مالحظة: هـ.1410 عام لبنان بيروت العلوم دار في المطبوع الكتاب حسب يكون الصفحات * ترتيب

)) ((. بين ما جعلت أضيفت التي * العناوينالروايات. مصادر تخريج إلى * بحاجة

الفقهالمائة بعد الرابع الجزء

1

2

الفقهاإلسالمي الفقه في استداللية موسوعة

المائة بعد الثاني الجزء

العظمى الله آيةالشيرازي الحسيني محمد السيد

ظله دام

اإلدارة كتابالثاني الجزء

3

األولى الطبعةم1989 ـ هـ1410

العلوم: طباعة. نشر. توزيع. دارالفرنسي اللبناني البنك مقابل العبد، بئر حريك، العنوان: حارة

4

اإلدارة كتابالثاني الجزء

5

الرحيم الرحمن الله بسم

الحمد لله رب العــالمين، والصــالة والســالم على أشــرف خلقــه ســيدناــام محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قي

يوم الدين.

6

اإلدارية(( القيادة ))أنواعــألة(: القيـــادة على أنـــواع ثمانيـــة: القيـــادة الشخصـــية، وغـــير)مس

الشخصية، والمتسلطة، واالستشارية، واألبوية، والجافــة، والرســمية، وغــيرالرسمية.

وكل قسم من القيادة لها ميزاتهــا، ممــا نتعــرض لهــا في الجملــة، وقــد جعل الله سبحانه في كل من اإلنسان والحيوان طبيعتين متخالفتين: طبيعة القيــادة، وطبيعــة التبعيــة، فبعض النــاس يولــدون بطبيعــة القيــادة، كمــا أن بعضهم يولدون بطبيعة التبعية، وكذلك في الحيوان، ولذا نـرى في األطفــال منذ الصغر أن بعضهم يقوم بـإدارة دفـة القيــادة حــتى في اللعب، وبعضـهم

ينتظر من يقوده، وكثيرا ما يكونان من أبوين ويربيان في بيئة واحدة. إذا انضم ذلك إلى األمرين اآلخرين اللذين عجز العلم عن دركهمــا، كمــا عجز عن درك ما ذكرها من طبيعة القيادة والمقودية، كانت أمور ثالثــة في

هذا البعد:

))الحد الطبيعي لكل شيء(( أحدهما: وصول كل إنسان وحيوان بل وشجر إلى حد طبيعي ال يتجاوزه في الحجم، فأي جهاز يخلق في الجسم منذ الــوالدة يمنعــه عن النمــو أكــثر فأكثر، حتى يكون العصفور بقدر الحمام، والحمام بقدر الديك، والديك بقدر النعامة، والنعامة بقدر الفرس، والفرس بقدر البعير، إلى غير ذلــك، وهكــذا بالنسبة إلى اإلنسان، مع أنه ينمــو في ابتــداء والدتــه نمــوا ســريعا كمــا هــو

﴿الذي أعطي كل شيءالمشاهد، كذلك بالنسبة إلى األشجار، قال سبحانه: . (1)﴾ىخلقه ثم هد

))التوازن بين الذكر واألنثى(( والثاني: جعل التوازن التقريبي بين الذكر واألنثى في اإلنسان والحيوان بل في األشجار، في كل جيل طول الخط، فال يمكن حتى في جيل واحد أنينقطع الذكر، بأن تلد كل امرأة أنثى، أو ينعكس األمر فتلد كل امرأة ذكرا.

وعلى أي حال، فاإلدارة نوع من القيادة، بل يمكن أن

.50 سورة طه: ?()17

يقال: إنهما متساويان من الكليــات األربــع المنطقيــة، وإن كــان يســمىقائدا باعتبار، ومديرا باعتبار آخر.

ــقل ــة والص ــاج إلى التعليم والتربي ــافي االحتي ــة ال ين ــل الطبيع نعم أص والممارسة حتى تظهر الكفاية المخزونــة ظهــورا كــامال، حالهــا حــال ســائر الملكات والصفات، وإنه ألمر طبيعي أن يقوم البعض بالقيادة بينمــا يرضــى

اآلخرون بأن يكونوا تابعين. وفي الواقع إن معظم الناس يريـدون أن يكونــوا مقــادين، فهم يريــدون شخصــا مــا لــيريهم الطريــق ويحــدد لهم مــا ينبغي عملــه، ويسـاعدهم على القيام باألعمال التي ينبغي القيام بها، فإن الكــثرة الكثــيرة من النــاس إنمـا يقتنعون من الحياة بالمأكــل والمشــرب والمســكن والمنكح والمــركب ومــا أشبه ذلك، وال يستعدون ألن يكونوا قــادة، والكثــيرون يتبعــون القائــد الــذي أبرز نفسه لفترة ما حتى يثبت نفسه ووجــوده أو يفشــل، فــإذا أثبت نفســه ووجوده تبعه الكثيرون اآلخرون، وإذا فشــل انفضــوا من حولــه حــتى الــذين

هم التفوا حوله في اليوم األول. والالزم أن تكون هناك قوة نشطة في كل جماعة عمل، فإن األشخاص يجدون أن تجــاربهم اليوميــة تتكــون من الكثــير من العالقــات اإلنسـانية في المجتمــع، وكــل واحــدة منهــا تحتــاج إلى قيــادة، وفي بعض هــذه العالقــات ســيقوم بعض األفــراد لتحمــل القيــادة، بينمــا في عالقــات أخــرى للجماعــة سيظهر أفراد آخرون كقادة، ولذا نشــاهد أن في المجتمــع قــادة متعــددون، قــادة في االقتصــاد، وقــادة في السياســة، وقــادة في االجتمــاع، وقــادة في

التربية، وغير ذلك. ولكي تنجح أي منظمـــة يجب أن تـــزود أفرادهـــا بالرغبـــة في التقـــدم والنجاح وتحقيق النتائج واالستعداد للتعــاون، حــتى يظهــر من بينهم األفــراد

الذين هم صالحون صالحا كامال أو صالحا

8

ــنيمتوسطا أو صالحا في المستوى األنزل، ولذا نرى في الدعاء: اجعلــك، وأخصــهم زلفــة ــة من ــدك، وأقــربهم منزل ــدك نصــيبا عن من أفضــل عبي

. (1)لديك وإذا فشل الـذين أبـرزوا أنفسـهم كقـادة في تقـديم القيـادة الضـرورية والقيام بشؤون اإلدارة، فإن أعضاء المؤسسة كأعضاء المجتمع يبحثون عن الفادة إلرشادهم ومســاعدتهم وحفــزهم، ولــذا يلــزم أن تظهــر القيــادة في

المنظمة بنفسها الحاجة إلى نفسها حتى ال ينفض الناس من حولها.

))ازدهار القيادات(( وعلى أي حال، فإن القيادة ال يمكن أن تزدهر في فــراغ، وإنمــا تزدهــر القيادة في المعتركات واألزمــات والمشـكالت، وفي المثــل المعــروف: )إن

األمم تظهر قادتها بأنفسها(. وحيث إن تنمية التعاون االجتماعي يحتاج إلى معيار، فقد وضع جمع من العلماء معيار القيادة الصحيحة حتى يتبع كــل قائــد هــذا المعيــار، وال يحتــاج إلى أن تمحكه التجــارب، كــالطب الــذي وضــع لــه كتب حــتى ال يحتــاج كــل

إنسان إلى أن يعيد التجارب بعمر ال يكفي مثل ذلك.

))من عوامل نجاح القيادة(( والعوامل التي تساهم في القيادة الناجحة تنطــوي على تقــديم أهــداف محدودة وواضحة وخطة سليمة كاملة، ووضع اإلنسان المناسب في المكان المناسب، وإذا ظهر الخالف فــالالزم التغيــير فــورا، فــإن الشخصــية ليســت بالـــذي ال يخطـــأ في غـــير المعصـــومين )عليهم الصـــالة والســـالم( وإنمـــا الشخصــية هي الــتي إذا أخطــأت أصــلحت الخطــأ، ومن هنــا جــرى المثــال

المعروف: )االعتراف بالخطأ فضيلة(.

: القيادة الشخصية((1))وعلي أي حال، فالقيادة الشخصية هي التي تزاول القيادة عن

1()?. 9

طريق االتصال الشخصي باآلخرين والتوجيه لهم ويحفزهم بــالكالم ومــا أشبه ذلك، وهي من األنواع الشائعة والتي تمتاز الفاعلية الكثــيرة باإلضــافة

إلى بساطتها.

: القيادة غير الشخصية((2))ــادة أما القيادة غير الشخصية، فهي اصطالح يستخدم لإلشــارة إلى القي التي تزاول من خالل مرؤوس القائــد وعن طريــق وســائل غــير الشخصــية،

مثل الخطط واألوامر وما أشبه ذلك. وهذه الطريقة أيضــا شــائعة تســتخدم تقريبــا في كــل قيــادة، أخــذا من رئيس الحكومة إلى القيادة في أصــغر منظمــة، من غــير فــرق بين أقســام

المنظمات الثقافية أو السياسية أو االجتماعية أو العسكرية أو غيرها. وفي بعض األحيان يكون من الصعب اســتخدام القيــادة غــير الشخصــية استخداما موجبا للنتائج المطلوبــة بســبب انعــدام التــأثير الشخصــي للقائــد

على التابعين الناتج عن وجود وسيط يفصل بينهما.

: القيادة المتسلطة المستبدة((3)) أما القسم الثالث: فهي القيادة المتسلطة المستبدة، والــتي يعــبر عنهــا بالدكتاتورية، وهي تقوم بكل األعمال بنفسه وتزعم أنها تعــرف كــل شــيء،ــع وأن رأيها هي األصوب، فتوزع األوامر وتعطي التوجيهات دون التشــاور م

شخص. والذي يقوم بتنفيذ العمل، باإلضافة إلى أنه دكتاتور بالنسبة إلى أقرانــه

أيضا. وغالبا يعتقد القائد المتسلط أنه بسبب مركزه وما يتمتع به من ســلطة

يمكنه أن يقرر أفضل من غيره، وماذا ينبغي عمله. وفي ظل هذا النوع من القيــادة تكــون األســاليب الرقابيــة المســتخدمة عديدة وعنيفة وجامدة، كما أنها إذا كانت في الحكومة بــدلت الحكومــة إلى دكتاتورية بوليسية ظاهرا وباطنــا، وهــذه هي شــأن الفراعنــة دائمــا، بخالف

شأن األنبياء واألئمة )عليهم الصالة والسالم( وأتباعهم. حيث إن األولى ترى في نفسها الكفاءة بينما هي غير كفوءة، أما

10

القيادة الثانية، فإنها مع كفاءتهــا الذاتيــة وباالتصــال بــالوحي في األنبيــاء )عليهم الصــالة والســالم( والعصــمة في األئمــة )عليهم الســالم( تستشــير،

. (2)شاورهم في األمر، و(1)أمرهم شورى بينهمفشعار القيادة النبوية: إن فرعــون عال في األرضوقيــادة الــدكتاتوريين والفراعنــة فطـالعهم:

وجعـــل أهلهـــا شـــيعا يستضـــعف طائفـــة منهم يـــذبح أبنـــاءهم ويســـتحيي. (3)نساءهم

�ريكم قال فرعون ما أ ﴿كما أن في آية أخرى قال سبحانه حول فرعون: . حيث كان يظن أنه يعلم كل شيء،(4)﴾إال ما أرى وما أهديكم سبيل الرشاد

وأن قيادته أفضل من غيره. لكن يجب أن يعرف أن هناك فرقا بين العقيــدة والعلم، فــإن كثــيرا من المنحرفين ومنهم القيادة، يعلمون الواقع لكنهم يعقدون قلوبهم على خالفيعرفونــه كمــا ﴿الواقع، مما يظهر أثر العقيدة على جوارحهم، قال ســبحانه:

. (5)﴾يعرفون أبناءهموجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ﴾وقال تعالى في آية أخرى: ﴿(6) .

: القيادة االستشارية((4)) أما القسم الرابع من القيادة: فهي القيادة االستشارية )الديمقراطيــة(، وهذه القيادة تســتفيد من المرؤوســين ومن الــزمالء وتتشــاور معهم وتأخــذــال ــترح األعم ــد يق ــابعين، والقائ ــانب الت ــادرة من ج ــجع المب ــآرائهم وتش ب المحتملة مــع توصــياته ولكنــه ينتظــر موافقــة الجماعــة قبــل أن يضــع هــذه

األعمال موضع التنفيذ.ــادة بمصــالح الجماعــة، وتعمــل على أشــياعها، بخالف ــذه القي وتهتم ه

القيادة الدكتاتورية التي ال ترى إال نفسها،

.38 سورة الشورى: ?()1.159 سورة آل عمران: ?()2.4 سورة القصص: ?()3.29 سورة غافر: ?()4.20، وسورة األنعام: 126 سورة البقرة: ?()5.14 سورة النمل: ?()6

11

فاالستشارية ضد الدكتاتوريــة بخــط مســتقيم، إنهــا تهتم للحصــول علىأفضل النتائج.

لكن من الواضح أن القيادة االستشارية ليس معناها االستشارة من كل من هب ودب، وإنما من األعضاء الذين هم أهــل لــذلك، ممــا اصــطلح عليــه في الفقــه اإلســالمي )أهــل الحــل والعقــد(، وهــذه المســألة غــير مســألة

األصوات حيث للناس الحق فيها وحتى لألطفال بسبب أوليائهم.

: القيادة األبوية((5)) والقيادة الخامسة: هي القيادة األبوية، والتي تكون بمنزلة األب بالنسبة إلى العائلة، فتهتم بالنفوذ األبوي في العالقات بين القائد والجماعة، والــذي ينعكس على اهتمام القائد براحة ورفاهيــة التــابعين، وجعلهم بمنزلــة أبنائــه

وهم يشعرون بهذا الشعور فيجعلونه أبا.أنا وعلي أبوا هذه األمةوفي الحديث عن النبي )صلى الله عليه وآله(:

(1)ــه الصــالة ، وقبل ذلك قال في القرآن الحكيم بالنسبة إلى إبــراهيم )عليملة أبيكم إبراهيم ﴾والسالم(: ﴿(2).

ــة واإلرشــاد، وهذا النوع من القيادة يكون كقيادة األب هادفا إلى الحماي وفي الغــالب ينجح هــذا النــوع عنــد ممارســته، ولكن اســتمرار نجاحــه في المستقبل يتوقف على استمرار الخدمات األبوية للقائد، حاله حال األب في البيت، وحيث إنه يصبح أبا مــا دام يعتــني بماديــات عائلتــه ومعنويــاتهم فــإذا

انقطع عن ذلك انقطع هو عن األبوية وينقطعون هم عنه.

: القيادة الجافة((6))ــادة ــا بالقي وفي قبال هذه: القيادة في القسم السادس، والتي نعبر عنه الجافة، وهي القيادة التي ال نصيب لها من العطف، ومثل هذه القيادة يكون دائما مفروضة، فإن الناس يريدون إلى جانب العقــل العطــف، ألنهم خلقــوا

من عقل وعاطفة، فالقائد إذا لم يعامل أتباعه بكال األمرين

1()?. .78 سورة الحج: ?()2

12

العقــل والعاطفــة كــان قائــدا فاشــال، كمــا أنــه إن وضــع العقــل مكــان العاطفة أو وضع العاطفة مكان العقل كان قائدا فاشال أيضــا، وحــتى إذا لم يكن القائــد عاطفيــا من أعماقــه يجب عليــه التظــاهر بالعاطفيــة في موقــع

العاطفة، وإال انفض الناس من حوله.ولو كنت فظــا غليــظ القلب النفضــوا من حولك ﴾ولذا قال سبحانه: ﴿(1)،

فإن غلظة القلب عبارة عن األعماق، والفظاظــة عبــارة عن المظهــر، ومن الواضح أن اإلنسان إذا كان متصفا بأحدهما دون اآلخر يبقى وقتا ما قيادتــه، لكن مثل هذه القيــادة ال تبقى مســتمرة، فــإن التصــنع بظــاهر العطــف مــع

غلظة القلب ال يمر زمان إال ويظهر، وكذلك حال العكس.

: القيادة الرسمية((7)) أما الســابع: وهي القيــادة الرســمية، فهي الــتي تكــون حســب نــوع من العمل المفوض إليه اجتماعيا، كرؤساء القــوى الثالث في الحكومــات، وهي

التنفيذية والتأطيرية والقضائية، أو ما أشبه ذلك. وهذه القيادة ال تكون إال حسب االقتضاء االجتماعي، وحتى قيادة مرجع التقليد تسمى في هذا االصطالح بالقيادة الرسمية، بمعنى أن األمــة تفــوض

إليه القيادة بعد انطباق شرائط الشريعة عليه.

: القيادة غير الرسمية((8)) أما القيادة غير الرسمية، وهـو القسـم الثـامن، ويقصـد بهـا ذلـك النـوع الذي يظهر أصال بواسطة جماعــات التنظيم، ويعــبر عنهم في بعض األحيــان بجماعات الضغط، وهــذه الجماعــات أنــواع وأشــكال متعــددة، وهي تشــكلــاء العمــل، وفي المــنزل أو في العمــل المتــداخل بين شــخص وآخــرين أثن

النادي أو في الدولة أو في المنشئة أو في غيرها. ومن الغالب أن تكون نفس الجماعة قادة مختلفين لألغراض المختلفة، إما حسب االجتهادات وإما حسب المصالح، وقد تقدم الفــرق بين األمــرين،

وهذا

.159 سورة آل عمران: ?()113

النوع من القيادة مهم جدا، وينبغي أخذه في االعتبار.ــات وبالرغم من أن القيادة االجتماعية كقيادات الدول والمنشــآت والفئ الدينية وما إلى ذلك تمارس عن طريق القادة المعـترف بهم رسـميا، إال أن نجاح الكثير من التنظيمات يتوقف على تعــاون هــؤالء القــادة الــذين يطلــقــق عليهم عليهم بالقادة غير الرسميين، وربما يطلق عليهم بالرموز كما يطل

أيضا )أهل الحل والعقد( و)النفوذ الفعلي(. والمحتمل لهذا النوع من القيادة غير الرسمية على النتائج اإلدارية يبــدو ضخما، وكثيرا ما يقع القائد والمدير في تناقض بين اختالف هــذين النــوعين من القيادة الرسمية وغير الرسمية، كمــا أنــه يقــع في تنــاقض بين أقطــاب القادة غير الرسمية، ألن كال يجر النار إلى قرصه، ســواء عن عقيــدة أو عن

غرض.

))أهم مؤهالت القيادة(( ثم إن للقيادة واإلدارة في بحثنا مؤهالت، إذا توفرت في القائد والمدير سببت له قيادة ناجحة، وإال كان بقدر نقصــانها اإلدارة ضــعيفة، فــإن اإلدارة

تستلزم الطاقة والمقدرة على القيادة.ومؤهالت القيادة التي تبدو أهم من غيرها أمور:

))الطاقة الجسمية(( األول: الطاقة الجسمانية، بأن يكــون جســمه مقاومــا للقيــادة بقــدر مــاــادات تحتاج القيادة إليها، إذ بعض القيادات ال تحتاج إلى الجسم، وبعض القي

تحتاج إلى الجسم الحتياجها إلى الحركة واالستمرار وما أشبه.

))الطاقة العقلية((والثاني: الطاقة العقلية، بأن يتمكن القائد بعقله من إدارة األمور.

ــد ال ومن الواضح أن الطاقة الجسمانية والعقالنية إذا لم تتوفر في القائ يتمكن من مزاولة مهنتــه، والــتي تحتــاج إليهــا العديــد من النشــاطات، ولــذا

نشاهد أن كثيرا من القادة خصوصا القادة الذين

14

هم يشقون الطريق إلى األمــام يحتــاجون إلى العمــل ســاعات طويلــة، وفي أوقات غير منتظمة، تحت ظروف ليســت ســهلة، ويســهرون ويتعبــون

أنفسهم.

))الرغبة الشخصية(( الثالث: الــدافع الشخصــي، فإنــه يجب أن تــأتي الرغبــة في القيــادة منــالوا )عليهم الصــالة ــل هــذا الصــدد ق ــات بمث داخــل الشــخص، وفي الرواي

.(1)أن يكون له وازع من نفسهوالسالم(: فإن القوى الخارجية، سواء كانت جسـمية أو عقليـة، وإن كـانت تشـجع للتقدم، كما أن األجواء تشجع على العمل، لكن العنصر المهم الــذي يحــرك القائد هو الدافع والحافز الشخصي النابع من نفسه، ويتضح هذا من مثابرته على العمل واستعداده ألن يسهر ويتعب ساعات طويلة مستمرة، وحماسه

الشديد، وأخذه بموازين التقدم.

))مهارة االتصال((ــد ألن يتكلم ــأ القائ ــوجب أن يتهي ــه ي ــع: المهــارة في االتصــال، فإن الراب ويكتب بوضوح، ويتمكن من تلخيص آراء اآلخرين بدقة، وتحديـد أهم مـا بهـا

من نقاط، وإسقاط الهامشيات واألخذ بالجوهر. ويستخدم القائد االتصال بمهارة ألغراض مختلفة، من اإلقناع والتشــجيع والتحضير والتوجيه، باإلضافة إلى نقل المعلومــات وتلقي المعلومــات، وهـو

يتعرف على الجماعة وحاجاتها عن طريق وسائل االتصال.ــذي ــد ال ألن القائد قد ال يكون عضوا في الجماعة، وقد ال يكون في البل فيه الجماعة، إلى غير ذلك، فالالزم أن يعرف كيف يتصل، كما أن الالزم أن

يعرف كيف ينقطع فيها إذا رأى العضو غير نافع أو ضارا.

))المهارة االجتماعية((الخامس: المهارة االجتماعية، فإنه يلزم على القاعد أن يتفهم

1()?. 15

المرؤوسين، ويعــرف نــواحي القــوة والضــعف فيهم، ســواء كــانت قــوةــدام ــات فاضــلة كالشــجاعة واألق ــة، أو ملك ــة أو عاطفي جســمانية أو عقلي

والسماحة إلى غير ذلك، أو كانت أضدادها. والالزم أن يتمتع القائد بالقدرة على العمل مع النــاس والتصــرف معهم بالطريقــــة الــــتي تمكنــــه من اكتســــاب ثقتهم ووالئهم، وأن يبقي على الصداقات، ويجعل األعداء أصدقاء حتى يتعاون األشــخاص معــه باختيــارهم،ــآراء نظرا ألنه استعداد دائم لمساعدتهم واالستماع لوجهة نظرهم واألخــذ ب أكثريتهم، كما أنه يقف منهم موقف الصديق الذي يتمــنى نجــاحهم ويســعى

ألجل تقدمهم.

))االستقامة(( السادس: االستقامة، فإن الالزم على القائد الصــحيح القيــادة أن يكــون عادة متحررا إلى حد كبير من التحيز إلى هــذه الفئــة أو هــذه الفئــة، أو إلىوال يجرمنكم شــنآن قــوم ﴿هذا الشيء أو هذا الشيء، وفي القرآن الحكيم:

.(1)﴾على أن ال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ، وتكــون أعمالــه ملونــة(2)ويكون بعيدا عن االنفعال والغضــب والعاطفة

باالستقرار والثبات واالستمرار، فيحــترم ويعــرف مقــام مســؤوليته، ويكــون متفهما عند تعامله مع مرؤوسيه، وباإلضــافة إلى ذلــك فهــو يثــق في نفســه

ويعتقد في مقدرته على مقابلة معظم المواقف بنجاح.

))التوكل على الله(( السابع: يجب على القائد الديني أن يكون متوكال على الله، مستعينا به،ومن يتق الله يجعـل لـه مخرجــا * ويرزقـه ﴿مرتبطا إليه، في اآلية الكريمة: من حيث ال يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمــره قــد

، كما أشرنا إلى ذلك في ما سبق. (3)﴾جعل الله لكل شيء قدرا

))قوة العالقة اإلنسانية((الثامن: قوة عالقاته اإلنسانية، حيث إن جزءا مهما من عمل

.8 سورة المائدة: ?()1 أي العاطفة التي تكون في غير محلها وتكون على خالف العقل والحكمة.?()2.3 ـ 2 سورة الطالق: ?()3

16

القائــد هــو تنميــة النــاس في مختلــف أبعـادهم، فعلى القائــد أن يعــرفــة الكثير عن الناس، وعن عالقتهم ببعضهم البعض، وعن مكاناتهم االجتماعي

وعواطفهم وميولهم. وهو كقائد يجب أن يكون ملما إلماما جيــدا بالســلوك اإلنســاني بصــورة عامة، ليتسنى له معرفة شعور بعض األفــراد نحــو نشــاطات معينــة أو نحــو غيرهم من األفراد وما هو رد فعلهم للمواقف المتنوعة، فيعرف بماذا يصف اآلخرون عمله وما ال يستطيعون القيام به، ومــا يوافــق هــواهم فينشــطون،

وما ال يوافق هواهم فيكسلون، إلى غير ذلك.

))الموضوعية(( التاسع: الموضوعية، فإن القائد الفعــال النشــط الــذي يتمكن أن يشــق طريقه إلى األمام يجب أن يتصف الموضوعية في عالقاته مع اآلخرين، بـأن يحاول الوصول إلى الحقائق ومعرفة األسباب التي تقــف خلــف التصــرفات

المختلفة. وهذه الصفة هي التي تمكن القائد من تشخيص المواقــف والمشــكالت تشخيصا موضوعيا، على ضوئه يقوم بوضع الحلول الفعالة لألزمات، كما أنهــا يــنزلق من خالل معرفتــه بــاآلخرين يعــرف الضــعف اإلنســاني وأنــه أحيان اإلنسان، فالواجب أن ال يكون بحيث يأخــذ المــذنب بــأول ذنبــه، وإنمــا يجب إصالحه مهما تمكن، فيحارب الجــرم ال المجــرم، والرذيلــة ال المتصــف بهــا،

وإنما يحاول شل الجرم عن المجتمع وإبعاد الرذيلة عن الناس.

))المعلم الجيد(( العاشر: أن يكــون قــادرا على أن يصــبح معلمــا، فــإن القائــد الجيــد هــو المدرس الجيد، فإن هناك فرقا بين المقــابالت الفرديــة الــتي يحتــاج القائــدــة من إليها، وبين القدرة على التدريس ومزاولته، فإن التدريس يعتبر طريق أحسن الطرق لتنمية النــاس وإرشــادهم وتشــجيعهم وجعلهم على بينــة من

األهداف المعينة، وأضرار ما يرتكبون إذا كانت ضارة،

17

والطرق األحسن من طرقهم إذا كانت هنالك طرق أحسن من طــرقهم التي يسلكونها، ويكون مســتخدما لمهارتــه التعليميــة عنــدما يوجــه األســئلة ويقدم االقتراحات بدال من إصــدار األوامــر، وعنــد تصــحيح األخطــاء وإعــداد التابعين وشرح كيفية إنجاز األعمال لهم في مجاالت أعمالهم، إلى غير ذلك مما يفعله المـدرس الجيـد بالنسـبة إلى تالميـذه، وبـذلك يتمكن أن يهـديهم

سواء الصراط.

))المقدرة الفنية(( الحادي عشر: المقدرة الفنية في إدارته، فإن القيادة تســتلزم التمســك بمبادئ محــددة ممــا يجب تفهمهمــا وتتبعهــا لغــرض تحقيــق أكــبر نجــاح فيــل والحصــول على ــط والتنظيم والتحلي ــدرة على التخطي ــإن الق ــه، ف مهمت النصــيحة واتخــاذ القــرارات والرقابــة والفــوز بالتعــاون والتواضــع في أخــذ المشورة وعدم الغرور وما أشبه، كـل ذلـك تسـتلزم قــدرات هائلـة، والــتي

تكون االمتياز الفني للقيادة.

))حل المشاكل بنفسه(( الثاني عشر: القيام بحل المشكالت بنفسه، فإن القائد الفعال هو الذي يكون كأحد مرؤوسيه، سواء كان مديرا في شركة أو مدرســة أو مصــنع، أو

رئيس دولة أو غير ذلك. ولذا نرى في قيادة الرسول )صلى الله عليه وآله( أنـه كـان أقـرب إلى المشكالت من أصحابه، ويشاركهم في األمور، وقد قال علي )عليه الصــالة

.(1)كان أقربنا إلى العدووالسالم( فيه )صلى الله عليه وآله(: وفي متعــدد من قصــص الرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( يبــدو ذلــك، كقصته في كسره تلك الصخرة العظيمة الــتي ظهــرت عنــد حفــر الخنــدق، ولم يتمكن عليها غــيره، وقصــته في بنــاء المسـجد حــتى أن بعض الصــحابة عجزوا عن البناء، والرسول )صلى الله عليه وآله( أخذ يعمل مــع غــيره من

الصحابة

1()?. 18

الذين كانوا يعملون، فقال عمار في هذا الصدد معرضا بأولئك الصــحابةالذين جلسوا عن العمل والرسول )صلى الله عليه وآله( يعمل شعرا وهو:

إذا جلسنا والرسول يعمل (1)فإن ذاك العمل المضلل

ــون وقصته حيث أمر رجال أن يحمل حجرا ليعلم بها قبر عثمان بن مظع الذي مات في زمن رسول الله )صلى اللــه عليــه وآلــه( فعجــز الرجــل عن الحمل، فحسر الرسول )صلى اللــه عليــه وآلــه( عن ذارعيــه فوضــعها عنــد

أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهله )أهلي(رأس القبر، وقال: (2) .

وهكذا نشاهد في أعمال علي )عليه الصالة والسالم( والتي منهــا قصــةــداد، حيث لم يتمكن ــرب بغ ــا ق ــجد براث ــد مس ــرت عن ــتي ظه ــخرة ال الص األصــحاب من قلعهــا، فقلعهــا علي )عليــه الصــالة والســالم( وظهــرت عين شرب منها الجيش، وقد قال ضرار لمعاوية في وصــف علي )عليــه الصــالة

والسالم(: )كان فينا كأحدنا(.

))تحمل المسؤولية(( الثالث عشر: تحمل المسؤولية، فإن كثيرا من المواقــف ال يقــدم عليــهــد شــجاعا يتحمــل اآلخــرون لخــوفهم من الفشــل، فــالالزم أن يكــون القائ

المسؤولية ويقدم في مثل هذه المواقع ويتحمل الفشل المحتمل.

))الرجوع إلى الحق(( الرابع عشر: السرعة في الرجوع إلى الحق إذا ظهر لـه خطـأه وأن مـا سار عليه لم يكن صحيحا، أو لم يكن على الوجـه المطلـوب، أو كـان غـيره

أفضل، فاإلعتراف بالخطأ قوال وعمال فضيلة.

1()?. 2()?.

19

))الوتيرة الواحدة(( الخامس عشر: البقاء على وتيرة واحــدة، فإنــه أهم شــيء يــوجب ثقــة الناس بالقائد، فإذا كـان قبــل توليــه القيــادة شــعبيا واجتماعيــا ثم تغــير إلى االنكماش واالنزواء والدكتاتورية سقط عن أعين الناس وعملوا إلزالته حتى إذا كان رئيس حكومــة، فــإنهم يســعون إلزالتــه بقــوة الســالح وباإلضــرابات

والمظاهرات. فــالالزم أن يكــون القائــد على وتــيرة واحــدة، ويبقى على تلــك الوتــيرة حتى في ملبسه ومأكله ومسكنه ومركبه وفي لقاءاته مع الناس، إال في مــا كان التغيير من شأن القيادة مما يعذر منه عند النــاس، مثال إذا كــان القائــد قبل القيادة يجلس مع الناس طويال أو يزورهم كثيرا فبعــد القيــادة ال يكــون مثل ذلك متوقعــا منــه إذا وصــل إلى مركــز القيــادة، إذ ذلــك يــوجب ضــياع

قيادته ومهماتها، والناس يعذرونه في الترك. لكن هناك فرق واضح بين االنكماش واالنزواء بالدكتاتوريــة واالســتبداد، وبين مثل هذا األمر الذي يتطلبــه ظــروف القيــادة ممــا لم يكن قبــل توليــه

القيادة.

))أجواء القيادة(( السادس عشر: يجب على القائد أن يهيأ نفسه للقيادة، أي يجعـل الجـوــا، ليتمكن من ــه، ســواء في داخــل المؤسســة أو خارجه المالئم في أطراف

مزاولة القيادة مزاولة صحيحة. مثال إذا كان يتأثر بــالحر أو الــبرد أو الجــوع أو العطش أو الغضــب عنــد االستفزاز أو عند عدم توفر سائر وسائل الراحة، فالالزم عليه أن يوفر كــل ذلك لنفسه، وحتى أنه يلــزم أن ينــام في وقت النــوم إذا كــان الســهر يــؤثرــتى ال على راحته المؤثرة في قيادته، كما يلزم أن يتجنب مواضع الغضب ح يغضب، فتكون القيادة محكومة باالنفعاالت النفسية أو يظهر بــالمظهر غــير

الالئق مما يسقط مكانته من القلوب. وقد ذكرنا في كتاب القضاء بحثا حول ذلك فال حاجـة إلى تكــراره، فـإن

القضاء أيضا نوع قيادة، لكن تلك األمور ليست خاصة

20

بالقضاء بل عامة في كل قيادة. وكلما كانت القيادة أكبر وأوسع وأعلى احتــاجت إلى هــذه األمــور بقــدر

أكبر. وال يخفى أنه ال يوجد قائد ـ غير المعصوم )عليه السالم( ـ يتصــف بكــل هــذه الكمــاالت، لكن الالزم على القــادة أن أن يهتمــوا بتحصــيل مــا يمكن تحصــيله منهــا، ويثــابروا على االســتمرار فيهــا حــتى يكونــوا قــادة نــاجحين

ويحققوا نتائج ممتازة.

))الحاالت الثانوية(( ثم ما ذكرناه من لزوم كون القائد الناجح استشاريا إنمــا هــو في غــالب المواقــف ال في المواقــف الطارئــة، فــإن القائــد النــاجح يســتخدم القيــادة االستشــارية في معظم أعمالــه، لكن قــد يحتــاج إلى القيــادة المســتبدة المتسلطة في بعض المواقف، ألنهــا هي الــتي تكــون مفيــدة مثــل ظــروف الطوارئ كسيل أو حرب أو زلزال أو مــا أشــبه ذلــك، فــإن هنــاك عــددا من

االعتبارات التي تؤثر على اختيار نوع القيادة، كالزمان والمكان واألفراد.ــادة المتســلطة إذ ــا يجب اســتخدام القي ــق أحيان ــة الحري فمثال في حال االستشارة تفوت الوقت وتوجب الخراب أكثر فأكثر، فهنا ال وقت ألخذ آراء الجماعة ومناقشتها والعمل بأكثريتها، وكذلك إذا كان للمنشئة مثال عشرات الفروع منتشرة في مختلف البالد، أو في مختلف أماكن مدينة واحدة كبيرة كالعواصم، فإن المكان يمنع استخدام القيادة الشخصية فاستخدامها توجب خباال، وإنما الالزم استخدام القيادة غير الشخصية التي يجب أن ال تسـتخدم

إال في مثل هذه الحاالت. أما بالنسبة إلى األفراد المستشارين المرؤوسين، فإنه إذا كان الفرد ذا تجربة وذكاء وتدريب ومركز أدبي وتعليم صحيح فإن الالزم االستشارة معه واألخذ برأيه حسب موازين الشــورى، أمــا بالنســبة إلى غــير الــذكي وقليــل

الخبرة والمندفع اندفاعا طائشا فإن القيادة المتسلطة هي التي يمكنها

21

من تحقيق أفضـل النتــائج مــع مثــل هـذا الفـرد، ومعلــوم أن مثــل هــذهاألمور ال تكون مستقرة ومستمرة، وإنما تكون على نحو االستثناء.

وما ذكرنــاه في البنــود الســابقة إنمــا هي بالنســبة إلى األصــل، كمــا أن القيادة األبوية أحيانــا تجب أن تتبــدل إلى قيــادة حازمــة، إلى غــير ذلــك من

األضداد التي ذكرناها.

22

))القيادة واالستعداد للطوارئ((ــذه)مســألة(: ــوارئ، فبه ــتثناء الط ــابقة اس ــألة الس ــا في المس ذكرن

المناسبة نشير في هــذه المســألة إلى ضــرورة اســتعداد اإلدارة للطــوارئ،سواء كانت إدارة حكومية أو سائر اإلدارات.

فمن األفضــل أن نــذكر في هــذه المســألة طــوارئ الحــرب ممــا تظهــر نتائجه ولو بعد حين، كما أن غير الحرب من الطوارئ لهــا نتائجهــا المخربــة

والمدمرة، فنقول: الالزم في اإلدارة أن تكــون كفــؤا كمــا تقــدمت اإلشــارة إليــه، ومعــنى الكفاية أن تتمكن من ممارســة فعالياتهــا بنســق واحــد في جميــع الحــاالت، العادية منها وغير العاديـة، المعـبر عنهــا بالطارئـة، فال تقتصـر كفاءتهــا على األمور المعتادة والظروف الطبيعية، بــل يجب أن تبقى كــذلك مهمــا تبــدلت األحوال وصادفت اإلدارة المفاجأة، فإن هنالك ظروفا وحاالت غــير متوقعــة تطــرأ أو تســتجد على العمــل اإلداري من حين آلخــر، فتجعــل إنجــاز اإلدارة لمهامها صعبا وربمــا معقــدا، أو تجعـل أسـاليب اإلدارة وتنظيماتهـا وأدواتهــا

قاصرة عن مواجهة هذه الحاالت والظروف. وكل إدارة لم تتمكن أن تأخذ باالعتبار مثــل هــذه الظــروف فإنهــا إدارة ناقصة، وكثيرا ما ينتهي األمر بهـا إلى الفشـل مـا لم تكن قـد أعـدت سـلفا تدابير وإجراءات تساعد على استمرار األداء ولو بقــدر بكفــاءة مناســبة في

مواجهة تلك الطوارئ. ومن الواضــح أن بالد اإلســالم الــتي هي وحــدة واحــدة وإن ج�ــزأت إلى أقسام بفعل المستعمرين وعمالئهم في الداخل، بمجموعها معرضة ألخطار

الحرب، كما أنها دائمة المعرضية ألخطار مثل السيل ونحو السيل.ــرب ــة، والح ــة العراقي ــرب اإليراني ــذلك الح ــان، وك ــان العالميت والحربــد ــرائيل ض ــروب إس ــة، وح ــة اللبناني ــرب اللبناني ــية، والح ــة الروس األفغاني المسلمين، وحروب أمريكا ضد الفليبين، والحرب التشادية الليبيــة، وغيرهــا

من الحروب

23

المستمرة أكثر من نصف قرن في هــذه البالد، كلهــا تعطي لــزوم تهيــؤ اإلدارات، دولــة أو مؤسســة لمثــل هــذه الطــوارئ، فــإن احتمــاالت الحــرب وظروفها االستثنائية واردة في كل فترة مستقبلية، فال بد لذلك من تكليــف اإلدارة وجعلها جاهزة لمواجهة الحاالت الطارئــة والظــروف غــير االعتياديــة حتى تكون مستعدة لالستمرار في أداء وظائفها وواجباتها بكفــاءة مطلوبــة، ولو كانت الكفاءة في حال الحرب ونحوها أقل من الكفاءة في حال السلم كما هو واضح، فــإذا تمكنت اإلدارة من ذلــك قــامت بــأداء مهامهــا من أجــل اكتساب الحرب بأقل قدر من الضرر، أو من أجــل اكتســاب الحالــة العاديــة

في مثل السيول والزالزل وغير ذلك، أي بأقل قدر من الضرر. ــوي للعــاملين، والتنظيمي ومن الواضــح أن االســتعداد النفســي والمعن والمــادي للوحــدات اإلداريــة لمواجهــة الظــروف الطارئــة وحــاالت الحــرب وغيرها يجعــل اإلدارة ال تفــاجئ بالــذعر والفوضــى لمــدى وقوعهــا، وأنهــا ال تضطر عندها إلضاعة الوقت في التفكير بما يجب القيام بــه، وال تحتــاج إلىــورة القيام بإجراءات مقدمية حتى يكون األوان قد فاتتها، بل تكون لديها ص واضحة لما يمكن حدوثه، وبرامج لما يجب تطبيقه، فتعمد على الفــور إليهــاــديل وتسعى لتنفيذها مع التعديل لتلك البرامج عند االقتضاء، فإن مهمة التع أسهل من مهمة االبتداء، فتكون بذلك أســرع تجاوبــا وأفضــل وضــعا وأقــدرــة على االستمرار في المهمة الملقاة على عاتقها، سواء كانت إدارة حكومي

أو إدارة أهلية. واإلكثــار من التوقعــات والتنبــؤات واالحتمــاالت بــالظروف الطارئــة من شأنه المساعدة كثــيرا في التغلب على تلــك الظــروف المفاجئــة واجتيازهــا

بأمن وسالم، وتفويت

24

ــيل ــل الس ــة في مث ــرب، أو على الطارئ ــدو في الح ــة على الع الفرصوالزلزلة والحرائق، في تحقيق غاياته من األعمال القتالية وغيرها.

فإذا كانت اإلدارة مستعدة لم ترتبــك عنــد وقــوع الحــادث، وإنمــا تســير على التخطيط والتنظيم واإلشراف والمتابعــة والتــدريب واإلنتــاج والتمويــل

والنقل والتوزيع والصيانة وغيرها على حسب القدرة. ومن الواضح أن المسألة المعنيــة في كالمنــا ليس في واجبــات الــدفاع المدني وأجهزته وأساليبه ووسائطه ونتائجه وخصوصياته، فإنه موضوع آخــرــه عناصــره ــازه الخــاص المركــزي أو اإلقليمي ول ــه الخاصــة وجه ــه حاالت ل

ومتطوعوه. وإنما البحث في هذه المسألة في جاهزية اإلدارة بالمعنى الواسع لهــذا التعبير، وفي جميع القطاعات والفعاليات والنشاطات التي تشملها الصناعة والزراعــة والتجــارة الخارجيــة أو الداخليــة والمهنيــة والخــدمات والمرافــق والعمارة والثقافة في جميع المستويات الحكومية وغيرها، بــل والمنظمــات

الشعبية واألحزاب والجمعيات والهيئات وغيرها. نعم ال شك بأن الجاهزية للحرب ونحوهــا يجب أن ينســق بشــكل وثيــقــلحة، مع جهاز الدفاع المدني الذي تتبناه الحكومة، وكذلك مع القوات المس وقوات األمن الداخلي وسائر القوات، ومثل هذه األمور بحاجة إلى التعــاون بين الحكومة وبين الشعب، وفي الحرب وغيرهــا تحتــاج اإلدارة إلى الــدفاع وإطفاء الحرائق وإزالة األنقــاض، وإســعاف المصــابين وتقــديم درجــة أعلى من الرعاية واإليــواء لهم، وتســيير قوافــل ســيارات الشــحن، وإيجــاد تنظيم

جديد يناسب الحالة الطارئة.

25

))مقومات الجاهزية(( ثم إن تكييف مجــاالت اإلدارة وتحقيــق الجاهزيــة للمســتقبل المحتمــل، يحتــاج إلى عناصــر أربعــة، هي أهم مــا في األمــر، فإنهــا كــالعمود الفقــري

بالنسبة إلى الحيوان:

: العنصر البشري((1)) األول: العنصر البشري، فإنه قد تقتضي الجاهزية اســتمرار العمــل على مدى اليوم والليــل، فيجب توزيــع العــاملين على أقســام العمــل والوظــائف خالل هــذه المــدة، كمــا يجب اســتخدام مــوظفين وعــاملين جــدد إذا كــانت األفراد لدى المؤسسة قليلة مع مراعاة األزمنة الــتي يشــتد فيهــا العمــل أو يخف، فإنه قــد يكــون التوزيــع متســاويا في المصــانع مثال، وقــد يكــون غــير متساو في اإلدارة، حيث يكتفي بالمناوبة أو بقدر بســيط من فــترات تقلص

النشاط، ومن ثم إصدار لوائح بذلك. وإذا لم تجد اإلدارة األفراد بقــدر الكفايــة يجب أن تهتم بــاألهم فــاألهم، كما ألمعنا إلى ذلك في مسألة سابقا، واستمرار العمل ليل نهار قد يتطلب زيــادة في عــدد األفــراد، فيجب اســتدراك النقص من الجهــات الــتي يخــف نشــاطها في الحــاالت الطارئــة ضــمن نفســه الوحــدة اإلداريــة أو الوحــدات األخــرى، ســواء في نفس المؤسســة أو المســتخدمين من الخــارج، مثال إذا كانت الحــرب في المدينــة يمكن أن يســتخدم األفــراد من المــدن األخــرى، وكذلك إذا جاء السيل في محل خــاص أو اتفقت الحرائــق أو الزلزلــة أو مــاــرب، وال أشبه، على أنه البد من التنسيق مع القوات المسلحة في حالة الح ســيما في صــورة إدارة التعبئــة العامــة، وهكــذا بالنســبة إلى االعتمــاد على أسلوب مبسط الستدعاء العاملين في الحاالت المفاجئة، وتزويــد المنــاوبينــدريب من بوسائط االتصال واالنتقال الالزمة لذلك، وبالعناوين والهواتف، وت

يستدعون إذا احتاجوا إلى التدريب ولو تدريبات بسيطة في أيام قالئل أو

26

في ساعات. ويلــزم أن تقســم األفــراد البشــرية إلى قطاعــات أو جماعــات، وهــذه الجماعات الكبيرة تقسم أيضا إلى جماعــات صــغيرة وفرعيــة، وهي تقســم إلى أفراد، بحيث يراعى في ذلك التوزيع الجغــرافي لهم أو لســكناهم، ومن ثم تحديــد قنــوات وســائط االتصــال فيمـــا بينهم، بحيث يبلــغ المنــاوبون المسؤولون عن القطاعــات مثال، وهــؤالء بــدورهم يبلغــون المســؤولين عن الجماعات وهكذا، فيختصر بذلك الزمن الالزم للتبليــغ وااللتحــاق، كمــا يجب أن تهيأ لهم وسائل النقل إذا لم تكن موفورة، هذا كله في العنصر البشري.

: التنظيم الهيكلي((2)) أما بالنسبة إلى األمر الثاني وهــو التنظيم الهيكلي، فــإن تكــييف اإلدارة للعمل في الحاالت الطارئة التي يحتــاج اســتعدادات وتحضــيرات متشــابهة، يقتضي زمنا طــويال إلنجازهــا، فتــأمين جاهزيــة اإلدارة واســتمرارها في أداء واجباتها بكفــاءة ووتــيرة مناســبة يتطلب من اإلدارة إيجــاد وحــدات عضــوية مختصة بهذه الجاهزية في مالكات المستويات اإلدارية األساسية، حال ذلــك حال الجيش الذي يكون مدربا ومستعدا لمواجهة أية أخطار، وإن لم تحــدث

األخطار طيلة قرن مثال. فــالالزم أن تكــون اإلدارة جــاهزة لتعــديل المالكــات الفعليــة على هــذا األساس، إلحداث مثل هذه الوحدات وتحديد وظائفهــا واختصاصــاتها وســائر مزاياها وخصوصياتها، باإلضــافة إلى تســمية مجموعــات أو عناصــر متفرقــة في الوحـــدات القاعديـــة للعنايـــة بـــاألمور الجاهزيـــة، عالوة على أعمالهـــاــدة إلى المعتادة، وتنقلب إلى متفرغة في الحاالت الطارئة، أو تنقل من وح

وحدة أو ما أشبه ذلك. ويمكن تقســيم الوحــدات اإلداريــة بشــكل مــوقت إلى وحــدات فرعيــة،

ولتسهيل إمكانياتها في اإلشراف والمتابعة والتنفيذ

27

واالتصال على أساس جغرافي أو إقليمي، بحيث يضيق النطاق المكاني لكل منها، كأن تقسم المدينة الكبيرة مثال إلى قطاعات إدارية متعــددة، في كل منها نواة فرعية تســتطيع تحقيــق اســتمرارية نشــاط ووظــائف الوحــدة األساسية التي انبثقت عنهــا، بعــد تزويــدها بالعناصــر والوســائط والمعــدات

واألدوات الالزمة لممارسة نشاطها واتصالها عند حدوث الحادث. ــه ــة، فإن وحيث إن للزمان أهميته القصوى في مثل هذه الحاالت الطارئ يفضــل إلى جــانب الوحــدات العضــوية الدائمــة إيجــاد صــيغة من القيــادة أوــاحي اإلدارة المشتركة أو الجماعية في قمة الهرم اإلداري، وفي مختلف من النشـــاطات الـــتي تمارســـها اإلدارة في البالد المختلفـــة، أو في المواضـــعــات ــيق بين الفعاليـ ــل التنسـ ــا يكفـ ــدة، بمـ ــة الواحـ ــة من المدينـ المختلفـ والنشاطات والمؤازرة المتبادلة فيما بينها، ومعرفة كل واحد من الواحــدات

تكليفها لدى وقوع الحادث.

: األدوات اإلدارية((3)) وبعد ذلك يأتي دور األمر الثــالث: وهي األدوات واآلالت المحتاجــة إليهــا

في حالة حدوث الطارئ. فيجب أن تفكر اإلدارة ســلفا بــاألدوات الــتي تســتعملها بمــدى كفاءتهــا ومالءمتها للظروف واألحوال الطارئة، والمراد باألدوات والمعــدات الصــيغة الواسعة منها، فليس المراد هنا األدوات المكتبيــة فقــط ممــا ســبق اإللمــاعــرى، إليها، فاألدوات المحتاج إليها في األحوال الطارئة تختلف من إدارة ألخ

ومن الحكومة لإلدارات الشعبية.ــا ــيز أدواته ــة أو شــعبا، أن تفكــر بتجه ــة، حكوم فعلى كــل وحــدة إداري ومعداتها بما يكفل استمرارية العمل لديها بكفاءة خالل الظــروف الطارئــة، وذلك مثل أدوات االتصال الهاتفي والبرقي والالســلكي والتلكس، ووســائط

النقل المختلفة لألفراد والمواد، كالسيارات الشاحنة

28

واإلسعاف وما تنقل األفراد وأجهزة اإلنذار واإلطفاء ومعدات اإلســعاف وأدوات المعيشة ومعدات اإلنارة والمياه واألثاث المكتبي المتنقل الخفيف، وتجهـــيزات العتالـــة والمناولـــة والـــوزن وأدوات الكتابـــة والمستشـــفيات والمستوصفات والصيادلة المتنقلة أو الثابتة والمخــابئ وســيارات امتصــاص

الماء في مثل السيول.

: قوانين الطوارئ((4)) ثم بعد هذه األمور الثالثة يأتي دور األمر الرابع، وهي القوانين واألنظمة ــاال واللوائح، فإن الروتين إذا كان مرضيا في الحاالت الطبيعية فإنه يصبح قت في الحاالت الطارئة، األمر الذي يدعو إلى تكييف األنظمــة والتعليمــات مــع هذه الحــاالت، بحيث تجعــل بســيطة وواضــحة ومرنــة، وتتحلى بالالمركزيــةــذين يشــتغلون في وحرية التصرف وإعطاء السلطات الكبيرة للموظفين ال هذه الظروف، وال سيما في ظروف انقطاع االتصال مع المركــز أو صــعوبة

االتصال معه. ويجب أن يعمم ذلــك على الجهــات المعنيــة، وأن يســعى لتطبيقــه على سبيل التجربة من حين إلى آخر حتى يعلم المرونة وإمكانية التطبيق وعــدم

النقص أو قلته.ــد والتخــزين ومن القوانين واألنظمة، أنظمة المحاسبة والصرف والتولي والتوزيع والمراقبة، وأنظمة المبيعات والمشتريات إلى غير ذلك، مما تكون

في حاالت الحرب والزالزل والسيول وما أشبه غيرها في حاالت عادية. فإن ذلــك هــو الــروح العــام لألمــور الثالثــة الســابقة الــتي ذكرناهــا، من العنصر البشري والتنظيم الهيكلي واألدوات اإلدارية، فإن هذا الروح ـــ وهــو األمر الرابع ـ إذا لم يكن، لم تكن فائدة في كل تلك األمور، كالجسـم الـذي ال روح له، حيث ال تشتغل أجهزته وآالته من عينه وأذنه ولسانه وقلبه وكبده

ويده ورجله إلى غير ذلك.كما أن القوانين واألنظمة تشمل

29

حاالت المخالفة العمديــة أو المخطئــة وحــاالت الطــوارئ في الطــوارئكحاالت السرقة التي تكثر في مثل هذه الحاالت الطارئة وغير ذلك.

وفي الجملة، فإن حالــة التعهــد لإلدارة الصــحيحة في الحــاالت الطارئــةــب في ــراد مناس ــيق واط ــا بتنس ــة ألداء اإلدارة مهامه ــارة عن الجاهزي عب الحاالت الطارئة كمــا في الحــاالت العاديــة، والواضــح أن الحــاالت الطارئــةمتنوعة طبيعة، اجتماعية وفنية وحربية وصحية واقتصادية معيشية وغيرها.

ويتحقق النجاح في تحقق الجاهزية باإلكثار من التصــورات والتســاؤالت حول الطوارئ المتقطعة، واإلطالع على الظروف، وخصوصا إذا كــان األمــر متوقعا قريبا أو بعيدا، كحالة سيل متوقعة أو بـرد متوقـع أو حـرب متوقعـة، وكذلك تحديــد اإلجــراءات المضــادة لكــل تصــور أو احتمــال طــارئ بتكــييف مجاالت اإلدارة والمهمات األساسية التي ستركز عليهــا اإلمكانــات والجهـود والتنسيق والتزامن بين الجهات التعاونية مــع األعلى والموازيــة والقاعديــة، وترك االحتياطات الكافية للطوارئ غــير المتوقعــة، والتفكــير في الميزانيــة التي تحتاجها الحاالت الطارئــة، لوضــوح أن ميزانيــة الحــاالت الطارئــة غــير

ميزانية الحاالت العادية. وكذلك مالحظــة األهم والمهم لــدى ضــيق نطــاق الجاهزيــة، ســواء في العنصر البشري أو الهيكل التنظيمي أو اآلالت واألدوات أو غــير ذلــك، مثــل تنسيق التدابير مع القوات المســلحة وقــوى األمن في صــورة االحتيــاج إلى ذلك، وتأمين احتياطي كاف من السلع االسـتهالكية الرئيسـية الـتي يحتاجهـا اإلنسان في معيشــته أو في نقلـه أو مــا أشـبه ذلــك، واتخــاذ تــدابير الـدفاع المدني والوقاية في حــاالت الحــروب وتــأمين مــواد أوليــة، وتــأمين مصــادر طاقة احتياطية كالكهرباء والماء وغيرهما، وإجراء تجارب معلنــة أو مفاجئــة

علنية أو سرية

30

لتهيؤ الناس عند حدوث مثل ذلك. واإلعالن المسبق عن التدابير لفهمها والتدرب عليها بالكتابــة والدارســةــدارك وغير ذلك، وتأمين وسائل اتصال متنوعة واحتياطية بالقدر الكافي، وتــوائح اســتدعاء العناصــر، وتعــديل القــوانين النقص في العناصــر، وتنظيم ل واألنظمــة وغيرهــا، وجعــل القــوانين للجنحــة والمخالفــات العمديــة أو غــير العمديــة، فــإن غــير العمــد وإن لم يكن مــأخوذا عليــه لكنــه يجب أن تجعــل

ال يتوى حق امرئ مســلمالقوانين له من جهة الخسارات والغرامات، فإنه (1)والمســلم من بــاب المثــال، وإال فإنــه يشــمل الكــافر المحــترم المــال ،

والعرض وما أشبه ذلك. وتعديل الهيكل التنظيمي والمالك، واحتمال أنه يبقى في هذا المكان أوــارات، وإيجــاد ــه إلى المخــابئ في حــاالت الغ ينقــل إلى مكــان آخــر، كنقل مقــررات احتياطيــة وتجهــيزات ومتطلبــات اإلدارة والحيــاة، وغــير ذلــك من

منطلقات توجب النجاح أو أقلية الخسارة في األحوال الطارئة.

1()?. 31

الغربية(( اإلدارة ))مآخذــالح ســيد)مســألة(: ــل الس ــيرة، كجع ــذ كث ــة مآخ على اإلدارة الغربي

ــالم، ــائر الع ــعوب س ــعوبهم وش ــير من ش ــام للكث ــار الع ــف، واإلفق الموق واالســتعمار، ومن ذيــول اإلســتعمار عــدم إنقــاذ األمم المستضــعفة، وإنمــا خصـــوا الحريـــة ألنفســـهم، وال أدل على ذلـــك من اعـــترافهم باالنقالبـــات العسكرية، وسكوتهم عن الحكومات الوراثية، أو غير الوارثية الظالمة الــتي تفعل بالشعوب ما تشــاء من القتــل والســلب والكبت واإلرهــاب والتشــريد

والسجن والتعذيب وغير ذلك.ونحن نكتفي بذكر نقدين فقط من تلك النقود الكثيرة:

األول: عدم صحة قوانينهم. والثاني: إن تلك القوانين على عالتها ال تطبق أيضا.

وحيث ليس هــذا الكتــاب منصــبا إلفــادة مثــل هــذه الغايــة، نكتفي نحن بالنسبة إلى األمر األول بما ذكره المرحوم األخ السيد حســن )رحمــه اللــه(ــاني من المآخذ على الحقوق التي أقرتها الثورة الفرنسية، وبالنسبة إلى الث نذكر مقتطفات من مآسي الغرب المعاصر، وهي كثــيرة جــدا نــذكر بعضــها

فقط. أما بالنسبة إلى األمر األول، فإليك الوثيقة ومواضع النقد فيها حسب ما

ذكره )رحمه الله(:

32

(1)االنسان لحقوق الدولية الوثيقة

يبتدئ تاريخ حقوق اإلنسان مع تاريخ البشرية!.. وقد كان المجتمع ـ في جميع أدواره ـ يعالج صراعا دائبا بين الشعب والبالط.. فطورا كانت الملوك تنتصر على الشعوب، وآونة كــانت الطبقــات الكادحــة تنتفض، فتتغلب على جهاز الحكم، وما أن كمل تألب إحداهما لتزحف على األخرى وتلــوح بــوراق النصرة إال وتدوي نعـرات اآلخـرين، وينتشـر دورهم في معـرض الحيـاة من

جديد.. ولكن حفظ التــاريخ للمستضــعفين ضــربات وانتصــارات، احتكــرت دورا

. (2)كامال من الزمان. }وأطلقت صداها لألجيال والقرون{ وربما يحلوا للبعض أن يقول: إن في جميــع الثــورات التحريريــة للبشــر نجد نهضتين بارعتين، أدتــا إلى العــالم اإلنســاني رســالتهما كاملــة، الــدعوة اإلسالمية الكــبرى بزعيمهــا النــبي األعظم )صــلى اللــه عليــه وآلــه( رســول البشرية والكمال، والثورة الفرنسية الكبرى بقادتهــا الفرنســيين الــتي أدلت

إلى البشر بيان الحقوق!

ه. 1379 / 24( 4، الدورة )4نشرت في مجلة )أجوبة المسائل الدينة( العدد (?)1ما وضع بين } { هو من المؤلف دام ظله )الناشر(. (?)2

33

ــان )اللويســيين( وتأســيس ــار كي ــورة الفرنســية نضــبت بانهي ولكن الث البرلمانــات، واالحتفــال بــذكريات هــذا اإلعالن، ثم انتشــار الجنــود والتهــاب الحروب وتمزيق هذه الوثيقة في كل ميدان ومجال، وإهدار حقوق اإلنسان كما كان قبل كــل شــيء. والــدعوة اإلســالمية امتــدت جــذورها إلى أعمــاق الحيــاة وانتشــرت في شــعابها ومعارجهــا، وظلت الثــورة اإلســالمية خالــدة

متمادية، تتوسع يوما بعد يوم، حتى اليوم وبعد اليوم. وبذلك كانت الدعوة اإلسالمية أكمل وأشــمل من الثــورة الفرنســية، إن صحت المقارنة، على أن الثورة الفرنســية كــانت صــدى من أصــداء الثــورة اإلسالمية، التي دوت في جميع األقطار، وهكذا تعتــبر الثــورة الفرنســية من والئد اإلسالم، وهذه الوثيقة مقتبسة من قوانين اإلسالم بصورة محرفة في بعضها، فإن الحضارة اإلسالمية انتقلت من أســبانيا إلى فرنســا حــتى ثــارتضجة الكنيسة، واستمر الصراع حتى الثورة الفرنسية وإعالن هذه الوثيقة. ــاهيم، ــواد والمف ــاييس والم ــتي المق ــا في ش ــالت بينهم ــاك مفاض وهن نستأخرها لغير مجال، غير أن النقاش اآلن في أن هــذه الحقــوق تعتــبر من األدوار البدائية للبشر، وال تصــلح اليــوم إال ألن توضــع في المتــاحف األثريــة كتراث فكري، شأن السيف في عصر الذرة واألقمــار، وإمــا أن نستعرضــها على طاولة التشــريح واالختبــار، لنحكمهــا بيننــا نحن المســلمين، فــذلك هــو

األمر غير الصحيح. فإن قرآننا الخالد الحكيم لم يهمل أية خلية شاغرة لتستعمرها

34

الثورة الفرنسية، ومن الجبن أن نــترك دســتورنا المجيــد وراء ظهورنــا،ــة ــذه الوثيق ــل ه ــذا وذاك، على األخص من مث ــاتير من ه ــتجدي الدس لنســارج فرنســا، وفي فرنســا ــنيف خ ــوم ع ــدفا لهج ــتي وقعت ه الضــعيفة، ال

. (1)نفسها إضــافة إلى أن وضــع القــانون وحــده ال ينفــع، فــإن أول من يخالفــه هم المقننون، الذين ال يجبرهم أحد على االلتزام بالقانون، وفضــل اإلســالم في

ذلك هو أنه يضع القانون. }والحقيقــة الملحوظــة هنــا أن الثــورة الفرنســية بكلهــا وهــذه الوثيقــة بالذات، لم تحــدث أي انقالب في ســير الحكم في فرنســا أو غيرهــا سـواء، فقد بقي حكــام فرنســا كمــا كــانوا قبــل الثــورة؛ قســاة مــترفين، متبجحين جزارين، إال شيئا واحــدا فقــط، هــو أنهم أطلقــوا أوســع الحريــات الرســمية لمختلف أنواع الميوعــة واالســتهتار، حــتى أصــبحت فرنســا تضــرب األرقــام القياسية في الخالعة والمجون، وحتى دلت االحصــاءات الدقيقــة: أن نســبة

ــتزوج8 ـ 7المتزوجين والمتزوجات ــل ال ي في األلف، وحتى هذا العدد القلي إال لمصالح أخرى، وفي نفس الوقت ال يتورع عن التجاهر بمعاطاة الفجور،

بل ال يشعر بأنه شيء منكر، ومناقض لألخالق والتحفظ. ثم إن الثورة الفرنسية ليست إال من مخازي البشرية التي يشمئز منهــا الضمير ويتقــزز الوجــدان، وســيرتها الحقيقيــة ليســت إال لطخــة ســوء على

جبين البشرية؛ كما أن أكثر أبطال الثورة لم يكونوا غير

. 4يقوله األستاذ )البير بابية( الفرنسي في كتابه )تاريخ إعالن حقوق اإلنسان(: ص (?)135

وحــوش مستأســدة، فــإن الثــوار بقيــادة أبطــالهم األحــرار، ارتكبــوا من الجرائم ما تورع عنها لويس وزبانيته وأذنابه، وفعلوا ما يكفي أن نعلم: إنهم جردوا زوجة لــويس وفعلــوا بهــا ألــوان )...(، ثم رفعــوا جباهــا بالــذات على رؤوس الرماح طوال الشهور، كما أنهم قتلــوا، وأحرقــوا، ونهبــوا، وســحبوا، وتوغلوا في كل ما سول لهم الشيطان وأملى لهم، غــير أن الـذين اسـتغلوا الثورة الفرنسية فتوســلوا بهــا الحتكــار الكراســي، ألقــوا الســتار على تلــك الجرائم الدنيئة، وجعلوا يتبجحون بالثورة وأبطالهــا وأهــدافها، ليعــززوا بهــذا الهراء الفارغ مكــانتهم المنخــورة، ويشــيدوا ألنفســهم كيانــا شــامخا خالــدا،

بالطلي والتزييف. ــا وتظافرت الدعايات العالمية لإلشادة بالثورة الفرنسية، ليضعضــعوا به مركزية اإلسالم وثورته الطويلة، حتى ال تكون الثورة اإلصالحية الوحيدة في التاريخ، وبهذا التألب حول الثورة الفرنسية باعتبارها نقطة التجمــع للزحــفــوع على اإلسالم؛ أصبحت الثورة الفرنسية، ثورة.. وإال لم تكن هي إال من ن حركــة الشـيوعية في روســيا بقيــادة ليــنين، فكلتــا الحركـتين كــانت أقسـى همجية منظمة جماهيرية؛ شهدها التاريخ، إنها العجول الذهبية التي يصــوغها

)السامري( ليحارب بها الله. ــات كل هذا؛ بينما نرى الثورة اإلسالمية نزيهة نبيلة، بأوسع ما في الكلم من معني، فحتى المنافقين والمتقمصين باإلسالم سعيا خلــف األحمــال، لمــائر في ــوار.. فالث ــق، ألنهم ث ــدرات الخل ــوا بمق يكن في وســعهم أن يتالعب

منطق اإلسالم يجب أن يضرب المثل األعلى لمن

36

خلفه، وهو ثائر على الطغاة غــيرة على المصــالح المهــدورة، فليس لــهــورة اإلســالمية إال أن يستهتر بحقوق أو كرامات، وهكذا ال تجد في تاريخ الث

المثل العليا، بينما ال تجد في الثورة الفرنسية إال ما يندي لها الجبين{. المادة الخامسة:

)ال يجوز أن يعيش إنسان في الرق أو االســتعباد، والــرق والنخاســة في. (1)كافة صورهما محظوران(

ولكن قد يفرض جعل نظام االستعباد بحكم الضرورة المتحفزة، وذلــك إذا كــثر المتمــردون (?)1 على النظام، ال لشيء إال للحفظ على ترفهم الفاجر، وجعلــوا يجرفــون معهم المجــرم والــبريء، وتمادوا في غلوائهم الخليع، حتى النفس األخير من أنفاسهم، فلو فرض القــانون قتلهم عن عقــر أبيهم، لعاد بجريمة كبيرة ال يستحلها أي نظــام، وهــو شــنق عــدد ضــخم من بــني اإلنســان وفيهم الكثيرون من األبرياء، ولو أطلق ســراحهم ألفســدوا في األرض، وكــانوا عــثرة رهيبــة في طريــق تقدم البشرية، والنظام الصحيح، فعند ذلك يفرض قانون اإلسترقاق، حتى يعرف المغفلــون منهم حقيقة األمر، ويذوي كبرياء المستعلين، وتتبلور في لهيب الرقية عواطف المـترفين، فيستسـلموا للحق، وعند ما عرف القانون رضوخهم له، يتوسل في إطالقهم من الرقية، كمــا هـو المقــرر في دساتير اإلسالم المقدسة، لتعود إليهم كرامتهم اإلنســانية، وحــريتهم الفطريــة، وأمــا من بقي في استبداده ضد العقل والطبائع البشرية فسيبقي تحت نير االستعباد مكبال، ال يستطيع من اســتغالل السذج، وإنشــاء التحزبــات ضــد الحريــات والــرأي العــام، وكــذلك تفــرغ المحــاكم والســجون من المجرمين، وتربح الحكومة النفقـات الضــخمة الــتي ينثرهـا على المجــرمين في السـجون عنــدما

تكون بحاجة ماسة إليها. ــو ثم إنا إذا منعنا من االسترقاق، فيجب بالطريق األولى أن نمنع من زج الناس في الســجون، ول ارتكبوا آالف الجرائم، ألن في تسجين البشر ـ وباألخص إذا كــانت المــدة طويلــة ـــ القضــاء على كيانه ومواهبه، وأعماله ومشاعره، وتقدمه وتكتله مع بني نوعه في الحاجــات العامــة، والبشــريةــق من أي عمــل تحتاج إلى جميع أفرادها في جميع شؤونها، بخالف اإلسترقاق، فإنه ال يمنع الرقي قانوني ال يضر بالمجتمع، وغاية ما يكون أنه يحصر تصرفاته ضمن نطاق من إجازة المولى، وذلك اإلطار ربما يكون وسيعا لو أخذناه عن وحي من األحكام اإلسالمية، وحقوق العبيد على المــوالي. ــا ومتى كان الرق مباحا في بعض ألوانه كان االتجار بالرقيق مباحا بطبيعة الحال وإن كان مكروه

بغيضا إلى درجة ما. 37

المادة السادسة: )ال يجوز أن يعذب إنسان، أو توقع عليه عقوبات قاسية غــير إنســانية أو

. (1)مزرية بالكرامة(المادة السابعة:

ــيته ــل مكــان بشخص ــق في أن يعــترف لــه في ك )لكــل إنســان الحالقانونية(.

المادة الثالثة عشرةــه الخاصــة، أو في ــدخل تحكمي في حيات ــد لت ــرض أح ــوز أن يتع )ال يج أسرته أو منزلــه أو مراســالته، وال أن يعتــدى على شــرفه وســمعته، ولكــل

إنسان الحق في حماية القانون ضد مثل هذا التدخل وذلك االعتداء(.

المادة الرابعة عشرة : )لكــل فــرد الحــق في التنقــل بحريــة، وفي اختيــار مســكنه داخــل1

. (2)الدولة(

كلها محرمة ابتداء، ولكن قد تجب }العقوبة{ في نطاق معين تحت تأثير العناوين الطارئــة، (?)1}على ما ذكر في فقه اإلسالم{.

لماذا ليس لكل فرد أن ينتقل بحرية، أو يختار مسكنه خارج الدولة متى ضاق ذرعا ببالده، أو (?)2 لم تتوفر له وسائل الراحة والسعادة، أو راجت مهنته خــارج الدولــة، وبــاألخص إذا شــبك الســالح بين دولته وتلك البالد ولم يرد البقاء فيها، أو بلغ من الضــعف والتفاهــة حــدا ال يســتطيع معــه من إبراز هويته والتظاهر بمبادئه وآرائه، وإعمال مواهبه واعتناق مقدساته، أو كان من الشذوذ بحيث يخبو صوته تحت السيطرة األجنبية، أو سلبته الفردية حتى الحريات الالزمة وكان أشبه باألســارى

والمعتقلين، أو لم يرد البقاء في دولته لغير عذر. 38

: )لكل إنسان الحق في أن يغادر أي بلد بما في ذلك بلــده، وأن يعــود2إليه(.

المادة الخامسة عشرةــأ، وأن1 ــطهاد في أن يبحث عن ملج ــق إزاء اإلض ــان الح ــل إنس : )لك

يستفيد من وجود هذا الملجأ في بالد أخرى(. : )ال يجوز أن يحتج بهــذا الحــق في حالــة اتخــاذ إجــراءات قائمــة على2

أساس حقيقي، نتيجة لجريمة من جرائم القــانون العــام أو ألعمــال مضــادةلمبادئ وأهداف األمم(.

المادة الثامنة عشرة. (1): )لكل فرد الحق في الملكية، سواء بصفة فردية أو جماعية(1. (2): )ال يجوز حرمان أحد من ممتلكاته بإجراء تحكمي(2

ال يصح هذا على إطالقه. (?)1بل ال يجوز حرمان أحد من ملك أن يملك على التفصيل المذكور في فقه اإلسالم. (?)2

39

المادة التاسعة عشرة.(1))لكل إنسان الحق في حرية التفكير واالعتقاد والديانة(

، كما يتضــمن الحريــة(2))وهذا الحق يتضمن حرية تغيير الديانة واالعتقاد في الجهر بالديانــة أو االعتقــاد ســواء بصــفة فرديــة أو في جماعــة، وســواء

أكان ذلك في السر أو في العلن، وذلك بواسطة التعليم ومزاولة

ليس لإلنسان أن يدين بأي مبدأ خرافي أو فوضوي، تبعا لغرائزه وشراهاته، وإال فباستطاعة (?)1 أي عبقــري أن يخــترع مبــدأ إباحيــا أو عاطفيــا ويجمــع حولــه كتلــة من النــاس، ثم يغــري حزبــه باالستهتار والدعارة والفجور والفساد في األرض! وليس ألحد أن يكبته في دعوته، فإن لـه حريـة

الديانة كما تنص عليه وثيقة حقوق اإلنسان، وكذلك يكون الفساد ثم الهرج والدمار. ثم إن األديان المتناقضة البد وأن تحدث التضارب والتحارب فاالنشقاق في الصفوف ثم الفوضى المبيد لكل شيء، بل الواجب أن يكون الــدين الســائد واحـدا هــو الــدين الحــق، ويجب أن يطبــق الدين الصحيح على الكفار الذين ال يؤمنون بدين أو كتاب، ألن الحــق فــوق كــل شــيء، والــذي الدين له يكثر في األرض الفساد، فالالزم إخضاعه للدين وإحالته على مبدأ ينظم حركاته وأعماله. أما أهل الكتاب الذين يؤمنون بنبي وكتاب، فلهم الوازع الــديني إلى درجــة مــا، فتبقى لهم حريــة الديانة، إن شاؤوا دخلوا في الدين الحق، وإن شاؤوا استمروا على تقاليــد آبــائهم، ولكن حيث إنــة( ديانتهم ناقصة أو محرفة يلزم أن توضع لهم حدود، تسمي في عرف الفقهاء بـ )شــرائط الذم }ثم األمر ليس خاصا بالذمــه، بــل هنــاك غــير المســلم على أربعــة أقســام: المحــارب، والــذمي،

والمعاهد، والمحايد، ولكل حكمه في شريعة اإلسالم{. ليس لإلنسان العدول عن الدين الصحيح أبــدا، فــإن الدولــة والقــانون يــتركزان على الــدين (?)2

ــبب عن الصحيح الرسمي، وفي مغادرته إلى األديان الفاسدة توليد لالضطرابات واألرجاف، ويتسذلك نشوب التهريجات والقالقل التي تكف الناس عن العمل }يوجب ذلك الفساد واإلفساد{.

كل ذلك زيادة على أن الدين الصحيح الذي ال ينقصه شيء ال معــنى لجــواز إلغائــه والخــروج منــهــديني، فليس دون أن يكون هناك برهان أو دليل، وهذا الذي ذكرناه في الدين يأتي في االعتقاد ال ألحد أن ينتزع من االعتقاد الصحيح أبدا، ولكن ألهل الكتــاب أن يبقــوا على اعتقــاداتهم مــا دامــوا

متحالفين مع المسلمين على شرائط الذمة }أكانوا معاهدين أو محايدين{. 40

. (1)الطقوس والشعائر والمراسم(

المادة الثالثة والعشرون )لكل إنسان ـ بصفته عضوا في الهيئة اإلجتماعية ـــ الحــق في الضــمان االجتمــاعي، بــأن يحصــل على الحقــوق االقتصــادية واالجتماعيــة والثقافيــة الالزمة لكرامتــه، ولتنميــة شخصــيته تنميــة طليقــة، وذلــك بفضــل المجهــود

القومي والتعاون الدولي مع مراعاة نظام كل دولة وموارد ثروتها(.

المادة الرابعة والعشرون : )لكل شخص الحق في العمل، والحرية في اختيـاره بشـروط عادلـة1

مجزية، كما أن له الحق في الحماية من البطالة(. : )للجميــع الحــق دون أي تميــيز، في الحصــول على أجــر متســاو عن2

عمل متساو(.: )لكل من يعمل الحق في أجر عادل مجز، يضمن له وألسرته 3

ــعائر (?)1 ــوس والش ــزاول الطق ــاس، أو ي ــادءه للن ــد أن يعلم مب ــدين الفاس ــدين بال ليس للمت والمراسم، وباألخص إذا كانت مغرية إليــه وداعيــة لــه وهــو ال يملــك حجــة ودليال على مبــدأه، وال تـتركز فكرتـه على أسـاس من الـوعي رصـين، وإنمـا شــأنه إغـراء عواطــف األطفـال وشـهوات

المراهقين، وخداع السذج والرعاع. كما ليس له التجاهر باألخص عند ما يخشــى التســرب إلى القلــوب المضــطربة، أو التجــاوب مــع األهــواء المتراقصــة، وخاصــة عنــدما يكــون من مبدئــه جــواز إتيــان الفــواحش والســفاح بالنســاء واألطفال، أو علم الناس ما في مبدئه من إباحية مطلقة، واندفاع مــع الشــراهات غريــر، أو كــان في عقيدته االعتراف بالشذوذ السلبي أو اإليجابي، أو غير ذلك مما ينافي تمسك الناس بمبادئهم

الراشدة.41

حياة تتفق مع الكرامة البشرية، ويكمل عنــد الضــرورة هــذا األجــر بأيــة. (1)وسيلة من وسائل الحماية االجتماعية(

: لكل فرد الحق في أن يكـون مــع غـيره نقابـات، وفي أن ينضـم إلى4النقابات للدفاع عن مصالحه(.

المادة الخامسة والعشرون )لكل فرد الحق في الراحة، وفي أوقات }الفراغ{، وبخاصة في تحديــد

. (2)معقول لمدة العمل، وفي إجازات دورية بأجر(

المادة السادسة والعشرون : لكل فرد الحق في مستوى من الحيــاة يضــمن لــه وألســرته الصــحة1

والرخــاء، وبخاصــة فيمــا يتعلــق بالمأكــل والملبس والمســكن، والخــدماتــة الصحية، والخدمات االجتماعية الضرورية، كما أن له حق الضمان في حال البطالة والمرض والعجــز عن العمــل والترمــل والشــيخوخة، وفي الحــاالت األخرى التي يفقد فيها وسائل كسب قوتــه نتيجــة لظــروف ال دخــل إلرادتــه

.(3)فيها( يجب أن يكون مستوى معيشة العامل ـ إضافة إلى ما ذكر ـ مالئما لتربته وشخصيته الفنية، (?)1

فلو كان هناك رجالن يعمالن للمصلحة العامة ولكن أحــدهما عامــل ضــئيل، يســحب وراءه عربــة ــاني مهندســا تسعة من النساء واألطفال، وتنفذ طاقته قبل إكمال وجبته اليومية، وكان الرجل الث فنانا }هو وحده{ فهل يعطى لهذا المهندس البارع عشر ما يدفع إلى ذلك العامل المتسكع، وهل يكون مستوى معيشة هذا المهندس كمستوى معيشة امرأة عاهل، بل الواجب أن تقابل األعمــال باألجور مع مالحظة الوسيط االجتماعي، فمثال يعطى لذلك العامل أجر يضمن لــه وألســرته حيــاة

العمال، ويعطى لذلك المهندس ما يضمن له حياة الفنان. على ذلك يقدر مستوى المعيشة بمستوى العمل، فكلما كــانت الخدمــة الــتي يســديها الفــرد إلى المجتمع شريفة راقية، تتضاعف األجور بمقدارها، ومهما كــان اإلنتــاج واطئــا يســف بمعادلــة إلى ذلك المستوى مع اعتبار رتبة العمل وتكاليف األسرة ومالحظــة المنــاخ والبيئــة، كمــا أن وظــائف الدولة الرسمية اليوم تقدر بهذا المقياس الذي بيناه، فيزداد راتب الموظف بنســبة معينــة طبعيــا لزيادة كل فرد على أفراد األسرة، فللرجل العزب راتب أقل من راتب صـاحب األسـرة، إذا كـان في وظيفة واحدة، وراتب صاحب األسرة الصــغيرة أقــل من راتب رب األســرة الكبــيرة، وكــذلك يختلف الراتب حسب اختالف مستوى العمــل، فـراتب المهنــدس أكـثر من راتب العامــل، وهكــذاــون راتب ــام يك ــذا النظ ــرخص، وعلى ه ــة من حيث الغالء وال ــاختالف البيئ ــراتب ب ــاعف ال يتض

الدبلوماسيين متضاعفا حسب مناخهم الذي يؤدون وظائفهم فيه، وكذلك.. وهكذا. وأما المنقطعون عن العمل بجميع وجوهه، والذين ليسوا في إعالة عامل، من الشــيوخ واألرامــل

واأليتام والمستضعفين، فيجب على الحكومة السائدة تكفلهم الكامل. لصاحب العمل أن يتفق مــع العامــل ـــ بحريــة كاملــة لهمــا ـــ في األجــور، وأوقــات العمــل، (?)2

وساعات الفراغ، واإلجازات الدوريــة، فللعامــل: أن يرضــى بالعمــل طيلــة الســنة، دون أن يــوفر لنفسه عطلة يوم كل أسبوع، ودون أن يقــدر إجــازات دوريــة، كمــا أن لصــاحب العمــل أن يــدفع األجور، ويضمن على نفسه عطلة يومين في كل أسبوع، وإجــازات مضــاعفة، فالمقيــاس العــادل

هو التراضي بينهما، مع ضمان كافة الحريات لهما. ذلك ما ال يحتاج إلى النظام وال يقبل القانون، فــإن من يعيش في ظالل نظــام تتــوافر فيــه (?)3

هذه الحقوق فهو يتمتع بها، ومن أتاح له سوء الحظ أن يعيش في أجواء قاتمة فله أن يتمتع بتلك42

، وجميــع(4): )لألمومة والطفولة الحق في اإلعانة والمســاعدة الخاصة2 األطفال سواء المولودون منهم في الزواج أو خارج الزواج، يتمتعون بنفس

الحماية االجتماعية(.

المادة التاسعة والعشرون)لكل إنسان الحق في أن يسود في المجال االجتماعي والدولي،

الحياة وال يجب عليه االنتحار، }والمراد بهذا القانون تشريع ذلك{. ليست لألمومة والطفولة حتى اإلعانة والمساعدة الخاصة غير التكافــل االجتمـاعي المقـرر (?)4

للعجزة، فلو كان الطفــل واألم في حالــة ســعيدة من الرفــاه والرخــاء فال حــق لهمــا في اإلعانــةوالمساعدة، نعم لهما هذا الحق في حالة العدم والعوز }ثم خارج الزواج ال يجوز اإلجازة به{.

43

نظام يضمن النفاذ الكامل للحقوق والواجبات المنصوص عنها في هــذه. (1)الوثيقة(

المادة الثالثون : )على الفرد واجبات نحو الهيئة االجتماعية التي من الممكن أن تنمو1

فيها وحدها شخصيته نموا حرا كامال(. : )ال يخضع الفرد عند مزاولة حقوقه والتمتع بحرياتــه إال للقيــود الــتي2

ينص عليها القانون، لضمان االعتراف بحقوق الغير وحرياتهم واحترامها، ثم لحماية مقتضيات األخالق الدقيقــة، والنظــام العــام، والرفاهيــة العامــة، في

. (2)مجتمع ديمقراطي( : )ال يمكن في أيــة حــال مزاولــة هــذه الحقــوق والحريــات على نحــو3

. (3)يتعارض مع أهداف ومبادئ األمم المتحدة(

المادة الحادية والثالثون)ال يجوز أن يفسر أي نص من نصوص هذه الوثيقة على أنه

لقد علمت بعض ما في هذه الوثيقة من هفوات ال تقال، إذن ال يجب النفاذ الكامل للحقوق (?)1 والواجبات المنصوص عليها في هذه الوثيقة، نعم البد من االعتراف بحقــوق اآلخــرين، ولكن كمــا يرسمها اإلسالم، إذ ال يصح الرضــوخ ألي قــانون ال تتفــق مــع اإلنســانية الــواردة في اإلســالم، وال

اإلحجام عن القيود التي تضعها اإلنسانية على لسان اإلسالم. الالزم متى أردنا الصالح العام أن نقول: المجتمع اإلنساني الذي يفسره اإلســالم في أكمــل (?)2

صوره وألوانه. إن هذه الفقرة تقضي على جميع الحقوق الماضية، فإن عدم التعارض مع أهــداف ومبــادئ (?)3

األمم المتحــدة نطــاق قابــل للتوســعة والتضــييق، حســبما يرتئيهــا المفســرون الخاضــعون طبعــا للمسيطرين على السلطة السائدة، وبذلك يعــود اإلقطــاع والطبقــات و.. و.. الــتي وضــعت هــذه

الوثيقة للقضاء عليها. 44

ــزاول أي يتضمن بالنسبة ألية دولة أو أية هيئة أو أي فرد الحق في أن ي نشاط أو أن يقوم بأي عمل يرمي إلى تحطيم الحقــوق والحريــات الــواردة

. (1)فيها(

))عدم تطبيق حقوق اإلنسان(( وأمــا بالنســبة إلى الثــاني، ففي كتــاب: )الطائفيــة ســالح العــدو األخــير الخطير(: فإنــا نــرى أن الغــرب مجتمــع تنخــره الرذيلــة والفحشــاء، وتنهكــهــة ــراف اجتماعي ــوابط وال أع ــروعة، حيث ال ض ــية الالمش ــات الجنس العالق سليمة، وال روادع خلقية أو دينية، وأبسط نتائج ذلك عــدد مالجئ اللقطــة أو بروز مشــاكل اجتماعيــة فيمــا يتعلــق بالــذين يبحثــون عن آبــائهم، وحــوادثــادل الزوجــات وانتشــار ظــاهرة ــة واالغتصــاب وتب ــة الزوجي الطالق والخيانــتي ال دواء ــراض الجنس ال الشذوذ الجنسي بين الذكور واإلناث، وتفشي أم

لها. وقد ذكرت مكتب التحقيقات الفدرالي )إف بي آي( أن خمسا وعشرين شخصا يسجلون في نوادي العراة رسميا كــل ســنة وثلثهم من المــتزوجين، وامرأة واحدة تتعرض الغتصاب كل ست ثوان، أي في كــل دقيقــة تتعــرض

عشر نساء

هذه المادة وحدها تناقض أكثر المواد السابقة، وذلك دليل آخر على فشل هذه الوثيقة، ألم (?)1 ( على أن )لكل شخص الحق في حريــة الــرأي والتعبــير بمــا يتضــمنه ذلــك من20تصرح المادة )

الحق في أن ال يزعج بسبب آرائه( }فهل ألحد أن يقول{: أنا اآلن شخصيا رأيي: إن هذه الوثيقــةمغلوطة يجب تحطيمها، ولي حرية الرأي والتعبير وليس ألحد أن يزعجني فيما أقول.

( تنص على أن )إدارة الشــعب مصــدر الســلطات(، فمــتى أراد3( والفقــرة )22أليست المــادة )شعب دولة إلغاء هذه الوثيقة وتحطيمها، فلهم ذلك دون أيما مانع.

( تقول: )ال يجوز أن يحكم بإدانة عمل لم يكن معاقبا عليها وقت2( والفقرة )12أليست المادة ) ارتكابها بموجب القانون الوطني(، فقوانين اإلسالم مثال }تسمح ألي أحــد بــأن يــزاول أي نشــاط يرمي إلى تحطيم ما في هذه الوثيقة من الخراقات، فما يمنع اإلنسان من ذلك، ونفس الوثيقة ال

تدين هذا الشخص بشيء{. 45

ــات ــبر الوالي ــل ســاعة ع ــرأة ك لالغتصــاب، ويتم اغتصــاب ســتمائة ام المختلفة، وأن اثنتين وخمسين ألف امــرأة من المطلقــات كن قــد مارســن الخيانة الزوجية قبل طالقهن، ويوجــد أكـثر من ثالثـة ماليين إنسـان مصـابــه، كمــا أن الشــاذين ــز الــذي ال أمــل في الشــفاء من بمــرض الكــيز والهرب والشاذات جنسيا يبلغ عددهم خمسة عشر مليون شخص، ويتم يوميا طالقــائتين ــة آالف وم ــا ثالث ــانين، وتجهض يومي ســتة آالف وتســعمائة وســت ثم وعشرين فتاة مراهقة بعد الحمــل الالشــرعي غالبــا، ويصــاب يوميــا ثمانيــةــراض ــري من األم ــرض الزه ــعين بم ــة وتس ــة وثالث ــف وأربعمائ ــتين أل وس

الجنسية!. كما أنــه جــاء في إحــدى اإلحصــاءات األخــر أن واشــنطن وحــدها تشـهد اغتصاب عملية كل خمس عشرة دقيقــة، ووجــد أن هنــاك فتــاة في الثالثــة والعشــرين من عمرهــا أجهضــت خمس عشــرة مــرة، وفي بعض المنــاطق

هناك خمسة وثمانون في المائة من األطفال ال يدخلون المدارس. وذكر مركز الدراسات الرئاسية في واشنطن نسبة كبــيرة من الرؤســاء الذين تولوا الرئاسة منــذ االســتقالل حــتى اآلن تعرضــوا لمحــاوالت اغتيــال، وهناك جنحة كل ثانيتين، وسرقة كل أربع ثــوان، وســرقة ســيارة كــل ثمــان وعشرين ثانية، وسرقة كل ثمان ثواني، واعتداء مع ضرب وجرح كل ثمــان وأربعين ثانيــة، وســرقة مــع اســتخدام الســالح كــل ثمــان وخمســين ثانيــة، وعملية اغتيال كل ثالث وعشرين دقيقة، وتقتل ثالث وخمسون امرأة يومياــة لعدوان جنسي، وعملية سطو ومداهمة محالت أو منازل أو بنوك كــل مائ وثمان عشــرة دقيقــة، وهنــاك أكــثر من خمســة وعشــرين مليــون أمــريكي يعيشون حالة عوز وفاقة سيئة لغاية، أي بدون مأوى أو بدون عمل أو بدون

لقمة خبز، أي أن ما يقارب العشرة في

46

ــل المائة من مجموع السكان يكونون في غاية الفقر، ويبلغ متوسط دخ الفرد األبيض العادة ثالثة عشر ألف دوالرا ومائتين وخمسة وســبعين، بينمــا ال يزيد متوسط دخل الفرد عن ستين دوالرا سنويا فقط لــدى بعض أقليــات

الواليات المتحدة. ويوجد حوالي خمسة وعشرين ألف شخص ينتحرون سنويا، ويقدر عــددــك الرجال بأربعة أضعاف عدد النساء من هؤالء الذين ينتحرون، كما أن هنال مائة ألف شخص يحاولون االنتحار بســبب طــردهم من العمــل أو نقص في

مداخلهم. أما عدد البطالة فتذكر الدراسة نفسها أن أمريكا تعاني من وجــود أكــثر من ثالثة عشر مليون عاطل عن العمــل، والــرقم يتزايــد حيث يضــاف إليــهــات والمــدن والحــارات ــل أســبوع يتســكعون بين الوالي ــة عاطــل ك ثالثماث والشــوارع، ويــذكر اإلحصــاء أن ثالثــة ماليين شــخص على األقــل بال مــأوى يعيشــون في الشــوارع أو الســجون، كمــا يهــرب ألفــان وســبعمائة وأربعين

طفل من منازل والديهم، ألنهم ضاقوا ذرعا بالحياة معهم.ــيرة وقد ذكر إحصاء آخر أنه يشرب األمريكيون تسعين مليون زجاجــة ب فقط كل يوم، ويدفع سائق السيارات بسبب القيادة في حال السكر غرامة مبلغه ثمانية وتسعون مليون دوالر يوميــا، وينتج في أمريكــا كــل عــام ثالثــة عشر مليــار قــرص مهــدئ لألعصــاب، وهــذه الكميــة تكفي ألن يحصــل كــل أمريكي على اثنين وسبعين قرصا في السنة، أي حبة لكل خمسة أيام لكل شخص، ويتم إلقاء القبض يوميا على ألف ومائتين وثالثة وخمســين شخصــا

بتهمة بيع وترويج الحشيش. وفي تقرير أنه تسيطر الواليات المتحدة على ثالثة أرباع التجارة

47

الدولية، ويأتي في مقدمة ما تنتج زراعيــا القمح الــذي يعتــبر على رأســاج القمح االحتياجات العالمية لالستهالك الغذائي، وحيث يوجد فائض في إنتــا فإن أمريكا ترفض أن تقدم مساعدات للدول الفقيرة، وتفضل أن تتلف م نسبته أربعين في المائة من مجموع اإلنتاج بحرقه أو إلقائــه في البحــر، في حين يعيش أكثر من سبعمائة مليون جائع ومشرد على األرصــفة فــوق هــذا الكوكب األرضي، وتشترط الواليــات المتحــدة األمريكيــة أن يخضــع برنــامج المســاعدات القمحيــة لالعتبــارات السياســية، يعــني أن تتم المســاعدة في مقابل االستعمار، ومن أجل إبقــاء ســعر القمح عالميــا في مســتواه الثــابت تلجأ أمريكا إلى إتالف الفائض أو تخزين أو تقنينه ثمنا لالستعمار، وقد بلغت قيمة ما تحرقه أمريكا سنويا من القمح مبلغ أربعين مليار دوالر، فيما يموتأربعين بالمائة من المواليد في إفريقيا وحدها نتيجة لنقص المواد الغذائية.

ــة بالنســبة للحليب ــذا في القمح، إال أن السياســة نفســها هي المتبع هــة كــانت أو صــناعية، ــواع المــواد االســتهالكية، زراعي واللحــوم ومختلــف أن فاإلنتــاج غزيــر ولكن طبيعــة الحكم االســتعماري ســواء في داخــل البالد أو خارج البالد هي التي تتحكم في التوزيع المجحف إلى درجة الفقر، كمــا قــد

عرفت في داخل أمريكا، أو إلى درجة الموت كما ذكرناه. وقد تم إعالن العام ألف وتسعمائة وتسعة وسبعين عاما للطفولة، لكنه في الحقيقة كان عام الطفل الذي يموت، فقــد ذكــر بعض اإلحصــاءات أنــه مــات خالل هــذا العــام اثنــا عشــر مليــون طفــل تقــل أعمــارهم عن خمس سنوات، بمعدل كل شــهر مليــون، وجــاء ضـمن إحصــائيات أجرتهــا الجهــات

المختصة التابعة لألمم المتحدة وبعض المنظمات اإلنسانية

48

األخرى أن نفقات إعداد جندي فقط تبلغ خمسة عشر ألف دوالر، وبهذاــف ــام واحــد، وتكل ــذا خالل ع ــغ من الممكن أن يتم تعليم ســتين تلمي المبل حاملة الطائرات العادية مليارا من الدوالرات، وهذا المبلغ يكفي لبنــاء عــدة سدود ضخمة كالسد العــالي بأســوان مصــر، أمــا الطــائرة النفاثــة المقاتلــة فتكفي لبناء ثمانمائة شقة مجهزة بشكل جيد، وبنفقات قيمة دبــابتين يمكن بناء مدرسة للتعليم العام، وبدال من إنتاج الزورق الحامــل للطوربيــدات من الممكن جمع وتجهيز أربعمائة وأربعين سيارة لإلسـعاف العاجــل، والنفقــاتــع دول العــالم العسكرية في العالم تزيد على نفقات رعاية الصحة في جمي بمقدار مائــة وخمســين في المائــة، وألجــل تحقيــق بــرامج منظمــة الصــحة العالمية الخاص بالقضاء على مرض خطير كالمالريا ينبغي تحصيل أربعمائة وخمسون مليون دوالر، أي أقل من المبلغ الذي ينفــق على ســباق التســلح

في العالم. وفي إحصاء أنه بعـد رحيـل األمريكــيين من فيتنـام، كـانت التركـة الـتيــا خلفها جنودهم مليونين وثالثمائة قتيل، وثالثمائة ألف عــاهرة، وفي كمبودي ستمائة ألف قتيل، ومثلهم جــرحى، أمــا الالجئــون فهم مليــون نســمة، وقــد قدمت الحضــارة الماديــة للعــالم خمســين ألــف قطعــة ســالح نــووي تصــل الطاقة التفسيري لها مجتمعة أكثر من مليون ضعف قنبلة هيروشيما، وهذه الكمية يعني وجــود ثالثــة أطنــان من مــادة )تي إن تي( لكــل رجــل وامــرأة

وطفل، وهي تكفي لقتل انسان واحد أكثر من خمسمائة مرة!. وفرنسا قتلت في الجزائــر أكــثر من مليــون ونصــف مليــون من تســعة ماليين إبان الثورة الجزائريــة، كمــا أن بريطانيــا قتلت في الصــين أكــثر من

عشرين مليونا في ثورة اإلفيون، واالتحاد السوفيتي قتلت في أفغانستان

49

أكثر من مليــون، وشــردت أكــثر من خمســة ماليين، أي مــا مجموعهمــا بقــدر ثلث نفــوس أفغانســتان البــالغ واحــدا وعشــرين مليونــا حســب بعض

اإلحصاءات. أما روسيا فقد قتل ستالين وحده من الفالحين فقط في تطــبيق نظــامــارير دل على أن ــة ماليين، وبعض التق ــثر من خمس ــة أك ــزارع الجماعي المالثورة الشيوعية في الصين بقيادة )ماوتسي تنغ( قتلت زهاء أربعين مليونا. إلى غيرهــا من القتــل واإلفقــار والفســاد واألعمــال التخريبيــة المهولــة

للحضارة الحديثة بقيادة الغرب والشرق.

50

اإلدارة(( ))أمراض قد يكون المدير مريضا، وقد يكون الجو مريضا، وقــد يكــون)مسألة(:

المرؤوسون مرضى.ــارج وكالمنا في هذه المسألة في البحث األول، أما البحث الثاني فهو خ عن طوق هذا الكالم، وبحثه مرتبــط بعلم االجتمــاع في الجملــة، وأمــا كــون المرؤوســين مرضــى فــذلك مرتبــط بنظــام التربيــة بــالمعنى األعم، نعم ال إشكال في أن المــدير الســليم يجب أن يتمكن من رفــع المــرض عن الجــو

والموظفين ولو بقدر، وذلك مما يمكن. وعلى أي حــال، فــاألمراض الــتي تصــيب اإلدارة والمــدير كثــيرة، نــذكر جملة منها على سبيل اإللماع غالبا ال التفصيل، فإن التفصــيل أحيانــا يرتبــط

بعلم النفس أو علم األخالق أو ما أشبه، مما لم يوضع هذا الكتاب لها. والالزم أن يالحظ المدير هل أنه من المرضى أو ال، وأن مرضــه من أي قسم، والغالب أن يكون مريضا بقسم من هذه األمــراض أو بأقســام منهــا، كمــا قــد يكــون اإلنســان في علم النفس واألخالق مبتلى بــأمراض متعــددة كالبخل والجبن والغرور واألنانية ومــا أشـبه ذلـك، فـإذا وجـد المـدير نفسـه مريضا فالالزم أن يسرع في العالج، وإال سبب المرض ســقوطه من اإلدارة

عاجال أو آجال.

))أمراض المدير الجمسية والنفسية(( والفرق بين األمراض الجسمية والنفسية التي تصــيب المــدير ممــا نحن

بصدده اآلن: أوال: إن األمــراض الجســمية غالبــا تقض مضــجع اإلنســان وراحتــه ممــا يضطر إلى العالج، شاء أم أبي، أما األمراض الروحية ـ والتي منهــا أمــراض المدير واإلدارة، وترجع أمراض اإلدارة إلى أمراض المدير أيضا حيث إنه لم يشخص تشخيصا صحيحا فتمرضت اإلدارة ـــ ففي كثــير من األحيــان تتجلى للمدير بأنها محاسن، أو تتجلى له أنها أمــور عاديــة، قــال ســبحانه في حــق

﴿قل هل أمثال هؤالء مما المدير صغرى من صغرياته:

51

الــذين ضــل ســعيهم في الحيــاة الــدنيا وهم* ننبئكم باألخسرين أعمــاال حيحسبون أنهم ي .(1)﴾سنون صنعا

وقال في آية أخرى: ﴾أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ﴿(2).كل حزب بما لديهم فرحون ﴾وقال في آية ثالثة: ﴿(3).

ــة وصــيادلة ــيرون، وأدوي ــاء كث ــاني: إن األمــراض الجســمية لهــا أطب الث ومستشفيات ومستوصفات ومصــحات وأجهــزة وآالت ومــا إلى ذلــك، بينمــا األمراض الروحية ال توجد له شيء من ذلك إطالقــا، وإنمــا اإلنســان بحاجــة إلى رفعهــا بنفســه، أو بمعاونــة بعض المــدربين في بيــان المــرض والعالج، كالزهاد وعلماء النفس ومن أشبه، وغالبا مــا يكــون المــرض صــعب العالج،إال أن تقطع قلوبهم ﴾ألنه صار ملكة في اإلنسان، وعلى قول الله سبحانه: ﴿

(4) . الثالث: إن في األمــراض الجســمية، االجتمــاع دائمــا يطلب رفعهــا ممــا يحفــز اإلنســان المــريض إلى اإلســراع في العالج، بينمــا األمــراض الروحيــة بـالعكس في كثــير من المجتمعـات، ألن المجتمــع بكلـه مــريض أو بالقســم العام منه مما يحفز المريض على البقاء في مرضه، بل يســببون لــه مزيــدا من المرض، ويتطلبون منه أن يوســع في مرضــه، كالمســتبد الــذي يحفــزه

المتملقون والمتزلفون إلى االستمرار في الدكتاتورية والتوسيع فيها. وعلى أي حال، فالمدير المريض قــد يكــون مرضــه ضــارا لنفســه، وقــد يكون ضارا لمؤسسته، وقد يكون ضارا بالمرؤوسين أو الرؤساء، وقد يكون

ضارا بالمجتمع ككل، أو بقطاع كبير منه. وليس المراد على سبيل القضية الحقيقيــة، أو على سـبيل منــع الجمـع،

بل على سبيل منع الخلو، على

. 104 ـ 103( سورة الكهف: ?)1. 8( سورة فاطر: ?)2. 32، سورة الروم 53( سورة المؤمنون: ?)3. 110( سورة التوبة: ?)4

52

اصطالح المنطقيين، فإن جملة من األمراض التي نذكرها تضر أكثر منجهة واحدة.

))من أمراض المدير((وعلي أي حال، فالمدراء المرضى هم:

(: المدير االنحصاري، وهو من يخصص كل االمتيازات اإلدارية لنفسه،1وإن أعطى بعض االمتيازات للموظفين كان إعطاؤه لهم هامشيا.

(: المطالب، وهو من يزعم أن كل عمل يقوم به الموظفون إنمــا هــو2 واجبهم فال يستحقون التشويق، ولذا ال يشوق الموظفين بما عملــوا، وكــونــزاء الشيء واجبا على اإلنسان ال ينافي تشويقه وتأييده وشكره بإعطاء الج له، فإنا نرى أن الله سبحانه مع أن كل شيء في العبــد من نعمــه ســبحانه،

مع ذلك يشكره على أعماله حتى أن من أسمائه الشكور. (: التافــه، وهــو من ال يســتعد لحــل مشــكالت المــوظفين وال لقضــاء3

حوائجهم، فهو كالنبتة التي ال رائحة لها وال خاصية وال مظهر جميل. (: المــرعب، وهــو الــذي يــرأس المــوظفين باإلرعــاب والتهديــد، دون4

مالحظة الموازين والتعقل. (: األعــور اليســاري، وهــو من يــرى النقــد للمــوظفين فقــط دون5

التحسين، إذ يلزم على المدير أن يرى المــوظفين بعيــنين، عين النقــد فيمــا يحتاج إلى النقد، وعين الرضا والتحسين فيما يحتاج إلى الرضــا والتحســين،

ال بعين واحدة. (: األعور اليميني، وهو من يرى التحسين ال النقد، إذ 6

53

ــدير الموظفون لهم جوانب حسنة وجوانب سيئة، فالالزم أن يحسن المإياهم عند فعلهم الحسن، وينتقدهم عند فعلهم السيء.

(: الجاف، وهو الذي ال يصرف المال ألجل الحوائج اإلدارية، وهــو نــوع7من البخل.

(: الباطني، وهو الذي يخفي أعمالــه المرتبطــة بــاإلدارة والمــوظفين،8 عن اإلدارة والموظفين، حتى أن اإلدارة والمــوظفين ال يعرفــون مــاذا يريــد عمله، بل أحيانا ماذا عمل، وغالبا ما يكون هذا الشـيء من جهـة خوفــه منفساد عمله، وهو ال يريد أن ينسب الفساد إليه، أو من بعض الجهات األخر.

(: اإلنتــاجي، وهــو الــذي ال يهتم بمن يعمــل في اإلدارة، وال يالحــظ9ــل من إنسانية الموظفين، بل نظره فقط إلى اإلنتاج، فكأن الموظفين معم

المعامل، ال كأنهم بشر من الناس. (: األحول، وهو الذي يرى عمل نفسه أكثر من واقعه، كاألحول الذي10

يرى الواحد اثنين. ــالقوانين11 ــأتوا ب ــوظفين أن ي ــد من الم ــذي يري ــو ال ــرفي، وه (: الح

ــه واألنظمة حرفيا، بدون اختيار لهم في الزيادة والنقيصة، مع عــدم مالحظت الفرق بين الخصوصيات الزمانية والمكانية واألفرادية، فإن األفراد والزمــان والمكان تختلف اختالفا كبــيرا، فال يمكن أن يقيــد النــاس بحرفيــة القــوانين، ولــذا نــري في القــوانين اإلســالمية بــل في كــل قــوانين العقالء القســمين،

كالسفر والحضر بالنسبة إلى الصيام والصالة التمام أو

54

القصر، والقــوانين الثانويــة بــالنظر إلى االضــطرار واإلكــراه ومــا أشــبهذلك.

(: المذكر، وهو الذي يكتب كل شــيء من أعمالـه وأعمــال موظفيــه12 من دون مالحظة األهميــة وغيرهــا، فإنــه يكتب كــل رطب ويــابس، وصــحيح

وسقيم، وكبير وصغير. (: اإليكالي، الذي يكلف الموظف الذي تحت إدارته بعمل كل شــيء13

من قبل حتى إمضــاء األوراق، وإنمــا يكــون االســم للمــدير فقــط، وهــذا مــا يــذكره التــاريخ عن الخلفــاء العباســيين، حــتى أنــه كــان لهم بيت الختم فال

يتعبون أنفسهم حتى بختم األوراق. (: العنيف، وهو الذي يتفجــر غيظـا إذا لم ينفـذ أوامــره وطلباتـه ولم14

تحقق أمانيه، ويعاشر الموظفين بل واإلدارة بصورة عامة بل وأحيانا اآلالتبالعنف بدون لين ورفق.

(: المضايقي، وهو الذي يقف دون ترفيع الموظفين وترقيتهم، بحجة15أنهم ليسوا أهال لذلك لعدم خبرتهم أو ما أشبه.

(: السباب، هو الذي يتخذ السب والهمــز والطعن واللعن ومــا أشــبه16 ذريعة للوصول إلى أهدافــه اإلداريــة، وأحيانــا إلى أهدافــه الشخصــية، حيث

يكون المدير يستغل اإلدارة ومنصبه ألعماله الشخصية. (: الفنان، وهو من يرى أن كل ما يفعله حسن، ألنه فعله، وقــد قــال17

)سعدي( عن لسان بعض أمثال ذلك: )كل عيب يختاره السلطان فهو فن(.

55

(: اإلنجازي، وهو من يـزعم أنـه وحــده الـذي إذا أشـرف على عمـل18 أنجز بخير وسالم، دون ما إذا أشرف غيره على مثل ذلك العمل، فهو يــرى

نفسه فوق الواقع، كما يرى غيره دون الواقع. (: المتنصل، وهو الذي إذا وقع خطــأ في العمــل ـــ وغالبــا هــو الــذي19

يخطأ ـ يوقع اللوم على أحد الموظفين وينتقده، أو يفصله أو ينزله أو يقطع من راتبه، ويزعم أنه بذلك يتمكن من التنصل من الخطأ، ويؤدب الموظفينــع اآلخرين، كما فعله عبد الناصر في حرب اليمن مع عامر، وفعله قاســم م

الذين أعدمهم في أم الطبول، إلى غير ذلك من األمثلة. (: المعملي، وهو الــذي يظن أنــه يلــزم العمــل باســتمرار، وال يعطي20

المجال للموظفين حتى يتنفسوا، وقد تقدم أن عشــرة بالمائــة إلى خمســة عشر، وأحيانــا إلى العشــرين للموظــف الحــق في الترفيــه عن نفســه، ألن اإلنسان ليس حجرا أو مروحة يشتغل باستمرار ويبقى في مكانه باستمرار.

(: األلعابي، وهو الذي يأخذ المــوظفين ألعوبــة بيــده، كالطفــل الــذي21يلعب بمالعيبه.

(: االستعالئي، وهو الذي يريد نزاهة نفسه ويستر عيوبه بإلقاء تبعات22 المشاكل والفساد على اآلخرين من المــوظفين أو من إليهم، ومن الواضــح

أن )التنصل( شيء و)االستعالء( شيء آخر، فهما أمران. (: الدجال، وهو الذي يظهر نفسه نزيها، لكنه من وراء 23

56

الســتر يحــرك هــذا ضــد هــذا وذاك ضــد اآلخــر، يريــد بــذلك الجمــع بينمظهره النزيه ومخبره الكريه.

(: الكمي، وهو الذي يهتم بالكم في اإلنتاج ونحوه، ال بالكيف. 24 (: الصرفي، وهــو الــذي يعــرف الصــرف ال االستحصــال، بينمــا يجب25

على اإلنسان أن يكمل الدائرة بالصرف واالستحصال ولو بقدر. (: المعصــومي، وهــو الــذي يــزعم أن الموظــف يلــزم أن يكــون26

معصوما، فإذا أخطأ لم يغفر له، غافال من أن اإلنسان له أخطاء إذ لم يخلق معصوما، وإنما الواجب غفــران الخطــأ وتعديلــه، فــإذا اســتمر في األخطــاء

اتخذ القرار المناسب. (: االســتغاللي، وهــو الــذي يســتغل مقامــه وإمكانــات اإلدارة ألجــل27

حاجات شخصية، مثال يستخدم سيارة المؤسسة لنقــل عائلتــه، أو يســتخدم بعض خدم المؤسسة ألجل خدمة بيته، أو الــذهاب بولــده إلى المدرســة، أو

ما أشبه ذلك. (: المبعثر، وهو الذي يجعل كل شيء لكل شيء وفي كل مكان، فال28

يهمه أن يضع الطابعة مكان البراد، والمدفئة مكان الحاسبة، وهكذا بالنسبة إلى األفراد فيجعل مكان المدير الموظف، ومكان الموظف المدير، ويجعــل األخصائي بالبريد في إدارة الكهربــاء وبــالعكس، كمــا نشــاهد كــل ذلــك في

البالد الدكتاتورية في الشرق األوسط وغيرها. (: المتهرب، وهو المدير الذي يتهرب عن اإليجابيات ويجنح 29

57

إلى سلبيات، فينقض كــل نظــر إيجــابي بــدون أن يكــون لــه دليــل علىالسلب إال بعض التعاليل غير المنطقية.

(: النتائجي، وهو الذي يريد النتائج فقــط، بــدون أن يفكــر في كيفيــة30 الوصول إليها أو تهيئة الوسائل الواصلة إلى تلك النتائج، فقد قــال ســبحانه: ﴿ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة ولكن كــره اللــه انبعــاثهم فثبطهم وقيــل

. (1)﴾اقعدوا مع القاعدينــير31 ــال غ (: القماشي، وهو الذي يجمع من هنا وهناك من أقوال وأفع

مرتبطة بعضها ببعض، ولذا ال يصل إلى النتائج، وكثيرا ما يكون ضره أقــربمن نفعه.

(: المتبختر، وهو من يتبجح بأن النتائج الحاصــلة من ادارتــه صــحيحة32 مائة في مائة والحال ليس األمر كذلك، بــل هي ناقصــة في الجزئيــات، بــل في جملة من الكليات أيضا، بمــا ال تصــل إلى النتــائج الســقيمة، لكنــه يريــد

بقوله ذلك الكبرياء والتبختر ليس إال. (: األولوي، وهــو من يــرى كــل نظريــة لــه أولى من غيرهــا، ويحمــل33

إذا قيل له اتــق اللــه ﴿نظرياته على الموظفين بال مالحظة سائر الموازين، و ، ويصر على خطئــه، ويضــرب بأنظــار اآلخــرين عــرض(2)﴾أخذته العزة باإلثم

الحائط. (: الحاللي، وهو الذي يزعم أنــه يتمكن من حــل كــل المشــكالت، بال34

مالحظة أن بعض المشكالت غير قابلــة للحــل، وبعضــها تحــل بنســبة مئويــةخاصة ال مطلقا، وبعضها يمكن حلها بسبب غيره من

. 46( سورة التوبة: ?)1. 206( سورة البقرة: ?)2

58

األخصائيين ونحوهم، ولهــذا يكــون متهــورا في اإلقــدام على األمــور منغير نظر إلى العواقب.

(: المعلولي، وهو الذي يشتغل لحل المشكالت بالمعلول دون العلة،35 كالطبيب الذي يعطي الدواء لرفــع حمــرة الوجــة الحاصــلة من الحمى دونــون على عالج نفس الحمى، فإذا رأى مثل هذا المدير أن المشــترين ال يقبلــة ــادة نوعي ــذه المشــكلة، ال في إج ــع ه ــة لرف بضــاعته يشــتغل في الدعاي البضاعة التي هي العلة في عــزوف المشــترين عن اإلقبــال عليهــا، وكــذلك

بالنسبة إلى الثقافة وغيرها. ــه أو36 ــا موظفي ــاكس به ــاال يع ــذي يعمــل أعم ــو ال (: المعاكســي، وه

ــه رؤساءه الذين هم مجبورون منه، فهو في واد وسائر الموظفين من زمالئأو رؤسائه أو مرؤوسيه في واد آخر.

(: المصالحي، وهو الذي يصــلح بين رأيــه وآراء موظفيــه بمــا يــوجب37 ضرر المؤسسة، كالسيارة الــتي من صــالح الركــاب أن تســير مائــة فيقــولــذلك وبعضــهم بالخمســين، فتســير خمســا وســبعين حيث يضــر بعضــهم ب

بالركاب وال يالحظ األصلح من القولين، وإنما يجمع بين القولين. ــراد38 ــع األف ــل م ــة العم ــدة كيفي ــري وح ــذي ي ــو ال ــدوي، وه (: الوح

والموظفين والمؤسسات، بينما أن األشياء كاألشــخاص يختلفــون، فيشــتري اآلالت المكتبية للمستشفى والمطار بشكل واحد، أو يعامل مع المثقف كماهــل يســتوي الــذين يعلمــون ﴿يعامل مع الريفي غير المثقف، قال ســبحانه:

. (1)﴾والذين ال يعلمون

. 9( سورة الزمر: ?)159

(: التصميمي، وهو الــذي يــرى التصــميم في كــل شـيء، ســواء علم39 بصوابه أو ال، بل حتى وإذا علم بخطأه، ألنه يرى أن التصميم أفضل من الالــا ــائج والمزاي تصــميم، فهــو عاشــق ألخــذ التصــميم من غــير نظــر إلى النت

والخصوصيات والموازنات وغيرها. (: التجزيئي، وهو من يزعم أن االهتمام بالجزئيات كاف، بدون حاجة40

إلى االهتمام بالكليــات، وعكسـه أيضــا صــحيح وهــو من يهتم بالكليــات دون االهتمام بالجزئيات، بينمــا يجب على المــدير أن يهتم بالجزئيــات وبالكليــات

كل في مقامه، وإال كان العمل ناقصا أو مبتورا أو سبب خباال. (: التصفيقي، وهو الذي يقرب المصــفقين حــول نفســه ممن يســبح41

بحمده ويثنيه، من دون نظر إلى الكفاءة وسائر المــؤهالت، ومن دون نظــر إلى النتائج، وإنما يريد أن يظهر نفسه أمام الناس بأن الناس ملتفون حولـه

وأنه شخصية بارزة في المجتمع مهما كانت النتائج وخيمة. (: الذرائعي، وهو الذي يتوسل إلى الذرائع في تــبرير تــأخره وتــأخير42

مؤسسته، بــدل أن يفكــر في الحلــول الواقعيــة للمشــكالت لينتشــل نفســهومؤسسته من السقوط.

(: الوجهيني، وهو الذي يظهر شيئا ويبطن آخــر، كمــا في بعض البالد43 اإلسالمية في الســتينات، حيث كــان رئيســها يعمــل ألمريكــا باســم روســيا،ــة، ويحطم االقتصــاد باســم االشــتراكية، ويفــني المســلمين باســم التقدمي

ويضرب المسلمين باسم محاربة إسرائيل، ويهيؤ األجواء

60

إلستيالء إسرائيل على أراض إسالمية أكثر باسم القومية، إلى غير ذلك، وأفراده كثيرون في رؤساء الحكومات ورؤساء الــوزارات ومن أشــبه ذلــك،

وهكذا حال المؤسسات الصغيرة األهلية. (: األشيائي، وهو الــذي يــزعم أن موظفيــه أشــياء ال أشـخاص، ولــذا44

يحتم عليهم أن يعملوا بالروتين الكامل بدون أدنى ابتكار، كما يعمل الشيء ال كما يعمــل الشـخص، وبــذلك تجمـد المؤسسـة، والجمـود مبـدأ السـقوط

دائما. ــاراتي45 ــارين(1)(: االستش ــه المستش ــول نفس ــع ح ــذي يجم ــو ال ، وه

والمعـــاونين أكـــثر من المتعـــارف، إمـــا بقصـــد إظهـــار نفســـه بـــالمظهراالستشاري، وإما بقصد ترفيع سمعة مؤسسته أو لغير ذلك.

(: الخطي، وهو الذي يزعم بأن تعيين األصـول والمقـررات واللـوائح46 كاف في اإلجابة عن مختلف األسئلة، وحل كل المشاكل وجعـل المـوظفين يمشون في الصــراط المســتقيم، مــع أن تعــيين الخــط ال يكفي عن اإلدارة الصــحيحة الــتي هي عبــارة عن وضــع الخــط العــام موضــع التنفيــذ وإرجــاع

الصغريات إلى كبرياتها الكلية. (: األخشابي، وهو الـذي يريــد من المــوظفين أن يكونــوا كاألخشـاب47

التي ينجرها المعمل حيث استواء األحجام واألشكال، فالالزم أن يكونوا في أعمالهم وأفعــالهم بــالوتيرة الواحــدة بــدون مالحظــة أنهم بشــر لكــل منهم

خصائص وميول واتجاهات وآراء وأفكار وتقلبات. (: المتأرجح، وهو الذي إن ربحت المؤسسة في نتيجة 48

االضطرار إلى عمل خالف قاعدة النسبة أوجب هذه اللفظة ونحوها. (?)161

أريدت منها أو سمعة عند الناس جعــل نفســه مســاهما فيهــا، بــل ربمــا نسب الربح إلى نفسه، وإن خسرت ابتعد عنها بل أخذ في النقــد بــأن ذلــك من أفراد آخرين، وإن كان هو صاحب المشكلة، فليس له روح موحــدة مــع

المؤسسة، والمدير يجب أن يعمل بروح واحدة. ــد في49 ــد والتجدي ــر جدي ــل فك ــاوم ك ــذي يق ــو ال ــاعي، وه (: االرتج

المؤسسة ويحارب أصحاب مثل هذه األفكار. (: التغييري، وهــو الــذي يــزعم أن في تغيــير األشــخاص وفصــلهم أو50

تغيير صورة المؤسسة أو شكلها تنحل المشاكل، بما ليس األمر كذلك على إطالقه، بل ربمــا يكــون هــو المولــد للمشــكلة، وربمــا يكــون الســبب عــدم استقامة المنهج العام والروح الســائدة في المؤسســة، ال أن المشــكلة في أحد األمرين السابقين، وهو يرى نصف المشاكل وحلولها ال النصــف اآلخــر، وربما يطلق )النصفي( لمن يرى نصف المشكلة كالطبيب الذي يرى نصــفــرض المرض، كمن تمرض ومبعثه مرض في قلبه ومرض في كبده فيرى م القلب فقط دون مرض الكبد، فيعالج مرض القلب ويترك مرض الكبد، مما

قد يودي بالمريض إلى الهالك. (: الضوضائي، وهو الذي يوجب الضوضاء في عملــه وكالمــه، ســواء51

في إدارته ومكالمته مع الموظفين أو الجماهير أو غيرهم. (: التنقيطي، وهـــو الـــذي يالحـــظ الدقـــة المتزايـــدة في األوراق52

المربوطة باإلدارة، فيقدم عبارة على عبارة، ويضع نقطــة مكــان نقطــة، أويزيد أو ينقص أو يبدل كلمة بكلمة، إلى غير ذلك.

(: البراد، وهو الذي يعمل ما يوجب برود الموظفين عن 53

62

أعمالهم، ونفور القلوب منه، مما يؤثر أخيرا على النتائج. (: الكل شيء، وهو الذي يصمم ويراقب ويقدم ويعمل ويؤخر ويحلل54

ويفعل كل شيء، ومن المعلوم أن من يعمل كل شيء يكون كل شيء منهناقصا، وأحيانا تافها، ولذا قالوا في المثل: )كل شيء ال شيء(.

ــه المرؤوســون55 ــزوم أن يتواضــع ل ــرى ل ــذي ي ــائي، وهــو ال (: الكبري والجماهير في كل شيء، فيري نفسه فوق كــل أحــد، ويــرى أن من يقصــر

في ذلك يستحق العقاب بالفصل وعدم ترفيع الدرجة وما أشبه ذلك. (: المنبت، وهو الذي يتفرد في آرائــه وأعمالــه، ويــرى صــوابية رأيــه56

من دون االحتياج إلى اآلخرين، وقد قال رسول الله )صلى الله عليــه وآلــه( في من يسبق أصحابه في الطريق بدون مالحظتهم وال مالحظــة فرســه وال

. (1)المنبت ال أرضا قطع وال ظهرا أبقىمالحظة نفسه: 57 (: المذبذب، وهــو من ال يقــدم على العمــل إال بقلب مــتردد، ودائمــا

يكـون مـترددا بين اإلقـدام واإلحجـام، وأخــذ التصـميم وعدمـه حـتى تفـوتالفرصة عن يده.

(: الغافل، وهو من ال يحسب حساب التيارات الجارية في المجتمــع،58. (2)العالم بزمانه ال تهجم عليه اللوابسولذا قال )عليه الصالة والسالم(:

1(? . )2(? . )

63

ــد أن يعرفهــا وال أن59 ــذي ال يعلم نواقصــه وال يري (: الجاهــل، وهــو اليصلحها.

(: قصير النظر، وهو الذي ال يفكر في المستقبل، بــل يــرى الحاضــر60 فقط، ويعمل للحاضر فقط، بينما يجب على اإلنسان أن يفكــر في الحاضــر

اعمــل لــدنياك كأنــك تعيش أبــدا، واعمــلوالمســتقبل، كمــا في الحــديث: . (1)آلخرتك كأنك تموت غدا

. (2)من ال معاش له ال معاد لهوفي حديث آخر: ــهوفي حديث ثالث: ــرك آخرت ليس منا من ترك دنياه آلخرته، وال من ت

. (3)لدنياهفإن مالك هذه األحاديث وأمثالها يجري فيما نحن فيه.

فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في ﴿وفي اآلية الكريمة: اآلخرة من خالق * ومنهم من يقول ربنا آتنــا في الــدنيا حسـنة وفي اآلخــرة

. (4)حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا (: الضــوابطي، وهــو العامــل بــدون المرونــة، فــإن من ال مرونــة لــه61

يمشي حسب الضوابط، مع العلم أن الظروف غالبا تتغير، فالالزم المرونة، وقد ألمعنا إلى مثــل ذلــك في بعض النقــائص الســابقة ممــا بينــه وبين هــذا

عموم من وجه. ــر62 (: االمتدادي، وهو الذي يصرف كل تفكيره في المستقبل، وال يفك

في الحاضر وال يعيره اهتماما.

1(? . )2(? . )3(? . ). 202 ـ 200( سورة البقرة: ?)4

64

(: اآلرائي، وهو الذي كل يوم لــه وجهــة نظــر ويغــير آراءه، فلــه رأي63 في هذا اليوم وغدا رأي آخر وهكذا، ومن الواضــح أن مثــل هــذا اإلنســان ال يصل إلى نتيجة، بل يبني ويهدم، ويبــني ويهــدم إلى أن ال يبقي لــه وقت وال

مال وال سمعة، ويقع في مشاكل ال قبل له بها. ــل64 (: الفحوصي، وهو الذي يفحص دائما حلول المشاكل وكيفية العم

في الطرق السابقة، بدون مراعاة تغير الظــروف من الزمــان الســابق إلىالزمان الحالي بمختلف التيارات التي يحملها الزمان.

(: األماني، وهو الذي يعيش على األماني دون العمــل، والــذي يفكــر65 في الذي ينبغي، وال يعمل الممكن تحــذرا عنــه، وقــد قيــل إلنســان لمــاذا ال تنظم الشعر وقد كان قادرا على النظم، قال: ألن مــا أريــده ال أقــدر عليــه،

وما أقدر عليه ال أريده، وهذا يأتي في كل إنسان سلبي. (: الساعاتي، وهو الذي يقرر لكل ساعة عمال، مع أن الرئاسة عبارة66

ــه، عن انتهاز الفرص، فإذا لم ينتهز الفرصة اإلنسان في ساعة الفرصة فاتتوكثيرا ما تكون الفرصة أهم من العمل الذي قرره لمثل هذه الساعة.

(: الجنبي، وهو الذي ال يصرح بالمقررات للموظفين بصراحة اللهجة67 وبوضوح، بل ال يقول بعضها ويجمل بعضها ويبين بعضها، يريــد بــذلك إظهــار نفســه بــالمظهر المرتفــع الــذي ال يفهم كالمــه النــاس، ثم يعتب عليهم في

عدم تطبيقهم أوامره، وهذا نوع من الغرور والكبر.

65

(: البعدي، وهو الــذي لــه بعــد واحــد مــع رؤســائه ضــد مرؤوســيه أو68 بالعكس، مع أنه يجب أن يكون تابعا للعدالة، سواء كان في هذا الطــرف أووال يجــرمنكم ﴿في ذلك الطرف، يدور مع الحق حيث ما دار، قــال ســبحانه:

، وربمــا يعــبر عن(1)﴾شنآن قوم على أن ال تعدلوا اعدلوا هو أقــرب للتقــوىمثله بـ )البعد الواحدي(.

(: المنعزل، وهو الذي ال ينسجم مــع المــوظفين ومــع رؤســائه ومــع69 الناس الذين هم محل ابتالئه، بل ال يعاملهم إال بقدر المعاملــة فقــط، بــدونانبساط وأخذ وعطاء مما يحتاج إليه أي مدير في أي بعد من أبعاد الحياة.

(: التشريفاتي، وهو الذي ال يتمكن الناس من الوصول إليــه لجفــاف70أخالقه، وإن كان بابه مفتوحا، بل وجهه حاجب دونه.

(: المنغلق، وهو الذي بابه مسدود على الناس وحجابه منسدل، وهو71ينغلق على عمله وفكرته ورأيه.

(: ذو البعد القديم، ويقابله ذو البعد الحــديث، وهــو الــذي يــرجح كــل72 قديم على الحديث، أو الذي يرجح كل حديث على القديم، ومن فروع ذلــك أنه يرجح الشــباب على الشــيوخ، أو يــرجح الشــيوخ على الشــباب من غــير مالحظة الكفاءة، وقد قال علي )عليه الصــالة والســالم( في كلمــة جامعــة:

يعجبني رأي الشيخ وجلد الغالم(2) . ومن الواضح أن ما قاله )عليه الصــالة والســالم( هــو الغــالب، وإال فقــد يكون للغالم الرأي وللشيخ الجلد، ولهــذا نــري أن رســول اللــه )صــلى اللــه

عليه وآله( كان أحيانا يجعل رؤساء جيشه مثل

. 8( سورة المائدة: ?)12(? . )

66

أسامة، أو رؤساء دولته مثل أسيد. (: الفأسي، وهو الذي يكون كالفأس يضرب كـل شـيء ال يكـون في73

طرف نفسه، وال يالحظ اآلخــرين، بينمــا يجب أن يكــون اإلنســان كالمنشــاريعطي ويأخذ، وال يكون كالمسحق )المحكماك( أيضا ممن يعطي وال يأخذ.

(: المتفرعن، وهو الذي يرى كأنــه فرعــون، ولســان حالــه كمــا قــال74ــال: ــون بلســان الق ــار تجــري منفرع ــذه األنه ــك مصــر وه أليس لي مل

، فيري الناس عبيدا له، وكما قــال اإلمــام )عليــه الصــالة والســالم((1)تحتيفي شأن بعض الخلفاء: ،(2)اتخذوا مال الله دوال، وعباده خــوال، ودينــه دغال

والدين هنا يؤخذ بالمالك في اإلدارة، فإن الدين عبــارة عن طريقــة الحيــاة، سواء كانت طريقة عامة كاألديان اإللهية، أو طريقة خاصة كالطرق الجارية

في المؤسسات ونحوه. (: الظنوني، وهو الذي يعمــل بــالظنون بــدون تثبت وأخــذ بــالموازين75

والضوابط، وال باالستشارة فما وصل إليــه ظنــه يتبعــه، ســواء في األعمــال اإلدارية أو في الموظفين أو في غير ذلــك من شــؤون اإلدارة، كمــا أنــه قــد يكون اإلنسان الفــردي يعمــل بــالظنون أيضــا في مأكلــه ومشــربه وملبســه

وأخالقه مع عائلته أو مع سائر الناس. (: المتجــاوز، وهــو المفــرط أو المفــرط حيث يتجــاوز إلى الــداخل76)

ضيقا، أو إلى الخارج سعة، بــدون رعايــة الوســط، كمــا ينقــل في الشــخصالذي اشترى عبدا كان يطيع حرفيا، فرأى منه عنتا ثم باعه

. 51( سورة الزخرف: ?)12(? . )

67

واشترى عبدا آخر كان يطيع حسب اللوازم أيضا، فرأى منه إرهاقا ممــااضطر إلى بيعه أيضا.

وال يخفى أن األقسام أكثر من هذه األعــداد، لكنــا اكتفينــا بهــذه الكميــة مخافة الماللة في ذكــر األزيــد وطــول البحث بمــا يــوجب اإلطنــاب الممــل،

ويخرج الكتاب عن وضعه المتوسط. كما أن كل ما ذكر في هذه األعداد يجده اإلنســان بنفســه أو بشــبيه لــه في علم األخالق، ممــا هــو مجمــوع في كتــاب )المحجــة البيضــاء( للمــولى الكاشاني، و)جامع الســعادات( للمــولى الــنراقي، أو مــا أشــبهها من الكتب

األخالقية التي كتبها علماء األخالق )قدس الله أسرارهم(. كما أن جملة من هذه األمــور مــذكورة في كتب علم النفس، وحيث إن ذينك العلمين كتبا للعموم، وهذا العلم كتب لخصوص المديرين، كان ما ذكر

هنا من صغريات تلك الكبريات الكلية.

))النقص المالزم(( ثم ال يخفى أن المدير مهما كان كامال البد وأن يكــون لــه نــواقص، فــإن الكمال المطلق لله سبحانه، ثم هو فــوض الكمــال النســبي المطلــق بقــدر

الطاقة البشرية إلى المعصومين )عليهم السالم(. أما اإلنسان العادي فالبد وأن يكون له نواقص، فإذا كان مهــذبا البــد لــه من أن يعمــل جاهــدا للــترفع على طــول الخــط، باإلضــافة إلى أن اإلنســان كالبناء مهمــا كــان كــامال يكــون عرضــة للتحطم المســتمر بعوامــل الــزمن،

فيحتاج إلى الترميم على طول الخط. وإنــه لــيرانوقد روي عن رسول الله )صلى الله عليه وآله( أنــه قــال:

، فــإن توجــه الرســول(1)على قلبي وإني أستغفر الله كل يوم سبعين مــرة)صلى الله عليه وآله( إلى الدنيا

1(? . )68

وإن كان مأمورا بـه إال أنــه ابتعـاد نسـبي عمـا كـان يريــده من الجهــات الرفيعة، ولعل هذا هو معنى )يران( فالرين كالغبار الذي يعلو المــرآة، فإنــه

وإن كان خفيفا إال أنه يجلب الكدورة في الجملة إليها.وعلي أي، فالمدير بحاجة إلى اإلصالح الدائم بنفسه.

ثم هناك شيء ثالث مربوط بتقدم الزمن، وذلــك مــا يحــوج المــدير إلى التكميل لنفسه ولمؤسســته وموظفيــه حســب ذلــك، وهــو التقــدمات الــتي

يطرقها العلم مستمرا.

))تحمل النقد(( ثم المدير الحسن مهما كان كامال البد وأن ينتقده الناس، فــالالزم عليــه

آلــةأن يتحمــل النقــد بصــدر رحب، فــإن قولــه )عليــه الصــالة والســالم(: يشمل مثل هذا أيضا، وإنما يلزم عليه أن يرد بالتي(1)الرئاسة سعة الصدر

هي أحســن إن كــان األمــر محتاجــا إلى الــرد، فــإن اإلقنــاع حــل لكثــير مناالنتقادات، وإال سكت.

ــد وليس المدير الحسن من يقول في الجواب: تفضل أنت يا أيها المنتق فأدر المؤسسة مكــاني، أو يقــول: أنت ال تعلم مشــكالت اإلدارة، أو يقــول: االنتقاد سهل والبناء صعب، بل عليه أن يبين مهما أمكن جواب االنتقاد حتى

يرتفع، أو يقلل من االنتقاد مهما أمكن.

1(? . )69

القدرة(( وتشخيص ))اإلدارة القدرة من أسس اإلدارة الصحيحة، فالالزم أن يهتم المــدير)مسألة(:

أو الجهة التي تدير المؤسسة المتحان قدر قدرة الموظفين، حتى يظهر في أنه هل يتمكن تسليم المنصب إليهم لكي يقودوا المؤسسة بســالم أم ال، إذ

غير القدير مهما كان مخلصا ال يتمكن من ذلك. ومن الواضــح أن القــدرة ليســت متغــيرا وحيــدا يــؤثر في كــل مجــاالت األداء، وإنما هي عامل مركب من متغيرات عديدة يتفاوت أثرهــا على األداء بتفاوت طبيعــة هــذا األداء ومتطلبــات القــدرات الالزمــة لــه، ومن هنــا كــان

الالزم التعرف على أنواع القدرات ومجاالتها وعالقتها باألداء ومتطلباته. ولما كانت الخبرات والممارسة وعوامل البيئة لها دور هام في تشــكيل القدرات الفطرية وفي تنميتها، كان الالزم اســتعراض العوامــل الــتي تحكم تنمية قدرات األفراد، أي تعلمهم والتي تحكم أيضا عالقة الخبرات المتعلمــة

والممارسة واألداء، ولذا نجعل األمر في فصلين:الفصل األول: أنواع القدرات ومكوناتها.

والفصل الثاني: عملية التعلم وأثرها على تنمية القدرات والممارسة. كما أنه يجب أن يكون المــدير على علم تــام بالبيئــة الــتي نشــأت فيهــا

القدرة، ألن البيئة ثالث األثافي في هذا المجال.

))أنواع القدرات(( أما أنواع القدرات فيمكن تقسيمها إلى نوعين رئيسيين، قدرات عقليــة،

وقدرات غير عقلية.ــد بعض وهل القدرات العقلية هي منبعثة عن شيء واحد، كما كان يعتق الفالسفة والحكماء، حتى قال الحـاج السـبزواري: )النفس في وحــدتها كـل القوى(، أو أنها قدرات متعددة جامعها القـدرة العقليــة، كمـا أن الـذوق مثالــو أو ــذوق الحل ــان، حيث إن ت ــطح اللس ــة على س ــددة مفروش أذواق متع الحامض أو ما أشبه ليس بمكان واحد، وإنما كل مكان له تذوق خاص، وإن زعم اإلنسان غير المطلع على الواقع أن اللسان هو بجملته يتذوق األطعمة

بجملتها.

70

وهنــاك رأيــان في القــدرات العقليــة، إنهــا هــل هي قــدرة واحــدة ذاتمتعلقات، أو قدرات متعددة.

))أقسام القدرات العقلية(( وعلى أي حال، فبعضــهم قســم القــدرات العقليــة إلى أصــولها األوليــة،

وهي: أوال: عامل الفهم اللغوي، وهو يمثل القدرة على فهم الكلمات والمعنى

الذي تحتويه. وثانيا: عامل الطالقة اللغوية، وهو يمثل القدرة على تكوين الكلمات.

ــات ــراء العملي وثالثا: عامل القدرة الحسابية، وهو يمثل السرعة في إجالحسابية على اختالف أنواعها، مثل الجمع والطرح والضرب والقسمة.

ورابعا: عامل القدرة المكانية، وهو يمثــل القــدرة على تصــور األشــكالالهندسية في أوضاع مكانية مختلفة.

ــل الســرعة في إدراك ــو يمث ــة، وه ــل الســرعة اإلدراكي وخامســا: عامالتعرف على التفصيالت الدقيقة لألشياء وأوجه الشبه واالختالف بينها.

وسادسا: عامل التذكر، وهو يمثل القدرة على حفظ الكلمـات واألرقـاموالحروف والرموز أو أي أشياء أخر.

وسابعا: عامل التفكير االستنباطي، وهو يعتمد على ثالثة أمور: األول: يمثل القدرة على اكتشاف واستخراج القاعدة العامة من حاالت

جزئية.

71

والثاني: القدرة على اكتشاف األمور الجزئية عن القاعدة العامــة، مثــلاكتشاف الحساب الموكول إليه من الجبر والمقابلة أو نحو ذلك.

والثالث: القدرة على اكتشاف حاالت جزئيــة عن حــاالت جزئيـة أخــرى، مثل اكتشاف حــاالت إنســان يســكن مدينــة كــذا من المعرفــة، بــأن أفــرادا آخــرين كــانوا بهــذه الصــفة حيث ســكنوا في تلــك المدينــة، وهــذا إن كــان بالمالك صح وإال لم يصح، وفي صورة المالك ينتقل الذهن من الجــزئي إلى

الكلي، ومن الكلي إلى الجزئي الذي هو محل البحث.ال تقل لهما أف ﴾مثال قال سبحانه: ، فــإن الــذهن ينتقــل من هــذا إلى(1)﴿

أن مطلق إيذائهما محرم، ومن هذا الكلي ينتقل الذهن إلى أن النظر إليهمابغضب محرم أيضا، إلنطباق كلي اإليذاء المستنبط على هذا الجزئي.

وثامنا: العامل االجتماعي، وهو القدرة على فهم متطلبات المجتمــع من اآلداب والســنن والتقاليــد، فــإن بعض النــاس يســرعون في إدراك تطــبيق الجزئي الذي هو محل الحاجة على كلي ما يتطلبه المجتمــع، وبعض النــاس

ليس لهم هذه السرعة، هذا بالنسبة إلى القدرات العقلية.

))أقسام القدرات غير العقلية((أما القدرات غير العقلية، فقد صنفها بعضهم إلى مجموعتين:

المجموعة األولى: قدرات الحواس.والمجموعة الثانية: قدرات حركية.

فقدرات الحواس هي عبارة عن قدرة البصر والســمع والشــم واللمسوالذوق.

: أما قدرة األبصار فقد دلت نتائج األبحــاث الــتي أجــريت على حاســة1األبصار أن أهم القدرات التي تتدرج تحت هذه الحاسة هي:

. 23( سورة اإلسراء: ?)172

أوال: حــدة األبصـار، وهي تمثـل القـدرة على التميـيز المكــاني للعناصـرالدقيقة التي تقع في المجال البصري.

وثانيــا: تميــيز المســافات، وهي تمثــل القــدرة على إدراك العالقــاتالمكانية من حيث البعد النسبي لألشياء.

وثالثا: تمييز األلوان، وهي تمثل القــدرة على تميــير األلــوان والــدرجاتالمختلفة لها.

ورابعا: التنسيق األبصاري، وهي تمثل التنسيق بين العينين في حركتهما لتتبــع جســم المــرئي يتحــرك إلى أعلى أو إلى أســفل أو إلى اليمين أو إلى

اليسار أو موربا أو رحويا أو ما أشبه ذلك. ــمع2 : أما قدرة السمع فهي نتائج األبحاث التي أجريت على حاسة الس

دلت على أن القدرات السمعية هي قــدرات تتعلــق بحــدة الســمع والتميــيزبين مثيرات صوتية مختلفة.

: ثم يأتي نوبة قدرة الذوق وهي القدرة: 3أوال: على أصل تفهم الطعم.

وثانيا: على التمييز. ثم يأتي دور تحليل العقل، بأن هذا حسن أو سيء، مثال من يتذوق مائعا يحس أنه أوال أنه حامض أم ال، ثم يميز بين أنه خل أو ماء حصرم، وإذا كان خال يميز أنه خل عنب أو تمر، وبعده يأتي دور أنه حسن أو فاسد، ويميز أنه حسن من النــوع العــالي أو ال، وليس المــراد الــترتب في التميــيز بــل جمــع

أقسام التمييز في لحظة واحدة. : وبعد قدرة الذوق يأتي قدرة الشم، وتأتي قدرات الذوق في 4

73

قدرات الشم أيضا، فإن معرفة صحة أو فســاد المشــموم تتوقــف علىــوة ــإن من ال ق هذه الحاسة، ولها مدخلية في وقاية اإلنسان من األخطار، ف في شــمه إذا كــان في مكــان منتن ال يتجنب الموضــع لفــرض أنــه ال يــدرك

الوساخة بشمة فيبتلي بالمرض. وكذلك حال تجنب اإلنسان مواضع الخطــر، فــإن قســما من الحيوانــات المفترسة لها رائحة خاصة إذا استشمها اإلنسان تجنب موضع ذلــك الخطــر الذي يتواجد ذلك الحيوان فيــه، وإن لم يستشـم وقــع في المحـذور، وهكـذا بالنسبة إلى روائح القنابل الكيماويــة ومــا أشــبه، فليســت قــدرة الشــم في نفســها قــدرة يســتهان بهــا، وإن كــانت بالنســبة إلى قــدرة الــذوق والبصــر

والسمع واللمس أقل في الفائدة. ــبرودة5 ــرارة وال ــرف الح ــا تع ــدرة اللمس حيث إنه ــير، ق ــو األخ : وه

والنعومة والخشونة والرطوبة واليبوسة وما أشبه ذلك، كمــا أنهــا هي الــتيــوازع الجنس، ممــا ذكــر تفصــيله الفالســفة والحكمــاء تهيج في اإلنســان ن

والمتكلمون وعلماء الحديث في كتبهم مفصال.

))قدرة الحركة وأنواعها(( وحيث قد عرفت الموجز من قدرات الحواس، نأتي إلى القســم الثــاني

وهو قدرة الحركة. وهي عبارة عن التي تتضمن االستجابات الحركية التي يقــوم بهــا الفــردــر بناءا على إدراكه لمثيرات معينة، سواء من داخل الفكر أو من خارج الفك وهو الحواس، وأن اإلنسان قد يتحرك بسبب ما يشـاهد أو يسـمع أو يتـذوق أو يشم أو يلمس، كما أنه قد يتحرك بسبب تفكير يســبب لــه الحركــة، وإنــذلك اإلدراك لم تكن الحواس قد أدركت شيئا، حتى تكون الحركة رد فعل ل

الحواسي. وهنا نعرض جملة من القدرات الحركيــة بنــاء على نتــائج البحــوث الــتي

أجريت عليها حديثا:

74

ــة، األول: السرعة، فإن السرعة أحد الخصائص المهمة للقدرات الحركي وهي تتكــون من عــدد من العوامــل، وأهم هــذه العوامــل وأكثرهــا عموميــة

القدرة على االستجابة السريعة ألخذ الموثرات. ويكون من هذا الكلي حركة الجسم ككــل، أو سـرعة حركـة السـاعد أو األصابع، والمهارة اليدويــة الــتي تــدخل فيهـا عناصـر السـرعة والدقــة معــا،

وكذلك سرعة حركة الوجه والرجل وما أشبه ذلك. والثاني: التنسيق، فإنه تظهر قدرات التنسيق الحركي في الحاالت التي يكون مطلوبــا من الفــرد القيــام بعملــتين أو أكــثر في تــوازن وتوافــق ألداء

مهمة معينة.ــدرة على وأحد العوامل المهمة المكونة لقدرات التنسيق يتمثل في الق القيام بسلسلة من الحركات الدقيقــة والســريعة الموجهــة توجيهــا محكمــا، والتي تتضمن التنسيق بين حركة العين وحركة اليد أو ما أشبه ذلك، ويمثــل عامل التحكم الدقيق عنصرا آخر من عناصر قدرات التنسيق، وهـو يتضـمن القدرة على القيام بــالتكييف الــدقيق لحركــة العضــالت، وعنصــر ثــالث من قدرات التنسيق يتمثل في التنسيق بين حركــة مجموعــات عضــلية مختلفــة مثل حركة األيــدي أو حركــة األرجــل أو إحــدى اليــدين وإحــدى الــرجلين، أو

اليدين مع الرجلين، إلى غير ذلك. ــتي أجــريت على والثالث: اللياقة أو الكفاءة الجسمانية، فإن البحوث ال

قدرات الكفاءة الجسمانية تتضمن العوامل التالية: : القوة، وهي القدرة على بذل جهد جسماني مكثف. 1 : والمرونــة، وهي القــدرة على تغيــير موضــع الجســم أو تحريكــه في2

اتجاه معين.

75

: والتوازن، وهي القدرة على حفظ توازن الجسم في وضــع ثــابت، أو3في حالة الحركة.

: والتنسيق، وهي القدرة على التنسيق في حركة الجسم ككل.4ك والتحمل، وهي القدرة على االستمرار في بذل الجهد. 5

وبعد القدرات المذكورة يأتي دور التعلم والبيئة والممارســة. وحيث قــدسبق اإللماع إليها في تربية الموظف لم يكن داع إلى تكرارها.

والمدير الالئــق هــو الــذي يضــع كلمــا ذكرنــاه من القــدرات وغيرهــا في الموظف الذي يريد استخدامه موضع االمتحان، فإن فــاز بنجــاح اســتخدمه، وإال تجاوزه إلى غيره، وقد ذكر علماء اإلدارة تفصيال حــول كيفيــة االمتحــان

نعرض عنها خوف التطويل.

76

إدارية(( مؤسسة أكبر ))الحكومة الحكومــة إدارة من اإلدارات، ومؤسســة من المؤسســات،)مســألة(:

لكنها أكــبر من ســائر المؤسســات وأعمالهــا أكــثر، ولــذا فعليهــا ينطبــق مــاذكرناه في اإلدارة، حيث إنها من جزئيات اإلدارة بصيغتها العامة.

وعلى هذا فالالزم مالحظة هل أن الحكومة استشارية، وهي التي تقــوم بلوازم اإلدارة الصــحيحة، أو اســتبدادية ال تقــوم بهــا، وإنمــا تقــوم بمصــلحةــة، جماعة خاصة وصلوا إلى الحكم بسبب انقالب عسكري، أو بسبب الوراث

أو بسبب انقالب شعبي لكنهم استبدوا بالحكم بعد الوصول إليه. فإذا لم تقم الحكومة بلوازم الحكومة االستشــارية، فعليهــا أن تعلم هي أوال، والشعب ثانيا بأنهــا حكومــة منحرفــة، وأنهــا في ســبيل الســقوط، وإن طال الزمان نوعا ما، وإذا رئي أن حكومة استبدادية طــال زمانهــا وأنهــا لم

تسقط بسرعة فليعلم أنها لو كانت استشارية لكان لها أضعاف عمرها. ذلك وقد ذكرنا في بعض الكتب المعنيــة بهــذا الشــأن أن عمــر حكومــة بني أمية وبني العباس وبني عثمان لم يطل كما ربما يزعم، بــل إنهــا كــانتــامت ضــدهم، ــتي ق ــورات ال ــاء، باإلضــافة إلى الث ــاختالف الخلف مقســمة ب

وأقضت مضاجعهم، والتقطيعات التي حدثت في حكومتهم. مثال نرى حكومات بــني العبــاس كـانت حكومــة العـرب تــارة، والفــرس تــارة، والــترك تــارة، كمــا كــانت حكومــات مختلفــة من خليفــة لــه نــوع من السماح إلى خليفة ليس كذلك، وكانت شــيعية تــارة وســنية أخــرى، الناصــر

مثال كان من بني العباس وكان شيعيا. كما أن الحكومة الواحدة اقتطعت إلى عدة قطع، فلم يحكم

77

العباســيون العــالم اإلســالمي ككــل، حيث انفصــل عنهــا العــراق تــارة، والمغرب أخرى، واليمن ثالثة، ومصر رابعة، والحجاز خامسة وهكذا، وكانت حكومة بمعنى الكلمة، أي واقعية آخذة بالزمام تــارة، وصــورية تــارة أخــرى كأيام البويهيين إلى غير ذلك، فهل مثل هذه الحكومة تكون حكومــة واحــدة

قوية. وعليه فال يمكن أن يقال: إنها طالت كذا من القرون، بل إن هذا التعبيرــة ــا هي لم تكن حكوم مثل أن يقال: إن حكومة مصر طالت ألف سنة، بينم

واحدة، وإنما كانت حكومات وحكومات. ــذكر ــا، ون وعلى أي حال، فالحكومة االستشارية واضحة من كل مواقفه جملة منها لإللماع ال التفصيل، ومثــل هــذه الحكومــة تكــون مرضــية لغــالب الناس وتدوم كثيرا إذا توفرت فيها سائر المؤهالت، كما أن المشاكل تكــون في مثل هذه الحكومة قليلة، وهذه الحكومة بنفســها تعيش في أمن ورفــاه

وحسن سمعة.

))من سمات الحكومة االستشارية((ومن أهم سمات هذه الحكومة:

(: تبــدل الــرئيس كــل أربعــة أعــوام أو مــا أشــبه حســب المقــرر في1القانون الذي جعله الناس بملئ إرادتهم.

(: االنتخابات الحرة. 2(: األحزاب الحرة. 3(: الصحف الحرة. 4 (: توفر الحريات المختلفة بما ال يضــر الفــرد أو المجتمــع، وقــد ذكرنــا5

بعض تفصيل ذلــك في كتــاب )الحريــة اإلســالمية( وكتــاب )نريــدها حكومــةإسالمية(.

78

(: ال تمدح الحكومة نفسها. 6(: ال تخفي الحكومة أعمالها، بل هي ظاهرة لكل الشعب. 7(: ال تتآمر الحكومة على أحد، وال تلصق بهم التهم واألكاذيب. 8 (: ال تكــون إذاعتهــا وســائر إعالمهــا وســيلة للكــذب والــدجل والســب9

والتهريج. (: كل الناس مشتركون في أمر الدولة حسب مؤهالتهم. 10 (: كون الضرائب معقولــة حســب اختيــار وكالء األمــة، هــذا في غــير11

الحكومة اإلسالمية، وإال ففيها ال تكون الضرائب إال أربع، كما ذكرنــا تفصــيلذلك في كتاب )الفقه االقتصاد(.

(: ال تضــخم إطالقــا، وإنمــا قيمــة األشــياء حســب اقتضــاء الظــروف12العصرية.

(: يحصــل كــل إنســان قــدر مــا يكفيــه ألمــرار معاشــه حــتى يعيش13بتوسط أو بوفرة.

(: ال خنق على الرأي والكالم. 14(: األقليات يعيشون فيها بسالم وأمن ورفاه. 15 (: العقاب حسب القــوانين الموضــوعة من وكالء األمــة حقيقــة، في16

غير اإلسالم وفيه عقوبات مقررة في الفقه. (: ال تعذيب وال عنف وال هدر لحقوق اإلنسان. 17

79

ــد18 ــة كأح ــرئيس األعلى للدول ــتى ال ــاء الحكم ح ــل أعض (: يعيش ك األفراد، بدون امتياز إال بقدر ما أعطاه القانون الذي يوضعه المجلس بوكالءــون األمة الحقيقيين، وقدر االمتياز إنما يكون حقا في قبال الواجب الذي يك

عليه، وفي اإلسالم حسب المقرر في الشريعة. (: المال في الدولة واضح مورده ومصدره، ال أن يســتبد بــه جماعــة19

فيخفون حقيقة الدخل والصــرف عن األمــة، ألنهم يريــدون التالعب بالمــالكما هو شأن الحكومات الدكتاتورية.

(: ال انتخابات مزيفة. 20ــأتون إلى الحكم21 ــل ي (: ال محســوبية أو منســوبية في المــوظفين، ب

بالمؤهالت والكفاءات. (: حاجــات النــاس إلى الدولــة قليلــة، وال يقفــون في صــفوف أمــام22

الوزارات واإلدارات، بل تقضى أعمالهم بسرعة. (: ال تعطي مثل هذه الحكومة الوعود الناس بال حساب. 23(: عدم نفرة المثقفين من الحكومة، بل يلتفون حولها. 24 (: عدم تمكن الحكومة من سرقة أمــوال النــاس، كمــا ال تتمكن من25

السرف على حساب الناس، وإنما ألفراد الحكومة الرواتب المعقولة مقابلأعمالهم بما ال تصل إلى إمكانية السرف.

(: المحاكم تعمل باستقالل كامل، بدون تمكن أي متنفــذ من أعضــاء26الحكومة في التدخل في شؤونها زيادة أو نقيصة أو تالعبا أو تغييرا.

(: عدم إظهار الحكومة لمؤامرات مزيفة لتصفية خصومها، 27

80

كما هي عادة الحكومات االستبدادية. (: المحاكم علنيــة يشــهدها كــل إنســان، ال أن تكــون ســرية ثم تعلن28

نتائجها على الناس في صورة تلفزيونية أو سائر وسائل اإلعالم. (: أعراض الناس ودماؤهم في كمال الحرمة واألمن. 29(: ال عدوان على الدولة المجاورة تحت ألف اسم واسم. 30 (: ليست هناك في الحكومة جرائم سياسية، وإنما الجرائم منحصرة31

في الجرائم االجتماعية فقط كالسرقة والقتل ونحوهما. ــات32 (: حرية النقابات واتحادات الطلبة والمنظمات والهيئات والجمعي

والجماعات. (: يعمل مختلف الطوائف بشعائرهم في أمن وسالم. 33 (: السفر واإلقامة والتجــارة والزراعــة والصــناعة وحيــازة المباحــات34

وغيرها كلها حرة. (: كل من أعضاء الدولـة يظهـر أعمالـه حسـنا أو غـير حسـن، فكـل35

مأخوذ بعمله، ال أن تعمل أعضــاء الدولـة أعمـاال سـيئة ثم تلقي تبعتهـا علىاألبرياء، كما في الحكومات الدكتاتورية.

(: ال بوليس سري لكبت أنفاس الناس. 36(: ال جماعات إرهابية باسم حفظ القانون أو ما أشبه ذلك. 37

81

(: ال تنـــاقص في الحكومـــة، حيث تســـتقيم الحكومـــة في أمورهـــا38 وصداقاتها وأعمالها وأقوالهــا، ال كالــدكتاتوريين حيث يمــدحون شخصــا هــذا اليوم ويذمونه غدا، ويرفعونه هذا اليوم ويخفضونه غــدا، وتتــأرجح الحكومــة

بين األخذ والعطاء والبسط والقبض والطرد واإليواء. ــرابات39 ــون، وال إضـ ــفقون ويهللـ ــة يصـ ــول الحكومـ ــات حـ (: ال إمعـ

ومظاهرات تهيئها الحكومة لتقوية مركزها. ــديو40 (: المطبوعات حرة، وكذلك ما يشبه المطبوعات كأشــرطة الفي

والالفتات ونحوها. (: موظف الدولة أعدادهم بقدر الحاجة والضــرورة ال أكــثر، كمــا في41

ــاس ــاب أمن الن ــوظفين على حس ــثر الم ــة حيث تك ــات الدكتاتوري الحكوموراحتهم وثروتهم.

(: وجود الرفاه العام ألنه وليــد الحريــات، فحيث إن الحكومــة تــوفر42الحريات للناس يكون الرفاه لكل الناس.

(: كــثرة المؤسســات األهليــة، كالمــدارس والمعاهــد والمســاجد43 والمستشــفيات، والمطــارات والقطــارات والنــوادي، والصــحف واإلذاعــات

والتلفزيونات. (: قلة المشاكل، وتكون هي مشاكل طبيعية لإلنسان مهمــا وجــد، ال44

مشاكل هيأتها دوائر الدولة أو قوانينها الكابتة للناس. (: توفر الصحة والعلم لكافة الناس. 45(: سيادة األمن. 46

82

(: سيادة القانون. 47 (: تؤلف الحكومة بين النــاس وال تفــرقهم، وتقــرب بعيــدهم وتحفــظ48

قريبهم. (: كل الناس يعيشــون تحت ظــل مثــل هــذه الحكومــة بســالم، غــير49

المجرم الذي يعطى عقابه العادل. (: تسهم الحكومة في ترفيع كل الشعب، ال جماعــة خاصــة كمــا هي50

شأن الحكومات الدكتاتورية. (: تتحرى الحكومــة أفضــل الحلــول للمشــاكل، ال أنهــا تجنح للحلــول51

العسكرية االعتباطية كما هو المشاهد في الحكومات الدكتاتورية. ــترة52 ــ ــلطات الثالث في الحكم إال ف ــ ــاء الس ــ (: ال يبقى أي من رؤس

محدودة حددها القانون باختيار حر للشعب. (: توضـــع أســـامي المؤسســـات والشـــوارع والمشـــاريع بأســـامي53

المتفوقين من العلماء والشعراء والكتاب والمخترعين والخطباء ومن إليهم من الطبقة الرفيعة في المجتمع، سواء كانت طبقة رفيعة ســابقة أو طبقــة

. (1)رفيعة معاصرة (: للشــعب الحــق في اإلضــرابات والمظــاهرات الســلمية بموازينهــا54

القانونية الموضوعة من مجلس األمة المختار من قبل الشعب بإرادة حرة.

( أمـا تسـمية الشـوراع والمؤسسـات العامـة ومـا أشـبه بأســماء الحكومـة الفعليـة وحكامهـا?)1السياسيين فهي من عالئم الدكتاتورية.

83

إلى غير ذلك من سمات الحكومــات االستشــارية والــتي يعــبر عنهــا فيالعصر الحاضر بالديمقراطية.

وال يخفى أن ما ذكرناه غالبا ينطبق على بعض الحكومات فيمــا يســمى بالعالم الحر، وبالعكس من كــل ذلــك مــا يشــاهد في حكومــات الشــيوعيين

وحكومات العالم الثالث والتي منها الحكومات اإلسالمية المعاصرة. أما اإلسالم فشأنه في كيفية الحكومة أرفــع، وقــد ذكرنــا بعض معالمهــا في كتبنا المعنية بهذا الشأن، مثل كتاب )الحكم في اإلسالم(، وكتــاب )إلى

حكم اإلسالم(، وكتاب )فقه السياسة(، وغيرها.

84

والموظفين(( العمال ))رضا من األمور المهمة التي يجب على المدير أو اإلدارة مراعاته)مسألة(:

رضا العمال عن العمل، ســواء كــانوا بمســتوى مــوظفين كبــار أو مــوظفينعاديين.

فإن تحقق رضا األفراد عن أعمالهم تنبــع من طبيعــة البشــر ومشــاعره التي تتكون ألفراده من جهة رغبات وانفعاالت خاصة، كمــا أشــرنا إلى ذلــك

سابقا. وعدم الرضا على األكثر يظهــر في قلــة اإلنتــاج وقلــة الخدمــة والغيــاب

وعدم االنتظام في العمل وما أشبه، وبالعكس من كل ذلك الرضا. وطبيعة الرضا عن العمــل قــد يعــبر عنهــا بــالروح المعنويــة، أو باالتجــاه النفسي نحو العمل، أو باالندفاع أو ما أشــبه ذلــك من ســائر االصــطالحات، وهي تعبر عن مدى اإلشباع الذي يتصور الفرد أنه يحققه من عملــه، فكلمــاــه الجســدية ــيرا لحاجات كــان تصــور الفــرد أن عملــه يحقــق لــه إشــباعا كب والروحية كانت مشاعره نحـو العمـل إيجابيـة، وكلمـا كـان تصـور الفــرد أن عملــه ال يحقــق لــه اإلشــباع المناســب لحاجاتــه، أو تصــور أنــه يحرمــه عن

إشباعاته النفسية أو الجسدية، كانت مشاعره نحو عمله سلبية. ولذا فليس الرضا له درجة واحــدة، وإنمــا لــه درجــات متفاوتــة وشــعب

مختلفة. وقوة هذه المشاعر ودرجــة تراكمهــا تــؤثران في درجــة انعكاســها على سلوك الفرد الخارجي، فكلما كانت مشــاعر االســتياء من العمــل قويــة زاد احتمال ظهور هذا االستياء على سلوك الفرد ببحثه عن عمل آخر، وبانتقاله في نفس العمــل إلى قســم آخــر، أو بزيــادة نســبة غيابــه أو بزيــادة معــدل تأخيره أو ما أشبه ذلك، وأحيانــا إذا لم يجــد ملجــأ التجــأ إلى التخــريب، إمــا تخريب سمعة المؤسسة تخريبا معنويــا، أو ماديــا، وكلمــا تــراكمت مشــاعر

االستياء لفترة طويلة زاد احتماالت قيامه بالسلوك المذكور.

85

))من عوامل الرضا واالستياء((وعوامل الرضا واالستياء حسب االستقراء عشرة:

األول: الرضا أو اإلستياء عن األجرة. والثاني: عن محتوى عمله.

والثالث: عن فرصة الترقي. والرابع: الرضا أو عدم الرضا عن رئيسه.

والخامس: الرضا أو عدم الرضا عن الجماعة التي يعمل معهم. والسادس: الرضا أو عدم الرضا عن ساعات العمل.

والسابع: الرضا وعدم الرضا عن ظروف العمل. والثامن: الرضا أو عدمه عن سمعة المؤسسة.

والتاسع: الرضا أو عدم الرضا عن العطل. والعاشر: الرضا أو عدم الرضا بواســطة رضــا أو عــدم رضــا أهلــه ومن

يرتبط به عن العمل. ثم من الواضح أنه ال يرتبــط الرضــا عن جــانب معين من العمــل وعــدم الرضا عن الجوانب األخــرى، إذ من الممكن أن يرضــى اإلنسـان عن جــانب دون جانب، فما ذكــره بعضــهم من أن درجــة رضــا األفــراد الــذين يشــغلون أعماال عن جــانب معين من جــوانب العمــل تتوافــق مــع درجــة رضــاهم عن الجوانب األخر غير ظاهر الوجــه، إذ الرضـا ينحــل إلى جزئيــات وليس شــيئا

بسيطا يكون دائما أو ال يكون دائما. كما أنه ال وجه لما ذكره بعضهم من أن الرضا عبارة عن عــدم االســتياء

فهما شيء واحد،

86

قال: فالرضا عبارة عدم االستياء، واالستياء عبــارة عن عــدم الرضــا. إذالرضا إيجابي وعدم االستياء سلبي، والسلب واإليجاب ال يتحدان.

ومثل هذا المبحث ذكــره بعضــهم في اللــذة واأللم، وهــو هــل أن اللــذة عدم األلم، فمن شبع ال يتألم بالجوع، ومن نام ال يتألم بالسهر وهكذا، أو أنــدم اللذة شيء وجودي في قبال األلم الذي هو شيء وجودي أيضا، ال أنه ع الملكة، كمن جاع يجد في داخلــه شــيئا وجوديــا يخــزه يســمى بــاأللم، ومن

امتأل بطنه حتى ابتلي بوجع البطن يكون كذلك. وحيث إن األلمين من نوعين ال يقــال كيــف أن العــدم والوجــود يــؤثران أثرا واحدا، حيث إن الجــوع عــدم ملئ البطن، والبطنــة ملئ البطن، فكيــف يؤثران في شيء واحد، فإنه يوجب خرم قاعدة )الواحد ال يصدر من اثنين(، باإلضافة إلى أن العدم ال يكــون فــاعال وال منفعال وال مالزمــا كمــا حقــق في

األصول وغيره، لكن هذا المبحث فلسفي ال يرتبط بمبحثنا نتركه لمكانه. وكيف كان، فرضا العمال بأي مستوى كانوا بسبب وفرة اإلنتــاج، وذلــكــة على مما ينبغي على المدير مالحظته، فإن األفراد الذين لديهم قدرة عالي التكيف والذين ال يقنعون بما يتاح لهم من إشباعات يميلــون إلى أن يقـررواــدرة ــراد ذوي الق ــل، بخالف األف ــة للعم ــوانب المختلف ــا أعلى عن الج رض المحــدودة على التكيــف، اختالف درجــة التكيــف والطمــوح بين المــوظفين تساهم في تماثــل درجــة الرضــا عن جــوانب العمــل المختلفــة لــدى الفــرد الواحد، وتؤدي إلى تفاوت درجة الرضا بين األفراد، فإذا رأينا فردا راض من جــانب من الجــوانب ال يــدل ذلــك على أنــه راض عن الجــوانب األخــر، لمــا

عرفت من أن الرضا ليس أمرا بسيطا

87

يكون أو ال يكون، وإنمـا ينحــل إلى جزئيـات بعضـها كـائن وبعضــها ليسبكائن.

ــدم ــا أو ع ــة الرض ــوانب على بعض من جه ــا يغلب بعض الج نعم أحيانالرضا، ألن هذا الجانب أهم في نظر الموظف فيقدمه على غيره.

: األجرة((1)) وعلى أي حال، فــأول الجــوانب الــتي يتعلــق بهــا الرضــا أو الالرضــا هــو األجر، فإن األجر إذا كان بقدر الطموح وما يراه الفرد مناسبا لنفسه يسبب رضاه، وإذا لم يكن كــذلك يســبب عــدم رضــاه، وليس المعيــار هــو الحاجــة األساســية وعــدم الحاجــة األساســية، فكثــيرا مــا ال يقتنــع الفــرد بالحاجــات

األساسية، وإنما يريد أجرا أكثر من ذلك.ــعور واألجر ال يقتصر على إشباع الحاجات الدنيا، وإنما يمتد ليعطي الش باألمن، وليرمز إلى المكانة االجتماعية، فلألجر جانب نفسي وجــانب مـادي، وفي بعض األحيان يكون األجر وسيلة إلشباع الحاجات االجتماعية من خالل ما يتيحه للفرد من تبادل المجــامالت مــع اآلخــرين، باإلضــافة إلى أن جملــة من األفــراد وخاصــة من يشــتغلون الوظــائف العليــا يعتــبرون األجــر كرمــز للنجاح والتفوق، فاألجر له جوانب مادية وجوانب اجتماعية وجوانب نفسية،

فإذا كان بقدر طموح الفرد رضي، وإذا لم يكن بقدر طموحه لم يرض. أما كيفية أداء األجر فهو موضوع آخر، وقد يكون األجر حســب الطمــوح إال أن كيفية األداء غير الئقة أو مهينة، فإن ذلـك أيضـا مبعث االسـتياء، ولـذا

. (1)خير المعروف تعجيله وتيسيره وتصغيرهورد في الحديث:

1(? )88

ــر في وربما يكون شيء تافه يسبب الرضا أو االستياء، كما إذا كان األج الظرف أو لم يكن، أو كان اسم الموظف المكتوب على الظــرف باحترامــه الذي يراه الئقا به أم ال، إلى غير ذلك مما ال يخفى على من زاول المجتمع،

والحظ اختالف األفراد في أمثال هذه األمور.

: محتوى العمل((2)) الثاني: محتوى العمل، فإنه كلما كانت درجة تنــوع مهــام العمــل عاليــة،

بأن قل تكرارها زاد الرضا عن العمل، والعكس بالعكس. كمــا أن هنــاك بعض األفــراد الــذين يــرون تكــرار العمــل خــيرا لهم من تنوعه، أما الغالبية فيرون التنوع هو الباعث للرضا، فإنه كلما تنــوعت مهــام العمل قــل الملــل النفســي الناشــئ عن تكــرار أداء كــل مهمــة من المهــام مرات كثيرة، وفي هذا التنوع عنصر جديــد يثــير اهتمــام الفــرد بانتقالــه من أداء مهمــة إلى أداء مهمــة أخـرى، وتـأثير درجــة تنــوع مهمـات العمـل علىــراد ــاء األف ــة ذك ــات ودرج ــذه المهم ــل ه ــة تكام ــف على درج الرضــا يتوق

واستعداداتهم النفسية. فالرضا العالي عن العمــل ال يحققــه تنــوع مهــام العمــل إذا كــانت هــذه المهام تفتقد التكامل والرابطــة بين بعضــها والبعض، كمــا أن تنــوع مهمــاتــا الســتيائهم، العمل بالنسبة ألفراد من مستوى ذكاء منخفض قد يكون مبعثــريعا من أداء ــئم س ــيبهم الس ــذين يص ــع ال ــذكاء المرتف على عكس ذوي ال

المهمات الروتينية المتكررة. وإنما ذكرنــا ذلــك من بــاب الغــالب، فــإن في كــل موضــع يكــون غــالب ويكون استثناء، كما أن درجــة الســيطرة الذاتيــة المتاحــة للفــرد تبعت على الرضا أو االستياء، فإنه تتفاوت األعمــال في درجــة الســيطرة الذاتيــة الــتي تتيحها للفرد في أدائه للعمل، فكلما زادت حرية الفرد في اختيار طرق أداء العمل وفي اختيار السرعة التي يؤدي بها العمل زاد رضاه عن العمل، فــإن

زيادة حرية الفرد في هذا المجال تتيح

89

له تكييف األداء بما يتناسب مع قدراته ونمطه الخاص في تأدية العمل. أما فرض نمط موحد من الطرق والســرعة في أداء مهــام العمــل علىــار اختالف هــؤالء األفــراد، فهــو يخلــق ــع األفــراد ممــا يأخــذ في االعتب جمي مشكالت تكيـف لـديهم ويزيـد من احتمـاالت اسـتيائهم، ولـذا نجـد أن بعض الدول الصناعية جعل منهاج الثقافة على نوعين، النوع المنظم والنوع الحر، حتى يختار الطالب أي نوعية أراد بما يالئم نفسياته وأذواقه وطموحه ونحــو

ذلك. كمــا أن في هــذا الســبيل، أي ســبيل محتــوى العمــل اســتخدام الفــرد لقدراته، فإنه كلما تصور الفرد أن العمل الذي يقوم به يستخدم قدراته زاد رضاه عن العمل، والعكس بالعكس، واستخدام الفرد بقدراته يمثــل اشــباع حاجة تحقيق الذات والطموح الذي انطوى عليــه الفــرد، فــإن تصــور الفــرد بدرجة تطبيقه بمهاراته وخبراته وقدراته في العمل يرتبط ارتباطا فرديا مــع رضاه عن العمل، وهكذا خبرات النجاح والفشل في العمل مرتبطة بالرضــاــه ــير لدي واالستياء، فتحقيق الفرد بمستوى أداء يقل عن مستوى طموحه يثــد عن ــالي اســتياؤه، وتحقيقــه لمســتوى أداء يزي االحســاس بالفشــل وبالت مســتوى طموحــه أو يعادلــه يثــير لديــه االحســاس بالنجــاح ويحــرك بالتــالي

مشاعر الغبطة لديه، خصوصا إذا كان المستوى أزيد مما يراه عادال. وأثر خبرات النجاح والفشل عن الرضــا عن العمــل يتوقــف على درجــةــا زاد ــه عالي تقدير واعتناء الفرد بذاته، فكلما كان تقدير الفرد واعتزازه بذات أثر خبرات النجاح والفشل على الرضا، وكلما كــان تصــور الفــرد أن العمــل يتطلب القدرات التي يتمتع بها والــتي يعطيهــا قيمــة عاليــة زاد أثــر خــبرات

النجاح والفشل على مشاعر الرضا لديه.

90

))فرص الترقية(( أما األمر الثالث: وهو فرص الترقيــة، فلهــا عالقــة مباشــرة بالرضــا عن العمل، فإن العامل المحدد ألثر فــرص الترقيــة على الرضــا عن العمــل هــو الطموح، أو توقعات الفرد عن فرص الترقية، فكلمــا كــان طمــوح الفــرد أو توقعات الترقية لديه أكبر مما هو متــاح فعال قــل رضــاه عن العمــل، وكلمــا

كان طموح الترقية لديه أقل مما هو متاح فعال زاد رضاه عن العمل. فإن أثر الترقية الفعلية على رضا الفرد تتوقــف على مــدى توقعــه لهــا،ــل فكلما كان توقع الفرد بالترقية عاليا كان الرضا الناتج عن هذه الترقية أق من رضا الفرد الذي كان توقعه للترقية منخفضا، فحصول الفرد على ترقيةــدم لم يتوقعها تحقق له سعادة أكبر عن حالة كون هذه الترقية متوقعة، وع حصول فرد كان توقعــة للترقيــة كبــيرا على الترقيــة المترقبــة يحــدث لديــه

استياء أكبر من حالة كون هذه الترقية غير متوقعة. ــرد وال يخفى أن جعل الدولة النظم والدساتير وإمكانيات ليتمكن كــل ف من الترقي المطلوب من أصــعب األمــور، فــإن طبيعــة الــدنيا وإن كــانت ال تعطي الحاجات النفسية ألي إنسان، ألن اإلنسان لم يخلق لهذه الحيــاة بــل لحياة آخرة التي تعطي كل الحاجات بما ال يتمكن أن نتصوره نحن في هذه الحياة، كما ال يتمكن أن يتصور الدنيا الحاضرة الجــنين الــذي في رحم األم،

مــا ال عين رأت، وال أذنولذا ورد بالنسبة إلى اآلخرة: يــرى اإلنســان فيهــا ــر على قلب بشر ــمعت، وال خط ــائل(1)س ــة الوس ــرق بين تهيئ ــه ف ، إال أن

الممكنة للترقي وعدمها. فلماذا ال يتمكن كل فرد أن يدخل االبتدائية.

1(? . )91

ولماذا ال يتمكن بعد ذلك من دخول الثانوية. ولماذا بعد ذلك ال يتمكن من دخول الجامعة.

ثم لماذا البطالة وهو قادر على العمل ومنزعج عن البطالة. ولماذا ال يحصل كل إنسان على زوج أو زوجة ومسكن ومركب ومأكــل

ومشرب مناسب له. وهكذا.

ثم بعد ذلك لمــاذا ال يتمكن كـل إنسـان أن يـترقى ترقيــا الئقـا بــه وهـومستعد له.

))نمط اإلشراف(( الرابع: نمط اإلشراف، فإن من نمط اإلشراف الذي يتبعــه الــرئيس مــع مرؤوسيه يحصل وجــود عالقــة بين نمــط اإلشـراف ورضـا المرؤوســين عن

العمل. فإن المشرف الذي يجعل مرؤوسيه محورا الهتمامــه، بتنميتــه لعالقــاتــه وبينهم، واهتمامــه الشخصــي بهم، وتفهمــه لهم المســاندة الشخصــية بينــة ــه، وســعة صــدره في مختلــف المواضــيع ال في األمــور المالي وتفهمهم ل فحسب، وخصوصا عند حدوث أخطــاء من جــانبهم، يكســب والء مرؤوســيه

ويحقق رضا عاليا عن العمل بينهم.ــبر ــه، ويعت ــاج وأهداف ــه على اإلنت ــر اهتمام ــذي يقص ــرف ال ــا المش أم مرؤوسيه مجرد أدوات لتحقيق أهداف العمل، ويــرى أن الــواجب عليــه هــوــتياء إعطاؤهم الرواتب فقط، ال يكسب والء مرؤوسيه، ويجعل مشاعر االس

تتنشر بينهم. فالمشرف المتفهم لمشاعر مرؤوســيه، الــذي يقيم عالقاتــه معهم على أساس الصداقة والثقة واالحترام والمــودة واألخــوة والمشــاركة الوجدانيــة، يحقق رضــا عاليــا بين مرؤوســيه، بخالف ذلــك المشــرف الــذي يفتقــد تلــك

الصفات في نمط سلوكه مع

92

مرؤوسيه. ومن الواضح أن المشــرف محتــاج إلى مشــاعر مرؤوســيه نحــوه ونحــو العمل، وكالهما إنما يكون تابعا لدرجة سلوكه معهم، فإنه يكسب والءهم له

ورضاهم عن عمله، إذا كان إشرافه إشرافا مرضيا، والعكس بالعكس. فكلما كان نمط سلوك المشرف متوافقا مع تفصيالت وخصائص ومزايا المرؤوسين زاد رضاهم عن العمل كما يــزاد رضــاهم عنــه، فــإن المشــرف الذي يفوض سلطات وحريات واسعة للمرؤوســين يفضــلون االســتقالل في العمل ويتمتعون بقدرات عالية ال شك أنه يشبع احتياجاتهم ويحقق رضــاهم

عن العمل. أمــا المشــرف الــذي يفــوض تلــك الحريــات الواســعة ألفــراد يفضــلون المسؤولية المحدودة ويتمتعون بقدرات منخفضة، فهو يخلق ارتباكــا وتــوترا

لدى مرؤوسيه، ويثير بذلك استياءهم اتجاه العمل. والحاصل يجب مالحظة كل موظف موظف، وقدر مــا يمكن أن يفــوض إليه من العمــل والحريــة واالســتقالل، فتفــويض الصــغير إلى الكبــير يـوجب

استياءه، وتفويض الكبير إلى الصغير يوجب خبال العمل وفساد العامل. وفي التاريخ أنه قيل لبعض الحكماء: لماذا زال ملك بني أمية وقد كانوا على تلك السيطرة الواسعة والقدرة الهائلة، فقــال: ألنهم فوضــوا األعمــالــال الصغيرة إلى األشخاص الكبار، فأبوا من القيام بها ترفعا، وفوضوا األعم الكبــيرة إلى األشــخاص الصــغار فلم يكونــوا كفــوءا لهــا، وبين هــذين ذهبت

الدولة. ثم إذا كان الصغير متوقعا فــوق مرتبتــه، فــإذا لم يجــد الــرئيس بــدا من إقناعه بعدم كفاءته كــان من الممكن إعطــاؤه الشــيء الكبــير مــدة قليلــة،

ليظهر

93

له بنفسه عدم كفاءته، فال يبقي على عدم رضاه بما يزاولــه من العمــلكما وكيفا.

))جماعة العمل((ــانوا الخامس: جماعة العمل، وهم الذين يعملون مع الموظف، ســواء ك بمنزلــة مــديرين أو من تحت إشــرافه أو زمالئــه، فــإنهم يــؤثرون على رضــا الفرد بالقدر الذي تمثل هذه الجماعة مصدر منفعة للفرد أو مصدر توتر له،

وال يراد بالمنفعة المادية فقط، بل تشمل المنفعة الروحية أيضا. فكلما كان تفاعل الفرد مع أفراد آخرين في العمل يحقق تبادال للمنافع بينه وبينهم، كانت جماعة العمل مصدرا لرضــا الفــرد عن عملــه، وبــالعكس كل ما كان تفاعل الفرد مع أفراد آخرين يخلق توترا لديه أو يعــوق إشــباعه لحاجاته أو وصوله ألهدافه، كانت جماعــة العمــل مسـببا إلســتياء الفــرد من عمله، وذلــك يــؤثر في إنتاجــه، فــإن الفــرد المتــوتر األعصــاب ال يتمكن من

اإلنتاج مع هؤالء األفراد.ــوتر ــاع والطب إلى أن ت ــاء النفس واالجتم ــة من علم ــد ذهب جماع وق اإلنسان يسبب له ضعفا في بدنه، ومرضــا في مختلــف أجهزتــه، وكثــيرا مــا يسبب له بياضا في شعره، فــإن مثــل هــذا اإلنســان كيــف يتمكن أن يعمــل وينتج ما هو مطلوب له، وبالعكس إذا كان راضيا فإنه يؤثر في صحته وحتى

في بقاء اسوداد شعره. ثم كلمــا زادت قـوة هـذه الحاجــة إلى االنتمـاء من الفـرد إلى الجماعــة الذين يعمل معهم، كان أثر التفاعل مع جماعة العمل على درجة رضا الفرد كبيرا، فالمنافع الناتجة عن التفاعل مع جماعة العمل تكون كبيرة، أمــا عنــد ما تكون هذه الحاجة ضعيفة فإن أثر منافع أو مساوئ التعامــل مــع جماعــةــوتر العمــل على الفــرد يكــون الفكــري وال المــادي بقــدر الفــرد غــير المت

األعصاب، فكيف بالفرد المشعر بالرضا.

94

ومن الطبيعي أن يتوقف أثــر جماعــة العمــل على الرضــا على الفــرص المتاحة للفرد للتفاعل مع أفراد آخرين في العمــل، فعنــد مــا تعــوق طبيعــة العمل إمكانية تفاعل الفرد مع آخرين يمثلون مصدر إشــباع لــه، فــإن رضــا الفــرد عن عملــه ســيكون منخفضــا، وعنــد مــا تيســر طبيعــة العمــل فــرص االتصال والتفاعل مع هؤالء اآلخرين الذين يمثلون مصدر منافع للفرد، فــإن رضا الفرد عن عمله سيكون مرتفعا، أما عند ما تعوق طبيعة العمل إمكانية التفاعل واالتصال مع آخرين يعتبرون مصدر توتر للفرد، فإن هذا يقي الفرد

من االستياء الذي قد يصيبه لو اضطر إلى التفاعل أو التعامل ضعيفا. ثم إنــه ربمــا يكــون جماعــة العمــل مختلفــا، فبعضــهم يكــون منســجما وبعضهم غير منسجم، ومن المعلوم أن غير المنسجم هو الــذي يــؤثر غالبــا، فإن جرحا بسيطا في الجسم تلفت اإلنسان بما ال تلفته بقية أجزاء الجســم

السالمة.

))ساعات العمل(( السادس: ساعات العمــل، فبالقــدر الــذي تــوفر ســاعات العمــل للفــردــد الرضــا عن العمــل، حرية استخدام وقت الراحة وتزيد من هذا الوقت يزي وبالقدر الذي تتعارض ساعات العمل مــع وقت الراحــة وحريــات الفــرد فيــد من ــه الرضــا عن العمــل ويزي ــده ينخفض ب اســتخدامه بالقــدر الــذي يري

استيائه.ــة والعالقة المذكورة بين ساعات العمل وبين الفرد تتوقــف على األهمي التي يعطيها الفرد لوقت الراحة أو الفراغ، فكلما كانت منــافع وقت الراحـةــادة أو لدى الفرد عالية كان أثر ساعات العمل على الرضا عن العمــل بالزي بالنقصــان كبــيرا، وكلمــا كــانت أهميــة منــافع وقت الراحــة قليلــة كــان أثــر

ساعات العمل على الرضا محدودا.وكما تؤثر

95

ساعات العمــل على الرضــا كــذلك تــؤثر ســاعات العمــل على اإلجهــاد، فكلما طال وقت العمل زاد اإلجهاد وبالتالي قــل الرضــا عن العمــل، وكلمــا زادت كثافة الجهد في كل وحدة زمنية كــان أثــر وقت العمــل على اإلجهــاد وعلى درجة االسـتياء أكـبر، فسـاعات العمـل تـؤثر تـأثيرين، تـأثيرا مباشـرا

وتأثيرا غير مباشر بالنسبة إلى كل من الرضا واالستياء.

))ظروف العمل المادية((ــل السابع: ظروف العمل المادية، فإنها تؤثر على قبول الفرد لبيئة العم

أو عدم قبوله لها، وهو بدوره يؤثر على رضاه عن العمل أو استيائه عنه. فإن متغيرات ظروف العمل مثل اإلضاءة والحرارة والتهويــة والرطوبــة والضوضــاء والنظافــة ووضــع الفــرد أثنــاء تأديتــه للعمــل وأمــراض المهنــة المتصلة بإدائه العمل ومــا أشــبه ذلــك، تــؤثر تــأثيرا كبــيرا على رضــا الفــرد وعدم رضــاه، فــإن درجــة جــودة ظــروف العمــل أو ســوئها تــؤثر على قــوة

الجلب التي تربط الفرد بعمله، وبالنتيجة على رضاه وعدم رضاه. ومعدل دوران العمل بترك الخدمة ومعدل الغياب يرتفعان في األعمال التي تتصف بظروف عمــل ماديــة ســيئة، ويقالن في األعمــال الــتي تتصــف

بظروف عمل مادية جيدة.

))سمعة المؤسسة(( الثامن: سمعة المؤسسة، فــإن اإلنســان يريــد ســمعة طيبــة إلى جــانب ســائر اآلثــار الماديــة والمعنويــة الــتي يريــدها في مقابــل عملــه، فــإذا كــان للمؤسسة سمعة طيبة كان راضيا عن عمله، وإال نقص رضاه بقدر نقص ما

كان يتوقعه من السمعة الطيبة. ثم إن عــدم الســمعة الطيبــة قــد يكــون ألجــل العمــل نفســه، كســمعة

تنظيف الشوارع واآلبار ونحوها، وقد يكون ألجل بعض المالبسات

96

التي رافقت المؤسسة بسبب احتيــال الــرئيس وســرقته وعــدم نظافــة أخالق العاملين وعــدم جــودة إنتــاجهم أو مــا أشــبه ذلــك، فإنــه كلمــا كــانت

أسباب توجب حسن السمعة زاد الرضا، والعكس بالعكس.

))العطل(( التاســع: العطــل المقــررة للمؤسســة أو للدولــة، فإنهــا تــؤثر في رضــا العاملين واستيائهم، فإن العطل قد ال تكون مرضية للعالمين من جهة الكم أو الكيف، مثال في البالد اإلسالمية يريــد العــاملون العطــل اإلســالمية، فــإذاــة أو المؤسســة على العمــال عطال غــير إســالمية، كمــا هــو فرضــت الدول المشاهد في جملــة من البالد كــانوا غــير راضــين، كمــا أن فــرض الدولـة أو المؤسسة العمل في أيام العطل اإلسـالمية أيضــا يثــير نفس مشـاعر عــدم

االرتياح واالستياء عند العاملين.

))رضا المالبسين(( العاشر: رضـا المالبسـين للعامـل، فإنـه إذا كـان أهـل الشـخص كأبويــه وعائلته ومن أشبه راضين عن عمله ويمدحونه في عمله شعر هــو بالرضــا، وإذا لم يكونوا راضين ضغطوا بدورهم عليه مما يــوجب عــدم الرضــا أيضــا،

وإن كان لو خلي وطبعه كان راضيا لتوفر الشرائط السابقة. وكــذلك حــال العكس، بــأن كــانت الشــرائط الســابقة غــير مــوفرة لكن األهل يصرون عليه بذلك مما يوجب رضاهم عن عمله رضاه به أيضــا، ولــذاــا أن ــة أيض ــزاب العلني ــا في األح ــرية كم ــزاب الس ــاهد في بعض األح يش

ضــا ممــا يزيــد فيبالرالشرائط السابقة غير موفرة ومع ذلك الفرد يشــعر إنتاجـه، وذلـك برضـا العـرف الخـاص الـذي هـو الحـزب عن الفـرد المنظم

الشاق عمله، مما يؤثر رضاهم في رضاه عن عمله مهما كان صعبا.

97

))وسائل العمل(( الحادي عشر: وسائل العمل من البناية والموقع واآلالت وما أشبه ذلك، فإنها إذا كانت على ما يرام كان الموظــف راضــيا، وإال لم يكن راضــيا، كمــا

إذا كانت البناية بعيدة أواآلالت قديمة أو المكان غير مناسب أو نحو ذلك.

))إقبال الناس(( الثاني عشر: إقبال الناس على النتائج، فقد يقبل الناس على شيء مما يوجب تشوق الموظفين ورضاهم عن ذلك العمل، وقد ال يقبلون عليــه ممــا يسبب عدم رضا الموظف من عمله مهما كانت الشرائط السـابقة مــوفرة،

وعدم إقبال الناس بأي سبب كان يوجب عدم الرضا.

98

يلزمها(( وما األحزاب ))إدارةــة من)مســألة(: ــو منظم ــع، فه ــع من المجتم ــه تجم ــا أن ــزب بم الح

ــق المنظمات وإدارة من اإلدارات، فالالزم أن يهتم ألن يسد خلله حتى يتوفللوصول إلى الهدف.

واألحزاب غير اإلســالمية في بالدنــا غالبــا ال تنجح إال بمعونــة المســتعمروباالنقالب العسكري، كما رأيناه في األحزاب الشيوعية والقومية وغيرها.

وإذا أراد الحزب النجاح من غير فرق بين الحــزب اإلســالمي أو الحــزب الوطني، حيث ذكرنا في بعض الكتب السياسية أنه يحق لجماعة أن ينظموا حزبا وطنيا ألجل خدمة الوطن اإلسالمي في مختلــف األبعــاد، بشــرط أن ال

يعارض قانونهم ومشيهم اإلسالم، فالالزم عليه مراعاة األمور التالية:

))جمع الكلمة(( األول: جمع الكلمة، فإن جماعة ال يتمكنــون من الوصــول إلى الحكم إالبالتآزر مع بقية الشعب وتأييدهم، وبدون ذلك ال يمكن الوصول إلى الحكم.

فالالزم في الوصول إلى الحكم تظافر جهود كل األمة وشرائح المجتمع ال بعضها فقــط، أمــا مــا نشــاهد من دخــول بعض االنقالبــات العســكرية إلى الحكم بدون ذلك، فألن المستعمر وراءهم، فال يقاس من يريد الوصول إلى الحكم بســبب الشــعب ممن يصــل إلى الحكم بســبب الســفارات األجنبيــة،

فالالزم أن يتجنب الحزب كل أقسام التفرقة والتشقيق في المجتمع.

))احترام الناس(( الثاني: احــترام النــاس، فــإن عــدم احــترام النــاس يــوجب تفــرقهم عن

الحزب، وإن لم يكن الحزب سببا لالنشقاقات. وفرق بين هذا وبين األمــر األول، حيث إن األمــر األول عبــارة عن عــدم تجميع الناس، وهذا عبارة عن إيجــاد التفرقــة بين النــاس بالســباب ونحــوه، كــذكرهم أن النــاس ال يفهمــون وال يعملــون وأنهم هم العــاملون الوحيــدون

دون

99

غيرهم، وأنهم هم المخلصون. وقد يتعدى األمر في بعض األحزاب الذين ال ينظرون إلى الهدف نظــرة

موضوعية، بإيجاد العداوة والتفرقة بين الناس.

))االستقامة((ــة إلى الثالث: االستقامة في خط المشي، أما أن يتقلب الحزب من جهــاس جهة، أو من حكومة إلى حكومة أو نحو ذلك، فذلك مما يضعف ثقــة الن

به، وال يلتفون حوله، وال يستعدون إليصاله إلى الحكم. وكثيرا ما يرى اإلنسان حزبا كان عدوا لجهة، فلما وصل تلك الجهــة إلىــأنهم الحكم تقرب إليها أيما تقرب، وقد سبب ذلك أن ينظــر النــاس إليهم ب انتهازيون وصوليون نفعيون، والناس يقولون لهم: ألستم كنتم تسبون هــذه

. من مدح وذم كذب مرتينالجهة إلى البارحة، وفي الحديث:

))االستشارية(( الرابع: االستشارية في داخــل الحــزب، فإنــه يلــزم أن يكــون هنــاك في داخل الحزب انتخابــات حــرة لتعــيين الــرئيس وإدارة المــال وإدارة الثقافــة وغيرها من اإلدارات الموكولة إلى أفراد الحزب، وقد تقدم اإللماع إلى مثل

ذلك في بعض المسائل السابقة.

))الواقعية(( الخامس: الواقعية، وذلك بأن ال يرفع الحزب شخصياته فوق مستواهم، وال يخفض شخصية الناس دون مستواهم، فإن الناس إنما ينظرون ويلتفون حول الواقعيين، فإذا رأوا حزبــا يرفــع أفــراده عن مســتواهم الالئــق بهم، أوــذلك في كتبهم ــ ــق بهم، وك ــ ــتواهم الالئ ــ ــيره دون مس ــ ــراد غ ــ يخفض أف ومؤسساتهم وما أشبه بأن رفعوهــا، وكتب ومؤسســات غــيرهم فبخســوها،

فإنهم ال يطمئنون بهذا الحزب، فال يساعدونه في الوصول إلى الحكم.

100

))سعة الصدر((ــه علي(1)سعة الصدر آلة الرئاسةالسادس: سعة الصدر، فإن كما قال

)عليه الصالة والسالم(.ــذل فإذا لم يكن للحزب سعة الصدر ـ وليس معنى سعة الصــدر في الب فقط بل في كل أبعاد الحياة، كالتجاوز عن المسيء ومــا أشــبه ـــ لم يلتــف

الناس حولهم حتى ينجحوا النجاح المطلوب.

))التعامل مع األعداء(( الســـابع: الواقعيـــة بالنســـبة إلى األعـــداء، فال يـــذموا األعـــداء فـــوقــوم على أن ال ــنآن ق ــرمنكم ش وال يج ــرآن الحكيم: ــتحقاقهم، وفي الق ﴿اس

.(2)﴾تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى كما يلزم أن ال يبالغوا في مدح األصدقاء فــوق قــدرهم، وقــد تــبين ممــا تقدم لزوم أن ال يكــون الحــزب بحيث يــرى أعمــال نفســه فــوق المســتوىــدل ــاة الع ــور يجب مراع ــة أم ــذه أربع ــتوى، فه ــيره دون المس ــال غ وأعم والوسط فيها: األشخاص من األصــدقاء وغــيرهم واألعــداء، واألعمــال منهم

ومن غيرهم الحياديين واألعداء.

))اتباع الحقيقة(( الثــامن: اتبــاع الحقيقــة فيمــا لهم ومــا ليس لهم، ومــا عليهم ومــا ليس عليهم، أما االلتفاف حول كل تجمع أو مؤسســة أو شخصــية ليجيروهــا على حسابهم، كما نشاهده في بعض األحزاب، فذلك يوجب انفضاض الناس من

حولهم. كما أن التبري مما عليهم وإلقاء التبعة على الناس يكون مثل ذلك، وقديا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على ﴿قال سبحانه: أنفسكم أو الوالـدين واألقـربين إن يكن غنيــا أو فقــيرا فاللــه أولى بهمــا فال تتبعوا الهوى أن تعــدلوا وإن تلــووا أو تعرضــوا فــإن اللــه كــان بمــا تعملــون

.(3)﴾خبيرا

))مع الناس((التاسع: اإلقتراب من الناس، وكونهم في أوساطهم، ال

1(? . ). 8( سورة المائدة: ?)2. 135( سورة النساء: ?)3

101

ــدم ــوجب ع ــاس ي ــاد من الن ــإن االبتع ــاد منهم، ف ــزواء عنهم واالبتع اإلن اقتراب الناس منهم حتى يروهم أهال للحكم وينتخبوهم في وقت االنتخابات

في الدول االستشارية.

))الضوابط ال الروابط(( العاشر: مالحظة الضوابط في كل أمــورهم ال الروابــط، فــالالزم عليهم أن يهتموا بالضوابط والقوانين ال بالروابط والمحسوبية والمنسوبية، مثال إذا طلب منهم خطيب أو مهندس أو خبير أو معلم أو إمام جماعة أو من أشــبه لزم عليهم تحري الواقعية بتقديم من هو المناســب لهــذا المقــام، ال تقــديم أقربائهم وأصدقائهم والذين هم في الحزب أو مؤيدون وإن لم يكن مناسبا، لعدم كونه ذا كفاءة لذلك الشيء الذي يراد منــه، فــإن تقــديم غــير األكفــاء على األكفاء يوجب انفضاض الناس من حولهم، فــإن غــير الكفــوء ال يتمكن

من اإلدارة، وعدم اإلدارة يكون تبعته عليهم.

))الشباب والشيوخ(( الحادي عشر: لزوم إدارة الحزب للشباب وللشيوخ كل في مقامه، وقد

، ال(1)يعجبــني رأي الشــيخ وجلــد الغالمقال علي )عليه الصالة والســالم(: االقتناع بالشباب فقط في قبــال الشــيوخ، بــل أحيانــا نــرى بعضــهم يــذمونــاة، الشيوخ ويقولون: إنهم رجعيون وخرافيون وال يفهمون وال يصلحون للحيــاآلخرة إلى انفصــال الشــباب، إذ الشــباب ــإن انفصــال الشــيوخ ينتهي ب ف

والشيوخ وحدة واحدة متشابكة، ال يمكن أن يكون بعضهم دون بعض. فالالزم على الحزب أن يالحظ هذا األمر، ويهتم بالشيوخ مثــل اهتمامــهــة بالشــيوخ دون ــام جماع ــرض اهتم ــا أن عكســه، مثال إذا ف بالشــباب، كم

الشباب، أيضا يوجب الفشل وعدم الوصول إلى الهدف.

))الواقعيات((الثاني عشر: االهتمام بالواقعيات في كل أخذ وعطاء وجذب

1(? . )102

ورد، إذ الواقع هو الذي ينتج، فيجب أن يتخذه الحزب محورا ألعماله. أما عدم االستعانة بالواقعيات بزعم أنه يمكن الوصول من الحكم بدونــا دل المنطــق ــذلك م ــة، ألن الوصــول إلى الحكم شــيء ســهل، ف الواقعي

والخارج على خالفه.

))الحكم اإلسالمي((ــبيق الثالث عشر: يجب على الحزب الذي يريد الوصول إلى الحكم لتط اإلسالم، االهتمام لتغيير الحكم إلى اإلسالم فقط، وهذا األمــر ال يــدع مجــاال للتفكر في أمر آخر، مثل تغيير البنية االجتماعية، فإن المجتمــع انصــب على

تقاليد وراثية لعل األفضل غيرها، لكن هل لإلنسان الوقت في تغييرين. والمجتمع إذا أحس بأن جماعة يريدون تغيير بنيتــه لم يرضــه حــتى لمــا

يقوله من األمر الصحيح، فيفشل في مهمته وال يصل إلى ما يريد.

))اجتناب التهريج(( الرابع عشر: يلزم على الجماعة الذين يريدون التغيــير اجتنــاب التهــريح والضوضاء إطالقا، فإن الناس يفرون من ذلك، باإلضافة إلى أنه يأخــذ وقت العمل، فإن اإلنسان ليس له وقتان، وقت للتهريج ووقت للعمل، وحــتى لــو فـرض أنـه تمكن من الجمـع بينهمـا لم يتمكن من إجـادة العمـل بمــا يلتــف

الناس حوله الموجب للوصول إلى الهدف.

))تعييب اآلخرين((ــون هم ــا يعمل ــاس بم ــة تنقيص الن ــامس عشــر: أن يتجنب الجماع الخ بأنفســهم، فــإن اإلنســان يجب عليــه أن يجتنب المســاوئ، لكن إذا ارتكبهــا وحتى في المكروهات وترك المستحبات يلزم عليه أن ال ينتقص من يكــون ــا يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون * كــبر مقت ﴿مثله، قال سبحانه:

. (1)﴾عند الله أن تقولوا ما ال تفعلون

. 3 ـ 2( سورة الصف: ?)1103

لعن اآلمــرين بــالمعروف التـاركينوعن علي )عليه الصـالة والسـالم(: . (1)له، الناهين عن المنكر العاملين به

وقد قال الشاعر: ال تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت قبيح

ــا لكموفي كلمة منقولة عن عيسى المسيح )عليه الصالة والسالم(: م.(2)ترون القذى في أعين أخيكم وال ترون الجذع في أعينكم

))السلم العام(( السادس عشر: السلم العام في كل شيء، في الكالم والكتابــة وســائر الشؤون، وعدم العنف، فإنــه إذا كــانت الجماعــة عنيفــة تنفــر النــاس عنهــا،ــع االنشــقاق باإلضافة إلى أن زرع العنف يولد العنف، وال يمر زمان حتى يق في نفس الجماعــة، ويكــون األمــر بينهـا أشـد من األمــر بين الجماعــة وبين الطرف اآلخر، وفي المثل المعروف: )ال يجتني الجاني من الشوك العنب(. وقــد روي عن عيســى المســيح )عليــه الصــالة والســالم( أنــه مــر على جماعة من اليهود فقالوا فيه شرا، فقال فيهم خــيرا، فقــال لــه تالميــذه: يــا روح اللــه، يقولــون فيــك الشــر وتقــول فيهم الخــير، فقــال )عليــه الصــالة

. بلى كل ينفق مما عندهوالسالم(: فإن وضع الحزب عند جماعتــه العنــف البــد وأن يســترجع العنــف منهم،

وفي الشعر المعروف: )وكل إناء بالذي فيه ينضح(

1(? . )2(? . )

104

وقد ذكرنا تفصــيل الكالم في ذلــك في كتــاب )إلى حكم اإلســالم( وفيبعض كتبنا األخر.

))بين المبدأ والهدف(( السابع عشر: مالحظة البعد بين مبدأ الحركــة والهــدف، فإنــه إذا الحــظ اإلنسان ذلك تمكن من السير بسالم، وإال وقف وسط الطريـق، حالـه حـال

من يريد السفر فإنه إذا لم يقدر المسافة أصابه العطب.

))العمل الميداني(( الثامن عشر: يلزم دخول الجماعة بأنفسهم في الميدان، ال كما اعتــادهــغارهم إلى ــون بصـ ــواجز ويلقـ ــون وراء الحـ ــزاب من أنهم يقفـ بعض األحـ الميدان، ويزعمون بذلك أنهم يربحون نزاه سمعتهم لــدى المجتمــع بســبب وقوفهم خارج الميدان ظاهرا، ويصلون إلى مآربهم بسبب ما يأتيه صغارهم

والمتحركون بأمرهم. إنهم بــالعكس يخســرون كال األمــرين، ألن النــاس لهم عقــول وعيــون، فيفهمون األمر كامال، وحيث يعرفــون أن التحريــك من الرؤســاء يكرهــونهمــة الصــغار ويرونهم غير نزيهين، وحيث إن الناس يربئون بأنفسهم من مقابل يعاكسون أهداف أولئك الرؤساء، فال يصل الكبــار إلى األهــداف الــتي ظنــوا الوصــول إليهــا بهــذا الســبب بــل يبتعــدون عن الهــدف، بينمــا إذا دخلــوا هم

بأنفسهم فبان، فإذا لم يربحوا الوصول إلى الهدف أنقذوا سمعتهم. وعلى أي حال، فالواجب على من يريد خدمة اإلســالم أن ال يقــدم على المؤامرات إطالقا، وإن كانت بظنه مــؤامرة نزيهــة، فــإن طبيعــة المــؤامرة غير نزيهة، بل يعتمــد الظهــور والصــراحة والمــداراة واإلقــدام النزيــه، فإنــه

أقرب إلى النتيجة وبقاء السمعة.

))توحيد النشاطات((التاسع عشر: توحيد النشاطات الحركية والمرجعية

105

واالجتماعية والثقافية، وما أشــبه ذلــك بالنســبة إلى الحــزب اإلســالمي، فإن أمام المسلمين في طرف الغرب فقط زهاء ألف مليون يرتبط بعضهم

ببعض، وقد وحدوا الجهود إلبقاء العالم على هذه الحالة على أقل تقدير. هــذا باإلضــافة إلى تصــافق الشــرق والغــرب ضــد المســلمين الموجبــة لتخلف المسلمين، بل وغيرهم أيضا من سائر العالم الثــالث، وهــل بإمكــان

جماعة التغلب على هذه العقبة بدون توحيد الجهود في هذا الطرف. ومن الواضح أن توحيد الجهود والنشاطات وجعلهـا كلهــا في تيــار واحــد من أصعب الصعوبات، لكن على قول الشــاعر )البــد من صــنعاء وإن طــال

السفر(. فال اقتحم العقبة ﴾وقد قال سبحانه: ــة(1)﴿ ، ومن الواضح أن اقتحام العقب

. (2)أفضل األعمال أحمزهامن أصعب األمور، وفي حديث:

))دور المؤسسات(( العشرون: لقد انطلق الغرب عن واقعية المؤسســات، فهي عبــارة عن

عشرات األلوف من المؤسسات، والدولة من بينها مؤسسة كبيرة.ــيرة لم تتمكن من وما دام في البالد اإلسالمية ال تكون المؤسسات الكث القيام والنهوض واإلفالت من قبضــة الغــرب، وقــد رأيت في تقريــر: إن في أمريكــا وحــدها ثالثمائــة ألــف شــركة بين كبــيرة ومتوســطة وصــغيرة، أمــا مؤسساتها الكبــار جــدا فهي ســت وعشــرون ألــف مؤسســة، فــالالزم على

الحركات أن تهتم بتحويل البالد اإلسالمية إلى مؤسسات.ــتي إنه من الصحيح أنه ما لم يكن في البالد األحزاب اإلسالمية الحرة ال

تدخل حلبة االنتخابات الحرة

. 11( سورة البلد: ?)1. 53 ب191 ص67( بحار األنوار: ج?)2

106

ال يمكن أن تزدهــر، إال أن من الصــحيح أيضــا أن الحريــة أيضــا متوقفــةعلى المؤسسات، وباألخص المؤسسات الدستورية.

ومثل المؤسســات اإلعالم، فقــد هيــأ الغــرب أضــخم إعالم في مختلــفــد جوانب الحياة، فالالزم على الحركات اإلسالمية أن تهتم باإلعالم أيضا، وق قرأت في تقرير ثان قبل أكثر من عشر سنوات: إن في أمريكا وحدها أكثر من ألفي جريدة تصل بعضها إلى سبعمائة صــفحة، وأكــثر من عشــرة آالف مجلــة، وأكــثر من خمســة آالف تلفزيــون ودار اإلذاعــة، إلى غــير ذلــك من

األرقام، والتي تصاعدت قطعا إلى يومنا هذا.

))الوفاء بالوعود(( الحادي والعشرون: أيا األحزاب وأيا الوعود، فإن األحــزاب من طبيعتهــا أن تقطع الوعود للناس قبــل وصــولهم إلى الحكم، كمــا يعــدونهم بــأنهم إذا

وصلوا إلى الحكم فعلوا كذا وكذا. ومن الواضح أن اإلنســان ال يتمكن من إنجــاز وعــود ضــخمة، وذلــك مــا يوجب انتكاس الحزب قبــل وصــوله إلى الحكم، فكيــف ببعــد الوصــول، ألن الناس يقيسون وعــوده قبــل الوصــول بوعــوده بعــد الوصــول، فــإذا رأوا أن وعــوده قبــل الوصــول ال تنجــز قــالوا: بــأن هــذا الحــزب ال يتمكن من حــل

مشكلة. والحزب الذي ال يتمكن من اإلنجاز بوعود ضئيلة قبــل الوصــول، فكيــف بوعوده الضخمة بعد الوصول التي هي على حجم األمة، ومساحة الدولة أنــازات ــان ال يتمكن من اإلنج ــدع اإلنس ــكالت ت ــثرة المش ــاة، وك ــد الحي تعق

الصغيرة فكيف باإلنجازات الكبيرة.ــياء ثم وقد رأينا كيف سقطت حكومات وعدت الناس قبل الوصول بأش لما وصلت إلى الحكم لم تتمكن حــتى من إعطــاء أقــل تلــك الوعــود، فــإن اإلنسان يجب أن يكون دائما قوله أقــل من عملـه، فــإذا ملــك عشــرة وعــد

الناس

107

بخمسة مثال، أما إذا وعــد النــاس بعشــرة كــان ذلــك خالف الحكمــة، إذ كثيرا ما ال يبقى عنده العشرة حتى ينجز وعــده، وإذا تمكن من اإلنجــاز مثال رأى الناس فيه حقا واجبــا لهم، فــإن )وعــد الحــر دين( كمــا في المثــل، وال يرون أنه فعل شــيئا أكــثر من واجبــه، أمــا إذا قــال اإلنســان: ســوف أعطي

عشرين، فهو السقوط بعينه. وسمعت ذات مرة رئيس دولة قال: انه ينزل قيمــة اللحم إلى النصــف، أي الخمسين في المائة، فقلت لجماعة: إنــه ال يعــرف االقتصــاد، إن تنزيــل اللحم إلى نصف العشر أي خمسة في المائة بحاجة إلى مليارات من المال مما ال تملكها الدولة، فكيف يقول هذا الــرئيس إنــه ينزلــه إلى خمســين في المائــة، وكــان األمــر كمــا قلت، فــإن اللحم أخــذ بــالترقي حــتى وصــل إلى

أضعاف قيمته األولية، وسقط ذلك الرئيس قوال وشخصا.

108

اإلدارات(( بين ))الفروق قد ذكرنا في مباحث سابقة من هــذا الكتــاب كليــات اإلدارة)مسألة(:

ــذكر ــا، وفي هــذه المســألة ن ــالب اإلدارات أو في جميعه ممــا تصــل في غــا في إدارة الفروق بين اإلدارات، مما كل إدارة تحتاج إلى أمور ال تجــد غالب أخــرى، وهــذه المســائل من قبيــل المســائل التمرينيــة أو كــرد الفــروع إلى

األصول.

))مشروع صناعي صغير(( التطبيق األول: تنظيم مشروع صناعي صغير، ونذكر فيه أوجــه النشـاط المختلفة في هذا المشـروع، مثــل شــؤون العمـال، صــيانة االالت، عمليــات التجميع الصناعية، مراقبة جودة اإلنتاج، شراء المواد الخام الالزمــة للصــنع،ــيع العالقات العامة، األبحاث الصناعية المتعلقة بتحسين السلعة، كيفية توس السلع، المبيعــات، الدعايــة للــترويج، المحاســبة، الخزينــة، النقــل والتخــزين

للبضائع الجاهزة.

))كلية الثقافة(( التطبيق الثاني: تنظيم كلية ثقافيــة، وهي عبــارة عن اإلدارة، المعلمين، المعــاونين، المراقبــة، الدراســات، الكتب، المخــزن، آالت الصــيانة، أوقــات الدراســة، العطــل، المخيمــات الكشــفية، أيــام االمتحانــات، اتحــاد الطلبــة،

الترفيعات.

))المتاجر الصغيرة(( التطبيق الثالث: تنظيم المتاجر الصغيرة، شراء البضائع، التخزين، شراء اللوازم، األدوات، الدعايــة والــترويج، الحســابات، اســتالم البضــائع الــواردة،

صيانة المتجر، النقلية، أعمال اللف والحزم للبضاعة المباعة، البيع.

))متاجر الجملة(( التطبيق الرابع: تنظيم متجر جملــة، شــراء البضــائع، التخــزين، الدعايــة

والترويج، الحسابات، صيانة المتجر، النقدية،

109

الــبيع، العالقــات مــع تجــار التجزئــة، العالقــات مــع المريــدين، االئتمــان،التحصيل، الشحن.

))شركة التأمين((ــترويج، )التطبيق الخامس(: تنظيم شركة تأمين، الحسابات، الدعاية وال تسجيل البوالص وإلغائها، اإلشراف على الوكاالت، مطالبة العمالء، استثمار األموال الزائدة، بحوث التأمين على الحياة، التــأمين ضــد الحريــق، التــأمين ضـد حــوادث السـيارات، التـأمين ضـد السـرقة، الدراسـات القانونيــة، حـل المشاكل فيما إذا وقع بين الشركة وبين المطالبين، تــدريب رجــال العمــل، الخدمات الطبيــة للمــوظفين، عالقــات وديــة مــع شــركات التــأمين األخــرى واالتحــادات العماليــة والمهنيــة والعلميــة، إدارة الفــروع إذا كــانت للشــركة

فروع.

))السكك الحديدية((ــة ــة، الهندسـ ــكك الحديديـ ــق السـ ــادس(: تنظيم مرفـ ــبيق السـ )التطـ الميكانيكيــة، القــوى المحركـة، الوقــود، شــراء قطــع الغيــار، نقــل الركـاب،ــائقين، ــدريب الس ــابات، ت ــة، الحس ــرات الدوري ــارات، النش ــد القط مواعيــة، صــيانة ــة والهندســية، بحــوث الحرك ــة، البحــوث الفني اإلســعافات األولي القطــارات، التمويــل والحســابات النقديــة، طبــع التــذاكر والبــوالص، قبــول اإلعالنات داخل القطارات وفي عنابر المحطات، الحــانوت، إدارة طبيــة في

حاالت طارئة.

))شركات الطيران(( )التطبيق الســابع(: تنظيم شــركات الطــيران، كيفيــة وكميــة، الماكنــات والموتورات، اتصاالت هندســية وال ســلكية، أبحــاث الماكنــات والموتــورات، صــيانة الماكنــات والموتــورات، عمليــات تفريــغ حمولــة الطــائرة والشــحن،

اتصاالت جوية ال سلكية، اإلشراف على خروج

110

الركاب بعد نزولهم على أرض المطار، حجز التذاكر، مواعيد الطائرات، النشرات الدورية، تعرفات الســفر، بيــع التــذاكر للركــاب، الدعايــة واإلعالن والــترويج، عمليــات المــأكوالت والمشــروبات في الطــائرة، توزيــع الجرائــدــابات، تحويـــل ــروفات والحسـ ــرادات والمصـ ــائرة، اإليـ والمجالت في الطـ

العمالت األجنبية، بحوث الحركة، شراء قطع غيار الطائرات وصيانتها.

))األجهزة المنزلية والمكتبية(( )التطبيق الثامن(: تنظيم مشروع إنتاج وتوزيــع األجهــزة المنزليــة وغــير المنزلية كالمكاتب والحوانيت وما أشبه، مبيعــات في الخــارج، مبيعــات فيــبة ــال، المحاسـ ــوظفين والعمـ ــيين المـ ــترويج، تعـ ــة والـ ــداخل، الدعايـ الـــوظفين ــد الم ــال، تزوي ــوظفين والعم ــدمات الصــحية للم والحســابات، الخ والعمـــال، األعمـــال اإلحصـــائية، الميزانيـــات التقديريـــة، أعمـــال التـــأمين والضمان، عمليات االئتمان، عمليــات شــراء المــواد الخــام الالزمــة للصــنع، عمليات الشــراء المختلفــة، عمليــات صــيانة اآلالت واألثــاث، عمليــات نقــل وتخــزين المــواد الخــام الالزمــة للصــنع، عمليــات النقــل والتخــزين للبضــائع الجاهزة، مبيعــات في الجملــة ســواء في الــداخل أو في الخــارج، العالقــاتــة الصناعية مع العمال والمستخدمين، أعمال متعلقة بأبحاث السوق، طريق الصــنع، أعمــال إداريــة متعلقــة بالمشــروع ككــل، مراقبــة الســوق، مراقبــة

األوراق النقدية في ارتفاعها وانخفاضها.

))إدارة المدراء(( )التطبيق التاسع(: اإلدارة من حيث المديرين، فإنــه ربمـا يكـون المـدير العــام للمشــروع لــه المرؤوســون المتعــددون، فــالالزم مالحظــة أعــدادهم

وخصوصياتهم ومزاياهم مراتبهم، مثل مدير العالقات

111

الصناعية، مدير الشؤون الصحية للعمال، مدير تــرويج المبيعــات، رئيس الخزينــة، المحاســب، وكيــل الشــراء، مــدير اإلنتــاج، مــدير اإلحصــاء، مــدير المبيعــات المحلي، المشــرف العــام للعمــال، رئيس تعــيين العمــال، رئيس قســم الصــيانة، رئيس التخطيــط ومراقبــة اإلنتــاج، رئيس المخــزن، رئيس

النقدية.

))المستشفيات(( )التطـــبيق العاشـــر(: تنظيم مستشـــفى الردهـــات، الغـــرف الخاصـــة، الرئيس، الدكاترة، عدد الدكاترة، عــدد الــدكتورات، الخفـر، الصـيدلية، عــددــذه المستشــفى، اآلالت األسرة، أنواع العمليات الجراحية التي تجري في ه واألجهزة إلجراء العمليات، الممرضون، الثالجة لألموات، عدد المســتخدمين والفراشين، النقدية، الميزانية، العالقة بين المستشفى وبين الطب العدلي،

العالقة بين المستشفى وبين إدارة الشرطة.

))السيارات(( )التطبيق الحادي عشر(: تنظيم مشروع إنتــاج وتوزيــع وبيــع الســيارات، إذا كــان المشــروع كبــيرا ذا أعمــال متعــددة والعمــال فيــه كثــيرين، أعمــال الصرف، القوى المحركة لآلالت، صيانة اآلالت، مراقبة التكــاليف الصــناعية،ــة بالرســومات ــال المتعلق المحاســبة، تصــميم الســلع، الهندســيات، األعم والمقاسات والمواصفات، شراء المواد، شراء قطع الغيار، عمليات التجميع الصناعية، نقل المواد الخام، المشــتريات، المصــنع، اســتالم المــواد الخــام، تقسيم المواد الخام، دراسة الوقت والحركة، وضع المعايير اإلنتاجية، حفظ الع�دد الالزمة للعمــال، أعمــال النظافــة المتعلقــة بالمصــنع، شــراء الزيــوت الالزمة للتشــحيم، شــراء اإلســعافات األوليــة الالزمــة للعمــال في المصــنع،

شراء األدوات الكتابية

112

والمطبوعات الخاصة بالمكاتب، تخطيط الجداول لإلنتاج، مراقبة جــودة اإلنتــاج، أبحــاث الشــراء المتعلقــة بــالمواد الخــام، تــدريب المشــرفين على العمال في المصــنع، تــدريب عمــال المصــنع، أبحــاث في اإلعالن والدعايــة، نقل البضائع الجاهزة، نقل المواد الخام داخل المصنع، الميزانيات التقديرية لإلنتاج، الميزانيات التقديرية للمبيعات، دراسة تسلسل العمليات الصــناعية،ــل ــة بالهيك ــارية خاص ــال استش ــة، أعم ــال المكتبي ــل األعم ــة تسلس دراس التنظيمي، التعزيز الكتابي للمكالمات التلفونية، أعمــال استشــارية خاصــة، بناء المكــاتب الصــناعية في المصــنع، الخــدمات الصــحية للعمــال، شــكاوى المستهلكين، شكاوى العمال واإلضرابات، شــكاوى المســتخدمين العماليــة، تطوير السلع هندســيا، عمليــات الــبيع داخــل القطــر، الميزانيــات التقديريــة للمــواد الخــام، األعمــال المتعلقــة بســجالت المخــزون من المــواد الخــام، عمليــات الــبيع خــارج القطــر، الفــروع، إصــدار أوامــر التشــغيل الصــناعي،ــة بســبب وســائل اإلعالم، ــال والمــوظفين، الدعاي ــة للعم مطبوعــات دوري مجهــودات تــرويج المبيعــات كنشــرات ودعايــة ومــا أشــبه، خــدمات بيعيــة باالئتمــان، مراجعــة فواتــير شــراء المــواد الخــام، شــراء المــواد الكيمياويــة الالزمة للصنع، شراء اللوازم الكهربائية الخاصة بالصنع، شراء العدد واآلالت الصغيرة، التخلص من المواد الخام غير الصالحة للتشغيل، شراء الماكنــات والع�ــدد الثقيلــة، شــراء مــواد اللــف والحــزم المتعلــق بــالبيع، تعــيين عمــال المصنع، تعيين وتدريب المديرين في المشروع، أعمــال مــراقب الحســابات

الخارجي، مراقبة تكاليف التسويق، مراقبة التكاليف اإلدارية.

))األلقاب والمناصب(()التطبيق الثاني عشر(: تعيين األلقاب والمناصب، لنفرض أن

113

هناك مشروعا صناعيا يدير رؤساء ومديرين، والمطلوب قائمــة بألقــاب رؤساء الوحدات اإلدارية، مثل مشرف النقل، مدير االئتمان، مدير الخدمات الصحية، مدير تخطيط اإلنتاج، مشرف الــبيع بالجملــة، مــدير اإلنتــاج، مــدير األبحـــاث، مجلس اإلدارة، مـــدير قســـم المبيعـــات، أمين الخزينـــة، كبـــير المحاسبين، مدير االســتخدام والتعــيين، مــدير الميزانيــة، مــدير فــرع ألــف، مدير فرع باء، مدير فرع جيم وهكذا، مشــرف المبيعــات، مشــرف العمــال، مدير ترويج المبيعـات، لجنــة الميزانيـة، مــدير المسـتخدمين، رئيس مجلس اإلدارة، المدير العام، محاسب فرع ألف، محاسب فرع بــاء، محاســب فــرع جيم وهكــذا، مــدير العالقــات الصــناعية، مــدير المبيعــات في المنطقــة في داخل البلد، مدير المبيعات في خارج البلد، مشــرف التــأمين على البضــائع، خبــير إحصــائي، وكيــل شــراء، مشــرف المخــازن، مشــرف الصــيانة، مــدير

االئتمان، إلى غير ذلك.

114

والقائد(( المدير ))بين هنــاك فــرق بين صــفات المــدير أو الــرئيس، وبين صــفات)مســألة(: القائد أو الزعيم.

ــانون، ــع والق ــتمدها من النفس والمجتم ــا يس ــدير هي م ــفات الم فص والشرع عند المدير المتشــرع، أمــا صــفات القائــد فهي باإلضــافة إلى ذلــك يشترط فيه بعض المواهب الشخصية والفطرية واإلقدام وغير ذلــك ممــا ال

يشترط في المدير. فإن قدرة اإلبداع العام، والمرونة مع الظــروف، والتصــلب في المشــي إلى الهدف، والتجاوز عن الجزئيات في سبيل القضيه العامة، إلى غير يجب

توفرها في القائد، بينما ال يحتاج المدير إليها. وهنا قســم ثــالث من األفــراد وهم رؤســاء الــدول ومن أشــبههم الــذين

وصلوا إلى الحكم بجدارة، فهم دون القائد وفوق المدير، مثال:)لنكلن( في أمريكا قائد، أما فالن فهو رئيس دولة، وفالن فهو مدير.

وفي الهند )غاندي( كــان قائــدا، أمــا )نهــرو( فكــان رئيس دولــة، ومــديرالشرطة الفالنية فهو مدير.

ونحن ال نريد بهذه األمثلة التصديق على أشباه هؤالء، وإنما نريد اإللماعإلى الفروق البينة بين األقسام الثالثة.

ــادق ــام الص ــر )إدريس( ابن عم اإلم ــالمية ذك ــة اإلس ويمكن في األمثل )عليه الصالة والسالم( الذي أسس دولة في المغرب فقد كان قائــدا، بينمــاــديرون كان فالن رئيس دولة، وغيرهما من مدير الشركات والمؤسســات م

وليسوا بقادة وال برؤساء دولة. وكيف كان، فقد ذكر بعضهم في صفات المدير الناجح مما يعــرف منهــا

صفات المدير الفاشل من

115

باب )وبضدها تعرف األشياء( األمور التاليــة ممــا قــد ألمعنــا إلى بعضــها فيما سبق، لكن حيث إن بين هذه الصــفات وبين المــذكورة ســابقا العمــوم

من وجه نذكرها تباعا بدون التفصيل في خصوصياتها:

))صفات المدير الناجح(((: تحمل المسؤولية عن األعمال أو الفشل. 1(: الرغبة في إتقان العمل وتجويده. 2(: اعتبار العمل متعة يتمتع بها، ال ثقال على كاهله. 3(: القدرة على التنفيذ في الوقت المناسب. 4(: العمل تحت ضغط الوقت. 5(: قوة اإلرادة على التنفيذ بعد الفهم والقناعة. 6(: الثقة بالناس والعمل على أساس تحقيق النجاح. 7(: إتقان وسائل تقوية الذاكرة. 8(: القوة البدنية والصحة العامة. 9

(: الوضوح في الرأي بأن يكون صاحب رأي في األمور. 10(: الطموح. 11(: المرونة مع الثبات في السير نحو الهدف. 12(: الوساطة بين اإلفراط والتفريط. 13(: األفق الواسع والنظرة الشاملة. 14(: التزام الشخصية وعدم الترجرج. 15

116

(: الصبر والنفس الطويل. 16ــة17 ــف الحرجـ ــاب في المواقـ ــبط النفس والتحكم على األعصـ (: ضـ

خصوصا المثيرة منها. (: الهدوء أمام األزمــات مــع االنفعــال الــداخلي الشــديد لحلهــا، بــأن18

يكون مندفعا لحل المشكلة وكما قـال بعضـهم في المثــل: )يجب أن يكــونكالبط ظاهره هادئ لكنه يضرب رجله في الماء بسرعة(.

ــالم19 ــور في ع ــة نســبية األم ــة والنظــرة الشــاملة لمواجه (: الواقعياإلدارة. (: االنضباط واحترام الــوقت، مبتــدئا بنفســه وملتزمــا بتطبيقــه على20

اآلخرين بالقدر الممكن. (: احــترام القــوانين واألنظمــة وتطبيقهــا على شخصــه وعلى غــيره،21

فإن المدير الذي ال يطبق القوانين على نفسه يعتبر مديرا فاشال، فإنه مهما كان ناجحا في أعماله فإن مهابتــه عن القلــوب ســاقطة، وذلــك يســري في

غيره أيضا شاء أو أبى. (: احترام القوانين واألنظمة والتخطيط بروحها وليس بحرفيتها. 22 (: التفكــير الــدائم بالمســتقبل والحاضــر، ال أن يــترك المســتقبل23

للحاضر أو الحاضر للمستقبل. (: الحزم وعدم التردد في اتخاذ القرار. 24

117

(: االستقرار على الرأي والقرار بعد التأني في الوصول إليه. 25(: اإلصرار على تنفيذه بعد ذلك. 26(: سرعة تمكن االنسحاب عن القرار إن ظهر خطأه. 27(: الثقافة العامة والسعي لزيادتها باستمرار. 28 (: المعرفــة المتخصصــة والمســلكية والســعي لتجديــدها حســب29

التصاعد في الثقافات. (: الرغبة الملحة في اإلطالع على الحياة العامة والخاصة. 30 (: التكيف مع الواقع لتحقيق الهدف باإلمكانات المتوفرة أو المتاحة.31(: الممارسة والتجارب والخبرة. 32 (: القدرة على استخالص الدروس والعــبر من التجــارب الفاشــلة أو33

الناجحة سواء بالنسبة إلى مؤسساته أو سائر المؤسسات. (: الكفــاءة في الــدمج بين النظريــة والتطــبيق للحصــول على أعلى34

مردود عملي. (: التصدي لمواجهة الصعوبات وعدم الهروب عنها. 35 (: التصرف اتجاه المواقف الطارئة بسرعة ومرونة حسب الموقــف36

المتطلب. (: القدرة على تلخيص المناقشات والمواقف. 37

118

(: القدرة على عرض الرأي واإلقناع بقوة الحجة والمنطق. 38 (: القدرة على النقد الــذاتي وعــدم التحاشــي عن توجــه النقــد إليــه39

وإنما ينظر إلى النقد بموضوعية. (: اإلرتياح لظهور الحق له إذا كان على خطأ، ســواء كــان النقــد من40

جهة داخلية أو جهة خارجية أو جهة نفسية. (: أن يكون فعاال محرضا وذا تأثير في اآلخرين. 41(: تثبيت التوجيهات الشفهية خطيا بالقدر الالزم. 42(: عدم التراجع عن التوجيهات الشفهية إذا لزم عنها مسؤولية. 43(: الصدق في إنجاز الوعود والسعي لتحقيقها بكل إمكاناته. 44 (: األمل وعدم االستسالم لليأس أو القنوط، خصوصا إذا كان موضع45

القنوط اإلحباط. (: التفاؤل والتطلع للمستقبل. 46 (: السعي الدائب الكتساب العادات والصفات الجيدة والتطبع عليها.47(: العناية المتوازنة والمستمرة بالمجاالت الرئيسية لإلدارة. 48 (: اإلنصاف بينه وبين سائر الناس، سواء كانوا رؤســاء أو مرؤوســين49

أو الجماهير المرتبطة به.

119

(: التنبؤ للمستقبل واالهتمام به والتطلع الــدائم بمعرفــة المســتقبل50من األسباب الموصلة إليه عادة.

(: القدرة على تحديد األهداف األساسية بعيدة المدى. 51ــة كالمعالجــة52 (: شــمولية النظــرة والمعالجــة، فــإن النظــرة الجانبي

الجانبية تسبب الخبال. (: السعي لتنفيذ األهداف ضمن أولويات متوازنة. 53(: التعرف على البيئة المحيطة والتكيف معها. 54(: جمع اإلمكانات لتنفيذ األهداف. 55(: االقتصاد في اإلمكانات وترشيد استخدامها. 56(: التعرف على برمجة األعمال الخاصة به أو بالمنشئة ككل. 57ــإن اإلنســان إذا ربى نفســه على58 ــترتيب، ف ــة وال ــروح التنظيمي (: ال

التنظيم والترتيب تطبع بهذا الروح حتى يأتي منه األشياء تلقائيا. (: حسن توزيع العمـل على المرؤوسـين حسـب قـدراتهم، والسـعي59

للتعرف على هذه القدرات وتطويرها. ــاة60 (: الموضوعية في اختيار العناصر إلشغال الوظائف ال بنحو المحاب

أو األهواء أو المحسوبية والمنسوبية وما أشبه. (: تبسيط وتحديث نظام االتصاالت وأدواته. 61(: التنسيق بين نشاطات األقسام المختلفة. 62

120

ــال الجهـــات، أو العناصـــر63 ــتزامن بين أعمـ ــأمين التنســـيق والـ (: تـالمشاركة بالتنفيذ.

ــة63 ــات األعلى والموازي ــع الجه ــاون م (: القــدرة على التنســيق والتعوالجهات األدنى.

(: جعل فعالية وحدته منسجمة مع الوحدات األخــرى كجــزء من كــل64متماسك.

(: حسن استخدام الوقت وتوزيعه، مع عدم التضييق المــوجب لعـدم65الرضا. (: أن تكون قراراته واضــحة ومتأنيــة، بعيــدة عن المزاجيــة واألهــواء66

والميول. (: االهتمام بالتدريب المستمر لشخصه ولمرؤوسيه أفرادا وجماعات67

حتى يكون دوما مدربا ومتدربا. 68 ــا ــرة محلي ــور المعاص ــع على األم ــجيع البحث العلمي والتطل (: تش

وعالميا. (: السعي لتحليل تجــارب اآلخــرين الفاشــلة أو الناجحــة واالســتفادة69منها.

(: أن يكــون قــادرا على تــرتيب الســلطة ومتابعــة تحقيــق األهــداف70الرئيسية.

(: قلة الدخول في التفاصيل كلما ارتفع المستوى، ألنه إذا دخــل في71التفاصيل فاته المستوى األرفع الذي هو مقصوده.

121

(: تشجيع العمل الجماعي على نحو االستشارية )الديمقراطية(. 72 (: خلق روح التنافس بين المجموعات العاملة تحت يده أو الذين هم73

معه، وأحيانا يتمكن من خلق مثل هذا الروح في المراتب العليا أيضا. (: تشجيع المبادرات الفردية والجماعية واالبتكارات. 74ــوا من75 (: إفســاح المجــال لظهــور المرؤوســين األكفــاء حــتى يتمكن

التقدم إلى األمام. (: القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب. 76(: القدرة على اتخاذ القرار المفهوم للمنفذين. 77(: القدرة على تأمين اإلمكانات الواقعية لتنفيذ قراراته. 78 (: أن يكون مصرا على تنفيذ األهــداف والواجبــات والقــرارات الــتي79يريدها. (: القــدرة على توجيــه ومســاعدة مرؤوســيه في تــذليل الصــعوبات80

والتعاون معهم. (: الموضوعية في استخدام وتوزيع الحوافز المادية والمعنوية. 81 (: تقوية نظام اإلحصاء وترتيب المعلومات حتى تكــون ملكــة عاديــة82

بالنسبة إليه وبالنسبة إلى من يتمكن من التأثير عليه. (: التعود على تنظيم دوري عن أعماله وأعمال وحدته. 83

122

(: حب العمل الميداني والقرب من مواقع التنفيذ. 84(: متابعة سير تنفيذ توجيهاته وقراراته بحزم واستمرار. 85(: القدرة على معرفة أسباب الخطأ ومعالجتها. 86(: المحافظة على أسرار الوحدة السارية في روح المنشئة. 87(: المحافظة على موجودات المنشئة. 88(: السعي الدائب لتطوير التعليمات وأساليب العمل وتبسيطها. 89 (: الســعي لتحــديث أدوات اإلدارة باســتمرار، ســواء كــانت األدوات90

باشتراء أو باستئجار. (: العمـــل على تكـــوين وتقويـــة الفئـــة االحتياطيـــة من اإلداريين91

واالختصاصيين، على ما ألمعنا إليه سابقا حيث يحتاج العمل إلى االحتياطي.(: االحتفاظ بإمكانات إحتياطية لمواجهة الظروف الطارئة. 92 (: العمل على جاهزية إداراتــه الســتمرار عملهــا بوتــيرة مناســبة في93

الحاالت العادية أو الطارئة. (: ممارسة الوظائف العامة لإلدارة بشكل متكامل ومتوازن. 94 (: التغيـــير المناســـب لإلدارات أو األشـــخاص أو اآلالت إذا اقتضـــت95

الظروف ذلك. (: الحرص على االحترام المتبادل مع الرؤساء والمرؤوسين 96

123

والزمالء والجماهير، إذا كان محل احتياجهم، منطلقا من احترام الــذاتوإتقان العمل الشخصي.

(: عــدم المس والتشــهير بمن ســبق وبمن هــو في الحــال رئيس أو97مرؤوس أو زميل له، وكذلك جماهيرالمتعاملين معه.

(: االهتمام بالروح المعنوية للمرؤوسين وأوضاعهم المادية. 98 (: التعامل مع العاملين كبشر، وليس كأشياء، على ما ســبق اإللمــاع99

إلى مثل ذلك. (: االهتمام بالعالقات االجتماعية لهم وتقاليدهم وأعرافهم. 100(: البساطة. 101(: عدم إرباك المرؤوسين وعدم تكثير األوامر عليهم وانتقادهم. 102(: السعي لرفع كفاءاتهم باستمرار وإظهار مواهبهم ومبادراتهم. 103ــوا104 ــتى يكون ــوءة ح ــاطي من العناصــر الكف ــق احتي (: الســعي لخل

رؤساء، ومن يدير األقسام ومن أشبه، وهذا غير ما تقدم من االحتياطي. ــه105 (: نسبة النجاح إلى الناجح، ال أنه يجعل النجاح من حصته، كما أن

إذا كان النقد واردا على نفسه بين ذلك من دون أن ينسبه إلى غيره.

124

(: التكلم باحترام، ويقول عن نفسه نحن وال يقول أنا. 106(: المشورة والروح االستشارية في المناقشات. 107(: الحزم في تحمل مسؤولية القرار وتنفيذه. 108(: تشجيع العمل االجتماعي والتعاون بين العناصر. 109 (: االعتمــاد على العناصــر الكفــوءة وإيجــاد التنــافس الشـريف بين110العناصر. (: حسن التعامل مع الرؤساء والزمالء والمرؤوسين والجمهور. 111

(: تمــرين النفس حــتى تكــون قــادرة على الســيطرة وفــرض112)االنضباط.

(: احترام ســلطات وصــالحيات المرؤوســين وعــدم تجــاوز رؤســاء113التسلسل.

(: الثقة بالنفس. 114 (: الثقــة بــاآلخرين مــع حســن الرقابــة وحســن الظن بمــا ال يكــون115

موجبا للخبال. ــاف116 ــة واإلنصـ ــة وبالعدالـ ــرعة الممكنـ ــات بالسـ ــم الخالفـ (: حسـ

واإلحسان. (: إلقاء روح الوئام واألخوة بين العناصر. 117(: أن يكون هو المقدم في كل أمر يأمر به المرؤوسين، فإن 118

125

الــرئيس أســوة، فــإذا رأوا أنــه يعمــل بمــا يقــول عملــوا هم أيضــا، وإالكسلوا، وكذلك في النواهي.

(: مساعدة المرؤوسين في تنفيذ واجباتهم، وتوضيح طريقة التنفيذ119وإرشادهم إلى أفضل الطرق.

(: مساعد المرؤوسين والزمالء، بــل والرؤســاء أيضــا على تصــحيح120األخطاء وتجاوز الصعوبات.

(: االهتمــام بــأن يكــون قــدوة حســنة بالنســبة ال إلى المرؤوســين121 فحسب، بل وحتى الزمالء وحتى الرؤســاء، فــإن اإلنســان الحســن الســيرة

يكون قدوة لمن فوقه أيضا. (: المصارحة بدون التجريح وإنما مع المداراة. 122(: إيجاد الثقة المتبادلة بينه وبين الجوانب األخر. 123 (: لــزوم الوصــول إلى المحبوبيــة لــدى المرؤوســين والرؤســاء124

والزمالء. (: االبتعاد عن الشعبية الرخيصة. 125(: توفر الجرأة األدبية اتجاه الرؤساء والزمالء والمرؤوسين. 126 (: حسن االسـتماع إلى كالم اآلخــرين، فــإن اإلســتماع الحسـن من127

أسباب استقطاب المتكلم حول نفسه. (: االهتمام بفهم جهــات نظــر اآلخــرين وإن كــانت مخالفــة آلرائــه،128

وعدم الغرور في جعل رأيه فوق آرائهم.

126

ــع129 ــرخ خالل المناقشــة م ــرين، وال يص ــع صــوته على اآلخ (: ال يرفالمرؤوسين، وال يحدث الضوضاء والجلبة.

(: االسـتفادة من تجـارب الـذين سـبقوه وخــبراتهم، بـدون الغـرور130ــير ــك في كث وتصور أنهم ما كانوا يفهمون، وأنه هو الذي يفهم، كما يتفق ذل

من المغرورين والجهالء. (: الشعور باالنتماء والوالء للمنشئة، وتنميته لدى مرؤوسيه. 131(: الدعاية الواقعية للمنشئة وشرح أوضاعها بموضوعية. 132 (: الجدية في موضع الجد، والدماثة في موضع الدماثة، وفي المثل133

)ال تكون قاسيا فتكسر، وال لينا فتعصر(. (: تأييد المرؤوسين على ممارسة الصالحيات وتحمل المسؤوليات،134

ويجعل الرجوع إليه في حاالت استثنائية فقط. ــدون135 (: الحزم في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب في المرؤوســين، ب

المحاباة ونحو ذلك مما يوجب قلة الهيبة والعنف. (: تبسيط إجراءات التعامل مع الجمهور، وقــد ذكرنــا شــرحا حــول136

التبسيط في بعض مسائل هذا الكتاب. (: إيجاد الجــو المناســب لتعامــل المواطــنين مــع المنشــئة، وإبعــاد137

النظرة الفوقية بالنسبة إليهم. (: تقصي صدور القرارات واإلجراءات على الجمهور معنويا وماديا.138

127

ــه الخطــأ، والســير بالمنشــئة إلى139 (: تصــحيح األخطــاء كلمــا عن لاألفضل كلما حدث ذلك.

(: احترام النفس. 140(: االلتزام. 141(: حب العمل في المنشئة التي يرأسها. 142 (: الذكاء وسرعة البديهة، فإن اإلنسان قابــل بــأن ينمي في نفســه143

أمثال هذه الصفات، ولو بقدر تتحمله ظرفيته. (: اإلخالص. 144(: التواضع مع االعتناء بالنفس والبعد عن الغرور أو التعالي. 145(: الموضوعية، بأن ال يكون ذاتيا أو انفعاليا مزاجيا. 146(: الصدق مع الرؤساء والزمالء والمرؤوسين والجماهير. 147(: الصراحة واالبتعاد عن الوشاية. 148(: النزاهة. 149(: قوة التحمل والصبر والمثابرة واالستقامة. 150 (: النشاط والقوة البدنية والــتريض باعتـدال، ويمكن تحصــيل ذلـك151

بسبب الرياضات الخفيفة ونحوها. (: طيبة القلب وكرم النفس. 152

128

(: اعتبار الوظيفة مسؤولية أكثر منها وجاهة ومعاشا. 153 (: اعتبار المصلحة العامة كأنها مصلحة خاصــة، وتقــديم مصــلحتهم154

على مصلحته الذاتية. (: القدرة على الفصل بين المصلحتين، حتى ال يتصور أن مصــلحته155

مصلحة العامة أو بالعكس. ــه،156 ــتعانة ب ــبحانه واالس ــه س ــل على الل ــل أوال، التوك ــيرا ب (: وأخ

ــل أو واالستخارة بأن يطلب الخير من الله سبحانه وتعالى فيما يريد أن يفعومن يتــق اللــه يجعــل لــه مخرجــا * ويرزقــه من ﴿يدع، وفي اآلية الكريمــة: حيث ال يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل

. (1)﴾الله لكل شيء قدرا من وثــق باللــه أراه الســرور، ومن توكــل على اللــهومن الواضــح أن:

، وروايــات االســتخارة بمعــنى طلب الخــير من اللــه ســبحانه(2)كفاه األمور. (3)وتعالى متعددة

))صفات المدير االكتسابية والذاتية(( ثم إن من غير الشك أن الصــفات على قســمين: قســم مكتســب وهي

األكثر عددا، وقسم موهبة خاصة. فــالالزم التركــيز في الحيــاة اإلداريــة على زيــادة الصــفات الــتي يمكن اكتسابها تدريجا مــع الــزمن، بالممارســة والتعــود والتعلم والتكــرار واإلرادة

والصبر بالمجهود فرديا أو جماعيا. كما أن الواجب على المدير صقل وبلورة مواهبه، واإلمكانــات الفطريــة المودعة فيــه بشــتي الوســائل والســبل، وبــذلك يزيــد المــردود الــذي يمكن الحصول عليه من الصفات أو اإلمكانات الفطرية أو الخلقية المتوفرة أصــال

لدي اإلدارة، فإن النفس

. 3 ـ 2( سورة الطالق: ?)1 عن أمـير المؤمــنين )عليـه63 ب156 ص68، وبحــار األنــوار: ج346 ص2( كشـف الغمــة: ج?)2

السالم(. أبواب صالة االستخارة وما يناسبها. 63 ص8( انظر وسائل الشيعة: ج?)3

129

اإلنسانية كاألرض الخاليــة يمكن أن يــزرع فيهــا الطيب أو الخــبيث، وإنــه كانت األراضي تختلف بين طيب وأطيب، ولذا ورد الحديث عن رسول الل

. (1)الناس معادن كمعادن الذهب والفضة)صلى الله عليه وآله( أنه قال:

))اإلنسان واكتساب الفضائل(( ثم ال يخفى أنـــه يجب أن ال يأخـــذنا الهـــول من كـــثرة الصـــفات الــتي ذكرناها، سلبية أو إيجابية في هذه المسألة أو المسائل السابقة ألنها كثيرة، واإلنسان ال يتمكن أن يتحمل مثل هذه الكــثرة، فــإن اإلنســان يتحمــل أكــثر من هذه الكثرة، إذ الصفات كالعلوم، أليس اإلنسان يتحمل العلوم الكثــيرة، وكذلك الصفات الكثيرة سلبية وإيجابية، وإن كــانت أحيانــا تبــدو أنهــا مثاليــة لكنها ليست مستحيلة أو مستعصية في معظمها، بل هي ممكنة وتحتاج إلى الفهم والقناعة والدأب والجهد واإلرادة للوصول إليهــا، والممارســة الدائمــة

كما ذكروا ذلك في علم األخالق مفصال، وفي علوم النفس الحديثة. فعلي اإلنســان الســعي لــذلك بطريقــة عمليــة على طــول الخــط حــتى

يتمكن من الوصول إليها جميعا، أو إلى العدد الممكن منها. ثم من الممكن لإلنسان يــراقب نفســه حــتى يكشــف عن نفســه نقــاط الضعف والقوة، فيسعى بينه وبين نفسه لتقوية نقــاط القــوة وتجنب نقــاط الضـعف، ومن الواضـح أن اإلنسـان إذا كـان مخلصـا مـع نفسـه في إرادتـه االتصاف بالصفات الحسنة والتجنب عن الصــفات الســيئة يتمكن من ذلــك، وقد ذكر علماء النفس أن اإليحاء النفسي له أكبر األثر في التخلق باألخالق

الحميدة حتى يمكن أن يصبح الجبان شجاعا.

))القائد والقيادة((ثم إنهم اختلفوا في أنه من هو القائد، وما هي القيادة، هل هي

1(? . )130

ــا بعض الصــفات مجرد صفات إذا تحلى بها الفرد يصبح قائدا، وقد ذكرن التي يجب أن تتوفر في القائد، أم هي ظروف معينة إذا وجدت ظهر القائد، وإذا تغيرت تغير القائد، أم أن القائد يظهر في حالة وجود هدف معين، فإذا تغير الهدف تغير القائد، أم هي موقف معين لمجموعة أشخاص، فــإذا تغــير

األشخاص تغير القائد. والظــاهر أن القائــد بحاجــة إلى الصــفات، والظــرف الخــاص، والهــدف الخاص، وعنــد تــوفر هــذه األمــور تجتمــع األشــخاص، وينجــذبون إلى القائــد انجـــذاب الشـــيء إلى شـــبهه، فكـــل من نظريـــات الصـــفات والظـــروف والمجموعة والهدف ال تكفي أن تكون مبررا لظهور القائد، وأن يستدل كل

واحد على ما اختاره. مثال نظرية الصفات تقول: صــفات القيــادة أمــور، حــتى إذا تــوفرت في إنسان كان قائدا وهي: توفر طاقة جسمانية، وعصبية، وشعور قوي بالهدف وباالتجاه، والحماس، والصداقة، والشعور الرقيق، والخبرة الفنية، والحــزم،ــرين، ــدرة على تعليم اآلخ ــذكاء، والق ــرارات، وال ــاذ الق ــدرة على إتخ والق

واإليمان. وبعضهم يرى أن الصفات التي تجعل من القائد قائدا عبارة عن: السن،ــذكاء، ــوت، وال ــر، والص ــمية، والمظه ــوى الجس ــاع، والق ــوزن، واالرتف وال�عد النظر، واإلصابة في التفكير، والقدرة على والمعرفة، والحكم السليم، وب التعبير، وعدم االنطواء الشخصي، والقدرة على تحمل المسؤولية، واألمانة،ــاعي، ــز االجتم والثقة بالنفس، والسيطرة على األعصاب، والتفاؤل، والمرك

والمهارات االجتماعية، مثل حسن التصرف والدبلوماسية والتعاون. أما نظرية الظروف فتقول: الشخص الذي يملك أكثر كمية من

131

المعلومات عن موقف معين يصبح قائدا في هــذا الــوقت بالــذات، فــإذاتغيرت الظروف تغير القائد.

والنظرية المجموعية تقول: العــبرة في أشــخاص مجموعــة، فــإذا تغــيراألشخاص تغير القائد.

ونظرية الهدف تقول: إنه إذا تغير الهدف للجماعة تغير القائد. لكنــك خبــير بــأن هــذه النظريــات ال تتمكن أن تثبت أمــام الواقــع الــذيــد ذكرناه من لزوم الظرف الخاص والصفات الخاصة والهدف الخــاص، وعن ذلك تنجذب مجموعة من األشخاص حول القائد فيصبح قائــدا، فــإذا فقــدت

إحدى الشروط الثالثة األول ال يكون انجذاب وال تكون قيادة. ــا ــل منه ومن الواضح أن وجود صفات القيادة في شخصية معينة ال يجعــدا في وقت قائدا، والقائد قد يكون كذلك في وقت معين، وقد ال يكــون قائ آخر، كما أن هناك الكثير من األشــخاص يتصــفون بصــفات القيــادة وليســوا بقادة، فإن صـفات القيــادة في ذاتهـا قــد تتــوفر في شـخص دون أن يحتــل

مركز القيادة ألسباب تتعلق بالموقف أو بالظروف المحيطة.

))القائد والتابعون(( ثم القائد يستلزم بطبيعتــه وجــود التــابعين، والتــابع ال يظهــر تبعيتــه في شكل طاعة عميــاء، بـل وتـابع إلى الحـد الـذي يقبـل فيـه عن طيب خـاطر التأطير التوجيهي للقائد للوصول إلى األهداف الــتي جمعهم، فـإن الجماعــة بعضهم يكون تابعا وبعضهم يكون متبوعا، كما هي حالة الحياة في كــل بعــد

من أبعادها. وهناك عالقــة متشــابكة دائمــا بين القائــد والتــابعين، فالتــابعون يتبعــونــد ــل القائ ــد، ويمث ــد واح ــدين ال في بع ــد يتبعهم، لكن في بع ــد والقائ القائ الفلسفة األساسية لتابعيه، وهو يحدد طريقــه على هــذا األســاس، وإال فقــد التــابعون طــريقهم ووجــدوا أنفســهم في ارتبــاك وحــيرة، وأحيانــا يفقــدون

ثقتهم، وبالتالي القيادة عن القائد، فالقيادة مسألة

132

نسبية في ذاتها، وتابعة للظروف الخاصة واألهداف الخاصة، لوضوح أن مجرد وجود جماعة من الناس ال يعني وجــود قائــد، كمــا أن وجــود من فيــه صفة القائــد ال يعــني أن يصــبح قائــدا فعليــا، فيجب أن يكــون هنــاك هــدف، والظروف نفسها تحدد الصفات الواجب توفرها في الشخص، إذ قد تفــرض

الظروف قيادة ال عنف وقد تفرض الظروف قيادة عنف، وهكذا. وتظهــر القيــادة نتيجــة ظــروف اجتماعيــة للوصــول إلى هــدف، فيربــط القائد بالهدف، نعم الصحيح أنــه يمكن أن يكــون كــل من العنــف والالعنــفــريين إلى ــل الجزائ ــف أوص ــر مثال العن ــول، ففي الجزائ ــيلة للوص مثال وس

الحكم، بينما في الهند أوصل الالعنف الهنود إلى الحكم. وتظهر القيادة نتيجة التفاعل االجتماعي بين شــخص وآخــرين، فــانعزال األشــخاص عن بعضــهم عــزال تامــا ال يمكن أن يظهــر القائــد، فــإذا أنشــئت مشكلة معينة وظهر شخص معين يبين الحلول واألفكار الجديــدة لهــا، فإنــه يصبح قائدا لهذه المجموعة إذا رأت المجموعة أنــه هــو الشــخص المنشــود

الذي يتمكن من اإليصال بالمجموعة إلى األهداف المنشودة بسالم.ــداف ــق أه ــابعين في تحقي ــد والت ــتراك القائ ــو اش ــادة ه ــاس القي فأس مشتركة، فال يمكن أن يقال: إن فالنا قائد باعتبار أنه ذكي أو ماهر أو مفكر

أو مخلص أو مثابر أو مستقيم أو نزيه أو ما أشبه. نعم ال شك أن هذه الصفات معتبرة في القائد دون العكس.

أما العالقة بين القائد وتابعيه فمن طبيعة البشر أن يجتمع اإلنســان في مجموعات بغية إشباع حاجاته أو اإلقالل من خسارته التي هي عــدم إشــباعــده ال يتمكن من ــان وح ــإن اإلنس ــه، ف ــه أو بعض رغبات ــة من رغبات مجموع

الوصول إلى الهدف في األمور الكبيرة، وإن تمكن في األمور الصغيرة.

133

ويقبل األفــراد توجيــه اآلخــرين، ألن إشــباع حاجــاتهم ســيتم عن طريــقــإذا اآلخرين، فيعتبر القائد على هذا األساس وسيلة لتحقيق رغبات تابعيه، فــابعين اعتقد األشخاص أن حاجاتهم ستشبع عن طريق شخص ما يصبحون ت

له ويصير ذلك قائدا لهم. كما أن هناك بدائل يمكن اتباعها في الوصول إلى الهدف، مثل اإلنسان الذي يريد السفر من مكان إلى مكان، فإنــه يتمكن أن يســافر بالطــائرة أوــا تكــون الطــرق متســاوية الســيارة أو القطــار أو الدابــة أو الرجــل، وأحيان كالسفر بهذه السيارة أو هذه السيارة، أو الســفر على هــذه الدابــة أو على

هذه الدابة. ثم إن التابعين يتبعون القائد ألنه يعدهم ويقــوم فعال بالحصــول على مــا يريدون أكثر من غيره، ويرون فيه الكفاءة والشهامة والمتطلبـات القياديـة، ومن غير شك أن الشخص الذي تتوفر لديـه صــفات محـددة للقيــادة يتوقـع منه أن يحقق أكثر ممن ال تتوفر فيه هذه الصفات، بــل قــد تكــون الصــفات

منحصرة.

))ظهور القائد ومدة القيادة(( ثم قد يظهر القائد نتيجة رضــا المجمـوع، وقــد يكــون الرضـا في شـكل صامت بدون انتخابات، وقد يكون العكس، كما لو طاب شــخص من زمالئــه أن يقوموا بزيــارة مســافر ووافقــوا على ذلــك، فيصــبح ذلــك قــابال في هــذا

الظرف بالذات ولهذا الهدف بالخصوص. وقد يكون ذلك لمدة دقائق، كما قد يكون قائدا لمدة ســنوات، كمــا في قيادات االنقالبات الشعبية، أما إذا تم تعــيين شــخص كــرئيس فإنــه ال يعتــبر قائدا، ألنه يستمد سلطته من جهــة رســمية أو من ســلطة عليــا فوقــه، أمــا

القائد فيستمد سلطاته من التابعين له.

))بين القائد والرئيس والمدير((وقد ذكرنا فيما سبق أن األقسام ثالثة: القائد والرئيس والمدير:

فالرئيس اإلداري هو الذي يعتمد كثيرا

134

على السلطة المفوضة إليه من أعلى أو من المجموعة. أما القائد فيستمد سلطاته من الجماعــة ذاتهــا، مــع تفــاوت بين صــفات

هذا وصفات هذا. وعلى كل، فالقيادة تنبع من الجماعــة، ويشــعر األعضــاء بالحاجــة إليهــا، وتــؤمن بأهــداف الجماعــة وتشــعر بشــعورهم، مســتمدة منهــا ســلطاتها، ال

كشكل رئيس أو مدير.

))مشاكل المرؤوسين وحلها(( ثم إنه يقع كثيرا ما للمرؤوسين، سواء كانوا تحت القيادة أو الرئاســة أو اإلدارة، مشاكل البد لمن فوقهم أن يعالجهــا بســالم وبســرعة مهمــا أمكن،

وإال فمن الممكن أن يستفحل األمر بما ال يمكن حلها. نعم في بعض األحيــان ال يمكن الحــل، فــالالزم على من في الفــوق أن يحــل األمــر بــالتي هي أحســن، بمعــنى تضــييق الــدائرة مهمــا أمكن، وذلــكادفــع بــالتي هي أحســن فــإذا ﴿بحاجة إلى الصفات الرفيعــة، قــال ســبحانه: الذي بينــك وبينــه عــداوة كأنــه ولي حميم * وال يلقاهــا إال الــذين صــبروا وال

. (1)﴾يلقاها إال ذو حظ عظيم ــة تصــرفا أما أن تقع الحرب مثال في حدود البالد، فيتصرف رئيس الدول

سيئا حتى يأتي بها إلى عاصمته، فذلك معاكس الحكمة تماما. ونذكر في هــذا المقــام من مشــكالت المرؤوســين أمــورا عشــرة، ممــا تحتاج إلى الحـل أو تضـييق الـدائرة، فعلى الـرئيس أن يقـوم بـالممكن من

األمرين:

))العناد(( األول: عنــاد المرؤوســين، فمن األهميــة بمكــان معرفــة الــرئيس بعنــاد المرؤوسين، فإذا كان العنــاد صــفة شخصــية خاصــة بالمرؤوســين فإنــه منالممكن تجنب عناده بتوجيه اإلقتراحات له، بدال من إعطاء األوامر أو إثارة

. 35 ـ 34( سورة فصلت: ?)1135

دافع اهتمامه مما يمس بكرامته، للحصول على التعاون المطلوب. ويلزم على الرئيس إفهام الموظف العنيد أنــه يســتحيل إتمــام األعمــال في جو يسوده العناد، وربما يضطر الــرئيس إلى نقــل الموظــف إلى مكــان آخر أو فصله اضطرارا إذا كان ال يمكن إطفاء العناد، فيكون ذلك كمثل بــتر العضو الفاسد الــذي ال ينتفــع منــه، وربمــا يخشــى على ســائر األعضــاء من

العدوى.

))الال مباالة(( الثــاني: ال مبــاالة المرؤوســين، فإنــه كثــيرا مــا يالحــظ الــرئيس اإلداري

ظاهرة الالمباالة عند بعض موظفيه. وتحويل الالمباالة إلى االستعداد للتعاون مع المؤسسة ومع الزمالء ومع الرئيس، من أهم وظائف اإلدارة والرئاسة والقيــادة، وذلــك بإيجــاد وتــدعيم الدوافع إلى التعاون وخلق مشجعات ومرغبات، نعم قد تكون الالمباالة عند المرؤوس راجعة إلى الالمباالة عند الرئيس ذاته، وفي هذه الحالــة يجب أن

يصلح الرئيس نفسه حتى بصالحه ينصلح المرؤوس.ــو ــاالة ه ــاء في عالج الالمب ــتخدمها الرؤس ــتي يس ــرق ال ومن أهم الط إصرارهم على ضرورة تنفيذ األعمال مهمــا كــانت الظــروف، ومن اإلصــرارــا بالنســبة إلى ــون تقريع ــتى يك ــل ح ــذ العم ــرئيس بتنفي ــوم نفس ال أن يق

المرؤوس الالمبالي.

))عدم المبادرة(( الثالث: انعـدام المبــادرة عنـد المرؤوسـين، فإنـه في كثـير من األحيـان يكــون عنــد المــرؤوس حالــة تســبب عــدم المبــادرة إلى األعمــال، فيعتمــد المرؤوس على الرئيس، وقد يرجع ذلك إلى تركــيز كبــير في الســلطة، وإالفمن الضروري تشجيع المرؤوس على التفكير البناء حتى يبادر إلى العمل.

ومن الالزم أن يعلم المرؤوســـون اســـتعداد الرؤســـاء لتقبـــل األفكـــارالجديدة لحل المشاكل والتقدم إلى األمام، وغالبا ما يخصص صندوق

136

االقتراحات لالطالع على االتجاهات السلبية المحتاجة إلى المبادرة. وقد ذكر بعض المؤرخين أن عليا )عليه الصالة والسالم( كــان قــد صــنعــانت في الكوفة غرفة في وسط المدينة، وكان في أطراف الغرفة ثقب وك تسمى ببيت القفص، فكان الناس الذين عندهم حاجات أو اقتراحــات أو مــا أشبه ذلك يكتبون ذلــك في رســائل يلقونهــا في هــذه الــدار، فيجمعهــا علي )عليه الصالة والســالم( ويقرأهــا ويعمــل حســب مــا يــرى من إجابــات تلــك

الرسائل أو ما أشبه.

))الجفاء(( الرابع: جفاء المرؤوس، فإنه ربما يظهر ألحد المــوظفين جفــاء لرئيســه أو لمرؤوسيه أو لزميلــه أو تصــرف بشــكل غــير الئــق في المنشــئة أو غــير

المنشئة من األمور المرتبطة بالرئاسة أو القيادة أو اإلدارة. فمن الضروري على الرئيس في هذه الحالة أن يعرف هل أن التصرف غــير الالئــق مجــرد رد فعــل لتصــرف غــير الئــق من الطــرف، أو هي حالــة مستفحلة، أو له أسباب خارجية، فيسعى بتحســين حالــة ذلــك مهمــا أمكن، وربما يحتاج األمر إلى مباحثات، وأحيانا تكون المباحثات طويلة حتى يتمكن

المشرف من إزالة هذه الجفوة.

))العصيان(( الخامس: عصيان المرؤوس بسبب تصرفات الرئيس، فإنــه إذا اعــترضــرئيس بشــكل ظــاهر أو بشــكل خفي، آل إلى ــرؤوس على تصــرفات ال م

العصيان.ــرئيس أن العصــيان والبد أن يفهم الرئيس سبب االعتراض، فإذا رأى ال له ســبب وجيــه تصــرف بمــا يرفــع ذلــك الســبب، مثال إذا كــان الســبب هــو موضوع يعمل الرئيس مما يثير اعتراض المــرؤوس، فــالالزم على الــرئيس تجنب ذلك الموضوع حــتى يتضــح الموقــف، وكثــيرا مــا يكــون الــوقت كفيال

بإصالح هذا األمر.

137

نعم أحيانا يكون األمر الذي أثار اعتراض المرؤوس أمرا ضــروريا حيويــا للرئاسة أو اإلدارة أو القيادة، فحينذاك يجب اإلقناع والتفاهم، أما إذا استمر العصيان فالالزم على الرئيس نقـل مثـل هـذا الموظـف أو فصـله، على مـا

ذكرناه في أمر سابق.

))التحيز(( السادس: تحـيز المـرؤوس، ومن الضـروري على الـرئيس عـدم اعتبـار التحــيز نوعــا من العـداء الشخصــي، فــالتحيز لـدى اإلنسـان طبيعـة، واآلراء مختلفة واألفكار متعددة، فإذا كــان التحــيز من قبيــل اختالف االجتهــادات أو اختالف المصالح فهو أمر يمكن تقبله، أمــا إذا كــان التحــيز مجــرد عنــاد في الرأي وما أشــبه ذلــك، فــالالزم أن يعــالج األمــر كمــا قلنــا في بعض األمــور

السابقة.

))الغرور(( السابع: غرور بعض الموظفين، فإن الغرور عنــد بعض العــاملين بمثابــة دافع قوي لقيامهم بأعمــالهم على غــير وجــه حسـن، وأحيانـا يكــون الغـرور

خطرا على المشروع، سواء كان مشروع دولة أو قيادة أو إدارة. ومن أقسام الغرور تصور المرؤوس أن المشــروع ال يمكنــه أن يســتمر

بدونه. وكان من أقسامه سرعته في األمر أو بطؤه أو عدم مباالته، وقد يكــون التصرف من الرئيس في هذه الحالة هو إعطاء الموظف إجــازة قصــيرة أوطويلة بمرتب أو ما أشبه ذلك، وقد يكون بنقله أو فصله أو ما أشبه ذلك.

))عدم األمانة(( الثامن: عدم األمانة، فإنه قد يكــون الموظــف غــير أمين على المــال أو على العرض أو على العمل أو ما أشبه ذلك، فإن مثل هذا المــرؤوس يجب أن ينبه حسب موازين التنبيه سرا أو جهرا أمام زمالئه أو غيرهم حتى يعــود

إلى األمانة، مع لزوم أخذ االحتياطات الالزمة حول الشيء

138

الذي هو يظهر عدم أمانته فيه، فإذا رأى الــرئيس أنــه ال ينقلــع فــالالزم عالج األمر بما يصلح الموضوع من اإلجازة أو الفصل أو التشهير أو النقل أو

العقاب أو ما أشبه ذلك.

))الغباء((ــاء بعض ــرئيس غب ــه إذا الحــظ ال ــاء بعض المرؤوســين، فإن التاســع: غب المرؤوسين فإنه من األهميــة أن ال يــذكر الــرئيس أن مرؤوســه غــبي، فــإذا كان المرؤوس بطيئا في الفهم لكن يستطيع القيام بعمله بشيء من الصبر والتعلم، فــإن الــرئيس يقــوم بإعطــاء تعليماتــه واضــحة، مــرة كتابــة ومــرة شفهيا، ويطلب من المرؤوس إعادة صياغة السؤال بالتعليمات أو العمل أو

ما أشبه. أما إذا كان الموظف غير صالح للوظيفة، فإنه من المفضــل دائمــا نقلــه إلى وظيفة أخرى تناسبه، دون أن يــذكر لــه الســبب ممــا يــوجب عــداءه أو

بغضاءه أو ال أقل من حزنه وانكسار نفسه.

))اإلشاعات(( العاشــر: اإلشــاعات، فإنــه كثــيرا مــا تشــاع اإلشــاعات حــول اإلدارة أو الرئاســـة أو القيـــادة، فمن الضـــروري على الـــرئيس أن يالحـــظ هـــل أن اإلشاعات صحيحة حتى يعــرف أســبابها، ويزيــل تلــك األســباب حــتى تــزول اإلشاعات، أو أن اإلشاعات من الغرض أو من عدم المباالة، ولكل من هذه

اإلشاعات عالج خاص. وعلى أي حال، فمن الضروري على الرئيس عدم ترك مجال إلشــاعات بين المــوظفين أو بين النــاس، بــل قطــع جــذورها إمــا باإلصــالح أو إســكات

المغرضين أو إظهار أن اإلشاعة غير واقعية. ثم هنا أمران آخران ألمع إليهما جملة ممن كتب حول اإلدارة.

))مدح الموظفين ونقدهم((أحدهما: في مدح الموظفين وانتقادهم، والمراد بالموظف أعم من

139

األقسام الثالثة، فــإن المــديح يقــوي الرابطــة عنــد المرؤوســين بالرضــاوالقبول من اآلخرين.

ــه فــالالزم على المشــرف من أي األقســام كــان، أن ال يعتقــد أن وعلي األعمــال الممتــازة شــيء بــديهي، وأنــه واجب المــرؤوس أن يــأتي بــه، بــل يمدحــه بمــا يســتحق المــدح، من دون زيــادة أو نقيصــة، بــأن ال يكــون فيــه مغاالة، فإن القليــل من المــديح الصــادق أكــثر مفعــوال من الكثــير الكــاذب،

فالالزم أن ال يكون فيه إفراط وال تفريط. ويجب أن يأتي المديح في الوقت المناسب، وال يلزم أن يكون مباشــرة بعد إتمام العمل، ومن المفضل أن يكون المــديح أمــام اآلخــرين إذا لم يكن

هنالك محذور في ذكر هذا المديح. والمديح يجب أن يكون بصفة شخصــية أحيانــا، وبصــفة رســمية أخــرى،

وهذا موكول إلى المادح، حيث يرى أن أيهما هو األفضل. كما أن الالزم أن يبتعد المــديح عن االنفعــاالت الشخصــية حــتى يتصــف المـديح بالموضـوعية وعــدم التحــيز والمحابــاة ومــا أشــبه، ويجب أن يشـير المديح إلى أن الموظف يمكنه أن يفعل أحسن مما كان حتى يشــجعه على

الترقي. كما أنه يلزم أحيانا نقد الرئيس للموظف، لكن يجب أن يتم النقد بــدون

من نصـحانفعال وبدون تجريح، وأن ال يوجه أمام اآلخـرين، ففي الحـديث: ، إال إذا اضطر إلى المجــاهرة،(1)أخاه سرا زانه، ومن نصح أخاه جهرا شانه

وحينئذ يجب أن تكون المجاهرة بقدر، فـإذا كفي المجـاهرة أمـام عشـرة اليتعدى ذلك إلى المجاهرة أمام عشرين وهكذا.

كما أنه يجب على الرئيس أن ال يعطي النقد ألشخاص غير المرؤوســينــه ــل ل المباشرين، بل يوجه النقد إلى الرئيس المباشر الذي هو دونه أو زمي أو هو فوقه، كما أنه يجب أن ال يوجه النقد بأســاس شخصــي وإنمــا بصــفته

عضوا في الجماعة إال إذا كان التصرف تصرفا غير الئق

1(? . )140

شخصيا، فإن التصرفات قد تضــر الشــخص وقــد تضــر المؤسســة وقــدتضرهما معا، وباإلصطالح المنطقي: )بينهما عموم من وجه(.

كما أن النقــد يجب أن يخفــف مهمــا أمكن، فال يكــون بقســوة في غــيرمحله.

وهكذا يجب أن يكون النقد إيجابيا أي بهدف البناء والتحســين واإلصــالحال الهدم، وكثيرا ما يسبب النقد ابتعاد المنتقد أكثر فأكثر، كما قال الشاعر:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراءوداوني بالتي كانت هي الداء

وعلى أي، فالالزم أن يوجه النقد بشكل ال يثير انفعال الموجه له النقد،وال انفعال اآلخرين، إذ قد يثير النقد انفعال اآلخرين.

هذا بالنسبة إلى األمر األول.

))الشكاوي(( أما األمر الثاني: فهي الشكاوي الموجهة من المرؤوسين إلى الرؤسـاء، فإن شكاوي المرؤوسين مــا هي إال تصــرفات ناتجــة من ضــغط االنفعــاالت العاطفية أو العقالنية، ولذا فإن من األهمية بمكان عدم الوقوف في طريق

الشاكي وعرض شكواه، وإال فإنه كثيرا ما يتعقد األمر أكثر فأكثر. وعلى هذا فمن الضروري اتخاذ الخطوات التالية فيما يتعلق بالشكاوي: فأوال: يجب أن يعلم المرؤوسون أن الــرئيس مســتعد لتقبــل الشــكاوي المعقولة، أما االنتقادات االعتباطية والمغرضـة فــالالزم على الــرئيس ردهـا

بالتي هي أحسن.

141

الثــاني: يجب التأكــد من عــدم وجــود أيــة معوقــات تعطــل من عــرضالشكوى على الرئيس.

الثالث: عند االستماع إلى شكوى من مــرؤوس معين، يجب إعادتــه إلى حاالتــه العاديــة، أي حاالتــه قبــل االنفعــال، وقــد رأي بعض اإلداريين أن من طرق إعادة الشاكي إلى حالته الطبيعية أن يصمم الرئيس على أن ال ينظر في الشكوى إال إذا ابتســم الشــاكي ويســتدرج الشــاكي إلى حيث االبتســام

والرجوع إلى حالته الطبيعية. الرابع: أن يكون الرئيس راغبا حقيقة في معرفة الحقائق والدوافع قبلــا في اتخاذ أي قرار بشأن الشكاية، بصرف النظر عن األمور التي ترد أحيان الشكاية الكتبية أو اللسانية، حيث حالة الهيجان والهامشيات وما أشبه ذلك. الخــامس: يجب عــدم تعجيــل اتخــاذ قــرار في الشــكوى، وإذا كــان من الضروري التعجيــل فإنــه من األهميــة بمكــان وتحديــد موعــد أقصــى التخــاذ

القرار حتى يطمئن الشاكي إلى جدية دراسة الموضوع. السادس: استعداد الرئيس لرفع موضوع الشــكوى، إذا اعتقــد الشــاكي

أن موضوع الشكوى غير عادل. ــاف الســتماع الشــكوى أو حــل ــرئيس وقت ك ــابع: إذا لم يكن لل الس المشكلة، وكل األمــر بمن يكــون حصــيفا ويرضــي عنــه الشــاكي ليحــل هــو

الشكوى. الثامن: قد يمكن إرضاء الشاكي بإعطائه امتيازا ماديا أو معنويا،

142

وقد يكون ذلــك أفضــل من حــل شــكواه حيث تبقى الجــذور في نفســهوتعود مرة ثانية إلى الظهور أو نحو ذلك.

التاســع: من الضــروري تجنب تعــدي الشــكوى إلى ســائر المرؤوســين، وذلك بأخذ االحتياطات الالزمة حول الشكوى حتى ال تسرعه، فإن الشكوى

مثله مثل النار، قليلها كثير وصغيرها كبير. العاشر: يجب اتباع الحلول الوسط إذا لم يمكن الحل النهائي للشكوى، فإن كثيرا من الناس يرضون بالحلول الوسط حيث يــرون فيــه النصــفة بين

الشاكي وجهة شكواه.

143

الرقابة(( وضرورة ))اإلدارة الرقابــة ضــرورية بالنســبة إلى اإلدارة، وســواء كــانت إدارة)مسألة(:

صغيرة كإدارة شركة أو مدرسة أو ما أشبه، أو إدارة كبيرة كإدارة الدولة. والرقابة كانت منذ الزمن القــديم خصوصــا في الــزمن اإلســالمي، فقــد وجدت الحسبة بالنســبة إلى الدولــة اإلســالمية، وغرضــها األمــر بــالمعروف والنهي عن المنكر، وحيث كان اإلسالم دين عبــادة ومعاملــة، فــإن الحســبة التي يقوم بها المحتسب وهي مشــتقة من الحســاب باعتبــار أن المحتســب يفعل ذلك قربة إلى الله ســبحانه وتعــالى، وإنمــا يعطي من بيت المــال من بــاب االرتــزاق ال من بــاب األجــرة، للمنافــاة بين األجــرة والقربــة على

المشهور. فالمحتسب كان يمــارس مهمتــه في ميــدان العبــادة تــارة، وفي ميــدان المعاملة تارة أخرى، والمراد بالمعاملــة في قبــال العبــادة الشــاملة لجميــع

أبواب الفقه. ففي ميــدان اآلخــرة كــان المحتســب يــأمر بتقــوى اللــه وأداء فرائضــه وطاعته، ويرفع أمور العاصين كتارك الصالة وشارب الخمــر ومــا أشــبه إلى

األمير أو إلى الخليفة أو الجهة المنصوبة من قبل الدولة لمعاقبته. وفي ميــدان المعاملــة الدنيويــة كــان يالحــق عمليــات الغش وخســرانــة الميزان وشهادة الزور واليمين الكاذبة والمماطلة في وفاء الحق، ومعاقباألمور الال أخالقية التي كان يمارسها الشاب أو الشابة، إلى ما أشبه ذلك.

وقد كان علي )عليه الصالة والسـالم( بنفسـه يمـارس هـذه األمــور فيبلدة الكوفة عاصمة دولته في قصص مشهورة.

ــدأ أما في الدول األوروبية، فقد تولدت الرقابة بمعناها العصري، مــع مب حكم الشــعب ألنــه قبــل ذلــك كــان الحكم باســم الملــك، وأمــراء األقطــاع تمارس من قبل أقاربهم وذي الخطوة وأهل الثقة لديهم، كما أنها لما كانت الكنيســة تحكم بعض البالد الغربيــة فــترة من الــزمن كــانت هي المتصــدية

لمسألة الرقابة،

144

ــة، وأول ــة من مهمــات الدول ــة تكــون الرقاب وفي األحكــام الديمقراطي أشكال هذه الرقابة هي مسؤولية الحكومة أمام المجــالس، وأغلب دســاتير

الحكم تنص على رقابتين: األول: مسؤولية مسبقة تتمثــل بالثقــة الــتي تمنح الحكومــة، والــتي هي عبارة عن السلطة التنفيذية عند تولية الحكم بناء على البرنامج الذي تتقدم

به إلى المجلس قبل ممارسة مهمتها. والثاني: مسؤولية مرافقة تمارس أثناء الحكم على ضوء األعمــال الــتي تقوم بها الحكومة، أي السلطة التنفيذية، وذلك بطريق االستجواب أو طلبــا الشــكوك في مجلس ــتي تخالطه اإليضــاحات عن األمــور الغامضــة، أو الــة يســتجوب في ــوزراء أو رئيس الجمهوري ــوزير أو رئيس ال ــإن ال ــة، ف األم

مجلس األمة بأي شكل كان ذلك المجلس. وحيث إن المسألة تتعلق بالحقوق الدستورية ال يبحث هــذا الشــكل من الرقابة بل على السلطة التشريعية أن تستمر في الرقابــة على الســلطتينــد من االســتعانة ــذا كــان الب ــة، ول األخــريين أي القضــاء والســلطة التنفيذي بوسائط متخصصة ذات قدرة على الدخول في أعماق التصرفات الحكومية والقضائية، وتتبع مواضع السالمة والمرض فيهــا بشــكل بعيــد عن التــأثيراتــائج مشــاهداتها والضغوط، فتفوض ذلك إلى أجهزة ترتبط بها وترفع إليها نت بشكل تقارير دورية على فترات زمنيــة معينــة، أو فوريــة بــالنظر للحادثــات

والوقائع.

))شروط الرقابة((ــة، ــة أو ســلطة ظاهري ــة بســلطة واقعي ــأثر جهــة الرقاب والالزم أن ال تت فالسلطة الواقعية هي ســلطة جماعــات الضــغط، والســلطة الظاهريــة هي

السلطات التي منحتها الشعوب للدولة. وحتى تستطيع هذه األجهــزة أن تــؤدي واجبهــا بفعاليــة وصـدق يجب أن

تتميز:

145

أوال: بالكفــاءة العلميــة الــتي تمكنهــا من فهم النصــوص التشــريعية )أوالتأطيرية( فهما صحيحا وعميقا يصل إلى آرائها الحقيقية.

وثانيا: النزاهــة في األخالق، الـتي تنتابهــا عن المغريــات وســائر أشــكالالتحيز.

وثالثا: االستقالل عن السلطة التنفيذية. ــة ــرفات الحكومي ــإدراك التص ــا ب ــتي تؤهله ــة ال ــارة الفني ــا: المه ورابع

والقضائية وتمييز الصحيح من الفاسد منها.

))أدوار الرقابة((والسلطة التشريعية في كثير من دول العالم تجعل الرقابة في دورين: ــة األول: دواوين المحاسبة المنتشرة في كل دول العالم مع اختالف جهــة ــوزراء أو رئيس الدول ــا بالســلطة التشــريعية أو رئيس مجلس ال ارتباطه

حسب نظم الحكم مما يكون برلمانيا شعبيا أو رئاسيا أو نصف رئاسي. والثــاني: أجهــزة أخــرى تتــولى الرقابــة، وهي تحقــق في القضــايا الــتي تتضمن انحراف األجهزة التنفيذية أو سوء تصــرفاتها بتكليــف من المجــالس النيابية ونحوها، وتدرس الشكاوى واالعتراضات أو المالحظــات الــتي تقــدم إليها على بعض التشريعات، أو على تطبيقها، ونتيجة هذه التحقيقات تعرض على السلطة التشريعية، أو يبت بها الجهاز المذكور حسب موضوع القضية

أو الشخص المرفوعة ضده، وفقا لألنظمة الخاصة الناظمة لهذه الرقابة. ومن الواضح أن الرقابة ليست تستمد قــدرتها من الســلطة التشــريعية فقط، بــل هنــاك جهــات أخــرى تمارســها بأشــكال مختلفــة، فالشــعب ذاتــهــات والمنظمــات ــق الصــحافة، أو الهيئ ــة مباشــرة عن طري يمــارس الرقاب

الشعبية المحلية والخاصة، أو عن طريق

146

األحزاب السياسية والمنظمــات ووســائل اإلعالم كــالراديو والتلفزيــون، كمـــا أن الحكومـــة بنفســـها تمـــارس رقابـــة واســـعة ومتعـــددة األشـــكال والمستويات على أجهزتها المنفذة، فتسلسل الوظــائف والرئاســات ضــمن اإلدارة الواحدة يؤدي هذا الدور، وأجهزة التفتيش المتخصصة التابعة لإلدارة

ذاتها تمارس رقابتها. وإذا كان الحكم إسالميا بأن كان شورى الفقهــاء هــو الــذي يحكم البالد، يجب أن تكون هناك رقابـة من هـذه الجهـة أيضـا على كـل األطـراف الـتيــاس، كمــا تؤطر القوانين في المجلس التشريعي، أو تنفذها وتقضي بين الن قد تحــدث أجهــزة مركزيــة ترتبــط بــرئيس الحكومــة تمــارس رقابــة كــبرى

باسمه. والغرض من كل أقسام الرقابة مرتبطة بأية جهة كــانت هــو التأكــد من أن التصرف والتنفيذ والقضاء يسير في طريــق األهــداف الــتي وضــعت من أجلها التشـريعات في الـدول الديمقراطيــة، أو أطــرت التشـريعات باإلطــار الصحيح في الدولــة اإلســالمية، وأن هــذه التــأطيرات والتنفيــذات واألحكــام

القضائية إنما تسير بشكل سليم، وبقدر جيد من الكفاءة. إذ من الواضــح أن التصــرف يكــون بال قيمــة إذا لم يكن متوجهــا إلى أهداف معينة نافعة ومحددة في النصــوص، فــإن النصــوص قــوالب تتضــمن أحكاما ذات مقاصد معينة، وفي خالف ذلك تكون كالما فارغا، وتكون مهمة المراقب في هذه الحالة كالعسكري الــذي يشــرف على المــوظفين بــأمور

خاصة كالسيارات والقطارات والمطارات وما أشبه. ويلزم كفاءة األجهزة الرقابيــة، فإنــه مهمــا بلغت التشــريعات واألنظمــة والخطط من اإلتقان، فإن سالمة الناتج من تطبيقها منوطة بكفاءة األجهزة

المنفذة، لذا فليس كافيا الوصول إلى النتائج الصحيحة

147

ــيرة ونظيفــة ــة خب ــزة تنفيذي ــوفر أجه وجــود تشــريعات قيمــة إذا لم تتللتفتيش عن صحة التطبيق لتلك التشريعات.

))من مهمات الرقابة(( ثم من مهمــات الــرقيب: كشــف العطــاالت والجهــاالت والشــوائب فيــدة األجهزة المنفذة، والعمل على إبعادها عن الساحة، وإحالل العناصر الجي

مكانها، أو نقل بعضها من مكان إلى مكان أو ما أشبه ذلك. لذا يجب أن تكون الرقابة ذا كفاية رفيعة، فإن عمــل الــرقيب يــأتي في درجــة أعلى من عمــل المنفــذ، وليس المقصــود من هــذا القــول االرتفــاع الوظيفي، وإنما هو التقدم الفني، فكــل تصــرف يقــوم بــه الــرقيب الجاهــلــة على ــه بحكم ســلطته التوجيهي ــثر، فإن ــؤدي إلى ضــرر أو إلى عطب أك ي المنفذين إذا لم يكن ذا كفاية يوجههم إلى الخطأ، وبتصويره أعمــالهم أمــام السلطات، يعطي صورا مشوهة أو معكوسة مما تكــون اإلجــراءات موجبــة ألكثرية العطب، وتكون نتيجة جهالته، كالساعة المختلــة الــتي تسـبق أحيانــا وتقصر أخرى، مما يوجب اإلضطراب والفوضى في أعمال وأوقات صــاحبــه ــا ويعتمــد على تقديرات الســاعة، فخــير لصــاحب هــذه الســاعة أن يهمله الخاصــة والقــرائن الخارجيــة وتخمينــه الســليم في تعــيين األوقــات، من أن

يركن ويطمئن إلى آلة معطوبة.

))توفير وسائل الرقابة((ــه ال يمكن كما أن من الالزم توفر الوسائل الالزمة للتنفيذ صــحيحة، فإن عمل جهاز الرقابة بدون الوســائل الماديــة الالزمــة ألدائهــا، فعنــد مــا يبحث الرقيب الزراعي مثال في موضــوع انتشــار الحشــرات الضــارة في نــوع من المزروعات في منطقة مــا، ويحــاول معرفــة اإلجــراءات المتخــذة من قبــل الجهاز المختص المســؤول، وتحديــد المســؤولية، يجب األخــذ بعين االعتبــار اإلمكانات المتاحة له والوسائل الموضوعة تحت تصرفه للمعالجة، وإال كــان

مثله مثل الطبيب الذي يشخص الداء

148

والدواء، لكنه ال يملك أدوية للعالج. كما أن من الضروري على الجهاز الرقــابي أن يســير في طريــق ســليم بدون التواء ووعورة حتى يصل إلى الهدف، فإذا كانت هنالك طرق متعــددة فمن واجبات الرقيب تمييز هذه الطــرق واإلشــارة إليهــا، والعمــل للوصــول إلى الهدف بأقل جهد ممكن وكلفة من المال ونحــو ذلــك، ولــذا كــان الالزم

على الرقابة:

))مما يلزم على الرقابة(( أوال: تعــيين الخطــة واألهــداف الممكنــة ال المثاليــة التابعــة لألمــاني

واألحالم. وثانيا: الحساب الدقيق لتكــاليف ومســتلزمات تحقيــق األهــداف، ســواء

المالية أو البشرية أو الفنية أو غيرها. وثالثــا: إجــراء موازنــة ســليمة بين كلــف األهــداف واإلمكانــات المتاحــة

لمقابلتها. ورابعـــا: الجـــرأة في حـــذف أو تأجيـــل أو تبـــديل جميـــع األهـــداف والمشروعات التي ال تتوفر إمكانات كاملة لها، ألنــه خــير أن تقــوم الرقابــة في البداية الختيار المشروعات الــتي ال غــنى عنهــا، وتركــز العــزم بإنجازهــا واإلستفادة منها، من أن تتركها لمشاريع أخرى أقل أهمية، واســتهالك جــزءــروعات من اإلمكانات الالزمة لها، وبالنتيجة تحصل على مجموعة من المش الناقصة ال يستفاد من واحد منها، أو يستفاد من مجموعها أقل من استفادة

من أحد المشروعات المفيدة. ومن الواضح أن بناء مستشفى مفيد خير من إشادة هياكــل بنــاء خمس مستشفيات وبقائها هياكل بدون فائدة لإلنتاج مدة عشــر ســنوات مثال، دونــف إمكان تجهيزها واستثمارها، وفي المثل القديم: )قرية عامرة خير من أل

قرية خربة(.

149

وعلى هـــذا، فمن الالزم البنـــاء على أرجحيـــات وقياســـات ســـليمةللمشروعات، توضع برامج فنية ومالية وزمنية إلنجازها.

وبناء على أسس سليمة من التخطيط وإتاحة جميع إمكانات ومسلماتــاءة ــة صــحيحة على المشــروعات من جهــة كف ــق رقاب ــذ يمكن تحقي التنفي

تنفيذها ونتائجها. ــا اتجاهــان، اتجــاه ســلبي للوقــوف دون العطب والفســاد ــة له فالرقاب واالنحــراف، واتجــاه إيجــابي يتعلــق بــأغراض التنميــة من التأكــد على ســير عمليـــات التنميـــة في اتجـــاه األهـــداف واســـتعمال المـــوارد واإلمكانـــات المخصصة بشكل ســليم، والحــد من اإلســراف في األعمــال، والعمــل على تطوير العمل اإلداري وتحسينه، وتحقيق الكفاءة اإلنتاجية أي لــون كــان من اإلنتاج، سواء كان إنتاجا ثقافيــا أو عســكريا أو زراعيــا أو صــناعيا أو غيرهــا، والمحافظة على جدية النشاط وإبعاده عن األهــواء والتيــارات الــتي تجرفــه عن غاياته، وتستهلك جزءا من قدراته في غير صالح العمل، وتقــييم النتــائج

واإلنجازات. كما أن الالزم في الرقابــة اإليجابيــة مالحظــة عــدم وقــوع التنــاقض بينــة، ســواء بين بعضــها البعض أو بين إحــداها التشــريعات واألعمــال التنفيذي واألخرى التي هي كثيرة في الحكومات وفي الشركات الكبرى، وأحيانا تجد

سبيلها إلى اإلدارات الخاصة أيضا. والتناقض يحدث إما لتوارد المصالح، أو لتضارب اإلجتهادات، كما ألمعنا

إلى القسمين في السابق. ــاقض بين الســلطات الثالث أنفســها بأنفســها، أو ومن الواضــح أن التن بعضها البعض يشكل عيبا ونقصــا واضــحا في التخطيــط بحيث يخرجهــا عن مدلولها ويؤثر على أهدافها األساسية ويفقدها أكبر قدر من قيمته، باإلضافة

إلى نظر الشعب إلى مثل هذه القدرة بعد ذلك نظر ازدراء.

150

وهذا التناقض غالبــا يقــع لــدي أكــثر الــدول المبتدئــة في طريــق النمــو، خصوصا الدول الدكتاتورية بسبب يقظتها المفاجئــة، ووقوفهــا أمــام الواقــع المتخلف في كل المرافق والنواحي، ومحاولتها إزالــة أنقــاض هــذا التخلــف دفعة واحدة، وإشادة بناء وطني حديث متقدم علميا صحيحة كفوءة، وقعت الدولة في متاهات التخبط ومهاوي الفســاد والتضــخم والرشــوة ومــا أشــبه

ذلك.

))الرقابة في الدولة(( ثم إن الرقابة في الدولة يجب أن تشمل كل أنشطتها الخاصة، إذ لكــلــا، ثم من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية واإلعالمية رقابة خاصة به تجتمع هذه الرقابات في رقابــة عليــا توحــد وتنســق بين هــذه الرقابــات، إذ بدون ذلــك تقــع الرقابــات األربــع في تنــاقض، الختالف المصــالح أو اختالف

االجتهادات. وهذا األمر كما يصح بالنسبة إلى الدولــة، يصــح بالنســبة إلى الشــركات

الكبرى والمنشئات الضخمة أيضا. ومن الالزم على رئيس الدولة أو الجهــة الخاصــة فيهــا أن تجعــل رقابــة على الرقابة العامة أيضا، حتى ال تنحرف الرقابة بنفسها، كما تجعــل الــدول الدكتاتورية مباحث على المباحث العامــة حــتى ال تنحــرف المبــاحث العامــة

بنفسها أيضا.ــارين وحيث ذكرنا الرقابة بصورة عامة فال بأس أن نشير إلى بعض التمــانت اإلدارة ــا ك ــه لم ــة، فإن ــال الرقاب ــئات في مج ــة ببعض المنش المرتبطــإن من مسؤولة عن استخدام الموارد المالية والبشرية استخداما أحسن، فــد حــدد بعض العلمــاء ــع المجــاالت، وق ــة جمي الضــروري أن تشــمل الرقاب

اإلداريين ذلك بأمور.

))موارد الرقابة(( فأوال: الرقابة على األموال، وتشــمل الرقابــة على اإليــرادات، والرقابــة

على المصروفات، والرقابة على تكاليف اإلنتاج، وتكاليف

151

التسويق، والتكاليف اإلدارية، والرقابة على األجور والمرتبات، والرقابــةعلى المصروفات.

وثانيــا: الرقابــة على المــواد واآلالت، وتشــمل درجــة اســتخدام المــواد اســـتخداما أمثـــل، والرقابـــة على الطاقـــة اإلنتاجيـــة لآلالت المســـتخدمة

والعاطلة. ــلع، ــاج والس ــودة اإلنت ــة على ج ــودة، كالرقاب ــة على الج ــا: الرقاب وثالثــزء من والرقابة على جودة األبحاث المتعلقة بالمنشئة ككل، أو بكل جزء ج

أقسام المنشئة. ورابعا: الرقابة على الوقت، كالرقابة على وقت العمال، والرقابــة على

وقت الموظفين، والرقابة على وقت اإلداريين. وخامسا: الرقابة على جودة اإلدارة واإلداريين.

وذكر بعضهم: إن مجاالت الرقابــة بالنســبة لمشــروع صــناعي يمكن أنتكون كاآلتي:

الرقابة على اإلنتاج، والرقابة على األفراد، والرقابــة الماليــة، ومراجعــة الحســابات، والرقابــة على التســويق، والرقابــة الشــاملة للمشــروع ككــل،ــة ــز الســوقي وعلى اإلنتاجي ــة على المرك ــداف كالرقاب ــة على األه والرقاب ونحوهما، والرقابة على السياسات، والرقابة على اإلجراءات، والرقابة علىــة على التنظيم الميزانيات التقديرية، والرقابة على البرامج الزمنية، والرقاب الهيكلي، والرقابة على اإلداريين، والرقابــة على الــروح المعنويــة، والرقابــة على االنحرافات، وأخيرا الرقابة على الصور الذهنية للمؤسســة، فــإن لكــل مشروع ـ صغيرا كان أو كبيرا حكوميا أو أهليا ـ شخصية تماما مثل شخصية

الفرد، فكما أن الفرد له

152

صورة ذهنية عند الرأي العام كذلك المشروع بما هو مشــروع، والمــراد بالصــورة الذهنيــة للمشــروع االنطباعــات الشــعورية والالشــعورية عنــد

الجماهير. ومن أحسن المؤشرات عن نجاح المشروع وفشله هي الصورة الذهنية لدى الجماهير، ألنها مقياس شامل لقــدرة اإلدارة على تحقيــق مســؤولياتهاــل ــروري لك ــذلك فمن الض ــا، ل ــة وغيره ــة والثقافي ــادية واالجتماعي االقتص

المشروعات الرقابة على الصورة الذهنية له عند الجماهير. وهنا سؤال هو أنه هــل تتكــون الصــورة الذهنيــة بنــاء على الحقــائق، أم على أساس انطباعات الناس عن الحقائق، إذ قد تختلف الثانية عن األولى، فإنه في بعض المواقــع يقــع بين الــرأي العــام وبين الواقــع تــدافع، حيث إن الرأي اعتاد االنحراف بسبب مغريات خارجية أو داخلية، وهنا تقع المنشئات في أزمة بين مراعاة الضمير وبين مراعاة النجاح حسب الرأي العــام، لكن المنشئة إذا كانت الئقة واإلدارة حازمة يلزم عليهمــا مالحظــة الواقــع، فــإن

الواقع أحمد عاقبة وأدوم زمانا. ثم إنه ليس للمؤسسة صورة واحدة عند النــاس، بــل أحيانــا تكــون لهــا عــدة صــور ذهنيــة تختلــف بــاختالف نــوع الجمــاهير المســتهلكين وجمــاهير

الموردين وجماهير الموظفين وجماهير المستثمرين. كما أن الصورة الذهنية عند الجمهور الواحد لها عــدة وجــوه، أو عناصــر

تختلف باختالف الوقت والظرف وسائر الشرائط. والجمهور عبارة عن مجموعة من األفراد تقع في محيط نشاط مشروع أو مؤسسة تؤثر عليها وتتأثر بها، ويختلف في تكوينه حســب طبيعــة األمــر،ــتخدمين، وعلى هذا يمكن وجود الجماهير اآلتية ألي مشروع، كجمهور المس

وجمهور المساهمين، وجمهور

153

ــور ــوقعين، وجمه ــتهلكين المت ــور المس ــاليين، وجمه ــتهلكين الح المس المــوردين، وجمهــور المنافســين، وجمهــور الطبقــات االجتماعيــة، وجمهــور الحكومة المركزية، وجمهور الحكومة المحلية، وجمهور الصــحافة، وجمهــور الراديو، وجمهور التلفزيون، وجمهور النوادي والصحف، وجمهــور االتحــادات

والمؤسسات المهنية والعلمية وغيرها. وعلى هذا يعتبر كل شخص في المنظمة مســؤوال عن تكــوين شخصــية المنظمة، من الرئيس اإلداري األعلى إلى عامل التلفــون وعامــل النظافــة،ــوا، وإن ــذه المؤسســة، إن ارتفعت ارتفع ــدة مرتبطــة به ألنهم أســرة واح

انخفضت انخفضوا.

))الرأي العام(( ولما كانت سمعة المشروع وشخصيته قد تتكون على أساس من الرأي العام وهو الغالب، سواء كان مطابقا للحقــائق أو لم يكن مطابقــا للحقــائق كما ذكرنا ذلك، فمن الضــروري معرفــة الــرأي العــام لــدى جمــاهير النــاس وتحليلـــه، ثم اتخـــاذ مـــا يلـــزم لتـــدعيم التفـــاهم المتبـــادل بين المنظمـــة وجماهيرها، كما قد عــرفت أنـه إذا صــار التــدافع بين الجــانبين يجب تعــديل

األمر بما ال يضر الحقائق، وال يضر الصورة المنطبعة لدى الرأي العام.ــرأي العــام، ــا تتكــون العالقــات العامــة بين المؤسســة وبين ال ومن هن والرأي العام عبارة عن اتجاهــات ومعتقــدات ووجهــات نظــر لمجموعــة من الناس يرتبطـون بالمؤسسـة، وهـو بــذلك تيــار مجـرد غــير ملمـوس، نتيجــة

تفاعل أفكار األفراد وآرائهم الفردية. وللرأي العام صفات يتميز بها، فإذا كان الرأي العام مستندا إلى حقائق ملموسة، فإنه يكون من الصعب تغييره، بل أحيانــا يكــون شــبه المسـتحيل، ولذا تشتبه الحكومات الدكتاتورية في إرادتها تغيير المعتقــدات االستشــارية

لدى الجماهير في مختلف أبعاد الحياة بما تنفعها، وتجعل

154

منها حكومة عادلة شعبية. والرأي العــام يتكــون غالبــا على أســاس مصــالح ذاتيــة حســب مصــلحة الجمهور من جهة انطباعه عن الحقائق، وللــرأي العــام حساســية للحــوادث

الهامة أو تلك التي تتعرض لمصالح األفراد.

))مقياس الرأي العام((ويقاس الرأي العام بعدة طرق، كـ:

: طريق االستقصاء الجماعي، حيث تسجل مناقشات عدد من األفــراد1 على شريط تسجيل حول موضوع معين، وتمتاز هــذه الطريقــة بأنهــا تظهــر

أثر التفاعل الجماعي بين اآلراء. : وطريــق االستقصــاء الفــردي العميــق، وتتم بتوجيــه أســئلة لشــخص2

ــة األســئلة، وإنمــا يهــدف واحــد حيث ال يكتفي بمجــرد الحصــول على إجابمعرفة الدوافع.

ومن عيوب هذه الطريقة التكاليف الباهضة والبطء الملحوظ، باإلضــافة إلى أن علماء النفس يرون أن هذه الطريقة قد تفشل في معرفــة الــدوافع الحقيقية، لمغالطــة الشــخص نفســه، أو لعــدم قدرتــه على معرفــة دوافعــه

الحقيقية. : وطريق االسقاطية، وهي تفيد في معرفة حقيقة الشعور عند الفرد،3

ومن بين الطرق اإلسـقاطية طريقـة تـداعي المعـاني عن طريــق الكلمـاتبطريقة إكمال الجمل.

إلى غيرها من الطرق المذكورة في الرأي العام. وعلى أي حـــال، فعلى المنشـــئة أن تكســـب الـــرأي العـــام إذا أرادتــدفاع، وذلــك ممــا ال يمكن إال بالعالقــات االســتمرار في حياتهــا بتوســع وان

العامة. والعالقات العامة عبارة عن الجهود التي تبذل في ســبيل إقامــة تــدعيم التفاهم المتبادل بين مشروع أو منظمة، وبين جماهيرها، وعلى هذا فالالزم

على المشروع إنشاء قسم أو إدارة للعالقات العامة تكون مهمتها:

155

أوال: دراســة الجمــاهير من ناحيــة آرائهــا وعاداتهــا وتقاليــدها ووجهــاتــدى مختلــف الجمــاهير، وإيصــال هــذه ــام ل ــرأي الع نظرهــا، أي معرفــة ال االنطباعــات إلى اإلداريين حــتى يعــدلوا في خطتهم إن كــانت محتاجــة إلى

التعديل. وثانيا: إعالم هذه الجماهير في الوقت المناسب بوجهة نظــر المشــروع وسياساته، والتأكد من أن المعلومات التي تصل للجمــاهير حقــائق وليســت

أخبارا كاذبة. ويتم هذا اإلعالم إما بواسطة وسائل اإلعالم العامة أو بسبب منشورات

أو حفالت أو زيارات أو أما أشبه ذلك. ثم حيث يتكون الرأي العام من كل فرد فرد، فالالزم على المنشــئة أن تراعي كـل فـرد فـرد، فال تقـول: إن زيـدا أو عمـروا ليس بمهم، فإنـه مهمــال، ومهم جدا، فإن البحار تتكون من القطرات، والصحاري تتكون من الرم

ولذا نجد في تاريخ العظماء أنهم كانوا يهتمون بكل فرد فرد. وفي حياة رسول الله )صــلى اللــه عليــه وآلــه( أمثلــة متعــددة من هــذا القبيل، والتي منها ما ورد من أنه )صلى الله عليه وآله( أعطى ســائال شــيئا ثم لما رأى عدم ارتياحه عن العطية قال له: هل أحسنت، قال الســائل: مــا أحسنت وال أجملت، ولما أراد الصحابة تأديبه قــال النــبي )صــلى اللــه عليــه وآله( لهم: دعوه، ثم أخذه إلى بيته وأعطــاه مــا ارتــاح إليــه الســائل، فقــال السائل: لقــد أحســنت وأجملت يــا رســول اللــه، وجــزاك اللــه خــيرا، فقــال الرســول: اذهب وقــل ألصــحابي ذلــك، فــذهب الســائل وأظهــر رضــاه عن الرسول )صلى الله عليه وآله( عندهم، فالرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه(

أراد بذلك:أوال: أن ال يبقى حتى فرد واحد منه غير راض.

156

وثانيا: أن يشعر أصحابه بأنه حتى هذا الفرد رضي عنه. ــخط ــا وس ــيزان رض ــات لم ــأ في البالد مؤسس ــدير أن تنش ثم من الج الجمــاهير عن مؤسســة مــا، وعن قــدر المحبوبيــة والمبغوضــية في األفــراد الذين يريدون الوصول إلى مقامات رفيعة، أو يريدون البقــاء في مقامــاتهمــدور الحالية، فتراجع المؤسسة أو الفرد هذه المؤسسة المعنية لتقوم هي ب االستفسار عن الجماهير لقاء أجــر تأخــذه من المؤسســة الطالبــة أو الفــرد الطالب، وتعطي النتائج للمؤسسة أو الفرد لتستمر المؤسسة أو الفرد في

حياتها أو حياته على نتائج الرأي العام.

157

األسواق(( ))مراقبة تستمر الحمالت التموينيــة المكثفــة الــتي تقــوم بهــا أجهــزة)مسألة(:

الشرطة لمراقبة األسعار وتفقد األسواق العامة واتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة ضد التجار الذين يثبت إصرارهم على تحقيق أرباح غير مشروعة، سواء من اصطالح الدولة أو واقعا، وتقول الدولة إنهم يتالعبون بقــوت الشــعب وإنهم غير ملتزمين بالتسعيرة، وإنهم يعمــدون إلى إحــداث اختناقــات مفتعلــة في

السلع. ومــع الغض عن شــرعية أو ال شــرعية هــذه الحمالت، وأكثرهــا غــيرــك الحمالت ــول: إن تل مشروعة حتى إذا فرضت الدولة إسالمية باالسم، نق التموينية ليست هي العالج الستقرار السوق ولتوزيع السلع كما ينبغي، فهيــا، ألن ــل أحــد العناصــر الهامــة وليســت جميعه على أحســن الفــروض تمث المشــكلة في حـــد ذاتهــا مـــركب متكامـــل يتكـــون من أجـــزاء مترابطــةــط ومتصاعدة، ويتوقف كفاية أي جزء وقدرته على النجاح على مــدى التراب

والتناسق ونجاح كل جزء في أداء دوره. فتسمية العالم الثالث بمثل هــذه الحمالت بــالثورة اإلداريــة الماليــة في الدولــة اســم يحتــاج إلى المســمى، فإنــه على األغلب ليس من اإلدارة في شيء، وإذا كان من اإلدارة في شيء فهو جزء صغير، فإن من أهم ما يجب مالحظته أن حكومات بالدنا بصورة عامة دكتاتورية، ســواء سـميت بالثوريــة أو االنقالبية أو الديمقراطية أو اإلسالمية أو العلمانية، والحكومة الدكتاتورية تعمل على خنق الكفاءات وجمع اإلمعات حول نفسها الذين ال حول لهم والــة أو االقتصــادية أو السياســية أو غيرهــا، قــوة في أي من الشــؤون الثقافي وتكثــير المــوظفين للتصــفيق للحكومــات والتســبيح بحمــدها، والعمالــة للحكومات الغربيــة والشــرقية مباشــرة أو غــير مباشــرة، ولــذا نــراهم أنهم

يستوردون حتى اللحوم والقمح بينما كانت بالدنا قبل هذه

158

الحكومات تصدر القمح واللحم على األكثر، إلى غير ذلك. والحكومة إذا كانت دكتاتورية ال يعتمــد عليهــا الشــعب خصوصــا في بالد اإلسالم، حيث إن النــاس مســلمون، فــإذا رأوا الحكومــة غــير إســالمية وإن نادت باسم اإلسالم ليل نهار، البد وأن يعاكسوها فضــال عن عــدم االســتماع إلى كالمها، وعدم اإلكتراث بقوانينها، ولذا يحتكر التجار وتفشو الرشوة فياإلدارات الحكومية من الرئيس األعلى للدولة إلى كناس البلدية وغير ذلك.

وقد حدثت قصة كتبتها الصحف أبانهــا، وهي أن في حــرب عبــد الناصــرــا وإســرائيل يــوم الحــرب ذهب تجــار إســرائيل إلى الدولــة وقــالوا لهــا: إن مستعدون لكل ما تراها صالحا بشأن السلع واالقتصــاد والمــال، بينمــا أذكــر ونحن كنا في العــراق أن تجــار العــراق أخفــوا الســلع واحتكروهــا ليضــعفوا قيمتها، فلماذا كان ذلك، أليس ألن حكومة إسرائيل جاءت برغبة من اليهود وانتخاب حر منهم، وفي إسرائيل المؤسسات الدســتورية والصــحف الحــرة واألحزاب الحرة وما إلى ذلــك، ولــذا يــرى التجــار أنهــا حكــومتهم وأنهــا في صالحهم، وأنهم منها وهي منهم مائة في مائة، بينما جاءت حكومات العراقــابر ــات عســكرية مألت الســجون ونصــبت المشــانق ووســعت المق بانقالب وأكثرت الفساد، فــإذا كــان هم الشــعب التخلص منهــا بــأي وســيلة، ويــرون

تقويضها واستفزاز الناس ضدها من أهم ما يجب عليهم. وكيف يمكن للمصــلح أن يقــول للتجــار: اصــلحوا، وهم يــرون الحكومــة فاسدة، والناس على دين ملوكها، وكيف يتسنى للمتدين أن يقول لبعضهم: ال تسرقوا، وهم يرون أكبر الســراق يأخــذ بزمــام البالد والعبــاد، وهــل حــال المصــلحين في هــذه الحكومــات إال كحــال ذلــك العــالم حين رأى الخليفــة

العباسي يقطع يد

159

سارق فقال: الله أكبر سارق العالنية يقطع سارق السر. وعليه فـإذا كـان لـوم على التجــار والكسـبة المسـتغلين، فضــعف ذلـك اللـــوم على الحكومـــة الـــتي جـــاءت إلى الحكم بـــاالنقالب العســـكري، أو باالنقالب الشعبي ثم استبدت بالحكم وضربت الناس أو جاءت بالوراثة، بــل

ألف لوم على كل أعمال تلك الحكومة في كل أبعاد الحياة. وعليه فليس من شأن الكاتب اإلداري أن يضع اللوم على الناس ويترك

اللوم على الحكومة. ونحن نعدد هنا المشاكل بعــد الغض عن هــذه المشــكلة األساســية، بــل

كل تلك المشاكل وليدة هذه المشكلة، نقول:

))مشكلة زيادة االستهالك وأسبابها(( إن مشكلة زيادة االستهالك في بالدنا تعد أحد العناصر المهمة التي تؤثر على خطــة التنميــة االقتصــادية، فهي أحــد أطــراف المعادلــة الصــعبة الــتي تعترضنا إلصــالح المســائل االقتصــادية، في الــوقت الــذي يجب أن يتم فيــه اإلنتاج بدرجة تفوق الزيادة في االستهالك، ألن عدم الزيــادة في اإلنتــاج بــل معادلتها لالستهالك، بل أقليتهــا عن االســتهالك تــوجب المخمصــة في البالد،ــتي ذكرناهــا ترجــع إلى عــدة وهــذه المشــكلة بعــد الغض عن المشــكلة ال

أسباب: ــيرة من منها: الزيادة المطردة في عدد السكان، وزيادة دخول فئات كث المستهلكين بدرجة تفــوق مــا كــانت تحصــل عليــه في الماضــي وبمعــدالت

مرتفعة، ألن الحكومة علمتهم السرقة، فال يقتنعون بالمشي المعتدل. فمثال هناك فئات التجار والحرفــيين والمقــاولين أصــحاب المهن الحــرة واألسر الــتي تتلقي األمــوال من الخــارج بســبب كــون كفالئهــا يعملــون في الخارج، فإن جملة من هذه الفئات أصبح لديهم قوة شرائية ضــخمة، وليس

من خصائصهم االدخار أو االستثمار، بل يتجهون إلى

160

االستهالك المــترف بــداع التقليــد أو المحاكــاة أو مــا أشــبه ذلــك، وكــان نتيجة ذلك دخول بعض السلع التي كـان ينظـر إليهـا في الماضـي على أنهـاــوم كمالية إلى نطاق االستهالك العادي لهذه األسر، هذا في الوقت الذي تق فيه الدولة بما تصطلح عليه بمسؤولية حماية المستهلك من ارتفــاع نفقــات المعيشة بتوفير السلع األساسية أو الكمالية بأسعار منخفضــة مدعمــة تقــل

عن تكلفتها الحقيقية، وفي ذلك خطئان:األول: إن الحكومة سلبت الحرية.

الثاني: إن الحكومة هي التي تسبب األسواق السوداء، على االصطالح. ــدالت ــردة في مع ــادة المط ــة للزي ــائج الطبيعي ــان، فمن النت ــف ك وكي االستهالك أن يكون هناك ندرة في السلع مما يــتيح للتجــار الــذين هم غالبــا من أعوان الحكومة وأعضــادها لــترفع األســعار والتحكم فيهــا، وظهــور فئــة

الوسطاء والداللين والسماسرة ومن أشبه مما سبب زيادة القيمة. وفي المثل )بالراعي تصلح الراعية(، و)النـاس على دين ملوكهـا(، فـإن الناس لما يرون أن الحكومة تفعل هذه األمور بمئات وألوف األضعاف التي

هم يعملونها، فال بد أنهم يعملون أيضا مثل تلك األعمال. ثم في الحكومات الدكتاتورية بمختلف ألوانهــا إنمــا تحكم المحســوبيات والمنسوبيات، والمحسوبيات والمنسوبيات هي الــتي تعمــل هــذه األعمــال، ألنها ليست لديها الوجدانيات والكفاءات وما أشبه ذلك، فكمــا هــو قفــز إلى

الحكم من دون مالحظة أي معيار ديني أو

161

وطني أو ضميري، كذلك يتصرف بمثل هذه األعمال الموجبة للمشكلة. ولذا نرى أن حملة الشرطة وما أشبه كلها تقابل عند الناس باالســتهزاء واالزدراء، وأن مثل هذه الحمالت ال تنفع شيئا، بل المشــكلة ســتظل قائمــة ما لم يكن هناك تعاون بين جهود الدولة من ناحية والمســتهلكين من ناحيــة أخــرى، وذلــك بعــد أن تكــون الدولــة دولــة صــحيحة جــاءت إلى الحكم باالنتخابات والمعايير الحرة واألحزاب المتنافســة، فجــوهر المشــكلة يرجــع

إلى الحكومة أوال وبالذات، وبعد ذلك إلى المستهلكين. ويتمثل ذلك بعد إصالح الحكومة ـ لو فرض بقاء شــيء من مثــل ذلــك ـ إلى ترشيد استهالكهم، بــأن يكــون ســلوكهم في مواقــف االســتهالك بصــفة عامة، والشراء والتجــارة ونحــو ذلــك بصــفة خاصــة، ســلوكا يحكمــه العقــل

والمنطق والدراسة والتحليل والتروي. ومن الواضح أن الحكومة إذا صلحت صلح الناس تلقائيا، ومن لم يصلح منهم يمكن إصالحه بسبب اإلرشاد وما أشبه، فأخيرا يصل األمــر إلى دائـرة ــدا ــف أو واح الشرطة لحمالت التموينية، وذلك ال يكون إصالحا واحدا في أل

في عشرة آالف من الذي نشاهده اآلن. وعلى أي حال، فإذا صلحت الحكومة، على المســتهلك أن يقــوم بعمــل موازنــة منطقيــة بين احتياجاتــه الفعليــة من الســلع وبين إمكانياتــه الماديــة

بحيث ال يكون هناك إسراف في شراء سلع قد ال يكون في حاجة إليها. وقد نقل لي أحد الثقات أنه في الحرب العالمية الثانية كان زائرا إحدى البالد الغربية التي تسمى بالديمقراطيــة، والـتي لشـعبها التعلـق بحكومتهـا، قال: سمعت من اإلذاعة رجــاء الحكومــة أن يخفــف الشــعب من اســتعمال

البيض ألن البيض قل في البلد، فاشتريت كمية من البيض وذهبت إلى

162

بيت ابنتي، وهي كانت متزوجة هناك، فلمــا رأى الــزوح والبنت الــبيض ــة أعلنت رجــاء التخفيــف في اســتهالك قــالوا: لمــاذا هــذا، قلت: ألن الدول البيض، فقالوا لي: نحن ال نأكل من هذا الــبيض، فــإذا نحن خنــا دولتنــا فمن يقيم دولتنا، وكله أنت، وإذا أردت أن تحســن إلينــا وإلى نفســك فــارجع إلى

البائع وارجع البيض إليه.

))ترشيد االستهالك(( وعلى أي حال، فبعد إصالح الحكومة ترشــيد االســتهالك على المســتوى الشعبي العام، مسؤولية كل أفراد المجتمع وخاصة رب األســرة الــذي يعــد المسؤول األول عن ترشــيد االســتهالك في داخــل الــبيت، ألنــه األقــدر على إدارة شؤون المنزل إدارة اقتصادية سليمة، من خالل المســاهمة في الحــدــبه، من استهالك السلع على اختالف أنواعها، وخاصة السلع الغذائية وما أش

وذلك بشراء ما تحتاجه األسرة فقط. وربمـا يـرى اإلنسـان في بعض البالد أن أربـاب األسـر يشـترون السـلع

بكميات كبيرة لخوفهم من عدم توفرها للغد. ومن الواضح أنه لو تصرف كل أسرة بهذا المنطق فإن الدولة تســتطيع أن توفر األسواق بجميع احتياجاتها في ظل الطلب المتزايد من تلك السلع، وإذا صلحت الدولة ورجع بعض الناس المفرطين إلى العقل والمنطق، أدى ذلك إلى وفرة العرض من السلع، والقضاء على ظاهرة الوسطاء والداللين

وما أشبه، وإلى اعتدال القيم. إن مشــكلة عــدم تــوفر الســلع الغذائيــة ومــا إليهــا وســوء التوزيــع في المجتمعات االستهالكية قضية مهمة تشغل كل إنسان يعيش في هذه الدول في الوقت الحاضر، وال شك أن هناك العديــد من المشــاكل، كمــا أن هنــاك العديد من الحلول، إال أن جوهر المشكلة يرجع إلى الدولة، وجزء من ألــف جزء من المشكلة يرجع إلى المستهلك أو التاجر الجشع، وهذا الجــزء أيضــا

راجع إلى الدولة،

163

ألن الدولة لما كانت غير صحيحة يعمل الناس حسب نظــر دولتهم، وإال فلماذا نرى في البالد التي تسمى بالديمقراطية ليست هـذه المشـكلة بهـذا لحجم، هل أناس تلك البالد غير أناس بالدنــا، كال وإنمــا حكومــات تلــك البالد غير حكومات بالدنا، فإن حكوماتهم تســمى بالديمقراطيــة، وإن كــانت بينهــاــتي نســميها باالستشــارية المتواجــدة في ــة وال ــة الحقيقي وبين الديمقراطي اإلسالم بــون شاســع، كمــا ألمعنــا إلى ذلــك في كتــاب )الصــياغة الجديــدة(

وغيره. وعلى هذا، فبعد إصالح الدولة تقوم الدولــة بإصــالح نظـام الــبيع ونحــوه في المجتمعــات االســتهالكية، وهــذا مــا يصــطلحون عليــه بمفهــوم )الثــورة اإلدارية( التي تهدف إلى إحداث تغييرات وإصالحات جذرية إلزالة المعوقات المختلفة، وعالج المشـكالت الــتي تعــاني منهــا الجمــاهير، وحينئــذ يمكن أن تقوم الجهة المرشدة للجماهير سواء كان مستهلكا أو تاجرا أو كاســبا بــدور كبير وفعال في حل تلك المشاكل، وذلــك عن طريــق الحــد عن االســتهالك

والمساعدة في القضاء على السوق السوداء. ــا الحكومــة، وهي أول من توجــدها، وهي لكن السوق السوداء في بالدن

أول من تسندها، وهي أول من تلقي بثقلها فيها.ــة ــحة الحكوم ــرض ص ــد ف ــالح اإلداري، بع ــة أو اإلص ــورة اإلداري ثم الث واستقامتها وانتخابيتها واستشاريتها، تعتمد أساســا على إعــادة التنظيم أوال، وتغيير السلوك والعادات ثانيا، وبعــده يــأتي دور إصــالح التــاجر والمســتهلك اللذين يبقيان على صنعتهما المنحرفة، وقــد عــرفت أنهم قليلــون في مثــل هذه الحكومات جدا وجدا، وإصــالحهما ممكن بحلــول متعــددة، والــتي منهــا

تشكيل جمعيات استهالكية تتوفر فيها السلع باألسعار

164

العادلة، وهل بعد ذلك يتمكن التاجر من التالعب، وهل بعــد ذلــك يجمــعــك ال يكفي العــرض للطلب، وحيث إن المســألة ــد ذل المســتهلك، وهــل بع اقتصادية ونحن إنما ذكرناها من جهة اإلدارة الفاسدة التي تقوم بهــا الــدول

الدكتاتورية، نكتفي منها بهذا القدر، والله المستعان.

165

وشروطها(( الدينية ))اإلدارةــدين)مسألة(: اإلدارة الدينية عبارة عن أن جماعة من الملتزمين بال

يرشدون الناس إلى طريق الحياة الســعيدة، ال بمعــنى أنهم يجــبرونهم على ،(1)ال إكــراه في الــدينالسلوك في طريق معين، فإن من شــعار اإلســالم

ــان عطب، بل بمعنى أنهم يساعدونهم في فهم الحياة التي إذا خالفها اإلنسوإذا وقع في طريقها وصل إلى شاطئ السالم بأمن ورفاه.

فمثل رجل الدين مثل الطبيب الذي ال يجــبر المــريض على الحميــة منــرد أشياء خاصة، ومن شرب أدوية مخصوصة، بل يهديه إلى الطريق الذي تــاة في ــاهج الحي إليه صحته وسالمته ليعيش بصحة موفورة وسالمة تهنئه مب

مختلف األبعاد. ويشترط في المــدير الــديني ـــ مرجــع تقليــد كــان أو وكيال أو واعظــا أو

مدير مؤسسة دينية أو مدير مؤسسة زمنية ـ أن يتحلى: أوال: بالتقوى، أي اجتناب المعاصي والجرائم التي يراها الشــرع جريمــة إبتداءا، أو ألن العقل يراها جريمة، كالزنا والربا والقتــل والســرقة والكــذب

وما أشبه ذلك مما يتبع الشرع العقل في ذلك. وثانيا: باألخالق الطيبة، مــع الغــريب والقــريب، والصــديق والعــدو، وفي

حالة الرضا والغضب، إلى غير ذلك. وثالثــا: بــااللتزام بصــورة خاصــة، حيث إن رجــل الــدين يــدعو إلى جنــة عرضها السماوات واألرض، والعزوف عن التكــالب على الــدنيا، فــالالزم أن يكون هو أول عامل بما يدعو إليه، ولذا ورد في الدعاء بالنســبة إلى األئمــة

بعــد أن شــرطت عليهم الزهــد فيالراشــدين )عليهم الصــالة والســالم(: . (2)درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها

ثم حيث إن اإلسالم دين ودنيا يلزم أن يدخل رجل الدين أيضا

. 256( سورة البقرة: ?)12(? . )

166

ــد ــدول والمعاه ــدير ال ــا، ي ــل دين ودني ــون رج ــأن يك ــا، ب ــل أبعاده بك والمستشفيات واألمور االقتصادية والمعامل والمطارات وغيرهــا، ال بمعــنى

أن يستبد باألمر، بل بمعنى أن يكون هو والمثقف الزمني جناحي التقدم. وفي الزيــارة المشــهورة الــتي ذكــرت حــول األئمــة الطــاهرين )عليهم

.(1)وساسة العباد، وأركان البالدالسالم(: وقد يتنفر جمع من تدخل رجل الدين في الدولــة من جهــة مــا رأوه من سوء تصرف الخلفاء األمويين والعباسيين والعثمــانيين ورجــال الكنيســة في القرون الوسطى وحاخامات اليهود ومن إليهم، فانطبع في ذهنهم أن الدين إذا عاد إلى الحياة عادت تلك المآسي، لكن سوء تصــرف مــدعين ال يــوجب اإلغمــاض عن الحقــائق، كســوء تصــرف جماعــة من الحكــام الــذين كــانوت يدعون الديمقراطية، فهل معنى ذلك أن الديمقراطية بنفســها غــير حســنة، بالنسبة إلى من يرى الديمقراطية أخير صيغة الحسن في إدارة البالد، فــإذا لم ينسب العقالء سيئات المدعين للديمقراطية على النظــام الــديمقراطي، كان الالزم أن ال ينسب إنسان سيئة الخلفاء واألمــراء والكنيســة ومن إليهم

على الدين الذي هو قانون الحياة السعيدة. ونحن بهذه المناسبة ننقل هنا ما وضعناه سابقا في كــتيب حــول مهمــة رجــال الــدين، وكيفيــة إدارتهم للحيــاة، ليكــون مرشــدا لمن يكــون في هــذاالسلك ولغيره ممن ينظر إلى الدين ويريد منه إدارة دفتي الدنيا واآلخرة.

1(? . )167

168

(1)الدين علماء إلى الحاجة

هذه رسالة )االحتياج إلى أهل العلم( كتبتها تنويرا للــذين جــرفهم التيــار الغربي، فزعموا أن رجال الــدين كالعضــو األشــل الــذي ال ينتفــع بــه، ويجبـه وتعبــه، وقــد جعلـوا حجتهم أن زمــان رجــل بتره ليسـتريح الجسـم من كل الــدين انقضــى وأمــده انصــرم، ولــذا ال ينتفــع هــو من المجتمــع، وال ينتفــع المجتمع به، إذن فمن األفضل أن يقطع هذا العضــو حــتى ال يســبب فســادا

وخباال، وال يكون عالة على االجتماع، وكال على اآلخرين. هذا هو منطق الغرب والغربــيين، أمــا الغــرب فقــد لفــق هــذه األكذوبــة عمدا واحتيـاال، ألنـه رأى أن العقبــة الكــؤود والسـد المـنيع أمــام اســتعماره واستثماره، وتهويده وتنصيره لبالد المسلمين، ليس إال رجل الدين بما أوتي من شعبية واسعة، ونفوذ هائل إلى أعماق االجتماع، وهناك ألف شــاهد لمــا

ذكرناه من احتيال أهل الغرب لزحزحة أهل العلم عن االجتماع.

طبعت مستقلة في أكثر من بلد، وآخرها في مؤسسة الوفاء ـ بيروت. (?)1169

أما المسلمون، فهم بين غافل انســاق وراء األكذوبــة عن بســاطة نفس وصدق طويــة، وبين من خلب لبــه ســراب المســتعمرين فظن التخلص من الدين نصرا مبينا يــوفر لــه الســعادة والخــير، فصــفق وهلــل، وانطلى عليــه

االحتيال وسار وراءه بدون تمحيص واختبار. ــيرة من المســلمين ــة، حــتى أخــذ جماعــة كث وبين ذا وذا وقعت الواقع أنفسهم يتساءلون ما هي فائــدة رجــال الــدين، وهــل هم مبشــرون بالحيــاة السـعيدة ومــا هي، أم بــالموت فهم يشـيرون إلى جنــة عرضــها الســماوات

واألرض فقط بدون أن يكون لهم أقل شأن في هذه الحياة الدنيا. ومن غــريب األمــر أن المكيــدة انطلقت حــتى على بعض البســطاء من رجال الدين، فزعموا أن دورهم انقضى وما هم بعد ذلك إال كالسحاب الذي أمطر وابله ثم بقي في السماء عاطال ينتظــر دفء الشــمس وهــوج الريــاح

. (1)كان لم تغن باألمسليذيباه شيئا فشيئا، وبمثــل هــذا الجــو القــاتم، مســتعمرة من الخــارج، وجهلــة من الــداخل، وغفلة من بعض رجال الدين، ضاعت المقاييس، واتســع الخــرق حــتى على

الراقع. إن هذه الرسالة كتبت ألجل هذه الغايــة، لتلقي بعض الضــوء على وجــه احتجاج االجتماع إلى أهل العلم، وألن تفند بعض المزاعم المســتوردة الــتي

حاكها الغرب ألجل االستعمار واالستثمار. ومن الطبيعي أن نرى بعد ذلك، المهمة الملقاة على عاتق أهل العلم ال تؤدى بدقة واتقان، وأن ننظر إلى المجتمع فال نرى الفائدة المتوخــاة، الــتي

ألجلها يعمل أهل العلم ويكدون ليل نهار، فإنه كيف

. 24( سورة يونس: ?)1170

يمكن أن يعمل جهاز قد عطب بعض ما له من مقومات ومؤهالت، فهلــة رأيت طائرة تطير بدون وقود، أو قمرا يطير بدون آالت، أو هــل رأيت حب تنمو في أرض جافة ال نصــيب لهــا من المــاء والعذوبــة، وال تتســاقط عليهــا

أشعة الشمس وال تمر عليها نسائم الهواء. إن الرجل مهمــا كــان شــجاعا مقــداما إذا غلت يــداه وســجن في غيابــة مطمورة ال يتمكن من أن يعمل ولو مقدار الجبان المطلق األيدي واألرجل. إن الجو الخانق الذي هيأه المستعمر وأذنابــه لبالد اإلســالم، خليــق بــأن يدع رجال الدين مكتوفي األيدي، ال يحلون حتى أرجــل دجاجــة، وال يعقــدون حتى الخيط العادي، فمن أين يمكن أن نرى نتائج جهــود أهــل العلم، وثمــار خدمات رجال الدين، وهــل مثلهم في مثــل هــذا الجــو المظلم إال كمــا قــال

الشاعر: ألقاه في البحر مكتوفا وقال له

إياك إياك أن تبتل بالماء وهذه الرسالة محاولة لإللماع إلى دور أهــل العلم في المجتمــع، ووجــه

احتياج البشرية إلى رجال الدين، والله الموفق وهو المستعان.

كربالء المقدسة محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

171

الدين(( رجل ))دور رجل الــدين ممثــل لإلســالم ومــبين لقوانينــه وأنظمتــه، واإلســالم يــوفر للناس الحياة الســعيدة في الــدنيا وفي اآلخــرة، فاحتيــاج النــاس إلى رجــل

الدين هو احتياجهم إلى سعادتهم. هذا مجمل المطلب وإليك التفصيل في ضمن أرقام.

(1 )المثالي(( ))النزيه

رجل الدين إنسان نزيــه مثــالي، والمجتمــع بحاجــة إلى اإلنســان النزيــهلألسوة أوال، ولتعشق اإلنسان للخير والجمال الذين يمثلهما الروحاني ثانيا.

فهل رأيت كيف يعشق اإلنسان منظــر الطبيعــة الهادئــة، وأريج األزهــار الفواحة، وانسياب األنهار الملتمعة، كذلك يعشـق اإلنسـان الشـخص النزيــه المثالي، ويمأل النزيه فراغا في نفس اإلنســان، بحيث إنــه لــوال النزيــه يبقى هذا الفراغ شاغرا، إن اإلنسان ينظــر إلى المثــاليين بعين النزاهــة واإلكبــار، فيتخذهم أســوة لــه في الحيــاة، وبــذلك يســمو االجتمــاع صــعدا إلى العلــو،

ويتقدم البشر قدما إلى األمام.

(2 )المبدأ(( في ))أسئلة

اإلنسان جبل على حب االستطالع، وأول ما يفكر فيه كــل إنســان أوتي حظا من الفكر والفطنة، هو قصــة )المبــدأ(، إنــه يفكــر: مــاهو المبــدأ، ومن

الذي خلق الكون، وكيف ابتدع البشر.والروحاني يجيب على

172

هذه األسئلة، وال أجوبة فارغـة، ودعــاوي ال يسـندها الـدليل، وتخرصــات تحتاج إلى )الحلقة المفقودة(، بل جوابه مشفوع بالبرهان، وكالمــه مــدعوم

باألدلة القطعية والحجج الواضحة.

(3 )والمستقبل(( المصير ))حول

واإلنسان يتلهف لمعرفة المصير، وأنه كيف يكون في المســتقبل، فهــليذهب هذا الجمال إلى العدم والفناء األبدي، أم هل يبقى، وكيف يبقى.

إلى ألف سؤال وسؤال حول المصير والنهاية.ــة ومقنعــة في نفس ــة كافي والروحــاني يجيب عن هــذه األســئلة، أجوب الــوقت، ممــا يســد هــذا الفــراغ الهائــل في النفس والتطلــع المتلهــف نحــو

المستقبل المجهول. ثم إن معرفة المبدأ والمصير يحدد سلوك اإلنسان ومسيره، فالروحاني

باآلخرة يحدد السلوك في هذه الحياة.

(4)والروح(( اإلنسان ))ارتباط

ما هو اإلنسان، وما هي النفس، ومن أي شيء الروح. كلها أسئلة تحتاج إلى الجواب، وكلها مشاكل بانتظار الحل، فهل الــروح عين الجسد، أو أن الروح غير الجسد، فكيف المغايرة، ومتى وإلى أين حين

االفتراق.أسئلة كلها تدور في فلك معرفة اإلنسان لنفسه، وتطلع اإلنسان لذاته.

والروحاني هو الوحيد الذي يتمكن من جواب هــذه األســئلة، وحــل هــذهاأللغاز، في ضوء العلم والمنطق والبرهان.

(5 )واألوصياء(( األنبياء ))نهج

رجال عمالقة وأبطال عظام، جاءوا إلى الدنيا إلصالحها،

173

وانتشال الناس من هوة الظلم، وإسعادهم في مختلف جــوانب الحيــاة،ــهم، وأين يسمون هؤالء الرجال باألنبياء واألوصياء، فمن هم، وما هي قصص هي الداللة واإلشارة في حياتهم، وما هو المقدار الــذي يتمكن اإلنســان من

االستنارة بأنوارهم، ليسعد هو بنفسه ويسعد اآلخرين بإرشاده وداللته.إلى أسئلة وأسئلة، تدور في هذا الفلك.

والروحاني يجيبك إجابات كافية رشيقة حــول هــذه األســئلة، فــإن رجــلــاء ــ ألولئــك األنبي ــ بفــارق ـ ــذهم، والنســخة طبــق األصــل ـ الــدين هــو تلمي

المصلحين واألئمة الراشدين.

(6 )الماضية(( والقرون الخالية ))األمم

أمم خلت مـــع التـــاريخ، وقــرون مضــت مـــع األجيــال، وشــالالت من البشرجاءت إلى الوجود ثم ذهبت أدراج ثنايا الزمان، وقد أقــاموا حضــارات وهدموا حضارات، بما تنطوى عليــه الحضــارة من المقارنــات والمالبســات، وما اشتملت عليه حياتهم من عبرة، ومماتهم من إشارة.. فمن كانت أولئك

األجيال، وكيف كانت تلك األمم. إنها أسئلة يجيب عنها رجل الدين إجابات واضحة، ويرشدك إلى مواضع

العبرة لتتخذ منها دروس السعادة والصالح.

(7 )الفكر(( ))سعة

اإلنسان ذرة صغيرة في عالم كبير مــدهش في الكــبر، والعــالم مرتبــطــيرة بعضه ببعض ارتباطا وثيقا يكاد اإلنسان الغافل ال يصدقه، والنظــرة الكب إلى الكون والحياة، باإلضافة إلى أنها توسع آفاق التفكير، تؤتي ثمارا شــهية

من السعادة، ونتائج طيبة تورث االبتهاج واالرتياح.

174

والروحاني يوسع آفاق التفكير حول الكون والحياة، ويرشــد إلى العــالم الكبــير الــذي يبتــدئ من األول ويســتمر إلى اآلخــر، بــالعمق والشــمول

المعاصرين، فتصبح نظرة اإلنسان كونية ممتدة من األول إلى األبد. وهذه النظرة باإلضافة إلى ما تورثه من البهجــة والســعة، تــوجب ســعة

الحركة والعمل مما يأتي بأجمل الثمار وأحسن النتائج.

(8 )البالد(( ))عمران

يســـاهم رجـــل الـــدين في تعمـــير البالد، فـــإن المســـاجد والمـــدارس والحســينيات وســائر الصــدقات الجاريــة، إنمــا تحتــاج إلى محفــزين يــبينون للناس أهميتها، ويستدرون عطف الناس إليها حتى يبذلوا األموال، ويصرفواــل هــذه األوقــات لبنائهــا وإشــادتها وتعهــدها وتعاهــدها، وليس المحفــز لمث

المشاريع إال الروحانيون.

(9 )المدن(( ))تجميل

ــا، تجميل المدن من األمور المهمة التي تسعى الحكومات والشعوب لهفإن الجمال مما يتوخاه كل انسان، ويتطلبه األفراد واألمم.

ــا ورجل الدين يساهم مساهمة فعالة في تجميل المدن وإناقة البالد، بم يبينهــا من المنــاهج والدســاتير المقــررة للجمــال، وفي رأس القائمــة قولــه

.(1)إن الله جميل يحب الجمال)عليه الصالة والسالم(: جمال المدن، جمال الحدائق، جمال الشوارع، جمال وسائل العيش بأي

لون كانت، جمال األفراد، إلى غيرها.

1(? . )175

(10 )الحياة(( في ))الرفاه

الرفاه غير الجمال، فإن الشارع الوســيع المــوجب لرفــاه المــارة يمكن أن يكون جميال، كما يمكن أن يكون بشع المنظر. والســيارة الجميلــة يمكن

أن تكون بدون رفاه، توجب عنت الركاب وإرهاقهم. والرفاه مطلوب لإلنسان، كما أن مــا يــوجب اإلرهــاق والضــيق مكــروه

لدى كل فرد.ــديث: ورجل الدين يعلم الناس كيفية الحياة المرفهة، انظر إلى هذا الح

من سعادة المرء دار وسيعة، ودابة سريعة، وامرأة مطيعة(1).ــوارع، إلى وبرامج سعة الدار، التنزه، التوسعة على العائلة، توسعة الش غيرها مما يرشد رجــل الــدين إليهــا، ويشــير إلى مزاياهــا وفوائــدها، تــوجب

الرفاه والسعادة لإلنسان.

(11 )الزراعة(( على ))الحث

زراعــة األراضــي وتعاهــد المــزارع والبســاتين والحــدائق، من مقومــات الحياة السعيدة، فـإن كـثرة المزارعـة باإلضـافة إلى إيجابهـا الرفــاه وكـثرة الحبوب والفواكـه، تسـاهم في البهجــة واالرتيــاح، وتكثــير اللحــوم واأللبـان،

والصحة العامة. ورجل الدين ممن يقــود هــذه الحركــة، ويســاهم في الزراعــة مســاهمة فعالة، فإن البرامج الزراعية الموجودة في اإلسالم والتي ذكــرت في كتــاب )التجارة( و)إحياء الموات( و)المزارعة( و)المساقاة( إنما يبينها للناس أهــل العلم، يحبذون إلى الناس الزراعة واإلنتاج، ويذكرون مــا لــذلك من الفضــل

والثواب عند الله سبحانه.

(12 )الفقر(( ))إزالة

يساهم رجل الدين في إزالة الفقر من البالد، فإن مناهج الخمس:

1(? . )176

العشرين في المائة من األرباح وغيرها، والزكاة بمقاديرها المختلفة منعشرة في المائة إلى واحد في المائة.

والصدقات، والكفــارات، والنــذور، والهبــات، والهــدايا، والضــيافات، ومـا أشبه هذه األمور، مما يبينه رجــل الــدين للنــاس، ويحثهم عليهــا، ويرشــدهم

إلى منافعها وفوائدها، والثواب العائد لمن عمل بها. ومن المعلوم مســاهمة مثــل هــذه األمــور لنفي الفقــر والعــوز، وترفيــع

مستوى الفقراء والمساكين.

(13 )الكلمة(( ))جمع

جمع الناس تحت لواء واحد، وتوحيدهم في صف، بنبــذ الفــوارق وإزالــة أسباب التفرقة واالنشقاق، من أهم ما يحتــاج إليــه البشــر، لتطمئن نفســه،ــة ويستقر ضميره، ثم ليكون هناك التعاون في التقدم إلى األمام، فإن األلف

والوحدة منبع الفضائل ومبدأ السعادات. ورجل الدين يسعى لهذه الغاية النبيلة، والتي نجدها صريحة في القرآن

واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا .(1)﴾﴿الحكيم: النــاس سواســية: (صــلى اللــه عليــه وآله)وفي كالم الرســول األعظم

. (2)كأسنان المشط الناس إمــا أخ لــك فيوفي كلمة اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(:

. (3)الدين، أو نظير لك في الخلق

. 103( سورة آل عمران: ?)12(? . )3(? . )

177

(14 )الغيور(( ))الوطني

رجل الدين وطــني غيــور، ال يمكن أن يــدعو إال إلى الــوطن، وفي رأس.(1)حب الوطن من اإليمانبرامجه

إنه ليس وطنيا بمعنى األقليمية الضيقة، وإنمــا بمعــنى المكافحــة ألجــل األوطان، ومطاردة األجانب والمستعمرين الذين يستدرون خـيرات الـوطن،

ويريدون له التأخر واالنحطاط على حساب تقدمهم وارتفاعهم.

(15 )اإلنسانية(( ))النزعة

النزعة اإلنسانية من أجمل صفات اإلنسان، وال ينالها إال ذو حظ عظيم،ــع وهي عبارة عن الشعور بجمال اإلنسان بما هو إنسان، مع الغض عن جمي المالبسات والمزايا والنواقص التي تعتري أفراد اإلنسان، وهــذه النزعــة إذا

وجدت في فرد أو أمة تفعل أثره الفعال في سوق اإلنسان إلى كل خير. ورجــل الــدين يعلم المجتمــع هــذه النزعــة، وينميهــا في الفــرد واألمــة،

﴾ولقد كرمنــا بــني آدمويتعاهدها بالحكمة والرعاية، متخذا من قوله تعالى: ﴿ر دستور ومنهاج لغرس هذه الفضيلة، وانمائها في النفوس. ي خ(2)

(16)العالمية(( ))النزعة

النزعة العالميــة عبــارة عن اهتمــام اإلنسـان بالعـالم، إنسـانه وحيوانــه،مدنه وصحاريه، حروبه وسلمه، شجره وحجره، وسائر أجزائه وطوارئه.

وهناك فــرق بين )النظــرة الكونيــة( و)النزعــة العالميــة(، في أن األولىنظرة إلى الكون بما فيه من سماء وأرض، وخالق ومخلوق،

. 70( سورة اإلسراء: ?)12(? . )

178

وحياة وموت، إلى غيرها، والثانيــة حالــة في النفس تبعث إلى االهتمــامبعالمنا المحيط بنا.

وكثير من الناس لهم نزعة عالمية وليســت لهم نظــرة كونيــة، والنزعــة العالمية دليل على ارتفاع مستوى الفكر وسعة أفق النفس، وتــؤتي ثمارهــا

الطيبة في مرافق الحياة العامة. ورجــل الــدين ممن يســاهم إليجــاد هــذه النزعــة المباركــة في األفــراد

هو الــذي جعــل لكم األرض ذلــوال فامشــواوالمجتمعات، وعنوان صحيفته: . (1)في مناكبها وكلوا من رزقه

(17 )الثقافي(( ))المستوى

ورجل الدين يساهم في ترفيع المستوى الثقافي لألمة، ويحرض النــاس على العلم والمعرفة، فهو كبذرة طيبة للعلم، تؤتي ثمــار المعرفــة، وتوســع

دائرة المعلومات، وتقلص من الجهل واالنحطاط.وانظر إلى هذه اآليات والروايات:

﴾هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون ﴿(2)..(3)﴾أوتوا العلم درجاتوالذين ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم

طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة(4).أطلبوا العلم ولو في الصين(5).

لو كان العلم في الثريا لنالته رجال من فارس(6). (18 )

والعائلة(( ))األسرةــدائم على ورجل الدين يكون األسر، ويوجد العائالت، وذلك بتحريضــه ال النكاح، وتحذيره الدائم عن الطالق والعزوبـة، ومن المعلـوم فوائـد األسـرة ومنافع العائلة، فإنها اللبنة األولى لالجتماع الكبير، إن عنـوان صـحيفة رجـل

الدين في هذا الصدد:

. 15( سورة الملك: ?)1. 9( سورة الزمر: ?)2. 11( سورة المجادلة: ?)34(? . )5(? . )6(? . )

179

ن يكونوا فقراءإمائكم إ منكم والصالحين من عبادكم وىنكحوا األيامأ﴿و.(1)﴾يغنهم الله من فضله

. (2)أبغض الحالل إلى الله الطالق: و(19 )واإلصالح(( ))الصلح

ورجل الدين يحل مشاكل األســرة، إذا عرضــت المشــاكل في حيــاتهم،.(3)﴾صالحا يوفق الله بينهماإن يريدا إ﴿وذلك بتحريضهم على اإلصالح،

ــزوجيوأخــيرا ــان حــق كــل من ال ــة للمشــاكل ببي وضــع الحلــول العادل رجـال الــدين في واألقرباء واألرحام، ولذا نجـد ،والزوجة، والوالدين واألوالد

كل مدينة وقطر المفزع اآلمن لحل أمثال هذه المشاكل.

(20 )األخير(( العالج ))الطالق

وإذا لم يصطلحا ولم يقبال الحلول العادلة، يحــل رجــل الــدين المشــكلة العصية بالطالق، كالدملة الخبيثــة الــتي أخــير دوائهــا البــتر والعمــل والقلــع، فجحيم البيت التي أوقــدت بســبب المنكــر وســوء األخالق، تطفــأ بــالطالق، تقديما لألهم على المهم، ولئال يبقى الجرح يدمي ويتقيح حــتى يفســد اللحم

والعظم، ويسبب الدمار والهالك. ثم رجل الدين يضع الحلول العادلــة للفرقــة، والــبرامج المخففــة لحــدة

التوتر الذي يسببه الطالق.

(21 )المظلوم(( ))نصرة

ورجل الدين يغرس في االجتماع ملكة الدفاع عن البالد، ونصرة

. 32( سورة النور: ?)1. 35( سورة النساء: ?)23(? . )

180

ومــاالمظلوم والضعيف، وعنوانــه في هــذا الجــانب المهم من الحيــاة: ما غــزي قــوم في عقــر، و(1)لكم ال تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين

.(2)دارهم إال ذلوا ولذا كان رجال الدين على طول الخط أقوى سـناد للبالد في الكـوارث، وفي حالة هجمات األعداء، سواء كان الهجوم بصــورة ســافرة أو بالتلصــص

واالختفاء.

(22 )المجتمع(( في ))التوازن

ــواء ــاع من غل ــوازن في االجتم ــظ الت ــل لحف ــير عام ــدين خ ــل ال ورج الطبقات، فإن المجتمع البد وأن يشــتمل على طبقــة تملــك القــوة والمــال، وطبقة ال تملك منهما شيئا، ومن الطبيعي أن يطغى صاحب القوة والــثراء،

ويثور الفاقد لهما، مما يسبب حدة التوتر، وأخيرا الخصام واالصطدام. ورجل الدين يقف دون طغيان صاحب الثروة والقوة، بالنصــح واإلرشــاد والتهديد والوعيد، كما يخفف من حدة عنــف الطبقــة العــزالء، وال فــرق في

ذلك بين أن يكون صاحب المال والقوة الدولة، أو األثرياء واألقوياء.

(23 )الثروات(( تكدس ))عدم

والتكدس في الثروة يضر الجانبين، جانب الثري وجانب المعوز، كالمــاء إذا اجتمع في مكان يضر وجــوده بــذلك المكــان، كمــا يضــر عدمــه بالمكــان

الخالي منه. ورجل الدين خير مفتت للثروة، وموزع لألموال المكدسة، بما معــه من المناهج اإلسالمية، فالخمس يأخذ من المــال عشــرين بالمائــة، والزكــاة مــا يقارب معدل خمسة في المائة، ثم يخرج من المــال الصــدقات والكفــارات

والخيرات المطلقة مما ال يبقى من

. 75( سورة النساء: ?)12(? . )

181

المال إال الخمسين في المائة تقريبا، ثم بعد ذلك يفتت البــاقي بــاإلرث،حتى أن رأس المال قل أن يبقى مدة مديدة.

(24 )والسالمة(( ))الصحة

ورجل الدين ممن يساهم في حفظ الصــحة، وقايــة وعالجــا، وذلــك بمــا يبينونه للناس من المناهج الصحية الواردة في اإلسالم، في أبواب )المآكل(ــاد عن ــنزه( و)االبتع ــزواج( و)الســفر( و)الت ــة( و)ال و)المشــارب( و)النظاف المصــابين( و)التجنب عن مواضــع اإلصــابة( و)المالبس( و)النــوم واليقظــة(

و)االغتسال( و)التوضي( و)الصيام( وما أشبه ذلك. ثم بيان )العقــارات( البســيطة النافعــة في العالج عنــد اإلصــابة، وإزالــة

أسباب القلق واالضطراب النفسي، مما يسبب كثيرا من األمراض.إلى غيرها من أسباب حفظ الصحة، وقاية وعالجا.

(25 )الشامل(( ))السالم

ورجل الدين من أكــبر الــدعاة إلى الســالم، الســالم بين أفــراد العائلــة،ــل وبين األصدقاء، وبين الشركاء، وبين المدن، وبين البالد، وهل عنوان أفض

يــا أيهــا الــذين آمنــوا ادخلــوا في الســلم كافة ﴾من قولــه ســبحانه ، وفي(1)﴿. (2)الحديث: عد من المنجيات: إفشاء السالم للعالم

(26 )البشرية(( ))الكرامة

ورجل الدين الحفيظ الوحيد للكرامة البشرية، فإنه هو الــذي يعــرف أنمن قتل نفسا ﴿اإلنسان خليفة الله في األرض، ويعرف أن

. 208( سورة البقرة: ?)12(? . )

182

ولقــد(1)﴾بغير نفس أو فساد في األرض فكأنما قتل الناس جميعا ﴿، وأنه .(2)﴾كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات

إنسـان قصــير بالقصـر ازدراء، غيبــة محرمــة في أن اإلشارة إلى ىوحتالشريعة.

بل رجل الدين يذهب إلى أبعد من ذلــك، إذ يــبين أن اإلنســان في حــال كونه نطفة أو بعد الموت، أيضا لــه كرامــة اإلنســان، وأن كــل عمــل ينــافي

كرامته محظور فيه، ومعاقب فاعله.

(27 )القضاء(( ))أفضل

ورجـل الـدين وحــده يعـرف أحسـن المنــاهج القضـائية، لحــل الـدعاوي والمخاصمات حال سريعا واقعيا، بدون اللف والتلف، وبــدون هــدر الطاقــات

والكرامات.ــاروحيث إنـــه يعلم أن لعن اللـــه، و(3)القاضـــي بين جمـــرتين من نـ

، فالقضــاء عنــده متســم بســمة العــدل والحــق، إلى(4)الراشــي والمرتشيأقصى الحدود الممكنة.

(28 )العربية(( ))اللغة

ورجل الدين هو القائم الحافــظ على )اللغــة العربيــة( بآدابهــا وأنظمتهــا وأساليبها، وفائــدة ذلــك بالنســبة إلى البالد العربيــة وســائر البالد اإلســالمية واضحة، حيث إن العرب بحاجة إلى من يحفظ لغتها عن االنـدثار، والمسـلم

بحاجة إلى من يحفظ لغة قرآنه وحديثه وصلواته ودعائه. باإلضافة إلى أن حفظ لغة عن الضياع واالندثار من مهمات العالم، فإن فائدة ذلك بالنسبة إلى غير العـربي وغـير المسـلم هي التحفـظ على كيـانــا من األزمــان، وخلفت ماليين واسع وعميق، وحضارة بشرية ازدهرت قرون

من اآلثار.كما أنه يفيد غير المسلم التعرف على

. 32( سورة المائدة: ?)1. 70( سورة اإلسراء: ?)23(? . )4(? . )

183

( مليونا. 1500أمة كبيرة من البشرية يقدر ب )

(29)واألديان(( ))المبادئ

ورجل الدين يعرفنــا بالمبــادئ واألديــان والمــذاهب، واألفكــار واألنظمــة والقوانين والمعتقدات، ألنه المسؤول عن معرفة كل ذلك ـ قديمها وحديثها

ـ حتى يعرف الحق من بينها، ويتمكن من دحض الباطل بالحجة واإلقناع. ولــذا نجــد في كتب الفلســفة والكالم اإلســالميتين التعــرض لــذلك كلــهــافة بضرورة مبسطة أو موجزة، وهذا يفيدنا الحق وتمييزه عما عداه، باإلض إلى أنه موجب لتوســيع آفــاق الفكــر والمعرفــة، والتعــرف على ســائر بــني

اإلنسان في عقائدهم وأفكارهم وأنظمتهم.

(30 )الجرائم(( من ))الحد

والجريمة في االجتماع من أبشع ما مني به البشرية من قــديم الزمــان، والروحاني يساهم مساهمة كبيرة في الحد من غلــواء الجريمــة، والحيلولــة دون انتشــارها وعــدواها، وذلــك بمنــاهج خاصــة قــدرها اإلســالم، كاإلرشــادــات النعيم لمن والنصح والتذكير بعذاب الله وشديد نكاله، والترغيب إلى جن عاش طاهرا نقي الثــوب، واألمــر بــالمعروف والنهي عن المنكــر، والرقابــة

على االجتماع، والحث والتشويق، وما إلى ذلك من المناهج المعروفة. هذا فيما إذا لم يكن بيد رجل الــدين زمــام الحكم، وإال فمنهــاج الوقايــة عن الجريمة والعالج لما وقع منها، هي من أفضل المناهج التي عرفت لهذه

الغاية.

184

(31 )المصاب(( عن ))التسلية

ورجل الدين بيــده تريــاق التســلية عن المصــاب، ممــا يــوجب الســكينةواالطمئنان قلبا، والحيلولة دون وقوع كوارث تسببها الفوادح غالبا.

مثال التلميـــذ الراســـب كثـــيرا مـــا يتعـــرض لألمـــراض بســـبب القلـــق واالضطراب النفسي، أو يلقي بنفسه في أحضان االنتحــار والجريمــة فــرارا

عن وقع الرسوب على نفسه. وهكذا التاجر الذي خسر ماله، واإلنسان الــذي فقــد قريبــه، والموظــف الــذي أزيــل عن منصــبه، وهنــا يــأتي دور رجــل الــدين ليمــد إلى المنكــوب

والمصاب يد السكينة والهدوء ويشفيه ببلسم الصبر واالطمئنان.

(32 )والتربية(( العطف على ))الحث

ورجل الــدين يعلم اآلبــاء العطــف على األبنــاء، وتــربيتهم تربيــة صــالحةليكونوا أعضاء نافعين في االجتماع، وأوالدا بررة بالنسبة إلى اآلباء.

كما يعلم األبناء بر اآلباء، وعدم التعرض لعقــوقهم وغضــبهم، والتعطــف عليهم وإسعافهم بحوائجهم، وتحمل المشاق والمتاعب في ســبيلهم، جــزاء

وصاحبهما في الدنيا معروفا .(1)﴾﴿لما سلف من خدمة اآلباء لهم، يعــرف،بين اآلباء واألبناء في عصــرنا الحاضرالدائر العقوق ىوالذي يرــدون أنىالقيمة الكبر لهذه الخدمة التي يؤديها رجل الدين إلى المجتمع، ب

تقاضي في قبالها جزاء وال شكورا. ي

(33 )الرحم(( صلة ))ضرورة

ورجل الدين يحرض األقرباء على صلة الرحم، بما يوجب الحب

. 15( سورة لقمان: ?)1185

والوداد، واأللفة واالقتراب، وال يخفى ما في ذلك من االزدهــار والتقــدم إلى األمام، فإن الصلة تنتج األلفة، واأللفة توجب التعاون، وبالتعــاون تتقــدم

الحياة ويسمو المجتمع وتترقى األمم.

(34 )الزواج(( على ))الحث

والزواج باإلضافة إلى أنه متطلب جنســي وســكن نفســي، يكفكــف عنغلواء الجريمة ويبني العوائل، ثم المجتمع الصالح.

ــات، ــان والفتي ــزويج الفتي ــة في ت ــدين يســاهم مســاهمة فعال ورجــل الــاكحواوتشكيل األسر والعائالت، وعنوان صحيفته في هــذا األمــر المهم: تن

.(1)تناسلوا (، فإن الكالم هناك في تكوين األسر،18وهذا غير ما تقدم في الفصل )

وهنــا في انتشــال الفتيــان والفتيــات عن الســقوط، وتــدريجهم في مــدارجالحياة الهادئة المريحة.

(35 )األجانب(( سيطرة ))عدم

ورجــل الــدين يســاهم في تحريــر البالد من نــير األجنــبي، ويشــارك فيــة االســـتقالل ــإن ملكـ ــعادة، فـ ــاء والسـ انطالق الشـــعوب إلى حيث الرخـ واالنطالق التي انطوى عليها الروحاني، من جراء تشــبعه بالمثــل اإلســالمية السامية، تحفزه على المشاركة في ميــادين الكفــاح والنضــال، وتحثــه على

الرفع باألمم إلى االنطالق والتقدم.

(36 )الحرية(( ))مبادئ

وكذلك يعلم رجل الــدين للنــاس مبــادئ الحريــة الصــحيحة في حــدودهاالمعقولة، المتوسطة بين اإلفراط المضر والتفريط المقصر.

1(? . )186

فرجــل الــدين هــو اآلخــذ بالزمــام لئال يطغى النــاس عن حــدود الحريــة المعقولة بالقتل والنهب والفوضى، ولئال يجمد الناس ويهمدوا، فـإن الركـود

والخمود يضران بمثل ضرر الفوضى واالضطراب.وعنوان صحيفة رجل الدين في هذا الصدد:

﴾ويضع عنهم أمرهم واألغالل التي كانت عليهم ﴿(1).و: .(2)ال تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا

(37 )

والقبح(( الحسن ))موارد الحسن والقبح أمران ثابتان في الواقع، فاإلحسان حسن، والظلم قبيح،

والحكم بالحق جميل، واالرتشاء للحكم بالباطل بشع. وفي كل نفس نداء وحنين إلى تحسين الحســن وتقــبيح القــبيح، ورجــل الدين يقوي هذا الضمير، ويعلمه مواقع الحســن والقبح، والجميــل والبشــع،ــدام إلى ــاوئ، واإلق ــائح والمس ــاب عن القب ــاع على االجتن ــجع االجتم ويش المحاسن والمحامد، مما يسبب بــاآلخرة توســيع دائــرة المحاســن، وتقليص

منطقة المقابح.

(38 )التقدم(( ))نحو

ورجل الدين يحفز االجتماع واألفراد للتقدم، بدون أن يرى حدا للمسير. منوهذه الكلمـة العسـجدية منهـاج رجـل الـدين في التحفـيز والحث:

.(3)ساوى يوماه فهو مغبون فإن كنت عالما قال لك: هناك علم آخــر، وإن كنت صــانعا أرشــدك إلى أن أمامك صنائع لم تصل إليها البشرية، وإن كنت رائــدا إلى الفضــاء هــداك

إلى إمكان ارتياد المجرات بالعلم

. 157( سورة األعراف: ?)12(? . )3(? . )

187

والتجربة والكد والنصب، وهكذا في كل المجاالت وجميع اآلفاق. (39 )واإلحسان(( البر ))مؤسسات

ويهتم رجل الدين بالبنايــات الخيريــة، والمحالت الــتي تشــاد ألجــل الــبر واإلحســان، كالحســينيات ودور العجــزة والميــاتم والمستوصــفات والمالجئ

ودور المشردين وما أشبه ذلك. وتعــاونوا على الــبر)1(، ولتكن منكم أمــة يــدعون إلى الخــيروعنوانه:

. (2)والتقوى(40 )

البالد(( ))تصنيع ويسعى رجل الدين لتصنيع البالد، بالحث المتواصل على العلم والعمــل

للدنيا واآلخرة. اعمل لــدنياك كأنــك تعيش أبــدا، واعمــل آلخرتــك كأنــكوفي الحديث:

. (3)تموت غدا(41 )

البطالة(( ))تقليل الكــادوكذلك يهتم رجل الدين لتقليل البطالة، بــل نفيهــا إطالقــا، فــإن

إن اللـــه يحب المحـــترف، و(4)على عيالـــه كالمجاهـــد في ســـبيل الله.(5)األمين

وقد ورد في الحديث: إن الرســول األكــرم )صــلى اللــه عليــه وآلــه( إذا. (6)سقط عن عينيسأل عن شخص، فقيل له: ال عمل له، قال:

(42 )والغش(( الربا ))محاربة

كما أن رجل الدين يحارب الربا واالحتكار، والغش والخيانة،

. 104( سورة آل عمران: ?)1. 2( سورة المائدة: ?)23(? . )4(? . )5(? . )6(? . )

188

والتالعب باألســواق في جميــع صــورها وبكــل مظاهرهــا، وذلــك بتنفــير الناس عن هذه الرذائل، وبيان تحريم اإلسالم لها، والعقاب الشديد المتوعد

لمن اقترفها.يا أيهــا الــذين آمنــوا اتقــوا اللــه ﴿وهل هناك أشد من هذه اآلية الكريمة: وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فــأذنوا بحــرب من

.(1)﴾الله ورسوله. (2)من غش مسلما فليس مناو:

(43 )الشرعية(( ))األحكام

ــاحث ــة بمب ــاس المربوط ــرعية للن ــام الش ــبين األحك ــدين ي ــل ال ورج المعامالت، باإلضافة إال أنه يبين األحكام العبادية، وذلك مثل أحكام )الرهن(

و)اإلجارة( و)الوديعة( و)المضاربة( و)الشركة( وما إليها.ــانون، من حيث اســتنباطه ــو كمشــرع الق ــل ه ــانون، ب ــو كمعلم الق فه األحكام عن النصوص واإلجماع والعقــل، وإذا علمنــا أن القــوانين اإلســالمية أفضل من كــل قــانون يضــعه البشــر، علمنــا أن رجــل الــدين معلم ألفضــل

القوانين، ويا لها من منزلة رفيعة، ورتبة اجتماعية سامية.

(44 )النفوس(( ))طب

ــالجون ــاع، حيث إنهم يع ــع في االجتم ــأن رفي ــوم ش ــاء النفس الي ألطب المشاكل النفسية التي تستعصــي على أمهــر أطبــاء الجســد، ورجــل الــدين طبيب نفســاني وعــالم روحي، يتمكن من عالج األمــراض النفســية بأســهل

الطرق وخير الوسائل وأحسن السبل، ولذا يعبر عنهم لدى

. 279 ـ 278( سورة البقرة: ?)12(? . )

189

العامة بأطباء الروح، وذلــك بفضـل المنــاهج الـتي قررهــا اإلســالم لهـذاالشأن.

(45 )الحياة(( ))مناهج

اإلنسان قبل أن يولد، وبعد أن يموت، يحتاج إلى منــاهج يجريهــا األحيــاءالمختصين به.

والمنهاج قــد يكــون مشــينا لكرامتــه، أو موجبــا إليذائــه، أو منحرفــا عن الطريق األصـواب، أو مؤذيـا لألحيـاء، أو مخلوطـا بخرافـة مشـينة، خــذ مثال الذين يحرقون األموات، أو يقطعونها قطعا لتكون طعمة الكالب والغربــان، أو يرمون بهـا في )الدخمـة(، وهكـذا بالنسـبة إلى مـا تصـنعه بعض القبائـل

الوحشية بالحامل، أو حين الوالدة.ــق األصــوب األجمــل األحســن بالنســبة إلى ــبين الطري ــدين ي ورجــل ال

الحالتين، فهو ينفع اإلنسان من قبل الوالدة إلى ما بعد الممات.

(46 )مرشد(( ))واعظ

ورجل الدين )واعظ مرشد( بصورة عامة، واإلنسان يحتــاج إلى الوعــظواإلرشاد مهما كانت مكانته االجتماعية، وثقافته العلمية، وثروته المالية.

ولذا نرى اإلذاعات الناضجة والصــحف الراقيــة تقــوم اليــوم ببعض هــذه المهمــة، والوعــظ عبــارة عن تجــارب مدروســة مربوطــة بالحيــاة الــدنيا أو

الحياة اآلخرة، يسكبها الواعظ في آذان السامعين.

(47 )أديب(( ))شاعر

باإلضافة إلى أن رجل الدين شاعر أديب، وقد قال الرسول

190

.(1)إن من الشعر لحكمةاألعظم )صلى الله عليه وآله(: .(2)أنا أفصح من نطق بالضادوقال )صلى الله عليه وآله(:

ومكانة الشاعر واألديب معلومة في االجتمــاع، وفائــدتهما ال تخفى على أولي العقل، بل رجل الدين من الطراز األرفع في هذا الميدان، فإنه ال يهيمــر في كل واد، وال ينساق وراء األهواء المنحرفة واألفكار الزائفة ليمزج الض

بالنفع والشر بالخير.

(48 )الخطر(( مواقع ))معرفة

ورجل الدين بما أوتي من سعة اإلطالع وتجارب العلماء، يعــرف مواقــع الخطر والمبادئ الهدامة واألفكار المظللة، فهو مثل )ميزان الحرارة( الذي

يؤشر على درجة الحرارة. لكن رجل الدين يؤشر على مكان الخطر، ومواضع الزيغ والزلل، ســواء

في العقيدة أو األخالق أو األعمال أو ما أشبه..(3)أنا النذير العريانوقد قال الرسول األعظم )صلى الله عليه وآله(:

ــزل الفرقــان على عبــده ليكــون﴿وفي القــرآن الحكيم: تبــارك الــذي ن . (4)﴾للعالمين نذيرا

(49 )الفتن(( ))إخماد

ورجل الدين يساهم في إخمــاد الفتن، ويحفــظ االجتمــاع عن االنجــرافإلى االضطرابات، بفضل المناهج اإلسالمية التي قررت لهذا الشأن.

(50 )))المصلح((

وأخيرا.. رجل الدين )مصلح( بما في الكلمة من معنى وسعة،

1(? . )2(? . )3(? . ). 1( سورة الفرقان: ?)4

191

وعمق وشمول. ورجل الدين الذي ال يقوم بهذه المهمــة حالــه كحــال من أســمى نفســه طبيبا وال يقوم بمهمة العالج، ومن القديم قد يلبس إنســان لباســا وال يقــوم

بشرائط ذلك اللباس. ويقال: إنه قيل لحكيم: المؤتمن خــان، فقــال الحكيم: كال، وإنمــا اؤتمن

الخائن. والصفات التي ذكرناها لرجال الدين، ظــاهرة للعيــان، بالنســبة إلى من اطلع على حال رجال الدين، ال في دور الدراسة والتعلم، بل في دور القيام

بالمهام ونشر اإلسالم. ــير ــط الس ــط، والمتوس ــادي والنش ــل، والع ــل واألكم ــاك الكام نعم هن والسريع، شأن سائر أفراد األسرة الواحدة، كأسرة التعليم أو أســرة الطب

أو أسرة الهندسة أو ما أشبه. ونختتم الكتيب بقصة قصيرة:

ــد بعض فقــد حــدث في أحــد البالد اإلســالمية: إن المســتعمرين على ي عمالئهم، أمروا بتسفير عالم جليل، وعند إلقاء القبض عليه، ضجت المدينــةــوداع، ثم قــال لهذا الحادث المؤلم، واستأذن العالم الجالوزة ليقول كلمة ال

ما ملخصه: إني كنت في هذه المدينة مــدة عشــرات الســنوات، فلم يكن عملي إال اإلصالح واإلرشاد واإلسعاف والدعوة إلى الخــير، واألمــر بــالمعروف والنهي

عن المنكر، أليس كذلك. ولما أجاب الناس باإليجاب قــال العــالم: قلت هــذا الكالم لتعلمــوا على

ماذا يسفرني هؤالء. والله المســؤول أن يوفقنــا جميعــا لمــا يحب ويرضــى، وهــو المســتعان

والموفق.

192

مركزية(( والال المركزية ))اإلدارةــون)مســألة(: ــد يك ــابقة أن الحكم ق ــائل الس ــدم في بعض المس تق

مركزيا وقد يكون ال مركزيــا، كمــا أن اإلدارة بصــورة عامــة الشــاملة إلدارةالمؤسسات على القسمين المذكورين أيضا.

ــيل ونشير هنا إلى تفصيل الكالم حول ذلك بصورة متوسطة، وإال فتفص الكالم بصورة مسهبة بحاجة إلى مجلد أحيانا يكون ضخما إذا أريد بيان كــل

الخصوصيات المربوطة بذلك. وعلى أي حال، فالمركزية والالمركزيــة يرتبــط أساســا بدرجــة تفــويض السلطة واتخاذ القرارات في أي تنظيم من التنظيمات، فــإذا لم يكن هنــاك تفـــويض للســـلطة إلى المســـتويات اإلداريـــة األقـــل في أي تنظيم من التنظيمات اإلدارية في الدولة أو غير الدولة، فإن هــذا التنظيم يوصــف بأنــه

تنظيم مركزي. أما إذا كان هناك تفويض كامل لهذه السلطة، فإن هـذا التنظيم يوصـف

في هذه الحالة بالالمركزية. وفي مجال تطبيق هذا المفهــوم على مســتوى وحــدات الجهــاز اإلداري للدولة، فإن النظام المركزية أو الالمركزية اإلدارية يكــون لــه أهميــة كبــيرة بالنسبة لتنظيم العالقة التي تنشأ بين التنظيمات الــتي يكــون لهــا ســلطاتفي مثل الوزارات، وبين الفروع التابعة لها في المناطق المحلية المختلفة.

فإن درجة المركزية أو الالمركزية تتوقــف على مــدى رجــوع المحليــات إلى الوزارات للتصرف في الموضوعات المختلفة المتعلقة بتلك المحليات، وفي مدى سيطرة الوزارات على كل قرار يصدر من المحليــات والموافقــة

عليه بواسطة السلطة المركزية للعاصمة. وهناك الكثير من العوامل التي تؤثر بشــكل واضــح على درجــة تفــويض الســلطة وتطــبيق النظــام الالمركزيــة اإلداريــة بالمحافظــات أو بالوحــدات اإلدارية أو بالواليات في الحكومــات االتحاديــة، كمــا ســنتكلم عنهــا بعــد ألي

منها، وعلى سبيل المثال درجة الحاجة إلى

193

السرعة في اتخاذ القرارات، ودرجة استقرار ونجاح وفاعلية المجــالس واللجــان المحليــة، ودرجــة الرغبــة في إنجــاز األعمــال المطلوبــة بعيــدا عن التعقيدات المكتبية لصانعي القرارات في الحكومة المركزية، وظهور الكثير من تعقــد العالقــات في وحــدات الجهــاز اإلداري للدولــة، وتطــبيق سياســة الالمركزية يحقق الكثير من المزايا، لعل أهمهــا أنهــا ممارســة فعليــة لمبــدأ االستشارية السياسية الذي يقــوم على أســاس اشــتراك المواطــنين إلدارة شــؤونهم، والمشــاركة في صــنع القــرار بأنفســهم، وهــذا مــا يعــبر عنــه في

السياسات الحديثة بالديمقراطية. فإنها تعبير عن نظام متكامــل في الدولــة، فيــه ســلطة مطلقــة للفــرد، يســتمدها من شخصــيته في الســيطرة والتحكم في اتخــاذ القــرارات، فــإن النظــام الــديمقراطي السياســي يمنح الفــرد الســلطة عن طريــق اآلخــرين الذين يمنحونه هذه السلطة، ولــذلك فهي ذلــك النظــام الــذي يســتطيع من خالله المواطنون تحقيق أهدافهم عن طريق الحكم بواســطة الشــعب ومن

أجل الشعب. ــه لكن في اإلســالمي كمــا عــرفت ليس حكم الشــعب، وإنمــا حكم اللــأطير التشــريع، ــه، فيكــون المجلس مجلس ت يتجلى في تطــبيق الفقهــاء ل ويوصف أي نظام بأنه استشاري )ديمقــراطي( بعــد تــوفر شــروط ومعــايير معينة تتمثل في أهمية توفر مبدأ السيادة الشعبية الممثلة في وجــود حريــة للمواطنين في اختيــار ممثليهم، وفي حريــة المعارضــة، وفي حريــة التعبــير عن الرأي، وفي األخذ برأي األغلبية، وفي وجود رقابة شــعبية على صــانعي

القرارات أو مؤطري القرارات. فإن نقل الســلطات إلى المحليــات ومنح المحــافظين كافــة الســلطاتــار ــمة، واختي ــة في العاص ــلطة مركزي ــوع إلى س ــؤوليات دون الرج والمس

المحافظين من أبناء المحافظات أو

194

ما أشبه من الوحدات اإلدارية أو الحكومات المحليــة هــو تطــبيق عملي لالستشارية بمفهومها الشامل لما في ذلك النظام من توافر للمبــادئ الــتي تكفل له أعلى درجة من االستشارية التي تستمد السلطة في صــنع القــرارمن أبناء الشعب مباشرة بالمحافظات دون الرجوع إلى السلطة المركزية. وهذا كما هو بالنسبة إلى المجــال السياســي كــذلك بالنســبة إلى ســائر المجاالت، كالمجال االقتصادي، فإن هذا النظام يعد دعامة أساسية للنهوضــك االقتصادي واالجتماعي للمحافظات أو الحكومات المحلية أو ما أشــبه ذلــرامج من خالل االهتمام بالتنمية اإلقليمية، وتطوير أداء الخدمات، وتحقيق ب

األمن الغذائي، وما أشبه ذلك من سائر ما يكون مقوما للحكم الشعبي. فإن هذا النظــام هــو في الحقيقــة أقــدر على التعــرف على االحتياجــات الحقيقية لكل محافظة، وتنسيق العمل داخلها، وتوجيه الجهــود نحــو إشــباع رغبات واحتياجات المواطنين بها، والتيسير عليهم، والبدء في مرحلة جديدة

من العمل لزيادة اإلنتاج لتحقيق النمو والتقدم والرخاء. ومن الواضح أنه يجب أن يكون هنــاك تــدعيم من الحكومــة المحليــة أو المحافظة للحكم المركزي وبالعكس، فــإن الالزم أن يقــوم الطرفــان على أساس تنسيق السياسة العامة بين الحكومــة المركزيــة والمحليــات، والــتي تهدف في النهاية إلى تحقيق خطط التنمية االقتصادية واالجتماعيـة للدولـة،

والوصول إلى أقصى كفاءة ممكنة.

195

االتحادية(( ))الحكومة حيث إن من المزمع إقامة دولة إسالمية عالميــة بــإذن اللــه)مسألة(:

تعالى، فالالزم أن نبين الكيفيــة لهــذه الدولــة، فــإن أمكن صــيغة خــير منهــاتوافق األصول اإلسالمية فهو، وإال فهذه الصيغة من الممكن تطبيقها.

فإنه وإن كانت للحكومــة االتحاديـة مسـاوئ ومحاسـن، إال أن محاسـنهاــدأ في التنظيم السياســي ــة هي مب أكــثر من مســاوئها، فالحكومــة االتحادي يسمح ابتداء للواليات المســتقلة أن تتحــد تحت حكومــة مركزيــة مشــتركة،ــة في في حين تحتفظ ببعض سلطاتها ووحدتها، وهذا النظام يتصف بالمرون

ضمن مفهوم االتحاد الذي تضمنه بعض الدساتير في بعض الحكومات. ومع أن كال من المستووين من الحكومة يتمتع بقدر كبــير من الســلطة، فإن استخدام السلطات وأهميتها النسبية قد ينتقل بينهما استجابة لظروف العصور المتغيرة، خصوصا األمر بحاجة إلى المرونة بسبب البيئــة إذا رافــقــادة الســكان التغيير النمو الضخم في عدد السكان، فإن من المعلوم أن زي معناها زيادة الخدمات الحكومية، والزيادة بحاجة إلى تنظيم مختلف نــواحي الحياة االجتماعية واالقتصــادية وغيرهــا، خصوصــا إذا أريــد تحــول األمــة من مجتمع متخلف إلى مجتمــع صــناعي متقــدم، إذ تنشــأ فيــه عالقــات شــديدة التعقيد مثل العالقات بين العمال واإلدارة وبين الصناعة المحليــة والمجتمــع

المحلي وغير ذلك.ــه ينتج عن التصــنيع والبد أن توائم الحكومة االتحادية تغيرات أخرى، فإن نشوء المدن الكبرى واالمتداد المستمر في مختلف األبعــاد، مثال يجب علىــة والضــغوط على االئتمــان ــة والكهرب ــه مشــكالت الميكن الزراعــة أن تجاب وتذبذب األسعار، وتتطلب هذه المشكالت وغيرها الرقابة والخدمة في أحــد

مستويات الحكومة، أو في عدد منها.وعليه فالالزم على الحكومات المحلية والحكومة المركزية

196

بصفة خاصة االضطالع بمزيد من ألوان النشاط والخدمات. وحيث إنه قد تقع التضارب بين المصالح أو بين االجتهادات، فإنه البد أنــاك محــاكم لتفســير الدســاتير الموضــوعة، ســواء في الحكومــة ــوم هن تق المركزية أو في الحكومات المحلية، فإن لمثــل هــذه المحــاكم وتفســيراتها

األثر الكبير في سير اإلدارة في المستوي االتحادي.

))محاسن ومساوئ الحكومة االتحادية(( ومن الواضــح أن لمثــل هــذه الحكومــة االتحاديــة في مقابــل الحكومــة

المركزية مساوئ ومحاسن. فمن المساوئ:

ــع في ــة يق ــة إلى حكوم ــاعة من حكوم ــراج بض ــاقض، مثال إخ أوال: التن تناقض بين قانون البلد الخــارج والبلــد الــداخل بإجــازة أحــدهما دون إجــازة

اآلخر، فإن ذلك يصبح كتعدد الرئيس لدولة واحدة. والثاني: زيادة النفقات لمختلف الوزارات.

الثالث: زيادة الموظفين. الرابع: مشكلة القانون القضــائي الــذي يقــع في التنــاقض بين فــرد من هذه الحكومة وفرد من الحكومة األخرى، كزوجة من واليــة وزوج من واليــة

أخرى، أو شريك من والية وشريك من والية أخرى، إلى ما أشبه ذلك. أما المحاسن فهي كثيرة جدا، يذكر منها:

األول: زيادة فرص رغبات المواطنين. والثــاني: زيــادة قــدرة الحكومــة على اإلدارة، إذ الحكومـــة الواحـــدة

المركزية ال تقدر على إدارة حكومة شاسعة األطراف إدارة حسنة.

197

الثـــالث: التناســـق الـــدائم، حيث تعطي رغبـــات المواطـــنين فال داعيلالنقالب واالضطراب.

الرابــع: إذا ضــاق قــانون واليــة على فــرد تمكن من الــذهاب إلى واليــة أخرى مما ليس لها ذلك القانون الضــيق، وذلــك ممــا يعطي الحريــة األكــثر

لألفراد، بينما ليس األمر كذلك في الدولة الوحدوية. ــزم عليهم ــوظفين، حيث يل ــامس: إعطــاء الكياســة السياســية للم الخــا وبين ــة والتنســيق بينهم ــة العام ــة وإرضــاء الحكوم ــة الوالي إرضــاء حكوم حكومات ســائر الواليــات، حيث هنــاك ربطــان ربــط بين الواليــة والحكومــة العامة، وربط بين الواليات بعضها مع بعض، ومن الضــروري أن تنشــأ وزارة

لهذين الشأنين حتى تراقب التنسيق، وترفع التناقضات الممكنة الوقوع. ال يقال: ال يمكن اختالف القوانين في الحكومة االتحادية اإلســالمية، ألن

قانون اإلسالم واحد، وإن يمكن ذلك في الحكومات العلمانية. ألنه يقال:

أوال: يمكن ذلك بواسطة مجتهدين مختلفي الرأي في واليتين. وثانيا: يمكن ذلك بواسطة اختالف المذاهب في واليتين.

لكن ال يخفى أن هذين اإلمكانين جاريان في والية واحـدة أيضـا، مثال إذا كان الزوج من مذهب والزوجة من مذهب وكان أحدهما مثال مقلــدا لمرجــع

واآلخر مقلدا لمرجع آخر، وإن كان كالهما في والية واحدة.

198

ــة ــة للكلي ــك بواســطة تطــبيق كــل والي ــا: وهــو العمــدة، يمكن ذل وثالث اإلسالمية على بعض الصغريات، مثال تمنع دولة من استيراد قسم خاص من البضائع ألن ذلك يوجب ضرر عمال الوالية وبطالتهم، بينما قانون بلد آخر ال يمنع من إصدار البضائع لعدم انطباق هذه الكبرى الكلية على صــغرى هــذه الوالية، إلى غــير ذلــك ممــا يمكن االختالف في القــوانين الثانويــة وإن كــان

كلي القانون في جميع الواليات واحدا. ثم إن الوزارة المنشئة للتنسيق تالحــظ العالقــات بين الحكومــات الــتي لها سلطات مختلفة وتعطي التوصيات والدســاتير لالشــتراطات الدســتوريةــز االشــتراطات ــة وبالنســبة لمرك ــوزارة العام وتفســيرها القضــائي عن ال

االتحادية للدستور، مثال قدمت اللجنة الغربية لهذا الشأن عدة مالحظات. أوال: القيود الدستورية التي تطبق على أيــة حكومــة في هــذه الواليــات االتحادية، فإنها في جوهرها قيود إجرائية ولهــا أثــر مماثــل في الدولــة وفي الواليات، وليس لها إال تأثير ضئيل في تقســيم العمــل والســلطة بين هــذين

المستويين من الحكومة. ــا: المحــذورات الدســتورية على الواليــات مثــل إبعادهــا عن أمــور وثاني التجارة بين الواليات والتجربة والنقد وما أشــبه ذلــك، فــإن الواليــات تنهض بتنظيم التجارة مــا بينهــا من ناحيــة ومــا بينهــا وبين الحكومــة المركزيــة من

ناحية ثانية. ثالثا: إن مجال الناشطات التي تدخل بصفة أساسية في نطاق سلطات الواليات كبير، ومع أن سلطات الضرائب والتجارة التي تختص بها الحكومــة

المركزية كبيرة إال أنه ما زال هناك قدر كبير من النشاط

199

الرقابي كما يشمل قــدرا كبــيرا ومتنوعــا من النشــاط، ويلـزم في مثــلــة ــة الجمركي هذه الحكومة االتحادية تكوين لجان ألجل إلغاء الحدود والتعرف

وتوحيد النقد والتنسيق االقتصادي، إلى غير ذلك. والمصارف اإلضافية في الحكومة االتحادية تقابــل بالمستحسـنات الـتي

ذكرناها. وال يقــال: إن في الحكومــة االتحاديــة يلــزم من اإلزدواج في الخــدمات اإلدارية نفقات باهضة، فال يقال مثال: البد من تزويد وزارات الصحة والتعليم وغيرهما بالموظفين والمنازل واإلشراف، ويلزم أن يكون عدد هذه األجهزة أكثر مما إذا كانت الحكومة مركزية، ألن الحكومة االتحادية تزيد من التعقيد

اإلداري للحكومة. ــة ــا بين األهم والمهم، ومحســنات الحكوم ــور دائم ــواب: إن األم إذ الج

االتحادية أكثر من مساوئها على ما عرفت.ــتويين في ــق بين المس ــد الوثي ــة التعاض ــة االتحادي والالزم في الحكوم الحكومة المركزية والحكومات المحلية، وذلك بالجهود المشـتركة والــبرامج المشتركة التي ينهض بها رجال اإلدارة العامــة، وتعتمــد درجــة النجــاح فيهــا

على كفاءة الجانبين في اللجان المشتركة. ومن المهم أن ال تنظــر إحــدى الحكومــتين إلى الحكومــة األخــرى نظــر التنافس على السلطة، بل ينظر إحداهما إلى األخرى بأنهمــا متســاويان في الحكومة تعاون إحداهما األخرى وتكمل كل منهما األخــرى إلنجــاز الطلبــات المتزايدة على كلتيهما، فحالهما حال وزارة الصناعة ووزارة التعليم، ال حال

الحكومتين المتنافستين. وينبغي للحكومة االتحادية في اتجاهها التعاوني أن تقلــل مــا أمكنهــا من

الرقابة التي تؤثر على استقالل الحكومات المحلية.

200

))الحكومة المركزية ومستثنيات التدخل(( نعم الحكومة المركزيــة يجب أن تتــدخل في أمــور الحكومــات المحليــة

في حاالت استثنائية: ــذي يســتطيع أوال: عند ما تكون الحكومة المركزية هي الجهاز الوحيد ال

أن يجمع الموارد الالزمة لنشاط معين. الثــاني: عنــد مــا يكــون من غــير المســتطاع حصــر النشــاط في حــدود

جغرافية ومجال اختصاص وحدات حكومية أصغر. الثالث: عند ما يتطلب النشاط سياسة متسقة في جميع أنحــاء األمــة ال

يمكن الوصول إليها عن طريق العمل بين الواليات. الرابع: عند ما تتسبب والية في إضرار واليــة أخــرى، ســواء عن طريــق

العمل اإليجابي أو السلبي. الخامس: عند ما تحتاج الواليات إلى حماية الحقوق السياسية والمدنيــة

األساسية التي تطبق في جميع أنحاء األمة. السادس: عندما يقع طارئ من حرب أو ســيل أو زلــزال أو مــا أشــبه ال

تقدر الحكومة المحلية من تالفي النقص وحل المشكلة. والوزارة المشتركة بين الحكومتين المركزيـة والحكومــات المحليـة هي التي تنسق هذا التعاون، فعليها تحســين العالقــات بين الواليــات بعضــها مــع

بعض، وبين كلها وبين الحكومة االتحادية. والوزارة تعمل ما ذكر عن طريق برنامج للبحوث والنشر والمعلومــات، وبعقد اجتماعات فوقيــة وإقليميــة تمتــد من اجتماعــات الجمعيــة العموميــة للواليات التي تعقد كــل فــترة زمنيــة محــددة في القــانون كســنتين أو ثالث

سنوات، إلى المجموعات والمؤتمرات التي

201

تخصص لبحث موضوعات معينة تهم المشــرعين المــؤطرين واإلداريينفي الواليات.

كما تعمل هذه الوزارة أيضا كقائم باألعمال لمنظمات عديدة تهتم علىــرعين ــاد المشـ ــافظين واتحـ ــؤتمر المحـ ــات، مثـــل مـ ــاون بين الواليـ التعـ )والمؤطرين(، ومؤتمر رؤساء المحاكم، ومؤتمر االتحاد لموظفي الميزانيــة في الواليات، واالتحاد لمــوظفي البريــد الســلكي والالســلكي في الواليــات،

إلى غير ذلك. وقد يتعاون الموظفون االتحاديون والمحليون إلى درجــة المشــاركة في اإلدارة، وفي هــذه الحــال يتحتم على موظــف الواليــة الــتي تقــع في نفس

المنطقة أن ال يكون متجوال بل ساكنا في بعض األحيان.

))التعاون األمني بين الحكومات المحلية((ــة ــاحث االتحادي ــة بين إدارة المب ــادل المختلف ــاون المتب ــات التع وترتيبــع ــاحث م ــاون إدارة المب ــة موضــوع مهم أيضــا، إذ تتع ــات المحلي والحكوم الشرطة المحلية في تعـارف الخطـوط والعصـابات واألسـلحة الناريــة وفيــيرة كيفية استخدام معاملها لالهتداء إلى المجرمين خصوصا اإلجرامات الكب

كاالختطاف والقتل وسرقة البنوك وما أشبه. ويجب علينــا أن ال يهولنـا كـون بالد اإلسـالم شاسـعة تحتــوي على ألـف وخمسمائة مليون من البشر في رقعة فسيحة من األرض وبمختلف اللغات والمناخات وغير ذلك، فإن الحكم المحلي يحل هذه المشكلة، كما حلها في كل من الهند ذات تسعمائة مليــون في الحــال الحاضــر، والصــين ذات ألــف

وثالثمائة مليون في الحال الحاضر على بعض التقارير,ــير المؤسســات بــل نالحــظ أن أمريكــا تمكنت من حــل المشــكلة بتكث الحكومية، ففي أمريكا حسب إحصاء كتاب )اإلدارة العامة( ترجمة )إبراهيم

202

علي( مائة ألف وألفان وثالثمائة وثالث وخمسين وحدة حكومية محليــة، وتداخل الكثير منها معا، وهناك ما يبلغ ثالث آالف مقاطعة، وأكــثر من ســبع عشرة ألف بلدية مندمجة، وكذلك أكثر من سبع عشرة ألف بلدية ومجلس بلدي، وخمســين ألــف منطقــة مدرســة مســتقلة، ونحــو أربــع عشــرة ألــف منطقــة خاصــة، واألخــيرة تتكــون من منــاطق أو ســلطات أنشــأت لغــرض خاص، مثل توفير المياه والوقاية من الحريق أو جمع القمامــة، ويكــون لهــاــة أو ــة من حكومــات الوالي مركــز مســتقل بــدال من أن تكــون أجــزاء إداري

المقاطعة أو المدنية أو البلدية. ومن ناحية أخــرى فــإن كثــيرا من الحكومــات المحليــة تتمكن أن تــؤدي عملها على نحو أفضل إذا منحت حرية أوسع، لوضوح أن اإلقالل من الحكمــوظفين ــمح للم ــة، ويس ــاجزة عن الحرك ــة ع ــترك اإلدارة المحلي ــذاتي ي الــة ــوا من المســؤولية، ويحــول اهتمــام ومناشــط الهيئ ــأن يتهرب ــيين ب المحلــيل ــرع إلى تفاص ــة بأس ــتي تهم الوالي ــؤون ال ــة من الش ــريعية للوالي التش المشكالت المحلية، فإذا أعطيت الحكومات المحلية حرية أكــثر تمكنــوا من

اإلدارة. وال تكون سعة الحكومة أفرادا وأراضي مشكلة أمام الحكومة االتحاديــة المزمع إنشاؤها على األراضي اإلسالمية، وقد تقدم أن قلنــا إنــه إذا وجــدت صــيغة أفضــل من ذلــك فــالالزم اإللتجــاء إلى تلــك الصــيغة، وإال فهــذه هي الصيغة التي يمكن اتباعها في الحكومة المرتقبة، بإذن الله سبحانه وتعالى.

203

اإلدارة(( أمراض عن ))الفحصــة أو)مســألة(: ــيرة، حكومي اإلدارة، ســواء كــانت إدارة صــغيرة أو كب

أهلية، حالها حال اإلنسان والحيوان، فإذا مرضت اإلدارة تعالج بالفحص عن المــرض، ســواء لــزم فحصــا شــامال أو فحصــا جزئيــا للكشــف عن أســبابــة، ــد الثالث المرض والضعف. وهذا الفحص بمثابة الفحص الطبي عن الموالي

وتسمى في االصطالح اإلداري: )مراجعة وتقييم اإلدارة(. والتقــييم اإلداري عبــارة عن عمليــة جــرد ذاتي لإلدارة ونشــاطها، وهي تشمل جميــع أوجــه النشــاط اإلداري ال جــزءا منــه فقــط، كمــا تتمثــل بعض أجزائه، ألن اإلدارة كاإلنسان فكمــا يصــيب المــرض أحيانــا عينــه أو أذنــه أو لسانه أو يده أو رجله أو قلبه أو كبده، وأحيانا كله، كذلك اإلدارة قــد يصــيب المرض وحدة من وحداتها الخاصة دون كل الجســم، كمــا قــد يعــرض لكــل

الجسم.ــاط الضــعف في ــدف إلى اكتشــاف نق ــارة عن دراســة ته والفحص عب اإلدارة بغيــة تقويتهــا والتغلب على أســباب الضــعف في الــوقت المناســب،

لترجع إلى اإلدارة صحتها المرتقبة. ولما كانت طبيعة النشاط اإلداري متداخلة ومتشــاملة بعضــه مــع بعض، فإذا أمكن معرفة وجوه الضعف في هــذه السلســلة المتصــلة من األعمــال اإلدارية فإنه يكون من السهل إحداث التحســينات قبــل أن يســتفحل األمــر ويصبح العالج صـعبا أو مسـتحيال، فحـال اإلدارة في هـذه الجهـة أيضـا حـال اإلنسان في أنه إذا ما عولج في الوقت المناسب قد يصــبح العالج صــعبا أو

مستحيال. والنشاط اإلداري عبارة عن النشاط الذي يقوم به أشــخاص في معمــلــه، أو أو مدرسة أو مستشفى أو ما أشبه، فإذا لم تتم األعمال على خير وج لم يكن محل األعمــال على خــير وجــه، دل على أعــراض تشــير إلى وجــود

نقط ضعف في اإلدارة، وهذه األعراض اإلدارية حالها حال

204

األعراض اإلنسانية التي لها عالئم، وهذه العالئم تشير إلى وجود مــرض أو ضــعف، ويتطلب األمــر حينئــذ الفحص الشــامل لمعرفــة نــوع المــرض أو

الضعف إذا لم يكن نوع المرض أو الضعف واضحا.

))أعراض اإلدارة وأنواعها((وهناك نوعان من أعراض اإلدارة: أعراض داخلية وأعراض خارجية.

فــاألعراض والمشــاكل الداخليــة تنشــأ داخــل المشــروع ذاتــه، كمــا أن األعراض الخارجية تنشأ من عالقــة المشــروع بعمالئــه ومســتثمريه ودائنيــه

ومريديه والمتعاملين معه.

))أقسام األعراض الداخلية((أما األعراض الداخلية فهي:

أوال: كثرة وتعدد واستمرار الخالفات والتضارب واالحتكاك بين الوحدات اإلدارية في المشروع، وهــذا يشــير إلى وجــود نقــاط ضــعف أو أخطــاء في التنظيم، سواء في تحديد المسؤوليات أو السلطات أو العالقات الرأسية أو

العالقات األفقية. الثاني: انخفاض الحالة المعنوية بين الموظفين، ويظهــر ذلــك بمالحظــة مظاهر هذا االنخفــاض مثــل كــثرة االســتقاالت االختياريــة، أو كــثرة طلبــات النقل، أو كــثرة الفصــل، أو كــثرة اإلجــراءات التأديبيــة، أو كــثرة األشــخاص الذين تم االستغناء عن خدماتهم، أو كثرة الوظــائف الخاليــة الـتي مــر وقت كبــير عليهــا وهي شــاغرة، أو انخفــاض في معــدل اإلنتــاج، أو انخفــاض في معــدل العمــل، أو كــثرة العــوادم أي األشــياء والمــواد التابعــة الناتجــة من استخدام كمية معينة من المواد بينما أن حالة الصحة تقتضي قلــة العــوادم، أو كثرة الحوادث أو تكرارهــا وتنوعهــا، أو كــثرة مــرات الغيــاب للمســتخدم الواحد، أو كثرة األشخاص الذين يتغيبون، أو كثرة أيام اإلضــراب أو تعــدده،

أو كثرة التأخير بالنسبة للمستخدم الواحد، أو كثرة

205

عدد األشخاص الذين يتأخرون عن العمل عادة، أو كثرة الشكاوي من الموظفين المرسلة لإلدارة أو المرسلة لمكــاتب العمــل، أو كــثرة الوفيــات أثناء العمل مما يكون العمل سببا لتلك الوفيات، أو تكرر حوادث الخراب أو

التخريب. حيث يدل األول على نقص في صحة البناء، مثل تكرر حــوادث الخــراب بسبب الكهرباء أو الماء أو الغاز أو ما أشبه ذلك، ويدل الثاني على مشــكلة داخليــة للمــوظفين، بحيث إنهم ينفجــرون بــالتخريب انتقامــا أو ألجــل حــل مشكالتهم، وقد يكون ذلك بأسباب خارجيــة عن المؤسســة من جهــة عــداء من تنافس أو نحو ذلك، والحكومات الدكتاتورية يقــابلون حــوادث التخــريب بــالعنف، وذلــك مــا يزيــد األمــر عنفــا، بينمــا الحكومــات الديمقراطيــة )االستشارية( يقابلون تلك الحوادث بالفحص عن الجذور وتطويق المشكلة

وقصرها على أقل قدر ممكن، ثم حلها بالتي هي أحسن.ــا الحكومــة في هــذا المجــال ألن الحكومــة أيضــا إدارة من وإنمــا ذكرن

اإلدارات يصيبها الضعف لمرض كسائر اإلدارات الخاصة. الثالث: تأخر إتخــاذ القــرارات، وغالبــا مــا يكــون ذلــك نتيجــة لقلـة عــدد اإلداريين، أو تركيز شديد للسلطة في المســتويات اإلداريــة العليــا، أو عــدم قدرة اإلداريين على اتخاذ قرارات صحيحة لعــدم مالئمتــه لمســؤولياتهم، أو ضعف السياسات الموضوعة من األعلى، أو تغير السياسات باســتمرار دون

دراسة جميع نواحي الموضوع. الرابع: تأخر تنفيذ العمل والبطؤ الملحوظ فيه، فإن تــأخر التنفيــذ غالبــاــة، يوحي بوجود نقاط ضعف في التخطيط، أو عدم ربطه بالمناصــب اإلداري

أو عدم مالئمة الموظفين لألعمال المستندة إليهم، أو

206

كثرة اإلجراءات وتعقدها، وانخفاض الحالــة المعنويــة الــتي ذكرناهــا فياألمر الثاني.

السابع: العجز المالي في الخزائن واألرصدة. الثامن: تعدد وتنوع السرقات في البضاعة المخزونة، سواء كــانت هــذه

البضاعة جاهزة أو تحت الطلب أو مواد خام أو مواد تسهيل وصيانة. التاسع: كــثرة الخالفــات الشخصــية وتعــددها وشــمولها عــددا كبــيرا من

المستويات اإلدارية. العاشرة: سوء أخالق في مثل المستشفيات بين الدكاترة والممرضـين، والمعاهد بين المعلمين والطالب أو ما أشبه ذلــك، حيث ينتهي األمــر بســوء سمعة المؤسســة وانفضــاض النــاس من حولهــا، وقــد يكــون ســوء األخالق

بالمعنى األعم، وقد يكون بالمعنى األخص من قضايا الجنس.

))أقسام األعراض الخارجية((أما األعراض الخارجية فهي عدة أمور أيضا.

األول: شكاوي العمالء وعدم رضـاهم، فــإن شـكاوي العمالء المســتمرة والمتكــررة تعتــبر من األعــراض الــتي تشــير إلى ضــعف في اإلدارة، ســواء كانت هذه الشكاوي متعلقة بالسلعة، أو بالخدمة التي تؤدى، أو باألسعار، أو

بمستوى

207

جودة السلع، أو بدرجة تنوعها، أو بكيفيــة تقــديمها، أو ميعــاد تأديتهــا، أو ضعف الخدمات مثل عدم نجاح الطالب في المعهد، أو عدم إبالل المرضــيفي المستشفى، أو عدم الوالدات الصحيحة في دار الوالدة، إلى غير ذلك.

ــون الشــكاوي في شــكل ظــاهر، أو بشــكل ــرق بين أن تك ــير ف من غصامت، باإلمتناع أو اإلقالل من التعامل مع المشروع.

وقد يكون األمــر خطــيرا للغايــة إذا كــانت فكــرة العمالء عن المشــروع رديئة أو سيئة، وتكون أكثر خطورة إذا تعدتها إلى الرأي العــام ممــا أســقط

مكانة المؤسسة وسبب انفضاض الناس من حولها. الثــاني: نقص المبيعــات المســتمر في مثــل المؤسســة االقتصــادية، أو نقص الطالب والمرضى المراجعين في مثل المعهد والمستشفى ونحوهما، فإن تدهور أرقام المبيعــات أو الخــدمات بشــكل مســتمر وبشــكل ال تــبررهــتي تشــير إلى ضــعف قــوى خارجــة عن إرادة اإلدارة من أهم األعــراض ال

اإلدارة. ويجب أن ال يفهم أن عكس ذلك صــحيح، فــإن األمــر ليس من الضــدين اللـذين ال ثـالث لهمـا، بـل أحيانـا يكــون هنـاك ضـدان ال ثـالث لهمـا كـالنور والظلمة، وأحيانا يكون هناك ثالث أو أكثر كالسواد والبيــاض، ومــا نحن فيــه من القسم الثاني، فإن زيادة المبيعات أو الطالب أو مراجعي الصــحة ليس دليال على قوة اإلدارة، إذ ربما يكون ذلك بسبب عــدم تــوفر المعاهــد األخــر

واإلدارات الموازية لحاجات الناس. ــل المشــروع، فــإذا وجــد المشــروع صــعوبة في ــالث: صــعوبة تموي الث

الحصول على األموال الالزمة لالستثمارات، فإن ذلك يشير إلى ضعف

208

ما في اإلدارة، وتظهر هــذه الصــعوبة في حالــة امتنــاع بعض البنــوك أو الشركات أو األفراد عن تمويل المشروع، أو تقييد حريته في شروط العقــد

دون مبررات صحيحة. الرابع: االنخفاض المســتمر في ربحيــة المشــروع، فإنــه إذا قلت أربــاحــدل على وجــود نقص يهــدد المشــروع، ــه ي المشــروع بصــفة مســتمرة فإن

ويتطلب األمر فحص اإلدارة لمعرفة نقطة الضعف. كما أنه يجب ربط أرباح المشروع بمقدار األموال المستثمرة فيه، وهــو ما يعبر عنه بالعائد إلى رأس المــال المســتثمر الحاصــل من خــارج قســمة األرباح على رأس المــال المســتثمر، فــإن القــوانين االقتصــادية تقتضــي أن يكون للمال قـدر خـاص من الـربح لعشـرين في المائـة مثال، فـإذا رأينـا أن الربح صار أقل من ذلك دل ذلك على الضعف في اإلدارة، خصوصا إذا كــان هذا المعدل في انخفاض دائم، فإن ذلك دليـل على ضـعف متزايـد، كمـا إذا كان في السنة األولى الربح مثال عشرين في المائة، ثم صار خمســة عشــر

في المائة، ثم صار عشرة في المائة وهكذا. ــواردة ــواد ال ــاعة أو الم ــرر للبض ــتمر والمتك ــأخير المس ــامس: الت الخــة، أو للمشروع، مما يدل على مشاكل خفية، مثل سياسة تخزين غير واقعي

تخطيط غير سليم للعمليات. كما أن الشكاوي المتكررة المتصلة بجــودة األصــناف الــواردة غالبــا مــا

يكون نتيجة اتباع سياسات شرائية خاطئة. ــا، ــتي تم تحقيقه ــاح ال ــة األرب الســادس: شــكاوي المســتثمرين من قل واألرباح الــتي تم توزيعهــا، أو الــتي تم إضــافتها لالحتيــاط أو انهيــار المركــز

السوقي المشروع، وهذا ال ينافي مع صحة نسبة األرباح على ما تقدم.

209

ــو في مكــان السابع: شدة التنافس، فإن ذلك يدل على نقطة ضعف ول المؤسسة، مثال كان المقرر نصب المعمــل في مكــان آخــر، بحيث ال يكــون قريبــا من المعمـل المتنــافس، فـإن ذلـك عــرض خــارجي يجب تالفيــه، وإال

أخذت المؤسسة في الضمور واالضمحالل أحيانا. الثامن: كثرة المشاكل الحكوميــة، فإنهــا وإن كــانت ربمــا تحــدث ألجــل فســاد الحكومــة، خصوصــا في الحكومــات الدكتاتوريــة، إال أن قــوة اإلدارة

توجب رفع مثل هذه المشكلة بالصداقات والهدايا وغير ذلك. التاسع: تــأذي النــاس عن اإلدارة، مثــل تــأذيهم من المطــار الــذي صــار تدريجا في قرب البيوت، بعد أن بني بعيدا عن البيوت، أو ما أشــبه ذلــك، إذ

ليس المهم المادة فقط بل المعنى أيضا. العاشر: ابتعاد الناس عنها بسبب، مثل خراب القرية بالسيل أو الزالزل أو إحداث طريق عامر للقطار أو للسيارات أو نحو ذلك في مكان بعيد، مما أوجب عدم اإلقبال على المؤسسة، مدرســة أو مستشــفى أو معمال أو غــير

ذلك.

))مكاتب االستشارة(( ثم إن الغــالب أن رئيس مجلس اإلدارة أو أصــحاب الســلطة العليــا هم الــذين يقومــون بــالفحص لإلطالع على مكــان العطب في المؤسســة ثم عالجــه، لكن بعضــهم رأوا أنــه ال يصــح للمــدير العــام القيــام بعمليــة فحص اإلدارة وكذلك أصحاب السلطات العليا، ألنهم غالبــا مــا يكونــون منغمســين في الجو الذي خلق المشاكل، ولذلك يصعب عليهم تمييز مصادر المشــاكل

طالما أنهم تعودوا عليها. ثم غالبا ما يحد الفحص من حرية هؤالء في العمل، وذلك ما ال يريدونه،

كما أنه يحاول المرؤوسون

210

غالبا الدفاع عن األوضاع القائمة ممـا يـؤثر في رئيس مجلس اإلدارة أو أصحاب السلطة العليــا وال يتمكنــون مقاومــة هــذا الــدفاع، فــإذا أمكن قــامــاتب اإلستشــارة ــا مــع مك رئيس مجلس اإلدارة أو أصــحاب الســلطة العلي المتمرســة في اإلدارة، أو مــع لجنــة من اإلداريين بالمشــروع بهــذا الشــيء حتى ال يكون المنغمسون في المؤسسة هم وحدهم وال يكون المستشارون

أو المتخصصون كذلك، بل لجنة مركبة منها يقومون بالفحص. وذلـــك ألن الفحص يجب أن يتحقـــق بإحـــدى طريقـــتين، إمـــا مكـــاتبــروع، ــة من اإلداريين بالمش ــين في اإلدارة، أو لجن ــارة والمتخصص اإلستش

ولكل طريقة من هذين الطريقين مزايا وعيوب.فمن مزايا استخدام مكاتب االستشارة وخبراء اإلدارة:

أوال: التخصص. ــا: الموضــوعية والبعــد عن التيــارات السياســية والعاطفيــة داخــل وثاني

المشروع، وعدم االرتباط بوالء معين ألي مجموعة. ومن عيوب مكاتب اإلستشارة:

أوال: عدم المعرفة الكاملة بظروف المشروع. وثانيا: احتمال تسرب األسرار.

وثالثا: كثرة المبالغ التي تتقاضاها تلك المكاتب. ولذا فمن األفضل هو جمع الداخل والخارج حتى يكمــل أحــدهما اآلخــر،

ويأتي المجموع بتبين مكان الضعف ووضع العالج الناجح.

211

المرأة(( ))إدارة المرأة كانت وال تزال تعمل في حقــول الزراعــة والتســويق)مسألة(:

ــا في ــر عمله ــال الحاض ــا في الح ــيف على أعماله ــا، وأض ــوالدة وغيره وال المؤسسات الحديثة، كالمستشفيات ودور العجزة والمعامل والمصانع ونحو

ذلك. والبــد على كــل من األمــة والدولــة إدارة المــرأة ككــل، إدارة ال تنــافي أنوثتها، وال اشتغالها بأمور البيت، بما تطابق تلك اإلدارة موازين الــدين عنــد

المسلمين. نقول: وذلك ممكن بأمور نذكر جملة منها بقدر النطاق الضيق في هــذا

الكتاب: فأوال: يلزم منح الزوجة إجازة بــدون مــرتب إذا رخص لهــا بالســفر إلى الخارج، لمدة ستة أشــهر أو أكــثر أو أقــل حســب مــوازين االجتمــاع، وإنمــا

تسافر العاملة إلى الخارج ألجل تعلم أو ما أشبه ذلك. الثاني: منحها اإلجازة بــدون مــرتب لرعايــة طفلهــا، وذلــك بالحــد الــذيــثر يكون مالئما مع البيئه، كعام أو أكثر أو أقل، وذلك مثال لثالث مرات أو أك أو أقــل طــول مــدتها الوظيفيــة، وتتحمــل جهــة العمــل اشــتراكات التــأمين المشــتركة عليهــا وفــق أحكــام التأمينــات االجتماعيــة، أو تمنح تعويضــا عن أجرها بما يراه القانون الصحيح عادال من المرتب الذي كــانت تســتحقه من

تاريخ بذل اإلجازة وذلك وفق اختيارها. الثالث: يلزم تيسيرا على المرأة في مواجهة أعباء الحياة المعيشــية أن يرخص لها بأن تعمل نصف أيام العمــل الرســيمة، وذلــك في مقابــل نصــف األجر المستحق لها، وتســتحق في هــذه الحالــة نصــف اإلجــازات االعتياديــة والمرضية المقررة لها، ويلزم أن يكون أجرها بقدر عملها ال أقــل، كمــا هــو

المعتاد في كثير من البالد حيث يظلمون المرأة فيعطونها أجرا

212

أقل من الرجل مع أن أعمالها مساوية ألعمال الرجل فرضا. الرابع: يلزم أن تمنح الحق في إجازة للوضع لمدة ثالثة أشهر أو أقل أو أكثر، بعد الوضع وقبله، وذلك لثالث مرات مثال طول مدة خدمتها الوظيفية، وذلك بأجر كامل، وال تحسب من اإلجازة السنوية المقررة لهــا خالل العــام، وربمــا يــرى المجتمــع الصــحيح أن الالزم إعطاؤهــا اإلجــازة ألكــثر من ثالث

مرات أو ألقل. الخامس: يلزم توفير دور الحضانة لرعاية الطفــل، حيث تواجــه المــرأة العاملة مشكلة ترك أطفالها ورعايتهم أثناء تواجــدها في العمــل، ممــا يــؤثر

على استقرارها النفسي أثناء تأدية أعمالها، وكذلك ربما يؤثر على إنتاجها. وعالج هذه المشــكلة يتطلب ضــرورة التوســع في إنشــاء دور للحضــانة على المستوى العام في المناطق واألحياء القربية من محل السكن، أو في الوحدات اإلدارية واإلنتاجية، مع تطوير العمــل بهــذا الــدور وتوفــير العناصــر اإلشرافية الصالحة واإلهتمام بالناحيــة التربويــة والصــحية للطفــل، وتحقيـق ذلك يتطلب جهودا من جهات متعددة يجب أن تتظــافر وتتعــاون لحــل هــذه

المشكلة ممثلة في جهود الدولة واألمة والتنظيمات النسوية وغيرها. السادس: توفير األجهزة المنزليــة المســيرة، إذ أن تــوفر تلــك األجهــزة يمكن المرأة العاملة من تأدية أعمالها المنزلية بسهولة ويســر، وعالج ذلــك يتطلب ضـرورة تسـهيل حصـول المـرأة على مثــل هـذه األجهـزة باألسـعار والشروط المناسبة، ويمكن لألجهزة الحكومية والوحدات اإلدارية والنقابات

والجمعيات وغيرهم المساهمة في توفير مثل هذه السلع التي

213

أصبحت من االحتياجات األساسية لكل أسرة. السابع: توفير السلع االستهالكية، فإنه تبذل المرأة العاملة الجهد الكبير في سبيل الحصــول على احتياجاتهــا من الســلع االســتهالكية، وذلــك يتطلب التوسع في إنشاء الجمعيات االستهالكية في مواقع الســكن وجهــات العمــل واألنديــة، مــع ضــرورة االهتمــام بتطــوير إنتــاج تلــك الســلع من حيث إعــداد األصناف المجهزة تجهيزا كامال والتوسع في تعبئة السلع في عبوات مناسبة من حيث الحجم والنوع والسعر بمــا يناســب مــع احتيــاج ورغبــات وقــدرات

المستهلك. ــإن العلم الثامن: توفير المناخ المالئم لتعلمها وإن كانت كبيرة السن، ف باإلضافة إلى أنه فرض شــرعي ونــور، يــوجب تقــدم اإلنســان في المجتمــع

وتقدم المجتمع إلى األمام. ــإن المواصــالت في العصــر الحاضــر ــدمات المواصــالت، ف التاســع: خ خصوصا في المدن الكبار تعد من أهم المشكالت التي يعاني منها المجتمــع ككل، وخصوصا المرأة بصفة خاصة، والتي تؤثر على نفسية المرأة بصــورة أكثر، باإلضافة إلى تأثيرها على الكفاءة اإلنتاجيــة ســواء للرجــل أو للمــرأة، ويمكن المساهمة في عالج هذه المشكلة أو التخفيف من حدتها عن طريق قيام األجهزة الحكوميــة والوحــدات االقتصــادية والجمعيــات والنقابــات ومن أشبههم بشـراء أو اسـتئجار وسـائل مواصـالت خاصـة للعـاملين والعـامالت

ومن إليهم مع توفير االعتمادات المالية الالزمة لذلك. وتستطيع هيئة النقل العام القيام بدور هام وفعال في هــذا المجــال عن

طريق وضع خطة عاجلة لتجديد سيارات النقل العام وتعميم فكرة

214

بيعها وتأجيرها للجهات المعنية في مقابل اشــتراكات رمزيــة، وتشــغيلهاــا أن ــل، كم ــودة من وإلى العم ــذهاب والع ــترات ال ــوم أو في ف ــوال الي ط المؤسسات تتمكن من جعل السيارات الخاصــة للمجيء بــالمرأة والــذهاب بها سواء كانت مستشفى أو معهــدا أو معمال أو مصــنعا أو دار والدة أو غــير

ذلك. العاشر: تكون جمعيات نسائية لمختلف شؤون المرأة كشأن الدراســة، وشأن الخطابــة، وشــأن الــزواج لــتزويج الفتيــات والعانســات، وشــأن تعليمــة ــأن األموم ــد، وش ــأن القواع ــا، وش ــز ونحوهم ــة والتطري المهن كالخياط والطفولة، وشأن العمل الالئق بهن لغــير المشــتغلة، وشــأن العجــزة منهن، وشأن التربية لهن، وشأن العنوسة الباقية بدون زوج، وشأن حـل المشـاكل العائلية، وشأن الوالدة، وشـأن أمراضـهن، وشـأن الوقايـة عن اإلنـزالق في بؤر الفساد والتيارات الوافدة، وشأن تكميــل نواقصــهن الماديــة الفرديــة أو

االجتماعية، وشأن حل مشاكلهن الحكومية، إلى غير ذلك من الشؤون. فإن هذه الجمعيات تساهم مساهمة فعالة في إعطاء المــرأة الحاجــات ورفع النواقص والقيــام بهن من الشــلل الــتي أصــابهن من جــراء الضــغوط المتزايدة عليهن من األمة أو الدولة، فعلى الدولة واألمة أن تقوما بالرعايــة الكافية بهــا وبشــؤونها وبدراســتها دراسـة علميــة وعمليــة واقــتراح الحلـول

المناسبة لها. فإن االهتمام بمشكالت المرأة وحلها وتقديمها إلى األمام ليس اهتمامــا بها فقط، ولكن اهتماما بالمجموعة البشــرية وللرجــال بصــورة خاصــة، ألن المرأة بالنسبة للبشر هي األم والزوجة واألخت واالبنة والعمة والخالة ومن أشبههن، والحفاظ عليها وحل مشاكلها وحفزها على العمــل ورقابــة كفــاءة

أدائها وتقديمها إلى األمام

215

في الحدود المقررة شرعا حفظ لها ولألسرة ولألمة بصورة عامة. الحادي عشر: االهتمام بأمورها األخالقية والدينية، وقد كانت المرأة منذ زمن الرسول )صلى الله عليه وآله( تحضر صالة الجماعة خلفه، وقــد جعــل الرسول )صلى الله عليه وآله( امرأة تسمى )أم ورقة( إمامــة للنســاء لمن تريد منهن الحضور في جماعتها كما كــان لهــا الحضــور في صــالة جماعتــه. كما أنها كانت تسافر مع رسول اللـه )صـلى اللـه عليـه وآلـه( وتحج وتعمـر

وتحضر الحروب لمساعدة الرجال في الشؤون الالئقة بها. وفي أيام اإلمام أمير المؤمنين )عليه الســالم( في الكوفــة كــانت بعض

المساجد الخاصة بالنساء.ــتي تكــون حســب فــالالزم تكــوين الحســينيات والمــدارس النســوية ال المتطلبات العادلة، باإلضــافة إلى دور الــوالدة ودور الحضــانة ودور العجــزة ودور الرعاية وما أشبه مما يوجب إعطاءها حاجتها، باإلضــافة إلى انتشــالها

من هوة التأخر التي أوقعوها فيها مما أذهب بدين بعضهن وبدنيا بعضهن. وحيث ذكرنا في بعض كتبنا المرتبطة بالمرأة بعض شؤونها، وإنمــا كــان المقصود في المقام اإللماع إلى إدارتها من كل األمة بمناســبة بحث اإلدارة بصورة عامة مما يليق بكرامتها ومكانتها، نكتفي منه بهذا القدر، ونتمم هذه المسألة بالقصة المشــهورة من مطالبــة أم ســلمة )رضــي اللــه عنهـــا( من الرسول )صلى الله عليه وآله( االهتمام بشأن المرأة، وأنها لمــاذا ليس لهــاإن المســلمين ــة: ــة المبارك ــذه اآلي ــه ســبحانه ه ــأنزل الل ــا للرجــل، ف ﴿كم والمســـلمات والمؤمـــنين والمؤمنـــات والقـــانتين والقانتـــات والصـــادقين والصادقات والصــابرين والصــابرات والخاشــعين والخاشــعات والمتصــدقين

والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم

216

ــرا والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأج ، إلماعا إلى أن الرجل والمرأة متساويان أمام قانون الله سبحانه(1)﴾عظيما

وتعــالى، في كــل الواجبــات والحقــوق، إال فيمــا اســتثناه الشــرع، ممــا هــو معروف في الفقه اإلسالمي، وقد ألمع إلى ذلـك في القــرآن الحكيم بقولـه

وللرجال عليهن درجة ﴾سبحانه: ، والله العالم المستعان. (2)﴿

. 35( سورة األحزاب: ?)1. 228( سورة البقرة: ?)2

217

واالستشارية(( الخطية ))الوحدات في كل إدارة خط تمشي اإلدارة على ذلك الخط، ومشورة)مسألة(:

تستهدي اإلدارة بها في إصــالح نواقصــها أو تحســينها من حالــة حســنى إلى حالــة أحســن، فــإن هــذه عالقــة من العالقــات الكثــيرة الــتي تحــدث داخــل المنشــئة، فــإن العالقــة بين العمــل التنفيــذي والعمــل االستشــاري أســاس

لجميع العالقات األخرى. أما الوحدات الخطية في اإلدارة فهي تلك التي تنهض بالعمل األساسي

للمنشئة، مما نشأت المنشئة ألجلها، وتصل إلى النتائج بسببها. أما الوحدات االستشارية فهي تلــك الــتي تقــدم خــدمات متخصصــة في مجاالت القانون والمالية واألفراد والبحوث والتخطيط والعالقات العامة في

كل من قطاع األعمال وقطاع االجتماع والقطاعات الحكومية. ــوعين من ــذين الن ــات بين ه ــه العالق ــا ينبغي أن تكــون علي ــا زال م وم النشاط، نوع االستشارة ونوع خط المشــي موضــوع بحث منــذ أمــد طويــل للحالة المناقضة بين األمرين، حــتى أصــبح بعض علمــاء اإلدارة يميلــون إلى االعتقاد بأن الموائمة الصحيحة بين الخط العام والمشورة تشكل ناحية من

أصعب مجاالت اإلدارة. والعمل التنفيذي والعمل االستشاري متداخالن في عمليات من مستوى التخطيــط ومســتوى التيســير، هــذا باإلضــافة إلى أن المشــورة تتــدخل فيــدوره الخط، ألن تزايد الحاجة إلى تقسيم أكثر دقة للعمل والتخصص يزيد ب من أهمية عمل المشورة في كثـير من المؤسسـات الكبـيرة كالمؤسسـات

الحكومية، حيث يصبح العمل االستشاري في

218

البرامج التي تتسم بالتخصــص والتنــوع عنصــرا ال غــنى عنــه في اإلدارةالموحدة والمتوازنة ذات الشعب الكثيرة.

وعلى ذلك، فإنه يتضاعف عدد موظف المشورة بســبب تنــوع أعمالهــا،ــف فإن بعض هذا العمل يتداخل مع أنواع من الوظائف، كان ينهض به موظ التنفيذ سابقا أو المدير تلقائيا، وحيث يصل األمر إلى هذا الحد فــإن العمــل االستشاري يصبح إلى درجة ما مزيجا من النشاط المباشر وغــير المباشــر،

ويتضمن النصيحة كما يتضمن التوجيهات لموظف الخط. وينظر في هذا الحال في التطبيق أن توجد وظيفة خالصــة تقتصــر على أحد النوعين، لكن الغــالب أن يكــون مزيجــا مشــوقا متعبــا منهمــا في أكــثر

الحاالت.ــدر ويحاول بعض المفكرين تبسيط المشكلة بالقول، بأن أي جماعة تصــارية ــائف االستش ــل من الوظ ــذا، فك ــة وهك ــدة خطي ــبر وح ــات تعت توجيهــة تكــاد تشــملهما دائمــا مجموعــة واحــدة، والعالقــات اإلنســانية والتوجيهي المعقدة هي التي تميز بين االستشارية والتنفيذ، وإن كانا في شخص واحد،

فربما يكون هو منفذا وربما يكون هو مشيرا ومستشارا. وحيث اختلـط األمــران وامتزجــا طــرحت أسـئلة بصـدد االستفسـار عن واقــع األمــر، وحــدود أي من الجهــتين، مثال يتســاءلون هــل يحــدث دومــا أنــنيغي أن تعمل وحدات للخط والمشورة معاكما ينبغي أن يعمال معا. وهــل ي تكون الخــدمات االستشــارية مركزيــة أو ال مركزيــة، ومــتى ينبغي أن تنشــأ وظــائف استشــارية جديــدة، وهــل ينبغي أن تشــكل لجنــة إدارة تضــم كبــار

الموظفين من الخط والمشورة معا حتى يبين حد هذا وحد هذا.

219

كما أن من الصعوبات التي حدثت في هــذا البــاب حالــة موظــف الخــط الــذي لم يطلب النصــيحة أبــدا من مستشــار رئيس الشــركة من أي قســم للمشورة، وإنما هو يعمل بوحي من مشورة نفســه في الخــط الــذي يعمــل فيه، وحالة رئيس قسم مشورة يحاول بســبب فــرط حماســته لوظيفتــه أن يفرض آراءه على غيره من المديرين ولو بالمغريات والمرهبات ومــا أشــبه

ذلك. وحالــة رئيس قســم وافــق دون اكــتراث في اجتمــاع على أن ينفــذ مــا

تقرره جماعات الخط والمشورة معا، ثم لم ينفذ أي شيء من ذلك. وحالة موظف المشورة الــذي كلفــه رئيســه بــأن ينقــل أمــرا إلى مــدير مصنع مرؤوس، ولكنه غير األمر بمــا يوافــق رأيــه ألنــه لم يوافــق على أمــر

الرئيس. وحالــة المــدير الــذي أنشــأ إدارات مشــورة ولكنــه اســتخدمها كــأجهزة

إشراف وما يترتب على ذلك من احتكاك في كل مكان. وهــل من الممكن تبــني اإلدارات الحديثــة جمــع الوظيفــتين في إنســانــدمج الخــط والمشــورة حــتى يكــون ــأن تنشــأ معاهــد أو دورات ب واحــد، ب

الموظف يقوم بكال األمرين. كما أن في المقام أسئلة من نوع آخر، مثل مدى صالحية المشـورة فيــدر ــا إذا تص ــه إلى اإلداري فيم ــذي يوج ــه ال ــدى التنبي ــر, وم ــاء األوام إعط

المشورة.

220

أو لم يسمع اإلداري المشورة، أو تدخل المشوري في التنفيذ، إلى غــيرذلك.

))خبراء االستشارية(( وهناك اتجاه في الكليات والجامعات إلى تدريب خــبراء في موضــوعات مشورة محددة مثل إدارة األفراد والمالية والقانون وغير ذلــك، ومثــل هــذه الوظــائف جــزء من تشـكيل كـل منظمــة من أي حجم كــانت، ومن الســهلــاهج مترابطــة في اإلدارة العامــة أو إدارة إعطــاء المعلومــات عنهــا في من

األعمال.ــال ــا في األعمـ ــدربين جامعيـ ــيرا من المـ ــددا كثـ ــد عـ ــك يعـ وعلى ذلـ االستشارية، ويشجعون على دخول هذا المجــال ويكســبون اهتمامــا شــديدا به، وخبراء العمل االستشاري شأنهم شــأن أصــحاب المهن الرفيعــة بصــفة عامة يضخمون أهمية عملهم من حيث قيمته وأثــره واســتقالله بمــا يتجــاوز كثيرا التقدير العادل بالنسبة إلى الموقف اإلداري جميعه، وهذا ال يعــني أنــه ينبغي تقليل االهتمام بالتدريب للوظائف االستشارية، ولكنه يعني أنــه ينبغي أن ينال العمل التنفيذي اهتمامــا مســاويا على األقــل، وأن يشــجع النــابهون من الطلب على االلتحـــاق بالعمـــل التنفيـــذي مباشـــرة أو أن يســـتخدموا الوظيفة االستشارية كنقطة انتقال إليــه، ال أن يرفــع من شــأن االستشــاري

ويحط من شأن التنفيذي حتى ال يرغب المتعلم في الثاني.

))أنواع العمل االستشاري(( ثم أبسط أنواع العمل االستشاري في قطاع األعمال هو عمل المساعد للــرئيس التنفيــذي، وقــد يكــون هــذا المســاعد ســكرتيرا خاصــا أو مســاعدا

شخصيا أو مستشارا في ناحية ما، وهو يقع عادة خارج خط

221

السلطة، ولنفترض أن المنفذ الخطي يرى أنه يحتاج إلى اثــنين أو ربمــا ثالثة من هؤالء المساعدين، حينئذ تبدأ العالقة بين الخط والمشــورة تتعقــد، وأنـــه إذا أمضـــى المنفـــذ الـــوقت المناســـب الكـــافي في مقابلـــة جميـــع المساعدين الثالثــة، فســوف ينقص ذلــك من وقت مقابلتــه مــع المــوظفين التنفيذيين الذين يتصلون به مباشرة، وعلى ذلك فإنه يتوقف عند هــذا الحــد عن االستمرار في زيادة موظف المشورة ومكتبه، فإذا كانت هناك ضرورة لزيادة موظف المشورة فإنه ينشئ وحدة في مستوى األقسام، فإذا ما زاد التوســع في المنظمــة بحيث أصــبحت تتطلب معونــة أكــبر من وظــائف المشورة، فإنه ينشئ حينئذ أقساما مســتقلة على أســاس وظيفي لشــؤون األفراد والشؤون القانونيــة وشــؤون العالقــات العامــة وغيرهــا، ولكــل منهــا

رئيس. وحيث إن الرئيس للقسمين من الموظفين التنفيذي واالستشـاري ليس لـــه وقت إدارة كليهمـــا األولين بـــأوامر وتوجيهـــات واآلخـــرين بمباحثـــات ــدال وإقناعات وإقتناعات، فالالزم أن يكون له مساعدون آخــرون يقومــون ب عنــه بــالمهمتين حيث يكــون هــو بمنــئى عن التخبــط واإلســراع في األوامــرــا اعتباطــا بســرعة ــول المشــورة ورده ــانب المشــورة، أو قب لمالحظــة ج

بمالحظة جانب التنفيذ. وكيف كان، فيندر أن تكون وظيفة للمشورة ال تتعــدى إعطــاء النصــيحة وإثارة تفكير المنفذ وكشف الحقائق أمامه للمساعدة في عملية التخطيط، بل وأعمال القدرة أحيانا على الرؤســاء والمــديرين وإصــدار األوامــر إليهم، فإن عمل المستشار باإلضافة إلى إعطاء النصيحة أخذ يقوم بأعمال تختلط مع أعمال التنفيذ بمــا في ذلــك إعطــاء أوامــر مباشــرة في خــط الســلطة،

فاإلدارة المالية مثال تقوم بوظيفة المشورة في ابتكار طرق

222

أفضل في محاســبة التكــاليف، ولكنهــا أيضــا تقــوم بوظيفــة تنفيــذ وهيإمساك الدفاتر ومالحظة فواتير الصرف.

كما يقوم قســم شــؤون األفــراد بوظيفــة مشــورة هي تقــديم النصــيحة للرئيس التنفيذي في كيفية االرتفاع بالروح المعنوية، ولكنه يدير أيضا نظام تــرتيب الوظــائف وتقــدير الكفــاءة واحتياجــات التــأمين االجتمــاعي ونظــام

التقاعد. ويقدم القسم القانوني المشورة في طريقة النهوض بالعمــل في إطــار

القانون، وفي نفس الوقت يباشر الحضور أمام المحاكم. كما يقدم قسم العالقات العامــة النصــيحة لمــوظفي التنفيــذ في كيفيــةــة إعالم ــدير حمل ــوقت ي ــه في نفس ال إســعاد العمــال والمســاهمين، ولكن ضخمة في اإلذاعة والصحف والتلفزيون وغيرها، وكلما كبرت المنشئة وزادــة ملء ــوعت وظــائف المشــورة فيهــا، وزادت أهمي ــوع في نشــاطها تن التن الفراغ بين منظمــات الخــط الرســمية ومنظمــات المشــورة الرســمية، ألن كفاءة المنشئة يعبر عنها غالبا بالمهارة في توفير األنســجة الــتي تربــط بين أجزاء التنظيم، خصوصا إذا كان أجزاء مثــل هــذه األجــزاء في كــون بعضــها

تنفيذية وبعضها استشارية مما ليس في سياق واحد. ثم إنـــه البـــد أن يتصـــف موظـــف المشـــورة بالعموميـــة من ناحيـــة، والخصوصية من ناحية، حتى يتمكن أن يعمم الخاص ويخصص العام، فينقل التفكير والعمل التخصصي الضيق إلى معان أوســع تســاعد من فوقــه على االضطالع بوظيفة القيادة في داخل المنشــئة، كمــا أنــه يجب أن يتمكن من تخصيص العام، إذ كثيرا ما يرى المستشار حالة جزئية فيعممها بالمالك إلى عموم، فيعطي لإلدارة مشورة حول ذلك المالك، ليعمم الجهة المستشــيرة

الحكم في كافة األشباه والنظائر. وكثيرا ما يكون بالعكس، فيرى عموما في حالة لكن ذلك العموم

223

ال يرتبط باإلدارة بل مرتبط بها جزئيا من الجزئيات. مثال يرى أن الحـزب الفالني حـزب مخـرب، لكن هـذه الكليـة ال ترتبـط بالمؤسسة، بل المرتبط بها الموظف الشخص الفالني، فيعطي المستشــار لإلدارة لــزوم نقــل هــذا الموظــف إلى مكــان ال يتمكن من االتصــال بســائر

الموظفين حتى يكون مخربا. ثم الجهـــة المستشـــيرة لهـــا صـــالحية أن تعطي للمستشـــار صـــالحيةــدير المشورة في ناحية خاصة أو نواحي متعددة، فإنه ال ينبغي أن يسمح لم في ناحية استشارية معينــة أن يتحكم في وظــائف استشــارية أخــرى إذا لم يكن صالحا إال لجهتها الخاصة، بل يظل كل مدير في نطاق خبرته، وال يجمع

ألي منهم قوة كبيرة. وكثيرا ما يكون عمل موظف المشورة تخفيف الضغوط عن الجهة التي وظفت هذا الموظف، وتقييم كل موضوع في ضوء جميع عالقاته بالوظائف الداخلية المختلفة والسياسية العامــة الخارجــة عن إدارة المنشــئة، وكــذلك تحديد ظروف كل حالة بتقديمها للجهة المستشــيرة مشــفوعا وتوصــية عن

التصرف فيها إستنادا إلى التحول الحاصل.

))رئيس الحكومة والحاجة إلى المشورة(( ثم إن حـــال رئيس الحكومـــة حـــال رئيس المصـــنع أو المدرســـة أو المستشفى أو مــا أشــبه في االحتيــاج إلى المشــورة أحيانــا بعــدد أكــبر من الموظفين المشيرين، وأحيانا بعدد أصغر حسب كبر أو صغر تلك الحكومــة، فإن الذي يتميز به رئيس حكومــة عنــد مــا نقــارن بينــه وبين رئيس إدارة أو وزير في إدارته هي حاجته إلى أعداد أكبر من الموظفين للقيــام بالوظــائف االستشارية، وذلــك بســبب التنــوع والزيــادة في حجم العمــل الــذي يتطلب

التخطيط والتنسيق وإعطاء التوصيات والمشورة وما أشبه. والكثير من هذه الحاجــات يمكن أن تتكفــل بهــا الــوزارات بالنســبة إلى

الحكومة، مثال

224

المشورة القانونية يمكن أن يقدمها النائب العام في الحكومة، إذا كانتــدمها اإلدارة ــا يمكن أن يق ــة، كم ــة الوالي ــة أو حكوم ــيرة اتحادي ــة كب حكوم

القانونية. والمشورة في شؤون األفراد تحصل من لجنــة الخدمــة المدنيــة، أو من

أجهزة األفراد المركزية.ــتريات ــل من إدارة المشـ ــتريات تحصـ ــؤون المشـ ــورة في شـ والمشـ

المركزية، أو من إدارة المالية المركزية، إلى غير ذلك. ومن المعلوم أن الرئيس التنفيذي مهما حاول أن يستفيد من الـوزارات القائمة في الحكومة مثال، فإنه يحتاج أن يكون إلى جواره موظفــون للــرأي والمشورة، وتتصل هذه المشورة بموضوعات رســم السياســة واالعتبــارات األخر، والتوقيت والعالقات العامة وتنسيق التنفيذ، والعمــل الــذي ينهض بــه مكتبــــه، ولــــذا فمن المعتــــاد أن ينهض رؤســــاء الحكومــــات في البالدــوافرة بحيث الديمقراطية من بين من يمتازون بالتعليم المكتمل والخبرة ال

يستطيعون إسداء النصيحة السليمة عن موضوعات مختلفة. لكن الالزم أن ال يحيط الــرئيس نفســه بالمتخصصــين في كــل موضــوع يهتم به، ألنه يجد حينئذ نفسه مشغوال بمستشاريه بدرجة ال تترك له إال وقتا ضئيال يتصل فيه بالعالم الخارجي، ومثــل ذلــك ليعزلــه عن االتصــال بالنــاس مما يسبب التقليل من محبوبيته وأخيرا سقوطه، بل الالزم أن يقسم وقتــه بين االتصــال بالنــاس من ناحيــة، وبين المشـورة من مستشـاريه من ناحيــة ثانية، فإن كل واحــد من األمــرين إذا اســتبد بــالرئيس لم يتمكن من اآلخــر،

ويكون كالطائر الذي يريد أن يطير بجناح واحد، وذلك ما ال يمكن. هــذا من ناحيــة، ومن ناحيــة أخــرى يقــع الــرئيس بين تنــاقض ثــان بين المنفـــذين والمستشـــارين، حيث إن المنفـــذين يريـــدون عـــدم تـــدخل المستشارين في شؤونهم، والمستشارون يريدون عدم تدخل المنفذين في

225

شؤونهم، مع أنه قد تقدم أن أحدهما يكمل اآلخر. فالالزم على الرئيس أو المدير سواء كان في القطاع الحكــومي أو في القطاع الشعبي أن يوضع التنسيق والتوازن بين الجهتين، فكــل يتــدخل في

أمر اآلخر بقدر، وال يتدخل في كل شؤون اآلخر. وبعض الحكومات يتجهون إلى وسيلة للتخوف كثيرا من موانع التعاطف بين موظف الخط وموظف المشورة، وهي تبديل العمــل لكــل موظــف من هذا الخط إلى ذلك الخط وبالعكس، إذ ينتقل موظف الخط حســب برنــامج محدد في وظائف المشورة في المركز الرئيسي لفــترة من ســنة أو أكــثر،ــل من موظــف ــثر، فك ــة أك ــبرة تنفيذي ــدان باكتســاب خ ــود إلى المي ثم يع المشورة وموظف التنفيذ قد عمل في كلتا الوظيفــتين مــدة ممــا ألقى في نفسه التعاطف بين الخطين، وهذا التعامل الذي قــد يحــدث مــرات عديــدة خالل الحياة الوظيفية للموظفين الرئيســيين الصــالحين للتنفيــذ والمشــورة معا يسبب دعم فهم كل طرف وجهة نظر الطرف اآلخر والمشــكالت الــتي يتعرض لها، وفي بعض الحاالت يستمر التبادل إلى درجة تؤدي إلى استيقاء موظف الخط الذي حقق نجاحا بارزا في قيامــه بالعمــل االستشــاري أخــيرا

في مستوى كبير من وظائف المشورة. ومثل هذا التنقل تجربة مفيدة وبصفة خاصة في سني تكوين الفرد في مستهل الحياة الوظيفية، وهي عامل في تكوين نظام المســتقبل الــوظيفي

في اإلدارة العامة. وقد كــان المعتقــد في زمــان مــا أنــه توجــد فــروق متمــيزة بين أنمــاط الشخصية لموظف الخط ولموظف المشورة، فقد كــان البعض يتصــور أنــه يفترض في موظف المشورة أنه شخص معتزل ومجد ومنطــو على نفسـه، بينما الموظف التنفيذي حركي ونشط ومتفتح، لكن مثــل هــذه النظريــة إذاكانت في يوم ما مورد القبول فليس من الصحيح إجراؤه في هذا اليوم، إذ

226

يندر أن تجد ما يساندها في الحال الحاضر، فإن لإلنسان جهــتين جهــة انطواء وجهة تفتح، فــإذا كــان في الخطي المشــوري انســدت جهــة التفتح،

والعكس بالعكس. نعم ال شــك أن بعض األفــراد انطوائيــون بطبعهم، وبعضــهم انفتــاحيون بفطرتهم، حتى إذا جــاء األول في التنفيــذ والثــاني في االستشــارة لم يغــير ذلك من طبعه، لكن ذلــك ليس معنــاه أن االستشــاري ال يصــلح للتنفيــذ، أو التنفيذي ال يصح لالستشارة، سواء في زمانين كما مثلنا في حالة التنقل، أو

في زمان واحد، بأن يشير تارة وينفذ أخرى.

227

الماهرون(( ))العمال ال شك أن األمة بحاجة إلى عمال ماهرين يقومون بمختلــف)مسألة(:

األنشــطة الــتي تحتــاج األمــة إليهــا في العصــر الحاضــر للســير إلى األمــام، والمستعمرون يوحون إلى عمالئهم من الحكام وغــيرهم في الوقــوف ســدا

دون هذا التقدم.

))هجرة الخبرات(( ثم إن البالد حيث كانت متخلفة فالذي يدرس ويترقى ال يتمكن أن يبقى فيها، ال من جهة تدني مستوى األجور بالنسبة إلى البالد الصــناعية فحســب، بل من جهة عدم تلقي المثقف االحترام الالئق به، وعدم توفر أجواء الحرية الصحيحة له، وعدم تمكنــه من التقــدم المنشــود في مثــل هــذه البالد، ممــا

يوجب هجرة المثقفين األكفاء إلى البالد الديمقراطية. وهذه المشكلة ملموســة لكــل أنســان يعي جــوهر هــذه البالد في كافــة المستويات، وقــد انتشــرت وانعكســت آثارهــا على مســتوى أجهــزة الدولــة والشركات والمعامل، بل والفــرد أيضــا، فــالجميع يشــعرون بمشــكلة عــدم توفر األيادي العاملة الرفيعة بصفة عامة، والفنية منها بصفة خاصة، بالنسبةــك بالنســبة إلى كــل المهن ــا، وذل ــاج البالد إليه ــتي تحت إلى المؤسســات ال تقريبا، خصوصا في مجاالت الصناعة والزراعة والتكنولوجيا وما أشبه، األمر الذي ترتب عليه أن أصــبحت هــذه العمالــة نــادرة يصــعب الحصــول عليهــا، باإلضافة إلى ارتفاع أجورها بصورة كبــيرة، خصوصــا مــع مالحظــة التضــخم الهائل الذي اجتاح البالد، مما لم تعد األجور تتناســب إطالقــا مــع احتياجــات

الفرد. هذا باإلضافة إلى الطبقية الحادة الــتي حــدثت في البالد، حيث إن بعض الفئات تزايدت دخولها بمعدالت كبــيرة ومطــردة بســبب دكتاتوريــة الحكــام الذين يقربون جماعــة ويبعــدون جماعــة، وال يهمهم المثقفــون وإنمــا يهمهم

من يصفق لهم، فقد زادت

228

ــه ــذي زادت في دخول هذه الفئة بهذه المعدالت المطردة، في الوقت ال ببطء شــديد معــدالت األجــور والمرتبــات لجميــع العــاملين بوحــدات الجهــاز اإلداري أو األجهرة في المنشئات الخاصة، مما نتج عنها ظهور طبقة جديدة من أصــحاب الــدخول المرتفعــة، حيث تكــونت لــديها مظــاهر مختلفــة في االستهالك، وأنمــاط جديــدة من المســؤوليات قلبت مــوازين القيم واألفكــار والعالقات بين األفــراد، وأحــدثت خلال في التقســيم الطبقي للمجتمــع، وفي سياسات التعليم والتوظيــف، ممــا ســاعد في النهايــة على انتشــار موجــاتــة الحــادة كمــا هــو مقــرر في علم التضــخم وارتفــاع األســعار، ألن الطبقي

االقتصاد توجب االختالف الكبير بين األمة الواحدة. والتساؤل الذي تطرحه الدراســة أنــه إلى مــتى ســتظل هــذه المشــكلةــوازن مــرة على ما هي عليه، وما هي الحلول العلمية الممكنة التي تعيد الت أخــرى في الخلــل الــذي حــدث في الــترتيب االجتمــاعي للمجتمــع، فتعطيــاحب لخريج الجامعة ورجل العلم والفضيلة حقوقه ومكانته كاملة، وتضع ص

الحرفة أو عمل الخدمات في مكانه الصحيح. وعلى أي حال، فهذه مشكلة نحن لســنا بصــدد كيفيــة حلهــا في الحــالــاس ــة هي أس ــإن الحكوم ــبق، ف ــا س ــك فيم ــا إلى ذل ــر، وإن ألمعن الحاض المشكلة، وتحولها من الدكتاتورية إلى االستشارية من أسس الحل الصحيح

لكل المشكالت الممكن حلها. وإنما الغــرض في هــذه المســألة دراســة أثــر الظــروف المحيطــة على اإلدارة، والعقبــات الــتي تحــد من تطــبيق نظريــة اإلدارة وأصــولها وأسســها

العلمية.

))الظروف الصحيحة لإلدارة(( والتي يجب علينا: أن نوفر الظروف الصــحيحة حــتى تكــون هنــاك إدارة صـــحيحة، فـــإن اإلدارة كســـائر الشـــؤون االجتماعيـــة خاضـــعة للظـــروف

االجتماعية، فإذا كانت الظروف االجتماعية صحيحة كانت اإلدارة

229

صـــحيحة، وأمكن أن تســـير إلى األمـــام بخطـــوات ثابتـــة، وإذا كـــانتالظروف غير صحيحة ال يمكن أن تسير اإلدارة سيرا حسنا.

فمثل الظرف واإلدارة مثــل األرض والشــجرة، فــإذا كــانت األرض غــير صالحة واألجواء غير مهيئة فإن الشجرة مهمــا كــانت بنيتهــا في ذاتهــا قويــة وصحيحة ال تتمكن أن تنمو بصحة، وأن تزهر وتثمر كما يترقب منها، بخالف األرض واألجــواء الصــحيحة، فإنهــا تعطي الشــجرة مــا تســتحقها من النمــو

واالكتمال في الكم والكيف والنتائج.

))أقسام الظروف المحيطة باإلدارة(( وعلى أي حال، فالظروف المحيطة بــاإلدارة يمكن تقســيمها إلى أربعــة

أقسام: : الظروف االقتصادية. 1: والظروف االجتماعية. 2: والظروف السياسية. 3: والظروف األخالقية، والمراد باألخالقية األعم من الدين واألخالق. 4

))الظروف االقتصادية(( فــاألول: وهي الظــروف االقتصــادية، فيمكن تقســيمها الــتي لهــا عالقــة

باإلدارة مما هي محل كالمنا، إلى ثالثة عناصر: األول: مستوى اإلنتاج. الثاني: مستوى الثروة. الثالث: الندرة والوفرة.

فاإلنتاج، حيث إن التخلف غالبا ما يولد التخلف، والتقــدم غالبــا مــا يولــدــف اإلدارة، والعكس ــك تخل ــبب ذل ــا س ــتواه متخلف ــان مس ــدم، إذا ك التق

بالعكس.

230

أمــا بالنســبة إلى مســتوى الــثروة، فإنــه يــؤثر على إمكانيــة اإلدارة في استخدام التســهيالت وعــدمها، مثــل المبــاني والطــرق والســدود والمــوانئ

والمزارع والموارد االقتصادية كالنفط والحديد والخشب وما أشبه ذلك.ــه كما أن مستوى الثروة العقلي وهو عبارة عن رأس المال اإلنساني، ل

تأثير في القدرة على االبتكار واالنطالق. وتؤثر النــدرة أو الــوفرة أيضــا تــأثيرا خطــيرا على اإلدارة في التصــرف وعدم التصرف، ففي المجتمعات الغنية يستطيع اإلداري اســتخدام التلفــونــام ــواد الخـ ــول على المـ ــتوردين للحصـ ــة للمسـ ــة تلفونيـ ــل مكالمـ وعمـــاتب ــل والمك ــوق العم ــاء إلى س ــا يمكن لإلداري االلتج ــتهلكين، كم وللمس

المتخصصة للحصول على عمال أخصائيين في كل صناعة. أما في البالد المتخلفة فقد ال يكون هناك مستوردون متخصصــون، كمــاــتوردون أنه قد ال يجد اإلداري المستهلكين بقدر الكفاية. وإذا كان هناك مس ومسـتهلكون فقـد ال يكــون عنـدهم تلفونـات يمكن االتصـال بهم في زمـان قليل، أو أن عندهم تلفونات لكن التلفونــات عاطلــة بســبب عــدم الرعايــة، وإذا كــان لــديهم تلفونــات غــير عاطلــة فقــد ال توجــد وســائل المواصــالت السريعة لنقل بضائع إلى المستهلكين، أو نقــل المــواد الخــام إلى المعمــل،ــتى كما قد اليكون هناك عمال مختصون، وقد يكون من الصعب الحصول ح

على إنسان جامعي يقوم بأعمال المدير. لكن ال يخفى أن الندرة كما تأتي بمشاكل، كذلك الوفرة تأتي بمشاكل، وذلك كمــا يقولــون بالنســبة إلى الصــحة أن الفقــر لــه أمــراض والغــنى لــهــد عن أمراض، فإن وفرة الموارد أحيانا تؤدي إلى حرية كبيرة، واإلنتاج الزائ الحد قد يؤدي إلى إفالس كثير من المؤسسات أو التأثير عليها تأثيرا عميقا،

مثال تؤدي في بعض األحيان إلى بطالة

231

جزئية، أو إنتاج زائد عن الحد، إلى غير ذلك.

))الظروف االجتماعية(( أما األمر الثاني: هو الظرف اإلجتماعي، فمن الواضــح أن للعائلــة األثــر الكبير في تطبيق أصول اإلدارة، ألن العائلــة هي اللبنــة األولى الــتي يوضــع الفرد عليهـا، فتحــدد اتجاهـات وعـادات وتقاليـد وسـلوك الفـرد سـواء نحـو

المسؤولية أو الالمسؤولية، أو المباالة أو الالمباالة. كما أن الصراع بين الطبقات يؤثر كثيرا في ســهولة عمليــة اإلدارة، مثال النظام الطبقي في البلد يقفل باب الصــعود لبعض الطبقــات، فال يتمكنــون من االلتحــاق بوظــائف معينــة، حيث يخصــص القــانون تلــك الوظــائف بفئــة خاصة، كما نشاهد في لبنـان بالنسـبة إلى المسـيحيين والمسـلمين، السـنة

والشيعة، وكما نجد في النظام الطبقي في الهند مثال، إلى غير ذلك.ــدم، وإذا لم يمكن فالظرف االجتماعي أحيانا يكون حجر عثرة أمام التق

التقدم كان معنى ذلك شلل اإلدارة الصحيحة.

))الظروف السياسية(( أما األمر بالنسبة إلى الثــالث، وهي الظــروف السياســية، فمن الواضــح أن األحزاب السياســية والمنظمــات والجمعيــات ومن إليهم، قــد تكــون في طريق صحيح وقد تكون في طريــق غــير صــحيح، وإنمــا كــل اهتمامهــا ملء الوظائف الرئيســية بالمحاســيب واألصــدقاء، بصــرف النظــر عن الكفــاءات

والقدرات اإلدارية. وبـــذلك تســـري عـــدوى الجهـــل والالخبرويـــة والالمبـــاالة إلى أســـفل

المستويات اإلدارية حتى مستوى التنفيذ. والحاصل أن المهم هو أن تكون المحسوبية والمنســوبية والروابــط هي

سيدة الموقف، أو الكفاءة والمهارة والخبروية.

))الظروف األخالقية((وأما األمر الرابع: وهي القيم األخالقية والدينية، فمن الواضح

232

ــة ــل القيم األخالقي أنه ال يمكن ألية مؤسسة أو ألية أمة مثقفة أن تتجاه والدينيــة الســائدة في المجتمــع، فهــذه القيم مــا هي إال تيــارات لالتجاهــات العامة فيما يتعلــق بمــا هــو صــحيح أو خطــأ، إذ القيم الــتي تســود المجتمــع ليست مجرد شيء في الخارج غير مرتبط بالمنظمة والمنشئة، وإنما تدخلــوردين ــق الم ــا وعن طري ــق موظفيه ــا عن طري ــة وتعيش فيه في المنظم

والعمالء والمستهلكين. فإن المجتمع قد يركز على المعنويات، وقد يركــز على الماديــات، شــبه المجتمعات التي يغلب عليهــا القيم الماديــة فــاألفراد يركــزون على الراحــة المادية من غير نظر إلى القيم الروحية، سواء كانت تلــك الماديــات أبســط الضــروريات أو أكــبر الكماليــات، ومثــل هــذا المجتمــع وإن كــان يمأل الجهــة المادية لكنها فاقدة للجهات الروحية، وذلك يكثر فيها اإلنحراف من الطبقية

الحادة وسحق حقوق الناس وما إلى ذلك. والمادة والروح جناحا اإلنسان إلى التقدم، فإذا فقد أحد الجناحين كــان كالطائرة أو الطائر ال تتمكن من الطيران، ولذا نرى أن اإلسالم جعــل لكــلــه في فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما ل ﴿مورده، فقال سبحانه: اآلخرة من خالق * ومنهم من يقول ربنا آتنــا في الــدنيا حسـنة وفي اآلخــرة

. (1)﴾حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا ليس منا من ترك آخرته لــدنياه، أو تــرك دنيــاهوفي الحديث الشريف:

. (2)آلخرته

))التعارض بين المصلحة الفردية والعامة(( كما أن التعارض بين المصلحة الفردية والمصــلحة العامــة أيضــا أمــران يسببان في حسن اإلدارة أو سوئها، ومن المعلوم أن ترجيح اإلنسان ألحدى

المصلحتين راجعة إلى الدين واألخالق، سلبا أو إيجابا أيضا،

. 202 ـ 200( سورة البقرة: ?)12(? . )

233

فإذا سيطرت المصــلحة الفرديــة على األفــراد، ســواء كــانوا إداريين أم مــوظفين أو حــتى أفــراد الشـارع في أعمــالهم اليوميــة بالمصــلحة العامــة، وحينذاك يتغلغــل الفســاد في المنظمــات، ألن كــل أمــر من األمــور يــدرس وينفذ على أســاس مــدى مســاهمته في تحقيــق المصــالح الشخصــية، ويتم تحوير المصلحة العامة وتحريفها لخدمة المصالح الشخصية، لوضوح أن بينــة تعارضــا صــريحا وتناقضــا واضــحا، ــة والمصــلحة العام المصــلحة الفردي فالمصلحة الفردية تجر كل شــيء إلى الفــرد، والمصــلحة العامــة تجــر كــل

شيء إلى العموم. فمن الالزم أن تكــون هنــاك المصــلحة الفرديــة والمصــلحة العامــة كــل

يعطي بقدره، ال أزيد من ذلك. والمـــراد من المصـــلحة الفرديـــة المنـــاقض للمصـــلحة العامـــة، ومن للمصلحة العامة المناقض للمصلحة الفردية، وإال فالجمع بينهما في الصورة

الصحيحة المعقولة هو الطريق األمثل للتقدم. كما أن القيم األخالقية التي تسود المجتمـع قـد تكـون قيم زائفـة، مثـل النظرية القدرية بأن كل شــيء خــارج عن قــدرة اإلنســان ويجب أن يجلس حتى يأتيه ما قدر له، وقد تكــون بــالعكس قيمــا صـحيحة، مثــل أن اإلنســان يكون سيد الموقف بالقــدر الــذي جعــل اللــه لــه من الحريــة واإلدارة، فــإنــط اإليمان بقدرة اإلنسان على تغيير االتجاه وتحسين األحوال وتوجيه المحيــا في ضمن قدرة اإلنسان وطاقته من أهم القيم األخالقية التي يتوقف عليه كل أنواع التقدم، سواء كان اقتصاديا أو حضاريا أو سياسيا أو ثقافيا أو غــير

ذلك.ــادية ــ ــذكورة من االقتص ــ ــة الم ــ ــروف األربع ــ ــك يعلم أن الظ ــ ومن ذل واالجتماعية والسياسية واألخالقية بمعناها الشامل للدينية، تشــكل المحيــط الصالح أو غــير الصــالح لإلدارة، فبصــالحها تصــلح اإلدارة، وبفســادها تفســد

اإلدارة.

234

اإلدارات(( من ))نماذج نذكر في هـذه المسـألة نمــاذج من اإلدارات الـتي ينبغي أن)مسألة(:

يكــون الهيكــل التنظيمي فيهــا على طبــق األصــول المــذكورة في األبحــاثالعلمية لهذه اإلدارات، وذلك للتمرين:

))إدارة المزرعة(( النموذج األول: إدارة المزرعة، ويراد باإلدارة هذه مرحلة التفكير وإتخاذ

القرار وتنفيذ ذلك في الخارج العملي لمزرعة من المزارع. فيجب أن تكون قبل الشروع في المزرعــة، أهــداف المزرعــة واضــحة، وأن تكون هناك مجموعة من العناصر المادية والبشرية الواجب استخدامها في المزرعــة لتحقيــق تلــك األهــداف، وأن تكــون مجموعــة من السياســاتــك، ــا أشــبه ذل ــة وم ــة والسياســات التســويقية والسياســات المالي الزراعي وخطوات تنفيــذ العمليــات الزراعيـة، والـبرامج الزمنيــة في إنتــاج وتسـويق المحاصيل الزراعية، مع أن كال من اإلنتاج والتسويق يحتــاج إلى عــدة أمــورــة ــف من عملي حواليها، وتسمى هذه األمور بالنشاط اإلداري، وهو بهذا يختل

الزراعة ذاتها. ويخضع التخطيـط للمزرعــة للمبـادئ والمفـاهيم األساسـية الـتي تقـدمــتي اإللماع إلى مثل ذلك، فهذه صغرى من صغريات تلك الكبريات الكلية ال

ذكرناها في المسائل السابقة. وعلى هذا، فــالمعروض في هــذا البحث بعض الخصوصــيات كــالقرارات والسياسات الزراعية، فإنــه يقابــل مــدير المزرعــة عــدة أســئلة يجب عليــه

اتخاذ قرارات بشأنها، ومن األسئلة الخاصة بالمزرعة األمور اآلتية: نوع المحصول ومدى تنوعه، مثال القمح أو الشعير أو الذرة ومااألول:

أشبه ذلك، وإذا ما تقرر نوع المحصول بصــورة عامــة يــأتي دور خصوصــيتهالنوع، يعني أن القمح مثال من أي األنواع، والشعير من أي األنواع، وهكذا.

235

مساحة األرض الواجب زراعتها وحــدودها، فال يكفي أن يكــونالثاني: ، وإنما تزال المشكلة بتحديد موقــع هــذه(1)في النظر زراعة عدد كذا جريب

المساحة بين المساحة الكلية للمزرعة، أو الكلي الذي لــه أفــراد، مثال فــردفي بغداد وفرد في النجف وفرد في كربالء وهكذا.

الثالث: أنواع البذور الــواجب اســتخدامها، وكمياتهــا، ومصــادر الحصــول عليها، ووقت شــرائها، والســعر المناســب، وكيــف تخــتزن إلى وقت البــذر،

وفي أي مكان، وسائر الخصوصيات المرتبطة بالبذور. ــواجب اســتخدامه، من الســماد الطــبيعي أو ــواع الســماد ال ــع: أن الراب السماد الصناعي، وكمياته، ومصادر الحصول عليــه، وقت شــرائه وتخزينــه، والسعر المناسب له، مع وضوح أن األســمدة ومكــان جلبهــا من الــداخل أو من الخارج، ثم من أي خارج، الخارج الغربي أو الشرقي، إلى غير ذلــك من

الخصوصيات. الخامس: كيفية القيام بالعمليات الزراعية، هل تستخدم آالت ميكانيكيةــترى أو يتم ــل تش ــتخدام آالت فه ــرار اس ــة ق ــة، وفي حال ــة أو يدوي زراعي تأجيرها، وإذا أريد االشتراء أو التأجير فالمكان الــذي ينبغي أن تشــترى منــه

أين هو، إلى غير ذلك. والسادس: متى وكيف تطبق الطرق الفنية في الزراعة، وفي التسميد،

وفي الحصاد، وفي إعطاء الماء، وفي الحفظ والرعاية. السابع: الشروط الواجب توفرها في العمال الزراعيين، وعددهم، ومدة استخدامهم، فهل يستخدمون على مــدار الســنة، أو يكونــون موســميين، أو

يبدلون من موسم إلى موسم، مع كونهم

( الجريب: مقدار معين من األرض، قيل إنه ست قصبات. ?)1236

مستخدمين على مدار السنة، وأجورهم، وكيفية تدربيهم، ومراقبتهم. الثامن: كمية األموال المطلوبة للزراعة، ومصادر الحصــول عليهــا، هــل يحصـل عليهـا من البنـوك، أو من االقــتراض من األفـراد أو مــا أشـبه ذلـك، وبالنسبة إلى الحكومة هل تحصل عليها من معادنها كالبترول ونحوه، أو من

وزارة خاصة من الوزارات، حيث عندها كمية متوفرة من المال. التاسع: في حالة عدم وجود أرض يــأتي الكالم في شــراء أرض زراعيــة أو تأجيرها، وفي حالة الشراء يكـون الكالم في أنهـا ممن تشـترى، وفي أي

موقع تشترى، إلى غير ذلك. العاشر: إعادة البناء والترميم والصيانة بالنسبة للمباني الموجودة حاليــا

على المزرعة، وكم يحتاج من المال والوقت والعمال ونحو ذلك. الحادي عشر: منافذ التوزيع، هل هو البيع المباشــر، أو الــبيع لــوكالء، أو

البيع لتجار الجملة، أو لتجار التجزأة. ــواق، أو الثاني عشر: تسعير السلع على أساس السعر السائد في األس

على أساس التكليف. الثالث عشر: مكان تخزين السلع، فيما إذا لم يكن الوقت مناسبا للــبيع

وما أشبه. الرابع عشــر: اإلدارات المرتبطــة بهــذه األمــور من الزراعــة والتســويق والمالية واألفراد والتخزين وغير ذلك، ومن الواضح أن التخطيــط للمبيعــات

أساسي، وله أولوية على جميع أنواع التخطيط في

237

المشروع الزراعي، فالكميات المحتمــل بيعهــا تحــدد الكميــات الــواجبــا هي زراعتها، من غير فرق بين أن يكون البيع للدولة ولو لإلحراق مثال، كم العادة في الغرب، أو بيعها للمســتهلكين في الــداخل أو في الخــارج حســب

أسعار بيعها وتكاليف زراعتها وتسويقها وتخزينها وغير ذلك.ــا، ألن ــواجب زراعته ــاحة ال ــدد المس ــا تح ــواجب زراعته ــات ال والكمي المساحة تابعة للكمية في المكان، كمــا أن الكميــة الــواجب زراعتهــا تحــدد كميات البذور الواجب شراؤها، وكميات السماد الــواجب اســتخدامه، وعــدد

العمال الواجب استخدامهم. ثم يــأتي دور الميزانيــات التقديريــة، فإنهــا هي المظهــر المــادي للتنبــؤ المســتقبلي، ففيهــا تســجيل لالفتراضــات الــتي تكــونت عن المســتقبل، وال يختلف مفهوم الميزانية التقديرية في المشروع الزراعي عنه في المشروع الصناعي وسائر المشاريع، كالمشــروع الثقــافي والمشــروع الصــحي وغــير

ذلك. ومن الواضح أن درجــة تعقيــد الهيكــل التنطيمي للمزرعــة تتوقــف على حجم المزرعــة، ودرجــة تعقيــد العمليــة الزراعيــة، ومــدى التكامــل بالنســبة لعمليــات الشــراء والتســويق، كمــا أن البرنــامج الزمــني يوضــح العمليــات األساسية والتفصــيلية الــواجب تنفيــذها بتحديــد الـوقت المتوقــع إلنهــاء كــل عملية، ومفهوم البرنامج الزمني ضروري في إدارة المزرعة لربط عمليــات شراء السماد وعمليات زرع البذور والري والتسميد ومكافحة اآلفــات، فــإن هذه كلها بعضها مرتبطــة ببعض، وتحديــد وقت ابتــداء وانتهــاء كـل من هـذهــل ــة لجع ــراءات الالزم ــاع اإلج ــول واتب ــل المحص ــتى يتم حم ــات ح العملي

المحصول قابال للبيع.ــة النقــل ــة الزراعــة والحصــد بعملي ــط عملي كمــا أن من الضــروري رب

والتخزين والبيع، فالالزم

238

ظهور وقت االبتــداء واالنتهــاء من كــل عمليــة، حــتى يمكن اتخــاذ الالزمــني في ــامج الزم ــوات األوان، والبرن ــل ف ــة قب ــات الزمني ــة المتطلب لمقابلــة ــذلك بالنســبة إلى الثقاف ــل المصــنع، وك ــه كمث ــا مثل المزرعــة مهم تمام والصحة وغيرهما، مثال لــو تــأخر وقت زرع البــذر أو التســميد أو الحصــاد أو النقل أو التخزين أو غيرها فإن المزرعــة تتعــرض لهــزات عنيفــة قــد تــؤدي

للفشل. كما أن الالزم على المـدير وضـع خطـط وبرنـامج لتحديـد المسـؤوليات والسلطات، باإلضــافة إلى أنــه يلــزم عليــه أن يقــوم باإلرشــاد للمرؤوســين بالشرح والتعليم وضرب األمثلــة، ورفــع روحهم المعنويــة، والتصــرف معهم وأمامهم بمثابة القائــد، حــتى يمكن أن تتم األعمــال في المزرعــة إلى خــير

وجه.

))الرقابة الزراعية((ــة على األعمــال في المزرعــة طبقــا للخطــط ثم من الضــروري الرقاب الموضــوعة، حــتى يمكن التأكــد من أن مــا تم أو مــا يتم مطــابق لمــا أريــد إتمامه، والرقابة في المقام تشمل الرقابة على كل جــزء جــزء من األجــزاء التي ذكرناها، كالرقابة على البذور، وعلى الســماد، وعلى مــواد المكافحــة، وعلى عـــدد اآلالت المســـتخدمة، وعلى الـــزمن والحركـــة، وعلى العمـــال الزراعيين، وعلى جودة اإلنتــاج الــزراعي، والرقابــة على تكــاليف الزراعــة،ــة، وعلى ــاءة اإلنتاجي ــوقت، وعلى الكف ــويق، وعلى ال ــاليف التس وعلى تك الوصول إلى المخازن، ثم الوصول إلى تجار الجملــة أو تجــار التجــزأة، إلى غيرها من أنواع الرقابة المحتاج إليها في إعطاء النتــائج الحســنة والوصــول

إلى الهدف المنشود. كما أن من الضروري حساب المشــاكل الحكوميــة لكــل خطــوة خطــوة من خطوات اإلدارة، وقد رأينا في العراق المشكالت التي وضعتها الحكومة

على المزارعين باسم اإلصالح

239

الزراعي بقصد شــل حــركتهم لتســتجلب الحبــوب ونحوهــا من الخــارج، حسب ما كـانت الحكومــة أعطت الكالم ألســيادها المسـتعمرين من تـرويج أسواق بالد الغرب، وذلك ما ال يمكن إال بتحطيم الزراعة في داخل العراق، فإن مالحظة المشكلة الحكوميــة قــد يكــون بحيث يلــزم صــرف النظــر عن المزرعة، وقد يكون بحيث يلــزم على اإلدارة المحــاوالت الكثــيرة للوصــول

إلى الهدف، وقد يكون بالقدر الطبيعي كما في البالد االستشارية.

))إدارة الحوزة العلمية(( النموذج الثاني: نمــوذج التخطيــط للحــوزة العلميــة في مثــل النجــف أو كربالء أو قم أو خراسان أو إصفهان أو تــبريز، في بلــد يــراد ابتــداء الحــوزة

فيه، فإن الالزم على المدير أمور: األول: مالحظة أهداف الحوزة التي تنشأ ألجل تلك األهداف.

الثاني: العناصر البشرية والمادية التي تكون كفاء لتلك األهداف. الثالث: خطوات تنفيذ العمليات الحوزوية.

الرابع: البرامج الزمنية في تكوين إنتاج الحوزة. الخامس: في الحوزات القائمــة مالحظــة أنــه كيــف يمكن تنظيمهــا بمــاــانت تعيش تعطي أكثر قدر ممكن من اإلنتاج، مع مالحظة أن الحــوزة إذا ك في دولــة دكتاتوريــة يلــزم أن توضــع الخطــط بحيث ال تتمكن الحكومــة من إيجاد المشــاكل لهــا، إذ من شــأن الحكومــات الدكتاتوريــة أنهــا ال تتمكن أن

ترى منشئة إلى جانبها مستقلة عنها، فكيف ما إذا كانت

240

المنشئة تريد بيان حاجات اإلنسان وبيان القــوانين لهــا، كمــا هي الحــال في الدين اإلسالمي، فإن الحكومة تحاول الســيطرة على المنشــئات، فــإن

لم تتمكن أخذت في هدمها بمختلف األسباب والسبل. فإذا كانت الحـوزة العلميـة في مثــل هـذه الظـروف مبعـثرة وبال نظـام ظاهر، كانت أبعد من سيطرة الدكتاتور، ومن المعلوم أن سيطرة الدكتاتورــة على الحوزة أسوأ للحوزة من تبعثرها، فإن الدكتاتور يجعل من الحوزة آل القصر ووسيلة الستحكام حكومته، كما رأينا ذلــك في فقهــاء الســلطة أيــام بــني أميــة وبــني العبــاس والعثمــانيين، في دمشــق وبغــداد والقســطنطينية

ونحوها. والمرجع الكبير السيد أبو الحسن األصــفهاني )رحمــه اللــه( لمــا طلبــوا منه بتحريك من الــدكتاتوريين تنظيم الحــوزة في النجــف األشــرف، أجــابهم بهذه الكلمة الصغيرة الكبيرة قــال: )النظــام في الال نظــام(، أراد بــذلك مــاــة من عمالء ــرة ألربع ــك الحين معاص ــوزة في ذل ــانت الح ــاه، حيث ك ذكرنــا، وياســين الهاشــمي في ــاتورك في تركي ــدكتاتوريين، وهم أت االســتعمار ال العراق، والبهلوي في إيران، وأمان الله خان في أفغانســتان، بحيث إنــه لــو كــانت الحــوزة منظمــة لهــدموها أبشــع نــوع من الهــدم، وســيطروا عليهــا

د المرحــومالسيواستفادوا منها للسير في ركاب المستعمر وعمالئه، فرأى أن األفضل أن ال يكون للحوزة صورة وتنظيم ظاهر يمكن األخذ برقبتها إلى

تلك األهداف.

))مقومات تنظيم الحوزة((ثم إذا أريد تنظيم الحوزة يجب مالحظة هذه األمور:

(: كم عدد الطلبة. 1(: كم منهم من الرجال، وكم منهم من النساء. 2

241

(: ما هو المستوى الدراسي. 3(: تمويل الحوزة وأنه من أين يمكن تحصيل المال الالزم لها. 4(: عدة المدارس المحتاج إليها وأمكنة المدارس. 5ــه، ومــدرس6 (: عدد المدرسين وسطوحهم المختلفة، من مدرس الفق

األصول، ومدرس األدبيات، ومدرس التفســير، ومــدرس الحــديث، ومــدرسالتاريخ، إلى غير ذلك.

ــة7 ــية، كالكاتب ــؤون الدراس ــا في الش ــاج إليه ــة المحت (: اآلالت الحديثوالحاسبة وما أشبه.

(: الكتب المحتاج إليها. 8 (: العطل الدراسية، مثال العطلة في أيام رمضان، وفي مواليد األئمــة9

)عليهم السالم( ووفياتهم، والعطلة في شهري محرم وصفر، أو العطلة فيأيام الصيف، إلى غير ذلك.

(: مـــدة الدراســـة مجموعـــة، فكم ســـنة بحاجـــة إليهـــا في دروس10السطوح، وكم سنة في دروس الخارج، وهكذا.

(: ســني القبــول للطالب، حيث تبــدأ ســني القبــول من العاشــرة أو11الحادية عشرة أو الثانية عشرة، أو من وقت البلوغ، أو قبل ذلك، أو غيرها.

(: العلوم المحتاج إليها في الحــوزة، مثــل علم النحــو وعلم الصــرف12ــاه وغير ذلك، فإذا تبين العلوم بني على ذلك الكتب المحتاج إليها، مما ذكرن

في المادة الثامنة، مثال إذا احتجنا إلى النحو نتكلم

242

حول أن الكتاب المناسب للنحو هل هو شرح الجامي، أو السيوطي، أوابن عقيل، أو ابن الناظم، أو المغني، أو نحو الرضي، أو ما أشبه ذلك.

(: مالحظة أنــه مــاذا يصــبح الخــريج، هــل يكــون وكيال، أو خطيبــا، أو13 مؤلفا، أو مرجعا، أو إمــام جماعــة، أو مدرســا، أو مــديرا للمدرســة، أو غــير

ذلك. ــة،14 (: مواظبة األخالقيات والتقوى للطلبة في مختلف مراحل الدراس

حتى يتخرج الطالب متقيا خلوقا. (: الكتابة والخطابة، حيث يجب تزويد الطلبــة بالكتابــة حــتى يكونــوا15

مؤلفين، وبالخطابة حتى يكونوا خطباء. (: األعمال الحكومية، حيث يحتــاج الطلبــة في الحكومــات الحاضــرة16

إلى الجنسية أو اإلقامة أو اتبــاع ســائر القــوانين الكاتبــة المنافيــة للحريــاتالتي منحها اإلسالم لإلنسان بصورة عامة في غير المحرمات.

(: حفظ المدارس الموجودة واألجهزة المربوطة بالحوزة وصيانتها. 17 (: إلحاق مطبعة ودار نشر ومــا أشــبه بــالحوزة، لتكــون كفــاء للقــدر18

المحتاج إليها في الحوزة، وأمكنتها، وسائر الخصوصيات الالزم اتباعها فيها.(: عدد المجالت المحتاج إليها في الحوزة لهداية الناس، 19

243

ــوم، أو ولتقوية األقالم، ولتنشيط المؤلفين، من مجالت في مختلف العلمجالت عامة.

ــا عن20 ــون خارج ــف على شــرط أن ال يك ــات للمتخل ــع العقوب (: وضالدائرة اإلسالمية.

(: تسهيل شؤون الزواج للطالبات وللطالب حتى إذا وصلوا إلى سن21الزواج يتزوجون حسب السنة المقررة في الشريعة اإلسالمية.

(: المسكن للطالب والطالبات بعد اإلعالة. 22 (: تعيين أنهم في أي وقت يلبسون العمامة، هل من الصــغر وابتــداء23

الدراسة، أو في وقت خاص من العمر، أو من الدراسة، أو ما أشبه ذلك. (: كيفية القبول للطلبة، هل يقبلون من كافة الجنســيات، أو يقبلــون24

من بعض الجنسيات، وذلك فإن اإلسالم وإن كان ال يعرف حدودا للقبول إال أن المشكالت في الحــال الحاضـر في الحكومــات الـتي تسـمى باإلسـالمية مشـــكالت تجب رعايتهـــا بالنســـبة إلى الحـــوزة، وإال أوجـــدت الحكومـــات مشكالت جمة أمام السير وتقدم الحوزة، وأحيانا إذا لم يالحظ المدير هــذه

القوانين الكابتة انتهى األمر بتحطيم الحكومة للحوزة. (: األمــور السياســية، فــإن السياســة في هــذا اليــوم دخلت في كــل25

شأن من الشؤون، فإذا لم تالحظ اإلدارة هذا األمــر المهم يمكن أن تجــرفالسياسة بالحوزة، وهذا أمر ظاهر للعيان، فالالزم أن تالحظ

244

إدارة الحوزة هل يجوز أن يرتبــط الطــالب أو الطالبــة بالسياســة أم ال، وإذا جاز االرتباط ففي أي سن، وفي أية رتبة يرتبط، وإذا كــان من المقــرر االرتباط فما هي حدود االرتباط، مثال هل يكون داخال في حــزب مــرجعي أو منظمة أو ما أشبه ذلك، وإذا كان داخال فهل يدخل في هذا الحــزب أو ذاك،

إلى آخر ما هنالك من األمور السياسية. ــدروس26 ــات في ال ــرر االمتحان ــف تق ــه كي ــوزة، وأن ــات الح (: امتحان

الحوزوية، سطحا أو خارجا، وماذا يكون حال الراسب األخير، هل يطرد منالحوزة، أو يبقى شاغال ببعض الوظائف الدينية.

(: كيفية تقســيم الخــريجين إلى البالد والوظــائف األخــر، كالمســاجد27أئمة، والمنابر خطباء، والمؤسسات الدينية كمديرين، وما أشبه ذلك.

(: كيف يمكن تمويل الخــريجين الــذين هم يتقلــدون بعض المناصــب28المتقدمة.

(: كيفيــة تــدرب الطالب على الجماهيريــة حــتى يكونــوا إذا تخرجــوا29قادرين على إدارة الجماهير.

(: ما هي النسبة بين الحــوزات المتعــددة في قطــر واحــد، كــالنجف30ــة وســامراء وبغــداد، أو في قطــرين، كــإيران والعــراق، وكــربالء والكاظمي

ولبنان والهند، وباكستان وأفغانستان، إلى غير ذلك.هذا تمام الكالم في اإلدارة العامة للحوزة.

))إدارة المدارس(( ثم ننتقل إلى اإلدارة الخاصة في مدرسة من المدارس التابعة للحــوزة،

فالالزم التخطيط للمدرسة، والمراد بالتخطيط مرحلة التفكير التي

245

تتبع التنفيذ والتي تتعلق باتخاذ قرارات عن أهداف المدرسة المطلــوب تحقيقها، ومجموع العناصر الماديــة والبشــرية الــواجب اســتخدامها لتحقيــق األهــداف، والمــراد بالعناصــر الماديــة حجــرات المدرســة ومكاتبهــا وعــددها وآالت وأدوات كل مدرسة مدرسة، والمراد بالعناصــر البشــرية المدرســون

والموظفون والعمال ومن أشبههم. كما أن من الالزم اتخــاذ قــرار حــول القواعــد الــتي تتبــع في المدرســة بالنسبة ألداء األعمال من قبول الطلبة والتدريس واالمتحانــات وغــير ذلــك، والبرامج الزمنية فيما يتعلق بالتــدريس واالمتحانــات والتصــحيح والتخطيــط

للمدرسة.ــدريس، ــة الت ــف عن عملي ــة يختل ــط للمدرس ــح أن التخطي ومن الواض فالتدريس عملية خاصة، أما التخطيط فهي عملية إداريــة تشــمل التــدريس

وغير التدريس. والتخطيط السليم يجب أن يتم على مســتويين، تخطيــط قصــير األجــل كسنة مثال، وتخطيط طويل األجل لسنوات، ويعتبر التنبؤ بعدد الطلبـة الـذي يطلبون الدراسة هو المحور الذي تبني عليه عملية التخطيــط كلهــا، فــالتنبؤ بعدد الطلبة يحدد عدد الحجرات المطلوبة، وعــدد المكــاتب الالزمــة، وعــدد األساتذة والمدرسين، وعدد الكتب، كمــا يحــدد األمــوال الالزمــة لهــؤالء، ثم التنبؤ بعدد الطلبة يجب أن يكـون وفقــا لمــا تتطلبــه البالد من أئمـة جماعــة وخطباء ومرشدين ومدرســين ومن أشــبه ذلــك، ممن يشــتغلون بالوظــائف

الدينية والدنيوية. والتخطيط الطويل األجل غالبا مــا يحتــوي على إجابــات لهــذه األســئلة، واألسئلة عبارة عن: ما هي التطورات المتوقعــة في المجتمــع، والــتي تــؤثر على التعليم، وكيف تــؤثر هــذه التطــورات على القبــول والتســجيل، وكيــف تؤثر هذه التطورات على الــبرامج والــدروس، ومــا هي الخــدمات التعليميــة

والتسهيالت الجديدة

246

المطلوبة، وهل حالة البناء وقاعــات الــدرس الحاليــة تتمشــي مــع هــذه التطورات، وإذا لم تكن متمشية مع هذه التطورات فكيــف ينبغي أن نعمــل

حتى توافق التطورات المستقبلية. ــاء إيجــارا ــاء، أو إعــادة تحســين البن وهــل من المستحســن إعــادة البن واشتراء أو مــا أشــبه ذلــك، وهــل من المفضــل االســتغناء من بعض األبنيــة الحاضرة إطالقا، أو بعض األبنيــة في بعض المــدارس، وكيــف يمكن تمويــل

اإلضافات الجديدة للمستقبل. ومن الواضح أنــه ال يمكن أن تتم األعمــال في أيــة مدرســة دون تنظيم للمجهودات، فإنه من األهمية بمكان تحديــد المســؤوليات والســلطات لكــل األعمال مما يتوقف تنظيم المدرسة عليها وهو أمــر معقــد، إال أنــه في كــلــدريس، ــم الت ــية، مثال قس ــام رئيس ــدة أقس ــيز بين ع ــوال يمكن التمي األح والقسم المالي، وقسم الخدمات المكتبية، وقسم شؤون األفراد كــالطالب،

وهيئة التدريس. ويعتبر قسم التدريس القسم الرئيسي، وقد ينقسم إلى أقســام فرعيــة

حسب التخصصات الموجودة في المدرسة.

))اتحاد الطلبة(( كما أنه يلزم جعل اتحاد الطلبة في المدرسة، حتى يكون هنــاك تنــافس حر بين فئتين أو ثالث فئات، ممــا يــوجب تقــديم اإلدارة والدراســة واألمــور المالية والتأليف والخطابة وسائر الشؤون إلى األمــام، فــإن التنــافس الحــر

لم يرد في شي إال سبب تكميله وتكامله. ثم من األهمية بمكان لمــدير المدرســة أن يقــوم بوضــع معــايير رقابيــة تعتبر بمثابة قياس لعملية التدريس وغيرها، كما يلــزم مالحظــة النســبة بين هذه المدرسة وبين سائر المدارس في البلد أو في القطر حــتى ينفــع ذلــك

في التنقل وتوحيد المستوى.

))الحوزات العلمية وما ينبغي((ثم قبل ختام هذا النموذج ال بأس بأن نذكر بحثا ذكرناه في بعض

247

مخطوطاتنا إلى هذا الموضوع نفسه، وحيث إن بين ما ذكرناه هنا وذلكعموم من وجه، كان المناسب ذكره.

فإن أحد أقســام اإلدارات هي إدارة الحــوزات العلميــة الــتي هي مبعثــة الحــديث المراجع والخطباء والمبلغين والمفسرين ومعلمي األخالق وحمل واألدبــاء ومن إليهم، ففي عصــر االنحطــاط فــرض الهامشــية على هــذه الحوزات، من ناحية المســتعمرين الــذين أرادوا ضــرب الحضــارة اإلسـالمية لتقديم الحضارة الغربيــة عليهــا، ومن ناحيــة عمالئهم الــذين تــأثروا بهم من جهة اعتمال أو من جهة التأثر الفكري حيث استبد الفكر الغــربي بالســاحة، فلم يــدع مجــاال للفكــر اإلســالمي، فانحســر الفكــر اإلســالمي عن الســاحة

بالقوة.ــوع إلى نشــاطها ــة الرج ــوزات العلمي ــإذا أرادت الح ــال، ف وعلى أي ح

المترقب في العصر الحاضر، فالالزم اتباع أمور: ))شورى المراجع((

األول: تكــوين شــورى المراجــع بينهم، حــتى تكــون الحــوزة مســتجيبة آلرائهم، وإال فمن الواضح أن الحــوزة مقســمة غالبــا بين مراجــع متعــددين، فــإذا لم يكن كــل المراجــع في الحلبــة ال تســتجيب الحــوزة إلى المقــررات والمناهج الــتي توضــع من بعض المراجــع ال كلهم، وأخــيرا ال تكــون للحــوزة

إدارة تقوم بشؤونها تحت نظر المراجع.

))تنظيم الدراسة(( الثاني: وبعـد تكــون مثــل هــذه الشــورى فـالالزم تنظيم الدراسـة أولهــا وآخرهــا، وشــروط الــذين يتقبلــون في الحــوزة، مــع وضــوح أن الالزم أن ال يكون شيء إجباريا، بل بملئ اختيار الطالب أن يدخل في اإلدارة أو يــدرس

الدراسة الحرة، كما هو الحال اآلن، فإن القسر ال يدوم.ــذي ويتبع تنظيم الدراسة تنظيم الزمان والمكان والعطالت والمعاش ال يعطى لكــل واحــد حســب تجــرده أو كونــه معيال، عيــاال كثــيرا أو قليال، ومن

الطبيعي

248

أن أموال المراجع تجمع حينئذ في صندوق واحد وإن كانوا مختلفين في كمية العطاء باختالف قدر مقلــديهم ومــا يحصــلونه من الحقــوق الشــرعية، فأحدهم يتمكن من بذل نصف المعـاش، وآخـر من ثلثــه أو ربعـه أو مــا إلى

ذلك، حتى ال يضطر الطالب إلى األخذ من أماكن متعددة.ــا ــبة للمعيلين، إم ــد�ور المناس ــأ ال ــورى أن تهي ــا أن الالزم على الش كم باالشتراء لهم أو الوقف عليهم أو غير ذلــك، أمــا الطالب المجــردون فــإنهم يسكنون غرف المدارس، ومن الضروري أن تكون كل غرفة لطــالب واحــد ال أكثر حيث أن وجود نفرين في غرفــة واحــدة يكــون ضــغطا على كليهمــا، فأحدهم يريد المطالعة واآلخر الحفظ أو المنام أو البحث مــع زمالئــه أو مــا

أشبه، إلى غير ذلك. ــأخالق الطالب ــية، وتهتم ب ــات الدراس ــورى تعين االمتحان ــا أن الش كم وتقواهم أكبر اهتمام، وكذلك تهتم بتعليمهم العلوم اإلسالمية المختلفة، وما يتصل بذلك من األدب والحساب والهندسة والجغرافية وغير ذلــك، ويضــاف عليها معرفة سائر العلوم العامة التي ال يستغني عنهــا المثقــف في العصــر

الحاضر.

))تنظيم المال(( الثــالث: تنظيم المــال، من أين، وكيــف يســتخرج، وكم يصــرف، والالزم مساعدة الحقوق الــتي تتجمــع تــدريجا من المتــدينين باألوقــاف والتجــارات وغير ذلك، ومن المعلوم أن الناس إذا رأوا صحة التنظيم وجودة اإلنتاج البد وأن يكثروا من التبرعات مما يقــوم بكــل المصــارف، باإلضــافة إلى النــذور

واألثالث ونحوها مما إذا جمعت ونمت يكون ماال كثيرا.

249

))تنظيم التبليغ((الرابع: ثم الالزم تنظيم التبليغ على قسميه:

1 : قسم وعظ المسلمين وإرشادهم واالستمرار في تــوجيههم خصوصـافي األشهر التي هي ربيع ذلك، كأشهر رمضان ومحرم وصفر.

: وقسم تبليــغ اإلســالم لمن ليس بمســلم حــتى يــدخلوا في دين اللــه2أفواجا.

))تنظيم الوكالء(( الخامس: تنظيم الوكالء، فــإن المســلمين منتشــرون في شــرق األرض وغربهــا، باإلضــافة إلى نفس بالد اإلســالم مــدنها وقراهــا وأريافهــا، والكــل بحاجة إلى الوكيل الذي يعلمهم شــرائع دينهم ويقضــي في قضــاياهم ويقيم

الصالة لهم، إلى غيرها من شؤون المراجع والوكالء. وقد رأيت في منشور: إن المسيحية التابعة للفاتيكــان لهــا ثالثــة ماليين وستمائة ألف مبلغ ووكيل في العــالم، ولــذا نــرى أن المســيحية تتقــدم إلى

األمام بسرعة مدهشة. ومن الواضح أن هؤالء الوكالء بحاجة إلى جماعات رقابة يدورون عليهم بين الحين والحين، لمالحظــة النــواقص والثغــرات في عملهم، حــتى تكــون المرجعية مشرفة أوال، وقائمة بسد الخلــل ثانيــا، ومن خالل هــؤالء الــوكالء،

تتمكن المرجعية من إدارة شؤون المسلمين في العالم.

))مختلف أبواب الحياة(( الســادس: ثم الالزم على شــورى المرجعيــة أن ال تقتنــع بالبعــد الــدينيــه بالمعنى المتعارف حاال، بل تتطرق إلى كافة أبواب الحياة، كما كــان يفعل الرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه(، فعليهــا أن تعطي للمســلمين في كافــةــدارس والمعاهــد ــفيات والم ــاتهم من مستوصــفات والمستش بالدهم حاجــات ــوادي وتســعى إلى أن تكــون لهم اإلذاعــات والتلفزيون ــات والن والمكتب والمطــابع والصــحف ومــا إلى ذلــك، باإلضــافة إلى المســاجد والحســينيات

وغيرهما، وحتى أن الالزم السعي لنصب المعامل لهم، وتبليط

250

الطرق مما يــؤدي إلى إصــالح دنيــاهم وآخــرتهم، وبــذلك يمكن حفظهمــه إذا لم تكن عن االنحرافات التي صارت كالسيول في العالم المعاصر، فإن لجماعة منهم المعاش الكافي والعمــل الكــافي ومــا أشــبه ذلــك ال يســتقيم

اعمــل لــدنياك كأنــكدينهم، )فمن ال معاش له ال معاد له(، وفي الحــديث: . (1)تعيش أبدا، واعمل آلخرتك كأنك تموت غدا

))جمع الشباب(( السابع: جمع الشباب، فإن الشــبكات الشــرقية والغربيــة بــل وشــبكات�شــرت في كــل العــالم اإلســالمي وغــير اإلســالمي لصــيد الفساد واإلفساد ن

الشباب من الجنسين لجعلهم ذيوال للمستعمرين. فإذا لم يجمع المراجع شبابهم الــذين يصــلون إلى مئــات الماليين فالبــد وأن يكون الشباب آلــة هــدم عــوض أن يكونــوا آلــة بنــاء، فكمــا أن المرجــع يجعل من معتمديه جماعة للمــال وجماعــة للدراســة وجماعــة للمؤسســات في الحال الحاضر وهكذا، كــذلك يلــزم عليــه أن يجعــل جماعــة ألخــذ أزمــة الشباب وتنظيمهم وإعطاء حاجاتهم، وصــرف نشــاطاتهم فيمــا ينفــع الــدين والدنيا، وتزويج عزابهم، وتشغيل عاطلهم، واإلنفــاق على من يريــد التثقــف

بثقافات العصر منهم ألجل انتفاع المسلمين، إلى غير ذلك.

))العلوم الحديثة(( الثامن: كما يلزم أن ينتدب الشورى جماعة من حملة العلوم اإلســالمية أن يتضـــلعوا في العلـــوم الحديثـــة، من الطب والهندســـة وعلم االجتمـــاعــالعلوم والصحافة وعلم النفس وغير ذلك، وهم في نفس الوقت مشبعون بــدنيا ــإن ال اإلسالمية، كي يتمكنوا من توجيه الحياة توجيها إسالميا صحيحا، ف

ال تقبل إال المماثل لها، على حد قول الشاعر: إن الطيور على أشكالها تقع

1(? . )251

))ارتباطات الحوزة(( التاســع: وبعــد ذلــك يــأتي دور ارتبــاط الحــوزات بالعــالم المحيــط بهــا، المشتمل على الحكومات واألحزاب والمنظمــات الدوليــة واإلعالم العــالمي وغير ذلك، فإنه إذا لم تحفظ الموازنة بين جزء من المجتمع والمفروض أنــه ال يتمكن هــذا الجــزء الحــوزة هي جــزء من المجتمــع، وبين ســائر أجزائ

المنفصل أن يعيش باستقالل وسالم مما هو مطلوب من الحوزات.

))بين شورى المراجع والحكام((ــة هي العاشر: وأخيرا فالالزم أن يكون في بالد اإلسالم شورى المرجعي السلطة العليا، كما ذكرنا تفصيل ذلك في كتب السياسة وغيرها، أما إذا لم يتفق ذلك وكذلك بالنسبة إلى البالد التي فيها المسلمون أقلية حيث الحكام هم المسيطرون، فالالزم أن يجعــل نســبة معينــة بين الشــورى وبين أولئــك الحكام، كم يعطون، وكم يأخذون، وكيف تكــون النســبة بين الشــورى وبين

الحكام. وهذا شيء دقيــق يجب حلــه بواســطة األكثريــة في شــورى المرجعيــة، ونحن في هذه المسألة لم نرد التفصيل حول إدارة المرجعية، وإال فإن ذلك يحتاج إلى كتاب مستقل، وإنمــا أردنــا اإللمــاع إلى رؤوس األقالم المرتبطــة بجهة اإلدارة من جهــة المرجعيــة الــتي ضـربت بأجرانهــا في البالد العراقيــة

والبالد اإليرانية في هذه القرون األخيرة. ــاده ثم من الواضح أن المراجع إذا شرعوا في هذا األمر سوف تأخذ أبع في النمو واالنتشار كما وكيفا، وهم بمعونة األمــة، وعلى رأســهم الحــوزات العلمية يرشحون المراجع في المستقبل، فإذا مات أحد المراجع الــذين هــو من أعضاء الشورى يأتي مكانــه أحــد المراجــع من الدرجــة الثانيــة، وهكــذا. ومن المعلــوم أن المراجــع من الدرجــة الثانيــة يكونــون أعوانــا ومســاعدين

للشورى قبل ذلك.

252

فليس األمر قفـزا، ألن الشـورى يحكم بأكثريـة اآلراء في كـل الشـؤونالمراد القيام بها من الشؤون االجتماعية وغيرها.

أما مسألة التقليد، فكــل مقلــد ومرجعــه، ســواء في العبــادات كالصــوم والصالة، أو في المعامالت كالبيع والشــراء إلى غــير ذلــك، نعم مــع تعــارض الشورى مع الفتوى يكون األول مقدما على الثاني، لحكومــة أدلـة الشــورى

على أدلة الفتوى، كما ذكرنا تفصيله في بعض الكتب.ــة ــ ــص في اإلعان ــ ــر الحص ــ ــيين لهم أوف ــ وال يخفى أن المثقفين الزمن والمساعدة وأخذ أزمة الشباب وإصالح الحياة وإعطاء الــرأي وغيرهــا، فــإن

ــنة﴿اإلسالم دين ودنيا، قال سبحانه: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حس وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئــك لهم نصـيب ممــا كسـبوا واللـه

. (1)﴾سريع الحساب وقد ذكرنا في األصول: إن المفرد غـير العلم ونحـوه يـراد بـه الطبيعـة، فيشمل الكل لفرض سريان الطبيعة في كل األفــراد، فال حاجــة إلى األلــف والالم، كمــا قالــه بعض في المفــرد المحلى بــالالم، وال إلى أن يكــون جمــعــة محلى ليفيد العموم أو اإلطالق، كما قاله آخرون، نعم إذا كانت هناك قرين على الخالف صرف المفــرد عن اإلطالق، وقولــه ســبحانه وتعــالى في هــذهحسنة في الموضعين يراد بهما إطالقا، ال خصوصـية شـيء ﴾اآلية المباركة: ﴿

خاص، فيشمل المقام.

))الرأي العام ودوره(( ثم إن من المعلوم أن الــرأي العــام كفيــل بتكــوين مثــل هــذه الشــورى وسائر الشؤون، فإن للرأي العام ضغطا شديدا كما فصلنا البحث حول ذلك

في بعض كتبنا المعنية بهذا الشأن. فإنه إذا هيـأ أصـحاب العلـوم الدينيــة في الحـوزات وغيرهـا والمثقفــون الزمــنيون األجــواء، ونشــروا فكــرة شــورى المرجعيــة على مــا ذكرنــاه بين

الجماهير، فيتكون من ذلك الرأي العام

. 202 ـ 201( سورة البقرة: ?)1253

بإذن اللــه ســبحانه، فليس األمــر على مــا ذكرنــاه بعيــدا غايــة البعــد، أوصعب المنال صعوبة بالغة كما قد يتصور في بادي الرأي.

))إدارة المصارف التجارية(( النموذج الثالث: إدارة بنك تجاري، حيث إن من الواضح أن البنــوك على

أقسام، كالبنك التجاري، والبنك الرهني، والبنك العقاري، وما أشبه ذلك. والكالم اآلن في إدارة بنـــك تجـــاري، ويمكن تلخيص وظـــائف البنـــك

التجاري في: قبول الودائع من العمالء، وتقسم الودائع إلى ثالثة أنواع: األول:

أ(: ودائــع جاريــة أو تحت الطلب يقــوم العميــل بســحب أموالــه في أيوقت بناء على طلبه.

ب(: ودائع إلى أجل، ال يجوز للعميل سحب أمواله إلى بعــد مــرور مــدة معينة سبق تحديدها عند اإليــداع، ويجب أن يكــون ذلــك على نحــو مشــروع

بشرط ونحوه حسب ما قرر في الفقه عند المسلمين. ج(: ودائع التوفير، ويكون اإليداع هنا في دفتر توفــير، وال يمكن للعميــل أن يسحب ماله دفعـة واحـدة، بـل تطلب البنــوك عــادة إخطـار البنــك قبـل سحب المبالغ الكبيرة بوقت كاف، ألن البنك في كثير من األحيــان ال يتــوفر لديه المال، وإنما يحتاج إلى إعالم بوقت كاف يتمكن البنك من توفير المال

الذي يريده العميل. وبالنسبة لودائع األجل وودائع التوفير تقوم البنــوك بــدفع فوائــد تختلــف نســبتها حســب مــدة اإليــداع، لكن يجب أن يكــون ذلــك على نحــو مشــروع

بالمضاربة ونحوها ال على نحو الربا، على ما ذكر في فقه اإلسالم.

254

إقراض العمالء، فإنــه يقــوم البنــك بــإقراض عمالئــه من أفــرادالثاني: وهيئات، وهــو في هــذا يعتمــد اعتمــاد كبــيرا على الودائــع الــتي تجمعت من عمالئه، لــذلك فــإن هنــاك عالقــة كبــيرة بين حجم الودائــع وقــوة البنــك في

اإلقراض. االستثمارات، فإنه يقوم البنك باستثمار بعض أمواله في شراءالثالث:

أسهم أو سندات لبعض الشركات والمشروعات التي تتمتــع بســمعة طيبــة، كما يقوم باستثمار أمواله في سندات وأوراق حكومية وغير ذلك من أوراقــادية الدرجة األولى، وقد يقوم البنك بالمساهمة في إنشاء مشروعات اقتص

مثل مستشفى أو مطار أو نحو ذلك. وعلى هذا فوظائف البنوك التجارية عبارة عن: قبول الودائــع، وإقــراض

العمالء، واالستثمار. وأهـــداف البنـــك التجـــاري ال تخـــرج عن المجـــاالت الســـابقة ذكرهـــا،

والسياسات المصرفية عبارة عن جملة من السياسات. سياسات الودائع: فأوال:

أ(: كم يأخــذ البنــك من الودائــع، ألن األخــذ يجب أن يكــون بحجم قــدرةالبنك على االستيعاب.

ب(: ممن يأخذ، إذ ربما ال يتمكن من األخــذ من أعــداء الدولــة، أو ممنكان على شرف اإلفالس، أو ممن كان سيء السمعة.

ج(: ولكم مــدة يأخــذ، مطلقــة أو موقتــة، والثانيــة إنمــا يكــون في أيــام االضطراب حيث ال يريد البنك بقاء المال عنده مدة طويلــة لالضــطراب في

البالد أو لمخاطر آخر. سياسات اإلقراض: ثانيا:

255

ــات أو ــراد أو هيئ ــروض إليهم، من أف ــديم ق ــائز تق ــوع العمالء الج أ(: نشركات أو من أشبه ذلك.

ب(: نوع القرض المقدم، هل هو اعتمادات شخصية بدون ضمان عيني، أو اعتمادات بضمان بضائع، أو اعتمادات بضمان أوراق ماليــة، أو اعتمـاداتــاالت، أو اعتمــادات بضــمان مقــاوالت، أو اعتمــادات بضــمان بضــمان كمبي

مرتبات حكومية. ج(: نــوع االعتمــادات المســتندية، هــل هي اعتمــادات قابلــة لإللغــاء، أو اعتمادات غير قابلــة لإللغــاء وغــير مؤيــدة، أو اعتمــادات غــير قابلــة لإللغــاء

ومؤيدة. سياسات االستثمار: ثالثا:

أ(: أنواع األوراق المالية الواجب االسـتثمار فيهـا، وحجم هـذا االسـتثمارواستثمار العقارات أو ما أشبه ذلك.

ب(: كيفية التصرف في حالة انخفــاض األســعار أو ارتفــاع األســعار فيسوق األوراق المالية، أو في سوق العقارات أو نحوها.

ــانترابعا: ــك ك سيولة البنك، فإنه كلما زادت األموال الجارية لدى البن سيولة البنك كبيرة، وهذه السيولة ضرورية للبنك لمقابلة احتياجات العمالء، فإذا قلت األموال السائلة لدى البنك قلت ســيولة البنــك، وقــد يتعــثر نتيجــة عدم استطاعته مقابلة احتياجات عمالئه، ولذا فعلى البنــك أن يالحـظ دائمـا

توفر السيولة الالزمة، وأحيانا يكون ذلك باقتراض البنك من بنوك أخر.ثم من ناحية أخرى فإن كثرة

256

األموال السائلة لدى البنك يعني تجميدها دون استثمارها، وبالتالي فإنها تعتبر عاطلة وتقل أرباح البنــك، لــذلك فإنــه من األمــور األساســية الــواجب اتخاذ قرار فيها هو العالقة بين سيولة البنك وربحيته، ولذلك يقــال: إن هــذهــك قلت العالقة عكسية أيضا، بمعنى أنه كلما زادت األموال السائلة في البن قدرة البنك على تحقيق األرباح نظرا لتجمد األموال، وكثيرا ما يلتجأ البنــوك لدفع هاتين المشكلتين إلى االرتباط ببنوك أخر، فإذا زاد عنده أعطاهم وإذا

نقص عنده أخذ منهم. كما أنه يجب على البنك أن يكــون لــه خــبراء بالنسـبة إلى المقترضـين، وخبراء بالنسبة إلى االستثمار، فاألولون يحاولون فهم قــدرة المقــترض من األداء حتى يقدروا حجم القرض، واآلخرون يحــاولون فهم حركــة المــال في

األسواق حتى يتمكنوا من االستثمار.

))الميزانيات التقديرية(( ثم الالزم أن يالحــظ البنــك الميزانيــات التقديريــة، كالميزانيــة للودائــع،ــاالت، ــة للكمبي ــتثمارات، والميزاني ــة لالس ــروض، والميزاني ــة للق والميزاني

والميزانية للحسابات الجارية، والميزانية العمومية التقديرية للكل. وكل هذه الميزانيات باســتثناء األخــير تنقســم إلى أقســام، مثال ميزانيــة التقدير للودائع تنقســم إلى ودائــع حكوميــة، وودائــع خاصــة، وودائــع توفــير، وودائع إلى أجل، وودائع تحت الطلب، ثم ودائع أفراد، وودائع هيئات، وودائعــا مؤسسات. كما أن ميزانية القروض تقسم إلى قروض بضمان بضاعة، وم هي نوع تلك البضاعة، وقروض بضمان الكمبياالت، وقــروض بضــمان أوراق

تجارية. وهكذا في سائر الميزانيات. والميزانيــة العموميــة تجعــل )األصــول( في قبــال غــيره، فاألصــول مثال

نقدية للصندوق، وأرصدة لدى البنوك، وأوراق مالية،

257

اســتثمارات، وأوراق تجاريــة مخصوصــة، وقــروض، وســلفيات، وأصــولأخرى.

ــير أما في )مقابل األصول( فتجعل رأس المال، واالحتياطيات، وأرباح غــزي ــك المرك ــدر المســتحق للبن ــوك، والق ــدد المســتحق للبن ــة، والع موزع والودائع وخصوم أخرى، وباستثناء أحد القائمين من القائمــة األخــرى يظهــر

مقادير األصل ومقادير الخصم، وذلك تنفع بصورة عامة للرقابة.

))الرقابة على البنك(( فإنه من الضروري الرقابة الدقيقة على أعمال البنك، سواء كان تجاريــا أو غير تجــاري، وكالمنــا اآلن في البنــك التجــاري، مثال الرقابــة على الودائــع تبين اتجاهاتها بالزيـادة والنقصــان حسـب أنواعهـا، والرقابـة على القــروض تبين اتجاهاتها بالزيادة والنقصــان حســب أنواعهــا وطبيعتهــا، والرقابــة على عائد القروض تبين اتجاهاتها بالزيادة والنقصان حسب أنواعها، فيما إذا كان للقرض عائد حالل، مثل ما يرد المقترض للمقرض بدون شــرط، كمــا ذكــر في الفقــه اإلســالمي، والرقابــة على االســتثمارات تــبين اتجاهاتهــا بالزيــادة والنقصان حسب أنواعها، والرقابة على وحدات البنــك في األجــل الطويــل، وكذلك عدد العمالء وقروض البنك ومعــدالت التوظيــف وأربــاح البنــك وغــير

ذلك.

))إدارة األحزاب والمنظمات((النموذج الرابع: الحزب أو المنظمة إلدارة الشباب والشابات.

وفي هذه اإلدارة توجــد كــل المقومــات الــتي ذكــرت ســابقا في اإلدارة بصورة عامــة، باإلضــافة إلى لــزوم إدارتهم بــالمعنى الخــاص، أي أن تتمكن المنظمة من ملء نشاطاتهم، فــإن الشــاب قطعــة من النشــاط إذا لم تمأل رغباته في إبداء نشــاطه، فإمــا أن يــذهب نشــاطه هــدرا، وإمــا يصــرف فيــزرع ــنزل من الســماء إن لم يصــرف في ال ــل المــاء الــذي ي التخــريب، مث

والضرع وسائر الفوائد

258

المترتبة على الماء لم يكن أمامه إال أحــد حــالين، فإمـا أن يتسـرب في مســـارب األرض بحيث يكـــون هـــدرا، وإمـــا أن يبقى على األرض فتكـــون مستنقعا مبعثا لألمراض والجراثيم والوساخة والعفونة، هذا من ناحية األخــذ

من الشباب. ثم من ناحية أخرى العطــاء بالنســبة إلى الشــباب، بــأن يــزوج عــزابهم، ويشغل عاطلهم، ويهيئ وسائل الدراسة لمن يريــد الثقافــة منهم، ووســائل

العمل لمن يريد العمل، ووسائل الطباعة لمؤلفهم، إلى غير ذلك.

))ما يلزم مراعاته في إدارة األحزاب والشباب((ثم على إدارة الشباب القائمين بجمعهم وضبطهم مراعاة أمور:

(: الديمقراطية في داخــل الحــزب، بمعــنى جعــل دورات انتخابيــة في1 داخل المنظمة حتى يكون كل إنسان يترقب التقدم ويتنافس مــع اآلخــرين، ثم يغيرون في كل أربع سنوات أو ســنتين مثال، من إدارة الماليــة إلى إدارة

التنظيم، إلى إدارة الثقافة إلى إدارة اإلعالم، وهكذا. ــولين، ألن الحــزب يجب أن يقبــل من2 (: مالحظــة عــدد األفــراد المقب

األفراد ما يكون بقدرته إدارتهم باألخــذ منهم والعطــاء لهم، وإال فــإذا كــانت األعداد أقل كانت طاقة الحزب تذهب هدرا، وإذا كــانت األفــراد أكــثر ذهبت

طاقة األفراد هدرا. (: لــزوم فتح المكتبــات للحــزب في طــول البالد وعرضــها، مثال تأخــذ3

المكتبات من زاخو إلى عرعــر، بالنســبة إلى العــراق، حــتى يكــون في كــلمدينة وكل قرية مكتب يكون مأوى الشباب ومجمعهم، ومحل حل

259

مشكالتهم ومحل تالقيهم، مع مالحظــة أن يكــون المكتبــات قســم منهــاللرجال وقسم منها للنساء.

(: فتح ملــف للشــكاوي الــتي تــرد إلى الحــزب من ناحيــة الشــباب أو4 الشابات، حتى يتمكن الحزب من حل مشاكلهم وجعـل العدالــة في نصــابه،

وملف آخر لشكاوي الناس. (: مالحظة اإلعالم والدعاية بالنسبة إلى الحزب في الوسائل الممكنة5

من الصحف واإلذاعات والتلفزيون والنشرات الجدارية وغيرها، لكن اإلعالميجب أن يكون واقعيا وإال كان ضره أكثر من نفعه.

(: مالحظـــة تمويـــل الحـــزب، من أين يتمكن من تحصـــيل المـــال6كالتبرعات والمضاربات إذا كان للحزب مال مسبق، أو ما أشبه ذلك.

(: أقسام األفراد من المثقفين الـدينيين والمثقفين الزمنــيين والعمـال7والفالحين ومن إليهم.

(: هل الحزب علني أو سري، إذ من الممكن جعــل الحــزب علنيــا في8 البالد التي تسمى بالديمقراطيــة، والالزم أن يكــون الحــزب سـريا في البالد

التي يكون الحاكم فيها دكتاتورا. ــع9 ــزب ال يتمكن من التوس ــإن الح ــاهير، ف ــتقطاب الجم ــة اس (: كيفي

والوصول إلى الحكم إال بالجماهير ال بالطاليعيين فحسب، ولذا فالالزم عليه أن يعرف كيف يستقطب الجماهير حتى يكونوا مؤيــدين لــه، ويلتفــوا حولــه

وينتخبوه عند االنتخابات، ويساعدوه عند حدوث مشكلة له. (: النظام الداخلي للحزب. 10

260

(: المنهج حين الوصول إلى الحكم، هل هو مثال يريد ترجيح الزراعــة11ــل إلى على الصــناعة، أو الصــناعة على الزراعــة، وعلى الصــناعة هــل يمي الصناعات الخفيفة أو الصــناعات الثقيلــة، ويصــادق من من الــدول ويقــاطع

من من الدول، إلى غير ذلك. (: مالحظة النسبة بين هذا الحزب وبين سائر األحزاب والتنظيمــات،12

ألنه يلزم أن يكــون للحــزب فلســفة يســير عليهــا وهــدف يمشــي إليــه، وإالــدف وال فالناس ال يلتفون بمجرد التفاف جماعة بعضهم مع بعض من غير ه

فلسفة. (: مالحظة هل هذا التنظيم واإلدارة تنظيم وإدارة جمعية أو حزب أو13

منظمة أو ما أشبه ذلك، لالختالف الواسع بين هذه األمــور كمــا ألمعنــا إليــهفي كتاب )الفقه السياسة(.

(: الخطط القصيرة األمد حول احتيــاج الحــزب إلى أوليــات التنظيم،14 من المكاتب والفــروع، والجريـدة الناطقـة باسـمه والمجلـة، والمـدير لكـلــدروس فرع، والمال المحتاج إليه في المرحلة األولى، والمقر الرئيسي، وال الــتي يجب أن تلقى على أفــراد الحــزب، واإلعالن عن الحــزب، ومــا أشــبه

ذلك. (: الخطط طويلــة األمــد، مثــل وضــع خطــة لعــدد األفــراد المــترقب15

دخــولهم في الحــزب، وعــدد من المــدارس والمستوصــفات والمكتبــاتــب، ــتي يجب أن تنص ــابع ال ــدد من المط ــتي يجب أن تفتح، وع ــوك ال والبن

واإلذاعات والتلفزيونات المحتاج إليها الحزب، إلى غير ذلك. (: فتح المؤتمرات الدورية والمخيمات الكشفية وما أشبه. 16

261

(: اإلعـداد للعطـل الطويلـة، كأشـهر الصـيف بالنسـبة إلى المثقفين17 الذين تغلق مدارسهم ويكونــون معطلين في هــذه المــدة، فــإن الالزم على الحزب أن يمأل هذا الفراغ بالمؤتمرات والمخيمات لتشغيل العاطلين منهم،

وتزويج عزابهم وعازباتهم، إلى غير ذلك. (: تنظيم أوقات اإلضراب والمظاهرات لجهات إيجابية، فيما إذا كــان18

الحزب يطلب من الحكومة بأمور خاصة، مثل تشــجيع الزراعــة أو الصــناعة أو ما إلى ذلك، أو لجهات سلبية فيما إذا كانت الحكومــة تقــوم بمــا هــو فيــذ ضــرر األمــة، حيث ينظم الحــزب إضــرابات ومظــاهرات للصــد دون تنفي الحكومــة تلــك الخطــط الضــارة، مثــل مــا إذا أرادت الحكومــة إلغــاء بعض الحريات المشروعة، أو صداقة بعض الحكومات التي تضر األمة، كالصــداقة

مع إسرائيل مثال، أو ما إلى ذلك. ــانون19 ــات في الحــزب كتنظيم الشــباب في إطــار الق (: تنظيم الفتي

ــف ــة ونص ــة هائل ــرأة طاق ــإن الم ــالم، ف ــبة إلى بالد اإلس ــالمي بالنس اإلســا ــا حاجاته ــي، وله ــف الرياض ــرفي ال النص ــف الع ــراد النص ــرية، والم البش ونشاطاتها، فالالزم تنظيمها لتستفيد هي ويستفيد المجتمع منهــا، وقــد قــال

الشاعر: واألم مدرسة إذا ربيتها

أعددت جيال طيب األعراق (: تعيين هل أن الحزب خاص بالمنطقــة، أو عــام يشــمل غيرهــا من20

البالد، كما هو الحال في األحزاب اإلسالمية، فإن اإلســالم ال يعــرف الحــدودالجغرافية والفوارق القومية واللغوية واللونية وغيرها، بل

262

. (1)﴾له أتقاكمم عند ال� أكرمكنإ﴿ضابطه:

))إدارة المستشفيات(( النمـــوذج الخـــامس: إدارة المستشـــفى فيمـــا إذا أريـــد التخطيـــط للمستشفى حتى يكون مستشفى يالئم الحاجات ويسير إلى األمام، فالالزم

أن يالحظ أمور: األول: أهداف المستشفى الواجب تحقيقها.

الثاني: العناصر الــواجب اســتخدامها في المستشــفيات لتكــون مقدمــة لتلك األهداف، لوضوح أن كل هدف يالئم مقدمة خاصة، والمــراد بالمقدمــة الخاصة جنس المقدمة ال شخص المقدمــة، فــإن الســائر من بلــده إلى بلــد آخر يجب أن يكون سيره بالحركة، ســواء كــانت الحركــة بســبب األرجــل أو بسبب الــدواب أو بســبب الســيارة أو القطــار أو الطــائرة أو البــاخرة، فــإن

الجامع هو الموصل إلى تلك المدينة المقصودة بالسير. الثالث: القواعد التي ترشد تصرفات رجال المستشفى.

ــال في ــذ األعمـ ــع في تنفيـ ــتي تتبـ ــيلية الـ ــراءات التفصـ ــع: اإلجـ الرابـالمستشفى.

الخامس: الخطط والبرامج الزمنية، ومن الواضح أن المستشــفى إدارة كاملــة تختلــف عن النشــاط الطــبي، فــبين النشــاط الطــبي وبين إدارة

المستشفى العموم المطلق، على قول المنطقيين. والمراد أن النشاط الطــبي في المستشــفى أخص مطلقــا من النشــاط اإلداري المطلق، والتخطيط عبــارة عن التفكــير التخــاذ القــرارات الســابقة على التنفيذ، وهو خاضع للقواعد والمبادئ األساسية، فالتخطيــط العـام هنـا

نوع من التخطيط الذي سبق بعض الكالم فيه.وينقسم التخطيط هنا إلى تخطيط شامل

. 13( سورة الحجرات: ?)1263

يتعلق بالمستشفى وأقسامها، وتخطيــط جــزئي يتعلــق بفــرع معين منفروعها.

فإنه ربما يكون التخطيط شامال للمستشفى بفروعها المختلفــة الطبيــة والصيدلة وغير ذلــك، وقــد يكــون التخطيــط ألجــل غــرف األطبــاء أو غــرف

العمليات أو ما أشبه ذلك. وينقسم إلى تخطيــط طويــل األجــل، وتخطيــط قصــير األجــل، على مــا

تقدم في بعض المناهج األخر. والخطــة هي المظهــر المــادي للتخطيــط، ففيهــا تســجيل لألعمــال المطلوب إتمامها، وتسجيل للعناصر الواجب استخدامها، سواء كانت ماديــة أو كانت بشرية تستجلب لتنفيذ األعمال المرتبطــة بالمستشــفى، وتســجيل لتكاليف القيام بمختلف األعمال، وتسجيل ألمكنة األعمال، وتسجيل للوقت

المقرر إلتمام مختلف األعمال وقت البدء ووقت االنتهاء. كمــا أن الخطــة تشــمل المســؤولين عن القيــام بكــل جــزء من أجــزاء العمل، سواء كانت خططا أساسية وشاملة، أو خططا فرعية كخطط طبية

وخطط للخدمات والمساعدات إلى غير ذلك. ولكل مستشفى كما لكــل مؤسســة سياســات، والسياســات المرتبطــةــال ــتي تحكم تصــرفات رج ــد ال ــة القواع ــارة عن مجموع بالمستشــفى عبــريض أو ــة التم ــاء هيئ ــاء أو أعض ــانوا أطب ــواء ك ــائها، س ــفى ونس المستش

المستخدمين، أو الذين يديرون أمور الصيدلة، أو غير ذلك. ورسم هذه السياســات ضــروري لتحقيــق التماثــل في تصــرفات أفــراد المستشفى حتى ال تسود الفوضى، فيكون لهذا الدكتور هذا العمــل، ولــذاك

الدكتور ذلك العمل، وللممرضة الفالنية العمل الفالني، وهكذا.

264

ثم إن رسم هذه السياسة تقلل المجهودات الفكريــة عمــا يجب عملــه،وما ال يجوز عمله في حاالت مماثلة.

وتشــمل سياســات المستشــفى على نــوع الخدمــة الطبيــة الــتي تقــدم للجمهور، فهل هي خدمات عاجلــة، أو خــدمات تتطلب عالجــا مســتمرا إلى مدة أو إلى غير مدة، فإن بعض المرضى يجب أن يرقــدوا في المستشــفى

طول العمر، أو أن الطبيب يراجعهم طول العمر. ثم قد تكون الخدمة الطبية جراحية، أو جلدية، أو باطنيــة، أو أســنان، أو عيون، أو خدمات طبيــة لألطفــال، أو للــوالدة، أو للنســاء غــير الــوالدة، وإن كان من المتعارف أن تكون دور الوالدة دورا خاصا ال ترتبط بالمستشــفيات

العمومية، نعم قد تشمل المستشفيات العمومية ردهة للوالدة أيضا. كما أن السياسات تشمل حالة المرضى االجتماعية والصــحية، وهــل أن المستشفى يقبل جميع المرضى أو قسما خاصا منهم، وأنه أعم من الفقــير والغــني، أو أســس للفقــراء أو لألغنيــاء فقــط، وهــل أن المستشــفى تقبــل المرضى من جميع أنحاء الدولة، أو تتوقف خدمة المستشفى على المنطقة التي يقع فيها المستشفى، وهل تقبل المستشــفى المرضــى المزمــنين في

المرض، أم المرضى الجدد فقط. والسياسات المرتبطة بمستوى الخدمة الطبية والخدمات األخرى، مثــل أن المستشفى هل يقوم بخدمات األكل ونحوه، وهل أن سياســات األســعار مرتفعة أو منخفضة أو مجانية أو مختلفة، وما قــدر هــذه األســعار، وكم هيــدة أو ــة العين أو القلب أو المع ــة من عملي ــل عملي ــات، فلك أســعار العملي الكلية مقدار خاص من المال حسب ساعات االستغراق، أو حســب األطبــاء

الذين يزاولون هذه

265

األعمال، إذ قد يحدد األجرة للساعة، ألنه ال يهم أن تكون عملية عين أو قلب أو نحوهما، وإنمــا المهم أن يكــون لكــل ســاعة كــذا من األجــرة، وقــد يكون المهم الطــبيب الــذي يجــري العمليــة، حيث إن الطــبيب صــرف على دراسته كذا من المال، فالالزم أن يقسطه مــع أرباحــه مزيــدا عليــه نفقــاتــون المهم ــد يك الطبيب لما يتبقى من عمره، فيقسم ذلك على عملياته، وق كل عملية عملية، فللعين كذا من األجــرة، وللقلب كــذا من األجــرة، ولألذن

كذا من األجرة وهكذا.

))أبنية المستشفى(( ثم المستشفى إذا أريد استئجار عمارة أو بناؤهــا يلــزم أن يحــدد جملــة من األمور في موقعه، كالقرب من وســائل المواصــالت المختلفــة بالنســبة للمرضى والممرضات واألطباء وسائر األشخاص أو الهيئات الــتي ســتتعامل مع المستشفى، والبعد عن الضوضاء واألتربة والجو غير النقي بصفة عامة، وأماكن التهوية واإلضاءة الطبيعيــة بقــدر اإلمكــان، كســهولة الحصــول على الكهربــاء والمــاء، وحجم األرض وإمكانيــة التوســع في المســتقبل، وتكليــف البناء، وهل أن المستشفى يمكن أن تكــون طوابــق بالنســبة إلى المرضــى

الذين ال يتمكنون من الصعود وال تتوفر المصاعد الكهربائية أو غير ذلك. وغالبا يشجع األطباء بناء مستشفى من طابق واحــد، كمــا يشــجعون أن يكون مبنى المستشفى في مكــان يمكن التوســع في المســتقبل فيــه على األرض المجاورة، هذا باإلضافة إلى سهولة التصــميم الــداخلي للمستشــفى في بناية الطابق الواحد، وتيسر اإلضاءة الطبيعيــة والهــواء كــذلك، وســرعة دخول وخروج المرضى وعربات اإلسعاف وسيارات الموظفين من األطبــاء والممرضات ونحوهم، واحتمال قلة التكــاليف، ألن المبــاني المتعــددة غالبــا

تسبب كثرة التكاليف، نعم قد

266

ــا ــة بم يكون مبنى المستشفى في منطقة سكنية وأسعار األرض مرتفع تضطر إدارة المستشفى من جعله طوابــق، باإلضــافة إلى غيــاب الضوضــاءــة واالســتفادة في اإلضــاءة ــا، وتحســن التهوي ــق العلي ــة في الطواب واألترب

الطبيعية من المناظر الخالبة.

))الرقابة على المستشفيات(( ثم إنا قد ذكرنا لزوم الرقابــة العامــة على كــل إدارة، ومن تلــك الكليــة الرقابة على أعمال المستشفى وسائر جهاته، فإن الرقابة على هذه األمور كأية رقابة أخرى للتأكــد من أن مــا تم أو يتم في المستشــفى مطــابق لمــا أريد إتمامه، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتخطيط، ألن الرقابة عبــارة عن أن التخطيط هل طبق أو لم يطبق، ثم مالحظة أن التخطيط هل كان سليما أو

لم يكن سليما، ألن الشيء لدى العمل تظهر جهات خلله وصحته. فالرقابة تتأكد من أن األهداف الموضوعة لها المستشــفى قــد تحققت، وأن العمليات الجراحية قد تم القيــام بهــا على خــير وجــه، وأن األطبــاء قــد قــاموا بواجبــاتهم، وأن الممرضــات قــد أدين مــا عليهن، وأن األمــوال الــتي صرفت قد تم صــرفها طبقــا للخطــة الموضــوعة، وأن األبحــاث الــتي تقــررــانت في الخطــة، القيام بها قد تمت، وأن معنويات المرضى مرتفعة، كما ك وكذلك األطباء والممرضات وســائر المســتخدمين، فالرقابــة تفيــد: لتطــبيق المعــايير الرقابيــة، وقيــاس األداء، ومعرفــة االنحرافــات، ودراســة أســبابها،

والعمل على تصحيحها، أو تبديلها.وتتم الرقابة إما بالمالحظة الشخصية أو بالتقارير المكتوبة.

ثم إنه توزع األعمال التي تمت في المستشفى وتجعل لكل عمل قائمةخاصة كقائمة عالج األطفال،

267

وقائمـــة الـــوالدات، وقائمـــة عالج األمـــراض المزمنـــة، وقائمـــة عالج األشخاص الذين راجعوا المستشفى بأمور ميدانية، إلى غير ذلك من األمور

المرتبطة بالمستشفيات.

))إدارة المؤسسات الخيرية(( النموذج السادس: إدارة مؤسسة خيرية عامة، قــد شــكلت من جماعــة من الناس الخيرين إلسعاف الناس بحاجاتهم، ومثل هذه اإلدارة تحتاج إلى:

أ(: قسم اإلعالم. ب(: قسم التحقيق. ج(: قسم التمويل. د(: قسم الرقابة.

هـ(: قسم استثمار األموال. و(: قسم فتح الفروع.

ز(: قسم اإلصالح بين الناس.إلى غير ذلك.

ثم إذا شكلت هذه األقسام في مرحلة التخطيط تقــوم هــذه المؤسسـةالخيرية باألمور التالية:

(: شــؤون الــزواج للعــزاب والعازبــات، ســواء كــانت اإلدارة مســاعدة1بدون بذل شيء أو مع بذل شيء للفقراء من الشباب والشابات.

(: تشغيل العاطلين، سواء كانوا عاطلين من الدرجة الرفيعة المثقفة،2أو العاطلين العاديين الذين ال يعرفون القراءة والكتابة،

268

لوضوح أن تشغيل كـل قســم من هــذين القســمين لــه مــؤهالت خاصــةومجارية مخصوصة.

(: بناية األبنية الخيرية وصيانتها، أمثــال الحســينيات، والمســاجد، ودور3ــوادي ــة، والن ــات المطالع ــوالدة، والمستوصــفات والمستشــفيات، ومكتب ال

للشباب، ودور الرضاعة، وروضات األطفال، والمدارس، والبنوك. ــاء لهم، أو4 ــذهاب باألطب ــود، وال ــة والنق ــى باألدوي ــعاف المرض (: إس

الذهاب بهم إلى األطباء والمستشفيات، أو ما إلى ذلك. (: تمــوين الفقــراء بصــورة عامــة، حــرا أو بــردا، للفــرق الواضــح بين5

التموين في حالة الحــر حيث االحتيــاج إلى المــراوح والمكيفــات والــبرادات والثالجات وما أشــبه، بينمــا االحتيــاج في حــال الــبرد إلى المالبس الشــتوية

والمدافئ والفحم والنفط ونحو ذلك. (: الدفاع عن المظلومين بمختلف األبعاد بواسطة هيئة من المحامين،6

إذ كثير من المظلومين ال يتمكنون من الوصول إلى حقوقهم إال بالمحامين،ــة من ــاك فئ ــكل هن ــامين، فتتش ــور المح ــاء أج ــون من إعط وهم ال يتمكن المحــامين ألن تقــوم بالــدفاع عن المظلــومين مجانــا، أو بــأجور رمزيــة، أو تساعد اإلدارة أمثال هؤالء بــالنقود ومــا أشــبه حــتى يتمكنــوا أن يصــلوا إلى

حقوقهم أمام الظالمين الذين تتوفر لديهم المال والقدرة. ــنين7 ــدارس والمؤسســات المربوطــة بهم من الب ــام بالم (: إدارة األيت

والبنات، خصوصا في أحوال الحرب ونحو ذلك، وتعليمهم المهن الالئقة

269

بهم بعد أن يكبروا، وتزويج عزابهم وعازباتهم، إلى غير ذلك ممــا تكــونإدارة األيتام كفيلة بكل هذه الشؤون.

(: الترشيد للنــاس لتعليمهم الصــناعات الخفيفــة المختلفــة، كالنجــارة8 والحدادة وما أشبه ذلك، فإن ذلك يساهم في ترفيع المســتوى االقتصــادي،

بل والمستوى الثقافي لألمة. 9 (: مساعدة الطلبة لتكميل الدراسة، سواء كانوا طالبا زمنيين أو طالبا

دينيين. (: مساعدة القرى لتكــون قــرى حضــارية من جهــة المــاء والكهربــاء10

والتلفون والبنك وغير ذلك. (: االهتمام بنصب األئمــة في المســاجد الفارغــة، وإرســال المبلغين11

إلى القرى التي تحتاج إليهم، إلى غير ذلك. ــق12 ــآثم إلى طري ــوا في الم ــذين وقع ــباب ال ــام بجلب الش (: االهتم

الصواب، كأولئك الذين امتهنوا بيع الخمور أو اتخذوا مهنة الغناء أو الزمر أو ما أشبه بتطلب عمل لهم الستدرار أرزاقهم، حيث إن هذه المؤسسة تبــدل أعمــالهم إلى أعمــال محللــة شــريفة، كمــا أنهــا تهتم بتبــديل عمــل المــرأة المنحرفة إلى عمل حر شريف، وتزويجها زوجا يليق بها، كما روي عن علي

)عليه الصالة والسالم( حين دخل الكوفة فزوج أمثالهن. (: االهتمام بتكميل األحياء الجديــدة والــتي لهــا محالت ومســاكن وال13

مدرسـة لهــا، أو ال مخــبز، أو ال حســينية، أو ال مســجد، أو ال حديقــة، فيقــومهؤالء بالتكميل المذكور.

270

(: القيام بإسعاف المنكوبين بالكوارث، كالزالزل والسيول والحرائق14والحروب، حيث يحتاج أمثال هؤالء إلى إسعافات عاجلة ضرورية.

ــات15 ــرؤهم، كالعربي ــرجى ب ــذين ال ي ــولين ال ــة الوســائل للمعل (: تهيئ للمزمنين، والعيون االصطناعية واأليادي واألرجل االصــطناعية، والباروكــات الشعرية، وسائر الوسائل االصطناعية التي تخفف من سوء منظرهم أو من

عجزهم عن الحركة في النطاق الممكن. (: إشــغالهم بأشــغال مناســبة لهم، إذ من الممكن إشــغاالت ممكنــة16

للمعلولين كاألشغال اليدوية الخفيفة للعميــان، كمــا تقــوم الهيئــة المــذكورةــة في بتعليمهم حسب الممكن، واألخذ بأيديهم إلى بعض التحسينات الممكن تكميل شيء من نواقصهم، وكــذلك تــزويج عــزابهم وعازبــاتهم بعضــهم من بعض، أو بعضهم من الكاملين الذين يرغبون في مثل هذا الــزواج، إلى غــير

ذلك.

))إدارة الدولة(( النموذج السابع: إدارة الدولة، وال فرق بين إدارة الدولة أو إدارة خاصــة كشركة أو مستشفى أو معهــد من جهــة أصــل البنيــة، وإنمــا الفــرق هــو أن إدارة الدولة شيء كبير، واإلدارة الخاصة شيء صغير، كــالفرق بين الحمــام والعصــفور، أو بين النمــر والقــط، حيث إن األجهــزة في األول كبــيرة، وفي الثاني صغيرة، مع كون البنية في كليهما على نمط واحــد، ولــذا ليس إلدارة

الدولة خصوصيات متزايدة في أصل البنية اإلدارية. ــبه نعم في الدولة أجهزة كثيرة، بينما في الشركة أو المدرسة أو ما أش

أجهزة قليلة، فالدولة تشتمل على أجهزة اقتصادية، وأجهزة اجتماعية،

271

ــة، ــة، وأجهــزة مالي ــة، وأجهــزة صــناعية، وأجهــزة تجاري وأجهــزة زراعي وأجهزة صــحية، وأجهــزة دفاعيــة، وأجهــزة بحريــه، وأجهــزة بريــة، وأجهــزة

جوية. كمــــا أن الدولــــة ترتبــــط بالشــــرطة، وبالمبــــاحث، وبالســــجون،ــواع األســلحة، وبإنشــاء ــف أن ــاج مختل وبالمستشــفيات، وبالمــدارس، وبإنت الطرق، وبرعاية الطفولة واألمومة، وغير ذلك، وإدارة الدولة بصــورة عامــة

تهدف إلى تحقيق هذه األهداف وغيرها. والالزم أن يكون التنســيق العــام بين هــذه األجهــزة، وذلــك إنمــا يكــون بتنفيذ السياسة العامة للدولة بتنسيق المجهودات الفردية والجماعيــة لهــذه

األهداف، كل شيء في موضعه. ولذا عرفها بعضهم بأنها نشاط الجماعات المتعاضــدة في خدمــة هــدفــة ــة والثقافي ــائية واإلعالمي ــة والقض ــريعية والتنفيذي ــد في اإلدارة التش واح

وغيرها. أما ما ذهب بعضهم إليه من الفرق بين إدارة الدولــة واإلدارات الخاصــةــا بوجوه فهو غير تام، إذ في كل من اإلدارتين يشاهد هذه األمور التي ذكره هذا البعض، ونحن نذكر تلك األمور التي قال بأنها فارقة ليظهر عــدم كونهــا

كذلك.

))فروق مزعومة بين اإلدارة العامة والخاصة((قال: الفروق بين اإلدارة العامة وإدارة األعمال الخاصة.

أوال: يعمــل المشــروع العــام عــادة في ظــروف احتكاريــة، بينمــا تســودالمشروعات الخاصة روح المنافسة الحرة.

وثانيا: يجب على الموظــف العــام وهــو يــؤدي واجبــه في نطــاق اإلدارة العامة أن يلتمس روح الخدمة العامــة، وليس المقصــود من اإلدارة العامــة

تحقيق أرباح، بل تقديم منفعة عامة للمواطنين، بخالف اإلدارة الخاصة.

272

وثالثــا: يجب على القــائمين على شــؤون اإلدارة العامــة الــتزام بقاعــدةالمساواة بين المواطنين وعدم إيثار بعضهم بأنواع ممتازة من الخدمات.

ورابعا: الغالب من نطــاق اإلدارة العامــة أن يعمــل الموظــف بصــفته ال باســمه، ومن ثم فــإن الجمهــور ال يهمــه أن يعــرف اســم الموظــف الــذي

يعامله، ولهذه القاعدة استثناءات في بعض األحوال. وخامسا: يهيمن على اإلدارة العامة قاعدة المسؤوليات العامة، فرجــالــذه ــق ه ــور، وتتحق ــام الجمه ــة مســؤولون عن تصــرفاتهم أم اإلدارة العام

المسؤولية بعدة طرق، السياسية منها والقضائية وغيرهما. وسادسا: تخضع اإلدارة العامة لقاعدة تزويد األفــراد بكافــة المعلومــات التي تعينهم على استعمال حقهم في الرقابة، ولذا فــإن من واجب اإلدارات العامة إعداد وسائل اإلعالم وتســهيل مهمــة األفــراد في الحصــول على مــا يشاؤون من معلومات، وعــدم حجب تلــك المعلومــات إال في الحــدود الــتي

تقتضيها المصلحة العامة. ــاق واســع، ــة لتنظيم يتم على نط ــروعات العام ــع المش ــابعا: تخض وس ويتفرع على هذه الصفة كثير من المشاكل التي يواجهها علم اإلدارة العامة

في الوقت الحاضر. وثامنا: لما كانت المشروعات العامة ال تخضع لظروف المنافسة الحرة التي تســود المشــروعات الخاصــة كقاعــدة عامــة، فقــد أصــبح من المقــرر االستعاضة عنها بقاعدة اختبار الكفاءة التي يقصــد من ورائهــا الكشــف عن

الكفاءات في األشخاص، وإيجاد الحوافز لزيادة اإلنتاج.

273

وتاســعا: إن اإلدارة العامــة تســير ســيرا مســتمرا في طريــق القــانون اإلداري وذهاب القانون أثره المباشر على كافــة الموضــوعات الــتي تثيرهــا

دراسة اإلدارة العامة. وعاشــرا: إن النــاس مجبــورون من اإلدارة العامــة للدولــة، بينمــا ليس

األمر كذلك بالنسبة إلى اإلدارة الخاصة.

))الفروق الجوهرية على رأي بعض(( وأنكر بعضهم أغلب هذه الفــروق المــذكورة بين اإلدارة العامــة واإلدارة الخاصة، وإنما ذكر أن الفروق تنحصر في ثالثة جوهريــة ناتجــة من المجــال

الحكومي وهي: أوال: االرتباط بالسياسة.

والثاني: االرتباط بدستور الدولة وقوانينها األساسية والفرعية. وثالثا: حجم التنظيم.

وبين تفصيل هذه األمور بقوله: ــا ــا وثيق ــة ارتباط ــط اإلدارة العام ــه ترتب ــاط بالسياســة، فألن ــا االرتب أم بالسلطة التشــريعية والــترتيب السياســي للمجتمــع، بينمــا تحديــد األهــداف ورسم السياسات في المشــروع الخــاص يــدخل في صــميم أعمــال اإلداري في المشروع، وغالبا ما يتوقــف على اعتبــارات اقتصــادية محضــة، أمــا في اإلدارة العامة فــإن تحديــد األهــداف والسياســات العامــة يــدخل في صــميمــارات سياســية ــف على اعتب ــا تتوق ــيرا م نشــاط الســلطة السياســية، وكث واجتماعية، بخالف االعتبارات االقتصادية، ومن ناحية أخــرى، فــإن الســلطة السياســية تــراقب أعمــال اإلدارة العامــة حيث يتم محاســبة الــوزراء أمــام

المجالس النيابية.

274

وأمــا االرتبــاط بدســتور الدولــة وقوانينهــا، فألنــه ترتبــط اإلدارة العامــة ارتباطا جوهريا بدستور الدولة وقوانينها اإلدارية، فيحكم الدستور والقوانين اإلداريــة تصـــرفات اإلداريين والمــوظفين العمومـــيين، ومن المشــاهد أن القوانين تتغلغل في مختلف األمور الحكومية، سواء كان ذلك يتعلق بصرف

األموال أو قبضها أو بتعيين الموظفين أو نقلهم أو ترقيتهم، إلى غير ذلك. وأما الفــرق في حجم التنظيم، فألنــه يتوقــف عبء اإلدارة العامــة على القيم الفلسفية السائدة في المجتمع، فإذا كان المجتمع يـؤمن بـأن أحسـن ــا حكومة هي التي تحكم أحسن ما يمكن، ألصبح عبء اإلدارة العامة متوقف إلى حــد كبــير على حمايــة أفــراد البــوليس والقضــاء والــدفاع، وقــد تتــدخل الحكومة للقيام ببعض األعمــال للمنظمــة في النشــاط االقتصــادي لتمشــيةــه من واجب ــؤمن المجتمــع بأن ــة أخــرى فقــد ي ــة، ومن ناحي ــا المالي أموره الحكومــة تحقيــق الرفاهيــة للمجتمــع ككــل، وفي هــذه الحالــة يكــون عبء اإلدارة العامــة كبــيرا، وكلمــا كــان عبء اإلدارة العامــة كبــيرا كــان التنظيم اإلداري تنظيما ضخما معقدا، حيث يكثر عــدد الوظــائف والمــوظفين وتزيــد

المستويات اإلدارية.

))فروق أم مشتركات(( لكن من الواضح أن كل الفروق الثالثة عشر ليست فروقا جوهرية، ألن

كل ما قيل في الحكومة موجود في اإلدارة الخاصة أيضا: أوال: إن الحكومة لم توضع لظروف احتكارية فقط، بل على ما فصــلناه في )فقه السياســة( إنمــا وضــعت الحكومــة لمالحظــة النظــام ورد الظــالم

والتقديم باألمة إلى األمام.

275

ــترض أن ــة يف ــة والخاص ــوظفين في اإلدارة العام ــل من الم ــا: ك وثانييلتمس روح الخدمة العامة.

وثالثا: المساواة بين الناس يجب مراعاتها في كلتا اإلدارتين. ورابعا: االسم ليس بمهم في كلتا اإلدارتين.

وخامسا: رجــال كــل من اإلدارتين مســؤولون أمــام الجمــاهير، لكن فياإلدارة العامة المسؤولية أمام جماهير أكبر مما يرجع إلى مسألة الحجم.

وسادسا: في كلتا اإلدارتين األمر بحاجة إلى تزويد الطرف بالمعلومات،وإال كان غشا وخداعا.

وسابعا: الفرق بين اإلدارتين في السعة والضيق ال في أصل التنظيم. وثامنا: كلتا اإلدارتين بحاجة إلى الكشف عن الكفاءات.

وتاسعا: كلتا اإلدارتين تعيش في فلك القانون. ــد ــفيات والمعاه ــركات والمستش ــورون للش ــاس مجب ــرا: إن الن وعاش الخاصة، كما هم مجبورون لإلدارة العامة واالرتباط بالسياســة أو بالدســتور

السائد في كلتا اإلدارتين. نعم الحجم وهــو األخــير الــذي ذكــره من أضــاف على األمــور العشــرة صحيح، لكن ذلــك ليس فرقــا جوهريــا، وإنمــا هــو فــرق بين اإلدارة الكبــيرة والصــغيرة، كمــا أن مثــل هــذا الفــرق موجــود بين حكومــة كبــيرة وحكومــة

صغيرة، ومستشفى أهلي كبير ومستشفى أهلي صغير، إلى غير ذلك.وعلى أي حال، فال حاجة في الدولة إلى أمور فوق األمور التي

276

ذكرت في مطلق التنظيم.ولذا رد ثمانية من األمور العشرة المتقدمة بعضهم بقوله:

أوال: كثير من المشروعات الخاصة تعمــل أيضــا في ظــروف احتكاريــة،ــذا ــاع به ــة تكفي لالقتن ــال ببعض البالد الغربي ــع في األعم ــة المتطل ودراس

اإلعتراض. ــه أن ــه وموظفي ــا: لكي ينجح المشــروع الخــاص يجب على مديري وثاني يشعروا بــروح الخدمــة العامــة، فليس المقصــود كمــا هــو مفهــوم خطــأ أنــلع ــديم س ــل تق ــاح، ب ــول على األرب ــة الحص ــال الخاص ــرص من األعم الغــيرون بين ــط الكث وخدمات، والدافع إلى هذا هو الحصول على األرباح، ويخل

الغرض والدافع. ــا: لكي ينجح المشــروع الخــاص يجب على أفــراده الــتزام قاعــدة وثالثــة، وال ــفة عام ــور بص ــوردين والجمه ــتهلكين وبين الم ــاواة بين المس المسيختلف ذلك باختالف نوع المشروع، فهذه أحد المبادئ األخالقية المعروفة. ورابعا: ال يمنع إطالقا أن يتم العمل في المصالح الحكومية على أساس أسماء األشخاص، كما ال يمنع أن يتم العمل في المشـروعات الخاصــة على أساس صفة الشخص، بــل إن إتمــام األعمــال على أســاس األشــخاص فيــه كثير من الروح اإلنسانية، والتي يجب أن تغلب على األعمــال، ســواء كــانت

خاصة أم عامة. ــاهمين، ــوع المس ــام مجم ــؤولون أم ــروع مس ــديرو المش ــا: م وخامس

والموردين، والتجار، والمستخدمين، والعمال، والمستهلكين،

277

والمجتمع بصفة عامة، فمديرو المشروع مسؤولون مسؤولية اجتماعيــةتتساوى مع مسؤولية اإلداري في الحكومة.

وسادسا: إن العمل يتم بناء على المعلومــات المتبادلــة ونظم االتصــال،وال يقتصر هذا على األعمال العامة، بل يتعداه إلى المشروعات الخاصة.

وســابعا: إن التنظيم على نطــاق واســع ليس من صــفات المشــروعاتــدا من بعض ــثر تعقي ــدو أك ــرب تب ــل إن بعض الشــركات في الغ ــة، ب العام

الحكومات الصغيرة. وثامنا: إن نجاح األعمال الخاصة يتوقف على اختيار الموظفين األكفاء. أقول: وما ذكره صــحيح في الجملــة، وإن كــان عليــه بعض المالحظــات مما ال يهمنا ذكرها، بعد ما عرفت من عــدم اســتقامة مــا ذكــر من الفــروق

إطالقا.

))إدارة المنظمات الحقوقية((النموذج الثامن: إدارة منظمة العفو.

أقــول: ينبغي أن تســمى المنظمــة بالمنظمــة اإلنســانية، أمــا تســميتها بمنظمــة العفــو فــذلك إلمــاع إلى أن المتهمين هم مجرمــون، وإنمــا تطلب المنظمة العفو، بينما أن الغالب أن الحكومات االســتبدادية هم المجرمــون، والسجناء ونحوهم هم األبرياء، وهل يصح أن يقول اإلنسان للص: اعف عن صاحب المال وأعطه ماله، أو يقــول للــذي قتــل آخــر ظلمــا ويريــد التمثيــل

بجسده: اعف عن المقتول وال تمثل بجسده.

278

ثم ينبغي أن توســع المنظمــة اإلنســانية نشــاطها وال تحصــره في طلبــه لهم في ــدامهم، وأن يرف ــدم إع ــذيبهم، أو ع ــدم تع ــجناء بع ــق بالس الرف السجن، أو أن يكــون أعمالــه خاصــة بــالعفو عن المســجونين والمطــرودين واألسراء والمحجوزين والمختطفين وما أشبه، بل تطلب باإلضافة إلى ذلك التخفيف من السجن، وإعطاءهم فرصة اللقاء بأهلهم كل أسبوع مــرة مثال، بل وتقسيط السجن، وجعل الســجن في الــبيت والمعمــل ومــا أشــبه، كمــا اعتيــد في بعض البالد الغربيــة، حيث يطلــق ســراح الســجين أن يكــون في البيت أو نحوه حسب رغبته، ويربط بمكان من جسمه آلة الكترونيــة إلخبــار

مخفر الشرطة عن أن السجين ال يزال في محله بدون أن يخرج عنه. هذا باإلضافة إلى أن ينبغي للمنظمــة أن تضــيف على أعمالهــا مواصــلة الحملة على الحكومات الدكتاتورية حــتى تضــطر لتســليم األمــر إلى األمــة، باعتبارها مصدر النصــب والعــزل، حيث إن الحكومــة وكيــل األمــة، وال حــق

للوكيل في فرض نفسه، هذا بصورة مطلقة في كل الحكومات. ــه ــل الل ــوال من قب ــون مقب ــاكم يجب أن يك ــلمين، فالح ــا في المس أم ســبحانه، بــأن يكــون جامعــا لشــرائط الحــاكم الشــرعي المــذكور في فقــه

اإلسالم.

))فضح االستعمار((ــرين ــة، باإلضــافة إلى األم ــا مرتبطــا بالمنظم ــرا ثالث ــاك أم ــا أن هن كم الســابقين أي حقــوق الســجناء وحقــوق الشــعوب في اختيــار الحكم، وهــو االهتمام بمكافحة االســتعمار، بمعــنى أن تتبــنى المنظمــة فضــح االســتعمار

الظاهر أو الخفي. فاالستعمار الظاهر مثل استعمار االتحاد السوفيتي للشــعوب المســلمة في الجمهوريات الســت، واســتعمار اليهــود لبالد المســلمين في فلســطين،

وما أشبه ذلك.واالستعمار الخفي مثل نهب بالد

279

الرأسمالية والشــيوعية الــثروات من آســيا وأفريقيــا بمختلــف الوســائلواألسماء.

إن المنظمة حيث إنها تدعم بفطرة اإلنسان الموجودة في كــل إنســان، أراد أو لم يرد، فلهــا أقــوى ســند في كافــة األمم والشــعوب، فيكــون قليــلــأس وال خــوف من ضــخامة ــذا فال ي ــيرا، ول ــيرا، وصــغيرها كب ــة كث المنظم

المسؤوليات التي أضفناها على منظمة العفو الدولية. ــف األمم، ونحن ــل دين من مختلـ ــده كـ ــا يعتقـ ــافة إلى مـ ــذا باإلضـ هـمع الــذين اتقــوا والــذين هم ﴿المسلمين بصورة خاصة من أن الله سبحانه:

. (1)﴾محسنونإن تنصروا لله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾وقال تعالى: ﴿(2) .ــالب لكم ــه فال غ ــركم الل إن ينص ــبحانه: ــال س ﴾وق ــق(3)﴿ ــو الموف ، وه

المستعان.

))غربة اإلنسان عن نفسه(( ثم الــواجب على المنظمــة اإلنســانية أن تهتم بشــيء رابــع، ولعــل هــذا الشيء من أهم أسباب المشكالت في كل العالم الحاضــر، وهــو أن الحيــاة المادية التي سادت في العالمين الغربي أوال، والشــرقي ثانيــا، وفي العــالم الثالث تبعا لهما ثالثا، سببت غربة اإلنســان عن نفســه، فبينمــا اإلنســان هــوــاة، إذ بــدون اإلنســان ال قيمــة للجمــاد والشــجر كــل شــيء في هــذه الحي والحيوان، ولذا ورد في الحديث القدسي: إن الله سـبحانه قــال للعقــل لمــا

خلقه: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبـر، فــأدبر، ثم قــال لـه: مــا خلقت خلقـا. (4)أحب إلي منك، بك أثيب وبك أعاقب

.(5)خلقت األشياء ألجلكوقال سبحانه في حديث آخر: فتبدل هذا اإلنسان في واقعـه الـذي يجب أن يكــون إنسـانا إلى شـيء،

إلى

. 128( سورة النحل: ?)1. 7( سورة محمد: ?)2. 160( سورة آل عمران: ?)34(? . )5(? . )

280

إنســان لــه روح وعقــل وعاطفــة وفكــر وإدراك، أي إنــه صــار ذا عالقــة بالمــادة ال باإلنســان، فهــو شــيء من أشــياء العــالم، ال إنســان لــه شــعور باإلنسانية، واشتراك بالوجدانية، ولذا سقطت اإلنسـانية، فـإن كـل فـرد من اإلنسان صار هو وحــده بــدون ارتبــاط بــاألفراد اآلخــرين، وإنمــا صــار جــزءا

جزءا. فترى اإلنسان يقتل اإلنسان ألجــل المــادة، ويحــرق المحاصــيل ويلقيهــا في البحــر ألجــل التــوازن االقتصــادي المرتبــط بالمــادة أيضــا، بينمــا ماليين األطفـال والشـيوخ يموتـون جوعـا، أو لعـدم الـدواء والرعايـة الكافيـة لهم، ويصنع ما يكفي إلبادة العالم خمسمائة مرة بسالح واحد فقــط من أســلحته الكثـيرة، فـإن القنابـل الذريـة تكفي ــ على تقريــر رأيتـه ــ إلبـادة اإلنسـان خمسمائة مرة، كما أنه يدير رحى الحرب هنا وهناك على طول الخــط، إمــا حروبا أساسية كالحربين العالميتين، أو حروبــا بالوكالــة كمــا هــو المصــطلح

في الحال الحاضر، كالحروب في أمريكا وافريقيا وآسيا إلى غير ذلك. ولذا انعكس ذلك على اإلنسان نفسه، فإن السوء ينعكس إلى اإلنسان، كما أن الحسن ينعكس إلى اإلنسان نفســه، فال يحس اإلنســان باالطمئنــان اإلنساني، فهو غــريب في داخلــه، كمــا ال يحس بــدفء العائلــة، ألن العائلــة صارت أيضا هي الثانية ضحية للمــادة. ولــذا فاإلنســانية العامــة تبعــا لهــاتين الغربتين، أي غربة الفرد وغربة العائلة، صارت أيضــا غريبــة في مجموعهــا، ألن اإلنسانية بمجموعها عبارة عن اللبنات اإلنسانية، كالبناء الذي هو عبــارة

عن لبنات من اآلجر والطين. وكذلك ال يلتذ اإلنسان باإلنسانية، ألن اإلنسـانية أسـقطت نفسـها ألجــل

المادة. وعلى هــذا فــالواجب على المنظمــة اإلنســانية أن تهتم إلرجــاع العــالم

المادي إلى العالم اإلنساني، حتى تكون اآللة والصنعة والعلم

281

واالختراع وما أشبه في خدمة اإلنسان، ولتقديم اإلنسان إلى األمــام، الفي ضرر اإلنسان وتحطيمه وتأخيره إلى الوراء.

ــائس المفتوحــة في الغــرب في صــورة األخالق ال في ســيرتها، إن الكن وشعارها المسيح )عليه السالم( ال دثارها، ولذا يقول الغرب: إذا تمكنت من غيرك فاسرق كل شيء منه واقتله حتى ال يكون كفؤا لك، وإنما تكــون أنتــك الحاكم في كل العالم، بينما كان المسيح )عليه السالم( يقول: أعــط ثياب

لمن أخذ معطفك، على ما ينقل عنه من كالم بهذا المعنى. ــانيته، ومن الممكن أن ــان إلى إنسـ ــاع اإلنسـ ــالمهم إرجـ وعلى أي، فـــع المنظمة اإلنسانية تجعل لها شعبا أربعا، كل شعبة لمهمة من المهام األرب

التي ذكرناها. وظن أن األمر خرج عن طوق البشر، واتسـع الخـرق على الراقـع، ظن في غير مــورده، فــإن اللــه ســبحانه يوفــق من أراد اإلصــالح، كمــا قــال في

إن يريدامصداق من مصاديق هذا الكلي بالنسبة إلى الزوجين المتخالفين: . (1)إصالحا يوفق الله بينهما

ــا تمكن ــق، وكلم ــام والتوفي ــه اإلتم ــد وعلى الل ــه الجه ثم اإلنســان علياإلنسان من جعل األمور في نصابها يكون حال للمشكلة بقدر,

فعلي المرء أن يسعى بمقدار جهدهوليس عليه أن يكون موفقا.

وإذ قــالت أمــة منهم لم تعظــون قومــا اللــه مهلكهم أو ﴿قــال ســبحانه: . (2)﴾معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون

ــوم من المشــاريع الضــخمة من الواضــح أن مــا نشــاهده في عــالم الي واالختراعات المفيدة إنما هي من جهد اإلنسان وتوفيق الله سبحانه وتعالى بسبب هداية األنبياء )عليهم السالم(، وما في بعض األحاديث من )الحجتين،

الحجة

. 35( سورة النساء: ?)1. 164( سورة األعراف: ?)2

282

ــانع الظاهرة وهم األنبياء واألوصياء، والحجة الباطنة وهو العقل(، فأي ممن أن يوفق الله البشرية من االستقامة في طريق اإلنسانية.

))جحيم الدنيا(( أما الدنيا الحاضرة فأصبحت جحيما لكــل اإلنســانية، من غــير فــرق بينــدين وغــير الشــرقي والغــربي والوســطي، والمرفــه وغــير المرفــه، والمتالمتدين، وإن كانت هناك فروق من جهة االختالف في الحجم، فإنا نشاهد:

(: االنتحار الكثير في كل الطبقات، وفي كــل العــالم، واالنتحــار يكــون1 وليدا لعدم وصول اإلنسان إلى مباهج الحياة الــتي يريــدها، ســواء من جهــة الفقر، فال حياة مرفهــة لــه بحيث يســعى للحيــاة المرفهــة وال يجــدها، ولــذاــام ينتحر تخلصا من الحياة، أو من جهة الغنى الجامد الذي ال يتقدم إلى األم التقــدم الــذي يريــده الغــني، ولــذا نشــاهد االنتحــارات بين طبقــات األغنيــاء

وطبقات الفقراء على حد سواء. (: المخدرات الكثيرة، التي يهرب اإلنسان بسببها عن الحياة الحاضرة2

وأسباب شيوعها: أ(: اإلغراء بســبب الشــبكات الــتي تريــد تخــريب الشــباب ألجــل التمتــعــزاب ــرية، واألح ــا في األحــزاب الس ــدم، كم ــة اله ــي، أو جعلهم آل الجنس

المرتبطة بالبالد األجنبية. ب(: اليأس من الرفاه وحياة الكفاف.

ج(: عــدم الوصـول إلى المعـارف، كمـا في المـرفهين الـذين يطمعـونفوق معيشتهم وال يصلون إليها.

(: الفرار من الحيــاة بالهيبيــة ونحوهــا، وســكنى الكهــوف، والنــوم في3الشوارع، وارتكاب ما ال يليق باإلنسان.

283

(: عدم اإلقبال على الدراسة، ألنها ال تؤمن لهم طرق المعيشــة، حيث4 كثرة البطالة بين المثقفين، ثم إنهم ال يصلون إلى ما يتصورون من المكانة

االجتماعية، ولهذا يفرون من المدارس بصورة كبيرة. (: كثرة الجرائم، ألن اإلنسان بال عالقة وال معيـار ال يهتم بالجريمــة، إذ5

االهتمــام بعــدم الجريمــة ينشــأ من االلــتزام بالمعــايير اإلنســانية والخلقيــة واالجتماعية والدينية، فإذا تحطمت كلها فال يهتم اإلنسان بعدم الجريمة، بل

يجعل من نفسه في كثير من األحيان آلة لإلجرام.

))الفراغ الروحي وأسبابه((ــروحي، ــل للفــراغ ال ــا معالي ومن الواضــح أن كــل هــذه األمــور وغيره

والفراغ الروحي ينشأ: أوال: من عدم اإليمــان باللــه ســبحانه وتعــالى واليــوم اآلخــر، ولــذا قــال

أال بذكر الله تطمئن القلوب ﴾سبحانه: ﴿(1) . وثانيا: من عدم عاطفية العائلــة والمدرســة ومحــل العمــل، كمــا ذكــروا تفصيل ذلك في الكتب المفصــلة، فــإن العائلــة كــانت معــدنا للعاطفــة، أمــا المادة فلقــد فــرقت بين أفــراد العائلــة، فالطفــل في الروضــة، والولــد فيــريض مثال، فال ــفى للتم ــل، واألم في المستش ــة، واألب في المعم المدرس

عاطفة تجمع هذه العائلة. والمدرســة للدراســة الجافــة، فال عاطفــة فيهــا، ومحــل العمــل يســبب المالل مما يريد الكل الفرار منه ساعة قبـل سـاعة، وعــدم العاطفيـة يولـد المشاكل التي ذكرناها، ألن اإلنسان كمـا هـو عقالني هـو عـاطفي، فـإذا لم يكن عقالنيا كان مصــيره الجنــون ومستشــفيات األمــراض العقليــة، وإذا لم

يمأل من العاطفة هرب من الحياة باألمور التي ذكرناها.

. 28( سورة الرعد: ?)1284

ــار صــاروا كالصــغار في ــاة، حيث إن الكب ــار للحي ــا: من عــدم معي وثالث الملبس والمأكل والمركب والمسكن ونحوه فال أســوة لمســتقبل الشــباب، حيث كــان الكبــار في الزمــان الســابق في زيهم الخــاص أســوة لمســتقبل

الشباب، فكان لهم منهج للحياة، واآلن يسود الشباب الالمنهجية. هذا باإلضــافة إلى أن ســن الشــيخوخة أوجب طــرد الشــيخ عن الحيــاة،ــار فليس حوله أوالد وأحفاد، وال له احترام العمل، ألنه ال يعمل، والعمل معي كــل شــيء، وال لــه احــترام التجــارب، ألن التجــارب الســابقة تصــبح قديمــة بسبب تطور الحياة، وال له احترام الدين حيث الــدين ذهب عن االجتماعــات

غالبا. وهذا هو سبب غربة الشباب أيضا ويأسهم، فالشباب هاربون، والشــيوخ

مطرودون. ومثل هذا األمــر الشــائن المهــول في المجتمــع الــذي يــؤدي باإلنســانية يحتاج إلى تحري جــذور المشــكلة وعالجهــا، ممــا يســبب تخلص النــاس من الثمار البشعة التي أثمرتهــا، وإدارة المنظمــة اإلنســانية الــتي نحن بصــددها

تتمكن أن تساهم في قطع هذه الجذور ولو بقدر. وعلى أي حـــال، فالمنظمـــة اإلنســـانية بفروعهـــا إلنقـــاذ المســـجونين والمطرودين واألسراء والمحجوزين والمختطفين تتمكن من المساهمة في

األمر: أوال: بالمحامين الذين يدافعون عن حقوق اإلنسان.

وثانيا: بالصحف الحرة من الجرائد والمجالت. وثالثا: باإلذاعات المرئية والالمرئية والنوادي وما أشبه.

ورابعا: بالكتب والنشرات الدورية ونحوها. وخامسا: بالمال الذي يستحصله بسبب الجمعيات الخيرية

285

والخيرين واألوقاف ونحو ذلك للصرف في شأن اإلنسان. وسادسا: بالفروع التي تنشرها فيما تتمكن من ربوع العالم، بــأن يكــون

للجمعية فرع مركزي إليجاد الفروع في ما تتمكن من أنحناء العالم. وسابعا: باالهتمــام والضــغط لتعــديل القــوانين الــتي أنتجت أمثــال هــذه

األمور الشائنة. وثامنا: باالستطالع على مكامن الضعف في البالد.

وتاسعا: باالرتباط بالجمعيات اإلنسانية بإعالم هذه المشاكل، لتقوم هيأيضا بإسعاف المحتاجين إلى اإلسعاف.

وعاشرا: بــالطلب من الحكومــات الفاســدة بالســفر إليهــا لرؤيــة وضــعالسجناء والمطرودين واألسراء والمحجوزين والمختطفين وما أشبه ذلك.

ــرة إلدارة فإن المنظمة اإلنسانية تتمكن أن تجعل لها هذه الفروع العشهذه األمور التي ذكرناها.

))مشجعات وعقوبات((ــو بالمــدح واإلطــراء ثم الالزم على المنظمة اإلنسانية أن تجعل ثوابا ول والحمد والثناء بالنسبة إلى من يعمل طبق الموازين، وأن تجعــل العقوبــات

لمن يتخلف وال يريد االنصياع إلى نداء اإلنسان. والعقوبات يمكن:

أوال: بمواصلة اإلعالن عن نقض الحكومة الفالنية أو الجماعة الفالنية أوالحزب الفالني أو ما أشبه لحقوق اإلنسان.

286

وثانيا: دعوة الدول والمنظمات األحزاب والجمعيــات وغيرهــا بمقاطعــة مثل تلك الحكومة التي تمارس أعماال ضد اإلنسانية، وكذا مقاطعــة الحــزب

الذي يمارس مثل ذلك مقاطعة اقتصادية وإعالمية وما أشبه ذلك. وثالثا: جعل أسبوع لمهاجمة تلــك الحكومــة أو الجهــة الممارســة لنقض

حقوق اإلنسان. ورابعا: المظاهرات، ولو بأعداد قليلة أمام السفارات لتلــك الحكومــة أو

مقرات تلك األحزاب أو ما أشبه ذلك. وخامســا: عــدم االحــترام ألعضــاء تلــك الحكومــة الناقضــة أو الحــزبــة ــة العمومي ــة في مكــان كالجمعي ــاقص، مثال إذا أراد فــرد منهم الخطاب النــانية لألمم المتحدة أو ما أشبه ذلك، قام هذا الفرد المرتبط بالمنظمة اإلنس

وترك المكان اعتراضا على خطابه إهانة له، إلى غير ذلك.

287

اإلدارة(( مشاكل ))منوأخيرا يجب على اإلدارة حل مشكلتين مهمتين: )مسألة(:

))مشكلة التنازع وحلها((ــبب األولى: مشكلة التنازع الذي يقع بين أجنحة من الموظفين، مما يس تنافر الطرفين عن التجمع لإلقدام على العمل، وعدم التجمــع لإلقــدام على العمل يوجب قلة اإلنتاج في أي مؤسســة كــان، لوضــوح أن التنــازع يــوجب

وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ﴾الفشل، قال سبحانه: ﴿(1) .أما كيف يمكن حل ذلك.

فالجواب: إن الحل هو بخلق اإلجماع في الموظفين بالتركيز على نقاطاالتفاق أكثر من التركيز على نقاط االختالف.

وما دامت توجد مجموعتان تفكر كل منهمــا في األخــرى على أنهــا تقــع في ناحية مخالفة، فال ينتظر أن ينجح بينهما االلتقاء والتفــاهم، ولكن عنــدما يبدأ كل منهما ويفكر على أســاس اجتماعهمــا للســير نحــو هــدف مشــترك، يأخذ النزاع في التحــول إلى تفـاهم وتقـارب بتفهم كـل طـرف وجهـة نظـر الطــرف اآلخــر بالموضــوعية، وتجنب التباعــد الشخصــي المزيــف، فيجتمــع

الجميع بالوصول إلى اتفاقات سلمية تصل إلى الهدف باآلخرة. فعلى المــدير أن يجمــع المتنافســين وأن يــبين لهم األهــداف الحقيقيــة،ــاح ــؤدي إلى نج ــاع ي ــا االجتم ــل جميعهم، بينم ــؤدي إلى فش ــازع ي وأن التن جميعهم، ويجعــل من تقــارب بعضــهم إلى بعض ســببا لســيادة روح األلفــة

والتعاون بينهم. وقد نرى في التاريخ: أن الرسول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( كــان يــرقب الصدع كلما ظهر بين أصحابه، وحتى زوجاتــه، ففي قصــة عبــد اللــه بن أبي

في حرب بني المصطلق، تمكن )صلى الله عليه وآله( من إخماد نار

. 46( سورة األنفال: ?)1288

الفتنة، وقد نزل في شأنها سورة المنافقين، كما أنــه )صــلى اللــه عليــه وآله( في قصــة الطــائفتين اللــتين اقتتال جمــع كلمتهمــا، وقــد نــزل في هــذاوإن طائفتان من المؤمــنين اقتتلــوا فأصــلحوا بينهمــا ﴿الشان قوله سبحانه: ﴾فإن بغت إحداهما على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمــر الله

، إلى غير ذلك مما يجده اإلنسان في التاريخ. (1)

))مشكلة الروتين وحلها((الثانية: مشكلة الروتين، أي تمدد العمل بأكثر من القدر الالزم.

مثال في دوائر الدولة يحتاج العمل إلى ساعة حتى تحــل، بينمــا نــرى أنالحل ال يكون إال في خالل عشرة أيام وهكذا.

ــاهد وقد سبب ذلك تبرم الجماهير عن الدولة أكبر التبرم، كما هو المش في البالد اإلســالمية على مــا رأينــا بعضــها، ورأى غيرنــا ممن أخبرنــا البعض

اآلخر، وهكذا حال بقية العالم الثالث.ــد في ــير التعقي ــديدة الكث ــة الش ــأت عن المركزي ــكلة نش ــذه المش وهــاالة المعــامالت، وتعــدد المراحــل والمراجــع للبت في أي موضــوع، والالمب والتســيب واالتكاليــة، وتطلب الرشــوة، والوصــول إلى دفــة الحكم بســبب المحسوبية والمنسوبية، وتضخم أعداد العاملين الذي هو عبارة عن البطالة

المزدوجة المقنعة. وإنما سميناها بطالة مزدوجة، ألن العاملين في الدولــة يصــرفون بقــدرنفرين من سائر الشعب، كما ذكرنا تفصيل ذلك في كتاب )فقه االقتصاد(.

وانخفاض الكفــاءة ممــا ســبب انخفــاض اإلنتاجيــة في العمــل، وســيادة الشـكل على حسـاب المضــمون والواقــع، فهم يهتمــون بصــورة القــانون ال بروحه، وقد ذكر جمــع من العلمــاء في بــاب القضــاء من )الفقــه( أن الالزم العمل بروح القانون ال بجسده إذا تعارضـا، إذ الجسـد وضـع لوقايـة الـروح، فإذا تخالفا يلزم جعل الهدف الروح ال الجســد، والقضــية صــادقة فيمــا نحن

فيه أيضا، بل في

. 9( سورة الحجرات: ?)1289

ــروح والجســد، مثال علم ــاك روح وجســد، وتعــارض ال كــل مــا كــان هن القاضي بقرائن قطعية أن الحق مع المنكر، لكن المدعي أتى بالشهود ممــا يجعل الحق معه حسب الشهود، فهل يحكم القاضي حسب الشهود مما هو

جسد القانون أو حسب قناعته التي هي روح القانون، إلى آخره. ثم التخلي عن المسؤولية وتقــاذف الكــرة، هــذا يقــذفها إلى ذاك، وذاكــة إلى المــواطن، واإلرجــاء والتســويف، يقــذفها إلى هــذا، والنظــرة الفوقي واستخدام أدوات إدارية عتيقة ومرهقة للعاملين، والغرق في األوراق، وقلة العمل الميداني، وما أشبه ذلك ممــا يسـمى كلـه في االصـطالح الحــديث بـ

)الروتين( أو )تمدد العمل(، وال يمكن عالج ذلك إال بأمور: أوال: بتقسيم القدرة واألحزاب المتعــددة، ممــا ذكرنــاه ســابقا وفصــلناه

في بعض الكتب السياسية. وثانيا: بالتربية الصحيحة، مما أشرنا إليه في هذا الكتاب.

))من أسباب الروتين((وقد عدد بعض الباحثين أسباب الروتين:

أوال: بأن التنمية اإلدارية قد تخلفت عن التنمية االجتماعيــة واالقتصــاديةالتي زادت كثيرا من حجم أجهزة الدولة والقطاع العام ومهماتها.

وثانيــا: بتنظيم الهيكــل لإلدارة العامــة والقطــاع العــام، حيث لم يتطــور بذلك المقدار الذي تطورت معه مهام الدولة وأعباؤهــا، بــل زادت في بعض األحيان من خالل الممارسات اإلدارية الخاطئة في تعقيد الصورة، والتنظيم يكون بتأليف المدارس واللجان الدائمة أو المؤقتة بنظرة شــاملة، أو إعــادة

نظر في البنية الهيكلية ككل.

290

وثالثا: ألن األنظمة والتعليمات والــبرامج التخطيطيــة لم تســاير بــدورها وضمن نظرة شاملة أيضا التطور والطموحــات الــتي يتوخاهــا المجتمــع في توسيع الحريات الممنوحة لإلنسان، والواقعية التي يتصــفها كــل الكــون بمــا في ذلك اإلنسان، فلم يواكب مهام القطاع العـام والدولـة عمومـا مــع تلـك

الحريات. ورابعا: رافق ذلك مركزيــة شــديدة في بعض األحيــان، األمــر الــذي أدى إلى إطالة زمن البت في المعامالت وإضاعة معالم المسؤولية والتعود على

االتكالية النتهاز الراحة. وخامسا: ألن التدريب والتأهيل اإلداري لم يصبح لـدى المـوظفين عــادة بعــد، باإلضــافة إلى النقص في المالكــات المؤهلــة ابتــداء وباســتمرار، فإنــهــؤولية يؤدي تدريجا إلى انخفاض مستوى األداء والتخوف من ممارسة المس

وإلى التأجيل والتسويف والتسيب. وسادسا: ألنه لم يكافح في الدولة بالشكل المطلوب النظــرة الفوقيــة، أو انفصام الروابط بين المواطنين ومنتسبي اإلدارات التي ورثته البالد منــذ عهود سابقة، ولم تقم المنظمات المسؤولة بدورها كامال لتوعية المواطنين

إلى حقه تجاه دوائر الحكومة. وســابعا: ألن االهتمــام بــالوقت لم يلــق بعــد� العنايــة الكافيــة، وال يــزال

يعامل وكأنه رخيص وال بأس في تبذيره وهدره، وأنه ليس له أية قيمة. ــام وثامنا: ألن المستوى المعاشي للعاملين ولإلدارة العامة والقطاع الع

لم يرافق في تطوره وبشكل عام مع تطور وارتفاع مستوى المعيشة

291

فأصبحوا يشعرون بعدم االنتمــاء، ويفكــرون بــالهجرة إلى خــارج اإلدارةوالقطاع العام، ولذا تسود تصرفاتهم الالمباالة.

وتاسعا: ألن العقليــة الماليــة، ومن خالل حرصــها الشــديد على األمــوال العامة، لم تســمح بتخصــيص االعتمــادات الكافيــة لتحــديث وســائل وأدوات

اإلدارة، كما وأن اإلدارات نفسها لم تسع حثيثا لتحقيق ذلك. وعاشرا: عدم الوازع الديني واألخالقي في البالد اإلسالمية في كثير من الموظفين، فإن الوازع الديني هو الذي يلزم الفرد، ألن يحب ألخيه ما يحب لنفسه، ويكره له مــا يكــره لنفســه، وأنــه مســؤول أمــام اللــه ســبحانه عن إساءته إلى العمل وإلي سائر الناس، وقد قال علي )عليه الصالة والسالم(

في كتابه إلى بعض عماله: وله وإلمامــك ه ولرســ� �ودك أنصحه�م في نفسك لل ن وأنقــاه�م،فول من ج� ،جيبا �بطئ� عن الغضب، وأفضله�م حلما ــرأف�، ويستريح� إلى الع�ــذر،ممن ي وي

�و على األقوياء،بالضعفاء ـف�، وينب ه� الع�ن �ثير� عف�، وممن ال ي ـه الضـ د� ب ، وال يقعـ�وابق الحة والسـ ـات الصـ �وت �ي اب وأهـل الب وءات واألحسـ ر� �م الصق بذوي المـ� ث

ماحة،الحسنة خاء والســ جاعة والســ جدة والش �م أهل الن ه�م جمــاع من، ث ــإن ف ــرم ــرف،الك عب من الع� ــدان من، وشــ� ــورهم مــا يتفقد� الوال �م� �م تفقد من أ ث وال تحقرن ل�طفا تعاهدته�م، وال يتفاقمن في نفسك شيء قويته�م به،ولدهما

صيحة لك وح�سن الظن بك،به وإن قل ه� داعية له�م إلى بذل الن .... فإنضلع�ك من الخ�ط�وب� وله ما ي ه و رس� ، أي ما يثقلــك ويكــادوارد�د إلى الل

يميلك من األمور الجسام.م�ور� ه� تعالى لقوم أحب إرشاده�م،ويشتبه� عليك من األ يـا : فقد قال الل

ــإن �م ف ــر منك �ولي األم ول وأ ســ� ــوا الر ه وأطيع� ــوا الل ـوا أطيع� ـ� ذين آمن ــا ال ه أيه دوه� إلى الل �م في شيء فر� تنازعت

292

ول س� ــه، (1)﴾والر ه األخــذ� بم�حكم كتاب د إلى الل ــالر ول،ف ســ� د إلى الر والــرقة ته الجامعة غير الم�فر ن . األخذ� بس�

تك في نفسك اس أفضل رعي �م اختر للح�كم بين الن ــه،ث يق� ب ممن ال تضــ�م�ور� �ه� الخ�ص�وم�،األ �محك ة، وال ت ل ر� من الفيء إلى، وال يتمادى في الز وال يحصــ

ه� على طمــع،الحق إذا عرفــه� رف� نفســ� �شــ ــأدنى فهم د�ون، وال ت وال يكتفي باه� �هات،أقصــ ب ــالح�جج، وأوقفه�م في الشــ مــا بم�راجعــة، وآخــذه�م ب ه�م تبر وأقل �م�ور،الخصم ف األ ، وأصبره�م على تكش اح الح�كم ضــ ــد ات ممن، وأصرمه�م عن

�ه� إغراء،ال يزدهيه إطراء �ولئك قليل، وال يستميل . وأم�ور ع�مالك� �م انظ�ر في أ ،ث هم م�حاباة وأثرة، فاستعمله�م� اختبارا �ول ، وال ت

ــة عب الجور والخيان ه�ما جماع من ش� ــاء،فإن ــة والحي جرب ــوخ منه�م أهــل الت ، وتالم الم�تقدمــة الحة والقــدم في اإلســ ــات الصــ �وت �ي ــل الب ــرم�،من أه ه�م أك ــإن ف

،أخالقا ، وأصح أعراضا ـور، وأقل في المطامع إشراقا �مـ� وأبلغ� في عواقب األ هم،نظرا الح أنف�ســ ــك ق�ــوة له�م على استصــ �م أسبغ عليهم� األرزاق فإن ذل ، ث

ة عليهم إن خالف�وا أمرك أو ثلم�وا،وغنى له�م عن تناو�ل ما تحت أيديهم وح�ج.أمانتكابك �ت �م انظ�ر في حال ك �م�ورك خيره�م،ث ائلك، فول على أ ص رســ واخصــ�

الح األخالق ــأجمعهم لو�ج�ــوه صــ �دخل� فيها مكايدك وأسرارك ب تي ت ممن ال،ال رة مإل ــك بحضــ ه� الكرامة� فيجترئ بها عليك في خالف ل �بطر� ــه،ت ر� ب وال تقصــ�

ـك ـات ع�مالـك علي ـة� عن إيـراد م�كاتب واب،الغفل دار جواباتهـا على الصـ وإصـ�عطي منك،عنك �ضعف� عقدا اعتقده� لك، فيما يأخ�ذ� لك وي وال يعجز� عن، وال ي

وال يجهل� مبلغ قدر،إطالق ما ع�قد عليك

. 59( سورة النساء: ?)1293

�م�ور �ون� بقدر غيره أجهل،نفسه في األ . فإن الجاهل بقدر نفسه يكــك اه�م على فراستك واستنامتك وح�سن الظن من ك إي �ن اختيار� �م ال يك ،ث

ن خــدمتهم عهم وح�ســ ن ــو�الة بتصــ ات ال ض�ون لفراســ جال يتعر وليس،فإن الريء ــة شــ صيحة واألمان الحين،وراء ذلك من الن وا للصــ ــره�م بمــا و�ل ولكن اختب

،قبلك ــرا ، فاعمد ألحسنهم كان في العامة أث ــة وجهــا فــإن، وأعــرفهم باألمانيت أمره� ه ولمن و�ل .ذلك دليل على نصيحتك لل

ــك،واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت وأجــزل تل ة�،األقسام عي لمت منهــا الر ة� وســ ي لحت فيهــا الن ه إذا صــ هــا لل �ل ــانت ك ، وإن ك

ة ــه� خاصــ تي هي ل ه ال ه دينك إقامة� فرائضــ �خلص� به لل �ن في خاصة ما ت ،وليكــك ونهــارك ــدنك في ليل ه من ب ــه إلى الله من،فأعط الل بت ب و وف مــا تقــر

�وم وال منق�وص بالغا من بدنك ما بلغ .ذلك كامال غير مثلإلى آخر كالمه )عليه الصالة والسالم(.

ولذا اقتطفنا منه جمال متناثرة لإللماع إلى ما قصدناه.

))مما ذكر في عالج الروتين((وعلى أي حال، فالشخص اآلنف الذكر، ذكر في عالج الروتين أنه:

أوال: األمة بأمس الحاجة إلى العناية بالتنمية اإلدارية، والبد لها من جهاز أو هيئة دائمــة مســتقلة متخصصــة بهــذا الموضــوع وبخاصــة مــا تعلــق منهــاــزة اإلدارة ــروع من ســائر أجه ــا ف ــة وأســاليب العمــل اإلداري تتبعه بأنظم العامــة، والقطــاع العــام، ومؤسســات تعليميــة إداريــة مســتقلة، أو ضــمن المؤسسات التعليمية العامة أو المهنية، بحيث تــوفر األطــر الالزمــة لإلدارة

وتدربها وتصقلها باستمرار.

294

وثانيا: الحاجة إلى إعادة نظر شاملة إلى الهيكل التنظيمي لإلدارة. ــة األنظمــة واالختصاصــات والمســؤوليات بوضــوح ــا: تقــنين وكتاب وثالث وتناسق، وللمستويات كافة، منطلقا من مبــدأ االستشــارية المركزيــة، ومن مبدأ مركزيــة التخطيــط وال مركزيــة التنفيــذ، مراعيــا التوســع المتــدرج في

اختصاصات وصالحيات السلطات المحلية. ورابعا: ترك الفرصــة أو اإللحــاح لممارســة هــذه االختصاصــات وتحمــلــا، فال ــة منه المسؤوليات في كل المستويات، وال سيما المتوسطة والقاعدي

يعودون إلى رؤسائهم إال في حاالت نادرة أو استثنائية. وخامسا: يتبع ذلك تبسيط اإلجراءات وسير المعامالت بما يكفل تحقيقــائل السرعة والثقة والوضوح، وإعالنها لجماهير المواطنين، بحيث تقوم وســاح إلى ــالها بإلحـ اإلعالم والمنظمـــات والســـلطات المحليـــة بمهمـــة إيصـ

المواطنين وتوضيحها لهم. وعلي أي حال، فما دام الحكم دكتاتوريا والتربيــة غــير صــحيحة ال يمكن

عالج األمر، والله الموفق المستعان، الهادي إلى الصواب.

اإلدارية(( األسئلة بعض في ))خاتمة هنا )خاتمة( نطرح أسئلة سبقت أن تكلمنا حولها في المباحث السابقة، فعلى المدير أن يتساءل نفســه، وكــذلك على ســائر المشــرفين كــالمفتش والمحلل والمتــدرب عن هــذه األســئلة لــيرى مــا هي األجوبــة عنهــا، تمرينــا

وتدريبا وتقوية لذهنيته اإلدارية، واألسئلة هي عبارة عن: (: ما هو المقصود بالتنظيم. 1

295

(: ما هي فائدة تنظيم األعمال. 2 (: مــا هــو الفــرق بين التنظيم في مفهومــه العــام والتنظيم في إدارة3

األعمال، حيث إن بينهما العموم المطلق، فإن الثاني أخص من األول. (: هل التنظيم جزء من اإلدارة أو ليس جزءا من اإلدارة. 4 (: التنظيم نشــاط ال شــك فيــه، وكــذلك البنــاء والهيكــل، فمــا المــراد5

بالنشاط أو ما المراد بالبناء والهيكل. (: ما هي العالقة بين التنسيق والتنظيم، ومــا هــو معــنى التنســيق في6

قبال التنظيم. (: ما هو الفرق بين التنظيم واإلدارة، وأية نسبة بينهما. 7(: هل التنظيم غاية في ذاته أو أنه طريقي إلى هدف آخر. 8 (: كيف يحقق التنظيم اإلشباع الكامــل للحاجــات والرغبــات اإلنســانية9

خارج المشروع. (: لماذا يزيــد التنظيم من الكفــاءة حــتى أن بــدون التنظيم ال تكــون10

كفاءة أو ال تكون كفاءة كاملة. (: ما هــو المــراد من قــولهم: إن المجهــود في الجماعيــة تحتــاج إلى11

التنظيم، وإال بعثرت ولم تكتمل. ــة أو12 (: من الذي يقوم بالتنظيم في المشروع، مؤسسة كانت أو دول

نحوهما، هل رئيس العمال يقوم بالتنظيم أو رئيس اإلدارة أو جهة خاصة.

296

(: هل من الضروري أن ترتكز سلطة إقرار التنظيم في المســتويات13اإلدارية العليا.

(: مــا هي العالقــة بين التنظيم وبين التخطيــط، ومعــنى كــل منهمــا14والفرق بينهما.

(: مـــا هـــو الفـــارق بين المنظم في إدارة األعمـــال والمنظم في15االقتصاد.

(: لماذا كلما تعقدت العمليات في منشئة أو مؤسســة تتعقــد عمليــة16التنظيم.

(: متى يكون التنظيم موضوعيا، ومتى يكون التنظيم هامشيا. 17(: كيف تتم عملية التنظيم. 18ــرف19 (: ما هو الفرق بين المنظم واإلداري، وهل من الضروري أن يع

اإلداري التنظيم أو المنظم اإلدارة أم ال حاجة ألحدهما بذلك. (: ما هو المقصود بتنظيم الواجبات. 20(: وما هو المبرر من التقسيم. 21 (: لماذا يجب أن يكــون الــواجب في قبــال الحــق، والحــق في قبــال22

الواجب، بأن ال يزيد أحدهما على اآلخر. (: ما هي العوامــل الــتي يجب مراعاتهــا في تقســيم أوجــه النشــاط23

المختلفة في وحدات إدارية، وال يمكن جمعها في إدارة واحدة.

297

(: كيف يمكن االستفادة من التخصص في التنظيم. 24(: كيف يمكن الحصول على التنسيق في التنظيم. 25(: كيف تسهل عملية الرقابة في التنظيم. 26(: لماذا نحن بحاجة إلى الرقابة. 27(: وهل الرقابة في أول األمر، أو مستمرة إلى آخر مراحل العمل. 28(: كيف يمكن إعطاء اإلداريين االهتمام المالئم للعمليات المهمة. 29(: كيف يمكن أن يزيد التنظيم من التكاليف في أي مشروع. 30 (: ما هي األسباب التي تؤدي إلى تجميع عمليات الشـراء والـبيع في31

متجر التجزئة بقسم إداري واحد. (: ما هو الفارق بين التنظيم في مثل معهــد أو مستشــفى أو وحــدة32

اقتصادية أو ما أشبه ذلك. (: عدم وجود إداريين مهنيين هل يؤثر على تنظيم المشروعات. 33(: هل أوجه النشاط في المؤسسات تتعارض بعضها مع بعض. 34(: واذا كانت متعارضة فلماذا التعارض. 35

298

(: هـل فــرق بين اختالف االجتهـاد واختالف المصــالح، ومــا هـو ذلــك36الفرق. ــة للخــدمات في أي37 (: ما هي الحلول الممكنة في وضع وحــدة إداري

مشروع. (: ما هي طرق تقسيم أوجه النشاط المختلف في وحدات إدارية. 38 (: هل تظهر مشكلة تقسيم أوجه النشاط المختلفــة حســب الســلعة39

في شركة تنتج سلعة واحدة، وكذلك بالنسبة إلى سائر المنشئات كالمعاهدوالمستشفيات والمطارات والقطارات وما أشبه ذلك.

(: مــا هي مزايــا وعيــوب تقســيم أوجــه النشــاط المختلفــة حســب40السلعة أو نحوها في سائر المنشئات.

(: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 41 (: مــا هي مزايــا وعيــوب تقســيم أوجــه النشــاط المختلفــة حســب42

المنطقة. (: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 43 (: مــا هي مزايــا تقســيم أوجــه النشــاط المختلفــة حســب المرحلــة44

وعيوبها. (: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 45 (: ومــا هي مزايــا تقســيم أوجــه النشــاط المختلفــة حســب الــوقت46

وعيوبها.

299

(: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 47 (: وما هي مزايا تقسيم أوجه النشاط المختلفــة حســب نــوع العمالء48

وعيوبها. (: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 49 (: مــا هي مزايــا تقســيم أوجــه النشــاط المختلفــة حســب طبيعتهــا50

وعيوبها. (: وكيف يمكن التخلص من العيوب. 51(: ما هو الفرق بين السلطة التنفيذية والسلطة االستشارية. 52(: وما هي أهمية التفرقة بينهما. 53 (: إذا كان مدير اإلنتاج يستشير المدير العام في بعض األمــور، فهــل54

سلطة مدير اإلنتاج استشارية أو ليست باستشارية. ــزم55 ــل يل ــبراء التنظيم، فه ــد خ ــتعانة بأح ــررت اإلدارة االس (: إذا ق

إعطاؤه سلطة تنفيذية. (: وإذا أعطيناه السلطة التنفيذية فماذا يحدث. 56 (: هل هناك فرق بين السلطة التنفيذية والسلطة الوظيفية، وما هي57

أهمية التفرقة بينهما. (: وما هو الفرق بين السلطة الوظيفية والسلطة االستشارية.58

300

(: ما هي مظاهر السلطة. 59(: ما هي المجاالت التي يمكن لإلداري أن يظهر فيها سلطته. 60 (: هل السلطة سلطة شخصية يتمتع بها الفــرد، أو أنهــا تظهــر بحكم61

وجوده في منصبه. (: وما هو النسبة بين السلطة الفردية والسلطة المنصبية. 62 (: هل من الصحيح أن نجعل المحاسب مديرا أو المــدير محاســبا، أو63

يجب أن يكون كل واحد منهما غير اآلخر. (: وهــل يمكن أن يكــون ماســك المكتب مــديرا، أو يلــزم أن يكــون64

ماسك المكتب غير المدير، ولماذا االتحاد ولماذا االفتراق. (: ما هي العوامل التي تؤثر في تنفيذ السلطة. 65(: ما هي العوامل الخارجية التي تشجع على تركيز السلطة. 66ــديم67 (: ما هي الفرق بين المركزية والالمركزية، وهل من األفضل تق

ــان ــداهما في مك ــا أو إح ــة على األولى، مطلق ــة أو الثاني األولى على الثانيواآلخرى في مكان آخر.

(: ما هو ســبب ميــل المشــروعات إلى تركــيز الســلطة في مســألة68التمويل في اإلدارة العليا.

(: هل صــحيح في أنــه إذا زادت ســلطة أي شــخص في تنظيم معين69نقصت سلطة اآلخرين ولماذا.

301

(: هــل هنــاك مقــاييس يمكن بســبب اســتخدامها معرفــة درجــة70الالمركزية في أية منشئة.

(: ما هي العوامل التي تؤثر في درجة تفويض السلطة. 71 (: كيف يتبين انسياب السلطة وانسياب المســؤولية، وهــل يمكن أن72

يكون انسياب السلطة من أعلى أو من أسفل. (: ما هو الفارق بين مصدر السلطة وبين تقدير السلطة. 73 (: مــا هــو التعريــف المثــالي للســلطة، ومــا هــو المقصــود بتفــويض74

السلطة، وكيف يتم التفويض. (: ما هو الفرق بين نطاق اإلشراف وبين المستويات اإلدارية. 75(: وما العالقة بينهما. 76 (: كيــف يعــرف المنظم اإلداري مختلــف أوجــه النشــاط المطلــوب77

القيام بها. (: ما هو المقصود بتقسيم أوجه النشاط في وحدات إدارية. 78(: هل سلطة المدير العام أوسع وأشمل من سلطة مدير اإلنتاج. 79(: وإذا كان أوسع وأشمل فلماذا، وما هي النسبة بينهما. 80(: كيف يمكن الحد من سلطة اإلداريين في المشروع. 81

302

(: هل من الضروري أن يكون لكل إداري سلطة ولماذا. 82(: ما هو الفرق بين السلطة وبين المسؤولية. 83(: متي يكون القرار خطيرا، وما عالقة ذلك بتفويض السلطة. 84 (: لماذا تلجأ المشروعات الكثيرة إلى اتباع النظام الالمركزيــة، ومــا85

هو محسنات هذا النظام. (: ما هو الفرق بين الالمركزية في األداء والالمركزية في السلطة. 86 (: هل هناك خطــورة في اتبــاع مبــدأ الالمركزيــة، وكيــف يمكن رفــع87

مثل هذه الخطورة. (: لماذا يعتقد كثير من اإلداريين بعدم قدرة مرؤوسيهم على القيــام88

بالعمل بشكل مقبول. (: لماذا يتصور كثير من الموظفين أن رؤساءهم ال يقومون بالواجب89

عليهم تجاههم أو تجاه المؤسسة. (: ما هي فوائد الالمركزية. 90 (: هنــاك كثــير من المهــام اإلداريــة ال ينبغي لإلدارة العليــا التفــويض91

فيها، فما هي تلك المهام. (: ما هي شروط الالمركزيــة الحقيقيــة إذا زاد نطــاق اإلشــراف عن92

جماعة خاصة كسبعة أو تسعة أو أحد عشر أو ما أشبه.

303

(: هل يجب إعادة التنظيم ولماذا. 93(: ما هي العوامل التي تحدد نطاق اإلشراف. 94(: ما هو المقصود باللجنة وما هي مزاياها وعيوبها. 95(: متى تستخدم اللجان، ومتى يلزم عدم استخدامها. 96(: ما هو الفرق بين اللجان الرسمية واللجان غير الرسمية. 97ــف يمكن98 (: ما هو أهم سبب الستخدام اللجان في دنيا األعمال، وكي

استخدام لجان كوسيلة من وسائل االتصال أو التنسيق، وكيــف يمكن جعــلعمل اللجان أكثر مفعوال.

(: وهل يعتبر مجلس اإلدارة في الشركة المساهمة صورة من صور99اإلدارة بطريق اللجان.

(: متى يكون التنظيم موضوعيا، ومتى يكون هامشيا. 100 (: هــل تــؤدي ال مركزيــة الســلطة إلى التضــحية بوحــدة الســلطة101اآلمرة.

(: ما هو الســبب في أن أحســن طريقــه لعالج مشــكلة الســلطات102المجزأة هي استخدام اللجان.

(: ولماذا في الشــركات الكبــيرة حيث تكــون الســلطة الالمركزيــة103 إلى حد كبير تكون الوحدات اإلدارية مستقلة تماما أو مستقلة في الجملــة،

ولماذا أي األمرين. (: لماذا تتعدد المستويات اإلدارية نظرا. 104

304

(: لماذا من المفضل أن يبدأ التنظيم بدارســة األفــراد الموجــودين105 في المشروع وبعدها تقسم الواجبات عليهم، ولمــاذا تحتــاج المؤسســة إلى دراسة األفــراد، وإلى دراســة األعمــال، وإلى دراســة الــوقت، وإلى دراســة

موقع المنشئة، وغير ذلك. (: لماذا يمكن تفويض السلطة، ولماذا ال يمكن تفويض المسؤولية.106ــديرا والمــدير107 ــون الشــخص المستشــار م ــاذا ال يمكن أن يك (: لم

مستشارا. (: هل من األفضل أفكار أشخاص متعــددين أو شــخص واحــد، وإذا108

كان هناك أشخاص متعددون في إعطاء الفكر فلماذا يلــزم أن يكــون األمــراستشاريا بينهم بأكثرية اآلراء.

ــرأي،109 (: وإذا كان هناك شخصان أو فئتان متساويتان وتخالفا في الفماذا نفعل، وكيف نرجح هذا الرأي على ذاك أو بالعكس.

(: هل يمكن أن يكون هناك تنظيم دون تفويض السلطة. 110 (: هل األبحاث من المشروع تعتبر من األعمال االستشارية ولماذا.111 (: ما هــو المقصــود من مرونــة التنظيم، ولمــاذا نحتــاج إلى مرونــة112التنظيم. (: هــل الســلطة والمســؤولية متعارضــة أو غــير متعارضــة، ولمــاذا113

التعارض وكيف يمكن رفع هذا التعارض.

305

(: لمــاذا األفــراد يتعــاونون مــع بعضــهم بالقــدر الــذي تتحقــق فيــه114حاجاتهم دون أكثر من ذلك أو أقل.

(: لمــاذا يجب النظــر إلى الفــرد في المنظمــة على أنــه إنســان ال115مجرد آلة، وما هي النتائج للنظرتين.

(: ما هو الفرق بين حصر الوظائف وتحويل الوظائف. 116 (: ما هو شغل المحلــل اإلداري، ومــا هــو شــغل الــرقيب، ومــا هــو117

شغل المستشار، وما هو شغل المدير األعلى، أو المدير األوسط، أو المديراألنزل.

(: هل يتوقف عدد األشخاص المطلوب تعــيينهم على كميــة العمــل118المطلوب تنفيذه فقط.

(: ما هي سياسات األفراد المختلفة. 119ــو المقصــود120 (: ما هو المقصود بالتعيين من داخل المشروع، وما ه

بالتعيين من خارج المشروع، وأيهما أفضل ولماذا هذا أفضل أو ذاك أفضل.(: ما هي مصادر الحصول على الموظفين. 121 (: ما هي مصادر الحصــول على األمــوال الالزمــة للمنشــئة، ســواء122

كانت منشئة اقتصادية أو ثقافية أو صحية أو غيرها. (: ما هي أسس الترقية، ولماذا يلزم ترقية الموظفين وماذا يحدث123

لو لم تكن ترقية المستخدمين على األساس األصلح.

306

(: هل المرتب الثابت خير أو المرتب المترجرج، ولماذا هذا أو هذا.124 (: هل من األفضل األخذ بنظــام الالمركزيــة في شــؤون األفــراد أو125

نظام المركزية، ولماذا هذا ولماذا هذا. ــراف126 (: هل المنشئة بحاجة إلى الخرائط، ولماذا الخرائط، وأي أط

المنشئة بحاجة إلى الخرائط، وما هو المقصــود بالخرائــط التنظيميــة، وهــلتختلف هذه الخرائط عن الخرائط الجغرافية وعن الخرائط اإلنسانية.

(: ما هي الفوائــد الــتي يمكن جنيهــا من رســم الخرائــط التنظيمــة127ــط ــراه البعض من أن الخرائ ــا ي ــحيح م ــل ص ــئات، وه ــات والمنش للمنظم التنظيمة تخلــق شــعورا ســيئا لــدى المرؤوســين، وإذا كــان كــذلك فمــا هــو

العالج. ــوب كــل منهــا128 ــة، ومــا هي عي ــط التنظيمي ــواع الخرائ (: مــا هي أن

ومزاياها. ــاج المنشــئة إليهم كمــدير عــام، ومــدير تســويق،129 (: كم مــدير تحت

ومدير إنتاج، ومدير مالي، ومدير أفراد. (: ما هي الحكمة من وضع األوصاف الوظيفية للمناصــب اإلداريــة،130

وما هو الفرق بين الوصف الوظيفي والمنصــب اإلداري ومواصــفات شــاغل المنصــب اإلداري، فهــل يمكن االســتغناء عن أحــدهما، وهــل هنــاك إرتبــاط

بينهما وما هو نوع اإلرتباط. (: ما هو المقصود بالتصميم الداخلي للمصنع وما المبرر منه. 131

307

(: هل من الصحيح إنشاء كل مصنع في أي مكــان، أو لكــل مصــنع132 مكان خاص، كإنشــاء المصــنع الحــربي في منطقــة ســكنية أو غــير ســكنية،

وإنشاء مدرسة في غير منطقة سكنية. (: كيف تؤثر الطاقة اإلنتاجية للمصنع على تصميمه الداخلي. 133(: ما هي العوامل التي تؤثر في اختيار موقع أي مصنع. 134ــاج135 (: ما هو المقصود بالتخطيط لإلنتاج، وهل يختلف التخطيط لإلنت

عن النشاط الفني المتعلق بعملية التصنيع. (: كم قسم من الرقابة تحتاج إليه المؤسسة. 136(: ما هو المقصود بالرقابة. 137(: هل الرقابة عملية مستمرة أو مؤقتة. 138 (: هل صحيح أن المراقب في المشـروع هــو الـذي يقــوم بالرقابــة139اإلدارية. (: ما هي عناصر الرقابة. 140(: ما هي درجة االرتباط بين هذه العناصر. 141 (: لماذا كل إداري يقــوم بعمليــة الرقابــة في حــدود الخطــط الــتي142وضعها. (: ما هي معــايير الرقابــة، وهــل يمكن أن تتم عمليــة الرقابــة دون143

وجود هذه المعايير.

308

(: ما هو المقصود بلفظ معايير رقابية. 144(: ما الفرق بين معايير الكمية والمعايير الكيفية. 145(: ما الفرق بين معايير التكاليف وبين معايير اإليرادات. 146(: ما هو المقصود بالمعايير االستراتيجية. 147(: ما هو المبرر من وجودها. 148(: لماذا للرقابة مراحل ثالث، وما هي تلك المراحل. 149 (: مــا هــو المقصــود بمعــدالت التحاليــل الماليــة، ومــا الفــرق بين150

معدالت التحاليل المالية ومعدالت التشغيل. (: ما هو الفارق بين معدل السيولة والمعدل النقدي. 151ــال152 ــد على رأس الم ــدل العائ ــاح ومع ــارق بين األرب ــو الف ــا ه (: م

المستثمر. (: هل يمكن الحصول على معدالت التحاليــل الماليــة دون ميزانيــة153عمومية. (: ما هو المقصود بالصورة الذهنية للمشروع. 154(: هل يمكن تحسين هذه الصورة بإنشاء إدارة للعالقات العامة. 155 (: هل الصورة الذهنية للمشروع عند جماعة خاصــة أو عنــد جملــة156

من الناس. (: كيف يكون لكل مشروع عدة جماهير. 157

309

(: هل تكفي الحمالت التموينية لكفاية المستهلك. 158(: لماذا توجد الحمالت التموينية في الدولة.160

إلى غيرها من األسئلة الكثيرة المرتبطة بالجهات اإلدارية مما يمــيز بهــاذهن الطالب وتكون عونا له في استيعاب هذا العلم.

وهذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب. ومن المــأمول أن ينهض بعض المطلعين لكتابــة كتــاب في كيفيــة إدارة رسول الله )صلى الله عليه وآله( للبالد والعبــاد في ســنوات حكمــه العشــر المشــرقة، حــتى يكــون أســوة للمســلمين إذا أرادوا النهــوض من حــالتهم

المعاصرة المزرية. وليكن الكتــاب على اثــني عشــر بابــا: فبــاب إلدارتــه السياســية، وبــاب إلدارته االقتصادية، وباب إلدارته االجتماعيــة، وبــاب إلدارتــه العائليــة، وبــاب إلدارتـه الدينيـة، وبــاب إلدارتــه العسـكرية، وبـاب إلدارتـه العمرانيــة، وبـاب إلدارتــه الزراعيــة، وبــاب إلدارتــه الصــناعية، وبــاب إلدارتــه الصــحية، وبــاب

إلدارته األمنية، وباب إلدارته الثقافية. والمسؤول من الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.

سبحان ربك رب العزة عما يصــفون، وســالم على المرســلين، والحمــدلله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قم المقدسة أول ذي القعدة من سنة ألف وأربعمائة وثمانية

تم بقلم مؤلفه محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي.

310

(1)فصل

األمور تدير كيف هذا الكتاب )كيف تدير األمــور( انبعــاث طــبيعي عن الوضــع االجتمــاعي الذي نعاشــره نحن المســلمين، في هــذا النصــف الثــاني من القــرن الرابــع

عشر الهجري. فقد فكرت� طــويال في العالج، واستشــرت كثــيرا من األصــدقاء، وأخــيرا وصلت إلى بعض األسباب، أو باألحرى: إنني ظننت أنها بعض أسباب التأخر

واالنحطاط. وهذا الكتاب يعالج جانبا واحدا من تلك الجوانب، التي قادت االستشارة والتفكير إليها، ولســت أعلم كم لهــذا الكتــاب من االعتبــار في نظــر الواقــع ومتن الحقيقة، وإنما كان همي في هذا الكتاب أن أبين ما وصل إليه فكري

عند التحري عن الحقيقة في سبب التأخر واالنحطاط. والكتاب كما يشير إليه اسمه، محاولة متواضــعة في أبســط مظاهرهــا، لبيان كيفية إدارة األمور، لمن أنيطت به األمور، أو كان في صراط أن تناط

به. فإذا كــانت عقيــدتنا حقــة مائــة في مائــة، واألفــراد مســلمون، والمنــابع االقتصادية تتفجر في أراضينا، ومنطقتنا وسط نوعا مــا ممــا يســبب إحتيــاج

أهل العالم إليها، ونظامنا أحسن نظام تلي على البشر أو يتلى من بعد،

( هذا الفصل كتاب مستقبل طبع عدة مــرات، رأى المصــنف أن يلحقــه بكتــاب اإلدارة لتتميم?)1الفائدة.

311

، أو تالوة أرضية في صـورة قـانون، فمـا(1)تالوة سماوية في صورة دينهو سبب التأخر واالنحطاط يا ترى.

إن من أسباب التــأخر )عــدم اإلدارة(، فإننــا عــاجزون عن إدارة األمــور على وجه الصواب، كالذي يعجز عن البنــاء فإنــه ال يتمكن أن يبــني القصــر،

وإن توفرت لديه مواد اإلنشاء في أحسن صورها.ــه، وكل رجائي أن يتقبله الله بقبول حسن، وأن ينفعني وسائر إخواني ب ويجعلــه فاتحــة سلســلة توقــظ أصــحاب اآلالم لهــذا التــأخر المشــين لكــل

السلسلة، وهو المستعان. محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

( أي عبر البيان والتطبيق لما جاءت به األديان السماوية وخاصة خاتمتها على يد خاتمها النــبي?)1محمد )صلى الله عليه وآله(.

312

(1 )الحياة في اإلدارة دور

يقال: إن اإلمام المجــدد الحــاج الســيد مــيرزا محمــد حســن الشــيرازي )قدس سره( قال ذات مــرة: الرئاســة ـــ ويقصــد منهــا المرجعيــة الدينيــة ـ تحتاج إلى مائة جــزء، جــزء العلم، وجــزء العدالــة، وثمانيــة وتســعون جــزءا

اإلدارة. )راجع: هدية الرازي(. وهذا الكالم صــحيح جــدا، فإنــا نــرى تــوفر العلم والعدالــة في كثــير من األشخاص، ثم ال نــراهم مراجــع إلدارة أمــور المســلمين، فمــاذا الــذي كــان

ناقصا فيهم، حتى تأخروا.إن النقص كان في ناحية اإلدارة.

أما قوله: )ثمانية وتسعون جزءا( فهذا من قبل التأكيد على هذه النقطةالمهمة.

واالحتياج إلى )اإلدارة( ليس خاصا بمرجع التقليد، بل هو عــام لكــل منيناط به أمر، أو يكون في الطريق إلى اإلناطة.

ــحة، فالملك، ورئيس الجمهورية، والوزير، ومدير المدرسة، ورئيس الصوإمام الجماعة، ومدير المجلة، والواعظ.. إلى ساعي

313

ــإن حســنت إدارتهم ــاجون إلى )اإلدارة(، ف ــاخ، كلهم يحت ــد، والطب البري تمكنوا أن يقوموا بالمهمة بخير وسالم وتقدم، وإال فالوقوف، ثم االنحطــاط

إلى حيث الجمود األبدي. كما أن اإلنسان الحسن اإلدارة يتقدم مرحلة فمرحلــة، حــتى ينتهي إلىــدئ طــالب علم غاية ما فوقها مرحلة، إن سار في مثل هذا الخط، كمن يبت متواضــع ثم ينتهي إلى مرجــع عــام للمســلمين، أو إلى آخــر مراحــل خــط

سيره، كالتلميذ المتواضع في الصف األول ينتهي إلى وزير المعارف. هذا بالنسبة إلى الخط التصاعدي، أمــا بالنســبة إلى من تربــع في قمــة

)صدفة( وهو سيء اإلدارة فاألمر ال يخلو من اثنين: : أن ال تصحبه القوة، وجزاء هــذا أن ينفض النــاس من حولــه ســراعا،1

فتتالشى إدارته. : أن تصحبه القوة، وهذا يزاح عن منصبه بقوة مقابلـة، تحصـلها الفئـة2

التي تؤثر فيهم سوء إدارته، ولذا قيل: )يتمكن اإلنســان أن يصــنع بــالحرابكل شيء، ولكن ال يتمكن أن يجلس عليه(.

ولما ذكرناه أمثلة شاهدة على صدق المقال أضربنا عنها صفحا. فاإلدارة:

: تأتي بالقدرة.1: تحفظها.2: تنميها.3: تأتي بأفضل النتائج.4: في أقصر وقت. 5: بأقل قدر من المصاعب. 6

(2 ) اكتساب أم غريزة اإلدارة

الصفات النفسية كأعضاء البدن، في حالة )خامات( قابلة

314

للنمو، فكما أن اليد في الطفل تنمو رويدا رويدا، حتى تنتهي إلى قدرها المعين، في الطول والعرض، والكيفية والمزايــا، كــذلك علم الطفــل، قابــل

ألن ينمو حتى يصبح علما من كبار أعالم المعرفة. وهكذا بالنسبة إلى سائر الصفات والغرائز.

والصفة مثل )العضو( في: : أن نموها يحتــاج إلى الغــذاء، فكمــا أن اليــد ال تنمــو إذا انقطــع عنهــا1

الغذاء، كذلك العلم ال ينمو إذا لم يتعلم. : أن لكل منهما قدرا خاصــا من النمــو، وغايــة إذا وصــل إليهــا توقــف،2

فكمــا أن اليــد ال تصــير بالغــذاء أذرعــا، كــذلك العلم، ال يمكن أن ينتهي إلى مهما جد المتعلم وتعب وطال عمره. (1)علوم كثيرة

بينما أن )الصفة( تخالف )العضــو( في أن من الممكن بقــاء الصــفة في حالة بدائية، فمن لم يتعلم يبقى جاهال، بخالف العضــو فإنــه إذا انقطــع عنــه

معين الغذاء ضمر ومات. وأصل )اإلدارة( من )الصـفات(، فهي بالنسـبة إلى حـدودها في الجملـة غريــزة، فمثلهــا في مختلــف األفــراد مثــل الفــرق في الــذكاء بين اإلنســان

الفطن والبليد. بينما أن )اإلدارة( بالنسبة إلى )البدائية( و)النمو الممكن( اكتساب، لكن اكتساب )حسن اإلدارة( يحتاج إلى طول جهاد وكثرة تعلم وزيادة ممارسة،

وإال بقيت في أواسط المراحل الممكنة. كالعلم عينا قابل لالمتداد إن اتصل بعينه، وقابل

( أي بالنسبة إلى كل العلوم، فكل ما يحصله اإلنسان قليل بالنسبة إلى بحر العلوم. ?)1315

للوقــوف في مراحــل توســطية بين المبــدأ والمنتهى، بقــدر مــا زود منالوقود.

وها نذكر نقــاط مهمــة على من يريــد )حســن اإلدارة( أن يراعيهــا بكــل شــدة وعنايــة، وبقــدر مراعــاة هــذه النقــاط تتحســن اإلدارة، كمــا أن بقــدر إهمالهــا تســوء اإلدارة، فعلى اإلنســان إذا أراد )حســن اإلدارة( أن يــواظب مدة مديــدة بكــل إلتفــات ودقــة هــذه النقــاط، حــتى تصــبح اإلدارة الحســنة بمراعاة هذه النقاط، في كل مناسبة ملكــة لــه، يصــدر اإلنســان منهــا بكــل

عفوية كسائر الملكات. مثال: الحفــظ ابتــداء أمــر صــعب، لكن الحافــظ إذا واظب على قراءتــه وحفظه مدة مديدة، يصبح المحفوظــات ملكــة لــه يصــدر منهــا عفويــا، ولــو

انشغل في أثناء القراءة بشيء آخر وذهل عن االلتفات إلى ما يقرأ. ــة، لم يكن ضــبط النفس وحســن وإذا وصــل اإلنســان إلى هــذه المرتب اإلدارة يكلفه رهقا، بل يأتي منه في كل مناســبة عفــوا، حــتى يصــبح خالف

ذلك أمرا شاقا صعبا عنده، وها هي النقاط متسلسال.

(3 )الصبر

اعتيـاد الصـبر على المكــاره، فـإن اإلدارة تسـتلزم المكــاره، سـواء من الرؤســاء، أو الــزمالء، أو المرؤوســين، أو نفس األعمــال، فبــدون الصــبر ال

يتمكن اإلنسان من إنجاز إدارته على وجه حسن. فغالبا الرؤساء يتوقعون من اإلنسان أشياء ليس بإمكانه اإلتيان

316

بها، فإذا صبر على توقعاتهم، ولم يظهر التبرم والضجر، يتالشى طلباتالرؤساء ويبقى هو ممدوحا لحسن إدارته.

كما أن الغالب كــون الــزمالء في صــدد الحســد وحســاب الزلــة وتكبــير العثرة، فإن صــبر اإلنســان عليهم تالشــت أتعــابهم في تحطيمــه، وبقي هــو

مرفوع الرأس لحسن إدارته.ــبب والمرؤوسون كثيرا ما ال يطيعون اإلنسان فيما يأمر وينهى، مما يس تأثر أعصابه، وانحراف بعض األعمال، فــإن صــبر عليهم خــرج من المعركــة

ظافرا، وإال سقطت إدارته ووصم بضعف اإلدارة. أما طبيعة العمل، فمن األعمال الالزمة في مهمة اإلنســان قــد ال يتــأتى بيسر وسهولة، فإن صبر اإلنسان حتى أنجز تلك األعمال وصــل إلى القمــة، وإال فشل، ودل ذلك على ضــعف إدارتــه، وإذا نظــر اإلنســان إلى المــديرين

الناجحين رآهم يتحلون بهذه الصفة )الصبر( في حسن إدارتهم.

(4 )المواقف(( بعض في ))السكوت

ومن األمور المهمة في حســن اإلدارة )الســكوت(، فــإن النتــائج تــترتب على األعمــال ال على األقــوال، والقــول في غــير موضــعه كثــيرا مــا يســبب

الفشل. والسكوت إنما يكون عن أمور:

ــل أو أوال: عن االنتقاد، فال يفتح اإلنسان فاه بانتقاد إنسان مربوط بالعم غير مربوط به، فإن انتقاد اإلنسان المربــوط بالعمــل وإن كــان حقــا يثــيره،

مما يسبب التقليل من نشاطه، أو قيامه ضد

317

المنتقد، وانتقاد غــير المربــوط بالعمــل يســبب إثارتــه بمــا ال داعي لــه،ــرين فيؤثر كالم ذلك المنتقد في أعصاب هذا المنتقد وينتقص منه، وكال األم

موجب لضعف اإلدارة أو االجتماع. ثانيا: عن االنتقاد الموجه إليه، فإنه مهما بلغ االنتقاد ال يؤثر في اإلنسان إذا سكت، بخالف ما إذا أجابه المنتقد بالرد، فإنه يصرف النشاط بال فائــدة،

والناس دائما مع الساكت، فإذا تكلم كانوا له أو عليه. ثالثا: عن الهدر في الكالم، مما يبتلى به كثير من أصحاب األعمال، وقد كان أحد أحزاب )إندونيسيا( الكبــار، شــعارهم: )قلــة الكالم وكــثرة العمــل(وما أجمله من شعار، وفي المثل )العمل بكل صمت وهدوء عالمة النجاح(. أما من يتكلم إلنجــاز مهمــة بقــدر الضــرورة، فــإن الكالم في مثــل هــذا الموقع ضروري، وليس المقصود من )السكوت( الــذي نجعلــه من شــرائط

حسن اإلدارة، المنع عن مثل هذا الكالم المضطر إليه.

(5 )الشمولية(( ))المعرفة

ــداخل األمـــور ــة مـ ــن اإلدارة )معرفـ ــة في حسـ ــور المهمـ ومن األمـ ومخارجها(، فقد جعل الله سبحانه لكــل شــيء ســببا، وجعــل لكــل مشــكلة

حال، وجعل من كل عويصة مخرجا. والرجل في إدراته كثيرا ما يريد غاية، أو يريد الخروج عن مشكلة، فإن توصل إلى سبب تلك الغاية أنجزها بسالم، وكذلك إن توصل إلى وجه الحل

لتلك المشكلة خرج منها مرفوع الرأس.

318

أما إذا لم يعرف المداخل والمخارج فال يصل إلى الغاية، وال يعرف حــلالمشكلة، وبذلك يفشل.

وإليــك مثال لــذلك: إذا كنت تريــد الســفر، فــإن عــرفت كيــف ينبغي أنتستأجر السيارة، وممن، وصلت إلى المقصد، وإال بقيت في مكانك.

ــق، فــإن عــرفت كيــف تصــلحها، ــاء الطري وإذا عطبت الســيارة في أثنوصلت إلى المقصد، وإال بقيت في الصحراء.

ثم إن معرفة مداخل األمور ومخارجها ليس باألمر اليســير، وإنمــا هــذهــة ــد من العلم والتجرب ــاج إلى مزي ــن اإلدارة، وتحت ــاط حس ــة من نق النقط

والوعي واالستشارة. وكثيرا ما يكون هناك أسباب أو حلــول، فــالالزم على اإلنســان أن يــرىــدة ــرق إلى بل ــانت الط ــن اإلدارة، مثال إذا ك ــم بحس ــلها، وإال لم يتس أفض متعددة، كان أقربها وأيسرها هو األفضل، وإذا كانت المشكلة لها طـرق في

الحل، كان أجملها وأسهلها هو األفضل.

(6 )العظماء(( المدراء ))أحوال

ومن األمور المهمــة في حســن اإلدارة: االســتمرار في مطالعــة أحــوالــة اإلدارة، فكمــا أن ــير لإلنســان كيفي ــاتهم تن ــإن حي العظمــاء المــديرين، ف التجارب لإلنسان نفسه تنير طريقــه في المســتقبل، كــذلك التجــارب الــتي جربهــا غــيره، فــإن األمــور نظــائر وأشــباه، والحلــول الســابقة هي الحلــول

الالحقة. فإذا درس اإلنسان أحوال العظماء، عرف منهم كيفيــة اإلدارة والحلــول الصحيحة المريحة، أما إذا لم يطالع واعتمد على نفسه، كان كمن يريد بنــاء

الدار بدون التعلم من أستاذ، فهل من الممكن أن يبني

319

دارا جميلة اعتمادا على ذوقه. ومن الملحق بهذا الفصل مطالعة الكتب النافعة، فإن اإلدارة مثلها مثل نهر جار إنما يتكون من قطرات، وهذه القطرات إنما تتجمع من ألف حكمة

وحكمة، ومائة تجربة وتجربة. ــا كانقطــاع ــل أن االنقطــاع عنه ــة، ألج والالزم االســتمرار في المطالع الشجرة اليانعة من المــاء، فكمــا ال يكفي في بقــاء الشــجرة حيــة مــدة من السقي، فإنه إذا انقطع عنها الماء تجف، كذلك المعرفة تحتاج إلى استمرار

معين للتعلم، فإنه باالنقطاع يكون الجفاف، وهناك سوء اإلدارة فالفشل.

(7 )المهم(( على األهم ))ترجيح

ومن األمور المهمــة في حســن اإلدارة: تــرجيح األهم على المهم، فإنــه في كثير من األحيان تتعــارض المصــالح فأيتهــا تقــدم، أو تتعــارض المفاســد

فأتيها البد منها اضطرارا. فعلى اإلنسان أن يقدم األكثر صالحا، أو األقل فسادا، وإال فاته األصــلح،

أو وقع في األفسد، وكالهما يوجب ضعف اإلدارة. مثال هنـاك عامــل نشـيط يفيــد المعمـل نشـاطه لكنـه غـير نزيـه، فعلىــه المدير أن يرى أيهما أرجح، هل بقاء العامل في المعمل لنشاطه، أو إقالت لعدم نزاهته، معتمدا في ذلك المقارنــة والفكــر والعقــل، فقــد يكــون عــدم نزاهته يوجب وصمة المعمل أو عدوى إلى سائر العمال، أو نقصا كبــيرا في الربح ألنه خائن، وهنا يقدم المدير فصله على بقائه، وقد يكون عدم نزاهتــه

ال يضر إال نفسه، وهنا يرجح بقاءه. وأمثال هذه األمور تترائى للمدير في كل خطوة، فإن لم يعمل بــالحزم

في

320

اختيار األصلح ضعفت إدارته، بل ربما آل إلى اإلنهيار.

(8 )))العفو((

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة العفـو، فـإن اإلنسـان مهمــا بلغت رتبته ـ باستثناء المعصوم )عليه الســالم( ـــ يكــون معرضــا لألخطــاء، وربمــا

أخطاء فادحة. فــإن أراد المــدير أخــذ النــاس بأخطــائهم لم تســتقم لــه اإلدارة، يقــول

الشاعر: ولست بمستبق أخا ال تلمه

على شعث أي الرجال المهذب ــا، لكن المبتلى ــاإلدارة، تافه ــل ب ــذا الشــرط لمن لم يبت ــدو ه ــا يب وربم

باإلدارة يعرف ما لهذا الشرط من قيمة. وليس اعتباطا أمر الله سبحانه ورسوله )صــلى اللــه عليــه وآلــه( بأخــذ

العفو، حيث يقول عز شأنه: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين(1) .

وليس المراد العفو مطلقــا حــتى مــا يــوجب فســاد المــرؤوس أو شــلل العمال، بــل المــراد العفــو مهمــا أمكن، فــإن كثــيرا من المــديرين يتصــفون

بطيش يفسد عليهم إدارتهم.ــا يســبب العفــو نجاحــا وتقــدما ال يمكن أن يوجــد في األخــذ ــيرا م وكث

عــاتب أخــاكوالعقوبة، واستمع إلى كالم اإلمام المرتضى )عليه الســالم(: . (2)باإلحسان إليه

. 199( سورة األعراف: ?)12(? . )

321

(9 )وصغارها(( األمور كبار ))بين

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة: تنفيذ المدير رأيه في كبار األمور وإيكال صغارها إلى مرؤوسيه، فإن في كل إدارة أمــور مهمــة كبــار، وأمــور

غير مهمة صغار.ــل في قطــر مثال بالنسبة إلى مرجع التقليد، من كبار األمور تعيين الوكي

من األقطار، ومن صغار األمور إعطاء فقير مستعط دينار أو دينارين. فمن حسن اإلدارة أن يتكل المرجع إلى نظر نفسه في تعــيين الوكيــل، وإيكال الكمية المعطاة إلى ذلك الفقير المستعطي إلى نظر وكيلــه الواثــق

منه طبعا. وذلك ألن المدير لو استبد بكل األمور كان جرحا ألنظار مرؤوسيه، ممــا يسبب برودهم وكسلهم، فيتفرد المدير باإلدارة، ولو أوكل كبار األمور إليهم

كان ضياعا وخباال، فمن حسن اإلدارة توزيع األمور بهذا النحو. والمطالع في سيرة رسول اإلسالم )صلى لله عليــه وآلــه( يشــاهد هــذا األمر بكل وضوح، فإنه كان ينفذ رأيه الحكيم في األمور الكبــار، أمــا األمــور الصغار التي يصح كل وجـه منهـا فكــان يكلهـا إلى أنظـار أصـحابه، ولـذا لم يقبل شفاعة أبي سفيان في قصة تجديد المعاهدة، بينما قبل الشــفاعة في أبي سفيان من عمه العبــاس في قصــة فتح مكــة، إلى غيرهـا من القصـص

واألمثال الكثيرة.

(10)وتوزيعها(( األمور ))تنظيم

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة: تنظيم األمور وتوزيعها، فقد

322

،(1)الله الله في نظم أمركمقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: فإن المرؤوسين إذا عرفوا تكليفهم فإن قــاموا بــه جــوزوا بــالجزاء والثنــاء،

وإن لم يقوموا به جوزوا بعد أن عرفوا كونهم مسيئين. أما بدون التنظيم والتوزيع، فاألمور تبقى مجمدة، والغايات تبقى بعيدة،

وذلك من أفظع أنواع الفشل في اإلدارة. والتنظيم والتوزيع لألعمال وإن كان يالقي المنظم لها صعوبة وصدا في ابتداء األمر، لكن النتائج الطيبة التي يجنيها اإلنسان من هذا األمــر فــوق مــا يتصور، أرأيت البناء كيف يوزع األعمال على عماله، وأرأيت مدير المدرســة كيف يــوزع حصــص الــدرس على المعلمين، وأرأيت صــاحب المطعم كيــف ينظم عماله ويــوزع عليهم القيــام بالمهــام، إن هــذا عــام لكــل إدارة ولكــل

مدير، وأنجح المديرين من يفعل ذلك بكل دقة وإتقان. وبعد التوزيع والتنظيم يحتاج المدير إلى مراقبة مستمرة للعمال، ليقوم كل بقســطه من العمــل، وإال فإصــدار األوامــر وتخطيــط الخرائــط ال تغــني

فتيال.

(11 )الدائم(( ))التفكر

ــف ــدائم في مختل ــر ال ــن اإلدارة: التفك ــة في حس ــور المهم ومن األم األنحاء، وتحليل التجارب، والتعمق في األمور، واستخراج النتائج، فقــد قــال

. (2)الفكر مرآة صافيةاإلمام المرتضى )عليه السالم(: فربما يكون اإلنسان متحيرا في أمر ال يهتدي سبيال إلى وجه

1(? . )2(? . )

323

الصواب فيه، فإذا تفكر وأجـال الـرأي وجــد السـبيل السـوي والصـراطالمستقيم.

واإلنسان بالتفكر الدائم ينمي في نفسه ملكــة الفكــر، وبــذلك يكــون ذاآراء صائبة.

ومن المعلوم أن المدير كثيرا ما تستشكل عليه األمور، وتتضارب لديــه وجه العمل، فإذا كان ممن اعتاد التفكر الدائم، حل أكثر المشكالت، وبذلك

يتسم بحسن اإلدارة، ويخفف على نفسه مشاق كثيرة ومشاكل جمة.

(12 )اإلداري(( ))التخطيط

ــاج ــا يحت ــه كم ــط، فإن ــة في حســن اإلدارة: التخطي ــور المهم ومن األم المعمار إلى تخطيط البناء قبــل الشــروع في العمــل، وكمــا يحتــاج صــاحب المعمل إلى تخطيط المعمل قبل نصب المكائن وتــركيب األجهــزة واآلالت، كذلك يحتاج من أنيط به أمر إلدارته إلى تخطيط عملـه قبــل الشـروع فيــه،

فإن فعل ذلك وفر على نفسه أتعابا كثيرة، وجاء المعمل منظما جميال. وإال تعب كثيرا، وجاءت النتيجة مشوهة، أو غير جميلة على األقل.

ومن المعلوم أن تخطيط كل شيء بحســبه، فتخطيــط إدارة الحكم لــه شكل، وتخطيط إدارة المدرسة له شكل، وتخطيط إدارة األمور الدينيــة لــه

شكل، وتخطيط الحرب له شكل، وهكذا.

324

(13 )األخالق(( ))حسن

ــإن األخالق ــن األخالق، ف ــن اإلدارة: حس ــة في حس ــور المهم ومن األم الحسنة بلسم على كــل شــيء، والمــدير يحتــاج إلى هــذا البلســم أكــثر من غيره، ألنه يريد تقديم االجتمـاع، وذلـك ال يكـون إال بـاألخالق، فـإن اإلنسـان مـــركب من لحم ودم وقلب وروح، وكلهـــا تحتـــاج إلى األخالق من رفـــق

وعطف وتبسم وسالم وغيرها. وما أجمل ما مثل لذلك، حيث قالوا:

كان إخوان لهما أهل، وكان أحدهما يــبيع خــل العنب، وكــان اآلخــر يــبيع دبس العنب، لكن بائع الخل كان في رفاه وسعة، وبالعكس من بائع الدبس حيث كان في ضنك، وذات مرة أرادت زوجة بائع الدبس تعرف السبب في ذلــك، فجــاءت حــتى وقفت على دكــان زوجهــا، فــرأت أنــه يســيء معاملــة الزبائن مما يسبب انقطاعهم عنه، بينما رأت أن بائع الخل يحسن المعاملــة

بكل طالقة وجه، وتسهيل في البيع مما يحبب الزبائن ويكثرهم. وظهــرا حيث رجــع زوجهــا إلى الــدار، قــالت: إنــك تــبيع الــدبس الحلــو

حامضا، وإن أخاك يبيع الخل الحامض حلوا. فكثيرا ما تقع إدارة تقدمية بيد سيء األخالق فيجمدها، بينمــا تقــع إدارة

جامدة بيد حسن األخالق فيوسعها ويقدمها.

(14 )األشخاص(( ))معرفة

ومن األمور المهمــة في حســن اإلدارة: التطلــع على أحــوال األشــخاصبروح منطلقة متطلعة، بدون ترتيب األثر على ما يبدو له من

325

العورات، إال من جهة اإلدارة، فإن اإلدارة تحتاج إلى الرجال مهما كانت نوعهــا، والرجــال إن لم يعــرفهم المــدير بمختلــف مســتوياتهم ال يتمكن من

تسيير دفة اإلدارة بجودة وحسن. مثال صاحب المصرف البد أن يعرف الــذي يفي دينــه ممن يأكــل أمــوال

الناس، ومن عنده المال القابل للحجز ممن ليس عنده، ــة ــذي يصــلح للوكال ــالم ال ــرف التقي الع ــديني يجب أن يع ــع ال والمرج

واإلمامة من غيره. والمــدير للمدرســة يجب أن يعــرف المعلمين حــتى يتمكن أن يســتخدم

الصالح ويترك الطالح، إلى غيرهم. هذا بالنســبة إلى الشــق األول، من هــذا الفصــل: )التطلــع على أحــوال األشخاص بــروح منطلقــة متطلعـة(، ومرادنــا من )االنطالق والتطلـع( عــدم الجمود في اإلطالع، وعــدم الســرف والتفريــط في المعرفــة بــالتعمق غــير

الالزم، أو االنغالق فيما يحتاج إلى توسع المعرفة. وأما الشق الثاني من هذا الفصل: )بدون ترتيب األثر على مــا يبــدو لــه من العورات إال من جهة اإلدارة(، فإن في الناس عورات إذا فحص اإلنسان عن أحوالهم اطلع عليها، وبعض األشخاص يشهرون لسانهم في التنقيص أو ما أشــبه على من اطلعــوا عليــه، وهــذا خالف حســن اإلدارة، بــل الالزم أن يتخذ اإلنسان اطالعه وسيلة لتجنيب إدارته عن العطب ال لشهر لسانه على

الناس. والجمع بين هذين الشقين )التطلع، وعدم ترتيب األثر( من

326

أهم النقــاط في حســن اإلدارة، وقــد أمــر اإلمــام )عليــه الســالم( ولــده إســماعيل اجتنــاب مشــاركة من تلوكــه األلســنة قائلــة أنــه يشــرب الخمــر،

بالنسبة إلى معاملته الشخصية. كـذب سـمعك وبصـرك عن أخيــك، فـإن شـهدفيمـا ورد في الحـديث:

.(1)سبعون قسامة أنه قال شيئا، وقال: لم أقله، فصدقه وكذبهم والقصــة مــذكورة في رســائل شــيخنا المرتضــى )رحمــه اللــه( وغــيره، فحديث إسماعيل يشير إلى الشق األول، وحديث )كذب..( يشير إلى الشق

الثاني.

(15 )والقوة(( الضعف إظهار ))عدم

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة: عدم إظهــار الضــعف، وال القــوة،وهذا باب طويل نكتفي منه بمثالين:

مثال رئيس الحكومة بالنسبة إلى قواه العسكرية، إن أظهر الضعف كان خليقا بانقضاض األصدقاء وتجري األعداء، وإن أظهر القوة كان خليقا بإثارة

األصدقاء حسدا وتحفيز األعداء إلى اإلستعداد أكثر فأكثر. ثم إن وقعت محاربة، فمظهر القوة إن انتصــر لم يكن النتصــاره حالوة، ألنه كان منتظرا منه، وإن فشل كــان مثــار ســباب وتحقــير، يقولــون لــه لم

أظهرت كذبا وخدعت الناس. ومظهر الضعف، إن انتصر كــان في األنظــار كالكــاذب، وإن فشـل أخــذ

بأنه لم حارب مع علمه بضعفه، ولم لم يهئ ما يكفي لصد عدوه. ومثال مدير المدرسة، إن أظهر الضعف في إدارته سحب

1(? . )327

اآلباء أبناءهم عن المدرسة مما يــورث الفشــل، وإن أظهــر القــوة كــان مثارا للتوقع المتزايد، حتى أنــه كيفمــا ربى التالميــذ كــان دون مقــدار توقــع

الناس. فاإلنسان يجب عليه أن يحكم أمــوره إلى أبعــد حــد، ولكن ليســكت عن ذلك، ولذا ورد في المثل )إذا قــدرت أن تكــون أحكم النــاس فكن، ولكن ال تقل للناس ذلك(، ومن هذا الباب )الفرح والحزن( و)الغنى والفقر( و)العلم

والجهل( وما أشبه ذلك. فإذا أظهرت نقاط قوتك أكثرت المتــوقعين منــك، وال داعي لــذلك، وإذا أظهرت نقاط ضــعفك أكــثرت المــزدرين عليــك، ولمــاذا تزيــد اإلزدراء على نفسك، إنــك إن أظهــرت الفــرح أثــرت أعــداءك، وحســدك أصــدقاؤك، وإن أظهرت الحزن أحــزنت أصــدقاءك، وفــرحت أعــداءك، وهكــذا بالنســبة إلى

سائر نقاط الضعف والقوة. وما أشد ضبط النفس بين هاتين النقطــتين فــإن النــاس غالبــا تبطــرهم القوة فيظهرونها، أو يضعفهم االنحطــاط والضــعف فيبدونــه، وهــذا بالنســبة

إلى اإلنسان العادي مضر، فكيف بالمدير.

(16 )الفصل(( قرار ))عند

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة: أن يكون الفصل بسالم.ــديث: ــز عن كســب األصــدقاء،ورد في الح ــاس من عج ــز الن إن أعج

، وهذا صحيح (1)وأعجز منه من إذا كسب الصديق لم يتمكن من حفظه

1(? . )328

مائة في المائة، فعلى اإلنسان أن يكســب األصــدقاء بكــل مــا أوتي من حول وطول، وأن يحافظ بكــل قــوة على أصــدقائه، فــإن األصــدقاء بمنزلــة أجنحة اإلنسان يطير بهم إلى شأن عال، وفي المثل: )إن ألف صديق قليل،

وإن عدوا واحدا كثير(. ــرم ــدقاء، لج ــال بعض األص ــوجب انفص ــل ت ــة اإلدارة والعم لكن طبيع اقترفوه مما يجعل الصالح فصلهم بيد المــدير، أو النفصــالهم بأنفســهم لمــاــيء ال يمكن يظنون من نقص وخلل في المدير، أو في العمل ذاته، وهذا ش الوقوف والحيلولة دون وقوعه، وإنما الالزم بعــد محــاوالت عــدم االنفصــال

في كلتا الصورتين، اتباع أمرين: األول: كون الفصل واالنفصال بعد إلقاء الحجج والمعــاذير، حــتى يكــون المنفصل بذاتــه وفي قــرارة نفسـه يعــرف أنــه السـبب، ال المــدير، ولـو أن

االعتراف بالخطأ من الناس قليل جدا. الثاني: االنفصال بسالم، فإن غــالب النــاس إذا انفصــلوا عن شــخص أو مؤسسة أو إدارة، يحدث االنفصال فيهم رد الفعل، ولـو كـانوا هم الطــالبين

لالنفصال، وكثيرا ما ينضم إليهم بعض األعداء، وهناك التهاجم والتنقيص.ــرد ولذا يجب على المدير الحازم أن يمر بمثل هذه األمور بســالم، فال ي االعتداء وإن بلغ أوجه، فإنه إن رد انقسم الناس قسمين، قســم لــه وقســم عليه، وإن لم يرد كان النــاس إلى جانبــه، فــإن من فوائــد الحلم أن النــاســك ــوم ذل ــكوت عن هج ــافة إلى أن الس ــل، باإلض ــار الحلم على الجاه أنص

المنفصل يحدث في نفسه رد فعل كثيرا ما

329

يوجب تجمده أو قلبه إلى صديق حميم. ادفع بالتي هي أحســن فــإذا الــذي بينــك وبينــه عــداوة ﴿قال الله تعالى: ــا إال ذو حــظ عظيم ﴾كأنه ولي حميم * وما يلقاها إال الذين صبروا وما يلقاه

(1) . ثم على المدير أن ال يظهــر للنــاس عيب اإلنســان المنفصــل، بــل يــبرر موقفه بما ال يوصمه بوصمة أمــام النــاس، وهــذا يحتــاج إلى قــدر كبــير من

اللباقة.

(17 )النفس(( ))احترام

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة: إحــترام النفس، والمــراد بــه فيمقابل االبتذال، فإن اإلنسان حيث وضع نفسه.

إن اإلدارة تحتاج إلى مقدار من الضبط الذي يالزم الهيبة والشخصية، ال التكبر والترفع، ومن المعلوم أن الهيبــة والشخصــية ال تحصــالن إال بــاحترام

اإلنسان نفسه. فلو صار الشخص مبتذال سقطت هيبته، وبذلك تضــعف شخصــيته، وهــو ما يوجب عدم تمكنه من ضبط األمور كما ينبغي، فإن مرؤوسيه ال يقــدرون كالمه حينئذ، وهناك الفشل، ولذا ورد في األحاديث، إن من فضائل المــؤمن

تواضع من غير ابتذال. ومعرفــة الفــرق بين )احــترام النفس( وبين )التكــبر(، كمــا أن معرفــة الفــرق بين )التواضــع( وبين )االبتــذال( تحتــاج إلى دقــة، وجــودة نظــر في

أحوال الناس.

(18 )االنحطاط(( مستوى عن ))الترفع

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: عدم االنحطاط إلى مستوى

. 35 ـ 34( سورة فصلت: ?)1330

المنحطين، فإن في المجتمع أناسا لم يبلغوا النضج إما لقلــة أعمــارهم،ــج، ــول دون النض ــا تح ــاع، أو ألن لهم أغراض ــدم اطالعهم على األوض أو لع

وقسم من هؤالء األشخاص يعاشرون الناس بروح الهبة حارة. وغالبا ما يبتلى المدير بأمثال هؤالء، وهم لحرارة روحهم ولعدم نضجهم

يناقشون المدير بروح نية. فمن الالزم ترفع المــدير عن مثــل هــؤالء ومناقشــاتهم، ألنــه يوجــد في

النزول إلى مستواهم باإلضافة إلى ضرر االبتذال، أحد ضررين: : ضرر أعدائهم إن لم يستمع إلى كالمهم ولم يقبل مناقشاتهم. 1ــل اإلدارة إن2 ــحيح إلى حيث فش ــاج الص ــراف عن المنه ــرر اإلنح : ض

جــاملهم وأخــذ بــآرائهم، ألنهــا غــير ناضــجة نيــة، انبعثت من روح جاهلــة أومترجرجة.

(19)))الحيوية((

ومن األمور المهمة في حسن اإلدارة أن يكون حافال، فإن اإلنســان قــد يقتصر على مهمته اإلدارية التي أوكلت إليــه، وهــذا إنســان جامــد، وإن أتى

بالغاية المرادة منه بخير وجه. وقد يتطــرق إلى هنــا وهنــاك، ال في اإلبــداع في مهمتــه فقــط، بــل فيــة تشعيب اإلدارة إلى أقسام، واستخراج إدارات جديدة، بروح مستعلية وثاب

مبتكرة. مثال إذا أنيط إلى شخص إدارة مدرســة، فإنــه قــد يقتصــر عليهــا، وهــذا

جمود، وإن أحسن اإلدارة في اإلشراف على المعلمين

331

والسير بالطالب إلى األمام في جانبي العلم واألخالق. وقد يوسع في المدرسة، ويتطرق إلى خارج نطاق المدرسة، كتأســيس الكشافة، وفتح المكتبة للمدرسة، وإخراج نشرة مدرســية، وصــنع التمثيليــة بمناسبات، وما أشبه ذلك، ومثل هذا اإلنسان هــو الــذي يســاهم في تقــديم

الحياة، ويرفع من المستوى الذي وصل إليه اإلنسان قبله. لكن مثــل هــذا التوســع في مختلــف أقســام اإلدارة، يحتــاج إلى تفكــير

ومطالعة ومفاوضة مع األذكياء واعتبار باألحداث.

(20 )الخطأ(( ))إصالح

ومن األمور المهمة لحســن اإلدارة: إصــالح الخطــأ فــور العلم بــه، فــإن اإلنسان مهما بلغ من قوة اإلدراك، وصحة العمل البــد أن يخطئ فيمــا عــدا

أهل العصمة )عليهم السالم(. ــاس ووهن وهناك بعض الناس يرون أن االعتراف بالخطأ وإصالحه، انتك

وذهاب شخصية، ولذا يصرون على الخطأ. لكن العقالء يعلمــون أن اإلصــرار على الخطــأ خطــأ آخــر، فــإذا أخطــأ السائق الطريق ثم علم ذلــك كــان الالزم الرجــوع واالعــتراف بالخطــأ، أمــا

االستمرار في السير في ذلك الطريق فإن معناه الهالك والعطب. فعلى المدير النــاجح أن يرجــع عن عمــل أو خطـة ســار فيهــا إذا عــرف

الخطأ فور علمه بخطأه، وإال كان نصيبه الفشل وانهيار اإلدارة.

332

ــتراف ــراد االع ــيلة، وليس الم ــأ فض ــتراف بالخط ــتهر أن االع ــد اش وق اللفظي، بل ربما كان الصالح عدم االعتراف لفظا، وإنمـا المــراد االعــتراف

العملي بتغيير المسلك إلى حيث الصواب واالستقامة.

(21 )الوقت(( ))تنظيم

ــه ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: تنظيم األوقات، فال يهدر من أوقات دقيقة واحدة، فإن بقــدر الهــدر ولـو دقيقــة تتسـم اإلدارة بـالنقص، ويوصـم

المدير بالكسل مما تضعف إدارته. فإن أوقات الشخص محدودة، واألعمال الــتي يمكن أن ينجزهــا لحســن إدارته غير محــدودة، ولــذا التكــافؤ غــير موجــود، وإن انتهــز جميــع األوقــات

فكيف ما إذا أغفل وقتا. فمن الالزم معرفــة عمــل كــل وقت، مثال إذا كــان الفقيــه يريــد تــأليف الكتــاب، ونصــب وكالء، وفتح مؤسســات، ومــا أشــبه ذلــك، كــان الالزم أن يخصص أيام التحصيل للتأليف، وفراغات التحصيل كالساعات بعد الصلواتــل فال أو ما أشبه لنصب الوكالء وكتابة وكاالتهم، حينما يدب في نفســه المل يتمكن في مثــل هــذه األوقــات من التــأليف، ويخصــص أيــام العطالت لفتح المؤسسات، حتى ال يزاحم ذلك تحصيله وتأليفــه، ولــو عكس بـأن ألــف في العطلة، وفتح المؤسسة في التحصيل، كان ضياعا لكال األمرين، فــإن قــرب

وقت التأليف لوقت التدريس يوجب سهولة التأليف، وهكذا.

(22 )الموظفين(( ))تشجيع

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: تشويق الموظفين ومدحهم،

333

بقدر االستحقاق، فقد ورد في الحديث: إن النبي )صلى الله عليه وآلـه(كان يكني أصحابه احتراما لهم.

ــان انبســاط نفس وذلــك أن المــدح بقــدر االســتحقاق والتشــويق يوجبالعامل، مما يؤدي بدوره إلى جودة اإلنتاج وكثرة العمل المخلص.

وهذه حقيقة يعرفها الناضجون من المــديرين، أمــا االعتمــاد على القــوةــة ال تــوجب والمــال والنظــام، فــإن ذلــك من ضــعف اإلدارة، إذ هــذه الثالث

انشراح النفس المؤدي إلى الجودة واالبتكار والتفاني. لكن من الضروري أن يكون المدير عارفا بقدر التشويق والمــدح، حــتى ال يوجب االزدياد فيها تجاوز الحق، وال يسبب كبريــاء الموظــف ممــا يقعــده عن العمــل، فــإن اإلفــراط في الشــيء كالتفريــط فيــه مــؤد ال محالــة إلى

العطب واالنتكاس.

(23)واإلتقان(( ))السرعة

ومن األمــور المهمــة لحســن اإلدارة: الســرعة بإتقــان، فإنــه وإن كــانــه الناس قسمين، قسم يسرع في العمل طبيعيا، وقسم يبطئ حسب تركيب الجسـدي والنفســي، لكن من الممكن اعتيــاد الســرعة في حــدود معقولــة، فإن السرعة ملكة قابلة للنمو، وعــادة االخــتزال في الكتابــة والتكلم قســم

من السرعة الحديثة، وما أجملها. وإنما يحتاج حسن اإلدارة إلى الســرعة، ألن الــوقت قصــير مهمــا طــال

عمر اإلنسان، واألعمال كثيرة، فمن أنجز أكثر عمال كان أحسن إدارة. ولعل بعض اآليات الكريمات تشمل مثل هذا األمر، كقوله

334

سارعو إلى مغفرة من ربكم ﴾سبحانه: اســتبقواف﴿، وقولــه ســبحانه: (1)﴿. (2)﴾الخيرات

(24 )التحليل(( وقابلية ))التوسط

ــاس ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: التوسط في الفكر، فإن من الن من يسيطر عليه روح الــتردد في األمــور، فكــل شــيء لديــه محتمــل، وكــل حركة عنده لها وجه صــواب ووجــه خطـأ، ومثــل هــذا خليــق بــأن يجمــد في مكانه وال يصــلح لإلدارة إطالقــا، ومن النــاس من هــو عكس األول، فيجــزمــق باألشياء اعتباطا بكل سرعة، بدون تمام الموازين واألدلة، وهذا أيضا خلي

بالفشل وضعف اإلدارة، لكثرة أخطاء مثل هذا اإلنسان. ــكون ومن الطريف أن بعض الناس في الحرب العالمية الثانية كانوا يش في وجود الحرب، ويظنونها دعابة أثارتها الدول الكبرى ألغراض، بينما بعض آخر كان يظن أن الحياة تمحى من الدنيا بسبب هذه الحرب، لسرعة جزمه

بالدعايات الفارغة وإن لم يقم عليها أي دليل. وغير الناضج من الناس غالبا بين هاتين الحــالتين، حالــة الــتردد أو حالــة

سرعة الحكم االعتباطي. فالتوسط في الفكر من أهم مقومات اإلدارة الناجحة.

(25) بالعمل(( التبجح ))عدم

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: عدم التبجح إطالقا، فإنه

. 133( سورة آل عمران: ?)1. 48، سورة المائدة: 148( سورة البقرة: ?)2

335

مما يفسد قلوب الناس عن اإلنسـان، أو يــوجب انفضاضـهم من حولــه،مما يؤدي بدوره إلى فشل اإلدارة، فالالزم التبجح واالفتخار بما عمل.

ومن الغريب أن النــاس بفطــرتهم يحبــون العامــل الســاكت، ويكرهــونــاس، وإن مــدح العامل المتبجح، وأنه إذا سكت اإلنسان عن عمله مدحه الن

عمله ذمه الناس. ومن طريف مــا يحكى أن عــامال كــان ســاكتا عن عملــه، فكــان النــاس يمدحونه، وأخذ في بعد ذلك يمدح عمله، فســكت عنــه النــاس، فتعجب عن ســكوتهم بعــد أن كــان العمــل هــو العمــل بال تفــاوت، وســئل من بعض عن سبب ذلك، فقال: إن الناس كانوا يمدحونك حين كنت ساكتا، أما إذا مدحت

نفسك فعملك ال يستحق مدحين، ولذا سكتوا عنك. والتبجح ليس باللسان الصــريح فقــط، بــل بالكتابــة واإلشــارة والتلميح، وفعل ما يدل على المدح، كما إذا تثائب وتمطى واتكى وغــير ســحنة وجهــه

بعد عمل قام به متبجحا لفعله ذلك. ــلها، وإال فعلى المدير أن يجتنب التبجح إن أراد حسن اإلدارة وعدم فش

كان نصيبها الفشل.ــول: بل من أقسام التبجح الذم في معرض المدح، فربما ترى إنسانا يق إني ال علم لي، وهو يريد الكناية بــذلك عن علمــه، أو يقــول: إني لم أخــدم،

وهو يريد بذلك إثبات خدماته، وهكذا.

(26 )الثاقبة(( ))النظرة

ومن األمور المهمــة لحســن اإلدارة: النظــر إلى العــواقب، فــإن األمــورمرتبطة بعضها ببعض، وكثيرا ما تكون أمور كثيرة تنتج عاقبة جيدة أو

336

رديئة، فإذا نظر اإلنسان إلى الشيء مجردا عن ظروفه ومالبساته ظن عاقبة رديئة حينا فال يقدم، أو حسنة حينا فيقــدم، وذلــك ممــا يســبب فشــل اإلدارة، بينمـــا يلـــزم أن ينظـــر اإلنســـان إلى الشـــيء من جميـــع جوانبـــه

ومحتمالته، وهنا يكون رجاء األمن عن العطب والعاقبة الحسنة. وقد ورد في وصف اإلمام المرتضى )عليه السالم( أنه كان بعيد المدى. مثال قد يكون التاجر يــرى الســوق رائجــا، فيشــتري الســلعة بثمن ربمــا يقترضه، بزعم أنه بعد أيام يــربح الـربح الكثــير، ثم يخسـر ممــا يــرتطم في مضاعفاته، وذلك ألنه إنما أخذ بالنظر ربح السلعة في هذا اليـوم، ولم يأخـذ باالعتبار احتمال وقوع رخص بعد أيام، النتهاء كارثــة حــاقت بــالبالد، أو ورود بضائع مماثلة، أو قلة رغبة الناس في هذه البضاعة بعد زمان النتهاء الفصل

المرغوب فيه هذه السلعة، أو ما أشبه ذلك. ــلة من ــان رأس سلس ــاداة إنس ــان أو مع ــادقة إنس ــون مص ــا يك وربم اإلنجازات أو المصاعب، باعتبار أن له جذورا وأجنحة، فالنــاظر السـطحي ال يهتم به، ألنه ال يعــرف العــواقب المرتبطــة بهــذا اإلنســان من جهــة جــذوره

وأجنحته، فيسرع في عدائه أو يبطئ في جلب رضائه ووده. إلى أشباه ذلك، مما هو كثير جدا.

فالمدير الناجح هو الذي يالحظ هذه األمور من جميع الجوانب.

337

(27 )األذن(( ))المدير

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة، أن يكــون المــدير )أذ�نــا(، يســمع مــاــه، فــإن يسمع بدون مناقشة، فيما ال يهمه، ومما ال يضطر إلى المناقشة في كثيرا من الناس يحبون الــثرثرة أو إبــداء اآلراء أو نقــد األمــور، بينمــا ال يهم

اإلداري كالم واحد من ألف كالم منها. فإذا أراد النقاش والنقد أضاع وقته عبثا، وأثار النــاس على نفســه، ألنــه إن أبدى الرضا أثار المناوئين لهذا الكالم، وإن أبــدى الســخط أثــار المتكلم،

قل أذن خير لكم ﴾ولذا مدح الله رسوله )صلى الله عليه وآله( بقوله: ﴿(1) . وقد كانت من عادة المرحــوم زعيم الثــورة العراقيــة اإلمــام الشــيرازي )قدس سره( السكوت حين كــان يكلم في مقترحــات، وكلمــا طلب القائــلــأثره عن رده منه الجواب، لم يتكلم مفضال تأثر المتكلم عن ســكوته على ت

ونقده.

(28 )اإلدارية(( ))المراقبة

ومن األمــور المهمــة لحســن اإلدارة: المراقبــة الشــديدة على الحاشــية والحد من نشاطهم، فــإن المـدير هــو محـل ثقـة النــاس غالبـا، ولــه النضـج الكافي في اإلدارة، أما الحواشي فإنه لو أغفل شأنهم سببوا ضعف اإلدارة،

وفشلها أخيرا ألمرين: : سيطرتهم على المدير، فيحيطون به ويكونون هم منفذ األحكام منــه1

وإليه، وبذلك يسببون غلق منافذ الفكر على المدير

. 61( سورة التوبة: ?)1338

ويســتبدون بالمــال والجــاه واإلدارة، بمــا لــه أكــبر الضــرر على ســمعةالمدير، وعلى حسن اإلدارة.

: إنهم يستبدون باألمور بال نضــج حســب أهــوائهم، وذلــك ممــا يســبب2شكوى الناس وانفضاضهم عن اإلدارة والمدير.

ولذا من الضروري على المدير أن يحــد من نشــاطهم بكــل قــوة، وهــذا وإن سبب انفصال بعضهم مما قد يخشى المــدير منــه، لكن في ذلــك نــزاه السمعة، وجلب الثقــة الزائــدة من النــاس، والتفــاف قســم من المخلصــين

حول المدير، يديرون معه األمور بكل إخالص ونزاه. وقد ذكرنا في فصل سابق أن االنفصال يلزم أن يتم في جو من الهدوء

والسالم من جانب المدير، وإن ألح المنفصل في الضوضاء والمحاربة.

(29 )المعاشرة(( ))طيب

ــإن اإلنســان ــة لحســن اإلدارة: طيب المعاشــرة، ف ــور المهم ومن األم المتفوق محسود من أصدقائه ومن أعدائه، واألصدقاء وإن أخفــوا حســدهم لكنهم ال يملكون ثائرة أنفســهم، والبــد في يــوم أن تنفجــر الثــائرة ولــو من

بعضهم، أما األعداء فالكالم فيهم واضح ال يحتاج إلى الشرح. وطيب المعاشــرة ممــا يخفــف من ســودة الحســد ويحــد من نشــاطه، وبــذلك يســلم المــدير عن العــداوات بــأن يقلــل منهــا حســب المســتطاع، فباإلضافة إلى تمكنه من حسن اإلدارة يتمكن من تقديم اإلدارة إلى األمام،

فإن اإلنسان ال يتمكن من تحسين وضعه وال تقديم

339

عمله في جو مشحون بالتذبذب والمناوءة. ــإن ويلزم أن يكون المدير حذرا من صديقه أكثر من حذره من عدوه، ف العدو لعداوته يؤمن من استرسال الشــخص عنــده حــول نقــاط ضــعفه، وال يمكن أن يحطمه من دخيلة أمره، أما الصديق فإن اإلنسان يسترسل عنــده في الحديث، بما يبدي عورته ويكشف ضعفه، فإذا انقلب عــدوا كــان قــادرا

على الهدم، ولذا قال الشاعر: احذر عدوك مرة

واحذر صديقك ألف مرةفلربما انقلب الصديقفكان أعلم بالمضرة

مــا نــزل جبرئيــل مــرة إال وأوصــانيقال النبي )صلى الله عليه وآلــه(: . (1)بمداراة الناس

ويقول الشاعر السعدي في بيت فارسي له تعريبه: راحة الكونين في تفسير هاتين الكلمتين: إعمال المروة مــع األصــدقاء،

وإعمال المداراة مع األعداء.

(30 )الصغار(( ))الخلل

ومن األمور المهمة لحســن اإلدارة: ســد الخلــل الصــغار قبــل أن تكــبر،فإن األمر المفسد يبدو صغيرا ثم يكبر بما ال يمكن أن يسد.

وفي المثل: )العدواة والنار والمرض صغارها كبار(، وذلك

1(? . )340

النتهاء األمــر فيهــا إلى عــداوة ال تــدع وال تــذر، وإلى حريــق يحــرق كــلشيء، وإلى الموت.

فالمدير يجب أن يكون حذرا ال يترك صــغار المفاســد، بــل يســدها فــور حدوثها، ولو تماهل واستهان أدى في الغــالب إلى مــا يفســد اإلدارة، يقــول

الشاعر السعدي في بيت له تعريبه: هل سمعت ما قاله )زال( مع )رستم الكردي( )العدو ال يمكن أن يحقر ويظن أنه ال حول له(.

فإنا قد رأينا كثيرا، المياه القليلة المنبعثة من عيون صغيرةلما سالت وتقدمت أذهب بالبعير وحمله.

وهذا الكالم وإن كان بالنسبة إلى العـداوة، لكنــه جــار بالنســبة إلى كــل مفسدة تتطرق على اإلنسان العادي، فكيف بالمدير المســؤول من تحريــك

جهاز وتقديم الحياة إلى األمام.

(31 )النفرة(( يوجب ما ))ترك

ــه ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: اجتناب ما يسبب نفرة الناس، فإنوإن كانت النفرة ألسباب تافهة، تكون مضرة باإلدارة والمدير.

ومما يسبب النفرة أبواب كثــيرة، نــذكر منهــا جملـة، ونكــل البــاقي إلىلباقة المدير.

مثل خلف الوعد، وإظهار االستبداد، والتواضع الملحق

341

بالمهانــة، وهجــر النــاس والتجنب عنهم، وعــدم حضــور االجتماعــات المنعقــدة بالمناســبات، واالعــتزاز بــالنفس وبالعمــل مظهــرا ذلـك بقــول أوــال، عمل، واإلتيان بما ال يليق عند الناس، كاألكل في الطريق، والضحك الع والبصاق أمامهم، والمزاح المثير ومــا أشــبه، ووضـع النفس فــوق مسـتواها كاصطحاب من فوقه والجلوس فوق مجلســه، وترفيــع بعض على بعض فيــهم حقهم، المعاشرة والمصادقة وما أشبه مما يسبب جلب عداوة من نقص وتنقيص الناس حقهم، والمجادلــة، والتكلم بمــا ال يصــدقه النــاس وإن كــان حقا من القصص والتواريخ ومــا أشــبه، والكــذب، واإلتيــان بــاألمور المنكــرة

شرعا أو عقال أو عرفا. إلى غيرها من األمــور الكثــيرة المنفــردة، ومن المعلــوم لــزوم مراعــاة الشريعة المطهرة في الفعل والترك، إذ ليس مرادنا تــرك واجب يســتهجنه

بعض الناس، أو فعل محرم يعتادون اإلتيان به والعياذ بالله.

(32 )الناس(( ثقة ))جلب

ــير الفصــل ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: جلب ثقة الناس، وهذا غ السابق، فإن من الناس المــديرين من ال يــأتي بــالمنفر، لكنــه ال يجلب ثقــة

الناس أيضا. وجلب ثقــة النــاس ضــروري للمــدير، فــإن كــل النــاس العــاملين إنمــا

يتمكنون من االستمرار في عملهم بسبب ثقة الناس بهم. مثال إمام الجماعــة إذا زالت ثقــة النــاس عنــه لم يحضــر أحــد جماعتــه،ــا عن الحكم، ــإذا زالت ثقتهم نحوه ــاس، ف ــة الن ــا تعيش بثق ــة إنم والحكوم

والتاجر إنما يتمكن من األخذ والعطاء لثقة الناس به وإال

342

انفضوا من عنده وتركوا معاملته، وهكذا. فإذا جلب المدير ثقة الناس بحسن معاشــرته واســتقامة أعمالــه، أبقى على نفسه وعلى إدارتــه، وتمكن أن يشــق طريقــه إلى األمــام، وإال عــرض

إدارته للخطر، وسمعته لالنهيار، وأخيرا الفشل.

(33 )اإلداري(( القرار ))قوة

ومن األمور المهمة لحســن اإلدارة: األخــذ بــأطراف اإلدارة بقــوة، فــإن اإلدارة مهما كانت يجب أن تكون يقظة حذرة، وإال آل الفساد إلى أطــراف

اإلدارة، وأخيرا يصل إلى نفسها مما يسبب انهيارها. فالملك يجب أن يعلم أحوال الرعية، وأمــور البالد بكــل دقــة، ثم يصــلح

باستمرار كل ما فسد، ويقدم ما يستحق التقديم. ومرجع التقليد يلزم أن يكون بــإطالع دائم عن أحــوال وكالئــه، وأحــوال

الناس، وشؤون البالد العمرانية والدينية وما إليها. وقائد الجيش يلزم أن يكون حذرا متطلعــا على أحــوال جنــده، وأحــوال

أعدائه، بكل دقة وإتقان.وهكذا غيرهم من سائر المديرين.

(34 )))االستشارة((

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: االستشــارة بصــورة مســتمرة، لكــل صغيرة وكبيرة، فإن اإلنسان مهما أوتي من علم وتجربــة، فــإن االستشــارة تبدي له وجوها أخرى، وإن كانت االستشــارة ممن هــو دونــه علمــا وتجربــة

ومنزلة. ، وفي القرآن (1)فوق كل ذي علم عليمباإلضافة إلى أن

. 76( سورة يوسف: ?)1343

شاورهم في األمر ﴾الحكيم: ﴿(1). والمستشير ال يخلو من فائدتين: فائدة تقوية رأيه إذا لم يجــد رأيــا آخــر أحسن من رأيه، وفائدة ظهور رأي أقوى من رأيه إن وجــد رأيــا أحســن من

رأيه. وكذلك ال يخلو المستشــير إحــدى فائــدتين، إن أخطــأ لم يتحمــل خطــأه وحده، وخفف من حدة نقد الناس له، وإن أحسن لم يجد مناوءا، فإن اآلتي بالعمل مهما كان على صـواب وجـد منـاوءا لرأيـه، ولـو لمجـرد األنانيــة منــون ــزم أن تك ــدا، لكن يل ــاوئ معاض ــار انقلب المن ــإن استش ــاوئين، ف المن االستشارة ممن ال يناوئ المستشير إن لم يأخذ برأيه لعدم صحته، وإال كان

ضرر االستشارة بقدر نفعها أو أكثر. كما يندب أن تكون االستشارة من شاب وشــيخ، فــإن األول أحــد ذهنــا،ــانت والثاني أعرف باألمور وأنضج في التجارب، فإذا التقى النضج والحدة ك

النتيجة في قمة الحسن.

(35)االستفزاز(( ))تجنب

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: أن يفعــل مــا يريــد بــدون اســتفزاز، فإن الغالب أن المديرين لهم شركاء ولو كــانوا في مســتوى أحــط، وتكــون

الكلمة للمدير أخيرا. فإن ظهر وجه الرأي للمدير، كان البد وأن يكون هناك مخالف أو أكــثر، فقد يأتي المدير بما يظهر له بعنف واستفزاز، وهــذا خطــأ مــوجب للعــداوة وفشل اإلدارة، وقد يأتي بما يظهر لــه بكــل لطــف ولين، وهــذا من أســباب

نجاح اإلدارة ووالء الملتفين حولها.

. 159( سورة آل عمران: ?)1344

مثال للمرجع حاشــية، مهمــا أوتــوا من الصــالح والتقــوى، لهم آراء حــول تعيين الوكالء وإجراء المشاهرات وما أشبه، وكثــيرا مــا يكــون رأي المرجــع مخالفا في تعيين وكيل أو عزله أو ما أشبه ذلك، فالالزم أن ينفذ رأي نفسه بــدون اســتفزاز، وإال انفضــت الحاشــية الصــالحة فرضــا عن حولــه، وتلقى

مضاعفات ذلك. يقول أحد الرؤساء بصدد هذا: كثيرا ما كنت أنوي نصــب شــخص معين،ــذي ينبغي أن ــخص ال ــيرهم في الش ــاء كنت أستش ــذ رأي األعض ولكن ألخ ينصب، بدون أن أذكر اسم الــذي قصــدته، فــإذا صــوتوا لمن قصــدته، فنعم المطلــوب، وإال كنت أضــع من يعينــوه في بســاط البحث ـــ بحثهم أنفســهم دون اشتراك مني في المناقشة ـ وطــبيعي أن تقــع حولــه المناقشــة، حــتى يرضون به، وأخيرا كان من قصدته هــو الــذي يعينــوه باإلجمــاع، أو كــان من أقصــده أحــد شخصــين يرشــح لألمــر من قبلهم، فكنت أنــا في آخــر الحلبــة أرتضي بمن قصدته بعد أن كان التعــيين منهم، فكنت في وقت واحــد أفــوز

بما أردت، وأجلب رضاء األصدقاء بل مدحهم إياي بأني أخذت بآرائهم. ومن هذا الباب أيضا عدم مجابهة الناس بما يجرح كرامتهم، سواء حول

ما يريد أو حول ما يريدون.

(36 )األنانية(( ))عدم

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: عدم األنانية، فإن األنانية ضد اإلدارةبكل لوازم المضادة.

فإن األناني إنما مقصده نفسه، ال الهدف الذي وضعت ألجله

345

ــاه ــير إلى اتج ــه، واإلدارة تس ــاه نفس ــير إلى اتج ــاني يس اإلدارة، فاألنالهدف، ولذا سرعان ما يظهر الفشل في اإلدارة، واالنهيار أخيرا.

ومن المعاكسات األليفة في األنــاني أن النــاس يــزدرون األنــاني بجميــعأنحاء االزدراء، بينما هو يريد أن يقدره الناس بجميع أنحاء التقدير.

واألنانية خليقة بإسقاط الفرد العادي، فكيف بالمدير. وإذا رأيت أنانيا في قمة إدارة، فليس لك أن تقول: كيف جمعت اإلدارةــه، واألنانية، وإنما عليك أن تقارن بينه وبين رجل غير أناني لو كان في مكان لتعرف الفرق الشاسع بين ذلــك ســمعة وإدارة وتقــدما، وبين هــذا المــتربع

فعال. فمثال لو كان المتربع يدير مدرسة فيها مائــة طــالب بســمعة متوســطة،كان غير األناني يديرها بحيث يجتمع فيها ألف طالب بسمعة راقية، وهكذا.

(37)))الحزم((

ومن األمور المهمة لحســن اإلدارة: الحــزم بكــل أبعــاده، والحــزم لفــظ يشتمل على معرفة األشياء، ومراقبة األمور، والنظر في العواقب، وسرعة

اإلدراك واالنتقال من المقدمات إلى النتائج، وانتهاز الفرص، وغيرها. أرأيت كيف يعيش من يسكن في وسط أعداء يترقب هجومهم كل

346

ساعة، إنه يعير ذهنه وسمعه وبصره وأعصابه لاللتقاط والتعرف، ويهيــؤ جميع ما لديه من مال وسالح ورجال ورقابة للتحصن والصد، إلى غير ذلك.

إن كل ذلك من لوازم الحزم، حتى إنه لــو أغفــل ولــو موضــوعا صــغيرايناط بالقوة الدفاعية، عد غير حازم.

وعلى هذا المثال قس الحزم في كــل إدارة، ســواء إدارة المدرســة، أوإدارة األمور الدينية، أو إدارة المتجر، أو إدارة البالد.

(38 )الدعاية(( ))أهمية

ومن األمو المهمة لحسن اإلدارة: قــوة الدعايــة، فــإن المــدير الــذي لــه هــدف في إدارتــه، البــد لــه أن يلفت األنظــار إلى نقــاط الجــودة، ومواضــعــة اإلدارة في ــيير دف ــذلك يتمكن من تس ــدف، وب ــدة، في اإلدارة واله الفائ

وسط الثقة العامة، ويتمكن من الوصول إلى الهدف على أحسن وجه. خذ مثال أنك تريد ترويج جمعيــة للقــرآن الكــريم بغــرض تعميم القــرآن، قــراءة وعمال بين المســلمين، فإنــه بــدون الدعايــة الواســعة المســتمرة ال

تتمكن أن تؤدي هذه الخدمة. وانظر إلى اإلسالم كيــف قـرر الدعايــة ألركانـه، فــاألذان دعايــة للصــالة وإعالم بأوليات اإلسالم، ثم الصــيام والحج ومــا إلى ذلــك من ســائر وســائل

األعالم والبث نحو الهدف الذي جاء من أجله اإلسالم.

347

لكن البد للمدير من أن يفرق بين الدعاية والتشويه، كما البد له من أن يجعل الدعاية بصورة معقولـة ال تـوجب االسـتفزاز، وال تحتــوي على تنقيص

اآلخرين، وال تشتمل على إشارات األنانية.

(39)اإليمان(( ))دور

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: مراعاة جانب اللـه سـبحانه في كــللحظة وخطوة.

ومعنى مراعاة هذا الجانب: اإلخالص الشديد في العمل، ورعايــة رضــي اللــه في كــل صــغيرة وكبــيرة، ورجــاؤه ســبحانه في الوصــول إلى الهــدف

المنشود، والتوكل عليه طول الوقت، إلى غير ذلك. فإنه أوال: يوجب حسن اإلدارة، إذ األمور كلها بيد اللــه تعــالى، فــإذا رأىــه في سبحانه انقطاع العبد إليه أمده بروح منه، وبارك في عمله، مما يجعل

صــانعالواقع وفي أعين الناس أحسن مدير ألحســن إدارة، وفي الحــديث: . ما كان لله ينمو، و(1)وجها واحدا يكفك الوجوه كلها

وثانيا: يكون لعمله الثواب واألجر، مما ال يدركه بــدون مراعــاة مرضــاتهسبحانه.

وثالثا: الدنيا دار فناء، فمهمـا عمرهـا اإلنسـان البـد أن يـأتي يـوم يفـني الذي عمر وما عمره، أما إذا كان الشيء متصال برضاه ســبحانه فإنــه يبقى، ويكون جزاؤه الجنة التي ال تزول وال تحول، وفيها مــا تشــتهي األنفس وتلــذ

األعين، وهل العاقل يصرف نظره عن شيء باق بهذه

عن أويس القرني عن الحكماء. 113 ص2( مجموعة ورام: ج?)1348

المنزلة، لشيء فان مشوب باآلالم والكدورات. وهــذا الفصــل أهم الفصــول في هــذا الكتــاب، فــالالزم على المــدير أن

يراعيه بكل دقة وحيطة، وأن يصبح ملكة له حتى يتأتى منه عفويا. الــذين ضــل ســعيهم في الحيــاة ﴿وإال كان من مصــاديق قولــه ســبحانه:

ــنعا ــنون ص ــبون أنهم يحس ــدنيا وهم يحس ــل إن(1)﴾ال ق ــبحانه: ــه س ﴿، وقول. (2)﴾الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم

(40 )اإلداري(( الجهاز ))نزاهة

ومن األمــور المهمــة لحســن اإلدارة: نزاهــة الحاشــية، بــأن يهتم المــرءــإن انحــرافهم يســبب ضــعف اإلدارة، ثم الفشــل ــام، ف ــة االهتم ــذلك غاي ب

واالنهيار.باإلضافة إلى أن عدم نزاههم يسري إلى اإلنسان عمال وتلوثا:

ــا أما عمال: فألنهم يؤثرون في فكر المدير تدريجيا مهما كان صامدا، مميسبب انحراف أعماله، وخروجها عن جادة الصواب.

ــو وأما تلوثا: فإن الناس يرون المدير بعين ما يرون به الحاشية، فإنه ول كان في غاية النزاه لكنه يفقد ســمعته شــيئا بعــد شــيء حــتى ال تبقى منهــا

باقية، والمنطق مــع النــاس في ذلــك، فإنــه يــدور األمــر بين أن ال يعلم فســادــتطلع على ــلح لإلدارة من ليس يس ــف يص ــلح لإلدارة، وكي ــيته فال يص حاش أحــوال أقــرب الخــواص إليــه، وبين أن يعلم وال يصــلح، فــإن لم يتمكن من اإلصالح فأحرى به أن ال يصلح لإلدارة، وإن تمكن من اإلصــالح فهــو شــريك

لهم في الجريمة، على حد قول الشاعر: فإن كنت ال تدري فتلك مصيبة

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

. 104( سورة الكهف: ?)1. 45، سورة الشورى: 15( سورة الزمر: ?)2

349

نعم كثيرا ما يضطر اإلنسان إلى بعض الحواشي غــير النزيهــة، فــالالزم أن يظهر ذلك للناس وأن االضطرار ساقه إلى مثل تلك الحاشــية، تصــريحا إن لم يخف من التصريح، وتلويحا إن خاف من التصريح، وهــذا هــو ســر مــا نرى من كون حواشي بعض األنبياء واألئمة )عليهم السالم( من هذا القبيل،

كما أنا نرى بجنب ذلك تصريحاتهم حول تلك الحاشية. فقد لعن رسول الله )صلى الله عليه وآله( بعض حاشــيته، كمــا وأظهــرــأريخ، ــو مســطور في الت ــا ه ــا مم ــرين، وإلى غيره ــال آخ ــبري من أعم الت

والتفصيل موكول إلى ذكاء المدير.

(41 )النسبي(( النجاح هو ))المالك

ومن األمور المهمــة لحســن اإلدارة: عــدم توقــع العمــل من المــوظفين مائة في مائة، فإن البشـر بطـبيعتهم مختلفــون، فبعضـهم مطيــع، وبعضــهم

كاهل، وبعضهم حار، وبعضهم بارد، وهكذا. فإن أراد المدير من جميعهم العمل الجدي السليم مائــة في مائـة أتعب نفسه، ولم يحصل ما رام، باإلضافة إلى أنه يكون بذلك أعداء لنفســه، ممــا

يسبب الفشل في اإلدارة أخيرا. إن على المدير أن يقرر الضعف واالختالف البشري حق قــدره، ويقــول لنفسه: إن لم يأتمر الموظف في هذه المرة فسوف يأتمر في مرة أخرى،ــدر أن أبقي وإن لم ينجز العمل كما أردت فسوف ينجز أعماال أخرى، فاألج

عليهم جميعا رجاء الصالح واإلصالح.

350

وهذا ال يعني أن ال يسد الخلل الموجود في المــوظفين، بــل يعــني أخــداالختالف الطبيعي بين النفوس بعين االعتبار.

ومن األفضل أن يستصلح المدير خلل الموظف بالكتابة وما أشبه، حتى يبقى على صفاء قلبه وخالص وده، والنظر في تاريخ رسول اإلسالم )صــلى

الله عليه وآله( يرشد إلى المثل األعلى في هذا النوع من اإلصالح.

(42 )النظر(( في ))التوسط

ــطا في ــدير متوس ــون الم ــن اإلدارة: أن يك ــة لحس ــور المهم ومن األم النظرة إلى الناس، فال يحسن الظن إلى كل أحــد، بــل يكــون متوســطا في حسن الظن، فإذا رأى إنسانا لم يحسن به الظن عاجال، وال يسيء به الظن

بدون اختبار. فإن حســن الظن ضــعف ووهن ومــوجب لتســرب األشــرار إلى اإلدارة، وسوء الظن شدة ال داعي لها ويوجب انفضاض األخيار عن اإلدارة، وكالهما

موجب للفشل واالنهيار. وإنمــا ينشــأ االنحــراف في أيــة من الصــفتين من الجهــل، وفي المثــل:

)الجاهل أما م�فرط أو مفرط(.

(43 )الكوارث(( أمام ))الصمود

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: الصمود أمام الكوارث، فــإن اإلدارة بطبيعتها معرضة للهــزات، وكلمــا كــانت اإلدارة أوســع كــانت الهــزات أكــثر

وأعنف.

351

فمن المــديرين من ال يعــد العــدة للكــوارث، فــإذا أصــيب بشــيء منهــاانسحب عن الميدان، وهذا فشل وخور، بل الالزم على المدير الحازم:

أوال: أن يعد العدة سلفا للكوارث المحتملة، حتى إذا نزلت الكارثة كــانمهيئا للتخفيف من حدتها، ثم محو آثارها بكل سرعة.

ــتى ال ــا، ح ــوارث حين نزوله ــام الك ــوة النفســية أم ــد الق ــا: أن يع وثاني يتضعضع وال ينهزم نفسيا أمام الكارثة، فــإن الصــمود النفســي ممــا يخفــف

وقع الكارثة. يقول علماء النفس: إن الصدمة الــتي يتلقاهــا اإلنســان أمــام الكــوارث

أشد إيالما من الصدمة ذاتها. ــه، واإلنسان إذا استعد لتلقي الصدمات المحتملة ثم وردت الصدمة علي خفــف االســتعداد من الجــزء األكــبر منهــا، والجــزء البــاقي يتالشــى بمضــي

الزمان، وإال انهار نفسيا وإداريا بما ال يرجى القيام منه.

(44 )والترفيع(( الترقية ))نظام

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: ترفيع مســتوى المــوظفين ليصــلحواــدير لإلدارة، فإن الحياة تحتاج إلى مديرين كثيرين في مختلف شــعبها، والم

هو الذي يتمكن من تكوينهم. وتكوين المديرين باإلضافة إلى أنه خدمة لهم وللحياة، ومــا أجمــل مثــل هذه الخدمة، إنه عالمة لقوة اإلدارة وحسن نفس المدير، مما يوجب حسن

السمعة وجميل الذكر.

352

ــة في النفس، مــع ــاج إلى قــوة تربوي ــع مســتوى المــوظفين يحت وترفي تحصيل المؤهالت الدخيلة في هذه الناحية، ولذا يحتاج المدير باإلضــافة إلى تربيته لهم بالــذات، إلى جميــع األمــور الــتي لهــا مدخليــة في تــرفيعهم، من معلومات وكتب وخرائط وأدلة ووسائل إيضــاحية وإلقـاء توجيهـات وغيرهــا، مما هو موكول بلباقــة المــدير وذكائــه، كــل إدارة حســب شــأنها ومؤهالتهــا

المناسبة.

(45 )النفس(( عن ))الترفيه

ومن األمــور المهمــة لحســن اإلدارة: الترفيــه عن النفس، فــإن لإلدارةضغطا شديدا، وخصوصا إذا كانت اإلدارة كبيرة، وباألخص إذا كانت شائكة. ــه تنــاقص والنفس لهــا مقــدار خــاص من النشــاط إذا لم يجــدد بالترفي النشاط مما يضر اإلدارة، كما أن المصباح إذا لم يجــدد فيــه الــزيت تنــاقص

نوره بما يضر شدة اتقاده وكثرة ضيائه. ولذا كــان من الضــروري أن يرفــه المــدير عن نفســه إن أراد اســتمرار

، وأن اإلمام )عليــه الســالم((1)لذة في غير محرمنشاطه، وفي األحاديث: . (2)كان يخرج إلى خارج المدينة للنزهة

أمــا أنحــاء الترفيــه، فالزوجــة واألوالد، والزيــارات والســفر، والســباحة والتمشــي، ومطالعـة القضــايا المرفهــة كــالحروب والبطـوالت، والفكاهــات

المفيدة، وما إلى ذلك.

1(? . )2(? . )

353

(46 )الكسل(( ))محاربة

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: ســوط التقــدم، فــإن المــدير يحتــاج إلى السوط الذي يحدوه نحو الهدف كلما أخذه كسل أو انحراف، وال أفضل في ذلك من ذكر الجنة بنعيمهــا، والنــار بعــذابها، بشــرط مطالعــة تفاصــيلها

المذكورة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة. ــه، ــون وجمال ــعة الك ــه، وس ــبحانه، وعظيم قدرت ــه س ــه إلى الل والتوج ومطالعة مزاياه، مرفه وحاد في وقت واحد، كما أن تذكر الهــدف والخــوف

من السقوط من السياط الموجبة لطرد الكسل.

(47 )الشاملة(( ))العناية

ومن األمــور المهمــة لحســن اإلدارة: العنايــة بصــغار األمــور على نحــو العنايــة بكبارهــا، فــإن لكــل شــيء من األمــور صــغارها وكبارهــا مــدخال في

الحياة، ومن الصغار تتكون الكبار. فالخلية الصغيرة أصل اإلنسان، والذرة المجهرية أصــل الكــون، فمن ال يهتم بالصغار أدى إلى عدم ضبط الكبار من األمور، فــإن الكبــار تتكــون من

الصغار. فالالزم على المدير أن يعطي الصغير العناية بقدره، مثلما يعطي الكبار العناية بقدرها، وغالبا ما يغض اإلنسان عن النظر إلى الصــغير اســتهانة بــه،

وإذا به يفتح بابا كبيرا من الخلل ال يمكن سده. وليس الكالم حول الخلل اآلن، فإنه من الضروري لحسن اإلدارة العناية

بكل أمر، والالزم أن تصبح هذه الحالة ملكة لإلنسان حتى

354

تحسن إدارته ويتمكن من تقديم الحياة.

(48 )النوعي(( ))التطوير

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: تحويل الخامات إلى أجنــاس، ســواء، أو خامات عملية. (1)كانت خامات بشرية، أو خامات جنسية

فيعمــل لنضــج النــاس كي يصــبحوا قــابلين للعمــل، إداريــا كــان أو غــير إداري، ويعمل لتحويل األجناس إلى أجناس نافعة فيما كانت إدارته من هــذا القبيــل، كتحويــل الحديــد إلى القــاطرة والطــائرة وهكــذا، ويعمــل لتحويــل المعلومات البدائية إلى معلومات مركزة نافعة، فــإن العلم والمعرفــة ينمــو

شيئا فشيئا، والمنمي لهما هو المدير القوي. وال أقصد بالمــدير هنــا مــدير دائــرة، بــل مــدير جهــاز علمي أو عملي أو

إداري على حد سواء. ومن أقسام تحويل الخامات إلى أجناس، ضم خامة بخامــة حــتى يصــبح شيئا ذا نفع في الحياة، كالبناء الذي يضع للبنة على اللبنــة حــتى تصــبح دارا عامرة، والكتبي الــذي يضــع كتابــا بجنب الكتــاب حــتى تصــبح مكتبــة قيمــة،

والمؤلف يضع موضوعا بحنب موضوع حتى تصبح كتابا ثمينا، وهكذا. والمــدير مهمــا كــانت إدارتــه، لــه هــذه الصــالحية في مــا يختص بــه من اإلدارة، فإن فعل كــانت مســاهمة في تقــديم الحيــاة، باإلضــافة إلى حســن

السمعة والذكر الجميل.

(49 )الحرجة(( المواقف في ))اللباقة

ومن األمور المهمة لحسن اإلدارة: التهرب من المشاكل بلباقة،

( أي ما يرتبط باألجناس واألمتعة. ?)1355

فإن هناك مشاكل يقع فيها المدير، بحيث يكون كل جانب منها مشكلة، ومثل هــذه المشــاكل يجب التهــرب منهــا وإال وقعت اإلدارة في المشــكلة،

وظهر ضعف المدير. مثال ربما يطرد المدير أحد موظفيه لمصلحة، فإذا سئل عنه، لم يكن له أن يجيب بالنقص الذي كان فيه، ألنــه يثــير عليــه ذلــك الموظــف المطــرود، ويوجب خلق مشاكل ال داعي لهــا، ولم يكن لــه أن يجيب بأنــه لم يكن فيــه

نقص، وإال فتح على نفسه ألف باب من المسألة. فليس لمثــل هــذا الموقــف إال أن يهــرب المــدير من الجــواب، إمــا بالسكوت، أو بتغيير مجرى الكالم، أو الذهاب عن محل السؤال بحجة عمل

أو ما أشبه. وقــد كــان رســول اإلســالم )صــلى اللــه عليــه وآلــه( ال يجيب عن بعضيا أيها الذين آمنوا ال تسألوا عن أشــياء إن ﴿األسئلة، وقد نزل قوله سبحانه:

. (1)﴾تبد لكم تسؤكم وليس ما ذكرناه خاصا بــالكالم، بــل كثــيرا مــا يحتــاج التهــرب إلى عالج

عملي. ومن طريف ما ينقل بهذا الصدد، أن أحد العلماء دعي إلى الصــالة على جنــازة ملــك، وحيث رأى العــالم موقفــه حرجــا، ألنــه ال يريــد الصــالة عليــه الشتهاره بمخالفة اإلسالم، وال يريد مصادمة أوالد الملــك بعــدم اإلجابــة ألنــا ثم ذلك يعكر صفو عالقاته التي كان يريدها لخدمة الدين، دعا بدابة فركبه ألقى بنفسه من عليها حتى جرحت يده ورجله، بما ظن الناس أنه وقــوع ال

اختياري، حتى نقلوه إلى داره

. 101( سورة المائدة: ?)1356

ــه، وتحفظــا على ــة إلدارت مجروحــا مرضوضــا، فتحمــل هــذا اآلالم وقايالموازين الشرعية.

(50 )االنخداع(( ))عدم

ــداع، ــبط النفس عن االنخـ ــن اإلدارة: ضـ ــة لحسـ ــور المهمـ ومن األمـواالنخداع على أقسام:

االنخداع بالجــانب المبهــرج من الحيــاة، فــإن النفس ميالــة إلىاألول: الراحة وحسن السمعة وما أشبه، والحياة تأبى إال العمــل الجــدي المســتمر

الصامت بكل هدوء. وكثيرا ما يرى انخداع المــدير بالجــانب المبهــرج، فيميــل إلى الراحــة أو يغتر بحسن السمعة، فيكسل في العمل وضبط اإلدارة، ويترك العمل الجاد المســتمر، وبــذلك تضــعف إدارتــه، وينقلب وبــاال على الحيــاة بعــد أن كــان

مخفزا للحياة ودافعا لها إلى األمام. والمديرون الذين يبتلون بهذا اإلنخــداع، يــوجب ذلــك انحطــاط مســتوى اإلدارة، وبانحطــاط اإلدارات تنحــط األمــة، ورويــدا رويــدا يشــملها الخمــول والتأخر فتتقدم عليهم سائر األمم، وهذه هي نواة كل تقدم وتأخر، فالتقــدمأوله الحزم وعدم االنخداع، والتأخر أوله الكسل والغرور بالجانب المبهرج.

االنخداع بالمدح، فكثيرا ما يميل اإلنسان إلى الكســل إذا وجــدالثاني:مادحين له، أو إلى االنحراف إذا وجد من يمدح طريقته.

االنخداع بالذم، ففي كثير من األحيان يترك اإلنسان الثالث:

357

الطريقة المثلى خوفا من الذم، وتهربا من االزدراء. ــير من النــاس يلقــون أنفســهم فيالرابــع: ــالتحريض، فكث االنخــداع ب

المهالك بتحريض محرض وتشجيع مشجع وإغراء مغــر، وهم يعلمــون ضــررذلك لكن التحريض يثير أعصابهم ويوقظ نخوتهم.

وكل هذه األقسام من االنخداع ممــا تضــر بــاإلدارة، وتــوجب االنحطــاط وذهاب السمعة وأخيرا الفشل واالنهيار، وقد كان هذا منطــق القائــل )النــار

أخذته العزة باإلثم ﴾وال العار(، وإليه أشير في قوله سبحانه: ﴿(1) . فمن الضروري على المدير أن يهتم بضبط نفسه، حــتى ال ينخــدع بهــذه

االنخداعات. وال يكون ذلك ـ كما ال يقــدر اإلنســان على اتبــاع الفصــول الســابقة في هذا الكتاب ـ إال باالستعانة بالله سبحانه، وطــول ذكــره ليــل نهــار، والتوكــل عليه، وهو سبحانه يكفي من توكل عليــه، ويأخــذ بيــد من اســتعان بــه، وهــو

خير موفق ومعين. كربالء المقدسة

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

. 206( سورة البقرة: ?)1358

المحتويات7.............................................................................................اإلدارية القيادة أنواع7........................................................................................شيء لكل الطبيعي الحد

7.......................................................................................واألنثى الذكر بين التوازن9...................................................................................................القيادات ازدهار

9.........................................................................................القيادة نجاح عوامل من9.............................................................................................الشخصية : القيادة110......................................................................................الشخصية غير : القيادة210..............................................................................المستبدة المتسلطة : القيادة311.........................................................................................االستشارية : القيادة412...............................................................................................األبوية : القيادة512...............................................................................................الجافة : القيادة613.............................................................................................الرسمية : القيادة713.......................................................................................الرسمية غير : القيادة8

14............................................................................................القيادة مؤهالت أهم14................................................................................................الجسمية الطاقة14..................................................................................................العقلية الطاقة15................................................................................................الشخصية الرغبة15...................................................................................................االتصال مهارة

15..............................................................................................االجتماعية المهارة16........................................................................................................االستقامة

16................................................................................................الله على التوكل16...........................................................................................اإلنسانية العالقة قوة

17......................................................................................................الموضوعية17.....................................................................................................الجيد المعلم

18...................................................................................................الفنية المقدرة18...........................................................................................بنفسه المشاكل حل

19...............................................................................................المسؤولية تحمل19...............................................................................................الحق إلى الرجوع20.................................................................................................الواحدة الوتيرة20....................................................................................................القيادة أجواء

21.................................................................................................الثانوية الحاالت23..................................................................................للطوارئ واالستعداد القيادة

26..............................................................................................الجاهزية مقومات26.............................................................................................البشري : العنصر127.............................................................................................الهيكلي : التنظيم228.............................................................................................اإلدارية : األدوات329............................................................................................الطوارئ : قوانين4

32............................................................................................الغربية اإلدارة مآخذ33...............................................................................االنسان لحقوق الدولية الوثيقة

45...................................................................................اإلنسان حقوق تطبيق عدم51...................................................................................................اإلدارة أمراض51...........................................................................والنفسية الجمسية المدير أمراض

359

53..............................................................................................المدير أمراض من68..................................................................................................المالزم النقص69.......................................................................................................النقد تحمل70......................................................................................القدرة وتشخيص اإلدارة70...................................................................................................القدرات أنواع

71........................................................................................العقلية القدرات أقسام72...................................................................................العقلية غير القدرات أقسام74..........................................................................................وأنواعها الحركة قدرة

77.................................................................................إدارية مؤسسة أكبر الحكومة78.............................................................................االستشارية الحكومة سمات من

85.......................................................................................والموظفين العمال رضا86...................................................................................واالستياء الرضا عوامل من

88........................................................................................................: األجرة189...............................................................................................العمل : محتوى2

91....................................................................................................الترقية فرص92...................................................................................................اإلشراف نمط

94....................................................................................................العمل جماعة95...................................................................................................العمل ساعات96..........................................................................................المادية العمل ظروف96................................................................................................المؤسسة سمعة97............................................................................................................العطل

97..................................................................................................المالبسين رضا98....................................................................................................العمل وسائل98.....................................................................................................الناس إقبال99......................................................................................يلزمها وما األحزاب إدارة99......................................................................................................الكلمة جمع

99....................................................................................................الناس احترام100......................................................................................................االستقامة

100....................................................................................................االستشارية100........................................................................................................الواقعية

101....................................................................................................الصدر سعة101............................................................................................األعداء مع التعامل

101..................................................................................................الحقيقة اتباع101.......................................................................................................الناس مع

102..........................................................................................الروابط ال الضوابط102.............................................................................................والشيوخ الشباب

102......................................................................................................الواقعيات103..............................................................................................اإلسالمي الحكم103................................................................................................التهريج اجتناب103.................................................................................................اآلخرين تعييب104....................................................................................................العام السلم

105............................................................................................والهدف المبدأ بين105...............................................................................................الميداني العمل105..............................................................................................النشاطات توحيد

106...............................................................................................المؤسسات دور107.................................................................................................بالوعود الوفاء

360

109.........................................................................................اإلدارات بين الفروق109.......................................................................................صغير صناعي مشروع

109....................................................................................................الثقافة كلية109..............................................................................................الصغيرة المتاجر109..................................................................................................الجملة متاجر110.................................................................................................التأمين شركة

110..............................................................................................الحديدية السكك110..............................................................................................الطيران شركات111..................................................................................والمكتبية المنزلية األجهزة

111..................................................................................................المدراء إدارة112..................................................................................................المستشفيات

112.......................................................................................................السيارات113............................................................................................والمناصب األلقاب

115............................................................................................والقائد المدير بين116.........................................................................................الناجح المدير صفات129..........................................................................والذاتية االكتسابية المدير صفات

130.................................................................................الفضائل واكتساب اإلنسان130.................................................................................................والقيادة القائد132...............................................................................................والتابعون القائد134...................................................................................القيادة ومدة القائد ظهور

134.................................................................................والمدير والرئيس القائد بين135..................................................................................وحلها المرؤوسين مشاكل

135............................................................................................................العناد136.......................................................................................................مباالة الال

136..................................................................................................المبادرة عدم137...........................................................................................................الجفاء

137........................................................................................................العصيان138...........................................................................................................التحيز138..........................................................................................................الغرور139............................................................................................................الغباء

139......................................................................................................اإلشاعات139.....................................................................................ونقدهم الموظفين مدح

141.......................................................................................................الشكاوي144......................................................................................الرقابة وضرورة اإلدارة145................................................................................................الرقابة شروط

146...................................................................................................الرقابة أدوار148...........................................................................................الرقابة مهمات من

148.........................................................................................الرقابة وسائل توفير149........................................................................................الرقابة على يلزم مما

151............................................................................................الدولة في الرقابة151..................................................................................................الرقابة موارد154....................................................................................................العام الرأي

155...........................................................................................العام الرأي مقياس158...............................................................................................األسواق مراقبة160..........................................................................وأسبابها االستهالك زيادة مشكلة163..............................................................................................االستهالك ترشيد

361

166....................................................................................وشروطها الدينية اإلدارة

169.....................................................................................الدين علماء إلى الحاجة172................................................................................................الدين رجل دور

172.................................................................................................المثالي النزيه172..............................................................................................المبدأ في أسئلة173....................................................................................والمستقبل المصير حول

173......................................................................................والروح اإلنسان ارتباط173.........................................................................................واألوصياء األنبياء نهج

174.............................................................................الماضية والقرون الخالية األمم174.....................................................................................................الفكر سعة

175...................................................................................................البالد عمران175..................................................................................................المدن تجميل176..............................................................................................الحياة في الرفاه176...........................................................................................الزراعة على الحث176.....................................................................................................الفقر إزالة177....................................................................................................الكلمة جمع

178.................................................................................................الغيور الوطني178...............................................................................................اإلنسانية النزعة178................................................................................................العالمية النزعة

179.............................................................................................الثقافي المستوى179................................................................................................والعائلة األسرة180...............................................................................................واإلصالح الصلح

180..........................................................................................األخير العالج الطالق180................................................................................................المظلوم نصرة

181.........................................................................................المجتمع في التوازن181.........................................................................................الثروات تكدس عدم

182..............................................................................................والسالمة الصحة182................................................................................................الشامل السالم

182..............................................................................................البشرية الكرامة183..................................................................................................القضاء أفضل183...................................................................................................العربية اللغة

184..............................................................................................واألديان المبادئ184..............................................................................................الجرائم من الحد

185.........................................................................................المصاب عن التسلية185.................................................................................والتربية العطف على الحث

185...........................................................................................الرحم صلة ضرورة186............................................................................................الزواج على الحث186........................................................................................األجانب سيطرة عدم

186..................................................................................................الحرية مبادئ187.........................................................................................والقبح الحسن موارد

187.....................................................................................................التقدم نحو188...................................................................................واإلحسان البر مؤسسات

188....................................................................................................البالد تصنيع188..................................................................................................البطالة تقليل

188..........................................................................................والغش الربا محاربة362

189.............................................................................................الشرعية األحكام189..................................................................................................النفوس طب

190...................................................................................................الحياة مناهج190...................................................................................................مرشد واعظ190....................................................................................................أديب شاعر191.........................................................................................الخطر مواقع معرفة191....................................................................................................الفتن إخماد

191.........................................................................................................المصلح

193..............................................................................مركزية والال المركزية اإلدارة196.............................................................................................االتحادية الحكومة197......................................................................االتحادية الحكومة ومساوئ محاسن201....................................................................التدخل ومستثنيات المركزية الحكومة202....................................................................المحلية الحكومات بين األمني التعاون204.................................................................................اإلدارة أمراض عن الفحص205......................................................................................وأنواعها اإلدارة أعراض205....................................................................................الداخلية األعراض أقسام207...................................................................................الخارجية األعراض أقسام210............................................................................................االستشارة مكاتب

212...................................................................................................المرأة إدارة218.............................................................................واالستشارية الخطية الوحدات

221.............................................................................................االستشارية خبراء221.....................................................................................االستشاري العمل أنواع

224....................................................................المشورة إلى والحاجة الحكومة رئيس228.............................................................................................الماهرون العمال228................................................................................................الخبرات هجرة

229..................................................................................لإلدارة الصحيحة الظروف230.........................................................................باإلدارة المحيطة الظروف أقسام

230..........................................................................................االقتصادية الظروف232..........................................................................................االجتماعية الظروف232...........................................................................................السياسية الظروف232............................................................................................األخالقية الظروف233...................................................................والعامة الفردية المصلحة بين التعارض

235...........................................................................................اإلدارات من نماذج235.................................................................................................المزرعة إدارة

239...............................................................................................الزراعية الرقابة241......................................................................................الحوزة تنظيم مقومات

245................................................................................................المدارس إدارة247...................................................................................................الطلبة اتحاد

247.................................................................................ينبغي وما العلمية الحوزات248...............................................................................................المراجع شورى248................................................................................................الدراسة تنظيم249...................................................................................................المال تنظيم250...................................................................................................التبليغ تنظيم250..................................................................................................الوكالء تنظيم

250.........................................................................................الحياة أبواب مختلف363

251...................................................................................................الشباب جمع251.................................................................................................الحديثة العلوم

252.............................................................................................الحوزة ارتباطات252................................................................................والحكام المراجع شورى بين

253............................................................................................ودوره العام الرأي254.....................................................................................التجارية المصارف إدارة

257.........................................................................................التقديرية الميزانيات258............................................................................................البنك على الرقابة

258..................................................................................والمنظمات األحزاب إدارة259............................................................والشباب األحزاب إدارة في مراعاته يلزم ما

263...........................................................................................المستشفيات إدارة266..............................................................................................المستشفى أبنية

267..................................................................................المستشفيات على الرقابة268...................................................................................الخيرية المؤسسات إدارة271....................................................................................................الدولة إدارة272..............................................................والخاصة العامة اإلدارة بين مزعومة فروق

274..........................................................................بعض رأي على الجوهرية الفروق275..........................................................................................مشتركات أم فروق278..................................................................................الحقوقية المنظمات إدارة279...............................................................................................االستعمار فضح280.....................................................................................نفسه عن اإلنسان غربة

283....................................................................................................الدنيا جحيم284......................................................................................وأسبابه الروحي الفراغ

286..........................................................................................وعقوبات مشجعات288...........................................................................................اإلدارة مشاكل من

288.........................................................................................وحلها التنازع مشكلة289........................................................................................وحلها الروتين مشكلة

290...........................................................................................الروتين أسباب من294...................................................................................الروتين عالج في ذكر مما

295............................................................................اإلدارية األسئلة بعض في خاتمة

311.......................................................................................األمور تدير كيف فصل313........................................................................................الحياة في اإلدارة دور

314...................................................................................اكتساب أم غريزة اإلدارة316...........................................................................................................الصبر

317................................................................................المواقف بعض في السكوت318............................................................................................الشمولية المعرفة

319......................................................................................العظماء المدراء أحوال320.....................................................................................المهم على األهم ترجيح321............................................................................................................العفو

322.....................................................................................وصغارها األمور كبار بين322........................................................................................وتوزيعها األمور تنظيم323..................................................................................................الدائم التفكر

324.............................................................................................اإلداري التخطيط325..................................................................................................األخالق حسن325.............................................................................................األشخاص معرفة

364

327..................................................................................والقوة الضعف إظهار عدم328..............................................................................................الفصل قرار عند

330.................................................................................................النفس احترام330...............................................................................االنحطاط مستوى عن الترفع

331.........................................................................................................الحيوية332...................................................................................................الخطأ إصالح333..................................................................................................الوقت تنظيم333.............................................................................................الموظفين تشجيع

334..............................................................................................واإلتقان السرعة335.....................................................................................التحليل وقابلية التوسط

335...........................................................................................بالعمل التبجح عدم336.................................................................................................الثاقبة النظرة338...................................................................................................األذ�ن المدير

338..............................................................................................اإلدارية المراقبة339...............................................................................................المعاشرة طيب340..................................................................................................الصغار الخلل

341.........................................................................................النفرة يوجب ما ترك342...............................................................................................الناس ثقة جلب343............................................................................................اإلداري القرار قوة

343.....................................................................................................االستشارة344...............................................................................................االستفزاز تجنب345....................................................................................................األنانية عدم

346...........................................................................................................الحزم347..................................................................................................الدعاية أهمية

348.....................................................................................................اإليمان دور349.........................................................................................اإلداري الجهاز نزاهة

350....................................................................................النسبي النجاح هو المالك351............................................................................................النظر في التوسط351.......................................................................................الكوارث أمام الصمود

352........................................................................................والترفيع الترقية نظام353............................................................................................النفس عن الترفيه354................................................................................................الكسل محاربة354................................................................................................الشاملة العناية

355...............................................................................................النوعي التطوير355................................................................................الحرجة المواقف في اللباقة

357..................................................................................................االنخداع عدم359.....................................................................................................المحتويات

365