58
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﳎﻤﻞ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﶈﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺁﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ، ﳏﻤﺪ ﻧﺒﻴﻨﺎ، ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺭﺏ، ﺍﳊﻤﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻮﻡ ﹺﱃ. ﺃﺻ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺳﻠﻔﻨﺎ ﻋﻦ ﹸﺛ ﳌﺎﺘﺒﻊ ﺍﳌﹸﺘ ﻓﺈﹺﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻣﺎ ﺍﻋﺘﻨﺎﺀ ﻭﳚﺪ، ﻠﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞﱢ ﹰﺎ ﺍﺗﻔﺎﻗ ﳚﺪ، ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻮﻝ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣ، ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺧﺎﺻﺎ. ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﻼﺩ ﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺮﺍﻩ ﻣﺎ ﺧﻼﻑ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﻟﺪﻯ ﱠﺨﺒ ﻭﺍﻟﺘ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻣﻦ ﹰﺎ ﺷﻴﺌ ﺃﺣﺪﺙ ﳑﺎ، ﺳﻼﻣﻲ ﺍﻹ. ﻏﺎﻟﺐ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﱡﻬﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻣﻨﻬﺞ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺫﻟﻚ ﺃﺛﺮﺕ ﻛﻨﺖ ﻭﻗﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻦ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻳﺴﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻭﻛﺎﻥ، ﻭﻧﺪﻭﺍﺕ ﻭﻟﻘﺎﺀﺍﺕ، ﻋﺪﺓ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺃﺛﺮﺗ، ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻭﻃﺎﻥ ﺍﻟﻨﺼ ﺑﻌﺾ ﲨﻌﺖ ﻟﻮ ﻭﻳﻮﺩ، ﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﻏﺎﻟﺐ ﻭﺍﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻋﻦ ﻭﲞﺎﺻﺔ، ﺫﻟﻚ ﻮﺹ: ﺃﰊ ﳑﺎ، ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﺭﲪﻬﻢ، ﺣﻨﺒﻞ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻭﺃﲪﺪ، ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﹺﺩﺭﻳﺲ ﺑﻦ ﻭﳏﻤﺪ، ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻭﻣﺎﻟﻚ، ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺣﻨﻴﻔﺔﻣﺎﻡ ﻛﺎﻹ، ﻣﻌﺘﱪﻳﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻷﺋﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻧﺼﻮﺻﺎ ﹺﻟﻴﻬﺎ ﹰﺎ ﻣﻀﻴﻔ، ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺑﻌﻀ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ ﺃﲨﻊ ﺟﻌﻠﲏ ﺍﻟﺒﺨ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﳍﺬﻩ ﻣﻘﺪﻣ، ﲨﻴﻌ ﺍﷲ ﺭﲪﻬﻢ، ﻭﻏﲑﻫﻢ، ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﻭﳏﻤﺪ، ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ، ﻭﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻱ، ﺎﺭﻱ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﱠﻦ ﻭﻛﻴﻒ، ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ، ﻭﺃﲰﺎﺋﻪ، ﱠﺘﻪ ﻭﺃﻟﻮﻫﻴ، ﱠﺘ ﺑﻮﺑﻴ ﺍﷲ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﲟﻘﺪﻣﺔ ﻭﻛﻴﻒ، ﻭﺃﻛﻤﻠﻪ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﰎﱠ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﺛﺮ، ﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺟﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﹰﺎ ﺟﻴﻠ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺧﺪﻡ، ﺳﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﳏﻤﺪﺎﻫﺪﻣﺎﻡ ﺍﻹ ﻣﺆﺳﺴﻬﺎ ﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺣﻴﺚ، ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﹺﱃ ﳎﺘﻤﻌﺎ ﺩﻋﺎ ﺍﻟﱵ ؛ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺱ ﻋﻠﻰ، ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﺭﲪﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦﺪﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺃﺣﻘﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﺬﻩ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺕ، ﺍﷲ ﺭﲪﻪ، ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ، ﺍﷲ ﺭﲪﻪ، ﺳﻌﻮﺩ ﺁﻝ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺒﺪ ﻣﺎﻡ ﺍﻹ ﺑﻪ ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﻭﺿﺢ ﲡﻠﻰ ﻭﺍﻟﺬﻱ، ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﻮﺣ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺱ ﻋﻠﻰ ، ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﻭﺣﱠﺪ ﺣﻴﺚ ﺳﻼﻡ ﺍﻹ ﻭﺷﺮﻳﻌﺔ ﻴﺪ. ﳌﺴﺎﺋﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﻢ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺳﻠﻒ ﺃﺋﻤﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﺎﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ ﺧﺘﻢ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺷﻲﺀ ﻛﻞ ﻭﻗﺒﻞ ﹰﺎ ﺃﻭﻟ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﻭﺳﻨﺔ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻛﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻢ، ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭﻫﺬﻩ، " ﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺷﺮﺡ" ﻋﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﶈﻘﻘﺔ ﻃﺒﻌﺘﻪ، ﺍﻟﻌﺰ ﺃﰊ ﻻﺑﻦ) ١٤٠٨ ﻫـ. ( ﺍﷲ ﻭﺻﻠﻰ، ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻟﻮﺟﻬﻪ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﳚﻌﻠﻬﺎ ﻭﺃﻥ، ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻃﻠﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﻘﻮﻝﺬﻩ ﻳﻨﻔﻊ ﺃﻥ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﷲ ﺳﺎﺋﻼ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺁﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ، ﳏﻤﺪ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ. ﺍﶈﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ

ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

  • Upload
    others

  • View
    3

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

لسلف: كتاب مة ا ئ عتقاد أ ا جممل لتركي: املؤلف ا احملسن عبد بن اهللا عبد

مقدمة

احلمد هللا ، رب العاملني ، والصالة والسالم على أفضل األنبياء واملرسلني ، نبينا حممد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ول الدين ، جيد اتفاقا يف جل مسائله ، وجيد اعتناء أما بعد فإن املتتبع ملا أثر عن سلفنا الصاحل يف أص. إىل يوم الدين

على خالف ما نراه اليوم يف كثري من بالد العامل . خاصا بقضايا العقيدة ، واهتماما هبا يف التعليم والتوجيه والدعوة .اإلسالمي ، مما أحدث شيئا من االختالف والتخبط لدى بعض اجلماعات والطوائف اإلسالمية

وقد كنت أثرت ذلك الفرق بني منهج السلف وما عليه كثري من املدارس العلمية والتوجهات الفكرية يف غالب أوطان املسلمني ، أثرته يف مناسبات عدة ، ولقاءات وندوات ، وكان البعض يستغرب حديثي عن منهج السلف يف

أيب : وص يف ذلك ، وخباصة عن األئمة األربعة االعتقاد واتفاقهم يف غالب مسائله ، ويود لو مجعت بعض النصحنيفة النعمان ، ومالك بن أنس ، وحممد بن إدريس الشافعي ، وأمحد بن حممد بن حنبل ، رمحهم اهللا تعاىل ، مما

جعلين أمجع يف هذه الرسالة بعضا من هذه النصوص ، مضيفا إليها نصوصا أخرى ألئمة آخرين معتربين ، كاإلمام اري ، والطحاوي ، وابن تيمية ، وحممد بن عبد الوهاب ، وغريهم ، رمحهم اهللا مجيعا ، مقدما هلذه النصوص البخ

مبقدمة عن أمهية توحيد اهللا يف ربوبيته ، وألوهيته ، وأمسائه ، وصفاته ، وكيف بين القرآن الكرمي والسنة النبوية خدم علماء املسلمني جيلا بعد جيل العقيدة اإلسالمية ، وأثر ذلك يف الشريفة ذلك أمت بيان وأكمله ، وكيف

جمتمعاهتم إىل وقتنا احلاضر ، حيث قامت الدولة السعودية األوىل على يد مؤسسها اإلمام اجملاهد حممد بن سعود ، رمحه اهللا تعاىل ، على أساس من دعوة اإلصالح ؛ اليت دعا

حممد بن عبد الوهاب ، رمحه اهللا ، واستمرت هذه الدولة يف أحقاهبا التالية على ذات إليها اإلمام اجملدد الشيخ املنهج ، والذي جتلى يف أوضح صورة فيما قام به اإلمام عبد العزيز بن عبد الرمحن بن فيصل آل سعود ، رمحه اهللا ،

.يد وشريعة اإلسالم حيث وحد اململكة العربية السعودية ، وهنض هبا على أساس من عقيدة التوحورأيت من املناسب ختم هذه الرسالة بذكر قواعد عامة مستقاة من منهج أئمة سلف هذه األمة يف دراستهم ملسائل العقائد والتوحيد ، واعتمادهم يف ذلك على كتاب اهللا تعاىل وسنة رسول صلى اهللا عليه وسلم أولا وقبل كل شيء

( البن أيب العز ، يف طبعته احملققة الصادرة يف عام " شرح العقيدة الطحاوية " ، وهذه القواعد منقولة من مقدمة ) .هـ ١٤٠٨

سائال اهللا تبارك وتعاىل أن ينفع هبذه النقول كل من اطلع عليها ، وأن جيعلها خالصة لوجهه الكرمي ، وصلى اهللا .على نبينا حممد ، وعلى آله وصحبه وسلم

لتركيعبد اهللا بن عبد احملسن ا

ال إله إال اهللا أساس الوجود

Page 2: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ال إله إال اهللا : " أما بعد فإن . احلمد هللا ، والصالة والسالم على رسول اهللا ، نبينا حممد ، وآله وصحبه ومن وااله [ } لا ليعبدون وما خلقت الجن والإنس إ{ هي أساس الوجود فما خلق اهللا اجلن واإلنس إال لتوحيده وعبادته "

] . ٥٦: الذاريات وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون { وما أرسل اهللا الرسل إال لتوحيده وعبادته

] . ٢٥: األنبياء [ } تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن { لتوحيده وتسبيحه وما خلق اهللا يف هذا الكون من شيء إال

] . ٤٤: اإلسراء [ } من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم .حيم على ذلك أن يحمد اإلله العلي العظيم اجلليل الر: ومن لباب التوحيد

: فنحمد اهللا الذي جعل توحيده أول أمر ، وأعظم مسألة ، وأبقى حقيقة

اهدنا الصراط }{ إياك نعبد وإياك نستعني }{ مالك يوم الدين }{ الرحمن الرحيم }{ الحمد لله رب العالمني { ] .الفاحتة [ } صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالني }{ م المستقي

هو الذي { }م يعدلون الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربه{ وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم }{ خلقكم من طني ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون

. ٣ - ١: األنعام [ } سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون [

قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنني }{ لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا الحمد{ ما لهم }{ وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا }{ ماكثني فيه أبدا }{ الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا

. ٥ - ١: الكهف [ } به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا [ يعلم ما يلج }{ ات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبري الحمد لله الذي له ما في السماو{

] . ٢، ١: سبأ [ } في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز }{ ه الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمني فلل{

] . ٣٧، ٢٦: اجلاثية [ } الحكيم

:وبيته شهادة املوقن بوحدانية اهللا يف رب* ونشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له

فالق }{ ه فأنى تؤفكون إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الل{ وهو الذي جعل لكم النجوم }{ دير العزيز العليم الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تق

وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر }{ لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا }{ د فصلنا الآيات لقوم يفقهون ومستودع ق

نات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجوجعلوا لله شركاء الجن }{ وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون

وخلقهم

Page 3: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم }{ نني وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون وخرقوا له بإلا هو خالق كل شيء فاعبدوه ذلكم الله ربكم لا إله}{ تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم

- ٩٥: األنعام [ } لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبري }{ وهو على كل شيء وكيل ١٠٣ . [

إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق }{ كتاب من الله العزيز الحكيم تنزيل ال{ وشهادة املوقن بوحدانية اهللا يف ألوهيته * ] . ٢، ١: الزمر [ } فاعبد الله مخلصا له الدين

قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون }{ العالمني هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصني له الدين الحمد لله رب{ . ٦٦، ٦٥: غافر [ } من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمني [

: البينة [ } صني له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخل{ ٥ . [ ] . ١٠: الشورى [ } وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب{ ] . ٥٠: املائدة [ } أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون { با لله ولو يرى الذين ظلموا ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد ح{

] . ١٦٥: البقرة [ } إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب [ } ما تدعوا فله الأسماء الحسنى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا { وشهادة املوقن بوحدانية اهللا يف أمسائه *

] . ١١٠: اإلسراء ] . ٨: طه [ } الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى {

[ } ت والأرض وهو العزيز الحكيم هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوا{ ] . ٢٤: احلشر

الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في { وشهادة املوقن بوحدانية اهللا يف صفاته وأفعاله * الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من السماوات وما في الأرض من ذا

] . ٢٥٥: البقرة [ }يم علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظ ٦، ٥: طه [ } له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى }{ الرحمن على العرش استوى { . [ ] . ١٥: غافر [ } ن عباده لينذر يوم التلاق رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء م{

له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على }{ سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم { هو الذي خلق السماوات والأرض }{ لآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم هو الأول وا}{ كل شيء قدير

ا يعرج فيها ن السماء ومفي ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل ميولج }{ له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور }{ وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصري

. ٦ - ١: احلديد [ } ذات الصدور الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم ب [

Page 4: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

} فعال لما يريد }{ ذو العرش المجيد }{ وهو الغفور الودود }{ إنه هو يبدئ ويعيد }{ إن بطش ربك لشديد { . ١٦ - ١٢: الربوج [ [

}{ ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر }{ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر }{ در إنا كل شيء خلقناه بق{ مقعد صدق عند في}{ إن المتقني في جنات ونهر }{ وكل صغري وكبري مستطر }{ وكل شيء فعلوه في الزبر

. ٥٥ - ٤٩: القمر [ } مليك مقتدر [ وجعل فيها رواسي }{ ني قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالم{

ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها }{ ها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلني من فوقها وبارك فييومين وأوحى في كل سماء أمرها فقضاهن سبع سماوات في}{ وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعني

. ١٢ - ٩: فصلت [ } وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم [

ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم }{ نعم الماهدون والأرض فرشناها ف}{ والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون { ] . ٤٩ - ٤٧: الذاريات [ } تذكرون

] . ١١٥: األنعام [ } وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم { شاء إنه علي حكيم لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما ي وما كان{ ] . ٥١: الشورى [ } : األعراف [ } ي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلام{

١٤٤ . [ ] . ٢٧: الكهف [ } واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا { ] . ١١: الشورى [ } لبصري ليس كمثله شيء وهو السميع ا{

:ونشهد أن حممدا عبد اهللا ورسوله ومصطفاه ومجتباه

.أعظم من استقر يف قلبه توحيدك يا ربنا -صلى اهللا عليه وسلم -شهادة املؤمن بأن حممدا رسول اهللا * .ا إىل توحيدك يا إهلنا أعظم من دع -صلى اهللا عليه وسلم -وشهادة املؤمن بأن حممدا رسول اهللا * صلى اهللا -أعظم من نطق لسانه بتوحيدك فقال -صلى اهللا عليه وسلم -وشهادة املؤمن بأن حممدا رسول اهللا *

) .١(» احلمد هللا الذي وسع مسعه األصوات « -عليه وسلم ) .٢(» اللهم إني أستخريك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك « ) .٣(» اربعوا على أنفسكم ، إنكم ال تدعون أصم وال غائبا ، إنكم تدعون مسيعا قريبا وهو معكم « اللهم لك احلمد ، أنت رب السماوات واألرض ، لك احلمد أنت قيم السماوات واألرض ومن فيهن ، لك «

احلق ووعدك احلق ، ولقاؤك حق ، واجلنة حق ، والنار حق ، احلمد ، أنت نور السماوات واألرض ، قولكوالساعة حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك

) .٤(» حاكمت ، فاغفر يل ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت ، أنت إهلي ال إله يل غريك _________

Page 5: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، وابن ماجه يف املقدمة ، باب فيما أنكرت ) ٣٤٦٠: ( أخرجه النسائي يف كتاب الطالق ، باب الظهار ) ١( .من قول عائشة رضي اهللا عنها ) ٤٦/ ٦: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٨٨: ( اجلهمية

اود يف كتاب الصالة ، وأبو د) ٦٣٨٢: ( أخرجه البخاري يف كتاب الدعوات ، باب الدعاء عند االستخارة ) ٢(، ) ٤٨٠: ( ، والترمذي يف كتاب الصالة ، باب ما جاء يف صالة االستخارة ) ١٥٣٨: ( ، باب يف االستخارة

) . ٣٢٥٣: ( والنسائي يف كتاب النكاح ، باب كيف االستخارة يف كتاب الذكر ، ، ومسلم ) ٤٢٠٥: ( أخرجه البخاري واللفظ له ، يف كتاب املغازي ، باب غزوة خيرب ) ٣(

) ١٥٢٦: ( ، وأبو داود يف كتاب الصالة ، باب االستغفار ) ٢٧٠٤: ( باب استحباب خفض الصوت بالذكر . . . . ) : وهو الذي خلق السماوات : ( أخرجه البخاري واللفظ له ، يف كتاب التوحيد ، باب قول اهللا تعاىل ) ٤(لتوبة واالستغفار ، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما مل ، ومسلم يف كتاب الذكر والدعاء وا) ٧٣٨٥(

) . ٢٧١٧: ( يعمل

أصبحنا على فطرة اإلسالم ، وعلى كلمة اإلخالص ، وعلى دين نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلم ، وعلى ملة « ) .١(» أبينا إبراهيم حنيفا مسلما ، وما كان من املشركني

) .٢(» . . . أمرت أن أقاتل الناس حىت يشهدوا أن ال إله إال اهللا ، وأن حممدا رسول اهللا « ) .٣(» . . . ال إله إال اهللا وحده ، ال شريك له ، له امللك وله احلمد وهو على كل شيء قدير « رب األرض رب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء فالق احلب والنوى ، ومنزل اللهم رب السماوات و«

التوراة واإلجنيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت األول فليس قبلك شيء ، فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا وأنت اآلخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس

) .٤(» الدين وأغننا من الفقر إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، ال تضامون يف رؤيته ، فإن استطعتم أن ال تغلبوا على صالة قبل «

) .٥(» . . . طلوع الشمس ، وقبل غروهبا فافعلوا _________ : ( ، والدارمي يف كتاب االستئذان ، باب ما يقول إذا أصبح ) ٤٠٦/ ٣: ( رواه أمحد يف مسنده واللفظ له ) ١(

) . ٣٣: ( ، وابن السين يف عمل اليوم والليلة ، باب ماذا يقول إذا أصبح ) ٢٦٩١، ومسلم يف ) ٢٥. . ) : ( قاموا الصالة فإن تابوا وأ( أخرجه البخاري واللفظ له يف كتاب اإلميان ، باب ) ٢(

، وابن حبان يف كتاب ) ٢٢: ( كتاب اإلميان ، باب األمر بقتال الناس حىت يقولوا ال إله إال اهللا حممدا رسول اهللا ه ، والبغوي يف كتاب اإلميان ، باب البيعة على اإلسالم وشرائع) ٢١٩، ١٧٥: ( اإلميان ، باب فرض اإلميان

.من حديث ابن عمر ، وله طرق أخرى كثرية ) ٣٣: ( وقتال من أىب ، ) ١٧٩٧: ( أخرجه البخاري يف كتاب العمرة ، باب ما يقول إذا رجع من احلج أو العمرة أو الغزو ؟ ) ٣(

) . ١٣٤٤: ( ومسلم يف كتاب احلج ، باب ما يقول إذا قفل من سفر احلج وغريه ) ٢٧١٣: ( ، باب ما يقول عند النوم وأخذ املضجع . . له ، يف كتاب الذكر والدعاء أخرجه مسلم واللفظ ) ٤(

، والترمذي يف كتاب الدعوات ، باب ما ) ٥٠٥١: ( ، وأبو داود يف كتاب األدب ، باب ما يقال عند النوم ) . ٣٤٠٠: ( جاء يف الدعاء إذا أوى إىل فراشه

Page 6: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، ومسلم يف ) ٥٥٤: ( تاب مواقيت الصالة ، باب فضل صالة العصر أخرجه البخاري واللفظ له ، يف ك) ٥(، وأبو داود يف كتاب السنة ، ) ٦٣٣: ( كتاب املساجد ومواضع الصالة ، باب فضل صاليت الصبح والعصر

( :، والترمذي يف كتاب صفة اجلنة ، باب ما جاء يف رؤية الرب تبارك وتعاىل ) ٤٧٢٩: ( باب يف الرؤية ٤( ، ) ١٦/ ٣: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٧٧: ( ، وابن ماجه يف املقدمة ، باب فيما أنكرت اجلهمية ) ٢٥٥٤

/١٢، ١١ . (

ن احفظ اهللا يحفظك ، احفظ اهللا جتده تجاهك ، إذا سألت فاسأل اهللا ، وإذا استعنت فاستعن باهللا ، واعلم أ« لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، مل ينفعوك إال بشيء قد كتبه اهللا لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك األمة

) .١(» بشيء ، مل يضروك إال بشيء قد كتبه اهللا عليك ، رفعت األقالم ، وجفت الصحف ط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حىت تطلع الشمس إن اهللا تعاىل يبس«

) .٢(» من مغرهبا )٣(» . . . سبحان اهللا عدد خلقه ، سبحان اهللا رضاء نفسه ، سبحان اهللا زنة عرشه ، سبحان اهللا مداد كلماته « .

.» ) ٤. . (اللهم بامسك أموت وأحيا . . « ال إله إال اهللا العظيم احلليم ، ال إله إال اهللا رب العرش العظيم ، ال إله إال اهللا رب السموات ، ورب األرض ، «

) .٥(» ورب العرش الكرمي

.ا توحيدا خالصا هللا تعاىل كانت كله -صلى اهللا عليه وسلم -ونشهد أن حياة الرسول _________

، وأمحد ) ٢٥١٦: ( رواه الترمذي واللفظ له ، يف كتاب صفة القيامة ، باب ما جاء يف صفة أواين احلوض ) ١( ) . ١٢٩٨٩، ١٢٩٨٨/ ١٢: ( » الكبري « ، والطرباين يف ) ٢٩٣/ ١: ( يف مسنده

: ، وأمحد يف مسنده ) ٢٧٥٩: ( التوبة من الذنوب وإن تكررت أخرجه مسلم يف كتاب التوبة ، باب قبول ) ٢( )٣٩٥/ ٤ . ( . ٤٣٠، ٣٢٥/ ٦( ، ٣٥٣/ ١: ( رواه أمحد يف مسنده ) ٣( ( ، وأبو ) ٦٣١٤: ( رواه البخاري واللفظ له يف كتاب الدعوات ، باب وضع اليد اليمىن حتت اخلد األمين ) ٤(

، والترمذي يف كتاب الدعوات ، باب ما جاء يف ) ٥٠٤٩: ( قال عند النوم داود يف كتاب األدب ، باب ما ي ) . ٣٨٥/ ٥: ( ، وأمحد يف مسنده ) ٣٤١٧: ( الدعاء إذا انتبه من الليل

، ومسلم يف ) ٧٤٢٦. . . : ( رواه البخاري واللفظ له ، يف كتاب التوحيد ، باب وكان عرشه على املاء ) ٥(، والترمذي يف كتاب الدعوات ، باب ما جاء ما ) ٢٧٣٠: ( ، باب دعاء الكرب . . كتاب الذكر والدعاء

) . ٣٤٣٥: ( يقول عند الكرب

.كان إميانه توحيدا ، وكانت نيته توحيدا ، وكانت عبادته توحيدا ، وكان عمله توحيدا ، وكان خلفه توحيدا قل إن صلاتي }{ راط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركني قل إنني هداني ربي إلى ص{

أغير الله أبغي قل}{ لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمني }{ ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمني

Page 7: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ى ربكم مرجعكم فينبئكم بما ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إل ] . ١٦٤ - ١٦١: األنعام [ } كنتم فيه تختلفون

.خري من جاهد يف سبيل كلمة التوحيد حىت أتاه اليقني -صلى اهللا عليه وسلم -ونشهد أن حممدا رسول اهللا سببه بتوفيق املسبب ونصره سبحانه -صلى اهللا عليه وسلم -كان هو -بعد مبعثه -ونشهد أن كل توحيد حتقق

. .بتوحيدك ، وما استضاء مجتمع بنور اإلميان بك فصل اللهم على نبيك ورسولك حممد ما عمر قلب

الذين ما دار الفلك على شاهدين بالوحدانية لك -صلى اهللا عليه وسلم -وارض اللهم عن صحابة رسول اهللا .خري منهم بعد األنبياء واملرسلني

.أما بعد فهذا مفتح توحيدي ذو داللة مقصودة دة هي جماع األمر ومالكه ، فليس يسبق العقيدة شيء يف منهج الدين ، وليس يقوم أن العقي* ووجه الداللة فيه

.مقام التوحيد شيء يف سلوك التدين ، وصالح القلب والعمل لقد أرسلنا نوحا إلى قومه { وما من نيب وال رسول إال كانت العقيدة عماد دعوته ، وأول أمره ، وباكورة منهجه

] . ٥٩: األعراف [ } ال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم فق ] . ٦٥: األعراف [ }وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون { ] . ٧٣: األعراف [ } وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره { ] . ٨٥: ألعراف ا[ } وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره {

] . ٣٦: النحل [ } ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت { .وما من داعية ناجح إال بدأ مبا بدأ به الرسل ، وكان التوحيد قوام علمه ودعوته

.عربة التاريخ ، واستقراء الواقع -جماع األمر ومالكه حقيقة أن العقيدة هي -يعزز هذه احلقيقة .فكل بناء ال تكون العقيدة أسه ، إمنا هو بناء بال أساس ، وبال قرار وإن بدا للناس أنه قد استطال

ن لقد فسر الناس اهنيار احلضارات ، وبوار األمم ، واضطراب اجملتمعات وضنكها بأسباب بلغت املئني عدا ، لكاحنراف العقيدة وفسادها بالكفر والشرك والزيغ والضالل : هؤالء املفسرين غفلوا عن السبب األس وهو

.واإلعراض ومن يتبدل الكفر بالإميان فقد { وهو السبب الذي جاله اهللا يف كتابه الكرمي ، ودعا إىل االعتبار بنتائجه قال تعاىل

] . ١٠٨: البقرة [ } السبيل ضل سواء

إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم }{ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا { ١٦٩ - ١٦٧: النساء [ } لدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسريا إال طريق جهنم خا}{ وال ليهديهم طريقا

. [ ] . ١٣٦: النساء [ } ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا { أفلم يسريوا في }{ ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }{ سا لهم وأضل أعمالهم والذين كفروا فتع{

] . ١٠ - ٨: حممد [ } مثالها الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أ

Page 8: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

أو تهوي به الريح في مكان حنفاء لله غير مشركني به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير{ ] . ٣١: احلج [ } سحيق

: النساء [ } ن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا إن الله لا يغفر أ{ ١١٦ . [

] . ٥: الصف [ } فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقني { هم من حقت عليه د بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنولق{

] . ٣٦: النحل [ } الضلالة فسريوا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبني وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف }{ فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبني {

] . ١٤، ١٣: النمل [ } كان عاقبة المفسدين .ال نعبد جمهولا ، بل نعبد إهلا نعرفه بأمسائه وصفاته -حنن املسلمني -أننا * ووجه الداللة يف ذلك املفتح

.منهجا توقيفيا -وهو أعظم العلوم وأشرفها وأنفعها -أن للعلم باهللا تعاىل -كذلك -ووجه الداللة فيه *

ه صلى اهللا عليه وسلم ، وهو الوحي ، وهو كالم اهللا الذي أوحاه إىل رسول: وطريق العلم هبذا املنهج التوقيفي هو .سنة الرسول يف التعريف باهللا عز وجل

.بدالئل ربوبيته ، وخصائص ألوهيته ، وأخرب بأمسائه وصفاته -يف كتابه الكرمي -إن اهللا تعاىل أخرب .مبا أخرب به اهللا على مراد اهللا -صلى اهللا عليه وسلم -وآمن الرسول

آمن الرسول بما { وعلم أصحابه هذا اإلميان . ما أراده اهللا من توحيد وإخالص -م صلى اهللا عليه وسل -وبين ا وأطعنا ن أحد من رسله وقالوا سمعنأنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بي

] . ٢٨٥: البقرة [ } غفرانك ربنا وإليك المصري من لدن مبعثه إىل أن انتقل إىل الرفيق األعلى ، يعلم أصحابه التوحيد -صلى اهللا عليه وسلم -لبث الرسول

عند اهللا إال بعد أن انتصر التوحيد ، فما انقطع خرب السماء ، وما اختار رسول اهللا ما . اخلالص ، ويزكيهم به .واستقر اإلميان اخلالص ، ورسخت دعائمه ، وعلت راياته البهية

لقد كان صحابة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم هم جند التوحيد بعد الرسول صلى اهللا عليه وسلم ، وهم دعاته يد الربوبية واأللوهية واألمساء والصفات ، وهم وحراسه ، فقد لزموا منهج نبيهم الكرمي الذي رباهم على توح

والذين هم بآيات ربهم يؤمنون }{ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون { يف قوله تعاىل -ابتداء -املوصوفون : املؤمنون [ } ؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون والذين ي}{ والذين هم بربهم لا يشركون }{ ٦٠ - ٥٧ . [

:ويف قوله جل شأنه

لذين في قلوبهم زيغ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما ا{ والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب }{ إلا أولو الألباب عند ربنا وما يذكر

Page 9: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

. ٩ - ٧: عمران آل[ } ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد }{ [ :ويف قوله سبحانه

الذين يذكرون الله قياما وقعودا }{ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب { ربنا }{ اوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السم

أن آمنوا بربكم ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإميان}{ إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمني من أنصار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم }{ فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار

فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من { }القيامة إنك لا تخلف الميعاد مم سيئاتهبعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنه

- ١٩٠: آل عمران [ } واب ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الث١٩٥ . [

» . . . الذين يلوهنم خري الناس قرين ، مث الذين يلوهنم ، مث « : وهم املقصودون باألولية يف خري القرون يف حديث )١. (

.التوحيد العظيم املكني اخلالص : فمقياس األولية يف هذه اخلريية العظيمة هو .فما يخير قوم على قوم إال بصدق التوحيد ، والعمل مبقتضاه

اهللا به عباده من فإن أوجب ما على املرء ، معرفة اعتقاد الدين ، وما كلف " يقول احلافظ أبو القاسم الاللكائي فهم توحيده وصفاته ، وتصديق رسله بالدالئل واليقني ، والتوصل إىل طرقها ، واالستدالل عليها باحلجج والرباهني

كتاب اهللا احلق املبني ، مث قول رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : ، وكان من أعظم مقول ، وأوضح حجة ومعقول ما أمجع عليه السلف الصاحلون ، مث التمسك مبجموعها واملقام عليها إىل يوم الدين ، وصحابته األخيار املتقني ، مث

.مث االجتناب عن البدع واالستماع إليها مما أحدثها املضلون _________

أخرجه البخاري واللفظ له ، يف كتاب فضائل أصحاب النيب صلى اهللا عليه وسلم ، باب فضائل أصحاب ) ١() ٢٥٣٣. . : ( ، ومسلم يف كتاب فضائل الصحابة ، باب فضل الصحابة مث الذين يلوهنم مث ) ٣٦٥١: ( النيب

، والترمذي يف ) ٤٦٥٧: ( ، وأبو داود يف كتاب السنة ، باب فضل أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ان والنذور، باب الوفاء بالنذر ، والنسائي يف كتاب األمي) ٢٢٢١: ( كتاب الفنت ، باب ما جاء يف القرن الثالث

) :٣٨٠٩ . (

فهذه الوصايا املوروثة املتبوعة ، واآلثار احملفوظة املنقولة ، وطرائق احلق املسلوكة ، والدالئل الالئحة املشهورة ، واحلجج الناهرة املنصورة ، اليت عمل عليها الصحابة والتابعون ، ومن بعدهم من خاصة الناس وعامتهم من

) .١" (لمني ، واعتقدوها حجة فيما بينهم وبني اهللا رب العاملني املسواجلماعة متوافرة على عهد الصحابة األول ومن بعدهم من السلف ) ٢(فلم تزل الكلمة جمتمعة " مث يقول

تتكلم الصاحلني ، حىت نبغت نابغة بصوت غري معروف ، وكالم غري مألوف يف أول إمارة املروانية تنازع يف القدر و ) .٣" (فيه

Page 10: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ولقد تأذن اهللا تعاىل أن يختار من أوليائه وخاصته من يكر على أصوات الباطل حبقائق التوحيد فيدفعها ، ويعيد ال تزال طائفة من أميت ظاهرين على « -صلى اهللا عليه وسلم -وقد قال الصادق املصدوق . التوحيد نقيا قويا

) .٤(» ذهلم حىت يأيت أمر اهللا وهم كذلك احلق ال يضرهم من خ .إن داللة هذا احلديث حتققت يف كل عصر وهللا الفضل واملن

_________ ) . ٩/ ١: ( أليب القاسم الاللكائي » شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة « ) ١( .املقصود بالكلمة ، كلمة العقيدة املنجية ) ٢(شرح « . ارة عبد امللك بن مروان ، ففي عهده خرج معبد اجلهين ، وهو أول من أظهر القول بالقدر أي يف إم) ٣(

) . ١٦/ ١: ( » أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة ال تزال طائفة « : أخرجه البخاري يف كتاب االعتصام بالكتاب والسنة ، باب قول النيب صلى اهللا عليه وسلم ) ٤(

: ، ومسلم واللفظ له ، يف كتاب اإلمارة ، باب قوله صلى اهللا عليه وسلم ) ٧٣١٢، ٧٣١١( :» . . من أميت : ( ، والترمذي يف كتاب الفنت ، باب ما جاء يف األئمة املضلني ) ١٩٢٠: ( » . . ال تزال طائفة من أميت «

) . ١٠: ( لم ، وابن ماجه يف املقدمة ، باب اتباع سنة الرسول صلى اهللا عليه وس) ٢٢٢٩

وتأتلق هذه الداللة أشد ما تأتلق يف مقام عقيدة التوحيد ، وخلوص اإلميان ، فقد برز يف كل قرن من القرون رجال صدقوا ما عاهدوا اهللا عليه ، قاموا بالذب عن العقيدة الصحيحة السليمة خري قيام ، وجاهدوا يف سبيل تثبيت

.كان نهجهم الدعوة والعلم والعمل ، فكان خري هنج ، فأعطى خري مثار أسسها وترسيخ قواعدها خري جهاد ، والقاسم بن : -على سبيل املثال ال احلصر -ففي أواخر القرن األول وبدايات القرن الثاين برز من هؤالء الرجال

.حممد بن أيب بكر ، وسليمان بن يسار .، ووكيع بن اجلراح مالك بن أنس ، وسفيان الثوري: ويف القرن الثاين ظهر

.أبو عبد اهللا حممد بن إدريس الشافعي ، والفضل بن دكني : ويف القرن الثاين وأوائل القرن الثالث برز .أمحد بن حنبل ، وحممد بن إمساعيل البخاري ، وأبو داود سليمان بن األشعث : ويف القرن الثالث برز

.ير الطربي حممد بن جر: ويف أواخر القرن الثالث ظهر .عبد الرمحن بن أيب حامت ، وعلي بن عمر الدارقطين : ويف القرن الرابع ظهر .هبة اهللا بن احلسن بن منصور الاللكائي : ويف القرن اخلامس برز

.احلسني بن مسعود البغوي ، وعبد الغين بن عبد الواحد بن سرور احلنبلي : ويف القرن السادس ظهر

وكان -رمحه اهللا -ابع ، وأوائل القرن الثامن ، ظهر اإلمام اجلليل شيخ اإلسالم ابن تيمية ويف أواخر القرن الس .لظهوره ما بعده

فقد مجع ابن تيمية منهج أهل السنة واجلماعة ؛ يف العلم ، واالعتقاد ، والفهم ، والعمل ، والسلوك ، وأحياه ، .ألمانة ، وحسن العرض ، ودقة الضبط وحرره حتريرا بديعا ، اتسم بسعة العلم ، وقوة ا

جبهاد علمي ، صادق ومتصل من الكثري من -يف هذا امليدان -سبق ولحق -رمحه اهللا -ولكن اإلمام ابن تيمية .رجاالت أهل السنة واجلماعة ، كما ذكرنا

_________) ١(وخليق بنا أن نذكرها هنا حقيقتني مهمتني "

Page 11: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

لإلمام ابن أيب العز الدمشقي ، حتقيق د عبد » شرح العقيدة الطحاوية « طفة من مقدمة كتاب هذه الفقرة مقت) ١( ) . ٣٦، ٣٥ص: ( اهللا التركي ، والشيخ شعيب األرنؤوط

أن أهل السنة واجلماعة ، وهم يبينون العقيدة املنجية يف توحيد اهللا تعاىل ، وما يلحق هبا من شعب اإلميان : األوىل عدالة : ، يجلون يف الوقت نفسه ، ووفق املنهج املعتمد ، ويف ذات السياق ، االعتقاد العاصم يف مسائل األخرى

أيب بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وخريية القرون األوىل ، : الصحابة ، وتفضيل اخللفاء األربعة الراشدين ف عن تكفري املسلم باملعاصي والذنوب ، إذا مل يستحلها واإلمامة ، وعدم منازعة األمر أهله ، ومضي اجلهاد ، والك

، إال بدليل يدل على كفر مرتكبها ؛ كترك الصالة متعمدا ، فقد دل الدليل على كفر من فعله ، ووحدة اجلماعة ، .والتزام املنهج الصحيح يف فهم الدين

أن التوحيد هو املنهج احلاكم -سائل يدل على أ إن هذا الترابط املوضوعي واملنهجي بني التوحيد ، وبني هذه امل .الذي جيب أن تفهم كل مسألة يف هداه

.أن االحنراف يف هذه املسائل ، ذريعة إىل جرح التوحيد وإمراضه -ب عدالة الصحابة ، فإن القدح يف هذه العدالة ، ذريعة إىل رد آيات قرآنية ، أخربت بفضل الصحابة: مثال ذلك

.وعدالتهم ، ورد القرآن إحلاد من اإلحلاد

.أن الذين جادلوا بالباطل ، يف القدمي واحلديث ، يف هذه املسائل مل يعرفوا بصحة العقيدة -ج أن مجهور علماء أهل السنة واجلماعة ، وأئمتهم من املذاهب األربعة وغريها ، على عقيدة واحدة ، وإن : الثانية

.ع االجتهادية اختلفوا يف الفرو، واإلمام ) الفقه األكرب ( وقد كتب يف ذلك علماء مشهورون من خمتلف املذاهب ، كاإلمام أيب حنيفة يف رسالته

الطحاوي احلنفي يف عقيدته ، وشرحها البن أيب العز ، واإلمام أمحد بن حنبل فيما نقل عنه من رسائل وإجابات يف " .وابن أيب زيد القريواين املالكي يف رسالته املشهورة وغريهم العقائد ، واإلمام البخاري ،

.ولتستبني هذه احلقائق وتتضح ، سنورد مناذج مما نقل عن بعض أئمة أهل السنة واجلماعة يف جمال العقيدة

)١: (اإلمام أبو حنيفة خواين ، أن مذهب أهل السنة واجلماعة على اعلموا يا أصحايب وإ: -رمحه اهللا تعاىل -) ٢(قال اإلمام أبو حنيفة

) .٣(اإلميان ، وهو إقرار باللسان وتصديق باجلنان : اثنيت عشرة خصلة األوىل .واإلقرار وحده ال يكون إميانا ، ألنه لو كان إميانا لكان املنافقون كلهم مؤمنون

.ت إميانا لكان أهل الكتاب مؤمنني وكذلك املعرفة وحدها ال تكون إميانا ، ألهنا لو كان{ : واملؤمن مؤمن حقا ، والكافر كافر حقا ، وليس يف اإلميان شك ، كما أنه ليس يف الكفر شك ، قال اهللا تعاىل

] . ٤: األنفال [ } أولئك هم المؤمنون حقا ] . ١٥١: النساء[ } أولئك هم الكافرون حقا { : وقال

.وليسوا بكافرين ) ٤(والعاصون من أمة حممد صلى اهللا عليه وسلم كلهم مؤمنون حقا وتقدير اخلري والشر من اهللا تعاىل ، ألنه لو زعم أحد أن قدير اخلري والشر من غريه ، لصار كافرا باهللا تعاىل ، وبطل

.توحيده

Page 12: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ضيلة ، ومعصية فالفريضة بأمر اهللا ومشيئته ورضائه وقدره وتخليقه نقر بأن األعمال ثالثة ؛ فريضة ، وف: والثانية .وكتابته يف اللوح احملفوظ

_________ سري أعالم « ببغداد ، ) هـ ١٥٠( ، وتويف سنة ) هـ ٨٠( النعمان بن ثابت بن زوطى الكويف ، ولد سنة ) ١(

) . ٤٠٤ - ٣٩٠/ ٦: ( » النبالء ) . ١٦٠ - ١٥٦/ ١: ( » تراجم احلنفية الطبقات السنية يف« ) ٢(ال يكتمل التعريف الصحيح لإلميان ، إال بإضافة عمل اجلوارح ، وهو الذي عليه مجهور أهل السنة واجلماعة ) ٣(

.من دخول األعمال يف مسمى اإلميان .وال ينفي عنهم ذلك كوهنم عصاة ، فهم مؤمنون عصاة ) ٤(

.ولكن مبشيئته وحمبته ورضائه وقدره وختليقه وكتابته يف اللوح احملفوظ والفضيلة ليست بأمر اهللا ،واملعصية ليست بأمر اهللا ، لكن مبشيئته ال مبحبته ، وبقضائه ال برضائه ، وبتقديره ال بتوفيقه ، وخبذالنه وعلمه

)١(وكتابته يف اللوح احملفوظ استوى ، وهو حافظ للعرش ، وغري العرش ، من غري احتياج ، نقر بأن اهللا سبحانه وتعاىل على العرش : والثالثة

.فلو كان حمتاجا ملا قدر على إجياد العامل وتدبريه نقر بأن القرآن كالم اهللا تعاىل ، غري خملوق ، ووحيه وتنزيله ، ال هو وال غريه ، بل هو صفته على : والرابعة

واحلرب والكاغد والكتابة . نة ، حمفوظ يف الصدور ، غري حال فيها التحقيق ، مكتوب يف املصاحف ، مقروء باأللس .القرآن ، حلاجة العباد إليها ) ٢(خملوق ، ألهنا أفعال العباد ؛ ألن الكتابة واحلروف والكلمات واآليات آلة

يق ، مث عمر ، مث عثمان ، نقر بأن أفضل هذه األمة بعد نبينا حممد عليه الصالة والسالم ؛ أبو بكر الصد: اخلامسة في جنات }{ أولئك المقربون }{ والسابقون السابقون { : مث علي رضوان اهللا عليهم أمجعني ، لقول اهللا تعاىل

] . ١٢ - ١٠: الواقعة [ } النعيم _________

: ( ، وقوله ) إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون إمنا أمره: ( كوين ، كقوله تعاىل - ١: األمر قسمان ) ١(إن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان : ( شرعي ديين ، بقوله - ٢. ، وهو خمتص باإلجياد واخللق ) وكان أمر اهللا مفعوال

القضاء وهو أمر ختيريي ابتالئي ، وليس هو مبعىن) إن اهللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إىل أهلها : ( ، وقوله ) والطاعات كلها : ( وقال الشيخ علي القاري ) . ٥٨٨ - ٥٨٧: ( البن القيم » شفاء العليل « انظر . والقدر

: ( ، وبرضائه ، لقوله تعاىل يف حق املؤمنني ) واهللا حيب احملسنني : ( واجبة بأمر اهللا تعاىل ومبحبته ، لقوله تعاىل صغريها : واملعاصي كلها ، أي . مبقدار قدره : ضائه وتقديره ، أي ، وعلمه وق) رضي اهللا عنهم ورضوا عنه

فإن اهللا ال حيب : ( وكبريها ، بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته ، إذ لو مل يردها ملا وقعت ، ال مبحبته ، لقوله تعاىل يوجب املقت الذي هو أشد ، وألن الكفر ) وال يرضى لعباده الكفر : ( ، وال برضائه ، لقوله تعاىل ) الكافرين

قل إن اهللا ال يأمر : ( الغضب ، وهو ينايف رضى اهللا املتعلق باإلميان وحسن األدب ، وال بأمره ، لقوله تعاىل . ٨٤ - ٨٣: ( » شرح الفقه األكرب « انظر . ، وإذا فهي داخلة يف ذلك األمر استحسانا ) بالفحشاء (

وحنن « : قال الشيخ علي القاري . من شرح الفقه األكرب : ، واملثبت ) لة دال: ( » الطبقات السنية « يف ) ٢(األصوات املعتمدة على املخارج : من احللق واللسان والشفة واألسنان ، واحلروف ، أي : نتكلم باآلالت ، أي

Page 13: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

انظر . » كاآلالت : أي املعهودات باهليئات املعروفات ، واهللا تعاىل يتكلم بال آلة وال حروف ، واحلروف خملوقة ، ) . ٥١: ( » شرح الفقه األكرب «

.وكل من كان أسبق إىل اخلري فهو أفضل عند اهللا تعاىل ، وحيبهم كل مؤمن تقي ، ويبغضهم كل منافق شقي تكون نقر بأن العبد مع أعماله وإقراره ومعرفته خملوق ، فلما كان الفاعل خملوقا ، فأفعاله أوىل أن: والسادسة

.خملوقة نقر بأن اهللا سبحانه وتعاىل خلق اخللق ومل يكن هلم طاقة ، ألهنم ضعفاء عاجزون ، فاهللا تعاىل خالقهم : والسابعة

والكسب] . ٤٠: الروم [ } الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم { : ورازقهم ، لقوله تعاىل .بالعلم واملال من احلالل حالل ، ومن احلرام حرام

نقر بأن االستطاعة مع الفعل ، ال قبل الفعل ، وال بعد الفعل ، ألنه لو كان قبل الفعل لكان العبد مستغنيا : والثامنة ] ٣٨: حممد [ } تم الفقراء والله الغني وأن{ : عن اهللا تعاىل وقت احلاجة ، فهذا خالف حكم النص ، لقوله تعاىل

. .ولو كان بعد الفعل لكان من احملال ، ألنه حصول بغري استطاعة وال طاقة

، وللمسافر ثالثة أيام ولياليها ، ألن احلديث ) ١(نقر بأن املسح على اخلفني واجب للمقيم يوما وليلة : والتاسعة .ورد هكذا

_________ ب ، هو على من يريد بقاء اخلفني على والرجلني ، فإنه جيب عليه املسح ، فلو صلى من غري املقصود بالوجو) ١(

.مسح مل تصح صالته

.فمن أنكر فإنه يخشى عليه الكفر ، ألنه قريب من اخلرب املتواتر .والقصر واإلفطار يف السفر رخصة بنص الكتاب

اكتب ما هو : ماذا أكتب يا رب ؟ فقال اهللا تعاىل : يكتب ، فقال القلم نقر بأن اهللا تعاىل أمر القلم أن: والعاشرة ، ٥٢: القمر [ } وكل صغري وكبري مستطر }{ وكل شيء فعلوه في الزبر { : كائن إىل يوم القيامة ، لقوله تعاىل

٥٣ . [ .ال حمالة ، وسؤال منكر ونكري حق ، لورود األحاديث نقر بأن عذاب القرب كائن : واحلادية عشرة

] . ٤٧: األنبياء [ } ونضع الموازين القسط ليوم القيامة { : واجلنة والنار حق ، لقوله تعاىل ] . ١٤: اإلسراء [ } يك حسيبا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عل{ : وقراءة الكتب حق ، لقوله تعاىل

نقر بأن اهللا تعاىل يحيي هذه النفوس بعد املوت ، ويبعثهم يف يوم كان مقداره مخسني ألف سنة ، : والثانية عشرة .] ٧: احلج [ } وأن الله يبعث من في القبور { : للجزاء والثواب وأداء احلقوق ، لقوله تعاىل

) .٢(وال تشبيه وال وجه ) ١(ولقاء اهللا تعاىل ألهل احلق حق بال كيفية _________

.ال نعلمهما ، وإال فله كيفية: يعين ) ١( .لعله يقصد اجلهة ، وفيها تفصيل ) ٢(

Page 14: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.وشفاعة نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلم لكل من هو من أهل اجلنة ، وإن كان صاحب الكبرية بعد خدجية الكربى أفضل نساء العاملني ، وأم املؤمنني ، ومطهرة من الزىن بريئة عما -رضي اهللا عنها -ة وعائش

.قال الروافض ، فمن شهد عليها بالزىن فهو ولد الزىن صحاب أولئك أ{ : . . . وأهل اجلنة يف اجلنة خالدون ، وأهل النار يف النار خالدون ، لقوله تعاىل يف حق املؤمنني

} أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون { : . . . ، ويف حق الكفار ] ٤٢: األعراف [ } الجنة هم فيها خالدون .، واهللا تعاىل أعلم ] ٣٩: البقرة [

)١: (اإلمام مالك .زيد وينقص ، وبعضه أفضل من بعض اإلميان قول وعمل ، ي: -رمحه اهللا تعاىل -قال اإلمام مالك

قد ذكر اهللا سبحانه يف غري آي من القرآن أن : أيزيد وينقص ؟ قال : قيل . قول وعمل : وسئل عن اإلميان فقال نعم : فبعضه أفضل من بعض ؟ قال : دع الكالم يف نقصانه وكف عنه ، فقيل : أينقص ؟ قال : اإلميان يزيد ، فقيل

)٢. ( القرآن خملوق ، فهو : القرآن كالم اهللا ، وكالم اهللا من اهللا ، وليس من اهللا شيء خملوق ، ومن قال : وكان يقول

) .٣(كافر ، والذي يقف ، أشد منه ، يستتاب وإال ضربت عنقه إلى }{ ئذ ناضرة وجوه يوم{ : نعم ، يقول اهللا عز وجل : أيرى اهللا يوم القيامة ؟ فقال : وسأله أبو السمح قال

املطففني [ } كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون { : ، وقال لقوم آخرين ] ٢٣، ٢٢: القيامة [ } ربها ناظرة :٤] ( ١٥. (

) .٥(ت بال كيف أمروها كما جاء: وسأله الوليد بن مسلم عن هذه األحاديث اليت فيها ذكر الرؤية فقال _________

( مالك بن أنس بن مالك ، أبو عبد اهللا األصبحي احلمريي ، إمام دار اهلجرة ، تويف يف املدينة املنورة سنة ) ١( ) . ١٢٠ - ٤٣/ ٨: ( » سري أعالم النبالء « ) . هـ ١٧٩

) . ٣٣: ( » االنتقاء يف فضائل الثالثة األئمة الفقهاء « ) ٢( ) . ١٧٤/ ١: ( » املدارك ترتيب« ) ٣( ) . ٣٦: ( » االنتقاء « ) ٤(/ ١: ( » شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة « ، و ) ١٧١ - ١٧٠/ ١: ( » ترتيب املدارك « ) ٥(

شرح « ، و ) ٣٣٠ - ٢٩٦: ( البن القيم » حادي األرواح « وانظر بعض أحاديث الرؤية يف ) . ٣٩٨ ) . ٢١٨ - ٢١٥/ ١: ( البن أيب العز حتقيق د عبد اهللا التركي ، والشيخ شعيب األرنؤوط » العقيدة الطحاوية

: ، كيف استوى ؟ فقال ] ٥: طه [ } الرحمن على العرش استوى { : يا أبا عبد اهللا : وقال له رجل مرة ة ، واإلميان به واجب ، وإين ألظنك ضالا ، االستواء منه معلوم ، والكيف منه غري معقول ، والسؤال عن هذا بدع

) .١(أخرجوه عين ) .٢(اهللا يف السماء ، وعلمه يف كل مكان ، ال خيلو منه شيء : وكان يقول

مث من ؟ قال : أبو بكر ، فقيل : من أفضل الناس بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ؟ فقال : وسئل اإلمام مالك هاهنا وقف الناس ، رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أمر : مث ؟ فقال : عثمان ، قيل : مث من ؟ قال : عمر ، قيل :

Page 15: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

) .٣(أبا بكر على الصالة ، واختار أبو بكر عمر ، وجعلها عمر إىل ستة فاختاروا ، فوقف الناس هاهنا .ال جهمي وال قدري وال رافضي إن أهل السنة ، الذين ليس هلم لقب يعرفون به ؛: وكان يقول

_________ ) . ٣٥: ( » االنتقاء « ) ١( ) . ٣٥: ( » االنتقاء « ) ٢( ) . ١٧٥/ ١: ( » ترتيب املدارك « ) ٣(

وليس ملن سب أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف الفيء حق ، قد قسم اهللا الفيء على ثالثة أصناف ، والذين تبوءوا الدار والإميان { : ، وقال ] ٨: احلشر [ } قراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم للف{ : فقال

لإخواننا الذين والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و{ : ، وقال ] ٩: احلشر . . . [ } من قبلهم ) .١(وإمنا الفيء هلؤالء الثالثة األصناف ] ١٠: احلشر . . . [ } سبقونا بالإميان

) .٢(أهل األهواء بئس القوم ، ال يسلم عليهم واعتزاهلم أحب إيل : وقال وكان رمحه اهللا كثريا ما يتمثل بقول الشاعر

) .٣(وشر األمور املحدثات البدائع ... ما كان سنة وخير أمور الدين_________

) . ٣٦: ( » االنتفاء « ) ١( ) . ٣٤: ( نفس املصدر ) ٢( ) . ٣٧: ( نفس املصدر ) ٣(

) .١: (اإلمام الشافعي .اإلميان قول وعمل ، ويزيد وينقص : " -رمحه اهللا تعاىل -قال اإلمام الشافعي

اإلميان باهللا الذي : وما ذاك ؟ قال : قال . أي األعمال عند اهللا أفضل ؟ فقال ما ال يقبل عملا إال به : وسأله رجل أال ختربين عن اإلميان ؛ قول : ال إله إال هو ، أعلى األعمال درجة ، وأشرفها منزلة ، وأسناها حظا ، قال الرجل

وعمل أو قول بال عمل ؟ .ان عمل هللا ، والقول بعض ذلك العمل اإلمي: فقال

وإن اإلميان حاالت ودرجات وطبقات ، فمنها التام املنتهي متامه ، والناقص البين نقصانه ، والراجح الزائد رجحانه .

وإن اإلميان ليتم وينقص ويزيد ؟: فقال الرجل .نعم : قال الشافعي

وما الدليل على ذلك ؟: قال اهللا جل ذكره فرض اإلميان على جوارح بين آدم فقسمه فيها ، وفرقه عليها ، فليصر من جوارحه جارحة إن : قال

.إال وقد وكلت من اإلميان بغري ما وكلت به أختها بفرض من اهللا تعاىل ض عليها ، لقي اهللا فمن لقي اهللا حافظا لصلواته حافظا جلوارحه ، مؤديا بكل جارحة من جوارحه ما أمر اهللا به وفر

.مستكمل اإلميان من أهل اجلنة

Page 16: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.ومن كان لشيء منها تاركا متعمدا ، مما أمر اهللا به لقي اهللا ناقص اإلميان _________

حممد بن إدريس بن العباس بن عثمان ، أبو عبد اهللا اهلامشي القرشي ، أحد األئمة األربعة ، تويف يف القاهرة ) ١( ) . ٩٩ - ٥/ ١٠: ( » سري أعالم النبالء « ، ) ـ ه ٢٠٤( سنة

قد عرفت نقصانه وإمتامه ، فمن أين جاءت زيادته ؟: قال الرجل ] . ١٢٤: التوبة [ } فأما الذين آمنوا فزادتهم إميانا { : قال اهللا جل ذكره : فقال الشافعي

ان فيه وال زيادة ، مل يكن ألحد فيه فضل ، واستوى الناس وبطل التفضيل ولو كان هذا اإلميان كله واحدا ال نقص.

.ولكن بتمام اإلميان دخل املؤمنون اجلنة .وبالزيادة يف اإلميان تفاضل املؤمنون بالدرجات عند اهللا يف اجلنة

) .١(وبالنقصان من اإلميان دخل املفرطون النار هذا ] ١٥: املطففني [ } كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون { : قوله عز وجل يف -رمحه اهللا تعاىل -وقال

) .٢(دليل على أن أولياءه يرونه يوم القيامة ، فلما حجبهم بالسخط ، كان هذا دليلا على أهنم يرونه يف الرضا _________

. ٣٩٣ - ٣٨٧/ ١: ( للبيهقي » مناقب الشافعي « ) ١( ( ) . ٤٢٠/ ١: ( نفس املصدر ) ٢(

هللا أمساء وصفات جاء هبا كتابه وأخرب هبا نبيه صلى اهللا عليه وسلم أمته ، ال يسع أحدا قامت عليه احلجة : وقال بوت ردها ، ألن القرآن نزل هبا ، وصح عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم القول هبا ، فإن خالف ذلك بعد ث

احلجة عليه ؛ فهو كافر ، فأما قبل ثبوت احلجة فمعذور باجلهل ؛ ألن علم ذلك ال يدرك بالعقل ، وال بالروية .وال نكفر باجلهل هبا أحدا إال بعد انتهاء اخلرب إليه هبا . والفكر

} كمثله شيء وهو السميع البصري ليس{ : ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه ، فقال ] . ١١: الشورى ) [ ١(

_________ ) . ٨٠ - ٧٩/ ١٠: ( » سري أعالم النبالء « ) ١(

، ومشيئة العباد هي إىل اهللا تعاىل ، وال يشاؤون إال أن يشاء اهللا رب العاملني ) ١(والقرآن كالم اهللا تعاىل غري خملوق ن الناس مل خيلقوا أعماهلم ، وهي خلق من خلق اهللا تعاىل ، وإن القدر خريه وشره من اهللا عز وجل ، وإن ، فإ

عذاب القرب حق ، ومساءلة أهل القبور حق ، والبعث حق ، واحلساب حق ، واجلنة والنار ، وغري ذلك مما جاءت وأفضل الناس بعد رسول اهللا صلى اهللا ) . ٢(تباعهم من بالد املسلمني ، حق به السنن فظهر على ألسنة العلماء وأ

) .٣. (عليه وسلم أبو بكر ، مث عمر ، مث عثمان ، مث علي رضوان اهللا عليهم وقد أثىن اهللا على أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف القرآن ، وسبق هلم على لسان رسول اهللا صلى اهللا

الفضل ما ليس ألحد بعدهم ، وهم أدوا إلينا سنن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، وشاهدوه عليه وسلم من

Page 17: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

والوحي ينزل عليه ، فعلموا ما أراد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا ، وعرفوا من سنته ) .٤(لنا أمحد ، وأوىل بنا من آرائنا عندنا ألنفسنا ما عرفنا وجهلنا ، وهم فوقنا يف كل علم واجتهاد ، وآراؤهم

_________ ) . ٤٠٧/ ١: ( » مناقب الشافعي « ) ١( ) . ٤١٥/ ١: ( نفس املصدر ) ٢( ) . ٤٣٣/ ١: ( نفس املصدر ) ٣( ) . ٤٤٢/ ١: ( نفس املصدر ) ٤(

هللا عليه وسلم ، وإن ما سوامها تبع هلما ، وكل متكلم وال يلزم قول بكل حال إال بكتاب اهللا أو سنة رسوله صلى ا" على الكتاب والسنة فهو احلد الذي جيب ، وكل متكلم على غري أصل كتاب وال سنة فهو هذيان ، واهللا أعلم

)١. ( _________

) . ٤٧٥، ٤٧٠/ ١: ( نفس املصدر ) ١(

)١: (اإلمام أمحد بن حممد بن حنبل )٢: (ام أمحد ابن حنبل رمحه اهللا تعاىل قال اإلم

التمسك مبا كان عليه أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، واالقتداء هبم ، وترك : أصول السنة عندنا " البدع ، وكل بدعة فهي ضاللة ، وترك اخلصومات ، واجللوس مع أصحاب األهواء ، وترك املراء واجلدال ،

.واخلصومات يف الدين .آثار رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : والسنة عندنا

.والسنة تفسر القرآن ، وهي دالئل القرآن اإلميان بالقدر خريه وشره ، : ومن السنة الالزمة اليت من ترك منها خصلة مل يقبلها ويؤمن هبا ، مل يكن من أهلها

.؟ وال كيف ؟ إمنا هو التصديق هبا واإلميان هبا مل : والتصديق باألحاديث فيه ، واإلميان هبا ، ال يقال ومن مل يعرف تفسري احلديث ويبلغه عقله ، فقد كفي ذلك وأحكم له ، فعليه اإلميان به ، والتسليم له ، مثل حديث

، وما كان مثله يف القدر ، ومثل أحاديث الرؤية كلها ، وإن نبت عن األمساع ، واستوحش) ٣(الصادق املصدوق .منها املستمع ، فإمنا عليه اإلميان هبا ، وأال يرد منها حرفا واحدا ، وغريها من األحاديث املأثورات عن الثقات

_________ سري « ، ) هـ ٢٤١( أمحد بن حممد بن حنبل ، أبو عبد اهللا الشيباين ، أحد األئمة األربعة ، تويف ببغداد سنة ) ١(

. ٣٥٧ - ١٧٧/ ١١: ( » أعالم النبالء ( ) . ١٦٤ - ١٥٦/ ١: ( لاللكائي » شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة « : انظر ) ٢(، ومسلم يف كتاب القدر ، باب كيفية خلق ) ٦٥٩٤: ( أخرجه البخاري يف كتاب القدر ، باب يف القدر ) ٣(

، والترمذي يف ) ٤٧٠٨: ( باب يف القدر ، وأبو داود يف كتاب السنة ، ) ٢٦٤٣. . . : ( اآلدمي يف بطن أمه ٧٦: ( ، وابن ماجه يف املقدمة ، باب يف القدر ) ٢١٣٧: ( كتاب القدر ، باب ما جاء يف أن األعمال باخلواتيم

إن « : حدثنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وهو الصادق املصدوق : ، من حديث عبد اهللا بن مسعود ، قال )

Page 18: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ع خلقه يف بطن أمه أربعني يوما ، مث يكون يف ذلك علقة مثل ذلك ، مث يكون يف ذلك مضغة مثل ذلك أحدكم يجم. بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد : ، مث يرسل امللك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات

كون بينه وبينها إال ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فوالذي ال إله غريه إن أحدكم ليعمل بعمل أهل اجلنة حىت ما يوإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حىت ما يكون بينه وبينها إال ذراع ، . فيعمل بعمل أهل النار ، فيدخلها

.» فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل اجلنة فيدخلها

إن الكالم يف القدر والرؤية والقرآن ، وغريها من السنن ، وأن ال خياصم أحدا وال يناظره ، وال يتعلم اجلدل ، فمن أهل السنة حىت يدع اجلدل ويسلم ، ويؤمن : مكروه منهي عنه ، وال يكون صاحبه إن أصاب بكالمه السنة

.باآلثار منه شيء ليس مبخلوق ، فإن كالم اهللا منه ، وليس : والقرآن كالم اهللا ، وليس مبخلوق ، وال تضعف أن تقول

ال أدري خملوق أو ليس : خملوق ، وإياك ومناظرة من أحدث فيه ، ومن قال باللفظ وغريه ، ومن وقف فيه ، فقال .مبخلوق ، وإمنا هو كالم اهللا ، وليس مبخلوق

.واإلميان بالرؤية يوم القيامة ، كما روي عن النيب صلى اهللا عليه وسلم من األحاديث الصحاح .مليزان كما جاء ، وتوزن أعمال العباد كما جاء يف األثر واإلميان با

.وأن اهللا تبارك وتعاىل يكلم العباد يوم القيامة ليس بينهم وبينه ترمجان واإلميان باحلوض ، وأن لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حوضا يوم القيامة ترد عليه أمته ، عرضه مثل طوله مسرية

.وم السماء على ما صحت به األخبار من غري وجه شهر ، آنيته كعدد جن

واإلميان بعذاب القرب ، وأن هذه األمة تفنت يف قبورها وتسأل عن اإلميان ، واإلسالم ، ومن ربه ، ومن نبيه ؟ ويأتيه .منكر ونكري كيف شاء اهللا عز وجل ، وكيف أراد

رجون بعدما احترقوا وصاروا فحما ، فيؤمر هبم إىل هنر على واإلميان بشفاعة النيب صلى اهللا عليه وسلم ، وبقوم خي .باب اجلنة كما جاء يف األثر ، كيف شاء اهللا ، وكما شاء

كافر ، واألحاديث اليت جاءت فيه ، واإلميان بأن ذلك : واإلميان أن املسيح الدجال خارج ، مكتوب بني عينيه .اب لد كائن ، وأن عيسى ابن مرمي ينزل فيقتله بب

) .١(» أكمل املؤمنني إميانا أحسنهم خلقا « : واإلميان قول وعمل يزيد وينقص ، كما جاء يف اخلرب وخري هذه األمة بعد نبيها ، أبو بكر الصديق ، مث عمر بن اخلطاب ، مث عثمان بن عفان ، نقدم هؤالء الثالثة ، كما

.مل خيتلفوا يف ذلك قدمهم أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم علي بن أيب طالب ، وطلحة ، والزبري ، وعبد الرمحن بن عوف ، : مث بعد هؤالء الثالثة أصحاب الشورى اخلمسة

.وسعد ، كلهم يصلح للخالفة ، وكلهم إمام _________

والترمذي يف كتاب ،) ٤٦٨٢: ( أخرجه أبو داود يف كتاب السنة ، باب الدليل على زيادة اإلميان ونقصانه ) ١(، وصححه ابن ) ٤٧٢، ٢٥٠/ ٢: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١١٦٢: ( الرضاع ، باب حق املرأة على زوجها

، ووافقه ) ٣/ ١: ( ، واحلاكم يف كتاب اإلميان ) ٤١٧٦: ( حبان يف كتاب الرب واإلحسان ، باب حسن اخللق .الذهيب

Page 19: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

املهاجرين ، مث أهل بدر من األنصار من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا مث من بعد أصحاب الشورى ، أهل بدر من .عليه وسلم ، على قدر اهلجرة والسابقة أولا فأول

.مث أفضل الناس بعد هؤالء ، أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم القرن الذي بعث فيهم هو من أصحابه ، له من الصحبة على قدر ما كل من صحبه سنة ، أو شهرا ، أو يوما ، أو ساعة ، أو رآه ساعة ف

.صحبه ، وكانت سابقته معه ، ومسع منه ، ونظر إليه .فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين مل يروه ولو لقوا اهللا جبميع األعمال

.كان هؤالء الذين صحبوا النيب صلى اهللا عليه وسلم ورأوه ومسعوا منه .أفضل بصحبته من التابعني ولو عملوا كل أعمال اخلري ) ١(ولو ساعة ومن رآه بعينه وآمن به .والسمع والطاعة لألئمة

وأمري املؤمنني ، البر والفاجر ، من ويل اخلالفة فاجتمع الناس عليه ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف حىت صار .خليفة وسمي أمري املؤمنني

.ة ، البر والفاجر ال يترك والغزو ماض مع األمراء إىل يوم القياموقسمة الفيء ، وإقامة احلدود إىل األئمة ماض ليس ألحد أن يطعن عليهم وال ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم

.جائزة ونافذة ، من دفعها إليهم أجزأت عنه ، برا كان أو فاجرا _________

.أي رآه ولو ساعة : املقصود ) ١(

وخلف من ويل جائزة تامة ، ركعتان من أعادمها فهو مبتدع ، تارك لآلثار ، خمالف للسنة ، وصالة اجلمعة خلفهليس له من فضل اجلمعة شيء إذا مل ير الصالة خلف األئمة من كانوا ، برهم وفاجرهم ، فالسنة أن تصلي معهم

.شك ركعتني ، من أعادمها فهو مبتدع ، وتدين بأهنا تامة وال يكن يف صدرك من ذلك ومن خرج على إمام املسلمني ، وقد كان الناس اجتمعوا عليه ، وأقروا له باخلالفة ، بأي وجه كان ، بالرضى أو

بالغلبة ، فقد شق هذا اخلارج عصا املسلمني ، وخالف اآلثار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، فإن مات .اخلارج عليه ، مات ميتة جاهلية

.لطان ، وال اخلروج عليه ألحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غري السنة والطريق وال يحل قتال السوال يشهد على أهل القبلة بعمل يعمله جبنة وال نار ، يرجو للصاحل وخياف عليه ، وخياف على املسيء املذنب

.ويرجو له رمحة اهللا صر عليه ، فإن اهللا عز وجل يتوب عليه ، ويقبل التوبة عن عباده ، ومن لقي اهللا بذنب جتب له به النار ، تائبا غري م

.ويعفو عن السيئات ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب يف الدنيا فهو كفارته كما جاء اخلرب عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

)١. ( _________

، ومسلم يف كتاب احلدود ، ) ١٨: ( ميان حب األنصار أخرجه البخاري يف كتاب اإلميان ، باب عالمة اإل) ١(: ، والترمذي يف كتاب احلدود ، باب ما جاء أن احلدود كفارة ألهلها ) ١٧٠٩: ( باب احلدود كفارات ألهلها

/ ٥: ( ، وأمحد يف مسنده ) ٤١٧٨: ( ، والنسائي يف كتاب البيعة ، باب البيعة على فراق املشرك ) ١٤٣٩(

Page 20: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، عن عبادة ) ٢٤٥٧: ( ، والدارمي يف كتاب السري ، باب يف بيعة النيب صلى اهللا عليه وسلم ) ٣٢٠ ، ٣١٤بايعوىن على أن ال تشركوا باهللا شيئا « : كنا مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف جملس فقال : بن الصامت قال

ببهتان تفترونه بني أيديكم وأرجلكم ، وال تعصوا يف ، وال تسرقوا ، وال تزنوا ، وال تقتلوا أوالدكم ، وال تأتوامعروف ، فمن وىف منكم فأجره على اهللا ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب يف الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب

ظ واللف. ( ، فبايعناه على ذلك » من ذلك شيئا مث ستره اهللا ، فهو إىل اهللا ؛ إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عاقبه ) .للبخاري

ومن لقيه مصرا غري تائب من الذنوب اليت قد استوجبت هبا العقوبة ، فأمره إىل اهللا عز وجل إن شاء عذبه ، وإن .شاء غفر له ، ومن لقيه كافرا عذبه ومل يغفر له

صلى اهللا عليه وسلم وقد رجم رسول اهللا . والرجم حق على من زىن وقد أحصن إذا اعترف ، أو قامت عليه بينة .، وقد رجم األئمة الراشدون

ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، أو أبغضه حلدث كان منه ، أو ذكر مساوئه ، كان .مبتدعا حىت يترحم عليهم مجيعا ويكون قلبه هلم سليما ر اإلسالم يف العالنية ، مثل املنافقني الذين كانوا على عهد والنفاق هو الكفر ، أن يكفر باهللا ، ويعبد غريه ، ويظه

.رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم .وهذه األحاديث اليت جاءت نرويها كما جاءت وال نفسرها

) .١(» ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض « : مثل ) .٢(» قتول يف النار إذا التقى املسلمان بسيفيهما فالقاتل وامل« : ومثل ) .٣(» سباب املسلم فسوق وقتاله كفر « : ومثل ) .٤(» يا كافر فقد باء هبا أحدمها : أميا رجل قال ألخيه « : ومثل ) .٥(» كفر باهللا تربؤ من نسب وإن دق . . . « : ومثل

_________ ، ) ٦١٦٦: ( » ويلك « باب ما جاء يف قول الرجل أخرجه البخاري واللفظ له ، يف كتاب األدب ،) ١(

: ( إخل » . . ال ترجعوا بعدي كفارا « ومسلم يف كتاب اإلميان ، باب بيان معىن قول النيب صلى اهللا عليه وسلم ، والنسائي يف كتاب ) ٤٦٨٦: ( ، وأبو داود يف كتاب السنة ، باب الدليل على زيادة اإلميان ونقصانه ) ٦٦ ) . ١٠٤، ٨٧، ٨٥/ ٢: ( ، وأمحد يف مسنده ) ٤١٢٥: ( رمي الدم ، باب حترمي القتل حت، ومسلم يف ) ٣١. . . ) : ( وإن طائفتان من املؤمنني اقتتلوا ( أخرجه البخاري يف كتاب اإلميان ، باب ) ٢(

) . ٢٨٨٨: ( كتاب الفنت وأشراط الساعة ، باب إذا تواجه املسلمان بسيفيهما ، ومسلم يف كتاب اإلميان ، باب ) ٤٨: ( إخل . . . أخرجه البخاري يف كتاب اإلميان ، باب خوف املؤمن ) ٣(

، والترمذي يف كتاب الرب والصلة ، باب ما ) ٦٤: ( إخل » . . سباب املسلم « قول النيب صلى اهللا عليه وسلم ) . ٤١٠٥: ( دم ، باب قتال املسلم ، والنسائي يف كتاب حترمي ال) ١٩٨٣: ( جاء يف الشتم

، ومسلم يف كتاب ) ٦١٠٤: ( إخل . . أخرجه البخاري واللفظ له يف كتاب األدب ، باب من أكفر أخاه ) ٤( ) . ٦٠: ( يا كافر : اإلميان ، باب بيان حال إميان من قال ألخيه

مسند « ، وأبو بكر املروزي يف ) ٢٨٦٤: ( رواه الدارمي يف كتاب الفرائض ، باب من ادعى إىل غري أبيه ) ٥(

Page 21: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، كتاب اإلميان ، باب فيمن ادعى غري » جممع الزوائد « ، وأورده اهليثمي يف ) ٩٠: ( برقم » أيب بكر الصديق ) . ٩٧/ ١: ( إخل . . . نسبه

كلم فيه ، وال جيادل فيه ، وال وحنوه من األحاديث مما قد صح وحفظ ، فإنا نسلم له ، وإن مل يعلم تفسريها ، وال يت .نفسر هذه األحاديث إال مثل ما جاءت وال نردها إال بأحق منها

واجلنة والنار خملوقان قد خلقتا كما جاء عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، فمن زعم أهنما مل ختلقا فهو مكذب .يؤمن باجلنة والنار بالقرآن وأحاديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، وال أحسبه

ومن مات من أهل القبلة موحدا يصلى عليه ، ويستغفر له ، وال تترك الصالة عليه لذنب أذنبه صغريا كان أو كبريا ) .١" (، وأمره إىل اهللا عز وجل

_________ ) . ١٦٤ - ١٥٦/ ١: ( لاللكائي » شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة « ) ١(

)١: (البخاري اإلمام )٢: (قال اإلمام البخاري رمحه اهللا تعاىل

أهل احلجاز ، ومكة ، واملدينة ، والكوفة ، والبصرة ، وواسط ، : لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم " كثر وبغداد ، والشام ، ومصر ، لقيتهم كرات ، قرنا بعد قرن ، مث قرنا بعد قرن ، أدركتهم وهم متوافرون منذ أ

من ست وأربعني سنة ، أهل الشام ومصر واجلزيرة مرتني ، والبصرة أربع مرات يف سنني ذوي عدد ، باحلجاز ستة املكي بن إبراهيم ، ويحىي بن يحىي ، : أعوام ، وال أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع حمدثي أهل خراسان منهم

.ب بن معمر وعلي بن احلسن بن شقيق ، وقتيبة بن سعيد ، وشهاحممد بن يوسف الفريايب ، وأبا مسهر عبد األعلى بن مسهر ، وأبا املغرية عبد القدوس بن احلجاج ، وأبا : وبالشام

.اليمان احلكم بن نافع ومن بعدهم عدة كثرية عيم بن حيىي بن كثري ، وأبا صاحل كاتب الليث بن سعد ، وسعيد بن أيب مرمي ، وأصبغ بن الفرج ، ون: ومبصر .حماد .عبد اهللا بن يزيد املقرئ ، واحلميدي ، وسليمان بن حرب قاضي مكة ، وأمحد بن حممد األزرقي : ومبكة

_________ ( ، توىف سنة » اجلامع الصحيح « حممد بن إمساعيل بن إبراهيم ، أبو عبد اهللا البخاري احلافظ ، صاحب ) ١(

. ٤٧١ - ٣٩١/ ١٢: ( للذهيب » ري أعالم النبالء س« . يف إحدى قرى مسرقند ) هـ ٢٥٦ ( ) . ١٧٦ - ١٧٢/ ١( لاللكائي : » شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة « ) ٢(

إمساعيل بن أيب أويس ، ومطرف بن عبد اهللا ، وعبد اهللا بن نافع الزبريي ، وأمحد بن أيب بكر أبا مصعب : وباملدينة .زة الزبريي ، وإبراهيم بن املنذر احلزامي الزهري ، وإبراهيم بن مح

أبا عاصم الضحاك بن مخلد الشيباين ، وأبا الوليد هشام بن عبد امللك ، واحلجاج بن املنهال ، وعلي : وبالبصرة .بن عبد اهللا بن جعفر املديين

صة بن عقبة ، وابن منري ، وعبد أبا نعيم الفضل بن دكني ، وعبد اهللا بن موسى ، وأمحد بن يونس ، وقبي: وبالكوفة

Page 22: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.اهللا وعثمان ابين أيب شيبة .أمحد بن حنبل ، وحيىي بن معني ، وأبا معمر ، وأبا خيثمة ، وأبا عبيد القاسم بن سالم : وببغداد

.عمرو بن خالد احلراين : ومن أهل اجلزيرة .عمرو بن عون ، وعاصم بن علي عاصم : وبواسط

.ل ، وإسحاق بن إبراهيم احلنظلي صدقة بن الفض: ومبرو .واكتفينا بتسمية هؤالء كي يكون خمتصرا ، وأال يطول ذلك

وما أمروا إلا ليعبدوا { : فما رأيت واحدا من هؤالء خمتلف يف هذه األشياء أن الدين قول وعمل ، وذلك لقول اهللا ] . ٥: البينة [ } يموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة الله مخلصني له الدين حنفاء ويق

إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى { : وأن القرآن كالم اهللا غري خملوق ، لقوله ] . ٥٤: األعراف [ } ليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره على العرش يغشي ال

ألا له الخلق والأمر تبارك { : فبني اهللا اخللق من األمر بقوله : قال ابن عيينة : قال أبو عبد اهللا حممد بن إمساعيل ] . ٥٤: األعراف [ } رب العالمني الله

{ : ، ولقوله ] ٢، ١: الفلق [ } من شر ما خلق }{ قل أعوذ برب الفلق { : وأن اخلري والشر بقدر ، لقوله ] . ٤٩: القمر [ } خلقناه بقدر إنا كل شيء { : ، ولقوله ] ٩٦: الصافات [ } والله خلقكم وما تعملون

إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن { : ومل يكونوا يكفرون أحدا من أهل القبلة بالذنب ، لقوله ] . ٤٨: اء النس[ } يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما

، " أمروا أن يستغفروا هلم : " وما رأيت فيهم أحدا يتناول أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم ، قالت عائشة وا ربنا إنك رءوف نربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإميان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آم{ : وذلك قوله

] . ١٠: احلشر [ } رحيم واعتصموا { : وكانوا ينهون عن البدع مما مل يكن عليه النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه رضي اهللا عنهم ، لقوله

] . ٥٤: النور [ } عوه تهتدوا وإن تطي{ : ، ولقوله ] ١٠٣: آل عمران [ } بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا { : ويحثون على ما كان عليه النيب صلى اهللا عليه وسلم ، لقوله ] . ١٥٣: األنعام [ } السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون

إخالص : ثالث ال يغل عليهن قلب امرئ مسلم « : وأال ننازع األمر أهله ، لقول النيب صلى اهللا عليه وسلم أطيعوا { : مث أكد يف قوله ) . ١(» العمل هللا ، وطاعة والة األمر ، ولزوم مجاعتهم ، فإن دعوهتم حتيط من ورائهم

] . ٥٩: النساء [ } وا الرسول وأولي الأمر منكم الله وأطيع .وأال يرى السيف على أمة حممد صلى اهللا عليه وسلم

) ٢" (لو كانت يل دعوة مستجابة مل أجعلها إال يف إمام ، ألنه إذا صلح اإلمام أمن البالد والعباد : " وقال الفضيل .

_________ ثالث خصال ال يغل عليهن قلب . . . « : ، ولفظه يف املسند ) ١٨٣/ ٥( » اإلمام أمحد مسند « هو يف ) ١(

Page 23: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

من » . . . مسلم أبدا ، إخالص العمل هللا ، ومناصحة والة األمر ، ولزوم اجلماعة ، فإن دعوهتم حتيط من ورائهم . . الترغيب يف اإلخالص والصدق للمنذري ، باب » الترغيب والترهيب « حديث زيد بن ثابت رضي اهللا عنه ،

كتاب العلم ، باب يف : للهيثمي » جممع الزوائد « ، ) ٢٤٠( ص : » مسند الشافعي « ، ) ٢٣/ ١: ( إخل ) . ١٣٧/ ١: ( مساع احلديث وتبليغه

) . ١٧٦ - ١٧٢/ ١: ( لاللكائي » شرح أصول اعتقاد أهل السنة ، اجلماعة « ) ٢(

)١: (طحاوي احلنفي اإلمام أبو جعفر الهذا ذكر بيان اعتقاد أهل " يف أول رسالته عن العقيدة املنجية -رمحه اهللا تعاىل -يقول اإلمام أبو جعفر الطحاوي

أيب حنيفة النعمان بن ثابت الكويف ، وأيب يوسف يعقوب بن إبراهيم : السنة واجلماعة على مذهب فقهاء امللة وما يعتقدون يف أصول الدين ، وما . مد بن احلسن الشيباين ، رضي اهللا عنهم أمجعني البجلي ، وأيب عبد اهللا مح

.يدينون به لرب العاملني إن اهللا تبارك امسه ، وتعاىل جده ، وجل ثناؤه ، واحد ال شريك له ، وال : نقول يف توحيد اهللا معتقدين بتوفيق اهللا غريه ، قدمي بال ابتداء ، دائم بال انتهاء ، ال يفىن وال يبيد ، وال يكون إال ما شيء مثله ، وال شيء يعجزه ، وال إله

. . . " .يريد ، ال تبلغه األوهام ، وال تدركه األفهام ، وال يشبه األنام ، حي ال يموت ، قيوم ال ينام _________وقال

حاوي ، انتهت إليه رياسة احلنفية مبصر ، وله التصانيف أمحد بن حممد بن سالمة املصري ، أبو جعفر الط) ١(. ٣٢ - ٢٧/ ١٥: ( » سري أعالم النبالء « ، ) هـ ٣٢١( الكثرية ، تويف بالقاهرة سنة (

وإن القرآن كالم اهللا ، منه بدأ بال كيفية ، قولا ، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه املؤمنون على ذلك حقا ، " . . فمن مسعه ، فزعم أنه كالم البشر ، فقد كفر . كالم اهللا تعاىل باحلقيقة ، ليس مبخلوق ككالم الربية وأيقنوا أنه

، ومن وصف اهللا مبعىن من معاين البشر ، فقد كفر ، فمن أبصر هذا اعترب ، وعن مثل قول الكفار انزجر ، وعلم . { ل اجلنة ، بغري إحاطة وال كيفية ، كما نطق به كتاب ربنا ، والرؤية حق أله. . . أن اهللا بصفاته ليس كالبشر

] . ٢٣، ٢٢: القيامة [ } إلى ربها ناظرة }{ وجوه يومئذ ناضرة وتفسريه على ما أراد اهللا تعاىل وعلمه ، وكل ما جاء يف ذلك من احلديث الصحيح عن رسول اهللا صلى اهللا عليه

كما قال ، ومعناه على ما أراد ، ال ندخل يف ذلك متأولني بآرائنا ، وال متومهني بأهوائنا ، فإنه ما سلم وسلم ، فهو إىل آخر . . . " يف دينه إال من سلم هللا عز وجل ولرسوله صلى اهللا عليه وسلم ، ورد علم ما اشتبه عليه إىل عالمه

)١(ما نصت عليه الطحاوية _________

) . ٧: ( البن أيب العز احلنفي ص » منت العقيدة الطحاوية «) ١(

)١: (اإلمام ابن أيب زيد القريواين املالكي ما تنطق به األلسنة ، وتعتقده األفئدة من واجب : " حتت باب -رمحه اهللا تعاىل -قال ابن زيد القريواين املالكي

قلب ، والنطق باللسان أن اهللا إله واحد ال إله غريه ، وال شبيه له ، وال اإلميان بال: من ذلك " " أمور الديانات نظري له ، وال ولد له ، وال والد له ، وال صاحبة له ، وال شريك له ، ليس ألوليته ابتداء ، وال آلخريته انقضاء ، ال

Page 24: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ولا { ، يعترب املفكرون بآياته ، وال يتفكرون يف ماهية ذاته يبلغ كنه صفته الواصفون ، وال حييط بأمره املتفكرون [ } وهو العلي العظيم يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما

] . ٢٥٥: البقرة .بر القدير ، السميع البصري ، العلي الكبري العامل اخلبري ، املد

.وأنه فوق عرشه اجمليد بذاته ، وهو يف كل مكان بعلمه _________خلق اإلنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد

، كان إمام املالكية يف عصره ، عبد اهللا بن عبد الرمحن القريواين النفزاوي ، أبو حممد ، فقيه من أعيان القريوان) ١( ) . ١٣ - ١٠/ ١٧: ( » سري أعالم النبالء « ، ) ٣٨٦( ، توىف سنة » الرسالة « : من أشهر كتبه

: األنعام [ } مبني تابوما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في ك{ ٥٩ . [

) .١(على العرش استوى ، وعلى امللك احتوى وله األمساء احلسىن ، والصفات العال ، مل يزل جبميع صفاته وأمسائه ، تعاىل أن تكون صفاته مخلوقة ، وأمساؤه

.محدثة .جتلى للجبل فصار دكا من جالله كلم موسى بكالمه الذي هو صفة ذاته ، ال خلق من خلقه ، و

.وأن القرآن كالم اهللا ، ليس مبخلوق فيبيد ، وال صفة خملوق فينفد وكل ذلك قدره اهللا ربنا ، ومقادير األمور بيده ، ومصدرها عن . خريه وشره ، حلوه ومره : واإلميان بالقدر

ل كونه ، فجرى على قدره ، ال يكون من عباده قول وال عمل إال وقد قضاه وسبق علمه قضائه ، علم كل شيء قب ] . ١٤: امللك [ } ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبري { به

إىل ما سبق من علمه وقدره يضل من يشاء فيخذله بعدله ، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله ، فكل ميسر بتيسريه .من شقي أو سعيد _________

.ملكه ودبره وسخره: يعين ) ١(

تعاىل أن يكون يف ملكه ما ال يريد أو يكون ألحد عنه غىن ، أو يكون خالق لشيء إال هو ، رب العباد ، ورب ل إليهم إلقامة احلجة عليهم ، مث ختم الرسالة والنذارة والنبوة أعمالهم ، واملقدر حلركاهتم وآجاهلم ، الباعث الرس

مبحمد نبيه صلى اهللا عليه وسلم فجعله آخر املرسلني بشريا ونذيرا ، وداعيا إىل اهللا بإذنه وسراجا منريا ، وأنزل .الصراط املستقيم عليه كتابه احلكيم ، وشرح به دينه القومي ، وهدى به إىل

.وأن الساعة آتية ال ريب فيها ، وأن اهللا يبعث من ميوت ، كما بدأهم يعودون وأن اهللا سبحانه ضاعف لعباده املؤمنني احلسنات ، وصفح هلم بالتوبة عن كبائر السيئات ، وغفر هلم الصغائر

إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون { مشيئته باجتناب الكبائر ، وجعل من مل يتب من الكبائر صائرا إىل ] . ٤٨: النساء [ } ذلك لمن يشاء

] . ٧: الزلزلة [ } فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره { ومن عاقبه اهللا بناره ، أخرجه منها بإميانه ، فأدخله به جنته

Page 25: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.خرج منها بشفاعة النيب صلى اهللا عليه وسلم ، من شفع له من أهل الكبائر من أمته ويوأن اهللا سبحانه قد خلق اجلنة ، فأعدها دار خلود ألوليائه ، وأكرمهم فيها بالنظر إىل وجهه الكرمي ، وهي اليت

.مبا سبق يف سابق علمه أهبط منها آدم نبيه وخليفته إىل أرضه ، .وخلق النار ، فأعدها دار خلود ملن كفر به وأحلد يف آياته وكتبه ورسله ، وجعلهم حمجوبني عن رؤيته

.وأن اهللا تبارك وتعاىل جييء يوم القيامة وامللك صفا صفا ، لعرض األمم وحساهبا وعقوبتها وثواهبا ] . ٨: األعراف [ } فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون { العباد وتوضع املوازين لوزن أعمال] ٨، ٧: االنشقاق [ } فسوف يحاسب حسابا يسريا }{ فأما من أوتي كتابه بيمينه { ويؤتون صحائفهم بأعماهلم

. ١٢ - ١٠: االنشقاق [ } ويصلى سعريا }{ فسوف يدعو ثبورا }{ ه وراء ظهره وأما من أوتي كتاب{ ، [ وأن الصراط حق يجوزه العباد بقدر أعماهلم ، فناجون متفاوتون يف سرعة النجاة عليه من نار جهنم ، وقوم

.أوبقتهم فيها أعماهلم

.يه وسلم ، ترده أمته ، ال يظمأ من شرب منه ، ويذاد عنه من بدل وغير واإلميان حبوض رسول اهللا صلى اهللا علوأن اإلميان قول باللسان ، وإخالص بالقلب ، وعمل باجلوارح ، يزيد بزيادة األعمال ، وينقص بنقصها ، فيكون

.هبا النقص ، وهبا الزيادة .ال بنية ، وال قول وعمل ونية إال مبوافقة السنة وال يكمل قول اإلميان إال بعمل ، وال قول وال عمل إ

.وأنه ال يكفر أحد بذنب من أهل القبلة .وأن الشهداء أحياء عند رهبم يرزقون

.وأرواح أهل السعادة باقية ناعمة إىل يوم يبعثون ، وأرواح أهل الشقاوة معذبة إىل يوم الدين [ } يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة { ألون وأن املؤمنني يفتنون يف قبورهم ويس

] . ٢٧: إبراهيم .وأن على العباد حفظة يكتبون أعماهلم ، وال يسقط شيء من ذلك من علم رهبم

.وأن ملك املوت يقبض األرواح بإذن ربه .ن الذين رأوا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وآمنوا به مث الذين يلوهنم وأن خري القرو

.أمجعني -رضي اهللا عنهم -أبو بكر مث عمر مث عثمان مث علي : اخللفاء الراشدون املهديون : وأفضل الصحابة

جر بينهم ، وأهنم أحق وأال يذكر أحد من صحابة الرسول صلى اهللا عليه وسلم إال بأحسن ذكر ، واإلمساك عما ش .الناس أن يلتمس هلم املخارج ، ويظن هبم أحسن املذاهب

.والطاعة ألئمة املسلمني من والة أمورهم وعلمائهم ، واتباع السلف الصاحل ، واقتفاء آثارهم ، واالستغفار هلم ) .١" (وترك املراء واجلدال يف الدين ، وترك ما أحدثه احملدثون

_________ .بتصرف ) ٢٤ - ٩( ص : ، شرح رسالة ابن أيب زيد القريواين » الثمر الداين يف تقريب املعاين «) ١(

)١: (اإلمام ابن تيمية ومن األئمة األعالم ، الذين وفقهم اهللا تعاىل لندب أنفسهم للدعوة للتوحيد اخلالص ، ونصرة العقيدة املنجية ،

Page 26: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

. -رمحه اهللا -بن عبد احلليم بن عبد السالم بن تيمية شيخ اإلسالم تقي الدين أبو العباس أمحديبتدر ابن تيمية القول ليبني املنهج احلق يف االعتقاد الصحيح ، وذلك بالرجوع إىل كتاب اهللا وسنة رسوله صلى اهللا

.عليه وسلم )٢: ( -رمحه اهللا -يقول

هل السنة واجلماعة ، وهو اإلميان باهللا ، ومالئكته ، وكتبه فهذا اعتقاد الفرقة الناجية املنصورة إىل قيام الساعة ، أ" .خريه وشره : ورسله ، والبعث بعد املوت ، واإلميان بالقدر

اإلميان مبا وصف به نفسه يف كتابه ، ومبا وصفه به رسوله صلى اهللا عليه وسلم ، من غري تحريف : ومن اإلميان باهللا } ليس كمثله شيء وهو السميع البصري { : تمثيل ، بل يؤمنون بأن اهللا سبحانه وال تعطيل ، ومن غري تكييف وال

] . ١١: الشورى [ .وهو سبحانه قد مجع فيما وصف وسمى به نفسه بني النفي واإلثبات

ط الذين أنعم اهللا عليهم من فال عدول ألهل السنة واجلماعة عما جاء به املرسلون ، فإنه الصراط املستقيم ، صرا .النبيني ، والصديقني والشهداء والصاحلني

_________ أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم احلراين الدمشقي ، أبو العباس ابن تيمية ، شيخ اإلسالم ، وإمام األئمة ) ١(

.بدمشق) هـ ٧٢٨( تويف سنة . األعالم الغين عن التعريف .وما بعدها ) ١٢٩/ ٣: ( » ع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية جممو« انظر ) ٢(

قل هو { : وقد دخل يف هذه اجلملة ما وصف به نفسه يف سورة اإلخالص اليت تعدل ثلث القرآن ، حيث يقول .} حد ولم يكن له كفوا أ}{ لم يلد ولم يولد }{ الله الصمد }{ الله أحد

الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما { وما وصف به نفسه يف أعظم آية يف كتابه ، حيث يقول ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم

ه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي ا ] ٢٥٥: البقرة [ } لعظيم من علم.

.مل يزل عليه من اهللا حافظ ، وال يقربه شيطان حىت يصبح وهلذا كان من قرأ هذه اآلية يف ليلة ] . ٥٨: الفرقان [ } وتوكل على الحي الذي لا يموت { : وقوله سبحانه ] . ٣ :احلديد [ } هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم { : وقوله سبحانه

] . ٣٤: لقمان [ } إن الله عليم خبري { : وقوله ] . ٢: سبأ [ } يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها { : وقوله ها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في وعنده مفاتح الغيب لا يعلم{ : وقوله

] . ٥٩: األنعام [ } ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبني ] . ١١: الشورى [ } و السميع البصري ليس كمثله شيء وه{ : وقوله ] . ١١٩: املائدة [ } رضي الله عنهم ورضوا عنه { : وقوله ] . ٢٢، ٢١: الفجر [ } وجاء ربك والملك صفا صفا }{ كلا إذا دكت الأرض دكا دكا { : وقوله

Page 27: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

] . ٢٧: الرمحن [ } قى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ويب{ : وقوله ] . ٧٥: ص [ } ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي { : وقوله ] . ٤٨: الطور [ } واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا { : وقوله

] . ٥: طه [ } عرش استوى الرحمن على ال{ : وقوله ] ٥٤: األعراف [ } إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش { : وقوله

. ] . ٢٧: الكهف [ } كلماته واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل ل{ : وقوله ] . ٢٣، ٢٢: القيامة [ } إلى ربها ناظرة }{ وجوه يومئذ ناضرة { : وقوله

" .وهذا الباب يف كتاب اهللا تعاىل كثري ، من تدبر القرآن طالبا للهدى منه تبني له طريق احلق املسلمني منهج السنة -رمحه اهللا -ني اإلميان احلق ، يمسك ابن تيمية وبعد االعتصام مبنهج القرآن الكرمي يف تبي

.الذي يوضح مراد اهللا تعاىل فيما يريده من عباده من إميان واعتقاد فالسنة تفسر القرآن وتبينه ، وتدل عليه ، وتعرب عنه ، وما وصف الرسول صلى اهللا عليه " يقول شيخ اإلسالم

.ه ربه عز وجل من األحاديث الصحاح اليت تلقاها أهل املعرفة بالقبول ، وجب اإلميان هبا كذلك وسلم ب

من : ينزل ربنا إىل السماء الدنيا كل ليلة ، حني يبقى ثلث الليل اآلخر ، فيقول « : مثل قوله صلى اهللا عليه وسلم ) .١(» طيه ؟ من يستغفرين ، فأغفر له ؟ يدعوين ، فأستجيب له ؟ من يسألين ، فأع

) .٢(» هللا أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته « : وقوله صلى اهللا عليه وسلم ) .٣(» يضحك اهللا إىل رجلني يقتل أحدمها اآلخر ، كالمها يدخل اجلنة « : وقوله صلى اهللا عليه وسلم

) .٤(» تأمنوين وأنا أمني من يف السماء أال « : وقوله أنت رسول اهللا ، قال : من أنا ؟ قالت : يف السماء ، قال : أين اهللا ؟ قالت « : وقوله صلى اهللا عليه وسلم للجارية

) .٥(» أعتقها فإنها مؤمنة : أصم وال غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو اربعوا على أنفسكم إنكم ال تدعون« : وقوله صلى اهللا عليه وسلم

)٦(» معكم إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ال تضامون يف رؤيته ، فإن استطعتم أن ال « : وقوله صلى اهللا عليه وسلم

) .٧(» . . تغلبوا على صالة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فافعلوا ) .٨" (ىل أمثال هذه األحاديث اليت يخرب فيها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن ربه مبا خيرب به إ

_________ ، ومسلم يف ) ١١٤٥. . . : ( أخرجه البخاري يف كتاب التهجد ، باب الدعاء يف الصالة من آخر الليل ) ١(

، وأبو ) ٧٥٨: ( لذكر يف آخر الليل واإلجابة فيه كتاب صالة املسافرين وقصرها ، باب الترغيب يف الدعاء وا، والترمذي يف كتاب الدعوات ، باب ما جاء يف ) ٤٧٣٣: ( داود يف كتاب السنة ، باب يف الرد على اجلهمية

، وابن ماجه يف كتاب إقامة الصالة والسنة فيها ، باب ما جاء يف أي ساعات ) ٣٤٩٨: ( عقد التسبيح باليد ) . ٢٦٧، ٢٦٤/ ٢: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٣٦٦: ( ضل الليل أف

من حديث الرباء بن ) ٢٧٤٦: ( أخرجه مسلم يف كتاب التوبة ، باب يف احلض على التوبة والفرح هبا ) ٢(

Page 28: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.عازب ، وله طرق أخرى كثرية ، ومسلم يف ) ٢٨٢٦ : (إخل . . . أخرجه البخاري يف كتاب اجلهاد ، باب الكافر يقتل املسلم مث يسلم ) ٣(

، والنسائي يف كتاب اجلهاد ، باب ) ١٨٩٠: ( إخل . . . كتاب اإلمارة ، باب بيان الرجلني يقتل أحدمها اآلخر ) ٩٩١: ( ، ومالك يف كتاب اجلهاد ، باب الشهداء يف سبيل اهللا ) ٣١٦٥: ( إخل . . . اجتماع القاتل واملقتول

. ، ومسلم يف ) ٧٤٣٢. . ) : ( تعرج املالئكة : ( التوحيد ، باب قول اهللا تعاىل أخرجه البخاري يف كتاب) ٤(

) . ٤/ ٣: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٠٦٤: ( كتاب الزكاة ، باب ذكر اخلوارج وصفاهتم ، وأبو ) ٥٣٧: ( إخل . . . أخرجه مسلم كتاب املساجد ومواضع الصالة ، باب حترمي الكالم يف الصالة ) ٥(، والنسائي يف كتاب السهو ، باب الكالم يف ) ٩٣٠: ( إخل . . . اود يف كتاب الصالة ، باب تشميت العاطس د

) . ٤٤٧/ ٥: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٢١٨: ( الصالة ) . ١٧( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٦( ) . ١٩( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٧( ) . ١٤٠ - ١٢٩/ ٣( : » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ٨(

.ويف هدي هذا املنهج العلمي اليقيين ، ترسخ أصول العقيدة وتأتلف شعبها ، ويتكامل ضياؤها ومن اإلميان باهللا ومالئكته وكتبه ، اإلميان بأن القرآن كالم اهللا منزل غري " -رمحه اهللا -يقول شيخ اإلسالم

عاىل تكلم به حقيقة ، وأن هذا القرآن الذي أنزله على حممد صلى اهللا عليه خملوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وأن اهللا توسلم ، هو كالم اهللا حقيقة ال كالم غريه ، وال جيوز إطالق القول بأنه حكاية عن كالم اهللا ، أو عبارة عنه ، بل

حقيقة ، فإن الكالم إمنا إذا قرأه الناس أو كتبوه بذلك يف املصاحف مل خيرج بذلك عن أن يكون كالم اهللا تعاىل .يضاف حقيقة إىل من قاله مبتدئا ، ال إىل من قاله مبلغا مؤديا

) .١" (كالم اهللا احلروف دون املعاين ، وال املعاين دون احلروف وهو كالم اهللا ، حروفه ومعانيه ، ليسوبعد أن حتدث عن اإلميان بأن املؤمنني يرون رهبم عيانا بأبصارهم يوم القيامة ، وعن اإلميان بفتنة القرب ، وعذابه ،

الشفاعة ، واجلنة ، والنار ، ونعيمه ، وعن اإلميان بامليزان ، واحلساب ، واحلوض املورود ، والصراط املنصوب ، و .وبالقدر خريه وشره ، وباللوح احملفوظ ، وبأن اهللا خلق أفعال العباد

_________ ) . ١٤٤( املرجع السابق ص ) ١(

أن الدين واإلميان قول وعمل ؛ قول : ومن أصول أهل السنة واجلماعة " بعد أن حتدث عن اإلميان بذلك كله قال .عمل القلب واللسان واجلوارح ، وأن اإلميان يزيد بالطاعة وينقص باملعصية القلب واللسان ، و

ومع ذلك ال يكفرون أهل القبلة مبطلق املعاصي والكبائر ، كما يفعله اخلوارج ، بل األخوة اإلميانية ثابتة مع : البقرة [ } شيء فاتباع بالمعروف فمن عفي له من أخيه{ املعاصي ، كما قال سبحانه وتعاىل يف آية القصاص

١٧٨ . [ اتلوا التي تبغي حتى وإن طائفتان من المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فق{ : وقال

Page 29: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

إنما المؤمنون إخوة }{ فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطني تفيء إلى أمر الله فإن ] . ١٠، ٩: احلجرات [ } فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

ي اسم اإلميان بالكلية ، وال خيلدونه يف النار كما تقول املعتزلة ، بل الفاسق يدخل يف اسم وال يسلبون الفاسق املل ] . ٩٢: النساء [ } فتحرير رقبة مؤمنة { : اإلميان يف مثل قوله تعاىل

املطلق ، وال يسلب مطلق هو مؤمن ناقص اإلميان ، أو مؤمن بإميانه ، فاسق بكبريته ، فال يعطى االسم : ويقولون .االسم

سالمة قلوهبم وألسنتهم ألصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، كما : ومن أصول أهل السنة واجلماعة قونا بالإميان ولا والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سب{ وصفهم اهللا به يف قوله تعاىل

] . ١٠: احلشر [ } تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة واإلمجاع من فضائلهم ومراتبهم ، فيفضلون من أنفق من قبل الفتح ، وهو صلح

ن أنفق من بعده وقاتل ، ويقدمون املهاجرين على األنصار ، ويؤمنون بأن اهللا قال ألهل احلديبية ، وقاتل ، على م .» اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم « : بدر، وكانوا ثالمثائة وبضعة عشر

وبأنه ال يدخل النار أحد بايع حتت الشجرة ، كما أخرب به النيب صلى اهللا عليه وسلم ، بل قد رضي اهللا عنهم .وا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ورض

ويشهدون باجلنة ملن شهد له رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم باجلنة كالعشرة ، وكثابت بن قيس بن مشاس ، .وغريهم من الصحابة

ألمة ويقرون مبا تواتر به النقل عن أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه ، وعن غريه ، من أن خري هذه ا .كما دلت عليه اآلثار -رضي اهللا عنهم -بعد نبيها ، أبو بكر ، مث عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي

وذلك أهنم يؤمنون بأن اخلليفة بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أبو بكر ، مث عمر ، مث عثمان ، مث علي ، ومن .ر أهله طعن يف خالفة أحد من هؤالء فهو أضل من محا

ويحبون أهل بيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ويتولوهنم وحيفظون فيهم وصية رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ) .١(» أذكركم اهللا يف أهل بييت ، أذكركم اهللا يف أهل بييت « : ، حيث قال يوم غدير خم

_________ ، وابن ماجه يف املقدمة ، باب فضل علي بن أيب ) ٤١٩/ ٥: ( حديث غدير خم أخرجه أمحد يف مسنده ) ١(

، يف كتاب املناقب ، باب قوله صلى » جممع الزوائد « ، ومجع اهليثمي طرقه يف ) ١١٦: ( طالب رضي اهللا عنه ، مل يرد » أذكركم اهللا يف أهل بييت « : ، وقوله ) ١٠٣/ ٩: ( » من كنت مواله فعلي مواله « اهللا عليه وسلم

) . ١٥٥١: ( برقم » السنة « إال عند ابن أيب عاصم يف

ويتولون أزواج رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أمهات املؤمنني ، ويؤمنون بأهنن أزواجه يف اآلخرة ، خصوصا .خدجية رضي اهللا عنها أم أكثر أوالده ، وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان هلا منه املنزلة العالية

فضل عائشة على النساء « ديقة بنت الصديق رضي اهللا عنهما ، اليت قال فيها النيب صلى اهللا عليه وسلم والص ) .١(» كفضل الثريد على سائر العام

Page 30: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.ويتربؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبوهنم .ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل

.شجر بني الصحابة وميسكون عماومن نظر يف سرية القوم بعلم وبصرية ، وما من اهللا به عليهم من الفضائل ، علم يقينا أهنم خري اخللق بعد األنبياء ،

.ال كان وال يكون مثلهم ، وأهنم هم الصفوة من قرون هذه األمة اليت هي خري األمم وأكرمها على اهللا تعاىل التصديق بكرامات األولياء ، وما يجري اهللا على أيديهم من خوارق العادات ، : اجلماعة ومن أصول أهل السنة و

يف أنواع العلوم واملكاشفات ، كاملأثور عن سالف األمم يف سورة الكهف وغريها ، وعن صدر هذه األمة من .الصحابة والتابعني وسائر قرون األمة ، وهي موجودة فيها إىل يوم القيامة

_________ ، ومسلم يف ) ٣٧٧٠، ٣٧٦٩: ( رواه البخاري يف كتاب املناقب ، باب فضل عائشة رضي اهللا عنها ) ١(

، وباب فضائل عائشة رضي ) ٢٤٣١: ( كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل خدجية أم املؤمنني رضي اهللا عنها ، وأمحد يف ) ١٨٣٤: ( فضل الثريد ، والترمذي يف كتاب األطعمة ، باب ما جاء يف) ٢٤٤٦: ( اهللا عنها ) . ١٥٩/ ٦: ( مسنده

اتباع آثار رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم باطنا وظاهرا ، واتباع سبيل : مث من طريقة أهل السنة واجلماعة بسنيت عليكم « السابقني األولني من املهاجرين واألنصار ، واتباع وصية رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حيث قال

وسنة اخللفاء الراشدين املهديين من بعدي ، تمسكوا هبا وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات األمور ، فإن ) .١(» كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضاللة

رون كالم اهللا على كالم ويعلمون أن أصدق الكالم كالم اهللا ، وخري اهلدي هدي حممد صلى اهللا عليه وسلم ويؤثويقدمون هدي حممد صلى اهللا عليه وسلم على هدي كل أحد وهبذا مسوا أهل . غريه من كالم أصناف الناس

.الكتاب والسنة وسموا أهل اجلماعة ؛ ألن اجلماعة هي االجتماع ، وضدها الفرقة ، وإن كان لفظ اجلماعة قد صار امسا لنفس

.القوم اجملتمعني .واإلمجاع هو األصل الثالث الذي يعتمد عليه يف العلم والدين

وهم يزنون هبذه األصول الثالثة مجيع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين ، واإلمجاع ) .٢( "ما كان عليه السلف الصاحل ، إذ بعدهم كثر االختالف ، وانتشرت األمة : الذي ينضبط ، هو

_________ ، والترمذي يف كتاب العلم ، باب ما جاء ) ٤٦٠٩: ( أخرجه أبو داود يف كتاب السنة ، باب لزوم السنة ) ١(

، وابن ماجه يف املقدمة ، باب اتباع سنة اخللفاء الراشدين املهديني ) ٢٦٧٦: ( يف األخذ بالسنة واجتناب البدع ، ) ٥: ( ، وابن حبان يف املقدمة ، باب االعتصام بالسنة ) ١٢٧، ١٢٦/ ٤ : (، وأمحد يف مسنده ) ٤٢: (

.، وصححه ووافقه الذهيب ) ٧٥/ ٣: ( واحلاكم يف مستدركه بنحوه ) . ١٥٧ - ١٥١/ ٣: ( » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ٢(

أثر املنهج يف استقامة االعتقاد وتوسطه

Page 31: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

االعتقاد وتوسطه ، فما من امرئ ، أو ما من مجاعة التزمت املنهج القومي يف التلقي لصحة املنهج أثرها يف استقامة .والفهم ، إال استقام اعتقادها واعتدل بتوفيق اهللا

أي الفرقة -هم الوسط " وجاله بقوله -يف االعتقاد -أثر املنهج احلق -رمحه اهللا -ولقد وضح ابن تيمية سبحانه وتعاىل بني ) صفات اهللا ( ما أن األمة هي الوسط يف األمم فهم وسط يف باب يف فرق األمة ، ك -الناجية

.أهل التعطيل اجلهمية ، وأهل التمثيل املشبهة .بني القدرية واجلبرية ) أفعال اهللا تعاىل ( وهم وسط يف باب

.بني املرجئة والوعيدية من القدرية وغريهم ) وعيد اهللا ( ويف باب .بني احلرورية واملعتزلة ، وبني املرجئة واجلهمية ) أمساء اإلميان والدين ( ويف باب

) .١" (بني الروافض واخلوارج ) أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ( ويف _________

) . ١٤١( ص : املرجع السابق ) ١(

النتائج العملية للمنهج الصحيح

ملية صاحلة هتدي واقع األمة العملي حبقائق الدين ، ومتكن لعزائم اإلميان وأخالقه يف وللمنهج الصحيح نتائج ع .حياة املسلمني

حيث قال . للحياة العملية ألهل السنة واجلماعة -رمحه اهللا -ولقد برزت هذه النتائج العملية يف وصف ابن تيمية املنكر على ما توجبه الشريعة ، ويرون إقامة احلج ، مث هم من هذه األصول ، يأمرون باملعروف وينهون عن "

.اجلهاد ، واجلمع واألعياد مع األمراء ، أبرارا كانوا أو فجارا ، وحتافظون على اجلماعات » املؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا « : ويدينون بالنصيحة لألمة ، يعتقدون معىن قوله صلى اهللا عليه وسلم

.، وشبك بني أصابعه صلى اهللا عليه وسلم ) ١(مثل املؤمنني يف توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل اجلسد إذا اشتكى منه عضو « : وقوله صلى اهللا عليه وسلم

) .٢(» تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى .، والرضا مبر القضاء ويأمرون بالصرب عند االبتالء ، والشكر عند الرخاء

أكمل املؤمنني إميانا « : ويدعون إىل مكارم األخالق ، وحماسن األعمال ، ويعتقدون معىن قوله صلى اهللا عليه وسلم ) .٣(» أحسنهم خلقا

_________ والنسائي يف ، ) ٢٥٨٥: ( إخل . . أخرجه مسلم يف كتاب الرب والصلة ، باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم ) ١(

) . ٤٠٤/ ٤: ( ، أمحد يف مسنده ) ٢٥٦٠: ( كتاب الزكاة ، باب أجر اخلازن إذا تصدق بإذن مواله ، ومسلم يف كتاب الرب والصلة ، ) ٦٠١١: ( أخرجه البخاري يف كتاب األدب ، باب رمحة الناس والبهائم ) ٢(

) . ٢٧٠/ ٤: ( مسنده ، وأمحد يف) ٢٥٨٦. . : ( باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم ) . ٥٤( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٣(

Page 32: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.ويندبون إىل أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك .ويأمرون برب الوالدين ، وصلة األرحام ، وحسن اجلوار ، واإلحسان إىل اليتامى ، واملساكني وابن السبيل

.خر واخليالء والبغي واالستطالة على اخللق حبق أو بغري حق وينهون عن الف .ويأمرون مبعايل األخالق ، وينهون عن سفسافها

) .١" (وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غريه ، فإمنا هم متبعون للكتاب والسنة _________

) . ١٥٩ - ١٥٨/ ٣: ( » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ١(

اجلهاد الصادق يف سبيل العقيدة

.يعترب اإلمام ابن تيمية من مجددي الدين واإلميان يف نفوس الناس ، وحياة األمة يف أثنائه ما لقي من صنوف -رمحه اهللا -ولقد اقترن هذا التجديد ، جبهاد طويل صبور صادق ، لقي ابن تيمية

.ضى يدعو إىل ما يعرفه من حق ويقني األذى والضر ، بيد أنه ثبت ، وحتمل ، ومفلما كان " يف وصف ما حصل بينه وبني خصومه ، وهو مثال واحد من مواقفه رمحة اهللا عليه -رمحه اهللا -يقول

اجمللس الثاين يوم اجلمعة يف اثىن عشر رجب وقد أحضروا أكثر شيوخهم ممن مل يكن حاضرا يف ذلك اجمللس ، هذا أفضل اجلماعة وشيخهم يف علم الكالم ، وحبثوا فيما : وقالوا " ي الدين اهلندي صف" وأحضروا معهم زيادة

بينهم ، واتفقوا وتواطؤا ، وحضروا بقوة واستعداد ما كانوا عليه ، ألن اجمللس األول أتاهم بغتة وإن كان أيضا ت ما كتبته من اجلواب عن فلما اجتمعنا ، وقد أحضر. بغتة للمخاطب الذي هو املسؤول واجمليب واملناظر

.أسئلتهم املتقدمة الذي طلبوا تأخريه إىل اليوم : محدت اهللا خبطبة احلاجة ، خطبة ابن مسعود رضي اهللا عنه ، مث قلت

واعتصموا بحبل{ : إن اهللا تعاىل أمرنا باجلماعة واالئتالف ، ونهانا عن الفرقة واالختالف ، وقال لنا يف القرآن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء { : ، وقال ] ١٠٣: آل عمران [ } الله جميعا ولا تفرقوا

: آل عمران [ } بينات ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم ال{ : ، وقال ] ١٥٩: األنعام [ } ١٠٥ . [

وربنا واحد ، وكتابنا واحد ، وأصول الدين ال تحتمل التفرق واالختالف ، وأنا أقول ما يوجب اجلماعة بني املسلمني ، وهو متفق عليه بني السلف ، فإن وافق اجلماعة فاحلمد لله ، وإال فمن خالفين بعد ذلك كشفت له

األستار ، بينت املذاهب الفاسدة ، اليت أفسدت امللل والدول ، وأنا أذهب إىل سلطان الوقت األسرار ، وهتكت ) .١" (على الربيد ، وأعرفه من األمور ما ال أقوله يف هذا اجمللس ، فإن للسلم كالما ، وللحرب كالما

_________وقال ) . ١٨٢ - ١٨١( ص : املرجع السابق ) ١(

ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن { : أن العزة هللا ولرسوله وللمؤمنني من كانوا ، وقد قال تعاىل ومعلوم" ، فمن كان مؤمنا فهو األعلى كائنا من كان ، ومن حاد اهللا ورسوله فقد ] ١٣٩: آل عمران [ } كنتم مؤمنني

] . ٢٠: اجملادلة ) " [ ١(} لذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلني إن ا{ : قال تعاىل

Page 33: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

فلما ذهبوا يب إىل احلبس حكم مبا حكم به ، وأثبت ما أثبت ، وأمر يف الكتاب السلطاين مبا أمر به ، " إىل أن قال شرع : إن هذا حبس بالشرع ، فضلا عن أن يقال : -دع املسلمني -فهل يقول أحد من اليهود ، أو النصارى

" حممد بن عبد اهللا ، وهذا مما يعلم الصبيان الصغار باالضطرار من دين اإلسالم أنه خمالف لشرع حممد بن عبد اهللا )٢. (

_________إىل أن قال ) . ٢٥٢( ص : املرجع السابق ) ١( ) . ٢٥٣( ص : املرجع السابق ) ٢(

أنت كنت حاضرا ذلك اليوم ، هل أراين أحد ذلك : هذه احملاضر ، ووجدوا خبطك ، فقلت : قول يل وأخذ ي" شهد عليك بكذا ، أو سمع يل كالم ؟ بل حني شرعت أمحد اهللا ، وأثين عليه : اليوم خطا ، أو حمضرا ؟ أو قيل يل

منعوين من محد اهللا ) ١(» باحلمد هللا فهو أجذم كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه« : لقول النيب صلى اهللا عليه وسلم ) .٢" (ال تحمد اهللا ، بل أجب : وقالوا

: فقال -وكان كل منهما قد ذكر كالما أكثره كذب -ألك أجيب ، أو هلذا املدعي ؟ : فقلت البن مخلوف " فأنت خصمي : أنا وحدي ، فقلت بل : أجب املدعي ، فقلت فأنت وحدك حتكم أو أنت وهؤالء القضاة ؟ فقال

فإن هذا كان خصما من وجوه متعددة ! فكيف يصح حكمك علي ؟ فلم تطلب مين االستفسار عن وجه املخاصمة .معروفة عند مجيع املسلمني

م وجوه وأما احملاضر فالشهود فيها فيهم من األمور القادحة يف شهادهت. أما ما كان خبطي فأنا مقيم عليه : مث قلت متعددة متنع قبول شهادهتم بإمجاع املسلمني ، والذي شهدوا به ، فقد علم املسلمون ، خاصتهم وعامتهم بالشام

) .٣" (وغريه ضد ما شهدوا به _________

، وابن ماجه يف كتاب النكاح ، باب ) ٤٨٤٠: ( أخرجه أبو داود يف كتاب األدب ، باب اهلدي يف الكالم ) ١( ) . ٣٥٩/ ٢: ( ، وأمحد يف مسنده ) ١٨٩٤: ( كاح خطبة الن

) . ٢٥٥/ ٣: ( » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ٢( ) . ٢٥٦( ص : املرجع السابق ) ٣(

فإني أنا من أي شيء أخاف ؟ إن قتلت كنت من أفضل الشهداء ، وكان ذلك سعادة يف حقي ، يترضى هبا علي " لساعي يف ذلك إىل يوم القيامة ، فإن مجيع أمة حممد يعلمون أين أقتل على احلق الذي بعث إىل يوم القيامة ، ويلعن ا

اهللا به رسوله ، وإن حبست فواهللا إن حبسي ملن أعظم نعم اهللا علي ، وليس يل ما أخاف الناس عليه ال مدرسة ، )١" (وال إقطاع ، وال مال ، وال رئاسة ، وال شيء من األشياء

كن هذه القصة ضررها يعود عليكم ، فإن الذين سعوا فيها من الشام ، أنا أعلم أن قصدهم فيها كيدكم ، ول" وفساد ملتكم ، ودولتكم ، وقد ذهب بعضهم إىل بالد التتر ، وبعضه مقيم هناك ، فهم الذين قصدوا فساد دينكم

أنصح لكم ، وأريد لكم خري الدنيا واآلخرة ، والقضية ودنياكم ، وجعلوين إماما بالتستر ، لعلمهم بأين أواليكم وهلا أسرار كلما جاءت تنكشف ، وإال فأنا مل يكن بيين وبني أحد مبصر عداوة ، وال بغضا ، وما زلت حمبا هلم ،

) .٢" (أمرائهم ، ومشاخيهم ، وقضاهتم : مواليا هلم

Page 34: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ىل التوحيد اخلالص ، والعقيدة املنجية إال صدق يف الدعوة داعية وحدة على أصل العقيدة ما صدق أحد يف الدعوة إ .إىل وحدة اجلماعة املسلمة

_________ ) . ٢٥٩( ص : املرجع السابق ) ١( ) . ٢٦٠( ص : املرجع السابق ) ٢(

أن الوحدة: وهذا من املسائل العظيمة اليت جيب أن يتحراها العلماء والدعاة يف كل عصر ، وكل مكان ، مسألة .واالئتالف قرينتا التوحيد احلق ، وأن الفرقة واالختالف قرينتا الزيغ ، واهلوى ، والبدعة

داعية إىل -يف الوقت نفسه -وكان ابن تيمية داعية إىل التوحيد اخلالص ، والعقيدة العاصمة من الضالل ، وكان .ائتالف املسلمني واحتادهم ، ومجع كلمتهم على األصول اجلامعة

والناس يعلمون أنه كان بني احلنبلية واألشعرية وحشة ومنافرة ، " وعمل به يف هذا اجملال -رمحه اهللا -ا قاله ومموأنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب املسلمني ، وطلبا التفاق كلمتهم اتباعا ملا أمرنا به من االعتصام حببل اهللا ،

وبينت هلم أن األشعري كان من أجل املتكلمني املنتسبني إىل اإلمام وأزلت عامة ما كان يف النفوس من الوحشة ، ) .١" (وحنوه ، املنتصرين لطريقه ، كما يذكر األشعري ذلك يف كتبه -رمحه اهللا -أمحد

_________ ) . ٢٢٨ - ٢٢٧( ص : املرجع السابق ) ١(

، وفرح املسلمون ) ١(ن كالم الشيخ املوفق هذا خري م: قالوا -ورآه احلنبلية -وملا أظهرت كالم األشعري " أنه مل تزل احلنابلة واألشاعرة متفقني إىل زمن : يف مناقبه ) ٢(باتفاق الكلمة ، وأظهرت ما ذكره ابن عساكر

، فإنه ملا جرت تلك الفتنة ببغداد تفرقت الكلمة ، ومعلوم أن يف مجيع الطوائف من هو زائغ ) ٣(القشريي .ومستقيم يف عمري ، إىل ساعيت هذه مل أدع أحدا قط يف أصول الدين إىل مذهب حنبلي وغري حنبلي ، وال انتصرت مع أين

أنا أمهل : لذلك ، وال أذكره يف كالمي ، وال أذكر إال ما اتفق عليه سلف األمة وأئمتها ، وقد قلت هلم غري مرة ئمة القرون الثالثة خيالف ما قلته فأنا أقر بذلك ، وأما من خيالفين ثالث سنني ، إن جاء حبرف واحد عن أحد من أ

) .٤" (ما أذكره فأذكره عن أئمة القرون الثالثة بألفاظهم ، وبألفاظ من نقل إمجاعهم من عامة الطوائف _________

تويف ،» املغين « عبد اهللا بن أمحد بن حممد بن قدامة املقدسي ، موفق الدين الدمشقي احلنبلي ، مصنف ) ١( ) . ١٧٣ - ١٦٥/ ٢٢: ( » سري أعالم النبالء « ، ) هـ ٦٢٠( بدمشق سنة

هـ ٥٧١( علي بن حسن بن هبة اهللا ، أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي ، املؤرخ احلافظ ، تويف بدمشق سنة ) ٢( ) . ٥٧١ - ٥٥٤/ ٢٠: ( » سري أعالم النبالء « ، ) وازن ، أبو نصر القشريي النيسابوري الواعظ ، زار بغداد ووعظ هبا ، فبالغ عبد الرحيم بن عبد الكرمي بن ه) ٣(

يف التعصب لألشاعرة ، وغض من احلنابلة ، فوقعت بسببه فتنة عظيمة ، فاستدعاه نظام امللك إىل أصبهان إطفاء . ٤٢٦ - ٤٢٤ / ١٩: ( » سري أعالم النبالء « ، ) هـ ٥١٤( للفتنة ببغداد ، تويف بنيسابور سنة (

) . ٢٢٩ - ٢٢٨/ ٣: ( » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ٤(

Page 35: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

األثر املبارك جلهاد ابن تيمية

هلا منهجها ، " مدرسة علمية وفكرية متكاملة " بارك اهللا يف جهاد ابن تيمية ، فجعل له أثرا صاحلا باقيا ماثال يف .وأسلوهبا ، وطابعها

.شيخ اإلسالم ابن قيم اجلوزية : ه ، ويف مقدمتهم تالميذ: فمن هذا األثر أن يتأمل كالم الرجل من : فالواجب على من تلبس بالعلم وكان له عقل " قال احلافظ ابن حجر العسقالين

تصانيفه املشهورة ، أو من ألسنة من يوثق به من أهل النقل ، ولو مل يكن للشيخ تقي الدين إال تلميذه الشيخ مشس لكان غاية يف الداللة -صاحب التصانيف النافعة السائرة ، اليت انتفع هبا املوافق واملخالف -ين ابن قيم اجلوزية الد

) .١" (على عظم منزلته واإلنسان إذا مل خيالط ومل يعاشر ، يستدل على أحواله ، وأوصافه بآثاره ، ولو " وقال شيخ اإلسالم التفهين احلنفي

إال ما اتصف به تلميذه ابن قيم اجلوزية من العلم ، لكفى ذلك دليلا على ما -أي ابن تيمية -ه مل يكن من آثار ) .٢" (قلناه

.ومن هذا األثر ، كتبه الكثرية العدد ، النفيسة القيمة ، الواسعة االنتشار .ومن هذا األثر ، ثناء املؤمنني عليه يف كل زمان ومكان

_________ ) . ٧٤( ص : ملرعي بن يوسف الكرمي احلنبلى » دة الزكية يف ثناء األمة على ابن تيمية الشها« ) ١( ) . ٨٢( ص : املرجع السابق ) ٢(

من أعظم اآلثار وأظهرها

دعوة اإلمام حممد بن عبد الوهاب

ل هذه القرون األربعة أربعة قرون تقريبا ، ومل خت -رمحهما اهللا تعاىل -بني عصر ابن تيمية ، وعصر ابن عبد الوهاب بقوة -من داعية للحق ، قائم بعقيدة أهل السنة واجلماعة ، بيد أنه مل ينهض أحد مبنهج ابن تيمية ، كما هنض به

.خصوصا يف الناحية العملية -رمحه اهللا -شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب -ووضوح -كاملا بني يدي الشيخ حممد بن عبد الوهاب الذي عزم فقد كانت كتب ابن تيمية وسريته اجلهادية منهجا مت

. على جتديد شعب اإلميان يف منطلق الرسالة ، وكنف احلرمني الشريفني -حبول اهللا وقوته

اعتقاد الشيخ حممد بن عبد الوهاب

بالد العامل يف كثري من" عصر اجلهالة واخلرافة : " ظهر اإلمام حممد بن عبد الوهاب يف عصر ، يوصف بأنه اإلسالمي ، فهو عصر وهت فيه صلة املسلمني بأصوهلم العلمية واالعتقادية ، وكان من آثار ذلك جهالة فاشية ،

.سببها ، قلة العلم ، وتلوثه باملعكرات .واحنرافا يف العقيدة ، سببه ، سيطرة اخلرافة والوهم ، وانتشار البدع

.ان املنهج العلمي واضطرابا يف األعمال ، سببه ، فقد

Page 36: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.وتأججا يف اخلالفات ، سببه ، ضعف اإلميان ، ووهن عرى األخوة ، وتدين الوعي مبصاحل األمة .وإعجابا باألجنيب ، سببه ، التزاور عن األصالة ، وعدم الثقة بالنفس

.وتعرضا ملطامع خارجية ، سببه ، كل ما تقدم بأال خمرج هلذه األمة من هذه الظلمة املطبقة إال بنور -رمحه اهللا - عبد الوهاب ولقد أيقن شيخ اإلسالم حممد بن

.الكتاب والسنة .وأيقن أن القاعدة األوىل يف اإلصالح ، هي إصالح العقيدة وجتديد شعب اإلميان

اإلصالح وعمدته وهاديه مبا أيقن به ، وبدأ مبا هو مفتاح -رمحه اهللا -وصدع شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب .وحاديه ، بدأ بالعقيدة

. وللشيخ أسلوبه املتميز يف االختصار املفيد ، والتلخيص السديد

أين أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية ، أهل : أشهد اهللا ومن حضرين من املالئكة ، وأشهدكم " -رمحه اهللا -قال .اهللا ، ومالئكته ، وكتبه ، ورسله ، والبعث بعد املوت ، واإلميان بالقدر خريه وشره السنة واجلماعة ، من اإلميان ب

ومن اإلميان باهللا ، اإلميان مبا وصف به نفسه يف كتابه ، على لسان رسوله صلى اهللا عليه وسلم من غري حتريف ، فال أنفي عنه ما وصف به . ع البصري وال تعطيل ، بل أعتقد أن اهللا سبحانه وتعاىل ليس كمثله شيء وهو السمي

نفسه ، وال أحرف الكلم عن مواضعه ، وال أحلد يف أمسائه وآياته ، وال أكيف وال أمثل صفاته تعاىل بصفات خلقه ، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغريه ، وأصدق قيال ، وأحسن حديثا ، فنزه نفسه عما وصفه به املخالفون من أهل

سبحان ربك رب العزة عما { : يف والتمثيل ، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل ، فقال التكي. ١٨٢ - ١٨٠: الصافات [ } والحمد لله رب العالمني }{ وسلام على المرسلني }{ يصفون [

منزل غري خملوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وأنه تكلم به حقيقة ، وأنزله على عبده وأعتقد أن القرآن كالم اهللا ، .ورسوله وأمينه على وحيه ، وسفريه بينه وبني عباده ، نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلم

العامل خيرج وأومن بأن اهللا فعال ملا يريد ، وال يكون شيء إال بإرادته ، وال خيرج شيء عن مشيئته ، وليس شيء يفعن تقديره ، وال يصدر إال عن تدبريه ، وال محيد الحتد عن القدر احملدود ، وال يتجاوز ما خط له يف اللوح

.املسطور وأعتقد اإلميان بكل ما أخرب به النيب صلى اهللا عليه وسلم مما يكون بعد املوت ، فأومن بفتنة القرب ونعيمه ، وبإعادة

األجساد ، فيقوم الناس لرب العاملني حفاة عراة غرال ، تدنو منهم الشمس ، وتنصب املوازين ، وتوزن األرواح إىل ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم }{ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون { هبا أعمال العباد

] . ١٠٣، ١٠٢: املؤمنون [ } في جهنم خالدون .وتنشر الدواوين ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله

وأومن حبوض نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلم بعرصة القيامة ، ماؤه أشد بياضا من اللنب ، وأحلى من العسل ، آنيته .شربة مل يظمأ بعدها أبدا عدد جنوم السماء من شرب منه

.وأومن بأن الصراط منصوب على شفري جهنم ، مير به الناس على قدر أعماهلم وأومن بشفاعة النيب صلى اهللا عليه وسلم ، وأنه أول شافع ، وأول مشفع ، وال ينكر شفاعة النيب صلى اهللا عليه

Page 37: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

وكم من ملك في { بعد اإلذن والرضى ، كما قال تعاىل لكنها ال تكون إال من. وسلم إال أهل البدع والضالل ] . ٢٦: النجم [ } السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى

.وهو ال يرضى إال التوحيد ، وال يأذن إال ألهله ] . ٤٨: املدثر [ } فما تنفعهم شفاعة الشافعني { ليس هلم من الشفاعة نصيب ، كما قال تعاىل وأما املشركون ف

.وأومن بأن اجلنة والنار خملوقتان ، وأهنما اليوم موجودتان ، وأهنما ال يفنيان .يضامون يف رؤيته وأن املؤمنني يرون رهبم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر ال

وأومن بأن نبينا حممدا صلى اهللا عليه وسلم خاتم النبيني واملرسلني ، ال يصح إميان عبد حىت يؤمن برسالته ، ويشهد وأن أفضل أمته ، أبو بكر الصديق ، مث عمر الفاروق ، مث عثمان ذو النورين ، مث علي املرتضى ، مث بقية . بنبوته

.، مث أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ، مث سائر الصحابة رضي اهللا عنهم العشرة ، مث أهل بدر وأتولى أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، وأذكر حماسنهم ، وأترضى عنهم ، وأستغفر هلم ، وأكف عن

ن بعدهم يقولون ربنا والذين جاءوا م{ : مساويهم ، وأسكت عما شجر بينهم ، وأعتقد فضلهم ، عملا بقوله تعاىل : احلشر [ } نا إنك رءوف رحيم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإميان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا رب

١٠ . [ وأقر بكرامات األولياء وما هلم من املكاشفات ، إال أهنم ال وأترضى عن أمهات املؤمنني املطهرات من كل سوء ،

.يستحقون من حق اهللا تعاىل شيئا ، وال يطلب منهم ما ال يقدر عليه إال اهللا

وال أشهد ألحد من املسلمني جبنة وال نار ، إال من شهد له رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، ولكين أرجو للمحسن .ء ، وأخاف على املسي

.وال أكفر أحدا من املسلمني بذنب ، وال أخرجه من دائرة اإلسالم .وأرى اجلهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا ، وصالة اجلماعة خلفهم جائزة

واجلهاد ماض منذ بعث اهللا حممد صلى اهللا عليه وسلم إىل أن يقاتل آخر هذه األئمة الدجال ، ال يبطله جور جائر .دل وال عدل عا

.وأرى وجوب السمع والطاعة ألئمة املسلمني ، برهم وفاجرهم ، ما مل يأمروا مبعصية اهللا ومن ويل اخلالفة واجتمع عليه الناس ورضوا به ، وغلبهم بسيفه حىت صار خليفة وجبت طاعتهم ، وحرم اخلروج

.عليهم وأكل سرائرهم إىل اهللا ، وأعتقد أن كل وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حىت يتوبوا ، وأحكم عليهم بالظاهر

.حمدثة يف الدين بدعة وأعتقد أن اإلميان قول باللسان ، وعمل باألركان ، واعتقاد باجلنان ، يزيد بالطاعة ، وينقص باملعصية ، وهو بضع

.شهادة ال إله إال اهللا ، وأدناها إماطة األذى عن الطريق : وسبعون شعبة ، أعالها .جوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر على ما توجبه الشريعة احملمدية الطاهرة وأرى و

) .١" (فهذه عقيدة وجيزة حررهتا وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي واهللا على ما نقول وكيل .لم ضد اخلرافة وما برح الشيخ يدعو إىل هذه العقيدة الصافية املنرية ، ويصدع بالتوحيد ضد الشرك ، وبالع

Page 38: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

وما برح يستعمل يف دعوته وسائل االتصال الشخصي ، والكتاب العام ، والرسالة العامة واخلاصة ، والرحلة ، .والدرس

.وما برح خصومه يضيقون به ذرعا ، ويضيقون عليه املقام والطريق حىت أذن اهللا بالنصر والتمكني _________

) . ٣٠ - ٢٨/ ١: ( مجع الشيخ عبد الرمحن بن قاسم » بة النجدية الدرر السنية يف األجو« ) ١(

أمهية الدولة يف التمكني للدعوة

سبب مل يتهيأ لدعاة وأئمة كثريين قبله وبعده ، وهذا -رمحه اهللا -هتيأ للداعي إىل اهللا الشيخ حممد بن عبد الوهاب العامل اإلسالمي كله ، هتيأ له سبب الدولة أو السلطة ، وهبذا من فضل اهللا عليه ، وعلى الناس يف هذه اجلزيرة ، ويف

.السبب ، الذي سببه اهللا تعاىل ، قويت دعوة الشيخ ، ومتكنت وانتصرت استقبله أمري الدرعية ، اإلمام حممد بن سعود رمحه اهللا ، خري استقبال ، وعضد دعوته بالسلطان ، وتعاون الرجالن

.وإزالة ما خيالفه . ، وإحياء مقتضياته على إعزاز التوحيدوأخذ اإلمام حممد بن سعود يكاتب أمراء نجد وزعماءها ، ويطلب إليهم أن يتقبلوا دعوة الشيخ اجملاهد ، وأن

.ينصروها يف ربوعهم وبني قبائلهم تقر األمر للدعوة فيها ، ويف وحتت راية دعوة التوحيد ، نشط اإلمام حممد بن سعود وبنوه يف جند كلها ، حىت اس

.األحساء .فلما ويل األمر اإلمام عبد العزيز بن حممد بن سعود ، نهج نهج والده يف نصر دعوة التوحيد والتمكني هلا

توجيه رسائل مشتركة للدعوة ، باسم رجل الدولة ، ورجل الدعوة ، إىل من - ١ومن مناذج هذا النصر والتمكني : دا يتحرى رش

احلمد هللا الذي نزل احلق يف الكتاب ، وجعله تذكرة ألويل األلباب ، ووفق من من عليه من عباده للصواب ، " لعنوان اجلواب ، وصلى اهللا وسلم وبارك على نبيه ورسوله وخريته من خلقه حممد ، وعلى آله وشيعته ومجيع

.سحاب األصحاب ، ما طلع جنم وغاب ، واهنل وابل منمن عبد العزيز بن حممد بن سعود ، وحممد بن عبد الوهاب إىل األخ يف اهللا أمحد بن حممد العدبلي البكلي سلمه اهللا

من مجيع اآلفات ، واستعمله بالباقيات الصاحلات ، وحفظه من مجيع البليات ، وضاعف له احلسنات ، وحما عنه .السيئات

أما بعد وافانا كتابكم ، وسر اخلاطر مبا ذكرمت فيه من سؤالكم ، وما بلغنا على .سالم عليكم ورمحة اهللا وبركاته ا دعونا الناس إليه فأردنا أن نكشف عنكم الشبهة بالتفصيل ، . البعد من أخباركم ، وسؤالكم عما حنن عليه ، وم

.أحسن منهج وسبيل ونوضح لكم القول الراجح بالدليل ، ونسأل اهللا سبحانه وتعاىل أن يسلك بنا وبكم ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في { أما ما حنن عليه من الدين ، فعلى دين اإلسالم الذي قال اهللا فيه

] . ٨٥: آل عمران [ } الآخرة من الخاسرين

قل هذه { وحيد الذي قال اهللا فيه خطابا لنبيه صلى اهللا عليه وسلم وأما ما دعونا الناس إليه ، فندعوهم إىل الت، وقوله ] ١٠٨: يوسف [ } سبيلي أدعو إلى الله على بصرية أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركني

Page 39: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

] . ١٨: اجلن [ } تدعوا مع الله أحدا وأن المساجد لله فلا{ : إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة { وأما ما نهينا الناس عنه ، فنهيناهم عن الشرك الذي قال اهللا فيه

] . ٧٢: املائدة [ } ومأواه النار تقادنا ، أهنا تصديق بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل باجلوارح ، وإال فاملنافقون يف الدرك وحقيقة اع" إىل أن قاال

.ال إله إال اهللا ، بل ويقيمون الصالة ، ويؤتون الزكاة ، ويصومون ويحجون : األسفل من النار مع أهنم يقولون سنة ، وصاحل سلف األمة ، وما عليه االعتماد من وأما ما ذكرمت من حقيقة االجتهاد ، فنحن مقلدون للكتاب وال

أيب حنيفة النعمان بن ثابت ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن إدريس ، وأمحد بن حنبل رمحهم : أقوال األئمة األربعة .اهللا تعاىل

{ ا ، قال تعاىل وأما ما سألتم عنه من حقيقة اإلميان ، فهو التصديق ، وأنه يزيد باألعمال الصاحلة ، وينقص بضده ] . ٣١: املدثر [ } ويزداد الذين آمنوا إميانا

كبر مقتا عند { وما جئنا بشيء يخالف النقل وال ينكره العقل ، ولكنهم يقولون ما ال يفعلون ، وحنن نقول ونفعل ] . ٣: الصف [ } الله أن تقولوا ما لا تفعلون

عباد األوثان ، كما قاتلهم صلى اهللا عليه وسلم ، ونقاتلهم على ترك الصالة وعلى منع الزكاة ، كما قاتل نقاتل ما أتى أحد : مانعها صديق هذه األمة ، أبو بكر الصديق رضي اهللا عنه ، ولكن ما هو إال كما قال ورقة بن نوفل

.مبثل ما أتيت به إال عودي وأوذي وأخرج .وكفى خري مما كثر وأهلى وما قل

) .١" (والسالم عليكم ورمحة اهللا وبركاته بوصفه إماما لدولة تقوم على -توجيه رسائل الدعوة اليت كان يرسلها اإلمام عبد العزيز بن حممد بن سعود - ٢

عجم والروم ، أما بعد مثل من عبد العزيز بن سعود إىل من يراه من أهل بلدان ال. . إىل الناس كافة -الدعوة _________

) . ٦٤ - ٦١( ص : املرجع السابق ) ١(

فإنا حنمد إليكم اهللا الذي ال إله إال هو وهو للحمد أهل ، ونسأله أن يصلي ويسلم على حبيبه من خلقه ، وخليله ، وعلى إخوانه من املرسلني ، من عبيده ، وخريته من بريته ، حممد عليه من اهللا أفضل الصالة ، وأزكى التحيات

.وعلى آله وأصحابه صالة وسالما دائمني إىل أن يرث اهللا األرض ومن عليها ، وهو خري الوارثني قدم علينا مع احلاج ، وأقام عندنا مدة طويلة ، وأشرف على ما حنن عليه من " حممدا خلفا النواب " أن : مث خنربكم

وحقائق ما عندنا خيربكم به . اس ، وما نقاتلهم عليه ، وما نأمرهم به ، وما ننهاهم عنه الدين ، وما ندعو إليه الن .أخونا حممد من الرأس

وحنن نذكر لكم ذلك على سبيل اإلمجال أما الذي حنن عليه ، وهو الذي ندعو إليه من خالفنا ، أنا نعتقد أن العبادة يف ذلك شيء ال ملك مقرب ، وال نيب مرسل ، فال جيوز ألحد أن حق هللا على عبيده ، وليس ألحد من عبيده

يدعو غري اهللا جللب نفع أو دفع ضر ، وإن كان نبيا أو رسولا أو ملكا ، أو وليا ، وذلك أن اهللا تبارك وتعاىل يقول :يف كتابه العزيز

Page 40: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

: اجلن [ } لن يجريني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا قل إني}{ قل إني ال أملك لكم ضرا وال رشدا { ) .١" (إىل آخر ما قال ] . ٢٢، ٢١إن هذا األمر الذي " ما قاله اإلمام حممد بن عبد الوهاب يف رسالته للشيخ فاضل آل مزيد ، حيث قال - ٣

هذا هو احلق : له ، إذا سألوا عنه كل عامل يف الشام واليمن أو غريمها يقول أنكروا علي وأبغضوين وعادوين من أج، وهو دين اهللا ورسوله ، ولكن ما أقدر أظهره يف مكاين ، ألجل أن الدولة ما يرضون ، وابن عبد الوهاب أظهره

) .٢" (كالمهم بل ملا عرف احلق اتبعه ، هذا كالم العلماء وأظنه وصلك. ألن احلاكم يف بلده ما أنكره وحينما دخل األمري سعود بن عبد العزيز بن حممد بن سعود ، مكة املكرمة بين للعلماء أن اهلدف األول الذي يسعى إليه ، هو إخالص التوحيد هللا ، وإفراده سبحانه وحده دون من سواه بأنواع العبادة ، واألمر باملعروف

.والنهي عن املنكر احلمد هللا رب العاملني والصالة " -رمحهما اهللا تعاىل - بن الشيخ حممد بن عبد الوهاب قال الشيخ عبد اهللا

.والسالم على نبينا حممد األمني ، وعلى آله وصحبه والتابعني _________أما بعد

) . ١٤٣( ص : املرجع السابق ) ١( ) . ٥٩( ص مجع عبد الرمحن بن قاسم» الدرر السنية يف األجوبة النجدية « ) ٢(

فإنا معاشر غزو املوحدين ، ملا من اهللا علينا ، وله احلمد ، بدخول مكة املشرفة نصف النهار يوم السبت يف ثامن ، بعد أن طلب أشراف مكة وعلماؤها وكافة العامة من أمري الغزو سعود ، ) هـ ١٢١٨( شهر حمرم احلرام سنة

احلجيج ، وأمري مكة على قتاله ، أو اإلقامة يف احلرم ليصدوه عن البيت ، فلما األمان ، وقد كانوا تواطؤا مع أمراء زحفت أجناد املوحدين بذل األمري حينئذ األمان ملن باحلرم الشريف ، ودخلنا وشعارنا التلبية ، آمنني حملقني

حني دخل اجلند احلرم وهم رءوسنا ومقصرين ، غري خائفني من أحد من املخلوقني ، بل من مالك يوم الدين ، ومن على كثرهتم مضبوطون متأدبون ، مل يعضدوا هبا شجرا ، ومل ينفروا صيدا ، ومل يريقوا دما إال دم اهلدي ، أو ما

.أحل اهللا من بهيمة األنعام على الوجه املشروع ماء ما نطلب من الناس ، على العل -رمحه اهللا -وملا متت عمرتنا مجعنا الناس ضحوة األحد ، وعرض األمري

:وعرفهم أنه مل يكن بيننا وبينهم خالف إال يف أمرين . ونقاتلهم عليه ، وهو إخالص التوحيد هللا تعاىل وحده

إخالص التوحيد هللا تعاىل ، ومعرفة أنواع العبادة ، وأن الدعاء من مجلتها ، وحتقيق معىن الشرك الذي قاتل : األول .د صلى اهللا عليه وسلم الناس عليه نبينا حمم

.األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، الذي مل يبق عندهم إال امسه ، وامنحى أثره ورمسه : الثاين فوافقونا على استحسان ما حنن عليه مجلة وتفصيلا ، وبايعوا األمري على الكتاب والسنة ، وقبل منهم ، وعفا عنهم

.دىن مشقة ، ومل يزل يرفق هبم غاية الرفق ، ال سيما العلماء كافة ، فلم حيصل على أحد منهم أوعرفناهم بأن األمري صرح هلم حال اجتماعهم وحال انفرادهم لدينا بأنا قابلون ما وضحوا برهانه من كتاب أو

. . . "سنة ، أو أثر عن السلف الصاحل كاخللفاء الراشدين املأمورين باتباعهم املكوس والرسوم ، وكسرت آالت التنباك ، ونودي بتحرميه ، وأحرقت أماكن احلشاشني ، مث رفعت " إىل أن قال

Page 41: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

واملشهورين بالفجور ، ونودي باملواظبة على الصلوات يف اجلماعات ، وعدم التفرق يف ذلك ، بأن جيتمعوا يف كل .عليهم صالة على إمام واحد ، ويكون ذلك اإلمام من أحد املقلدين لألربعة رضوان اهللا

واجتمعت الكلمة حينئذ ، وعبد اهللا وحده ، وحصلت األلفة ، وسقطت الكلفة ، وأمر عليهم ، واستتب األمر من ) .١" (دون سفك دم ، وال هتك عرض ، وال مشقة على أحد ، واحلمد هللا رب العاملني

_________ ) . ١٢٥ - ١٢٣( ص : املرجع السابق ) ١(

عزيز بن عبد الرمحن آل سعود يف الدعوةجهود اإلمام عبد ال

وال يزال األئمة من آل سعود ينصرون دعوة التوحيد يف عهودهم مجيعا ، على تفاوت بني عهد وآخر من حيث .القوة والضعف ، مثبتني أن للدولة أمهية عظيمة يف التمكني للدعوة

أن الدولة حني حتمل : ة تنصرها ، ولكن يقتضي أن الدعوة ختمد مطلقا حني ال جتد سلط: وال يقتضي هذا القول .الدعوة بإخالص وعلم ومهة ، فإن التوحيد يكون أوسع سيادة ، وأعظم هيبة

رمحه اهللا -ويتضح ذلك من نصرة التوحيد ، وإعزازه ، ونشره يف عهد اإلمام عبد العزيز بن عبد الرمحن آل سعود - .

، وسعد بن محد بن عتيق ، وعبد اهللا بن عبد العزيز العنقري ، وعمر بن حممد يقول املشايخ حممد بن عبد اللطيف : -رمحهم اهللا -بن سليم ، وحممد بن إبراهيم بن عبد اللطيف

مث ملا وقع اخللل من كثري من الناس من عدم القيام بشكر هذه النعمة ورعايتها ، ابتلوا بوقوع التفرق واالختالف " لرجوع إىل كثري من عوائدهم السالفة ، حىت من اهللا يف آخر هذا الزمان بظهور اإلمام عبد وتسلط األعداء ، وا

العزيز بن عبد الرمحن آل فيصل أيده اهللا ووفقه ، وما من اهللا به يف واليته من انتشار هذه الدعوة اإلسالمية ، وامللة واحلاضرة على هذا الدين ، وترك عوائدهم الباطلة ، وكذلك احلنيفية ، وقمع من خالفها ، وإقبال كثري من البادية

زادمها اهللا تعاىل تشريفا -ما حصل بسببه من ردع أهل املعاصي واملخالفات ، وإقامة دين اهللا يف احلرمني الشريفني ) .١" ( -وتكرميا

ننا بالوهابيني ، ويسمون مذهبنا يسمو" -رمحه اهللا -وكان أمر العقيدة جليا لدى امللك عبد العزيز ، إذ يقول .بالوهايب باعتبار أنه مذهب خاص ، وهذا خطأ فاحش ، نشأ عن الدعايات الكاذبة اليت كان يبثها أهل األغراض

حنن لسنا أصحاب مذهب جديد ، وعقيدة جديدة ، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصاحل ، وحنن حنترم األئمة األربعة .لك والشافعي وأمحد وأيب حنيفة ، وكلهم حمترمون يف نظرنا ، وال فرق عندنا بني ما

_________ ) . ٢٨٥ - ٢٨٤/ ٧( مجع الشيخ عبد الرمحن بن قاسم » الدرر السنية يف األجوبة النجدية « ) ١(

ية هذه هي العقيدة اليت قام شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب يدعو إليها ، وهذه هي عقيدتنا ، وهي عقيدة مبن ) .١" (على توحيد اهللا عز وجل ، خالصة من كل شائبة ، منزهة عن كل بدعة

وإذ يستعمل امللك عبد العزيز سلطانه يف التمكني للتوحيد والعقيدة املنجية يف بالده ، فإنه ينشرها خارج بالده

Page 42: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.بعث الدعاة - ١بوسيلتني اثنتني .واجلماعة نشر كتب التوحيد اخلالص وعقيدة أهل السنة - ٢

ومما أمر بنشره من كتب العقائد العقيدة الواسطية ، والتوسل والوسيلة ، ومنهاج السنة ، والعبودية ، وهي من .مؤلفات شيخ اإلسالم ابن تيمية

وجمموعة التوحيد ، وهي جمموعة لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، والشيخ حممد بن عبد الوهاب ، والشيخ عبد الرمحن ، والشيخ عبد اهللا العنقري ، -حفيد الشيخ حممد بن عبد الوهاب -والشيخ سليمان آل الشيخ بن حسن ،

.والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرمحن ، والشيخ سليمان بن سحمان . . .وملعة االعتقاد البن قدامة

.وغري ذلك الكثري من الكتب املبينة لعقيدة أهل السنة واجلماعة _________

) . ٣٦٩( ص : لعبد املنعم الغالمي » لك الراشد امل« ) ١(

وهلذا السبب ، سبب تسخري سلطة الدولة يف نصرة اإلسالم ، وجدت دعوة الشيخ حممد بن عبد الوهاب وهي الدعوة الباعثة لعقيدة أهل السنة واجلماعة ، واحمليية لشعبها ، واملستجيبة ملقتضياهتا ، وجدت من االنتشار والتمكن

.فردية ومجاعية : مل جتده دعوات أخرى كثرية ، ما فمنذ أن هنض هذا الداعية اإلمام ، يدعو إىل اهللا على بصرية ، وهذه الدعوة املباركة ال تزال تترسخ يف جزيرة

.العرب ، وتنتشر يف العامل اإلسالمي كله حبمد اهللا وفضله .ود متصلة إلحياء تراث السلف الصاحل وبرز هذا االنتشار يف مدارس فكرية ، ونشاط دعوي ، وجه

إن النتشار الدعوة اإلسالمية يف تاريخ املسلمني احلديث ، وحياهتم املعاصرة سببا ، أو أسبابا ، ويأيت يف مقدمة هذه ليت دعوة اإلحياء العامة ملنهج أهل السنة واجلماعة اليت هنض هبا شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب ، وا: األسباب

.نصرها آل سعود ، دولة بعد دولة ، وإماما بعد إمام ، منذ حممد بن سعود إىل يوم الناس هذا .فال يزال املنهج اإلسالمي حيكم حياة اململكة العربية السعودية وشعبها يف االعتقاد واالجتهاد ، والسلوك

العقيدة التوقيفية اجلامعة

)١( الرابع ، واخلامس : مصادرها العلمية ، ومسارها التارخيي ، القرون األوىل ، مث القرون ملاذا هذا التتبع للعقيدة ، يف

، والسادس ، مث عصر ابن تيمية ، مث ما بعد ابن تيمية إىل يوم الناس هذا ؟ وملاذا االستشهاد بنصوص اختلفت أزماهنا ، وتنوعت اخليارات الفقهية لقائليها ؟

ل احلق هي اليت جتمع الناس ، مهما تعددت أمكنتهم ، ومهما باعدت بينهم أن أصو - ١واجلواب عن ذلك .األزمنة ، ومهما اختلفوا يف فروع الفقه

إن النصوص اليت سقناها ، واليت نقلت مفهوم العقيدة اإلسالمية لدى احلنفية ، واحلنبلية ، واملالكية ، والشافعية ، .ه النصوص مل تتطابق يف املفهوم فحسب ، وإمنا تطابقت يف اللفظ كذلك وابن تيمية ، وحممد بن عبد الوهاب ، هذ

.الكتاب والسنة : الصدور عن األصلني املعصومني -وهذا برهان على أ

Page 43: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.صحة املنهج العلمي يف االعتقاد والفهم -ب .دقة االلتزام باملنهج -ج

، ومنهج الفهم ، وحصل الصدق يف االلتزام ، اجتمع فاحلق هو احلق يف كل زمان ومكان ، فإذا صح منهج التلقي .الناس على احلق ، وإن فصلت بينهم التخوم والقرون

_________ عبد اهللا التركي ، / البن أيب العز حتقيق د » شرح العقيدة الطحاوية « الفقرات التالية مقتطفة من مقدمة ) ١(

) . ٤٥ - ٤١ (ص ) هـ ١٤٠٨( والشيخ شعيب األرنؤوط ، الطبعة

فاألنبياء واملرسلون ، صلى اهللا عليهم وسلم اجتمعوا على أصل الديانة وإن مل ير بعضهم بعضا ، وإن ظهروا يف هيم شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبرا{ عصور تطاولت بينها اآلماد

] . ١٣: الشورى [ } وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه .واملسلمون مأمورون باالقتداء باألنبياء يف االجتماع على األصول

.أن العقيدة ليست مذهبا اجتهاديا ، بل هي امليزان الثابت الذي ال يضطرب وال يطيش - ٢هي معرفة مراد اهللا تعاىل من الديانة ، ومن بعث الرسل ، وإنزال الكتب ، وخلق اجلن واإلنس ، مث إن العقيدة

.االستقامة على ذلك والعمل مبقتضاه .والرسول صلى اهللا عليه وسلم هو القدوة يف العلم مبراد اهللا ، ويف العمل مبقتضاه

.باخلريية بالرسول صلى اهللا عليه وسلم يف االعتقاد احلق ولقد اقتدى الصحابة ، مث سائر القرون املشهود هلا .وندب اهللا األئمة يف كل عصر لتبيني االعتقاد الصحيح ، الذي هو العقيدة التوقيفية اجلامعة

:ومن القول الفصل الدال على أن االعتقاد الصحيح هو الفرقان بني احلق والباطل

على الطريقة ، وصلحوا وأصلحوا يف العلم ، والدعوة ، واحلكم ، والعمل ، أن الذين التزموا هذه العقيدة استقاموا .واجلهاد

وأن الذين شذوا عن هذه العقيدة تفرقت هبم السبل ، وعقم فهمهم ، واضطربت أقواهلم وأفعاهلم ، وفسدوا ، ] . ٣٢: يونس [ } فماذا بعد الحق إلا الضلال { وأفسدوا هي دين اإلسالم الذي بعث اهللا به حممدا -أي أهل السنة واجلماعة -وطريقتهم " تيمية ، رمحه اهللا يقول ابن

تفترق على ثالث وسبعني فرقة كلها يف « أن أمته : صلى اهللا عليه وسلم ، لكن ملا أخرب النيب صلى اهللا عليه وسلم هم من كان على مثل ما « : ى اهللا عليه وسلم أنه قال ، وهي اجلماعة ، ويف حديث عنه صل) ١(» النار إال واحدة

صار املتمسكون باإلسالم احملض اخلالص عن الشوب ، هم أصحاب السنة واجلماعة ) ٢(» أنا عليه اليوم وأصحايب ، وفيهم الصديقون ، والشهداء والصاحلون ، ومنهم أعالم اهلدى ومصابيح الدجى ، وأولو املناقب املأثورة ،

.الفضائل املذكورة ، وفيهم األبدال ، األئمة الذين أمجع املسلمون على هدايتهم ودرايتهم و _________وهم الطائفة املنصورة الذين قال فيهم النيب صلى اهللا عليه وسلم

، والترمذي يف كتاب اإلميان ، باب ما جاء ) ٤٥٩٧: ( أخرجه أبو داود يف كتاب السنة ، باب شرح السنة ) ١(، ) ٣٩٩٣: ( ، وابن ماجه يف كتاب الفنت ، باب افتراق األمم ) ٢٦٤١، ٢٦٤٠: ( يف افتراق هذه األمة

) . ٢٥٢١: ( ، والدارمي يف كتاب السري ، باب يف افتراق هذه األمة ) ١٠٢/ ٤: ( وأمحد يف مسنده

Page 44: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، والطرباين يف الصغري ، ) ٢٦٤١: ( أخرجه الترمذي يف كتاب اإلميان ، باب ما جاء يف افتراق هذه األمة ) ٢( ) . ٧١١: ( باب من امسه عيسى

) .١(» ال تزال طائفة من أميت على احلق ظاهرين ، ال يضرهم من خذهلم وال من خالفهم حىت تقوم الساعة « أكرب مين بل ليس االعتقاد يل ، وال ملن هو" ويقول مث سأل نائب السلطان عن االعتقاد ، فقال أي ابن تيمية

االعتقاد يؤخذ عن اهللا سبحانه وتعاىل ، ورسوله صلى اهللا عليه وسلم ، وما أمجع عليه سلف األمة ، يؤخذ من ) .٢" (كتاب اهللا تعاىل ومن أحاديث البخاري ومسلم وغريمها من األحاديث املعروفة ، وما ثبت عن سلف األمة

بل يف هذا اختصاص ، وإمنا هذا اعتقاد سلف األمة ، وأئمة أهل ال واهللا ، ليس ألمحد بن حن: فقلت " ويقول .احلديث

هذا اعتقاد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، وكل لفظ ذكرته ، فأنا أذكر به آية أو حديثا ، أو : وقلت أيضا ربعة ، واملتكلمني ، إمجاعا سلفيا ، وأذكر من ينقل اإلمجاع عن السلف من مجيع طوائف املسلمني ، والفقهاء األ

) .٣" (وأهل احلديث والصوفية _________

) . ٣١: ( ، وتقدم ختريج احلديث األخري يف الصفحة ) ١٥٩/ ٣( » جمموع الفتاوى البن تيمية « ) ١( ) . ٢٠٣( ص : املرجع السابق ) ٢( ) . ١٨٩( ص : املرجع السابق ) ٣(

عودة إىل الدين جيب أن يؤسس على هذه العقيدة التوقيفية اجلامعة ، وأن أن التوجه اإلسالمي املعاصر حنو ال - ٣يرد ردا مجيلا إىل األصول العاصمة من كل زيغ وضالل ، فإن البنيان مهما عال ، فإنه سينهار ، وإن األفق مهما

.ئ األفق املتسع بنورها اتسع ، فإنه سيعتكر ويظلم ، ما مل يؤسس البنيان على العقيدة املنجية ، وما مل يستض كيف يؤمن ؟ وكيف يفهم ؟ وكيف يعمل ؟: إن هذه العقيدة احلقة هي اليت تري االنبعاث اإلسالمي اجلديد

وهي اليت تريهم كيف يدعون إىل اإلسالم وفق املنهج الصحيح ، فيفتون بعلم ، ويدعون برفق ، ويوقرون من .ون هبم ويترضون عنهم سبقهم من العلماء واألئمة ، ويقتد

يف كل -يقول -رمحه اهللا -وكيف حيافظون على وحدة اجلماعة ، فما أكثر ما كان اإلمام الداعية ابن تيمية وربنا واحد . إن اهللا تعاىل أمرنا باجلماعة واالئتالف ، وهنى عن الفرقة واالختالف " -جملس حوار ومناقشة تقريبا ا واحد ، وأصول الدين ليس بني السلف وأئمة اإلسالم فيها خالف ، وال حيل فيها ، ورسولنا واحد ، وكتابن

] . ١٠٣: آل عمران ) [ ١(} واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا { االفتراق ، ألن اهللا تعاىل يقول _________

) . ٢٠٥/ ٣: ( « جمموع الفتاوى البن تيمية ) ١(

فالواجب على املسلم إذا صار يف مدينة من مدائن املسلمني أن يصلي معهم اجلمعة واجلماعة ، ويوايل " :ويقول املؤمنني وال يعاديهم ، وإن رأى بعضهم ضاال أو غاويا ، وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك ، وإال فال يكلف اهللا

) .١" (نفسا إال وسعها .م بني توحيد اهللا ، ووحدة اجلماعة والعالقة وثيقة يف منهج اإلسال

Page 45: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

إن اهللا يرضى لكم ثالثا ، ويكره « فقد تابع الرسول صلى اهللا عليه وسلم بني توحيد اهللا ، ووحدة اجلماعة ، فقال أن تعبدوا اهللا وال تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا حببل اهللا مجيعا وال تفرقوا ، وأن : لكم ثالثا ؛ يرضى لكم

) .٢(» قيل وقال ، وإضاعة املال ، وكثرة السؤال : وا من واله اهللا أمركم ، ويسخط لكم تناصح_________

) . ٢٨٦( ص : املرجع السابق ) ١( ) . ٣٦٧/ ٢: ( رواه أمحد يف مسنده ) ٢(

قواعد مهمة يف دراسة مسائل العقيدة

يف -رمحهم اهللا -رس هبا ، منهج أئمة السلف يتضح للمهتمني بكتب السلف يف أصول الدين ، والذين هلم متدراسة مسائل العقيدة ، ومناقشات املخالفني والرد عليهم ، وقد رأيت مناسبة ختم هذه الرسالة بإيراد أهم القواعد

، أرجو أن ) ١(البن أيب العز " شرح العقيدة الطحاوية " واألسس يف ذلك املنهج ، وهي منقولة من مقدمة كتاب .فيها فائدة للمهتمني هبذا املوضوع يكون

١ -

القرآن مصدر األدلة النقلية والعقلية

تضمن القرآن الدعوة إىل توحيد اهللا ، وبث يف األنفس واآلفاق دالئل التوحيد ، ولفت نظر اإلنسان إليها ، وحثه ات صفاته ، وصدق رسله ، وأمر املعاد ، وغري ذلك من أصول على النظر والتفكري فيها ، وبين بالرباهني العقلية إثب

.الدين ، وأجاب عن معارضة املشركني ، وكشف شبههم ، ونقض أقواهلم ، وفند مزاعمهم .وهذه األدلة شرعية ، ألن الشرع دل عليها ، وأرشد إليها

.وعقلية ، ألهنا تعلم صحتها بالعقل _________

، حتقيق الدكتور عبد اهللا بن ) هـ ١٠٤٨( الطبعة األوىل ) ٣٤ - ١٤( ص » شرح العقيدة الطحاوية « ) ١( . عبد احملسن التركي ، والشيخ شعيب األرنؤوط

لعقلي الذي فإذا أخرب اهللا بالشيء ، ودل عليه بالدالالت العقلية ، صار مدلولا عليه خبربه ، ومدلولا عليه بالدليل ا .يعلم به ، فيصري ثابتا بالسمع والعقل ، وكالمها داخل يف داللة القرآن اليت تسمى الداللة الشرعية

ونقد السلف لعلم الكالم ، مل يصدر عن انتقادهم املنهج العقلي ، ولكنهم فضلوا املقاييس الشرعية ، ألهنا عقلية .أدلة املتكلمني ، مع تنزهها عن األغاليط اليت تشتمل عليها أدلتهم أيضا ، وهي أبلغ وأكمل من

وقد جاءت هذه األدلة بأسلوب باهر متدفق باحليوية ، وضرب األمثلة املستمدة من حياة اإلنسان ، وما يحيط به ا يف النفس من أي أسلوب آخر مهما اختلف جنسه ، أو بيئته ، أو عصره ، فهي أبلغ من كل أسلوب ، وأشد تأثري

، وفيها جمال واسع للعقل يقضي فيها رغبته ، ويشبع هنمته ، مع ضمان السري يف املسار الصحيح دون تعثر أو .احنراف

Page 46: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

تفسدها وقد أعد اهللا العقول بصفة عامة إلدراك ما هو مطلوب شرعا ، وأعد هلا ما يسددها فيه من الفطرة اليت مل .األهواء ، واآليات الظاهرة يف األنفس واآلفاق ، مث أكمل بالشرع املتمثل بالكتاب وناطق السنة

وقد اكتفى السلف الصاحل بالقرآن الكرمي إىل جانب السنة يف اختاذه دليلا وهاديا ، وقد استنبطوا من آياته قواعد لناس على توضيح مسائل االعتقاد ، وتوثيقها باحلجة والربهان واإلجابة عن كل النظر العقلي ، فكانوا من أقدر ا .تساؤل أو تشكيك يف االعتقاد

٢ -

اتباع السلف الصاحل يف تفسري النصوص

ونعين بالسلف الصاحل ، الصحابة والتابعني من أهل القرون الثالثة املمتدحة الذين يتقيدون بالكتاب والسنة نصا .وحا ، دون من وصف بالبدعة ، كاخلوارج ، والقدرية ، واملعتزلة ، وغريهم من الفرق ور

اهللا وإمنا يؤخذ برأيهم ، ويعتد به ، لكوهنم أبر قلوبا ، وأعمق علما ، وأقل تكلفا ، وأقرب إىل التوفيق ، ملا خصهم ، وقوة اإلدراك ، وحسن القصد ، وتقوى اهللا ، وقرب العهد بنور النبوة ، به من توقد األذهان ، وسعة العلم

. فكانت طريقتهم لذلك ، هي الطريقة احملمودة ، وطريقة غريهم ال تساويهم ، وال تدنو منهم

٣ -

اإلميان مبسائل الغيب حمصور يف اخلرب الصادق

محل فيها للتجربة ، وليس مثة مقدمات عقلية يصل هبا العقل إىل معرفة إن املسائل اليت ال يتناوهلا احلس ، وال واقعها ، كمسائل الغيب ، ينحصر مصدر العلم هبا يف خصوص اخلرب الصادق املؤيد باملعجزات الواصل إىل الناس

.من عالم الغيب ، ومبدع األكوان واملخلوقات و رسوله من شؤون الغيب ، نؤمن به على القدر الذي أخرب اهللا به أو رسوله دون صرف اللفظ فما أخرب اهللا عنه أ

.عن معناه ، ودون زيادة عما تضمنه اخلرب الصادق ، ودون استبعاد أو إنكار ومنها ما ال يكون له . رك كيفيتها ومن التكلف املنهي عنه ، البحث يف أمور غيبية ورد الشرع باإلميان هبا مع ت

شاهد يف عامل احلس ، كالسؤال عن وقت الساعة ، وعن الروح ، وعن مدة هذه األمة ، إىل أمثال ذلك مما ال يعلم . إال بالنقل الصرف ، فهذا النوع جيب اإلميان به من غري حبث

يد األلوهية ، ووجوب التصديق هبا التوحيد عند السلف نوعان تقسيم التوحيد إىل توحيد الربوبية ، وتوح - ٤وهو االعتقاد بأن رب العالم وخالقه واحد وليس اثنني ، وهو الرب سبحانه الذي جبلت : توحيد الربوبية : األول

ى وفق ما جاء يف الكتاب الفطر السليمة على اإلقرار به ، واخلضوع له ، واإلميان مبا له من األمساء والصفات علوالسنة ، فتوحيد األمساء والصفات داخل يف توحيد الربوبية عند اإلمجال ، وأما عند التفصيل فيكون قسما ثالثا ،

.خصوصا إذا قصد الرد على من يقر بالربوبية وينكر الصفات ، كاجلهمية واملعتزلة د اهللا وحده ، ويكفر بعبادة ما سواه ، وهبذا النوع يتحقق معىن كلمة أن يعب: ومعناه : توحيد األلوهية : الثاين

Page 47: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

" .ال إله إال اهللا : " التوحيد وهذا النوع من التوحيد ، هو دعوة كل رسول إىل قومه من لدن آدم إىل حممد عليه الصالة والسالم ، ومن أجله

ر ، وفرق الناس إىل شقي وسعيد ، وال يقبل إميان املرء إال باإلقرار به قولا وعمال خلق اهللا اخللق ، وجعل اجلنة والنا .وهو يتضمن توحيد الربوبية

وقد عني القرآن بتقرير هذا النوع من التوحيد ، والربهنة عليه باألدلة العقلية والرباهني الصحيحة ، ألن الشرك ع يف مجيع األمم كان يف هذا النوع ، فإن عامة مشركي األمم كانوا مقرين بربوبيته سبحانه ، ولكنهم مع الذي وق

.إقرارهم بربوبيته قد أشركوا بعبادته غيره

٥ -

إثبات األمساء والصفات مع اإلقرار مبعناها وعدم التعرض لكيفيتها

م ما تكلم فيه من أصول االعتقاد ، وقد اضطربت فيها أقوال الفالسفة تعد مسألة الصفات من أجل وأعظواملتكلمني ، فمنهم من قال بالنفي املحض ، ومنهم من أقر بأمساء اهللا يف اجلملة ونفى الصفات ، ومنهم من أقر

.ن ظاهرها باألمساء والصفات ، لكنه رد طائفة منها ، وتأولها ، وصرفها عهو اإلميان بكل ما ورد يف كتاب اهللا وناطق السنة من األمساء والصفات من غري : ومذهب السلف يف هذه املسألة

زيادة عليها ، وال نقصان منها ، وال جتاوز هلا ، وال تأويل هلا مبا يخالف ظاهرها ، وقد انقضى عصر الصحابة ف واألئمة على التسليم املطلق مبا جاء يف الكتاب والسنة عن الذات اإلهلية وصفاهتا ، ومل والتابعني من السل

يتنازعوا يف مسألة واحدة من مسائل األمساء واألفعال ، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة ، كلمتهم . تأويلا ، ومل يحرفوها عن مواضعها تبديلا واحدة من أولهم إىل آخرهم ، مل يسوموها

وهم يعتقدون أن أمساء اهللا تعاىل وصفاته توقيفية ، ال جيوز إطالق شيء منها على اهللا يف اإلثبات أو النفي إال بإذن ته له رسوله صلى اهللا عليه وسلم الشرع ، فال يثبتون له سبحانه من األمساء والصفات إال ما أثبته هو لنفسه ، أو أثب

، وأن كل ما ثبت له من األمساء والصفات ال مياثل شيئا من خلقه ، وال يماثله شيء ، بل كل ما ثبت له من صفات الكمال اليت وردت يف النصوص الصرحية ، فهو مختص به ال يشركه فيه أحد من خلقه ، وإذا كان هناك من

ء ما يطلق على صفات اهللا كما يطلق على صفات خلقه ، فإن هذا ليس إال محض اشتراك يف االسم واملعىن األمساالعام ، فال يلزم من اتفاقهما يف مسمى الصفة ومعناها العام اتفاقهما يف حقيقة الصفة ، فإذا كانت ذاته سبحانه ال

ه ال متاثل الصفات ، ألنه سبحانه ال تضرب له األمثال خبلقه ال يف ذاته ، وال يف تماثل الذوات ، فكذلك صفات .صفاته

إن آيات الصفات ال يعلم معناها إال اهللا ، بدليل أهنم كانوا يثبتون هللا ما تضمنته من صفات ، : ومل يقل أحد منهم ألبتة ، ملا صح منهم اإلثبات ، إذ كيف يثبتون شيئا ال يعقل معناه ولو كان معىن اآليات واألحاديث غري مفهوم هلم

، غاية األمر أهنم مل يكونوا يبحثون وراء هذه الظواهر عن كنه هذه الصفات ، أو عن كيفية قيامها بذاته تعاىل ، ألن ر اهللا بعلمه ، فهو سبحانه أجل من أن يدرك معرفة ذلك فوق مستوى العقل البشري ، وهو من الغيب الذي استأث

Page 48: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

] . ١١: الشورى [ } ليس كمثله شيء وهو السميع البصري { : كنه ذاته وصفاته ، أو حياط هبا علما فوا أنه ال سبيل إىل وهبذا يعلم أن السلف الصاحل كانوا أكثر فطنة ، وأحد ذكاء من أصحاب الفرق ، ألهنم عر

.إدراك كنه الصفات بالعقل ، ألنه من شؤون الغيب اليت ال تدخل يف نطاق قدرته

٦ -

اجلمع بني اإلثبات والتنزيه

ليس كمثله شيء وهو{ : فإن القرآن مجع فيما ورد فيه عن الصفات بني اإلثبات والتنزيه يف آية واحدة حني قال ، فاهللا مسيع بصري ، وال يشبهه أحد من خلقه ، مع أهنم يسمعون ويبصرون ، ] ١١: الشورى [ } السميع البصري

وكذا يف بقية الصفات ، ألن التماثل يف الصفات فرع عن التماثل يف الذوات ، والذاتان هنا خمتلفتان متاما ، فكذا .صفاتهما

ا وتسمية العبد قادرا ال توجب مماثلة قدرة اهللا لقدرة العبد ، وكذا تسميته عاملا ، ومريدا ، وحيا فتسميته تعاىل قادر، ومسيعا ، وبصريا ، ومتكلما ، مع تسمية عباده هبذه األمساء ال يستلزم أن علمهم كعلمه ، وال إرادهتم كإرادته ،

.وال حياتهم كحياته وجد يف اخلارج من األمساء ال يوجد مطلقا كليا ، وإمنا يوجد معينا خمتصا ، وهذه األمساء إذا مسي اهللا هبا ، كان وما ي

، مسماه معينا خمتصا به ، وإذا سمي هبا العبد ، كان مسماه معينا خمتصا به ، فما يوصف اهللا به ، ويوصف به العباد . على ما يليق به ، ويوصف العباد على ما يليق هبم من ذلك يوصف اهللا به

٧ -

رفض التأويل الكالمي

إن التأويل عند املتكلمني عامة يقتضي اختاذ العقل أصلا يف التفسري مقدما على الشرع ، فإذا ظهر تعارض بينهما ، تأويل أدلة الرؤية ، وأدلة العلو ، وآيات الصفات ، وما إىل فينبغي تأويل النصوص إىل ما يوافق مقتضى العقل ، ك

ذلك ، والسلف يرفضون هذا النوع من التأويل ، ويخطئون القائل به ، ويشتدون يف النكري عليه ، ألنه يفضي إىل ضالل معتقديها ، وبلبلة ما تعطيل النصوص ، والتجاوز هبا إىل معان وآراء مدخولة ، تستهدف هدم الشريعة ، وإ

استقر يف قلوهبم ، وامتزج بنفوسهم من عقائد واضحة ال لبس فيها ، وال شائبة من غموض ، والتأويل الصحيح . املقبول عندهم هو الذي يوافق ما دلت عليه النصوص ، وجاءت به السنة ، وغريه هو الفاسد

دم االعتداد به يف غري جماله إن العقل وسيلة حمدودة من وسائل املعرفة ، ال يدرك غري األمور تقييد العقل وع - ٨احملسوسة على سبيل التيقن ، ويدرك األمور الغيبية على سبيل فهم املعىن فقط ، دون الكيفية ، فالسلف يؤمنون

يصدقون به ، وال يتعرضون للبحث يف كيفيته ، ألن ذلك مما بإثبات ما أخرب به النص يف ما يتعلق باألمور الغيبية ، و .يعز على العقل مرامه

وليس عدم االعتداد بالعقل فيما ال يدخل يف جماله إلغاء للعقل بالكلية ، فقد أمجع املسلمون على أنه ال تكليف على

Page 49: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

تابه ، وال ميكن أن يتحقق هذا التدبر إال صيب وال جمنون ، وأنه ال بد من نظر العقل ، ولذلك أمر اهللا بتدبر كبالعقل ، وإمنا املمنوع أن يستخدم العقل يف غري موضعه ، أو أن خيضع يف االستدالل ملنهج خيالف املنهج الذي جاء

.يف القرآن والسنة

منا يضعونه يف موضعه فهم ال يعلون من شأن العقل ، وال يغالون يف أحكامه ، وال حيكمون باستقالله وكفايته ، وإالالئق به ، فيستعملونه يف نطاق قدرته وإمكاناته يف النظر يف ملكوت السماوات واألرض ، ويف االجتهاد يف

القضايا العملية ، ويف اكتشاف العلوم املادية ، اليت هتدف إىل ترقية اجملتمع وتطويره ، وهذا من متام علمهم ، وبعد هم ، وسالمة تفكريهم ، ولو كان العقل يفسر بواسطته كل األشياء ، ملا كان هناك حاجة إىل إرسال الرسل ، نظر

.وإنزال الكتب السماوية )١" (مقدمته " يقول ابن خلدون يف

أمور التوحيد ، واآلخرة ، العقل ميزان صحيح ، فأحكامه يقينية ال كذب فيها ، غري أنك ال تطمع أن تزن به" وحقيقة النبوة ، وحقائق الصفات اإلهلية ، وكل ما وراء طوره ، فإن ذلك طمع يف حمال ، ومثال ذلك مثال رجل

رأى امليزان الذي يوزن به الذهب ، فطمع أن يزن به اجلبال ، وهذا ال يدل على أن امليزان يف أحكامه غري صادق ، ف عنده ، وال يتعدى طوره حىت يكون له أن حييط باهللا وبصفاته ، فإنه ذرة من ذرات الوجود لكن العقل قد يق

" .احلاصل منه )٢: (ويقول السرهندي

_________ . ٣٦٥ - ٣٦٤: ( الصفحة ) ١( ( .اجملموعة الثالثة ) ٣٦( يف الرسالة رقم ) ٢(

يعجز العقل عن إدراكها ، تأيت النبوة لتثبيتها وحتققها ولو كان إن طور النبوة وراء العقل والتفكري ، فاحلقائق اليت" وما { العقل كافيا وحده ، ملا بعث األنبياء صلوات اهللا وتسليماته عليهم أمجعني ، وملا ربط عذاب اآلخرة ببعثتهم

] . ١٥: اإلسراء [ } كنا معذبني حتى نبعث رسولا ولكنه ليس حبجة بالغة ، وليس يف حجته بكامل ، وقد حتققت احلجة البالغة ببعثة األنبياء والرسل والعقل حجة ،

رسلا مبشرين { عليهم الصلوات والتسليم ، فقطعت ألسنة املكلفني ، وقضت على معاذيرهم ، يقول اهللا تعاىل ] . ١٦٥: النساء [ } جة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ومنذرين لئلا يكون للناس على الله ح

وملا ثبت عجز العقل وقصوره يف بعض القضايا ، فليس من املستحسن أن توزن مجيع األحكام الشرعية يف ميزان لك ، والتقيد به ، حكم بكفاية العقل ، وإن حماولة التطبيق بني العقل وبني األحكام الشرعية بصفة دائمة ، والتزام ذ

" .أعاذنا اهللا تعاىل منه . العقل وغناه ، وإنكار للنبوة :ويقول أيضا

إن إخضاع أخبار األنبياء الصادقة للطريقة العقلية للبحث والتأمل ، والتحقيق والتوفيق بينهما ، إنكار يف احلقيقة " راء طور العقل على االتباع الكامل ، واإلميان الصادق باألنبياء عليهم للنبوة ، فاالعتماد يف هذه القضايا اليت هي و

.الصلوات والتسليمات من غري طلب الدليل والربهان

Page 50: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

وال يظن ظان أن طريقة النبوة تعارض طريق العقل ، ال ، بل إن طريق العقل ، وهو النظر واالستدالل ، ال يؤدي ذا املقصد الرفيع ، املعارضة شيء ، والعجز والقصور شيء آخر ، ألن املعارضة بدون تقليد األنبياء واتباعهم إىل ه " .ال تتصور إال بعد القدرة والتمكن

يف اإلثبات والنفي يف حقه سبحانه فإن هللا املثل األعلى ، وقد أثبت اهللا تعاىل ذلك ) ١(األخذ بقياس األوىل - ٩للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى { : قوله تعاىل :لنفسه يف ثالثة مواضع من القرآن أحدها

] . ٦٠: النحل [ } وهو العزيز الحكيم المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله{ : قوله تعاىل : الثاين

] . ٢٧: الروم [ } وهو العزيز الحكيم ] . ١١: الشورى [ } ليس كمثله شيء وهو السميع البصري { : قوله تعاىل : الثالث

ا لغريه ، فهو أحق به منه ، ألن له املثل األعلى يف كل هو طريق إثبات الكمال هللا ، فما كان كمال: فقياس األوىل .كمال ال نقص فيه

.والكمال والنقص مها قطب الرحى يف موقف السلف من الصفات نفيا وإثباتا .فكل ما تضمن كمالا ال نقص فيه ، فاهللا أحق به

من الوجوه ، فاهللا أوىل بأن ينزه عنه ، وكل ما كان نقصا من صفات املخلوقني ، أو كان كمالا متضمنا لنقص بوجه .كالنوم والولد واألكل

_________ القياس اجللي ، وهو ما يكون الفرع أوىل من األصل باحلكم ، لوضوح العلة : ويسمى عند األصوليني ) ١(

: مول ؛ فاألول وظهورها فيه ، كتحرمي الضرب للوالدين ، قياسا على حترمي التأفيف ، وأما قياس التمثيل والشالوجيز يف أصول التشريع « . إدخال الشيء حتت حكم املعىن العام الذي يشمله : إحلاق الشيء بنظريه ، والثاين

) . ٦٤٣، ٦١٣: ( » أصول مذهب اإلمام أمحد « ، ) ٣٧٣: ( » اإلسالمي

كمال يف حقه باملقايسة على ومعىن الكمال والنقص ، جيب أن يؤخذ من الشرع ، حىت ال نصفه مبا قد يظن أنه .املخلوقني ، وهو ليس كمالا بالنسبة له سبحانه

فما سكت عنه الشرع نفيا وإثباتا ، ومل يكن يف العقل ما يثبته أو ينفيه ، سكتنا عنه ، ونثبت ما علمنا ثبوته من .ذلك ، وننفي ما علمنا نفيه

١٠ -

الهتاحتديد األلفاظ املتنازع عليها وتعيني مدلو

لقد اشتدت عناية السلف يف حتديد األلفاظ ، وتعيني مدلوالهتا ، ألن كثريا من الفرق حيتجون بألفاظ متشاهبة جمملة يعارضون هبا نصوص الكتاب والسنة ، وتلك األلفاظ قد وردت يف الكتاب ، والسنة ، وكالم الناس مبعان أخر غري

هو اإلقرار بأن اهللا واحد يف ذاته ال قسيم له ، وواحد : وحيد عند املتكلمني املعاين اليت قصدوها هم هبا ، فمثلا الت .يف صفاته ال شبيه له ، وواحد يف أفعاله ال شريك له

Page 51: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.وهذا التعريف ال يتعدى توحيد الربوبية ال إله إال اهللا ، والتوحيد الذي جاء به الرسول صلى اهللا عليه وسلم ، هو إثبات اإلهلية هللا وحده ، بأن يشهد أن .وال يعبد إال إياه ، وال يتوكل إال عليه ، وال يوايل إلا له ، وال يعادي إال فيه ، وال يعمل إال ألجله

.وذلك يتضمن توحيد الربوبية ويتضمن ما أثبته لنفسه مبوجب ذلك ، فيثبت ما أثبته اهللا نوع جاء به الكتاب والسنة ، فيجب على كل مؤمن أن يقر: واأللفاظ نوعان

ورسوله صلى اهللا عليه وسلم ، ومن متام العلم أن يبحث عن مراد رسوله هبا ، ليثبت ما أثبته ، وينفي ما نفاه من . املعاين

أن يوافق وأما األلفاظ اليت ليست يف الكتاب والسنة ، وال اتفق السلف على إثباهتا ونفيها ، فهذه ليس على أحدمن نفاها أو أثبتها حىت يستفسر عن مراده ، فإن أراد هبا معىن يوافق خرب الرسول ، أقر به ، وإن أراد هبا معىن

.خيالف خرب الرسول ، أنكره وإذا كان املتكلم يف مقام اإلجابة ملن عارضه بالعقل ، وادعى أن " -رمحه اهللا -) ١(يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية

لعقل يعارض النصوص ، فإنه قد حيتاج إىل حل شبهته ، وبيان بطالهنا ، فإذا أخذ النايف يذكر ألفاظا جمملة ، مثل أن الو كان استوى على العرش لكان جسما أو مركبا ، وهو منزه عن ذلك ، ولو خلق واستوى ، وأتى لفصل : يقول

.ه عن ذلك ، ولو قامت به الصفات حللته األعراض وهو منزه عن ذلك القضاء ، لكانت حتلة احلوادث وهو منز ماذا تريد هبذه األلفاظ املجملة ؟: فهنا يستفصل السائل ويقول له

_________ . ٢٣٩ - ٢٣٨/ ١: ( البن تيمية » درء تعارض العقل والنقل « ) ١( (

أنا أريد بنفي اجلسم نفي قيامه بنفسه ، وقيام : د الباطل ، مثل أن يقول فإن أراد هبا حقا وباطلا ، قبل احلق ، ورهو قائم بنفسه ، وله صفات قائمة به ، وأنت إذا سميت هذا جتسيما ، : الصفات به ، ونفي كونه مركبا ، فنقول

.سميتك أنت له هبذا مل يجز أن أدع احلق الذي دل عليه صحيح املنقول ، وصريح املعقول ، ألجل ت، فإن أردت به أنه سبحانه ركبه مركب ، أو كان متفرقا ، فتركب ، وأنه ميكن تفرقه " ليس مركبا : " وأما قولك

وانفصاله ، فاهللا تعاىل منزه عن ذلك ، وإن أردت أنه موصوف بالصفات مباين للمخلوقات ، فهذا املعىن حق ، وال " .جيوز رده ألجل تسميتك له مركبا ، فهذا وحنوه مما جياب به

إن األلفاظ اليت جاءت يف القرآن موضوعة ملعان ، مث يريد أن يفسر مراد اهللا : فليس ألحد أن يقول " ويقول أيضا علوها هي معىن الواحد ، بتلك املعاين ، هذا من فعل املفترين ، فإن هؤالء عمدوا إىل املعاين ، وظنوها ثابتة ، فج

.والوجوب ، والغىن ، والقدم ، ونفي املثل

: مث عمدوا إىل ما جاء يف القرآن من تسمية اهللا تعاىل بأنه أحد وواحد ، وحنو ذلك من نفي املثل والكفء ، فقالوا ) .١" (هللا هذا يدل على املعاين اليت مسيناها هبذه األمساء ، وهذا من أعظم االفتراء على ا

_________ ) . ١١١/ ٦: ( » جمموعة الفتاوى البن تيمية « ) ١(

١١ -

Page 52: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

حتديد معىن املتشابه وبيان أن القرآن كله واضح ميكن تفسريه

املحكم أقسام ثالثة ، ويقابل كل واحد منها نوع من املتشابه فاإلحكام تارة يكون يف التنزيل ، ويقابله ما يلقيه .ن مما نسخه اهللا وأزاله الشيطا

.وتارة يكون يف إبقاء التنزيل ، ويقابله املنسوخ الذي هو رفع ما شرع : وتارة يكون يف التأويل ، ومعناه متييز احلقيقة املقصودة حىت ال تشتبه بغريها ، ويقابلها اآليات املتشاهبات ، أي

الذي ليس فيه اختالف ، : احملكم ) " ١(قال اإلمام أمحد . حمتملة للمعنيني اليت تشبه هذا ، وتشبه ذاك ، فتكون " .الذي يكون يف موضع كذا ، ويف موضع كذا : واملتشابه

_________ ) . ٦٨٥/ ٢: ( ألبو يعلى حممد بن احلسني الفراء » العدة يف أصول الفقه « ) ١(

به على إنسان ، ما ال يشتبه على غريه ، وقد يكون يف القرآن آيات كثرية ال والتشابه أمر نسيب إضايف ، فقد يشتيعلم معناها كثري من العلماء ، فضلا عن غريهم ، وليس ذلك يف آية معينة ، بل قد يشكل على هذا ما يعرفه ذلك

ه ، وتارة لشبهة يف نفس اإلنسان تمنعه من معرفة ، وذلك تارة قد يكون لغرابة يف اللفظ ، وتارة الشتباه املعىن بغرياحلق ، وتارة لعدم التدبر التام ، وتارة لغري ذلك من األسباب ، ولكن ذلك ال يعين أن معرفة املعىن املقصود من

.هذه اآليات مستحيل ال ميكن دركه كما يدعي ذلك من يدعيه من املتكلمني تفسري الكالم وبيان معناه ، سواء أوافق ظاهره أو خالفه ، : السلف له معنيان أحدمها ولفظ التأويل يف عرف

إن العلماء : فيكون التأويل والتفسري هبذا املعىن متقاربني أو مترادفني ، وهذا هو الذي عناه جماهد حينما قال .يعلمون تأويله

القول يف تأويل قوله كذا وكذا ، واختلف أهل التأويل يف هذه اآلية " :تفسريه " وحممد بن جرير الطربي يقول يف وحنو ذلك ، ومراده التفسري ، والقرآن كله هبذا املعىن ، حمكمه ومتشاهبه ميكن تأويله ، ليس فيه شيء ال يفقه معناه

.واألحاديث النبوية ، ورسول اهللا مل ميت حىت كان صحابته على علم تام جبميع معاين اآليات القرآنية ، .عرضت املصحف على ابن عباس من فاحتته إىل خامتته أقف عند كل آية أسأله عنها : قال جماهد

.ما يف كتاب اهللا آية إال وأنا أعلم فيم أنزلت : وقال ابن مسعود .راد هبا ما أنزل اهللا آية إال وهو يحب أن يعلم ما أ: وقال احلسن

وهلذا كانوا جيعلون القرآن حميطا بكل ما يطلب من علم الدين ، كما قال مسروق ، ما نسأل أصحاب حممد عن .شيء إال وعلمه يف القرآن ، ولكن علمنا قصرعنه

، ويرون أن الزم هذا إن التشابه يكون يف معىن اللفظ حبيث ال يعلم املراد به إال اهللا تعاىل : ويعارضون من يقول القول أن اهللا أنزل على نبيه كالما مل يكن يفهم معناه ال هو وال جربيل وال غريمها ، وهذا قدح يف النيب صلى اهللا

عليه وسلم ، ويف القرآن ، إذ كان اهللا أنزل القرآن ، وأخرب أنه جعله بيانا وهدى ونورا وشفاء ، وأمرنا أن نتدبره كله ، مل يستثن منه شيئا ال يتدبر وال يعقل ، وأمر الرسول أن يبني للناس ما نزل إليهم ، وأن يبلغهم البالغ ونعقله .املبني

فلو كان يف القرآن شيء ال يفقه معناه ، مل يكن هناك معىن لألمر بتدبره وعقله ، ومل يكن الرسول حينئذ بين للناس

Page 53: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

.هم ، وال بلغ البالغ املبني ما نزل إليوأما املعىن الثاين للتأويل ، فهو نفس املراد بالكالم ، فإن كان الكالم أمرا أو هنيا ، فتأويله نفس فعل املأمور به ،

:وترك احملظور ، كما قالت عائشة رضي اهللا عنها

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، : " وسجوده كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يكثر أن يقول يف ركوعه« [ } فسبح بحمد ربك واستغفره { : تعين أن هذا هو تأويل قوله تعاىل ) . ١(» يتأول القرآن " اللهم اغفر يل

] . ٣: النصر ما أخرب اهللا به عن نفسه ، وعن اليوم اآلخر ، هو وإن كان الكالم خربا ، فتأويله نفس الشيء املخرب عنه ، فتأويل

نفس احلقيقة اليت يخرب عنها ، وذاك يف حق اهللا هو كنه ذاته وصفاته اليت ال يعلمها غريه ، وتلك هي املتشابه الذي نه ذاته وصفاته غريه ، ال يعلم تأويله إال اهللا ، فإن أحدا ال يعرف كيفية ما أخرب اهللا به عن نفسه ، وال يقف على ك

) .٢(وهذا هو الذي جيب تفويض العلم فيه إىل اهللا عز وجل _________

، ومسلم يف ) ٤٩٦٨، ٤٩٦٧) ( إذا جاء نصر اهللا والفتح ( أخرجه البخاري يف كتاب التفسري ، سورة ) ١( كتاب الصالة ، باب يف الدعاء يف ، وأبو داود يف) ٤٨٤: ( كتاب الصالة ، باب ما يقال يف الركوع والسجود

، ١٠٤٧: ( ، والنسائي يف كتاب التطبيق ، باب نوع آخر من الذكر يف الركوع ) ٨٧٧: ( الركوع والسجود ، ) ٨٨٩: ( ، باب التسبيح يف الركوع والسجود . . ، وابن ماجه يف كتاب إقامة الصالة ) ١١٢٣، ١١٢٢

. ٣٩٢، ٣٨٨/ ١: ( وأمحد يف مسنده ( ) . ٤٣٤/ ٦: ( » جمموع الفتاوى البن تيمية « انظر ) ٢(

تأثري األسباب الطبيعية يف مسبباهتا بإذن اهللا إن اهللا خيلق السحاب بالرياح ، وينزل املاء بالسحاب ، وينبت - ١٢ .النبات باملاء ، وحنو ذلك

إبطال حكمة اهللا يف خلقه ، وأنه مل جيعل يف العني قوة متتاز هبا والقول بأن اهللا يفعل عند األسباب ال بها يفضي إىلعن اخلد تبصر هبا ، وال يف النار قوة متتاز هبا عن التراب تحرق هبا ، فضلا عما يف هذا القول من خمالفة للكتاب

] . ٥٧: األعراف [ } جنا به من كل الثمرات فأنزلنا به الماء فأخر{ والسنة ، فإن اهللا تعاىل يقول ] . ١٦٤: البقرة [ } وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها { ويقول ] . ١٤: التوبة [ } قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم { ويقول

] . ٥٢: التوبة [ } ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا { يقول و ] . ٩: ق [ } ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد { ويقول :ويقول

] . ١٦، ١٥: املائدة [ } يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام }{ كم من الله نور وكتاب مبني قد جاء{ ال ميوتن أحد منكم إال « : ومثل هذا يف القرآن كثري ، وكذلك يف احلديث عن النيب صلى اهللا عليه وسلم كقوله

) .١(» أصلي عليه ، فإن اهللا جاعل بصاليت عليه بركة ورمحة آذنتموين حىت ) .٢(» إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة ، وإن اهللا جاعل بصاليت عليهم نورا « : وقال صلى اهللا عليه وسلم

Page 54: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

إن كان مقدورا ، حصل بدون : ل فاهللا سبحانه خلق األسباب واملسببات وجعل هذا سببا هلذا ، فإذا قال القائ .جوابه أنه مقدور بالسبب ، وليس مقدورا بدون السبب . السبب ، وإال مل حيصل

إن اهللا تعاىل أجرى العادة هبذه األسباب ، وأنه ليس هلا تأثري يف املسببات بإذنه ، قول بعيد جدا عن : وقوهلم ن املسببات إن كان ميكن أن توجد من غري هذه األسباب ، فأي حكمة يف مقتضى احلكمة ، بل هو مبطل هلا ، أل

.وجودها عن هذه األسباب _________

، وابن ماجه يف كتاب اجلنائز ، باب ) ٢٠٢٢: ( أخرجه النسائي يف كتاب اجلنائز ، باب الصالة على القرب ) ١( ) . ١٥٢٨: ( ما جاء يف الصالة على القرب

، وأخرجه مسلم ) ١٣٣٧: ( ه البخاري بنحوه يف كتاب اجلنائز ، باب الصالة على القرب بعدما يدفن أخرج) ٢( ) . ٩٥٦: ( واللفظ له يف كتاب اجلنائز ، باب الصالة على القرب

يف احلسن والقبح يف األفعال عقليان وشرعيان وقد ذهبوا يف هذه املسألة مذهبا وسطا ، وهو أن األفعال - ١٣نفسها حسنة وقبيحة ، كما أهنا نافعة وضارة ، وأن العقل يدرك احلسن والقبح يف األشياء ، واهللا قد فطر عباده

على استحسان الصدق ، والعدل ، والعفة ، واإلحسان ، ومقابلة املنعم بالشكر ، وفطرهم على استقباح أضدادها .فان على أمر الشارع وهنيه ، وال يجبان عن طريق العقل ، لكن الثواب والعقاب شرعيان يتوق

إثبات العقيدة خبرب الواحد املتلقى بالقبول عملا وتصديقا فقد احتجوا خبرب الواحد املتلقى بالقبول يف مسائل - ١٤ائر ، وامليزان ، الصفات والقدر ، وعذاب القرب ونعيمه ، وسؤال امللكني ، وأشراط الساعة ، والشفاعة ألهل الكب

والصراط ، واحلوض ، وكثري من املعجزات ، وما جاء يف صفة القيامة واحلشر والنشر ، واجلزم بعدم خلود أهل .الكبائر يف النار

١٥ -

موافقة صحيح املنقول لصريح املعقول

ذي يستخدم بدقة وإمعان فكل ما ثبت من مسائل العقيدة يف الكتاب ، والسنة ، يصدقها العقل الكامل الصحيح ال، ألن العقل الصريح يف داللته على املراد ، ال ميكن أن خيالف املنقول الصحيح الثابت ، ألن العقل والنقل وسيلتان

.لغاية واحدة ، هي الوصول إىل اهللا ، والوسائل اليت تؤدي إىل غاية واحدة ال ميكن هلا أن تتعارض املنقول الصحيح ال يعارضه معقول صريح قط ، وقد تأملت ما تنازع فيه الناس ، " ن تيمية يقول شيخ اإلسالم اب

فوجدت ما خالف النصوص الصرحية شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطالهنا ، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها املوافق ل القدر ، والنبوات ، للشرع ، وهذا تأملته يف مسائل األصول الكبار ، كمسائل التوحيد والصفات ، ومسائ

.واملعاد ، وغري ذلك إما حديث موضوع ، أو داللة ضعيفة ، : ووجدت ما يعلم بصريح العقل مل خيالفه السمع ، الذي يقال إنه خيالفه

! فال يصلح أن يكون دليلا لو جترد عن معارضة العقل الصريح ، فكيف إذا خالفه صريح املعقول

Page 55: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

ال يخبرون مبحاالت العقول ، بل مبحارات العقول ، فال خيربون مبا يعلم العقل انتفاءه ، بل وحنن نعلم أن الرسل .خيربون مبا يعجز العقل عن معرفته

عدم جواز تكفري املسلم بذنب فعله إذا كان دون الشرك األكرب ، وكان هذا الذنب مما اختلف فيه ، وال - ١٦وهو بصدد احلديث عن قاعدة أهل السنة واجلماعة -رمحه اهللا -) ١(ن تيمية خبطأ أخطأ فيه يقول شيخ اإلسالم اب

وال جيوز تكفري املسلم بذنب فعله ، وال خبطأ أخطأ فيه ، كاملسائل اليت تنازع فيها أهل " يف أهل األهواء والبدع _________القبلة ، فإن اهللا تعاىل قال

) . ٢٨٥ - ٢٨٢ / ٣: ( » جمموعة الفتاوى البن تيمية « ) ١(

له لا نفرق بين أحد من رسله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورس{ ، وقد ثبث يف الصحيح أن اهللا تعاىل أجاب ] ٢٨٥: البقرة [ } مصري وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك ال

واخلوارج املارقون الذين أمر النيب صلى اهللا عليه وسلم بقتاهلم قاتلهم ) ١(هذا الدعاء ، وغفر للمؤمنني خطأهم ن الصحابة والتابعني من أمري املؤمنني علي بن أيب طالب أحد اخللفاء الراشدين ، واتفق على قتاهلم أئمة الدين م

بعدهم ، ومل يكفرهم علي بن أيب طالب ، وسعد بن أيب وقاص ، وغريمها من الصحابة ، بل جعلوهم مسلمني مع قتاهلم ، ومل يقاتلهم علي حىت سفكوا الدم احلرام ، وأغاروا على أموال املسلمني ، فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم ،

.مل يسب حرميهم ، ومل يغنم أمواهلم ال ألهنم كفار ، وهلذاوإذا كان هؤالء الذين ثبت ضالهلم بالنص واإلمجاع مل يكفروا مع أمر اهللا ورسوله صلى اهللا عليه وسلم بقتاهلم ،

!فكيف بالطوائف املختلفني الذين اشتبه عليهم احلق يف مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم _________

، ) ١٢٦: ( يف صحيحه يف كتاب اإلميان ، باب بيان أنه سبحانه وتعاىل مل يكلف إال ما يطاق أخرج مسلم ) ١(: عن ابن عباس رضي اهللا عنه قال ) ٢٩٩٢: ( » ومن سورة البقرة « والترمذي يف كتاب تفسري القرآن ، باب

دخل قلوهبم : ، قال ] ٢٨٤: البقرة ) [ وإن تبدوا ما يف أنفسكم أو ختفوه حياسبكم به اهللا: ( ملا نزلت هذه اآلية فألقى : قال » مسعنا وأطعنا وسلمنا : قولوا « : منها شيء مل يدخل قلوهبم من شيء فقال النيب صلى اهللا عليه وسلم

ال ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها هلا ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا: ( اهللا اإلميان يف قلوهبم فأنزل اهللا عز وجل ، ) ربنا وال حتمل علينا إصرا كما محلته على الذين من قبلنا ( قد فعلت ، : ، قال ) تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا

كما أخرجه ] . ٢٨٦: اآلية من سورة البقرة [ فعلت : ، قال ) واغفر لنا وارمحنا أنت موالنا ( قد فعلت ، : قال ) . ١٢٥: ( اهللا عنه مسلم من طريق آخر من حديث أيب هريرة رضي

فال حيل إلحدى هذه الطوائف أن تكفر األخرى وال تستحل دمها وماهلا ، وإن كانت فيها بدعة حمققة ، فيكف إذا !كانت املكفرة هلا مبتدعة أيضا .والغالب أهنم مجيعا جهال حبقائق ما خيتلفون فيه . وقد تكون بدعة هؤالء أغلظ

.ء املسلمني وأمواهلم وأعراضهم حمرمة من بعضهم على بعض ، ال تحل إال بإذن اهللا ورسوله واألصل أن دماإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، « قال النيب صلى اهللا عليه وسلم ملا خطبهم يف حجة الوداع

) .١(» كحرمة يومكم هذا ، يف بلدكم هذا ، يف شهركم هذا ) .٢(» دمه ، وماله ، وعرضه : كل املسلم على املسلم حرام « : عليه وسلم وقال صلى اهللا

Page 56: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

من صلى صالتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك املسلم الذي له ذمة اهللا ، « : وقال صلى اهللا عليه وسلم ) .٣(» وذمة رسوله فال تخفروا اهللا يف ذمته

يا رسول اهللا ، هذا القاتل ، فما بال املقتول : قيل " بسيفيهما فالقاتل واملقتول يف النار إذا التقى املسلمان « : وقال ) .٤(» إنه أراد قتل صاحبه : " ؟ قال ) .٥(» ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض « : وقال ) .٦(» يا كافر ، فقد باء هبا أحدمها : أميا رجل قال ألخيه « : وقال

_________ : ( » رب مبلغ أوعى من سامع « : أخرجه البخاري يف كتاب العلم ، باب قول النيب صلى اهللا عليه وسلم ) ١(

، والترمذي يف ) ١٦٧٩: ( ، ومسلم يف كتاب القسامة ، باب تغليظ حترمي الدماء واألعراض واألموال ) ٦٧، وابن ماجه يف كتاب املناسك ، باب اخلطبة ) ٢١٥٩: ( إخل . . كتاب الفنت ، باب ما جاء دماؤكم وأموالكم

) . ٢٣٠/ ١: ( ، وأمحد يف مسنده ) ٣٠٥٨، ٣٠٥٧، ٣٠٥٥: ( يوم النحر ، وأبو داود يف ) ٢٥٦٤: ( إخل . . أخرجه مسلم يف كتاب الرب والصلة ، باب حترمي ظلم املسلم وخذله ) ٢(

ترمذي يف كتاب الرب والصلة ، باب ما جاء يف شفقة املسلم على ، وال) ٤٨٨٢: ( كتاب األدب ، باب يف الغيبة : ، وأمحد يف مسنده ) ٣٩٣٣: ( ، وابن ماجه يف كتاب الفنت ، باب حرمة دم املؤمن وماله ) ١٩٢٧: ( املسلم

)٣٦٠، ٢٧٧/ ٢ . ( ، والنسائي يف كتاب اإلميان ) ٣٩١: ( إخل . . أخرجه البخاري يف كتاب الصالة ، باب فضل استقبال القبلة ) ٣(

) . ٤٩٩٧: ( وشرائعه ، باب صفة املسلم ) . ٥٩( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٤( ) . ٥٨( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٥( ) . ٥٩( تقدم خترجيه يف الصفحة ) ٦(

.هذه األحاديث كلها يف الصحاح يا « : لك ، كما قال عمر بن اخلطاب يف حاطب بن أيب بلتعة إذا كان املسلم متأوال يف القتال أو التكفري مل يكفر بذ

إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك ، : " رسول اهللا ، دعين أضرب عنق هذا املنافق ، فقال النيب صلى اهللا عليه وسلم ) .١" (الصحيحني " وهذا يف » اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم : لعل اهللا اطلع على أهل بدر ، فقال

إنك منافق تجادل عن املنافقني ، : أن أسيد بن احلضري قال لسعد بن عبادة « : فيهما أيضا من حديث اإلفك و: ، فهؤالء البدريون فيهم من قال آلخر منهم ) ٢(» واختصم الفريقان ، فأصلح النيب صلى اهللا عليه وسلم بينهم

.سلم ال هذا ، وال هذا ، بل شهد للجميع باجلنة إنك منافق ، ومل يكفر النيب صلى اهللا عليه وال إله إال اهللا ، وعظم النيب : أنه قتل رجلا بعدما قال « عن أسامة بن زيد ) ٣" (الصحيحني " وكذلك ثبت يف

وكرر ذلك عليه حىت ! " ال إىل إال اهللا: يا أسامة ، أقتلته بعدما قال : " صلى اهللا عليه وسلم ذلك ملا أخربه ، وقال .» متنيت أين مل أكن أسلمت إال يومئذ : قال أسامة

_________ ، ومسلم يف كتاب فضائل الصحابة ، ) ٣٩٨٣: ( أخرجه البخاري يف كتاب املغازي ، باب من شهد بدرا ) ١(

) . ٢٤٩٤: ( إخل . . . باب من فضائل أهل بدر رضي اهللا عنه

Page 57: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ

، ومسلم يف كتاب التوبة ، باب يف ) ٤١٤١: ( ري يف كتاب املغازي ، باب حديث اإلفك أخرجه البخا) ٢( ) . ٢٧٧٠: ( إخل . . حديث اإلفك

، ومسلم يف ) ٦٨٧٢. . ) : ( ومن أحياها : ( أخرجه البخاري يف كتاب الديات ، باب قول اهللا تعاىل ) ٣( ) . ٩٧، ٩٦: ( ال إله إال اهللا :كتاب اإلميان ، باب حترمي قتل الكافر بعد أن قال

.ومع ذلك مل يوجب عليه قودا وال دية وال كفارة ، ألنه كان متأولا ظن جواز قتل ذلك القائل لظنه أنه قاهلا تعوذا { وهكذا السلف قاتل بعضهم بعضا من أهل اجلمل وصفني وحنوهم ، وكلهم مسلمون مؤمنون ، كما قال تعاىل

التي تبغي حتى تفيء إلى طائفتان من المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا وإن ] . ٩: احلجرات [ } يحب المقسطني أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله

فقد بين اهللا تعاىل أهنم مع اقتتاهلم وبغي بعضهم على بعض إخوة مؤمنون ، وأمر باإلصالح بينهم بالعدل ، وهلذا هم شهادة بعض كان السلف مع االقتتال يوايل بعضهم بعضا مواالة الدين ، ال يعادون كمعاداة الكفار ، فيقبل بعض

، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض ، ويتوارثون ، ويتناكحون ، ويتعاملون مبعاملة املسلمني بعضهم مع بعض ، مع ما .كان بينهم من القتال والتالعن وغري ذلك

خامتة

يف -يف أهنم على جممل اعتقاد سلفنا الصاحل وأئمتنا املعتربين ، ورأينا ك -بإجياز -وهكذا أيها املسلم مررنا متفقون ، وأهنم ينزعون من منزع واحد ، كتاب اهللا تعاىل وسنة رسوله صلى اهللا عليه وسلم ، مل يكن -اجلملة

.بينهم اختالف يف املنهج وإذ كنا نقلنا عن كل منهم جممل اعتقاده يف أصول الدين ، حتت عنوان جممل عقيدة ذلك اإلمام ، فليس املقصود

.قيدة ختالف معتقد اآلخرين ، ولكن املقصود ذكر ما أثر عنه بلفظه يف هذه املسائل أن له عهبؤالء األئمة ، وأن ال خنتلف حيث مل خيتلفوا ، -وخاصة العلماء والدعاة منا -أن نتأسى -أيضا -واملقصود

مجاعة تدعو إىل اإلسالم االهتمام وأن ال نقدم على أمر العقيدة أي شيء ، وأن يكون يف منهج كل داعية ، وكل بالعقيدة اإلسالمية ، تأصيلا وحتقيقا ، وفق ما نزل يف كتاب اهللا وسنة رسوله صلى اهللا عليه وسلم وما سار عليه

.أئمة السلف يكن وإن مل.فإذا كان ذلك ، فإن النتائج ستكون مباركة يف صالح األمة اإلسالمية واستقامتها على املنهج احلق

فإن الشتات والفرقة وغلبة اهلوى ، -كما هو املشاهد يف كثري من الدعوات واجلماعات يف الوقت احلاضر -ذلك هي اليت ستسود الناس ، وبالتايل لن تكون هنضة إسالمية ، وستتعثر الصحوة اإلسالمية اليت تعلق اآلمال عليها ،

كتاب رهبم ، وسنة نبيهم صلى اهللا عليه وسلم ، واعتصامهم حببل اهللا ، بفضل اهللا وتوفيقه يف عودة املسلمني إىل .والتزامهم حكمه ، وتطبيقهم شرعه

نسأل اهللا بأمسائه احلسىن ، وصفاته العليا أن يوفقنا لصاحل العمل ، ويهدينا لليت هي أقوم ، وأن يجنبنا كل زلل يف اهللا على نبينا حممد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إىل يوم الدين ديننا ودنيانا ، فهو القادر على ذلك ، وصلى

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي

Page 58: ﺎﻋﺩ ﺔﻣﺪﻘﻣ . ( ﻲﻛﺮﺘﻟ · ﷲﺍ ﻻﹺﺇ ﻪﻟﺇﹺ ﻻ" : ﻥﹺﺈﻓ ﺪﻌﺑ ﺎﻣﺃ. ﻩﻻﺍﻭ ﻦﻣﻭ ﻪﺒﺤﺻﻭ ﻪﻟﺁﻭ ، ﺪﻤﳏ