مةّ �سّ الق�سخيةية تاري رواأحمد باكث علي اسوم: خالد خ�س ر�1996 ليون�سكو عامنظمة ا اأ�سدرته م2010 )كتوبراأو( 1 ين ت6 لأربعاء ا146 د عدس�سة الراعيةوؤ� الثقايك ا ال

146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

  • Upload
    others

  • View
    1

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

�سالمة

الق�سرواية تاريخية

علي اأحمد باكثري

ر�سوم: خالد خ�سري

اأ�سدرته منظمة اليون�سكو عام 1996

عدد 146 – الأربعاء 6 ت�رشين 1 )اأوكتوبر( 2010

ال�رشيك الثقايفاملوؤ�س�سة الراعية

Page 2: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

2

معايل ال�سيدة اإيرينا بوكوفا Irina Bokova، املديرة العامة ملنظمة الأمم املتحدة للرتبية والعلم والثقافة -اليون�سكو- ومعايل ال�سيخ حممد بن عي�سى اجلابر MBI Al Jaber املبعوث اخلا�س ملنظمة اليون�سكو للت�سامح والدميقراطية وال�سالم.

www.kitabfijarida.com ال�سفحة الرئي�سية للموقع اللكرتوين ل"كتاب يف جريدة" الأربعاء الأول من كل �سهر على

�إميانا منه� ب�أهمية ن�رش املعرفة وت�شجيع القراءة ودعم الفن الت�شكيلي

ملواجهة الأزمة الثق�فية اخل�نقة يف الع�مل العربي، و�إ�سهاما يف اإعداد

احلديثة احل�ش�رة بن�ء يف امل�ش�همة على ق�در عربي ع�رشي جيل

والتو�شل عرب الرتبية والعلم والثق�فة اإىل اإدراك الدميقراطية وال�شالم

مت�شي� مع مب�دئ امليث�ق الت�أ�شي�شي لليون�شكو، ت�شدر م�ؤ�س�سة حممد

مع ب�لتع�ون MBI Al Jaber Foundation �جلابر عي�سى بن

ال�شحف كربي�ت مع وب�ل�شرتاك UNESCO / اليون�شكو منظمة

اليومية العربية توؤازره� نخبة من كب�ر الأدب�ء والكت�ب ومن ورائهم

املاليني من الق�رئني،

كتاب يف جريدة

اء يف اإىل اأكرب فئة من القر �شهري� وب�شكل جم�ين ومنتظم هدية منه�

جميع العوا�شم العربية والعرب يف الع�مل.

Page 3: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 32010

خالد خ�سري

العراق. الب�رشة، 1956 حزيران مواليد من ت�شكيلي ون�قد ور�ش�م ك�تب

ح�ئز على بك�لوريو�س ر�شم من كلية الفنون اجلميلة يف ج�معة الب�رشة و دبلوم

ع�يل - اإت�ش�لت - من املعهد الع�يل لالإت�ش�لت 1978.

ع�شو الت�شكيليني، جمعية ع�شو العراقيني، والكت�ب الأدب�ء احت�د ع�شو

نق�بة الفن�نني، ع�شو احت�د الت�شكيليني الرواد، مدرب دويل ب�ل�شطرجن.

الأديب يف عم�ن دار اإ�شدار ال�شيئية« الواقعة .. األف كت�ب »ه��شم حنون

اللوحة طوبولوجي� يف مق�لت العراقي - »الر�شم بعنوان وكت�ب� 2009

و�شيئيته�«.

كتب العديد من املق�لت الثق�فية والنقدية يف العديد من ال�شحف واملجالت

العربية ور�شم العديد من اأغلفة الكتب.

جملة مثل فنه عن خ��شة ملف�ت واملجالت ال�شحف من العديد �شت كر

»األواح – اأ�شب�ني�« و»الطليعة الأدبية« و »الأقالم«.

له مدونت�ن الكرتونيت�ن :

http://khalidkhkh.maktoobblog.com http://khalidkhkh.blogspot.com

وروائي، م�رشحي، ك�تب ب�كثري، اأحمد علي

و�ش�عر، ومرتجم من اليمن.

ولد ع�م 1910، يف اندوني�شي� لأبوين عربيني من

ح�رشموت، حيث ك�ن اأبوه يعمل يف التج�رة هن�ك.

اإىل والده به ع�د عمره، من الع��رشة ويف

ح�رشموت لين�ش�أ فيه� ن�ش�أة عربية، حيث تلقى تعليمه

فبداأ مبكر، وقت يف الأدبية مواهبه وظهرت يل الأو

عمل بنظم ال�شعر وهو يف الث�لثة ع�رشة من عمره، ثم

�ش� بعد تخرجه. مدر

عدن اإىل ه وتوج ،1931 ع�م ح�رشموت غ�در

زمن� يف احلج�ز. ومنه� اإىل ال�شوم�ل واحلب�شة وا�شتقر

الإ�شالمية ب�لأفك�ر ت�أثره بدا الفرتة هذه وخالل

اجلديدة، خ��شة طروح�ت ال�شيد حممد ر�شيد ر�ش� يف

جملة )املن�ر( كم� كتب فيه� م�رشحيته الأوىل: »هم�م

ت�أثره مب�رشحي�ت فيه� التي ظهر الأحق�ف« يف بالد

�شوقي.

انتقل اإىل م�رش 1934، يف مرحلة مثلت انعط�فة

مهمة يف حي�ته الثق�فية، والتحق بج�معة فوؤاد الأول

لي�ش�ن�س على ح�شل حيث ح�لي�« الق�هرة »ج�معة

وخالل ،1939 ع�م يف النكليزية اللغة ق�شم الآداب

درا�شته يف اجل�معة ترجم م�رشحية »روميو وجولييت«

م�رشحيته كتب كم� ، �شل املر ب�ل�شعر ل�شك�شبري

جتربة فك�نت ،احلر ب�ل�شعر ونفرتيتي« »اأخن�تون

رائدة يف هذا املج�ل.

�ش�فر اإىل فرن�ش� ع�م 1954 يف بعثة درا�شية.

انتقل ثم ع�م� ع�رش خم�شة ب�لتدري�س ا�شتغل

للعمل يف وزارة الثق�فة والإر�ش�د القومي مب�رش وظل

يعمل فيه�.

وح�شل م�رشية، �شيدة من ع�م م�رش يف تزوج

على اجلن�شية امل�رشية مبوجب مر�شوم ملكي يف ع�م

.1951

ك�ن يجيد اللغ�ت: الإجنليزية والفرن�شية واملالوية

ب�لإ�ش�فة اإىل لغته الأم: العربية.

الت�ريخية - الرواية بني الأدبي اإنت�جه تنوع

ومن والنرثية، ال�شعرية وامل�رشحية - خ��س ب�شكل

الأحمر« و»الث�ئر اإ�شالم�ه« »وا الروائية اأعم�له اأ�شهر

« اأم� اأ�شهر اأعم�له امل�رشحية فهي »�رش

و» �شالمة الق�س

اإىل ترجمت التي زاد« �شهر و»�رش اللـه« ب�أمر احل�كم

»اأدويب من امل�شتوح�ة اأوديب« و»م�أ�ش�ة الفرن�شية

�شوفوكلي�س« وقد ترجمت اإىل الإنكليزية.

مل ين�رش »ب�كثري« اأي ديوان �شعري يف حي�ته لكنه

ق�ت يف ال�شحف واملجالت.ن�رش ق�ش�ئد متفر

ون�رش له بعد وف�ته ديوان »اأزه�ر الربى يف اأ�شع�ر

ال�شب�« الذي �شم ق�ش�ئد من اأ�شع�ره التي كتبه� عندم�

ك�ن يعي�س يف ح�رشموت، قبل انتق�له اإىل الق�هرة .

/نوفمرب الث�ين ت�رشين 10 يف م�رش يف تويف

1969، ودفن مبدافن الإم�م ال�ش�فعي يف مقربة ع�ئلة

زوجته امل�رشية.

اإ�شه�م�ته اأحمد ب�كثري اإذا ك�ن معروف� عن علي

الوا�شحة يف امل�رشح العربي يف اجليل الث�ين من اأجي�ل

النه�شة العربية، ف�إنن� نقدمه اليوم رائدا يف جم�ل اآخر

مالمح ت�شتعيد التي الت�ريخية« »الرواية جم�ل هو

مطمو�شة من الت�ريخ العربي الإ�شالمي لإع�دة اإحي�ئه�

يف �شورة مدنية من خالل عمل روائي ر�شني.

الرواي�ت تلك من واحدة »

الق�س و»�شالمة

ج�نب لنعك��س عميقة مراآة دت ج�ش التي الت�ريخية

من تلك املالمح املطمو�شة.

يف الت�ريخية الرواية على يوؤخذ � م ك�ن واإذا

الأدب العربي، خ��شة يف منوذجه� البدئي الذي مثله

اأكرث الت�ريخ يف روم�ن�شي تيه ب�أنه� زيدان، جرجي

ت�شتكمل مل وبكونه� تنويري�، فني� ك�شف� كونه� من

ال�رشوط الفنية للرواية، ول تعدو �شوى نوع من العبث

بعد ذات متخيلة بوق�ئع �شحنه� واإع�دة ن�ت ب�ملدو

املج�ل، هذا يف »ب�كثري«، رواي�ت ف�إن اأيديولوجي،

الأ�شلي ن�شقه ب�عتم�د للت�ريخ، حذرة مق�ربة لت مث

والتف��شيل احلرة امل�ش�ح�ت يف التدخل وحم�ولة

الجتم�عية خللق تراجيدي� يقت�شيه� الن�س.

فني نزوع �شي�ق يف الرواية هذه كتبت لقد

من حمفوظ جنيب بداأ فقد املرحلة، تلك به ات�شمت

الأوىل: الثالث براوي�ته الفنية مع�جلته يف الت�ريخ،

وبينم� طيبة« و»كف�ح و»رادوبي�س« الأقدار« »عبث

كت يف طبق�ت ك�نت رواي�ت جنيب حمفوظ تلك قد حتر

الت�ريخ الفرعوين البعيد، ف�إن »ب�كثري« اجته اإىل ف�ش�ء

الإ�شالمي. وك�ن يجد نزوعه العربي الف�ش�ء اآخر، هو

نحو هذا التوجه �رشوري� بفعل �شيوع ظ�هرة الدعوات

الإقليمية. لهذا ف�إن »اإحي�ء روح الأمة ظلت رائدي يف

م� كتبت من م�رشحي�ت وق�ش�س« كم� يقول.

الت�ريخ ن�ت مدو تخلقه م� اأن �شنجد هن� ومن

الروائي العمل ال�رشدية يف من قلق فني يف امل�ش�حة

بني احلك�ئية بنيته متدد اإىل توؤدي قد الت�ريخي،

اإىل م� دفع جنيب حمفوظ ولعل هذا والواقع، التخيل

اأم� »ب�كثري« ف�إنن� جنده مغ�درة هذه املنطقة مت�م�.

يف اجل�نب املق�بل قد ظل حم�فظ� على خي�راته، وداأب

على اإغن�ء ع�مله الروائي بخي�رات جديدة، م�شتفيدا من

»لأن الوقت، وكذلك العروبية يف ذلك الثق�فة تي�رات

اأحداث الت�ريخ التي تبلورت وتخل�شت من التف��شيل«

الفني العمل اأف�شل يف كم� يقول، تتيح للك�تب حرية

حيث والإيح�ءات، الرموز ا�شتيع�ب من له تتحم مب�

ملق�ربته� وحرا حيوي� جم�ل الكربى الدللت تبقى

من قبل الك�تب.

ل رواية من�شورة لب�كثري، اأو الق�س« تعد » �شالمة

يف وذلك للج�معيني« الن�رش »جلنة عن �شدرت حيث

من��شفة الأوىل ب�ملرتبة ف�زت بعدم� ،1944 الع�م

مع رواية جنيب حمفوظ »رادوبي�س« يف اجل�ئزة التي

ك�نت متنحه� ال�شيدة »قوت القلوب الدمردا�شية« وهي

عبد الت�شوف يف الدمردا�شية الطريقة موؤ�ش�س ابنة

الرحيم الدمردا�س، وك�نت تكتب الرواية ب�لفرن�شية. ثم

« اإىل فيلم �شينم�ئي غن�ئي

حتولت رواية » �شالمة الق�س

ل�شيدة الغن�ء العربي: اأم كلثوم.

اأوائل واملدينة يف مكة الرواية بني اأحداث تدور

ل حتو ع�ثر حب ف�شول وت�رشد للهجرة، الث�ين القرن

م�شتحيل يف ظروف اجتم�عية و�شي��شية جعلت اإىل حب

. العذري� �رشيح� للحب منه منوذج� تراجيدي

احلب هذا ق�شة »ب�كثري« ا�شتقى اأين من لكن

ة؟ الع�ثر بني �ش�ب ع�بد زاهد، ومغنية �ش�ب

»ذكر ف�شل يف الأ�شفه�ين الفرج اأبو يقول

كت�ب من الث�من اجلزء يف وخربه�« الق�س �شالمة

الأغ�ين]ك�نت �شالمة مولدة من مولدات املدينة وبه�

العرب، بني املولودة اجل�رية هي واملولدة - ن�ش�أت

والتي تن�ش�أ مع اأولدهم، ويعلمونه� من الأدب مثل م�

يعلمون اأولدهم- اأخذت الغن�ء عن معبد وابن ع�ئ�شة

واإمن� ال�شمح وذويهم فمهرت. اأبي بن وجميلة وم�لك

لأن رجال يعرف بعبد الرحمن بن

�شميت �شالمة الق�س

ب ب�لق�س اء اأهل مكة، وك�ن يلقاأبي عم�ر اجل�شمي من قر

لعب�دته، �شغف به� و�شهر، فغلب عليه� لقبه. وا�شرتاه�

يزيد بن عبد امللك يف خالفة �شليم�ن، وع��شت بعده.[

هذه اأبط�ل اأن جند هذه، الأ�شفه�ين رواية من

كتب من نعرفهم حقيقيون، اأ�شخ��س هم الرواية

هذا اأهمية وتكمن العربي، الأدب وم�ش�در الت�ريخ

ه جعل العديد من �شخ�شي�ت ذلك الع�رش، اأن العمل يف

بينه� ك�نت واإن حتى ف�شوله، يف تلتقي واأعالمه

م�ش�فة م� يف تلك احلقبة الت�ريخية التي ع��شوا به�.

مع التث�قف رواية هي »

الق�س »�شالمة ورواية

الت�ريخ، ويف الوقت عينه،

معطي�ت من ت�شتفيد

فقد احل��رش، مع التجربة

بعدم� »ب�كثري« كتبه�

يف عميق� اإبح�را اأبحر

امل�ش�در الت�ريخية، وتتبع

احلك�ية هذه م�ش�در

الرتاث يف وتف��شيله�

الأغ�ين وخ��شة العربي

الأ�شفه�ين الفرج لأبي

لل�رشاج الع�ش�ق وم�ش�رع

لبن الن�ش�ء واأخب�ر

اأن وبعد و�شواه�، اجلوزي

به يف ب�أ�س ل زمن� ع��س

ع��س التي الأوىل البيئة

الرواية، تلك اأبط�ل فيه�

على ينطوي العمل فج�ء

على وقدرة فني مت��شك

الإم�ش�ك ب�حلدث واإدارته، والربط بني اأحداثه.

طبيعة من ج�نب على �شوءا الرواية هذه ت�شلط

احلي�ة الجتم�عية م� بني مكة واملدينة، وتعيد تقدمي

تخرج فنية بنكهة الإ�شالم، من احل�ش�ري اجل�نب

حراكه نحو التدوينية، وث�ئقيته �رشامة من الت�ريخ

للحب منوذج� مق�ربته� خالل من احلي، اليومي

الر�شني يف دولة بداأت تتجه نحو املدنية.

املراأة يف املجتمع الراوية �شورة م هذه تقد كم�

الإ�شالمي خالل الع�رش الأموي، بطريقة اأخرى متلفة،

وبعيدة عن منطيته� املعهودة، اإذ ل يعيد الك�تب تقدمي

اجل�رية رمزا م�شخ�شن� للمتعة اجل�شدية، واإمن� يقدمه�

جل�نب تخ�شع ظلت واإن متف�عال، � اجتم�عي منوذج�

اأث�رت وقد الع�رش. لذلك الجتم�عية التق�ليد من

هذه حول املتب�ينة الأفع�ل ردود حينه� يف الرواية

املع�جلة ب�لذات.

الراوية بالغة متينة، »ب�كثري« يف هذه ي�شتخدم

ولغة ذات نكهة اإعرابية، ولذلك ف�إن مفردات ق�مو�شية

الهوام�س، يف ب�رشحه� قمن� الرواية، �شي�ق يف ترد

ت�شهيال ملهمة الق�رئ، كم� يورد الك�تب بع�س الأ�شع�ر

�شعراء من لعدد تعود التي الق�ش�ئد من واملجتزاآت

الغزل العرب يف تلك احلقبة، وهو م� قمن� بن�شبته اإىل

اأ�شح�به اعتم�دا على تخريجه� من امل�ش�در الرتاثية.

جميع اإن اإىل التنبيه املهم من ف�إن هن� ومن

يف يرد مل م� هي الكت�ب هذا يف الواردة الهوام�س

« يف عن� و�ش من هو واإمن� للرواية، املن�شور الأ�شل

كت�ب يف جريدة«

حممد مظل�م

»�سالمة الق�س« والرواية التاريخية..

Page 4: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

4

ال�صحف ال�رشيكة

الأحداث - اخلرطوم

الأيام - رام اللـه

الأيام - املنامة

ت�رشين - دم�شق

الثورة - �شنعاء

اخلليج - الإمارات

الد�ستور - عمان

الراأي - عمان

الراية - الدوحة

الريا�ض- الريا�ض

ال�سعب- اجلزائر

ال�سعب- نواك�شوط

ال�سباح- بغداد

العرب- تون�ض، طرابل�ض الغرب ولندن

جملة العربي - الكويت

القاهرة - القاهرة

القد�ض العربي - لندن

النهار - بريوت

الوطن - م�شقط

اأدوني�ض

اأحمد ال�سياد

اأحمد بن عثمان التويجري

اأحمد ولد عبد القادر

جابر ع�سفور

جودت فخر الدين

�سيد يا�سني

عبد اللـه الغذامي

عبد اللـه يتيم

عبد العزيز املقالح

عبد الغفار ح�سني

عبد الوهاب بو حديبة

فريال غزول

حممد ربيع

مهدي احلافظ

نا�رش الظاهري

نا�رش العثمان

نهاد ابراهيم با�سا

ه�سام ن�سابة

مينى العيد

الهيئة الإ�صت�صارية

خ�سع ترتيب اأ�سماء الهيئة الإ�ست�سارية وال�سحف للت�سل�سل الألفبائي ح�سب ال�سم الأول. عدد رقم 146

)6 ت�رشين اأول 2010(

الراعي

حممد بن عي�سى اجلابر

MBI AL JABER FOUNDATION

امل�ؤ�ص�س

�سوقي عبد الأمري

املدير التنفيذي

ندى دلل دوغان

�صكرتاريا وطباعة

هناء عيد

املحرر الأدبي

حممد مظلوم

ر املق

بريوت، لبنان

ي�سدر بالتعاون مع وزارة الثقافة

ت�صميم و اإخراج

Mind the gap, Beirut

الإ�صت�صارات الفنية

�سالح بركات

غالريي اأجيال، بريوت.

املطبعة

پول نا�سيميان

الإ�صت�صارات القان�نية

"القوتلي وم�ساركوه - حمامون"

املتابعة والتن�صيق

حممد ق�سمر

كتاب يف جريدة

�شنرت دلفن، الطابق ال�شاد�ض

�شارع �شوران، الرو�شة

بريوت، لبنان

تلفون/ فاك�ض 835 868 1)0( 961+

[email protected]@hotmail.com

Page 5: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 52010

ب�سم �هلل �لرحمن �لرحيم »ولقد همت به وهم

ه« - �لقر�آن �لكرمي بها ل�ال �أن ر�أى برهان رب

�لف�سل �الأول

اأبي بن عبداللـه بن الرحمن عبد ا�شتيقظ

�شوت على الليل من الأخري الهزيع يف عم�ر

الآذان الأول ل�شالة ال�شبح، فنه�س عن فرا�شه،

على منه� ف�أطل غرفته، كوى من ة كو وفتح

اأق��شيه ا�شتملت وقد اأم�مه املنب�شط الف�ش�ء

ب�لظالم ال�ش�بغ، وبقيت تختلج يف اأدانيه، وعلى

وعلى الآخر، اجل�نب من البعيدة التالل روؤو�س

و�شم�له ميينه عن البي�ش�ء مكة ق�شور اأع�يل

اأطي�ف من �شي�ء القمر الغ�رب يف الأفق.

ال�شت�ء ريح من �ر بتي الرحمن عبد و�شعر

البليلة يت�رشب اإىل الغرفة، ف�أ�شلح جيب قمي�شه،

طرفيه واأرخى عنقه، حول ه فلف رداءه وتن�ول

ب�لعودة اأغراه لذيذ بدفء

ف�أح�س �شدره، على

مل ولكنه الأول، الفجر يطلع ريثم� فرا�شه اإىل

يداعب ب�لنع��س

اأح�س حتى ذلك يفعل يكد

عميق �شب�ت اإىل به �شينتهي اأنه واأيقن جفنيه

ر قد يفوت عليه �شالة اجلم�عة يف امل�شجد، وتذك

،1اأنه مل يكمل تلك الليلة حزبه من القراآن اأي�ش�

ف��شتع�ذ ب�للـه من ال�شيط�ن، ورمى حل�فه عنه

ورجع �أ وتو�ش ر فتطه املي�ش�أة اإىل وق�م بقوة،

اإىل الغرفة ينتف�س من الربد، ف�أم�ط فرا�شه عن

الو�شوء. ركعتي و�شلى عليه فوقف احل�شري

اأن عليه هجم خ�طر اأول ك�ن �شالته اأمت فلم�

ب�أمر تعنى ك�نت التي الربة العجوز ه اأم ر تذك

مطمئن� ي�ش�ء كم� ين�م فك�ن وقي�مه، �شالته

اإىل اإيق�ظه� اإي�ه يف الوقت املطلوب.

ته رب �ش�حلة امراأة الرحمن عبد اأم وك�نت

يف وزرعت والعب�دة، التقوى على �شغره منذ

هموم تكفيه وك�نت الدين. يف الفقه حب قلبه

اأبوه تركه الذي امل�ل بتدبري وتقوم عي�شه

الث�نية الرحمن عبد ي�شلخ ومل� م�ت اإذ لهم�

و�شلمته تربيته فتولت عمره، من

القراآن عنه فحفظ اأق�ربه� لأحد

قبل الع��رشة، وحببت اإليه امل�شجد

اأغلب فيه يعتكف فك�ن احلرام،

احلديث علم�ئه عن يروى الأي�م،

اإىل ويتلقى عنهم الفقه، ول يرجع

بيته يف اأطراف مكة اإل اآخر النه�ر،

القراآن يدار�شه� اأمه اإىل فيجل�س

ويذاكره� احلديث.

زوجه� توفى منذ همه� ك�ن

اأن ين�ش�أ ابنه� الوحيد ع�مل� فقيه�

بن كعط�ء اأو امل�شيب ابن ك�شعيد

اأن �شالته� يف اللـه تدعو وك�نت رب�ح، اأبي

ق له� هذا الأمل، ف��شتج�ب اللـه دعوته� فلم يحق

ت حتى راأت ابنه� ال�ش�ب م�رشب املثل مبكة مت

به اأهل مكة: »الق�س« يف فقهه وعب�دته، حتى لق

وغلب عليه هذا اللقب حتى ك�د ل يعرف اإل به.

لل�ش�ب عنوان� الق�س الرحمن عبد ا�شم وك�ن

العفيف الن��شئ يف عب�دة اللـه، املالزم للم�شجد،

الفقيه يف الدين. وك�ن ال�شيوخ والكهول يروون

ا�شتفت�ئه يف حرج� يجدون ول احلديث عنه

ي العلم عنه. وا�شتهر اأمره فلم يكن من بيت وتلق

مبكة مل ي�شمع به. ك�نت املراأة من ن�ش�ئه� تعلل

، وك�ن الرجل

ابنه� الر�شيع ب�أن ين�ش�أ ن�ش�أة الق�س

يتمنى على اللـه لو رزقه ولدا مثله.

ر عبد الرحمن اأمه ال�ش�حلة وتذكر ح�شن تذك

هموم اإي�ه وكف�يته� عليه وقي�مه� له تربيته�

احلنني فع�وده والعلم، للعب�دة ليتفرغ العي�س

اإليه� وا�شتد به احلزن عليه�، وك�ن قد خف عنه

ذلك بعدم� ان�رشم على وف�ته� ع�م ق�ش�ه عبد

حتى الذكرى، واأم�س احلزن اأ�شد يف الرحمن

اعتلت �شحته و�ش�ء ح�له ولكنه ك�ن ي�أخذ نف�شه

ب�ل�شرب والر�ش� بق�ش�ء اللـه، ويلج�أ اإىل ال�شالة

، والعب�دة كلم� ط�ف به ط�ئف من اللوعة والبث

يف وك�ن عليه�. م والرتح له� ب�لدع�ء مكتفي�

اإذ ذلك يعمل جهده بو�شيته� له وهي حتت�رش،

ي� اللـه »اأ�شتودعك املوت: �شكرات يف له ق�لت

عبد الرحمن. ل اأراك جتزع ملوتي وتن�شى الأن�س

ب�للـه«.

دقيق القلب، رقيق ك�ن الرحمن عبد ولكن

اأمه من احل�س، فلم يفلح يف اقتالع احلزن على

اأنه على الفينة، بعد الفينة يع�وده فظل قلبه،

بو�شية العمل على نف�شه يج�هد يفت�أ ل ك�ن

على له عون اأكرب العب�دة يف يجد وك�ن اأمه؛

كثريا ك�نت العب�دة هذه اأن لول اآلمه، تن��شي

اأمه اأ�شب�به� بذكري�ت م� تثري �شجونه، لقرتان

التي ك�نت توقظه يف ال�ش�عة املطلوبة من الليل،

دن� اإذا حتى معه، د وتتهج الو�شوء، له وتقرب

وقت ال�شالة نبهته للخروج اإىل امل�شجد، و�شيعته

دته ب�شيء من التمر والقديد اإىل الب�ب بعد اأن زو

به يف امل�شجد اإذا هو نوى العتك�ف فيه، 2يتبلغ

اأو يفطر عليه اإذا ك�ن �ش�ئم�.

ذكري�ت يف كذلك الرحمن عبد ا�شرت�شل

الليلة من اأمه، ولكنه ذكر مرة م� مل يكمله تلك

، وك�ن عليه اأن يكمله قبل خروجه حزبه القراآين

الذكري�ت تلك من نف�شه ف�قتلع امل�شجد، اإىل

م عليه�، وم�شح الع�ر�شة بعد اأن دع� لأمه وترح

طفق ثم عينيه، يف ترتقرق ك�نت عربة بردائه

يقراأ القراآن ب�شوته احلنون احلزين. وك�ن اإذا قراأ

اإنه حتى حوله، م� ون�شي فيه ا�شتغرق القراآن

ك�ن ل ينتبه ملرور الوقت اإل مب� ي�أتي عليه من

اأو يتمه من �شوره، فيعرف الوقت القراآن، اأجزاء

بذلك. ولكن ا�شرت�ش�له يف ذكري�ته تلك الليلة قد

اأخذ جزءا غري قليل من وقته، ف�أخط�أ يف تقديره

ال�ش�رع، يف النع�ل خفق اإل ذلك اإىل نبهه فم�

قد املحلة تلك يف جريانه اأن ذلك من فعرف

�شالة ل�شهود امل�شجد اإىل يتوجهون اأخذوا

هوؤلء؛ قبل يخرج اأن ع�دته من وك�ن ال�شبح.

ة فنه�س قبل اأن يتم حزبه من القراآن وفتح الكو

مرة اأخرى فراأى نور الفجر قد انت�رش يف الأفق،

كتفيه على واألقى يه، خف ولب�س ثي�به ف�رتدى

الكت�ن من رداءه وتن�ول البي�ش�ء، عب�ءته

وخرج راأ�شه، على ره كو ثم ف�أداره الأبي�س

اإىل انتهى حتى يه بخف رج الد يقرع م�رشع�

من 3الب�ب ففتحه فخرج ثم اأغلقه، وانتزع اأقليده

فغرزه الب�ب ج�نب على التي ال�شغرية الفتحة

يف و�شطه، وم�شى منطلق� يف طريقه اإىل امل�شجد

وهو يقراأ م� بقي عليه من حزبه.

بخطواته الأر�س ينهب الرحمن عبد �ش�ر

ف�شبق �شيء؛ على يلوي ل ال�رشيعة الوا�شعة

كثريا من الرج�ل الذاهبني اإىل ال�شالة من �شب�ب

ون يخط ز عج و�شيوخ بقوة، مي�شون وكهول

ك�ن فقد وراءه. جميع� فخلفهم ،� خط الأر�س

– واعتالل اأمه اأمل به من احلزن لوف�ة على م�

ن�شيط الأ�رش �شديد البنية قوي – لذلك �شحته

احلركة. فلم� دن� من امل�شجد راأى الن��س يدخلون

من هو فدخل املختلفة، اأبوابه من اأفواج� اإليه

اأحده�. وبين� هو يف طريقه ق��شدا جهة الكعبة

ق�رب قد هرم� �شيخ� منه مقربة على ملح اإذ

الكعبة اإىل جهة الثم�نني من عمره، يدب دبيب�

وقد تقو�س ظهره وتهدل جفن�ه على عينيه، فدن�

منه عبد الرحمن وحي�ه ق�ئال: »ال�شالم عليك ي�

اأب� الوف�ء«.

�شيء يف راأ�شه ورفع ال�شالم العجوز فرد

التج�عيد، ذو وجهه وا�شح� فظهر اجلهد، من

ال�ش�ربة البي�ش�ء الأبي�ش�ن، وحليته وح�جب�ه

اأذنيه، اإىل �شحمتي املر�شلة 4ته يف �شدره، وجم

ك�أنه� اأطرافه� من حتت عم�مته اخل�رشاء تطل

عين�ه ملعت الرحمن عبد راأى فلم� ؛ 5الف�غية

بربيق الفرح، حتى ك�أن �شب�به امل��شي كله قد

ع� يف عينيه وق�ل: »مرحب� ي� بن ع�د اإليه متجم

. اأين كنت اأم�س فقد اأبي عم�ر... اأهال بك ي� بني

بحثت عنك فلم اأجدك؟ اإين اأريدك يف اأمر جلل!«.

ف�أج�به عبد الرحمن ق�ئال: »خريا ي� عم«.

فال ال�شالة بعد به »�ش�أحدثك ال�شيخ: ق�ل

تن�رشف حتى اأراك«.

الوف�ء«. اأب� ي� »�شمع� الرحمن: عبد فق�ل

ونظر اإىل وجه ال�شيخ كمن يح�ول اأن يعرف م�

ذلك الأمر اجللل الذي يريد ال�شيخ اأن يتحدث اإليه

فيه، ولكن ال�شيخ مل ميهله اأن ق�ل: »انتظرين عند

حلقة الدر�س«، وم�شى اإىل �شبيله اإىل حيث ي�أخذ

مك�نه يف ال�شالة، وكذلك فعل عبد الرحمن.

�لف�سل �لثاين

يف �شمط�ء عجوز ك�نت احلني ذلك يف

يف مت�شي عمره� من واخلم�شني ال�ش�د�شة نحو

الواقع يف طرف دهليز �شيق يف بيته� ال�شغري

ون. وك�نت حتمل من اأطراف مكة م� يلي احلج

الدهليز حتى وقفت له� �شمعة ت�شيء يده� يف

وت�شيح تقرعه ف�أخذت �شغرية غرفة ب�ب عند

ي� قومي �شالمة! �شالمة! »�شالمة! من�دية:

واأنت ال�شم�س طلعت قد ج�رية ي� اإ�شحي بنت!

ن�ئمة!«.

فلم الأول من اأ�شد قرع� الب�ب وقرعت

ظهر قد �شيقة غرفة ف�إذا ففتحته اأحد، يجبه�

رث �رشير ال�شمعة �شوء على منه� ج�نب يف

اقرتبت قدمي. بلح�ف مدثرة فت�ة عليه تن�م

ال�رشير وهي تقول: »�شالمة.. قومي العجوز من

ف�أخذت الفت�ة عن اللح�ف و�شحبت �شقية«. ي�

جنب اإىل جنب من وتتقلب وتتث�ءب ى تتمط

وهي تقول: »اآه.. دعيني ي� مولتي ن�ئمة – م�

اللح�ف واأع�دت الوقت مبكرا«. ق�لت ذلك يزال

على ج�شمه�. لكن العجوز ع�ودت �شحب اللح�ف

د الكلم�ت ذاته� » قومي ي� عن الفت�ة وهي ترد

�شقية. الوقت مت�أخر، ولي�س مبكرا، لقد ح�ن وقت

نومه� من الفت�ة نه�شت ن�ئمة« واأنت ال�شالة

وهي تقول »اآه ب� مولتي ليلة الب�رحة مل اأمن اإل

اأبن ج�رن� دار ك�نت الليل، منت�شف بعد قليال

ك�ن وقد واملرح، الغن�ء ب�أ�شوات ت�شج �شهيل

�شوت غن�ء جميل ي�أتي من تلك الدار واأن� ا�شتمع

العذب هو �شوت ال�شوت الليل، ك�ن اإليه طوال

�سالمة

الق�س*

علي اأحمد باكثري

* اعتمدنا في نشر الرواية طبعة مكتبة مصر - القاهرة 1977

Page 6: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

6

جميلة مطربة املدينة امل�شهورة«

ي�شوبه� لهجة يف وق�لت العجوز فتنهدت

ال�شتنك�ر وال�شم�تة: »نعم.. اأي �شيء ي�أتين� من

اه من ف�ش�د الزم�ن!!«. اأهل املدينة اإل هذا؟ اأو

واأجمل �شوته� اأعذب م� مولتي ي� »اآه

غن�ءه�!«.

»هل كنت تت�شمعني اإليه�؟ ويل لك، مل�ذا مل

ت�شدي اأذنيك وتن�مي؟«

انفجرت اجل�رية �ش�حكة �شحك�ت متقطعة،

وق�لت: �شيدته� من القول هذا ت�شتغرب ك�أنه�

»اأ�شد اأذين واأن�م؟ هئ هئ هئ هئ.. وهل ك�ن يف

اإىل اإن �شوته� ي� مولتي ليت�رشب و�شعي ذلك؟

الن�شيم اأذين كم� يت�رشب الأمل احللو – كم� يهب

العذب – كم� يداعب النع��س الأجف�ن!«.

مينة راأ�شه� ومتيل تتثنى اجل�رية واأخذت

ثم وي�رشة،

ن�شوة وهي ترتمن: »تن نه�شت عن �رشيره� يف

تن تن تن تن تن تن! تن تن تن تن تن تن تن!«.

و�شط ح�لة يف وهي العجوز فق�طعته�

ي� ا�شكتي »�شه، ق�ئلة: وال�شحك الغ�شب بني

ف�علة!«

ملولته� ت�شمع اأن ت�ش�أ مل اجل�رية ولكن

تن!« تن تن تن تن »تن مرتمنة: وا�شتمرت

وطفقت ترق�س يف انت�ش�ء وغنج وهي تغني:

اأنف�شن� و�شفت م� تعد زتن� »ليت هندا اأجن

د � جت م

6ة واحدة.. ..«

وا�شتبدت مر

وراأت اأم الوف�ء اأنه� قد �شربت ل�شالمة اأكرث

م� ينبغي له� اأن ت�شرب عليه�، فنهرته� وو�شعت

يده� على فمه� ق�ئلة: »�شه ا�شكتي! مل يبق اإل اأن

� اذهبي ف�شلي واحلبي ترق�شي وتغني هن�. هي

ثم اللنب

اخرجي

قبل اإلين� لتعودي املرعى اإىل ب�لغنيم�ت

الظهر«.

وعرفت �شالمة اجلد يف مولته� فم� و�شعه�

مولتي، ي� »�شمع� ق�ئلة: اأمره� تطيع اأن اإل

على ف�ألقته� عب�ءته� واأخذت ن�زلة«. ه�اأنذا

اأن ل عز عليه� للخروج، ولكنه� كتفه� مت�أهبة

تتمكن من اإمت�م رق�شته� واأغنيته� فخرجت من

الع�جز من ل »اإمن� الب�ب وهي ترق�س وتغني:

ي�شتبد«.

وهي تتبعه� وراءه� الوف�ء اأم وم�شت

علين� �شتف�شدين جميلة! ي� اللـه »ح�شبك تقول:

جوارين�«.

�لف�سل �لثالث

قد الن��س فرنى احلرام امل�شجد اإىل ونعود

اإىل رجع من فمنهم ال�شبح، �شالة من فرغوا

بقي من ومنهم عمله، اإىل ان�رشف اأو بيته،

ويطوف القراآن، يتلو اأو اللـه، يذكر امل�شجد يف

حلق�ت من حلقة اإىل ي�شتمع اأو ب�لكعبة،

الدر�س، حتى تطلع ال�شم�س وترتفع قدر رمح

اإل من نوى الن�فلة ثم ين�رشفون، في�شلون

العتك�ف ب�مل�شجد فيبقى فيه ول يرجع اإىل

بيته اإل بعد �شالة الع�ش�ء.

ا�شتدارت قد امل�شجد من ج�نب وهذا

فيه� الن��س ي�شتمع حلقة فيه

يقول: وهو العلم�ء اأحد اإىل

اللـه �شلى النبي عن ...«

)خري ق�ل: اأنه و�شلم عليه

ثم يلونهم، الذين ثم قرين، القرون

الذين يلونهم(.. ف�أب�رشوا اأيه� الن��س

اللـه احمدوا القرون، خري من اإنكم

تع�ىل مل يجعلكم من خري القرون

بط�عته، القي�م لتقوموا خري اإل

وتكونوا بذلك اأهال لب�ش�رة نبيه.

اللـه األ فمن خ�لف منكم كت�ب

يح��شبه ف�شوف ر�شوله و�شنة

على ع�شريين ح�ش�بني اللـه

من اأ�ش�ع م� وعلى ذنبه،

نعمته...«.

طلعت قد ال�شم�س وك�نت

بحيث حتل ال�شالة، واأخذ الن��س

الوف�ء اأبو ال�شيخ وهذا يتنفلون،

ويدعو: فل الن �شالة من ي�شلم

ويف ح�شنة الدني� يف اآتن� »ربن�

الن�ر«. عذاب وقن� ح�شنة الآخرة

من كهالن رجالن ج�نبه واإىل

من اأي�ش� فرغ� قد اأ�شح�به

الثالثة انتظر وم� يدعوان. واأخذا �شالته�،

اأبي ابن الرحمن عبد عليهم اأقبل حتى طويال

ونه�شوا ال�شالم، عليه فردوا عليهم ف�شلم عم�ر

الوف�ء؟ اأب� ي� اأنت »كيف وق�ل: ف�ش�فحهم له

؟«. كيف اأنتم� ي� اأخوي

اأبي ف�أج�ب اأحد الكهلني: »اإنن� بخري ي� بن

فلم التم�شن�ك لقد اأم�س؟ كنت اأين ولكن عم�ر..

جندك ل يف امل�شجد ول يف البيت«.

عقب �شالة »لقد خرجت الرحمن: عبد ق�ل

ال�شبح اإىل �شيعتن� ب�لوادي اأنظر يف �ش�أنه�، ومل

اأعد اإل ليال«.

والتفت الكهل اإىل ال�شيخ ق�ئال: »األ تخربه ي�

اأب� الوف�ء ب�لأمر؟«.

الرحمن عبد اإىل ونظر الوف�ء اأبو فتنحنح

اأن نريد »اإن� ق�ئال: والعطف احلب ملوؤه� نظرة

ي� �شمعك ف�أعرين خطري، اأمر يف اإليك نتحدث

.»بني

فق�ل عبد الرحمن: »خريا ي� عم«.

لك م� تعلم »اإنك ق�ئال: الوف�ء اأبو وا�شتمر

وفقهك وتقواك ل�شالحك الن��س يف مك�نة من

بك اأهل مكة يف الدين على حداثة �شنك، حتى لق

، واعتربوك بحق خليفة عط�ء بن اأبي رب�ح،

الق�س

واأن جميلة املغنية قد وردت اإىل هذا البلد الأمني

�شغلتني عن �شهيل، وقد اآل ونزلت عند جريانن�

بغن�ئه� قبله� التي والليلة الب�رحة �شالتي

وب�طله�، فهل لك اأن تكلم الوايل يف �ش�أنه� ع�شى

فتي�نن� علين� تف�شد اأن قبل ب�إخراجه� ي�أمر اأن

وفتي�تن�«.

ق�ئال: جبينه على يده الرحمن عبد ف�أمر

»اأجل ي� عم قد بلغني ذلك ف�غتممت لأمره ول

يئ�س قد ال�شيط�ن اإن ب�للـه. اإل قوة ول حول

طريق من اأهله� فج�ء الط�هرة البلدة هذه من

الغن�ء«.

الوايل، اإىل الغداة »ف�ذهب ال�شيخ: ق�ل

فكلمتكم اإن �ش�ء اللـه م�شموعة«.

ف�عرت�س عبد الرحمن ق�ئال: »ولكني نويت

اأبو ف�أج�به اليوم«. هذا امل�شجد يف العتك�ف

الوف�ء: »اإن العتك�ف �شنة وهذا فر�س عليك ي�

م الفر�س على ال�شنة«. بني، فال عليك اأن تقد

�شكت عبد الرحمن هنيهة ثم ق�ل: »�شمع� ي�

لذلك ف�ئدة كبرية، اأجد واإن كنت ل الوف�ء.. اأب�

ال�ش�عر اأمر اأكلمه يف الوايل اإىل دت ترد فط�مل�

�س للمح�شن�ت الف�جر عمر بن اأبي ربيعة اإذ يتعر

في�شبب بهن ويفرتي عليهن...«.

اأن اأن �ش�ح قبل اأبو الوف�ء نف�شه ومل ميلك

يتم عبد الرحمن جملته ق�ئال: »اأجل وهل تغنت

الف�جرة الب�رحة اإل ب�شعر هذا الف�جر؟«.

Page 7: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 72010

وده�س ال�شيخ اإذ �شمع اأحد الكهلني ي�ش�أله يف

اهتم�م وا�شح: »ب�أي �شعره تغنت؟« وك�ن الكهل

وجهه فعال النبو من هذا �شوؤاله يف م� اأدرك

اخلجل. ولكن اأب� الوف�ء مل ير ب�أ�ش� يف اأن يجيبه

فق�ل وقد األن من لهجته: »بقوله – حل�ه اللـه –

الرحمن فتب�شم عبد تعد«. اأجنزتن� م� ليت هندا

حدثني من �شمعت »ولكني الآخر: الكهل وق�ل

ال�شعر يف هذا بع�س ين�شد عب��س ابن �شمع اأنه

امل�شجد«.

»مع�ذ وق�ل: الوف�ء اأب� ة احلد فع�ودت

اأمل للن��س! اللـه لقد كذب عليه من حدثك. اللـه،

يكذبوا على �ش�حبن� عط�ء بن اأبي رب�ح ويجروؤ

�ش�عرهم اأن يقول:

كي هل يف تز�ور فتي �ل �سل�� �ل

ة م�ستاق �لف�ؤ�د جناح؟ و�سم

فقال معاذ �للـه �أن يذهب �لتقي

ق �أكباد بهن جر�ح تال�س

كالهم� وطفق يجيب� ومل الكهالن ف�شكت

ينظر اإىل الآخر.

لأبي فق�ل حريتهم� الرحمن عبد وحلظ

يكذب مل عم ي� »كال ن�عمة: لهجة يف الوف�ء

ابن �شمع اأنه اأي�ش� الثقة حدثني لقد حمدثه،

عب��س ين�شد بع�س هذه الأبي�ت«.

يقول: وا�شتمر م�شتغرب� ال�شيخ اإليه فنظر

قلوب يغزو الذي الغن�ء غري الإن�ش�د »ولكن

الن��س ب�لإثم ويلهيهم عن ذكر اللـه«.

ف�رشي عن الكهلني وخف�س اأبو الوف�ء راأ�شه

اللـه اأن�شدك اأي ح�ل »على رقيق: ب�شوت وق�ل

ي� بني اإل م� ذهبت الغداة اإىل الوايل لعله ي�شمع

هذه املرة، فيطرد عن� هذه الف�جرة؟«.7ق�لتك

فق�ل: »ط�عة ي� اأب� الوف�ء.. �ش�أفعل«.

»ب�رك اللـه فيك ي� بني ووفقك للخري«. ق�ل

هذا اأبو الوف�ء واجته �شوب الب�ب ليخرج وتبعه

الثالثة �ش�متني.

�لف�سل �لر�بع

بعد املرعى اإىل ب�شويه�ته� �شالمة خرجت

اأن �شلت ال�شبح وحلبت اللنب ملولته� العجوز،

غداة وك�نت ال�شم�س، �رشوق قبل ذلك وك�ن

على ال�ش�ئر حتمل ال�شت�ء غدوات من ب�ردة

البهجة النفو�س يف وتبعث واحلركة، الن�ش�ط

والن�رشاح، وال�شت�ء مبكة ك�لربيع يف غريه� من

البلدان املعتدلة، ولذلك ك�ن �رشواة اأهل احلج�ز

هذا وك�ن ب�لط�ئف، وي�شيفون مبكة ي�شتون

عنوان ال�رشاوة والرتف عندهم.

املدينة، مولدات من ج�رية �شالمة ك�نت

الث�منة تتج�وز مل �شغرية الوف�ء اأبو ابت�عه�

لت�ش�عد زوجه اأم الوف�ء يف القي�م ب�شوؤون بيته�،

ال�ش�لح، البيت فرتعرعت اجل�رية يف كنف هذا

وعلمته� تربيته�، ف�أح�شنت الوف�ء اأم واأحبته�

به� الرب يف جهدا ت�أل ومل القراآن، من �شورا

اجل�رية يف حب� زاده� وم� عليه�، والعطف

وتعلق� به� اأن اأولده� مل ي�شلموا له�، وقد يئ�شت

من الولد حني كربت وكرب زوجه� فك�نت تعترب

كم� ب�لتدليل عليه� ت�شن ومل ك�بنته�، �شالمة

تفعل الأم مع ابنته�، فن�ش�أت �شالمة لذلك متدللة

اأ�شبه واأنه� �شلط�ن� على مولته�، له� اأن ت�شعر

ب�بنة البيت منه� بج�ريته.

ويرفق اأي�ش� عليه� يحنو الوف�ء اأبو وك�ن

تكن مل اأنه� اإل وجتله، حترتمه وك�نت به�،

يك�شو مل� وذلك الوف�ء، لأم تطلقه� له تتطلق

طلعته من امله�بة والوف�ر ولقلة ع�رشته� له، اإذ

ك�ن يق�شي جل نه�ره يف امل�شجد، فك�نت ل تراه

اإل ن�درا يف وقت الظهرية حني يرجع للغداء، اأو

يف طرف الليل حني ي�أوي للمبيت.

الوجه، وك�نت �شالمة من �شغره� �شبيحة

الذهن، متوقدة احلديث، حلوة الل�ش�ن، ف�شيحة

جميلة وك�نت والنكة. الدع�بة اإىل متيل لعوب�

ن�ش�أت ولو وحن�ن. رخ�مة �شوته� يف ال�شوت

اأم بني ال�ش�لح البيت هذا غري اآخر بيت يف

ج�وزت وقد – بقيت مل� الوف�ء واأبي الوف�ء

الرابعة ع�رشة من �شنه� – تخدم املنزل وترعى

الغنم. ك�نت على حبه� ملولته� وموله� ت�شعر

تخلق مل ب�أنه� مبهم� �شعورا نف�شه� قرارة يف

تعرفه ل اآخر ل�شيء خلقت واأنه� البيت، لهذا

اإح�ش��ش� عميق�. به

مت�م املعرفة، ولكنه� حت�س

ك�نت متيل اإىل الغن�ء فال تك�د ت�شمع حلن� حتى

اإىل ال�شبيل اأنه� ك�نت قليال م� جتد اإل حتفظه،

اأبو الذي ي�شكن فيه الغن�ء يف ذلك احلي �شم�ع

الدارجة الأحل�ن ت�شمعه من م� اإل األلهم الوف�ء

تتغنى به� اجلواري والغلم�ن يف �شوارع مكة، اأو

تلك التي ترتمن به� الراعي�ت والرع�ة يف مواقع

بغنم اإليه� تخرج ك�نت حني خ�رجه� الكالإ

مواليه�.

– ا�شرتى مكة اأهل 8اة �رش من � �رشي ولكن

بجوار كبرية حديقة – احلني ذلك م�شى لع�م

وابتنى به� الوف�ء يف طرف من مكة، اأبي بيت

البن�ء، وعنى ب�حلديقة حتى دارا فخمة �ش�مقة

جعله� بهجة للن�ظرين، فتغري ذلك احلي ال�ش�كن

فيه و�ش�عت ال�رشي هذا به نزل منذ املتوا�شع

العظمة من ثوب� واكت�شى والبهجة، احلركة

والبذخ. وك�ن ابن �شهيل قد ورث م�ل كثريا عن

حمب� وك�ن والي�ش�ر. النعمة ن�ش�أة ون�ش�أ اأبيه

ال�شعراء واملغنني للغن�ء واللـهو مولع� مبن�دمة

الأموال. عليهم ويغدق الآف�ق من ي�شتقدمهم

فقلم� ا�شتهر �ش�عر يف ذلك الع�رش اأو نبه �شيت

مغن اأو مغنية اإل ك�نت لبن �شهيل �شلة به.

الكف املنخرق ال�رشي هذا حللول وك�ن

اأحي�ء من احلي هذا يف وال�شعر ب�لغن�ء املولع

ك�ن وك�أمن� �شالمة. حي�ة يف الكبري اأثره مكة

يف ليطلع الق�ش�ء من مق�شودا تدبريا ذلك

امل�شتقبل من تلك اجل�رية املجهولة يف بيت اأبي

اأنواره� الغن�ء، ت�رشق الوف�ء �شم�ش� �ش�طعة يف

على اأو�ش�ط النعمة يف احلج�ز وق�شور اخلالفة

يف ال�ش�م.

قدمت جميلة كبرية مغني�ت املدينة قدمته�

تلك اإىل مكة فنزلت عند ابن �شهيل يف هذه الدار

اجلديدة، ولقيت عنده م� يليق مبق�مه� و�شهرته�

للغن�ء لي�يل به� واأحيت والإكرام، احلف�وة من

�شطع فيه� فنه� الرفيع و�شهده� كثري من حمبي

الغن�ء مبكة وذاع بع�س اأحل�نه� حتى تغنى به

الن��س يف ال�شوارع. واأحدث مقدمه� �شجة كبرية

واأ�شفق الفقه�ء ورج�ل ال�شالح والتقوى من اأن

والفتي�ت، الفتي�ن ول�شيم� الن��س، به� يفتنت

ف�شعوا يف اإخراجه� من مكة، وك�ن من اآث�ر ذلك

اأبي عم�ر لي�شكو الوف�ء لدى ابن اأبو م� ق�م به

اأمره� اإىل وايل البلد.

اأحيته� التي الق�ش�ر اللي�يل تلك ك�نت

جميلة يف دار ابن �شهيل نعمة كبرية على �شالمة

اإذ ا�شتط�عت – وهي م�شتلقية على فرا�شه� – اأن

يف ترتجع ك�نت التي اأحل�نه� ب�شم�ع ت�شتمتع

ق�شور يف احلور نغم�ت وك�أنه� الليل �شكون

اجلن�ن.

بعد قليال اإل تلك ليلته� �شالمة تنم مل

الأغ�ين حتى بتلك الليل. وك�نت حتلم منت�شف

كع�دته� توقظه� مولته� تكد ومل نومه�. يف

اأن خ�شية ببع�شه� ترمنت حتى الفجر مطلع

تدع مل الوف�ء اأم ولكن منه�، حفظت م� تن�شى

له� ذلك فوجدت �شالمة يف خروجه� لرعي الغنم

ذلك اليوم فر�شة كبرية لتتغنى يف ذلك املرعى

الف�شيح كم� ت�ش�ء، دومن� رقيب.

اإذ الع�شب قليل الف�شيح املرعى هذا ك�ن

ذاك، فك�ن الرع�ة يتنقلون لذلك من مو�شع اإىل

وهي منه ن�حية يف �شالمة وظهرت مو�شع،

ت�شوق غنمه� وتغني:

زتنا ما تعد ليت هند� �أن

د ا ت و�سفت �أنف�سنا م

و��ستبدت مرة و�حدة

ا �لعاجز من ال ي�ستبد �إن

غالم منه� بعد على وراءه� ي�شري وك�ن

�شالمة �شوت �شمع الغنم من قطيع� يرعى

ف�أخذ يتن�شت له من حيث ل تراه. وق�ل لنف�شه:

الراعية »عجب� هذا �شوت جميلة! ترى من هذه

اأك�د الإج�دة حتى ال�شوت هذه هذا التي جتيد

اأح�شبه� جميلة نف�شه�؟«.

وا�شتمرت �شالمة يف غن�ئه�:

ار�ت لها ولقد قالت جل

ذ�ت ي�م وتعرت تبتد:

نني �أكما ينعتني تب�ص

د؟ عمركن �للـه �أم ال يقت�س

احكن وقد قلن لها: فت�س

ح�سن يف كل عي من ت�د

لنه من �أجلها ح�سد� حم

�سد وقدميا كان يف �لنا�س �ل

واقرتب الغالم من مو�شع �شالمة وهو يك�د

تتغنى راعية قبله� ير فلم الطرب، من يطري

من النحو هذا وعلى الرفيع، الغن�ء هذا مبثل

الإج�دة، وق�ل يف نف�شه: »ي� اللـه! اإن يف �شوت

عذبة ل توجد حتى يف �شوت 9هذه اجل�رية لغنة

جميلة«.

وقد مهل، على �ش�ئرة �شالمة وك�نت

الراعي للغالم تنتبه فلم غن�ئه� يف ا�شتغرقت

الذي ك�ن ي�شري وراءه� على مقربة منه�. وك�نت

كلم� تذكرت بيت� من الق�شيدة طربت له، ورددته

اإذا حتى عليه، �شمعته الذي اللحن مث�ل على

غنت قوله:

»قلت ي� هند متى ميع�دن�«

»�شحكت مكمال: غنى اأن حكيم يتم�لك مل

هند وق�لت بعد غد«.

املف�جئ، ال�شوت لهذا �شالمة ريعت

والتفتت وراءه� فراأت الغالم فعجبت كيف يجيد

هذا اللحن راع مثله، على اأنه� �رشع�ن م� �شعرت

له ابت�شمت حتى له� ابت�شم اأن فم� اإليه، ب�أن�س

ك�أمن� قد تع�رف� من قبل.

ق�ل حكيم: »للـه �شوتك ي� ج�رية.. هذا غن�ء

جميلة، من اأين اأخذته؟«.

فق�لت: »واأنت ك�أين بك تعرف هذا اللحن«.

اأ�شوات اأعرف كثريا من اإين ق�ل له�: »اأجل

جميلة«.

تهلل حتى هذا له� يقول الغالم ك�د وم�

ثمني كنز على عرثت ك�أنه� �رشورا وجهه�

وق�لت: »اأحق م� تقول؟ األ ت�شمعني منه� �شيئ�«.

فق�ل له� اإنه �شيفعل ذلك، ولكنه يريد اأول اأن

يعرف من هي وم� ا�شمه�؟

ف�أخربته اأنه� ج�رية ال�شيخ اأبي الوف�ء، واأن

واأخذ حكيم، ا�شمه اإن له� فق�ل �شالمة ا�شمه�

يحدثه� عن نف�شه، وك�ن م� ق�ل له� اإن مواليه

ب�شعة مكة اإىل ف�نتقلوا املدينة اأهل من ك�نوا

Page 8: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

8

Page 9: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 92010

جم�ل�س ي�شهد فك�ن ب�لعقيق، ن�ش�أ واأنه اأ�شهر،

الغن�ء فيه.

وقوي حكيم حديث ل�شم�ع �شالمة طربت

ع�ه من معرفة كثري من اد اعتق�ده� ب�شحة م�

اإليه، واإقب�له� عليه، اأ�شوات جميلة، فزاد ميله�

اأحل�ن من �شيئ� حكيم ي� »اأ�شمعني له: وق�لت

جميلة«.

اأترعني اأول خربيني ولكن لف�عل »اإين

�شويه�تك هن� كل يوم؟«.

»نعم ي� حكيم«.

»واأن� اأي�ش� �ش�أرعى غنمي هن� كل يوم«.

حكيم من املط�ولة بهذه �شالمة وبرمت

فق�لت يف �شيء من احلدة: »ب�للـه م� لن� ولهذا،

اأ�شمعني من اأ�شوات جميلة اأقول لك«.

وق�ل ير�شيه� اأن ف�آثر برمه� حكيم راأى

�شعر يف جميلة �شنعته حلن� »�ش�أ�شمعك له�:

بن� نقعد ، فهلمي 10

الرقي�ت اللـه بن قي�س عبيد

واأ�ش�ر اأ�شفله«. التل ونر�شل غنمن� يف على ذلك

اإىل تل �شغري اإىل ي�ش�رهم� على اأ�شفله قليل من

وم�شي� اقرتح م� على �شالمة فوافقته الع�شب،

يه�ش�ن غنمهم�، واأ�شعدا يف التل حتى قعدا على

اأ�شفله يف يرعى الغنم وانت�رش ال�شفح، منت�شف

واختلط بع�شه ببع�س.

�شوته زال وم� ب�لغن�ء يغمغم حكيم بداأ

ذلك يف �شداه رن حتى ف�شيئ� �شيئ� يرتفع

اخلالء:

»بنف�سي من ل� مر برد بنانه

على كبدي كانت �سفاء �أنامله

ومن هابني يف كل �سيء وهبته

11

فال ه� معطيني وال �أنا �سائله«

اأن منعه� وم� �شديدا طرب� �شالمة فطربت

حفظ حم�ولة يف اجته�ده� اإل فرتق�س تقوم

م� اإل بربك حكيم.. ي� »اأح�شنت وق�لت: اللحن،

.»اأعدته علي

ف�أع�د عليه� اللحن مرة بعد مرة حتى ق�لت

اللحن �ش�أعيد ا�شمعني حكيم.. ي� »ح�شبك له:

اخلط�أ اإن اأخط�أت«.عليك ف�أردد علي

ق�ل له�: »افعلي ونعيم عني«.

برد بن�نه من لو مر

فغنت �شالمة: » بنف�شي

على كبدي ك�نت �شف�ء اأن�مله «.

مل يل! »تب� وق�لت: الغن�ء عن وقفت ثم

اأح�شن اللحن«.

ف�أع�د حكيم ال�شطر الث�ين وطفق يكرره وهي

اأجدته ذي اأنت »ه� له�: ق�ل حتى معه تكرره

الآن«. فك�ن جذله� عظيم�.

غنمهم� يتفقدان ال�شفح من فنزل ونه�ش�

ويعيدان م� ند منه وابتعد عن تلك البقعة، ثم ع�دا

ي�شتبق�ن اإىل مك�نهم� يف ال�شفح ف�رمتت �شالمة

على مقعده�، وارمتى حكيم قريب� منه�، واأر�شال

�شحك�ت تخ�لطه اجلري تعب من طويال دا تنه

– وب�شم�ت الرباءة من ج�نب �شالمة بريئة كل

من قبل حكيم ل تخلو من مع�ين الغزل.

طفقت حتى يهداأ �شالمة نف�س ك�د وم�

التقليد، حم�ولة عنه� ارتفعت وقد اللحن تعيد

واأر�شلت نف�شه� على �شجيته�، ومدت من �شوته�

له� ط�ب م� فيه� ورجعت متد، اأن �ش�ءت م�

ي�شدق �شديدا، ومل الرتجيع، فطرب حكيم طرب�

اأنه ي�شمع اللحن الذي لقنه� اإي�ه منذ �ش�عة، ونظر

اإىل ال�شي�ه ال�ش�ئمة يف اأ�شفل التل فخيل له اأنه�

قد كفت عن الرعي وا�رشاأبت ب�أعن�قه� اإىل م�شدر

ذلك اللحن العلوي البديع، فم� لبث اأن �ش�ح يف

ده�س: »ويل لك م� هذا؟!«.

وانتبهت �شالمة لختالف حلنه� عن الأ�شل

فق�لت: »تب� يل! عدت اإىل خطئي«.

ق�ل له�: »كال واللـه م� هذا بخط�أ.. لقد زدت

لقد واللـه الأ�شل.. يف لي�س عذوبة بهذا اللحن

�ش�أن فيه لك وليكونن �شالمة، ي� للغن�ء خلقت

– واإمن� اأنت يف ح�جة اإىل معلم ت�أخذين الغن�ء عنه«.

الب�رد على قلب الكلم�ت ك�لطل نزلت هذه

لديه� عم� وا�شح� تعبريا عربت لأنه� �شالمة،

به� حت�س ك�نت التي الغن�ئية املوهبة من

يف حينئذ �شك لديه� يبق فلم مبهم�، اإح�ش��ش�

اإذا وجدت من ي�أخذ اأنه� �شت�شري مغنية عظيمة

نظرة حكيم اإىل ونظرت ال�شبيل، هذا يف بيده�

ملوؤه� ال�شكر وق�لت: »لكن من يل بذاك املعلم ي�

حكيم؟«.

اأطرق حكيم حلظة ثم ق�ل له� يف �شيء من

اأحل�ن من �شيئ� اأعرف اإنني لك »قلت الرتدد:

اأحل�ن من جملة اأعرف اأنني واأزيدك جميلة،

غريه�. فهل لك اأن ت�أخذيه� عني؟«.

د �شالمة اأن ق�لت: »اأفعل ي� حكيم، فلم ترتد

ولك املنة والف�شل«.

جزائي »م� ق�ئال: اإليه� ب�رشه حكيم رفع

عندك اإن علمتك اإي�ه� ي� �شالمة؟«.

»جزاوؤك.. ق�ئلة: واأج�بته �شالمة ف�شحكت

اأملك �شيئ� ي� حكيم«. فق�ل له�: اإين ل اأدري. ل

»بل متلكني كل �شيء ي� �شالمة«.

وق�لت يريد م� لبع�س �شالمة وفطنت

متج�هلة: »واللـه رب هذا البيت ل اأملك �شيئ�«.

الفم هذا وعندك هذا تقويل »ل له�: ق�ل

الأرجواين والثن�ي� اللوؤلوؤية!«.

يف وق�لت اخلجل بحمرة خده� ف��شطبغ

اأتريد«.. فب�دره� حكيم الع�تب: »تب� لك.. لهجة

ق�ئال:

»قبلة ي� �شالمة.. اأو قبلتني«.

بت وجهه�: »ويل لك.. بئ�س م� ق�لت وقد قط

ربتك اأمك ي� حكيم!«.

تني اأمي.. ف�أج�به� مبت�شم�: »اأجل بئ�س م� رب

ك�نت – يرحمه� اللـه – كثريا م� تقبلني!«.

عنه كفت ثم ال�شحك يف �شالمة ف�أغرقت

ي� تعلمني األ هذا.. من »دعن� وق�لت: فج�أة

حكيم؟«.

ق�ل له�: »ومتنحيني القبلة ي� �شالمة؟«.

وق�لت: �ش�حكة اإليه نظرت ثم ف�شكتت..

»اأمنحك اإي�ه�«.

ف�قرتب منه� حكيم ق�ئال: »ه�تي فواللـه اإن

املك�ن خل�ل«.

ف�رتدت �شالمة قليال اإىل الوراء ق�ئلة: »ل..

لي�س الآن.. حتى تعلمني«.

ق�ل حكيم وقد ع�د اإىل مك�نه الأول: »ح�شن�

�ش�أعلمك كل يوم حلن� اأو حلنني على اأن تعطيني

قبلة على كل حلن«.

ف�أج�بته �ش�حكة: »قبلت �رشطك ي� م�كر«.

»اإذن وق�ل: الظ�فر ابت�ش�مة حكيم ف�بت�شم

ب�للحن عندك ا�شتحققته� التي القبلة فه�تي

الذي علمتك اإي�ه الآن«.

ق�لت: اإذ املقنع الرد تعدم مل �شالمة ولكن

التف�ق، هذا بينن� نربم اأن قبل علمتنيه »اإنك

فلي�س لك اأن تط�لبني ب�شيء بعد«.

ق�ل له� وقد �شعر ب�أنه املغلوب: »ويل لك م�

اأذك�ك! غدا اأ�شتحق لديك قبال كثرية!«. ف�بت�شمت

واأج�بته ق�ئلة: »غدا ي�أتي اللـه ب�لفرج!«.

�لف�سل �خلام�س

ت الأي�م ترتى على حكيم و�شالمة وهم� مر

حلن� عنه فت�أخذ املرعى، يف يوم كل يلتقي�ن

ا�شتنفدت حتى يعرفه�، ك�ن التي الأحل�ن من

م� عنده منه�، وظال بعد ذلك يتط�رح�ن الأغ�ين

ال�شم�س يف ا�شتقلت اإذا ال�ش�لفة ويعيدانه� حتى

كبد ال�شم�ء، رجعت �شالمة اإىل البيت فق�مت مب�

عليه� من �شوؤونه.

عن تت�أخر م� كثريا ذلك خالل يف وك�نت

مولته�، فتع�تبه� البيت اإىل جميئه� موعد

تختلقه الأعذار من بعذر تبعته� من ل فتتن�ش

اختالق�؛ وك�نت اأم الوف�ء تت�ش�مح معه� يف ذلك

ل�شدة حبه� له� وتعلقه� به�.

ل ك�نت حتى ب�لغن�ء �شالمة ولوع وزاد

تكن�س اأو الطع�م تطبخ وهي عنه تكف تك�د

عن ب�لكف الوف�ء اأم ن�شحته� وط�مل� املنزل،

لتنت�شح. تكن فلم فيه عليه� و�شددت ذلك،

تغني، وهي مرة غري الوف�ء اأبو وف�ج�أه�

اأ�شد الزجر، وتوعده� ب�ل�رشب، فك�نت فزجره�

تكف عن الغن�ء يوم� اأو يومني، ولكنه� ل تلبث

اء ذلك اأنه قلم� ك�ن اأن تعود اإليه. وك�ن من جر

مي�شي يوم ل ي�شتد فيه التالحي بني اأبي الوف�ء

والت�ش�مح ب�لهوادة يتهمه� ك�ن اإذ الوف�ء، واأم

مع اجل�رية، واأنه� لو ق�شت عليه� واأخذت بج�نب

احلزم يف ت�أديبه� لكفت عن هذا الب�طل.

يف عنه� تدافع ك�نت الوف�ء اأم اأن واحلق

اأول الأمر وتنتحل له� الأعذار، وتعد زوجه� ب�أن

نف�شه� ب�طله�، حتى �ش�قت �شتكف عن �شالمة

�شالمة، ف�ئدة من ن�شح راأت ل الأمر حني اآخر

ت�أديبه� عن عجزت ب�أنه� زوجه� ف�أعلمت

اأمره� يت�رشف يف اأن احلق يف له ترتك واأنه�

بيعه� اأمر يف الوف�ء اأبو ف�ش�وره� ي�ش�ء، كم�

للتخل�س منه�، وك�ن ذلك �شديدا على اأم الوف�ء

حلبه� ل�شالمة، ولكنه� مل جتد عذرا تعرت�س به

على هذا الراأي فر�شيت به على كره.

رجعت �شالمة من املرعى ذات يوم وبيده�

ت ف�أف�ش البيت ت�شوق به� غنمه�، ودخلت ع�ش�

فيه مطبخ ميينه على يقع متو�شط �شحن اإىل

احل�ئط على معلقة وترى احلج�رة، من اأث�يف

12

اخل�شبية واجلف�ن النح��شية القدور بع�س

من الآخر اجل�نب ويف الأواين. من وغريه�

فيه� تطحن التي املنزل رحى تقع املطبخ

احلبوب، وعلى ي�ش�ر ال�شحن مرب�س ت�أوي اإليه

الغنم له ب�ب �شغري.

يف الغنم تدخل وهي الغن�ء �شالمة ذكرت

اأظنني »ويلي لنف�شه�: تقول ف�أن�ش�أت املرب�س

ن�شيت حلن اليوم«. ثم طفقت تزمزم ب�لغن�ء:

رقي بعي�سكم ال تهجرينا

13نى ثم �مطلينا ومنينا �ل

الط�بق من الوف�ء اأم حينئذ اإليه� ونزلت

له�: ق�لت عليه� ب�رشه� وقع فلم� الأعلى،

»اأ�شبحت تت�أخرين كل يوم ي� �شالمة«.

ف�أج�بته� �شالمة ق�ئلة: »ذلك لأين اأذهب اإىل

املرعى البعيد«.

املراعي تخت�رين ل »مل العجوز: له� ق�لت

القريبة؟«.

»لأن املراعي القريبة مل يعد فيه� كالأ«.

»هي� اأدخلي الغنم واأ�رشعي بطبخ الغداء«.

ف�رشي عن �شالمة اإذ وقف عت�ب العجوز عند

هذا وق�لت: »�شمع� ي� مولتي«. وك�أمن� رق قلب

العجوز له� اإذ �شمعت هذا اجلواب الن�عم فق�لت:

»هداك اللـه ي� بنية. اأوقدي الن�ر و�ش�آتيك بقطعة

اللحم. اإن اأب� الوف�ء ا�شرتى لن� حلم� هذا اليوم«.

Page 10: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

10

»ولي�س عندن� �شيف ي� مولتي؟«.

»ل لي�س عندن� �شيف«.

مل ف�إين اللحم من ن�شيبي يل ري وف »اإذن

اأذقه يف املرة ال�ش�بقة«.

ف�شحكت العجوز وق�لت: »ول اأن� ي� �شالمة..

اإن ال�شيف مل يرتك لن� �شيئ�«. ق�لت ذلك وخرجت

من ب�ب ال�شحن لت�شعد اإىل الط�بق الأعلى.

بيده� املرب�س ح�ملة �شالمة من وخرجت

فمالأته م�ء من زير كبري يف ال�شحن، ثم 14

مركن�

اأع�دته اإىل املرب�س لي�رشب منه الغنم واأو�شدت

الب�ب عليه. وذهبت نحو املطبخ ف�أخذت ت�شعل

الن�ر بقدح الزن�د على رقيق �شعف النخل الي�ب�س

وهي ترتمن:

رقي بعي�سكم ال تهجرينا

نى ثم �مطلينا ومنينا �ل

ا عدينا يف غد ما �سئت �إن

15

. و�إن مطلت �ل��عدينا! نحب

اللحظة هذه يف ع�دت قد العجوز وك�نت

ال�شحن ب�ب على فوقفت اللحم ة قف وبيده�

تن�شت للغن�ء معجبة به، ولكنه� كتمت اإعج�به�

وظهرت يف �شورة الغ��شبة ودخلت وهي تقول:

»جميل واللـه ي� �شالمة! هذا غن�ء جديد اأتيت به

الذي اليوم. بودي واللـه اأن اأعرف من هذا ال�شقي

يعلمك كل يوم حلن� جديدا«.

فب�درته� �شالمة ق�ئلة: »ل اأحد.. اإمن� �شمعته

يف طريقي اإىل املرعى فحفظته«.

عن تنتهني »اأم� مغ�شبة: العجوز ق�لت

ع�قبك م� يكفك اأمل – هذه ال�شيط�ن مزامري

عليه مولك؟«. ف�أج�بته� �شالمة ق�ئلة: »اإنني ل

اأ�شتطيع اأن اأقوم بعملي �ش�متة ك�حل�ئط!«.

القراآن من �شورا »اأم� علمتك العجوز: ق�لت

الب�طل؟.. الغن�ء هذا من بدل تقرئينه� ل فلم

اقرئي م� تي�رش منه� حتى اإذا �شمعك مولك �رش

و�شمعك ة غر على مولك ج�ء لو اللـه فو منك،

وليغ�شنب �شديدا �رشب� لي�رشبنك بعد تغنني

لأين ل اأكفك عن هذا اللغو«.علي

القدر ت�شع وهي هنيهة �شالمة �شمتت

»خريا ق�لت: ثم اللحم فيه� وترمي الن�ر على

�ش�أقراأ – القراآن من �شيئ� �ش�أقراأ مولتي ي�

وال�شحى«.

ف�رشت العجوز لقوله� وق�لت: »افعلي ب�رك

اللـه فيك« وقعدت على دكة املطبخ تق�رش ثوم�

بيده� ت�ش�عد بذلك �شالمة.

و�رشعت �شالمة تقراأ وهي ترمي احلطب على

الن�ر: »اأعوذ ب�للـه من ال�شيط�ن الرجيم. ب�شم اللـه

ا�شتح�ل �شوته� م� الرحيم«. و�رشع�ن الرحمن

اإذا والليل حى »وال�ش تتلو: ترجيع� وغن�ء وهي

خري ولالآخرة • قلى وم� ربك عك ود م� • �شج�

لك من الأوىل«..

فق�طعته� العجوز ق�ئلة: »قد قلت لك مرارا

فغ�شبت النغمة«. هذه على القراآن تقراأي ل اأن

ت �شالمة وق�لت: »كيف اأقروؤه اإذا؟ واللـه لقد حر

يف اأمركم ل اأدري كيف اأر�شيكم!«.

اأن موقفه� من هذه الوف�ء �شعرت اأم وك�أن

اجل�رية ل يخلو من التعنت فق�لت له� يف رفق:

»اقرئيه كم� اأقراأتك اإي�ه ي� �شالمة.. اقرئي هكذا:

وم� ك رب عك ود م� • �شج� اإذا والليل حى وال�ش

اأفهمت؟« الأوىل.. من لك خري ولالآخرة • قلى

وتكلفت �شالمة اجلواب ق�ئلة: »نعم فهمت«.

اجل�رية ب�أمر 16

بعلت قد اأن الوف�ء اأم راأت

ت�ش�ء كم� تقراأ وحده� ترتكه� اأن اخلري واأن

انتهت قد وك�نت القراآن، تقراأ اأنه� فح�شبه�

�شالمة، اأم�م طبق الثوم، فو�شعته يف ق�رش من

املرقة من اأن ل تكرث يف اأو�شته� ب�أن واكتفت

ال�شيخ ملوله� جيدا اللحم تن�شج واأن امللح

وان�رشفت دون اأن تقول له� �شيئ� اآخر.

وع�دت �شالمة فقراأت كم� حتب مولته� اأن

عك ود م� • �شج� اإذا والليل حى »وال�ش « تقراأ:

ربك وم� قلى • ولالآخرة خري لك من الأوىل«..

وم� اأمتت هذه الآي�ت الأوىل من ال�شورة حتى

الغن�ئية نغمته� اإىل تق�شد ل حيث من ع�دت

الأوىل، وذلك حني اأخذت تقراأ: »ول�شوف يعطيك

ى • اأمل يجدك يتيم� ف�آوى • ووجدك ك فرت�ش رب

�ل فهدى • ووجدك ع�ئال ف�أغنى«. �ش

وطفقت تكرر هذه الآي�ت على نحو م� ت�شنع

ب�ل�شعر وتذهب به� مذهبه، واتفق يف خالل ذلك

اأن ج�ء اأبو الوف�ء من اخل�رج ف�شمع غن�ء ثم م�

اأنه قراآن يتلى، فق�ل يف نف�شه: اأن تبني له لبث

»�شبح�ن اللـه م� هذا؟ اأتالوة اأم غن�ء؟«.

اإىل ي�شتمع ال�شحن ب�ب عتبة على ووقف

� • واأم� اليتيم فال تقهر �شالمة وهي تتلو: ]ف�أم

ك فحدث[. � بنعمة رب • واأم�ئل فال تنهر

ال�ش

ودخل بع�ش�ه، الأر�س ث�ئره و�رشب فث�ر

ف�علة! ي� لك »ويل ق�ئال: مغ�شب� ال�شحن

علمن�ك القراآن لتنتهي عن الغن�ء، فذهبت تتغنني

ب�لقراآن.. اأين اأم الوف�ء؟«.

ارت�عت اجل�رية فجمدت يف مك�نه� ل تنب�س

ببنت �شفة.

»اأم وين�دي: ال�شيخ ي�شيح مزجمرا وا�شتمر

الوف�ء.. ي� اأم الوف�ء!«.

واأج�بت اأم الوف�ء من اأعلى »نعم«، وهبطت

»م� تقول: فرائ�شه� وهي ترعد واأقبلت ب�رشعة

ب�لك؟«.

تقراأ اخلبيثة هذه ت�شمعي اأمل ب�يل؟ »م�

هي هذه ال�شعر؟ ب�أبي�ت تتغنى ك�أنه� القراآن

القراءة التي تعلمته� منك؟«.

من الق��شية اللـهجة بهذه العجوز فوجئت

زوجه� ف��شت�ش�ظت غ�شب� وق�لت: »اأو اأعرف اأن�

يف رجل ي� ى ترتو اأم� اإي�ه؟ ف�أعلمه� ب�لغن�ء

كالمك فتقول خريا اأو ت�شمت؟«.

و�شعر ال�شيخ ال�ش�لح اأن قد غلبت عليه احلدة،

تزجريه� عن »وفيم مل ق�ئال: لهجته ف�ألن من

هذا العبث؟«.

»وم�ذا ع�ش�ي اأن اأ�شنع؟ لقد نهيته� عن هذا

مرارا فلم تنته، اإن �شيط�ن الغن�ء يتالعب براأ�شه�

ولي�س يف و�شعي اأن اأطرد ال�شيط�ن«.

ال�شيط�ن هذا اأطرد اأن ا�شتط�عي يف »لكن

من راأ�شه� اأو اأرمي هذا الراأ�س خ�رج البيت«.

ق�ل ال�شيخ هذا ونظر اإىل وجه اجل�رية ك�أنه

اخلوف من �شالمة وا�شطربت بي�ش�ء، �شفحة

فت�ش�غلت ب�لطبخ، واقرتب منه� ق�ئال: »ي� بنية

بكالم فغني تغني اأن اإل �شيط�نك لك اأبى اإن

الغ�وين من ال�شعراء.. ولكن حذار اأن ت�شنعي ذلك

بكالم رب الع�ملني، اأت�شمعني؟«.

ي� »نعم خ�ف�س: ب�شوت �شالمة ف�أج�بته

مولي«. وانفجرت ب�كية.

الوف�ء اأم وبقيت ف�شعد، الوف�ء اأبو وخرج

البك�ء يف 17

ت�شتخرط راأته� فلم� �شالمة عند

دمعت عين�ه�، وانحنت عليه� توا�شيه�، ف�أن�شت

اإليه� اجل�رية وم�لت براأ�شه� على حجره�، وم�

راأ�شه� على ومت�شح ت�شليه� به� العجوز زالت

وظهره� حتى �رشي عنه� فق�مت اإىل عمله�.

ق�ئلة وتداعبه� تالطفه� العجوز ولبثت

له�: »ل تبتئ�شي ي� بنية، ل �شيف عندن� اليوم،

�شحكت حتى اللحم«. من ن�شيبك لك ف�ش�أوفر

�شالمة وم� تزال يف م�آقيه� اآث�ر الدمع.

�شعدت اأم الوف�ء اإىل زوجه� بعد اأن اطم�أن

اأقبلت عليه حتى ق�ل قلبه� على ج�ريته�، فم�

لأبيعنه� واللـه اجل�رية، هذه اأتعبتن� »لقد له�:

ولو بدرهم!«.

فلم جتبه اأم الوف�ء ب�شيء ف��شتمر ق�ئال: »لقد

ويعطي �رشائه� يف يرغب �شهيل ابن اإيل بعث

به� ثمن� كبريا، ولول معرفتي اأنه اإمن� رغب يف

ابتي�عه� ليتخذه� مغنية لبعته� له«.

»وم�ذا ق�لت: ثم هنيهة الوف�ء اأم �شمتت

عليك منه؟ اإن مل يكن لك بد من بيعه� فبعه� له

ولي�شنع به� م� ي�ش�ء«.

اأكون معين� اأن اإن فعلت »اأخ�شى فق�ل له�:

على هذه املع�شية«.

ق�لت: »ل يح��شب الإن�ش�ن اإل على م� نوى.

مغنية خلقت اإنه� هذا؟ غري تفعل ع�ش�ك وم�ذا

و�شتن�ش�أ مغنية �شئت اأم اأبيت«.

�لف�سل �ل�ساد�س

ت ثالثة اأعوام على هذه احلوادث توفيت مر

يف اأثن�ئه� اأم الوف�ء من مر�س ط�ل به� على اأثر

فراقه� ل�شالمة التي ب�عه� زوجه� جل�ره ال�رشي

ابن �شهيل.

وانت�بته الوف�ء اأبي ال�شيخ قوة ووهنت

م� كثريا فك�نت الع�لية ال�شيخوخة اأمرا�س

تقعده عن �شهود اجلم�عة يف امل�شجد، اإل اأنه ك�ن

�ش�برا حمت�شب� للـه ل ي�شكو ول يت�أمل، وك�ن يجد

الذين ك�نوا اأ�شدق�ئه ال�شلح�ء الأن�س يف روؤية

يختلفون اإليه، ويعودونه اإذا مر�س، وي�شحبونه

امل�شجد. اإىل للخروج ن�ش�ط� نف�شه يف وجد اإذا

واأكرثهم ترددا ات�ش�ل به اأ�شد هوؤلء وك�ن من

عبد ال�ش�ب و�شديقه الكهالن �ش�حب�ه عليه

الرحمن بن اأبي عم�ر.

مل يطراأ على عبد الرحمن من �شيء جديد يف

على متر حي�ته فك�نت الثالثة، الأعوام خالل

فمن و�شفه، تقدم م� نحو على واحدة وترية

ل البيت، اإىل امل�شجد ومن امل�شجد اإىل البيت

يعرف غريهم� اإل اأن يذهب اإىل بيت اأبي الوف�ء

يف �شيعته اإىل يخرج اأن اأو يزوره، اأو يعوده

�ش�حية مكة يتعهده�.

اأم� �شالمة فقد تبدلت حي�ته�، وتغريت عم�

ا�شرتاه� منذ ال�ش�بق الف�شل يف عليه تركن�ه�

لنمو ال�ش�حلة البيئة عنده فوجدت �شهيل، ابن

عنى فقد احلي�ة، يف وظيفته� واأداء مواهبه�

من جم�عة به� ووكل كبرية، عن�ية بتعليمه�

الكت�بة فتعلمت والع�زفني، واملغنني ال�شعراء

العود على العزف وحذقت ال�شعر، فنون ولقنت

موله� عند وحظيت الطرب.. اآلت من وغريه

حتى عظيم� �شغف� به� و�شغف الطروب ال�رشي

ك�ن ل ي�شرب عنه� �ش�عة. وك�ن يعقد له� جم�ل�س

الغن�ء يف داره فت�شهده� الطبق�ت املتخلفة من

ال�شعراء واملغنني وحمبي ال�شعر والغن�ء.

يوم ذات عم�ر اأبي بن الرحمن عبد خرج

فلم� كع�دته، ال�شبح ل�شهود �شالة امل�شجد اإىل

احللم ر تذك الدع�ء يف واأخذ ال�شالة من انتهى

قلبه ف�متالأ الب�رحة الليلة راآه يف من�مه الذي

رعب�، وق�ل: »اللـهم اإين اأعوذ بك اأن ت�شلني بعد

الهدى«. وتال املعوذتني ثم ق�ل: »اللـهم اجعله�

اأ�شغ�ث اأحالم«.

والتم�س اأب� الوف�ء يف املو�شع الذي ي�شلي

فيه فلم يجده، ووجد �ش�حبيه الكهلني فحي�هم�

ثم �ش�ألهم� عنه فعلم منهم� اأنه مري�س، واأنه مل

ي�شهد اجلم�عة منذ يومني، ف�عتزم عبد الرحمن

Page 11: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 112010

اأن يعوده ذلك اليوم.

فلم� ع�ده وجده م�شطجع� على فرا�س على

ف�شلم بخدمته يقوم اأ�شود عبد وعنده الأر�س

ب به، واأراد اأن يجل�س عليه فرد عليه ال�شالم ورح

الرحمن يفعل ذلك، وقعد على يدعه عبد له فلم

احل�شري اإىل ج�نبه وهو يقول: »ل ب�أ�س عليك اأب�

الوف�ء، �شف�ك اللـه وع�ف�ك!«.

»ل ق�ئال: منخف�س ب�شوت ال�شيخ ف�أج�به

اآ�شف عن اأراك اللـه ب�أ�ش� ي� عبد الرحمن، اإين ل

�شيء ي� بني اإل على �شهود اجلم�عة«.

»كيف جتدك اليوم ي� عم؟«.

اإن ج�شم اللـه ي� بني.. »اأجدين ب�رئ� بنعمة

اأن الكربى الط�مة واإمن� في�شفى، ليعتل املرء

متر�س الروح«.

عند خ��س وقع هذه ال�شيخ لكلمة وك�ن

لقد ي� عم، اأبي عم�ر ف��شطرب وق�ل: »�شدقت

مالأ الب�رحة راأيته حلم� هذه كلمتك ذكرتني

قلبي رعب�، و�شغلني همه طوال وقتي«.

»م�ذا راأيت ي� بني؟«.

»راأيت ك�أين كنت يف اجلنة اإذا ب�شوت جميل

لأ�شتمع ف�نطلقت اجلنة، ب�ب خ�رج من اآت

اإذا اقرتبت من اإليه وخرجت اإىل الأعراف، حتى

اجل�نب الآخر م� يلي الن�ر ب�رشت على �شفريه�

ب�مراأة ك�أجمل م� راأيت من الن�ش�ء، حملولة ال�شعر،

الي�رشى يده� ويف و�شطه�، ي�شرت م� اإل ع�رية

مزم�ر، فلم� راأتني فزعت اإيل ك�أمن� تعرفني من

بعنقي وت�شبثت اليمنى بيده� وطوقتني قبل،

اأنقذين! عبد الرحمن الرحمن وهي ت�شيح: »عبد

اأغثني!«. و�شدى م� ح�ولت الإفالت من قب�شته�

ف�أخذت اأجذبه� اإىل جهة اجلنة وهي تنجذب اإىل

جهة الن�ر، حتى وقفن� مع� على �شفري اله�وية،

�شوت على ف�نتبهت منظره�، لهول ف�رتعت

املوؤذن ب�شالة الفجر!«.

هب حتى حديثه يتم الرحمن عبد يكد ومل

ج�ل�ش�، ف��شتوى اأع�نته قوة ك�أن الوف�ء اأبو

هذه ذهنه يف يدير ك�أنه �ش�مت� هنيهة ولبث

الروؤي� الغريبة ثم ق�ل: »م� اأرى هذا احللم اإل من

على تق�ش�شه ول عنه ب�للـه ف��شتعذ ال�شيط�ن

اأحد، فقد بلغن� عن النبي �شلى اللـه عليه و�شلم

اأنه ق�ل:

ول ب�للـه فليتعوذ ه ت�رش ل روؤية راأى »من

يق�ش�شه� على اأحد ف�إنه� ل ت�رشه«.

فق�ل عبد الرحمن: »اأعوذ ب�للـه من ال�شيط�ن

الرجيم«.

وع�د ال�شيخ للحديث فق�ل: »ل تخف ي� بني

فلن يجد ال�شيط�ن اإليك �شبيال، اإنك ل�ش�ب مب�رك

اإل فيك الن��س عرف م� اللـه ط�عة يف جمتهد

لك يف �شورة ل متثبني ي� ال�شيط�ن اإنه اخلري.

�رة ليفتنك عن دينك«. امراأة زم

من وخرجت غن�ئه اإىل �شبوت يل! »ويل

عبد هذا ق�ل هلكت!«. لقد اللـه واأمي اجلنة..

الوف�ء اأبو يقول اأن ع�شى م�ذا وانتظر الرحمن

يف ت�أويله هذا.

وفكر ال�شيخ قليال ثم ق�ل: »ل تخ�س �شوءا ي�

ق�س.. اأمل تقل يل اإنك كنت يف اجلنة؟ واإنه ي� بني

من دخل اجلنة ل يخرج منه�«.

لقد الوف�ء، اأب� ي� �ش�حلة اللـه »جزاك

اللـه ب�رشك تني وب�رش روعي اأت هد

ب�خلري«.

راأ�شه الوف�ء اأبو ك فحر

وجهه جللت وقد وق�ل

ي� »اإنك الهم: من غ��شية

روؤي� من فزعت بني

يف قولك فم� الن�ر،

اأن��س ي�شهدون اأن ل اإله

اإل اللـه واأن حممدا ر�شول

اإىل فيه� يغرقون اللـه

اآذانهم وهم م�شتب�رشون؟

– �شهيل ابن هذا ج�رن�

عليه وت�ب له اللـه غفر

ونه�ره ليله يق�شي –ال�شيط�ن، مزامري يف

من اأعوانه وم�ش�مرة

والقي�ن الغ�وين، ال�شعراء

ينفق عليهم من واملغنني،

م� وال�رشاب الطع�م األوان

فقراء على بع�شه اأنفق لو

واأيت�مه� واأرامله� مكة

لدخل اجلنة من اأي اأبوابه�

�ش�ء«.

تتح�در الدموع وطفقت

»غفرانك يقول: وهو عينيه من

ي� اإلهي غفرانك!«.

بك�ء من الرحمن عبد فتعجب

ال�شيخ ف�ش�أله: »م� يبكيك ي� اأب� الوف�ء!!«.

من الدمع مي�شح وهو الوف�ء اأبو ق�ل

مع�شية على اأعنته اأكون اأن »اأخ�شى عينيه:

اللـه ي� بني«.

»مع�ذ له: وق�ل الرحمن عبد عجب ف�زداد

اللـه.. كيف ذلك ي� اأب� الوف�ء؟«.

فق�س عليه ال�شيخ حديث ج�ريته �شالمة،

فق�ل له عبد الرحمن:

م�شوؤول عن اإنك غري عم.. ي� عليك »خف�س

عمله«.

»لكني كنت اأعلم اأنه �شيفعل ذلك«.

»يغفر اللـه لك ي� اأب� الوف�ء، اإن اللـه لأرحم

من اأن يوؤاخذك على جريرة �شواك«.

خري وهو بني ي� ب�للـه الظن »ذلك

الغ�فرين«.

عه وا�شت�أذن عبد الرحمن يف الن�رشاف فود

زي�رته 18

اأن ل يغب واأو�ش�ه �ش�كرا، الوف�ء اأبو

بذلك الرحمن عبد فوعده بقربه، ي�أن�س لأنه

وان�رشف.

خرج عبد الرحمن من بيت اأبي الوف�ء وم�شى

لل�شيخ، وم� الطريق يفكر فيم� ق�له ال يف متمه

ق�له ال�شيخ له، وذكر كلمته عن ج�ره ابن �شهيل،

ف�شوب نظره اإىل حيث يقيم هذا اجل�ر الذي �شقى

على فخمة دارا فراأى وجواره، بقربه �ش�حبه

ثالث طبق�ت، يحيط به� ب�شت�ن وا�شع عليه �شور

در، اأ�شج�ر النخيل وال�ش ق�شري تظهر منه روؤو�س

19

وراأى يف اجل�نب الأق�شى من الب�شت�ن امل�رشبة

التي ي�شتقبل فيه� ابن �شهيل �شيوفه،

ل�س يج� و

Page 12: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

12

ندم�ءه من املغنني وال�شعراء.

ف�شمع ال�شور بج�نب الرحمن عبد م�شى

�شوت� ك�لغن�ء اآتي� من قبل امل�رشبة الواقعة يف

اأق�شى ال�شور، وكلم� اقرتب منه� ومن ب�ب ال�شور

وو�شوح�، ارتف�ع� ال�شوت زاد عليه� املف�شي

واإذا به يغني:

�إذ� وجدت �أو�ر �لب يف كبدي

د! ذهبت نح� �سقاء �لاء �أبت

اء ظاهره د �ل هبني بردت بب

20

فمن لنار على �الأح�ساء تتقد؟

واإذا برعدة ت�رشي يف مف��شل عبد الرحمن،

يث�قل يف م�شيته وهو يقول: »عجب� م� به واإذا

اأ�شبه هذا ال�شوت ب�شوت املراأة التي راأيته� يف

احللم.. للـه م� اأعذبه.. اإن له حلالوة يف قلبي«.

الإ�رشاع فتكلف موقفه اإىل فج�أة وانتبه

فتنة من ب�للـه »اأعوذ يقول: وهو امل�شي يف

ابن برز ال�شور ب�ب ح�ذى اإذا حتى ال�شيط�ن«.

�شيوفه ليتفقد ق�م وك�ن الب�ب، من �شهيل

وال�شعراء، املغنني اليوم من اإليه ذلك الق�دمني

فعرفه م�شيه، يف يحدر الرحمن عبد ف�أب�رش

ف��شتوقفه ق�ئال: »مهال ي� بن اأبي عم�ر، األ ت�شلم

علين�؟«.

الرحمن، وك�ن يعرف ابن اإليه عبد ف�لتفت

�شهيل من قبل وكثريا م� راآه يف امل�شجد، فق�ل:

»ال�شالم عليك ي� بن �شهيل«.

ف�أج�به ابن �شهيل ووجهه يتهلل من الب�رش:

»وعليك ال�شالم ورحمة اللـه، اأهال بك ي� بن اأبي

عم�ر«. واأقبل اإليه ي�ش�فحه ق�ئال: »كيف اأنت ي�

؟«.

ق�س

»بنعمة اللـه ي� بن �شهيل«.

»من اأين ي� بن اأبي عم�ر؟«.

»من عند اأبي الوف�ء اأعوده«.

وغ��شت �شهيل ابن وجه على الت�أثر فظهر

ابت�ش�مته قليال وق�ل: »عجل اللـه ب�ل�شف�ء لأبي

اأن خ�شيتي ولول ، اعتل اأنه بلغني لقد الوف�ء،

هذا لأحب اإين اللـه فو لعدته، مبقدمي ي�شيق

الرجل ال�ش�لح قدر م� يبغ�شني هو«.

ال�شدفة بهذه �رشه يف الرحمن عبد ففرح

الفر�شة هذه ينتهز اأن وراأى يتوقعه�، مل التي

ال�ش�نحة ليكلم ابن �شهيل يف �ش�لح اأبي الوف�ء،

الغن�ء ب�أ�شوات اإزع�جه عن ب�لكف وين�شحه

ورن�ت العيدان، فق�ل له: »اأم� اإنه لعلى حق يف

بغ�شك. لقد �شك� اإيل اأنك تزعجه بغن�ئك وق�شفك

وت�شغله عن تالوته و�شالته«.

ب�لعطف: يندى ب�شوت �شهيل ابن فق�ل

يت�أذى اأن علي لي�شق عم�ر اأبي بن ي� »واللـه

هذه بنيت واللـه ولقد ال�ش�لح، اجل�ر هذا مني

اجل�نب هذا يف تراه� التي اجلديدة امل�رشبة

الق�شي من احلديقة لأبتعد به� عن داره فال ت�شل

اإليه اأ�شوات الغن�ء«.

»لقد اأح�شنت بهذا ي� بن �شهيل �شنع�، وحبذا

اللـهو عن فتقلع نف�شك اإىل حت�شن لو

والغن�ء جملة فت�شرتيح وتريح«.

»ي� وق�ل: �شهيل ابن فتب�شم

ابي بن ي� ا�شتط�عي ذلك يف ليت

عم�ر، ولكني امروؤ ابتلى بهذا اللـهو

فم� ي�شتطيع اأن يعي�س بدونه. اآه ي�

ق�س اأح�شبني قد اأ�شتغني عن الغذاء

ول اأ�شتغني عن الغن�ء«.

راأ�شه الرحمن عبد فحرك

ق�ئال: »م� اأ�شد جنونكم اأرب�ب اللـهو،..

اأ�ش�أل اللـه لك الهداية والتوبة ي� بن

�شهيل«.

ب�شوت �شهيل ابن فق�ل

خ��شع: »اللـهم اآمني«.

وتهي�أ عبد الرحمن للم�شي

فق�ل له ابن �شهيل: »اإىل

اأين ي� بن اأبي عم�ر؟«.

ق�ل عبد الرحمن:

»اإىل امل�شجد«.

�شهيل: ابن ق�ل

اأبي »لي�س الآن ي� بن

اإىل معي هلم بعد.. الظهر وقت يحن مل عم�ر..

بب�ب منزيل ول اأن متر فلي�س من احلق املنزل

ج عليه.. اأ�شهد جمل�شن� اليوم ف�شيجتمع عندي تعر

و�شت�شمع يت�ش�جلون، ال�شعراء ط�ئفة من فحول

اإن �شئت من ج�ريتي �شالمة غن�ء مل ت�شمعه يف

حي�تك«.

»ولن ب�مل�شي: يهم الرحمن وهو عبد فق�ل

اأ�شمعه اإن �ش�ء اللـه«.

فجذب ابن �شهيل رداء �ش�حبه برفق وق�ل:

»كال ي� ق�س ل تربح مك�نك حتى تدخل منزيل«.

الرحمن وق�ل ب�شوت فيه حدة: فحرج عبد

»اأتدعوين اإىل اللـهو والغن�ء ي� بن �شهيل؟«.

يرتفع ل اأن علي لك عم�ر. اأبي بن ي� »ل

�شوت ب�لغن�ء م� بقيت عندي يف املنزل«.

اأكره اأين تعلم اإنك �شهيل، بن ي� لك »�شكرا

واملغنني، ال�شعراء �ن جم من اجلم�عة هذه

واأ�شيق بروؤية وجوههم التي عليه� غربة الف�شوق

والع�شي�ن«.

ابن فعلم ال�شور خلف من جلبة و�شمعت

�شهيل اأن �شيوفه قد قدموا، فق�ل لعبد الرحمن:

»ه� قد اأقبل القوم فهلم ي� بن اأبي عم�ر«.

بن ي� اأن�رشف »دعني الرحمن: عبد فق�ل

�شهيل«.

ظهر حتى كلمته يتم الرحمن عبد يكد ومل

»هذا عمر يبت�شم: �شهيل وهو ابن فق�ل اأحدهم،

بن اأبي ربيعة �ش�عر قري�س«.

الرحمن عبد وجه يف الكراهية فظهرت

وق�ل: »تب� له من ف�جر«.

»ال�شالم اأن دن� منهم� فق�ل: لبث عمر وم�

عليكم«.

�: »وعليك ال�شالم ي� ف�أج�به ابن �شهيل ب��ش

عمر.. اأين بقية القوم؟«.

فنظر عمر خلفه ق�ئال: »هم اأولء اآتون على

اأثري«.. ثم ابت�شم ابت�ش�مة م�جنة وق�ل: »وعجلت

اإليك لتكون يل النظرة الأوىل يف وجه �شالمة!«.

�شهيل ابن اأم�م الواقف ال�ش�ب اإىل والتفت

ف�شحك وق�ل: »هذا عبد الرحمن بن اأبي عم�ر –

م� ج�ء بك هن�؟ اأتريد اأن ت�شكون� اإىل الوايل كم�

فعلت من قبل؟«.

تزال »م� وق�ل: �شدرا الرحمن عبد ف�ش�ق

وت�شبيبك وفجورك اإثمك يف �ش�درا عمر ي�

من بق�رعة اللـه ي�شيبك حتى ب�ملح�شن�ت

عنده«.

مل يكن من عمر اإل اأن رفع راأ�شه مقهقه�، ثم

ق�س، ي� »اآه ق�ئال: الرحمن عبد اإىل ونظر تنهد

العذاب؟ غفر اللـه لبن�ت 21

وهل اأن� اإل يف قوارع

حواء لقد تركن قلبي اأ�شالء؟«.

ال�ش�عران، جي

وظهر عند ذلك الأحو�س والعر

عمر: فق�ل املغني�ن، ومعبد الغري�س وخلفهم�

»ه� هم القوم قد اأقبلوا ي� بن �شهيل!«.

يقول يتغ�مزان، والعرجي الأحو�س وطفق

اأحدهم� ل�ش�حبه: »اأنظر هذا عبد الرحمن الق�س،

هلم نتندر عليه ونغ�شبه«. ف�شحك الآخر وق�ل:

»هلم!«.

ال�شالم. عليهم فرد ف�شلموا، الأربعة واأقبل

ي� ال�رشاب اإىل بن� »هي� ق�ئال: العرجي و�ش�ح

بن �شهيل.. م� اأنتم والوقوف هن�؟«.

يعلم مل ك�أنه الرحمن عبد اإىل والتفت

اأبي بن ي� »اأهال فق�ل: قبل من هن�ك بوجوده

عم�ر. م� هذا؟ هل اأ�شبحت اليوم من مذهبن�؟«.

فنظر ابن �شهيل اإليه نظرة الع�تب ف�أم�شك.

اأم� الرحمن: »ويل لك ي� عرجي، وق�ل عبد

تكف عن جمونك؟ لبئ�س م� خلفت جدك عثم�ن

بن عف�ن«.

فق�ل العرجي بلهجة يخ�لطه� اجلد: »وم�ذا

بني اإن الرحمن؟ عبد ي� اأفعل اأن مني تنتظر

ن� ا�شت�أثروا ب�لأمر من دونن� ونحن اأوىل به، عم

واأق�شون� عن الولي�ت فال اأقل ملثلي من اأن يلهو

كم� يلهو ال�شب�ب«. ثم طفق يرتمن ق�ئال:

اع�� �س ي فتى �أاع�ين و�أ �أ�س

لي�م كريهة و�سد�د ثغر

ب�خلالفة »مط�لب ق�ئال: راأ�شه عمر فهز

جديد ورب الكعبة!«.

يوم يف »اأنحن ف�ش�ح: الأحو�س ف وت�أف

بن ي� دعوتن� األهذا مواعظ؟ يوم يف اأم �رشاب

�شهيل؟«.

ف�لتفت اإليه عبد الرحمن ق�ئال: »ويل لك ي�

اأحو�س.. م� ك�ن اأجدر بك اأن تتبع �شنة �شلفك من

�ش�حلي الأن�ش�ر«.

الأن�ش�ر »تذكرون وق�ل: الأحو�س د فتنه

اإذا �رشب العرجي اإن يل وقد ظلمتموهم مرتني.

فيه� اأغرق ك�أ�شني اأ�رشب اأن واحدة ك�أ�ش�

اآلمي«.

لكع! ي� اأي�ش� »واأنت ق�ئال: عمر فق�طعه

ويله� مهزولة ي�شومه� اأمث�ل هوؤلء!«.

»رحم ق�ئال: حديثه يف الأحو�س وا�شتمر

اللـه �شعد بن عب�دة.. قتلته قري�س وق�لت قتلته

اجلن!!«. ثم اأخذ يقهقه وهو يقول: »دعني ي� بن

.»! اأبي عم�ر اأ�رشب ف�آخذ بث�أري من اجلن

فنظر اإليه عبد الرحمن �ش�خط� وق�ل: »اأمثلك

يف هجوتهم الذي األ�شت هذا؟ ي� لالأن�ش�ر يث�أر

�شعرك؟«.

ذلوا لأنهم هجوتهم »بلى.. الأحو�س: ق�ل

Page 13: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 132010

لقري�س. وم� ك�ن لهم اأن يذلوا«.

فق�ل عمر: »اإذا م�ت الأكف�ء كرث الأدعي�ء«.

ي�شرتك ل اأن الغري�س على عز وك�أمن�

فق�ل اإليه، معبد ي�شبقه اأن وخ�شي احلديث يف

يخ�طب عبد الرحمن: »اإذا كنت ل حتب الغن�ء ي�

ق�س، ف�ن�رشف عن� ودعن� و�ش�أنن�«.

فث�ر ث�ئر عبد الرحمن وق�ل له: »قطع اللـه

فت�أمرين منث ي� اأ�شت�شيفك جئت هل ل�ش�نك!

ب�لن�رشاف؟«.

اللـه ذهب »اذهب ق�ئال: الغري�س ف�أج�به

بك!«.

ي� »مه وق�ل: ع�تب� �شهيل ابن اإليه فنظر

غري�س.. اإن ابن اأبي عم�ر ل يريد بن� اإل اخلري«.

بن ي� اللـه »�ش�حمك الرحمن: عبد فق�ل

رتني عن امل�شجد و�شغلتني بجم�عتك �شهيل.. اأخ

هوؤلء«. وان�رشف م�رشع� ومل يزد.

ال�ش�ب اإىل ينظرون �ش�متني القوم ووقف

معبد ذلك وهو ي�رشع اخلطى مولي�، حتى ف�س

ال�شمت بقوله:

واللـه اإنه الرجل. اأغ�شبتم لقد اللـه! »�شب�ك

خلري من�«.

هي� من�.. خلري اإنه واللـه »اأجل عمر: فق�ل

بن� ي� بن �شهيل«.

و�شمت ابن �شهيل حلظة ثم ق�ل: »هي� بن�«

وتقدم اإىل ب�ب ال�شور وتبعه القوم فدخل ودخلوا

معه.

�لف�سل �ل�سابع

د ا�شم عبد الرحمن بن اأبي عم�ر. وتكرر ترد

ك�ن بعدم� �شهيل ابن جمل�س يف عنه احلديث

بينه جرى وم� ال�شور، خ�رج اليوم ذلك منه

خربه �ش�ق وك�أمن� احلوار. من ندم�ئه وبني

يق�ل مل� ت�شغي فك�نت خ��س بوجه �شالمة

مبوله� ل�شلته ولعل ب�هتم�م. وتتبعه عنه،

ب�أمره، اهتم�مه� �شبب� يف له ال�ش�بق و�شداقته

ذكرى من األوان� نف�شه� يف يثري ذلك ك�ن اإذ

ال�ش�لح البيت ذلك يف ق�شته� التي طفولته�

بني حدب مولته� العجوز وعطفه� عليه�، وبني

ج�رية منه� يجعل ب�أن ال�شيخ موله� عن�ية

�ش�حلة على رغم م� ك�ن ي�شطرب يف �شدره�

من نزع�ت الفتون وو�ش�و�س الهوى.

ومل تن�س م� لقيت يف ذلك البيت من العنت

اء حبه� للغن�ء وميله� اإليه، حتى ال�شديد من جر

– هذا اجلديد اإىل كنف موله� منه اللـه نقله�

بحب متمتعة ومترح فيه ت�رشح الذي الكنف

ت�شبو ك�نت م� له� ق حق الذي ي ال�رش موله�

اإليه من النبوغ يف الغن�ء حتى عال كعبه� فيه.

ولكنه� مع ذلك ك�نت ل تذكر ذلك العهد ال�ش�لف

التي الوف�ء اأم على م ترتح فك�نت ب�خلري، اإل

على وت�شفق له�، فراقه� اأثر على نحبه� ق�شت

اأمرا�س وانت�بته وحيدا اأ�شبح وقد الوف�ء اأبي

عى ال�شيخوخة، وحتن اإىل اأي�مه� اجلميلة يف املر

الأحل�ن له� فيغني حكيم� تلقى ك�نت حيث

فت�أخذه� عنه. ول تزال تذكر تلك الأحل�ن ومتيل

على خ��شة لذة لذلك وجتد به�، التغني اإىل

ب�ش�طته� وقلته� ب�لن�شبة مل� حذقته بعد ذلك من

فنون الغن�ء و�رشوب التوقيع.

ومل تعرف من اأمر حكيم بعد ذلك �شيئ� ك�أمن�

ك�ن طيف� ع�برا اأراه� فردو�س الغن�ء، وو�شع يف

يده� القب�س ثم اختفى!

ابن عن يتحدث يفت�أ ل �شهيل ابن وك�ن

اإىل اأخرى فيدعوه لو يراه مرة اأبي عم�ر، ويود

داره، ويتحدث اإليه ويعتذر له عم� بدر منه ومن

اأ�شح�به يف حقه؛ فك�ن يرتقب مروره حتت داره

�شالمة واأو�شى الوف�ء، اأبي اإىل بيت يف طريقه

اأن ترتقبه اأي�ش� حتى اإذا ملحته اأنب�أته به.

الرابع اليوم �شب�ح يف الرحمن عبد واأقبل

ليعود �ش�حبه ال�شيخ، فم� ملح دار ابن �شهيل من

الذي اليوم ذلك ذكري�ت اإليه ع�دت حتى بعد

لقي فيه وجوه اأولئك اخللع�ء امل�جنني، فخ�شي

اأن يلق�هم مرة اأخرى ف�أراد اأن ي�شلك طريق� اآخر

امل�رشبة بب�ب فيه مير ل الوف�ء اأبي بيت اإىل

اجلميل ال�شوت ذلك وتذكر دونه. لقيهم الذي

الذي �شمعه ذلك اليوم فبقي ع�لق� بقلبه، ف�شعر

ولكنه اأخرى، مرة ي�شمعه اأن يف خفية برغبة

قمعه� ب�شدة ودار حول ال�شور من اجل�نب الآخر

ابن دار ولكن امل�رشبة، بب�ب املرور ليتجنب

ه� لعلو ك�نت فقد عينيه، من تختف مل �شهيل

ت�رشف على اجلوانب كله�، ومل يكد يقرتب منه�

حتى �شمع ال�شوت عينه فعرفه وارت�حت نف�شه

املرة ع�لي� كم� ال�شوت يف هذه اإليه، ومل يكن

ك�ن يف املرة ال�ش�بقة، اإل اأنه ك�ن من الو�شوح

بحيث تبني له اأن يقول:

تنيل نزر� قليال وهي م�سفقة

كما يخاف م�سي�س �لية �لفرق

بابتكم ي من �س ال �أعتق �للـه رق

22ما �صين �أنني �سب بكم قلق

فلم ي�شع عبد الرحمن اإل اأن يتمهل يف خطوه

وهو يقول: »�شبح�ن اللـه م� اأعجب!«.

ومل يعلم عبد الرحمن اأن ابن �شهيل ك�ن قد

حلظه من الدار على بعد، وراآه مل� دار حول ال�شور

لي�شلك الطريق الآخر، ف�أوعز اإىل �شالمة اأن تغني

هذه الأبي�ت حني اقرتب عبد الرحمن من الدار،

م� لريى الغرفة �شب�ك من يرت�شده هو واأخذ

يكون من اأمره عندم� ي�شمع الغن�ء، ف��شتد عجبه

ل يف خطوه ويت�شنت اإذ راأى ال�ش�ب الن��شك يتمه

له�: وق�ل �ش�حك� �شالمة اإىل ف�لتفت للغن�ء،

اإليك.. ي�شتمع الق�س هذا غن�ئك.. يف »ا�شتمري

وق�مت م�رشع�، ونزل ذلك ق�ل له..«. �ش�أخرج

والعود تنظر منه ال�شب�ك �شالمة حتى دنت من

يف يده� وهي تغني:

يت�ق قلبي �إليكم كي يالقيكم

كما يت�ق �إل منجاته �لغرق!

ف�أخذ عبد الرحمن ب�ل�شوت ووقف من حيث

ل ي�شعر يف حم�ذاة الدار، فخرج اإليه ابن �شهيل

الرحمن فف�ج�أه على ح�له هذا، ف��شطرب عبد

اإليه انطلق �شهيل ابن ولكن ب�ل�شري، وتظ�هر

ق�ئال: »رويدا ي� بن اأبي عم�ر، لقد راأيتك ت�شتمع

اإىل غن�ء �شالمة، فهل لك اأن تدخل فت�شمع؟«.

اإخف�ء يح�ول وهو الرحمن عبد ف�أج�به

ذاهب اإين »كال. ق�ئال: عليه الب�دي ال�شطراب

لأعود اأب� الوف�ء«.

اأدخل »اأدخل، ق�ئال: بيده �شهيل ابن ف�أخذ

� بن�«. اأول ف��شمع ثم اذهب اإىل اأبي الوف�ء.. هي

»ل.. يقول: وهو يده الرحمن عبد فجذب

اأعفني ي� بن �شهيل«.

فق�ل له ابن �شهيل: »ل اأعفيك.. واللـه لتدخلن

فت�شمع«.

اإىل اأجل�س اأن اللـه مع�ذ �شهيل.. بن ي� »ل

مغنية«.

مو�شع يف »�ش�أقعده�

ت�شمع غن�ءه� ول تراه�«.

بن ي� هذا »ول

بن ي� خلني �شهيل..

�شهيل ل�شبيلي«.

ابن ف�أ�رش

دخول على �شهيل

وق�ل الرحمن، عبد

»ل احل�زم: بلهجة له

واللـه لتدخلن ف�شتمع،

فتخرج لأدعونه� اأو

اإليك«.

وراأى عبد الرحمن

من ف�ئدة ل اأن

وخ�شي املق�ومة،

اأبى الدخول اإن هو

ابن يدعوه� اأن

فتخرج �شهيل

ت اإليه، فطفق يتلف

وي�رشة مينة

– اأحد وق�ل: »ل.. ل تفعل اأن يراه ك�أنه يخ�شى

�ش�أدخل«.

اإىل املف�شي ال�شور ب�ب من الرجالن دخل

احلديقة واخرتق� الوا�شع بفن�ئه� ا ومر الدار،

الليمون، واأ�شج�ر در وال�ش النخل بني مي�شي�ن

امل�ء فيه� يجري ال�شغرية اجلداول ويجوزان

اإذا اإليه� من البئر، حتى من ج�بية كبرية ينزح

ق امل�ء يف اجلداول امتالأت اأر�شل �شم�مه� فتدف

اإىل حيث يروي الزرع والبقل اأو ي�شقي النخل.

اإىل الدار �شب�ك من تنظر �شالمة وك�نت

بفن�ء مر حني الكرمي ال�شيد اأو الغ�يل ال�شيف

دقيق� ال ت�أم تت�أمله وجهه يف وحتدق الدار،

وتدير طرفه� فيه من راأ�شه اإىل قدمه، ف�إذا �ش�ب

الق�مة معتدل والع�رشين، اخل�م�شة نحو يف

الأطراف، دقيق اللحم خفيف الأكت�ف، عري�س

حلية وتزينه ت�شوبه، �شمرة يف الوجه اأبي�س

�شوداء لي�شت ب�لكثيفة ول ب�خلفيفة، يت�شل به�

اأحفى منتظمة، غري �شعرات عليهم� ع�ر�ش�ن

ال�شعر، اأ�شول خ�رشة اإل منه يبدو فال �ش�ربه

اأهداب طويلة �شوداء مر�شلة 23

وتظلل اأنفه الأقنى

من عينني �شهالوين عليهم� اآث�ر ال�شهر، وفوقهم�

ح�جب�ن كثيف�ن لو زحف� قليال لقرتن�، وتلوح

على جبهته الوا�شعة �شجدة خفيفة يف مثل لون

الر�ش��س. ل ي�شك الن�ظر اإليه� اأنه� جبهة ع�بد!

– ذهنه� يف �شالمة واأدارت

Page 14: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

14

م� – الع�برة اللحظة تلك يف اإليه تنظر وهي

ت ف�أح�ش ون�شكه، تقواه من عنه ت�شمع ك�نت

بعطف غريب عليه، و�شعرت برث�ء له ك�أنه� تقول

ينبغي ملثله الرجل! ل نف�شه�: »م�شكني هذا يف

اأن يدخل اإىل هن�«.

جهة اإىل الرحمن بعبد �شهيل ابن وتوجه

الأر�س عن مرتفع ع مرب بن�ء ف�إذا امل�رشبة،

اأبواب من اجله�ت الأربع تك�د اأربعة قليال، له�

ل�شعته� ت�شغل الن�شف من م�ش�حة جدرانه�، وهي

جوانبه� وعلى الثمينة، 24

ب�لطن�ف�س مفرو�شة

مبطنة ب�ملخمل الوثري الزاهي الألوان.25

زرابى

وتردد عبد الرحمن يف الدخول مل� راأى من

مظ�هر الرتف التي مل يره� يف حي�ته، ول تطمئن

اإليه� نف�شه الزاهدة يف زبرج احلي�ة ونعيم الدني�

ده اإذ الف�نية، ولكن �ش�حب الدار ق�شى على ترد

ب�لغ، ترحيب يف امل�رشبة به ودخل بيده اأخذ

وب�رش ط�فح، ف�أجل�شه يف �شدره� املخمل الن�عم

بني الو�ش�ئد

الع�لية

لتي ا

تف�شل

املق�عد بع�شه� عن بع�س.

وغ�ب ابن �شهيل حلظة �شعر يف خالله� عبد

من توؤخذ ال�شمكة ك�أنه �شديد ب�شيق الرحمن

امل�ء لتتقلب على الأر�س، ول�شيم� حني نظر يف

اجلدران فراأى اأنواع العيدان واملزاهر معلقة على

جوانبه�.

اأ�شود غالم معه فدخل الدار �ش�حب وع�د

له موله فو�شعه ف�أ�ش�ر �شغريا 26

يحمل خوان�

اأم�م عبد الرحمن، واأقبلت ج�رية كهلة ب�أطب�ق

والع�شل والعنب واحللوى ب�ل�شواء ملوءة

بج�نب �شهيل ابن وقعد اخلوان، على ف�شفته�

عبد الرحمن فطفق يالطفه ويعزم عليه يف الأكل،

ف�أ�ش�ب عبد الرحمن ال�شواء واحللوى ولعق قليال

من الع�شل وق�ل: »احلمد للـه الذي اأطعمن� هذا«.

ف�أخذ العنب من عنقودا �شهيل ابن له وقدم

عبد الرحمن ي�أكل منه حبة حبة وقد زالت عنه

�ش�حبه اإىل واأن�س يجده�، ك�ن التي الوح�شة

املهذب الظريف.

ابن وتركه

�شهيل كذلك

وق�م اإىل

ج�نب احلديقة خلف امل�رشبة، ف�إذا �شالمة واقفة

والعود يف يده� تغ�لب نف�شه� من ال�شحك، ودن�

منه� ابن �شهيل فق�ل له�: »اجتهدي ي� حبيبتي

ين�رشف من هن� اإل

يف �شنعتك. اإن� ل نريد الق�س

وهو متبول القلب«.

وق�لت: مبت�شمة عينيه� �شالمة وغمزت

»�ش�أفعل ي� مولي.. ل تخف«.

امل�رشبة بحيث �شهيل على ب�ب ابن ووقف

خ�رجه� و�شالمة داخله� الرحمن عبد يرى

اإىل �شالمة واأ�ش�ر الرحمن »ا�شمع ي� عبد وق�ل:

فطفقت حترك عوده� وتغني:

تنيل نزر� قليال وهي م�سفقة

كما يخاف م�سي�س �لية �لفرق

بابتكم ي من �س ال �أعتق �للـه رق

ما �صين �أنني �سب بكم قلق

يت�ق قلبي �إليكم كي يالقيكم

كما يت�ق �إل منجاته �لغرق!

فطرب ابن �شهيل طرب� �شديدا، ونظر اإىل عبد

الب�رش �ش�خ�س الأطراف �ش�كن ف�ألف�ه الرحمن

تختلج�ن، و�شفتني وينخف�س يرتفع �شدر غري

من يرفعه� ل العنب طبق يف اليمنى ويده

الذهول.

وفق ب�لغن�ء ت�رشفه 27

طبة �شالمة وك�نت

م� ت�شتلهمه من مع�ين ال�شعر الذي تغنيه، جتعل

وحرك�ت �شوته� نربات بني تط�بق اأن وكده�

تف�رش ك�أنه� ال�شعر من القطعة فتخرج املعنى،

الألف�ظ، دللة فوق وال�شوت الرتجيع بدللة

ك�أمن� ال�ش�مع نف�س اإىل �شبيله� لت�أخذ مع�نيه�

قبل من نف�شه يف ت�شطرب املع�ين هذه ك�نت

ومل ت�أت اإليه� من اخل�رج.

قوة ين��شبه� من م� كلمة ك�نت تعطي كل

ال�شوت اأو �شعفه، ورفعه اأو خف�شه، واطراده اأو

التوائه. اأو وا�شتوائه بطئه، اأو و�رشعته تقطعه،

من به ي�شعر م� فوق ال�ش�مع اإىل ل يخي حتى

نف�شه اإىل القطعة من ت�رشي التي املع�ين

يرى اأنه – القطعة على نف�شه من تفي�س اأو

اأج�ش�م ك�أنه� احلي�ة فيه� �ش�عت وقد الكلم�ت

وتلني وتقعد، وتقوم وتذهب جتيء ب�رشية

وتق�شو، وت�شل وت�شد، وتذهب مذاهب احلي�ة

املختلفة.

واأ�ش�ر ابن �شهيل اإىل �شالمة اأن ح�شبك،

والتفت اإىل عبد الرحمن ق�ئال: »هل اأعجبك

الغن�ء ي� بن اأبي عم�ر؟«.

�شهيل ابن ل�شوت الرحمن عبد وذعر

»اأجل ق�ئال: ومتتم حلم، من اأف�ق ك�أمن�

واللـه لقد هز م�ش�عري«.

ت ق�ل ابن �شهيل: »�شيكون اأف�شل لو غن

بني يديك، األ اأدخله� اإليك؟«. فق�ل عبد الرحمن

ب�شوت خ�فت »ل ي� بن �شهيل. ح�شبي هذا«.

اأعجبك وقد ج�ريتي »اإنه� �شهيل: ابن ق�ل

غن�وؤه�، فم� مينعنك اأن تغني بني يديك!«.

واأع�د عبد الرحمن قوله: »ل ي� بن �شهيل«.

اإىل التفت اأن ميهله مل الدار �ش�حب ولكن

ج�ريته وق�ل له�: »تع�يل ي� �شالمة.. اأدخلي«.

ب��شمة ك�أنه� رو�شة ت�رشق �شالمة ودخلت

ب�لزهر وتنفح ب�لعطر.

اإليه� ينظر وجعل الرحمن عبد ف�نبهر

اآخر �شيء اإىل ينظر ك�أنه الب�رش زائغ مذهوب�

اإذ متثلت له �شورة املراأة التي راآه� يف غريه�،

�شوته� ي�شمع اأنه اإليه وخيل املزعج، من�مه

عبد ي� اأنقذين.. الرحمن عبد »ي� تقول: وهي

الرحمن اأغثني!«.

ح�ش�ب يف هي حلظة يف كله ذلك ك�ن

الزمن ث�نية اأو بع�س ث�نية، ويف ح�ش�ب الواقع

لعبد الرحمن ظرف و�شع �شم�ع �شوت جميل اآت

حيث ل�شم�عه وانطالقه اجلنة، ب�ب خ�رج من

انتهى اإىل الأعراف فراأى املراأة اجلميلة الع�رية

يف يده� املزم�ر ففزعت اإليه مل� راأته، وت�شبثت

بعنقه وهي ت�شيح م�شتغيثة اإىل اآخر الق�شة.

تقول: وهي �شالمة �شوت اإل راعه م�

من ف�أف�ق عم�ر!«. اأبي بن ي� اخلري »�شب�ح

يخيفك »م�ذا ق�ئلة: �شالمة وا�شتمرت ذهوله

مني.. هل يف من �شيء يخيف؟«.

فتمتم عبد الرحمن ق�ئال: ».. نعم.. ل.. ل..«.

ق�لت �شالمة: »األ اأقعد ف�أغني لك؟«.

ف�شكت عبد الرحمن ومل يجب.

وه�تي فت�تي ي� »اقعدي �شهيل: ابن ق�ل

اإىل مقعد يف اجل�نب املق�بل واأ�ش�ر م� عندك«.

اإليه وخطت ذيله�، اأطراف من ت فلم لل�شدر

الدقيق و�شطه يف�شل خ�شب قوام ف�إذا مدبرة

جنتني وا�شعتني، ثم انثنت مقبلة وتهي�أت لتقعد

حيث اأ�شري عليه� قب�لة عبد الرحمن، ف�إذا ج�رية

ال�شب�ب، يف وجه كع�ب يحري يف وجنتيه� م�ء

�شورة ي�أخذ اأن دون طويال فيه الطرف يرتدد

يف املوؤتلفة املختلفة تق�طعيه من وا�شحة

وقت واحد، واأ�رشار تكوينه الإلهي البديع امل�ئج

ب�شور �شتى وظالل متلفة واأطي�ف عجب.

والتقت عين� عبد الرحمن بعينيه�، ف�إذا هم�

اأن يف اإليه� غزلت�ن غ�شي�شت�ن ل ي�شك الن�ظر

داع، لذلك دع�هم� اإذا بعد تت�شع� اأن و�شعهم�

وعلى خديه� نونت�ن تغوران كلم� ابت�شمت، ك�أن

الذي ال�شحر نبع فيهم� ليجتمع خلقهم� اللـه

اأرجوانيت�ن �شفت�ن وله� عينيه�! من يتدفق

مهم� �شمتت ف�إنهم� تقولن �شيئ�.

Page 15: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 152010

وقد ارتدت حلة حمراء، وجعلت على راأ�شه�

�شعره� من الأعلى الن�شف ت�شرت بي�ش�ء غاللة

الأ�شود املن�شدل على كتفيه� من اخللف.

واأ�ش�ر له� �شيده� ف�حت�شنت عوده� ح�نية

عليه، وجعلت حتركه وتغني:

وما هي �إال �أن �أر�ها فجاءة

جيب فاأبهت حتى ما �أكاد �أ

رتئي ف عن ر�أيي �لذي كنت �أ و�أ�ص

و�أن�سى �لذي �أعددت حي تغيب

ويظهر قلبي عذرها ويعينها

28يب ، فما ل يف �لف�ؤ�د ن�س علي

الت�أثر، من بكى اأن الرحمن عبد ين�شب ومل

يقول: وهو دامعتني عينني �شالمة اإىل ورفع

»اأح�شنت ي� ج�رية الإح�ش�ن كله«.

وحترك للقي�م فق�ل له ابن �شهيل: »اإىل اأين

�شت�شمعك اأي�ش�.. قليال امكث الرحمن؟ عبد ي�

�شوت� غريه«.

اإليه ق�ئلة: »نعم �ش�أغني لك ونظرت �شالمة

حلن� اآخر«.

�ش�أذهب لكم�، »�شكرا الرحمن: عبد فق�ل

الآن اإىل اأبي الوف�ء حتى اأدرك �شالة الظهر يف

امل�شجد.. اإئذن يل ي� بن �شهيل«.

حتى لك اآذن »ل ب��شم�: �شهيل ابن ق�ل

اإىل حني من اإلين� تختلف اأن موؤثق� تعطيني

حني«.

ق�ئال: ونه�س ذلك الرحمن عبد فوعده

»�شكرا لك ي� �شالمة«.

ووقعت هذه الكلمة ال�شغرية من عبد الرحمن

�رشت اأنه� تذكر فلم �شالمة، نف�س يف موقعه�

لكلمة قيلت له� من كلم�ت الإطراء وال�شتح�ش�ن

�رشوره� بهذه الكلمة، ونه�شت اإىل ب�ب امل�رشبة

وهي تقول: »اإىل اللق�ء«.

اإىل العزيز �شيفه ع يود �شهيل ابن وخرج

ب�ب ال�شور.

�لف�سل �لثامن

عبد ف��شال يف حي�ة يوم� اليوم ذلك ك�ن

الرحمن، اأ�شبح بعده ل يفكر اإل يف �شالمة، ول

يجد الأن�س اإل يف جمل�شه�، وكرث اختالفه اإىل ابن

�شهيل، واأحبه هذا فن�ش�أت بينهم� �شداقة متينة

تزداد قوة يوم� فيوم�.

و�شغف عبد الرحمن ب�شالمة، فك�ن يحلم به�

ليله ونه�ره، ويت�شلل طيفه� اإليه حتى يف �شالته

وقي�مه، وق�مت بني نف�شه الزاهدة الن��شكة وبني

�شلي 29

عوان حرب للحي�ة املتفتحة نف�شه

بن�ره�، وك�ن وقوده� من روحه وج�شمه، و�شقي

به� �شق�ء مل ي�شق قبله مثله، كم� �شعد به� �شع�دة

مل يجد له� من قبل مثيال.

له� يجد واأ�شبح عينه، يف احلي�ة وحليت

وتغريت ب�ل، على قبل من له تخطر مل مع�ين

نظرته اإىل الأ�شي�ء ف�أ�شبح يراه� بعني غري العني

واأعم�لهم، الن��س واإىل به�، يراه� ك�ن التي

ف�أ�شبح كثري العطف عليهم والعذر لهم.

يزدريه ك�ن م� بعد لل�شعر قلبه وتفتح

ب�ملتقني، يليق ل الذي اللـهو من ويعتربه

ينف�س املرة بعد املرة ويقوله له يهتز ف�أ�شبح

به عن الكرب الذي يجده يف �شدره، اأو ي�شف به

ال�شع�دة التي يجده� يف قرب �شالمة.

فكرثت و�شالمة الق�س حديث مبكة وا�شتهر

لهم �ش�ء م� فيه� دوا وتزي الأق�ويل، فيهم�

الف�شول واخرتاع الرواي�ت.

اء ذلك اأن ا�شتوح�س عبد الرحمن وك�ن من جر

والعزلة، الوحدة اإىل وم�ل الن��س، جم�ل�س من

فك�ن ي�شلي يف ركن ق�شي من امل�شجد، ويخرج

منه منفتال حتى ل يثري ف�شولهم، فيعتكف يف

بيته اأو يذهب لزي�رة ابن �شهيل.

ال�شيخ �شديقه زي�رة عن برهة وانقطع

كيف يدري ل ك�ن ك�أنه الوف�ء اأبي ال�ش�لح

ال�شوق به ا�شتد حتى يق�بله، وجه وب�أي يلق�ه

لعله اأمره، ذات له ويك�شف يلق�ه اأن فعزم اإليه

يجد عنده راأي� يهديه يف حريته، ومل�ش� ينقذه

من ورطته.

وك�ن اأبو الوف�ء قد ا�شت�ق اإىل عبد الرحمن

اإليه و�شل وقد زي�رته، عن لنقط�عه وعجب

بع�س م� قيل عنه من الأح�ديث ولكنه مل ي�شدق،

اأو مل ي�ش�أ اأن ي�شدق �شيئ� منه.

واأ�شبح ذات يوم ق�عدا على فرا�شه، متدثرا

بلح�فه، وعنده �ش�حب�ه الكهالن يعودانه فق�ل

له اأحدهم�:

»اإنك اليوم اأح�شن ح�ل ي� اأب� الوف�ء«. فق�ل

راأى هل احلمد.. هلل ولدي ي� »اأجل الوف�ء: اأبو

اأحدكم� عبد الرحمن بن اأبي عم�ر؟«.

ف�أج�به اأحدهم� ق�ئال: »اإنن� نراه كل يوم يف

امل�شجد كع�دته – اأم� يزورك ي� اأب� الوف�ء؟«.

دائم� يزورين ك�ن »لقد الوف�ء: اأبو فق�ل

ولكنه انقطع عني منذ ثالثة اأ�ش�بيع، وم� اأدري

م� الذي قطعه عني«.

�شالمة »لعل وق�ل: الكهلني اأحد اأ فتجر

ج�رية ابن �شهيل هي التي قطعته عنك«.

وذعر اأبو الوف�ء لهذه الكلمة ك�أمن� مل يتوقع

اأن يقوله� اأحد اأ�شح�به اأم�مه، وق�ل وقد بدا الأمل

اأي�ش�؟ اأنتم� هذا اأتقولن »�شالمة؟ وجهه: يف

الن��س �شمعت اأنه� ع�لية اأختي حدثتني لقد

اأنه ع�شق ج�رية ابن �شهيل، واأنه يتحدثون عنه

القول، اأ�شدق هذا ل�شم�عه�، فلم يذهب كل يوم

ورجوت األ يكون �شحيح�«.

بل الوف�ء اأب� ي� »ل ق�ئال: الكهل ف�أج�به

هو �شحيح وااأ�شف�ه! لقد جن عبد الرحمن بحبه�

وتدله حتى ا�شتهر اأمره يف الن��س، فلم يبق مبكة

بيت مل ي�شمع بحديث الق�س و�شالمة«.

واأيد الكهل الآخر حديث �ش�حبه ق�ئال: »بل

لقد �شمعت اجلواري والغلم�ن يغنون ب�أبي�ت يف

�ش�أنهم� يف الطرق�ت«.

اإل قوة ول حول »ل ق�ئال: ال�شيخ د فتنه

العظيم. من ك�ن ي�شدق قط اأن عبد ب�للـه العلي

الرحمن بن اأبي عم�ر يجل�س اإىل مغنية، وي�شمع

مزم�ر ال�شيط�ن؟«.

وح�نت من اأحد الكهلني التف�تة اإىل الن�فذة

عبد يرى به ف�إذا الطريق، ج�نب على املطلة

الرحمن مقبال يف ال�ش�رع، فق�ل: »�شبح�ن اللـه.

اآتي� اإل اأح�شبه م� مقبال.. عم�ر اأبي ابن هذا

لزي�رتك ي� اأب� الوف�ء«.

فتهلل وجه ال�شيخ وبرقت اأ�ش�ريره من الفرح

وق�ل: »احلمد هلل. اإين لفي �شوق اإليه«.

اأب� الوف�ء اأن تن�شحه ي� ق�ل الكهل: »اأرجو

اأبو فق�ل فيه«. نف�شه ط ور عم� يعدل ع�ش�ه

الوف�ء: »اإين لأ�شتحي اأن اأكلمه يف هذا الأمر«.

»اأت�شتحي من احلق ي� اأب� الوف�ء؟«.

مثله يف يقع اأن نف�شي من له اأ�شتحي »بل

اأمر كهذا«.

ونظر الكهل الآخر اإىل ب�ب الغرفة، فلمح عبد

الرحمن مقبال، ف�لتفت اإىل اأبي الوف�ء ق�ئال: »ه�

هو ذا اأقبل«.

وا�شت�أذن عبد الرحمن يف الدخول، ف�أذن له

ب به وا عليه ال�شالم، ورح ال�شيخ فدخل م�شلم� فرد

اأبو الوف�ء ق�ئال: »اأهال بك ي� بن اأبي عم�ر..«.

اأب� ي� اأنت »كيف الرحمن: عبد فق�ل

الوف�ء؟«.

انقطعت عن لقد اأنت؟ واأين ..بني ي� »بخري

زي�رتي منذ زمن!«.

»معذرة ي� اأب� الوف�ء.. لقد كنت م�شغول«.

»اأرجو اأن يكون قد انتهى �شغلك الآن«.

د عبد الرحمن ق�ئال: »اأرجو ذلك ي� اأب� فتنه

الوف�ء«.

هذا »م� فق�ل: ال�شوؤال اإىل الوف�ء اأبو وع�د

ال�شغل الذي �رشفك عن� ي� بني؟«.

اأن الوف�ء اأبي نغمة من الرحمن عبد ففهم

اإىل والتفت اأمره، من ك�ن مب� علم قد ال�شيخ

�ش�حبيه الكهلني فك�رشا طرفهم� ك�أمن� اأ�شفق� اأن

ينظرا اإىل وجهه، ف�شكت عبد الرحمن ومل يجب.

فق�ل اأبو الوف�ء: »قل يل ي� عبد الرحمن فو

اللـه م� كنت تخفي عني �شيئ�«.

فح�ول عبد الرحمن اأن يجيب ال�شيخ، فثقل

عليه ذلك ف�أطرق راأ�شه ومل يجب.

اإذ �شمع �شوت ج�رية اإطراقه مل يطل ولكن

الأحل�ن من بلحن وتغني ال�ش�رع يف مت�شي

الدارجة الب�شيطة التي يكرث وروده� يف احلج�ز،

الأل�شنة، على فت�شيع واأخرى فرتة بني وتردد

ب�حلداء �شيء اأ�شبه وهي الركب�ن. به� وت�شري

تلك من خلوه� لول و�شهولته� ب�ش�طته� يف

الروح البدوية الفحلة، ولول اأن فيه� من الط�بع

كثري يف يخلو ل الذي الن�عم الرقيق احل�رشي

من الأحي�ن من روح املج�نة وال�شتهت�ر. كثريا

م� تت�شمن هذه الأغ�ين الدارجة خرب ح�دث من

احلوادث الع�مة التي تقع يف احلج�ز اأو غريه من

البلدان الإ�شالمية الأخرى، اأو نقدا لعمل وال من

اأو خلقية، اجتم�عية بف�شيحة ت�شهريا اأو الولة

الوقت ذلك يف تقوم ك�نت الأغ�ين تلك فك�أن

مق�م ال�شحف يف اأي�من� هذه.

اجل�رية واأ�شح�به �شوت الوف�ء اأبو و�شمع

وهي منطلقة حل�جته� يف ال�ش�رع، ك�أمن� تتوىل

الرحمن م� ثقل عليه من اجلواب وهي عن عبد

تقول:

من �ساء تهيامه �الآن فلــيـــعلـن

يف حب �سالمة! ـ�س قد وقـــع �لق

يــامه �لد�ئـم �س ـحمه �لبا ي

ل

وليـــله �لقائــم ـــا وخــ�فه �لرب

ار يا بن �أبي عم ــاد�تــك �أيـن عبـ

ار! م حدوثة �ل�س�أ �أم�ست �سباباتك

ليـــهنك �لقـــ�س ! �ســـالمة �لقـ�س

�أنــت له نفـــ�س! يــا منية �لنف�س

لبنة »ويل وق�ل: غ�شب� الوف�ء اأبو فحمى

الف�علة«. والتفت اإىل اأحد الكهلني ق�ئال: »اخرج

ي� عبد اللـه فكم فمه�«.

»بل وق�ل: قوته الرحمن عبد ف��شتجمع

اأفواه يف �ش�ئرة اأبي�ت فهي اللـه عبد ي� دعه�

مكة اأزقة يف والغلم�ن اجلواري من الع�رشات

و�شوارعه�«.

الغ�شب من يرجف وهو الوف�ء اأبو فق�ل

�ش�حبة عن قيل م� �شمع قد م� ن�شي ك�أنه

الوايل.. اإىل �شكواهن من بد »ل الن��شك: ال�ش�ب

كيف ن�شكت عن هذا البهت�ن؟«.

فق�ل عبد الرحمن بهدوء: »اإنه لي�س ببهت�ن

ي� اأب� الوف�ء«.

فنظر اإليه ال�شيخ ك�أنه ينكر عليه قوله وق�ل:

»مع�ذ اللـه اأن يقع منك هذا ي� بن اأبي عم�ر«.

ب�شوت وق�ل البك�ء الرحمن عبد فغلب

تخنقه العربة: »اإنه واللـه قد وقع ي� اأب� الوف�ء..

ول حيلة يل فيه«.

Page 16: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

16

جتول عربة يغ�لب وهو الوف�ء اأبو ف�شكت

يف عينيه ثم ق�ل: »اإن تك قد وقعت يف �شيء من

ذلك ف�أنب اإىل اللـه ف�إن املوؤمن اإذا ت�ب ن�ب اللـه

.»30

عليه

»لقد متقطع: ب�شوت الرحمن عبد فق�ل

اجل�رية هذه روؤية عن نف�شي لأ�رشف ج�هدت

و�شم�عه�، فلم اأجد اإىل ذلك �شبيال«.

ق�ل اأبو الوف�ء: »يف و�شعك لو �شئت اأن تنقطع

عن دار ابن �شهيل وتفرغ اإىل �شالتك«.

ف�أج�به عبد الرحمن وقد ع�دت اإليه رب�طة

اأن�شط ج�أ�شه ق�ئال: »لقد فعلت ذلك فوجدتني ل

اإىل �شالتي يف اليوم الذي ل اأرى �شالمة فيه«.

فحوقل اأبو الوف�ء وق�ل بلهجة فيه� �رشامة

ال�شيط�ن منك هذا املبلغ ي� »اأو قد بلغ وق�شوة:

حتى ا�شتط�ع اأن يريك الب�طل حق�؟«.

ق�س

اأب� ي� هذا من »اأبعد الرحمن: عبد فق�ل

ال�شيط�ن، عمل من هذا اأن لأ�شك حتى الوف�ء،

فقد وجدتني بعد اأن بليت بحب هذه اجل�رية اأكرث

ي، واأغزر دمعة يف �شالتي، ن�ش�ط� يف عب�دة رب

واإذا قراأت القراآن رق قلبي وذاب، و�شعرت بفي�س

.»!من املع�ين ينث�ل علي

ثم �شمع م� ك�ملتعب هنيهة ال�شيخ �شكت

ق�ل: »ل يغرنك هذا ي� عبد الرحمن، ف�إن لل�شيط�ن

ال�شعرة، وقد اأدق من املوؤمن مل�ش�رب اإىل نف�س

اأمر اللـه نبيه عليه ال�شالة وال�شالم اأن يعوذ به

يف يو�شو�س الذي اخلن��س، الو�شوا�س �رش من

ة والن��س«. �شدور الن��س، من اجلن

فق�ل عبد الرحمن وقد ع�دت رقته اإليه: »اإن

يكن م� تقول حق� في� طول �شق�ئي؟«.

وك�أن ال�شيخ ك�ن م�شغول ب�أفك�ره عن مق�ل

حديثه وا�شت�أنف اإليه ي�شغ فلم الرحمن، عبد

اأكون �رشيك� اأن اأبي عم�ر ق�ئال: »اأخ�شى ي� بن

يف هذا الذنب، ف�أن� الذي بعت �شالمة لبن �شهيل

اللـه ولعل الغن�ء.. �شيعلمه� ب�أنه علمي مع

اأحب على فتنته� �شلط ب�أن ذلك على ع�قبني

.» الن��س اإيل

اأ�شد »م� وق�ل: الكهلني اأحد وابتدره

يقول: اللـه اإن الوف�ء! اأب� ي� لنف�شك حم��شبتك

«ول تزر وازرة وزر اأخرى«.

اأخرى، كلمة ليقول فر�شة ال�شيخ يجد ومل

اإذ رن �شوت غالم على حم�ره يف الطريق وهو

يغني:

من �ساء تهيامـه �الآن فـــليعــلن

يف حب �سالمــة! قد وقع �لقـــ�س

يـــامه �لد�ئــم �س ل يحمه �لبا

وليـــله �لقائــــم ـا وخ�فــه �لربــ

ــار يا بن �أبي عم ـاد�تــــك �أين عبـ

ار! �أحدوثـة �ل�ســم �أم�ست �سباباتك

ـك �لقـــ�س ـيهن لـــ ! �سـالمة �لقــــ�س

�أنــت له نفـــــ�س! يا منية �لنفــ�س

�لف�سل �لتا�سع

لزي�رة عم�ر اأبي بن الرحمن عبد ع�د

مرتني، ذلك بعد الوف�ء اأبي ال�شيخ �ش�حبه

به ابتلي فيم� بعذره يقنعه اأن فيهم� ح�ول

من ذلك احلب الذي ل قبل له بدفعه، لعله يظفر

و�شالم� على �شدره لينة، تنزل بردا منه بكلمة

املت�أجج ب�حلب، وقلبه الط�فح ب�حلرية، وت�شع

الأوىل نف�شه بني الق�ئمة امل�شتعرة للحرب ا حد

ونف�شه الث�نية، فلي�س من احلق عنده اأن ل يكون

احلي�ة، �شميم يف املوجودة احل�لة هذه ملثل

ويف فطرة اللـه التي فطر الن��س عليهم� جميع�،

من عالج غري البرت لو ك�ن يف ا�شتط�عته البرت،

فكيف ومل يكن له بهذا البرت يدان.

يف �ش�رم� �شديدا ك�ن الوف�ء اأب� ولكن

موقفه من عبد الرحمن فلم ت�أخذه يف ذلك هوادة

اأو لني، ومت�شك ب�أن م� وقع فيه عبد الرحمن من

الفتنة بهذه القينة وال�شم�ع لأحل�نه� اإثم �رشيح

ل ت�أويل فيه، ول يغفره اللـه له حتى يقلع عنه

ي�شتد على عبد األبتة. وك�ن عنه الإقالع ويكف

الة عليه، ويجتهد الرحمن يف ذلك مب� له من الد

�شريته اإىل الرجوع على يحمله اأن و�شيلة بكل

ال�ش�ب من الأوىل، ون�شي م� بينه وبني �شديقه

ال�شيوخ من واأمث�له هو يراه فم� ، ال�شن ف�رق

املرحلة يف ال�ش�ئرين ال�شن، يف الط�عنني

قد النته�ج، �شهل مكن� احلي�ة، من الأخرية

الرحمن م�شتحيال يكون يف نظر �ش�ب مثل عبد

اأو ك�مل�شتحيل.

الرحمن، الوف�ء يف ع�رش عبد اأبو ن�ش�أ وقد

�شغره. من وال�رشامة ب�ل�شدة نف�شه واأخذ

حي�ته �شني من والك�شب ب�لتج�رة وا�شتغل

الأوىل، ومل يعن له من الظروف الق�هرة م� م�ل

به عن النهج الذي اختطه لنف�شه يف احلي�ة، فك�ن

كيف راأين� وقد اأهله، وعلى نف�شه على �ش�رم�

�ه� من ا�شتد يف مع�ملة ج�ريته �شالمة التي رب

الوف�ء اأم زوجه وحتبه� يحبه� وك�ن �شغره�.

� يقرب من حب الولد. فلم� راأى ميله� للغن�ء حب

وح�ول �رشفه� عنه فلم يفلح، ب�عه� غري ن�دم

اأن م�تت زوجه على اء ذلك عليه� فك�ن من جر

اآث�ره� حزن�.

وراأين� كذلك �شدته على اأرب�ب اللـهو والغن�ء،

الولة لدى و�شعيه عليهم، الق��شية وحملته

فتي�نه�، يف�شدوا ل حتى مكة من لإخراجهم

ال�ش�ب ب�شديقه ذلك يف ي�شتعني كيف وراأين�

الفقيه الن��شك ملك�نته يف نفو�س اأهل مكة، حتى

ك�ن ي�رشب به املثل يف ن�شكه وعب�دته.

اإذ عنيفة �شدمته تكون اأن بعجيب فلي�س

الق�س �شديقه يف يخيب اأمله راأى حتى ع��س

الذي ط�مل� اعتز به. واعتربه املثل الذي ينبغي

اأن يكون عليه �شب�ب الإ�شالم يف هذا العهد الذي

حب واأو�شك اجلد، على يطغى اللـهو فيه اأخذ

احلي�ة مبلذات ال�شتمت�ع اإىل وامليل ف الرت

الف�نية يق�شي على م� بقي يف قلوب الن��س من

روح التقوى والورع والزهد.

ومل يكن ا�شتجداء عبد الرحمن فتي� �ش�حبه

اأبي الوف�ء مب� ينقع من غلته، وي�شد من عزميته،

من فيه وقع م� بني التوفيق بع�س ويوفق

الديني مثله يتطلبه وم� واملحنة، ال�رشورة

الأعلى – مل يكن ذلك عن جهل منه ب�لدين، فقد

ك�ن عبد الرحمن فقيه�، وك�ن ال�شيوخ والكهول

ل يجدون حرج� يف الأخذ عنه، وا�شتفت�ئه فيم�

اأن ي�شتربئ اأراد اأمور دينهم، ولكنه ينوبهم من

لنف�شه ولدينه، وطمع يف �شديقه ال�شيخ اأن يكون

عون� له على اخلال�س بوجه من الوجوه املعقولة

من ذلك امل�أزق الذي وقع فيه، وظهريا له ي�ش�عده

ل التي الكربى النف�شية املحنة تلك اجتي�ز يف

ى به يوؤمن فيه� على مثل �شب�به الع�رم اأن يرتد

يف مه�وي الهالك الأكرب.

�شالبة اإل الوف�ء اأبي من يجد مل ولكنه

يراه� يف غري حمله�، ول مطمع له معه� يف اأن

يرباأ من العلة التي ي�شكو منه�، فراأى اأن ينقطع

م� اأمره من بنف�شه ي�شلح ريثم� زي�رته عن

�شديدا وك�ن معه. ب�لتع�ون اإ�شالحه عن عجز

اأن يقطع بيده عرى ال�شداقة املتينة على نف�شه

التي ربطت بينه وبني ال�شيخ ال�ش�لح برهة من

فيه� وتع�ون� اللـه، تقوى يف ق�شي�ه� الزم�ن

والإح�ش�ن، ولكن ق�شي الأمر ومل يكن على الرب

بد من ذلك اإبق�ء على حرمة ال�شيخ وتف�دي� من

اإيذائه يف تلك ال�شن الع�لية ب�أكرث م� اأوذي به

من املج�دلة واحلج�ج.

وك�ن كرور الأي�م قد خفف كثريا من احلرية

ذلك اأمر يف الرحمن عبد يجده� ك�ن التي

بع�س واطم�أن عليه، طراأ الذي اخلطري احل�دث

قد فك�أنه ربه، اأم�م منه موقفه اإىل الطمئن�ن

وجد من نف�شه الفتي� التي ط�مل� طمع اأن ين�له�

من �ش�حبه ال�شيخ فلم يقدر له ذلك.

وهداأت تلك احلرب اجلب�رة التي ك�نت ت�شتعر

يف راأ�شه بني نف�شه التقية الزاهدة ونف�شه املقبلة

على احلب واحلي�ة، فك�أمن� ت�ش�حلت� على م� فيه

العراك طول من �شعفت� اأو ل�ش�حبهم�، اخلري

ى. فتوادعت� اإىل اأجل غري م�شم

الق�ئمة يف اإن هداأت هذه احلرب ولكن

راأ�شه، فقد ق�مت حرب اأخرى ل تقل هول عن

ورغبته ب�شالمة �شغفه تلك يف �شدره، بني

�شعوره وبني عليه�، احل�شول يف الظ�مئة

ب�لعقب�ت التي تقوم يف طريقه دونه�. فهو

ويوؤثره� ج�ريته يحب �شهيل ابن اأن يعلم

ل ويف�ش احلي�ة، يف ميلك م� كل على

متع من متعة وكل نعيم كل على �شم�عه�

العي�س؛ فال يعقل اأن يبيعه� لأحد ولو اأعطى

به� اأ�شع�ف اأ�شع�ف ثمنه�. وهب اأن ير�شى

ببيعه� ف�أي م�ل يف الدني� يقوم بثمن تلك

الدني� يف يكن مل لو التي الغ�لية اجلوهرة

غريه� مل� نق�شه� ذلك من مت�عه� وزينته�

من الرحمن عبد ميلك فم�ذا وبعد �شيئ�.

امل�ل غري تلك ال�شيعة التي ورثه� عن اأبيه

والتي ل ت�ش�وي يف نظره نظرة ينظره� يف

غن�ءه� فيه� ي�شمع حلظة اأو �شالمة، وجه

العذب.

لقد علم عبد الرحمن اأن �شالمة ت�شمر له

مثل م� ي�شمر له� من احلب، عرف ذلك من

وخفوفه� حديثه�، وفلت�ت عينيه�، نظرات

ح�شوره عند ون�ش�طه� اأقبل، كلم� للق�ئه

كلم� ح�رش، ووجومه� عند ان�رشافه من دار

عبد ي�شتطيع ل كربى نعمة وتلك موله�.

الرحمن القي�م ب�شكره�، ولكن م� قيمة هذه

عنده وغن�ءه� له، وهو ل ينوي ريبة يريبه�

معه� ول يريده� اإل حالل؟

وهل تدور الريبة قط بخلد عبد الرحمن

تقواه وورعه وفقهه ودينه وهو م� هو يف

لنف�شه؟ حم��شبته و�شدة اللـه من وخوفه

ال�شم�ء من يخر اأن ذلك من عليه لأهون

اأو تهوي به الريح يف مك�ن فتخطفه الطري

�شحيق.

ومبن يقرتف الريبة؟ اأبتلك التي وهبه�

اأجله� وعرف جم�ل واأحب احلي�ة من قلبه

الكون مل� عرفه�؟

اأذلك ال�شديق الكرمي ومن يخون فيه�؟

واأحله من له كنفه واأعزه ووط�أ اأحبه الذي

حرمته على وائتمنه كرمي�، حمال نف�شه

ووثق بع�شمته ودينه؟

ذلك ال�شديق الكرمي الذي تغ��شى زمن�

وبني بينه ينمو اأخذ الذي الوليد احلب عن

حتى الأي�م، مر على عنده الأثرية ج�ريته

اأن يوؤثر به� اأ�شده مل يبخل اإذا ترعرع وبلغ

خ�ل�شة هبة عليه فيعر�شه� نف�شه، على

ونف��شته� به� تعلقه �شدة على عنده من

عنده، فم� ح�ل بينه وبني تخليه عنه� لعبد

Page 17: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 172010

Page 18: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

18

الرحمن اإل اإب�ء عبد الرحمن.

ابن قبل من الكرمي �س العر هذا اأن على

اأن كراهية قبوله الرحمن عبد اأبى الذي �شهيل

انتهى بعدم� – ول�شيم� م�له يرزاأ �شديقه يف

اإليه �رشا من وقوع ابن �شهيل يف ال�شيق وكرثة

الديون عليه من جراء جوده واإ�رشافه – قد قوى

�شالمة على احل�شول يف الرحمن عبد اأمل من

ف�عتزم يف نف�شه اأمرا.

ي�شتغل ذلك بعد الرحمن عبد وروؤى

فلم الك�شب، يف ويجتهد ال�شوق يف ب�ل�شم�رشة

ك�ن؛ م� منه ك�ن بعدم� لأمره الن��س يعجب

واإذا عليه. عزمه طوى م�ذا يعلم مل اأحدا ولكن

خرج الأخرية الع�ش�ء �شالة وق�شى الليل اأظله

اإىل العراء خ�رج مكة وارتقى �شعب� من �شع�به�

ال�شم�ء يف ينظر هن�ك ليله من �شطرا فق�شى

ويت�أمل يف النجوم.

ابن اإىل �شب�ح ذات الرحمن عبد ر وبك

�شهيل فتلق�ه ب�لب�رش والرتحيب كع�دته، وجل�س

»لقد ق�ل: فيم� له فق�ل امل�رشبة يف يح�دثه

اأعجبتني اأبي�تك ي� بن اأبي عم�ر، اإنك ل�ش�عر«.

من �شيء اأدركه وقد الرحمن عبد فق�ل

اخلجل: »اأي اأبي�ت تعني ي� بن �شهيل؟«. ف�أج�به

يف قلته� التي »الأبي�ت ق�ئال: �شهيل ابن

�شالمة«.

خده تورد حتى الرحمن عبد خجل ف�زداد

ومتتم ق�ئال: »ولكنني..«.

»ل يبت�شم: وهو ق�ئال �ش�حبه فق�طعه

يل �شالمة اأن�شدته� لقد عني، اإخف�ءه� حت�ول

ف�أعجبت به�، وقد و�شعت له� حلن�«.

ب��شمة ودخلت ذلك عند �شالمة واأقبلت

وق�لت: »اأنعم �شب�ح� ي� عبد الرحمن«.

ف�أج�به� عبد الرحمن ق�ئال: »عمي �شب�ح�

ي� �شالمة.. اإين �ش�خط عليك«.

ق�لت متدللة: »عالم ي� بن اأبي عم�ر؟«.

ق�ل له�: »اأمل تعديني ب�أن ل تن�شدي الأبي�ت

ملولك؟«.

هذا.. عنك »دع وق�لت: له طرفه� فك�رشت

لقد �رش مولي ب�أبي�تك وو�شعت له� حلن�«.

فق�ل ابن �شهيل: »اإن عبد الرحمن يخ�شى اأن

اأغ�ر منه عليك ي� �شالمة..«.

ف�شحكت �شالمة وق�لت: »ليطمئن ب�لك.. اإن

ن ي�شبب بج�ريته بل ي�رشه اأن مولي ل يغ�ر م

ي�شمع �شعرا رائع� ك�شعرك«.

فق�ل ابن �شهيل: »اأجل واللـه اإنه ل�شعر رائع

اأ�شمعين� ي� �شالمة«. – ه�تي ف�أخذته، احل�ئط يف معلق عود اإىل فق�مت

حلن »اإنه ق�ئلة: الرحمن عبد اإىل والتفتت

الو�ش�ئد على متكئة بجنبه� وم�لت �شيعجبك«.

اأوت�ره، وت�شد عوده� ب جتر واأخذت الع�لية

العود وطفق اجلديد، حلنه� على ت�شبطه ك�أمن�

يرتمن يف حجره� وهي تغني:

؟ �سالم هل ل منكم نا�ص

وهل لقلبي عنكم ز�جر؟

قد �سمع �لنا�س بحبي لكم

!31

فمنهم �لالئم و�لعاذر

الطرب من نف�شه �شهيل ابن ميلك ومل

الرحمن عبد اإىل ق�م اأن

اأبي بن ي� »ثق ق�ئال: ظهره على بيده ف�رشب

عم�ر اأين لك ملن الع�ذرين!!«.

يف �شالمة وا�شتمرت مقعده اإىل وع�د

غن�ئه�:

قال�� �أحب �لق�س �سالمة

اهر وه� �لتقي �لنا�سك �لط

ا ل يدر قبلي �له�ى كاأن

�إال �لغ�ي �لفاتك �لفاجر

وم� الرحمن، عبد على ال�شديد الت�أثر فظهر

بلغت �شالمة اإىل قوله�:

ب�ص مثلكم يا ق�م �إين

كم �لفاطر وفاطري رب

ل كبد تهف� كاأكبادكم

ول ف�ؤ�د مثلكم �ساعر!

ابن فق�ل يبكي، الرحمن عبد طفق حتى

�شهيل: »اأعيدي ي� �شالمة: ي� قوم..«.

وهو الرحمن عبد فق�ل البيتني ف�أع�دت

لك�أين ح�شبك. �شالمة ي� »ح�شبك دموعه: مي�شح

واللـه مل اأقل هذه الأبي�ت، لقد ك�شوته� بتلحينك

روح� مل تكن يل«.

فق�لت �شالمة: »اإمن� اأعجبني �شعرك ف�ألهمني

هذا التلحني«.

وبينم� هم يف ذلك اإذ دخل غالم ابن �شهيل،

فدن� من موله واأخربه اأن ب�لب�ب ر�شول الق��شي

يريد اأن يراه؛ فبدت على وجهه م�شحة من الكدر

وق�ل للغالم: »ائذن له ب�لدخول«.

ف�نطلق الغالم وخرج ابن �شهيل يف اأثره من

الر�شول ال�شور وجد ب�ب بلغ اإذا امل�رشبة، حتى

الق��شي »اأجب مولن� الر�شول: له وق�ل فحي�ه

ي� بن �شهيل«. فق�ل ابن �شهيل: »�ش�أحلق بك«.

ق�ل الر�شول: »ل ي� بن �شهيل، اإنه كلفني اأن

اآتي بك الآن لأن دائنيك قد ح�رشوا هن�ك«.

فق�ل ابن �شهيل: »ل حول ول قوة اإل ب�للـه..

خريا.. انتظرين حلظة �ش�أرتدي عب�ءتي«.

وانطلق ابن �شهيل ن�حية الدار ف�رتدى

عب�ءته، ثم عرج على امل�رشبة فوجد عبد

الرحمن و�شالمة ج�ل�شني كم� ك�ن�، فق�ل

اأمر ه�م، الق��شي يف »لقد دع�ين لهم�:

ف�بقي� مك�نكم� حتى اأعود اإليكم�«.

ق�ئال: ب�لقي�م الرحمن عبد فهم

»اإئذن يل ب�لن�رشاف ي� بن �شهيل«.

عبد ي� »كال ق�ئال: �شهيل ابن ف�أجل�شه

مك�نك بقيت م� اإل عليك بحي�تي الرحمن،

حتى اأعود«.

يف »ا�شتمري له�: فق�ل �شالمة اإىل والتفت

غن�ئك ول تدعي ابن اأبي عم�ر يخرج حتى اأعود

اإليكم�«.

فق�لت �شالمة: »�شمع� وط�عة ي� مولي«.

وخرج ابن �شهيل، فلقى الر�شول على الب�ب

ف�ش�ر معه.

وخال املجل�س بعبد الرحمن و�شالمة، و�ش�د

خالله� يف �شعر الزمن من برهة ال�شمت فيه

عبد الرحمن ب�شعور غريب، فيه رهبة وفيه �شيق

ال�شعور هذا به ومت�دى الفرح، من �شيء وفيه

مبن يكون م� اأ�شبه اأنه اإليه خيل حتى الغريب

اأ�شقط يف يده، اأو وقع يف فخ ن�شب له، فندم على

على ابن �شهيل يف طلب الن�رشاف، اأن مل ي�رش

وخطر له اأن يرتك �شالمة وين�رشف لول اأن راأى

ذلك قد يثري يف قلب �شديقه ظنة ل داعي اإليه�،

ف�طم�أن لواجبه ومعرفته بنف�شه ثقته وذكر

اإليهم�، وعجب كيف �ش�وره ذلك ال�شطراب.

اإذ �ش�حبه� من اأهداأ فك�نت �شالمة اأم�

وجوم من ذلك مع تخلو ل ك�نت ولكنه� ذاك،

وارتب�ك، وك�ن اللـه وحده يعلم م�ذا ك�ن يجول

يف خ�طره�.

على اأنه� مل ت�شرب على ال�شمت طويال، ولعله�

املواقف هذه مثل يف الأنثى بب�شرية اأدركت

بع�س م� دار يف خلد جلي�شه�، فت�ش�غلت ب�لعود

وجعلت ت�رشب عليه حلن� �ش�مت� لعله لو حفظ

هذه عن واأ�شدقه مو�شيقي تعبري اأجمل لك�ن

احل�لة املعقدة من ح�لت النف�س الإن�ش�نية!

عبد اإىل ونظرت يده� من العود وو�شعت

اآخر ي� عبد الرحمن ق�ئلة: »اأمل ت�شنع يف �شعرا

الرحمن؟«.

�شيء يف اإليه� ب�رشه الرحمن عبد فرفع

�شالمة«. ف�بت�شمت ي� ال�شطراب وق�ل: »ل من

ق�ئلة: »ل اأ�شدقك ي� عبد الرحمن. ل بد اأنك قلت

�شيئ� جديدا«.

بتبدد �شعر وقد – الرحمن عبد فق�ل

»وم�ذا املجل�س: ي�شود ك�ن الذي النقب��س

اأبي ابن عندك ب�ش�عر. ل�شت ب�شعري؟ ت�شنعني

قي�س وابن الأحو�س وعندك والعرجي، ربيعة

الرقي�ت واأولئك الفحول، ف�لتم�شي �شعرهم«.

»ل اجلد: يخ�لطه� بلهجة �شالمة فق�لت

عبد ي� �شعرك اأحب اإين هوؤلء. �شعر يعجبني

التلحني ويلهمني مني يبلغ واأجده الرحمن،

اأبي�تك غنيت »لقد وق�لت: ثم �شحكت الب�رع«.

اأول اأم�س للغري�س ومعبد فلم ي�شدق� اأن التلحني

من عملي، وظن كالهم� اأنه من عمل �ش�حبه«.

ق�ل عبد الرحمن: »م�ذا جتدين ي� �شالمة يف

�شعري؟«.

ف�شمتت �شالمة حلظة ثم ق�لت: »ل اأدري ي�

وت�شتجيب يحركني اأجده ولكنني الرحمن، عبد

اأمل تقل الرحمن له نف�شي.. فب�للـه عليك ي� عبد

Page 19: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 192010

�شيئ� جديدا؟«.

ولكني �شالمة، ي� »بلى الرحمن: عبد فق�ل

لن اأطلعك عليه«.

»ومل ي� عبد الرحمن؟«.

»لأنك نق�شت ميث�قي«.

»نق�شت ميث�قك؟ مع�ذ اللـه ي� بن اأبي عم�ر..

اإن ميث�قك مكتوب يف قلبي ولن اأنق�شه اأبدا«.

»اأمل تن�شدي �شعري ملولك؟«.

»اأم� زلت تعد هذا ذنب� ي� عبد الرحمن؟ ملن

اأن�شده اإن مل اأن�شده ملولي ابن �شهيل؟«.

»واأن�شدتيه اأي�ش� للغري�س وملعبد«.

اللحن يف راأيهم� لأعرف ذلك فعلت »اإمن�

الذي عملته«.

لأحد ول ملولك تن�شديه األ »اأتعدينني

غريه؟«.

متري�س: �شيغة يف ق�ئلة �شالمة ف�أج�بته

»لك عندي م� ت�ش�ء، فه�ت ي� عبد الرحمن«.

قرط��ش� جيبه من الرحمن عبد ف�أخرج

اإليه ردته ثم فيه فنظرت �شالمة، اإىل فدفعه

وق�لت: »اقراأه ي� عبد الرحمن«. فقراأه.

فت�أثرت �شالمة ت�أثرا �شديدا، ولكنه� ح�ولت

الرحمن، عبد يد من القرط��س فجذبت اإخف�ءه

وو�شعته اأم�مه� وطفقت ت�رشب على عوده� –

وهي ن�ظرة يف القرط��س – حلن� �ش�مت� �شجي�

تع�جله بعوده� زالت وم� م�شتقر، غري غ�م�ش�

ف�ملتعت ال�شتقرار، بع�س اللحن ا�شتقر حتى

الرحمن عبد اإىل ونظرت عين�ه�،

�شمة ب�

واأخذت تغني:

عالم �سلبت يا �سالم قلبي؟

الال فعاف �لر�سد و��ستحلى �ل�س

»م�ذا، وق�ل: فرح� الرحمن عبد ف�هتز

اأوجدت اللحن؟«.

ت وا�شتمر نعم، اأن براأ�شه� �شالمة ف�أ�ش�رت

تغني:

التي وقبلك ما عرفت �س�ى �س

ول ينل �له�ى من�سي مناال

ف عقلي �سمعتك فاجت��ين ن�س

اال ل �رت ت ل �رت ا ل فلم

واأخذ ف�شيئ�، �شيئ� ي�شتقر اللحن واأخذ

�شوته� يعلو وهي تقول:

يري �للـه من ب�صي و�سمعي! عذ

فقد كانا على قلبي وباال

دعيني �أ�ستقيلك بع�س لبي

ولب �لرء �أف�سل ما ��ستقاال

وارتفع �شوته� اإىل الأوج عندم� غنت:

ق�ل بذلت نف�سي �أهابك �أن �أ

ول� �أين �أطعت �لقلب قاال

ثم خف�شت �شوته� حتى ا�شمحل يف القرار

وهي تقول:

حياء منك حتى ذ�ب ج�سمي

!32

و�سق علي كتماين وطاال

حجره�، يف يده� من العود وو�شعت

ت�ئهة نظرة الرحمن عبد اإىل وجه ونظرت

فيه� كل مع�ين ال�شت�شالم والغزل، وقد

د خداه� ورب� ج�شمه� ك�أمن� نفخ تور

فيه فزيد ب�شطة. فنظر اإليه� عبد

طرفه�، فخف�شت الرحمن

العود يف واأخذت تقلب

تقول: وهي يده�

اإين عم�ر بن »ي�

اأحبك«.

الرحمن عبد فق�ل

وهو ي�شطرب: »واأن� واللـه ي�

�شالمة اأحبك؟«.

الراأ�س: م�ئلة اإليه تنظر وهي فق�لت

»واأحب اأن اأ�شع فمي على فمك«.

»واأن� الأر�س: اإىل وب�رشه له� فق�ل

واللـه اأحب ذلك«.

منه ودنت �شالمة فق�مت

فم� »اإذن ق�ئلة: بيده واأخذت

املو�شع اإن فواللـه مينعك؟

خل�ل«.

وخيل الرحمن، عبد فذهل

اأنه يرى طيف� يف حلم، وبقي �ش�مت� يدير اإليه

»لي�س �شالمة: فق�لت امل�رشبة اأنح�ء يف طرفه

عندن� من اأحد غريي وغريك!«.

اإليه� ونظر فج�أة، الرحمن عبد ف�نتف�س

نظرة ه�ئلة وق�ل: »اأن�شيت اللـه ي� �شالمة؟«.

يده، عن يده� ورفعت �شالمة ف��شطربت

وك�أن ن�را لذعته�، فرتاجعت اإىل الوراء وعين�ه�

هول اأم�مه� ترى ك�أمن� تف�رق�نه ل الزائغت�ن

تتقيه.

عبد الرحمن يقول: »ل ي� حبيبتي ل، وا�شتمر

وجل عز اللـه �شمعت واإين �شالمة، ي� اأحبك اإين

اإل عدو لبع�س بع�شهم يومئذ الأخالء يقول:

بينن� التي اخللة ت�شري اأن اأكره واأن� املتقني«.

عداوة يوم القي�مة!«.

�شالمة وع�دت ب�لدموع، عين�ه وغ�مت

اإىل مقعده� وم�لت بوجهه� على املتك�أ وطفقت

تبكي؛ ثم رفعت راأ�شه� وق�لت والدموع تت�ش�قط

على خديه�: »معذرة ي� عبد الرحمن. ع�شى اأن ل

.»تكون �ش�خط� علي

البك�ء: يخنقه ب�شوت الرحمن عبد فق�ل

ولكن عنك.. را�س اأن� حبيبتي، ي� واللـه »كال

ا�شربي حتى يجعل اللـه لن� مرج�«.

»وكيف ق�لت: ثم هنيهة �شالمة ف�شمتت

املخرج ي� عبد الرحمن؟«.

فق�ل له�: »ل اأدري واللـه ي� �شالمة«.

فع�دت اإىل �شمته� ثم ق�لت: »ولكنني اأدري

ابن مولي من ت�شتوهبني األ الرحمن.. عبد ي�

�شهيل، ف�إنه واللـه ليحبك، واإنه لكرمي وم� اأح�شبه

بي عليك«.33

ي�شن

لقد �شالمة، ي� »�شدقت الرحمن: عبد ق�ل

منذ اأي�م اأن فعل ابن �شهيل ذلك.. قد عر�س علي

يهبك يل«.

ي� ذلك فعل � »اأحق ق�ئلة: �شالمة ف�بتدرته

بن اأبي عم�ر؟«.

مل ولكنني فعل.. لقد واللـه :اإي له�: فق�ل

اأقبل«.

�ذا مل تقبل؟«. فق�لت بلهجة الع�تب: »ومل

الكرمي يف الرجل اأرزء هذا اأن اأ�ش�أ »لأين مل

ركبته قد واأن �شيق يف اأنه بلغني فقد م�له،

ديون كبرية«.

»وكيف علمت ذلك ي� عبد الرحمن؟«.

»�شمعت الن��س يتحدثون بذلك ي� �شالمة«.

.. حق هذا »اأجل وق�لت: �شالمة فتنهدت

م�شكني مولي! لقد جنى جوده واإ�رشافه عليه«.

اأنه جلواد كرمي.. »اأ�شهد الرحمن: عبد فق�ل

اأن يفتح اإل اأي�مه هذه احلرجة مل ي�ش�أ حتى يف

اره«. ب�به ل�شيوفه وزو

الع�بثني، ال�شعراء »ولإخوانه �شالمة: ق�لت

واملغنني امل�جنني ينفق عليهم بغري ح�ش�ب«.

ف�شكت عبد الرحمن ملي� ثم ق�ل: »اأجل كنت

حتى بق�شوة، عليهم واأحمل القوم هوؤلء األوم

قريب� اأو مثلهم فجعلني مني لهم اللـه انتقم

منهم«.

ل اأنت عم�ر. اأبي بن ي� مثلهم ل�شت »كال

تعبث عبثهم ول ت�أخذ اأخذهم«.

اأح�شن لعلهم بل �شالمة.. ي� اللـه »اأ�شتغفر

ح�ل مني، اإنهم مل يج�ل�شوا عط�ء بن اأبي رب�ح،

ومل يتفقهوا يف الدين مثلي، لعلهم لو فعلوا مل�

وقعوا فيم� وقعت فيه«. ثم اأخذ يقول:

فاهة �أهلها قد كنت �أعذل يف �ل�س

ا تاأتي به �الأيام فاعجب ل

ا علم �إن فالي�م �أعذرهم و�أ

�سبل �لغ��ية و�لهدى �أق�سام

و�شكتت �شالمة برهة ك�أنه� جتيل فكره� يف

الرحمن اأمور �شتى، ثم ق�لت: »قد علمت ي� عبد

حم�لة ل واأنه ال�شيق، من مولي فيه وقع م�

ب�ئعي، واأخ�شى اأن ل اأراك بعد ذلك ول تراين«.

اأن نف�شي حدثتني »لقد الرحمن: عبد فق�ل

اأبي، ف�أ�شرتيك اأبيع م�ل يل ب�لوادي ورثته عن

ي� بهذا اأتر�شني ف�أتزوجك.. ف�أعتقك بثمنه

�شالمة؟«.

ف�أج�بت ق�ئلة: »كيف ل اأر�شى بهذا ي� عبد

الرحمن واأن� را�شية مب� دونه؟ بح�شبي اأن اأكون

راحتك.. على واأعمل بخدمتك، اأقوم ج�ريتك،

ولكن اإذا بعت م�لك فمن اأين تعي�س؟«.

اإىل »�ش�أخرج وق�ل: الرحمن عبد ف�بت�شم

ي� ذلك جربت وقد �شم�ش�را، واأ�شتغل ال�شوق

�شالمة فنجحت فيه«.

عبد ي� »وامل�شجد وق�لت: �شالمة ف�شحكت

الرحمن؟«.

ق�ل له�: »للم�شجد وقت، ولل�شوق وقت، ولك

اأنت ي� �شالمة وقت.. ول�شت ب�أف�شل من اأبي بكر

اأولهم� ك�ن وقد اخلط�ب، بن وعمر ال�شديق

اأبي من لأف�شل واإنهم� دلل.. وث�نيهم� ت�جرا

امل�شجد لزموا الذين ة ف ال�ش اأهل و�ش�ئر هريرة

احلرام ومل ي�شتغلوا ب�لك�شب«.

وك�أمن� القول، لهذا �شالمة نف�س ارت�حت

عبد ي� »عجب� فق�لت: منه ت�شتزيد اأن اأرادت

�شمعت اأم� الراأي؟ هذا ج�ءك اأين من الرحمن،

بهذا من قبل؟«

قبل، من به �شمعت قد »بلى له�: فق�ل

ولكنني مل اأفقهه فلم اأعمل به، واإمن� فقهته بعد

اإذ عرفتك ي� �شالمة وفكرت فيك«.

هو: الز ملكه� وقد دلل يف �شالمة فق�لت

Page 20: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

20

عن �رشفتك ب�أين تلمني اأن حق فال »اإذن

اخلري!«.

اإليه� عبد الرحمن يف وداعة و�شف�ء، فنظر

لأح�ر.. واللـه »اإين وهدوء: توؤدة يف له� وق�ل

عن �شالمة ي� اأ�شغلتني اأدري ل واللـه واإين

هو اإرادة وفيك يف وهلل اإليه! هديتني اأم اخلري

عرفتك حتى الزواج يف كنت م� اإين ب�لغه�..

اللـه �شلى اللـه ر�شول تزوج وقد فيه، ففكرت

عليه و�شلم وق�ل: »النك�ح �شنتي، فمن رغب عن

واأقراأ القراآن اأتلو كنت واإين فلي�س مني«. �شنتي

فيه اآي�ت ال�شم�وات والأر�س والنجوم فم� اأهتز

له� كم� اأهتز لآي�ت الوعد والوعيد، حتى عرفتك

يف واأ�شلي ال�شحر يف اأخرج ف�رشت �شالمة ي�

ملكوت يف واأنظر النجوم بجم�ل ع لأمتت العراء

واأق�شو ف�أبغ�شهم �ن ج امل اأرى كنت واإين اللـه.

هوؤلء؟ اللـه يرتك كيف لنف�شي: واأقول عليهم

حتى عرفتك ف�رشت اأرثي لهم واأعلم اأن هلل حكمة

لهدى اللـه �ش�ء »ولو كت�به: يف ق�ل كم� فيهم

الن��س جميع�«.

وك�نت �شالمة �ش�كنة ت�شتمع اإليه يف خ�شوع

و�شكت اللـه. اآي�ت يرتل لق�رئ ت�شغي ك�أنه�

د وق�ل: »ولكن الن��س عبد الرحمن قليال ثم تنه

�شهيل ابن ج�رية و�شغفته

الق�س ف�شق يقولون

.»� حب

ي�ش�وؤون، فق�لت �شالمة: »دعهم يقولون م�

فواللـه ي� بن اأبي عم�ر اإنك لط�هر �شديد املخ�فة

من اللـه«.

ي� »اأجل حزين: ب�شوت الرحمن عبد فق�ل

�شالمة، وهذا �رش �شق�ئي«.

اأخذ ثم طويلة برهة الرحمن عبد و�شمت

يحرك �شفتيه ك�أنه يعد حديث�، فق�لت له �شالمة:

ي� عبد الرحمن؟«.34

»م�ذا جتمجم

ق�ل: »اإنه� اأبي�ت هجمت على خ�طري«.

ق�لت: »اأ�شمعنيه�«.

فو�شع يده على جبينه ك�أنه ي�شتعني بذلك

على ا�شرتج�ع �شيء ن�شيه، واأن�ش�أ يقول:

ه��ك يقارع �لتق�ى بقلبي

فاأ�سهد فيه حربهما �سجاال

ب وهل يف �الأر�س �أ�سقى من حم

يذوب ه�ى وال يرج� ن��ال؟

�أال يا ليت ربي �إذ هد�ين

الال! �إل تق��ه جنبني �ل�س

الحي حني من �س و�إال فلي

قد لقيت به �لنكاال فاإين

نية حي تاأتي �ستاأتيني �ل

وت�سلمني �إل ربي تعال

وما يف �لقلب يا �سالم رج�ى

�س��ك و�أن تك�ين ل حالال

فطربت �شالمة وهبت ق�ئلة: »قيده�.. �ش�آتيك

يده� يف الذي العود ون�ولته والقلم«. ب�لدواة

ق�ئلة: »اأم�شك هذا«. وخرجت من امل�رشبة منطلقة

بب�رشه الرحمن عبد ف�شيعه� الغزال، خفة يف

وهو يقول: »تب�رك اللـه اأح�شن اخل�لقني!«.

واأخذ ينظر اإىل العود ويقلبه يف يده ويقول:

اإىل تهدى � لرمب ال�شيط�ن، مزم�ر ي� لك »ويل

عب�دة الرحمن!.

�لف�سل �لعا�ص

فقد ذاك، يومه بقية الرحمن عبد يهداأ مل

ف�شلى امل�شجد فق�شد �شهيل، ابن دار من خرج

كع�دته القيلولة لين�م بيته اإىل ورجع الظهر،

د، وللتعب لل�شالة ليال القي�م على به� ي�شتعني

ف��شطجع على فرا�شه وتقلب من جنب اإىل جنب،

عينيه عن يحجب ردائه بطرف وجهه و�شرت

حيتني ظلت� ولكنهم� تغفوان، لعلهم� ال�شوء

قلقتني م� تك�دان تفلت�ن من �شيطرة الإغم��س

حتى يرتفع جفن�هم� ف�إذا هم� مفتوحت�ن، فك�أن

ا بخيوط وثيقة اإىل قلبه اخل�فق جفنيهم� قد �شد

امل�شطرب، وفكره اله�ئم يف اأودية الأحالم.

فكر عبد الرحمن فيم� حدث له �شبيحة يومه

اأن جن� ويف موقفه من �شالمة، فحمد اللـه على

له اللـه ال�شيط�ن وكيده، ولول ع�شمة من فتنة

ولطفه به لوقع يف الإثم، فم� ك�ن بينه وبني اأن

يزل اإل اأن يلني قلبه قليال فتطغى عليه �شهوته،

ف�إذا هو من اله�لكني.

احمر وقد تقول وهي �شالمة له ومتثلت

اإين الرحمن عبد »ي� عين�ه�: وفرتت وجهه�

�شالمة ي� واللـه »واأن� هو: له� فيقول اأحبك«.

اأ�شع فمي على اأن »واأ�شتهي له: اأحبك«. فتقول

فمك«. فيقول له� هو: »واأن� اأي�ش� اأ�شتهي ذلك«.

يكرر وجعل نف�شه اإىل الرحمن عبد فث�ب

هذه الكلمة، واأن� اأي�ش� اأ�شتهي ذلك، ويقول: »ويل

اأاإ�شتهيت اأن اأ�شع فمي على فمه�؟ اأاإ�شتهيت يل!

ي� اأنت اأهذا والإثم، الف�شوق اأاإ�شتهيت احلرام؟

عبد الرحمن؟ اأو قد بلغ ال�شيط�ن منك هذا املبلغ

ت�شتهي اإنك فيه� لك حق ل تقول جل�رية حتى

لل�شيط�ن تركت م�ذا فمه�؟ على فمك ت�شع اأن

بعد هذا؟ وم�ذا تخ�شى من الإثم والف�شوق بعده؟

ينفطر ومل منه هذا وقع كيف اللـه، �شبح�ن

اللـه، ومل تبك ط يف جنب قلبه ندم� على م� فر

اأن مير م� دون هذا عين�ه دم�؟ لقد ك�ن ح�شبه

ج�شمه من خوف اللـه، ويخجل بخ�طره ليق�شعر

به وقد نطق لل�شالة، فكيف اأم�مه الوقوف من

اإىل امل�شجد احلرام به بل�ش�نه، وذهب عقب ذلك

ي�أت ك�أن مل م، املحر بيته عند ربه اأم�م ليمثل

اأمرا اإذا؟

ورجع عبد الرحمن اإىل م��شيه، يحن اإىل تلك

الأي�م ال�ش�فية اإذ ك�ن فيه� خ�يل الب�ل را�شي

من ويقوم � مطمئن ين�م الفكر، م�شرتيح النف�س

يذكر امل�شجد نه�ره يف ويق�شي نومه مطمئن�،

العلم، جم�ل�س ي�شهد اأو القراآن يتلو اأو اللـه

معر�ش� عن الدني�، �ش�دق� عن ب�طله� وغروره�،

�ش�لي� همومه�، مبتعدا عن مدارج الفنت وم�ش�لك

الطيب�ت من له يحل م� بع�س ت�رك� الغواية،

العلم�ء له، يج�ل�س يحل فيم� ل يقع اأن خ�شية

وال�ش�حلني، ل يعرف اأرب�ب النعمة والرثاء، ول

حمبي اللـهو والغن�ء، وم� ك�ن يعرف من العود

لهو ي�شغل عن ذكر اأنه اإل اإل ا�شمه، ومن الغن�ء

يليق ل القول من لغو اأنه اإل ال�شعر ومن اللـه،

تقني. ب�مل

اليوم يقعد على � بدا؟ وم� ب�له م فم� عدا

الثمينة، الطن�ف�س على ويط�أ الوثرية، الزرابي

ويجل�س وال�شعر، الغن�ء على �شهيل ابن وين�دم

حم��شنه�، يرى ف�تنة جميلة قينة اإىل عنده

وي�شتمع حلديثه�، وي�شتمتع بغن�ئه� وتطريبه�؟

ب�أن�شه ف�أبدلته ،� حب و�شغفته لبه �شلبت حتى

�، وبفراغه �شغال، وب�ل�شالمة خطرا وفتنة. ي� هم

ليته ك�ن ا�شتمع لن�شح �ش�حبه ال�شيخ اأبي الوف�ء

وعمل براأيه، فقد ك�ن اأعرف منه مبك�من اخلطر

اإذ وم�رجه، ال�شيط�ن ومداخل الغي ومراتع

�س تقواه للتج�رب متكال على ن�شحه اأن ل يعر

�شموده� لهجم�ت الهوى، وثب�ته� يف مع�ر�س

الفتون لعلمه اأن النف�س اأم�رة ب�ل�شوء، واأن مالك

من والفرار ال�رش مواطن عن البتع�د التقوى

يو�شك واأن من ح�م حول احلمى الريبة، اأم�كن

اأن يقع فيه.

الذي ال�ش�لح ال�شيخ هذا خ�لف ولكنه

عن ي�رشفه اأن قوة من اأوتي م� بكل اجتهد

بذلك يبتغي ل ب�خلطر، املحفوف ال�شبيل هذا

الهوى ج�نب واآثر اإليه، ي�شغ فلم له، اخلري اإل

دينه من يجد ب�أنه متعلال التقوى ج�نب على

الزلة، وين�أى به ارتك�ب وفقهه م� يع�شمه عن

راأيه وح�شن ت�رشفه م� ي�شلح الريبة. ومن عن

من اأمره ويخرج به من ورطته، ويجعل من ذلك

ك�أن الث�بت، الزواج اإىل �شبب� الع�ر�س احلب

، اأو ك�أن القين�ت 35

الزواج ل يح�شن اإل ب�لقين�ت

اأ�شلح لذلك من احلرائر، اأو ك�أن الزوجة ل تكمل

فنون وحذقت الرج�ل من�دمة اأح�شنت اإذا اإل

اأجل لقد الغن�ء واأج�دت ال�رشب على املع�زف.

ظلم هو اأب� الوف�ء اإذ جزاه على ن�شحه القطيعة

والهجران وهو يعلم حبه له، واأن�شه به، وافتق�ره

واملر�س، والكرب العجز من تلك ح�له يف اإليه

مهم� انتحل لنف�شه يف ذلك من املع�ذير، وتكلف

تربير موقفه منه ب�أنه اإمن� فعل لرييح ال�شيخ من

عليه الإحل�ح م�شقة ويكفيه فيه، غن�ء ل جدال

ب�لكف عم� ل ي�شتطيع الكف عنه.

وانتقل فكر عبد الرحمن اإىل �شالمة، ومتثله�

مرة اأخرى وهي تدنو منه وتراوده عن نف�شه يف

اأول خلوة جمعتهم� يف غيبة موله� الكرمي الذي

حب امل منزلة نف�شه من واأنزله� اإليه�، اأح�شن

نف�شه: ي�ش�ئل واأخذ عليه�، ث�ئره فث�ر م، املكر

الذي موله� تخون كهذه ج�رية ت�شلح هل

اأح�شن اإليه� هذا الإح�ش�ن كله، اأن تكون زوجة له

ي�أمتنه� على �رشفه يف م�شهده ومغيبه؟ نعم اإنه مل

يزل به� ومل يجبه� اإىل م� دعته اإليه، ف�شلم بذلك

ه�، وجنت من الإثم الكبري، ولكن م� ف�شله� عر�ش

لزلت، فك�أنه� اأج�به� لو اإنه� قد دعته يف هذا؟

بهذا قد زلت. اأم يغفر له� هذا لأنه� ارتكبته معه

ومل ت�أته مع غريه، وهو من دينه وتقواه يف منعة

من الإثم وع�شمة من املنكر. كال اإن هذا ل يغري

من �شلوكه� �شيئ�، ول يجعل من منكره� معروف�.

فح�شبه اأنه اأجنبي عنه� واأنه� دعت هذا الأجنبي

اأنه� اإليه، وح�شبه تدعوه اأن له� يحل اإىل م� ل

له: ويل الرجل. ذلك خ�نت واأنه� لرجل ج�رية

�شبيل هذه اجل�رية ب�ع راحته وطم�أنينته، اأيف

اأ�شب�ب وقطع والأق�ويل، للتهم نف�شه �س وعر

ال�شلة بينه وبني اأ�شح�به ال�شلح�ء؟

ل التحو هذا يت�أمل الرحمن عبد وقف

ال�ش��شع بني م��شيه العظيم يف حي�ته، والفرق

ل اإىل ذلك اليوم وح��رشه، ف�نتهى به هذا الت�أم

الذي فيه ليعود اأب� الوف�ء ف�شمع يف طريقه ذلك

ال�شوت اجلميل من دار ابن �شهيل فملك لبه، فك�ن

ل م� ج�ء بعده من البالء. ثم ع�د ذلك الغن�ء اأ�ش

عبد الرحمن ف�ش�أل نف�شه: »م� ذنبه فيم� حدث؟

�شديق لزي�رة ذهب اأن على يالم اأن احلق اأيف

له ف�شمع يف طريقه �شوت� فتنه ف��شتوقفه على

36

غرة الدار �ش�حب ف�هتبله� منه، ق�شد غري

وا�شطره عليه مذهبه به� وملك اإليه منه� نفذ

اأك�ن يف ك�ن. م� فك�ن منزله اإىل دخول بذلك

و�شعه اأن يهرب من هذا الق�ش�ء الذي حم عليه؟

يع�شم اأمل ك�ن. لقد اإمك�نه ك�ن يف ذلك اأن لو

نف�شه ب�لتقوى مل� راودته �شالمة عن نف�شه؟ اأمل

الهالك على به اأ�رشف حني الهوى فيه� يع�س

الأكرب؟ اأمل يد�س على ال�شهوة التي ك�نت تت�أجج

لأن ذلك فعل اإنه بلى ربه؟ م�فة �شدره يف

� افتت�نه بجم�ل �شوته� ذلك ك�ن فيم� ميلك. اأم

وغرامه به� فك�ن� فيم� ل ميلك، فحر األ يوؤاخذه

اللـه به واأن يتج�وز له عنه.

اأريد اأ�رش بلي به�؟ التي ثم م� هذه املحنة

Page 21: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 212010

خري م��شيه اأن اأحق ر�شدا؟ ربه به اأراد اأم به

من ح��رشه؟ األي�س من اجل�ئز اأن يكون ح��رشه

خريا من م��شيه؟ ليوازن بينهم� يف �شيء لريى

اأيه� الراجح. ك�ن يف م��شيه خ�يل الب�ل را�شي

النف�س م�شرتيح الفكر. فم� خلو الب�ل؟ األي�س معنى

النف�س؟ ر�شى وم� والتعطل؟ اخلواء مع�ين من

هي م� اإىل اإخالدهم� مظ�هر من مظهرا األي�س

فيه من النق�س ووقوفه� عن احلركة الدائبة اإىل

األي�س ق�شوره وعجزه الكم�ل؟ وم� راحة الفكر؟

بح يف عج�ئب اخللق عن اأداء م� خلق له من ال�ش

واآي�ت اخل�لق؟

ك�ن يف م��شيه يخ�شى اللـه ويتقيه، ويبكي

خ�شية عنه ذهبت فهل وقي�مه، �شالته يف

اليوم وقد حفت به األي�شت خ�شيته اللـه وتقواه؟

خ�شيته من اأعظم الدني� له وتربجت ال�شهوات

يخ�شى م� عي�شه متقلب يف يكن مل حني اأم�س

ه الليل وق�م دمعه اإذا اأجن37

اللـه فيه؟ وهل رق�أ

يف �شكونه ين�جي اللـه؟ األي�س بك�وؤه اليوم اأغزر

وحنينه اأرق قلبه ي�رش اأمل اأم�س؟ بك�ئه من

اأ�شدق و�شعوره اأعمق؟

ب�طله� عن � معر�ش الدني� يف زاهدا وك�ن

زهد اأين زهد؟ من زهد اأين ولكن وغروره�،

زهد من ب�آف�ته�، املتمر�س ب�لدني� اخلبري

اجل�هل به� البعيد عنه�؟ هو اليوم يغ�شى ال�شوق

ى وي�شتغل ب�لتج�رة ويتقي اللـه يف ذلك كله، ف�أن

يكون له ف�شل الأم�نة وال�شدق يف املع�ملة لو

مل يقع فيم� وقع فيه؟

فلم والغن�ء اللـهو لأ�شح�ب جم�ل�شته اأم�

رجل �شهيل وابن �شهيل. ب�بن اإل منهم يت�شل

ع�مر ف متعف طربه على ولكنه طروب، �رشي

يتخلف يك�د ل ب�ل�شالة ام قو ب�لإمي�ن، القلب

يوم� عن �شهود اجلم�عة يف امل�شجد. واإذا م� هل

للعب�دة غ وتفر اللـهو عن انقطع رم�ش�ن �شهر

منه الأواخر الع�رش ك�ن اإذا حتى وال�شدقة،

واأحي� نه�ره، بي��س فيه واعتكف امل�شجد لزم

على عطوف بعد وهو وقراآن�. �شالة لي�ليه�

فقراء مكة وذوي احل�جة من اأهله� ينفق عليهم

يف ال�رش اأكرث م� ينفق عليهم عالنية.

هو م� الرحمن عبد به اأغرم الذي والغن�ء

وم� اأثره فيه؟ اأمل يفد منه ترقيق� لقلبه وتلطيف�

يقوم التي اللوعة تلك منه يقتب�س اأمل حل�شه؟

عتقت قد ي�شعر ك�أنه روح به ف�إذا لل�شالة، به�

من رق اجل�شد، وارتفعت عن الأر�س فه�مت يف

عنه ي�أخذ اأمل الأعلى؟ ب�ملالأ وات�شلت ال�شم�ء

تلك الروعة التي يقراأ به� القراآن ف�إذا عوامل من

املعرفة من اأبواب واإذا لقلبه، تتك�شف املع�ين

واإذا الفكر، من واأطي�ف ال�شعور من واألوان

الذي تقوم عليه النظ�م يتلى، واإذا الكون كت�ب

ال�شم�وات والأر�شون حلن اأزيل خ�لد؟

يوازن النحو الرحمن على هذا عبد وا�شتمر

بني ح��رشه وم��شيه فيجد الرجح�ن حل��رشه،

اأو مييل قلبه اإىل ترجيحه في�شدقه عقله، ف�أح�س

ك�أن و�شعر قلبه، يف تنزل بطم�أنينة ذلك عند

ه، وع�د �شيئ� نفي�ش� اأو�شك اأن ي�شيع منه ف��شرتد

لأول راآه� ب��شمة متطلقة كم� �شالمة له خي�ل

وطفقت اأم�نيه، وا�شتيقظت اإليه�، فحن مرة،

اأحالمه ترتاق�س يف عينه!

ر ذنبه� غداة اليوم ف��شم�أز منه� ولكنه تذك

واأ�ش�ح بوجهه عن خي�له�. ولكن خ�طرا يف قلبه

انتدب للدف�ع عنه� دونه من حيث ل ي�شعر هو،

عبد »ي� له: تقول وهي �شورته� عليه فعر�س

قوله�، مبثل هو فيجيبه� اأحبك« اإين الرحمن

فمك« على فمي اأ�شع اأن »واأ�شتهي له: فتقول

فيقول له� مثل م� ق�لت، فتقول له: »م� مينعك

ب�شهود هو فيذكره� خل�ل؟«. املك�ن اإن فواللـه

يف فم�ذا وا�شتغف�را. ندم� وتبكي فتكف اللـه،

من اأعظم فيه ذنبه� يكون اأن احلق اأيف هذا؟

اإذ اإىل هذا املوقف الذي دفعه� األي�س هو ذنبه؟

األهب �شعوره� ب�شعره، واأث�ر ك�من وجده� برقيق

غزله، وفتنه� مب� اأودع يف اأبي�ته من روحه؟

به، له ف�عرتفت اأحبته، ك�نت وقد

ذكره� فلم� له�، وق�ل له وق�لت

رت وندمت على م� ك�ن اللـه تذك

يط�لبه� اأن له اأفيحق منه�.

�شنعته؟ الذي هذا من ب�أكرث

اإنه� كغريه� لي�شت مع�شومة من

ف��شتغفرت. اأذنبت وقد الذنب

غفر اللـه لعل يدري ومن

اإليه دعته فيم� ذنبه� له�

من الإثم، ومل يغفر له ذنبه

وحمله� فتنه� فيم�

�شنعت. م� على

اإذا لنف�شه اأفيغفر

اللـه يغفر مل م�

ذنبه من

مب� ويوؤاخذه�

من اللـه غفر

هذا اإن ذنبه�؟

اإذا لظلم عظيم.

عبد واأف�ق

الرحمن من اأحالمه

�شالة ذكر حني هذه

اأن وقته� الع�رش؛ فنه�س ونظر يف الظل فعرف

قد ح�ن اأو ك�د، فق�م فتو�ش�أ واأخذ زينته وخرج

من بيته يق�شد امل�شجد، وقد اعتزم يف نف�شه اأمرا،

ب�لوادي بيع �شيعته ي�شعى يف اأن م على و�شم

فيقدم ثمنه� لبن �شهيل ليبيع �شالمة، وي�شت�أنيه

اأق�ش�ط� له ليق�شيه الثمن من عليه يبقى فيم�

التج�رة، يف عمله من عليه يعود م� يجمعه�

وابن �شهيل قد عر�س عليه �شالمة ليهبه� له فلن

منه ويقبل الطلب، هذا اإىل يجيبه اأن عليه يعز

هذه الت�شوية على عالته�.

عن اأي�م ب�شعة الرحمن عبد انقطع

�شهيل ك�ن ابن زي�رة

خالله� يف

ا جمتهد

يف

ال�شعي لبيع �شيعته، حتى ذهب اإليه ذات ع�شية،

وك�نت ال�شم�س قد م�لت للغروب، واكت�شت الدني�

حلة ذهبية من الأ�شيل ك�أنه� تقول لعبد الرحمن

وهو يرى لون الذهب يف كل �شيء تقع عينه عليه:

»م� اأقل م� حتمل من هذا يف �رشتك!«.

ا�شتوؤذن مل� فرح� وانطلق �شهيل ابن خف

اأطول راآه� اأي�م غيبة بعد عليه الرحمن لعبد

اأمور كبرية من حقيقته�، مل� حدث له فيه� من

راأى اإن فم� عهدا، وي�شتقبل عهدا يودع جعلته

له عجب ح�را عن�ق� ع�نقه حتى الرحمن عبد

هذا مثل �شديقه من ي�ألف مل اإذ الرحمن عبد

غ�به� التي املدة تكن ومل قبل، من

مثل تقت�شي بحيث الطول من

عند الب�لغة التحية هذه

ي�شعه مل ولكنه اللق�ء،

�شديقه ج�مل اأن اإل

بعن�ق عن�قه فق�بل

Page 22: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

22

مثله. ولو اأن ابن �شهيل نظر يف عيني عبد الرحمن

والت�ش�وؤل، ال�شتغراب دلئل فيه� لراأى ذاك اإذ

ولكنه ك�ن من ال�شوق واللـهفة للق�ء عبد الرحمن

م� ملالحظة فر�شة معهم� له تكن مل بحيث

ترتكه حتيته من الأثر يف �شديقه، فقد اندفع يف

�شقيقه بعد غيبة حلت لقي ال�شقيق اندف�ع ذلك

ف�عتنق� عليهم�، يعز ب�أحد ك�رثة اأثن�ئه� يف

انقط�عه ابن �شهيل عن �شبب متوا�شيني! و�ش�أله

عن زي�رته؟

م�شغول »كنت ق�ئال: الرحمن عبد ف�أج�به

الع�تب: �شوؤال �شهيل ابن ف�ش�أله �شهيل«. بن ي�

»اأي �شغل ي� عبد الرحمن؟«. فق�ل له: »بعت م�يل

الذي ورثته عن اأبي ب�لوادي«. فعجب ابن �شهيل

�شيعته بيع على �شديقه حمل م�ذا يفهم ومل

الده�شة: اأخذته وقد فق�ل منه�، يعي�س التي

»بعته؟« فق�ل عبد الرحمن واخلجل يعقد ل�ش�نه:

�رشة اإىل واأ�ش�ر به«. اأتيتك ثمنه وهذا »نعم..

و�شعه� اأم�مه: »فهل لك اأن تبيعني �شالمة ي� بن

�شهيل؟«.

ف�شعر ابن �شهيل ك�أن خنجرا �شك يف �شدره،

تلك يف �شعر فقد الأمل، من نف�شه على فتح�مل

احلجر من به نزلت التي املحنة بعظم اللحظة

على اأمواله، حني راأى عبد الرحمن وقد ب�ع م�له

على اأن يحقق واأت�ه ي�شتعني يف �شالمة فلم يقدر

وق�ل: الهدوء وا�شطنع جتلد ولكنه اأمله؛ له

اإنه� الرحمن؟.. عبد ي� كيف �شالمة؟ »اأبيعك

�نة رم اآل من املدينة من لرجل اأم�س بيعت قد

الرحمن عبد ف�نتف�س غد« ع�شية و�شيت�شلمه�

وق�ل غ��شب� – وك�أنه مل ي�شدق م� �شمع: »اأو قد

فعلته� ي� بن �شهيل؟«.

ف�أج�به ابن �شهيل بلهجة ت�شيل حن�ن� ورقة:

واإمن� عم�ر، اأبي بن ي� بعته� الذي اأن� »ل�شت

ب�عه� عني الق��شي.. لعلك مل تعلم اأنهم حجروا

موا كل م� اأملك، حتى هذا حجر تفلي�س، وقوعلي

ف «. وتوقالق�رش الذي اأ�شكنه، ليق�شم على دائني

لت اإليهم اأن يرتكوا يل هنيهة ثم ق�ل: »ولقد تو�ش

�شالمة، فلم يفعلوا«.

فكره فيه� ذهب حلظة الرحمن عبد فوجم

اأن حتمل و�شعك »األي�س يف ق�ل: ثم كل مذهب.

الق��شي على اأن يبيعه� يل؟«.

فق�ل ابن �شهيل: »ل اأح�شب الرجل املدين ي�

عبد الرحمن يتن�زل عن �شفقته، فهو من ع�ش�ق

ثمنه� ف�أغلى جتيده، ب�أنه� �شمع وقد الغن�ء،

فكم عندك من دين�ر، ت�شعم�ئة فيه� دفع حتى

امل�ل؟«.

خ�ف�س: ب�شوت الرحمن عبد ف�أج�به

»م�ئت�ن وخم�شون دين�را«.

الرحمن عبد ي� ليتك »ي� �شهيل: ابن ق�ل

قبلته� هبة مني حني عر�شته� عليك!«.

ك�ن. ذلك »ليت ق�ئال: الرحمن عبد د فتنه

واللـه م� منعني من قبول ذلك اإل اأنك كرمي، وقد

بلغني اأنك قد وقعت يف �شيق، فلم اأ�ش�أ اأن اأرزاأك

� ف�لق� كبدي، وم� يف م�لك، واللـه اإين لأحبه� حب

منعني اأن اأ�شكو بثي اإليك اإل حي�ئي منك«.

وق�ل: ب�لدمع �شهيل ابن عين� ف�غرورقت

»اإن لهذه اجل�رية نف��شة عندي، وقد راأيت كلفك

على به� اأوؤثرك اأن ف�أحببت بك وكلفه� به�

اأين الرحمن عبد ي� اأكتمك ول نف�شي؛

�شيحجرون اأنه اأ�شعر كنت قد

كنت م� ولكني م�، يوم� علي

�شيم�شي احلجر اأن اأظن

بهذه ال�رشعة، ولو قد علي

علمت ذلك لأعتقت رقبته�

فال يجدون اإليه� �شبيال.«

فبكى عبد الرحمن وق�ل

»م� العربة: تخنقه ب�شوت

اأدري واللـه ي� بن �شهيل اأاأبكي

مل�ش�بي اأم اأبكي مل�ش�بك«.

وقد م�شح �شهيل ابن فق�ل

على تدحرجت كبرية دمعة

وال�شدة: ب�جللد وتظ�هر خده،

الرحمن، عبد ي� عليك »خف�س

ي�رشا. الع�رش من لك اللـه ف�شيعجل

� منك وقد بلوت من هذا �شن اأكرب اإين

�شيء لكل اأن فوجدت بلوت، م� الأمر

نه�ية.. حتى هذا احلب الذي يفلق الكبد،

ويحرق حج�ب القلب، نه�يته ال�شلوان«.

فق�ل عبد الرحمن وقد ظهرت عليه دلئل

حييت، م� اأ�شلوه� لن اأين علمت »لقد العزم:

ولكني �ش�أعت�شم ب�ل�شرب حتى يق�شي اللـه

اأن جتيبني لك ك�ن مفعول. فهل اأمرا

�ش�ء اإن عليك يثقل ل رج�ء اإىل

اللـه؟«.

م� »اطلب �شهيل: ابن ق�ل

�شئت فو اللـه ل اأمنعك �شيئ� اأقدر

عليه!«. فتن�ول عبد الرحمن

ال�رشة فقدمه� ق�ئال: »اقبل

على به� ت�شتعني مني هذه

بع�س �شوؤونك، حتى يجعل اللـه

لك من �شيقك مرج�«.

�شهيل ابن ق�ل

اأم� ح�زمة: بلهجة

الرحمن عبد ي� هذا

فال، اإنك اأحوج اإليه�

مني«.

عنه�، غنى يف اإين �شهيل بن ي� »كال

على يزيد م� ال�شوق يف عملي من اأك�شب ف�إين

ح�جتي«.

»منذ كم عملت يف ال�شوق ي� عبد الرحمن؟«.

»منذ عرفتكم ي� اآل �شهيل«.

ف�بت�شم ابن �شهيل ابت�ش�مة يخلطه� الأ�شى،

عر�شت الرحمن. عبد ي� مني لأكرم اإنك وق�ل

اأن� وقد اأمتنع اأفال عليك بع�س م�يل ف�متنعت،

كل م�لك؟عر�شت علي

فتنهد عبد الرحمن ق�ئال: »اإن الدني� كله� ل

ت�ش�وي �شالمة يف عيني«.

ق�ل ابن �شهيل: »فم� الذي منعك من قبوله�

اإذ عر�شت عليك؟«.

فق�ل عبد الرحمن وك�أمن� اقتطعه� من قلبه:

.»»ال�شقوة التي غلبت علي

فيم� ر يفك ك�أنه حلظة �شهيل ابن �شكت

بن ي� »ل ق�ل: ثم الرحمن عبد عليه عر�شه

منك قب�شته فلو م�لك، عليك اأم�شك عم�ر، اأبي

اأ�شكرك واأعرف ل�شتحقه الدائنون.. وبعد ف�إين

لك ف�شلك«.

وق�ل: الرحمن عبد فت�أوه

»وارحمت�ه لك ي� بن �شهيل!«.

عند وقعه� الكلمة لهذه ك�ن

وغلب رقته له فع�دت �شهيل، ابن

عليه البك�ء وهو يقول: »اللـه يل ولك

اآ�شف م� واللـه اإين الرحمن! عبد ي�

على �شيء ف�تني من هذه الدني� اإل

اأن يف مكة بيوت� لأرامل ويت�مى ل

فم� عليهم، اأنفق كنت لهم ع�ئل

يكون م�ذا واللـه اأدري

ح�لهم بعدي!«.

فق�ل عبد الرحمن:

بن ي� اأكرمك »م�

ينبغي م� �شهيل!

لكرمي مثلك اأن ل

يكون عنده م�ل ينفق

منه!«.

ابن واأحب

اأن �شهيل

Page 23: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 232010

ر وقد �شالمة وتذكر نف�شه، عن الكالم ي�رشف

يف نف�شه اأن عبد الرحمن ك�ن يريد ال�شوؤال عنه�

قبل �شالمة ترى اأن حتب »األ احلي�ء: فمنعه

رحيله� ي� عبد الرحمن؟«.

فخفق قلب عبد الرحمن وق�ل واحلي�ء يعقد

ل�ش�نه: »بلى ي� بن �شهيل«.

مع� لنتغدى ال�شب�ح يف غدا ف�أتن� »اإذا

ونق�شي يوم� �شعيدا«.

وك�أن عبد الرحمن ا�شتبعد هذا املوعد، فهو

اأن يراه� يف تلك ال�ش�عة، ولي�س يف و�شعه يريد

جد بعيد، اأن غدا اإليه الغد، وخيل اإىل اأن ينتظر

اأمور فتحول دون روؤيته� فق�ل: اأن جتد وخ�شي

»�شكرا �شك ي� بن �شهيل، �ش�آتي غدا اإن �ش�ء اللـه،

ولكن اأين �شالمة الآن؟«.

ع لتود ذهبت »اأح�شبه� �شهيل: ابن ف�أج�به

حتى تنتظره� اأن اأحتب ومع�رفه�.. �شواحبه�

تعود؟«.

– نعم له يقول اأن الرحمن عبد ف��شتحي�

فق�ل: املغرب – وتذكر �شالة ذلك بوده وك�ن

»ل ي� بن �شهيل، بل ت�أذن يل ب�لن�رشاف«.

ق�ل ابن �شهيل: »على اأن ت�أتين� غدا«.

ق�ل عبد الرحمن: »اإن �ش�ء اللـه«.

�لف�سل �لادي ع�ص

خرج عبد الرحمن من عند ابن �شهيل فق�شد

ا اإىل امل�شجد ف�شلى املغرب، ثم ط�ف ب�لكعبة تو

م� �ش�ء اللـه اأن يطوف، وهو يف ذلك �ش�رد اللب

ك�أمن� وتذهب، اخلواطر به جتيء احل�س ذاهل

عب�به، يتالطم 38

ي جل بحر يف منه� األقي قد

ترفعه كبد، يف منه� فهو اأمواجه، وت�شطخب

يقومون الن��س ويرى اأخرى، به وتهبط موجة

ويقعدون ويطوفون وي�شلون وك�أنه يرى اأخيلة

حوله، من ت�شطرب واأ�شب�ح� اأم�مه، ترتاق�س

يعرف يك�د ول فينكره� وجوههم ويت�شفح

ج�شمه �س فيتلم نف�شه اإىل ويعود وجه�. فيه�

اأحي اأن يتبني ك�أنه ي�شك يف موقفه ذاك ويريد

مع بعث قد ميت اأم الأحي�ء، بني ي�شطرب هو

الأموات يف يوم احل�ش�ب!.

ن�شي عبد الرحمن يف ذلك املوقف كل �شيء،

و�شك يف كل �شيء، و�شعر ب�خلوف وال�شتيح��س

اإىل الع�مل هذا من خرج � فك�أمن �شيء، كل من

ع�مل جديد ل �شلة له به، ول عهد له به من قبل.

اأهذا هو امل�شجد احلرام الذي ك�ن يغ�ش�ه �شب�ح

التي الكعبة هي اأهذه نف�شه؟ عقل منذ م�ش�ء

ي�شلي اإليه� ويطوف به� ويدعو اأم�مه� مرارا كل

به لق الذي عم�ر اأبي بن الرحمن عبد اأهو يوم؟

؟ اأيف يقظة هو اأم ن�ئم تتالعب

اأهل مكة ب�لق�س

التي يحمله� اإىل ال�رشة براأ�شه الأحالم؟ وينظر

ويحتفظ يحمله� ومل�ذا هي م� يدري فال معه

به�؛ وي�شمع اأذان الع�ش�ء فال يعي منه اإل م� يعيه

املجهد من حديث القوم قد غلبه النع��س بينهم!

و�شلى الق�ئمني مع فق�م ال�شالة واأقيمت

مع امل�شلني، ثم خرج من امل�شجد مع اخل�رجني،

وحملته قدم�ه من حيث ل ي�شعر اإىل حيث انتهى

اإىل ب�ب داره، ففتح الب�ب ثم اأغلقه عليه، و�شعد

اإىل غرفته ورمى بنف�شه على فرا�شه فوقع جنبه

ف�أح�س يده، يف يحمله� ك�ن التي ال�رشة على

عن يبحث فجعل غمرته، من اأيقظه �شديد ب�أمل

اإليه� ونظر فرفعه� ال�رشة فوجد الأمل م�شدر

� فتذكر! ملي

ب�عه�، ومل ب�عه� وكيف ال�شيعة تذكر

منه� ويئ�س عليه عزت وكيف �شالمة وتذكر

وك�ن يراه� اإىل اأم�س القريب اأمال �شهل التحقيق

وعطفه �شهيل ابن بكرم لوثوقه املبتغى داين

عليه وحبه مل�ش�عدته. ولكن ويح ابن �شهيل! لقد

حجر عليه ب�لتفلي�س وبيعت اأمالكه واأمواله ومل

يبقوا حتى على ق�رشه الذي يقيم فيه وج�ريته

الوا�شع الرثاء ذلك بعد ف�أ�شبح يوؤثره�، التي

لل�شيوف املن�شوبة واملوائد ال�ش�بغة، والنعمة

واملج�ل�س الع�مرة ب�لأن�س والغن�ء والندم�ء من

املغنني وال�شعراء، فقريا ل ميلك اأن ي�شعد �شديق�

عزيزا عليه. اأو ينفق على اأهل بيت اأخنى الزم�ن

39عليهم!

ر عبد الرحمن �شديقه ابن �شهيل وخفوفه تذك

�شفر من ي�شتقبله ك�أنه فرح� للق�ئه الع�شية

طويل، فعرف الآن مل�ذا ع�نقه ذلك العن�ق احل�ر

يفهم هو م� التي مل الب�لغة التحية تلك وحي�ه

دع�ه اإليه�، فلم يزد على اأن ا�شطنع حتية مثله�

وتكلفه� جم�ملة له. ولو قد علم مب� ك�ن يعتلج

يف �شدره عند لق�ئه ذاك، واأنه ك�ن يعلن بذلك

الإ�شع�د واملوا�ش�ة، مل� وقف �شكواه وي�شتجديه

يع�نقه ولندفع د؛ والرتد ب التعج موقف منه

بكل قوة وحرارة.

تلك يذرف وهو �شديقه �شورة وا�شتع�د

، اليوم قط التي مل يجد به� قبل الغ�لية الدموع

ال�شديق هذا اأن ذكر اإذ �شدره، يف الأ�شى فحز

املرة يف بكى واإمن� نف�شه مل�ش�ب يبك مل

الأوىل مل�ش�ب عبد الرحمن حني �شك� اإليه كلفه

الث�نية لأولئك الأرامل ب�شالمة، وبكى يف املرة

فال عليهم وينفق يعولهم ك�ن الذين واليت�مى

يدري م�ذا يكون ح�لهم بعده. فعجب من �شرب

ف�شعر واأثرته، هو جزعه ومن واإيث�ره، �شديقه

ب�شديقه اإعج�ب� وازداد لنف�شه، �شديد ب�حتق�ر

واإكب�را ملك�نه.

والتفت ذهنه اإىل موعد الغد فخفق قلبه لذكر

للق�ئه�، يتهي�أ ك�أنه فرا�شه ونه�س عن �شالمة،

وذه�ب� جيئة الغرفة اأرك�ن بني يخطر وطفق

ك�أنه ي�شتبطئ الغد ويريد اأن يقطع الزمن احل�ئل

غدا يراه� لن اإنه �شالمة. روؤية وبني بينه بعد

ل رمب� روؤية اآخر فهذه قبل، يراه� ك�ن كم�

اآخر الغد اأيكون قلبه! ي� ويح اأبدا. يراه� بعده�

هذا ر يت�شو اأن اأعظم م� ي�للـه؟ ب�شالمة؟ عهد

ي�شلو وجهه� اجلميل؟ وكيف واأ�شده عليه! كيف

العذب؟ �شم�ع �شوته� احلرم�ن من ي�شرب على

اأيق�شي بقية حي�ته ل ينعم فيه� بنظر ول يحظى

منه� ب�شم�ع؟

بعد، غدا �شرياه� ب�أنه نف�شه في�شلي ويعود

ويجل�س اإليه� وي�شمع �شوته�، وهذه نعمة ل تقدر

بثمن ول يقوم به� �شكر. اأمل يكن ج�ئزا اأن يغيب

يومه ذاك ويوم� اآخر عن ابن �شهيل فال ي�أتي اإليه

اإل بعد رحيل �شالمة فال يودعه� ول يراه� اأبدا؟

اأنه بخري بعد، واأن ر هذا ليوقن اأن يت�شو ح�شبه

اإىل نه�يته�. ومن يدري م�ذا م�شيبته مل ت�شل

�ش�، فرمب� ي�أتي به الغد، واإن يف يوم واحد ملتنف

الي�ئ�س اإىل الأمل يرد م� ال�شوؤون من فيه تعن

والفرج اإىل املكروب؛ ثم م�ذا يحمله على الي�أ�س

من �شالمة، حتى بعد رحيله� اإىل املدينة؟ األي�س

اللـه ق�درا على اأن يحقق اأمله فيه� يف يوم من

اللـه يفتح عليه الأي�م ب�شبب من الأ�شب�ب؟ لعل

اأبواب رزقه، ويي�رش له الغنى من ك�شبه، فيبت�عه�

من موله� اجلديد مب� ير�شيه من امل�ل.

الأمل يف نف�س الب�شي�س من وم� ملع هذه

عبد الرحمن حتى احتفل له وعني به، وم� زال به

يغذوه ويف�شح له حتى من� فمالأ ب�ل�شي�ء جوانب

ة يف التنفي�س نف�شه. واأح�س عند ذلك برغبة ملح

عن ذات �شدره، وارت�ح لقول ال�شعر فق�شى حين�

م� منه وير�شى ده، ويت�شي يع�جله الليل من

خالل يف وهو يحذف، م� منه ويحذف ير�شى

والنقب��س والرج�ء، الي�أ�س بني ي�شطرب ذلك

امل��شي، اإىل احل��رش من وينتقل والرتي�ح،

بينهم� وبني د اإىل احل��رش، يرتد ومن امل��شي

يف وحين� نف�شه يف حين� ويفكر امل�شتقبل،

�شالمة وحين� يف �شديقه ابن �شهيل، ولكن خي�ل

�شالمة ك�ن ي�شيطر على فكره يف ذلك كله..

مل ينم عبد الرحمن ليلته هذه بل و�شل �شهده

ده، وبكى يف قي�مه لل�شالة م� �ش�ء اللـه اأن بتهج

يبكي؛ ودع� اللـه م� ط�ب له من الدع�ء، ومكث

كذلك حتى �ش�ح املوؤذن ب�لفجر.

عبد ك�ن حتى النه�ر ي�شحى يكد ومل

�شهيل، ابن دار يف اخلوان اإىل ج�ل�ش� الرحمن

الطع�م اأ�شن�ف فيه� امل�ئدة عليه ب�شطت وقد

�شهيل عن ميينه و�شالمة ابن والف�كهة. وجل�س

عبد عيني يف ب�دي� ال�شهر اأثر وك�ن اأم�مهم�.

لب�شت وقد متعب. اأنه عليه يبد مل واإن الرحمن

�شحوب� وجهه� يف ولكن ثي�به� اأح�شن �شالمة

فتورا حرك�ته� ويف �شقم، من 40

نقهت ك�أمن�

ل وهي به، الن�شيط املرح اجل�شم لذلك عهد ل

ل ك�أنه� م�ش�رقة اإل الرحمن عبد لوجه تنظر

اآي�ت الأ�شى الب�دية عليه. ومل تقوى على قراءة

يعد لبت�ش�مته� اإذا هي ابت�شمت – ذلك الإ�رشاق

الف�ئ�س ك�أنه ذوب من النور يتفجر! حتى احلي

واء، فك�أنهم� الرونق والر نونت�ه� ف�رقهم� ذلك

ال�شيف حر لفحهم� اجلبل اأعلى يف نقرت�ن

�شهيل ابن اأم� ال�شم! ال�ش�يف م�وؤهم� فجف

ب�لب�رش، وجه� واأطفحهم الثالثة، اأمرح فك�ن

ك�أن الأي�م مل تغري له ح�ل، ومل تنل منه من�ل،

وك�أنه م� زال يف غن�ه ونعمته، فهو يقبل على

ويب��شطه، ل�شيفه ويقدمه طيبة، بنف�س الطع�م

وي�ش�حك ج�ريته ومي�زحه�، وهو يف ذلك كله

ير�شل نف�شه على �شجيته� بحيث ل ي�شعر جلي�ش�ه

اأنه ي�شطنع ذلك اأو يتكلفه، ولول م� ي�ش�ورهم�

� لظن الأمل، من �شدرهم� يف ويحز احلزن من

اأي�مه من يوم يف �شهيل ابن مبجل�س اأنف�شهم�

ال�ش�لفة.

�شهيل ابن فق�ل الطع�م من وانتهوا

تكون اأن »اأخ�شى يبت�شم: وهو ترفع وال�شح�ف

امل�ئدة دون م� يقت�شيه توديع �شالمة و�شي�فة

عبد الرحمن!«.

بن ي� اللـه »يرحمك الرحمن: عبد فق�ل

اأن تتكلف كل هذا، ف�أقل من �شهيل، م� ك�ن لك

هذا ك�ن يغني«.

الرحمن، عبد ي� ب�أ�س »ل �شهيل: ابن فق�ل

اإين األب�س لكل ح�لة لبو�شه�، ولل�رشورة اأحك�م«.

وق�لت: م�شفقة نظرة �شالمة اإليه فنظرت

ك�نت لقد مولي. ي� ب�خلري يديك اللـه »مالأ

موائدك م�رشب املثل يف مكة!«.

والبت�ش�مة ق�ئال �شهيل ابن ف�أج�به�

ب�قية يف ثغره: »نعم ك�نت كذلك ي� �شالمة. اأم�

اليوم ف�إين مل اأ�شتطع اأن اأعد م�ئدة تليق بتوديع

.»ج�ريتي الأثرية عندي، الكرمية علي

ن عليك ي� مولي. �شتعود ق�لت �شالمة: »هو

اأي�مك كم� ك�نت اإن �ش�ء اللـه«.

»اأجل رمب� تعود. ولكنك لن تعودي اإلين� ي�

�شالمة!«.

»ل تقل هذا ي� مولي. فمن يدري لعل اللـه

اأن يعيدين اإليك«.

وق�ل: هذا �شم�ع عند الرحمن عبد فتحرك

»واللـه لأجتهدن يف الك�شب حتى ن�شتعيدك اإلين�

Page 24: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

24

من ي�شتهون م� �نة رم اآل ونعطي �شالمة، ي�

امل�ل!«.

فق�ل ابن �شهيل: »اإن هذا اآخر جمل�س لن� معك

، والتح�رش ب�لأ�شى �شفوه ر نكد فال �شالمة، ي�

فه�ت عودك واأطربين� ب�رك اللـه فيك«.

من الدموع مت�شح وهي �شالمة فق�مت

عينيه�، وذهبت حت�رش عوده�، فلم� ع�دت غنت

لهم� اأغ�ين �شتى معظمه� من �شعر عبد الرحمن،

فك�ن� رمب� �ش�ح� من الطرب، ورمب� بكي�، ورمب�

لن اأنهم� ل�شعورهم� الأبي�ت بع�س ا�شتع�داه�

ي�شمع�ه� بعد ذلك اليوم من فم �شالمة!.

ويف خالل ذلك اأخرج عبد الرحمن �شحيفة

ي� �شهيل فق�ل: »م� هذا ابن من جيبه. فلمحه�

عبد الرحمن؟ لعلك قلت �شعرا جديدا«.

ق�ل: »نعم. �شنعته الب�رحة«.

»اأرنيه�«. ق�ئال: يده �شهيل ابن اإليه فمد

فن�وله عبد الرحمن ال�شحيفة فنظر فيه� ف�بت�شم

ق�ئال: »هذا جميل واللـه«.

م� يف ت�شتطلعه ك�أنه� �شالمة اإليه ونظرت

عبد ق�له جديد �شعر »اأهذا وق�لت: ال�شحيفة

الرحمن؟«.

وفيك »نعم. �ش�حك�: �شهيل ابن ف�أج�به�

اأي�ش� ي� �شالمة«.

يل تقراأه »األ وق�لت: �رشورا وجهه� فتهلل

ي� مولي؟«.

عبد ي� اأنت تقراأه »بل �شهيل: ابن ق�ل

الرحمن«.

فلم ميتنع عبد الرحمن واأخذ ال�شحيفة فقراأ.

؟ �أال قل لهذ� �لقلب هل �أنت مب�ص

؟ وهل �أنت عن �سالمة �لي�م مق�ص

ارت بها �لن�ى �أال ليت �أين حي �س

جلي�س ل�سلمى كلما رن مزهر!

ا بلغت لطيبة فيا ر�كبا �إم

ن�ر ك و�ديها �الأغر �ل م و�س

ية عا�سق فخذ رب�ة و�قر�أ ت

له يف مغانيها من �الأن�س ج�ؤذر

�أق�ل لقلبي كلما ز�د خفقه

ر؟ �إالم يعنيك �الأ�سى و�لتذك

اح �لقلب هبني �حتملته ! ف�س ب ت�س

؟ ب ب فما يجدي علي �لت�س ب�س

خذ� �لز�د يا عيني من ن�ر وجهها

فما لكما فيه �س�ى �لي�م منظر!

يد ط�ل تلفت غد� تتعبان �جل

ر تفج دمع �ل فيعيى ويطغى �ل

بيبة نظرة تريد�ن يف وجه �ل

41�د و�أغ�ر! ومن دون مث��ها ن

ومل يكد عبد الرحمن يتم الأبي�ت حتى �ش�ل

�شهيل، ابن لبك�ئه فبكى ن�شيجه، وعال دمعه

ورمت �شالمة عوده� وجل�شت تنتحب.

وك�أمن� ه، واأحر البك�ء اأ�شدق الثالثة وبكى

البك�ء هذا اإىل بح�جة الأمر اأول من ك�نوا

جون به عن كربهم احلبي�س ولوعتهم الدفينة، يفر

م� ويك�مته بع�ش� بع�شهم يداري ظلوا ولكنهم

اإ�شف�ق� على يف �شدره، وي�شطنع اجللد وال�شرب

احلق 42

بهم�، حتى ح�شح�س �ش�حبيه ورحمة

�رشائرهم اإىل ال�شعر نفذ حني املكتوم، وظهر

بع�شه� الغط�ء، واأرى ال�شرت وك�شف فهتك عنه�

حقيقة بع�س وق�ل له�:

جمعه� التي املكلومة النفو�س »اأيته�

امل�ش�ب، هذا اأوان بك�ئك ف�جتمعي عليه!«.

ابن – الثالثة اأجلد يكون اأن عجب� وك�ن

رق�أ من واآخر بك�ء، حينئذ اأ�شدهم – �شهيل

وهو اأجزعهم يكون واأن ن�شيجه، وانقطع دمعه

يوا�شي واأن�ش�أ دمعه نهنه من اأول الرحمن عبد

عن وانقطع� تعزي� حتى وي�شليهم� �ش�حبيه

البك�ء.

»ال ل�شالمة: ق�ل فيم� الرحمن عبد ق�ل

�شالمة ف�أج�بته حلن�؟«. الأبي�ت لهذه تعملني

وهي تكفكف دمعه� ق�ئلة: »�ش�أعمل له� ي� عبد

الرحمن، �ش�أعمل له�«.

ي� ن�شمعه لن »ولكن� �شهيل: ابن فق�ل

من الق�دمني اأحد به علين� يرد اأن اإل �شالمة..

قبل املدينة«.

يقدمون املدينة اأهل »اأترى �شالمة: ق�لت

ب�أغ�ين وعندهم اأغ�ين جميلة؟«.

فق�ل ابن �شهيل: »وم� يدريك ي� �شالمة؟ لعلك

حني تلقني جميلة وت�أخذين عنه� فنه�، تفوقني

عليه� فتكونني كبرية مغني�ت املدينة!«.

ذكرت حني �شالمة وجه يف ال�رشور فبدا

عنه� فت�أخذ قريب عم� جميلة �شتلقى اأنه�

الغن�ء، ولكنه� ع�دت فتذكرت اأن ل حق له� يف

�شهيل ابن يبعده� عن موله� ب�شيء تبتهج اأن

هذا اأن تخفي الرحمن، ف�جتهدت وحبيبه� عبد

منذ فيه ك�نت م� وت�شطنع الط�رئ ال�رشور

ال�ش�عة من الأ�شى.

اجل�رية بخلد دار م� �شهيل ابن يفت ومل

ي ي� �شالمة من اأمل الفراق فق�ل له�: »اإنك لن حت�ش

التي ط�مل� اإىل طيبة لأنك �شرتحلني ه. م� نح�ش

اإليه�، و�شرتين العقيق اجلميل وت�شهدين ا�شتقت

تلقي اأن وح�شبك املمتع، الغن�ء جم�ل�س به

ون�زعتك بغن�ئه�، اأعجبت ط�مل� التي جميلة

ي� كذلك األي�س عنه�. والأخذ روؤيته� اإىل نف�شك

�شالمة؟«.

لو وود الرحمن عبد القول هذا يرق ومل

ا�شتط�ع تكذيبه، ك�أنه ينكر على �شالمة اأن جتد

مل ولكنه املدينة، يف عنهم� به تت�شلى م� له�

يجد م� يقوله يف ذلك فلزم ال�شمت.

اأم� �شالمة فقد �شعرت بخطئه� فيم� بدا منه�

من ال�رشور يف موقف ل يجدر به� ذلك فيه؛ فم�

للغن�ء وكلفه� توؤثر حمبته� اأن له� ك�ن ينبغي

الكرمي. موله� عند البق�ء حب على ب�إج�دته

ل التي 43

نحيزته� عن �ش�درا ذلك ك�ن ولئن

اأن جتتهد يف كتم�نه الأقل تق�وم، فعليه� على

فال ينم وجهه� عنه يف مثل هذا املوقف. ولهذا

اأن مولي ي� اللـه »مع�ذ ق�ئلة: موله� اأج�بت

يكون فيم� ذكرت م� يخفف عني اأمل فراقكم. اإمن�

كنت اأحب اأن اأرى املدينة واأهله� واأن� يف ميينك

ي� مولي!«.

فيم� ال�شدق كل �ش�دقة �شالمة تكن ومل

عليه� ط�غية الفنية الرغبة ك�نت فقد ق�لت،

طغي�ن� قد ت�شفق منه على بع�س م� يعز عليه�

من اآم�ل قلبه�، وتخ�شى اأن ين�شيه� اأعز م� ت�شونه

من عواطف احلب نحو عبد الرحمن ولالأي�م التي

ق�شته� يف املدينة بني دار اأبي الوف�ء ودار ابن

واإن وهي للغن�ء، خلقت اأنه� ت�شعر فهي �شهل،

اأحبت عبد الرحمن، وهذا م� ل ريب فيه، ولكن

اأك�نت توؤثر حبه على فنه�، اأم توؤثر فنه� عليه؟

يف اليوم الت�يل ج�ء ابن رم�نة، لي�شطحب

�شالمة اإىل املدينة، اأم� ابن �شهيل وابن اأبن عم�ر

ع� �شالمة على الطريق املوؤدي اإىل املدينة فقد ود

فقد قلب�هم� � اأم بج�شميهم�، مكة اإىل ورجع�

رحال مع الركب.

�لف�سل �لثاين ع�ص

ق�رش واحتواه� املدينة �شالمة قدمت

منزل عنده فنزلت رم�نة، ابن اجلديد موله�

ك�ن اأنه ذلك وعن�ية. بر كل منه ولقيت كرمي�

Page 25: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 252010

فلم� فيه، ونبوغه� الغن�ء �شمع مبك�نه� يف قد

فرح� به� ففرح �شمع، م� فوق وجده� باله�

عظيم� واأجله� وعرف له� قدره�، واأعلى منزلته�

بني غريه� من جواريه الكرث. وعلق عليه� الآم�ل

الكب�ر.

ال�شب�ب. �شن ج�وز رجل هذا �نة رم وابن

املدينة بني د يرتد ت�جرا الأوىل �شنيه ق�شى

وال�ش�م حتى جمع له من ذلك ثروة ل ب�أ�س به�.

وك�ن يف خالل ذلك مولع� ب�لغن�ء والعزف، وقد

ا�شتغل بهم� حتى برع فيهم�. وك�ن م� �ش�عده

على ذلك ح�شن �شوته، وخفة يده، وقوة عزمه،

ه حبه للك�شب اإىل اأن وجلده على العمل. وقد جر

يتخذ من ب�رشه ب�لغن�ء �شبب� من اأ�شب�ب التج�رة،

ف�أخذ يبت�ع اجلواري ب�أثم�ن رخي�شة فيعلمهن

الغن�ء، حتى اإذا برعن فيه ب�عهن ب�أثم�ن كبرية،

فربح من عمله هذا مبلغ� كبريا من امل�ل اأغراه

جت�رته لذلك فهجر له، والتفرغ فيه ب�لتو�شع

اأك�شبه طول املران خربة ب�جلواري الأوىل. وقد

مهن فيعرف اأيهن اأ�شلح للغن�ء واأرجى اأن يتو�ش

يتقدمن فيه، فك�نت له نظرة �ش�ئبة قلم� تخونه

جواريه ببع�س ي�شتعني وك�ن ال�ش�أن. هذا يف

الالئي قد تقدمن يف الغن�ء وبرعن فيه فيعلمن

بعد فك�ن عمله، تقدم حتى اجلدد اجلواري

املغنني ببع�س تعليمهن يف ا�شتع�ن رمب� ذلك

كبرية، اأجورا ذلك على لهم وجعل واملغني�ت

ول�شيم� حني يتو�شم يف بع�س جواريه ا�شتعدادا

كبريا للنبوغ.

املدينة يف الأوىل اأي�مه� �شالمة ق�شت

ابن الكرمي موله� عند خلفته مبكة، وقلبه�

�شهيل، وحبيبه� عبد الرحمن بن اأبي عم�ر: فقد

ظلت تذكرهم� ليل نه�ر، وتت�شور ابن �شهيل وقد

ل معدم� فقريا واأ�شبح ثروته، وفقد ح�له، رق

الوا�شع الغنى ذلك بعد ي�شكنه� دارا حتى ميلك

والنعيم الكبري، وتتمثل عبد الرحمن وقد برح به

الوجد، واأ�شن�ه ال�شقم، ومل يجد اإىل العزاء �شبيال.

تذكر هذا كله ف�إذا قلبه� ينفطر من احلزن، واإذا

د يف ال�شم�ء، فال �شدره� �شيق حرج ك�أمن� ي�شع

جتد اأم�مه� ملج�أ اإليه اإل الدموع.

فيه هي م� اجلديد �شيده� على يخف ومل

ال�شدة، وك�ن قد علم من الكرب وم� تع�نيه من

ا�شتف��شت اإذ به، وغرامه�

الق�س مع بحديثه�

املدينة، اإىل بع�شه� انتهى حتى مبكة اأخب�ره

اأن يع�مله� ب�لرفق، وي�أخذه� فراأى من احلكمة

ذلك من منه� يبدو عم� ويتغ��شى ب�حل�شنى،

حتى ت�شلوه من ذات نف�شه� مبرور الأي�م.

الثمرة احلكيمة ال�شي��شة هذه اأثمرت وقد

كم� ال�شلوان، على �شالمة �ش�عدت اإذ املطلوبة،

القدمي حبه� من ا�شتيقظ م� ذلك على �ش�عده�

مغ�ين راأت فقد فيه، 44

ب�لتربيز وكلفه� للغن�ء،

العقيق التي ط�مل� هف� قلبه� اإليه�، وع��شت يف

جو يختلف عن جو مكة بح�شنه واعتداله، وبني

ودم�ثتهم برقتهم مكة اأهل عن يختلفون قوم

وتقديرهم به، وولعهم ب�لغن�ء، واحتف�ئهم

لأقط�به ونوابغه.

يف وك�أن للغن�ء، خلقت قد �شالمة وك�أمن�

اأعم�ق نف�شه� �شوت� يحدوه� دائم� للنبوغ فيه،

وي�شوقه� اإىل بلوغ اأعلى درج�ته من الكم�ل. وقد

تنزل به� اأحداث الدهر، وتلم به� �شواغل احلي�ة،

فتخفت هذا ال�شوت يف �شمريه� حين� من الزمن

� كم� ك�ن، ل يلبث بعد انق�ش�ع الغمة اأن يعود حي

الظروف هذه من تبلغ وقد ك�ن، م� اأقوى اأو

– اأنه� واملحن، واتخذ لنف�شه منه� زادا ووقودا

ولكن فيه، ريب الرحمن، هذا حق ل عبد اأحبت

اأك�نت توؤثر حبه على فنه�، اأم توؤثر فنه� عليه؟

�ش�نت م� لعله� يدري ومن لل�شك، مو�شع هذا

عبد الرحمن واأعزته، واأولته ج�نب الرع�ية، حب

فيه لأنه� وجدت اإل واأحالمه�، ب�آم�له� وغذته

اأح�ش�ئه�.. يف ال�رشه اجلنني لهذا � �شهي غذاء

! جنني الفن

فم� بقدره�، الن��س اأعرف �شالمة وك�نت

ك�ن الغرور ليجد �شبيال اإىل نف�شه� فيعميه� عن

لت�شده�، كم� النق�س تبني م� فيه� من موا�شع

يف الطمع عن لي�رشفه� يكن مل توا�شعه� اأن

مق�م يوؤهله� له ا�شتعداده� العظيم. من اأجل هذا

م� ك�دت ت�شكن اإىل موله� اجلديد حتى اقرتحت

ب عليه اأن يبعثه� اإىل جميلة لت�أخذ عنه�، وتتدر

على يديه�، ف�ش�دف هذا القرتاح هوى يف نف�شه.

بفنه�، ويعجب جميلة يعرف �نة رم ابن وك�ن

بغن�ئه� ي�شتمتع جمل�شه� اإىل اختلف وط�مل�

كرثة ذلك وبني بينه فح�لت عمله، ات�شع حتى

العهد، به� ليجدد �شنحت فر�شة وهذه اأ�شغ�له.

ويزوره� يف منزله� مع �شالمة ج�ريته.

به فرحت حتى �شحى عليه� ا�شت�أذن وم�

من عدد يديه� وبني ج�ل�شة وك�نت له، واأذنت

اجلواري ب�أعوادهن تدربهن على الغن�ء، فنه�شت

له وا�شتقبلته ا�شتقب�ل ح�شن�.

ق�ل له� ابن رم�نة: »كيف اأنت ي� جميلة؟«.

فق�لت: »بنعمة اللـه ي� بن رم�نة.. واأين اأنت

فلم نرك منذ زم�ن؟«.

ق�ل له�: »م�ش�غل الأي�م ي� جميلة �رشفتن�

عن جم�ل�شك املمتعة«.

ونظرت اإىل �شالمة فق�لت لبن رم�نة: »اأهال

بك ومبن معك.. من هذه التي جئت به�؟«.

التي �شالمة ق�ئال: »هذه ج�ريتي ف�أج�به�

ا�شرتيته� حديث� من مكة.. جئت به� اإليك لت�أخذ

عنك فنون الغن�ء«.

ثم �شالمة وجه يف تت�أمل جميلة فجعلت

؟«.

ق�لت: »اأهذه �شالمة الق�س

ف��شطربت �شالمة وبدا الت�أثر على وجهه�،

�شالمة هي »اأجل ق�ئال: رم�نة ابن وابت�شم

الق�س«.

ظفرت لقد عليك.. »مب�ركة جميلة: فق�لت

بجوهرة!«.

ف�ش�أله� ابن رم�نة: »هل كنت عرفته�؟«.

اأحل�نه� بع�س �شمعت »لقد ق�ئلة: ف�أج�بته

.» ف�أعجبتني، وم� اأح�شبه� بح�جة بعد اإيل

فق�لت �شالمة وقد ت�رشج خداه� خجال: »كال

ي� مولتي اإين بعد بح�جة اإليك، ومن ذا ي�شتغني

عنك وم� تعلمت الغن�ء اإل من اأحل�نك«.

ق�ل ابن رم�نة: »اإنه� تلميذتك وهي �شديدة

الإعج�ب بك، وم� ي�رشه� �شيء يف املدينة كم�

ي�رشه� اأن تراك وتتلقى عنك«.

اإنه� »اأجل الزهو: ملكه� وقد فق�لت جميلة

�شيئ� اإليه� ت�شيف ولكنه� طريقتي، على ت�شري

م�شتقبال له� ع اأتوق اأين على غريي. مذهب من

عظيم� يف هذه ال�شنعة«.

فيه�، راأيه� ح�شن على �شالمة ف�شكرته�

فق�لت جميلة وهي ت�شحك: »اإنك لن تقيمي عندن�

طويال حتى تتخطفك ق�شور اأمية ب�ل�ش�م«.

�شالمة، عند �شديد وقع الكلمة لهذه وك�ن

دفنته� قدمية اأمنية منه� غرة على اأث�رت اإذ

رت وتذك بهزة طرب، ف�شعرت نف�شه�، الأي�م يف

يف نف�س الوقت حبه� لعبد الرحمن، واأن ق�شور

اأمية �شتحول بينه وبينه� اإىل الأبد، فريعت لهذا

بجوار اأريد ل مولتي، ي� »ل فق�لت: اخل�طر

ر�شول اللـه بدل«.

ف�بت�شم ابن رم�نة ق�ئال: »اإنه� توؤثر البق�ء

عندي. األي�س كذلك ي� �شالمة؟«.

ق�لت �شالمة: »بلى ي� مولي«.

فق�لت جميلة: »م� اأرى يزيد بن عبد امللك اإل

ك اإىل قي�نه يف ق�رشه«. �ش�م

ل واللـه »ل ق�ئال: �نة رم ابن ف�بتدره�

اأبيعه� له اأبدا«.

ف�شحكت جميلة �شحكة ذات معنى، ونظرت

م� رم�نة! ابن ي� »هيه ق�ئلة: رم�نة ابن اإىل

اأح�شبك زاهدا يف ذهب اآل مروان!«.

جميلة اإىل تختلف ذلك بعد �شالمة اأخذت

ت�أخذ عنه� اأ�شول الغن�ء يف مدر�شته�، ف�أحبته�

جميلة واأكربته� مل� راأت فيه� من املوهبة الفنية

العظيمة، واآثرته� ب�لعن�ية على تلميذاته� الأخر؛

بقدرته�، وثقت حتى طويل زمن مي�س ومل

التي الأحل�ن بع�س بتعليمهن اإليه� وعهدت

اأج�دته�، فك�نت �شالمة تقوم بذلك خري القي�م.

ولكن ظهوره� عليهن يف هذه املدة الوجيزة،

يف اأث�را لهن رئي�شة اإي�ه� جميلة واختي�ر

اأنف�شهن ح�شدا له� وغرية منه�، ف�أخذن يوؤذينه�

ب�أح�ديث بينهن ويتندرن عليه�، ويتغ�مزن

تعر�س حبه� للق�س وغرامه� به. فك�نت �شالمة

وجدا ذلك فيزيدهن عليهن، ع وترتف عنهن

عليه�.

كثرية اجلم�ل رائعة ج�رية فيهن وك�نت

الدل �شليطة الل�ش�ن تدعى حب�بة، ك�نت ترتاأ�شهن

�شق زع�مته� فقدت فلم� �شالمة، جميء قبل

كرب وتولت من�ه�شته� يف فجدت عليه�، ذلك

بدم�مة �شالمة حين� تعري به�، فك�نت الئتم�ر

مبخ�لفته� وت�رة ال�شوت، بقبح وحين� الوجه،

لأ�شول الغن�ء، وكثريا م� ت�شمع من �شالمة ميال

اأ�شله فت�أخذ يف حلن من الأحل�ن وخروج� عن

وت�شت�شهد جميلة، اإىل اأمره وترفع ذلك، عليه�

زميالته� على ذلك في�شهدن له� فبوؤن من جميلة

بخيبة امل�شعى و�شوء الرد، اإذ تقول لهن: اإن ذلك

دليل على تفوق �شالمة ونزعته� اإىل البتك�ر.

وجل�شت جميلة ذات يوم تلقنهن حلن� جديدا

فق�لت ذلك، على كداأبه� قبلهن �شالمة فحذقت

لتلميذاته�: »لكن الآن اأن ت�أخذن هذا ال�شوت عن

�شالمة«.

�شيدتي فقد ي� اليوم اإحداهن: »لي�س فق�لت

تعبن�«.

ف�ش�قت جميلة ذرع� بهن وق�لت: »اآه منكن!

العمل! على ت�شربن ول مغني�ت تكن اأن تردن

كله الليل اأقطع رمب� فكنت �شنكن يف كنت لقد

ب على حلن واحد لأحذقه«.اأتدر

فق�لت ج�رية اأخرى: »غدا ن�أخذه عنه�«.

»م� وق�لت: مغ�شبة جميلة اإليه� فنظرت

. فيكن مواليكن رج�ء اأخيب وم� ! بكن اأ�شق�ين

ان�رشفن اإذا �شئنت!«.

�شن وخف مق�عدهن يف اجلواري ثبتت

ثم جميلة، غ�شب من اأ�شفقن ك�أمن� روؤو�شهن

طفقن ينظر بع�شهن اإىل بع�س، تنظر كل واحدة

منهن اأخته� لتقوم قبله�.

ونظرت جميلة اإىل �شالمة وق�لت وقد �شكت

التدريب، واأبينت ك�شلنت اإذ »اأم� الغ�شب: عنه�

ف�جل�شن قليال لن�شمع اإىل �شالمة«.

�شالمة ي� »غنين� ق�ئلة: ل�شالمة وابت�شمت

ف�إنه� القلب(، لهذا )األ قل اأبي عم�ر ابن اأبي�ت

تعجبني ومل اأ�شمعه� منك منذ زمن«.

فق�لت �شالمة: »اأعفيني ي� �شيدتي«.

»بحي�تي ق�ئلة: جميلة عليه� ت ف�أحل

Page 26: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

26

عليك اإل م� غنيته� يل« فلم جتد �شالمة بدا من

متث�قلة ف�أخذت عوده� �ش�ألت، م� اإىل اإج�بته�

ك�أمن� تدفع لذلك دفع�، وظلت برهة واجمة تنظر

عنه�، غ�ب �شيئ� ت�شرتجع ك�أنه� عوده� اإىل

اأ�شفقت حتى جبينه� من 45

يرف�س العرق واأخذ

عليه� جميلة وك�دت تعفيه� م� �ش�ألت، لول اأن

رفعت �شالمة راأ�شه� وقد ا�شتن�ر وجهه� وبرقت

عين�ه�، وطفقت تداعب عوده� وتغني:

�أال قل لهذ� �لقلب هل �أنت مب�ص؟

وهل �أنت عن �سالمة �لي�م مق�ص

حتى اإذا بلغت قوله:

خذ� �لز�د يا عيني من ن�ر وجهها

فما لكما فيه �س�ى �لي�م منظر

خنقه� الن�شيج فلم ت�شتطع اإمت�م ال�شوت.

فعز ذلك على جميلة، وك�نت قد ا�شتد طربه�

وط�رت روحه� يف �شم�ء الأحالم، فق�لت: »م�لك

ي يف غن�ئك، فو اللـه اإنه لغن�ء ي� �شالمة؟ ا�شتمر

م� �شمعت مثله«.

فق�لت �شالمة: »ل اأ�شتطيع ي� خ�لة«. وظلت

تغ�لب عربته� ك�أنه� تتقي �شم�تة حوا�شده� به�

حتى اأعجزه� ذلك، ف�نفجرت ب�كية.

ف�شكتت جميلة م�شفقة، واأخذ بع�س اجلواري

اأخذن ك�أمن� بع�شهن ووجم ، بينهن يتغ�مزن

بروعة املوقف ف��شتح�ل ح�شدهن ل�شالمة عطف�

عليه�.

اقرتبت وقد جميلة ق�لت ثم ثوان ت ومر

»اأاإىل هذا احلد حتبينه ي� الب�كية: من تلميذته�

اأن تقتلي اإن الرج�ل لأهون من �شالمة؟ ويحك!

من لأوهى عهدهم واإن اأ�شف� اآث�رهم يف نف�شك

بيت العنكبوت«.

طرفه� اإليه� رفعت وقد �شالمة فق�لت

الغ�رق يف الدمع: »اإل ابن اأبي عم�ر، فو اللـه ي�

د اأنف��شه من حرقة الوجد فك�أمن� خ�لة اإنه لي�شع

ي�شك قلبي ك�أن

ف�أح�س فلذة، فلذة كبده يلفظ

ب�خلن�جر!«.

ق�لت جميلة: »اإنك م� تعرفني ي� بنية خداع

الرج�ل ومكرهم«.

فق�لت �شالمة وقد كفكفت دمعه�: »لي�س ابن

ك�لطفل، بريء اإنه خداع. ول مب�كر عم�ر اأبي

لك!«. ك�لعذراء، ط�هر ك�ملحيي

احلنو يخ�لطه� ابت�ش�مة جميلة ف�بت�شمت

ف�شت�شلينه هذا، عنك »دعي ق�ئلة: وال�شفقة

ق�رش ك ي�شم عندم� به يت�شل م� كل وتن�شني

ر�شله يف يبعث اأنه بلغني فقد بدم�شق، اخلليفة

�رشائك من مولك«.

فريعت �شالمة لذكر اخلليفة وق�لت: »�شيكون

ذلك اأ�شقى حل�يل، واأتع�س حلظي، اإذ يزيد �شقة م�

بينن� بعدا. ولن يقدر عبد الرحمن بن اأبي عم�ر اأن

ي�شرتيني بعد ذلك. م�شكني عبد الرحمن! اإنه يقتل

ا يف ك�شب امل�ل ليقدر على �رشائي«. نف�شه كد

فق�لت جميلة يف لهجة فيه� �شيء من ال�شدة:

ويحك ي� جمنونة، اأتف�شلني اأن تقيمي عند رجل

فقري يقربك يف ك�رش بيت يف مكة، على اأن تعي�شي

عند اخلليفة يف ق�رش عظيم وملك كبري؟«.

للقول، ز تتحف ذلك اأثن�ء يف حب�بة وك�نت

يف ثغرة تنتظر م�ش�س على �شكتت واإمن�

اإليه� انتهى قد وك�ن اإليه�، منه� تنفذ احلديث

ر�شله فبعث وغن�ئه� بجم�له� �شمع اخلليفة اأن

يف طلبه� وكثريا م� ذكرت ذلك ل�شواحبه� مدلة

تعلن زهده� يف �شالمة �شمعت اإن فم� معجبة،

هذا الأمر الكبري لديه� حتى راأت الفر�شة �ش�نحة

واللـه »هذا تخ�طبه�: فق�لت عليه�. لالعرتا�س

ني الذي ي�شم اليوم اأن� فيكون اأم� جنون منك..

فيه ق�رش اخلليفة بدم�شق اأ�شعد اأي�م حي�تي، واإين

اأن ت�شمع هذا �شالمة الأي�م«. وعز على له لأعد

القول من حب�بة يف مثل هذا املوقف، فق�لت له�

ب�زدراء: »ذلك اأ�شبه بك ي� حب�بة!«.

ف��شت�ش�ظت حب�بة غ�شب� وق�لت: »م� تعنني

بهذا! اأتريدينني اأن اأكون متكلفة مثلك، ت�شدعني

�ر هذا ك�أن لي�س يف الدني� الروؤو�س ب�بن اأبي عم

رجل مثله!«.

فق�لت �شالمة وقد تهي�أت ملن�واأته� ومق�بلة

حتى هذا تقويل اأن لك »لي�س مبثله: عدوانه�

يحبك رجل ك�بن اأبي عم�ر«.

»اأف لك. فو اللـه اإن وجهي لأجمل من وجهك

�شوتك من لأعذب �شوتي واإن ال�ش�حب، هذا

املبحوح«.

»اأت�شكتني �شربه�: نفد وقد �شالمة فق�لت

اأو...«.

�شالمة ي� م�ذا »اأو ق�ئلة: حب�بة فب�درته�

الق�س؟«.

ق�لت �شالمة: »اأو األطمك!«.

تتحداه�: وق�لت خده� حب�بة له� ف�أدارت

اأبي ابن واأخزى اللـه اأخزاك األطمي، »هي�

عم�رك!«.

ح�لت جميلة ولكن بلطمه�، �شالمة ت فهم

بينه� وبني ذلك وق�لت: »ل ي� �شالمة ل تفعلي«.

تقول: وهي مغ�شبة حب�بة اإىل والتفتت

اأحت�شبني حب�بة؟ ي� �شالمة تزعجني »اأهكذا

طول الغن�ء تعلمت لو واللـه منه�؟ خريا نف�شك

عمرك م� بلغت مبلغه�«.

فق�لت حب�بة: »اإنه� هي التي �شبتني«.

الب�دئة.. كنت »ولكنك جميلة: له� ق�لت

اأي�ش�؟ طلبك يف بعث اخلليفة اأن هذه ي� ك اأغر

واللـه لن تفلحي هن�ك اإل اإذا ك�نت �شالمة بقربك

تر�شدك يف �شن�عتك«.

فق�لت �شالمة: »واللـه ل اأعلمه� ول اأر�شده�

بعد اليوم«.

له�: وتقول ترت�ش�ه� جميلة ف�أخذت

اأن�«. اأجلي من �شالمة ي� اأختك عن تعفني »بل

اأنت«. اإليه� »اعتذري ق�ئلة: ب�بة حل واأ�ش�رت

فلم ي�شع حب�بة اإل اأن ق�لت ل�شالمة: »معذرة ي�

اأختي. واللـه ل اأ�شمعك م� تكرهني اأبدا«.

�لف�سل �لثالث ع�ص

ب�بن الأي�م اإىل مكة لرنى م�ذا فعلت لنعد

ع� �شالمة ورجع� �ر بعد اإذ ود �شهيل وابن اأبي عم

قلب�هم� فقد رحال مع اأم� اإىل مكة بج�شميهم�،

الركب.

رجع� اإىل مكة لي�شتقبل اأحدهم� حي�ة الفقر

بعد الغنى، وال�شدة بعد الرخ�ء، وال�شق�ء بعد ذاك

وي�أ�س، كله� وجد اأي�م� الآخر وليق�شي النعيم،

ولي�يل كله� �شهد ودمع! لقد جمعهم� يف ظ�هر

الأمر م�ش�ب واحد وهو فراق تلك املخلوقة التي

اأ�شد اختالف اأن�شهم� يف احلي�ة، ولكن م� ك�نت

اأثر هذا امل�ش�ب يف هذين القلبني، اأم� ابن �شهيل

46

فقد �شغله هم غريه عن هم نف�شه، فجعل وكده

وتعليله وت�شليته الرحمن عبد �ش�حبه تعزية

اإىل اطم�أن م� و�رشع�ن والأحالم، ب�لأم�ين

مريره ك�أمن� مل تنزل 47

حي�ته اجلديدة وا�شتمراأ

به نكبة فقد فيه� كل م� ملكت يده، ولول م� يقلق

ب�له م� يرى من اأثره� يف �شديقه عبد الرحمن

قه اأحي�ن� الذي يبكي بني يديه ك�لطفل، وم� يوؤر

يف هداأة الليل حني يذكر اأرامل ويت�مى و�شيوخ�

عجزة ك�ن ينفق عليهم مبكة فال يدري م� ح�لهم

حتت �شت�ر ذاك الظالم، لك�ن موقفه من م�شيبته

موقف احل�مل يرى يف نومه ك�أن م�شيبة عظيمة

نزلت به، في�شتيقظ مرعوب� فال يرى �شيئ� فيحمد

اللـه على اأنه� مل تكن اإل يف املن�م!

ف�شله ه هم ا�شتغرقه فقد الرحمن عبد واأم�

يف وانح�رش حوله، عم� واأذهله �شواه، عم�

انطالق ل �شيق �شجن يف منه� فع��س نف�شه،

له منه، ف�شعر ك�أنه يعي�س غريب� يف هذه الدني�

الدني� عنده رحلت عنه، وكذلك �شالمة هي لأن

املراأة عن حب اخللق، اأحدهم� �شيق يختلف حب

متلوؤه الأثرة، والآخر وا�شع يعمره الإيث�ر.

الزمن من فرتة بعد ال�شديق�ن تعزى

واندملت جراحهم� الدامية، ف�إن لالأي�م يدا مت�شح

اإىل قلب عبد اأن له� يدا جترح، وع�د الأمل كم�

اإىل الف�شل يف هذا يرجع الرحمن، وك�ن معظم

ابن �شهيل فقد ا�شتط�ع اأن يفي�س من عزائه على

�شلبي� عزاء الأمر اأول يف وك�ن �شديقه، قلب

املحب ال�ش�ب قلب يف �ش�ر اأن لبث م� ولكنه

عزاء اإيج�بي�، ثم �ش�ر اأمال ثم حتول الأمل عزم�،

ل العزم اإىل عمل. ثم حتو

قبل من ال�شوق الرحمن عبد عرف لقد

اإىل يعود ل فلم فربح، فيه ب�ل�شم�رشة وا�شتغل

م� امل�ل من يجمع حتى فيه ويجتهد عمله

�شالمة؟ له فيبيع رم�نة ابن يغوي اأن ي�شتطيع

ي�شتغل ل فلم ب�عه� التي ال�شيعة ثمن عنده

ي�شرتك ل ومل وب�لك�شب؟ وي�شتثمره� ب�لتج�رة

مع ابن �شهيل يف هذا العمل؟

ومل يعرف ابن �شهيل ال�شفق يف الأ�شواق من

ب�لتج�رة عهد؛ فقد ولد ويف له ي�شبق قبل. ومل

فك�أمن� الي�ش�ر، بحبوحة يف ون�ش�أ النعمة مهد

خلق يف الدني� لينفق ل ليك�شب. ومل يكن ن�دم�

على م� اأ�ش�ع من الدني� فقد ك�ن يراه� عر�ش�

فلم مقبلة، ك�نت اإذ منه� لب�نته فق�شى زائال،

ب�بة اأدبرت. وقد بقيت له �ش ي�أ�شف عليه� حني

بقية ق�نع� به� يعي�س اأن ي�شتطيع امل�ل من

حي�ته، فعالم يكدح ويتعب يف الأ�شواق ويتكلف

ر �شديقه ال�ش�ب من ذلك م� ل يح�شنه؟ ولكنه تذك

ه ل�شالمة واأمله يف قربه�، فعز عليه ال�ش�لح وحب

فال اأمله اإىل الو�شول يف مل�ش�عدته يدعوه اأن

يعينه بكل م� يقدر عليه.

عم�ر اأبي وابن �شهيل ابن الن��س وراأى

مر فرمب� فيه، وي�شطرب�ن ال�شوق يف يعمالن

بهم� من ك�ن يعرفهم� منهم ف�شبح اللـه وعجب

من تقلب الأي�م.

اجل�د العمل يف ق�شي�ه ون�شف ع�م ومر

لهم� يب�شم واحد اأمل فيه يحدوهم� املتوا�شل

يف وجه �شالمة! وك�ن� كثريا م� جل�ش� من الليل

امل��شية الأي�م ذكري�ت وي�شتعيدان يت�ش�مران

ويفرتق�ن حين�، وي�أ�شي�ن حين�، في�شحك�ن

على العزم مل�ش�عفة اجله�د وموا�شلة العمل.

وك�ن� يف خالل ذلك يت�شقط�ن اأنب�ء �شالمة

م� ويتلقي�ن املدينة، من عليهم� الواردين من

يوم� ين�شي� ومل اأغ�نيه�. من الركب�ن به ت�شري

حمبي من وك�ن املدينة من واردا فيه لقي�

الغن�ء، ف�أن�شدهم� اللحن الذي �شنعته �شالمة يف

اأبي عم�ر »األ قل لهذا القلب«، فك�ذا اأبي�ت ابن

من طرب يذوب�ن!

وب�رك اللـه يف جت�رتهم� فجمع� من امل�ل

م� ح�شب�ه ك�في� لإر�ش�ء ابن رم�نة، فعقدا العزم

على ال�شفر اإىل املدينة؛ وم� هي اإل اأي�م حتى روؤي�

يف ركب جمد ي�رشب يف 48

يخفق�ن على ذلولني

مير ل الرحمن عبد وك�ن طيبة! نحو ال�شحراء

Page 27: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 272010

برابية اأو م�ء اأو حلة من احللل اأو علم من اأعالم

الطريق اإل خفق قلبه، وق�ل يف نف�شه: »لقد راأت

هذا عين� �شالمة!«.

واإذ مل يبق دون املدينة اإل يوم واحد اعتزل

الركب وانفردا عنه بذلوليهم� ي�شتعجالن الطريق.

دمعهم� ميلك� فلم املدينة مع�مل لهم� ولحت

عليه الر�شول ذكري�ت فيهم� وا�شتيقظت فرح�.

ال�شالة وال�شالم واأ�شح�به، وجه�دهم يف �شبيل

اللـه حتى ظهر دينه على الدين كله.

واأقبل اأحد يتهلل! فتهلل قلب�هم� له؛ وروى

وال�شالم ال�شالة عليه قوله ل�شديقه �شهيل ابن

ه!«. ن� ونحب يف اأحد: »هذا جبل يحب

ف�أخذت عبد الرحمن �شورة من الطرب ك�أنه مل

ي�شمع هذا احلديث اإل تلك ال�ش�عة من ابن �شهيل،

وم� ك�ن الأمر كذلك، واإمن� اأث�ر احلديث �ش�عتئذ

يف نف�س عبد الرحمن �شيئ� مل يكن يثريه من قبل

عبد �شعر فقد بجديد. ولي�س عليه جديدا فخ�له

ك�أن ال�ش�عة تلك يف اأحدا لي�س الرحمن

يتنف�س ، ولكنه ملوق حي جبال من �شخر اأ�شم

وي�شعر... ويحب!.

ونظر �شالمة، فذكر احلب الرحمن عبد ذكر

ف�حت�شنه! ا�شتط�ع لو فود احلبيب اجلبل اإىل

قلبه وع�ه� املع�ين من ب�شور نف�شه وج��شت

ول�ش�نه. هذا جبل يحنو على عنه� عقله وق�رش

املدينة ويرع�ه� ك�أن اللـه اأق�مه ليحر�شه�، ويف

املدينة حممد حبيب اللـه وحبيب امل�شلمني، ويف

املدينة �شخ�س اآخر يحب عبد الرحمن ويحبه عبد

الرحمن... »في� اأيه� اجلبل احل�ين على املدينة م�

اأحن�ك علين�! وم� اأحبن� اإليك واأحبك اإلين�!!«.

النخيل بني مهل على ي�شريان واأخذا

على ك�مل�شفقني املدينة، �ش�حية يف والزروع

يق�رش اأن والظل امل�ء بني الوادع الطريق ذلك

اأمده، اأو ك�ملتهيبني داخل مدينة الر�شول.

قلب�هم� خفق الدي�ر على اأ�رشف� اإذا حتى

ونظر كالهم� اإىل الآخر ك�أنه يقول له: »ه� نحن

اأولء قد و�شلن�«.

املدينة! اأجمل »م� �شهيل: ابن ق�ل

له� ب�ش��شة

اإن الق�دم اإليه� ليح�س

واأن�ش�«.

عم�ر: اأبي ابن فق�ل

»�شدقت ي� بن �شهيل، ولكني

ل اأدري مل�ذا اأراه� اليوم اآن�س

م� كنت اأراه� من قبل«.

ف�بت�شم ابن �شهيل وق�ل

له: »األأن فيه� �شالمة؟«.

الرحمن عبد ف�شكت

هنيهة ثم اأ�ش�ر اإىل اجل�نب

وق�ل: املدينة من الغربي

هذا من نف�شه� اأجد »اإين

اجل�نب!«.

�شهيل: ابن ق�ل

»اأب�رش ي� عبد الرحمن

ف�شرناه� قريب�«.

يقول: الرحمن عبد ف�ندفع

اإلين� اأتعود �شعري ليت »وافرحت�ه!

يبيعه� اأن موله� اأير�شى �شالمة؟

لن�؟«.

فق�ل ابن �شهيل:

مل ل؟ نحن ع�ر�شون

الذي امل�ل �شعف عليه

بلغني وقد به؟ من� ا�شرتاه�

اأن ي�شرتي اأن من داأب هذا الرجل

اإذا الغن�ء حتى اجلواري فيعلمهن

برعن فيه ب�عهن ب�أثم�ن كبرية«.

ودخال ب�ب املدينة واأخذا يجولن

يف �شوارعه� حتى وقف� على دار ابن اأبي عتيق،

فنزل عن ذلوليهم� وا�شت�أذن� عليه، فخرج لهم�

�شهيل ابن راأى اإن الهيئة، فم� رجل كهل ح�شن

بن ي� »اأهال ق�ئال: يع�نقه اإليه اندفع حتى

�ش�فح ثم الكرمي!«. ب�ل�شديق مرحب� �شهيل،

عبد الرحمن وق�ل لبن �شهيل: »من هذا ال�رشيف

الذي معك؟«. فق�ل ابن �شهيل: »هذا �شديقي عبد

�ر«. الرحمن بن اأبي عم

اأهال بك وبه.. ؟..

اأبي عتيق: »الق�س ق�ل ابن

هي� بن� اإىل املنزل«.

فق�ل ابن �شهيل: »م� نريد اأن نثقل عليك ي�

بن اأبي عتيق«.

اإل تنزلن ل واللـه »ل اأبي عتيق: ابن ق�ل

عندي«.

ق�ل ابن �شهيل: »�شكرا ي� بن اأبي عتيق.. األ

تدلن� على دار ابن رم�نة«.

تري� اأن تريدان »لعلكم� عتيق: ابن ق�ل

�شالمة؟«.

ق�ل ابن �شهيل: »هو ذاك«.

مع� نذهب »اإذن عتيق: اأبي ابن فق�ل

ل�شم�عه� يف جمل�شه� بعد الع�رش«.

ندع مل »ولكن� ق�ئال: �شهيل ابن ف�عرت�س

اإىل هذا املجل�س فلن نح�رشه«.

يح�رشه جمل�س »اإنه عتيق: اأبي ابن فق�ل

من �ش�ء من اأهل املدينة بغري دعوة«.

ق�ل ابن �شهيل: »كيف ذاك؟«.

ف�أج�به ابن اأبي عتيق ق�ئال: »اإن ابن رم�نة

رجل ت�جر يحب امل�ل، فهو يعقد جل�ريته جمل�ش�

اأمره�، لي�شتهر ي�ش�ء من يح�رشه اأ�شبوع كل

فيبيعه� ملن يغلي له الثمن«.

هذا، �شم�ع عند الرحمن عبد قلب فخفق

اأن ق�ل: »اإذن اأ�ش�رير وجهه ومل يتم�لك وبرقت

فهو يريد بيعه�؟«.

.. وهذا اأ�شلوبه يف ق�ل ابن اأبي عتيق: »ل �شك

التج�رة..«.

�شهيل ق�ئال: »ك�أين بك جئت ابن اإىل ونظر

ت�شرتجعه� ي� بن �شهيل«.

ق�ل ابن �شهيل: »ذلك م� جئن� من اأجله«.

فعز هذا على ابن اأبي عتيق، اإذ ك�ن قد �شمع

اأن ل اآثر مب� بعث اخلليفة ل�رشاء �شالمة، ولكنه

يف�جئ �شديقه بهذا النب�أ، واأن يرتكه حتى يعلم

ذلك بنف�شه من ابن رم�نة؛ فق�ل: »اأم� واللـه اإنه�

جلوهرة ل ت�شلح اإل لك«.

اإليه الآن لنكلمه ق�ل ابن �شهيل: »ال نذهب

يف �ش�أنه�؟«.

حتى الآن.. »لي�س عتيق: اأبي ابن ق�ل

ك�ن ف�إذا ال�شفر، غب�ر عنكم� وتزيال ت�شرتيح�

الع�رش �شهدمت� جمل�شه� فق�بلتم� ابن رم�نة«.

ق�ل ابن �شهيل: »ولكن ل نريد اأن يعرفن� اأحد

يف املجل�س«.

ذلك ف�عتمدا ق�ل ابن اأبي عتيق: »لكم� علي

.»علي

ب�إدخ�ل غلم�نه عتيق اأبي ابن واأمر

بهم� ودخل براحلتيهم�، والعن�ية خرجيهم�

وا�شرتاح�، الظهر و�شلي� عنده، فتغدي� املنزل،

حتى اإذا ك�ن الع�رش اغت�شال وخرج� مع ابن اأبي

ثم خرجوا ف�شهدوا اجلم�عة، امل�شجد، اإىل عتيق

يق�شدون دار ابن رم�نة.

به� حتيط كبرية دار ف�إذا عليه� واأ�رشفوا

�ء، واإذا فن�ء وا�شع حتت الدار قد ن�شب حديقة غن

منه ج�نب يف يجل�س كثيف حج�ب و�شطه يف

ج�ل، ويف اجل�نب الآخر الن�ش�ء ي�أتني اإليه من الر

. ب�ب خ��س بهن

ك�نت �شالمة ق�عدة على كر�شي مو�شوع بني

وعليه� والن�ش�ء، الرج�ل يراه� بحيث اجل�نبني

عليه� ت�شع من�شدة واأم�مه� لزوردية، حلة

اأفواج� دخلوا قد الن��س وك�ن وال�رشاب. العود

فقعدوا على الأر�س املفرو�شة ب�لطن�ف�س، وغ�س

املك�ن ب�حل��رشين ول�شيم� ج�نب الرج�ل.

وبداأت �شالمة تع�لج عوده� وت�شد م� ارتخى

من اأوت�ره.

وجل�شت ج�ءت لأخرى تقول امراأة وك�نت

بج�نبه�: »اأهال بك ي� ع�فية. م� ج�ء بك؟ اإين مل

اأرك هن� قبل اليوم«.

»ل �ش�كية: بلهجة �ش�حبته� ف�أج�بته�

ت�شليني ي� خديجة.. ج�ء بي هن� م� ج�ء بك.. لقد

اأت�شلى اأخرى وهجرين، فجئت امراأة بعلي ج تزو

بغن�ء �شالمة!«.

فق�لت املراأة الأوىل: »اأيهجرك بعد ذلك احلب

كله؟«.

دت �ش�حبته� وق�لت: »هذه ق�شمتي ي� فتنه

خديجة«.

�ش�حبه يكلم احل��رشين من رجل وك�ن

ويقول له: »حق� واللـه اإن �شالمة لنعمة من اللـه

على اأهل طيبة.. اإنه� ت�شلي همومهم واأحزانهم«.

لن�.. لقد فق�ل له �ش�حبه: »لكنه� لن تدوم

ج�وؤوا قد امللك عبد بن يزيد ر�شل اأن بلغني

ل�رشائه� من ابن رم�نة«.

ق اللـه م� تقول«. فق�ل الرجل: »ل حق

بع�س من ذلك �شمعت »اإين �ش�حبه: ق�ل

الرج�ل الذين لهم �شلة وثيقة ب�بن رم�نة«.

وك�نت �شالمة قد بداأت تغني، ف�شكت الن��س

ك�أمن� على روؤو�شهم الطري ي�شتمعون اإليه� وهي

تقول:

Page 28: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

28

�أال قل لهذ� �لقلب هل �أنت مب�ص

وهل �أنت عن �سالمة �لي�م مق�ص

ارت بها �لن�ى �أال ليت �أين حي �س

جلي�س ل�سلمى كلما عج مزهر

ودخل ابن عتيق و�ش�حب�ه يف تلك اللحظة

الن��س، وذلك عندم� ك�نت اأخري�ت فجل�شوا يف

�شالمة تقول:

ا بلغت لطيبة فيا ر�كبا �إم

ن�ر ك و�ديها �الأغر �ل م و�س

ية عا�سق فخذ رب�ة و�قر�أ ت

له يف مغانيها من �الأن�س ج�ؤذر

فهم�س ابن �شهيل لعبد الرحمن ق�ئال: »اإنه�

اأبي�ته� ي� ق�س

فق�ل عبد الرحمن: »ب�أبي هي واأمي!«.

»اإنه� ق�ئال: عتيق اأبي ابن اإليهم� ف�أ�رش

اأحب وهي دائم�، تغنيه� الأبي�ت بهذه مولعة

اأغ�نيه� اإىل اأهل املدينة«.

ت �شالمة وقد خ�لط �شوته� البك�ء: وغن

�أق�ل لقلبي كلما ز�د خفقه

ر؟ �إالم يعنيك �الأ�سى و�لتذك

اح �لقلب هبني �حتملته ! ف�س ب ت�س

؟ ب ب فما يجدي علي �لت�س ب�س

من النحيب وتع�ىل يبكني الن�ش�ء فطفق

ج�نبهن.

يغ�شى ك�د حتى الوجد الرحمن عبد وغلب

عليه، ف�أخذ ابن �شهيل ي�شنده اأن يقع على الأر�س

الرحمن ول د ي� عبد وهو يقول له هم�ش�: »ت�شد

تف�شحن� يف الن��س، اإنهم بدوؤوا ينظرون اإلين�«.

فك�د جى ال�ش براه قد ب�شوت �شالمة وغنت

يبيد:

خذ� �لز�د يا عيني من ن�ر وجهها

فما لكما فيه �س�ى �لي�م منظر

يد ط�ل تلفت غد� تتعبان �جل

ر تفج دمع �ل فيعيى ويطغى �ل

بيبة نظرة تريد�ن يف وجه �ل

�د و�أغ�ر ومن دون مث��ها ن

به، م� احتم�ل على الرحمن عبد يقو ومل

ف�شهق �شهقة لفتت اأب�ش�ر الن��س اإليه وهو يبكي

ح، وقد ثقل على �ش�عد ابن �شهيل حتى ك�د ويرتن

واأخذت� عين�ه، وجحظت وجهه، واحمر ه، ير�ش

متيالن اإىل م�شدر ال�شوت. فم� اإن اأع�دت �شالمة

قوله:

خذ� �لز�د يا عيني من ن�ر وجهها

فما لكما فيه �س�ى �لي�م منظر

وجعل متط�ول ركبتيه على ا�شتوى حتى

يحدق يف وجه �شالمة وعين�ه زائغت�ن، فلحظته

اإىل �شهيل ابن وعرفت وجهه، فعرفت �شالمة

ج�نبه، والتقت عين�ه بعينيه� فوقع عبد الرحمن

على الأر�س مغ�شي� عليه.

عتيق اأبي بن ي� »اأعني �شهيل: ابن فق�ل

لنحمله اإىل املنزل«.

فنه�س ابن اأبي عتيق مع ابن �شهيل فحمال

ينظرون والن��س به وخرج� ال�ش�ب �شديقهم�

اإليهم�.

اأطرافه�، وارتع�شت �شالمة وجه وتغري

ت ك�أن الأر�س تدور به�، ف�أ�شفقت اأن يراه� واأح�ش

، فق�مت 49

الن��س كذلك اأو يغ�شى عليه� يف الندي

عن كر�شيه� ودخلت ب�ب الدار م�رشعة.

بع�شهم الن��س و�ش�أل املجل�س وا�شطرب

بع�ش� عن احل�دث حتى ارتفع اللغط.

اأثر يف منطلق� يجري الدار �ش�حب وروؤى

عند اأدركهم� حتى �شهيل وابن عتيق اأبي ابن

� به ب�ب احلديقة، ف��شتوقفهم� وق�ل لهم�: »هلم

اإىل الدار لنع�جله«.

ف�أج�به ابن اأبي عتيق ق�ئال: »�شنع�جله يف

دارن�«.

واللـه »ل ق�ئال: رم�نة ابن بهم� فت�شبث

يف فيق�شي هن� من به تخرج�ن اأدعكم� ل

الطريق«.

راأيه، على نزل اأن اإل منهم� ك�ن فم�

فق�دهم� اإىل الدار من طريق اآخر.

الرج�ل واأخذ من�رشفني، الن��س وانف�س

وهم ب�بهن من والن�ش�ء ب�بهم من يخرجون

لبع�س بع�شهم ويروي احل�دث، عن يت�ش�ءلون

م� راآه اأو �شمعه.

ع��شق �شالمة«.

»اإنه الق�س

يت �شالمة به«. الذي �شم

»الق�س

»نعم هو«.

»ويحه م� اأتع�س ح�له!«.

مل� ا�شطربت كيف �شالمة راأيت »اأم�

راأته؟«.

»نعم اإنه� هي الأخرى حتبه!«.

حجرة اإىل عم�ر اأبي بن الرحمن عبد اأخذ

ع على �رشير اأعد وا�شعة يف دار ابن رم�نة فو�ش

له، وق�مت على راأ�شه �شالمة تع�جله وتر�س م�ء

الورد على وجهه.

ووقف ابن رم�نة وابن اأبي عتيق وابن �شهيل

خ�ف�س، ب�شوت يتحدثون الغرفة من ركن يف

ه، ثم الدار كرمه وبر في�شكر ابن �شهيل ل�ش�حب

يذكر له م� قدم املدينة من اأجله، فيعلن اإليه ابن

رم�نة اأ�شفه ويخربه ب�أن �شالمة قد اأ�شبحت يف

�شيحملونه� ر�شله واأن امللك، عبد بن يزيد ملك

ليعينوا انتظ�رهم يف �شالمة واأن اإليه، و�شيك�

موعد ال�شفر.

وك�ن ابن �شهيل ي�شمع حديث �ش�حب الدار

ول والأ�شف، اجلزع من يتم��شك يك�د ل وهو

عبد نف�س يف النب�إ هذا وقع يكون كيف يدري

الرحمن.

وك�نت �شالمة يف خالل ذلك ت�شمع م� يدور

من يت�ش�قط الدمع فك�ن احلديث؛ من بينهم

مك�ن اإل ب�لبك�ء تعول اأن منعه� وم� عينيه�،

جتتهد وهي الفرا�س على وعيه الف�قد حبيبه�

امل�ء من قربتني واأفرغت واإنع��شه. تنبيهه يف

الب�رد على راأ�شه فتحرك وفتح عينيه، ف�ش�حت

�شالمة: »احلمد هلل لقد اأف�ق من غ�شيته«.

فدن� الثالثة من ال�رشير وقد بدا على وجوههم

ال�رشور يحمدون اللـه على جن�ة �ش�حبهم.

فلم� وقع نظر عبد الرحمن عليه� ق�ل ب�شوت

مرتع�س: »�شالمة!«.

اأن� الرحمن.. ي� عبد »نعم �شالمة: ف�أج�بته

هي اأم�مك«.

القعود، ف�أراد بخفة الرحمن عبد

واأح�س

ق�ل: ق�عدا ا�شتوى اإذا حتى �شهيل ابن ف�أع�نه

»هي� ي� �شالمة نرجع اإىل مكة!«.

كلمت »هل ق�ئال: �شهيل ابن اإىل والتفت

موله� يف اأمره� ي� بن �شهيل؟«.

عبد والتفت ب�شيء؛ �شهيل ابن يجبه فلم

»م� ف�ش�أله�: تبكي فراآه� �شالمة اإىل الرحمن

يبكيك ي� �شالمة؟«. فلم جتبه بغري البك�ء، ف�ش�ح

عبد الرحمن ق�ئال:

م�ذا �شهيل ي�بن حدث.. م�ذا »اأخربوين

حدث؟«.

الرحمن عبد جواب عتيق اأبي ابن فتوىل

فق�ل: »جتلد ي� بن اأبي عم�ر.. اإن �شالمة قد بيعت

ليزيد بن عبد امللك«.

فنظر اإليه عبد الرحمن ذاهال: وق�ل: »بيعت

ليزيد بن عبد امللك!«.

للخليفة، »نعم عتيق: اأبي ابن ف�أج�به

ف��شرب ي� بني وفو�س اأمرك اإىل اللـه«.

ق�ل عبد الرحمن: »اأين ابن رم�نة، اأين موىل

�شالمة؟«.

اأبي بن ي� هو ذا اأن� »ه� رم�نة: ابن فق�ل

عم�ر«.

ل رم�نة بن ي� »ل الرحمن: عبد له فق�ل

تبعه� ليزيد.. بعه� لن�، نحن اأوىل به� منه«.

اأبي عتيق: »اإن اخلليفة دفع فيه� فق�ل ابن

ع�رشين األف دين�ر ي� ابن اأبي عم�ر«.

فق�ل عبد الرحمن: »ع�رشين األف دين�ر؟«.

دين�ر، األف ع�رشين »نعم �شهيل: ابن ق�ل

ولي�س معن� اإل األف وثم�من�ئة دين�ر«.

ذلك.. اأغلى من »�شالمة الرحمن: عبد فق�ل

بن ي� اأمهلن� له�. ثمن� تكفي ل كله� الدني� اإن

دين�ر. األف ع�رشين من ب�أكرث �شن�أتيك رم�نة

�شن�أتيك مب� تريد«.

ف�أج�به ابن رم�نة: »اإنه� خرجت من ملكي

اإىل ملك اخلليفة، ولو اأنكم جئتم قبل ذلك لآثرتكم

به� وقبلت منكم م� عندكم«.

يجد فلم اخلطب الرحمن عبد على فكرب

�شيئ� يقوله، وبقي �ش�مت� برهة من الزمن ك�أنه

يح�ور نف�شه ويقول له�: »اإلم تطمعني يف �شيء

مل ي�ش�أ اللـه اأن يكون«.

وراأى ابن �شهيل اأن قد ح�ن وقت ان�رشافهم

الرحمن عبد ا�شتف�ق فقد رم�نة، ابن بيت من

اأبي عتيق بذلك، ف�أوم�أ لبن ال�شوء، وذهب عنه

ي� »ن�شكرك وق�ل: اأراد م� عتيق اأبي ابن ففهم

ك ومعروفك، واإن� نرى اأن ت�أذن بن رم�نة على بر

لن� فنن�رشف«.

فق�ل ابن رم�نة: »اإنكم مل تذوقوا عندن� �شيئ�

بعد، فال تن�رشفوا حتى ن�شنع لكم طع�م�«.

نف�س الليلة بن� »لي�س �شهيل: ابن فق�ل

لطع�م، وح�شبن� م� لقين� من ف�شلك وتكرمتك«.

�شالمة �ء اأحب »اإنكم رم�نة: ابن فق�ل

ومواليه�، واإن ل�شالمة ملك�نة عندي. ولن اأدعكم

�شي�فتي تقبلوا ب�أن تعدوين حتى تن�رشفون

غدا«.

فق�ل ابن �شهيل – وقد فهم من عيني �شالمة

اأنه� ترتج�ه اأن ل يرف�س دعوة موله�: »اإذا اأذن

ابن اأبي عتيق ف�إنن� نقبل«.

فق�ل ابن اأبي عتيق: »لي�س يل اأن اأ�شت�أثر بكم

دون ابن رم�نة«.

الرحمن عبد فنه�س لالن�رشاف، وتهيئوا

على خفيفة ابت�ش�مة فراأى �شالمة اإىل ونظر

ثغره� ك�أمن� تقول له: »غدا �ش�أراك«.

Page 29: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 292010

�خلامتة

�شهيل وجدا وابن الرحمن روؤية عبد اأث�رت

قد دفنته الأي�م يف نف�س �شالمة حتى ك�دت اأن

علمت منذ قربهم� يف تطمع ك�نت فقد ت�شلوه،

اأنهم� ي�شتغالن ب�لك�شب ليجمع� م�ل ي�شرتدانه�

به، فع��شت دهرا على هذا الأمل. ومل� علمت ب�أن

موله� واأن �رشائه�، يف ر�شله بعث قد اخلليفة

الذي يعر�شونه عليه فيه�، امل�ل لن يرغب عن

حزنت لذلك واأيقنت اأن ل اأمل له� يف الرجوع اإىل

له� لي�س مب� �شى الر على نف�شه� نت فوط مكة،

منه بد، واأخذت حتيي يف نف�شه� م� ك�نت حتلم

به يف اأي�مه� الأوىل من البلوغ اإىل قمة ال�شهرة

ب�شطوع جنمه� يف ق�شور اخلالفة بدم�شق، تريد

بهذا اأن تخفف عنه� بع�س امل�ش�ب. ولكن �ش�ءت

الأقدار اأن تنك�أ اجلرح املندمل يف قلبه�، اإذ بعثت

اليوم يف اإليهم� اه� لي�شرتد القدميني حبيبيه�

ر�شل مع غده يف للرحيل تت�أهب ك�نت الذي

ا�شرتداده� يف يبق مل حني ال�ش�م، اإىل اخلليفة

مطمع.. ي� ليتهم� ج�ءا قبل ذلك، واإل فليتهم� مل

يجيئ� اأبدا.

راأت مل� املدينة اأهل اإىل اأن�شت قد وك�نت

من حبهم له�، وتقديرهم لفنه�، م� زهده� يف

يف البق�ء توؤثر وجعله� ال�ش�م، وق�شور ال�ش�م

احلج�ز واإن يئ�شت من قرب حبيبه� فيه، فكيف

وقد قدم هذا احلبيب واأو�شك اأن يحوزه� وحتوزه

لول كت�ب �شبق!

يف رغبته� وا�شتدت الفراق، �ش�عة ودنت

فيه� تتملى معدودة اأي�م� ولو ب�ملدينة البق�ء

د من لق�ئه لل�شفر ، وتتزو بروؤية حبيبه� العبقري

الطويل.

اأنه تعرف وك�نت – موله� اإىل فرجت

يف اخلليفة ر�شل يكلم اأن – ويكربه� يعزه�

ت�أجيل �شفره� ثالثة اأي�م اأو يومني.

ون بذلك فق�ل ابن رم�نة: »م� اأح�شبهم ير�ش

ي� �شالمة«.

ق�لت له: »قل لهم اإنك تهيئون يل م� يلزمني

من الثي�ب واحللي«.

ف�أج�به� اإىل م� �ش�ألت، ولكن الر�شل رف�شوا

ت�أجيل ال�شفر. ق�ل لهم: »اإنكم ق�دمون به� على

اخلليفة، ف�أمهلون� ثالثة اأي�م اأو يومني لنجهزه�

مب� ي�شبهه� من الثي�ب واحللي والطيب«.

فال اأعددن�ه، قد معن� كله »هذا له: فق�لوا

ح�جة بن� اإىل �شيء منه«.

ع لتود واحدا يوم� اإذا »اأمهلون� لهم: ق�ل

�شواحبه� ومع�رفه�«.

اأمرن� وقد بذلك، اإذن عندن� »لي�س فق�لوا:

ب�لرحيل غدا، فلن نت�أخر غدا حلظة«.

اأبي عم�ر فقد ق�ش�ه� اأم� عبد الرحمن ابن

ك�أمن� عتيق، اأبي ابن دار يف 50

ن�بغية ليلة

جمعت فيه� اآلم حي�ته كله� م� قرب منه� وم�

بعد، فح�شى به� �شدره جملة واحدة!

انف�س ال�ش�مر يف الدار واأوى كل اإىل مرقده،

من الرحمن عبد ت�شلل اجلفون غفت اإذا حتى

ال�شطح، ف�نتبذ ج�نب �شديقه ابن �شهيل ف�شعد

اإل عين� واحدة ل العيون تراه فيه منه ركن� ل

تن�م!

اإىل الربد فيه� ميرق 51

ةقر ليلة وك�نت

العظم، وك�ن ج�شم عبد الرحمن يرتعد من �شدته،

قمي�س اإل يك�شوه ول عليه، يت�ش�قط والندى

خفيف. ولكنه مل ي�شعر بذلك ك�أمن� ك�ن يف منعة

ر يف �شدره. منه ب�شواظ الن�ر التي تت�شع

وي�شجد، ويركع ويبكي، اللـه ين�جي واأخذ

وي�شكو ويرجوه، اللـه ويدعو ويقعد، ويقوم

ق�شى، فيم� اللطف وي�ش�أله وي�شتغفره، اإليه

الر�شد والهدى، وي�شتعيذ به من غلبة وي�شتلهمه

الهوى وفتنة ال�شيط�ن.

ن�شي عبد الرحمن يف هذا املوقف كل �شيء..

اأن فطمع الدني� يف عليه عزت وقد �شالمة، اإل

له� هف� دعوة اللـه ودع� الآخرة، يف له تكون

بدنه، ونظر اإىل ال�شم�ء فراأى نورا قلبه، واق�شعر

اأ�ش�ءه� حلظة ف�ختفى و�شمع �شوت ك�أنه �شدى

ع يف ال�شع�ب »اآمني!«. يرتج

ف�طم�أن عبد الرحمن و�شعر ك�أن قربة ب�ردة

ق احلمد اأفرغت على الن�ر يف �شدره فخبت! وتدف

ورق�أ ف�نطلق، �شم�م عليه ك�ن ك�أمن� فيه من

�شوء يف تلمع ب�أهدابه ع�لقة بقية اإل دمعه

النجوم!

والبلل ج�شمه يف ب�لربد �شعر اأن يلبث ومل

حيث مك�نه اإىل ورجع ال�شطح فربح ثوبه، يف

وجد ابن �شهيل يغط يف نومه، ف��شتبدل بقمي�شه

حتت حل�فه فن�م.

قمي�ش�، واند�س

�ش�حبيه على عتيق اأبي ابن دخل ثم

و�شهدوا لل�شالة فتطهروا ف�أيقظهم�،

اجلم�عة يف امل�شجد.

الق�س �شديقه راأى اإذ �شهيل ابن وعجب

ن�شط� طيب النف�س على غري م� توقعه منه: وق�ل

لبن اأبي عتيق يف ذلك ف�ش�ركه العجب ون�شحه

اأن ل يقول له �شيئ� فيهيجه.

52

متع حني رم�نة ابن دعوة واأجيبت

ال�شحى فحفلت داره ب�أحب�ب �شالمة �شيوف�

لهم فمد واإين��شهم، اإكرامهم يف بولغ اأعزاء

األوان الطع�م والف�كهة، وحيوا ال�شم�ط، وقدمت

عليهم واأديرت الورد، مب�ء ون�شحوا ب�لريح�ن

جم�مر العود والند.

يقرتح رم�نة ابن اإىل عتيق اأبي ابن واأ�رش

عليه اأن يدعو عبد الرحمن للق�ء �شالمة يف مك�ن

ولعله� �شيئ�، له� يقول اأن يريد لعله منفرد،

ب�شيء قبل رحيله�، فق�ل اإليه اأن تف�شي ترغب

ابن رم�نة: »حب� وكرامة«.

احلبيب�ن ظل عتيق اأبي لبن يدا فك�نت

يذكرانه� م� ع��ش�.

حتية الآخر كالهم� فحي� احلبيب�ن وخال

ت ومر الل�ش�ن، ق�رش حني القلب عنه� اأف�شح

�شمت يف ق�شي�ه� الزمن من غ�لية حلظ�ت

يتكلم!

اأحر�س الأنثى فيه� وك�نت �شالمة بطبيعة

الوقت، فبداأت احلديث من �ش�حبه� على نفي�س

تقول: »م� ب�ل عينيك حمراوين ي� عبد الرحمن؟

اأمل تنم الب�رحة؟«.

وق�ل: عينيه� يف الرحمن عبد فنظر

.. وعين�ك ي� �شالمة؟«.»ت�ش�ألينني عن عيني

اأبي بن ي� ق�شمتن� »هذه �شالمة: فق�لت

عم�ر«.

ي� ق�شمتن� هذه »نعم الرحمن: عبد ق�ل

اإنك جتزعي.. اأن لك ينبغي ل اأنه على �شالمة..

ي�شليك اأمية، وواجدة فيه� م� اإىل ق�شور ذاهبة

البك�ء اأن�..«. وغلبه اأم� وين�شيك م�شكين� مثلي..

دون اإمت�م جملته.

تن�شيني اأمية ق�شور »اأتظن �شالمة: فق�لت

اأح�شن لأنت عم�ر، اأبي بن ي� واللـه ل اإي�ك؟

ح�ل مني. اإنك تلج�أ يف عب�دة ربك بجوار الكعبة

فتجد يف من�ج�ة ربك عزاء عني وعن كل �شيء

وجه يل فلي�س اأن� اأم� الف�نية، الدني� هذه يف

اأق�بل اللـه به«.

»فيم ي� �شالمة؟ األ�شت ت�شومني الفر�س؟«.

»بلى ي� عبد الرحمن«.

»وت�شلني اخلم�س؟«.

»اأ�شلي حين� واأترك حين�«.

حتى اأتركك لن اإين ل.. �شالمة ي� »ل

اليوم.. منذ �شالة ترتكي ل اأن على تع�هديني

األ�شت حتبينني ي� �شالمة؟«.

»بلى ي� عبد الرحمن اإين اأحبك«.

»اأم� حتبني اأن تكوين يل واأكون لك؟«.

كيف ولكن الرحمن. عبد ي� الأمنية »تلك

ال�شبيل اإىل ذلك وقد ا�شرتاين اخلليفة ف�نقطع كل

اأمل يف �شريورتي اإليك؟«.

فق�ل عبد الرحمن والدمع يرتقرق يف عينيه:

اإيل يف هذه »اأجل انقطع كل اأمل يف �شريورتك

احلي�ة الدني�، اأم� يف احلي�ة الأخرى ف�إن الأمل

ب�ق ي� �شالمة، واإنه لأمل كبري!«.

ى لقينة مثلي تنفق فق�لت �شالمة: »ولكن اأن

ت�أمل اأن وال�رشاب الغن�ء جم�ل�س يف �ش�ع�ته�

يف احلي�ة الأخرى؟«.

ففي ال�رشاب »اأم� الرحمن: عبد له� ق�ل

و�شعك اأن تكفي عنه. واأم� الغن�ء ف�أنت حممولة

عليه وهو �شن�عتك، واأرجو اأن ل حرج عليك فيه

اإذا اأنت ح�فظت على �شالتك و�شي�مك، وع�شمت

نف�شك ب�لتقوى، حتى يجعل اللـه لك منه مرج�.

و�ش�أ�شتغفر اللـه لك واأت�شدق عنك بكل م� يف�شل

من ك�شبي، و�ش�أجتهد يف عب�دة ربي ع�شى اأن ل

.»� اأكو بعب�دة ربي �شقي

عبد ي� قلبك اأطيب »م� �شالمة: له ق�لت

الرحمن واأ�شمى روحك! وم� اأجدرك اأن ي�شتجيب

واأح�فظن ال�رشاب عن لأمتنعن واللـه لك. اللـه

على ال�شالة وال�شوم، واأع�شمن نف�شي ب�لتقوى،

دقن بكل م� ت�شل اإليه يدي، واللـه يغفر يل ولأ�ش

م� دون ذلك«.

فق�ل عبد الرحمن وقد ا�شتن�ر وجهه: »اإفعلي

ي� �شالمة، واجعلي ذلك اآية بق�ئك على عهدي«.

ي� »اطمئن �شالمة: له ق�لت

اللـه فو قبلي، من الرحمن عبد

Page 30: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

30

اأهون م� اللـه.. األقى حتى عهدك على لأبقني

احلي�ة بدونك ي� بن اأبي عم�ر!!«.

قول تذكرين »لعلك الرحمن: عبد له� ق�ل

لبع�س عدو هم يومئذ بع�ش اللـه تع�ىل »الأخالء

قني«. ت اإل امل

فتغري وجه �شالمة ك�أنه� ذكرت �شيئ� ل حتب

اأن تذكره، وق�لت: »عف� اللـه عنك ي� عبد الرحمن،

اأاأردت اأن تبكيني وتذكرين ب�شيء يوؤملني ويجرح

قلبي؟«.

واأ�شف تق�شد، م� الرحمن عبد فعرف

لإيالمه� من حيث ل يريد فق�ل له�: »ل وربي م�

اأب�رشك اأن اأردت واإمن� �شالمة، ي� تبكيتك اأردت

ف�إنهم املتقني«، وجل»اإل عز قوله واأذكرك

�شيبقون اأخالء يوم القي�مة«.

اإىل الإ�رشاق وع�د �شالمة عن ف�رشى

الرحمن عبد ي� اإذا »ف�ش�أذكره� وق�لت: وجهه�

هم بع�ش يومئذ »الأخالء اأن�ش�ه� م� حييت: ولن

قني«. ت لبع�س عدو اإل امل

قلبي اطم�أن »الآن الرحمن: عبد فق�ل

ف�ذهبي ي� حبيبتي حيث �شئت، ف�إنك يل اإن �ش�ء

اللـه«.

اإن لك اأن� حبيبي.. ي� »نعم �شالمة: فق�لت

�ش�ء اللـه«.

احلبيبني على ت مر �ش�عة من اأق�رشه� م�

خيل اإليهم� اأنه� حلظة مل يق�شي� فيه� �شيئ�، وقد

ق�شي� كل �شيء.

ولكن دامعة بعني �ش�حبه كالهم� ع ود

بنف�س مطمئنة.

وم� هي اإل �ش�عة و�ش�عة حتى اأزف الرحيل

وخرج املعجبون ب�شالمة من اأهل املدينة – وهم

– ي�شيعونه� من رج�ل ون�ش�ء وعلى خلق كثري

وهي خلفه� فم�شوا واحلزن، الك�آبة وجوههم

اإىل و�شلوا حتى ،53

ف�رهة بغله� على راكبة

�شق�ية �شليم�ن بن عبد امللك يف خ�رج املدينة

بجم�لهم ينتظرونه� اخلليفة ر�شل ك�ن حيث

للر�شل: وق�لت بغلته� عن فنزلت وهوادجهم،

يل بد ول علي وي�شلمون يغ�شونني ك�ن »قوم

لهم ت�أذنون فهل عليهم، وال�شالم وداعهم من

اإىل واأ�ش�رت ،54

الرحبة هذه يف مني لي�شمعوا

رحبة وا�شعة لق�رش هن�ك.

اأج�ز من فمنهم يت�ش�ورون، الر�شل ف�أخذ

اأج�زوا ي�شتنزلون الذين ومنهم من منع، وطفق

عن اأترغبون لهم: يقولون راأيهم اإىل رفق�ءهم

ب�أنك غلف املدينة اأهل �شم�عه� فيتحدث عنكم

حتى بهم زالوا وم� الأكب�د؟ غالظ ،55

القلوب

وافقوا ل�شالمة: »افعلي م� �شئت على اأن ل تطيلي

اللبث«.

ف�أ�ش�رت �شالمة اإىل الن��س اأن يدخلوا الرحبة

من يطريون فك�دوا لهم، تغنيه بلحن لتودعهم

ويدعون عليه� ب�لثن�ء يلهجون واأخذوا الفرح،

له�.

بهم، غ�شت حتى الرحبة اإىل وتدفقوا

56

وا�رشاأبت اأعن�قهم اإىل �شالمة وجعلوا يتط�ألون

لريوه� حيث فرح الطوال ب�أنف�شهم وك�أن لهم يدا

يف طولهم، واأ�شف الق�ش�ر لأنهم مل يكونوا طوال،

وقفت وقد �شالمة لريوا �شربا زيدوا لو ومتنوا

على مو�شع مرتفع خ�رج الرحبة وبيده� العود،

و�شوت حزين بلحن وتغني ت�رشبه ف�أخذت

مكلوم:

فارق�ين وقد علمت يقينا

ن ذ�ق فرقة من �إياب. ما ل

اب قد ترك�ين �س �إن �أهل �ل

57اب �س م�لعا خاطري باأهل �ل

فق�ل رجل من امل�شيعني: »وا اأ�شف�ه عليك ي�

�شالمة! اإن� لن ن�شمعك بعد اليوم!«.

وق�ل اآخر: »م� اأ�شعد اأهل ال�ش�م بك!«.

اأي�مك على »�شالم الن�ش�ء: اإحدى و�ش�حت

ي� �شالمة!«.

وا�شتمرت �شالمة يف غن�ئه�:

اب قد ترك�ين �س �إن �أهل �ل

اب �س ـعا خاطري باأهل �ل م�ل

�أهل بيت جار �لزمان عليهم،

ما على �لدهر بعدهم من عتاب.

دق ج�ن من حي �س كم بذ�ك �ل

58

ـباب ة و�ســـــف وكــــه�ل �أعـــــ

بعينه� تدور وهي البيت هذا ر تكر وجعلت

يف اجلمع حتى ملحت عبد الرحمن بن اأبي عم�ر

واقف� يف اأخري�ت الن��س واإىل ج�نبه ابن �شهيل

الدمع من اأبي عتيق وكلهم ينتحب. فطفر وابن

تغني واأخذت مبنديله�، مت�شحه واأخذت عينه�

بنغمة متلفة عم� قبل وقد ارتفع �شوته� وا�شتد

رنينه: »ي� حبيبي! ي� حبيبي! ي� حبيبي!

يا حبيبي ي�م �لفر�ق عذ�ب

للمحبي يا له من عذ�ب!

وعزيز علي �أن لي�س عندي

اب �س يا حبيبي لك�سف هذ� �ل

قاد غي نار يف مهجتي يف �ت

ودم�ع من مقلتي يف �ن�سكاب!

ول� ��سطعت بعت عمري بي�م

حاب! فيه �ألقاك يا �أعز �ل�س

اأهداأ ب�شوت وغنت اأي�ش� نغمته� غريت ثم

واأنعم.

ي� حبيبي! ي� حبيبي! ي� حبيبي!

يا حبيبي �إن جار دهر علينا

�ب و�سقانا بالبي مر �ل�ص

فالليال تفنى وحبك باق

يف ف�ؤ�دي ومثل ما بك ما بي

�سهد �للـه �أن حبك عف

�ساب فيع ي�م �ل �سيك�ن �ل�س

و�شمتت حلظة ثم ق�لت وهي جتفف دمعه�:

»�شكرا ي� اأحب�ئي حل�شن وداعكم.. اأ�شتودعكم اللـه

جرية ي� اللـه اأ�شتودعكم طيبة! اأهل ي� جميع�

الر�شول!«.

وك�نت الدموع تنهمر من عيون القوم، وم�

منعهم من اأن ي�شيحوا ب�لبك�ء وقت غن�ء �شالمة

من انتهت فلم� عليه�، يف�شدوه اأن اإ�شف�قهم اإل

اأطلقوا اللـه وت�شتودعهم ت�شكرهم واأخذت ذلك

اأ�شواتهم و�ش�حوا يبكون ويقولون:

ي� اللـه يحفظك �شالمة! ي� اللـه »ن�شتودعك

�شالمة!«.

تخرتق وم�شت 59

الن�زش عن �شالمة ونزلت

ابن فتلق�ه� هودجه�، اأم�م وقفت حتى اجلمع

عتيق اأبي ابن وتاله ع�، مود ف�ش�فحه� رم�نة

ف�ش�فحه� �شهيل ابن وج�ء �ش�كرة، فودعته

فقبلت يده ب�كية، وتقدم ابن اأبي عم�ر ف�ش�فحه�

ق�ئال: »اأ�شتودعك اللـه ي� �شالمة!«.

اأبي بن ي� اللـه اأ�شتودعك ب�كية: ف�أج�بته

عم�ر«.

ق�ل له�: »ل تن�شي ي� �شالمة اآية الذكرى«.

فق�لت: »لن اأن�ش�ه� ي� عبد الرحمن«.

ق�ل: » الأخالء يومئذ......«.

قني «. ت هم لبع�س عدو اإل امل فق�لت: » بع�ش

وا�شتوت على هودجه� فنه�س اجلمل الب�رك

وطفقت اجلميع، �شي�ح فتع�ىل الركب وحترك

�شالمة ت�شري بيديه� حتييهم، ووقعت عينه� على

عبد الرحمن بن اأبي عم�ر ينظر اإليه� ويفرت ثغره

اإل د: » عن ابت�ش�مة تلمع بني الدموع وهو يرد

قني.«. ت .. اإل امل قني ت امل

عبد يف ل�شالمة نظرة اآخر تلك وك�نت

الرحمن ولعبد الرحمن يف �شالمة.

من �شالمة �شمعته� كلمة اآخر هذه وك�نت

عبد الرحمن...

Page 31: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو

عدد 1446 ت�رشين 1 312010

جل على نف�شه من قراءة 1- احلزب: م� يجعله الر

اآن، يل حزبي من القر

د. ويف احلديث: طراأ

و�شالة ك�لور

يه. » املحرر« ف�أحببت اأن ل اأخرج حتى اأق�ش

يف واملجفف ملح امل املقدد اللحم القديد: -2

ال�شم�س. والبلغة: الكف�ية » املحرر«

3- القليد: املفت�ح، معرب.. »املحرر«

ة: هي جمتمع �شعر الراأ�س وهي اأكرث من 4- اجلم

الوفرة كم� ج�ء يف ال�شح�ح» املحرر«

فروع الف�غية: -5

�شجر احلن�ء.

6- الأبي�ت من �شعر

اأبي ربيعة، وك�ن عمر بن

يف به� يغنون املغنون

املدينة » املحرر«

7- الق�لة: القول.

وقوم ال�شخ�ء، ال�رشو: -8

�رشاة، اأي كرميون ذوو غنى.

9- الغنة يف ال�شوت: الرتخيم.

الع�رش من قري�شي �ش�عر -10

ب�أكرث تغزل لأنه ب�لرقي�ت، ولقب ، الأموي

من ثالث ن�ش�ء كل واحدة منهن ا�شمه� رقية.

»املحرر«

�ش�حب ي�شري كم� الأبي�ت -11

وهو الطرثية، بن ليزيد الأغ�ين

العهد يف احلب �شعراء اأ�شهر اأحد

الأموي.

الق�ش�ع اجلف�ن: -12

الكبرية.

13- هذه الأبي�ت هي لعبيد اللـه

الت�شويف يف الرقي�ت واملطل: بن قي�س

اأجن�ز الوعد » املحرر«

كبري وع�ء املركن: -14

ك�لط�شت، تغ�شل فيه الثي�ب.

لعبيد هي الأبي�ت هذه -15

اللـه بن قي�س الرقي�ت » املحرر«

16- بعلت: اأكرثت اجلدال، ج�ء يف حديث ال�شورى

ف�قتلوه« اأمركم عليكم بعل »فمن اخلط�ب بن لعمر

»املحرر«

17- ا�شتخرطت ب�لبك�ء: اأي ا�شتد بك�وؤه�.

18- اأي ل يرتك زي�رته بل يع�وده�.

19- امل�رشبة: الغرفة، و�شميت كذلك لأنه� تكون

م�ش�شة لل�رشب.

من وهو اأذينة بن عروة �شعر من البيت�ن -20

�شعراء املدينة يف القرن الث�ين للهجرة.

21- قوارع العذاب: اأي اأعلى مو�شع يف العذاب..

22- الأبي�ت للح�رث املخزومي وهو �ش�عر اأموي

من اأهل مكة.

23- اأنف اأقنى: مرتفع من الأعلى وحمدودب من

و�شطه.

24- الطن�ف�س: الب�شط. .

25- الزرابي: الو�ش�ئد.

26- اخلوان: امل�ئدة.

تنميقه يف دائبة اأي الغن�ء: يف طبة -27

وحت�شينه.

28- الأبي�ت لعروة بن حزام يف حبيبته عفراء.

29- حرب عوان: اأي حرب م�شتمرة ل تنتهي.

30- ن�ب: اأي قبل توبته.

31- البيت�ن من �شعر عبد الرحمن بن عم�ر الق�س.

كم� وردا يف الأغ�ين.» املحرر«

32- البيت�ن من �شعر عبد الرحمن بن عم�ر الق�س.

كم� وردا يف الأغ�ين.» املحرر«

: يبخل. 33- ي�شن

غري بكالم تلفظ اأي بكالمه: الرجل جمجم -34

مفهوم.

35- القين�ت: جمع قينة وهي اجل�رية.

36- اهتبله�: انتهزه�.. وغرة: غفلة.

37- رق�أ دمعه: �شكن.

38- بحر جلي: كثري املوج.

39- اأخنى عليه الزم�ن: م�ل عليه ب�شدائده.

40- نقهت: اأف�قت.

41- النجود: الطرق املرتفعة، والأغور: الأغوار اأي

الأرا�شي املنحف�شة.

�شورة يف ج�ء وظهر، ب�ن ح�شح�س: -42

يو�شف:» الآن ح�شح�س احلق، اأن� راودته عن نف�شه واإنه

ن ال�ش�دقني« مل

43- النحيزة: الطبيعة وقيل النف�س.

44- التربيز: ال�شبق والتفوق، ومنه الربوز.

�س من العينيني. 45- رف�س الدمع: اإذا تر�ش

46- الوكد: اجلهد وال�شعي.

47- ا�شتمراأ: تقبل وا�شت�ش�غ.

الإبل من ركوبه� ي�شهل دابة كل الذلول: -48

واخليول و�شواهم�.

والن�دي الندوة ومنه القوم، جمل�س : الندي -49

واملنتدى.

وق��شية، �شديدة ليلة اأي ن�بغية: ليلة ب�ت -50

وهي م�أخوذة من قول الن�بغة:

ئيلة فبت ك�أين �ش�ورتني �ش

م ن�قع ق�س يف اأني�به� ال�ش

من الر

م�م �شليمه� د من ليل الت ي�شه

�ش�ء يف يديه قع�قع » املحرر« لي الن حل

51- قرة: �شديدة الربد.

52- متع: ارتفع وط�ل.

53- ف�رهة: ن�شطة.

54- الرحبة: الف�شحة.

، م �ش فهي بغالف اأحيطت غلف:اأي قلوب -55

�ة مغط�ة. ويف احلديث: يفتح قلوب� غلف� اأي مغ�ش

من يرفعون اأي يتط�ولون.. يتط�ألون: -56

ق�م�تهم بني اجلموع.

يف مبنى احل�شى رمي مو�شع احل�ش�ب: -57

مكة.

58- احلجون: جبل ب�أعلى مكة فيه مدافن اأهله�

كم� ج�ء يف معجم البلدان» املحرر«

59- الن�زش: املك�ن املرتفع.

Page 32: 146 ةمّلاس س قلاّ2010 1 نيشر ت 6 144 ددع 3 يرس خ دلاخ.قارعلا ،ةشر بلا 1956 ناريزح ديلاوم نم يليكش ت دق نو م ش رو