األول الفصلديكارت رينيه

.مقدمـــة

وأعماله. حياته

� الديكارتى. المنهج قواعد-أوال

� الميتافيزيقا.-ثانيا كتاب على عامة نظرة -1

الفلســـفة في التـــأمالت».«األولى

المنهجي الشك -2إثبات األول اليقين -3 -

لذات ا وجود الفكر بين التمييز -4

النفس وبين واالمتـــــــداد،والجسم

وطبيعته - وجوده اإلله -5 إلثبات ديكارت مبررات-أ

اإلله. وجود

رينيهاإلله. وجود أدلة-بديكارت

وأشياؤه العالم -6

.خاتمـــة

26

فلسفية تياراتحديثة

ديكارت رينيه (1596 - 1650)

: مقدمـــةUعــرف ،«الحديثــة الفلســفة أبــو» أنــه على ديكــارت ي

والمنهج لنفســه وضــعه الــذي الفلسفي البرنامج ألن وذلك مــع قطيعـة شــكل قـد البرنـامج هذا تحقيق في اتبعه الذي

ــفات ــور فلس ــطى، العص ــدث الوس � وأح ــأثيرا � ت ــا في بالغ فى ديكــارت أن الالحقين. والغــريب المحــدثين الفالســفة

ــه ــأمالت» وهــو األساســي الفلســفي عمل الفلســفة في تــدو ال«األولى ــه يب �، فلســفي هدفــه أن من ــا ــك تمام ألن ذل

وجــود على البرهنــة تتم وفيه» هو للكتاب الفرعي العنوان ال الفــرعي العنوان . هذا«والجسد العقل بين والتمييز الله

� التأمالت ابتك من يجعل � كتابا � بل فلسفيا � كتابا يثبت الهوتيا البعث وبعقيــدة واحــد بإلــه اإليمان والعقيدة، اإليمان صحة

الجســم عن الــروح انفصــال إمكــان يثبت أنــه بمــا والخلود�«التــأمالت» كتاب يكون الشكل بدونه. بهذا وبقائها تــبريرا� يكــون لن وبذلك العقل، طريق عن لإليمان أي عن مختلفــا

الطريق، نفس اتبعت التي الوسطى العصور فلسفات من� ســيكون بل في المســلمين الكالم علمــاء ألعمــال مشــابها

ذلك من العقلية. واألكثر باألدلة اإليمانية العقائد عن الدفاع الالهــوت لمدرســة هذا«التأمالت» كتاب يهدي ديكارت أن

� يستوعب أن المرء على يجب السربون. لكن بجامعة جيـدا علمــاء إلى الكتــاب إهدائه فيو فلسفته في ديكارت دوافع

بالعقل الوصول األساسي ديكارت هدف كان الالهوت. لقد االســتقالل وهــذا الميتافيزيقيــة، األمــور في االستقالل إلى

27

رينيهديكارت ــق ــأن خلي � العقالني والتفكــير العقــل يجعــل ب عن مســتقال

تــزال ال الــوقت ذلــك في الكنيســة الكنيسة. كــانت سلطة أراد ثم ومن الميتافيزيقيــة، والموضــوعات اإليمــان تحتكــر

� العقــل توصــل إمكان يثبت أن ديكارت مبادئــه من انطالقــا ســلطة على االعتمـاد دون العقيــدةو اإليمـان إلى الخاصـة كــان الهــدف دين. وهــذا رجال أو مقدسة كتب من مسبقة

� يحمي كي ثم ومن الــدين، رجــال ثــورة ضده ثيري بأن كفيال� أنفســهم لهــؤالء كتابــه أهدى نفسه ديكارت الحتمــال منعــا

بالرفض. لكتابه مقابلتهم

بل النفس، خلود أو الله وجود يرفض ديكارت يكن لمــأمالت» في العقلى بمنهجــه أثبتهمــا إذ العكس، على .«الت� يرفضه كان وما بطــرق إليهمــا الوصــول إمكــان هــو ضــمنا

فــإن ديكــارت، منهج والبرهــان. فحســب العقل غير أخرى لم مــا شــئ بــأي يســلم لن أنه على تنص قواعده أهم أحد� يكن ــحا � واض ــيزا ــع متم ــحة ويتمت ــة بص ــة عن عقلي طريق

� يعتقـد ديكــارت أن هـذا العقلي. ومعـنى البرهان أن ضـمنا إذ والعقيدة، اإليمان لتقبل تكفي ال المقدس الكتاب سلطة

الفلســفة تكــون وبالتــالي عقلي، برهان إلى حاجة في هما الثــورى المضــمون هــذا أجل إثباتهما. ومن في وأهم أعلى

إلى«التــأمالت» إهــداء على حــرص فقــد ديكارت لفلسفة� الدين رجال ــة معارضته الحتمال واتقاء� منهم تقربا ومواجه

فلسفته.

«التــأمالت» في يهــدف ديكــارت أن من الرغم وعلى يشــكل لم ذلــك أن إال النفس، وخلــود الله وجود إثبات إلى ديكــارت اعتقــد.بكثــير ذلك من أوسع كانت إذ أهدافه، كل ال الحقة المعرفة أن«المنهج عن مقال» لكتاب تأليفه منذ

28

فلسفية تياراتحديثة يمكن وال المتمــايزة، الواضــحة باألفكــار إال تأسيسها يمكن

ــل عن المفكر تخلى إذا إال والتمايز الوضوح إلى الوصول ك أفكــار من اإلنســان يرثــه ما كل ألن ذلك ،المسبقة األفكار

االجتمــــــاعي محيطــــــه أو أســــــالفه طريــــــق عن

� بـل والتمايز، الوضوح فيه يتوافر ال � يكـون مـا غالبـا غامضـا ديكــارت يبــدأ العقل. ولذلك لمحاكمة خضوعه عدم بسبب

فحص بــه يســتطيع منهجي بشــك الحقــة للمعرفة هستأسي بـذاتها واضـحة أولى بدايـة على فووالوق المسبقة األفكار� ويقينية ــارت يمارس وهكذا.(1)للمعرفة ثابتة تكون عقليا ديك

� األول التأمل في �، شكا إلى ينتمي ال ألنــه منهجي وهو منهجياــابت أســاس وجود استحالة إلى التوصل أو المعارف كل رفض ث

في الصــدق عليــه يؤسس أول يقين إلى التوصل إلى بل لليقين ديكــارت إليــه يتوصــل الذي األول اليقين أن المعرفة. والمالحظ

المفكــــــرة الــــــذات وجــــــود هــــــو الشــــــك بعــــــد

� وذلك أفكر، األنا أو ــه إلى يذهب نفسه. إذ الشك من انطالقا أن موجــود: فهــو يفكــر وطالمــا يفكــر، فهو يشك دام ما أن من الــرغم . فعلى«موجــود أنــا إذن أفكــر أنــا إذن أشك أنا»

أن إال النفس، وخلــود اللــه وجود إثبات هو«التأمالت» كتاب هدف�، يسبقهما أول يقين إلى الوصول لديكارت الحقيقي الهدف معــا

طريقهــا وعن أفكــر، األنــا أو الــذات وجــود إثبات هو اليقين وهذا يكن لم أفكــر األنـا هـذا أن منطلــق من اللــه، وجود إثبات يتم

� �، موجودا الوجـود وسـبب لوجوده، سبب فهناك وبالتالى دائما حــادث األنــا وجــود فــإن وهكــذا العــدم، من الخلــق في يتمثل

الفكــر في أن اإللــه. كمــا وهــو خــالق إلى حاجــة وفي ومخلوق

1 (?) Richard Schacht, Classical Modern Philosophers,

Descartes to Kant (London: Routledge and Kegan Paul, 1984),

PP. 3-5.

29

رينيهــايزة واضــحة فكــرة اإلنســانيديكارت ــال، عن متم ــا الكم أن وبم

� ليس اإلنسان فكــرة مصــدر هــو يكــون أن يمكن فال كــامال مصدر هو كامل كائن هناك يكون أن يجب وبالتالي الكمال،

ديكارت يتوصل اإلله. وهكذا وهو اإلنسان لدى الفكرة هذه هــو األنــا. وهــذا وجــود طريــق عن اللــه وجــود إثبــات إلى

ــا يجعــل ذإ ديكــارت، فلســفة في الثــورى الجــانب هي األن اللـه. وجـود إلثبـات بهـا يبـدأ التي األولى والنقطة األساســا وجــود أن هــذا ومعــنى يتمتــع الــذي األول اليقين هــو األن اللــه وجــود يكــون ثم والمعقوليــة، الصــدق درجات بأقصى

� � تاليا فلســفات عن ديكــارت فلسفة اختلفت له. وهنا وتابعا منطلقــة العالم وجود من تبدأ كانت التي الوسطى العصور

يســمى مــا وهــو العــالم، لهــذا خــالق وجــود إثبات إلى منه العــالم وجود في ديكارت شك الكوزمولوجي. لكن بالدليل

وجود ألن طريقه عن الله وجود إثبات إمكان في يعتقد ولم أو أفكر أنالا به تتمتع الذي والوضوح باليقين يتمتع ال العالم

اليقين باعتبــاره األنـا وجود ديكارت وضع الكوجيتو. وعندما� كان ذاته اإلله وجود عليه يؤسس الذي األول لثــورة محــدثا

ــر في ــان إذ األوربي، الفك ــذلك ك � ب ــا ــر مفتتح يعطى لعص شـــأن من ويعلي اإلنســـانية وللـــذات لإلنســـان األولويـــة الهـوت في حضـور لهـا يكن لم الـتي األفكـار تلك الفردية، في اإلنســانية الذاتيــة فيهــا غــابت والتي الوسطى العصورالهوتية. أنساق

وأعماله: حياته في1596 ســنة مــارس31 في ديكــارت هيــرين ولــد

إلى أصلها في ترجع كانت أسرته لكن بفرنسا، الهي مدينة حيث النبالء، صــغار من أســرة لىإ ديكــارت هولندا. ينتمي

30

فلسفية تياراتحديثة � أبوه عمل ــا إقليم برلمــان في مستشارا الفرنســي. بريتاني

�، ألبيه جده وكان � ألمه وجده طبيبا اتيه. وفيوب إلقليم حاكماLa الفلشـي بمدرسـة ديكـارت التحـق1604 سنة Fliche، تلقى وقــد باليسوعية، تسمى دينية طائفة ىلإ تنتمي وهي

� فيها ديكارت � تعليما �يراق فلسفيا في األنــواع أرقى من يعد ا� الفلسفة ثم األدب، تعلم في ديكارت فيها وبدأ أوربا وأخيرا

ــاء. وتخــرج الرياضــيات ــة من ديكــارت والفيزي ســنة الكلي1612� الـــديني القـــانون في الليســـانس شـــهادة حـــامال

.(1)1616 سنة اتيهوب جامعة من والمدني

أبـــوه نصـــحه العصـــر، ذلـــك في النبالء عـــادة وعلى أفضــل الجيش هــذا كــان إذ الهولنــدي، بــالجيش بااللتحــاق

� أوروبا جيوش حربيــة مدرســة يشـكل وكـان وخـبرة، نظاما ديكــارت رحــل الحرب. وبالفعــل فن يتعلم أن أراد من لكل هولنــدي طــبيب على هنــاك وتعرف1618 سنة هولندا إلى

� وكــان بيكمــان، اسحق يدعى وشــجعه العلــوم، في متبحــرا اكانــو بينهما، الربط وعلى والرياضيات الفيزياء دراسة على

� يمارسان الرياضــيات تطبــق البحث في جديــدة طريقة معا وقــد الرياضــيات، إلى الميتافيزيقــا وتــرد الميتافيزيقا، على الفكــري ديكــارت تطـور في الأثــر أبلــغ الطريقـة لهذه كان لن الفلسـفي ومذهبـه منهجـه أن إذ فلسـفته، تشكيل وفي

� يختلف .(2)هذه البحث طريقة عن كثيرا

ألمانيــا، إلى وذهب1619 ســنة هولنــدا ديكارت غادر ووضـع بهـا اشـتهر الـتي التحليليـة الهندسة اكتشف وهناك

.81-77 ص المنهج، عن ديكارت: المقال(?)1.88-82 السابق: ص المرجع(?)2

31

رينيهديكارت في بدأ1620 سنة الفلسفي. وفي منهجه قواعد على يده

� الســفر تســع لمــدة األوربيــة المــدن من العديــد بين متنقال عليــه وعــرض أمــه، عن ورثها التي أمالكه باع وفيها سنين،

ديكــارت فرفض عسكري حاكم وظيفة له يشتري أن أبوه فرنســا غادر1628 سنة العزلة. وفي حياة يعيش أن ثرآو

حياته. والــذي من كبيرة فترة فيها قضى حيث هولندا إلى وأغــنى أقــوى من آنــذاك كــانت أنهــا هولنــدا يفضــل جعله

� وأكثرها الأوروبية الدول والفنون. وفي العلوم في ازدهارا Le العــالم» رســالته كتابــة في ديكــارت بــدأ1629 ســنة

Monde»التي النتائج أساس على الطبيعة في يبحث وفيها ــل ــا توص ــوس إليه ــ كوبرنيق ــ روكبل ــام في ليليواوج النظ

أن حــدث لكن الشــمس، حــول الأرض ودوران ىالشمســ جــاليليو الإيطــالي العالم روما في التفتيش محكمة أدانت� ،1633 سنة إلى الجديــدة جاليليو آراء تؤدي أن من خوفا

ــقوط ــاد س ــديم االعتق ــأن الق ــة الأرض ب ــون في ثابت الك أن ديكــارت خشــى وعندئذ حولها تدور والكواكب والنجوم

الرســالة يكمــل ملف جــاليليو، مصــير نفس مصــيره يكون على وعــــــــزم أوراقهــــــــا يحــــــــرق أن وكــــــــاد

.(1)الإطالق على شئ أي يكتب أال

ــيتو أن يمكن ال أنه ديكارت أدرك ما سرعان لكن فق� الكتابة عن ينتشــر صــيته بــدأ الــذي الفيلســوف وهــو نهائيا

عكــف فلســفته لمعرفة نويتشوق الناس أن أحس وعندما كلهــا تــدور رســائل ثالث وأخــرج أخــرى، مــرة الكتابة على انكســار عن وهي والطبيعيــة الرياضــية الموضــوعات حول

صــغير بمقــال لهــا وقدم والهندسة، الجوية واألنواء األشعة

.100-89 السابق: ص المرجع(?)1

32

فلسفية تياراتحديثة خــوف حــد وبلــغ1636 ســنة«المنهج عن المقــال» وهــو

الغالف. على اســمه يكتب أن دون الكتاب طبع أن ديكارتــررو ــارت ق ــع أن ديك � يض ــذهبا ــفة م ــه للفلس على ويطبق

ــا ــأخرج الميتافيزيق ــنة ف ــاب1641 س ــأمالت» كت في الت إلـــيزابيث األمـــيرة إلى أهـــداه الـــذي«األولى الفلســـفةــة � راســلها الــتي البالتيني ــيرا فلســفته لهــا يشــرح وأخــذ كث

ذاعت والسياســـة. وعنـــدما األخالق أمـــور في ويناقشـــها� فرنسا ملك له وضع هرتشه � راتبــا آالف بثالثــة يقــدر ســنويا

� منه يتلق لم لكنه1647 سنة جنيه العزلة. حياة ثرآ إذ شيئا ناقشــته الــتي الســويد ملكــة على تعــرف1648 سنة وفي

� على وأصرت الرسائل، من سلسلة عبر فلسفته في طويال� ليكــون للســويد دعوته وشــئون الحكم إدارة في لهــا عونــا اســتوكهلم إلى سافر الدعوة قبل وعندما كمستشار، البالد

عليــه تــتردد الملكــة . وكــانت1649 ســنة الســويد عاصمة� للســويد البــارد الطقس لكن فلسفته، في لمناقشته طويال

� يكن لم فــرفض رئــوي، بالتهــاب فأصــيب لصــحته، مناســبا اشــتد وعنــدما بنفســه، نفســه يعالج أن وآثر األطباء نصائح.1650 سنة فبراير11 في توفى المرض عليه

� الديكارتي: المنهج قواعد- أوالــدما لينــدهش ديكــارت فلســفة دارس إن أن يعلم عن الرياضيات بل الفلسفة يكن لم األساسي ديكارت تخصص يالحــظ أعمالــه لمجمــ على فــالمطلع.والبصريات والجبر

القطــع من مجلــدات ســت تعــد مجلــدات عــدة تشكل أنها� تنصب الطبعات، بعض في الكبير الموضوعات على أساسا

اشتهر التي الفلسفية أعماله تحتل وال والهندسية الرياضية ضـــــــــــــئيل جـــــــــــــزء ســـــــــــــوى بهـــــــــــــا

33

رينيهديكارت � ديكارت كان مجلد. لقد نصف إلى يصل يكاد ال ــيا في رياض

� يكن ولم األســـاس، من فراغـــه أوقـــات في إال فيلســـوفا� الصغير الفلسفي الجزء هذا الرياضية. لكن دراساته نســبيا

الــذي وهــو كفيلســوف شــهرته في السبب هو مؤلفاته من الجــزء أن هــذا الحديثة. ومعنى الفلسفة مؤسس منه صنع

� يعــد أعمالــه من الفلســفي الرياضــية أعمالــه على ملحقــا هندســي. رياضــي متن على فلســفي هامش أو األساسية،

درجــة شــهد الــذي ديكارت أن إلى ذلك في السبب ويرجع دقة من عصره في الرياضيات حققته الذي المذهل النجاح نفس إلى تصل أن للفلسفة أراد التام النتائج ويقين المنهج الرياضــيات وصــلته الــذي المطلق واليقين المنهجية الدقة

�. ويتمثــل هــو يديه وعلى عصره في ديكــارت تــأثر شخصــيا إلى الوصــول نحــو سعيه في فلسفته في الرياضي بالمنهج

فلســفته عليهــا يؤســس بــذاتها واضــحة يقينيــة أولى نقطةــه بالنسبة كان أفكر األنا فهذا.أفكر األنا وجود وهي كلها، ل

لكــل تؤســس الــتي الرياضيات بمبادئ الشبيه األول المبدأــات ديكــارت يســير عليهــا. كمــا التاليــة الرياضــية المبرهن

مذهبـه في ياتضـالريا في السـائدة االستنباطية بالطريقةــالم اإلله وجود يستنبط حيث الفلسفي ــود والع النفس وخل

أفكر. األنا وجود من

في اليقين إلى الوصــــول محاولــــة نأ والحقيقــــة الطريقة باتباع يسير سهل والفيزيائية العلمية الموضوعات للموضـــوعات بالنســـبة كـــذلك ليس لكنـــه الرياضـــية،

موضــوعات مــع مباشــرة التعامــل يمكن الميتافيزيقية. فال كان الرياضية. وقد بالطريقة النفس وخلود اإلله وجود مثل

� ديكارت دراســة يبــدأ لم أنــه إذ نفســه، مــع ذلك في صادقا

34

فلسفية تياراتحديثة الشــك موضــع كلهــا وضــعها بل مباشرة، الموضوعات هذه

في ديكــارت البدايــة. يقــول منــذ عليهــا الحكم عن وتوقف إلى الوصـــول مقـــدوري في يكن لم وإذا»األول: التأمـــل على مقدوري في هو ما أفعل أن يكنلف حقيقة، أي معرفة

أي أعطي أن وأتجنب حكم، كـــل عن التوقـــف أي األقـــل،.(1)«باطل شئ ألي مصداقية

الفلســفة في منهج وضــع في ديكــارت فكــر وعنــدما والهندســي. الرياضــي التفكــير أسلوب أساس على أقامه الــتي الأربعــة المنهج لقواعــد الحقيقي المعــنى هــو وهــذا

القاعـــدة . تنص«المنهج عن قـــالم» كتابـــه في هاضـــعو� أقبل أال» على الأولى � أعرف لم ما حق أنه على شيئا يقينا

إلى الســبق و التهــور، بعنايــة أتجنب أن بمعــنى كذلك، أنه يتمثــل مــا إال أحكــامي في أدخــل وأال النظــر، قبــل الحكم

مجــال أي لــدي يكون ال بحيث وتميز، جالء في عقلي أمام بقاعــدة القاعــدة هــذ وتســمى(2)«الشــك موضــع لوضعهــه يتطــرق ال بسيط بديهي يقين إلى تدخل لأنها اليقين، إلي

من الرياضــية بالهندســة القاعدة هذه ارتباط شك. ويتضح هــو عنــده فــاليقين عليهــا، ديكــارت يضــربها الــتي الأمثال أضـالع، ثالث من المكــون الشـكل هـو المثلث بــأن القول

يهــدف وال... متســاويان ثــالث لشــئ المســاويان وأن

1 (?) Descartes, “Meditations on Metaphysics”, in the

philosophical works of Descartes, Translated by Elizabeth

Haldane and G.R.T. Ross (London: Cambridge University

Press, 1975), vol. I, P. 148. محمـــود ترجمـــة النهج، عن ديكـــارت: المقـــال(?)2

، حلمي مصــطفى وتقــديم: د. محمــد مراجعة الخضيري،.190 ص ،1985 القاهرة للكتاب، العامة المصرية الهيئة

35

رينيه الهندســة أو الرياضــيات تأسيس القاعدة هذه من ديكارتديكارت

ــة، أســس على ــك يقيني ــا ذل اليقين على مؤسســان لأنهمــل، ــل بالفعـ ــ بـ ــتعارة فديهـ ــذا اسـ ــي اليقين هـ الرياضـ

وعنــدما.الفلســفة موضــوعات على لتطبيقــه والهندســي� باعتبارهــا تبــدأ الفلســفة على القاعــدة هــذه نطبــق شــكا

،� � أقبل أال» على تنص لأنها ذلك منهجيا حــق أنــه على شيئاــا ــه يقين على أكن لم م ــذلك أن ــدة فنص ،«ك ــدأ القاع يب

�، يقبــل بــأال أي بالسلب، هــو الــذي الشــك هــو وهــذا شــيئا ديكارت. ومعنى عند الفلسفي المنهج في الأولى الخطوة

مناســبتها تتم وعنــدما وكليــة، عامــة المنهج قواعد أن هذا تنقسم بالفلسفة خاص منهج لوضع الفلسفة كموضوعات

الشــك هي الأولى الخطــوة خطوتين، إلى الأولى القاعدة� شــئ كــل في � شــكا أول. يقين إلى منهــا للوصــول منهجيــا

هــذا من طلــقين العــالم، وجود في ديكارت يشك أن فبعد يتضمن الشك أن وهو يقين أول إلى ليتوصل نفسه الشك

�: أنــا يكون أن يجب يفكر الذي والشخص التفكير، موجوداموجود. أنا إذن أفكر أنا إذن أشك

ــدة كل أقسم أن» على الثانية القاعدة وتنص من واح المستطاع، قدر على أجزاء إلى سأختبرها التي المعضالت

وتســـمى(1 )«ذلك على حلها إلى الحاجة تدعو ما قدر علىــة: القاعدة التحليل. وتقول بقاعدة القاعدة هذه أن»الثالث

ير س�U � بنظام، أفكاري أ معرفــة، أســهلهاو األمور بأبسط بادئا

� أتدرج كي � قليال �، أكثرا معرف إلى أصل حتى قليال ــل ترتيبا ب� أفرض وأن اآلخــر بعضــها يســبق ال الــتي األمــور بين ترتيبا

.191 السابق: ص المرجع(?)1

36

فلسفية تياراتحديثة ــتركيب. بقاعــدة الثالثة القاعدة هذه وتسمى(2 )«بالطبع ال

أجــري أن» على تنص فهي واألخــيرة الرابعــة القاعــدة أماــات اإلحصــاءات األحــوال كــل في ــا الشــاملة والمراجع م

ىأنــــــــــــــن من ثقــــــــــــــة على يجعلــــــــــــــني� أغفل لم التام. ءباالستقرا القاعدة هذه وتسمى ،«شيئا

يقين من الأربعــة المنهج قواعــد أن كيــف بــذلك نرى طريقــة نفســها هي ءاســتقرا أو ومراجعة وتركيب وتحليل

يحــاول وهــو والهندســة، الرياضــيات في المتبعــة التفكــير في الوصــول أراد لأنــه الفلســفة موضوعات على تطبيقها

لتصــو الــذي واليقين الوضــوح درجــة نفس إلى الفلسفةــه � الرياضــيات إلي ــا ــل عن والهندســة. ورغم ــك ك ــإن ذل ف

ديكــارت محاولـة هو: هل الآن نفسه يطرح الذي التساؤل مــبررة والهندســي الرياضــي التفكــير طريقــة تطــبيق

علم منهج اســتعارة يمكن وهــل الفلسفة؟ في ومشروعة المـــادة في عنـــه يختلـــف آخـــر علم على لتطبيقـــه مـــا

شــيئان والفلسفة الرياضيات إن والقضايا؟ والموضوعاتــه ديكارت مبرر هو فما النقيض، طرفي على منهج لتطبيق

الفلسفة؟ على الرياضيات

نفســه الرياضــي المنهج يطبق ال ديكارت أن الحقيقة الرياضــيات، في التفكــير طريقــة يطبق بل الفلسفة على البــدء طريقــة التبــع فهو الرياضي المنهج يستعير كان فإذا

ــديهيات ــلمات بالب ــروضو والمس ــق الف ــا والنطل إلى منه فعــل قــد كــان ولــو ،ضرورة� عنها تلزم قضايا ثم مبرهنات

ــك ــا ذل ــه لرأين ــذ الفلســفية مؤلفات االســتنباط شــكل تأخ

.192 السابق: ص المرجع(?)2

37

رينيه االســتنباط طريقــة تظهــر ال الرياضــي. لكن والبرهــانديكارت

ــي ــفة في الرياض ــارت، فلس ــل ديك ــا وك ــتعيره م من يس وحســب. فيهــا المتبعــة التفكــير طريقــة هــو الرياضــيات

لم والتي الهندسي الرياضي البرهان طريقة أن والمالحظ كمــا هارجــذافيب سبينوزا بعده من اتبعها قد ديكارت يتبعها ســبينوزا. بفلســفة الخــاص التــالي الفصل في نرى سوف ديكــارت، من أبعــد خطــوة ســار قــد سبينوزا يكون وبذلك

الرياضيات في التفكير طريقة مجرد اتبع ديكارت لأن ذلكــتي ــل وال ــد في تتمث ــة: القواع ،الوضــوح أو اليقينالأربع

ديكــارت رفضــه وما التام، ءواالستقرا والتركيب والتحليل ثم ومصــادرات تعريفــات من الهندسي المنهج تطبيق وهو

نجــد ســبينوزا تبنــاه قــد منهــا مســتنبطة وقضايا مبرهنات جرأة أكثر سبينوزا يكون نرى. وهكذا سوف كما بحذافيرهــة ــارت من وثوري ــذي ديك ــف ال ــد وق ــدود عن ــير ح التفك

ــي ــة إلى يصـــل ولم فقـــط الرياضـ ــبيق درجـ المنهج تطـالفلسفة. في نفسه الهندسي الرياضي

� - الميتافيزيقا: ثانيا

في التأمالت» كتاب على عامة نظرة -1:«األولى الفلسفة

ــاب ينقســم ــأمالت» كت إلى«الأولى الفلســفة في التــتة ــأمالت. في س ــل ت ــق الأول التأم ــارت يطب ــه ديك نظرت

يجب التي الأشياء فيه ويتناول الشك، وهي الأولى المنهجية إلى ويصــل الشــك، لهــذا ومبرراتــه الشك، موضع توضع أن

يقين أول إلى يصــل الثــاني التأمــل وفي.(1)شــئ كــل في الشك

1 (?) Descartes: “Meditations on Metaphysics”, in the

38

فلسفية تياراتحديثة الفكــر وجود وهو الشك وةطخ بعد نفسه يقدم بذاته واضح

ــيزه الإنســاني، العقــل أو ــذهب الجســد عن ويم أن إلى وي يثبت أن الجسـد. وبعـد معرفـة من وأوضـح أيسـر معرفتـه إثبـات إلى الثـالث التأمـل في ينتقـل الفكـر وجـود ديكارت

التأمــل وفي.(1)وجــوده على بــراهين ثالثة إله. ويقدمال وجود والكــــــــــذب الصــــــــــدق بين مــــــــــيزي الرابــــــــــع

التفصيل من بمزيد يشرح وفيه الوضوح، وعدم الوضوح أو النفس بين العالقــة حــول والثــاني الأول التأمل موضوعات بعض

الأشياء ماهية يتناول الخامس التأمل الإله. وفي وحول والجسد الـروح الإلـه ماهيـة وأن االمتـداد، ماهيتهـا بأن ويقر المادية، بين الشــهيرة ديكــارت ثنائيــة التأمل هذا في وتظهر والفكر،

الســادس التأمــل متمايزين. وفي جوهرين وأنهما واالمتداد الفكر بين ويمـيز زائلـة، أنهـا ويثبت الماديـة الأشـياء وجـود يتناولــد، النفس ــد أن ويثبت والجسـ ــاني الجسـ ــدة والنفس فـ .(2)خالـ

المنهجي فالشــك متداخلــة، الســتة التــأمالت هذه أن والحقيقة تأمــل كــل في الظهــور يعاود الأول أملتال في يتناوله الذي

والجســـد النفس بين التميـــيز في يســـتخدمه إذ تـــالي، كمال في شكه أساس على الممتد، والجوهر الفكري والجوهر

وجــود الممتــدة. وإثبــات للأشــياء الحقيقي الوجود وفي الجسد التأمـل في الظهـور يعـاود الثـالث التأمل في يظهر الذي الله

ــدما الخــامس ــة ســرويف يشــرح عن ــه طبيع ــة الإل الروحي والنفس واالمتــداد الفكــر بين الشــهيرة والفكريــة. وثنائياتــه

ــاول نســتطيع ثم التأمالت. ومن كل عبر تتكرر والجسد تن وتنســيق تــرتيب بإقامــة التــأمالت كتــاب في ديكارت فلسفة

Philosophical works of Descartes, op. cit., P. 144.1 (?) Ibid: P. 157.2 (?) Ibid: P. 185.

39

رينيهديكارت السـتة، التـأمالت على الجذريـة الموضـوعات هـذه كل بين

نتنــاول ثم المنهجي، الشــك وهي الأولى بــالخطوة فنبــدأــيزه ــداد والفكــر والجســد النفس بين تمي موضــحين واالمت ثم المفكــرة الــذات وجــود إثبــات وهــو الأول اليقين بــذلكوطبيعته. وجوده وإثبات الإله عن قاله ما كل نتناول

المنهجي: الشك -2 كوســيلة اإل يســتخدمه ال ديكــارت ألن منهجي وهــو

� الشــك يأخذ وال بذاته، واضح أول يقين إلى للوصول موقفــا أن يمكن ما كل إلى النظر يجب»ديكارت: له. يقول نهائيا

ــع ــ ــ ــع يوض ــ ــ ــك موض ــ ــ ــه على الش ــ ــ ــف أن ــ ــ .(1)«زائ كل بزيف أو شئ، كل بزيف الحكم بذلك ديكارت يقصد وال على شئ بأي يقبل لن أنه يقصد بل الشك، محل يوضع ما يســتطيع الــذي الشــك، المتحــان يخضع لم ما ىحقيق أنه يذهب عقلي. وهو برهان طريق عن يقيني شئ إلى الوصول به

كثــيرة أشــياء ويقين صحة من التأكد من نتمكن سوف أننا إلى إال ذلــك وليس الشــك، خطــوة نمــارس أن بعد العلوم ومنها والوضـوح اليقين من أسـس على تأسيسـها من تمكنـا ألننـا

العلــوم كــل الشــك موضــع يضع عندما فهو العقلي. ولذلكــا ــ ــا بمـ ــ ــية فيهـ ــ ــية الرياضـ ــ ــك فليس والهندسـ ــ ذلـ

ــة يقينية أسس على تأسيسها بغرض إال واضحة. والحقيق يثبت حيث الرابــع، التأمــل من ابتــداء بالفعــل بذلك يقوم أنه

واضــحة فكــرة العقل في أنه منطلق من الطبيعي العلم يقينالطبيعي. العالم جوهر هو الذي االمتداد عن ويقينية ومتمايزة

الشــك محــل كثــيرة أخــرى أشــياء� ديكــارت يضع لكن

1 (?) Ibid, P. 219.

40

فلسفية تياراتحديثة � يستبعدها وبالتالي االختبار هذا في وتسقط ــا ــا تمام لم ألنه

. ومنهيبتغي الذي والتمايز والوضوح اليقين درجة إلى تصلــذه ــياء هـ ــا كـــل األشـ ــاه مـ ــواء تعلمنـ ــواس من سـ الحـ

من الحــواس بــه تىتــأ مــا كــل يرفض أنه أي خاللها، من أو وهذا معرفية كأداة نفسه الحسي اإلدراك ويرفض إدراكات عن وكــذلك الخــارجي العــالم عن نعرفــه شــئ كل يتضمن�. وهو باعتبارنا أنفسنا ألنهــا الحــواس شهادة يرفض أجسادا� � تخطئ، ما دائما أو لألوهام عرضة الحواس تكون ما ودائما

أنــه إلى ذلــك في ديكــارت ويــذهب الخاطئــة، االعتقــاداتــدة لمرة ولو خدعنا الذى في نثق أال الحكمة من» .(1)«واح

فكيــف أحيــان في ثقــة محل تكن لم الحواس أن ثبت فإذا يقدمــه آخــر ســبب وهناك األحيان؟ كل في بها نثق نأ لنا

ــه وهو الحواس، في الثقة لعدم ديكارت ــو أن نكتشــف لم ل ال أننــا أدرانــا فمـا بهـذا ونسـلم بــالحواس ننخــدع أننا

يراها كأنه أشياء يشاهد الحلم في المرء ألن ذلك نحلم؟ الممكن فمن وبالتــالي كــذلك، ليست أنها حين في الحقيقة على

� والحالم كبير حلم به ونحس نراه ما كل يكون أن مــا غالبا حلم في نكــون نأ الممكن فمن وبالتــالي يحلم أنه يعلم ال

ذلك. نعلم ال ونحن

الحســاب حقــائق تناول إلى ذلك بعد ديكارت يأتي ثم� ننحيها أن يجب أننا إلى ويذهب والهندسة الــرغم على جانبا

أن القائلة الحقيقة أنه حتى تمايز،و وضوح من فيها هو مما أربــع لــه مــا هــو المربع وأن خمسة تساوي ثالثة زائد اثنين

يكـون أن الممكن فمن الشـك، من محميـة ليسـت أضـالعــاك ــاكر شــيطان هن ــو م ــذي ه ــذه لي أوحى ال األشــياء به

1 (?) Ibid: P. 145.

41

رينيه ديكــارت يهوينت كــذلك، ليســت وهي حقــائق أنها وأوهمنيديكارت

ــول إلى ــه الق ــاك ليس» بأن ــئ أي هن ــده كنت ش في أعتق الشك.. وذلــك موضع أضعه أن يمكن ال حقيقي أنه السابق

اـلذي ديكارت أن والحقيقة.(1)«ومعتبرة قوية أسباب على بناء أســاس على األول التأمل في والهندسة الحساب حقائق في شك

التأمــل في إال إثباتهمــا إلى يعــود لن الماكر الشيطان افتراضــع يتركه لن العادل الرحيم اإلله أن يثبت عندما الرابع يخض

أشــياء في يثــقو ينخدع يجعله ولن الشيطان هذا لسلطةالثالث. التأمل في اإلله وجود يثبت أن بعد وذلك باطلة

الذات: وجود - إثبات األول اليقين- 3 ديكــارت يبــدأ وفيــه الثــاني، التأمــل موضوع هو وهذا

ــتي النقطــة من ــدها انتهى ال �: الأول، التأمــل في عن ــائال ق أصــل الشك.. حــتى من قليل فيه ما كل بتنحية سأستمر»

يتوصــل الــذي اليقيــني الشــئ هــذا هو ما.(2)«يقيني شئ إلى كــان ولــو حــتى أنه إلى ديكارت يذهب الشك؟ بعد ديكارت إليه

�،حصــ ماكر شيطان وجود افتراض هــذا كــان لــو حــتىو يحا ال عــالم وجــود لــه يصــور بــأن يخدعه الماكر الشيطان المـــــاكر الشـــــيطان هـــــذا فـــــإن لـــــه، وجـــــود

يصور أن يمكن فال ذاته، وجوده في يخدعه أن يمكن ال�. وبــذلك ليس أنه حين في موجود أنه له يتوصــل موجــودا

يشــعر أنــه ويقــول الــذات، وجــود وهــو يقين أول إلى ديكــارت ديكــارت موجود. ويســتخدم فهو وبالتالي وبهويته بوجوده

يمكننا ال»يقول: إذ«الفلسفة مبادئ» في شبيهة حجة الــذي الكــائن لأن ذلــك ،«الشــك عملية أثناء وجودها في الشك

1 (?) Ibid: PP. 147-148.2 (?) Ibid: P. 149.

42

فلسفية تياراتحديثة � يكــون أن يجب يشك من لأن ذلــك» البدايــة، في موجــودا

يفكــــــــر الــــــــذي أن في االعتقــــــــاد التنــــــــاقض

على دليــل ذاتــه حــد في فــالتفكير ،«التفكــير أثنــاء يوجد ال أفكــر، )أنــا القائــل االســتنتاج هذا» تفكر، التي الذات وجود,Cogito موجود أنا إذن erg osumعلى يقيــني شئ أول ( هو

.(1)«الإطالق

النتيجــة هــذه تأكيــد إلى ينطلــق ديكارت أن والحقيقة أو واألحــوال، الجــوهر بين التقليديــة العالقــة أســاس على

ال التقليديــة العالقــة هــذه فحســب والمحمــول، الموضــوعــون أن يمكن ــاك تك ــوال هن ــوهر دون أح ــه، تحمــل ج علي

بدون المنطقي بالمعنى محمول، هناك يكون أن يمكن وال بهــذا قــائم دون فعــل هنــاك يكــون أن يمكن وال موضــوع،

محــل أو فاعــل لــه يكــون أن يجب فعل والتفكير.(2)الفعل وهكــذا.المفكــرة الــذات وهو به يقوم شئ أو فيه يحدث

خلفهــا تكمن ديكــارت بهــا أتى التي الفلسفية الثورة أن نرى الفلســفة. هــذا في القديمــة ةالتقليديــ االتجاهــات بعض

واقعــة من أي الوجود، إلى الفكر من االنطالق أن إلى بالإضافة الــواقعي، بوجــوده القطــع إلى الفكــر في مــا شــئ حضــور

� هــو الكامــل، الإلــه فكــرة مــع ديكــارت سيفعل مثلما أيضــا فالســفة إلى يصل القدم في موغل تقليدي فلسفي اعتقاد

.بارمنيدس رأسهم وعلى سقراط قبل ما

هــذه وجــود طبيعــة عن ذلــك بعــد ديكــارت ويتســاءلــذهب والواضح، اليقيني وجودها اكتشف التي الذات إلى وي

1 (?) Descartes: “Principles of Philosophy” in the Philosophical

works of Descartes, P. 221.2 (?) Richard Schacht: op. cit, PP. 8 – 12.

43

رينيهديكارت �، باعتبــاره نفســه يدرك أنه � أي جســما إلحساســات ممتلكــا

الشــك يمكن أنه من الرغم ومشاعر. وعلى ورغبات معينة أنه إال أوهام، مجرد تكون أن يمكن إذ الحسية، األشياء في

وعي على حاصــــــل المــــــرء أن في الشــــــك يمكن ال وال وحاضـر موجـود ذاته حد في الوعي وهذا باإلحساسات،

�. ويتوصــل يكون أن يمكن أن إلى ذلــك من ديكــارت وهمــا اإلحســاس ألن ذلــك الفكر، من يأتي نفسه بالجسد الوعي

ــه المرء يدركها فكرية عناصر كلها والمشاعر والرغبة بفهمــه، ــارت وينتهي وعقل ــول إلى ديك ــأن الق ــذات ب ــد ال توج� باعتبارها � شيئا نفســه هــو يعــد خــالص فكــر أي ،(1)مفكرا

� ديكارت يقف الجسدية. لكن بالحاالت الوعي أساس على طويال الجســمية، األشــياء وبكــل بالجســد، مرتبــط خــرآ مفهــوم

� أمتلك ويتساءل: هل ممتد، لجسد امتالكي بفضل بذاتي وعيا� تشغل أبعاد ذي أي ــالنفي، ويجيب الفــراغ؟ من حيزا ألن ذلــك ب

على يعتمد ال اإلنساني الجسم فيه بما الممتد، الشئ إدراك� الفكــر. ويضــرب على بل الحواس من بقطعــة ذلــك على مثــاال

وملمس، ولــون معين شــكل لهــا القطعــة الشــمع. فهــذه وملمســها شــكلها ويتغير تذوب للحرارة تتعرض وعندما بــل الوجــود عن كفت أو اختفت أنهــا هــذا معــنى وليس ولونهــا،

أنهـا الفكــر فعـر باقيــة. كيــف أنهـا يعـرف الفكــر يظـلــة ــرغم على باقي ــا؟ من ال ــرف تغيره ــك يع ــا من ذل كونه

� تزال ال �. ومعنى شيئا ــون أو شــكلال ال أنه هذا ممتدا أو الل ،الفكــر في ثابتــة شــئ هويــة إبقــاء على قــادر الملمس� ليس االمتــداد ذلك. هذا على القادر هو وحده واالمتداد شــيئا

شــئ هـو بل والرائحة والملمس اللون مثل الحواس تتلقاه

1 (?) Descartes: “Meditations”, P. 152.

44

فلسفية تياراتحديثة ــة يدرك ال الفكر أن هذا ومعنى.(1)وحده بالفكر يدرك ماهي

فكــرة من بــل منهــا يتلقاهــا الــتي اإلحساســات من المادة مــا كــل ماهية أنها على مباشرة الفكر يدركها التي االمتداد

اإلنساني. الجسم فيه بما جسمي هو

النفس وبين واالمتداد، الفكر بين التمييز -4والجسم: والمتمايزة، الواضحة األفكار في تهنظري أساس على

يتمتع وتمايز بوضوح العقل يدركه ما أن إلى ديكارت يذهب� بحقيقة � وواقعا � العقــل يدركــه مــا يفــوق موضــوعيا غامضــا

�. وعندما واألجســام المــادة عن أفكاره في يبحث ومختلطا ألن ذلــك واضــحة، ليســت عنهــا أفكــاره أن يــدرك الماديــة� وهي الحسي واإلدراك الحواس األفكار هذه مصدر ما غالبا� للزيف وتتعرض المعرفة في تخطئ ألن واألوهــام. ونظــرا

ــارت ــك ديك ــدرة في يش ــي اإلدراك ق ــداده على الحس إم� فهو يقينية واضحة بمعرفة الحصــول إمكــان في يشك أيضا

الحســي اإلدراك هــذا موضــوعات عن واضــحة أفكــار على� الحسي اإلدراك فموضوعات.(2)والجسد المادة مثل ــا دائم

مثل والتحول، التغير دائمة فهي بطبيعتها، مختلفة تكون ما فيمـا شـرحناه والـذي يسـتخدمه الـذي الشمع قطعة مثال

أيســر الفكــر معرفــة بأن القول إلى ديكارت سبق. وينتهي وأوضـح أيسـر النفس ومعرفـة المـادة، معرفة من وأوضح

اإلنســان على اليســير من ألنــه ذلــك الجســد، معرفــة من هــو فــالفكر فكرية، عمليات من عقله في يدور ما مالحظة ملحــق ســوى الجســد ومــا لإلنســان، األساســي النشــاط

1 (?) Ibid: PP. 154-156.2 (?) Ibid: P. 157.

45

رينيه ويقين بوضــوح يعرف نفسه الجسد نأ كما والفكر، بالعقلديكارت

لمعرفـة الجسـد اسـتعملنا إذا أمـا ذاتـه، الفكـر طريق عن اســتخدامنا مثــل األوهــام، في ونقع نخطئ فسوف الجسد الجسد عن نعرفه ما أجسادنا. كل لمعرفة الحسي لإلدراك

إحساســات من العقــل في يثــار مــا أي عقليــة،ال آثــاره هــو ومن الجســد، يعــرف الذي هو فالعقل وانفعاالت. وبالتالي

الجسد. على األولوية له فإنه هنا

على والجســد النفس بين تميــيزه ديكــارت ويؤســســه أســاس ــة نظريت �متمــايز العقــل يدركــه مــا أن القائل أو ا� � الحقيقــة على يوجــد اآلخــر عن منفصال �. متمــايزا ومنفصــال

الجسد، عن الاستقل في النفس في يفكر أن يستطيع وهوــذهب كما.(1)منفصالن الحقيقة في فهما وبالتالي ــارت ي ديك

الفكــر همــا ومتمــايزين منفصــلين جــوهرين الوجــود في أن إلى الجســد، جــوهر واالمتداد النفس، جوهر هو والفكر واالمتداد،

� منفصــلين يكونــا األساس هذا وعلى وتمــايز النفصــال نظــرا� مثــلي النهاية في اإلنسان واالمتداد. لكن الفكر جوهري اتحــادا

تظهــر االتحــاد فهذا الوقت نفس وفي والجسد، النفس بين مــا ذلــك على والدليل ومنفصالن، متمايزان والجسد النفس فيه

ــارت يميل انفصالهما. وال عن بوضوح اإلنسان يدركه إلى ديك� يصــنع والجســد النفس بين االتحــاد أن القائــل الرأي موجــودا� هــو ما االتحاد هذا أن على يصر بل نفسه، اإلنسان هو جديدا

�. مختلفتين طبيعتين من جوهرين تالزم إال ــا ديكــارت ويثبتتمام 1 + 1 وهي بسيطة يةحساب معادلة أساس على ذاه رأيه� اثنين يساويان الجسد زائدة فالنفس2= �. نفســا وجســداــرح وال ــارت يص ــذه ديك ــة به ــابية المعادل ــل الحس هي ب

1 (?) Ibid: P. 158.

46

فلسفية تياراتحديثة ــه. كــان في متضــمنة ــديكارت يمكن تحليالت إلى لجــأي أن ل

كان أنه بمعنى ،1 = 1 × 1 وهي أخرى حسابية معادلة عمليــة أنهمــا على والجســد النفس اتحاد إلى النظر يمكنه

المعادلـة بهـذه ديكــارت قـام إضـافة. لـو عمليــة ال ضـرب� يصــنع ســوف بالجســد النفس اتحــاد أن ألدرك موجــودا

� هو بل فقط، بجسد هو وال فقط بنفس هو ال عنهما، مختلفا اإلنســاني، الكــائن وهــو مثلــه العــالم في ليس جديــد كائن� يمكنه وكان على والجســد النفس اتحــاد إلى ينظر أن أيضا

لكنه جديد عنصر لصنع الكيميائية العناصر بامتزاج شبيه أنه يعتقد ألنه التشبيه هذا أو المعادلة تلك يجري أن يستطع لم

يمكن ال وأنهمــا واالمتداد الفكر واختالف بتمايز البداية منذ اإلنسـاني. ومن الوجـود هـو دجديـ وجـود لصـنع يمتزجا أن

ــل ــك أج ــد ذل ــارت اعتق ــاد أن ديك ــذين اتح ــوهرين ه الج ليس اإلنســـاني الكـــائن في الختالف ا أشـــد المختلفين

� إال اإلنسان يوجد بأن إلهي لقرار ونتيجة اإللهية لإلرادة فعال هــذا في معين جســد في األساس في ونفس فكر هو الذي

.(1)العالم

ــير عكس وعلى ــفة من كثـ ــدثين، الفالسـ فـــإن المحـ إلى العقـل أو العقـل، إلى الجسم باختزال ينتهي ال ديكارت

ــم، ــل الجس ــد ب ــدينا أن على يؤك � ل � عقال ــما نفس في وجس�، بعضهما عن مختلفان االثنين وأن الوقت، في لكنهمــا تماما

هــذا أن إلى ديكــارت تــام. ويــذهب اتحــاد في الوقت نفس� ليس االتحاد على يصر كما هلأن ذلك متساويين، بين تشاركا بــأن يقطع كذلك فإنه العقل، إلى يختزله وال الجسم حقيقة

العقـــل أن حين في امتلكـــه، شـــئ مجـــرد هـــو الجســـم

1 (?) Ibid: PP. 145-147.

47

رينيهديكارت الحقيقيــة، هويتــه يشكل ما هو أي ،أكونه شئ هو النفس أو

عقــــــــــــــــــل أنــــــــــــــــــني بمعــــــــــــــــــنى

لهذه أو العقل ولهذا الأولى، وبالدرجة الأساس في نفس أو تنــاقض في يقع ديكارت أن تمتلكه. والحقيقة جسد النفس فحســب والجســد، العقــل ثنائيــة حــول نظريتــه في خطــيرــذي تفكــيره منطــق ــة على يعتمــد ال ــة النظري في التقليدي والتي والمحمول، عووالموض والأحوال، الجوهر بين العالقة إلى حاجــة في لفعــ أو نشــاط التفكــير أن بحســبها يقــول غــير هــذا رأيــه فــإن ،(1)النفس وهو به يقوم جوهر أو فاعل فعل لتفكيرا بأن القول الممكن من لأنه ذلك ومتناقض، مبرر ذاتها النفس أو العقل وأن الجسم، هو مادي حامل أو لفاعل ذهني

أنــه ديكــارت فعلــه مــا للجسـم. كـل حال أو صفة اإل هي ما أنـه حين في النفس، هـو مفكـر بجـوهر الفكري النشاط ألحقــان ــه أن الممكن من ك ــاقض، أي دون بالجســم يلحق فمن تن

الفعــل أو الحــال ويكون مادي والقوام الجوهر يكون أن المفترض هــذا يفضــل ســوف ســبينوزا أن والحقيقــة روحي، أو فكــري ذهب كمــا العكس وليس بالجســم الفكــر إلحــاق وهــو الخيار،

ديكارت.

ــة افتراضه ديكارت ويبني الجســم على النفس بأولوي� يكــون أن يجب المفكر الشئ أن افتراض على على حــائزا

يجب الممتــد الشئ وأن فس،نال أو العقل وهو مفكر جوهر كي عقـل إلى حاجـة في فالفكر مادي، جوهر إلى يرجع أن

ــه، يقوم كي مادي جسم إلى حاجة في واالمتداد به، يقوم ب صورها. لم أعلى في الشهيرة الديكارتية الثنائية هي وهذه جــوهر في فكــري نشاط وجود إمكان ليتصور ديكارت يكن

1 (?) Ibid: P. 144-146.

48

فلسفية تياراتحديثة عقلي أو روحي جــوهر في االمتــداد صــفة وجــود أو مــادي

ــدان هي المســبقة االعتقــادات هذه كانت وقد خالص، المي� استمر الذي األفالطوني ــارت، فلسفة في متخفيا ومن ديك

� ثورية تهفلسف تكون ال هنا بـل الكثـيرون اعتقـد كمـا تمامـاــة ــة، تقليدي ــتى للغاي ــانت إنو ح ــورات ك ــفية التص الفلس األولى. وكـدليل للوهلـة مذهبـه في واضـحة غـير التقليدية

أن تقليديــة فلسـفية عناصـر ديكــارت فلسـفة في أن علىــة الفلســفات معظم ــة الحديث ــه التالي هــذه تنقــد ســوف ل

الــتي ســبينوزا فلســفة وأهمها وترفضها، التقليدية العناصر لجــوهر صــفتين أنهمــا على االمتداد الفكر إلى تنظر سوف يمكن وال واحد شئ أنهما على والجسم النفس وإلى واحد، يــرفض ســوف الذي لوك وجون اآلخر، بدون أحدهما تصور

ــة ــر أولوي ــداد على الفك ــد االمت ــة وينق ــارت نظري في ديك اللــذان كانــط وإمانويــل هيــوم وديفيــد ريــة،فطال األفكــار

هــذا وحده. لكن الفكر من الوجود استنتاج يرفضان سوف مؤلفاتــه كــل في ديكــارت بــه تمســك الــذي هــو االستنتاج

ــه، وأصــر ــام علي ــه وأق ــيزه علي ــر بين تمي ــداد، الفك واالمت أن منطلـــــــــــــــــق من والجســـــــــــــــــم، والنفس

حقيقتــه في هــو اآلخــر عن بمعــزل فيــه التفكــير يمكن مــاــه التفكــير يمكن والفكــر اآلخــر، عن ومختلــف متمــايز في عن بمعزل النفس في التفكير ويمكن االمتداد، عن بمعزل

ــول الحقيقة، على متمايزان فهما وبالتالي الجسم، في ويق� أكون أن يكفي» ذلك عن بمعــزل ما شئ إدراك على قادرا

عن مختلــف منهمــا الواحــد أن يقين على أكــون كي اآلخــر الممكن من كــان إذا أنــه يعتقــد بــذلك ديكــارت إن.(1)«اآلخر

1 (?) Ibid: P. 190.

49

رينيهــيرديكارت ــوهرين في التفك ــايزين منفصــلين ج ــا ومتم ــر هم الفك

الواقــع. في منفصــلين العتبارهما يكفي هذا فإن واالمتداد، الوجــود إلى يتوصــل الــذي التفكــير في األســلوب هــذا

ــوم لــوك ثارعليه ما هو وحده الفكر خالل من الحقيقي وهي أبــو» ديكــارت حــازه الــذي اللقب أن هــذا وكانط. ومعــنى

نظــر، وإعــادة مراجعــة إلى حاجــة في«الحديثــة الفلسفةــفاتهم بنوا قد المحدثين الفالسفة معظم ألن ذلك عن فلس

السير طريق عن ال األساسية أفكاره ونقد معارضته طريق الفالســفة عن ناهيــك رهــا،يتطو أو توســيعها أو وراءهــا

على واالمتــداد للجســم لويــةواأل أعطــوا الذين المعاصرينــة الفلسفات نبنتا والفكر. لقد النفس والمعاصــرة الحديث

ومثلت معــه، اتفاقهــا ال ديكــارت مــع اختالفهــا أساس على� � ابتعادا � ال عنه مستمرا له. اتباعا

في واالعتقــاد الفكــر، من الوجــود اســتخالص كان لقد الــذات وأن واالمتــداد، الفكــر همــا متمايزين جوهرين وجود

أو زائــد إال هــو مــا الجسم وأن فكر أنها على دجتو الإنسانية� فلســفة في مســلمات كانت الأشياء هذه كل بالعقل، ملحقا

منــه وعي دون الوســطى العصور فلسفة من ورثها ديكارت� فيها يشك ولم الفحص، موضع يضعها أن ودون يطبق أو أبداــا ــك الشــكي، منهجــه عليه ــا ذل ــانت لأنه ــا ضــمنية ك أقامه

الـذي ديكـارت منـه. إن وعي دون فلسـفته في واستخدمهاــادات وبرفض المنهجي بالشك الأول تأمله بدأ والآراء االعتق

السائدة المسلمات تلك كل الحقيقة في يرفض لم السابقةــور فلســفات في ــط العص ــرت إذ ،ىالوس ــه ظه ــوة لدي بق

في إليـه دعـا الـذي المنهجي الشك أن هذا ووضوح. ومعنى تــرك بــل يجب، وكمــا الكفايــة فيــه بمــا يطبقــه لم البدايــة

50

فلسفية تياراتحديثة تتسرب عليه سابقال الفلسفي التراث واعتقادات مسلمات

ينجح لم ديكــارت أن يعــني منه. وهذا وعي دون تفكيره إلى ال المنهج هـذا أن والحقيقـة بدقة، الشكي منهجه تطبيق في

فلسـفات في يتحقـق مـا دربقـ ديكـارت فلسفة في يتحقق قد ديكارت كان وكانط. إذا وهيوم لوك وأبرزهم له الالحقين

� لراجــع يطبــق أن يجب كمــا الشــكي منهجه طبق من كثــيراــلماته ــ ــبقة مس ــ ــار المس ــ ــه ولأنه ــ �، مذهب ــا ــ ــذا تمام ــ وه

مــذهب هــدموا الــذين الالحقين الفالســفة لــدى حــدث مــا أكــثر بصــورة نفســه لمنهجــه تطــبيق طريــق عن ديكــارت� وجرأة. وضوحا

والجســم النفس بين فصــل قــد ديكــارت كان إذا لكن إشــكالية إلى نظــر فكيــف والنهــائي التــام االنفصــال هــذا

الفصــل هــذا إن اإلنســاني؟ الفــرد ىف واتحادهما اتصالهما عويصــة مشــكلة اإلنســان في اتصــالهما تفســير من يجعل

قــدم حلول. وقــد عن لها يبحث أن وحاول ديكارت واجهت� ديكارت اتصــال مشــكلة المشــكلة، لهذه الحلول من عدداــم، النفس ــم أن إلى ذهب و بالجس ــا الجس ــو م ــة إال ه آل

Machineمثــل مثلــه مــادي شــئ النفس. فالجســم تحركها ــاقي ــياء ب ــة األش ــودة المادي ــالم، في الموج ــه الع وقوانين

ــه الحاكمــة األجســام لكــل الحاكمــة القــوانين نفس هي ل معينــة. لنفس خــاص جســم الوقت نفس في لكنه المادية،

تعمــل أن تســتطيع ال اإلنســاني الجسم هي التي اآللة هذه النفس. فارقتهــا إذا العمــل عن وتتوقــف النفس، بــدون الــتي األفكــار نفس إلى يعــود ديكارت أن كيف نرى وهكذا

وبقــاء الجســم فنــاء حــول الوســطى العصــور في ظهــرت الــرغم على أنــه إلى ديكــارت الموت. ويــذهب بعد النفس

51

رينيهديكارت ــايز من ــم، النفس تم ــود أن إال والجس ــاني الوج في اإلنس

ــه ألن ذلــك بالجسم، النفس اتحاد في يتمثل العالم أراد الل� يكــون أن العــالم هــذا في اإلنســان من � نفســا في وجســما

صــدفة أي والجســم النفس اتحاد في الوقت. فليس نفس هــذا صــنعت الــتي اللــه إرادة هي هــذه ألن ذلــك عرض، أو

.(1)االتحاد

النفس اتصال إشكالية حل إلى الحل هذا يؤدي ولم بينهمــا ديكــارت وضــعها الــتي الثنائيــة لأن ذلــك بالجسم،

عليــه. الإلحــاح إلى اتصــالهما مشكلة وعادت قوية، كانت خــــــالص فكــــــر هي الــــــتي للنفس يمكن فكيــــــف

ــرك وكيف خالص؟ مادي هو الذي الجسم في تتحد أن تح النفس

� فيه وتحدث الجسم ــداث تؤدي وكيف وحاالت، أفعاال الأح هــذه وكــل العقــل؟ في أفكــار حــدوث إلى الجســمية بوجــود قولــه وهو لحلها بافتراض ديكارت أتى المشكالت

ويتصــف بالجســم النفس اتحــاد يمثــل الجســم في شــئ وهــو الوقت، نفس في الجسمية والصفة العقلية بالصفة

هــذه طريــق المخ. فعن وراء تقع التي(2)الصنوبرية الغدة يتحــرك كي الجسـم إلى عصــبية إشــارات العقـل يرسل الغدة

� طريقها وعن ويفعل، وإحساســات أحــداث العقــل يستقبل أيضا الذي الجديد الحل هذا من الرغم العقل. وعلى إلى لنقلها الجسم

اتصــال إشــكالية يحل لم أنه إال والذكاء البراعة عليه يبدو الجسـم وصـف قـد كـان ديكــارت لأن ذلـك بالجسـم، النفس

ــه ــة، بأن ــة آل ــا ال والآل ــة إال تحركه ــا، آل ــدة مثله والغ

1 (?) Ibid: P. 198.2 (?) Richard Schacht, op. cit, PP. 18-20.

52

فلسفية تياراتحديثة نأوكــ الجســم، من جــزء هي بــل آلــة ليســت الصــنوبرية

� بأن يقول ديكارت كلــه، الجســم يحــرك الجســم من جزءا�، النفس دور ويظل � ليســت الغــدة هذه لأن غائبا من جــزءا

ــل النفس ــة هي ب ــذا وظــائف من وظيف لم الجســم. وهك النفس ثنائية وظلت االتصال إشكالية حل ديكارت يستطع

افــتراض عليــه يبــدو ممــا الرغم على قائمة لديه والجسمــدة ــنوبرية الغ ــد، من الص ــرغم وعلى تجدي ــذا أن من ال ه

التجريــبي النفس علم لــدى أصــداء يلقي سوف االفتراضــتراض بتبني المشكلة نفس يحل سوف الذي الحديث االف

علم اســتخدام في النظــر نمعن عنــدما الــديكارتي. لكننــاــبي النفس ــديث التجري ــتراض الح ــدة الف ــنوبرية الغ الص

اتصــال إشــكالية للحــ مستخدمة ليست لديه أنها نكتشف� كــانت بــل بالجسم النفس – الســلوكية نظريتــه من جــزءا

ــبية ــير في العصـ ــة تفسـ ــات بين العالقـ ــبية العمليـ العصـــة ــة، والبيولوجي ــتي والذهني ــر ال وال ــود إلى تنظ ــئ وج ش

الإنســاني الكــائن بل النفس، يسمى الإنسان في مستقل بيولــوجي، عصبي أي سيكوفيزيقي، جهاز عن عبارة لديها

أراده مــا عكس هــو وهــذا الجسم، إلى النفس ترد أنها أي�. ومعــنى ديكارت للغــدة ديكــارت افــتراض أن هــذا تمامــا

بالجســم النفس التصــال تفســيره يجعل سوف الصنوبرية وجهــة من الإنســاني الكــائن إلى ينظــر ساأس من ينطلقــه على الســلوكية النظــر عصــبي ســيكوفيزيقي، جهــاز أن

ــة في إليــه ينظــر أي الــوقت، نفس في وبيولــوجي النهاي ديكــارت عكس نفســية، وظــائف يتملــك جســم أنــه على

� �. تمتلك نفس أنه على للإنسان نظر الذي تماما جسما

وطبيعته: - وجوده اإلله -5

53

رينيهديكارت اإلله: وجود إلثبات ديكارت مبررات- أ

اإلله وجود تناول إلى الثالث التأمل في ديكارت ينتقلــه، ــدليلين وجــوده ثبتيو وطبيعت الخــامس التأمــل وفي ،ب

� يســـــــــــــــــــــــتخدم �. لكن دليال ثالثـــــــــــــــــــــــا

ــا ــذي م ــات من ينتقــل ديكــارت لعــج ال ــذات وجــود إثب ال في ويشــرع اإللــه وهــو آخــر يقين عن البحث إلى المفكرة

في اســتمر أنــه إلى ذلــك في الســبب يرجع وجوده؟ إثبات الــذات وجود إثبات مجرد أن رأى ألنه ذلك شكه، ممارسة

ــل كي يكفي ال ــق يقين إلى يص ــول مطل ــاقي ح ــاره ب أفكــالث التأمل في يشك يزال ال أنه حتى العالم، وحول في الث

يخدعه من هناك أن ويفترض والرياضية الحسابية الحقائق صــدقها في يعتقــد جعلــه الــذي هو المخادع هذا وأن حولها

األول يقينــه ديكــارت لك. ويتنــاولذكــ ليســت أنها حين في هــذا أن إلى ويــذهب الــذات وجــود وهــو إليــه وصــل الــذي

ــالم حقـــائق إلثبـــات ذاتـــه حـــد في يكفي ال الوجـــود العـ من يقينهــا على تحصــل الذات أن يفترض أنه حتى ،(1)المختلفة

العـالم إلى يرجـع ال اإلنسـانية النفس في فطري نور خالل ذاتـه الفطـري النـور هـذا في ليشـك يعـود الخارجي. لكنه

العـالم في حقـائق من تلقـاه مــا ســوى هعن يذكر ال ألنه مسـاعد عامـل مجـرد الفطـري النـور يكـون وبـذلك الخارجي،

� يظل الخــارجي. وهــذا العــالم من الذات تتلقاه ما على معتمدأ عنــد يجعلــه ال العــالم أشــياء على يالفطــر للنور االعتماد� ديكارت � يقينا نفسه هو يكون أن يمكن بل بالذات، مستقالــور ألن للشــك، عرضــة ــا على دوره يقتصــر الفطــري الن مــاه ــذات تتلق ــالم، من ال ــذلك الع � ليس فهــو وب ــاعال ــل ف ب

1 (?) Descartes: Meditations, PP. 156-157.

54

فلسفية تياراتحديثة ،� � ليس منفعال ســوى ليس الفطري سلبي. والنور بل إيجابيا

وتمـيز وضـوح على بنـاء العـالم حقـائق على الـذات تأكيـد عرضــة ذاتــه حــد في والتميــيز وحالوضــ عنــه. هــذا أفكارنا أو خــداع مجــرد إلى النهايــة في ينتهي أن يمكن ألنه للشك

وجــوده افــتراض عن يكــف ال الــذي ديكــارت شــيطان إلى� الأول اليقين كفايــة عــدم مواجهــة مؤلفاته. وفي في دائما تكــون أن يمكن الــذات هــذه أن وبســبب الذات، وجود وهو

لليقين ثــان أساس عن البحث في كارتيد يشرع منخدعة، في يبحث العالم. وعنــدما بحقائق يقينه تأسيس به يستطيع

يســتطيع أنــه يجــد وتميز وضوح في يدركها أفكار عن هفكر هويســتبعد كلــه العالم ينحي أن كامل. فبعد إله في التفكير

نـور من يؤكـده ومـا بـه المتعلقـة والأفكـار هـو تفكيره من الفكــرة يتنــاول للشــك، محــل ذاته حد في هو الذى فطري المفكــرة الــذات فكــرة بعد تفكيره على يغتط التي الثانية

هي الإلــه فكــرة ديكــارت الإله. ويجعل فكرة وهي مباشرة بــدون لأنــه شكه، من تخليصه على القادرة الوحيدة الفكرة

ولن شــئ، أي من يقين على يكون أن يستطيع لن الإله هذا يخدعه الذي الماكر الشيطان فكرة من يتخلص أن يستطيع

،� هنـاك كـان إذا فيما ثأبح أن يجب»ذلك: في ويقول دائما هنــاك أن اكتشف وإذا لذلك، الفرصة تأتي أن ما بمجرد إله� على� يجب إله، � كـان إذا فيما أبحث أن أيضا ذلـك ،«مخادعـا� كان إذا الإله لأن بــل الحقيقي الإلــه هــو يكــون فلن مخادعا

معرفــة بــدون نــهلأ ذلــك» بعينــه، الماكر الشيطان سيصبح�، ليس وأنــه الإلـه وجـود أي الحقيقـتين، بهـاتين فال مخادعـا�وجــودا كونــه عــدا ،«شئ أي من يقين على أصبح أن يمكن

� وحسب. مفكرا

55

رينيهديكارت اإلله: وجود أدلة- ب الـــذات وجـــود إلى يتوصـــل ديكـــارت أن المالحـــظ

في يســتخدمها الــتي مثــل عقلية وبراهين بأدلة ال المفكرة السلسلة ألن والبصيرة. ذلك بالحدس بل الله، وجود إثبات باعتبــاره بوجــوده اليقين إلى الشــك من فيهــا ينتقــل الــتي� �، كائنا إذن أفكــر، أنا إذن أشك أنا»فيها: يقول والتي مفكراــا ــل عقلي ببرهــان ليســت«موجــود أن ــايحق في هي ب قته

ــان ــي، بره ــوم حدس ــيرة على يق ــور البص ــري. والن الفطــذهن في كفكــرة اإلله فكرة لتناول ديكارت يأتي وعندما ال

يتمتــع وأنــه فكــرة مجــرد ليس أنــه يوضــح وكي وحســب،ــود ــرع حقيقي بوج ــديم في يش ــة تق ــة أدل ــراهين عقلي وب أدلــة يقــدم ديكــارت أن هــذا وجوده. ومعــنى على منطقية

بــاطني حــدس طريــق عن إليــه توصــل مــا على وبــراهين أخــرى فكــرة عن ذاتــه في يبحث ألنه ذلك داخلية، وبصيرة

طريق هو وهذا اإلله، فكرة ويجد المفكرة الذات فكرة غير� ذلــك بعد يثبته الذي الحدس، أدلــة. ومن صــورة في عقليــا

� ليس ديكارت منهج فإن هنا �، عقالنيا كلـه يسـير ال أي تمامـا� منطقي ترتيب حسب ينطــوي هو بل أول، مبدأ من انطالقا على العقليــة األدلــة ومــا والبصــيرة، الحــدس على كــذلك كي األصــلي الحــدس لهــذا مساعد طريق سوى الله وجود

ــون ــذا أن من يقين على يك ــه ه ــد اإلل ــل. منهج يوج بالفع يتضمن بل وحده العقلي البرهان على يقوم ال إذن ديكارت� � حدســا فكــرة أن على الــوقت. والــدليل نفس في وبرهانــا

النص األول المقام وفي األساس في حدس هي عنده اإلله أنــه ديكــارت فيــه يقول حيث به استشهدنا وأن سبق الذي يقين على ويكــون يتأكـد كي إلـه وجـود افتراض عليه يجب حولــه. إن من العــالم حقيقــة ومن نفســه هــو وجــوده من

56

فلسفية تياراتحديثة � من مباشــرة ينتقــل ديكــارت لفلســفة يعــرض ممن كثــيرا

اإللــه، وجــود على أدلتــه إلى المفكــرة الــذات لوجود إثباته� لم لديــه. فهــو اإللــه فكرة بها ظهرت التي الكيفية متناسيا بــاطني بحــدس بــل عقليــة بأدلــة الفكــرة هذه إلى يتوصل

عليهــا يركــز لم الــتي النقطــة هي وهــذه داخليــة، وبصــيرة اإلله الفلسفة. فكرة مؤرخي من فلسفته تناولوا من أغلب أمــاوجوده داخليــة، وبصــيرة بحــدس ديكــارت يعرفها ذاتها

فكــرة يعــرف عقلية. وكونــه وبراهين بأدلة يثبته أو فيعرفه القديس لفلسفة مشابه فلسفته يجعل باطني بحدس اإلله

الحــدس وهي الوســيلة نفس على تعتمــد الــتي أوغسطين النفس. داخــل اإللــه فكــرة الكتشــاف الداخليــة والبصــيرة

جديــدة ليســت ديكــارت فلســفة أن كيف نرى أخرى ومرة� في هــارظهو ســبق تقليديــة عناصــر على تنطــوي بل تماما

ــذى ديكارت الوسطى. إن العصور فلسفات ــ ال على رفUع الـــوقت نفس ىف هـــو العقالني المـــذهب مؤســـس أنـــه

الفلسفة مؤرخي أن يبدو الحدسي. لكن للمذهب مؤسس الـتي الصــورة وهي وحسـب، العقالني ديكارت لنا يقدمون

ديكــارت على يركــزوا ولم عنــه، لنــا يقــدموها أن أرادواــالث، التأمــل في الواضح الباطني الحدس منهج صاحب الث فقــط فلســفته في العقلية العناصر لنا يقدمون فهم وبذلك

الــذي الطــابع ذلــك لفلســفته، الحدســي الطــابع متناســين من ســـرلووه برجســـون يـــد على إحيائـــه يعـــاد ســـوف

المعاصرين.

األول: الدليل ديكــارت الكمــال. يمــيز دليــل عليه نطلق أن ويمكن

والجـــود الموضــوعي الوجــود: الوجــود من نـــوعين بين

57

رينيهــود أو الفعليديكارت ــواقعي. الوج ــو الفعلي ال ــود ه ــياء وج الأش

النــوع أمــا العــالم، هــذا في أمامنــا الحاضــرة المحسوسة

ــال. بصفات يتمتع الذي الوجود فهو الوجود من الآخر الكم

�، الطائر الحصان في أفكر أن يمكنني من الــرغم على مثال

ــه ــير أن ــني موجــود، غ � ويمكن ــر أن أيضــا ــدة في أفك المائ

إله في ككذل كرفوأ موجودة، أنها وأدرك أمامي الحاضرة

ــل. ومن ــذه بين كام ــار ه ــرى الأفك ــرة أن ن ــان فك الحص

فعلي، وجــود لهــا وليس فقــط ذهــني في موجودة الطائر

ــدة ــودة والمائ ــامي موج ــذلك وهي أم ــف ب ــالوجود تتص ب

ذهــني. وعلى في حاضــرة فكــرة كونها جانب إلى الفعلي

ــرغم ــه أن من ال ــير الإل ــر غ ــامي حاض ــوده أن إال أم وج

بوجود يتمتع الكمال بصفات يتصف ما لأن ذلك موضوعي،

في لأنهــا بالفعــل، الموجــودة الأشــياء من موضوعية أكثر

موضــوعية أكــثر الخــالق وفكرة ومصنوعة، ناقصة النهاية

حاضــر الخــالق هــذا يكن لم ولــو حتى المخلوق فكرة من� � إن»ديكــارت: يقــول ذلــك الحــواس. وفي أمــا فعليا إلهــا

ــدي – أعلى ــاهي ال – أب ــدرة العلم كلي – متن ــالق والق وخ

� شئ لكل في موضــوعية حقيقــة على حاصــل عنــه خارجــا

ديكــارت ويبــني.(1)«المتناهيــة العناصــر تلــك من أكــثر ذاتــه

المخلــوق، من حقيقــة أكــثر الخالق أن أساس على هنا استدالله

أكــثر والقــدرة العلم والكلي النــاقص، من حقيقة أكثر والكامل

ــة أكثر والالمتناهي والقدرة، العلم ناقص من حقيقة من حقيق

المتناهي.

نعرفهــا التي الصفات تلك كل أن إلى ديكارت ويذهب

1 (?) Ibid: P. 162.

58

فلسفية تياراتحديثة يكــون وال لوجودهــا، أســباب لهــا تكــون أن يجب اإللــه عن

ال وبــذلك نــاقص اإلنســان ألن ذلــك مخترعهــا، هو اإلنسان تلــك كــل أن الكمــال. كمــا فكــرة سبب هو يكون أن يمكن

اإلله وهي وضرورية كافية علة إلى ترجع أن يجب الصفات� الموجود نفسه �. فمن وجودا الوجــود، الكمــال صفات فعليا

بالفعــل موجــود كــائن إلى ترجع الكمال فكرة تكن لم وإذا فالكــائن تناقض. وبالتالي وهذا ناقصة فكرة تصبح فسوف�، يكون أن يجب الكامل الوجــود إلى افتقــر لــو ألنه موجودا .(1)الــذهن في فكــرة مجــرد ولكــان كامــل غــر ألصــبح

ــارت أن والمالحــظ ــذا يؤســس ديك ــدليل ه ــدأ على ال ــة مب العلــة مثــل الكمــال، عن ذهني في التي الكافية. فاألفكار العلم كلي

كافيــة علــة لهـا تكــون أن يجب والالتناهي، واألبدية والقدرة أنا أكون أن يمكن فال ناقص كائن وألنني ذهني، في لحضورها

الســبب نفســه هو الكامل فالكائن وبالتالي األفكار، هذه سبب ديكــارت أن ذهــني. والحقيقــة في الكمال فكرة لظهور الكافي

الأول التأمــل بــدأ لأنــه ذلــك خطــير، تنـاقض في وقـع قد الإ يقينيــة واضحة أفكار إلى يصل أن يمكن ال إنه بقوله

الأفكــار، هــذه صــحة لــه يضــمن إله هناك أن يثبت أن بعد الفكــرة من الإلــه وجــود يســتخلص الثــالث التأمــل في لكنه

ينفـذ لم أنــه هذا الكمال. ومعنى عن لديه اليقينية الواضحة واضــح، منطقي ودور تنــاقض في ووقــع بتنفيــذه وعد ما

وجـود يثبت أن يجب يقينية واضحة أفكار لديه تكون فكي�، الإله نفس في يقينيــة واضــحة بأفكــار يثبتــه وهو أوال

المنطقي، الــدور بهــذا وعي على كــان ديكــارت أن الوقت. ويبدو الإلـه فكــرة أن إلى التــأمالت بقيــة في يــذهب ســوف لأنــه

1 (?) Ibid: PP. 163-166.

59

رينيهــارديكارت ــحة واألفك ــة الواض ــدهما يثبت اليقيني ــر، أح بحيث الآخ

� الأفكــار هــذه تكون وجــود ويكــون الإلــه، وجــود على دليال� الإله هــذا فإن ذلك من الرغم الأفكار. وعلى ليقين ضمانا

ــل ــل لم الح ــا يح ــكالية لن ــدور إش ــك المنطقي، ال لأن ذل بعضهما على الواضحة والأفكار الإله فكرة باعتماد إقراره بــدأنا الــذي المنطقي الــدور نفس إلى نعود يجعلنا البعض

ديكارت، حسب الستدالالتنا الحقيقية البداية هي منه. فماــه أهي ــار أم الإل ــحة؟ الأفك ــارت إن الواض ــتخدم ديك يس

� االثنين لنا يضع لم ولكنه الأخرى، منها بالواحدة ليدعم معاــدأ صــورة في حقيقية بداية اليقين منــه نســتخلص أول مب

الثاني.

الثاني: الدليل� اإلله وجود ديكارت يثبت وفيه هــو، وجوده من انطالقا

� ليس أنه بمعنى يكـون أن يجب وبالتالي نفسه، لوجود سببا واسأل»ديكارت: أوجده. يقول الذي هو خالق كائن هناك

من أو ذاتي من ربمــا وجودي؟ على أحصل أين من نفسي،� أقــل آخــر مصــدر أي من أو والدي�، .(1)«اإللــه؟ من كمــاال

إلى مفتقــر أو نــاقص شــئ وجــوده ســبب يكون أن يمكن وال أنــه وبمــا وجــوده، ســبب هــو الكامــل فاإلله وبالتالي الكمال،� فاإلله موجود � يفــترض موجــود. وهــو أيضا يكــون أن جــدالــا أن يمكن إذ وجوده، في السبب هما والديه � يكون في ســبباــه حين في وحســب، كجســم ميالده ــد أن ــة في يوج الحقيق

� باعتباره � فكــرا � منفصــال الجســد. فالوالــدان عن ومتمــايزا� يكونا أن يمكن ال لكنهما المادي، الجسم هذا لوجود سببا ديكــارت الـروح. وينــاقش أو النفس في السـبب يكونا أن يمكن

1 (?) Ibid: P. 167.

60

فلسفية تياراتحديثة � أكــثر شــئ وجــوده في السبب يكون أن احتمال من كمــاال

ــدين ــل لكن الوال � أق ــاال ــه من كم ــل اإلل ــة مث �، الطبيع مثال� األقـل ألن ذلـك االحتمـال، هـذا ديكارت ويرفض من كمـاال

العدم. من الخلق على القدرة لديه تكون أن يمكن ال اإلله

الــدليل، هــذا توضــيح من المزيد في ديكارت ويستمر� باعتباره أنه إلى ويذهب � جوهرا يكن لم لكنــه موجود مفكرا

� يوجد يكن. لم أن بعــد حــدث أي حادث، وجوده إن بل دائما أنـه هذا فمعنى يكن لم أن بعد الوجود في شئ يبدأ وعندما

ــدم، من أتى ــدرة أي الع ــق. والق ــاد على خUل ــئ إيج من ش أن وبمــا.(1)األشــياء إدراك قــدرة تفــوق قدرة تتطلب العدم

وفهمهــا األشــياء إدراك على قــدرة على إال يحصــل ال اإلنسان� وليس وحســــــــب إيجادهــــــــا قــــــــدرة على حــــــــائزا

يكون أن يمكن ال اإلنسان أن يعني فهذا العدم، من خلقها أو� من قــدرة أكثر يكون السبب فهذا وبالتالي وجوده، في سببا

� اإلنسان كان اإلنسان. وإذا العــدم من نفســه إيجاد على قادرا اإلنسـان لكن الكمـال، على الحصــول على قـادر أنــه هذا فمعنى� يكــون أن يمكن ال فهــو وبالتالي، ناقص، وجــود في ســببا

الكامل. اإلله إال الوجود سبب يكون أن يمكن وال ذاته،

الــدليل، هــذا إطــار في أخــرى حجــة ديكــارت ويقــدمــذهب ــارة الوجــود أن إلى وي لحظــات عــبر المــرور عن عب جعــل على القــدرة يفــترض الزمن عبر المرور وهذا الزمن،ــود الشــئ ــود في يســتمر لحظــة في الموج ــل في الوج ك

الــــــــــــــــــــــــــــزمن. لحظــــــــــــــــــــــــــــات� ليس الإنســان أن وبمــا يســتمر شــئ أي إيجــاد على قــادرا

1 (?) Ibid: PP. 168-170.

61

رينيه�ديكارت الأزمنــــــــــــــــة، كــــــــــــــــل يف حاضــــــــــــــــرا

ــو يكــون أن يمكن فال في وجــوده اســتمرار في الســبب ه اســتمرار على قــدرة هنــاك تكــون أن فيجب الزمن. وبذلك

الإنســان، في متوافرة غير القدرة وهذه الزمان، في الإيجاد ووجــود وجــودي، لعــتج التي القدرة هذه هو فالإله وبالتاليــا. مســتمرة الأشــياء هــذه أن الزمــان. والمالحــظ في كله اللــه وجــود لإثبــات حجــة ليســت حقيقتهــا في هي الحجــة

العنايــة واســتمرار خلقــه اســتمرار على حجــة بــل وحســبــة ــه أن في يعتقــد . فــديكارتالإلهي الإنســان يخلــق لم الإل بــل ذلــك، عند عمله انتهى ثم الزمان من لحظة في والعالم

تلــك الإلهيــة والعنايــة المستمر الخلق نظرية في يعتقد كانالوسطى. العصور فلسفات من المستمدة النظرية

الثالث: الدليلــذا ويســمى ــدليل ه ــدليل ال ــوجي، بال ــك األنطول وذل

الكــائن فكــرة من اإللــه وجود يستخلص أنه األول لسببين، اإللــه، حالــة في والوجــود الفكــر يوحد أنه والثاني الكامل،

� فكرة باعتباره اإلله أن ويعتبر � باعتباره لإلله مساويا ــودا وج�. ويحتوي تــذهب منطقيــة مســلمة على الــدليل هذا حقيقيا

� ومقبول ممكن هو ما أن إلى �، وجوده يمكن منطقيا واقعيــا على ينطوي أ المفهوم أن تصور نستطيع كنا إذا أننا بمعنى

ــوي أ المسمى الشئ أن هذا فمعنى ب، المفهوم على ينط بيقين تــدرك الـتي المنطقيــة فالعالقـة ب، المسمى الشئ� وجودها يمكن الفكر في وتميز الفكر. ويســير خارج واقعيا أن إلى ديكــارت يــذهب إذ الطريقــة، بنفس الثــالث الدليل وهــذا الكامــل، الكــائن عن ومتمــيزة واضــحة فكــرة لديــه

ــائن ــر أن يمكن ال الك ــفة أي إلى يفتق ــا ص ــا بم ــفة فيه ص

62

فلسفية تياراتحديثة الكــائن اعتبــارهب اإللــه فكــرة تصور التناقض الوجود. ومن

غــير الكامــل الكــائن ألن ذلــك وجــوده، تصــور دون الكامل� يعد حقيقة الموجود � تناقضا ذاتهــا، الكمال فكرة في ونقصاــالي ــه، مفهــوم من جــزء الوجــود فــإن وبالت اإللــه إذن اإلل

.(1)موجود

وأشياؤه: العالم -6 وجــود ســوى الخــامس التأمــل حتى ديكارت يثبت لم

نالتــأملي في أمــا والجســد، النفس بين وميز واإلله، الذاتــامس ــاد الخ ــق سوالس ــات إلى فينطل ــود إثب ــالم وج الع

الشــأن هــذا في ديكــارت يتناولــه ما وأول.أشياءه وحقيقةــا حــد في المــادة وجــود ليس ــة األجســام أو ذاته أو المادي

ويــذهب والهندســة، الحســاب حقــائق بــل كليته في العالم� مــادة باعتبــاره العــالم معرفــة بين التمييز إلى من ومكونــا

ــة، أشــياء ــأن ويقــر الرياضــية، والمعرفــة مادي المعرفــة ب لهذا الوحيد والضمان داخلي، وصدق ببداهة تتمتع الرياضيةــدق ــداخلي الص ــو ال ــان أن ه ــادر الإنس في الحكم على ق الصحيح الحكم على القدرة وهذه بيقين، الرياضية المسائل

� ليست �، أو زيفا الـذي هو الإنسان خلق الذي الإله لأن خداعا� ليس ولأنــه الصــحيح، الحكم على القدرة فيه وضع مخادعــا الرياضيات في اليقين إلى الإنسان وصول يضمن الذي فهو

ــا ــت طالم ــة دمخاس ــه الحكم ملك ــو على لدي ــحيح نح .(2)ص العقــل إليهــا يتوصــل وهندســة حســاب من الرياضــية والحقائق

ــده ــاد دون وح ــواس، على االعتم ــظ أن ودون الح ــياء يالح الأشــتقرأها ــتخلص ويس ــا ويس ــوانين منه ــائق الق ــية. وحق الرياض

1 (?) Ibid: PP. 180-181.2 (?) Ibid: P. 182.

63

رينيه المـــــــادي، العـــــــالم عن مســـــــتقلة الرياضـــــــياتديكارت

القـوانين فيهـا تتحقق مادية أشياء هناك كانت إذا ما يهم وال الرياضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية

مستوى على وموضوعة موجودة الحقائق فهذه تكن، لم أو تتحقـق. كي المـادي العـالم إلى حاجـة في وليسـت الفكـر

� موجــــــــودة وهي العقــــــــل على مــــــــاو قبليــــــــا

ــالإدراك االستعانة بدون بنفسه يكتشفها وهو اكتشافها، إال ب .(1)الحســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

ــغل وال ــارت ينش ــا ديك ــانت إذا فيم ــيات ك ــير هي الرياض التعب من سيفعل ما بعكس وماهيتها، الطبيعة جوهر عن ىالحقيق

عنده فالطبيعة كله، الحديث والعلم ونيوتن سبينوزا بعده طبيعتهــا حيث من مختلفــة ذلــك في ىوه األســاس في مــادة

فالرياضـيات خـالص، فكــر هي الـتي الرياضـيات نع وجوهرهـا .ال أم عــالم هناك كان سواء واليقين بالصحة تتمتع عنده

بذاتــه قـائم عـالم وجـود في يعتقـد بــذلك ديكــارت وكـأن أن أفالطون. والحقيقة عند والمثل الماهيات عالم مثل للرياضيات

ــارت فلســفة في ــير ديك ــة العناصــر من الكث في األفالطوني فــالتمييز بهــا، وعي على يكن لم ضــمنية مســلمات صــور

ــم النفس بين ــول أو واالمتـــداد، الفكـــر وبين والجسـ المعقـ أول يعد الذي أفالطون إلى ترجع يزاتيتم كلها والمحسوس،

الفلسفي. التفكير في أدخلها من

إلى ديكــارت فيــذهب الماديــة الأشــياء طبيعـة عن أمــا بين فيمــــــــــــــــــــــــــــا التميــــــــــــــــــــــــــــيز

يـدرك الحـواس. فالعقـل تدركـه ومـا منهـا العقـل يدركه ما والعــدد، والشــكل االمتــداد مثــل للأشــياء، الأوليــة الصــفات

1 (?) Ibid: PP. 183-185.

64

فلسفية تياراتحديثة ــواس ــدرك والح ــفات ت ــة الص ــل الثانوي ــون مث والطعم الل

يـدرك طالمـا أنـه إلى ديكـارت والملمس. ويـذهب والرائحة هــذا فمعنى وتميز بوضوح الأشياء في الأولية الصفات العقل

تشــكل مــا وهي المادة في بالفعل موجودة الصفات هذه أن بــل نفســها المــادة في فليست الثانوية الصفات أما ماهيتها،

الشـئ لـون لأن ذلـك بالمـادة، الحـواس تـأثر عن ناتجة هي على الشــئ هــذا بقــاء مــع يتغــير أن يمكن وملمسه ورائحته

ــ ــداد حيث من هحال ــدد االمت ــنى.(1)والع ــذا ومع الصــفات نأ ه� باعتبارهـا داخلـة ليسـت الثانوية � جـزءا المـادة، في جوهريـا الصفات وحركة. هذه وشكل عددو امتداد الأساس في فالمادة وبما منها، العقل يستقبلها صفات لأنها العقل يدركها الأولية

الصفات أما حقيقية، أنها هذا فمعنى يستقبلها الذي هو العقل أن بهــا تتــأثر بــل المــادة من الحواس تستقبلها فال الثانوية

االسـتقبال أن إذ التـأثر عن يختلـف ديكارت عند واالستقبال وحسب، يكـون أن يمكن التـأثر أن حين في بالفعـل، موجود حقيقي شئل

� ال فنحن وبالتـالي حواسـنا، وطبيعـة تـركيب طريقة إلى عائدا بوضوح منها نستقبله ما إال الحقيقة على الأشياء من نعرف

بـه تتـأثر مـا أمـا والعـدد، والحركـة االمتـداد وهـو مـيزتو بــل المادة، طبيعة في داخل أنه من ينقي على فلسنا حواسنا

الصـفات بقـاء مـع تتغـير أن يمكن فيهـا ثانوية صفات هوهي. كما للمادة الأولية

خاتمـــة: على إليــه نظــرUي ديكارت أن الفصل هذا بداية في قلنا

يرجــع الوصــف هــذا أن وعلمنا ،«الحديثة الفلسفة أبو» أنه ووضــع التفلســف في جديــدة طريقــة افتتح قــد كونــه إلى

1 (?) Ibid: PP. 186-191

65

رينيه� للفلسفةديكارت �. ورأينــا منهجا هــذا أن كيــف الفصــل خالل جديــدا

من وضــح قــد ألنــه ذلــك المبالغــة، من الكثــير فيه الوصف� بجديــدة ليســت أنهــا لفلسفته استعراضنا ظلت بــل تمامــا

السابقة الفلسفات في المعروفة الحقائق نفس على تؤكد الــذات الوســطى: وجــود العصــور فلســفة وباألخص عليها

وإثبــات والجسم النفس بين والتمييز اإلله ووجود المفكرةــة فلسفة ديكارت فلسفة تكون وبذلك النفس، خلود تقليدي ثوريــة وليســت تقليديــة مضامين ذات أي جديد، بثوب لكن

ــالمرة ــوري مجــدد إطــار في لكن ب ــل وث ــة في يتمث طريق منهجــه وقواعــد المنهجي الشــك في الجديــدة ديكــارت

الفالســفة أبــو» يكــون أن لــديكارت يمكن ال األربعــة. كمــا يســتعير وال وينقــده يعارضــه بعــده أتى من وكــل«الحديثة

ــه ــة ســوى من ــه. الحقيق ــا منهج من نفهم أن اآلن يجب أنن� معنى«الحديثة الفلسفة أبو» عبارة يكون أن يمكن ،جديدا

�. إنه من نفهمــه الــذي بــالمعنى الحديثة الفالسفة أبو حرفيا ديــني طــابع ذات ديكــارت تــأمالت ألن ذلــك الكنيســة، آباء

الكنسي الديني بالمعنى أب المعنى بهذا وهو للغاية، واضح الــدين بين توفــق فلســفة لنــا صــنع ألنــه الحديثة، للفلسفة طريــق عن الدينيــة المعتقــدات نفس إلى وتتوصل والعقل الفلســفة في األب يكــون بــذلك إنــه والبرهــان، العقــل

ــة، ــدين مؤســس أي الحديث ــود ومثبت ال ــه وج ــود اإلل وخل الفلســفات تظــل الحديثــة. وســوف الفلســفة في النفس بالمعنى األب على ثورة عليه. أي مستمرة ثورة له الالحقة

� الفلسـفة من صـنع الـذي والديني يواألب كـل رفض الهوتــا الفصــل على وعملــوا إليهــا االنتســاب الالحقين الفالســفة

في ســاروا الــذين المفكــرين بعض عــدا مــا بينهمــا، الدائم

66

فلسفية تياراتحديثة .مالبرانشو وباسكال اليبنتز مثل إتجاهه

67