1171
ﺷﺮﺡ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ١٢ : ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻣﻮﻟﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺎﺯﻧﺪﺭﺍﻧﻲ

ﻝﻮﺻﺃ ﺡﺮﺷ ﻲﻓﺎﻜﻟﺍ ١٢ :ﺀﺰﺠﻟﺍlfile.ir/hadith-library/76.pdfﺖﺳﺮﻬﻔﻟﺍ ﺔﺤﻔﺼﻟﺍ ﻥﺍﻮﻨﻌﻟﺍ ٣ ﺡﺎﻳﺮﻟﺍ ﺚﻳﺪﺣ

  • Upload
    others

  • View
    23

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

  • شرح أصولالكافي

    الجزء: ١٢مولي محمد صالح المازندراني

  • الكتاب: شرح أصول الكافيالمؤلف: مولي محمد صالح المازندراني

    الجزء: ١٢الوفاة: ١٠٨١

    المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقهتحقيق: مع تعليقات : الميرزا أبو الحسن الشعراني / ضبط وتصحيح : السيد

    علي عاشورالطبعة: األولى

    سنة الطبع: ١٤٢١ - ٢٠٠٠ مالمطبعة: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع

    الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنانردمك:

    مالحظات: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان- شارع دكاش - هاتف ٢٧٢٦٥٢ - ٢٧٢٦٥٥ - ٢٧٢٧٨٢ - ٢٧٢٧٨٣

    - فاكس : ٨٥٠٧١٧ - ٨٥٠٦٢٣ - ص . ب : ٧٩٥٧/١١

  • الفهرستالصفحة العنوان٣ حديث الرياح٩ حديث أهل الشام١٧ حديث الجنان والنوق٢٧ حديث أبي بصير مع المرأة٣٩ [في حب األئمة]٥٢ حديث آدم (عليه السالم) مع الشجرة٧١ حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السالم)٧٣ حديث أبي الحسن موسى (عليه السالم)٨٣ حديث نادر٩١ «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)»٩٦ حديث عيسى ابن مريم (عليهما السالم)١٣٩ حديث إبليس١٤١ حديث محاسبة النفس١٥٥ حديث من ولد في االسالم١٦٧ حديث زينب العطارة١٧١ حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف١٨٠ حديث الناس يوم القيامة٢٠٤ خطبة ألمير المؤمنين (عليه السالم)٢١٥ خطبة ألمير المؤمنين (عليه السالم)٢٤٣ حديث قوم صالح (عليه السالم)٢٧٩ حديث الصيحة٢٩٣ حديث يأجوج ومأجوج٣١١ حديث القباب٣٧٢ حديث نوح (عليه السالم) يوم القيامة٤١٧ حديث أبي ذر رضى الله عنه٤٣٣ حديث الفقهاء والعلماء٤٧٩ حديث الذي أحياه عيسى (عليه السالم)٤٨١ حديث إسالم علي (عليه السالم)٥٠١ خطبة ألمير المؤمنين (عليه السالم)٥١٧ خطبة ألمير المؤمنين (عليه السالم)

  • ٥٥٥ حديث العابد٥٥٧ خطبة ألمير المؤمنين (عليه السالم)

  • شرح أصول الكافيللمازندراني

    المعروفكتاب الكافي

    في األصول والروضةلثقة اإلسالم أبى جعفر محمد بن يعقوب الكليني

    معشرح الكافي الجامع

    للمولى محمد صالح المازندرانيالمتوفى ١٠٨١ ه

    مع تعاليق الميرزا أبو الحسن الشعرانيالمجلد الثاني عشر

    ضبط وتصحيحالسيد علي عاشور

    دار احياء التراث العربيبيروت _ لبنان

    (١)

  • حقوق الطبع محفوظةالطبعة األولى

    ١٤٢١ ه _ ٢٠٠٠ مدار احياء التراث العربيللطباعة والنشر والتوزيع

    DAR EHIA AL - TOURATH AL - ARABIPublishing & amp Distributing

    لبنان _ شارع دكاش _ هاتف ٢٧٢٦٥٢ _ ٢٧٢٦٥٥ _ ٢٧٢٧٨٢ _ بيروت _ ٢٧٢٧٨٣ فاكس ٨٥٠٧١٧ _ ٨٥٠٦٢٣ ص. ب: ٧٩٥٧ / ١١

    - ٢٧٢٦٥٢ - ٢٧٢٦٥٥ .Beyrouth - Liban - Rue Dakkache - Tel٧٩٥٧ / ١١ P. O. Box ٨٥٠٧١٧ - ٨٥٠٦١٢ :Fax ٢٧٢٧٨٢ - ٢٧٢٧٨٣

    (٢)

  • بسم الله الرحمن الرحيمحديث الرياح

    * األصل:٦٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي

    بنرئاب، وهشام بن سالم، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السالم)، عن الرياح

    األربع: الشمالوالجنوب والصبا والدبور وقلت: إن الناس يذكرون (١) أن الشمال من الجنة والجنوب من

    النار؟فقال: إن لله عز وجل جنودا من رياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه ولكل ريح منها ملك

    موكلبها فإذا أراد الله عز وجل أن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك

    النوعمن الريح التي يريد أن يعذبهم بها قال: فيأمرها الملك فيهيج كما يهيج األسد المغضب،

    قال: لكلريح منهن اسم أما تسمع قوله تعالى: (كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا

    عليهم ريحا____________________

    (١) قوله «إن الناس يذكرون». هذا حديث صحيح من جهة اإلسناد قريب من جهة االعتبار منبه على طريقتهمعليهم السالم في أمثال هذه المسائل الكونية. والمعلوم من سؤال السائل وقول الناس أن ذهنهم متوجه إلى

    السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح ومنشأها وعلة اختالفها في البرودة والحرارة وغيرها، وغاية ما وصلإليه فكرهم أن الشمال لبرودتها من الجنة والجنوب لحرارتها من النار فصرف اإلمام ذهنهم عن التحقيق لهذا

    الغرض إذ ليس المقصود من بعث األنبياء والرسل وإنزال الكتب كشف األمور الطبيعية، ولو كان المقصودذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية األمراض كالسل والسرطان وخواص المركبات والمواليد، ولذكر في

    القرآن مكررا علة الكسوف والخسوف كما تكرر ذكر الزكاة والصالة وتوحيد الله تعالى ورسالة الرسل، ولورودذكر الحوت في الروايات متواترا كما ورد ذكر اإلمامة والوالية والمعاد والجنة والنار وكذلك ما يستقر عليهاألرض وما خلق منه الماء مع أنا ال نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب والسنة المتواترة إال بعض أحاديثضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف والسهو والمعهود في كل ما هو مهم في الشرع ويجب على

    الناس معرفته أن يصير اإلمام بل النبي (صلى الله عليه وآله) على تثبيته وتسجيله وبيانه بطرق عديدة غير محتملةللتأويل

    حتى ال يغفل عنه أحد.وبالجملة لما رأى اإلمام (عليه السالم) اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بأن الواجب على الناظر في أمر الرياح

    والمتفكر فيها أن يعتني بالجهة اإللهية وكيفية االعتبار بها واالتعاظ بما يترتب عليها من الخير والشر سواءكانت من الجنة أو من الشام أو من أفريقية واليمن فأول ما يجب أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية

    مسخرة بأمر الله تعالى وعلى كل شيء ملك موكل به وأن الجسم الملكي تحت سيطرة المجرد الملكوتيالمفارق عن الماديات كما ثبت في محله أن المادة قائمة بالصورة والصورة قائمة بالعقل المفارق وهذا أهم ما

    يدل عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق وصحة النسبة إلى المعصوم (عليه السالم).

  • ثم بعد هذا االعتراف يجب االعتبار بما وقع من العذاب على األمم السالفة بهذه الرياح وما يترتب من المنافععلى جريانها وهذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر إلى األمور الطبيعية. (ش)

    (٣)

  • صرصرا في يوم نحس مستمر) وقال: (الريح العقيم) وقال: (ريح فيها عذاب أليم) وقال:(فأصابها

    إعصار فيه نار فاحترقت) وما ذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه، قال: ولله عزذكره رياح

    رحمة لواقح وغير ذلك ينشرها بين يدي رحمته، منها ما يهيج السحاب للمطر ومنها رياحتحبس السحاب بين السماء واألرض، ورياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله، ومنها رياح

    مماعدد الله في الكتاب فأما الرياح األربع: الشمال والجنوب والصبا والدبور فإنما هي أسماء

    المالئكة الموكلين بها فإذا أراد الله أن يهب شماال أمر الملك الذي اسمه الشمال فيهبطعلى

    البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد اللهمن

    البر والبحر وإذا أراد الله أن يبعث جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيتالحرام

    فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح - الجنوب في البر والبحر حيث يريدالله

    وإذا أراد الله أن يبعث ريح الصبا أمر الملك الذي اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقامعلى

    الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد الله جل وعز في البر والبحروإذا

    أراد الله أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام علىالركن

    الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الدبور حيث يريد الله من البر والبحر، ثم قال أبوجعفر: أما

    إلى إنما تضاف الصبا، الدبور وريح الجنوب وريح الشمال وريح لقوله: ريح تسمع المالئكة

    الموكلين بها.* الشرح:

    قوله (حديث الرياح) الريح الهواء المسخر بين األرض والسماء من حيث أنه متحرك وهومؤنثة على األكثر فيقال هي الريح وقد يذكر بمعنى الهواء فيقال هو الريح، نقله أبو زيد،

    وقال ابناألنباري: الريح مؤنثة ال عالمة فيها وكذلك سائر أسمائها إال االعصار فإنه مذكر، كذا في

    المصباح(قال سألت أبا جعفر (عليه السالم) عن الرياح األربع الشمال) ومهبها الجدى إلى مغرب

  • االعتدال وفيالمصباح وفيها خمس لغات األكثر بوزن سالم ونقل عياض عن صاحب العين أنه قال:

    الشمال بفتحالشين والميم والشمأل بسكون الميم وفتح الهمزة والشأمل بتقديم الهمزة والشمل بفتح

    الميم منغير همز والشمول بفتح الشين وضم الميم (والجنوب) من القطب الجنوبي إلى مشرق

    االعتدالتقابل الشمال وهو مراد من قال: من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا. (والصبا) بوزن العصا من

    مشرقاالعتدال إلى الجدي وهو مراد من قال من مطلع الثريا إلى بنات النعش (والدبور) بوزن

    الرسول منمغرب االعتدال إلى القطب الجنوبي (فتهيج كما يهيج األسد المغضب) هاج الشئ يهيج إذا

    ثارووثب والمغضب بفتح الضاد من أغضبته فهو مغضب (فكيف كان عذابي ونذر) أي

    إنذاري لهمقبل نزول العذاب أو لمن بعدهم في تعذيبهم (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) أي شديدة

    الصوت(٤)

  • أو البرد (في يوم نحس مستمر) أي يوم شوم استمر شومه أو استمر عليهم حتى هلكوا أوعلى

    جميعهم كبيرهم وصغيرهم ذكورهم وإناثهم فلم يبق منهم أحدا واشتدت مرارته وكان يوماألربعاء

    آخر الشهر كذا ذكره المفسرون (والريح العقيم) ريح ال تلقح كريح الخريف (وقال:وأصابها إعصار

    فيه نار فاحترقت) في المصباح اإلعصار: ترتفع بتراب بين السماء واألرض وتستدير كأنهاعمود

    وفي القاموس أو التي فيها نار وقيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق فيها نار (وللهتعالى رحمة

    لواقح وغير ذلك) اإلضافة المية كما يدل عليه قوله (ينشرها بين يدي الرياح مبشرات) فيمعارج

    النبوة أنك ل واحدة من رياح الرحمة ورياح العذاب أربعة أما رياح الرحمة فأولها باشراتقال الله

    تعالى (وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته) وثانيها مبشرات.(ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات). وثالثها ناشرات (والناشرات نشرا) ورابعها ذاريات(والذاريات ذروا) وأما رياح العذاب فأولها صرصر (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر) وثانيهاعقيم (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) وثالثها قاصف (فيرسل عليكم قاصفا منالريح) ورابعها عاصف (جاءتها ريح عاصف) وكذا توجد الرياح الثمانية في ذات العبد أمارياح الرحمة ومهبها السعادة فأولها ريح المحبة وهي في التائبين (إن الله يحب التوابين)وريح المودة وهي للصالحين (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)وريح القربة وهي للسابقين (والسابقون السابقون أولئك المقربون) وريح الوصلة وهيللمشتاقين، وأما رياح العذاب ومهبها الشقاوة فريح الغفلة (وهم في غفلة معرضون) وريحالفرقة (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا) وريح السخط (سخط الله عليهم) وريح القطيعة

    (فقطع دابر القوم الذين ظلموا).* األصل:

    ٦٤ - عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بنخر بوذ،

    عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: إن لله عز وجل رياح رحمة ورياح عذاب فإن شاء الله(١) أن يجعل العذاب

    من الرياح رحمة فعل، قال: ولن يجعل الرحمة من الريح عذابا، قال: وذلك أنه لم يرحمقوما قط

    أطاعوه وكانت طاعتهم إياه وباال عليهم إال من بعد تحولهم عن طاعته قال: وكذلك فعلبقوم

  • يونس لما آمنوا رحمهم الله بعد ما كان قدر عليهم العذاب وقضاه ثم تداركهم برحمتهفجعل

    ____________________(١) قوله «رياح رحمة» هذا حديث صحيح من جهة اإلسناد وليس فيه ضعف من جهة المعنى إال قوله فعتت

    على خزانها فخرج على مقدار منخر الثور ألن ضعف المالئكة المأمورين من جانب الله على ما شاء منالمصلحة عن ضبط الطبائع المقهورة المسخرة غير معقول عندنا وال نعتقد في الطبائع قوة أشد من المالئكةالموكلين بها وال نرى أن يأمر الله تعالى مالئكته بأمر يعلم عجزهم، وعلى كل حال فالظاهر من الرواية أن

    الريح التي أهلكت قوم عاد كانت من البخارات المحتبسة في أعماق األرض خرجت دفعة من ثقبة حدثت فيقشر األرض بدفعها كما يخرج من البراكين والله أعلم. (ش)

    (٥)

  • العذاب المقدر عليهم رحمة فصرفه عنهم وقد أنزله عليهم وغشيهم وذلك لما آمنوا بهوتضرعوا

    إليه. قال: وأما الريح العقيم فإنها ريح عذاب ال تلقح شيئا من األرحام وال شيئا من النباتوهي

    ريح تخرج من تحت األرضين السبع وما خرجت منها ريح قط إال على قوم عاد حينغضب الله

    عليهم فأمر الخزان يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم، قال: فعتت على الخزان فخرجمنها

    على مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، قال: فضج الخزان إلى الله عز وجل منذلك

    فقالوا ربنا إنها قد عتت عن أمرنا إنا نخاف أن تهلك من لم يعصك من خلقك وعماربالدك، قال،

    فبعث الله عز وجل إليها جبرئيل (عليه السالم) فاستقبلها بجناحيه فردها إلى موضعها وقاللها: أخرجي

    على ما أمرت به، قال: فخرجت على ما امر به، وأهلكت قوم عاد ومن كانت بحضرتهم.* الشرح:

    (فإن شاء الله عز وجل أن يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل ولن يجعل الرحمة من الريحعذابا) لعل المراد أن من استحق العذاب بسبب خصلة قبيحة ربما يستحق الرحمة بإزالة

    تلكالخصلة وكسب خصلة حسنة فال يصل إليه العذاب بخالف من استحق الرحمة واإلحسان

    بسببخصلة حسنة فإنه تصل إليه الرحمة وإن زالت عنه تلك الخصلة ألن الله ال يضيع عمل

    عامل، أوالمراد أنه إذا أرسل ريح العذاب يجعله رحمة بزوال سبب العقاب وأما إذا أرسل ريح

    الرحمة فاليجعلها عذابا بزوال سبب الرحمة وحدوث سبب العذاب، ومنه يظهر سر سبق رحمته علىغضبه. (وذلك أنه لم يرحم قوما قط أطاعوه وكانت طاعتهم إياه وباال عليهم إال من بعد

    تحولهم منطاعته) ذلك إشارة إلى المذكور وهو جعل العذاب رحمة وأطاعوه صفة لقوما والواو في

    قولهالسئ العاقبة والعمل الشدة والمصيبة وسوء والوبال بتقدير «قد»، للحال «وكانت»

    والطاعة العلىوجه مطلوب وبال على صاحبه كطاعة أهل الخالف، وفيه داللة على أن هذه الطاعة وإن

    كانت

  • معصية استحقوا بها العذاب إال أنهم لو تحولوا عنها أدركتهم الرحمة ولم يعذبهم بها،وإنما ذكر هذه

    المعصية ليقاس عليها غيرها. (بعد ما قد كان قدر عليهم العذاب وقضاه) أي قضاه قضاءغير محتوم

    ولم يبلغ حد اإلمضاء إذ ال دافع بعده. (فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة فصرفه عنهموقد أنزله

    عليهم وغشيهم آه) قال بعض المفسرين روي أن يونس (عليه السالم) بعث إلى أهل نينوىوهي - بكسر

    األول - قرية بالموصل فكذبوه وأصروا عليه فوعدهم العذاب إلى ثالث وقيل إلى أربعينفذهب

    عنهم مغاضبا فلما دنا الوعد غامت السماء غيما أسود ذا دخان شديد فهبط حتى غشىمدينتهم

    وتسود سطوحهم فهابوا فطلبوا يونس فلم يجدوه فأيقنوا صدقه فلبسوا المسوح وبرزوا إلىالصعيد

    بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم وفرقوا بين النساء والصبيان وبين الدواب وأوالدهافحن

    بعضها إلى بعض وعلت األصوات والعجيج وأظهروا اإليمان والتوبة وأخلصوا وتضرعوا إلىالله

    (٦)

  • فرحمهم وكشف عنهم وكان يوم عاشورا يوم الجمعة. (فإنها ريح عذاب ال تلقح شيئا منالحيوان

    وال شيئا من النبات) فال ينتفع منها النفس الحيوانية والنفس النباتية لشدة حرارتها من فيحجهنم

    واشتمالها على النار المهلكة لهما (فأمر الخزان أن يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم)لعل

    هذا أعلى المقادير المقدرة لخروج الريح المهلكة لعاد وأدناها مثل خرق األبرة ثم خرجتبعد

    العتو على مقدار األدنى فال ينافي ما في الفقيه حيث قال: قال (عليه السالم) «ما خرجتريح قط إال بمكيال

    االزمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق األبرة فأهلكت قوم عاد»(فخرج على

    مقدار منخر الثور) المنخر بفتح الميم والخاء وتكسر وضمهما وكمجلس األنف وخرقه(تغيظا

    منها على قوم عاد) دل على أن لها شعورا وإدراكا وال يبعد من قدرة الله تعالى أن يجعللها مشاعر

    ومدارك فال حاجة إلى التأويل في نسبة التغيظ والعتو إليها وال في نسبة الخطاب واألمرإليها باعتبار

    أنها جماد والجماد ال يتصف بهذه الصفات وال يؤمر بشيء كما زعمه بعض الناس وقال،التغيظ

    والعتو ألهلها واألمر للداللة على التسخير، ومما يؤيد ما قلناه ما رواه في الفقيه من أنللريح وجها

    وجناحين. (وأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم) أي في فنائهم وقربهم وهذه الريحسخرها الله

    تعالى عليهم سبع ليال أو ثمانية أيام حسوما أي دائمة متتابعة فلما رأوها جمعوا نساءهموصبيانهم

    وأموالهم في شعب وأحاطوا حولهم آخذين بأيديهم وقد كانوا عظيم الجثة، طويل القامة،عريض

    البدن كثير القوة، شديد البطش كان أطولهم ثالثمائة ذراع وأقصرهم مائة ذرع فقالوا ماتفعل هذه

    الهواء وأهلكتهم ثم أخذتهم الريح أوال محصوريهم وأطارتهم في بنا فأخذت الرياح ورفعتهم

    وأهلكتهم ومن لم يخرج منهم إلى الشعب وتحصنوا في بيوتهم هدمت الريح بيوتهم عليهموأخرجت بعضهم من البيت ورفعته وأهلكته.

  • * األصل:٦٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السالم)

    قال: قال رسولالله (عليه السالم): من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر «الحمد لله» ومن كثرت همومه

    فعليه باالستغفار ومنألح عليه الفقر فليكثر من قول: «ال حول وال قوة إال بالله العلي العظيم» ينفي عنه الفقر،

    وقال: فقدالنبي (صلى الله عليه وآله) رجال من األنصار، فقال ما غيبك عنا؟ فقال: الفقر يا رسول الله

    وطول السقم، فقال لهرسول الله (صلى الله عليه وآله) أال أعلمك كالما إذا قلته ذهب عنك الفقر والسقم؟ فقال:

    بلى يا رسول الله، فقال: إذاأصبحت وأمسيت فقل: «ال حول وال قوة إال بالله] العلي العظيم [توكلت على الحي الذياليموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من

    الذلوكبره تكبيرا» فقال الرجل: فوالله ما قلته إال ثالثة أيام حتى ذهب عني الفقر والسقم.

    * الشرح:(٧)

  • قوله (من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر الحمد الله) وهو قيد للواصل وجذب لغير الحاصلمع ما فيه من الفضل المذكور في كتاب الدعاء (ومن كثرت همومه فعليه باالستغفار) بأن

    يقولأستغفر الله أو أستغفر الله ربي وأتوب إليه وكالهما مروي. (ومن ألح عليه الفقر فليكثر من

    قول الحول وال قوة إال بالله العلي العظيم) روي عن الباقر (عليه السالم) أن الحول هنا بمعنى

    التحول واالنتقال، أيال حول لنا عن المعاصي إال بعون الله وال قوة لنا على الطاعات إال بتوفيقه، وفيه إظهار

    كمالالخضوع والمسكنة والحاجة إليه تعالى في طلب الخيرات ودفع المكاره ومعنى العلي

    العظيم أنهالعلي عن األشباه واألنداد الرفيع عن التشابه بالممكنات، العظيم المفتقر إليه كل من عداه

    الذي ال يموت) أي توكلت على الحي لديه كل من سواه. (توكلت على المستحقر الدايم المدرك

    بال زوال وفيه تفويض األمور كلها إليه وإظهار العجز بأنه ليس له قدرة على تحصيل أمر منأموره

    ورمز لطيف بأنه يتوقع منه تعالى جلب النفع وسلب الفقر والسقم وساير المكاره عنه.(والحمد لله

    اليهود الحيوانية ورد على والشهوة الصاحبة تعالى عن له تنزيه ولدا) يتخذ لم الذي والنصارى.

    (ولم يكن له شريك في الملك) فيه إقرار بالتوحيد وتنزيه له عن النقص. (ولم يكن له وليمن

    الذل) أي ناصر مانع له من الذل لكونه عزيزا على اإلطالق، أو لم يوال أحدا من أجل ذلبه ليدفعه

    بمواالته. (وكبره تكبيرا) أي قل هذا اللفظ بعينه ونقل عن بعض األفاضل أنه قال قل اللهأكبر الله

    أكبر، وهذا غريب.٦٦ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل

    ابنعبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السالم) يقول ألبي جعفر األحول وأنا أسمع:

    أتيت البصرة؟ فقال:نعم قال: كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا األمر ودخولهم فيه؟ قال والله إنهم لقليل ولقد

    فعلواوإن ذلك لقليل، فقال: عليك باألحداث فإنهم أسرع إلى كل خير، ثم قال: ما يقول أهل

  • البصرة فيهذه اآلية، (قل ال أسألكم عليه أجرا إال المودة في القربى) قلت: جعلت فداك إنهم يقولون:

    إنهاألقارب رسول الله (عليه السالم)، فقال: كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في

    علي وفاطمة والحسنوالحسين أصحاب الكساء (عليهم السالم).

    * الشرح:قوله (فقال عليك باألحداث) أي ألزمهم في الدعاء إلى هذا األمر واألحداث الشبان الذين

    لميطعنوا في السن فإنهم أسرع إلى كل خير لرقة قلوبهم وصفاء أذهانهم في الجملة وعدم

    تمكنالجهل المركب في نفوسهم بعد كما تمكن في نفوس الشيوخ.

    (إنهم يقولون إنها ألقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله)) قد مر آنفا أن جماعة منهميقولون المراد بهم بنو

    هاشم وبنو عبد المطلب كلهم وجماعة يقولون بنو هاشم وحدهم وجماعة يقولون قريشكلهم.

    (٨)

  • حديث أهل الشام* األصل:

    ٦٧ - عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمدبن عطية

    قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السالم) من أهل الشام من علمائهم فقال: يا أبا جعفرجئت أسألك عن

    مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها وقد سألت عنها ثالثة أصناف من الناس فقالكل صنف

    منهم شيئا غير الذي قال الصنف اآلخر فقال له أبو جعفر (عليه السالم): ما ذاك؟ قال: فإنيأسألك عن أول ما

    خلق الله من خلقه (١) فإن بعض من سألته قال: القدر وقال بعضهم: القلم وقال بعضهمالروح فقال أبو

    جعفر (عليه السالم): ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان وال شيء غيره. وكانعزيزا وال أحد كان

    قبل عزه وذلك قوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) وكان الخالق قبل المخلوق ولوكان أول

    ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شيءليس هو

    يتقدمه ولكنه إذ ال شيء غيره وخلق الشيء الذي جميع األشياء منه وهو الماء الذي خلقاألشياء

    منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماءثم

    سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أنيثور

    ____________________(١) قوله «عن أول ما خلق الله من خلقه» المستفاد من جواب اإلمام المعصوم العالم بأدواء النفوس وعالجها

    والمطلع على أسرار الضمائر وكوامن القلوب أن هذا السائل كان مبتلى كساير العوام بالعجز عن بيان ما يختلجبباله من اإلشكال وأن أصل اضطراب قلبه وتردده في كيفية خلق األشياء المادية من العدم والراسخ في ذهنهأن كل مصنوع البد أن يصنع من مادة سابقة عليه فسأل عن المادة األولى التي خلق كل شيء منها، وكان

    الجواب الذي سمعه ممن سمعه غير مقنع له إذ ال معنى لكون المصنوعات جميعا مخلوقة من القضاء والقدروال من القلم وال من الروح إذ ال يكون شيء من هذه األمور مادة لصنع األشياء، ولم يكن سؤاله عن العللالفاعلية بل عن العلل المادية التي البد أن تكون مقدمة على صنعة الصانع على ما كان يراه من عمل أمثال

    النجار والبناء حيث يعملون ما يعملون في الخشب والطين والحجر فابتدأ (عليه السالم) بإزالة وهمه وبين أن اللهتعالى

    ال يجوز أن يصنع األشياء من شيء موجود قبله أو معه وإنما يحتاج إلى المواد، الفاعل الصانع البشري والله

  • تعالى هو خالق المواد ولو كان إيجاد كل مصنوع متوقفا على شيء سابق عليه وذلك على شيء آخر وهكذاذهب األمر إلى غير النهاية ووجب إثبات شيء غير مخلوق مع الله أزلي بأزليته واإلمام (عليه السالم) رأى أنه لم

    يبدأبإزالة وهمه هذا واكتفى بأن المخلوق األول هو الماء لسأل السائل عن الماء مم خلق فإن قيل خلق من جوهرة

    خضراء لسأل السائل مم خلق الجوهرة الخضراء وهكذا ثم أجاب بما أجاب.ومراده (عليه السالم) من تضعيف قول من قال إن أول ما خلق الله الروح أو القلم أو القدر أنه لم يقع موقعه من

    السؤال وإالفجميع هذه أيضا مروية وقد سبق في أول الكتاب أن أول ما خلق الله العقل وروي أن أول ما خلق نور رسول

    الله (صلى الله عليه وآله) ولكن لم يكن سؤال السائل إال عن المادة األولى لألجسام وكم من كالم صحيح اليمكن أن يقع

    جواب سائل، مثل قوله (قل هو الله أحد) في جواب من سأل عن نصاب الزكاة. (ش)

    (٩)

  • فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع وال نقب وال صعود وال هبوط والشجرة،

    ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثارمن الماء

    دخان على قدر ما شاء الله أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيهاصدع وال

    نقب وذلك قوله: (والسماء بناها * رفع سمكها فسويها * وأغطش ليلها وأخرج ضحيها).قال: وال شمس وال قمر وال نجوم وال سحاب، ثم طواها فوضعها فوق األرض ثم نسب

    الخليقتين فرفع السماء قبل األرض فذلك قوله عز ذكره: (واألرض بعد ذلك دحيها) يقول:بسطها،

    فقال له الشامي: يا أبا جعفر قول الله تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات واألرضكانتا رتقا

    ملتزقتين رتقا أنهما كانتا تزعم فلعلك السالم): (عليه أبو جعفر له فقال ففتقناهما) ففتقت ملتصقتين

    إحداهما من األخرى؟ فقال: نعم، فقال أبو جعفر (عليه السالم): استغفر ربك فإن قول اللهجل وعز: (كانتا

    رتقا) يقول كانت السماء رتقا ال تنزل المطر وكانت األرض رتقا ال تنبت الحب فلما خلقالله

    تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة فتق السماء بالمطر واألرض بنبات الحب، فقالالشامي: أشهد أنك من ولد األنبياء وأن علمك من علمهم.

    * الشرح:(حديث أهل الشام عنه عن أحمد بن محمد) في مرجع الضمير خفاء وعوده إلى محمد بنيحيى خالف المتعارف وكأنه يعود إلى أحمد بن محمد بن عيسى ويكون المراد بأحمد

    بن محمدأبو جعفر البرقي (قد أعيت علي أن أجد) أعيته أعجزته ووصف المسألة باإلعياء من جهة

    إشكالهاوعسر جوابها. (وقد سألت عنها ثالثة أصناف) لعل المراد بهم أهل اإلسالم والحكماء

    والمتكلمون أو أهل اإلسالم واليهود والنصارى.(فإني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه) رده (عليه السالم) األجوبة المذكورة بقوله ما

    قالوا شيئاأخبرك إلى آخره دل على أن «من» ابتدائية وأن مراد السايل بخلقه المثال أو المهية النوعية

    القديمةأو المادة القديمة األزلية وقد ذهب إلى األول من قال أنه تعالى لم يخلق إال باحتذاء مثال،

    وإلى

  • الثاني من قال إن األشياء محدثة بعضها من بعض على سبيل التعاقب والتسلسل مع قدمالنوع وإلى

    الثالث من قال إن خلق األشياء من أصل قديم، وقد مر بطالن هذه األقوال في باب جوامعالتوحيد

    القلم وقال القدر، وقال بعضهم: قال: (فإن بعض من سألته وغيره وأوضحناه هناك. الروح) بعضهم:

    القدر عبارة عما قضاه الله تعالى وحكم به من األمور وقد يراد به تقدير األشياء والقلم يطلقتارة

    على كلما يكتسب به وتارة على ما كتب به اللوح المحفوظ وهو المراد هنا، قال بعضالعامة: أول

    ما خلقه الله القلم ثم النون وهو الدواة ثم قال اكتب ما هو كاين وما كان إلى يوم القيامةثم ختم على

    (١٠)

  • القلم فال ينطق إلى يوم القيامة واختلفوا في المأمور بالكتابة فقيل هو صاحب القلم بعدخلقه، وقيل

    إلى هذين أيضا القاضي مقامه، وأشار وإقامته العلم أولي نفسه إلجرائه مجرى القلم في الوجهين

    تفسير قوله تعالى (ن والقلم وما يسطرون) والروح ما يقوم به الجسد وتكون به الحياة وقديطلق

    على القرآن وعلى جبرئيل (عليه السالم) إذا عرفت هذا أقول لعل القائل األول نظر إلى أنالقضاء والتقدير

    مقدم على وجودات األشياء فحكم بأنه األول، والقائل الثالث نظر إلى أن الروح أشرفاألشياء

    ويتوقف عليه الكتابة في اللوح فحكم بأنه األول، والكل معترف بأن ما ذهبوا إليه نشأ منمثال

    سابق وهذا باطل. (فقال أبو جعفر (عليه السالم) ما قالوا شيئا) ألنهم أخطأوا في تعييناألول وتسليم قول

    السايل بأن األول مخلوق من شيء أما األول فألن الثالثة المذكورة متوقفة على العزمالمتوقف على

    اإلرادة كما مر في كتاب التوحيد وأما الثاني فلما أشار إليه (عليه السالم) بقوله (أخبرك أنالله تبارك وتعالى

    كان) في األزل (وال غيره شيء وكان عزيزا) غالبا على جميع األشياء (وال أحد كان قبلعزه) فلو

    كان أول ما خلقه من أصل قديم فإن كان ذلك األصل منه تعالى لزم أن يكون معه شيءوإن كان من

    غيره لزم أن يكون قبل عزه أحد أعز منه وهو تعالى يتبع أثره وكالهما باطل وذلك قوله(سبحان

    ربك رب العزة عما يصفون) إضافة الرب إلى العزة المطلقة تفيد اختصاصها به وعدمحصولها

    لغيره، وتنزيهه عن كل وصف ال يليق به يفيد ثبوت كل كمال له وسلب كل نقص عنهتعالى، وكل

    واحد منهما يستلزم توحيده وعدم مشاركة الغير معه في القدم والعزة المطلقة.(وكان الخالق قبل المخلوق) قبلية زمانية متوهمة وإال لزمت المشاركة المذكورة الموجبة

    للنقص وفيه تنبيه على أنه أنشأ الخلق على سبيل القدرة واالختيار ال على سبيل اإليجابواالضطرار ألنه قديم وخلقه حادث وصدور الحادث عن القديم إنما يتصور بطريق القدرة

    واالختيار دون اإليجاب واالضطرار وإال لزم تخلف المعلول عن تمام علته حيث وجدتالعلة في

  • األزل دون المعلول. وبعد تمهيد هذه المقدمات الحقة أشار إلى جواب السايل بقوله: (ولوكان

    أول ما خلق الله من خلقه الشيء من الشيء) المتوقف عليه خلق ذلك الشيء (إذا لم يكنله

    انقطاع أبدا) إذ يعود الكالم إلى الشيء األول فيحتاج هو أيضا إلى مثال متقدم (ولم يزلالله إذا

    ومعه شيء ليس هو يتقدمه) سواء كان ذلك الشيء من صنعه أو من صنع غيره وإن كانالمفروض

    هو األول لعدم القائل بالثاني والتالي باطل كما أشر إليه بقوله (ولكنه كان إذ ال شيء غيره)تحقيقا

    لمعنى القدرة واالختيار ورفعا لمعنى النقص واإليجاب واالضطرار ثم بين أن األول في عالمالخلق

    وهو عالم الجسم والجسمانيات خلق من باب االختراع ال من شيء سابق ومثال متقدموإذا ثبت

    ذلك ثبت أن األول في عالم األمر وهو عالم الروح والروحانيات خلق كذلك ألن الصانعإذا كان

    (١١)

  • قادرا مختارا عالما بوجوه المصالح يحيل األشياء إلى أوقاتها باختياره ويوجد كال في وقتهمن غير

    حاجة إلى شيء سابق ومثال متقدم فقال (وخلق الشيء الذي جميع األشياء منه) في عالماألجسام.

    (وهو الماء الذي خلق األشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبايضاف إليه). هذا وغيره من الروايات صريح في أن الماء أول صنع في عالم الخلق وأنه لم

    يخلق منشيء فبطل ما ذهب إليه علماء العامة مثل القرطبي وغيره ونطقت به رواياتهم من أن األول

    جوهرةأو ياقوتة خضراء فنظر إليها الجبار بالهيبة فانذابت وصارت ماء وتسخنت فارتفع منه دخان

    وزبدفخلق من الدخان السماء ومن الزبد األرض، ال يقال الماء محتاج إلى المكان فكيف يكون

    هو األولألنا نقول المكان عدمي وهو البعد الموهوم كما صرح به بعض المحققين ثم حصل له تميز

    عنمطلق الموهومات وتعين بسبب خلق الماء فكان تميزه تعينه تابعا لخلق الماء، وبما ذكرنا

    حل هذاالحديث ظهر أنه ال ينافي ما مر في كتاب األصول في باب مولد النبي (صلى الله عليه

    وآله) عن أبي عبد الله (عليه السالم) قالالله تعالى يا محمد إني خلقتك وعليا نورا (يعني روحا) بال بدن قبل أن أخلق «قال

    سماواتيوأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني - الحديث» ما روي عنه (صلى الله

    عليه وآله) قال «أول ماخلق الله روحي» وعنه أيضا «أول ما خلق الله العقل» وال منافاة بين هذه الروايات ألن

    هذه الثالثةمتحدة بالذات مختلفة بالحيثيات إذ هذا المخلوق األول من حيث إنه ظاهر بذاته ومظهر

    لظهوره (١)____________________

    (١) قوله «من حيث أنه ظاهر بذاته ومظهر لظهوره» كالم دقيق مبني على أصول عقلية ونقلية وحاصله أن أولصادر من الواجب تعالى في السلسلة الطولية أعني العلل والمعلوالت أشرف المخلوقات مطلقا لكونه أقرب

    إلى الواجب تعالى وليس إال روح خاتم األنبياء (صلى الله عليه وآله) وهو نور لتحقق معناه فيه وكونه ظاهرا بذاتهومظهرا

    لغيره وهو عقل لتقدم العقل على الجسم في مذهب اإللهيين بخالف الماديين فإن العقل عندهم فرع الجسم إذليس اإلدراك والشعور عندهم إال عرضا من عوارض المادة وتركيب العناصر فالبد عندهم من وجود

    الجمادات مقدما على العقل ولوال تركيب األبدان ووجود الدماغ لم يكن فكر وال عقل عندهم وأما عند

  • اإللهيين فالموجودات العاقلة مستقلة عن الجسم قائمة بذاتها والجسم مركب محتاج إلى موجود عاقل غيرجسماني يحفظ أجزاءه ويقيمها كما ثبت في محله، وأما كون الماء أول المخلوقات فالمراد منه أول موجود

    جسماني ال أول الموجودات مطلقا كما علم مما مر، واعلم أن اإلمام (عليه السالم) جرى هاهنا على اصطالحالناس في

    ذلك العصر فإن العناصر عندهم كانت منحصرة في أربعة: الماء والهواء أي الريح، والنار، واألرض وبين (عليهالسالم) أن

    األصل هو الماء والثالثة األخرى مولدة منه وهو رأي ثاليس الملطي من قدماء اليونانيين وقال بعضهم: إناألصل هو الهواء وبعض أنه النار وبعض أنه األرض، ومقتضى كالم غيرهم أن العناصر األربعة كل أصل بنفسه

    لم يكن أحد منها مشتقا من اآلخر لمناسبات واستحسانات رأوها أحسن ولم يدع أحد منهم الظفر بما يوجباليقين وسلكوا في عددها مسلك الفقهاء حيث ينفون ما لم يثبت دليل على وجوده بأصالة العدم واستصحاب

    العدم األزلي مثال قالوا لم يتبين لنا كون الماء مركبا من عناصر مختلفة فاألصل عدمها فيكون الماء عنصرابسيطا ولم يتبين لنا وجود عنصر بسيط غير األربعة فاألصل عدم بسيط غيرها وكذلك في زماننا يعدون

    عناصر كثيرة لم يظهر لهم تركيبها فالتزموا ببساطتها وعددها نحو من مائة عنصر كلما ظفروا بعنصر جديدزادوه عليها وال فائدة دينية في تحقيق ذلك وتشخيصها إال أن يعلم بوجه كلي أن كل شيء إنما يوجد بتأثير

    مشيئة الله وقدرته وكون العنصر األصلي أوسط في القوام أظهر في العقل ألن الجامد كاألرض ال يسهل تشكلهبالصور المختلفة والفلزات ال يصنع إال بعد الذوب والريح مايلة إلى الحركة والتفرق وال يقبل التشكل

    والضبط األولى بقبول التغير وحفظ الشكل في الجملة هو المايع وهذا المقدار يكفي في تصور تغيير األشياءمن صورة إلى صورة وليس المقام لتحقيق األمور الطبيعية حتى يحتاج إلى تفصيل أكثر واإلنسان مفطور على

    إرجاع الكثرات إلى الواحد ليكون أول صادر من الواجب واحدا كما قالوا الواحد ال يصدر منه إال الواحد يعنيفي المرة األولى، لذلك اطمأن السائل لما سمع من اإلمام إرجاع كل المواليد إلى واحد هو الماء (ش).

    (١٢)

  • وجودات غيره وفيضان الكماالت من المبدأ عليها سمي نورا، ومن حيث إنه حي وبسببهحياة كل

    موجود سمي روحا، ومن حيث إنه عاقل لذاته وصفاته وذوات سائر الموجودات وصفاتهاسمي

    عقال، نعم هذه الروايات ظاهرا تنافي ما روي «أن أول ما خلق الله القلم» ويمكن أن يقالالقلم

    أيضا عبارة عما ذكره من حيث أن نقوش العلوم والكائنات في اللوح المحفوظ بتوسطهفهو بهذا

    االعتبار سمي قلما فالمعنى في الجميع واحدا والعبارات مختلفة وهذا التوجيه مذكور فيكتاب

    معارج النبوة وكتاب شواهد النبوة (وخلق الريح من الماء) لتحركه حركة عنيفة واضطرابهاضطرابا

    شديدا فحدثت منه الريح (ثم سلط الريح على الماء) فحركت ذلك الماء وأثارت أمواجاكأمواج

    البحار (فشققت الريح متن الماء) وحركته تحريكا كتحريك ما في القربة والسقاء حتىجعلت

    أسفله أعاله وأعاله أسفله (حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور) واقتضتالحكمة في

    كمية األرض وإيجادها على الحجم والبسط المعروفين (فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاءنقية

    ليس فيها صدع) أي شق (وال نقب) بالنون وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة (وال صعود والهبوط)

    الصعود بالفتح العقبة، والهبوط بالفتح الخدود (وال شجرة) أراد بالشجرة مطلق النباتاتوإنما

    حدثت هذه األشياء بعد ذلك باإلرادة واألسباب المقتضية لها. (ثم طواها فوضعها فوقالماء)

    تحت الكعبة كما دل عليه بعض الروايات (ثم خلق الله النار من الماء) ال يبعد من القدرةالقاهرة أن

    تحدث النار من حركات الماء وصدماته كما يحدث البرق من صدمات السحاب الماطرعند بعض،

    وكما تحدث من الشجر األخضر قال الله تعالى (الذي جعل لكم من الشجر األخضر نارافإذا أنتم منه

    توقدون) فمن قدر على إحداث النار من الشجر األخضر مع ما فيه من المائية المضادة لهاكان قادرا

  • على إحداث النار من الماء فال تنظر إلى من استبعد ذلك وقال ال نار هنالك. (فشققت النارمتن

    (١٣)

  • الماء) وسخنته تسخينا شديدا حتى ثار من الماء دخان وارتفع في جو متوهم وخالء متسعارتفاعا تقتضيه الحكمة البالغة (على قدر ما شاء الله أن يثور) ويصلح لخلق السماوات من

    غيرالدخان بسطا نقية) وبسط ذلك الدخان سماء صافية زيادة ونقصان (فخلق من ذلك

    مخصوصاوركبه تركيبا معلوما وضم إليه الجزء الصوري الحافظ لذلك التركيب إلى ما شاء الله.

    (ليس فيها صدع وال نقب) بالنون أو الثاء المثلثة واعلم أن ظاهر هذا الحديث والذي يأتيبعده

    وظاهر قوله تعالى (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) ناطق بأن السماء مخلوقة من دخانوأن

    المراد بالنار والدخان معناهما الحقيقي وقيل المراد بالدخان هنا البخار المتصاعد عن وجهالماء

    الحادث بسبب حركته بتحريك الريح له وليس محموال على حقيقته ألنه إنما يكون عنالنار وال نار

    هنالك وإنما سمي البخار دخانا من باب االستعارة للتشابه بينهما في الصورة ألن البخارأجزاء مائية

    خالطت الهواء بسبب لطافتها عن حرارة الحركة كما أن الدخان أجزاء مائية انفصلت عنجرم

    المحترق بسبب لطافتها عن حرارة النار وذلك قوله: (والسماء بناها * رفع سمكها) أيرفع سقفها

    عن األرض على قدر تقتضيه الحكمة وقد ذكر الصادق (عليه السالم) بعض تلك الحكمةفي توحيد المفضل.

    (فسويها) تسوية موجبة لكمالها من غير نقص فيها. (وأغطش ليلها) أي أظلمه (وأخرجضحيها)

    أي ضوءها وهو النهار وإنما أضافهما إليها ألنهما يحدثان بحركتها.(قال وال شمس وال نجوم وال سحاب) حين خلق السماء من الدخان وإنما حدثت هذه

    األشياء بعده لمصالح الخلق ومنافعهم. (ثم طواها ووضعها فوق األرض) على مقدار مناالرتفاع

    المحسوس ثم نسب الخليقتين أي جاء بواحدة منهما في أثر اآلخر (فرفع السماء قبلاألرض) أي

    رفعها بالبسط المعلوم قبل بسط األرض (فذلك قوله عز ذكره (واألرض بعد ذلك دحيها)يقول

    بسطها) على قدر معلوم لتكون مهدا لإلنسان ومرعى للحيوان. واعلم أن ظاهر هذه الخبروغيره

  • وظاهر القرآن لما دل على كون الماء أصال تكونت منه السماوات واألرض، وثبت أنالترتيب

    قادر على جميع فاعل مختار تعالى الباري أن وثبت نفسه، في أمر ممكن المذكور ثم الممكنات،

    لم يقم دليل عقلي يمنع من إجراء هذه الظواهر على ما دلت عليه بظاهرها وجب عليناالقول

    بمقتضاها وال حاجة بنا إلى التأويل الذي ذكره بعض الناس ونحن تركناه لطوله وال يضرناما ذهب

    إليه الحكماء من تأخر وجود العناصر عن وجود السماوات ألن أدلتهم مدخولة. (فقالالشامي يا

    أبا جعفر قول الله تعالى (أولم ير الذين كفروا أن السماوات كانتا رتقا)) أي ذات رتق أومرتوقتين

    (ففتقناهما) الرتق ضد الفتق وهو الشق، فالرتق الضم وااللتحام، والمراد بالرؤية الرؤية القلبيةوهي

    العلم، والكفرة وإن لم يعلموا ذلك لكنهم كانوا متمكنين من العلم به نظرا ومن االستداللبه على

    وجود الصانع. (فقال أبو(١٤)

  • جعفر (عليه السالم) فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان إحداهما من األخرى(١) فقال

    ففتقت واحدة األفالك كانت بعضهم وقال العامة مفسري بعض بذلك فسره نعم) بالتحريكات

    المختلفة حتى صارت أفالكا وكانت األرضون واحدة ففتقت باختالف كيفياتها وأحوالهاطبقات

    وأقاليم. (فقال أبو جعفر (عليه السالم) استغفر ربك) هذا صريح في أن ما زعمه ليس بمرادمن اآلية، فإن

    قول الله عز وجل (كانتا رتقا).. إلى آخره بذلك فسره أيضا بعض المفسرين قال القاضيفيكون

    المراد بالسماوات سماء الدنيا وجمعها باعتبار اآلفاق أو السماوات بأسرها على أن لهامدخال

    ما في األمطار. (فقال الشامي أشهد أنك من ولد األنبياء وأن علمك من علمهم) الظاهر أنهآمن به

    والقول بأن لفظ الشهادة ليس نصا في اإليمان حتى يعتقد ويستسلم وليس ذلك بمعلوم،بعيد.

    * األصل:٦٨ - محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العالء بن رزين، عن محمد ابن

    مسلموالحجال، عن العالء، عن محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر (عليه السالم): كان كل

    شيء ماء وكان عرشهعلى الماء فأمر الله عز ذكره الماء فاضطرم نارا ثم أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها

    دخانفخلق الله السماوات من ذلك الدخان وخلق األرض من الرماد ثم اختصم الماء والنار

    والريحفقال الماء: أنا جند الله األكبر، وقالت الريح: أنا جند الله األكبر، وقالت النار: أنا جند الله

    األكبر،فأوحى الله عز وجل إلى الريح: أنت جندي األكبر.

    * الشرح:قوله (كان كل شيء ماء) أي نسب كل شيء إلى الماء وليس للماء نسب يضاف إليه ألنه

    أولحادث من أجرام هذا العالم (وكان عرشه على الماء) قيل كان فوقه ال على أن يكون

    موضوعا علىمتنه واستدل به على إمكان الخالء، وقال ابن عباس «فوقه» وقوله يحتمل األمرين وقال

  • األبى فيكتاب إكمال اإلكمال أقوال المفسرين فيه كثيرة والله أعلم بحقيقة ذلك، والمقطوع به أنه

    سبحانهوتعالى قديم بصفاته ليس بجسم وجسماني وال أول لوجوده وكان وال شيء معه انتهى.

    أقوليحتمل أن يراد بالعرش هنا العلم وقد جاء تفسيره به في كثير من األخبار وكان علمه

    المتعلقبالموجود من األجرام على الماء فقط إذ لم يكن غيره موجودا والله يعلم. (فأمر الله عز

    وجل الماءفاضطرم نارا) اضطرمت النار اشتعلت وأضرمها أوقدها فاضطرمت أي توقدت واشتعلت.

    (وخلقاألرض من الرماد) هذا ال ينافي ما مر من أنها خلقت من زبد الماء ألن الرماد زبد سمي

    رمادا____________________

    (١) كذا.

    (١٥)

  • باعتبار أنه بقي بعد تأثير النار فيه وخروج أجزاء مائيته وتصاعدها من تأثير النار.(فأوحى الله إلى الريح أنت جندي األكبر) كل ناصر لدين الله وغالب على عدوه ونافع

    لخلقهفهو جند لله كما قال عز وجل (ولله جنود السماوات واألرض) وقال (وأيده بجنود لم

    تروها) أيدهبالمالئكة والريح فهزموا األحزاب وقال (وإن جندنا لهم الغالبون) ومن البين أن األكبرية

    باعتبارالقوة والغلبة والضر والنفع وأن لكل واحد من الماء والنار والريح هذه األوصاف إال أنها في

    الريحأقوى وأشد من الماء والنار إذ طبعهما ال يقتضي إال أمرا واحدا بخالف الريح فإنها مع

    اتحادجوهرها مصدر آلثار مختلفة كإيقاد النار وإخمادها وإثارة السحاب وجمعها وتفريقها

    وتنقيةالحبوب وتزويج النفوس وتلقيح األزهار وتربية الثمار وتلطيف األهوية وتكثيفها وتحريك

    السفنوتسكينها باإلحاطة عليها وسرعة السير إلى جهات مختلفة وقوة الحركة إلى أمكنة متباعدة

    إلى غيرذلك من خصالها التي ال تحصى ويكفي في ذلك أنه انفتحت السماء بماء منهمر وانفجرت

    العيونوجرت المياه من كل جانب إلهالك قوم نوح وخرجت الريح على مقدار حلقة خاتم أو

    خرقة أبرةإلهالك قوم عاد ولو خرجت على مقدار منخر ثور ألهلكت البالد كلها.

    (١٦)

  • حديث الجنان والنوق* األصل:

    ٦٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني عن أبيجعفر (عليه السالم) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عن قول الله عز وجل

    (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا)فقال: يا علي إن الوفد ال يكونون إال ركبانا أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله واختصهم

    ورضيإنهم النسمة الحبة وبرأ أما والذي فلق يا علي له: المتقين، ثم قال أعمالهم فسماهم

    ليخرجون منبالدر الذهب مكللة العز عليها رحال بنوق من نوق لتستقبلهم المالئكة قبورهم وإن

    والياقوتوجالئلها اإلستبرق والسندس وخطمها جدل األرجوان، تطير بهم إلى المحشر مع كل

    رجلمنهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب

    الجنةاألعظم وعلى باب الجنة شجرة إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس وعن

    يمينالشجرة عين مطهرة مزكية. قال: فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد

    ويسقط منأبشارهم الشعر وذلك قول الله عز وجل: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) من تلك العين

    المطهرة.قال: ثم ينصرفون إلى عين أخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها وهي عين الحياة فال

    يموتون أبدا، ثم يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من اآلفات واألسقام والحر والبرد أبدا،قال:

    فيقول الجبار جل ذكره للمالئكة الذين معهم احشروا أوليائي إلى الجنة وال توقفوهم معالخالئق فقد سبق رضاي عنهم ووجبت رحمتي لهم وكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب

    الحسنات والسيئات، قال: فتسوقهم المالئكة إلى الجنة، فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنةاألعظم

    ضرب المالئكة الحلقة ضربة فتصر صريرا يبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدها الله عزوجل

    ألوليائه في الجنان فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة فيقول بعضهن لبعض: قد جاءناأولياء

    الله. فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين واآلدميينفيقلن:

  • مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.فقال علي (عليه السالم): يا رسول الله أخبرنا عن قول الله جل وعز: (غرف من فوقها

    غرف مبنية) بماذابنيت يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عز وجل ألوليائه بالدر والياقوت

    والزبرجد،سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها

    ملكموكل به فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة وحشوها

    المسك والكافور والعنبر وذلك قول الله عز وجل (وفرش مرفوعة) إذا ادخل المؤمن إلىمنازله

    في الجنة، وضع على رأسه تاج الملك(١٧)

  • والكرامة وألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر المنظوم في األكاليل تحت التاج.قال:

    وألبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤوالياقوت األحمر فذلك قوله عز وجل (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم

    فيهاحرير).

    فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا فإذا استقر لولي الله جل وعز منازله فيالجنان استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله عز وجل إياه فيقول له خدام

    المؤمنمن الوصفاء والوصائف: مكانك فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته وزوجته الحوراء تهيأ له

    فاصبرلولي الله.

    قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها وعليهاسبعون

    حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وهي من مسك وعنبر وعلى رأسها تاج الكرامةوعليها

    نعالن من ذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي اللهفهم أن

    يقوم إليها شوقا فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب وال نصب فال تقم أنا لك وأنتلي.

    قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا ال يملها وال تمله، قال: فإذا فتر بعضالفتور من غير ماللة نظر إلى عنقها فإذا عليها قالئد من قصب من ياقوت أحمر وسطها لوحصفحته درة مكتوب فيها: أنت يا ولي الله حبيبي وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي

    وإليتناهت نفسك، ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء.

    قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه استأذن لنا علىولي الله فإن الله بعثنا إليه نهنئه، فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه بمكانكم.

    قال:فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثالث جنان حتى ينتهي إلى أول باب

    فيقولللحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين تبارك وتعالى ليهنئوا ولي

    الله وقدسألوني أن آذن لهم عليه فيقول الحاجب إنه ليعظم علي أن أستأذن ألحد على ولي الله

    وهو مع

  • زوجته الحوراء قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان.قال: فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب

    العزةيهنئون ولي الله فاستأذن لهم فيتقدم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب

    العرصةفيؤذن فيعلمونه قال: بمكانهم فأعلموه الله يهنئون ولي الله أرسلهم ألف ملك وهم

    للمالئكةفيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك

    موكل به فإذاأذن للمالئكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الموكل به قال: فيدخل القيم كل

    ملك منباب

    (١٨)

  • من أبواب الغرفة قال: فيبلغونه رسالة الجبار عز وجل وذلك قول الله تعالى (والمالئكةيدخلون عليهم من كل باب (من أبواب الغرفة) سالم عليكم..) إلى آخر اآلية قال: وذلك

    قوله جلوعز: (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة

    والنعيموالملك العظيم الكبير، إن المالئكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون] في الدخول [عليه فالواألنهار تجري من تحت قال: الكبير، العظيم الملك فلذلك بإذنه إال عليه يدخلون

    مساكنهموذلك قول الله عز وجل (تجري من تحتهم األنهار) والثمار دانية منهم وهو قوله عز وجل:

    (ودانيةعليهم ظاللها وذللت قطوفها تذليال) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه

    منالثمار بفيه وهو متكئ وإن األنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا ولي الله كلني قبل أن

    تأكل هذاقبلي.

    قال: وليس من مؤمن في الجنة إال وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وأنهار منخمر

    وأنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من عسل فإذا دعا ولي بغذائه أتي بما تشتهي نفسهعند طلبه

    الغذاء من غير أن يسمي شهوته قال: ثم يتخلى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضا ويتنعمونفي

    حياتهم في ظل ممدود في مثل ما بين طلوع الشمس وأطيب مع ذلك لكل مؤمن سبعونزوجة

    حوراء، وأربع نسوة من اآلدميين والمؤمن ساعة مع الحوراء وساعة مع اآلدمية وساعة يخلوبنفسه على األرائك متكئا، ينظر بعضهم إلى بعض، وإن المؤمن ليغشاه شعاع نور وهو علىأريكته ويقول لخدامه: ما هذا الشعاع الالمع؟ لعل الجبار لحظني، فيقول له خدامه: قدوس

    قدوس جل جالل الله بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد رأتك متكئا علىسريرك

    تبسمت نحوك شوقا إليك فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها،وصفائه

    ونقائه ورقته.قال: فيقول ولي الله: ائذنوا لها فتنزل إلي فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها

    بذلك فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة، مكللة بالدروالياقوت

  • والزبرجد صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة طولهاالخدام أقبل الله سبعون ذراعا وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع فإذا دنت من ولي

    بصحائفالذهب والفضة فيها الدر والياقوت والزبرجد فينثرونها عليها ثم يعانقها وتعانقه فال يمل وال

    تمل.قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السالم): أما الجنان المذكورة في الكتاب فإنهن جنة عدن

    وجنة الفردوسوجنة نعيم وجنة المأوى، قال: وإن لله عز وجل جنانا محفوفة بهذه الجنان وإن المؤمن

    ليكون لهمن الجنان ما أحب واشتهى، يتنعم فيهن كيف] ي [شاء وإذا أراد المؤمن شيئا أو اشتهى

    إنما(١٩)

  • دعواه فيها إذا أراد أن يقول (سبحانك اللهم) فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى منغير أن

    يكون طلبه منهم أو أمر به وذلك قول الله عز وجل (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهمفيها سالم)

    يعني الخدام. قال: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يعني بذلك عندما يقضونمن لذاتهم

    من الجماع والطعام والشراب. يحمدون الله عز وجل عند فراغتهم وأما قوله: (أولئك لهمرزق

    معلوم) قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله عز وجل:(فواكه

    وهم مكرمون) قال: فإنهم ال يشتهون شيئا في الجنة إال أكرموا به.* الشرح:

    النخل ذات الحديقة الجنة وهي الجنان ككتاب جمع والنوق) الجنان قوله (حديث والشجر،

    ثم غلب إطالقها على الجنة التي أعدت للمتقين، والنوق جمع الناقة. (يوم نحشر المتقين)هم

    الذين حبسوا أنفسهم على الحق ورفضوا عنهم الميل إلى الباطل وطهروا ظاهرهم وباطنهمعن

    الرذائل. (إلى الرحمن وفدا) جمع وافد أي وافدين عليه كما يفد الوافدون على الملوكالكرام

    منتظرين لإلحسان واألنعام، وإنما ذكر الرحمن هنا ألنه أنسب بالمقام لكونه مشعرا بصدورأنواع

    من الرحمة واإلكرام. (إن الوفد ال يكونون إال ركبانا) الركبان جمع الراكب للبعير خاصةوقد يكون

    به أي خصهم بالشيء اختصهم (واختصهم) الوفد غزوا. في معتبر والركوب للخيل به فاختصوا

    الزم ومتعد، والمعنى خصهم بذاته المقدسة فاختصوا به وصرفوا وجوه قلوبهم إليه وعكفواعلى

    العز عليها رحال ما فيه رضاه بين يديه ورفضوا ما يشغلهم عنه بغيره (بنوق من نوق الذهب)

    إضافة النوق إلى العز المية باعتبار أنها معدة لمن أراد الله تعالى عزته في ذلك اليوم،والرحال جمع

    رحل وهو مركب للبعير كالسرج للفرس. (مكللة بالدر والياقوت) في الفايق تكليلها أنيحوطها

  • كاألكاليل للرأس ومنه جفنة مكللة وروضة مكللة. (وجاليلها اإلستبرق والسندس) جالئلجمع

    جالل جمع جل وهو بالضم والفتح ما تلبسه الدابة لتصان به، والسندس مارق من الديباج،واإلستبرق ما غلظ منه معرب أو هو استفعل من البريق. (وخطمها جدل األرجوان) الخطم

    جمعالخطام كالكتب جمع الكتاب والجدل كالكتب جمع الجديل وهو الزمام المجدول أي

    المفتولللبعير، واألرجوان معرب أرغوان وهو شجر له نور أحمر وكل نور يشبهه فهو أرجوان،

    وقيل هذهالكلمة عربية واأللف والنون زائدتان. (يطير بهم إلى المحشر) شبه سيرها بالطيران في

    السرعةففيه استعارة تبعية مع احتمال إرادة الحقيقة. (حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة األعظم وعلى

    بابالجنة شجرة) لعل المراد إلى قريب من باب الجنة وعلى قرب منه شجرة فال ينافي ما

    سيجيء منقوله (فيسوقهم المالئكة إلى الجنة إذا انتهوا بهم إلى باب الجنة) فليتأمل (فيسقون منها

    شربة(٢٠)

  • فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد) لئال يحسد بعضهم بعضا في درجات الجنة ويحتمل أنيراد به

    الحسد الذي كان بينهم في الدنيا ألن الجنة ال يدخلها إال طاهر من جميع الرذائل.(وال توقفوهم مع الخالئق) الظاهر أن الخالئق في المحشر للحساب ال في مقامهم فلعل

    المرادال توقفوهم مع وقوف الخالئق انتظارا لفراغتهم من الحساب. (تصر صريرا) صر يصر صرا

    وصريراصوت وصياح شديد. (وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين واآلدميين) أي تشرف

    عليهممن الغرف من «أشرف عليه» إذا اطلع من فوق أو ترفع عليهم أبصارهن للنظر إليهم أو

    تخرج منقولهم استشرفوك إذا خرجوا إلى لقائك، وفيه داللة على أن النساء الصالحات يدخلن الجنة

    قبلالرجال الصالحين (محبوكة بالفضة) الحبك الشد واإلحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب

    ونحوه،والتحبيك التوثيق والتخليط.

    (فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض) الظاهر أنه تفسير لمرفوعة ويحتمل أن يكون وصفاآخر

    لفرش، وحينئذ يمكن أن يراد بمرفوعة أنها رفيعة القدر كما قيل، وقيل: الفرش النساء وهيمرفوعة

    على األرائك، وأيده بقوله تعالى (إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا) وهذا القول علىالتفسير

    المذكور منقطع عن السابق لبيان وصف نساء أهل الجنة، ومرجع الضمير معلوم بحسبالمقام مع

    إمكان االتصال أيضا بأن يراد بقوله (عليه السالم) (بعضها فوق بعض) أن كل واحدة عندالناظر أحسن من

    األخرى للمبالغة في عدم وجود النقص فيهن، والله يعلم.(والدر منظوم في األكاليل تحت التاج) األكاليل التاج وشبه عصابة تزين بالجوهر ولعل

    المرادبه الثاني وإن أريد به األول كان المراد بتحت التاج حواشيه (يحلون فيها من أساور من

    ذهب) مناألولى ابتدائية والثانية للبيان، وأساور جمع أسورة جمع سوار بكسر السين وضمها وهو

    حليمعروف. (فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا) بصعود المؤمن عليه وحمله

  • وكل منالوصفاء والوصائف المؤمن من له خدام (فيقول له. اهتز فقد خف ألمر وارتاح عنه

    مكانك) فيالقاموس: وفي واألمة وصيفة، وجمعهما وصائف ووصايف العبد، الوصيف النهاية:

    الوصيفالخادم والخادمة والجمع وصفاء كالوصيفة وجمع الجمع وصائف (فإن ولي الله قد اتكأ

    علىأريكته) كهيئة المتنعم قال الله تعالى (متكئين فيها على األرائك نعم الثواب) أي الجنة

    ونعيمها(وحسنت مرتفقا) أي حسنت األرائك متكأ، واألريكة سرير مزين في قبة أو بيت والجمع

    أرائك(وزوجته الحوراء تهنأ له فاصبر لولي الله) تهنأ في بعض النسخ بالنون بعد الهاء من التهنية

    وفيبعضها بالياء بعدها من التهيئة، واعلم أنه لم يذكر اإلذن في الدخول لهذا الملك العظيم

    الشأن واليبعد أن يكون إذنه عند إذن ألف ملك يأتي ذكرهم. (قال فتخرج عليه زوجته الحوراء من

    خيمةلها) وجود الخيمة في الجنة ثبت من طرق العامة أيضا ففي كتاب مسلم عن النبي (صلى

    الله عليه وآله) «قال إن(٢١)

  • للمؤمن في الجنة لخيمة عن لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميال، للمؤمن فيها أهلونيطوف

    عليهم المؤمن فال يرى بعضهم بعضا» وفيه روايات أخرى كلها بهذا المعنى، قال عياض:الخيمة

    بيت مستديرة كبيوت األعراب وإنما ال يرون لبعدها وطول أقطارها; وقال المازري إذاكان طولها

    في السماء ستين ميال فما ظنك بطولها وعرضها في األرض إال أن في الرواية األخرى:وعرضها

    ستون ميال، فطولها وعرضها متساويان، انتهى. (نظر إلى عنقها فإذا عليها قاليد من قصبمن

    ياقوت أحمر) القصب محركة ما كان مستطيال من الجوهر.(فيبلغونه رسالة الجبار) ذكر الجبار هنا ألنه أنسب لداللته على أنه جبر نقائص الخالئق

    حتىبلغوا هذه المراتب. (سالم عليكم) أي قايلين (سالم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)

    فهو حالعن فاعل يدخلون والباء متعلق بعليكم أو بمحذوف، أي هذا بما صبرتم، والباء للسببية أو

    البدلية.(وذلك قوله عز وجل) ذلك إشارة إلى ما ذكر من منازل المؤمن في الجنة وحاالته فيها

    وإذنالمالئكة المدخول عليه. (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما) قال القاضي ليس له مفعول ملفوظ

    وال مقدرألنه عام والمعنى أن بصرك أينما وقع رأيت نعيما (وملكا كبيرا) واسعا وفي الحديث (إن

    ألهلالجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه). «وهو قوله عز

    وجل:(ودانية عليهم ظاللها)» لتوسطها بين غاية االرتفاع واالنخفاض وهو دليل عل دنو األثمار

    وسهولةتناولها، وضمير التأنيث راجع إلى الجنة. (وذللت قطوفها تذليال) قطف العنب يقطفه جناه

    وقطفه،والقطف بالكسر: العنقود، والجمع القطوف. (يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من

    الثماربفيه) حقيقة أو هو كناية عن نهاية قربها وكونها بحذاء الوجه وقد أجمع أهل اإلسالم على

    أن أهلالجنة يتنعمون فيها كتنعمهم في الدنيا فيأكلون ويشربون ويتناكحون وال يتغوطون وال

  • يبولون. (وأناألنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله يا ولي الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي) يمكن أن

    يكون ذلكالقول بإيجاد النطق المعروف فيها وأن يكون بلسان الحال، ويفهم ذلك ولي الله باإللهام.

    (وليس منمؤمن في الجنة إال وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات) قال القاضي جنات من

    الكروممعروشات مرفوعات على ما يحملها وغير معروشات ملقيات على وجه األرض (ويتنعمون

    فيجناتهم في ظل ممدود) غير منقطع أبدا (في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس)

    فياللطافة والرقة واالعتدال ال حار محم وال بارد مؤذ، وهو قوله عز وجل (ال يرون فيها

    شمسا والزمهريرا)، والظاهر أن «ذلك» في قوله «وأطيب من ذلك» إشارة إلى تفصيل ذلك الظل

    على ما بينطلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وتعلقه بما بعده بعيد. (لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء

    وأربعنسوة من اآلدميين) لعل هذا أقل المراتب لما رواه في الفقيه من أن لكل مؤمن ألف نسوة

    من(٢٢)

  • اآلدميين، وقبل فيه داللة على أن صنف النساء في الجنة أكثر من صنف الرجال وأنه ينافيما دل

    عليه بعض األخبار من أن أكثر أهل النار النساء. أقول: المنافاة إنما يتم لو ثبت أن عددالنساء مساو

    لعدد الرجال أو أنقص وأنه ممنوع لجواز أن يكون أزيد، ولو سلم فنقول أكثريتهن فيالجملة ال

    يستلزم أكثريتهن دائما لجواز الخروج من النار بالشفاعة ونحوها فيكون للمؤمن هذا العددمن

    اآلدميين بعد الخروج ال ابتداء.(ويقول لخدامه ما هذا الشعاع الالمع لعل الجبار لحظني) لحظه ولحظ إليه أي نظر إليه

    بمؤخر عينه واللحاظ بالفتح مؤخر العين وأمثال هذه األفعال إذا نسبت إليه تعالى يراد بهاالمعاني

    المجازية المناسبة بها فيراد هنا التجلي كما تجلى لموسى على نبينا وعليه السالم فإن قلتقول

    الخدام قدوس قدوس جل جالل الله دل على أن المراد هنا هو المعنى الحقيقي ألنه الذيوجب

    تنزيهه عنه دون المعنى المجازي، قلت ال داللة له على ذلك بل قالوا ذلك ألنهم لما سمعوااسم

    الجبار جل شأنه نزهوه تنزيها وهذا كما يقول أحدنا يا الله فيقول الحاضرون: جل جاللهوعظم

    شأنه. نعم لفظة «له» يشعر بما ذكر، واألمر فيه - بعد وضوح المقصود - هين. (فيقول لهخدامه

    قدوس قدوس جل جالل الله) قيل يجو