143
) سّ د ق( ّ ي مل عا ل ر ا صي ق ي ف صط م خ ي ش ل ا امةّ ل ع ل ا وعة س و م ةّ داري, وا ةّ وي/ ب ر ت وث ح/ ب8 رون ش ع ل وا ث ل ا ث ل ء ا ج ل ا1

esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

  • Upload
    others

  • View
    0

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

موسوعة العالمة الشيخ مصطفى قصير العاملي)قدس(

بحوث تربوية وإدارية

الجزء الثالث والعشرون

1

Page 2: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الباب األول

البحوث التربوية

2

Page 3: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل األولمساهمات المدارس اإلسالمية في صياغة منهج أصيل

3

Page 4: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

دور المدرسة اإلسالمية في تأصيل الثقافة وتحصين األمة من أهم األهداف التي تسعى المدرسة اإلسالمية من أجل تحقيقها هو العمل على تحصين الساحتين التربوية والثقافية في مقابل محاوالت التغريب والتشويه الثقافي،

والعمل على بناء أجيال تحمل اإلسالم المحمدي األصيل بوعي وإدراك إلى جانبالعلم والمعرفة.

وتقف الثقافة األصيلة هنا مقابل الثقافة الهجينة والمشوهة، فعندما نتحدث عن إسالم أصيل نعني به اإلسالم المأخوذ من النبع الصافي غير الملوث؛ ألنه دين إلهي، والدين اإللهي يعتمد على الوحي وعلى النبوة، وهو ال يقتضي السلفية والجمود، كما

قد يتوهم بعض الكتاب. كما أن من المهم اإلشارة في البداية إلى أن المدرسة اإلسالمية الحديثة دخلت

الساحة التربوية في لبنان منذ فترة زمنية غير بعيدة قياسيا، فلم يمض أكثر من عقدين على تشكل أول مدرسة إسالمية بالمعنى الدقيق للكلمة، وبالتالي فإن

التجربة ال زالت حديثة العهد ولم تكتمل بعد، خاصة أنها ولدت في ظروف مليئة بالتحديات والصعوبات وبالقليل القليل من اإلمكانيات، إال أن مجاالت التطوير والنمو

واالرتقاء ال زالت قائمة. وهذه التجربة، على تواضعها، لها أهمية كبرى ستتضح عند الحديث عن اإلنجازات.

لكن من الجدير بالذكر، أن اإلنسان قد ال يلتفت إلى أهمية أو حساسية بعض الخطوات أو البرامج إال من خالل رد الفعل الكبير تجاهها من قبل األعداء

والمتضررين منها، فنحن اليوم عندما نرى إصرار اإلدارة األمريكية على إدراج تغيير المناهج التربوية ضمن خطوات مشروعها للهيمنة على العالم اقتصاديا وسياسيا

وعسكريا وإعالميا، نعرف مدى أهمية هذه المناهج ودورها الفاعل في تشكيل حالة الممانعة واإلعاقة لتلك الهيمنة، وبالتالي فهي قادرة على إيجاد الحصانة الثقافية

والفكرية واألخالقية التي تحول دون االستجابة إلرادة الغازي ودون القبول به، بل تقاوم استيراد األفكار والثقافات التي صيغت بدقة لتخدم طموحات وسياسات

األعداء وأغراضهم، ولتمهد النفوس للقبول بمشاريعهم والتبعية التامة لهم. هذا يعني أننا في مواجهتنا لمخططات الهيمنة األميركية على عالمنا، بل على

العالم أجمع، ال يمكن أن نستغني عن الجبهة التربوية والثقافية؛ ألنها هي القاعدة،وهي األساس والمنطلق ألشكال التصدي والمقاومة كلها.

وهذا يستدعي منا العمل على محورين:د إلينا مباشرة منالمحور األول: التعامل بحذر شديد مع المناهج كلها التي تور

أمريكا، أو تتسلل تسلال بطرق متعددة إلى ساحتنا التربوية، فقد ثبت أنهم يسعون إللباس مناهجهم ثوبا محليا من ناحية الظاهر، وعلى مستوى الشكل واإلخراج،

لتسهيل عملية التسلل عبر شركات محلية كما يحصل بالفعل، على طريقة األنشطة االستخباراتية واألمنية تماما، لكن يتم ذلك في عالم الثقافة والتربية بدال من السياسة واألمن؛ مما يتطلب الدقة والحذر واليقظة التامة، وعدم االنخداع

بالمظاهر الخارجية التي تخفي وراءها األغراض البعيدة كلها.

4

Page 5: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وهنا يجدر االلتفات إلى أن بعض هذه المناهج قد يغري التربويين بحداثة األسلوب والتقنيات والمنهجية، وقد ال يظهر ما يريدون بشكل واضح في الكتاب؛ ألن بعض مراحل التغيير يبدأ بالفصل بين مناهجنا وبين مناهجهم، ثم تأتي المراحل الالحقة لتحمل معها ما يريدون زرعه، وقد يكون المطلوب قد وضع بشكل خفي أو ترك

للمساعدات والمتممات التي يعتمدها المعلم أو غير ذلك من األساليب. إيجاد البدائل المناسبة من خالل العمل الجاد على تطويرالمحور الثاني:

المناهج المحلية والقائمة على ثقافة أصيلة، على صعيد المحتوى والمنهجية والتقنيات واألدوات، مع المحافظة على األصالة والدقة في إدخال القيم والمواقف واألهداف التربوية ضمن الكفايات األساسية المقصودة، وتدريب األجهزة التعليمية

نهم من العمل على تحقيقها في ساحة الدرس. بما يمك وبعبارة أخرى، فإن أهم وسائل المواجهة هنا يتمثل في ملء الفراغ بما يحقق

الحاجة، وبما يفوت الفرصة على العدو الستغالل الفراغ.

إنجازات المدرسة اإلسالمية في لبنان في العقدين األخيرين على الرغم من حداثة التجربة، إال أنه يمكن القول إن المدرسة اإلسالمية حققت

إنجازات عدة في مجال تأصيل الثقافة والتربية. وأهم ما أنجزته هو اآلتي: فتحت الباب واسعا أمام المزاوجة بين الدين والعلم، وأبرزت حالة التكامل-1

بينهما، بخالف ما كان يعمل على زرعه في أذهان األجيال في الماضي من دعوى التعارض والتنافي بين الدين والعلم؛ مما دفع كثيرا من الناس آنذاك إلى التخلي عن

الدين، ووصفه بالرجعية والتخلف، بينما ألجأ آخرين إلى التخوف من العلم. ولكن الحقيقة أثبتت أن الدين األصيل يدعو إلى العلم، والعلم يدعم اإليمان، وال

يستغني عنه؛ إذ إن الدين يقوم بعملية الوصل بين نتائج العلوم المادية والعوالم المجردة أو ما وراء الطبيعة، ويربط األشياء بأصولها ومبادئها، واألنظمة الكونيةوالسنن الطبيعية بمجريها وواضعها، حيث يعجز العلم بنفسه عن القيام بذلك.

كما أنه كلما تقدم العلم وتطور، وأنتج لإلنسان قدرات جديدة، كلما زادت الحاجة إلى الثروة الكبيرة من قيم الدين ومناهجه السلوكية، التي هي وحدها القادرة على

أن تحول دون استخدام نتائج التطور العلمي في اإلفساد بدال من اإلصالح، وفي التدمير بدال من اإلعمار، وفي القضاء على اإلنسانية بدال من تعزيزها، فالمدرسة اإلسالمية من شأنها أن تؤسس لمنهج متوازن يضع التطور العلمي في الطريق

الصحيح والسليم. أتاحت المدرسة اإلسالمية الفرصة للتعرف على األديان السماوية ومبادئها-2

وثقافاتها دون تشويه ودون اجتزاء، فحققت فرصة متوازنة للطالب الذي كان في السابق يسمح له برؤية جانب من الحقيقة في أحسن األحوال، ويسمع عن الدين

من الطرف اآلخر، فيرى األشياء من نافذة ضيقة، فتبهره أمور واقعها ال يبهر،وتنفره أمور أخرى واقعها ال ينفر، لوال ذلك االجتزاء أو التشويه.

5

Page 6: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

قدمت المدرسة اإلسالمية للطالب بيئة تربوية واجتماعية سليمة نوعا ما،-3 تساعده على النمو بعيدا عن عوامل الفساد واالنحراف األخالقي، وتعينه على االلتزام بالقيم واألخالق اإلنسانية واإلسالمية. وال شك في أن التربية من خالل

المثال الصالح والقدوة الحسنة أكثر نجاحا، كما أن البيئة االجتماعية واألسرية لها كبير األثر على إنجاح العملية التربوية، فالمدرسة اإلسالمية تتولى تشكيل ذلك

عندما تعمل على اختيار أساتذتها ومعلميها، وتضع أنظمتها وأنشطتها بما يتناسب معهذا الهدف.

لكن ال نخفي الصعوبات التي كانت وال زالت تواجه المدرسة على هذا الصعيد مع غياب الجامعات ودور المعلمين التي من شأنها تخريج األجهزة البشرية القادرة على أداء هذه المهمة الخطيرة، والتي تحمل معها رؤية واضحة وقدرة فنية عالية، فتركت المدرسة اإلسالمية تقوم بنفسها بإعادة تأهيل أجهزتها البشرية وفق حاجاتها وبحدود

إمكانياتها المتواضعة، فنجحت تارة وأخفقت أخرى. على مستوى المناهج )فيما عدا منهج التربية الدينية(، قدمت المدرسة-4

اإلسالمية حتى اآلن مساهمات متواضعة في التأليف وفق الرؤية المتقدمة، لكنها مارست دورا ترميميا لجوانب الخلل والقصور، وأكملت ما أتيح لها إكماله من

جوانب النقص، وحذفت ما ينبغي حذفه، ليأتي المنهج متناسبا في الحد األدنى معالمبدأ الذي انطلقت منه.

عة في المستقبل المساهمات المنتظرة والمتوق هنا، ال بد من الحديث عما يمكن للمدرسة اإلسالمية القيام به، ولو مستقبال، بعد أن تذلل العقبات، وتوفر اإلمكانات الالزمة، تصبح هذه المساهمات أكثر إلحاحا في

ظل المخططات األميريكية الرامية إلى إحداث تغييرات في المناهج التربوية فيدول العالم الثالث، تخدم أهدافا توسعية، تقوم على أساس التغيير الثقافي:

بإمكان المدارس اإلسالمية أن تتعاون على تشكيل إطار تجمع لها، يقع على-1 رأس اهتماماته تكوين رؤية موحدة تسوق في دوائر التخطيط والقرار التربوي

الرسمي في لبنان للتأثير على مسار األنظمة والقرارات التربوية الرسمية للوقوف في مواجهة الهيمنة األميركية على المناهج التربوية في لبنان. وهذا أمر ممكن؛ ألن المدارس اإلسالمية التابعة لمؤسسات أو التابعة ألفراد باتت بمجموعها تمثل كتلة ال

نت من يستهان بها، خاصة إذا استفادت من الثقل السياسي لحزب الله، وإذا تمكتوسيع دائرة التأييد في أوساط المدارس التابعة لطوائف أخرى.

وال بد من اإلشارة إلى أن واقع المناهج التربوية في لبنان، في ظل غياب الرؤية الثقافية األصيلة عند السياسيين، جاء في كثير من األحيان استنساخا للمناهج

التربوية الغربية، وليس ثمة أدل على هذا الواقع من سياسة التعامل مع اللغات األجنبية التي تعتبر لبنان بلدا ثنائي اللغة، بل ثالثيها، وهذا األمر انعكس سلبا على

اللغة العربية.

6

Page 7: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

هذه ليست دعوة إلى التخلي عن اللغة األجنبية، وإنما هي إلفات إلى ضرورةالتعامل معها وفق رؤية وسياسة تقوم على فهم دقيق للهدف والمراحل والقدرات.

الدخول إلى عالم تأليف الكتاب المدرسي ونشره، بحيث يراعي الشروط-2 والمواصفات الحديثة، ويجسد الثقافة والمرتكزات الفكرية واألخالقية والقيمية

األصيلة، ويعتمد منهجية تربوية متقدمة. ليست المشكلة اليوم في توافر الخبرة أو األجهزة البشرية، بل في كيفية

االستفادة من هذه الخبرات وآلية استثمارها، فنحن قادرون على منافسة ما يطرح، وبالتالي توفير الكتاب المدرسي المالئم من حيث المضمون واألسلوب واإلخراج

والوسائل المساعدة والمكملة، وما إلى ذلك، شرط توفير اإلمكانات الماديةواللوجستية. وهذا الموضوع له أولوية كبرى في الوقت الحاضر.

بإمكان المدرسة اإلسالمية، إذا اعتمدت التوزيع على أساس الكفايات، أن-3 تدخل في الكفايات الخاصة بكل صف وبكل مادة القيم اإلسالمية واإلنسانية

المتناسبة، والتي يتم اختيارها بدقة فائقة لتالئم المرحلة العمرية والمادة الدراسية، ويوضع لها طريقة تربوية مؤثرة ونشاطات متناسبة من شأنها أن تنتقل باهتمامات

المدرسة من المجال المعرفي إلى المجال السلوكي التربوي. وهذه الخطوة يمكن تطبيقها في عرض الكتب والمناهج الحالية كمشروع ترميمي وتكميلي. إذا حصل

هذا، فمن شأنه أن يحدث تغييرا جذريا في النظرة إلى دور المعلم واهتماماته التربوية، ولكنه يفترض وجود مهارات خاصة عند المعلم ينبغي اكتسابها وتأهيله

عليها؛ ليصبح قادرا على أداء الدور بنجاح. على مستوى التربية الدينية التي كانت البداية في إطالق المناهج التربوية-4

اإلسالمية، حتى اآلن اقتصرت على المجال المعرفي التلقيني غالبا؛ لذا عجزت عن تأدية دورها المطلوب بالشكل الكامل، فمن الواجب توسيع دائرة اهتمام المنهج

ليدخل فيه كفايات تتجاوز المجال المعرفي إلى المجال الوجداني والسلوكي العملي، وتحديث الطرائق المعتمدة، ليدخل فيها من النشاطات؛ ما يجعل الطالب يكتشف، ويحلل، ويتخذ موقفا، ويتعاطف، ويبني سلوكا والتزاما تجاه كل ما يمر به

في المنهج. إن تحديث التربية الدينية في المنهج والطريقة والوسائل بات أمرا ضروريا جدا،

خاصة مع المقارنة بالمناهج الحديثة التي تمتلك قدرة على الجذب، وإثارة االهتمام،وتفعيل دور المتعلم على حساب التلقين.

ل الفكري للطالب مضافا إلى أن المرحلة الثانوية التي تمثل مرحلة التشك تكتسب حساسية فائقة؛ مما يعني ضرورة تلبية المنهج الحتياجات المرحلة مع

مراعاة الدقة في صياغة المجال الفكري والعقائدي، بحيث يعالج القضايا كلها التيتثير اهتمام الشاب، وتجيب عن تساؤالته.

7

Page 8: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثاني»المدرسة« وتحديات العصر الحاضر

1تطور المدرسة التاريخي من المؤكد أن المدرسة تعد إحدى مؤسسات المجتمع المهمة واألساسية التي تتولى مسؤولية تشكيل ثقافة األجيال الصاعدة، وإيجاد التواصل الفكري بين أبناء

البشرية طوليا وعرضيا؛ أي من جيل إلى جيل ومن قرن إلى قرن على مدىالزمن، ومن أمة إلى أمة ومن مجتمع إلى مجتمع في العصر الواحد.

وال نقصد بالثقافة هنا العادات والتقاليد والرؤى الفكرية فحسب، وإنما نقصد كل ما يشكل قاعدة ومنطلقا لتحديد المسار العملي للجيل، فتدخل فيها القيم والمبادئ

والعقائد والمسلمات والقدرات واالهتمامات والتراث الفني واإلبداعي، وكل ما له مدخلية في صياغة شخصية المجتمع، ورسم معالمه، وتحديد ما يمتاز به عن

المجتمعات األخرى. وإذا كانت »المدرسة« في القرون الماضية مؤسسة صغيرة في أغلب األحيان،

يديرها فرد واحد، ويطبعها بطابعه الخاص، ويصب ما يمتلكه من ثروة علمية أو أخالقية، أو فن يبرع فيه، أو مجال من مجاالت االهتمام، فإن المدرسة المعاصرة

باتت مؤسسة أكثر تنظيما، وأكثر تأثيرا في تحقيق هذا الهدف السامي والخطير فيآن معا.

إال أن المدرسة »كمؤسسة تربوية« في العصر الحاضر تواجه تحديات عدة، منأهمها:

االهتمام بالتراكم الكمي على حساب الناتج النوعي، حيث إن توسع العلومأوال: العصرية، وسيطرة هاجس الثورة الصناعية على عقول القيمين، وعلى أذهان

المخططين وذوي القرار، دفعهم إلى إيالء العلوم التجريبية وذات الصلة بالمادة والصناعة أكبر االهتمام على حساب العلوم والمعارف العقلية والفلسفية

واالجتماعية واألدبية والكالمية. : غلب على المدرسة الحديثة االهتمام بالمكتسبات المعرفية على حسابثانيا

القدرات، وعلى حساب الجوانب التي تشكل شخصية اإلنسان، الذي سيسخر المكتسبات العلمية، فأهملت القيم اإلنسانية األصلية، وعوامل تشكل شخصية

اإلنسان السوي، والمستقل، والواثق بنفسه، والقادر على اإلبداع والفهم الدقيق ألسرار الوجود، وبالتالي القدرة على صياغة مسارات الحياة بما يتوافق مع المبدأ

والمعاد. من التحديات التي واجهتها المدرسة في كثير من األحيان اعتماد الناسثالثا:

عليها كجهة وحيدة مسؤولة عن إحداث التغيير المنشود في أبناء الجيل الصاعد، على الرغم من أنها -بالظروف القائمة واإلمكانات المتاحة- ال تستطيع أن تكون أكثر

م. 10/4/2007 مقالة بتاريخ 18

Page 9: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

من شريك يساهم في تحمل هذه المسؤولية إلى جانب األسرة ومواقع التأثيراألخرى في المجتمع بدرجات متفاوتة.

وكلما زادت العملية التربوية تعقيدا، زادت المخاطر الثقافية واألخالقية المحدقة بالجيل، وازدادت الحاجة إلى تضافر الجهود، وتكامل األدوار، من أجل حماية أبنائنا،

وتوفير بيئة تربوية واجتماعية وأسرية سليمة، تساعده على تجاوز المخاطروالتحديات كلها، حتى الوصول إلى مرحلة النضج.

9

Page 10: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثالث

دور المدرسة والمجتمع في معالجة مشاكل المراهقين

تمهيد ال بد في البداية من التأكيد على أن مرحلة المراهقة هي مرحلة طبيعية ال بد منها في االنتقال التدريجي من الطفولة إلى النضج والرجولة، من التبعية إلى االستقالل،

وأن المتغيرات التي تظهر لدى المراهق في المجالين االنفعالي والعاطفي تبرز كذلك في المجالين اإلدراكي والجسدي على حد سواء، وهي متغيرات طبيعية،

والمشكلة التي يعاني منها المراهق هي في طريقة تعامل اآلخرين معه في هذهالمرحلة.

من جهة أخرى، ينبغي االلتفات إلى أن للتربية التي يتلقاها المراهق في طفولته دورا كبيرا في تسهيل عملية االنتقال في عمر المراهقة، أو تعقيدها، أو إضفاء

صعوبات عليها؛ فكما في أي عملية انتقال من حالة إلى حالة، ومن وضعية جسدية إلى وضعية أخرى، أو من ظروف إلى ظروف مغايرة، فإن التحضير المناسب واإلعداد المدروس يساهمان في جعل االنتقال سلسا وميسرا، بخالف االنتقال

المفاجئ. أكثر ما يعاني منه المراهقون في مجتمعاتنا أنهم يتركون في األعم األغلب

ليواجهوا األوضاع الجديدة بأنفسهم دون إعداد مسبق، ودون مساعدة تذكر، بل على العكس من ذلك، قد يكون للمحيط االجتماعي والعائلي دور معرقل، يضفي

صعوبات إضافية على تلك التي يواجهها المراهق.دور المدرسة

يفترض بالمدرسة كمؤسسة تربوية متخصصة، أن توفر البيئة المناسبة لمساعدة المراهق على مواجهة المرحلة، وحل المشاكل التي يعاني منها، وأن ال تكون

مصدرا من مصادر القلق والتعقيد للمشكالت، وهذا يتطلب ما اآلتي: االتفاق بين جميع أفراد الجهاز المعني بالتعامل مع المراهق على أن-1

المدرسة تتحمل مسؤولية الرعاية التربوية فضال عن المسؤولية التعليمية، وأن االستغناء عن الدور التربوي، وإيكال األمر إلى األسرة فيه، تحلل من مسؤولية

أساسية ال يمكن التخلي عنها، وال يمكن إيكالها بالمطلق إلى الغير، فعلى الرغم من االعتراف بالدور الحساس والمؤثر لألسرة، إال أن المدرسة هي المكان األنسب

لمعالجة مشاكل المراهق وإعداده تربويا ونفسيا؛ العتبارات عدة، وهي اعتبارات ترتبط بالمدة الزمنية التي يقضيها بين ظهرانيها، والتنظيم المناسب للوقت

واألنشطة، كما أن المدرسة هي األقدر على إعداد المربي المتخصص القادر علىالتعامل مع المرحلة بمنهجية وتخطيط سليم.

10

Page 11: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الجهاز المدرسي الذي يساهم في التعامل مع المراهق مكون من فريق-2 األساتذة بالكامل، مضافا إلى ناظر القسم، والمرشد التربوي، والمرشد الديني،

ويضاف إلى هؤالء من يعنى باألنشطة والفعاليات الالصفية؛ كالنوادي مثال. يجب أنيكون هذا الفريق بكامله مدركا لدوره ومسؤوليته، ومتهيئا ألداء هذا الدور.

الدور الذي تضطلع به المدرسة يبدأ من إعداد الفريق المربي الذي سيكون-3 على تواصل مع المراهق، فمن الضروري لهذا الفريق امتالك المعارف الخاصة بتلك

المرحلة العمرية، وخصائص المراهقة من الناحية االنفعالية واإلدراكية والجسديةوالروحية واالجتماعية، والتقلبات المزاجية التي ترافق المرحلة.

يجب على المربين أن يتعرفوا بدقة على حاجات المراهق، وأن يتفهموا هذه-4 الحاجات، ويتعاملوا معها برحابة صدر، فإن كثيرا من المربين يتنكر لهذه الحاجات أو

يتجاهلها؛ اعتقادا منه أنها غير واقعية أو غير منطقية. األهم هو العمل على وضع الخطوات العملية المنسقة، واإلجراءات المناسبة-5

للتفاهم مع المراهق، والتعامل مع واقعه الخاص بأسلوب مناسب له. إن أكثر ما يعاني منه المراهق أن يجد أساتذته يتعاملون معه باألسلوب نفسه الذي يتعاملون فيه مع األطفال، وبما ال يلحظ النضج الجسدي والعقلي واإلدراكي والنفسي؛ مما

يوجد هوة كبيرة بين المراهق وأساتذته، فيضطره ذلك إلى مواجهتها بأسلوبهالخاص.

يشكو أغلب المراهقين من عدم فهم اآلخرين لهم، ما يدفعهم إلى إبراز ردات فعل مستنكرة من قبل المحيط؛ لذا فمن الضروري جدا أن نميز في أسلوب تعاملنا

مع المراهق بين ما يناسب هذه المرحلة وما ال يناسبها. المدخل األساس للتأثير في المراهق هو إشعاره باالعتراف به، واالستماع-6

إليه باهتمام، ومنحه التقدير المناسب، واعتماد منهجية المصاحبة والمصادقة؛ إن هذه األمور من شأنها فتح الباب على مصراعيه للدخول إلى الواقع الخاص له،

وتوفير األرضية المناسبة للتعامل معه. من الخطير جدا اعتماد أسلوب إدارة الظهر للمراهق، وإشعاره بعدم االعتراف به

وبأفكاره وآرائه، وتوهينها.

واألحاديث المشيرة إلى المراحل العمرية للطفل تتناول في جزء منها هذه . وربما كان االختالف في تقسيم المراحل21-14 أو من 18-12، وهي من 2المرحلة

بين ست سنوات لكل مرحلة وسبعة نتيجة االختالف بين الناس أو بين المجتمعاتفي مراحل النمو والنضج، وهي ليست ثابتة في أفراد البشر كلهم.

2: الكليني، الشيخ محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب اإلسالمية؛راجع ج 4هـ.ش، ط1365مطبعة حيدري، طهران، ص 6، الطبرسي، الشيخ الحســن بن الفضــل، مكــارم األخالق،ـ؛ 46،

.222، ص6م، ط1972ه - 1392منشورات الشريف الرضي، إيران - قم،

11

Page 12: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

يكسر أسلوب المصاحبة عند اعتماده من قبل المربي العديد من الحواجز النفسية، ويشعر المراهق باالطمئنان والثقة؛ وهذا بال شك يعزز القدرة على فهم

المراهق، ويفسح المجال لمناقشة قضاياه وهواجسه، وإال فإن أسلوب اإلمالءوالتوجيه الفوقي لم يعد مناسبا لهذه المرحلة.

لقد بينت الدراسات التي قمنا بها على شرائح من التالمذة المراهقين، أن نسبة % تفضل اللجوء إلى األصدقاء في عرض المشاكل التي24.4ملحوظة منهم تقارب % من الشريحة التي أجريت عليها الدراسة تفضل28.4تواجههم لمعالجتها، و

% فقط ذكرت أنها تلجأ إلى األهل، وهذه14اللجوء إلى ناظر المدرسة، بينما النسب تفرض تعديال في أساليب التعامل مع الشباب في سن المراهقة؛ لزيادة

مستوى الوثوق باألهل لديهم، وكذلك نسبة الوثوق باألساتذة والنظار. ينبغي للمدرسة أن تولي األندية المدرسية اهتماما خاصا على الصعيدين-7

الكمي والنوعي؛ ألن األندية المدرسية يمكن أن تؤدي دورا في معالجة مشاكلالمراهق من جهات عدة:

األنشطة التي تقدمها األندية لها دور جذاب، بعيدا عن قيود الصف والدراسةأوال: واالختبارات وغيرها مما يشكل عبئا عليه، وهي فرصة للخروج من الرتابة والروتين،

وهو ما يميل إليه المراهق. توفر النوادي فرصة للعمل الفريقي، وتشكيل مجموعات متجانسة منثانيا:

حيث العمر والميول والرغبات، ويمكن من خاللها النفوذ إلى مشاكل المراهقوإيجاد الحلول بشكل غير مباشر.

النوادي المدرسية فرصة للتربية على القيم بأسلوب مدروس وعملي،ثالثا: شرط أن يمتلك المشرفون على هذه النوادي شخصية القدوة، ويجسدون قيم

الدين عمليا؛ فهذا األسلوب في التربية أجدى من طريقة التوجيه المباشر. وفي أحيان كثيرة يحصل العكس، وذلك عندما يكون المدرب والمربي أنموذجا سيئا في

سلوكه وخلقه، فيكسبهم ذلك الخلق نتيجة محبوبيته وقدرته على التأثير. يمكن للنوادي المدرسية أن توفر بيئة سليمة لممارسة الهوايات وسدرابعا:

الحاجات التي يشعر بها المراهق، فيظهر من خاللها قدراته الجسدية والفكريةوالعلمية، ويحقق النجاح والتفوق الذي يشكل حاجة من حاجاته.

من الطبيعي أن تؤدي النوادي المدرسية دورا في إبعاد التلميذ المراهقخامسا:عن البيئة الملوثة أخالقيا وسلوكيا من خالل إيجاد البديل السليم والطبيعي.

دور المجتمع على ضوء ما تقدم في بيان دور المدرسة في معالجة مشكالت المراهقين، يتضح أن المجتمع والمؤسسات االجتماعية والنافذين في أي محيط اجتماعي بإمكانهم أن

يقوموا بدور فاعل في هذا المجال، وذلك من خالل األمور اآلتية: إيالء المؤسسات االجتماعية التي تهتم بحاجات المراهقين أولوية فيأوال:

االهتمام، حيث إن هذه الشريحة توشك أن تشكل جيش الشباب الذين هم أمل األمة وذخيرتها ومستقبل الوطن، فعليهم المعول في حفظ االستقالل، وفي بناء

12

Page 13: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

االقتصاد وإعمار البالد وإدارته في مختلف المجاالت، فاالهتمام بالمراهقين وتوفير بيئة تربوية سليمة تحتضنهم وتحصنهم، وتقيهم من االنحرافات، وتفجر طاقاتهم في

االتجاه الصحيح، يدخالن في صناعة المستقبل. وعلى هذا األساس، يجب وضع سلم أولويات في االستثمار، وفي اإلنفاق، وفي

الجهود التي تبذل، وإعطاء هذا الموضوع الترتيب األول في االهتمامات. يمكن للمؤسسات االجتماعية أن تمارس دورا فاعال في إرشاد األهلثانيا:

وتدريب األبوين على أنماط التعامل الصحيح مع المراهقين، وتوفير األسرة اآلمنةوالمستقرة القادرة على احتضان أبنائها وتربيتهم بشكل سليم.

المجتمع هو مدرسة كبيرة تعلم وتربي، وتورث ما لديها من عادات وتقاليدثالثا: وقيم وممارسات، وما تعاني منه من أمراض وانحرافات، والمجتمع يورث ما لديه

من سلبيات وإيجابيات، وهذا يفرض على األهل والمربين مسؤولية اختيار البيئة االجتماعية السليمة، والمدرسة المناسبة لمواجهة سلبيات ما يمكن أن يورثه

المجتمع إذا ترك األمر على رسله.

13

Page 14: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الرابعالمدرسة وتشخيص المشكالت االجتماعية ومعالجتها

الظاهرة االجتماعية هي سلوك عام يمارس على مستوى واسع من قبل عدد كبير من األفراد في

المجتمع. وليس من الضروري أن تكون الظاهرة منتشرة في أفراد المجتمع كله، فربما كان السلوك منتشرا في شريحة اجتماعية خاصة أو فئة عمرية معينة أو

مناطق محددة، فثمة ظواهر تنتشر بين فئة الشباب، أو في مناطق الكثافة السكانية، أو الشرائح االجتماعية التي تعاني الفقر، أو التي تعتمد الزراعة –مثال-

كعمل رئيس، وهكذا...المشكلة االجتماعية

الظواهر االجتماعية على نحوين: ظواهر اجتماعية إيجابية، تتناسب مع القيم التي يؤمن بها المجتمع،أوال:

وتنعكس إيجابا على المصلحة العامة للمجتمع، واألفراد الذين يعيشون فيه، فهيحالة صحية، تضفي على المجتمع صبغة من الصالح، وتمنحه ميزة إيجابية.

ظواهر اجتماعية سلبية، تمثل انحرافا في السلوك االجتماعي، ينافيثانيا: القواعد االجتماعية الصحيحة والقيم التي ينبغي أن تكون سائدة، وتؤدي ممارسته

إلى إخالل في المصلحة العامة. وهذا النوع من الظواهر االجتماعية يتحول إلى مشكلة اجتماعية تحتاج إلى عالج وتقويم وإصالح، وإال أدى توسعها وتجذرها إلى

الفتك بالمجتمع ككل، وتفكك البناء االجتماعي، والضياع. توجد العديد من المشكالت االجتماعية المنتشرة، والواضحة، والتي يتسالم على وجودها وخطورتها أفراد المجتمع ومؤسساته كلها، وفي قبال ذلك قد نجد ظواهر

ومشكالت اجتماعية ال يعترف المجتمع بوجودها، أو ال يعتبرها مشكلة، وال يرى أنها سلبية؛ وذلك نتيجة الخلل في بنية القيم أو منظومة الموازين، أو نتيجة عدم

االلتفات إلى التداعيات واآلثار المترتبة على ممارستها أو انتشارها. إذا أردنا أن نضرب مثال، فإن ظاهرة االنحالل األسري في بعض المجتمعات

الغربية، ومقبولية العالقة الخاصة خارج إطار الزوجية، وكثرة الوالدات غير الشرعية الناتجة عنها، وانعكاس ذلك على بنية المجتمع الناشئ على المستوى النفسي

والعاطفي وحتى الذهني، فال يعترف الكثير منهم بأنها مشكلة، وربما عدت ميزةوحالة طبيعية.

رصد المشكالت االجتماعية ؛ أيينطلق الرصد في البداية من خالل مالحظة انتشار السلوك السلبي المشكل مالحظة انحراف سلوكي قد يشكل ظاهرة سلبية ومشكلة اجتماعية. هنا ينبغي

لمراكز الدراسات االجتماعية والمؤسسات المهتمة في المجتمع المدني أن تقومبدورها بدراسة هذه الظاهرة لتحديد العناصر اآلتية:

14

Page 15: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

إحصاءات تتعلق بسعة االنتشار، وبدائرته الجغرافية، والفئة والشريحة-1 االجتماعية التي ينتشر فيها هذا السلوك، وما يرافق ذلك من وضع اجتماعيوظروف قد تكون لها عالقة بنشوء الظاهرة أو المساعدة على انتشارها...

دراسة دقيقة لألسباب التي أدت إلى حدوث الظاهرة، أو ساهمت أو ساعدت-2 على ذلك، من خالل المؤشرات التي أظهرتها عملية الرصد، أو التحليل، أو

االستقصاء، أو غير ذلك. دراسة اآلثار المترتبة على الظاهرة على مستوى األفراد والجماعات، وعلى-3

المجتمع وبنيته ووظائفه وأدواره. وضع هذه النتائج بيد المؤسسات االجتماعية والتربوية والتبليغية واإلرشادية،-4

وغيرها من مؤسسات المجتمع التي يجب أن تساهم في عالج المشكلة.مساهمة المدرسة في معالجة المشكالت االجتماعية

ليس بإمكان أي مؤسسة إطالق برنامج عالجي ناجح وموفق للمشكالت االجتماعية بمفردها بعيدا عن المؤسسات األخرى المعنية، فاألساس هو توفير حالة من التوافق على وجود المشكلة، وعلى أسبابها وعوامل نشوئها وانتشارها، وحول

ضرورة معالجتها باإلجمال. في هذا السياق، يمكن للمدرسة أن تكون واحدة من المؤسسات االجتماعية التي

تهتم بالعالج، والتي تتكامل مع الوحدات االجتماعية والتربوية األخرى، فتساهم فيوضع برامج عالجية، وفي تنفيذ بعض جوانب العالج.

المدرسة ليست حالة منفصلة عن المجتمع الذي تمارس نشاطها فيه، وتحتضنأبناءه، فهي بال شك تتأثر بالمجتمع من جهة، وتؤثر فيه من جهة أخرى.

فهي تعتمد على موارد بشرية تنتمي إلى المجتمع، وتحمل كثيرا من عاداته وتقاليده وصفاته االجتماعية وقناعاته وثقافته، وتؤمن بكثير من القيم التي يتبناها

المجتمع. كما تقدم المدرسة خدماتها لشرائح اجتماعية لها قيمها وعاداتها وقناعاتها، وهذه

الشرائح تتوقع من المدرسة أن تساهم في تكريس ذلك كله لدى أبنائها الذينترسلهم إليها.

فالمدرسة -إذا- مؤسسة تربوية اجتماعية في قلب المجتمع، تحمل همومه وتطلعاته، وتلبي حاجاته، وتساهم في تحقيق أهدافه، وهي مؤسسة اجتماعية؛

باعتبارها مؤسسة تهتم بالمجتمع، وتشارك في بنائه وإصالحه ومعالجة مشكالته وتربية أبنائه، وإكسابهم ما يحتاجون إليه من معارف ومهارات ومواقف تساعدهم

على تشكيل حياتهم، وتضمن لهم النجاح والصالح والمنعة والحصانة والسالمة. المدرسة -إذا- لها دور حساس ومهم تضطلع به إلى جانب المؤسسات الثقافية

واإلعالمية والصحية واالجتماعية وغيرها ممن يساهم في بناء المجتمع، وتشكيلهويته، وتكريس ثقافته وقيمه، وضمان رقيه وعزته واستقامته.

األسئلة التي تطرح نفسها في هذا المجال

15

Page 16: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

هل من دور للمدرسة في رصد المشكالت االجتماعية وتشخيصها؟أوال: ما هي الطريقة التي تعتمدها المدرسة في معالجة المشكالت االجتماعية؟ثانيا: ما هو مدى نجاح المؤسسات التعليمية في هذا المجال؟ وما هي الصعوباتثالثا:

التي تواجهها؟ ما هو حجم التعاون والتنسيق بين المدارس والمؤسسات االجتماعيةرابعا:

األخرى التي تشاطرها االهتمام بالمشكالت االجتماعية. ماذا لو استقالت المدرسة من القيام بدورها االجتماعي، خاصة فيخامسا:

عالج المشكالت والظواهر السلبية؟االنطالق من المناهج التربوية

تقدم أن عملية الرصد والتشخيص والدراسة هي من اختصاص مراكز الدراسات االجتماعية، فهي تحتاج إلى أدوات وإلى منهجية ليست متوافرة عادة لدى

المؤسسات التعليمية، إال إذا تصدت هذه المؤسسة للدور الذي تضطلع به مراكزالدراسات، وهو أمر آخر.

إن دور المدرسة يبدأ من المناهج الدراسية والتربوية، التي توضع عادة على أساس التشخيص الدقيق لألهداف الوطنية واالجتماعية، والتي ينبغي أن تأتي

مطابقة للحاجات التربوية على مستوى الوطن والمجتمع بفئاته وشرائحه كلها،وتلبي طموحات المجتمع الذي نريد.

فيجب أن تتضمن المناهج العامة ما يساهم في بناء المجتمع السليم المعافى، وما يعالج الظواهر السلبية والمشكالت القائمة أو التي يخشى حدوثها، فيؤسس

لبناء تربوي يقي المجتمع من االنجرار إلى تلك المشكالت، والتأثر بالعوامل المؤديةإليها.

هذه الخطوة يجب أن يقوم بها المعنيون بوضع المناهج التربوية العامة، واألسس واألهداف والكفايات على مستوى الوطن، وعلى مستوى المواد والمراحل التعليمية

كلها، لكن ذلك ال يعفي المؤسسات التربوية والتعليمية من القيام بهذا الدور إذا ما قصر فيه القيمون، أو استكمال النقص عندما تأتي المناهج غير مكتملة أو غير

مراعية لحاجات الواقع االجتماعي. فبهذا المقدار يمكن لنا أن نقول إن المدرسة معنية بوضع المناهج، على الرغم من تفاوت القدرات واإلمكانات المادية والفنية والمعلوماتية بين مؤسسة وأخرى، وبين المؤسسات األهلية ومؤسسات الدولة؛ مما يعني ضرورة وضع أطر للتعاون

والتنسيق والتكامل بين المؤسسات األهلية المهتمة من جهة، وبين هذه المؤسسات ومؤسسات الدولة من جهة أخرى. وإذا كانت هذه األطر موجودة فهي بالحد األدنى

ودون المستوى الفاعل والمنتج.المنهج العالجي والمنهج الوقائي

تقوم المدرسة بشكل عام بدور فاعل في معالجة المشكلة االجتماعية، ولكنها أنها تعتمد؛ أي في الغالب تعتمد األسلوب التربوي التعليمي الذي ينطلق من الوقاية

16

Page 17: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

المنهج الوقائي المتمثل بتشكيل بنية تربوية ومعرفية وقيمية عند التلميذ، تجعله بمنأى عن الوقوع في المشكلة. هذا األسلوب من العمل هو األسلوب التأسيسي البنائي الذي يلحظ بنية متينة عند الفرد قبل دخوله إلى المجتمع، ويلحظ إكسابه

مناعة قبل اإلصابة بالمرض واالنحراف. فالمطلوب من المدرسة -بالدرجة األولى- أن تقوم بزرع قيم الفضيلة، وتدريب

المتعلم على عادات اجتماعية سليمة، نابعة من الدين، وتصب في مصلحة اإلنسانية؛ المطلوب من المدرسة أن تؤسس لعملية تغيير وإصالح اجتماعي تربوي من خالل جيل صاعد سليم معافى بالدرجة األولى، وصوال إلى برامج وقائية لألهل

واألسر في المجتمع اللصيق أيضا، لكن بالدرجة الثانية. إذا نجحت المدرسة في هذا الدور، فإن ذلك يعتبر مساهمة جليلة ومهمة جدا،

يمكن المراهنة عليها في البعد االستراتيجي، الجتثاث المشكالت االجتماعية. فبناء اإلنسان المنتج مثال يشكل أفضل عالج الجتثاث ظاهرة التسول مثال، تقوم على معالجة األسباب التي تكمن غالبا بعدم القدرة على اإلنتاج واكتساب المعيشة بالطرق األخرى. وتربية اإلنسان المسؤول تساهم في معالجة الفساد اإلداري على

المدى البعيد، وبناء الفرد الملتزم بالدين يساهم جذريا في التحصين من الوقوع فيمشكلة االنحراف والفساد األخالقي، وهكذا دواليك.

وهذا ال يعني أبدا التخلي عن المنهج العالجي بالمطلق، واالكتفاء بالمنهج الوقائي فحسب، فال يمكن للمدرسة أن تغض النظر عن المشكالت القائمة، والتي يمكن أن

تتسرب إلى التالمذة وإلى المجتمع اللصيق بالمدرسة؛ وهذا يفرض -إلى جانب ما تقدم- وضع خطوات عالجية أيضا تتكامل مع غيرها من المؤسسات لتشكل حركة

واسعة لتطويق اآلفة االجتماعية، ومواجهتها، والحد من انتشارها، وربما القضاءعليها إن أمكن.

فعلى مستوى المجتمع اللصيق، يمكن للمدرسة أن تؤدي دورا في برامج التوعية والتوجيه العامة التي تسلط الضوء على اآلثار المدمرة لبعض الظواهر االجتماعية، وتقدم النصيحة وطرق العالج. إن كثيرا من برامج التدريب والمحاضرات والندوات

التي تقوم بها المدرسة على هذا الصعيد تمثل مساهمة جليلة من قبلها في معالجةالمشكالت االجتماعية والوقاية منها.

ويمكن للمدرسة –أيضا- أن تقوم بالرصد على مستوى التالمذة، والمبادرة إلى المعالجات الفردية إذا اكتشفت سريان بعض المشكالت إلى الجيل المدرسي

المستهدف. وقد شكلت في العديد من المدارس وحدات خاصة تهتم بالجانبين االجتماعي والتربوي، وتساعد -بحدود إمكانات المدرسة- في تشخيص الحاالت

ومعالجتها أو اقتراح أساليب العالج على األهل، وفي كثير من األحيان يتم االستعانة بذوي االختصاص من خارج المدرسة لمعالجة حاالت يستعصي على المدرسة

معالجتها بتنسيق تام مع األهل. إن هذا الدور يدفع المدرسة إلى احتالل موقع متقدم في االهتمام بقضايا الناس والمجتمع، ومن شأنه أن يضع المدرسة في موضع الريادة واالحترام والتقدير في

بيئتها االجتماعية وعمقها البشري.17

Page 18: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وفي الحد األدنى، يمكن للمدرسة أن تتحول إلى ملتقى جامع وحاضن للناشطين في مجال اإلصالح االجتماعي، وصلة الوصل بينهم وبين أولياء أمور التالمذة، إذا لم

تكن المدرسة هي المبادرة وهي المنظمة للبرامج، فالحد األدنى هو استضافةاألنشطة المؤهلة لمثل هذه الفعاليات، وتوفير المستلزمات اللوجستية.

وهنا تظهر أهمية التكامل والتعاون مع مراكز الدراسات والمؤسسات االجتماعية األخرى، فعلى هذا الصعيد لدى مدارسنا تجربة ملحوظة في موضوعات عدة تم

تشخيص أولويتها، وجرى تنظيم البرامج التوجيهية والتدريبية المناسبة لها، استهدفت التالمذة تارة، وأولياء التالمذة تارة أخرى، وكان لها الصدى اإليجابي واألثر الطيب،

وهي ال زالت قائمة ومستمرة؛ من قبيل برامج التربية الفعالة، ولقاءات التوعية الصحية واإلرشادية التي تنظم باستمرار ويستعان لتنفيذها بذوي الخبرة من داخل

المؤسسة وخارجها. النجاح واإلخفاق

إن مستوى نجاح المؤسسات التربوية على صعيد األهداف التعليمية والمكتسبات المعرفية الخاصة بالعلوم لم ينعكس بالقدر نفسه على االهتمام باألهداف التربوية

والبناء االجتماعي، وعلى بناء الثقافة االجتماعية، وهنا ال أتحدث عن تجربة مدارسنا أو تجربة مدارس معينة، فبعض هذه المدارس لها دور ناجح وموفق على هذا الصعيد، وإنما أتحدث عن المدرسة كمؤسسة تعليمية بشكل عام، فقد غلب

االهتمام –على العموم- بالجانب المعرفي على حساب القيم والمواقف التي يتم إكسابها بقليل من المنهجية وكثير من المبادرات الفردية؛ مما أحدث تفاوتا بين

مدرسة وأخرى، وبين أستاذ وآخر. ما هو المطلوب للمدرسة أن تقوم به وتوليه االهتمام الكافي هو العمل على إكساب القيم والمواقف بمنهجية مدروسة ومخطط لها؛ ليكون اهتمامها بالتربية

وبناء اإلنسان، ومن ورائه المجتمع بدرجة االهتمام نفسها ببناء الشخصية العلمية؛مين واألساتذة. وهذا يحتاج الى أرضية ثقافية ومعرفية ومهاراتية عند القي

ونحن ال نعد النجاح كامال ما لم يقترن العلم بالدين، وباألخالق، وبالقيم السلوكية التي تضع العلم في خدمة المسار اإلنساني لإلنسان، ومن دونها يصبح أداة فتاكة في خدمة األهواء والغرائز والشيطان، كما نشهده في عالمنا اليوم في كثير منأصقاع الدنيا الممسكة بتالبيب العلم والمعرفة والتطور التكنولوجي والصناعي.

االستقالة من المهمة عندما ترى المدرسة نفسها غير معنية بمعالجة المشكالت االجتماعية، وأنها تقوم

بدور تقني على مستوى إكساب العلوم والمعارف، وتحقيق النجاح على هذا الصعيد، فإن ذلك يؤدي إلى خلل قد ال تتمكن المراكز الفاعلة األخرى التعويض عنه دائما.

إن اقتصار وظيفة المدرسة على التعليم، واالبتعاد عن التربية والوظيفة االجتماعيةيجعالنها تعيش في جزيرة منقطعة عن عالمها وعن بيئتها.

من الضروري أن نعيد االعتبار للدور االجتماعي الذي يمكن أن تؤديه المدرسة، وأن نعيد النظر في األهداف التربوية الموضوعة من قبل الدولة، على أساس

18

Page 19: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الوظيفة التي يجب أن تؤديه المناهج، وأن تقوم به المدرسة، لبناء مجتمع قويمعافى ومحصن تجاه االنحراف، وتجاه التحديات الكبيرة التي تعصف بنا.

19

Page 20: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الخامس

دور المعلم في عصرنا بين الواقع والمرتجىتمهيد

ص، حملت المدرســة في ظل توجه المجتمعــات في العصــر الحاضــر نحــو التخصــ الحديثة على عاتقها جزءا كبيرا من المسؤولية التعليمية والتربوية التي كــانت ملقــاةــة، وربمــا ة أن األهــداف والكفايــات التعليمي على عاتق األبوين بالكامل تقريبــا، خاصــ

ــل األمــة. و ــا على مســتوى الــوطن، ب ــاتت تصــاغ مركزي ــة، ب أنال شــك فيالتربويــة متنوعــة وواســعة، وعملت على المدرسة الحديثة استطاعت أن تبــني ثقافــة علمي إكساب الطالب كما هائال من المعارف العلمية، إال أنها لم تعمــل بمــوازاة ذلــك علىــة إال بناء شخصية الطالب بالقدر الكافي، ولم تنجح في تنمية قدراته ومهاراته العملي

في حدود ضيقة تقتضيها أحيانا طبيعة االختصاص. أما في مجال بناء القيم اإلنسانية، فلم تبذل الجهد المطلــوب إلدخالهــا في ســياق أهداف المدرسة، على الرغم من أن العالقة بين المعارف والمهــارات والقيم تجعــل التفكيك بينها يمثل تحطيما لإلنسان، حتى إن الوزارات المعنية كانت تســمي نفســها »وزارات المعـارف« كنـوع من اإلقـرار –ربمـا غـير المقصــود– بأنهـا تعـنى بالجـانب العلمي والمعرفي فحسب، وحتى بعد أن نزعت هذه الــوزارات إلى تغيــير تســمياتهاــاء القيم ــة وال بن إلى »التربية والتعليم« بقيت تمارس ذات الدور الذي ال يولي التربي

العناية المرجوة.دور المعلم في بناء اإلنسان

يحتل المعلم الموقع األهم في عملية التربية والتعليم في المدرسة المعاصرة. وال نقلل من أهمية المناهج والوسائل واألنظمة اإلدارية واألجهــزة الموازيــة الــتي تقــوم بخدمة العملية التعليمية وإدارتها وتنظيمها، وإنما نريد اإللفات إلى أن إيصال المناهج والوســائل واألنظمــة إلى أهــدافها رهن بــدور المعلم وقدرتــه على االســتفادة منهــا

بشكل صحيح، واستخدامها بمهارة وإتقان، وتسخيرها لخدمة الهدف.ــة-إذا-المعلم هو صاحب الدور األهم واألخطر في العملية، وهو الذي يمسك بكاف

أطرافها، وهو الذي يتعامــل مــع التلميــذ بشــكل مباشــر، فينســج بيــده خيــوط آمالــه وتطلعاته وأحالمه، ويرسم بيده معالم شخصيته، ويغذيه بــالعلم والمعرفــة يومــا بعــد

يوم، وهو الذي يأخذ بيده نحو المستقبل. وهنا تكمن خطورة الدور وأهميته وحساسيته. فهو يختلــف تمامــا عن العامــل فيــل أو المصنع، أو المزارع في الحقل، أو الموظف في متجر، حيث إنه إذا أخطأ العامر في واجباتــه، يــترتب على ذلــك الموظــف أو المــزارع في تلــك المجــاالت، أو قصــــا خسارة مادية محدودة، أو ضياع موسم زراعي، أو فرصة من الربح، وهــو أمــر ربمـه يصــنع يكون قـابال للتعـويض، ولـو لم يعـوض فهـو قابـل لالحتمـال؛ أمـا المعلم فإن اإلنسان، فإذا أساء الطريقة، أو قصر فضــاعت الفرصــة، أو أخطــأ الهــدف -ال ســمح

20

Page 21: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الله-، فسيؤدي ذلك إلى إنتاج إنسان منحرف أو فاشل، أو مفسد، أو عــاجز، حيث الفرصة حقيقية للتعويض والجبران واإلصالح.

فالمعلم، إما أن يحيي األنفس التي ائتمن على تربيتهــا وتعليمهــا، وإمــا أن يميتهــا؛ ألن الحياة الواقعية ليســت بالحركــة والتنفس وخفقــان القلب، وإنمــا هي بالوصــولــة إلى سمو الذات وطهارة النفس وصفائها؛ هذه الحياة هي التي يترتب عليهــا فاعلي

اإلنسان وصالح منهجه، وصوابية أهدافه.ــع من المعلمين: ــه( في جم ــامنئي)دام ظل ــد الســيد علي الخ ــام القائ ــول اإلم يق

التربية والتعليم، سواء في الجانب اللجــاني، أو في مــا يتصــل بمجموعــة المعلمين» واألساتذة في أنحاء البالد كلها، بمقدورهما رسم مصــير البالد ومســتقبله. صــحيح أن التغيير الجذري للتربية والتعليم مشروع أســاس نبهنــا إليــه مســؤولي البالد ومــديريــه تم العمــل التربية والتعليم مرارا. والحمد لله، سمعتم في كلمة الوزير المحــترم أنــة والتعليم، بصورة جيدة على هذا الصعيد، حيث يجب القيام بتغيير أساس في التربيــة ــات الهائل ــداف الســامية واإلمكاني ــك حســب االحتياجــات، وعلى أســاس األه وذلــه المتوافرة في البالد، والطاقات اإلنسانية الموجودة.. هــذا الشــيء صــحيح في محلــتمر وموضعه، وأنا أشدد هنا على هذه العملية، وأن ال تتوقف، بل يجب أن تتابع وتس حتى النهاية بشوق وهمة مضــاعفة وتحفــز ال ينتهي، وهي عمليــة صــعبة طبعــا، لكن المعلم من حيث استعداده الشخصي، ومن حيث شــعوره بالمســؤولية، ال يمكنــه أنـذ في مؤسسـة التربيـة يتوقف عن العمـل إلى حين يتــوافر الواقـع المنشـود والمحب والتعليم. توصيتي لكم جميعا، أيها المعلمون األعــزاء، والمعلمــون في جميــع أصــقاعــوا أي دور خطــير تمارســونه ــذا، وأن تعلم ــدوركم العظيم ه ــوا ب البالد، هي أن تؤمن

.3«لمستقبل البالد ويخاطب اإلمام الخميـني)قـدس( المعلمين، فيقـول: »يجب أن تنتبهـوا كثـيرا إلى أنكم لستم أناسا عاديين، فأنتم معلمون لجيل ستوضع مقدرات البالد في المســتقبل

.4بين يديه«التعليم بين الوظيفة والرسالة

السؤال الذي يطرح نفسه هنا بعدما تقدم، هو أنه: هــل يــدرك المعلم في عصــرناــه عنــدما يختــار التعليم كعمــل ووظيفــة، أو عنــدما يــدخل إلى قاعــة الحاضر ذلك كل

الصف، أو عندما يتصرف مع التالمذة ويتعامل معهم يوميا؟! لن أجيب عن الســؤال، وأتــرك لكــل معلم حريــة اإلجابــة، ولــو بينــه وبين نفســه،

وأنتقل إلى وصف الواقع، ثم أبين ما نرجوه وما نتطلع إليه. عندما يكون الدافع للدخول إلى قطــاع التعليم والتربيــة هــو كســب لقمــة العيش، والحصول على ما يعين على تأمين مستلزمات الحياة ولو بالحــد األدنى، فهــذا دافــع مشترك يقف وراء خروج اإلنسان إلى أي ساحة عمل، أيا كان العمــل الــذي يختــاره أو يفرض عليــه أو يتــورط بــه. فقــد يكــون التعليم بنظــر بعض المعلمين هــو العمــل

م.5/5/2010هـ - 20/4/1431 كلمة بتاريخ 3 الخميني، اإلمام روح الله، الكلمات القصار، إعداد لجنة التأليف في مركز المعارف للتأليف والتحقيق، دار 4

. 179م، ص2011هـ - 1433المعارف – جمعية المعارف اإلسالمية الثقافية، 21

Page 22: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

األيسر واألسهل، لكن يفاجأ بعد ذلك بالمتطلبات الفنية والمهارات التي يلزم التدربعليها، والمعارف التي يتطلب منه اكتسابها، مما له عالقة بالدور والمهمة.

لعل القلة من المعلمين من اختار التعليم إلدراكه أنه رسالة ومســؤولية؛ إذ النــادر من المعلمين من يذهب إلى المدرسة مدركا أنه يــذهب إلى ســاحة جهــاد )بــالمعنىـق بتغيـير الواقـع الثقـافي واالجتمـاعي ـه تكليـف شـرعي يتعل الديني للجهـاد(؛ أي أن والتربوي لألمة، وإصالح المجتمــع واالرتقــاء بــه، وبنــاء اإلنســان وفــق الصــورة الــتيــا، عــاقال مــدبرا، أرادها الله -تعالى-، والتي بها كرمه على بقية مخلوقاتــه، مؤمنــا تقيــا عزيــزا، فـاعال مــؤثرا، ســواء أكــان ذلـك على مسـتوى األداء، أم على مســتوى قويــة؛ فثمــة فــرق كبــير األسلوب والطريقة، أم على مستوى األهداف التربوية والتعليميــؤدى بين ممارســة التربيــة والتعليم كوظيفــة، وبين ممارســتها كرســالة، الوظيفــة ت للحصول على األجرة، المادية أو المعنوية )الراتب والرتبة(، والرسالة تؤدى للوصول إلى هدف يتبناه المربي والمعلم، ويؤمن به، ويشعر بالمسؤولية تجاهه، بقطع النظر

عن المردود المادي والمعنوي. تكمن خطــورة مهمــة التربيــة والتعليم في أنهــا ال تحقــق نتائجهــا المرجــوة مــا لم ترتكز على البعد الرسالي؛ ألنها على تماس مباشر بصنع اإلنسان –كما قدمنا–، وهيــاه من منظومــة قيم، ومــا لــه من أحاســيس المسؤولة عن تشكيل قناعاته، وما يتبن

ومشاعر، وليست مرتبطة بخدمة تؤدى له فحسب.المعلم أو المربي

قد يستعمل مصطلح التربية بمعناه اللغوي الذي هو التنمية، فيشمل تنمية معارف اإلنسان وقدراته ومواقفه، بل يشمل تنمية جسده وقواه الجســدية أيضــا، حيث نجــد أن يطلق مصطلح التربية على تربية الدواجن وتربية المواشي التي ال يبتغى منهــا إال

ه تنميــة معــارف ومهــارات،؛ باعتبــارالجانب الجسدي. هذا االصطالح يشــمل التعليم لكن التربية قـد تسـتعمل بمعـنى أخص يقتصــر على الجـانب السـلوكي، وزرع القيم والمواقف السلوكية فحسب، ونحن سنستعمل التربيــة بــالمعنى الثــاني هنــا للتميــيز

بين دورين يقوم بهما المعلم.ــة، ــه التربوي ليس بإمكان المعلم إال أن يكون مربيا، حتى عندما يهمل تحديد أهداف ويحذفها من دائــرة اهتماماتـه، ويسـقطها من حســابه عنــد التخطيــط للــدرس، فهـوــو دون قصــد، أو دون بالحقيقة يمارس تربية غير ممنهجة، ربما تكون تربية سلبية ولــة التفات؛ ألن كل معلم يحمل جملة من القناعات والقيم والعادات والسجايا األخالقي )صحيحة أو فاسدة(، وهي تظهر في تصرفاته وسلوكه، وفي فلتات لســانه وطريقــةدها في تعامله مع التلميذ والنظام والزمالء وكــل مــا يحيــط بــه، وبالتــالي فهــو يجســـه؛ األمـر الـذي يـترك تـأثيره المباشـر أو غـير المباشـر على تالمذتـه، فهـو واقعه كل

يمارس التربية عن غير قصد ودون وعي، فهي تربية غير هادفة وغير ممنهجة.بين المطلوب والمرتجى

ــة ما يجب على المعلم )المربي( أن يقــوم بــه، وعلى المدرســة )كمؤسســة تربوي مسؤولة عن وضع المناهج(، وعلى الدولة األمينة التي تعرف مسؤولياتها، هو إدخــال التربية بالمعنى األخص في جملة االهتمامات، ووضعها على رأس األهداف الــتي يتم

22

Page 23: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

تحديدها وتصنيفها والتخطيط لها، ووضــع الــبرامج والمنــاهج واألنشــطة الــتي توصــل إليهـا. ويجب اختيــار الطــرق واألســاليب المناســبة والوســائل المسـاعدة والمــؤثرة؛

لتصبح التربية هدفا من أهداف المدرسة، كما هي الحال في التعليم.ــة، يجب ة بمادتــه التعليمي عندما يحدد المعلم لنفسه، أو تحدد له، الكفايات الخاصــ أن توضع ضمنها أو إلى جانبها كفايات ذات بعد تربوي، قيمي، أخالقي، وهو ما يطلق عليه في المصطلح الحــديث "المواقــف واالتجاهــات" لتــدخل في خطــة الــدرس، أو

خطة المادة، في التحضير والتقويم والطرائق المختارة. وعندما يتم إعداد المعلم أو تأهيلــه، فال يكفي إكســابه المهــارات والمعــارف الــتي تتطلبها الكفايات التعليمية، وإنما ينبغي إكســابه المهــارات والمعــارف الــتي تتطلبهــا

الكفايات التربوية. أن االستفادة من أسلوب المحاضرة في إيصال التلميذ إلى األهــدافال شك فيو

ــا المعرفية غير ناجح، حيث إن هذا األسلوب هــو األضــعف تــأثيرا في التربيــة. وإذا كن نبذل جهودا كبيرة في التحضــير لألنشــطة ذات الطــابع العملي والمعــرفي، والتأكيــد على الطرق الناشطة فيها، فإنه يجب من باب أولى بــذل جهــود مماثلــة أو أكــبر في ابتكار طــرق وأســاليب فعالــة في التربيــة على القيم والكفايــات الســلوكية. وهنــا الــات يكفي أن نقول للمعلم عليك أن تتحمل المسؤولية، بل يجب على مراكز الدراســة العريقــة أن تعمــل على تطــوير المنــاهج والــبرامج ــة، والمؤسســات التربوي التربوي والطرائق التي تخدم هذا الهدف، وأن تســعى لتــدريب المعلمين عليهـا؛ لـنرتقي في

االتجاهات التربوية، كما ارتقينا في االتجاهات التعليمية – التعلمية.ــه يفتقــد القيم فنحن ال نريد عالما يعجــز عن تســخير علمــه لخدمــة اإلنســانية؛ ألن اإلنسانية، ال نريد عالما يســتخدم علمــه الســتغالل النــاس وزرع الفســاد في األرض، وإنما نريد عالما يضــع علمــه في خدمــة البشــر، وفي إعمــار األرض وإقامــة العــدل،

عالما يكون علمه رحمة للناس، وليس نقمة عليهم.

23

Page 24: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل السادسالدور االجتماعي وأثره على تربية الذكور واإلناث

ترتبط عملية التربية بالدور الذي يناط باإلنسان مستقبال. ومن المالحظ أن الــدين اإلسالمي عندما حث على تربية األبنــاء، وجــه اآلبــاء واألمهــات إلى تــربيتهم بطريقــةل ذكــرا على أنــثى وال أنــثى على ذكــر، واحدة، ولم يفضل إنسانا على آخر، لم يفضــ وإنما يمكن أن يقال إن ثمة فوارق لها عالقة بالدور. وال شــك في أن لإلســالم رؤيــة خاصة في هذا المجال، حيث يعتبر أن على المرأة أن تتولى مســؤولية خطــيرة جــدا في مجال التربية، وفي مجال حفظ األســرة وبنائهــا؛ مــا يقتضــي تأهيــل المــرأة من صغرها لهذا الدور، ولكن ال يوجد أي فارق في مجاالت أخرى؛ كالتعليم والتربية على

القيم واألخالق. ويوجد خلل في فهم بعض األمور بطريقة غير نسبية، فإذا أردنــا أن نــربي الــذكورــة، فهــذا يقتضــي أن يكــون لــديهم قــوة وا أدوارا جهادي في أســرة من أجــل أن يتولــة بشــكل كبــير، وليس ية والحركي شخصية، وأن تتم تنمية قدراتهم ومهــاراتهم الحســ ذلك لكي يصبح العنصر األقوى داخل أسرته، وإنما ليواجه التحديات التي تنتظره في المســتقبل. فــنيبغي عنــد االهتمــام بهــذه الجــوانب أن ال نغفــل عن الــدافع والهــدف والسبب الذي يدفعنا إلى ذلـك، حيث إن الغفلـة عن الهـدف تــدفعنا إلى أن نمــارســة ــده في مواجه ــا نري ــدو، وم ــة الع ه في مواجه ــا نمارســ ــة الصــديق، م في مواجه التهديــدات، نمارســه في مواجهــة الحضــن الــدافئ الــذي يحتضــننا، والعنصــر اآلخــر الشريك في مهمة أخرى؛ وهذا خلل ناشــئ في الحقيقــة من عــدم االلتفــات إلى أن ثمة عالقة وثيقة بين طبيعة التربية وبين األدوار المستقبلية. وكذلك، عندما نريــد مثال أن ننمي عند الفتاة استعدادات تؤهلها للقيــام بــدورها الرعــائي، فال بــد من أن ننتبــه إلى أن هــذا ال يعــني أن تكــون الفتــاة عنصــرا ضــعيفا، وإنمــا تحتــاج إلى فهم دقيــقــوة ــا. ق ــة في آن مع ــة وعاطفي ــون قوي ــيته، أن تك ــدور وحساس ــة ال لألدوار وألهمي الشخصــية ال تمنــع من فهم الــدور، وبالتــالي إعــداد الفتــاة لــدور مهم في األســرة. التوازن يعني أن يكون كل إنسان قويا في مكانه الذي يتــولى فيــه المســؤولية، وأن

يفهم كل إنسان أهمية دور اآلخر وحساسيته. ــر مســكون بعقــدة القــوة ال بد من اقتالع المفاهيم الخاطئة، كي ال ينشــأ لــدينا ذك واالستعالء، بينما ينشأ الجنس اآلخر األنثوي مفرغــا من الثقــة والحيــاء؛ إذا، ال بــد أن يبـدأ الـوعي في األســرة فهمـا وسـلوكا، بعـدم تميـيز األهـل بين الـذكر واألنـثى في التربية.. والمشكلة الحقيقية التي يعيشها مجتمعنا، هي أن األهل غافلون عن الهدف الذي يرجونه من تربية أبنائهم، سواء أكانوا ذكورا أم إناثــا؛ فلــذلك، ال بــد من تحديــد

أهدافنا من أبنائنا.ــون المســؤولية، ــوا رجــاال يتحمل ــذكور أن يكون ــوب تحقيقــه من ال الهــدف المطل وينفعون أمتهم ودينهم؛ أما اإلناث، فأسمى هدف ينبغي تحقيقــه معهن -بعــد الهــدفــوا الفــتى العــام المــذكور آنفــا-، هــو أن يكن زوجــات صــالحات. فعلى األهــل أن يرب

والفتاة، بحيث يشعرون أنهم يربون إنسانا.

24

Page 25: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل السابعالخطاب الثقافي اإلسالمي الموجه للناشئة

5أهمية الخطاب اإلسالمي للناشئة

أطفال اليوم هم مفاتيح التغيير وبوابة التطوير، وطريقنا لتحقيق ما نصبو إليــه في عليك باألحccداث، فccإنهم أسccرعالمستقبل، وقد روي عن اإلمام الصــادق)ع(: »

. 6«إلى كل خير كما أن أطفالنا اليوم في دائرة المنافسة الحادة بيننا وبين الناشطين كلهم في

العالم، الذين يبثون أفكارهم وثقافاتهم عبر مختلف الوسائل والتقنيات التي تدخل بادروابيوتنا ومهاجعنا دون استئذان، وقد روي عن اإلمام الصادق)ع( أيضا: ». 7«أحداثكم ]أوالدكم[ بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة

وال شك في أنه لم يعد باإلمكان حبس األطفال والناشئة في بيئة مغلقة ومحصورة ثقافيا وتربويا، وبات من العسير إخضاعهم لنمط خاص من التوجيه

والتعليم بغية ضمان اتجاههم التربوي، بعد أن شهد العالم المعاصر ثورة المعلوماتية واالتصاالت التي وضعت الناشئ أمام بحر هائل من المعلومات، وفي مواجهة سيول

من الخطابات، تبث بشكل حي عبر المواقع اإللكترونية، والقنوات التلفزيونية، والمطبوعات الورقية واإللكترونية، وغيرها من الوسائل والوسائط التي تحمل إليه

الغث والسمين، والضار والنافع، والمفيد وغير المفيد؛ األمر الذي يصمه عن االستماع إلى الخطاب الثقافي والتربوي التقليدي الذي يتلقاه في األسرة أو

المدرسة، ويشغله عن االلتفات إليه؛ وهذا ما يدعونا إلى تحديث الخطاب اإلسالمي الموجه للناشئة؛ مضمونا وشكال وأسلوبا بما ينسجم مع الواقع القائم، للوصول به

إلى مستوى الجذب والتأثير والمنافسة. وإذا كان الكالم البليغ هو المطابق لمقتضيات حال الخطاب، فال بد من تجديد دراستنا لمقتضيات أحوال المخاطبين من األطفال والناشئة؛ من جهة القدرات

اللغوية، واألحوال النفسية، واالهتمامات، واالستعدادات الذهنية؛ لذا، يجب أن يرتقي الخطاب الثقافي اإلسالمي؛ ليتناسب مع ذلك كله مضمونا، وليكون قادرا على جذب

انتباههم، وتلبية حاجاتهم، واألخذ بأيديهم وبأذهانهم نحو الهدف المرتجى.

مداخلة قدمت في مؤتمر الخطاب الثقـافي الموجـه للناشــئة الـذي نظمتــه وحـدة 5ــة في ــة المعــارف اإلســالمية الثقافي ــة في قاعــة جمعي ــون الثقافي الدراســات والمت

8/10/2009..93، ص8 الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج6 الطوسي، الشيخ محمـد بن الحسـن، تهـذيب األحكـام في شـرح المقنعـة، تحقيـق 7

وتعليق: السيد حسن الموســوي الخرســان، دار الكتب اإلســالمية، إيــران - طهــران،. 111، ص8، ج3هـ ش، ط1364

25

Page 26: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

إن األسلوب الوعظي الذي كان يغلب على الخطاب الثقافي الموجه للناشئة لم يعد كافيا وحده لتحقيق األهداف المرجوة، ولم يعد قادرا على التأثير ومنافسة

المواد المهيمنة على اهتمامات أطفالنا، حتى األسلوب التعليمي المدرسي لم يعد كافيا وحده لتحقيق األهداف دون االستعانة بالطرق واألساليب والوسائل المعينة

األخرى. مضمون الخطاب

يخضع المضمون الثقافي اإلسالمي الموجه للناشئة لحاجات عدة: الحاجات األساسية التي تلحظها الشريعة اإلسالمية، وإن لم يلحظهاأوال:

الناشئ، وهي مادة ثقافية واسعة تتضمن ما يأتي: أ- المعارف العقائدية الضرورية، كالتوحيد والنبوة واإلمامة واإليمان باآلخرة والحساب والثواب، بما يناسب االستعدادات الذهنية والعقلية للمرحلة

العمرية. ب- المعارف الفقهية التي تالمس المرحلة التي يعيشها الناشئ، أو تلك التي هو

مقبل عليها.ج- القيم واألخالق الفردية واالجتماعية الضرورية.

د- العادات العبادية والصحية واالجتماعية.ير التاريخية التي تربط الناشئ بتاريخ اإلسالم، وخاصة المعصومين)عليهم هـ- الس

السالم(، والتي تتضمن دروسا وعبرا ومواقف تربوية. الحاجات التي يعبر عنها الناشئ عبر أسئلته التي يطرحها على والديه أوثانيا:

على المربين، وهي حاجات تظهر نتيجة حب االستطالع، أو المالحظة، أو التواصل مع الزمالء، أو غير ذلك؛ مما يدفعه إلى البحث واالستفسار وطرح األسئلة، وقد ال

يكون المضمون هنا مناسبا للمرحلة العمرية، مما يفرض نوعا من الصياغة الدقيقةتطوعه حسب الواقع.

الحاجات التربوية التي يحددها المربون من األهل والمعلمين لمعالجة حالةثالثا:أو انحراف يتعرض له الناشئ في حياته اليومية؛ مما يستلزم التصويب والعالج.

مهما يكن، فيجب أن يكون المضمون متصفا بالبساطة المفهومية، وبالمستوى المتناسب مع االستعدادات الذهنية للناشئ، ويمثل حاجة فعلية أو قريبة من الفعلية.

صياغة الخطابال بد في صياغة الخطاب الثقافي اإلسالمي من رعاية اآلتي:

اعتماد البساطة المناسبة للمرحلة العمرية لغة ومفهوما، وتبسيطأوال:المصطلحات واألفكار بما يجعل المضمون قابال للفهم واالستيعاب.

االبتعاد عن الطريقة الوعظية المباشرة. ثانيا:

26

Page 27: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

استخدام أنماط حديثة للخطاب غير المباشر، كالحوارات واألساليبثالثا: القصصية والمسرحية واأللعاب، والمسابقات التي تدفع الناشئ إلى التعرف على

الهدف، وغير ذلك. التزام الحدود الشرعية؛ ألن كل خطاب محكوم بأسقف وحدود شرعية،رابعا:

فالخطاب الهادف ال يجوز أن يسعى لتحقيق هدف على حساب هدف آخر. وسائل الخطاب الثقافي

القصة: -1 تمثل القصة أسلوبا ناجحا في زرع القيم والعادات بطريقة سهلة وغير مباشرة،

وفي إيصال كثير من المفاهيم وصور السيرة التاريخية، لكن هذا يتطلب اإللفات إلىما يأتي:

أ- الصياغة األدبية الجذابة والجميلة، وحبك فصول القصة وأحداثها بطريقةتستدرج القارئ إلى المضي فيها حتى النهاية.

ب- وضع األهداف التربوية والمفاهيم الدينية والقيم والعادات االجتماعية فيها بطريقة ذكية تنساب بشكل طبيعي في أحداثها دون إقحام؛ وهذا هو بيت القصيد،

حيث إن القصص األجنبية التي ترجمت إلى العربية أو تم اقتباسها، والتي تمأل رفوف المكتبات، تتمحور حول موضوعات واهتمامات تزرع في نفوس األطفال من

حيث ال ندري، فهي تتمحور حول األميرة، والبحث عن المال، وعن الشهرة أو االنتقام وما شابه ذلك، وأحيانا تقوم ببناء موقف سلبي من أمور طبيعية يعيشها

الطفل في واقعه وبيئته االجتماعية من خالل تقديمها بصورة منفرة، مع البعد عنالصواب.

نحن بإمكاننا أن نكتب قصصا لألطفال تتمحور حول قيم العدالة والمودة والرحمة والتعاون والوفاء والصدق واإلخالص واالستقامة، وغيرها من القيم اإلسالمية التي

نريد أن يتربى عليها الجيل الناشئ. ج- اإلخراج الفني الجميل والجذاب، فإن الطفل يقرأ الصورة قبل أن تقع عينه

على الكلمات. إن قراءة الصورة ال تحتاج إلى مهارات كبيرة وال إلى بذل جهد، وذلك بخالف الكلمات؛ فالرسوم والصور تفرض نفسها على الطفل وتشده إليها؛ لذا فإن الرسام والمخرج يجب أن يكونا على مستوى من الثقافة والوعي بحيث

يدركا أهمية كل عنصر من العناصر الموجودة في الصورة ودوره في إيصال رسالة معينة، فالصور والرسوم ليست مجرد حشو وملء فراغ وديكور بمقدار ما هي وسيلة تعبير وأداة تأثير، فيجب أن تكون موجهة بإتقان، وأن تكون قادرة على

إيصال الرسالة المطلوبة بوضوح وقوة وجاذبية. الرسوم المتحركة: -2

غالبا ما يشاهد الطفل الرسوم المتحركة بدافع التسلية، ولكنها -شئنا أم أبينا- وسيلة تربية وتثقيف وتوجيه، فال يمكن إغفال تأثيرات الرسوم المتحركة على سلوك أطفالنا وتشكيل مواقفهم. إن الميل نحو استخدام العنف مثال لتحقيق

األهداف قد يكتسبه الطفل من مجموعة من أفالم الرسوم المتحركة التي تبعده27

Page 28: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

عن استخدام أسلوب التفكير والبحث عن الوسائل المنطقية. أفالم الرسوم المتحركة التي يشاهدها أطفالنا في الغالب وضعت من قبل اآلخرين على أساس

قيمهم وعاداتهم وحاجاتهم، وقد تكون وضعت ألهداف تجارية محضة، وربما لوحظفيها أهداف تربوية فاسدة عن عمد.

من الممكن إذا لم يكن من الضروري، العمل على إنتاج دائم ومستمر لرسوم متحركة تناسب المراحل العمرية، وبحرفية عالية، تركز على محاور تربوية مغايرة

لما هو موجود في السوق. ولكي يتحقق هذا الهدف، يجب أن ترعى إنتاج هذه الوسائل مؤسسات تحمل تخصصا تربويا إسالميا قبل التخصص الفني؛ ألن العبرة بصياغة األهداف التربوية

والثقافية بدقة، وبما يناسب الشرائح المستهدفة قبل العمل على وضعها فيالقوالب الفنية بالتأكيد.

األفالم الروائية:-3 تعد األفالم وسيلة خطاب ثقافي، إذا أحسن اختيار الرواية والسيناريو واإلخراج

وجودة التمثيل والمؤثرات األخرى، يمكن لهذه الوسيلة أن تؤدي دورا فاعال يتجاوزبتأثيره المحاضرات والكتب والدروس وغيرها.

ويكمن تأثيرها في أن الطفل ال يمل مشاهدة األفالم ساعات متواصلة، ويبقى منشدا إليها، متسمرا أمامها دون تعب، ويتابع بدقة التفاصيل كلها، وترسخ في ذهنه،

بل هو ال يمل من تكرار مشاهدة الفيلم نفسه، بينما يشعر بالملل سريعا عنداالستماع للموعظة، وال يتحمل تكرار استماعها على اإلطالق.

وتبقى العبرة في المضمون الموجه واألسلوب الجذاب. إن إنتاج أفالم األطفال والناشئة أكثر صعوبة وتعقيدا من إنتاج أفالم الكبار، كما

أن خطابهم كذلك أصعب بكثير.الكتاب المدرسي:-4

لهذه الوسيلة في الخطاب الثقافي اإلسالمي أهمية خاصة تكمن في كونها واقعا قائما ال زال معتمدا حتى اآلن، لكن الكتاب المدرسي يجري فيه ما يجري في

القصة؛ من حاجته دائما إلى التحديث، واختيار األسلوب الجذاب، وتدعيم الكتاببالرسوم الموجهة، ووسائل اإليضاح.

الكتاب المدرسي اليوم لم يعد بغنى عن القصة المنفصلة، والرسوم المتحركة التي تتمم له دوره، وربما األفالم واأللعاب التي باتت جزءا من الكتاب، تقدم عبر أقراص رديفة، بل ربما تتجه األمور إلى التحول نحو الكتاب اإللكتروني بالكامل،

وعليه، فالوسائل المساعدة تشكل خطوة على هذا الطريق، فلم يعد الكتابالمدرسي بغنى عن تطعيمه بالوسائل األخرى التي تتكامل معه.

الكتاب المدرسي الناجح هو الذي يحرك المتعلم نحو التفكير واالستكشاف والتحليل واالستنتاج، قبل أن يقدم للتلميذ الهدف التعليمي؛ ألن الطفل ال يفضل

األسلوب التلقيني غالبا.

28

Page 29: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

المسرح:-5 المسرح من األساليب المؤثرة جدا في التوجيه والتعليم؛ ألن المسرح يصنع واقعا

ملموسا، ويعالج إشكاليات معاشة بأسلوب محسوس عبر التمثيل، فيمكن استخدامه كأسلوب في الخطاب الديني والثقافي اإلسالمي، لكن يجري فيه ما يجري في القصة وبقية الوسائل، من حيث المضمون، والصياغة األدبية، ومهارة

األداء واإلخراج، والمؤثرات المتنوعة التي تعطي العمل المسرحي قوة في التأثير، وبراعة في مخاطبة األحاسيس المتنوعة. والواقع أننا نعاني من فقر مدقع في

اإلنتاج المسرحي بشكل عام، والموجه للناشئة بشكل خاص، فضال عن المسرحالذي يحمل مضمونا دينيا وقيميا هادفا.

األلعاب اإللكترونية:-6 تعتبر األلعاب والمسابقات اإللكترونية وسيلة قابلة لإلنتاج دون كثير من

التعقيدات، وهي وسيلة شيقة، تمزج بين التسلية المحببة للناشئة والتدريب على المالحظة واالستكشاف والتفكير واالستنتاج، ويمكن من خاللها إيصال المفاهيم

الثقافية. ثمة محاوالت موفقة شهدناها إلدخال هذا األسلوب إلى الساحة اإلسالمية، لكنها ال زالت في بداية الطريق من حيث التنوع والجودة واالنتشار، مقارنة بما يمأل

الدنيا، ويغرق أسواقنا من ألعاب إلكترونية خطيرة تتمحور حول العنف والقتل واالحتيال وجمع المال والثروة، وأمثال ذلك مما نحن بحاجة إلى استبداله بما يخدم

أهدافنا التربوية والثقافية.

الصعوبات والتحديات على الرغم من أهمية ما نشهده اليوم من نقلة نوعية باتجاه مأسسة العمل

التربوي اإلسالمي، وتطوير وسائل الخطاب الثقافي اإلسالمي بشكل عام، والموجه للناشئة بشكل خاص، وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت حتى اآلن، إال أنه ال

زالت توجد العديد من الثغرات، وكثير من الصعوبات التي تحتاج إلى تذليل، لقد انتقلنا من المبادرات الفردية التي كانت سائدة لقرون في تحديد أولويات الخطاب،

وطريقة عرضه، واختيار وسائله، إلى العمل المنظم والممنهج، ومن النظرة اآلنية والتشغيلية، إلى الرؤية االستراتيجية والشمولية، لكننا إذا قارنا ما تحقق مع حجم

الحاجات الفعلية والمستقبلية، وإذا قارنا جودة المنتج مع ما يعرضه المنافسون لناولثقافاتنا، سوف ندرك ما يجب فعله، وما يجب العمل عليه، وهو كبير جدا.

تواجه المؤسسات التعليمية والثقافية، في سبيل إنتاج الخطاب الثقافي اإلسالمي المناسب على مستوى المضمون والكيفية ومهارات المثقف والمربي والوسائل

المساعدة، صعوبات عدة، أهمها: صعوبة الخروج لدى كثيرين من النمطية التي تربت عليها األجيال-1

السابقة، والطريقة التقليدية التي كانت معتمدة في الخطاب الثقافي، والتي باتتأثيرها اليوم محدودا في ساحة محتدمة في المنافسة.

29

Page 30: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

قين للمربين والمتصدين للشأن-2 النقص الكبير في اإلعداد والتأهيل المسب التثقيفي في مجال الخطاب الثقافي الموجه للناشئة وفق تقنيات العصر وأساليبه

المتطورة، فاألكاديميات التي تعنى بتخريج المربين نجحت في إعداد معلم وفق المناهج األكاديمية المعتمدة، ولكنها لم تلحظ أبدا دور هذا المعلم في بناء الثقافة

اإلسالمية، ولم يتم توفير البدائل في ساحتنا الخاصة، والجهود المبذولة في اإلعداد - على أهميتها- ال زالت دون المستوى المطلوب والمناسب، والمبادرات القائمة لم

ترتق إلى مستوى العمل الممنهج الثابت. غياب العديد من المهارات المهمة المطلوبة لتطوير الخطاب الثقافي أو-3

ندرتها، وصعوبة توفير بعض االختصاصات الفنية في الوسط اإلسالمي المتدين والمثقف إسالميا؛ إلثراء الساحة بمتطلباتها من الوسائل والتقنيات، وتسخير التطور

التقني لخدمة الخطاب الثقافي اإلسالمي بشكل عام، والموجه للناشئة بشكلخاص.

مشكلة التأخر في الصياغة المنهجية للمادة الثقافية المطلوبة في-4 مختلف األوساط العاملة في هذا الحقل، فمنظومة القيم لم تصغ بطريقة منهجية حديثة لتوضع في تصرف العاملين في التربية، وال نجد السيرة مثال مدونة بطريقة

منهجية تعليمية مهذبة، تعكس ما يجب عرضه من مواقف لالعتبار والتعلم والتحليل فإن الناس لو علموا محاسن كالمنا ...واالستنتاج، وقد ورد في الحديث: »

.8«التبعونا الكلفة العالية إلنتاج الوسائل الحديثة المساعدة والمؤثرة؛ مما يعني-5

ضرورة تبني الجهات الممولة لهذه المشاريع، كما يجب إنشاء مؤسسات إنتاج وتسويق للوسائل السمعية والبصرية والمقروءة، تتمكن من عرض هذه المواد

بأثمان مناسبة وزهيدة، حتى ال تتحمل جهة واحدة كلفة اإلنتاج، وتعجز عن استردادها، خاصة في ظل األوضاع االقتصادية الصعبة لدى أغلبية الشرائح

المستهدفة. إننا إذ نطرح هذه الصعوبات ال نعني أننا نعلق على إيجاد الحلول، وإنما نرى أنتجاوز الصعوبات يسرع العمل، ويسهل الوصول إلى ما هو أفضل بال شك.

في الختام يبقى هنا أن نشير إلى أن ما تقدم يفرض الحاجة إلى مجموعة من االختصاصات الفنية والمهارات التي تحتاج إلى إعداد مسبق، وإال فسنبقى نسترجع صدى نداءاتنا

دون جدوى.

الصدوق، الشيخ محمد بن علي، عيون أخبار الرضا)ع(، تحقيق: تصحيح وتعليق وتقــديم : الشــيخ 8–ــ 1404حسين األعلمي، الناشــر: مؤسســة األعلمي - بــيروت – لبنــان، ، ص1م، ال.ط، ج1984

275.30

Page 31: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

نحتاج إلى مجموعة كبيرة من الخبراء الماهرين في مجال أدب األطفال؛.1 لكتابة القصة والمسرحية وإعداد السيناريوهات، مع توافر الحد المقبول من

االطالع الثقافي اإلسالمي. نحتاج إلى مخرجين مسرحيين، ومخرجي أفالم على مستوى عال من.2

االحتراف. نحتاج إلى ماهرين في صناعة أفالم الكارتون والرسوم المتحركة واأللعاب.3

اإللكترونية. لكن يجب أن يحمل هؤالء جميعا خلفيات ثقافية إسالمية تمكنهم من صب

نتاجاتهم في القوالب الفنية التي تراعي األهداف اإلسالمية، وتراعي شروطها وحدودها، وهذا ما يجب أن تعمل عليه مراكز التوجيه واإلرشاد المهني والجهات

المانحة التي تقوم بدعم الدراسة الجامعية، وهذا من أهم االستثمارات في عصرناالحاضر.

31

Page 32: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثامنعدم الرغبة في التعلم عند األطفال

تمهيد كثيرا ما تتعرض حياة الطفل الدراسية النتكاسات يتراجع بسببها في عالماته

المدرسية، وربما أدى به األمر إلى الفشل والرسوب المتكرر. ولدى البحث عن أسباب التراجع أو الفشل قد يتبين أن الطالب ليس لديه رغبة في الدراسة

والتحصيل، وال يبدي اهتماما كافيا بذلك أحيانا. ومن البديهي أن أي نشاط علمي أو عملي يقوم به اإلنسان يعتمد في انطالقه واستمراره على وجود الرغبة والدافع،

فإذا انعدم ذلك أو ضعف، تجمد النشاط أو توقف، وال يجدي هنا اللجوء إلى اإلكراه واستعمال وسائل الضغط، خاصة عندما يكون النشاط ذهنيا وفكريا يرتبط باكتساب

مهارات وقدرات تقوم باألساس على االختيار والرضى والرغبة. فلماذا يتراجع الدافع إلى الدراسة، وتضعف الرغبة في التحصيل عند الطالب في

بعض المراحل الدراسية؟ وكيف يمكن معالجة ذلك؟أسباب ضعف الدافعية للدراسة والتعلم

توجد أسباب عدة تؤدي إلى ضعف الدافعية إلى الدراسة، والتعلم نلخصها فياآلتي:

ال يمتلك بعض التالمذة معرفة كافية بأهمية التحصيلأوال: أسباب معرفية: العلمي، خاصة إذا كان يعتقد بأن المهم هو الحصول على المال وفرص العمل، وأن

قيمة اإلنسان ترتبط بما يملكه من ثروة، وهو يرى أباه مثال أو غيره ممن يعدهم مثاال يحتذى، استطاعوا الوصول إلى الثروة والجاه عن طريق التجارة واالغتراب،

ولم يكن لديهم أي مستوى علمي، وعلى العكس فكثير من العلماء والمتعلمين وأهل الشهادات العليا عاشوا حياتهم ممزوجة بالفقر والفاقة، أو أنهم اضطروا إلى

العمل كموظفين عند أولئك األغنياء. أحيانا تكون المشكلة في إدراك أهمية مادة معينة أو في معرفة التسلسل

الطبيعي للدروس والمطالعات وأمثال ذلك من األسباب ذات الطابع المعرفي،ن للطالب تطبيقات القواعد التي يتعلمها، وعندما ال يتم ربط العلم فعندما ال يبي

بالحياة، يصبح التعلم أمرا غير ذي معنى لديه، فال يجد الدافع إلى بذل الجهد فيسبيل تحصيله.

هذه األسباب يسهل معالجتها من خالل التعريف بأهمية العلم الذاتية وقيمة التعلم، بقطع النظر عن البعد المادي، كما يمكن معالجتها عن طريق كشف الكثير

من الجوانب الخفية لمعاناة األغنياء نتيجة عدم التعلم، وبيان ما يمكن أن يساهم به العلم في زيادة الثروة والحيلولة دون مجموعة من أوجه المعاناة، والتعريف باألمور

المساعدة على ترتيب األولويات وأمثال ذلك، ومن خالل ربط العلم دائما بالحياةوبمجاالت االستخدام.

32

Page 33: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

كالشعور بالكراهية للدراسة؛ ألنها تحول بينه وبين أمور ثانيا: أسباب نفسية: محبوبة لديه، أو الشعور باإلحباط أو عدم الثقة بالنفس، والشعور بالعجز عن تحقيق

النجاح، أو وجود أزمة نفسية تجاه أستاذ المادة، فكثيرا ما تنعكس مشاعر الطالب تجاه األستاذ على المادة التعليمية، وتنتقل األزمة إلى المادة نفسها، أو إلى الموقف

من المدرسة، ومن التعلم بشكل كلي. من هنا يتم التأكيد دائما على أهمية بناء الثقة بين الطالب ومدرسته، وبينه وبين

معلميه، ومن جهة أخرى ينبغي اعتماد الحوافز وأساليب التشجيع المعنوي والمادي،ودفع الطالب إلى الوثوق بقدراته، وإثبات ذلك من خالل تجزئة مراحل اإلنجاز.

قد يساهم األهل في خلق بعض المشكالت النفسية، من خالل رفع سقف األهداف التي يحددونها ألبنائهم، فيطلبون منهم إنجازات غير مقدورة، ويضعون

مقياسا للتفوق بعيد المنال، مما يوقع الطالب في اإلحباط واليأس؛ وفي المقابل يلجأ بعضهم إلى تخفيض سقف األهداف، ليصبح الحصول على المطلوب أمرا يسيرا

ال يحتاج إلى جهد وتعب، وهذا يقتل الطموح، ويؤدي إلى فقدان الدافع إلى الجد واالجتهاد؛ ألن ما يصبو إليه من مكافآت وحاجات يحصل عليه دون حاجة إلى بذل

الجهد وإتعاب النفس بما هو فوق ذلك. فالصحيح هو وضع أهداف واقعية ومنطقية، وتحديد الحوافز المناسبة لحجم

اإلنجاز، ورفع مستوى األهداف بشكل تدريجي بعد كل مرحلة. يصعب على األهل والمربين اكتشاف األسباب النفسية أو تحديدها بدقة غالبا، إال

أن ثمة كثيرا من المؤشرات والتصرفات والمواقف التي تكشف عنها إذا ما تممالحظتها وتحليلها.

أحيانا تتراجع الدافعية إلى الدراسة نتيجة بعض المشاكل ثالثا: أسباب صحية: الصحية، فقد يعاني الطالب من مشكالت في السمع أو النظر، وال تتم المبادرة

لعالجها، فيترك ذلك أثره على التحصيل العلمي؛ مما يشكل صعوبات تواجه الطالب، وقد ال يجد سبيال للتغلب عليها، خاصة إذا كان محل جلوسه في الصف بعيدا عن

اللوح أو المعلم، وفوت عليه ذلك االستفادة الكاملة من االستماع إلى المعلمومشاهدة ما يدون على اللوح أو وسائل اإليضاح األخرى.

كما أن آالم الرأس، أو الضعف الجسدي، أو الشعور بالنعاس، أو اإلحساس بالتعب وأمثال ذلك، كلها تساهم، بشكل أو بآخر، في تراجع الدافعية إلى الدراسة،

وربما الفشل ونقص المتابعة. ال يمكن التقليل من اآلثار السلبية للمشاكل األسريةرابعا: أسباب اجتماعية:

على التحصيل العلمي للطالب، ففي كثير من األحيان تؤدي المشاكل بين األبوين أو بينهما وبين األبناء أو بين األبناء أنفسهم إلى حالة من التوتر والقلق واالضطراب؛

األمر الذي يعيق قدرة الطالب على التركيز، ومع التكرار يسلب منه األملوالطموح، ويفقده اإلرادة الالزمة للبذل واالجتهاد وتحقيق النجاح المطلوب.

33

Page 34: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

المشاكل االجتماعية المؤثرة تتجاوز األسرة إلى المجتمع واألمن االجتماعي والبيئة االجتماعية، فالخلل األمني وانتشار الخوف والقلق، وحاالت الفقر الحاد،

وانتشار المفاسد االجتماعية، كلها تؤثر سلبا على الدافعية وتحد منها. من هنا ينبغي االلتفات إلى ضرورة إبعاد األطفال عن أجواء النزاعات األسرية،

وتوفير الحضن الدافئ الذي يشعرهم باألمان، ويدفعهم إلى االهتمام بشؤون المدرسة والتحصيل والنمو السليم؛ والجميع يتحملون مسؤولية توفير البيئة

االجتماعية الصحية والسليمة ليتربى األطفال بشكل طبيعي. تؤدي األجواء غير المناسبة خامسا: األجواء غير المناسبة للدراسة:

للدراسة دورا سلبيا في الحد من الدافعية عند الطالب، فعندما تزداد عوامل التشتت الذهني في الفترات التي يحتاج إليها الطالب للدراسة، يفقد القدرة على

التركيز، فقد تكون أجواء اإلضاءة غير مناسبة، وقد يكون مكان الدراسة غير صحي أو غير طبيعي، لجهة البرودة أو الحرارة أو الرطوبة أو الروائح أو الفوضى، ذلك كله

يساهم في إعاقة التحصيل، وبالتالي خلق صعوبات جمة توقع الطالب في اليأس، والشعور بالعجز، وانعدام القدرة على تحقيق اإلنجاز، وبالتالي تراجع الدافعية إلى

الدراسة. تتنوع الطريقة الخاطئة فيسادسا: الطريقة الخاطئة في الدراسة:

الدراسة على مستوى األسلوب، أو التوقيت، أو الترتيب ورعاية األولويات، أو تجاوز بعض المقدمات الضرورية وأمثال ذلك؛ هذه كلها تشكل عوائق وعقبات أمام

الحصول على النتيجة المرجوة وتحقيق النجاح، ومع االستمرار بالدراسة الخاطئة تنعدم الدافعية؛ لذا يعتبر من المفيد جدا تدريب الطالب على أساليب الدراسة

الصحيحة والناشطة، وتنظيم الوقت وتوزيع الجدول الزمني بما يتناسب مع االستحقاقات واألولويات، ومراعاة التسلسل الطبيعي للدروس والمكتسبات؛

لتوقف بعضها على بعض. كما أنه من المفيد أن يعتاد الطالب على الطريقة الصحيحة في إشباع حب

االستطالع لديه، والمفاتيح التي تمكنه من االعتماد على نفسه في البحثواالكتشاف وتوسيع دائرة المعرفة لديه، دون تقديم اإلجابات الجاهزة.

34

Page 35: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل التاسع

دور األهل في استدراك الخلل في النتائج النهائية للطالب خاللالعطلة

األهل والعطلة الصيفية ينتهي العام الدراسي، ويتجاوز أبناؤنا األعزاء االمتحانات النهائية، إال أن بطاقة

العالمات ال تعكس النتيجة التي كنا نتمناها، بعض المواد لم يتمكن الطالب من الحصول على عالمة النجاح فيها، بعضها حصل فيها على معدل وسطي ضمن الحد

األدنى للنجاح، لكن مثل هذا المعدل ال يمكن الركون إليه في المستقبل الختيار الفرع الذي يرغب فيه، أو على األقل سوف يحد من فرص االختيار لديه، ماذا نفعل -نحن األهل-؟ هل نستسلم لهذا الواقع ونترك الطالب يرتاح، ويتمتع بعطلة صيفية

دون ضغوطات الدراسة وهموم المدرسة والكتاب؟ هل بإمكاننا االستفادة من هذه المحطة )العطلة الصيفية( الستدراك ما يمكن

استدراكه من مكتسبات علمية ومهارات وقدرات لم يحصل عليها خالل العامالدراسي؟

هل نختار له مدرسا خاصا يحول صيفه إلى مدرسة، وأيام عطلته إلى أيام عملودراسة؟

هل نترك للطالب الحرية في اختيار األسلوب الذي يريد الستدراك ما فاتهومعالجة الخلل لديه، واختيار الجدول الزمني الذي ينسجم مع رغبته؟

هل بإمكاننا تقديم المساعدة له؟ وكيف لنا ذلك ونحن لسنا من أهل االختصاصفي التربية والتعليم؟!

هذه األسئلة كلها وغيرها تدور في خلد أي واحد منا وهو يتصفح النتائج النهائية البنه أو ابنته، ويتألم ألنه كان يتمنى له أو لها النجاح، بل التفوق، وكان يتمنى أن

ينظر إليه بافتخار وهو يخطو خطوات ثابتة ومطمئنة على المسرح لتسلم شهادة التخرج، بينما يرى النتائج بين يديه تحطم هذه األمنية، وتشعره باألسى والخيبة. وقد

يتذكر األهل في هذه اللحظات دفعات األقساط المدرسية التي وفروها للمدرسة بشق النفس، حيث يبذل األهل جهودا استثنائية لتأمين األقساط في أوقاتها لضمان

استمرارية الدراسة ألبنائهم في المدارس الخاصة. مهما يكن، فال بد من االلتفات إلى أن العالمات المدرسية تمثل مؤشرات على

كمية المكتسبات التي تحققت لدى الطالب خالل العام الدراسي وفق معيار األهداف والكفايات المحددة في المناهج، وبالتالي ال بد من النظر إلى العالمات

على أنها وسيلة قياس وليست هدفا في حد ذاتها؛ وعليه، فإن معالجة مشكلة الطالب الدراسية من خالل الضغط على المدرسة لترفيع الطالب دون استحقاق، أو

من خالل المطالبة بمنحه عالمات استلحاق ليست صوابا، وليس إنقاذا للعام

35

Page 36: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الدراسي كما يتوهم كثير من األهل والطالب؛ ألن المنهاج التعليمي والتربوي يعتمد على التراكم؛ أي تراكم المعارف والمهارات، وربما كان بعضها يترتب على بعض؛

مما يعني أن نقص المكتسبات في مرحلة يفقد الطالب القدرة على تحقيق المكتسبات في المراحل الالحقة، فليست المسألة مسألة طي سنوات دراسية،

وإنما هي مسألة تشييد للبناء العلمي والعملي الذي ال بد فيه من أسس متينة، وقواعد محكمة، وترابط وثيق بين األعمدة والجسور، ويحتاج إلى تناسب تام بين

الطبقات حتى ال ينعكس الخلل في األسس والقواعد خلال في البناء، وحتى ال يؤديالخلل في الترابط إلى خطر االنهيار والعجز عن االستمرار ومواصلة التشييد.

وعليه، فالعمل على معالجة الخلل باستدراك النقص والحصول على المكتسباتالفائتة ضرورة ال غنى عنها.

تراعى المناهج التربوية والتعليمية الجديدة هذا المبدأ عن طريق ما يسمى »الدعم المدرسي«، ولعل بعض أنواع الدعم هو ما يتلقاه الطالب في فترات

العطل، وال يمكن تنظيمه أثناء األيام المدرسية ألسباب ترتبط بحجم الخلل ونوعيته،والوقت المتاح لمعالجته من جهة، ومتابعة الدروس االعتيادية من جهة أخرى.

ولذلك ال نرى بأسا في أن يقوم األهل بمساعدة أبنائهم في تنظيم برامج دعم يوما، والتي90مدرسية، خاصة في فترة العطلة الصيفية الممتدة لما يقرب من

تشكل جبرانا للتقصير الحاصل خالل العام الدراسي المنصرم، وتأسيسا للعام % من50الدراسي القادم، خاصة أن العام الدراسي في بالدنا ال يرقى إلى استثمار

أيام السنة، والتحديات التي تنتظر أبناءنا كبيرة، فليس من البر أن نتركهم يهدروا نصف أيام الفتوة والشباب، بل أكثر، فيما ليس فيه نفع، وال يعود عليهم بالخير؛ إذ البر بهم أن نربيهم على الجدية، وأن نساعدهم في اكتساب المعارف والمهارات

والقدرات الضرورية التي تمنحهم القدرة على مواجهة الحياة بقوة وفاعلية، نتعبهماآلن ليرتاحوا في المستقبل، وال نريحهم اآلن ليتعبوا طيلة حياتهم.

دور األهل في تدارك ما فات أبناءهم تحصيله خالل العام الدراسي ال بد لألهل من القيام بخطوات عدة لمساعدة أبنائهم على تدارك الخلل في

النتائج: تحديد مواطن الخلل عند الطالب بدقة، فالعالمات الواردةالخطوة األولى:

على البطاقة قد ال تظهر مكامن الخلل إال بنحو إجمالي، فالعالمة المتدنية في الرياضيات، أو في اللغة األجنبية، أو في التربية ال تعني أكثر من مؤشر على وجود

خلل، لكن من الضروري تحديد مواطن الخلل بدقة، في أي مجال وفي أي من األهداف، ما هي المهارة التي لم تتحقق، وما هو المحور الذي لم يحصل فيه

الطالب على المعارف الضرورية، وهكذا...ويمكن تحديد ذلك بطريقتين:

أ- مراجعة ملف المسابقات واالختبارات واالمتحانات التي أجراها الطالب طيلة العام الدراسي، وتنظيم الئحة بالموضوعات التي أخفق الطالب في اإلجابة عن

36

Page 37: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

أسئلتها أو حل تمارينها، مع تحديد أسباب اإلخفاق، والتي تظهر في كثير من األحيانمن خالل األخطاء التي وقع فيها.

ب- مراجعة المدرسة، واالستعانة بمعلمي الطالب، الذين يفترض بهم أن يكونوا قد رصدوا المشكالت عبر وسائلهم التربوية المعتمدة في المدرسة، وبالتالي

بإمكانهم تحديد المجاالت والكفايات التي ينبغي استدراكها. هذه الخطوة ضرورية جدا، وتكمن أهميتها في أنها تحصر الدعم في محل الحاجة؛ مما يتيح فرصة أكبر لبرامج الدعم، وتحول دون هدر الوقت والجهد في غير مواطن

الخلل. تصميم البرامج المناسبة للدعم، وهنا يمكن لنا القيام بذلكالخطوة الثانية:

باالشتراك مع الطالب نفسه، وتحديد الدروس التي ينبغي مراجعتها وإعادة تعلمها وكيفية تحقيق ذلك، والجدول الزمني المطلوب؛ وبعبارة أخرى، يجب وضع خطة الدروس بما يتيح إمكانية إنجازها في الفترة الزمنية الالزمة، وبما يتيح لنا فرصة

المتابعة والرقابة والتأكد من قيام الطالب بما هو مطلوب منه. في هذا المجال، يمكن لألهل -إذا كانوا ال يستطيعون تصميم البرامج المناسبة- أن يستعينوا بأستاذ خاص، لكن مع التأكد من قيامه بوضع البرامج المناسبة لمحل

الحاجة، وقيامه بخطوات التقويم الالزمة بشكل مستمر، والطلب إليه تزويدهم بالمسابقات واالختبارات التي تظهر الوضع الجديد للطالب، للتأكد من تحقق

األهداف والكفايات المطلوبة. المواكبة الصحيحة للطالب في استثمار وقته بشكل صحيح،الخطوة الثالثة:

وال يعني ذلك منع الطالب من االستمتاع بفترات استراحة، أو القيام بنشاطات ترفيهية، فربما كان ذلك مهما وضروريا إلكسابه القدرة على القيام بالواجبات

الدراسية بشكل أفضل، فالمطلوب هو الحفاظ على نوع من التوازن، وإعطاء وقت مخصص للترفيه أو االستراحة، وأوقات أخرى للدراسة والتحصيل، على أن تحترم

هذه األوقات وتستثمر بشكل سليم. ومن المهم لمن يقوم بمهمة المواكبة والمتابعة، أن يلتفت إلى أهمية األسلوب، وأن يعمد إلى التشجيع واإلشادة والتنويه عندما يجد الطالب مجدا، وعندما يحقق نجاحا في أي مسابقة أو اختبار، وأن يعمد إلى اإلصالح والمعاتبة والحث والتنبيه

بالتي هي أحسن، عندما يكتشف تقصيرا أو خلال في تطبيق البرامج.

معالجة الدافعية قد يكون السبب األساس في تراجع النتائج التعليمية للطالب هو النقص في

الدافعية إلى التعلم، إما من خالل عدم االعتقاد بجدوى التعلم، أو من خالل الشعور بالعجز واإلحباط؛ وعندئذ، فإن المشكلة التي أدت إلى خلل في الدراسة أثناء العام

الدراسي قد تؤدي إلى خلل مشابه في نشاطات التعلم االستدراكي أثناء الصيف، وبشكل أشد وأقوى؛ ألنه يشعر هنا بأنه يضحي بفرصة الراحة والترفيه التي يتمتع

بها زمالؤه؛ مما يزيد من كراهيته للدرس والتعلم؛ األمر الذي يفترض بنا القيام

37

Page 38: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

بمعالجة نقص الدافعية أوال باألسلوب المناسب، وذلك بتغيير اعتقاده وموقفه من الدراسة، من خالل إقناعه بأهمية الدراسة أو أهمية المادة الدراسية التي ال يرغب

في تعلمها، ومن خالل إقناعه بأنه غير عاجز عن االكتساب والوصول إلى مراتب النجاح والتفوق، ومن المفيد هنا تجزئة األهداف، حتى إذا حقق أحدها أدرك قدرته على تحقيق هدف آخر خطوة خطوة، وكذلك تدريب الطالب على طريقة الدراسة

الصحيحة والوقت المناسب، وتدريبه على تنظيم وقته وترتيب أولوياته، وإشعارهبالرعاية والحنان.

أحد العوامل التي تؤدي إلى موقف سلبي من تعلم المادة هي عالقة الطالب بمعلم المادة إذا كانت تعاني من خلل، هنا يجب على األهل أو المربين اكتشاف ذلك، والقيام بإصالح هذه العالقة أو العمل على التفكيك بين نظرة الطالب إلى

المادة ونظرته تجاه المعلم؛ لكي ال تتأثر األولى بالثانية، ونستطيع مساعدته في بناءموقف إيجابي من المادة مهما كان الموقف من المعلم.

هذه الطريقة من االستدراك ضرورية ومهمة، وحتى إذا كان الخلل ال يؤثر على نجاح الطالب وترفيعه إلى صف أعلى، فيمكن لنا أن نعمد إلى ذلك في كل مادة نجد أن الطالب نال فيها عالمة الحد األدنى للنجاح، ومن المناسب أن نواكب هذه

العملية منذ بداية العام الدراسي الالحق، فنراجع كل مسابقة أو اختبار، سواء أكان جزئيا أم كليا، ونطلب من الطالب إعادة اإلجابة عن األسئلة التي لم يوفق فيها لإلجابات الصحيحة، وإذا أخفق مجددا نطلب منه إعادة تعلم الكفاية أو الهدف، ومساعدته في ذلك، لنصل في نهاية العام الدراسي القادم إلى نتائج مرضية ال

تضطرنا إلى برامج دعم صيفية ثانية.

38

Page 39: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل العاشرأوقات الفراغ نعمة أو إشكالية؟

تمهيد تطرح اليوم قضية أوقات الفراغ وأساليب ملئها كمشكلة اجتماعية، تعاني منها العديد من المجتمعات، وخاصة المتمدنة منها، وتتم دراسة أسبابها وكيفية عالجها،

وكيفية الحد من تأثيراتها السلبية. هذه المشكلة وإن لم تكن حديثة النشأة، إال أنها استفحلت وتعاظمت في عصر الحضارة المادية التي أنتجت نظاما اجتماعيا يحدد ساعات العمل من جهة، ويوزع االختصاصات على نحو يحول اإلنسان في حركته الرتيبة إلى آلة من آالت المصنع وأداة من أدوات اإلنتاج. ولسنا هنا في وارد الحديث عن سلبيات أو إيجابيات هذا

النوع من النظام، ونكتفي باإلشارة إلى أن مشكلة أوقات الفراغ من نتاجات مثلهذا النظام.

فلو طلبنا من أي فرد في أي مجتمع من مجتمعاتنا المعاصرة تصنيف ساعاتيومه، فسيقوم بتوزيعها بشكل عفوي وطبيعي إلى فئات أربع:

ساعات العمل اليومي.-1ساعات النوم والراحة الضرورية.-2ساعات األمور الخاصة والعائلية الالزمة.-3ساعات الفراغ.-4

كيف تنشأ المشكلة؟ أن وجود أوقات الفراغ له ارتباط وثيق بنظرة اإلنسان إلى الحياةال شك في

وفلسفتها، وطريقته التي يعتمدها في تنظيم مختلف شؤونه؛ فغالبا ما نجد أن الذين يحملون رؤية قاصرة تجاه فلسفة وجودهم، وال يتطلعون ألكثر من حياة رتيبة غير

هادفة إال في دائرة الحاجات المادية، همهم تحضير متطلبات المعيشة فحسب، وإذا تهيأت لهم استغرقوا بها وانتهى كل شيء، غالبا ما نجد أمثال هؤالء أكثر ابتالء بمشكلة أوقات الفراغ من غيرهم؛ بينما ال نجد ذلك لدى األفراد الذين يدركون

حقيقة وجودهم، ويعرفون مصيرهم، ويتحركون نحو أهداف بعيدة تتجاوز متطلبات معيشتهم، بل تتجاوز دائرة حياتهم الدنيوية، وال تشكل متطلبات المعيشة في

نظرهم إال بعض الوسائل التي ال بد منها في مسيرتهم؛ مثل هؤالء ال معنى ألوقات إنهم يوظفون كل لحظة من لحظات عمرهم، وكل؛ إذ الفراغ في قاموس حياتهم

فرصة من الفرص التي أنعم الله بها عليهم في سبيل الوصول إلى هدفهم المنشود،فال يبقى لديهم أية لحظة فراغ.

39

Page 40: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

فاإلنسان الذي يعمل من أجل بناء نفسه بما يتناسب مع حياته األبدية الدائمة، ويدرك أنه يسير نحو الخلود، وأنه يبني من خالل حياته الدنيا الفانية حياة دائمة له في عالم آخر غير هذا العالم، وأن الطاقات التي يمتلكها اآلن يمكن توظيفها في

إعداد أكمل الظروف وتهيئة أفضل المستويات من النتائج التي تحقق له حالة رفيعة ومستوى عاليا من المنازل، مثل هذا اإلنسان لن يكون لديه وقت يمكن التعبير عنه

بأنه »وقت فراغ«؛ ألنه ال محدودية للعمل في منهجية حياته، ال كما وال كيفا. لذا نجد أن اإلمام موسى الكاظم)ع( عندما اعتقل من قبل سلطان الجور، وأودع

اللهم، إنك تعلم أنني كنت أسألك أن تفرغنيالسجن، يناجي ربه قائال: ».9«لعبادتك، اللهم وقد فعلت فلك الحمد

بينما نجد الذين يتحدثون عن مشكلة أوقات الفراغ ويعانون منها، يرون أنالسجون من أبرز مصاديق هذه المشكلة.

نحن ال نريد أن ننكر وجود هذه المشكلة االجتماعية، وإنما أردنا أن نسلط الضوءعلى العوامل التي نشأت عنها وأدت إلى قيامها، فإن ذلك له مدخلية في معالجتها.

اآلثار السلبية ألوقات الفراغ ربما يتعجب بعض األفراد من الحديث عن اآلثار السلبية ألوقات الفراغ، متوهما

أن المشكلة عند الناس تكمن غالبا في ضيق الوقت عن استيعاب األعمال التي يحتاج اإلنسان إلى إنجازها؛ فضيق الوقت هو المشكلة التي تحتاج إلى عالج، وهؤالء

ينظرون إلى الطبقة أو إلى األفراد الذين تلجئهم الظروف االجتماعية والمعيشية الصعبة إلى مضاعفة العمل، وبالتالي استهالك أغلب ساعات اليوم، وربما يوصلون

الليل بالنهار، فهؤالء هم األتعس حظا واألحوج إلى معالجة معضلتهم. إال أن هذا النوع من الرؤية ناشئ من النظر إلى األمور بعين واحدة، ومن خالل نافذة ضيقة، فصحيح أن هؤالء هم أسوأ حاال من الذين يكتفون بالقليل من العمل

لتحقيق متطلبات العيش، وال ينبغي لإلنسان أن يستهلك لحظات حياته كلها في الكد والسعي لتحقيق حاجاته المادية ومتطلبات العيش فحسب، وإذا كنا أحيانا ونظرا

إلى تعقيدات العصر، نقتل زهرة حياتنا وأعز طاقاتنا في السعي وراء لقمة العيش، فإن هذه مشكلة ينبغي أن تدرس في إطار األنظمة االجتماعية والسياسية التي أدت

إلى مثل هذا األمر. إال أن الحديث عن مشكلة أوقات الفراغ ينشأ من كونها تشكل أرضية خصبة

لتفشي الكثير من األمراض االجتماعية، وساحة مناسبة لتحرك رواد المفاسداالجتماعية واألخالقية، واالنحرافات الخطرة، والمزالق المهلكة.

فللفراغ انعكاسات سلبية قاتلة على الجانب النفسي عند اإلنسان من جهة، وهو الذي يفسح المجال أمام مأل الفراغ بوسائل اللهو والعبث، وذلك -بال شك- ينطوي على أخطار عظيمة، ويبدد طاقات اإلنسان وإمكاناته بال فائدة وبال نتيجة، وإذا لم

النيسابوري، الشيخ محمد بن الفتال، روضة الواعظين، تقديم: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، 9.219منشورات الشريف الرضي، إيران - قم، ال.ت، ال.ط، ص40

Page 41: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

يدرك مخاطر بعض تلك الوسائل من الناحية الروحية والتربوية واالجتماعية، فسوف يستغرق في التعاطي معها حتى الدخول في أسرها واالنشداد إليها، لتتحول إلى

جزء من حياته وممارسته اليومية، والنتيجة ال يمكن التنبؤ بحدودها. فاإلنسان بطبعه وغريزته يسعى لملء أوقات فراغه، وكثيرا ما يلجأ إلى طريقة

غير مدروسة يستجيب فيها لهوى النفس ومغريات الشيطان، والذي يزيد المشكلة الوسائل المفسدة بشكل واسع، وجهوزيتها وحضورها في كل وقت،توافرتعقيدا

وفي كل مكان، دون عناء ودون كلفة كبيرة.

كيف نسيطر على المشكلة؟ توجد مدخلية لثقافة الفرد والمجتمع في اختيار األسلوب األنسب لملء -1

أوقات الفراغ، فاإلنسان الذي يحمل ثقافة دينية -كما قدمنا-، ويلتزم بعقيدة سالمة، سوف يجد الباب مفتوحا أمامه لملء ساعات فراغه بالنشاطات الدينية والعبادية

أن الفرد الذي ذاق طعم المعرفة واستطعمال شك فيوأعمال الخير وما شابه. وحالوتها لن يجد بديال عن ملء فراغه بالمطالعة وطلب العلم والمعرفة.

أما اإلنسان الذي حرم من ذلك كله، وهو يحمل بين جنبيه غرائز وشهوات حيوانية، فسوف تدفعه إلى اختيار ما يتناسب مع تلك الدوافع الغريزية، فينطلق

إلشباعها في أوقات فراغه بنهم بما تمكنه منه طاقاته وإمكاناته، مما يجعله عرضة للوقوع في أحضان حركات منظمة تسعى لتخريب المجتمع، والقضاء على القيم األخالقية، أو عرضة الستغالل عناصر جشعة، توظف طاقات مثل هذا المسكين

لمآربها ومصالحها الخاصة. وبناء عليه، فإن الدولة بشكل خاص، والمؤسسات العلمية والثقافية بشكل عام،

تتحمل هنا مسؤولية كبرى تجاه هذه المشكلة، وعليها أن تقوم بدورها، وتضع خططا وبرامج مكثفة للحيلولة دون استغراق وسائل التخريب االجتماعي واألخالقي في

دورها الهدام، وتوجيه الشباب خاصة، وجميع أفراد المجتمع بشكل عام، إلى ثقافة سليمة ملتزمة بالقيم واألخالق الصالحة، كي تضع كل فرد على الطريق الصحيح في اختيار نشاطاته المناسبة التي تخدم الهدف األسمى الذي ينبغي لإلنسان أن يسعى

لتحقيقه. أن المنابر الدينية التي نظم اإلسالم لها مراسم خاصة يوميةال شك فيو

وموسمية؛ كصالة الجماعة والجمعة واألعياد، والمناسبات العديدة التي ال يخلو منهاأسبوع من أسابيع السنة، هذه المنابر يمكن أن تؤدي دورا مهما في هذا المجال. والثروة الكبيرة من التوجيهات المؤثرة والعظيمة التي تضمنها القرآن الكريم

والسنة النبوية الشريفة وسنة أئمة أهل البيت)عليهم السالم(، تشكل مدرسة مهمةفي رسم معالم ثقافة الفرد والمجتمع، لو أتيح لها أن تحتل موقعها المناسب.

تتحمل المدرسة في عصرنا الحاضر المسؤولية األكبر في تربية األجيال-2 الصاعدة، وبإمكانها أن تشارك في حل المشكالت االجتماعية بشكل أكثر فعالية،

ومنها هذه المشكلة، هذا إذا أعد لهذه المدارس هيئات تعليمية سليمة من األمراض

41

Page 42: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الروحية، خالية من االنحرافات السلوكية واألخالقية، جديرة بالمسؤولية، خبيرةباألمور التربوية.

والحق يقال إن إعداد المعلم إعدادا خاصا أهم بكثير من إعداد الطبيب والمهندسوغيرهما من األفراد الذين يحتاج إليهم المجتمع.

والمؤسف، أن بلدان العالم الثالث بشكل عام ال تولي أهمية لمعلمي المراحل التعليمية االبتدائية، بينما الالزم إخضاع هؤالء للتأهيل التربوي قبل النظر في تأهيلهم

العلمي، مع أن الفرص متاحة أمام القيمين والمسؤولين لتنظيم برامج خاصةللتأهيل التربوي لجميع معلمي المدارس.

يمكن وسائل اإلعالم المختلفة خاصة التلفزيون واإلذاعة والصحف أن تؤدي-3 دورا في توجيه المجتمع بشكل مباشر وغير مباشر الختيار األسلوب األفضل لملء

أوقات الفراغ بشكل يحقق ثمرات كبيرة، وبعيدا عن اآلثار السلبية. دور هذه الوسائل، وخاصة التلفزيون، في ترويج األلعاب الرياضية في أوساط الشباب ال يمكن إنكاره؛ فإن األلعاب الرياضية، وخاصة كرة القدم، تحتل مساحة كبيرة من برامج التلفزيون، والعديد من الصحف والمجالت المحلية قد خصصت

بالكامل لهذا الغرض، فضال عن النوادي الرياضية الكثيرة جدا المنتشرة في طول البالد وعرضها، ولعل الغرب أول من أدرك أهمية هذه الطريقة في جذب الشباب وملء أوقات فراغهم، حتى إن العالم الغربي يحاول اإلفادة من هذه األلعاب في

األغراض السياسية، وفي شغل األنظار عن المشاكل األخرى التي تعاني منها بالده،ولعله وفق في ذلك إلى حد بعيد.

المؤسف، أن المجتمع اإلسالمي اندفع وراء هذه الطريقة بال وعي، حتى تجاوزتحدودها، وباتت تخلق مشكلة اجتماعية.

أن األلعاب الرياضية لها جوانب إيجابية عديدة، إال أنه ينبغي أن الال شك فيو تتجاوز حدودها الطبيعية، وأن ال يعتمد عليها كأسلوب وحيد لملء فراغ الشباب،

على حساب األساليب والطرق األخرى التي لها مدخلية مباشرة في بناء المجتمعالصالح.

من هنا، فإننا نطالب وسائل اإلعالم أن تولي اهتماما بالوسائل والطرق األخرى بالمستوى نفسه الذي تهتم به اآلن تجاه األلعاب الرياضية. ويمكن االستفادة في هذا

المجال من الخبراء والمتخصصين في المجاالت كافة. نود أن نطرح، في هذه الفقرة من بحثنا، بعض الوسائل التي يمكن دراستها-4

بجدية، وبرمجتها بالشكل المناسب، لتكون خططا لملء الفراغ: افتتاح النوادي العلمية على غرار النوادي الرياضية، لتنمية اإلبداعات العلميةأوال:

عند األطفال والشباب، وزرع روح اإلبداع عندهم، وإجراء مسابقات خاصة في هذاالمجال، بعد أن توضع اإلمكانات الالزمة في متناولهم.

تشجيع النوادي األدبية وتكثيرها، وتنظيم مسابقات شعرية وأدبية، خاصةثانيا: في المناسبات العظيمة التي ترتبط بأهل البيت)عليهم السالم(، وإقامة مهرجانات

واستعراضات أدبية لألطفال والشباب، وإصدار نشرات خاصة لعرض نتاجاتهم.42

Page 43: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

القرآن الكريم والسنة المطهرة من أهم مميزات المجتمع اإلسالمي،ثالثا: والمجتمع اإلسالمي اآلن يشهد حالة من االهتمام بحفظ القرآن الكريم وتالوته، حيث

يتم تنظيم المسابقات واألمسيات ألجل ذلك، إال أن المطلوب زيادة هذه الحركةنشاطا وسعة، وتطويرها لالهتمام بروح القرآن فضال عن شكله وألفاظه.

يمكن االستفادة من المخيمات الطالبية لتنظيم دورات تربوية أخالقية فيرابعا: أجواء طبيعية سليمة، تجمع بين جمال الطبيعة وجمال الروح اإلنسانية الباحثة عن

الكمال؛ هذه الدورات تحتاج إلى مؤسسة كبيرة ترعاها، وتشرف على تنظيمها، وتهيئ لها المربين الكفوئين، على أن يتم خاللها تدريب الطالب على الممارسات

األخالقية خالل فترة التخييم، وتدريبهم على تحمل المسؤولية واالعتماد على النفس من خالل توزيع المهام عليهم، فمخيمات الطالب إذا أحسن االستفادة منها، وتمتنظيم برامجها، فستكون من أفضل الوسائل لتربية الشباب وتدريبهم األخالقي.

المطالعة وسيلة مهمة لنشر الثقافة وملء ساعات الفراغ، إال أن ثمةخامسا: طبقة كبيرة من المجتمع اإلسالمي ال تعرف قيمة المطالعة، أو ال تعرف كيف تدخل

إلى هذا البحر المترامي األطراف من الكتب والنشرات، أو لم تتذوق حالوةالمطالعة ولذة المعرفة.

فال بد من وضع خطة بعيدة المدى تقوم ببناء عالقة متينة بين الناس والكتاب، وذلك من خالل توجيه كل شريحة من شرائح المجتمع نحو الكتاب المناسب،

وترغيب القراء في المطالعة وتعريفهم بالكتب، وتسهيل حصولهم على الكتاب المناسب. وينفع في هذا المجال زيادة عدد المكتبات العامة وصاالت المطالعة،

وتزويدها ببرامج التعريف بالكتاب واإلعانة على اكتشاف كنوزه. قد تكون المشكلة عند كبار السن والمتقاعدين أقل خطرا من مشكلةسادسا:

الشباب، إال أنها تترك آثارا سلبية من نوع آخر على نفسية المسن عندما يجد نفسه عاطال عن العمل، فينمو عنده اإلحساس القاتل بالفراغ، وأنه أصبح عنصرا زائدا

مستغنى عنه، فيذهب ضحية اليأس وعقدة الشعور بتثاقل اآلخرين منه حتى أقربالمقربين.

وحل مشكلة هؤالء تتحقق بتنظيم مؤسسات خيرية توظف هؤالء بعمل الخير تطوعا حسب اإلمكان، ومجتمعاتنا اإلسالمية أقل معاناة في هذا المجال من

مجتمعات الغرب، حيث إن المساجد والحسينيات وما فيها من نشاطات تشكل فرصا مناسبة لشغل أوقات فراغ هؤالء، إال أن تطوير منظمات العمل الخيري

التطوعي ومؤسساته لإلفادة من هؤالء تبعث روح األمل فيهم، وتؤدي إلى إحياء طاقاتهم المعطلة، وفي هذا المجال ثمة فكرة قابلة للدرس، وذلك بأن يعلن عن

مؤسسة عمل خيري تطوعي تحدد أعمال الخير التي يمكن مشاركة كبار السن فيها بشكل تطوعي، ثم تستدعي المتطوعين للتسجيل في هذه المجاالت في ساعات

معينة يوميا وأسبوعيا.فمثال يمكن أن تكون من جملة أعمال الخير:

إرشاد الزائرين والسائحين، وتنظيم حركتهم.-1

43

Page 44: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

حراسة األماكن المقدسة.-2اإلشراف على أماكن عبور األطفال، خاصة بالقرب من المدارس.-3 القيام بأمور تبليغية مختصرة وإرشادية في األماكن العامة، من قبيل توزيع-4

كراسات صغيرة أو بطاقات إرشادية أو ما شابه. ويمكن توسعة هذا األمر إلىر السائقين بضرورة الحفاظ على أنظمة السير، ومنشورات لرواد منشورات تذك

الحدائق العامة بضرورة الحفاظ على النظافة، والنظام، ورعاية األخالق اإلسالمية،وأمثال ذلك.

؛يمكن إعطاء المتقاعدين دورا في أجهزة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر-5 أنهم أبعد عن التهمة بعد توجيههم إلى األساليب الجذابة في هذا المجال،باعتبار

خاصة على صعيد ترويج الحجاب وتنبيه النساء اللواتي ال يلتزمن بدقة بذلك. مضافا إلى أمور أخرى كثيرة يمكن ابتكارها وإعطاء الكبار والمسنين دورا مهما

فيها. أود اإلشارة إلى الحديث النبوي الشريف الذي يتحدث عن تقسيموختاما:

ساعات النهار، فقد روى العالمة المجلسي)قدس( في )بحار األنوار( عن أمير ينبغي للعاقل إذا أنه قال: »)ص(المؤمنين علي بن أبي طالب)ع(، عن النبي

كان عاقال أن يكون له أربع ساعات من النهار: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي أهل العلم الذين يبصرونه أمر

دينه وينصحونه، وساعة يخلي بين نفسه ولذتها من أمر الدنيا فيما.10«يحل ويجمل

فاألصل هو أن يكون لدينا عمل نبحث له عن وقت فارغ ألدائه، وليس األصل أنيكون لدينا وقت نبحث له عن عمل.

مسؤولية شرعية على عاتق اآلباء من الطبيعي أن يشعر جميع اآلباء بضرورة حضــورهم الــدائم بين أفــراد أســرتهم، وقضاء أوقات فــراغهم في أجوائهــا، والتعبــير عن اهتمــامهم الكبــير بشــؤونها كافــة،ــة؛ باعتبارهــا والمحافظة على الروابط المتينة التي تسهل عليهم القيام بعملية التربي

تعد واجبــا شــرعيا يفــترض تأديتــه على، بل إحدى المسؤوليات الملقاة على عاتقهم أكمل وجه، فتربية األبناء وتوجيههم بشكل صحيح مسـؤولية تقـع على عـاتق األبـوين بالدرجة األولى، وهي مسؤولية شرعية ال يجوز االستقالة منهــا. وعلى الــرغم من أن باإلمكــان االعتمــاد على المدرســة الصــالحة لهــذه المهمــة في بعض األحيــان، إال أن المدرسة ال يمكنها أن تحقق كامل الهدف وحدها دون مســاعدة األبــوين. هــذا األمــر يفرض على األب، بالخصوص، التخطيط السليم، واالهتمام الكافي، وتخصــيص جــزءــة للعنايــة بالجــانب الســلوكي والــروحي والــتربوي من وقته ومن برامج حياته اليومي ألبنائه، فالتربية ال تتحقق من خالل الئحة وصايا، وجملــة من األوامــر والنــواهي الــتيــة، وإنمـا هي يتم إصدارها على نسـق المراســيم العســكرية أو الرئاســية أو الحكومي

.10 الفتال النيسابوري، روضة الواعظين، مصدر سابق، ص1044

Page 45: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

فعـــل مســـتمر، وتوجيـــه دائم، وفن في الممارســـة والتـــأثير ال يتـــأتى إال من خاللــل ــال عن العق ــاعر، فض ــة القلب والمش ــادقة ومخاطب ــة والمص ــرة والمتابع المعاش

واإلدراك؛ مما يعني أن تخصيص الوقت الكــافي أمــر ال بــد منــه، إلى اختيــارمضــافا األسلوب والطريقة والخطاب، بما يتناسب مع الحالــة، ومراعــاة الخصوصــيات الــتي

يتميز بها كل طفل عمن سواه.

45

Page 46: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الحادي عشر

كيف ننظم أوقات أطفالنا؟خطاب ألولياء األمور

تمهيد انطالقا من المسؤولية العظيمة التي نتحملها معا تجــاه أبنائنــا وأبنــائكم، والــتي ال يمكن القيام بها على أفضل وجه إال بالتعاون والتكامــل، وتوزيــع األدوار، لنقــوم نحن في المدرسة بدورنا، وتقومون أنتم في المــنزل بــدوركم، علنــا نصــل إلى مــا نطمح إليه من بناء جيــل مــؤمن واع مســؤول قــادر على حمــل الرايــة وبنــاء مجتمــع القيمــه- بضــرورة رفــع مســتوى التواصــل بين والحضارة، إننا نشعر -انطالقــا من ذلــك كل البيت والمدرســة، ومناقشـة جميــع األمــور ذات العالقــة بالتربيــة والتعليم، وتحصــين

أبنائنا، أخالقيا وسلوكيا في مواجهة األخطار المحيطة بنا من كل جانب. البرنامج العملي لتنظيم الوقت

ــام العطــل األســبوعية كيف يقضي أبناؤنا أوقاتهم خارج الدوام المدرســي، وفي أيوالموسمية؟

هل يفكر أحد منا في أن يتفق مع أبنائه على وضع جدول زمني منظم للنشــاطاتواألعمال التي يقومون بها في البيت؟

ــة قد يبدو األمر ألول وهلة غريبا، وقد يتصــور بعض أن ذلـك نــوع من التقييــد لحريــق األبناء في وقت هم بحاجة إلى االنطالق والتحرر من القيود، خاصة بعــد يــوم مره

من الدراسة. إال أن البرنامج الزمني والعملي من شأنه أن يحقق مجموعة فوائد:

يمكن التلميــذ من االســتفادة القصــوى من وقتــه، فال يجــد نفســه يومــا مــاأوال: مقصرا في دروسه نتيجة عدم استيعاب الــوقت، وعــدم التمكن من إتمــام التكــاليف

والتحضير الكافي لالمتحانات. ــام وعلىثانيccا: ــذ على النظ ــدرب التلمي ــدد ي ــامج مح ــوقت ضــمن برن تنظيم ال

التخطيط، ويبني منه شخصية جدية وإدارية. ــا فيثالثا: تنظيم الوقت يمكن التلميذ من ممارسة هواياته ونشاطاته الــتي يحبه

وقت معد مسبقا لها دون أن يكون على حساب التكاليف والواجبات. يتيح ذلك ألولياء األمور فرصــة اإلشــراف على أبنــائهم، ومراقبــة أعمــالهمرابعا:

وأوضاعهم بشكل أفضل، وبعناء أقل. يقطع ذلك أعذار األوالد الذين يحــاولون التهــرب من تحمــل المســؤولية،خامسا:

والتذرع ببعض الواجبات والتكاليف للتملص من مسؤوليات معينة يطلب األهل منهمتحملها والقيام بها.

46

Page 47: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

كيف ننظم الجدول الزمني؟ــام ــام الــدوام المدرســي، وآخــر ألي ينبغي وضع جداول زمنية عــدة، واحــد منهــا ألي العطل األسبوعية، وثالث أليام العطل الموسمية الطويلة نسبيا. وفي كــل واحــد من

هذه الجداول تراعى األمور اآلتية: - تحديد الوقت الموجود بداية ونهاية )مثال: من السـاعة الثالثــة بعــد الظهــر إلى1

الساعة التاسعة مساء(. - مالحظة التكاليف والنشاطات واألعمال المطلوبة بشكل يومي، ووضع إحصاء2لها. - مالحظة حاجات الولد التي ينبغي مراعاتها، مثــل: الراحــة والطعــام والنظافــة3

والعبادات وأمثال ذلك، ليتم توزيع الجدول بطريقة ال تهملها. ــة،4 ــة عن العملي - تمييز األعمال الفكرية عن األعمال العضلية، والتكــاليف الذهني

وإعطاء كل عمل أو تكليف الموقــع المناســب في الجــدول والــوقت المناســب، مــعمراعاة الترتيب والوقت.

- التشاور مع الولد نفسه لمشاركته في التخطيط وتحمل المسؤولية. 5 - رســم المخطــط األولي للجــدول، بحيث يعطى لكــل عمــل وقتــه الكــافي6

والمحدد، ثم إخضاعه لتجربة مؤقتة )أسبوع مثال(. - إعادة دراسة التوزيع على أساس النتائج التي لوحظت خالل الفترة التجريبية،7

ووضع جدول جديد. - مراقبة التطبيق بشكل دائم وتسجيل مالحظات للتقييم، ومستوى االلتزام،8

والعوائق، وأمثال ذلك. - وضع الحوافز والمشجعات والمكافآت الالزمة على التقيد التام بالجدول9

والبرنامج المحدد.

التلفزيون والفيديو والمخاطر التي تواجه أطفالنا قلما يلتفت األهل إلى مخاطر ما يبث في وسائل اإلعالم المرئي والمسموع، ومع االلتفات إلى بعض المخاطر قد يجد األهل صعوبة بالغة في السيطرة على الموضوعــدعايات ــا ال وتنظيم مشاهدات أبنائهم على مستوى القنوات والبرامج واألفالم، وربم

الفاضحة التي تتخلل البرامج المقبولة. ة، مع العلم أن التلفزيون في عصرنا الحاضر يشكل مصدرا لثقافة األطفــال خاصــــة والجــوانب الســلوكية؛ لـذا، والناس عامة، ويؤثر تأثيرا بالغـا في المشــاعر العاطفي ينبغي االلتفات والحذر واستنفار الطاقــة للحــد من تــأثيره، والحيلولــة دون ســيطرته

على واقعنا، والتالعب بفكر أبنائنا وثقافتهم وسلوكهم.

47

Page 48: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ــا فالكثير من البرامج واألفالم التي يتم بثها على شاشات التلفزة تلعب دورا رئيس في الــترويج للعنــف والفســاد واالنحــراف والعــادات الســيئة، فــإن تكــرار مشــاهدةــد الطفــل الخصال السيئة في األفالم ينقلها من عالم االستهجان واالستنكار التام عن إلى المقبولية، وتصبح عادية كونها تمارس بكثرة في األفالم، ممــا يــدفع الطفــل إلى

ممارستها وتقليد ما يراه دون وازع وال رادع. ــا نــرتكب جرمــا مضــاعفا بــترك العنــان لألوالد يشــاهدون مــا يستحســنون من إنن البرامج واألفالم؛ ألننا نتخلى بذلك عن تكليفنا ومســؤوليتنا في تــربيتهم وتعليمهم مــا يصلحهم، ونستعيض عن ذلك بملء وقتهم بما يضــرهم ويعرضــهم الكتســاب األخالق

السيئة والعادات القبيحة والثقافة الهجينة. فال يكفي حماية األوالد من الــبرد والمــرض والجــوع، بــل ينبغي حمــايتهم من هــذا العدو الشرس الذي يغزونا في عقر ديارنا، فال تتركوه يســيطر على واقعنــا وحياتنــا، فاألمر يحتاج إلى قرار سريع وموقف حاسم، وتقــنين منظم لنحصــر عالقتنــا وعالقــة

أبنائنا به في إطارها الصحيح والسليم. أضرار جانبية للتلفزيون والفيديو عدا عما يأتينا من قبل البرامج التي تبث،ثمةو

وهي: - الحيلولة دون الجلسات العائلية، والتي يمكن من خاللها القيام بتوجيه النصائح1

واإلرشادات ومعالجة المشكالت بهدوء، وبناء عالقة أســرية ســليمة، فــإن التلفزيــون يمأل حياة العائلــة ويشــد انتبــاههم، ويســيطر على كـل شــيء، فيضــيع هــذه الفرصــة

الذهبية عادة. ــة، نتيجــة2 ــراد العائل ــان النزاعــات بين أف ــير من األحي ــون في كث ــير التلفزي – يث

اختالفهم على نوع البرنامج الذي يرغبون مشاهدته، فيفضل الصــغار أفالم الكــارتونل الفتيــات مشــاهدة بعض مثال والناشئة أو الشبيبة مشاهدة كرة القدم، وربمــا تفضــ األفالم الروائية، فتتعارض اإلرادات، وال بد من غلبة إحداها على حساب األخرى؛ مما

يترك أثرا نفسيا سيئا، ويزرع روح البغضاء أو الشعور باإلحباط وأمثال ذلك. - العالقة الوطيدة بالتلفزيون غالبــا مــا تكــون على حســاب األعمــال والتكــاليف3

األخرى التي ينبغي أن تمارس أو يمأل الوقت بها، فقد ينجر أطفالنا ونتيجــة حرصــهمــية، وفي ــاليفهم المدرس ــاه تك ــاهل تج ــة إلى التس ــالت معين ــاهدة مسلس على مش

التحضير الكافي المتحاناتهم ومسابقاتهم، وفي حفظ ومراجعة دروسهم اليومية. - المسلسالت والبرامج الليلية تغري األطفال بالسـهر والتـأخر في الـذهاب إلى4

فراشهم عن الوقت المطلوب؛ مما يجعلهم يستفيقون صباحا للذهاب إلى المدرســة بصعوبة ودون تلقي الوقت الكافي من النوم؛ األمــر الـذي يــترك أثــره الســلبي على استعدادهم في المدرسة، فيبقى طيلة النهار يعاني من اإلرهاق والخمــول، وتضــعف

قدراته على التفاعل مع المعلمين، واستيعاب الدروس بالشكل المطلوب. آثار جانبية سلبية أخرى وكثيرة يمكن اكتشافها من خالل التــدقيق والمتابعــةوثمة

لهذا الواقع المؤلم.

48

Page 49: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ــه إلى ذلك كله يقتضي أن يتحمل األهل مسؤوليتهم كاملة في هذا المجــال، والتنباألخطار والحيلولة دون الوقوع فيها.

العطل المدرسية والموسميةــام الســنة، حيث تبلــغ أيام العطل عند الطالب تتجاوز الخمســين في المائــة من أي

يوما، تتوزع على العطــل األســبوعية واألعيــاد والمناســبات والصــيف. هــذا195نحو العدد من أيام العطل يعد كبيرا نســبيا، وهــو مضــيعة ألعمــار أبنائنــا، ويجعــل نمــوهم الفكري والعلمي يسير ببطء، فيســبق نضــجهم الجســدي نضــجهم العلمي والثقــافي والفكري، هذا األمر ينعكس سلبا على واقعنا ومســتقبلنا الــذي يجب أن نســعى معــا

لبنائه بناء محكما متناسقا. وليس ذلك دعوة إلى التخلي عن نظام العطل، فإن للعطل الفوائد اآلتية:

- تحقيق فترة راحة من عناء العمل والكد المتعب. 1 - إعادة الحيوية لمواصلة النشاط والعمــل، جــراء الخــروج عن الــروتين الممــل2

نتيجة تكرار البرنامج اليومي التقليدي. ة تتطلب التعطيــل،3 - إعطاء فرصة ثمينة ومهمة للقيام بنشاطات وأعمال خاصــ

كمــا يحصــل عـادة في بعض األعيــاد والمناســبات من قبيــل زيــارة األرحــام، وإقامــةاالحتفاالت والشعائر الخاصة، واالجتماعات العائلية الموسعة وأمثال ذلك.

فمن الضروري جدا برمجة أوقات العطل بشكل يحقق الغايات المطلوبــة بأفضــل وجه، مع تجنب السلبيات التي تحصل كثيرا، وعلى سبيل المثال ال الحصر نســتعرض

بعض الحاالت: ــاهدة1 ــوقت بين مش ــع ال ــادة تقطي ــنزل، يتم ع ــة في الم ــاء العطل ــد قض - عن

ـذكر التلفزيون، والقيام ببعض األلعاب المتناسبة مع األعمار المختلفـة لألوالد. وهنــا نــة ــة وأخالقي بضرورة انتقاء البرامج التلفزيونية المفيدة، والتي ال تــترك أضــرارا تربوي من جهة، وعدم االستغراق بقضــاء أكــبر األوقــات أمــام الشاشــة الصــغيرة من جهــة أخــرى. وعلى صــعيد اللعب، فهــو أمــر مطلــوب لألطفــال، لكن ينبغي تــوجيههم إلىــة مــع الهــدف الــترفيهي دون أن تخلــق األنواع التي تنمي قدراتهم الجسدية والفكريــاد عن ــة والســفه واالبتع ــات والكراهي ــربي في نفوســهم األناني ــداوات، وت بينهم الع

الجدية. ومن الممكن توجيه األطفال نحو االستفادة من أوقات العطل في برنامج مطالعةــثري بهـا معلومــاتهم شــيقة ومفيــدة، مــع التــدخل في اختيــار نــوع المطالعــة الــتي ن

العلمية، وننمي معرفتهم وإيمانهم. - عند قضاء العطلة خارج المنزل، بين أحضــان الطبيعــة أو على شــاطئ البحــر2

وفي األماكن العامة، يجب اختيــار المكــان البعيــد عن األجــواء الموبــوءة والمنحرفــةــة ومن القيم ــود األخالقي والمفسدة، كتلك التي يرتادها أهل الفسق والتحلل من القي

الدينية.

49

Page 50: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ــدربوا وأمثال هذه الرحالت تشكل مناسبة ألعمال تربوية متعددة يمكن لألهل أن ي أبناءهم عليها من قبل ضوابط التعـاطي مــع الطبيعـة )األنهـار ، األشــجار ، األزهــار(، والحفاظ على البيئة العامة ونظافة المحيط )عــدم رمي النفايــات بشــكل عشــوائي، واالحتراز من الحرائق واألخطار(، وتنمية الحس التعاوني والعمل الفــريقي، وقواعــد

التدبير وأمثال ذلك. ــة، يمكن االســتفادة3 - عند قضاء العطلة في زيارة األرحام وفي اجتماعات عائلي

من الفرصة للتأكيد على أهمية صلة األرحام، وقواعد التعامـل مـع اآلخـرين، واآلدابواللياقات االجتماعية، والتسامح، والحيلولة دون خلق أجواء الفوضى والتوتر.

- من الحلول –أيضا- توجيه األطفال نحو المشاركة بالنشاطات والــدورات الــتي4 تقام أيام العطل )خاصة الصيفية( في المدارس، أو االنخــراط في الفــرق الكشــفية، وأمثال ذلك، شرط التأكد من سالمة المحيط والبرامج واإلطمئنــان للجهــة المنظمــة

لها. خالصة األمر، إننا، وانطالقا من مسؤوليتنا المشتركة تجاه أبنائنــا وفلــذات أكبادنــا، وانطالقا من حرصنا الــدائم على نشــأتهم الســليمة ومسـتقبلهم المشــرق، ينبغي أن نعطي قدرا كافيا من االهتمام بالجانب التربوي، والتخطيــط لــه، والمراقبــة الدقيقــة

والدائمة.

50

Page 51: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثاني عشرمخاطر اإلنترنت

جوانب القلق من اإلنترنتــه ينبغي أن ال ننظــر إلى أي وســيلة من وســائل االتصــاالت بطريقــةال شك في أن

لت قفزة مهمة جدا على مستوى الربط واالتصال ونشر مجتزأة. شبكة اإلنترنت شك المعلومات وسرعة الوصول إليها، لكن كل نعمة محفوفة بمخاطر لها عالقة بطريقةــا ــا؛ فشــبكة اإلنــترنت تقــدم خــدمات جليلــة ال يمكن إنكارهــا، لكنه اســتخدامها غالب استغلت بشكل كبير لنشر الثقافات الغريبة واألضــاليل وتشــويه الحقــائق، والــترويج

لإلباحية والتحلل األخالقي... القلق الذي يساور اآلباء واألمهات والمربين يكمن في جوانب عدة:

يرتبط باإلدمان، حيث إن هذه النافذة تستهوي المراهقينالجانب األول: والشباب وربما األطفال بدافع الفضول والتواصل مع من يعرفون ومن ال يعرفون، ثم يتحول ذلك إلى إدمان يؤدي إلى هدر الوقت وتضييع العمر فيما ال نفع فيه، كما

قد يؤدي إلى إعاقة النمو الطبيعي والمتوازن لشخصيته وقدراته العقلية والجسدية، بقطع النظر عن المواضيع والمضامين والمواقع التي يطرق بابها؛ األمر الذي يشكل

ضررا من الناحية التربوية. هذا الخطر يشترك فيه معه التلفزيون، وربما كل إدمان آخر، قبل نحو عشرين

سنة كتبت الباحثة األمريكية ماري وين عن مخاطر اإلدمان التلفزيوني على األطفال بقطع النظر عن المادة التي يشاهدونها، حيث رأت أن المشاهدة نفسها لمدة

طويلة لها مخاطرها النفسية والتربوية، ولها تأثيراتها السلبية على النمو والتوازن م. ما ورد1999في الشخصية، وهو بحث نشر ضمن سلسلة عالم المعرفة عام

في الدراسة ينطبق تماما على إدمان اإلنترنت، واإلدمان على األلعاب اإللكترونيةأيضا.

يرتبط بالمضمون حيث يساورنا قلق شديد للواقع المأساويالجانب الثاني: الذي ربما ال يعلم به كثيرون ممن يسهلون ألبنائهم التعامل مع هذه الوسيلة في

المنزل أو في المقهى دون رقابة، بعض اإلحصاءات تقول إن عدد المواقع اإلباحية تتجاوز العشرة آالف موقع، وفي كل يوم تفتتح عشرات المواقع الجديدة، تقوم هذه

المواقع بنشر ثقافة الشذوذ والتحلل واإلباحية بما ال نظير له في السابق، وأكثر % من هؤالء63 عاما، 17 و12مستخدمي هذه المواقع تتراوح أعمارهم بين

المراهقين ال يدري أولياؤهم طبيعة ما يتصفحونه من مواد إباحية. لكن ما هو سبب تزايد العدد السريع هذه المواقع؟ يمكن القول: إن األمر يعود لسببين؛ األول تجاري، فالعدد الهائل من الزائرين يجعل هذا النوع من الصفحات محال لإلعالن والربح، فقد ذكرت بعض اإلحصاءات أن أكثر صفحات اإلنترنت بحثاوطلبا هي صفحات إباحية؛ والثاني سياسي، وال بد من التركيز عليه؛ ألنه األخطر.

51

Page 52: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وال بد من التوجه إلى الشباب بالذات في هذا المقام، حيث إن الصراعات التي يشهدها عالمنا اليوم تستخدم الوسائل المتاحة كلها، ال تتقيد بمحرمات أو بحدود،

ومن أهمها القضاء على منابع الحيوية والقدرة عندنا؛ أعني الشباب؛ ألن مجتمعا بال شباب يعني مجتمعا بال أفق وبال إمكانات وبال مستقبل؛ لذا فهم يلجؤون إلى كل وسيلة من شأنها إغراق الشباب في اللهو والعبثية والالمباالة وإدمان المخدرات

والتحلل والبحث عن اللذة، وهؤالء هم ضحايا لمشروع كبير يمول بملياراتالدوالرات.

ال أقول ذلك من باب المبالغة والتبرير وإلقاء التبعات على اآلخرين، وإنما من باب دق ناقوس الخطر لنتحمل جميعا المسؤولية، ونضع الخطط والبرامج التي تنقذ

أبناءنا، وتحميهم من مخاطر ما يخطط لهم. البيئة الموبوءة لمقاهي اإلنترنت ولنوعية األشخاص الذين يتمالجانب الثالث:

التعرف عليهم في المقهى أو من خالل الشبكة، والتواصل معهم واإلنجرار إلى مصائدهم، والتأثر بهم واكتساب عاداتهم وأخالقهم وانحرافاتهم، وواقع قد ال نكتشفه

إال بعد فوات األوان. هذا كله ال يمنعنا من اإلقرار بضرورة التعامل مع الشبكة، واالستفادة من

الخدمات المهمة التي تقدمها، والحاجة الماسة إلى توجيه أبنائنا إلى الكنوز العلمية التي يمكن الوصول إليها من خاللها، لكن وفق ضوابط تحصنهم من االنجرار إلى ما

تحمله من مساوئ وأخطار.

مراحل العالجيمكن معالجة هذه المشكلة بطرق ومراحل مختلفة:

يتمثل باآلتي:أوال: العالج الموضعي: العالج التقني )عبر برامج الترشح أو الحجب أو الفلترة( التي يمكن الحصول-1

عليها بسهولة، من خالل الشبكة ذاتها، أو من خالل مراكز تسويق البرامجاإللكترونية.

التوجيه واإلرشاد والتوعية، لترشيد االستفادة من هذه الوسيلة بأسلوب مقنع،-2لتشكيل الحصانة الذاتية.

تفعيل الرقابة عند االستعمال وبعد االستعمال من خالل رصد المواقع التي تم-3الدخول إليها، واختيار المكان المناسب، والتحكم بالتوقيت والكيفية والكمية.

يتمثل بـ:ثانيا: العالج االستراتيجي: التربية الصحيحة والتحصين الذاتي الذي يجعل الشباب يستعصون على-1

عوامل اإلغراء والجذب، سواء أكان من خالل اإلنترنت أم غيره، وهو ما يستدعيوضع الخطط والبرامج التربوية المناسبة.

52

Page 53: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

إيجاد مشروع وطني للتحكم بالشبكة على مستوى البلد، والحيلولة دون-2 تمرير المواقع اإلباحية، وهذا األسلوب معتمد في بعض الدول الحريصة على شبابها

وأغلى ما عندها، والغريب أن هذه الدول تواجه هجوما دائما من قبل الجمعيات المدافعة عن حقوق اإلنسان؛ مما يجعلنا نضع عالمات استفهام كبيرة على دور هذه

الجمعيات في خدمة السياسة التي ذكرتها.

دور المؤسسات التربوية تتحمل المؤسسات التربوية مسؤولية كبيرة في هذا المجال إلى جانب اآلباء

واألمهات وليس وحدها، وإلى جانب المسؤولين في البلد الذين عليهم أن يتعاونوالحماية األطفال والمراهقين والشباب من كل خطر، ومنها مخاطر اإلنترنت.

نحن على هذا الصعيد قمنا ونقوم بجملة خطوات: اعتماد نشرات خاصة ترسل لألهل، على سبيل المثال: لخصنا دراسة.1

الباحثة ماري وين، ووزعناها على أولياء األمور ليستفيدوا منها. استخدام وسائل الترشيح والرقابة والتوجيه، ولدينا مشروع ندرسه على.2

مستوى اللقاء التنسيقي للمؤسسات التربوية اإلسالمية.تشكيل ندوات للطالب واألهل..3ثمة دور كبير لمسؤولي اإلرشاد والتوجيه والمرشدين الدينيين..4

لكن تبقى هذه الخطوات كلها عقيمة إذا لم يتم التعاون من قبل األهل؛ ألنالخطر األساس هو خارج المدرسة، وبعيدا عن رقابتها.

53

Page 54: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الباب الثانياإلدارة

54

Page 55: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل األولاإلدارة

Management

الحاجة إلى اإلدارة أن لها دورا مهما في؛ باعتبارتلعب اإلدارة دورا مهما في حياة الفرد والجماعة

تحقيق أهدافها وإشباع حاجاتها ورغباتها، كما تلعب دورا مهما أيضا في حياة المشروع ونجاحه في تحقيق أهدافه؛ فالفرد يحتاج إلى اإلدارة لتسيير أموره اليومية

والعائلية والمجتمعية، كما أن المشروع يحتاج إليها لتسيير أموره اإلنتاجية والتسويقية والمالية... إلخ. وال تتوقف حاجة المشروع إلى اإلدارة بناء على شكل

الملكية أو طبيعة عملها أو حجمها، فالمشاريع سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، تجارية أم زراعية، وسواء أكانت مشروعا فرديا أم شركة أم جمعية هي بحاجة مستمرة

إلى اإلدارة لضمان نجاحها، وبالتالي تحقيق األهداف المرجوة منها. واإلدارة الجيدة والكفوءة أصبحت عنصرا أساسيا من عناصر اإلنتاج في المجتمع،

كما أنها أصبحت من الخصائص المهمة للتفريق بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة؛ فحسن اإلدارة وكفاءتها من الظواهر المميزة للمجتمعات الصناعية

والمتقدمة، والتي انتقلت عبر مراحل تطورها إلى مجتمعات متمدنة وقوى اقتصادية وعسكرية كبيرة، بفضل تركيزها على تطوير اإلدارة، وتطبيق عناصر العملية اإلدارية

على نشاطاتها الحياتية المختلفة بنجاح وكفاءة. فاإلدارة الناجحة هي اإلدارة القادرة على استغالل جميع عناصر اإلنتاج، لتحقيق

حاجات المجتمع ككل، ورفع مستوى معيشة األفراد عن طريق تحويل المواردالمحدودة غير المنظمة فيها إلى مشاريع ناجحة.

ويتألف الدور الذي تقوم به اإلدارة على مستوى المشروع؛ من تحديد األهداف المطلوب الوصول إليها مسبقا، وتوفير عناصر اإلنتاج العادية المطلوبة، ووضع الفرد في الوظيفة المناسبة لمؤهالته وخبراته وقدراته. كما تقوم اإلدارة باتخاذ القرارات لتحقيق األهداف بأقل ما يمكن من المال والوقت والجهد؛ أي تحقيق مبدأ الكفاءة

اإلنتاجية، مضافا إلى تحفيز العاملين والتنسيق فيما بينهم إلزالة االحتكاك والتضارب واالزدواجية فيما يقومون به من أعمال، والعمل على وضع معايير محددة لقياس

األداء أو التأكد من مدى تحقيق األهداف، واكتشاف االنحرافات، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية، ومتابعة تنفيذ هذه اإلجراءات للتأكد من مالءمتها لوضع الثواب

لألكفاء، وإيقاع العقوبات بالمهملين في أعمالهم. مفهوم اإلدارة

يستخدم اصطالح اإلدارة للتعبير عن معان مختلفة ويتوقف المقصود بهذه الكلمة على السياق العام الذي تم استعمالها فيه، فهي تستعمل إما للتعبير عن عملية

يمكن عن طريقها الجمع بين الموارد المحدودة المتاحة لتحقيق غايات معينة، أو للداللة على مجموعة من األفراد الذين يتعاونون للقيام بأعمال محددة في مشروع

55

Page 56: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

معين، أو للداللة على تنفيذ العمل بواسطة جهود اآلخرين. كما يستخدم مصطلح اإلدارة في التعريف باإلدارة العليا أو الوسطى أو الدنيا في المشروع كما يستخدم

أيضا للتعريف باإلدارات الوظيفية المختلفة كاإلنتاج والتسويق والشراء والتمويلوإدارة العنصر البشري.

وتعدد المفاهيم لمصطلح اإلدارة يعود إلى مجموعة من األسباب، ومنها أناإلدارة:

علم تطبيقي أكثر منه نظري.-1أنها علم اجتماعي أكثر منه طبيعي أو فيزيائي أو رياضي.-2أنها علم يعتمد في مفاهيمه ومبادئه على كثير من العلوم األخرى.-3أنها تعتمد في كثير من األحيان على الظروف التي يمر بها المشروع.-4أن اإلدارة علم وفن في آن واحد. -5

العملية اإلدارية يمكن النظر إلى اإلدارة على أنها عملية تتألف من أعمال ونشاطات محددة

)وظائف( يؤدي تنفيذها إلى حسن سير العمل في المشروع، وبالتالي تكون محدودة ونادرة وباهظة الثمن غالبا، بحيث يتم االعتماد على أفضل الطرق لتحقيق أهداف

محددة مسبقا بأقل ما يمكن من الجهد والوقت والمال؛ أي تحقيق ما يسمىالكفاية اإلنتاجية.

والعملية اإلدارية يحتاج إليها جميع المشروعات بغض النظر عن نوعها ونشاطها، وهي ال تقتصر على المشاريع التجارية أو الصناعية أو الزراعية، بل يمتد استخدامها

إلى جميع أوجه النشاط اإلنساني. تتضمن العملية اإلدارية وظائف التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وهي

وظائف مترابطة ومتشابكة ومن الصعب عزلها عن بعضها في الحياة العملية. ويتم (Efficiencyة للمشروع لتحقيق أهدافه بكفاءة )توافراستخدام عناصر اإلنتاج الم

( من خالل وظائف العملية اإلدارية، كما يوضح ذلكEffectivenessوفاعلية )(:1الشكل رقم )

56

Page 57: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

:Planningالتخطيط -1 يعد التخطيط من الوظائف الرئيسة لإلدارة، وهو يسبق بقية الوظائف التنفيذية

في العملية اإلدارية، حيث يعتمد التنفيذ على التخطيط لتنفيذ بقية الوظائف األخرى كالتنظيم والتوجيه والرقابة. والتخطيط عملية مستمرة، وتنبع أهميته وضرورته في

أن المشروع يعمل في بيئة ديناميكية متغيرة، وبالتالي يحتاج باستمرار إلى التخطيط وإعادة التخطيط لمواجهة هذه المتغيرات. وباختصار تمر عملية التخطيط

بالمراحل اآلتية: وضع األهداف: وهي الغايات أو النتائج التي يهدف المشروع إلى تحقيقهاأ-

من خالل عملياته اإلدارية. وهذه الغايات أو النتائج تربط القيم وغايات اإلداريين ومالكي المشروع. وكلما كانت هذه األهداف محددة وواضحة ويمكن ترجمتها إلى

أرقام كمية، كان التخطيط أكثر وضوحا وأسهل لقياس نتائجه، وبالتالي مدى تحقيقأهدافه.

دراسة المتغيرات في العوامل البيئية والتي تشمل التغيرات التكنولوجيةب-واالقتصادية واالجتماعية والسياسات الحكومية، وكذلك الموارد الطبيعية والبشرية.

ج- وضع الخطط )الخطة( من خالل استخدام المعلومات السابقة واألساليبالعلمية في التخطيط.

د- تنفيذ الخطة.هـ- متابعة الخطة ومقارنة نتائجها باألهداف الموضوعة.

57

Page 58: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ويختلف مضمون التخطيط باختالف الفترة الزمنية للخطة، سواء أكان طويل األجل أم قصير األجل، باختالف نوع النشاط الذي نخطط له، سواء أكان إنتاجيا أم

تمويليا. ويتميز التخطيط في الوقت الحاضر بالتركيز على التخطيط االستراتيجي

للمشروع، بغض النظر عن حجم النشاط أو نوعه، حيث يتمثل باختيار األسلوب األمثل في تحقيق أهداف المشروع طويلة األجل، مع األخذ باالعتبار جميع العوامل

البيئية المحيطة بالمشروع، واستغالل جميع الموارد المتاحة بشكل كفوء وفاعل.:Organizingالتنظيم -2

التنظيم هو اإلطار الذي يتم بموجبه ترتيب جهود جماعة من األفراد وتنسيقها، فيسبيل تحقيق أهداف محددة، وهذا يتطلب:

تحديد األعمال والنشاطات التي يمارسها المشروع.أ- تحديد نوعية األفراد العاملين في المشروع على اختالفب-

مستوياتهم العلمية والفنية.ج- تحديد الهيكل التنظيمي المناسب لتوزيع األفراد والنشاطات معا.

د- تحديد العالقات وطرق االتصال بين الوحدات والمراكز اإلدارية.هـ- تحديد السلطات والمسؤوليات لكل مركز وظيفي.

:Directingالتوجيه -3 ؛ باعتبارتحتل وظيفة التوجيه مكانة خاصة كوظيفة من وظائف العملية اإلدارية

أنها تتعلق مباشرة بإدارة العنصر البشري في المشروع. وتتضمن وظيفة التوجيه الكيفية التي تتمكن بها اإلدارة من تحقيق التعاون بين العاملين في المشروع،

وتحفيزهم للعمل بأقصى طاقاتهم. وتمارس وظيفة التوجيه في المشاريع الحديثة من خالل عمليات القيادة والتحفيز واالتصال، مستندة في ذلك إلى فهم طبيعة

السلوك اإلنساني وتوجيهه بشكل إيجابي لتحقيق أهداف المشروع. :Controlالرقابة -4

تتلخص وظيفة الرقابة بمقارنة النتائج المتحققة من خالل عملية التنفيذ باألهداف عالقة وثيقة بين التخطيط والرقابة،ثمةوالمعايير الموضوعة في الخطة. ف

فالتخطيط عملية سابقة للرقابة والحقة لها، بمعنى أنه ال رقابة صحيحة بدون خطة أو هدف. كما أنه يمكن للتخطيط أن يستفيد كثيرا من نتائج القيام بعملية الرقابة،

فيعدل تخطيطه بما يتالءم واألوضاع التي تكشف عنها الرقابة.

أدوار مدير المدرسةالتخطيط للعمل المدرسي )التعليمي واإلداري والتربوي(.-1تنظيم األعمال وتوزيع األدوار.-2

58

Page 59: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

اإلشراف التربوي.-3تنمية العالقات اإلنسانية.-4العمل الفريقي وإدارة المجموعات المختلفة.-5عملية صنع القرار التعليمي واتخاذه. -6عملية االتصال.-7ربط المدرسة بالبيئة الخارجية )االجتماعية(.-8 هو مسؤول عن الجوانب المالية واإلدارية )شؤون العاملين، الطالب، الدورة-9

المالية من تحصيل وصرف ومشتريات، المعلومات، الوثائق،...(.تقويم أداء العاملين واألداء المدرسي العام.-10تنمية الموارد البشرية )التدريب والتأهيل واالستقطاب(. -11

59

Page 60: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثانيالتخطيط اإلداري

أهمية التخطيط إن التخطيط العلمي يحدد ما يجب؛ إذ التخطيط ضرورة الزمة لإلدارة الناجحة

عمله في ضوء األهداف المراد تحقيقها، والتخطيط يبين كيفية العمل، ومن يقوم بهفي مدى زمني محدد.

بأنه »تحديد أهدافBennettوأفضل تعريف للتخطيط ما عرفه به بينيت المشروع، والطرق الالزمة لتوجيه األفراد في نشاطهم لتحقيق هذه األهداف

بطريقة سهلة غير معقدة«. فالتخطيط يجيب عن أسئلة تطرح بشكل طبيعي عندما يريد المدير القيام بأي

عمل:أين نحن اآلن؟

إلى أين نريد أن نذهب؟كيف سنصل إلى هناك؟ ما هو أفضل وأيسر الطرق للوصول إلى الهدف؟

وبناء عليه، يمكننا أن نستنتج مجموعة من األمور، منها: إن التخطيط يرتبط ارتباطا وثيقا باألهداف، وهو وسيلة تحقيق هذه األهداف.1

بأسلوب علمي يوفر الوقت والجهد. إن التخطيط يهدف إلى التغيير والتعديل، ومن ثم فإنه وسيلة التغيير.2

االجتماعي واإلدارة اإلنسانية. إن التخطيط عملية من عمليات اإلدارة ووظيفة من وظائفها، وهو الدليل.3

الملموس على تفكير اإلدارة. وال يمكن تنفيذ أي نشاط تنفيذا سليما دون تخطيط. التخطيط عملية تتطلع إلى المستقبل، وتنطلق من الوضع الراهن، وتأخذ.4

باالعتبار الظروف المختلفة الماضية والحاضرة؛ فالتخطيط يشمل التنبؤ بما سيكونعليه المستقبل، متضمنا االستعداد لهذا المستقبل.

إن التخطيط مرحلة فكرية سابقة على تنفيذ أي عمل من األعمال، وهو.5ينتهي باتخاذ القرارات المتعلقة بما يجب القيام به، وتوقيت أداء العمل وكيفية أدائه.

إن أي إدارة تهمل التخطيط تغرق نفسها في المشكالت الحالية، وتقع فريسة للمفاجآت واألزمات. إن التخطيط يمكن اإلدارة من تسيير العمل بدال من أن

يسيرها العمل.وعليه، يمكن أن نوجز أهمية التخطيط والفوائد المترتبة عليه في النقاط اآلتية:

أ- التخطيط يوفر الوقت: قد يتصور المدراء أن التخطيط يتطلب وقتا كبيرا، خاصة عندما نحتاج إلى دراسة الوضع الراهن وما تحتاج إليه هذه العملية من بيانات ومعلومات، ووضع السياسات والقواعد، ورسم الخطة مع رعاية األصول العلمية، إال

60

Page 61: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

أنه من المؤكد أن الوقت المستهلك في التخطيط هو أقل بكثير مما نوفره عند التنفيذ، وعند معالجة المشاكل والعقبات والمفاجآت التي لم يحسب لها حساب؛

فما يحققه العمل على التخطيط من نجاحات ال يمكن مقارنته بالتنفيذ المبني علىالعمل العشوائي.

ب- التخطيط يساعد على استغالل الموارد المادية والبشرية بشكل أمثل؛ ألنهيتفادى الهدر واإلسراف الناجم عن االرتجال، فالتخطيط يتكفل الحد من النفقات.

ج- التخطيط يتضمن التنسيق بين النشاطات المختلفة، بشكل يساعد على تحقيقاألهداف، وبطريقة تؤدي إلى التكامل بينها.

د- التخطيط يهتم بالتنبؤ بما يتوقع حدوثه من مشكالت وعقبات، وهو يساعد علىتجنب وقوعها بما يضعه من حلول وبدائل.

ه- التخطيط يهتم بمشكالت القوى العاملة، وبتوفير المناخ المالئم للعمل وزيادةاإلنتاجية، وهو يعنى برفع مستوى الكفاءة عند العاملين.

و- التخطيط السليم هو القاعدة التي ينظم العمل على ضوئها، كما يتم علىضوئه وضع قواعد الرقابة على التنفيذ لمتابعة ما ينجز من عمل وتقويمه.

مستويات التخطيط - التخطيط على المستوى الوطني: وهو ما تقوم به الوزارة واألجهزة الملحقة1

بها فيما يرتبط بالتعليم في البلد بشكل عام. - التخطيط على المستوى المؤسساتي: وهو يقوم على األهداف واألغراض2

الموضوعة لمؤسسة كبيرة. - التخطيط على مستوى فرع في مؤسسة: وهو يبنى على أهداف وأغراض3

متصلة بفرع خاص، مشتقة من أهداف المؤسسة ومنسجمة معها. - التخطيط على مستوى البرنامج: توجد داخل المؤسسات برامج متصلة بميدان4

الدراسة، وللبرامج أغراضها التي تحدد مخرجات التعليم، أو ما ينبغي على البرنامجتحقيقه، كما أن لهذه البرامج أنشطتها ومصادرها التي تدعمها.

- التخطيط على مستوى المشروع المستقل. 5

المدى الزمني للتخطيط التخطيط الطويل المدى، وهو مخطط استراتيجي لزمن يزيد على عشر-1

سنوات. سنوات.10-3التخطيط المتوسط المدى، وهو يستغرق -2

61

Page 62: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

التخطيط القصير األجل، ويكون مداه الزمني عادة عاما واحدا. وفي-3 ه فترة زمنية محددة، ويمكن عند؛ باعتبارخصوص المدارس يؤخذ العام الدراسي

نهايتها قياس النتائج، وتقويم مدى تحقق األهداف ومجاالت النجاح أو اإلخفاق.

أنواع التخطيطاالستراتيجي. -1التكتيكي. -2التشغيلي. -3

متطلبات الخطة ألن الخطة تعتمد على تحليل الوضع الراهن؛قاعدة البيانات والمعلومات- 1

والتنبؤ بالمستقبل، وال يمكن أن تتم دراسة الواقع التعليمي واإلداري، وإجراء اإلسقاطات المستقبلية دون وجود بيانات سليمة ومعلومات صادقة عن هذا الواقع،

)إحصاءات، أنظمة، معلومات عن البيئة االجتماعية، العوامل المؤثرة في اإلقبالواإلعراض، كالعامل االقتصادي والمنافسة والرضى وأمثال ذلك(.

بالعدد والنوعية التي:توافر الموارد البشرية الالزمة لتنفيذ الخطة- 2 تساعد في تحقيق أداء جيد؛ وبناء عليه، فيدخل في الخطة الحاجات التدريبية

للموارد البشرية إذا توقف تحقق الهدف عليها. بإعطاء األولوية لألكثر أهمية وإلحاحا، وذلك عندما ال:ترتيب األولويات- 3

يكون الوقت كافيا للقيام بكل ما هو مطلوب، أو عندما تعاني اإلمكانات المادية والبشرية من صعوبات ال تسمح بالقيام بكل ما هو مطلوب، أو عندما توجد ضرورة

لترتيب األهداف بطريقة عمودية. وهي أهداف مشتقة من األهداف:تحديد أهداف الخطة بوضوح وبدقة- 4

العامة، وتعالج في الوقت ذاته ما أظهرته دراسة األداء السابق والواقع الراهن مننواحي القصور.

بمعنى مراعاة ارتباط النشاطات والبرامج المختلفة ببعضها،:نسقية الخطة- 5 واعتماد كل جزء منها على الجزء اآلخر، وأن تكون نشاطاتها متسلسلة تسلسال

منطقيا؛ لتكون الخطوة التالية مسبوقة بخطوة الزمة لها. ألن التخطيط يقوم على التوقع والتنبؤ بأحداث محتملة، فقد:مرونة الخطة- 6

يظهر أثناء التنفيذ شيء لم يتنبأ به واضعو الخطة؛ األمر الذي يستلزم وضع الخطةبطريقة تجعل من الممكن تعديل بعض النشاطات الستيعاب المستجدات.

ال ينبغي أن تتصف الخطة بالجمود، بحيث تعجز عن مواجهة المتغيرات المختلفة، وما قد يستجد من عوامل وظروف قد تعرض الخطة لالنهيار؛ ولذا، فإن التخطيط

62

Page 63: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

السليم يأخذ باالعتبار ما يحتمل حدوثه من أوضاع ومتغيرات وطوارئ، وتلحظ كيفيةمواجهة ذلك.

إن تضافر الجهودالمشاركة في عملية التخطيط وفي تنفيذ الخطة:- 7 بمشاركة األطراف كافة في عملية التخطيط من شأنه إبعاد التعصب، وتالفي

النقص والقصور في البيانات والمعلومات، وتجميع الخبرات الالزمة التي يمكن أن تحقق تكامل الخطة، كما يدفع المعنيين بالتنفيذ إلى تبني الخطة والتحمس

إلنجاحها، كما أنه ينمي كفاءات األطراف المشاركة ويرفع من قدراتهم. والمشاركة يمكن أن تتحقق بالتخطيط المتصاعد الذي يبدأ من القاعدة ويستمر

صعودا إلى القمة، ويمكن أن تتحقق أيضا عن طريق تشكيل لجان للتخطيط، معمراعاة التمثيل، طبقا للتخصصات المختلفة.

أما المشاركة في التنفيذ، فتعني تحديد الفريق واألجهزة التي ستشارك في العمل واألداء، وتحديد واجبات ومسؤوليات وصالحيات كل جهة وكل فرد في الخطة وعملياتها، لكي ال تضيع المسؤوليات، ولكي ال يقع العاملون في التواكل المؤدي إلى

الفشل وضياع الوقت والجهد والفرص. ويقصد بالواقعية أن يأخذ التخطيط الوضع القائم باالعتبار،واقعية الخطة:- 8

وذلك من حيث طبيعة البناء واالحتياجات واإلمكانيات الفعلية والموارد المتاحة، وهذايعني ضرورة ابتعاد التخطيط عن المثالية.

وهنا ال بد من مالحظة البعد الثقافي للعاملين وللمجتمع واألهل، والبعد الديني، والبعد االقتصادي، والبعد السياسي الذي يدخل تحته طبيعة النظام السياسي

وقوانينه. الخطة الناجحة هي التي تراعي التحديد الدقيق للوقتالتوقيت السليم:- 9

الذي يستغرقه كل نشاط من أنشطتها وكل عملية من عملياتها، ويعني ذلك أن يكون لكل عمل وقته المحدد ابتداء وانتهاء، وتناسب توقيت العمليات مع بعضها

لكي ال يؤدي التخلف عن إنجاز العمل في وقته إلى تأخير األعمال التالية والمترتبةعليه.

وتبرز أهمية التوقيت السليم، إذا عرفنا أن الخطة الرئيسة الموضوعة تقسم في معظم األحوال إلى خطط فرعية، فينتج عن إتمام الخطط الفرعية في مواعيدها

إنجاز الخطة الرئيسة في موعدها أيضا، كما أن أي تأخير في الخطط الفرعية ينتجعنه تأخير الخطط الفرعية التالية، وبالتالي تأخير الخطة الرئيسة.

إن إهمال التوقيت يؤدي إلى الفوضى في العمل ونقص اإلنتاج، ويؤدي إلى هدراإلمكانات والموارد وتضييع الفرص المتاحة.

التوقيت السليم في إدارة العمل التربوي والتعليمي يكتسب أهمية قصوى تفوق أي عمل آخر؛ ألن الخلل المترتب على تضييع الفرص ال يعوض أبدا؛ حيث يعول عليه تخريج الموارد البشرية التي يحتاج إليها المجتمع، وبالمؤهالت والقدرات والمهارات المناسبة للتطور والرقي، فالخسارة الناشئة من الخلل في استغالل الوقت بشكل

سليم، تنعكس في الكفاءات والمهارات كما وكيفا.

63

Page 64: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

العناصر األساسية في الخطة وهيأوال: األهداف التي يراد الوصول إليها والعمل على تحقيقها:

بداية االنطالق للتخطيط السليم، ومنها نبدأ وإليها ننتهي، وال ينطلق العمل دونها،فيجب أن تحدد بدقة ووضوح.

إن تحديد األهداف بدقة يحرك الفاعلية، ويدفع نحو العمل، ويوجه الجهود باتجاه واحد، ويساعد على اختيار الطرق المناسبة لتحقيقها، ويمكن اإلدارة والعاملين من

تقدير مستوى النجاح ونتائج الجهود التي بذلت، فاألهداف تعد بمثابة معايير للمتابعةوالرقابة والتقويم.

في األهداف الشروط اآلتية:توافرويجب أن تأن تكون قابلة للتحقق، واقعية، غير مستحيلة، وغير بعيدة عن الخيال.-1أن تكون قابلة للقياس.-2أن تكون مصاغة صياغة محددة وواضحة.-3أن تكون األهداف المتعددة متكاملة غير متعارضة.-4أن تكون مستمدة من األهداف العامة، مراعية للدين والثقافة والقيم السائدة.-5أال تتعارض مع أهداف األفراد العاملين في المؤسسة التعليمية.-6

وهي قواعد عامةثانيا: السياسات التي تحكم العمل أثناء تنفيذ الخطة: تحكم عمليات اتخاذ القرار، وتساعد في توضيح االستراتيجيات التي بها تحقق

األهداف. والسياسات التربوية والتعليمية هي مبادئ مرشدة وموجهات للقيام بخطوات

مقبلة. والسياسات شأنها شأن األهداف، لها مستويات متدرجة بحسب أهميتها ومداها

ونطاقها: وهي سياسات طويلة األجل وعريضة المدى، تؤثر فيالسياسات األساسية:- 1

المسار التعليمي ككل؛ ولذلك فإنها ترتبط أساسا بما تمارسه اإلدارة المركزيةللتعليم من نشاطات.

وهي أقصر أجال من السياسات األساسية، وأكثر تحديدا،السياسات العامة:- 2 وهي تنطبق على العديد من أجزاء العملية التعليمية ومكوناتها، وإن كانت ال تشملها

جميعا. وهي تتفق مع السياسات العامة في قصر أجلها، ولكنهاالسياسات الوظيفية:- 3

أكثر تحديدا منها؛ ولذا فهي تحكم التصرفات والقرارات داخل إدارة أو قسم أو لجنةأو منظومة من منظومات التعليم.

ومهما يكن، فإن السياسات بمستوياتها كلها ينبغي أن تتصف بصفات عدة:

64

Page 65: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

المرونة وعدم الجمود، لتتكيف مع المتغيرات والمستجدات.أ-القابلية للتطبيق.ب-

ج- القدرة على التوجيه وتحديد المبادئ المرشدة للعمل. د- أن تسهل تحقيق األهداف دون فارق كبير، ودون تحد أو تعارض مع المناخ

العام والظروف.هـ- أن يكون باإلمكان ترجمتها إلى خطط وإجراءات.

مقومات تنفيذها.توافرو- أن تز- تكاملها مع السياسات األخرى.

ح- ارتكازها على ثقافة وقيم ومبادئ مقبولة.ط- كونها علمية، بحيث يتم اعتمادها استنادا إلى التفكير العلمي والمنطقي.

ي- أن تكون مختارة لعالج أوضاع قائمة وحل مشكالت، وإصالح خلل، والتجديدوالتحديث عندما يكون ذلك مطلوبا.

ك- أن تكون قادرة على االستمرار حتى نهاية أمد الخطة. ل- أن تكون لها رؤية شمولية ألجزاء المنظومة كلها، وتكاملية مع سياسات

المنظومات األخرى. م- أن تراعي الجدوى االقتصادية؛ لكي ال تستنزف الموارد واإلمكانات المتاحة

دون جدوى. وهي موجهات للعمل أكثر من كونها موجهات للفكر، وهيثالثا: اإلجراءات:

توضع في ضوء السياسات، وتعكسها، وتحدد وسيلة تنفيذ النشاطات المختلفة في فترة زمنية. فاإلجراءات تتضمن الخطوات والتفاصيل والمواعيد الواجب اتباعها

لتنفيذ هذه النشاطات. ويجب أن تصمم اإلجراءات لتخدم أغراضا نافعة؛ وعليه، يجب أن توضع للعاملين

بشكل إجرائي مفهوم، بحيث يسهل تطبيقه بالنسبة إلى إمكانات المؤسسة وقدرات العاملين فيها، كما أن اإلجراءات يجب أن توضع بشكل مرن يتماشى مع ما

قد يطرأ من ظروف جديدة.

65

Page 66: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الثالث11أهمية التدريب وتطوير المهارات

رسالتنا التربوية هي تنمية بشـرية بامتيــاز، بـل هي هندسـة بشـرية ترسـم معـالمـة وغــير ذلـك، ـة واالجتماعي ــة والروحي اإلنسان في أبعاده الفكرية والمعرفية والثقافيــة الهندســة والبنــاء من إمكانــات وهــذا يقتضــي بالضــرورة توفــير مســتلزمات عملي وقدرات وموارد مادية وبشرية قادرة على النهوض بأعباء هذه المســؤولية، وتحقيــق

نتائج تتناسب مع المطلوب. إن أول مراحــل البنــاء هي بنــاء المــوارد البشــرية. وفي الرؤيــة المســتقبلية الــتي خــرجت بهــا ورشــات العمــل الــتي أقيمت في المؤسســة في آذار الماضــي، جــرى االلتفات إلى أن كل ما نطمح للوصول إليــه، يقــوم ويبتــني على »امتالك المؤسســة

لجهاز مدرب ومحترف ورسالي«.ــة ثم إن مؤسسة بحجم المؤسســة اإلســالمية للتربيــة والتعليم، الــتي يــدير العملي

معلم وإداري وعامل في مختلف1200التربوية فيها اليوم جهاز مؤلف من أكثر من الحقــول، ال يمكنهــا أن تعتمــد في تــدريب العــاملين وتطــوير مهــاراتهم على مراكــزــة وكوادرهــا التدريب حصرا، وليس أمامها من خيار إال االعتمــاد على إمكاناتهــا الذاتي

في التأهيل والتطوير؛ ألسباب متعددة.ــدثنا عن من هنا، كان مشروع إعداد المدربين، وهو مشروع طالما فكرنا فيه، وتح مستلزماته، وهو اآلن يتحول من فكــرة إلى مشــروع، ثم إلى برنــامج عملي ينطلــق

ببركة الله.لدي نقاط أود توضيحها في هذا اللقاء:

ــق عليهم1 ــدعوة إلى المشــاركة، نعل ــذين وجهت إليهم ال - اإلخــوة واألخــوات الم فيهم االســتعداد والحــرص واإلخالص، وهي أمــور مهمــة الســتمداد اآلمــال، ونتوســ

التوفيق والتسديد والرعاية اإللهية والنجاح. العديد من اإلخوة واألخوات الــذين لم يتم إشــراكهم ولم تتم دعــوتهم، هم –ثمةو

أيضا- لديهم المؤهالت واالستعدادات التي تجعلهم محط أنظارنا، إال أن هذه المرحلةــة، وألجــل إدراك ال تستوعب سوى عــدد محــدود جــرى االقتصــار عليــه ألســباب تقني

ت الفرصـةتـوافرالمطلوب، وقد توجد مراحل الحقة إذا مـا تـبين هنـاك من حاجـة وواإلمكانات.

- ينبغي أن ندرك أن تطوير المهارات، وبناء االستعدادات الذاتية والقدرات، هما2 جزء من العمـل الجهـادي وجـزء من مشـروع حـزب اللــه الكبـير في تنميـة مـوارده البشرية في مختلف المجاالت الضرورية لمواجهة التحديات، وتلبيـة الحاجـات، وبنـاء

المجتمع الذي يريد.

م.31/10/2008 كلمة ألقيت في تاريخ 1166

Page 67: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

- هذا المشروع يساهم في جعل المؤسسة قادرة على تقــديم األنمــوذج الرائــد3ـا العـالم الـذي في التربية والتعليم، كما ورد في الرؤية المســتقبلية، وكمـا يتوقـع منــا يتطلع إلى تجربة حزب الله في المقاومة، وفي السياسة، وفي الثقافة، وينتظــر من

أن نقدم له تجربتنا في التربية بالمستوى نفسه من التألق والريادة. - المسؤولية الملقاة على عواتقنا في المؤسسة قد ال تقف عند حدود مدارســنا4

ع األفقي والعمــودي، بــل يجب أن ــة وبعض مــا يمكن أن يســتجد نتيجــة التوســ الحالي نلحظ أن المستقبل سيفرض علينــا -شــئنا أم أبينــا- وبفضــل االنتصــارات والتحــوالت االجتماعية والدينية الكبيرة، سيفرض علينا مسؤوليات جديـدة تجـاه العمـل الـتربوي خارج حدود الوطن، وربما تجاه مؤسســات أخــرى داخــل حــدود الــوطن، وهــذا نتــاج

طبيعي للنجاح والتألق، فينبغي توسيع أفق الرؤية واالستعداد. - نحن نبــني جيــل المهــدي )عج(، ونعــد العــدة للتمهيــد لدولــة صــاحب العصــر5

والزمان، والشباب هم دعامة جيشه ودولتــه )فجيش المهــدي )عج( شــباب ال كهــولــا يفــرض فيهم، إال كالكحل في العين أو الملح في الطعام، وأقل الطعام الملح(؛ مم علينــا أن نكــون بحجم هــذه المســؤولية، وبمســتوى متطلباتهــا، وأن نستحضــر هــذه النقطة في مراحل عملنا كلها؛ ألنها تعطينا الوقود الخاص لالنطالق، ونوعا معينــا من

الصعوبات والتحديات.على الرغم منالدافعية لمواصلة الطريق، - الحماس الذي شهدناه من الجميع تجاه هذا المشــروع يبعث األمــل والتفـاؤل،6

إال أن المثــابرة ومواصــلة الطريــق من أساســيات النجــاح، وكلنــا ثقــة بــأنكم ســوف تكونون عند مستوى المسؤولية، وعند حسن ظن قائد مسيرتنا األمين العــام، وقــرة

عين لسيدنا وموالنا صاحب العصر والزمان )أرواحنا لتراب مقدمه الفداء(.

67

Page 68: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الرابع

السلوك اإلداري واألخالق اإلدارية

األساس الفكري للنظام اإلداري في اإلسالم إن أهم ما يميز األنظمة اإلدارية عن بعضها هو األساس الفكري الذي تبتني عليه،

ومنظومة القيم والحقوق واألحكام المتفرعة عن ذلك األساس الفكري. فالقاعدة والمرتكز ألي نظرية إدارية تنطلق من ذلك األساس، والتفاصيل كلها تأتي منسجمة

مع المنظومات الثالث المذكورة. فاألساس الفكري في المجتمع الليبرالي يجعل الحرية بمعناها الواسع هي القيمة الرئيسة، والقاعدة التي تبتني عليها النظريات اإلدارية واالجتماعية. والحرية عندهم

تعني رفع القيود عن العمل والسلوك الفردي بشكل شبه كامل، واالحتكام إلى مبدأصراع القوى، الذي يعني –حتما- بحسب وجهة نظرهم، أن البقاء لألقوى.

ويبررون ذلك بأن التنافس الحر الالمحدود يشكل حافزا لزيادة اإلنتاج، ويؤدي إلى االزدهار الحضاري، لكن التنافس بهذا الشكل ليس إال صراعا ينتهي بانتصار األقوى

وسحق األضعف، وأين هذا من اإلدارة التي يفترض بها أن تنظم الموارد في خط الوصول إلى األهداف! وإذا كنا نرى اليوم نظاما وقانونا ومنظومة حقوق في مثل

هذه المجتمعات، فهو نتيجة التوازن وحرص األقوياء على حفظ امتيازاتهم ومواقعهم وإمكاناتهم، والحد من األخطار التي يمكن أن تتهددهم جراء انفجار الضعفاء، فهم

يعطون من الحقوق واالمتيازات ما يحفظ امتيازاتهم ليس إال. فاألنظمة اإلدارية في هذه المجتمعات تبتني على هذه القاعدة، وتبقى محكومة

لها في مستوياتها كافة. في القرن الماضي، انطلقت تجربة اإلدارة اليابانية التي تستند إلى أسس مختلفة

قليال عن النموذج السابق، حيث كانت القيمة األساس هي التعاون في الداخل )أي داخل اليابان(، وتوجيه جو التنافس نحو الخارج، وقد اعتمد في سبيل تحقيق اإلدارة

االجتماعية المبتنية على هذه القيمة أسلوب التربية، وما تميز به النظام اإلداريلديهم جاء متفرعا على هذه القاعدة.

ونحن باعتبارنا مسلمين، نحمل فكرا توحيديا وعقيدة إلهية تميزنا عن غيرنا، ويقوم على أساس هذا الفكر ويتفرع عليه كل ما يحكم حركتنا في أبعادها كلها،

مثل:منظومة القيم.-1منظومة الحقوق.-2منظومة األحكام الشرعية.-3

68

Page 69: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

واالعتناق الصحيح والواقعي لإلسالم يستلزم االحتكام إلى هذه المنظومات في تفاصيل الحركة كلها، وفي المنهج العملي الذي نتبناه ونسلكه، وتجسيد ذلك في كل

خطوة عملية أو موقف أو تقويم أو قبول أو رفض. ويتأثر النظام اإلداري بالمنظومات الثالث المذكورة بشكل كبير؛ ألنها تحدد األهداف التي يسعى النظام اإلداري لتحقيقها بشكل أفضل، وتحدد األساليب

واألدوات، وتحكم سلوك الجهاز اإلداري واألفراد، وتؤثر بطبيعة االهتمامات والحوافز، وتصنيف عناصر جديدة لم تكن موجودة في النظام اإلداري المادي في

مجال الرقابة والمحاسبة وما شابه. قبل اإلجابة، تجدر اإلشارة إلى أن شكل النظام اإلداري يخضع لكثير من

المتغيرات؛ ولذلك ال يمكن القول إن اإلسالم يتبنى هيكلية إدارية خاصة، وهو في ذلك يشترك مع الجميع في أن شكل النظام يوضع حسب الظروف والحاجات اآلنية،

وإن كان للقيم والضوابط األخالقية مدخلية في االختيار أحيانا. فينحصر البحث فيما يحدد طبيعة القيمة التي تشكل روح النظام اإلداري في

اإلسالم، وهي »العدالة«. والعدالة هي إعطاء كل ذي حق حقه، وهي الغاية، فهي عنوان يحتضن في داخله منظومة الحقوق كلها، ومنظومة األحكام. والعدالة هذه

تسير معها وإلى جانبها وفي مراحل حركتها كلها قيمة سلوكية أخرى هي »التقوى«،التي تضمن منظومة القيم األخالقية تحقيقها.

وبناء عليه، فثقافة اإلدارة عندنا تقوم على أركان ثالثة:

فهذه نقطة االمتياز األولى والرئيسة للنظام اإلداري اإلسالمي إذا أحسن التطبيق واالختيار. نعم، قد ال نجد في واقعنا المعاصر فرقا كبيرا بين ثقافة اإلدارة المتبناة والمطبقة، وبين النماذج الغربية، والسبب في ذلك يعود إلى غياب المسلمين عن

إسالمهم من حيث المضمون والروح والعمق، واكتفائهم بالقشور والشعارات وما اليتجاوز الطقوس والعناوين.

وسيظهر ذلك من خالل استعراض ما يأتي، إن شاء الله.

أهداف اإلدارة اإلسالمية69

واألحكام القيم منظومةوالحقوق

اإلدارية الثقافة

والخبرات المعارف والقدرات المهارات

Page 70: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

لكل منظمة ولكل إدارة هدف أسمى، تسعى اإلدارة لتحقيقه بشكل أفضل، هذا في نظر اإلسالم يجب أن يكون مشروعا، فال يحق ألحد أن يجعل هدفه الربح بشكل

مطلق، فإن بعض الوسائل التي تحقق الربح يقضي على اإلنسانية، ويدمر العالم وربما يحدث للبشرية كثيرا من المآسي؛ من هنا، كان التحكم األول في الهدف،

فالهدف المشروع الذي ترتضيه الشريعة اإلسالمية، والذي ال يتعارض مع أهدافهاالسامية، يمكن أن يجعل هدفا للمنظمة أو المؤسسة.

وتتمايز األنشطة والفعاليات بأهدافها، فكلما كان الهدف يصب في خدمة اإلنسانية، وفي تقريب اإلنسان من مقاصد الشريعة، كان العمل والنشاط أهم

وأقدس وأفضل، والعكس كذلك. فليس الميزان -إذا- ما يحققه العمل من منفعةمادية فحسب، بل الميزان هنا أشمل وأوسع دائرة ه يدخل في الحسابات مصير؛ ألناإلنسان والبشرية عامة، في دنياهم وفي آخرتهم.

المسؤولية في اإلدارة اإلسالمية على الرغم من أن اإلدارة تعد من مظاهر السلطة، إال أن اإلسالم ينظر إليها على

أنها قيادة ووالية؛ مما يحمل المدير -في أي مستوى كان- مسؤولية القائد الذييشكل في مزاياه الخاصة األسوة والقدوة والمثال.

وفرق كبير بين الوالية والسلطة والتحكمية؛ لذا تستفيد النصوص الشرعية من مصطلح الوالية والرعاية »كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته« في التعبير عن

اإلدارة، وتبتعد عن استعمال مصطلح السلطة؛ ألن السلطة توحي بالهيمنة والتحكم. وعلى الرغم من أن القيادة والوالية تستلزم السلطة، إال أنها كالصريحة بأن السلطة

فيها ليست للتحكم والهيمنة، وإنما لرعاية األصلح للمولى عليهم، ولتحقيق الوضعالذي فيه منفعتهم، وليس المراد تحقيق الوضع األصلح لخصوص الولي.

وهذا أمر مشترك في كل مفردة من مفردات الوالية. الحظ والية الوقف، ووالية األب ألبنائه الصغار، ووالية األب في تزويج ابنته البكر، ووالية أمر المجنون، ووالية الوقف، وغيرها إلى أن تصل إلى والية األمر، حيث نجد

أنها كلها شرعت من باب اللطف والرأفة والرحمة بالمولى عليهم، ولمصلحتهم ولرعاية شؤونهم؛ باعتبار حاجتهم إلى تلك الرعاية، وليس ذلك امتيازا يعطى للولي

هو مسؤولية وتكليف.، بل والقائد واإلدارة من هذا القبيل -في كل مستوى من مستويات اإلدارة-، فهي مسؤولية

ووظيفة وتكليف، ينبغي رعايته وأداؤه بأمانة وبدقة وبنجاح. وال شك في أن نظرة المدير إلى دوره من هذه الزاوية، سوف يغير طريقة عمله وأدائه اإلداري بشكل جذري، وفي طريقة اختياره لمعاونيه ومرؤوسيه، وفي سلوكه

تجاههم، وعالقته بهم.

70

Page 71: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وإ�نفي هذا المجال، يتحدث أمير المؤمنين)ع( في عهده لألشتر، فيقول: »ك أمانة، وأنت مسترعى ل�من عملك ليس لك ب�طعمة، ولك�نه ف�ي عنق�

.12«فوقك قال رسول الله)ص(: ال تصلحوفي الرواية عن اإلمام أبي جعفر)ع( قال: »

اإلمامة إال لرجل فيه ثالث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الوالية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد

.13«الرحيم وهذه الخصال الثالث وإن وردت في اإلمامة، إال أنها تجري في كل مستوى من

مستوياتها، حتى اإلدارة في دوائر محددة السعة.

اإلدارة اإلسالمية واالرتباط بالله -عز وجل- أي اإلقرار بأن كل توفيق وكل نجاح، فهو من فضل الله ورحمته وعطائه؛ ذلك أن اإلنسان في واقعه ال يملك من أمره شيئا إال ما أقدره الله عليه، وخوله إياه، ومكنه منه. لنا في ذلك أسوة بسليمان)ع( حيث يحكي لنا القرآن الكريم قصته مع عرش

ن الك�تاب� أنا آت�يك ب�ه� قبلبلقيس، في قوله -تعالى-: لم م نده ع� ﴿قال الذ�ي ع�نده قال هذا م�ن فضل� ربي را ع� ا رآه مستق� �ليك طرفك فلم أن يرتد إه� ومن كفر فإ�ن �نما يشكر ل�نفس� ل�يبلون�ي أأشكر أم أكفر ومن شكر فإ

.14﴾ربي غن�ي كر�يمواقتداء بذي القرنين بعدما أقام السد لمنع يأجوج ومأجوج من التجاوز والطغيان:

اء وكان وعد ربي﴿ بي فإ�ذا جاء وعد ربي جعله دك قال هذا رحمة من ر.15﴾حقا

بينما نجد بعض النماذج في الطرف المقابل يعميهم الجهل والغرور والعجب، كما�نما أوت�يته﴿حصل لقارون وهو يرى الثروة العظيمة في متناول يده، فيقول: قال إ

لم ع�ند�ي ، فاستحق بذلك الخسف به وبماله؛ ليكون عبرة لمن اعتبر.16﴾على ع� واالرتباط الدائم والوثيق بالله -سبحانه وتعالى-، والتوكل عليه، واالستعانة به،

تفرض سلوكا خاصا يأتي التعرض لعدد من مظاهره.

األخالق اإلدارية في اإلسالم أوال: األمانة:

الشريف الرضي، السيد محمد الرضي بن الحسن الموسوي، نهج البالغة )خطب اإلمام علي)ع((، تحقيق 12. 366، ص5، كتاب 1م، ط1967ه - 1387وتصحيح: صبحي الصالح، ال.ن، لبنان - بيروت،

.407، ص1الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج الشيخ 13.40سورة النمل، اآلية 14.98سورة الكهف، اآلية 15.78سورة القصص، اآلية 16

71

Page 72: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

اإلدارة أمانة في عنق المدير، كموقع وصالحيات وإمكانات مادية ومعنوية، وهو وإ�نمسؤول عن أدائها على أفضل وجه، فقد ورد عن أمير المؤمنين)ع( أنه قال: »

ك أمانة، وأنت مسترعى ل�من عملك ليس لك ب�طعمة، ولك�نه ف�ي عنق�. 17«فوقك

ويدخل في األمانة كل حق من الحقوق التي يفرضها الموقع أو العقد المبرم، أو الحقوق التي تفرضها الشريعة بكل تفاصيلها، ومنها الحقوق المادية والحقوق

المعنوية على حد سواء. إن الله -تبارك وتعالى- يحب المحترفوورد في بعض النصوص: »

.18«األمين فال يجوز أن يبرر المدير لنفسه الخيانة مهما صغرت، ومهما كان نوعها حتى إذا

وال تخن من ائتمنك وإن خانك، وال تذعسبقه غيره إليها، ففي الحديث: ».19«سره وإن أذاع سرك

ولعل الفقرة األخيرة تشير إلى النوع المعنوي من الحقوق؛ ألن المدير -بحكم موقعه- قد يطلع على األسرار الشخصية والخاصة، والتي تضعه أمام مسؤولية حفظها واالحتراز عن كشفها، إال بالمقدار الذي تمليه عليه الضرورات، وضمن

الحدود الموضوعة في الشريعة. ومن الجدير بالذكر، أن الكثير من األخالقيات المتعلقة بالعمل اإلداري تدخل تحت

عنوان أداء األمانة؛ ألن كيفية األداء تدخل ضمن العنوان؛ مما يعني أن األمانة تقتضي بذل أقصى الطاقات، وبفاعلية كاملة، وبكيفية أنسب، للوصول إلى الهدف

بالنحو األفضل. ومن مظاهر األمانة: االبتعاد عن استغالل الموقع ألغراض شخصية، سواء أكان ذلك ألمور مادية أم ألمور معنوية خارجة عن دائرة الحقوق المفروضة، وهذا ما

يبتلى به كثيرا في مجال اختيار العاملين، وإدخال األفراد لحسابات خاصة ال ترتبطبمصالح العمل نفسه.

من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولىعن رسول الله)ص( أنه قال: ».20«رجال وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله

ومن مظاهر األمانة –أيضا- االبتعاد عن التشبث بالموقع، حتى كأنه ملك خاص وامتياز له، يحرص على أن ال يفقده، فيشعر بالحيف والظلم إذا طلب منه التخلي

عنه، وقد يبني على ذلك نظرته إلى من فوقه، فيرضى عنهم ما أقروه فيه، ويسخط عليهم إذا اقتربوا منه، مع أنهم ربما دفعهم إلى ذلك التزامهم باألمانة وأداؤهم

تقديم تخريج الحديث.17 الصدوق، الشيخ محمد بن علي، من ال يحضــره الفقيــه، تصــحيح وتعليــق: علي أكــبر الغفــاري، مؤسســة 18

.158، ص3، ج2هـ، ط1414النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، إيران - قم، ابن طاووس، السيد علي بن موسى، كشف المحجة لثمرة المهجة، النجف األشرف، المطبعة الحيدرية، 19

. 167م، ال.ط، ص1950ه - 1370 البيهقي، أحمد بن الحســين، الســنن الكــبرى، تحقيــق: محمــد عبــد القــادر عطــا، مكتبــة دار البــاز، مكــة 20

.118، ص10، ج1م، ط1994هـ.ق/1414المكرمة، 72

Page 73: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

للمسؤولية، فينبغي النظر إلى الموقع –كما قدمنا- على أنه تكليف وفريضةومسؤولية، فإذا ارتفع ذلك عنه، كان فيه تخفيف للعبء، ورفع للواجب.

وهذه المشكلة تنشأ عادة من حب الدنيا، واالهتمام باللوازم المترتبة على الموقع والمسؤولية، من احترام الناس له، وارتفاع شأنه االجتماعي، فيتصور أن فقدانه

يؤدي إلى المهانة وخسارة االمتيازات، وهو مما ال واقع له غالبا. وأخيرا، ينبغي االلتفات إلى أن ثمة نوعا من التوازن والتعادل بين الحقوق

والواجبات، وال يتصورن أحد أن له حقا دون أن يكون عليه في قباله واجب، وال شكفي أن أداء الحقوق من أشق التكاليف.

، وأضيقهايقول أمير المؤمنين)ع(: » فالحق أوسع األشياء� ف�ي التواصف�، ال يجر�ي ألحد إ�ال جرى عليه، وال يجر�ي عليه إ�ال جرى له، ف�ي التناصف� ولو كان ألحد أن يجر�ي له وال يجر�ي عليه، لكان ذل�ك خال�صا ل�له سبحانه

ه .21«دون خلق�ثانيا: اإلخالص:

تكمن قيمة العبادة بإخالص النية، وجعلها لوجه الله، ال تشوبها شائبة من شرك أو رياء أو سمعة، وكذلك بقية األعمال؛ ألن األعمال المباحة التي يطلب اإلنسان بها

قوته وكسوته ونفقة عياله، إنما يطلب من خاللها الوصول إلى أمر واجب، فعليه أن ال يخلطها بالحرام، وال يعكر صفوها بالشبهات؛ وأما األعمال الرسالية، كالتربية

والتعليم والتبليغ والخدمات العامة واألمور الخيرية، فهي كالعبادة ال تثمر ما لم تكن خالصة لوجه الله، بل يناط التوفيق اإللهي بذلك، والتسديد والنجاح يتوقفان –أيضا-

على مقدار اإلخالص. إذا عملت عمال فاعمل لله خالصا؛يروى عن رسول الله)ص( أنه قال: »

.22«...ألنه ال يقبل من عباده إال ما كان خالصا وال ينافي اإلخالص في العمل أخذ األجرة؛ ألن بإمكان العامل أن يجعل قصده

منصبا على دور العمل، وتأثيره في إصالح اإلنسان، واالرتقاء به إلى منازل العباد المطيعين، وبإمكانه أثناء العمل أن يغفل نهائيا عن األجرة، فال يجعلها المحرك وال

الدافع، فيجمع بين الثوابين. أما إذا لم يقصد من عمله إال األجرة والمنفعة الدنيوية، فاستقام بالقدر الذي يضمن له حسن السمعة ودوام األجرة، فليس له من عمله إال

ما يحصل عليه من منفعة عاجلة.ثالثا: الحرص على المصالح العامة:

أنفعورد في رواية أن رسول الله)ص( سئل: من أحب الناس إلى الله؟ فقال: ».23«الناس للناس

. 333، ص216 الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، الخطبة21 المجلسي، العالمة محمد باقر بن محمد تقي، بحار األنــوار الجامعــة لـدرر أخبــار األئمــة )عليهم الســالم( 22

. 103، ص74، ج2م، ط1983ه - 1403األطهار، مؤسسة الوفاء، لبنان - بيروت، .164، ص2الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج 23

73

Page 74: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وهذا باب واسع من أبواب العروج والسمو، فإن اإلنسان الذي يضحي، والذي يؤثر على نفسه، ال يخسر شيئا؛ ألن خدمة الناس ومحبتهم والحرص على منافعهم، هي

في نفسها عمل صالح يعود على صاحبه بالخير والسعادة والثواب الجزيل. وهذهقاعدة تؤسس لنظرة خاصة تجاه حوائج الناس.

إن حوائج الناس إليكم نعمة من اللهفي الحديث عن اإلمام الحسين)ع(: » من، وفي رواية أخرى: »24«عليكم، فاغتنموها فال تملوها فتتحول نقما

.25«أصبح وال يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم وفي هذا المجال، ال ينبغي أن يستصغر اإلنسان شيئا من المنافع، ففي الحديث

.26«إماطتك األذى عن الطريق صدقةعن الرسول)ص(: »رابعا: التواضع:

لعل هذه الصفة من أهم ما ينبغي الحرص عليه والعمل على االتصاف به من صفات الفضيلة عند العاملين، وخاصة إذا كانوا يؤدون دورا قياديا في مجال رسالي.

والتواضع صفة المؤمنين، ولها الكثير من البركات والثمرات العظيمة إذا عرفاإلنسان قدرها.

التواضع، »27«التواضع ينشر الفضيلةفعن اإلمام علي)ع( أنه قال: » بخفض الجناح تنتظم »29«ثمرة التواضع المحبة، »28«يكسبك السالمة

.30«األمور إن من، بل ومع ذلك، فإن التواضع ال يوجب المهانة، كما قد يتوهم بعض الناس

يا علي، واللهتواضع رفعه الله؛ ففي بعض وصايا الرسول)ص( لإلمام علي)ع(: » لو أن المتواضع في قعر بئر لبعث الله -عز وجل- إليه ريحا يرفعه فوق

.31«األخيار في دولة األشرار وربما كان المراد من قعر البئر الكناية عن المنزلة االجتماعية األدنى، ورفع الله

له بواسطة الريح كناية عن الوسائل والطرق واألسباب التي ال يتوقعها اإلنسان، كما أن الساقط في قعر البئر ال يتوقع أبدا أن تكون الريح هي التي تنقذه وتخرجه مما

هو فيه.

الليثي الواسطي، علي بن محمد، عيون الحكم والمواعظ، تحقيق: الشيخ حســين الحســيني البيرجنــدي، 24.158، ص1ه، ط1418دار الحديث، إيران - قم،

.164، ص2الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج الشيخ 25 العيني، محمود بن أحمد، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ال.ت،26

.17، ص13جال.ط، .19 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص27 اإلمــام العالمــة محمــد بن علي، كــنز الفوائــد، مكتبــة المصــطفوي، إيــران - قم، أبــو الفتح الكــراجكي، 28

. 147، ص2ش، ط1369.209 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص29 التميمي اآلمــدي، عبــد الواحــد بن محمــد، غــرر الحكم ودرر الكلم )مجموعــة من كلمــات وحكم اإلمــام 30

.203، ص2 ه، ط1410علي)ع((، الناشر: دار الكتاب اإلسالمي، .438الطبرسي، مكارم األخالق، مصدر سابق، ص 31

74

Page 75: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ــة والمناصــب الرفيعــة بآفــة فما أكثر وما أخطر ما يبتلى به ذوو المواقع االجتماعي الشعور بالكبر، بحســب اختالف مســتوياتهم ومســتويات شــعورهم، فيــؤدي بهم إلىــر هــو ــة. ومن األســباب المباشــرة للتكب االستخفاف باآلخرين، والتطلع نحــوهم بدوني االعتداد بالنفس وبقـدرتها، وهــو الــذي يــورث عنــد اإلنســان العجب والغـرور، يقـول

يccه م�ناإلمــام أمــير المؤمــنين)ع( في هــذا الشــأن: » وإ�ذا أحدث لك مccا أنت ف�� ملccك� الله فوقccك، وقدرت�ccه يلccة، فccانظر إ�لى ع�ظم سلطان�ك أبهccة أو مخ�

ك ن نفس� نك على ما ال تقد�ر عليه م� .32«م�نها، وحبويقول )ع(: » بك م� ك، والثقة ب�ما يعج� �ياك واإل�عجاب ب�نفس� وإ

ه، ل�يمحق ما يكون يطان� ف�ي نفس� ن أوثق� فرص� الش اإل�طراء�، فإ�ن ذل�ك م�ن�ين ن إ�حسان� المحس� .33«م�

روي عن الحسن بن الجهم، قال: سألت الرضا)ع( فقلت له: جعلت فداك، ما حدالتوكل؟ فقال لي: » . قال: قلت: فما حد التواضع؟«أن ال تخاف مع الله أحدا

.34«أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثلهقال: » أن ترضى منوفي الحديث عن اإلمام الصادق)ع( أن حد التواضع هو: »

المجلس بدون شرفك، وأن تسلم على من لقيت، وأن تترك المراء.35«وإن كنت محقا

ثم إن المعجب بنفسه يعيش حالة الغفلة عن واقعه، وهو يعمى عن عيوبه، فعن الراضي عن نفسه مستور عنه عيبه، ولو عرف فضلاإلمام علي)ع(: »

.36«غيره كفاه ما به من النقص والخسران.37«رضى العبد عن نفسه برهان سخافة عقلهوعنه )ع(: »

.38«العجب يفسد العقل».39«اإلعجاب يمنع االزدياد»ن أعجب بحسن حالته قصر عن تحسين حليته» .40«وم�

من أن�ف من عمله اضطره ذلك إلى عملبينما يقول)ع( في المقابل: ».41«خير منه

خامسا: العدل واإلنصاف: .428، ص53 الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 32.443، ص53 الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 33 الصدوق، الشيخ محمد بن علي، األمالي، تحقيق: قســم الدراســات اإلســالمية - مؤسســة البعثــة، مركــز 34

.311، ص1ه، ط1417الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، إيران - قم، ابن حمدون، محمد بن الحسن، التذكرة الحمدونية، تحقيق: إحسان عباس وبكر عباس، لبنــان - بــيروت، 35

. 99، ص3، ج1م، ط1996دار صادر للطباعة والنشر، .20الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص 36. 308غرر الحكم ودرر الكلم، مصدر سابق، ص اآلمدي التميمي، 37.44غرر الحكم ودرر الكلم، مصدر سابق، ص اآلمدي التميمي، 38.40 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص3940

.460 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص4175

Page 76: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وذلك بحفظ التوازن بين المسؤولية وبين حقوق اآلخرين. ومن المعلوم أن الحد الفاصل بين خيانة المسؤولية وبين ظلم العاملين يحتاج إلى مستوى عال من الدقة،

فال يحل بمقتضى المسؤولية واألمانة الشرعية الملقاة على عاتق المدير أو المسؤول، أن يتجاوز حقوق العاملين، ويتعدى حدودهم. وفي هذا المجال تزل أقدام

كثير من الناس، فيسقطون ضحية اإلفراط أو التفريط. ويدخل تحت هذا الباب كثير من الحقوق، المالية منها والمعنوية، وربما كانت الثانية هي األخطر، خاصة في مجال التقويم، والنقد األصولي، وسرد السلبيات

واإليجابيات. وهنا، ال يمكن للمدير والمسؤول أن يتخلى عن دوره، ويتغافل عن مساوئ

العاملين لديه، أو عن محاسنهم؛ هروبا من مسؤولية التقويم ؛ ألن ه عندئذ سيقع حتمافي محذور التقصير في مهامه، واإلخالل في أداء األمانة الملقاة على عاتقه.

ندكعن اإلمام علي)ع( في عهده لألشتر: » يء ع� ن والمس� وال يكونن المحس�، ب�منز�لة سواء؛ فإ�ن ف�ي ذل�ك تزه�يدا ألهل� اإل�حسان� ف�ي اإل�حسان�

نهم ما ألزم نفسه م� .42«وتدر�يبا ألهل� اإل�ساءة� على اإل�ساءة�، وألز�م كال ثم ينبغي أن ال يتجاوز المسؤول حدود الحاجة، فيجب حفظ الحيثيات التي ال

عالقة لها بالموضوع، فإذا كان التقصير عند العامل في مجال محدود، ال يتعدى في الحكم عليه إساءة تقويمه إلى مجاالت أخرى ال خلل فيها، كما أن سرعة الحكم

على اآلخرين قبل التثبت، وقبل تقليب الوجوه دون روية، توقع المسؤول غالبا فيالظلم والتعدي. ويؤيد ذلك ما ورد في بعض الروايات، ومنها:

، وإ�ن تشبه» اع�ي غاش وال تعجلن إ�لى تصد�يق� ساع؛ فإ�ن السين ح� .43«ب�الناص�

نه» يمة كل امر�ئ ما يحس� .44«ق�ت�ه» م جل� على قدر� ه� .45«قدر الرست�حقاق� ع�ي أو» ير عن� اال� ست�حقاق� ملق، والتقص� ن اال� الثناء ب�أكثر م�

.46«حسد وال شك في أن العدل واإلنصاف يتوقفان على معرفة الحقوق، وهي تارة تكون حقوقا شرعية فرضتها الشريعة، وأخرى تكون حقوقا تفرضها العقود وما فيها من بنود منصوصة يتم التوافق والتعاقد عليها، وفي ذلك كله ال بد من اإلحاطة الكاملة

بمنظومة قبل العمل، حيث ورد في بعض النصوص أن »الفقه ثم المتجر«.سادسا: النصح أو التأنيب:

. 431، ص53الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 42.430، ص53الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 43. 482، ص81الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، الحكمة 44.477، ص47الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، الحكمة 45. 347، ص347الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، حكمة 46

76

Page 77: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

من واجبات اإلدارة أو من وظائفها التوجيه والرقابة، ولكن لكل من هذين األمرينجملة من اآلداب واألصول السلوكية التي تجعل الوظيفة منتجة ومجدية.

ينبغي أن يكون النصح سرا إذا كان النصح العلني يوجب التوهين. ورد في-1.47«نصحك بين المأل تقريعحديث أمير المؤمنين)ع(: »

من وعظ أخاه سرا فقد زانه، ومن وعظه وعن اإلمام العسكري)ع(: ».48«عالنية فقد شانه

االلتزام بحدود التأنيب الموجب لإلصالح واالمتناع عما يدخل ضمن التوهين-2 إياك أن تكرر العتب، فإن ذلك يغريواالنتقام، فعن اإلمام علي)ع(: »

رب، كما أن هذا يجري في حدود المدح والثناء أيضا: »49«بالذنب، ويهون العتب . وقد تقدم بعض النصوص التي لها عالقة50«مفتون ب�حسن� القول� ف�يه

بالموضوع. الحرص على التوجيه اإلصالحي، واعتباره واجبا وتكليفا تجاه العامل قبل أن-3

من رأى أخاه على أمريكون مسؤولية تجاه الرؤساء، فعن اإلمام الصادق)ع(: ».51«...يكرهه، فلم يرده عنه وهو يقدر عليه، فقد خانه

التغافل عن الصغير من األخطاء وليس الغفلة؛ فإن المطلوب أن يكون-4 المسؤول فطنا دقيقا في المالحظة، فيرى الثغرات كلها ليحسب لكل شيء حسابه،

لكن ينبغي عدم االستغراق باللمم؛ ألننا لن نجد من هو خال من كل ثغرة. والنصوص الواردة في هذا المجال على نوعين، منها ما يحث على الفطنة، ومنها

صالح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاهما يحث على التغافل: ».52«فطنة وثلثه تغافل

.53«م�ن أشرف أخالق الكريم تغافله عما يعلم».54«عظموا أقداركم بالتغافل عن الدني من األمور».55«من لم يتغافل وال يغض عن كثير تنغصت عيشته»

وباإلمكان تقسيم التغافل إلى قسمين، أحدهما ممدوح وحسن، وهو ما يدفع إلى الترفع عن الدني، ويوجه االهتمام نحو الثغرات األساسية والمهمة لمعالجتها، والثاني

.497 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص47 الديلمي، الحسن بن أبي الحسن، أعالم الدين في صفات المؤمــنين، مؤسســة آل الــبيت)عليهم الســالم(48

.179ص، 2م، ط1988إلحياء التراث، ال.م، .164 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص49. 556، ص462الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، الحكمة 50. 343الشيخ الصدوق، األمالي، مصدر سابق، ص 51 ابن شعبة الحراني، الحســن بن علي، تحــف العقــول عن آل الرســول)ص(، تصــحيح وتعليــق: علي أكــبر 52

ــاري، مؤسســة النشــر اإلســالمي التابعــة لجماعــة المدرســين بقم المشــرفة، إيــران - قم، ه -1404الغف.359، ص2ش، ط1363

آغا جمال الخوانساري، محمد بن الحسين، شرح آغــا جمــال الــدين الخوانســاري على غــرر الحكم ودرر 53.450، ص2، ج4 ه، ط1407الكلم، الناشر: جامعة طهران، إيران - طهران،

.224 ابن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول)ص(، مصدر سابق، ص54.453غرر الحكم ودرر الكلم، مصدر سابق، ص اآلمدي التميمي، 55

77

Page 78: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

مذموم وقبيح، وهو ما يأتي نتيجة سوء النية وبقصد نفعي، وعلى خالف المسؤوليةواألمانة.

سابعا: االستشارة: جال شاركهاورد في الحديث: » من� استبد ب�رأي�ه هلك، ومن شاور الر

.56«ف�ي عقول�ها المشاورة سلوك أخالقي قبل أن يكون حاجة، وقد يتفرغ هذا السلوك على سجية

ر، ونظر إلى الغير نظرة التواضع المتقدمة؛ إذ إن اإلنسان إذا ابتلي بالعجب والتكب دونية، سوف يقوده ذلك حتما إلى االستغناء برأيه عن رأي اآلخرين، واالستبداد

دونهم. من هنا، كان المفروض أن يعمل المؤمن على تربية نفسه على هذه الخصال

التي تشكل سلسلة مترابطة يجر بعضها إلى بعض. ومن جهة أخرى، فإن المدير المسؤول، المعرض للخطأ واالشتباه، ال غنى له عن

االستشارة التي تثري خياراته، وتعصف بأفكاره، وتفتح أمامه أبوابا جديدة منب نفسه عليها، ويمارسها بشكل دائم، فهي عين الهداية، كما الرشاد، فعليه أن يدر

االستشارة عين الهداية، وقد خاطر منورد في حديث اإلمام علي)ع(: ».57«استغنى برأيه

ثم إن لالستشارة آدابها وشروطها على مستوى المستشار وطريقة اختياره، وعلى مستوى النتيجة وكيفية التعامل مع المشورة، فإذا عرف اإلنسان من يشاور، وكيف، ومتى، ثم عمل بالمشورة التي قدمت له، أصاب الرشد، وعدم الغي، وهدي

سواء السبيل. إن المشورة ال تكون إال بحدودها،روي عن اإلمام الصادق)ع( أنه قال: »

تها على المستشير أكثر من فمن عر�فها بحدودها، وإال كانت مضر منفعتها له، فأولها أن يكون الذي يشاور عاقال، والثانية أن يكون حرا

متدينا، والثالثة أن يكون صديقا مؤاخيا، والرابعة أن تطل�عه على سرك، فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثم يستر ذلك ويكتمه، فإنه إذا كان

عاقال انتفعت بمشورته، وإذا كان حرا متدينا جهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك إذا أطلعته على سرك، وإذا

أطلعته على سرك فكان علمه به كعلمك، تمت المشورة وكملت.58«النصيحة

لن ف�يوينهانا أمير المؤمنين)ع( عن مشورة بعض الناس، فيقول: » وال تدخ�، ويع�دك الفقر، وال جبانا يضع�فك يال يعد�ل ب�ك عن� الفضل� مشورت�ك بخ�

.500، ص161الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، حكمة 56.104، ص72العالمة المجلسي، بحار األنوار، مصدر سابق، ج 57 البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، المحاسن، تصــحيح وتعليــق: الســيد جالل الــدين الحســيني، دار الكتب 58

.603، ص2 ش، ال.ط، ج1330ه - 1370اإلسالمية، إيران - طهران، 78

Page 79: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ره ب�الجور�، فإ�ن البخل والجبن عن� األمور�، وال حر�يصا يزين لك الشرص غرائ�ز شتى، يجمعها سوء الظن ب�الله .59«والح�

وبإمكان المسؤول أن يجعل من المشاورة طريقا لتدريب مساعديه وأعوانه، فيشركهم معه في تحمل المسؤولية، واختبار قدراتهم وخبراتهم، فيساهم بذلك في

تنمية الشعور بالمسؤولية، ويزرع روح التعاون.ثامنا: التعاون:

ال شك في أنه ال غنى عن التعاون في العمل المؤسساتي، فال غنى عن تكامل أفراد الفريق الواحد ليؤدوا عمال واحدا كبيرا. وال يتحقق التكامل بين عناصر الفريق

وتعاونوا على﴿ما لم تظهر فيهم روح التعاون بأعلى مستوياته. يقول -تعالى-: .60﴾البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان

ويسعى اإلسالم لبناء المجتمع اإلسالمي المتوحد والمتعاون، ويعده فريقا متكامال،هه تارة بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر األعضاء بالسهر فيشب

ه تارة أخرى بالبنيان المرصوص من جهة توادهم وتراحمهم. والحمى، ويشب وهذا النهج يؤسس لقاعدة إدارية تسري في كل فريق، لتحقيق غاية مشتركة،

خاصة إذا كانت الغاية مقدسة ترتبط بالرسالة وبناء اإلنسان بناء رساليا؛ األمر الذي يستدعي أعلى مستويات التجرد ونكران الذات، واالبتعاد عن األنانيات. وقد عمل الرسول)ص( في أول خطوة لبناء هذا النوع من المجتمع على توثيق اللحمة بين

أفراده، خاصة تلك المرحلة التي كان)ص( يعدهم فيها لمواجهة خطيرة، على قاعدة صلبة ال محل فيها للهزيمة، فقام بعملية المؤاخاة بين أفراد المجتمع اإلسالمي على

الحق والمساواة. وأهم مدخل لزرع التعاون والتكامل هو التخلص من األنانيات الفردية؛ وذلك ألن

األناني ال يرى إال نفسه، وال يعنيه من أمر اآلخرين شيء، وهذه نظرة ضيقة جدا إلى مصالح الذات؛ ألن كثيرا من السعادات والمنازل السامية األخروية ال يصل إليها

اإلنسان إال عن طريق اإليثار والتضحية، وخدمة الجماعة، ومحبتهم، والحرص علىمصالحهم.

والمشكلة أن أضرار األنانية القاتلة تكبر وتزداد خطورة مع زيادة قدرة اإلنسان، وتوسع دائرة سلطته وتأثيره، فالعامل البسيط المبتلى باألنانية قد ال يجد مجاال واسعا إلرضاء هذا الشعور، فتنحصر دائرة تأثيره في التملص من بعض األعمال

التطوعية، واالمتناع عن مد يد العون لزميل له وما شابه، وهو ضرر محدود، إال أن هذا الشخص إذا صار في موقع المسؤولية والقدرة على اتخاذ القرار، وأصبح بيده من المقدرات واإلمكانات الشيء الكثير، سوف تظهر أنانيته بشكل أكبر وأوسع،

فإذا بها تنخر جسم المجتمع، وتفكك عرى المحبة فيه، وتقضي على التعاون، وتزرعالعداء والجفاء والحسد والبغضاء.

. 430، ص53الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 59.2سورة المائدة، اآلية 60

79

Page 80: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

وال تعالج مشكلة األنانية إال من خالل التدريب على اإليثار والتضحية والبذل والتحسس آالم اآلخرين ومحبتهم، واستبدال »األنا« الشخصية بـ»أنا« الجماعة

واألمة والمجتمع. مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا»

.61«اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمىتاسعا: سعة الصدر:

. يخاطب62﴾لو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك﴿يقول –تعالى-: الله -تعالى- في هذه اآلية نبيه الذي وصفه بأنه على خلق عظيم، وأنه بالمؤمنين

رؤوف رحيم، وأنه تذهب نفسه عليهم حسرات، وكلها صفات وسجايا خلقية تقتضيهاالقيادة، وباألخص قيادة األنبياء.

والمقصود من سعة الصدر لين الجانب، وحسن العشرة، والتحمل، لكن دون أن يصل األمر إلى التراخي تجاه أداء التكاليف والواجبات، ونظم األمور، وحفظ

الحقوق، والدقة واالستقامة التي ال يجوز التخلي عنها والتساهل فيها. يقول إمام المتقين أمير المؤمنين)ع( لمالك األشتر في عهده المشهور:

دة�» ن الش ن اللين� تشوبه ب�طرف م� لبابا م� .63«فالبس لهم ج�دةويقول في موضع آخر: » فاستع�ن ب�الله على ما أهمك، واخل�ط� الش

ين ال دة� ح� فق أرفق، واعتز�م ب�الش ، وارفق ما كان الر ن اللين� غث م� ب�ض�ية� جناحك، وابسط لهم وجهك، ع� ض ل�لر دة، واخف� تغن�ي عنك إ�ال الش

.64«وأل�ن لهم جان�بك فأكثر ما يبتلى به ذوو المواقع والمسؤوليات اإلدارية ضيق الصدر وقلة التحمل،

.65«ال أدب مع غضبوسرعة الغضب، وقد ورد أنه » وقد يفسد اإلنسان بغضبه ما ال يتاح له فرصة إصالحه بعد ذلك، فتذهب منه الفرص، وتغلق أمامه األبواب، ويقوده ذلك إلى الندم، فعن أمير المؤمنين)ع(:

دة، وعنه)ع( أيضا: »66«إياك والغضب، فإن أوله جنون وآخره ندم» الح�بها يندم، فإ�ن لم يندم فجنونه مستحك�م ؛ ألن صاح� ن الجنون� .67«ضرب م�

وينبغي أن يعلم أن المتأني الذي ال يسمح للسانه أن ينطلق عند الغضب، فيكظم ويتحمل، مثل هذا اإلنسان لن يندم، ولن يفوته شيء من حقه، وإن كان محقا، بل

يصبح أقدر على التأمل والتدبر واختيار خطواته بعيدا عن رد الفعل واالنفعال.

.270، ص4أحمد بن حنبل، المسند )مسند أحمد(، دار صادر، لبنان - بيروت، ال.ت، ال.ط، ج 61.159سورة آل عمران، اآلية 62. 367، ص19الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 63. 381، ص27الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، كتاب 64.531 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص65.96 الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص66.513، ص255الشريف الرضي، نهج البالغة، مصدر سابق، حكمة 67

80

Page 81: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

ولنا أسوة باإلمام زين العابدين)ع( الذي واجه الشيخ الذي شتمه وأهانه عندحب؛ دخول موكب األسرى والسبايا إلى الشام، واجهه بالرأفة والرحمة والصدر الر

األمر الذي قلب الموازين، وحول ذلك الشيخ إلى محب ومدافع.عاشرا: الصدق والوفاء بالعهد:

الصدق من أهم عناصر التوفيق والنجاح، وإن توهم المتوهمون أنه ال غنى عن الكذب في سبيل الوصول إلى العديد من الغايات واألهداف، ويكفينا اآليات الكثيرة

الواردة في مدح الصادقين وذم الكاذبين. والحقيقة إن هذه المسألة تربوية تكتسب باالعتياد، وليست دائما نتيجة حاجة،

وإن كانت البداية قد تكون نتيجة حاجة موهومة، في الرواية عن اإلمام زيند وهزل، فإنالعابدين)ع(: » اتقوا الكذب، الصغير منه والكبير، في كل ج�

.68«...الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير ولعل سجايا الخير والشر تبدأ صغيرة ثم تكبر، حيث قد يستصعب اإلنسان بعض

ر فعلها صارت عادة، وصارت سجية وخلقا ربما، بل أعمال الخير ابتداء، فإذا كر يستوحش عند تركها، ويستصغر الذنب، فإذا ارتكبه هان عليه، واستسهل الرتبة التي بعده إلى أن يصل به األمر إلى التجرؤ على كبار الذنوب والمعاصي، واالعتياد عليها

دون أن يشعر بالرهبة التي رافقت الذنب األول. إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى»

.69«النار والحديث عن الصدق في القول يجر إلى الحديث عن الصدق في العمل، أو تصديق القول بالعمل، فإذا وعد المؤمن وفى بوعده، وإذا عاهد عمل بما عاهد

عليه، وإذا تعاقد على أمر أداه بدقة وأمانة وإخالص. فأما الوفاء بالوعد فيستعان عليه بأمرين؛ أولهما: تنظيم الوقت وحسن إدارته، وثانيهما: التقيد بحدود دائرة

قا قبل إبرام الوعد. القدرة والصالحيات مسب وهذا يدخل في دائرة حسن التدبير، التي هي من أهم مواصفات المدير، فقد ورد

عن رسول الله)ص(: » إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشدا.70«فأمضه، وإن يك غيا فانته عنه

وهذا يعني أن التدبر قبل إبرام الوعد وقطع العهد وإيقاع العقد، يجنب اإلنسانالوقوع في المخالفة والتقصير.

. 338، ص2 الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج68.505الشيخ الصدوق، األمالي، مصدر سابق، ص 69.150، ص8الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج 70

81

Page 82: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل الخامس التخطيط وأثره على نجاح اليوم الدراسي األول

التخطيط للعمل المدرسي للمدرسة تنظر التخطيط للعمل المدرسي ضرورة للنجاح فيه، واإلدارة الفعالة

إلى العملية التعليمية نظرة عملية شاملة وعميقة، وهذا يعني أنها تأخذ بالتخطيط أسلوبا ووسيلة ضرورية لتحقيق أهداف المدرسة، وكلما كان التخطيط أدق، كلما

انعكس ذلك على التلميذ المستهدف من العملية، وجاءت نتائجه أفضل.التخطيط المدرسي ينطلق من اإلجابة عن أسئلة ثالث:

ما هو واقع المدرسة الحالي؟ من حيث اإلمكانات، والتالمذة، واألساتذة، واألولياء،والتجهيزات، والوسائل، والمناهج، والبيئة االجتماعية والقانونية، وأمثال ذلك.

ما الذي تطمح المدرسة للوصول إليه، وما هي األهداف التي تريد أن-1تحققها؟

كيف يمكن لها أن تحقق أهدافها في ضوء الواقع، واإلمكانات المتاحة،-2والبيئة المحيطة؟

إن اإلجابة الدقيقة والواضحة عن هذه األسئلة تشكل بمجموعها معالم الخطة التي يجب على إدارة المدرسة وضعها الستقبال عام دراسي جديد منتج وهادف.

فالرؤية الواضحة للواقع وللمستقبل، والقدرة على تحديد األهداف الواقعية والقابلة للتحقق، ورسم الطريق الموصل إلى تلك األهداف، من بديهيات العمل اإلداري، وال

يمكن للمدرسة أن تصل بتالمذتها إلى أهدافهم المنشودة، وال يمكن للمعلمين أن يؤدوا دورهم المطلوب بشكل كامل ومريح ما لم تعتمد المدرسة التخطيط أسلوبا

ومنهجا.

أهمية التخطيط المدرسي التخطيط يوفر الوقت، ويساهم في استثماره: مع كثرة المهام وتعقيدها،-1

وتداخل العمليات في المدرسة، يشكل التخطيط الناظم الذي يوزع المهام، ويحدد المسؤوليات، ويضع الجدولة الزمنية المناسبة لالستحقاقات أهم عنصر يساهم في

إنجاز المهام في وقتها المناسب، ويمنع اإلخفاقات، ويوفر كثيرا من الوقت الذي يهدر عادة في تصحيح المسارات، واستدراك األخطاء، وحل المشكالت التي تنشأ

من الفوضى وانعدام التخطيط. والتخطيط للدروس يسهم في استثمار وقت الحصة بشكل كامل، خاصة مع محدودية الوقت المتاح أمام التالمذة لتحقيق المكتسبات

من المعارف والمهارات والمواقف. التخطيط يساهم في استثمار الموارد والطاقات بشكل أفضل، ويحول دون-2

هدر كثير من اإلمكانات.

82

Page 83: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

التخطيط يضع النشاطات المدرسية المختلفة في نسق واحد، ويحول دون-3 تضاربه في التوقيت والمكان، وعلى مستوى الموارد المشاركة في إنجازها أو

المستهدفة منها، خاصة عندما تكون بعض هذه النشاطات مكمال لغيرها أو يتوقفعليها.

التخطيط يدفع اإلدارة إلى التنبؤ بالمشكالت قبل حصولها؛ فيمكن وضع-4إجراءت وقائية لها، ويمكن الحد من آثارها السلبية بالعمل المبكر واالحتياط الالزم.

التخطيط يضفي جوا مريحا على بيئة العمل، سواء أكان ذلك بالنسبة إلى-5 المعلم أو الناظر أم التلميذ، فهو يخفف من ضغط العمل، ويحول دون وقوع كثير

من التعقيدات، ويحد من المشاكل، وهذا له أثره النفسي اإليجابي. ولكي ال يبقى كالمنا عاما ننتقل إلى التفاصيل:

ماذا يعني اليوم المدرسي األول؟ اليوم المدرسي األول بالنسبة إلى التلميذ هو دخول إلى عالم جديد يشعر فيه

بالغربة والرهبة؛ ألنه مكان جديد عليه، العادات فيه غير مألوفة، وثمة أشخاص جدد عليه التعامل معهم، وهو ال يعرفهم، وزمالء لم يلتقهم في السابق، ومستوى جديد

من الجدية والمسؤولية. من جهة أخرى، التلميذ ربما لم يكن قد اعتاد االبتعاد عن أمه بهذا القدر؛ مما

يحدث له فراغا عاطفيا يضاف إلى الحاجة الماسة إليها اآلن؛ إلشعاره باالطمئنان في هذه الغربة وإخراجه من التهيب؛ هذا كله يساهم في جعل اليوم المدرسي

األول كابوسا بالنسبة إلى التلميذ. أما بالنسبة إلى المدرسة، فإن اليوم المدرسي األول من أكثر االستحقاقات أهمية، ويحتاج إلى استنفار لكامل الطاقات المتوافرة والموارد البشرية للقيام

باآلتي: وللقيام بالمهام على أكمل وجه، تلجأ المدارساستقبال التالمذة:-1

الكبيرة إلى توزيع عملية االستقبال على أيام عدة، فتستقبل كل يوم شريحة معينة، إما حلقة دراسية أو صفا محددا؛ إدراكا منها ألهمية القيام بالخطوات الالزمة

الستقبال منتظم من جهة، وللحيلولة دون الوقوع في اإلرباك والخطأ، والستيعاباألعداد الوافدة من التالمذة في أنشطة اليوم األول.

تتضمن أنشطة اليوم المدرسي األول للتلميذ الذيأنشطة اليوم األول:-2 يدخل المدرسة للمرة األولى مجموعة من األلعاب والفعاليات المحبوبة التي تهدف

اجه من حالة التهيب والوجلرإلى بناء صورة إيجابية للمدرسة في ذهن الطفل، وإخ التي يعاني منها، هذه األنشطة تغريه بقبول االبتعاد عن أمه، وبناء عالقة جديدة

بالمربيات اللواتي سيرافقنه في أيام المدرسة. يجب أن يخطط لهذه األنشطة بدقة لتحقق أهدافها الترفيهية والنفسية، ويجب أن تكون مشوقة وقادرة على الجذب

والتأثير اإليجابي السريع؛ ألن النشاطات الترفيهية المعتادة، التي هي بمتناولالطفل خارج المدرسة، قد ال تشكل عنصر جذب وتشويق له.

83

Page 84: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

تؤدي بعض البرامج البسيطة دورا فاعال في دمجتحقيق االندماج:-3 التلميذ في المجتمع المدرسي الجديد، مثل تعريف المعلمين بأنفسهم، وتعريف

تالمذة الشعبة إلى بعضهم، وتعريف التالمذة إلى اإلدارة والنظارة، عن طريق تنظيمجولة للصف على مرافق المدرسة والتسليم على الناظر والمدير.

من الضروري في اليوم األول أن تكونتنظيم النقل المدرسي:-4 اإلدارة قد أنجزت توزيع وسائل النقل على الخطوط المحددة، ونظمت لوائح

التالمذة الموزعين على الباصات، وأصدرت البطاقة الخاصة بالتلميذ التي تحدد رقم الباص، واسم السائق، والمنطقة، ورقم هاتف السائق، ليتم توزيعها على التالمذة

في اليوم األول؛ للحيلولة دون الوقوع في الفوضى واإلرباك. تتطلب هذه المهمة إعداد لوائح التالمذة المسجلين،تحديد الشعب:-5

وتوزيع التالمذة على الشعب وفق معايير محددة مسبقا ووفق السياسة المعتمدة من قبل المدرسة، وتحديد الفصول الخاصة بكل شعبة، بحيث يتم إرشاد التالمذة

بعد انتهاء مراسم االستقبال إلى الصف الخاص بهم، كما أن ترتيب جلوس التالمذة داخل الصف يحتاج إلى شيء من الدقة، لرعاية الطول، والقدرة على مشاهدة

اللوح واألستاذ، والمشاركة الفاعلة الحقا. )الدوام اليومي، الفرص، وقت الصالة،التعريف بالنظام المدرسي:-6

الخروج من الصف، االمتحان، الترفيع، الثواب والعقاب، الغياب، الضوابط السلوكية، هذا الموضوع أهمية خاصة، حيث إن شرح األنظمة المدرسيةالعطل المدرسية(: ل

للتلميذ يساهم مساهمة مباشرة في الحد من األخطاء والمخالفات، كما أنه من الضروري تعريفه على واجباته، وتعريفه بالمحظورات والممنوعات، ومن المناسب

جدا ربط ذلك برسالة المدرسة وقيمها؛ لالبتعاد قليال عن الروح السلطوية، واالقتراب من األداء التربوي، وقد أثبتت التجربة أن الشرح التفصيلي لألنظمة

والواجبات والمحظورات في مستهل العام الدراسي يحد من التجرؤ على المخالفة؛ ألن التلميذ يمتلك في البداية استعدادا لاللتزام، وال يكون لديه نوايا عدوانية مسبقة،

فينبغي مساعدته على الحيلولة دون ارتكاب الخطأ. من المؤشرات اإليجابية التيوضع جدول توزيع الحصص والدروس:-7

تترك انطباعا حسنا عند التلميذ واألهل، قدرة المدرسة على إعداد جدول توزيع الدروس منذ اليوم الدراسي األول، خاصة مع اكتمال المعطيات كلها الخاصة

بالمعلمين. مما تقدم كله، يظهر أن التخطيط المسبق، واإلعداد الصحيح للعام الدراسي، من

شأنمها أن يسهال إنجاز الكم الهائل من االستحقاقات في مواعيدها بشكل كامل وصحيح؛ مما يضفي جوا من االرتياح على التلميذ واألهل والعاملين على السواء،

ويساهم في تحقيق أهداف المدرسة، أو تمهيد األرضية المناسبة لذلك؛ وفي المقابل يمكن التأكيد بأن العام الدراسي الذي يبدأ يومه األول بالفوضى واإلرباك

سيكون عامرا باإلخفاقات واإلرباكات واألزمات، وسنجد أن األجواء المشحونة نفسياسوف تكون رفيقة األيام على المستويات كافة.

84

Page 85: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

التخطيط للتعليم ال تقتصر أهمية التخطيط على الجانب اإلداري، وال على ما يرتبط باليوم

المدرسي األول، بل التخطيط للتعليم ال يقل أهمية، وهو يرتبط مباشرة بالهدف الذي قامت من أجله المدرسة. التخطيط للتعليم له مستويات كلها ضرورية، سأتناول هنا ما له عالقة بالمعلم خاصة دون ما له عالقة بالمستوى الوطني

التخطيط على مستوى الوطن والسياسات التربوية العامة؛ أي والمؤسساتيوالكتاب المدرسي وأمثال ذلك:

فعندما تكون األيام الدراسية:التوزيع السنوي للمادة التعليمية-1 معدودة، والحصص التعليمية المخصصة للمادة محدودة، كما هي الحال، فال بد من

وضع مخطط لتوزيع المادة على الحصص المتاحة، يراعي مواعيد االختبارات واألصول المتبعة في التعليم. وتكمن أهمية هذا التوزيع في أنه يشكل دليال زمانيا

للتنفيذ، وإذا لم يكن المخطط موجودا فسيتعرض المعلم لمفاجآت؛ لجهة انتهاء الوقت، وتصرم األيام دون إنجاز المطلوب، وهذا له تأثير قاتل على متابعة التحصيل

العلمي في السنوات الالحقة. وهذا المستوى من التخطيط يقوم بهالتحضير اليومي أو األسبوعي:-2

المعلم ليرسم من خالله خريطة العمل داخل الصف، لكي ال يخبط خبط عشواء، ولكي ال يرتجل الخطوات ارتجاال. ويجب أن يبدأ التحضير بتحديد أهداف الحصة

التعليمية بشكل دقيق ومعياري وقابل للقياس، ثم تحديد الخطوات التي سيتبعها المعلم ليوصل تالمذته إلى تلك األهداف، والوسائل التي سيستعملها ويستعين بها،

ثم الطريقة المناسبة التي سيلجأ إليها للتحقق من الوصول إلى األهداف... واستدراكه عبر برامج:التخطيط الستكشاف الخلل عند التالمذة-3

استثنائية داعمة تحول دون تخلف بعض التالمذة عن ركب الصف، وبالتالي إكسابالتالمذة ما فاتهم اكتسابه مع زمالئهم في الحصة التعليمية.

إن كثيرا مما يعاني منه المعلمون داخل صفوفهم من مشكالت يرجع إلى عدم التحضير أو الخلل فيه، وينتج عن ذلك سوء إدارة الصف، وعجز التالمذة عن تحقيق

المكتسبات المطلوبة، وبالتالي الحد من الحماس، وتفاقم الشعور باإلحباط.ــا هي مســؤولية ما يجب التأكيد عليه، أن هذه األمور ليست من قبيل الترف، وإنم تصل إلى مستوى التحكم بمستقبل التلميذ واتجاهه العلمي والمهني، فكم من تلميذ ترك المدرسة نتيجة موقف من معلم أو ناظر، وكم من تلميذ عــدل اتجاهــه المهــنيــا وحجم ــورة دورن ــدرك خط ــل ن ــأثره بمعلم أو رد فعلــه على حادثــة، فه نتيجــة ت

مسؤولياتنا؟!

85

Page 86: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

الفصل السادساألدوار والمهارات المطلوبة لفعالية عمل المدير

األدوار والمهارات المطلوبة لفعالية عمل المديرنوضح في هذا الجدول:

الدور..1عناصر الدور. .2المعارف والمهارات والقدرات المطلوبة..3

وهي على الشكل اآلتي: المعارف والمهاراتعناصر الدورالدورم

والقدرات- يشرف على العاملين.يقود الجماعة1

- يعالج ما يعترضها منمشكالت.

- يقرر مسار العمل لها.

- المعرفة بنظريات القيادةوأنماط القادة.

- مهارة االتصال.- مهارة التأثير في اآلخرين.

- امتالك شخصية القدوة.- يباشر االتصال مع اآلخرين.ينظم حركة االتصال2

- يتلقى االتصال من اآلخرين. - ينمي العالقات اإلنسانية بين

أفراد المجموعة.

- المعرفة بنظريات االتصالونظم االتصال.

- مهارة الحديث.- مهارة االستماع.

- يقدم المعلومات ويوزعهايقدم المعلومات3على العاملين.

- يقدم المعلومات ويرفعها إلىالمؤسسة.

- المعرفة بنظريات االتصالونظمه.

- مهارة الحديث. - مهارة تحليل المعلومات

وتقويمها. - يطلب ويتلقى المعلومات منيجمع المعلومات4

العاملين. - يطلب ويتلقى المعلومات من

المؤسسة.

- المعرفة بنظريات االتصالونظم االتصال.

- مهارة االستماع. - مهارة تحليل المعلومات

وتقويمها. يتمثل المؤسسة5

والمدرسة - يمثل مجموعته أمام

المؤسسة. - يمثل اإلدارة العليا أمام

مجموعته.

- المعرفة بنظريات االتصالونظم االتصال.

- مهارة الحديث.

86

Page 87: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

- يمثل المؤسسة أماماألطراف الخارجية.

- يطور العمل عن طريقيبدع6طروحات جديدة.

- يفسح المجال لآلخرين لتقديمطروحات جديدة.

- سعة المعارف وعمقها.- مهارة االستقراء.

- مهارة التحليل.- مهارة التنبؤ.

- يحدد المهام ويوزعها علىيفوض السلطة7أفراد مجموعته.

- يفوض جزءا من سلطاته.

- المعرفة بنظريات التفويضومبادئه.

- مهارة االتصال.- مهارة التحليل.

يعالج المشكالت8ونقاط الخلل

- يعالج االضطرابات داخلمجموعته.

- يعالج مشكالت االنضباطوسوء األداء في مجموعته.

- مهارة االستقراء.- مهارة التحليل.- مهارة االتصال.

- يساوم ويعقد االتفاقات معيفاوض9 العاملين، ومع أولياء األمور،

ومع الموردين.

- المعرفة بنظريات التفاوضومبادئه.

- مهارة االتصال.- مهارة االستقراء.

- مهارة التحليل.10

- يراقب أداء مرؤوسيه.يقوم األداء - يناقش أداء مرؤوسيه ويقنعهم

بالتغيير. - يراقب أداء الفرع الذي يديره،

ويحدد مواطن القوة والضعفواألسباب.

- المعرفة بنظريات التقويمووسائله وأنظمته.- مهارة االتصال.

- مهارة االستقراء.- مهارة التحليل.

11

- ينمي معارف العاملين.يدرب- ينمي مهارات العاملين.

- يوفر فرص التدريب للعاملين.

- المعرفة بنظريات التدريبووسائله.

- مهارة االتصال. - القدرة على تحديداالحتياجات التدريبية.

12

- يقوم الواقع الحالي لمدرسته.يخطط - يحدد المشاكل، ويحلل

أسبابها. - يتنبأ بالمستقبل، ويحدد

الفرص المتاحة. - يحدد األهداف، ويخطط

للوصول إليها.

- قدرة على جمع المعلوماتبدقة.

- مهارة التحليل.- مهارة التنبؤ بالمستقبل. - مهارة التخطيط، ووضع

البرامج.

13

- يشرف على عمل المعلمينيشرف تربويافي مدرسته.

- معرفة بالمناهج ونظرياتالتربية.

87

Page 88: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

- يحدد المشكالت التيتواجههم.

- يوجه المعلمين نحو الطريقةاألجدى.

- يحلل النتائج، ويحدد الثغرات.

- معرفة بالطرائق التعليميةالمتنوعة.

- مهارة االتصال.- مهارة التحليل.

- مهارة االستقراء.14

- يشرف على التحصيل المالي.يدير الموارد المالية- يراقب عمليات الصرف.

- يراقب العمليات المحاسبيةومدى دقتها.

- يقارن اإليراد والصرف.

- معرفة باألصول المحاسبية. - قدرة على إدارة

المشتريات.- مهارة االستقراء.

- مهارة التحليل.

88

Page 89: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

العوامل الدخيلة في اتخاذ القرارات

89

Page 90: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

قائمة المصادر والمراجع

القرآن الكريم.-1 الكليني، الشيخ محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري،-2

. 4هـ.ش، ط1365دار الكتب اإلسالمية؛ مطبعة حيدري، طهران، الطبرسي، الشيخ الحسن بن الفضل، مكارم األخالق، منشورات الشريف الرضــي،-3

.6م، ط1972/ه.ق1392إيران - قم، الخميني، اإلمام روح الله، الكلمات القصار، إعداد لجنة التأليف في مركز المعارف-4

هـ1433للتأليف والتحقيق، دار المعارف – جمعية المعارف اإلسالمية الثقافية، م. 2011-

الطوسي، الشيخ محمــد بن الحســن، تهــذيب األحكــام في شــرح المقنعــة، تحقيــق-5ــران - ــق: الســيد حســن الموســوي الخرســان، دار الكتب اإلســالمية، إي وتعلي

.3ه.ش، ط1364 طهران، الصدوق، الشيخ محمد بن علي، عيــون أخبــار الرضــا)ع(، تحقيــق: تصــحيح وتعليــق-6

وتقديم : الشيخ حسين األعلمي، الناشــر: مؤسســة األعلمي - بــيروت – لبنــان،. م، ال.ط1984 – 1404

النيسابوري، الشيخ محمد بن الفتال، روضة الواعظين، تقديم: السيد محمد مهــدي-7 إيران - قم، ال.ت، ال.ط. السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي،

الشريف الرضي، السيد محمد الرضي بن الحســن الموســوي، نهج البالغــة )خطب-8ــيروت، ــان - ب ــالح، ال.ن، لبن ــبحي الص ــحيح: ص ــق وتص ــام علي)ع((، تحقي اإلم

.1م، ط1967ه.ق/1387 الصدوق، الشيخ محمد بن علي، من ال يحضره الفقيه، تصــحيح وتعليــق: علي أكــبر-9

الغفاري، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعــة لجماعــة المدرســين بقم المشــرفة،. 2هـ.ق، ط1414إيران - قم،

ــة لثمــرة المهجــة، النجــف-10 ابن طــاووس، الســيد علي بن موســى، كشــف المحجم، ال.ط. 1950/ه.ق1370األشرف، المطبعة الحيدرية،

ــة-11 البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطــا، مكتب. 1م، ط1994هـ.ق/1414دار الباز، مكة المكرمة،

ــار-12 ــدرر أخب ــة ل ــوار الجامع ــار األن ــد تقي، بح ــد بن محم ــة محم ــي، العالم المجلس/ه.ق1403األئمة)عليهم الســالم( األطهــار، مؤسســة الوفــاء، لبنــان - بــيروت،

.2م، ط1983 الليثي الواسطي، علي بن محمد، عيون الحكم والمواعظ، تحقيــق: الشــيخ حســين-13

. 1، طه1418الحسيني البيرجندي، دار الحديث، إيران - قم، العيني، محمود بن أحمد، عمدة القــاري شــرح صــحيح البخــاري، دار إحيــاء الــتراث-14

العربي، بيروت، ال.ت، ال.ط. 90

Page 91: esrc.org.lb¨حوث تربوية... · Web viewينطلق الرصد في البداية من خلال ملاحظة انتشار السلوك السلبي المشكل؛ أي ملاحظة

اإلمام العالمة محمد بن علي، كنز الفوائد، مكتبة أبو الفتح الكراجكي،-15.2ه.ش، ط1369المصطفوي، إيران - قم،

التميمي اآلمدي، عبد الواحد بن محمــد، غــرر الحكم ودرر الكلم )مجموعــة من-16 ه.ش، ط1410كلمات اإلمام علي)ع( وحكمه(، الناشر: دار الكتاب اإلسالمي،

2. الصدوق، الشيخ محمد بن علي، األمالي، تحقيق: قسـم الدراسـات اإلسـالمية --17

ــران - قم، ــة، إي ــة، مركــز الطباعــة والنشــر في مؤسســة البعث مؤسســة البعث. 1ه، ط1417

ـاس وبكــر-18 ـة، تحقيــق: إحسـان عب ابن حمدون، محمد بن الحسن، التذكرة الحمدوني.1طم، 1996عباس، لبنان - بيروت، دار صادر للطباعة والنشر،

الديلمي، الحسن بن أبي الحسن، أعالم الـدين في صـفات المؤمـنين، مؤسسـة آل-19.2م، ط1988البيت)عليهم السالم( إلحياء التراث، ال.م،

ابن شعبة الحراني، الحسن بن علي، تحف العقــول عن آل الرســول)ص(، تصــحيح-20ــة ــة لجماع ــر اإلســالمي التابع ــة النش ــبر الغفــاري، مؤسس وتعليــق: علي أك

. 2ه.ش، ط1363/ه.ق1404المدرسين بقم المشرفة، إيران - قم، آغا جمال الخوانساري، محمد بن الحسين، شرح آغا جمال الدين الخوانساري-21

1407على غرر الحكم ودرر الكلم، الناشر: جامعة طهران، إيران - طهران، .4ه.ق، ط

البرقي، أحمد بن محمد بن خالـد، المحاســن، تصــحيح وتعليــق: السـيد جالل الـدين-22ه.ش، ال.ط.1330/ه.ق1370الحسيني، دار الكتب اإلسالمية، إيران - طهران،

ال.ت، ال.ط. أحمد بن حنبل، المسند )مسند أحمد(، دار صادر، لبنان - بيروت، -23

91