P

شرح كتابصحيح البخاري

معالي الشيخ الدكتورالله الخضير عبد الكريم بن عبد

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية

واإلفتاء

المكان:هـ30/11/1433تاريخ المحاضرة:

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

2

السالم عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي الطريق��ةهذا ســؤال يعــاني منــه كثــير من طالب العلم، يقــول:

الصحيحة المفيدة لتحصيل العلم الشرعي، علم��ا ب��أنني أحض��ر ولكن بعد الدوام الشاق، وتكون نسبة االستيعاب،دروس العلم

واالنتب��اه ق��د ض��عفت، وهن��ا يوس��وس الش��يطان ب��أن العلم الشرعي وطلب الدنيا ال يجتمع��ان؟ ف��أرجو النص��يحة والتوجي��ه

.إلى أقصر الطرق المفيدة لتحصيل العلم ما فيه شك أن الناس في السابق عنــدهم وفــرة في الــوقت، واآلن يعــانيــاس ــالب الن ــاة اختلفت، ومط ــوقت، ودروس الحي ــح في ال ــاس من ش الن

يفــدون إلى المــدن، وينــامون فياازدادت، فالحياة اآلن صعبة. أدركنا أناســدروس في هــذا ــبيتون ويعيشــون في المســجد، ويلزمــون ال المســجد، ويــد ــات، وق ــة األوق ــجد خمس ــدروس في المس ــون ال ــجد ....... يلزم المس يخرجون إلى مساجد أخرى، لكن في غرفة من المسجد يــؤتى لهم بشــيء يسير من الطعام قوت لهم يكفيهم يــومهم، والحيــاة تنتهي إلى هــذا الحــد. لكن اآلن هل أحد يتصور أن أحدا يعيش بهــذه الطريقــة؟ مــا يمكن، فال بــد حينئــذ أن يعمــل عمال بيــده يحفــظ بــه مــاء وجهــه، ويســتعين بــه على أداء الهدف الذي من أجلــه خلــق، وهــو تحقيــق العبوديــة للــه -جــل وعال-، ومن

أعظم أبواب العبودية بعد الفرائض تحصيل العلم الشرعي.ــتي نعيشــها على اإلنســان أن يســدد على كــل حــال اآلن في الظــروف الــه، ــا يقيم أوده وحاجت ــرين األول طلب م ــد، في األم ــد ويجته ــارب ويج ويق ويعين على تحقيق هدفه من أمور الدنيا بقــدر الحاجــة، وإن كــانت الحاجــة زادت اآلن، تجد من يعيش على الزكاة والصدقات تجده في حياتــه ال فــرق بينه وبين غيره، في بيته جميع اآلالت المطلوبة، وعند أطفاله خمسة، ستة، عشــرة كلهم عنــدهم من األجهـزة الغاليــة الثمن مثــل أوالد األغنيــاء ســواء بسواء، وكلهم عندهم جواالت وحريم وبنات، من الزكاة، بحجة أنه ال يمكن أن يعيش من دون الناس، وال شك أن هــذا المحتــاج إذا تــرك أوالده بــدون وسائل الترفيه التي مع الناس خســرهم، ومــا اســتطاع أن يســيطر عليهم، فهذه مشكلة، والموازنات ال بد منها، والنظر في المصالح والمفاســد ال بــد منها. كنا نسمع قبل أربعين سنة أن الثالجة والمكيف والسيارة وغيرهــا من األمور هذه ليست ضرورية، وال يجوز أخذ الزكاة من أجلها، لكن من يعيش بال ثالجـــة اليـــوم أو مكيـــف؟ صـــارت ضـــرورات، بـــل أهم من كثـــير من

الضروريات هذه الكماليات. ــيل العلم، المقصود أن طالب العلم عليه أن يحرص على العلم وعلى تحص ويستعين على تحصيله بالنية الصالحة الصادقة مع شيء من التعبــد ولــزوم

ه{التقوى: مكم الل ه ويعل قوا الل [. أما ترك العلم بالكليــة282 ]البقرة: }وات فهذا حرمان ونكوص وحور بعد الكور، هــذا ال يصــلح أبــدا وليس بعالج. قــد يحتاج في وقت من األوقات إلى تخفيف بعض الشيء ألمر انتابه من أمــور الدنيا، هذا شيء. لكن كونه يترك هذا ليس بحل، نعم يأخذ شــيئا من أمــوررت، ــثرت وتيســ ــارب، واآلن الوســائل ك ــه ويســدد ويق ــدنيا؛ ليســتعين ب الــر اإلنسان وهو مضطجع في فراشه يسمع العلم من كالم الشيخ كأنه حاضــيره ــترنت وغ عنده، يسمع المناقشات ويسأل، وإذا كان في الجهاز في اإلن

3 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير3

بإمكانــه أن يســأل من خالل الجهــاز هــذا ويجــاب على ســؤاله مــع أســئلةالناس، وهذا مجرب.

على كل حال بقدر ما عندنا من الشــواغل والصــوارف، عنــدنا من التيســير لتحصيل العلم ما عندنا. فالموفق يستطيع أن يوفق بين أمور الدنيا وأمــور الدين، وال رأينا أكثر أعمال ومشاغل من الشــيخ ابن بــاز -رحمــه اللــه-، وال

رأينا أكثر منه عطاء وبذال في سبيل الله. التوفيق من الله- جل وعال-. لهم نصــيبهم من التهجــد، لهم نصــيبهم منانحن نعــرف طالب علم شــباب

قــراءة القــرآن، ولهم نصــيبهم من زيــارة القبــور والصــلوات على الجنــائز وزيارات المرضى وبر الوالدين وصلة األرحام، ومع ذلك عملهم مثـل عمـلــد، الناس ما يختلف، مثل عمل الناس إما طالب في الجامعــة أو في المعه أو مدرس مستغرق كل وقته، جــل وقتــه مســتغرق، ومــع هــذا عنــده هــذه األمور، ونعرف من شيوخنا من يداوم الدوام الرسمي كامال من ثمــان إلى ثنــتين، وعنــده دروس في المســاء، ويختم كــل يــوم، ومنهم من يختم كــل ثالث. التوفيق ال حد له، والحرمان ال نهاية له، فاختر لنفسك. فاإلنســان إذاــاني صدق مع الله -جل وعال- وعزم على تحقيق األمرين، على أن األمر الث هــو األصــل: تحقيــق العبوديــة، واألمــر األول ليس بهــدف، لكنــه يعين على

تحقيق الهدف وال بد منه. والله المستعان..نعم

الحمد لله رب العالمين، وص��لى الل��ه وس��لم على عب��ده طالب: ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغف��ر لن��ا

ولشيخنا والسامعين يا ذا الجالل واإلكرام. "ب��اب من رف��ع قال اإلمام أب��و عب��د الل��ه -رحم��ه الل��ه تع��الى-:

صوته بالعلم. حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل، قال: حدثنا أبو عوان��ة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عب��د الله بن عم��رو، ق��ال:افرناها، تخلف عنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفرة س��ح على أ، فجعلنا نمس�� الة- ونحن نتوض فأدركنا -وقد أرهقتنا الص

تين أو»ويل لألعقاب من النار«أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: مر.ثالثا"

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

)قوله: باب من رفع صوتهأما بعد، فيقول الشارح -رحمه الله تعالى-: ب��العلم. ق��ال: ح��دثنا أب��و النعم��ان، زاد الكش��ميهني في رواي��ة

ابنكريمة عنه: عارم بن الفضل، وع��ارم لقب، واس��مه محم��د(ــان،)كما تقدم في المقدمة(الفضل، يقول الشارح: ــو النعم ــه أب . كنيت

واسمه محمد بن الفضل، وكنيته عارم. )قوله: ماهك بفتح الهاء وحكي كسرها، وهو غير منصرف عن��د األكثرين؛ للعلمية والعجمة، ورواه األصيلي منصرفا فكأنه لحظ

ــفا،في��ه الوص��ف( ــة وص ــتعمل في األعجمي ــرف إذا اس ، واألعجمي يصــة ــا في العربي ــان اســتعماله علم ــا، لكن إن ك ــة علم واســتعمل في العربي واألعجمية منع من الصرف. حدثنا عبد الله بن سياه، مصروف لمــاذا؟ ألنــه كــان اســتعماله في الوصــفية، وصــف في األعجميــة فليس بعلم فيصــرف،

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

4

، فللعلمية والعجمــةاوالذي يمنع من الصرف ما استعمل في األعجمية علميمنع من الصرف، وهذا وصف، ومثله ماهك.

)ورواه األصيلي منصرفا، فكأن��ه لح��ظ في��ه الوص��ف. واس��تدل المصنف على جواز رفع الصوت ب��العلم بقول��ه: فن��ادى ب��أعلى

، ومعلــوم أن الصــوت إنمــا يطلب بقــدر الحاجــة، واألصــل خفضص��وته( [،110 ]اإلســراء: }وال تجهر بصالتك وال تخافت بها{الصوت، في القراءة:

بين بين، وكذلك في العلم وغيره، والحديث العادي ال يرفع فيه الصــوت إالوت الحمــير{بقدر ما يحتاج إليه، وجــاء: وات لصــ ــر األصــ ]لقمــان:}إن أنك

[. لكن عند الحاجة يرفع الصوت، الحاجة تقــدر بقــدرها. وإذا احــتيج إلى19غ مهما صوت ورفع صوته ال يسمع يستعمل المستملين، مستملين ألن المبلغــون عنهم، وفي مقــامهم، ويــؤدي الغــرض ويستعين بالمستملين الذين يبل من المستملين مكبرات الصوت الــتي أراحت كثــيرا. لكن نســمع في بعضــا للمصــلين، وبعض المساجد رفع الصــوت بــالمكبرات رفعــا مزعجــا ومؤذي

والجماعــةا،الناس يصاب بصــداع من رفــع الصــوت، تجــد المســجد صــغير نصف صف، ويبلغ القاصي والداني، ما له داع. هذا ال شك أنه ممنوع. ورفع

الصوت مقلق. تســمعون في األجــراس الــتي في البنايــات الحديثــة إذا حصــل أدنى خلــل مفزعــة ومقلقــة ومؤذيــة، ويكــون مثــل هــذا في أصــوات المصــانع وأزيــز الطائرات وغيرها، أمم أهلكت بالصيحة. فرفع الصــوت خالف األصــل، لكنالم- رفــع صــوته؛ الة والســ إذا احتيج إليه فال مــانع منــه، والنــبي -عليــه الصــــه كــان جهــوري ــد المطلب أن ــاس بن عب ــد، وذكــروا عن العب ليســمع البعي الصوت، حتى قالوا: إنه يسمع من تسعة فراســخ، ولكن هــذا كالم فيــه مــا فيه، ذكروا هذا، قالوا: إنه يسمع من بعــد تســعة فراســخ، لكن الظــاهر أن

هذا يحتاج إلى موصل إما إذاعة أو ....... ....... طالب:

ــه ــة وأربعــة. المقصــود أن ــدري إلى أين؟ ....... مائ لكن تســعة فراســخ؟ ت يوصل إلى أربعين كيلو أو شيء من هذا، مــا أظن هـذا. يعـني النــاس قبـل مكبرات الصوت وقبل الموانع من المؤثرات المزعجــة مكيفــات وســيارات ومصانع، كانوا يسمعون األذان من كيلو مترين، حددوه بكيلو مترين، ولذلك تلزم اإلجابة إذا كان بينه وبين المسجد كيلــو مــتران فأقــل؛ ألن المطلــوب

السمع العادي من غير وسائل مكبرة ومن غير موانع مؤثرة. بالمستملين، والمستملي كما يستعمل في العلم- وهذا كثير عنــد من تكــثرغ الثــاني. عندهم الجموع- قد يستعمل عشــرات المســتملين، كـل واحــد يبل وأيضا هو موجود في مجالس الكبار قبل التليفونات وقبل المكــبرات، تجــد الكبير في مجلسه يصوت لو بغى شيئا، والذي عند الدرج القــريب يصــوت، والذي على الدرج يصوت، هذا يســمع هــذا، وذاك يســمع ذاك، ويســمع من في الدور الثالث بالمستملين، وهذه طريقة متبعـة وســنة متبعـة عنـد أهــل

الحديث. المقصود أن رفع الصــوت بــالعلم عنــد الحاجــة إليــه إذا دعت إليــه الحاجــة

يصير حكمه حكم تبليغ العلم. )واستدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله: فنادى بأعلى صوته، وإنما يتم االستدالل بذلك حيث تدعو الحاجة إليه؛

5 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير5

لبعد أو كثرة جمع أو غ��ير ذل��ك، ويلتح��ق ب��ذلك م��ا إذا ك��ان في موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر: ك��ان الن��بي -ص��لى الل��ه عليه وسلم- إذا خطب وذكر الس��اعة اش��تد غض��به وعال ص��وته(

اكم«واحمر وجهه حتى كأنــه منــذر جيش يقــول: حكم ومســ كمــا في»صــب )أخرجه مس��لم، وألحم��د من ح��ديث النعم��ان فيصــحيح مســلم.

ا معناه وزاد: حتى لو أن رجال بالسوق لسمعه. واستدل به أيض�� »ويل لألعقاب من؛ ألنه قال: على مشروعية إعادة الحديث؛ ليفهم(

ر ليفهم عنه ويحفظ.النار« مرتين أو ثالثا، كر )وسيأتي الكالم على مباحث المتن في كتاب الوضوء إن شاء

.الله تعالى( ألنه في غسل األعقاب، وعيد على ترك شيء مما يجب غسله كاألعقــاب،ــرى، ومــا والتنصيص عليها؛ ألنهــا بصــدد أن يتســاهل فيهــا ، وينســى، أو ال ي

أشبه ذلك، فال بد من التأكد من إسباغها. )قال ابن رشيد في هذا التبويب رمز من المصنف إلى أنه يريد أن يبلغ الغاية في تدوين هذا الكت��اب ب��أن يس��تفرغ وس��عه في

بعيد؟أم ، هذا قريب حسن ترتيبه، وكذلك فعل -رحمه الله تعالى-( ....... طالب:

)في هذا التبويب رمز من المصنف إلى أنه يريد أن يبلغ الغاية( )ليبلغ الغاي��ةيعني مثل رفع الصوت ليبلغ الغاية التي يريد أخذا من هذا،

،في تدوين هذا الكتاب بأن يستفرغ وس��عه في حس��ن ترتيب��ه(ــغ كما فعل النبي -عليه الصالة والسالم- في استفراغ وسعه؛ من أجــل تبلي العلم، فالبخاري يريد أن يبلغ هذا العلم بأقصى ما يمكن ومــا يســتطاع من

هذا مما يســتملح في)وكذلك فعل- رحمه الله تعالى-(طاقة البشر، العلم، وإال ما بني الكتاب من أجل هذا، والعلم عند الله -جل وعال-.

"باب قول المحدث: حدثنا، أو أخبرنا، وأنبأنا. وق��ال لن��ا طالب:معت الحميدي: كان عند ابن عيينة حدثنا، وأخبرن�ا، وأنبأن�ا، وس�

.واحدا"ق بين هــذه الصــيغ، بخالف اإلمــام مســلم وعند اإلمام البخاري كذلك ال يفر

وما استقر عليه االصطالح من التفريق بين التحديث واإلخبار. لى الل��ه علي��ه طالب: "وقال ابن مسعود: حدثنا رسول الله -ص��

قيق: عن عب��د الله دوق. وق��ال ش�� ادق المص�� لم- وه��و الص�� وس��ة: لم- كلم��ة. وق��ال حذيف�� لى الل��ه علي��ه وس�� سمعت النبي -ص��لم- ح��ديثين. وق��ال أب��و حدثنا رسول الله -صلى الله علي��ه وس��لم- فيم��ا العالية عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وس��لم- لى الل��ه علي��ه وس�� يروي عن ربه. وقال أنس عن النبي -ص��لى -. وق��ال أب��و هري��رة عن النبي -ص�� يرويه عن ربه -عز وج��ل

.- الله عليه وسلم- يرويه عن ربكم -عز وجلر، عن عب��د الله بن ماعيل بن جعف�� حدثنا قتيبة، قال: حدثنا إس��ول الله - دينار، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: قال رس�

لم-: لى الل��ه علي��ه وس�� قطص�� جرة ال يس�� جر ش�� »إن من الش��لم، فح��دثوني م��ا هي« ، فوق��ع الناسورقها، وإنها مث��ل المس��

في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة،

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

6

ول الله، ق��ال: »هيفاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي ي��ا رس��."النخلة«

الباب معقود من اإلمام البخــاري لبيــان صــيغ األداء والفــروق بينهــا، فقــول المحدث: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وســمعت، ويرويــه، أو روايــة، أو ينميــه، أوــام ــيغ: رده إلى فالن. اإلم ــدر الص ــذه من أن ــه، أو رده إلى فالن، ه ــغ ب يبل البخاري -رحمة الله عليه- ال يفرق بين حدثنا وأخبرنا، وجمع من أهل العلمق بين التحــديث واإلخبــار بمصــر ابن وعليه استقر االصطالح، وأول من فــرق بينهما بدقة، يتتبع الصيغ من وهب كما قال أهل العلم، واإلمام مسلم يفر الرواة، ويذكر الفروق بينها، واستقر عليه االصطالح، وأن حدثنا تقــال فيمــا إذا كانت طريقة التحمل السماع من لفظ الشيخ، واإلخبــار فيمــا إذا كــانت طريقة التحمل القراءة على الشيخ. قد يكون في االستدالل لهــذا التفريــق

}يومئذ تحـدث أخبارهـا{من اللغة شيء من العســر، والتحــديث واإلخبــار: ئك مثل خبير{[، 4]الزلزلة: [. فالتفريق من حيث اللغة14 ]فاطر: }وال ينب

العربية بين هذه األمور فيه شيء من العسر. لكن هناك وجوه من الفــروق بين اللفظين، فهي ليست مترادفــة من حيث المعــنى، فاإلخبــار أوســع من التحــديث، التحــديث خــاص بــالكالم واإلخبــار بمــا هــو أعم من الكالم، إمــا بإشارة أو كتابة أو نصب عالمة، كلها يحصل بــه اإلخبــار، من أخــبرني بكــذا فهو حر، فأشار إليه أو كتب له أو نصب عالمة تـدل على ذلـك، يعتـق. لكن

من قال: حدثنا فإنه ال يعتق حتى يتلفظ بالخبر. )قوله: باب ق��ول المح��دث: ح��دثنايقول الشارح -رحمه الله تعالى-:

وأخبرنا وأنبأنا. ق��ال ابن رش�يد: أش��ار به��ذه الترجم��ة إلى أن��ه بنى كتابه على المسندات المرويات عن النبي -صلى الله علي��ه

ولذلك ما قيل: كل خبر ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهــو خــل وبقــل،وسلم-(ــذه يعني ال شيء، فدل على أن اإلسناد إنما يتم بهذه الصيغ، وما خال عن ه

الصيغ فليس بإسناد.ــير)قلت: وم��راده ه��ل ه��ذه األلف��اظ بمعنى واح��د أم ال؟( التعب

األصل أن يقال: أو ال؟ وأم إنما يؤتى بها بعــد همــزة التســوية: أوأم صحيح همزة عن لفظ أي مغنية، لكن جاء في الصحيح من حديث جابر أن النبي -

.»هل تزوجت بكرا أو سيبا؟«صلى الله عليه وسلم- قال: ]البق����رة:}ق����ل أأنتم أعلم أم الله{في الق����رآن ط����الب:

140....... ] .}أأنتم{ ....... طالب:

الكالم على هل، هل تأتي بعدها أم أو ما تأتي؟ )قلت: ومراده ه��ل ه��ذه األلف��اظ بمع��نى واح��د أم ال؟ وإي��راده

ــار عــدمقول ابن عيينة دون غيره دال على أنه مخت��اره( ــو يخت هالتفريق، ابن عيينة كذلك.

)قوله: وقال الحميدي في رواية كريم��ة واألص��يلي، وق��ال لن��ا قال الحميدي، وقال لنا الحميدي، ما الفــرق بينهمــا؟ الحميــديالحميدي(

شيخه الذي تحمل عنه بصيغة قال، قال بعضهم: إنه يتعين أن يكون تحملــهــه ح بأن بطريق المذاكرة ال بطريق الرواية، مع أن ابن حجر في مواضع صر

ال دليل على ذلك.

7 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير7

قال لنا؛ ألن قال)وكذا ذكره أبو نعيم في المستخرج فهو متصل( حكمها حكم العنعنة، حتى لو ما فيها لنا وقلنا: إن حكمها حكم العنعنة، قال هنا محمولة على االتصال؛ ألنه شيخه، الحميــدي شــيخ البخــاري، روى عنــه

أحاديث، وصرح بالتحديث عنه، والبخاري لم يوصف بتدليس. )وسقط من رواي�ة كريم��ة قول��ه وأنبأن�ا، ومن رواي�ة األص��يلي

قوله أخبرنا، وثبت الجميع في رواية أبي ذر. قول��ه: وق��ال ابن مس��عود، ه��ذا التعلي��ق ط��رف من الح��ديث المش��هور في خل��ق الج��نين، وق��د وص��له المص��نف في كت��اب

حــديثالق��در، وي��أتي الكالم علي��ه هن��اك إن ش��اء الل��ه تع��الى(مشهور ومحفوظ لدى الكبار والصغار؛ ألنه من األربعين.

شقيق بن سلمة أبو وائل صاحب ابن مسعود.)قوله: وقال شقيق( )هو أبو وائل، عن عب��د الل��ه ه��و ابن مس��عود، س�يأتي موص��والا ح��ديث أيضا حيث ذكره المصنف في كتاب الجنائز، ويأتي أيض��

قال حذيفة: حدثنا رســول اللــه -صــلى اللــهحذيفة في كتاب الرقاق(عليه وسلم-.

)ومراده من هذه التعاليق أن الصحابي قال تارة: حدثنا، وتارة: ال شك أن التفريقسمعت، فدل على أنهم لم يفرقوا بين الصيغ(

على ضوء االصطالح حادث؛ ليختص كل لفظ بمعنى مستقل.)وأما أحاديث ابن عباس وأنس وأبي هريرة في رواي��ة الن��بي -

يعــني من األحــاديث القدســية فيمــاصلى الله عليه وسلم- عن رب�ه(يرويه عن ربه.

يعــني اإلمــام البخــاري في كتــاب)فقد وص��لها في كت��اب التوحي��د(التوحيد من صحيحه.

يعني من بعده. )وأراد بذكرها هنا التنبيه على العنعنة، وأن حكمها الوصل عن��د

ــه-، ومســلم يكتفي بالمعاصــرة،ثب��وت اللقي( ــاره- رحمــه الل هــذا اختيــار ــه واللقى علم، هــذا اختي وصــححوا فصــل معنعن ســلم من دلســة راوي

البخاري. )وأشار على ما ذكره ابن رشيد إلى أن رواية النبي -صلى الل��هح الصحابي ب��ذلك أم ال، عليه وسلم- إنما هي عن ربه سواء صر ويدل له حديث ابن عباس المذكور فإنه لم يقل في��ه في بعض

المواضع عن ربه، ولكنه اختصار، فيحتاج إلى التقدير. قلت: ويس��تفاد من الحكم بص��حة م��ا ك��ان ذل��ك س��بيله ص��حة

مراسيل الصحابة عامــة أهــل العلم علىاالحتجاج بمراسيل الصحابة(أنها حجة، وأن حكمها حكم الوصل:

أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب خالف في ذلك نذر يســير من أهــل العلم؛ منهم أبــو إســحاق اإلســفرايينيــروي ــد ي ومعه قليل قالوا: إن حكمها حكم غيرها، مراسيل الصحابة؛ ألنه ق عن تابعي ويسقطه وهذا التــابعي، يحتمــل أن يكــون ثقــة، وأن يكــون غــير ثقة، لكن الصحيح ما عليــه عامــة أهــل العلم، بــل نقــل عليــه اإلجمــاع؛ ألن

حكمها حكم الموصوالت.

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

8

)ألن الواسطة بين الن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- وبين رب��هــدون واســطة،فيم��ا لم يكلم��ه ب��ه مث��ل ليل��ة اإلس��راء( مكافحــة ب

ــو ــطة ه )جبري��ل، وه��و مقب��ول قطع��ا، والواس��طة بينفالواس الصحابي وبين النبي -صلى الل��ه علي��ه وس��لم- مقب��ول اتفاق��ا وهو صحابي آخر، وهذا في أحاديث األحك��ام دون غيره��ا، ف��إن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين مثل كعب األحبار( يعني يستثنون من ذلك من عرف بالتلقي عن أهل الكتاب، لكنــه إذا صــرح

بنسبه ورفعه للنبي -عليه الصالة والسالم- فال يرد مثل هذا االحتمال.ي��احي بالي��اء األخ��يرة، )تنبيه: أب��و العالي��ة الم��ذكور هن��ا ه��و الراء ب��الراء الثقيل��ة واسمه رفيع بض��م ال��راء، ومن زعم أن��ه ال��بر

أبو العالية البراء بالتشديد؛ ألنــه يــبري الســهام، والــبراء فعالفقد وهم(صيغة مبالغة.

)فإن الحديث المذكور معروف برواية الرياحي دونه، فإن قي��ل فمن أين تظه��ر مناس��بة ح��ديث ابن عم��ر للترجم��ة ومحص��ل الترجمة التسوية بين ص��يغ األداء الص��ريحة وليس ذل��ك بظ��اهر في الح��ديث الم��ذكور؟ ف��الجواب أن ذل��ك يس��تفاد من اختالف ألفاظ الحديث المذكور، ويظهر ذل��ك إذا اجتمعت طرق��ه، ف��إن لفظ رواية عبد الله بن دينار المذكور في الباب: فح��دثوني م��ا هي، وفي رواي��ة ن��افع عن��د المؤل��ف في التفس��ير: أخ��بروني،

ر مــرةوفي رواية عند اإلسماعيلي: أنبئوني( والقصــة واحــدة، وعبباإلخبار، ومرة بالتحديث، ومرة باإلنباء، فدل على أن معانيها واحدة.

)وفي رواي��ة مال��ك عن��د المص��نف في ب��اب الحي��اء في العلم: حدثوني ما هي، وقال فيها: فقالوا أخبرنا بها، فدل ذل��ك على

}يومئذ تحدث أخبارها{ أن التحديث واإلخبار واإلنباء عندهم سواء(ئك مثل خبير{[ التحديث واإلخبار بمعنى واحد، 4]الزلزلة: ]فاطر:}وال ينب

[ خبير فعيل قد ال يتم بهــا االســتدالل؛ ألنــه قــد ال يــراد بــه المخــبر؛ ألن14 الخبير لو أريد به المخبر تم االستدالل، المنبئ هو الخبير، لكن الذي يظهــر

أنه من الخبرة، ال من الخبر.ــني من)وهذا ال خالف فيه عند أهل العلم بالنسبة إلى اللغ��ة( يع

حيث اللغة هي معانيها واحدة أو متقاربة، يكون بين األلفــاظ بعض الفــروقر في مثل هذا. الدقيقة التي ال تؤث

}يومئذ تح��دث أخباره��ا{)ومن أصرح األدلة في��ه قول��ه تع��الى: ]ف��اطر:}وال ينبئك مث��ل خب��ير{[، وقول��ه تع��الى: 4]الزلزل��ة:

[، وأم��ا بالنس��بة إلى االص��طالح ففي��ه الخالف، فمنهم من14 استمر على أصل اللغة، وهذا رأي الزه��ري ومال��ك وابن عيين��ة

ــيغ، ويح��يى القط��ان( ــذه الص ــق بين ه ــير تفري ــني من غ )وأك��ثر، يعحه ابن الحجازيين والكوفيين، وعليه استمر عمل المغاربة، ورج الح��اجب في مختص��ره، ونق��ل عن الح��اكم أن��ه م��ذهب األئم��ة

يعــني عــدم التفريــق بين التحــديث واإلخبــار وغيرهمــا من صــيغاألربعة( )ومنهم من رأى إطالق ذلك حيث يقرأ الش��يخ من لفظ��هاألداء،

يطلق إذا قرأ الشيخ من لفظه، يعني سمعواوتقييده حيث يقرأ عليه(ــرئ على الشــيخ من لفــظ الشــيخ أطلقــوا فقــالوا: حــدثنا وأخبرنــا، وإذا ق

9 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير9

بإمكانه أيضا، يقول: حدثنا، ويقول: أخبرنا، لكن بالتقييد: حدثنا قراءة عليــهأو فيما قرئ عليه، أخبرنا قراءة عليه، أو فيما قرئ عليه.

)وه��و م��ذهب إس��حاق بن راهوي��ه والنس��ائي وابن حب��ان وابن من��ده وغ��يرهم، ومنهم من رأى التفرق��ة بين الص��يغ بحس��ب

التحمل أخذ الحديث عن الشيوخ، واألداء تبليغ الحــديثافتراق التحمل(إلى الطالب.

)فيخصون التح��ديث بم��ا يلف��ظ ب��ه الش��يخ، واإلخب��ار بم��ا يق��رأ عليه، وهذا مذهب ابن جريج واألوزاعي والش��افعي وابن وهب وجمهور أهل المش��رق، ثم أح��دث أتب��اعهم تفص��يال آخ��ر، فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال: حدثني، ومن سمع م��ع

)ومن ق��رأ بنفس��ه على الش��يخ أف��رد وقــال: حــدثنا، غيره جم��ع( )وكذا قال: أخبرنا، فقال: أخبرني، ومن سمع بقراءة غيره جمع(

خصصوا اإلنباء باإلجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه، وكل هذا مستحسن وليس بواجب عن��دهم، وإنم��ا أرادوا التمي��يز بين أح��وال التحم��ل، وظن بعض��هم أن ذل��ك على س��بيل الوج��وب، فتكلفوا في االحتجاج له وعليه بما ال طائ��ل تحت��ه. نعم يحت��اج

.المتأخرون إلى مراعاة االصطالح المذكور؛ لئال يختلط( يحتاج المتأخرون يعني بعد استقرار االصطالح، وذهــاب عمــوم المشــارقة إلى اعتبار هذا االصطالح، يحتــاجون إلى أن يفرقـوا بين هـذه األلفــاظ ومــا

تستعمل فيه من صيغ ومن طرق التحمل؛ لئال يقعوا في الخطأ. )لئال يختلط األمر؛ ألنه صار حقيقة عرفية عن��دهم، فمن تج��وز عنها احتاج إلى اإلتيان بقرينة تدل على م��راده، وإال فال ي��ؤمن اختالط المسموع بالمجاز بعد تقرير االصطالح فيحم��ل م��ا ي��رد من ألف��اظ المتق��دمين على محم��ل واح��د بخالف المت��أخرين(

الذين راعوا مثل هذا االصطالح.نعم.

هو عــرف عن بعض الصــحابة أنهم تلقــوا عن بــني إســرائيل، كعب األحبــار تابعي، وبعض الصحابة روى عنه، لكن فيما عدا األحكام. عبد الله بن عمرو أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، صاروا يحدثون عنها من

باب: حدثوا عن بني إسرائيل وال حرج.مع من عرفنا تفريقهم بين التحديث واإلخبار، وأن التحديث يؤدى بــه مــا ســ لفظ الشيخ، واإلخبار بما قرئ على الشيخ. فإذا كان وحده بحــال التحــديث يقول إذا حدثه الشيخ وحده قال: حدثني، وإذا كان مع جماعة قــال: حــدثنا، وإذا قرأ على الشيخ وحــده قــال: أخــبرني، وإذا كــان معــه مجموعــة قــال: أخبرنا. فإذا طال به العهد ونسي هل كان وحده أو معه جمع ما يدري سمع

مــاذاال؟ أم من لفظ الشيخ أو قرأ على الشيخ، لكن ما يدري هل مــع أحــد يقول؟ ....... طالب:

؟ ماذاأخبرني. طالب:

يعني يفرد؛ ألنه المــتيقن؛ ألن وجــوده محقــق، ووجــود من عــداه مشــكوكفيه. منهم من يقول: ال، يجمع.

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

10

....... طالب: نعم. يجمع؛ ألن حدثنا وأخبرنا أضعف من حدثني وأخبرني؛ ألن اإلفراد دليل على اختصاص هذا الطالب بهذا الشيخ، وأنــه مقصــود بالتحــديث واإلخبــار،

بخالف ما إذا كان مع مجموعة فاألمر أخف بال شك.ــه-: ــه الل ــال -رحم ــعيد، "ح��دثنا قتيب��ة"ق ــو ابن س "ق��ال: ح��دثنا ه

إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، ق��ال:لم-: لى الل��ه علي��ه وس�� ول الله -ص�� جرق��ال رس�� »إن من الش��

،شجرة ال يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي«جر الب��وادي، ق��ال عب��د الله: ووق��ع في فوق��ع الناس في ش��تحييت، ثم ق��الوا: ح��دثنا م��ا هي ي��ا ي أنه��ا النخل��ة، فاس�� نفس��

. "»هي النخلة«رسول الله، قال: ح بــذلك إلى النــبي عمر -رضي الله عنه- تمنى أن لو كان ابنه عبد الله صرالم-، لكن ابن عمر استحيا؛ ألنـه صـغير بالنســبة للقــوم، -عليه الصالة والس

فاستحيا أن يجيب، ولو أجاب لسر والده وأبهجه. زاد في رواي��ة مجاه��د عن��د»إن من الش��جر ش��جرة«)قول��ه:

المصنف في باب الفهم في العلم، قال: صحبت ابن عم��ر إلى المدينة فقال: كنا عند الن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- ف��أتي

ار( الجمار معروف، يقولون: شحم النخل. النخل في قلبه وفي جوفهبجمشيء أبيض حلو.

ال، ال ال غير الطلع، غير الكافور والطلع، ال. شيء في قلبه أبيض قريب منطعم الخس والملفوف، له طعم.

ــول: إن من(»إن من الشجر«)فأتي بجمار، وقال: الجمار بيده ويقالم-. الشجر ويسأل عنه، القرينة موجودة، لكن هيبته -عليه الصالة والس

)وله عنه في البيوع: كنت عند النبي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم-وهو يأكل جمارا.

ك��ذا في رواي��ة»ال يسقط ورقها، وإنه��ا مث��ل المس��لم«قوله: أبي ذر بكسر ميم مثل وإسكان المثلث��ة، وفي رواي��ة األص��يلي

ــل وكريم��ة بفتحهم��ا( )وهم��ا بمعنى. ق��ال الج��وهري: مثل��ه مثبهه بمعنى. ق��ال: بهه وش�� ومثله كلم��ة تس��وية، كم��ا يق��ال: ش��ا م��ا يض��رب من األمث��ال، انتهى. ووج��ه والمثل بالتحري��ك أيض��

ــاالشبه بين النخلة والمسلم من جهة عدم سقوط ال��ورق( ؛ ألنه في الحديث.»ال يسقط ورقها«منصوصة:

)ووجه الشبه بين النخلة والمسلم من جهة عدم سقوط الورق ما رواه الحارث بن أبي أسامة في ه��ذا الح��ديث من وج��ه آخ��ر عن ابن عمر ولفظه قال: كنا عند رسول الله -صلى الله علي��ه

»إن مث��ل الم��ؤمن كمث��ل ش��جرة الوس��لم- ذات ي��وم فق��ال: نعم ال يسقط ورق الشجر الذي هو النخل، الســعف(تسقط لها أنملة«

يسقط أو العسفان؟ كذلك المؤمن كل يوم .......، ال، ال يسقط منه شيء. تشــبيهها بأنامــل»ال تسقط له أنملة«هو األصل للمؤمن، لكن ما دام قال:

المؤمن غير المؤمن كذلك، فال تختص بالمؤمن. »هي النخل��ة ال تس��قط له��ا قالوا: ال، قال: »أتدرون ما هي؟«)

. ووق��ع عن��د المص��نف فيأنمل��ة، وال تس��قط لم��ؤمن دع��وة«

11

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

11

األطعمة من طريق األعمش قال: حدثني مجاه��د عن ابن عم��ر قال: بينا نحن عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أتي بجمار،

، وه��ذا أعم»إن من الشجر لما بركت��ه كبرك��ة المس��لم«فقال: من ال��ذي قبل��ه، وبرك��ة النخل��ة موج��ودة في جمي��ع أجزائه��ا مس��تمرة في جمي��ع أحواله��ا، فمن حين تطل��ع إلى أن تيبس تؤكل أنواعا، ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها، حتى الن�وى في

فيــهعلف الدواب والليف في الحبال وغ��ير ذل��ك مم��ا ال يخفى( مناظرة بين عــراقي وشــامي، فــالعراقي يفضــل التمــر، والشــامي يفضــل الزيتــون، أتــوا بمــا لــديهم من وجــوه التفضــيل، والعــراقي ختم المنــاظرة

، فماذا تشترون بنوى الزيتون؟ابقوله: نحن نشتري بنوى التمر زيتون )حتى النوى في علف ال��دواب واللي��ف في الحب��ال وغ��ير ذل��ك مما ال يخفى. وكذلك بركة المس��لم عام��ة في جمي��ع األح��وال، ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موت��ه. ووق��ع عن��د المص��نف في التفسير من طريق نافع عن ابن عمر قال: كنا عند رسول

»أخبروني بشجرة كالرج��لالله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ــوه(المس��لم ال يتح��ات ورقه��ا وال وال وال« ــك من وج ــير ذل إلى غ

الشبه. وقــد يكتفــون)كذا ذكر النفي ثالث م��رات على طري��ق االكتف��اء(

بالواو: ال يتحات ورقهــا ووو إلى آخــره، هــذا أســلوب معاصــر، لكن: وال والوال، هذا موجود في الخبر.

)ك��ذا ذك��ر النفي ثالث م��رات على طري��ق االكتف��اء فقي��ل في تفسيره: وال ينقطع ثمرها، وال يعدم فيؤها، وال يبط��ل نفعه��ا. ووقع في رواية مسلم ذكر النفي م��رة واح��دة، فظن إب��راهيم

)الراوي عنه أنه متعل��ق راوي الصحيح عن اإلمام مسلم بن سفيان( ، فاستش��كله وق��ال: لع��ل»ت��ؤتي أكله��ا«بما بعده، وهو قول��ه:

)وليس كم��ا بدل: وال تــؤتي أكلهــا، زائدة ولعله: وتؤتي أكلها(»ال«ظن، بل معمول النفي محذوف على سبيل االكتفاء كما بيناه.

ابت��داء كالم على س�بيل التفس��ير لم�ا تق�دم،»ت�ؤتي« وقوله: على»ت�ؤتي أكله��ا ك��ل حين«ووقع عند اإلس�ماعيلي بتق��ديم:

فسلم من اإلشكال. »ال يتحات ورقها«قوله: أي ذهبت أفك��ارهم في أش��جار البادي��ة،»فوقع الن��اس«قوله:

فجعل كل منهم يفسرها بنوع من األنواع، وذهل��وا عن النخل��ة،يقال: وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها.

قوله: ق��ال عب��د الل��ه ه��و ابن عم��ر ال��راوي، قول��ه: ووق��ع في نفسي، بين أبو عوان��ة في ص��حيحه من طري�ق مجاه��د عن ابن عمر وجه ذلك قال: فظننت أنها النخلة من أج��ل الجم��ار ال��ذي

يعني استدل به على قرينة الحال.أتي به( )وفي��ه إش��ارة إلى أن الملغ��ز ل��ه ينبغي أن يتفطن لق��رائن األحوال الواقعة عند السؤال، وأن الملغز ينبغي ل��ه أن ال يب��الغ في التعمية بحيث ال يجعل للملغز بابا يدخل منه، بل كلما قربه

يعرفــها يعــني ال يكــون الشــيء مكشــوفكان أوقع في نفس سامعه( الناس كلهم، وال يكون منه الخفاء بحيث ال يتنبه له أحد، وإال ما الفائدة منه

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

12

إذا كان يعرفه الناس كلهم أو ال يعرفــه النــاس كلهم، مــا فيــه فائــدة، إنمــاالمقصود أن اللغز يعرفه المتميز من الناس.

)بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه. قول��ه: فاس��تحييت، زاد في رواي��ة مجاه��د في ب��اب الفهم في العلم: فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أص��غر الق��وم، ول��ه في األطعمة: فإذا أن��ا عاش��ر عش��رة أن��ا أح��دثهم، وفي رواي��ة نافع: ورأيت أبا بكر وعمر ال يتكلمان، فك��رهت أن أتكلم، فلم��ا قمنا قلت لعم�ر: ي�ا أبت��اه. وفي رواي�ة مال�ك عن عب��د الل��ه بن دين�ار عن�د المؤل�ف في ب�اب الحي�اء في العلم ق�ال عب�د الل�ه: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: ألن تك��ون قلته��ا أحب إلي من أن يك��ون لي ك��ذا وك��ذا. زاد ابن حب��ان في ص��حيحه:

أحسبه قال: حمر النعم. وفي ه��ذا الح��ديث من الفوائ��د غ��ير م��ا تق��دم امتح��ان الع��الم

ال يســتمرأذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهم��وه(ن. امستغلق ، إنما يبي

)وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- أن��ه نهى عن األغلوط��ات، ق��ال األوزاعي أح��د

يعني التي يقصد منها التعجيز، بيان عجــزرواته: هي صعاب المسائل(المسؤول أو التعالم في بيان علم السائل، كل هذا ال يجوز.

)ق��ال األوزاعي أح��د روات��ه: هي ص��عاب المس��ائل، ف��إن ذل��ك محم��ول على م��ا ال نف��ع في��ه أو م��ا خ��رج على س��بيل تعنت

المسؤول أو تعجيزه. وفيه التحريض على الفهم في العلم، وقد بوب عليه المؤل��ف: ب��اب الفهم في العلم، وفي��ه اس��تحباب الحي��اء م��ا لم ي��ؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت. وق��د بوب عليه المؤلف في العلم وفي األدب، وفيه دليل على بركةا، وفي��ه دلي��ل النخلة وما تثمره، وقد ب��وب علي��ه المص��نف أيض�� على أن بيع الجمار جائز؛ ألن كل ما جاز أكله جاز بيع��ه، وله��ذاب�ه ابن بط�ال لكون�ه من ب�وب علي��ه المؤل�ف في ال�بيوع، وتعق المجمع عليه، وأجيب ب��أن ذل��ك ال يمن��ع من التنبي��ه علي��ه؛ ألن��ه

.أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صالحها( ألنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبــدو صــالحها، والجمــار موجــود، ومنهي عنــاذا ال بيع التمر أو البسر قبل أن يبدو صالحه وهو أخضر، قد يقول قائل: لم يمنع الجمار؟ هل الجمار يؤكل والنخلة قائمة تثمر أو إذا ماتت وقطع قلبهــا

أخذ الجمار؟ طيب وبعد تعود لتغرس ثانية، هذا نفس الشيء. )وأجيب ب��أن ذل��ك ال يمن��ع من التنبي��ه علي��ه؛ ألن��ه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حتى يب��دو ص��الحها، فكأن��ه يق��ول: لع��ل متخيال يتخي��ل أن ه��ذا من ذاك وليس ك��ذلك. وفي��ه دلي��ل على جواز تجمير النخل، وقد بوب عليه في األطعمة؛ لئال يظن

لكن يرد عليه أنه إذا كانت ال يمكن أنأن ذلك من باب إضاعة المال( تعيش بعد أخذ الجمار، إذا أريد التخفيف عن النخلة باجتثــاث بعض فروعهــا

يؤكل الجمار والنخلة األصل باقية.

13

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

13

طالب: ....... ؟ماذا

طالب: ....... الوصلة التي تقتلعها هذه ....... الفرق .......

طالب: ....... ــني إذا ال لو مثل الجمار ما هو مثل قلب المؤمن، هذا من وجوه الشبه، يع ماتت واجتثت، ال أنا أقول وهي قائمــة يمكن أن يؤخــذ الفــرخ وفي أســفله الجمار وهي باقيـة ....... ســبعة فـروخ مثال، من إضـاعة المــال، قـد تكــون النخلة من النوع الرديء الذي ال يثمر تتعب عليه وفي النهاية الكيلو بريــال

.ا تفعل به؟ تحتاج ماء وتحتاج عمالماذاطالب: .......

ال ال تثمر، هذه الخبرة، خذ الخبرة من أفواه الخبراء!! )وفي��ه دلي��ل على ج��واز تجم��ير النخ��ل، وق��د ب��وب علي��ه في األطعمة؛ لئال يظن أن ذلك من باب إض��اعة الم��ال، وأورده في

رب الله مثال كلم��ة طيب��ة{تفسير قوله تع��الى: ]إب��راهيم:}ض�� [ إشارة منه إلى أن المراد بالشجرة النخلة، وقد ورد صريحا24

فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقب��ة عن ن��افع عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله -صلى الله علي�ه وس�لم- ف�ذكر ه�ذه

ق�ال ابن عم�ر: لم يخ��ف علي»أتدرون م��ا هي؟«اآلية، فقال: أنها النخلة، فمنعني أن أتكلم مكان سني، فقال رس��ول الل��ه -

، ويجمع بين هذا وبين م��ا»هي النخلة«صلى الله عليه وسلم-: تقدم أنه -صلى الله عليه وسلم- أتي بالجمار، فشرع في أكل��ه

إلى آخره. ووق��ع عن��د»إن من الشجر شجرة«تاليا لآلية قائال: ابن حبان من رواية عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار

»منعن ابن عم��ر أن الن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- ق��ال: يخبرني عن شجرة مثلها مث��ل الم��ؤمن، أص��لها ث��ابت وفرعه��ا

، ف��ذكر الح��ديث، وه��و يؤي��د رواي��ة ال��بزار. ق��الفي الس��ماء« القرطبي: فوقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ث��ابت، وأن م��ا يص��در عن��ه من العل��وم والخ��ير ق��وت لألرواح مستطاب، وأنه ال يزال مستورا بدينه، وأنه ينتفع بكل ما يصدر

يعني وكذلك النخلة فوائدها ال تحصى حتى بعــدعنه حيا وميتا، انتهى(،موتها.

)وقال غيره: والمراد بكون فرع المؤمن في السماء رفع عملها من طري��ق س��فيان بن حس��ين عن وقبوله. وروى ال��بزار أيض�� أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله -ص��لى

»مث��ل الم��ؤمن مث��ل النخل��ة م��ا أت��اك منه��االله علي��ه وس��لم-: ، هك��ذا أورده مختص��را وإس��ناده ص��حيح، وق��د أفص��حنفع��ك«

بالمقصود بأوجز عب��ارة. وأم��ا من زعم أن موق��ع التش��بيه بين المسلم والنخلة من جهة كون النخلة إذا قطع رأسها م��اتت، أو ألنه��ا ال تحم��ل ح��تى تلقح، أو ألنه��ا تم��وت إذا غ��رقت، أو ألن لطلعها رائحة مني اآلدمي، أو ألنها تعشق، أو ألنها تش��رب من أعاله�ا، فكله��ا أوج��ه ض��عيفة؛ ألن جمي��ع ذل�ك من المش��ابهات

شرح كتاب العلم من صحيح البخاري(167 )

14

يعــني أوجــه الشــبه الــتيمشترك في اآلدميين ال يختص بالمسلم( ذكــرت ال تختص بالمســلم، مشــترك في اآلدمــيين من المســلم وغــيره، ال

تختص بالمسلم. )وأض��عف من ذل��ك ق��ول من زعم أن ذل��ك لكونه��ا خلقت من فضلة طين آدم، ف��إن الح��ديث في ذل��ك لم يثبت، والل��ه أعلم(

، ولكن هــذا»أكرموا عمتكم النخلــة؛ ألنهــا من فضــلة طين آدم«وجاء فيه: الخبر ليس بصحيح.

)وفيه ضرب األمثال واألشباه لزيادة اإلفهام، وتصوير المع��اني لترسخ في الذهن، ولتحديد الفكر في النظر في حكم الحادث��ة، وفيه إشارة إلى أن تش��بيه الش��يء بالش��يء ال يل��زم أن يك��ون

ــزم أن يكــون وجــه الشــبه مطابقنظيره من جميع وجوهه( منا، ال يلــة جميع الوجوه بين المشبه والمشبه به، كما جاء في أول زمرة تدخل الجنــا على صورة القمر، هل يقال: إن هؤالء على صورة القمر تصــويرا متطابق

ما لهم عيون وال؟ ال، إنما في االستدارة واإلضاءة ال من غيرها. )فإن المؤمن ال يماثل��ه ش��يء من الجم��ادات وال يعادل��ه. وفي��ه توقير الكبير وتقديم الصغير أباه في القول، وأنه ال يبادره بم��ا فهمه، وإن ظن أنه الصواب. وفيه أن الع��الم الكب��ير ق��د يخفى

ــد يخفىعليه بعض ما يدركه من هو دونه؛ ألن العلم مواهب( ، وقعلى هذا شيء ويعرف أشياء، ويخفى على هذا أشياء ويعرفها غيره.

)ألن العلم مواهب، والله ي��ؤتي فض��له من يش��اء. واس��تدل ب��ه مالك على أن الخ��واطر ال��تي تق��ع في القلب من محب��ة الثن��اء

ــو تكلمعلى أعمال الخير ال يقدح فيها إذا كان أصلها لله( ، حتى ل ما يقدح؟ في كالم البن القيمأم وأحب أن يمدح ويثنى عليه بما فعل يقدح

.ا شديداوغيره يقدح قدحطالب: .......

ما يخالف، لكن هل محبــة الثنــاء تقــدح أو ال تقــدح؟ األصــل في المســألة،ــه يقــدح، واســتنبط بعضــهم من آخــر ســورة آل عامــة أهــل العلم على أن

ـوا{عمــران: ـ ون أن يحمــدوا بمــا لم يفعل [، أن188 ]آل عمــران: }ويحب مفهومه أنهم إذا أحبوا أن يحمدوا بما فعلوا أن هذا ال يضرهم. سيجيء هذا

كله، بينبه عليه المؤلف.ــول: )إذا ك��ان أص��لها لل��ه، وذل��ك مس��تفاد من تم��ني عم��ريق

المذكور، ووجه تمني عمر -رضي الل��ه عن��ه- م��ا طب��ع اإلنس��ان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده، ولتظهر فض��يلة الول��د في الفهم من صغره، وليزداد من الن�بي -ص��لى الل�ه علي�ه وس�لم- حظوة، ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم، وفيه اإلشارة إلى حقارة الدنيا في عين عمر؛ ألن��ه قاب��ل فهمابنه لمسألة واحدة بحمر النعم مع عظم مقدارها وغالء ثمنها.

فائدة: قال البزار في مسنده: ولم يرو هذا الحديث عن الن��بي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الس��ياق إال ابن عم�ر وح�ده، ولم�ا ذكره الترمذي قال: وفي الب��اب عن أبي هري��رة، وأش��ار ب��ذلك إلى ح���ديث مختص���ر ألبي هري���رة أورده عب���د بن حمي���د في

، وعن��د الترم�ذي»مث�ل الم�ؤمن مث�ل النخل�ة«تفسيره لفظ�ة:

15

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

15

أيضا والنسائي وابن حبان من حديث أنس أن النبي -صلى الله »هيعليه وسلم- قرأ: ومثل كلمة طيب��ة كش��جرة طيب��ة ق��ال:

د برفعه حماد بن سلمة، وقد تق��دم أن في رواي��ة، تفرالنخلة«ر عش��رة. فاس��تفدنا من مجاه��د عن ابن عم��ر أن��ه ك��ان عاش�� مجموع ما ذكرناه أن منهم أبا بكر وعمر وابن عمر وأب��ا هري��رة وأنس بن مالك إن كانا سمعا ما روياه من هذا الحديث في ذلك

.المجلس، والله تعالى أعلم(