد فوالذي ال إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ح!!تى م!!ا يك!!ون بين!!ه وبينها إال ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعم!!ل بعم!!ل أه!!ل الن!!ار في!!دخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ح!!تى م!!ا يك!!ون بين!!ه وبينه!!ا إال ذراع فيس!!بق

عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها(. فإن قيل وهي: - @ فقد خرج اإلمام الحافظ أب!!و محم!!د عب!!دالغني بن س!!عيد المص!!ري من حديث محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، وهو محم!!د بن أبي قيس، عن سليمان بن موسى وه!!و األش!!دق، عن مجاه!!د بن ج!!بر عن ابن عباس أخبرنا أبو رزين العقيلي قال قال لي رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )ألشربن أنا وأنت يا أب!ا رزين من لبن لم يتغ!ير طعم!!ه( ق!ال قلت: كيف يحيي الله الموتى؟ قال: )أما مررت بأرض لك مجدب!!ة ثم م!!ررت به!ا مخص!!بة ثم م!!ررت به!!ا مجدب!!ة ثم م!!ررت به!!ا مخص!!بة( قلت: بلى. ق!!ال: )كذلك النشور( قال قلت: كيف لي أن أعلم أني مؤمن؟ ق!!ال: )ليس أح!!د من هذه األمة - قال ابن أبي قيس: أو قال من أم!!تي - عم!!ل حس!!نة وعلم

Page 66: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أنها حسنة وأن الله جازيه بها خيرا أو عمل سيئة وعلم أنها س!يئة وأن الل!!هجازيه بها شرا أو يغفرها إال مؤمن(.

قلت: وهذا الحديث وإن كان سنده ليس بالقوي فإن معناه صحيح وليس بمعارض لحديث ابن مسعود، ف!!إن ذل!!ك موق!!وف على الخاتم!!ة، كم!!ا ق!!ال عليه السالم: )وإنما األعمال بالخواتيم(. وهذا إنما يدل على أنه م!!ؤمن في

الحال، والله أعلم. @ قال علماء اللغة: إنما سمي المن!!افق منافق!!ا إلظه!!اره غ!!ير م!!ا يض!!مر، تشبيها باليربوع، له جحر يقال له: النافقاء، وآخر يقال له: القاصعاء. وذل!!ك أنه يخرق األرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهر األرض أرق التراب، فإذا رابه ريب دفع ذلك التراب برأسه فخرج، فظاهر جحره تراب، وباطن!!ه حف!!ر. وك!!ذلك

المنافق ظاهره إيمان، وباطنه كفر، وقد تقدم هذا المعنى. }يخ!!ادعون الل!!ه وال!!ذين آمن!!وا وم!!ا يخ!!دعون إال أنفس!!هم وم!!ا9*اآلي!!ة 3*

يشعرون{ @قال علماؤنا: معنى "يخ!!ادعون الل!!ه" أي يخادعون!!ه عن!!د أنفس!!هم وعلى ظنهم. وقيل: قال ذل!!ك لعملهم عم!!ل المخ!!ادع. وقي!!ل: في الكالم ح!!ذف، تقديره: يخادعون رسول الله صلى الله عليه وس!!لم، عن الحس!!ن وغ!!يره. وجعل خداعهم لرسوله خداعا له، ألنه دعاهم برسالته، وك!!ذلك إذا خ!!ادعوا المؤمنين فقد خادعوا الله. ومخادعتهم: ما أظه!!روه من اإليم!!ان خالف م!!ا أبطن!!وه من الكف!!ر، ليحقن!!وا دم!!اءهم وأم!!والهم، ويظن!!ون أنهم ق!!د نج!!وا وخدعوا، قاله جماعة من المتأولين. وق!!ال أه!!ل اللغ!!ة: أص!!ل المخ!!دع في

كالم العرب الفساد، حكاه ثعلب عن ابن األعرابي. وأنشد:أبيض اللون لذيذ طعمه طيب الريق إذا الريق خدع قلت: ف! "يخادعون الله" على هذا، أي يفسدون إيمانهم وأعمالهم فيما

بينهم وبين الله تعالى بالرياء. وكذا جاء مفسر عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه [ وقيل:142وسلم على ما يأتي. وفي التنزيل: "يراؤون الناس". ]النساء:

أصله اإلخفاء، ومنه مخدع البيت الذي يحرز فيه الشيء، حك!!اه ابن ف!!ارسوغيره. وتقول العرب: أنخدع الضب في جحره.

@قوله تعالى: "وما يخدعون إال أنفسهم" نفي وإيجاب، أي ما تح!!ل عاقب!!ة الخدع إال بهم. ومن كالمهم: من خدع من ال يخدع فإنما يخدع نفسه. وه!!ذا صحيح، ألن الخداع إنما يكون م!!ع من ال يع!!رف الب!!واطن، وأم!!ا من ع!!رف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنم!!ا يخ!!دع نفس!ه. ودل ه!!ذا على أن المنافقين لم يعرفوا الله إذ لو عرفوه لعرفوا أنه ال يخ!!دع، وق!!د تق!!دم من قوله عليه السالم أنه قال: )ال تخادع الله فإنه من يخادع الل!!ه يخدع!!ه الل!!ه ونفسه يخدع لو يشعر( ق!!الوا: ي!!ا رس!!ول الل!!ه، وكي!!ف يخ!!ادع الل!!ه؟ ق!!ال: )تعمل بما أمرك الله به وتطلب به غ!!يره(. وس!!يأتي بي!!ان الخ!!دع من الل!!ه

[. وق!!رأ15تعالى كيف هو عند قوله تعالى: "الل!!ه يس!!تهزئ بهم" ]البق!!رة: نافع وابن كثير وأبو عمرو: "يخادعون" في الموضعين، ليتجانس اللفظ!!ان. وقرأ عاصم وحم!زة والكس!ائي وابن ع!امر: "يخ!!دعون" الث!اني. والمص!درق العجلي: خ!!دع )بكس!!ر الخ!!اء( وخديع!!ة، حكى ذل!!ك أب!!و زي!!د. وق!!رأ م!!ور "يخدعون الله" )بضم الياء وفتح الخاء وتشديد ال!!دال( على التكث!!ير. وق!!رأ أبو طالوت عبدالسالم بن شداد والجارود بض!!م الي!!اء وإس!!كان الخ!!اء وفتح

Page 67: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الدال، على معنى وما يخدعون إال عن أنفسهم، فح!!ذف ح!!رف الج!!ر، كم!!ا[ أي من قومه.155قال تعالى: "واختار موسى قومه" ]األعراف:

@قوله تعالى: "وما يشعرون" أي يفطنون أن وب!!ال خ!!دعهم راج!!ع عليهم، فيظنون أنهم قد نجوا بخدعهم وفازوا، وإنما ذل!!ك في ال!!دنيا، وفي اآلخ!!رة

[ على م!!ا ي!!أتي.13يقال لهم: "ارجعوا وراءكم فالتمس!!وا ن!!ورا" ]الحدي!!د: قال أهل اللغة: شعرت بالشيء أي فطنت له، ومنه الشاعر لفطنت!!ه، ألن!!ه يفطن لما ال يفطن له غيره من غريب المعاني. ومنه قولهم: ليت ش!!عري،

أي ليتني علمت. }في قلوبهم مرض فزادهم الل!!ه مرض!!ا ولهم ع!!ذاب أليم بم!!ا10*اآلية 3*

كانوا يكذبون{ @قوله تعالى: "في قلوبهم مرض" ابتداء وخبر. والمرض عب!!ارة مس!!تعارة للفساد الذي في عقائدهم. وذل!!ك إم!!ا أن يك!!ون ش!!كا ونفاق!!ا، وإم!!ا جح!!دا وتكذيبا. والمعنى: قلوبهم مرضى لخلوها عن العص!!مة والتوفي!!ق والرعاي!!ة والتأييد. قال ابن فارس اللغوي: المرض كل ما خ!!رج ب!!ه اإلنس!!ان عن ح!!د الصحة من عل!!ة أو نف!!اق أو تقص!!ير في أم!!ر. والق!!راء مجمع!!ون على فتح

الراء من "مرض" إال ما روى األصمعي عن أبي عمرو أنه سكن الراء. @قوله تعالى: "فزادهم الله مرضا" قيل: ه!!و دع!!اء عليهم. ويك!!ون مع!!نى الكالم: زادهم الل!!ه ش!!كا ونفاق!!ا ج!!زاء على كف!!رهم وض!!عفا عن االنتص!!ار

وعجزا عن القدرة، كما قال الشاعر:يا مرسل الريح جنوبا وصبا إذ غضبت زيد فزدها غضبا

أي ال تهدها على االنتصار فيما غضبت من!!ه. وعلى ه!!ذا يك!!ون في اآلي!!ة دليل على جواز الدعاء على المنافقين والطرد لهم، ألنهم ش!!ر خل!!ق الل!!ه. وقيل: هو إخبار من الله تعالى عن زيادة مرضهم، أي ف!!زادهم الل!!ه مرض!!ا إلى مرض!!هم، كم!!ا ق!!ال في آي!!ة أخ!!رى: "ف!!زادتهم رجس!!ا إلى رجس!!هم"

[. وقال أرب!!اب المع!!اني: "في قل!!وبهم م!!رض" أي بس!!كونهم125]التوبة: إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن اآلخرة وإعراضهم عنها. وقوله: "فزادهم الله مرضا" أي وكلهم إلى أنفسهم، وجمع عليهم هموم الدنيا فلم يتفرغ!!وا من ذلك إلى اهتمام بالدين. "ولهم عذاب أليم" بما يفنى عم!!ا يبقى. وق!!ال الجنيد: عل!!ل القل!وب من اتب!!اع اله!وى، كم!!ا أن عل!!ل الج!وارح من م!!رض

البدن. @قوله تعالى: "ولهم عذاب أليم" )أليم( في كالم الع!!رب معن!!اه م!!ؤلم أي

موجع، مثل السميع بمعنى المسمع، قال ذو الرمة يصف إبال:ونرفع من صدور شمردالت يصك وجوهها وهج أليم

وآلم إذا أوج!!ع. واإليالم: اإليج!!اع. واأللم: الوج!!ع، وق!!د ألم ي!!ألم ألم!!ا. والت!!ألم: التوج!!ع. ويجم!!ع أليم على ألم!!اء مث!!ل ك!!ريم وكرم!!اء، وآالم مث!!ل

أشراف. @قوله تعالى: "بما كانوا يكذبون" ما مصدرية، أي بتكذيبهم الرسل وردهم على الله جل وعز وتكذيبهم بآيات!!ه، قال!!ه أب!!و ح!!اتم. وق!!رأ عاص!!م وحم!!زة

والكسائي بالتخفيف، ومعناه بكذبهم وقولهم آمنا وليسوا بمؤمنين.النبي صلى الله عليه وسلم عن العلماء في إمساك مسألة: واختلف

قتل المنافقين مع علمه بنفاقهم على أربعة أقوال:

Page 68: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

القول األول: قال بعض العلماء: إنما لم يقتلهم ألنه لم يعلم حالهم أحد سواه. وقد اتفق العلماء على بكرة أبيهم على أن القاضي ال يقت!!ل بعلم!!ه،!!ل وإنما اختلفوا في سائر األحكام. قال ابن العربي: وه!!ذا منتقض، فق!!د قت بالمج!!ذر بن زي!!اد الح!!ارث بن س!!ويد بن الص!!امت، ألن المج!!ذر قت!!ل أب!!اه سويدا يوم بعاث، فأسلم الحارث وأغفله يوم أحد فقتله، فأخبر ب!!ه جبري!!ل النبي صلى الله عليه وسلم فقتله به، ألن قتله كان غيلة، وقتل الغيل!!ة ح!!د

من حدود الله. قلت: وهذه غفلة من هذا اإلمام، ألنه إن ثبت اإلجماع الم!!ذكور فليس

بمنتقض بما ذكر، ألن اإلجماع ال ينعقد وال يثبت إال بع!!د م!!وت الن!!بي ص!!لى الله عليه وسلم وانقطاع ال!!وحي، وعلى ه!!ذا فتك!!ون تل!!ك قض!!ية في عين

بوحي، فال يحتج بها أو منسوخة باإلجماع. والله أعلم. القول الثاني: قال أصحاب الشافعي: إنما لم يقتلهم ألن الزنديق وه!!و

الذي يسر الكفر ويظهر اإليمان يستتاب وال يقتل. ق!!ال ابن الع!!ربي: وه!!ذا وهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يس!!تتبهم وال نق!!ل ذل!!ك أح!!د، وال يقول أحد إن استتابة الزنديق واجبة وقد كان النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم معرضا عنهم علمه بهم. فهذا المتأخر من أصحاب الشافعي الذي ق!!ال: إن

استتابة الزنديق جائزة قال قوال لم يصح ألحد. القول الثالث: إنما لم يقتلهم مصلحة لتأليف القلوب عليه لئال تنفر عنه،

وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله لعمر: )معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي( أخرجه البخاري ومسلم. وقد كان يعطي للمؤلفة قلوبهم مع علم!!ه بس!!وء اعتق!!ادهم تألف!!ا، وه!!ذا ه!!و ق!!ول علمائن!!ا وغيرهم. قال ابن عطية. وهي طريقة أصحاب مال!!ك رحم!!ه الل!!ه في ك!!ف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المن!!افقين، نص على ه!ذا محم!د بن الجهم والقاضي إسماعيل واألبهري وابن الماجشون، واحتج بقول!!ه تع!!الى:

[ إلى60"لئن لم ينت!!ه المن!افقون وال!ذين في قل!!وبهم م!!رض" ]األح!زاب: [. ق!!ال قت!!ادة: معن!!اه إذا هم أعلن!!وا61قول!!ه: "وقتل!!وا تق!!تيال" ]األح!!زاب:

النفاق. قال مالك رحمه الله: النفاق في عهد رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ه!!و الزندق!!ة فين!!ا الي!!وم، فيقت!!ل الزن!!ديق إذا ش!!هد علي!!ه به!!ا دون استتابة، وهو أحد قولي الشافعي. قال مالك: وإنما كف رسول الل!!ه ص!!لى الله عليه وسلم عن المنافقين ليبين ألمته أن الحاكم ال يحكم بعلم!ه، إذ لم يشهد على المنافقين. قال القاضي إس!!ماعيل: لم يش!!هد على عبدالل!!ه بن أبي إال زيد بن أرقم وح!!ده، وال على الجالس بن س!!ويد إال عم!!ير بن س!!عد ربيبه، ولو شهد على أحد منهم رجالن بكفره ونفاقه لقتل. وقال الش!!افعي رحمه الله محتجا للق!ول اآلخ!ر: الس!!نة فيمن ش!!هد علي!!ه بالزندق!!ة فجح!د وأعلن باإليمان وتبرأ من ك!ل دين س!وى اإلس!!الم أن ذل!ك يمن!ع من إراق!ة دمه. وبه ق!!ال أص!!حاب ال!!رأي وأحم!!د والط!!بري وغ!!يرهم. ق!!ال الش!!افعي وأصحابه. وإنما منع رسول الله صلى الله عليه وس!!لم من قت!!ل المن!!افقين ما كانوا يظهرونه من اإلسالم مع العلم بنفاقهم، ألن ما يظهرون!!ه يجب م!!ا قبله. وقال الط!!بري: جع!!ل الل!!ه تع!!الى األحك!!ام بين عب!!اده على الظ!!اهر، وت!!ولى الحكم في س!!رائرهم دون أح!!د من خلق!!ه، فليس ألح!!د أن يحكم بخالف ما ظهر، ألنه حكم بالظنون، ولو كان ذلك ألحد كان أولى الناس ب!!ه رسول الله صلى الله عليه وس!!لم، وق!!د حكم للمن!!افقين بحكم المس!!لمين

Page 69: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بما أظهروا، ووكل سرائرهم إلى الله. وقد كذب الل!!ه ظ!!اهرهم في قول!!ه: [ ق!!ال ابن عطي!!ة:1"والل!!ه يش!!هد إن المن!!افقين لك!!اذبون" ]المن!!افقون:

ينفصل المالكيون عما لزموه من هذه اآلية بأنه!!ا لم تعين أشخاص!!هم فيه!!ا وإنما جاء فيها توبيخ لكل مغموص عليه بالنفاق، وبقي لكل واح!!د منهم أن

يقول: لم أرد بها وما أنا إال مؤمن، ولو عين أحد لما جب كذبه شيئا. قلت: هذا االنفصال فيه نظر، فإن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ك!!ان

يعلمهم أو كثيرا منهم بأس!!مائهم وأعي!!انهم ب!!إعالم الل!!ه تع!!الى إي!!اه، وك!!ان حذيفة يعلم ذلك بإخبار النبي عليه السالم إياه حتى ك!!ان عم!!ر رض!!ي الل!!ه

عنه يقول له: يا حذيفة هل أنا منهم؟ فيقول له: ال. القول الرابع: وهو أن الله تعالى كان قد حفظ أصحاب نبيه عليه السالم

بكونه ثبتهم أن يفسدهم المنافقون أو يفس!!دوا دينهم فلم يكن في تبقيتهم ض!!رر، وليس ك!!ذلك الي!!وم، ألن!!ا ال ن!!أمن من الزنادق!!ة أن يفس!!دوا عامتن!!ا

وجهالنا. }وإذا قي!!!!ل لهم ال تفس!!!!دوا في األرض ق!!!!الوا إنم!!!!ا نحن11*اآلي!!!!ة 3*

مصلحون{ @قوله: "إذا" في موضع نصب على الظرف والعام!!ل فيه!!ا "ق!!الوا"، وهي تؤذن بوقوع الفعل المنتظ!!ر. ق!!ال الج!!وهري: "إذا" اس!!م ي!!دل على زم!!ان مستقبل، ولم تستعمل إال مضافة إلى جملة، تقول: أجيئك إذا أحمر البسر، وإذا قدم فالن. والذي يدل على أنها اسم وقوعها موق!!ع قول!!ك: آتي!!ك ي!!وم يقدم فالن، فهي ظرف وفيها معنى المجازاة. وجزاء الشرط ثالث!!ة: الفع!!ل والفاء وإذا، فالفعل قولك: إن تأتني آتك. والفاء: إن تأتني فأنا أحسن إليك. وإذا كقوله تعالى: "وإن تصبهم سيئة بم!!ا ق!!دمت أي!!ديهم إذا هم يقنط!!ون"

[. ومم!!ا ج!!اء من المج!!ازاة ب!!إذا في الش!!عر ق!!ول قيس بن36]ال!!روم: الخطيم:

إذا قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فنضارب فعطف "فنضارب" بالجزم على "كان" ألنه مجزوم، ولو لم يكن مجزوما

لقال: فنضارب، بالنصب. وقد تزاد على "إذا" "ما" تأكيدا، فيجزم بها أيضا،ومنه قول الفرزدق:

فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم وكان إذا ما يسلل السيف يضرب قال سيبويه: والجيد ما قال كعب بن زهير: وإذا ما تشاء تبعث منها مغرب الشمس ناشطا مذعورا

يعني أن الجيد أال يجزم بإذا، كما لم يجزم في ه!!ذا ال!!بيت. وحكي عن المبرد أنها في قولك في المفاجأة: خرجت ف!!إذا زي!!د، ظ!!رف مك!!ان، ألنه!!ا تضمنت جث!!ة. وه!!ذا م!!ردود، ألن المع!!نى خ!!رجت ف!!إذا حض!!ور زي!!د، فإنم!!ا تضمنت المصدر كما يقتضيه سائر ظ!!روف الزم!!ان، ومن!!ه ق!!ولهم: "الي!!وم

خمر وغدا أمر" فمعناه وجود خمر ووقوع أمر. @قول!!ه: "قي!!ل" من الق!!ول وأص!!له ق!!ول، نقلت كس!!رة ال!!واو إلى الق!!اف فانقلبت الواو ياء. ويج!!وز: "قي!!ل لهم" بإدغ!!ام الالم في الالم وج!!از الجم!!ع بين ساكنين، ألن الياء حرف مد ولين. ق!!ال األخفش: ويج!!وز "قي!!ل" بض!!م القاف والياء. وقال الكسائي: ويجوز إشمام القاف الضم ليدل على أنه لما لم يسم فاعله، وهي لغة قيس وك!!ذلك جيء وغيض وحي!!ل وس!!يق وس!!يء وسيئت. وكذلك روى هشام عن ابن عباس، وروي عن يعقوب. وأشم منه!!ا

Page 70: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

نافع سيء وسيئت خاصة. وزاد ابن ذكوان: حيل وسيق، وكسر الباقون في الجميع. فأما هذيل وبنود دبير من أسد وبني فقعس فيقولون: "قول" ب!!واو

ساكنة. @قوله: "ال تفسدوا" )ال( نهي. والفساد ضد الصالح، وحقيقت!!ه الع!!دول عن االستقامة إلى ضدها. فس!!د الش!!يء فس!!ادا وفس!!ودا وه!!و فاس!!د وفس!!يد. والمع!!نى في اآلي!!ة: ال تفس!!دوا في األرض ب!!الكفر وم!!واالة أهل!!ه، وتفري!!ق الناس عن اإليمان بمحمد صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم والق!!ران. وقي!!ل: ك!!انت األرض قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم فيها الفساد، ويفعل فيه!!ا بالمعاصي، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ارتف!!ع الفس!!اد وص!!لحت األرض. فإذا عملوا بالمعاصي فق!!د أفس!!دوا في األرض بع!!د إص!!الحها، كم!!ا

[.56قال في آية أخرى: "وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها" ]األعراف: @قوله: "في األرض" األرض مؤنثة، وهي اسم جنس، وكان ح!!ق الواح!!دة منها أن يقال أرضة، ولكنهم لم يقولوا. والجمع أرضات، ألنهم ق!!د يجمع!!ون المؤنث الذي ليست في!!ه ه!!اء الت!!أنيث بالت!!اء كق!!ولهم: عرس!!ات. ثم ق!!الوا أرضون فجمعوا بالواو والنون، والمؤنث ال يجمع بالواو والنون إال أن يك!!ون منقوصا كثبة وظب!!ة، ولهم جعل!!وا ال!!واو والن!!ون عوض!!ا من ح!!ذفهم األل!!ف والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها، وربما سكنت. وقد تجم!!ع على أروض. وزعم أب!!و الخط!!اب أنهم يقول!!ون: أرض وآراض، كم!!ا ق!!الوا: أه!!ل وآه!!ال. واألراضي أيضا على غير قياس، كأنهم جمع!!وا آرض!!ا. وك!!ل م!!ا س!!فل فه!!و أرض. وأرض أريضة، أي زكية بينة األراضة. وق!!د أرض!!ت بالض!!م، أي زكت. قال أبو عمرو: نزلنا أرض!!ا أريض!!ة، أي معجب!!ة للعين، ويق!!ال: ال أرض ل!!ك،

كما يقال: ال أم لك. واألرض: أسفل قوائم الدابة، قال حميد يصف فرسا:ولم يقلب أرضها البيطار وال لحبليه بها حبار

أي أثر واألرض: النفضة والرعدة. روى حماد بن س!!لمة عن قت!!ادة عن عبدالله بن الحارث قال: زلزلت األرض بالبصرة، فق!!ال ابن عب!!اس: والل!!ه م!!ا أدري أزل!!زلت األرض أم بي أرض؟ أي أم بي رع!!دة، وق!!ال ذو الرم!!ة

يصف صائدا:إذا توجس ركزا من سنابكها أو كان صاحب أرض أو به الموم واألرض: الزكام. وقد آرضه الله إيراضا، أي أزكمه فهو مأروض. وفسيل

مس!تأرض، وودي!!ة مستأرض!ة )بكس!ر ال!راء( وه!!و أن يك!!ون ل!!ه ع!رق في األرض، فأما إذا نبت على ج!!ذع النخ!!ل فه!!و ال!!راكب. واإلراض )بالكس!!ر(: بساط ضخم من صوف أو وبر. ورجل أريض، أي متواضع خليق للخير. قال األص!!معي يق!!ال: ه!!و آرض!!هم أن يفع!!ل ذل!!ك، أي أخلقهم. وش!!يء ع!!ريض

أريض إتباع له، وبعضهم يفرده ويقول: جدي أريض أي سمين. @قوله: "نحن" أصل "نحن" نحن قلبت حركة الح!!اء على الن!!ون وأس!!كنت الحاء، قاله هشام بن معاوية النحوي. وقال الزج!!اج: "نحن" لجماع!!ة، ومن عالمة الجماعة الواو، والض!!مة من جنس ال!!واو، فلم!!ا اض!!طروا إلى حرك!!ة "نحن" اللتقاء الساكنين حركوها بما يكون للجماعة. ق!!ال: له!!ذا ض!!موا واو

[16الجمع في قوله عز وج!!ل: "أولئ!!ك ال!!ذين اش!!تروا الض!!اللة" ]البق!!رة: وقال محمد بن يزيد: "نحن" مثل قبل وبعد، ألنها متعلقة باإلخبار عن اثنين وأكثر، ف! "أن!ا" للواح!د "نحن" للتثني!!ة والجم!ع، وق!د يخ!!بر ب!ه المتكلم عن نفسه في قوله: نحن قمنا، قال الله تعالى: "نحن قسمنا بينهم معيش!!تهم"

Page 71: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ والمؤنث في هذا إذا كانت متكلم!!ة بمنزل!!ة الم!!ذكر، تق!!ول32]الزخرف: المرأة: قمت وذهبت، وقمنا وذهبنا، وأنا فعلت ذاك، ونحن فعلنا. ه!!ذا كالم

العرب فاعلم. @قوله تعالى: "مصلحون" اسم فاعل من أص!!لح. والص!!الح: ض!!د الفس!!اد. وصلح الش!!يء )بض!!م الالم وفتحه!!ا( لغت!!ان، ق!!ال ابن الس!!كيت. والص!!لوح

)بضم الصاد( مصدر صلح )بضم الالم(، قال الشاعر:فكيف بإطراقي إذا ما شتمتني وما بعد شتم الوالدين صلوح

وصالح من أسماء مكة. والصلح )بكسر الصاد(: نهر. وإنما قالوا ذلك على ظنهم، ألن إفسادهم عندهم إصالح، أي أن مماألتنا

للكفار إنما نريد بها اإلصالح بينهم وبين المؤمنين. قال ابن عباس وغيره.}أال إنهم هم المفسدون ولكن ال يشعرون{12*اآلية: 3*

@قوله عز وجل: "أال إنهم هم المفسدون" ردا عليهم وتكذيبا لقولهم. قال أرباب المعاني: من أظهر الدعوى كذب، أال ترى أن الله عز وجل يقول: أال إنهم هم المفسدون وهذا صحيح. وكسرت "إن" ألنها مبتدأة، قال النحاس. وقال علي بن سليمان. يجوز فتحها، كما أجاز س!!يبويه: حق!!ا أن!!ك منطل!!ق، بمعنى أال. و"هم" يجوز أن يكون مبتدأ و"المفسدون" خبره والمبتدأ وخبره خبر "إن". ويجوز أن تكون "هم" توكيدا للهاء والميم في "إنهم". ويجوز أن تك!!ون فاص!!لة - والكوفي!!ون يقول!!ون عم!!ادا - و"المفس!!دون" خ!!بر "إن"، والتقدير أال إنهم المفسدون، كما تقدم في قوله: "وأولئ!!ك هم المفلح!!ون"

[.5]لقمان: @قوله تعالى: "ولكن ال يشعرون" قال ابن كيس!!ان يق!ال: م!!ا على من لم يعلم أنه مفسد من الذم، إنما يذم إذا علم أنه مفس!!د ثم أفس!!د على علم، قال: ففيه جوابان: أح!!دهما - أنهم ك!!انوا يعمل!!ون الفس!!اد س!!را ويظه!!رون الصالح وهم ال يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي صلى الله عليه وس!!لم. والوجه اآلخر: أن يكون فسادهم عن!!دهم ص!!الحا وهم ال يش!!عرون أن ذل!!ك فساد، وقد عص!!وا الل!!ه ورس!!وله في ت!!ركهم تب!!يين الح!!ق واتباع!!ه "ولكن" حرف تأكيد واستدراك وال بد فيه من نفي وإثبات، إن ك!!ان قبل!!ه نفي ك!!ان بعده إيجاب، وإن كان قبله إيجاب كان بعده نفي. وال يجوز االقتص!!ار بع!!ده على اسم واحد إذا تقدم اإليجاب، ولكنك تذكر جملة مضادة لما قبله!!ا كم!!ا في هذه اآلية، وقولك: جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ، وال يجوز جاءني زيد لكن عمرو ثم تس!!كت، ألنهم ق!!د اس!تغنوا بب!!ل في مث!!ل ه!ذا الموض!ع عن

لكن، وإنما يجوز ذلك إذا تقدم النفي كقولك: ما جاءني زيد لكن عمرو. }وإذا قيل لهم آمنوا كم!!ا آمن الن!!اس ق!!الوا أن!!ؤمن كم!!ا آمن13*اآلية: 3*

السفهاء أال إنهم هم السفهاء ولكن ال يعلمون{ @قوله تعالى: "وإذا قي!!ل لهم" يع!!ني المن!!افقين في ق!!ول مقات!!ل وغ!!يره. "آمنوا كما آمن الناس" أي صدقوا بمحمد صلى الله عليه وس!!لم وش!!رعه، كما صدق المهاجرون والمحققون من أهل يثرب. وألف "آمنوا" ألف قطع، ألنك تقول: يؤمن، والكاف في موضع نص!!ب، ألنه!ا نعت لمص!!در مح!!ذوف،

أي إيمانا كإيمان الناس. @قوله تعالى: "قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أال إنهم هم الس!!فهاء" يع!!ني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، عن ابن عب!!اس. وعن!!ه أيض!!ا: مؤمن!!و أه!!ل الكت!!اب. وه!!ذا الق!!ول من المن!!افقين إنم!!ا ك!!انوا يقولون!!ه في خف!!اء

Page 72: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

واستهزاء ف!!أطلع الل!!ه نبي!!ه والمؤم!!نين على ذل!!ك، وق!!رر أن الس!!فه ورقة الحلوم وفس!!اد البص!!ائر إنم!!ا هي في ح!!يزهم وص!!فة لهم، وأخ!!بر أنهم هم السفهاء ولكن ال يعلمون للرين الذي على قل!!وبهم. وروى الكل!!بي عن أبي صالح عن ابن عباس أنها نزلت في شأن اليه!!ود، أي وإذا قي!!ل لهم - يع!!ني اليهود - آمنوا كما آمن الناس: عبدالله بن سالم وأصحابه، قالوا أنؤمن كم!!افه في كالم الع!!رب: آمن الس!!فهاء! يع!!ني الجه!!ال والخرق!!اء. وأص!!ل الس!! الخفة والرقة، يقال: ثوب سفيه إذا كان رديء النسج خفيفه، أو ك!!ان بالي!!ا

رقيقا. وتسفهت الريح الشجر: مالت به، قال ذو الرمة:مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم وتسفهت الشيء: استحقرته. والسفه: ضد الحلم. ويقال: إن السفه أن

يكثر الرجل شرب الماء فال يروى. ويجوز في همزتي السفهاء أربعة أوجه، أجوده!!ا أن تحق!!ق األولى وتقلب الثاني!!ة واوا خالص!!ة، وهي ق!!راءة أه!!ل المدين!!ة والمع!!روف من ق!!راءة أبي عم!!رو. وإن ش!!ئت خففتهم!!ا جميع!!ا فجعلت األولى بين الهمزة وال!!واو وجعلت الثاني!!ة واوا خالص!!ة. وإن ش!!ئت

خففت األولى وحققت الثانية. وإن شئت حققتهما جميعا. @قوله تع!!الى: "ولكن ال يعلم!!ون" مث!!ل "ولكن ال يش!!عرون"، وق!!د تق!!دم. والعلم معرفة المعلوم على ما هو به، تق!!ول: علمت الش!!يء أعلم!!ه علم!!ا عرفت!!ه، وع!!المت الرج!!ل فعلمت!!ه أعلم!!ه )بالض!!م في المس!!تقبل(. غلبت!!ه

بالعلم. }وإذا لقوا الذين آمنوا ق!!الوا آمن!!ا وإذا خل!!وا إلى ش!!ياطينهم14* اآلية: 3*

قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون{ @قوله تعالى: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا" أنزلت هذه اآلي!!ة في ذك!!ر المنافقين. أصل لقوا: لقيوا، نقلت الضمة إلى القاف وحذفت الي!اء اللتق!اء الساكنين. وقرأ محمد بن السميقع اليماني: "القوا ال!!ذين آمن!!وا". واألص!!ل القيوا، تحركت الياء وقبلها فتحة انقلبت ألفا، اجتمع س!!اكنان األل!!ف وال!!واو

فحذفت األلف اللتقاء الساكنين ثم حركت الواو بالضم. وإن قي!!ل: لم ض!!مت ال!!واو في الق!!وا في اإلدراج وح!!ذفت من لق!!وا؟

فالجواب: أن قبل الواو التي في لقوا ضمة فلو حركت ال!!واو بالض!!م لثق!!لعلى اللسان النطق بها فحذفت لثقلها، وحركت في القوا ألن قبلها فتحة.

@قول!!ه تع!!الى: "وإذا خل!!وا إلى ش!!ياطينهم ق!!الوا إن!!ا معكم" إن قي!!ل: لم وصلت "خل!وا" ب!! "إلى" وعرفه!ا أن توص!ل بالب!!اء؟ قي!ل ل!ه: "خل!وا" هن!!ا

بمعنى ذهبوا وانصرفوا، ومنه قول الفرزدق:كيف تراني قالبا مجني أضرب أمري ظهره لبطن

قد قتل الله زيادا عني لما أنزل منزلة صرف. وقال قوم: "إلى" بمعنى مع، وفيه ضعف. وقال

قوم: "إلى" بمعنى الباء، وهذا يأباه الخلي!!ل وس!!يبويه. وقي!!ل: المع!!نى وإذا خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم، ف!!! "إلى" على بابه!ا. والش!!ياطين جم!ع ش!!!يطان على التكس!!!ير، وق!!!د تق!!!دم الق!!!ول في اش!!!تقاقه ومعن!!!اه في االستعاذة. واختلف المفسرون في المراد بالشياطين هنا، فقال ابن عباس والسدي: هم رؤساء الكفر. وقال الكلبي: هم ش!!ياطين الجن. وق!!ال جم!!ع من المفسرين: هم الكهان. ولفظ الشيطنة الذي معناه البع!!د عن اإليم!!ان

والخير يعم جميع من ذكر. والله أعلم.

Page 73: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "إنما نحن مستهزئون" أي مكذبون بما ن!!دعى إلي!!ه. وقي!!ل:ساخرون. والهزء: السخرية واللعب، يقال: هزئ به واستهزأ، قال الراجز:

قد هزئت مني أم طيسلة قالت أراه معدما ال مال له وقيل: أصل االستهزاء: االنتقام، كما قال اآلخر: قد استهزؤوا منهم بألفي مدجج سراتهم وسط الصحاصح جثم : }الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون{15* األية 3*

@قوله تعالى: "الله يس!!تهزئ بهم" أي ينتقم منهم ويع!!اقبهم، ويس!!خر بهم ويجازيهم على استهزائهم، فسمى العقوبة باسم الذنب. هذا قول الجمهور من العلماء، والعرب تستعمل ذلك كثيرا في كالمهم، من ذلك ق!!ول عم!!رو

بن كلثوم: أال ال يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا فسمى انتصاره جهال، والجهل ال يفتخر به ذو عق!!ل، وإنم!!ا ق!!ال ل!!يزدوج

الكالم فيكون أخف على اللس!!ان من المخالف!!ة بينهم!!ا. وك!!انت الع!!رب إذا وضعوا لفظا بإزاء لفظ جوابا له وجزاء ذكروه بمثل لفظه وإن كان مخالف!!ا له في معناه، وعلى ذلك جاء القرآن والسنة. وقال الله عز وج!ل: "وج!زاء

[. وق!!ال: "فمن اعت!!دى عليكم فاعت!!دوا40سيئة س!!يئة مثله!!ا" ]الش!!ورى: [ والج!!زاء ال يك!!ون س!!يئة.194علي!!ه بمث!!ل م!!ا اعت!!دى عليكم" ]البق!!رة:

والقصاص ال يكون اعتداء، ألنه حق وجب، ومثله: "ومكروا ومكر الله" ]آل-!! 15[. و"إنهم يكي!!دون كي!!دا، وأكي!!د كي!!دا" ]الط!!ارق: 54عم!!ران: 16.]

و"إنما نحن مستهزئون، الله يستهزئ بهم" وليس منه سبحانه مكر وال هزء إنما هو جزاء لمكرهم واستهزائهم وجزاء كي!!دهم، وك!!ذلك "يخ!!ادعون الل!!ه

[. "فيسخرون منهم سخر الله منهم" ]التوب!!ة:142وهو خادعهم" ]النساء: [. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله ال يم!!ل ح!تى تمل!!وا79

وال يسأم حتى تسأموا(. قيل: حتى بمعنى الواو أي وتمل!!وا. وقي!!ل المع!!نى وأنتم تملون. وقيل: المع!!نى ال يقط!!ع عنكم ث!!واب أعم!!الكم ح!!تى تقطع!!وا العمل. وقال قوم: إن الله تعالى يفعل بهم أفعاال هي في تأمل البشر هزء وخدع ومكر، حسب ما روى: )إن النار تجم!!د كم!!ا تجم!!د اإلهال!!ة فيمش!!ون عليها ويظنونها منجاة فتخسف بهم(. وروى الكل!!بي عن أبي ص!الح عن ابن عباس في قوله تعالى: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا أمن!!ا "هم من!!افقو أه!!ل الكتاب، فذكرهم وذك!!ر اس!!تهزاءهم، وأنهم إذا خل!!وا إلى ش!!ياطينهم يع!!ني رؤساءهم في الكفر - على ما تقدم قالوا: إنا معكم على دينكم "إنم!!ا نحن مستهزئون" بأصحاب محمد صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم. "الل!!ه يس!!تهزئ بهم" في اآلخرة، يفتح لهم باب جهنم من الجنة، ثم يق!!ال لهم: تع!!الوا، فيقبل!!ون يسبحون في الن!ار، والمؤمن!ون على األرائ!ك - وهي الس!رر - في الحج!!ال ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب س!!د عنهم، فيض!!حك المؤمن!!ون منهم، فذلك قول الل!!ه ع!!ز وج!!ل: "الل!!ه يس!!تهزئ بهم" أي في اآلخ!رة، ويض!!حك المؤمن!!ون منهم حين غلقت دونهم األب!!واب، ف!!ذلك قول!!ه تع!!الى: "ف!!اليوم

-34الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على األرائك ينظرون" ]المطففين: [.36[ إلى أهل النار "هل ثوب الكف!ار م!ا ك!انوا يفعل!!ون" ]المطففين: 35

وقال قوم: الخداع من الله واالستهزاء هو استدراجهم بدرور النعم الدنيوية عليهم، فالله سبحانه وتعالى يظه!!ر لهم من اإلحس!!ان في ال!!دنيا خالف م!!ا يغيب عنهم، ويستر عنهم من عذاب اآلخرة، فيظنون أن!!ه راض عنهم، وه!!و

Page 74: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

تعالى قد حتم عذابهم، فهذا على تأمل البشر كأنه استهزاء ومك!!ر وخ!!داع، ودل على هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم: )إذا رأيتم الله عز وج!!ل يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه اس!!تدراج(. ثم نزع بهذه اآلية: "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ح!!تى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم ال!!ذين

-! 44ظلموا والحمد لله رب العالمين" ]األنعام: [. وقال بعض العلم!اء45 [182في قول!!ه تع!!الى: "سنس!!تدرجهم من حيث ال يعلم!!ون": ]األع!!راف:

كلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم نعمة. @قوله تعالى: "ويم!!دهم" أي يطي!!ل لهم الم!!دة ويمهلهم ويملي لهم، كم!!ا

[ وأصله الزيادة. قال178قال: "إنما نملي لهم ليزدادوا إثما" ]آل عمران: يونس بن حبيب: يقال مد لهم في الشر، وأمد في الخير، قال الل!!ه تع!الى:

[. وقال: "وأمددناهم بفاكه!!ة ولحم6"وأمددناكم بأموال وبنين". ]اإلسراء: [. وحكي عن األخفش: م!!ددت ل!!ه إذا تركت!!ه،22مم!!ا يش!!تهون" ]الط!!ور:

وأمددته إذا أعطيته. وعن الفراء واللحياني: مددت، فيما ك!!انت زيادت!!ه من مثله، يقال: مد النهر النهر، وفي التنزي!!ل: "والبح!!ر يم!!ده من بع!!ده س!!بعة

[. وأمددت، فيما كانت زيادته من غيره، كقولك: أم!!ددت27أبحر" ]لقمان: الجيش بم!!دد، ومن!!ه: "يم!!ددكم ربكم بخمس!!ة آالف من المالئك!!ة". ]آل

[. وأمد الجرح، ألن المدة من غيره، أي صارت فيه مدة.125عمران: @قوله تعالى: "في طغيانهم" كفرهم وض!!اللهم. وأص!!ل الطغي!!ان مج!!اوزة

[ أي ارتف!!ع وعال11الحد، ومنه قوله تعالى: "إنا لما طغى الماء" ]الحاق!!ة: وتجاوز المقدار الذي قدرته الخزان. وقوله في فرعون: "إنه طغى" ]ط!!ه:

[.24[ أي أسرف في الدعوى حيث قال: "أنا ربكم األعلى" ]النازعات: 24 والمعنى في اآلية: يمدهم بطول العمر حتى يزيدوا في الطغي!!ان فيزي!!دهم

في عذابهم. @قوله تعالى: "يعمهون" يعمون. وقال مجاهد: أي ي!!ترددون متح!!يرين في الكفر. وحكى أهل اللغة: عمه الرجل يعمه عموها وعمها فهو عم!!ه وعام!!ه إذا حار، ويقال رجل عامه وعمه: ح!!ائر م!!تردد، وجمع!!ه عم!!ه. وذهبت إبل!!ه العمهى إذا لم يدر أين ذهبت. والعمى في العين، والعم!!ه في القلب، وفي التنزي!!ل: "فإنه!!ا ال تعمى األبص!!ار ولكن تعمى القل!!وب ال!!تي في الص!!دور"

[46]الحج: }أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما16*اآلية: 3*

كانوا مهتدين{ @قوله تعالى: "أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى" قال س!!يبويه: ض!!مت الواو في "اشتروا" فرقا بينها وبين الواو األصلية، نح!!و: "وأن ل!!و اس!!تقاموا

[. وقال ابن كيسان: الضمة في الواو أخ!!ف من16على الطريقة". ]الجن: غيرها ألنها من جنسها. وقال الزجاج: حركت بالضم كم!!ا فع!!ل في "نحن". وق!!رأ ابن أبي إس!!حاق ويح!!يى بن يعم!!ر بكس!!ر ال!!واو على أص!!ل التق!!اء الساكنين. وروى أبو زيد األنصاري عن قعنب أبي السمال العدوي أن!!ه ق!!رأ بفتح الواو لخفة الفتحة وإن كان م!!ا قبله!!ا مفتوح!!ا. وأج!!از الكس!!ائي هم!!ز الواو وضمها كأدؤر. واشتروا: من الشراء. والشراء هنا مس!!تعار. والمع!!نى اس!!تحبوا الكف!!ر على اإليم!!ان، كم!!ا ق!!ال: "فاس!!تحبوا العمى على اله!!دى"

[ فعبر عنه بالشراء، ألن الشراء إنما يكون فيما يحبه مشتريه.17]فصلت:

Page 75: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فأما أن يكون معنى شراء المعاوضة فال، ألن المنافقين لم يكونوا مؤم!!نين فيبيعون إيمانهم. وقال ابن عباس: أخ!!ذوا الض!!اللة وترك!وا اله!دى. ومعن!!اه استبدلوا واختاروا الكفر على اإليمان. وإنما أخرجه بلف!!ظ الش!!راء توس!!عا، ألن الشراء والتجارة راجعان إلى االستبدال، والعرب تستعمل ذلك في كل

من استبدل شيئا بشيء. قال أبو ذؤيب:فإن تزعميني كنت أجهل فيكم فإني شريت الحلم بعدك بالجهل وأصل الضاللة: الحيرة. ويسمى النسيان ضاللة لما فيه من الحيرة، قال

[ أي الناس!!ين.20له جل وع!!ز: "فعلته!!ا إذا وأن!!ا من الض!!الين" ]الش!!عراء: ويسمى الهالك ضاللة، كما قال ع!!ز وج!!ل: "وق!!الوا أإذا ض!!للنا في األرض"

[.10]السجدة: @قوله تعالى: "فما ربحت تجارتهم" أسند تع!!الى ال!!ربح إلى التج!!ارة على عادة العرب في قولهم: ربح بيعك، وخسرت صفقتك، وق!ولهم: لي!ل ق!ائم، ونهار صائم، والمعنى: ربحت وخسرت في بيعك، وقمت في ليلك وص!!مت

في نهارك، أي فما ربحوا في تجارتهم. وقال الشاعر:نهارك هائم وليلك نائم كذلك في الدنيا تعيش البهائم

ابن كيسان: ويجوز تجارة وتجائر، وضاللة وضالئل. @قوله تعالى: "وما كانوا مهتدين" في اشترائهم الضاللة. وقيل: في سابق

علم الله. واالهتداء ضد الضالل، وقد تقدم. }مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت م!!ا حول!!ه ذهب17*اآلية: 3*

الله بنورهم وتركهم في ظلمات ال يبصرون{ @قول!!ه تع!!الى: "مثلهم كمث!!ل ال!!ذي اس!!توقد ن!!ارا" فمثلهم رف!!ع باالبت!!داء

والخبر في الكاف، فهي اسم، كما هي في قول األعشى:أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل

وقول امرئ القيس:ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا تصوب فيه العين طورا وترتقي

أراد مثل الطعن، وبمث!!ل ابن الم!اء. ويج!وز أن يك!ون الخ!!بر مح!ذوفا، تق!!ديره مثلهم مس!!تقر كمث!!ل، فالك!!اف على ه!!ذا ح!!رف. والمث!!ل والمث!!ل والمثيل واحد ومعن!!اه الش!!بيه. والمتم!!اثالن: المتش!!ابهان، هك!!ذا ق!!ال أه!!ل

اللغة. قوله "الذي" يقع للواحد والجمع. قال ابن الشجري هبة الل!!ه بن علي:

ومن العرب من يأتي بالجمع بلفظ الواحد، كما قال:وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد وقيل في قول الله تع!الى "وال!ذي ج!اء بالص!!دق وص!دق ب!ه أولئ!!ك هم

[: إنه بهذه اللغة، وكذلك قوله: "مثلهم كمث!!ل ال!!ذي"33المتقون" ]الزمر: قيل: المعنى كمث!!ل ال!!ذين اس!!توقدوا، ول!!ذلك ق!!ال: "ذهب الل!!ه بن!!ورهم"، فحم!!ل أول الكالم على الواح!!د، وآخ!!ره على الجم!!ع. فأم!!ا قول!!ه تع!!الى:

[ ف!!إن ال!!ذي ههن!!ا وص!!ف لمص!!در69"وخض!!تم كال!!ذي خاض!!وا" ]التوب!!ة: محذوف تقديره وخضتم كالخوض الذي خاض!!وا. وقي!!ل: إنم!!ا وح!!د "ال!!ذي" و"استوقد" ألن المستوقد كان واح!!دا من جماع!!ة ت!!ولي اإليق!!اد لهم، فلم!!ا ذهب الضوء رجع عليهم جميعا فقال "بنورهم". واستوقد بمعنى أوقد، مثل استجاب بمعنى أجاب، فالسين والتاء زائ!!دتان، قال!!ه األخفش، ومن!!ه ق!!ول

الشاعر:

Page 76: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وداع دعا يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب أي يجبه. واختلف النحاة في جواب لم!!ا، وفي ع!!ود الض!!مير من "ن!!ورهم"، فقيل: جواب لما مح!!ذوف وه!!و طفئت، والض!!مير في "ن!!ورهم" على ه!!ذا للمن!!افقين، واإلخب!!ار به!!ذا عن ح!!ال تك!!ون في اآلخ!!رة، كم!!ا ق!!ال تع!!الى:

[. وقي!!ل: جواب!!ه "ذهب"،13"فض!!رب بينهم بس!!ور ل!!ه ب!!اب" ]الحدي!!د: والض!!مير في "ن!!ورهم" عائ!!د على "ال!!ذي"، وعلى ه!!ذا الق!!ول يتم تمثي!!ل المنافق بالمستوقد، ألن بقاء المستوقد في ظلمات ال يبصر كبقاء المنافق في حيرته وتردده. والمعنى المراد باآلية ضرب مث!!ل للمن!!افقين، وذل!!ك أن ما يظهرونه من اإليمان الذي تثبت لهم ب!!ه أحك!!ام المس!!لمين من المن!!اكح والتوارث والغنائم واألمن على أنفسهم وأوالدهم وأموالهم بمثابة من أوق!!د نارا في ليلة مظلمة فاستضاء بها ورأى ما ينبغي أن يتقيه وأمن من!!ه، ف!!إذا طفئت عنه أو ذهبت وصل إليه األذى وبقي متحيرا، فكذلك المن!!افقون لم!!ا آمنوا اغتروا بكلمة اإلس!!الم، ثم يص!!يرون بع!!د الم!!وت إلى الع!!ذاب األليم - كما أخبر التنزيل: "إن المن!!افقين في ال!!درك األس!!فل من الن!!ار" ]النس!!اء:

[ - وي!!ذهب ن!!ورهم، وله!!ذا يقول!!ون: "انظرون!!ا نقتبس من ن!!وركم"145 [. وقي!ل: إن إقب!ال المن!افقين إلى المس!لمين وكالمهم معهم13]الحدي!د:

كالنار، وانصرافهم عن مودتهم وارتكاسهم عندهم كذهابها. وقيل غير هذا. قوله: "نارا" النار مؤنثة وهي من النور وه!!و أيض!!ا اإلش!!راق. وهي من

ال!واو، ألن!!ك تق!!ول في التص!!غير: ن!!ويرة، وفي الجم!!ع ن!!ور وأن!!وار ون!!يران،انقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها.

@قوله تعالى: "فلما أضاءت ما حوله" ضاءت وأضاءت لغتان، يق!!ال: ض!!اء القمر يضوء ض!!وءا وأض!!اء يض!!يء، يك!!ون الزم!!ا ومتع!!ديا. وق!!رأ محم!!د بن

السميقع: ضاءت بغير ألف، والعامة باأللف، قال الشاعر:أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

"ما" زائدة مؤكدة. وقيل: مفعولة بأضاءت. و"حوله" ظرف مك!!ان، واله!!اء في موضع خفض بإض!!افته إليه!!ا. "ذهب" وأذهب لغت!!ان من ال!!ذهاب، وه!!و زوال الش!!يء. "وت!!ركهم" أي أبق!!اهم. "في ظلم!!ات" جم!!ع ظلم!!ة. وق!!رأ األعمش: "ظلمات" بإسكان الالم على األصل. ومن قرأها بالض!!م فللف!!رق بين االس!!!م والنعت. وق!!!رأ أش!!!هب العقيلي: "ظلم!!!ات" بفتح الالم. ق!!!ال البصريون: أبدل من الضمة فتحة ألنه!ا أخ!ف. وق!ال الكس!!ائي: "ظلم!ات" جمع الجمع، جم!!ع ظلم." ال يبص!!رون" فع!!ل. مس!!تقبل في موض!!ع الح!!ال،

كأنه قال: غير مبصرين، فال يجوز الوقف على هذا على "ظلمات". }صم بكم عمي فهم ال يرجعون{18* اآلية: 3*

( أي هم صم، فهو خبر ابتداء مضمر. @قوله تعالى: "صم بكم عمي" )صم وفي قراءة عبدالله بن مسعود وحفصة: ص!!ما بكم!!ا عمي!!ا، فيج!!وز النص!!ب

[، وكم!!ا61على الذم، كما قال تعالى: "ملع!!ونين أينم!!ا ثقف!!وا" ]األح!!زاب: [، وكما قال الشاعر: 4قال: "وامرأته حمالة الحطب" ]المسد:

سقوني الخمر ثم تكنفوني عداة الله من كذب وزور فنص!!ب "ع!!داة الل!!ه" على ال!!ذم. ف!!الوقف على "يبص!!رون" على ه!!ذا

المذهب ص!!واب حس!!ن. ويج!!وز أن ينص!!ب ص!!ما ب!!! "ت!!ركهم"، كأن!!ه ق!!ال: وت!!ركهم ص!!ما بكم!!ا عمي!!ا، فعلى ه!!ذا الم!!ذهب ال يحس!!ن الوق!!ف على "يبصرون". والصمم في كالم العرب: االنس!!داد، يق!!ال: قن!!اة ص!!ماء إذا لم

Page 77: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

تكن مجوفة. وصممت القارورة إذا س!!ددتها. فاألص!!م: من انس!!دت خ!!روق مسامعه. واألبكم: الذي ال ينطق وال يفهم، فإذا فهم فه!!و األخ!!رس. وقي!!ل: األخرس واألبكم واحد. ويق!!ال: رج!!ل أبكم وبكيم، أي أخ!!رس بين الخ!!رس

والبكم، قال: فليت لساني كان نصفين منهما بكيم ونصف عند مجرى الكواكب

والعمى: ذهاب البص!!ر، وق!!د عمي فه!!و أعمى، وق!!وم عمي، وأعم!!اه الل!!ه. وتعامى الرجل: أرى ذل!!ك من نفس!!ه. وعمي علي!!ه األم!!ر إذا التبس، ومن!!ه

[. وليس الغ!رض66قوله تعالى: "فعميت عليهم األنباء يومئ!!ذ" ]القص!!ص: مما ذكرناه نفي اإلدراكات عن حواسهم جملة، وإنما الغرض نفيها من جهة

ما، تقول: فالن أصم عن الخنا. ولقد أحسن الشاعر حيث قال: أصم عما ساءه سميع وقال آخر: وعوراء الكالم صممت عنها ولو أني أشاء بها سميع وقال الدارمي: أعمى إذا ما جارتي خرجت حتى يواري جارتي الجدر وقال بعضهم في وصاته لرجل يكثر الدخول على الملوك: أدخل إذا ما دخلت أعمى واخرج إذا ما خرجت أخرس وقال قتادة: "صم" عن استماع الحق، "بكم" عن التكلم به، "عمي" عن

اإلبصار له. قلت: وهذا المعنى هو المراد في وصف النبي صلى الل!!ه علي!ه وس!لم

والة آخر الزمان في حديث جبريل )وإذا رأيت الحف!!اة الع!!راة الص!!م البكمملوك األرض فذاك من أشراطها(. والله أعلم.

@قول!!ه تع!!الى: "فهم ال يرجع!!ون" أي إلى الح!!ق لس!!ابق علم الل!!ه تع!!الى فيهم. يقال: رجع بنفسه رجوعا، ورجعه غيره، وهذيل تقول: أرجع!!ه غ!!يره.

[ أي يتالوم!!ون31وقوله تع!!الى: "يرج!!ع بعض!!هم إلى بعض الق!!ول" ]س!!بأ: فيما بينهم، حسب ما بينه التنزيل في سورة "سبأ".

}أو كصيب من الس!!ماء في!!ه ظلم!!ات ورع!!د وب!!رق يجعل!!ون19*اآلية: 3*أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين{

@قوله تعالى: "أو كصيب من السماء" ق!!ال الط!!بري: "أو" بمع!!نى ال!!واو،وقاله الفراء.

وأنشد:وقد زعمت ليلى بأني فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجورها وقال آخر: نال الخالفة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر

أي وكانت. وقيل: "أو" للتخيير أي مثل!!وهم به!!ذا أو به!!ذا، ال على االقتص!!ار على أحد األمرين، والمعنى أو كأصحاب صيب. والصيب: المطر. واشتقاقه

من صاب يصوب إذا نزل، قال علقمة:فال تعدلي بيني وبين مغمر سقتك روايا المزن حيث تصوب وأصله: صيوب، اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت

ال!!واو ي!!اء وأدغمت، كم!!ا فعل!!وا في ميت وس!!يد وهين ولين. وق!!ال بعض الكوفيين: أصله صويب على مثال فعيل. قال النحاس: "لو كان كم!!ا ق!!الوا

Page 78: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

لما جاز إدغامه، كما ال يجوز إدغام طويل. وجم!!ع ص!!يب ص!!يايب. والتق!!ديرفي العربية: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا أو كمثل صيب".

@قوله تع!الى: "من الس!ماء" الس!ماء ت!ذكر وت!ؤنث، وتجم!ع على أس!ميةمي وسموات وسمي، على فعول، قال العجاج: تلفه الرياح والس

والس!!ماء: ك!!ل م!!ا عالك فأظل!!ك، ومن!!ه قي!!ل لس!!قف ال!!بيت: س!!ماء. والسماء: المطر، سمي به لنزوله من السماء. قال حسان بن ثابت:

ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء وقال آخر:

إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا ويسمى الطين والكأل أيضا سماء، يقال: ما زلنا نطأ الس!ماء ح!تى أتين!اكم.

يريدون الكأل والطين. ويقال لظهر الفرس أيضا سماء لعلوه، قال:وأحمر كالديباج أما سماؤه فريا وأما أرضه فمحول

والسماء: ما عال. واألرض: ما سفل، على ما تقدم. @قوله تعالى: "فيه ظلمات" ابتداء وخبر. "ورع!!د وب!!رق" معط!!وف علي!!ه. وقال: ظلمات بالجمع إشارة إلى ظلمة الليل وظلم!!ة ال!!دجن، وه!!و الغيم، ومن حيث تتراكب وتتزايد جمعت. وقد مضى ما فيه من اللغات فال مع!!نى

لإلعادة، وكذا كل ما تقدم إن شاء الله تعالى. واختلف العلماء في الرعد، ففي الترمذي عن ابن عباس قال: س!!ألت

اليهود النبي ص!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم عن الرع!!د م!!ا ه!!و؟ ق!!ال: )مل!!ك من المالئكة موكل بالسحاب معه مخ!!اريق من ن!!ار يس!!وق به!!ا الس!!حاب حيث شاء الله(. فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: )زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر الله( قالوا: صدقت. الحديث بطوله. وعلى هذا التفسير أكثر العلم!!اء. فالرع!!د: اس!!م الص!!وت المس!!موع، وقال!!ه علي

رضي الله عنه، وهو المعلوم في لغة العرب، وقد قال لبيد في جاهليته: عني الرعد والصواعق بال فارس يوم الكريهة النجد فج

وروي عن ابن عباس أنه قال: الرعد ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الص!!وت. واختلف!وا في ال!برق، ف!!روي عن علي وابن مس!عود وابن عب!!اس

رضوان الله عليهم: البرق مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب. قلت: وهو الظاهر من حديث الترمذي. وعن ابن عباس أيضا هو سوط

من نور بيد الملك يزجر به السحاب. وعنه أيضا البرق ملك يتراءى. وقالت الفالسفة: الرعد صوت اصطكاك أجرام الس!!حاب. وال!!برق م!!ا

ينقدح من اصطكاكها. وه!!ذا م!!ردود ال يص!!ح ب!!ه نق!!ل، والل!!ه أعلم. ويق!!ال: أصل الرعد من الحركة، ومن!!ه الرعدي!!د للجب!!ان. وارتع!!د: اض!!طرب، ومن!!ه الحديث: )فجيء بهما ترعد فرائصهما( الح!!ديث. أخرج!ه أب!!و داود. وال!!برق أصله من البريق والضوء، ومنه البراق: دابة ركبها رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وسلم ليل!!ة أس!!ري ب!!ه وركبه!!ا األنبي!!اء عليهم الس!!الم قبل!!ه. ورع!!دت السماء من الرعد، وبرقت من ال!!برق. ورع!!دت الم!!رأة وب!!رقت: تحس!!نت

وتزينت. ورعد الرجل وبرق: تهدد وأوعد، قال ابن أحمر: يا جل ما بعدت عليك بالدنا وطالبنا فابرق بأرضك وارعد وأرعد القوم وأبرقوا: أصابهم رعد وبرق. وحكى أبو عبيدة وأبو عمرو:

أرعدت الس!!ماء وأب!!رقت، وأرع!!د الرج!!ل وأب!!رق إذا ته!!دد وأوع!!د، وأنك!!رهاألصمعي. واحتج عليه بقول الكميت:

Page 79: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أبرق وأرعد يا يزي! !د فما وعيدك لي بضائر فقال: ليس الكميت بحجة.

فائدة: روى ابن عباس قال: كنا مع عم!!ر بن الخط!!اب في س!!فرة بين المدينة والشام ومعنا كعب األحبار، قال: فأصابتنا ريح وأصابنا رع!!د ومط!!ر شديد وبرد، وفرق الن!!اس. ق!!ال فق!!ال لي كعب: إن!ه من ق!ال حين يس!!مع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحم!!ده والمالئك!!ة من خيفت!!ه، ع!!وفي مم!!ا يكون في ذلك السحاب وال!برد والص!واعق. ق!ال: فقلته!ا أن!ا وكعب، فلم!ا أصبحنا واجتمع الناس قلت لعمر: يا أم!!ير المؤم!!نين، كأن!!ا كن!!ا في غ!!ير م!!ا كان فيه الناس قال: وما ذاك؟ ق!!ال: فحدثت!!ه ح!!ديث كعب. ق!!ال: س!!بحان الله أفال قلتم لنا فنقول كما قلتم! في رواي!!ة ف!!إذا ب!!ردة ق!!د أص!!ابت أن!!ف عمر فأثرت به. وستأتي هذه الرواية في سورة "الرعد" إن شاء الله. ذك!!ر الرواي!!تين أب!!و بك!!ر بن علي بن ث!!ابت الخطيب في رواي!!ات الص!!حابة عن التابعين رحمة الله عليهم أجمعين. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله علي!!ه وسلم ك!!ان إذا س!!مع الرع!!د والص!!واعق ق!!ال: )اللهم ال تقتلن!!ا بغض!!بك وال

تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك(. @قوله تعالى: "يجعل!!ون أص!!ابعهم في آذانهم" جعلهم أص!!ابعهم في آذانهم لئال يسمعوا القرآن فيؤمنوا به وبمحم!د علي!!ه الس!الم، وذل!ك عن!دهم كف!ر والكفر موت. وفي واحد األصابع خمس لغ!!ات: إص!!بع بكس!!ر الهم!!زة وفتح الباء، وأصبع بفتح الهم!!زة وكس!!ر الب!!اء، ويق!!ال بفتحهم!!ا جميع!!ا، وض!!مهما جميعا، وبكسرهما جميع!!ا، ومؤنث!!ة. وك!!ذلك األذن وتخف!!ف وتثق!!ل وتص!!غر، فيقال: أذينة. ولو سميت بها رجال ثم صغرته قلت: أذين، فلم تؤنث ل!!زوال التأنيث عنه بالنقل إلى المذكر فأم!!ا ق!!ولهم: أذين!!ة في االس!!م العلم فإنم!ا سمي به مصغرا، والجمع آذان. وتقول: أذنته إذا ضربت أذن!!ه. ورج!!ل أذن: إذا كان يسمع كالم كل أح!!د، يس!!توي في!!ه الواح!!د والجم!!ع. وأذاني: عظيم األذنين. ونعجة أذناء، وكبش آذن. وأذنت النعل وغيرها تأذينا: إذا جعلت له!!ا

أذنا. وأذنت الصبي: عركت أذنه. @قوله تعالى: "من الص!!واعق" أي من أج!!ل الص!!واعق. والص!!واعق جم!!ع صاعقة. قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: إذا اشتد غضب الرعد ال!!ذي ه!!و المل!!ك ط!!ار الن!!ار من في!!ه وهي الص!!واعق. وك!!ذا ق!!ال الخلي!!ل، ق!!ال: هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد، يكون معها أحيانا قطع!!ة ن!!ار تح!!رق م!!ا أتت عليه. وقال أبو زيد: الصاعقة نار تسقط من الس!!ماء في رع!!د ش!!ديد. وحكى الخليل عن قوم: الساعقة )بالسين(. وقال أب!!و بك!!ر النق!!اش: يق!!ال ص!!اعقة وص!!عقة وص!!اقعة بمع!!نى واح!!د. وق!!رأ الحس!!ن: من "الص!!واقع"

)بتقديم القاف(، ومنه قول أبي النجم:يحكون بالمصقولة القواطع تشقق البرق عن الصواقع قال النحاس: وهي لغة تميم وبعض بني ربيعة. ويقال: صعقتهم السماء

إذا ألقت عليهم. الصاعقة. والصاعقة أيض!!ا ص!!يحة الع!!ذاب، ق!!ال الل!!ه ع!!ز [ ويقال: صعق الرجل17وجل: "فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" ]فصلت:

صعقة وتصعاقا، أي غشي عليه، وفي قول!!ه تع!!الى: "وخ!!ر موس!!ى ص!!عقا"[ فأصعقه غيره. قال ابن مقبل:143]األعراف:

ترى النعرات الزرق تحت لبانه أحاد ومثنى أصعقتها صواهله

Page 80: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ أي68وقوله تعالى: "فصعق من في السموات ومن في األرض" ]الزمر: مات. وشبه الله تعالى في هذه اآلية أحوال المنافقين بم!!ا في الص!!يب من الظلمات والرع!!د وال!!برق والص!!واعق. فالظلم!!ات مث!!ل لم!!ا يعتقدون!!ه من الكفر، والرعد والبرق مثل لما يخوفون به. وقيل: مثل الل!ه تع!الى الق!رآن بالصيب لما فيه من اإلش!!كال عليهم، والعمى ه!!و الظلم!!ات، وم!!ا في!!ه من الوعيد والزجر هو الرع!!د، وم!!ا في!!ه من الن!!ور والحجج الب!!اهرة ال!!تي تك!!اد أحيانا أن تبهرهم هو البرق. والص!!واعق، مث!!ل لم!!ا في الق!!رآن من ال!!دعاء إلى القتال في العاجل والوعيد في اآلجل. وقيل: الصواعق تكاليف الش!!رع

التي يكرهونها من الجهاد والزكاة وغيرهما. @قوله: "حذر الموت" حذر وحذار بمعنى، وقرئ بهم!!ا. ق!!ال س!!يبويه: ه!!و منصوب، ألنه موقوع له أي مفعول من أجله، وحقيقته أن!!ه مص!!در، وأنش!!د

سيبويه:وأغفر عوراء الكريم ادخاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

وقال الفراء: هو منصوب على التمييز والموت: ضد الحياة. وق!د م!ات يموت، ويمات أيضا، قال الراجز: بنيتي سيدة البنات عيشي وال يؤمن أن

تماتي فهو ميت وميت، وقوم موتى وأموات وميتون وميتون. والم!!وات )بالض!!م(: الموت. والموات )بالفتح(: م!ا ال روح في!ه. والم!وات أيض!ا: األرض ال!تي ال مال!!ك له!!ا من اآلدم!!يين وال ينتف!!ع به!!ا أح!!د. والموت!!ان )بالتحري!!ك(: خالف الحيوان، يقال: اشتر الموتان، وال تشتر الحيوان، أي اشتر األرضين والدور، وال تشتر الرقي!!ق وال!!دواب. والموت!!ان )بالض!!م(: م!!وت يق!!ع في الماش!!ية،

يقال: وقع في المال موتان. وأماته الله وموته، شدد للمبالغة. وقال: فعروة مات موتا مستريحا فهأنذا أموت كل يوم وأماتت الناقة إذا مات ولدها، فهي مميت ومميتة. قال أبو عبيد: وكذلك

المرأة، وجمعها مماويت. قال ابن السكيت: أمات فالن إذا مات ل!!ه ابن أو بنون. والمتماوت من صفة الناسك الم!!رائي. وم!!وت م!!ائت، كقول!!ك: لي!!ل الئل، يؤخذ من لفظه ما يؤكد به. والمستميت لألمر: المسترسل ل!!ه، ق!!ال

رؤبة: وزبد البحر له كتيت والليل فوق الماء مستميت

المستميت أيضا: المس!!تقتل ال!!ذي ال يب!!الي في الح!!رب من الم!!وت، وفي الحديث: )أرى القوم مستميتين( وهم الذين يقاتلون على الموت. والموت!!ة )بالضم(: جنس من الجنون والصرع يعتري اإلنس!!ان، ف!!إذا أف!!اق ع!!اد إلي!!ه كمال عقله كالنائم والسكران. ومؤتة )بضم الميم وهمز الواو(: اسم أرض

قتل بها جعفر بن أبي طالب عليه السالم. @قوله تعالى: "والله محيط بالكافرين" ابتداء وخبر، أي ال يفوتون!ه. يق!ال:

أحاط السلطان بفالن إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة، قال الشاعر:أحطنا بهم حتى إذا ما تيقنوا بما قد رأوا مالوا جميعا إلى السلم [. وأص!له محي!ط، نقلت42ومنه قوله تعالى: "وأحيط بثمره" ]الكه!ف:

حركة الياء إلى الحاء فسكنت. فالله سبحانه محيط بجميع المخلوق!!ات، أي هي في قبضته وتحت قهره، كما قال: "واألرض جميعا قبضته يوم القيامة"

[. وقيل: "محيط بالكافرين" أي عالم بهم. دليله: "وأن الله ق!!د67]الزمر: [. وقي!ل: مهلكهم وج!امعهم. دليل!!ه12أح!اط بك!ل ش!يء علم!ا" ]الطالق:

Page 81: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ أي إال أن تهلك!!وا جميع!!ا.66قول!!ه تع!!الى: "إال أن يح!!اط بكم" ]يوس!!ف: وخص الكافرين بالذكر لتقدم ذكرهم في اآلية. والله أعلم.

}يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مش!!وا في!!ه وإذا20*اآلية: 3* أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله ل!!ذهب بس!!معهم وأبص!!ارهم إن الل!!ه على

كل شيء قدير{ @قوله تعالى: "يكاد البرق يخطف أبصارهم" )يكاد( معن!!اه يق!!ارب، يق!!ال: كاد يفعل كذا إذا قارب ولم يفعل. ويجوز في غير الق!!رآن: يك!!اد أن يفع!!ل،

كما قال رؤبة:قد كاد من طول البلى أن يمصحا

مشتق من المصح وهو الدرس. واألجود أن تكون بغير "أن"، ألنها لمقارب!!ة الحال، و"أن" تص!!رف الكالم إلى االس!!تقبال، وه!!ذا متن!!اف، ق!!ال الل!!ه ع!!ز

[. ومن كالم الع!رب: ك!!اد43وجل: "يكاد سنا برقه يذهب باألبصار" ]النور: النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرا، لقربهما من تلك الحال. وكاد فع!!ل متصرف على فعل يفعل. وقد ج!!اء خ!!بره باالس!!م وه!!و قلي!!ل، ق!!ال: "وم!!ا كدت آئبا". ويجري مجرى كاد كرب وجعل وقارب وطفق، في كون خبره!!ا بغير "أن"، قال الله عز وج!ل: "وطفق!ا يخص!فان عليهم!ا من ورق الجن!ة"

[ ألنها كلها بمعنى الح!!ال والمقارب!!ة، والح!!ال ال يك!!ون معه!!ا22]األعراف: "أن"، فاعلم.

@قوله تعالى: "يخطف أبص!!ارهم" الخط!!ف: األخ!!ذ بس!!رعة، ومن!!ه س!!مي الط!!ير خطاف!!ا لس!!رعته. فمن جع!!ل الق!!رآن مثال للتخوي!!ف ف!!المعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. ومن جعله مثال للبيان الذي في القرآن فالمعنى أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم. ويخطف ويخطف لغت!!ان قرئ بهما. وقد خطفه )بالكسر( يخطفه خطفا، وهي اللغة الجي!!دة، واللغ!!ة األخرى حكاها األخفش: خطف يخطف. الجوهري: وهي قليلة رديئة ال تكاد تعرف. وقد قرأ بها يونس في قوله تعالى "يكاد ال!!برق يخط!!ف أبص!!ارهم" وقال النحاس: في "يخطف" سبعة أوجه، القراءة الفصيحة: يخطف. وق!!رأ علي بن الحس!!ين ويح!!يى بن وث!!اب: يخط!!ف بكس!!ر الط!!اء، ق!!ال س!!عيد األخفش: هي لغ!!ة. وق!!رأ الحس!!ن وقت!!ادة وعاص!!م الجح!!دري وأب!!و رج!!اء العطاردي بفتح الياء وكسر الخاء والطاء. وروي عن الحسن أيض!!ا أن!ه ق!رأ بفتح الخاء. قال الف!راء: وق!رأ بعض أه!ل المدين!ة بإس!!كان الخ!اء وتش!ديد الطاء. قال الكسائي واألخفش والفراء: يجوز "يخطف" بكسر الياء والخ!!اء والطاء. فهذه ستة أوجه موافقة للخط. والسابعة حكاه!!ا عب!!دالوارث ق!!ال: رأيت في مص!!حف أبي بن كعب "يتخط!!ف"، وزعم س!!يبويه والكس!!ائي أن من قرأ "يخطف" بكسر الخاء والطاء فاألصل عنده يختطف، ثم أدغم التاء في الطاء فالتقى ساكنان فكسرت الخاء اللتق!اء الس!اكنين. ق!ال س!!يبويه: ومن فتح الخاء ألقى حركة التاء عليه!!ا. وق!!ال الكس!!ائي: ومن كس!!ر الي!!اء فألن األلف في اختطف مكسورة. فأما ما حك!!اه الف!!راء عن أه!!ل المدين!!ة من إسكان الخاء واإلدغام فال يعرف وال يجوز، ألنه جمع بين س!!اكنين. ق!!ال

النحاس وغيره. قلت: وروي عن الحسن أيضا وأبي رجاء "يخطف". ق!!ال ابن مجاه!!د:

وأظن!!ه غلط!!ا، واس!!تدل على ذل!!ك ب!!أن "خط!!ف الخطف!!ة" لم يق!!رأه أح!!دبالفتح.

Page 82: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

"أبصارهم" جمع بصر، وهي حاسة الرؤية. والمعنى: تكاد حجج القرآن وبراهينه الساطعة تبهرهم. ومن جعل "ال!!برق" مثال للتخوي!!ف ف!!المعنى أن

خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. @قوله تعالى: "كلما أضاء لهم مش!وا في!ه" "كلم!ا" منص!وب ألن!ه ظ!!رف. وإذا كان "كلم!!ا" بمع!!نى "إذا" فهي موص!!ولة والعام!!ل في!!ه "مش!!وا" وه!!و جوابه، وال يعمل فيه "أضاء"، ألنه في صلة ما. والمفعول في ق!!ول الم!!برد محذوف، التقدير عنده: كلم!!ا أض!!اء لهم ال!!برق الطري!!ق. وقي!!ل: يج!!وز أن يكون فعل وأفعل بمعنى، كسكت وأسكت، فيك!!ون أض!!اء وض!!اء س!!راء فال يحتاج إلى تقدير حذف مفعول. قال الفراء: يقال ضاء وأض!!اء، وق!!د تق!!دم. والمعنى أنهم كلما سمعوا القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا مع!!ه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه "قاموا" أي ثبتوا على نف!!اقهم، عن ابن عب!!اس. وقي!!ل: المع!!نى كلم!!ا ص!!لحت أح!!والهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت النعم قالوا: دين محمد دين مبارك، وإذا ن!!زلت بهم مصيبة وأص!!ابتهم ش!!دة س!!خطوا وثبت!!وا في نف!!اقهم، عن ابن مس!!عود وقتادة. قال النحاس: وهذا ق!!ول حس!ن، وي!!دل على ص!!حته: "ومن الن!!اس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتن!!ة انقلب

[ وقال علماء الصوفية: هذا مثل ض!!ربه الل!!ه تع!!الى11على وجهه" ]الحج: لمن لم تصح له أحوال اإلرادة بدءا، فارتقى من تلك األحوال بالدعاوى إلى أحوال األكابر، كأن تضيء عليه أحوال اإلرادة ل!!و ص!!ححها بمالزم!!ة آدابه!!ا، فلما مزجها بالدعاوى أذهب الله عنه تلك األنوار وبقي في ظلمات دعاوي!!ه ال يبصر طريق الخروج منها. وروي عن ابن عب!!اس أن الم!!راد اليه!!ود، لم!!ا نصر النبي صلى الله عليه وسلم ببدر طمعوا وقالوا: هذا والله النبي ال!!ذي بشرنا ب!!ه موس!!ى ال ت!!رد ل!!ه راي!!ة، فلم!!ا نكب بأح!!د ارت!!دوا وش!!كوا، وه!!ذا ضعيف. واآلية في المنافقين، وهذا أص!!ح عن ابن عب!!اس، والمع!!نى يتن!!اول

الجميع. @قوله تعالى: "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم" "ل!!و" ح!!رف تمن وفيه معنى الجزاء، وجوابه الالم. والمعنى: ولو شاء الل!!ه ألطل!!ع المؤم!!نين عليهم ف!!ذهب منهم ع!!ز اإلس!!الم باالس!!تيالء عليهم وقتلهم وإخ!!راجهم من بينهم. وخص السمع والبصر لتقدم ذكرهما في اآلية أوال، أو ألنهم!!ا أش!!رفما في اإلنسان. وقرئ "بأسماعهم" على الجمع، وقد تقدم الكالم في هذا. @قول!!ه تع!!الى: "إن الل!!ه على ك!!ل ش!!يء ق!!دير" عم!!وم، ومعن!!اه عن!!د المتكلمين فيم!!ا يج!!وز وص!!فه تع!!الى بالق!!درة علي!!ه. وأجمعت األم!!ة على تسمية الله تعالى بالقدير، فهو سبحانه قدير قادر مقتدر. والق!!دير أبل!!غ في الوصف من القادر، قاله الزجاجي. وقال الهروي: والق!!دير والق!!ادر بمع!!نى واحد، يقال: قدرت على الشيء أقدر قدرا وقدرا ومقدرة ومقدرة وقدرانا، أي قدرة. واالقتدار على الشيء: القدرة عليه. فالله جل وعز ق!!ادر مقت!!در قدير على كل ممكن يقبل الوجود والعدم. فيجب على كل مكل!!ف أن يعلم أن الله تعالى قادر، له قدرة به!!ا فع!!ل ويفع!!ل م!!ا يش!!اء على وف!!ق علم!!ه واختياره. ويجب عليه أيضا أن يعلم أن للعبد قدرة يكتس!!ب به!!ا م!!ا أق!!دره الله تعالى عليه على مجرى العادة، وأنه غير مستبد بقدرته. وإنما خص هنا تع!الى ص!فته ال!تي هي الق!درة بال!ذكر دون غيره!ا، ألن!ه تق!دم ذك!ر فع!ل

مضمنه الوعيد واإلخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك. والله أعلم.

Page 83: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فهذه عشرون آية على عدد الكوفيين، أربع آيات في وصف المؤمنين، ثم تليه!!ا آيت!!ان في ذك!!ر الك!!افرين، وبقيته!!ا في المن!!افقين. وق!!د تق!!دمت

الرواية فيها عن ابن جريج، وقاله مجاهد أيضا. }يا أيها الناس اعب!!دوا ربكم ال!!ذي خلقكم وال!!ذين من قبلكم21*اآلية: 3*

لعلكم تتقون{ @قوله سبحانه وتعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم" قال علقم!!ة ومجاه!!د: كل آية أولها "يا أيها الناس" فإنما نزلت بمكة، وكل آية أولها "يا أيها ال!!ذين آمنوا" فإنما ن!!زلت بالمدين!!ة. قلت: وه!!ذا ي!!رده أن ه!!ذه الس!!ورة والنس!!اء م!!دنيتان وفيهم!!ا ي!!ا أيه!!ا الن!!اس. وأم!!ا قولهم!!ا في "ي!!ا أيه!!ا ال!!ذين آمن!!وا"

[ اآلي!ة فص!!حيح. وق!ال ع!روة بن الزب!ير: م!ا ك!ان من ح!د أو19]النس!اء: فريضة فإنه نزل بالمدينة، وما كان من ذكر األمم والعذاب فإنه نزل بمكة.

وهذا واضح. و"يا" في قوله: "يا أيها" حرف نداء "أي" منادى مفرد مبني على الضم،

ألنه منادى في اللفظ، و"ها" للتنبيه. "الناس" مرفوع صفة ألي عند جماعة النحويين، ما عدا المازني فإنه أجاز النصب قياسا على جوازه في: ي!!ا ه!!ذا الرجل. وقيل: ض!!مت "أي" كم!!ا ض!!م المقص!!ود المف!!رد، وج!!اؤوا ب!!! "ه!!ا" عوضا عن ياء أخرى، وإنما لم يأتوا بياء لئال ينقط!!ع الكالم فج!!اؤوا ب!!! "ه!!ا" حتى يبقى الكالم متصال. قال سيبويه: كأنك كررت "يا" مرتين وصار االسم بينهما، كما قالوا: ها هو ذا. وقيل لما تعذر عليهم الجمع بين حرفي تعري!!ف أتوا في الصورة بمنادي مج!رد عن ح!رف تعري!ف، وأج!روا علي!ه المع!رف ب!!الالم المقص!!ود بالن!!داء، وال!!تزموا رفع!!ه، ألن!!ه المقص!!ود بالن!!داء، فجعل!!وا إعرابه بالحركة التي كان يستحقها لو باشرها النداء تنبيها على أنه المنادي،

فاعلمه. واختلف من المراد بالناس هنا على قولين: أح!!دهما: الكف!!ار ال!!ذي لم

[ الثاني: أنه عام23يعبدوه، يدل عليه قوله: "وإن كنتم في ريب" ]البقرة: في جميع الناس، فيكون خطاب!!ه للمؤم!!نين باس!!تدامة العب!!ادة، وللك!!افرين

بابتدائها. وهذا حسن. @قوله تعالى: "اعبدوا" أمر بالعبادة ل!!ه. والعب!!ادة هن!!ا عب!!ارة عن توحي!!ده والتزام شرائع دينه. وأصل العبادة الخضوع والتذلل، يق!!ال: طري!!ق معب!!دة

إذا كانت موطوءة باألقدام. قال طرفة: د وظيفا وظيفا فوق مور معب

والعبادة: الطاعة. والتعبد: التنسك. وعبدت فالنا: اتخذته عبدا. @قوله تعالى: "الذي خلقكم" خص تعالى خلقه لهم من بين س!!ائر ص!!فاته إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها، فذكر ذلك حج!!ة عليهم وتقريع!!ا لهم. وقيل: لي!!ذكرهم ب!!ذلك نعمت!!ه عليهم. وفي أص!!ل الخل!!ق وجه!!ان: أح!!دهما:

التقدير، يقال: خلقت األديم للسقاء إذا قدرته قبل القطع، قال الشاعر:وألنت تفري ما خلقت وبع! !ض القوم يخلق ثم ال يفري

وقال الحج!!اج: م!!ا خلقت إال ف!!ريت، وال وع!!دت إال وفيت. الث!!اني: اإلنش!!اء[.17واالختراع واإلبداع، قال الله تعالى: "وتخلقون إفكا" ]العنكبوت:

@قول!!ه تع!!الى: "وال!!ذين من قبلكم" فيق!!ال إذا ثبت عن!!دهم خلقهم ثبت عندهم خلق غيرهم، فالجواب: أنه إنما يج!!ري الكالم على التنبي!!ه والت!!ذكير ليك!!ون أبل!!غ في العظ!!ة، ف!!ذكرهم من قبلهم ليعلم!!وا أن ال!!ذي أم!!ات من

Page 84: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قبلهم وهو خلقهم يميتهم، وليفكروا فيمن مض!!ى قبلهم كي!!ف ك!!انوا، وعلى أي األمور مضوا من إهالك من أهلك، وليعلموا أنهم يبتلون كما ابتلوا. والله

أعلم. @قوله تعالى: "لعلكم تتق!!ون" "لع!!ل" متص!!لة باعب!!دوا ال بخلقكم، ألن من ذرأه الله لجهنم لم يخلقه ليتقي. وه!!ذا وم!!ا ك!!ان مثل!!ه فيم!!ا ورد في كالم الل!!ه تع!!الى من قول!!ه: "لعلكم تعقل!!ون، لعلكم تش!!كرون، لعلكم ت!!ذكرون،

لعلكم تهتدون" فيه ثالث تأويالت. األول: أن "لعل" على بابها من الترجي والتوقع، والترجي والتوقع إنم!ا

هو في حيز البشر، فكأنه قيل لهم: افعلوا ذلك على الرج!!اء منكم والطم!!ع أن تعقلوا وأن تذكروا وأن تتقوا. هذا ق!!ول س!!يبويه ورؤس!!اء اللس!!ان ق!!ال سيبويه في قوله عز وجل: "اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقوال له قوال لين!!ا

-!! 43لعله يتذكر أو يخشى" ]طه: [ ق!!ال معن!!اه: اذهب!!ا على طمعكم!!ا44 ورجائكما أن يتذكر أو يخشى. واختار هذا القول أبو المعالي.

الثاني: أن العرب استعملت "لعل" مجردة من الش!ك بمع!نى الم كي. فالمعنى لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا، وعلى ذلك يدل قول الشاعر:

وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف ووثقتم لنا كل موثق فلما كففنا الحرب كانت عهودكم كلمع سراب في المال متألق

المعنى: كفوا الحروب لنكف، ولو كانت "لعل" هنا شكا لم يوثق!!وا لهم ك!لموثق، وهذا القول عن قطرب والطبري.

الثالث: أن تكون "لعل" بمعنى التعرض للش!!يء، كأن!!ه قي!!ل: افعل!!وا متعرض!!ين ألن تعقل!!وا، أو ألن ت!!ذكروا أو ألن تتق!!وا. والمع!!نى في قول!!ه "لعلكم تتقون" أي لعلكم أن تجعلوا بقبول ما أم!!ركم الل!!ه ب!!ه وقاي!ة بينكم وبين النار. وهذا من قول العرب: اتقاه بحقه إذا اس!!تقبله ب!!ه، فكأن!!ه جع!!ل دفعه حقه إليه وقاية له من المطالبة، ومنه قول علي رضي الله عن!!ه: كن!!ا إذا احمر البأس اتقينا بالنبي صلى الله عليه وسلم، أي جعلناه وقاية لنا من

العدو. وقال عنترة:ولقد كررت المهر يدمى نحره حتى اتقتني الخيل بابني حذيم }ال!!ذي جع!!ل لكم األرض فراش!!ا والس!!ماء بن!!اء وأن!!زل من22*اآلي!!ة: 3*

السماء ماء فأخرج به من الثم!!رات رزق!!ا لكم فال تجعل!!وا لل!!ه أن!!دادا وأنتمتعلمون{

@قوله تعالى: "الذي جعل" معناه هن!!ا ص!!ير لتعدي!!ه إلى مفع!!ولين: وي!!أتي بمع!!نى خل!!ق، ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "م!!ا جع!!ل الل!!ه من بح!!يرة وال س!!ائبة"

[ ويأتي بمعنى1[ وقوله: "وجعل الظلمات والنور" ]األنعام: 103]المائدة: سمى، ومنه قوله تعالى: "حم. والكت!!اب الم!!بين. إن!!ا جعلن!!اه قرآن!!ا عربي!!ا"

-!! 1]الزخرف: [.15[. وقوله: "وجعلوا له من عباده ج!زءا" ]الزخ!رف: 3 [ أي19"وجعل!!وا المالئك!!ة ال!!ذين هم عب!!اد ال!!رحمن إناث!!ا" ]الزخ!!رف:

سموهم. ويأتي بمعنى أخذ، كما قال الشاعر:وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة لضغمهما ها يقرع العظم نابها وقد تأتي زائدة، كما قال اآلخر: وقد جعلت أرى االثنين أربعة والواحد اثنين لما هدني الكبر

وقد قيل في قول!!ه تع!!الى "وجع!!ل الظلم!!ات والن!!ور": إنه!!ا زائ!!دة. وجع!!لواجتعل بمعنى واحد، قال الشاعر:

Page 85: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ناط أمر الضعاف واجتعل اللي ل كحبل العادية الممدود "فراشا" أي وطاء يفترشونها ويستقرون عليها. وما ليس بف!!راش كالجب!!ال واألوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها، ألن الجبال كاألوت!!اد كم!!ا

[. والبحار تركب7 - 6قال: "ألم نجعل األرض مهادا. والجبال أوتادا" ]النبأ: إلى سائر منافعها كما قال: "والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس"

[.164]البقرة: @ ق!!ال أص!!حاب الش!!افعي: ل!!و حل!!ف رج!!ل أال ي!!بيت على ف!!راش أو ال يستس!!رج بس!!راج فب!!ات على األرض وجلس في الش!!مس لم يحنث، ألن اللفظ ال يرجع إليهما عرفا. وأم!!ا المالكي!!ة فبن!وه على أص!لهم في األيم!!ان أنها محمولة على النية أو السبب أو البساط الذي جرت عليه اليمين، ف!!إن

عدم ذلك فالعرف. @قوله تعالى: "والسماء بناء" السماء لألرض كالسقف للبيت، وله!!ذا ق!!ال

[ وك!!ل م!!ا عال32وقوله الحق "وجعلنا السماء س!!قفا محفوظ!!ا" ]األنبي!!اء: فأظل قيل له سماء، وقد تقدم القول فيه والوقف على "بناء" أحسن من!!ه على "تتق!!ون"، ألن قول!!ه: "ال!!ذي جع!!ل لكم األرض فراش!!ا" نعت لل!!رب. ويقال: ب!!نى فالن بيت!!ا، وب!!نى على أهل!!ه - بن!!اء فيهم!!ا - أي زفه!!ا. والعام!!ة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ، وكأن األصل فيه أن الداخل بأهله كان يض!!رب عليها قبة ليلة دخوله بها، فقي!!ل لك!!ل داخ!!ل بأهل!!ه: ب!!ان. وبنى )مقص!!ورا( شدد للكثرة، وابتنى دارا وبنى بمعنى، ومنه بنيان الحائط، وأصله وضع لبنة

على أخرى حتى تثبت. وأصل الماء موه، قلبت الواو ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها فقلت ماه،

فالتقى حرفان خفي!!ان فأب!دلت من اله!اء هم!زة، ألنه!ا أجل!!د، وهي ب!األلف أشبه، فقلت: ماء، األلف األولى عين الفعل، وبعدها الهمزة ال!!تي هي ب!!دل من الهاء، وبعد الهمزة بدل من التنوين. قال أبو الحسن: ال يج!!وز أن يكتب إال بألفين عند البصريين، وإن شئت بثالث، فإذا جمع!!وا أو ص!!غروا ردوا إلى

األصل فقالوا: مويه وأمواه ومياه، مثل جمال وأجمال. @قوله تعالى: "فأخرج ب!ه من الثم!رات رزق!ا لكم" الثم!رات جم!ع ثم!رة. ويقال: ثمر مثل شجر. ويقال ثمر مثل خشب. ويقال: ثمر مثل بدن. وثمار مثل إكام جمع ثمر. وسيأتي له!!ذا مزي!!د بي!!ان في "األنع!!ام" إن ش!!اء الل!!ه.

وثمار السياط: عقد أطرافها. والمعنى في اآلية أخرجنا لكم ألوانا من الثمرات، وأنواعا من النبات.

"رزقا" طعاما لكم، وعلفا لدوابكم، وقد بين ه!!ذا قول!!ه تع!!الى: "إن!!ا ص!!ببنا الماء صبا. ثم ش!!ققنا األرض ش!!قا. فأنبتن!!ا فيه!!ا حب!!ا وعنب!!ا وقض!!با وزيتون!!ا

[32 -! 25ونخال. وحدائق غلبا. وفاكهة وأبا. متاعا لكم وألنعامكم" ]عبس: وقد مضى الكالم في الرزق مستوفى والحمد لله.

فإن قيل: كيف أطلق اسم الرزق على ما يخرج من الثم!!رات قب!!ل التملك؟ قيل له: ألنها معدة ألن تملك ويصح بها االنتفاع، فهي رزق.

قلت: ودلت ه!!ذه اآلي!!ة على أن الل!!ه تع!!الى أغ!!نى اإلنس!!ان عن ك!!ل مخلوق، ولهذا قال عليه السالم مشيرا إلى ه!!ذا المع!!نى: )والل!!ه ألن يأخ!!ذ أحدكم حبل!ه فيحتطب على ظه!ره خ!ير ل!ه من أن يس!أل أح!دا أعط!اه أو منع!!ه(. أخرج!!ه مس!!لم. وي!!دخل في مع!نى االحتط!!اب جمي!!ع األش!!غال من الصنائع وغيرها، فمن أحوج نفسه إلى بش!!ر مثل!!ه بس!!بب الح!!رص واألم!!ل

Page 86: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والرغبة في زخرف الدنيا فقد أخذ بطرف من جعل لل!!ه ن!!دا. وق!!ال علم!!اء الصوفية: أعلم الله عز وجل في ه!!ذه اآلي!!ة س!!بيل الفق!!ر، وه!!و أن تجع!!ل األرض وطاء والسماء غطاء، والماء طيبا والكأل طعام!!ا، وال تعب!!د أح!!دا في الدنيا من الخلق بسبب الدنيا، فإن الله عز وجل قد أتاح ل!!ك م!!ا ال ب!!د ل!!ك منه، من غير منة فيه ألحد عليك. وق!!ال ن!!وف البك!!الي: رأيت علي بن أبي طالب خرج فنظر إلى النجوم فقال: يا ن!!وف، أراق!!د أنت أم رام!!ق؟ قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، قال: طوبى للزاهدين في ال!!دنيا والراغ!!بين في اآلخرة، أولئك ق!!وم اتخ!!ذوا األرض بس!!اطا، وترابه!!ا فراش!!ا، وماءه!!ا طيب!!ا، والقرآن والدعاء دثارا وش!!عارا، فرفض!!وا ال!دنيا على منه!اج المس!!يح علي!ه السالم... وذكر باقي الخ!!بر، وس!!يأتي تمام!!ه في ه!!ذه الس!!ورة عن!!د قول!!ه

[ إن شاء الله تعالى.186تعالى: "أجيب دعوة الداع" ]البقرة: @قوله تعالى: "فال تجعلوا" نهي. "لل!!ه أن!!دادا" أي أكف!!اء وأمث!!اال ونظ!!راء،

واحدها ند، وكذلك قرأ محمد بن السميقع "ندا"، قال الشاعر:نحمد الله وال ند له عنده الخير وما شاء فعل وقال حسان: أتهجوه ولست له بند فشركما لخيركما الفداء ويقال: ند ونديدة على المبالغة، قال لبيد: ليكال يكون السندري نديدتي وأجعل أقواما عموما عماعما

وقال أبو عبيدة "أندادا" أضدادا. النحاس: "أندادا" مفعول أول، و"لل!!ه" في موضع الثاني. الج!!وهري: والن!!د )بفتح الن!!ون(: الت!!ل المرتف!!ع في الس!ماء. والند من الطيب ليس بعربي. وند البعير يند ندا وندادا ون!!دودا: نف!!ر وذهب

على وجهه، ومنه قرأ بعضهم "يوم التناد". وندد به أي شهره وسمع به. @قوله تعالى: "وأنتم تعلمون" ابت!!داء وخ!!بر، والجمل!!ة في موض!!ع الح!!ال، والخطاب للكافرين والمنافقين، عن ابن عباس. ف!!إن قي!!ل: كي!!ف وص!!فهم بالعلم وقد نعتهم بخالف ذلك من الختم والطبع والصمم والعمى. فالجواب من وجهين: أحدهما - "وأنتم تعلمون" يري!د العلم الخ!اص ب!أن الل!ه تع!الى خلق الخل!!ق وأن!!زل الم!!اء وأنبت ال!!رزق، فيعلم!!ون أن!!ه المنعم عليهم دون األنداد. الثاني - أن يكون المعنى وأنتم تعلمون وحدانيت!!ه ب!!القوة واإلمك!!ان لو تدبرتم ونظرتم، والله أعلم. وفي هذا دلي!ل على األم!ر باس!تعمال حجج العقول وإبطال التقليد. وقال ابن فورك: يحتمل أن تتناول اآلية المؤم!!نين، فالمعنى ال ترتدوا أيها المؤمنون وتجعلوا لل!!ه أن!!دادا بع!!د علمكم ال!!ذي ه!!و

نفي الجهل بأن الله واحد. }وإن كنتم في ريب مما نزلن!!ا على عب!!دنا ف!!أتوا بس!!ورة من23*اآلية: 3*

مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين{ @قول!!ه تع!!الى: "وإن كنتم في ريب" أي في ش!!ك. "مم!!ا نزلن!!ا" يع!!ني القرآن، والمراد المشركون الذين تحدوا، فإنهم لما س!!معوا الق!!رآن ق!!الوا: ما يشبه هذا كالم الله، وإنا لفي شك منه؛ فنزلت اآلية. ووجه اتص!!الها بم!!ا قبلها أن الله سبحانه لما ذكر في اآلية األولى الداللة على وحدانيته وقدرته

ذكر بعدها الداللة على نبوة نبيه، وأن ما جاء به ليس مفترى من عنده. @قوله تعالى: "على عبدنا" يعني محم!!د ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم. والعب!!د مأخوذ من التعبد وهو التذلل، فسمى المملوك - من جنس ما يفعله - عبدا

لتذلله لمواله، قال طرفة:

Page 87: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد أي المذلل. قال بعضهم: لما كانت العبادة أشرف الخصال والتسمي بها

أشرف الخطط، سمى نبيه عبدا، وأنشدوا:يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي ال تدعني إال بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي

@قوله: "فأتوا بسورة من مثله" الفاء جواب الش!!رط، ائت!!وا مقص!!ور ألن!!ه من باب المجيء، قاله ابن كيسان. وهو أمر معناه التعجيز، ألنه تعالى علم عجزهم عنه. والسورة واحدة الس!!ور. وق!!د تق!!دم الكالم فيه!!ا وفي إعج!!از القرآن، فال معنى لإلع!!ادة. "ومن" في قول!!ه "من مثل!!ه" زائ!!دة، كم!!ا ق!!ال "فأتوا بسورة مثله" والضمير في "مثله" عائ!!د على الق!!رآن عن!!د الجمه!!ور من العلماء، كقتادة ومجاهد وغيرهما. وقيل: يع!!ود على الت!!وراة واإلنجي!!ل. فالمعنى فأتوا بسورة من كتاب مثله فإنها تصدق ما فيه. وقيل: يع!!ود على النبي صلى الله عليه وسلم. المعنى: من بشر أمي مثله ال يكتب وال يق!!رأ. فمن على ه!!ذين الت!!أويلين للتبعيض والوق!!ف على "مثل!!ه" ليس بت!!ام، ألن

"وادعوا" نسق عليه. @قول!!ه تع!!الى: "وادع!وا ش!!هداءكم" معن!!اه أع!وانكم ونص!!راءكم. الف!!راء: آلهتكم. وقال ابن كيسان: فإن قيل كيف ذكر الشهداء هاهن!!ا، وإنم!!ا يك!!ون الشهداء ليشهدوا أم!!را، أو ليخ!بروا ب!أمر ش!!هدوه، وإنم!ا قي!!ل لهم: "ف!أتوا بس!!ورة من مثل!!ه"؟ ف!!الجواب: أن المع!!نى اس!!تعينوا بمن وج!!دتموه من علمائكم، وأحضروهم ليشاهدوا ما تأتون به، فيكون الرد على الجميع أوك!!د

في الحجة عليهم. قلت: هذا هو معنى قول مجاهد. قال مجاهد: معنى: "وادعوا شهداءكم"

أي ادع!!وا ناس!!ا يش!!هدون لكم، أي يش!!هدون أنكم عارض!!تموه. النح!!اس: "شهداءكم" نص!ب بالفع!ل جم!ع ش!هيد، يق!ال: ش!!اهد وش!هيد، مث!ل ق!ادر وق!!دير. وقول!!ه" "من دون الل!!ه" أي من غ!!يره، ودون نقيض ف!!وق، وه!!و

تقصير عن الغاية، ويكون ظرفا. والدون: الحقير الخسيس، قال:إذا ما عال المرء رام العالء ويقنع بالدون من كان دونا وال يشتق منه فعل، وبعضهم يقول منه: دان يدون دونا. ويقال: هذا دون

ذاك، أي أق!!رب من!!ه. ويق!!ال في اإلغ!!راء بالش!!يء: دونك!!ه. ق!!الت تميمللحجاج: أقبرنا صالحا - وكان قد صلبه - فقال: دونكموه.

@قول!!!ه تع!!!الى: "إن كنتم ص!!!ادقين" فيم!!!ا قلتم من أنكم تق!!!درون على [31المعارضة، لقولهم في آية أخرى: "لو نشاء لقلنا مث!!ل ه!!ذا" ]األنف!!ال:

والص!!دق: خالف الك!!ذب، وق!!د ص!!دق في الح!!ديث. والص!!دق: الص!!لب من الرماح. ويقال: صدقوهم القتال. والصديق: المالزم للصدق. ويق!!ال: رج!!ل صدق، كما يق!!ال: نعم الرج!!ل. والص!!داقة مش!!تقة من الص!!دق في النص!!ح

والود. }فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ال!!تي وقوده!!ا الن!!اس24*اآلية: 3*

والحجارة أعدت للكافرين{ @قوله تعالى: "فإن لم تفعلوا" يعني فيما مضى "ولن تفعلوا" أي تطيق!!وا ذلك فيما يأتي. والوقف على هذا على "ص!!ادقين" ت!!ام. وق!!ال جماع!!ة من المفسرين: معنى اآلي!!ة وادع!!وا ش!!هداءكم من دون الل!!ه إن كنتم ص!!ادقين

Page 88: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ولن تفعلوا، فإن لم تفعلوا ف!!اتقوا الن!!ار فعلى ه!!ذا التفس!!ير ال يتم الوق!!فعلى "صادقين".

فإن قيل: كي!!ف دخلت "إن" على "لم" وال ي!!دخل عام!!ل على عام!!ل؟ فالجواب أن "إن" ههنا غير عاملة في اللفظ، فدخلت على "لم" كما تدخل على الماضي، ألنها ال تعمل في "لم" كما ال تعمل في الماضي، فمع!!نى إن لم تفعل!!وا إن ت!!ركتم الفع!!ل. قول!!ه تع!!الى "ولن تفعل!!وا" نص!!ب بلن، ومن

العرب من يجزم بها، ذكره أبو عبيدة، ومنه بيت النابغة:فلن أعرض أبيت اللعن بالصفد وفي حديث ابن عمر حين ذهب به إلى النار في منامه: فقي!!ل لي "لن

ترع". هذا على تلك اللغة. وفي قوله: "ولن تفعلوا" إثارة لهممهم، وتحريك لنفوسهم، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وه!!ذا من الغي!!وب ال!!تي أخ!!بر به!!ا القرآن قبل وقوعها وقال ابن كيس!!ان: "ولن تفعل!!وا" توقيف!!ا لهم على أن!!ه الحق، وأنهم ليسوا صادقين فيما زعموا من أن!!ه ك!!ذب، وأن!!ه مف!!ترى وأن!!ه سحر وأنه شعر، وأنه أساطير األولين، وهم يدعون العلم وال يأتون بس!!ورة

من مثله. @وقول!ه "ف!اتقوا الن!!ار ال!!تي وقوده!!ا الن!!اس والحج!ارة" ج!واب "ف!إن لم تفعلوا" أي اتقوا النار بتصديق النبي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وطاع!!ة الل!!ه تعالى. وقد تق!دم مع!نى التق!وى فال مع!نى إلعادته!ا. ويق!ال: إن لغ!ة تميم وأسد "فتقوا النار". وحكى سيبويه: تقى يتقي، مثل قضى يقض!!ي. "الن!!ار" مفعولة. "ال!!تي" من نعته!!ا. وفيه!!ا ثالث لغ!!ات: ال!!تي واللت )بكس!!ر الت!!اء( واللت )بإس!!كانها(. وهي اس!!م مبهم للم!!ؤنث وهي معرف!!ة، وال يج!!وز ن!!زع األلف والالم منها للتنكير، وال تتم إال بص!!لة. وفي تثنيته!!ا ثالث لغ!!ات أيض!!ا: اللتان واللتا )بح!!ذف الن!!ون( واللت!!ان )بتش!!ديد الن!!ون( وفي جمعه!!ا خمس لغ!!ات: الالتي، وهي لغ!!ة الق!!رآن. والالت )بكس!!ر الت!!اء بال ي!!اء(. والل!!واتي.

واللوات )بال ياء(، وأنشد أبو عبيدة: من اللواتي واللتي والالتي زعمن أن قد كبرت لداتي واللوا )بإسقاط التاء(، هذا ما حكاه الجوهري وزاد ابن الشجري: الالئي

)بالهمز وإثبات الي!!اء(. والالء )بكس!!ر الهم!!زة وح!!ذف الي!!اء(. والال )بح!!ذف الهمزة( فإن جمعت الجمع قلت في الالتي: الل!!واتي وفي الالئي: الل!!وائي. قال الجوهري: وتصغير التي اللتيا )ب!الفتح والتش!ديد(، ق!ال الراج!ز: بع!د

اللتيا واللتيا والتي إذا علتها أنفس تردت وبعض الشعراء أدخل على "التي" ح!رف الن!!داء، وح!!روف الن!!داء ال ت!!دخل على ما فيه األلف والالم إال في قولنا: يا الله، وحده. فكأن!!ه ش!!بهها ب!!ه من

حيث كانت األلف والالم غير مفارقتين لها، وقال:من أجلك يا التي تيمت قلبي وأنت بخيلة بالود عني

ويقال: وقع فالن في اللتيا وال!!تي، وهم!!ا اس!!مان من أس!!ماء الداهي!!ة. والوق!!ود )ب!!الفتح(: الحطب. وبالض!!م: التوق!!د. و"الن!!اس" عم!!وم، ومعن!!اه الخصوص فيمن سبق عليه القضاء أنه يكون حطب!!ا له!ا، أجارن!!ا الل!!ه منه!!ا. "والحج!!ارة" هي حج!!ارة الك!!بريت األس!!ود - عن ابن مس!!عود والف!!راء - وخصت بذلك ألنه!!ا تزي!!د على جمي!!ع األحج!!ار بخمس!!ة أن!!واع من الع!!ذاب: سرعة االتقاد، نتن الرائحة، ك!!ثرة ال!!دخان، ش!!دة االلتص!!اق باألب!!دان، ق!!وة حرها إذا حميت. وليس في قوله تعالى: "وقودها الن!!اس والحج!!ارة" دلي!!ل

Page 89: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

على أن ليس فيها غير الناس والحجارة، بدليل ما ذكره في غير موضع من كون الجن والشياطين فيها. وقيل: المراد بالحجارة األصنام، لقوله تع!!الى:

[ أي حطب98"إنكم وم!!ا تعب!!دون من دون الل!!ه حص!!ب جهنم" ]األنبي!!اء: جهنم. وعليه فتكون الحجارة والناس وقودا للنار وذك!!ر ذل!!ك تعظيم!!ا للن!!ار أنها تحرق الحجارة مع إحراقها للناس. وعلى التأويل األول يكونون معذبين بالنار والحجارة. وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )كل مؤذ في النار(. وفي تأويله وجهان: أح!!دهما - أن ك!!ل من آذى الن!!اس في الدنيا عذبه الله في اآلخرة بالنار. الثاني - أن كل م!ا ي!ؤذي الن!!اس في الدنيا من السباع والهوام وغيرها في النار مع!!د لعقوب!!ة أه!!ل الن!!ار. وذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه النار المخصوصة بالحجارة هي نار الكافرين

خاصة. والله أعلم. روى مسلم عن العباس بن عبدالمطلب قال قلت: يا رسول الله، إن أبا

ط!!الب ك!!ان يحوط!!ك وينص!!رك، فه!!ل نفع!!ه ذل!!ك؟ ق!!ال: )نعم وجدت!!ه في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحض!!اح - في رواي!!ة - ول!!وال أن!!ا لك!!ان في الدرك األسفل من الن!!ار(. "وقوده!!ا" مبت!!دأ. "الن!!اس" خ!!بره. "والحج!!ارة" عطف عليهم. وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مص!!رف: "وقوده!!ا" )بض!!م الواو(. وقرأ عبي!!د بن عم!!ير: "وقي!!دها الن!!اس". ق!!ال الكس!!ائي واألخفش: الوقود )بفتح الواو(: الحطب، و)بالض!!م(: الفع!!ل، يق!!ال: وق!!دت الن!!ار تق!!د وقودا )بالضم( ووقدا وقدة ووقيدا ووقدا ووقدانا، أي توقدت. وأوق!!دتها أن!!ا واستوقدتها أيضا. واالتقاد مثل التوقد، والموضع موقد، مثل مجلس، والن!!ار موق!!دة. والوق!!دة: ش!!دة الح!!ر، وهي عش!!رة أي!!ام أو نص!!ف ش!!هر. ق!!ال النح!!اس: يجب على ه!!ذا أال يق!!رأ إال "وقوده!!ا" بفتح ال!!واو ألن المع!!نى حطبها، إال أن األخفش قال: وحكي أن بعض العرب يجعل الوق!!ود والوق!!ود بمعنى الحطب والمص!!در. ق!!ال النح!!اس: وذهب إلى أن األول أك!!ثر، ق!!ال:

كما أن الوضوء الماء، والوضوء المصدر. @قوله تعالى: "أعدت للكافرين" ظاهره أن غير الكافرين ال يدخلها وليس كذلك، ب!!دليل م!!ا ذك!ره في غ!!ير موض!!ع من الوعي!!د للم!!ذنبين وباألح!اديث الثابتة في الشفاعة، على ما يأتي. وفيه دليل على ما يقوله أهل الحق من أن النار موجودة مخلوقة، خالفا للمبتدع!!ة في ق!!ولهم إنه!!ا لم تخل!!ق ح!!تى اآلن. وه!!و الق!!ول ال!!ذي س!!قط في!!ه القاض!!ي من!!ذر بن س!!عيد البل!!وطي األندلسي. روى مسلم عن عبدالله بن مسعود قال كنا م!!ع رس!!ول الل!!ه إذ سمع وجبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )تدرون ما ه!!ذا( ق!!ال قلن!!ا: الله ورسوله أعلم، قال: )هذا حجر رمي ب!!ه في الن!!ار من!!ذ س!!بعين خريف!!ا فهو يهوي في الن!!ار اآلن ح!!تى انتهى إلى قعره!!ا(. وروى البخ!!اري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: )احتجت الن!!ار والجن!!ة فقالت هذه يدخلني الجبارون والمتك!!برون وق!!الت ه!!ذه ي!!دخلني الض!!عفاء والمساكين فقال الله عز وجل لهذه: أنت عذابي أعذب به من أشاء وق!!ال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها(. وأخرجه مس!لم بمعن!اه. يق!ال: احتجت بمع!نى تحتج، للح!ديث المتق!دم ح!ديث ابن مسعود، وألن النبي صلى الله عليه وسلم قد أريهم!!ا في ص!!الة الكس!!وف، ورآهما أيضا في إسرائه ودخ!!ل الجن!!ة، فال مع!!نى لم!!ا خ!!الف ذل!!ك. وبالل!!ه التوفيق. و"أعدت" يجوز أن يكون حاال للن!!ار على مع!نى مع!دة، وأض!مرت

Page 90: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ فمعناه قد90معه قد، كما قال: "أو جاؤوكم حصرت صدورهم" ]النساء: حصرت صدورهم، فمع "حصرت" قد مضمرة ألن الماضي ال يكون ح!!اال إال مع قد، فعلى ه!!ذا ال يتم الوق!!ف على "الحج!!ارة". ويج!!وز أن يك!!ون كالم!!ا منقطعا عم!!ا قبل!!ه، كم!!ا ق!!ال: "وذلكم ظنكم ال!!ذي ظننتم ب!!ربكم أرداكم"

[. وقال السجستاني: "أعدت للكافرين" من صلة "التي" كم!!ا23]فصلت: ق!!ال في آل عم!!ران: "واتق!!وا الن!!ار ال!!تي أع!!دت للك!!افرين" ]آل عم!!ران:

[. ابن األنباري: وه!!ذا غل!!ط، ألن ال!!تي في س!!وره البق!!رة ق!!د وص!!لت131 بقوله: "وقودها الناس" فال يج!!وز أن توص!!ل بص!!لة ثاني!!ة، وفي آل عم!!ران

ليس لها صله غير "أعدت". }وبشر الذين آمنوا وعملوا الص!!الحات أن لهم جن!!ات تج!!ري25*اآلية: 3*

من تحتها األنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا ه!!ذا ال!!ذي رزقن!!ا منقبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون{

@لما ذكر الله عز وجل جزاء الكافرين ذكر جزاء المؤمنين أيضا. والتبشير اإلخبار بما يظهر أثره على البشرة - وهي ظاهر الجل!!د لتغيره!!ا ب!!أول خ!!بر يرد عليك، ثم الغالب أن يستعمل في الس!!رور مقي!!دا ب!!الخير المبش!!ر ب!!ه، وغير مقيد أيضا. وال يستعمل في الغم والشر إال مقيدا منصوصا على الشر

[ ويقال:24المبشر به، قال الله تعالى "فبشرهم بعذاب أليم" ]االنشقاق: بشرته وبشرته - مخفف ومشدد - بشارة )بكسر الب!!اء( فأبش!!ر واستبش!!ر. وبشر يبشر إذا فرح. ووجه بشير إذا كان حس!!نا بين البش!!ارة )بفتح الب!!اء(.

والبشرى: ما يعطاه المبشر. وتباشير الشيء: أوله. @أجمع العلماء على أن المكلف إذا قال: من بشرني من عبيدي بكذا فه!!و ح!!ر، فبش!!ره واح!!د من عبي!!ده ف!!أكثر ف!!إن أولهم يك!!ون ح!!را دون الث!!اني. واختلفوا إذا قال: من أخبرني من عبيدي بكذا فهو ح!!ر فه!!ل يك!!ون الث!!اني مثل األول، فقال أصحاب الشافعي: نعم، ألن كل واحد منهم مخ!!بر. وق!!ال علماؤنا: ال، ألن المكلف إنما قصد خبرا يكون بشارة، وذلك يختص ب!!األول، وهذا معلوم عرفا فوجب صرف القول إليه. وف!!رق محم!!د بن الحس!!ن بين قوله: أخبرني، أو حدثني، فقال: إذا قال الرجل أي غالم لي أخ!!برني بك!!ذا، أو أعلمني بكذا وكذا فهو حر - وال نية له - فأخبره غالم له ب!!ذلك بكت!!اب أو كالم أو رسول فإن الغالم يعتق، ألن هذا خبر. وإن أخبره بعد ذلك غالم ل!!ه عتق، ألنه قال: أي غالم أخبرني فهو حر. ولو أخبروه كلهم عتقوا، وإن كان عنى - حين حلف - بالخبر كالم مشافهة لم يعت!!ق واح!!د منهم إال أن يخ!!بره بكالم مشافهة بذلك الخبر. قال: وإذا ق!!ال أي غالم لي ح!!دثني، فه!!ذا على

المشافهة، ال يعتق واحد منهم. @قوله تعالى: "وعملوا الصالحات" رد على من يقول: إن اإليمان بمج!!رده يقتضي الطاعات، ألنه لو كان ذلك ما أعادها فالجنة تنال باإليم!!ان والعم!!ل الصالح. وقيل: الجنة تنال باإليمان، والدرجات تستحق باألعمال الصالحات.

والله أعلم. "أن لهم" في موضع نصب ب! "بشر" والمعنى وبشر ال!!ذين آمن!!وا ب!!أن

لهم، أو ألن لهم، فلما سقط الخافض عمل الفعل. وقال الكسائي وجماعة من البصريين: "أن" في موض!!ع خفض بإض!!مار الب!!اء. "جن!!ات" في موض!!ع نص!!ب اس!!م "أن"، "وأن وم!!ا عملت في!!ه في موض!!ع المفع!!ول الث!!اني. والجن!!ات: البس!!اتين، وإنم!!ا س!!ميت جن!!ات ألنه!!ا تجن من فيه!!ا أي تس!!تره

Page 91: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بشجرها، ومنه: المجن والجنين والجنة. "تجري" في موض!!ع النعت لجن!!ات وهو مرفوع، ألنه فعل مستقبل فحذفت الضمة من الياء لثقلها معه!!ا. "من

تحتها" أي من تحت أشجارها، ولم يجر لها ذكر، ألن الجنات دالة عليها. @"األنهار" أي ماء األنهار، فنسب الجري إلى األنه!ار توس!!عا، وإنم!ا يج!!ري الماء وحده فحذف اختصارا، كم!ا ق!ال تع!الى: "واس!أل القري!ة" ]يوس!ف:

[ أي أهلها. وقال الشاعر: 82نبئت أن النار بعدك أوقدت واستب بعدك يا كليب المجلس

أراد: أهل المجلس، فحذف. والنهر: مأخوذ من أنه!!رت، أي وس!!عت، ومن!!هقول قيس بن الخطيم:

ملكت بها كفي فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها أي وسعتها، يصف طعنة. ومنه قول النبي صلى الله عليه وس!!لم: )م!!ا

أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه(. معناه: ما وس!!ع ال!!ذبح ح!!تى يج!!ريالدم كالنهر. وجمع النهر: نهر وأنهار. ونهر نهر: كثير الماء، قال أبو ذؤيب:

أقامت به فابتنت خيمة على قصب وفرات نهر وروي: أن أنهار الجنة ليست في أخادي!!د، إنم!!ا تج!!ري على س!!طح الجن!!ة

منضبطة بالق!!درة حيث ش!!اء أهله!!ا. والوق!!ف على "األنه!!ار" حس!!ن وليس بتام، ألن قوله: "كلما رزق!وا منه!ا من ثم!رة" من وص!ف الجن!ات. "رزق!ا" مصدره، وقد تقدم القول في الرزق. ومع!!نى "من قب!!ل" يع!!ني في ال!!دنيا، وفيه وجهان: أحدهما: أنهم قالوا هذا الذي وعدنا به في الدنيا. والثاني: هذا الذي رزقنا في الدنيا، ألن لونها يشبه ل!ون ثم!!ار ال!دنيا، ف!!إذا أكل!!وا وج!!دوا طعم!!ه غ!!ير ذل!!ك وقي!!ل: "من قب!!ل" يع!!ني في الجن!!ة ألنهم يرزق!!ون ثم يرزقون، فإذا أتوا بطعام وثمار في أول النهار فأكلوا منها، ثم أتوا منها في آخر النهار قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل، يعني أطعمنا في أول النهار، ألن

لونه يشبه ذلك، فإذا أكلوا منها وجدوا لها طعما غير طعم األول. @قوله: "وأتوا" فعلوا من أتيت. وقرأه الجماعة بضم الهمزة والت!!اء. وق!!رأ ه!!ارون األع!ور "وأت!!وا" بفتح الهم!زة والت!!اء. فالض!!مير في الق!!راءة األولى ألهل الجنة، وفي الثانية للخدام. "به متشابها" حال من الض!!مير في "ب!!ه"، أي يش!!به بعض!!ه بعض!!ا في المنظ!!ر ويختل!!ف في الطعم. قال!!ه ابن عب!!اس ومجاهد والحسن وغيرهم. وقال عكرمة: يشبه ثمر ال!!دنيا ويباين!!ه في ج!!ل الصفات. ابن عباس: هذا على وج!!ه التعجب، وليس في ال!!دنيا ش!!يء مم!!ا في الجنة سوى األسماء، فكأنهم تعجبوا لما رأوه من حسن الثم!!رة وعظم خلقه!!ا. وق!!ال قت!!ادة: خي!!ارا ال رذل في!!ه، كقول!!ه تع!!الى: "كتاب!!ا متش!!ابها"

[ وليس كثمار الدنيا التي ال تتشابه، ألن فيها خيارا وغير خيار.23]الزمر: @قوله: "ولهم فيها أزواج" ابتداء وخبر. وأزواج: جم!!ع زوج. والم!!رأة: زوج الرجل. والرجل زوج المرأة. قال األصمعي: وال تكاد الع!!رب تق!!ول زوج!!ة.

وحكى الفراء أنه يقال: زوجة، وأنشد الفرزدق:وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها وقال عمار بن ياسر في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: والله

إني ألعلم أنها زوجته في الدنيا واآلخرة، ولكن الله ابتالكم. ذكره البخ!!اري،واختاره الكسائي.

"مطه!رة" نعت لألزواج ومطه!رة في اللغ!ة أجم!ع من ط!!اهرة وأبل!غ، ومع!نى ه!ذه الطه!ارة من الحيض والبص!!اق وس!!ائر أق!ذار اآلدمي!!ات. ذك!ر

Page 92: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عبدالرزاق قال أخ!!برني الث!!وري عن ابن أبي نجيح عن مجاه!!د: "مطه!!رة" قال: ال يبلن وال يتغوطن وال يلدن وال يحضن وال يمنين وال يبصقن. وقد أتينا على هذا كله في وصف أهل الجنة وصفة الجنة ونعيمها من كتاب التذكرة.

والحمد لله. "وهم فيها خال!!دون" "هم" مبت!!دأ. "خال!!دون" خ!!بره، والظ!!رف ملغى.

ويجوز في غير القرآن نصب خالدين على الحال. والخلود: البقاء ومنه جن!!ة الخلد. وقد تستعمل مجازا فيما يطول، ومنه قولهم في ال!!دعاء: خل!!د الل!!ه

ملكه أي طوله. قال زهير:أال ال أرى على الحوادث باقيا وال خالدا إال الجبال الرواسيا

وأما الذي في اآلية فهو أبدي حقيقة. }إن الله ال يس!!تحيي أن يض!!رب مثال م!!ا بعوض!!ة فم!!ا فوقه!!ا26*اآلية: 3*

فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأم!!ا ال!!ذين كف!!روا فيقول!!ون ماذا أراد الله به!ذا مثال يض!!ل ب!ه كث!!يرا ويه!دي ب!!ه كث!!يرا وم!!ا يض!!ل ب!!ه إال

الفاسقين{ @قوله تعالى: "إن الل!!ه ال يس!!تحيي أن يض!!رب مثال م!!ا بعوض!!ة" ق!!ال ابن عب!!اس في رواي!!ة أبي ص!!الح: لم!!ا ض!!رب الل!!ه س!!بحانه ه!!ذين المثلين

[ وقوله: "أو17للمنافقين: يعني "مثلهم كمثل الذي استوقد نارا" ]البقرة: [ ق!!الوا: الل!!ه أج!!ل وأعلى من أن يض!!رب19كصيب من السماء" ]البقرة:

األمثال، فأنزل الله هذه اآلية. وفي رواية عط!!اء عن ابن عب!!اس ق!!ال: لم!!ا ذكر الله آلهة المش!!ركين فق!!ال: "وإن يس!!لبهم ال!!ذباب ش!!يئا ال يس!!تنقذوه

[ وذكر كي!!د اآلله!!ة فجعل!!ه ك!!بيت العنكب!!وت، ق!!الوا: أرأيت73منه" ]الحج: حيث ذكر الله الذباب والعنكب!!وت فيم!!ا أن!!زل من الق!!رآن على محم!!د، أي شيء يصنع؟ فأنزل الله اآلية. وقال الحسن وقتادة: لم!!ا ذك!!ر الل!!ه ال!!ذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل، ض!!حكت اليه!!ود وق!!الوا:

ما يشبه هذا كالم الله، فأنزل الله اآلية. و"يستحيي" أصله يستحيي، عينه والمه حرفا علة، أعلت الالم منه بأن

استثقلت الض!!مة على الي!!اء فس!!كنت. واس!!م الفاع!!ل في ه!!ذا: مس!!تحي، والجمع مستحيون ومستحيين. وق!رأ ابن محيص!ن "يس!تحي" بكس!ر الح!اء وياء واح!!دة س!!اكنة، وروى عن ابن كث!!ير، وهي لغ!!ة تميم وبك!!ر ابن وائ!!ل، نقلت فيها حركة الياء األولى إلى الحاء فسكنت، ثم استثقلت الض!!مة على الثانية فسكنت، فحذفت إحداهما لاللتقاء، واس!!م الفاع!!ل مس!!تح، والجم!!ع مس!!تحون ومس!!تحين. قال!!ه الج!!وهري. واختل!!ف المت!!أولون في مع!!نى "يستحيي" في هذه اآلية فقيل: ال يخشى، ورجحه الط!!بري، وفي التنزي!!ل:

[ بمع!!نى تس!!تحي.37"وتخشى الناس والله أح!!ق أن تخش!!اه" ]األح!!زاب: وقال غيره: ال يترك. وقيل: ال يمتنع. وأصل االستحياء االنقباض عن الشيء واالمتناع منه خوفا من مواقعة القبيح، وه!ذا مح!ال على الل!ه تع!الى. وفي صحيح مسلم عن أم سلمة رض!!ي الل!!ه عنه!!ا ق!!الت: ج!!اءت أم س!!ليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله ال يس!!تحيي من

الحق. المعنى ال يأمر بالحياء فيه، وال يمتنع من ذكره. @قوله تعالى: "أن يضرب مثال ما" "يضرب" معناه يبين، و"أن" مع الفع!!ل في موضع نصب بتقدير حذف من. "مثال" منص!!وب بيض!!رب "بعوض!!ة" في

نصبها أربعة أوجه:

Page 93: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

األول: تكون "ما" زائدة، و"بعوضة" بدال من "مثال". الثاني: تكون "ما" نكرة في موضع نصب على البدل من قوله: "مثال".

و"بعوضة" نعت لما، فوصفت "ما" ب!!الجنس المنك!!ر إلبهامه!!ا ألنه!!ا بمع!!نىقليل، قاله الفراء والزجاج وثعلب.

الثالث: نصبت على تقدير إسقاط الجار، المعنى أن يضرب مثال ما بين بعوضة، فحذفت "بين" وأع!!ربت بعوض!!ة بإعرابه!!ا، والف!!اء بمع!!نى إلى، أي

إلى ما فوقها. وهذا قول الكسائي والفراء أيضا، وأنشد أبو العباس:يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم وال حبال محب واصل تصل

أراد ما بين قرن، فلما أسقط "بين" نصب. الرابع: أن يكون "يضرب" بمع!!نى يجع!!ل، فتك!!ون "بعوض!!ة" المفع!!ول

الثاني. وقرأ الضحاك وإب!!راهيم بن أبي عبل!!ة ورؤب!!ة بن العج!!اج "بعوض!!ة" بالرفع، وهي لغة تميم. قال أب!!و الفتح: ووج!!ه ذل!!ك أن "م!!ا" اس!!م بمنزل!!ة الذي، و"بعوضة" رفع على إضمار المبتدأ، التق!!دير: ال يس!!تحيي أن يض!!رب الذي هو بعوضة مثال، فحذف العائد على الموصول وهو مبتدأ. ومثله قراءة بعض!!هم: "تمام!!ا على ال!!ذي أحس!!ن" أي على ال!!ذي ه!!و أحس!!ن. وحكى سيبويه: ما أنا بالذي قائل لك شيئا، أي هو قائ!!ل. ق!!ال النح!!اس: والح!!ذف في "ما" أقبح منه في "الذي"، ألن "الذي" إنما له وجه واحد واالس!!م مع!!ه أطول. ويقال: إن معنى ضربت ل!!ه مثال، مثلت ل!!ه مثال. وه!!ذه األبني!!ة على ضرب واح!!د، وعلى مث!!ال واح!!د ون!!وع واح!!د والض!!رب الن!!وع. والبعوض!!ة: فعول!!ة من بعض إذا قط!!ع اللحم، يق!!ال: بض!!ع وبعض بمع!!نى، وق!!د بعض!!ته تبعيضا، أي جزأته فتبعض. والبعوض: البق، الواحدة بعوض!ة، س!ميت ب!ذلك

لصغرها. قال الجوهري وغيره. @قوله تعالى: "فما فوقها" قد تقدم أن الفاء بمعنى إلى، ومن جعل "م!!ا" األولى صلة زائدة ف! "ما" الثانية عطف عليها. وقال الكس!!ائي وأب!!و عبي!!دة وغيرهما: معنى "فما فوقها" - والل!!ه أعلم - م!!ا دونه!!ا، أي إنه!!ا فوقه!!ا في الص!!غر. ق!!ال الكس!!ائي: وه!!ذا كقول!!ك في الكالم: أت!!راه قص!!يرا؟ فيق!!ول القائل: أو ف!!وق ذل!!ك، أي ه!!و أقص!!ر مم!!ا ت!!رى. وق!!ال قت!!ادة وابن ج!!ريج:

المعنى في الكبر. @قوله تعالى: "فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم" الضمير في "أنه" عائد على المثل أي أن المث!!ل ح!!ق. والح!!ق خالف الباط!!ل. والح!!ق: واحد الحقوق. والحقة )بفتح الحاء( أخص منه، يقال: هذه حقتي، أي حقي. "وأما الذين كفروا" لغة بني تميم وبني ع!!امر في "أم!!ا" أيم!!ا، يب!!دلون من إحدى الميمين ي!!اء كراهي!!ة التض!!عيف، وعلى ه!!ذا ينش!!د بيت عم!!ر بن أبي

ربيعة:رأت رجال أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأيما بالعشي فيخصر

قوله تعالى: "فيقولون ماذا أراد الله به!!ذا مثال" اختل!!ف النحوي!!ون في "ماذا"، فقيل: هي بمنزلة اسم واحد بمعنى أي شيء أراد الله، فيكون في موضع نصب ب! "أراد". قال ابن كيسان: وهو الجيد. وقيل: "م!!ا" اس!!م ت!!ام في موض!!ع رف!!ع باالبت!!داء، و"ذا" بمع!!نى ال!!ذي وه!!و خ!!بر االبت!!داء، ويك!!ون التقدير: ما الذي أراده الل!!ه به!!ذا مثال، ومع!!نى كالمهم ه!!ذا: اإلنك!!ار بلف!!ظ االس!!تفهام. و"مثال" منص!!وب على القط!!ع، التق!!دير: أراد مثال، قال!!ه ثعلب.

وقال ابن كيسان: هو منصوب على التمييز الذي وقع موقع الحال.

Page 94: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قول!!ه تع!!الى: "يض!!ل ب!!ه كث!!يرا ويه!!دي ب!!ه كث!!يرا" قي!!ل: ه!!و من ق!!ول الكافرين، أي ما مراد الله به!!ذا المث!!ل ال!!ذي يف!!رق ب!!ه الن!!اس إلى ض!!اللة وإلى هدى. وقيل: بل هو خبر من الله عز وجل، وه!!و أش!!به، ألنهم يق!!رون بالهدى أنه من عنده، فالمعنى: قل يضل الله به كثيرا ويهدي ب!!ه كث!!يرا، أي يوفق ويحذل، وعليه فيك!!ون في!!ه رد على من تق!!دم ذك!!رهم من المعتزل!!ة وغ!!يرهم في ق!!ولهم: إن الل!!ه ال يخل!!ق الض!!الل وال اله!!دى. ق!!الوا: ومع!!نى "يضل به كثيرا" التسمية هنا، أي يس!!ميه ض!!اال، كم!!ا يق!!ال: فس!!قت فالن!!ا، يع!!ني س!!ميته فاس!!قا، ألن الل!!ه تع!!الى ال يض!!ل أح!!دا. ه!!ذا ط!!ريقهم في اإلضالل، وهو خالف أقاويل المفسرين، وه!!و غ!!ير محتم!!ل في اللغ!!ة، ألن!!ه يقال: ضلله إذا سماه ضاال، وال يقال: أضله إذا سماه ضاال، ولكن معناه م!!ا ذكره المفسرون أه!!ل التأوي!!ل من الح!!ق أن!!ه يخ!!ذل ب!!ه كث!!يرا من الن!!اس

مجازاة لكفرهم. "وم!!ا يض!!ل ب!!ه إال الفاس!!قين" وال خالف أن قول!!ه: "وم!!ا يض!!ل ب!!ه إال

الفاسقين" أن!!ه من ق!!ول الل!!ه تع!!الى. و"الفاس!!قين" نص!!ب بوق!!وع الفع!!ل عليهم، والتقدير: وما يضل به أحدا إال الفاسقين الذين سبق في علم!!ه أن!!ه ال يهديهم. وال يجوز أن تنصبهم على االستثناء ألن االستثناء ال يكون إال بع!!د تمام الكالم. وقال نوف البكالي: قال عزير فيما يناجي ربه عز وج!!ل: إلهي تخلق خلقا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء. قال فقي!!ل: ي!ا عزي!ر اع!رض عن هذا! لتعرضن عن هذا أو ألمحونك من النبوة، إني ال أس!!أل عم!!ا أفع!!ل وهم يسألون. والضالل أص!!له الهالك، يق!!ال من!!ه: ض!!ل الم!!اء في اللبن إذا

[ وق!!د10استهلك، ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "أإذا ض!!للنا في األرض" ]الس!!جدة: تقدم في الفاتح!!ة. والفس!!ق أص!!له في كالم الع!!رب الخ!!روج عن الش!!يء، يق!!ال: فس!!قت الرطب!!ة إذا خ!!رجت عن قش!!رها، والف!!أرة من جحره!!ا. والفويسقة: الفأرة، وفي الحديث: )خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب األبقع والف!!أرة والكلب العق!!ور والح!!ديا(. روت!!ه عائش!!ة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه مس!!لم. وفي رواي!!ة )العق!!رب( مك!!ان )الحية(. فأطلق صلى الله عليه وسلم عليها اسم الفسق ألذيته!!ا، على م!!ا ي!!أتي بيان!!ه في ه!!ذا الكت!!اب إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى. وفس!!ق الرج!!ل يفس!!ق ويفسق أيضا - فسقا وفسوقا، أي فجر. فأما قوله تعالى: "ففسق عن أمر ربه" فمعناه خرج. وزعم ابن األعرابي أنه لم يسمع قط في كالم الجاهلي!!ة وال في شعرهم فاسق. قال: وهذا عجب، وه!!و كالم ع!!ربي حك!!اه عن!!ه ابن

فارس والجوهري. قلت: قد ذكر أبو بكر األنباري في كتاب "الزاهر" له لما تكلم على معنى

الفسق قول الشاعر:يذهبن في نجد وغورا غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا والفسيق: الدائم الفسق. ويقال في النداء: يا فسق ويا خبث، يريد: يا

أيها الفاسق، ويا أيه!!ا الخ!!بيث. والفس!!ق في ع!!رف االس!!تعمال الش!!رعي: الخروج من طاعة الله عز وجل، فق!د يق!!ع على من خ!رج بكف!!ر وعلى من

خرج بعصيان. }الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاق!ه ويقطع!ون م!ا أم!ر27*اآلية: 3*

الله به أن يوصل ويفسدون في األرض أولئك هم الخاسرون{

Page 95: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "الذين" )ال!!ذين( في موض!!ع نص!!ب على النعت للفاس!!قين، وإن ش!!ئت جعلت!!ه في موض!!ع رف!!ع على أن!!ه خ!!بر ابت!!داء مح!!ذوف، أي هم الذين. وقد تقدم. "ينقضون عهد الله" النقض: إفساد ما أبرمته من بن!!اء أو حبل أو عهد. والنقاضة. ما نقض من حب!!ل الش!عر. والمناقض!!ة في الق!!ول: أن تتكلم بما تناقض معناه. والنقيض!!ة في الش!!عر: م!!ا ينقض ب!!ه. والنقض: المنقوض. واختلف الناس في تعيين هذا العهد، فقيل: هو الذي أخ!!ذه الل!!ه على بني آدم حين استخرجهم من ظهره. وقيل: هو وصية الل!!ه تع!!الى إلى خلقه، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته، ونهيه إياهم عم!!ا نه!!اهم عن!!ه من معصيته في كتبه على ألس!!نة رس!!له، ونقض!!هم ذل!!ك ت!!رك العم!!ل ب!!ه. وقيل: بل نصب األدلة على وحدانيته بالسماوات واألرض وسائر الصنعة هو بمنزلة العهد، ونقضهم ترك النظر في ذل!ك. وقي!!ل: ه!و م!ا عه!ده إلى من أوتي الكتاب أن يبينوا نبوة محمد صلى الله عليه وس!!لم وال يكتم!!وا أم!!ره. فاآلية على هذا في أهل الكتاب. قال أبو إسحاق الزجاج: عه!!ده ج!!ل وع!!ز ما أخذه على النبيين ومن اتبعهم أال يكفروا بالنبي صلى الله علي!!ه وس!!لم.

[ إلى قول!!ه81ودلي!!ل ذل!!ك: "وإذ أخ!!ذ الل!!ه ميث!!اق النب!!يين" ]آل عم!!ران: [ أي عهدي.81تعالى: "وأخذتم على ذلكم إصري" ]آل عمران:

قلت: وظاهر ما قبل وما بعد يدل على أنها في الكف!!ار. فه!!ذه خمس!!ة أقوال، والقول الثاني يجمعها.

قوله تعالى: "من بعد ميثاقه" الميثاق: العهد المؤكد باليمين، مفعال من الوثاقة والمعاهدة، وهي الشدة في العقد والربط ونحوه. والجمع المواثيق على األصل، ألن أصل ميثاق موثاق، صارت ال!!واو ي!!اء النكس!!ار م!!ا قبله!!ا -

والمياثق والمياثيق أيضا، وأنشد ابن األعرابي:حمى ال يحل الدهر إال بإذننا وال نسأل األقوام عهد المياثق

والموثق: الميثاق. والمواثقة: المعاهدة، ومنه قوله تع!الى: "وميثاق!ه ال!ذيواثقكم به".

@قول!!ه تع!!الى: "ويقطع!!ون" القط!!ع مع!!روف، والمص!!در - في ال!!رحم - القطيعة، يقال: قطع رحمه قطيعة فهو رج!ل قط!!ع وقطع!ة، مث!ال هم!!زة. وقطعت الحب!!ل قطع!!ا. وقطعت النه!!ر قطوع!!ا. وقطعت الط!!ير قطوع!!ا وقطاعا وقطاعا إذا خرجت من بلد إلى بلد. وأصاب الناس قطعة: إذا قلت

مياههم. ورجل به قطع: أي انبهار. @قول!!ه تع!!الى: "م!!ا أم!!ر الل!!ه ب!!ه أن يوص!!ل" "م!!ا" في موض!!ع نص!!ب ب! "يقطعون". و"أن" إن شئت كانت ب!!دال من "م!!ا" وإن ش!!ئت من اله!اء في "به" وهو أحسن. ويجوز أن يكون لئال يوصل، أي كراهة أن يوصل. واختلف ما الشيء الذي أمر بوصله؟ فقي!!ل: ص!!لة األرح!!ام. وقي!!ل: أم!!ر أن يوص!!ل القول بالعمل، فقطعوا بينهما بأن قالوا ولم يعملوا. وقي!!ل: أم!!ر أن يوص!!ل التصديق بجميع أنبيائه، فقطعوه بتصديق بعضهم وتك!!ذيب بعض!!هم. وقي!!ل: اإلشارة إلى دين الله وعبادته في األرض، وإقامة ش!!رائعه وحف!!ظ ح!!دوده. فهي عامة في كل ما أمر الل!!ه تع!!الى ب!!ه أن يوص!!ل. ه!!ذا ق!!ول الجمه!!ور،

والرحم جزء من هذا. @قول!!ه تع!!الى: "ويفس!!دون في األرض" أي يعب!!دون غ!!ير الل!!ه تع!!الى

ويجورون في األفعال، إذ هي بحسب شهواتهم، وهذا غاية الفساد.

Page 96: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قول!!ه: "أولئ!!ك هم الخاس!!رون" ابت!!داء وخ!!بر. و"هم" زائ!!دة، ويج!!وز أن تكون "هم" ابتداء ثان، "الخاسرون" خبره، والثاني وخ!!بره خ!!بر األول كم!!ا تقدم. والخاسر: ال!ذي نقص نفس!ه حظه!ا من الفالح والف!وز. والخس!ران:

النقصان، كان في ميزان أو غيره، قال جرير:إن سليطا في الخسار إنه أوالد قوم خلقوا أقنه

يعني بالخسار ما ينقص من حظوظهم وشرفهم. قال الج!!وهري: وخس!!رت الشيء )بالفتح( وأخسرته نقصته. والخسار والخسارة والخيسرى: الض!!الل والهالك. فقيل للهالك: خاسر، ألنه خس!!ر نفس!!ه وأهل!!ه ي!!وم القيام!!ة ومن!!ع

منزله من الجنة. @في هذه اآلية دليل على أن الوفاء بالعهد والتزامه وكل عهد جائز ألزم!!ه المرء نفسه فال يحل له نقضه سواء أك!!ان بين مس!!لم أم غ!!يره، ل!!ذم الل!!ه

[ وق!!د ق!!ال1تعالى من نقض عهده. وقد قال: "أوف!!وا ب!!العقود" ]المائ!!دة: لنبيه عليه السالم: "وإم!!ا تخ!!افن من ق!!وم خيان!!ة فانب!!ذ إليهم على س!!واء"

[ فنهاه عن الغدر وذلك ال يكون إال بنقض العهد على م!!ا ي!!أتي58]األنفال: بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.

}كي!!ف تكف!!رون بالل!!ه وكنتم أموات!!ا فأحي!!اكم ثم يميتكم ثم28*اآلي!!ة: 3*يحييكم ثم إليه ترجعون{

@"كيف" سؤال عن الح!!ال، وهي اس!!م في موض!!ع نص!!ب ب!!! "تكف!!رون"، وهي مبني!!ة على الفتح وك!!ان س!!بيلها أن تك!!ون س!!اكنة، ألن فيه!!ا مع!!نى االستفهام الذي معناه التعجب فأشبهت الحروف، واختير له!!ا الفتح لخفت!!ه، أي هؤالء ممن يجب أن يتعجب منهم حين كفروا وق!!د ثبتت عليهم الحج!!ة. فإن قيل: كيف يجوز أن يكون هذا الخط!اب أله!ل الكت!!اب وهم لم يكف!روا بالله؟ فالجواب ما سبق من أنهم لما لم يثبتوا أم محمد علي!!ه الس!!الم ولم يصدقوه فيما جاء به فقد أشركوا، ألنهم لم يقروا بأن القرآن من عند الله. ومن زعم أن الق!!رآن كالم البش!!ر فق!!د أش!!رك بالل!!ه وص!!ار ناقض!!ا للعه!!د. وقيل: "كيف" لفظه لفظ االستفهام وليس ب!!ه، ب!!ل ه!!و تقري!!ر وت!!وبيخ، أي كيف تكفرون نعمه عليكم وقدرته هذه ق!!ال الواس!!طي: وبخهم به!!ذا غاي!!ة التوبيخ، ألن الموات والجماد ال ينازع صانعه في شيء، وإنم!!ا المنازع!!ة من

الهياكل الروحانية. @قوله تعالى: "وكنتم أموات!!ا" ه!!ذه ال!!واو واو الح!!ال، وق!!د مض!!مرة. ق!!ال الزج!!اج: التق!!دير وق!!د كنتم، ثم ح!!ذفت ق!!د. وق!!ال الف!!راء: "أموات!!ا" خ!!بر "كنتم". "فأحياكم ثم يميتكم" هذا وقف التمام، كذا قال أبو حاتم. ثم ق!!ال: "ثم يحييكم". واختلف أهل التأويل في ت!!رتيب ه!!اتين الموت!!تين والحي!!اتين، وكم من موت!!ة وحي!!اة لإلنس!!ان؟ فق!!ال ابن عب!!اس وابن مس!!عود: أي كنتم أموات!!ا مع!!دومين قب!!ل أن تخلق!!وا فأحي!!اكم - أي خلقكم - ثم يميتكم عن!!د انقضاء آجالكم، ثم يحييكم يوم القيامة. ق!!ال ابن عطي!!ة: وه!!ذا الق!!ول ه!!و المراد باآلية، وهو ال!!ذي ال محي!!د للكف!!ار عن!!ه إلق!!رارهم بهم!!ا، وإذا أذعنت نفوس الكفار لكونهم أمواتا معدومين، ثم لإلحياء في الدنيا، ثم لإلماتة فيها قوي عليهم لزوم اإلحياء اآلخر وجاء جحدهم له دعوى ال حج!!ة عليه!!ا. ق!!ال غيره: والحياة التي تكون في القبر على هذا التأويل في حكم حي!!اة ال!!دنيا. وقيل: لم يعتد به!!ا كم!!ا لم يعت!!د بم!!وت من أمات!!ه في ال!!دنيا ثم أحي!!اه في الدنيا. وقيل: كنتم أمواتا - أي نطفا - في ثم أخرجكم من ظهره كال!!ذر، ثم

Page 97: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يميتكم موت الدنيا ثم يبعثكم. وقيل: كنتم أموات!!ا - أي نطف!!ا - في أص!!الب الرجال وأرح!!ام النس!!اء، ثم نقلكم من األرح!!ام فأحي!!اكم، ثم يميتكم بع!!ده هذه الحياة، ثم يحييكم في القبر للمسألة، ثم يميتكم في القبر، ثم يحييكم

حياة النشر إلى الحشر، وهي الحياة التي ليس بعدها موت. قلت: فعلى هذا التأويل هي ثالث موتات، وثالث إحياءات. وكونهم موتى

في ظهر آدم، وإخراجهم من ظهره والشهادة عليهم غير ك!!ونهم نطف!!ا في أص!!الب الرج!!ال وأرح!!ام النس!!اء، فعلى ه!!ذا تجيء أرب!!ع موت!!ات وأرب!!ع إحياءات. وقد قي!!ل: إن الل!!ه تع!الى أوج!!دهم قب!!ل خل!!ق آدم علي!!ه الس!!الم كالهباء ثم أماتهم، فيكون على هذا خمس موتات، وخمس إحياءات. وموتة سادسة للعص!!اة من أم!!ة محم!!د ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إذا دخل!!وا الن!!ار، لحديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أما أه!!ل الن!!ار ال!!ذي هم أهله!!ا ف!!إنهم ال يموت!!ون فيه!!ا وال يحي!!ون ولكن ن!!اس أصابتهم النار ب!ذنوبهم - أو ق!ال بخطاي!اهم - فأم!اتهم الل!ه إمات!ة ح!تى إذا ك!!انوا فحم!!ا أذن في الش!!فاعة فجيء بهم ض!!بائر ض!!بائر فبث!!وا على أنه!!ار الجنة ثم قيل يا أهل الجن!!ة أفيض!!وا عليهم فينبت!!ون نب!ات الحب!!ة تك!ون في حميل السيل(. فقال رجل من الق!!وم: ك!!أن رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه

وسلم قد كان يرعى بالبادية. أخرجه مسلم. قلت: فقوله )فأماتهم الله( حقيقة في الموت، ألنه أكده بالمصدر، وذلك

تكريما لهم. وقيل: يجوز أن يكون )أم!!اتهم( عب!!ارة عن تغ!!ييبهم عن آالمه!!ا بالنوم، وال يكون ذلك موتا على الحقيقة، واألول أصح. وقد أجمع النحوي!!ون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا، وإنما هو على الحقيق!!ة،

[ على م!!ا ي!!أتي بيان!!ه إن164ومثله: "وكلم الله موسى تكليم!!ا" ]النس!!اء: شاء الله تعالى. وقيل: المعنى وكنتم أمواتا بالخمول فأحي!!اكم ب!!أن ذك!!رتم وشرفتم بهذا ال!!دين والن!!بي ال!!ذي ج!!اءكم، ثم يميتكم فيم!!وت ذك!!ركم، ثم

يحييكم للبعث. @قوله تعالى: "ثم إليه ترجعون" أي إلى عذابه مرجعكم لكف!!ركم. وقي!!ل: إلى الحياة وإلى المسألة، كم!!ا ق!!ال تع!!الى: "كم!!ا ب!!دأنا أول خل!!ق نعي!!ده"

[ فإع!!ادتهم كابت!!دائهم، فه!!و رج!!وع. و"ترجع!!ون" ق!!راءة104]األنبي!!اء: الجماعة. ويحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق ومجاه!!د وابن محيص!!ن وس!!الم

بن يعقوب يفتحون حرف المضارعة ويكسرون الجيم حيث وقعت. }ه!!و ال!!ذي خل!!ق لكم م!!ا في األرض جميع!!ا ثم اس!!توى إلى29*اآلية: 3*

السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم{ @قوله: "خلق" معناه اخترع وأوج!!د بع!!د الع!!دم. وق!!د يق!!ال في اإلنس!!ان:

"خلق" عند إنشائه شيئا، ومنه قول الشاعر:من كان يخلق ما يقو ل فحيلتي فيه قليلة

وق!!د تق!!دم ه!!ذا المع!!نى. وق!!ال ابن كيس!!ان: "خل!!ق لكم" أي من أجلكم. وقيل: المعنى أن جميع ما في األرض منعم به عليكم فهو لكم. وقي!!ل: إن!!ه

دليل على التوحيد واالعتبار. قلت وهذا هو الصحيح على ما نبينه. ويجوز أن يكون عني به ما هم إليه

محتاجون من جميع األشياء. @ استدل من قال إن أصل األشياء التي ينتفع بها اإلباح!!ة به!!ذه اآلي!!ة وم!!ا كان مثلها - كقوله: "وس!خر لكم م!ا في الس!موات وم!ا في األرض جميع!ا

Page 98: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ اآلية - حتى يقوم الدليل على الحظر. وعضدوا هذا بأن13منه" ]الجاثية: قالوا: إن المآكل الشهية خلقت مع إمكان أال تخلق فلم تخلق عبث!!ا، فال ب!!د لها من منفعة. وتل!!ك المنفع!!ة ال يص!!ح رجوعه!!ا إلى الل!!ه تع!!الى الس!!تغنائه بذاته، فهي راجعة إلينا. ومنفعتنا إما في نيل ل!!ذتها، أو في اجتنابه!!ا لنخت!!بر بذلك، أو في اعتبارنا بها. وال يحصل شيء من تلك األمور إال بذوقها، فل!!زم أن تك!!ون مباح!!ة. وه!!ذا فاس!!د، ألن!!ا ال نس!!لم ل!!زوم العبث من خلقه!!ا إال لمنفعة، بل خلقها كذلك ألنه ال يجب عليه أصل المنفعة، ب!!ل ه!!و الم!!وجب. وال نس!!لم حص!!ر المنفع!!ة فيم!!ا ذك!!روه، وال حص!!ول بعض تل!!ك المن!!افع إال بالذوق، ب!!ل ق!!د اس!!تدل على الطع!!وم ب!!أمور أخ!!ر كم!!ا ه!!و مع!!روف عن!!د الطبائعيين. ثم هو معارض بما يخاف أن تكون سموما مهلك!!ة، ومعارض!!ون بشبهات أصحاب الحظر. وتوقف آخرون وقالوا: ما من فع!!ل ال ن!!درك من!!ه حسنا وال قبح!!ا إال ويمكن أن يك!!ون حس!!نا في نفس!ه، وال معين قب!!ل ورود الشرع، فتعين الوقف إلى ورود الشرع. وه!!ذه األقاوي!!ل الثالث!!ة للمعتزل!!ة. وقد أطلق الشيخ أبو الحسن وأصحابه وأكثر المالكية والص!!يرفي في ه!!ذه المسألة القول بالوقف. ومعناه عندهم أن ال حكم فيها في تلك الحال، وأن للشرع إذا ج!!اء أن يحكم بم!!ا ش!!اء، وأن العق!!ل ال يحكم بوج!!وب وال غ!!يره وإنما حظه تع!!رف األم!!ور على م!!ا هي علي!!ه. ق!!ال ابن عطي!!ة: وحكى ابن فورك عن ابن الصائغ أنه قال: لم يخل العقل قط من السمع، وال نازل!!ة إال وفيها سمع، أو لها تعلق به، أو لها حال تستصحب. ق!!ال: فينبغي أن يعتم!!د

على هذا، ويغني عن النظر في حظر وإباحة ووقف. @ الصحيح في معنى قوله تعالى: "خلق لكم ما في األرض" االعتبار. ي!!دل عليه ما قبله وما بعده من نصب العبر: اإلحياء واإلمات!!ة والخل!!ق واالس!!تواء إلى الس!!!ماء وتس!!!ويتها، أي ال!!!ذي ق!!!در على إحي!!!ائكم وخلقكم وخل!!!ق السموات واألرض، ال تبعد منه الق!!درة على اإلع!!ادة. ف!!إن قي!!ل: إن مع!!نى "لكم" االنتفاع، أي لتنفعوا بجميع ذل!!ك، قلن!!ا الم!!راد باالنتف!!اع االعتب!!ار لم!!ا ذكرنا. فان قيل: وأي اعتبار في العقارب والحيات، قلنا: قد يتذكر اإلنس!!ان ببعض ما يرى من المؤذي!!ات م!!ا أع!!د الل!!ه للكف!!ار في الن!!ار من العقوب!!ات فيك!!ون س!!ببا لإليم!!ان وت!!رك المعاص!!ي، وذل!!ك أعظم االعتب!!ار. ق!!ال ابن العربي: وليس في اإلخبار بهذه القدرة عن هذه الجملة م!!ا يقتض!!ي حظ!!را وال إباحة وال وقفا، وإنما ج!!اء ذك!!ر ه!!ذه اآلي!!ة في مع!!رض الدالل!!ة والتنبي!!ه ليستدل بها على وحدانيته. وقال أرباب المع!!اني في قول!!ه: "خل!!ق لكم م!!ا في األرض جميعا" لتتقووا به على طاعته، ال لتصرفوه في وجوه معص!!يته. وقال أبو عثمان: وهب لك الكل وسخره لك لتستدل به على س!!عة ج!!وده، وتسكن إلى ما ضمن لك من جزي!!ل عطائ!!ه في المع!!اد، وال تس!!تكثر كث!!ير

بره على قليل عملك، فقد ابتدأك بعظيم النعم قبل العمل وهو التوحيد. @ روى زيد بن أسلم عن أبيه عن عم!ر بن الخط!اب رض!ي الل!ه عن!ه، أن رجال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه، فقال رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم )ما عندي شيء ولكن ابتع علي فإذا ج!!اء ش!!يء قضينا( فقال له عمر: هذا أعطيت إذا كان عندك فما كلفك الله ما ال تقدر. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قول عمر، فقال رجل من األنصار:

يا رسول الله:أنفق وال تخش من ذي العرش إقالال

Page 99: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف السرور في وجهه لق!!ول األنصاري. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ب!!ذلك أم!!رت(. ق!!ال علماؤنا رحمة الل!!ه عليهم: فخ!!وف اإلقالل من س!!وء الظن بالل!ه، ألن الل!!ه تعالى خلق األرض بما فيها لولد آدم، وقال في تنزيل!!ه: "خل!!ق لكم م!!ا في األرض جميعا" "وسخر لكم ما في السموات وم!!ا في األرض جميع!!ا من!!ه"

[. فهذه األشياء كلها مسخرة لآلدمي قطعا لعذره وحجة عليه،13]الجاثية: ليكون له عبدا كما خلقه عبدا، فإذا كان العب!د حس!ن الظن بالل!!ه لم يخ!ف اإلقالل ألنه يخلف عليه، كما قال تعالى: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلف!!ه

[،40[ وقال: "فإن ربي غني كريم" ]النم!!ل: 39وهو خير الرازقين" ]سبأ: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )قال الل!!ه تع!!الى: س!!بقت رحم!!تي غضبي يا ابن آدم أنفق أنفق عليك يمين الل!!ه مألى س!!حا ال يغيض!!ها ش!!يء الليل والنهار(. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما من ي!!وم يص!!بح العباد فيه إال وملكان ينزالن فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلف!!ا ويق!!ول اآلخر اللهم أعط ممسكا تلفا(. وكذا في المساء عند الغروب يناديان أيضا، وهذا كله صحيح رواه األئمة والحم!!د لل!!ه. فمن اس!!تنار ص!!دره، وعلم غ!!نى ربه وكرمه أنفق ولم يخ!!ف اإلقالل، وك!!ذلك من م!!اتت ش!!هواته عن ال!!دنيا واجتزأ باليسير من القوت المقيم لمهجته، وانقطعت مشيئته لنفسه، فه!!ذا يعطي من يس!!ره وعس!!ره وال يخ!!اف إقالال. وإنم!!ا يخ!!اف اإلقالل من ل!!ه مشيئة في األشياء، فإذا أعطي اليوم وله غ!!دا مش!!يئه في ش!!يء خ!!اف أال يصيب غدا، فيضيق عليه األمر في نفقة اليوم لمخاف!!ة إقالل!!ه. روى مس!!لم عن أسماء بنت أبي بكر قالت قال لي رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )انفحي أو انض!!حي أو أنفقي وال تحص!!ي فيحص!!ي الل!!ه علي!!ك وال ت!!وعي فيوعي عليك(. وروى النس!!ائي عن عائش!!ة ق!!الت: دخ!!ل علي س!!ائل م!!رة وعندي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت له بش!يء ثم دع!وت ب!ه فنظرت إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أما تريدين أال يدخل بيتك شيء وال يخرج إال بعلمك( قلت: نعم، قال: )مهال يا عائش!!ة ال تحص!!ي

فيحصي الله عز وجل عليك(. @قوله تعالى: "ثم استوى" "ثم" لترتيب اإلخبار ال لترتيب األمر في نفسه. واالستواء في اللغة: االرتفاع والعلو على الشيء، ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "ف!!إذا

[، وق!!ال "لتس!!تووا28اس!!تويت أنت ومن مع!!ك على الفل!!ك" ]المؤمن!!ون: [، وقال الشاعر:13على ظهوره" ]الزخرف:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة وقد حلق النجم اليماني فاستوى أي ارتفع وعال، واستوت الش!!مس على رأس!!ي واس!!توت الط!!ير على قم!!ة رأسي، بمعنى عال. وهذه اآلية من المشكالت، والناس فيه!!ا وفيم!!ا ش!!اكلها على ثالثة أوجه، قال بعضهم: نقرؤها ون!!ؤمن به!!ا وال نفس!!رها، وذهب إلي!!ه كثير من األئم!ة، وه!ذا كم!ا روى عن مال!ك رحم!ه الل!!ه أن رجال س!أله عن

[ قال مال!!ك: االس!!تواء5قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" ]طه: غير مجهول، والكيف غير معقول، واإليمان به واجب، والسؤال عن!!ه بدع!ة، وأراك رجل سوء أخرجوه. وقال بعضهم: نقرؤها ونفسرها على ما يحتمل!!ه ظاهر اللغة. وهذا ق!ول المش!بهة. وق!ال بعض!هم: نقرؤه!ا ونتأوله!ا ونحي!ل حمله!ا على ظاهره!ا. وق!ال الف!!راء في قول!ه ع!ز وج!ل: "ثم اس!!توى إلى السماء فسواهن" قال: االستواء في كالم العرب على وجهين، أحدهما: أن

Page 100: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته، أو يستوي عن اعوجاج. فهذان وجهان. ووج!!ه ث!!الث أن تق!!ول: ك!!ان فالن مقبال على فالن ثم اس!!توى علي وإلي يشاتمني. على معنى أقبل إلي وعلي. فهذا مع!!نى قول!!ه: "ثم اس!!توى إلى السماء" والل!!ه أعلم. ق!!ال وق!!د ق!!ال ابن عب!!اس: ثم اس!!توى إلى الس!!ماء صعد. وهذا كقولك: كان قاعدا فاستوى قائما، وكان قائما فاس!!توى قاع!!دا، وكل ذلك في كالم العرب جائز. وقال ال!!بيهقي أب!!و بك!!ر أحم!!د بن علي بن الحسين: قوله: "استوى" بمعنى أقبل ص!!حيح، ألن اإلقب!!ال ه!!و القص!!د إلى خل!!ق الس!!ماء، والقص!!د ه!!و اإلرادة، وذل!!ك ج!!ائز في ص!!فات الل!!ه تع!!الى. ولفظة "ثم" تتعلق بالخلق ال باإلرادة. وأما م!!ا حكي عن ابن عب!!اس فإنم!!ا أخذه عن تفس!!ير الكل!!بي، والكل!!بي ض!!عيف. وق!!ال س!!فيان بن عيين!!ة وابن كيس!!!ان في قول!!!ه "ثم اس!!!توى إلى الس!!!ماء": قص!!!د إليه!!!ا، أي بخلق!!!ه واختراعه، فهذا قول. وقيل: على دون تكييف وال تحديد، واختاره الط!!بري. ويذكر عن أبي العالية الرياحي في هذه اآلية أنه يقال: اس!!توى بمع!!نى أن!!ه ارتفع. قال البيهقي: ومراده من ذلك - والله أعلم - ارتفاع أمره، وهو بخار الماء الذي وقع منه خلق السماء. وقيل: إن المس!!توى ال!!دخان. وق!!ال ابنعطية: وهذا يأباه وصف الكالم. وقيل: المعنى استولى، كما قال الشاعر:

قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق قال ابن عطية: وهذا إنما يجيء في قول!!ه تع!!الى: "ال!!رحمن على الع!!رش

[.5استوى" ]طه: قلت: قد تقدم في قول الفراء علي وإلي بمعنى. وسيأتي له!!ذا الب!!اب

مزيد بيان في سورة "األعراف" إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى. والقاع!!دة في ه!!ذهاآلية ونحوها منع الحركة والنقلة.

@ يظهر من هذه اآلية أنه سبحانه خل!!ق األرض قب!!ل الس!!ماء، وك!!ذلك في "حم الس!جدة". وق!ال في النازع!ات: "أأنتم أش!!د خلق!ا أم الس!!ماء بناه!ا"

[ فوص!!ف خلقه!!ا، ثم ق!!ال: "واألرض بع!!د ذل!!ك دحاه!!ا"27]النازع!!ات: [. فكأن السماء على ه!!ذا خلقت قب!!ل األرض، وق!!ال تع!!الى30]النازعات:

[ وهذا قول قتادة: إن1"الحمد لله الذي خلق السموات واألرض" ]األنعام: السماء خلقت أوال، حكاه عنه الطبري. وقال مجاهد وغيره من المفسرين: إنه تعالى أيبس الماء الذي كان عرشه عليه فجعله أرض!!ا وث!!ار من!!ه دخ!!ان فارتفع، فجعله سماء فصار خلق األرض قبل خلق الس!!ماء، ثم قص!!د أم!!ره إلى السماء فسواهن سبع س!!ماوات، ثم دح!!ا األرض بع!!د ذل!!ك، وك!!انت إذ

خلقها غير مدحوة. قلت: وقول قتادة يخرج على وجه صحيح إن شاء الله تعالى، وه!!و أن

الله تعالى خلق أوال دخان السماء ثم خلق األرض، ثم اس!!توى إلى الس!!ماءوهي دخان فسواها، ثم دحا األرض بعد ذلك.

ومما يدل على أن الدخان خلق أوال قبل األرض ما رواه السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم في قول!!ه ع!!ز وجل: "ه!و ال!ذي خل!!ق لكم م!!ا في األرض جميع!ا ثم اس!توى إلى الس!!ماء

[ ق!!ال: إن الل!!ه تب!!ارك وتع!!الى ك!!ان29فسواهن سبع سماوات" ]البق!!رة: عرشه على الماء ولم يخلق ش!!يئا قب!!ل الم!!اء، فلم!!ا أراد أن يخل!!ق الخل!!ق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الم!!اء، فس!!ما علي!!ه، فس!!ماه س!!ماء، ثم

Page 101: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أيبس الماء فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها فجعلها س!!بع أرض!ين في ي!ومين، في األحد واالثنين. فجعل األرض على حوت - والحوت هو النون الذي ذك!!ر

[ والح!!وت في1الله تبارك وتعالى في القرآن بقول!!ه: "ن والقلم" ]القلم: الماء و]الماء[ على صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على الصخرة، والصخرة في الريح - وهي الصخرة التي ذك!ر لقم!!ان: ليس!ت في الس!ماء وال في األرض - فتحرك الحوت فاضطرب، فتزلزلت األرض، فأرسل عليها الجبال فقرت، فالجبال تفخر على األرض، وذلك قول!!ه تع!!الى: "وألقى في

[ وخل!!ق الجب!!ال فيه!!ا، وأق!!وات15األرض رواسي أن تمي!!د بكم" ]النح!!ل: أهلها وشجرها، وما ينبغي لها في يومين، في الثالثاء واألربع!!اء، وذل!!ك حين يقول: "قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق األرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقه!!ا وب!!ارك فيه!!ا وق!!در فيه!!ا

[ يق!!ول: من س!!أل10،!! 9أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين" ]فصلت: فهكذا األمر، "ثم استوى إلى السماء وهي دخ!ان" وك!ان ذل!ك ال!!دخان من تنفس الم!!اء حين تنفس، فجعله!!ا س!!ماء واح!!دة، ثم فتقه!!ا فجعله!!ا س!!بع سماوات في يومين، في الخميس والجمعة وإنما س!!مي ي!!وم الجمع!!ة ألن!!ه جمع فيه خلق السموات واألرض، "وأوحى في كل سماء أمره!ا" ]فص!!لت:

[ قال: خلق في كل سماء خلقه!!ا من المالئك!!ة والخل!!ق ال!!ذي فيه!!ا من12 البحار وجبال البرد وم!!ا ال يعلم، ثم زين الس!!ماء ال!!دنيا ب!!الكواكب، فجعله!!ا زينة وحفظا تحف!ظ من الش!ياطين. فلم!ا ف!رغ من خل!ق م!ا أحب اس!توى على العرش، ق!!ال ف!ذلك حين يق!!ول: "خل!!ق الس!!موات واألرض في س!!تة

[ وذكر القصة30[ ويقول: "كانتا رتقا ففتقناهما" ]األنبياء: 4أيام" ]الحديد: في خلق آدم عليه السالم، على ما يأتي بيانه في هذه السورة إن شاء الله تعالى. وروى وكيع عن األعمش عن أبي ظبي!!ان عن ابن عب!!اس ق!!ال: )إن أول ما خلق الله عز وجل من شيء "القلم" فقال له اكتب. فق!!ال: ي!!ا رب وما اكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما هو كائن من ذلك الي!!وم إلى قي!!ام الساعة. قال: ثم خلق النون فدحا األرض عليها، فارتفع بخ!!ار الم!!اء ففت!!ق منه السموات، واضطرب النون فمادت األرض فأثبتت بالجبال، فإن الجبال تفخر على األرض إلى يوم القيام!!ة.( ففي ه!!ذه الرواي!!ة خل!!ق األرض قب!!ل ارتفاع بخار الماء الذي هو ال!!دخان، خالف الرواي!!ة األولى. والرواي!!ة األولى عنه وعن غيره أولى، لقوله تعالى: "واألرض بعد ذل!!ك دحاه!!ا" ]النازع!!ات:

[ والله أعلم بما فعل، فق!د اختلفت في!ه األقاوي!ل، وليس لالجته!اد في!ه30مدخل.

وذكر أبو نعيم عن كعب األحبار أن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره األرض كلها، فألقى في قلبه، فق!!ال: ه!!ل ت!!دري م!!ا على ظه!!رك ي!!ا لوثيا من األمم والشجر والدواب والناس والجب!!ال ل!!و نفض!!تهم ألقيتهم عن ظه!رك أجم!ع. ق!ال: فهم لوثي!ا بفع!ل ذل!ك، فبعث الل!ه داب!ة ف!دخلت في منخره، فعج إلى الله فخرجت. قال كعب: والذي نفس!!ي بي!!ده، إن!!ه لينظ!!ر

إليها بين يديه وتنظر إليه إن هم بشيء من ذلك عادت حيث كانت. @ أصل خلق األشياء كله!!ا من الم!!اء لم!!ا رواه ابن ماج!!ة في س!!ننه، وأب!!و حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبى هريرة قال قلت: يا رس!!ول الل!!ه، إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، أنبئني عن كل شيء. قال: )كل شيء خلق من الماء( فقلت: أخبرني عن شيء إذا علمت به دخلت الجنة. ق!!ال:

Page 102: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

)أطعم الطعام وأفش السالم وصل األرحام وقم الليل والناس ني!!ام ت!!دخل الجنة بسالم(. قال أبو حاتم قول أبي هريرة: "أنبئ!!ني عن ك!!ل ش!!يء" أراد به عن كل شيء خلق من الماء. والدليل على صحة هذا جواب المص!!طفى علي!!ه الس!!الم إي!!اه حيث ق!!ال: )ك!!ل ش!!يء خل!!ق من الم!!اء( وإن لم يكن مخلوقا. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )إن أول ش!!يء خلق!!ه الل!!ه القلم وأم!!ره فكتب كل شيء يكون( ويروى ذل!ك أيض!ا عن عب!!ادة بن الص!!امت مرفوع!ا. ق!ال البيهقي: وإنما أراد - والله أعلم - أول شيء خلقه بعد خل!!ق الم!!اء وال!!ريح والع!!رش "القلم". وذل!!ك بين في ح!!ديث عم!!ران بن حص!!ين، ثم خل!!ق السموات واألرض. وذكر عبدالرزاق بن عمر بن حبيب المكي عن حميد بن قيس األعرج عن طاووس قال: جاء رجل إلى عبدالله بن عمرو بن العاص فسأله: مم خلق الخلق؟ قال: من الماء والنور والظلم!!ة وال!!ريح وال!!تراب. قال الرجل: فمم خلق هؤالء؟ قال: ال أدري. ق!!ال: ثم أتى الرج!!ل عبدالل!!ه بن الزبير فسأله، فقال مثل ق!!ول عبدالل!!ه بن عم!!رو. ق!!ال: ف!!أتى الرج!!ل عبدالله بن عباس فسأله، فقال: مم خلق الخل!!ق؟ ق!!ال: من الم!!اء والن!!ور والظلمة والريح والتراب. قال الرج!!ل: فمم خل!!ق ه!!ؤالء؟ فتال عبدالل!!ه بن عباس: "وسخر لكم ما في السموات وما في األرض جميعا منه" ]الجاثي!!ة:

[ فقال الرجل: ما كان ليأتي بهذا إال رجل من أهل بيت النبي صلى الله13 عليه وسلم. قال البيهقي: أراد أن مصدر الجميع منه، أي من خلقه وإبداعه واختراعه. خلق الماء أوال، أو الماء وما شاء من خلقه ال عن أص!!ل وال على مثال سبق، ثم جعله أصال لما خلق بعد، فهو المبدع وهو البارئ ال إله غيره

وال خالق سواه، سبحانه جل وعز. @قوله تعالى: "فسواهن سبع س!!ماوات" ذك!!ر تع!الى أن الس!موات س!بع. ولم يأت لألرض في التنزيل عدد صريح ال يحتم!!ل التأوي!!ل إال قول!!ه تع!!الى:

[ وق!!د اختل!!ف في!!ه، فقي!!ل: ومن األرض12"ومن األرض مثلهن" ]الطالق: مثلهن أي في الع!!دد، ألن الكيفي!!ة والص!!فة مختلف!!ة بالمش!!اهدة واألخب!!ار، فتعين العدد. وقيل: "ومن األرض مثلهن" أي في غلظهن وما بينهن. وقيل: هي سبع إال أنه لم يفتق بعضها من بعض، ق!!ال ال!!داودي. والص!!حيح األول، وأنها سبع كالسماوات سبع. روى مس!!لم عن س!!عيد بن زي!!د ق!!ال س!!معت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )من أخ!!ذ ش!!برا من األرض ظلم!!ا طوقه إلى سبع أرض!!ين(. وعن عائش!!ة رض!!ي الل!!ه عنه!!ا مثل!!ه، إال أن في!!ه "من" بدل "إلى". ومن حديث أبي هري!!رة: )ال يأخ!ذ أح!د ش!!برا من األرض بغير حقه إال طوقه الل!!ه إلى س!بع أرض!!ين( وروى النس!!ائي عن أبي س!!عيد الخدري عن رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم ق!!ال: )ق!!ال موس!!ى علي!!ه السالم يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به قال يا موس!!ى ق!!ل ال إل!!ه إال الله قال موسى يا رب كل عبادك يقول هذا قال قل ال إله إال الل!!ه ق!!ال ال إله إال أنت إنما أريد شيئا تخص!!ني ب!!ه ق!!ال ي!!ا موس!!ى ل!!و أن الس!!موات السبع وعامرهن غيري واألرضين السبع في كف!!ة وال إل!!ه إال الل!!ه في كف!!ة مالت بهن ال إله إال الله(. وروى الترم!ذي عن أبي هري!رة ق!!ال: بينم!!ا ن!بي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: )هل تدرون ما هذا( فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: )هذا العنان هذه رواي!!ا األرض يس!!وقه الل!!ه إلى ق!!وم ال يش!!كرونه وال

Page 103: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يدعونه - قال - ه!ل ت!!درون م!!ا ف!!وقكم( ق!!الوا: الل!!ه ورس!!ول أعلم، ق!!ال: )فإنها الرقيع س!!قف محف!!وظ وم!!وج مكف!!وف - ثم ق!!ال - ه!!ل ت!!درون كم بينكم وبينه!!ا( ق!!الوا: الل!!ه ورس!!وله أعلم، ق!!ال: )بينكم وبينه!!ا مس!!يرة خمسمائة عام - ثم قال: - هل تدرون ما ف!!وق ذل!ك( ق!!الوا: الل!!ه ورس!!وله أعلم، قال: )فإن فوق ذلك سماءين بعد ما بينهما مسيرة خمس!!مائة س!!نة( ثم قال كذلك حتى عد سبع سماوات ما بين ك!!ل س!!ماءين م!!ا بين الس!!ماء واألرض. ثم قال: )هل تدرون ما فوق ذلك( قالوا: الله ورسوله أعلم، ق!!ال )فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين - ثم ق!!ال: - هل تدرون ما الذي تحتكم( قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: )فإنه!!ا األرض - ثم قال: - هل تدرون ما تحت ذلك( قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: )ف!!إن تحتها األرض األخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة( حتى عد س!!بع أرض!!ين، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال: )والذي نفس محم!!د بي!!ده ل!!و أنكم دليتم بحب!!ل إلى األرض الس!!فلى لهب!!ط على الل!!ه - ثم ق!!رأ - ه!!و األول واآلخر والظاهر والباطن وه!!و بك!!ل ش!!يء عليم(. ق!!ال أب!!و عيس!!ى: قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم اآلية تدل على أنه أراد: لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ]علم الله وقدرته وسلطانه[ في كل مكان وهو على عرشه كما وصف نفسه في كتابه. قال: هذا حديث غ!!ريب، والحس!!ن لم يسمع من أبي هريرة. واآلث!!ار ب!!أن األرض!!ين س!!بع كث!!يرة، وفيم!!ا ذكرن!!ا كفاية. وقد روى أبو الض!!حى - واس!!مه مس!!لم - عن ابن عب!!اس أن!!ه ق!!ال:

[ ق!!ال:12"الله ال!!ذي خل!!ق س!!بع س!!ماوات ومن األرض مثلهن" ]الطالق: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم ك!!آدم، ون!!وح كن!!وح، وإب!!راهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى. قال البيهقي: إسناد هذا عن ابن عباس صحيح،

وهو شاذ بمرة ال أعلم ألبي الضحى عليه دليال، والله أعلم. @قوله تعالى: "هو الذي خلق لكم ما في األرض" ابت!!داء وخ!!بر. "م!!ا" في موضع نصب "جميعا" عند سيبويه نصب على الحال "ثم استوى" أهل نج!!د يميل!ون لي!دلوا على أن!ه من ذوات الي!اء، وأه!ل الحج!!از يفخم!ون. "س!بع" منصوب على البدل من الهاء والنون، أي فسوى سبع سماوات. ويج!!وز أن يكون مفعوال على تقدير يسوي بينهن سبع سماوات، كما قال الله جل عز:

[ أي من قوم!!ه، ق!!ال155"واختار موسى قومه س!!بعين رجال" ]األع!!راف: النحاس. وقال األخفش: انتصب على الحال. "وهو بكل شيء عليم" ابتداء

وخبر واألصل في "هو" تحريك الهاء، واإلسكان استخفاف. والسماء تكون واحدة مؤنثة، مثل عنان، وتذكيرها ش!!اذ، وتك!ون جمع!ا

لس!!ماوة في ق!!ول األخفش، وس!!ماءة في ق!!ول الزج!!اج، وجم!!ع الجم!!ع سماوات وسماءات. فجاء "سواهن" إم!!ا على أن الس!!ماء جم!!ع وإم!!ا على أنها مفرد اسم جنس. ومعنى سواهن س!!وى س!!طوحهن ب!!اإلمالس. وقي!!ل:

جعلهن سواء. @قوله تعالى: "وهو بكل شيء عليم" أي بما خلق وهو خ!!الق ك!!ل ش!!يء، فوجب أن يكون عالما بكل شيء، وقد ق!!ال: "أال يعلم من خل!!ق" ]المل!!ك:

[ فه!!و الع!!الم والعليم بجمي!!ع المعلوم!!ات بعلم ق!!ديم أزلي واح!!د ق!!ائم14 بذاته، ووافقنا المعتزلة على العالمية دون العلمية. وق!!الت الجهمي!!ة: ع!!الم بعلم قائم ال في محل، تعالى الله عن ق!!ول أه!!ل الزي!!غ والض!!الالت، وال!!رد على ه!ؤالء في كتب ال!ديانات. وق!د وص!ف نفس!ه س!بحانه ب!العلم فق!ال:

Page 104: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[، وق!!ال: "ف!!اعلموا أنم!!ا166"أنزله بعلمه والمالئك!!ة يش!!هدون" ]النس!!اء: [،7[، وقال: "فلنقص!!ن عليهم بعلم" ]األع!!راف: 14أنزل بعلم الله" ]هود:

[، وقال: "وعنده11وقال: "وما تحمل من أنثى وال تضع إال بعلمه" ]فاطر: [ اآلية. وسندل على ثبوت علمه59مفاتح الغيب ال يعلمها إال هو" ]األنعام:

وسائر صفاته في هذه السورة عند قوله: "يري!!د الل!!ه بكم اليس!!ر وال يري!!د [ إن شاء الله تعالى. وقرأ الكسائي وقالون عن185بكم العسر" ]البقرة:

نافع بإس!!كان اله!!اء من: ه!!و وهي، إذا ك!!ان قبله!!ا ف!!اء أو واو أو الم أو ثم، وكذلك فعل أبو عمرو إال م!!ع ثم. وزاد أب!!و ع!!ون عن الحل!!واني عن ق!!الون

إسكان الهاء من "أن يمل هو" والباقون بالتحريك. }وإذ قال رب!!ك للمالئك!!ة إني جاع!!ل في األرض خليف!!ة ق!!الوا30*اآلية: 3*

أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس ل!!كقال إني أعلم ما ال تعلمون{

@قوله تعالى "وإذ قال ربك للمالئكة" إذ وإذا حرفا ت!!وقيت، ف!!إذ للماض!!ي، وإذا للمستقبل، وقد توضع إحداهما موضع األخ!!رى. وق!!ال الم!!برد: إذا ج!!اء

"إذ" مع مستقبل كان معناه ماضيا، [ "وإذ تقول لل!!ذي أنعم الل!!ه علي!!ه"30نحو قوله: "وإذ يمكر بك" ]األنفال:

[ معن!!اه مك!!روا، وإذ قلت. وإذا ج!!اء "إذا" م!!ع الماض!!ي ك!!ان37]األحزاب: [ "ف!!إذا34معناه مستقبال، كقوله تعالى: "فإذا جاءت الطام!!ة" ]النازع!!ات:

[ أي يجيء.1[ و"إذا ج!!اء نص!!ر الل!!ه" ]النص!!ر: 33جاءت الصاخة" ]عبس: وق!!ال معم!!ر بن المث!!نى أب!!و عبي!!دة: "إذ" زائ!!دة، والتق!!دير: وق!!ال رب!!ك،

واستشهد بقول األسود بن يعفر: فإذ وذلك ال مهاة لذكره والدهر يعقب صالحا بفساد

وأنكر هذا القول الزجاج والنحاس وجميع المفسرين. ق!!ال النح!!اس: وه!!ذا خطأ، ألن "إذ" اسم وهي ظرف زمان ليس مما ت!!زاد. وق!!ال الزج!!اج: ه!!ذا اجترام من أبي عبيدة، ذكر الله عز وج!!ل خل!!ق الن!!اس وغ!!يرهم، فالتق!!دير وابتدأ خلقكم إذ قال، فكان هذا من المحذوف ال!!ذي دل علي!!ه الكالم، كم!!ا

قال: فإن المنية من يخشها فسوف تصادفه أينما

يريد أينما ذهب. ويحتمل أن تك!!ون متعلق!!ة بفع!!ل مق!!در تق!!ديره واذك!!ر إذ ق!!ال. وقي!!ل: ه!!و م!!ردود إلى قول!!ه تع!!الى: "اعب!!دوا ربكم ال!!ذي خلقكم"

[ فالمعنى الذي خلقكم إذ قال ربك للمالئكة. وقول الله تعالى21]البقرة: وخطابه للمالئكة متقرر ق!ديم في األزل بش!رط وج!ودهم وفهمهم. وهك!ذا الباب كله في أوامر الله تعالى ونواهي!!ه ومخاطبات!!ه. وه!!ذا م!!ذهب الش!!يخ أبي الحسن األشعري، وهو الذي ارتضاه أبو المع!!الي. وق!!د أتين!!ا علي!!ه في كتاب األسنى في شرح أسماء الله الحسنى وص!!فات الل!!ه العلى. وال!!رب:

المالك والسيد والمصلح والجابر، وقد تقدم بيانه. @قوله تعالى: "للمالئكة" المالئكة واحدها مل!!ك. ق!ال ابن كيس!!ان وغ!!يره: وزن ملك فعل من الملك. وقال أبو عبيدة، ه!!و مفع!!ل من ألك إذا أرس!!ل.

واأللوكة والمألكة والمألكة: الرسالة، قال لبيد: وغالم أرسلته أمه بألوك فبذلنا ما سأل

وقال آخر: أبلغ النعمان عني مألكا إنني قد طال حبسي وانتظاري

Page 105: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ويقال: ألكني أي أرسلني، فأصله على هذا مألك، الهم!!زة ف!!اء الفع!!ل فإنهم قلبوها إلى عينه فقالوا: مألك، ثم سهلوه فق!!الوا مل!!ك. وقي!!ل أص!!له مألك من ملك يملك، نحو شمأل من شمل، فالهمزة زائدة عن ابن كيسان

أيضا، وقد تأتي في الشعر على األصل، قال الشاعر: فلست إلنسي ولكن لمألك تنزل من جو السماء يصوب

وقال النضر بن شميل. ال اشتقاق للملك عند الع!!رب. واله!!اء في المالئك!!ة تأكيد لتأنيث الجمع، ومثل!!ه الص!!الدمة. والص!!الدم: الخي!!ل الش!!داد، واح!!دها صلدم. وقيل: هي للمبالغة، كعالمة ونسابة. وقال أرب!اب المع!اني: خ!اطب الل!!ه المالئك!!ة ال للمش!!ورة ولكن الس!!تخراج م!!ا فيهم من رؤي!!ة الحرك!!ات والعب!!ادة والتس!!بيح والتق!!ديس، ثم ردهم إلى قيمتهم، فق!!ال ع!!ز وج!!ل:

[. 34"اسجدوا آلدم" ]البقرة: @قوله تعالى: "إني جاعل في األرض خليفة" "جاع!ل" هن!!ا بمع!نى خ!الق، ذكره الطبري عن أبي روق، ويقضي بذلك تع!ديها إلى مفع!ول واح!د، وق!د تقدم. واألرض قيل إنها مكة. روى ابن س!!ابط عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم قال: )دحيت األرض من مكة( ولذلك سميت أم الق!!رى، ق!!ال: وق!!بر نوح وهود وص!!الح وش!!عيب بين زم!!زم وال!!ركن والمق!!ام. و"خليف!!ة" يك!!ون بمعنى فاعل، أي يخلف من كان قبله من المالئك!!ة في األرض، أو من ك!!ان قبل!!ه من غ!!ير المالئك!!ة على م!!ا روي. ويج!!وز أن يك!!ون "خليف!!ة" بمع!!نى مفعول أي مخلف، كما يقال: ذبيحة بمع!!نى مفعول!!ة. والخل!!ف )بالتحري!!ك( من الصالحين، وبتسكينها من الط!!الحين، ه!!ذا ه!!و المع!!روف، وس!!يأتي ل!!ه مزيد بيان في "األعراف" إن شاء الله. و"خليفة" بالفاء قراءة الجماعة، إال ما روي عن زيد بن علي فإنه قرأ "خليقة" بالقاف. والمعني بالخليفة هن!!ا - في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأوي!!ل - آدم علي!!ه الس!!الم، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوام!!ره، ألن!!ه أول رس!!ول إلى األرض، كما في حديث أبي ذر، قال قلت: يا رسول الل!!ه أنبي!!ا ك!!ان مرس!!ال؟ ق!!ال: )نعم( الحديث ويقال: لمن كان رسوال ولم يكن / في األرض أح!د؟ فيق!ال: كان رسوال إلى ولده، وكانوا أربعين ول!!دا في عش!!رين بطن!!ا في ك!!ل بطن ذكر وأنثى، وتوالدوا حتى ك!!ثروا، كم!!ا ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "خلقكم من نفس

[.1واحدة وخل!!ق منه!!ا زوجه!!ا وبث منهم!!ا رج!!اال كث!!يرا ونس!!اء" ]النس!!اء: وأنزل عليهم تح!!ريم الميت!!ة وال!!دم ولم الخ!!نزير. وع!!اش تس!!عمائة وثالثين سنة، هكذا ذكر أهل التوراة وروي عن وهب بن منبه أنه عاش أل!!ف س!!نة،

والله أعلم. @ هذه اآلية أصل في نص!!ب إم!!ام وخليف!ة يس!مع ل!!ه ويط!اع، لتجتم!!ع ب!ه الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليف!!ة. وال خالف في وج!!وب ذل!!ك بين األم!!ة وال بين األئمة إال ما روي عن األصم حيث كان عن الشريعة أصم، وك!!ذلك ك!!ل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه، قال: إنها غير واجبة في الدين ب!!ل يسوغ ذلك، وأن األمة متى أقاموا حجهم وجه!!ادهم، وتناص!!فوا فيم!!ا بينهم، وبذلوا الحق من أنفسهم، وقسموا الغنائم والفيء والص!!دقات على أهله!!ا، وأق!!اموا الح!!دود على من وجبت علي!!ه، أج!!زأهم ذل!!ك، وال يجب عليهم أن ينصبوا إماما يتولى ذلك. ودليلنا ق!!ول الل!!ه تع!!الى: "إني جاع!!ل في األرض

[، وقوله تعالى: "يا داود إنا جعلناك خليف!!ة في األرض"30خليفة" ]البقرة: [، وق!!!ال: "وع!!!د الل!!!ه ال!!!ذين آمن!!!وا منكم وعمل!!!وا الص!!!الحات26]ص:

Page 106: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ أي يجعل منهم خلفاء، إلى غ!!ير ذل!!ك55ليستخلفنهم في األرض" ]النور: من اآلي.

وأجمعت الص!!حابة على تق!!ديم الص!!ديق بع!!د اختالف وق!!ع بين المه!!اجرين واألنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين، حتى قالت األنصار: من!ا أم!ير ومنكم أمير، فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذل!!ك، وق!!الوا لهم: إن العرب ال تدين إال لهذا الحي من قريش، ورووا لهم الخبر في ذلك، فرجعوا وأطاعوا لقريش. فلو كان ف!!رض اإلم!!ام غ!!ير واجب ال في ق!!ريش وال في غيرهم لما ساغت هذه المناظرة والمحاورة عليها، ولقال قائل: إنها ليست بواجبة ال في قريش وال في غيرهم، فما لتنازعكم وج!!ه وال فائ!!دة في أم!!ر ليس بواجب. ثم إن الصديق رضي الله عنه لم!!ا حض!!رته الوف!!اة عه!!د إلى عمر في اإلمامة، ولم يقل له أحد هذا أمر غير واجب علينا وال عليك، ف!!دل على وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المس!!لمين، والحم!!د

لله رب العالمين. وقالت الرافضة: يجب نصبه عقال، وإن الس!!مع إنم!!ا ورد على جه!!ة التأكي!!د لقضية العقل، فأما معرفة اإلم!!ام ف!!إن ذل!!ك م!!درك من جه!!ة الس!!مع دون العقل. وهذا فاسد، ألن العقل ال يوجب وال يحظر وال يقبح وال يحس!!ن، وإذا كان كذلك ثبت أنها واجبة من جهة الشرع ال من جهة العقل، وه!!ذا واض!!ح.

فإن قيل وهي: @ إذا سلم أن طريق وجوب اإلمامة الس!مع، فخبرون!ا ه!ل يجب من جه!ة السمع بالنص على اإلمام من جهة الرسول صلى الله علي!ه وس!لم، أم من جهة اختيار أهل الحل والعقد له، أم بكمال خصال األئمة في!!ه، ودع!!اؤه م!!ع

ذلك إلى نفسه كاف فيه؟. فالجواب أن يقال: اختلف الناس في هذا الباب، فذهبت اإلمامية وغيرها

إلى أن الطريق الذي يعرف به اإلمام هو النص من الرسول علي!!ه الس!!الم وال مدخل لالختيار فيه. وعندنا: النظر طري!!ق إلى معرف!!ة اإلم!!ام، وإجم!!اع أهل االجتهاد طريق أيضا إليه، وهؤالء ال!!ذين ق!!الوا ال طري!!ق إلي!!ه إال النص بنوه على أصلهم أن القي!!اس وال!!رأي واالجته!!اد باط!!ل ال يع!!رف ب!!ه ش!!يء أص!!ال، وأبطل!!وا القي!!اس أص!!ال وفرع!!ا. ثم اختلف!!وا على ثالث ف!!رق: فرق!!ة تدعي النص على أبي بكر، وفرقة تدعي النص على العباس، وفرقة ت!!دعي النص على علي بن أبي طالب رضي الل!!ه عنهم. وال!!دليل على فق!!د النص وعدمه على إمام بعينه هو أنه صلى الله عليه وسلم ل!!و ف!!رض على األم!!ة طاعة إمام بعينه بحيث ال يجوز العدول عنه إلى غيره لعلم ذلك، الس!!تحالة تكليف األمة بأس!!رها طاع!!ة الل!!ه في غ!!ير معين، وال س!!بيل لهم إلى العلم بذلك التكليف، وإذا وجب العلم به لم يخل ذلك العلم من أن يكون طريق!!ه أدلة العقول أو الخبر، وليس في العقل ما يدل على ثبوت اإلمامة لش!!خص معين، وكذلك ليس في الخبر ما يوجب العلم بثبوت إم!!ام معين، ألن ذل!!ك الخبر إم!ا أن يك!ون ت!واترا أوجب العلم ض!رورة أو اس!!تدالال، أو يك!ون من أخبار اآلحاد، وال يجوز أن يكون طريق!!ه الت!!واتر الم!!وجب للعلم ض!!رورة أو دالل!ة، إذ ل!و ك!ان ك!ذلك لك!!ان ك!ل مكل!!ف يج!!د من نفس!!ه العلم بوج!وب الطاعة لذلك المعين وأن ذلك من دين الله عليه، كم!!ا أن ك!!ل مكل!!ف علم أن من دين الله الواجب عليه خمس صلوات، وصوم رمض!!ان، وحج ال!!بيت ونحوها، وال أحد يعلم ذلك من نفسه ضرورة، فبطلت هذه الدعوى، وبط!!ل

Page 107: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أن يكون معلوما بأخبار اآلحاد الستحالة وقوع العلم به. وأيضا فإنه لو وجب المصير إلى نقل النص على اإلمام بأي وج!!ه ك!!ان، وجب إثب!!ات إمام!!ة أبي بكر والعباس، ألن لكل واحد منهما قوما ينقلون النص ص!!ريحا في إمامت!!ه، وإذا بطل إثبات الثالثة بالنص في وقت واحد - على ما ي!!أتي بيان!!ه - ك!!ذلك الواحد، إذ ليس أحد الفرق أولى بالنص من اآلخ!!ر. وإذا بط!!ل ثب!!وت النص لعدم الطريق الموصل إليه ثبت االختيار واالجته!!اد. ف!!إن تعس!!ف متعس!!ف وادعى الت!!واتر والعلم الض!!روري ب!!النص فينبغي أن يق!!ابلوا على الف!!ور بنقيض دعواهم في النص على أبي بكر وبأخبار في ذلك كثيرة تق!!وم أيض!!ا في جملتها مقام النص، ثم ال شك في تص!!ميم من ع!دا اإلمامي!!ة على نفي النص، وهم الخل!!ق الكث!!ير والجم الغف!!ير. والعلم الض!!روري ال يجتم!!ع على نفيه من ينحط عن معشار أعداد مخالفي اإلمامية، ول!!و ج!!از رد الض!!روري

في ذلك لجاز أن ينكر طائفة بغداد والصين األقصى وغيرهما. @ في رد األحاديث التي احتج بها اإلمامية في النص على علي رض!!ي الل!!ه عنه، وأن األمة كفرت به!!ذا النص وارت!!دت، وخ!!الفت أم!!ر الرس!!ول عن!!ادا، منها قوله عليه الس!!الم: )من كنت م!!واله فعلي م!!واله اللهم وال من وااله وعاد من عاداه(. قالوا: والمولى في اللغة بمعنى أولى، فلم!!ا ق!!ال: )فعلي مواله( بفاء التعقيب علم أن المراد بقوله "مولى" أنه أحق وأولى. ف!!وجب أن يكون أراد ب!!ذلك اإلمام!!ة وأن!!ه مف!!ترض الطاع!!ة، وقول!!ه علي!!ه الس!!الم لعلي: )أنت مني بمنزلة ه!!ارون من موس!!ى إال أن!!ه ال ن!!بي بع!!دي(. ق!!الوا: ومنزلة هارون معروفة، وهو أنه كان مشاركا ل!!ه في النب!!وة ولم يكن ذل!!ك لعلي، وكان أخا له ولم يكن ذل!ك لعلي، وك!ان خليف!ة، فعلم أن الم!راد ب!ه الخالفة، إلى غير ذلك مما احتجوا به على ما يأتي ذكره في هذا الكتاب إن

شاء الله تعالى. والجواب عن الحديث األول: أنه ليس بمتواتر، وقد اختلف في صحته، وق!!د طعن فيه أبو داود السجستاني وأبو حاتم الرازي، واستدال على بطالنه ب!!أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )مزينة وجهينة وغفار وأسلم م!!والي دون الناس كلهم ليس لهم مولى دون الله ورسوله(. قالوا: فلو ك!!ان ق!!د ق!!ال: )من كنت مواله فعلي مواله( لكان أحد الخبرين كذبا. جواب ث!!ان: وه!!و أن الخبر وإن كان صحيحا رواه ثقة عن ثقة فليس في!!ه م!!ا ي!!دل على إمامت!!ه، وإنما ي!!دل على فض!!يلته، وذل!!ك أن الم!!ولى بمع!!نى ال!!ولي، فيك!!ون مع!!نى الخبر: من كنت وليه فعلي وليه، ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "ف!!إن الل!!ه ه!!و م!!واله"

[ أي وليه. وكان المقصود من الخبر أن يعلم الن!!اس أن ظ!!اهر4]التحريم: علي كباطنه، وذلك فضيلة عظيمة لعلي. جواب ثالث: وه!!و أن ه!!ذا الخ!!بر ورد على سبب، وذلك أن أسامة وعلي!!ا اختص!!ما، فق!!ال علي ألس!!امة: أنت موالي. فقال: لست م!!والك، ب!!ل أن!!ا م!!ولى رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم، فذكر للنبي صلى الل!!ه علي!ه وس!لم، فق!!ال: )من كنت م!!واله فعلي

مواله(. جواب رابع: وهو أن عليا عليه السالم لما قال للن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه

وسلم في قصة اإلفك في عائشة رض!!ي الل!!ه عنه!!ا: النس!!اء س!!واها كث!!ير. شق ذلك عليها، فوجد أهل النف!!اق مج!!اال فطعن!!وا علي!!ه وأظه!!روا ال!!براءة منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقال ردا لقولهم، وتكذيبا لهم فيما قدموا عليه من البراءة منه والطعن في!!ه، وله!!ذا م!!ا روي عن جماع!!ة

Page 108: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

من الصحابة أنهم قالوا: م!!ا كن!!ا نع!!رف المن!!افقين على عه!!د رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم إال ببغضهم لعلي عليه السالم. وأم!!ا الح!!ديث الث!!اني فال خالف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بمنزلة هارون من موسى الخالفة بعده، وال خالف أن هارون مات قبل موسى عليهم!!ا الس!!الم - على ما يأتي من بيان وفاتيهما في سورة "المائدة" - وما كان خليفة بعده وإنما كان الخليفة يوشع بن نون، فلو أراد بقوله: )أنت م!!ني بمنزل!!ة ه!!ارون من موسى( الخالفة لقال: أنت مني بمنزل!!ة يوش!!ع من موس!!ى، فلم!!ا لم يق!!ل ه!!ذا دل على أن!!ه لم ي!!رد ه!!ذا، وإنم!!ا أراد أني اس!!تخلفتك على أهلي في حياتي وغيبوبتي عن أهلي، كما كان هارون خليف!!ة موس!!ى على قوم!!ه لم!!ا خرج إلى مناجاة ربه. وقد قيل: إن هذا الحديث خرج على س!!بب، وه!!و أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة تبوك اس!!تخلف علي!!ا علي!!ه السالم في المدينة على أهله وقومه، فأرجف به أهل النف!!اق وق!!الوا: إنم!!ا خلفه بغضا وقلى له، فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وق!!ال له: إن المنافقين قالوا كذا وكذا! فقال: )كذبوا بل خلفتك كما خلف موسى هارون(. وقال: )أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موس!!ى(. وإذا ثبت أنه أراد االستخالف على زعمهم فق!!د ش!!ارك علي!!ا في ه!!ذه الفض!!يلة غيره، ألن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في ك!!ل غ!!زاة غزاه!!ا رجال من أص!!!حابه، منهم: ابن أم مكت!!!وم، ومحم!!!د بن مس!!!لمة وغيرهم!!!ا من أصحابه، على أن مدار هذا الخبر على سعد بن أبي وقاص وهو خبر واح!!د. وروي في مقابلته ألبي بكر وعمر ما ه!و أولى من!!ه. وروي أن الن!!بي ص!لى الله عليه وسلم لما أنفذ معاذ بن جبل إلى اليمن قيل له: أال تنف!!ذ أب!!ا بك!!ر وعمر؟ فقال: )إنهما ال غ!!نى بي عنهم!!ا إن منزلتهم!!ا م!!ني بمنزل!!ة الس!!مع والبصر من الرأس(. وقال: )هما وزيراي في أهل األرض(. وروي عنه عليه السالم أنه قال: )أبو بكر وعمر بمنزلة هارون من موسى(. وهذا الخبر ورد ابت!!داء، وخ!!بر علي ورد على س!!بب، ف!!وجب أن يك!!ون أب!!و بك!!ر أولى من!!ه

باإلمامة، والله أعلم. @ واختلف فيما يكون به اإلمام إماما وذلك ثالث طرق، أحدها: النص، وقد تقدم الخالف فيه، وق!ال ب!!ه أيض!!ا الحنابل!!ة وجماع!ة من أص!حاب الح!!ديث والحسن البصري وبكر ابن أخت عبدالواحد وأصحابه وطائفة من الخ!!وارج. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أبي بكر باإلشارة، وأبو بكر على عمر. ف!!إذا نص المس!!تخلف على واح!!د معين كم!!ا فع!!ل الص!!ديق، أو على جماعة كما فعل عمر، وهو الطريق الثاني، ويك!!ون التخي!!ير إليهم في تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة رضي الل!!ه عنهم في تع!!يين عثم!!ان بن عفان رضي الله عنه. الطريق الثالث: إجماع أهل الحل والعق!!د، وذل!!ك أن الجماعة في مصر من أنصار المسلمين إذا مات إمامهم ولم يكن لهم إمام وال استخلف فأقام أهل ذلك المصر الذي هو حضرة اإلمام وموض!!عه إمام!!ا ألنفسهم اجتمعوا عليه ورضوه فإن كل من خلفهم وأمامهم من المسلمين في اآلفاق يلزمهم الدخول في طاعة ذلك اإلمام، إذا لم يكن اإلم!!ام معلن!!ا بالفسق والفساد، ألنها دعوة محيطة بهم تجب إجابتها وال يسع أحد التخلف عنه!ا لم!!ا في إقام!!ة إم!!امين من اختالف الكلم!!ة وفس!!اد ذات ال!!بين، ق!!ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ثالث ال يغل عليهن قلب م!!ؤمن إخالص

Page 109: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

العمل لله ولزوم الجماعة ومناصحة والة األمر ف!!إن دع!!وة المس!!لمين منورائهم محيطة(.

@ فإن عقدها واحد من أهل الحل والعقد فذلك ث!!ابت ويل!!زم الغ!!ير فعل!!ه، خالفا لبعض الناس حيث قال: ال تنعقد إال بجماع!ة من أه!ل الح!!ل والعق!!د، ودليلنا أن عمر رض!!ي الل!!ه عن!!ه عق!!د البيع!!ة ألبي بك!!ر ولم ينك!!ر أح!!د من الصحابة ذلك، وألنه عقد فوجب أال يفتقر إلى عدد يعقدونه كسائر العق!!ود. قال اإلمام أبو المعالي: من انعقدت له اإلمامة بعقد واحد فق!!د ل!!زمت، وال

يجوز خلعه من غير حدث وتغير أمر، قال: وهذا مجمع عليه. @ فإن تغلب من له أهلية اإلمامة وأخذها بالقهر والغلبة فقد قيل إن ذل!!ك يكون طريقا رابعا، وقد س!!ئل س!!هل بن عبدالل!!ه التس!!تري: م!!ا يجب علين!!ا لمن غلب على بالدنا وهو إم!!ام؟ ق!ال: تجيب!!ه وت!ؤدي إلي!ه م!!ا يطالب!!ك من حقه، وال تنكر فعاله وال تفر منه، وإذا ائتمن!!ك على س!!ر من أم!!ر ال!!دين لم تفشه. وقال ابن خويز منداد: ول!!و وثب على األم!!ر من يص!!لح ل!!ه من غ!!ير

مشورة وال اختيار وبايع له الناس تمت له البيعة، والله أعلم. @ واختل!!ف في الش!!هادة على عق!!د اإلمام!!ة، فق!!ال بعض أص!!حابنا: إن!!ه ال يفتقر إلى الشهود، ألن الشهادة ال تثبت إال بسمع قاطع، وليس ههن!!ا س!!مع قاطع يدل على إثب!!ات الش!!هادة. ومنهم من ق!!ال: يفتق!!ر إلى ش!!هود، فمن قال بهذا احتج بأن قال: لو لم تعق!!د في!!ه الش!!هادة أدى إلى أن ي!!دعي ك!!ل مدع أنه عقد له سرا، وتؤدي إلى الهرج والفتنة، فوجب أن تكون الش!!هادة معتبرة ويكفي فيها شاهدان، خالفا للجبائي حيث قال باعتبار أربع!!ة ش!!هود وعاقد ومعقود له، ألن عم!!ر حيث جعله!!ا ش!!ورى في س!!تة دل على ذل!!ك. ودليلنا أنه ال خالف بيننا وبينه أن ش!!هادة االث!!نين معت!!برة، وم!!ا زاد مختل!!ف

فيه ولم يدل عليه الدليل فيجب أال يعتبر. @ش!!رائط اإلم!!ام، وهي أح!!د عش!!ر: األول: أن يك!!ون من ص!!ميم ق!!ريش، لقوله صلى الله عليه وس!!لم: )األئم!!ة من ق!!ريش(. وق!!د اختل!!ف في ه!!ذا. الثاني: أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضيا من قضاة المس!!لمين مجته!!دا ال يحتاج إلى غيره في االستفتاء في الحوادث، وه!!ذا متف!!ق علي!!ه. الث!!الث: أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب وت!!دبير الجي!!وش وس!!د الثغ!!ور وحماية البيضة وردع األمة واالنتقام من الظ!!الم واألخ!!ذ للمظل!!وم. الراب!!ع: أن يكون ممن ال تلحقه رقة في إقامة الحدود وال ف!!زع من ض!!رب الرق!!اب وال قطع األبشار والدليل على هذا كل!!ه إجم!!اع الص!!حابة رض!!ي الل!!ه عنهم، ألنه ال خالف بينهم أنه ال بد من أن يكون ذلك كل!!ه مجتمع!ا في!!ه، وألن!!ه ه!!و الذي يولي القضاة والحكام، وله أن يباشر الفصل والحكم، ويتفحص أم!!ور خلفائه وقضاته، ولن يصلح لذلك كله إال من كان عالما بذلك كله قيم!!ا ب!!ه.

والله أعلم. الخامس: أن يك!!ون ح!را، وال خف!!اء باش!!تراط حري!!ة اإلم!!ام وإس!!المه وه!!و

السادس. الس!!ابع: أن يك!!ون ذك!!را، س!!ليم األعض!!اء وه!!و الث!!امن. وأجمع!!وا على أن المرأة ال يجوز أن تك!ون إمام!ا وإن اختلف!!وا في ج!!واز كونه!ا قاض!ية فيم!ا تجوز شهادتها فيه. التاس!!ع والعاش!!ر: أن يك!!ون بالغ!!ا ع!!اقال، وال خالف في ذلك. الحادي عشر: أن يكون عدال، ألنه ال خالف بين األم!!ة أن!!ه ال يج!!وز أن تعقد اإلمامة لفاسق، ويجب أن يكون من أفض!!لهم في العلم، لقول!!ه علي!!ه

Page 110: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

السالم: )أئمتكم ش!!فعاؤكم ف!!انظروا بمن تستش!!فعون(. وفي التنزي!!ل في وصف طالوت: "إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجس!!م"

[ فبدأ بالعلم ثم ذكر م!!ا ي!!دل على الق!!وة وس!!المة األعض!!اء.247]البقرة: وقوله: "اصطفاه" معناه اختاره، وهذا يدل على شرط النس!!ب. وليس من شرطه أن يكون معصوما من الزلل والخطأ، وال عالما ب!!الغيب، وال أف!!رس األم!!ة وال أش!!جعهم، وال أن يك!!ون من ب!!ني هاش!!م فق!!ط دون غ!!يرهم من قريش، فإن اإلجماع قد انعقد على إمامة أبي بكر وعثمان وليسوا من بني

هاشم. @ يجوز نصب المفضول مع وجود الفاضل خوف الفتن!!ة وأال يس!!تقيم أم!!ر األمة، وذلك أن اإلمام إنما نصب لدفع الع!!دو وحماي!!ة البيض!!ة وس!!د الخل!!ل واستخراج الحقوق وإقامة الح!دود وجباي!ة األم!وال ل!بيت الم!ال وقس!متها على أهلها. فإذا خيف بإقامة األفضل الهرج والفساد وتعطي!!ل األم!!ور ال!!تي ألجلها ينصب اإلمام ك!!ان ذل!!ك ع!ذرا ظ!!اهرا في الع!دول عن الفاض!!ل إلى المفضول، ويدل على ذلك أيضا علم عمر وسائر األمة وقت الش!!ورى ب!!أن الس!تة فيهم فاض!ل ومفض!ول، وق!د أج!از العق!د لك!!ل واح!د منهم إذا أدى المصلحة إلى ذلك واجتمعت كلمتهم عليه من غير إنكار أح!!د عليهم، والل!!ه

أعلم. @ اإلمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد فق!!ال الجمه!!ور: إن!!ه تنفس!!خ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، ألن!!ه ق!!د ثبت أن اإلم!!ام إنم!!ا يق!!ام إلقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحف!!ظ أم!!وال األيت!!ام والمج!!انين والنظ!!ر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفس!!ق يقع!!ده عن القيام بهذه األمور والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدى إلى إبطال ما أقيم ألجله، أال ترى في االبتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاس!!ق ألج!!ل أن!!ه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك ه!ذا مثل!!ه. وق!ال آخ!رون: ال ينخل!ع إال بالكفر أو بترك إقامة الصالة أو ال!!ترك إلى دعائه!!ا أو ش!!يء من الش!!ريعة، لقوله عليه السالم في حديث عبادة: )وأال ننازع األمر أهله قال إال أن ت!!روا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان(. وفي حديث عوف بن مالك: )ال م!!ا أقاموا فيكم الصالة( الحديث. أخرجهم!!ا مس!!لم. وعن أم س!!لمه عن الن!!بي صلى الله عليه وسلم قال: )إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرف!!ون وتنك!!رون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رض!!ي وت!!ابع - ق!!الوا: ي!!ا رسول الله أال نقاتلهم؟ قال: - ال ما صلوا(. أي من كره بقلبه وأنكر بقلب!!ه.

أخرجه أيضا مسلم. ويجب عليه أن يخلع نفسه إذا وجد في نفسه نقصا يؤثر في اإلمامة.

فأما إذا لم يجد نقصا فهل له أن يعزل نفسه ويعقد لغيره؟ اختل!!ف الن!!اس فيه، فمنهم من قال: ليس ل!!ه أن يفع!!ل ذل!!ك وإن فع!!ل لم تنخل!!ع إمامت!!ه. ومنهم من قال: له أن يفعل ذلك. والدليل على أن اإلم!!ام إذا ع!!زل نفس!!ه انعزل ق!ول أبي بك!!ر الص!ديق رض!ي الل!!ه عن!ه: أقيل!وني أقيل!وني. وق!ول الصحابة: ال نقيلك وال نستقيلك، قدمك رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم لديننا فمن ذا يؤخرك! رضيك رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم ل!!ديننا فال نرضاك! فلو لم يكن له أن يفعل ذلك ألنكرت الصحابة ذل!!ك علي!!ه ولق!!الت له: ليس لك أن تقول هذا، وليس لك أن تفعله. فلما أقرت!!ه الص!!حابة على ذلك علم أن لإلمام أن يفعل ذلك، وألن اإلمام ناظر للغيب فيجب أن يكون

Page 111: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

حكمه حكم الحاكم، والوكيل إذا عزل نفسه. ف!!إن اإلم!!ام ه!!و وكي!!ل األم!!ة ونائب عنها، ولما اتفق على أن الوكيل والحاكم وجميع من ن!!اب عن غ!!يره في شيء له أن يع!زل نفس!ه، وك!ذلك اإلم!!ام بجب أن يك!!ون مثل!!ه. والل!!ه

أعلم. @ إذا انعقدت اإلمامة باتفاق أه!!ل الح!!ل والعق!!د أو بواح!!د على م!!ا تق!!دم وجب على الناس كافة مبايعته على الس!!مع والطاع!!ة، وإقام!!ة كت!!اب الل!!ه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن تأبى عن البيع!!ة لع!!ذر ع!!ذر، ومن ت!!أبى لغ!ير ع!!ذر ج!بر وقه!ر، لئال تف!!ترق كلم!!ة المس!!لمين. وإذا بوي!!ع لخليفتين فالخليفة األول وقتل اآلخر، واختلف في قتله ه!!ل ه!!و محس!!وس أو معنى فيكون عزله قتله وموته. واألول أظهر، قال رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: )إذا بوي!!ع لخليف!!تين ف!!اقتلوا اآلخ!!ر منهم!!ا(. رواه أب!!و س!!عيد الخدري أخرجه مسلم. وفي حديث عبدالله بن عمرو عن النبي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم أنه سمعه يقول: )ومن بايع إمام!!ا فأعط!اه ص!!فقة ي!!ده وثم!!رة قلبه فليطعه أن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوه عن!!ق اآلخ!!ر(. رواه مسلم أيضا، ومن حديث عرفجة: )فاضربوه بالسيف كائنا من ك!!ان(. وه!!ذا أدل دليل على منع إقامة إمامين، وألن ذل!!ك ي!!ؤدي إلى النف!!اق والمخالف!!ة والش!!قاق وح!!دوث الفتن وزوال النعم، لكن إن تباع!!دت األقط!!ار وتب!!اينت

كاألندلس وخراسان جاز ذلك، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. @ لو خرج خارجي على إمام مع!!روف العدال!!ة وجب على الن!!اس جه!!اده، فإن كان اإلمام فاسقا والخارجي مظهر للعدل لم ينبغ للن!!اس أن يس!!رعوا إلى نصرة الخارجي حتى يتبين أمره فيما يظهر من العدل، أو تتف!!ق كلم!!ة الجماعة على خلع األول، وذلك أن كل من طلب مثل هذا األم!!ر أظه!!ر من

نفسه الصالح حتى إذا تمكن رجع إلى عادته من خالف من ما أظهر. @ فأما إقامة إمامين أو ثالثة في عصر واحد وبل!د واح!د فال يج!وز إجماع!ا لما ذكرنا. قال اإلم!!ام أب!!و المع!!الي: ذهب أص!!حابنا إلى من!!ع عق!!د اإلمام!!ة لشخصين في طرفي العالم، ثم قالوا: لو اتفق عقد اإلمامة لشخصين نزل ذلك منزلة تزويج وليين امرأة واحدة من زوجين من غير أن يشعر أح!!دهما بعقد اآلخر. قال: والذي عن!!دي في!!ه أن عق!!د اإلمام!!ة لشخص!!ين في ص!!قع واحد متضايق الخطط والمخاليف غير جائز وقد حصل اإلجماع علي!!ه. فأم!!ا إذا بعد المدى وتخلل بين اإلمامين شسوع النوى فلالحتمال في ذلك مجال وهو خارج عن القواطع. وكان األستاذ أب!و إس!!حاق يج!!وز ذل!ك في إقليمين متباع!!دين غاي!!ة التباع!!د لئال تتعط!!ل حق!!وق الن!!اس وأحك!!امهم. وذهبت الكرامية إلى جواز نصب إمامين من غير تفصيل، ويلزمهم إجازة ذل!!ك في بلد واحد، وصاروا إلى أن عليا ومعاوية كانا إمامين. ق!!الوا: وإذا كان!!ا اث!!نين في بلدين أو ناحيتين كان كل واحد منهما أق!!وم بم!!ا في يدي!!ه وأض!!بط لم!!ا يليه، وألنه لما ج!از بعث!!ة نب!!يين في عص!!ر واح!د ولم ي!!ؤد ذل!ك إلى إبط!!ال النبوة كانت اإلمامة أولى، وال تؤدي ذلك إلى إبط!ال اإلمام!!ة. والج!!واب أن ذلك جائز لوال منع الشرع من!!ه، لقول!!ه: )ف!!اقتلوا اآلخ!!ر منهم!!ا( وألن األم!!ة عليه. وأما معاوية فلم يدع اإلمامة لنفسه وإنما ادعى والي!!ة الش!!ام بتولي!!ة من قبله من األئمة. ومما يدل على هذا إجماع األمة في عص!!رهما على أن اإلمام أحدهما، وال قال أحدهما إني إمام ومخالفي إمام. فإن قالوا: العق!!ل

Page 112: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ال يحيل ذلك وليس في السمع ما يمنع منه. وقلنا: أق!!وى الس!!مع اإلجم!!اع،وقد وجد على المنع.

@ ق!!د علمن!!ا قطع!ا أن المالئك!ة ال تعلم إال م!!ا أعلمت وال تس!!بق ب!!القول، وذلك عام في جميع المالئكة، ألن قول!!ه: "ال يس!!بقونه ب!!القول" خ!!رج على جهة المدح لهم، فكيف قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها"؟ فقيل: المعنى أنهم لما سمعوا لفظ خليفة فهموا أن في ب!!ني آدم من يفس!!د، إذ الخليف!!ة المقص!!ود من!!ه اإلص!!الح وت!!رك الفس!!اد، لكن عمم!!وا الحكم على الجمي!!ع بالمعصية، فبين الرب تعالى أن فيهم من يفسد ومن ال يفسد فقال تطييب!!ا لقلوبهم: "إني أعلم" وحقق ذل!!ك ب!!أن علم آدم األس!!ماء، وكش!!ف لهم عن مكنون علمه. وقيل: إن المالئكة قد رأت وعلمت ما ك!!ان من إفس!!اد الجن وسفكهم الدماء. وذلك ألن األرض كان فيها الجن قبل خل!!ق آدم فأفس!!دوا وس!!فكوا ال!!دماء، فبعث الل!!ه إليهم إبليس في جن!!د من المالئك!!ة فقتلهم وألحقهم بالبحار ورؤوس الجبال، فمن حينئ!!ذ دخلت!!ه الع!!زة. فج!!اء ق!!ولهم: "أتجعل فيها" على جهة االستفهام المحض: هل ه!!ذا الخليف!!ة على طريق!!ة من تقدم من الجن أم ال؟ قاله أحمد بن يحيى ثعلب. وقال ابن زيد وغ!!يره. إن الل!ه تع!الى أعلمهم أن الخليف!ة س!يكون من ذريت!ه ق!وم يفس!دون في األرض ويس!!فكون ال!!دماء، فق!!الوا ل!!ذلك ه!!ذه المقال!!ة، إم!!ا على طري!!ق التعجب من استخالف الله من يعصيه أو من عصيان الله من يستخلفه في أرضه وينعم علي!ه ب!ذلك، وإم!ا على طري!!ق االس!تعظام واإلكب!!ار للفص!!لين جميعا: االستخالف والعصيان. وقال قتادة: ك!!ان الل!!ه أعلمهم أن!!ه إذا جع!!ل في األرض خلقا أفسدوا وس!!فكوا ال!!دماء، فس!!ألوا حين ق!!ال تع!!الى: "إني

جاعل في األرض خليفة" أهو الذي أعلمهم أم غيره. وهذا قول حسن، رواه عبدالرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله

"أتجعل فيها من يفسد فيها" قال: كان الله أعلمهم أنه إذا ك!!ان في األرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فل!!ذلك ق!!الوا: "أتجع!!ل فيه!!ا من يفس!!د فيه!!ا". وفي الكالم ح!!ذف على مذهب!!ه، والمع!!نى إني جاع!!ل في األرض خليفة يفعل كذا ويفعل كذا، فقالوا: أتجعل فيه!!ا ال!!ذي أعلمتن!!اه أم غ!!يره؟ والق!!ول األول أيض!!ا حس!!ن ج!!دا، ألن في!!ه اس!!تخراج العلم واس!!تنباطه من مقتضى األلف!اظ وذل!ك ال يك!ون إال من العلم!اء، وم!ا بين الق!ولين حس!ن، فتأمله. وقد قيل: إن سؤاله تعالى للمالئكة بقوله: )كي!!ف ت!!ركتم عب!!ادي( - على ما ثبت في صحيح مسلم وغيره - إنما هو على جهة التوبيخ لمن قال: أتجعل فيها، وإظه!!ار لم!!ا س!!بق في معلوم!!ه إذ ق!!ال لهم: "إني أعلم م!!ا ال

تعلمون". @قوله: "من يفسد فيه!!ا" "من" في موض!!ع نص!!ب على المفع!!ول بتجع!!ل والمفعول الثاني يقوم مقامه "فيها". "يفسد" على اللفظ، ويجوز في غ!!ير الق!!رآن يفس!!دون على المع!!نى. وفي التنزي!!ل: "ومنهم من يس!!تمع إلي!!ك"

[ على اللفظ، "ومنهم من يستمعون" على المعنى. "ويسفك"25]األنعام: عط!!ف علي!!ه، ويج!!وز في!!ه الوجه!!ان. وروى أس!!يد عن األع!!رج أن!!ه ق!!رأ:

"ويسفك الدماء" بالنصب، يجعله جواب االستفهام بالواو كما قال: ألم أك جاركم وتكون بيني وبينكم المودة واإلخاء

والسفك: الصب. سفكت الدم أسفكه سفكا: صببته، وكذلك ال!!دمع، حك!!اه ابن فارس والجوهري. والس!!فاك: الس!!فاح، وه!!و الق!!ادر على الكالم. ق!!ال

Page 113: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

المهدوي: وال يستعمل الس!فك إال في ال!دم، وق!د يس!تعمل في ن!ثر الكالم يقال سفك الكالم إذا نثره. وواحد الدماء دم، مح!!ذوف الالم. وقي!!ل: أص!!له دمي. وقي!!ل: دمي، وال يك!!ون اس!!م على ح!!رفين إال وق!!د ح!!ذف من!!ه،

والمحذوف منه ياء وقد نطق به على األصل، قال الشاعر: فلو أنا على حجر ذبحنا جرى الدميان بالخبر اليقين

@قوله تع!!الى: "ونحن نس!!بح بحم!!دك" أي ننزه!!ك عم!!ا ال يلي!!ق بص!!فاتك. والتس!!بيح في كالمهم التنزي!!ه من الس!!وء على وج!!ه التعظيم، ومن!!ه ق!!ول

أعشى بني ثعلبة: أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر

أي براءة من علقمة. وروى طلح!!ة بن عبيدالل!!ه ق!!ال: س!!ألت رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الل!!ه فق!!ال: )ه!!و تنزي!!ه الل!!ه ع!ز وجل عن كل سوء(. وهو مشتق من السبح وهو الجري والذهاب، قال الل!!ه

[ فالمس!!بح ج!!ار في7تعالى: "إن لك في النه!!ار س!!بحا ط!!ويال" ]المزم!!ل: تنزيه الله تعالى وتبرئته من السوء. وقد تقدم الكالم في "نحن"، وال يج!!وز

إدغام النون في النون لئال يلتقي ساكنان. مسألة: واختلف أهل التأويل في تسبيح المالئك!!ة، فق!!ال ابن مس!!عود وابن عب!!اس: تس!!بيحهم ص!!التهم، ومن!!ه ق!!ول الل!!ه تع!!الى: "فل!!وال أن!!ه ك!!ان من

[ أي المصلين. وقيل: تس!!بيحهم رف!!ع الص!!وت143المسبحين" ]الصافات: بالذكر، قاله المفضل، واستشهد بقول جرير:

قبح اإلله وجوه تغلب كلما سبح الحجيج وكبروا إهالال وقال قتادة: تسبيحهم: سبحان الله، على عرفه في اللغة، وهو الصحيح لما رواه أبو ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم س!!ئل: أي الكالم أفض!!ل؟ قال: )ما اصطفى الله لمالئكت!!ه أو لعب!اده س!!بحان الل!!ه وبحم!ده(. أخرج!ه مسلم. وعن عبدالرحمن بن قرط أن رسول الل!!ه ص!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ليل!!ة أس!!ري ب!!ه س!!مع تس!!بيحا في الس!!موات العال: س!!بحان العلي األعلى

سبحانه وتعالى، ذكره البيهقي. قوله تعالى: "بحمدك" أي وبحمدك نخلط التسبيح بالحم!!د ونص!!له ب!!ه.

والحمد: الثناء، وقد تقدم. ويحتمل أن يكون قولهم: "بحمدك" اعتراضا بين الكالمين، ك!!أنهم ق!!الوا: ونحن نس!!بح ونق!!دس، ثم اعترض!!وا على جه!!ة

التسليم، أي وأنت المحمود في الهداية إلى ذلك. والله أعلم. @قوله تعالى: "ونقدس لك" أي نعظم!!ك ونمج!!دك ونطه!!ر ذك!!رك عم!!ا ال يليق بك مما نسبك إليه الملحدون، قاله مجاهد وأبو صالح وغيرهما. وق!!ال الضحاك وغيره: المعنى نطهر أنفسنا لك ابتغاء مرضاتك. وقال ق!!وم منهم قتادة: "نقدس لك" معناه نصلي. والتقديس: الصالة. قال ابن عطية: وه!!ذا

ضعيف. قلت: بل معناه صحيح، فإن الصالة تشتمل على التعظيم والتق!!ديس

والتس!!بيح، وك!!ان رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يق!!ول في ركوع!!ه وس!!جوده: )س!!بوح ق!!دوس رب المالئك!!ة وال!!روح(. روت!!ه عائش!!ة أخرج!!ه مسلم. وبناء "قدس" كيفما تصرف فإن معناه التطهير، ومنه قول!!ه تع!!الى:

[ أي المطه!!رة. وق!!ال: "المل!!ك21"ادخل!!وا األرض المقدس!!ة" ]المائ!!دة: [ يع!!ني الط!!اهر، ومثل!!ه: "ب!!الواد المق!!دس ط!!وى"23القدوس" ]الحش!!ر:

[ وبيت المق!!دس س!!مي ب!!ه ألن!!ه المك!!ان ال!!ذي يتق!!دس في!!ه من12]طه:

Page 114: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الذنوب أي يتطهر، ومنه قيل للسطل: قدس، ألنه يتوضأ فيه ويتطهر، ومنه القادوس. وفي الحديث: )ال قدست أمة ال يؤخذ لضعيفها من قويه!!ا(. يري!!د ال طهرها الله، أخرجه ابن ماجة في سننه. فالقدس: الطهر من غير خالف،

وقال الشاعر: فأدركنه يأخذن بالساق والنسا كما شبرق الولدان ثوب المقدس

أي المطهر. فالصالة طهرة للعبد من الذنوب، والمصلي يدخلها على أكملاألحوال لكونها أفضل األعمال، والله أعلم.

@قوله تعالى: "إني أعلم" فيه تأويالن، قيل: إنه فعل مستقبل. وقيل: إن!!هاسم بمعنى فاعل، كما يقال: الله أكبر، بمعنى كبير، وكما قال:

لعمرك ما أدري وإني ألوجل على أينا تعدو المنية أول فعلى أنه فعل تكون "ما" في موضع نصب بأعلم، ويج!!وز إدغ!!ام الميم في الميم. وإن جعلته اسما بمعنى عالم تكون "ما" في موضع خفض باإلضافة. قال ابن عطية: وال يصح فيه الصرف بإجماع من النحاة، وإنم!!ا الخالف في "أفعل" إذا سمي به وكان نكرة، فس!!يبويه والخلي!!ل ال يص!!رفانه، واألخفش يصرفه. قال المهدوي: يجوز أن تقدر التنوين في "أعلم" إذا قدرته بمع!!نى عالم، وتنصب "ما" به، فيكون مثل حواج بيت الله. قال الجوهري: ونس!!وة ح!!واج بيت الل!!ه، باإلض!!افة إذا كن ق!!د حججن، وإن لم يكن حججن قلت:

حواج بيت الله، فتنصب البيت، ألنك تريد التنوين في حواج. @قول!!ه تع!!الى "م!!ا ال تعلم!!ون" اختل!!ف علم!!اء التأوي!!ل في الم!!راد بقول!!ه تعالى: "م!!ا ال تعلم!!ون". فق!!ال ابن عب!!اس: ك!!ان إبليس - لعن!!ه الل!!ه - ق!!د أعجب ودخله الكبر لما جعله خازن السماء وشرفه، فاعتقد أن ذلك لمزي!!ة له، فاستخف الكفر والمعصية في جانب آدم عليه السالم. وقالت المالئكة:

[ وهي ال تعلم أن في نفس30"ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" ]البقرة: إبليس خالف ذل!!ك، فق!!ال الل!!ه تع!!الى لهم: "إني أعلم م!!ا ال تعلم!!ون".

[30[. وقال قتادة: لما قالت المالئكة "أتجعل فيه!!ا" ]البق!!رة: 30]البقرة: وقد علم الله أن فيمن يستخلف في األرض أنبياء وفضالء وأهل طاعة قال

لهم "إني أعلم ما ال تعلمون". قلت: ويحتمل أن يكون المعنى إني أعلم ما ال تعلمون مما كان ومما

يكون ومما هو كائن، فهو عام. }وعلم آدم األس!!ماء كله!!ا ثم عرض!!هم على المالئك!!ة فق!!ال31* اآلية: 3*

أنبئوني بأسماء هؤالء إن كنتم صادقين{ @قوله تعالى: "وعلم آدم األسماء كلها" )علم( ع!رف. وتعليم!!ه هن!!ا إله!ام علمه ضرورة. ويحتمل أن يكون بواسطة ملك وهو جبري!!ل علي!!ه الس!!الم ،م" غير مسمى الفاع!!ل. واألول أظه!!ر، على م!!ا على ما يأتي. وقرئ: "وعل يأتي. قال علماء الصوفية: علمها بتعليم الحق إي!!اه وحفظه!!ا بحفظ!!ه علي!!ه ونسي ما عهد إليه، ألن وكله فيه إلى نفس!!ه فق!!ال: "ولق!!د عه!!دنا إلى آدم

[. وق!!ال ابن عط!!اء: ل!!و لم115من قبل فنسي ولم نجد له عزما". ]ط!!ه: يكشف آلدم علم تلك األسماء لكان أعج!!ز من المالئك!!ة في اإلخب!!ار عنه!!ا.

وهذا واضح. وآدم عليه السالم يكنى أبا البشر. وقيل: أبا محمد، كني بمحم!!د خ!!اتم

األنبي!!اء ص!!لوات الل!!ه عليهم، قال!!ه الس!!هيلي. وقي!!ل: كنيت!!ه في الجن!!ة أب!!و محمد، وفي األرض أبو البش!!ر. وأص!!له بهم!!زتين، ألن!!ه أفع!!ل إال أنهم لين!!وا

Page 115: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الثانية، فإذا احتجت إلى تحريكها جعلتها واوا فقلت: أوادم في الجم!!ع، ألن!!هليس لها أصل في الياء معروف، فجعلت الغالب عليها الواو، عن األخفش.

واختلف في اشتقاقه، فقيل: هو مشتق من أدمة األرض وأديمه!!ا وه!!و وجهها، فسمي بما خلق منه، قال ابن عباس. وقيل: إنه مشتق من األدم!!ة وهي السمرة. واختلفوا في األدم!!ة، ف!!زعم الض!!حاك أنه!!ا الس!!مرة، وزعم النضر أنها البي!!اض، وأن آدم علي!!ه الس!!الم ك!!ان أبيض، م!!أخوذ من ق!!ولهم: ناقة أدماء، إذا كانت بيضاء. وعلى هذا االشتقاق جمع!!ه أدم وأوادم، كحم!!ر وأح!!امر، وال ينص!!رف بوج!!ه. وعلى أن!!ه مش!!تق من األدم!!ة جمع!!ه آدم!!ون،

ويلزم قائلو هذه المقالة صرفه. قلت: الصحيح أنه مشتق من أديم األرض. قال سعيد بن جب!!ير: إنم!!ا

سمي آدم ألنه خلق من أديم األرض، وإنما سمي إنسانا ألن!!ه نس!!ي، ذك!!ره ابن سعد في الطبقات. وروى الس!!دي عن أبي مال!!ك وعن أبي ص!!الح عن ابن عباس وعن مرة الهم!داني عن ابن مس!عود في قص!!ة خل!!ق آدم علي!!ه السالم قال: فبعث الله جبريل عليه الس!!الم إلى األرض ليأتي!!ه بطين منه!!ا، فقالت األرض: أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني، فرج!!ع ولم يأخ!!ذ وقال: يا رب إنها عاذت بك فأعذتها. فبعث ميكائي!!ل فع!!اذت من!!ه فأعاذه!!ا، فرجع فقال كما قال جبريل، فبعث مل!!ك الم!!وت فع!!اذت من!!ه فق!!ال: وأن!!ا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره. فأخذ من وجه األرض وخلط، ولم يأخ!!ذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين - ولذلك سمي آدم ألن!!ه أخ!!ذ من أديم األرض - فص!!عد ب!!ه، فق!!ال الله تعالى له: )أما رحمت األرض حين تضرعت إلي!!ك( فق!!ال: رأيت أم!!رك أوجب من قولها. فقال: )أنت تصلح لقبض أرواح ولده( فب!!ل ال!!تراب ح!!تى عاد طينا الزبا، الالزب: هو الذي يلتص!!ق بعض!!ه ببعض، ثم ت!!رك ح!!تى أنتن،

[ ق!!ال: منتن. ثم ق!!ال26فذلك حيث يقول: "من حم!!أ مس!!نون" ]الحج!!ر: للمالئكة: "إني خالق بش!!را من طين. ف!!إذا س!!ويته ونفخت في!!ه من روحي

[. فخلق!!ه الل!!ه بي!!ده لكيال يتك!!بر إبليس عن!!ه.71فقعوا له س!!اجدين" ]ص: يقول: أتتكبر عما خلقت بيدي ولم أتكبر أنا عنه! فخلقه بشرا فكان جس!!دا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت ب!!ه المالئك!!ة ففزع!!وا منه لما رأوه وكان أشدهم منه فزعا إبليس فكان يمر به فيضربه فيص!!وت الجس!!د كم!!ا يص!!وت الفخ!!ار تك!!ون ل!!ه صلص!!لة، ف!!ذلك حين يق!!ول: "من

[. ويقول ألمر ما خلقت!. ودخ!!ل من فم!!ه14صلصال كالفخار" ]الرحمن: وخرج من دبره، فقال إبليس للمالئكة: ال ترهبوا من هذا فإن!!ه أج!وف ولئن سلطت عليه ألهلكنه. ويقال: إنه كان إذا مر عليه مع المالئكة يقول: أرأيتم هذا الذي لم تروا من الخالئق يشبهه إن فض!!ل عليكم وأم!!رتم بطاعت!!ه م!!ا أنتم فاعلون! قالوا: نطيع أمر ربنا، فأسر إبليس في نفسه لئن فض!!ل علي فال أطيعه، ولئن فضلت عليه ألهلكنه، فلم!!ا بل!!غ الحين ال!!ذي أري!!د أن ينفخ فيه الروح قال للمالئكة: إذا نفخت فيه من روحي فاس!!جدوا ل!!ه، فلم!!ا نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس، فقالت له المالئك!!ة: ق!!ل الحم!!د لله، فقال: الحمد لله، فقال الله ل!!ه: رحم!!ك رب!!ك، فلم!!ا دخ!!ل ال!!روح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قب!!ل أن يبل!!غ ال!!روح رجلي!!ه عجالن إلى ثم!!ار الجن!!ة، ف!!ذلك حين يق!!ول: "خل!!ق

[ "فس!!جد المالئك!!ة كلهم أجمع!!ون، إال37اإلنس!!ان من عج!!ل" ]األنبي!!اء:

Page 116: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ وذك!!ر القص!!ة. وروى11إبليس أبي أن يكون مع الس!!اجدين" ]األع!!راف: الترمذي عن أبي موسى األشعري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع األرض فجاء بن!!و آدم على ق!در األرض فج!!اء منهم األحم!ر واألبيض واألس!!ود وبين ذلك والس!!هل والح!!زن والخ!!بيث والطيب(. ق!!ال أب!!و عيس!!ى: ه!!ذا ح!!ديث

حسن صحيح. أديم: جمع أدم، قال الشاعر: الناس أخياف وشتى في الشيم وكلهم يجمعهم وجه األدم

فآدم مشتق من األديم واألدم ال من األدمة، والله أعلم. ويحتم!!ل أن يك!!ون منهما جميعا. وسيأتي له!!ذا الب!!اب مزي!!د بي!!ان في خل!!ق آدم في "األنع!!ام"

وغيرها إن شاء الله تعالى. و"آدم" ال ينصرف. قال أبو جعفر النحاس: "آدم ال ينصرف في المعرفة

بإجماع النحويين، ألنه على أفعل وهو معرفة، وال يمتن!!ع ش!!ي من الص!!رف عن!!د البص!!ريين إال لعل!!تين. ف!!إن نكرت!!ه ولم يكن نعت!!ا لم يص!!رفه الخلي!!ل وسيبويه، وصرفه األخفش سعيد، ألنه كان نعتا وهو على وزن الفعل، ف!!إذا لم يكن نعتا صرفه. قال أبو إسحاق الزجاج: القول قول سيبويه، وال يف!!رق

بين النعت وغيره ألنه هو ذاك بعينه". @قوله تعالى: "األسماء كلها" "األسماء" هنا بمعنى العبارات، ف!!إن االس!!م قد يطلق ويراد به المسمى، كقولك: زيد قائم، واألسد شجاع. وقد يراد ب!!ه التس!مية ذاته!ا، كقول!ك: أس!!د ثالث!ة أح!رف، ففي األول يق!ال: االس!م ه!و المسمى بمعنى يراد به المسمى، وفي الثاني ال يراد المسمى، وقد يج!!رى اسم في اللغة مجرى ذات العبارة وهو األك!!ثر من اس!!تعمالها، ومن!!ه قول!!ه

[ على أشهر الت!أويالت، ومن!ه31تعالى: "وعلم آدم األسماء كلها" ]البقرة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: )إن لله تسعة وتس!!عين اس!!ما(. ويج!!ري مجرى الذات، يقال: ذات ونفس وعين واسم بمعنى، وعلى هذا حمل أك!!ثر

[ "تب!!ارك اس!!م1أهل العلم قوله تعالى: "سبح اسم ربك األعلى" ]األعلى: [. 23[ "إن هي إال أسماء سميتموها" ]النجم: 78ربك" ]الرحمن:

@ واختلف أهل التأويل في معنى األسماء التي علمه!!ا آلدم علي!!ه الس!!الم، فقال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاه!د وابن جب!ير: علم!ه أس!!ماء جمي!ع األش!!ياء كله!!ا جليله!!ا وحقيره!!ا. وروى عاص!!م بن كليب عن س!!عد م!!ولى الحسن بن علي قال: كنت جالسا عند ابن عباس فذكروا اسم اآلنية واسم

السوط، قال ابن عباس: "وعلم آدم األسماء كلها". قلت: وقد روي هذا المعنى مرفوعا على ما يأتي، وهو الذي يقتض!!يه

لفظ "كلها" إذ هو اسم موضوع لإلحاطة والعموم، وفي البخاري من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ويجتمع المؤمنون يوم القيام!!ة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الن!!اس خلق!!ك الله بيده وأسجد لك مالئكته وعلمك أسماء كل ش!!يء( الح!!ديث. ق!!ال ابن خويز منداد: في هذه اآلي!!ة دلي!!ل على أن اللغ!ة م!!أخوذة توقيف!!ا، وأن الل!!ه تعالى علمها آدم عليه السالم جملة وتفصيال. وكذلك قال ابن عباس: علمه أسماء كل شيء حتى الجفنة والمحلب. وروى شيبان عن قتادة ق!!ال: علم آدم من األسماء أسماء خلقه ما لم يعلم المالئكة، وسمي كل شيء باسمه وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه. قال النحاس: وهذا أحسن م!!ا روي في هذا. والمعنى علمه أسماء األجناس وعرفه منافعها، ه!!ذا ك!!ذا، وه!!و يص!!لح

Page 117: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

لكذا. وقال الط!!بري: علم!!ه أس!!ماء المالئك!!ة وذريت!!ه، واخت!!ار ه!!ذا ورجح!!ه بقوله: "ثم عرضهم على المالئكة" قال ابن زيد: علمه أسماء ذريته، كلهم. الربيع ابن خثيم: أسماء المالئكة خاصة. القتبي: أسماء ما خلق في األرض.

وقيل: أسماء األجناس واألنواع.قلت: القول األول أصح، لما ذكرناه آنفا ولما نبينه إن شاء الله تعالى.

@ واختلف المتأولون أيضا هل ع!!رض على المالئك!!ة أس!!ماء األش!!خاص أو األسماء دون األشخاص، فقال ابن مسعود وغيره: عرض األش!!خاص لقول!!ه تعالى: "عرضهم" وقوله: "أنبئوني بأسماء هؤالء". وتقول الع!!رب: عرض!!ت الشيء ف!!أعرض، أي أظهرت!!ه فظه!!ر. ومن!!ه: عرض!!ت الش!!يء لل!!بيع. وفي الحديث )إنه عرضهم أمثال الذر(. وقال ابن عباس وغيره: عرض األس!!ماء وفي حرف ابن مسعود: "عرضهن"، فأع!!اد على األس!!ماء دون األش!!خاص، ألن اله!!اء والن!!ون أخص ب!!المؤنث. وفي ح!!رف أبي: "عرض!!ها". مجاه!!د: أص!!حاب األس!!ماء. فمن ق!!ال في األس!!ماء إنه!!ا التس!!ميات فاس!!تقام على ق!!راءة أبي "عرض!!ها". وتق!!ول في ق!!راءة من ق!!رأ "عرض!!هم": إن لف!!ظ األسماء يدل على أش!!خاص، فل!!ذلك س!!اغ أن يق!!ال لألس!!ماء: "عرض!!هم". وقال في "هؤالء" المراد باإلشارة: إلى أش!!خاص األس!!ماء، لكن وإن ك!انت غائبة فقد حضر ما هو منها بسبب وذلك أسماؤها. ق!!ال ابن عطي!!ة: وال!!ذي يظهر أن الله تع!!الى علم آدم األس!!ماء وعرض!!هن علي!!ه م!!ع تل!!ك األجن!!اس بأشخاصها، ثم عرض تل!!ك على المالئك!!ة وس!!ألهم عن تس!!مياتها ال!!تي ق!!د تعلمه!!ا، ثم إن آدم ق!!ال لهم: ه!!ذا اس!!مه ك!!ذا، وه!!ذا اس!!مه ك!!ذا. وق!!ال الماوردي: وكان األصح توجه العرض إلى المس!!مين. ثم في زمن عرض!!هم قوالن: أحدهما أنه عرض!!هم بع!!د أن خلقهم. الث!!اني - أن!!ه ص!!ورهم لقل!!وب

المالئكة ثم عرضهم. @ واختلف في أول من تكلم باللسان العربي، فروي عن كعب األحبار: أن أول من وضع الكتاب الع!!ربي والس!!رياني والكتب كله!!ا باأللس!!نة كله!!ا آدم

عليه السالم. وقاله غير كعب األحبار. فإن قي!!ل: ق!!د روي عن كعب األحب!!ار من وج!!ه حس!!ن ق!!ال: أول من تكلم بالعربية جبريل عليه السالم وهو الذي ألقاها على لسان نوح علي!!ه الس!!الم وألقاها نوح على لسان ابنه سام، ورواه ثور ابن زي!!د عن خال!!د بن مع!!دان عن كعب. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن!!ه ق!!ال: )أول من فت!!ق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن عشر سنين(. وقد روي أيض!!ا: أن أول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان، وقد روي غير ذلك. قلنا: الصحيح أن أول من تكلم باللغات كلها من البشر آدم عليه السالم، والق!!رآن يش!!هد

[ واللغ!!ات كله!!ا31له، قال الله تعالى: "وعلم آدم األسماء كلها" ]البق!!رة: أسماء فهي داخلة تحته وبهذا جاءت السنة، ق!!ال ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )وعلم آدم األسماء كلها ح!تى القص!!عة والقص!!يعة( وم!!ا ذك!!روه يحتم!!ل أن يك!!ون الم!!راد ب!!ه أول من تكلم بالعربي!!ة من ول!!د إب!!راهيم علي!!ه الس!!الم إسماعيل عليه السالم. وكذلك إن صح ما س!!واه فإن!!ه يك!!ون محم!!وال على أن المذكور أول من تكلم من قبيلته بالعربية بدليل م!!ا ذكرن!!ا، والل!!ه أعلم. وكذلك جبريل أول من تكلم بها من المالئكة وألقاه!!ا على لس!!ان ن!!وح بع!د

أن علمها الله آدم أو جبريل، على ما تقدم، والله أعلم.

Page 118: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "ه!!ؤالء" لف!!ظ مب!!ني على الكس!!ر. ولغ!!ة تميم وبعض قيسوأسد فيه القصر، قال األعشى:

هؤال ثم هؤال كال أعطي! !ت نعاال محذوة بمثال ومن العرب من يقول: هوالء، فيحذف األلف والهمزة.

@قوله تعالى: "إن كنتم صادقين" ش!!رط، والج!!واب مح!!ذوف تق!!ديره: إن كنتم ص!!ادقين أن ب!!ني آدم يفس!!دون في األرض ف!!أنبئوني، قال!!ه الم!!برد. ومع!!نى "ص!!ادقين" ع!!المين، ول!!ذلك لم يس!!غ للمالئك!!ة االجته!!اد وق!!الوا: "سبحانك"! حكاه النقاش قال: ولو لم يشترط عليهم إال الصدق في اإلنباء لجاز لهم االجتهاد كما جاز لل!!ذي أمات!!ه الل!!ه مائ!!ة ع!!ام حين ق!!ال ل!!ه: "كم لبثت" فلم يشترط عليه اإلصابة، فقال ولم يص!!ب ولم يعن!!ف، وه!!ذا بين ال خفاء فيه. وحكى الطبري وأب!!و عبي!!د: أن بعض المفس!!رين ق!!ال إن مع!!نى "إن كنتم": إذ كنتم، وقاال: ه!!ذا خط!أ. و"أن!!بئوني" معن!!اه أخ!بروني. والنب!!أ:

الخبر، ومنه النبيء بالهمزة، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. @ قال بعض العلماء: يخرج من هذا األمر باإلنباء تكلي!!ف م!!ا ال يط!!اق ألن!!ه علم أنهم ال يعلمون. وقال المحققون من أهل التأويل: ليس هذا على جهة التكليف وإنما هو على جهة التقرير والتوقيف. وس!!يأتي الق!!ول في تكلي!!ف ما ال يطاق - هل وقع التكلي!!ف ب!!ه أم ال - في آخ!!ر الس!!ورة، إن ش!!اء الل!!ه

تعالى. } ق!!الوا س!!بحانك ال علم لن!!ا إال م!!ا علمتن!!ا إن!!ك أنت العليم32* اآلي!!ة: 3*

الحكيم{ @قوله تعالى: "س!!بحانك" أي تنزيه!!ا ل!!ك عن أن يعلم الغيب أح!!د س!!واك. وهذا جوابهم عن قوله: "أنبئوني" فأجابوا أنهم ال يعلمون إال م!!ا أعلمهم ب!!ه ولم يتعاطوا ما ال علم لهم به كما يفعله الجهال منا. و"ما" في "ما علمتنا" بمع!!نى ال!!ذي، أي إال ال!!ذي علمتن!!ا، ويج!!وز أن تك!!ون مص!!درية بمع!!نى إال

تعليمك إيانا. @ ال!!واجب على من س!!ئل عن علم أن يق!!ول إن لم يعلم: الل!!ه أعلم وال أدري، اقتداء بالمالئكة واألنبياء والفضالء من العلماء، لكن قد أخبر الصادق أن بموت العلماء يقبض العلم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون ب!!رأيهم فيضلون ويضلون. وأما ما ورد من األخبار عن النبي صلى الله عليه وس!!لم وأص!!حابه والت!!ابعين بع!!دهم في مع!!نى اآلي!!ة ف!!روى البس!!تي في المس!!ند الصحيح له عن ابن عمر أن رجال سأل رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: أي البقاع شر؟ قال: )ال أدري حتى أسأل جبريل( فسأل جبري!!ل، فق!!ال: ال أدري ح!!تى أس!!أل ميكائي!!ل، فج!!اء فق!!ال: خ!!ير البق!!اع المس!!اجد، وش!!رها األس!!واق. وق!!ال الص!!ديق للج!!دة: ارجعي ح!!تى أس!!أل الن!!اس. وك!ان علي يقول: وأبردها على الكبد، ثالث مرات. قالوا وما ذل!!ك ي!!ا أم!!ير المؤم!!نين؟ قال: أن يسأل الرجل عما ال يعلم فيقول: الله أعلم. وسأل ابن عمر رج!!ل عن مسألة فقال: ال علم لي بها، فلما أدبر الرجل. ق!!ال ابن عم!!ر: نعم م!!ا قال ابن عمر، سئل عم!!ا ال يعلم فق!!ال ال علم لي ب!!ه! ذك!!ره ال!!دارمي في مسنده. وفي صحيح مسلم عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل ص!!احب بهي!!ة قال: كنت جالسا عند القاسم بن عبيدالل!ه ويح!!يى بن س!عيد، فق!ال يح!يى للقاسم: يا أبا محمد إن!!ه ق!!بيح على مثل!!ك عظيم أن يس!!أل عن ش!!يء من أمر هذا الدين فال يوجد عندك منه علم وال فرج، أو علم وال مخ!!رج؟ فق!!ال

Page 119: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

له القاسم: وعم ذاك؟ ق!!ال: ألن!!ك ابن إم!!امي ه!!دى: ابن أبي بك!!ر وعم!!ر. قال يقول له القاسم: أقبح من ذاك عند من عقل عن الل!!ه أن أق!!ول بغ!!ير علم أو آخذ عن غير ثقة. فسكت فما أجابه. وقال مال!!ك بن أنس: س!!معت ابن هرمز يقول: ينبغي للع!!الم أن ي!!ورث جلس!!اءه من بع!!ده ال أدري ح!!تى يكون أصال في أيديهم، فإذا سئل أحدهم عما ال يدري ق!!ال: ال أدري. وذك!!ر الهيثم بن جمي!!ل ق!!ال: ش!!هدت مال!!ك بن أنس س!!ئل عن ثم!!ان وأربعين

مسألة فقال في اثنتين وثالثين منها: ال أدري. قلت: ومثله كثير عن الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين. وإنما يحمل

على ترك ذلك الرياس!!ة وع!!دم اإلنص!!اف في العلم. ق!!ال ابن عب!!دالبر: من بركة العلم وآدابه اإلنصاف في!!ه، ومن لم ينص!!ف لم يفهم ولم يتفهم. روى يونس بن عبداألعلى قال: سمعت ابن وهب يقول: س!!معت مال!!ك بن أنس

يقول: ما في زماننا شيء أقل من اإلنصاف. قلت: هذا في زمن مالك فكيف في زماننا اليوم الذي عم فينا الفساد

وكثر فيه الطغ!!ام! وطلب في!!ه العلم للرياس!!ة ال للدراي!!ة، ب!!ل للظه!!ور في الدنيا وغلبة األقران بالمراء والجدال ال!!ذي يقس!!ي القلب وي!!ورث الض!!غن، وذلك مما يحمل على عدم التقوى وترك الخوف من الل!!ه تع!!الى. أين ه!!ذا مما روي عن عمر رضي الل!!ه عن!!ه وق!د ق!!ال: ال تزي!!دوا في مه!ور النس!اء على أربعين أوقي!!ة ول!!و ك!!انت بنت ذي العص!!بة - يع!!ني يزي!!د بن الحص!!ين الحارثي - فمن زاد ألقيت زيادته في بيت المال، فقامت ام!!رأة من ص!!وب النساء طويلة فيها فطس فقالت: ما ذلك ل!ك! ق!ال: ولم؟ ق!الت ألن الل!!ه

[20عز وجل يقول: "وآتيتم إحداهن قنطارا فال تأخذوا منه شيئا" ]النس!!اء: فقال عمر: ام!!رأة أص!!ابت ورج!!ل أخط!!أ! وروى وكي!!ع عن أبي معش!!ر عن محمد بن كعب القرظي قال: سأل رجل عليا رض!!ي الل!!ه عن!!ه عن مس!!ألة فقال فيها، فقال الرجل: ليس ك!ذلك ي!ا أم!ير المؤم!نين، ولكن ك!ذا وك!!ذا، فقال علي: أصبت وأخط!!أت، وف!!وق ك!!ل ذي علم عليم. وذك!!ر أب!!و محم!!د قاسم بن أصبغ قال: لما رحلت إلى المشرق نزلت القيروان فأخ!!ذت على بك!!ر بن حم!!اد ح!!ديث مس!!دد، ثم رحلت إلى بغ!!داد ولقيت الن!!اس، فلم!!ا انصرفت عدت إليه لتمام حديث مسدد، فقرأت عليه فيه يوما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: )أنه قدم عليه ق!!وم من مض!!ر من مجت!!ابي النم!!ار( فقال: إنما هو مجتابي الثمار، فقلت إنما ه!!و مجت!!ابي النم!!ار، هك!!ذا قرأت!!ه على كل من قرأت!ه علي!ه باألن!دلس والع!راق، فق!ال لي: ب!دخولك الع!راق تعارضنا وتفخر علينا! أو نح!!و ه!!ذا. ثم ق!!ال لي: قم بن!!ا إلى ذل!!ك الش!!يخ - لشيخ كان في المسجد - فإن له بمثل هذا علم!!ا، فقمن!!ا إلي!!ه فس!ألناه عن ذلك فقال: إنم!!ا ه!!و مجت!!ابي النم!!ار، كم!!ا قلت. وهم ق!!وم ك!!انوا يلبس!!ون الثياب مشققة، جيوبهم أمامهم. والنمار جم!!ع نم!!رة. فق!!ال بك!!ر بن حم!!اد وأخذ بأنفه: رغم أنفي للح!!ق، رغم أنفي للح!!ق. وانص!!رف. وق!!ال يزي!!د بن

الوليد بن عبدالملك فأحسن:إذا ما تحدثت في مجلس تناهى حديثي إلى ما علمت ولم أعد علمي إلى غيره وكان إذا ما تناهى سكت

@قوله تعالى: "س!!بحانك" )س!!بحان( منص!!وب على المص!!در عن!!د الخلي!!ل وسيبويه، يؤدي عن معنى نسبحك تس!!بيحا. وق!!ال الكس!!ائي: ه!!و منص!!وب على أنه نداء مضاف. و"العليم" فعيل للمبالغة والتكبير في المعلومات في

Page 120: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

خلق الله تعالى. و"الحكيم" معناه الح!!اكم، وبينهم!!ا مزي!!د المبالغ!!ة. وقي!!ل معن!!اه المحكم ويجيء الحكيم على ه!!ذا من ص!!فات الفع!!ل، ص!!رف عن مفعل إلى فعيل، كما صرف عن مسمع إلى س!!ميع وم!!ؤلم إلى أليم، قال!!ه ابن األنباري. وقال قوم: الحكيم الم!!انع من الفس!!اد، ومن!!ه س!!ميت حكم!!ة

اللجام، ألنها تمنع الفرس من الجري والذهاب في غير قصد. قال جرير:أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا

أي امنعوهم من الفساد. وقال زهير:القائد الخيل منكوبا دوابرها قد أحكمت حكمات القد واألبقا

القد: الجل!!د. واألب!!ق: القنب. والع!!رب تق!!ول: أحكم الي!!تيم عن ك!!ذا وك!!ذا، يريدون منعه. والسورة المحكمة: الممنوعة من التغيير وك!!ل التب!!ديل، وأن يلحق بها ما يخرج عنها، ويزاد عليها ما ليس منها، والحكمة من ه!!ذا، ألنه!!ا تمنع صاحبها من الجهل. ويقال: أحكم الشيء إذا أتقنه ومنع!!ه من الخ!!روج

عما يريد. فهو محكم وحكيم على التكثير. }قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأس!!مائهم ق!!ال ألم33* اآلية: 3*

أق!!ل لكم إني أعلم غيب الس!!ماوات واألرض وأعلم م!!ا تب!!دون وم!!ا كنتمتكتمون{

@قوله تعالى: "أنبئهم بأسمائهم" أمره الل!!ه أن يعلمهم بأس!!مائهم بع!!د أن عرضهم على المالئكة ليعلموا أنه أعلم بما س!!ألهم عن!!ه تنبيه!!ا على فض!!له وعلو ش!!أنه، فك!!ان أفض!!ل منهم ب!!أن قدم!!ه عليهم وأس!!جدهم ل!!ه وجعلهم تالمذته وأمرهم بأن يتعلموا من!!ه. فحص!!لت ل!!ه رتب!!ة الجالل والعظم!!ة ب!!أن

جعله مسجودا له، مختصا بالعلم. في ه!!ذه اآلي!!ة دلي!!ل على فض!!ل العلم وأهل!!ه، وفي الح!!ديث: )وإن

المالئكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم( أي تخضع وتتواض!!ع وإنم!!ا تفع!!ل ذلك ألهل العلم خاصة من بين سائر عيال الله، ألن الله تعالى ألزمها ذل!!ك في آدم عليه السالم فتأدبت ب!!ذلك األدب. فكلم!!ا ظه!!ر له!!ا علم في بش!!ر خضعت له وتواضعت وتذللت إعظاما للعلم وأهله، ورضا منهم بالطلب ل!!ه والشغل ب!!ه. ه!!ذا في الطالب منهم فكي!!ف باألحب!!ار فيهم والرب!!انيين منهم

جعلنا الله منهم وفيهم، إنه ذو فضل عظيم. @ اختل!!ف العلم!!اء من ه!!ذا الب!!اب، أيم!!ا أفض!!ل المالئك!!ة أو بن!!و آدم على ق!!ولين: ف!!ذهب ق!!وم إلى أن الرس!!ل من البش!!ر أفض!!ل من الرس!!ل من المالئك!!ة، واألولي!!اء من البش!!ر أفض!!ل من األولي!!اء من المالئك!!ة. وذهب آخرون إلى أن المأل األعلى أفض!!ل. احتج من فض!!ل المالئك!!ة ب!!أنهم "عب!!اد

[ "ال يعصون27مكرمون. ال يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" ]األنبياء: [. وقول!!ه: "لن يس!!تنكف6الله ما أمرهم ويفعلون ما ي!!ؤمرون" ]التح!!ريم:

[ وقول!ه:172المسيح أن يكون عبدا لله وال المالئكة المقرب!!ون" ]النس!!اء: "ق!!ل ال أق!!ول لكم عن!!دي خ!!زائن الل!!ه وال أعلم الغيب وال أق!!ول لكم إني

[. وفي البخاري: )يقول الله عز وج!!ل: "من ذك!!رني في50ملك" ]األنعام: مأل ذكرته في مأل خ!!ير منهم(. وه!!ذا نص. احتج من فض!!ل ب!!ني آدم بقول!!ه تعالى: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريئة" ]األنع!!ام:

[ بالهمز، من برأ الله الخلق. وقوله عليه الس!!الم: )وإن المالئك!!ة لتض!!ع50 أجنحته!!ا رض!!ي لط!!الب العلم( الح!!ديث. أخرج!!ه أب!!و داود، وبم!!ا ج!!اء في أح!!اديث من أن الل!!ه تع!!الى يب!!اهي بأه!!ل عرف!!ات المالئك!!ة، وال يب!!اهي إال

Page 121: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

باألفضل، والله أعلم. وقال بعض العلماء: وال طريق إلى القطع بأن األنبياء أفضل من المالئكة، وال القطع بأن المالئكة خير منهم، ألن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع األمة، وليس ههن!!ا ش!!يء من ذل!ك خالف!!ا للقدرية والقاضي أبي بكر رحمه الل!!ه حيث ق!!الوا: المالئك!!ة أفض!!ل. ق!!ال: وأما من قال من أصحابنا والشيعة: إن األنبياء أفض!!ل ألن الل!!ه تع!!الى أم!!ر المالئك!!ة بالس!!جود آلدم، فيق!!ال لهم: المس!!جود ل!!ه ال يك!!ون أفض!!ل من الساجد، أال ترى أن الكعبة مسجود لها واألنبي!!اء والخل!!ق يس!!جدون نحوه!!ا، ثم إن األنبياء خير من الكعبة باتفاق األم!!ة. وال خالف أن الس!!جود ال يك!!ون إال لله تعالى، ألن السجود عبادة، والعبادة ال تكون إال لله، فإذا ك!!ان ك!!ذلك فكون السجود إلى جهة ال يدل على أن الجهة خير من الساجد العابد، وهذا

واضح. وسيأتي له مزيد بيان في اآلية بعد هذا. @قوله تعالى: "إني أعلم غيب السماوات واألرض" دلي!!ل على أن أح!!دا ال يعلم من الغيب إال م!!ا أعلم!!ه الل!!ه كاألنبي!!اء أو من أعلم!!ه من أعلم!!ه الل!!ه تعالى فالمنجمون والكهان وغيرهم كذبة. وسيأتي بي!!ان ه!!ذا في "األنع!!ام" إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى: "وعنده مفاتح الغيب ال يعلمه!ا إال ه!و"

0 @قوله تعالى: "وأعلم ما تبدون "أي من ق!!ولهم: "أتجع!!ل فيه!!ا من يفس!!د فيه!!ا" حك!!اه مكي والم!!اوردي. وق!!ال الزه!!راوي: م!!ا أب!!دوه ه!!و ب!!دارهم بالسجود آلدم. "وما كنتم تكتمون" قال ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جب!!ير: الم!!راد م!!ا كتم!!ه إبليس في نفس!!ه من الك!!بر والمعص!!ية. ق!!ال ابن عطية: وجاء "تكتمون" للجماعة، والكاتم واحد في ه!!ذا الق!!ول على تج!!وز العرب واتساعها، كما يقال لقوم قد جنى سفيه منهم: أنتم فعلتم ك!!ذا. أي منكم فاعله، وهذا مع قصد تعنيف، ومنه قول!!ه تع!!الى: "إن ال!!ذين ينادون!!ك

[ وإنم!!ا ن!!اداه منهم4من وراء الحج!!رات أك!!ثرهم ال يعقل!!ون" ]الحج!!رات: عيين!!ة، وقي!!ل األق!!رع. وق!!الت طائف!!ة: اإلب!!داء والمكت!!وم ذل!!ك على مع!!نى العموم في معرفة أسرارهم وظواهرهم أجمع. وقال مهدي بن ميمون: كنا عند الحسن فسأله الحسن بن دينار ما الذي كتمت المالئكة؟ قال: إن الله عز وجل لما خلق آدم رأت المالئك!!ة خلق!!ا عجب!!ا، وك!!أنهم دخلهم من ذل!!ك شيء، قال: ثم أقبل بعض!!هم على بعض وأس!!روا ذل!!ك بينهم، فق!!الوا: وم!!ا يهمكم من هذا المخل!وق إن الل!!ه لم يخل!ق خلق!ا إال كن!!ا أك!رم علي!ه من!ه. و"ما" في قوله: "م!!ا تب!!دون" يج!!وز أن ينتص!!ب ب!!! "أعلم" على أن!!ه فع!ل، ويجوز أن يكون بمعنى عالم وتنصب به "ما" فيكون مث!!ل ح!!واج بيت الل!!ه،

وقد تقدم. }وإذ قلن!!ا للمالئك!!ة اس!!جدوا آلدم فس!!جدوا إال إبليس أبي34* اآلي!!ة: 3*

واستكبر وكان من الكافرين{ @قوله تعالى: "وإذ قلنا" أي واذكر. وأم!!ا ق!!ول أبي عبي!!دة: إن "إذ" زائ!!دة فليس بجائز، ألن إذ ظرف. وقال: "قلنا" ولم يقل قلت ألن الجب!!ار العظيم يخبر عن نفسه بفعل الجماعة تفخيما وإشادة بذكره. والمالئكة جمع مل!!ك، وروي عن ابن جعفر بن القعقاع أن!!ه ض!!م ت!!اء الت!!أنيث من المالئك!!ة إتباع!!ا

0لضم الجيم في "اسجدوا". ونظيره "الحمد لله". @قوله تعالى: "اسجدوا" السجود معناه في كالم العرب التذلل والخضوع،

قال الشاعر:

Page 122: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يجمع تضل البلق في حجراته ترى األكم فيها سجدا للحوافر األكم: الجبال الصغار. جعلها س!!جدا للح!!وافر لقه!!ر الح!!وافر إياه!!ا وأنه!!ا ال تمتن!!ع عليه!!ا. وعين س!!اجدة، أي ف!!اترة عن النظ!!ر، وغايت!!ه وض!!ع الوج!!ه ب!!األرض. ق!!ال ابن ف!!ارس: س!!جد إذا تط!!امن، وك!!ل م!!ا س!!جد فق!!د ذل.

واإلسجاد: إدامة النظر. قال أبو عمرو: وأسجد إذا طأطأ رأسه، قال: فضول أزمتها أسجدت سجود النصارى ألحبارها

قال أبو عبيدة: وأنشدني أعرابي من بني أسد: وقلن له أسجد لليلى فأسجدا

يعني البع!!ير إذا طأط!!أ رأس!!ه. ودراهم اإلس!!جاد: دراهم ك!!انت عليه!!ا ص!!وركانوا يسجدون لها، قال:

وافى بها كدراهم اإلسجاد @ اس!!تدل من فض!!ل آدم وبني!!ه بقول!!ه تع!!الى للمالئك!!ة: "اس!!جدوا آلدم". قالوا: وذلك يدل على أنه كان أفض!!ل منهم. والج!!واب أن مع!نى "اس!!جدوا آلدم" اس!!جدوا لي مس!!تقبلين وج!!ه آدم. وه!و كقول!!ه تع!!الى: "أقم الص!!الة

[ أي عند دلوك الش!!مس وكقول!!ه: "ونفخت78لدلوك الشمس" ]اإلسراء: [ أي فقعوا لي عند إتمام خلقه72فيه من روحي فقعوا له ساجدين" ]ص:

ومواجهتكم إياه س!!اجدين. وق!!د بين!!ا أن المس!!جود ل!!ه ال يك!!ون أفض!!ل منالساجد بدليل القبلة.

فإن قيل: فإذا لم يكن أفضل منهم فما الحكمة في األمر بالسجود له؟ قيل له: إن المالئكة لما استعظموا بتسبيحهم وتقديسهم أم!!رهم بالس!!جود لغ!!يره ل!!يريهم اس!!تغناءه عنهم وعن عب!!ادتهم. وق!!ال بعض!!هم: ع!!يروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الص!!نع ب!!ه ف!!أمروا بالس!!جود ل!!ه تكريم!!ا. ويحتمل أن يكون الله تعالى أمرهم بالسجود ل!!ه معاقب!!ة لهم على ق!!ولهم: "أتجعل فيها من يفسد فيها" لما قال لهم: "إني جاع!!ل في األرض خليف!!ة"

[ وكان علم منهم أنه إن خاطبهم أنهم قائلون هذا، فق!!ال لهم:30]البقرة: [ وجاعله خليفة، ف!!إذا نفخت في!!ه من71"إني خالق بشرا من طين" ]ص:

روحي فقع!!وا ل!!ه س!!اجدين. والمع!!نى: ليك!!ون ذل!!ك عقوب!!ة لكم في ذل!!ك الوقت على ما أنتم قائلون لي اآلن. فإن قيل: فقد استدل ابن عباس على فضل البشر بأن الله تعالى أقس!!م بحي!!اة رس!!وله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم

[. وأمن!!ه من72فق!!ال: "لعم!!رك إنهم لفي س!!كرتهم يعمه!!ون" ]الحج!!ر: [.2العذاب بقوله: "ليغفر لك الل!!ه م!ا تق!!دم من ذنب!!ك وم!ا ت!!أخر" ]الفتح:

وق!!ال للمالئك!!ة: "و من يق!!ل منهم إني إل!!ه من دون!!ه ف!!ذلك نجزي!!ه جهنم" [. قيل له: إنما لم يقسم بحياة المالئك!!ة كم!!ا لم يقس!!م بحي!!اة29]األنبياء:

نفسه سبحانه، فلم يقل: لعمري. وأقسم بالس!!ماء واألرض، ولم ي!!دل على أنهما أرفع قدرا من العرش والجنان السبع. وأقسم بالتين والزيت!!ون. وأم!!ا

[ فه!!و نظ!!ير29قول سبحانه: "ومن يقل منهم إني إله من دونه" ]األنبياء: قول!!ه لنبي!!ه علي!!ه الس!!الم: "لئن أش!!ركت ليحبطن عمل!!ك ولتك!!ونن من

[ فليس فيه إذا داللة، والله أعلم. 65الخاسرين" ]الزمر: @ واختلف الناس في كيفية سجود المالئكة آلدم بعد اتف!!اقهم على أن!!ه لم يكن سجود عبادة، فقال الجمهور: كان هذا أمرا للمالئكة بوضع الجباه على األرض، كالسجود المعتاد في الصالة، ألنه الظاهر من الس!!جود في الع!!رف والشرع، وعلى هذا قيل: كان ذلك الس!!جود تكريم!!ا آلدم وإظه!!ارا لفض!!له،

Page 123: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وطاعة لله تعالى، وكان آدم كالقبلة لنا. ومعنى "آلدم": إلى آدم، كما يق!!ال صلى للقبلة، أي إلى القبلة. وقال قوم: لم يكن هذا السجود المعتاد الي!!وم الذي هو وضع الجبهة على األرض ولكن!!ه مبقى على أص!!ل اللغ!!ة، فه!!و من التذلل واالنقياد، أي اخضعوا آلدم وأقروا له بالفضل. "فسجدوا" أي امتثلوا

ما أمروا به. واختلف أيضا ه!!ل ك!!ان ذل!!ك الس!!جود خاص!!ا ب!!آدم علي!!ه الس!!الم فال يج!!وز السجود لغيره من جميع العالم إال لله تعالى، أم كان جائزا بعده إلى زم!!ان يعقوب عليه السالم، لقول!ه تع!الى: "ورف!!ع أبوي!!ه على الع!رش وخ!روا ل!ه

[ فكان آخر ما أبيح من السجود للمخل!!وقين؟ وال!!ذي100سجدا" ]يوسف: عليه األكثر أنه كان مباحا إلى عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أصحابه قالوا له حين سجدت له الشجرة والجمل: نحن أولى بالسجود ل!!ك من الشجرة والجمل الشارد، فق!!ال لهم: )ال ينبغي أن يس!!جد ألح!!د إال لل!!ه رب الع!!المين(. روى ابن ماج!!ة في س!!ننه والبس!!تي في ص!!حيحه عن أبي واقد قال: لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد لرسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )م!!ا ه!!ذا( فق!!ال: ي!!ا رس!!ول الل!!ه، ق!!دمت الش!!ام ف!!رأيتهم يس!!جدون لبط!!ارقتهم وأس!!اقفتهم، فأردت أن أفعل ذلك بك، قال: )فال تفعل فإني ل!!و أم!!رت ش!!يئا أن يس!!جد لشيء ألمرت المرأة أن تسجد لزوجها ال تؤدي المرأة حق ربها حتى ت!!ؤدي حق زوجها حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه(. لف!!ظ البس!!تي. ومع!!نى القتب أن الع!!رب يع!!ز عن!!دهم وج!!ود كرس!!ي لل!!والدة فيحمل!!ون نساءهم على القتب عند الوالدة. وفي بعض طرق معاذ: ونهى عن السجود

للبشر وأمر بالمصافحة. قلت: وهذا السجود المنهي عنه قد اتخذه جهال المتصوفة ع!!ادة في

سماعهم وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم، فيرى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه يسجد لألقدام لجهله سواء أكان للقبلة أم غيرها جهال!!ة

منه، ضل سعيهم وخاب عملهم. @ قوله: "إال إبليس" نصب على االستثناء المتصل، ألنه ك!!ان من المالئك!!ة على ق!!ول الجمه!!ور: ابن عب!!اس وابن مس!!عود وابن ج!!ريج وابن المس!!يب وقتادة وغ!!يرهم، وه!!و اختي!!ار الش!!يخ أبي الحس!!ن، ورجح!!ه الط!!بري، وه!و ظ!!اهر اآلي!!ة. ق!!ال ابن عب!!اس: وك!!ان اس!!مه عزازي!!ل وك!!ان من أش!!راف المالئكة وكان من األجنحة األربعة ثم أبلس بعد. روى سماك بن ح!!رب عن عكرم!!ة عن ابن عب!!اس ق!!ال: ك!!ان إبليس من المالئك!!ة فلم!!ا عص!!ى الل!!ه غضب عليه فلعنه فصار شيطانا. وحكى الماوردي عن قتادة: أن!!ه ك!!ان من أفضل صنف من المالئكة يقال لهم الجنة. وق!!ال س!!عيد بن جب!!ير: إن الجن سبط من المالئكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخل!!ق س!!ائر المالئك!!ة من نور. وقال ابن زيد والحسن وقتادة أيضا: إبليس أب!!و الجن كم!!ا أن آدم أب!!و البشر ولم يكن ملكا، وروى نح!!وه عن ابن عب!!اس وق!!ال: اس!!مه الح!!ارث. وقال شهر بن حوش!!ب وبعض األص!!وليين: ك!!ان من الجن ال!!ذين ك!!انوا في األرض وقاتلتهم المالئكة فسبوه صغيرا وتعبد مع المالئكة وخوطب، وحكاه الطبري عن ابن مسعود. واالستثناء على هذا منقطع، مثل قوله تعالى: "ما

[ وقول!!ه: "إال م!!ا ذكيتم"175لهم ب!!ه من علم إال اتب!!اع الظن" ]النس!!اء: [ في أحد القولين، وقال الشاعر:3]المائدة:

Page 124: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ليس عليك عطش وال جوع إال الرقاد والرقاد ممنوع واحتج بعض أصحاب هذا القول بأن الله جل وعز وصف المالئكة فقال: "ال

[، وقول!!ه تع!!الى:6يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" ]التح!!ريم: [ والجن غير المالئك!!ة. أج!!اب أه!!ل50"إال إبليس كان من الجن" ]الكهف:

المقالة األولى بأنه ال يمتنع أن يخرج إبليس من جمل!!ة المالئك!!ة لم!!ا س!!بق في علم الله بشقائه عدال منه، ال يسأل عما يفعل، وليس في خلقه من نار وال في تركيب الشهوة حين غضب عليه ما ي!!دفع أن!!ه من المالئك!!ة. وق!!ول من قال: إنه كان من جن األرض فس!!بي، فق!!د روي في مقابلت!!ه أن إبليس ه!!و ال!!ذي قات!!ل الجن في األرض م!!ع جن!!د من المالئك!!ة، حك!!اه المه!!دوي وغيره. وحكى الثعل!!بي عن ابن عب!!اس: أن إبليس ك!!ان من حي من أحي!!اء المالئكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم، وخلقت المالئك!!ة من ن!!ور، وكان اسمه بالسريانية عزازيل، وبالعربية الحارث، وك!!ان من خ!!زان الجن!!ة وكان رئيس مالئكة السماء الدنيا وكان له سلطانها وسلطان األرض، وكان من أشد المالئك!!ة اجته!ادا وأك!!ثرهم علم!!ا، وك!ان يس!!وس م!!ا بين الس!!ماء واألرض، فرأى لنفسه بذلك شرفا وعظم!!ة، ف!!ذلك ال!!ذي دع!!اه إلى الكف!!ر فعصى الله فمسخه شيطانا رجيما. فإذا كانت خطيئ!!ة الرج!!ل في ك!!بر فال ترج!!ه، وإن ك!!انت خطيئت!!ه في معص!!ية فارج!!ه، وك!!انت خطيئ!!ة آدم علي!!ه السالم معصية، وخطيئة إبليس كبرا. والمالئكة ق!!د تس!!مى جن!!ا الس!!تتارها،

[، وق!!ال158وفي التنزي!!ل: "وجعل!!وا بين!!ه وبين الجن!!ة نس!!با" ]الص!!افات: الشاعر في ذكر سليمان عليه السالم:

وسخر من جن المالئك تسعة قياما لديه يعملون بال أجر وأيضا لما كان من خزان الجنة نسب إليها فاشتق اسمه من اس!!مها، والل!ه أعلم. وإبليس وزنه إفعيل، مشتق من اإلبالس وهو الي!!أس من رحم!!ة الل!!ه تعالى. ولم ينصرف، ألنه معرفة وال نظير له في األسماء فشبه باألعجمي!!ة، قال أبو عبيدة وغيره. وقيل: هو أعجمي ال اشتقاق له فلم ينصرف للعجمة

والتعريف، قاله الزجاج وغيره. @قول!!ه تع!!الى: "أبى" معن!!اه امتن!!ع من فع!!ل م!!ا أم!!ر ب!!ه، ومن!!ه الح!!ديث الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وس!!لم: )إذا ق!!رأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله - وفي راوية: يا ويلي - أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار(. خرجه مسلم. يقال: أبي يأبى إباء، وهو ح!!رف ن!!ادر ج!!اء على فع!!ل يفع!!ل ليس فيه حرف من حروف الحلق، وقد قيل: إن األل!!ف مض!!ارعة لح!!روف الحلق. قال الزجاج: سمعت إسماعيل بن إس!!حاق القاض!!ي يق!!ول: الق!!ول عندي أن األلف مض!!ارعة لح!!روف الحل!!ق. ق!!ال النح!!اس: وال أعلم أن أب!!ا

إسحاق روى إسماعيل نحوا غير هذا الحرف. @قوله تعالى: "واستكبر "االستكبار: االستعظام، فكأن!!ه ك!!ره الس!!جود في حقه واستعظمه في حق آدم، فكان ت!رك الس!جود آلدم تس!فيها ألم!ر الل!ه وحكمته. وعن هذا الكبر عبر عليه السالم بقوله: )ال ي!!دخل الجن!!ة من ك!ان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر(. في رواية فقال رج!!ل: إن الرج!!ل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: )إن الله جمي!!ل يحب الجم!!ال الكبر بطر الحق وغمط الناس(. أخرجه مسلم. ومعنى بطر الحق: تسفيهه وإبطال!!ه. وغم!!ط الن!!اس: االحتق!!ار لهم واالزدراء بهم. وي!!روى: "وغمص"

Page 125: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بالصاد المهملة، والمعنى واحد، يقال: غمصه يغمصه غمص!!ا واغتمص!!ه، أي استص!!غره ولم ي!!ره ش!!يئا. وغمص فالن النعم!!ة إذا لم يش!!كرها. وغمص!!ت عليه قوال قاله، أي عبته عليه. وقد ص!!رح اللعين به!!ذا المع!!نى فق!!ال: "أن!!ا

[. "أأس!!جد لمن خلقت76خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" ]ص: [. "لم أكن ألسجد لبش!!ر خلقت!!ه من صلص!!ال من حم!!أ61طينا" ]اإلسراء:

[ فكفره الله بذلك. فك!!ل من س!!فه ش!!يئا من أوام!!ر26مسنون" ]الحجر: الله تعالى أو أمر رسوله عليه السالم كان حكمه حكمه، وه!!ذا م!!ا ال خالف فيه. وروى ابن القاس!!م عن مال!!ك أن!!ه ق!!ال بلغ!!ني أن أول معص!!ية ك!!انت الحسد والكبر، حس!!د إبليس آدم، وش!!ح آدم في أكل!!ه من الش!!جرة. وق!!ال قتادة: حسد إبليس آدم، على ما أعطاه الله من الكرام!!ة فق!!ال: أن!!ا ن!!اري وه!!ذا طي!!ني. وك!!ان ب!!دء ال!!ذنوب الك!!بر، ثم الح!!رص ح!!تى أك!!ل آدم من

الشجرة، ثم الحسد إذ حسد ابن آدم أخاه. @قوله تعالى: "وكان من الكافرين "قيل: كان هنا بمعنى صار، ومنه قول!!ه

تعالى: "فكان من المغرقين". وقال الشاعر: بتيهاء قفر والمطي كأنها قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها

أي صارت. وقال ابن فورك. "كان" هن!!ا بمع!!نى ص!!ار خط!!أ ت!!رده األص!!ول. وقال جمهور المتأولين: المعنى أي ك!ان في علم الل!ه تع!الى أن!!ه س!!يكفر،

ألن الكافر حقيقة والمؤمن حقيقة هو الذي قد علم الله منه الموافاة. قلت: وهذا صحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخ!!اري:

)وإنما األعم!!ال ب!!الخواتيم(. وقي!!ل: إن إبليس عبدالل!!ه تع!!الى ثم!!انين أل!!ف س!!نة، وأعطي الرياس!!ة والخزان!!ة في الجن!!ة على االس!!تدراج، كم!!ا أعطي المنافقون ش!!هادة أن ال إل!!ه إال الل!!ه على أط!!راف ألس!!نتهم، وكم!!ا أعطي بلع!!ام االس!!م األعظم على ط!!رف لس!!انه، فك!!ان في رياس!!ته والك!!بر في نفسه متمكن. قال ابن عباس: كان يرى لنفسه أن له فضيلة على المالئكة بما عنده، فلذلك قال: أنا خير منه، ولذلك قال الله عز وجل: "ما منعك أن

[ أي75تس!!جد لم!!ا خلقت بي!!دي أس!!تكبرت أم كنت من الع!!الين" ]ص: استكبرت وال كبر لك، ولم أتك!!بر أن!!ا حين خلقت!!ه بي!!دي والك!!بر لي فل!!ذلك

[. وكان أص!!ل خلقت!!ه من ن!!ار الع!!زة،74قال: "وكان من الكافرين". ]ص: [ ف!!العزة82ولذلك حلف بالعزة فقال: "فبعزت!!ك ألغ!!وينهم أجمعين" ]ص:

أورثته الكبر حتى رأى الفضل ل!!ه على آدم علي!!ه الس!!الم. وعن أبي ص!!الحقال: خلقت المالئكة من نور العزة وخلق إبليس من نار العزة.

@ قال علماؤنا - رحم!!ة الل!!ه عليهم - : ومن أظه!!ر الل!!ه تع!!الى على يدي!!ه ممن ليس بن!!بي كرام!!ات وخ!!وارق للع!!ادات فليس ذل!!ك داال على واليت!!ه، خالفا لبعض الصوفية والرافضة حيث قالوا: إن ذلك ي!!دل على أن!!ه ولي، إذ لو لم يكن وليا م!!ا أظه!!ر الل!!ه على يدي!!ه م!!ا أظه!!ر. ودليلن!!ا أن العلم ب!!أن الواحد منا ولي لله تعالى ال يصح إال بع!!د العلم بأن!!ه يم!!وت مؤمن!!ا، وإذا لم يعلم أنه يموت مؤمنا لم يمكنا أن نقطع على أنه ولي لله تعالى، ألن الولي لله تعالى من علم الله تعالى أنه ال يوافي إال باإليمان. ولما اتفقنا على أننا ال يمكننا أن نقطع على أن ذلك الرجل ي!!وافي باإليم!!ان، وال الرج!!ل نفس!!ه يقطع على أن!!ه ي!!وافي باإليم!ان، علم أن ذل!!ك ليس ي!!دل على واليت!ه لل!!ه. ق!الوا: وال نمن!ع أن يطل!ع بعض أوليائ!ه على حس!ن عاقبت!ه وخاتم!ة عمل!ه وغيره معه، قال الشيخ أبو الحس!!ن األش!!عري وغ!!يره. وذهب الط!!بري إلى

Page 126: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أن الله تع!الى أراد بقص!ة إبليس تقري!ع أش!باهه من ب!ني آدم، وهم اليه!ود الذين كفروا بمحم!د علي!!ه الس!!الم م!!ع علمهم بنبوت!!ه، وم!!ع ق!دم نعم الل!ه

عليهم وعلى أسالفهم. @ واختلف هل كان قبل إبليس ك!!افر أو ال؟ فقي!!ل: ال، وإن إبليس أول من كفر. وقيل: كان قبل!!ه ق!!وم كف!!ار وهم الجن وهم ال!!ذين ك!!انوا في األرض. واختلف أيضا هل كفر إبليس جهال أو عنادا على قولين بين أهل الس!!نة، وال خالف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره. فمن ق!!ال إن!!ه كف!!ر جهال ق!!ال: إنه سلب العلم عند كفره. ومن قال كفر عنادا قال: كفر ومعه علمه. ق!!ال ابن عطي!!ة: والكف!!ر عن!!ادا م!!ع بق!!اء العلم مس!!تبعد، إال أن!!ه عن!!دي ج!!ائز ال

يستحيل مع خذل الله لمن يشاء. }وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكال منها رغ!!دا حيث35* اآلية: 3*

شئتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين { @قوله تعالى: "وقلنا يا آدم اسكن" ال خالف أن الل!!ه تع!!الى أخ!!رج إبليس عن!!د كف!!ره وأبع!!ده عن الجن!!ة، وبع!!د إخراج!!ه ق!!ال آلدم: اس!!كن، أي الزم اإلقامة واتخذها مسكنا، وهو محل الس!!كون. وس!!كن إلي!!ه يس!!كن س!!كونا.

والسكن: النار، قال الشاعر: قد قومت بسكن وأدهان

والسكن: كل ما سكن إليه. والسكين معروف سمي به ألنه يس!!كن حرك!!ة المذبوح، ومنه المسكين لقلة تصرفه وحركته. وسكان السفينة عربي، ألنه

يسكنها عن االضطراب. @ في قول!!ه تع!!الى: "اس!!كن" تنبي!!ه على الخ!!روج، ألن الس!!كنى ال تك!!ون ملك!!ا، وله!!ذا ق!!ال بعض الع!!ارفين: الس!!كنى تك!!ون إلى م!!دة ثم تنقط!!ع،

فدخولهما في الجنة كان دخول سكنى ال دخول إقامة. قلت: وإذا كان هذا فيكون فيه داللة على ما يقول الجمهور من العلماء:

إن من أسكن رجال مسكنا له أنه ال يملكه بالسكنى، وأن ل!!ه أن يخرج!!ه إذا انقض!!ت م!!دة اإلس!!كان. وك!!ان الش!!عبي يق!!ول: إذا ق!!ال الرج!!ل داري ل!!ك سكنى حتى تموت فهي له حياته وموته، وإذا قال: داري هذه اسكنها ح!!تى تموت فإنها ترجع إلى صاحبها إذا مات. ونحو من الس!!كنى العم!!رى، إال أن الخالف في العمرى أقوى من!!ه في الس!!كنى. وس!!يأتي الكالم في العم!!رى في "هود" إن شاء الله تعالى. قال الحربي: س!!معت ابن اإلع!!رابي يق!!ول: لم يختل!!ف الع!!رب في أن ه!!ذه األش!!ياء على مل!!ك أربابه!!ا ومنافعه!!ا لمن جعلت له العمرى والرقبى واإلفق!!ار واإلخب!!ال والمنح!!ة والعري!!ة والس!!كنى واإلطراق. وهذا حجة مالك وأصحابه في أنه ال يملك ش!!يء من العطاي!!ا إال المنافع دون الرقاب، وهو قول الليث بن سعد والقاس!!م بن محم!!د، ويزي!!د

بن قسيط. والعمرى: ه!!و إس!!كانك الرج!!ل في دار ل!ك م!!دة عم!!رك أو عم!!ره. ومثل!!ه الرقبى: وهو أن يق!ول: إن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبل!ك فهي ل!ك، وهي من المراقبة. والمراقب!ة: أن ي!رقب ك!ل واح!د منهم!ا م!وت ص!احبه، ولذلك اختلفوا في إجازتها ومنعها، فأجازها أبو يوس!!ف والش!!افعي، وكأنه!!ا وص!ية عن!دهم. ومنعه!ا مال!ك والكوفي!ون، ألن ك!ل واح!د منهم يقص!د إلى عوض ال يدري هل يحصل له، ويتمنى كل واحد منهم!!ا م!!وت ص!!احبه. وفي الباب حديثان أيضا باإلجازة والمنع ذكرهما ابن ماجة في س!!ننه، األول رواه

Page 127: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

جابر بن عبدالله قال قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )العم!!رى جائزة لمن أعمرها والرقبى جائزة لمن أرقبها( ففي هذا الح!!ديث التس!!وية بين العمرى والرقبى في الحكم. الثاني رواه ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال رقبى فمن أرقب شيئا فه!!و ل!!ه حيات!!ه وممات!!ه(. قال: والرقبى أن يقول هو لآلخر: مني ومنك موتا. فقول!!ه: )ال رق!!بى( نهي ي!!دل على المن!!ع، وقول!!ه: )من أرقب ش!!يئا فه!!و ل!!ه( ي!!دل على الج!!واز، وأخرجهم!!ا أيض!!ا النس!!ائي. وذك!!ر عن ابن عب!!اس ق!!ال: العم!!رى والرق!!بى سواء. وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!ال: )العم!!رى ج!!ائزة لمن أعمره!!ا والرق!!بى ج!!ائزة لمن أرقبه!!ا(. فق!!د ص!!حح الحديث ابن المنذر، وهو حجة لمن قال بأن العمرى والرقبى س!!واء. وروي عن علي وبه قال الثوري وأحم!!د، وأنه!ا ال ترج!!ع إلى األول أب!!دا، وب!!ه ق!!ال إسحاق. وقال طاوس: من أرقب شيئا فهو سبيل الميراث. واإلفقار مأخوذ من فقار الظهر. أفقرتك ناقتي: أعرتك فقارها لتركبها. وأفق!!رك الص!!يد إذا أمكنك من فقاره حتى ترميه. ومثله اإلخبال، يق!!ال: أخبلت فالن!!ا إذا أعرت!!ه

ناقة يركبها أو فرسا يغزو عليه، قال زهير: هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا وإن يسألوا يعط!!وا وإن ييس!!روا يغلوا

والمنحة: العطية. والمنحة: منحة اللبن. والمنيحة: الناقه أو الش!!اة يعطيه!!ا الرجل آخر يحتلبه!!ا ثم يرده!!ا، ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقض!!ي وال!!زعيم غ!!ارم(. رواه أب!!و أمامة، أخرج!!ه الترم!!ذي وال!!دارقطني وغيرهم!!ا، وه!!و ص!!حيح. واإلط!!راق: إع!!ارة الفح!!ل، اس!!تطرق فالن فالن!!ا فحل!!ه: إذا طلب!!ه ليض!!رب في إبل!!ه، فأطرقه إياه، ويقال: أطرقني فحل!!ك أي أع!!رني فحل!!ك ليض!!رب في إبلي. وطرق الفحل الناقة يطرق طروقا أي قعا عليه!!ا. وطروق!!ة الفح!!ل: أنث!!اه،

يقال: ناقة طروقة الفحل للتي بلغت أن يضربها الفحل. @قوله تعالى: "أنت وزوجك" "أنت" تأكيد للمضمر الذي في الفعل، ومثله "ف!!اذهب أنت ورب!!ك". وال يج!!وز اس!!كن وزوج!!ك، وال اذهب ورب!!ك، إال في

ضرورة الشعر، كما قال: قلت إذ أقبلت وزهر تهادى كنعاج المال تعسفن رمال

ف "زهر" معط!!وف على المض!!مر في "أقبلت" ولم يؤك!!د ذل!!ك المض!!مر.ويجوز في غير القرآن على بعد: قم وزيد.

@قوله تعالى: "وزوجك" لغة القرآن "زوج" بغير هاء، وقد ج!اء في ص!حيح مسلم: "زوجة" حدثنا عبدالل!!ه بن مس!!لمة بن قعنب ق!!ال ح!!دثنا حم!!اد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وس!!لم ك!!ان م!!ع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال: )يا فالن هذه زوج!!تي فالن!!ة(: فقال يا رسول الله، من كنت أظن به فلم أكن أظن بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )إن الش!!يطان يج!!ري من اإلنس!!ان مج!!رى ال!!دم(. وزوج آدم عليه السالم هي حواء عليها السالم، وه!!و أول من س!!ماها ب!ذلك حين خلقت من ضلعه من غير أن يحس آدم علي!!ه الس!!الم ب!!ذلك، ول!!و ألم بذلك لم يعطف رجل على امرأته، فلما انتبه قيل له: من هذه؟ قال: امرأة قيل: وما اس!!مها؟ ق!!ال: ح!!واء، قي!!ل: ولم س!!ميت ام!!رأة؟ ق!!ال: ألنه!!ا من المرء أخذت، قيل: ولم سميت حواء؟ ق!!ال: ألنه!!ا خلقت من حي. روي أن

Page 128: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

المالئكة سألته عن ذلك لتجرب علمه، وأنهم قالوا له: أتحبها ي!ا آدم؟ ق!ال: نعم، قالوا لحواء: أتحبينه ي!!ا ح!!واء؟ ق!!الت: ال، وفي قلبه!!ا أض!!عاف م!!ا في قلبه من حبه. قالوا: فلو ص!!دقت ام!!رأة في حبه!!ا لزوجه!!ا لص!!دقت ح!!واء. وقال ابن مسعود وابن عباس: لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا، فلما نام خلقت حواء من ض!!لعه القص!!رى من ش!!قه األيس!!ر ليس!!كن إليه!!ا ويأنس بها، فلما انتبه رآها فقال: من أنت؟ قالت: امرأة خلقت من ض!!لعك لتسكن إلي، وهو معنى قول!!ه تع!!الى: "ه!!و ال!!ذي خلقكم من نفس واح!!دة

[. ق!!ال العلم!!اء: وله!!ذا ك!!انت6وجعل منها زوجها ليس!!كن إليه!!ا" ]الزم!!ر: المرأة عوجاء، ألنها خلقت من أعوج وه!!و الض!!لع. وفي ص!!حيح مس!!لم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )إن الم!!رأة خلقت من ضلع - في رواية: وإن أعوج ش!!يء في الض!!لع أعاله - لن تس!!تقيم ل!!ك على طريقة واحدة فإن استمتعت بها استمتعت به!!ا وبه!!ا ع!!وج وإن ذهبت

تقيمها كسرتها وكسرها طالقها(. وقال الشاعر: هي الضلع العوجاء ليست تقيمها أال إن تقويم الضلوع انكسارها أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى أليس عجيبا ضعفها واقتدارها

ومن هذا الباب استدل العلم!!اء على م!!يراث الخن!!ثى المش!!كل إذا تس!!اوت فيه عالمات النساء والرج!!ال في اللحي!!ة والث!!دي والمب!!ال بنقص األعض!!اء. فإن نقصت أضالعه عن أضالع المرأة أعطي نصيب رج!!ل - روي ذل!!ك عن علي رضي الله عنه - لخلق حواء من أحد أضالعه، وس!!يأتي في الم!!واريث

بيان هذا إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "الجنة "الجنة: البستان، وقد تقدم الق!!ول فيه!!ا. وال التف!!ات لما ذهبت إليه المعتزلة والقدرية من أنه لم يكن في جنة الخلد وإنم!!ا ك!!ان في جنة بأرض عدن. واستدلوا على بدعتهم بأنها لو ك!!انت جن!!ة الخل!!د لم!!ا

[23وصل إليه إبليس، ف!!إن الل!!ه يق!!ول: "ال لغ!!و فيه!!ا وال ت!!أثيم" ]الط!!ور: [ وقال: "ال يسمعون فيه!!ا35وقال "ال يسمعون فيها لغوا وال كذابا" ]النبأ:

[. وأن!!ه ال يخ!!رج منه!!ا أهله!!ا25لغ!!وا وال تأثيم!!ا. إال قيال س!!الما" ]الواقع!!ة: [. وأيضا ف!!إن جن!!ة الخل!!د هي48لقوله: "وما هم منها بمخرجين" ]الحجر:

دار الق!دس، قدس!ت عن الخطاي!!ا والمعاص!!ي تطه!يرا له!ا. وق!د لغ!ا فيه!ا إبليس وكذب، وأخرج منها آدم وحواء بمعصيتهما. قالوا: وكي!!ف يج!!وز على آدم مع مكانه من الله وكم!!ال عقل!!ه أن يطلب ش!!جرة الخل!!د وه!!و في دار الخلد والملك الذي ال يبلى؟ فالجواب: أن الله تع!!الى ع!!رف الجن!!ة ب!!األلف والالم، ومن ق!!ال: أس!!أل الل!!ه الجن!!ة، لم يفهم من!!ه في تع!!ارف الخل!!ق إال طلب جنة الخلد. وال يستحيل في العق!!ل دخ!!ول إبليس الجن!!ة لتغري!!ر آدم، وقد لقي موسى آدم عليهما السالم فقال له موس!!ى: أنت أش!!قيت ذريت!!ك وأخ!!رجتهم من الجن!!ة، فأدخ!!ل األل!!ف والالم لي!!دل على أنه!!ا جن!!ة الخل!!د المعروفة، فلم ينك!!ر ذل!!ك آدم، ول!و ك!انت غيره!ا ل!رد على موس!!ى، فلم!!ا سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم الله ع!!ز وج!!ل منها بخالف الدار التي أخرجوا إليها. وأما ما احتجوا به من اآلي فذلك إنم!!ا جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيه!!ا ي!!وم القيام!!ة، وال يمتن!!ع أن تك!!ون دار الخلد لمن أراد الله تخليده فيها وق!!د يخ!!رج منه!ا من قض!!ي علي!!ه بالفن!!اء. وقد أجمع أه!ل التأوي!ل على أن المالئك!ة ي!دخلون الجن!ة على أه!ل الجن!ة ويخرجون منها، وقد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية،

Page 129: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة اإلسراء ثم خرج منها وأخبر بما فيها وأنه!!ا هي جن!!ة الخل!!د حق!!ا. وأم!!ا ق!!ولهم: إن الجن!!ة دار الق!!دس وق!!د طهرها الله تعالى من الخطايا فجهل منهم، وذلك أن الل!ه تع!الى أم!ر ب!ني إسرائيل أن يدخلوا األرض المقدسة وهي الشام، وأجمع أهل الشرائع على أن الله تعالى قدسها وقد شوهد فيها المعاص!!ي والكف!!ر والك!!ذب ولم يكن تقديسها مما يمنع فيها المعاصي، وكذلك دار القدس. قال أب!!و الحس!!ن بن بط!!ال: وق!!د حكى بعض المش!!ايخ أن أه!!ل الس!!نة مجمع!!ون على أن جن!!ة الخلد هي التي أهبط منها آدم عليه السالم، فال مع!!نى لق!!ول من خ!!الفهم. وقولهم: كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخل!!د وه!!و في دار الخلد، فيعكس عليهم ويقال: كيف يج!!وز على آدم وه!!و في كم!!ال عقله أن يطلب شجرة الخل!!د في دار الفن!!اء ه!!ذا م!!ا ال يج!!وز على من ل!!ه أدنى مسكة من عقل، فكيف بآدم الذي هو أرجح الخلق عقال، على ما قال

أبو أمامة على ما يأتي. @قوله تعالى: "وكال منها رغدا حيث شئتما" ق!!راءة الجمه!!ور "رغ!!دا" بفتح الغين. وقرأ النخعي وابن وثاب بسكونها. والرغد: العيش الدار الهني ال!!ذي

ال عناء فيه، قال: بينما المرء تراه ناعما يأمن األحداث في عيش رغد

ويقال: رغد عيشهم ورغد )بض!!م الغين وكس!!رها(. وأرغ!!د الق!!وم: أخص!!بوا وصاروا في رغد من العيش. وهو منص!!وب على الص!!فة لمص!!در مح!!ذوف، وحيث وحيث وحيث، وح!!وث وح!!وث وح!!اث، كله!!ا لغ!!ات، ذكره!!ا النح!!اس

وغيره. قوله تعالى "وكال منها رغدا" حذفت النون من "كال" ألنه أم!!ر، وح!!ذفت

الهمزة لكثرة االستعمال، وحذفها شاذ. قال سيبويه: من العرب من يق!!ول أأكل، فيتم. يقال منه: أكلت الطع!ام أكال وم!أكال. واألكل!ة )ب!الفتح(: الم!رة الواحدة حتى تشبع. واألكلة )بالضم(: اللقمة، تقول: أكلت أكلة واح!!دة، أي لقمة، وهي القرصة أيضا. وهذا الش!!يء أكل!!ة ل!!ك، أي طعم!!ة ل!!ك. واألك!!ل أيضا ما أكل. ويقال: فالن ذو أكل إذا كان ذا ح!!ظ من ال!!دنيا ورزق واس!!ع. "رغدا" نعت لمصدر مح!!ذوف، أي أكال رغ!!دا. ق!!ال ابن كيس!!ان: ويج!!وز أن يكون مصدرا في موضع الحال. وقال مجاهد: "رغدا" أي ال حس!!اب عليهم. والرغد في اللغة. الكثير الذي ال يعنيك، ويقال: أرغد الق!!وم، إذا وقع!!وا في خص!!ب وس!!عة. وق!!د تق!!دم ه!!ذا المع!!نى. "حيث" مبني!!ة على الض!!م، ألنه!!ا خالفت أخواتها الظروف في أنها ال تضاف، فأش!!بهت قب!!ل وبع!!د إذا أفردت!!ا فضمت. ق!!ال الكس!!ائي: لغ!!ة قيس وكنان!!ة الض!!م، ولغ!!ة تميم الفتح. ق!!ال الكسائي: وبنو أسد يخفض!!ونها في موض!!ع الخفض، وينص!!بونها في موض!!ع النصب، قال الل!!ه تع!الى: "سنس!!تدرجهم من حيث ال يعلم!!ون" ]األع!!راف:

[ وتضم وتفتح. "وال تقربا هذه الشجرة "الهاء من "هذه" بدل من ي!!اء182 األصل، ألن األص!!ل ه!!ذي. ق!!ال النح!!اس: وال أعلم في العربي!!ة ه!!اء ت!!أنيث مكسورا ما قبلها إال هاء "هذه" ومن العرب من يقول: هاتا هند، ومنهم من يقول: هاتي هند. وحكى سيبويه: هذه هند، بإسكان الهاء. وحكى الكس!!ائي عن العرب: وال تقربا ه!!ذي الش!!جرة. وعن ش!!بل ابن عب!!اد ق!!ال: ك!!ان ابن كثير وابن محيص!!ن ال يثبت!!ان اله!!اء في "ه!!ذه" في جمي!!ع الق!!رآن. وق!!راءة الجماع!!ة "رغ!!دا" بفتح الغين. وروي عن ابن وث!!اب والنخعي أنهم!!ا س!!كنا

Page 130: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الغين. وحكى سلمة عن الفراء قال يقال: هذه فعلت وهذي فعلت، بإثب!!ات ياء بعد الذال. وه!!ذ فعلت، بكس!!ر ال!!ذال من غ!!ير إلح!!اق ي!!اء وال ه!!اء. وت!!ا

فعلت. قال هشام ويقال: تا فعلت. وأنشد: خليلي لوال ساكن الدار لم أقم بتا الدار إال عابر ابن سبيل

قال ابن األنباري: وتا بإسقاط ها بمنزلة ذي بإسقاط ها من هذي، وبمنزل!!ة ذه بإسقاط ها من هذه. وقد قال الفراء: من قال هذ قامت ال يس!!قط ه!!ا،

ألن االسم ال يكون على ذال واحدة. @قوله تعالى: "وال تقربا هذه الشجرة" أي ال تقرباها بأكل، ألن اإلباحة فيه وقعت. قال ابن العربي: سمعت الشاشي في مجلس النض!!ر ]بن ش!!ميل[ يقول: إذا قيل ال تقرب )بفتح الراء( كان معن!!اه ال تلبس بالفع!!ل، وإذا ك!!ان )بضم الراء( فإن معناه ال تدن منه. وفي الصحاح: قرب الشيء يقرب قربا أي دنا. وقربته )بالكسر( أقربه قربانا أي دنوت منه. وقربت أقرب قراب!!ة - مث!!ل كتبت أكتب كتاب!!ة - إذا س!!رت إلى الم!!اء وبين!!ك وبين!!ه ليل!!ة، واالس!!م القرب. قال األصمعي: قلت ألعرابي: ما القرب؟ فق!ال: س!!ير اللي!!ل ل!!ورد الغد. وقال ابن عطية: قال بعض الحذاق: إن الله تعالى لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عن!!ه بلف!!ظ يقتض!!ي األك!!ل وم!!ا ي!!دعو إلي!!ه الع!!رب وه!!و القرب. قال ابن عطية: وهذا مثال بين في سد الذرائع. وقال بعض أرب!!اب المعاني قوله: "وال تقربا" إشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجن!!ة، وأن س!!كناه فيه!!ا ال ي!!دوم، ألن المخل!!د ال يحظ!!ر علي!!ه ش!!يء وال ي!!ؤمر وال ينهى. وال!!دليل على ه!!ذا قول!!ه تع!!الى "إني جاع!!ل في األرض خليف!!ة"

[ فدل على خروجه منها. 30]البقرة: @قوله تعالى: "هذه الشجرة" االسم المبهم ينعت بما في!!ه األل!!ف والالم ال غير، كقولك: مررت بهذا الرج!ل وبه!ذه الم!رأة وه!ذه الش!جرة. وق!رأ ابن محيصن: "هذي الشجرة" بالياء وهو األصل، ألن الهاء في هذه بدل من ي!اء ولذلك انكسر ما قبلها، وليس في الكالم ه!!اء ت!!أنيث قبله!!ا كس!!رة س!!واها،

وذلك ألن أصلها الياء. والشجرة والشجرة والشيرة، ثالث لغات وقرئ "الشجرة" بكس!!ر الش!!ين. والشجرة والشجرة: م!ا ك!ان على س!اق من نب!ات األرض. وأرض ش!جيرة وش!!جراء أي كث!!يرة األش!!جار، وواد ش!!جير، وال يق!!ال: واد أش!!جر. وواح!!د الشجراء شجرة، ولم يأت من الجمع على ه!!ذا المث!!ال إال أح!!رف يس!!يرة: شجرة وشجراء، وقصبة وقصباء، وطرفة وطرف!!اء، وحلف!!ة وحلف!!اء. وك!!ان األصمعي يق!!ول في واح!!د الحلف!!اء: حلف!!ة، بكس!!ر الالم مخالف!!ة ألخواته!!ا. وقال سيبويه: الشجراء واحد وجمع، وكذلك القص!!باء والطرف!!اء والحلف!!اء. والمشجرة: موضع األشجار. وأرض مشجرة، وهذه األرض أش!!جر من ه!!ذه

أي أكثر شجرا، قال الجوهري. @التاسعة: واختلف أهل التأويل في تع!!يين ه!!ذه الش!!جرة ال!!تي نهي عنه!!ا فأك!!ل منه!!ا، فق!!ال ابن مس!!عود وابن عب!!اس وس!!عيد بن جب!!ير وجع!!دة بن هبيرة: هي الكرم، ولذلك حرمت علينا الخمر. وقال ابن عب!!اس أيض!!ا وأب!!و مال!!ك وقت!!ادة: هي الس!!نبلة، والحب!!ة منه!!ا ككلى البق!!ر، أحلى من العس!!ل وألين من الزبد، قاله وهب بن منبه. ولما ت!!اب الل!!ه على آدم جعله!!ا غ!!ذاء لبني!!ه. وق!!ال ابن ج!ريج عن بعض الص!!حابة: هي ش!!جرة ال!!تين، وك!!ذا روى سعيد عن قتادة، ولذلك تعبر في الرؤي!ا بالندام!ة آلكله!ا من أج!ل ن!دم آدم

Page 131: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عليه السالم على أكلها، ذكره السهيلي. قال ابن عطي!!ة: وليس في ش!!يء من هذا التعيين ما يعضده خبر، وإنما الصواب أن يعتقد أن الله تع!!الى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في األكل منها. وقال القشيري أب!!و نصر: وكان اإلمام والدي رحم!!ه الل!!ه يق!!ول: يعلم على الجمل!!ة أنه!!ا ك!!انت

شجرة المحنة. @ واختلفوا كيف أكل منها مع الوعيد المقترن ب!!القرب وه!!و قول!!ه تع!!الى: "فتكونا من الظالمين"، فقال قوم أكال من غير التي أشير إليه!!ا فلم يت!!أوال النهي واقعا على جميع جنسها، ك!أن إبليس غ!ره باألخ!ذ بالظ!اهر ق!ال ابن العربي: وهي أول معصية عصي الله بها على هذا القول. قال: "وفيه دليل على أن من حلف أال يأكل من هذا الخ!بز فأك!ل من جنس!ه حنث. وتحقي!ق المذاهب فيه أن أكثر العلماء قالوا: ال حنث فيه. وقال مال!!ك وأص!!حابه: إن اقتضى بساط اليمين تعيين المشار إليه لم يحنث بأكل جنسه، وإن اقتضى بساط اليمين أو سببها أو نيتها الجنس حمل عليه وحنث بأكل غيره، وعلي!!ه حملت قص!!ة آدم علي!!ه الس!!الم فإن!!ه نهي عن ش!!جرة عينت ل!!ه وأري!!د به!!ا

جنسها، فحمل القول على اللفظ دون المعنى. وقد اختل!!ف علماؤن!!ا في ف!!رع من ه!!ذا، وه!!و أن!!ه إذا حل!!ف أال يأك!!ل ه!!ذه الحنطة فأكل خبزا منها على ق!!ولين، ق!!ال في الكت!!اب: يحنث، ألنه!!ا هك!!ذا تؤكل. وقال ابن المواز: ال شيء عليه، ألنه لم يأكل حنطة وإنما أك!!ل خ!!بزا فراعى االسم والصفة. ولو قال في يمينه: ال آك!!ل من ه!!ذه الحنط!!ة لحنث بأكل الخ!!بز المعم!!ول منه!!ا وفيم!!ا اش!!ترى بثمنه!!ا من طع!!ام وفيم!!ا أنبتت خالف. قال آخرون: ت!!أوال النهي على الن!!دب. ق!!ال ابن الع!!ربي: وه!!ذا وإن كان مسألة من أصول الفق!!ه فق!!د س!!قط ذل!!ك ههن!!ا، لقول!!ه: "فتكون!!ا من

[ فقرن النهي بالوعيد، وك!!ذلك قول!!ه س!!بحانه: "فال35الظالمين" ]البقرة: [. وق!!ال ابن المس!!يب: إنم!ا أك!ل117يخرجنكما من الجنة فتشقى" ]طه:

آدم بعد أن سقته حواء الخمر فسكر وكان في غير عقله. وكذلك قال يزيد بن قسيط، وكانا يحلفان بالله أنه ما أكل من هذه الشجرة وهو يعقل. قال ابن العربي: وهذا فاسد نقال وعقال، أما النقل فلم يصح بح!!ال، وق!!د وص!!ف الله عز وجل خمر الجنة فقال: "ال فيها غول". وأما العقل فألن األنبياء بعد

النبوة معصومون عما يؤدي إلى اإلخالل بالفرائض واقتحام الجرائم. قلت: قد استنبط بعض العلماء نبوة آدم عليه السالم قبل إسكانه الجنة

[ ف!!أمره الل!!ه تع!!الى33من قوله تعالى: "فلما أنبأهم بأسمائهم" ]البق!!رة: أن ينبئ المالئك!!ة بم!!ا ليس عن!!دهم من علم الل!!ه ج!!ل وع!!ز. وقي!!ل: أكله!!ا

ناسيا، ومن الممكن أنهما نسيا الوعيد. قلت: وهو الصحيح إلخبار الله تعالى في كتابه بذلك حتما وجزما فقال:

[. ولكن115"ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" ]طه: لما كان األنبياء عليهم السالم يلزمهم من التحفظ والتيقظ لكثرة مع!!ارفهم وعلو منازلهم ما ال يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكر النهي تضييعا صار به عاصيا، أي مخالفا. ق!!ال أب!!و أمام!!ة: ل!!و أن أحالم ب!!ني آدم من!!ذ خل!!ق الل!!ه الخلق إلى يوم القيامة وض!!عت في كف!!ة م!!يزان ووض!!ع حلم آدم في كف!!ة

أخرى لرجحهم، وقد قال الله تعالى: "ولم نجد له عزما". قلت: قول أبي أمامة هذا عموم في جميع بني آدم. وق!!د يحتم!!ل أن

يخص من ذلك نبينا محمد صلى الله علي!!ه وس!!لم، فإن!!ه ك!!ان أوف!!ر الن!!اس

Page 132: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

حلما وعقال. وقد يحتم!!ل أن يك!!ون المع!!نى ل!!و أن أحالم ب!!ني آدم من غ!!يراألنبياء. والله أعلم.

قلت: والقول األول أيضا حسن، فظنا أن المراد العين وك!!ان الم!!راد الجنس، كقول النبي صلى الله عليه وسلم حين أخ!!ذ ذهب!!ا وحري!!را فق!!ال: )ه!!ذان حرام!!ان على ذك!!ور أم!!تي(. وق!!ال في خ!!بر آخ!!ر: )ه!!ذان مهلك!!ان

أمتي(. وإنما أراد الجنس ال العين. @ يقال: إن أول من أكل من الشجرة حواء ب!إغواء إبليس إياه!ا - على م!!ا يأتي بيانه - وإن أول كالمه كان معها ألنها وسواس المخدة، وهي أول فتنة دخلت على الرج!!ال من النس!!اء، فق!!ال: م!!ا منعتم!!ا ه!!ذه الش!!جرة إال أنه!!ا شجرة الخلد، ألنه علم منهما أنهما كانا يحبان الخلد، فأتاهما من حيث أحب!!ا - "حبك الشيء يعمي ويص!!م" - فلم!!ا ق!!الت ح!!واء آلدم أنك!!ر عليه!!ا وذك!!ر العهد، فألح على حواء وألحت حواء على آدم، إلى أن قالت: أنا آك!!ل قبل!!ك حتى إن أصابني شيء سلمت أنت، فأكلت فلم يضرها، ف!!أتت آدم فق!!الت: كل فإني قد أكلت فلم يضرني، فأكل فبدت لهما سوآتهما وحصال في حكم الذنب، لقول الله تع!!الى: "وال تقرب!!ا ه!!ذه الش!!جرة" فجمعهم!!ا في النهي، فلذلك لم تنزل بها العقوبة ح!!تى وج!!د المنهي عن!!ه منهم!!ا جميع!!ا، وخفيت على آدم هذه المسألة، ولهذا ق!!ال بعض العلم!!اء: إن من ق!!ال لزوجتي!!ه أو أمتيه: إن دخلتما الدار فأنتما طالقتان أو حرتان، إن الطالق والعت!!ق ال يق!!ع بدخول إحداهما. وقد اختلف علماؤنا في ذل!!ك على ثالث!!ة أق!!وال، ق!!ال ابن القاسم: ال تطلقان وال تعتقان إال باجتماعهم!!ا في ال!!دخول، حمال على ه!!ذا األصل وأخذا بمقتضى مطل!!ق اللف!!ظ. وقال!!ه س!!حنون. وق!!ال ابن القاس!!م مرة أخرى: تطلقان جميعا وتعتقان جميعا بوجود الدخول من إح!داهما، ألن بعض الحنث حنث، كما لو حلف أال يأكل هذين ال!!رغيفين فإن!!ه بحنث بأك!!ل أحدهما ب!!ل بأك!!ل لقم!!ة منهم!!ا. وق!!ال أش!!هب: تعت!!ق وتطل!!ق ال!!تي دخلت وحدها، ألن دخول كل واحدة منهما شرطا في طالقه!!ا أو عتقه!!ا. ق!!ال ابن

العربي: وهذا بعيد، ألن بعض الشرط ال يكون شرطا إجماعا. قلت: الصحيح األول، وإن النهي إذا كان معلقا على فعلين ال تتحق!!ق

المخالفة إال بهما، ألنك إذا قلت: ال تدخال الدار، ف!!دخل أح!!دهما م!!ا وج!!دت [35المخالفة منهما، ألن قول الله تعالى "وال تقربا هذه الشجرة" ]البقرة:

[ جواب!!ه، فال يكون!!ا من35نهي لهم!!ا "فتكون!!ا من الظ!!المين" ]البق!!رة: الظالمين حتى يفعال، فلما أكلت لم يصبها شيء، ألن المنهي عن!!ه م!!ا وج!د كامال. وخفي هذا المعنى على آدم فطم!!ع ونس!!ي ه!!ذا الحكم، وه!!و مع!!نى

[ وقي!!ل:115قوله تع!الى: "ولق!د عه!دنا إلى آدم من قب!!ل فنس!ي" ]ط!!ه: نسي قوله: "إن هذا عدو لك ولزوج!!ك فال يخرجنكم!!ا من الجن!!ة فتش!!قى"

[. والله أعلم. 115]طه: @ واختلف العلماء في هذا الباب هل وقع من األنبياء - صلوات الل!!ه عليهم أجمعين - ص!!غائر من ال!!ذنوب يؤاخ!!ذون به!!ا ويع!!اتبون عليه!!ا أم ال - بع!!د اتفاقهم على أنهم معصومون من الكبائر ومن كل رزيلة فيه!!ا ش!!ين ونقص إجماعا عند القاضي أبي بكر، وعند األس!!تاذ أبي إس!!حاق أن ذل!!ك مقتض!!ى دليل المعجزة، وعند المعتزلة أن ذلك مقتضى دلي!!ل العق!!ل على أص!!ولهم - ، فقال الطبري وغيره من الفقهاء والمتكلمين والمح!!دثين: تق!!ع الص!!غائر منهم. خالفا للرافضة حيث قالوا: إنهم معصومون من جميع ذلك، واحتج!!وا

Page 133: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بما وقع من ذلك في التنزيل وثبت من تنصلهم من ذلك في الحديث، وه!!ذا ظاهر ال خفاء فيه. وقال جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك وأبي حنيف!!ة والش!!افعي: إنهم معص!!ومون من الص!!غائر كله!!ا كعص!!متهم من الكب!!ائر أجمعها، ألنا أمرنا باتباعهم في أفعالهم وآثارهم وس!!يرهم أم!!را مطلق!!ا من غير التزام قرينة، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن االقت!!داء بهم، إذ ليس ك!!ل فع!!ل من أفع!!الهم يتم!!يز مقص!!ده من القرب!!ة واإلباح!!ة أو الحظ!!ر أو المعصية، وال يصح أن يؤمر المرء بامتثال أمر لعل!!ه معص!!ية، ال س!!يما على من يرى تقديم الفعل على القول إذا تعارضا من األص!!وليين. ق!!ال األس!!تاذ أبو إسحاق اإلسفرايني: واختلفوا في الصغائر، والذي عليه األك!!ثر أن ذل!!ك غير جائز عليهم، وصار بعضهم إلى تجويزها، وال أصل لهذه المقال!!ة. وق!!ال بعض المتأخرين ممن ذهب إلى القول األول: الذي ينبغي أن يقال إن الل!!ه تع!!الى ق!!د أخ!!بر بوق!!وع ذن!!وب من بعض!!هم ونس!!بها إليهم وع!!اتبهم عليه!!ا، وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصلوا منها وأشفقوا منها وتابوا، وك!!ل ذل!!ك ورد في مواضع كثيرة ال يقبل التأويل جملتها وإن قبل ذل!!ك أحاده!!ا، وك!!ل ذل!!ك مما ال يزري بمناصبهم، وإنما تلك األمور التي وقعت منهم على جهة الندور وعلى جه!!ة الخط!!أ والنس!!يان، أو تأوي!!ل دع!!ا إلى ذل!!ك فهي بالنس!!بة إلى غيرهم حسنات وفي حقهم سيئات، ]بالنسبة[ إلى مناصبهم وعلو أقدارهم، إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس، فأش!!فقوا من ذل!ك في موق!!ف القيامة مع علمهم باألمن واألمان والس!!المة. ق!!ال: وه!!ذا ه!!و الح!!ق. ولق!!د أحسن الجنيد حيث قال: حسنات األبرار س!!يئات المق!ربين. فهم - ص!لوات الله وسالمه عليهم - وإن كان قد شهدت النصوص بوقوع ذن!!وب منهم فلم يخل ذلك بمناصبهم وال قدح في رتبهم، بل ق!!د تالف!!اهم واجتب!!اهم وه!!داهم

ومدحهم وزكاهم واختارهم واصطفاهم، صلوات الله عليهم وسالمه. @قوله تعالى: "فتكونا من الظالمين" )فتكونا( عطف على "تقربا" فل!!ذلك

حذفت النون. وزعم الجرمي أن الفاء هي الناصبة، وكالهما جائز. الظلم أصله وضع الشيء في غير موضعه. واألرض المظلومة: ال!!تي لم

تحفر قط ثم حفرت. قال النابغة:وقفت فيها أصيال ال وأسائلها عيت جوابا وما بالربع من أحد إال األواري أليا ما أبينها والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

ويسمى ذلك التراب الظليم. قال الشاعر: فأصبح في غبراء بعد إشاحة على العيش مردود عليها ظليمها

وإذا نحر البعير من غير داء به فقد ظلم، ومنه:.. ظالمون للجزر ويقال: س!!قانا ظليم!!ة طيب!!ة، إذا س!!قاهم اللبن قب!!ل إدراك!!ه. وق!!د ظلم

وطبه، إذا سقى منه قب!ل أن ي!روب ويخ!!رج زب!ده. واللبن مظل!وم وظليم.قال:

وقائلة ظلمت لكم سقائي وهل يخفى على العكد الظليم ورجل ظليم: شديد الظلم. والظلم: الشرك، قال الله تع!!الى: "إن الش!!رك

[13لظلم عظيم". ]لقمان: }فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا36* اآلية: 3*

بعضكم لبعض عدو ولكم في األرض مستقر ومتاع إلى حين{ @قوله تعالى: "فأزلهما الشيطان عنها" قرأ الجماعة "فأزلهما" بغير أل!!ف، من الزلة وهي الخطيئة، أي استزلهما وأوقهما فيها. وقرأ حمزة "فأزالهما"

Page 134: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بألف، من التنحية، أي نحاهما. يقال: أزلته فزال. قال ابن كيسان: فأزالهمامن الزوال، أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية.

قلت: وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى، إال أن قراءة الجماعة أمكن في المع!!نى. يق!!ال من!!ه: أزللت!!ه ف!!زل. ودل على ه!!ذا قول!!ه تع!!الى: "إنم!!ا

[، وقول!!!ه:155اس!!!تزلهم الش!!!يطان ببعض م!!!ا كس!!!بوا" ]آل عم!!!ران: "فوس!!وس لهم!!ا الش!!يطان" والوسوس!!ة إنم!!ا هي إدخالهم!!ا في الزل!!ل بالمعصية، وليس للشيطان قدرة على زوال أحد من مكان إلى مكان، إنما قدرته ]على[ إدخاله في الزلل، فيكون ذلك سببا إلى زواله من مك!!ان إلى مك!!ان يذنب!!ه. وق!!د قي!!ل: إن مع!!نى أزلهم!!ا من زل عن المك!!ان إذا تنحى،

فيكون في المعنى كقراءة حمزة من الزوال. قال امرؤ القيس: يزل الغالم الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل

وقال أيضا: كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل

@قوله تعالى: "فأخرجهما مما كانا فيه" إذا جعل أزال من زال عن المكان فقوله: "فأخرجهما" تأكيد وبيان لل!!زوال، إذ ق!!د يمكن أن ي!!زوال عن مك!!ان كانا فيه إلى مكان آخر من الجنة، وليس ك!!ذلك، وإنم!!ا ك!!ان إخراجهم!!ا من الجن!ة إلى األرض، ألنهم!!ا خلق!ا منه!ا، وليك!!ون آدم خليف!ة في األرض. ولم يقصد إبليس - لعنه الل!!ه - إخراج!ه منه!ا وإنم!ا قص!!د إس!!قاطه من مرتبت!!ه وإبعاده كما أبعد ه!!و، فلم يبل!!غ مقص!!ده وال أدرك م!!راده، ب!!ل ازداد س!!خنة عين وغيظ نفس وخيبة ظن. قال الله جل ثناؤه: "ثم اجتباه ربه فتاب عليه

[ فصار عليه السالم خليفة الله في أرض!!ه بع!!د أن ك!!ان122وهدى" ]طه: جارا له في داره، فكم بين الخليفة والجار صلى الله علي!!ه وس!!لم. ونس!!ب ذل!!ك إلى إبليس، ألن!!ه ك!!ان بس!!ببه وإغوائ!!ه. وال خالف بين أه!!ل التأوي!!ل وغيرهم أن إبليس كان متولي إغواء آدم، واختل!!ف في الكيفي!!ة، فق!!ال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء أغواهم!!ا مش!!افهة، ودلي!!ل ذل!!ك قول!!ه تع!!!الى: "وقاس!!!مهما إني لكم!!!ا لمن الناص!!!حين" والمقاس!!!مة ظاهره!!!ا المشافهة. وقال بعضهم، وذكره عبدالرزاق عن وهب بن منبه،: دخل الجنة في فم الحية وهى ذات أربع كالبختية من أحسن دابة خلقها الله تعالى بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم يدخله إال الحية، فلما دخلت ب!!ه الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الل!!ه آدم وزوج!!ه عنها فجاء بها إلى حواء فقال: انظري إلى هذه الش!!جرة، م!!ا أطيب ريحه!!ا وأطيب طعمها وأحسن لونها فلم يزل يغويها حتى أخذتها حواء فأكلته!!ا. ثم أغوى آدم، وقالت له ح!واء: ك!ل ف!إني ق!د أكلت فلم يض!رني، فأك!ل منه!ا فب!!دت لهم!!ا س!!وآتهما وحص!!ال في حكم ال!!ذنب، ف!!دخل آدم في ج!!وف الشجرة، فناداه ربه: أين أنت؟ فقال: أنا هذا يا رب، ق!!ال: أال تخ!!رج؟ ق!!ال أستحي منك يا رب، قال: أهبط إلى األرض التي خلقت منها. ولعنت الحي!!ة وردت قوائمها في جوفها وجعلت العداوة بينها وبين بني آدم، ولذلك أمرن!!ا بقتلها، على ما يأتي بيانه. وقيل لحواء: كما أدميت الشجرة فكذلك يص!!يبك الدم كل شهر وتحملين وتضعين كرها تشرفين به على الم!!وت م!!رارا. زاد الطبري والنق!!اش: وتك!!وني س!!فيهة وق!!د كنت حليم!!ة. وق!!الت طائف!!ة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بع!!د م!!ا أخ!!رج منه!!ا وإنم!!ا أغ!!وى بش!!يطانه وسلطانه ووسواسه التي أعط!!اه الل!!ه تع!!الى، كم!!ا ق!!ال ص!!لى الل!!ه علي!!ه

Page 135: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وسلم: )إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم(. والله أعلم. وسيأتي في األعراف أنه لما أك!ل بقي عريان!ا وطلب م!ا يس!تتر ب!ه فتباع!دت عن!ه األشجار وبكتوه بالمعصية، فرحمته شجرة ال!تين، فأخ!ذ من ورق!ه فاس!تتر به، فبلي بالعري دون الشجر. والله أعلم. وقيل: إن الحكمة في إخراج آدم

من الجنة عمارة الدنيا. @يذكر أن الحية كانت خادم آدم عليه السالم في الجنة فخانته ب!!أن مكنت عدو الله من نفسها وأظهرت العداوة له هناك، فلما أهبطوا تأكدت العداوة وجعل رزقه!!ا ال!!تراب، وقي!!ل له!!ا: أنت ع!!دو ب!!ني آدم وهم أع!!داؤك وحيث لقيك منهم أحد شدخ رأسك. روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق!!ال: )خمس يقتلهن المح!!رم( ف!!ذكر الحي!!ة فيهن. وروى أن إبليس قال لها: أدخليني الجنة وأنت في ذمتي، فك!!ان ابن عب!!اس يق!!ول: أخف!!روا ذمة إبليس. وروت ساكنه بنت الجعد عن سراء بنت نبه!!ان الغنوي!!ة ق!!الت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )اقتل!!وا( الحي!!ات ص!!غيرها وكبيرها وأسودها وأبيضها فإن من قتلها كانت له فداء من النار ومن قتلت!!ه كان شهيدا(. قال علماؤنا: وإنما كانت له فداء من الن!!ار لمش!!اركتها إبليس وإعانته على ضرر آدم وولده، فذلك كان من قتل حية فكأنم!!ا قت!!ل ك!!افرا. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال يجتمع كافر وقاتله في النار

أبدا(. أخرجه مسلم وغيره. @روى ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم: بمنى فم!!رت حي!!ة فق!!ال رس!!ول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: )اقتلوه!!ا( فس!!بقتنا إلى حج!!ر فدخلت!!ه، فق!!ال رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم: )ه!!اتوا بس!!عفة ون!!ار فأض!!رموها علي!!ه نارا(. قال علماؤنا: وهذا الحديث يخص نهيه عليه الس!!الم عن المثل!!ة وعن أن يعذب أحد بعذاب الله تع!الى، ق!!الوا: فلم يب!!ق له!!ذا الع!!دو حرم!!ة حيث

فاته حتى أوصل إليه الهالك من حيث قدر. فإن قيل: قد روي عن إبراهيم النخعي أنه ك!!ره أن تح!!رق العق!!رب بالن!!ار، وقال: هو مثلة. قيل له: يحتمل أن يكون لم يبلغه هذا األثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل على األثر الذي جاء: )ال تعذبوا بعذاب الل!!ه( فك!!ان

على هذا سبيل العمل عنده. فإن قيل: فقد روى مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار وقد أنزلت عليه: "والمرسالت عرفا" ]المرسالت:

[ فنحن نأخذها من فيه رطب!!ة، إذ خ!!رجت علين!!ا حي!!ة، فق!!ال: )اقتلوه!!ا(،1 فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )وقاه!!ا الله شركم كما وقاكم شرها(. فلم يضرم نارا وال احتال في قتلها. قيل له: يحتمل أن يكون لم يجد نارا فتركه!!ا، أو لم يكن الحج!!ر بهيئ!!ة ينتف!!ع بالن!!ار هناك مع ض!!رر ال!!دخان وع!!دم وص!!وله إلى الحي!!وان. والل!!ه أعلم. وقول!!ه:

)وقاها الله شركم( أي قتلكم إياها )كما وقاكم شرها( أي لسعها. @األم!!ر بقت!!ل الحي!!ات من ب!!اب اإلرش!!اد إلى دف!!ع المض!!رة المخوف!!ة من الحيات، فما ك!!ان منه!!ا متحق!!ق الض!!رر وجبت المب!!ادرة إلى قتل!!ه، لقول!!ه: )اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين واألبتر فإنهما يخطفان البصر ويسقطان الحبل(. فخصهما بالذكر مع أنهما دخال في العم!!وم ونب!!ه على ذل!!ك بس!!بب عظم ضررهما. وما لم يتحقق ضرره فما ك!!ان منه!!ا في غ!!ير ال!!بيوت قت!!ل

Page 136: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أيضا لظاهر األمر العام، وألن نوع الحيات غالب!!ه الض!!رر، فيستص!!حب ذل!!ك فيه، وألنه كله مروع بصورته وبما في النفوس من النفرة عنه، ولذلك ق!!ال صلى الله عليه وسلم: )إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية(. فش!!جع على قتله!!ا. وق!!ال فيم!!ا خرج!!ه أب!!و داود من ح!!ديث عبدالل!!ه بن مس!!عودمرفوعا: )اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن فليس مني(. والله أعلم.

@ما كان من الحيات في البيوت فال يقتل حتى يؤذن ثالثة أيام، لقوله عليه السالم: )إن بالمدينة جن!!ا ق!!د أس!!لموا ف!!إذا رأيتم منهم ش!!يئا ف!!آذنوه ثالث!!ة أيام(. وقد حم!!ل بعض العلم!!اء ه!!ذا الح!!ديث على المدين!!ة وح!!دها إلس!!الم الجن بها، قالوا: وال نعلم هل أسلم من جن غير المدينة أحد أو ال، قاله ابن نافع. وقال مالك: نهى عن قتل جنان البيوت في جميع البالد. وهو الصحيح، ألن الله عز وجل قال: "وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون الق!!رآن"

[ اآلية. وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود عن الن!!بي29]األحقاف: صلى الله عليه وسلم قال: )أتاني داعي الجن فذهبت معهم فقرأت عليهم القرآن( وفيه: وس!!ألوه ال!!زاد وك!!انوا من جن الجزي!!رة، الح!!ديث. وس!!يأتي بكماله في سورة "الجن" إن شاء الله تعالى. وإذا ثبت هذا فال يقتل ش!!يء

منها حتى يحرج عليه وينذر، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. @روى األئمة عن أبي السائب مولى هش!!ام بن زه!!رة أن!!ه دخ!!ل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: فوجدته يصلي، فجلست انتظره حتى يقض!!ي صالته، فسمعت تحريكا في عراجين ناحية البيت، فالتفت فإذا حية، فوثبت ألقتلها، فأش!!ار إلي أن أجلس فجلس!!ت، فلم!!ا انص!!رف أش!!ار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت نعم، فقال: كان في!!ه ف!!تى من!!ا ح!!ديث عهد بع!رس، ق!ال: فخرجن!ا م!ع رس!!ول الل!ه ص!لى الل!ه علي!!ه وس!لم إلى الخندق، فك!ان ذل!ك الف!تى يس!تأذن رس!!ول الل!ه ص!لى الل!ه علي!ه وس!لم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوما، فقال له رسول الل!!ه ص!!لى الله عليه وسلم )خ!!ذ علي!!ك س!!الحك ف!!إني أخش!!ى علي!!ك قريظ!!ة(. فأخ!!ذ الرجل سالحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائم!!ة ف!!أهوى إليه!!ا ب!!الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة، فقالت له: اكف!!ف علي!!ك رمح!!ك، وادخ!!ل ال!!بيت ح!!تى تنظ!!ر م!!ا ال!!ذي أخرج!!ني ف!!دخل ف!!إذا بحي!!ة عظيم!!ة منطوي!!ة على الف!!راش، ف!!أهوى إليه!!ا ب!!الرمح فانتظمه!!ا ب!!ه، ثم خ!!رج فرك!!زه في ال!!دار فاضطربت عليه، فما يدرى أيهما كان أس!!رع موت!!ا، الحي!!ة أم الف!!تى ق!!ال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال: )استغفروا ألخيكم - ثم قال: - إن بالمدينة جنا قد أس!!لموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثالثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك ف!!اقتلوه فإنم!!ا هو شيطان(. وفي طريق أخرى فقال رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثالث!!ا ف!!إن ذهب وإال فاقتلوه فإنه كافر - وقال لهم: - اذهبوا فادفنوا صاحبكم(. قال علماؤنا رحمة الله عليهم: ال يفهم من هذا الحديث أن ه!!ذا الج!!ان ال!!ذي قتل!!ه ه!!ذا الفتى كان مسلما وأن الجن قتلته به قصاص!!ا، ألن!!ه ل!!و س!!لم أن القص!!اص مشروع بيننا وبين الجن لكان إنما يكون في العمد المحض، وهذا الفتى لم يقصد ولم يتعمد قتل نفس مسلمة، إذ لم يكن عن!!ده علم من ذل!!ك، وإنم!!ا قصد إلى قتل ما سوغ قتل نوعه شرعا، فهذا قت!!ل خط!!أ وال قص!!اص في!!ه. فاألولى أن يقال: إن كفار الجن أو فسقتهم قتلوا بصاحبهم ع!دوا وانتقام!!ا.

Page 137: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقد قتلت سعد بن عبادة رضي الله عنه، وذلك أنه وج!د ميت!!ا في مغتس!!له وقد اخضر جسده، ولم يشعروا بموته ح!!تى س!!معوا ق!!ائال يق!!ول وال ي!!رون

أحدا: قد قتلنا سيد الخز رج سعد بن عباده ورميناه بسهمي ن فلم نخط فؤاده

وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: )إن بالمدينة جنا قد أس!!لموا( لي!!بين طريقا يحص!!ل ب!!ه التح!!رز من قت!!ل المس!!لم منهم ويتس!!لط ب!!ه على قت!!ل الكافر منهم. روي من وجوه أن عائشة زوج النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم قتلت جانا فأريت في المنام أن قائال يقول لها: لقد قتلت مس!!لما، فق!!الت: لو كان مسلما لم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وس!!لم، ق!!ال: م!!ا دخ!!ل علي!!ك إال وعلي!!ك ثياب!!ك. فأص!!بحت ف!!أمرت ب!!اثني عش!!ر أل!ف درهم فجعلت في س!!بيل الل!!ه. وفي رواي!!ة: م!!ا دخ!!ل علي!!ك إال وأنت مس!!تترة، فتصدقت وأعتقت رقابا. وقال الربيع بن بدر: الجان من الحي!!ات ال!!تي نهى النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم عن قتله!!ا هي ال!!تي تمش!!ي وال تلت!!وي، وعن

علقمة نحوه. @في صفة اإلنذار، قال مالك: أحب إلي أن ينذروا ثالثة أيام. وقاله عيسى بن دينار، وإن ظهر في اليوم مرارا. وال يقتصر على إن!!ذاره ثالث م!!رار في يوم واحد حتى يكون في ثالثة أيام. وقي!!ل: يكفي ثالث م!!رار، لقول!!ه علي!!ه السالم: )فليؤذنه ثالثا(، وقوله: )حرجوا عليه ثالثا( وألن ثالثا للعدد المؤنث، فظهر أن المراد ثالث مرات. وقول مالك أولى، لقوله عليه السالم: )ثالث!!ة أيام(. وهو نص صحيح مقيد لتلك المطلقات، ويحمل ثالثا على إرادة لي!!الي األيام الثالث، فغلب الليلة على ع!ادة الع!رب في ب!!اب الت!!اريخ فإنه!ا تغلب فيها التأنيث. قال مال!!ك: ويكفي في اإلن!!ذار أن يق!!ول: أح!!رج علي!!ك بالل!!ه واليوم اآلخر أال تبدوا لنا وال تؤذونا. وذكر ثابت البن!!اني عن عب!!دالرحمن بن أبي ليلى أن!!ه ذك!!ر عن!!ده حي!!ات ال!!بيوت فق!!ال: إذا رأيتم منه!!ا ش!!يئا في مس!اكنكم فقول!وا: أنش!دكم بالعه!د ال!ذي أخ!ذ عليكم ن!وح علي!!ه الس!!الم، وأنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم س!!ليمان علي!!ه الس!!الم، ف!!إذا رأيتم منهن

شيئا بعد فاقتلوه. قلت: وهذا يدل بظاهره أنه يكفي في اإلذن م!!رة واح!!دة، والح!!ديث

يرده. والله أعلم. وقد حكى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: )أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان - عليه السالم - أال تؤذين!!ا

0وأال تظهرن علينا( @روى جبير عن نفير عن أبي ثعلبة الخشني - واسمه جرثوم - أن رس!!ول الله صلى الله عليه وس!!لم ق!ال: )الجن على ثالث!ة أثالث فثلث لهم أجنح!!ة يطيرون في الهواء وثلث حيات وكالب وثلث يحلون ويظعن!!ون(. وروى أب!!و الدرداء - واسمه عويمر - قال ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )خل!!ق الجن ثالث!!ة أثالث فثلث كالب وحي!!ات وخش!!اش األرض وثلث ريح هفافة وثلث كبني آدم لهم الثواب وعليهم العقاب وخل!!ق الل!!ه اإلنس ثالث!!ة أثالث فثلث لهم قل!!!وب ال يفقه!!!ون به!!!ا وأعين ال يبص!!!رون به!!!ا وآذان ال يسمعون بها إن هم إال كاألنعام بل هم أضل سبيال وثلث أجسادهم كأجساد بني آدم وقلوبهم قلوب الشياطين وثلث في ظل الله يوم ال ظل إال ظله(.

Page 138: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ما كان من الحيوان أصله اإلذاية فإنه يقتل ابتداء، ألج!!ل إذايت!!ه من غ!!ير خالف، كالحية والعقرب والفأر والوزغ، وشبهه. وقد قال رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )خمس فواس!!ق يقتلن في الح!!ل والح!!رم...(. وذك!!ر

الحديث. فالحية أبدت جوهرها الخبيث حيث خانت آدم بأن أدخلت إبليس الجن!!ة بين فكيها، ولو كانت تبرزه ما تركها رضوان تدخل به. وقال لها إبليس أنت في ذمتي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله!!ا وق!!ال: )اقتلوه!!ا ول!!و كنتم في الصالة( يعني الحية والعق!!رب. والوزغ!!ة نفخت على ن!!ار إب!!راهيم عليه الس!!الم من بين س!!ائر ال!!دواب فلعنت. وه!!ذا من ن!!وع م!!ا ي!!روى في الحية. وروي عن رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم أن!!ه ق!!ال: )من قت!!ل وزغة فكأنم!ا قت!!ل ك!!افرا(. وفي ص!حيح مس!!لم عن أبي هري!رة عن الن!!بي صلى الله عليه وسلم: )من قتل وزغة في أول ضربة كتبت له مائة حس!!نة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك( وفي راوية أنه ق!!ال: )في أول ضربة سبعون حسنة(. والفأرة أبدت جوهرها بأن عمدت إلى حبال س!!فينة نوح عليه السالم فقطعته!!ا. وروى عب!!دالرحمن بن أبي نعم عن أبي س!!عيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق!!ال: )يقت!!ل المح!!رم الحي!!ة والعقرب والحدأة والسبع الع!!ادي والكلب العق!!ور والفويس!!قة(. واس!!تيقظ رسول الله صلى الله عليه وس!!لم وق!!د أخ!!ذت فتيل!!ة لتح!!رق ال!!بيت ف!!أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها. والغراب أبدى ج!!وهره حيث بعث!!ه نبي الله ن!!وح علي!!ه الس!!الم من الس!!فينة ليأتي!!ه بخ!!بر األرض ف!!ترك أم!!ره وأقبل على جيفة. هذا كله في معنى الحية، فل!!ذلك ذكرن!!اه. وس!!يأتي له!!ذا

الباب مزيد بيان في التعليل في "المائدة" وغيرها إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى "وقلنا اهبطوا" حذفت األلف من "اهبط!وا" في اللف!ظ ألنه!ا ألف وصل. وحذفت األلف من "قلن!!ا" في اللف!!ظ لس!!كونها وس!!كون اله!!اء بعدها. وروى محمد بن مصفى عن أبي حيوة ضم الباء في "اهبطوا"، وهي لغة يقويها أن!!ه غ!!ير متع!!د واألك!!ثر في غ!!ير المتع!!دي أن ي!!أتي على يفع!!ل. والخط!!اب آلدم وح!!واء والحي!!ة والش!!يطان، في ق!!ول ابن عب!!اس. وق!!ال الحسن: آدم وحواء والوسوسة. وقال مجاهد والحسن أيض!!ا: بن!!و آدم وبن!!و إبليس. والهبوط: النزول من ف!!وق إلى أس!!فل، فأهب!!ط آدم بس!!رنديب في الهند بجبل يقال له "بوذ" ومعه ريح الجنة فعلق بشجرها وأوديتها فامتأل ما هناك طيبا، فمن ثم يؤتى بالطيب من ريح آدم عليه السالم. وكان السحاب يمسح رأسه فأصلع، فأورث ولده الصلع. وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وس!!لم ق!!ال: )خل!!ق الل!!ه آدم وطول!!ه س!!تون ذراع!!ا( الح!!ديث. وأخرج!!ه مس!!لم وس!!يأتي. وأهبطت ح!!واء بج!!دة وإبليس باألبل!!ة، والحية ببيسان، وقيل: بسجستان. وسجستان أك!!ثر بالد الل!!ه حي!!ات، ول!!وال العربد الذي يأكلها ويفني كث!!يرا منه!!ا ألخليت سجس!!تان من أج!!ل الحي!!ات،

ذكره أبو الحسن المسعودي. @قوله تعالى "بعضكم لبعض عدو" "بعضكم" مبتدأ، "عدو" خبره والجمل!!ة في موضع نصب على الح!!ال، والتق!!دير وه!!ذه ح!!الكم. وح!!ذفت ال!!واو من و"بعضكم" ألن في الكالم عائدا، كم!!ا يق!!ال: رأيت!!ك الس!!ماء تمط!!ر علي!!ك. والعدو: خالف الص!!ديق، وه!!و من ع!!دا إذا ظلم. وذئب ع!!دوان: يع!!دو على الن!!اس. والع!!دوان: الظلم الص!!راح. وقي!!ل: ه!!و م!!أخوذ من المج!!اوزة، من

Page 139: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قولك: ال يعدوك هذا األمر، أي ال يتجاوزك. وعداه إذا جاوزه، فسمي ع!!دوا لمجاوزة الحد في مكروه ص!!احبه، ومن!!ه الع!!دو بالق!!دم لمج!!اوزة الش!!يء،

والمعنيان متقاربان، فإن من ظلم فقد تجاوز. قلت: وقد حم!!ل بعض العلم!!اء قول!!ه تع!!الى: "بعض!!كم لبعض ع!!دو"

[ على اإلنسان نفسه، وفيه بعد وإن كان ص!!حيحا مع!!نى. ي!!دل36]البقرة: عليه قوله عليه السالم: )إن العبد إذا أصبح تقول جوارحه للسانه اتق الل!!ه فينا فإنك إذا استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججن!!ا(. ف!!إن قي!!ل: كي!!ف قال "عدو" ولم يقل أعداء، ففيه جوابان أحدهما: أن بعضا وكال يخبر عنهما بالواحد على اللف!!ظ وعلى المع!!نى، وذل!!ك في الق!!رآن، ق!!ال الل!!ه تع!!الى:

[ على اللف!!ظ، وق!!ال تع!الى:95"وكلهم آتي!!ه ي!!وم القيام!!ة ف!!ردا" ]م!!ريم: [ على المعنى. والج!!واب اآلخ!!ر: أن ع!!دوا87"وكل أتوه داخرين" ]النمل:

يفرد في موضع الجمع، قال الله عز وجل: "وهم لكم عدو بئس للظ!!المين [ بمعنى أعداء، وقال تعالى: "يحسبون كل ص!!يحة عليهم50بدال" ]الكهف:

[. وق!!ال ابن ف!!ارس: الع!!دو اس!!م ج!!امع للواح!!د4هم العدو" ]المن!!افقون: واالثنين والثالثة والتأنيث، وقد يجمع.

@لم يكن إخراج الله تع!الى آدم من الجن!ة وإهباط!ه منه!ا عقوب!ة ل!ه ألن!ه أهبطه بعد أن تاب عليه وقبل توبت!!ه وإنم!!ا أهبط!!ه إم!!ا تأديب!!ا وإم!!ا تغليظ!!ا للمحنة والصحيح في إهباطه وسكناه في األرض م!ا ق!!د ظه!ر من الحكم!!ة األزلية في ذلك وهي نشر نسله فيه!ا ليكلفهم ويمتحنهم وي!رتب على ذل!ك ثوابهم وعقابهم األخروي إذ الجن!!ة والن!!ار ليس!!تا ب!!دار تكلي!!ف فك!!انت تل!!ك األكلة سبب إهباطه من الجنة ولله أن يفعل ما يشاء وقد قال "إني جاع!!ل في األرض خليفة" وهذه منقبة عظيمة وفضيلة كريمة شريفة وقد تق!!دمت اإلشارة إليها مع أنه خلق من األرض وإنم!!ا قلن!!ا إنم!!ا أهبط!!ه بع!!د أن ت!!اب

عليه لقول ثانية "قلنا أهبطوا" وسيأتي. @قوله تعالى: "ولكم في األرض مستقر" ابتداء وخبر، أي موضع استقرار. قاله أبو العالي!!ة وابن زي!!د. وق!!ال الس!!دي: "مس!!تقر" يع!!ني القب!!ور. قلت:

[ يحتم!ل المعن!يين.61وقول الله تعالى: "جعل لكم األرض قرارا" ]النمل: والله أعلم. قول!!ه تع!!الى: "ومت!!اع "المت!!اع م!!ا يس!!تمتع ب!!ه من أك!!ل ولبس وحياة وحديث وأنس وغير ذلك، ومنه سميت متع!ة النك!!اح ألنه!!ا يتمت!!ع به!!ا

وأنشد سليمان بن عبدالملك حين وقف على قبر ابنه أيوب إثر دفنه: وقفت على قبر غريب بقفرة متاع قليل من حبيب مفارق

@قوله تعالى: "إلى حين "اختلف المتأولون في الحين على أقوال، فقالت فرقة إلى الموت وهذا قول من يقول المستقر هو المقام في الدنيا وقي!!ل إلى قيام الساعة، وهذا قول من يق!!ول المس!!تقر ه!!و القب!!ور وق!!ال الربي!!ع "إلى حين" إلى أجل والحين الوقت البعيد فحينئذ تبعيد من قولك اآلن قال

خويلد :كأبي الرماد عظيم القدر جفنته حين الشتاء كحوض المنهل اللقف

لقف الحوض لقفا، أي تهور من أسفله واتسع. وربما أدخلوا عليه التاء قالأبو وجزة:

العاطفون تحين ما من عاطف والمطعمون زمان أين المطعم والحين أيضا: الم!!دة ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "ه!!ل أتى على اإلنس!!ان حين من

[ والحين الساعة قال الل!!ه تع!!الى "أو تق!!ول حين ت!!رى1الدهر" ]اإلنسان:

Page 140: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ ق!!ال ابن عرف!!ة الحين القطع!!ة من ال!دهر كالس!!اعة58العذاب" ]الزمر: [ أي54فما فوقه!!ا وقول!!ه "ف!!ذرهم في غم!!رتهم ح!!تى حين" ]المؤمن!!ون: [ أي25حتى تفنى آجالهم وقوله تعالى "ت!!ؤتي أكله!!ا ك!!ل حين" ]إب!!راهيم:

كل سنة وقيل بل كل س!!تة أش!!هر وقي!!ل ب!!ل غ!!دوة وعش!!يا ق!!ال األزه!!ري الحين اسم كالوقت يصلح لجميع األزمان كلها طالت أو قص!!رت. والمع!!نى أنه ينتفع بها في كل وقت وال ينقطع نفعها البتة ق!!ال والحين ي!!وم القيام!!ة. والحين الغدوة والعشية قال الله تعالى "فسبحان الله حين تمس!!ون وحين

[ ويق!!ال عاملت!!ه محاين!!ة من الحين وأحينت بالمك!!ان17تصبحون" ]الروم: إذا أقمت به حينا وحان حين كذا أي قرب. قالت بثينة:

وإن سلوي عن جميل لساعة من الدهر ما حانت وال حان حينها @لما اختلف أهل اللسان في الحين اختلف فيه أيضا علماؤنا وغ!!يرهم في فقال الفراء الحين حينان حين ال يوقف على ح!!ده والحين ال!!ذي ذك!!ر الل!!ه

[ ستة أش!!هر: ق!!ال25جل ثناؤه "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ]إبراهيم: ابن الع!ربي الحين المجه!ول ال يتعل!ق ب!ه حكم والحين المعل!وم ه!و ال!ذي تتعلق به األحكام ويرتبط به التكليف وأكثر المعلوم سنة. ومال!!ك ي!!رى في األحكام واأليمان أعم األسماء واألزمنة والشافعي ي!!رى األق!!ل وأب!!و حنيف!!ة توس!!ط فق!!ال س!!تة أش!!هر. وال مع!!نى لقول!!ه ألن المق!!درات عن!!ده ال تثبت قياسا وليس فيه نص عن صاحب الشريعة وإنما المعول على المع!!نى بع!!د معرفة مقتضى اللفظ لغة فمن نذر أن يصلي حينا فيحمل على ركع!!ة عن!!د الشافعي ألنه أقل النافلة قياسا على ركعة الوتر. وقال مالك وأصحابه أقل النافلة ركعتان فيقدر الزمان بقدر الفعل وذكر ابن خويز منداد في أحكامه أن من حل!!ف أال يكلم فالن!!ا حين!!ا أوال يفع!ل ك!ذا حين!!ا أن الحين س!!نة ق!!ال واتفقوا في األحكام أن من حلف أال يفعل كذا حينا أوال يكلم فالن!!ا حين!!ا أن

الزيادة على سنة لم تدخل في يمينه. قلت هذا االتفاق إنما هو في المذهب. قال مالك رحمه الل!!ه: من حل!!ف أال يفعل شيئا إلى حين أو زمان أو دهر، فذلك كله سنة. وقال عن!!ه ابن وهب: إن!!ه ش!!ك في ال!!دهر أن يك!!ون س!!نة. وحكى ابن المن!!ذر عن يعق!!وب وابن الحسن أن الدهر ستة أش!!هر. وعن ابن عب!!اس وأص!!حاب ال!!رأي وعكرم!!ة وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبيدة في قول!!ه تع!!الى "ت!!ؤتى أكله!!ا ك!!ل

[ أن!!ه س!!تة أش!!هر وق!!ال األوزاعي وأب!!و25حين ب!!إذن ربه!!ا" ]إب!!راهيم: عبي!!دالحين س!!تة أش!!هر وليس عن!!د الش!!افعي في الحين وقت معل!!وم وال للحين غاية قد يكون الحين عنده مدة الدنيا وقال ال نحنثه أب!!دا، وال!!ورع أن يقضيه قبل انقضاء يوم وقال أبو ثور وغيره الحين والزمان على ما تحتمله اللغ!!ة يق!!ال ق!!د جئت من حين ولعل!!ه لم يجئ من نص!!ف ي!!وم ق!!ال الكي!!ا الط!!بري الش!افعي وبالجمل!!ة الحين ل!!ه مص!!ارف ولم ي!ر الش!افعي تع!يين محمل من هذه المحامل ألنه مجمل لم يوضع في اللغة لمعنى معين وقال بعض العلم!!اء في قول!!ه تع!!الى "إلى حين" قائ!!دة بش!!ارة إلى آدم علي!!ه السالم ليعلم أنه غير باق فيها ومنتقل إلى الجنة ال!تي وع!د ب!الرجوع إليه!ا

وهي لغير آدم دالة على المعاد فحسب والله أعلم. }فتلقى آدم من رب!!ه كلم!!ات فت!!اب علي!!ه إن!!ه ه!!و الت!!واب37*اآلي!!ة: 3*

الرحيم{

Page 141: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى "فتلقى آدم من ربه كلم!!ات" تلقى قي!!ل معن!!اه فهم وفطن. وقيل: قب!!ل وأخ!!ذ وك!!ان علي!!ه الس!!الم يتلقى ال!!وحي أي يس!!تقبله ويأخ!!ذه ويتلقفه. تقول خرجنا نتلقى الحجيج أي نستقبلهم. وقي!!ل مع!!نى تلقى تلقن ه!!ذا في المع!!نى ص!!حيح ولكن ال يج!!وز أن يك!!ون التلقي من التلقن في األصل ألن أحد الحرفين إنم!ا يقلب ي!اء إذا تجانس!ا، مث!ل تظن!وا من تظنن وتقصى من تقصص ومثله تسريت من تس!ررت، وأمليت من أمللت وش!به ذلك ولهذا ال يقال: تقب!!ل من تقب!!ل وال تلقى من تلقن ف!!اعلم. وحكى مكي

أنه ألهمها فانتفع بها. وقال الحسن قبولها تعلمه لها وعمله بها @ واختلف أهل التأويل في الكلمات، فقال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والض!!حاك ومجاه!!د هي قول!!ه "ربن!!ا ظلمن!!ا أنفس!!نا وإن لم تغف!!ر لن!!ا

[ وعن مجاه!!د أيض!!ا:23وترحمن!!ا لنك!!ونن من الخاس!!رين" ]األع!!راف: سبحانك اللهم ال إله إال أنت ربي ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغف!!ور الرحيم: وقالت طائفة رأى مكتوبا على ساق العرش "محمد رس!!ول الل!!ه" فتشفع بذلك، فهي الكلمات. وقالت طائفة: المراد بالكلمات البكاء والحياء والدعاء وقيل: الندم واالستغفار والحزن. قال ابن عطية: وهذا يقتض!!ي أن آدم عليه السالم لم يقل شيئا إال االستغفار المعه!!ود. وس!!ئل بعض الس!!لف عما ينبغي أن يقول المذنب فقال يقول ما قاله أبواه "ربنا ظلمن!!ا أنفس!!نا"

[16اآلي!!ة وق!!ال موس!!ى "رب إني ظلمت نفس!!ي ف!!اغفر لي" ]القص!!ص: [87وقال يونس "ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" ]األنبي!!اء:

وعن ابن عباس ووهب بن منبه: أن الكلم!!ات "س!!بحانك اللهم وبحم!!دك ال إل!!ه إال أنت عملت س!!وءا وظلمت نفس!!ي اغف!!ر لي إن!!ك خ!!ير الغ!!افرين س!بحانك اللهم وبحم!دك ال إل!ه إال أنت عملت س!وءا وظلمت نفس!ي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم" وق!!ال محم!!د بن كعب هي قول!!ه: "ال إل!!ه إال أنت س!!بحانك وبحم!!دك عملت س!!وءا وظلمت نفس!!ي فتب علي إن!!ك أنت الت!!واب ال!!رحيم. ال إل!!ه إال أنت س!!بحانك وبحم!!دك عملت س!!وءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. ال إل!ه إال أنت س!!بحانك وبحم!دك عملت س!!وءا وظلمت نفس!!ي ف!!ارحمني إن!!ك أرحم ال!!راحمين" وقي!!ل: الكلمات قوله حين عطس "الحمد لله" والكلمات: جمع كلمة والكلمة تق!!ع

على القليل والكثير وقد تقدم: @قوله تعالى: "فتاب عليه" أي قبل توبته، أو وفقه للتوبة. وك!!ان ذل!!ك في يوم عاشوراء في يوم جمعة على ما يأتي بيانه إن شاء الل!!ه تع!!الى. وت!!اب العبد: رجع إلى طاعة ربه وعب!!د ت!!واب: كث!!ير الرج!!وع إلى الطاع!!ة وأص!!ل

التوبة الرجوع يقال: تاب وثاب وأب وأناب: رجع. @ إن قيل: لم قال "عليه" لم يقل عليهما وح!!واء مش!!اركة ل!!ه في ال!!ذنب

[ و"ق!!اال ربن!!ا ظلمن!!ا35بإجماع وقد قال "وال تقربا هذه الشجرة" ]البقرة: [ فالجواب: أن آدم عليه السالم لما خاطب في أول23أنفسنا" ]األعراف:

القصة بقوله "اسكن" خصه بالذكر في التلقي فلذلك كملت القصة ب!!ذكره وحده وأيضا فألن المرأة حرمة ومستورة فأراد الل!!ه الس!!تر له!!ا ول!!ذلك لم

[ وأيض!!ا121يذكرها في المعصية في قوله "وعصى آدم ربه فغوى" ]طه: لما كانت المرأة تابعة للرجل في غالب األمر لم ت!!ذكر كم!!ا لم ي!!ذكر ف!!تى

[ وقي!!ل: إن!!ه دل75موسى مع موسى في قوله "ألم أق!!ل ل!!ك" ]الكه!!ف: بذكر التوبة عليه أنه تاب عليها إذ أمرهما سواء، قال!!ه الحس!!ن. وقي!!ل: إن!!ه

Page 142: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ أي11مثل قوله تعالى "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفض!!وا إليه!!ا" ]الجمع!!ة: التجارة ألنه!ا ك!انت مقص!!ود الق!!وم فأع!اد الض!!مير عليه!ا ولم يق!ل إليهم!ا

والمعنى متقارب. وقال الشاعر: رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن فوق الطوي رماني

[ فح!ذف إيج!!ازا62وفي التنزيل "والله ورسوله أحق أن يرضوه" ]التوب!ة: واختصارا

@قوله تعالى: "إنه هو التواب الرحيم" وصف نفسه س!!بحانه وتع!!الى بأن!!ه التواب وتك!!رر في الق!!رآن معرف!!ا ومنك!!را واس!!ما وفعال، وق!!د يطل!!ق على العبد أيضا تواب قال الله تعالى "إن الله يحب التوابين ويحب المتطه!!رين"

[. قال ابن العربي: ولعلمائنا في وصف الرب بأنه تواب ثالثة222]البقرة: أقوال أحدها: أنه يجوز في حق الرب سبحانه وتع!!الى في!!دعى ب!!ه كم!!ا في الكتاب والس!!نة وال يت!!أول وق!!ال آخ!!رون: ه!!و وص!!ف حقيقي لل!!ه س!!بحانه وتعالى وتوبة الله على العبد رجوعه من ح!!ال المعص!!ية إلى ح!!ال الطاع!!ة وقال آخرون: توبة الله على العبد قبوله توبته، وذلك يحتم!!ل أن يرج!!ع إلى قوله سبحانه وتعالى قبلت توبتك وأن يرجع إلى خلقه اإلناب!!ة والرج!!وع في

قلب المسيء وإجراء الطاعات على جوارحه الظاهرة. @ ال يجوز أن يقال في حق الله تعالى: تائب اسم فاعل من تاب يتوب لنا أن نطلق عليه من األسماء والصفات إال ما أطلقه ه!!و على نفس!!ه أو نبي!!ه عليه السالم أو جماعة المسلمين، وإن كان في اللغة محتمال جائزا. هذا هو الصحيح في هذا الباب على ما بيناه في )الكتاب األسنى في ش!!رح أس!!ماء الل!!ه الحس!!نى( ق!!ال الل!!ه تع!!الى "لق!!د ت!!اب الل!!ه على الن!!بي والمه!!اجرين

[ وقال: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده" ]التوب!!ة:117واألنصار" ]التوبة: [ وإنما قيل لله عز وجل تواب، لمبالغة الفعل وكثرة قبوله توبة عباده104

لكثرة من يتوب إليه. @ اعلم أنه ليس ألحد قدرة على خلق التوبة، ألن الله سبحانه وتعالى ه!!و المنفرد بخلق األعمال، خالفا للمعتزلة ومن قال بقولهم. وكذلك ليس ألحد أن يقبل توبة من أسرف على نفسه وال أن يعف!!و عن!!ه ق!!ال علماؤن!!ا: وق!!د كفرت اليهود والنص!!ارى به!ذا األص!ل العظيم في ال!!دين "اتخ!ذوا أحب!!ارهم

[ جل وعز، وجعلوا لمن أذنب أن31ورهبانهم أربابا من دون الله" ]التوبة: يأتي الحبر أو الراهب فيعطيه شيئا ويحط عنه ذنوبه "افتراء على الل!!ه ق!!د

[140ضلوا وما كانوا مهتدين" ]األنعام: @ قرأ ابن كثير "فتلقى آدم من ربه كلمات" والباقون برفع "آدم" ونص!!ب "كلمات" والقراءت!ان ترجع!ان إلى مع!نى، ألن آدم إذا تلقي الكلم!ات فق!!د تلقته. وقيل لما ك!!انت الكلم!!ات هي المنق!!ذة آلدم بتوفي!!ق الل!!ه تع!!الى ل!!ه لقبوله إياها ودعائه بها كانت الكلمات فاعله وكأن األصل على هذه القراءة "فتلقت آدم من ربه كلمات" ولكن لما بع!د م!ا بين الم!ؤنث وفعل!!ه حس!!ن حذف عالمة التأنيث. وه!!ذا أص!!ل يج!!ري في ك!!ل الق!!رآن والكالم إذ ا ج!!اء فعل المؤنث بغير عالمة ومنه قولهم: حضر القاضي اليوم امرأة. وقيل: إن الكلم!!ات لم!!ا لم يكن تأنيث!!ه حقيقي!!ا حم!!ل على مع!!نى الكلم ف!!ذكر. وق!!رأ األعمش "آدم من ربه" مدغما. وقرأ أب!!و نوف!!ل بن أبي عق!!رب "أن!!ه" بفتح الهمزة على معنى ألن!!ه وكس!!ر الب!!اقون على االس!!تئناف. وأدغم اله!!اء في الهاء عمرو وعيسى وطلحة فيم!ا حكى أب!و ح!اتم عنهم وقي!ل ال يج!وز ألن

Page 143: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بينهما واوا في اللفظ ال في الخط. ق!!ال النح!!اس أج!!از س!!يبويه أن تح!!ذفهذه الواو وأنشد:

له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير فعلى هذا يجوز اإلدغام وه!!و رف!!ع باالبت!!داء "الت!!واب" خ!!بره والجمل!!ة خ!!بر "إن" ويجوز أن يكون "هو" توكيدا للهاء ويج!!وز أن تك!!ون فاص!!لة، على م!!ا

تقدم. وقال سعيد بن جبير لما أهبط آدم إلى األرض لم يكن فيها شيء غ!!ير

النسر في البر والحوت في البح!!ر فك!!ان النس!!ر ي!!أوي إلى الح!!وت في!!بيت عنده فلما رأى النسر آدم قال: يا حوت لقد أهبط الي!!وم إلى األرض ش!!يء يمشى على رجليه ويبطش بيديه فق!!ال الح!!وت: لئن كنت ص!!ادقا لي من!!ه

في البحر منجى وال لك في البر منه مخلص. }قلنا اهبطوا منها جميعا فإم!!ا ي!!أتينكم م!!ني ه!!دى فمن تب!!ع38* اآلية: 3*

هداي فال خوف عليهم وال هم يحزنون{ @قوله تعالى: "قلنا اهبطوا" كرر األم!!ر على جه!!ة التغلي!!ظ وتأكي!!ده، كم!!ا تقول لرجل: قم قم. وقيل: كرر األمر لما علق بكل أمر منهم!!ا حكم!!ا غ!!ير حكم اآلخر فعلق باألول العداوة وبالثاني إتيان الهدى. وقيل: الهب!!وط األول من الجنة إلى السماء والثاني من السماء إلى األرض وعلى هذا يكون في!!ه دليل على أن الجنة في السماء السابعة كما دل عليه حديث اإلس!!راء على

ما يأتي @"جميع!!ا" نص!!ب على الح!!ال وق!!ال وهب بن منب!!ه: لم!!ا هب!!ط آدم علي!!ه السالم إلى األرض قال إبليس للسباع إن هذا عدو لكم فأهلكوه ف!!اجتمعوا وولوا أمرهم إلى الكلب وقالوا أنت أشجعنا وجعلوه رئيس!ا فلم!ا رأى ذل!ك آدم عليه السالم تحير في ذلك فجاءه جبريل عليه السالم وقال ل!!ه امس!!ح يدك على رأس الكلب ففعل فلما رأت السباع أن الكلب أل!!ف آدم تفرق!!وا واستأمنه الكلب فأمنه آدم فبقى مع!!ه وم!!ع أوالده وق!!ال الترم!!ذي الحكيم نحو هذا وأن آدم عليه السالم لما أهبط إلى األرض جاء إبليس إلى الس!!باع فأشالهم على آدم ليؤذوه وكان أشدهم علي!!ه الكلب ف!!أميت ف!!ؤاده ف!!روي في الخبر أن جبريل عليه السالم أم!!ره أن يض!!ع ي!!ده على رأس!!ه فوض!!عها فاطمأن إلي!!ه وألف!!ه فص!!ار ممن يحرس!!ه ويح!!رس ول!!ده وي!!ألفهم وبم!!وت فؤاده يفزع من اآلدميين فلو رمي بمدر ولى هاربا ثم يع!!ود آلف!!ا لهم ففي!!ه ش!!عبة من إبليس وفي!!ه ش!!عبة من مس!!حة آدم علي!!ه الس!!الم فه!!و بش!!عبة إبليس ينبح ويه!!ر ويع!!دو على اآلدمي وبمس!!حة آدم م!!ات ف!!ؤاده ح!!تى ذل وانقاد وألف به وبولده يحرسهم ولهث!!ه على ك!!ل أحوال!!ه من م!!وت ف!!ؤاده ولذلك شبه الله سبحانه وتعالى العلماء السوء بالكلب على م!!ا ي!!أتي بيان!!ه في "األعراف" إن شاء الله تعالى ونزلت عليه تلك العصا التي جعله!!ا الل!!ه

آية لموسى فكان يطرد بها السباع عن نفسه @قوله تعالى: "فإما يأتينكم م!ني ه!دى" اختل!ف في مع!نى قول!ه "ه!دى" فقيل: كتاب الله قاله السدي وقيل التوفيق للهداية، وقالت فرق!!ة: اله!!دى الرسل، وهي إلى آدم من المالئكة وإلى بنيه من البشر كما جاء في حديث أبي ذر وخرجه اآلجري وفي قوله "مني" إشارة إلى أن أفعال العب!!اد خل!!ق لله تعالى خالفا للقدرية وغيرهم كما تقدم. وقرأ الجحدري "هدي" وهو لغةهذيل يقولون: هدي وعصي ومحيي وأنشد النحويون ألبي ذؤيب يرثي بنيه

Page 144: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع قال النحاس: وعلة هذه اللغة عند الخليل وس!!يبويه أن س!!بيل ي!!اء اإلض!!افة أن يكسر ما قبلها فلما لم يجز أن تتحرك األلف أبدلت ي!!اء وأدغمت و"م!!ا" في قوله "إما" زائدة على "إن" ال!تي للش!رط وج!واب الش!رط الف!اء م!ع الشرط الثاني في قوله "فمن تبع" و"من" في موضع رفع باالبتداء و"تب!!ع" في موضع جزم بالشرط "فال خ!وف" جواب!ه ق!ال س!!يبويه الش!رط الث!!اني وجواب!!ه هم!!ا ج!!واب األول وق!!ال الكس!!ائي "فال خ!!وف عليهم" ج!!واب

الشرطين جميعا @قوله تع!!الى: "فال خ!!وف عليهم وال هم يحزن!!ون" الخ!!وف ه!!و ال!!ذعر وال يك!!ون إال في المس!!تقبل وخ!!اوفني فالن فخفت!!ه أي كنت أش!!د خوف!!ا من!!ه

[47والتخوف التنقص ومنه قوله تعالى "أو يأخذهم على تخ!!وف" ]النح!!ل: وقرأ الزهري والحس!!ن وعيس!!ى بن عم!!ر وابن أبي إس!!حاق ويعق!!وب "فال خوف" بفتح الفاء على التبرئة واالختيار عند النحويين الرف!!ع والتن!!وين على االبتداء ألن الثاني معرفة ال يكون فيه إال الرفع ألن "ال" ال تعمل في معرفة فاختاروا في األول الرفع أيضا ليكون الكالم من وجه واحد ويجوز أن تكون

"ال" في قولك فال خوف بمعنى ليس. والحزن والحزن ضد السرور وال يك!!ون إال على م!!اض، وح!!زن الرج!!ل

)بالكسر( فهو حزن وحزين وأحزنه غيره وحزنه أيضا مث!!ل أس!!لكه وس!!لكه ومحزون بني عليه. قال اليزيدي حزنه لغة ق!!ريش وأحزن!!ه لغ!!ة تميم وق!!د قرئ بهما. واحتزن وتحزن بمعنى، والمعنى في اآلية فال خوف عليهم فيم!!ا بين أي!!ديهم من اآلخ!!رة وال هم يحزن!!ون على م!!ا ف!!اتهم من ال!!دنيا. وقي!!ل: ليس فيه دليل على نفي أه!!وال ي!!وم القيام!!ة وخوفه!!ا على المطيعين لم!!ا وصفه الله تعالى ورسوله من شدائد القيامة إال أن!!ه يخفف!!ه عن المطيعين

وإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا والله أعلم. }والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئ!!ك أص!!حاب الن!!ار هم فيه!!ا39* اآلية: 3*

خالدون{ @قوله تعالى: "والذين كفروا" أي أش!ركوا، لقول!ه: "وك!ذبوا بآياتن!!ا أولئ!ك أصحاب النار" الصحبة: االقتران بالش!!يء في حال!!ة م!!ا في زم!!ان م!!ا ف!!إن كانت المالزمة والخلطة فهي كمال الص!!حبة وهك!!ذا هي ص!!حبة أه!!ل الن!!ار لها. وبه!!ذا الق!!ول ينف!!ك الخالف في تس!!مية الص!!حابة رض!!ي الل!!ه عنهم إذ مراتبهم متباينة على ما نبينه في "براءة" إن شاء الله. وباقي ألف!!اظ اآلي!!ة

تقدم معناها والحمد لله. }يا بني إسرائيل اذكروا نعم!!تي ال!!تي أنعمت عليكم وأوف!!وا40* اآلية: 3*

بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون{ @قوله تعالى: "ي!ا ب!ني إس!!رائيل" ن!داء مض!اف عالم!ة النص!ب في!!ه الي!اء وحذفت منه النون لإلضافة. الواحد ابن واألص!!ل في!!ه ب!!ني وقي!!ل بن!!و فمن قال المحذوف منه واو احتج بقولهم البنوة وهذا ال حجة فيه ألنهم قد ق!!الوا الفتوة وأصله الياء. وقال الزجاج: المحذوف منه عندي ياء كأن!!ه من ب!!نيت. األخفش اختار أن يكون المحذوف منه الواو ألن حذفها أك!!ثر لثقله!!ا ويق!!ال ابن بين البنوة والتصغير بني. قال الفراء يقال يا بني ويا بني لغتان، مثل يا أبت ويا أبت وق!!رئ بهم!!ا وه!!و مش!!تق من البن!!اء وه!!و وض!!ع الش!!يء على الش!!يء واالبن ف!!رع لألب وه!!و موض!!وع علي!!ه. وإس!!رائيل ه!!و يعق!!وب بن

Page 145: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

إسحاق بن إبراهيم عليهم السالم قال أبو الفرج الجوزي وليس في األنبي!!اء من له اسمان غيره إال نبينا محمد صلى الل!!ه علي!ه وس!!لم ف!إن ل!ه أس!ماء

كثيرة ذكره في كتاب "فهوم اآلثار" له قلت: وقد قيل في المسيح أن!ه اس!!م علم لعيس!ى علي!ه الس!الم غ!ير

مشتق وقد سماه الله روح!!ا وكلم!!ة، وك!!انوا يس!!مونه أبي!!ل األبيلين، ذك!!ره الجوهري في الصحاح. وذكر البيهقي في دالئل النبوة عن الخليل بن أحمد: خمسة من األنبياء ذوو اسمين محمد وأحم!د نبين!!ا ص!لى الل!ه علي!ه وس!لم وعيسى والمسيح وإسرائيل ويعقوب ويونس وذو النون وإلياس وذو الكفل

صلى الله عليهم وسلم. قلت: ذكرنا أن لعيسى أربعة أسماء وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فله

أس!!ماء كث!!يرة بيانه!!ا في مواض!!عها. وإس!!رائيل: اس!!م أعجمي ول!!ذلك لم ينصرف وهو في موضع خفض باإلضافة وفيه سبع لغات إسرائيل وهي لغة القرآن وإسرائيل بمدة مهموزة مختلسة حكاها شنبوذ عن ورش وإسراييل بمدة بعد الياء من غير همز وهي ق!!راءة األعمش وعيس!!ى بن عم!!ر، وق!!رأ الحسن والزهري بغ!ير هم!!ز وال م!!د وإس!!رائل بغ!ير ي!اء بهم!زة مكس!ورة، وإسراءل بهمزة مفتوحة، وتميم يقولون إسرائين بالنون. ومع!!نى إس!!رائيل عبدالله قال ابن عباس: إسرا بالعبرانية هو عبد وإيل هو الله، وقي!!ل إس!!را هو صفوة الله وإيل هو الل!!ه وقي!!ل إس!!را من الش!!د فك!!أن إس!!رائيل ال!!ذي شده الله وأتقن خلقه، ذكره المهدوي. وقال السهيلي: سمي إسرائيل ألنه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى الله تعالى فسمي إسرائيل أي أس!!رى إلى الله، ونحو هذا فيك!!ون بعض االس!!م عبراني!!ا وبعض!!ه موافق!!ا للع!رب والل!!ه

أعلم. @قوله تعالى: "اذكروا نعمتي ال!!تي أنعمت عليكم" ال!!ذكر اس!!م مش!!ترك، فالذكر بالقلب ضد النسيان والذكر باللسان ضد اإلنص!!ات وذك!!رت الش!!يء بلساني وقلبي ذكرا واجعله منك على ذكر )بضم ال!!ذال( أي ال تنس!!ه. ق!!ال الكسائي: م!!ا ك!!ان بالض!!مير فه!!و مض!!موم ال!!ذال وم!!ا ك!!ان باللس!!ان فه!!و مكسور الذال. وق!ال غ!يره هم!ا لغت!!ان يق!ال ذك!ر وذك!ر، ومعناهم!ا واح!د والذكر )بفتح الذال( خالف األنثى، والذكر أيضا الش!!رف ومن!!ه قول!!ه "وإن!!ه

[ ق!!ال ابن األنب!!اري والمع!!نى في اآلي!!ة:44لذكر لك ولقوم!!ك" ]الزخ!!رف اذكروا شكر نعمتي فحذف الشكر اكتفاء بذكر النعمة. وقيل إنه أراد الذكر ب!!القلب وه!!و المطل!!وب أي ال تغفل!!وا عن نعم!!تي ال!!تي أنعمت عليكم وال تناسوها وهو حسن. والنعمة هنا اسم جنس فهي مفردة بمعنى الجمع قال

[ أي نعم!!ه ومن34الله تعالى "وإن تعدوا نعمة الله ال تحصوها" ]إب!!راهيم: نعم!!ه عليهم أن أنج!!اهم من آل فرع!!ون وجع!!ل منهم أنبي!!اء وأن!!زل عليهم الكتب والمن والسلوى وفجر لهم في الحجر الماء إلى م!!ا اس!!تودعهم من التوراة التي فيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعت!!ه ورس!!الته والنعم

على اآلباء نعم على األبناء ألنهم يشرفون بشرف آبائهم. تنبيه: قال أرباب المعاني ربط سبحانه وتعالى بني إسرائيل بذكر النعمة

وأسقطه عن أمة محمد صلى الله علي!!ه وس!!لم ودع!!اهم إلى ذك!!ره فق!!ال [ ليك!!ون نظ!!ر األمم من النعم!!ة إلى152"اذك!!روني أذك!!ركم" ]البق!!رة:

المنعم ونظر أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المنعم إلى النعمة.

Page 146: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "وأوفوا بعهدي أوف بعه!!دكم" أم!!ر وجواب!!ه. وق!!رأ الزه!!ري" )بفتح الواو وشد الفاء( للتكثير. واختلف في هذا العهد ما هو فق!!ال "أوف

[ وقول!!ه "ولق!!د63الحسن: عهده قوله: "خذوا ما آتيناكم بق!!وة" ]البق!!رة: [12أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اث!!ني عش!!ر نقيب!!ا" ]المائ!!دة:

وقيل هو قوله "وإذ أخذ الله ميثاق ال!!ذين أوت!!وا الكت!!اب لتبينن!!ه للن!!اس وال [ وق!!ال الزج!!اج "أوف!!وا بعه!!دي" ال!!ذي عه!!دت187تكتمونه" ]آل عمران:

إليكم في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم "أوف بعهدكم" بما ضمنت لكم على ذلك إن أوفيتم به فلكم الجنة وقي!!ل "أوف!!وا بعه!!دي" في أداء الفرائض على السنة واإلخالص "أوف" بقبوله!!ا منكم ومج!!ازاتكم ]في النس!!خة: مج!!اراتكم[ عليه!!ا. وق!!ال بعض!!هم "أوف!!وا بعه!!دي" في العب!!ادات "أوف بعهدكم" أي أوصلكم إلى منازل الرعايات. وقيل "أوفوا بعهدي" في حفظ آداب الظواهر "أوف بعهدكم" ب!!تزيين س!!رائركم وقي!!ل ه!!و ع!!ام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه فيدخل في ذلك ذكر محمد صلى الل!!ه علي!!ه وسلم الذي في التوراة وغيره. هذا قول الجمهور من العلماء وهو الصحيح.

وعهده سبحانه وتعالى هو أن يدخلهم الجنة. قلت: وما طلب من هؤالء من الوفاء بالعهد هو مطل!!وب من!!ا ق!!ال الل!!ه

[، وه!!و91[ "أوفوا بعه!!د الل!!ه" ]النح!!ل: 1تعالى "أوفوا بالعقود" ]المائدة: كثير ووفاؤهم بعهد الله أم!!ارة لوف!!اء الل!!ه تع!!الى لهم ال عل!!ة ل!!ه ب!!ل ذل!!ك

تفضل منه عليهم @قول!!ه تع!!الى: "وإي!!اي ف!!ارهبون" أي خ!!افون وال!رهب وال!!رهب والرهب!!ة الخوف ويتضمن األمر به معنى التهديد وسقطت الياء بعد النون ألنها رأس آية. وقرأ ابن أبي إسحاق "فارهبوني" بالياء وك!!ذا "ف!!اتقوني" على األص!!ل "وإياي" منصوب بإضمار فعل وكذا االختيار في األم!!ر والنهي واالس!!تفهام، التقدير: وإياي ارهبوا فارهبون. ويجوز في الكالم وأنا فارهبون على االبتداء والخ!!بر وك!!ون "ف!!ارهبون" الخ!!بر على تق!!دير الح!!ذف، المع!!نى وأن!!ا ربكم

فارهبون. }وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم وال تكونوا أول كافر ب!!ه41* اآلية: 3*

وال تشتروا بآياتي ثمنا قليال وإياي فاتقون{ @قوله تعالى: "وآمنوا بما أن!!زلت" أي ص!!دقوا، يع!!ني ب!!القرآن. "مص!!دقا" حال من الضمير في "أن!زلت"، التق!دير بم!ا أنزلت!ه مص!دقا، والعام!ل في!ه أنزلت. ويجوز أن يكون حاال من ما والعامل فيه آمنوا التقدير آمنوا بالقران مصدقا. ويجوز أن تكون مصدرية التقدير آمنوا ب!!إنزال. "لم!!ا معكم" يع!!ني

من التوراة. @قوله تعالى: "وال تكونوا أول كافر ب!ه" الض!مير في "ب!ه" قي!!ل ه!و عائ!د على محمد صلى الله عليه وسلم، قاله أب!!و العالي!!ة. وق!!ال ابن ج!!ريج: ه!!و عائد على القرآن، إذ تض!!منه قول!!ه "بم!!ا أن!!زلت". وقي!!ل: على الت!!وراة، إذ تضمنها قوله: "لما معكم" فإن قيل كيف قال "كافر" ولم يقل كافرين قيل التقدير وال تكونوا أول فريق كافر ب!!ه وزعم األخفش والف!!راء أن!!ه محم!!ول على معنى الفعل ألن المعنى أول من كفر به. وحكى س!!يبويه ه!!و أظ!!رف الفتيان وأجمله وكان ظاهر الكالم هو أظرف فتى وأجمله وقال "أول كافر به" وقد كان قد كفر قبلهم كفار قريش فإنما معناه من أهل الكتاب إذ هم منظ!!ور إليهم في مث!!ل ه!!ذا ألنهم حج!!ة مظن!!ون بهم علم. و"أول" عن!!د

Page 147: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

سيبويه نصب على خبر كان وهو مما لم ينطق منه بفع!!ل وه!!و على أفع!!ل عينه وفاؤه واو وإنما لم ينطق منه بفعل لئال يعتل من جهتين العين والفاء، وهذا مذهب البصريين. وقال الكوفيون: هو من وأل إذا نجا فأصله أوأل ثم خففت الهمزة وأبدلت واوا وأدغمت فقيل أول كما تخف!!ف هم!!زة خطيئ!!ة، قال الجوهري: والجمع األوائل واألوالي أيضا على القلب وقال ق!!وم أص!!له وول على فوع!!ل فقلبت ال!!واو األولى هم!!زة وإنم!!ا لم يجم!!ع على أواول الستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف الجمع وقيل هو أفع!!ل من آل ي!!ؤول

فأصله أأول قلب فجاء أعفل مقلوبا من أفعل فسهل وأبدل وأدغم. مسألة: ال حجة في هذه اآلية لمن يمن!!ع الق!!ول ب!!دليل الخط!!اب، وهم

الكوفي!!!ون ومن وافقهم، ألن المقص!!!ود من الكالم النهي عن الكف!!!ر أوال وآخ!!را، وخص األول بال!!ذكر ألن التق!!دم في!!ه أغل!!ظ، فك!!ان حكم الم!!ذكور

والمسكوت عنه واحدا، وهذا واضح. @قوله تعالى: "وال تشتروا" معطوف على قوله "وال تكونوا" نهاهم عن أن يكونوا أول من كفر وأال يأخ!!ذوا على آي!!ات الل!!ه ثمن!!ا أي على تغي!!ير ص!!فة محمد صلى الله عليه وسلم رشى. وكان األحبار يفعل!!ون ذل!!ك فنه!!وا عن!!ه قال ق!وم من أه!ل التأوي!ل منهم الحس!ن وغ!يره. وقي!!ل ك!انت لهم مأك!ل يأكلونها على العلم كالراتب فنهوا عن ذلك وقيل إن األحبار ك!!انوا يعلم!!ون دينهم باألجرة فنهوا عن ذلك وفي كتبهم يا ابن آدم علم مجان!!ا كم!!ا علمت مجان!!ا أي ب!!اطال بغ!!ير أج!!رة، قال!!ه أب!!و العالي!!ة وقي!!ل المع!!نى وال تش!!تروا بأوامري ونواهي وآياتي ثمنا قليال يعني الدنيا ومدتها والثمن الذي هو نزر ال خطر له، فسمي ما اعتاض!!وه عن ذل!!ك ثمن!!ا ألنهم جعل!!وه عوض!!ا ف!!انطلق

عليه اسم الثمن وإن لم يكن ثمنا وقد تقدم هذا المعنى وقال الشاعر: إن كنت حاولت ذنبا أو ظفرت به فما أصبت بترك الحج من ثمن

قلت: وهذه اآلية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل فهي تتناول من فعل فعلهم فمن أخ!!ذ رش!!وة على تغي!!ير ح!!ق أو إبطال!!ه أو امتن!!ع من تعليم م!!ا وجب عليه أو أداء ما علمه وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه أج!را فق!د دخ!ل في مقتضى اآلية والله أعلم وق!!د روى أب!!و داود عن أبي هري!!رة ق!!ال ق!!ال رسول الله صلى الله عليه وسلم )من تعلم علما مم!!ا يبتغى ب!!ه وج!ه الل!!ه عز وجل ال يتعلمه إال ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد ع!!رف الجن!!ة ي!!وم

القيامة( يعني ريحها @وقد اختل!!ف العلم!!اء في أخ!!ذ األج!!رة على تعليم الق!!رآن والعلم - له!!ذه اآلية وما كان في معناها فمنع ذلك الزهري وأصحاب الرأي وقالوا ال يج!!وز أخذ األجرة على تعليم القرآن ألن تعليمه واجب من الواجبات ال!!تي يحت!!اج فيها إلى نية التقرب واإلخالص فال يؤخذ عليها أجرة كالصالة والص!!يام وق!!د قال تعالى "وال تشتروا بآياتي ثمنا قليال". وروى ابن عباس أن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!ال )معلم!!و ص!!بيانكم ش!!راركم أقلهم رحم!!ة ب!!اليتيم وأغلظهم على المسكين. روى أبو هريرة قال قلت يا رسول الله ما تق!!ول في المعلمين ق!!ال )درهمهم ح!!رام وث!!وبهم س!!حت وكالمهم ري!!اء( وروى عب!!ادة بن الص!!امت ق!!ال: علمت ناس!!ا من أه!!ل الص!!فة الق!!رآن والكتاب!!ة، فأهدى إلي رجل منهم قوس!!ا فقلت ليس!!ت بم!!ال وأرمي عنه!!ا في س!!بيل الله فسألت عنها رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم فق!!ال: )إن س!!رك أن تطوق بها طوق!!ا من ن!!ار فاقبله!!ا(. وأج!!از أخ!!ذ األج!!رة على تعليم الق!!رآن

Page 148: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأكثر العلماء لقول!!ه علي!!ه الس!!الم ح!!ديث ابن عباس حديث الرقية )إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كت!!اب الل!!ه( أخرج!!ه

البخاري وهو نص يرفع الخالف فينبغي أن يعول عليه. وأما ما احتج به المخالف من القياس على الصالة والصيام فاسد ألن!!ه

في مقابل!!ة النص ثم إن بينهم!!ا فرقان!!ا وه!!و أن الص!!الة والص!!وم عب!!ادات مختصة بالفاعل وتعليم القرآن عب!!ادة متعدي!!ة لغ!!ير المعلم فتج!!وز األج!!رة على محاولته النقل كتعليم كتابة القرآن قال ابن المنذر وأب!!و حنيف!!ة يك!!ره تعليم القرآن بأجرة ويجوز أن يس!!تأجر الرج!!ل يكتب ل!!ه لوح!!ا أو ش!!عرا أو غناء معلوما بأجر معلوم، فيجوز اإلجارة فيما هو معصية ويبطله!!ا فيم!!ا ه!!و

طاعة. وأما الجواب عن اآلية - فالمراد بها بنو إسرائيل، وشرع من قبلنا هل هو

شرع لنا، فيه خالف، وهو ال يقول به. جواب ثان: وهو أن تكون اآلية فيمن تعين عليه التعليم فأبى حتى يأخذ

عليه أجرا فأما إذا لم يتعين فيجوز له أخ!!ذ األج!!رة ب!!دليل الس!!نة في ذل!!ك وقد يتعين عليه إال أنه ليس عنده م!ا ينفق!ه على نفس!!ه وال على عيال!ه فال يجب عليه التعليم وله أن يقبل على صنعته وحرفته. ويجب على اإلم!!ام أن يعين إلقامة الدين إعانته وإال فعلى المسلمين ألن الصديق رضي الله عن!!ه لما ولي الخالفة وعين لها لم يكن عنده ما يقيم به أهله فأخ!!ذ ثياب!!ا وخ!!رج إلى السوق فقي!!ل ل!!ه في ذل!!ك فق!!ال ومن أين أنف!!ق على عي!!الي ف!!ردوه وفرضوا له كفايته. وأما األح!!اديث فليس ش!!يء منه!!ا يق!!وم على س!!اق وال يصح منها شيء عند أهل العلم بالنقل أما حديث ابن عب!!اس ف!!رواه س!!عيد بن طريف عن عكرمة عنه وسعيد متروك. وأما ح!!ديث أبي هري!!رة ف!!رواه علي بن عاصم عن حماد بن سلمة عن أبي جرهم عنه وأبو جرهم مجه!!ول ال يعرف ولم يرو حماد بن سلمة عن أحد يقال له أبو جرهم وإنما رواه عن أبي المهزم وهو متروك الحديث أيضا وهو حديث ال أصل ل!!ه. وأم!!ا ح!!ديث عبادة بن الصامت فرواه أبو داود من حديث المغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نسي عن األسود بن ثعلبة عنه، والمغيرة معروف عند أهل العلم ولكنه له من!!اكير ه!!ذا منه!!ا، قال!!ه أب!!و عم!!ر. ثم ق!!ال وأم!!ا ح!!ديث الق!!وس فمعروف عن!!د أه!!ل العلم ألن!!ه روي عن عب!!ادة من وجهين، وروي عن أبي بن كعب من حديث موسى بن علي عن أبيه عن أبي، وه!!و منقط!ع. وليس في الباب حديث يجب العمل به من جهة النقل، وحديث عبادة وأبي يحتمل التأويل ألنه جائز أن يكون علمه لل!!ه ثم أخ!!ذ علي!!ه أج!!را. وروي عن الن!!بي صلى الله عليه وسلم أنه ق!!ال )خ!!ير الن!!اس وخ!!ير من يمش!!ي على جدي!!د األرض المعلم!!ون كلم!!ا خل!!ق ال!!دين ج!!ددوه، أعط!!وهم وال تس!!تأجروهم فتحرجوهم فإن المعلم إذا قال للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي بسم الله الرحمن ال!!رحيم كتب الل!!ه ب!!راءة للص!!بي وب!!راءة للمعلم

وبراءة ألبويه من النار( @واختلف العلماء في حكم المصلي بأجرة، ف!!روى أش!!هب عن مال!!ك أن!!ه سئل عن الصالة خلف من استؤجر في رمضان يقوم للناس، فق!!ال: أرج!!و أال يك!!ون ب!!ه ب!!أس، وه!!و أش!!د كراه!!ة ل!!ه في الفريض!!ة. وق!!ال الش!!افعي وأصحابه وأبو ثور: ال بأس بذلك وال بالصالة خلفه. وق!!ال األوزاعي ال ص!!الة

Page 149: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ل!!ه. وكره!!ه أب!!و حنيف!!ة وأص!!حابه على م!!ا تق!!دم: ق!!ال ابن عب!!دالبر وه!!ذهالمسألة معلقة من التي قبلها وأصلهما واحد.

قلت: ويأتي لهذا أصل آخر من الكتاب في "براءة" إن شاء الله تع!!الى. وكره ابن القاسم أخذ األجرة على تعليم الشعر والنحو. وقال ابن ح!!بيب ال بأس باإلجارة على تعليم ا لشعر والرسائل وأيام العرب ويكره من الش!!عر ما فيه الخمر والخنا والهجاء، قال أبو الحسن اللخمي ويلزم على قول!!ه أن

يجيز اإلجارة على كتبه. وأما الغناء والنوح فممنوع على كل حال. @روى الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن عمر بن الكميت قال حدثنا علي بن وهب الهم!!داني ق!!ال أخبرن!!ا الضحاك بن موسى قال مر سليمان بن عبدالملك بالمدينة وهو يري!!د مك!!ة فأقام بها أياما فقال هل بالمدينة أحد أدرك أحدا من أص!!حاب الن!!بي ق!!الوا له أبو حازم فأرسل إليه فلما دخل عليه قال له: يا أبا حازم ما هذا الجف!!اء قال أبو حازم يا أمير المؤمنين وأي جفاء رأيت مني، قال أتاني وجوه أه!!ل المدينة ولم تأتني قال يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ما عرفتني قبل هذا اليوم وال أن!!ا رأيت!!ك. ق!!ال ف!!التفت إلى محم!!د بن ش!!هاب الزهري فقال أصاب الشيخ وأخطأت، قال سليمان يا أبا حازم ما لنا نك!!ره الموت قال ألنكم أخ!!ربتم اآلخ!!رة وعم!!رتم ال!!دنيا فك!!رهتم أن تنتقل!!وا من العمران إلى الخراب، قال أصبت يا أبا حازم فكيف الق!!دوم غ!!دا على الل!!ه تعالى، قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المس!!يء فك!!اآلبق يقدم على مواله فبكى س!!ليمان وق!ال ليت ش!!عري م!ا لن!!ا عن!د الل!!ه ق!!ال اعرض عملك على كتاب الله قال وأي مك!!ان أج!!ده ق!!ال "إن األب!!رار لفي

-!! 13نعيم وإن الفج!!ار لفي جحيم" ]اإلنفط!!ار: [ ق!!ال س!!ليمان ف!!أين14 رحمة الله يا أبا حازم؟ قال أبو حازم رحمة الله قريب من المحسنين ق!!ال له سليمان يا أبا حازم فأي عباد الله أكرم؟ قال أولو المروءة والنهى ق!!ال له سليمان فأي األعمال أفضل ق!!ال أب!!و ح!!ازم أداء الف!!رائض م!!ع اجتن!!اب المحارم قال سليمان: فأي الدعاء أسمع قال دعاء المحسن إليه للمحسن، فقال أي الصدقة أفضل قال للسائل الب!!ائس وجه!!د المق!!ل ليس فيه!!ا من وال أذى قال: فأي القول أعدل قال: قول الح!!ق عن!!د من تخاف!!ه أو ترج!!وه قال فأي المؤمنين أكيس قال رجل عم!!ل بطاع!!ة الل!!ه ودل الن!!اس عليه!!ا، قال: فأي المؤمنين أحمق قال رجل انحط في هوى أخيه وه!و ظ!الم فب!اع آخرته بدنيا غيره قال له سليمان أصبت فما قول!!ك فيم!!ا نحن في!!ه ق!!ال ي!!ا أمير المؤمنين أوتعفيني قال له سليمان ال ولكن نصيحة تلقيها إلي، قال ي!!ا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الن!!اس بالس!!يف وأخ!!ذوا ه!!ذا المل!!ك عن!!وة على غير مشورة من المسلمين وال رضاهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة فقد ارتحلوا عنها فلو شعرت م!!ا ق!!الوه وم!!ا قي!!ل لهم فق!!ال ل!!ه رج!!ل من جلسائه بئس ما قلت يا أبا حازم، قال أبو حازم كذبت إن الل!!ه أخ!!ذ ميث!!اق العلماء ليبينه للناس وال يكتمونه قال له سليمان فكيف لنا أن نص!!لح ق!!ال: تدعون الصلف وتتمسكون بالمروءة وتقسمون بالس!!وية ق!!ال ل!!ه س!!ليمان فكيف لنا بالمأخذ به قال أبو حازم تأخذه من حله وتضعه في أهله ق!ال ل!ه سليمان هل لك يا أبا حازم أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك. قال أع!!وذ بالل!!ه ق!!ال ل!!ه س!!ليمان ولم ذاك ق!!ال أخش!!ى أن أركن إليكم ش!!يئا قليال فيذيقني الله ضعف الحياة وض!!عف المم!!ات. ق!!ال ل!!ه س!!ليمان ارف!!ع إلين!!ا

Page 150: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

حوائجك قال تنجيني من النار وت!!دخلني الجن!!ة ق!!ال ل!!ه س!!ليمان ليس ذاك إلي قال أبو حازم فما لي إليك حاجة غيرها ق!!ال ف!!ادع لي ق!!ال أب!!و ح!!ازم اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخ!!ير ال!!دنيا واآلخ!!رة وإن ك!!ان ع!!دوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى. قال له سليمان قط قال أب!!و ح!!ازم ق!!د أوج!!زت وأك!!ثرت إن كنت من أهل!!ه وإن لم تكن من أهل!!ه فم!!ا ينبغي أن أرمي عن قوس ليس له!!ا وت!!ر. ق!!ال ل!!ه س!!ليمان أوص!!ني ق!!ال سأوص!!يك وأوجز: عظم ربك ونزهه أن يراك حيث نهاك أو يفق!!دك حيث أم!!رك فلم!!ا خرج من عنده بعث إليه بمائة دينار وكتب إليه أن أنفقها ولك عن!!دي مثله!!ا كثير، قال: فردها عليه وكتب إليه يا أمير المؤمنين أعي!!ذك بالل!!ه أن يك!!ون سؤالك إياي هزال أو ردي عليك بذال وما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفس!!ي، إن موسى بن عمران لما ورد ماء مدين وجد عليه رعاء يسقون ووج!!د من دونهم جاريتين تذودان فسألهما فقالتا ال نسقي ح!!تى يص!!در الرع!!اء وأبون!!ا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل، فق!!ال رب إني لم!!ا أن!!زلت إلي من خير فقير وذلك أن!!ه ك!!ان جائع!!ا خائف!!ا ال ي!!أمن فس!!أل رب!!ه ولم يس!!أل الناس فلم يفطن الرعاء وفطنت الجاريتان فلما رجعتا إلى أبيهم!!ا أخبرت!!اه بالقصة وبقوله فقال أبوهما وهو شعيب عليه السالم هذا رجل جائع فقالت إحداهما اذه!!بي فادعي!!ه فلم!!ا أتت!!ه عظمت!!ه وغطت وجهه!!ا وق!!الت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فشق على موسى حين ذكرت "أج!!ر م!!ا سقيت لنا" ولم يجد بدا من أن يتبعها ألنه كان بين الجبال جائعا مستوحشا فلما تبعها هبت الريح فجعلت تصفق ثيابها على ظهرها فتصف له عجيزته!!ا وكانت ذات عجز وجعل موسى يعرض مرة ويغض أخرى فلما عي!!ل ص!!بره ناداها ي!!ا أم!!ة الل!!ه ك!!وني خلفي وأري!!ني الس!!مت بقول!!ك فلم!!ا دخ!!ل على شعيب إذ هو بالعشاء مهيأ فقال له شعيب اجلس يا شاب فتعشى فقال له موسى عليه السالم: أعوذ بالله فقال له شعيب لم؟ أم!!ا أنت ج!!ائع؟ ق!!ال: بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهم!!ا وأن!!ا من أه!!ل بيت ال نبيع شيئا من ديننا بملء األرض ذهب!!ا فق!!ال ل!!ه ش!!عيب ال ي!!ا ش!!اب ولكنه!!ا عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى فأكل فإن

كانت هذه المائة دينار عوضا لما حدثت فالميتة قلت: هكذا يكون االقت!!داء بالكت!!اب واألنبي!!اء. انظ!!روا إلى ه!!ذا اإلم!!ام

الفاضل والحبر العالم كيف لم يأخذ على عمله عوضا وال على وص!!يته ب!!دال وال على نصيحته قصدا بل بين الحق وصدع ولم يلحقه في ذل!!ك خ!!وف وال فزع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ال يمنعن أحدكم هيبة أح!!د أن يقول بالحق حيث كان( وفي التنزيل "يجاهدون في سبيل الله وال يخ!!افون

[54لومة الئم" ]المائدة @قوله تعالى: "وإياي فاتقون" قد تقدم معنى التق!!وى. وق!!رئ "ف!!اتقوني" بالياء وقد تقدم وقال سهل بن عبدالله قوله "وإي!!اي ف!اتقون" ق!ال موض!!ع علمي السابق فيكم. "وإياي فارهبون" قال موضع المكر واالستدراج لقول

[ "فال ي!!أمن182الله تعالى "سنستدرجهم من حيث ال يعلمون" ]األعراف: 99مكر الله إال القوم الخاسرون" ]األعراف: [ فما استثنى نبيا وال صديقا

}وال تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون{42* اآلية 3* @قوله تعالى: "وال تلبس!!وا الح!!ق بالباط!!ل" اللبس: الخل!!ط، لبس!!ت علي!!ه األمر ألبسه، إذا مزجت بينه بمشكله وحقه بباطله قال الله تعالى "وللبسنا

Page 151: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ وفي األمر لبسة أي ليس بواضح ومن ه!!ذا9عليهم ما يلبسون" ]األنعام: المعنى قول علي رضي الله عنه للحارث بن حوط يا ح!!ارث )إن!!ه ملب!!وس علي!!ك، إن الح!!ق ال يع!!رف بالرج!!ال، اع!!رف الح!!ق تع!!رف أهل!!ه( وق!!الت

الخنساء: ترى الجليس يقول الحق تحسبه رشدا وهيهات فانظر ما به التبسا صدق مقالته واحذر عداوته والبس عليه أمورا مثل ما لبسا

وقال العجاج:لما لبسن الحق بالتجني غنين واستبدلن زيدا مني

[،42روى سعيد عن قتادة في قوله: "وال تلبسوا الحق بالباطل" ]البق!!رة: يقول: ال تلبس!!وا اليهودي!!ة والنص!!رانية باإلس!!الم وق!!د علمتم أن دين الل!!ه - الذي ال يقبل غيره وال يجزئ إال به - اإلسالم، وأن اليهودية والنصرانية بدعة

وليست من الله. والظاهر من قول عنترة:وكتيبة لبستها بكتيبة

أنه من هذا المعنى، ويحتمل أن يكون من اللباس. وق!!د قي!!ل ه!!ذا في مع!نى اآلي!ة، أي ال تغط!وا. ومن!!ه لبس الث!!وب يق!!ال لبس!ت الث!وب ألبس!ه

ولباس الرجل زوجته وزوجها لباسها. قال الجعدي إذا ما الضجيع ثنى جيدها تثنت عليه فكانت لباسا

وقال األخطل:وقد لبست لهذا األمر أعصره حتى تجلل رأسي الشيب فاشتعال

واللبوس: كل ما يلبس من ثي!!اب ودرع، ق!ال الل!ه تع!الى "وعلمن!!اه ص!نعة [ والبس!!ت فالن!!ا ح!!تى ع!!رفت باطن!!ه. وفي فالن80لبوس لكم" ]األنبي!!اء:

ملبس أي مستمتع قال: أال إن بعد العدم للمرء قنوة وبعد المشيب طول عمر وملبسا

ولبس الكعب!!ة واله!!ودج م!!ا عليهم!!ا من لب!!اس )بكس!!ر الالم(. قول!!ه تع!!الى "بالباطل" الباطل في كالم العرب خالف الحق، ومعناه الزائل قال لبيد: أال كل شيء ما خال الله باطل. وبطل الشيء يبطل بطال وبطوال وبطالنا ذهب ض!!ياعا وخس!!را وأبطل!!ه غ!!يره ويق!!ال ذهب دم!!ه بطال أي ه!!درا والباط!!ل الشيطان والبطل الشجاع س!مي ب!ذلك ألن!ه يبط!ل ش!!جاعة ص!احبه، ق!!ال

النابغة:لهم لواء بأيدي ماجد بطل ال يقطع الخرق إال طرفه سامي

والمرأة بطلة. وقد بطل الرجل )أي بالضم( يبطل بطولة وبطال!!ة أي ص!!ار شجاعا وبطل األجير )بالفتح( بطال!!ة أي تعط!!ل فه!!و بط!!ال. واختل!!ف أه!!ل التأويل في المراد بقوله: "الحق بالباطل" فروي عن ابن عب!!اس وغ!!يره ال تخلطوا ما عن!!دكم من الح!!ق في الكت!!اب بالباط!!ل وه!!و التغي!!ير والتب!!ديل. وقال أبو العالية ق!!الت اليه!!ود محم!!د مبع!!وث ولكن إلى غيرن!!ا. ف!!إقرارهم ببعثه حق وجح!!دهم أن!!ه بعث إليهم باط!!ل. وق!!ال ابن زي!!د: الم!!راد ب!!الحق التوراة، والباطل ما بدلوا فيها من ذكر محمد علي!!ه الس!!الم وغ!!يره. وق!!ال

مجاهد: ال تخلطوا اليهودية والنصرانية باإلسالم. وقاله قتادة وقد تقدم. قلت: وقول ابن عباس أصوب، ألنه عام فيدخل فيه جميع األقوال والله

المستعان. @قوله تعالى: "وتكتم!!وا الح!!ق" يج!!وز أن يك!!ون معطوف!!ا على "تلبس!!وا" فيكون مجزوما ويجوز أن يكون منص!!وبا بإض!!مار أن، التق!!دير ال يكن منكم

Page 152: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

لبس الحق وكتمانه أي وأن تكتموه ق!!ال ابن عب!!اس: )يع!!ني كتم!!انهم أم!!رالنبي صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه( وقال محمد بن سيرين:

نزل عصابة من ولد هارون يثرب لما أصاب ب!!ني إس!!رائيل م!!ا أص!!ابهم من ظهور العدو عليهم والذلة، وتلك العصابة هم حملة الت!!وراة يومئ!!ذ فأق!!اموا بيثرب يرجون أن يخرج محمد صلى الله علي!!ه وس!!لم بين ظه!!رانيهم، وهم مؤمنون مصدقون بنبوته فمضى أولئك اآلب!!اء وهم مؤمن!!ون وخل!!ف األبن!!اء وأبن!!اء األبن!!اء ف!!أدركوا محم!!دا ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فكف!!روا ب!!ه وهم يعرفونه، وهو معنى قوله تعالى "فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به" ]البقرة:

89] @قوله تعالى: "وأنتم تعلمون" جملة في موضع الحال أي أن محمدا علي!!ه السالم حق، فكفرهم كان كفر عناد ولم يشهد تعالى لهم بعلم وإنما نهاهم عن كتمان ما علموا. ودل هذا على تغليظ الذنب على من واقعه على علم وأنه أعصى من الجاه!!ل. وس!!يأتي بي!!ان ه!!ذا عن!!د قول!!ه تع!!الى: "أت!!أمرون

[ اآلية.44الناس بالبر" ]البقرة: }وأقيموا الصالة وآتوا الزك!!اة واركع!!وا م!!ع ال!!راكعين{ )في!!ه43*اآلية: 3*

أربع وثالثين مسألة( @األولى: قوله تعالى: "وأقيموا الصالة" أمر معناه الوجوب وال خالف فيه، وق!!د تق!!دم الق!!ول في مع!!نى إقام!!ة الص!!الة واش!!تقاقها وفي جمل!!ة من

أحكامها، والحمد لله. @الثانية: قوله تعالى: "وآتوا الزكاة" أمر أيض!!ا يقتض!!ي الوج!وب. واإليت!!اء: اإلعطاء، آتيته: أعطيت!!ه. ق!!ال الل!!ه تع!!الى "لئن آتان!!ا من فض!!له لنص!!دقن"

[ وأتيته - بالقصر من غير مد - جئته، فإذا ك!!ان المجيء بمع!!نى75]التوبة: االستقبال مد، ومنه الح!!ديث )وآلتين رس!ول الل!ه ص!لى الل!!ه علي!ه وس!لم

فألخبرنه( وسيأتي. @الثالثة: الزكاة م!!أخوذة من زك!!ا الش!!يء إذا نم!!ا وزاد. يق!!ال زك!!ا ال!!زرع والمال يزكو، إذا كثر وزاد ورجل زكي أي زائ!!د الخ!!ير وس!!مي اإلخ!راج من المال زكاة وهو نقص منه من حيث ينمو بالبركة أو ب!!األجر ال!!ذي يث!!اب ب!!ه المزكي ويقال: زرع زاك بين الزكاء. وزكأت الناقة بولدها تزكأ به إذا رمت به من بين رجليها وزكا الفرد: إذا صار زوجا بزيادة الزائد علي!!ه ح!!تى ص!!ار

شفعا. قال الشاعر: كانوا خسا أو زكا من دون أربعة لم يخلقوا وجدود الناس تعتلج

جمع جد وهو الحظ والبخت. تعتلج: أي ترتف!!ع اعتلجت األرض ط!!ال نباته!!ا.فخسا: الفرد وزكا: الزوج

وقيل: أصلها الثناء الجميل ومن!!ه زكى القاض!!ي الش!!اهد. فك!!أن من يخ!!رج الزكاة يحصل لنفسه الثناء الجميل وقيل الزكاة مأخوذة من التطه!!ير، كم!!ا يق!!ال زك!!ا فالن أي طه!!ر من دنس الجرح!!ة واإلغف!!ال. فك!!أن الخ!!ارج من المال يطهره من تبعة الحق ال!!ذي جع!ل الل!!ه في!!ه للمس!!اكين، أال ت!!رى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ما يخرج من الزكاة أوساخ الناس، وق!!د

[ 103قال تعالى "خذ من أموالهم صدقه تطهرهم وتزكيهم بها" ]التوبة: @الرابع!!ة: واختل!!ف في الم!!راد بالزك!!اة هن!!ا فقي!!ل: الزك!!اة المفروض!!ة

لمقارنتها الصالة وقيل: صدقة الفطر قاله مالك في سماع ابن القاسم.

Page 153: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قلت: فعلى األول - وهو قول أك!!ثر العلم!!اء - فالزك!!اة في الكت!!اب مجمل!!ة بينها النبي صلى الله عليه وسلم ف!روى األئم!ة عن أبي س!!عيد الخ!دري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال )ليس في حب وال تم!!ر ص!!دقة ح!!تى تبل!!غ خمس!!ة أوس!!ق وال فيم!!ا دون خمس ذود ص!!دقة وال فيم!!ا دون خمس أواق ص!!دقة( وق!!ال البخ!!اري: )خمس أواق من ال!!ورق( وروى البخ!!اري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال )فيما سقت الس!!ماء والعي!!ون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر( وسيأتي بيان ه!!ذا الب!!اب في "األنعام" إن شاء الله تعالى. ويأتي في "براءة" زك!!اة العين والماش!!ية وبيان المال الذي ال يؤخ!!ذ من!!ه زك!!اة عن!!د قول!!ه تع!!الى "خ!!ذ من أم!!والهم

[ وأما زكاة الفطر فليس لها في الكتاب نص عليها إال103صدقة" ]التوبة: ما تأوله مالك هنا، وقوله تعالى "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى"

[ والمفس!!!رون ي!!!ذكرون الكالم عليه!!!ا في س!!!ورة "األعلى"،15]األعلى: ورأيت الكالم عليها في هذه السورة عند كالمنا على آي الصيام ألن رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ف!!رض زك!!اة الفط!!ر في رمض!!ان، الح!!ديث.

وسيأتي، فأضافها إلى رمضان. @الخامسة: قوله تعالى: "واركع!!وا" الرك!!وع في اللغ!!ة االنحن!!اء بالش!!خص

وكل منحن راكع قال لبيد أخبر أخبار القرون التي مضت أدب كأني كلما قمت راكع

وقال ابن دري!!د: الركع!!ة اله!!وة في األرض لغ!!ة يماني!!ة وقي!!ل االنحن!!اء يعمالركوع والسجود ويستعار أيضا في االنحطاط في المنزلة. قال:

وال تعاد الضعيف علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه @السادسة: واختلف الناس في تخصيص الركوع بالذكر فق!!ال ق!!وم جع!!ل

الركوع لما كان من أركان الصالة عبارة عن الصالة. قلت: وهذا ليس مختصا بالركوع وحده فقد جعل الشرع القراءة عبارة

عن الصالة والسجود عبارة عن الركعة بكمالها فقال: "وق!!رآن الفج!!ر" أي صالة الفجر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )من أدرك سجدة من الصالة فقد أدرك الصالة( وأهل الحجاز يطلقون على الركعة س!جدة وقي!ل إنما خص الركوع بالذكر ألن بني إسرائيل لم يكن في صالتهم رك!وع وقي!ل ألنه كان أثقل على القوم في الجاهلية حتى لقد قال بعض من أسلم أظن!!ه عمران بن حصين للنبي صلى الله عليه وسلم: وعلى أال أخر إال قائما فمن تأويل!!ه على أال أرك!!ع فلم!!ا تمكن اإلس!!الم من قلب!!ه اطم!!أنت ب!!ذلك نفس!!ه

وأمتثل ما أمر به من الركوع. @السابعة: الركوع الشرعي هو أن يحني الرجل صلبه ويمد ظه!!ره وعنق!!ه ويفتح أصابع يديه ويقبض على ركبتيه ثم يطمئن راكع!!ا يق!!ول س!!بحان ربي العظيم ثالثا وذلك أدناه )روى مسلم عن عائشة ق!!الت:)ك!!ان رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم يس!!تفتح الص!!الة ب!!التكبير والق!!راءة بالحم!!د لل!!ه رب العالمين وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذل!!ك( وروى البخاري عن أبي حميد الساعدي قال: رأيت رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم إذا كبر جعل يدي!!ه ح!!ذو منكبي!!ه وإذا رك!!ع أمكن يدي!!ه من ركبتي!!ه ثم

هصر ظهره الحديث. @الثامنة: الركوع فرض، قرآنا وسنة، وكذلك السجود لقوله تعالى في آخر

[. وزادت الس!!نة الطمأنين!!ة فيهم!!ا77الحج "اركع!!وا واس!!جدوا" ]الحج:

Page 154: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والفصل بينهما، وقد تق!!دم الق!!ول في ذل!!ك وبين!!ا ص!!فة الرك!!وع آنف!!ا وأم!!ا السجود فقد جاء مبينا من حديث أبي حميد الساعدي أن النبي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم ك!!ان )إذا س!!جد مكن جبهت!!ه وأنف!!ه من األرض ونحى يدي!!ه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه(. خرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وروى مس!!لم عن أنس ق!!ال: ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )اعتدلوا في السجود وال يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب(. وعن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )إذا سجدت فضع كفي!!ك وارف!!ع مرفقي!!ك(. وعن ميمون!!ة زوج الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!الت: ك!!ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا س!!جد خ!!وى بيدي!!ه - يع!!ني جنح ح!!تى

يرى وضح إبطيه من ورائه - وإذا قعد اطمأن على فخذه اليسرى. @التاسعة: واختلف العلم!!اء فيمن وض!!ع جبهت!!ه في الس!!جود دون أنف!!ه أو أنفه دون جبهته، فقال مالك: يس!!جد على جبهت!!ه وأنف!!ه، وب!!ه ق!!ال الث!!وري وأحمد، وهو قول النخعي. قال أحمد: ال يجزئ!!ه الس!!جود على أح!!دهما دون اآلخر، وبه ق!!ال أب!!و خيثم!!ة وابن أبي ش!!يبة. ق!!ال إس!!حاق: إن س!!جد على أحدهما دون اآلخر فصالته فاس!دة. وق!ال األوزاعي وس!عيد بن عب!!دالعزيز، وروي عن ابن عباس وسعيد بن جب!!ير وعكرم!!ة وعب!!دالرحمن بن أبي ليلى كلهم أمر بالسجود على األنف. وقالت طائفة: يجزئ أن يسجد على جبهت!!ه دون أنف!!ه، ه!!ذا ق!!ول عط!!اء وط!!اوس وعكرم!!ة وابن س!!يرين والحس!!ن البصري، وبه قال الشافعي وأب!!و ث!!ور ويعق!!وب ومحم!!د. ق!!ال ابن المن!!ذر: وقال قائل: إن وضع جبهته ولم يضع أنفه أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء وصالته تامة، هذا قول النعمان. قال ابن المنذر: وال أعلم أحدا س!!بقه

إلى هذا القول وال تابعه عليه. قلت: الصحيح في السجود وضع الجبهة واألنف، لحديث أبي حميد، وق!!د

تقدم. وروى البخاري عن ابن عباس قال قال رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم: )أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأش!!ار بي!!ده إلى أنفه - والي!!دين والركب!!تين وأط!!راف الق!!دمين وال نكفت الثي!!اب والش!!عر(. وهذا كله بيان لمجمل الصالة فتعين القول به. والله أعلم وروي عن مال!!ك أنه يجزيه أن يسجد على جبهته دون أنفه، كقول عطاء والشافعي والمختار

عندنا قول األول وال يجزئ عند مالك إذا لم يسجد على جبهته. @العاشرة: ويكره السجود على كور العمامة، وإن ك!!ان طاق!!ة أو ط!!اقتين مثل الثياب التي تستر الركب والقدمين فال بأس، واألفضل مباشرة األرض أو ما يسجد عليه فإن كان هناك ما يؤذيه أزاله قبل دخول فال الصالة، ف!!إن لم يفعل فليمس!!حه مس!!حة واح!!دة. وروى مس!!لم عن معيقيب أن رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يس!!جد ق!!ال )إن كنت ف!!اعال فواح!!دة( وروي عن أنس بن مال!!ك ق!!ال: )كن!!ا نص!!لي م!!ع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يس!!تطع أح!!دنا أن

يمكن جبهته من األرض بسط ثوبه فسجد عليه(. [ ق!!ال77@الحادية عش!!رة: لم!!ا ق!!ال تع!!الى: "اركع!!وا واس!!جدوا" ]الحج:

بعض علمائنا وغيرهم يكفي منها م!!ا يس!!مى ركوع!!ا وس!!جودا، وك!!ذلك من القي!!ام ولم يش!!ترطوا الطمأنين!!ة في ذل!!ك فأخ!!ذوا بأق!!ل االس!!م في ذل!!ك وكأنهم لم يسمعوا األحاديث الثابتة في إلغاء الص!!الة ق!!ال ابن عب!!دالبر: وال يجزي ركوع وال سجود وال وق!!وف بع!!د الرك!!وع وال جل!!وس بين الس!!جدتين

Page 155: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

حتى يعتدل راكعا وواقفا وس!!اجدا وجالس!!ا. وه!و الص!!حيح في األث!ر وعلي!!ه جمهور العلماء وأهل النظر وهى رواية ابن وهب وأبي مص!!عب عن مال!!ك. وقال القاضي أبو بك!!ر بن الع!!ربي: وق!!د تك!!اثرت الرواي!!ة عن ابن القاس!!م وغيره بوجوب األصل وسقوط الطمأنينة وه!و وهم عظيم ألن الن!بي ص!لى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها وعلمها. فإن كان البن القاسم عذر أن ك!!ان لم يطل!!ع عليه!!ا فم!!ا لكم أنتم وق!!د انتهى العلم إليكم وق!!امت الحج!!ة ب!!ه عليكم روى النسائي والدارقطني وعلي بن عبدالعزيز عن رفاع!ة بن راف!ع قال: كنت جالسا عند رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إذ ج!!اءه رج!!ل فدخل المسجد فصلى، فلم!!ا قض!!ى الص!!الة ج!اء فس!لم على رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ارجع فصل فإنك لم تصل( وجعل يصلي وجعلنا نرم!ق ص!الته ال ن!دري م!ا يعيب منها فلما جاء فسلم على النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم وعلى الق!!وم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم )وعليك ارج!!ع فص!!ل فان!!ك لم تص!!ل( قال همام فال ندري أمره بذلك مرتين أو ثالثا فقال له الرجل م!!ا أل!!وت فال ادري ما عبت علي من صالتي فقال صلى الله عليه وسلم )إنه ال تتم صالة أح!!دكم ح!!تى يس!!بغ الوض!!وء كم!!ا أم!!ره الل!!ه فيغس!!ل وجه!!ه ويدي!!ه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكع!!بين ثم يك!!بر الل!!ه تع!!الى ويث!!ني عليه ثم يقرأ أم القرآن وما أذن له فيه وتيسر ثم يكبر ف!!يركع فيض!!ع كفي!!ه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله ويسترخي ثم يقول سمع الله لمن حمده ويستوي قائما حتى يقيم صلبه ويأخ!ذ ك!!ل عظم م!!أخوذه ثم يك!!بر فيس!!جد فيمكن وجهه. قال همام وربما قال جبهته من األرض حتى تطمئن مفاص!!له ويسترخي ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده ويقيم صلبه فوصف الص!!الة هكذا أربع ركعات حتى فرغ ثم قال ال تتم صالة أح!!دكم ح!!تى يفع!!ل ذل!!ك(

ومثله حديث أبي هريرة خرجه مسلم وقد تقدم. قلت: فهذا بيان الصالة المجملة في الكتاب بتعليم النبي عليه الس!!الم

وتبليغه إياها جميع األنام فمن لم يقف عند هذا البيان وأخل بما فرض عليه الرحمن ولم يمتثل ما بلغه عن نبيه عليه السالم ك!!ان من جمل!!ة من دخ!!ل في قول!!ه تع!!الى: "فخل!!ف من بع!!دهم خل!!ف أض!!اعوا الص!!الة واتبع!!وا

[ على ما يأتي بيانه هناك إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى. روى59الشهوات" ]مريم: البخاري عن زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجال ال يتم الرك!!وع وال الس!!جود فقال )ما ص!!لت ول!!و مت لمت على غ!!ير الفط!!رة ال!!تي فط!!ر الل!!ه عليه!!ا

محمدا صلى الله عليه وسلم( @الثانية عشرة: قوله تعالى: "مع الراكعين" )مع( تقتضي المعية والجمعية ولهذا قال جماعة من أهل التأويل بالقرآن إن األم!!ر بالص!!الة أوال لم يقتض شهود الجماعة فأمرهم بقوله "مع" شهود الجماعة وقد اختلف العلماء في ش!!هود الجماع!!ة على ق!!ولين فال!!ذي علي!!ه الجمه!!ور أن ذل!!ك من الس!!نن المؤك!!دة ويجب على من أدمن التخل!!ف عنه!!ا من غ!!ير ع!!ذر العقوب!!ة وق!!د أوجبها بعض أه!!ل العلم فرض!!ا على الكفاي!!ة ق!!ال ابن عب!!دالبر وه!!ذا ق!!ول صحيح إلجماعهم على أنه ال يجوز أن يجتمع على تعطيل المساجد كلها من الجماعات فإذا قامت الجماعة في المسجد فصالة المنفرد في بيته ج!!ائزة لقوله عليه السالم )صالة الجماعة أفضل من ص!!الة الف!!ذ بس!!بع وعش!!رين درجة( أخرجه مسلم من حديث ابن عمر. وروي عن أبي هريرة رضي الله

Page 156: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )صالة الجماع!!ة أفض!!ل من ص!!الة أح!!دكم وح!!ده بخمس!!ة وعش!!رين ج!!زءا(. وق!!ال داود الص!!الة في الجماع!!ة ف!!رض على ك!!ل أح!!د في خاص!!ته كالجمع!!ة واحتج بقول!!ه علي!!ه السالم: )ال صالة لجار المسجد إال في المس!!جد( خرج!!ه أب!!و داود وص!!ححه أبو محمد عبدالحق، وهو قول عطاء بن أبي رباح وأحمد بن حنبل وأبي ثور وغيرهم. وقال الشافعي: ال أرخص لمن قدر على الجماعة في ترك إتيانه!!ا إال من عذر. حكاه ابن المنذر وروى مسلم عن أبي هري!!رة ق!!ال أتى الن!!بي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال ي!!ا رس!!ول الل!!ه إن!!ه ليس لي قائ!!د يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم أن ي!!رخص له فيصلي في بيته ف!!رخص ل!!ه فلم!!ا ولى دع!!اه فق!!ال )ه!!ل تس!!مع الن!!داء بالصالة( قال نعم قال )فأجب( وقال أبو داود في هذا الحديث )ال أج!!د ل!!ك رخصة(. خرجه من حديث ابن أم مكتوم وذكر أن!!ه ك!!ان ه!!و الس!!ائل وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله )من سمع النداء فلم يمنعه من إتيانه عذر قالوا وم!!ا الع!!ذر ق!!ال خ!!وف أو م!!رض لم تقب!!ل من!!ه الصالة التي ص!لى( ق!ال أب!و محم!د عب!!دالحق: ه!ذا يروي!ه مغ!راء العب!دي والصحيح موقوف على ابن عباس )من سمع النداء فلم يأت فال ص!!الة ل!!ه( على أن قاسم بن أصبغ ذكره في كتابه فقال ح!!دثنا إس!!ماعيل بن إس!!حاق القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب حدثنا ش!!عبة عن ح!!بيب بن أبي ث!!ابت عن سعيد جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!ال )من سمع النداء فلم يجب فال صالة له إال من عذر( وحسبك بهذا اإلسناد ص!!حة ومغراء العبدي روى عنه أب!!و إس!!حاق وق!!ال ابن مس!!عود ولق!!د رأيتن!!ا وم!!ا يتخل!!ف عنه!!ا إال من!!افق معل!!وم النف!!اق وق!!ال علي!!ه الس!!الم )بينن!!ا وبين المنافقين ش!!هود العتم!!ة والص!!بح ال يس!تطيعونهما( ق!!ال ابن المن!!ذر ولق!د روينا عن غير واحد من أصحاب الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم أنهم ق!!الوا )من سمع النداء فلم يجب من غ!!ير ع!!ذر فال ص!!الة ل!!ه( منهم ابن مس!!عود وأبو موسى األشعري وروى أبو داود عن أبي هريرة قال ق!!ال رس!!ول الل!!ه )لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزم!!ا من حطب ثم آتي قوم!!ا يص!!لون في بي!!وتهم ليس!!ت لهم عل!!ة فأحرقه!!ا عليهم( ه!!ذا م!!ا احتج ب!!ه من أوجب الصالة في الجماعة فرضا وهى ظاهرة في الوجوب وحملها الجمه!!ور على تأكيد أمر شهود الصلوات في الجماعة بدليل حديث ابن عم!!ر وأبي هري!!رة وحمل!!وا ق!!ول الص!!حابة وم!!ا ج!!اء في الح!!ديث من أن!!ه )ال ص!!الة ل!!ه( على الكمال والفضل وك!ذلك ق!ول علي!ه الس!الم البن أم مكت!!وم )ف!أجب( على الندب وقوله عليه السالم )لقد هممت( ال يدل على الوجوب الحتم ألنه هم ولم يفعل وإنم!!ا مخرج!!ه مخ!!رج التهدي!!د والوعي!!د للمن!!افقين ال!!ذين ك!!انوا يتخلف!!ون عن الجماع!!ة والجمع!!ة ي!!بين ه!!ذا المع!!نى م!!ا رواه مس!!لم عن عبدالله ق!!ال: )من س!!ره أن يلقى الل!!ه غ!!دا مس!!لما فليحاف!!ظ على ه!!ؤالء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله ش!!رع لن!!بيكم ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو ت!!ركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لض!!للتم، وم!!ا من رج!!ل يتطه!!ر فيحس!!ن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إال كتب الله له بكل خط!!وة يخطوها حسنة ويرفعه به!!ا درج!!ة ويح!!ط عن!!ه به!!ا س!!يئة ولق!!د رأيتن!!ا وم!!ا

Page 157: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

يتخلف عنها إال منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل ي!!ؤتى ب!!ه يه!!ادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. فبين رضي الله عنه في حديثه أن االجتم!!اع سنة من سنن الهدى وتركه ضالل، ولهذا قال القاضي أب!!و الفض!!ل عي!!اض: اختلف في التمالؤ على ترك ظاهر السنن، هل يقاتل عليها أو ال، والص!!حيح

قتالهم، ألن في التمالؤ عليها إماتتها. قلت: فعلى هذا إذا أقيمت السنة وظهرت جازت صالة المنفرد وصحت

روى مسلم عن أبي هريرة قال قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )صالة الرجل في جماعة تزيد على صالته في بيته وصالته في سوقه بض!!عا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المس!!جد ال ينهزه إال الصالة ال يريد إال الصالة فلم يخط خطوة إال رفع ل!!ه به!!ا درج!!ة وحط عنه بها خطيئ!!ة ح!!تى ي!!دخل المس!!جد ف!!إذا دخ!!ل المس!!جد ك!!ان في الصالة ما كانت الصالة هي تحبسه والمالئك!!ة يص!!لون على أح!!دكم م!!ا دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم أرحم!!ه اللهم اغف!!ر ل!!ه اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه(. قيل ألبي هري!!رة: م!!ا يح!!دث؟ ق!!ال:

يفسو أو يضرط. @الثالثة عشرة: واختلف العلماء في هذا الفضل المض!!اف للجماع!!ة ه!!ل ألجل الجماعة فقط حيث كانت أو إنما يك!!ون ذل!!ك الفض!!ل للجماع!!ة ال!!تي تكون في المسجد لما يالزم ذلك من أفعال تختص بالمساجد كم!!ا ج!اء في الحديث قوالن. واألول أظه!!ر ألن الجماع!!ة ه!!و الوص!!ف ال!!ذي عل!!ق علي!!ه الحكم. والله أعلم وما كان من إكثار الخطى إلى المس!!اجد وقص!!د اإلتي!!ان

إليها والمكث فيها فذلك زيادة ثواب خارج عن فضل الجماعة والله أعلم. @الرابعة عشرة: واختلفوا أيضا هل تفضل جماعة جماعة بالكثرة وفض!!يلة اإلمام؟ فقال مالك ال وقال ابن حبيب نعم ألن النبي صلى الله عليه وس!!لم قال: )صالة الرجل مع الرجل أزكى من صالته وحده وص!!الته م!!ع ال!!رجلين أزكى من صالته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله( رواي!!ة أبي بن كعب

وأخرجه أبو داود وفي إسناده لين. @الخامسة عشرة: واختلفوا أيضا فمن صلى في جماعة ه!!ل يعي!!د ص!!الته تلك في جماعة أخرى فقال مالك وأب!!و حنيف!!ة والش!!افعي وأص!!حابهم إنم!!ا يعيد الصالة في جماعة مع اإلم!!ام من ص!!لى وح!!ده في بيت!!ه وأهل!!ه أو في غير بيته، وأما من صلى في جماعة وإن قلت فإنه ال يعيد في جماع!!ة أك!!ثر منها وال أقل. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي ج!!ائز لمن صلى في جماعة ووجد أخرى في تلك الصالة أن يعيدها معهم إن شاء ألنها نافلة وسنة. وروي ذلك عن حذيفة بن اليمان وأبي موس!!ى األش!!عري وأنس بن مالك وصلة بن زفر والشعبي والنخعي، وب!!ه ق!!ال حم!!اد بن زي!!د وسليمان بن حرب احتج مالك بقوله صلى الله عليه وسلم: )ال تصلى صالة في يوم مرتين( ومنهم من يقول ال تصلوا رواه س!!ليمان بن يس!!ار عن ابن عمر واتفق أحمد وإسحاق على أن معنى هذا الح!!ديث أن يص!!لي اإلنس!!ان الفريضة ثم يقوم فيصليها ثانية ينوي بها الفرض مرة أخرى فأما إذا ص!!الها مع اإلمام على أنها سنة أو تطوع فليس بإعادة الص!!الة، وق!!د ق!!ال رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم للذين أم!!رهم بإع!!ادة الص!!الة في جماع!!ة )إنه!!ا

لكم نافلة( من حديث أبي ذر وغيره.

Page 158: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@السادسة عشرة: روى مسلم عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ف!!إن ك!!انوا في الق!!راءة س!!واء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ف!!إن ك!!انوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، وال يؤمن الرجل الرجل في سلطانه وال يقعد في بيته على تكرمته إال بإذنه( وفي رواية )سنا( مكان )سلما(، وأخرجه أبو داود وقال: قال شعبة فقلت إلسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه. وأخرجه الترمذي وقال حديث أبي مسعود حديث حسن ص!!حيح والعم!!ل علي!!ه عن!!د

أهل العلم. قالوا: أحق الناس باإلمامة أقرؤهم لكتاب الل!!ه وأعلمهم بالس!!نة وق!!الوا

صاحب المنزل أحق باإلمامة. وقال بعضهم إذا أذن ص!!احب الم!!نزل لغ!!يره فال ب!!أس أن يص!!لي ب!!ه. وكره!!ه بعض!!هم وق!!الوا الس!!نة أن يص!!لي ص!!احب البيت. قال ابن المنذر: روينا عن األشعث بن قيس أن!!ه ق!!دم غالم!!ا، وق!!ال إنما أق!!دم الق!!رآن. وممن ق!!ال ي!!ؤم الق!!وم أق!!رؤهم ابن س!!يرين والث!!وري وإسحاق وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: بهذا نق!!ول ألن!!ه مواف!!ق للس!!نة. وقال مالك: يتقدم الق!وم أعلمهم إذا ك!!انت حال!!ه حس!!نة وإن للس!!ن حق!!ا. وقال األوزاعي: يؤمهم أفقههم وكذلك قال الشافعي وأبو ثور إذا كان يق!!رأ القرآن وذلك ألن الفقيه أعرف بما ينوبه من الحوادث في الص!!الة. وت!!أولوا الح!!ديث ب!!أن األق!!رأ من الص!!حابة ك!!ان األفق!!ه ألنهم ك!!انوا يتفقه!!ون في القرآن، وقد كان من عرفهم الغالب تس!!ميتهم الفقه!!اء ب!!القراء، واس!!تدلوا بتقديم النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم في مرض!!ه ال!ذي م!!ات في!!ه أب!!ا بك!!ر لفضله وعلمه وقال إسحاق: إنما قدمه النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم لي!!دل على أنه خليفته بع!!ده. ذك!!ره أب!!و عم!!ر في التمهي!!د وروى أب!!و بك!!ر ال!!بزار بإسناد حسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن ك!ان أص!غركم وإذا أمكم فه!و أم!يركم( ق!ال ال نعلم!ه ي!روى عن الن!!بي ص!لى الل!ه علي!ه وس!!لم إال من رواي!ة أبي

هريرة بهذا اإلسناد. قلت: إمامة الصغير جائزة إذا كان قارئ!!ا. ثبت في ص!!حيح البخ!!اري عن

عمر بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس وكان يمر بنا الركبان فنسألهم م!!ا للناس؟ ما هذا الرج!!ل؟ فيقول!!ون: ي!!زعم أن الل!!ه أرس!!له أوحى إلي!!ه ك!!ذا أوحى إليه كذا فكنت أحف!!ظ ذل!!ك الكالم فكأنم!!ا يق!!ر في ص!!دري، وك!!انت العرب تلوم بإسالمها فيقولون: اتركوه وقوم!!ه، فإن!!ه إن ظه!!ر عليهم فه!!و نبي صادق فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسالمهم وب!!در أبي ق!!ومي بإسالمهم فلما قدم قال: جئتكم والله من عند نبي الله حق!!ا، ق!!ال: )ص!!لوا صالة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصالة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا(. فنظروا فلم يكن أحد أكثر م!!ني قرآن!!ا لم!!ا كنت أتلقى من الركب!!ان فقدموني ببن أيديهم وأن!!ا ابن س!!ت أو س!!بع س!!نين، وك!!انت علي ب!!ردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي: أال تغطون عنا است ق!!ارئكم فاش!!تروا فقطع!وا لي قميص!!ا فم!!ا ف!رحت بش!!يء ف!!رحي ب!!ذلك القميص. وممن أجاز إمامة الصبي غير البالغ الحس!!ن البص!!ري وإس!!حاق بن راهوي!!ه واختاره ابن المنذر إذا عقل الصالة وقام بها لدخوله في جملة قول!!ه ص!!لى الله عليه وسلم )يؤم القوم أقرؤهم( ولم يستثن، ولحديث عمرو بن سلمة وقال الشافعي في أحد قوليه يؤم في سائر الصلوات وال ي!!ؤم في الجمع!ة

Page 159: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وقد كان قبل يقول ومن أج!!زأت إمامت!!ه في المكتوب!!ة أج!!زأت إمامت!!ه في األعياد غير أني أكره فيها إمامة غير ال!!والي وق!!ال األوزاعي: ال ي!!ؤم الغالم في الصالة المكتوبة حتى يحتلم إال أن يك!!ون ق!!وم ليس معهم من الق!!رآن شيء فإنه يؤمهم الغالم المراه!!ق. وق!!ال الزه!!ري إن اض!!طروا إلي!!ه أمهم

ومنع ذلك جملة مالك والثوري وأصحاب الرأي. @السابعة عشرة: االئتمام بكل إمام بالغ مس!!لم ح!!ر على اس!!تقامة ج!!ائز من غ!!ير خالف إذا ك!!ان يعلم ح!!دود الص!!الة ولم يكن يلحن في أم الق!!رآن

[5لحنا يخ!!ل ب!المعنى مث!!ل أن يكس!ر الك!!اف من "إي!!اك نعب!!د" ]الفاتح!!ة: ويضم التاء في "أنعمت" ومنهم من راعى تفريق الطاء من الض!!اد وإن لم يفرق بينهما ال تصح إمامته، ألن معناهما يختلف ومنهم من رخص في ذل!!ك كله إذا كان ج!!اهال ب!!القراءة وأم مثل!!ه وال يج!!وز االئتم!!ام ب!!امرأة وال خن!!ثى مشكل وال كافر وال مجنون وال أمي وال يكون واحد من ه!!ؤالء إمام!!ا بح!!ال من األحوال عن!!د أك!!ثر العلم!!اء على م!!ا ي!!أتي ذك!!ره إال األمي لمثل!!ه، ق!!ال علماؤنا ال تصح إمامة األمي الذي ال يحسن القراءة م!!ع حض!!ور الق!!ارئ ل!!ه وال لغيره وكذلك قال الشافعي فإن أم أميا مثله صحت صالتهم عندنا وعند الشافعي. وق!!ال أب!!و حنيف!!ة إذا ص!!لى األمي بق!!وم يق!!رؤون وبق!!وم أم!!يين فصالتهم كلهم فاسدة. وخالفه أبو يوسف فقال ص!!الة اإلم!!ام ومن ال يق!!رأ تامة. وقالت فرق!!ة: ص!!التهم كلهم ج!!ائزة ألن كال م!!ؤد فرض!!ه وذل!!ك مث!!ل الم!!تيمم يص!!لي ب!!المتطهرين بالم!!اء والمص!!لي قاع!!دا يص!!لي بق!!وم قي!!ام

صالتهم مجزئة في قول من خالفنا، ألن كال مؤد فرض نفسه. قلت: وقد يحتج لهذا القول بقول عليه الس!!الم )أال ينظ!!ر المص!!لي إذا

صلى كيف يصلي فإنما يصلي لنفس!!ه( أخرج!!ه مس!!لم وإن ص!!الة الم!!أموم ليست مرتبطة بصالة اإلمام، والله أعلم. وك!!ان عط!!اء بن أبي رب!!اح يق!!ول إذا كانت امرأته تقرأ كبر هو، وتقرأ هي فإذا فرغت من القراءة ك!!بر ورك!!ع

وسجد وهى خلفه تصلي، وروي هذا المعنى عن قتادة. @الثامن!!ة عش!!رة: وال ب!!أس بإمام!!ة األعمى واألع!!رج واألش!!ل واألقط!!ع والخصي والعبد إذا كان كل واح!!د منهم عالم!!ا بالص!!الة. وق!!ال ابن وهب ال أرى أن يؤم األقطع واألشل ألنه منتقص عن درجة الكمال وك!!رهت إمامت!!ه ألجل النقص. وخالفه جمهور أصحابه وهو الصحيح ألنه عضو ال يمن!!ع فق!!ده فرضا من فروض الصالة فجازت اإلمام!!ة الراتب!!ة م!!ع فق!!ده ك!!العين، وق!!د روى أنس )أن النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم اس!!تخلف ابن أم مكت!!وم ي!!ؤم الناس وهو أعمى،( وكذا األعرج واألقطع واألش!!ل والحص!!ى قياس!!ا ونظ!!را والله أعلم. وقد روي عن أنس بن مالك أنه قال في األعمى: وما ح!!اجتهم إليه وكان ابن عباس وعتبان بن مالك يؤمان وكالهم!!ا أعمى، وعلي!!ه عام!!ة

العلماء. @التاسعة عشرة: واختلف!!وا في إمام!!ة ول!!د ال!!زنى فق!!ال مال!!ك أك!!ره أن يكون إماما راتبا وكره ذلك عمر بن عب!!دالعزيز، وك!!ان عط!!اء بن أبي رب!!اح يقول ل!!ه أن ي!!ؤم إذا ك!!ان مرض!!يا، وه!!و ق!!ول الحس!!ن البص!!ري والزه!!ري والنخعي وسفيان الثوري واألوزاعي وأحمد وإسحاق وتجزئ الص!!الة خلف!!ه عند أصحاب الرأي وغيره أحب إليهم. وقال الشافعي أكره أن ينصب إماما راتبا من ال يعرف أبوه ومن ص!!لى خلف!!ه أج!!زأه وق!!ال عيس!!ى بن دين!!ار ال أقول بقول مالك في إمامة ولد ال!!زنى وليس علي!!ه من ذنب أبوي!!ه ش!!يء.

Page 160: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ونحوه قال ابن عبدالحكم إذا كان في نفسه أهال لإلمام!!ة ق!!ال ابن المن!!ذر يؤم لدخوله جملة قول رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )ي!!ؤم الق!!وم أقرؤوهم( وق!!ال أب!!و عم!!ر: ليس في ش!!يء من اآلث!!ار ال!!واردة في ش!!رط اإلمامة ما يدل على مراعاة نسب وإنم!!ا فيه!!ا دالل!!ة على الفق!!ه والق!!راءة

والصالح في الدين. @الموفية عشرين: وأما العبد فروى البخاري عن ابن عمر قال: لم!!ا ق!!دم المهاجرون األولون العصبة - موضع بقب!!اء - قب!!ل مق!!دم الن!!بي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أك!!ثرهم قرآن!!ا. وعن!!ه قال: كان سالم مولى أبي حذيفة ي!!وم المه!اجرين األولين وأص!!حاب الن!!بي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء فهم أبو بكر وعم!!ر وزي!!د وع!!امر بن ربيعة وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف. قال ابن المنذر وأم أبو سعيد مولى أبي أسيد - وهو عبد - نفرا من أصحاب رسول الل!!ه ص!!لى

الله عليه وسلم منهم حذيفة وأبو مسعود. ورخص في إمامة العب!!د النخعي والش!!عبي والحس!!ن البص!!ري والحكم

والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وكره ذل!!ك أب!!و مجل!!ز، وق!!ال مال!!ك ال ي!!ؤمهم إال أن يك!!ون العب!!د قارئ!!ا ومن مع!!ه من األح!!رار ال يقرؤون إال أن يكون في عيد أو جمعة فإن العبد ال يؤمهم فيها ويجزئ عن!!د األوزاعي إن صلوا وراءه. قال ابن المنذر العبد داخل في جمله قول الن!!بي

صلى الله عليه وسلم )يؤم القوم أقرؤهم (. @الحادية والعشرون: وأما المرأة فروى البخاري عن أبي بك!!رة ق!!ال: لم!!ا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا بنت كسرى قال )لن يفلح قوم ولوا أمرهم ام!!رأة( وذك!!ر أب!!و داود عن عب!!دالرحمن بن خالد عن أم ورقه بنت عبدالله قال: )وك!!ان رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم يزورها في بيتها قال: وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أه!!ل دارها( قال عبدالرحمن )فأنا رأيت مؤذنه!!ا ش!!يخا كب!!يرا( ق!!ال ابن المن!!ذر: والشافعي يوجب اإلعادة على من صلى من الرجال خلف المرأة. قال أب!!و

ثور ال إعادة عليهم. وهذا قياس قول المزني. قلت: وقال علماؤنا ال تصح إمامته!!ا للرج!!ال وال للنس!!اء وروى ابن أيمن

جواز إمامتها للنساء. وأما الخنثى المشكل فقال الشافعي: ال ي!!ؤم الرج!!الويؤم النساء. وقال مالك: ال يكون إماما بحال، وهو قول أكثر الفقهاء..

@الثانية والعشرون: الك!!افر المخ!!الف للش!!رع ك!!اليهودي والنص!!راني ي!!ؤم المسلمين وهم ال يعلمون بكفره. وكان الشافعي وأحمد يقوالن ال يج!!زئهم ويعيدون وقاله مالك وأصحابه ألنه ليس من أه!!ل القرب!!ة. وق!!ال األوزاعي: يعاقب. وق!!ال أب!!و ث!!ور والم!!زني ال إع!!ادة على من ص!!لى خلف!!ه وال يك!!ون

بصالته مسلما عند الشافعي وأبي ثور. وقال أحمد: يجبر على اإلسالم. @الثالثة والعشرون: وأما أهل البدع من أهل األهواء كالمعتزل!!ة والجهمي!!ة وغيرهما ف!!ذكر البخ!!اري عن الحس!!ن: ص!!ل وعلي!!ه بدعت!!ه. وق!!ال أحم!!د ال يصلى خل!!ف أح!!د من أه!ل األه!واء إذا ك!ان داعي!!ة إلى ه!!واه وق!!ال مال!ك ويصلى خلف أئمة الجور وال يصلى خلف أه!!ل الب!!دع من القدري!!ة وغ!!يرهم وقال ابن المنذر كل من أخرجت!!ه بدعت!!ه إلى الكف!!ر لم تج!!ز الص!!الة خلف!!ه

ومن لم يكن كذلك فالصالة خلفه جائزة وال يجوز تقديم من هذه صفته.

Page 161: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@الرابعة والعشرون: وأما الفاسق بجوارحه كالزاني وشارب الخمر ونح!!و ذلك فاختلف المذهب فيه فقال ابن حبيب من صلى وراء من شرب الخمر فإنه يعيد أبدا إال أن يكون الوالي الذي ت!!ؤدى إلي!!ه الطاع!!ة فال إع!!ادة على من صلى خلفه إال أن يكون حينئذ سكران قال من لقيت من أصحاب مالك وروي من حديث جابر بن عبدالله أن رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم قال على المنبر )ال تؤمن ام!رأة رجال وال ي!!ؤمن أع!رابي مه!اجرا وال ي!!ؤمن فاجر برا إال أن يكون ذلك ذا سلطان( قال أبو محمد عبدالحق: ه!!ذا يروي!!ه علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب واألكثر يضعف علي بن زي!!د وروى الدارقطني عن أبي هريرة ق!!ال ق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم )إن سركم أن تزكوا صالتكم فقدموا خياركم( في إسناده أبو الولي!!د خالد بن إسماعيل المخزومي وهو ضعيف قاله الدارقطني. وق!!ال في!!ه أب!!و أحمد بن عدي: كان يضع الحديث على ثقات المسلمين وحديثه ه!!ذا يروي!!ه عن ابن جريج عن عط!!اء عن أبي هري!!رة وذك!!ر ال!!دارقطني عن س!!الم بن سليمان عن عمر عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )اجعلوا أئمتكم خي!!اركم ف!!إنهم وف!!د فيما بينكم وبين الله( قال الدارقطني عم!!ر ه!!ذا ه!!و عن!!دي عم!!ر بن يزي!!د

قاضي وسالم بن سليمان أيضا مدائني ليس بالقوي قاله عبدالحق. @الخامسة والعشرون: روى األئمة أن رسول الله ص!!لى ق!!ال )إنم!!ا جع!!ل اإلمام ليؤتم به فال تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا

صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون(. وقد اختلف العلماء فيمن ركع أو خفض قبل اإلم!ام عام!دا على ق!ولين:

أحدهما: أن صالته فاسدة إن فعل ذلك فيها كله!!ا أو في أكثره!!ا وه!!و ق!!ول أهل الظاهر وروي عن ابن عمر. ذكر سنيد قال: حدثنا ابن علية عن أي!!وب عن أبي قالب!!ة عن أبي ال!!ورد األنص!!اري ق!!ال ص!!ليت إلى جنب ابن عم!!ر فجعلت أرفع قبل اإلمام وأضع قبله فلما سلم اإلم!!ام أخ!!ذ ابن عم!!ر بي!!دي فلواني وج!!ذبني فقلت مال!!ك ق!!ال من أنت؟ قلت فالن بن فالن ق!!ال أنت من أهل بيت صدق فما يمنعك أن تصلي قلت أوما رأيت!!ني إلى جنب!!ك ق!!ال قد رأيتك ترفع قبل اإلمام وتضع قبل!!ه وإن!!ه )ال ص!!الة لمن خ!!الف اإلم!!ام(. وقال الحسن بن حي فيمن ركع أو سجد قبل اإلمام ثم رفع من ركوع!!ه أو سجوده قبل أن يركع اإلمام أو يسجد لم يعتد بذلك ولم يج!!زه. وق!!ال أك!ثر الفقهاء من فعل ذل!ك فق!د أس!اء ولم تفس!د ص!الته ألن األص!ل في ص!الة الجماعة واالئتمام فيها باألئمة سنه حسنة فمن خالفه!!ا بع!!د أن أدى ف!!رض ص!!الته بطهارته!!ا وركوعه!!ا وس!!جودها وفرائض!!ها فليس علي!!ه إعادته!!ا وإن أسقط بعض سننها ألنه لو شاء أن ينف!!رد فص!!لى قب!!ل إمام!!ه تل!!ك الص!!الة أجزأت عنه وبئس ما فعل في ترك!!ه الجماع!!ة ق!!الوا ومن دخ!!ل في ص!!الة اإلمام فركع بركوعه وسجد بسجوده ولم يكن في ركعة وإمامه في أخ!!رى فقد افتدى وإن كان يرفع قبله ويخفض قبله ألنه بركوع!!ه يرك!!ع وبس!!جوده يسجد ويرفع وهو في ذلك تبع له إال أنه مسيء في فعله ذلك لخالفه س!!نة

المأموم المجتمع عليها. قلت: ما حكاه ابن عب!!دالبر عن الجمه!!ور ين!!بئ على أن ص!!الة الم!!أموم

عندهم غير مرتبط!!ة بص!!الة اإلم!!ام ألن االتب!!اع الحس!!ي والش!!رعي مفق!!ود

Page 162: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وليس األم هكذا عند أكثرهم والصحيح في األثر والنظ!!ر الق!!ول األول ف!!إن اإلمام إنما جعل ليؤتم به ويقتدى به بأفعاله ومنه قوله تعالى "إني جاعل!!ك

[ أي يأتمون بك على ما يأتي بيانه. 124للناس إماما" ]البقرة: هذا حقيقة اإلمام لغة وشرعا فمن خالف إمامه لم يتبعه ثم أن النبي صلى الله عليه وس!!لم بين فق!!ال )إذا ك!!بر فك!!بروا( الح!!ديث. ف!!أتى بالف!!اء ال!!تي توجب التعقيب وهو المبين عن الله مراده. ثم أوعد من رف!!ع أو رك!!ع قب!!ل وعيدا شديدا فقال )أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل اإلمام أن يح!!ول الل!!ه رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار( أخرجه الموطأ والبخاري ومس!!لم وأبو داود وغيرهم وقال أبو هريرة إنما ناص!!يته بي!!د ش!!يطان وق!!ال رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم )كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد( يعني مردود فمن تعمد خالف إمامه عالما بأنه م!!أمور باتباع!!ه منهي عن مخالفت!!ه فق!!د استخف بصالته وخالف ما أمر به فواجب أال تجزي عن!!ه ص!!الته تل!!ك والل!!ه

أعلم. @السادسة والعشرون: ف!!إن رف!!ع رأس!!ه س!!اهيا قب!!ل اإلم!!ام فق!!ال مال!ك رحمه الله: السنة فيمن سها ففعل ذلك في ركوع أو في س!!جود أن يرج!!ع راكعا أو ساجدا وينتظر اإلمام وذلك خطأ ممن فعله ألن الن!!بي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم قال )إنم!!ا جع!!ل اإلم!!ام لي!!ؤتم ب!!ه فال تختلف!!وا علي!!ه( ق!!ال ابن عبدالبر: ظاهر قول مال!ك ه!!ذا ال ي!وجب اإلع!ادة على فعل!!ه عام!دا لقول!ه

"وذلك خطأ ممن فعله" ألن الساهي اإلثم عنه موضوع. @السابعة والعش!!رون: وه!!ذا الخالف إنم!!ا ه!!و فيم!!ا ع!!دا تكب!!يرة اإلح!!رام والسالم أما السالم فقد تقدم القول في!!ه وأم!!ا تكب!!يرة اإلح!!رام ف!!الجمهور على أن تكب!!ير الم!!أموم ال يك!!ون إال بع!!د تكب!!ير اإلم!!ام إال م!!ا روي عن الشافعي في أحد قوليه: أنه إن كبر قبل إمامه تكبيرة اإلحرام أجزأت عن!!ه لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي!!ه وس!!لم ج!!اء إلى الص!!الة فلما كبر انصرف وأومأ إليهم - أي كما أنتم - ثم خرج ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم فلما انص!!رف ق!!ال: )إني كنت جنب!!ا فنس!!يت أن أغتس!!ل( ومن حديث أنس )فكبر وكبرنا معه( وس!!يأتي بي!!ان ه!!ذا عن!!د قول!!ه تع!!الى: "وال

[ إن شاء الله تعالى.43جنبا" في "النساء" ]النساء: @الثامنة والعشرون: وروى مسلم عن أبي مسعود قال: كان رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصالة ويقول )استووا وال تختلف!!وا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولو األحالم والنهى ثم الذين يلونهم ثم ال!!ذين يلونهم( قال أبو مسعود )فأنتم اليوم أشد اختالفا(. زاد من ح!!ديث عبدالل!!ه )وإياكم وهيشات األسواق(. وقوله )استووا( أمر بتسوية الصفوف وخاص!!ة الصف األول وهو الذي يلي اإلمام على ما يأتي بيان!!ه في س!!ورة "الحج!!ر" إن شاء الله تعالى وهناك يأتي الكالم على معنى ه!!ذا الح!!ديث بح!!ول الل!!ه

تعالى. @التاس!!عة والعش!!رون: واختل!!ف العلم!!اء في كيفي!!ة الجل!!وس في الص!!الة الختالف اآلثار في ذلك فقال مالك وأص!!حابه: يفض!!ي المص!!لي بأليتي!!ه إلى األرض وينصب رجله اليمنى ويثني رجله اليسرى، لما رواه في موطئه عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد )أراهم الجل!!وس في التش!!هد فنص!!ب رجله اليم!!نى وث!!نى رجل!!ه اليس!!رى وجلس على ورك!!ه األيس!!ر ولم يجلس

Page 163: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

على قدمه(، ثم قال: أراني هذا عبدالله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعلذلك..

قلت: وهذا المعنى ق!د ج!اء في ص!حيح مس!!لم عن عائش!ة ق!الت ك!ان رسول الله صلى الله عليه وسلم )يستفتح الصالة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وك!!ان إذا رك!!ع لم يش!!خص رأس!!ه ولم يص!!وبه ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا وك!!ان يق!!ول في ك!!ل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وك!!ان

يختم الصالة بالتسليم. قلت: ولهذا الحديث - والله أعلم - قال ابن عمر: إنم!!ا س!!نة الص!!الة أن

تنصب رجلك اليمنى وتث!!ني اليس!!رى وق!!ال الث!!وري وأب!!و حنيف!!ة وأص!!حابه والحسن بن صالح بن حي )ينص!!ب اليم!نى ويعق!د على اليس!رى(، لح!ديث وائ!!ل بن حج!!ر، وك!!ذلك ق!!ال الش!!افعي وأحم!!د وإس!!حاق في الجلس!!ة الوسطى. وقالوا في اآلخ!!رة من الظه!!ر أو العص!!ر أو المغ!!رب أو العش!!اء كقول مالك لحديث أبي حمي!!د الس!!اعدي رواه البخ!!اري ق!!ال: رأيت الن!!بي صلى الله عليه وسلم )إذا كبر جعل يديه حذو منكبي!!ه وإذا رك!!ع أمكن يدي!!ه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع استوى حتى يعود كل فقار مكان!!ه ف!!إذا سجد وضع يديه غير مفترش وال قابضهما واستقبل ب!!أطراف أص!!ابع رجلي!!ه القبلة وإذا جلس في الركعتين جلس على رجل!!ه اليس!!رى ونص!!ب األخ!!رى وإذا جلس في الركعة اآلخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقع!!د على مقعدته(. قال الطبري إن فع!!ل ه!!ذا فحس!!ن ك!!ل ذل!!ك ق!!د ثبت عن الن!!بي

صلى الله عليه وسلم. @الثالثين الموفية: مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبدالرحمن المعاوي أنه قال: رآني عبدالله بن عم!!ر وأن!!ا أعبث بالحص!!باء في الص!!الة، فلما انصرف نهاني فقال اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وس!!لم يصنع قلت وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قال: ك!!ان )إذا جلس في الصالة وضع كفه اليمنى على فخ!!ذه اليم!!نى وقبض أص!!ابعه كله!!ا وأش!!ار بأص!!بعه ال!!تي تلي اإلبه!!ام ووض!!ع كف!!ه اليس!!رى على فخ!!ذه اليسرى وقال: هكذا كان يفعل(. قال ابن عب!!دالبر: )وم!!ا وص!!فه ابن عم!!ر من وضعه كفه اليمنى على فخذه اليم!!نى وقبض أص!!ابع ي!!ده تل!!ك كله!!ا إال الس!!بابة منه!!ا فإن!!ه يش!!ير به!!ا ووض!!ع كف!!ه اليس!!رى على فخ!!ذه اليس!!رى مفتوحة مفروجة األصابع، ك!!ل ذل!!ك س!!نة في الجل!!وس في الص!!الة مجم!!ع عليه وال خالف علمته بين العلماء فيها وحس!!بك به!!ذا. إال أنهم اختلف!!وا في تحريك أصبعه السبابة فمنهم من رأى تحريكها ومنهم من لم يره وكل ذلك مروي في اآلثار الصحاح المسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميعه مباح والحمد لله. وروى سفيان بن عيين!!ة ه!!ذا الح!!ديث عن مس!!لم بن أبي مريم بمعنى ما رواه مال!!ك وزاد في!!ه ق!!ال س!!فيان وك!!ان يح!!يى بن س!!عيد ح!!دثناه عن مس!!لم ثم لقيت!!ه فس!!معته من!!ه وزادني في!!ه ق!!ال )هي مذب!!ة

الشيطان ال يسهو أحدكم ما دام يشير بإصبعه ويقول هكذا(. قلت: روى أبو داود في حديث ابن الزبير أنه علي!!ه الس!!الم )ك!!ان يش!!ير

بإص!!بعه إذا دع!!ا وال يحركه!!ا( وإلى ه!!ذا ذهب بعض العراق!!يين فمن!!ع من

Page 164: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

تحريكها وبعض علمائنا رأوا أن مدها إش!!ارة إلى دوام التوحي!!د وذهب أك!!ثر العلم!!اء من أص!!حاب مال!!ك وغ!!يرهم إلى تحريكه!!ا إال أنهم اختلف!!وا في المواالة بالتحريك على قولين تأول من وااله بأن قال إن ذلك يذكر بمواالة الحضور في الصالة وبأنها مقمعة ومدفعة للش!!يطان على م!!ا روى س!!فيان ومن لم يوال رأى تحريكها عند التلفظ بكلمتي الشهادة وتأول في الحرك!!ة

كأنها نطق بتلك الجارحة بالتوحيد والله أعلم. @الحادية والثالثون: واختلفوا في جل!وس الم!رأة في الص!!الة فق!ال مال!ك هي كالرج!!ل وال تخالف!!ه فيم!!ا بع!!د اإلح!!رام إال في اللب!!اس والجه!!ر وق!!ال الثوري تسدل الم!!رأة جلبابه!!ا من ج!!انب واح!!د ورواه عن إب!!راهيم النخعي وقال أبو حنيف!ة وأص!!حابه تجلس الم!رأة كأيس!!ر م!ا يك!!ون له!ا وه!!و ق!!ول

الشعبي تقعد كيف تيسر لها وقال الشافعي تجلس بأستر ما يكون لها. @الثاني!!ة والثالث!!ون: روى مس!!لم عن ط!!اوس ق!!ال قلن!!ا البن عب!!اس في اإلقعاء على القدمين، فقال: )هي السنة فقلنا ل!!ه إن!!ا ل!!نراه جف!!اء بالرج!!ل فقال ابن عباس بل هي سنة نبي!!ك ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم( وق!!د اختل!!ف العلماء في صفة اإلقعاء فقال أبو عبيد: )اإلقعاء جلوس الرجل على أليتي!!ه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع( قال ابن عبدالبر وهذا إقعاء مجتم!!ع عليه ال يختلف العلماء فيه. وهذا تفسير أهل اللغة وطائفة من أهل الفق!!ه. وقال أبو عبيد: وأما أهل الح!!ديث ف!!انهم يجعل!!ون اإلقع!!اء أن يجع!!ل أليتي!!ه على عقبيه بين السجدتين قال القاضي عي!اض: واألش!!به عن!دي في تأوي!!ل اإلقعاء الذي قال فيه ابن عباس إنه من السنة، الذي فسر ب!!ه الفقه!!اء من وض!!ع األلي!!تين على العق!!بين بين الس!!جدتين، وك!!ذا ج!!اء مفس!!را عن ابن عب!!اس: من الس!!نة أن تمس عقب!!ك أليت!!ك. رواه إب!!راهيم بن ميس!!رة عن طاوس عنه، ذكره أبو عمر قال القاضي: وقد روي عن جماعة من السلف والصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ولم يقل بذلك عامة فقه!اء األمص!ار وس!!موه إقعاء. ذكر عبدالرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه أنه رأى ابن عمر

وابن عباس وابن الزبير يقعون بين السجدتين. @الثالثة والثالثون: لم يختلف من قال من العلماء بوجوب التسليم وبع!!دم وجوبه أن التسليمة الثانية ليس!!ت بف!!رض إال م!!ا روي عن الحس!!ن بن حي أنه أوجب التسليمتين معا. قال أبو جعف!!ر الطح!!اوي: لم نج!!د عن أح!!د من أهل العلم الذين ذهبوا إلى التسليمتين أن الثانية من فرائضها غ!!يره. ق!!ال ابن عبدالبر من حجة الحسن بن صالح في إيجابه التسليمتين جميعا وقوله إن من أحدث بعد األولى وقبل الثانية فسدت صالته - قوله صلى الله عليه وسلم )تحليلها التسليم( ثم بين كيف التسليم فكان يسلم عن يمين!!ه وعن يساره ومن حجة من أوجب التسليمة الواحدة دون الثانية قوله ص!!لى الل!!ه عليه وسلم )تحليلها التسليم( ق!!الوا: والتس!!ليمة الواح!!دة يق!!ع عليه!!ا اس!!م

تسليم. قلت: هذه المسألة مبنية على األخذ بأقل االس!!م أو ب!!آخره ولم!!ا ك!!ان

الدخول في الصالة بتكبيرة واحدة بإجم!!اع فك!!ذلك الخ!!روج منه!!ا بتس!!ليمة واحدة إال أنه تواردت السنن الثابت!ة من ح!ديث ابن مس!عود - وه!و أكثره!ا تواترا - ومن حديث وائل بن حجر الحضرمي وحديث عمار وح!!ديث ال!!براء بن عازب وحديث بن عمر وحديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ك!!ان يس!!لم تس!!ليمتين. روى ابن ج!!ريج وس!!ليمان بن بالل

Page 165: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وعبدالعزيز بن محمد الدرداوردي كلهم عن عمرو ابن يحيى الم!!ازني. عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حب!!ان ق!!ال : قلت البن عم!!ر : حدثني عن صالة رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم كي!!ف ك!!انت؟ ف!!ذكر التكبير كلما رفع رأسه وكلما خفضه وذكر الس!!الم عليكم ورحم!!ة الل!!ه عن يمينه السالم عليكم ورحمة الله عن يساره ق!!ال ابن عب!!دالبر وه!!ذا إس!!ناد مدني صحيح، والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواح!!دة وه!!و عم!!ل ق!!د توارثه أهل المدينة كابرا عن كابر، ومثله يصح فيه االحتجاج بالعمل في كل بلد ألنه ال يخفى لوقوعه في كل يوم مرارا وكذلك العمل بالكوف!!ة وغيره!!ا مس!تفيض عن!دهم بالتس!ليمتين ومت!وارث عنهم أيض!!ا وك!ل م!ا ج!رى ه!ذا المجرى فهو اختالف في المباح كاألذان، وكذلك ال يروى عن عالم بالحج!!از وال ب!!العراق وال بالش!!ام وال بمص!!ر إنك!!ار التس!!ليمة الواح!!دة وال إنك!!ار التسليمتين بل ذلك عندهم معروف وحديث التس!!ليمة الواح!!دة رواه س!!عد بن أبي وق!!!اص وعائش!!!ة وأنس إال أنه!!!ا معلول!!!ة ال يص!!!ححها أه!!!ل العلم

بالحديث. @الرابعة والثالثون: روى الدارقطني عن ابن مسعود أنه ق!!ال: من الس!!نة أن يخفى التشهد. واختار مالك تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو التحيات لله الزكيات لله الطيبات الصلوات لل!!ه، الس!!الم علي!!ك أيه!!ا الن!!بي ورحمة الله وبركاته السالم علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن ال اله إال الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. واختار الشافعي وأص!!حابه والليث بن سعد تشهد ابن عباس، قال: كان رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يعلمن!!ا التش!!هد كم!!ا يعلمن!!ا الس!!ورة من الق!!رآن فك!!ان يق!!ول: ) التحي!!ات المباركات الصلوات الطيبات لل!!ه، الس!!الم علي!!ك أيه!!ا الن!!بي ورحم!!ة الل!!ه وبركاته، السالم علينا وعلى عباد الل!!ه الص!!الحين، أش!!هد أن ال ال!!ه إال الل!!ه

وأشهد أن محمدا رسول الله(. واختار الثوري والكوفيون وأكثر أهل الحديث تشهد ابن مسعود ال!!ذي رواه مسلم أيضا، قال: كنا نقول في الصالة خلف رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم السالم على الله الس!!الم على فالن، فق!!ال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه عليه وس!!لم ذات ي!!وم )إن الل!!ه ه!!و الس!الم ف!!إذا قع!د أح!دكم في الص!!الة فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات الس!!الم علي!!ك أيه!!ا الن!!بي ورحم!!ة الله وبركاته السالم علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قاله!ا أص!ابت ك!ل عبد لله صالح في السماء واألرض أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمدا عبده ورس!!ول ثم يتخ!!ير من المس!ألة م!!ا ش!!اء( وب!ه ق!ال أحم!د وإس!حاق وداود. وك!ان أحم!د بن خال!د باألن!دلس يخت!اره ويمي!ل إلي!!ه وروي عن أبي موس!!ى األش!!عري مرفوع!!ا وموقوف!!ا نح!!و تش!!هد ابن مس!!عود. وه!!ذا كل!!ه اختالف في مباح ليس شيء من!!ه على الوج!وب والحم!!د لل!!ه وح!ده فه!ذه جملة من أحك!!ام اإلم!!ام والم!أموم تض!!منها قول!ه ج!ل وع!ز "واركع!وا م!ع

[ وسيأتي الق!!ول في القي!!ام في الص!!الة عن!!د قول!!ه43الراكعين" ]البقرة: [. وي!!أتي هن!!اك حكم اإلم!!ام238تع!!الى "وقوم!!وا لل!!ه ق!!انتين" ]البق!!رة:

الم!!ريض وغ!!يره من أحك!!ام الص!!الة وي!!أتي في "آل عم!!ران" حكم ص!!الة المريض غير اإلمام ويأتي في "النساء" في ص!!الة الخ!!وف حكم المف!!ترض خل!!ف المتنف!!ل وي!!أتي في س!!ورة "م!!ريم" حكم اإلم!!ام يص!!لي أرف!!ع من المأموم إلى غير ذلك من األوقات واألذان والمساجد وهذا كله بيان لقول!!ه

Page 166: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

تعالى "وأقيم!!وا الص!!الة" وق!!د تق!!دم في أول الس!!ورة جمل!!ة من أحكامه!!اوالحمد لله على ذلك.

}أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكت!!اب44* اآلية 3*أفال تعقلون{

@قوله تعالى: "أتأمرون الناس ب!!البر" ه!!ذا اس!!تفهام الت!!وبيخ والم!!راد في قول أهل التأويل علماء اليهود. قال ابن عب!!اس )ك!!ان يه!!ود المدين!!ة يق!!ول الرجل منهم لصهره ول!!ذي قرابت!!ه ولمن بين!!ه وبين!!ه رض!!اع من المس!لمين اثبت على الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرج!!ل يري!!دون محم!!د ص!!لى الله عليه وسلم فإن أمره حق فك!!انوا ي!!أمرون الن!!اس ب!!ذلك وال يفعلون!!ه( وعن ابن عباس أيضا )كان األحبار يأمرون مقلديهم وأتباعهم باتباع الت!!وراة وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم( وق!!ال ابن جريج: كان األحبار يحضون على طاعة الله وك!!انوا هم يواقع!!ون المعاص!!ي وقالت فرقة: كانوا يحضون على الصدقة ويبخلون والمعنى متق!!ارب وق!!ال بعض أه!!ل اإلش!!ارات المع!!نى أتط!!البون الن!!اس بحق!!ائق المع!!اني وأنتم

تخالقون عن ظواهر رسومها. @ في شدة عذاب من هذه صفته روى حم!!اد بن س!!لمة عن علي بن زي!!د عن أنس قال ق!ال رس!ول الل!ه ص!لى الل!ه علي!ه وس!لم )ليل!ة أس!ري بي مررت على ناس تقرض ش!!فاههم بمق!!اريض من ن!!ار فقلت ي!!ا جبري!!ل من هؤالء؟ قال هؤالء الخطب!!اء من أه!ل ال!دنيا ي!أمرون الن!اس ب!البر وينس!ون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفال يعقلون( وروى أبو أمامة ق!!ال ق!!ال رس!!ول الله صلى الله عليه وسلم )إن الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفس!هم يجرون قصبهم في نار جهنم فيقال لهم من أنتم فيقول!!ون نحن ال!!ذين كن!!ا

نأمر الناس بالخير وننسى أنفسنا(. قلت: وهذا الحديث وإن كان فيه لين، ألن في سنده الخصيب بن جحدر

كان اإلمام أحمد يستضعفه وكذلك ابن معين يرويه عن أبي غ!!الب عن أبي أمامة صدي بن عجالن الباهلي وأبو غالب هو - فيما حكى يحيى بن معين - حزور القرشي مولى خالد بن عبدالله بن أسيد وقي!!ل م!!ولى باهل!!ة. وقي!!ل مولى عبدالرحمن الحضرمي. كان يختلف إلى الشام في تجارته قال يحيى بن معين هو صالح الحديث فقد رواه مسلم في صحيحه بمعناه عن أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول )يؤتى بالرج!!ل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار ب!!الرحى فيجتم!!ع إلي!!ه أه!!ل الن!!ار فيقول!!ون ي!!ا فالن م!!ا ل!!ك ألم تكن ت!!أمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى ق!!د كنت آم!!ر ب!!المعروف وال آتي!!ه وأنهى عن المنك!!ر وآتي!!ه( القص!!ب )بض!!م الق!!اف( المعى وجمع!!ه أقص!!اب واألقتاب األمعاء واح!!دها قتب ومع!!نى "فتن!!دلق": فتخ!!رج بس!!رعة. وروين!!ا

"فتنفلق". قلت: فقد دل الحديث الصحيح وألفاظ اآلية على أن عقوبة من ك!!ان

عالما بالمعروف وبالمنكر وبوجوب القي!ام بوظيف!!ة ك!ل واح!د منهم!!ا أش!!د ممن لم يعلمه وإنما ذلك ألنه كالمستهين بحرم!!ات الل!!ه تع!!الى ومس!!تخف بأحكامه وهو ممن ال ينتفع بعلمه قال رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم

)اشد

Page 167: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه ( أخرج!!ه ابن ماج!!ه فيسننه.

@ اعلم وفقك الله تع!!الى أن الت!!وبيخ في اآلي!!ة بس!!بب ت!!رك فع!!ل ال!!بر ال بسبب األمر بالبر ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قوما كانوا يأمرون بأعم!!ال البر وال يعملون بها وبخهم به توبيخا يتلى على طول الدهر إلى يوم القيامة

فقال "أتأمرون الناس بالبر" اآلية وقال منصور الفقيه فأحسن: إن قوما يأمرونا بالذي ال يفعلونا

لمجانين وإن هم لم يكونوا يصرعوناوقال أبو العتاهية:

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى وريح الخطايا من ثيابك تسطع وقال أبو األسود الدؤلي:

ال تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم وابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإن انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم

وقال أبو عمرو بن مطر: حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد فخ!رج وقع!!د على موض!!عه ال!!ذي ك!!ان يقع!!د علي!!ه للت!!ذكير، فس!!كت ح!!تى ط!!ال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس: ت!!رى أن تق!!ول في س!!كوتك

شيئا؟ فأنشأ يقول: وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي والطبيب مريض

قال: فارتفعت األصوات بالبكاء والضجيج. @ ق!!ال إب!!راهيم النخعي: إني ألك!!ره القص!!ص لثالث آي!!ات، قول!!ه تع!!الى:

[ اآلي!!ة، وقول!!ه: "لم تقول!!ون م!!ا ال44"أت!!أمرون الن!!اس ب!!البر" ]البق!!رة: [، وقوله: "وما أريد أن أخ!!الفكم إلى م!!ا أنه!!اكم عن!!ه"2تفعلون" ]الصف:

[. وقال سلم بن عمرو:88]هود: ما أقبح التزهيد من واعظ يزهد الناس وال يزهد لو كان في تزهيده صادقا أضحى وأمسى بيته المسجد إن رفض الدنيا فما باله يستمنح الناس ويسترفد والرزق مقسوم على من ترى يناله األبيض واألسود

وقال الحسن لمطرف بن عبدالله: عظ أصحابك، فقال إني أخاف أن أقول ما ال أفعل، قال: يرحمك الله وأينا يفعل ما يق!!ول وي!!ود الش!!يطان أن!!ه ق!!د ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. وقال مالك عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن سمعت سعيد بن جب!!ير يق!!ول: ل!!و ك!!ان الم!!رء ال ي!!أمر ب!!المعروف وال ينهى عن المنك!!ر ح!!تى ال يك!!ون في!!ه ش!!يء، م!!ا أم!!ر أح!!د بمع!!روف وال نهى عن منك!!ر. ق!!ال مال!!ك: وص!!دق، من ذا ال!!ذي ليس في!!ه

شيء. @قوله تعالى: "ال!!بر" ال!!بر هن!!ا الطاع!!ة والعم!!ل الص!!الح. وال!!بر: الص!!دق. والبر: ولد الثعلب. والبر: سوق الغنم، ومنه قولهم: "ال يعرف ه!را من ب!!ر"

أي ال يعرف دعاء الغنم من سوقها. فهو مشترك، وقال الشاعر: ال هم رب إن بكرا دونكا يبرك الناس ويفجرونكا

أراد بقوله "يبرك الناس": أي يطيعونك. ويقال: إن البر الفؤاد في قوله: أكون مكان البر منه ودونه واجعل ما لي دونه وأوامره

Page 168: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

والبر )بضم الباء( معروف، و)بفتحها( اإلجالل والتعظيم، ومنه ولد بر وب!!ار،أي يعظم والديه ويكرمهما.

@قوله تعالى: "وتنسون أنفسكم" أي ت!!تركون. والنس!!يان )بكس!!ر الن!!ون( يكون بمعنى الترك، وهو المراد هنا، وفي قوله تعالى: "نسوا الله فنسيهم"

[، وقول!!ه: "وال44[، وقوله: "فلما نسوا ما ذكروا به" ]األنع!!ام: 67]التوبة: [. ويكون خالف ال!!ذكر والحف!!ظ، ومن!!ه237تنسوا الفضل بينكم" ]البقرة:

الحديث: )نسي آدم فنس!!يت ذريت!!ه(. وس!!يأتي. يق!!ال: رج!!ل نس!!يان )بفتحيانا النون(: كثير النسيان للشيء. وقد نسيت الش!!يء نس!!يانا، وال تق!!ل نس!! )بالتحريك(، ألن النسيان إنم!!ا ه!!و تثني!!ة نس!!ا الع!رق. وأنفس: جم!!ع نفس،

جمع قلة. والنفس: الروح، يقال: خرجت نفسه، قال أبو خراش: نجا سالم والنفس منه بشدقه ولم ينج إال جفن سيف ومئزرا

أي بجفن سيف وم!!ئزر. ومن ال!!دليل على أن النفس ال!!روح قول!!ه تع!!الى: [ يريد األرواح في قول جماعة42"الله يتوفى األنفس حين موتها" ]الزمر:

من أهل التأويل على ما ي!أتي، وذل!ك بين في ق!ول بالل للن!بي ص!لى الل!!ه عليه وسلم في حديث ابن شهاب: أخذ بنفسي ي!!ا رس!!ول الل!!ه ال!!ذي أخ!!ذ بنفسك. وقوله عليه السالم في حديث زيد بن أسلم )إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا( رواهما مالك. وهو أولى ما يقال ب!!ه.

والنفس أيضا الدم يقال سالت نفسه قال الشاعر: تسيل على حد السيوف نفوسنا وليست على غير الظبات تسيل

وقال إبراهيم النخعي ما ليس له نفس سائلة فإنه ال ينجس الماء إذا م!!اتفيه والنفس أيضا الجسد قال الشاعر:

نبئت أن بني سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذر والتامور أيضا: الدم.

@قول!ه تع!الى: "وأنتم تتل!ون الكت!!اب" ت!!وبيخ عظيم لمن فهم. "وتتل!!ون": تقرؤون "الكتاب" التوراة. وكذا من فع!!ل فعلهم ك!!ان مثلهم وأص!!ل التالوة االتباع، ولذلك استعمل في القراءة ألنه يتبع بعض الكالم ببعض في حروفه حتى ي!!أتي على نس!!قه: يق!!ال: تلوت!!ه إذا تبعت!!ه تل!!وا وتل!!وت الق!!رآن تالوة. وتلوت الرجل تلوا إذا خذلته. والتلية والتالوة )بضم التاء( البقية يق!!ال تليت لي من حقي تالوة وتلي!!!ة أي بقيت. وأتليت أبقيت وتتليت حقي إذا تتبعت!!!ه

حتى تستوفيه. قال أبو زيد تلى الرجل إذا كان بآخر رمق. @قوله تع!!الى: "أفال تعقل!!ون" أي أفال تمنع!!ون أنفس!!كم من مواقع!ة ه!ذه الحال المردية لكم. والعقل المنع، ومنه عقال البعير ألنه يمنع عن الحرك!!ة ومنه العقل للدية ألنه يمنع ولي المقت!!ول عن قت!!ل الج!!اني، ومن!!ه اعتق!!ال البطن واللسان، ومنه يقال للحصن معق!!ل والعق!!ل نقيض الجه!!ل والعق!!ل

ثوب أحمر تتخذه نساء العرب تغشي به الهوادج. قال علقمة:عقال ورقما تكاد الطير تخطفه كأنه من دم األجواف مدموم

المدموم )بالدال المهملة( األحمر وهو المراد هنا والمدموم الممتلئ شحما من البعير وغيره. ويقال هما ضربان من ال!!برود ق!!ال ابن ف!!ارس: والعق!!ل من شيات الثياب ما كان نقشه طوال وما كان نقشه مستديرا فه!!و ال!!رقم. وقال الزجاج: العاقل من عم!!ل بم!!ا أوجب الل!!ه علي!!ه فمن لم يعم!!ل فه!!و

جاهل.

Page 169: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@ اتفق أهل الحق على أن العقل كائن موجود ليس بقديم وال معدوم ألنه لو كان معدوما لما اختص باالتص!!اف ب!!ه بعض ال!!ذوات دون بعض وإذا ثبت وجوده فيستحيل القول بقدمه، إذ الدليل قد ق!!ام على أن ال ق!!ديم إال الل!!ه تعالى على ما يأتي بيانه في هذه السورة وغيرها إن شاء الله تع!!الى. وق!!د ص!!ارت الفالس!!فة إلى أن العق!!ل ق!!ديم ثم منهم من ص!!ار إلى أن!!ه ج!!وهر لطيف في البدن ينبث شعاعه منه بمنزلة السراج في البيت يفصل ب!!ه بين حقائق المعلوم!!ات ومنهم من ق!!ال إن!!ه ج!!وهر بس!!يط أي غ!!ير م!!ركب. ثم اختلف!!وا في محل!!ه فق!!الت طائف!!ة منهم محل!!ه ال!!دماغ ألن ال!!دماغ مح!!ل الحس، وقالت طائفة أخرى محل!!ه القلب ألن القلب مع!!دن الحي!!اة وم!!ادة الحواس وه!ذا الق!ول في العق!ل بأن!ه ج!وهر فاس!د من حيث إن الج!واهر متماثلة فل!!و ك!!ان ج!!وهر عقال لك!!ان ك!!ل ج!!وهر عقال وقي!!ل إن العق!!ل ه!!و المدرك لألشياء على ما هي عليه من حقائق المعاني وهذا القول وإن كان أقرب مما قبله فيبعد عن الص!!واب من جه!!ة أن اإلدراك من ص!!فات الحي والعقل عرض يستحيل ذلك من!!ه كم!!ا يس!!تحيل أن يك!!ون ملت!!ذا ومش!!تهيا. وقال الشيخ أبو الحسن األشعري واألستاذ أبو إسحاق اإلسفرايني وغيرهما من المحققين العق!!ل ه!!و العلم ب!!دليل أن!!ه ال يق!!ال عقلت وم!!ا علمت أو علمت وما عقلت. وقال القاضي أب!!و بك!!ر العق!!ل عل!!وم ض!!رورية بوج!!وب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيالت، وهو اختيار أبي المع!!الي في اإلرشاد. واختار في البرهان أنه صفة يتأتى به!!ا درك العل!!وم واع!!ترض على مذهب القاض!ي واس!تدل على فس!اد مذهب!ه وحكي في البره!ان عن المحاسبي أنه ق!ال العق!!ل غري!!زة. وحكى األس!!تاذ أب!!و بك!!ر عن الش!!افعي وأبي عبدالل!!ه بن مجاه!!د أنهم!!ا ق!!ال: العق!!ل آل!!ة التمي!!يز. وحكى عن أبي العباس القالنسي أنه قال العق!ل ق!!وة التمي!!يز. وحكي عن المحاس!!بي أن!!ه قال العقل أنوار وبصائر ثم رتب هذه األقوال وحمله!!ا على محام!!ل فق!!ال: واألولى أال يصح هذا النقل عن الشافعي وال عن ابن مجاهد فإن اآلل!!ة إنم!!ا تستعمل في اآللة المثبتة واستعمالها في األعراض مجاز وك!!ذلك ق!!ول من قال إنه قوة فإنه ال يعقل من القوة إال القدرة. والقالنسي أطلق ما أطلق!!ه توسعا في العبارات وكذلك المحاسبي. والعقل ليس بصورة وال ن!!ور ولكن تستفاد به األنوار والبصائر، وسيأتي في هذه الس!ورة بي!ان فائدت!ه في آي!ة

التوحيد إن شاء الله تعالى. }واستعينوا بالصبر والصالة وإنها لكبيرة إال على الخاشعين{45*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصالة" الصبر الحبس في اللغة: وقت!!ل فالن صبرا أي أمس!!ك وحبس ح!!تى أتل!!ف. وص!!برت نفس!!ي على الش!!يء: حبس!!تها. والمص!!بورة ال!!تي نهي عنه!!ا في الح!!ديث هي المحبوس!!ة على

مة. وقال عنترة: الموت، وهي المجثفصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع

أم!!ر تع!!الى بالص!!بر على الطاع!!ة وعن المخالف!!ة في كتاب!!ه فق!!ال "واصبروا" يقال فالن ص!!ابر عن المعاص!!ي، وإذا ص!!بر عن المعاص!!ي فق!!د صبر على الطاعة، هذا أصح ما قيل. قال النحاس وال يقال لمن ص!!بر على المصيبة: صابر، إنما يقال صابر على كذا. فإذا قلت صابر مطلقا فه!!و على ما ذكرنا، ق!!ال الل!!ه تع!!الى "إنم!!ا ي!!وفى الص!!ابرون أج!!رهم بغ!!ير حس!!اب"

[.10]الزمر:

Page 170: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "والصالة" خص الصالة بالذكر من بين سائر العبادات تنويها بذكرها، وكان عليه السالم إذا حزبه أمر فزع إلى الصالة. ومنه م!!ا روي أن عبدالل!!ه بن عب!!اس نعي ل!!ه أخ!!وه قثم - وقي!!ل بنت ل!!ه - وه!!و في س!!فر فاسترجع وقال: )عورة سترها الله، ومؤونة كفاها الله، وأج!!ر س!!اقه الل!!ه. ثم تنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف إلى راحلته وهو يق!!رأ: "واس!!تعينوا بالصبر والصالة" فالصالة على هذا التأويل هي الش!!رعية، وق!!ال ق!!وم: هي الدعاء على عرفها في اللغة، فتكون اآلية على هذا التأوي!!ل مش!!بهة لقول!!ه

[ ألن الثب!!ات ه!!و45تعالى: "إذا لقيتم فئة ف!!اثبتوا واذك!!روا الل!!ه" ]األنف!!ال الصبر، والذكر هو الدعاء. وق!!ول ث!!الث ق!!ال مجاه!!د الص!!بر في ه!!ذه اآلي!!ة الصوم ومنه قي!!ل لرمض!!ان ش!!هر الص!!بر فج!!اء الص!!وم والص!!الة على ه!!ذا القول في اآلية متناسبا في أن الصيام يمنع من الشهوات ويزهد في ال!!دنيا والصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتخشع ويقرأ فيها الق!رآن ال!!ذي ي!!ذكر

اآلخرة والله أعلم. @ الصبر على األذى والطاعات من باب جهاد النفس وقمعها عن ش!!هواتها ومنعه!!ا من تطاوله!!ا وه!!و من أخالق األنبي!!اء والص!!الحين، ق!!ال يح!!يى بن اليمان: الصبر أال تتمنى حال سوى ما رزقك الله والرضا بما قضى الله من أمر دنياك وآخرتك. وقال الش!!عبي ق!!ال علي رض!!ي الل!!ه عن!!ه: الص!!بر من اإليمان بمنزلة الرأس من الجسد. قال الط!!بري: وص!!دق علي رض!!ي الل!!ه منه وذلك أن اإليمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعم!!ل ب!!الجوارح فمن لم يصبر على العمل بجوارحه لم يستحق اإليم!!ان ب!!اإلطالق. فالص!!بر على

العمل بالشرائع نظير الرأس من الجسد لإلنسان الذي ال تمام له إال به. @ وصف الله تعالى جزاء األعمال وجعل لها نهاي!ة وح!دا فق!ال: "من ج!اء

[ وجعل ج!!زاء الص!!دقة في س!!بيل160بالحسنة فله عشر أمثالها" ]األنعام الله فوق هذا فقال: "مث!!ل ال!!ذين ينفق!ون أم!!والهم في س!!بيل الل!!ه كمث!!ل

[ اآلية. وجعل أجر الصابرين بغ!!ير حس!!اب وم!!دح أهل!!ه261حبة" ]البقرة: [ وق!!ال10فق!!ال "إنم!!ا ي!!وفى الص!!ابرون أج!!رهم بغ!!ير حس!!اب" ]الزم!!ر:

[. وق!!د قي!!ل أن43"ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم األمور" ]الشورى: [ أي10الم!!راد بالص!!ابرين في قول!!ه "إنم!!ا ي!!وفى الص!!ابرون" ]الزم!!ر:

الصائمون، لقوله تعالى في صحيح السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم: الصيام لي وأنا أجزي به. فلم يذكر ثوابا مق!!درا كم!!ا لم ي!!ذكره في الص!!بر

والله اعلم. @ من فضل الصبر وصف الله تعالى نفسه به كما في ح!ديث أبي موس!!ى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ليس أحد أو ليس شيء أص!!بر على أذى سمعه من الله تعالى، إنهم ليدعون له ولدا وإن!ه ليع!افيهم وي!رزقهم(. أخرجه البخاري. قال علماؤنا: وص!!ف الل!!ه تع!!الى بالص!!بر إنم!!ا ه!!و بمع!!نى الحلم ومعنى وصفه تعالى بالحلم هو ت!!أخير العقوب!!ة عن المس!!تحقين له!ا، ووصفه تعالى بالصبر لم يرد في التنزيل وإنما ورد في ح!!ديث أبي موس!!ى وتأول!!ه أه!!ل الس!!نة على تأوي!!ل الحلم ق!!ال ابن ف!!ورك وغ!!يره: وج!!اء في

أسمائه "الصبور" للمبالغة في الحلم عمن عصاه. @قوله تعالى: "وإنها لكبيرة" اختلف المتأولون في عود الضمير من قوله: "وإنها"، فقيل: على الصالة وحدها خاص!!ة، ألنه!!ا تك!!بر على النف!!وس م!!ا ال يكبر الصوم. والصبر هنا الصوم فالصالة فيها سجن النف!وس والص!!وم إنم!!ا

Page 171: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فيه منع الشهوة فليس من منع شهوة واح!!دة أو ش!!هوتين كمن من!!ع جمي!!ع الشهوات. فالصائم إنما منع شهوة النس!!اء والطع!!ام والش!!راب ثم ينبس!!ط في سائر الشهوات من الكالم والمشي والنظ!!ر إلى غ!!ير ذل!!ك من مالق!!اة الخلق، فيتس!لى بتل!!ك األش!!ياء عم!ا من!!ع والمص!!لي يمتن!ع من جمي!!ع ذل!ك فجوارحه كلها مقي!دة بالص!!الة عن جمي!!ع الش!هوات. وإذا ك!ان ذل!!ك ك!انت الصالة أصعب على النفس ومكابدتها أشد فلذلك قال "وإنها لكبيرة" وقيل عليهما، ولكنه كنى عن األغلب وهو الصالة، كقوله "والذين يكنزون ال!!ذهب

[ وقول!!ه "وإذا رأوا تج!!ارة34والفضة وال ينفقونها في سبيل الله" ]التوب!!ة: [. ف!!رد الكناي!!ة إلى الفض!!ة ألنه!!ا األغلب11أو لهوا انفضوا إليها" ]الجمعة:

واألعم وإلى التجارة ألنها األفضل واألهم. وقي!!ل إن الص!!بر لم!!ا ك!!ان داخال في الصالة أعاد عليها كما قال: "والله ورسوله أح!!ق أن يرض!!وه" ]التوب!!ة:

[ ولم يقل يرضوهما ألن رضا الرس!!ول داخ!!ل في رض!!ا الل!!ه ج!!ل وع!!ز62ومنه قول الشاعر:

إن شرخ الشباب والشعر األس! !ود ما لم يعاص كان جنونا ولم يقل يعاصيا، رد إلى الشباب ألن الشعر داخل فيه وقيل رد الكناية إلى كل واحد منهم لكن حذف اختصارا، قال الله تعالى "وجعلنا ابن مريم وأمه

[ ولم يقل آيتين ومنه قول الشاعر:50آية" ]المؤمنون: فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريب

وقال آخر:لكل هم من الهموم سعه والصبح والمسي ال فالح معه

أراد: لغريبان، ال فالح معهما، وقيل على العبادة التي يتضمنها بالمعنى ذك!!ر الصبر والص!!الة وقي!!ل على المص!!در وهى االس!!تعانة ال!!تي يقتض!!يها قول!!ه: "واستعينوا" وقيل على أجابه محمد عليه السالم، ألن الصبر والص!!الة مم!!ا كان يدعو إليه. وقيل على الكعبة ألن األمر بالصالة إنما هو إليها. "وكب!!يرة" معناه ثقيلة شاقة، خبر "إن" ويجوز في غير القرآن: "وإن!!ه لكب!!يرة إال على الخاشعين" فإنها خفيف!!ة عليهم. ق!!ال أرب!!اب المع!!اني إال على من أي!!د في

األزل بخصائص االجتباء والهدى. @قوله تعالى: "على الخاش!!عين" الخاش!!عون جم!!ع خاش!!ع وه!!و المتواض!!ع والخشوع هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح س!!كون وتواض!!ع. وق!!ال قت!!ادة الخش!!وع في القلب وه!!و الخ!!وف وغض البص!!ر في الص!!الة. ق!!ال الزجاج الخاشع ال!ذي ي!!رى أث!!ر ال!ذل والخش!وع علي!!ه كخش!وع ال!دار بع!د

اإلقوان؟؟ هذا هو األصل قال النابغة:رماد ككحل العين أليا أبينه ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع

ومك!!ان خاش!!ع: ال يهت!!دى ل!!ه. وخش!!عت األص!!وات أي س!!كنت، وخش!!عت خراشي صدره إذا ألقى بص!!اقا لزج!!ا. وخش!!ع ببص!!ره إذا غض!!ه. والخش!!عة قطعة من األرض رخوة. وفي الحديث )كانت خش!!عة على الم!!اء ثم دحيت بعد(. وبلدة خاشعة مغبرة ال منزل بها. قال سفيان الثوري سألت األعمش عن الخشوع فق!!ال ي!!ا ث!!وري أنت تري!!د أن تك!!ون إمام!!ا للن!!اس وال تع!!رف الخشوع سألت إبراهيم النخعي عن الخشوع فقال أعيمش تري!!د أن تك!!ون إماما للناس وال تعرف الخشوع ليس الخشوع بأكل الخشن ولبس الخش!!ن وتطأطؤ الرأس، لكن الخشوع أن ترى الشريف والدنيء في الحق س!!واء، وتخشع لله في كل فرض افترض عليك. ونظر عمر بن الخطاب إلى شاب

Page 172: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قد نكس رأسه فقال يا هذا! ارفع رأسك فإن الخشوع ال يزيد على م!!ا في القلب. وق!!ال علي بن أبي ط!!الب: الخش!!وع في القلب، وأن تلين كفي!!ك للمرء المسلم وأال تلتفت في صالتك. وسيأتي هذا المعنى مجودا عند قوله

-1تعالى "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صالتهم خاشعون" ]المؤمنون: [ فمن أظهر للناس خش!!وعا ف!!وق م!!ا في قلب!!ه فإنم!!ا أظه!!ر نفاق!!ا على2

نفاق. قال سهل بن عبدالله ال يكون خاش!!عا ح!!تى تخش!!ع ك!ل ش!!عرة على جسده لقول الله تبارك وتعالى: "تقشعر من!!ه جل!!ود ال!ذين يخش!ون ربهم"

[.23]الزمر: قلت: هذا ه!!و الخش!!وع المحم!!ود ألن الخ!!وف إذا س!!كن القلب أوجب

خشوع الظاهر فال يملك صاحبه دفعه فتراه مطرقا متأدبا متذلال. وقد ك!!ان السلف يجتهدون في ستر ما يظهر من ذلك وأما المذموم فتكلفه والتباكي ومطأطأة الرأس كما يفعله الجه!!ال ل!!يروا بعين ال!!بر واإلجالل وذل!!ك خ!!دع من الشيطان وتسويل من نفس اإلنسان. روى الحسن أن رجال تنفس عند عمر بن الخطاب كأنه يتحازن فلكزه عمر أو قال لكمه. وكان عم!!ر رض!!ي الله عنه إذا تكلم أسمع وإذا مش!!ى أس!!رع وإذا ض!!رب أوج!!ع وك!!ان ناس!!كا صدقا وخاشعا حق!!ا. وروى ابن أبي نجيح عن مجاه!!د ق!!ال: الخاش!!عون هم

المؤمنون حقا. }الذين يظنون أنهم مالقو ربهم وأنهم إليه راجعون{46*اآلية: 3*

@قول!!ه تع!!الى: "ال!!ذين يظن!!ون" )ال!!ذين( في موض!!ع خفض على النعت للخاشعين، ويجوز الرفع على القطع. والظن هنا في قول الجمهور بمع!!نى

[20اليقين ومن!!ه قول!!ه تع!!الى "إني ظننت أني مالق حس!!ابيه" ]الحاق!!ة: [. قال دريد بن الصمة:53وقوله: "فظنوا أنهم مواقعوها" ]الكهف:

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد وقال أبو داود:

رب هم فرجته بغريم وغيوب كشفتها بظنون وقد قيل: إن الظن في اآلي!!ة يص!!ح أن يك!!ون على باب!!ه ويض!!مر في الكالم بذنوبهم فكأنهم يتوقعون لقاءه مذنبين ذكر المه!!دوي والم!!اوردي ق!!ال ابن عطي!!ة: وه!!ذا تعس!!ف. وزعم الف!!راء أن الظن ق!!د يق!!ع بمع!!نى الك!!ذب وال يع!!رف ذل!!ك البص!!ريون. وأص!!ل الظن وقاعدت!!ه الش!!ك م!!ع مي!!ل إلى أح!!د معتقديه وقد يوقع موقع اليقين، كم!!ا في ه!!ذه اآلي!!ة وغيره!!ا لكن!!ه ال يوق!!ع فيما قد خرج إلى الحس ال تقول العرب في رجل مرئي حاض!!ر: أظن ه!!ذا إنسانا. وإنما تجد االستعمال فيما لم يخ!!رج إلى الحس بمع!!نى كه!!ذه اآلي!!ة والشعر، وكقوله تعالى "فظنوا أنهم مواقعوها". وق!!د يجيء اليقين بمع!!نى الظن وقد تقدم بيانه أول السورة وتقول: سؤت به ظنا وأس!أت ب!ه الظن. يدخلون األلف إذا جاؤوا ب!!األلف والالم. ومع!!نى "مالق!!و ربهم" ج!!زاء ربهم. وقيل: إذا جاء على المفاعلة وهو من واحد، مثل عافاه الل!!ه. "وأنهم" بفتح الهمزة عطف على األول ويجوز "وإنهم" بكس!!رها على القط!!ع. "إلي!!ه" أي إلى ربهم، وقيل إلى جزائه. "راجعون" إقرار بالبعث والجزاء والعرض على

الملك األعلى. }يا ب!!ني إس!!رائيل اذك!!روا نعم!!تي ال!!تي أنعمت عليكم وأني47* اآلية: 3*

فضلتكم على العالمين{

Page 173: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "يا بني إسرائيل اذكروا نعم!!تي ال!!تي أنعمت عليكم" تق!!دم. "وأني فضلتكم على العالمين" يريد على عالمي زمانهم، وأه!!ل ك!!ل زم!!ان عالم. وقيل: على كل العالمين بما جعل فيهم من األنبياء. وهذا خاص!!ة لهم

وليست لغيرهم. }واتق!وا يوم!!ا ال تج!!زي نفس عن نفس ش!!يئا وال يقب!!ل منه!ا48*اآلية: 3*

شفاعة وال يؤخذ منها عدل وال هم ينصرون{ @قوله تع!!الى: "واتق!!وا يوم!!ا ال تج!!زي نفس عن نفس ش!!يئا" أم!!ر معن!!اه الوعيد، وقد مضى الكالم في التقوى. "يوما" يريد عذاب!!ه وهول!!ه وه!!و ي!!وم القيامة. وتنصب على المفعول ب! "اتق!!وا". ويج!!وز في غ!!ير الق!!رآن ي!!وم ال تج!!زي على اإلض!!افة. وفي الكالم ح!!ذف بين النح!!ويين في!!ه اختالف. ق!!ال البصريون: التقدير يوما ال تج!!زي في!!ه نفس عن نفس ش!يئا ثم ح!ذف في!!ه

كما قال:ويوما شهدناه سليما وعامرا

أي ش!!هدنا في!!ه. وق!!ال الكس!!ائي: ه!!ذا خط!!أ ال يج!!وز ح!!ذف "في!!ه" ولكن التقدير: واتقوا يوما ال تجزيه نفس، ثم حذف الهاء. وإنما يجوز حذف اله!!اء ألن الظروف عنده ال يجوز حذفها قال: ال يجوز أن تقول هذا رجال قص!!دت، وال رأيت رجال أرغب، وأنت تريد قصدت إليه وأرغب فيه قال: ولو جاز ذلك لجاز الذي تكلمت زيد بمعنى تكلمت فيه زيد. وقال الفراء يجوز أن تح!!ذف الهاء وفي!!ه. وحكى المه!!دوي أن ال!!وجهين ج!!ائزان عن!!د س!!يبويه واألخفش والزجاج. ومعنى "ال تجزي نفس عن نفس شيئا" أي ال تؤاخ!!ذ نفس ب!!ذنب أخرى وال تدفع عنها شيئا تقول: ج!زى ع!ني ه!ذا األم!ر يج!زي، كم!ا تق!ول

قضى عني واجتزأت بالشيء اجتزاء إذا اكتفيت به، قال الشاعر:فإن الغدر في األقوام عار وأن الحر يجزأ بالكراع

أي يكتفي بها وفي حديث عمر )إذا أج!!ريت الم!!اء على الم!!اء ج!!زى عن!!ك( يريد إذا صببت الماء على البول في األرض فج!!رى علي!!ه طه!!ر المك!!ان وال حاجة بك إلى غسل ذلك الموضع وتنشيف الماء بخرقة أو غيرها كما يفع!!ل كثير من الناس. وفي ص!!حيح الح!!ديث عن أبي ب!!ردة بن ني!!ار في األض!!حية )لن تجزي عن أحد بعدك( أي لن تغني. فمعنى ال تجزي ال تقضي وال تغ!!ني وال تكفي إن لم يكن عليها شيء، ف!!إن ك!!ان فإنه!!ا تج!!زي وتقض!!ي وتغ!!ني، بغير اختيارها من حسناتها ما عليها من الحقوق، كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال )من ك!!انت عن!!ده مظلم!!ة ألخي!!ه من عرضه أو شيء فليتحلله من!!ه الي!!وم قب!!ل أال يك!!ون دين!!ار وال درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخ!!ذ من س!!يئات ص!!احبه فحم!!ل علي!!ه(. خرج!!ه البخ!!اري. ومثل!!ه حديث!!ه اآلخ!!ر في المفلس وقد ذكرناه في التذكرة خرجه مسلم. وقرئ "تجزئ" بض!!م الت!!اء والهمز. ويقال جزى وأجزى بمعنى واحد وقد فرق بينهما قوم فقالوا ج!!زى بمعنى قضى وكافأ، وأجزى بمعنى أغ!!نى وكفى. أج!زأني الش!!يء يجزئ!!ني:

أي كفاني قال الشاعر وأجزأت أمر العالمين ولم يكن ليجزئ إال كامل وابن كامل

@قوله تعالى: "وال يقبل منها شفاعة" الشفاعة مأخوذة من الش!!فع وهم!!ا االثنان، تق!!ول ك!!ان وت!!را فش!!فعته ش!!فعا والش!!فعة من!!ه ألن!!ك تض!!م مل!!ك شريكك إلى ملك!!ك. والش!!فيع ص!!احب الش!!فعة وص!!احب الش!!فاعة وناق!!ة

Page 174: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

شافع: إذا اجتمع لها حمل وول!!د يتبعه!!ا، تق!!ول من!!ه: ش!!فعت الناق!!ة ش!!فعا وناقة شفوع وهي التي تجمع بين محلبين في حلبة واحدة واستشفعته إلى فالن س!!ألته أن يش!!فع لي إلي!!ه. وتش!!فعت إلي!!ه في فالن فش!!فعني في!!ه فالشفاعة إذا ضم غ!!يرك إلى جاه!!ك ووس!!يلتك فهي على التحقي!!ق إظه!!ار

لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال منفعته للمشفوع. @ مذهب أهل الحق أن الشفاعة حق، وأنكرها المعتزلة وخلدوا المؤم!!نين من المذنبين الذين دخلوا النار في العذاب واألخبار متظاهرة ب!!أن من ك!!ان من العصاة المذنبين الموح!دين من أمم النب!يين هم ال!ذين تن!!الهم ش!!فاعة الشافعين من المالئكة والنبيين والشهداء والصالحين. وقد تمسك القاض!!ي عليهم في الرد بشيئين أحدهما: األخبار الكث!!يرة ال!!تي ت!!واترت في المع!!نى والثاني اإلجماع من الس!!لف على تلقي ه!!ذه األخب!!ار ب!!القبول ولم يب!!د من أح!!د منهم في عص!!ر من األعص!!ار نك!!ير فظه!!ور روايته!!ا وإطب!!اقهم على صحتها وقبولهم لها دليل قاطع على صحة عقي!!دة أه!!ل الح!!ق وفس!!اد دين

المعتزلة. فإن قالوا قد وردت نصوص من الكتاب بما يوجب رد هذه األخبار مثل

[ قالوا: وأصحاب18قوله "ما للظالمين من حميم وال شفيع يطاع" ]غافر: [ "وال يقب!!ل123الكبائر ظالمون وقال "من يعمل سوءا يجز به" ]النس!!اء:

[ قلنا: ليست ه!!ذه اآلي!!ات عام!!ة في ك!!ل ظ!!الم48منها شفاعة" ]البقرة: والعموم ال صيغة له فال تعم هذه اآليات ك!!ل من يعم!!ل س!!وءا وك!!ل نفس، وإنما المراد بها الكافرون دون المؤم!!نين ب!!دليل األخب!!ار ال!!واردة في ذل!!ك وأيضا فإن الله تعالى أثبت شفاعة ألقوام ونفاها عن أقوام فقال في صفة

[ وق!!!ال "وال48الك!!!افرين "فم!!!ا تنفعهم ش!!!فاعة الش!!!افعين" ]الم!!!دثر: [ وقال "وال تنفع الش!!فاعة عن!!ده إال28يشفعون إال لمن ارتضى" ]األنبياء:

[ فعلمن!!ا به!!ذه الجمل!!ة أن الش!!فاعة إنم!!ا تنف!!ع23لمن أذن ل!!ه" ]س!!بأ: المؤمنين دون الكافرين. وقد أجمع المفسرون على أن المراد بقوله تعالى "واتقوا يوما ال تجزى نفس عن نفس شيئا وال يقب!!ل منه!!ا ش!!فاعة" النفس الكافرة ال كل نفس. ونحن وإن قلنا بعموم الع!!ذاب لك!!ل ظ!!الم ع!!اص فال نقول إنهم مخلدون فيها بدليل األخبار التي رويناها وبدليل قوله "ويغفر م!!ا

[ وقول!!ه "ان!!ه ال يي!!أس من روح الل!!ه إال48دون ذلك لمن يشاء" ]النس!!اء: [.87القوم الكافرون" ]يوسف:

فإن قالوا: فقد قال تعالى: "وال يشفعون إال لمن ارتضى" والفاسق غير مرتضى قلنا لم يقل لمن ال يرضى وإنما ق!ال "لمن ارتض!!ى" ومن ارتض!!اه الله للشفاعة هم الموحدون، بدليل قوله "ال يملكون الشفاعة إال من اتخ!!ذ

[ وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم م!!ا عه!!د87عند الرحمن عهدا" ]مريم الله مع خلقه قال )أن يؤمنوا وال يشركوا به شيئا( وقال المفسرون إال من

قال ال إله إال الله فإن قالوا المرتضى هو التائب الذي اتخذ عند الله عهدا باإلنابة إليه بدليل

أن المالئك!!ة اس!!تغفروا لهم، وق!!ال "ف!!اغفر لل!!ذين ت!!ابوا واتبع!!وا س!!بيلك" [ وكذلك شفاعة األنبياء عليهم السالم إنم!!ا هي أله!!ل التوب!!ة دون7]غافر:

أهل الكبائر. قلنا: عندكم يجب على الله تعالى قبول التوبة ف!!إذا قب!!ل الل!!ه توب!!ة الم!!ذنب فال يحت!!اج إلى الش!!فاعة وال إلى االس!!تغفار. وأجم!!ع أه!!ل التفسير على أن المراد بقوله "فاغفر للذين تابوا" أي من الشرك "واتبعوا

Page 175: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

سبيلك" أي سبيل المؤمنين. سألوا الله تعالى أن يغفر لهم ما دون الشرك[.48من ذنوبهم كما قال تعالى "ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" ]النساء:

فإن قالوا جميع األمة يرغبون في شفاعة النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فلو كانت ألهل الكبائر خاصة بطل سؤالهم.

قلنا: إنما يطلب كل مسلم شفاعة الرسول ويرغب إلى الله في أن تناله العتقاده انه غير سالم من الذنوب وال ق!ائم لل!!ه س!!بحانه بك!!ل م!ا اف!!ترض عليه بل كل واحد معترف على نفس!!ه ب!!النقص فه!!و ل!!ذلك يخ!!اف العق!!اب ويرجو النجاة وقال ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )ال ينج!!و أح!!د إال برحم!!ة الل!!ه تع!!الى فقي!!ل: وال أنت ي!!ا رس!!ول الل!!ه فق!!ال وال أن!!ا إال أن يتغم!!دني الل!!ه

برحمته(. @قول!!ه تع!!الى: "وال يقب!!ل" ق!!رأ ابن كث!!ير وأب!!و عم!!رو "تقب!!ل" بالت!!اء ألن الشفاعة مؤنثة وقرأ الباقون بالياء على التذكير ألنها بمعنى الش!!فيع وق!!ال األخفش حسن التذكير ألنك قد فرقت، كما تقدم في قوله "فتلقى آدم من

[.37ربه كلمات" ]البقرة: @قوله تعالى: "وال يؤخذ منها عدل "أي فداء. والعدل )بفتح العين( الف!!داء و)بكس!!رها( المث!!ل يق!!ال ع!!دل وع!!ديل لل!!ذي يماثل!!ك في ال!!وزن والق!!در. ويقال: عدل الشيء هو الذي يساويه قيم!!ة وق!!درا وإن لم يكن من جنس!!ه والعدل )بالكسر( هو الذي يس!!اوي الش!!يء من جنس!!ه وفي جرم!!ه وحكى الط!!بري أن من الع!!رب من يكس!!ر العين من مع!!نى الفدي!!ة فأم!!ا واح!!د

األعدال فبالكسر ال غير @قول!!ه تع!!الى: "وال هم ينص!!رون "أي يع!!انون والنص!!ر الع!!ون واألنص!!ار

[ أي من يض!!م52األعوان ومنه قوله "من أنصاري إلى الله" ]آل عم!!ران: نصرته إلى نصرتي وانتصر الرجل أنتقم والنصر اإلتيان يق!!ال نص!!رت أرض

بني فالن أتيتها قال الشاعر :إذا دخل الشهر الحرام فودعي بالد تميم وانصري أرض عامر

والنصر المطر يقال نصرت األرض مطرت والنصر العطاء قال :إني وأسطار سطرن سطرا لقائل يا نصر نصرا نصرا

وكان سبب هذه اآلية فيما ذك!!روا أن ب!!ني إس!!رائيل ق!!الوا: نحن أبن!!اء الل!!ه وأحباؤه وأبن!!اء أنبيائ!!ه وسيش!!فع لن!!ا آباؤن!!ا ف!!أعلمهم الل!!ه تع!!الى عن ي!!وم القيامة أنه ال تقبل فيه الشفاعات وال يؤخذ فيه فدية وإنم!!ا خص الش!!فاعة والفدية والنصر بالذكر، ألنها هي المعاني ال!!تي اعتاده!!ا بن!!و آدم في ال!!دنيا

فإن الواقع في الشدة ال يتخلص إال بأن يشفع له أو ينصر أو يفتدي. }وإذ نجين!!اكم من آل فرع!!ون يس!!ومونكم س!!وء الع!!ذاب49*اآلي!!ة: 3*

يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم{ )فيهاثالثة عشرة مسألة(:

@األولى: قول!!ه تع!الى: "وإذ نجين!!اك" "إذ" في موض!ع نص!!ب عط!ف على "اذكروا نعمتي" وهذا وما بعده تذكير ببعض النعم التي كانت ل!!ه عليهم أي اذك!!روا نعم!!تي بإنج!!ائكم من ع!!دوكم وجع!!ل األنبي!!اء فيكم. والخط!!اب للموج!!ودين والم!!راد من س!!لف من اآلب!!اء كم!!ا ق!!ال "إن!!ا لم!!ا طغى الم!!اء

[ أي حملن!!ا آب!!اءكم وقي!!ل إنم!!ا ق!!ال11حملن!!اكم في الجاري!!ة" ]الحاق!!ة: "نجين!!اكم" ألن نج!!اة اآلب!!اء ك!!انت س!!ببا لنج!!اة ه!!ؤالء الموج!!ودين. ومع!!نى "نجيناكم" ألقيناكم على نجوة من األرض وهي ما ارتفع منها هذا هو األصل

Page 176: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

ثم سمى كل فائز ناجيا فالناجي من خرج من ضيق إلى سعة وق!!رىء "وإذنجيتكم" على التوحيد.

@الثانية: قوله تعالى: "من آل فرعون ""آل فرعون" قومه وأتباع!!ه وأه!!ل دينه وكذلك آل الرسول صلى الله عليه وسلم من هو على دينه وملت!!ه في عصره وسائر األعصار سواء ك!!ان نس!!يبا ل!!ه أو لم يكن. ومن لم يكن على دينه وملته فليس من آله وال أهله وإن كان نسيبه وقريب!!ه. خالف!!ا للرافض!!ة حيث قالت: إن آل الرسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فاطم!!ة والحس!!ن

[50والحسين فق!!ط. دليلن!!ا قول!!ه تع!!الى "وأغرقن!!ا آل فرع!!ون" ]البق!!رة: [ أي آل دينه إذ لم يكن له ابن46"أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" ]غافر:

وال بنت وال أب وال عم وال أخ وال عصبة وألنه ال خالف أن من ليس بم!!ؤمن وال موحد فإنه ليس من آل محمد وإن كان قريبا له وألجل هذا يقال إن أب!!ا لهب وأبا جهل ليسا من آله وال من أهله وإن كان بينهم!!ا وبين الن!!بي ص!!لى الله عليه وسلم قرابة وألجل هذا قال الل!!ه تع!!الى في ابن ن!!وح "إن!!ه ليس

[ وفي صحيح مسلم عن عمرو بن46من أهلك إنه عمل غير صالح" ]هود: العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يق!!ول )أال إن آل أبي - يع!!ني فالن!!ا - ليس!!وا لي بأولي!!اء إنم!!ا ول!!يي الل!!ه وص!!الح المؤمنين( وقالت طائفة آل محمد أزواجه وذريته خاصة لح!!ديث أبي حمي!!د الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كي!!ف نص!!لي علي!!ك؟ ق!!ال )قول!!وا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريت!!ه كم!!ا ص!!لت على آل إب!!راهيم وب!!ارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كم!!ا ب!!اركت على آل إب!!راهيم إن!!ك حمي!!د مجيد( رواه مسلم وقالت طائفة من أهل العلم األهل معل!!وم واآلل األتب!!اع واألول أصح لما ذكرناه ولحديث عبدالله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه قوم بصدقتهم ق!!ال )اللهم ص!!ل عليهم( فأت!!اه

أبي بصدقته فقال )اللهم صل على آل أبي أوفى( @الثالثة: اختلف النحاة هل يضاف اآلل إلى البلدان أو ال؟ فقال الكس!!ائي: إنما يقال آل فالن وآل فالنة وال يقال في البلدان ه!!و من آل حمص وال من آل المدينة قال األخفش إنما يقال في الرئيس األعظم نحو آل محمد صلى الله عليه وسلم وآل فرعون ألنه رئيس!!هم في الض!!اللة ق!!ال وق!!د س!!معناه

في البلدان قالوا: أهل المدينة وآل المدينة. @الرابعة: واختلف النحاة أيضا ه!!ل يض!!اف اآلل إلى المض!!مر أو ال؟ فمن!!ع من ذلك النحاس والزبيدي والكس!!ائي فال يق!!ال إال اللهم ص!!ل على محم!!د وآل محمد وال يقال وآله والصواب أن يقال أهله وذهبت طائف!!ة أخ!!رى إلى أن ذلك يقال منهم ابن السيد وه!و الص!!واب ألن الس!ماع الص!!حيح يعض!!ده

فإنه قد جاء في قول عبدالمطلب: ال هم إن العبد يم! !نع رحله فامنع حاللك وانصر على آل الصلي! !ب وعابديه اليوم آلك

وقال ندبة: أنا الفارس الحامي حقيقة والدي وآلي كما تحمي حقيقة آلكا

الحقيقة ]بقافين[ ما يحق على اإلنسان أن يحميه أي تجب عليه حمايته @الخامسة: واختلفوا أيضا في أصل آل فقال النحاس أصله أه!!ل ثم أب!!دل من الهاء ألفا فإن صغرته رددت!!ه إلى أص!!له فقلت: أهي!!ل وق!!ال المه!!دوي: أصله أول وقيل: أهل، قبلت الهاء همزة ثم أبدلت الهمزة ألفا وجمعه آلون

Page 177: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وتص!!غيره أوي!!ل فيم!!ا حكى الكس!!ائي. وحكى غ!!يره أهي!!ل وق!!د ذكرن!!ا عن النحاس وقال أبو الحسن بن كيسان: إذا جمعت آال قلت آلون ف!!إن جمعت

آال الذي هو السراب قلت آوال مثل مال وأموال. @السادسة: قوله تعالى: "فرعون" قيل: إنه اسم ذلك الملك بعين!!ه وقي!!ل إنه اسم كل ملك من ملوك العمالقة مثل كس!!رى للف!!رس وقيص!!ر لل!!روم والنجاشي للحبشة وأن اسم فرعون موسى قابوس في قول أهل الكتاب. وقال وهب اسمه الوليد بن مصعب بن الريان ويكنى أبا مرة وهو من ب!!ني عمليق بن الوذ بن إرم بن سام بن نوح عليه السالم. ق!!ال الس!!هيلي: وك!!ل من ولى القبط ومصر فهو فرع!!ون وك!!ان فارس!!يا من أه!!ل اص!!طخر ق!!ال المسعودي ال يعرف لفرعون تفسير بالعربية ق!!ال الج!!وهري فرع!!ون لقب الوليد بن مص!!عب مل!!ك مص!!ر وك!!ل ع!!ات فرع!!ون والعت!!اة الفراعن!!ة وق!!د تفرعن وهو ذو فرعنة أي ده!!اء ونك!!ر. وفي الح!!ديث )أخ!!ذنا فرع!!ون ه!!ذه

األمة( "وفرعون" في موضع خفض إال أنه ال ينصرف لعجمته @السابعة: قوله تعالى: "يسومونكم "قيل معناه يذيقونكم ويلزمونكم إي!!اه وقال أبو عبيدة يولونكم يقال سامه خطة خسف إذا أواله إياها ومن!!ه ق!!ول

عمرو بن كلثوم إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الخسف فينا

وقيل يديمون تعذيبكم والسوم الدوام ومنه سائمة الغنم لمداومتها ال!!رعي قال األخفش: وهو في موضع رفع على االبتداء وإن شئت ك!!ان في موض!!ع

نصب على الحال أي سائمين لكم @الثامنة: قوله تعالى: "سوء العذاب "مفعول ثان ل! "يسومونكم" ومعن!!اه أشد العذاب ويجوز أن يكون بمعنى سوم العذاب وقد يجوز أن يك!!ون نعت!!ا بمع!!نى س!!وما س!!يئا ف!!روي أن فرع!!ون جع!!ل ب!!ني إس!!رائيل خ!!دما وخ!!وال وص!!نفهم في أعمال!!ه فص!!نف يبن!!ون وص!!نف يحرث!!ون ويزرع!!ون وص!!نف يتخدمون وك!!ان قوم!!ه جن!!دا ملوك!!ا ومن لم يكن منهم في عم!!ل من ه!!ذه

األعمال ضربت عليه الجزية فذلك سوء العذاب. @التاسعة: قوله تعالى: "يذبحون أبناءكم ويستحيون نس!!اءكم ""ي!!ذبحون"

بغير واو على البدل من قومه "يسومونكم" كما قال أنشده سيبويه: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزال ونارا تأججا

قال الفراء وغ!!يره "ي!!ذبحون" بغ!!ير واو على التفس!!ير لقول!!ه "يس!!ومونكم [ كما تقول أتاني الق!!وم زي!!د وعم!!رو فال تحت!!اج49سوء العذاب" ]البقرة:

إلى الواو في زيد ونظيره: "ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له الع!!ذاب"-!! 68]الفرقان: [ وفي سورة إبراهيم "وي!!ذبحون" ب!!الواو ألن المع!!نى69

يعذبونكم بال!!ذبح وبغ!!ير ال!!ذبح فقول!!ه "وي!!ذبحون أبن!!اءكم" جنس آخ!!ر منالعذاب ال تفسير لما قبله والله أعلم

قلت قد يحتمل أن يقال إن الواو زائدة بدليل سورة "البقرة" والواو قد تزاد كما قال:

فلما اجزنا ساحة الحي وانتحى أي قد انتحى وقال آخر:

إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم أراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة وهو كثير

Page 178: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@العاشرة: قوله تعالى: "يذبحون" قراءة الجماع!!ة بالتش!!ديد على التكث!!ير وق!!رأ ابن محيص!!ن "ي!!ذبحون" بفتح الب!!اء وال!!ذبح الش!!ق وال!!ذبح الم!!ذبوح والذباح تشقق في أص!!ول األص!!ابع وذبحت ال!!دن بزلت!!ه أي كش!!فته وس!!عد الذابح أحد السعود والمذابح المحاريب والم!!ذابح جم!!ع م!!ذبح وه!!و إذا ج!!اء السيل فخد في األرض فما كان كالشبر ونحوه سمي مذبحا فكان فرع!!ون يذبح األطفال ويبقي البنات وعبر عنهم باسم النساء بالمآل وق!!الت طائف!!ة "يذبحون أبناءكم" يعني الرجال وسموا أبناء لما كانوا ك!!ذلك واس!!تدل ه!!ذا

القائل بقوله "نساءكم" واألول أصح ألنه األظهر والله أعلم @الحادية عشرة: نسب الله تعالى الفعل إلى آل فرع!!ون وهم إنم!!ا ك!!انوا يفعلون بأمره وسلطانه لتوليهم ذل!ك بأنفس!هم وليعلم أن المباش!!ر م!أخوذ بفعله قال الطبري: ويقتضي أن من أمره ظالم بقت!!ل أح!د فقتل!!ه الم!!أمور

فهو المأخوذ به. قلت: وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثالثة أقوال يقتالن جميعا

هذا بأمره والمأمور بمباشرته هكذا قال النخعي وقال الشافعي ومالك في تفصيل لهما قال الشافعي إذا أمر السلطان رجال بقتل رجل والمأمور يعلم أنه أمر بقتله ظلما كان عليه وعلى اإلمام الق!!ود كق!!اتلين مع!!ا وإن أكره!!ه اإلمام علي!!ه وعلم أن!!ه يقتل!!ه ظلم!!ا ك!!ان على اإلم!!ام الق!!ود وفي الم!!أمور قوالن أحدهما أن عليه القود واآلخر ال قود عليه وعلي!!ه نص!!ف الدي!!ة حك!!اه ابن المنذر وقال علماؤنا ال يخلو المأمور أن يكون ممن تلزمه طاعة اآلم!!ر ويخاف شره كالسلطان والسيد لعبده فالقود في ذلك الزم لهم!!ا أو يك!!ون ممن ال يلزمه ذلك فيقتل المباشر وحده دون اآلمر وذلك كاألب يأمر ول!!ده أو المعلم بعض صبيانه أو الصانع بعض متعلميه إذا ك!!ان محتلم!!ا ف!!ان ك!!ان غير محتلم فالقتل على اآلمر وعلى عاقل!ة الص!!بي نص!ف الدي!ة وق!ال ابن نافع ال يقتل السيد إذا أمر عب!!ده وإن ك!!ان أعجمي!!ا بقت!!ل إنس!!ان ق!!ال ابن حبيب وبقول ابن القاسم أقول إن القتل عليهما فأما أمر من ال خوف على المأمور في مخالفته فإنه ال يلح!!ق ب!!اإلكراه ب!!ل يقت!!ل الم!!أمور دون اآلم!!ر ويضرب اآلمر ويحبس وقال أحمد في السيد يأمر عبده أن يقتل رجال يقتل السيد وروي ه!!ذا الق!!ول عن علي بن أبي ط!!الب وأبي هري!!رة رض!!ي الل!!ه عنهما وقال علي ويستودع العبد السجن وقال أحمد ويحبس العبد ويضرب ويؤدب وقال الثوري يعزر السيد وقال الحكم وحماد يقتل العبد وقال قتادة يقتالن جميعا وقال الشافعي إن كان العبد فصيحا يعقل قتل العبد وع!!وقب السيد وإن كان العبد أعجميا فعلى السيد القود وقال سليمان بن موسى ال يقتل اآلمر ولكن تقطع يديه ثم يع!!اقب ويحبس وه!!و الق!!ول الث!!اني ويقت!!ل المأمور للمباش!!رة وك!!ذلك ق!!ال عط!!اء والحكم وحم!!اد والش!!افعي وأحم!!د وإسحاق في الرجل يأمر الرجل بقتل الرجل وذكره ابن المنذر وق!!ال زف!!ر ال يقتل واحد منهما وهو القول الثالث حكاه أبو المعالي في البره!!ان ورأى أن اآلمر والمباشر ليس كل واحد منهما مستقال في الق!!ود فل!!ذلك يقت!!ل ال

واحد منهما عنده والله أعلم @الثانية عشرة: قرأ الجمهور "يذبحون" بالتشديد على المبالغ!!ة وق!!رأ ابن محيصن "يذبحون" بالتخفيف واألولى أرجح إذ الذبح متك!!رر وك!!ان فرع!!ون على ما روي ق!!د رآه في منام!!ه ن!!ارا خ!!رجت من بيت المق!!دس ف!!أحرقت

Page 179: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بيوت مصر فأولت له رؤياه أن مولودا من بني إسرائيل ينشأ فيكون خرابملكه على يديه وقيل غير هذا والمعنى متقارب

@الثالثة عشرة: قوله تعالى: "وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم "إشارة إلى جملة األمر إذ هو خبر فهو كمفرد حاض!!ر أي وفي فعلهم ذل!!ك بكم بالء أي امتحان واختبار و"بالء" نعمة ومنه قوله تع!!الى "وليبلي المؤم!!نين من!!ه بالء

[ قال أبو الهيثم البالء يكون حسنا ويكون س!!يئا وأص!!له17حسنا" ]األنفال: المحنة والله عز وج!!ل يبل!!و عب!!ده بالص!!نع الجمي!!ل ليمتحن ش!!كره ويبل!!وه بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره فقي!!ل للحس!!ن بالء وللس!!يئ بالء حك!!اه الهروي وقال قوم اإلش!!ارة ب!!! "ذلكم" إلى التنجي!!ة فيك!!ون البالء على ه!!ذا في الخ!!ير أي تنجيتكم نعم!!ة من الل!!ه عليكم وق!!ال الجمه!!ور اإلش!!ارة إلى الذبح ونح!!وه والبالء هن!!ا في الش!ر والمع!نى وفي ال!ذبح مك!!روه وامتح!!ان

وقال ابن كيسان ويقال في الخير أباله الله وباله وأنشد جزى الله باإلحسان ما فعال بكم وأبالهما خير البالء الذي يبلو

فجمع بين اللغتين واألكثر في الخير أبليت!!ه وفي الش!!ر بلوت!!ه وفي االختب!!ارأبتليته وبلوته قاله النحاس..

}وإذ فرقن!!ا بكم البح!!ر فأنجين!!اكم وأغرقن!!ا آل فرع!!ون وأنتم50* اآلية 3*تنظرون{

@قوله تعالى: "وإذ فرقنا ""إذا" في موضع نصب و"فرقنا" فلقنا فكان كل فرق كالطود العظيم أي الجبل العظيم وأص!!ل الف!!رق الفص!!ل ومن!!ه ف!!رق الش!!عر ومن!!ه الفرق!!ان ألن!!ه يف!!رق بين الح!!ق والباط!!ل أي يفص!!ل ومن!!ه:

[ يعني المالئكة ت!!نزل ب!!الفرق ببن الح!!ق4"فالفارقات فرقا" ]المرسالت: [ يعني يوم بدر ك!!ان، في!!ه ف!!رق41والباطل ومنه "يوم الفرقان" ]األنفال:

[ أي فص!!لناه106بين الح!!ق والباط!!ل ومن!!ه "وقرآن!!ا فرقن!!اه" ]اإلس!!راء: وأحكمناه. وقرأ الزه!!ري "فرقن!!ا" بتش!!ديد ال!!راء أي جعلن!!اه فرق!!ا ومع!!نى "بكم" أي لكم فالباء بمعنى الالم وقي!!ل الب!!اء في مكانه!!ا أي فرقن!!ا البح!!ر بدخولكم إي!!اه أي ص!!اروا بين الم!!اءين فص!!ار الف!!رق بهم وه!!ذا أولى يبين!!ه

"فانفلق". @قوله تعالى: "بكم البح!!ر "البح!ر مع!روف س!مي ب!ذلك التس!اعه ويق!!ال فرس بحر إذا كان واس!!ع الج!!ري أي كث!!يره، ومن ذل!!ك ق!!ول رس!!ول الل!!ه صلى الله عليه وسلم في من!!دوب ف!رس أبي طلح!!ة )وإن وج!دناه لبح!!را( والبحر الماء الملح ويقال أبحر الماء ملح قال نصيب وق!!د ع!!اد م!!اء األرض بحرا فزادني إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب والبحر البلدة يقال ه!!ذه بحرتنا أي بلدتنا. قال األموي والبحر السالل يصيب اإلنسان. ويقولون لقيته صحرة بحرة أي بارزا مكشوفا. وفي الخ!!بر عن كعب األحب!!ار ق!!ال إن لل!!ه ملكا يقال له صندفاييل البحار كلها في نقرة إبهامه. ذكره أبو نعيم في ثور

بن يزيد عن خالد بن معدان عن كعب. @قوله تعالى: "فأنجيناكم "أي أخرجناكم من!!ه يق!!ال نج!!وت من ك!!ذا نج!!اء ممدود ونجاة مقصور والصدق منج!!اة. وأنجيت غ!!يري ونجيت!!ه وق!!رئ بهم!!ا

"وإذ نجيناكم" "فأنجيناكم". @قوله تعالى: "وأغرقنا آل فرعون "يقال غرق في الماء غرق!!ا فه!!و غ!!رق

وغارق أيضا ومنه قول أبي النجم :من بين مقتول وطاف غارق

Page 180: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وأغرقه غيره وغرقه فهو مغ!رق وغري!ق. ولج!ام مغ!رق بالفض!ة أي محلىوالتغريق: القتل قال األعشى :

أال ليت قيسا غرقته القوابل وذلك أن القابلة كانت تغرق المولود في ماء السلى عام القحط ذكرا ك!!ان

أو أنثى حتى يموت ثم جعل كل قتل تغريقا ومنه قول ذي الرمة: إذا غرقت أرباضها ثني بكرة بتيهاء لم تصبح رؤوما سلوبها

واألرباض الحبال والبكرة الناقة الفتية وثنيها بطنها الثاني، وإنما لم تعط!!فعلى ولدها لما لحقها من التعب.

القول في اختالف العلماء في كيفية إنجاء بني إسرائيل فذكر الطبري أن موسى عليه السالم أوحي إليه أن يسري من مصر بب!!ني إسرائيل فأمرهم موسى أن يستعيروا الحلي والمتاع من القبط وأحل الل!!ه ذلك لبني إسرائيل فسرى بهم موسى من أول الليل فأعلم فرعون فق!!ال: ال يتبعهم أحد حتى تصيح الديكة فلم يصح تلك الليلة بمصر ديك وأمات الله تلك الليلة كثيرا من أبناء القب!!ط فاش!!تغلوا في ال!!دفن وخرج!!وا في األتب!!اع

[ وذهب60مش!!رقين كم!!ا ق!!ال تع!!الى "ف!!أتبعوهم مش!!رقين" ]الش!!عراء: موسى إلى ناحية البحر ح!!تى بلغ!!ه. وك!!انت ع!!دة ب!!ني إس!!رائيل نيف!!ا على ستمائة ألف. وكانت عدة فرعون ألف ألف ومائتي ألف وقيل: إن فرع!!ون اتبعه في ألف ألف حصان سوى اإلناث وقيل دخل إسرائيل - وه!!و يعق!!وب عليه السالم - مصر في ستة وسبعين نفس!!ا من ول!!ده وول!!د ول!!ده ف!!أنمى الله ع!!ددهم وب!!ارك في ذريت!!ه ح!!تى خرج!!وا إلى البح!!ر ي!!وم فرع!!ون وهم ستمائة ألف من المقاتلة س!!وى الش!!يوخ والذري!!ة والنس!!اء وذك!!ر أب!!و بك!!ر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا ش!!بابة بن س!!وار عن ي!!ونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالل!!ه بن مس!!عود أن موسى عليه السالم حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرع!!ون ف!!أمر بش!!اة فذبحت، ثم قال: ال والله ال يفرغ من سلخها حتى تجتم!!ع لي س!!تمائة أل!!ف من القبط، قال: ف!!انطلق موس!!ى ح!!تى انتهى إلى البح!!ر فق!!ال ل!!ه أف!!رق فقال له البحر لق!!د اس!!تكبرت ي!!ا موس!!ى وه!!ل ف!!رقت ألح!!د من ول!!د آدم فأفرق لك قال: وم!!ع موس!!ى رج!ل على حص!!ان ل!!ه ق!!ال: فق!!ال ل!ه ذل!!ك الرجل: أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إال به!!ذا الوج!!ه ق!!ال ف!!أقحم فرسه فسبح فخرج. فقال أين أمرت يا ن!!بي الل!!ه ق!!ال م!!ا أم!!رت إال به!!ذا الوجه قال والله ما كذبت وال كذبت ثم أقتحم الثانية فسبح ب!!ه ح!!تى خ!!رج فقال أين أمر ت يا نبي الله؟ فقال ما أمرت إال بهذا الوج!ه ق!!ال والل!!ه م!!ا كذبت وال كذبت قال فأوحى الله إليه "أن اضرب بعصاك البحر" ]األع!!راف

[ فضربه موس!!ى بعص!!اه "ف!!انفلق فك!!ان ك!!ل ف!!رق ك!!الطود العظيم"160 [ فكان فيه اثنا عش!!ر فرق!!ا الث!!ني عش!!ر س!!بطا، لك!!ل س!!بط63]الشعراء

طريق يتراءون، وذلك أن أطواد الماء صار فيها طيقانا وشبابيك ي!!رى منه!!ا بعضهم بعضا فلما خرج أصحاب موسى وقام أصحاب فرعون التطم البح!!ر عليهم فأغرقهم ويذكر أن البحر هو بحر القلزم وأن الرجل ال!!ذي ك!!ان م!!ع موس!ى على الف!رس ه!و فت!!اه يوش!!ع بن ن!ون وأن الل!ه تع!الى أوحى إلى البحر أن انفلق لموسى إذا ضربك فبات البحر تل!!ك الليل!!ة يض!!طرب فحين أصبح ض!!رب البح!!ر وكن!!اه أب!!ا خال!!د ذك!!ره ابن أبي ش!!يبة أيض!!ا وق!!د أك!!ثر

Page 181: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

المفسرون في قصص هذا المعنى وم!!ا ذكرن!!اه ك!!اف وس!!يأتي في س!!ورة"يونس والشعراء" زيادة بيان أن شاء الله تعالى.

فصل: ذكر الله تعالى اإلنجاء واإلغراق ولم يذكر اليوم الذي كان ذلك فيه فروى مسلم عن ابن عباس أن رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم ق!!دم المدينة فوجد اليهود ص!!ياما ي!!وم عاش!!وراء فق!!ال لهم رس!!ول الل!!ه ص!!لى صلى الله عليه وسلم )ما هذا اليوم الذي تصومونه( فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فص!!امه موس!!ى ش!!كرا فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )فنحن أح!!ق وأولى بموسى منكم( فصامه رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وأم!!ر بص!!يامه. وأخرجه البخاري أيضا عن ابن عباس وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال

ألصحابه )أنتم أحق بموسى منهم فصوموا(. مسألة: ظاهر هذه األحاديث تدل على أن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم

إنما صام عاشوراء وأمر بصيامه اقتداء بموسى عليه السالم على ما أخبره به اليهود. وليس كذلك لما روته عائشة رضي الل!!ه عنه!!ا ق!!الت: ك!!ان ي!!وم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الل!!ه ص!!لى يص!!ومه في الجاهلية فلما قدم المدينة صامه وأمر بص!!يامه فلم!!ا ف!!رض رمض!!ان ت!!رك ص!!يام ي!!وم عاش!!وراء فمن ش!!اء ص!!امه ومن ش!!اء ترك!!ه أخرج!!ه البخ!!اري

ومسلم. فإن قيل: يحتمل أن تكون قريش إنما صامته بإخبار اليهود لها ألنهم كانوا

يسمعون منهم ألنهم ك!!انوا عن!!دهم أه!!ل علم فص!!امه الن!!بي علي!!ه الس!!الم كذلك في الجاهلية أي بمكة فلما قدم المدينة ووجد اليه!ود يص!!ومونه ق!!ال )نحن أحق وأولى بموسى منكم( فصامه اتباعا لموسى. )وأمر بصيامه( أي أوجبه وأكد أمره حتى كانوا يصومونه الصغار قلنا: هذه شبهة من ق!!ال: إن النبي صلى لعله كان متعب!!دا بش!!ريعة موس!!ى وليس ك!!ذلك على م!!ا ي!!أتي

[ 90بيانه في "األنعام" عند قوله تعالى "فبهداهم اقتده" ]األنعام: مسألة: اختلف في يوم عاشوراء هل هو التاسع من المحرم أو العاشر؟

فذهب الشافعي إلى أنه التاسع لحديث الحكم بن األعرج قال: انتهيت إلى ابن عب!!اس رض!!ي الل!!ه عنهم!!ا وه!!و متوس!!د رداءه في زم!!زم فقلت ل!!ه: أخبرني عن صوم عاشوراء فقال إذا رأيت هالل المحرم فاعدد وأصبح ي!وم التاسع صائما قلت هكذا كان محمد صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يص!!ومه؟ ق!!ال نعم خرج!!ه مس!!لم. وذهب س!!عيد بن المس!!يب والحس!!ن البص!!ري ومال!!ك وجماع!ة من الس!!لف إلى أن!!ه العاش!!ر. وذك!!ر الترم!!ذي ح!ديث الحكم ولم يصفه بصحة وال حسن. ثم أردفه: أنبأنا قتيبة أنبأن!!ا عب!!دالوارث عن ي!!ونس عن الحسن عن ابن عباس قال: أمر رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم بصوم عاشوراء ي!!وم العاش!!ر. ق!!ال أب!!و عيس!!ى ح!!ديث ابن عب!!اس ح!!ديث حسن صحيح. قال الترمذي: وروي عن ابن عباس أنه قال: صوموا التاس!!ع والعاشر وخالفوا اليهود. وبه!ذا الح!!ديث يق!ول الش!!افعي وأحم!د بن حنب!!ل وإسحاق. قال غيره: وقول ابن عباس للسائل )فاعدد وأص!!بح ي!!وم التاس!!ع صائما( ليس فيه دليل على ترك صوم العاش!!ر ب!!ل وع!د أن يص!!وم التاس!!ع مضافا إلى العاشر. قالوا: فصيام الي!!ومين جم!!ع بين األح!!اديث. وق!!ول ابن عباس للحكم لما قال له: هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يص!!ومه؟ قال نعم معناه أن لو عاش وإال فما كان النبي صلى الله عليه وس!!لم ص!!ام

Page 182: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

التاسع قط يبينه ما خرجه ابن ماجة في سننه ومسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )لئن بقيت إلى قاب!!ل

ألصومن اليوم التاسع(. فضيلة: روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم ق!!ال )ص!!يام ي!!وم

عاش!!وراء أحتس!!ب على الل!!ه أن يكف!!ر الس!!نة ال!!تي قبل!!ه( أخرج!ه مس!!لم والترم!!ذي وق!!ال: ال نعلم في ش!!يء من الرواي!!ات أن!!ه ق!!ال: )ص!!يام ي!!وم

عاشوراء كفارة سنة( إال في حديث أبي قتادة. @قوله تعالى: "وأنتم تنظرون "جملة في موضع الح!!ال ومعن!!اه بأبص!!اركم فيقال إن آل فرعون طفوا على الماء فنظروا إليهم يغرقون وإلى أنفسهم ينجون ففي هذا أعظم المنة. وقد قيل: إنهم أخرجوا لهم حتى رأوهم فهذه منة بعد منة وقي!!ل: المع!!نى "وأنتم تنظ!!رون" أي ببص!!ائركم االعتب!!ار ألنهم كانوا في شغل عن الوقوف والنظر باألبصار وقيل: المعنى وأنتم بحال من ينظر لو نظ!ر كم!ا تق!ول ه!ذا األم!ر من!ك بم!رأى ومس!مع أي بح!!ال ت!راه وتسمعه إن شئت. وهذا القول واألول أشبه ب!!أحوال ب!!ني إس!!رائيل لت!والى عدم االعتبار فيما صدر من بني إسرائيل بعد خروجهم من البح!!ر وذل!!ك أن الله تعالى لما أنجاهم وغرق عدوهم قالوا: ي!!ا موس!!ى إن قلوبن!!ا ال تطمئن

إن فرعون قد غرق حتى أمر الله البحر فلفظه فنظروا إليه. ذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن قيس بن عباد أن بني إسرائيل ق!الت: م!ا

مات فرعون وما كان ليموت أبدا ق!!ال: فلم!!ا أن س!!مع الل!!ه تك!!ذيبهم نبي!!ه عليه السالم رمى به على ساحل البحر كأنه ثور أحمر يتراءاه بنو إس!!رائيل فلما اطمأنوا وبعثوا من طريق البر إلى مدائن فرع!!ون ح!!تى نقل!!وا كن!!وزه وغرق!وا في النعم!!ة رأوا قوم!!ا يعكف!ون على أص!نام لهم ق!الوا ي!!ا موس!!ى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة حتى زجرهم موسى وقال: أغير الله أبغيكم إلها وه!!و فض!!لكم على الع!!المين أي ع!!المي زمان!!ه ثم أم!!رهم أن يس!!يروا إلى األرض المقدسة ال!!تي ك!!انت مس!!اكن آب!!ائهم ويتطه!!روا من أرض فرع!!ون وكانت األرض المقدسة في أيدي الجب!!ارين ق!!د غلب!!وا عليه!!ا فاحت!!اجوا إلى دفعهم عنها بالقتال فقالوا أتريد أن تجعلنا لحمة للجب!ارين فل!و أن!ك تركتن!!ا في يد فرعون كان خيرا لنا ق!!ال: "ي!!ا ق!!وم ادخل!!وا األرض المقدس!!ة ال!!تي

[ إلى ق!!ول "قاع!!دون" ح!!تى دع!!ا عليهم21كتب الل!!ه لكم" ]المائ!!دة: وس!!ماهم فاس!!قين. فبق!!وا في التي!!ه أربعين س!!نة عقوب!!ة ثم رحمهم فمن عليهم بالسلوى وبالغمام - على ما يأتي بيان!!ه - ثم س!!ار موس!!ى إلى ط!ور سيناء ليجيئهم بالتوراة فاتخذوا العجل - على ما ي!!أتي بيان!!ه - ثم قي!!ل لهم: قد وصلتم إلى بيت المقدس فادخلوا الباب سجدا وقول!!وا حط!!ة - على م!!ا يأتي - وكان موسى عليه السالم شديد الحياء س!تيرا فق!الوا إن!ه آدر. فلم!ا أغتسل وضع على الحجر ثوبه فعدا الحجر بثوبه إلى مجالس بني إس!!رائيل وموسى على أثره عريان وهو يقول: يا حجر ثوبي ف!!ذلك قول!!ه تع!!الى "ي!!ا أيه!!ا ال!!ذين أمن!!وا ال تكون!!وا كال!!ذين آذوا موس!!ى ف!!برأه الل!!ه مم!!ا ق!!الوا"

[ - على ما يأتي بيان!!ه - ثم لم!!ا م!!ات ه!!ارون ق!!الوا ل!!ه: أنت69]األحزاب: قتلت هارون وحسدته حتى ن!!زلت المالئك!!ة بس!!ريره وه!ارون ميت علي!!ه - وسيأتي في المائدة - ثم سألوه أن يعلموا آي!!ة في قب!!ول قرب!!انهم فجعلت نار تجيء من السماء فتقبل قربانهم ثم س!!ألوه أن بين لن!!ا كف!!ارات ذنوبن!!ا في الدنيا فكان من أذنب ذنبا أصبح على بابه مكتوب )عملت كذا وكفارت!!ه

Page 183: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قطع عضو من أعضائك( يسميه له ومن أصابه بول لم يطهر ح!!تى يقرض!!ه ويزيل جلدته من بدنه ثم ب!!دلوا الت!!وراة واف!!تروا على الل!!ه وكتب!!وا بأي!!ديهم واشتروا به عرضا ثم صار أم!!رهم إلى أن قتل!!وا أنبي!!اءهم ورس!!لهم. فه!!ذه معاملتهم مع ربهم وس!!يرتهم في دينهم وس!!وء أخالقهم وس!!يأتي بي!!ان ك!!ل فصل من هذه الفصول مس!!توفى في موض!!عه إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى وق!!ال الطبري: وفي أخبار القرآن على لسان محمد عليه السالم به!!ذه المغيب!!ات ال!!تي لم تكن من علم الع!!رب وال وقعت إال في ح!!ق ب!!ني إس!!رائيل دلي!!ل

واضح عند بن إسرائيل قائم عليهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. }وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العج!!ل من بع!!ده51* اآلية: 3*

وأنتم ظالمون{ @قوله تعالى: "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة" قرأ أبو عمرو "وعدنا" بغير ألف، واختاره أبو عبي!!د ورجح!!ه وأنك!!ر "واع!!دنا" ق!!ال: ألن المواع!!دة إنم!!ا تكون من البشر فأما الله جل وعز فإنما هو المنفرد بالوعد والوعي!!د. على

(22هذا وجدنا القرآن، كقوله عز وج!!ل: "وع!!دكم وع!!د الح!!ق" )إب!!راهيم: (29وقول!!ه: "وع!!د الل!!ه ال!!ذين آمن!!وا منكم وعمل!!وا الص!!الحات" )الفتح:

[ ق!!ال مكي:7وقوله: "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم" ]األنفال: وأيضا فإن ظاهر اللفظ فيه وعد من الله تعالى لموس!!ى، وليس في!!ه وع!!د من موسى، فوجب حمله على الواحد، لظاهر النص أن الفعل مض!!اف إلى الل!!ه تع!!الى وح!!ده، وهي ق!!راءة الحس!!ن وأبي رج!!اء وأبي جعف!!ر وش!!يبة وعيسى بن عمر، وبه قرأ قتادة وابن أبي إس!!حاق. ق!!ال أب!!و ح!!اتم: ق!!راءة العامة عندنا "وعدنا" بغير ألف، ألن المواعدة أكثر ما تكون بين المخلوقين والمتكافئين، كل واحد منهما يعد صاحبه. قال الجوهري: الميعاد: المواعدة وال!!وقت والموض!!ع. ق!!ال مكي: المواع!!دة أص!!لها من اث!!نين، وق!!د ت!!أتي المفاعلة من واحد في كالم العرب، قالوا: طارقت النعل، وداويت العلي!!ل، وعاقبت اللص، والفعل من واحد. فيك!!ون لف!!ظ المواع!!دة من الل!!ه خاص!!ة لموسى كمعنى وعدنا، فتكون القراءتان بمعنى واح!!د. واالختب!!ار "واع!!دنا" باأللف ألنه بمعنى "وعدنا" في أحد معنييه، وألنه ال بد لموس!ى من وع!د أو قبول يقوم مقام الوعد فتصح المفاعل!!ة. ق!!ال النح!!اس: وق!!راءة "واع!!دنا" ب!!األلف أج!!ود وأحس!!ن، وهي ق!!راءة مجاه!!د واألع!!رج وابن كث!!ير ون!!افع واألعمش وحمزة والكسائي، وليس قوله عز وجل: "وعد الله ال!ذين آمن!!وا منكم وعملوا الصالحات" من هذا في شيء، ألن "واعدنا موسى" إنم!!ا ه!!و من باب الموافاة، وليس هذا من الوعد والوعي!!د في ش!!يء، وإنم!!ا ه!و من قولك: موعدك يوم الجمع!!ة، وموع!!دك موض!!ع ك!!ذا. والفص!!يح في ه!!ذا أن يقال: واعدته. قال أب!!و إس!!حاق الزج!!اج: "واع!!دنا" ههن!!ا ب!!األلف جي!!د، ألن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فمن الله جل وعز وعد، ومن موسى قبول واتب!!اع يج!!ري مج!!رى المواع!!دة. ق!!ال ابن عطي!!ة. ورجح أب!!و عبي!!دة "وعدنا" وليس بصحيح، ألن قبول موسى لوعد الله والتزامه وارتقابه يشبه

المواعدة. @قوله تعالى: "موسى" اسم أعجمي ال ينصرف للعجمة والتعريف والقبط على - ما يروى - يقولون للماء: مو، وللشجر: ش!!ا. فلم!!ا وج!!د موس!!ى في التابوت عند ماء وشجر سمي موسى. قال السدي: لم!!ا خ!!افت علي!!ه أم!!ه جعلته في التابوت وألقته في اليم - كما أوحى الله إليه!!ا - فألقت!!ه في اليم

Page 184: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آس!!ية ام!!رأة فرع!!ون يغتس!!لن فوجدن!!ه، فس!!مي باس!!م المك!!ان. وذك!!ر النق!!اش وغ!!يره: أن اس!!م ال!!ذي التقطت!!ه ص!!ابوث. ق!!ال ابن إس!!حاق: وموس!!ى ه!!و موس!!ى بن عم!!ران بن يصهر بن قاهث بن الوى بن يعقوب إس!رائيل الل!!ه بن إس!!حاق بن إب!!راهيم

عليه السالم. @قول!!ه تع!!الى: "أربعين ليل!!ة" أربعين نص!!ب على المفع!!ول الث!!اني، وفي الكالم حذف قال األخفش: التقدير وإذ واعدنا موسى تمام أربعين ليلة كما

قال "واسأل القرية" واألربعون كلها داخلة في الميعاد. واألربعون في قول أكثر المفسرين ذو القع!!دة وعش!!رة من ذي الحج!!ة

وكان ذلك بعد أن جاوز البحر وسأل قومه أن ي!!أتيهم بكت!!اب من عن!!د الل!!ه فخ!!رج إلى الط!!ور في س!!بعين من خي!!ار ب!!ني إس!!رائيل وص!!عدوا الجب!!ل وواعدهم إلى تمام أربعين ليل!!ة فع!!دوا - فيم!!ا ذك!!ر المفس!!رون - عش!!رين يوما وعشرين ليلة وق!!الوا ق!!د أخلفن!!ا موع!!ده. فاتخ!!ذوا العج!!ل وق!!ال لهم الس!!امري: ه!!ذا إلهكم وإل!!ه موس!!ى فاطم!!أنوا إلى قول!!ه. ونه!!اهم ه!!ارون وقال: "يا قوم إنما فتنتم ب!!ه وإن ربكم ال!!رحمن ف!!اتبعوني وأطيع!!وا أم!!ري

[ فلم يتب!!ع90قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلين!!ا موس!!ى" ]ط!!ه: هارون ولم يطعه في ترك عبادة العج!!ل إال اثن!!ا عش!!ر ألف!!ا فيم!!ا روي في الخ!!بر. وته!افت في عبادت!!ه س!!ائرهم وهم أك!!ثر من ألفي أل!!ف فلم!!ا رج!!ع موسى ووجدهم على تلك الحال ألقى األلواح فرفع من جملتها ستة أج!!زاء وبقي جزء واحد وهو الحالل والح!!رام وم!!ا يحت!!اجون وأح!رق العج!!ل وذراه في البح!!ر فش!!ربوا من مائ!!ه حب!!ا للعج!!ل فظه!!رت على ش!!فاههم ص!!فرة وورمت بطونهم فتابوا ولم تقبل توبتهم دون أن يقتلوا أنفسهم فذلك قوله

[ فقاموا بالخن!!اجر54تعالى: "فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم" ]البقرة: والسيوف بعضهم إلى بعض من لدن طل!!وع الش!!مس إلى ارتف!!اع الض!!حى فقتل بعضهم بعض!ا ال يس!أل وال!د عن ول!ده وال ول!د عن وال!ده وال أخ عن أخيه وال أحد عن أحد كل من استقبله ضربه بالسيف وض!!ربه اآلخ!!ر بمثل!!ه حتى عج موسى إلى الله صارخا: يا رباه قد ف!!نيت بن!!و إس!!رائيل ف!!رحمهم الله وجاد عليهم بفضله فقبل توب!!ة من بقي وجع!!ل من قت!!ل في الش!!هداء

على ما يأتي. @ إن قيل: لم خص الليالي بالذكر دون األيام؟ قيل ل!!ه: ألن الليل!!ة أس!!بق من اليوم قبل!!ه في الرتب!!ة ول!!ذلك وق!!ع به!!ا الت!!اريخ فاللي!!الي أول الش!!هور

واأليام تبع لها. @ قال النقاش: في هذه اآلية إشارة إلى صلة الصوم ألن!ه تع!الى ل!!و ذك!ر األيام ألمكن أن يعتقد أنه كان يفطر بالليل فلما نص على اللي!!الي اقتض!!ت قوة الكالم أنه عليه الس!!الم واص!!ل أربعين يوم!!ا بلياليه!!ا. ق!!ال ابن عطي!!ة: س!!معت أبي يق!!ول: س!!معت الش!!يخ الزاه!!د اإلم!!ام الواع!!ظ أب!!ا الفض!!ل الجوهري رحمه الله يعظ الناس في الخل!!وة بالل!ه وال!دنو من!!ه في الص!الة ونحوه وأن ذلك يشغل عن كل طعام وشراب ويقول: ابن حال موسى في القرب من الله ووصال ثمانين من ال!!دهر من ق!!ول حين س!!ار إلى الخض!!ر

[ 62لفتاه في بعض يوم "آتنا غداءنا" ]الكهف: قلت: وبهذا استدل علماء الصوفية على الوصال وأن أفضله أربع!!ون

يوما وسيأتي الكالم في الوصال في آي الصيام من ه!!ذه الس!!ورة إن ش!!اء

Page 185: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الله تعالى ويأتي في "األعراف" زيادة أحكام لهذه اآلي!!ة عن!!د قول!!ه تع!!الى [ ويأتي لقصة العجل ببان في142"وواعدنا موسى ثالثين ليلة" ]األعراف:

كيفيته وخواره هناك وفي "طه" إن شاء الله تعالى. @قوله تع!الى: "ثم اتخ!!ذتم العج!ل من بع!ده" أي اتخ!ذتموه إله!ا من بع!د موس!!ى وأص!ل اتخ!!ذتم ائتخ!ذتم من األخ!!ذ ووزن!!ه أفتعلتم س!!هلت الهم!زة الثانية المتناع همزتين فجاء إيتخذتم فاضطربت الياء في التص!!ريف ج!!اءت ألفا في ياتخذ وواوا في موتخذ فبدلت بحرف جلد ثابت من جنس ما بعدها وهي التاء وأدغمت ثم اجتلبت ألف الوص!ل للنط!ق وق!د يس!تغنى عنه!ا إذا كان معنى الكالم التقرير كقوله تعالى "قل اتخذتم عند الله عهدا" ]البقرة:

[ فاستغنى عن ألف الوصل بألف التقرير قال الشاعر:80استحدث الركب عن أشياعهم خبرا أم راجع القلب من أطرابه طرب

[ "أص!!!طفى البن!!!ات"78ونح!!!وه في الق!!!رآن "أطل!!!ع الغيب" ]م!!!ريم: [ وم!!!!ذهب أبي علي75[ "أس!!!!تكبرت أم كنت" ]ص: 153]الص!!!!افات:

الفارسي أن "اتخذتم" من تخذ ال من أخذ. @قوله تعالى: "وأنتم ظالمون "جملة في موضع الح!!ال وق!!د تق!!دم مع!!نى

الظلم والحمد لله. }ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون{52* اآلية 3*

@قوله تعالى: "ثم عفونا عنكم "العفو عفو الله ج!!ل وع!!ز عن خلق!!ه وق!!د يكون بعد العقوبة وقبلها بخالف الغفران فإن!!ه ال يك!!ون مع!!ه عقوب!!ة البت!!ة. وكل من استحق عقوبة فتركت له فقد عفي عن!!ه ف!!العفو مح!!و ال!!ذنب أي محونا ذنوبكم وتجاوزنا عنكم مأخوذ من قولك عفت الريح األث!!ر أي أذهبت!!ه وعف!!ا الش!!يء ك!!ثر فه!!و من األض!!داد ومن!!ه قول!!ه تع!!الى "ح!!تى عف!!وا".

[ 95]األعراف @قوله تعالى: "من بعد ذلك "أي من بعد عب!!ادتكم العج!!ل وس!!مي العج!!ل عجال الستعجالهم عبادته. والل!!ه أعلم والعج!!ل ول!!د البق!!رة والعج!!ول مثل!!ه

والجمع العجاجيل واألنثى عجلة عن أبي الجراح. @قوله تعالى: "لعلكم تشكرون" كي تشكروا عف!!و الل!!ه عنكم وق!!د تق!!دم معنى لعل وأما الشكر فهو في اللغة الظهور من قول دابة شكور إذا ظه!!ر عليها من السمن فوق ما تعطى من العل!!ف وحقيقت!!ه الثن!!اء على اإلنس!!ان بمعروف يوليكه. كما تقدم في الفاتحة. قال الجوهري: الش!!كر الثن!!اء على المحسن بما أوالكه من المعروف يقال: شكرته وشكرت له وبالالم أفص!!ح والشكران خالف الكفران وتشكرت ل!!ه مث!!ل ش!!كرت ل!!ه. وروى الترم!!ذي وأبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الل!!ه علي!ه وس!لم ق!ال )ال يش!كر الله من ال يش!!كر الن!!اس( ق!!ال الخط!!ابي: ه!!ذا الكالم يت!!أول على معن!!يين أح!!دهما - أن من ك!!ان من طبع!!ه كف!!ران نعم!!ة الن!!اس وت!!رك الش!!كر لمعروفهم كان من عادته كف!!ران نعم!!ة الل!!ه ع!!ز وج!!ل وت!!رك الش!!كر ل!!ه. والوجه اآلخر - أن الله سبحانه ال يقب!!ل ش!!كر العب!!د على إحس!!انه إلي!!ه إذا كان العبد ال يشكر إحسان الناس إليه ويكفر معروفهم التصال أحد األمرين

باآلخر. @ في عبارات العلماء في معنى الشكر فق!!ال س!!هل بن عبدالل!!ه الش!!كر: االجتهاد في بذل الطاعة مع االجتناب للمعصية في السر والعالنية. وق!!الت فرقة أخرى: الشكر هو االع!!تراف في تقص!!ير الش!!كر للمنعم ول!!ذلك ق!!ال

Page 186: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

[ فقال داود: كيف أشكرك ي!!ا رب13تعالى "اعملوا آل داود شكرا" ]سبأ: والشكر نعمة منك قال اآلن قد عرفتني وشكرتني إذ قد عرفت أن الش!!كر مني نعمة قال: يا رب فأرني أخفى نعمك علي قال: يا داود تنفس فتنفس داود فقال الله تعالى من يحصي هذه النعم!!ة اللي!!ل والنه!!ار وق!!ال موس!!ى عليه السالم: كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها بيدي من نعم!!ك ال يج!!ازى بها عملي كله فأوحى الله إليه يا موسى اآلن شكرتني وقال الجنيد: حقيقة الشكر العجز عن الشكر وعنه قال: كنت بين يدي السري الس!!قطي ألعب وأنا ابن سبع سنين وببن يدي!!ه جماع!!ة يتكلم!!ون في الش!!كر فق!!ال لي: ي!!ا غالم ما الشكر؟ فقلت: أال يعصى الله بنعم!!ه فق!!ال لي: أخش!!ى أن يك!!ون حظك من الله لس!!انك ق!!ال الجني!!د فال أزال أبكي على ه!!ذه الكلم!!ة ال!!تي قالها السري لي وقال الشبلي الشكر: التواضع والمحافظة على الحسنات ومخالفة الشهوات وبذل الطاعات ومراقبة جبار األرض والس!!ماوات وق!!ال ذو الن!!ون المص!!ري أب!!و الفيض الش!!كر لمن فوق!!ك بالطاع!!ة ولنظ!!يرك

بالمكافأة ولمن دونك باإلحسان واإلفضال. }وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون{53* اآلية 3*

@قول!!ه تع!!الى: "وإذ آتين!!ا موس!!ى الكت!!اب والفرق!!ان" "إذا" اس!!م لل!!وقت الماضي و"إذا" اسم للوقت المستقبل و"آتينا" أعطينا وقد تقدم جميع ه!!ذا والكتاب: التوراة بإجماع من المتأولين واختلف في الفرق!!ان فق!!ال الف!!راء وقطرب: المعنى آتينا موسى التوراة ومحمدا علي!!ه الس!!الم الفرق!!ان ق!!ال النحاس: هذا خطأ في اإلعراب والمعنى أما اإلعراب ف!!إن المعط!!وف على الشيء مثله وعلى هذا القول يك!!ون المعط!!وف على الش!!يء خالف!!ه وأم!!ا المعنى فقد ق!!ال تع!!الى "ولق!!د آتين!!ا موس!!ى وه!!ارون الفرق!!ان" ق!!ال أب!!و إسحاق الزجاج: يكون الفرقان هو الكتاب أعيد ذكره باسمين تأكيدا وحكي

عن الفراء ومنه قول الشاعر: وقدمت األديم لراهشيه وألفى قولها كذبا ومينا

وقال آخر :أال حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد

فنسق البعد على النأي والمين على الكذب الختالف اللفظين تأكي!!دا ومن!!هقول عنترة:

حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم قال النحاس: وهذا إنما يجيء في الش!!عر وأحس!!ن م!!ا قي!!ل في ه!!ذا ق!!ول مجاهد: فرقا بين الحق والباطل أي الذي علمه إياه وقال ابن زيد الفرق!!ان انفراق البحر له حتى صار فرقا فعبروا وقيل: الفرق!!ان الف!!رج من الك!!رب ألنهم كانوا مستعبدين مع القبط ومنه قوله تعالى "إن تتقوا الله يجعل لكم

[ أي فرجا ومخرجا وقيل: إنه الحجة والبي!!ان ق!!ال ابن29فرقانا" ]األنفال: بحر وقيل الواو صلة والمعنى آتينا موسى الكتاب الفرقان وال!!واو ق!!د ت!!زاد

في النعوت كقولهم فالن حسن وطويل وأنشد :إلى الملك القرم وبن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم

أراد إلى الملك القرم بن الهمام ليث الكتيبة ودليل ه!!ذا التأوي!!ل قول!!ه ع!!ز وجل: "ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيال لكل شيء"

[ أي بين الح!!رام والحالل والكف!!ر واإليم!!ان والوع!!د والوعي!!د154]األنعام: وغ!!ير ذل!ك. وقي!ل: الفرق!ان الف!رق بينهم وبين ق!وم فرع!ون أنجى ه!ؤالء

Page 187: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وأغرق أولئك ونظيره: "يوم الفرقان" فقيل يعني به يوم بدر نصر الله في!!همحمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهلك أبا جهل وأصحابه.

@قوله تعالى: "لعلكم تهتدون "لكي تهتدوا من الضاللة وقد تقدم. }وإذ ق!!ال موس!!ى لقوم!!ه ي!!ا ق!!وم إنكم ظلمتم أنفس!!كم54* اآلي!!ة 3*

باتخاذكم العجل فتوب!!وا إلى ب!!ارئكم ف!!اقتلوا أنفس!!كم ذلكم خ!!ير لكم عن!!دبارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم{

@قول!!ه تع!!الى: "وإذ ق!!ال موس!!ى لقوم!!ه" الق!!وم: الجماع!!ة الرج!!ال دون [ ثم ق!ال:11النساء قال الله تعالى: "ال يسخر قوم من قوم" ]الحج!رات:

[ وقال زهير: 11"وال نساء من نساء" ]الحجرات: وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء

[ أراد الرج!!ال دون80وق!!ال تع!!الى: "ولوط!!ا إذ ق!!ال لقوم!!ه" ]األع!!راف: النساء وقد يقع القوم على الرجل والنس!!اء ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "إن!!ا أرس!!لنا

[ وكذا كل نبي مرسل إلى النساء والرجال جميعا.1نوحا إلى قومه" ]نوح: @قوله تعالى: "يا قوم" منادى مض!!اف وح!!ذفت الي!!اء في "ي!!ا ق!!وم" ألن!!ه موضع حذف والكسرة تدل عليها وهي بمنزلة التنوين فحذفتها كم!ا تح!ذف التنوين من المفرد ويجوز في غير القرآن إثباتها س!!اكنة فتق!!ول: ي!!ا ق!!ومي ألنها اسم وهي في موضع خفض وإن شئت فتحتها وإن شئت ألحقت معه!ا هاء فقلت: يا قوميه وإن شئت أبدلت منها ألفا ألنها أخ!!ف فقلت: ي!!ا قوم!!ا وإن شئت قلت: ي!!ا ق!!وم بمع!!نى ي!!ا أيه!!ا الق!!وم وإن جعلتهم نك!!رة نص!!بت ونونت وواحد القوم امرؤ على غير اللفظ وتقول: قوم وأقوام وأقاوم جمع الجمع والمراد هنا بالقوم عبدة العجل وك!!انت مخاطبت!!ه علي!!ه الس!!الم لهم

بأمر من الله تعالى. @قوله تعالى: "إنكم ظلمتم أنفسكم" استغنى ب!!الجمع القلي!!ل عن الكث!!ير والكثير نفوس وقد يوضع الجمع الكثير موضع جم!!ع القل!!ة والقلي!!ل موض!!ع

[ وق!!ال "وفيه!!ا م!!ا228الك!!ثرة ق!!ال الل!!ه تع!!الى: "ثالث!!ة ق!!روء" "البق!!رة: [ ويق!!ال لك!!ل من فع!!ل فعال يع!!ود علي!!ه71تش!!تهيه األنفس" ]الزخ!!رف:

ضرره: إنما أسأت إلى نفسك وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه. @قوله تعالى: "باتخ!!اذكم العج!!ل" ق!!ال بعض أرب!!اب المع!!اني: عج!!ل ك!!ل إنسان نفسه فمن أسقطه وخالف مراده فقد برئ من ظلمه والصحيح أن!!ه

هنا عجل على الحقيقة عبدوه كما نطق به التنزيل والحمد لله @قوله تع!الى: "فتوب!وا إلى ب!ارئكم ف!اقتلوا أنفس!كم ذلكم خ!ير لكم عن!!د بارئكم" لما قال لهم فتوبوا إلى بارئكم قالوا كيف؟ قال "فاقتلوا أنفسكم" قال أرباب الخواطر ذللوها بالطاعات وكفوها عن الش!هوات والص!!حيح أن!ه قتل على الحقيقة هنا والقتل: إماتة الحركة وقتلت الخمر: كس!!رت ش!!دتها بالماء قال سفيان بن عينه التوب!!ة نعم!!ة من الل!!ه أنعم الل!!ه به!!ا على ه!!ذه األمة دون غيرها من األمم وكانت توبة بني إسرائيل القت!!ل. وأجمع!!وا على أنه لم يؤمر كل واحد من عبدة العجل بأن يقتل نفسه بي!!ده ق!ال الزه!!ري: لما قيل لهم: "فتوب!!وا إلى ب!!ارئكم ف!!اقتلوا أنفس!!كم" ق!!اموا ص!!فين وقت!!ل بعضهم بعضا حتى قيل لهم: كفوا فكان ذلك ش!!هادة للمقت!!ول وتوب!!ة للحي على ما تقدم وقال بعض المفسرين: أرسل الله عليهم ظالما ففعل!وا ذل!!ك وقي!!ل: وق!!ف ال!!ذين عب!!دوا العج!!ل ص!!فا ودخ!!ل ال!!ذين لم يعب!!دوه عليهم بالسالح فقتلوهم. وقيل: قام السبعون الذين كانوا م!!ع موس!!ى فقتل!!وا - إذ

Page 188: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

لم يعبدوا العجل - من عب!!دالعجل. وي!!روى أن يوش!!ع بن ن!!ون خ!!رج عليهم وهم محتبون فقال: ملعون من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو أتق!!اه. بيد أو رجل فما ح!ل أح!د منهم حبوت!ه ح!تى قت!!ل منهم - يع!ني من قت!!ل - وأقبل الرجل يقتل من يليه ذكره النح!!اس وغ!!يره وإنم!!ا ع!!وقب ال!!ذين لم يعبدوا العجل بقتل أنفس!!هم - على الق!!ول األول - ألنهم لم يغ!!يروا المنك!!ر حين عبدوه وإنما اعتزلوا وكان الواجب عليهم أن يقاتلوا من عب!!ده. وه!!ذه سنة الله في عباده إذا فش!!ا المنك!!ر ولم يغ!!ير ع!!وقب الجمي!!ع روى جري!!ر قال: قال رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم )م!!ا من ق!!وم يعم!!ل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع ال يغيرون إال عمهم الله بعقاب( أخرج!!ه ابن ماجة في سننه وسيأتي الكالم في هذا المع!نى إن ش!!اء الل!ه تع!الى. فلم!ا استحر فيهم القتل وبلغ سبعين ألفا عفا الل!!ه عنهم قال!!ه ابن عب!!اس وعلي رضي الله عنهما. وإنما رفع الله عنهم القتل ألنهم أعطوا المجهود في قتل أنفسهم فما أنعم الله على ه!!ذه األم!!ة نعم!!ة بع!!د اإلس!!الم هي أفض!!ل من التوبة وقرأ قتادة فأقيلوا أنفسكم - من اإلقالة - أي اس!!تقبلوها من الع!!ثرة

بالقتل. @قوله تعالى: بارئكم" البارئ الخ!!الق وبينهم!!ا ف!!رق وذل!!ك أن الب!!ارئ ه!!و المبدع المحدث والخ!!الق ه!!و المق!!در الناق!!ل من ح!!ال إلى ح!!ال والبري!!ة: الخلق وهي فعيلة بمعنى مفعولة غير أنها ال تهمز وقرأ أبو عمرو "ب!!ارئكم" - بسكون الهمزة - ويشعركم وينصركم وي!!أمركم واختل!!ف النح!!اة في ه!!ذا فمنهم من يسكن الضمه والكسرة في الوصل وذلك في الشعر وق!!ال أب!!و العباس المبرد: ال يجوز التسكين مع ت!!والي الحرك!!ات في ح!!رف اإلع!!راب في كالم وال شعر وقراءة أبي عمرو لحن قال النح!!اس وغ!!يره: وق!!د أج!!از

ذلك النحويون القدماء األئمة وأنشدوا:إذا اعوججن قلت صاحب قوم بالدو أمثال السفين العوم

وقال امرؤ القيس: فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله وال واغل

وقال آخر: قالت سليمى اشتر لنا سويقاوقال اآلخر: رحت وفي رجليك ما فيهما وقد بدا هنك من المئزر

فمن أنكر التسكين في حرف اإلع!!راب فحجت!!ه أن ذل!!ك ال يج!!وز من حيث كان علما لإلعراب قال أبو علي: وأما حركة البن!!اء فلم يختل!!ف النح!!اة في جواز تسكينها مع توالي الحركات وأصل برأ من تبري الش!!يء من الش!!يء وهو انفصاله منه فالخلق قد فصلوا من العدم إلى الوجود ومن!!ه ب!!رئت من المرض برءا )ب!!الفتح( ك!!ذا يق!!ول أه!!ل الحج!!از وغ!!يرهم يق!!ول: ب!!رئت من الم!!رض ب!!رءا )بالض!!م( وب!!رئت من!!ك ومن ال!!ديون والعي!!وب ب!!راءة ومن!!ه

المبارأة للمرأة وقد بارأ شريكه وامرأته @قول!!ه تع!!الى: "فت!!اب عليكم" في الكالم ح!!ذف تق!!ديره ففعلتم "فت!!اب

عليكم" أي فتجاوز عنكم أي على الباقين منكم.@قوله تعالى: "إنه هو التواب الرحيم" تقدم معناه والحمد لله.

}وإذ قلتم ي!!ا موس!!ى لن ن!!ؤمن ل!!ك ح!!تى ن!!رى الل!!ه جه!!رة55* اآلي!!ة 3*فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون{

@قوله تع!!الى: "وإذ قلتم ي!!ا موس!!ى لن ن!!ؤمن ل!!ك ح!!تى ن!!رى الل!!ه" "وإذ قلتم" معطوف "يا موسى" نداء مفرد "لن ن!!ؤمن ل!!ك" أي نص!!دقك "ح!!تى

Page 189: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

نرى الله جهرة" قيل: هم السبعون الذين اختارهم موس!!ى وذل!!ك أنهم لم!!ا [55أسمعهم كالم الله تعالى قالوا له بعد ذل!ك: "لن ن!ؤمن ل!!ك" ]البق!رة:

واإليمان باألنبياء واجب بعد ظهور معج!!زاتهم فأرس!!ل الل!!ه عليهم ن!!ارا من السماء فأحرقهم ثم دعا موسى ربه فأحياهم كما قال تع!!الى: "ثم بعثن!!اكم

[ وستأتي قصة السبعين في األعراف إن شاء56من بعد موتكم" ]البقرة: الله تع!!الى ق!!ال ابن ف!!ورك: يحتم!!ل أن تك!!ون مع!!اقبتهم إلخ!!راجهم طلب

[ وليس153الرؤية عن طريقة بقولهم لموسى "أرنا الله جهرة" ]النس!!اء: ذلك من مقدور موسى عليه السالم

وقد اختلف في جواز رؤية الله تعالى ف!!أكثر المبتدع!ة على إنكاره!!ا في ال!!دنيا واآلخ!!رة وأه!!ل الس!!نة والس!!لف على جوازه!!ا فيهم!!ا ووقوعه!!ا في اآلخ!رة فعلى ه!!ذا لم يطلب!!وا من الرؤي!!ة مح!!اال وق!!د س!!ألها موس!!ى علي!!ه السالم. وسيأتي الكالم في الرؤية في "األنعام" و"األعراف" إن ش!!اء الل!!ه

تعالى. @قوله تعالى: "جهرة "مصدر في موضع الحال ومعناه عالنية وقي!!ل عيان!!ا قاله ابن عباس وأصل الجهر الظهور ومنه الجهر بالقراءة إنما هو إظهاره!!ا والمجاهرة بالمعاصي: المظاهرة بها ورأيت األم!!ير جه!!ارا وجه!!رة أي غ!!ير مستتر بشيء وقرأ ابن عباس "جهرة" بفتح الهاء وهم!!ا لغت!!ان مث!!ل زه!!رة

وزهرة وفي الجهر وجهان: أحدهما - أنه صفة لخط!!ابهم لموس!!ى أنهم جه!!روا ب!!ه وأعلن!!وا فيك!!ون في

الكالم تقديم وتأخير والتقدير: وإذ قلتم جهرة يا موسى. الثاني - أنه صفة لما س!!ألوه من روي!!ة الل!!ه تع!!الى أن ي!!روه جه!!رة وعيان!!ا فيكون الكالم عله نسقه ال تقديم فيه وال تأخير وأكد بالجهر فرقا بين رؤي!!ة

العيان ورؤية المنام. @قول!!ه تع!!الى: "فأخ!!ذتكم الص!!اعقة" ق!!د تق!!دم في أول الس!!ورة مع!!نى الصاعقة وقرأ عمر وعثمان وعلي "الصعقة" وهي قراءة ابن محيصين في

جميع القرآن. @قول!!ه تع!!الى: "وأنتم تنظ!!رون" جمل!!ة في موض!!ع الح!!ال ويق!!ال: كي!!ف يموتون وهم ينظرون؟ ف!الجواب أن الع!رب تق!ول دور آل فالن ت!راءى أي يقابل بعضها بعضا وقيل: المعنى "تنظ!رون" أي إلى ح!الكم وم!ا ن!!زل بكم

من الموت وآثار الصعقة. }ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون{56* اآلية 3*

@أي أحييناكم. قال قتادة: ماتوا وذهبت أرواحهم ثم ردوا الستيفاء آجالهم. قال النحاس: وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبعث من قريش، واحتج!!اج على أهل الكتاب إذ خبروا به!!ذا والمع!!نى "لعلكم تش!!كرون" م!!ا فع!!ل بكم من البعث بعد الموت وقيل: ماتوا موت همود يعت!!بر ب!!ه الغ!!ير، ثم أرس!!لوا وأصل البعث اإلرسال. وقيل: بل أصله إثارة الشيء من محله، يقال: بعثت

الناقة: أثرتها، أي حركتها، قال امرؤ القيس: وفتيان صدق قد بعثت بسحرة فقاموا جميعا بين ونشوان

وقال عنترة:وصحابة شم األنوف بعثتهم ليال وقد مال الكرى بطالها

[ علمن!!اكم من بع!!د56وقال بعضهم: "بعثن!!اكم من بع!!د م!!وتكم" ]البق!!رة: جهلكم.

Page 190: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قلت: واألول أصح، ألن األص!!ل الحقيق!!ة، وك!!ان م!!وت عقوب!!ة، ومن!!ه قول!!ه تعالى: "ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فق!!ال

[ 243لهم الله موتوا ثم أحياهم" على ما يأتي ]البقرة: قال الماوردي: واختل!!ف في بق!!اء تكلي!!ف من أعي!!د بع!!د موت!!ه ومعاين!!ة

األحوال المضطرة إلى المعرف!!ة على ق!!ولين: أح!!دهما - بق!!اء تكليفهم لئال يخل!!و عاق!!ل من تعب!!د. الث!!اني: س!!قوط تكليفهم معت!!برا باالس!!تدالل دون

االضطرار. قلت: واألول أصح، فإن بني إسرائيل قد رأوا الجبل في الهواء ساقطا

عليهم والنار محيطة بهم وذلك مما اضطرهم إلى اإليم!!ان، وبق!!اء التكلي!!ف ث!!ابت عليهم، ومثلهم ق!!وم ي!!ونس. ومح!!ال أن يكون!!وا غ!!ير مكلفين والل!!ه

أعلم. }وظللنا عليكم الغم!!ام وأنزلن!!ا عليكم المن والس!!لوى كل!!وا57* اآلية: 3*

من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون{ @قوله تعالى: "وظللنا عليكم الغمام" أي جعلناه عليكم كالظل!!ة. والغم!!ام جمع غمامة كس!!حابة وس!!حاب قال!!ه األخفش س!!عيد. ق!!ال الف!!راء: ويج!!وز غمائم وهي السحاب ألنها تغم المساء أي تسترها وكل مغطى فهو مغموم ومنه المغم!!وم على عقل!!ه. وغم الهالل إذا غط!!اه الغيم والغين مث!!ل الغيم ومنه قول عليه الس!الم: )إن!ه ليغ!ان على قل!بي( ق!!ال ص!احب العين: غين عليه غطى عليه والغين شجر ملتف وقال السدي: الغمام السحاب األبيض وفع!!ل ه!!ذا بهم ليقيهم ح!!ر الش!!مس نه!!ارا وينجلي في آخ!!ره ليستض!!يؤوا بالقمر ليال وذكر المفسرون أن هذا جرى في التيه بين مص!!ر والش!!ام لم!!ا امتنعوا من دخول مدينة الجب!!ارين وقت!!الهم وق!الوا لموس!ى: "ف!اذهب أنت

[ فعوقبوا في ذلك الفحص أربعين س!!نة ي!!تيهون24وربك فقاتال" ]المائدة: في خمسة فراس!!خ أو س!تة روي أنهم ك!انوا يمش!!ون النه!ار كل!!ه وي!!نزلون للمبيت فيص!!بحون حيت ك!!انوا بك!!رة أمس. وإذا ك!!انوا ب!!أجمعهم في التي!!ه قالوا لموسى: من لنا بالطعام فأنزل الله عليهم المن والس!!لوى ق!!الوا من لنا من حر الشمس فظلل عليهم الغمام. قالوا: فبم نستص!!بح فض!!رب لهم عمود نور في وسط محلتهم وذكر مكي: عمود من نار قالوا: من لنا بالماء فأمر موسى بض!!رب الحج!!ر ق!!الوا: من لن!!ا باللب!!اس ف!!أعطوا أال يبلى لهمثوب وال يخلق وال يدرن وأن تنمو صغارها حسب نمو الصبيان والله أعلم.

@قول!ه تع!الى: "وأنزلن!!ا عليكم المن والس!لوى" اختل!!ف في المن م!ا ه!و وتعيينه على أقوال فقيل: الترنجبين - بتشديد ال!!راء وتس!!كين الن!!ون ذك!!ره النحاس ويق!!ال: الطرنج!!بين بالط!!اء - وعلى ه!!ذا أك!!ثر المفس!!رين وقي!!ل: صمغة حلوة وقيل عسل: وقيل شراب حلو. وقيل: خ!!بز الرق!!اق عن وهب بن منبه وقيل: "المن" مصدر يعم جميع ما من الله به على عباده من غ!!ير تعب وال زرع ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سعيد بن زيد بن عم!!رو بن نفي!!ل: )الكم!!أة من المن ال!!ذي أن!!زل الل!!ه على ب!!ني إسرائيل وماؤها ش!!فاء للعين( في رواي!!ة )من المن ال!!ذي أن!!زل الل!!ه على موسى(. رواه مسلم قال علماؤنا: وهذا الحديث يدل على أن الكم!!أة مم!!ا أنزل الله على بني إسرائيل أي مما خلقه الله لهم في اآلية قال أبو عبي!!د: إنما شبهها بالمن ألنه ال مؤونة فيه!!ا بب!!ذر وال س!!قي وال عالج فهي من!!ه أي من جنس من بني إس!رائيل في أن!ه ك!ان دون تكل!!ف روي أن!ه ك!ان ي!نزل

Page 191: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كالثلج فيأخذ الرج!ل م!!ا يكفي!!ه ليومه ف!!إن ادخ!ر من!!ه ش!!يئا فس!!د علي!!ه إال في ي!!وم الجمع!!ة ف!!إنهم ك!!انوا يدخرون ليوم السبت فال يفسد عليهم ألن يوم السبت يوم عبادة وم!!ا ك!!ان

ينزل عليهم يوم السبت شيء. @ لما نص عليه السالم على أن ماء الكم!!أة ش!!فاء للعين ق!!ال بعض أه!!ل العلم ب!!الطب: أم!!ا لتبري!!د العين من بعض م!!ا يك!!ون فيه!!ا من الح!!رارة فتستعمل بنفسها مفردة وأما لغير ذلك فمركبة مع غيرها وذهب أبو هريرة رض!!ي الل!!ه عن!!ه إلى اس!!تعمالها بحت!!ا في جمي!!ع م!!رض العين. وه!!ذا كم!!ا استعمل أبو وجزة العسل في جميع األمراض كلها حتى في الكحل على ما يأتي بيانه في سورة "النحل" إن شاء الله تع!الى وق!!ال أه!!ل اللغ!!ة: الكمء واحد وكمآن اثنان وأكمؤ ثالثة فإذا زادوا ق!!الوا كم!!أة - بالت!!اء - على عكس شجرة وشجر والمن اسم جنس ال واحد له لفظه مثل الخ!!ير والش!!ر قال!!ه

األخفش. @قوله تعالى: "والسلوى" اختلف في السلوى فقيل: ه!!و الس!!ماني بعين!!ه قاله الضحاك قال ابن عطية: السلوى طير بإجم!!اع المفس!!رين وق!!د غل!!ط

الهذلي فقال: وقاسمها بالله جهدا ألنتم ألذ من السلوى إذا ما نشورها

ظن السلوى العسل. قلت: ما ادعاه من اإلجماع ال يصح وقد قال المؤرج أحد علم!!اء اللغ!!ة

والتفسير: إنه العسل واستدل ب!!بيت اله!!ذلي وذك!!ر أن!!ه ك!!ذلك بلغ!!ة كنان!!ةسمي به ألنه يسلى به ومنه عين السلوان، وأنشد:

لو أشرب السلوان ما سليت ما بي غنى عنك وإن غنيت وقال الجوهري: والسلوى العسل وذكر بيت الهذلي:

ألذ من السلوى إذا ما نشورها ولم يذكر غلطا والسلوانة )بالضم(: خرزة كانوا يقولون إذا صب عليها م!!اء

المطر فشربه العاشق سال قال: شربت على سلوانة ماء مزنة فال وجديد العيش يامي ما أسلو

واسم ذل!!ك الم!!اء الس!!لوان وق!!ال بعض!!هم الس!!لوان دواء يس!!قاه الح!!زين فيسلو واألطباء يس!!مونه المف!!رح يق!!ال: س!!ليت وس!!لوت لغت!!ان. وه!!و في

سلوة من العيش أي في رغد عن أبى زيد. @ واختلف في السلوى هل هو جمع أو مفرد فقال األخفش: جمع ال واح!!د له من لفظه مثل الخير والش!!ر وه!!و يش!!به أن يك!!ون واح!!ده س!!لوى مث!!ل جماعته كما قالوا: دفلى للواحد والجماعة وس!!مانى وش!!كاعى في الواح!!د

والجميع. وقال الخليل: واحده سلواة وأنشد:وإني لتعروني لذكرك هزة كما أنتفض السلواة من بلل القطر

وقال الكسائي: السلوى واحدة وجمعه سالوى @ "السلوى" عط!!ف على "المن" ولم يظه!!ر في!!ه اإلع!!راب ألن!!ه مقص!!ور ووجب هذا في المقصور كله ألنه ال يخلو من أن يكون في آخره ألف. قال الخليل: واأللف حرف هوائي ال مستقر له فأشبه الحركة فاستحالت حركته

وقال الفراء: لو حركت األلف صارت همزة.

Page 192: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "كلوا من طيبات م!!ا رزقن!!اكم" "كل!!وا" في!!ه ح!!ذف تق!!ديره وقلنا كلوا فحذف اختصار الدالل!!ة الظ!!اهر علي!!ه والطيب!!ات هن!!ا ق!!د جمعت

الحالل واللذيذ. @قوله تعالى: "وما ظلمونا" يقدر قبله فعص!!وا ولم يق!!ابلوا النعم بالش!!كر

"ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" لمقابلتهم النعم بالمعاصي. }وإذ قلنا ادخلوا هذه القري!!ة فكل!!وا منه!!ا حيث ش!!ئتم رغ!!دا58* اآلية: 3*

وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين{ @قوله تعالى: "وإذ قلنا ادخلوا" حذفت األلف من "قلنا" لسكونها وسكون

الدال بعدها واأللف التي يبتدأ بها قبل الدال ألف وصل ألنه من يدخل.. @قول!ه تع!الى: "ه!ذه القري!!ة" أي المدين!ة س!!ميت ب!!ذلك ألنه!ا تق!!رت أي اجتمعت ومنه قريت الماء في الحوض أي جمعته واس!!م ذل!!ك الم!!اء ق!!رى )بكسر القاف( مقصور وكذلك ما قري به الضيف قال الجوهري: والمقراة

للحوض والقري لمسيل الماء والقرا للظهر ومنه قوله: الحق بطن بقرا سمين

والمقاري: الجفان الكبار. قال: عظام المقاري ضيفهم ال يفزع

وواحد المقاري مق!!راة وكل!!ه بمع!!نى الجم!!ع غ!!ير مهم!!وز والقري!!ة )بكس!!ر القاف( لغة اليمن واختلف في تعيينه!!ا فق!!ال الجمه!!ور: هي بيت المق!!دس وقيل: أريحاء من بيت المقدس قال عمر بن ش!!بة ك!!انت قاع!!دة ومس!!كن ملوك. ابن كيس!!ان الش!!ام: الض!!حاك: الرمل!!ة واألردن وفلس!!طين وت!!دمر.

وهذه نعمه أخرى وهى أنه أباح لهم دخول البلدة وأزال عنهم التيه. @قوله تعالى: "فكلوا منها حيث شئتم" إباحة.

@قوله تعالى: "رغدا" كثيرا واسعا وهو نعت لمصدر محذوف أي أكال رغ!!دا ويج!!وز أن يك!!ون في موض!!ع الح!!ال على م!!ا تق!!دم وك!!انت أرض!!ا مبارك!!ة

عظيمة الغلة فلذلك قال "رغدا" @قوله تعالى: "وادخلوا الباب سجدا" الباب يجمع أبوابا وق!!د ق!!الوا: أبوب!!ة

لالزدواج قال الشاعر: هتاك أخيية والج أبوبة يخلط بالبر منه الجد واللينا

ولو أفرده لم يجز. ومثله قول عليه الس!!الم: )مرحب!!ا ب!!القوم - أو بالوف!!د - غير خزايا وال ندامى( وتبوبت بوابا اتخذته. وأبواب مبوبة كما قالوا: أصناف مصنفة. وهذا شيء من بابتك أي يصلح لك. وقد تق!!دم مع!!نى الس!!جود فال

معنى إلعادته والحمد لله. والباب الذي أمروا بدخول هو ب!!اب في بيت المق!!دس يع!!رف الي!!وم ب!

"باب حطه" عن مجاهد وغ!!يره وقي!!ل: ب!!اب القب!!ة ال!!تي ك!!ان يص!!لي إليه!!ا موسى وبن!و إس!!رائيل و"س!!جدا" ق!ال ابن عب!اس: منح!نين ركوع!ا وقي!ل:

متواضعين خشوعا ال على هية متعينة. @قوله تعالى: "وقولوا" عطف على أدخلوا.

@قول!!ه تع!!الى: "حط!!ة" ب!!الرفع ق!!راءة الجمه!!ور على إض!!مار مبت!!دأ أي مسألتنا حطة أو يكون حكاية. قال األخفش: وقرئت "حطة" بالنص!!ب على معنى احطط عنا ذنوبنا حطة. ق!!ال النح!!اس: الح!!ديث عن ابن عب!!اس أن!!ه قيل لهم: قولوا ال إله إال الله وفي حديث آخر عنه قيل لهم قولوا مغف!!رة - تفسير للنصب، أي قولوا شيئا يحط ذنوبكم كما يقال: قل خيرا واألئمة من

Page 193: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

القراء على الرفع. وهو أولى في اللغة لما حكي عن العرب في معنى بدل قال أحمد بن يح!!يى: يق!!ال بدلت!!ه، أي غيرت!!ه ولم أزل عين!!ه. وأبدلت!!ه أزلت

عينه وشخصه كما قال: عزل األمير لألمير المبدل

وقال الله عز وجل: "قال ال!!ذين ال يرج!!ون لقاءن!!ا ائت بق!!رآن غ!!ير ه!!ذا أو [ وحديث ابن مسعود ق!!الوا "حط!!ة" تفس!!ير على الرف!!ع15بدله" ]يونس:

هذا كله قول النحاس وقال الحسن وعكرمة: "حط!ه" بمع!نى ح!ط ذنوبن!!ا، أمروا أن يقولوا ال إله إال الل!!ه ليح!!ط به!!ا ذن!!وبهم. وق!!ال ابن جب!!ير: معن!!اه

االستغفار أبان بن تغلب: التوبة قال الشاعر: فاز بالحطة التي جعل الل! !ه بها ذنب عبده مغفورا

وقال ابن فارس في المجمل: "حطة" كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوه!!الحطت أوزارهم وقاله الجوهري أيضا في الصحاح.

قلت: يحتمل أن يكونوا تعبدوا بهذا اللفظ بعينه وهو الظاهر من الحديث روى مسلم عن أبي هريرة: قال قال رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم: )قيل لبني إسرائيل أدخلوا الباب سجدا وقول!!وا حط!!ة يغف!!ر لكم خطاي!!اكم فب!!دلوا ف!!دخلوا الب!!اب يزحف!!ون على أس!!تاههم وق!!الوا حب!!ة في ش!!عرة( وأخرجه البخ!!اري وق!!ال: )فب!!دلوا وق!!الوا حط!!ة حب!!ة في ش!!عرة( في غ!!ير الصحيحين: "حنطة في شعر" وقيل: قالوا هطا سمهاثا وهي لفظة عبرانية تفس!!يرها: حنط!!ة حم!!راء حكاه!!ا ابن قتيب!!ة وحك!!اه اله!!روي عن الس!!دي ومجاهد وكان قصدهم خالف ما أمرهم الله به فعصوا وتم!!ردوا واس!!تهزؤوا فعاقبهم الله بالرجز وهو العذاب وقال ابن زي!!د: ك!!ان طاعون!!ا أهل!!ك منهم سبعين ألفا. وروي أن الباب جعل فصيرا ليدخلوه ركع!!ا ف!!دخلوه مت!!وركين

على أستاههم والله أعلم. استدل بعض العلماء بهذه اآلية على أن تبديل األقوال المنصوص عليها في الشريعة ال يخل!!و أن يق!!ع التعب!!د بلفظه!!ا أو بمعناه!!ا ف!!إن ك!!ان التعب!!د وق!!ع بلفظها فال يجوز تبديلها لذم الله تعالى من ب!!دل م!!ا أم!!ره بقول!!ه وإن وق!!ع بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي إلى ذلك المع!نى وال يج!وز تب!!ديلها بم!ا يخ!!رج

عنه. وقد اختلف العلماء في هذا المعنى فحكي عن مال!!ك والش!!افعي وأبي

حنيفة وأصحابهم أنه يجوز للعالم بمواقع الخطاب البصير بآحاد كلماته نق!ل الحديث بالمعنى لكن بشرط المطابقة للمعنى بكماله وهو ق!!ول الجمه!!ور. ومن!!ع ذل!!ك جم!!ع كث!!ير من العلم!!اء منهم ابن س!!يرين والقاس!!م بن محم!!د ورجاء بن حيوة وق!!ال مجاه!!د: انقص من الح!!ديث إن ش!!ئت وال ت!!زد في!!ه. وكان مالك بن أنس يشدد في حديث رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم التاء والياء ونحو هذا وعلى ه!!ذا جماع!!ة من أئم!!ة الح!!ديث ال ي!!رون إب!!دال اللفظ وال تغييره ح!!تى إنهم يس!!معون ملحون!!ا ويعلم!!ون ذل!ك وال يغيرون!!ه. وروى أبو مجلز عن قيس بن عباد ق!!ال ق!!ال عم!!ر بن الخط!!اب من س!!مع حديثا فحدث به كما س!مع فق!د س!لم. وروى نح!!وه عن عبدالل!!ه بن عم!رو وزيد بن أرقم. وكذا الخالف في التقديم والتأخير والزي!!ادة والنقص!!ان ف!!إن منهم من يعتد بالمعنى وال يعتد باللفظ ومنهم من يشدد في ذلك وال يفارق

اللفظ.

Page 194: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وذلك هو األحوط في ال!!دين واألتقى واألولى ولكن أك!!ثر العلم!!اء على خالفه. والقول بالجواز هو الصحيح إن شاء الل!!ه تع!!الى وذل!!ك أن المعل!!وم من سيرة الصحابة رضي الله عنهم هو أنهم كانوا يروون الوق!!ائع المتح!!دة بألف!!اظ مختلف!!ة وم!!ا ذاك إال أنهم ك!!انوا يص!!رفون عن!!ايتهم للمع!!اني ولم يلتزموا التك!!رار على األح!!اديث وال كتبه!!ا. وروي عن واثل!!ة بن األس!!قع أن!!ه قال: ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وس!!لم نقلن!!اه إليكم حسبكم المعنى. وقال قت!ادة عن زرارة بن أوفى: لقيت ع!ده من أص!حاب النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا علي في اللفظ واجتمعوا في المعنى وكان النخعي والحسن والشعبي رحمهم الله يأتون بالحديث على المع!!اني وقال الحسن: إذا أصبت المعنى أجزأك. وقال سفيان الثوري رحم!!ه الل!!ه: إذا قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فال تصدقوني إنما هو المعنى. وق!!ال وكيع رحمه الله: إن لم يكن المعنى واسعا فقد هلك الناس. واتفق العلماء على ج!!واز نق!!ل الش!!رع للعجم بلس!!انهم وترجمت!!ه لهم وذل!!ك ه!!و النق!!ل بالمعنى. وقد فعل الله ذل!!ك في كتاب!!ه فيم!!ا قص من أنب!!اء م!!ا ق!!د س!!لف فقص قصصا ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلقة والمعنى واح!!د ونقله!!ا من ألسنتهم إلى اللس!!ان الع!!ربي وه!!و مخ!!الف له!!ا في التق!!ديم والت!!أخير والحذف واإللغاء والزيادة والنقصان. وإذا جاز إبدال العربية بالعجمي!!ة فألن يجوز بالعربية أولى. احتج بهذا المعنى الحسن والشافعي وهو الص!!حيح في

الباب. فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: )نض!ر الل!!ه ام!رأ س!مع

مقالتي فبلغها كما سمعها( وذكر الح!!ديث. وم!!ا ثبت عن!ه ص!لى الل!!ه علي!ه وسلم أنه أمر رجال أن يقول عند مض!!جعه في دع!!اء علم!!ه: )آمنت بكتاب!!ك الذي أنزلت ونبيك الذي أرس!!لت( فق!!ال الرج!!ل: ورس!!ولك ال!!ذي أرس!!لت فقال النبي صلى الله عليه وسلم )ونبيك الذي أرسلت( قالوا: أفال ترى أنه لم يسوغ لمن علمه الدعاء مخالفة اللفظ وقال: )فأداها كما سمعها( قي!!ل لهم: أما قوله )فأداها كما سمعها( فالمراد حكمها ال لفظها ألن اللفظ غ!!ير معتد به. ويدلك على أن المراد من الخطاب حكمه قوله: )فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه( ثم إن هذا الح!!ديث بعين!!ه قد نقل بألفاظ مختلفة والمعنى واح!!د وإن أمكن أن يك!!ون جمي!!ع األلف!!اظ قول الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم في أوق!!ات مختلف!!ة، لكن األغلب أن!!ه حديث واحد نق!!ل بألف!!اظ مختلف!!ة وذل!!ك أدل على الج!!واز وأم!!ا رده علي!!ه السالم الرجل من قوله: )ورس!!ولك - إلى قول!!ه - ونبي!!ك( ألن لف!!ظ الن!!بي صلى الله عليه وسلم أمدح ولكل نعت من هذين النع!!تين موض!!ع. أال ت!!رى أن اسم الرس!!ول يق!!ع على الكاف!!ة واس!!م الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يستحقه إال األنبياء عليهم السالم وإنما فض!!ل المرس!!لون من األنبي!!اء ألنهم جمعوا النبوة والرسالة. فلما ق!!ال: )ونبي!!ك( ج!!اء ب!!النعت األم!!دح ثم قي!!ده بالرسالة بقوله: )الذي أرسلت( وأيضا فإن نقله من قوله: )ورسولك - إلى قوله - ونبيك( ليجمع بين النبوة والرسالة. ومس!!تقبح في الكالم أن تق!!ول: هذا رسول فالن الذي أرسله وهذا قتيل زيد الذي قتله ألنك تجتزئ بقولك: رسول فالن وقتيل فالن عن إعادة المرسل والقات!!ل إذ كنت ال تفي!!د ب!!ه إال المعنى األول. وإنما يحسن أن تقول: هذا رسول عبدالله ال!!ذي أرس!!له إلى

Page 195: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عم!!رو وه!!ذا قتي!!ل زي!!د ال!!ذي قتل!!ه ب!!األمس أوفي وقع!!ة ك!!ذا والل!!ه وليالتوفيق.

فإن قيل: إذا جاز لل!!راوي األول تغي!!ير ألف!!اظ الرس!!ول علي!!ه الس!!الم ج!!از للثاني تغي!!ير ألف!!اظ األول وي!!ؤدي ذل!!ك إلى طمس الح!!ديث بالكلي!!ة لدق!!ة الفروق وخفائها. قيل له: الجواز مشروط بالمطابقة والمساواة كما ذكرن!!ا فإن عدمت لم يجز. قال ابن العربي: الخالف في هذه المسألة إنما يتصور بالنظر إلى عصر الص!!حابة والت!!ابعين لتس!!اويهم في معرف!!ة اللغ!!ة الجبلي!!ة الذوقية وأما من بعدهم فال نشك في أن ذلك ال يجوز إذ الطباع قد تغ!!يرت

والفهوم قد تباينت والعوائد قد اختلفت وهذا هو الحق والله أعلم. قال بعض علمائنا: لقد تعاجم ابن العربي رحمه الله فإن الجواز إذا كان

مش!روطا بالمطابق!!ة فال ف!!رق بين زمن الص!حابة والت!!ابعين وزمن غ!يرهم ولهذا لم يفصل أحد من األصوليين وال أهل الحديث هذا التفص!!يل. نعم، ل!!و

قال: المطابقة في زمنه أبعد كان أقرب والله اعلم. @قوله تعالى: "نغفر لكم خطاياكم" قراءة نافع بالياء مع ضمها وابن عامر بالتاء مع ضمها وهي قراءة مجاهد وقرأها الباقون ب!!النون م!!ع نص!!بها وهي أبينه!!ا ألن قبله!!ا "وإذ قلن!!ا ادخل!!وا" فج!!رى "نغف!!ر" على األخب!!ار عن الل!!ه تع!!الى، والتق!!دير وقلن!!ا ادخل!!وا الب!!اب س!!جدا نغف!!ر والن بع!!ده "وس!!نزيد" بالنون. و"خطاياكم" اتباعا للسواد وأنه على بابه. ووجه من قرأ بالت!!اء أن!!ه أثبت لتأنيث لفظ الخطايا ألنها جمع خطيئ!!ة على التكس!!ير. ووج!!ه الق!!راءة بالياء أنه ذكر لم!!ا ح!!ال بين الم!!ؤنث وبين فعل!!ه على م!!ا تق!!دم في قول!!ه:

[ وحس!!ن الي!!اء والت!!اء وإن ك!!ان37"فتلقى آدم من ربه كلم!!ات" ]البق!!رة: قبل!!ه إخب!!ار عن الل!!ه تع!!الى في قول!!ه "وإذ قلن!!ا" ألن!!ه ق!!د علم أن ذن!!وب الخ!!اطئين ال يغفره!!ا إال الل!!ه تع!!الى فاس!!تغنى عن الن!!ون ورد الفع!!ل إلى

الخطايا المغفورة. واختلف في أصل خطايا جمع خطية بالهمزة فق!!ال الخلي!!ل: األص!!ل في

خطاي!!ا أن يق!!ول: خط!!ايئ ثم وجب به!!ذه أن تهم!!ز الي!!اء كم!!ا همزته!!ا في مدائن فتقول: خطائىء وال تجتمع همزتان في كلمة، فأبدلت من الثانية ياء فقلت: خطائى ثم عملت كما عملت في األول. وقال الف!!راء: خطاي!!ا جم!!ع خطية بال همزة كما تقول: هدية وه!!دايا. ق!!ال الف!!راء: ول!!و جمعت خطيئ!!ة مهموزة لقلت خطاءا وقال الكسائي: لو جمعته!!ا مهم!!وزة أدغمت الهم!!زة

في الهمزة كما قلت: دواب. @قوله تعالى: "وسنزيد المحس!!نين" أي في إحس!!ان من لم يعب!!د العج!!ل. ويقال: يغفر خطايا من رفع المن والسلوى للغ!!د وس!!نزيد في إحس!!ان من لم يرفع للغد. ويقال: يغفر خطايا من هو عاص وسيزيد في إحسان من هو محسن أي نزيدهم إحسانا على اإلحسان المتقدم عندهم. وهو اسم فاع!!ل من أحسن. والمحسن من صحح عقد توحيده وأحسن سياسة نفسه وأقبل على أداء فرائضه وكفى المسلمين شره. وفي حديث جبريل عليه السالم: )ما اإلحسان قال أن تعبدالله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن!!ه ي!!راك ق!!ال

صدقت...( وذكر الحديث. خرجه مسلم. }فبدل الذين ظلم!!وا ق!!وال غ!!ير ال!!ذي قي!!ل لهم فأنزلن!!ا على59* اآلية: 3*

الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون{

Page 196: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "فبدل الذين ظلموا قوال غير ال!!ذي قي!!ل لهم" "ال!!ذين" في موضع رفع أي فبدل الظالمون منهم قوال غ!!ير ال!!ذي قي!!ل لهم. وذل!!ك أن!!ه قيل لهم: قولوا حطة فقالوا حنطة، على ما تقدم ف!!زادوا حرف!!ا في الكالم فلقوا من البالء ما لقوا تعريفا أن الزيادة في الدين واالبتداع في الش!!ريعة عظيمة الخطر شديدة الض!!رر. ه!!ذا في تغ!!ير كلم!!ة هي عب!!ارة عن التوب!!ة أوجبت كل ذلك من العذاب فما ظنك بتغيير ما هو من صفات المعبود ه!!ذا

والقول أنقص من العمل فكيف بالتبديل والتغيير في الفعل. "فب!!دل" تق!دم مع!!نى ب!!دل وأب!!دل وق!رئ "عس!!ى ربن!!ا أن يب!!دلنا" على

الوجهين قال الجوهري: وأبدلت الشيء بغيره. وبدله الله من الخوف أمن!!ا. وتبديل الشيء أيض!!ا تغي!يره وإن لم ي!أت بب!!دل. واس!!تبدل الش!يء بغ!يره، وتبدل به إذا أخذه مكانه. والمبادلة التبادل. واألبدال: قوم من الص!!الحين ال تخلو الدنيا منهم إذا مات واحد منهم أبدل الله مكانه ب!!آخر. ق!!ال ابن دري!!د الواحد بديل والبديل البدل. وبدل الش!!يء: غ!!يره يق!!ال: ب!!دل وب!!دل لغت!!ان!!ل ق!!ال أب!!و عبي!!د: لم يس!!مع في !!ل ونك مصل: شبه وشبه ومثل ومثل ونك فعل وفعل غير هذه األربعة اليدين والرجلين. وقد بدل )بالكسر( يبدل بدال. @قوله تعالى: "فأنزلنا على الذين ظلموا" كرر لفظ "ظلموا" ولم يض!!مره تعظيما لألمر. والتكري!!ر يك!!ون على ض!!ربين أح!!دهما اس!!تعماله بع!!د تم!!ام الكالم كما في هذه اآلي!!ة وقول!!ه: "فوي!!ل لل!!ذين يكتب!!ون الكت!!اب بأي!!ديهم"

[ ثم قال بع!!د: "فوي!!ل لهم مم!!ا كتبت أي!!ديهم" ولم يق!!ل: مم!!ا79]البقرة: كتبوا وكرر الويل تغليظا لفعلهم ومنه قول الخنساء:

تعرقني الدهر نهسا وحزا وأوجعني الدهر قرعا وغمزا أرادت أن الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغيرياتها والض!!رب الث!!اني: مجي تكرير الظاهر في موضع المضمر قبل أن يتم الكالم كقوله تعالى "الحاق!!ة

[ كان2 -! 1[ و"القارعة ما القارعة" ]القارعة: 2 -! 1ما الحاقة" ]الحاقة: القياس لوال ما أريد به من التعظيم والتفخيم: الحاقة ما هي، والقارع!!ة م!!ا هي، ومثله: "فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمن!!ة وأص!!حاب المش!!أمة م!!ا أصحاب المشأمة." كرر "أصحاب الميمن!!ة" تفخيم!!ا لم!!ا ي!!نيلهم من جزي!!ل الثواب وكرر لفظ "أص!حاب المش!!أمة" لم!ا ين!الهم من أليم الع!ذاب. ومن

هذا الضرب قول الشاعر: ليت الغراب غداة ينعب دائبا كان الغراب مقطع األوداج

وقد جمع عدي بن زيد المعنيين فقال: ال أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

فكرر لفظ الموت ثالثا وهو من الضرب األول ومنه قول اآلخر: أال حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد

فكرر ذكر محبوبته ثالثا تفخيما لها @قوله تعالى: "رجزا من الس!!ماء" ق!!راءة الجماع!!ة "رج!!زا" بكس!!ر ال!!راء وابن محيصن بضم الراء والرجز: العذاب )بالزاي( و)بالسين( النتن والق!!ذر

[ أي نتن!!ا إلى125ومنه قوله تعالى "فزادتهم رجسا إلى رجسهم" ]التوبة: نتنهم قاله الكسائي وقال الفراء الرجز ه!!و ال!!رجس. ق!!ال أب!!و عبي!!د: كم!!ا يقال السدغ والزدغ وكذا رجس ورجز بمعنى. قال الفراء: وذكر بعضهم أن الرجز )بالض!!م( اس!!م ص!!نم ك!!انوا يعبدون!!ه وق!!رئ ب!!ذلك في قول!ه تع!الى: "والرجز فاهجر" والرجز )بفتح الراء والجيم( نوع من الشعر وأنكر الخلي!!ل

Page 197: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أن يكون شعرا وهو مشتق من الرجز وه!!و داء يص!!يب اإلب!!ل في أعجازه!!افإذا ثارت ارتعشت أفخاذها.

@قوله تعالى: "بما ك!!انوا يفس!!قون "أي بفس!!قهم والفس!!ق الخ!!روج وق!!دتقدم. وقرأ ابن وثاب والنخعي "يفسقون" بكسر السين..

}وإذ استسقى موسى لقوم!!ه فقلن!!ا اض!!رب بعص!!اك الحج!!ر60* اآلية 3* فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أن!!اس مش!!ربهم كل!!وا واش!!ربوا

من رزق الله وال تعثوا في األرض مفسدين{ @قول!!ه تع!!الى: "وإذ استس!!قى موس!!ى لقوم!!ه" كس!!رت ال!!ذال اللتق!!اء الساكنين والسين سين السؤال مثل استعلم واستخبر واستنصر ونحو ذلك أي طلب وس!!أل الس!!قي لقوم!!ه. والع!!رب تق!!ول: س!!قيته وأس!!قيته لغت!!ان

بمعنى، قال::سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هالل

وقيل: سقيته من سقي الشفة وأسقيته دللته على الماء. االستسقاء إنما يك!!ون عن!!د ع!!دم الم!!اء وحبس القط!!ر وإذا ك!!ان ك!!ذلك

فالحكم حينئذ إظهار العبودية والفقر والمسكنة والذلة مع التوب!!ة النص!!وح. وق!!د استس!!قى نبين!!ا محم!!د ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فخ!!رج إلى المص!!لى متواضعا متذلال متخشعا مترسال متض!!رعا وحس!!بك ب!!ه فكي!!ف بن!!ا وال توب!!ة معنا إال العن!!اد ومخالف!!ة رب العب!!اد ف!!أنى نس!!قى لكن ق!!د ق!!ال ص!!لى في حديث ابن عمر: )ولم يمنعوا زك!!اة أم!!والهم إال منع!!وا القط!!ر من الس!!ماء

ولوال البهائم لم يمطروا( الحديث. وسيأتي بكماله إن شاء الله. سنة االستسقاء الخروج إلى المصلى - على الصفة التي ذكرنا - والخطبة

والصالة وبهذا قال جمهور العلماء. وذهب أبو حنيفة إلى أنه ليس من سنته صالة وال خروج وإنما هو دعاء ال غير. واحتج بح!!ديث أنس الص!!حيح أخرج!!ه البخاري ومسلم. وال حجة له فيه فإن ذلك كان دعاء عجلت إجابته ف!!اكتفي به عما سواه ولم يقصد بذلك بيان سنة ولما قصد البيان بين بفعله حس!!ب ما رواه عبدالله بن يزيد المازني قال: خرج رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه ثم صلى ركع!تين رواه مس!لم.

وسيأتي من أحكام االستسقاء زيادة في سورة "هود" إن شاء الله. @قوله تعالى: "فقلنا اضرب بعص!!اك الحج!!ر" العص!!ا: مع!روف وه!!و اس!!م

مقصور مؤنث وألفه منقلبة عن واو، قال:على عصويها سابري مشبرق

ي وه!!و فع!!ول وإنم!!ا كس!!رت العين لم!!ا بع!!دها من ي وعص!! والجم!!ع عص!! الكس!!رة وأعص أيض!!ا مثل!!ه مث!!ل زمن وأزمن وفي المث!!ل: "العص!!ا من العصية" أي بعض األم!!ر من بعض وق!!ولهم "ألقى عص!!اه" أي أق!!ام وت!!رك

األسفار وهو مثل. قال: فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عينا باإلياب المسافر

وفي التنزيل: "وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها" ]طه: [ وهناك يأتي الكالم في منافعها إن شاء الله تعالى. قال الفراء:18 -! 17

أول لحن س!!مع ب!!العراق ه!!ذه عص!!اتي وق!!د يع!!بر بالعص!!ا عن االجتم!!اع واالفتراق، ومنه يقال في الخوارج: قد شقوا عصا المسلمين أي اجتماعهم

وائتالفهم. وانشقت العصا أي وقع الخالف قال الشاعر:إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا فحسبك والضحاك سيف مهند

Page 198: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أي يكفي!!ك ويكفي الض!!حاك. وق!!ولهم: ال ترف!!ع عص!!اك عن أهل!!ك ب!!راد ب!!ه األدب والله أعلم. والحجر معروف وقي!!اس جمع!!ه في أدنى الع!!دد أحج!!ار، وفي الكثير حجار وحجارة، والحجارة نادر. وهو كقولنا: جمل وجمالة، وذكر

وذكارة، كذا قال ابن فارس والجوهري. [ "وإن من الحج!!ارة"74قلت: وفي الق!!رآن "فهي كالحج!!ارة" ]البق!!رة:

[ "ترميهم بحجارة" ]الفي!!ل:50[ "قل كونوا حجارة" ]اإلسراء: 74]البقرة: [ فكيف يك!!ون ن!!ادرا، إال أن يري!دا74[ "وأمطرنا عليهم حجارة" ]الحجر: 4

أنه نادر في القياس كثير في االستعمال فصيح. والله أعلم. @قوله تعالى: "فانفجرت منه "في الكالم حذف تقديره فضرب فانفجرت. وقد كان تعالى قادرا على تفجير الم!اء وفل!ق الحج!ر من غ!!ير ض!رب لكن أراد أن برب!!ط المس!!ببات باألس!!باب حكم!!ة من!!ه للعب!!اد في وص!!ولهم إلى المراد وليرتب على ذلك ثوابهم وعقابهم في المعاد. واالنفج!!ار: االنش!!قاق ومنه انشق الفجر. وانفج!!ر الم!!اء انفج!!ارا: انفتح. والفج!!رة: موض!!ع تفج!!ر الماء. واالنبجاس أضيق من االنفجار، ألنه يكون انبجاسا ثم يص!!ير انفج!!ارا.

وقيل: انبجس وتبجس وتفجر وتفتق بمعنى واحد حكاه الهروي وغيره. @قوله تعالى: "اثنت!ا عش!رة عين!ا" "اثنت!ا" في موض!ع رف!ع ب!! "انفج!!رت" وعالمة الرف!!ع فيه!!ا األل!!ف وأع!!ربت دون نظائره!!ا ألن التثني!!ة معرب!!ة أب!!دا لصحة معناه!!ا. "عين!!ا" نص!!ب على البي!!ان. وق!!رأ مجاه!!د وطلح!!ة وعيس!!ى "عش!!رة" بكس!!ر الش!!ين وهي لغ!!ة ب!!ني تميم وه!!ذا من لغتهم ن!!ادر، ألن سبيلهم التخفيف. ولغة أهل الحجاز "عشرة" وسبيلهم التثقيل. قال جميعه النح!!اس. والعين من األس!!ماء المش!!تركة يق!!ال: عن الم!!اء وعين اإلنس!!ان وعين الركبة وعين الشمس. والعين: سحابة تقبل من ناحية القبلة والعين: مطر يدوم خمسا أو ستا ال يقلع. وبلد قليل العين: أي قليل الناس. وما به!ا عين، محرك!!ة الي!!اء والعين: الثقب في الم!!زادة والعين من الم!!اء مش!!بهة بالعين من الحي!!وان لخ!!روج الم!!اء منه!!ا كخ!!روج ال!!دمع من عين الحي!!وان. وقيل: لما كان عين الحي!!وان أش!!رف م!!ا في!!ه ش!!بهت ب!!ه عين الم!!اء ألنه!!ا

أشرف ما في األرض. لما استسقى موسى عليه السالم لقومه أمر أن يضرب عند استس!!قائه

بعصاه حجرا قيل مربع!!ا طوري!!ا )من الط!!ور( على ق!!در رأس الش!!اة يلقى في كسر جوالق ويرحل به، فإذا نزلوا وضع في وس!!ط محلتهم وذك!!ر أنهم لم يكونوا يحملون الحجر لكنهم كانوا يجدون!!ه في ك!!ل مرحل!!ه في منزلت!!ه من المرحلة األولى وهذا أعظم في اآلي!!ة واإلعج!!از. وقي!!ل: إن!!ه أطل!!ق ل!!ه اسم الحجر ليضرب موسى أي حجر شاء وهذا أبلغ في اإلعجاز. وقي!!ل: إن الله تعالى أمره أن يضرب حجرا بعينه بين!!ه لموس!!ى علي!!ه الس!!الم ول!!ذلك ذكر بلفظ التعريف. قال سعيد بن جبير: هو الحجر الذي وضع عليه موسى ثوبه لما اغتسل وفر بثوبه ح!!تى ب!!رأه الل!!ه مم!!ا رم!!اه ب!!ه قوم!!ه. ق!!ال ابن عطية: وال خالف أنه ك!!ان حج!!را منفص!!ال مربع!!ا تط!!رد من ك!!ل جه!!ة ثالث

عيون إذا ضربه موسى وإذا استغنوا عن الماء ورحلوا جفت العيون. قلت: ما أوتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من نبع الم!!اء وانفج!!اره

من ي!!ده وبين أص!!ابعه أعظم في المعج!!زة فإن!!ا نش!!اهد الم!!اء يتفج!!ر من األحجار آناء الليل وآناء النهار ومعجزة نبينا عليه السالم لم تكن لن!!بي قب!!ل نبين!!ا ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يخ!!رج الم!!اء من بين لحم ودم. روى األئم!!ة

Page 199: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الثقات والفقهاء األثبات عن عبدالله ق!ال: كن!ا م!ع الن!بي ص!لى الل!!ه علي!ه وسلم فلم نجد ماء فأتي بتور؟؟ فأدخل يده في!!ه فلق!!د رأيت الم!!اء يتفج!!ر من بين أصابعه ويقول: )حي على الطهور( ق!!ال األعمش: فح!!دثني س!!الم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال ألفا وخمسمائة. لف!!ظ

النسائي. @قوله تعالى: "قد علم كل أناس مشربهم" يعني أن لكل سبط منهم عينا ق!!د عرفه!!ا ال يش!!رب من غيره!!ا. والمش!!رب: موض!!ع الش!!رب وقي!!ل: المش!!روب. واألس!!باط في ب!!ني إس!!رائيل كالقبائ!!ل في الع!!رب وهم ذري!!ة االث!!ني عش!!ر أوالد يعق!!وب علي!!ه الس!!الم وك!!ان لك!!ل س!!بط عين من تل!!ك العيون ال يتعداها. قال عطاء: كان للحجر أربعة أوج!!ه يخ!!رج من ك!!ل وج!!ه ثالث أعين لكل س!!بط عين ال يخ!!الطهم س!!واهم. وبلغن!!ا أن!!ه ك!!ان في ك!!ل سبط خمسون ألف مقاتل س!وى خيلهم ودوابهم. ق!ال عط!اء: ك!ان يظه!ر على كل موضع من ضربة موسى مثل ثدي المرأة على الحجر فيع!!رق أوال

ثم يسيل. @قوله تعالى: "كلوا واشربوا من رزق الله" في الكالم حذف تقديره وقلنا

لهم كلوا المن والسلوى واشربوا الماء المتفجر من الحجر المنفصل.. @قوله تعالى: "وال تعثوا في األرض" أي ال تفسدوا والعيث: شدة الفس!!اد، نهاهم عن ذلك. يق!!ال: عث يعث عثي!!ا وعث!!ا يعث!!و عث!!وا، وع!!اث يعيث عيث!!ا وعيوثا ومعاثا واألول لغة الق!!رآن. ويق!!ال: عث يعث في المض!!اعف أفس!!د

ومنه العثة، وهي السوسة التي تلحس الصوف. @قوله تعالى: "مفسدين" حال وتكرر المعنى تأكيدا الختالف اللفظ. وفي

هذه الكلمات إباحة النعم وتعدادها والتقدم في المعاصي والنهي عنها.. }وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك61* اآلية: 3*

يخرج لنا مما تنبت األرض من بقلها وقثائها وفومه!!ا وعدس!!ها وبص!!لها ق!!ال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا ف!!إن لكم م!!ا س!!ألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وب!!اؤوا بغض!!ب من الل!!ه ذل!!ك ب!!أنهم ك!!انوا يكفرون بآي!!ات الل!!ه ويقتل!!ون النب!!يين بغ!!ير الح!!ق ذل!!ك بم!!ا عص!!وا وك!!انوا

يعتدون{ @قوله تعالى: "وإذ قلتم يا موس!!ى لن نص!!بر" ك!!ان ه!!ذا الق!!ول منهم في التيه حين ملوا المن والسلوى وتذكروا عيشهم األول بمصر ق!!ال الحس!!ن: كانوا نتانى أهل كراث وأبصال وأعداس ف!!نزعوا إلى عك!!رهم عك!!ر الس!!وء واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عليه عادتهم فقالوا: لن نص!!بر على طع!!ام واحد وكنوا عن المن والسلوى بطعام واحد وهما اثنان ألنهم ك!!انوا ي!!أكلون أحدهما باآلخر فلذلك قالوا طعام واحد وقيل لتكرارهما: في كل يوم غ!!ذاء كما تقول لمن يداوم على الصوم والص!!الة والق!!راءة: ه!!و على أم!!ر واح!!د لمالزمته لذلك. وقيل: المعنى لن نصبر على الغ!!نى فيك!!ون جميعن!!ا أغني!!اء فال يقدر بعضنا على االستعانة ببعض الستغناء كل واحد منا بنفس!!ه وك!!ذلك

كانوا فهم أول من اتخذ العبيد والخدم. @قوله تعالى: "على طعام واحد" الطع!!ام يطل!!ق على م!!ا يطعم ويش!!رب قال الله تعالى "ومن لم يطعمه فإنه مني" وقال: "ليس على الذين آمن!!وا

[ أي م!!ا ش!!ربوه من93وعملوا الصالحات جن!!اح فيم!!ا طعم!!وا" ]المائ!!دة: الخمر على ما يأتي بيانه. وإن كان السلوى العس!!ل - كم!!ا حكى الم!!ؤرج -

Page 200: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فهو مشروب أيضا. وربم!!ا خص بالطع!ام ال!!بر والتم!ر كم!ا في ح!!ديث أبي سعيد الخدري قال: كنا نخرج صدقة الفط!!ر على عه!!د رس!!ول الل!!ه ص!!لى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير الحديث. والع!!رف ج!!ار بأن القائل: ذهبت إلى س!!وق الطع!!ام فليس يفهم من!!ه إال موض!!ع ب!!ه دون غيره مما يؤك!!ل أو يش!!رب والطعم )ب!!الفتح(: ه!!و م!!ا يؤدي!!ه ال!!ذوق يق!!ال: طعمه مر. والطعم أيضا: ما يش!!تهى من!!ه يق!!ال: ليس ل!!ه طعم. وم!!ا فالن

بذي طعم: إذا كان غثا. والطعم )بالضم(: الطعام قال أبو خراش: أرد شجاع البطن لو تعلمينه وأوثر غيري من عيالك بالطعم وأغتبق الماء القراح فأنتهي إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم

أراد باألول الطعام وبالثاني ما يشتهى. منه وقد طعم يطعم فهو ط!!اعم إذا [ أي249أكل وذاق ومنه قوله تعالى "ومن لم يطعمه فإنه مني" ]البقرة:

[ أي أكلتم53من لم يذق!!ه. وق!!ال: "ف!!إذا طعمتم فانتش!!روا" ]األح!!زاب: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمزم: )إنها طعام طعم وشفاء س!!قم( واس!!تطعمني فالن الح!!ديث إذا أراد أن تحدث!!ه. وفي الح!!ديث: )إذا استطعمكم اإلمام ف!!أطعموه( يق!ول: إذا اس!!تفتح ف!!افتحوا علي!ه وفالن م!!ا

يطعم النوم إال قائما. وقال الشاعر: نعاما بوجرة صفر الخدو د ما تطعم النوم إال صياما

@قوله تعالى: "فادع لنا ربك يخرج لن!!ا مم!!ا تنبت األرض" لغ!!ة ب!!ني ع!!امر "فادع" بكسر العين اللتقاء الساكنين، يج!!رون المعت!!ل مج!!رى الص!!حيح وال يراعون المح!ذوف. و"يخ!!رج" مج!!زوم على مع!نى س!!له وق!ل ل!ه: أخ!رج، يخرج. وقيل: هو على معنى الدعاء على تقدير حذف الالم وضعفه الزجاج. و"من" في ق!!ول "مم!!ا" زائ!!دة في ق!!ول األخفش وغ!!ير زائ!!دة في ق!!ول سيبويه ألن الكالم موجب. قال النحاس: وإنم!!ا دع!!ا األخفش إلى ه!!ذا ألن!!ه لم يجد مفعوال ل! "يخرج" فأراد أن يجع!!ل "م!!ا" مفع!!وال. واألولى أن يك!!ون المفعول محذوفا دل عليه سائر الكالم، التقدير: يخرج لنا مما تنبت األرض

مأكوال. ف! "من" األولى على هذا للتبعيض والثانية للتخصيص. @قوله تعالى: "من بقلها" بدل من "ما" بإعادة الح!!رف، والبق!!ل مع!!روف وهو كل نبات ليس له ساق. والشجر: ما له ساق. و" وقثائها" عطف علي!!ه وكذا ما بعده فاعلمه والقث!!اء أيض!!ا مع!!روف وق!!د تض!!م قاف!!ه وهى ق!!راءة يحيى بن وثاب وطلح!ة بن مص!رف لغت!ان والكس!ر. أك!ثر وقي!ل في جم!ع قثاء: قثائي مثل علب!!اء وعالبي إال أن قث!!اء من ذوات ال!!واو تق!!ول: اقث!!أئتالقوم أي أطعمتهم ذلك. وقثأت القدر سكنت غليانها بالماء قال الجعدي:

تفور علينا قدرهم فنديمها ونفثؤها عنا إذا حميها غال وقثأت الرجل إذا كسرته عنك بقول أو غ!!يره وس!!كنت غض!!به. وع!!دا ح!!تى أفثأ أي أعيا وانبهر وأفثأ الحر أي سكن وفتر ومن أمث!!الهم في اليس!!ير من البر قولهم: إن الرثيئة تفثأ في الغض!!ب. وأص!!له أن رجال ك!!ان غض!!ب على قوم وكان مع غضبه جامعا فسقوه رثيئة فسكن غضبه وكف عنهم. الرثيئة: اللبن المحلوب على الحامض ليخثر. رثأت اللبن رثأ إذا حلبته على ح!!امض

فخثر واالسم الرثيئة وارتثأ اللبن خثر. وروى ابن ماجه ح!!دثنا محم!!د بن عبدالل!!ه بن نم!!ير ح!!دثنا ي!!ونس بن بك!!ير ح!!دثنا هش!!ام بن ع!!روة عن أبي!!ه عن عائش!!ة ق!!الت: ك!!انت أمي تع!!الجني للس!!منة تري!!د أن ت!!دخلني على رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم فم!!ا

Page 201: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

استقام لها ذلك حتى أكلت القثاء بالرطب فس!!منت كأحس!!ن س!!منة وه!!ذاإسناد صحيح.

@قوله تعالى: "وفومها" اختلف في الفوم فقيل ه!!و الث!!وم ألن!!ه المش!!اكل للبصل. رواه جويبر عن الضحاك والثاء تبدل من الف!!اء كم!!ا ق!!الوا: مغ!!افير ومغاثير. وج!دث وج!دف للق!!بر. وق!!رأ ابن مس!!عود "ثومه!!ا" بالث!!اء المثلث!!ة

وروي ذلك عن ابن عباس. وقال أمية بن أبي الصلت: كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة فيها الفراديس والفومان والبصل

الفراديس: واحدها فرديس. وكرم مفردس أي معرش. وقال حسان: وأنتم أناس لئام األصول طعامكم الفوم والحوقل

يعني الثوم والبصل وهو قول الكس!!ائي والنض!!ر بن ش!!ميل. وقي!!ل: الف!!وم الحنطة. روي عباس أيضا وأك!!ثر المفس!!رين واخت!!اره النح!!اس ق!!ال: وه!!و أولى ومن قال به أعلى وأسانيده صحاح وليس جوي!!بر بنظ!!ير لروايت!!ه وإن كان الكسائي والفراء قد اختارا القول األول إلبدال الع!!رب الف!!اء من الث!!اء واإلبدال ال يقاس عليه وليس ذل!!ك بكث!!ير في كالم الع!!رب. وأنش!!د عب!!اس

لمن سأله عن الفوم وأنه الحنطة قول أحيحة بن الجالح: قد كنت أغنى الناس شخصا واجدا ورد المدينة عن زراعة فوم

وقل أبو إسحاق الزجاج: وكيف يطلب القوم طعاما ال ب!!ر في!!ه وال!!بر أص!!لالغذاء!. وقال الجوهري أبو نصر: الفوم الحنطة. وأنشد األخفش:

قد كنت أحسبني كأغنى واجد نزل المدينة عن زراعة فوم وقال ابن دريد: الفومة السنبلة وأنشد:

وقال ربيئهم لما أتانا بكفه فومة أو فومتان والهاء في "كفه" غير مشبعة. وق!!ال بعض!!هم: الف!!وم الحمص لغ!ة ش!!امية. وبائعه فامي مغ!!ير عن ف!!ومي ألنهم ق!!د يغ!!يرون في النس!!ب، كم!!ا ق!!الوا: سهلي ودهري. ويقال: فوموا لنا أي اختبزوا. قال الف!!راء: هي لغ!ة قديم!!ة.

وقال عطاء وقتادة: الفوم كل حب يختبز. مسألة: اختلف العلماء في أكل البصل والثوم وما له رائحة كريهة من

سائر البقول. جمه!ور العلم!اء إلى إباح!ة ذل!ك، لألح!اديث الثابت!!ة في ذل!ك وذهبت طائف!!ة من أه!!ل الظ!!اهر - الق!!ائلين بوج!!وب الص!!الة في الجماع!!ة فرضا - إلى المنع، وقالوا: كل ما منع من إتيان الفرض والقي!ام ب!ه فح!!رام عمله والتشاغل به. واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وس!!لم س!!ماها خبيثة، والله عز قد وصف نبيه عليه السالم بأنه يحرم الخبائث. ومن الحجة للجمهور ما ثبت عن جابر أن النبي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم أتي بب!!در في!!ه خضرات من بقول فوجد لها ريحا، قال: فأخبر بما فيها من البق!!ول، فق!!ال: )قربوها( - إلى بعض أصحابه كان مع!!ه - فلم!!ا رآه ك!!ره أكله!!ا، ق!!ال: )ك!!ل ف!!إني أن!!اجي من ال تن!!!اجي(. أخرج!!ه مس!!لم وأب!!و داود. فه!!ذا بين في الخصوص له واإلباح!!ة لغ!يره. وفي ص!!حيح مس!!لم أيض!!ا عن أبي أي!!وب أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل على أبي أي!!وب، فص!!نع للن!!بي ص!!لى الل!!ه عليه وسلم طعاما فيه ث!!وم، فلم!!ا رد إلي!!ه س!!أل عن موض!!ع أص!!ابع الن!!بي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: لم يأكل. ففزع وصعد إلي!!ه فق!!ال: أح!!رام هو؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: )ال ولكني أكرهه(. قال: ف!!إني أك!!ره ما تكره أو ما كرهت، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم ي!!ؤتى )يع!!ني يأتي!!ه ال!وحي(. فه!ذا نص على ع!دم التح!!ريم. وك!ذلك م!ا رواه أب!و س!عيد

Page 202: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الخ!!دري عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم حين أكل!!وا الث!!وم زمن خي!!بر وفتحها: )أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الل!!ه ولكنه!!ا ش!!جرة أك!!ره ريحها( األحاديث تش!!عر ب!!أن الحكم خ!!اص ب!!ه، إذ ه!!و المخص!!وص بمناج!!اة الملك. لكن قد علمنا هذا الحكم في حديث جابر بما يقتضي التس!!وية بين!!ه وبين غيره في هذا الحكم حيث قال: )من أكل من هذه البقلة الث!!وم وق!!ال مرة: من أكل البص!ل والث!وم والك!راث فال يق!ربن مس!جدنا ف!إن المالئك!ة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم( وقال عمر بن الخط!!اب رض!!ي الل!!ه عن!!ه في حديث فيه طول إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين ال أراهما إال خبيثتين، هذا البصل والث!!وم. ولق!!د رأيت رس!!ول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إذا وج!!د ريحهما من الرج!ل في المس!!جد أم!!ر ب!!ه ف!!أخرج إلى البقي!ع، فمن أكلهم!ا

فليمتهما طبخا. خرجه مسلم. @قوله تعالى: "وعدسها وبصلها" العدس معروف. والعدس!!ة: ب!!ثرة تخ!!رج

باإلنسان، وربما قتلت. وعدس: زجر للبغال، قال: عدس ما لعباد عليك إمارة نجوت وهذا تحملين طليق

والعدس: شدة الوطء، والك!!دح أيض!!ا، يق!!ال: عدس!!ة. وع!!دس في األرض:ذهب فيها. وعدست إليه المنية أي سارت، قال الكميت:

أكلفها هول الظالم ولم أزل أخا الليل معدوسا إلي وعادسا أي يسار إلي بالليل. وعدس: لغ!!ة في ح!!دس، قال!!ه الج!!وهري. وي!!ؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث علي أنه قال: )عليكم بالعدس فإن!!ه مبارك مقدس وإنه يرق القلب ويكثر الدمعة فإن!!ه ب!!ارك في!!ه س!!بعون نبي!!ا آخرهم عيسى ابن مريم(، ذكره الثعلبي وغيره. وك!!ان عم!!ر بن عب!!دالعزيز يأكل يوما خبزا بزيت، ويوما بلحم، ويوما بع!!دس. ق!!ال الحليمي: والع!!دس والزيت طعام الصالحين، ولو لم يكن له فضيلة إال أنه ضيافة إبراهيم علي!!ه السالم في مدينته ال تخلو من!!ه لك!!ان في!!ه كفاي!!ة. وه!!و مم!!ا يخف!!ف الب!!دن فيخف للعب!ادة، ال تث!ور من!!ه الش!هوات كم!ا تث!ور من اللحم. والحنط!ة من جملة الحبوب وهي الفوم على الصحيح، والشعير قريب منها وك!!ان طع!!ام أهل المدينة، كما كان العدس من طعام قرية إبراهيم عليه الس!!الم، فص!!ار لكل واحد من الحبتين بأح!!د النب!!يين عليهم!!ا الس!!الم فض!!يلة، وق!!د روي أن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم لم يش!!بع ه!!و وأهل!!ه من خ!!بز ب!!ر ثالث!!ة أي!!ام

متتابعة منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل. @قوله تعالى: "قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي ه!!و خ!!ير" االس!!تبدال: وضع الشيء موضع اآلخر، ومن!!ه الب!!دل، وق!!د تق!!دم. و"أدنى" م!!أخوذ عن!!د الزجاج من الدنو أي القرب في القيمة، من قولهم: ثوب مقارب، أي قلي!!ل الثمن. وقال علي بن سليمان: هو مهموز من الدنيء البين ال!!دناءة بمع!!نى األخس، إال أنه خفف همزته. وقيل: هو مأخوذ من الدون أي األحط، فأصله أدون، أفع!!ل، قلب فج!!اء أفل!!ع، وح!!ولت ال!!واو ألف!!ا لتطرفه!!ا. وق!!رئ في الشواذ "أدنى". ومعنى اآلي!ة: أتس!تبدلون البق!ل والقث!!اء والف!وم والع!دس

والبصل الذي هو أدنى بالمن والسلوى الذي هو خير. واختلف في الوجوه التي توجب فض!!ل المن والس!!لوى على الش!!يء ال!!ذي

طلبوه وهى خمسة: األول: أن البقول لما كانت ال خطر لها بالنسبة إلى المن والسلوى كانا

أفضل، قاله الزجاج.

Page 203: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الثاني: لما كان المن والسلوى طعاما من الله به عليهم وأمرهم بأكله وكان في استدامة أمر الل!ه وش!!كر نعمت!ه أج!ر وذخ!ر في اآلخ!رة، وال!ذي

طلبوه عار من هذه الخصائل كان أدنى في هذا الوجه. الثالث: لما كان ما من الله به عليهم أطيب وألذ من الذي سألوه، كان

ما سألوه أدنى من هذا الوجه ال محالة. الرابع: لما كان ما أعطوا ال كلفة فيه وال تعب، والذي طلبوه ال يجيء إال

بالحرث والزراعة والتعب كان أدنى. الخامس: لما كان ما ينزل عليهم ال مرية في حله وخلوصه لنزوله من

عند الله، والحبوب واألرض يتخللها البيوع والغصوب وتدخلها الش!!به، ك!!انتأدنى من هذا الوجه.

مس!!ألة: في ه!!ذه اآلي!!ة دلي!!ل على ج!!واز أك!!ل الطيب!!ات والمط!!اعم المستلذات، وكان الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم يحب الحل!!وى والعس!!ل، ويشرب الماء البارد العذب، وسيأتي هذا المع!نى في "المائ!دة" و"النح!!ل"

إن شاء الله مستوفى. @قول!!ه تع!!الى: "اهبط!!وا مص!!را" تق!!دم مع!!نى الهب!!وط، وه!!ذا أم!!ر معن!!اه

[ ألنهم50التعجيز، كقوله تعالى: "ق!!ل كون!!وا حج!!ارة أو حدي!!دا"]اإلس!!راء: كانوا في التيه وهذا عقوبة لهم. وقي!!ل: إنهم أعط!وا م!!ا طلب!!وه. و"مص!!را" بالتنوين منكرا قراءة الجمهور، وهو خ!!ط المص!!حف، ق!!ال مجاه!!د وغ!!يره: فمن ص!!رفها أراد مص!!را من األمص!!ار غ!!ير معين. وروى عكرم!!ة عن ابن عباس في قوله: "اهبطوا مص!!را" ق!!ال: مص!!را من ه!!ذه األمص!!ار. وق!!الت طائفة ممن صرفها أيضا: أراد مص!!ر فرع!!ون بعينه!!ا. اس!!تدل األول!!ون بم!!ا اقتضاه ظاهر القرآن من أمرهم دخول القرية، وبم!!ا تظ!!اهرت ب!!ه الرواي!!ة أنهم سكنوا الشام بعد التيه. واستدل اآلخرون بما في الق!!رآن من أن الل!!ه أورث، ب!!ني إس!!رائيل دي!!ار آل فرع!!ون وأث!!ارهم، وأج!!ازوا ص!!رفها. ق!!ال

األخفش والكسائي: لخفتها وشبهها بهند ودعد، وأنشد: لم تتلفع بفضل مئزرها دعد ولم تسق دعد في العلب

فجم!!ع بين اللغ!!تين. وس!!يبويه والخلي!!ل والف!!راء ال يج!!يزون ه!!ذا، ألن!!ك ل!!و سميت امرأة بزيد لم تص!!رف. وق!!ال غ!!ير األخفش: أراد المك!!ان فص!!رف. وقرأ الحسن وأبان بن تغلب وطلحة: "مص!!ر" ب!!ترك الص!!رف. وك!!ذلك هي في مصحف أبى بن كعب وقراءة ابن مسعود. وق!!الوا: هي مص!!ر فرع!ون. قال أشهب قال لي مالك: هي عندي مصر قريت!!ك مس!!كن فرع!!ون، ذك!!ره ابن عطية. والمصر أصله في اللغة الحد. ومص!!ر ال!!دار: ح!!دودها. ق!!ال ابن ف!ارس ويق!!ال: إن أه!ل هج!!ر يكتب!!ون في ش!!روطهم "اش!!ترى فالن ال!دار

بمصورها" أي حدودها، قال عدي: وجاعل الشمس مصرا ال خفاء به بين النهار وبين الليل قد فصال

@قول!ه تع!الى: "ف!إن لكم م!ا س!ألتم" "م!ا" نص!ب ب!إن، وق!رأ ابن وث!اب والنخعي "سألتم" بكسر السين، يقال: سألت وسلت بغ!!ير هم!!ز. وه!!و من

ذوات الواو، بدليل قولهم: يتساوالن. @قول!!ه تع!!الى: "وض!!ربت عليهم الذل!!ة والمس!!كنة" أي ألزموهم!!ا وقض!!ي

عليهم بهما، مأخوذ من ضرب القباب، قال الفرزدق في جرير: ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل

Page 204: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وض!!رب الح!!اكم على الي!!د، أي حم!!ل وأل!!زم. والذل!!ة: ال!!ذل والص!!غار. والمس!!كنة: الفق!!ر. فال يوج!!د يه!!ودي وإن ك!!ان غني!!ا خالي!!ا من زي الفق!!ر وخض!!وعه ومهانت!!ه. وقي!!ل: الذل!!ة ف!!رض الجزي!!ة، عن الحس!!ن وقت!!ادة. والمسكنة الخضوع، وهي مأخوذة من السكون، أي قلل الفقر حركته، قاله الزجاج. وقال أبو عبيدة: الذلة الصغار. والمسكنة مص!!در المس!!كين. وروى الض!!حاك بن م!!زاحم عن ابن عب!!اس: "وض!!ربت عليهم الذل!!ة والمس!!كنة"

قال: هم أصحاب القباالت. @قوله تع!!الى: "وب!!اؤوا بغض!!ب من الل!!ه" أي انقلب!!وا ورجع!!وا، أي ل!!زمهم ذلك. ومنه قوله عليه السالم في دعائه ومناجاته: )أب!!و ء بنعمت!!ك علي( أي أقر بها وألزمها نفسي. وأصله في اللغة الرجوع، يق!!ال ب!!اء بك!!ذا، أي رج!!ع به، وباء إلى المباءة وهي الم!!نزل أي رج!!ع. والب!!واء: الرج!!وع ب!!القود. وهمفي هذا األمر بواء، أي سواء، يرجعون فيه إلى معنى واحد. وقال الشاعر:

أال تنتهي عنا ملوك وتتقي محارمنا ال يبؤؤ الدم بالدم أي ال يرجع الدم بالدم في القود. وقال:

فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا أي رجعوا ورجعنا. وقد تقدم معنى الغضب في الفاتحة.

@قوله تعالى: "ذلك" تعليل. "ب!!أنهم ك!!انوا يكف!!رون" أي يك!!ذبون، "بآي!!ات الله" أي بكتابه ومعج!!زات أنبيائ!!ه، كعيس!!ى ويح!!يى وزكري!!ا ومحم!!د عليهم السالم. و" ويقتلون النبيين" معط!!وف على "يكف!!رون" وروي عن الحس!!ن "يقتلون" وعنه أيضا كالجماعة. وقرأ نافع "النبيئين" ب!!الهمز حيث وق!!ع في القرآن إال في موضعين: في سورة األح!!زاب: "إن وهبت نفس!!ها للن!!بي إن

[ فإنه ق!!رأ53[. و"ال تدخلوا بيوت النبي إال" ]األحزاب: 50أراد" ]األحزاب. بال مد وال همز. وإنما ترك همز هذين الجتماع هم!!زتين مكس!!ورتين. وت!!رك الهمز في جميع ذلك الباقون. فأم!!ا من هم!!ز فه!!و عن!!ده من أنب!!أ إذا أخ!!ر، واسم فاعله منبئ. ويجمع نبيء أنبياء، وق!!د ج!!اء في جم!!ع ن!!بي نب!!آء، ق!!ال

العباس بن مرداس السلمي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:يا خاتم النبآء إنك مرسل بالحق كل هدى السبيل هداكا

هذا معنى قراءة الهمز. واختلف الق!!ائلون ب!!ترك الهم!!ز، فمنهم من اش!!تق اشتقاق من همز، ثم سهل الهمز. ومنهم من قال: هو مش!!تق من نب!!ا ينب!!و إذا ظهر. فالنبي من النبوة وهو االرتفاع، فمنزلة النبي رفيعة. والنبي ب!!ترك الهمز أيضا الطريق، فسمي الرسول نبيا الهتداء الخلق به ك!!الطريق، ق!!ال

الشاعر: ألصبح رتما دقاق الحصى مكان النبي من الكاثب

رتمت الشيء: كسرته، يقال: رتم أنفه ورثمه، بالتاء والثاء جميع!!ا. وال!!رتم أيضا المرتوم أي المكسور. والكاثب اسم جب!!ل. فاألنبي!!اء لن!!ا كالس!!بل في األرض. ويروى أن رجال قال للنبي صلى الله عليه وسلم: الس!الم علي!!ك ي!!ا نبيء الله، وهمز. فقال النبي صلى الله عليه وس!!لم: )لس!!ت بن!!بيء الل!!ه - وهمز - ولكني نبي الله( ولم يهمز. قال أبو علي: ضعف سند هذا الحديث،

ومما يقوي ضعفه أنه عليه السالم قد أنشده المادح: يا خاتم النبآء...

ولم يؤثر في ذلك إنكار.

Page 205: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "بغير الحق" تعظيم للشنعة والذنب الذي أتوه". ف!!إن قي!!ل: هذا دليل على أنه قد يصح أن يقتلوا بالحق، ومعلوم أن األنبياء معص!!ومون من أن يصدر منهم ما يقتلون ب!!ه. قي!!ل ل!!ه: ليس ك!!ذلك، وإنم!!ا خ!!رج ه!!ذا مخ!!رج الص!!فة لقتلهم أن!!ه ظلم وليس بح!!ق، فك!!ان ه!!ذا تعظيم!!ا للش!!نعة عليهم، ومعلوم أنه ال يقتل نبي بحق، ولكن يقتل على الحق، فصرح قول!!ه: "بغير الحق" عن شنعة الذنب ووضوحه، ولم يأت ن!!بي ق!!ط بش!يء ي!!وجب

قتله. فإن قيل: كيف جاز أن يخلى بين الكافرين وقتل األنبياء؟ قيل: ذلك كرام!!ة لهم وزي!!ادة في من!!ازلهم، كمث!!ل من يقت!!ل في س!!بيل الل!!ه من المؤم!!نين، وليس ذلك بخذالن لهم. قال ابن عب!!اس والحس!ن: لم يقت!ل ن!بي ق!ط من

األنبياء إال من لم يؤمر بقتال، وكل من أمر بقتال نصر. @قوله تعالى: "ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" "ذلك" رد على األول وتأكيد لإلشارة إليه. والب!!اء في "بم!!ا" ب!!اء الس!!بب. ق!!ال األخفش: أي بعص!!يانهم. والعصيان: خالف الطاعة. واعتص!!ت الن!!واة إذا اش!!تدت. واالعت!!داء: تج!!اوز

الحد في كل شيء، وعرف في الظلم والمعاصي. }إن الذين آمنوا والذين هادوا والنص!!ارى والص!!ابئين من آمن62* اآلية 3*

بالله واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم والهم يحزنون{

@قوله تعالى: "إن الذين آمنوا" أي صدقوا بمحمد صلى الله علي!!ه وس!!لم. وقال سفيان: المراد المنافقون. كأنه قال: الذين أمنوا في ظ!!اهر أم!!رهم، فل!!ذلك ق!!رنهم ب!!اليهود والنص!!ارى والص!!ابئين، ثم بين حكم من آمن بالل!!ه

واليوم اآلخر من جميعهم @قوله تعالى: "والذين هادوا "معناه ص!!اروا يه!ودا، نس!بوا إلى يه!وذا وه!و أكبر ولد يعقوب عليه السالم، فقلبت الع!!رب ال!!ذال داال، ألن األعجمي!!ة إذا عربت غيرت عن لفظها. وقيل: سموا بذلك لتوبتهم عن عبادة العجل. هاد:

تاب. والهائد: التائب، قال الشاعر: إني امرؤ من حبه هائد

[ أي تبن!!ا. وه!!اد156أي تائب. وفي التنزي!!ل: "إن!!ا ه!!دنا إلي!!ك" ]األع!!راف: القوم يهودون هودا وهيادة إذا تابوا. وقال ابن عرفة: "هدنا إليك" أي سكنا إلى أم!!رك. واله!!وادة الس!!كون والموادع!!ة. ق!!ال: ومن!!ه قول!!ه تع!!الى: "إن

الذين أمنوا والذين هادوا". وقرأ أبو السمال: "هادوا" بفتح الدال. @قوله تعالى: "والنصارى "جمع واحده نص!!راني. وقي!!ل: نص!!ران بإس!!قاط الياء، وهذا قول سيبويه. واألنثى نصرانة، كندمان وندمانة. وهو نكرة يعرف

باأللف والالم، قال الشاعر: صدت كما صد عما ال يحل له ساقي نصارى قبيل الفصح صوام

فوصفه بالنكرة. وقال الخلي!!ل: واح!!د النص!!ارى نص!!ري، كمه!!ري ومه!!ارى.وأنشد سيبويه شاهدا على قوله:

تراه إذا دار العشا متحنفا ويضحي لديه وهو نصران شامس وأنشد:

فكلتاهما خرت وأسجد رأسها كما أسجدت نصرانة لم تحنف يقال: أسجد إذا مال. ولكن ال يستعمل نصران ونصرانة إال بي!!اءي النس!!ب، ألنهم قالوا: رجل نصراني وام!!رأة نص!!رانية. ونص!!ره: جعل!!ه نص!!رانيا. وفي

Page 206: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

الحديث: )فأبواه يهودانه أو ينصرانه(. وقال عليه السالم: )ال يسمع بي أحد من هذه األمة يهودي وال نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار(. وقد جاءت جموع على غ!!ير م!!ا يس!!تعمل واح!!دها، وقياس!!ه النصرانيون. ثم قيل: سموا بذلك لقرية تسمى "ناصرة" كان ينزلها عيسى عليه السالم فنسب إليها فقيل: عيسى الناصري، فلما نسب أص!!حابه إلي!!ه قيل النص!!ارى، قال!!ه ابن عب!!اس وقت!!ادة. وق!!ال الج!!وهري: ونص!!ران قري!!ة بالشام ينسب إليها النص!!ارى، ويق!!ال ناص!!رة. وقي!!ل: س!!موا ب!!ذلك لنص!!رة

بعضهم بعضا، قال الشاعر:لما رأيت نبطا أنصارا شمرت عن ركبتي اإلزارا كنت لهم من النصارى جارا

وقيل: سموا بذلك لقول: "من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار[. 52الله" ]آل عمران:

@قوله تعالى: "والصابئين" جمع صابئ، وقيل: ص!!اب، ول!!ذلك اختلف!!وا في همزه، وهمزه الجمهور إال نافعا. فمن هم!!زه جعل!!ه من ص!!بأت النج!!وم إذا طلعت، وصبأت ثنية الغالم إذا خرجت. ومن لم يهمز جعل!!ه من ص!!با يص!!بو إذا مال. فالصابئ في اللغة: من خرج ومال من دين إلى دين، ولهذا ك!!انت الع!!رب تق!!ول لمن أس!!لم ق!!د ص!!بأ. فالص!!ابئون ق!!د خرج!!وا من دين أه!!ل

الكتاب. ال خالف في أن اليهود والنصارى أهل كتاب وألجل كتابهم جاز نكاح نسائهم وأكل طعامهم على ما يأتي بيانه في المائ!!دة وض!!رب الجزي!!ة عليهم، على ما يأتي في، س!!ورة "ب!!راءة" إن ش!!اء الل!!ه. واختل!!ف في الص!!ابئين، فق!!ال السدي: هم فرق!!ة من أه!!ل الكت!!اب، وقال!!ه إس!!حاق بن راهوي!!ه. ق!!ال ابن المنذر وقال إسحاق: ال بأس بذبائح الصابئين ألنهم طائفة من أهل الكتاب. وقال أبو حنيفة: ال بئس بذبائحهم ومناكحة نسائهم. وقال الخليل: هم ق!!وم يشبه دينهم دين النصارى، إال أن قبلتهم نحو مهب الجن!!وب، يزعم!!ون أنهم على دين نوح عليه السالم. وقال مجاهد والحسن وابن أبي نجيح: هم ق!وم تركب دينهم بين اليهودي!!ة والمجوس!!ية، ال تؤك!!ل ذب!!ائحهم. ابن عب!!اس: وال تنكح نساؤهم. وقال الحسن أيضا وقتادة هم قوم يعبدون المالئكة ويصلون إلى القبلة ويقرؤون الزب!!ور ويص!!لون الخمس، رآهم زي!!اد ابن أبي س!!فيان فأراد وضع الجزية عنهم حين عرف أنهم يعب!!دون المالئك!!ة. وال!!ذي تحص!!ل من مذهبهم فيما ذكره بعض علمائنا أنهم موحدون معتقدون ت!!أثير النج!!وم وأنها فعالة، ولهذا أفتى أب!و س!عيد االص!طخري الق!ادر بالل!!ه بكف!رهم حين

سأله عنهم. @قوله تعالى: "من آمن بالله واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عن!!د ربهم "أي صدق. و"من" في قول!!ه: "من آمن" في موض!!ع نص!!ب ب!!دل من "الذين". والف!!اء في قول!!ه "فلهم" داخل!!ة بس!!بب اإلبه!!ام ال!!ذي في "من". و"لهم أجرهم" ابتداء وخبر في موضع خبر إن. ويحسن أن يكون "من" في موضع رفع باالبتداء، ومعناها الش!!رط. و"آمن" في موض!!ع ج!!زم بالش!!رط، والفاء الجواب. و"لهم أجرهم" خبر "من"، والجملة كلها خبر "إن"، والعائد على "ال!!ذين" مح!!ذوف، تق!!ديره من آمن منهم بالل!!ه. وفي اإليم!!ان بالل!!ه

واليوم اآلخر اندراج اإليمان بالرسل والكتب والبعث.

Page 207: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

إن قال قائل: لم جمع الضمير في قوله تعالى: "لهم أجرهم" و"آمن" لفظ مفرد ليس بجمع، وإنما كان يستقيم لو قال: له أج!!ره. ف!!الجواب أن "من" يقع على الواحد والتثنية والجم!!ع، فج!!ائز أن يرج!!ع الض!!مير مف!!ردا ومث!!نى

[ على42ومجموعا، قال الله تعالى: "ومنهم من يستمعون إليك" ]ي!!ونس: المعنى. وقال: "ومنهم من يستمع إليك" على اللفظ. وقال الشاعر:

ألما بسلمى عنكما إن عرضتما وقوال لها عوجي على من تخلفوا وقال الفرزدق:

تعال فإن عاهدتني ال تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان فحمل على المعنى ولو حمل على اللف!!ظ لق!!ال: يص!!طحب وتخل!!ف. ق!!ال تعالى: "ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات" فحمل على اللفظ. ثم ق!!ال: "خالدين" فحمل على المع!!نى، ول!!و راعى اللف!!ظ لق!!ال: خال!!دا فيه!!ا. وإذا جرى ما بعد "من" على اللفظ فجائز أن يخالف ب!!ه بع!!د على المع!!نى كم!!ا في هذه اآلية. وإذا جرى ما بعدها على المعنى لم يج!!ز أن يخ!!الف ب!!ه بع!!د على اللف!!ظ ألن اإللب!!اس ي!!دخل في الكالم. وق!!د مض!!ى الكالم في قول!!ه

تعالى: "فال خوف عليهم والهم يحزنون". والله أعلم. [17روي عن ابن عباس أن قوله: "إن ال!ذين آمن!وا وال!ذين ه!ادو" ]الحج:

اآلية. منسوخ بقول!!ه تع!!الى: "يبت!!غ غ!!ير اإلس!!الم دين!!ا فلن يقب!!ل من!!ه" ]آل [ اآلي!!ة. وق!!ال غ!!يره: ليس!!ت بمنس!!وخة. وهى فيمن ثبت على85عمران:

إيمانه من المؤمنين بالنبي عليه السالم. }وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا ف!!وقكم الط!!ور خ!!ذوا م!!ا آتين!!اكم63* اآلية 3*

بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون{ @قوله تعالى: "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور" هذه اآلي!!ة تفس!!ر

[.171معنى قوله تعالى: "وإذ نتقنا الجب!!ل ف!!وقهم كأن!!ه ظل!!ة"]األع!!راف: قال أبو عبيدة: المعنى زعزعناه فاستخرجناه من مكانه. قال: وك!!ل ش!!يء قلعته فرميت به فقد نتقته. وقيل: نتقناه رفعناه. قال ابن األعرابي: الن!!اتق الرافع، والناتق الباسط، والناتق الفاتق. وامرأة ناتق ومنتاق: كثيرة الول!!د. وقال القتبي: أخذ ذلك من نتق السقاء، وهو نفضه حتى تقتلع الزب!!دة من!!ه.

قال وقوله: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة" قال: قلع من أصله. واختلف في الطور، فقيل: الطور اسم للجبل الذي كلم الل!ه علي!ه موس!ى عليه السالم وأنزل علي!!ه في!!ه الت!!وراة دون غ!!يره، رواه ابن ج!!ريج عن ابن عباس. وروى الضحاك عنه أن الطور ما أنبت من الجبال خاصة دون ما لم ينبت. وقال مجاهد وقتادة: أي جبل كان. إال أن مجاهدا قال: هو اسم لك!!ل جبل بالسريانية، وقال أبو العالية. وقد مض!!ى الكالم ه!!ل وق!!ع في الق!!رآن ألفاظ مفردة غير معرب!!ة من غ!!ير كالم في مقدم!!ة الكت!!اب. والحم!!د لل!!ه. وزعم البكري أن!!ه س!!مي بط!!ور بن إس!!ماعيل علي!!ه الس!!الم، والل!!ه تع!!الى

أعلم. القول في سبب رفع الطور

وذلك أن موسى عليه السالم لما جاء بني إس!!رائيل من عن!!د الل!!ه ب!!األلواح فيها التوراة قال لهم: خذوها والتزموها. فق!!الوا: ال! إال أن يكلمن!!ا الل!!ه به!!ا كم!!ا كلم!ك. فص!!عقوا ثم أحي!!وا. فق!!ال لهم: خ!!ذوها. فق!!الوا ال، ف!!أمر الل!!ه المالئكة فاقتلعت جبال من جبال فلسطين طوله فرس!!خ في مثل!!ه، وك!!ذلك كان عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظلة، وأت!!وا ببح!!ر من خلفهم، ون!!ار من

Page 208: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

قبل وجوههم، وقيل لهم: خ!!ذوها وعليكم الميث!!اق أال تض!!يعوها، وإال س!!قط عليكم الجبل. فسجدوا توبة الله وأخذوا التوراة بالميثاق. قال الط!!بري عن بعض العلماء: لو أخذوها أول م!!رة لم يكن عليهم ميث!!اق. وك!!ان س!!جودهم على ش!!ق، ألنهم ك!!انوا يرقب!!ون الجب!!ل خوف!!ا، فلم!!ا رحمهم الل!!ه ق!!الوا: ال سجدة أفضل من س!جدة تقبله!ا الل!!ه ورحم به!ا عب!اده، ف!أمروا س!جودهم على شق واحد. قال ابن عطية: والذي ال يصح سواه أن الله تعالى اخ!!ترع وقت سجودهم اإليمان في قلوبهم ال أنهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة

بذلك. @قوله تعالى: "خذوا" أي فقلن!!ا خ!!ذوا، فح!!ذف. "م!!ا آتين!!اكم" أعطين!!اكم. "بق!!وة" أي بج!!د واجته!!اد، ق!!ال ابن عب!!اس وقت!!ادة والس!!دي. وقي!!ل: بني!!ة وإخالص. مجاهد: القوة العمل بما فيه. وقيل: بقوة، بكثرة درس. "واذكروا

ما فيه" أي تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده، وال تنسوه وال تضيعوه. قلت: ه!!ذا ه!!و المقص!!ود من الكتب، العم!!ل بمقتض!!اها ال تالوته!!ا باللس!!ان وترتيلها، ف!!إن ذل!!ك نب!!ذ له!!ا، على م!!ا قال!!ه الش!!عبي وابن عيين!!ة، وس!!يأتي قولهما عن!!د قول!!ه تع!الى: "نب!!ذ فري!!ق من ال!ذين أوت!!وا الكت!!اب" ]البق!!رة:

[. وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الل!!ه101 عليه وسلم قال: )إن من شر الن!!اس وجال فاس!!قا يق!!رأ الق!!رآن ال يرع!!وي إلى شيء منه(. فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود العم!!ل كم!!ا بين!!ا. وقال مالك: قد يقرأ القرآن من ال خ!!ير في!!ه. فم!!ا ل!!زم إذا من قبلن!!ا وأخ!!ذ عليهم الزم لنا وواجب علينا. قال الله تعالى: "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم

[ فأمرنا باتب!!اع كتاب!!ه والعم!!ل بمقتض!!اه، لكن تركن!!ا55من ربكم" ]الزمر: ذلك، كما ت!!ركت اليه!!ود والنص!!ارى، وبقيت أش!!خاص الكتب والمص!!احف ال تفيد شيئا، لغلبة الجهل وطلب الرياسة واتب!!اع األه!!واء. روى الترم!!ذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: كنا مع الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم، فش!!خص ببص!!ره إلى الس!!ماء ثم ق!!ال: )ه!!ذا أوان يختلس في!!ه العلم من الناس حتى ال يقدروا منه على شيء(. فقال زياد بن لبيد األنص!!اري: كي!!ف يختلس منا وق!د قرأن!!ا الق!!رآن! فوالل!!ه لنقرأن!ه ولنقرئن!!ه نس!اءنا وأبناءن!ا. فقال: )ثكلتك أمك يا زياد أن كنت ألعدك من فقه!اء المدين!ة ه!ذه الت!وراة واإلنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم( وذك!!ر الح!!ديث، وس!!يأتي. وخرج!!ه النس!!ائي من ح!!ديث جب!!ير بن نف!!ير أيض!!ا عن ع!!وف بن مال!!ك األشجعي من طريق صحيحة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ق!!ال لزي!!اد: )ثكلتك أمك ي!!ا زي!!اد ه!!ذه الت!!وراة واإلنجي!!ل عن!!د اليه!!ود والنص!!ارى(. وفي الموطأ عن عبدا لله بن مسعود قال إلنسان: "إنك في زمان كثير فقه!!اؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كث!!ير من يعطي، يطيلون الصالة ويقصرون في!!ه الخطب!!ة، يب!!دؤون في!!ه أعم!الهم قبل أهوائهم. وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير ق!!راؤه، تحف!!ظ في!!ه ح!!روف الق!!رآن، وتض!!يع ح!!دوده، كث!!ير من يس!!أل، قلي!!ل من يعطي، يطيل!!ون في!!ه الخطب!!ة، ويقص!!رون الص!!الة، يب!!دؤون في!!ه أه!!واءهم قب!!ل أعمالهم". وهذه نصوص تدل على ما ذكرن!!ا. وق!!د ق!!ال يح!!يى: س!!ألت ابن نافع عن قوله. يبدؤون أهواءهم قبل أعمالهم؟ قال يقول: يتبعون أه!!واءهم

ويتركون العمل بالذي افترض عليهم. @قوله تعالى: "لعلكم تتقون" وتقدم القول في معناه فال معنى إلعادته.

Page 209: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

}ثم ت!!وليتم من بع!!د ذل!!ك فل!!وال فض!!ل الل!!ه عليكم ورحمت!!ه64* اآلية 3*لكنتم من الخاسرين{

@قول!!ه تع!!الى: "ثم ت!!وليتم "ت!!ولى تفع!!ل، وأص!!له اإلع!!راض واإلدب!!ار عن الش!!!يء بالجس!!!م، ثم ا س!!!تعمل في اإلع!!!راض عن األوام!!!ر واألدي!!!ان

والمعتقدات اتساعا ومجازا. @قوله تعالى: "من بعد ذلك" أي من بعد البرهان، وهو أخذ الميث!!اق ورف!!ع

الجبل. @قوله تع!!الى: "فل!!وال فض!!ل الل!!ه عليكم" "فض!!ل" مرف!!وع باالبت!!داء عن!!د سيبويه والخبر محذوف ال يجوز إظهاره، ألن العرب اس!!تغنت عن إظه!!اره، إال أنهم إذا أرادوا إظه!!اره ج!!اؤوا ب!!أن، ف!!إذا ج!!اؤوا به!!ا لم يح!!ذفوا الخ!!بر.

والقدير فلوال فضل الله تدارككم. @قوله تعالى: "ورحمته" عطف على "فضل" أي لطف!!ه وإمهال!!ه. "لكنتم" جواب "لوال" "من الخاسرين" خبر كنتم. والخسران: النقصان، وقد تق!!دم. وقيل: فض!!له قب!!ول التوب!!ة، و"رحمت!!ه" العف!!و. والفض!!ل: الزي!!ادة على م!!ا وجب. واإلفضال: فعل ما لم يجب. قال ابن ف!!ارس في المجم!!ل: الفض!!ل

الزيادة والخير، واإلفضال: اإلحسان. }ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا65* اآلية 3*

قردة خاسئين{ @قوله تعالى: "ولقد علمتم ال!!ذين اعت!!دوا منكم" "علمتم" معن!!اه ع!!رفتم أعيانهم. وقيل: علمتم أحكامهم. والف!!رق بينهم!!ا أن المعرف!!ة متوجه!!ة إلى ذات المسمى. والعلم متوجه إلى أحوال المسمى. فإذا قلت: عرفت زيدا، فالمراد شخصه وإذا قلت: علمت زيدا، فالمراد به العلم بأحواله من فض!!ل ونقص. فعلى األول يتعدى الفع!!ل إلى مفع!!ول واح!!د، وه!!و ق!!ول س!!يبويه: "علمتم" بمعنى عرفتم. وعلى الث!!اني إلى مفع!!ولين وحكى األخفش ولق!!د علمت زي!!دا ولم أكن أعلم!!ه. وفي التنزي!!ل: "ال تعلم!!ونهم الل!!ه يعلمهم"

[ كل هذا بمع!!نى المعرف!!ة، ف!!اعلم. "ال!!ذين اعت!!دوا منكم في60]األنفال: [ صلة "الذين". واالعتداء. التجاوز، وقد تقدم.65السبت" ]البقرة:

روى النسائي عن صفوان بن عسال قال: ق!!ال يه!ودي لص!!احبه: اذهب بن!!ا إلى هذا النبي. فقال له صاحبه: ال تقل نبي لو سمعك فإن له أربع!!ة أعين. فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأاله عن تسع آيات بينات، فق!!ال لهم: )ال تشركوا بالل!!ه ش!!يئا وال تس!!رفوا وال تزن!!وا وال تقتل!!وا النفس ال!!تي حرم الله إال بالحق وال تمش!!وا ب!!بريء إلى س!!لطان وال تس!!حروا وال ت!!أكلوا الربا وال تقذفوا المحصنة وال تولوا يوم الزحف وعليكم خاصة يهود أال تعدوا في السبت(. فقبلوا يديه ورجليه وقالوا: نشهد أنك نبي. قال: )فما يمنعكم أن تتبعوني( ق!!الوا: إن داود دع!!ا ب!!أال ي!!زال من ذريت!!ه ن!!بي وإن!!ا نخ!!اف إن اتبعن!!اك أن تقتلن!!ا يه!!ود. وخرج!!ه الترم!!ذي وق!!ال: ح!!ديث حس!!ن ص!!حيح.

وسيأتي لفظه في سورة "سبحان" إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "في السبت" معناه في يوم السبت، ويحتم!!ل أن يري!!د في حكم الس!!بت. واألول ق!!ول الحس!!ن وأنهم أخ!!ذوا في!!ه الحيت!!ان على جه!!ة االستحالل. وروى أشهب عن مالك قال: زعم ابن روم!!ان أنهم ك!!انوا يأخ!!ذ الرجل منهم خيطا ويضع فيه وهقة وألقاها في ذنب الح!!وت، وفي الط!رف اآلخر من الخيط وتد وترك!!ه ك!!ذلك إلى األح!!د، ثم تط!!رق الن!!اس حين رأوا

Page 210: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

من صنع ال يبتلى، حتى كثر ص!!يد الح!!وت ومش!!ي ب!!ه في األس!!واق، وأعلن الفسقة بصيده. فقامت فرقة فنهت وجاهرت بالنهي واعتزلت. ويق!!ال: إن الناهين قالوا: ال نساكنكم، فقسموا القرية بجدار. فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إن للناس لشأنا، فعلوا على الجدار فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الب!!اب ودخل!!وا عليهم، فع!!رفت القردة أنسابها من اإلنس، وال يع!!رف اإلنس أنس!!ابهم من الق!!ردة، فجعلت الق!!ردة ت!!أتي نس!!يبها من اإلنس فتش!!م ثياب!!ه وتبكي، فيق!!ول: ألم ننهكم فتقول برأسها نعم. قال قتادة: صار الشبان ق!ردة، والش!يوخ خن!!ازير، فم!ا نجا إال الذين نهوا وهلك سائرهم. وس!!يأتي في "األع!!راف" ق!!ول من ق!!ال: إنهم ك!!انوا ثالث ف!!رق. وه!!و أص!!ح من ق!!ول من ق!!ال: إنهم لم يف!!ترقوا إال

فرقتين. والله أعلم. والسبت مأخوذ من السبت وه!!و القط!!ع، فقي!!ل: إن األش!!ياء س!!بتت وتمت

خلقتها. وقيل: هو مأخوذ من السبوت الذي هو الراحة والدعة. واختلف العلماء في الممسوخ هل ينس!!ل على ق!!ولين. ق!!ال الزج!!اج: ق!!ال قوم يجوز أن تكون هذه القردة منهم. واختاره القاضي أبو بكر بن العربي. وقال الجمهور: الممسوخ ال ينس!!ل وإن الق!!ردة والخن!!ازير وغيرهم!!ا ك!!انت قبل ذل!ك، وال!ذين مس!خهم الل!!ه ق!د هلك!!وا ولم يب!!ق لهم نس!ل، ألن!ه ق!د أصابهم السخط والعذاب، فلم يكن لهم قرار في الدنيا بعد ثالثة أيام. ق!!ال ابن عباس: لم يعش مسخ قط فوق ثالثة أيام، ولم يأك!!ل ولم يش!!رب ولم ينسل. قال ابن عطية: وروي عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم وثبت أن

الممسوخ ال ينسل وال يأكل وال يشرب وال يعيش أكثر من ثالثة أيام. قلت: هذا هو الصحيح من القولين. وأما ما احتج به ابن العربي وغيره

على صحة القول األول من قوله صلى الله عليه وس!!لم: )فق!!دت أم!!ة من بني إسرائيل ال يدرى م!!ا فعلت وال أراه!!ا إال الف!!أر أال ترونه!!ا إذا وض!!ع له!!ا ألبان اإلبل لم تشربه وإذا وضع لها ألبان الش!!اء ش!!ربته(. رواه أب!!و هري!!رة أخرجه مسلم، وبحديث الضب رواه مسلم أيضا عن أبي سعيد وجابر، ق!!ال جابر: أتي، النبي صلى الله عليه وسلم بضب فأبى أن يأكل منه، وق!!ال: )ال أدري لعل!!ه من الق!!رون ال!!تي مس!!خت( فمت!!أول على م!!ا ي!!أتي. ق!!ال ابن العربي: وفي البخاري عن عمرو بن ميم!!ون أن!!ه ق!!ال: رأيت في الجاهلي!!ة ق!!ردة ق!!د زنت فرجموه!!ا فرجمته!!ا معهم. ثبت في بعض نس!!خ البخ!!اري وسقط في بعضها، وثبت في نص الحديث "ق!!د زنت" وس!!قط ه!!ذا اللف!!ظ عند بعضهم. قال ابن العربي: فإن قيل: وك!!أن البه!!ائم بقيت فيهم مع!!ارف الشرائع حتى ورثوها خلف!!ا عن س!!لف إلى زم!!ان عم!!رو؟ قلن!!ا: نعم ك!!ذلك كان، ألن اليهود غيروا الرجم فأراد الله أن يقيمه في مسوخهم حتى يك!!ون أبلغ في الحجة على ما أنكروه من ذلك وغ!!يروه، ح!تى تش!هد عليهم كتبهم وأحبارهم ومسوخهم، حتى يعلم!!وا أن الل!!ه يعلم م!!ا يس!!رون وم!!ا يعلن!!ون، ويحصي ما يبدلون وما يغ!يرون، ويقيم عليهم الحج!!ة من حيث ال يش!عرون

وينصر نبيه عليه السالم وهم ال ينصرون. قلت: هذا كالمه في األحكام، وال حجة في شيء منه. وأما ما ذكره من

قص!!ة عم!!رو ف!!ذكر الحمي!!دي في جم!!ع الص!!حيحين: حكى أب!!و مس!!عود الدمش!!قي أن لعم!!رو بن ميم!!ون األودي في الص!!حيحين حكاي!!ة من رواي!!ة حصين عنه ق!!ال: رأيت في الجاهلي!!ة ق!!ردة اجتم!!ع عليه!!ا ق!!ردة فرجموه!!ا

Page 211: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

فرجمته!!ا معهم. ك!!ذا حكى أب!!و مس!!عود ولم ي!!ذكر في أي موض!!ع أخرج!!ه البخاري من كتابه، فبحثنا عن ذل!ك فوج!!دناه في بعض النس!!خ ال في كله!!ا، فذكر في كتاب أيام الجاهلية. وليس في رواية النعيمي عن الفرب!!ري أص!!ال شيء من هذا الخبر في القردة، ولعلها من المقحمات في كتاب البخ!!اري. والذي قال البخاري في التاريخ الكبير: قال نعيم بن حماد أخبرنا هشيم عن أبي بلج وحصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية فردة اجتمع عليها قرود فرجموها فرجمته!!ا معهم. وليس في!!ه "ق!!د زنت". ف!!إن ص!!حت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري داللة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلي!!ة ولم يب!!ال بظن!!ه ال!!ذي ظن!!ه في الجاهلي!!ة. وذك!!ر أب!!و عم!!ر في االستيعاب عمرو بن ميمون وأن كنيته أبو عبدالله "معدود في كبار التابعين من الكوفيين، وهو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة إن صح ذل!!ك، ألن رواته مجهولون. وقد ذك!!ره البخ!!اري عن نعيم عن هش!!يم عن حص!!ين عن عمرو بن ميمون األودي مختصرا ق!!ال: رأيت في الجاهلي!!ة ق!!ردة زنت فرجموه!!ا - يع!!ني الق!!ردة - فرجمته!!ا معهم. ورواه عب!!اد بن الع!!وام عن حص!!ين كم!!ا رواه هش!!يم مختص!!را. وأم!!ا القص!!ة بطوله!!ا فإنه!!ا ت!!دور على عبدالملك بن مسلم عن عيسى بن حط!!ان، وليس!!ا ممن يحتج بهم!!ا. وه!!ذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنى إلى غير مكل!!ف، وإقام!!ة الح!!دود في البهائم. ولو صح لكانوا من الجن، ألن العب!!ادات في اإلنس والجن دون غيرهما". وأما قوله عليه السالم في حديث أبي هريرة: )وال أراها إال الفأر( وفي الضب: )ال أدري لعله من القرون التي مسخت( وما كان مثله، فإنم!!ا كان ظنا وخوفا ألن يكون الض!!ب والف!!أر وغيرهم!!ا مم!!ا مس!!خ، وك!!ان ه!!ذا حدسا منه صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم قب!!ل أن ي!!وحى إلي!!ه أن الل!!ه لم يجع!!ل للمسخ نسال، فلما أوحى إليه بذلك زال عنه ذلك التخوف، وعلم أن الض!!ب والفأر ليسا مما مسخ، وعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله علي!!ه وس!!لم لمن سأله عن القردة والخنازير: هي مما مسخ؟ فقال: )إن الله لم يهل!!ك قوم!!ا أو يعذب قوما فيجع!ل لهم نس!ال وإن الق!ردة والخن!ازير ك!انوا قب!ل ذل!ك(. وهذا نص صريح صحيح رواه عبدالله بن مس!عود أخرج!ه مس!لم في كت!!اب القدر. وثبتت النصوص بأكل الضب بحضرته وعلى مائدت!!ه ولم ينك!!ر، ف!!دل على صحة ما ذكرنا. وبالله توفيقنا. وروي عن مجاهد في تفسير هذه اآلي!!ة أنه إنما مسخت قلوبهم فق!!ط، وردت أفه!!امهم كأفه!!ام الق!!ردة. ولم يقل!!ه

غيره من المفسرين فيما أعلم، والله أعلم. @قول!!ه تع!!الى: "فقلن!!ا لهم كون!!وا ق!!ردة خاس!!ئين" "ق!!ردة" خ!!بر ك!!ان. "خاسئين" نعت، وإن شئت جعلته خبرا ثانيا لك!!ان، أوح!!اال من الض!!مير في "كونوا". ومعناه مبعدين. يقال: خسأته فخسأ وخس!!ئ، وانخس!!أ أي أبعدت!!ه

[ أي مبع!!دا.4فبعد. وقول!!ه تع!!الى: "ينقلب إلي!!ك البص!!ر خاس!!ئا" ]المل!!ك: [ أي تباع!!دوا. تباع!!د س!!خط. ق!!ال108وقوله: "اخسؤوا فيها" ]المؤمنون:

الكسائي: خس!!أ الرج!!ل خس!!وءا، وخس!!أته خس!!أ. ويك!!ون الخاس!!ئ بمع!!نى الصاغر القميء. يقال: قمؤ الرجل قماء وقماءة ص!!ار قميئ!ا، وه!!و الص!!اغر

الذليل. وأقمأته: صغرته وذللته، فهو قميء على فعيل. }فجعلناها نكاال لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين{66* اآلية 3*

@قوله تعالى: "فجعلناها نكاال" نصب على المفعول الثاني. وفي المجعول نكاال أقاويل، قيل: العقوبة. وقيل: القرية، إذ مع!!نى الكالم يقتض!!يها وقي!!ل:

Page 212: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

األمة التي مسخت. وقيل: الحيتان، وفي!!ه بع!!د. والنك!!ال: الزج!!ر والعق!!اب.

والنكل واألنكال: القيود. وس!!ميت القي!!ود أنك!!اال ألنه!!ا ينك!!ل به!!ا، أي يمن!!ع. ويقال للجام الثقيل: نكل ونكل، ألن الدابة تمنع به ونك!!ل عن األم!!ر ينك!!ل، ونكل ينكل إذا امتنع. والتنكيل: إصابة األعداء بعقوبة تنكل من وراءهم، أي تجبنهم. وقال األزهري: النكال العقوبة. ابن دريد: والمنك!!ل: الش!!يء ال!!ذي

ينكل باإلنسان، قال: فارم على أقفائهم بمنكل

@قوله تع!!الى: "لم!!ا بين ي!!ديها" ق!!ال ابن عب!!اس والس!!دي: لم!!ا بين ي!!ديالمسخة ما قبلها من ذنوب القوم.

@قوله تعالى: "وما خلفه!!ا" لمن يعم!!ل مث!!ل تل!!ك ال!!ذنوب. ق!!ال الف!!راء: جعلت المسخة نك!!اال لم!!ا مض!!ى من ال!!ذنوب، ولم!!ا يعم!!ل بع!!دها ليخ!!افوا المسخ ب!!ذنوبهم. ق!ال ابن عطي!!ة: وه!!ذا ق!!ول جي!!د، والض!!ميران للعقوب!!ة. وروى الحكم عن مجاه!!!د عن ابن عب!!!اس: لمن حض!!!ر معهم ولمن ي!!!أتي بعدهم. واختاره النحاس، قال: وه!!و أش!!به ب!!المعنى، والل!!ه أعلم. وعن ابن عباس أيضا. "لما بين يديها وما خلفها" من القرى. وق!!ال قت!!ادة: "لم!!ا بين

يديها" من ذنوبهم "وما خلفها" من صيد الحيتان. @قوله تعالى: "وموعظة للمتقين" عط!!ف على نك!!ال، ووزنه!!ا مفعل!!ة من االتعاظ واالنزجار. والوعظ: التخويف. والعظة االسم. قال الخليل: الوع!!ظ الت!!ذكير ب!!الخير فيم!!ا ي!!رق ل!!ه القلب. ق!!ال الم!!اوردي: وخص المتقين وإن ك!!انت موعظ!!ة للع!!المين لتف!!ردهم به!!ا عن الك!!افرين المعان!!دين ق!!ال ابن عطية: واللفظ يعم كل متق من كل أمة وقال الزجاج "وموعظ!!ة للمتقين" ألمة محمد صلى الله عليه وسلم أن ينتهك!!وا من ح!!رم الل!!ه ج!!ل وع!!ز م!!ا نهاهم عنه: فيصيبهم ما أص!!اب أص!!حاب الس!!بت إذ انتهك!!وا ح!!رم الل!!ه في

سبتهم. }وإذ ق!!ال موس!!ى لقوم!!ه إن الل!!ه ي!!أمركم أن ت!!ذبحوا بق!!رة67* اآلية 3*

قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين{ @قوله تعالى: "إن الله ي!!أمركم" حكي عن أبي عم!رو أن!!ه ق!!رأ "ي!!أمركم" بالسكون، وحذف الضمة من الراء لثقلها. قال أبو العباس المبرد: ال يج!!وز هذا ألن الراء حرف اإلعراب، وإنما الصحيح عن أبي عمرو انه كان يختلس الحركة. "أن تذبحوا" في موضع نصب ب! "يأمركم" أي بأن تذبحوا. "بق!!ره"

نصب "تذبحوا". وقد تقدم معنى الذبح فال معنى إلعادته. قوله تعالى: "أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" مقدم في التالوة وقوله

"قتلتم نفسا" مقدم في المعنى على جميع م!!ا ابت!!دأ ب!!ه من ش!!أن البق!!رة.

ويجوز أن يكون قوله: "قتلتم" في ال!!نزول مق!!دما، واألم!!ر بال!!ذبح م!!ؤخرا. ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تالوتها، فكأن الل!!ه أم!!رهم ب!!ذبح البقرة حتى ذبحوها ثم وق!!ع م!!ا وق!!ع في أم!!ر القت!!ل، ف!!أمروا أن يض!!ربوه ببعضها، ويكون "وإذ قتلتم" مقدما في المعنى على القول األول حسب م!!ا ذكرنا، ألن الواو ال توجب الترتيب. ونظيره في التنزيل في قص!!ة ن!!وج بع!!د ذكر الطوفان وانقضائه في قول!!ه: "ح!!تى إذا ج!!اء أمرن!!ا وف!!ار التن!!ور قلن!!ا

[. ف!!ذكر40أحمل فيها من كل زوجين اثنين" إلى قول!!ه "إال قلي!!ل" ]ه!!ود: إهالك من هلك منهم ثم عطف عليه بقوله: "وقال اركب!!وا فيه!!ا بس!!م الل!!ه

[. فذكر الركوب متأخرا في الخطاب، ومعلوم41مجراها ومرساها" ]هود:

Page 213: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أن ركوبهم كان قبل الهالك. وكذلك قوله تع!!الى: "الحم!!د لل!!ه ال!!ذي أن!!زل [. وتق!!ديره: أن!!زل19على عبده الكتاب ولم يجعل له عوج!!ا قيم!!ا" ]ه!!ود:

على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، ومثله في القرآن كثير. @ال خالف بين العلم!!اء أن ال!!ذبح أولى في الغنم، والنح!!ر أولى في اإلب!!ل، والتخير في البقر. وقيل: الذبح أولى، ألنه الذي ذكره الله، ولق!!رب المنح!!ر من المذبح. قال ابن المنذر: ال أعلم أحدا حرم أكل م!!ا نح!!ر مم!!ا ي!!ذبح، أو ذبح مم!!ا ينح!!ر. وك!!ره مال!!ك ذل!!ك. وق!!د يك!!ره الم!!رء الش!!يء وال يحرم!!ه. وسيأتي في سورة "المائدة" أحكام الذبح وال!!ذابح وش!!رائطهما عن!!د قول!!ه

[ مس!!توفى إن ش!!اء الل!!ه تع!!الى. ق!!ال3تع!!الى: "إال م!!ا ذكيتم" ]المائ!!دة: الماوردي: وإنما أمروا - والله أعلم - بذبح بقرة دون غيرها، ألنها من جنس ما عب!!دوه من العج!!ل ليه!!ون عن!!دهم م!!ا ك!!ان يرون!!ه من تعظيم!!ه، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته. وهذا المعنى علة في ذبح البقرة، وليس بعلة في جواب السائل، ولكن المعنى فيه أن يحيا القتيل بقتل حي،

فيكون أظهر لقدرته في اختراع األشياء من أضدادها. @قوله تعالى: "بقرة" البقرة اسم لألن!!ثى، والث!!ور اس!!م لل!!ذكر مث!!ل ناق!!ه وجمل وام!!رأة ورج!!ل. وقي!!ل: البق!!رة واح!!د البق!!ر، األن!!ثى وال!!ذكر س!!واء. واص!!له من قول!!ك: بق!!ر بطن!!ه، أي ش!!قه، ف!!البقرة تش!!ق األرض ب!!الحرث وتثيره. ومنه الباقر ألبى جعفر محمد بن علي زين العابدين، ألنه بقر العلم وعرف أصله، أي شقه. والبقيرة: ثوب يشق فتلقيه الم!!رأة في عنقه!!ا من غير كمين. وفي حديث ابن عب!!اس في ش!!أن الهده!!د )فبق!!ر األرض(. ق!!ال شمر: بقر نظر موضع الماء، فرأى الماء تحت األرض. قال األزهري: البق!!ر اسم للجنس وجمعه باقر. ابن عرفة: يقال بقير وباقر وبيقور. وقرأ عكرمة وابن يعمر "إن الباقر". والثور: واحد الث!!يران. والث!!ور: الس!!يد من الرج!!ال. والثور القطعة من األقط. والثور: الطحلب. وثور: الجبل. وث!!ور: قبيل!!ة من الع!!رب. وفي الح!!ديث: )ووقت العش!!اء م!!ا لم يغب ث!!ور الش!!فق( يع!!ني انتشاره، يقال: ثار يث!!ور ث!!ورا وثوران!!ا إذا انتش!!ر في األف!!ق وفي الح!!ديث: )من أراد العلم فليثور القرآن(. قال شمر: تثوير الق!!رآن قراءت!!ه ومفاتش!!ة

العلماء به. @قوله تعالى: "قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أك!!ون من الج!!اهلين" هذا جواب منهم لموسى عليه السالم لما ق!!ال، لهم: "إن الل!!ه ي!!أمركم أن

[ وذل!!ك أنهم وج!!دوا ق!!تيال بين أظه!!رهم قي!!ل:67ت!!ذبحوا بق!!رة" ]البق!!رة: اسمه عاميل واشتبه أم!!ر قاتل!!ه عليهم، ووق!!ع بينهم خالف، فق!!الوا: نقتت!!ل ورسول الله بين أظهرنا، فأتوه وسألوه البيان - وذلك قبل ن!!زول القس!!امة في التوراة، فسألوا موسى أن يدعو الله فسأل موسى علي!!ه الس!!الم رب!!ه فأمرهم بذبح بقرة، فلما سمعوا ذلك من موسى وليس في ظاهره ج!!واب عما سألوه عنه واحتكموا فيه عنده، ق!!الوا: أتتخ!!ذنا ه!!زؤا؟ واله!!زء: اللعب والسخرية، وقد تقدم. وقرأ الجحدري "أيتخذنا" بالياء، أي قال ذلك بعضهم لبعض فأج!!ابهم موس!!ى علي!!ه الس!!الم بقول!!ه: "أع!!وذ بالل!!ه أن أك!!ون من

[ ألن الخ!!روج عن ج!!واب الس!!ائل المسترش!!د إلى67الجاهلين" ]البق!!رة: اله!!زء جه!!ل، فاس!!تعاذ من!!ه علي!!ه الس!!الم، ألنه!!ا ص!!فة تنتفي عن األنبي!!اء. والجهل نقيض العلم. فاستعاذ من الجهل، كم!!ا جهل!!وا في ق!!ولهم: أتتخ!!ذنا هزؤا، لمن يخبرهم عن الل!!ه تع!!الى، وظ!!اهر ه!!ذا الق!!ول ي!!دل على فس!!اد

Page 214: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

اعتقاد من قاله. وال يصح إيمان من قال لنبي ق!د ظه!رت معجزت!ه، وق!ال: إن الله يأمرك بكذا: أتتخذنا هزؤا؟ ولو قال ذلك اليوم أحد عن بعض أقوال النبي صلى لوجب تكفيره. وذهب قوم إلى أن ذل!!ك منهم على جه!!ة غل!!ظ الطبع والجفاء والمعصية، على نحو ما قال القائ!!ل للن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وسلم في قسمة غنائم حنين: إن هذه لقسمة ما أريد بها وج!!ه الل!!ه. وكم!!ا قال له اآلخر: اعدل يا محمد وفي هذا كله أدل دليل على قبح الجهل، وأنه

مفسد للدين. "هزوا" مفع!!ول ث!!ان، ويج!!وز تخفي!!ف الهم!!زة تجعله!!ا بين ال!!واو والهم!!زة. وجعلها حفص واوا مفتوحة، ألنه!!ا هم!!زة مفتوح!!ة قبله!!ا ض!!مة فهي تج!!ري على البدل، كقوله: "السفهاء ولكن". ويجوز حذف الض!!مة من ال!!زاي كم!!ا تحذفها من عضد، فتقول: هزؤا، كما قرأ أهل الكوفة، وكذلك "ولم يكن ل!!ه كفؤا أح!!د". وحكى األخفش عن عيس!!ى بن عم!!ر أن ك!!ل اس!!م على ثالث!!ة أحرف أوله مضموم ففيه لغتان: التخفي!!ف والتثقي!!ل، نح!!و العس!!ر واليس!!ر

والهزء. ومثله ما ك!!ان من الجم!!ع على فع!!ل ككتب وكتب، ورس!!ل ورس!!ل، وع!!ون

[15وعون. وأما قول!!ه تع!!الى: "وجعل!!وا ل!!ه من عب!!اده ج!!زءا" ]الزخ!!رف: فليس مث!!ل ه!!زء وكفء، ألن!!ه على فع!!ل، من األص!!ل. على م!!ا ي!!أتي في

موضعه إن شاء الله تعالى. مسألة: في اآلية دليل على منع االستهزاء بدين الله ودين المسلمين

ومن يجب تعظيمه، وأن ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد. وليس الم!!زاح من االستهزاء بسبيل، أال ترى أن النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم ك!!ان يم!!زح واألئمة بعده. قال ابن خويز منداد: وقد بلغنا أن رجال تقدم إلى عبيدالله بن الحسن وهو قاضي الكوفة فمازحه عبيدالله فقال: جبت!!ك ه!!ذه من ص!!وف نعجة أو صوف كبش؟ فقال له: ال تجهل أيه!ا القاض!!ي فق!ال ل!ه عبيدالل!!ه: وابن وجدت المزاج جهال فتال عليه هذه اآلية، ف!!أعرض عن!!ه عبيدالل!!ه، ألن!!ه

رآه جاهال ال يعرف المزح من االستهزاء، وليس أحدهما من اآلخر بسبيل. }قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بق!!رة ال68* اآلية 3*

فارض وال بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون{ @قوله تعالى: "قالوا ادع لنا رب!!ك" ه!!ذا تع!!نيت منهم وقل!!ة طواعي!!ة، ول!!و امتثلوا األمر وذبحوا أي بقرة ك!!انت لحص!!ل المقص!!ود، لكنهم ش!!ددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، قاله ابن عباس وأبو العالية وغيرهما. ونحو ذلك روى الحسن البصري عن النبي صلى الل!!ه علي!!ه وس!!لم. ولغ!!ة ب!!نى ع!!امر

"ادع". @قوله تعالى: "يبين لنا" مجزوم على جواب األمر، "م!!ا هي" ابت!!داء وخ!بر

وماهية الشيء: حقيقته وذاته التي هو عليها. @قوله تعالى: "قال إنه يقول إنها بقرة ال فارض وال بك!!ر ع!وان بين ذل!ك" في هذا دليل على جواز النسخ قبل وقت الفعل، ألنه لما أمر ببقرة اقتضى أي بقرة كانت، فلما زاد في الصفة نسخ الحكم األول بغيره، كما ل!!و ق!!ال: في ثالثين من اإلبل بنت مخاض، ثم نسخه بابنة لبون أو حقة. وكذلك ههن!!ا لما عين الصفة صار ذلك نسخا للحكم المتق!!دم. والف!!ارض: المس!!نة. وق!!د فرض!ت تف!رض فروض!ا، أي أس!نت. ويق!ال للش!يء الق!ديم ف!ارض، ق!ال

الراجز:

Page 215: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

شيب أصداغي فرأسي أبيض محامل فيها رجال فرض يعني هرمي، قال آخر:

لعمرك قد أعطيت جارك فارضا تساق إليه ما تقوم على رجل أي قديما، وقال آخر:

يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض أي قديم. و"ال فارض" رفع على الصفة لبقرة. "وال بكر" عطف. وقي!!ل: "ال فارض" خبر مبت!!دأ مض!!مر، أي ال هي ف!!ارض وك!!ذا "ال ذل!!ول"، وك!!ذلك "ال تسق الحرث" وكذلك "مسلمة" فاعلمه. وقي!!ل: الف!!ارض ال!!تي ق!!د ول!!دت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك، ألن معنى الفارض في اللغة الواسع، قال بعض المتأخرين. والبكر: الصغيرة التي لم تحمل. وحكى القتبي أنه!!ا ال!!تي

ولدت. والبكر: األول من األوالد، قال: يا بكر بكرين ويا خلب الكبد أصبحت مني كذراع من عضد

والبك!!ر أيض!!ا في إن!!اث البه!!ائم وب!!ني آدم: م!!ا لم يفتحل!!ه الفح!!ل، وهي مكسورة الباء. وبفتحها الفتي من اإلبل. والعوان: النصف ال!!تي ق!!د ول!!دت بطنا أو بطنين، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه، بخالف الخيل، ق!!ال

الشاعر يصف فرسا: كميت بهيم اللون ليس بفارض وال بعوان ذات لون مخصف

فرس أخصف: إذا ارتفع البلق من بطن!ه إلى جنب!ه. وق!ال مجاه!د: الع!وان من البقرة هي التي قد ولدت مرة بعد مرة. وحكاه أهل اللغ!!ة. ويق!!ال: إن العوان النخلة الطويلة، وهي فيما زعموا لغة يمانية. وحرب عوان: إذا ك!!ان

قبلها حرب بكر، قال زهير: إذا لقحت حرب عوان مضرة ضروس تهر الناس أنيابها عصل

أي ال هي صغيرة وال هي مسنة، أي هي عوان، وجمعها "عون" بض!!م العين وسكون الواو وسمع "عون" بضم الواو كرسل. وق!!د تق!!دم. وحكى الف!!راء

من العوان عونت تعوينا. @قوله تعالى: "فافعلوا ما تؤمرون" تجديد لألمر وتأكي!!د وتنبي!!ه على ت!!رك التعنت فما تركوه وه!!ذا ي!!دل على أن مقتض!!ى األم!!ر الوج!!وب كم!!ا تق!!ول الفقهاء، وهو الصحيح على ما هو مذكور في أصول الفق!!ه، وعلى أن األم!!ر على الفور، وهو مذهب أكثر الفقهاء أيضا ويدل على صحة ذلك أن!!ه تع!!الى استقصرهم حين لم يبادروا إلى فع!ل م!ا أم!!روا ب!ه فق!ال: "ف!ذبحوها وم!ا

[. وقيل: ال، ب!!ل على ال!!تراخي، ألن!!ه لم يعنفهم71كادوا يفعلون" ]البقرة: على التأخير والمراجعة في الخطاب. قال ابن خويز منداد.

}قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يق!ول إنه!ا بق!رة69* اآلية 3*صفراء فاقع لونها تسر الناظرين{

@قوله تعالى: "قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها" "م!!ا" اس!!تفهام مبت!!دأة و"لونها" الخبر. ويجوز نصب "لونها" ب! "يبين"، وتكون "ما" زائ!!دة. والل!!ون واحد األلوان وهو هيئة كالسواد والبي!!اض والحم!!رة. والل!!ون: الن!!وع. وفالن

متلون: إذا كان ال يثبت على خالق واحد وحال واحد، قال: كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل

ولون البسر تلوينا: إذا بدا فيه أثر النضج. واللون: ال!!دقل، وه!!و ض!!رب منالنخل. قال األخفش هو جماعة، واحدها لينة.

Page 216: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "قال إنه يقول إنها بق!!رة ص!!فراء" جمه!!ور المفس!!رين أنه!!ا صفراء اللون، من الصفرة المعروفة. قال مكي عن بعض!!هم: ح!!تى الق!!رن والظلف. وقال الحسن وابن جب!!ير: ك!!انت ص!!فراء الق!!رن والظل!!ف فق!!ط.

وعن الحسن أيضا: "صفراء" معناه سوداء، قال الشاعر: تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أوالدها كالزبيب

قلت: واألول أصح ألنه الظاهر، وهذا ش!!اذ ال يس!!تعمل مج!!ازا إال في [ وذلك أن السود33اإلبل، قال الله تعالى "كأنه جمالة صفر" ]المرسالت:

من اإلبل سوادها صفرة. ولو أراد الس!!واد لم!!ا أك!!ده ب!!الفقوع، وذل!!ك نعت مختص بالصفرة، وليس يوصف السواد ب!!ذلك تق!!ول الع!!رب: أس!!ود حال!!ك وحلكوك وحلكوك، ودج!!وجي وغ!!ربيب، وأحم!!ر ق!!انئ، وأبيض ناص!!ع وله!!ق ولهاق ويقق، وأخضر ناضر، وأصفر فاقع، هكذا نص نقلة اللغة عن الع!!رب. قال الكسائي: يقال فقع لونها يفقع فقوع!!ا إذا خلص!!ت ص!!فرته. واإلفق!!اع: سوء الحال. وفواقع الدهر بوائقه. وفق!ع بأص!!ابعه إذا ص!وت، ومن!!ه ح!ديث ابن عباس: نهى عن التفقيع في الصالة، وهي الفرقعة، وهي غم!!ز األص!!ابع ح!تى تنقض. ولم ينص!!رف "ص!!فراء" في معرف!!ة وال نك!!رة، ألن فيه!ا أل!ف التأنيث وهى مالزمة فخالفت الهاء، ألن ما فيه اله!!اء ينص!!رف في النك!!رة،

كفاطمة وعائشة. @قوله تعالى: "فاقع لونها" يريد خالصا لونها ال لون فيها سوى لون جلدها. @قوله تعالى: "تسر الناظرين "قال وهب: كأن شعاع الشمس يخ!!رج من جل!!دها، وله!!ذا ق!!ال ابن عب!!اس: الص!!فرة تس!!ر النفس. وحض على لب!!اس النعال الصفر، حك!!اه عن!!ه النق!!اش. وق!ال علي بن أبى ط!!الب رض!!ي الل!!ه عنه: من لبس نعلي جلد أصفر قل هم!!ه، ألن الل!!ه تع!!الى يق!!ول: "ص!!فراء فاقع لونها تسر الناظرين" حكاه عنه الثعلبي. ونهى ابن الزب!!ير ومحم!!د بن أبي كثير عن لباس النعال السود، ألنه!ا تهم. ومع!نى "تس!ر" تعجب. وق!ال

أبو العالية: معناه في سمتها ومنظرها فهي ذات وصفين، والله أعلم. }قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علين!!ا وإن!!ا70* اآلية 3*

إن شاء الله لمهتدون{ @قوله تعالى: "قالوا ادع لنا ربك يبين لن!!ا م!!ا هي إن البق!!ر تش!!ابه علين!!ا" سألوا سؤاال رابعا، ولم يمتثلوا األمر بع!!د البي!!ان. وذك!!ر البق!!ر ألن!!ه بمع!!نى الجمع، ولذلك قال: "إن البقر تشابه علينا" فذكره للفظ تذكير البق!!ر. ق!!ال قطرب: جمع البقرة باقر وباقور وبقر. وقال األصمعي: الباقر جمع ب!!اقرة، قال: ويجمع بقر على ب!!اقورة، حك!!اه النح!!اس. وق!!ال الزج!!اج: المع!!نى إن جنس البقر. وقرأ الحسن فيما ذكر النح!!اس، واألع!!رج فيم!!ا ذك!!ر الثعل!!بي "إن البقر تشابه" بالتاء وش!!د الش!!ين، جعل!!ه فعال مس!!تقبال وأنث!!ه. واألص!!ل تتشابه، ثم أدغم التاء في الشين. وقرأ مجاهد "تش!!به" كقراءتهم!!ا، إال أن!!ه بغير ألف. وفي مصحف أبي "تشابهت" بتشديد الشين. قال أبو حاتم: وهو غلط، ألن التاء في ه!ذا الب!!اب ال ت!دغم إال في المض!!ارعة. وق!رأ يح!!يى بن يعمر "إن الباقر يشابه" جعله فعال مستقبال، وذكر البقر وأدغم. ويج!!وز "إن البقر تشابه" بتخفي!!ف الش!!ين وض!!م اله!!اء، وحكاه!!ا الثعل!!بي عن الحس!!ن. النحاس: وال يجوز "يشابه" بتخفيف الشين والياء، وإنم!!ا ج!!از في الت!!اء ألن األصل تتشابه فحذفت الجتم!!اع الت!!اءين. والبق!!ر والب!!اقر وال!!بيقور والبق!!ير لغات بمعنى، والعرب تذكره وتؤنثه، وإلى ذلك ترجع مع!!اني الق!!راءات في

Page 217: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

"تشابه". وقيل إنما قالوا: "إن البقر تشابه علينا" ألن وج!!وه البق!!ر تش!!ابه، ومنه حديث حذيفة بن اليمان عن الن!!بي ص!لى الل!!ه علي!ه وس!لم أن!!ه ذك!ر )فتنا كقطع الليل تأتي كوجوه البقر(. يريد أنها يشبه بعضها بعض!!ا. ووج!!وه

البقر تتشابه، ولذلك قالت بنو إسرائيل: إن البقر تشابه علينا. @قوله تعالى: "وإنا إن شاء الله لمهتدون" اس!!تثناء منهم، وفي اس!!تثنائهم في هذا السؤال األخير إنابة وانقياد، ودليل ن!!دم على ع!!دم موافق!!ة األم!!ر. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق!!ال: )لوم!!ا اس!!تثنوا م!!ا اهت!!دوا إليه!!ا أب!!دا(. وتق!!دير الكالم وإن!!ا لمهت!!دون إن ش!!اء الل!!ه. فق!!دم على ذك!!ر االهتداء اهتماما به. و"شاء" في موضع جزم بالشرط، وجوابه عند س!!يبويه

الجملة "إن" وما عملت فيه. وعند أبي العباس المبرد محذوف. }ق!!ال إن!!ه يق!!ول إنه!!ا بق!!رة ال ذل!!ول تث!!ير األرض وال تس!!قي71* اآلية 3*

الحرث مس!!لمة ال ش!!ية فيه!!ا ق!!الوا اآلن جئت ب!!الحق ف!!ذبحوها وم!!ا ك!!ادوايفعلون{

@قوله تعالى: "قال إنه يقول إنها بقرة ال ذلول "ق!!رأ الجمه!!ور "ال ذل!!ول" بالرفع على، الصفة لبقرة. قال األخفش: "ال ذل!!ول" نعت!!ه وال يج!!وز نص!!به. وق!!رأ أب!!و عب!!دالرحمن الس!!لمي "ال ذل!!ول" بالنص!!ب على النفي والخ!!بر مضمر. ويجوز ال هي ذلول، ال هي تسقى الحرث، هي مس!!لمة. ومع!!نى "ال ذلول" لم يذللها العمل، يقال: بقرة مذللة بينة الذل )بكسر الذال(. ورج!!ل ذلي!!ل بين ال!!ذل )بض!!م ال!!ذال(. أي هي بق!!رة ص!!عبة غ!!ير ريض!!ة لم ت!!ذلل

بالعمل. @قوله تعالى: "تثير األرض وال تسقي الحرث" "تثير" في موضع رفع على الصفة للبقرة أي هي بقرة ال ذلول مثيرة. قال الحسن: وكانت تلك البق!رة وحشية ولهذا وصفها الله تعالى بأنها ال تثير األرض وال تسقي الح!!رث أي ال يسنى بها لسقي الزرع وال يسقى عليها. والوقف ههنا حس!!ن. وق!!ال ق!!وم: "تثير" فعل مستأنف والمع!!نى إيج!!اب الح!!رث له!!ا وأنه!!ا ك!!انت تح!!رث وال تسقي. والوقف على هذا التأويل "ال ذل!!ول" والق!!ول األول أص!!ح ل!!وجهين: أحدهما: ما ذكره النحاس، عن علي بن سليمان أنه قال: ال يجوز أن يك!!ون "تثير" مستأنفا، ألن بعده "وال تسقي الحرث"، فلو كان مستأنفا لم!!ا جم!!ع بين الواو و"ال". الثاني أنها لو كانت تث!!ير األرض لك!!انت اإلث!!ارة ق!!د ذللته!!ا، والله تعالى قد نفى عنها الذل بقول!!ه: "ال ذل!!ول" قلت: ويحتم!!ل أن تك!!ون

"تثير األرض "في غير العمل مرحا ونشاطا، كما قال امرؤ القيس: يهيل ويذري تربه ويثيره إثارة نباث الهواجر مخمس

فعلى هذا يكون "تثير" مستأنفا، "وال تسقي" معطوف عليه، فتأمله. وإثارة األرض: تحريكها وبحثها، ومن!!ه الح!!ديث: )أث!!يروا الق!!رآن فإن!!ه علم األولين واآلخرين( وفي رواية أخ!!رى: )من أراد العلم فليث!!ور الق!!رآن( وق!!د تق!!دم.

[ أي قلبوها للزراعة. والحرث: ما9وفي التنزيل: "وأثاروا األرض" ]الروم: حرث وزرع. وسيأتي.

مسألة: في هذه اآلي!!ة أدل دلي!!ل على حص!!ر الحي!!وان بص!!فاته، وإذا ض!!بط بالصفة وحصر به!!ا ج!!از الس!!لم في!!ه. وب!!ه ق!!ال مال!!ك وأص!!حابه واألوزاعي والليث والشافعي. وكذلك كل ما يض!!بط بالص!!فة، لوص!!ف الل!!ه تع!!الى في كتابه وصفا يقوم مقام التعيين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليه!ا(. أخرج!ه مس!لم. فجع!ل

Page 218: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

النبي صلى الله عليه وسلم الصفة تقوم مق!!ام الرؤي!!ة، وجع!!ل ص!!لى الل!!ه عليه وسلم دية الخطأ في ذمة من أوجبها عليه دين!!ا إلى أج!!ل ولم يجعله!!ا على الحلول. وهو يرد قول الكوفيين أبي حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح حيث قالوا: ال يجوز الس!!لم في الحي!!وان. وروي عن ابن مس!!عود وحذيفة وعبدالرحمن بن سمرة، ألن الحيوان ال يوق!!ف على حقيق!!ة ص!!فته من مشي وحركة، وكل ذلك يزيد في ثمنه ويرفع من قيمته. وس!!يأتي حكم

السلم وشروطه في آخر السورة في آية الدين، إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "مسلمة" أي هي مسلمة. ويجوز أن يك!!ون وص!!فا، أي أنه!!ا بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب، قاله قتادة وأب!!و العالي!!ة. وال يق!!ال: مسلمة من العم!!ل لنفي الل!!ه العم!!ل عنه!!ا. وق!!ال الحس!!ن: يع!!ني س!!ليمة

القوائم ال أثر فيها للعمل. @قوله تعالى: "ال شية فيها" أي ليس فيها ل!!ون يخ!!الف معظم لونه!!ا، هي صفراء كلها ال بي!!اض فيه!!ا وال حم!!رة وال س!!واد، كم!!ا ق!!ال: "ف!!اقع لونه!!ا". وأصل "شية" وشي حذفت الواو كم!!ا ح!!ذفت من يش!!ي، واألص!!ل يوش!!ي، ونظيره الزنة والعدة والصلة. والش!!ية م!!أخوذة من وش!!ي الث!!وب إذا نس!!ج على ل!!ونين مختلفين. وث!!ور موش!!ى: في وجه!!ه وقوائم!!ه س!!واد. ق!!ال ابن عرف!!ة: الش!!ية الل!!ون. وال يق!!ال لمن نم: واش، ح!!تى يغ!!ير الكالم ويلون!!ه فجعله ضروبا ويزين منه ما شاء. والوشي: الكثرة. ووشى بنو فالن: كثروا. ويقال: فرس أبلق، وكبش أخرج، وتيس أبرق، وغراب أبقع، وثور أشيه كل

ذلك بمعنى البلقة، هكذا نص أهل اللغة. وهذه األوصاف في البقرة سببها أنهم شددوا فشدد الله عليهم، ودين الل!!ه يسر، والتعمق في سؤال األنبياء وغيرهم من العلم!!اء م!!ذموم، نس!!أل الل!!ه العافية. وروي في قصص هذه البق!!رة رواي!!ات تلخيص!!ها: أن رجال من ب!!ني إسرائيل ولد له ابن، وكانت له عجلة فأرسلها في غيض!!ة وق!!ال: اللهم إني أستودعك هذه العجلة لهذا الصبي. ومات الرجل، فلما كبر الصبي قالت له أمه وكان برا بها: إن أباك استودع الله عجل!!ة ل!!ك ف!!اذهب فخ!!ذها، ف!!ذهب فلما رأته البقرة جاءت إليه ح!!تى أخ!!ذ بقرنيه!!ا وك!!انت مستوحش!!ة فجع!!ل يقودها نحو أمه، فلقيه بنو إسرائيل ووجدوا بقرة على الص!!فة ال!!تي أم!!روا بها، فساموه فاشتط عليهم. وكان قيمته!!ا على م!!ا روي عن عكرم!!ة ثالث!!ة دنانير، فأتوا به موسى عليه السالم وقالوا: إن هذا اشتط علينا، فقال لهم: أرضوه في ملكه، فاشتروها منه بوزنها مرة، قال!ه عبي!دة. الس!دي: بوزنه!ا عشر مرات. وقيل: بملء مسكها دنانير. وذكر مكي: أن هذه البقرة ن!!زلت

من السماء ولم تكن من بقر األرض فالله أعلم. @قوله تعالى: "قالوا اآلن جئت بالحق" أي بينت الحق، قاله قت!!ادة. وحكى األخفش: "قالوا اآلن" قطع ألف الوصل، كم!!ا يق!!ال: ي!!ا الل!!ه. وحكى وجه!ا آخر "قالوا الن" بإثبات الواو. نظيره قراءة أهل المدينة وأبي عم!!رو "ع!!ادا لولى" وقرأ الكوفيون "قالوا اآلن" بالهمز. وقراءة أهل المدينة "ق!!ال الن" بتخفيف الهمز مع حذف الواو اللتقاء الساكنين. قال الزج!!اج: "اآلن" مب!!ني على الفتح لمخالفته سائر ما فيه األلف والالم، ألن األلف والالم دخلتا لغير عهد، تقول: أنت إلى اآلن هنا، فالمعنى إلى ه!!ذا ال!!وقت. فب!!نيت كم!!ا ب!!ني ه!!ذا، وفتحت الن!!ون اللتق!!اء الس!!اكنين. وه!!و عب!!ارة عم!!ا بين الماض!!ي

والمستقبل.

Page 219: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

@قوله تعالى: "فذبحوها وما كادوا يفعلون" أج!!از س!!يبويه: ك!!اد أن يفع!!ل، تشبيها بعسى. وقد تقدم أول السورة. وهذا إخبار عن تث!!بيطهم في ذبحه!!ا وقلة مبادرتهم إلى أمر الله. وق!!ال الق!!رظي محم!!د بن كعب: لغالء ثمنه!!ا. وقيل: خوفا من الفضيحة على أنفسهم في معرفة القاتل منهم، قاله وهب

بن منبه. }وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون{72* اآلية 3*

@ه!!ذا الكالم مق!!دم على أول القص!!ة، التق!!دير: وإذ قتلتم نفس!!ا ف!!ادارأتم فيها. فقال موسى: إن الله يأمركم بكذا. وه!!ذا كقول!!ه: "الحم!!د لل!!ه ال!!ذي

-!! 1أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل ل!!ه عوج!!ا. قيم!!ا" ]الكه!!ف: [ أي2 أن!!زل على عب!!ده قيم!!ا ولم يجع!ل ل!ه عوج!ا، ومثل!!ه كث!!ير، وق!!د بين!!اه أول القصة. وفي سبب قتله قوالن: أحدهما: البنة ل!!ه حس!!ناء احب أن يتزوجه!!ا ابن عمها فمنع!!ه عم!!ه، فقتل!!ه وحمل!!ه من قريت!!ه إلى قري!!ة أخ!!رى فألق!!اه هناك. وقيل: ألقاه بين قريتين. الثاني: قتله طلبا لميراثه، فإن!!ه ك!!ان فق!!يرا وادعى قتله على بعض األسباط. قال عكرمة: كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر باب!!ا لك!!ل ب!!اب ق!!وم ي!!دخلون من!!ه، فوج!!دوا ق!!تيال في س!!بط من األس!!باط، ف!!ادعى ه!!ؤالء على ه!!ؤالء، وادعى ه!!ؤالء على ه!!ؤالء، ثم أت!!وا موسى يختصمون إليه فقال: "إن الله ي!!أمركم أن ت!!ذبحوا بق!!رة" ]البق!!رة:

[ اآلية. ومع!!نى "ادارأتم": اختلفتم72[ اآلية. ومعنى "ادارأتم" ]البقرة: 67 وتنازعتم، قال مجاهد. وأصله تدارأتم ثم أدغمت التاء في ال!!دال، وال يج!!وز

االبتداء بالمدغم، ألنه ساكن فزيد ألف الوصل. @قوله تعالى: "والله مخرج" ابتداء وخ!!بر. "م!!ا كنتم" في موض!!ع نص!!ب ب! "مخرج"، ويجوز حذف التنوين على اإلضافة. "تكتم!!ون" جمل!!ه في موض!!ع

خبر كان والعائد محذوف التقدير تكتمونه. وعلى القول بأنه قتله طلب!!ا لميراث!!ه لم ي!!رث قات!!ل عم!!د من حينئ!!ذ، قال!!ه عبيدة السلماني. قال ابن عباس: قت!!ل ه!!ذا الرج!!ل عم!!ه ليرث!!ه. ق!!ال ابن عطية: وبمثله جاء شرعنا. وحكى مالك رحمه الله في "موطئ!!ه" أن قص!!ة أحيح!!ة بن الجالح في عم!!ه هي ك!!انت س!!بب أال ي!!رث قات!!ل، ثم ثبت ذل!!ك اإلسالم كم!!ا ثبت كث!!يرا من ن!!وازل الجاهلي!!ة. وال خالف بين العلم!!اء أن!!ه ال يرث قات!!ل العم!!د من الدي!!ة وال من الم!!ال، إال فرق!!ة ش!!ذت عن الجمه!!ور كلهم أهل بدع. ويرث قاتل الخطأ من الم!!ال وال ي!!رث من الدي!!ة في ق!!ول مال!!ك واألوزاعي وأبي ث!!ور والش!!افعي، ألن!!ه ال يتهم على أن!!ه قتل!!ه ليرث!!ه

وقال سفيان الث!!وري وأب!!و حنيف!!ة وأص!!حابه، والش!!افعي في0ويأخذ ماله قول له آخر: ال يرث القاتل عم!!دا وال خط!!أ ش!!يئا من الم!!ال وال من الدي!!ة. وهو قول شريح وط!!اوس والش!!عبي والنخعي. ورواه الش!!عبي عم!!ر وعلي وزيد قالوا: ال يرث القاتل عمدا وال خط!!ا ش!!يئا. وروي عن مجاه!!د الق!!والن جميعا. وقالت طائفة من البصريين: يرث قاتل الخطأ من الدية ومن المال جميع!!ا، حك!!اه أب!!و عم!!ر. وق!!ول مال!!ك أص!!ح، على م!!ا ي!!أتي بيان!!ه في آي!!ة

المواريث إن شاء الله تعالى. }فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آيات!!ه73* اآلية 3*

لعلكم تعقلون{ @قوله تعالى: "فقلنا اضربوه ببعضها" قيل: باللسان ألنه آلة الكالم. وقيل: بعجب الذنب، إذ فيه يركب خلق اإلنسان. وقيل: بالفخذ. وقي!!ل: بعظم من

Page 220: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

عظامها، والمقطوع به عضو من أعضائها، فلما ضرب به حيي وأخبر بقاتلهثم عاد ميتا كما كان.

مسألة: استدل مالك رحمه الله في رواية ابن وهب وابن القاسم على ص!!حة الق!!ول بالقس!!امة بق!!ول المقت!!ول: دمي عن!!د فالن، أو فالن قتل!!ني. ومنعه الشافعي وجمهور العلماء، قالوا: وهو الص!!حيح، ألن ق!!ول المقت!!ول: دمي عند فالن، أو فالن قتلني، خبر يحتمل الص!!دق والك!!ذب. وال خالف أن دم المدعى عليه معص!!وم إباحت!!ه إال بيقين، وال يقين م!!ع االحتم!!ال، فبط!!ل اعتبار قول المقتول دمي عند فالن. وأما قتيل بني إسرائيل فكانت معجزة وأخبر تعالى أنه يحييه، وذلك يتض!!من اإلخب!!ار بقاتل!!ه خ!!برا جزم!!ا ال يدخل!!ه احتمال، فافترقا. قال ابن العربي: المعجزة كانت في إحيائه، فلما صار حيا كان كالمه كسائر كالم الناس كلهم في القبول وال!!رد. وه!!ذا فن دقي!!ق من العلم لم يتفطن له إال مالك، وليس في القرآن أنه إذا أخ!!بر وجب ص!!دقه، فلعله أمرهم بالقسامة معه واستبعد ذلك البخاري والشافعي وجماع!!ة من

العلماء فقالوا: كيف يقبل قوله في الدم وهو ال يقبل قوله في درهم. مسألة: اختلف العلماء في الحكم بالقسامة، ف!!روي عن س!!الم وأبي قالب!!ة وعمر بن عبدالعزيز والحكم بن عيين!!ة التوق!!ف في الحكم به!!ا. وإلي!!ه م!!ال البخاري، ألنه أتى بحديث القسامة في غير موضعه. وقال الجمهور: الحكم بالقسامة ثابت عن الن!!بي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم، ثم اختلف!!وا في كيفي!!ة الحكم به!!ا، فق!!الت طائف!!ة: يب!!دأ فيه!!ا الم!!دعون باأليم!!ان ف!!إن حلف!!وا[ استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يمين!!ا وبرئ!!وا. ه!!ذا ق!!ول أه!!ل المدين!!ة والليث والش!!افعي وأحم!!د وأبي ث!!ور. وه!!و مقتض!!ى ح!!ديث حويصة ومحيصة، خرجه األئمة مال!!ك وغ!!يره. وذهبت طائف!!ة إلى أن!!ه يب!!دأ باأليمان المدعى عليهم فيحلفون ويبرؤون. روي هذا عن عمر بن الخط!!اب والشعبي والنخعي، وبه قال الثوري والكوفيون، واحتجوا بح!!ديث ش!!عبة بن عبيد عن بشير بن يسار، وفيه: فب!!دأ باأليم!!ان الم!!دعى عليهم وهم اليه!!ود. وبما رواه أبو داود عن الزه!!ري عن أبى س!!لمة بن عب!!دالرحمن عن رج!!ال من األنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليه!!ود وب!!دأ بهم: )أيحل!!ف منكم خمسون رجال(. فأبو ا، فقال لألنصار: )استحقوا( فقالوا: نحل!!ف على الغيب يا رسول الله فجعلها رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم دي!!ة على يه!!ود، ألن!!ه وج!!د بين أظه!!رهم. وبقول!!ه علي!!ه الس!!الم: )ولكن اليمين على

المدعى عليه( فعينوا. قالوا: وهذا هو األصل المقطوع به في الدعاوى الذي نبه الشرع على

حكمته بقوله عليه الس!!الم )ل!!و يعطى الن!!اس ب!!دعواهم الدعى ن!!اس دم!!اء رجال وأم!!والهم ولكن اليمين على الم!!دعى علي!!ه( رد عليهم أه!!ل المقال!!ة األولى فق!!الوا: ح!!ديث س!!عيد بن عبي!!د في تبدي!!ة اليه!!ود وهم عن!!د أه!!ل الحديث، وقد أخرجه النسائي وقال: ولم يتابع سعيد في هذه الرواي!!ة فيم!!ا أعلم، وقد أسند حديث بشير عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم ب!!دأ بالمدعين يحيى بن س!!عيد وابن عيين!!ة وحم!اد بن زي!!د وعب!!دالوهاب الثقفي وعيسى بن حماد وبشر بن المفضل، فهؤالء سبعة. وإن كان أرس!!له مال!!ك فقد وصله جماعة الحفاظ، وهو أصح من حديث س!!عيد بن عبي!!د. ق!!ال أب!!و محمد األصيلي: فال يجوز أن يعترض بخبر واح!!د على خ!!بر جماع!!ة، م!!ع أن سعيد بن عبيد قال في حديثه: فوداه رسول الل!!ه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم

Page 221: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

مائة من أبل الصدقة، والصدقة ال تعطى في الديات وال يصالح بها عن غ!!ير أهلها، وحديث أبي داود مرسل فال تعارض به األح!!اديث الص!!حاح المتص!!لة، وأجابوا عن التمسك باألصل بأن ه!!ذا الحكم أص!!ل بنفس!!ه لحرم!!ة ال!!دماء. قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على الم!!دعي واليمين على الم!!دعى علي!!ه، والحكم بظ!!اهر ذل!!ك يجب، إال أن يخص الله في كتابه أو على لسان نبيه ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم حكم!!ا في شيء من األشياء فيستثنى من جمل!!ة ه!!ذا الخ!!بر. فمم!!ا دل علي!!ه الكت!!اب إلزام القاذف حد المقذوف إذا لم يكن معه أربعة شهداء يشهدون ل!!ه على صدق ما رمي به المقذوف وخص من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات. ومما خصته السنة حكم النبي ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم بالقسامة. وقد روى ابن جريج عن عط!!اء عن أبي هري!!رة أن الن!!بي ص!!لى الله عليه وسلم قال: )البين!!ة على من ادعى واليمين على من أنك!!ر إال في القسامة(. خرجه الدارقطني. وق!د احتج مال!ك له!ذه المس!ألة في موطئ!!ه

بما فيه كفاية، فتأمله هناك. مسألة: واختلفوا أيضا في وجوب القود بالقسامة، فأوجبت طائفة القود

بها، وهو قول مالك والليث وأحمد وأبي ثور، لقوله علي!!ه الس!!الم لحويص!!ة ومحيصة وعبدالرحمن: )أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم(. وروى أب!!و داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجال بالقسامة من بني نضر بن مالك. ق!!ال ال!!دارقطني: نس!!خة عم!!رو بن ش!!عيب عن أبي!!ه عن ج!ده ص!!حيحة، وك!!ذلك أب!!و عم!!ر بن عب!!دالبر يص!!حح حديث عمرو بن شعيب، ويحتج به، وقال البخ!!اري: رأيت علي بن الم!!ديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون به قاله الدارقطني في السنن. وقالت طائفة: ال قود بالقسامة، وإنما ت!!وجب الدي!!ة. روي ه!!ذا عن عم!!ر وابن عب!!اس، وه!!و ق!!ول النخعي والحس!!ن، وإلي!!ه ذهب الث!!وري والكوفيون الشافعي وإس!!حاق، واحتج!!وا بم!!ا رواه مال!!ك عن ابن أبي ليلى بن عبدالله عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله علي!!ه وس!!لم قول!!ه لألنصار: )إما أن يدوا صاحبكم وإم!!ا أن يؤذن!!وا بح!!رب(. ق!!الوا: وه!!ذا ي!!دل على الدية ال على القود، قالوا: ومعنى قوله عليه السالم: )وتس!!تحقون دم صاحبكم( دية دم قتيلكم ألن اليهود ليسوا بأصحاب لهم، ومن اس!!تحق دي!!ة ص!!احبه فق!!د اس!!تحق دم!!ه، ألن الدي!!ة ق!!د تؤخ!!ذ في العم!!د فيك!!ون ذل!!ك

استحقاقا للدم. مسألة: الموجب للقسامة اللوث وال بد منه. واللوث: أمارة تغلب على

الظن صدق مدعي القتل، كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل، أو ي!!رى المقتول يتشحط في دمه، والمتهم نح!!وه أو قرب!!ه علي!!ه آث!!ار القت!!ل. وق!!د اختلف في اللوث والق!!ول ب!!ه، فق!!ال مال!ك: ه!!و ق!!ول المقت!!ول دمي عن!!د فالن. والشاهد العدل لوث. كذا في رواية ابن القاس!!م عن!!ه. وروى أش!!هب عن مالك أنه يقسم مع الشاهد غير العدل ومع المرأة. وروى ابن وهب أن شهادة النساء لوث. وذكر محمد عن ابن القاسم أن شهادة المرأتين ل!!وث دون شهادة المرأة الواحدة. قال القاضي أبو بك!!ر بن الع!!ربي: اختل!!ف في اللوث اختالفا كثيرا، مشهور المذهب أنه الشاهد العدل. وق!!ال محم!!د: ه!!و أحب إلي. قال: وأخذ به ابن القاسم وابن عبدالحكم. وروي عن عب!!دالملك بن مروان: أن المجروح أو المضروب إذا قال دمي عند فالن وم!!ات ك!!انت

Page 222: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

القسامة. وبه قال مالك والليث بن سعد. واحتج مالك بقتيل ب!!ني إس!!رائيل أنه قال: قتلني فالن. وقال الشافعي: اللوث الشاهد الع!!دل، أو ي!!أتي ببين!!ة وإن لم يكونوا عدوال. وأوجب الث!!وري والكوفي!!ون القس!!امة بوج!!ود القتي!!ل فقط، واستغنوا عن مراع!!اة ق!!ول المقت!!ول وعن الش!!اهد، ق!!الوا: إذا وج!!د قتيل في محلة قوم وبه أثر حلف أهل ذلك الموضع أنهم لم يقتلوه ويك!!ون عقله عليهم، وإذا لم يكن، به أث!!ر لم يكن على العاقل!!ة ش!!يء إال أن تق!!وم البينة على واحد. وقال س!!فيان: وه!!ذا مم!!ا أجم!!ع علي!!ه عن!!دنا، وه!!و ق!!ول ضعيف خالفوا في!!ه أه!!ل العلم، وال س!!لف لهم في!!ه، وه!!و مخ!!الف للق!!رآن والسنة، وألن فيه إلزام العاقلة ماال بغير بين!!ة ثبتت عليهم وال إق!!رار منهم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القتيل إذا وجد في محلة ق!!وم أن!!ه ه!!در، ال يؤخذ به أقرب الن!!اس دارا، ألن القتي!!ل ق!!د يقت!!ل ثم يلقى على ب!!اب ق!!وم ليلطخوا به، فال يؤاخذ بمثل ذلك حتى تك!!ون األس!!باب ال!!تي ش!!رطوها في وجوب القسامة. وقد قال عمر بن عبدالعزيز ه!!ذا مم!!ا ي!!ؤخر في!!ه القض!!اء

حتى يقضي الله فيه يوم القيامة. مسألة: قال القاسم بن مسعدة قلت للنسائي: ال يقول مالك بالقسامة

إال باللوث، فلم أورد حديث القس!!امة وال ل!!وث في!!ه؟ ق!!ال النس!!ائي: أن!!زل مالك العداوة التي كانت بينهم وببن اليهود بمنزلة اللوث، وأن!!زل الل!!وث أو قول الميت بمنزلة العداوة. ق!!ال ابن أبي زي!!د: وأص!!ل ه!!ذا في قص!!ة ب!!ني إسرائيل حين أحيا الله الذي ضرب ببعض البقرة فقال: قتل!!ني فالن، وب!!أن العداوة لوث قال الشافعي: وال نرى قول المقت!!ول لوث!!ا، كم!!ا تق!!دم. ق!!ال الشافعي: إذا كان بين قوم وقوم عداوة ظاهرة كالع!!داوة ال!!تي ك!!انت بين األنصار واليهود، ووجد قتيل في أحد الف!!ريقين وال يخ!!الطهم غ!!يرهم وجبت

القسامة فيه. مسألة: واختلفوا في القتيل بوجد في المحلة التي أكراها أربابها، فقال

أصحاب الرأي: هو على أهل الخطة وليس على السكان شيء، فإن ب!!اعوا دورهم ثم وجد قتيل فالدية على المشتري وليس على السكان شيء، وإن كان أرباب الدور غيبا وقد أكروا دورهم فالقسامة والدية على أرباب ال!!دور

الغيب وليس على السكان الذين وجد القتيل بين أظهرهم شيء. ثم رج!!ع يعق!!وب من بينهم عن ه!!ذا الق!!ول فق!!ال: القس!!امة والدي!!ة على السكان في ال!!دور. وحكى ه!!ذا الق!!ول عن ابن أبي ليلى، واحتج ب!!أن أه!!ل خيبر ك!!انوا عم!!اال س!!كانا يعمل!!ون فوج!!د القتي!!ل فيهم. ق!!ال الث!!وري ونحن نقول: هو على أصحاب األصل، يعني أهل الدور. وقال أحم!!د: الق!!ول ق!!ول ابن أبي ليلى في القسامة ال في الدية. وقال الشافعي: وذلك كل!!ه س!!واء، وال عقل وال قود إال ببينة تقوم، أو ما يوجب القسامة فيقسم األولياء. ق!!ال

ابن المنذر: وهذا أصح. مسألة: وال يحلف في القسامة أقل من خمس!!ين يمين!!ا، لق!!ول علي!!ه

الس!!الم في ح!!ديث حويص!!ة ومحيص!!ة: )يقس!!م خمس!!ين منكم على رج!!ل منهم(. فإن كان المستحقون خمسين حلف ك!!ل واح!!د منهم يمين!!ا واح!!دة، فإن كانوا أقل من ذلك أو نكل منهم من ال يجوز عفوه ردت األيمان عليهم بحسب عددهم. وال يحلف في العمد أقل من اث!!نين من الرج!!ال، ال يحل!!ف فيه الواحد من الرجال وال النساء، يحلف األولياء ومن يستعين بهم األولي!!اء من العصبة خمس!ين يمين!ا. ه!ذا م!!ذهب مال!ك والليث والث!!وري واألوزاعي

Page 223: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

وأحمد وداود. وروى مطرف عن مالك أنه ال يحلف مع الم!!دعى علي!!ه أح!!د ويحلف هم أنفسهم كما لو ك!!انوا واح!!دا ف!!أكثر خمس!!ين يمين!!ا ي!!برئون به!!ا أنفسهم، وهو قول الشافعي. قال الشافعي: ال يقسم إال وارث، كان القتل عمدا أو خطأ. وال يحلف على مال ويستحقه إال من له الملك لنفس!!ه أومن جعل الله له الملك من الورثة، والورثة يقسمون على ق!!در م!!واريثهم. وب!!ه قال أبو ثور واختاره ابن المنذر وهو الصحيح، ألن من لم يدع علي!!ه لم يكن له سبب يتوجه عليه فيه يمين. ثم مقصود هذه األيمان البراءة من الدعوى ومن لم يدع عليه بريء. وق!!ال مال!!ك في الخط!!أ: يحل!!ف فيه!!ا الواح!!د من الرجال والنس!!اء، فمهم!!ا كملت خمس!!ين يمين!!ا من واح!!د أو أك!!ثر اس!!تحق الحالف ميراثه، ومن نكل لم يستحق ش!!يئا، ف!!إن ج!!اء من غ!!اب حل!!ف من األيمان ما كان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه. هذا قول مالك المشهور

عنه، وقد روى عنه أنه. ال يرى في الخطأ قسامة. وتتميم مسائل القسامة وفروعه!!ا وأحكامه!!ا م!!ذكور في كتب الفق!!ه

والخالف، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق. مسألة: في قصة البقرة هذه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لن!!ا،

وقال به طوائف من المتكلمين وقوم من الفقهاء، واخت!!اره الك!!رخي ونص عليه ابن بكير القاضي من علمائنا، وقال القاض!!ي أب!!و محم!!د عب!!دالوهاب: هو الذي تقتضيه أصول مالك ومنازعه في كتبه، وإليه مال الش!!افعي، وق!!د

[ على ما يأتي إن شاء الله تعالى.90قال الله: "فبهداهم اقتده" ]األنعام: @قوله تعالى: "كذلك يحي الله الموتى "أي كما أحيا هذا بعد موت!!ه ك!!ذلك يح!!يي الل!!ه ك!!ل من م!!ات فالك!!اف في موض!!ع نص!!ب، ألن!!ه نعت لمص!!در محذوف. "ويريكم آياته" أي عالماته وقدرت!!ه. "لعلكم تعقل!!ون" كي تعقل!!وا وقد تقدم أي تمتنعون من عصيانه وعقلت نفسي عن ك!!ذا أي منعته!!ا من!!ه

والمعاقل: الحصون. }ثم قس!!ت قل!!وبكم من بع!!د ذل!!ك فهي كالحج!!ارة أو أش!!د74* اآلي!!ة 3*

قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه األنهار وإن منها لما يش!!قق فيخ!!رجمنه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون{

@قوله تعالى: "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك" القسوة: الص!!البة والش!!دة واليبس وهي عبارة عن خلوها من اإلنابة واإلذعان آليات الل!!ه تع!!الى. ق!!ال أبو العالية وقتادة وغيرهما: المراد قل!!وب جمي!!ع ب!!ني إس!!رائيل. وق!!ال ابن عباس: المراد قلوب ورثة القتيل، ألنهم حين حيي وأخ!!بر بقاتل!!ه وع!!اد إلى موته أنكروا قتله، وقالوا: كذب، بعد ما رأوا هذه اآلية العظمى، فلم يكونوا قط أعمى قلوبا، وال أشد تكذيبا لنبيهم منهم عند ذلك، لكن نف!!ذ حكم الل!!ه بقتله. روى الترمذي عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله ص!!لى الل!!ه عليه وسلم: )ال تكثروا الكالم بغير ذكر الله فإن كثرة الكالم بغير ذكر الل!!ه قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي(. وفي مس!!ند ال!!بزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وس!!لم: )أربع!!ة من الش!!قاء

جمود العين وقساء القلب وطول األمل والحرص على الدنيا(. @قوله تعالى: "فهي كالحجارة أو أشد قسوة" "أو" قيل هي بمع!!نى ال!!واو

[. "عذرا أو نذرا" وقال الشاعر:24كما قال: "آثما أو كفورا" ]اإلنسان: نال الخالفة أو كانت له قدرا

Page 224: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

أي وكانت. وقيل: هي بمعنى بل، كقوله تعالى: "وأرسلناه إلى مائة ألف أو[ المعنى بل يزيدون. وقال الشاعر:147يزيدون" ]الصافات:

بدت مثل الشمس في رونق الضحى وص!!ورتها أو أنت في العين أملح

أي بل أنت وقيل: معناها اإلبه!!ام على المخ!!اطب، ومن!!ه ق!!ول أبي األس!!ودالدؤلي:

أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة أو عليا فإن يك حبهم رشدا أصبه ولست بمخطئ إن كان غيا

ولم يشك أبو األسود أن حبهم رشد ظاهر، وإنم!!ا قص!!د اإلبه!!ام. وق!!د قي!!ل ألبي األسود حين قال ذلك: ش!!ككت ق!!ال: كال، ثم استش!!هد بقول!!ه تع!!الى:

[ وق!!ال: أو ك!!ان24"وإنا أو إي!!اكم لعلى ه!!دى أو في ض!!الل م!!بين" ]س!!بأ: شاكا من أخبر بهذا! وقيل: معناها التخيير، أي شبهوها بالحجارة تص!!يبوا، أو بأش!!د من الحج!!ارة تص!!يبوا، وه!!ذا كق!!ول القائ!!ل: ج!!الس الحس!!ن أو ابن س!!يرين، وتعلم الفق!!ه أو الح!!ديث أو النح!!و. قي!!ل: ب!!ل هي على بابه!!ا من الشك، ومعناها عندكم أيها المخاطبون وفي نظركم أن لو شاهدتم قسوتها لشككتم: أهي كالحجارة أو أشد من الحجارة؟ وق!!د قي!!ل ه!!ذا المع!!نى في

[ وق!!الت فرق!!ة:147قوله تعالى: "إلى مائة ألف أو يزي!!دون" ]الص!!افات: إنما أراد الله تع!!الى أن فيهم من قلب!!ه ك!!الحجر، وفيهم من قلب!!ه أش!!د من

الحجر فالمعنى: هم فرقتان. "أو أشد" أشد مرفوع بالعطف على موضع الكاف في قول!!ه "كالحج!!ارة"، ألن المعنى فهي مثل الحجارة أو أشد. ويجوز أو "أشد" بالفتح عطف على الحجارة. و"قسوة" نصب على التمييز. وقرأ أبو حي!!وة "قس!!اوة" والمع!!نى

واحد. @قوله تعالى: "وإن من الحجارة لما يتفجر منه األنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء" قد تقدم معنى االنفجار. ويشقق أص!!له بتش!!قق، أدغمت التاء في الشين، وهذه عبارة عن العيون التي لم تعظم حتى تك!!ون أنه!!ارا، أو عن الحجارة التي تتشقق وإن لم يج!ر م!اء منفس!ح. وق!رأ ابن مص!رف "ينش!!قق" ب!!النون، وق!!رأ "لم!!ا يتفج!!ر" "لم!!ا يتش!!قق" بتش!!ديد "لم!!ا" في الموضعين. وهي قراءة غير متجهة. وق!!رأ مال!!ك بن دين!!ار "ينفج!!ر" ب!!النون وكسر الجيم. قال قتادة: عذر الحجارة ولم يعذر ش!!قي ب!!ني آدم. ق!!ال أب!!و حاتم: يجوز لما تتفجر بالتاء، وال يجوز لما تتشقق بالتاء، ألنه إذا قال تتفجر أنثه بتأنيث األنهار، وهذا ال يكون في تشقق. قال النحاس: يجوز م!!ا أنك!!ره على المعنى، ألن المعنى وأن منها لحجارة تتشقق، وأما يش!!قق فمحم!!ول على لفظ ما. والشق واحد الش!قوق، فه!و في األص!ل مص!!در، تق!ول: بي!د فالن ورجليه شقوق، وال تقل: شقاق، إنما الشقاق داء يكون بالدواب، وهو تش!قق يص!يب أرس!اغها وربم!ا ارتف!ع إلى وظيفه!ا، عن يعق!وب. والش!ق: الصبح. و"ما" في قوله: "لما يتفجر" في موضع نصب، ألنها اسم إن والالم للتأكيد. "منه" على لفظ ما، ويجوز منه!!ا على المع!!نى، وك!!ذلك "وإن منه!!ا لما يشقق فيخرج منه الماء". وق!!رأ قت!!ادة "وإن" في الموض!!عين، مخفف!!ة

من الثقيلة. @قوله تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية الله" يق!!ول إن من الحج!!ارة ما هو أنفع من قلوبكم، لخروج الماء منها وترديها. ق!!ال مجاه!!د: م!!ا ت!!ردى

Page 225: الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1 · Web view*للإمام القرطبي *وهو كتاب الجامع لأحكام القرآن، المشهور بـ "تفسير

حج!!ر من رأس جب!ل، وال تفج!ر نه!ر. من حج!!ر، وال خ!رج من!ه م!اء إال من خشية الله، نزل بذلك الق!!رآن الك!!ريم. ومثل!!ه عن ابن ج!!ريج. وق!!ال بعض المتكلمين في قوله: "وإن منها لما يهب!!ط من خش!!ية الل!!ه": ال!!برد الهاب!!ط من السحاب. وقي!!ل: لفظ!!ة الهب!!وط مج!!از، وذل!!ك أن الحج!!ارة لم!!ا ك!!انت القلوب تعتبر بخلقها، وتخشع بالنظر إليها، أضيف تواضع الناظر إليه!!ا، كم!!ا قالت العرب: ناقة تاجرة، أي تبعث من يراها على شرائها. وحكى الط!!بري عن فرقة أن الخشية للحجارة مستعارة، كما استعيرت اإلرادة للج!!دار في

قوله: "يريد أن ينقض"، وكما قال زيد الخيل: لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع

وذكر ابن بحر أن الضمير في قوله تعالى: "وإن منها" راجع إلى القل!!وب الإلى الحجارة أي من القلوب لما يخضع من خشيه الله.

قلت: كل ما قيل يحتمله اللفظ، واألول صحيح، فإنه ال يمتنع أن يعطى بعض الجمادات المعرفة فيعقل، كالذي روي عن الجذع ال!!ذي ك!!ان يس!!تند إليه رسول الله ص!!لى الل!!ه علي!!ه وس!!لم إذا خطب، فلم!!ا تح!!ول عن!!ه حن، وثبت عنه أنه ق!!ال: )إن حج!!را ك!!ان يس!!لم علي في الجاهلي!!ة إني ألعرف!!ه اآلن(. وكما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )قال لي ثب!!ير اهب!!ط فإني أخاف أن يقتلوك على ظه!!ري فيع!!ذبني الل!!ه(. فن!!اداه ح!!راء: إلي ي!!ا رس!!ول الل!!ه. وفي التنزي!!ل: "إن!!ا عرض!!نا األمان!!ة على الس!!موات واألرض

[ اآلي!!ة. وق!!ال: "ل!!و أنزلن!!ا ه!!ذا الق!!رآن على جب!!ل72والجبال" ]األحزاب: [ يعني ت!!ذلال وخض!!وعا،21لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله" ]الحشر:

وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة "سبحان" إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "وما الله بغافل عم!!ا تعمل!!ون" "بغاف!!ل" في موض!!ع نص!!ب على لغة أهل الحجاز، وعلى لغة تميم في موضع رفع. والي!!اء توكي!!د "عم!!ا تعملون" أي عن عملكم حتى ال يغادر صغيرة وال كب!!يرة إال يحص!!يها عليكم، "فمن يعم!!ل مثق!!ال ذرة خ!!يرا ي!!ره. ومن يعم!!ل مثق!!ال ذرة ش!!را ي!!ره"

[ وال تحتاج "ما" إلى عائد إال أن يجعلها بمعنى الذي فيحذف8، 7]الزلزلة: العائد لطول االسم، أي عن الذي تعملونه. وقرأ ابن كثير "يعلمون" بالي!!اء،

والمخاطبة على هذا لمحمد عليه السالم.