א

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

فهرس ٣........................................................................فهرس

٥.............................اتجاه النهضة الجديدة في العالم اإلسالمي ٥.............................................................:اإلسالم إلى

٥................................................................: األسباب ٦..........................................................:الغرب إفالس ٧...........................................................:اإلسالم آمال ٨..........................................................:التطور طبيعة ١١..............................................الصالة في الثالثة النظم ١٣...................................................:لالنزعاج مبرر ال

١٥................العالمية بالفكرة والتبشير اإلنسانية األخوة إعالن ١٦........................................:والنسب الجنس وحدة تقریر ١٨...................................................: الدین وحدة تقریر ٢٤................................................: الرسالة وحدة تقریر ٢٥........................................................:الشعائر وحدة

٣٢............................:العبادات ومظاهر والواجبات الحقوق ٣٣................:واإلحسان واإلیثار والحب الرحمة معاني تقریر ٣٤...............:اإلسالمي المجتمع في عمليا اإلنسانية هذه شيوع ٣٥............................................................: اليوم عالم

٣٦....................................................اإلســالم دين الســالم

٤٣........................................................اإلسـالم والحــرب ٤٣.....................................: اجتماعية ضرورة الحرب ـ أ ٤٥.................................: اإلسالم في الحرب أغراض ـ ب ٥٠......................:األغراض من ذلك لغير الحرب تحریم ـ ج ٥٢...................:عليها والتشجيع ذلك أمكن آلما السلم إیثار ـ د ٥٣.........:اإلنسانية اآدابه أعلى ومراعاة الحرب في الرحمة ـ هـ ٥٦...........................:والشروط والمواثيق بالعهود الوفاء ـ و

٥٩............................................................:الجزیة ـ ز ٦٥:الجهاد تحتم إذا الشجاعة وآمال االستعداد دوام على الحث ـ ح

٦٧..................................هل انتشرت دعوة اإلسالم بالسيف؟

٧١........هل اإلسالم وحده هو الذي أوصى بالسيف لحماية الحق؟

٧٤...........إلقرار السالم خطوات اإلسالم وما وضع من ضمانات ٧٦.............الخطوات؟ هذه من العصر هذا زعماء خطوات أین

نهضة الجديدة في العالم اإلسالمياتجاه ال

:إلى اإلسالم

يرى المراقبون االجتماعيون والسياسيون والمعنيون بتطورات الحياة في األمم والشعوب أن العالم اإلسالمي وفي مقدمته العالم العربي طبعا ، يتجه بنهضته الحديثـة اتجاهـا

كان وبعد أن ، وأن هذا االتجاه يقوى تياره بالتدرج . إسالميا الكتاب والمفكرون والعلمـاء والزعمـاء يتغنـون بأصـول الحضارة األوربية ووجوب االصـطباغ بصـبغها واألخـذ

تبدلت هذه النغمة وحل محلهـا ، الكامل بأساليبها ومناهجها وارتفعت األصوات المنادية بوجوب العودة ، التحفظ والحذر

ة وتقريـب الحيـا ، إلى أصول اإلسالم وتعاليمه ومناهجـه العصرية في هذه الشعوب إليهـا بقـدر اإلمكـان تمهيـدا

.لالصطباغ الكامل بصبغة اإلسالم

:األسباب

ويزعج هذا االتجاه كثيرا من الحكومـات والـدول الغربية التي عاشت طوال القرون الماضية في عقلية الذي ال

وال يـرى فـي ، يعرف عن اإلسالم إال التعصب والجمود ا مستضعفة للتسـخير وأوطانـا خصـبة المسلمين إال شعوب

وأخذوا يتوجسون من هذه الحركة ويذهبون في ، لالستعمار فمن قائل أنهـا نتيجـة قيـام ، تفسيرها وتأويلها كل مذهب

الهيئات المتطرفة والجماعات المتعصبة ، ومن قائل أنها رد فعل للضغط السياسي واالقتصادي الذي شعرت به هذه األمم

ذه األعصار ، ومن قائل إنها وسيلة يتوصـل اإلسالمية في ه وكل .. بها بعض طالب الحكم والجاه إلى الظهور والمنصب

هذه األسباب فيما نعتقد بعيدة عن الحقيقة كل البعد ، وهـذا :االتجاه ليس إال نتيجة لعوامل ثالثة فيما نرى

: إفالس الغربأولها ـ إفالس األصول االجتماعية التي قامت عليها

ضارة األمم الغربية فحياة الغرب التي قامت علـى العلـم حالمادي والمعرفة األولية والكشف واالختراع وإغراق أسواق العالم بمنتجات العقول واآلالت لم تستطع أن تقـدم للـنفس اإلنسانية خيطا من النور ، أو بصيصا من األمل أو شـعاعا

للراحـة ولم ترسم لألرواح القلقـة أي سـبيل . من اإليمان

ولهـذا كـان ، واالطمئنان ، وليس اإلنسان آلة من اآلالت طبيعيا أن يتبرم بهذه األوضاع المادية البحتـة وأن يحـاول الترفيه عن نفسه ، ولم تجد الحياة الغربية المادية ما ترفه به عنه إال الماديات أيضا من اآلثام والشهوات والخمور والنساء

، المغرية التي تلهى بها حينـا واألحفال الصاخبة والمظاهر ثم ازداد بها بعد ذلك جوعا على جوع وأحـس بصـرخات

، روحه تنطلق عالية تحاول تحطيم هـذا السـجن المـادي .واالنطالق في الفضاء واسترواح نسمات اإليمان والعزاء

:كمال اإلسالموثانيها ـ وهو العامل اإليجابي فـي الموضـوع ـ

ل اإلسالم ما في أصوله وقواعـده اكتشاف المفكرين من رجا وأنهـا أكمـل وأدق ، من سمو ورقي وصالحية واكتمـال

وأفضل وأشمل وأجمع من كل ما كشـفت عنـه الفلسـفات وقد كان المسلمون ، االجتماعية والعقول المصلحة إلى اآلن

غفلوا عن ذلك حينا من الدهر فلما كشف اهللا عـن بصـائر قواعد دينهم االجتماعية بما مفكريهم ، وقارنوا ما عندهم من

يتحدث عنه كبار االجتماعيين وأساطين وجهابذة المفكرين ،

ووجدوا البون شاسعا والفرق بعيدا عن كنوز هذا الميـراث لم يملكوا أنفسـهم مـن أن ، الضخم وبين ما يلهو به هؤالء

ينصفوا عقولهم وتاريخهم وشعوبهم ، وأن ينادوا بنفاسة هذا هيبوا بهذه األمم الغافلـة إسـالمية وغيـر الميراث ، وأن ي

إسالمية أن تستفيد من هذا اإلرشاد الرباني الكريم وأن تنهج .نهج هذا الصراط السوي المستقيم

:طبيعة التطوروثالثها ـ طبيعة التطور االجتماعي بعـد حـربين طاحنتين اشتركت فيهما دول العالم جميعا ، وتناولت النفوس

واألفراد ، ونبتت بعدهما طائفـة مـن واألوضاع والشعوب المبادئ اإلصالحية والنظم االجتماعية ، وقامت على أساسها دول ونهضت بتطبيقها ، ثم لم يمض كبير وقت حتى تناولتها يد التبديل والتغيير أو الهدم والتـدمير ، والمفكـرون مـن المسلمين ينظرون ويرقبون ويوازنون ويرجعون إلى ما بين

كتاب ربهم وهو مشرق ، ومن سنة نبيهم وهـى أيديهم من بينة ، ومن تاريخهم وهو مجيد ، فال يرون لنظام من هـذه النظم حسنة من الحسنات إال وجدوا أنها مقررة في نظـامهم

وأنهم سبقوا إليها فتحـدثوا عنهـا أو ، اإلسالمي االجتماعي عملوا بها ، وال يرون لنظام من هذه النظم سيئة من السيئات إال وجدوا أن نظامهم اإلسالمي االجتماعي قد حـذر منهـا

، واحتاط لها ووصف طريق الوقاية من نتائجهـا وآثارهـا سادت العالم حينا من الدهر هذه النظم الديمقراطية وانطلقت الحناجر في كل مكان تسبح وتقدس بما جاء به هذا النظـام

ومن الديمقراطي من حرية لألفراد وللشعوب على السواء ، إنصاف للعقل اإلنساني بحرية التفكير ، وللـنفس اإلنسـانية بحرية العمل واإلرادة ، وللشعوب بأن تكون مصدر السلطات

األولـى معـززا لهـذه ، وجاء النصر في الحرب العالمية األفكار متوجا إياها بإكليل الغار ، ثم لم يلبث الناس أن تبينوا

وأن حريتهـا ، لفوضـى أن حريتها االجتماعية لم تسلم من ا الفردية لم تأخذ الحيطة من اإلباحية ، وأن سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع من كثير من الديكتاتوريات المسـتورة التـي تضيع معها التبعات وال تحدد فيها االختصاصات ، إلى غير ذلك من المثالب والعيـوب التـي أدت إلـى تفكـك األمـم

ت والبيوت ومهدت لقيـام وتخلخل نظام الجماعا ، والشعوب .النظم ا لدكتاتورية

وأخذ ، فقامت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا كل من موسوليني وهتلر بيد شعبه إلـى الوحـدة والنظـام

وسرعان ما خطـا هـذا النظـام ، والنهوض والقوة والمجد بهاتين األمتين في مدارج الصالح في الداخل والقوة والهيبة

وبعث في النفوس اآلمال الخالدة وأحيا الهمـم ، ج في الخار وجمع كلمة المختلفين المتفرقين على نظام ، والعزائم الراكدة

وإمام ، وأصبح الفوهرر أو الدوتشي إذا تكلـم أحـدهما أو .خطب تفزعت األفالك والتفت الدهر

ثم تكشف األمر عـن أن هـذا الجهـاز .. ثم ماذا ؟ فيه إرادات األفراد فـي إرادات القوي المتماسك الذي فنيت

الزعماء أخطأ حين أخطئوا ، فطغـى بطغيـانهم وانحـرف وانتهى كـل شـيء وأصـبح ، بانحرافهم وهوى بسقوطهم

حصيدا كأن لم يغن باألمس بعد أن بذل العـالم فـي حربـه الثانية الماليين من زهرة الشباب والقناطير المقنطـرة مـن

.األموال والعتادوزاد في ، راكية والشيوعية بعد ذلك ولمع نجم االشت

هذا البريق واللمعان معني الفـوز واالنتصـار ، وتقـدمت ، روسيا السوفيتية إلى الميدان االجتماعي تبشـر بـدعوتها

وتدل على الدنيا بنظامها الذي تبدل في ثالثين عامـا عـدة مرات ، وأخـذت دول الـديمقراطيات أو بعبـارة أدق دول

البالية أو الجديدة الطامعة تعد العدة لتوقف االستعمار القديمة هذا التيار ، والصراع يقوى ويشتد تارة في العالنية وأخرى في الخفاء ، والدول واألمم والشعوب الحائرة على مفتـرق الطرق ال تدري أين السبيل ، ومنها أمم اإلسـالم وشـعوب

والمستقبل في ذلك كله بيـد اهللا والحكـم للتـاريخ ، القرآن . البقاء لألصلح على كل حالو

هذا التطور االجتماعي وهذا الصراع العنيف القوي أيقظ همم المفكرين من المسلمين فأخذوا يوازنون

وانتهوا بعد الموازنة إلى نتيجة صحيحة ، ويقارنون سليمة هي التخلص من كل هذه األوضاع ووجـوب عـودة

.شعوبهم وأممهم إلى اإلسالم

الصالة النظم الثالثة فيقلــت ذات مــرة مــداعبا للســامعين فــي إحــدى المحاضرات ـ وكانت خطوة موفقة كل التوفيق والحمـد هللا ـ إن هذه الصالة اإلسالمية التي نؤديها في اليـوم خمـس

، مرات ليست إال تدريبا يوميا على نظام اجتمـاعي عملـي امتزجت فيه محاسن النظـام الشـيوعي بمحاسـن النظـام

: محاسن النظام الدكتاتوري ، فعجبـوا وقـالوا الديمقراطي ب أفضل ما في النظام الشيوعي مـن : فقلت.. كيف كان ذلك؟

حسنات تدعيم معنى المسـاواة والقضـاء علـى الفـوارق ومحاربة االعتزاز بالملكية التي يكون عنها هذا ، والطبقات وهذه المعاني كلها يستحضرها المسلم ويشعر بها .. التفاوت

وتتركز في نفسه إذا دخل المسجد ألنه يستشعر ألول ، تماما دخوله أن هذا المسجد هللا ، ال ألحد من خلقه ، وأنـه سـواء العاكف فيه والباد ، ال صغير فيه وال كبيـر وال أميـر وال

قد قامـت : (حقير وال فوارق وال طبقات ، فإذا صاح المؤذن إمامه استوى هذا الجمع خلف ، ) قد قامت الصالة .. الصالة

فال يركع أحد حتى يركع اإلمـام وال ، كالبنيان المرصوص يسجد حتى يسجد وال يأتي بحركة أو سـكون إال تابعـا لـه ومقتديا به ومقلدا إياه ، وهذا هو أفضـل مـا فـي النظـام

الوحدة والنظام في اإلرادة والمظهر على السواء : الدكتاتوريلصالة ودستورها ، ، ولكن هذا اإلمام مقيد هو نفسه بتعاليم ا

فإذا انحرف أو أخطأ في تالوة أو عمل كان للصبي الصغير

وللرجل الكبير وللمرأة المصلية خلفه ، كان لكل واحد مـن هؤالء الحق كل الحق أن ينبهه إلى خطئه وأن يرده ، إلـى

وكان على اإلمام كائنا من كـان ، الصواب في أثناء الصالة يعدل عن خطئه إلى الحـق أن ينزل على هذا اإلرشاد وأن

والصــواب ، ولــيس فــي الديمقراطيــة أروع مــن هــذه فماذا بقى بعد ذلك لهذه النظم من فضـل علـى .. الحسنات وقد جمع محاسنها جميعا واتقى بهـذا المـزج ! .. اإلسالم؟

ولو كان من عنـد غيـر اهللا البديع كل ما فيها من سيئات ).٨٢:النساء (فا كثيرالوجدوا فيه اختال

:ال مبرر لالنزعاجوالغربيون كما قلت ـ ومعهم الذين ال يعلمـون ـ ينزعجون أشد االنزعاج لهذا االتجاه ويرونه من الخطـورة

ألنه ليس أكثر فـي ، بحيث تجب عليهم محاربته بكل سبيل وتجميع لألمم الهمجية ، عرفهم من انتصار للمبادئ الرجعية

ضد مبادئ الحضارة والمدنية وشعوب العلم والعرفان حولها وظلم صارخ للحقائق ، وهذا وهم عريق في الخطأ . والنظام

ومهمتنا في هذه ، الواضحة وضوح الشمس في وضح النهار :الكلمات أن نصل معهم إلى أمرين

إثبات سـمو أصـول النظـام االجتمـاعي : أولهماتلـك األصـول اإلسالمي وفضلها على كل ما عرف الناس

:التي منها اإلخاء اإلنسـاني ـ والقضـاء علـى روح الكراهيـة -ا

.والتعصب السالم ـ وخطأ الذين ال يعلمون في فهـم مشـروعية - ٢

.الجهاد الحرية ـ وخطأ الذين يتهمون اإلسالم بإباحـة الـرق – ٣

.ومصادرة الحريات العدل االجتماعي ـ وفيه بيان رأي اإلسالم في نظـام - ٤

.لحكم والطبقاتا . الحياة الطيبة ـ وفيه بيان الخطأ في فهم حقيقة الزهد- ٥ األسرة ـ وفيه الكالم على حقـوق المـرأة والتعـدد – ٦

.والطالق العمل والكسب ـ وفيه الكالم علـى أنـواع الكسـب - ٧

.والخطأ في فهم التوكل

العلم ـ وفيه خطأ من يتهمون النظام اإلسالمي بتشجيع - ٨ .الة والخمولالجه

النظام وتقدير الواجب ـ وفيه خطأ من يظنـون فـي - ٩ . طبيعة اإلسالم النقص واإلهمال

. التدين ـ وفيه حقيقة اإليمان باهللا والفضيلة والجزاء- ١٠

إثبات أن من الخير لإلنسانية كلها أن يتجه : وثانيهماالمسلمون إلى العودة لدينهم وأن ذلك سيكون أكبـر دعـائم

وأن الدافع في ذلك لـيس التعصـب ، لسالم على األرض ااألعمى ولكن االقتناع التام بفضل مـا جـاء بـه اإلسـالم وانطباقه تمام االنطباق على أرقى ما كشف عنـه التفكيـر

ودعائم نظمـه ، العقلي السليم من قواعد االجتماع الصالحة . القوية الثابتة

)هي وهق وقول الحاهللا يبيلودي الس(

إعالن األخوة اإلنسانية والتبشير بالفكرة العالمية

جاء اإلسالم الحنيف يعلن األخوة اإلنسانية ويبشـر ويسـلك إلـى ، ويبطل كل عصـبية ، بالدعوة إلى العالمية

تحقيق هذه الدعوة الكريمة السـامية كـل السـبل النظريـة .والعملية

الحقوق والواجبات ومظاهر العبادات تقرير وحدة الجنس والنسب

الرحمة والحب واإليثار واإلحسان تقرير وحدة الدين

يشيوع هذه اإلنسانية في المجتمع اإلسالم تقرير وحدة الرسالة

عالم اليوم وحدة الشعائر

: الجنس والنسبتقرير وحدة، فقد قرر وحدة الجـنس والنسـب للبشـر جميعـا

فالناس آلدم وال فضل لعربي على عجمي وال ألسود علـى (وحكمة التقسيم إلى شعوب وقبائل إنمـا ، ) أحمر إال بالتقوى

والتفاضـل ، هي التعارف ال التخالف والتعاون ال التخـاذل لى المجمـوع بالتقوى واألعمال الصالحة التي تعود بالخير ع

، واهللا رب الجميع يرقب هذه األخـوة ويرعاهـا ، واألفراد والشعور بحقوقها ، ويطالب عباده جميعا بتقريرها ورعايتها

.والسير في حدودهاويعلن القرآن الكريم هذه المعاني جميعا فـي بيـان

مـن يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم : ووضوح فيقول نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهمـا رجـاال كثيـرا اهللا كـان إن ـامحاألربه و لوناءاتقوا اهللا الذي تسو اءنسو

في ويقول النبي محمد . فاتحة سورة النساء عليكم رقيبا إن اهللا قد أذهب عنكم عيبـة : (عأشهر خطبه في حجة الودا

الناس آلدم ، وآدم مـن ، الجاهلية وتعظمها باآلباء واألجداد تراب ال فضل لعربي على عجمي وال ألسود على أحمر إال

ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منـا : (ويقول) بالتقوى) من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات علـى عصـبية

.رواه أبو داودا التقرير قضى اإلسالم تماما علـى التعصـب وبهذ

لألجناس أو األلوان في الوقت الـذي ال تـزال فيـه األمـم

وتخصص ، المتحضرة من أوربا وأمريكا تقيم كل وزن لذلك أماكن يغشاها البيض ويحرم منها السود حتى في معابد اهللا ، وتضع القوائم الطويلة للتفريق بين األجناس اآلرية والسامية

.وتدعي كل أمة أن جنسها فوق الجميع،

:تقرير وحدة الدين وأن ، وقرر اإلسالم وحدة الدين في أصوله العامـة

شريعة اهللا تبارك وتعالى للناس تقوم على قواعد ثابتـة مـن وأن األنبياء جميعا مبلغون ، اإليمان والعمل الصالح واإلخاء

جميعـا مـن وأن الكتب السـماوية ، عن اهللا تبارك وتعالى وأن المؤمنين جميعا في أية أمة كـانوا هـم عبـاده ، وحيه

وأن الفرقة في الدين ، الصادقون الفائزون في الدنيا واآلخرة وأن ، والخصومة باسمه إثم يتنافى مـع أصـوله وقواعـده

واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين ، وأن ذلك ر الناسهو الدين القيم وفطرة اهللا التي فط

شرع لكم من : (عليها ، وفى ذلك يقول القرآن الكريم الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصـينا بـه

) إبراهيم وموسى وعيسـى أن أقيمـوا الـدين وال تتفرقـوا

م مخاطبا النبي محمـد ويقول القرآن الكري ، ) ١٣:الشورى() : قـلو مهاءوأه ال تتبعت وا أمركم تقماسو عفاد فلذلك

آمنت بما أنزل اهللا من كتاب وأمرت ألعدل بينكم اهللا ربنـا جال ح الكممأع لكمالنا وملنا أع كمبرو عمجاهللا ي نكميبننا وية ب

صيره المإليننا ويويقول النبي محمد ) ١٥:الشورى) (ب ، مثلى ومثل األنبياء قبلـي : (مصورا هذا المعنى أبدع تصوير

كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إال موضع لبنة من زاوية له ويقولون هال من زواياه فجعل الناس يطرفون به ويعجبون

أخرجه ) وضعت هذه اللبنة ، فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين . الشيخان

فالمسلم ، وسلك اإلسالم إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا ، يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق ويصدق بكل كتاب نزل

ويثنى بالخير على كل أمة مـن ، ويحترم كل شريعة مضت يفترض ذلك ويعلنه ويأمر به النبي المؤمنين خلت ، والقرآن

قولوا آمنا باهللا وما أنزل إلينا ومـا أنـزل إلـى : (وأصحابه ـا أوتـيماط وباألسو قوبعياق وحإساعيل ومإسو اهيمرإب

فرق بين أحد موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ال ن ونلمسم له ننحو مثم يقفي على ذلـك ، ) ١٣٦:البقرة) (منه

بأن هذه هي سبيل الوحدة ، وأن أهل األديـان األخـرى إذا آمنوا كهذا اإليمان فقد اهتدوا إليهـا وإن لـم يؤمنـوا بـه فسيظلون في شقاق وخالف وأن أمرهم بعد ذلـك إلـى اهللا

ن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتـدوا وإن تولـوا فإ: (فيقول لـيمالع ـميعالس ـوهاهللا و مكفيكهـيفي شقاق فس ما هفإنم (

).١٣٧:البقرة(ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمـؤمنين علـى

: مكابرأساسين واضحين مسلمين ال يجادل فيهما إالاعتبار ملة إبراهيم عليه السالم أساسا للـدين : أولهما

وال شك وهو مرجع األنبياء الثالثة الذين عرفـت ، وإبراهيم موسى وعيسى ومحمد صلوات اهللا وسـالمه : رساالتهم وهم .عليهم جميعا

، تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم : وثانيهماتقرأ في سورة البقرة قولـه واالرتفاع بنسبته إلى اهللا وحده ف

ومن يرغب عن ملة إبراهيم إال من سفه نفسه ولقـد : (تعالى ـالحينالص ة لمنفي اآلخر إنها ونيفي الد ناهطفيإلـى ) اص

نحن لـه صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة و : (قوله تعالى ونابدالنا ، عملنا أعو كمبرنا وبر وهوننا في اهللا واجقل أتح

ونخلصم له ننحو الكممأع لكم(ثم إلى قوله تعالى ، ) و : تلكسـألون عمـا أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم وال ت

لونمع١٤١-١٣٠اآليات ) كانوا ي. إن القرآن يثني على األنبياء جميعـا فموسـى نبـي

وعيسـى ، ) ٦٩:األحـزاب ) (وكان عند اهللا وجيها : (كريم ) رسول اهللا وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منـه (عليه السالم

، جيها في الدنيا واآلخرة ومن المقـربين و(، ) ١٧١:النساء( ـالحينالص مـنـال وكهـد وهفـي الم الناس كلميآل ) (و

أكرمتهـا ، ) ٧٥:المائدة) (وأمه صديقة (، ) ٤٦-٤٥:عمراناصطفاك وطهرك وإذ قالت المالئكة يا مريم إن اهللا (المالئكة

الميناء العلى نسطفاك عاص٤٢:آل عمران) (و.( إنا أنزلنا التوراة فيهـا هـدى (والتوراة كتاب كريم

نورواإلنجيل كذلك كتاب كريم فيه هـدى ، ) ٤٤:المائدة) (ور ومصدقا لما وآتيناه اإلنجيل فيه هدى ونو (ونور وموعظة

تقينعظة للمومو دىهاة ورالتو ه منيدي ني٤٦:المائدة) (ب ( ،نـزل عليـك (وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية للنـاس

ـ ) لالكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة واإلنجي ).٣:آل عمران(

وبنو إسرائيل أمة موسى أمة كريمـة مفضـلة مـا يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمـت (استقامت وآمنت

المينلى العع لتكمأني فضو كمليوأمـة ، ) ١٢٢:البقـرة ) (ععلنا في وج(عيسى عليه السالم أمة فاضلة طيبة ما أخلصت

).٢٧:الحديد) (قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانيةوالتعامل بين المسلمين وبين غيرهم من أهل العقائـد واألديان إنما يقوم على أساس المصلحة االجتماعية والخيـر

وكم في الدين ولم ال ينهاكم اهللا عن الذين لم يقاتل (، اإلنساني حباهللا ي إن همتقسطوا إليو موهرتب أن اركمدي من وكمخرجي

قسطينين ، المفـي الـد قـاتلوكم ن الذيناهللا ع اكمنها يإنمإخراجكم أن تولـوهم وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على

ونالظالم مه فأولئك ملهتوي نم٩-٨:الممتحنة) (و.( ، والجدال يكون بالتي هي أحسن إال للـذين ظلمـوا

وأساسه التذكير بروابط الرسالة السـماوية ووحـدة العقيـدة تي هـي أحسـن إال وال تجادلوا أهل الكتاب إال بال (اإليمانية

كمأنزل إلـينا ونا بالذي أنزل إليقولوا آمو موا منهظلم الذينونلمسم له ننحو احدو كمإلهنا وإله٤٦:العنكبوت) (و.(

وبذلك قضى اإلسالم على كل مواد الفرقة والخالف والخصومة بين المـؤمنين مـن أي ديـن والحقد والبغضاء

شـريعة "ولفتهم جميعا إلى وجوب التجمـع حـول ، كانوا ونبذ كل ما من شأنه العداوة والخصـام بـين بنـى " اإلسالم

إن الـذين آمنـوا والـذين هـادوا والنصـارى (، اإلنسان وعمل صـالحا فلهـم والصابئين من آمن باهللا واليوم اآلخر

نـونزحي ـمال هو هملـيف عال خـوو همبر عند مهرأج ( ).٦٢:البقرة(

فإن أبى الناس إال أن يفترقوا ويختلفوا ويحتكموا إلى أهوائهم باسم الدين فإن اإلسالم وبنـي اإلسـالم وشـريعة

الذين فرقـوا ديـنهم إن(اإلسالم اإلنسانية العامة منهم براء مئهنبي إلى اهللا ثم مهرا أمء إنمفي شي مت منهعا لسكانوا شيو

لونفعا كانوا يبم ، ـنما وثالهأم شرع نة فلهسبالح اءج نمقل إننـي ، مثلها وهم ال يظلمون جاء بالسيئة فال يجزى إال

هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفـا شركينالم من ا كانمو ، ـاييحمـكي ونسالتي وص قل إن المينالع باتي هللا رممل ال شري ، وأنا أوت وأمر بذلكو له ك

لمينس١٦٣-١٥٩:األنعام) (الم.(

:تقرير وحدة الرسالة رسوال " عليه الصالة والسالم "ولهذا جاء النبي محمد

عالميا ال رسوال إقليميا وأعلن القرآن الكريم هذه العالمية في فرقان على عبده ليكون تبارك الذي نزل ال : (آيات كثيرة فقال

وما أرسلناك إال كافـة : (وقال، ) ١:الفرقان) (للعالمين نذيرا قل يا أيها النـاس : (وقال، ) ٢٨:سـبأ) (للناس بشيرا ونذيرا

الس لكم ميعا الذي لهج كمول اهللا إليسض إني راألرات واوم ـياألم وله النبيسرميت فآمنوا باهللا وييي وحي وإال ه ال إلهونتــدته لكــملع ــوهاتبعاتــه وكلمبــاهللا و ــؤمنالــذي ي (

ومن هنا كانـت رسـالته أيضـا ختـام ، ) ١٥٨:ألعراف(ما كان (قبها أو تنسخها وال نبي بعده الرساالت فال رسالة تع

ـينالنبي خـاتمول اهللا وسر لكنو الكمرج د منا أحأب دمحم (، ومن هنا كذلك كانت معجزته الخالدة الباقية ) ٤٠:األحزاب(

وإنـه إن الذين كفروا بالذكر لما جـاءهم (هذا القرآن الكريم زيزع خلفـه ، لكتاب ال مـنه ويدن ييب اطل منأتيه البال ي

).٤٢:فصلت) (تنزيل من حكيم حميدولقد كان الناس يتساءلون من قبل هذا العصر كيـف يكون فرد واحد من أمة واحدة رسوال للبشر جميعا فجاء هذا

المسافات ، وتجمعت فيه أطـراف العصر الذي انمحت فيه األرض بهذه المواصالت ، وتشابكت فيـه مصـالح األمـم والدول والشعوب حتى لكأنها بلد واحد كبير ، ال ينفك جانب

وانطلقت فـي ، منه عن الجانب اآلخر في قليل وال في كثير أجواز الفضاء أنباء الشرق يعلمها ساعة حـدوثها الغـرب ،

وتركـزت ، ليها لحظة وقوعها الشرق وأنباء الغرب يستمع إ ) النظام الواحـد (، و ) العالم الواحد (آمال المصلحين اليوم في

فكان ذلك آيـة ، ) السالم العالمي (و) الضمان االجتماعي (، و كبرى ومعجزة أخرى لنبي اإلسالم وشريعة اإلسالم وصدق

سهم حتى يتبين سنريهم آياتنا في اآلفاق وفي أنف : (اهللا العظيم ء شـهيدلى كـل شـيع أنه كبكف بري لمق أوالح أنه مله (

).٥٣:فصلت(

:وحدة الشعائروقد كان اإلسالم عمليا كعادته فلم يقف عند حد تقرير األصول النظرية لهذه الوحدة اإلنسانية ولكنه رسـم وسـائل

الشعائر والشرائع التي يتأكد بها هذا المعنى التطبيق ، وقرر في النفوس ، وثبت دعائمه في المجتمعات ، وهذا هو الفرق

بين الرساالت الفلسـفية والرسـاالت اإلصـالحية أو بـين ، فالفيلسـوف يقـرر النظريـات .. الفيلسوف والمصـلح

والمصلح يرسم قواعد التفيق ويشرف بنفسه علـى تمامـه ، سالم نظريا وعمليا معا ألنه رسالة اإلصالح ومن هنا كان اإل

الشامل الخالد ، وعلى هذا األساس قرر الشعائر والشـرائع التي يتحقق بالعمل بها ما دعا إليه من إنسانية عالمية وأخوة

. حقيقية بين البشر على اختالف أوطانهم وأجناسهم وألوانهم :ومن ذلك

هم وقلوبهم فعلى المؤمنين أن يصرفوا وجوه : القبلة بناهـا " الكعبة"وأفئدتهم كل يوم خمس مرات على األقل إلى

إبراهيم أبو األنبياء عليه الصالة والسالم ، وأن يشـعر كـل منهم بما يحيط بهذا الرمز الكريم من معاني األخوة وبالوحدة بين الناس جميعا ، كما أن طواف الطـائفين بهـذه الكعبـة

وينتهـز ، الشعور عمليا كذلك المشرفة إن هو إال توكيد لهذا بعض الذين ال يعلمون الحكمة البالغة والنظرة السامية فـي هذا التشريع الحكيم هذه الفرصة فيغمزون اإلسـالم بأنـه ال

وأن الكعبة والطواف من ، زال متأثرا ببقية من وثنية العرب حولها ، والحجر األسود واستالمه وما يحيط بذلك من معاني

، لتكريم إن هو إال مظهر من مظاهر هذا التـأثر التقديس وا وهذا القول بعيد عن الصحة عار عن الصـواب ، فالمسـلم الذي يرف بالكعبة أو يستلم الحجر يعتقد اعتقادا جازما أنهـا جميعا أحجار ال تضر وال تنفع ولكنه إنما يقدس فيهـا هـذا

معنى األخوة اإلنسـانية الشـاملة ، : المعنى الرمزي البديع ويذكر في ذلك قـول اهللا العلـي . والوحدة العالمية الجامعة

) جعـل اهللا الكعبـة البيـت الحـرام قيامـا للنـاس (الكبير والرمزية هي اللغة الوحيدة لتمثيـل المعـاني ). ٩٧:المائدة(

الدقيقة والمشاعر النبيلة التي ال يمكن أن تصورها األلفاظ أو رات ، والذي يعظم علم وطنه يعلم أنه في ذاتـه تجلوها العبا

قطعة نسيج ال قيمة لها ماديا ولكنه يشعر كذلك أنهـا ترمـز وإنهـا ، إلى كل معاني المجد والسمو التي يعتز بها وطنـه

فهو يحمـي هـذا العلـم ، تصور أدق المشاعر في وطنيته ويعظمه ويحترمه ويكرمه لهذه المعاني التي تجمعت جميعـا

والكعبة المشرفة علم اهللا المركوز في أرضـه . فيه وتمثلتليمثل به للناس أوضح معاني أخوتهم وليرمز به إلى أقـدس

وإنمـا كانـت بنـاء ليكونـوا كالبنيـان ، مظاهر وحدتهم ومن أجمل الجميل أن يقوم ، المرصوص يشد بعضه بعضا

وإذ(على رفع قواعد هذا البناء إبراهيم الخليل أبو األنبيـاء ل منا إنكنا تقبباعيل رمإست ويالب من اعدالقو اهيمرإب فعري

ليمالع ميع١٢٧:البقرة) (أنت الس.( وما الحجر األسود إال موضع االبتداء ونقطة التميـز في هذا البناء ، وعنده تكون البيعة لـرب األرض والسـماء

اللهم إيمانا بـك ال ، والتصديق والعمل والوفاء على اإليمان بالحجر ، وتصديقا بكتابك ال بالخرافة ، ووفاء بعهدك وهـو

محطـم التوحيد الخالص ال الشرك ، واتباعا لسنة نبيك .األصنام

فأين هذه المعاني الرمزية العلوية من تلك المظـاهر ، ركـز الوثنية الخرافية؟ إن الكعبة المشرفة رمز قائم خالد

اإلسالم من حوله أخلد وأقدس وأسـمى معـاني اإلنسـانية وإذ جعلنا البيت مثابة (العالمية واألخوة بين بنى البشر جميعا

للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهـدنا إلـى رطه اعيل أنمإسو اهيمركع إبالرو اكفينالعو للطائفين تييا ب

).١٢٥:البقرة) (السجود

وكما وحد اإلسالم القبلة فقـد وحـد اللغـة : واللغة إنا جعلناه قرآنا عربيـا (وأعلن أن العربية هي لسان القرآن

قلونتع لكمسان المؤمنين ، وأن القرآن هو ل ) ٣:الزخرف) (لعويقرر علماء . وأن دعوة اإليمان دعوة موجهة إلى العالمين

االجتماع أن اللغة هي أقوى الروابط بين األمم والشـعوب ، وهى نسب مـن ال . وأقرب وسائل التقريب والتوحيد بينها

وقد أدرك اإلسالم هذه الحقيقة ففـرض العربيـة ، نسب له اداتهم ومنح الجنسـية فرضا على المؤمنين في صلواتهم وعب

واعتبر . العربية لكل من نطق بلغة العرب وجرى لسانه بها جاء : (روى الحافظ ابن عساكر قال . أن العربية هي اللسان

قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسـي وصـهيب هؤالء األوس والخـزرج قـد : الرومي وبالل الحبشي فقال

فما بال هذا وهذا " بي يعنى الن "قاموا بنصرة هذا الرجل فقام إليه معـاذ بـن " مشيرا إلى غير العرب من الجالسين "؟

فـأخبره جبل رضي اهللا عنه فأخذ بتالبيبه ثم أتى النبي مغضبا يجر رداءه حتى أتى المسـجد بما قاله فقام النبي

يـا : "ثم نودي الصالة جامعة ، فاجتمع الناس فخطبهم قائال واحد ، وإن الـدين واحـد ، وليسـت أيها الناس إن الرب

العربية بأحدكم من أب وال أم وإنما هي اللسان ، فمن تكلـم ").العربية فهو عربي

وأي تشجيع أعظم من هذا على تعلم لغـة العـرب العـالمي الـذي " االسبرانتو"وتعميمها بين الناس لتكون هي

وقد يقـال إن . يربط البشرية بأقوى روابطها ، وهى اللسان لك خيال ال يتحقق والجواب أنه خيال حققته قوة أصـحابه ذ

الروحية والحسية من قبل وتحققه من بعد ، وال خيـال فـي الحقيقة إال مع الضعف ، وحقائق اليوم أحالم األمس وأحالم

وال تعاب الطريقـة المثلـى إذا هجرهـا . اليوم حقائق الغد لـدرب وكل من سار على ا "الناس وهذه هي الطريقة للوحدة

".وصل وتستمع إلى األذان وهو الصوت العالي الذي : األذان

تنطلق به حناجر المؤذنين في الصباح والمساء وعشيا وعند اهللا اكبر اهللا اكبر ، أشهد أن ال إلـه : (الظهيرة ومع الغروب

حي . حي على الصالة . أشهد أن محمدا رسول اهللا ، إال اهللا يكرر المؤذن ) ال إله إال اهللا . اكبر اهللا اكبر اهللا . على الفالح

أعدادها المعروفة أو هو يقول حي على خير العمل كما فـي

فهل ترى في هذا النداء دعوة إلى عصبية . بعض الروايات ال شـيء إال تمجيـد اهللا .. جنسية أو هتافا بنصرة طائفية؟

والحث على الخير والفالح والطاعة والصالة واإلرشاد إلـى .حسنة في محمد رسول اهللاألسوة ال

: الحقوق والواجبات ومظاهر العباداتوالمساواة العامة هي شعار اإلسـالم فـي الحقـوق

فالجنس اإلنساني مكرم كلـه ، والواجبات ومظاهر العبادات ولقـد كرمنـا بنـي آدم (، مفضل على كثير من المخلوقات

البو رفي الب ملناهمحو مـلناهفضات وبالطي من مقناهزرر وح ).٧٠:اإلسراء) (على كثير ممن خلقنا تفضيال

والناس جميعا مخاطبون بهـذه الـدعوة اإلسـالمية وكثيرا ما يستفتح الخطاب في القرآن الكريم بيا أيها النـاس

ناس في الحقوق إشارة إلى عموم هذه الرسالة وتسويتها بين ال والحقوق الروحية فضال عن الحقـوق المدنيـة ، والواجبات

والسياسية الفردية واالجتماعية واالقتصادية مقررة للجميـع وإن مـن (على السواء ، فما من شعب إال بعث إليه رسول

ا نذيرة إال خال فيهومظـاهر العبـادات ، ) ٢٤:فـاطر ) (أمبين الجميع يؤدونها على قدم المساواة وطرق أدائها مشتركة

، فهم في الصالة كالبنيان المرصوص ، وهم في الحج قلـب واحد يفدون من كل فج عميق ، وهم في الجهـاد صـف ال يتخلف عنه إال أعرج أو مريض أو أعمى أو معذور ، وهم في كل معنى من هذه المعاني كأسنان المشـط ال سـيد وال

، وقل مثل ذلك ) ١٠:الحجرات) (منون إخوة إنما المؤ (مسود في جميع الحقوق والواجبات والفرائض والعبادات التي جاء

.بها هذا اإلسالم

: تقرير معاني الرحمة والحب واإليثار واإلحسانولقد دعم اإلسالم هذه المعاني النظريـة والمراسـيم

حـب العملية ببث أفضل المشاعر اإلنسانية في النفوس مـن الخير للناس جميعا والترغيب في اإليثار ولو مـع الحاجـة

) وق شحي نمة واصخص بهم كان لوو لى أنفسهمع ونؤثريو ونفلحالم مه واإلحسان في كـل ) ٩:الحشر) (نفسه فأولئك ،

) المحسـنين وأحسـنوا إن اهللا يحـب (شيء حتى في القتل ) إنا ال نضيع أجـر مـن أحسـن عمـال (، ) ١٩٥:البقرة( ).٩٠:النحل) (إن اهللا يأمر بالعدل واألحسان(، ) ٣٠:الكهف(

وتقرير عواطف الرحمة حتى مع الحيوان فـأبواب الجنة تفتح لرجل سقى كلبا ، وتبتلع الجحـيم امـرأة ألنهـا

هرة بغير طعام كما جاء ذلك وغيره من كثيـر مـن حبست حتـى اسـتغرب أصـحابه مثله في أحاديث النبي محمد

نعم في : (وإن لنا في البهائم ألجرا يا رسول اهللا؟ قال : وقالوا

رواه البخاري ، وال شك أن هـذه ) كل ذات كبد رطبة أجر المشاعر هي التي تفيض علـى صـاحبها أفضـل معـاني

.جهه إلى تقدير قيمه األخوة العالميةاإلنسانية وتو

: شيوع هذه اإلنسانية عمليا في المجتمع اإلسالميوإن التاريخ ليحدثنا أن المجتمـع اإلسـالمي سـعد بتحقيق هذه المعاني في كل عصـر مـن العصـور التـي ازدهرت فيها دعوة اإلسالم وطبقها المؤمنون فيهـا تطبيقـا

ان الفارسي إلـى جانـب صحيحا ، ففي عهد النبوة كان سلم صهيب الرومي إلى جوار بالل الحبشي ومعهم فـي نسـق

واذكروا (واحد أبو بكر القرشي تضمهم جميعا أخوة اإلسالم تمحـبفأص قلـوبكم نيفألف ب اءدأع إذ كنتم كمليت اهللا عمنع

، ولم تعرف التعصـبات ) ١٠٣:آل عمران ) (بنعمته إخوانا الجنسية إال يوم ضعف شعور المسلمين بسـلطان التوجيـه اإلسالمي الصحيح واجتاحتهم شياطين التقليد فانحرفوا عـن

.هذا الصراط المستقيم

:عالم اليوم ولقد بشر زعماء العالم إبان محنـتهم فـي الحـرب

السـعيد الماضية بهذه اإلنسانية العالمية وهتفوا بالعالم الواحد فهل وصلوا . الذي تسوده الطمأنينة والعدالة والحرية والوئام

أو حاولوا أن يصلوا إليه فيما قـرروا .. إلى شيء من ذلك؟ من مؤتمرات وعقدوا من اجتماعات؟ وهل استطاعت هيئـة األم المتحدة أن تسوي في الحقوق بين أبناء الوطن الواحد في

ألمريكان على ترك التفاضل أفريقيا الجنوبية ، أو أن تحمل ا باأللوان؟ ال شيء من هذا ، ولـن يكـون إال إذا تطهـرت النفوس بماء الوحي العذب الطهور ، وسـقيت مـن معـين اإليمان ، وأخلصت لإلسالم دين األخوة والوحدة واإلنسـانية

والسالم ) ابدينم عالغا لقوذا لبفي ه إ ، إن ـلناكسا أرمال و

المينة للعمحر(

اإلســالم دين الســالم

اإلسالم شريعة السالم ودين المرحمة ما فـي ذلـك ال يخالف هذا إال جاهل بأحكامه أو حاقد على نظامـه ، شك

اسم اإلسالم نفسه ، أو مكابر ال يقتنع بدليل وال يسلم ببرهان نون بهـذا والمؤم، مشتق من صميم هذه المادة مادة السالم

ملة (الدين لم يجدوا ألنفسهم اسما أفضل من يكونوا المسلمين كـونـذا ليفي هل وقب من لمينسالم اكممس وه اهيمرإب أبيكم

) الرسول شـهيدا علـيكم وتكونـوا شـهداء علـى النـاس ).٧٨:الحج(

بلـى ( ولبه اإلسالم لرب العالمين وحقيقة هذا الدين

من أسلم وجهه هللا وهو محسن فله أجره عند ربه وال خوف نونزحي مال هو هملي١١٢:البقرة) (ع ( ،) لمأس هبر إذ قال له

المينالع بت لرلم١٣١:البقرة) (قال أس( ، ) ـلمنـا لنسأمروالمينالع ب٧١:األنعام) (لر.(

وتحية أهل اإلسالم فيما بينهم السالم عليكم ورحمـة اهللا بركاته ـ وختام الصالة عندهم سالم على اليمين وسالم على اليسار وسالم في األمام إن كانوا يصلون خلـف إمـام

بالسـالم بعـد أن كأنهم يبدءون أهل الدنيا من كل نواحيهـا فارقوها بخواطرهم لحظات انصرفوا فيها لمناجاة اهللا الملـك

.العالموقد نزل القرآن الكريم في ليلة كلها سالم تحف بـه

وما أدراك ما ليلـة ، إنا أنزلناه في ليلة القدر (مالئكة السالم تنزل المالئكة والروح ، ألف شهر ليلة القدر خير من ، القدر

) سالم هي حتى مطلع الفجـر ، فيها بإذن ربهم من كل أمر ).سورة القدر(

تحيـتهم (وأفضل ما يلقى اهللا به عباده تحية السـالم ).٤٤:األحزاب) (ا كريمايوم يلقونه سالم وأعد لهم أجر

وخير ما يستقبل المالئكة به الصالحين من عبـاد اهللا سالم ، والمالئكة يدخلون عليهم من كل باب (في جنة السالم

، ) ٢٤-٢٣:الرعـد ) (عليكم بما صبرتم فنعم عقبـى الـدار لهم دار السالم عنـد ربهـم (والجنة نفسها اسمها دار السالم لونمعا كانوا يبم مهليو وهو (، ) ١٢٧:األنعام) (وعـداهللا يو

) إلى دار السالم ويهدي من يشـاء إلـى صـراط مسـتقيم ).٢٥:يونس(

إله هو اهللا الذي ال (واهللا تبارك وتعالى اسمه السالم المالس وسالقد لكالم و٢٣:الحشر) (إال ه (

ولن يتأخر المسلم عن االستجابة لدعوة السالم ولـن وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على اهللا إنـه (يردها أبدا

ليمالع ميعالس وه ، عخدي وا أنريدي إناهللا و كـبسح فإن وك ؤمنينبالمره وبنص كدالذي أي وال (، ) ٦٢-٦١:ألنفال) (هو

ضـرع تغـونؤمنـا تبت ملس المالس كمألقى إلي نتقولوا لم .)٩٤:النساء) (الحياة الدنيا فعند اهللا مغانم كثيرة

وليست في الدنيا شريعة دينية وال نظـام اجتمـاعي فرض السالم تدريبا عمليا واعتبره شعيرة من شعائره وركنا من أركانه كما فرض اإلسالم رياضة النفس علـى السـالم باإلحرام في الحج ، فمتى أهل المسلم به فقد حرم عليه منـذ

و تلك اللحظة أن يقص ظفرا أو يحلق شعرا أو يقطع نباتـا أ يعضد شجرا أو يقتل حيوانا أو يرمى صيدا أو يؤذى أحـدا بيد أو لسان حتى ولو وجد قاتل أبيه وجها لوجه لما استطاع

) فال رفث وال فسوق وال جدال فـي الحـج (أن يمسه بشيء

فهو بهذا اإلحرام قد أصبح سلما لنفسه سلما ، ) ١٩٧:البقرة( . نباتلغيره من إنسان أو حيوان أو

فهي قرين السالم في تحيـة ، واإلسالم دين الرحمة ، ونبي اإلسالم إنما أرسله اهللا رحمـة للعـالمين ، المسلمين

بســم اهللا (وشعار المسلم الذي يردده قبل كل قول أو عمل والوصية بين المؤمنين الصبر والمرحمة ، ) الرحمن الرحيم

ثم كان من الذين آمنـوا وتواصـوا بالصـبر وتواصـوا ( ).١٨-١٧:البلد) (أولئك أصحاب الميمنة، بالمرحمة

و آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول محمـد وأعماله وتصرفاته كلها تدل على سمو منزلة الرحمـة بـين

. هذا الديناألخالق التي يأمر بهالقد فتحت أبواب الجنة وشـملت مغفـرة اهللا تعـالى

روى . ومنته رجال سقى كلبا يلهث يأكل الثرى من العطـش قال رسـول : (البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال

بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليـه العطـش : " في اهللا فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج وإذا كلب يلهث يأكـل

لقد بلغ هـذا الكلـب مـن : الثرى من العطش فقال الرجل العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فمال خفه ماء ثـم

أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر اهللا تعالى له فغفـر فـي : "وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال : قالوا يا رسول اهللا " له

") كل كبد رطبة أجرمرأة حبسـت هـرة وقسـت وفتحت أبواب النار ال

قال رسول : روى البخاري ومسلم أن ابن عمر قال ، عليها دخلت امرأة النار في هـرة ربطتهـا فـال هـي : ( اهللا

).أطعمتها وال هي تركتها تأكل من خشاش األرضومن قبل أن تنشأ جمعيات الرفق بالحيوان في أوربا

مي أو غيرها ، كان الرفق بالحيوان شـعار الـدين اإلسـال عن أبي هريرة رضي اهللا عنه . لكل مسلم ووصية النبي

التتخذوا ظهور دوابكم منابر إنمـا : (قال رسول اهللا : قالسخرها اهللا لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونـوا بالغيـه إال بشـق

رواه أبـو ) األنفس وجعل لكم األرض فعليها فاقضوا حاجتكم .داود

يـه رضـي اهللا وعن عبد الرحمن بن عبد اهللا عن أب في سفر فرأينا حمرة معها كنا مع رسول اهللا : (عنه قال

فرخان لها فأخذناها فجاءت الحمرة تعرش فلما جاء رسـول " . من فجع هذه بولـدها ، ردوا ولـدها إليهـا : " قال اهللا

قلنا نحن " من أحرق هذه؟ : "ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال أخرجـه ") لنار إال رب النار إنه ال ينبغي أن يعذب با : "قال

.أبو داود أيضاوروى ابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز رضي اهللا عنه أنه نهى عن ركض الفرس إال لحاجة وأنـه كتب إلى صاحب السكك أال يحملوا أحـدا بلجـام ثقيـل وال ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة ـ وكتب إلى حيان بمصـر

نقاالت يحمل على البعير منها ألف أنه بلغني أن بمصر إبال رطل فإذا أتاك كتابي هذا فال أعرفن أنه يحمل على البعيـر

.اكثر من ستمائة رطلبـذلك ألن " مصـر القديمـة "وإنما سمي الفسطاط

فسطاط عمرو بن العاص حين الفتح اتخذت من أعاله حمامة عشا لها فلم يشأ عمرو أن يهيجها بتقويضه فتركـه وتتـابع

. ان من حوله فكانت مدينة الفسطاطالعمروما ذلك كله إال أثرا من آثار الرحمة التي يشـيعها اإلسالم في نفوس المؤمنين ، فهو وال شك ديـن الرحمـة ،

.وهو وال شك دين السالم

وإذا كان اإلسالم دين السالم ودين الرحمة فما موقفه ـ ا من فكرة الحرب والقتال والجهاد ؟ وهل انتشر بالسيف كم

يقول عنه كثير من خصومه الذين لم يعرفوه أو تعمـدوا أن يتجاهلوه؟ وهل انفرد دون غيره مـن األديـان بمشـروعية القتال؟ هذه هـي رؤوس الموضـوعات التـي سـنعالجها

.مختصرة في هذه الكلمات التالية

اإلسـالم والحــرب

الرحمة في الحرب الحرب ضرورة اجتماعية

الوفاء بالعهود والمواثيق أغراض الحرب في اإلسالم

الجـزية تحريم الحرب لغير تلك األغراض

االستعداد الحث على دوام إيثار السلم كلما أمكن ذلك

: أ ـ الحرب ضرورة اجتماعية عها اإلسالم للحياة هي وال القاعدة األساسية التي وض

شك الطمأنينة والسالم واالستقرار ، ولكن اإلسالم مع هـذا دين يواجه الواقع وال يفر منه ، وما دامت في الدنيا نفـوس لها أهواء ونوازع ومطامع ، وما دام هناك هـذا النـاموس الذي يطبق على األفراد والجماعات على السواء ، نـاموس

د إذن من االشتباك والحرب ، وحين تكون تنازع البقاء ، فالب

الحرب لردع المعتدي وكف الظالم ونصرة الحق واالنتصاف للمظلوم تكون فضيلة من الفضائل وتنـتج الخيـر والبركـة والسمو للناس ، وحين تكون تحيـزا وفسـادا فـي األرض واعتداء على الضعفاء تكون رذيلة اجتماعية وتنـتج السـوء

ومن هنا جاء اإلسالم يقرر هـذا . ناس والشر والفساد في ال ولوال دفع اهللا الناس : (الواقع ويصوره ، فيقول القرآن الكريم

بعضهم ببعض لفسدت األرض ولكـن اهللا ذو فضـل علـى المينال : (كما يقول في آية أخرى ، ) ٢٥١:البقرة) (العلـوو

ناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات دفع الله ال هـرنصي ناهللا م نرنصلياهللا كثيرا و ما اسفيه ذكري اجدسمو

زيزع اهللا لقوي وا ، إنض أقـامفـي األر مكناهم إن الذينوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وهللا الصالة وآت

).٤١-٤٠:الحج) (عاقبة األموروبذلك كانت أولى نظرات اإلسالم إلى الحرب أنهـا ضرورة اجتماعية أو شر ال بد منه إال لما يرجى من ورائه

:من خير على حد قول الشاعر العربي الخيـر ضقت بـه والشر إن تلقه ب

ذرعا وإن تلقه بالشر ينحسـم

والناس إن ظلموا البرهان واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا من السلم

:ب ـ أغراض الحرب في اإلسالم وفى الوقت الذي يقرر اإلسالم فيه هذا الواقع يحـرم الحرب ويسمو بها وال يدعو إليها أو يشجع عليها إال لهـذه

:ألغراض األساسية السامية العالية الحقةاواألهل والمـال رد العدوان والدفاع عن النفس - ١

وقاتلوا في : (وفي ذلك يقول القرآن الكريم ، والوطن والدين تدينعالم حباهللا ال ي وا إنتدال تعو قاتلونكمي بيل اهللا الذينس (

وكانت أول آية من آيات القتال نزلت وفيها ،) ١٩٠:البقرة(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن : (اإلذن به قول اهللا تعالى لقدير رهملى نصا : (، وفى اآلية الثالثة ) ٣٩:الحج( )اهللا عمو

، ) ٧٥:النساء..) (ين لكم ال تقاتلون في سبيل اهللا والمستضعف : وروى مسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي اهللا عنه قـال

يا رسول اهللا أرأيت إن عدي : فقال جاء رجل إلى النبي (: فإن أبوا علـي؟ قـال : ، قال " فانشد باهللا : "على مالي؟ قال

، قال فإن " فانشد باهللا : "فإن أبوا علي؟ قال : ، قال " فانشد باهللا "

فقاتل ، فإن قتلت ففي الجنـة ، وإن قتلـت : " قال أبوا علي؟ ").ففي النار

وروي أبو داود و الترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعد بن يزيد رضي اهللا عنه قـال سـمعت رسـول اهللا

ن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهـو : (يقولهـو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله ف

).شهيدوروى البخاري والترمذي عن عبد اهللا بن عمرو بن

: يقـول العاص رضي اهللا عنهما قال سمعت رسول اهللا ).من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد(

تأمين حرية الدين واالعتقاد للمـؤمنين الـذين - ٢

يحاول الكافرون أن يفتنوهم عن دينهم وفى ذلك يقول القرآن يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير (الكريم

وصد عن سبيل اهللا وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهلـه ، ) ٢١٧:البقـرة ) (منه أكبر عند اهللا والفتنة أكبر من القتـل

وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكـون : (ل في آية أخرى ويقو

لـى الظـالمينإال ع انوـدا فـال عـوهللا فـإن انته ينالد ( ).١٩٣:البقرة(

حماية الدعوة حتى تبلغ إلى الناس جميعا ويتحدد -٣

وذلـك أن اإلسـالم رسـالة ، موقفهم منها تحديدا واضحا تماعية إصالحية شاملة تنطوي على أفضل مبادئ الحـق اج

والخير والعدل وتوجه إلى الناس جميع كما قال اهللا تبـارك وما أرسـلناك إال كافـة : ( وتعالى لنبي اإلسالم محمد

فال بـد أن تـزول مـن ، ) ٢٨:سـبأ) (للناس بشيرا ونذيرا وال بد أن يعرف موقـف طريقها كل عقبة تمنع من إبالغها

كل فرد وكل أمة بعد هذا البالغ ، وعلى ضوء هذا التحديـد ، فـالمؤمنون إخـوانهم : تكون معاملة اإلسالم وأهله للناس

، وأهل الذمة يوفى لهـم بـذمتهم ، والمعاهدون لهم عهدهم واألعداء المحاربون ومن تخشى خيانتهم ينبذ إليهم فإن عدلوا

حوربوا جزاء اعتـدائهم حتـى ال عن خصومتهم فيها وإال يكونوا عقبة في طريق دعوة الحق أو مصدر تهديد وخيانـة ألهلها ال إكراها لهم على قبول الدعوة وال محاولـة لكسـب

) ال إكراه في الدين قد تبين الرشد مـن الغـي (إيمانهم بالقوة

لك مفضلة إيـاه ، واآليات واألحاديث ناطقة بذ ) ٢٥٦:البقرة(وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم : (في مثل قول اهللا تعالى

فليقاتل فـي سـبيل اهللا الـذين (، ) ٥٨:ألنفال) (على سواء بيل اهللا فيقاتل في سي نمة وا باآلخرنياة الديالح ونشري قتل أو

وقوله تعالى ، ) ٧٤:النساء) (يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما قاتلوا الذين ال يؤمنون باهللا وال باليوم اآلخر وال يحرمون ما (

حرم اهللا ورسوله وال يدينون دين الحق مـن الـذين أوتـوا ) لكتاب حتى يعطوا الجزيـة عـن يـد وهـم صـاغرون االذين آمنوا يقاتلون في سـبيل : (،وقوله تعالى ) ٢٩:التوبة(

ـاءليبيل الطاغوت فقاتلوا أوفي س قاتلونوا يكفر الذيناهللا و ).٧٦:النساء) (يطان كان ضعيفاالشيطان إن كيد الش

وروى البخاري ومسلم عن ابن عمـر رضـي اهللا أمرت أن أقاتل الناس حتى : (قال رسول اهللا : عنهما قال

يشهدوا أن ال إله إال اهللا وأن محمـدا رسـول اهللا ويقيمـوا الصالة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منـى دمـاءهم

).سالم وحسابهم على اهللاوأموالهم إال بحق اإل

تأديب ناكثي العهد مـن المعاهـدين أو الفئـة - ٤الباغية على جماعة المؤمنين التي تتمرد على أمر اهللا وتأبى

وإن : (حكم العدل واإلصالح وفى ذلك يقول القرآن الكـريم قاتلوا أئمـة نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ف

وننتهي ملهلع مله انمال أي مما نكثوا ، الكفر إنهقو أال تقاتلون) أيمانهم وهموا بإخراج الرسـول وهـم بـدأوكم أول مـرة

ـ : (ويقول، ) ١٣:التوبة( الم طائفتان من إناقتتلـوا و ؤمنينفأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على األخرى فقاتلوا التـي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهللا فإن فـاءت فأصـلحوا بينهمـا

قسطينالم حباهللا ي أقسطوا إنل ود٩:حجراتال) (بالع.(

إغاثة المظلومين من المـؤمنين أينمـا كـانوا - ٥وفى ذلك يقول القرآن الكـريم ، واالنتصار لهم من الظالمين

إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسـهم فـي ( هضعب وا أولئكرنصا ووآو الذينبيل اهللا وـض سعب اءليأو م

والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من واليتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إال علـى

).٧٢:ألنفال) (ن بصيرقوم بينكم وبينهم ميثاق واهللا بما تعملو

: ج ـ تحريم الحرب لغير ذلك من األغراضفكل ما سوى هذه األغراض اإلنسـانية اإلصـالحية الحقة من المقاصد المادية أو النفعية فإن اإلسـالم ال يجيـز الحرب من أجلها بحال من األحـوال وذلـك واضـح كـل

لى سبيل الوضوح في إضافة اإلسالم القتال أو الجهاد دائما إ اهللا فال تزد واحدة من هاتين الكلمتين في بحث من البحـوث

على أن القرآن الكريم قد ، اإلسالمية إال مقرونة بهذا السبيل صرح بتحريم كل قتال لغير هـذه األغـراض المشـروعة

وسجل التـاريخ وأكدت هذا التحريم أحاديث النبي محمد ا أبدا إال وجـه اهللا ذلك ألصحابه الذين لم يريدوا بقتالهم شيئ

وتحقيق المقاصد المتقدمة كلها أو بعضها وفي ذلـك يقـول يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سـبيل اهللا : (القرآن الكريم

تغـونؤمنا تبت ملس المالس كمألقى إلي نال تقولوا لمنوا ويفتبحياة الدنيا فعند اهللا مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبـل عرض ال

) فمن اهللا عليكم فتبينوا إن اهللا كـان بمـا تعملـون خبيـرا ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى : (ويقول، ) ٩٤:النساء(

ي األرض تريدون عرض الدنيا واهللا يريـد اآلخـرة يثخن ف

كيمح زيزاهللا عو ، ا أخذتمفيم كمسق لمباهللا س من ال كتابلوظيمع ذاب٦٨-٦٧:ألنفال) (ع.(

: وأخرج الخمسة عن أبى موسى رضي اهللا عنه قال يقاتل شجاعة ويقاتل حميـة عن الرجل سئل رسول اهللا (

من قاتـل لتكـون : "ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل اهللا؟ فقال ").كلمة اهللا هي العليا فهو في سبيل اهللا

أن (وأخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي اهللا عنه يا رسول اهللا رجل يريد الجهاد في سبيل اهللا وهو : رجال قال

، فأعاد عليه ثالثا " هال أجر ل : "يبتغى عرضا من الدنيا فقال ").ال أجر له: "كل ذلك يقول

ولقد تأثر أصحاب النبي حتى األعراب مـنهم بهـذا السمو في الغرض من القتال حتى روى النسائي عن شداد بن

أن رجال من األعراب جـاء فـآمن (الهادي رضي اهللا عنه بـه بعـض فأوصى النبي ، أهاجر معك : بالنبي ثم قال

: زاة غنم النبي فيها شيئا فقسم وقسم له فقال أصحابه فكانت غ ما على هذا اتبعتـك ولكنـى : قال" قسمته لك "فقال . ما هذا

وأشار بيده إلى حلقه بسهم -اتبعتك على أن أرمى إلى ههنا فلبثوا " إن تصدق اهللا يصدقك : " فأموت فأدخل الجنة فقال -

قـد قليال ثم نهضوا في قتال العدو فأتى به النبـي محمـوال نعـم : قـالوا " أهو هو؟ : "أصابه سهم حيث أشار فقال النبي

ثم كفن في جبة النبي ثم قدمه فصلى " صدق اهللا فصدقه : "قالاللهم إن هذا عبدك خـرج : "عليه فكان مما ظهر من صالته

").مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا شهيد على ذلكوصحف التاريخ فياضة بمثل هذه الزهادة منهم فـي

ض الحياة الدنيا وغنائم الفتح وأن غرضهم من الجهاد لم عر .يكن شيئا إال إعالء كلمة اهللا وحماية دعوته في الناس

:د ـ إيثار السلم كلما أمكن ذلك والتشجيع عليها فالمسلم ال يحارب إال مكرها على القتال بعد استنفاد

وحين تلوح بارقة أمل فـي السـلم ، وسائل المسالمة جميعا وجب عليه اإلسالم أن ينتهزها وأال يدع الفرصة تفلت مـن ي

يده وعليه أن يعمل على إطفاء نار الحرب ما استطاع إلـى وإن جنحوا للسلم : (وفى ذلك يقول القرآن الكريم ، ذلك سبيال

ليمالع ميعالس وه لى اهللا إنهكل عتوا وله نح٦١:ألنفال) (فاج (بعثنا : (، وروى أبو داود عن الحارث بن مسلم عن أبيه قال

" أي مكان المغارة " في سرية فلما بلغنا المغار رسول اهللا

استحثثت فرسي فسبقت أصحابي فتلقاني أهل الحي بـالرنين فقالوهـا فالمنـي " قولوا ال إله إال اهللا تحـرزوا : "فقلت لهم

قدمنا على رسـول اهللا حرمتنا الغنيمة فلما : أصحابي وقالوا ن لي ما صنعت ثـمأخبروه بالذي صنعت فدعاني فحس

أما إن اهللا قد كتب لك لكل إنسان منهم كذا وكذا من "قال لي ففعل وختم " أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي : "وقال" األجر

").عليه ودفعه إلي

هـ ـ الرحمة في الحرب ومراعاة أعلى آدابها :اإلنسانية

كانت الحرب وال بد فإن المسلم يضـرب فيهـا فإذا أروع المثل على الرحمة والتفضل ومراعاة أعلـى آدابهـا اإلنسانية فإذا رجحت كفة المسلمين على أعدائهم وظهـرت الغلبة لهم فإن عليهم بحق القرآن أن يكفوا عن القتل ويكتفوا باألسر ليمنوا على األسير بعد ذلك بحريته أو يفتدوا به مثله من أساراهم فيحسنوا إلى إنسانين من عباد اهللا وفى ذلك يقول

فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتـى : (القرآن الكريم

عتى تضح اءا فدإمو دعنا با مثاق فإموا الوفشد موهإذا أثخنتم هارزأو بروأما الرق فسـيأتي تفصـيل ، ) ٤:محمد) (االح

الكالم عنه في بحث آخر ، وحسبنا اآلن أن نقول إنه معنـى من معاني الرحمة التي شرعها اإلسالم في الحـرب فأبـدل حكم اإلعدام وهو القتل بحكم السجن المؤبد وهو الرق بعـد األسر ثم جعل لهذا السجن بعد ذلك عدة منافذ يستطيع األسير

أن يسترد حريته بكل سهولة ال يبيح اإلسالم الرق بحال فيها من األحوال إال في هذا الموقف والذي تتجسم فيـه معـاني

.الرحمة واإلحسانوالمسلم فئ قتاله ، ال يغدر وال يفجر وال يفسـد وال

يتلف وال ينهب ماال وال يقتل امرأة وال طفالى وال شيخا كبيرا واليتبع مدبرا وال يجهز على جرح

وال يمثل بقتيل وال يسيء إلى أسير وال يتعرض لمسـالم أو .رجل دين وال يقصد أن يضرب وجها أو يقتل صبي

: أخرج أبو داود عن ابن مسعود رضي اهللا عنه قال وأخرج ). أعف الناس قتلة أهل اإليمان : ( قال رسول اهللا

نهى رسـول : (البخاري عن عبد اهللا بن يزيد األنصاري قال ). عن النهبى والمثلة اهللا

: وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي اهللا عنه قال ).إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه: (قال رسول اهللا

غزونا مع عبد : (وأخرج أبو داود عن أبى يعلى قال الرحمن بن خالد بن الوليد فأتى بأربعة أعالج من العدو فأمر

يوب األنصاري رضـي بهم فقتلوا صبرا بالنبل فبلغ ذلك أبا أ ينهى عن قتل الصـبر سمعت رسول اهللا : "اهللا عنه فقال

فبلغ ذلك عبد " فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها ).الرحمن فأعتق أربع رقاب

: وأخرج الستة ، إال النسائي ، عن ابن عمـر قـال فنهى وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول اهللا (

). قتل النساء والصبيان عنرسول اهللا وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن بريدة رضى

إذا أمر األمير على جيش كان رسول اهللا : (اهللا عنه قال أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اهللا تعالى ومن معه مـن

اغزوا باسم اهللا في سبيل اهللا قـاتلوا : "المسلمين خيرا ثم قال تغلوا وال تغـدروا وال تمثلـوا وال من كفر باهللا اغزوا وال

").تقتلوا وليدا

وكانت هذه الوصـية شـعار الخلفـاء واألمـراء ، ، يوصون بها دائما قواد الجيوش حين يبعثون بهم إلى القتال

ال تخونـوا وال : (أوصى أبو بكر أسامة رضي اهللا عنه فقال تغدروا وال تمثلوا ، وال تقتلوا طفال وال شـيخا كبيـرا وال

وال تقطعـوا شـجرة ، وال تعقروا نخال وال تحرقوه ، أة امروال تذبحوا شاة وال بقـرة وال بعيـرا إال لألكـل ، ، مثمرة

وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قـوم فحصـوا

أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثلاندفعوا : (ثم قال ، ) ف خفقا العصائب فاخفقوهم بالسي

).باسم اهللافهل رأت الساحات والميادين أرق من هذه األفئـدة

وألين من هذه القلوب؟

:و ـ الوفاء بالعهود والمواثيق والشروط فإذا كانت هدنة وموثـق وعهـد وصـلح وشـرط فاإلسالم يشدد في مالحظة ذلك والمحافظة علـى صـورته

الخالفين من أبنائه إن غـدروا ومعناه أدق المحافظة ويتوعد

واآليات واألحاديث في ذلك واضـحة ، ولم يفوا بأشد الوعيد محكمة ال تدع مجاال إلباحة نقض العهد بالخيانة فيـه وقـت القوة وعده قصاصة ورق عند إمكان الخروج عليه بالحيلة ،

تم وأوفوا بعهد اهللا إذا عاهـد : (وفى ذلك يقول القرآن الكريم وال تنقضوا األيمان بعد توكيدها وقد جعلتم اهللا عليكم كفـيال

لونا تفعم لمعاهللا ي إن ، ا منلهت غزال تكونوا كالتي نقضو نكميخال بد انكممأي ة أنكاثا تتخذوند قوعب ة هـيأم تكون أن

أربى من أمة إنما يبلوكم اهللا به وليبينن لكم يوم القيامـة مـا فيه تختلفون ٩٢-٩١:النحل) (كنتم ( ،) من تمداهع إال الذين

ولم يظـاهروا علـيكم أحـدا المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا تقـينالم حـباهللا ي إن تهمـدإلـى م مهـدهع هموا إليفأتم (

) وأوفـوا بالعهـد إن العهـد كـان مسـؤوال (، ) ٤:التوبة( ).٣٤:اإلسراء(

وأخرج أبو داود عن صفوان بن سليم عن عدة مـن ء الصحابة عن آبائهم رضي اهللا عنهم أن رسـول اهللا أبنامن ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخـذ : (قال

).منه شيئا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة

: قال أهل سمرقند لعاملهم سليمان بن أبي السـري ( وقد أظهر اهللا العـدل ، إن قتيبة غدر بنا وظلمنا وأخذ بالدنا

واإلنصاف فأذن لنا فليفد منا وفد إلى أمير المؤمنين ـ وهو يومئذ عمر بن عبد العزيز ـ يشكون ظالمتنا فإن كان لنـا

فإن بنا إلى ذلك حاجة ، فأذن لهـم فوجهـوا ، حق أعطيناه منهم قوما إلى عمر ، فلما علم عمر ظالمـتهم كتـب إلـى

ا أصابهم إن أهل سمرقند قد شكوا إلي ظلم : "سليمان يقول له ، وتحامال من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم ، فـإذا أتاك كتابي هذا فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمرهم ، فـإن قضى لهم فأخرجهم إلى لمعسكرهم كما كانوا وكنتم قبـل أن

" جميع بن حاضـر "فاجلس لهم سليمان ، " يظهر عليهم قتيبة معسـكرهم القاضي ، فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلـى

. وينابذوهم على سواء فيكون صلحا جديدا أو ظفرا عنـوة بل نرضى بما كان وال نجدد حربـا ، ألن : فقال أهل السند

قد خالطنا هؤالء القوم وأقمنا معهـم : أهل الرأي منهم قالوا وأمنونا وأمناهم فإن عدنا إلى الحرب ال ندرى لمـن يكـون

نا عداوة في المنازعة ، الظفر ، وإن لم يكن لنا نكون قد اجتنب

) .. فتركوا األمر على ما كان عليه ورضوا ولـم ينـازعوا .وهذا منتهى المبالغة في تقصى العدل والوفاء بالعهد

:ز ـ الجزية ولسنا نحب أن تمر هذه الكلمات عن موقف اإلسالم من الحرب قبل أن نتناول أمر الجزية بكلمة توضح معناهـا

عن حكمتها وكيف أنها أبلغ معـاني والمقصود منها وتكشف :اإلنصاف والمرحمة التي جاء بها اإلسالم فنقول

الجزية ضريبة كالخراج تجبى علـى األشـخاص ال على األرض والكلمة عربية مشتقة من الجزاء ألنهـا تـدفع نظير شيء هو الحماية والمنعة ، أو اإلعفاء من ضريبة الدم

نهـا فارسـية معربـة والجندية ، وذهب بعض العلماء إلى أ ومعناها الخراج الذي يسـتعان بـه علـى " كزيت"وأصلها وقال إن كسرى هو أول من وضع الجزية وعلـى . الحرب

هذا فهي نظام في الضريبة نقله اإلسالم عن الفارسـية ولـم .يبتكره

ولقد قرر اإلسالم ضريبة الجزية على غير المسلمين د اإلسـالمي بحمـايتهم في البالد التي يفتحها نظير قيام الجن

وحراسة أوطانهم والدفاع عنها في الوقت الـذي قـرر فيـه لضريبة الدم ، وإنمـا " بدل نقدي "فهي ، إعفاءهم من الجندية

إليها مع غير المسـلمين مـن سلك اإلسالم هذه السبيل ولجأ باب التخفيف عليهم والرحمة بهم وعدم اإلحراج لهم حتى ال

وف المسلمين فيتهم بأنه إنما يريـد يلزمهم أن يقاتلوا في صف لهم الموت واالستئصال والفناء والتعريض لمخاطر الحـرب

وفـى " امتياز في صورة ضريبة "والقتال ، فهي في الحقيقة الوقت نفسه احتياط لتنقية صفوف المجاهدين من غيـر ذوى العقيدة الصحيحة والحماسة المؤمنة البصيرة ومقتضى هـذا

ن أبناء البالد التي تـدخل تحـت حكـم أن غير المسلمين م اإلسالم إذا دخلوا في الجند أو تكفلوا أمر الدفاع أسقط اإلمام

وقد جرى العمل على هذا فعال في كثير مـن ، عنهم الجزية البالد التي فتحها خلفاء اإلسالم ، وسجل ذلك قواد الجيـوش اإلسالمية في كتب ومعاهدات ال زالت مقروءة فـي كتـب

:اإلسالمي ومنهاالتاريخ كتاب خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا حـين - ١

هذا كتاب من خالد بن : (دخل الفرات وأوغل فيه وهذا نصه إني عاهدتكم على الجزية ، الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه

) والمنعة فلك الذمة والمنعة وما منعناكم فلنا الجزية وإال فـال .كتب سنة اثنتي عشرة في صفر

وفى حمص رد األمراء بأمر أبي عبيـدة مـا - ٢

كانوا أخذوه من الجزية من أهلها وما إليها حين جلوا عنهـا رددنا علـيكم : (ليتجمعوا لقتال الروم وقالوا ألهل البالد إنما

أموالكم ألنه قد بلغنا ما جمع لنا مـن الجمـوع وإنكـم قـد رددنـا اشترطتم أن نمنعكم وإنا ال نقدر على ذلك اآلن وقـد

عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كـان بيننـا : ، فكان جواب أهل هذه الـبالد ) وبينكم إن نصرنا اهللا عليهم

ردكم اهللا علينا ونصركم عليهم فلوا كانوا هم لم يردوا علينا (شيئا وأخذوا كل شيء ، لواليتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنـا

ك فعل أبو عبيـدة نفسـه مـع ، وكذل ) فيه من الظلم والغشم .دمشق حين كان يتجهز لليرموك

كتاب العهد الذي كتبه سويد بن مقرن أحد قواد - ٣

عمر رضي اهللا عنهما لرزبان وأهل دهستان وسـائر أهـل هذا كتاب سويد بن مقرن لرزبان صول بن : (جرجان ونصه

رزبان وأهل دهستان وسائر أهل جرجـان أن لكـم الذمـة عة على أن عليكم من الجزاء في كل سـنة علـى وعلينا المن

أي "قدر طاقتكم على كل حال ومن استعنا به منكم فله جزاؤه في معونته عوضا عن جزائه ، ولهم األمـان علـى " جزيته

) أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم وال يغير شيء من ذلـك شهد سواد بن قطبة وهند بن عمر وسماك بن مخرمة وعتيبة

. الطبري-هـ ١٨س وكتب في سنة بن النها

كتاب عتبة بن فرقد أحـد عمـال عمـر بـن - ٤هذا ما أعطى عتبة بن فرقـد عامـل : (الخطاب وهذا نصه

عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل أذربيجان سهلها وجبلها وحواشيها وشعارها وأهل مللها كلهم األمان علـى أنفسـهم

دوا جزية علـى قـدر وأموالهم ومللهم وشرائعهم على أن يؤ " أي جند منهم فـي سـنة "طاقتهم ، ومن حشر منهم في سنة

وضع عنه جزاء تلك السنة ومن أقام فله مثل من أقـام مـن .ـ الطبري) ذلك

العهد الذي كان بين سراقة عامل عمـر وبـين - ٥شهر براز وقد كتب به سراقة إلى عمر فأجازه واستحسـنه

بن عمرو عامـل أميـر هذا ما أعطى سراقة : (وهذا نصه المؤمنين عمر بن الخطاب شـهر بـراز وسـكان أرمينيـة

أعطاهم أمانا ألنفسهم وأموالهم وملتهم ، واألرمن من األمان أال يضاروا وال ينقضوا ، وعلى أرمينية واألبواب الطـراء

ومن حولهم فـدخل " أى المقيمون "والقناء " أي الغرباء "منهم نفذوا لكل أمر ناب أو لم ينـب معهم أن ينفروا لكل غارة وي

عمن " أي الجزية "رآه الوالي صالحا على أن يوضع الجزاء أجاب إلى ذلك ، ومن استغنى عنه منهم وقعد فعليه مثل مـا

وضع " أى جندوا "على أهل أذربيجان من الجزاء فإن حشروا شهد عبد الرحمن بن ربيعة وسلمان بـن ربيعـة ) ذلك عنهم

.ب مرضي بن مقرن وشهد ـ الطبريوبكير بن عبد اهللا وكت: أخيرا أمر الجراجمة فيما ذكره البالذري فقال - ٦

حدثني مشايخ من أهل إنطاكية أن الجراجمة من مدينة على (جبل لكام عند معدن الزاج فيما بين بياس وبوقا يقـال لهـا الجرجومة ، وأن أمرهم كان في استيالء الروم على الشـام

إنطاكية وواليها ، فلما قدم أبو عبيـدة وإنطاكية إلى بطريرك

إلى إنطاكية وفتحها لزموا مدينتهم كم وهموا باللحاق بالروم إذ خافوا علي أنفسهم فلم يتنبه المسلمون لهم ولم ينبهوا عليهم ، ثم إن أهل إنطاكية نقضوا وغدروا فوجه إليهم أبو عبيـدة

فهـري من فتحها ثانية ووالها بعد فتحها حبيب بن مسلمة ال فغزى الجرجومة فلم يقاتله أهلها ولكنهم بدروا بطلب األمان والصلح فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونـا

ودخل من كان ، ومسالح في جبل لكام وأال يؤخذوا بالجزية في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من األنباط وغيرهم وأهل

جمة بالجزيـة قـط ولم يؤخذ الجرا ... القرى في هذا الصلح حتى أن بعض العمال في عهد الواثق العباس ألزمهم جزيـة

).رؤوسهم فرفعوا ذلك إليه فأمر بإسقاطها عنهم

ضريبة "وبهذا البيان يندفع كل ما يوجه إلى وتظهر حكمة اإلسالم ،من نقد أو اتهام " الجزية

ورحمة اهللا بعباده في تشريعاته واضحة ال .غموض فيها وال إبهام

ح ـ الحث على دوام االستعداد وكمال الشجاعة إذا :تحتم الجهاد

فإذا كان وال بد من الحرب لغرض من األغـراض اإلنسانية المشروعة التي سبقت اإلشارة إليها ، فإن اإلسـالم

كتـب (يصرح بأن الجهاد والقتال فريضة على كـل مسـلم سعو لكم هكر وهالقتال و كمليع رخي وهئا ووا شيهتكر ى أن

لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم واهللا يعلـم وأنـتم ال ونلم٢١٦:البقرة) (تع.(

وهو حينئذ أفضل القربات إلى اهللا تبـارك وتعـالى توجب اإلكبار في الدنيا والجنـة " شهادة"والموت في ساحاته

في اآلخرة وال يعفى منه إال العـاجزون عنـه وعلـيهم أن يجهزوا غيرهم إن كانوا قادرين على ذلك وأن يخلفوهم فـي

إن اهللا اشترى من المؤمنين أنفسهم وأمـوالهم (أهليهم بخير قتلونبيل اهللا فيفي س قاتلوننة يالج مله ـدا بأنعو قتلـونيو

ده منهفى بعأو نمآن والقراألنجيل واة ورقا في التوه حليع ظيمالع زالفو وه ذلكبه و تمعايالذي ب عكميوا ببشرتباهللا فاس (

).١١١:التوبة(

مـن أن في ذلـك أكثـر وأحاديث النبي محمد تحصر وقد باشر هو بنفسه في أكثر من خمـس وعشـرين معركة كان فيها مثال الشجاعة والنجدة والبأس حتـى قـال

كنا إذا اشـتد البـأس : (فارس أصحابه علي كرم اهللا وجهه فيكون وحمي الوطيس واحمرت الحدق اتقينا برسول اهللا

وكذلك كان أصحابه رضـوان اهللا علـيهم ) أدنانا إلى العدو وال يستطيع أحد أن يرى في هذه األحكام واألخالق ، يفعلون

لمثل ما شرعت له من مقاصد وأغراض إال أكـرم معـاني ، والجود بالنفس أقصـى غايـة الجـود ، الفضيلة اإلنسانية

وأفضل ما تكـون ، وأجمل ما يكون الحق إذا استعان بالقوة .القوة إذا استخدمت للحق بالحق

اإلسالم بالسيف؟هل انتشرت دعوةأولع خصوم اإلسالم في كل عصر وبخاصة في هذا العصر بتوجيه هذه التهمة إلى اإلسـالم ، واإلسـالم منهـا

فهو لم يكره الناس على اإليمان بالسيف ولم يضـعه ، براء على رقابهم ليشهدوا بشهادته أو يدينوا بعقيدته فهذه التهمـة

:باطلة من وجوه عدةالذي يحدثنا بأن النبـي : التاريخ باطلة بشهادة - ١

مكث بمكة المكرمة ثالث عشرة سنة يدعو إلـى محمدا دينه كان فيها مضطهدا أشد االضـطهاد حتـى مـن أهلـه وعشيرته وأقرب الناس إليه ومع ذلك فقد احتمـل وصـبر وصابر وكان يمر على النفر من أصـحابه واألسـرة مـن

: زيد على أن يقول لهم المؤمنين به يعذبون أشد العذاب فال ي ومع هـذا فقـد آمـن ، ) صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة (

باإلسالم السابقون األولون الثابتون من أبنائه وأبرهم به فـي وبعد وفاته أعمق اإليمان وآمن األنصار وهم عهد النبي

بمجرد أن تحدث معهم فـي الموسـم أهل المدينة بالنبي كل عام حتى كانت بيعـة العقبـة وتوافدوا إليه يبايعونه في

ال يقابل وعلى أثرها كانت الهجرة وكل ذلك ورسول اهللا : أهل العدوان بسيف وال عصا ولكن يصبر ويحتسب ويقول

وما جاء اإلذن بالقتـال ) اللهم اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون (إال في السنة الثانية من الهجرة بعد أن كثر خصوم اإلسـالم

اليهود وتألبوا عليه وأخذوا يتحرشـون بـه من المشركين و ويكيدون له فأنزل اهللا هذه اآليات المحكمة وفيها أروع صور

أذن للذين يقـاتلون (اإلذن بالقتال ألنبل المقاصد واألغراض لقدير رهملى نصاهللا ع إنوا وظلم مبأنه ، وا منأخرج الذين

دي اهللا النـاس فعال دلونا اهللا وبقولوا ري ق إال أنر حبغي ارهم ذكري اجدسمات ولوصو عبيو امعوت صمدض لهعبب مهضعب

ـ وي فيها اسم اهللا كثيرا ولينصرن اهللا من ينصـره إن اهللا لقزيز٤٠-٣٩:الحج) (ع.(

أنهـم والتاريخ يحدثنا عن أصحاب رسـول اهللا فتحوا البالد بأخالقهم وحسن معـاملتهم قبـل أن يفتحوهـا بسيوفهم وعدتهم وعددهم ، فال يتصور أن عددا قلـيال مـن هؤالء العرب يدك عرش كسرى ويدك ملك قيصر ويـرث

ن السنين بمجرد هذه اإلمبراطوريات الضخمة في هذا العدد م القوة ، وال يعقل أن ثمانية آالف جندي يفتحون إقليما شاسعا

كمصر وينشرون فيها ديـنهم ولغـتهم و آدابهـم وثقـافتهم وعقيدتهم باإلكراه والجبروت ، ولكن بحسن األحدوثة وجميل العمل ، وها نحن قد رأينا فيما تقدم كيف أن كثيرا من أهـل

دة العرب إليهم بعد جالئهم فكيف هذه البالد كانوا يتمنون عو .يقال بعد هذا إن اإلسالم قام على السيف وانتشر بالسيف

التي تقرر حريـة : وباطلة بآيات القرآن الكريم - ٢

ال إكراه في الدين قـد : (العقيدة وتقول في وضوح وصراحة الغي من شدالر نيق : (كما تقول ، ) ٢٥٦:البقرة) (تبقل الحو

من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شـاء فليكفـر إنـا أعتـدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بمـاء

) فقـا كالمهل يشوي الوجوه بـئس الشـراب وسـاءت مرت وإن أحد من المشركين اسـتجارك : (كما تقول ) ٢٩:الكهف(

فأجره حتى يسمع كالم اهللا ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قـوم ال ونلمعفهو يلزم المؤمنين إن استجار بهم أحد ، ) ٦:التوبة) (ي

دعوة ويوضحوا له مقاصد اإلسالم ثم المشركين أن يبلغوه ال يحرسوه حتى يصل إلى مأمنه ويتركوه ليسلم عـن رغبـة

..واقتناع ال عن خوف ورهبة وإكراه

وباطلة ألن قواعد اإلسالم وما جـرى عليـه - ٣

فأساس اإليمان في اإلسـالم : العمل به منها تأباها كل اإلباء عراب آمنا قل لـم قالت األ (الفكر والنظر واالطمئنان القلبي

فـي قلـوبكم انخل األيمدا يلمنا ولمقولوا أس لكنتؤمنوا و (-، وأساس المؤاخذة فـي اإلسـالم بلـوغ ) ١٤:الحجرات(

الدعوة على وجه يدعو إلى النظر ، والتقليد في اإليمان ليس قـال بعـض أساسا صحيحا له فضال عن اإلكراه عليه حتى

:العلماء المتأخرين في منظومة فنية إذ كل من قلد في التوحيد إيمانه لم يخل من ترديد

وقول المكره في اإلسالم مردود عليه وال يؤاخذ على عمله ، فالدين الذي يعتبر العقل والحرية أساسـا لالعتقـاد والمسئولية ال يمكن أن يقال فيه إنه يقوم على السيف وينتشر

، وإن كان قد شرع الحرب والقتال لما تقدم من األغراض بهوعالمة اإليمـان ، التي ال يعترض عليها إال واهم أو مكابر

الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اهللا (الحق االطمئنان إليه ، القلوب ئنأال بذكر اهللا تطم ، عنوا وآم ات الذينالحملوا الص

).٢٩-٢٨:الرعد) (طوبى لهم وحسن مآب

هل اإلسالم وحده هو الذي أوصى بالسيف لحماية الحق؟

وليس اإلسالم وحده هو الـذي أشـار إلـى القتـال والحرب والجهاد كوسيلة لحماية الحق ، بل إن الشرائع

..السابقة والالحقة كلها جاءت بذلكة التي يتداولها اليهـود اليـوم طافحـة فأسفار التورا

بأنباء القتال والجهاد والحرب والتخريب والتدمير والهـالك والسبي ، وهى تقرر شريعة القتال والحرب ولكن في أبشـع صورها فقد جاء في سفر التثنية في اإلصحاح العشرين منـه

حين تقرب من مدينة لكي : ( وما بعده ما يأتي بنصه ١٠عدد تدعها إلى الصلح ، فإن أجابتـك إلـى الصـلح تحاربها اس

وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لـك بالتسـخير ويستعبد لك ، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها ، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ، وأما النساء واألطفال والبهائم وكل ما في المدينـة

لنفسك ، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطـاك الـرب فتغنمها

إلهك ، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا والتي ليست من مدن هؤالء األمم هنا ، وأما مدن هؤالء الشعوب التـي

بـل ، يعطيك الرب إلهك نصيبا فال تبقي منها نسـمة مـا تحرمهـا تحريمـا ـ الحيثيـين واألمـوريين والكنعـانيين

).يين والحويين واليوسيين كما أمرك الرب إلهكوالفيرز

وفى إنجيل متى المتداول بأيـدي المسـيحيين فـي ال تظنـوا أنـي : ( وما بعده يقول ٢٥اإلصحاح العاشر عدد

فإنني جئت ألفرق ، جئت أللقى سالما على األرض بل سيفا .. اإلنسان ضد ابنه واالبن ضد أبيه والكنـة ضـد حماتهـا

أهل بيته ، من أحب أبا أو أما اكثر مني فال وأعداء اإلنسان يستحقني ، ومن أحب ابنا أو ابنة اكثر مني فال يسـتحقني ، ومن ال يأخذ صليبه ويتبعني فال يستحقني ، من وجد حياتـه

).يضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها والقانون الدولي العصري قد اعتـرف بـالظروف

حرب ووضـع لهـا قواعـدها واألحوال التي تشرع فيها ال .ونظمها

وما جاء به اإلسالم في هـذا البـاب أفضـل وأدق وأرحم وأبر بالسالم من كل هذا ، فلماذا تتوجه إليه الشبهات

يهدي ، اهللا نور وكتاب مبين (وليس غيره سبيال إلى السالم؟ رجهم من الظلمـات به اهللا من اتبع رضوانه سبل السالم ويخ

).١٦:المائدة) (إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم

خطوات اإلسالم وما وضع من ضمانات إلقرار السالم

إن اإلسـالم : وفى وسعنا بعد هذه النظرات أن نقول ي كان أول وأكمل تشريع خطا في سبل إقرار السالم العـالم

أوسع الخطوات ، ورسم الستقراره أوفى الضمانات التي لو أخذت األمم بها ، وسلك الحكام والزعمـاء والساسـة نهـج

:سبيلها ألراحوا واستراحوا ومن ذلك تقديس معنى اإلخاء بين الناس والقضاء علـى - ١

روح التعصب وقد تقدم موقف اإلسالم من ذلك في الفصـل .السابق

السالم وطبع النفـوس بـروح اإلشارة بفضل - ٢التسامح الكريم وقد تقدم في أول هذا الفصل موقف اإلسـالم في ذلك مع افتراض الوفاء وتحريم الغدر ونقـض العهـود

.والمواثيق حصر فكرة الحروب فـي أضـيق الحـدود ، - ٣

وتحريم العدوان بكل صوره وإشاعة العدل والرحمة واحترام

نفسها ، ولإلسالم في ذلـك النظام والقانون حتى في الحرب يا أيها : (القدح المعلى ويقول القرآن الكريم تأكيدا لهذا المعنى

نكمـرمجال يـط وبالقس اءدهللا شه اميننوا كونوا قوآم الذينقوا اهللا شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى وات

لونما تعبم اهللا خبير ٨:المائدة) (إن.( التأمين المسلح وقد سبق اإلسالم كل الخطوات - ٤

وإن طائفتـان مـن (العصرية إليه في قول القرآن الكـريم المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغـت إحـداهما علـى

ألخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهللا فإن فـاءت ا قسـطينالم حـباهللا ي أقسطوا إنل ودا بالعمنهيوا بلحفأص (

ما كان في الجاهلية ، ولقد ذكر رسول اهللا ) ٩:الحجرات(: عنه كل خير وقال من هذا المعنى وهو حلف الفضول ب

لقد شهدت في بيت عبد اهللا بن جدعان حلفا ما أحب أن لي ( ).ولو سئلت به في اإلسالم ألجبت: (ثم قال) به حمر النعم

أين خطوات زعماء هذا العصر من هذه الخطوات؟فأين خطوات زعماء هذا العصـر وساسـته : وبعد

ذا صنعوا وعلمائه ومشرعيه وفالسفته من هذه النظرات وما إلقرار السالم على األرض وقد شهدت الدنيا في ربع قـرن حربين عالميتين طاحنتين أكلتا األخضر واليابس وقامت بعد

إلقرار السالم فكتـب لهـا أن " عصبة األمم "الحرب األولى تموت قبل أن تولد ، ووأدها الذين شهدوا مولدها ، باألهواء

تستطع أن تعالج قضـية السياسية واألطماع االستعمارية فلم واحدة من قضايا الخالف بين األمم التـي اشـتركت فيهـا ووقعت ميثاقها ، ولم تلبث إال ريثما تهيأت األم والشـعوب للحرب من جديد ، وقيل إن سبب فشلها خلو ميثاقهـا مـن

.النص على العقوبة العسكرية للمخالفينوعقب الحرب العالمية الثانية قامـت هيئـة األمـم

تحدة وأنشئ مجلس األمن واستكمل النقص التشريعي فـي المبناء عصبة األمم الموءودة ومضى على ذلك وقت طويـل ،

ولم تنجح الهيئة ، وال زال الخالف يشتد أثره ويقوى مظهره ، وال المجلس إلى اآلن في عالج قضية أو تسـوية خـالف

.وليس وراء ذلك إال الحرب الثالثة

ة شيئا إال فنـاء وليس معنى الحرب الثالث .األرض ومن عليها فنحن في عصر القنبلة الذرية

وتتلقـى ..فهل تفيء اإلنسانية الحيـرى إلـى اهللا؟ ديـن .. دروس السالم قلبيا ونظريا وعمليا عـن اإلسـالم؟

...المرحمة ودين السالم وسالم على عباده الذين اصطفى.... قل الحمد هلل

؟؟ءآهلل خركونشا يأم ري

ــا حسـن البن