النبوية السيرة مقرراألول الدراسي الفصل

الوقف لمؤسسة التابعة للمعاهد المحلية السنة مناهج

1431

الوقف هـ 1431مؤسسة

سيرةالالنبوية

1

سيرةالالنبوية

بسم الله الرحمنالرحيم

تمهيد :

الحمد لله والصالة والسالم على رسول الله، أما بعد : فهذا مقرر السيرة لطالب السنة المحلية للمعاهد

التابعة لمؤسسة الوقف , وهو مؤلف ضمن مشروعتطوير المناهج في المؤسسة.

2

سيرةالالنبوية

الذي تحبهوهذا الكتاب يقرب إليك سيرة النبي وتوجله وتقتدي به ، كيف ال وهو خير البرية وهادي

البشرية ، جعل الله طاعته سبيل النجاة, واالستقامة على شرعية دليل الهداية ، فحري بك أن تعطي سيرته

العطرة اهتمامك , وتحرص في تعلمك على الفهملمواقفه واالقتداء به .

وقد اجتهدنا أن تكون لغة الكتاب سهلة وسلسة ، كما حرصنا أن تشارك بفاعلية في التعلم من خالل

أنشطة تعليمية , وفراغات داخل المحتوى تركتلتكتبها بأسلوبك وتضرب أمثلة من حياتك ومعايشتك. ونود أن نشير إلى أن بعض األسئلة والفراغات

ليس لها إجابة محددة، فال– بطبيعتها –والنشاطات تتردد في اإلجابة عنها بما تراه مناسبا، فالمجال واسع

, والقصد من إيرادها تنمية مهارات التعلم , والتفكيرلديك وتعزيز قدراتك .

والذي نأمله أن يكون الكتاب دافعا لك في االرتقاء في مدارج العلم والهداية وانطالقة لخير عظيم ترى أثره

في حياتك ومجتمعك وأمتك.

,,,والله ولي التوفيق

3

سيرةالالنبوية

الفصل الدراسياألول

لوحدة األولى ا المجتمع قبل

بعثته 4

سيرةالالنبوية

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يصف حال العرب قبل بعثة النبي..يستشعر حاجة الناس إلى الرسل يعدد أهم األحداث قبل بعثة النبي.

أوضاع العالم قبل اإلسالم :األوضاع السياسية واالجتماعية قبل البعثة النبوية:

بالهدى ودين الحق ، وكانت الجاهلية والشركبعث الله نبيه محمد ما بلغ به حال الناس قبل بعثتهوالضالل قد عم األرض ، فقد بين النبي

»أال إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي : في قوله كلهم، وإنهم أتتهم عبدا حالل وإني خلقت عبادي حنفاء(1)هذا، كل ما نحلته

وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم الشياطين , فاجتالتهم عن دينهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل األرض

(.2)فمقتهم: عربهم وعجمهم، إال بقايا من أهل الكتاب«

الحديث يشير إلى انحراف البشرية في جوانب متعددة كالشرك بالله،ونبذ شريعته وفساد المصلحين من حملة األديان السماوية.

الشرقية تعرف باإلمبراطوريةفقد كانت اإلمبراطورية الرومانية البيزنطية، وكانت تحكم دول اليونان والبلقان وآسيا وسوريا وفلسطين

وحوض البحر المتوسط بأسره, ومصر وكل إفريقيا الشمالية، وكانت عاصمتها القسطنطينية، وكان الشرك بالله أصل في عبودية النصارى فقد كانوا يقولون بأن الله ثالث ثالثة وأن المسيح هو ابن الله تعالى الله عما

يقولون ، وكانت اإلمبراطورية اليونانية دولة ظالمة مارست الظلم والجور والتعسف على الشعوب التي حكمتها، وضاعفت عليها الضرائب، وكثرت االضطرابات والثورات، وكانت حياتهم العامة قائمة على كل أنواع اللهو

واللعب والطرب والترف. الفارسية تعرف بالدولة الفارسية أو الكسروية،وكانت اإلمبراطورية

وقد كثرت فيها الديانات المنحرفة كالزرادشتية الذين يزعمون بوجود إلهين إله النور والخير وإله الظلمة والشر ولهذا كانوا يقدسون النار

ويحرصون أال تنطفئ في معابدهم، ثم ظهرت المزدكية في أوائل القرن الخامس الميالدي التي دعت إلى اإلباحية في كل شيء؛ مما أدى فساد

)( نحلته: أعطيته 1(.2197)( صحيح مسلم، برقم: )2

5

سيرةالالنبوية

كبير وقتل وسلب وتخريب. وكان ملوكهم يحكمون بالوراثة، ويضعون أنفسهم فوق بني آدم؛ ألنهم

يعتبرون أنفسهم من نسل اآللهة. فقد امتازت عن أقطار العالم بالتفاوت الفاحش بين طبقاتوأما الهند

الشعب، وكان ذلك تابعا لقانون مدني سياسي ديني وضعه المشرعون الهندوس الذين كانت لهم صفة دينية، وأصبح هو القانون العام في

المجتمع ودستور حياتهم، وكانت الهند في حالة فوضى وتمزق, انتشرت فيها اإلمارات التي اندلعت بينها الحروب الطاحنة، وكانت بعيدة عن أحداث

عالمها في عزلة واضحة يسيطر عليها التزمت والتطرف في العادات والتقاليد, والتفاوت الطبقي، وكانت منحطة اجتماعيا وخلقيا , فقد

انتشرت الخالعة حتى في المعابد؛ ألن الدين أعطاها لونا من القدسية والتعبد، وكانت المرأة ال قيمة لها وال عصمة، وانتشرت عادة إحراق المرأة

المتوفى زوجها،وغير ذلك. : فقد كان سكان الجزيرة العربية ينقسمون إلى بدووأما العرب

وحضر، وكان النظام السائد بينهم هو النظام القبلي، حتى في الممالك المتحضرة التي نشأت في الجزيرة، كالممالك التي ظهرت في اليمن مثل

سبأ وحمير ومعين وغيرها , ومملكة المناذرة في الشمال الشرقي،ومملكة الغساسنة في الشمال الغربي.

والقبيلة العربية مجموعة من الناس، تربط بينها وحدة الدم )النسب( ووحدة الجماعة، وزعيم القبيلة ترشحه للقيادة منزلته القبلية وصفاته،

وخصائصه من شجاعة ومروءة، وكرم ونحوها. ويغلب على الجزيرة العربية الصحاري الواسعة الممتدة، وهذا ما جعلها تخلو من الزراعة إال في أطرافها وتكثر فيها البادية وكان يغلب على البادية رعي اإلبل والغنم، وكانت القبائل تنتقل بحثا عن مواقع الكأل،وأما الصناعة

فكانوا أبعد األمم عنها وكانوا يأنفون منها. وكان لموقع الجزيرة العربية االستراتيجي بين إفريقيا وشرق آسيا أثر ؛

ألن تحتل مركزا متقدما في التجارة الدولية آنذاك. وكان الذين يمارسون التجارة من العرب هم أهل المدن، وال سيما أهل

مكة , فقد كان لهم مركز ممتاز في التجارة، وكانت لقريش رحلتان شهيرتان: رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، يذهبون فيها

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٹ ٹ چ ، آمنين٤ - ١قريش: چٿ ٿ ٿ

ولقد هيمنت التقاليد واألعراف على حياة العرب، فقد حرصوا على المحافظة على أنسابهم، فلم يصاهروا غيرهم من األجناس األخرى، وكانت

المرأة عند كثير من القبائل ال حقوق لها، فقد كانت تورث، وال ترث ، وكانوا ينظرون إليها نظرة دونية أدت إلى شعور الرجل بالهم والحزن

ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃچ -: والخجل عندما تولد له بنت، قال - تعالى چ ڑ ڑ ک ک ک ژ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژڍچ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ

وكانت الحروب تقوم بينهم ألتفه األسباب، فهم ال يبالون ٥٩ – ٥٨النحل: بشن الحروب , وإزهاق األرواح في سبيل الدفاع عن المثل االجتماعية

.التي تعارفوا عليها وإن كانت ال تستحق التقدير

6

سيرةالالنبوية

األوضاع الدينية قبل البعثة النبوية : كانت اإلنسانية قبل اإلسالم تعيش مرحلة من االنحطاط في شؤونها

الدينية ، وتعاني من فوضى عامة في كافة شؤون حياتها، حيث أصبح الجهل والهوى واالنحالل والفجور، والتجبر والتعسف من أبرز مالمح المنهج

. (1)الجاهلي المهيمن على دنيا الناس وتزعم هذا الفساد زعماء الشعوب واألمم من القادة والرهبان

والقساوسة والملوك، وأصبح العالم في ظالم دامس وليل بهيم, وانحرافعظيم عن منهج الله - سبحانه و تعالى -.

: أصبحت مجموعة من الطقوس والتقاليد ال روح فيها,فاليهودية وتأثرت بعقائد األمم التي جاورتها واحتكت بها،فأخذت كثيرا من عاداتها

. (2)وتقاليدها الوثنية الجاهلية، وقد اعترف بذلك مؤرخوا اليهود : فقد امتحنت بتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين , واختفىأما النصرانية

نور التوحيد وإخالص العبادة لله ، واندلعت الحروب بين النصارى في الشام والعراق، وبين نصارى مصر حول حقيقة المسيح وطبيعته، وتحولت

البيوت والمدارس والكنائس إلى معسكرات متنافسة , وظهرت الوثنيةفي المجتمع المسيحي في مظاهر مختلفة وألوان شتى.

: فقد عرفوا من قديم الزمان بعبادة العناصر الطبيعية,وأما الفرس أعظمها النار، وانتشرت بيوت النار في طول البالد وعرضها, وعكفوا على

عبادتها , وبنوا لها معابد وهياكل، وكانت لها آداب وشرائع دقيقة داخل المعابد، أما خارجها فكان أتباعها أحرارا يسيرون على هواهم ال فرق بينهم

, وبين من ال دين له. : في الهند وآسيا الوسطى، فهي ديانة وثنية تحمل معهاأما البوذية

األصنام حيث سارت، وتبني الهياكل، وتنصب تماثيل بوذا حيث حلت. (3)ونزلت

: دين الهند األصلي، فقد عرفت بكثرة المعبودات واآللهة,وأما البرهميةصار كل شيء يعبد في الهند إال الله.

: فقد امتألت قلوبهم بتعظيم تراث اآلباء واألجداد , واتباع ماأما العرب كانوا عليه مهما يكن فيه من الزيغ واالنحراف والضالل , ومن ثم عبدوا

األصنام، فكان لكل قبيلة صنم تشتهر به القبيلة وتعظمة ، وإلى جانب هذه األصنام الرئيسة يوجد عدد ال يحصى كثرة من األصنام الصغيرة , والتي

يسهل نقلها في أسفارهم ووضعها في بيوتهم، روى البخاري في صحيحه عن أبي رجاء العطاردي قال: »كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرا آخر هو

خير منه ألقيناه وأخذنا اآلخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب، ثم. (4)جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به«

وكان بعض العرب قد تنصر، وبعضهم دخل في اليهودية، أما األغلبيةفكانت تعبد األوثان واألصنام.

وقد كان هناك القليل ممن كان على دين إبراهيم -عليه السالم - الذين يرفضون عبادة األصنام, ومن هؤالء زيد بن عمرو بن نفيل، فكان ال يذبح

لألنصاب، وال يأكل الميتة والدم، وكان يقول: ا واحدا أم ألف رب؟؟ أدين إذا تقسمت األمور؟أرب

عزلت الالت والعزىجميعا

كذلك يفعل الجلد الصبور. 57)( انظر: الغرباء األولون، سلمان العودة ص1. 20( انظر: السيرة النبوية، أبو الحسن الندوي ص4)2.28( الغرباء األولون، ص5)3(4376) ( صحيح البخاري برقم : )4

7

سيرةالالنبوية

إلى أن قال:( 1الغفور)ولكن أعبد الرحمن ربي

وممن كان يدين بشريعة إبراهيم وإسماعيل -عليهما الصالة والسالم -، قس بن ساعدة اإليادي, فقد كان خطيبا، حكيما، عاقال، له نباهة، وفضل، وكان يدعو إلى توحيد الله، وعبادته، وترك عبادة األوثان، كما كان يؤمن

بالبعث بعد الموت. قبل بعثته قد هجر األصنام , ولم يشرب الخمروقد كان النبي

ويتوجه بالعبادة للواحد الديان متبعا إلبراهيم الخليل عليه السالم. :لشكل اآلتيالخص الحالة الدينية في : مما سبق

سمات وخصائص العرب : كانت في العرب سمات وخصال من الخير كثيرة ساعدت في حملهم

راية اإلسالم , ومن تلك الخصال والسمات: - الذكاء والفطنة:1

فقد كانت عقولهم صافية, لم تدخلها تلك الفلسفات واألساطير والخرافات ، وقداشتهروا بقوة الحفظ ، و وجه اإلسالم قريحة الحفظ

والذكاء إلى حفظ الدين وحمايته.- أهل كرم وسخاء:2

كان هذا الخلق متأصال في العرب، وكان الواحد منهم ال يكون عنده إال(. 1/163)( انظر: السيرة النبوية، البن كثير )1

8

سيرةالالنبوية

فرسه، أو ناقته، فيأتيه الضيف، فيسارع إلى ذبحها، أو نحرها له، وكانبعضهم ال يكتفي بإطعام اإلنسان بل كان يطعم الوحش والطير.

- أهل شجاعة ومروءة ونجدة:3 كان العرب بفطرتهم أصحاب شهامة ومروءة، فكانوا يأبون أن ينتهز

القوي الضعيف، أو العاجز، أو المرأة أو الشيخ، وكانوا إذا استنجد بهم أحد أنجدوه ويرون من النذالة التخلي عمن لجأ إليهم، ومن شجاعتهم أنهم

يتسابقون إلى الموت في المعارك ويعدون الموت على الفرش مهانة. - الوفاء بالعهد وحبهم للصراحة والوضوح والصدق: 4

كانوا يأنفون من الكذب ويعيبونه، وكانوا أهل وفاء، ويدل على أنفتهم من الكذب قصة أبي سفيان مع هرقل لما سأله عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم، وكانت الحروب بينهم قائمة قال: »لوال الحياء من أن يأثروا. (1)علي كذبا لكذبت عنه«

- الصبر على المكاره وقوة االحتمال، والرضا باليسير:5 كانت للعرب قدرة عجيبة على تحمل المكاره والصبر في الشدائد،

وربما اكتسبوا ذلك من طبيعة بالدهم الصحراوية الجافة، قليلة الزرع والماء، فألفوا اقتحام الجبال الوعرة، والسير في حر الظهيرة، ولم يتأثروا

بالحر وال بالبرد، وال وعورة الطريق، وال بعد المسافة، وال الجوع، والالظمأ.

- العفة : 6 العرب وإن ظهر فيهم بعض صفات الجهل والبغي وشرب الخمر وأكل الربا إال أنه قد كان فيهم كثيرون ال يزنون وال يشربون الخمر، وال يسفكون

الدماء وال يظلمون، ويتحرجون من أكل أموال اليتامى، ويتنزهون عن .(2)التعامل بالربا

والزنا إنما كان في اإلماء وأصحاب الرايات من البغايا، ويندر أن يكون لما أخذ البيعة علىفي الحرائر، وليس أدل على هذا من أن النبي

النساء بعد الفتح: »على أن ال يشركن بالله شيئا، وال يسرقن، وال يزنين «؟!!.(3 )» قالت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان: أوتزني الحرة «

.أهم األحداث قبل مولد ه ، أجرى قبللما أراد الله - سبحانه و تعالى - أن يرسل خير خلقه

مولده الكريم أمورا عظيمة و أحداثا كبيرة إرهاصا لمولده وإيذانا لقرب النور الذي

جاء به:ومن أهم هذه األحداث:

أوال: قصة حفر عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم لزمزم: - نائما عند حجر إسماعيل , فرأى فيكان عبد المطلب- جد النبي

منامه رجال يقول له: احفر زمزم , وحدد له مكانها وأخبره من شأنها أنهاتسقي الحجيج.

وكان ال يدري ما زمزم إال أنه من خالل الرؤيا عرف أنها البئر المباركة(. 7)(صحيح البخاري، رقم: )1. 12( انظر: السيرة للندوي ص2)2(4754( مسند أبي يعلى برقم ) 3)3

9

سيرةالالنبوية

التي سقى الله منها إسماعيل وأمه، وكان الناس قد جهلوا مكانها وغطتها الرمال واألتربة ، فأخذ الفأس، ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس له يومئذ ولد غيره، فحفر في المكان الذي راءه في منامه، فلما بدا لعبد

المطلب حافة البئر كبر . ونازعت قريش عبدالمطلب بعد ذلك في السقاية إال أن الله أظهر لهم

أحقيته بها فبقيت السقاية في ذريته بعد ذلك. وكان عبد المطلب سأل الله بعد أن رأى دفق زمزم أن يرزقه كثرة الولد , ونذر أن يذبح أحدهم تقربا إلى الله إن رزق بعشرة أوالد ذكور ،

فرزق بعشرة أوالد فأقرع بينهم ؛ ليفي بنذره فكانت القرعة على أحبهمإليه عبد الله , ففداه بمائة من اإلبل تذبح ويتصدق بها.

ثانيا: قصة أصحاب الفيل: ا المفسرون في كتبهم. قال -هذه الحادثة ثابتة بالقرآن الكريم , وذكره

ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱچ تعالى -:ہڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ہ ہ ۀ ٥ - ١الفيل: چۀ

وملخص القصة أن ملكا كان باليمن ، وكان أصله من الحبشة يقال لهيس، وأراد أن يصرف إليها حج أبرهة، بنى كنيسة بصنعاء فسماها القل العرب،فلما لم تجبه العرب لذلك،حلف أن يسير إلى الكعبة فيهدمها،

فسار حتى إذا قرب مكة أرسل جنوده وأخذ أمواال لقريش منها مائتي بعير لعبد المطلب، ثم بعث أبرهة رجال اسمه حناطة الحميري إلى أهل

مكة فقال: سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، إنما جئت ألهدم هذا البيت، فانطلق حناطة حتى دخل مكة فلقي عبد المطلب بن هاشم

فقال: إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إال أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم االنصراف عنكم، فقال عبد المطلب: ال نستطيع

قتاله،فسنخلي بينه وبين البيت، فإن الله يحمي بيته و والله ما لنا به قوة،قال حناطة: فانطلق معي إليه، فخرج معه حتى قدم المعسكر .

فأتى عبد المطلب إلى أبرهه واستأذن بالدخول، فأذن له , وكان عبد المطلب رجال عظيما جسيما وسيما، فلما رآه أبرهة عظمه وأكرمه، فقال له عبد المطلب: أيها الملك إنك قد أصبت لي ماال عظيما , فاردده علي،

فقال له: لقد أعجبتني حين رأيتك , ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك , ودين آبائك ألهدمه فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟. قال: أنا رب هذه اإلبل، ولهذا البيت رب سيمنعه، قال: ما

كان ليمنعه مني، قال: فأنت وذاك، قال: فأمر بإبله فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب , وأخبر قريش الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب و

الجبال، وتهيأ أبرهة للدخول وعبأ جيشه، وقرب فيله , وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم, فلما حركه وقف وكاد أن يسقط إلى األرض فيبرك،

فضربوه في رأسه فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول، فصرفوه إلى الحرم فوقف، ولحق الفيل بجبل من تلك الجبال، فأرسل الله طيرا أبابيل من البحر كالعصافير مع كل طير ثالثة أحجار: حجران في رجليه وحجر في

منقاره، ويحملن أمثال الحمص والعدس من الحجارة, فلما كن فوق رؤوس أبرهة وجنده رمين عليهم الحجارة، فلم تصب تلك الحجارة أحدا إال

ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳچ هلك ، فذلك قوله - تعالى -:ہڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ہ ہ ۀ , ٥ - ١الفيل: چۀ

وبعث الله على أبرهة مرضا في جسده، جعلت تتساقط منه أصابعه، كلما سقطت أصبع تبعه قيح ودم، فانتهى إلى اليمن وهو مثل فرخ الطير ، ثم

. (1)مات وكان عبد المطلب أخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش

(. 37-30/ص1)(انظر السيرة النبوية البن كثير )110

سيرةالالنبوية

يدعون الله , ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب، وهو آخذبحلقة باب الكعبة:

نع رحله فامنع حاللك ال هم إن العبد يمـ ومحالهم غدوا محالك ال يغلبن صليبهم

ـتنا فأمر ما بدا لك إن كنت تاركهم وقبلـ

ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال , فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا

. (1)دخلها،حتى كتب الله الهالك ألبرهة وجيشهدروس وعبر وفوائد من حادثة الفيل:

- بيان شرف الكعبة, أول بيت وضع للناس: وكيف أن مشركي العرب1كانت تعظمه وتقدسه، ويعود ذلك إلى بقايا ديانة إبراهيم وإسماعيل -

عليهما الصالة والسالم -. - مهما كانت قوة العدو وحشوده, فإنها ال تستطيع الوقوف لحظة2

واحدة أمام قدرة الله وبطشه ونقمته, فهو سبحانه واهب الحياة وسالبهافي أي وقت شاء.

- قصة الفيل من دالئل النبوة: قال بعض العلماء: إن حادثة الفيل من4شواهد النبوة ودالالتها

عندما تحدث عن حادثة الفيل: كان هذا من–رحمه الله–وقال ابن كثير , فإنه في ذلك العام ولد علىباب اإلرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله

أشهر األقوال، ولسان حال القدر يقول: لم ينصركم يا معشر قريش على الحبشة لخيرتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق، الذي سنشرفه ونوقره

. (2)ببعثة النبي األمي محمد -صلوات الله وسالمه عليه خاتم األنبياء - - حفظ الله للبيت العتيق: وهي أن الله لم يقدر ألهل الكتاب -أبرهة5

أن يدمروا البيت الحرام أو يسيطروا على األرض المقدسة،–وجنوده حتى والشرك يدنسه، والمشركون هم سدنته , ليبقى هذا البيت آمنامطمئنا على مر العصور.

ۀں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ٹ ٹ چ ۓ ھ ھ ھ ھ ہۀ ے ے ہ ہ ہ٥٧القصص: چۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ :استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

(1نشاط رقم ) : قارن بين حال المرأة في الفترات اآلتية: 4س

في المجتمعات اليومفي اإلسالمقبل بعثة النبي

(. 91-1/84)( السيرة النبوية البن هشام )1(. 549، 4/548)( انظر: تفسير ابن كثير )2

11

سيرةالالنبوية

(2نشاط رقم ) ما أوجه الشبه بين ما كانت عليه بعض األوضاع قبل البعثة , و األوضاع

الموجودة في وقتنا الحالي؟

أوضاع مشابهة في وقتناأوضاع قبل البعثةالحالي

التعصب والتعظيم للقومياتتعظيم تراث األباء واألجداد

(3نشاط رقم ) بين كيف توظف الصفات اآلتية في دعوة غير المسلمين إلى دين اإلسالم:

طريقة توظيفها في دعوة غير المسلمينالصفةإلى دين اإلسالم

الكرموالجود المروءةوالنجدةالشجاعة الذكاء

والفطنةالوفاء بالعهد

الصدقالعفة

القناعة

التقويم: : علل لما ياتي :1س كثرت االضطرابات والثورات في الدول التي كانت تحت حكمأ-

اإلمبراطورية الرومانية.انتشار الخالعة داخل المعابد في الهند.ب-تعد الجزيرة العربية ذات مركز متقدم في التجارة الدولية.ت- حفظ الله للبيت العتيق من أبرهة وأصحابه.ث-: من أسباب ضياع تأثير الديانات السماوية على الحياة:2س

أ: ......................................................................................................

12

سيرةالالنبوية

ب: ........................................................................................ ............

: كيف تربط بين هزيمة أصحاب الفيل والوعد بانتصار اإلسالم؟3س ( أما العبارة الصحيحة وعالمة ) × ( أمام العبارة√: ضع عالمة ) 4س

الخاطئة مما يلي: مارست اإلمبراطورية الرومانية الظلم والجور على الدول التي كانتأ.

تحكمها ) (. كان لقريش رحلتان: رحلة الشتاء إلى الشام ورحلة الصيف إلىب.

اليمن ) (. حضيت المرأة قبل اإلسالم بالتكريم والعنايةت.

.) ( قبل بعثته من عبادة األصنام و شرب الخمرحفظ الله نبيه محمد ث.

.) ( دافع عبد المطلب ومن معه من أهل مكة لمنع أبرهة من هدمج.

الكعبة ) (.

13

سيرةالالنبوية

الوحدة الثانية مولده وحياته

قبل البعثة

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يبين نسب النبي.ومولده وما حصل فيه من أحداث يبين أبرز األحداث التي حدثت له .في شبابه يصف نشأته.وعالقته مع جده و عمه أبي طالب يؤرخ لزواجه.من خديجة رضي الله عنها يصف مشاركته .في بناء الكعبة يلخص صفاته.قبل البعثة يبين أثر أحداث ما قبل البعثة على شخصية النبي . يستشعر عناية الله بالنبي .

.نسب النبي أشرف الناس نسبا، وأكملهم خلقا وخلقا، وقدكان النبي

ورد في شرف نسبه أحاديث صحاح، منها ما رواه مسلم: أن قال: »إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل،النبي

واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم،. (1)واصطفاني من بني هاشم«

. 2276)( صحيح مسلم، برقم 114

سيرةالالنبوية

فقال: »محمدوقد ذكر اإلمام البخاري -رحمه الله -نسب النبي بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشــم بن عبــد منــاف بن قصــيــك بن بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مال النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضــر بن نــزار

وعــدنان من ولــد إســماعيل ابن -إبــراهيم(1)بن معــد بن عــدنان«عليهما السالم -.

هو أشرف النسب، فهو من نسل إسماعيلإن نسب النبي الذبيح, وإبراهيم خليل الله، واستجابة لدعوة إبراهيم -عليه

السالم -، وبشارة أخيه عيسى - عليه السالم - كما حدث هو عن. (2)نفسه، فقال: »أنا دعوة أبي إبراهيم , وبشارة أخي عيسى«

.زواج عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب ووفاة والده كان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه، ولما نجا من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من اإلبل، زوجه من أشرف

نساء مكة نسبا، وهي آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بنكالب.

ولم يلبث أبوه أن توفي بعد أن حملت به آمنة، ودفن بالمدينة عند أخواله بني عدي من بني النجار, فقد ذهب بتجارة إلى الشام

, فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع، وترك هذه النسمة المباركةفي رحم آمنة بنت وهب.

.مولده يوم االثنين بال خالف، واألكثرون على أنه الثنتي عشرةولد

. وذلك عام الفيل , وكانت والدته(3)ليلة خلت من شهر ربيع األولفي دار أبي طالب بشعب بني هاشم.

: »أناوكانت بشائر والدته سبقت مولده ، قال رسول الله دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور

, ودعوة إبراهيم عليه السالم هي(4)أضاءت منه قصور الشام« ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چچ قوله كما ذكر الباري -سبحانه وتعالى-:

وبشرى عيسى: كما أشار ١٢٩البقرة: چ ڇ ڍ ڍ ڌ ڇچ چ ڇ ڇ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺچ إليه قوله عز وجل:

٦الصف: چ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ٹٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ وقوله: »ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور

الشام« قال ابن رجب: »وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل األرض، وزالت به

. 3851)( صحيح البخاري، برقم 1( والبيهقي في الدالئل )7729(والطبراني في الكبير)5/262( أخرجه أحمد في المسند )3)2

(وإسناد أحمد حسن. 1/84. 47)( انظر: صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي ص3( والبيهقي في الدالئل )7729(والطبراني في الكبير)5/262)(أخرجه أحمد في المسند )4

(وإسناد أحمد حسن. 1/8415

سيرةالالنبوية

ظلمة الشرك منها"..مرضعاته

أم أيمن بركة الحبشية أمة أبيه، وأولكانت حاضنة النبي من أرضعته ثويبة أمة عمه أبي لهب، ثم أرضعته حليمة

السعدية في بني سعد: وكان من خبرها أنها جاءت مع بقية المراضع من بادية بني سعد , وكان العرب يحبون استرضاع

أوالدهم في البوادي حيث تصح أبدانهم , وتنطلق ألسنتهم بالفصحى ، فلم تجد حليمة من ترضعه , وكانت ترددت في

؛ ليتمه فلما لم تجد غيره أخذته ، وكانت تشكوإرضاع النبي قلة لبنها , فأقبل ثديها عليها باللبن , وكان لهم أغنام قل لبنها

عندهالقلة الخصب والمرعى , فكانت من بركة وجود النبي أن حفلت أغنامها باللبن فقال زوجها : يا حليمة، تعلمين والله

لقد أصبنا نسمة مباركة. : فما زال يزيدنا الله فيقالت حليمة بعد أن أرضعت النبي

.(1)كل يوم خيرا

حادثة شق الصدر: قالت حليمة: فلما استكمل سنتين قدمنا مكة، أنا وأبوه- تعني من الرضاع -فقلنا: والله ال نفارقه أبدا ونحن نستطيع، فلما أتينا

أمه، قلنا: والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه، وإنا نتخوف –عليه وباء مكة وأسقامها، فدعيه نرجع به حتى تبرئي من دائك

وكانت مريضة -، قالت : فلم نزل بها حتى أذنت، فرجعنا به، فأقمنا أشهرا ثالثة أو أربعة ,فبينما هو يلعب خلف البيوت هو

وأخوه في بهم لنا إذ أتى أخوه يشتد، فقال لي وألبيه : إن أخي القرشي، أتاه رجالن عليهما ثياب بيض، فأخذاه وأضجعاه، فشقا

بطنه، فخرجت أنا وأبوه ، فوجدناه قائما، قد انتقع لونه-أي تغير - فلما رآنا أجهش إلينا، وبكى، قالت: فالتزمته أنا وأبوه، فضممناه إلينا، فقلت: ما لك بأبي وأمي؟ فقال: »أتاني رجالن وأضجعاني، فشقا بطني، ووضعا به شيئا، ثم رداه كما هو« فقال أبوه: والله

ما أرى ابني إال وقد أصيب، الحقي بأهله، فرديه إليهم قبل أن يظهر له ما نتخوف منه، قالت: فاحتملناه فقدمنا به على أمه،

فلما رأتنا أنكرت شأننا، وقالت: ما أرجعكما به قبل أن أسألكماه، وقد كنتما حريصين على حبسه؟ فقلنا: ال شيء إال أن قضى الله الرضاعة وسرنا ما نرى، وقلنا: نؤويه كما تحبون أحب إلينا، قال: فقالت: إن لكما شأنا فأخبراني ما هو، فلم تدعنا حتى أخبرناها،

فقالت: كال والله، ال يصنع الله ذلك به، إن البني شأنا، أفال أخبركما خبره، إني حملت به، فوالله ما حملت حمال قط، كان

أخف علي منه، وال أيسر منه، ثم أريت حين حملته خرج مني نور أضاء منه أعناق اإلبل ببصرى -أو قالت: قصور بصرى-، ثم

وضعته حين وضعته فوالله ما وقع كما يقع الصبيان، لقد وقع(1/214)( انظر السيرة النبوية البن هشام : )1

16

سيرةالالنبوية

معتمدا بيديه على األرض رافعا رأسه إلى السماء فدعاه عنكما .(1)فقبضته، وانطلقنا(

وقد روى اإلمام مسلم في صحيحه حادثة شق الصدر ، فعن أتاه جبريل وهو يلعب معأنس بن مالك: »أن رسول الله

الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة , فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله

، ثم أعاده في مكانه،(2)في طست من ذهب بماء زمزم، ثم ألمه فقالوا: إن محمدا– يعني ظئره –وجاء الغلمان يسعون إلى أمه

قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى. (3)أثر المخيط في صدره

دروس وعبر وفوائد فقد ظهرت هذه البركة على حليمة السعدية-بركة النبي 1

في كل شيء. على بيت-حفظ الله لنبيه حيث كان من أثر بركة النبي 2

حليمة أن أحبه أهل هذا البيت , وحنوا عليه ,وأحسنوا معاملته ,ورعايته وحضانته، وقد كانوا أحرص عليه وأرحم به من أوالدهم.

-اختيار الله لعبده كله خير، فاختار الله لحليمة هذا الطفل3 اليتيم , وأخذته على مضض؛ ألنها لم تجد غيره، فكان الخير كل

الخير فيما اختاره الله، فظهرت نتائج هذا االختيار مع بداية أخذه ,وهذا درس لكل مسلم بأن يطمئن قلبه إلى قدر الله

واختياره ويرضى به، وال يندم على ما مضى ,وما لم يقدره الله -تعالى -.

-أثر البادية في صحة األبدان وصفاء النفوس، وذكاء العقول،4 في بادية بني سعد اللسان العربيوقد تعلم رسول الله

الفصيح، وأصبح فيما بعد من أفصح الخلق، فعندما قال له أبو بكر يا رسول الله ما رأيت أفصح منك. فقال : وما يمنعني وأنا« :

. (4)من قريش وأرضعت في بني سعد« -تعد حادثة شق الصدر التي حصلت له عليه -الصالة والسالم5

-أثناء وجوده في مضارب بني سعد من إرهاصات النبوة ودالئل اختيار الله إياه ألمر جليل، فالتطهير من حظ الشيطان هو

إرهاص مبكر للنبوة، وإعداد للعصمة من الشر وعبادة غير الله، فال يحل في قلبه إال التوحيد الخالص، وقد دلت أحداث صباه على

تحقق ذلك فلم يرتكب إثما، ولم يسجد لصنم رغم انتشار ذلك.(5)في قريش

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

........................................................(. 1/214)( انظر السيرة النبوية البن هشام: )1)( جمعه وضم بعضه إلى بعض. 2(. 259)( صحيح مسلم، برقم: )3(. 1/188)( الروض األنف للسهيلي )4(. 1/104)( انظر: السيرة النبوية الصحيحة للعمري )5

17

سيرةالالنبوية

.......................................................................................................................

وفاة أمه وكفالة جده ثم عمه: وهو ابن ست سنين باألبواء بين مكةتوفيت أم النبي

والمدينة، وكانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن ودفنت(1)النجار لزيارتهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة,

باألبواء, وبعد وفاة أمه كفله جده عبد المطلب، فعاش في , فقد كان جدهكفالته، وكان يؤثره على أبنائه أي أعمام النبي

مهيبا, ال يجلس على فراشه أحد من أبنائه مهابة له، وكان يجلس علىأعمامه يتهيبون الجلوس على فراش أبيهم، وكان

الفراش , ويحاول أعمامه أن يبعدوه عن فراش أبيهم, فيقف عبد المطلب في جانب حفيده, ويرضى أن يبقى جالسا على فراشه

متوسما فيه الخير، وأنه سيكون له شأن عظيم. وكان جده يحبه حبا عظيما، وكان إذا أرسله في حاجة جاء بها , وذات يوم أرسله في طلب إبل فاحتبس عليه ، فطاف

بالبيت وهو يرتجل يقول: رده لي واصنع عنديرب رد راكبي محمدا

يدا , وجاء باإلبل فقال له: يا بني, لقد حزنتفلما رجع النبي . (2)عليك كالمرأة حزنا ال يفارقني أبدا في الثامنة من عمره،ثم توفي عبد المطلب والنبي

فأوصى جده به عمه أبا طالب فكفله عمه , وحن عليه ورعاه. يتيما، تتواله عناية الله وحدها؛أراد الله أن ينشأ محمد

ليكون تعلقه بالله وحده ورجاؤه من الله وحده ويستشعر فضل منذ طفولتهالله عليه ، وكانت المصائب التي أصابت النبي

كموت أمه ثم جده بعد أن حرم عطف األب , وذاق كأس الحزن مرة بعد مرة، كانت تلك المحن قد جعلته رقيق القلب مرهف

ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گچ : الشعور قال - تعالى - ۀگ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ

١١ – ٦الضحى: چ

قبل البعثة:أبرز األحداث في حياته في الرعي:عمله

برعي الغنم مساعدةكان أبو طالب رجال فقيرا فعمل النبي عن نفسه وعن األنبياء أنهم رعوا الغنم، قالمنه لعمه، وأخبر

ا إال رعى الغنم« , فقال: أصحابه:رسول الله : »ما بعث الله نبي. (3)وأنت؟ قال: »نعم, كنت أرعاها على قراريط ألهل مكة«

(. 1/168)(السيرة البن هشام )1. 5524)( أخرجه الطبراني في الكبير:2( ، و القيراط جزء من الدينار أو الدرهم. 2262)( صحيح البخاري، برقم: )3

18

سيرةالالنبوية

ليتفكر في ملكوت السمواتإن رعي الغنم كان فرصة له واألرض ,وينظر إلى مظاهر جالل الله في عظمة الخلق، وينعم

بالهدوء والتأمل , ويتيح له لونا من التربية النفسية من الصبروالحلم واألناة, والتواضع والرأفة والرحمة.

حفظ الله - تعالى - له قبل البعثة: عن شرك الجاهلية وعبادة األصنام, روىحفظ الله نبيه

اإلمام أحمد في مسنده عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حدثني وهو يقول لخديجة: »أي خديجة،جار لخديجة أنه سمع النبي

وكان ال يأكل( 1)والله ال أعبد الالت أبدا ,والله ال أعبد العزى أبدا«ما ذبح على النصب، ووافق في ذلك زيد بن عمرو بن نفيل.

ومن حفظ الله له أن أبعده عن الظلم , وجعله مناصرا حلف الفضول , والذي تعاهد فيه بنوللحق ، ولقد حضر النبي

عبدالمطلب وبنو زهرة وغيرهم من بطون قريش على نصرة :المظلوم ,وكان ذلك في دار عبدالله بن جدعان ، وقد قال

»شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غالم، فما أحب أن لي. (2)حمر النعم، وأني أنكثه«

تجارته لخديجة وزواجه منها: ذات شرف(3)كانت خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -أرملة

ومال، تستأجر الرجال ليتجروا بمالها، فلما بلغها عن صدق محمدوعظم أمانته, وكرم أخالقه, عرضت عليه أن يخرج في مالها ,

إلى الشام تاجرا , وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار، فقبل وسافر معه غالمها ميسرة، وقدما الشام، وباع محمد

سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلىمكة , وباعت خديجة ما أحضره لها تضاعف مالها.

ورأت خديجة في مالها من البركة ما لم تر قبل هذا ,وأخبرت بشمائله الكريمة، فتحدثت بما في نفسها إلى

صديقتها نفيسة بنت منبه، و ذهبت نفيسة إليه تفاتحه أن يتزوج خديجة فرضي بذلك، وعرض ذلك على أعمامه، فوافقوا كذلك، وخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب فخطبها إليه، وتزوجها

وأصدقها عشرين من اإلبل، وكانت أول امرأةرسول الله ، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت رضي اللهتزوجها رسول الله

حين تزوج خديجة رضي الله،وقد كان عمر الرسول (4)عنها. (5)عنها خمسا وعشرين سنة، وكان عمرها أربعين سنة

غالمين وأربع بنات، وابناه هما:وقد ولدت لرسول الله يكنى وعبد الله، ويلقب بالطاهر والطيب ,القاسم، وبه كان

ا تمكنه من ركوب الدابة، ومات وقد مات القاسم بعد أن بلغ سن وقال رجاله رجال الصحيح ، وصححه الوادعي في الصحيح المسند برقم:8/228)( انظر مجمع الزوائد 1

1478. 59)( صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي, ص2)( تزوجها عتيق بن عائذ ثم مات عنها، فتزوجها أبو هالة ومات أيضا. 3. 122)( انظر: السيرة النبوية ألبي فارس ص4. 122)( انظر: السيرة النبوية ألبي فارس ص5

19

سيرةالالنبوية

عبد الله وهو طفل، وذلك قبل البعثة. أما بناته فهن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وقد أسلمن

وهاجرن إلى المدينة. في صباه.بين دالئل نبوته مما سبق :

.....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

...............................................................................دروس وعبر وفوائد:

- إن األمانة والصدق أهم مواصفات التاجر الناجح، وقد بين1 أن التاجر المسلم الصدوق األمين يحشر مع الصديقينالنبي

والشهداء والنبيين. - لقد اختار الله - سبحانه و تعالى - لنبيه زوجة تؤازره،2

وتخفف عنه ما يصيبه، وتعينه على حمل تكاليف الرسالة وتعيش ، وهكذا المرأة الصالحة لها أثر على استقامة زوجها(1)همومهوثباته. - ينبغي للداعية أن يعتمد في معيشته على جهده الشخصي،3

أو مورد شريف ال استجداء فيه، وال ذلة وال مهانة , فكيف يستطيع من ارتضى لنفسه المهانة أن يدعو إلى مكارم األخالق، ويحارب الشر والفساد، ويبعث في األمة روح الكرامة والشرف

واالستقامة؟ -إن تجارب الداعية بالسفر، ومعاشرة الجماهير، والتعرف4

على عوائد الناس وأوضاعهم ومشكالتهم، لها أثر كبير في نجاحدعوته، ومعرفة واقع الناس ومن ثم السعي إلى إصالح.

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

اشتراكه في بناء الكعبة الشريفة: خمسا وثالثين سنة اجتمعت قريش ؛ لتجديدلما بلغ محمد

بناء الكعبة لما أصابها من حريق وسيل جارف صدع جدرانها، وكانت ال تزال كما بناها -إبراهيم عليه السالم -، فأرادوا هدمها ؛ ليرفعوها ويسقفوها, فبدءوا بالهدم حتى انتهوا إلى حجارة خضرة

آخذ بعضها ببعض. (2)كاألسنمة(. 123، 1/122)( انظر: السيرة النبوية ألبي شهبة )1)( جمع سنام وهو أعلى ظهر البعير. 2

20

سيرةالالنبوية

وكانوا قد جزؤوا العمل, وخصوا كل قبيلة بناحية، واشترك سادة قريش وشيوخها في نقل الحجارة ورفعها، وقد شارك

وعمه العباس في بناء الكعبة , وكانا ينقالن الحجارة،النبي : اجعل إزارك على رقبتك يقيك منفقال العباس للنبي

الحجارة، ففعل ذلك فوقع على ظهره وارتفعت عيناه إلى , وكان(1)السماء ثم أفاق فقال: »إزاري إزاري« فشد عليه إزاره

ذلك من حفظ الله له حتى ال تنكشف عورته ،فلما بلغوا موضع الحجر األسود اختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه

دون األخرى، وكادوا يقتتلون فيما بينهم، لوال أن أبا أمية بن المغيرة قال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب المسجد، فلما توافقوا على ذلك دخل

فلما رأوه قالوا: هذا األمين، قد رضينا, فلما أخبروهمحمد الخبر قال: »هلموا ثوبا؟« فأتوه به فوضع الحجر فيه بيديه ثم

قال: »لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوا جميعا« فرفعوه، حتى إذا بلغوا موضعه وضعه بيده الشريفة ثم بنى

. (2)عليه قبل البعثةلخص صفاته مما سبق :

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: - مغمورا في مجتمعه بل هو من- لم يكن رسول الله - 1

أصحاب المشاركة الثابتة والمستمرة في كل شأن من شؤون هذا المجتمع , ومن خالل هذه المشاركة الفعالة في كل أحداث المجتمع يرتفع قدر الداعية ويعلو وقع كالمه على النفوس , فإذا تكلم سمع له وإذا نصح أخذ بنصحه , وهو الحكم فيما يختلفون

فيه من أمور دينهم ودنياهم. - ال يعيش البشر بغير نظام حاكم لهم يفصل منازعاتهم ,فهم2

عرضة وال بد للخالف واالختالف ما داموا قد تجمعوا في جماعات مدنية تتعايش مع بعضها البعض ؛ ولذا فال بد من قانون وقواعد

للتحاكم إليها. - ليست أنه أول- علة قبول القبائل القرشية بحكم النبي - 3

من دخل من باب الحرم فقط، ولكن كونه األمين الذي يأتمنونه على أموالهم وأعراضهم واألمانة هي أول مقومات العدل وعالمة

(1582)( رواه البخاري في صحيحه برقم: ) 1(.1/178)(انظر السيرة البن هشام )2

21

سيرةالالنبوية

وجوده ؛ ولذا كانت العبارة: ' هذا األمين قد رضينا حكمه ' فاألمانة من األخالق التي تجعل لإلنسان القبول والثقة بين

الناس.

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

(: 1نشاط رقم ) منبالرجوع إلى أحد كتب السيرة, اذكر قصة نجاة عبدالله والد النبي

الذبح و فداء عبدالمطلب له...............................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.....................................

(2نشاط رقم ) في منظم بياني منذ والدته وحتى زواجه من خديجةلخص حياة النبي

رضي الله عنها.

22

سيرةالالنبوية

(:3نشاط رقم ) للتجارة بمالمن خالل قراءتك ألحداث بناء الكعبة , وقصة سفر النبي

خديجة -رضي الله عنها -, بين أثر الصفات الحميدة على تقبل الناسللدعوة .

.............................................................................................

.............................................................................................

.............................................................................................

.............................................................................................

.....................................................................................................

التقويم:: »أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى«.: قال 1س

اكتب اآليتين اللتين تدالن على ذلك. على حليمة السعدية وزوجها.: بين أثر بركة النبي 2س ٹ: ما تدل عليه اآلية التالية: استنبط من قصة ارضاع حليمة للنبي 3س

وئې ى ى ٹ چ وئ ەئ ەئ ائ ١٩النساء: چائ: ما الحكمة من إرسال العرب أبنائهم إلى البادية مع صغرهم ؟4س و ارهاصات النبوة.: اربط بين حادثة شق صدر النبي 5س: ما الحكمة من رعي األنبياء للغنم؟6س قبل بعثته في مواقف عدة, اذكرها.: تجلى حفظ الله لنبيه محمد 7س ( أما العبارة الصحيحة وعالمة ) × ( أمام العبارة√: ضع عالمة ) 8س

الخاطئة مما يلي: يتيم األبولد النبي أ.

.) ( كانت حليمة السعديةأول مرضعة للنبي ب.

.) ( بعد وفاة أمه عمه أبو طالبتكفل بالنبي ت.

.) ( بخديجة رضي الله عنها وعمره أربعون سنة )تزوج النبي ث.

.): أكمل الفراغات اآلتية بما يناسب:9س

ولدين هما ....................ولدت خديجة رضي الله عنها للنبي أ. و...................... وأربع بنات هن ......................... و............................... و ...............................

و.....................................تولت أم .................................. حضانة النبي ب. في بناء الكعبة وعمره ................... سنة.شارك النبي ت.

23

سيرةالالنبوية

الوحدة الثالثة بعثة النبي

24

سيرةالالنبوية

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يبين عالمات ومقدمات نبوته. يعرف حاله.وقت نزول الوحي يسرد األحداث التي تلت بعثته..يستنتج عظم أمر النبوة وأهميتها للناس

:تهيئة الناس الستقبال نبوة محمد كانت هناك مقدمات لقدوم نبي كريم ينتظره الكون , وكانت

هناك إرهاصات بقرب مبعثة ، فمن تلك التغيرات واإلرهاصات: فقد دعا إبراهيم -عليه السالم -ربه:-بشارات األنبياء بمحمد 1

أن يبعث في العرب رسوال منهم، فأرسل محمدا إجابة لدعوته، ڇ ڍ ڍڇڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇچ : قال - تعالى -

وذكر القرآن الكريم أن الله - تعالى - أنزل ١٢٩البقرة: چڌ في الكتب السماوية المنزلة علىالبشارة بمبعث محمد

ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چچ األنبياء السابقين فقال - تعالى -: ١٥٧األعراف: چڇ ڇ

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پچ وبشر به عيسى عليه السالم، قال - تعالى -: ڤ ڤٹپ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ

٦الصف: چڤ ڦ ڦ ڦ ڦ -منع الجن من استراق السمع ورميهم بالشهب وإخبار الكهان2

بمقدمه , وقد جاء مصداق ذلك في قوله - تعالى - حكاية عنہ ھ ھچ الجن: ہ ہ ۓ ھ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇھہ ۓ ے ے

ۉۆ ۆ ۈ ۈ ۋ ۋ ۉ ۅ ۅ ولم يحدث ذلك إال ليكون، چٴۇ خبر النبوة صافيا نقيا ال تكدره أخبار الكهان , وال المستعينين

بالجن والشيطان ، فعن جابر -رضي الله عنه -قال: »إن أول أن امرأة كان لها تابع ,فأتاهاخير قدم علينا عن رسول الله

في صورة طير فوقع على جذع لهم ,فقالت له ، أال تنزل لتخبرنا ونخبرك،قال :انه قد خرج رجل بمكة حرم علينا الزنا ،ومنع منا

(.1)(1) القرار «مقدمات البعثة

لما كان أمر النبوة أمرا عظيما ,فقد هيأ الله - تعالى - نبيه الكريم ؛ ليستقبل هذا األمر العظيم من الله تعالى , فقد كانت

تدل على تميزه عن غيره من الحنفيينهناك مقدمات لبعثته الذين عاصروه ،وأن الله سيختاره ألمر عظيم.

:ومن المقدمات واإلرهاصات لبعثته ( وقال الهيثمي في المجمع)1/189( وابن سعد في الطبقات)3/356 أخرجه أحمد في المسند )(1)(1)

( رواه أحمد والطبراني في األوسط ورجاله وثقوا.8/24625

سيرةالالنبوية

: »،فقد قال تسليم الحجر على النبي إني ألعرف حجرا(1)(1) بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني ألعرفه اآلن «

.الرؤيا الصادقة في النوم :2 : »أول ما بدىء بهحيث قالت عائشة -رضي الله عنها -

من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم , وكان ال يرىرسول الله (2) رؤيا إال جاءت مثل فلق الصبح «

أي أنها تتحقق كما يتحقق الصبح ويأتي.:أكمل الشكل اآلتي مما سبق :

دروس وعبر وفوائد: . بيان شدة حاجة الناس للدين الحق ,فهي كحاجتهم للماء1

والهواء بل أشد ،فإن باألول حياة قلوبهم ونجاتهم ،وبالثاني حياةأبدانهم.

؛ و ذلك من خالل كتابهم. معرفة اليهود والنصارى صدق نبوته 2 چچ چ چ چ ڇ ڇ چ , كما قال - سبحانه -عن أهل الكتاب:

وهو في نصوص التوراة واإلنجيل الموجودة في ١٥٧األعراف: أيديهم اليوم على الرغم من حذفهم الكثير من النصوص

.المبشرة به

:بدء الوحي يعتزل في غار حراء، وذلك في شهر رمضانكان محمد

من كل سنة؛ يتعبد الله - تعالى - ويتفكر في مخلوقات الله بعيدا عن الناس ، قالت عائشة -رضي الله عنها -في وصف حاله: »

الليالي ذوات العدد– أي يتعبد –كان يخلو بغار حراء ،فيتحنث فيه (2277 رواه مسلم في صحيحه برقم )(1)(1)(160( ، ومسلم في صحيحه برقم )3 رواه البخاري في صحيحه برقم )(2))

26

سيرةالالنبوية

قبل أن ينزع إلى أهله ،ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود.1لمثلها«

يجلس في الغار، في يوم االثنين من شهروبينما كان النبي رمضان ، إذا بجبريل -عليه السالم- ينزل عليه في صورة رجل ,

ال يعرف القراءة وال الكتابة،ويقول له: اقرأ، وكان النبي فخاف وارتعد، وقال للرجل: ما أنا بقارئ، وإذا بجبريل -عليه

إليه بشدة، ثم يتركه ,ويقول له: اقرأ،السالم- يضم النبي : ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة ثالثة، فقال جبريل:فقال محمد

فكانت ٣ - ١العلق: چچ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ چ ، وكانت هذه الحادثة إعالنهذه أولى آيات القرآن نزوال عليه

بنبوته ؛ ليكون خاتم األنبياء. إلى بيته مسرعا،خائفا مما حدث له ، وقال لزوجتهرجع محمد

فزملوه حتى ذهب «زملونى، زملونى »خديجة رضي الله عنها: .« لقد خشيت على نفسي »عنه الروع ، فأخبرها الخبر ، وقال:

فقالت خديجة:كال والله ال يخزيك الله أبد،إنك لتصل الرحم ،وتحمل الكل ،وتكسب المعدوم ،وتقري الضيف ،وتعين

على نوائب الحق ،فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن عم خديجة ،وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية،وكان

يعرف الكتابة،فيكتب اإلنجيل بالعربية -ما شاء الله -أن يكتب،وكان شيخا كبيرا قد عمي ،فقالت له خديجة: يا ابن عم

اسمع من ابن أخيك , فقال له ورقة:يا ابن أخي ما ترى ؟ فأخبره خبر ما رأى فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزلهرسول الله

الله على موسى ،ياليتني فيها جذعا، إذ يخرجك قومك،فقال أو مخرجي هم؟ قال نعم ،لم يأت رجل قط بمثلرسول الله

ما جئت به إال عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا،ثم(1)(1)لم ينشب ورقة أن توفي ،وفتر الوحي "

:صور نزول الوحي على النبي التيكانت تلك الحادثة صورة من صور الوحي إلى رسول الله

يعرف بها أمر الله عز وجل ،ولم يقتصر عليها بل تنوعت صور وهي: (2)الوحي وتعددت ،وقد ذكرها ابن القيم -رحمة الله -

الرؤيا الصادقة , وهي أول ما بدأ به الوحي..1ما كان يلقيه الملك في قلبه دون أن يراه..2 أن يتمثل الملك له على هيئة رجل فيخاطبه ،وفي هذه.3

المرتبة كان يراه الصحابة أيضا. (422 (, ومسلم في صحيحه برقم : ) 3 - اخرجه البخاري في صحيحه برقم: ) 1(.160( ومسلم في صحيحه برقم )3 أخرجه البخاري في صحيحه برقم )(1)(1)(1/18 زاد المعاد )(2))

27

سيرةالالنبوية

أن يأتيه كصلصة الجرس , وهو أشد ما يكون عليه حتى.4أن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد.

أن يرى الملك في صورته التي خلقه الله عليها ،وقد وقع.5له هذا مرتين

أن يكلمه الله بال واسطة كما في حادثة اإلسراء.6دروس وعبر وفوائد:

أهمية الخلوة بالنفس لمراجعتها , ومعرفة عيوبها..1 العناية بعبادة التفكر، حيث ذكر بعض أهل العلم أن جل.2

في غار حراء هوما كان يفعله رسول الله التفكر،والشك أن التفكر وتأمل هذا الكون أحد أسباب

تقوية اإليمان وزيادة اليقين. إن الطريق األول لمعرفة الله هو العلم ؛ ولذا بدأ.3

الوحي بـ )اقرأ( ,وبوب البخاري باب العلم قبل القول مت خت حت جت يبچوالعمل ثم أورد قوله - تعالى - :

(3)"چ جث يت ىت

الزوجة الصالحة تعين زوجها على نوائب الدهر ,وتثبته.4 على الحق ,وهذا ما فعلته خديجة -رضي الله عنها -مع

,فقد كان موقف خديجة منه منزوجها رسول الله أشرف المواقف استحقت أن يرسل إليها رب العالمين

(1)بالسالم مع الروح األمين"

.سؤال أهل العلم وعدم االجتهاد فيما ال علم لإلنسان.5به ، يجعل اإلنسان يقدم على بصيرة ومعرفة .

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

(1نشاط رقم ) وذكرت صفاته وصفاتبشرت التوراة واإلنجيل بمحمد

أتباعه, بالرجوع إلى سورة الفتح, اكتب اآلية التي تدل على ذلك.

.................................................................................

.................................................................................

.................................................................................

.................................................................................(19 محمد)(3))ـــ(88 فقه السيرة للغزالي )صـ(1))

28

سيرةالالنبوية

.................................................................................

............................................................................................................................................................

(2نشاط رقم ) ورد في التوراة واإلنجيل ما يثبت علم اليهود والنصارى

, كما هو ظاهر في إنجيل برنابا حيثالمعاصرين ببعثة محمد ذكر فيه اسم النبي المنتظر وصفته وزمانه ومكانه.

كيف تستفيد من هذه المعلومة في دعوة النصارى لدين اإلسالم؟كتب ممكن االستفادة منها:

-محمد في بشارات التوراة واإلنجيل، للدكتور:الشفيع الماحي أحمد.-ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ،للشيخ :أحمد ديدات.

في الكتب الهندية ألنور حسين، ووقار عظيم الندوة.-محمد د .عبد المحسن المطيري.–-األدلة الجلية على صدق خير البرية

.............................................................................................

.............................................................................................

..........................................................................................................................................

(3نشاط رقم ) ما الدور االيجابي الذي يمكن أن تقوم به الزوجة مع زوجها في

الدعوة إلى الله؟........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.........................................................التقويم:

: علل:1سسارع بعض العرب لتسمية أوالدهم بمحمد.أ. منع الجن من استراق السمع ,ورميهم بالشهب قبيلب.

.بعثة النبي مع علمهمعدم استجابة اليهود والنصارى لدعوة النبي ت.

بنبوته.29

سيرةالالنبوية

حاجة الناس للرسالة أشد من حاجتهم للطعامث.والشراب.

لم تأت النبوة دفعة واحدة بل سبقتها مقدمات.ج. البقرة: چ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ پٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پٹ ٹ چ :2س١٤٦

استخرج الشاهد من اآلية الكريمة مما له تعلق بالدرس. : لخص الدور الذي قامت به أم المؤمنين خديجة -رضي الله3س

لما نزل عليه الوحي.عنها -مع النبي : ما الدرس المستفاد من ذهاب خديجة -رضي الله عنها -4س

إلى ورقة بن نوفل؟بالنبي : عدل العبارات اآلتية ؛ لتكون صحيحة:5س ربه أن يبعث في العرب رسوال منهم.دعا عيسى أ. يعتزل الناس في غار ثور ويتعبد الله.كان النبي ب. الملك على صورته التي خلقه الله عليهارأى النبي ت.

ثالث مرات.

الوحدة الرابعة30

سيرةالالنبوية

بداية دعوته في مكة

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة.يذكر أول من أسلم من النساء والرجال والصبيان.يسمي أبرز من أسلم في مكة.يعدد صفات المسلمين األوائل.يستنبط الدروس والعبر من مرحلة الدعوة السرية

الدعوة السرية: في مكة بمرحلتين رئيستين كانت المرحلة األولىمرت دعوة النبي

منهما مرحلة اإلسرار بالدعوة والتخفي بها ؛ وذلك لما نزل على النبيۓھ ھ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇچ : أوائل سورة المدثر ۓ ے ے

بالدعوة إلى الله عز وجل , ونشر اإلسالم فيبادر ، 4-1اآليات چۇ صفوف القريبين منه , وكانت هذه الدعوة تسير في الخفاء خوفا من

أن يقضى عليها في مهدها.أول من أسلم:

كانت البداية في األقربين كزوجته وبناته , ومواليه , وربيبه علي بن أبي طالب وأصدقائه,فكان أول من آمن به وصدقه على اإلطالق هي

زوجه: خديجة -رضي الله عنها -. قال ابن األثير: خديجة أول خلق الله إسالما بإجماع المسلمين ،لم

يتقدمها رجل وال امرأة. وقال الحافظ ابن حجر :خديجة أول من صدقت ببعثته مطلقا , وقد

اختلف فيمن أسلم بعد ذلك ، وجمع بعض أهل العلم بين تلكاألقوال ,فجعلوا األولية نسبية , فقالوا :

31

سيرةالالنبوية

.أول من أسلم من الرجال أبو بكر .ومن الصبيان : علي بن أبي طالب

.ومن الموالي : زيد بن حارثة من الرجال أول من آمن بالنبي وكان أبو بكر الصديق

قبل البعثة, لم يكناألحرار، فهو من أخص أصحاب رسول الله إسالمه إسالم رجل، بل كان إسالمه إسالم أمة، فهو في قريش كما

ذكر ابن إسحاق في موقع العين منها؛ فقد كان رجال مألوفا لقومه محببا سهال، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بها, وبما كان

فيها من خير وشر، وكان رجال تاجرا ذا خلق ومعروف، وكان رجال. (1)قومه يأتونه ويألفونه, لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته

ثم أسلم بدعوة أبي بكر الصديق عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ،وطلحة بن عبيد

الله رضي الله عنهم أجمعين. ثم بدأ اإلسالم ينتشر في مكة حتى وصل عدد الذين سبقوا إلى

اإلسالم من بطون قريش إلى أكثر من أربعين رجال.السابقين األولون

ويظهر من عرض األسماء السابقة،أن السابقين األولين إلى اإلسالم كانوا خيرة أقوامهم،ولم يكونوا كما يصورهم أعداء اإلسالم بأنهم من

المغمورين ،أو من األرقاء الذين أرادوا استعادة حريتهم ، وهي معلومة ال يسندها الدليل وال الواقع ،فمن تتبع كتب السيرة يجد أن

ثالثة وستين شخصا، وقد بلغ عددأوائل من أسلم بالنبي المستضعفين والموالي واألرقاء ثالثة عشر شخصا، والشك أن نسبه

هذا العدد إلى مجموعهم قليل. ولعل اشتهار هذه المعلومة سببها أن هؤالء الضعفاء واألرقاء هم الذين تحملوا القسط األكبر من التعذيب ,وكانت فتنتهم على مأل من

الناس كما هو الحال في بالل وخباب وعمار ووالديه -رضي الله عنهم -، ولذا انتشر أمرهم بينما امتنع اآلخرون بأقوامهم ، ومن عذب منهم

عذب ضمن قبيلته؛ ولذا لم ينتشر أمرهم كأولئك. في دعوته ، وفي تزكية من آمن به وصدق ،فكانواستمر النبي

سرا في دار األرقم بن أبي األرقم المخزومي يعلمهميلتقي بهم القرآن ويربيهم ويخبرهم بما نزل عليه من الوحي ، فكانت هذه الدار مدرسة اإلسالم األولى ، والحكمة في اختيار هذه الدار دون غيرها أن

صاحبها كان صبيا صغيرا لم يتجاوز الحادية عشر عند إسالمه , وهو من بني مخزوم )فخذ مشهور من قريش( وهم من أشد من عادى

, وفي هذا إبعاد ألنظار قريش وتمويه عليهم في مكانرسول الله اجتماعهم، إضافة إلى كون الدار فوق الصفا وفي بابه ثقب يعرفون

من يقدم عليهم، والشك أن هذا يتيح لهم معرفة ما يدور في الخارج ؛ولذا لم يكن اختبار البيت عفويا دون قصد والعلم عند الله - تعالى -.

(. 1/371)( انظر: السيرة النبوية البن هشام )132

سيرةالالنبوية

في تلك الدار قرابة ثالث سنين حتى أمره وقد استمر النبي الله - تعالى - بالجهر بالدعوة ، ومن المعلوم أنه لم يكن يجتمع في

هذه الدار كل من آمن ، بل يقدم بعضهم ألخذ الوحي من رسول اللهثم يبلغه لبقية المؤمنين داخل بيوتهم ، وفي هذا حرص على

استمرار هذه الدعوة وعدم تعريضها وأتباعها إلى الفناء والهالك.انتشار الدعوة في قبيلة قريش:

انتشر اإلسالم في المرحلة السرية, في سائر فروع قريش ، فأبو بكر الصديق من )تميم(، وعثمان بن عفان من )بني أمية(، والزبير بن العوام من )بني أسد(، ومصعب بن عمير من )بني عبد الدار(، وعلي

بن أبي طالب من )بني هاشم(، وعبد الرحمن بن عوف من )بني زهرة(، وسعيد بن زيد من )بني عدي(، وعثمان بن مظعون من )بني

جمح(، بل إن عددا من المسلمين في هذه المرحلة لم يكونوا من قريش، فعبد الله بن مسعود من )هذيل(، وعتبة بن غزوان من

)مازن(، وعبد الله بن قيس من )األشعريين(، وعمار بن ياسر من )عنس( من مذحج، وزيد بن حارثة من )كلب(، والطفيل بن عمرو من

)دوس(، وعمرو بن عبسة من )سليم(، وصهيب النمري من )بني. (1)النمر بن قاسط(

وبعد انتشار الدعوة في بطون قريش أصبحت الدعوة اإلسالمية مهيأة للظهور ، وبدأ القرآن يشير إلى عالمية اإلسالم والدعوة إليه،

٨٧ص: چٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ چ قال - تعالى -: ، وماعلى ماذا يدل تنوع قبائل المستجيبين لدعوته مما سبق :

أثره على الدعوة؟ ..........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

..........................................................................دروس وعبر وفوائد

أهمية المبادرة إلى الخير والمسارعة فيه ، وعدم التكاسل.1والتردد , فإن الفرص قد ال تأتي إال مرة واحدة .

ومن صور المبادرة :االئتمار بأمر الله وعدم التردد والتلكؤ فيه ؛.2 بالدعوة إلى الله ما إنولذا نرى كيف بادر رسول الله

ۓھ ھ چ : سمع ۓ ے . ٢ - ١المدثر: چے أهمية الدعوة إلى الله ونشر الخير بين الناس ، واحتساب األجر.3

في ذلك ، ولعل مبادرة أبي بكر بالدعوة وإسالم عددا من المبشرين بالجنة على يديه لمن أعظم ما يحث اإلنسان على

(.1/133)( انظر: السيرة النبوية الصحيحة للعمري )133

سيرةالالنبوية

الدعوة إلى الله , فقد يجري له األجر الكثير بإسالم من يكونلهم أثر في نصرة الدين.

إن األصل في الدعوة إلى الله - تعالى - الجهر , وليست السر.4 والكتمان ؛ ألن هذا الحق من الله ، والله ناصر أتباعه ، ولكن

هذا الحق يقابل بمكر من شياطين اإلنس والجن يمنعون الناس من الدخول فيه ، ويعذبون من دخل ؛ ولذا كان من الحكمة عدم إظهار هذا األمر حتى ال يقتل في مهده , فبقى النبي

في دعوته سرا ثالث سنين ثم جهر بالدعوة , وهذه األمور تقدر بقدرها , ويعرفها أهل العلم والحكمة والخبرة في الحياة وكل

بلد بحسبه. إن الهدف األعظم للدعوة إلى الله - تعالى - هو إخراج الناس.5

من الظلمات إلى النور, وهذا متاح للناس أجمعين ، وال يخص به قوم ، وليس صحيح اختصاص المتميزين والموهوبين

بالدعوة دون غيرهم ،بل تبذل للجميع. أهمية إيمان أهل الرجل ؛ ألن في هذا قوة له وإعانة على البالء.6

الذي يالقيه. بجمع أصحابهأهمية العلم في نشر الخير ؛ ولذا بادر النبي .7

في دار األرقم لتعليمهم ، حيث يحصل لهم خير كثير بسببالعلم وتثبيت بعضهم البعض.

لقد كانت دار األرقم محضنا تربويا تحقق فيه االجتماع والمحبة.8 والتعاون على الخير والتواصي على الصبر مما كان له أثره في

تعميق اإليمان وترسيخ المعاني التربوية في نفوس األصحاب والداعية بحاجة إلى التركيز على نخبة يختصهم بمزيد عنايته

ويفرغ لهم من وقته ما يمكنه من غرس القيم اإلسالميةوالمعاني التربوية.

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

(:1نشاط رقم ) بالرجوع إلى كتب السيرة, اذكر االبتالءات التي لقيها كل من :

بالل -رضي الله عنه -. أ.............................................................................................................................................................................................................................................................................................................

34

سيرةالالنبوية

......................................................................................

...........................................................................................................................

.عمار ووالديه -رضي الله عنهم -.ب.

...........................................................................

...........................................................................

...........................................................................

...........................................................................

............................................................................................

(:2نشاط رقم ) يشتكي تعذيب الكفار له , ويطلبجاء خباب بن األرت للنبي

, بالرجوع إلى كتاب الرحيق المختوم, بين موقف النبيالنصرة منه مع خباب, مع ذكر البشارات التي بشر بها النبي .

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................................................................

(:3نشاط رقم ) لنجاح دعوته.استنبط من الدرس االحتياطات التي فعلها النبي

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

..................................................................................................................................................................

35

سيرةالالنبوية

التقويم: الدعوة السرية ؟: متى بدأ النبي 1س: أكمل الفراغات اآلتية:2سأول من أسلم من الرجال......................................أ.أول من أسلم من الصبيان....................................ب.أول من أسلم من الموالي.......................................ت. التي اشتهرمن صفات أبي بكر الصديق ث.

بها: ...................................................................................................................................

عند:: بين منزلة أبي بكر الصديق 3س.النبي أ.قومه .ب. عدد من العشرة المبشرين: أسلم على يد أبي بكر الصديق 4س

بالجنة فمن هم؟ : كيف ترد على من زعم أن السابقين األولين إلى اإلسالم كانوا5س

من األرقاء و المغمورين؟ في دار األرقم بن أبي بأصحابه : ما الهدف من اجتماع النبي 6س

؟األرقم

36

سيرةالالنبوية

الوحدة الخامسة الجهر بالدعوة

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يبين كيف بدأ.بالجهر بالدعوة .يبين موقف كفار قريش من الدعوة اإلسالمية يمثل لما واجهه النبي.وأصحابه من أذى في سبيل الدعوة يقتدي به .في الصبر على نشر الدين يستنبط الدروس والعبر من مواجهة النبي.ألذى المشركين .يبين أحداث عام الحزن، ويعلل لتسميته بهذا االسم يصف أحداث رحلته.للطائف .يصف حادثة اإلسراء والمعراج.يستنتج بعض حكم اإلسراء والمعراج.يلخص وقائع بيعتي العقبة.يستنبط الدروس والعبر من بيعتي العقبة

الجهر بالدعــوة37

سيرةالالنبوية

إلى الدعوة الجهرية بعد أن أنزل الله عليه قوله - انتقل النبي ، حيث94سورة الحجر اآلية چٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ چ - : تعالى

بدأت مرحلة جديدة من التوسع واالنتشار وفي المقابل من العداءوالحرب له ولدعوته وألتباعه.

الشعراء: چڇ ڇ ڇ چ : قال ابن عباس -رضي الله عنهما - : لما نزلت٢١٤

حتى صعد الصفا فهتف :" يا صباحاه ،فقالوا :خرج رسول الله من هذا؟ فاجتمعوا إليه ،فقال:"أرأيتم إن أخبرتكم أن خيال تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ فقالوا :ما جربنا عليك كذبا ،قال :

فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"، قال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا.(1 )١المسد: چڈ ڈ ژ ژ ڑ چ : إال لهذا ثم قام، فنزلت

ولم يأبه كفار قريش بهذا الصوت المنذر ظنا منهم أنه أحد الحنفاء الذين يظهرون بين فترة وأخرى , والذين بحثوا عن دين إبراهيم كزيد

بن عمرو بن نفيل وغيرهم،ولكن األمر تغير بعدما عاب آلهتهم حتىأنكروا عليه ذلك , وأجمعوا على خالفه وعداوته ، ولكن رسول الهدى

، واصل مسيرته ,ولم يفتر عن دعوة التوحيد , ونبذ عبادة األصنام وكان أول ما بدأ به كفار قريش لثنيه عن هذه الدعوة والرسالة هو

, "فقدطلبهم من عمه أبي طالب الحد من نشاط رسول الله جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا :إن ابن أخيك هذا قد آذانا في

نادينا ومسجدنا فانهه عنا ، فقال : يا عقيل ،انطلق فأتي بمحمد،فاستخرجه من بيت صغير، وجاء به في الظهيرة في شدة

الحر فلما أتاهم قال: إن بني عمك هؤالء زعموا أنك تؤذيهم في ببصره إلى ناديهم ومسجدهم ، فانته عن أذاهم، فحلق رسول الله

فما أنا »،قالوا: نعم , فقال:«ترون هذه الشمس »السماء فقال: فقال أبو «بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشعلوا منه بشعلة

.(2 )«والله ما كذب ابن أخي ،فارجعوا راشدين »طالب : ولما لم يجد هذا األمر شيئا تنوعت أساليب قريش في محاربة

وأتباعه ومن ذلك: النبي اإلغراء بالمناصب والمال والنساء :أ-

وقد تولى هذا األمر عتبة بن ربيعة حيث أرسلته قريش , فعرض بآيات من سورة فصلت المال والنساء ،فرد عليه على النبي

.(3)فدهش عتبة مما قرأ عليه ورجعاالتهامات الباطلة له:ب-

چچ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ چ حيث اتهموه بالجنون قال -تعالى -: چ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڦ چ -:، واتهموه بالسحر قال - تعالى ٦: الحجر

(208 ( ، ومسلم في صحيحه برقم :)4770 أخرجه البخاري في صحيحه برقم: )1 (.6804 ) ( رواه أبو يعلى في مسنده : برقم ) 2 ( والحاكم في المستدرك2308( والبيهقي في االوائل )1818 ) ( أخرجه ابو يعلى في مسنده برقم :)3( وصححه ووافقه الذهبي ، والحديث حسن.2/253)

38

سيرةالالنبوية

رقم ـية اآـل ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ چ .وبالكذب "4 ـصاآلية چڦ ڦ ڄ ڄ . واتهموه باإلتيان باألساطير قال - تعالى - :4 الفرقان

.وكلها تهم باطلة دفعها5الفرقان چچ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ چ قلوبهم الله عنه وبين كذبهم فيها، وإنما دفعهم الحسد والبغي وأما

ۆ ۆۇۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇچ فهي موقنة بصدقه وأمانته، قال تعالى : ۅۈ ۈ ۋ ۋ ٣٣األنعام: چٴۇ

السخرية واالستهزاء والضحك والغمز واللمز , والتعالي علىت-المؤمنين :

ۆئ چ - :وقد بين الله - تعالى - شيئا من ذلك قال - تعالى ۇئ ۇئېئ ېئ ۈئ ۈئ اآلية چۆئ طردوقد طلبوا من النبي . 29المطففين

صهيب وبالل وخبابا رغبة عن مجالستهم , واحتقارا لهم فأنزل الله -ىئ چ : تعالى - ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئ ۈئ ۆئ جئ ی ی ی ی ىئۆئ

جت يب ىب مب خب حب جب يئ ىئ مئ اآلية چحئ األنعام .52سورة

وكانوا يغمزوه إذا طاف بالبيت أو صلى عنده ، وممن كان يتولى االستهزاء والسخرية : األسود بن عبد المطلب بن أسد , والوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل السهمي ، وأبو جهل ، وأمية بن خلف ،

والنضر بن الحارث , و األخنس بن شريق , وغيرهم .طلبهم اآليات والمعجزات لتعجيزه :ث-

ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎچ : وقد حكى الله - تعالى - عنهم ذلك فقال ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ

ۓڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ھ ھ ھ ھ ڭ ڭ ۓ ے ے ہ ہ ہ ہ ۀ ۀاآليات چٴۇ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۋ ۋ ڭڭ .93 -90اإلسراء

ولم يقف األمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى غيره ،فعن ابن ادع لنا ربك قالت قريش للنبي »عباس -رضي الله عنهما قال -:

أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك ، قال : وتفعلون ؟ قالوا نعم , قال عز وجل- يقرأ عليك السالم ,–: فدعا، فأتاه جبريل فقال: إن ربك

ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا ال أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت فتحت لهم أبواب

.(1 )«التوبة والرحمة، فقال : بل باب التوبة والرحمة األذى الجسدي :–ج

واشتد، وممن تولى كبر ذلك،أبو جهل بنزاد أذى قريش للنبي ، فعن أبي هريرة -رضي اللههشام ،فقد زعم ليطأن رقبة النبي

عنه - قال : قال أبو جهل: هل يعفر محمد ووجهه بين أظهركم ؟ - يعني يصلي -قال : فقيل : نعم، فقال : والالت والعزى ،لئن رأيته يفعل ذلك ألطأن على رقبته , أو ألعفرن وجهه في التراب ،قال :

( وقال صحيح علي شرط مسلم2/362( والحاكم في المستدرك )1/258( رواه أحمد في المسند)1(2333ووافقه الذهبي ، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند ح )

39

سيرةالالنبوية

وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجئهمفأتى رسول الله منه : إال وهو ينكص على عقبيه , ويتقى بيديه : قال : فقيل له

مالك ؟ قال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهوال وأجنحة، فقال.(1 )« لو دنا مني الختطفته المالئكة عضوا عضوا » : رسول الله

وتولى عمه أبو لهب تكذيبه ,وتحذير الناس منه في المواسم مرة بسوق ذي المجاز ,فقال : يأيها والمحافل , فقد قام النبي

الناس قولوا ال اله إال الله تفلحوا ، وكان عمه وراءه يقول : إنه صابئ.(2)كاذب "

ووضع عقبة بن أبي معيط على ظهره سال الجزور في قصة مؤلمة مبكية تجعل اإلنسان يتقاصر كل جهد يبذله لدين الله أمام هذا

الموقف المليء بالصبر والتضحية واليقين. وهو فقد جاء ذلك الشقي فوضع ، سال الجزور بين كتفي النبي

ساجد ، وبدأوا يتضاحكون ويتمايلون , وهو ساجد ما يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة -رضي الله عنها -فأخذته عن ظهره ثم أقبلت

صالته ورفع صوته يدعوا عليهم "اللهمتشتمهم , فأكمل النبي عليك بقريش "ثالث مرات ،اللهم عليك بأبي جهل بن هشام , وعتبة

بن أبي ربيعة،وشيبة بن أبي ربيعة ،والوليد بن عتبة،وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط .. " فذهب عنهم الضحك ، وخافوا دعوته ،

.(3)واستجاب الله دعاءه ،حيث قتلوا كلهم في بدر "فأي ثبات هذا ؟ وأي صبر هذا ؟ وأي تضحية هذه ؟!

، في تبليغ دعوته , وأماهذا شي يسير مما نال رسول الله أصحابه فقد أوذوا أذى كبيرا ونالهم من العذاب ماال يتحمله بشر ,

فقد ألبستهم قريش أدرع الحديد ، وصهروهم في الشمس كما حصل لبالل وخباب وغيرهم ، بل قتلوا بعضهم كما حصل مع ياسر وآل بيته

-رضي الله عنهم أجمعين -. وقد حوت كتب السيرة جزءا من صور العذاب الذي تلقوه ، والبالء

الذي صب عليهم ، فعندما سئل أحد الصحابة ذات يوم :" أكان من العذاب، ما يعذرونالمشركون يبلغون من أصحاب رسول الله

به في ترك دينهم ؟ فقال: "نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجوعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي به حتى يعطيهم ما يسألونه من الفتنة ، حتى يقولوا له : الالت والعزى إلها من دون الله ؟ فيقول : نعم افتداء منهم بما يبلغون من

.(4)جهدهم " وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه

من تحته.(2797( رواه مسلم في صحيحه ح )1( وإسناده حسن3/491) رواه أحمد في المسند )2(1794( و مسلم في صحيحه برقم: )240)( رواه البخاري في صحيحه برقم : )3( 2/162)( انظرابن هشام )4

40

سيرةالالنبوية

ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسالمه أجاعته وأخرجته من بيته ,وكان من أنعم الناس عيشا، فتحشف جلده تحشف الحية.

وتولى بنو مخزوم تعذيب عمار بن ياسر ووالديه في الرمضاء , فمات ياسر من العذاب ، وطعنت سمية في قبلها بحربة , فماتت وشددوا

.(1)العذاب على عمار يتولى تصبيرهم ويعدهم بفرج الله القادم.وكان النبي

وفي هذه األثناء أسلم حمزة بن عبد المطلب عم الرسول وكان أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة ، فعز به رسول الله

،وكفت عنه قريش قليال . ما الحكمة من تعرض الدعوة للتكذيب والمضايقة في مما سبق :

بداية أمرها؟ .....................................................................................................................................................................................................................................................................

.........................................الهجرة إلى الحبشة :

ما يتعرض له أصحابه من األذى والبالء أذنوبعدما رأى رسول الله لهم بالهجرة إلى الحبشة , وكان ذلك في رجب سنة خمس من النبوة ،وعددهم اثنا عشر رجال وأربع نسوة، وكان مما قاله لهم رسول الله

: «إن بأرض الحبشة ملكا ال يظلم أحد عنده ،فالحقوا ببالده حتى , وقد خرجوا متسللين2«يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه

حتى ركبوا البحر في سفينتين لتجار حتى وصلوا الحبشة. وعرفت هذه الهجرة بالهجرة األولى إلى الحبشة ، ولم يمكث

هؤالء المهاجرون طويال حتى بلغتهم األخبار بأن أهل مكة قد أسلموا , فقرروا العودة إلى وطنهم مكة في شوال من السنة نفسها ، وعندما

اقتربوا من مكة علموا بأن الذي بلغهم كان مجرد إشاعة , وأن العداوة ال تزال ، وأن قريشا لن تدعهم ، فرجع من رجع منهم إلى الحبشة ، ومن دخل منهم مكة دخلها خفية , أو في جوار رجل من

قريش. فأذن لهم بالهجرة مرة ثانية , وكانواواشتد البالء بأصحاب النبي

هذه المرة أكثر من ثمانين رجال وتسع عشرة امرأة ، فوصلوا إلى الحبشة, ونزلوا عند ملك عادل، أمن الصحابة على دينهم , وعبدوا

الله دون أذية من أحد ، فلما رأت قريش استقرارهم في الحبشة , وأمنهم أرسلوا عمرو بن العاص , وعبد الله بن أبي ربيعة إلى

النجاشي فأغروه وبطارقته بالهدايا , ليرد المسلمين إليهم وجرت بينهم وبين المسلمين حوارات بحضور النجاشي عن الجاهلية

(85( الرحيق المختوم )ص 60 التلقيح )ص –( 1/57( رحمة للعالمين )1/320)( انظر ابن هشام )1(3190)( أنظر السلسلة الصحيحة لأللباني حديث رقم : )2

41

سيرةالالنبوية

واإلسالم وعن حال عيسى -عليه السالم -عند المسلمين واعتقادهم.(1)فيه ، فرد الله كيد الكافرين وحمى الله المؤمنين

وكان في هجرة الصحابة إلى الحبشة تحقيق ألهداف عظيمة من أبرزها : تخفيف األذى الذين كان يواجهه الصحابة رضي الله عنهم ،

وأيضا نقل جزء من الدعوة إلى مكان آمن حتى تستعصي علىاإلبادة.

إسالم عمر بن الخطاب : ،ومن األحداث التي حصلت بعد الهجرة الثانية للحبشة ، إسالم عمر

اللهم أعز» حيث كان يقول: وكان إسالمه ببركة دعاء النبي اإلسالم بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن

، فجاء(2) عمر بن الخطاب–الخطاب ،فكان أحبهما إلى الله عز وجل صدر عمر حين أسلم ثالثعمر مسلما مؤمنا , وضرب النبي

مرات , وهو يقول: اللهم أخرج ما في صدر عمر من غل وأبدله.(3)«إيمانا

وكان إسالم عمر عزا للمسلمين في مكة، قال ابن مسعود رضي.(4)الله عنه : مازلنا أعزة منذ أسلم عمر

حصار الشعب : لما رأت قريش وعلى رأسهم أبو جهل عمرو بن هشام عزة النبي

،بمن معه ، ومنعة أصحابه بالحبشة ، وانتشار اإلسالم في القبائل اجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبد المطلب أن ال ينكحوا إليهم وال ينكحوهم ، وال يبيعوا منهم شيئا

وال يبتاعوا منهم ، وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة ، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة هالل المحرم سنة سبع من البعثة

والمطلبيون إلى أبي طالب فدخلوا–فانحاز الهاشميون غير أبي لهب معه في شعبه، فأقاموا على ذلك سنتين أو ثالثا، حتى جهدوا , وكان

ال يصل إليهم شيء إال سرا. فأتفق عندئذ نفر من قريش على نقض الصحيفة , وكان منهم:

زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي،وأبو البختري بن هشام، وزمعة ابن األسود وغيرهم , فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن

أبي أمية عليه حلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى ال يبتاعون، وال يبتاع

منهم، والله ال أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، فقال أبو جهل، وكان في ناحية المسجد: كذبت والله ال تشق، فقال زمعة ابن األسود: أنت والله أكذب ما رضينا كتابتها حين كتبت، فقال أبو

البختري: صدق زمعة ال نرضى ما كتب فيها، وال نقر به، فقال)( ينظر لقصة الحبشة:1

فتح الباري–( 2/329( تاريخ الطبري )1/204 الطبقات )–( 87الرحيق المختوم )ص–( 116االشارة)ص(2/485( سبل الهدى )1/240(- المواهب اللدنية )7/227)( وصححه الحاكم ووافقه الذهبي3682(والترمذي ح ) 2/95)( اخرجه أحمد في المسند)2( ورجاله تقات9/65)( رواه الطبراني االوسط ،قال البيهقي في المجمع )3(3684)( اخرجه البخاري في صحيحه ح )4

42

سيرةالالنبوية

المطعم بن عدي: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك، نبرأ من الله منها ومما كتب فيها، وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك؟ فقال أبو

ر فيه في غير هذا المكان، وقام جهل: هذا أمر قضي بليل، تشوو المعطم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها، فوجد األرضة قد أكلتها إال

.(1))باسمك اللهم( ومع هذه المقاطعة وما جرى للمسلمين وراءها من معاناة ,فإن

لم يتوقف عن الدعوة، فقد كان يخرج في المواسم يتلقىالنبي القادمين إلى مكة ،ويعرض عليهم اإلسالم. وصحابته وخالطوا الناسولما أفسد الله أمر الصحيفة خرج النبي

(2). أبي طالب وزوجه خديجة -رضي الله عنها -وفاة عم النبي

أبو طالب ،وقدفي السنة العاشرة من البعثة مات عم النبي طوال حياته.ثبت في الصحيح أنه مات كافرا مع حمايته للرسول

وبعده بأيام ماتت زوجه خديجة -رضي الله عنها -،وبموتها تتابعت وكانت خديجة ، المصائب، فقد كان أبو طالب درعا حصينا للنبي

يسكن إليها عند الشدائد , وقد سمى بعض معينة ومؤازرة للنبي العلماء هذا العام بعام الحزن , وال يصح تسميته مرفوعا إلى النبي

(3). بعد وفاة خديجة بسودة بنت زمعة -رضي اللهوقد تزوج الني

عنها -، وكانت امرأة كبيرة قد مات عنها زوجها. إلى الطائف:خروج النبي

خرج رسول الله لما تمادت قريش في إيذائها لرسول الله إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ,

ورجاء ان يقبلوا منه اإلسالم ،فأخذ يدعوهم إلى الله -تعالى -فلم يجيبوه ،وأغروا به سفاءهم ،فجعلوا يرمونه بالحجارة ،حتى إن رجليه لتدميان ،بل في رواية: أنه شج رأسه ،فانصرف عنهم عائدا إلى مكة

مهموما بعدما القى ما القى من االبتالء والشدة ،وعندما بلغ قرن موضع بين مكة والطائف -بعث الله إليه جبريل ومعه ملك–الثعالب

وهما جبلين–الجبال ،وعرض عليه ملك الجبال أن يطبق األخشبين ،بل أرجو أن يخرج الله منفي مكة ،فقال النبي –عظيمين

4).)أصالبهم من يعبد الله وحده وال يشرك به شيئا

حادثة اإلسراء والمعراج : من موت عمه وزوجه،وبعد هذا البالء الذي أصاب رسول الله

وبعد رجوعه من الطائف ومعاداة قريش له ،جاء الفرج بالصعود إلى السماء ولقيا الله واألنبياء ، إنه حدث ضخم وعظيم بكل ما تعنيه

( 69: 67، 50: 2/43)( انظر: السيرة النبوية البن كثير )1فتح الباري)–( 2/127(-الروض األنف )1/209)( لالستزادة عن حادثة الشعب ينظر طبقات ابن سعد )2

7/192)(644)( ثمار القلوب )ص 3(7795( ومسلم في صحيحه ح )3231)( أخرجه البخاري في صحيحه ح)4

43

سيرةالالنبوية

الكلمة،ولذا استحق أن يكون في أول ذكر هذا الحدث التسبيح قال - ٿٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺچ تعالى -:

يقظة بجسده في ليلةوقد أسرى به ١اإلسراء: چٿ ٿ ٿ ٹ واحدة ، وبدأت أحداث القصة بعد صالة العشاء من تلك الليلة المباركة ،حيث فرج سقف بيته بمكة،وشق صدره وغسل قلبه

وحشي إيمانا ثم أعيد، ثم ركب البراق -وهو دابة بيضاء طويلة فوق الحمار ودون البغل يضع حافرها عند منتهى طرفه -فسار حتى وصل

بيت المقدس ،فدخل وصلى ركعتين ببعض األنبياء ثم خرج وأعطى إنائين إناء خمر ،وآخر من لبن،فاختار اللبن فقال جبريل: أصبت

الفطرة، ثم عرج به إلى السموات ،وفي كل سماء يستفتح جبريل ،ثم يسأل: من معك ؟ فيقول:محمد ،فيرحب به ،فيلقى في

السماء األولى آدم -عليه السالم -، وفي الثانية : عيسى ويحيى - عليهما السالم -، وفي الثالثة يوسف -عليه السالم -وفي الرابعة إدريس -عليه السالم -، والخامسة هارون -عليه السالم -، وفي

السادسة موسى -عليه السالم -وفي السابعة إبراهيم -عليه السالم - مستندا إلى البيت المعمور ، ثم ذهب إلى سدرت المنتهى ، وفرض

الله عليه , وعلى أمته خمسين صالة في اليوم و الليلة. وحصلت مراجعة بينه وبين موسى في عدد الصلوات ,فرجع يطلب

التخفيف من ربه،فخفف الله عنه وال يزال يخفف حتى أصبحت خمسا بأجر خمسين صالة ،ثم رأى الجنة تلك الليلة ورأى نهر الكوثر ، ولم

، وعاد إلى بيته قبل الصبح بمكة.« نور أنى أراه »ير ربه وقال : وقد قابلت قريش هذا الحدث بالتكذيب واالستهزاء , واستنكروا

أن يذهب إلى الشام ثم يعود في جزء من ليلة واحدة , وهم يذهبون ويعودون في مدة شهرين ؛ ولذا ارتد ناس ممن كان قد أسلم ،وقد وصل الخبر إلى أبي بكر , فقال قولته التي ال تليق إال بمثل أبي بكر "والله لئن كان قاله صدق،وما يعجبكم من ذلك فو الله إنه ليخبرني

إن الخبر ليأتيه من السماء إلى األرض في ساعة من ليل أو.(1)نهار ،فهذا أبعد مما تعجبون منه, " وسمي في ذلك اليوم بالصديق

ولم يصده تكذيب قريش لإلسراء والمعراج ، بل استمر في دعوته , وبدأ يعرض نفسه على القبائل ،و يتتبع الحجاج في منازلهم،يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رساالت ربه ، فال يجد أحدا ينصره ،حتى إنه

ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة،فيردون دعوته ويقولون :قومك أعلم بك .

إلى أن أراد الله - تعالى - إظهار دينه ،فساقه الله إلى جمع مناألنصار: الخزرج.

من– قيل ستة وقيل ثمانية –فلقي منهم في أحد المواسم نفر الخزرج عند العقبة , فجلسوا معه ،فدعاهم إلى اإلسالم , وتال عليهم القرآن , فقال بعضهم لبعض: "تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم

(وصحيح مسلم حديث3887)( لالستزادة حول االسراء والمعراج ينظر صحيح البخاري حديث رقم : )1(7/201 وفتح الباري )–( 164رقم: )

44

سيرةالالنبوية

به اليهود , فال يسبقنكم إليه " فأجابوه إلى ما دعاهم إليه من اإلسالم , وكان ذلك في السنة الحادية عشر من البعثة ، ثم

انصرفوا ،وواعدوه في الموسم المقبل ،فلما قدموا المدينة دعوا قومهم إلى اإلسالم ففشا فيهم ،حتى لم يبق دار من دور األوس و

. الخزرج إال وفيها ذكر من رسول الله .لخص حادثة اإلسراء والمعراج ، مبينا أثرها على النبي مما سبق :

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.........................................................................................................................................................................

.......................................................................................................................................................

.......................................................................................................................................................

.......................................................................................................................................................

.......................................................................................................................................................

بيعة العقبة األولى : وفي السنة الثانية عشر من البعثة قدم اثنا عشر رجال من

من قبل،فاجتمعواالمسلمين من المدينة ،بعضهم ممن لقي النبي مع جماعة من أصحابه فبايعوه ، وكان ممن حضر هذه برسول

كنت فيمن حضر» حيث وصفها , فقال: البيعة عبادة بن الصامت علي بيعةالعقبة األولى وكنا اثني عشر رجال , فبايعنا رسول الله

النساء , وذلك قبل أن يفترض الحرب،على أن ال نشرك بالله شيئا , وال نسرق وال نزني ،وال نقتل أوالدنا , وال نأتي ببهتان نفتريه ، بين

أيدينا وأرجلنا وال نعصيه في معروف , فإن وفيتم فلكم الجنة ، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم ,وإن شاء غفر

.(1 )«لكم يعلمهم دينهمثم عادوا وبعث إليهم بعد ذلك مصعب بن عمير

ويصلي بهم ،وكان يسمى "مقرئ المدينة " وكان منزله على أسعد ،وقد أسلم على يديه خلق كثير من األوس و الخزرج, ولمبن زرارة

تبق دار من دور األوس و الخزرج إال وفيها رجال ونساء مسلمون.بيعة العقبة الثانية :

(323 / 5)( مسند اإلمام أحمد ) 145

سيرةالالنبوية

في العام المقبل في ذي الحجة أوسط أيامثم قدم على النبي ،فاجتمعوا بهالتشريق سبعون رجال من أهل المدينة،والقوا النبي

فتالفي الشعب ومعه عمه العباس فتكلم عمه ،ثم تكلم النبي أبايعكم على »القرآن ،ودعا إلى الله ،ورغب في اإلسالم ،ثم قال:

أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ،فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: " والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعك مما نمنع منه

أنفسنا ،فبايعنا يا رسول الله ،فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ،.«ورثناها كابرا عن كابر

،وعندما تمت البيعة قال لهم رسول ثم تتابعوا يبايعون النبي أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ،ليكونوا على قومهم» : الله

،فأخرجوا تسعة من الخزرج وثالثة من األوس .«بما فيهم وقد كانت المبايعة على:

السمع والطاعة في النشاط والكسل.-والنفقة في العسر واليسر.-واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر.-وأن تقولوا في الله ،وال تأخذكم في الله لومة الئم.- وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه-

أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة. وبعد أن انتهوا صاح الشيطان على العقبة ينبه قريشا على

،وأمرهم بالرجوع إلىاجتماعهم ،ففطن له النبي ال لم »رحالهم ،واستأذنوا رسول الله في قتالهم , فقال لهم :

،فرجعوا وناموا حتى«نؤمر بذلك ،ولكن ارجعوا إلى رحالكم ،أصبحوا ،وكانت تلك البداية لرحلة النصر والتمكين لرسول الله

.(1)في ذهابه إلى المدينة وهجرته إليها

دروس وعبر وفوائد : في امتثال أمر ربه بالجهر بالدعوة ,وتبليغهامبادرة النبي .1

للناس ,وعدم تقديم الحجج والعوائق ، وهذا يتطلب شجاعةوقوة في الحق.

تنوع وسائل أعداء الدين في استمالة صاحب الحق، فهم ال.2 يبدءون معه بالقوة بل يحاربونه بالسراء , وفتح الدنيا عليه ,

فإذا سقط في هذا األتون ال يكاد يخرج منها. إن الله ليعز الدين بالرجل الفاجر ، وهكذا كان أبو طالب في.3

غير مؤمن. , حمايته للنبي

( ، ولالستزادة حول بيعة العقبة األولى والثانية18 ورد ذكر بيعة العقبة في صحيح البخاري برقم : ) 1(البيهقي في الدالئل )3/269 سبل الهدى )–( 2/183 الروض األنف )–( 1/216ينظر :الطبقات )

(125 الرحيق المختوم )ص –( 2/43146

سيرةالالنبوية

خطورة اإلعالم في نشر الخير أو تشويهه، والواجب على.4الداعية استثمار كل وسيلة مباحة يمكن من خاللها نشر الخير.

عند اشتداد البالء , وقلة الناصر يبحث الناس عن دواء , وال دواء.5مثل الصبر ، والنظر إلى ما عند الله - تعالى -.

الدعاء يفتح مغاليق القلوب , ويهدي به الله الرجال.6 الصالب ،فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء بالصالح والهداية

لنفسه وولده , وأئمة المسلمين وعامتهم. وضوح الرؤية ومعرفة الحقوق والواجبات تجعل اإلنسان يسير.7

على هدى ، عالما بالحقوق التي له والتي عليه ؛ ولذا كانت لكل بيعة من بيعتي العقبة بنود واضحة وصريحة بل وجزاء مترتب

على ذلك.:استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

(:1نشاط رقم ) من الكفار بعد الجهرقارن بين األساليب التي واجهها النبي

بالدعوة وبين ما يجده بعض المسلمين اآلن من مواجهة في بعضالبالد.

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

....................................................................................................................................................................

(:2نشاط رقم ) اكتب أحداث قصة إسالم حمزة -رضي الله عنه -, ودون الفوائد

المرتبطة بها...........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

....................................................................

47

سيرةالالنبوية

(:3نشاط رقم ) وسيلة الحصار من الوسائل التي ال تزال تمارس في حرب الدعوة

في الشعب وبين واقع بعضاربط بين ما حدث للرسول المسلمين.

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.........................................................................................................

التقويم: : بين موقف قريش من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بعد:1س جهره بالدعوة مباشرة.أ.بعد تسفيهه آللهتهم.ب. من الكفار إذا طاف بالبيت؟: ماذا كان يواجه النبي 2س على الكفار حينما طلبوا منه بعض المعجزات؟: بم رد النبي 3س لألذى, مبينا عناية: اذكر بعض المواقف التي تعرض فيها النبي 4س

الله به. : ما الدور اإلعالمي الذي كان يقوم به أبو لهب في تشويه صورة5س

ودعوته في مواسم الحج؟النبي : ما الحكمة من حث الصحابة -رضي الله عنهم - على الهجرة6س

ألرض الحبشة؟ : بين أثر إسالم عمر -رضي الله عنه - على الصحابة في بداية7س

الدعوة.: ما سبب خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف؟8س ( أما العبارة الصحيحة وعالمة ) × ( أمام العبارة√: ضع عالمة ) 9س

الخاطئة مما يلي: ڭچ إلى الدعوة الجهرية بعد نزول قوله - تعالى -:انتقل النبي أ.

) (. 8القلم:چڭ ڭ عن دعوته بعد تجربته األولى مع كفار قريشتوقف النبي ب.

على جبل الصفا ) (. عند الكعبة ولكن الله حمىزعم أبو جهل أن يطأ رقبة النبي ت.

) (.نبي فرحت أم مصعب بن عمير بإسالم ولدها مصعبث.

.) ( كان ممن تولى تعذيب عثمان بن عفان بسبب إسالمه عمهج.

.) (: أكمل الفراغات اآلتية بما يناسب:10س

48

سيرةالالنبوية

خرجلما تمادت قريش في إيذائها للنبي أ.إلى ...................... يلتمس النصرة من .................

اشتملت بنود بيعة العقبة الثانية على ما يلي:ب.1....................................................................

.........2....................................................................

.........3....................................................................

.........4....................................................................

.........5....................................................................

.........

49

سيرةالالنبوية

الوحدة السادسةالهجرة

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يلخص وقائع هجرته.إلى المدينة المنورة .يستنتج الدروس والعبر التي برزت في حادثة الهجرة.يستنتج أهمية الصبر على نشر الدين.يبين معالم التنظيم والتخطيط في الهجرة النبوية يستشعر عناية الله - سبحانه و تعالى - ورعايته لرسوله.

وجود قوم أهل منعةبعد بيعة العقبة الثانية ، تأكد للنبي ألصحابه بالهجرةمستعدون لحماية دعوته واستقبال أصحابه ، فأذن

خفية إلى المدينة ، فتتابع القوم جماعات وأفرادا فارين بدينهم تاركين50

سيرةالالنبوية

أموالهم وديارهم ، فاستقبلهم األنصار خير استقبال وأسكنوهم في دورهم ، وكان أول المهاجرين وصوال إلى المدينة أبو سلمة بن عبد

.األسد وقد تتابع المهاجرون فقدم المدينة بالل بن رباح ,و سعد بن أبي

وقاص و عمار بن ياسر ثم عمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة .

علمت قريش بعد هجرة عدد من الصحابة بشأن الهجرة فأخذت تزيد الخناق على المسلمين وتراقب الطرق إلى المدينة ، واتبعوا أساليب متعددة في التضييق على المسلمين لمنعهم من الهجرة ,

من ذلك: كما في حال أبي سلمة- أسلوب التفريق بين الرجل وزوجه وولده

.وزوجه وولده كما هي حال عياش بن أبي ربيعة حيث اختطفه- أسلوب االختطاف

أبو جهل بن هشام ، و الحارث بن هشام وقيداه ورجعا به إلى مكة. حيث لجأت قريش إلى الحبس كأسلوب لمنع-أسلوب الحبس:

الهجرة , فكل من تقبض عليه وهو يحاول الهجرة، تقوم بحبسه داخل أحد البيوت، مع وضع يديه ورجليه في القيد، وتفرض عليه رقابة

وحراسة مشددة، حتى ال يتمكن من الهرب.مري-أسلوب التجريد من المال: مثل ما حدث مع صهيب بن سنان الن

المعروف بالرومي عمال تتجلى فيه روعة اإليمان، وعظمة التجردوكانت هجرة صهيب

لله، حيث ضحى بكل ما يملك في سبيل الله ، واللحوق بالنبي وأصحابه، فعن عكرمة -رضي الله عنه -قال:»لما خرج صهيب مهاجرا

هما من كنانته، فأخرج منها أربعين سهما،(1)تبعه أهل مكة، فنثل ال تصلون إلي حتى أضع في كل رجل منكم سهما، ثم أصير» فقال:

بعد إلى السيف فتعلمون أني رجل، وقد خلفت بمكة فينتين فهما لكمہڻ ڻ ڻ ڻ چ : , وقال عكرمة: ونزلت على النبي « ہ ۀ ہ ہۀ

قال: »أبا يحيى، ربح البيع« قال:, فلما رآه النبي ٢٠٧البقرة: چھ ھ .(2 )وتال عليه اآلية

: وأبي بكر هجـــــــــــــــــــرة النبي وأبو بكر ,هاجر معظم المسلمين من مكة،ولم يبق إال الرسول

رضي الله عنهما -ومن حبس ومنع من الخروج ،فدب الرعب–وعلي في نفوس أهل مكة ,وخشوا من تجمع المسلمين بالمدينة ،وخروج

إليهم ، فعقدوا اجتماعا للتشاور في أفضل الطرق للتخلصالنبي ،وقد ذكر القرآن مضمون ذلك االجتماع في قوله -من رسول الله

ڱ ڱڱک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳچ - : تعالى .30األنفال: چ ں ڻ ڻ ڻ ںڱ

)( نثل: استخرج ما فيها من النبل والسهام. 1( وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي. 3/398)( أخرجه الحاكم )2

51

سيرةالالنبوية

بأن تندبواستقر رأيهم على اقتراح أبي جهل , وهو قتل النبي فيشتركوا فيكل قبيلة من قريش شابا قويا , ويذهبوا للنبي

قتله ,فال يقوى بنو عبد مناف على المطالبة بدمه. ولم تكن قريش لتعلم أن الله - سبحانه و تعالى - أذن لنبيه

بالهجرة إلى المدينة ، فبينما هم يبرمون خطتهم , ويحيكون مؤامرتهم قد استعد للسفر ، وانطلق إلى بيت أبي بكر رضي اللهكان النبي

عنه في وقت الظهيرة متخفيا على غير عادته ، ليخبره بأمر الخروج، أن يحرم شرف هذه الرحلة المباركة ، فاستأذنوخشي أبو بكر

من شدة الفرح، وكان قد جهز في صحبته فأذن له ، فبكى النبي بقرب الرحيل قام منراحلتين استعدادا للهجرة ، فلما أعلمه النبي

–فوره , واستأجر رجال من بني الديل يقال له عبد الله بن أريقط يدلهما على الطريق ، ودفع إليه الراحلتين ليرعاهما ،–وكان مشركا

واتفقا على اللقاء في غار ثور بعد ثالث ليال ، في حين قامت عائشة وأختها أسماء -رضي الله عنهما -بتجهيز المتاع والمؤن ، ووضعا

السفرة في وعاء ، وشقت أسماء نطاقها نصفين ؛ لتربط السفرة بنصفه وقربة الماء بالنصف اآلخر ، فسميت من يومها بذات النطاقين

. وتسارعت األحداث ، وحانت اللحظة المرتقبة ، وانطلق النبي

متخفيا إلى بيت أبي بكر -رضي الله عنه -، وكان الميعاد بينهما ليال ، فخرجا من فتحة خلفية في البيت ، وفي الوقت ذاته أمر النبي

علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن يتخلف عن السفر ؛ ليؤدي عنه الودائع واألماناتهم التي كانت عنده ، وأن يلبس بردته , ويبيت في

فراشه تلك الليلة ؛ من أجل إيهام قريش ، وكانت قريش قد كلفت إال أن الله أعمى أبصارهم عنأربعين شابا بالمكث عند بيت النبي

. وهو يخرج ، وظنوا أنه ال يزال في البيترؤية النبي وصاحبه في الفرار من بين أيديهم ، ولم يكتشفوا األمرونجح النبي

، وهو البس بردة النبي إال عندما أصبح الصباح وخرج عليهم علي ، وانطلقت قريش قد خرجفجن جنونهم، وعلموا أن النبي

مسرعة إلى بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه ؛ ألنهم يعلمون أنه صاحبه ورفيق دربه ، والبد أن يصلوا من خالله إلى معلومة تقودهم

إلى وجهته ، إال أنهم فوجئوا برحيله هو اآلخر. ، فقاموا بمراقبة جميع منافذ مكةوبدأت محاوالت المطاردة للنبي

مراقبة دقيقة ، وأعلنوا بين أفراد القبائل جائزة ثمينة لمن يأتي به حيا أو ميتا ، وأرسلوا كل من له خبرة بتتبع األثر، وانطلقت جموعهم

شماال علهم يقفوا له على أثر . كل توقعاتهم ، فلم يتجه صوب المدينة مباشرة ،وخالف النبي

بل ذهب إلى جهة الجنوب حتى بلغ جبال وعرا يقال له " جبل ثور " ،52

سيرةالالنبوية

يوجد في أعاله غار يصعب الوصول إليه ، ويمكنهم المكوث فيه إلىأن يهدأ الطلب .

وقادت الجهود قريشا إلى غار ثور ، وصعدوا إلى باب الغار ، وبات يا رسول»: الخطر وشيكا ، وبلغت أصواتهم سمع أبي بكر , فقال

، فأجابه الرسول «الله ، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه ألبصرنا يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله»إجابة الواثق المطمئن بموعود الله :

، وصدق ظنه بربه ، فإن قريشا استبعدت وجود النبي(1 )«ثالثهما ؟ . في هذا المكان ، و انصرفت تجر أذيال الخيبة

في الغار ثالث ليال ، وكان عبد الله بن أبي بكر -وأقام النبي رضي الله عنهما - يأتي كل يوم ليبلغهما أخبار قريش ، و عامر بن فهيرة يأتي باألغنام ليشربا من لبنها ، ويخفي آثار عبد الله بن أبي

بكر ، حتى جاء عبد الله بن أريقط في الموعد المنتظر ، ومعه رواحلالسفر .

في طريق الهجرة : وفي ليلة االثنين من شهر ربيع األول انطلق الركب إلى المدينة

متخذا طريق الساحل ، وظلوا يسيرون طيلة يومهم ، و أبو بكر ، ومرة خلفه ، ومرة عن يمينه ، ومرة عنيمشي مرة أمام النبي

يساره ، خوفا عليه من قريش ، حتى توسطت الشمس كبد السماء ، فنزلوا عند صخرة عظيمة , واستظلوا بظلها ، وبسط أبو بكر

وسواه بيده لينام ، وبينما هم كذلك إذ أقبل غالمالمكان للنبي : لمنيسوق غنمه قاصدا تلك الصخرة ، فلما اقترب قال له أبو بكر

أنت يا غالم ؟ ، فقال : لرجل من أهل مكة ، فقال له : أفي غنمك في إناء، فشرب منه حتىلبن ؟ ، فقال : نعم ، فحلب للنبي

ارتوى. من بعيد ،وفي هذه األثناء استطاع أحد المشركين أن يلمح النبي

فانطلق مسرعا إلى سراقة بن مالك , وقال له : يا سراقة ، إني قد رأيت أناسا بالساحل ، وإني ألظنهم محمدا وأصحابه ، فعرف سراقة

أنهم هم ، ولكنه استطاع أن يقنع الرجل بأنه واهم حتى يفوز بالجائزة وحده ، ولبث سراقة في المجلس ساعة حتى ال يثير انتباه من معه ، ثم تسلل من بينهم , وأخذ فرسه , ورمحه وانطلق مسرعا ، فلما دنا منهم عثرت به فرسه حتى سقط ، فتشاءم من سقوطه ، وعاد مرة

أخرى وامتطى فرسه وانطلق ، فسقط مرة ثانية وتعاظم شؤمه ، لكن رغبته في الفوز بالجائزة أنسته هواجسه ومخاوفه ، ولما اقترب

غاصت قدما فرسه في األرض إلى الركبتين ، وكانتمن النبي األرض صلبة، فعلم أنهم محفوظون بحفظ الله ، فطلب منهم األمان

كتاب أمان ووعدهوعاهدهم أن يخفي عنهم ، وكتب له النبي (6319(,و مسلم في صحيحه برقم ) 3653)( - أخرجه البخاري في صحيحه برقم ) 1

53

سيرةالالنبوية

بسواري كسرى ، وأوفى سراقة بوعده فكان ال يلقى أحدا يبحث عن إال أمره بالرجوع ، وكتم خبرهم حتى وصلوا إلى المدينة،النبي

حينما غنم في زمن عمر بن الخطاب ونال سراقة ما وعده النبي المسلمون كنوز كسرى .

أسلوب التخطيط بصورة جلية فيمارس النبي مما سبق :هجرته ، بين أهم مالمح خطة الهجرة:

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

إلى المدينة :وصوله في طريقه إلى المدينة ،و لما بلغ أهل المدينة خروجسار النبي

من مكة أخذوا ينتظرونه كل يوم حتى تشتد الشمس,رسول الله ومن ثم يرجعون إلى منازلهم .

حتى كان يوم االثنين الثاني عشر من ربيع األول على رأس ثالث عشرة سنة من نبوته ازدانت المدينة بمقدمه , ولبست حلة الفخار

فوصلوا في الظهيرة ,فكان هو شمس ذلك اليوم أضاءت به المدينة ، فأحدق به الناس في موكبوأهلها , وامتألت قلوبهم فرحا بمقدمه

مهيب ، تسمع فيه صوت تكبير المسلمين ، وأراجيز الصغار وهم يقولون : جاء رسول الله, وحطت رحاله أول األمر في بني عمرو بن عوف ، وأسس عندهم مسجد قباء ، ثم ركب يوم الجمعة متوجها إلى داخل المدينة، والناس يدعونه ليكون عندهم ، هلم إلى القوة والمنعة –والسالح، فيرد عليهم بجواب ال يحزنهم ويحفظ لهم كرمهم ، دعوها

.1 فإنها مأمورة–يعني ناقته فسارت الناقة بأمر الله حتى بركت في موضع المسجد اليوم ،

وقال : ها هنا المقام إن شاء الله ، وكان ذلك في بني النجار أخواله وبادر أبو أيوب األنصاري، فحمل رحل رسول الله فأدخله بيته

والناس يدعونه , فقال : المرء مع رحله , فأقام في بيت أبي أيوب.(2)حتى بنى حجره ومسجده "

دروس وعبر وفوائد التضحية من أجل الدين هي أعظم التضحيات , فالجهاد فيه.1

تضحية بالنفس ، والهجرة فيها تضحية بالمال والسكن3/197)( انظر البداية والنهاية البن كثير 1 ( تاريخ الطبري2/229 الروض األتف )–( 1/227 طبقات ابن سعد )–)( لالستزادة حول حادثة الهجرة 2119 صحيح السيرة ص –( 156 الرحيق المختوم )ص –( 7/68 الفتح )–( 2/378)

54

سيرةالالنبوية

والوطن ، وحب األوطان مما جبلت عليه النفوس ؛ ولذا كانت التضحية بتركها فرارا بالدين من أعظم القربات فبين الله أن

ۆئ چ المهاجرين هم الفائزون فقال - تعالى - : ۆئ ۇئ ۇئ وئىئ ىئ ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئ ٢٠التوبة: چ ی ی ی یۈئ

وجعل هجرتهم دليال على إخالصهم وصدقهم فقال - تعالى - :ۅ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۋ ۋ چ ٴۇ ۉ ۅۓ

٨الحشر: چۉ ې

إن اإلنسان ليتملكه العجب عندما يقرأ تكذيب قريش , وحربها.2 ثم هي ال تجد مكانا آمنا لحفظ أموالها إال عندهعلى النبي

ولذا استحق وصف : الصادق األمين ، ومن أمانته أن ال يغادر, كيفية أداء األمانات إلى أهلها، الذينحتى يرتب مع علي

يتآمرون لقتله. الهجرة درس في التخطيط ،ففيها تخطيط للصغير.3

والكبير ,وأخذ الحيطة والحذر وتغيير االتجاه ،وسلوك طرق غير مأهولة، والمكوت ثالث ليال في الغار، وقبل ذلك التوكل على

الله الذي بيده مقاليد األمور.

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

(:1نشاط رقم ) من خالل قراءتك ألحداث هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وضح ما

يلي: قبل الهجرة.الخطوات االحترازية التي اتخذها النبي أ.

...........................................................................

...........................................................................

...........................................................................

...........................................................................

...........................................................................................

أثناء الهجرة.الخطوات االحترازية التي اتخذها النبي ب..................................................................................................................................................................................................................................

55

سيرةالالنبوية

...........................................................................

...........................................................................................

وصاحبه.عناية الله بالنبي ت..................................................................................................................................................................................................................................

..................................... (:2نشاط رقم )

مع وهو في الغار , وموقف موسى اربط بين موقف النبي ؟فرعون عندما حاصرهم عند البحر

.......................................................................................

.......................................................................................

................................................................................................................................

ما ذا تستنتج ؟.......................................................................................

.............................................................التقويم:

: ما الدور الذي قام به مصعب بن عمير , وابن أم مكتوم عندما1سذهبا إلى المدينة, وعالم يدل؟

ہڻ ڻ ڻ ڻ چ : فيمن نزلت هذه اآلية:2س ہ ۀ البقرة: چہ ھ ھہۀ؟ ٢٠٧ من الهجرة؟: ما الخطوات التي اتخذها الكفار لمنع النبي 3س بربه وهو في الغار, اذكر المقولة التي تدل: تجلت ثقة النبي 4س

على ذلك ؟: ما أول مسجد أسس في اإلسالم ؟5س: أكمل الفراغات اآلتية بما يناسب:6سمن أساليب قريش لمنع المسلمين من الهجرة:أ.

1.........................................................................................

2.........................................................................................

3.........................................................................................

4.........................................................................................

أثناء الهجرة بمواقف للنبي تجلى حب أبو بكر الصديق ب.متعددة منها:

56

سيرةالالنبوية

1.........................................................................................

2.........................................................................................

3.........................................................................................

4.........................................................................................

للمدينة يوم ...................... الثانيكان قدوم النبي ت. عشر من شهر .............................. وله من

البعثة ...........................................

57

سيرةالالنبوية

الوحدة السابعة العهد المدني

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يلخص أحداث بناء النبي.لمسجد قباء يلخص أحداث بناء النبي.لمسجد المدينة يصف بيوت النبي..يستشعر أهمية المسجد في حياة المسلم .يفرق بين عمارة المسجد الحسية وعمارته المعنوية.يعدد أهم التشريعات التي تمت في العهد المدني.يحدد معالم تكوين دولة اإلسالم بالمدينة.يقترح أفكارا لتطوير واقع المسجد في مجتمعه

حق لحدث الهجرة أن يكون بداية للتأريخ عند المسلمين ، حيث كانت الهجرة إعالن لميالد جديد ذلكم هو العهد المدني ، حيث يعد

العهد المدني تحوال كبيرا في حياة األمة المسلمة ,فقد أصبحت تمارس عبوديتها لله بكامل حريتها ,وتأسست الدولة اإلسالمية وشرع

منذ دخوله المدينة لتثبيت دعائم الدولة الجديدة علىرسول الله قواعد متينة، وأسس راسخة، فكانت أولى خطواته المباركة االهتمام

ببناء دعائم األمة كبناء مسجده بالمدينة، والمؤاخاة بين المهاجرين واألنصار على الحب في الله، وإصدار الوثيقة أو الدستور اإلسالمي في المدينة الذي ينظم العالقات بين المسلمين واليهود ومشركي

58

سيرةالالنبوية

المدينة، وإعداد جيش قوي لحماية الدولة، والسعي لتحقيق أهدافها،والعمل على حل مشاكل المجتمع الجديد.

بناء المسجد : بالمدينة بناء المسجد؛ وذلك لتظهركان أول ما قام به الرسول

فيه شعائر اإلسالم؛ ولتقام فيه الصلوات التي تربط المرء برب. (1)العالمين وتنقي القلب من أدران األرض، وأدناس الحياة الدنيا

دخل المدينة راكبا راحلته، فسار روى البخاري أن رسول الله بالمدينة ,يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله للتمر لسهل(2)وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا

، فقال رسول اللهوسهيل غالمين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة حين بركت به راحلته: »هذا إن شاء الله المنزل« ثم دعا رسول

الغالمين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقاال: ال، بل نهبهالله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعهلك يا رسول الله، فأبى رسول الله

. (3)منهما : كان فيه نخل وقبور المشركين،وفي رواية أنس بن مالك

بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وخرب، فأمر النبي وبالخرب فسويت، قال: فصفوا النخل قبلة، وجعلوا عضادتيه حجارة،

معهم ، وهم يقولون :قال: فكانوا يرتجزون، ورسول الله اللهم إنه ال خير إال خير

اآلخرة (4)والمهاجرة

في العمل مع أصحابه، وضرب أول معول فيشرع الرسول حفر األساس الذي كان عمقه ثالثة أذرع، ثم اندفع المسلمون في

بناء هذا األساس بالحجارة، والجدران، التي لم تزد عن قامة الرجل إال قليال، باللبن الذي يعجن بالتراب , ويسوى على شكل أحجار

وفي الناحية الشمالية منه أقيمت ظلة من الجريد(5)صالحة للبناء على قوائم من جذوع النخل، كانت تسمى »الصفة« أما باقي أجزاء

. (6)المسجد فقد تركت مكشوفة بال غطاء أما أبواب المسجد فكانت ثالثة: باب في مؤخرته من الجهة الجنوبية، وباب في الجهة الشرقية كان يدخل منه رسول الله

وسلم بإزاء باب بيت عائشة، وباب من الجهة الغربية يقال له بابالرحمة , أو باب عاتكة.

التابعة للمسجد:بيوتات النبي حجرا حول مسجده الشريف؛ لتكون مساكنوبني لرسول الله

له وألهله، و كانت كمسجده مبنية من اللبن والطين وبعض الحجارة، وكانت سقوفها من جذوع النخل والجريد، وكانت صغيرة الفناء

قصيرة ، قال الحسن البصري- وكان غالما مع أمه خيرة موالة أم191)( انظر: فقه السيرة للغزالي، ص1)( مربد، الموضع الذي يجفف فيه التمر.2( 3906)( البخاري في صحيحه برقم: )3(. 524)( صحيح مسلم برقم: )4( 3/33)( انظر: البداية والنهاية )5( 3/33)( انظر: البداية والنهاية )6

59

سيرةالالنبوية

سلمة رضي الله عنها-: »قد كنت أنال أول سقف في حجر النبي في غاية البساطة، بينما كانت، وهكذا كانت بيوت النبي (1)بيدي«

المدينة تشتهر بالحصون العالية التي كان يتخذها علية القوم تباهيا بها في السلم , واتقاء بها في الحرب، وكان من تفاخرهم بها أنهم

يضعون لها أسماء كما كان حصن عبد الله بن أبي ابن سلول اسمه اسمه فارعا. مزاحما، وكما كان حصن حسان بن ثابت

بنى بيوته بذلك الشكل المتواضع، وكان باستطاعته أنولكن النبي يبني لنفسه قصورا شاهقة، ولو أنه أشار إلى رغبته بذلك- مجرد إشارة-

لسارع األنصار في بنائها له، ولكنه لم يفعل ذلك ؛ ليضرب ألمته مثال رفيعا وقدوة عالية في التواضع والزهد في الدنيا، وجمع الهمة والعزيمة

(.2)للعمل لما بعد الموت

(. 2/36)( انظر: السيرة النبوية ألبي شهبة، )1(. 4/13)( انظر: التاريخ اإلسالمي للحميدي، )2

60

سيرةالالنبوية

, وأنه ليس ممن يطلب الدنيا ، مثلظهر زهد النبي مما سبق :لذلك:

.....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

...............................................................................المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار : بعد بناء المسجد تشريع نظامكان أول عمل قام به النبي

، وهي رابطةالمؤاخاة ، والتي تم إعالنها في دار أنس بن مالك تجمع بين المهاجري واألنصاري ، تقوم على أساس العقيدة ، وتوثق

مشاعر الحب والمودة ، والنصرة والحماية ، والمواساة بالمال.(1)والمتاع

وهذه المؤاخاة أخص من األخوة العامة بين المؤمنين جميعا؛ وذلك ألنها أعطت للمتآخيين الحق في التوارث دون أن يكون بينهما صلة

من قرابة أو رحم . وقد استمر العمل بقضية التوارث زمنا ، حتى استطاع المهاجرون أن

يألفوا المدينة , ويندمجوا في المجتمع ، وفتح الله لهم أبواب الخير من غنائم الحرب, وغيرها ما أغناهم الله به، فنسخ الله - تعالى -

العمل بهذا الحكم ، وأرجع نظام اإلرث إلى ما كان عليه ، وذلك فيجئ ی ی ی ی ېئچ قوله - تعالى - ىئ ىئ األنفال: چ حئىئ

مع بقاء العمل بالنصرة ، وتبادل العطايا ، وإسداء المشورة، ٧٥والنصيحة ، وغيرها من معاني األخوة .

، فقدوتذكر مصادر السيرة أسماء بعض الذين آخى بينهم النبي آخى بين أبي بكر و خارجة بن زهير ، وآخى بين عمر بن الخطاب

وعتبان بن مالك ، وبين أبي عبيدة بن الجراح و سعد بن معاذ ، وبين الزبير بن العوام و سالمة بن سالمة بن وقش ، وبين طلحة بن عبيد

الله و كعب بن مالك ، وبين مصعب بن عمير و أبو أيوب خالد بن زيد.(2)-رضي الله عنهم -أجمعين ، وأسماء أخرى بلغت تسعين صحابيا

وعند مراجعة أسماء هؤالء الصحابة ، نجد أن تلك المؤاخاة لم تقم وزنا لالعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية ، حيث جمعت بين القوي

والضعيف ، والغني والفقير ، واألبيض واألسود ، والحر والعبد ، وبذلك استطاعت هذه األخوة أن تنتصر على العصبية للقبيلة, أو الجنس, أو

األرض ، لتحل محلها الرابطة اإليمانية ، واألخوة الدينية . وقد سجل التاريخ العديد من المواقف المشرقة التي نشأت في ظل هذه األخوة ، ومن ذلك ما حصل بين عبدالرحمن بن عوف و سعد بن

(1/144)( انظرالرحيق المختوم )1 (3/36)( انظر سيرة بن هشام: )2

61

سيرةالالنبوية

الربيع -رضي الله عنهما -، حيث عرض سعد على أخيه نصف ماله ليأخذه ، بل خيره بين إحدى زوجتيه كي يطلقها ألجله ، فشكر له عبد

الرحمن صنيعه وأثنى على كرمه ، ثم طلب منه أن يدله على سوق المدينة ، ولم يمر وقت قصير حتى استطاع عبدالرحمن بن عوف أن

يكون من أصحاب المال والثراء . ولم يقف األمر عند هذا الحد ، بل إن كثيرا من األنصار عرضوا

أن يقسم األراضي الزراعية بينهم وبين إخوانهم منعلى النبي أراد أن تقوم هذه المواساة دونما إضرارالمهاجرين ، ولكن النبي

بأمالكهم ، فأشار عليهم بأن يحتفظوا بأراضيهم مع إشراك إخوانهم المهاجرين في الحصاد ، وقد أورث صنيعهم هذا مشاعر اإلعجاب في

: يا رسول الله ما رأينانفوس المهاجرين ، حتى إنهم قالوا للنبي قوما قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ، وال أحسن بذال في كثير

، كما كانت تضحياتهم(1)منهم ، لقد حسبنا أن يذهبوا باألجر كله " ائې ې ى ى چ : ومواقفهم النبيلة سببا في مدح الله لهم بقوله ائ

ىئ ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئ ۈئ ۆئ ۆئ ۇئ ۇئ وئ وئ ەئ ەئجب ی یىئ ی ی يئ ىئ مئ حئ . ٩الحشر: چجئ

لو أن» هذا الفضل لألنصار ، فمدحهم بقوله : وقد حفظ النبي األنصار سلكوا واديا أو شعبا ، لسلكت وادي األنصار ولوال الهجرة

األنصار ال يحبهم» ، وبين حبه لهم بقوله: (2 ) «لكنت امرأ من األنصار إال مؤمن ، وال يبغضهم إال منافق ؛ فمن أحبهم أحبه الله ، ومن

اللهم » ، ودعا ألوالدهم وذريتهم , فقال :(3 )«أبغضهم أبغضه الله .(4 )«اغفر لألنصار ، وألبناء األنصار، وأبناء أبناء األنصار

تثبيت دعائم الدولة وعقد المواثيق : في المدينة إرساءكان من األعمال المهمة التي قام بها النبي

دعائم الدولة المسلمة بتحديد حدودها وحصر سكانها ، وإقامة العهود مكونة من(5)والمواثيق التي تحدد معالم الدولة ، فلقد وضع وثيقة

بنود عديدة تضبط عالقة المؤمنين ببعضهم,.وعالقة المؤمنين بجيرانهم من يهود المدينة, وبعالقة المؤمنين بالمشركين, وكان من

أبرز مالمح هذه الوثيقة : - تحديد مفهوم األمة:1

جاء القرآن الكريم ببيان أن المؤمنين أمة واحدة, قال - تعالى -: ٩٢األنبياء: چڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ چ

وبهذا االسم الذي أطلق على جماعة المسلمين اندمج المسلمون على اختالف قبائلهم في هذه الجماعة التي ترتبط بينها برابطة

(3/200(( مسند اإلمام أحمد ) 1(3779( صحيح البخاري برقم : )2)2(3783(( صحيح البخاري برقم : ) 3(2506)( صحيح مسلم برقم : ) 4 (399 ( وأبو داود في المراسيل ) 17-2/016)( يرجع لتفاصيل ما ورد في الوثيقة البن اسحاق ) 5

92 / 2 وسيرة ابن هشام 470 - 466 / 2 واألموال البن زنجويه 295 - 292واألموال ألبي عبيد ص .293 / 4والروض األنف

62

سيرةالالنبوية

اإلسالم، فهم يتكافلون فيما بينهم، وهم ينصرون المظلوم على الظالم، وهم يرعون حقوق القرابة، والمحبة، والجوار، وهذه الروابط

تقتصر على المسلمين, وال تشمل غيرهم من اليهود والحلفاء.- المرجعية العليا لله ورسوله:2

سلطة قضائية مركزية عليا يرجع إليهاأصبح بيد الرسول ولهذه السلطة قوةالجميع، ومرد التشريع إلى الله وإلي الرسول

تنفيذية؛ ألن أوامر الله واجبة الطاعة وملزمة التنفيذ، كما أن أوامر. (1) هي من الله، وطاعته واجبةالرسول

-تحديد العالقة بغير المسلمين من سكان المدينة:3 مع يهود المدينة والمشركين فيها عالقة جوارحيث أقام النبي

وحماية مبنية على مواثيق واضحة ، تبين ما للمسلمين وما لغيرهم ، وأوجه التعاون في األزمات والحروب وعدم الخيانة أو التعاون مع

أعداء المسلمين.

أهم التشريعات التي نزلت بالمدينة : بعد قيام الدولة اإلسالمية في المدينة تنوعت األحكام التشريعية والتي أرست دعائم التكافل وأحكام المعامالت واألحكام األسرية ،

ومن أهم التشريعات : - تشريع فريضة الصيام في السنة الثانية للهجرة من شهر1

شعبان. - تشريع زكاة الفطر في رمضان من نفس العام .2 صالة العيد، فكانت-صالة العيد, وفي تلك السنة صلى النبي 3

أول صالة للعيد صالها، وخرج بالناس إلى المصلى يهللون الله، ويكبرونه، ويعظمونه شكرا لله على ما أفاء عليهم من النعم المتتالية.

- تشريع الزكاة في السنة الثانية للهجرة أيضا شرع الله الزكاة4التي هي ركن من أركان اإلسالم، وكان ذلك بعد شهر رمضان.

- تحريم الخمر :5 كان شرب الخمر عادة متأصلة في المجتمع الجاهلي، وتدرج

اإلسالم في تحريمها إلى أن حرمت تحريما كامال في كل األوقات ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پچ وبكل صورها؛ وذلك في قوله - تعالى -:

. ٩٠المائدة: چپ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ -فرضية الجهاد : 6

ٱ ٻ ٻچ نزل اإلذن من الله بقتال المشركين، قال - تعالى -: ٣٩الحج: چ پ پ پ ڀ ڀ پٻ ٻ

فبعد أن كان األمر بالكف في مكة أذن للمسلمين قي القتال، يبعث بالسرايا, ويعترض قوافل قريش.فأخذ النبي ما داللة التشريعات الجديدة والتي نزلت في بداية العهد مما سبق :

المدني وما أثرها في تكوين الدولة المسلمة؟

. 418 من التكوين إلى التمكين، ص)( انظر: دولة الرسول 163

سيرةالالنبوية

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: - تعظيم الصحابة ألمر الله والرسول في اإلنفاق والخضوع له -1

تعالى -، وليس الخضوع لشهوة حب المال واكتنازه والبخل به. - رجاء الصحابة الجنة في حال اقتسام األموال مع إخوانهم،2

وخوفهم النار في حال البخل وعدم التضحية بالمال. أكثر من حب المال. - حب الصحابة لله - تعالى -ولرسوله 3 وبوعد الله في إخالف المال- ثقة الصحابة في قيادة محمد 4

المنفق. -المسجد من أهم الركائز في بناء المجتمع: إن إقامة المساجد من5

أهم الركائز في بناء المجتمع اإلسالمي، ذلك أن المجتمع المسلم إنما يكتسب صفة الرسوخ والتماسك، بالتزام نظام اإلسالم وعقيدته

.(1)وآدابه، وإنما ينبع ذلك من روح المسجد ووحيه خت چ قال - تعالى -: حت جت يب ىب مب خب حب جب يئ ىئ مئ

يت ىت ٺٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀمت٣٧ - ٣٦النور: چٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ

-آصرة العقيدة هي أساس االرتباط:6ا يرتبط إن المجتمع المدني الذي أقامه اإلسالم كان مجتمعا عقدي باإلسالم , وال يعرف المواالة إال لله ولرسوله وللمؤمنين، وهو أعلى

.(2)أنواع االرتباط وأرقاه، إذ يتصل بوحدة العقيدة والفكر والروح :استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

(:1نشاط رقم ) للمسجد دور عظيم في تعليم اإلسالم والدعوة إلى الله, اكتب

مجموعة من األفكار التي تستطيع من خاللها االستفادة من المسجدفي هذا األمر.

(.3/33 - محمد رسول الله، محمد عرجون )1(1/252 - انظر: السيرة النبوية الصحيحة )2

64

سيرةالالنبوية

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

....................................................................................................................................................................

(:2نشاط رقم ) بين المهاجرين واألنصار آثاركان للمؤاخاة التي أبرمها الرسول

إيجابية على قوة الدولة اإلسالمية, اذكر أكبر قدر ممكن من هذهاآلثار.

65

سيرةالالنبوية

(:3نشاط رقم ) بعد قراءتك لألحاديث الواردة في فضل األنصار, كيف ترد على

.من يتنقص صحابة رسول الله ...................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.................. (: 4نشاط رقم )

انتشر في كثير من المجتمعات شرب الخمر , والتفنن في اإلغراء به,بالتعاون مع

بعض زمالئك قم بترتيب حملة للتحذير من هذا الخطر العظيم مراعيااألمور االتية:

األدلة على تحريم الخمر.أ.

عقوبة شارب الخمر في الدنيا.ب.

عقوبة شارب الخمر في اآلخرة.ت.

مضار تعاطي الخمور على الفرد واألسرة والمجتمع.ث.

طرق العالج من تعاطي الخمور.ج.

التقويم:: علل:1سيعد العهد المدني تحوال كبيرا في حياة األمة المسلمة.أ. ببناء بيوته عالية رفيعة واسعة. أصحابه لم يأمر النبي ب. المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار تعد أخص من األخوة العامةت.

بين المؤمنين جميعا.؟ األرض التي بنى عليها مسجده : كيف اختار النبي 2س مع الصحابة -رضي الله عنهم -: ما الدور الذي قام به النبي 3س

عند بناء المسجد؟ : ما الهدف من كون المؤاخاة لم ترتبط بقبيلة, أو جنس, أو4س

أرض؟ : اذكر بعض المواقف التي قدمها األنصار إلخوانهم المهاجرين ,5س

والتي تدل على عظم الترابط ؟ : قارن بين مفهوم األمة في اإلسالم, وما كان عليه أهل الجاهلية6س

قبل ذلك ؟ : ما الحكمة من عدم اإلذن بالقتال في مكة, وفرض ذلك وجعله7س

امرا واجبا في المدينة؟ ( أما العبارة الصحيحة وعالمة ) × ( أمام العبارة√: ضع عالمة ) 8س

الخاطئة مما يلي:66

سيرةالالنبوية

عندما قدم المدينة بناء المسجدأول عمل قام به النبي أ..) (

بين الزبير بن العوام و خالد بن زيد آخى النبي ب..) (

شرعت الزكاة في السنة الثالثة من الهجرة النبويةت..) (

بعد الهجرة للمدينة بقتال الكفار والصحابة أذن للنبي ث..) (

67

سيرةالالنبوية

الوحدة الثامنة غزوات النبي

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يبين أحداث غزوات النبي. يستنتج الدروس والعبر من غزوات النبي..يعتز بنصر اإلسالم على المشركين يستنبط أسباب النصر في كل غزوة من غزواته..يستشعر أهمية اللجوء إلى الله عز وجل في جميع أحواله.يقدر مسئولية المسلمين في تغيير واقعهم

غزوة بدر بلغ المسلمين تحرك قافلة تجارية كبيرة من الشام تحمل أمواال

عظيمة لقريش يقودها أبو سفيان ويقوم على حراستها بين ثالثين أصحابه للخروج وقال لهم: »هذه، فندب رسول الله (1)وأربعين رجال

(، وكان2عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها«) خروجه من المدينة في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك

من السنة الثانية للهجرة.(. 107)( جوامع السيرة البن حزم ص)1( بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما. 2/61)( ابن هشام السيرة )2

68

سيرةالالنبوية

في غزوته هذه إلى بدر،وبلغ عدد الصحابة الذين رافقوا النبي.(1)»سبعة عشر وثالثمائة«

ولم يكونوا يعلمون أنهم سوف يواجهون قوات قريش وأحالفها معهم مائتا فرس.(2)مجتمعة للحرب، والتي بلغ تعدادها ألفا

بأصحابه من المدينة بقصدبلغ أبا سفيان خبر مسير النبي اعتراض قافلته واحتوائها، فبادر إلى تحويل مسارها إلى طريق

الساحل، في نفس الوقت أرسل عمرو بن ضمضم الغفاري إلىقريش يستنفرها؛ إلنقاذ قافلتها وأموالها.

خرجت قريش بخيلها ورجلها في ألف مقاتل معهم أشرافها وكبارها ، ولما نجت قافلة أبي سفيان أرسل لقريش يخبرهم بنجاته,

وقتاله .ويطلب منهم الرجوع ، فأصروا على مالقاة النبي نجاة القافلة وإصرار زعماء مكة على القتال استشارولما بلغ النبي

أصحابه في األمر,وقد أجمع قادة المهاجرين على التقدم لمالقاة : قال المقداد: يا رسول الله، ال نقول لك كما قالت بنو(3)العدو,

.٢٤المائدة: چ ٺ ٺ ٺ ٺ ڀ ڀ ڀچ إسرائيل لموسى: ى عن رسول الله ، وبعد ذلكولكن امض ونحن معك، فكأنه سر

فقال: »أشيروا علي أيها الناس«، وكان إنماعاد رسول الله يقصد األنصار؛ ألنهم غالبية جنده، وألن بيعة العقبة الثانية لم تكن في

خارج المدينة، فنهض سعدظاهرها ملزمة لهم بحماية الرسول : »أجل«. قائال: »والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال ابن معاذ

قال: )لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا

رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن

تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله من. سر النبي (4)يريك منا ما تقر به عينك, فسر على بركة الله(

: »سيروا وأبشروا فإن الله - تعالى -، فقال مقالة سعد بن معاذ .(5)قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم«

معلومات دقيقة عن قوات قريش ثم سار مسرعا, ومعهجمع أصحابه إلى بدر؛ ليسبقوا المشركين إلى ماءها، وليحولوا بينهم وبين االستيالء عليه، فنزل عند أدنى ماء من مياه بدر، وهنا قام الحباب بن

المنذر، وقال: يا رسول الله: أرأيت هذا المنزل، أمنزال أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه وال نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟

قال: »بل هو الرأي والحرب والمكيدة« قال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض يا رسول الله بالناس حتى تأتي أدنى ماء من

نخرب- ما وراءه من اآلبار–القوم-أي جيش المشركين- فننزله ونغور ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم, فنشرب وال يشربون،

(. 292-7/290)( فتح الباري )1(. 3/260)(البداية والنهاية )2(. 1/288)( انظر: موسوعة نضرة النعيم )3(. 1779)( مسلم برقم )4(. 3698( رقم )5/259( بإسناد صحيح، المسند )3/262)( انظر: البداية والنهاية )5

69

سيرةالالنبوية

برأيه ونهض بالجيش حتى أقرب ماء من العدو فنزلفأخذ النبي .(1)عليه, ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من اآلبار

له عريشا عرفه أصحابه, فكان مقر القيادة, وقسموابتنى النبي الجيش إلى كتيبتين كتيبة المهاجرين وجعل رايتها مع علي بن أبي

طالب ، وكتيبة األنصار وجعل رايتها مع سعد بن معاذ, وأعطى الراية العامة مصعب بن عمير ، و امتن الله على المؤمنين يوم بدر أنه أنزل

ڄٹ ٹ چ عليهم النعاس والمطر، وذلك قبل أن يلتحموا مع أعدائهم, ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ

قال القرطبي: )وكان هذا النعاس في الليلة التي كان ١١األنفال: چڎ القتال من غدها, فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من األمر

. (2)المهم، وكأن الله ربط جأشهم( قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد علىوعن علي

تحت شجرةفرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا إال نائم، إال رسول الله يصلي ويبكي حتى أصبح.

خطة الرسول صلى الله عليه وسلم في المعركة : في كل معركة أسلوب قتالي يفاجئ به العدو ، فقدكان للنبي

جعل الناس في بدر يصطفون للقتال كما يصطفون في الصالة ، ومارس أسلوب القيادة التوجيهية فأعطى توجيهات حربية لها أثرها

في االثخان في العدو, وألفت من عزيمته ، ومن ذلك : الصحابة برمي األعداء إذا اقتربوا منهم؛ ألن الرمي- أمره 1

يكون أقرب إلى اإلصابة في هذه الحالة: »إن دنا القوم منكم. (3)فانضحوهم بالنبل«

عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف:» وال تسلوا- نهيه 2. (4)السيوف حتى يغشوكم «

.(5) الصحابة باالقتصاد في الرمي: »واستبقوا نبلكم«- أمره 3 أنه سبق المشركين إلى بدر, فجعل الشمس خلفومن أساليبه

ظهره وألزم المشركين أن يكونوا قبالتها فتحجب الشمس عنهمالنظر.

ٹ يحث أصحابه على القتال, ويحرضهم عليه امتثاال لقوله وكان ک ک ک ک گ گڑ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڌڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌچ

٦٥األنفال: چگ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ

ألصحابه: »قوموا إلىوفي غزوة بدر الكبرى قال رسول الله :جنة عرضها السماوات واألرض«. فقال عمير بن الحمام األنصاري

يا رسول الله جنة عرضها السماوات واألرض؟ قال: »نعم«. قال: بخ : »ما يحملك على قول: بخبخ )كلمة تعجب(. فقال رسول الله

بخ؟«. قال: ال والله يا رسول الله، إال رجاء أن أكون من أهلها قال:»فإنك من أهلها«.

فأخرج تمرات من قرنه )جعبة النشاب( فجعل يأكل منه، ثم قال:، قصة الحباب تتقوى لدرجة الحسن. 165)( انظر: مرويات غزوة بدر، ص1(7/372) (انظر القرطبي: )2. 239)( صحيح السيرة النبوية برواية أخرى ونفس المعنى، ص3. 239)( انظر: صحيح السيرة النبوية، ص4. 3985، 3984)( البخاري، كتاب المغازي، باب من شهد بدرا، رقم 5

70

سيرةالالنبوية

لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما. (1)كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل

وفي رواية قال: قال أنس: فرمى ما كان معه من التمر، وقاتل,وهو يقول:

إال التقى وعمل المعاد ركضا إلى الله بغير زاد والصبر في الله على

الجهاد وكل زاد عرضة للنفاد

غـير التقى والـبر والـرشاد .(2)فقاتل -رحمه الله -حتى استشهد

كان يبشرهم بقتل صناديد ومن صور التعبئة المعنوية أنه المشركين، وزيادة لهم في التطمين كان يحدد مكان قتل كل واحد

منهم, كما كان يبشر المؤمنين بالنصر قبل بدء القتال فيقول: »أبشر يقول للصحابة -رضوان الله عليهم -:أبا بكر«. ووقف رسول الله

»والذي نفس محمد بيده ال يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا. (3)مقبال غير مدبر إال أدخله الله الجنة«

:بدء القتال وانتصار المسلمين يلهجوصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، وأخذ النبي

بالدعاء في موقف المتضرع الملح في الدعاء يقول عمر -رضي الله إلى المشركين وهمعنه -: لما كان يوم بدر ، نظر رسول الله

ألف ، وأصحابه ثالثمائة وتسعة عشر رجال, . فاستقبل نبي الله القبلة . ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: » اللهم أنجز لي ما وعدتني . اللهم آتني وعدتني . اللهم ! إن تهلك هذه العصابة من أهل اإلسالم

ال تعبد في األرض « فما زال يهتف بربه ، مادا يديه ، مستقبل القبلة ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه . فأتاه أبو بكر . فأخذ رداءه فألقاه على

منكبيه . ثم التزمه من ورائه . وقال : يا نبي الله ! كفاك مناشدتك ٱ ٻ ٻچ ربك . فإنه سينجز لك ما وعدك . فأنزل الله عز وجل :

,وفي(4)فأمده الله بالمالئكة ٩األنفال: چٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ يوم بدر: »اللهم أنشدك عهدكرواية ابن عباس قال: قال النبي

ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد« فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبكۆئ چ وهو يقول: الله، فخرج ۆئ ۇئ ٤٥القمر: چۇئ

قبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثالثــة من صــناديد قـريش وهم : عتبــةــارزهم من ــون من يب ــد يطلب ــده الولي بن ربيعــة ، وأخــوه شــيبة ، وول المسلمين . فتقدم ثالثة من األنصار ، فصــرخ الصــناديد قــائلين : " يــا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا", فقدم الرسول

(. 1898)( انظر: صحيح مسلم برقم )1(. 3/182)( انظر: زاد المعاد )2(. 1/239)( انظر: سيرة ابن هشام )3(. 1763)( انظر: مسلم، رقم )4

71

سيرةالالنبوية

، وعلي بن أبي، وحمـــزة بن عبـــد المطلب عبيـــدة بن الحـــارث . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبــارز علي الوليــد فقتلــه ، وبــارزطالب

عبيــدة عتبــة فجرحــا بعضــهما ، فهجم حمــزة وعلي على عتبــة فقتاله واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس , ولقــد أمــد اللــه المســلمين

ـچ ـچ ـچ ـڇ ـڇ ـڇ ـڇ ـڍ ـڍ ڌچڃ ـچ ـٹ ٹبالمالئكة تقاتل معهم : چـڌ ـڎ ـڎ ـڈ عمران وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين ١٢٥آل

وهزيمة المشركين ، حيث قتــل من المشــركين ســبعون, وأســر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المســلمين, فكــانوا أربعــة عشــر شــهيدا, ولقد رمى المسلمون جثث المشــركين في البــئر ، أمــا األســرى فقــد

أربعة آالف درهم عن كل أســير امتثــاال لمشــورة أبيأخذ الرسول ، أمـا من كــان ال يملـك الفـداء فقـد أعطـاه عشـرة من غلمـانبكر

المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة, وهكذا انتصر المســلمون انتصــاراعظيما على المشركين .

نتائج غزوة بدر: في المدينة، وارتفع نجم اإلسالمتعززت مكانة الرسول -1

فيها، ولم يعد المتشككون بالدعوة الجديدة والمشركون في المدينة يتجرؤون على إظهار كفرهم وعداوتهم لإلسالم؛ لذا

ظهر النفاق حيث أعلن فريق منهم إسالمهم ظاهرا وبقوا على ڳگڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ چ ٹ ٹالكفر باطنا،

١٤٣النساء: چڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ كسب المسلمون مهارة عسكرية، وأساليب جديدة في الحرب،-2

وشهرة واسعة في داخل الجزيرة العربية وخارجها؛ إذ أصبحواقوة يحسب لها حسابها في بالد العرب.

كانت خسارة قريش فادحة فإضافة إلى الخسارة المادية-3 المتمثلة في مقتل أبي جهل ابن هشام وأمية بن خلف وعتبة

بن ربيعة, وغيرهم من زعماء الكفر الذين كانوا من أشد القرشيين شجاعة وقوة وبأسا، كانت هناك خسارة معنوية

أيضا، ذلك أن المدينة لم تعد تهدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضا سيادتها ونفوذها في الحجاز كله، كان خبر الهزيمة

على أهل مكة كالصاعقة. لقد تركت غزوة بدر بنفوس أهل مكة كمدا وأحزانا وآالما بسبب هزيمتهم ومن فقدوا وأسروا, فال عجب أن صمموا في

أنفسهم على األخذ بالثأر، حتى إن بعضهم حرم على نفسه حتى يأخذ بالثأر ممن أذلوهم، وقتلوا أشرافهم(1)االغتسال

وصناديدهم، وانتظروا يترقبون الفرصة للقاء المسلمين واالنتصاف.(2)منهم، فكان ذلك في أحد

لخص غزوة بدر في أربعة سطور بذكر األسباب وأعداد مما سبق :الجيشين ونتيجة المعركة.

.......................................................................................)( هو أبو سفيان بن حرب نذر أال يمس رأسه من ماء جنابة حتى يغزو المسلمين. 1(. 2/171)( انظر: السيرة النبوية ألبي شهبة )2

72

سيرةالالنبوية

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: من سنن لله تعالى نصره ألوليائه وتأييده لهم وعدم-1

خذالنهم إذا هم قاموا بشرعه واتخذوا ما يستطسعون من األسباب ، فقد نصر الله المؤمنين في بدر بأمور منها

المطر ، والنعاس والتثبيت للمؤمنين ، وقذف في قلوبالذين كفرو الرعب ، وأنزل المالئكة تقاتل مع المؤمنين.

بالنصر وإخباره بوعد الله له ، إال أنمع يقين النبي -2 ذلك لم يمنعه من األخذ بأسباب النصر ، من ترتيب

الجيش وتقسيمه ، واختيار المكان المناسب للقتال,وإعطاء التوجيهات القتالية في ميدان المعركة.

للدعاء أهمية كبرى في حصول النصر ، وإلظهار االفتقار-3 والحاجة لتأييد الله أثره في حصول التأييد فنصر الله

ڭ ۇ ۇ ۆ ۆٹ ٹ چ يتنزل مع ظهور االفتقار والتضرع، ۉۈ ۈ ۋ ۋ ۅ ۅ چائ ې ې ې ې ى ى ۉٴۇ

١١٠يوسف: ليس النصر بالعدد والعدة, ولم ينتصر المسلمون بعددهم ،4 -

وإنما بقربهم من الله وتوكلهم عليه ، وبذلك استحقوا النصر ژ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژڍچ چ ڇ ڇ ڇ ڇچ والتمكين

: چڑ ڑ ک ک ک عمران ١٦٠آل:استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

73

سيرةالالنبوية

غزوة أحد:ــا في حربهــا مــع ــتي لقيته ــة ال ــريش بمــرارة الهزيم ــعرت ق ش المسلمين في بدر ، وأرادت أن تثأر لهزيمتها ، حيث استعدت لمالقــاة

المسلمين مرة أخرى لتمحوا عنها غبار الهزيمة . كانت بداية التخطيط للمعركة حين ذهب صفوان بن أميــة ، وعكرمــة 

بن أبي جهل ، وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان يطلبــون منــه مــاال؛ــال المســلمين ليتمكنوا من تجهيز الجيش ، فوافق أبو سفيان على قتــع ــل لجم ــون المحرضــين إلى القبائ ــوا يبعث ــال، وراح ــدهم بالم وتزوي

المقاتلين . استكملت قــريش قواهــا في يــوم الســبت الســابع من شــوال من

ــة من الهجــرة ــة آالف مقاتــل(1)الســنة الثالث ،واجتمــع من قــريش ثالث مستصحبين النساء لحث الرجــال إذا حمي الــوطيس ، وخــرج الجيش

حتى بلغ مكان ) ذو الحليفة ( قريبا من أحد . يخــبره باســتعدادات قــريشكتب العباس بن عبدالمطلب للنــبي

بتقــدم المشــركين إليهم؛ أرســلوتحركهم ، فلما علم رسول اللــه ــدده وأخــبرالحباب بن المنذر فدخل بين جيش مكة وحرز عدده وع

بذلك،النبي المعلومات الكاملة عن جيش كفار قريش جمعبعد أن جمع

أصحابه رضي الله عنهم وشاورهم في البقاء في المدينة والتحصن البقاء فيفيها أو الخروج لمالقاة المشركين، وكان رأي النبي

( فإن رأيتم أن تقيموا2المدينة، وقال: »إنا في جنة حصينة«) وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن دخلوا علينا

قاتلناهم فيها، إال أن رجاال من المسلمين ممن كان فاته بدر قالوا: يارسول الله، اخرج بنا إلى أعدائنا.

قال ابن كثير: )وأبى كثير من الناس إال الخروج إلى العدو ولميتناهوا إلى

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيه، ولو رضوا بالذي أمرهم كان ذلك، ولكن غلب القضاء والقدر، وعامة من أشار عليه بالخروجرجال لم يشهدوا بدرا، قد علموا الذي سبق ألهل بدر من الفضيلة(

(3 .) الذي كان منوقال ابن إسحاق: فلم يزل الناس برسول الله

بيته، فلبس ألمته,أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله بأمر وعرضتم بغيره، فاذهب يافتالوم القوم فقالوا: عرض نبي الله

: )أمرنا ألمرك تبع( فأتى حمزة فقال له: )ياحمزة فقل لنبي الله نبي الله إن القوم تالوموا، فقالوا: أمرنا ألمرك تبع، فقال رسول الله

(.1/199( المغازي للواقدي، )4/11)( البداية والنهاية )1(. 2/60)( انظر: تاريخ الطبري، )2(. 4/14)( انظر: البداية والنهاية )3

74

سيرةالالنبوية

(»4: »إنه ليس لنبي إذا لبس ألمته أن يضعها حتى يقاتل.) وفي الطريق انسحب المنافق ابن سلول ومن معه من المنافقين وتبعهم بعض ضعاف المسلمين بحجة أنه لن يقع قتال مع المشركين،

(. 1ومعترضا على قرار القتال خارج المدينة )لمواجهة كفار مكة: خطة الرسول

أحدا وضع خطة محكمة لمواجهة قريش،أ- بعد أن بلغ النبي حيث اختار الموقع المناسب، وانتخب من يصلح للقتال، ورد من لم

يكن صالحا، وقام بتقسيم الجيش إلى ثالث كتائب هي: . - كتيبة المهاجرين، وأعطى لواءها مصعب بن عمير 1. - كتيبة األوس من األنصار، وأعطى لواءها أسيد بن حضير 2. - كتيبة الخزرج من األنصار، وأعطى لواءها الحباب بن المنذر 3

ب-عسكر بالمسلمين عند جبل أحد ليحمي الجبل ظهورهم . ج-وضع خمسين رجال على جبل عينين الذي عرف بجبل الرماة

بعدمبعد ذلك و جعل قائدهم عبد الله بن جبير ، وأمرهم الرسول التحرك سواء في الفوز أ/ الخسارة ، وأصدر أوامره إليهم قائال: »إن

رأيتمونا تخطفنا الطير, فال تبرحوا مكانكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم, فال تبرحوا حتى أرسل

. (2)إليكم«:بدء القتال و المسلمون بين النصر والهزيمة

بدأ القتال بمبارزة علي بن أبي طالب لطلحــة بن عثمــان حامــل لــواءــة ، ثم التحم الجيشــان واشــتد ــدم طلح المشــركين ، فقطــع علي ق

يشــحذ في همم أصــحابه ويعمــل علىالقتال، وشرع رســول اللــه رفع معنوياتهم وأخذ سيفا، وقال: »من يأخــذ مــني هــذا؟« , فبســطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: »فمن يأخذه بحقه« قــال: فأحجم القوم، فقال سماك بن خرشة أبو دجانة: وما حقــه يــا رســول الله؟ قال: »أن تضرب به العدو حتى ينحــني« قــال: أنــا آخــذه بحقــه، فدفعه إليه وكان رجال شجاعا يختــال عنــد الحــرب، أي يمشــي مشــية

ــه يتبخــتر بين الصــفين قــال: »إنهــاالمتكــبر، وحين رآه رســول الل.(3)لمشية يبغضها الله إال في مثل هذا الموطن«

فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه, فقــالت األنصــار: أخــرجأبو دجانة عصابة الموت، فجعل ال يلقى أحدا من المشركين إال قتله.

ــير بن مطعم وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال األبطال، وكان جب قد وعد غالمه وحشي بن حرب أن يعتقـه إن هــو قتــل حمـزة . يقـول

وحشي : خرجت أنظر حمــزة أتربصــه حــتى رأيتــه كأنــه الجمــل األورق يهــد الناس بسيفه هدا ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت عنها دفعتها إليه, فوقعت في أحشائه حتى خرجت من بين رجليه ، وتركته وإياهــا حــتى

(. 3/71)( انظر: السيرة النبوية البن هشام )4. 71)( انظر: مرويات غزوة أحد، حسين أحمد، ص1. 4043)( انظر: البخاري ، رقم 2. 2470)( مسلم، رقم 3

75

سيرةالالنبوية

مات, لقد كان استشهاد حمزة نكبة عظيمة على المســلمين ، إال إنهمقاوموا وصمدوا أمام قتال المشركين .

واشتد قتــال المسـلمين على الكفـار ففــر منهم من فـر ، وراحت قريش تجر أذيال الهزيمة ثانية، حيث إن اللواء قد ســقط على األرض

تطأه األقدام . رأى الرماة من فوق الجبل هزيمة المشركين ، وقال بعضــهم : مــا

ــة . ونســوا وصــية الرســول ــوف حاج ــا في الوق ــذكرهملن لهم ، فــائم ، ــه ، وســارعوا إلى جمــع الغن ــا ، فلم يكــترثوا بمقولت ــدهم به قائ فالحظ خالد بن الوليد نــزول الرمــاة ، فــانطلق هــو و عكرمــة بن أبي جهل ومعهم مائتي فارس, والتفوا حــول الجبــل ، وفــاجئوا المسـلمين من الخلف ، وفقد المسلمون مــواقعهم وفــر بعضــهم، وارتفعت رايــةالمشركين مرة أخرى ، فلما رآها جيش المشركين عاودوا هجومهم .

حتى قتــل ، وراح قاتلــهو قاتل مصعب بن عمير عن رسول الله يجري إلى قومه يخبرهم أنه قتل محمدا، فكــان لتلــك الشــائعة أثرهــا

المثبط في نفوس بعض المسلمين. ، فكســرت رباعيــةولقد رمى أحد المشركين حجرا نحو الرسول

الرسول -عليه الصالة والسالم -، كما أنه وقع في حفرة كان أبو عامرج رأس النــبي ،الراهب قد حفرها ثم غطاها بــالقش والــتراب ، فشــ

وأخــذ يمســح الــدم قــائال : كيــف يفلح قــوم خضــبوا وجــه نــبيهم وهــويدعوهم إلى ربهم !

في وسط المشركين وليس معه إال تسعةوحصر رسول الله من أصحابه سبعة منهم من األنصار، وكان الهدف أن يفك هذا

الحصار، وأن يصعد في الجبل؛ ليمضي إلى جيشه، واستبسل األنصار , واستشهدوا واحدا بعد اآلخر, ثم قاتلفي الدفاع عن رسول الله

(,1عنه طلحة بن عبيد الله حتى أثخن وأصيب بسهم شلت يمينه) الصعود إلى صخرة فلم يستطع، فقعد طلحة تحته حتىوأراد النبي

يقول: »أوجباستوى على الصخرة، قال الزبير: فسمعت النبي ، وكان(, وقاتل سعد بن أبي وقاص بين يدي رسول الله 2طلحة«)

(, كما قاتل3يناوله النبال ويقول له: »ارم سعدا، فداك أبي وأمي«) بين يديه أبو طلحة األنصاري الذي كان من أمهر الرماة، وهو الذي

: »لصوت أبي طلحة في الجيش أشد علىقال عنه النبي (, وقد كان متترسا على رسول الله بجحفة،4المشركين من فئة«)

كسر يومئذ قوسين أو ثالث، وكان الرجل(5)وكان راميا شديد النزع : »انثرها ألبي من النبل, فيقول رسول الله (6)يمر معه الجعبة

طلحة« ثم يشرف إلى القوم فيقول أبو طلحة: يا نبي الله بأبي أنت،. 3724)( صحيح البخاري، رقم 1.296)( انظر: صحيح السيرة النبوية، ص2. 295)( المصدر نفسه، ص3( بإسناده رجاله ثقات. 22/589)( المسند والفتح الرباني )4. 296)( انظر: صحيح السيرة النبوية، ص5( الجعبة: الكنانة التي تجعل فيها السهام.2)6

76

سيرةالالنبوية

. (1)أال يصيبك سهم، نحري دون نحرك ال تشرف إلى القوم بالسيف, وترميووقفت نسيبة بنت كعب تذب عن رسول الله

بالقوس وأصيبت بجراح كبيرة، وترس أبو دجانة بنفسه دون رسول يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل. والتفالله

في تلك اللحظات العصيبة أبو بكر وأبوحول الرسول بأسنانه, ثمعبيدة, وقام أبو عبيدة بنزع السهمين من وجه النبي

توارد مجموعة من األبطال المسلمين، حيث بلغوا قرابة الثالثين منهم قتادة, وثابت بن الدحداح، وسهل بنيذودون عن رسول الله

حنيف، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف،والزبير بن العوام. واستطاع عمر بن الخطاب أن يرد هجوما مضادا قاده خالد ضد

المسلمين من عالية الجبل، واستبسل الصحابة الذين كانوا مع عمر في رد الهجوم العنيف, عاد المسلمون, فسيطروا على الموقف من

, ويئس المشركون من إنهاء المعركة بنصر حاسم، وتعبوا من(2)جديد بمن معه, ومن لحقطولها ومن جالدة المسلمين، وانسحب النبي

به من أصحابه إلى أحد شعاب جبل أحد إلعادة ترتيب الجيش، وكان المسلمون في حالة من األلم والخوف والغم لما أصاب رسول الله

وما أصابهم، رغم نجاحهم في رد المشركين, فأنزل الله عليهم ٱ ٻ ٻ ٻ ٻٹ ٹ چ النعاس فناموا يسيرا، ثم أفاقوا آمنين مطمئنين,

ٹ ٹ ڤ ڤٹ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹڀپ پ پ پ ڀ ڀ ڇ ڇ ڇچ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چڄ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄڦڤ ڤ ڦ

ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گڈڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ: چۀ ڻ ڻ ڻ ڻ ں ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ںگگ گ عمران آل

١٥٤ وقد أجمع المفسرون على أن الطائفة التي قد أهمتهم أنفسهم

هم المنافقون. أما قريش فإنها يئست من تحقيق نصر حاسم, وأجهد رجالها من

طول المعركة، وصمود المسلمين وجلدهم ؛ ولذلك كفوا عن مطاردةالمسلمين, وعن محاولة اختراق قواتهم.

انتهت المعركة وقتل من المسلمين قرابة السبعين ممن أبلــوا بالءــير ، وأنس بن حســنا منهم ســيد الشــهداء حمــزة ، ومصــعب بن عم النضر .. وغيرهم من كبار الصـحابة وفضـالئهم, وقتــل من المشـركين

اثنين وعشرين قتيال . لخص غزوة أحد في أربعة سطور بذكر األسباب, وأعداد مما سبق :

الجيشين ونتيجة المعركة.............................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.296)( انظر: صحيح السيرة النبوية، ص1. 470، 468)( انظر: السيرة النبوية لمنير الغضبان، ص2

77

سيرةالالنبوية

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد:

ــل ،-1 في غزوة أحد تأكيد لسنة الله في الصراع بين الحق والباط والهدى والضالل ، فقد جرت سنة اللــه في رســله وأتبــاعهم أنــون تكون الحرب سجاال بينهم, وبين أعدائهم فيغلبون مرة ويغلب

أخرى ، ثم تكون لهم العاقبة في النهاية. ظهر في غزوة أحد أثــر المعصــية والفشــل والتنــازع في تخلـف-2

ــر النصر عن األمة ، فبسبب معصية واحدة خالف فيها الرماة أم ، وبسب التنازع واالختالف حول الغنــائم ، ذهب النصــرالنبي

ـٹ ـٹ چ, عن المسلمين بعد أن انعقدت أسبابه ، والحت بوادره ـڌ ـڌ ـڎ ـڎ ـڈ ـڈ ـژ ـژ ـڑ ـڑ ـک کڍـچ ـچ ـڇ ـڇ ـڇ ـڇ ڍ

ۀ ڻ ڻ ـڻ ڻں ـڱ ـڱ ـڱ ںڱ ـگ گ ـگ گ ـڳ ـڳ ـڳ ڳککہ ہ ہ : چۀ عمران ١٥٢آل

خطورة المنافقين ، وأثرهم في تفريق الصف اإلســالمي ، حيث-3 تراجــع عبداللــه بن أبي ابن ســلول وأتباعــه عن المعركــة، وهــوــة من يقول لو نعلم قتاال التبعناكم ، وحاول في فت عضد جماع

ٱ5 ـٻ ـٻ ـٻ ٻـچ المسلمين إال أن الله ثبتهم قال - تعالى -:: چ ڀ ڀ ڀ ڀ پپ پ پ عمران ١٢٢آل

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

غزوة الخندق)األحزاب(: يهود بني النضير، عزم هؤالء اليهود علىعندما أجلى الرسول

وأصحابه الذين أخرجوهم من ديارهم من المدينةاالنتقام من النبي ، فخرج بعض زعمائهم, وذهبوا إلى مكة، فدعوا قريشا إلى حرب

، وقالوا: سنكون معكم حتى نستأصله, ونقضي عليه،الرسول وقالوا لهم إن ما أنتم عليه خير من دين محمد، وفيهم نزل قول الله

مئ ی ی ی ی چ -: - تعالى حئ جئ ىئ ىئ ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئىب مب خب حب جب يئ پ پ پ پ ڀ ڀٻٱ ٻ ٻ ٻىئ

٥٢ - ٥١النساء: چڀ ڀ

78

سيرةالالنبوية

نجح زعماء بني النضير في عقد اتفاق مع أهل مكة . ولم يكتفوا بتلك االتفاقية ، وإنما انطلقوا أيضا إلى قبيلة غطفان يرغبونهم في

االنضمام إليهم وإلى قريش ، وأغروهم بثمار السنة من نخيل خيبر إذاتم النصر بنجاح .

وهكذا انطلق جيش قوامه عشرة آالف مقاتل يقودهم أبو سفيانبن حرب ، وذلك من السنة الخامسة من الهجرة في شهر شوال .

حفر الخندق: بتجمع األحزاب ، استشار أصحابه فيلما علم الرسول الكريم

األمر، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق في مشارف المدينة, فقد كانوا يفعلون ذلك في بالد فارس، وسيكون ذلك مفاجأة أمام

كفار مكة وحلفائهم؛ ألنهم ال يعرفون هذه األساليب الحربية. نظر المسلمون إلى مدينتهم، فوجدوها محاطة بالجبال والحصون

والدور من كل جانب ما عدا الجانب الشمالي فقط، وهو الذي سيدخل منه الكفار، فحددوا مكان الحفر في ذلك الجانب، وبدأ

يشاركهم العمل، وانتهىالمسلمون في حفر الخندق، وكان النبي المسلمون من حفر الخندق قبل أن تصل إليهم جيوش الكفار، وكان

يدعو لهم، متمثال ببيت من الشعر لعبد الله بن رواحةرسول الله يقول:

فاغفر لألنـــصاراللهم إن العيش عيش اآلخرة والمهاجـــرة

فيجيبه المسلمون بحماس منشدين على الجهـاد: نحن الذيـن بايعوا محمـدا

1مـا بقينا أبـــدا

ينقل التراب معهم من الخندق حتى أثر في وكان الرسول بطنه، فقال بعض أبيات من شعر ابن رواحة -رضي الله عنه:

ينـا اللهم لوال أنت ما اهتدينا وال تصدقنا وال صلت األقدام إن القيـنا فــأنزلن سكــــينة علينــا وثب

. (2)إن الـإلى قـد بغــــوا علينــا إذا أرادوا فتـنـــة أبـيــنــا وأثناء ذلك العمل الصعب نظر الصحابي الجليل جابر بن عبدالله إلى رسول الله - رضي الله عنهما -, فرآه يربط على بطنه حجرا,

ا يوم الخندقليخفف عنه ألم الجوع, فعن جابر بن عبدالله قال: )إنبي ر فعرضت كدية شديدة فجاءوا الن فقالوا هذه كدية عرضتنحف

في الخندق فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثالثةبي ام ال نذوق ذواقا، فأخذ الن المعول، فضرب فعاد كثيبا أهيل أوأي

(2834( صحيح البخاري رقم ) 1)1(2837( صحيح البخاري رقم ) 2)2

79

سيرةالالنبوية

. فأسرع جابر إلى امرأته يسألها: إن كان عندها(1)أهيم( الحديث طعام, فذبحت شاة صغيرة عندها، وطحنت كل ما عندها من الشعير،

، وبعض أصحابه، وجاء جابرفكان مقدارا صغيرا يكفي رسول الله ا إلى بيته، وإذا برسول الله إلى الرسول يدعو معه ، يدعوه سر

المسلمين، فيذهب ألف رجل إلى بيت جابر!! والطعام ال يكفي سوىعدد قليل، فمن أين سيأكل كل هذا العدد؟!

في حديث طويل فيه: )فقلت يا روى اإلمام البخاري عن جابر ه ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا, فتعال رسول الل

بي , فقال: يا أهل الخندق إن جابرا قد صنعأنت ونفر معك فصاح النه ال تنزلن برمتكم وال تخبزنسورا فحي هال بكم، فقال رسول الل

ه ى أجيء, فجئت وجاء رسول الل ىعجينكم حت اس حت يقدم النذي قلت, فأخرجت له جئت امرأتي فقالت بك وبك فقلت قد فعلت ال

عجينا فبصق فيه, وبارك ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك, ثم قال ادع خابزة فلتخبز معي واقدحي من برمتكم وال تنزلوها، وهم ألف،ى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما ه لقد أكلوا حت فأقسم بالل

.(2)هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو( وهكذا كان المسلمون يتعبون ويصبرون، وعناية الله - تعالى - تؤيدهم

وتحرسهم، وبينما هم يحفرون وجدوا صخرة شديدة لم يستطع أحد ، فتناول المعول وضرب الصخرةأن يحطمها، فلجئوا إلى الرسول

ضربة فكسر ثلثها، وقال: )الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني أبصر قصورها الحمر الساعة( ثم ضرب الثانية، فكسر الثلث اآلخر،

فقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني ألبصر قصر المدائن أبيض" ثم ضرب الثالثة, وقال: "باسم الله" فقطع بقية

الحجر فقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني ألبصر أبواب ،، وقد تحققت نبوءة الرسول (3)صنعاء من مكاني هذا الساعة"

ودخلت هذه البالد اإلسالم. استمر العمل دون تراخ, أو كسل حتى تحقق األمل، واستطاع

المسلمون إنهاء حفر الخندق قبل أن يصل المشركون، بعد مدةدامت شهرا من البرد, وشظف العيش .

أحداث الغزوة: اقترب جيش المشركين من المدينة، ووقفوا أمام الخندق

متعجبين، وصدموا به، فهذه أول مرة يستعمل فيها العرب مثل هذه األساليب الحربية، وشعروا بالخيبة، فقد انقلبت حساباتهم، وأصبحت

أعدادهم الكبيرة ال قيمة لها، وهي تقف أمام الخندق عاجزة حائرة(.4101)( صحيح البخاري، )1(.4102)( صحيح البخاري، )2(458/ 7( وحسن إسناده ابن حجر الفتح ) 510) األحكام الصغرى لألشبيلي ) 3

80

سيرةالالنبوية

يكاد الغيظ يفتك بها، وهم يقولون: إن هذه لمكيدة ما كانت العربتكيدها.

و من مكان ضيق في الخندق حاول المشركون أن يقتحموه، ولكن سهام المسلمين انهالت عليهم كالسيل، فارتدوا خائبين، وخرج

عمرو بن عبد ود من صفوف المشركين, وقال: من يبارز؟ وكان عمرو بن عبد ود فارسا قويا شجاعا، فخرج له على بن أبي طالب

سيفه،الذي, وقال: أنا أبارزه يا رسول الله، فأعطاه الرسول وعممه، ودعا له، ولما شاهده عمرو استصغر سنه، وقال له: لم يابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك, فرد علي عليه: لكني والله أحب أن

ا، أقتلك، فغضب عمرو ونزل عن فرسه، وقتل الفرس، وبارز علي وظال يتبارزان، وثار الغبار فلم ير أحد منهما، وضربه علي فقتله،

ر، فعلم المسلمون أن عليا قتله، وظل المسلمون والمشركون وكب يتراشقون بالسهام والنبال، فقتل عدد قليل من المشركين،

واستشهد بعض المسلمين. لم يجد المشركون سبيال للدخول إلى المدينة ، وبقوا ينتظرون أياما وليالي يقابلون المسلمين من غير تحرك ، حتى جاء حيي بن

أخطب الذي تسلل إلى بني قريظة ، وأقنعهم بفسخ االتفاقية بين بني باألمر أرسل الزبير؛ ليتأكدقريظة والمسلمين ، ولما علم الرسول

من صحة ما قيل ، فوجد الخبر صحيحا . ووجد المسلمون أنفسهم محاطين بالمشركين و اليهود من كل حدب وصوب ، إال أن الرسول

وأصحابه لم ييأسوا من روح الله؛ ألنهم كانوا على يقين بأن الله موالهم وناصرهم . من غدر بني قريظة أرسل بعض أصحابه فيولما تأكد النبي

مجموعات لحماية المدينة من الداخل وحماية النساء و األطفال منغدر اليهود وعدوانهم.

لقد ارتبك المسلمون من خيانة بني قريظة التي قد تمكن الكفار منهم، وأخذوا ينظرون إلى أنفسهم وقلوبهم متعلقة بالله -تعالى- وقد

ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ کٹ ٹ چ صور القرآن ذلك الموقف وقد أحاط المشركون, ١٠األحزاب: چک ک ک گ گ گ

بالمسلمين، فحاصروهم قريبا من عشرين ليلة، وأخذوا بكل ناحية، كتيبة غليظة، فقاتلها المسلمون يوماووجهوا نحو منزل رسول الله

وال أحد منإلى الليل، فلما حانت صالة العصر، لم يقدر النبي مأل الله عليهم»: الصحابة أن يصلوا العصر فقال رسول الله

بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصالة الوسطى حتى غابت .(1)«الشمس

إلى المشركين، فوجدهم كثيرين، فأراد أن ونظر الرسول (627( و مسلم )6396 أخرجه البخاري )1

81

سيرةالالنبوية

يخفف الحصار عن المسلمين، فعرض على المسلمين أن يتفق مع قبيلة غطفان على أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة؛ وينسحبوا من

لقتال قريش، واستشار في ذلكالمعركة، وبعد ذلك يتفرغ الرسول األمر سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ -رضي الله عنهما -وأخبرهما أن ذلك ليس أمرا من الله - تعالى - يجب تنفيذه، فقال سعد بن معاذ: يا

رسول الله، قد كنا نحن وهؤالء القوم على الشرك بالله، وعبادة األوثان ال نعبد الله وال نعرفه، وهم ال يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إال

قري )ضيافة( أو بيعا، أفحين أكرمنا الله باإلسالم وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، وال نعطيهم إال

على ذلك،، فوافق رسول الله (1)السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم بعدما وجد من أصحابه الثبات أمام أعدائه مهما كانت قوتهم، واثقين

بنصر الله - تعالى -.هزيمة األحزاب:

، يتضرعون إلى الله تعالى أن يذهباجتمع المسلمون حول النبي اللهم منزل»عنهم األحزاب الذين تجمعوا لهدم دينه، ويقولون :

الكتاب، سريع الحساب، اللهم اهزم األحزاب، اللهم اهزمهم، وزلزلهم استجاب الله - تعالى - لهم، وإذا بريح شديدة في ليلة شاتية. (2) «

باردة تقتلع خيام المشركين، وتقلب قدور وأواني الطعام والشراب, أن يطلع على أحوالفامتألت قلوبهم بالرعب، وأراد النبي

من رجل يقوم» المشركين وأخبارهم، فالتفت إلى المسلمين وقال: فينظر لنا ما فعل القوم, ثم يرجع أسأل الله - تعالى - أن يكون

فلم يقم أحد من المسلمين من شدة الخوف،3«رفيقي في الجنة؟ وشدة الجوع، وشدة البرد.

الصحابي حذيفة بن اليمان لهذه فلما لم يقم أحد دعا النبي المهمة، فقام حذيفة طاعة ألمر الله ورسوله حتى دخل معسكر

المشركين، وسمع أبا سفيان يدعوهم إلى الرحيل، ويقول لهم: يا معشر قريش، لينظر كل امرئ من جليسه؟ فأخذ حذيفة بيد الرجل

الذي كان إلى جانبه، فقال له: من أنت؟ قال: فالن بن فالن، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد

، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من4هلك الكراع شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر , وال تقوم لنا نار، وال

يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل. يقص عليه ماورجع حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- إلى النبي

رأى، وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو

( وذكره الهيثمي في243( ، وابن سعد في الطبقات الكبرى برقم ) 3/239 انظر سيرة ابن هشام )1(6/135المجمع )

(.7489(. و )حديث 6392(. و )حديث 4115(. و )حديث 2933)( صحيح البخاري، )حديث 2 (5/392) ( مسند اإلمام أحمد: ) 3 - الكراع كناية عن الخيل4

82

سيرةالالنبوية

الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي ال ينسىعباده المؤمنين .

وارتحلت األحزاب، وانفك الحصار، وعاد األمن, ونجح المسلمون ال إله إال»: في الخروج بسالم من هذه المحنة، وهتف رسول الله

الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، غلب األحزاب وحده، فال شيء اآلن نغزوهم وال» بعد انصراف األحزاب : ، وقال النبي (1 ) «بعده

.(2 )«يغزوننا وهكذا، لم تكن غزوة األحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب

فعلية، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب؛ ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا االبتالء, ونزل قول الله -

ٿ ٿ ٿٺ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺپٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پچ :تعالى - ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃڦٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ

ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک کڌ ڇ ڍ ڍ ڌڇچ چ چ چ ڇ ڇ ٢٦ - ٢٣األحزاب: چگ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ

لخص غزوة األحزاب في أربعة أسطر بذكر األسباب, مما سبق :وأعداد الجيشين, ونتيجة المعركة.

......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

..................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: - كانت معركة األحزاب كاشفة لصف المنافقين الذين امتألت1

، ففي المحن تنكشفقلوبهم بالرعب, وأظهروا تكذيبهم للنبي حقائق النفوس ويتميز الصادق من الكاذب.

-من عادة أهل الكفر مهما اختلفت مللهم, وتعددت أديانهم2 اجتماعهم, وتعاونهم ضد المسلمين ، وتكررت مؤامرتهم عبر القرون الستئصال أهل اإلسالم ، ويأبى الله إال أن يتم نوره ويظهر دينه, ولو

كره الكافرون. -كان للحلول اإلبداعية أثرها في الخروج من األزمات ، والمتتبع3

يجد في كل غزوة فكرة إبداعية جديدة يفاجئ بهالغزوات النبي العدو ويحطم معنوياتهم ، فمن كان يظن من المشركين أن جيشا

بهذا العدد سيقف عاجزا أمام المدينة ال يستطيع اقتحامها. .2724 ، ومسلم 4114)( البخاري 14110)( البخاري 2

83

سيرةالالنبوية

- اشتداد المحنة على المؤمنين مؤد بفرج قريب كما حصل5 للمؤمنين يوم األحزاب, فكان لتأييد الله ونصره أثر كبير في

المعركة ، فبدأ بما أجراه على يد نبيه من معجزات أثناء حفر الخندق, وانتهاء بهزيمة المشركين بالريح التي تقتلع خيامهم وتكفأ قدورهم، وكان للمالئكة حضورها مع المؤمنين ، فالمؤمن يثق بوعد الله, وال

ييأس من نصر الله.:استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

: صلح الحديبية لم تخمد مشاعر المسلمين في المدينة شوقا إلى مكة ، التي

حيل بينهم وبينها ظلما وعدوانا، وما برحوا ينتظرون اليوم الذي تتاح لهم فيه فرصة العودة إليها والطواف ببيتها العتيق ، إلى أن جاء ذلك

على أصحابه, ليخبرهم برؤياه التي رأىاليوم الذي برز فيه النبي فيها دخوله لمكة وطوافه بالبيت ، فاستبشر المسلمون بهذه الرؤيا

لعلمهم أن رؤيا األنبياء حق ، وتهيؤوا لهذه الرحلة العظيمة . في العام السادس من الهجرة، وفي شهر ذي الحجة، خرج

، يريد العمرة ومعه ألف وأربعمائة من الصحابة ، وليسالرسول معهم إال سالح السفر ، فأحرموا بالعمرة من ذي الحليفة ، وقد

؛ ليظهروا حسن نيتهم ويعلموا أهل مكة أنهم1ساقوا معهم الهديجاءوا معتمرين، ولم يأتوا لحرب أو قتال.

إلى مكة، فإذا بقريش تفور منووصل الخبر بمسير الرسول الغضب والغيظ، فكيف يتجرأ المسلمون على المجيء إليهم، ودخول مكة بهذه السهولة؟! فال بد من صدهم ومنعهم من دخولها، وتعاهدوا

والذين معه، وخرجت خيلهم يقودها خالد ابنعلى أال يدخلها النبي وأصحابه من دخول مكة.الوليد؛ لمنع الرسول من وقوف قريش في وجه من قصد زيارةوتعجب رسول الله

أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم»الكعبة، فقال: وذراري هؤالء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله

. قال«عز وجل قد قطع عينا من المشركين وإال تركناهم محروبين أبو بكر : يا رسول الله ، خرجت عامدا لهذا البيت ، ال تريد قتل أحد ،

امضوا»وال حرب أحد ، فتوجه له ، فمن صدنا عنه قاتلناه . قال : وعقد العزم على الجهاد، ولكنه لم يرد الصدام مع (2)«على اسم الله

من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي» : قريش، فقال)( الذبائح1(4178)( أخرجه البخاري برقم ) 2

84

سيرةالالنبوية

فقال رجل: أنايا رسول الله. فسلك بالمسلمين طريقا غير «هم بهاالذي خرجت إليه جيوش المشركين.

وأصحابه يسير بأمر الله - تعالى - بركتوبينما ركب الرسول في مكان قريب من مكة يسمىالناقة التي يركبها الرسول

( خألتالحديبية، فقال الصحابة: خألت القصواء )اسم ناقة الرسول ما خألت القصواء وما ذلك لها بخلق، لكن» : القصواء ، فقال

أن الله - تعالى - ال يريد,وعلم رسول الله ( 1 )«حبسها حابس الفيل له دخول مكة، وال الصدام مع قريش في ذلك الوقت، فقرر التفاوض

مع قريش في شأن دخول المسلمين مكة لزيارة البيت الحرام، والذي نفسي بيده ال يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات »وقال:

.(2 )«الله إال أعطيتهم إياها وقد أصابهموعند بئر الحديبية تجمع المسلمون حول النبي على، فجلس العطش، فماء البئر قليل ال يكفيهم، فشكوا للنبي

حافة البئر، وتوضأ، ثم صب الماء في البئر، فكثر الماء وظلوايشربون, وتشرب إبلهم حتى تركوا الحديبية ورحلوا. عازم علىأما قريش فقد أصابهم الفزع بعدما تأكدوا أن النبي

دخول مكة، فأرسلوا إليه رسال يستوضحون األمر، وكان أول الرسل إنا لم نجئ لقتال أحد »: بديل بن ورقاء الخزاعي، فقال له الرسول

ولكن جئنا معتمرين .. يا ويح قريش، لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي

أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في اإلسالم وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش، فوالله ال أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله, أو تنفرد هذه السالفة )يقصد:

.(3 ) «الموت( ثم أرسلت قريش عروة بن مسعود الثقفي عم الصحابي المغيرة

قال له ما قال لبديل، فقالبن شعبة وعندما جاء إلى الرسول عروة عند ذلك: أي محمد ، أرأيت إن استأصلت أمر قومك ، هل

وكان كلما تكلم كلمة…سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ ، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي أخذ بلحية الرسول

ومعه السيف ، فيضربه بنعل السيف ويقول : أخر عن لحية رسول وحبهم له وتفانيهم ولحظ عروة تعظيم الصحابة للرسول … الله

في طاعته ، فلما رجع إلى قريش ، قال لهم : )أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله

ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما تنخم )بصق( نخامة إال وقعت في كف رجل منهم, فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وما يحدون النظر

إليه تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها(. (4/101 (, وانظر دالئل النبوة للبيهقي: ) 11/218(( صححه ابن حبان: ) 1(2731)( البخاري برقم ) 2(2731)( ابن إسحاق في السيره وأصله في البخاري برقم ) 3

85

سيرةالالنبوية

ليبعثه إلى مكة ، فيبلغ عنه عمر بن الخطاب ثم دعا الرسول أشراف قريش ما جاء له ، فقال عمر : )يا رسول الله ، إني أخاف

قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي ابن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها ، وغلظتي عليها ، ولكن

أدلك على رجل أعز بها مني ، عثمان بن عفان(. فبعثه إليهم, فنزل عثمان في حماية عثمان فدعا رسول الله

وجوار أبان بن سعيد بن العاص األموي حتى أدى رسالته ، وأذنوا لهبالطواف بالبيت ، فقال : )ما كنت ألفعل حتى يطوف به رسول الله

واحتبسته قريش عندها ، فلما طالت غيبته ظن المسلمون أن ) , وبايعوه على القتال حتىالكفار قتلوه، فاجتمعوا حول نبيهم

ک ک ک گ گ گٹ ٹ چ االستشهاد في سبيل الله، وفيهم نزل١٨الفتح: چگ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ

وعلمت قريش بهذه النية، فخافت, وأطلقت عثمان على الفور، ثم بعثوا الحليس بن علقمة الكناني سيد األحابيش ليثني رسول الله،

إن هذا من قوم يتألهون, فابعثوا» قال : فلما رآه رسول الله ، فلما رأى الحليس الهدي يسيل عليه «الهدي في وجهه حتى يراه

من عرض الوادي في قالئده ، رجع إلى قريش قبل أن يصل إلى ، وذلك إعظاما لما رأى ، وقال لقريش : رأيت البدنرسول الله

قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت ، فقالوا : اجلس ، إنما أنت أعرابي ال علم لك. فغضب وقال : يا معشر قريش ، والله

ما على هذا حالفناكم ، أيصد عن بيت الله من جاءه معظما له !! والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له, أو ألنفرن باألحابيش نفرة رجل واحد، قالوا : مه ، كف عنا حتى نأخذ ألنفسنا ما

نرضى به. ثم أرسلت سهيل بن عمرو، وكان رجال فصيحا عاقال يجيد

قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثواالتفاوض، فلما رآه الرسول تكلما طويال ثم جريهذا الرجل، فلما جاء سهيل إلى رسول الله

بينهما الصلح.

شروط الصلح: مع سهيل على:اتفق رسول الله

- أن يرجع المسلمون هذا العام, ويعودوا في العام القادم.-أن تتوقف الحرب بينهما لمدة عشر سنوات.

-أن من أراد أن يتحالف مع المسلمين فله ذلك، ومن أراد التحالفمع قريش فله ذلك.

من جاء إليه من قريش دون إذن وليه، وال ترد-أن يرد الرسول قريش من يأتيها من المسلمين.

فقال: يا أبا بكر بهذه الشروط أتى أبا بكر و عند سماع عمر أليس برسول الله؟ قال: بلى. قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى.

86

سيرةالالنبوية

قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعالم نعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله؛

.(1)قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله , وقال له اكتب: بسم الله علي بن أبي طالب ثم دعا النبي

الرحمن الرحيم. فقال سهيل: ال أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك : اكتب باسمك اللهم. فكتبها، ثم قال: اكتب:اللهم. فقال الرسول

هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.

: اكتب. هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله، سهيل بن عمرو.فقال فرفض على أن يمحو كلمة رسول الله بعد ما كتبها، فمحاها الرسول

.بنفسه وبهذا الصلح دخلت قبيلة خزاعة في عهد المسلمين, ودخلت قبيلة

على كتاببني بكر في عهد المشركين، وقبل أن يوقع الرسول الصلح إذا بأبي جندل بن سهيل بن عمرو يأتي مسلما، فلما رآه أبوه

سهيل؛ قام إليه فضرب وجهه، وأخذ بثيابه، ثم قال: يا محمد، قد لجت القضية )أي حسمت( بيني وبينك قبل أن يأتي هذا. قال:

صدقت. فأخذ سهيل يجر ابنه ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ

بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين يفتنونني فيديني؟

ولم يتقبل بعض المسلمين هذا الصلح، فقد بدت الشروط في أعينهم أنا عبد الله ورسوله، لن» : غير متكافئة، فقال لهم الرسول

عني .(2 )«أخالف أمره، ولن يضي » من كتابة المعاهدة، قال للمسلمين: ولما فرغ رسول الله

، ودخل وقالها ثالثا، فلم يقم أحد، فغضب الرسول «قوموا، فانحروا على أم سلمة -رضي الله عنها -,فذكر لها ما لقي من الناس،

فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم ال تكلم أحدا كلمة حتى وخرج فلم يكلمتنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك, فقام الرسول

أحدا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا. (3)فنحروا إبلهم، وجعل بعضهم يحلق لبعض في تكثير الطعام والماء ،وفي طريق العودة تكررت معجزة النبي

مثلما حدث في طعام جابر يوم الخندق ، وتكثير ماء بئر الحديبية ، فقد ذكر سلمة بن األكوع أنهم عندما أصابهم الجوع وكادوا أن يذبحوا

بأزواد الجيش ، فلم يتجاوز الكومة الصغيرةرواحلهم دعا الرسول التي التكفي الخمسين ، وهم أربع عشرة مائة ، فأكلوا حتى شبعوا

جميعا وحشوا جربهم ، ثم جيء له بأداوة وضوء فيها نطفة ماء,فأفرغها في قدح ، فتوضأ منها كل الجيش.

(4/323)( انظر مسند اإلمام أحمد: ) 1(4/323)( انظر مسند اإلمام أحمد: ) 2( 2731)( البخاري برقم ) 3

87

سيرةالالنبوية

چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ چ : ونزلت سورة الفتح ، وهم في طريق العودة لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب»: وقال عنها الرسول ١الفتح:

. وقال عمر متعجبا: أو فتح هو ؟«إلي مما طلعت عليه الشمس : )) نعم (( ، فطابت نفسه ورجع ، وفي رواية :فقال له الرسول

(1 )« نعم ، والذي نفسي بيده إنه لفتح » , وفرح المسلمون بذلك فرحا غامرا ، وانجلت تلك السحابة من الغم ، وأدركوا قصورهم عن إدراك كل األسباب والنتائج ، وأن الخير في التسليم ألمر الله وأمر رسوله

. لخص أحداث الحديبية في أربعة سطور بذكر األسباب, مما سبق :

وأبرز مواد الصلح ونتائجه...........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

..........................................................................دروس وعبر وفوائد:

-فضل من شهد الحديبة, وبايع تحت الشجرة بثناء القرآن, وبشارة1 السنة لهم بالجنة :

قال: " ال يدخل النار - إنجاء عن حفصة رضي الله عنها أن النبي شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها ، قالت: بلى

مريم: چ گک ک گ گٹ ٹ چ : يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻچ قد قال الله عز وجل: فقال النبي ٧١ ال يدخل النار أحد ممن بايع تحت»وفي رواية: "، (2) ٧٢مريم: چڻ

( 3 )«الشجرة

، وهو مثل التوضؤ بماء وضوئه - جواز التبرك بآثار النبي 2خاص به خالفا آلثار الصالحين من أمته.

- في الصلح اعتراف من قريش بكيان المسلمين ألول مرة ،3فعاملتهم معاملة الند للند.

- ذهاب هيبة قريش ، بدليل مبادرة خزاعة االنضمام إلى حلف4المسلمين دون خشية من قريش كما كان في السابق.

- أتاح الصلح للمسلمين التفرغ ليهود خيبر خاصة, ويهود تيماء وفدك5بصفة عامة.

- أتيح للمسلمين مضاعفة جهودهم لنشر اإلسالم ، وفي ذلك قال6 الزهـري : ) فما فتح في اإلسالم فتح قبله كان أعظم منه ، إنما كان القتال حيث التقى الناس ، فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب ، وأمن

( 2731)( البخاري برقم ) 1 (6560)( انظر صحيح مسلم برقم : ) 2 (.4655 (, سنن" أبي داود برقم : ) 3860)( انظر سنن" الترمذي برقم : ) 3

88

سيرةالالنبوية

الناس بعضهم بعضا ، والتقوا فتفاضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد باإلسالم يعقل إال دخل فيه ، ولقد دخل في تينك السنتين

مثل من كان في اإلسالم قبل ذلك( وعلق ابن هشام على هذا قائال : خرج إلى الحديبية في)والدليل على قول الزهري أن رسول الله

ألف وأربعمائة في قول جابر ، ثم خرج في عام الفتح بعد ذلك.(1)بسنتين في عشرة آالف(

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

 

(4/291)( ابن هشام في السيرة )189

سيرةالالنبوية

:فتح مكة بعد صلح الحديبية انضمت قبيلة خزاعة لحلف المسلمين ،

وانضمت قبيلة بني بكر لقريش ، وكان بين بني بكر وقبيلة خزاعة ثارات في الجاهلية ودماء ، وذات يوم تعرضت قبيلة خزاعة لعدوان من قبيلة بني بكر الموالية لقريش ، وقتلوا منهم نحو عشرين رجال,

ودخلت خزاعة الحرم للنجاة بنفسها ، ولكن بني بكر الحقوهم وقتلوا منهم في الحرم ,وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله

الغدر والخيانة، فوعده الرسول باالنتصار لهم، وفي مكة ندم الكفار على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فذهب أبو سفيان إلى المدينة ليقابل رسول الله

.ويعتذر ويؤكد المعاهدة بين قريش والمسلمين, ، فذهبأخذ أبو سفيان يبحث عمن يتوسل به إلى رسول الله

؛ لتشفع لهإلى ابنته أم حبيبة رضي الله عنها، زوجة رسول الله ، فلما هم بالجلوس، رفعت أم حبيبة -رضي اللهعند رسول الله

عنها - الفراش من أمامه حتى ال يجلس عليه، وقالت له: أنت رجل. (1)مشرك نجس، وال أحب أن تجلس على فراش رسول الله

فلم يرد عليه، وذهب إلىثم خرج أبو سفيان فكلم رسول الله فرفض أبو بكر، فذهب أبو سفيان؛ ليكلم له رسول الله أبي بكر

فرد عليه عمر ردا غليظا، فلجأ إلى علي بنإلى عمر بن الخطاب ، فنصحه علي بأن يعود إلى مكة من حيث جاء، فرجع أبوأبي طالب

سفيان إلى مكة خائبا، وظل المشركون ينتظرون قدوم المسلمينإليهم في رعب وخوف وقلق.

االستعداد لفتح مكة: يستعد للسير إلى مكة، ولم يعلم الناس بمقصده، وقال:بدأ النبي

.(2)"اللهم خذ العيون واألخبار عن قريش حتى نبغتها في بلدها" قد كتب إلى قريش يخبرهم بقدوموكان حاطب بن أبي بلتعة

، وأعطى الكتاب المرأة لكي تبلغه إلى قريش، فجاء النبي النبي خبر من السماء يعلمه بما فعل حاطب.

علي بن أبي طالب والزبير بن العوام -رضي اللهفأرسل الرسول عنهما -في طلب المرأة، فلحقا بها، وقاال لها: أخرجي الكتاب.

فقالت ما معي كتاب. فقاال لها: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. :، فقال: "يا حاطب، مافأخرجته من شعرها، فأتيا به رسول الله

حملك على هذا؟" فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت وال بدلت، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أهل وال عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم.

)ليكون لي جميل عندهم(.

(.5/50)( انظر سيرة ابن هشام ) 1 (5/52(, سيرة ابن هشام ) 3/535)( انظر السيرة النبوية البن كثير ) 2

90

سيرةالالنبوية

: " يا رسول الله ، دعني أضرب عنق هذا المنافق " .فقال عمر : "إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله قد اطلعفقال رسول الله

. (1)على من شهد بدرا, فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ونزلت اآليات األولى من سورة الممتحنة في ذلك، فقال الله -

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺچ -: تعالى ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦٿٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ

چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍچ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چڄڦ ڦ ڦ ١الممتحنة: چڍ

الطريق إلى مكة: ,وفي العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، خرج الرسول ومعه المسلمون يملئون الصحراء، في عشرة آالف مقاتل متجهين

إلى مكة ، ووصلوا " مر الظهران " قريبا من مكة ، فنصبوا خيامهم ،وأشعلوا عشرة آالف شعلة نار . فأضاء الوادي .

، وكان قدولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب خرج بأهله وعياله مسلما مهاجرا ، وركب العباس بغلة رسول الله البيضاء ، يبحث عن أحد يبلغ قريشا لكي تطلب األمان من رسول

قبل أن يدخل مكة .الله وكان أبو سفيان خارج مكة يتتبع األخبار ، فوجده العباس ، فنصحه

، فجاء به راكبا معه ،بأن يأتي معه ليطلب له األمان من رسول الله ويحك يا أبا»حتى أدخله على رسول الله ، فقال له الرسول :

سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن ال إله إال الله؟ ....ألم يأن لك أن ، فقال العباس : ويحك أسلم ، فأسلم وشهد«تعلم أني رسول الله

من دخل دار أبي سفيان» شهادة الحق ، ثم أكرمه الرسول فقال : .(2 )« فهو آمن

العباس أن يحبسولما تحرك الجيش لدخول مكة أمر رسول الله أبا سفيان بمضيق الوادي ،حتى تمر به جنود الله فيراها ، فمرت

القبائل على أبي سفيان ، و العباس يخبره بها، حتى مر رسول اللهفي كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون واألنصار ، فقال أبو

سفيان : سبحان الله ؟ ما ألحد بهؤالء قبل وال طاقة يا أبا الفضل - يعني العباس- لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما قال العباس :

يا أبا سفيان إنها النبوة قال : فنعم إذن قلت : النجاء إلى قومك قال : فخرج حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش هذا

محمد قد جاءكم بما ال قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت : اقتلوا الدسم األحمس فبئس من طليعة قوم قال : ويحكم ال تغرنكم هذه

من أنفسكم فإنه قد جاء ما القبل لك به من دخل دار أبي سفيان فهو(2494( ، ومسلم برقم )3081)( رواه البخاري في صحيحه برقم )1(1780)( رواه مسلم في صحيحه برقم ) 2

91

سيرةالالنبوية

آمن قالوا : ويلك وما تغني عنا دراك ؟ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن 1ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد

الدخول إلى مكة: مكة متواضعا لله الذي أكرمه بالفتح ، وكان قددخل رسول الله

وزع جيشه إلى مجموعات ، أو كتائب احتياطا ألي مواجهة . ودخل الجيش اإلسالمي كل حسب موضعه ومهامه ، وانهزم من

أراد المقاومة من قريش ، ولم يستطع الصمود أمام القوى المؤمنة ، المسجد الحرام والصحابة معه ، فأقبل إلىثم دخل رسول الله

الحجر األسود ، فاستلمه ، وكان حول البيت ثالثمائة وستون صنما ، ڳ ڱ ڱ ڱچ فجعل يطعنها بقوس في يده ، ويكسرها ، ويقول :

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پچ ،ويقول : ٨١اإلسراء: چ ں ڻ ڻ ڻ ںڱواألصنام تتساقط على وجوهها ، ثم طاف بالبيت .، ٤٩سبأ: چپ پ

ثم دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، فأمر بها ففتحت ، فدخلها فرأى فيها الصور فمحاها ، وصلى بها ، ثم خرج

يا معشر قريش ، ما»وقريش صفوفا ينتظرون ما يصنع ، فقال : » قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : «ترون أني فاعل بكم ؟

فإني أقول لكم كما قال يوسف إلخوانه : }ال تثريب عليكم اليوم { .(2 )«اذهبوا فأنتم الطلقاء

وأعاد المفتاح لعثمان بن طلحة ، ثم أمر بالال أن يصعد الكعبة يومئذ دماء تسعة نفر من أكابرفيؤذن ، وأهدر رسول الله

المجرمين ، وأمر بقتلهم, وإن وجدوا تحت أستار الكعبة. ، وألقى خطبته المشهورة ،وفي اليوم الثاني قام رسول الله

وفيها : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات واألرض ، فهي حرام بحرام»

الله إلى يوم القيامة ،لم تحل ألحد قبلي, وال تحل ألحد بعدي ، ولم تحلل لي قط إال ساعة من الدهر ، ال ينفر صيدها ، وال يعضد شوكها ،

(3 )«وال يختلى خالها ، وال تحل لقطتها إال لمنشد »وخاف األنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة ، فقال لهم :

. (4 )«معاذ الله ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة، وأقام

بمكة تسعة عشر يوما، يبين معالم اإلسالم، ويرشد الناس إلى الهدى،ويكسر األصنام.

وبهذا الفتح أعز الله اإلسالم وأهله ، ودحر الكفر وأهله ، وبه استنقذ مكة المكرمة ، والبيت العتيق من أيدي الكفار والمشركين ، وبه دخل

الناس في دين الله أفواجا ، وأشرقت األرض بنور الهداية ، وهكذا

(.7364)( انظر المعجم الكبير للطبراني رقم: ) 1 (.18739)( انظر السنن الكبرى للبيهقي رقم: ) 2 (2433)( انظر صحيح البخاري برقم : ) 3 (4722)( انظر صحيح مسلم برقم: ) 4

92

سيرةالالنبوية

يفعل اإلسالم في أتباعه، ومع أعدائه ، فهو دين الرحمة ، فما أجملالعفو عند المقدرة ، وما أجمل الصفاء والبعد عن االنتقام .

لخص فتح مكة في أربعة سطور بذكر األسباب وأعداد مما سبق :الجيشين ونتيجة المعركة.

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: -التمسك بالحق والصبر على األذى فيه محمود العواقب ، فهذا1

يخرج من مكة وصاحبه أبو بكر خائفا يترقب ، وماهي إالالنبي سنيات فيدخلها فاتحا معه عشرة آالف مقاتل كلهم طوع أمره

وإشارته . -العفو والصفح من شيم النفوس الكبيرة التي ال تنظر بعين األنانية2

والنظرة الشخصية نظرة االنتقام واالنتصار للنفس ، وإنما تسمو ألفاق أبعد وتطلعات أكبر ؛ ولذا كان تأثير العفو على أهل مكة أعظم

من تأثير المعاقبة . دخول تواضع ، فلم يصبه الغرور والكبر-كان دخول النبي 3

باالنتصار بل كان مطأطأ الرأس مسبحا مستغفرا ذاكرا أنعم الله عليهفي ذلك .

بتحطيم األصنام وإزالتها ، ولكن سبق تلك اإلزالة- بادر النبي 4 تحطيم تعظيمها في النفوس ، وانظر إلى حواره مع أبي سفيان لترى

خلو أي تعظيم لها في نفس أبي سفيان قبل إسالمه.:استنتج فائدتين إضافيتين  

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

:غزوة حنين

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائــل المجــاورة لقــريشمن انتصار المسلمين على قريش.

وخافت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصــيبهم ، وقالوا لنغز محمدا قبل أن يغزونا . واستعانت هاتان القبيلتان بالقبائل المجاورة ، وقرروا أن يكـون مالــك بن عـوف سـيد بـني هــوازن قائــد93

سيرةالالنبوية

ــه أن ــتي ســتحارب المســلمين . وأمــر رجال ــل ال جيــوش هــذه القبائ يصطحبوا معهم النساء واألطفال والمواشي واألمــوال ويجعلــوهم فيــوالهم وأوالدهم آخر الجيش ، حتى يستميت الرجال في الدفاع عن أم

ونسائهم . بــذلك خــرج إليهم مــع أصــحابه ، وذلــك فيلمــا علم الرســول

السابع من شهر شوال، من السنة الثامنة من هجرة النبي المصطفىــو واد إلى جنب ذي ــ ــنين، وه ــ ــة في وادي ح ــ ، ودارت رحى المعرك

ــا، من جهــة المجاز، بينه وبين مكــة ســبعة وعشــرون كيلــو مــترا تقريب عرفات. وكان عدد المسلمين الــذين اجتمعــوا في هــذه المعركــة اثنــا

عشر ألفا؛ عشرة آالف من أهل المدينة، وألفين من أهل مكة . ونظـر المسـلمون إلى جيشـهم الكبـير, فـاغتروا بـالكثرة, وقـالوا: لن

نغلب اليوم من قلة . وبلغ العدو خبر خروج المسلمين إليهم, فأقاموا كمينا للمســلمين عنــد

مدخل وادي أوطاس )قرب الطائف (, وكان عددهم عشرين ألفا .حر، وعقد األلوية والرايات،وكان رسول الله قد عبأ جيشه بالس

وفرقها على الناس، وقبل أن يبزغ فجر ذلك اليوم، استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم ال يدرون بما كانر لهم بليل. وبينما هم داخل ذلك الوادي، إذا بالنبال تمطر عليهم قد دب

من كل حدب وصوب، وإذا بكتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانهزم المسلمون راجعين، ال يلوي أحد على أحد، وكانت

هزيمة منكرة لذلك الجمع الكبير . إلي يا عباد الله، أنــا» ذات اليمين، وهو يقول: وانحاز رسول الله

ولم يبق معه في موقفه إال(1) «النبي ال كذب، أنا ابن عبد المطلب عدد قليل من المهاجرين واألنصار .

وقد روى لنا العباس رضي الله عنه هذا الموقف العصيب، وصوره لنا يوم حنين، فلزمت أنا شهدت مع رسول الله »أدق تصوير، فقال:

، فلم نفارقه،و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والكفار،ورسول الله

يركض بغلته قبلولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله مرة - أي:الكفار، فقال رسول الله : أي عباس ! ناد أصحاب الس

أصحاب بيعة العقبة - فقال عباس : أين أصحاب السمرة ؟ قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي، عطفة البقر على أوالدها -

أي: أجابوا مسرعين - فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا ,وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلىوالكفار...فنظر رسول الله

حصيات،قتالهم، فقال: حمي الوطيس ، قال: ثم أخذ رسول الله فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: انهزموا ورب محمد ، قال:) فذهبت أنظر، فوالله ما هو إال أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليال،

(2864)( انظر صحيح البخاري برقم: ) 194

سيرةالالنبوية

«وأمرهم مدبرا - يعني قوتهم ضعيفة، وأمرهم في تراجع وهزيمة -(1) .

وفر مالــك بن عــوف ومن معــه من رجــاالت قومــه، والتجــؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها، وقد تركوا وراءهم مغــانم كثــيرة وتركــوا األوالد

والنساء.ــد من ــائم, وأخــذوا العدي ــير من الغن ــوم حــنين الكث غنم المســلمون ي األسرى حيث بلغ عدد األسرى في ذلك اليوم ستة آالف أسير، وهكــذا

تحولت الهزيمة إلى نصر بإذن الله - تعالى - . وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه -

ہ ٹ ٹ چ -،سبحانه و تعالى ۓ ھ ھ ھ ھ ڭہۀ ۓ ے ے ہ ہۉڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۋ ۋ ې ې ې ې ۉ ۅ ۅ ائ ى ىٴۇ ائ

. ٢٦ - ٢٥التوبة: چەئ

قسمة الغنائم : غنم المسلمون مغانم كثيرة في هذه المعركة قسمها النبي بين

أصحابه , وكانت هذه القسمة من رسول الله , مبنية على سياسة حكيمة , لكنها لم

تفهم أول األمر , فأطلقت ألسنة شتى باالعتراض، والقيل والقال .

وحاصل خبر تداعيات تقسيم الغنائم، ما رواه ابن إسحاق عن أبي ، ماسعيد الخدري -رضي الله عنه -، قال: لما أعطى رسول الله

أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في األنصار منها شيء، وجد هذا الحي من األنصار في أنفسهم، حتى

كثرت فيهم القالة - يعني كثرة الكالم بين الناس - حتى قال قائلهم: قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة ،لقي - والله - رسول الله

فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من األنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من

األنصار منها شيء. قال: ) فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ ( قال: يا رسول الله، ما أنا إال من قومي. قال: ) فاجمع لي قومك في هذه

الحظيرة (. فخرج سعد ، فجمع األنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا. وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا

له أتاه سعد ، فقال: لقد اجتمع لك هذا الحي من األنصار، فأتاهم فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ) يا معشر األنصار، مارسول الله

قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضالال فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟(

قالوا: بلى، الله ورسولـه أمن وأفضل. ثم قال: ) أال تجيبوني يا معشر األنصار ؟( قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المن

(4712)( أخرجه مسلم في "صحيحه"برقم: )195

سيرةالالنبوية

والفضل. قال: ) أما والله لو شئتم لقلتم، فصدقتم ولصدقتم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذوال فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائال

فآسيناك. أوجدتم يا معشر األنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا - يعني شيئا تافها - تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسالمكم؟ أال

ترضون يا معشر األنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده، لوال الهجرةبرسول الله

لكنت امرأ من األنصار، ولو سلك الناس شعبا، وسلكت األنصار شعبا لسلكت شعب األنصار. وإنكم ستلقون أثرة من بعدي، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. اللهم ارحم األنصار، وأبناء األنصار، وأبناء أبناء األنصار ( فبكي القوم حتى اخضلت - تبللت - لحاهم، وقالوا: رضينا

، وتفرق قسما وحظا، ثم انصرف رسول الله برسول الله . (1)الجمع

لخص غزوة حنين في أربعة سطور بذكر األسباب وأعداد مما سبق :الجيشين ونتيجة المعركة.

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد: -لقد كان موقف رسول الله وثباته في هذه المعركة مع قلة من1

الصحابة دليال ناصعا، وبرهانا ساطعا على عمق إيمانه بالله، وثقته بنصره وتأييده، وتحققه بأن نتيجة المعركة سوف تكون إلى جانب الحق. وإنك لتبصر صورة نادرة، وجرأة غير معهودة في مثل هذه

المواقف؛ فقد تفرقت عنه الجموع، ولم يبق إال رسول الله وبعضا من صحابته وسط ساحات الوغى، فثبت ثباتا عجيبا، امتد أثره إلى

نفوس أولئك الفارين، فعادت إليهم من ذلك المشهد رباطة الجأش،وقوة العزيمة .

-النصر والهزيمة ونتائج المعارك ال يحسمها الكثرة والقلة، وإنما ثمة2 أمور أخر ورائها، ال تقل شأنا عنها، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارا،

لتقرير نتيجة أي معركة ، وذلك يكمن في قوة العقيدة وثبات اإليمان ،فكانت حنين بهذا درسا، استفاد منه المسلمون غاية الفائدة،

چٴۇڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٹ ٹ چ ،: وتعلموا منه قواعد النصر٧محمد:

(3/76(, أحمد واللفظ له برقم) 2493 (, مسلم برقم: ) 4330)( انظر صحيح البخاري برقم: ) 196

سيرةالالنبوية

في-من الدروس المستفادة من هذه المعركة ، حكمة النبي 3 تقسيم الغنائم وتوزيعها، فقد اختص في هذه المعركة الذين أسلموا

عام الفتح بمزيد من الغنائم عن غيرهم،تثبيتا لهم على اإلسالم وتقوية إليمانهم ولم يراع في تلك القسمة قاعدة المساواة بين المقاتلين.

وفي هذا داللة على أن إلمام المسلمين أن يتصرف بما يراه األنسبواألوفق لمصلحة األمة دينا ودنيا .

-ويستفاد من هذه الغزوة، أن الدافع األول وراء مشروعية الجهاد،4 هو دعوة الناس إلى دين اإلسالم، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم،

وإرشادهم إلى الدين القويم، وهو الهدف األساس الذي جاءت شريعة اإلسالم ألجله؛ ولم يكن الهدف من مشروعية تلك الغزوات تحقيق أهداف اقتصادية، وال تحصيل مكاسب سياسية. يشهد لهذا المعنى

من مالك بن عوف - وكان المحرك األساس، والموجهموقفه أصحابه عن مالك، فقالوا: إنهاألول لمعركة حنين - فقد سأل

بالطائف مع ثقيف، فقال لهم: أخبروه، أنه إن أتى مسلما رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مئة من اإلبل، فأخبر مالك بذلك، فجاء يلحق

حتى أدركه، فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مئة منبرسول الله األبل، وأسلم فحسن إسالمه. والخبر ذكره ابن إسحاق .

كل هذا - وغيره كثير - يدل داللة واضحة على أن الهدف من تشريع الجهاد، دعوة الناس إلى الدين الحق، وضمان حريتهم في اعتناق هذا

الدين .:استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

غزوة تبوك: أخــذ اإلســالم ينتشــر في الجزيــرة العربيــة بعــد فتح مكــة وإســالم هوازن ، وغيرها من قبائل العرب، فأصبح اإلســالم القــوة الكــبرى في الجزيرة، وهذا ما جعل الروم وأتبــاعهم من نصــارى العــرب يخافونــه،

چـچ ويراقبونه من بعيد في تربص وحذر، ولما أنزل الله على رسوله: ـڇ ـڇ ـڇ ـڇ ـڍ ـڍ ـڌ ـڌ ـڎ ـڎ ـڈ ـڈ ـژ ـژ ـڑ ـڑ ـک ـک ـک ـک گ

على قتالعزم رسول الله ٢٩التوبة: چـگ ـگ ـگ ـڳ ـڳ ـڳ ـڳ الــروم؛ ألنهم أقــرب النــاس إليــه، وأولى النــاس بالــدعوة إلى الحــق،

أهــل المدينــة ومنلقربهم إلى اإلسالم وأهله، فنــدب رســول اللــه ،حولهم من األعراب لقتـال الـروم، وهي آخـر غــزوة غزاهـا بنفسـه

97

سيرةالالنبوية

ــاء إلى وقد كان ال يكاد يخرج بغزوة إال ويخفى مقصده، كيال تسير األنبــد ــه وقصــده، لبع ــاس بوجهت ــزوة أخــبر الن ــذه الغ ــه في ه عــدوه لكن المسافة، وشدة الحر، ونقص النفقة، فقد كان عام جدب، وأيضا لقوة

العدو. يعلم أن الظروف التي يمر بها صعبة ، وأنهــا أيــاموكان الرسول

حر شديد, فبعث الرجال يحثون القبائـل على المشـاركة في الجيش ، بكــلوحث األغنياء على أن يجودوا بمالهم ، فتبرع أبو بكر الصــديق

بعشرة آالف دينار وتســعمائة بعــيرماله ، كما تبرع عثمان بن عفان بـأربعين ألـف دينــار ،ومائة فرس ، وتـبرع عبـد الـرحمن بن عـوف وتبرعت النساء بحليهن وزينتهن من الذهب .

ــام ــهر رجب من الع ــوك في ش ــلمين إلى تب ــرك جيش المس و تح ، وكــان عــددهم ثالثين ألفــا تقريبــا ، و أعطىالتاسع بقيادة الرسول

بجيشــه في، وعســكر النــبي اللواء ألبي بكـر الصــديق الرسول ثنية الــوداع ، وكــان الحــر شــديدا للغايــة ، والمســافة بعيــدة ، وكــانت

: خرجنــا إلىمعانــات المســلمين شــديدة, يقــول عمــر بن الخطــاب تبوك في قيظ شديد, فنزلنا منزال وأصــابنا فيــه عطش حــتى ظننــا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه، ثم يجعل ما بقى على كبده، فقال أبو بكــر الصــديق: يــا رســول اللــه، إن الله قد عودك في الدعاء خيرا، فادع الله، قال: »أتحب ذلك؟ « قــال: نعم، فرفع يديه, فلم يردهما حتى حــالت الســماء فــأظلت ثم ســكبت

. (1)فمألوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر, فلم نجدها جاوزت العسكر من معه أنهم سيصلون إلى– وفي طريق الذهاب أخبر النبي -

عين ماء في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها وال يمسوها ، فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجالن واغترفا منها ، فنقص

غضب من فعلهما ، ثم طلب من– ماؤها ، ولما علم النبي - الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ، فغرفوا بأيديهم قليال حتى تجمع

- وغسل به يديه ووجهه ، ثملديهم شيء يسير فأخذه رسول الله - أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي -

يوشك يا معاذ إن » إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه, وقال : – ، وكانت معجزة(2 )«طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا

بتحول تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين– عظيمة تنبأ فيها النبي - ، وصارت– خضراء خالل فترة وجيزة ، وقد تحقق ما أخبر عنه -

منطقة تبوك معروفة بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها. وأصاب الناس المجاعة, نظرا لقلة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن

في ذبح اإلبل واألكل منها ، فأذن لهم ،– –بعض الصحابة النبي وبين له أن ذلكفجاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -إلى النبي

سيتسبب في قلة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما(1707)( صحيح ابن حبان، كتاب الجهاد، باب غزوة تبوك، رقم )1(706)( صحيح مسلم برقم )2

98

سيرةالالنبوية

لديهم من طعام قليل ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكف التمر ، وآخر يأتي بالكسرة ، وثالث بكف الذرة ، حتى اجتمع شيء

أن يبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في– يسير ، ودعا النبي - أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إال مألوه ، وأكلوا حتى

أشهد أن ال إله إال الله، وأني» : شبعوا وبقيت زيادة ، فقال النبي .(1 )«رسول الله ، ال يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة

وقضى المسلمون في تبوك حوالي عشرين يوما ، ولكن لم يجدوا هناك أحدا من الروم الذين رجعوا من حيث أتوا ، حينما علموا بمسير

الجيش المسلم الذي يؤثر الموت على الحياة. أصحابه في مجاوزة تبوك إلى مــا هــو أبعــد منهــاواستشار الرسول

بــالعودة إلى المدينــة,من ديار الشام, فأشــار عليــه الفــاروق عمــر رأيه وعادوا إلى المدينة حامدين شاكرين.فاستحسن الرسولأهم نتائج الغزوة:

- إسقاط هيبة الروم من نفوس العرب جميعا -مسلمهم وكافرهم1 على السواء-؛ ألن قوة الروم كانت في حس العرب ال تقاوم، وال تغلب، ومن ثم فقد فزعوا من ذكر الروم وغزوهم، فكان ال بد منهذا النفير العام إلزاحة هذه الهزيمة النفسية من نفوس العرب.

-إظهار قوة الدولة اإلسالمية كقوة وحيدة في المنطقة قادرة على2 تحدي القوى العظمى عالميا حينذاك، ليس بدافع عصبي أو عرقي، أو

تحقيق أطماع زعامات، وإنما بدافع إخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، ولقد حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها

بالرغم من عدم االشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شماال, فتحقق للمسلمين انتصار دونما قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة

اإلسالمية، وترتب على ذلك خضوع اإلمارات النصرانية في الجزيرة التي كانت تمت بصلة الوالء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل،

إلى دومة الجندل ، فأسر ملكها خالد بن الوليد حيث بعث النبي .(2) على الجزية, وحقن دمه، وخلى سبيلهأكيدر وصالحه النبي

- تعد غزوة تبوك عامال مؤثرا في دخول كثير من القبائل العربية في3 اإلسالم، فبادر كل قوم بإسالمهم بعد أن امتد سلطان المسلمين إلى خطوط التماس مع الروم, ثم مصالحة نجران في األطراف الجنوبية

على أن يدفعوا الجزية، فقد تتابعت وفود القبائل؛ لتعلن إسالمها ونظرا لكثرة وفود القبائل العربية التي قدمت إلىومتابعتها للنبي

من غزوة تبوك؛المدينة من أنحاء الجزيرة العربية بعد عودة النبي لتعلن إسالمها هي ومن وراءها، فقد سمي العام التاسع للهجرة بعام

. (3)الوفود لخص غزوة تبوك في أربعة سطور بذكر األسباب, وأعداد مما سبق :

الجيشين ونتيجة المعركة.(27)( صحيح مسلم برقم ) 1(.3037)( سنن أبي داود : ) 2(396، 1/395)( انظر: نضرة النعيم )3

99

سيرةالالنبوية

......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

..................................................................................................................................................................

دروس وعبر وفوائد:1 -الشورى لها أهمية كبرى في النجــاح والظفــر وتمثــل منهجــا تربويــا

في هــذه في حياته، فقــد مــارس رســول اللــه سار عليه النبي الغزوة الشورى, وقبـل مشورة الصديق والفاروق -رضي الله عنهما - في بعض النوازل التي حــدثت في الغــزوة ، مثــل قبــول مشــورة أبي

في الدعاء حين تعرض الجيش لعطش شــديد، وقبــولبكر الصديق في ترك نحــر اإلبــل حين أصــابت الجيشمشورة عمر بن الخطاب

في ترك اجتياز حــدود الشــام والعــودةمجاعة, وقبول مشورة عمر إلى المدينة.

ــذلهم وتحملهم2 ــه عنهم أجمعين -، وب ــي الل ــحابة -رض ــحية الص -تض المشاق في سبيل الله فقد تركوا المدينة وقد طاب ثمرها وظلها في وقت صائف شديد حره ليغزو قـوة عظمى كــانت العــرب تهابهـا أشـد الهيبـــة ، فبـــذلوا أمـــوالهم وســـاروا في الطـــرق الـــوعرة, وقطعـــوا

. المسافات البعيدة طلبا لرضى الله - تعالى - ، وطاعة لرسوله -كتب الله العزة والقوة لهذه األمة، متى ما صــدقت وأخلصــت، فهــا3

هي دولة اإلسالم الناشــئة تقــف في وجــه الكفــر كلــه بقــواه الماديــة,٤٠الحج: چ ڇچ چ چ چٹ ٹ چ فتهزمه وتنتصر عليه

-ومن هـــذه الـــدروس أن العـــدو مـــا تســـلل إال من خالل صـــفوف4 المنافقين والمرجفين، ولم يكن الضــعف والتفرقــة في هــذه األمــة إال

ـۆ ـۈ ۈـٹ ـٹ ـچ ، من قبل أصحاب المسالك الملتوية والقلوب السوداءۉ ۋ ۋ ې ې ې ې ۉ ۅ ۅ ەئ ى ىٴۇ ائ ٤٧التوبة: چائ

-ومن الدروس أن مواجهة األعداء ال يشترط فيها تكافؤ القوة بل5 يكفي المؤمنين أن يعدوا أنفسهم بما استطاعوا من قوة, ثم يتقوا

الله ويتعلقوا به، ويصبروا وعندها ينصرون، فها هو عبد الله بن رواحة والله ما نقاتل الناس بعدد وال عدة وما نقاتلهم إال بهذا الدين »يقول:

.«الذي أكرمنا الله به:استنتج فائدتين إضافيتين

...........................................................................................................................

.......................................................................................................................

(:1نشاط رقم )

100

سيرةالالنبوية

عدد من سنن الله, اذكر هذه السنن. تجلت في غزوات النبي ..........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

..........................................................................

(:2نشاط رقم ) هذا األسلوب فيللتحفيز أثر في النفوس بين كيف استخدم النبي

غزواته...........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

.........................................................................

( : 3نشاط رقم ) : ) والله ماقال عروة بن مسعود الثقفي عندما وفد على النبي

رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما تنخم نخامة إال وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه

وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وما يحدون النظر إليه تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها(. هذا ما كان يفعله الصحابة

؟ فما واجبنا تجاه نبينا مع رسول الله ...................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

......

(:4نشاط رقم ) كان للمنافقين في غزوة تبوك مواقف فضحهم الله بها في سورة

التوبة, بالرجوع للسورة اذكر بعضا من مواقفهم.

101

سيرةالالنبوية

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................

.......................................................................................................................................................

102

سيرةالالنبوية

التقويم: : قارن بين المسلمين و الكفار في غزوة بدر من حيث العدد و1س

الفرسان.: علل:2س قبل غزوة«أشيروا علي أيها الناس » ألصحابه قول النبي أ.

بدر. برمي األعداء بالنبل إذا اقتربوا منهم. الصحابة أمره ب.: امتن الله على أهل بدر بمنن عظيمة اذكرها باختصار.3س: ما األسباب التي أدت لقيام غزوة أحد؟4س : كان لرأس المنافقين في المدينة دور بارز في زعزعة الصف5س

يوم أحد وضح ذلك. في غزوة أحد على المسلمين.: بين أثر مخالفة أوامر النبي 6س : اليهود قبحهم الله ال يألون جهدا في عقد الوالءات مع الطوائف7س

الضالة إذا كان ذلك في مصلحتهم, بين ذلك من خالل موقفهم فيغزوة الخندق.

في حفر الخندق.مع الصحابة : بين الدور الذي قام به النبي 8س في صلح الحديبية, اذكر على أصحابه : تجلت بركة النبي 9س

بعض المواقف التي تدل على ذلك. : ما السورة التي نزلت في صلح الحديبية, وماذا قال عنها10س

؟الرسول من خالل قراءتك ألحداث: استنتج بعضا من أخالق الرسول 11س

فتح مكة؟ : ما أسباب غزوة حنين؟ وكيف كان أثر الكثرة العددية12س

للمسلمين؟: ما نتائج غزوة تبوك؟13س: اربط المعلومات الموجودة باألحداث المتعلقة بها مما يلي: 14س

الجواألحداثمالمعلوماتاب

غزوة بدر1 انسحب عبدالله بن أبي بن سلول

بثلث الجيش.في العام السادس من الهجرة.

غزوة احد2 » : ألصحابه قال الرسول

قوموا إلى جنة عرضها السماوات.«واألرض

أخبر الناس بوجهته وقصده .

غزوة الخندق3لن نغلب اليوم من قلة.

عدد المشاركين في الغزوة ) ( رجال.317

اتفق زعماء بني النضير مع أهلصلح الحديبية4103

سيرةالالنبوية

الجواألحداثمالمعلوماتاب

مكة ومع قبيلة غطفان. بماله كله.تبرع أبو بكر

فتح مكة5أنا النبي ال كذب أنا ابن عبدالمطلب

(10000قوام جيش المشركين ) عشرة آالف مقاتل.

غزوة حنين6 : ) خلت القصواء (.قال الصحابة

اللهم خذ العيون»: قال النبي واألخبار عن قريش حتى نبغتها في

.«بلدها

104

سيرةالالنبوية

الوحدة التاسعة مععالقة النبي اليهود

: يتوقع من المتعلم بعد دراسته لهذه الوحدة أن:أهداف الوحدة يوضح عالقة النبي.باليهود في المدينة .يعدد قبائل اليهود في المدينة.يبين ما حصل منهم من خيانة، وما حل بهم.يحذر الخيانة وإخالف العهود

105

سيرةالالنبوية

تركز الوجود اليهودي في الجزيرة العربية في المدينة وشمالها منناحية، وفى بعض مناطق اليمن جنوبا من ناحية أخرى.

وكان يهود الشمال يتكونون من ثالث قوى وتجمعات يهودية داخل المدينة هي: بنو قينقاع، وبنو قريظة، وبنو النضير، وخارج المدينة في خيبر وفدك وتيماء وغيرها، و عدد القبائل اليهودية في تلك المناطق يزيد على عشرين، وقد جاء هؤالء اليهود فارين إلى الجزيرة العربية

نتيجة الضغط البابلي اآلشوري عليهم في فلسطين، وتخريب هيكلهم، ق. م،587وسبي أكثرهم على يد الملك اآلشوري بختنصر سنة

فهرب قسم منهم إلى الحجاز، وتوطن في ربوعها الشمالية، وكذلك ق. م، ونشأ عن اضطهاد70عقب احتالل الرومان لفلسطين سنة

الرومان لليهود أن نزح عدد منهم إلى الحجاز، واستقر في يثرب وخيبر وتيماء، كما دخل بعض العرب عن طريق هؤالء اليهود في

اليهودية، إال أن ذلك ظل أمرا محدودا، ومن ناحية أخرى فإن تلك التجمعات اليهودية في يثرب, وخارجها ظلت متمسكة بعصبيتها

الجنسية والدينية رغم أنهم أخذوا الصبغة العربية في اللغة والزي واألسماء، ولم يندمجوا في العرب قط، بل كانوا يحتقرونهم

ويسمونهم أميين كعادة اليهود في النظر إلى غيرهم من األجناس، ڭ ڭچ وكانوا يرون أن أموال العرب مباحة لهم يأكلونها كيف شاءوا

ۉڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۋ ۋ ۅ ۅ : چٴۇ عمران ولم، ٧٥آل ينشروا دينهم، وإنما كانت أعمالهم في السحر، والنفث والرؤية

.(1)وغيرها" وسيطر اليهود على أعمال التجارة عموما، وتجارة الخمر والسالح

خصوصا، وكانوا يمارسون الربا على نطاق واسع، وكانوا يثيرون العداوة والبغضاء بين القبائل العربية؛ ليحققوا مكاسبهم من الحروب

التي تقع بين القبائل ، فتروج تجارة السالح، وتروج أعمال الربا، واستطاع اليهود بهذه الوسائل أن يحققوا ثراء واسعا، ونفوذا داخل

تلك البالد. نبي صادق،كان من الطبيعي أن يعرف اليهود أن النبي محمد

وأنه جاء بالحق؛ وذلك بحكم معرفتهم بالكتب والبشارات التي بشرت وبعالماته الصادقة، ولكنهم رفضوا بالطبع االنصياع إلىبالرسول

وقد، ٨٩البقرة: چ ٹ ٹ ڤ ڤ ٹ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹٹ ٹ چالحق يرجع إلى تكبرهم على الحق منكان رفضهم اإليمان بمحمد

ناحية، وعلى خوفهم من ضياع نفوذهم وثرائهم بسبب ما توقعوه من تغيير الخريطة الثقافية واالقتصادية والسياسية إذا انتصر اإلسالم،

وهكذا أضمر اليهود الحقد والمؤامرات على اإلسالم, وعلى محمد ، واستعدوا لحرب شرسة ضده، ومع ذلك عاملهم الرسول

بالتسامح وفقا لقيم ومبادئ اإلسالم العليا في أول عهده بالمدينة،.211)( المباركفورى - الرحيق المختوم صـ 1

106

سيرةالالنبوية

ولم يبدأ الحرب عليهم إال بعد أن قاموا بمؤامرات مادية ومعنوية ضدالكيان اإلسالمي الوليد في المدينة المنورة.

المعاهدات مع يهود المدينة: بالمدينة، وأقام فيها المجتمع اإلسالميبمجرد أن استقر الرسول

بعقد ميثاق وعهد مع اليهود يمثل أرقى ما عرفت؛ قام الرسول البشرية من عقود لحماية حقوق األقليات؛ األمر الذي يعكس قيم

اإلسالم, ومبادئه التي تقوم على العدل والرحمة والوفاء . وكان مجتمع المدينة في ذلك الوقت يعد كيانا سياسيا متميزا،

فيه القائد األعلى، ويمثل المسلمون من المهاجرينيمثل الرسول واألنصار األغلبية، مع وجود أقليات من المشركين، ومن اليهود كأفراد أو كجماعات، وكان العهد مع اليهود ينص على وجود واجبات وحقوق لليهود, ويرتب العالقة معهم من ذلك احترام حقوق الدماء واألموال

وغيرها ، و نص العهد على عدم التعاون مع قريش ، وعدم خيانة أهلالمدينة، أو مساعدة األعداء على انتهاك األمن .

والذين دخلوا في هذا العهد من اليهود هم يهود المدينة وما حولها مثل بني قريظة، وكانوا يعيشون في ضاحية المدينة من جهة الجنوب

الشرقي، وبني النضير, وكانوا يعيشون في ضاحية المدينة جهة الغرب، وبني قينقاع وكانوا يقيمون داخل المدينة ذاتها مع قبائل بني

عوف وبني النجار، وكان بنو قينقاع حلفاء للخزرج، أما بنو النضير,وبنو قريظة فكانوا حلفاء لألوس.

مع اليهود بالعدل المطلق، فقد حرص علىتعامل الرسول التعايش بين المسلمين واليهود وغيرهم بدون ظلم ألحد، ولكن اليهود

تجاههم على مستوى كل حدث.نقضوا العهود، فتصرف الرسول المواجهة مع اليهود:

, وأصحابه تحرك اليهود على أكثر من مستوى للكيد للنبي ودولته الفتية في المدينة، من ذلك شن حملة دعائية, وإعالمية ضد

، والتربص بنساء المؤمنين، وإنفاقدين اإلسالم، وضد الرسول فياألموال لدفع القبائل العربية لشن الحروب على دولة الرسول

المدينة، وتحريض قريش وغيرها، وتمويل الحرب ضد المسلمين, ، واجه النبي الكريموالتخطيط ألكثر من مؤامرة؛ الغتيال الرسول

هذه المكائد بغزو التجمعات اليهودية التي نقضت عهده معهم دون أن يحمل جرم طائفة من اليهود على بقيتهم، وكانت له مع كل طائفة

موقف سطره التاريخ من ذلك: : كانت بني قينقاع داخلة في العهد مع رسول اللهأوال مع بني قينقاع ؛ إال أنهم بدأوا بعد انتصار المسلمين يوم بدر في التحرش

بالمسلمين، واستفزازهم، والتهديد بقتالهم, ألنهم على حد قولهم أقوى من قريش، وكذلك إيذاء المسلمين والتحرش بالنساء

المسلمات، ووصل األمر إلى حد محاولة إحداث حرب بين األوس والخزرج؛ ذلك أن أحدهم وهو شاس ابن قيس وكان شيخا يهوديا

107

سيرةالالنبوية

شديد المكر أمر أحد الفتيان اليهود بالذهاب إلى مجالس األوس والخزرج حيث يجتمع شبابهم عادة، ثم تذكيرهم بأيام الحروب

والعداوات بينهم، وتحريضهم على قتال بعضهم بعض، وقد نفذ الفتى اليهودي ذلك األمر، وكادت تحدث معركة بين األوس والخزرج، فقد

تشاجر بعض األوس مع بعض الخزرج، ثم تواعدوا على الحرب، - قد أدرك الموقف سريعا,وتنادوا إلى السالح، ولوال أن الرسول -

يا معشر المسلمين الله الله، أبدعوى»وذهب إليهم، وقال لهم: الجاهلية, وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله لإلسالم، وأكرمكم به،

وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وألف بين ، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم،(1 )«قلوبكم

فبكوا وعانق الرجال من األوس والخزرج بعضهم بعضا، ثم انصرفوا سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدوهم،مع رسول الله

كلما فعل اليهود شيئا من ذلك دعاهم ، وكان الرسول (2)"ووعظهم، وطلب منهم احترام الميثاق بين الطرفين دون جدوى.

وحدث أن اعتدى اليهود على إحدى النساء المؤمنات حينما كانت في السوق، وجلست إلى أحد الصاغة اليهود، فأرادوا كشف وجهها فأبت المرأة ذلك، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها وهى غافلة، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا منها، فصاحت،

فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود,

( 3)فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع" ، وكانت هذه الحادثة سببا أنمباشرا في نقض العهد بين المسلمين واليهود، وقرر الرسول

بجيشه في شواليغزو بني قينقاع بعد ذلك، فسار إليهم الرسول خمسة عشر هـ، فتحصنوا في حصونهم، وحاصرهم الرسول 2سنة

عنهم، وأمريوما، وانتهى األمر باستسالمهم، فعفا الرسول بخروجهم وإجالئهم من المدينة, فخرجوا منها.

مثل باقي اليهود كانوا يضمرون الحقد على اإلسالم،:ثانيا بني النضير ويحرضون القبائل على حرب الرسول، ويمولون ذلك، ويقومون بدورهم في الحرب اإلعالمية ضد المسلمين، ولكن وتيرة التآمر

عندهم زادت بصورة كبيرة بعد غزوة أحد التي انهزم فيها المسلمون أمام قريش، فقد تجرأ يهود بني النضير بعد هزيمة المسلمين في

أحد, فكاشفوا بالعداوة والبغضاء، وأخذوا يتصلون بالمشركين عنوالمنافقين، ثم دبروا في النهاية مؤامرة لقتل الرسول

طريق إلقاء رحى عليه عندما جلس عندهم للتفاوض حول مساهمتهم في دية بعض القتلى من الكالبيين الذين قتلهم عمرو بن أمية

الضمري وفقا لشروط العهد.

199)( انظر الرحيق المختوم صـ 1 "278، 277)( الرحيق المختوم صـ2(48، 47 / 2)( سيرة بن هشام 3

108

سيرةالالنبوية

فلما انكشفت المؤامرة التي شاركوا فيها جميعا؛ بالتخطيط, أو ، فقام قبل تنفيذ المؤامرة،التنفيذ, أو الموافقة، أخبر الله رسوله أن يطلب منهم الرحيل عنونجا من المحاولة، ثم قرر الرسول

المدينة جزاء ما فعلوا، وأمهلهم عشرة أيام إال أنهم رفضوا ذلك، بجيشه،وكان هذا إعالن للحرب بالطبع، فسار إليهم الرسول

وحاصرهم ستة أيام إلى أن استسلموا، فسمح لهم الرسول بالخروج من المدينة، ولهم أن يحملوا معهم ما شاءوا من األموال

واألمتعة ما عدا السالح . ظل المسلمون يحترمون الميثاق مع بني قريظةثالثا: بني قريظة:

إلى أن قام بنو قريظة بالخيانة حيث ساهموا في حشد عدد كبير من القبائل العربية في غزوة األحزاب، وقاموا بتمويل تلك الحشود، ليس

هذا فحسب بل إن بني قريظة اتفقت مع األحزاب على دخول المدينة عن طريق بني قريظة، إال أن تلك الخطة فشلت، وعندما أرسل

إليهم لكي يعرف حقيقة نواياهم - والمدينة محاصرةالرسول بجيوش األحزاب - قالوا لوفد المسلمين إليهم وكان يتكون من سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، وعبد الله بن رواحه: إنه ال عهد بيننا وبين

ويتوعدون المسلمين، وفيمحمد وال عقد، وأخذوا يسبون الرسول هذه األثناء استعدت بنو قريظة للمشاركة مع األحزاب، فأرسلت إلى األحزاب عشرين بعيرا كانت محملة تمرا، وشعيرا، وتينا, لتمدهم بها

وتقويهم على البقاء إال أنها أصبحت غنيمة للمسلمين الذين استطاعوا. (1)مصادرتها وأتوا بها إلى النبي

أصحابه بالتوجه لبنيوبعد أن انهزم األحزاب ، أمر الرسول , وسار(2)قريظة, وقال: »ال يصلين أحد العصر إال في بني قريظة«

الجيش إلى بني قريظة، وضرب المسلمون الحصار على بني قريظة , ولما اشتد الحصار وعظم البالء على بني(3)خمسا وعشرين ليلة

فيهمقريظة، أرادوا االستسالم والنزول على أن يحكم الرسول ونزلوا على حكمه, ورأوا أنه سيرأف بهم بسببسعد بن معاذ

الحلف بينهم وبين قومه األوس، فجيء بسعد محموال؛ ألنه كان قد أصابه سهم في ذراعه يوم الخندق, فقضى أن تقتل المقاتلة، وأن

،تسبى النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم، فأقره رسول الله .(4)وقال: »قضيت بحكم الله«

اليهود خارج المدينة: كانت خيبر أهم وأغنى تجمعات اليهود في الجزيرة العربية وأكثرها

قوة ولم تكن داخلة في عهد وميثاق مع دولة اإلسالم، وكانت خيبر تدير منذ بدايات الدعوة اإلسالمية الكثير من المؤامرات على اإلسالم بالتنسيق والتعاون مع باقي يهود الجزيرة العربية، وكانت قد أصبحت

ملجأ لكل زعماء اليهود وجماعاتهم المتآمرة بعد ضياع كيانهم في(.2/323( انظر: السيرة الحلبية )1)1. 4119)( صحيح البخاري، برقم 2. 373)( انظر: صحيح السيرة النبوية، ص3. 4121( رقم 5/61)( البخاري، كتاب المغازي، باب مرجع رسول الله من األحزاب )4

109

سيرةالالنبوية

، وكذلك كانت تستعدالمدينة، وقد أعدت خطة الغتيال الرسول للزحف إلى المدينة مع عدد من الجيوش والقبائل للقضاء على

المسلمين . وما أن فرغ المسلمون من تهدئة جبهة قريش بصلح الحديبية

مع جيشه سنة سبع للهجرة إلى خيبر لغزوها، وقد نجحتوجه النبي المسلمون في فتح خيبر بعد قتال صعب ومرير، وقد تركهم الرسول

بعد ذلك يعملون في األرض مقابل جزءا من الثمار، وهذا من رحمة ، إال أنه صادر أموالهم وسالحهم حتى ال يكونوا قادرين علىالنبي

حشد الجيوش، أو تمويل الحروب ضد المسلمين، وحدث الشيء يهود فدك على ما صالح عليهنفسه مع يهود وادي القرى، وصالح

أهل خيبر. ما الصفة التي اجتمعت عليها قبائل يهود في تعاملهم مع مما سبق :

؟النبي .......................................................................................

................................................................دروس وعبر وفوائد  -من طبيعة اليهود الغدر والخيانة وإخالف الوعد والتربص1

بالمسلمين وبث الفتن وإشعال فتيل الحروب ، فبنو النضير لم يعتبروا ببني قينقاع ، وبنو قريظة لم يعتبروا ببني النظير وبني

قينقاع ، واستمرت الخيانة والكيد فيهم إلى أن أصابهم ما أصابهم.-كان النبي 2 في بنائه لدولة اإلسالم ، يظهر حنكة وتنظيما دقيقا

وعدال شامال ، يجعل النظام اإلسالمي السياسي هو النظام األكمل واألنفع لحياة الناس حيث يعطي كل ذي حق حقه ، ذلك أنه من وحي

السماء . -ضرب الصحابة -رضي الله عنهم -صورا مشرفة في تقديم والية3

الله ورسوله, ومحبة هذا الدين على كل والية فسعد بن معاذ لم تأخذه في أحالفه بني قريظة لومة الئم وحكم عليهم بحكم الله ،

تقديما لمحبة الله ومرضاته وهذه حقيقة الوالء و البراء. مع اليهود هو التعامل المناسب مع طبيعة هؤالء ،-تعامل النبي 4

فالمواثيق الواضحة وحسن التصرف والمراقبة والمتابعة واكتشاف الخطط والمؤامرات ، ومعرفة أصحاب التأثير والنفوذ ، واالستيثاق

في كل خطوة ، هي من أصول الدخول معهم في أي تفاوض أو حوار، مع معرفة ما لديهم من دهاء وتحريف للكلم عن مواضعه.

:استنتج فائدتين إضافيتين ...................................................................

...........................................................................................................................

....................................................

110

سيرةالالنبوية

(:1نشاط رقم ) في لليهود, ومعاملة اليهود للنبي قارن بين معاملة النبي

المدينة.

111

سيرةالالنبوية

(:2نشاط رقم ) صف القرآن الكريم اليهود في المدينة بعدد من الصفات التي ظهرت

، ارجع إلى سورتي األحزاب والحشرعليهم في مواقفهم مع النبي واذكر اآليات والصفات التي دلت عليها.

الصفةاآليةم1234

(:3نشاط رقم ) اجمع صفات اليهود التي مرت بك في الوحدة, وقارنها بصفات اليهود

في العصر الحالي. صفات اليهود فيم

الوحدة صفات اليهود في العصر

الحالي1234

التقويم:: أين كان تمركز اليهود في الجزيرة العربية ؟1س: ما أسباب هجرة اليهود إلى جزيرة العرب؟2س: علل: 3س من العادات السئية التي كان يفعلها اليهود إثارة العداواتأ.

والبغضاء بين القبائل. رغم معرفتهم بنبوته. رفض اليهود االنصياع لدعوة محمد ب..طلب يهود بني قريظة أن يحكم فيهم سعد بن معاذ ت. , اذكر: استخدم اليهود في المدينة حربا إعالمية ضد الرسول 4س

؟هذه األساليب. وكيف واجهها الرسول لكل من:: ما سبب إجالء النبي8سيهود بني قينقاع من المدينة.أ.يهود بني النضير من المدينة.ب. في يهود بني قريظة, وعالم يدل: بماذا حكم سعد بن معاذ 9س

هذا الحكم؟مع اليهود خارج المدينة؟: كيف تعامل النبي 10س: عدل العبارات اآلتية لتكون صحيحةمما يلي:11س داخل المدينة.رفض اليهود توقيع اتفاقية مع النبي أ. بعد غزوة أحد.بدأ يهود بني قينقاع التحرش بالنبي ب.. دبر يهود بني قريظة مؤمرة لقتل النبي ت.

112

سيرةالالنبوية

نجح المسلمون في فتح خيبر في السنة الثامنة للهجرة.ث.

113

سيرةالالنبوية

الفهرس

تمهيد ......................................................................... ......................................................3

الفصل الدراسياألول ..........................................................................

..........................4الوحدة األولى

المجتمع قبلبعثته ..........................................................................

...................................5 أوضاع العالم قبل

اإلسالم ....................................................................... ......................6

األوضاع الدينية قبل بعثته ......................................................................................... 8

سمات وخصائصالعرب ........................................................................

......................10 أهم األحداث قبل

مولده ......................................................................... ......................11

الوحدة الثانية مولده وحياته صلى الله عليه وسلم قبل

15البعثة ........................................................... نسب النبي

............................................................................................................... 16

مولده ......................................................................... ...................................................17

مرضعاته ..................................................................... ..................................................18

حادثة شقالصدر ........................................................................

.................................18

114

سيرةالالنبوية

وفاة أمه وكفالة جدة قبلاإلسالم .......................................................................

......19 أبرز األحداث في حياته صلى الله عليه وسلم قبل

20البعثة .............................................

الوحدة الثالثة بعثة النبي

................................................................................................................... 26

تهيئة الناس الستقبال نبوة محمد..............................................................................27

مقدماتالبعثة .........................................................................

......................................28 بدء

الوحي ......................................................................................................................29

صور نزول الوحي علىالنبي...........................................................................

...............30

الوحدة الرابعة فيبداية دعوته

مكة ................................................................................................33

الدعوةالسرية .......................................................................

.........................................34 أول من

أسلم ..................................................................................................................34

السابقوناألولون .......................................................................

.....................................35

115

سيرةالالنبوية

انتشار الدعوة في قبيلةقريش ........................................................................

...............35

الوحدة الخامسة الجهر

بالدعوة ................................................................................................................41

الهجرة الىالحبشة .......................................................................

..................................45 إسالم عمر بن

الخطاب .................................................................................................45

حصارالشعب .......................................................................

.........................................46 أبي طالب وزوجتهوفاة عم النبي

47خديجة................................................................. إلىخروج النبي

الطائف ............................................................................................47

حادثة اإلسراءوالمعراج .....................................................................

..............................47 بيعة العقبة

األولى ...........................................................................................................49

بيعة العقبةالثانية .........................................................................

..................................49

الوحدة السادسة الهجرة .......................................................................

.....................................................54

116

سيرةالالنبوية

وأبيهجرة النبي بكر ............................................................................

.................56 في طريق

الهجرة .............................................................................................................57

إلىوصوله المدينة .......................................................................

.............................58

117

سيرةالالنبوية

الوحدة السابعة العهد

المدني ..................................................................................................................62

بناءالمسجد ......................................................................

.............................................63 التابعةبيوتات النبي

للمسجد ...................................................................................64

المؤاخاة بين المهاجرينواألنصار ......................................................................

..............65 تثبيت دعائم الدولة وعقد

المواثيق .................................................................................66

أهم التشريعات التي نزلتبالمدينة ......................................................................

..........67

الوحدة الثامنة غزوات

النبي ..................................................................................................................72

غزوةبدر ............................................................................

............................................73 خطة الرسول في

المعركة .............................................................................................75 بدء القتال وانتصار

المسلمين .........................................................................................76

غزوةأحد ............................................................................

...........................................79

118

سيرةالالنبوية

خطة الرسول لمواجهةالكفار .........................................................................

..............79 بدء القتال والمسلمين بين النصر

والهزيمة ...................................................................80

غزوةالخندق .......................................................................

..........................................84 حفر

الخندق ..................................................................................................................84

أحداثالغزوة ........................................................................

........................................86 هزيمة

األحزاب .............................................................................................................88

صلحالحديبية ......................................................................

.........................................90 شروط

الصلح ................................................................................................................92

فتحمكة ...........................................................................

...........................................96 االستعداد لفتح

مكة ...................................................................................................96

الطريق الىمكة ...........................................................................

...............................97 غزوة

حنين ...................................................................................................................100

119

سيرةالالنبوية

قسمةالغنائم ........................................................................

......................................101 غزوة

تبوك ..................................................................................................................104

أهم نتائجالغزو ..........................................................................

................................106

الوحدة التاسعة مععالقة النبي

اليهود ............................................................................................111

المعاهدات مع يهودالمدينة .......................................................................

.....................113 المواجهة مع

اليهود ........................................................................................................113

اليهود خارجالمدينة .......................................................................

...............................116

120