365
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﺍﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ١ : ﺍﻟﺠﺰﺀ١٣٩٨ : ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻭﻧﺸﺮ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻷﻭﻟﻰ١٣٧٦ ﺁﺑﺎﻥ- ١٤١٨ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ: ﺟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ: ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻭﺝ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻭﻧﺸﺮ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺭﺩﻣﻚ: ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ:

ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

  • Upload
    others

  • View
    6

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الكتاب: البيعالمؤلف: السيد مصطفى الخميني

الجزء: ١الوفاة: ١٣٩٨

المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامنتحقيق: مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني

الطبعة: األولىسنة الطبع: جمادي الثاني ١٤١٨ - آبان ١٣٧٦ ش

المطبعة: مطبعة مؤسسة العروجالناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني

ردمك:مالحظات:

Page 2: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بمناسبة الذكرى السنوية العشرينلشهادة العالمة المجاهد آية الله

السيد مصطفى الخميني (قدس سره)هوية الكتاب

* اسم الكتاب: كتاب البيع (ج ١)* المؤلف: السيد مصطفى الخميني (قدس سره)

* تحقيق ونشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني (قدس سره)* سنة الطبع: آبان ١٣٧٦ - جمادى الثاني ١٤١٨

* الطبعة: األولى* المطبعة: مطبعة مؤسسة العروج

* الكمية: ٣٠٠٠ نسخة* السعر: ١١٠٠٠ ريال

جميع الحقوق محفوظة للناشربسم الله الرحمن الرحيم

والصالة والسالم على الرسول األمين وعلى آلهوأصحابه المنتجبين واللعنة على

أعدائهم أجمعين

(تعريف ١)

Page 3: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كتاب البيعوفيه مقاصد:

(٣ تعريف)

Page 4: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقصد األولفي حقيقته وماهيته

وفيه جهات:

(٥)

Page 5: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجهة األولىفي تعريف ماهيته

(٧)

Page 6: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

في أن ماهية البيع اعتبارية حادثة بعد االجتماعوحيث ال حد لها تعرف بآثارها، فإنها من االعتبارات المقصود فيهاالتمليك بالعوض، بخالف الصلح، فإن المقصود ليس فيه ذلك وإن

تحصل منه هذه الفائدة.هذا بناء على المشهور (١)، وأما على المختار فهو ليس عقدا مستقال،

والتفصيل في محله.وأخذ عنوان التمليك (٢) أو عنوان المبادلة (٣) في حدها غير

صحيح، ألنه بالحمل األولي ليس واحدا من تلك المفاهيم، واالتحادالخارجي في الحمل الشائع ال يجوز التحديد اصطالحا.

وليس األثر المذكور عاما، ألن ذلك في غير البيع ال يبقى علىإطالقه، كما ال يخفى.

وحيث إن القبول ليس داخال في ماهية المعامالت، فال ينقض--------------------

١ - السرائر ٢: ٦٤ - ٦٥، شرائع االسالم ٢: ٩٩، مسالك األفهام ١: ٢١٢ /السطر ١٨، جواهر الكالم ٢٦: ٢١٢.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٧٩ / السطر ٢٠.٣ - المصباح المنير: ٨٧، منية الطالب ١: ٣٤ / السطر ٢١، و ٣٥ / السطر ١٧.

(٩)

Page 7: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بالهبة المعوضة (١)، ألنها تحتاج إلى الهبة الثانية، بخالف البيع مثال،فإنه يحصل بعمل البائع بتمام هويته وحقيقته.

نعم، يحتاج في األثر إلى القبول، كما في الفضولي.ومما يشهد على أن الملكية ليست داخلة بمفهومها في الماهية

المشار إليها: صحة بيع الشئ قبل تملكه مع القدرة على حيازته،وصحة بيع الكلي.

إيقاظ: حول تقسيم أسباب البيع إلى دخيل في األثر ودخيل في صدق االسمحقيقة البيع من المعاني االعتبارية المتوسل إليها باألسباب

المختلفة، كاأللفاظ، واإلشارة، والفعل المطلق، أو المخصوص. والقيودالمعتبرة فيها إما من األمور الدخيلة فيها عرفا، أو شرعا:

فما كان من الثاني، فهو ليس داخال في ماهيتها، كما ال يخفى.وما كان من األول، فربما يختلج بالبال دعوى تقومها به، ألنها ترجع

إلى صحة سلبها عند فقد ذلك القيد عرفا.ولكنه غير تام، لشهادة اللغة واالطالقات الدارجة على خالفه،

فهي عندهم على نحوين:منها: ما هو الدخيل في األثر.

ومنها: ما هو الدخيل في الذات.وعلى هذا يصح التمسك بإطالقات األدلة الشرعية لرفع القيود

--------------------١ - الحظ جواهر الكالم ٢٢: ٢٠٦.

(١٠)

Page 8: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المحتملة دخالتها، إال إذا رجع إلى الشك في االسم، فتوهم عدم جوازالتمسك، ألن االسم موضوع للصحيح، كما عن الشهيدين (١)، فاسد.

ولعل مرادهما من الصحيح هو المؤثر العرفي، دون الشرعي،فليتأمل، وسيأتي توضيح المسألة في الجهة اآلتية إن شاء الله تعالى (٢).

استئناف: حول حقيقة المعاوضةالمتعارف في العصور البدوية هو التبادل بين األعيان المسماة

ب المعاوضة والمشهور بين فقهائنا أنها بيع، لصدق تعاريفه المختلفةعليها.

وقد يشكل ذلك، لعدم مساعدة االطالقات الخاصة واالستعماالتالعامة عليه. مع أن البيع اعتباره على النظر مستقال إلى المعوض،

وال يؤخذ العوض في االنشاءين - االيجابي، والقبولي - مقدما علىالمعوض، بخالف المعاوضة، فيقول صاحب العين: عوضت هذا بهذا

ويقول اآلخر مثله، وهذا التعارف الخارجي يشهد على اختالفاالعتبارين في النظر العرفي.

وصحة إطالق لفظ البيع عليها ال يشهد على أنها بيع، ألنه أعم منالحقيقة، وباب التوسعات مفتوح على أرباب االستعماالت.

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٠ / السطر ٣٢، القواعد والفوائد ١: ١٥٨، الفائدة

الثانية من القاعدة ٤٢، مسالك األفهام ٢: ١٥٩ / السطر ٣٧.٢ - يأتي في الصفحة ١٥.

(١١)

Page 9: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وهذا ال يورث تقوم البيع بكون العوض كليا، ضرورة إمكان بيعالكتاب بالكتاب.

نعم، في المعاوضة يكون نظر المتعاملين كل بماله، ويكون كلواحد منهما معوضا وعوضا باختالف االعتبار، وفي البيع أحدهما المبيع،

واآلخر ثمنه، فال تخلط.ثم إنه يلزم بناء عليه، بطالن التعاريف المذكورة للبيع، ولكن جعل

األثر األخص أو األعم عنوانا مشيرا إلى تلك الحقيقة، مما ال بأس به.وإن شئت قلت: هو في األثر مختلف:

فمنه: ما يورث الملكية دون السلطنة، كما في المعاملة بمالالمحجور.

ومنه: ما يورث السلطنة والملكية، كما في المتعارف منه.ومنه: ما يورث السلطنة فقط، كما في بيع الحاكم العين الزكوية

من الحاكم اآلخر، على بعض المباني.وعليه كيف يمكن تعريفه؟! ومبادلة المال بالمال منقوض

باإلجارة، وبجعل اسقاط الحق ثمنا، كما اخترناه في األجرة فيها (١).--------------------

١ - لعله في كتاب اإلجارة من تحريرات في الفقه وهو مفقود.

(١٢)

Page 10: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجهة الثانيةفي األسباب المتوسل بهاإلى تلك الماهية االعتبارية

(١٣)

Page 11: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

عدم االشكال في صحة العقد اللفظيال شبهة بين فقهاء االسالم في صحة العقد اللفظي والبيع الموجود

باللفظ ونفوذه، وأنه هو الموضوع العتبار العقالء للنقل واالنتقال، وإنماالخالف بينهم في صحة السبب الفعلي والمعاطاة الخارجية

المتعارفة بين الناس قديما وحديثا، وقد بلغت أقوالهم إلى سبعة أوأكثر (١)، ومنشأ االختالف ليس راجعا إلى األدلة اللفظية إال ما شذ، بل هو

الختالف أنظارهم في درك ما هو المتعارف خارجا.فبالجملة: جعلوا محل النزاع ومصب النفي واالثبات المعاطاة.والذي هو الحق عندي: أن األمر على عكسه، فإن المعاطاة هي

األصل في العقود وااليقاعات، وفي صحة العقود اللفظية إشكال، إال--------------------

١ - مفتاح الكرامة ٤: ١٥٤ - ١٥٥، كتاب اإلجارة، المحقق الرشتي: ٤ / السطر ١٧ -١٨، حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٦٨ / السطر ١٥، مصباح الفقاهة ٢: ٨٧.

(١٥)

Page 12: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ما دل عليه الدليل الشرعي المتضمن لصحته ونفوذه، وذلك ألنالمعاطاة هي المعاملة التي حدثت حينما تشكلت معيشة االجتماع بينالناس، فإنهم بعدما احتاجوا إلى التبادل بين لوازم حياتهم، توسلوا إلى

المبادلة بين األموال والمعاوضة عليها، ثم بعد ذلك أشكل األمر عليهم،لجهات خارجة عن بحثنا، فتوجهوا إلى العروض والنقود، وجعلوها

أثمانا فيها، واعتبروا ماهية البيع بارتكازهم.وهذا االعتبار إما عين اعتبار المعاوضة، كما قد عرفت عن

المشهور، أو غيره، إال أنه قريب منه كما هو المختار. والذي ترى فيالمجتمع البشري في جميع األحيان واألعصار، وفي كافة البالد

واألمصار قديما وحديثا، ليس إال المعاطاة حتى في المعامالت الخطيرة،وأما ثبت المعاملة في الدفاتر والمكاتيب، فهو ليس إال سندا لها.

نعم، بين المتشرعة دارجت المعامالت العقدية، لما ذهب إليهافقهاؤهم من العصر األول، فال تغفل.

وال ينبغي الخلط بين المقاولة والعقد اللفظي، وما تجدون في البالدالراقية فهو منها أيضا، وليس بينهم تعارف العقود اللفظية.

وهكذا الخلط بين التعهدات على المعاملة، كما بين الدول، وبينالعقد اللفظي، وما تسمع: من أن المتعارف في التجارات الكلية هي

العقود اللفظية (١) باطل، بل هو منها، فنقل السببية من المعاطاةواألعمال الخارجية إلى األقوال واأللفاظ بخصوصها، يحتاج إلى دليل.

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٦ / السطر ٨ - ٩.

(١٦)

Page 13: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وفي كفاية االتفاق واالجماع (١) إشكال.وتوهم السيرة غير المردوعة (٢)، غير تام، لما أن السيرة - خصوصا

في تلك األعوام - على المعاطاة، ولو اتفق أحيانا العقد اللفظي، فهو ليسإلى حد يكون بمرأى ومسمع من الشرع، كما ال يخفى.

اللهم إال أن يقال: العقد اللفظي عقد لغة وعرفا، وعمومات المسألةتشمله، فيعلم منها صحته ونفوذه ولزومه.

أو يقال: بأن األدلة لو فرضنا قصورها عن إثبات حكم - كما سيأتيتفصيله في ذيل هذه الجهة - يمكن دعوى صحة العقد اللفظي، للعلم بعدمالخصوصية، فلو كان عند العقالء عقدا صحيحا وموضوعا العتبارهم، فعدم

الردع المطلق وإن كان ال يكفي، إال أن وحدة الحكم تستكشف منالموضوع المسانخ، كما ال يخفى، فليتدبر.

فتحصل: أن الدليل الوحيد على صحة العقد اللفظي، هي األدلةاللفظية والروايات الخاصة (٣).

--------------------١ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٦، مفتاح الكرامة ٤: ١٥٤.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٦ / السطر ٨.٣ - وهي المآثير التي استدل بها على اعتبار اللفظ في صحة البيع (أ)، فإنها وإن لم تدل

عليه، إال أنها تدل على كفاية العقد اللفظي] منه (قدس سره) [.(أ) القاسم بن سالم بإسناد متصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه نهى عن المنابذة والمالمسة وبيع

الحصاة.المنابذة يقال: أنها أن يقول لصاحبه: أنبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك،

وقد وجب البيع بكذا، ويقال: إنما هو أن يقول الرجل إذا نبذت الحصاة فقد وجبالبيع وهو معنى قوله: إنه نهى عن بيع الحصاة.

والمالمسة أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع بكذا، ويقال:بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب وال ينظر إليه فيقع البيع على ذلك.

وهذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعونها، فنهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها ألنها غرر كلها.معاني األخبار: ٢٧٨، وسائل الشيعة ١٧: ٣٥٨، كتاب التجارة، أبواب عقد البيع

وشروطه، الباب ١٢، الحديث ١٣.ابن أبي عمير، عن يحيى بن الحجاج، عن خالد بن الحجاج قال: قلت

ألبي عبد الله (عليه السالم) الرجل يجئ فيقول: اشتر هذا الثوب، وأربحك كذا وكذا، قال:أليس إن شاء ترك، وإن شاء أخذ؟ قلت: بلى، قال: ال بأس به إنما يحل الكالم،

ويحرم الكالم.تهذيب األحكام ٧: ٥٠ / ٢١٦، وسائل الشيعة ١٨: ٥٠، كتاب التجارة، أبواب

أحكام العقود، الباب ٨، الحديث ٤.علي بن جعفر، عن أخيه (عليه السالم) قال: سألته عن رجل باع بيعا إلى أجل فجاءاألجل والبيع عند صاحبه، فأتاه البائع، فقال له: بعني الذي اشتريته مني، وحط عني

كذا وكذا، وأقاصك بمالي عليك، أيحل ذلك؟ قال: إذا تراضيا فال بأس.

Page 14: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قرب اإلسناد: ٢٦٦، وسائل الشيعة ١٨: ٧١، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود،الباب ١٦، الحديث ٢٣.

الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السالم) في رجلين اشتركا في مال وربحا فيه ربحا وكانالمال دينا عليهما، فقال أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال والربح لك وما توى

فعليك، فقال: ال بأس به إذا اشترط عليه....تهذيب األحكام ٧: ٢٥ / ١٠٧، وسائل الشيعة ١٨: ١٧، كتاب التجارة، أبواب

الخيار، الباب ٦، الحديث ٤.عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سمعته يقول: إن المصاحف لن

تشترى، فإذا اشتريت فقل: إنما أشتري منك الورق، وما فيه من األديم، وحليته،وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا.

الكافي ٥: ١٢١ / ١، وسائل الشيعة ١٧: ١٥٨، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسببه، الباب ٣١، الحديث ١.

بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في رجل اشترى من رجل عشرة آالف طنقصب في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة، واألنبار فيه ثالثون ألف طن، فقال

البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آالف طن، فقال المشتري: قد قبلت واشتريتورضيت، فأعطاه من ثمنه ألف درهم، ووكل المشتري من يقبضه فأصبحوا وقد وقعالنار في القصب فاحترق منه عشرون ألف طن وبقي عشرة آالف طن، فقال: العشرة

آالف طن التي بقيت هي للمشتري، والعشرون التي احترقت من مال البائع.تهذيب األحكام ٧: ١٢٦ / ٥٤٩، وسائل الشيعة ١٧: ٣٦٥، كتاب التجارة، أبواب

عقد البيع وشروطه، الباب ١٩، الحديث ١.عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل

أن يخرج طلعها؟ فقال: ال، إال أن يشتري معها شيئا غيرها رطبة أو بقال، فيقول:أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل بكذا وكذا....

الكافي ٥: ١٧٦ / ٧، وسائل الشيعة ١٨: ٢١٩، كتاب التجارة، أبواب بيع الثمار،الباب ٣، الحديث ١.

(١٧)

Page 15: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ولو فرضنا صحة التمسك بالعمومات في هذه المسائل على ما هو

(١٨)

Page 16: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المشهور، فال بأس به هنا أيضا، ضرورة أن العقدة الحاصلة من االيجابوالقبول، تعد عقدا وبيعا، لما أن في صدقها ال نحتاج إلى مؤونة زائدة، بل

المدار على ترتيب آثار العقد المعاطاتي عليها، وعلى أن يكون بناؤهمعلى تمامية النقل واالنتقال بها.

(١٩)

Page 17: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بحث وتفصيل في المعاطاةاختلفت آراء فقهائنا في صحة المعاطاة وفسادها، بعد البناء على

صحة العقد اللفظي، وفي لزومها وجوازها. وربما ذلك بعد اتفاقهم علىإفادتها الملكية.

وفي أنها من المعامالت المتداولة، وتكون مندرجة فيها، وموضوعاألحكامها، كما قد يقال في الصلح، أو أنها معاملة مستقلة بحيال ذاتها.

وفي أنها على فرض بطالنها وعدم إفادتها الملك، تكون لغوا، أو هيسبب لإلباحة المطلقة، أو إباحة خاصة.

وفي أنها على االطالق مثل العقد اللفظي، أو يفصل بين األمورالخطيرة، وغير الخطيرة.

ويمكن دعوى التفصيل بين ما يقبل التسليط الخارجي، وما ال يقبل،ويمكن غير ذلك، كالتفصيل بين العقود وااليقاعات.

وحيث إن المسألة ال يفيد فيها االتفاق، فال وجه لصرف الكالم في

(٢١)

Page 18: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تحرير موقف النزاع ومصب النفي واالثبات، وال داعي لنا في توجيهمختار األصحاب، لما فيه من الخروج عما وضع عليه الكتاب.

والذي ال شبهة فيه: أن البحث هنا في سبب الملك الحاصلبالقول والعقد اللفظي، وأنه يختص به، أو يشاركه غيره في السببية،

فال بد من حفظ جميع القيود والشروط الموجودة في الصيغة فيالمعاطاة إال األلفاظ. وأما لو اختلف العقد باختالف السبب، فهو خارج

عن البحث قطعا. وعدم وجود الجامع الصحيح بين األقوال بشتاتها،ال يورث خلال في الباب، بل ال بد لنا من فرض النزاع على الوجه

الصحيح.ثم إنه بعد الفراغ عن هذه المسألة، يتوجه البحث حول أن

الفعل الجامع للشرائط لو لم يقم مقام القول، يكون من اللغو، أم يفيد إباحةالتصرفات وإن لم تكن مقصودة، لعدم الحاجة إليه.

فعد األقوال في المعاطاة ستة (١)، أو سبعة (٢)، من الغفلة عن حقيقةالحال. كما أن كونها معاملة مستقلة (٣)، ليس من األقوال في المعاطاة،

لجريان البحوث فيها أيضا.إذا عرفت ذلك، فالكالم في المقام يتم في ضمن مباحث، والمهم

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ٤.

٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٦٨ / السطر ١٥، مصباح الفقاهة ٢: ٨٧.٣ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٢٦ - ٢٢٨.

(٢٢)

Page 19: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

منها ثالثة، وأما البحث حول أنها مستقلة، أو أمر سار في العقودوااليقاعات، فهو ساقط جدا عنه، ضرورة أن المراجعة إلى ما هوالمتعارف بين الناس، تقضي بأنها سبب لحصول العلقة الحاصلة

بالصيغة أيضا، فتوهم ذلك ينافي التوصيف المتداول بينهم من قولهم:البيع المعاطاتي والصلح المعاطاتي واإلجارة المعاطاتية.

(٢٣)

Page 20: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المبحث األولفي إفادة المعاطاة للملكية

هل المعاطاة تفيد الملكية إذا كانت الشرائط موجودة عرفا، ومنهاقصد المتعاملين التمليك بالعوض، والتسليط بالثمن، وهو المنسوب

إلى المتأخرين (١)، واختاره جمع آخر (٢).أم ال وتكون باطلة، وال توجب الملكية؟ وهو المحكي عن

نهاية العالمة (٣). ولعل القائل باإلباحة يقول أيضا بالبطالن، فهوالمشهور بين القدماء (٤) ومن تعرض منهم للمسألة.

--------------------١ - جامع المقاصد ٤: ٥٨، مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٣٩.

٢ - مفاتيح الشرائع ٣: ٤٨، المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ١٥ - ١٦،حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٦٨ / السطر ٢١، منية الطالب ١: ٤٩ / السطر

.٧٣ - نهاية اإلحكام ٢: ٤٤٩.

٤ - المبسوط ٢: ٨٧، الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٦، السرائر ٢: ٢٥٠.

(٢٥)

Page 21: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والحق هو األول، لما عرفت منا سابقا (١)، ولعدم تمامية الجهاتالمذكورة إشكاال عليها، وهي كثيرة:

االستدالل على بطالن المعاطاة بعدم تحقق إنشاء المعاملة بالفعلفمنها: أن االنشاء من االعتبارات، وال يمكن التوسل إليه وإيجاده

إال بما هو قابل لذلك، وهو القول دون الفعل.وإن شئت قلت: ليس الفعل موضوعا لالنشاء، حتى يتوسل به إليه،

بخالف هيئات األلفاظ، فإنها كما تكون موضوعة لالخبار موضوعة لالنشاءأيضا.

ولك أن تقول باعتبار الوضع والسنخية بين اآلالت ومعلوالتها.وفيه: - مضافا إلى السيرة العملية - أن باب االعتبارات أوسع من

ذلك، وال خصوصية لأللفاظ. نعم مجرد االمكان غير كاف.وبذلك يدفع االشكال الثاني: هو أن إمكان االنشاء بالفعل، ال يالزم

نفوذه وصحته، ووجه الدفع واضح.االستدالل على البطالن بعدم شمول آية الوفاء والتجارة للمعاطاةومنها: أنها لغة وعرفا ليست عقدا، بل قيل: إنها ليست بيعا (٢)

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥ - ١٦.

٢ - تقدم في الصفحة ٢٥، الهامش ٣.

(٢٦)

Page 22: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فال تشملها اآليتان: (أوفوا بالعقود) (١) و (أحل الله البيع) (٢) ولو شكفال يرجع إليهما.

وفيه: - مضافا إلى كفاية قوله تعالى: (ال تأكلوا أموالكم بينكمبالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم) (٣) - أنها أولى بأن تكون عقدا،

ألسبقيتها في إيجاد العقدة بها من غيرها، ولم يعهد من أرباب اللغة ما يورثخروجها عنه، ألن العقد هو العهد المطلق، أو المشدد، وحيث إن

التشديد ال معنى له في االعتبارات إال بأن يرجع إلى التشديد فياألسباب ولواحقها، يمكن اتصاف العقد اللفظي بالشدة والضعف، ويمكن

اتصافها بهما.وبعبارة أخرى: ليس العقد إال أمرا محصال واعتبارا معنويا، فال نظر فيه

إلى األسباب المحصلة له، فال تغفل.نعم، الظاهر أن هذه اآلية أجنبية عن هذه المسائل، ألن العقود

المعمول بها بين األمم واألقوام من بدو حياتهم االجتماعية، ال تحتاج إلىالتشديد بمثل هذه اآلية الكريمة، خصوصا بعدما تكون في سورة

المائدة، وال سيما بعد مالحظة الصدر، وقوله تعالى: (أحلت لكم بهيمة األنعام) (٤).--------------------

١ - المائدة (٥): ١.٢ - البقرة (٢): ٢٧٥.٣ - النساء (٤): ٢٩.٤ - المائدة (٥): ١.

(٢٧)

Page 23: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فإنه بعد التأمل يظهر: أنها راجعة إلى العقود الخاصة، والعقودالكلية، ال العقود المالية والتجارية. وتوهم عدم صدق البيع

مدفوع بالمراجعة إلى االطالقات العرفية واللغة.ولو شك في إطالقها، فالقدر المتيقن هي المعاطاة، دون العقود

اللفظية، وهكذا لو شك في أنها جملة إنشائية، فإنه مع ذلك يعلم حليةالبيع إجماال، كما ال يخفى.

إن قلت: آية التجارة غير كافية، ألن المقصود حصول الملكيةبالمعاطاة التي هي البيع، ال التي هي المعاملة الحديثة.

قلت: كونها ممضاة وصحيحة يعرف منها، وكونها بيعا يعرف من اللغةوالعرف، فلو فرضنا قصور اآليتين عن تصحيح المعاطاة - ألجل أنها ليست

عقدا، وألجل أن اآلية الكريمة الثالثة ال إطالق لها، فال تشملالمعاطاة - يكفي اآلية األولى.

اللهم إال أن يقال: بأن هذه اآلية ناظرة إلى اشتراط الرضا، والنهيعن األكل بالباطل، وهو األكل بال رضا، وال تعرض فيها لتصحيح التجارةوسببيتها للحلية. ويشهد لذلك النهي أوال عن األكل، واالتيان ثانيا بالرضا،

وثالثا بكلمة (منكم) فكأنها تورث شرطية الرضا فقط، لخروج األكلمن الباطل إلى الحق، وال خصوصية للتجارة، فكون المعاطاة سببا

مملكا أجنبي عنها.إن قلت: ال يمكن االستدالل لصحة المعاطاة بآية الوفاء، ألن

موضوعها العقد الصحيح، ال األعم. ويشهد له أن التخصيص فيها،ال يورث الفساد بوجود العقود الصحيحة غير الالزم الوفاء بها.

(٢٨)

Page 24: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قلت: موضوعها العقد عرفا، إال أنه يكشف الصحة من لزوم الوفاءإال ما خرج عنها، فإنه حينئذ ال كاشف عنها.

وبعبارة أخرى: مقتضى قاعدة المالزمة صحة العقد الالزموالوفاء به، وإذا كان من العقود ما ليس الزما الوفاء به، ال يمكن كشف

الصحة، النتفاء الالزم، وحيث هو أخص ال يكشف من انتفائه انتفاءالملزوم، وهو فساد العقد، فتدبر.

إن قلت: قضية حكم العقل - وهو أن العقد الباطل ال يجب الوفاءبه - تخصيص اآلية لبا، فالتمسك فيما نحن فيه غير جائز.

قلت: هذا هو مقتضى بعض المباني في تلك المسألة، ولكنالتحقيق جوازه، ألن المخصصات العقلية، ال تورث تعنون العمومات

اللفظية بها عرفا، وعلى هذا بعد الفحص عن دليل فساد المعاطاة، وعدمالعثور عليه، يصح التمسك بها بال شبهة.

االستدالل على البطالن باالجماع وبالنبوي الناهي عن بيع المنابذةوالمالمسة وإنما يحلل...

ال يقال: يكفي له االجماع المدعى في الغنية (١) وغيرها (٢) علىاعتبار الصيغة، وهو المؤيد بالشهرة المحصلة والمنقولة، وعدة من

الروايات، ومنها النبوي الناهي عن بيع المنابذة والمالمسة، وعن بيع--------------------

١ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٦.٢ - جامع المقاصد ٥: ٣٠٩.

(٢٩)

Page 25: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الحصاة (١)، وما ورد في الصحيح وغيره: إنما يحلل الكالم، ويحرمالكالم (٢).

ألنا نقول: ليس معقد المحصل منهما بطالنها، وكفاية المنقولممنوعة، وال داللة للنبوي - على فرض تمامية سنده - على فسادها، لعدم

معلومية وجه النهي وكيفيته أوال.والختصاصه بمواضعه ثانيا.

ولظهوره في أنه ألجل كونه من الطرق غير المتعارفة ثالثا.والحتمال كونه ألجل أنهم كانوا يعينون المبيع بتلك األفعال، وهو

يستلزم الغرر المنهي رابعا.وأما غيره منها، فهو ال يرجع إلى محصل، فراجع.

وأما قوله (عليه السالم): إنما يحلل الكالم، ويحرم الكالم ففيه وجوهواحتماالت، وكونه دليال على اعتبار الصيغة، موقوف على حفظ مفهوم

الحصر في مفاده، وهو حصر المحلل والمحرم به، وقد تقرر منا: أن مفهومالحصر آب عن التخصيص (٣). مع أن في المسألة يلزم التخصيص

الكثير، كما قيل (٤).--------------------

١ - معاني األخبار: ٢٧٨، وسائل الشيعة ١٧: ٣٥٨، كتاب التجارة، أبواب عقد البيع،الباب ١٢، الحديث ١٣.

٢ - وسائل الشيعة ١٨: ٥٠، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود، الباب ٨، الحديث ٤،و ١٩: ٤١ - ٤٢، كتاب المزارعة والمساقاة، الباب ٨، الحديث ٤ و ٦ و ١٠.

٣ - تحريرات في األصول ٥: ١٨٥ - ١٨٦.٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٦ / السطر ٢٦.

(٣٠)

Page 26: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

هذا، والمحللية والمحرمية مما ال يمكن األخذ بمفهومهما، لما أنالمال المنتقل بالكالم الفاسد، أو الكالم الواقع في غير مقامه، محرم،

وال يعقل أن يحرمه الكالم ثانيا.فعلى هذا، يحتمل أن يراد منه أن الكالم المحلل هو المحرم، ألنه

يحلل العوض على أحد المتعاملين، ويحرم المعوض على اآلخر. وهذاالوجه بعيد من صدر بعض روايات المسألة، مثل ما رواه الكليني، عن

بعض األصحاب قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): الرجل يجيئني ويقول: اشترلي هذا الثوب وأربحك كذا وكذا.

فقال: أليس إن شاء أخذ، وإن شاء ترك؟قلت: بلى.

قال: ال بأس به، إنما يحلل الكالم، ويحرم الكالم (١).ومقتضى ما ورد في باب المزارعة - مثل رواية الشيخ، عن أبي

الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السالم): عن الرجل يزرع أرض رجل آخر،فيشترط عليه ثلثا للبذر، وثلثا للبقر؟ فقال: ال ينبغي أن يسمي بذرا وال

بقرا... فإنما يحرم الكالم (٢) - هو أن المتبع هو المنشأ، دون المقاصد،والذي يتصف بالصحة والفساد ويورث الحلية والحرمة، هو األمر

البارز، فإذا اختل الكالم فربما يلزم حرمة المعاملة وآثارها.--------------------

١ - الكافي ٥: ٢٠١ / ٦.٢ - تهذيب األحكام ٧: ١٩٤ / ٨٥٧، وسائل الشيعة ١٩: ٤٣، كتاب المزارعة

والمساقاة، الباب ٨، الحديث ١٠.

(٣١)

Page 27: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فالمقصود من الكالم ليس خصوص اللفظ، بل المقصود عنوانالمبرز وما ينشأ به، سواء كان من األقوال الخاصة، أو المطلقة، أو كان

من األفعال واإلشارة، أو الكتابة، وعلى هذا ال وجه لطرح هذه الروايات،وال لحملها على داللتها على فساد المعاطاة، وال يلزم التخصيص، فضال عنالمستهجن منه. ويظهر مما مر مواضع ضعف كلمات األعالم - رضوان الله

عليهم - فليراجع.عدم شمول آية الوفاء للمعاطاة

إن قلت: بلغت التخصيصات إلى حد االستهجان، لخروج العقودالكثيرة عن لزوم الوفاء بها، فال وجه للتمسك بمثلها.

قلت: العموم إن كان أفراديا فالالزم ممنوع، وإن كان أنواعيا،فالعقود الجائزة وإن كانت كثيرة، إال أن اآلية ال تختص بالعقود

المعاملية قطعا، وهذا بنفسه يشهد على أنها العام االفرادي، فال تغفل،وتأمل جدا.

ال يقال: ال يتصور الوفاء في المعاطاة، ضرورة أن اآلية تأمر بالعملبالعقود، فالعقد غير الوفاء به، فكأنها وردت هكذا: يا أيها الذين آمنوا

اعملوا بعقودكم فهو مترتب على العقد، ومن لوازمه الشرعية أوالعرفية المأمور بها شرعا، فعليه ال بد من العقد قبل التسليم والتعاطي

الخارجي، وهذا ال يمكن إال باللفظ الموضوع النشائه خصوصا أو عموما.ألنا نقول: اآلية كما تقتضي التسليم، ألنه مقتضى الوفاء به، كذلك

(٣٢)

Page 28: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تقتضي المنع عن االسترداد، ألنه أيضا خالف مقتضى الوفاء به، فعليه إنحصلت المعاطاة من الطرفين في زمان واحد، فمعنى الوفاء عدم

االسترداد.وإن حصلت من جانب واحد، فمعناه - مضافا إليه - تسليم اآلخر

مورد المعاملة، للزوم الوفاء به.وإن حصلت بالمقاولة - بناء على أن محل النزاع، أعم من الفعل

والقول غير المخصوص - فيتحد معناه مع القول المخصوص والصيغةالخاصة.

ثم إنه قد يشكل االستدالل بها لصحة المعاطاة، نظرا إلى أنمقتضاها اللزوم المفقود في المقام باالجماع (١)، فال كاشف لصحتها كما

عرفت.وفيه أوال: أنه سيأتي أنها الزمة.

وثانيا: نفي اللزوم ال يالزم الجواز المقصود في العقود الجائزة،فيمكن دعوى: أنها مثل العقود التي فيها الخيار، فإنه يجب الوفاء

بمقتضاها، مع جواز فسخها قبل التفرق من مجلسه. ولو صح ما قيل، للزمعدم صحة التمسك بها للعقد اللفظي إال بعض منه، كما ال يخفى.

ولو قيل: اآلية ناظرة إلى إيجاب العمل بالعقد مطلقا، إن الزمافالزم، وإن جائزا فجائز، وال تخصيص فيها، وال يصح التمسك بها حينئذ، ألن

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ٢٩، الحظ اإلجارة، المحقق

الرشتي: ٩ / السطر ١٢.

(٣٣)

Page 29: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اللزوم والجواز يعلمان من الخارج، وال داللة لها على حكم العقد وإنأوجبت الوفاء بمقتضاه قبل الفسخ (١).

وبعبارة أخرى: ال يعقل أن يكون الحكم حافظ موضوعه، فال وجهللتمسك بها للزوم عدم فسخ العقد، فإذن يجب الوفاء به ما دام موجودا،

وله أن يعدم موضوعه - وهو العقد - بالفسخ ونحوه.قلنا: ظاهر اآلية الكريمة وإطالقها أنها توجب الوفاء، وفسخ

العقد يعد خالفه عرفا، وليس وجوب حفظ العقد إال حكم العقل بأنه إذاوجب الوفاء على االطالق، فال بد من إبقائه، ولذلك يجب إبقاء الدار في

اإلجارة للمستأجر.اللهم إال أن يقال: بأن وجوب الوفاء بالعقد، غير حرمة نقض العهد

وفسخ العقد، وال يعقل استفادة الحكمين من اآلية الكريمة، فهي تفيداألول، أي إذا تحقق العقد يجب الوفاء به وإن جاز إعدامه، فعليه يشكلالتمسك بها لصحة المعاطاة، ألن لزوم العقد وجوازه ال يعلم من قبلها،

وإيجاب الوفاء وإن استلزم أحدهما وهو المطلوب، إال أن اآلية بعد ذلكتصير ناظرة إلى العقود المتنوعة باللزوم والجواز، وكون المعاطاة

واحدة منها محل الكالم، ومورد النقض واالبرام، فافهم.ال يقال: إن المتبادر من وجوب الوفاء بالعقد هو القيام به، وعدم

البناء على خالفه، دون االلتزام باآلثار، ولذا يستهجن استعمال وجوبالوفاء في سائر أسباب الملك، كاإلرث ونحوه.

--------------------١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ٩ / السطر ١٥.

(٣٤)

Page 30: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والسر فيه: أن العقد هو العهد، والوفاء بالعهد مقابل لنكثهواالعراض عن نفسه، ال عن آثاره، ولذا ال يعد سرقة البائع المبيع نكثا له،فهي بالداللة على عدم جواز الرجوع، أولى من داللتها على وجوب العمل

بمقتضاه (١).فإنه يقال: كيف يحتمل ذاك، والوجدان قاض بأن العهد الواجبالوفاء به، هو الذي يلزم ترتيب آثاره؟! ومثله النذر واليمين. بل المعنى اليجاب الوفاء بالعقد والعهد، إال باعتبار البعث إلى ترتيب

مقتضياته واالتيان بلوازمه، وأما نفس عدم البناء على خالفه فهو ليسنكثا وحنثا. وعدم كون السرقة نكثا، ألجل دخالة القصد في الوفاء

بالعقد ونحوه، وهكذا في نقضه ونكثه.إشكال صاحب الرياض على االستدالل باآلية وجوابه

ثم إنه استشكل في الرياض على صحة االستدالل: بأن المرادمن العقود هي العقود المتعارفة في زمان صدور اآلية، فال بد من

إحراز تعارف العقد أوال، ثم االستدالل بها (٢).وفيه: أن الشبهة في العموم المذكور، بدعوى ظهور اآلية - لما أنها

في سورة المائدة، وهي آخر سورة نزلت - في كون الالم لإلشارة إلى--------------------

١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ٩ / السطر ١٩ وما بعده.٢ - رياض المسائل ١: ٥١١ / السطر ١١.

(٣٥)

Page 31: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العقود الخاصة، ربما كانت قريبة، وقد اختارها جمع من المفسرين (١)،وهذا يكفي الستقرار الشك في العموم، فتأمل جدا، ولكن المعاطاة منالعقود المتعارفة في عصرها، فيكشف صحتها، وتكون اآلية إمضاء لها.

داللة آية الوفاء على التأسيس واالمضاء بالنسبة للعقودإن قلت: الهيئة في اآلية إما إرشاد إلى لزوم ترتيب آثار العقد، لما

أنه يلزم التصرف في مال الغير، أو إلى لزوم البناء على نفسه، وعدمجواز نكثه ونقضه، وعلى التقديرين ال تدل على صحة المعاطاة، ألنه

على الثاني ال يكون حكم العقالء، وحيدا بالنسبة إلى جميع العقود، بلالعقود عندهم على صنفين: الزم، وجائز، وحيث تكون العقود الجائزة

خارجة عنها، ال يعقل داللتها على صحتها، بل هي عندئذ تدل على صحةالعقود الالزمة.

وعلى األول، تكون اآلية إمضاء الطريقة العقالئية، فال تكون سندالصحتها.

نعم، هي حينئذ دليل على إمضاء المعاطاة بعد معلومية وجودها فيزمان صدورها.

قلت: كما تكون اآلية إمضاء، هي تأسيس في مواقف الشك، بمعنىأنها تأمر بالوفاء بالعقود، فإن كان من العقود ما هو المتعارف بينهم، فهي

إمضاء، وإذا لم يكن متعارفا فهي تأسيس.--------------------

١ - التبيان في تفسير القرآن ٣: ٤١٤، مجمع البيان ٣: ٢٣٢.

(٣٦)

Page 32: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وهذا ال يورث الجمع بين التأسيس واالمضاء - حتى يقال بامتناعه،أو خروجه عن المتعارف في باب االستعماالت - ضرورة أنها ليست إال

باعثة نحو الوفاء بالعقود فقط، وينتزع عنوان التأسيس واالمضاءمن اإلضافة الخارجة عن االستعمال، كما ال يخفى.

فإذا كانت المعاطاة عقدا عرفا، ال بد من ترتيب آثار الوفاء، وهويالزم الصحة والنفوذ، فهي تورث الملكية بمقتضاها.

وجه عدم إمكان التمسك بآية الوفاء بالعقودوقد يتوهم: أن صدرها المخصوص بالخطاب بالمؤمنين، في حكم

القرينة على أن المقصود ما يخص بهم، فيكون من المسائل االعتقادية،أو البعث إلى العمل بالوظائف اإللهية، وحلية البهيمة من آثار

الوفاء بتلك العقود. هذا وال أقل من االحتمال الكافي لصرف العموم،لصالحية ذلك للقرينية.

أقول: التحقيق أن هذه النكتة وبعض الجهات المشار إليها،تورث سقوطها عن صحة االستدالل بها. هذا مع أن مراعاة مختار

المفسرين، وعدم معهودية االستدالل بها في أمثال هذه المسائل بين قدماءاألصحاب إال نادرا أيضا، يؤدي إلى ذلك. وخروج المعاهدات البدويةالمتعارفة بين الناس عن العموم بالسيرة، مع كثرتها المعتنى بها، يوجب

وهنا فيها، فالحظ وتدبر جيدا.

(٣٧)

Page 33: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

عدم شمول آية حل البيع للمعاطاةثم إنه ربما يشكل التمسك بقوله تعالى: (أحل الله البيع) (١) ألجل

الجهل بالمراد من الحلية فإنه من المحتمل إرادة الحليةالتكليفية، أي أن البيع الناقل والسبب البيعي المملك حالل،

وال يعاقب الناس عليه، وكون المعاطاة سببا مملكا غير معلوم، فال تشهداآلية على صحتها.

ويمكن رفع االستبعاد عنه بقوله تعالى: (وحرم الربا) (٢) الظاهرفي التكليفية. وكون الزيادة غير منتقلة إلى المشتري، ال يورث خالفه،ضرورة أن الربا محرم تكليفا زائدا على حرمة التصرف في مال الغير.

وهكذا لو فرضنا أن المحرم البيع الربوي، فإنه مضافا إلى فسادهمحرم تكليفا، فالحلية التكليفية مصبها الموضوع المفروضة صحتهعرفا وشرعا، والحرمة موضوعها المفروضة صحته وحليته عرفا، ال

شرعا.ويندفع أوال: الموضوع المفروض ليس إال المعاطاة، ألنها هي

المتعارفة بين الناس، فيشكل صحة البيع العقدي.وثانيا: ال وجه لحمل اآلية على االهمال، واالطالق يقتضي صحة

البيع، للمالزمة العرفية بين الحلية والصحة. مع أن الحلية ربما--------------------

١ - البقرة (٢): ٢٧٥.

٢ - البقرة (٢): ٢٧٥.

(٣٨)

Page 34: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كانت بمعنى االطالق واالرسال مقابل الحرمة، وهي بمعنى المنع،وال يستعمالن في مفاهيم الوضع والتكليف، وإن اعتبرا منه ألجلالخصوصيات الخارجة عن االستعمال، على ما تقرر في األصول.

فبالجملة: يتوقف االستدالل على ثبوت االطالق، وإال فالحلية بجميعمحتمالتها تجامع الصحة إما شرعا، أو عرفا. وتوهم داللة اآلية

بالمطابقة عليها (١)، ساقط جدا، ألن المفهومين مختلفان.ودعوى: أن الحلية هنا بمعنى أنه تعالى أحله محله وأقره مقره،

وليس معناها أنه لم يصد عنه وجعله مرخي العنان في تأثيره، ألجل أنالحل - في قبال الشد - يتعدى بنفسه (٢)، مدفوعة، ضرورة أن من األفعال

ما يتحد معناه في المجرد والمزيد فيه، وال ملزم الستعمال المجرد، كماال يخفى.

إن قلت: المحتمالت حولها كثيرة، فيحتمل أن تكون اآلية إنشاء،ويحتمل أن تكون إخبارا، ويحتمل أن تكون ناظرة إلى نفي المماثلة في

الحكم، ويحتمل أن تكون ناظرة إلى نفيها في حكم الزيادة الحاصلةبالبيع، والحاصلة من البيع الربوي، ويحتمل كونها جملة حالية، أو

استقاللية، ويحتمل كونها موجبة، أو في حكم السالبة، لما أنها سيقت--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ١٧، حاشية المكاسب، المحققاألصفهاني ١: ٢٥ / السطر ١٨.

٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٢٥ / السطر ٢٠.

(٣٩)

Page 35: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

لرفع المنع (١).وبالجملة: يحتمل فيها االطالق واالهمال، وال يمكن الخروج عن هذه

المحتمالت حتى يمكن االستدالل بها ولو ثبت االطالق وإن تم االستداللإال على االحتمال الثاني، إال أن الظاهر كونها جملة إخبارية عن طبيعي

الفرق، وال يكون المخبر عنه منشأ بنحو االطالق والكلية.أو الظاهر أنها ال تبين حكم طبيعة البيع، لما هي معلومة، فهيمسوقة لبيان الفرق بين ربح المكسب الصحيح والبيع الربوي.

وإن شئت قلت: المستفاد منها أن ما هو الحاصل من البيع - أيالمؤثر الخارجي - غير الحاصل من المكسب الباطل، فال يعقل داللتها

على صحة المعاطاة.قلت: ال شبهة في أنها بظاهرها جملة حالية إخبارية مسوقة لبيان

الفرق بين الموضوعين، ردا على الذين (قالوا إنما البيع مثل الربا) (٢)ووجه الفرق حلية البيع وحرمة الربا.

والذي يستظهر منها: أن المراد - بعد مالحظة القرائن حول اآليةالكريمة الشريفة - نفي التسوية بين البيع غير الربوي والربوي، ألن

الربا المحرم ليس عنوانا يقابل البيع، بل هو من األوصاف المصنفة للبيعونحوه، والمقصود من نفيها بهذه الكيفية إرشاد القائلين بها إلى أنهما

كيف يتساويان، مع اختالف مالكهما والمصلحة والمفسدة فيهما؟! ضرورة--------------------

١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٥٩ - ٦٢.٢ - البقرة (٢): ٢٧٥.

(٤٠)

Page 36: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أن الله حرمه وأحل البيع، وذلك ال يكون جزافا، فيعلم الفرق بينهما قطعا.فإذن ال معنى الطالقها، لعدم كونها في مقام جعل الحكم، أو االخبارعن الحكم المجعول بنحو االطالق، ألنه خارج عما يعلم من مقصود

المتكلم. بل ربما يلزم الكذب، ألن مقتضى كونها إخبارية إخبارها عن أمرجدي، ال صوري وقانوني، وليس مطلق البيع حالال جدا، فتأمل جيدا.

وأما توهم عدم إمكان التمسك بها، على فرض إطالقها في الفرضالثاني (١)، فغير تام، ألن الزم حلية الزيادة الحاصلة من البيع بنحو

االطالق حليته أيضا، ألن البيع مفهوم عرفي، وال معنى لحمله على المعنىالمؤثر الشرعي، فإذا كانت المعاطاة بيعا فالزيادة الحاصلة منها حالل،

ومقتضاها صحتها قهرا، فتأمل.والحاصل: أن االحتماالت ال تضر باالستدالل لو أمكن إثبات االطالق،

ولكنه مشكل جدا.نعم، بناء على ما سلكناه في المسألة، ال تبقى المعاطاة بال دليل،

ألنها القدر المتيقن من شمولها.توهم عدم إمكان تحليل البيع المتناع تحليل المعنى المسببي

ال يقال: ال يعقل تحليل البيع، ألنه ليس نفس األلفاظ، وال النقلواالنتقال، ضرورة أن حقيقته تحصل بها، ويحصل منها النقل، فهو أمر آخر

ربما يكون المعنى الجامع من األلفاظ والمعاني، ومن األسباب--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٦٠.

(٤١)

Page 37: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والمسببات، فالسبب المتعقب بالمسبب هو البيع، على أن يكون القيدداخال، وإذن ال يعقل جعل الحلية للبيع، لعدم معقولية جعلها للمعنى

المسببي.فما اشتهر: من أنه التمليك بالعوض (١) وما يقاربه (٢)، ناشئ عن

الذهول عن حقيقته، فإنه من لوازم تلك الحقيقة وآثارها.فإنه يقال أوال: لو سلمنا ذلك فتكون اآلية مورثة لحلية اآلثار،

ومقتضى حليتها على االطالق، صحة السبب ونفوذها وحصول الملكيةعرفا، للمالزمة نوعا. بل ال معنى العتبار حلية جميع اآلثار إال اعتبار

الملكية، لعدم معقولية اعتبارها لآلخر.وثانيا: ليس المسبب جزء مفهوم البيع، وال هو نفس ذات السبب، بلالمسبب قيد خارجا، فما هو موضوع الحلية هو المؤثر الخارجي عند

العرف، دون الشرع، وحيث تكون المعاطاة مؤثرة تشملها اآليةالكريمة.

وتوهم: أن ذلك ينافي اتصافه بالفساد في نظر العرف، في محله، إالأن منشأ االتصاف ربما يكون التسامح، أو بلحاظ فقد الشرائط الشرعية.

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق الخراساني: ٥، حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١:

٦٠ / السطر ٩.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨١ / السطر ٧.

(٤٢)

Page 38: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

توهم عدم إطالق اآلية وجوابهثم إنه ربما يخطر بالبال دعوى: أن قوله تعالى: (أحل الله

البيع) (١) يكون ناظرا إلى البيع الخارجي، لتعرضه لتحريم الربا، وهيالزيادة الخارجة عن طبيعة البيع، والالحقة بالفرد منه، وتكون من

تبعاته في الخارج، فال وجه لتوهم االطالق له.وإن شئت قلت: ليس مطلق الزيادة محرمة في اآلية، وال يلتزم به،فاآلية تختص بزيادة مخصوصة، وهي الزيادة في البيع على ما قد

يستظهر منها في مقامه (٢)، وإذن يكون المراد حلية البيع الخارجي،وتكون وضعية محضا، وال إطالق حينئذ لها، ألنها تكون حينئذ ناظرة إلى

تحليل البيع الخالص من الربا وتحريم الربا.اللهم إال أن يقال: بثبوت االطالق تعبدا، لما ورد في الفقيه بسنده

عن عمر بن يزيد قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): جعلت فداك، إن الناسيزعمون أن الربح على المضطر حرام، وهو من الربا.

قال (عليه السالم): وهل رأيت أحدا يشتري - غنيا، أو فقيرا - إال من ضرورة؟!يا عمر، قد أحل الله البيع وحرم الربا، فاربح وال تربه.

قلت: وما الربا؟--------------------

١ - البقرة (٢): ٢٧٥.٢ - يأتي في الصفحة ٨٩.

(٤٣)

Page 39: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قال (عليه السالم): دراهم بدراهم، مثالن بمثل (١).بناء على كونها ناظرة إلى اآلية الشريفة.

وفيه: أنه كذلك، إال أن ذلك ال يورث االطالق، ألن استداللاألئمة (عليهم السالم) بالكتاب أعم من الصحة، كما ال يخفى.

توهم وضع البيع للصحيح وعدم شموله للمعاطاةثم إنه قد يشكل التمسك بها، لما ادعي: أن المعاطاة غير ثابت كونها

بيعا، ألنه موضوع للصحيح (٢)، وقد مر بعض الكالم فيه (٣).وينحل االشكال: بأنه على القول بأنه موضوع لألعم واألخص على

ما عرفت آنفا، الختالف الشرع والعرف، بمعنى أن العرف إذا الحظ فيالبيع القيود الشرعية، يقسمه إلى الصحيح والفاسد، وإذا الحظ فيهالقيود العرفية يكون أمره دائرا بين الوجود والعدم، وعلى التقديرين

يتم االستدالل.وهكذا على القول: بأنه موضوع لألعم مطلقا (٤).

ودعوى كونه موضوعا لألخص على االطالق (٥)، ترجع إلى القول--------------------

١ - الفقيه ٣: ١٧٦ / ٧٩٣.٢ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ٧ / السطر ١٠ - ١١.

٣ - تقدم في الصفحة ٢١.٤ - درر الفوائد، المحقق الحائري: ٥٤.

٥ - انظر القواعد والفوائد ١: ١٥٨، الفائدة الثانية من القاعدة ٤٢، مسالك األفهام ٢:١٥٩ / السطر ٣٧.

(٤٤)

Page 40: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بالحقيقة الشرعية، وهي باطلة قطعا، خصوصا في ألفاظ المعامالت.تلخيص الشبهات السابقة

هذا تمام الكالم في رفع الشبهة على صحة المعاطاة، وقد عرفت:أن الشبهات من طرق شتى:

فتارة: من جهة عدم إمكان االنشاء بالفعل.وأخرى: من جهة أن مجرد االمكان غير كاف.

وثالثة: ألجل دعوى خروجها موضوعا عن أدلة االمضاء.ورابعة: ألجل دعوى قصور تلك األدلة عن شمولها، وإن كانت عقدا

وبيعا.وقد مضى رفعها من الثالثة دون األخيرة، إال على ما سلكناه.

وال ينبغي الخلط بين الجهات المبحوث عنها فيها وأدلتها، فإنالبحث في المعاطاة تارة: يكون من ناحية أنها تورث الملكية، أم ال.وأخرى: من ناحية أنها لو اقتضت الملكية تكون سببا ممضى شرعا

وتشملها األدلة العامة، أم ال.وثالثة: في لزومها وجوازها.

وما قد يرى من بعض المحققين من االستدالل باألدلة اللفظيةإلفادة المعاطاة الملكية (١)، في غير محله، وكان ينبغي عقد البحث على

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ١٧، اإلجارة، المحقق الرشتي: ٧ /

السطر ٦.

(٤٥)

Page 41: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

هذه الطريقة، واألمر سهل.تتميم: حول االستدالل بآية التجارة على صحة المعاطاة

قصور اآليتين عن شمولها ال يالزم قصور آية التجارة (١) عنه، ألنظاهرها هو أن الميزان لصحة األكل وجوازه، هي التجارة غير المنطبق

عليها عنوان الباطل وتكون حقا، والمعاطاة تجارة عرفية عقالئية،وليست باطال عند العقالء.

بل الظاهر منها أن المدار على الحق والباطل، وال خصوصيةلباب األموال والمعامالت والعقود وااليقاعات، فما هو الحق هو

الممضى، وما هو الباطل منهي بها، ألن وجه النهي عن األكل والتصرفاتبإطالقها هو البطالن عرفا، ال األمر اآلخر، ويصير عرفا وجه التجويز

كونها حقا، سواء كانت تجارة، أو نكاحا.وربما يخطر بالبال قصورها، لما فيها من االحتماالت الكثيرةالناشئة من اختالف القراءة رفعا ونصبا في لفظة التجارة ومن

اختالف اآلراء في كون االستثناء منقطعا، أو متصال.ومن أنها على فرض كونها منصوبة، تكون خبرا، أو قائمة مقامه، أي

يصير المعنى إال أن تكون التجارة تجارة عن تراض أو أن تكوناألموال أموال تجارة.

--------------------١ - النساء (٤): ٢٩.

(٤٦)

Page 42: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ومن اختالفهم في أن الباء للسببية أو لغيرها، وفي أن األكلكناية عن التصرف، أو هو المقصود مع قصد التصرفات، وبال قصدها، أو

يكون الغرض النهي عن التملك بالباطل، كالقمار، والسرقة،والخيانة (١).

هذا مع أن مقتضى قراءة الرفع، كون جملة المستثنى مستقلة، لما أناالستثناء منقطع.

وأما على أن يكون متصال، فيشكل تصحيح اآلية إعرابا، إال على أنيقال: بأن المحذوف كلمة األموال (٢) وهي االسم، وقد حذفت لعدم

خصوصية لها، ولدعوى: أن التجارة هي األموال، أو ألجل انتقالالمخاطب إلى أن تمام الموضوع هي التجارة، وإن وقعت على ما يقابلاألموال، كالحقوق مثال، بناء على أن الظاهر من األموال هي األعيان، أو

هي والمنافع.فحينئذ كيف يمكن استفادة الحكم منها مع هذه الوجوه الكثيرة؟!

وتوهم: أنه يمكن االستدالل لصحة المعاطاة على جميع الوجوهالممكنة (٣)، فاسد، ضرورة أن بناء العقالء على عدم العمل بمثل هذهالظواهر غير المعلوم منها مراد المتكلم، ال العمل بالقدر المتيقن فيها،

--------------------١ - الحظ التبيان في تفسير القرآن ٣: ١٧٨، مجمع البيان ٣: ٥٨ - ٥٩، زبدة

البيان: ٤٢٧.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٦٥.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٦٤.

(٤٧)

Page 43: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كما ال يخفى.أقول: تكثير الوجوه ال يوجب سقوط الظواهر، إال إذا تردد األمر، ولم

يتمكن من تعيين ما هو الظاهر.ولعمري، إن اآلية ظاهرة في االستثناء المنقطع، ألن الباطل بذاته

ممنوع، وليس قابال لالمضاء، وجعل جملة (بالباطل) علة للنهي، خروجعن الظاهر، فإنها من متعلقات الفعل الناقص، ويكون المقصود طريق

الباطل والسبب الساقط، فيصير ظاهر اآلية النهي عن أكل األموالبالوجوه الباطلة، إال أن تكون األموال من تجارة عن تراض، فالنصبعلى حذف كلمة الجار، وإذا كانت المعاطاة من التجارة، ولم تكن

باطلة، تصير صحيحة ونافذة.شبهات على االستدالل بآية التجارة ال يمكن دفعها

فمنها: ما مر منا (١)، وهو أن اآلية ناظرة إلى اعتبار الرضا وطيبالنفس في المعاملة، والنهي عن أكل األموال بغير رضا صاحبها، وال تكون

ناظرة إلى تجويز جميع األسباب غير الباطلة، وإال لما كان وجه لذكرالقيد في المستثنى مع عدم ذكر سائر القيود المعتبرة، فإنه يشهد على أنالنظر إلى الرضا والتراضي، وأن الباطل وإن كان موضوعا للنهي، إال أن

التجارة عن تراض ليست موضوعا للتجويز.فبالجملة: هي تفيد اعتبار التراضي في صحة األكل والتصرفات،

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٨.

(٤٨)

Page 44: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وال تكون في مقام بيان حكم آخر.ومنها: أن االستثناء من النفي ال يورث االثبات، ولو أثبت فال يثبت به

االطالق ولو كان االستثناء منقطعا، ألن االنقطاع يؤكد عموم المستثنى منه،ال عموم نفسه. بل االنقطاع يشهد على أن المتكلم في مقام بيان حكم

المستثنى منه، فال تغفل.ومنها: أن كلمتي الحق والباطل من األلفاظ التي يختلف

األقوام واألديان واألمم وأهل الذوق في تفسيرهما، وال يمكن تفسيرهماعلى وجه ثابت كتفسير سائر المفاهيم العرفية واللغات، فإنه كما يصح

أن يقال:أال كل شئ ما خال الله باطل................

ويكون أصدق شعر قالته العرب (١)، يصح أن يقال التجارة عنتراض ليست من الباطل ففي االسالم يكون أمور باطلة، وحقة باألنظار

المختلفة.وإن شئت قلت بالحقيقة الشرعية في هذه األلفاظ. بل لهما

الحقائق الكثيرة في الشرائع واألمم.وال يذهب عليك أنا نقول باختالف المفهوم، بل المقصود اختالفهمفي تشخيص الصغريات، فكثير من األباطيل العرفية حق في الشرائع

وبالعكس، وعندئذ ال معنى للتمسك باآلية لموارد الشك.--------------------

١ - سنن البيهقي ١٠: ٢٣٧، حلية األولياء ٧: ٢٠١، األغاني ١٥: ٣٧٥.

(٤٩)

Page 45: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ولعله ما توجه إليه المحقق األردبيلي - قدس الله نفسه - (١).ويؤيده المروي عن أبي جعفر (عليه السالم) حيث عد الربا من أكل المال

بالباطل (٢).وتوهم: أنه من الباطل حكما (٣)، في غير محله، ألنها باطل واقعا

وعقال وإن لم يساعد عليه العرف، وعليه مدار معاش األمم، وسيأتي حولهاالمباحث األخر عند البحث عن لزوم المعاطاة (٤).

ومنها: أن صحة المعاطاة مشروطة - مضافا إلى كونها (تجارة عنتراض منكم) - بأن يصدق عليها الحق أو ال يصدق عليها الباطل ولو

شك في ذلك فال يصح التمسك لها باآلية الشريفة، فلو فرضنا أن مفهوميالحق والباطل من المفاهيم العرفية كغيرهما، ولكنه يشكل دعوى

ذلك هنا، ضرورة أن السيرة العقالئية عليها من سائر األمم، ال تورثحقيتها وأنها ليست باطلة، لقيامها على األباطيل.

وهي في األمة االسالمية ناشئة من آراء الفقهاء، فال استقالل لهمفي هذا األمر، وإذا شاهدنا فقهاءنا وقد أفتوا بأن المعاطاة ال تفيد الملك،

والناس بنوا على خالفهم، يعلم أن السيرة حصلت من عدم مباالتهم باآلراءالحقة الالزم عليهم اتباعها، فالتوسل بالمعاطاة لجواز األكل مما ال بأس

--------------------١ - زبدة البيان: ٤٢٧.

٢ - مجمع البيان ٣: ٥٩، البرهان في تفسير القرآن ١: ٣٦٣ و ٣٦٤ / ١٠ و ١١.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٦٤.

٤ - يأتي في الصفحة ٨٢ - ٨٨.

(٥٠)

Page 46: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

به، إال أنها ال تندرج في المستثنى بالوجه المقصود، كما ال يخفى.وتوهم عدم لزوم صدق الحق أو عدم الباطل على المستثنى،

حتى يلزم االشكال في صحة االستدالل، في غير محله، ألن الظاهر مناالستثناء أن التجارة عن تراض ليست باطال، وألجله تكون نافذة، بل

مقتضى لزوم كونها خارجة عن المستثنى منه، دخولها تحت أحدالعنوانين.

ولو لم يكن األمر كما ذكر يلزم التعارض بين الجملتين - المستثنىمنها، والمستثناة - في المعامالت الربوية، فإنها تجارة عن تراض

وباطلة، فليتدبر جيدا.تنبيه: في التمسك بالمستثنى منه في آية التجارة على صحة المعاطاة

ظاهر القوم أن المستثنى دليل على صحة المعاطاة (١)، وال يجوزالتمسك بالجملة األولى لها، بخالف لزومها.

والذي يظهر لي، إمكان التمسك بها للصحة أيضا، فإنه بناء علىانقطاع االستثناء يستفاد منها الكبريان: عدم جواز أكل األموال بالباطل،

والرخصة فيه بالتجارة، فلو فرضنا عدم صدق التجارة علىالمعاطاة، وعدم صدق الباطل عليها، فإنها خارجة عن عموم النهي.

وال يلزم اندراجها في عموم الترخيص، لخروج العناوين الكثيرةمنها، كاإلباحات، واألوقاف ونحوها. وتوهم وجود دليل المخرج لها دونها،

--------------------١ - منية الطالب ١: ٥٠ / السطر ٤، بلغة الفقيه ٢: ١٠٢ - ١٠٣.

(٥١)

Page 47: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

في غير محله، ألن السيرة القطعية تكفي له.إشكال عدم إمضاء آية التجارة للمعاطاة العقالئية وجوابه

قد يشكل داللتها على المدعى: وهو أن المعاطاة ليست في نظرالشرع ممضاة على النحو المرتكز لدى العقالء، فإن مفاد االستثناء

ترخيص التصرفات واألكل بالتجارة، وال داللة لها على أن ذلك ألجلإمضاء سببيتها للملكية التي هي موضوع لها، بل لعل الشرع بعد وقوع

التجارة رخص مستقال.وفيه: أنه خالف المتفاهم العرفي، مع أنه يستلزم اسقاط السببية

العرفية لها، كما ال يخفى.خاتمة: في الروايات المستدل بها على صحة المعاطاة

إلى هنا تقرر وجه االستدالل باآليات، وقد عرفت قصورها عنتصحيح المعاطاة وكونها دليال إمضائيا لها إال على ما سلكناه، من أنها القدر

المتيقن، دون العقود اللفظية (١).بقي الكالم حول بعض الروايات التي يمكن أن يستدل بها عليها:

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥ وما بعدها.

(٥٢)

Page 48: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االستدالل بحديث السلطنةفمنها: ما اشتهر بينهم، وهي قاعدة التسليط، وإن الناس مسلطون

على أموالهم على ما هو المروي في البحار (١).وعن السرائر - على ما في عبارته المحكية في تنبيهات قاعدة

ال ضرر... للشيخ (رحمه الله) (٢) - يظهر تمسكه بها.ومن المحتمل قويا أن السرائر استند إلى قاعدة ثابتة عند

العرف، من غير استناد إلى المعصوم (عليه السالم) (٣) ولما كان دأب المتأخرينعلى التقاط األحاديث من الكتب االستداللية، توهموا أنه حديث،

فنسبوه إلى رئيس االسالم غفلة وذهوال.ويؤيد ذلك ما عرف من مذهبه من عدم العمل بأخبار اآلحاد (٤)،فال يمكن أن يوجد حديث عنده، وال يوجد عند اآلخرين، فراجع.

وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب االستدالل: هو أنها قاعدة إمضائيةلطريقة العقالء، ومدلولها المطابقي ليس إال اعتبار السلطنة المطلقة

على األموال، سواء كانت من التصرفات الخارجية المجامعة مع--------------------

١ - بحار األنوار ٢: ٢٧٢ / ٧.٢ - رسالة في قاعدة ال ضرر، ضمن المكاسب، الشيخ األنصاري: ٣٧٥ / السطر ٧.

٣ - قال في السرائر: ألن الناس مسلطون على أمالكهم، بال إسناد إلى معصوم (عليه السالم).السرائر ٢: ٣٨٢.

٤ - السرائر ١: ٥١.

(٥٣)

Page 49: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وجودها، أو المفنية لها، ضرورة أن خروجها عن موضوعها، في الرتبةالمتأخرة عن السلطنة عليها الموجبة النعدامها، فإذا كانت السلطنة

عليها أمرا عقالئيا، والقدرة عليها معتبرا عرفيا، فكل ما ينافيها يعد عندهمساقطا، فلو منع سلطان عن سلطنة أحد على ماله يكون ذلك عندهم غصبا.

ومن ذلك لو منعه عن تسليط الغير عليها مجانا أو بعوض، فإنهمزاحمة مع حقه الثابت لديهم في أمواله.

وهذا في المعاطاة واضح ومناف للمدلول المطابقي، وفي العقداللفظي مناف للمدلول االلتزامي، الستلزام المنع عن النقل االعتباري منعه

عن السلطنة على ما له بتسليط الغير عليه بعنوان الوفاء بالعقد، فإذاكان مسلطا على تسليط الغير بعنوان التملك، تصح المعاطاة، وبعنوان

الوفاء بالعقد يصح العقد اللفظي بالزمه، فيصح التمسك بها لرفع ما شكفي اعتبار شئ في العقد.

وتوهم: أنها ال داللة لها على صحة االعراض ونفوذه، ألنه السلطنة لها على سلب السلطنة (١)، فاسد جدا، ضرورة أن االشكال يسري

إلى النقل بعوض أوال.وثانيا: ليس هذا من السلطنة على سلبها، بل هي السلطنة على

اخراجها من اإلضافة الخاصة، فإذا انتفت اإلضافة ينتفي موضوعالقاعدة، وينتزع حينئذ السلطنة على سلب السلطنة، كما ال يخفى.ومما ذكرنا يظهر وجه النظر في تقاريب القوم حول االستدالل بها،

--------------------١ - الحظ مصباح الفقاهة ٢: ١٠٢.

(٥٤)

Page 50: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأنها ال تتقوم بكونها مثبتة للسلطنة بأنواعها، والمعاطاة منها (١)، أو هيالصنف الملحق بنوعها، ألن المراد منه ليس النوع المصطلح (٢)، حتى

يتوجه إليه: أن قاعدة التسليط ال داللة لها على بيان المقرراتالعرفية والشرعية في النقل واالنتقال، وال يعقل نظارتها إلى األسباب

والعقود، ألنها غير األموال (٣)، فافهم وتدبر.شبهات وتفصيات متعلقة بحديث السلطنة

الشبهة األولى:ما أشير إليه، وهو أن السلطنة على األموال للناس، ال تعقل مع فقد

موضوعها، وهو الناس، وما هو كالموضوع لها، وهي األموال، فمفادهاالقدرة على األموال وجواز تصرفهم فيها بأنحاء التصرفات التي يبقى معها

الحكم، وال يعقل اقتضاء الحكم إعدام موضوعها أو ما هو كالموضوع (٤).وفيه: نقض بأنها ترد على قوله تعالى: (إن الله على كل شئ

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ٢٠، حاشية المكاسب، المحقق

الخراساني: ١٢، حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٧٧ / السطر ٢٧، مصباحالفقاهة ٢: ١٠١ - ١٠٢.

٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٦٩ / السطر ٣٢.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٨٠.

٤ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٧٧ / السطر ٢٩.

(٥٥)

Page 51: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قدير) (١).وحلها: أن األموال متعلق السلطنة التي هي الحكم المجعول فيها،

أو الممضي بها، وعموم السلطنة يقضي بأن الناس يجوز لهم التصرففيها على االطالق، وخروج المال عنه بالسلطنة عليه وإعدامه ال يورث

السلطنة على المعدوم، وال لزوم حفظه.ولو فرضنا أن الشبهة غير منحلة عقال فهي منحلة عرفا قطعا، وأنه

يعلم منها المراد، كما ال يخفى.الشبهة الثانية:

أن ما لدى العرف في إنفاذ المعامالت، يتوقف على أمرين:أحدهما: سلطنة المالك على ماله، فمثل المجنون والطفل غير

المميز ال سلطنة لديهم، فال بد في إنفاذ المعاملة من السلطنة علىالمال.

ثانيهما: إيقاع المعاملة على طبق المقررات العقالئية، فبيعالمجهول المطلق بمجهول مطلق، ليس نافذا لديهم، ال لقصور سلطنة

المالك، بل لمخالفته للمقرر العقالئي.فإنفاذ السلطنة على األموال، ال يالزم االنفاذ الثاني، بل العرف له

السلطان على األموال، وعليه التبعية للمقررات العقالئية، وال سلطنةله عليها، فأحد الحكمين أجنبي عن اآلخر، فال معنى لالستدالل بها لصحة

--------------------١ - البقرة (٢): ٢٠ و ١٠٦ و ١٠٩.

(٥٦)

Page 52: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المعاطاة أو العقد المستحدث اآلخر، وال ينبغي الخلط بين البابينوالمقامين (١).

وفيه: أن تسليط الغير على األموال جائز بمقتضاها، فلو سلطه عليهابعنوان التمليك بعوض، فهو أيضا صحيح، مع أن تسليط الغير خالف مفادها،

ألن الناس ال يسلطون على أنفس اآلخرين، ولكنه كما يجوز له أن يجعلماله مورد سلطنة اآلخر بال عوض، له أن يجعلها مع العوض، فمع قبول

المسلط عليه يجوز له التصرف فيما انتقل إليه، وهذا هو النقل البيعيالمستخرج منها.

فلزوم التبعية للمقررات العرفية يتصور على وجهين:أحدهما: ما هو غير المنافي لعموم السلطنة عرفا، كما في المثال

المذكور.وثانيهما: ما هو المنافي عرفا، وهو يمنع عن تسليط الغير بعوض على

ماله، والمنع عن مبادلة ماله بمال اآلخرين ولو في صورة.فالمدار على فهم العرف فيما هو المنافي لعموم السلطنة ونفوذها،

فالقاعدة وإن تعرضت للسلطنة على األموال، إال أن المالزمات المنافيةلها تدفع بها.

--------------------١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٨٠.

(٥٧)

Page 53: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الشبهة الثالثة:ليس مقتضى قاعدة التسليط جواز التصرفات على االطالق (١)،

بحيث تكون مرجعا لو شك في حلية شئ وحرمته، أو نفوذ شئ وفساده،وإال يلزم جواز التمسك بها لو شك في حلية لحم األرنب مثال، مع أنه لم

يعهد منهم التمسك بها في أمثال المقام، فهي لم ترد في مقام التشريع.وال تدل على استقالل المالك في التصرف في أموالهم من جميع

الجهات، حتى يلزم التخصيص بالنسبة إلى الممنوعات الشرعية فيالمآكل والمشارب والمالبس وغيرها، فإنها في أفق آخر ال ينافي ما ذكر:

وهو أن المالك مستقلون في أموالهم في الجهات المشروعة، وال وجهلمزاحمة اآلخرين لهم، فهم غير محجورين عن التصرف فيها في تلك

الجهات، فعليه ال يمكن رفع الشبهات الحكمية بها، تكليفية كانت، أووضعية.

وفيه: أن المالزمة بين عدم كونها قاعدة رافعة للشك في بعضالمقامات، وبين كون معناها ما ذكر، ممنوعة جدا، فإنها قاعدة يصح رفع

الشك بها، إال أن الشكوك مختلفة، فتارة: يشك في أن زيدا له السلطنةعلى ماله أم ال، وأخرى: يشك في أن السلطنة الكذائية ثابتة له أم ال،

فإنها بعمومها تكون رافعة، فهي قاعدة مشرعة من تلك الجهة، وبإطالقهاإن لم تكن مشرعة ورافعة للشك والشبهة، فهو ال يستلزم أن يكون معناها

--------------------١ - مصباح الفقاهة ٢: ١٠١ - ١٠٢.

(٥٨)

Page 54: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ما ذكر، فإنه تقييد بال دليل، وال ملزم لتفسيرها على الوجه المنطبق علىالقواعد.

فبالجملة: سيأتي منا أنها قاعدة عامة مشرعة بعمومها، وال إطالق لهاحتى يصح رفع الشبهة الثانية بها، بل ال يعقل االطالق لها (١)، وما قيل فهو

من القرائن على عدم االطالق لها، ال على أن معناها السلطنة علىالجهات المشروعة حتى يلزم إفادة الواضحات، فتدبر.

هذا مع أن االلتزام باالطالق والتقييد، التزام باألمر الرائج فيالقوانين العرفية والشرعية، وعليه مدار المقررات كلها، وعدم تمسك

األصحاب لرفع الشبهات الحكمية بها، كعدم تمسكهم بها لتصحيح العقودالمستحدثة، فإنه ال يضر شيئا.

الشبهة الرابعة:هذه القاعدة ليست منجزة، لعدم معقولية جعل السلطنة على

األموال وإن زاحمت السلطان الحقيقي والشرع األقدس، فهي قاعدةمعلقة، سواء كانت تأسيسية، أو إمضائية، ألن حكم العقالء أيضا معلق

على عدم ورود الدليل من السلطان الحقيقي.نعم، العرف غير المنتحل للديانة ال يكون كذلك. اللهم إال أن يقال:

بأنهم أيضا يعتقدون التعليق بالنسبة إلى الهرج واختالل النظم.فعليه ال داللة لها على صحة عقد من العقود، الحتمال ورود األمر

--------------------١ - يأتي في الصفحة ٦٢.

(٥٩)

Page 55: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

من الشرع على خالفها (١).وفيه: أن مثل هذا التعليق سار وجار في جميع القوانين العرفية

والشرعية، وهذا ال يورث التعليق في الحكم المنجز، بل الحكمالمنجز - في مقام المزاحمة - يترك إذا كان المزاحم أقوى.هذا مع أن التعليق العقلي، ال يورث سقوط التمسك بالدليل

اللفظي، لما تقرر منا في ذيل آية الوفاء بالعقود (٢)، فإذا فحصنا عن حالالمعاطاة، ولم نجد نهيا في الشريعة عنها، فهي صحيحة، تمسكا

بالعمومات واالطالقات في الشبهات المصداقية اللبية العقلية.الشبهة الخامسة:

ال إطالق لها، إما ألجل أنها في مقام رفع الحجر عن المالك بإثباتالسلطنة لهم على أموالهم.

وإما ألنها قاعدة حيثية، بمعنى أنها تكفلت الثبات صرف وجودالسلطنة، من غير أن يكون النهي عن التصرفات الخاصة منافيا لها،

كقوله تعالى: (أحلت لكم بهيمة األنعام) (٣) فإن هذه الحلية حلية منحيث الذات وال ينافيها الحرمة العرضية الجائية من قبل الوطء

وغيره.--------------------

١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٨٣.٢ - تقدم في الصفحة ٢٩.

٣ - المائدة (٥): ١.

(٦٠)

Page 56: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فعلى هذا، رفع الشك بها غير ممكن إال إذا شك في أصل السلطنة،دون الخصوصيات الراجعة إلى األسباب المملكة، وعندئذ ينتفي توهم

التعارض بينها وبين سائر األدلة المانعة عن بعض التصرفات (١).وفيه: أن التزامهم بعدم االطالق، ألجل الفرار من بعض الشبهات

المتوجهة إلى ظاهر الحديث، وهذا ال يقتضي ذاك، وال ملزم لتفسيرهابالوجه المنطبقة عليه القواعد، حتى يلزم ارتكاب خالفها، فإنها - بال

شبهة - تكون ظاهرة في عموم السلطنة للناس، وإطالقها لجميع األموال فيأنحاء التصرفات، وهو يستلزم نفوذ األسباب، ألن مقتضى نفي المالزمة

ممنوعيتهم عنها كما عرفت.بل قضية كونها أمرا عقالئيا، هي السلطنة على االطالق المورثة

لجواز التصرفات االعتبارية كالخارجية، لما نجد منهم االستدالل بها فيموقف منعهم عنها، فلو قيل: ال تبع هذا يجيب: بأنه مالي وملكي نتصرف

فيه كيف نشاء.وإن شئت قلت: ال خصوصية للقيود المأخوذة في هذه القاعدة، ألنها

بيان ارتكاز العرف والعقالء، ومقتضى المناسبة بين كون شئ مال أحدوفي ملكه، إطالق سلطنته بالنسبة إلى ما ال يعد عندهم مزاحما معه،

فال يجوز له أن يقتل أحدا بسيفه بدعوى إطالق سلطنته.--------------------

١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٨٢ - ٨٣.

(٦١)

Page 57: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

شبهة منع إطالق حديث السلطنة وجوابهاومما ذكرنا يظهر النظر في الشبهة على االطالق: بأنها قاعدة تنادي

بعدم الفرق بين العرب والعجم والترك والديلم في ثبوت السلطنةعلى أموالهم، وال نظر لها إلى إطالق السلطنة. وتأييده باقتضاء كلمة

الناس ذلك، في غير محله، فليتدبر.والذي يخطر بالبال أن يقال: هو أن القاعدة من العمومات

اللفظية، والمحمول فيها جمع يفيد العموم، وشأن هذه العمومات غير شأنالمطلقات، فإنه فرق بين قولنا: الناس لهم السلطنة على أموالهم

وقولنا: الناس مسلطون على أموالهم فإن النظر في األولى إلى جعلالطبيعة محموال، وحيث لم تكن مقيدة يكشف أنها تمام الموضوع.

وبعبارة أخرى: المتكلم في هذه الصورة ناظر إلى نفس الطبيعة،وجعلها سارية ومحموال، بخالف الصورة الثانية، فإن النظر فيها إلى

تكثير الطبيعة إلى جميع األفراد، وال معنى ألن يكون ناظرا إلى أنالطبيعة وحدها هي المقصودة على االطالق، أو هي مع القيد اآلخر، وهذا

أمر يسري في جميع العمومات اللفظية.نعم، إذا تعرض في ذيل كالمه لما يدل على االطالق، كأن يقال: حتىالسلطنة على األكل فهو، وإال فالمناسب للقواعد األدبية التعرض لعموم

القضية وخصوصها، فيقول: الناس مسلطون على أموالهم، حتىالكفار أو إال كذا فالحظ وتدبر جيدا.

(٦٢)

Page 58: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ويمكن دعوى: أن هذه القاعدة كما ال تدل على جواز ارتكابالشبهات الحكمية والموضوعية، تدل على نفوذ المعاطاة والعقود

المستحدثة، وذلك لشهادة العرف على أجنبيتها عن األولى دون الثانية،ولعله ألجل أن ظاهرها االرتباط مع المسائل الوضعية، دون التكليفية.

اختصاص حديث السلطنة بالمعامالت العرفية االمضائيةولك أن تقول: ال مساس لهذه القاعدة بالمسائل الشرعية الناشئة

عن المقتضيات واألحكام التأسيسية الدائرة مدار المصالحوالمفاسد، بخالف المسائل العرفية التي ال يحتاج في إمضائها إلى

وجود تلك االقتضاءات، بل نفس عدم ترتب الفساد كاف في إمضائها،وحيث إن أبواب المعامالت عرفية وإمضائية، تشملها القاعدة، لكونها

كذلك.وقد ذكرنا تفصيل هذه النكتة في مسائل قاعدة نفي الضرار، وذكرناأن قاعدة السلطنة ال تعارضها، وهكذا في مسائل الشروط، فليراجع.

ثم إن هنا شبهات أخر ال خير في نقلها ونقدها، وقد مر بعض منها فيذيل اآليات الكريمة، فليراجع.

ذنابة: حول سند حديث السلطنةلم يثبت صدور القاعدة وال انجبارها بعمل األصحاب، لما لم يعهد

منهم التمسك بها في الكتب الواصلة منهم إلينا، والشهرة بين

(٦٣)

Page 59: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المتأخرين ال تغني من الحق شيئا.وتوهم: أن الشهرة القديمة مثلها، ساقط جدا، ضرورة أن هؤالء

األعالم - إما الطالعهم على وثاقة الرواة، أو القرائن - اتكلوا عليها،وحيث هي غير معلومة ال يلزم طرحها.

وتوهم انتقاضها بالشهرة الفتوائية المستندة إلى الروايةالواصلة غير الدالة عليها، فإنهم ال يعتنون بهم فيها، فكيف بنوا على العمل

بآرائهم في السند دون الداللة؟! مع أن من المحتمل اتكالهم على بعضالقرائن الواصلة إليهم.

ولو قيل: إنها لو وصلت إلينا ربما ال تدل على شئ.قلنا: األمر كذلك في السند.

غير تام، ألن أمر السند دائر بين أمرين: وثاقة الرواة، ووجودالقرائن، وأمر الداللة يدور على الثاني فقط.

اللهم إال أن يقال: بأن الدوران ال ينفع شيئا، فإن من المحتملاتكالهم على القرائن غير الكافية، فال يثبت اعتبار السند بالعمل.

أقول: في المسألة تفصيل خارج عن وضع الكتاب، ومن شاءاالطالع عليه فليراجع مباحثنا األصولية (١).

--------------------١ - تحريرات في األصول ٦: ٣٨٨ - ٣٩٤.

(٦٤)

Page 60: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حول التمسك بحديث المؤمنون... لصحة المعاطاةومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): المؤمنون عند شروطهم (١).

ومثله ما ورد في عدة روايات: المسلمون عند شروطهم مذيالباالستثناء (٢).

وتقريب االستدالل به يعلم بعد تحرير المسألة: وهو أن الشرطكما يطلق على االلتزامات الضمنية، يطلق على المتعلقات البدوية، فلو

قال المشتري: لو أعطيتني ذلك أو ملكتني فعلي كذا أو نعطيك ذلك فإنهبعد التملك يلزم عليه العمل بشرطه، وهذا النحو من المعلقات كما

--------------------١ - تهذيب األحكام ٧: ٣٧١ / ١٥٠٣، وسائل الشيعة ٢١: ٢٧٦، كتاب النكاح،

أبواب المهور، الباب ٢٠، الحديث ٤.٢ - عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا

لكتاب الله فال يجوز له وال يجوز على الذي اشترط عليه، والمسلمون عند شروطهم،مما وافق كتاب الله عز وجل.

الكافي ٥: ١٦٩ / ١، تهذيب األحكام ٧: ٢٢ / ٩٤، وسائل الشيعة ١٨: ١٦، كتابالتجارة، أبواب الخيار، الباب ٦، الحديث ١.

إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السالم)، إن علي بن أبي طالب (عليه السالم) كان يقول:من شرط المرأته شرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم، إال شرطا حرم

حالال وأحل حراما.تهذيب األحكام ٧: ٤٦٧ / ١٨٧٢، وسائل الشيعة ١٨: ١٧، كتاب التجارة، أبواب

الخيار، الباب ٦، الحديث ٥.

(٦٥)

Page 61: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يجعل مستقال، يجعل في ضمن العقود أيضا.وفي إطالق الشرط على المعامالت إشكال، فالمعروف بينهم

عدمه (١)، وقيل بصحة االطالق (٢)، مستدال ببعض االستعماالت في األدعية (٣)والروايات (٤)، ويحمل كالم اللغوي المفسر له ينافيه على المثال، كما هو

المتداول بينهم.ويمكن دعوى خروج المعامالت المعلقة عن موضوع النزاع

أيضا، ضرورة أن االنشاء في الجعالة والسبق والرماية، ليس تمليكامنجزا كالبيع والصلح، فهي شروط لغة.

وأما المنجزات من العقود، فهي في االنشاء وإن كانت غير معلقة،وال يصدق عليها الشرط بدوا، ولو فرضنا صدقه عليها فدليله منصرفعنها، لظهور الشرط في المعنى المقابل لها، فال خير في إطالة الكالم

حول معناه اللغوي، ولكنها في اللب متضمنات للتعليق عرفا.وتفصيله: هو أن حقيقة البيع والغرض األصلي منه، انتقال

العوضين خارجا إلى المتعاقدين، لكي ينتفعوا بهما، ويصلوا إلى مرامهم--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٢١٥ / السطر األخير، حاشية المكاسب، المحققاإليرواني ٢: ٥ / السطر ١٥.

٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ٢: ٤ / السطر ٢٧.٣ - الصحيفة السجادية: ١٥٤، الدعاء ٨٠، وأوجب لي محبتك كما شرطت ولك يا

رب شرطي أن ال أعود، بحار األنوار ٩٩: ١٠٤، في ضمن دعاء الندبة.٤ - وسائل الشيعة ١٨: ٣٧، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود، الباب ٢،

الحديث ٢ و ٣.

(٦٦)

Page 62: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المطلوب بالذات، فاالنشاء وإن هو منجز، إال أن تسليم كل واحد منهمامعلق على تسليم اآلخر ضمنا، وألجله قيل بخيار تخلف الشرط إذا تخلف

أحدهما عن التسليم (١)، فإذا ملك البائع مثال معاطاة فهو على مبنىالشرط، فعلى المشتري بمقتضى الرواية رد الثمن، وإذا وجب ذلك يعلم

صحتها على النحو المقرر في ذيل آية الوفاء بالعقود.نعم، لو احتاجت المعاطاة إلى تسليم الجانبين، فال يكون الحديث

سندا لصحتها.اللهم إال أن يقال: بإلغاء الخصوصية، فإن العرف إذا توجهلوجوب العمل بالشرط، ينتقل منه إلى أن مفهوم الشرط ال

خصوصية له، بل المدار على المعنى الحاصل منه، وهو المشترك بينهوبين سائر االلتزامات، وسيوافيك تمام البحث حوله في المبحث اآلتي (٢).

وقد يشكل االستدالل به لصحتها لما أن دعوى انصرافها عن مثل هذهالنحو من الشروط مسموعة جدا، خصوصا بعد مراعاة حال االستثناء

المنطبق في بعض المآثير على الشروط التابعة (٣).--------------------

١ - مصباح الفقاهة ٤: ٢٦٧.٢ - يأتي في الصفحة ١٠٢ - ١٠٤.

٣ - عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: المسلمون عند شروطهم إال كل شرطخالف كتاب الله عز وجل فال يجوز.

تهذيب األحكام ٧: ٢٢ / ٩٣، الفقيه ٣: ١٢٧ / ٥٥٣، وسائل الشيعة ١٨: ١٦،كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب ٦، الحديث ٢.

إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السالم)، إن علي بن أبي طالب (عليه السالم) كان يقول:من شرط المرأته شرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم، إال شرطا حرم

حالال أو أحل حراما.تهذيب األحكام ٧: ٤٦٧ / ١٨٧٢، وسائل الشيعة ١٨: ١٧، كتاب التجارة، أبواب

الخيار، الباب ٦، الحديث ٥.

(٦٧)

Page 63: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

هذا مع أن عمومها معرض عنه في الشروط البدوية والعهوداالبتدائية، لقيام السيرة القطعية على خالفها. ودعوى التخصيص بعيدة

جدا.وتوهم صحة التمسك مع سقوط العموم عن الظهور في مثل

المقام، غير تام، ألنه يرجع إلى وجود القرينة على خالفه، وهيمجهولة.

اللهم إال أن يقال: بأن ذلك ألجل أن السيرة العملية غير قابلةللردع بمثله، فيبقى العام قابال للرجوع إليه، فافهم وتدبر.

حول التمسك بحديث حل المال مع الطيب والرضا لتصحيح المعاطاةومنها: موثقة سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في حديث: فإنه ال يحل

دم امرئ مسلم وال ماله إال بطيبة نفس منه (١).--------------------

١ - سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في حديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: منكانت عنده

أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، فإنه ال يحل دم امرئ مسلم وال ماله إال بطيبةنفسه.

الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥، وسائل الشيعة ٥: ١٢٠، كتاب الصالة، أبواب مكان المصلي،الباب ٣، الحديث ١.

(٦٨)

Page 64: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وتقريب االستدالل بها: هو أن مقتضى الحصر أن السبب لحليةالمال هو الرضا واإلذن الكاشف عنه، كما في بعض المآثير (١)، وإذا

تحققت المعاطاة فإما يحل، أو ال، فعلى الثاني يلزم عدم الحلية معالطيب، وعلى األول تلزم صحة المعاطاة، ألن الطيب المورث لحلية

المال، تعلق بالعنوان المالزم لها، ال بنفسه.وإن شئت قلت: تحليل العين بجميع منافعها على االطالق، موضوع

العتبار الملكية لمن حلت له، فإذا جاز المقدم بمقتضى إطالق الحديث،تحققت الملكية عرفا، وإذا حصلت هي فالسبب نافذ شرعا. ولعل مقصود

المحقق الرشتي (رحمه الله) (٢) يرجع إليه.وبعبارة أخرى: لو ورد جواز تحليل شئ مطلقا، فكأنه ورد جواز

--------------------١ - أبو الحسين محمد بن جعفر األسدي قال: كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر

محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الدار (عليه السالم)...إلى أن قال: - وأما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا، هل يجوز القيام

بعمارتها، وأداء الخراج منها، وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتسابا لألجروتقربا إليكم؟ فال يحل ألحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه فكيف يحل ذلك في

مالنا؟!كمال الدين: ٥٢٠ / ٤٩، وسائل الشيعة ٩: ٥٤٠، كتاب الخمس، أبواب األنفال،

الباب ٣، الحديث ٧.٢ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٠ / السطر ١٣.

(٦٩)

Page 65: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تمليكه عرفا، فإذ أجاز التمليك فهو أعم من التمليك بالسبب اللفظي أوالعملي، وعلى ما سلكناه يكون الثاني القدر المتيقن منه.

وما يتوجه إلى الوجه األول واضح، مع أن لنا اختيار الشقاآلخر، وهو حلية المال بدون الحاجة إلى الطيب، ألنه بالمعاطاة

خرج عن سلطانه وأمواله، ودخل في ملك المشتري، بناء على صحةالمعاطاة. وإذا كانت فاسدة فله مقام آخر، فال يستكشف نفوذها منه.

ويتوجه إلى الثاني: أن مقتضى إطالق الحديث ممنوعية الغيرعن التصرف إال باإلذن والطيب، وأما إذا أذن وحصل منه الطيب فيجوز

على االهمال، وال يورث جواز التحليل على االطالق، كما ال يخفى، وسيأتيتفصيل البحث في ذيلها (١).

ثم إنه قد ذكر الشيخ األعظم (قدس سره) (٢) عموم أدلة البيع والهبةونحوها، وال أظن وجود العموم في هذه األبواب.

فالمسألة على ما سلكناه واضحة، وهي صحة المعاطاة بعد كونهاعرفا صحيحة ومورثة للملكية.

نعم، قد يشكل في بعض المقامات تصويرها، كما في استئجار الحر،وجعل الدار مسجدا، وإال لو فرضناها فهي مشمولة للسيرة القطعية

والبناء العقالئي.--------------------١ - يأتي في الصفحة ٩٦ - ٩٩.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ١.

(٧٠)

Page 66: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إن قلت: ال خير فيها، ألنها متشكلة من الذين ال يعتنون بالديانة (١)،فإن فتوى المشهور على خالفهم، مع أنها على اللزوم المخالف معه، إال

مثل المفيد (٢) وجماعة من متأخري المتأخرين، كاألردبيلي،والكاشاني (٣)، فهي سيرة مردوعة غير مرتدعة، فال تكون حجة وكاشفة

عن رأي المعصوم (عليه السالم).قلت: المغروسات العقالئية، وما ابتلي به الناس، ويكون من

عاداتهم الموروثة، ال يمكن ردعها وارتداعهم منها برواية وحديث، بلبآية وأحاديث، بل نحتاج - مضافا إلى األدلة اللفظية من اآليات

واألحاديث في جميع األعصار من النواحي المقدسة - إلى إعمالالقوى األخرى وراءها، كما ترى في مشابهاتها، فعليه ال معنى للشبهة فيها

بعد عدم العثور على رواية تدل على خالفها.ومن هنا يعلم قرب مقالة المحقق الثاني (رحمه الله): من حمل فتوى

المشهور على ما يوافقه العرف (٤). والبحث عن لزومها غير منظور فيهعند األكثر، فتدبر.

هذا مع أن المعتنين بالديانة غير معتنين بها، وال يبالون بما قيلفيها، كما في معامالت الصبي، وهذا أيضا دليل على ما ذكرناه.

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٣ / السطر ٢٩، اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٠ / السطر ٢٢.

٢ - المقنعة: ٥٩١.٣ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٤٢ - ١٤٣، مفاتيح الشرائع ٣: ٤٨ - ٤٩.

٤ - جامع المقاصد ٤: ٥٨.

(٧١)

Page 67: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

خاتمة: حول االستدالل بآيتي القنطار واالفضاء على صحة المعاطاةقد حكي (١) عن بعض أجلة العصر جواز التمسك لها بقوله تعالى:

(وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فال تأخذوا منهشيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا * وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى

بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) (٢).وقال الوالد المحقق - مد ظله العالي - في تقريبه باآلية

األولى: إن المراد من إيتاء القنطار إيتاؤه مهرا، وعدم جواز األخذألجل صحته ولزومه، والزمهما صحة العقد المشتمل عليه، وبإلقاء

الخصوصية يسري الحكم إلى سائر العقود.وفي تقريبه بالثانية: إن قوله: (وقد أفضى) علة مستقلة

للتعجب من أخذ المهر، وقوله: (أخذن منكم) علة مستقلة أخرى، فتدلعلى أن أخذ الميثاق الغليظ علة الصحة واللزوم، فيسري الحكم إلى

غيره (٣) انتهى.وبعبارة أخرى: ال معنى للغلظة في المعنى المسببي، وفي السبب كما

يمكن في اللفظي منه، يمكن في غير اللفظي كما مر، ألن المراد منها تحكيمالعقدة.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٧٧.

٢ - النساء (٤): ٢٠ - ٢١.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٧٧.

(٧٢)

Page 68: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والظاهر أن المراد من قوله: (وقد أفضى) هي المواصالتوالمراودات المتعارفة قبل العقد، الشتمال اآلية على المعنى التبادلي.

فحمله على الجماع ونحوه ألجل المآثير والروايات (١)، وألن ظاهرقوله: (وأخذن) أنه من آثار االفضاء، وال وجه لتقديم أثر الميثاقالغليظ على المؤثر، وهو الميثاق الغليظ، فعلى هذا ينحصر وجه

التعجب بالجملة األخيرة.ويتوجه إلى األولى: أنها في مقام البحث عن النكاح بعد تحققه،وال نظر فيها إلى تصحيح السبب المحقق له، بخالف الثانية، فإن

ظاهرها أن الميثاق الغليظ موضوع لممنوعية الزوج عن األخذ، وهو أمرعرفي، فلو تحقق بغير األلفاظ المخصوصة، أو بغير اللفظ رأسا، فهو ممنوع،

وال حاجة في استكشاف العلة إلى أداتها، بل المدار على العرف، فإذاصحت المعاطاة في الجملة نقول بصحتها على االطالق، لما يتراءى منها

القول بعدم الفصل.وتوهم خروج النكاح عن اآلية (٢)، في غير محله، ألن النكاح

الواقع في سائر األمم ممضى عندنا، وهو ربما ال يكون باللفظ، فاآلية ناظرة--------------------

١ - بريد قال: سألت أبا جعفر (عليه السالم) عن قول الله عز وجل: (وأخذن منكم ميثاقاغليظا) فقال: الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح، وأما قوله: (غليظا) فهو ماء

الرجل يفضيه إليها.الكافي ٥: ٥٦٠ / ١٩، وسائل الشيعة ٢٠: ٢٦٢، كتاب النكاح، أبواب عقد النكاح،

الباب ١، الحديث ٤.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٧٩.

(٧٣)

Page 69: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إلى المعنى الكلي، وإن كان في خصوص النكاح بين المسلمين، شرطاللفظ واعتبار القول.

وبعبارة أخرى: المدار على الميثاق الغليظ حسب اآلية الشريفة،فإن ورد في األخبار في خصوص عقد اعتبار اللفظ، فيعلم منها أن الميثاقالغليظ فيه ذلك، وفيما وراءه تبقى اآلية على إفادتها، فالحظ وتدبر جيدا.

أقول: لو سلمنا داللتها عليها، فهو مع قطع النظر عن الرواياتالكثيرة المشتملة على المعتبرة، وآراء المفسرين، وإال فهي على خالف

ما ذكرنا في معناها، والتفصيل في كتاب النكاح.

(٧٤)

Page 70: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المبحث الثانيفي إفادة المعاطاة للزوم

المشهور (١) بل المدعى عليه االجماع بقسميه بسيطا ومركبا (٢)،جواز المعاطاة، وعن الغنية نفي كونها بيعا (٣)، وعن جامع المقاصد

اعتبار اللفظ في العقود الالزمة باالجماع (٤).وقال المحقق الرشتي: ويعضد جميع ذلك السيرة الواضحة

الجارية على الجواز، والسلطنة على التراد قبل التلف، أو التصرففي أحد العوضين (٥).

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ٣٠.

٢ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ٢٤.٣ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٥.

٤ - جامع المقاصد ٥: ٣٠٩.٥ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ١٦ و ٢٤.

(٧٥)

Page 71: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وما نسب إلى المفيد (١) ليس موافقا لما حكي عن عبارته (٢)، بل قيل:إنه في موافقة المشهور أظهر (٣) وهو غير بعيد.

ويؤيده ما عن كاشف الرموز من نسبة اشتراط الصيغة في البيعإليه وإلى الشيخ (٤)، وقيل: هذا من الرموز التي كشف عنها، فجزاه الله

خيرا (٥).وما يستظهر من عبارات العالمة في محكي التذكرة من نسبة

اعتبار الصيغة إلى األشهر (٦)، وفي محكي المختلف إلى األكثر (٧)،وفي محكي التحرير إلى األقوى (٨)، ال يضر باالجماع واالتفاق، الحتمال

احتياطهم في التعبير لما كان في ذهنهم وجود الخالف، فتأمل.مع أن االستظهار، ال يعارض الدعاوى الصريحة المشار إليها.فقول: األردبيلي والكاشاني وميل المسالك ال يعبأ به (٩) بعد

--------------------١ - جامع المقاصد ٤: ٥٨.

٢ - المقنعة: ٥٩١.٣ - الحظ اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ١٦.

٤ - كشف الرموز ١: ٤٤٦.٥ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ١٨ - ١٩.

٦ - تذكرة الفقهاء ١: ٤٦٢ / السطر ٥.٧ - مختلف الشيعة: ٣٤٨ / السطر ١.

٨ - تحرير الكالم ١: ١٦٤ / السطر ٦.٩ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٤٢، مفاتيح الشرائع ٣: ٤٨ - ٤٩، مسالك األفهام ١:

١٣٣ / السطر ٣٦.

(٧٦)

Page 72: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االتفاق المشهود عنهم (١)، وال سيما السيرة المدعاة على خالفهم (٢)،ضرورة أن األدلة اللفظية لو اقتضت اللزوم، فهي غير قابلة لالحتجاج بها،

لقيام السيرة القطعية على خالفها، على ما ادعاه (رحمه الله) (٣) ولدعوى االجماعصريحا عن بعض األساطين في شرح القواعد (٤) على عدم لزومها، من غير

اعتناء بمخالفتهم.أقول: ال يعتنى باالجماعات المحكية التي أخذ الالحق من

السابق من غير الغور في تحصيلها، وليس المحصل منها موجودا. بلالمحصالت منها في أمثال هذه المسائل غير قابلة لالعتماد، لسوء الظن

بها، ضرورة أن المسائل المبتلى بها الناس، هي التي بحيث يرد منالشرع فيها نص صريح، فإن ردع الناس ال يمكن إال بمثل ذلك، فلو قيل:بصدوره وعدم وصوله، فيقال: بأنه ال يصدر النص الواحد، ألنه غير كاف

الرتداعهم عما عليهم من االلتزام، وما سمعت من السيرة فهو ممنوع، إال فيالمحقرات غير المعتنى بشأنها.

فبالجملة: دعوى عدم لزوم البيع في المحقرات ولو كان البيع لفظياللسيرة، ال تخلو من خيال رجحان، ومع التردد في حاصلها يرجع إلى

األصل المحرر اآلتي على اللزوم.--------------------

١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ٢٢.

٢ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٦ / السطر ١٦.٣ - نفس المصدر.

٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ٢٩، شرح قواعد األحكام: ٤٩ /السطر ٣ - ٦ (مخطوط).

(٧٧)

Page 73: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األمور الدالة على أصالة اللزوموما يمكن أن يكون سندا لهذا األصل والقاعدة أمور:

األمر األول: السيرة العقالئيةال شبهة في أن بناء العقالء على اللزوم في جملة من العقود، كالبيع

في الجملة، واإلجارة، والصلح.وهل هذا أمر تعبدي بينهم، فال يعلم من قبلهم حال سائر العقود، أم أمر

عقالئي مشترك فيه جميع العقود؟الظاهر هو الثاني، وذلك األمر هو تقبيحهم المتخلف عن الوعد

والعهد، وإن من أخرج شيئا من ملكه - بعوض كان أو بغير عوض - يقبح لهأن يدعيه، ألنه من قبيل ادعاء ما ليس له، فال فرق عندهم بين العقود

اإلذنية التمليكية كالهبة، والعقود المعاوضية.نعم، في العقود اإلذنية غير التمليكية كالعارية، إن كانت موقتة،

فالعود إليها قبيح قبل انقضاء الوقت، وفي غير هذه الصورة ال يكونالعود قبيحا، إال إذا كان قبل االنتفاع رأسا.

وما ترى من التقبيح على العود وترتيب األثر عليه، فهو ال يضر، لماترى في العقود الالزمة من األمرين أيضا، فإن المشتري إذا راجع البائعلرد المبيع، فهو مع قبوله منه في كثير من المعامالت يعد فعله قبيحا،

(٧٨)

Page 74: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فال تخلط.أقول: االنصاف أن العقود عندهم في اللزوم والجواز مختلفة، ولو لم

يكن وجه االختالف معلوما ال يلزم إنكاره، ولعل ذلك ألن العقود المحتاجإليها األقوام واألمم في إدارة معاشهم وتشكيل الحياة االجتماعية الزمة،

بخالف غيرها، فالحظ جيدا.وأما قبول البائع، فهو على مبنى اإلقالة التي هي - في الجملة -

أمر عقالئي، وإال يلزم تصرفه في مال الغير. مع أنه ال يرى نفسه متصرفافي ملك المشتري بعد قبول رده، وإن كان بغير طيب منه، ويعده قبيحا.

ومما يشهد على التفصيل: أن في هذه العقود، يكون للبائع حق عدمالقبول عرفا، وربما يكون ذلك في المحقرات، فضال عن غيرها، بخالف مثل

الهبة والعارية والشركة وغيرها، فتأمل.وإني كنت في سالف الزمان على األصل المذكور، إال أن

المراجعة إليهم تؤدي خالفه، فهل على هذا تكون المعاطاة من اللوازم،أم ال، أو يفصل بين المحقرات وغيرها، أو يقال: بأنها إن كانت عقدا مستقال

حيال سائر العقود، فهي محل البحث، وأما لو كانت صنفا من العقود فهيتابعة ألصلها، فالمعاطاة في البيع الزمة، وفي الشركة جائزة؟

أقول: الذي هو التحقيق الحقيق بالتصديق من غير فرق، هو اللزومفي المحقرات وغيرها حسب نظر العرف والعقالء، فإنهم بعدما يجدون

البيع مملوكا له، ال يرون حقا للغير فيه.وبالجملة: مقتضى السيرة وبناء العقالء لزومها في الجملة، وفي

مواقف الشبهة - مثل المعاطاة نسية، خصوصا في المحقرات - ترجع إلى

(٧٩)

Page 75: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العمومات ومقتضى األصول العملية، وقد مر منا: أن األصل فيالمعامالت هي المعاطاة صحة ولزوما، والعقود اللفظية تحتاج إلى دليل

االمضاء واللزوم، لما مضى أن سببيتها ألجل التوسعة في االعتبار األولي (١)،فال تغفل.

األمر الثاني: حول مقتضى عمومات الكتاب والسنة الدالة علىأصالة اللزوم

وقد مضى البحث حولها في المسألة السابقة (٢)، وربما يشكلالتمسك بها هنا، ألجل أنها ليست قابلة لردع ما عليه بناء العقالء من

الجواز، كالوكالة، والعارية، ونحوهما، ولذلك لم يرتدعوا بها فيها، وذلكألن المغروسات العرفية أقوى منها، فال ينصرفون عنها إال بما هو األقوى

منها، وعلى هذا ال تكون مرجعا في مواضع الشبهة، ألنها تكون إرشادا إلىما عليه العرف، وإذا شك في لزوم عقد وجوازه - بحسب الفهم العرفي -

فهو ال يزول بها.وبعبارة أخرى: ال بد من إحراز اللزوم العقالئي حتى يثبت شرعا، فتلك

العمومات قاصرة عن المرجعية في الشبهات الحكمية.بل يمكن دعوى استحالة كونها مشرعة، للزوم الجمع بين التأسيس

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥ - ١٦.

٢ - تقدم في الصفحة ٢٦ وما بعدها.

(٨٠)

Page 76: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

واالمضاء ولو فرضنا إمكانه، كما مضى تقريبه (١)، ولكنه خالف المتفاهمالعرفي.

ودعوى استكشاف اللزوم العقالئي بالعموم، واستكشاف حالالموضوع بالحكم، وإن كانت ممكنة، إال أنها خروج عن المتعارف في

أبواب االستعماالت والمحاورات القانونية.إن قلت: ما ذكرتم يرجع إلى إنكار صحة التمسك بالعمومات

المخصصة، وهو بديهي البطالن.قلت: كال، فإن عدم العمل بالعمومات بعد التخصيص، غير ترك

العمل بها ألجل قصورها عما هو الظاهر منها، فإنه في الفرض الثانيال يجوز التمسك، خصوصا بعد مساعدة العرف، لكونها إرشادا محضا. ولو

كان الخروج عن مقتضاها مرهونا بورود المخصص، لكان يلزم القولبلزوم عقد الشركة، لعدم الدليل على جوازه إال الشهرة القاصرة.

إن قلت: العمومات مختلفة في إفادة المقصود، وهو لزوم العقود إالما خرج بدليل، فإن مثل قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (٢)، وقوله (صلى الله عليه وآله

وسلم):المؤمنون عند شروطهم (٣) يورث ذلك على المطابقة أو المالزمة،

بخالف قوله تعالى: (إال أن تكون تجارة عن تراض) (٤) وقوله (عليه السالم):--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٦ - ٣٧.

٢ - المائدة (٥): ١.٣ - تهذيب األحكام ٧: ٣٧١ / ١٥٠٣، وسائل الشيعة ٢١: ٢٧٦، كتاب النكاح،

أبواب المهور، الباب ٢٠، الحديث ٤.٤ - النساء (٤): ٢٩.

(٨١)

Page 77: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال يحل مال امرئ مسلم إال بطيبة نفس منه (١). فإنه ال يدل على اللزوم.نعم، يفيد نتيجة اللزوم، ولذلك قلنا: بأن اللزوم المحصول من بعض

أدلته، ليس محكوما بأحكامه المخصوصة، مثال اللزوم العقالئيالممضى، ليس مما يكون الشرط المخالف له خالف الكتاب

والسنة، بخالف اللزوم المحصول من الشرع تعبدا.قلت: نعم، وعليه ال بد من صرف عنان الكالم حول هذه اآليات

والروايات حتى يتبين الحق، وال بأس باستطراد البحث عن غيرها، لمافيه من النفع الكثير كما ترى.

اآليات المستدل بها على أصالة اللزوماآلية األولى: آية التجارة

أي قوله تعالى: (ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارةعن تراض منكم) (٢).

وقد مر شطر من الكالم حولها في المسألة السابقة (٣)، وعلى ما--------------------

١ - الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥، وسائل الشيعة ٥: ١٢٠، كتاب الصالة، أبواب مكانالمصلي، الباب ٣، الحديث ١ و ٣، و ١٤: ٥٧٢، كتاب الحج، أبواب المزار،

الباب ٩٠، ذيل الحديث ٢.٢ - النساء (٤): ٢٩.

٣ - تقدم في الصفحة ٤٦ وما بعدها.

(٨٢)

Page 78: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تقرر عندي إن االستثناء منقطع، وعلى التقديرين يستفاد منها الحصر، ألنحكم المستثنى خالف حكم المستثنى منه حتى في المنقطع، إال إذا كان

االستثناء كناية عن تأكيد العموم في المستثنى منه، فيكون مجوز أكلبعضهم من مال اآلخر، منحصرا في تلك التجارة.

وخروج اإلباحات والقرض والهبة وتملك مجهول المالك،ال يضر بصحة االستدالل فيما وراء مورد التخصيص، ألن مفهوم الحصركالعموم اللفظي المخصص الذي يستدل به فيما عدا مورد التخصيص،

فكما ال يضر خروج التجارة الغررية بعموم الدليل في مورد الشك،كذلك فيما نحن فيه.

وعدم صحة االستدالل بالمستثنى منه - ألن المراد من (الباطل)إما عرفي، أو شرعي، وعلى التقديرين يكون من التمسك بالعموم فيالشبهة الموضوعية - ال يورث قصورا في االستدالل بمفهوم الحصر

الظاهر من اآلية الكريمة، فيكون الفسخ والتملك محتمل البطالنبحسب النظر إلى المستثنى منه.

وأما إذا الحظنا الجملة الثانية، فهو ليس من األسباب المجوزةلألكل والتصرف، فيعلم حاله وهو بطالن التمليك من عموم الجملة

األولى أيضا.وتوهم: أنه بعد الفسخ يحتمل خروجه عن ملك المشتري،

وال يكون ماله، فال يجوز التمسك (١)، غير تام، ألن منشأ الشك احتمال--------------------

١ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ٢: ٤ / السطر ١٩.

(٨٣)

Page 79: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تأثير الفسخ، وهو مدفوع بعموم الحصر، فال حاجة إلى االستصحابالموضوعي.

وبه يندفع أيضا ما قد يقال: من أن الموضوع لحلية األكل، المالالحاصل بالتجارة على نعت التقييد، بناء على إمكان تقييد المعلول

بعلته، أو يكون موضوعها المال الذي ال ينطبق إال على المال المذكوربنتيجة التقييد، وإذا وقع الفسخ يحتمل انتفاء التجارة، فالتمسك غير

جائز (١).هذا مضافا إلى اندفاعها بوجه آخر: وهو أن التجارة هي السبب،

وال وجود لها بعد تحققها في وعاء البقاء، بخالف العهد والعقد، وال تزولحقيقة التجارة بالفسخ، وهذا ما يجري في جميع ألفاظ المعامالت، فإنهاموضوعات لألسباب المتعقبة بالمسببات عرفا، وال يشترط بقاء المسببفي االسم، فلو زال بالفسخ فالزائل هو العقد، دون التجارة والبيع، فإنهما

ال يزوالن بعد ترتب األثر عليهما، فتأمل جيدا.توهم عدم إمكان التمسك باآلية عند الشك لصيرورة الشبهة موضوعية

وقد يشكل االستدالل بها، ألجل أنها ظاهرة في الجملة األولى فيإناطة الحرمة والمنع بالباطل، سواء كان من األباطيل في األسباب، أوغيرها، فال يكون األكل باإلباحات وغيرها بالباطل، وعلى هذا تبطلاألسباب، ويحرم غيرها تكليفا بعموم النهي، والختالف األثر حسب

--------------------١ - الحظ حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٧٤ / السطر ٨ - ١٠.

(٨٤)

Page 80: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اختالف الموضوعات، وألجل هذا الظهور تكون الجملة الثانية،ظاهرة في إناطة الحلية واألكل بالحق، والتجارة منه، فال ينتقضبالقرض والهبة وأمثالهما. وال دخالة لعنوان التجارة فيشمل اآلية

بالتنويع جميع األشياء، ألنها إما حقة، أو باطلة.فعلى هذا ال يصح التمسك، ألن الباطل عرفي، والباطل العرفي

معلق على عدم تصرف من الشارع األقدس فيه، وإذا شك في نفوذ الفسخفالشبهة موضوعية (١).

ويندفع: بأنا لو سلمنا جميع مقدمات الشبهة فال نصدقها، ألن التعليقفي الخطاب مضر، دون اللب، فإن جميع الخطابات اإللهية مع تنجزها،

معلقات بما ال يلزم منها الهرج والمرج والظلم والقبح العقلي، وهذاال يورث قصور التمسك بها بعد الفحص، وال يقبل عند العرف عذر

المعتذر الذي بالفسخ تصرف في مال الغير، واعتذر بذلك قطعا، فإذنال يجوز التملك بعد التجارة إال بالدليل المقدم عليها.

ودعوى الفرق بين التعلق في األحكام والتعلق فيالموضوعات (٢)، ممنوعة، ضرورة أن العرف يجد من األشياء ما هي باطلةفي نظره، ولو اطلع على حكم الشرع ينتقل إلى أن توهمه غير تام، فإذا كان

الرجوع والتملك باطال عرفا - لما أنهم يقولون باللزوم على ما عرفت - فهومشمول اآلية، إال إذا وصل الدليل على خالفه.

--------------------١ - الحظ حاشية المكاسب، السيد اليزدي ٢: ٤ / السطر ١٦ - ١٧.

٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١١٦.

(٨٥)

Page 81: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إن قيل: ليس (الباطل) في اآلية عرفيا، بل هو الباطل الواقعي، ألناأللفاظ موضوعة للمفاهيم الواقعية، فال يتم االستدالل، ألنا نحتمل احتماال

عقالئيا أن يكون الفسخ من األسباب الصحيحة لألكل، ال من األباطيلالواقعية، فالتمسك بها في المقام من قبيل التمسك بالعام في الشبهة

المصداقية (١).قلنا: ال واقعية للمعاني االعتبارية، ولو فرضناها فهل المدار على

تشخيص العرف حال التزاحم، أو الشرع؟ ال شبهة في تعين الثاني،فليس هذا إال التعليق في الموضوع، أو ما أشرنا إليه.

وبالجملة: ليس المقام إال من التمسك بالعام في الشك فيالتخصيص، ألن الخارج ليس عنوانا واحدا قابال لالنطباق على الفسخ،

كما ال يخفى.التمسك بإطالق المستثنى منه الثبات العلة التامة المنحصرة

أقول: الظاهر أو من المحتمل قويا أن تكون اآلية، ناظرة إلى بيانالحكم في المستثنى منه، وال إطالق للجملة الثانية، ولذلك ال تجد من

نفسك التهافت البدوي بين قوله: نهى النبي عن بيع الغرر (٢) وتلكاآلية. واالتيان ببعض القيود المعتبرة دون بعض، يفيد أنه ليس في مقام

--------------------١ - مصباح الفقاهة ٢: ١٤١.

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه السالم) ٢: ٤٥ / ١٦٨، عوالي الآللي ٢: ٢٤٨ / ١٧، وسائلالشيعة ١٧: ٤٤٨، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، الباب ٤٠، الحديث ٣.

(٨٦)

Page 82: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ذكر جميع القيود، فهو كالقرينة على عدم االطالق، فالتمسك به لتجويزاألكل بعد الفسخ - وهو الكاشف عن عدم نفوذه - ساقط.

هذا، وقد تقرر منا: أن مفهوم الحصر ال يقبل التخصيص، فضال عنالتخصيصات المتعددة، ألنه عرفا يضادها، وال يمكن الجمع العقالئيبينه وبينها، كما هو المتعارف بين العمومات اللفظية والمخصصات،

ضرورة أنه لو ورد: ما جاءني أحد إال خمسة من العلماء ثم ورد مجئالعلماء كلهم، فإنه ال يجمع بينهما، فتكون النتيجة عدم مجئ أحد إال

العلماء. بل العرف ال يجد إلى الجمع بينهما سبيال (١).وإن شئت قلت: في خصوص المقام يستفاد المفهوم من استكشافالعلة التامة المنحصرة لجواز األكل، وهي التجارة عن التراضي، فإن

الباطل علة المنع، والتجارة علة الجواز، ضرورة أن الجملةالمستثناة في حكم الوصف المعتمد، وعليه ال يمكن عندي تخصيصه،ألن المفهوم ناشئ من تلك العلية، ولو ورد دليل على خالفه يعلم عدماالنحصار، فيسقط المفهوم، ألنه من اآلثار القهرية، ويكون حجيته -

كحجية القطع - غير قابلة للتقييد والتخصيص. بل هو أسوأ حاال،والتفصيل في محاله (٢).

--------------------١ - تحريرات في األصول ٥: ١٨٦.

٢ - الحظ فوائد األصول (تقريرات المحقق النائيني) الكاظمي ١: ٥٠٥، تحريرات فياألصول ٥: ١٨٦.

(٨٧)

Page 83: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

توهم عدم خروج اإلباحات والقرض ونحوهما من مفهوم الحصر وجوابهإن قلت: لم يخرج من عموم الحصر شئ حتى ينافيه، ضرورة أن

المراد حصر مجوز أكل المال في التجارة على أن يكون ملكا لألكل، اللغيره، فال ينتقض باإلباحات، وأن موردها المعامالت المعاوضية، بقرينة

قوله تعالى: (أموالكم بينكم) فغير المعاوضات - كالقرض والهبة -غير داخلة، ومن األول تملك مجهول المالك، والتملك بااللتقاط.قلت: أوال: جميع التجارات الفاسدة شرعا - لقيود اعتبرت فيها -

خارجة عنها، ألن مفاد الحصر نفي التوسعة والتضييق، وال معنىلدعوى الحصر مع إنكار االطالق، ألن حصر مجوز األكل بالتجارة، يالزمعرفا كونها تمام الموضوع من غير دخالة قيد آخر، وإذا كانت المعامالت

الغررية والغبنية خارجة، فهو ينافي الحصر كما ال يخفى، فتأمل.وثانيا: التقييد المذكور يورث أن يكون الموضوع لجواز

التصرف، الملك الحاصل من التجارة، مع أنه ليس كذلك، بل الملكتمام الموضوع لجواز األكل.

مع أن التقييد مما ال يقتضيه الكالم، كما ال يقتضي التقيدبالمعاوضات، فإن القرض والهبة من األسباب المملكة الصحيحة

الحقة، وال نظر في قوله تعالى: (أموالكم بينكم) إلى التبادلبالضرورة. مع أن الهبة المعوضة ليست من التجارة، فتدبر جيدا.

(٨٨)

Page 84: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اآلية الثانية: آية حل البيعأي قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (١).

وغاية ما يمكن دعواه حولها: هو أنها في مقام تحليل البيع بتحليلالحاصل منه، وهو الربح المقابل للزيادة الملحوظة في المعاملةالربوية، فال تدل على حلية الطبيعة، وال التصرفات، ألن حلية

الطبيعة كانت معلومة، وما كانت مورد ادعاء التسوية، وحلية التصرفاتغير محتاج إليها، ألن الطبيعة المحللة تالزم جواز التصرف عرفا.

فهي ناظرة إلى نفي التسوية المتخيلة، وهي بين البيع الربويوغيره، فإن البيع غير الربوي يورث النفع كالربوي، فإذا حلت األرباح

فإطالقها يفيد اللزوم، ألنه بعد الفسخ محلل أيضا.وال وجه لتوهم الشبهة الموضوعية هنا، فيقال: بعدم جواز

التمسك، ضرورة أن الحلية متعلقة بأمر خارج عن الطبيعة، وهيالزيادة والربح، وبإلغاء الخصوصية يعلم لزوم سائر العقود.

ولو قيل: ليس مورد الحلية الربح، بل المورد الربح الحاصل منالبيع، فإذا تحقق الفسخ يحتمل انتفاء البيع الذي هو قيد الموضوع (٢).

قلنا: قد مضى آنفا أن اعتبار الفسخ حل العقد والعهد، دون عناوينالمعامالت، فإنها موضوعات لألسباب المتعقبة بالمسببات في

--------------------١ - البقرة (٢): ٢٧٥.

٢ - الحظ منية الطالب ١: ٥٠ / السطر ٥.

(٨٩)

Page 85: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجملة (١)، وسيأتي زيادة توضيح في ذيل اآلية اآلتية إن شاء الله تعالى.أقول: كما يمكن صرف اآلية األولى بذيلها وصدرها، يمكن صرف

ذيلها بها، فإن قوله تعالى: (وحرم الربا) ربما يفسر بأنه يفيد حرمة البيعالربوي، ال مطلق الربا، ولذلك اختلفت كلمات القوم في حرمتها في غيره،

إال القرض فإنها فيه محرمة قطعا، فعلى هذا تكون اآلية جملة إخباريةعن الحلية المتعلقة بالطبيعة المخصوصة، والحرمة المتعلقة بها

كذلك، وبذلك يرتفع غائلة التسوية.ولعمري، إنه أظهر المحتمالت حولها، ألن مدعي التسوية ال يسأل

إال عن الفرق بين البيع الربوي وغير الربوي، وهي تنادي بذلك، وتكونناظرة إلى دفع وهمهم، فال إطالق لها حتى يتم االستدالل بها حينئذ، وقد

مضى بعض البحث فيها (٢).اآلية الثالثة: آية الميثاق الغليظ

أي قوله تعالى: (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) (٣).فإنها ال تدل على الصحة إال بالزمها، وهو لزوم الميثاق الغليظ،والنهي عن أخذ المهر بعده إرشاد إلى فساد الفسخ والرجوع.وربما تدل هذه اآلية على الحرمة التكليفية زائدة على االرشاد

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٨٤.

٢ - تقدم في الصفحة ٣٨ وما بعدها.٣ - النساء (٤): ٢١.

(٩٠)

Page 86: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إلى الفساد، وال منع من الجمع بينهما، فإن المحرم الشرعي - وهواألخذ - ال يتالئم عرفا مع الصحة والتنفيذ، فيكون المال المأخوذ منها

محرما عليه وضعا، ألنه تصرف في مال الغير، ونفس المراجعة إليهاواألخذ منها ممنوعا تكليفا، فالحظ وتدبر جيدا.

اآلية الرابعة: آية الوفاء بالعقودأي قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (١).

والذي تقرر منا عدم ارتباط هذه الكريمة بالمقام (٢)، وعدم شمولهالجميع العهود والعقود والتكاليف اإللهية، فإن الوجوب فيها ليس

تكليفا ثانويا، حتى يلزم تعدد العقاب في التكاليف الشرعية، وتعددالوجوب، وال إلزاما عقليا، أو إرشادا إلى لزوم عقالئي أو عقلي، حتى يلزم

التخصيصات الكثيرة من خروج المستحبات، بل والمكروهات،والعهود البدوية غير المعاوضية، والعقود الجائزة والفاسدة، ويلزم

ما مر في ابتداء المسألة.فهي تنبيه وتوجيه للمؤمنين إلى المعاهدات بنحو الموعظة

والتذكار، وإيقاظهم من نوم الغفلة والنسيان، وإلى حسن الوفاءبالعقود كلها، وقبح تركه عقال، من دون إفادتها االلزام. وليست هذه اآلية

تشمل نفسها، لتلك الجهة التي سمعت منا.--------------------

١ - المائدة (٥): ١.٢ - تقدم في الصفحة ٣٦.

(٩١)

Page 87: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والعجب من أصحابنا المحققين، حيث جعلوا كلمة الوجوبموضوع بحثهم، واستظهروا منها الحكم (١)!! مع أن اآلية ليست إال باعثة

نحو الوفاء بالعقود، وال تكون مشتملة عليها.وإذا كان حملها على األصل األولي في الهيئات ساقطا، لما سمعت،

فحملها على األصل الثانوي فيها غير تام، ألن ظاهرها التكليف الشرعيالمورث للعقاب على تركه، فما هي الظاهرة فيه غير قابل للعمل به،وما هي القابلة للعمل به فيه خالف ظاهرها، فتكون النتيجة ما أفاده

البهبهاني (٢) والرياض (٣) وغيرهما على ما نسب إليهم (٤)، وناظرة إلىعدة من المعاهدات المعلومة عندهم.

ومما يورث مرامنا، هو أنها تفيد الوجوب الشرعي حسب األصلاألولي ومقتضى قول المفسرين، وذلك مشروط بالقدرة، وهي ثابتة

بالنسبة إلى التكاليف اإللهية، ومنتفية بالنسبة إلى العقود،وااللتزام بها فيها يوجب داللتها على جواز العقود، وهو عكس المطلوب،

وإخراج التكاليف اإللهية غير ممكن، ألنها القدر المتيقن منها، والقولبالتفكيك خروج عن العقل والعرف، ويكفي الثاني.

ودعوى: أن الوفاء بالعقود هو العمل على طبق مقتضاها، ففي--------------------

١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٥ / السطر ٧، منية الطالب ١: ٦٤ / السطر ٣، البيع،اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١٢٦.

٢ - الحظ اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٥ / السطر ١٣.٣ - رياض المسائل ١: ٥١١ / السطر ١١.

٤ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٥ / السطر ١٣.

(٩٢)

Page 88: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التكاليف هو االتيان بها، وهكذا في مثل النذر والعهد في العقود ترتيبآثار العقد، من التسليم وغيره (١)، مسموعة، إال أن من الوفاء عدم نقضه

أيضا، وترك نكثه، فلو فسخ العقد قبل أن يأتي وقت التسليم، وأعلن أنهنقض عهده، وال يكون بانيا على التسليم، فإنه أيضا يعد من التخلف عنالوفاء بالعقد، فلو كان هذا مشمول اآلية الكريمة، يلزم إما جوازه، وهو

ممنوع، أو كون الهيئة إرشادا إلى اللزوم، وهو مثله، فال بد من اختصاصهابغيرها.

إن قلت: يدور األمر بين حمل الهيئة على االرشاد إلى ما يحكم بهالعقل والعقالء في الموارد المختلفة وحفظ عموم اآلية، وبين حملها

على الوجوب، وإخراج ما نحن فيه منها، واألول متعين، لمعهوديته معالقرينة، فإن الوجوب التكليفي يستلزم تعدد العقاب على ترك

الواجبات الشرعية وال قرينة على الثاني.قلت: نفي كونها تكليفا مورثا للعقاب الثانوي، ال يستلزم حملها على

االرشاد، فإن هنا شقا آخر، وهو كونها تكليفا ناشئا من اإلرادة المولوية غيرمتعقب بعقاب خاص، كاألوامر التأكيدية، فإنها أوامر مولوية، إال أنها

ليست ذات إرادة مستقلة، وما هو األصل األولي هي المولوية المستقلةفي اإلرادة، وهي ساقطة، ثم المولوية الناشئة من تلك اإلرادة األولية،

وهي غير ساقطة، وليس خالف ظاهرها، كما ال يخفى.وربما يشهد على عدم كونها إرشادا تصدرها بقوله تعالى: (يا أيها

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٢١٥ / السطر ١٣.

(٩٣)

Page 89: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الذين آمنوا) (١) فإنه المناسب لمسائل راجعة إليهم، دون قاطبةالناس، وتذيلها بقوله تعالى: (أحلت لكم بهيمة األنعام) الظاهر في أنها

من آثاره الوفاء بتلك العقود، فتأمل جيدا.صيرورة الشبهة في بقاء العقد موضوعية ولزوم التمسك باألصل العملي

ثم إن المقصود من التمسك باألدلة اللفظية، بيان داللتها علىاللزوم من غير التوسل باألصول العملية، وهو غير ممكن، ألن بقاء العقد

بعد الفسخ مشكوك.وتوهم: أن اآلية الكريمة تدل بالمطابقة على وجوب الوفاء

بالعقود، وبااللتزام عرفا على حرمة النقض، والشك المذكور يرتفعبداللتها االلتزامية، ألنه مسبب من تأثير الفسخ المنفي بها، ألن الحرمة

إما تكليفية، فهي ال تجامع الصحة عرفا، وإما إرشادية، فهي تورث فسادالفسخ (٢)، فاسد، ضرورة أنها ممنوعة على ما تقرر في األصول (٣).

ودعوى اقتضاء إطالق وجوب العمل بالعقد إبقاءه، ولو عمل عماليوجب انتفاءه، فهو قد تخلف ولم يف بعقده، ال تنفع شيئا في المسألة، بل

تفيد جواز العقود وضعا، كما ال يخفى.إن قلت: االبتالء بالشبهة الموضوعية، من توابع حمل الهيئة على

--------------------١ - المائدة (٥): ١.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٢١٥ / السطر ١٤ - ١٧.٣ - تحريرات في األصول ٤: ٢٩٦.

(٩٤)

Page 90: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التكليف المولوي، ولو كانت إرشادا إلى اللزوم، فهي تدفع تأثير الفسخقهرا، واختيار أن اآلية تورث وجوب الوفاء تكليفا، يوجب جواز نقضها بعد

الزمان األول، لسقوط األمر بأول مصداقه، وهو خالف مقصود المتكلم،فعليه يتعين حمل الهيئة على االرشاد، خالفا لمقتضى األصل األولي، بل

والثانوي كما عرفت.قلت أوال: ال نلتزم بشمول اآلية لتلك العقود، حتى يلزم ما لزم، ويقال

ما قيل.وثانيا: كما أن فهم العقالء في جانب النواهي بقاء النهي بالتخلف

األول، كذلك فهمهم في بعض األوامر بقاؤه وإن أثم بأول مصداقه، أو أتى به.مثال: إذا قال المولى: وقروا كباركم (١) ليس معناه سقوط األمر بأول

التوقير، بل يجب ذلك في جميع األزمان، ومثله قوله تعالى: (أوفوابالعقود) (٢) فإنه يلزم الوفاء ما دام العقد باقيا، وأما لزوم إبقاء الموضوع

فال يتكفل له األمر بالوفاء به.وهذا من الشواهد العرفية على عدم شمول اآلية هذه الموارد،

وتكون إشارة إلى العقود التي أمرها بيد الشرع األقدس، ضرورة أنإيجاب الوفاء وتجويز الفسخ غير متالئمين عرفا، فيعلم منه خروجها

رأسا، فتدبر جيدا.--------------------

١ - فضائل األشهر الثالثة: ٧٧ / ٦١، وسائل الشيعة ١٠: ٣١٣، كتاب الصوم، أبوابأحكام شهر رمضان، الباب ١٨، الحديث ٢٠.

٢ - المائدة (٥): ١.

(٩٥)

Page 91: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ثم إنه من المحتمل إجمال اآلية، ألن العقد لغة غير مستعمل فيالتكاليف، واختصاص اآلية بغيرها مما يجمع على بطالنه.

مع أن تعرض الكتاب - خصوصا في سورة المائدة، وال سيما بهذاالخطاب - لمثل ما هو المعلوم عند الشيخ والشاب، في نهاية البعد عند

ذوي األلباب، ضرورة أن العهد ال يتقوم بالقول، بخالف العقد، وال قبول مناعرفا لها كما ال يخفى.

ومما حصلناه يظهر النظر في التقاريب األخر حول اآليةالكريمة، ولو تعرضنا لها ولنقدها لخرجنا عما عليه وضع الكتاب من

االختصار.الروايات المستدل بها على أصالة اللزوم

الرواية األولى: رواية عدم حل المال بال طيبوهي موثقة سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في حديث: أن رسول

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها،فإنه ال يحل

دم امرئ مسلم وال ماله إال بطيبة نفسه (١).فإنها ظاهرة في ممنوعية الناس عن مطلق التقلبات في مال الغير

المسلم إال مع رضاه، ومن تلك التحوالت تملكها.--------------------

١ - الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥، وسائل الشيعة ٥: ١٢٠، كتاب الصالة، أبواب مكانالمصلي، الباب ٣، الحديث ١.

(٩٦)

Page 92: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وتوهم: أن الحلية ليست قابلة ألن يراد منها الوضع والتكليف (١)،كتوهم أنها هنا أريد منها التكليف، إلضافتها إلى العين (٢)، فإنهما غير

تامين، لما مر في ذيل قوله تعالى: (أحل الله البيع) (٣) وفي كتابالتقية (٤)، وألن القضية الموجبة والسالبة مختلفتان في الظهور،

فقوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات) (٥) ظاهر في التكليف، وقوله:ال يحل الكلب والخنزير ظاهر فيها، فال تصح الصالة في جلدهما،

فال تغفل.هذا مع أن مطلق التصرفات الحسية إذا كان مشروطة بالرضا،

فالتقلبات االعتبارية تكون باطلة، ألن المقصود األصلي فيهاالتصرفات واالنتفاع منها، فال حاجة في تقريب االستدالل بها لفساد

الفسخ إلى ما أفاده الوالد النحرير المحقق - مد ظله - والتزامهبشمولها للتصرفات المعاملية، بدعوى أن نفي الحلية عن األعيانالخارجية، يحتاج إلى االدعاء المصحح له، ولو حل المال ببعضشؤونه البارزة الشائعة، لم تصح الدعوى المزبورة، أي عدم حلية

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٨٠ / السطر ٣٩، البيع، اإلمام

الخميني (قدس سره) ١: ١١٠.٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٣٤ / السطر ١٧.

٣ - تقدم في الصفحة ٣٨.٤ - رسالة التقية، للمؤلف (قدس سره) (مفقودة).

٥ - األعراف (٧): ١٥٧.

(٩٧)

Page 93: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المال، وحيث تكون التصرفات االعتبارية من أوضح الشؤون، فهيتشملها، وإال يلزم استهجان الدعوى (١).

فتحصل: أن الرواية ال تكون ظاهرة إال في الحرمة والحليةالتكليفيتين، ولكن إطالق الحرمة التكليفية، يورث فساد جميع

التقلبات االعتبارية، ألنها تؤدي إلى التصرفات الحسية الممنوعةبها المقصودة فيها، كما ال يخفى.

وبذلك يظهر الجواب عن شبهة أوردناها عليها: وهي أن الفسخ ليستملكا، فإنه حل العقد وإعدامه (٢)، وأثره دخول العوضين في ملك

المتعاقدين، فهو خارج عن مفاد الحديث، بناء على شموله لمثل التملك،فإذن تكون الشبهة موضوعية، ووجه الظهور معلوم.

والعجب من أصحابنا، حيث فرضوا أن المحذوف هو التصرفواستظهروا منه عدم إطالقه على التملك أو التقلبات االعتبارية (٣)، ظنا

أن التوقيع الشريف (٤) قرينة عليه، وأن التصرف معناه التحوالتالخارجية!!

وقد علمت: أنه يتم االستدالل بها حتى على الفرض المذكور، منغير الحاجة إلى ما أفاده الوالد - مد ظله - في دفع الشبهة تمسكا

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١١١.

٢ - تقدم في الصفحة ٨٩.٣ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٨٠ / السطر ٣٨.

٤ - تقدم في الصفحة ٦٩.

(٩٨)

Page 94: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بصدر الرواية الشريفة (١).وتوهم: أنه من التمسك باألصل، في غير محله، بل هو التمسك

بالدليل ببركة األصل، فافهم.إن قلت: ال يعتبر طيب نفس المالك عند العلم بطيب مالك الملوك،

كما في مواقف االضطرار ونحوه، فالحكم معلق على عدم اإلذن من قبلالمالك الحقيقي، وفي صورة الشك يشكل التمسك.

قلت: قد مر نظير هذه الشبهة بجوابها.نعم، تخصيص الحديث ينافي مفهوم الحصر، لما عرفت، بل

الحديث آب عن التخصيص، فعليه يقال: بعدم شموله للتصرفاتاالعتبارية، حتى ال يخرج التملكات بالخيارات المشروعة. وخروج

التصرف الحسي حال االضطرار، من باب االخراج موضوعا، ألنه بإذنهيخرج من ملكه، وال يكون حينئذ المتصرف ضامنا، فتأمل.

وقد يشكل الحديث، ألجل أن الطيب ليس شرطا، فإن المدار علىاإلذن وإن كان ناشئا عن الكراهة القلبية، كما في مواضع كثيرة يتفقلالنسان أن يأذن للتصرف في أمواله، أو يقدم على المعاملة، لمصالح

عالية مخالفة لميله النفساني، فما ورد في التوقيع المبارك، قال:فال يحل ألحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه (٢) يوافق القواعد.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١١١ - ١١٢.

٢ - تقدم في الصفحة ٦٩.

(٩٩)

Page 95: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الرواية الثانية: حديث السلطنةأي المرسلة المعروفة باالشتهار: الناس مسلطون على

أموالهم (١).وجدتها في البحار (٢) ولعلها في الصحف األولى.

وتقريبها: أن السلطنة هي التي تكون قاطعة أليادي اآلخرين، فيماكانت حقيقية، وإذا كانت اعتبارية فهي كذلك، فإذا انتقل المال بالعقد

المملك، فليس ألحد التصرف فيه بدون رعاية سلطانه، وال تملكهونقله اعتبارا كذلك، ألنه أيضا يعد منافيا لها، وحيث ثبت أنه سلطان على

االطالق عليها، ال تأثير لمثل الفسخ، كما ال أثر للبيع ونحوه.ولو سلمنا أنه ال إطالق لها بالنسبة إلى قطع يد األجانب، أو أنه

ال ينافي إطالقها نفوذ التصرفات االعتبارية من اآلخرين، فيكون الكلنافذة تقلباتهم مثال، فلنا أن نقول: بأن ذلك أيضا يؤدي إلى بطالنها، لما

عرفت، فإن السلطنة المطلقة على التصرفات الخارجية، تؤدي إلىممنوعية الغير حتى بعد الفسخ، وهو يالزم فساده وعدم تأثيره.

إن قلت: االستدالل يتم ببركة األصل، والكالم حول األدلةاالجتهادية وداللتها على اللزوم.

قلت: هذا هو األصل الموضوعي، وهو ال يدل على اللزوم، بل دليله--------------------

١ - تذكرة الفقهاء ١: ٤٨٩ / السطر األخير، عوالي الآللي ١: ٢٢٢ / ٩٩.٢ - بحار األنوار ٢: ٢٧٢ / ٧.

(١٠٠)

Page 96: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تلك األدلة.والعجب أن األصحاب توهموا لزوم تمامية االستدالل بالوجه

الذي ال تصل النوبة إلى مثله، وابتلوا بخالف الظواهر كثيرا كما ترى!!مع أن المطلوب - وهو لزوم العقود - يثبت بها ببركته.

فما قد يتوجه إلى التقريب األول: من دعوى انصراف المالإلى األموال المتعارفة الثابتة المستقرة المحتاجة في انتقالها إلى

سبب جديد (١)، غير متوجه إلى الثاني.ولعمري، إنها غير بعيدة جدا، وإال يلزم التخصيص كثيرا. مع أنا نرىأن إعمال الخيار ال ينافيه، بل وال يشمل المرسلة الفسخ الذي يتعلق

بالعقد، فإن القدرة على فسخ العقد ال ينافي إطالق السلطنة. واالنتقالالقهري الحاصل بالفسخ، ليس مزاحما لسلطانه، ألنه من تبعات ما ليس

داخال في إطالق سلطنته.ومن العجيب تفسيرهم الفسخ بالتملك (٢)!! مع أنه خالف ما بنواعليه، وخالف ما عليه ارتكاز العقالء، ألنه حل العقد وفتح العقدة.

ال يقال: ال يمكن استفادة فساد الفسخ من التقريب الثاني ولو ببركةاالستصحاب، ألنه على فرض إثبات سلطنته على ماله بعد الفسخ،

ال ينافي ثبوت السلطنة األخرى في عرضها، لعدم المانع من اجتماعالسلطنتين على أمر واحد، ويكون كل واحد منهما نافذا، كما في سلطنة

--------------------١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٥ / السطر ٢١.

٢ - رياض المسائل ١: ٥٢٢ / السطر ٣٠، جواهر الكالم ٢٣: ٣.

(١٠١)

Page 97: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجد واألب على مال االبن، فالمدلول المطابقي منه غير كاف، خالفا لماتوهمه القوم.

ال نا نقول: ال شبهة في أن المستفاد من المرسلة، السلطنة علىاألموال بأنحاء التصرفات الحسية، وقطع يد اآلخرين خارجا، وهذا هو

الموجب لفساد الفسخ وعدم تأثيره، ألنه ال معنى ألن يمنع عن التصرفالخارجي فيما عاد إليه بعد الفسخ مع كونه مؤثرا.

وأما كونها دالة على المعنى االلتزامي، وقطع يد األجنبي عن التملكاتاالعتبارية، فهو محل منع واشكال، ومما ال حاجة إليه كما عرفت، فتدبر.

ثم إنه يمكن دعوى قصورها عن إثبات لزوم عقد اإلجارة ونحوها،إما النصرافها عن مالية المنافع، أو ألنها ليست ماال، ولكنها غير

مسموعة، لشهادة العرف على خالفها.الثالثة: عمومات الشروط

وهي على صنفين:أحدهما: ما يمكن الخدشة فيه بدوا، مثل قولهم: المسلمون عند

شروطهم (١) أو المؤمنون... (٢) كذلك من غير التعقب باالستثناء، فإنه--------------------

١ - الكافي ٥: ١٦٩ / ١، تهذيب األحكام ٧: ٢٢ / ٩٤، وسائل الشيعة ١٨: ١٦،كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب ٦، الحديث ١.

٢ - تهذيب األحكام ٧: ٣٧١ / ١٥٠٣، وسائل الشيعة ٢١: ٢٧٦، كتاب النكاح،أبواب المهور، الباب ٢٠، الحديث ٤.

(١٠٢)

Page 98: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

من المحتمل كونه إرشادا إلى مسألة أخالقية، وإرشادا إلىالمستحسنات العرفية والعقالئية، كقولهم: المؤمن عند عدته أو: إذا

وعد وفى وأمثالهما.ثانيهما: الجملة المذكورة المتعقبة بقوله (عليه السالم): إال شرطا حرمحالال، أو أحل حراما (١)، أو شرط خالف كتاب الله عز وجل (٢).

فإنه حينئذ يكون ظاهرا في القاعدة الشرعية الكلية، وحيث إنظاهر المستثنى بطالن الشرط المذكور، فهو دليل على أن المقصود في

المستثنى منه إفادة صحة الشروط بالمطابقة أو االلتزام.وأما كونه مفيدا للوجوب التكليفي، حتى يكون دليال على جواز

الشروط وعدم لزومها، فهو خالف المتبادر منه قطعا.نعم، ال بأس بااللتزام بإفادته الحكم التكليفي، زائدا على أن

مخالفته لشرطه ال تؤثر في شئ وضعا، ولكنه حينئذ بعيد جدا، ولقد تقررمنا حولها في مباحث الشروط مسائل (٣)، من شاء فليراجع. هذا كله حول

داللته.وأما إطالق كلمة الشرط على المعامالت، فقد مضى تفصيله في

--------------------١ - تهذيب األحكام ٧: ٤٦٧ / ١٨٧٢، وسائل الشيعة ١٨: ١٧، كتاب التجارة، أبواب

الخيار، الباب ٦، الحديث ٥.٢ - الفقيه ٣: ١٢٧ / ٥٥٣، تهذيب األحكام ٧: ٢٢ / ٩٣، وسائل الشيعة ١٨: ١٦،

كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب ٦، الحديث ٢.٣ - تحريرات في الفقه، كتاب الخيارات، المقصد الثالث في الشروط.

(١٠٣)

Page 99: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المبحث األول (١).ولعمري، إن أصحابنا قد خلطوا بين الجملتين، وغفلوا عن ظهور

المستثنى، وأنه هو االستثناء من الصحة ال الوجوب، من غير لزوم كونالمستثنى منه ظاهرا في إفادتها الصحة بالمطابقة، بل هي تفيدها في

الزمها، كما ال يخفى.إذا عرفت ذلك، فهذه المآثير تدل على لزوم كل شرط المالزم

لصحته، إال الشرط المذكور، وذلك ألنها ظاهرة في الوجوب الطريقي،أو إمضاء لطريقة العقالء، وهي على اللزوم في المعامالت وتوابعها

المرتبطة بها، وعلى التقديرين يثبت المطلوب.إن قلت: التمسك بها بعد الفسخ غير جائز، ألن الشبهة موضوعية.

قلت: - مضافا إلى ما عرفت سابقا - إنها ال ترد على القول بإرشادهاإلى اللزوم. بل ال ترد مطلقا، ألن عدم حفظ الموضوع مناف الطالقها، كما

ال يخفى.الرابعة: إطالقات خيار المجلس

وهي تدل على عموم المدعى، لما فيها ما رواه المشايخ الثالثة،بأسانيدهم عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله

وسلم): إذا التاجرانصدقا بورك لهما، فإذا كذبا وخانا لم يبارك لهما، وهما بالخيار ما لم

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٦٥ - ٦٦.

(١٠٤)

Page 100: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يفترقا... (١).فإن التجارة أعم من البيع، ولذلك احتملنا جريان خيار المجلس

في غير البيع قويا.وبالجملة: هذه الرواية ومشابهاتها، ظاهرة في أنها في مقام جعل

الخيار في البيع، من غير النظر إلى اللزوم، إال أن العرف ال يساعد إالعلى جعله في العقود الالزمة بطبعها وما هو الواجب عند العقالء

والشرع مثال، وإذا كان المتعاطي بائعا - بل هو البيع بالحمل الشائع -يعلم: أن المعاطاة الزمة بطبعها في الشريعة، وما هو كذلك ال ينافي جعل

الخيارات المختلفة فيه، ألغراض متشتتة، وموجبات متفرقة مساعدعليها العرف، أو غير مساعد.

فال يستكشف اللزوم من إطالق ذيل المآثير حتى يقال: بلزومالتخصيص كثيرا، الكاشف عن أنها تفيد الحكم الحيثي، وال من بعض الجهات

األخر المذكورة في المفصالت، حتى نخرج عن الطريقالمستقيم.

بل المطلوب يعلم من أن البيع ونحوه عند العقالء الزم، والرواياتتكون بصدد جعل الخيار فيها المالزم المضاء اللزوم، فإن ما كان محكوما

عندهم وعند الشرع بالجواز، ال معنى ألن تلحقه هذه األحكام.ولعمري، إن داللتها على اللزوم أوضح من النار على المنار، بشرط

--------------------١ - الكافي ٥: ١٧٤ / ٢، الخصال: ٤٥ / ٤٣، تهذيب األحكام ٧: ٢٦ / ١١٠،

وسائل الشيعة ١٨: ٧، كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب ١، الحديث ٦.

(١٠٥)

Page 101: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

سالمة األفكار.إن قلت: الشبهة تارة: تكون في جواز عقد ولزومه، فهي ترتفع بهذه

الرواية إذا كان داخال في موضوعها.وأخرى: في موجبية أمر للخيار وعدمها، فهي ال ترتفع إال بإطالق

الذيل، فال بد من إثباته.قلت: نعم، إال أن الكالم فيما نحن فيه حول الشبهة األولى، وإثبات

االطالق في غاية االشكال، لما عرفت، وأن العرف يشهد على وجوبالبيع من حيث حصول الفراق، دون العيب والغبن، من غير االلتزام

بالتخصيص، فافهم وتدبر جيدا.هذا تمام الكالم حول األدلة اللفظية، وهي في اإلفادة مختلفة،

فمنها ما يفيد اللزوم من باب المالزمة العرفية، وبعضها يفيده بالمطابقة.وبعبارة أخرى: يتم االستدالل ببعض منها مع فرض اللزوم عند العقالء،

فيكون دليل االمضاء منسلكا في األمر األول، وببعض منها من غير التوقفعلى الفرض المذكور، كحديث حرمة مال المسلم (١) ونحوه (٢)، وهكذا

يتم المرام ببعضها من غير الحاجة إلى األصل الموضوعي، وببعضهااآلخر معه كما ال يخفى.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٩٦.

٢ - الحسن بن علي بن شعبة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه قال في خطبة الوداع: أيهاالناس، إنما المؤمنون إخوة، وال يحل لمؤمن مال أخيه إال عن طيب نفس منه.

تحف العقول: ٣٤، وسائل الشيعة ٥: ١٢٠، كتاب الصالة، أبواب مكان المصلي،الباب ٣، الحديث ٣.

(١٠٦)

Page 102: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األمر الثالث: حول األصول العملية الموضوعية والحكمية الوجوديةوالعدمية

من االستصحاب وغيره،والكالم في المقام يتم في مراحل:

المرحلة األولى: في جريان استصحاب الملكية الثابتة بالعقدألن الكالم بعد الفراغ عن إفادتها الملكية، فالفسخ ال يؤثر في

شئ.وقد يشكل جريانه مطلقا ولو كان كليا، ألن الملكية ليست موضوعالحكم شرعي، وكونها من االعتبارات العقالئية والمعتبرات الشرعية

إجماال، غير واف بالمقصود (١)، وهو ممنوعية الفاسخ عن التصرف شرعابعد فسخه، وألن التعبد ببقائه مالكا أو بقائه على ملكه، ال يورث

الحكم الشرعي، لما نجد التفكيك شرعا بين المالكية وجوازالتصرف، كما في المحجور، وليس في العمومات كبرى كلية على أن من

هو المالك له التصرف في ملكه بما يشاء، وكيف يشاء حتى ينسلك مانحن فيه فيها.

فدعوى: أن الضرورة قائمة على أن األصل المذكور - كليا كان، أو--------------------

١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٩٥.

(١٠٧)

Page 103: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

شخصيا - مفيد، ألن البديهة حاكمة بأن المالك غير ممنوع عن التصرفشرعا، فكأنه وصلت كبرى كلية عليه، ساقطة جدا.

إن قلت: ال يجري االستصحاب المذكور ذاتا، ألن المتيقن هوالكلي، ضرورة أن الملكية الحاصلة من السبب الجائز، غير

الملكية الحاصلة من السبب الالزم، ألن خصوصية العلة تورث فيالمعلول مثلها، وألن الملكية من االعتبارات، وتشتد وتضعف حسباختالف أحكامها في الشرع، والقسم الثاني من الكلي غير جار، ألن

متعلق اليقين ال بد وأن يكون من القضايا التي ظرف صدقها الخارج، وهوهنا منتف بالضرورة.

قلت أوال: عدم جريان الكلي منه ممنوع عرفا، والمناط فيالمسألة فهمه.

وثانيا: لزوم السنخية بين المعلول وعلته ممنوع في القضايااالعتبارية، فالعقد الالزم يورث الملك الجائز وبالعكس.

والسر كله: هو أن اعتبار الملكية متقوم بالقدرة إجماال، وإذا حصلتعلة االعتبار فتعتبر الملكية، وهي موضوع ألحكام شرعية وعقالئية،

وانتفاء األحكام يوجب انتفاء الملكية، ولكن انتفاء عدة منها ال يورثقصورا فيها حتى تشتد وتضعف، فإنه واضح المنع لمن تدبر المسألة.

ومن العجب أن األصحاب ظنوا، أن المدار في جريان األصلالشخصي، على أن يكون الجواز واللزوم من أوصاف العقد!! وقد عرفت

خالفه.فاتضح أن األصل الجاري فيما نحن فيه هو الشخصي، والقسم

(١٠٨)

Page 104: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األول من الكلي، إال أن فائدته منفية، لما سمعت منا.إشارة إلى بعض االستصحابات األخرى

ثم إن هنا استصحابات أخر:منها: استصحاب بقاء عنوان العقد فتشمله اآلية الكريمة.

ومنها: استصحاب السلطنة للمالك الثاني، وفي كفايته إشكال،ألن السلطنة وإن كانت من األحكام العقالئية النافذة في الشريعة، إال

أن التعبد ببقائها، ال يكون مالزما شرعا لجواز التصرفات الكلية.ومنها: االستصحابات التعليقية، فإن المالك قبل الفسخ كان إذا

يتجر تصح تجارته، وفي جريانها إشكال في مباحثه (١).ومنها: االستصحاب الحكمي، فإنه كان يجوز له التصرف قبل

الفسخ، وهكذا المالك األصلي كان محرما عليه التصرف، فتكونالنتيجة لزوم العقد.

المرحلة الثانية: في تعارضه مع االستصحاب الحاكم على جميع هذهاالستصحابات

ألنه به يزول الشك في الرتبة السابقة تعبدا ونتيجته نفوذالفسخ، وذلك ألن األسباب الناقلة ليست حدود تأثيرها معلومة، حتى

--------------------١ - الحظ تحريرات في األصول ٨: ٥٤٢ وما بعدها.

(١٠٩)

Page 105: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يعلم بانقطاع العلقة بين المملوك ومالكه مطلقا، أو انقطاع الملكيةرأسا، فإذن يجوز االستصحاب إذا شك في جواز رجوعه إلى ملكه بعد

العقد المملك. والتعبد ببقاء العلقة بينه وبين ماله، ال يرجع إال إلىجواز استرجاعه العين، ونتيجته نفوذ فسخه.

ومن المحتمل قويا جريان القسم األول من ثالث أقسام الكلي،ألن الزائل بالعقد هي الملكية الشديدة والعلقة الثابتة، ال أصل

الملكية.ولك أن تقول باستصحاب بقاء علقة االسترجاع بنحو الكلي، فإنه

كان إذا يخرجه عن ملكه بغير العقود الالزمة، يستحق استرجاعه، وأنتستصحب جواز استرجاعه الثابت بخيار المجلس وغير ذلك.

هذا، وأنت خبير بما فيه من األغالط، وأنه من التوهمات التي الأساس لها، وال خير في تعرضنا لمثلها، فالحظ وتدبر.

فتحصل: أن األصل الجاري ينحصر باالستصحاب الحكمي، وهواستصحاب جواز التصرف للمالك الثاني.

ويمكن دعوى التفصيل حينئذ بين التصرفات، فإن التصرفاتالخارجية كانت جائزة ومحللة شرعا، ولها الحكم المنجز، وهو أنه كان

في حل منها، بخالف التصرفات الناقلة واالعتبارية، فإنها غير جائزة،لعدم الدليل عليها إال االستصحاب، وهو تعليقي عقلي، ال شرعي، فعليه

ال يجوز للمالك الثاني بعد الفسخ البيع ونحوه، ويجوز له أكلهوإطعامه.

وهي قابلة للدفع بدعوى: أن المستصحب ليس معلقا، فإن تجارته

(١١٠)

Page 106: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كانت صحيحة، أو كانت نافذة ومشروعة وممضاة، وال داعي إلى إرجاعهإلى التعليق، حتى يشكل جريان األصل فيه.

المرحلة الثالثة: حول عدم استصحاب أصل الملكية لتغاير الجائزة معالالزمة بالنوع

إذا شك في أن الملكية ذات نوعين، وذات مراتب، وأن اللزوموالجواز من منوعاتها أو مفرداتها، حتى تكون الملكية من الجائز غيرها

من العقد الالزم، أو شك في أن الجواز واللزوم في العقد، هل يورثاناختالفا فيها، فيتردد األمر بين بقاء الشخص وعدمه، وأن االستصحاب

الجاري كلي أو شخصي، فهل يسقط التمسك؟قيل: نعم، لدوران المستصحب بين كونه كليا غير جار فيه األصل،

وبين كونه فردا (١).وقيل: ال (٢).

وقد يقال بالتفصيل بين الشبهات الحكمية فيجري، وهواالستصحاب الشخصي - وسره: أنه مع احتمال عدم اختالف الملكية إال

بحسب الشخص، يحتمل بقاء ذاك الشخص الذي كان فيستصحب -والشبهات الموضوعية، كدوران الواقع في الخارج بين الهبة والبيع،

--------------------١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ١٣ / السطر ٢١، منية الطالب ١: ٦٠ / السطر ٢٠.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ٦.

(١١١)

Page 107: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فإنه ال تعين لشخص الملك (١).ويفصل ثانيا: بين الملتفت إلى اختالف حقيقة الملكية، وغير

الملتفت، فإن الثاني تيقن وشك، وال واقع لهما إال أنفسهما، بخالف األول،فإنه ال يقين له بالفرد بما هو، الحتماله الخصوصية الدخيلة في

فردية الفرد للطبيعة (٢).وثالثا: بأن وجه عدم جريان األصل الكلي إن كان وجود األصل

الحاكم عليه، ففيما نحن فيه يجري األصل، للشك في وجود األصلالحاكم.

وإن كان لعدم شمول عمومات االستصحاب له، ألجل لزوم اتحادالقضيتين: المتيقنة، والمشكوكة، وهو منتف كما ترى، فال يجري،الحتمال كون المسألة من قبيل ذلك، فالتمسك غير جائز، ألنه من

التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية (٣).أقول: أمارات الشخصية في الملكية هي السبب، والمضاف

إليه، والمالك، فإن كانت هي بعد ذلك غير متشخصة، فذلك ألجل اللزوموالجواز اللذين هما من الخصوصيات، وفيما لو شك في أنهما من أماراتها

فال يعقل تعلق اليقين بالشخص، فال يجري االستصحاب.إن قلت: نعلم إجماال بأن الملكية الحاصلة بالعقد المجهول

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٧٩ / السطر األخير.

٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٣٣ / السطر ٢٤ - ٢٧.٣ - مصباح الفقاهة ٢: ١٣١.

(١١٢)

Page 108: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

لزومه وجوازه، أنها إما هي الملكية الشخصية غير المتقيدة بالجوازواللزوم، ألنهما من طوارئ العقد، وإما هي الملكية المخصوصة

بالجواز أو باللزوم، فكأنه يعلم: بأن في الدار إما زيدا، أو عمرا، أو بكرا،فلو كان األثر مترتبا على كل من الشخصيات، فاألصل يجري.

نعم، يتردد األمر وال يترتب األثر، إذا قلنا بعدم جريان االستصحاب معالشك في المقتضي، ولكنه ممنوع.

قلت: هذا ليس من االستصحاب الشخصي، ألنه ال يعلم بوجود زيدحتى يشك في بقائه، وتوهم استصحاب الفرد الواقعي فاسد، ألنه ليس

في عموم أدلته، لما أن موضوعه اليقين والشك، أو الواقع المتصف بهما،فال تغفل.

ومما ذكرناه يظهر مواقف الخلط في كلمات القائلين بالجريان (١).ومن العجب التفصيل الثاني! ضرورة أن اليقين والشك وإن كانا

موضوعا في االستصحاب، إال أن اليقين طريق إلى الواقع المجعول فيالشرع األقدس.

وأعجب منه التفصيل األخير!! فإنه مضافا إلى خلطه في الجاريبين الكلي والشخصي، أن األصل الحاكم ال يورث عدم جريان األصلالمحكوم ذاتا، ولذلك لو لم يترتب األثر الشرعي على األصل السببي،

تصل النوبة إليه، فعليه يلزم الخلف، ألن المفروض عدم جرياناألصل الكلي رأسا.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١١١.

(١١٣)

Page 109: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

خاتمة: في حكم الشك في اشتراط األسباب العرفية بشئإذا شك في األسباب العرفية في شرطية شئ لها، كالعربية

والماضوية، فمقتضى أصالة البراءة الشرعية عدم الشرطية، وحيثإن السببية معلومة عرفا مع قطع النظر عنهما، ال يكون األصل مثبتا.

وقد اختار أستاذي الوالد المحقق جريانها في الشرائطالشرعية، دون العرفية (١)، معلال بما أشير إليه، فعليه يصح التمسك بهالصحة المعاطاة لما يشك في شرطية اللفظ، وهو لو كان شرطا يكون

شرعيا.إن قيل: في جريان البراءة في أمثال المقام يشترط بقاء المشروط،

كما في نفي العربية والماضوية، وأما نفي اعتبار اللفظ فهو غير ممكن،ألنه سبب حيال سببية الفعل، فال يثبت بها صحة المعاطاة.

نعم، إذا شك في شرطية التعاطي من الطرفين - بعد كون الطرفالواحد محققا لعنوان المعاملة عرفا - فالمرجع هي البراءة.

قلنا: ال يلزم في رفع الشرط عنوان المشروط، بل يكفي عنوانالمقارنة، مثال إذا شك عند إيجاد البيع بالفعل في شرطية اللفظ مقارنا

معه، فإنه يصح التمسك بها، ويلزم صحة السبب.وتوهم ممنوعية المعاملة بالسببين فاسد، بل األحوط عندما

يتعاطى العقد باللفظ، وإذا عقد باللفظ فاألحوط أن يكون التسليم والتسلمبعنوان المعاملة والتسليم والتسلم، وهذا مما ال بأس به.

--------------------١ - أنوار الهداية ٢: ٦٢ - ٦٣.

(١١٤)

Page 110: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وهكذا توهم: أنه من األصل المثبت، ضرورة أن المقصود ليسإثبات عنوان الصحة وعنوان المؤثر الشرعي بل التأثير معلوم

عرفا، وما هو المشكوك شرطية شئ في التأثير زائدا على ما عندهم، وإذاكانت هي منتفية فالمطلوب ثابت.

هذا، ولكن التحقيق عدم جريانه في هذه المواضع مطلقا، ألنه معالشك في شرطية شئ يشك في كون السبب العرفي ممضى أم ال، وإثبات

االمضاء باألدلة اللفظية والسيرة المنضمة بعدم الردع، خروج عنالفرض كما ال يخفى.

ثم إنه كما يتمسك بالبراءة لصحة المعاطاة، يتمسك بأصل العدماألزلي للزومها، ألن الشك في بقاء الملك مسبب من الشك في تأثير

الفسخ، وإذا صح أنه لم يكن مؤثرا بنحو السلب المحصل المجامع مععدم الموضوع، يجوز التمسك باالستصحاب.

وهذا هو الجاري في مباحث العدم األزلي، ألن المقصود ليسإثبات شئ آخر حتى يكون مثبتا، بل المطلوب يحصل بنفس التعبد

بالعدم المذكور، ألن المتعبد به كلي ينطبق على المورد. وهذا نظير مالو ورد إذا لم يكن الجاهل موجودا أكرم علماءكم فإنه لو شك في وجود

الجاهل يستصحب العدم المحمولي، وينقح موضوع القضية الشرطية،ولقد أوضحنا المسألة في مباحث الشروط (١)، وفي كتب األصول (٢)، فراجع.

--------------------١ - تحريرات في الفقه، كتاب الخيارات، المقصد الثالث في الشروط، التنبيه الرابع.

٢ - تحريرات في األصول ٨: ٤٨٧ - ٤٨٨.

(١١٥)

Page 111: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المبحث الثالثفي فساد القول باإلباحة

على القول ببطالن المعاطاةالظاهر أن المعاطاة المتعارفة بين الناس إذا كانت باطلة، تكون

لغوا، وال أثر لها، وما يتوهم من اإلباحة فهو ال أساس له (١)، ألنها ليستمالكية، لما أن بناء العرف والعقالء في تعاطيهم على التبديل المقصودفي العقد اللفظي، وكونها شرعية ومترتبة عليها قهرا على المتعاقدين

ورغما ألنفهما، يحتاج إلى دليل صريح، وهو غير واصل.نعم، يمكن دعوى اإلباحة المالكية التقديرية، وهي كافية

لجواز التصرف في العوضين، ولكنها خارجة عن عنوان المعاطاةالعرفية التي هي بيع عرفا، وسيأتي الكالم حول كفايتها في مسألة

--------------------١ - جواهر الكالم ٢٢: ٢١٦.

(١١٧)

Page 112: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقبوض بالعقد الفاسد (١).هذا ما هو الحق في المسألة، وإطالة الكالم حولها على المباني

المختلفة، من اللغو المنهي جدا.وأما ما اشتهر من اإلباحة المعوضة، وأنها وإن لم تكن بيعا ولكنهاعنوان آخر وراءها، وهي المعروفة بين العقالء، والمعمولة في مثل

الحمام ونحوه، فهو عندي مما ال أصل له، فإن اإلباحة بالعوض منالعناوين الخارجة عن أفق المعامالت العرفية، وهي من تأسيسات

أرباب الفضل، وال أثر منها في األسواق والبالد، وال تشملها العموماتواالطالقات على نحو تدرج في أبواب المعاملة، فتكون محكومة

بأحكامها.وما ترى في بعض األمور شبيها بها، فهو من اإلجارة، إال أن الشرائط

المعروفة في المتون غير معتبرة في مطلق اإلجارات، على ما تقرر منا فيمحله (٢)، فإن منها ما هو المبني على التساهالت، وهي القائمة عليها

السيرة القطعية، فافهم وال تغفل.هذا مع أن اإلباحة المطلقة بالعوض، إذا كانت مستلزمة لسلب

اختيار المبيح عن الرجوع إلى ملكه، ال تتم، ألنه ال يعتبر بقاء الملكيةله حينئذ، بل هو ملك المبيح له عرفا، وتكون اإلباحة كناية عن

التمليك، فتأمل.--------------------

١ - يأتي في الصفحة ١٨٢.٢ - كتاب اإلجارة من تحريرات في الفقه مفقود.

(١١٨)

Page 113: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

واالستدالل لصحتها بقاعدة التسليط، وحديث حرمة التصرف فيمال الغير إال بإذنه، أو بطيب نفسه، غير تام، لما مضى البحث حولها (١). مع

أن إطالق الحصر والمستثنى محل منع، ولو فرضناه فهو ال يفيد صحةاإلباحة بالعوض على أن تكون معاملة.

نعم، بناء على عموم قوله (عليه السالم): المؤمنون عند شروطهم (٢) يثبتالمطلوب، وقد عرفت ما فيه.

والعجب من المتأخرين، حيث توهموا أن المعاطاة تقع علىأقسام، وجعلوا تلك األقسام محل البحث والكالم (٣)!! وهذا غير تام،ضرورة أن مفهوم المعاطاة ليس موضوعا في دليل، وحقيقتها ليست إالحقيقة العقد الذي تأتي فيه، فهي بيع، وإجارة، وهكذا، وما يتوهم من

إفادة المعاطاة اإلباحة (٤)، فهو فرض محض، وليس اسمه المعاطاة ولوقصداها.

نعم، هو إباحة بالعوض، ولها أنحاء شتى، وحيث هي في أصلهاباطلة فال وجه للغور في فروعها، فالحظ وتدبر فيها.

ثم إنه لو فرضنا صحتها، فال تجري فيها القيود الثابتة باألدلةالخاصة، إال بدعوى إلغاء الخصوصية عرفا، وأما ما ثبت بالعمومات

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٥٣ و ٦٨ - ٧١.

٢ - تقدم في الصفحة ٦٥.٣ - الحظ اإلجارة، المحقق الرشتي: ٣٠ / السطر ٢٠ وما بعده.

٤ - جواهر الكالم ٢٢: ٢١٦، جامع المقاصد ٤: ٥٨.

(١١٩)

Page 114: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التي موضوعها األعم عرفا، والقابل للصدق عليها، فهو يجري فيها، وهكذافي جانب األحكام، وال تنقلب اإلباحة ملكا، وال يجوز التصرفات الناقلة

المتوقفة على الملكية إال في وجه.ولو تصرف المبيح في العوض، ولم يمض مدة اإلباحة في اإلباحة

المقيدة، فله الرجوع إلى ماله مع ضمان العوض، ويجوز إباحةالمبيح له ثانيا ولو مع العوض، مع إطالق اإلباحة أوال.

(١٢٠)

Page 115: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تنبيهاتالتنبيه األول: حول اعتبار شرائط العقد اللفظي في المعاطاة

المفيدة للملكيةهل يعتبر في المعاطاة المفيدة للملكية، ما يعتبر في العقوداللفظية، من الشروط الوجودية والعدمية، واألحكام السلبية

وااليجابية، أو ال يعتبر شئ؟أو يفصل بين الثابتات باألدلة اللفظية، واللبيات.

أو يفصل بين ما إذا كانت الزمة أو جائزة؟ال سبيل إلى الثاني إال على القول: بأنها معاملة مستقلة، كما

اختاره الشهيد (١)، فإنها ليست مشمولة لتلك األدلة.نعم، تشملها األدلة العامة، ألنها تجارة، واألدلة الخاصة التي

ليست الخصوصية لها الموضوعية، كقولهم: نهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنبيع

الغرر (٢).وحيث إن عنوان البيع واإلجارة وغيرهما، أصدق على

--------------------١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٧ / السطر ٣٤.

٢ - وسائل الشيعة ١٧: ٤٤٨، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، الباب ٤٠،الحديث ٣، سنن البيهقي ٥: ٣٤٢.

(١٢١)

Page 116: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المعاطاة من العقد اللفظي، وهي عندنا الزمة عرفا وشرعا، فهي القدرالمتيقن، فلو كانت األدلة اللفظية مهملة، فثبوت حكمها للعقد اللفظي في

غاية االشكال، لما عرفت منا تحقيقه (١)، فتجري فيها األحكام والقيود كلهاإال ما يثبت باالجماع ونحوه، فإن البيع المأخوذ في كالمهم هو اللفظي

منه، لدعوى االجماع منهم على أنها ليست بيعا (٢)، أو النصراف معقدإجماعهم عنها بعد اختيارهم أنها تفيد اإلباحة، فإن ما كان مفادها اإلباحة

ليست عندهم بيعا بالحمل الشائع، حتى تشمله كلماتهم واستعماالتهم،فال تغفل.

ودعوى عدم الحاجة إلى جعل الخيار في العقود الجائزة، لعدماألثر له (٣)، ال تورث االمتناع، ألن المجعول ليس مخصوصا بحال الجواز،

بل ليس مختصا بالعقود الجائزة، فالدليل المتكفل يشمل العقود،ولغوية إطالق الدليل مما ال بأس بها.

مع أن العقد الجائز على قسمين: منه ما ال ينقلب إلى الالزم،كالشركة، ومنه ما ينقلب إلى الالزم، كالهبة والمعاطاة، وعليه ال منع

من جريان الخيار في الثاني كما هو الواضح.ودعوى: أنها تورث انصراف أدلته عنها، غير بعيدة، فتأمل. وفي

المسألة تفاصيل أخر كلها غير تامة، إما لعدم تمامية البناء أو المبنى،--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥ - ٢٠.

٢ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٦.٣ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٨ / السطر األول.

(١٢٢)

Page 117: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فال وجه لتعرضنا لها بعدما عرفت منا.التنبيه الثاني: في صور المعاطاة

المعاطاة تتصور فيها الوجوه الكثيرة حسب العمل الخارجيوقصد المتعاطيين، وهي كثيرة، ربما تزداد على األكثر من خمسين صورة،

ضرورة أنها تارة: تكون باالعطاءين واألخذين.وأخرى: باالعطاءين فقط من غير األخذ، وتكون النتيجة أخذهما،

من غير دخالته في تحقق المعاملة.وثالثة: باالعطاء واألخذ، ويكون االعطاء اآلخر وفاء بالمعاملة

والعقد.ورابعة: باالستيفاء المقرون بالرضا واالعطاء الحكمي، كما في

الحمامات ونحوها.وخامسة: باألخذ واالعطاء الحكميين، كما في البالد الراقية

بالنسبة إلى الجرائد وأمثالها.وسادسة: بالمقاولة التي تنشأ بها المعاملة، بناء على أنها داخلةفي بحث المعاطاة إشكاال وجوابا، وإن لم تكن منها موضوعا.

وسابعة: باالبقاءين، كما إذا كان مال كل منهما عند اآلخر، فيتعاطيانمن غير االسترداد والرد.

وثامنة: باالبقاء واالعطاء، كما إذا كان الماالن عند أحدهما.وعلى جميع التقادير تارة: يقصد المتعاطيين تبديل المالين، أو

(١٢٣)

Page 118: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تبديل الفعلين، أو تبديل المال والفعل.وعلى كل فرض تارة: يقصد تبديلهما في الملكية.

وأخرى: في اإلباحة.وثالثة: باالختالف.

وهكذا في تبديل الفعلين.وفي صورة االختالف.

إذا عرفت ذلك فالبحث يتم في مقامين:المقام األول: في المعاطاة التي يقصد بها التمليك

والحق: أن جميع الصور صحيحة، لتحقق الموضوع، وعموم األدلةاللفظية، وإلغاء الخصوصية عن مورد السيرة.

نعم، في االعطاءين فقط تتحقق المعاطاة المعاوضية، دون البيع،فإن مبادلة العين بالعين ليست عندنا بيعا، كما عرفت تفصيله (١).ولو أعطى أحدهما، فإما تتحقق المعاملة، فال يكون االعطاء الثاني

إال جوابا، أو ال تتحقق، فال يفيد الثاني شيئا، ألنه مثل األول، فال بد منوقوعه قبوال لالنشاء األول حتى توجد المعاملة والمبادلة، فاالعطاءانوالقبوالن بيعان، ويكون التبادل بين الفعلين، وفي صحته إشكال يأتي

ذكره.--------------------١ - تقدم في الصفحة ١١ - ١٢.

(١٢٤)

Page 119: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وما عن الدروس والكركي: من كفاية القبض من أحدهما (١)، فيغير محله، ألن التعاطي من الطرفين على أن تكون المبادلة بين

المالين، ليس بيعا، بل هي معاطاة معاوضية، وما هي المعاطاة البيعيةهي ما يكون البيع تاما باالعطاء الواحد، ويكون االعطاء اآلخر وفاء

بالعقد، ولذلك ذكرنا: أن الثمن قيد في ماهية البيع بعنوانه، ال بوجوده (٢).وتوهم: أنها صحيحة مع مطلق المقاولة كما يظهر من الشيخ (رحمه الله) (٣)

في غير محله، وما أوردناه على االنشاء اللفظي (٤) يتوجه إليها مع دفعه.ودعوى: أن القدر المتيقن من السببية في األلفاظ، هي األلفاظ

الخاصة، لعدم الدليل عليها، مدفوعة كما ترى.وقد يشكل في الفرضين األخيرين تصوير المعاطاة بالمعنى

األخص، لعدم الفعل المتسبب به إلى العقود. وال ينحل بدعوى: أن إبقاءهتحت يد اآلخر وإمساكه تحت يده، فعالن اختياريان (٥)، ضرورة أنهما غير

كافيين البراز الرضا ما لم يحصل منهما ما يبرز رضاهما، من الكتابةواإلشارة، وعندئذ تحصل المعاطاة بالمعنى األعم، كما ال يخفى.

وإن شئت قلت: تتحقق المعاطاة بذلك، إال أنه ال دليل منهما عليهاإثباتا.

--------------------١ - الحظ جواهر الكالم ٢٢: ٢٣٨.

٢ - تقدم في الصفحة ١١ - ١٢.٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٨ / السطر ١٤ - ١٥.

٤ - تقدم في الصفحة ١١ - ١٢.٥ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٣٨ / السطر ٣٤.

(١٢٥)

Page 120: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ويمكن دعوى وقوعها فضوال، ويستجيز بعدما بدل بينهما. وهذا ليسمن االنشاء حتى يندرج تحت المعاطاة بالمعنى األعم.

ولك أن تبدل ما عندك بما عنده، لما تعلم برضاه، ولو قصدت ذلكوأجريت أحكام مالك عليه فهو صحيح، وال يكون من التصرف في مال

الغير، فليتأمل جيدا.المقام الثاني: في المعاطاة المقصود بها اإلباحة

والحق في هذه الوجوه بطالن المعاملة إال ما هو المتعارف، وذلكألن المعامالت الواجدة للشرائط الشرعية، إذا لم تكن على النهج

العقالئي، ليست صحيحة، لقصور األدلة عن إمضائها. ومجرد إمكانالتوصل إلى البيع في مواضع اإلجارة، ال يورث جواز بيع الدار من جهة

خاصة إلى مدة معينة، كما ذهب إليه جماعة من العامة (١)، وبعضأصحابنا اإلمامية (٢).

فيعلم منه: أن الخروج عن المتعارفات يضر بالصحة، فجعل تمليكحذاء تمليك، أو عين، وهكذا جعل اإلباحة مبيعا، واإلباحة عوضا،وأمثالهما مما يخرج عن تلك الطريقة المألوفة، ليس صحيحا. وما

ترى في مواقف الضرورة للتخلص عن االشكال، فهو ربما يكون عقالئياومتعارفا حال الضرورة.

--------------------١ - المجموع ١٥: ٩ / السطر ١٦.

٢ - مجمع الفائدة والبرهان ١٠: ١٠، مفتاح الكرامة ٧: ٧٤ / السطر األخير.

(١٢٦)

Page 121: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأما إذا كان عقالئيا، لغرض في موقف من أحد من العقالء فهو غيركاف، للزوم التبعية للبناءات الكلية التي هي الممضاة. ولو صح ما

سلكه األصحاب هنا، لصح ما ذهب إليه أبناء العامة في أن اإلجارة نوعمن البيع، أو البيع قسم من اإلجارة، وقد تقرر منا في مواقف كثيرة -

خصوصا في مسألة أخذ األجرة على الواجبات (١)، وفي كتاب الصالة -تفصيل هذه المسألة (٢) والنتائج الكثيرة المترتبة عليها، فالحظ وتدبر

فيها.فتحصل: بطالن الصور التي يجعل فيها التمليك واإلباحة مورد

المعاملة، وأن بعضا منها من اإلباحة بالعوض، وقد مر فسادها، والصورالصحيحة مختلفة.

فمنها: ما هو المعاوضة المعاطاتية، كتبديل المالين.ومنها: ما هو البيع المعاطاتي، كالرائج بين الناس في زماننا.

ثم إن في كلماتهم شبهات كثيرة ال وجه للغور فيها، لما ال ثمرة عمليةلها. مع أن الشيخ (٣) وأصحابه (٤) خرجوا عما هو محل البحث، وهو صور

المعاطاة، وتعرضوا لمسألة اإلباحة بالعوض التي هي قسيم المعاطاة،--------------------

١ - الحظ مستند تحرير الوسيلة ١: ٤٣٦ وما بعدها.٢ - هذه المباحث من كتاب الصالة من تحريرات في الفقه مفقودة.

٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٨ / السطر ٥ وما بعده.٤ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٧٧ / السطر ١٣ وما بعده، منية الطالب١: ٦٨ / السطر ١٨ وما بعده، حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٣٨ /

السطر ١٨ وما بعده.

(١٢٧)

Page 122: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

مع أن كون اإلباحة غير اإلباحة بالعوض، وما هو المقصود في المقام هواألول دون الثاني، كما ال يخفى.

التنبيه الثالث: في تميز البائع من المشتري، والمؤجر من المستأجرأي إذا كانت األجرة منفعة الدار، فال اختصاص للبحث بالبيع، وال

بالمعاطاة منه.والتحقيق: أن المعاوضة خارجة عن البيع، فال مشتري فيها وال

بائع.وفي المعامالت الرائجة فما كان قابال لالنشاء المتقدم فهو

المشتري، إال إذا كان على خالف المتعارف، كما لو باع الدرهم بالحنطةفي البلدة التي يكون الدرهم نقدها، وكما لو اشترى المبيع، وأنشأ ذلك

المشتري، وقبله البائع، فإنه في هاتين الصورتين - لكون عنوانالبائع محفوظا، ألنه من العناوين الواقعية مثال - لو اشترى داره بعمله

القيمي فإنه ال يعد بائعا بالضرورة، والقابل هو البائع عند العرف قطعا.وفيما إذا كان الثمن من األعيان، أو األجرة من المنافع، فالمدار في

تميز البائع والمؤجر من المشتري والمستأجر على العاقد، وعلى الذييفي بالعقد، كما ال يخفى.

ثم إنه لو أوقعا التمليك معا، فقد مر تفصيل البحث فيه واختالف

(١٢٨)

Page 123: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المباني حوله (١)، والمختار هنا هو أن التمليك الثاني إما يقع جوابا،فيتميز البائع من المشتري وإن كان يفيد الملك مع كونه جوابا، بناء على

إمكانه كما ال يبعد، ألنه بوجوده يقع الجواب، وبمفهومه يتحقق التمليك.وإما يقع مثل ما وقع األول، فإن كانت المعاملة تامة به فال حاجة

إليه إال بعنوان الجواب، فيحصل الميز بينهما أيضا، وإن كانت المعاملةمحتاجة في تحققها إليه فهي باطلة، وال معاملة حتى يكون فيه البائعوالمشتري، فما وقع األصحاب فيه في الحيص والبيص منشأه الغفلة

عن حقيقة المسألة.وما ورد في الرواية في قول أحد الشريكين لصاحبه: لك ما

عندك، ولي ما عندي (٢) فهو إحدى صور المعاطاة التي مرت، فراجع،وحملها على الصلح - في الفساد - كحملها على الهبة المعوضةوالمعاملة المستقلة، والتفصيل يطلب من مذهبنا في كتاب الصلح

والهبة (٣).--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٢٣.٢ - محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السالم) أنه قال: في رجلين كان لكل واحد منهما

طعام عند صاحبه وال يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه، فقال كل واحدمنهما لصاحبه: لك ما عندك، ولي ما عندي، فقال: ال بأس بذلك إذا تراضيا وطابت

أنفسهما.الكافي ٥: ٢٥٨ / ٢، الفقيه ٣: ٢١ / ٥٣، تهذيب األحكام ٦: ٢٠٦ / ٤٧٠،

وسائل الشيعة ١٨: ٤٤٥، كتاب الصلح، الباب ٥، الحديث ١.٣ - لم تصل إلينا هذه المباحث من تحريرات في الفقه.

(١٢٩)

Page 124: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التنبيه الرابع: حول صحة التعاطي على اإلباحة المطلقةكما تتحقق المعاطاة بالفعل المراد به إنشاء التبديل البيعي -

وهي المسماة ب المعاطاة بالمعنى األخص - فهل تقع بالفعل المرادبه إنشاؤه بالزمه العرفي؟

مثال: لو تعاطيا على اإلباحة المطلقة، بحيث يكون المنشأ إباحةالمالين، فهل هي صحيحة معاطاة، ألن إطالقها يقتضي اعتبار الملكية

للطرف المقابل، وانسالبها عن الطرف، ألن الملكية متقومة باألثر، وإذاانتفى األثر ال تبقى، كما في األمالك الواقعة في الشوارع، وهكذا

المساجد وغيرها، فإنه قد يقال بزوال عنوانها عند وقوعها في الجوادوالميادين، وال يعتبرها العقالء بعد ذلك، ويروها معدومة؟

ودعوى بقاء األثر المكان سلب اإلباحة، مدفوعة:أوال: بأن القائل بصحتها يقول باللزوم.

وثانيا: بناء على عدم العود كاف، لعدم اعتبار بقاء العين في ملكه.وثالثا: بقاء أثر ما مع انسالب اآلثار الظاهرة والكثيرة، غير كاف

لالعتبار، فتأمل.أم هي باطلة، ألن المقصود غير واقع، وكونها كناية عن المعاطاة

يحتاج إلى القرينة، والقرائن العقلية - ومنها تصحيح إنشاء العاقد - التكفي، الختصاص داللة االقتضاء بكالم الحكيم.

نعم، إذا كانت األفعال والمقاوالت المعانقة معها، مشتملة على ما

(١٣٠)

Page 125: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يورث تكنيتها عنها عرفا، فهو مما ال بأس به؟ثم إنه هل تجوز اإلباحة المطلقة، فيكون للمباح له البيع والهبة

وغيرهما، أو ال؟ فيه وجهان، بل قوالن:من أن البيع متقوم بالملكية السابقة، وهكذا سائر إخوانه، ومنها

نكاح األمة، والمفروض عدمها، فال يجوز بتلك اإلباحة إال التصرفات غيرالمتقومة بالملكية.

وربما يشكل ذلك، ألن إباحة الكل يحتمل أن تكون على وجهالتقييد، كما ال يخفى.

ومن أن الملكية قابلة للتقدير، كما في شراء العمودين، وحيث إنالملكية اآلنية تقتضي الجمع بين األدلة - دليل السلطنة (١) ودليل

االشتراط (٢) - يتعين الوجه الثاني.الجواب عن الملكية اآلنية والتقديرية

أقول: التحقيق أن الملكية الفرضية واآلنية الوجود، مما الأساس لها ثبوتا وإثباتا، وذلك ألن المعتبرات العقالئية تابعة لمحيطهم،

ولكيفية اعتبارهم، فلو كان من االعتبارات سببية شئ لشئ، أو كون شئحاصال من شئ، أو معتبرا على شئ - على اختالف المباني في مسائلاألسباب والمسببات غير الحقيقية - فإنه ال يعقل اعتبار المسبب بدون

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٦٥.٢ - تقدم في الصفحة ٥٣.

(١٣١)

Page 126: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

السبب من عند أنفسنا، ألن المعتبر العقالئي والعرفي متقوم باالعتبارالصحيح، وهو من األمور الحقيقية، ألنه من الوجودات النفسانية،

فال ينبغي الخلط بين المعتبر واالعتبار.نعم، يتحقق االعتبار في المجتمع البشري عند حصول الغرض

والغاية به، وال موجب عندهم العتبارهم هذه الملكية التخيلية، أوالواقعية الدفعية.

ولو فرضنا ذلك فال يحمل عليها إال النص الصريح، دون االطالقوالعموم، فإنه ال يعمل به إذا لزم منه خالف الدليل المقدم عليه، مثال

إطالق األدلة العامة يقتضي جواز شراء العمودين، وإطالق دليل الشرطيورث شرطية العتق بالملك، ودليل أن االنسان ال يملك عموديه (١)يوجب زوال الملكية، فإنه في هذه الصورة يتصرف في أحد األدلة،والوجه المتعين - لوال خصوصية في المورد - عدم جواز شرائهما.

نعم، يصح له بنحو الجعالة التوصل إلى عتق األبوين.هذا، ولزوم الملكية السابقة في البيع مما ال دليل معتمد عليها،

وال يقتضيها العقل، والعجب من الشيخ األنصاري (رحمه الله) (٢) حيث إنه تبع--------------------

١ - عن أبي جميلة، عن أبي عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السالم): إذا ملك الرجل أبويه فهماحران.

تهذيب األحكام ٨: ٢٤٤ / ٨٨١، وسائل الشيعة ١٨: ٢٤٩، كتاب التجارة، أبواببيع الحيوان، الباب ٤، الحديث ٤.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٩ / السطر ٥، و ١٣٠ / السطر ١٠.

(١٣٢)

Page 127: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العالمة (١) في المسألة، وظن أن العقل يقتضي ذلك، بحيث ال يمكنتخصيصه!!

ولو قال: هو قضية حكم العقالء بدوا، فهو مما ال بأس به، مع أنه غيرموافق للتحقيق، فال يعتبر في المعاوضة إال أصل الملكية أحيانا، كما مر.

ودخول العوض مكان المعوض مما يكذبه سوق الناس.ولنعم ما أفاد في المسألة الفقيه اليزدي (رحمه الله) (٢)، فراجع.

ولو ورد في الدليل ال بيع إال عن ملك (٣) وهكذا في الهبةوالعتق (٤)، ففيه وجوه:

منها: كونه الملك بالضم.ومنها: أنه في مقام نفي صحة بيع غير المالك ملك المالك، وال

يورث شرطية عنوان الملك حتى ال يجوز بيع الشئ قبل حيازته، معأنه كثيرا ما يتفق ذلك.

والحاصل: جواز اإلباحة المطلقة، وعدم جواز المعاوضة عليها،--------------------

١ - قواعد األحكام ١: ١٥١ / السطر ٥، و ١٦٦ / السطر ١٠.٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٧٨ / السطر ٢٥.

٣ - قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ال بيع إال فيما تملك.عوالي الآللي ٢: ٢٤٧ / ١٦، مستدرك الوسائل ١٣: ٢٣٠، كتاب التجارة، أبواب

عقد البيع، الباب ١، الحديث ٣.٤ - منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ال

طالق قبلنكاح، وال عتق قبل ملك.

الكافي ٦: ١٧٩ / ١، وسائل الشيعة ٢٣: ١٥، كتاب العتق، الباب ٥، الحديث ١.

(١٣٣)

Page 128: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حتى تكون من المعاوضة الخاصة المتعارفة بين األعيان، أو تكون منالبيع.

والظاهر أن اإلباحة المطلقة مع عدم البناء على الرجوع،ال تورث انسالب الملكية، ومقتضى األصل بقاؤها، فتأمل.

هذه كله إذا كان يريد من اإلباحة المطلقة مدلولها المطابقي.وأما إذا أنشأ التمليك بها، وأقر به، فهو المتبع، ولو أنكر بعدها عدم

إرادته الزمها العرفي فالقول قوله، والتفصيل في محله.التنبيه الخامس: في جريان المعاطاة في جميع العقود

وااليقاعات إال في صنفينقضية القاعدة جريان المعاطاة في جميع العقود وااليقاعات إال

صنفين منها، فهاهنا ثالث دعاو:األولى: عموم المستثنى منه، وذلك ألن األلفاظ واألفعال بأنحائهما

من األمور الممكنة االنشاء بها، لما مضى من أن المدار على الطريقةالعقالئية، وهي أعم، بل قد عرفت أصلحية الفعل من القول (١). وما يتوهممن قصور األفعال عن إيجادها عناوين المعامالت (٢)، في غير محله، ألن

الوجدان على خالفه.الثانية: من العقود وااليقاعات بل ومن أفراد البيع واإلجارة، مما

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥ - ١٦.

٢ - جامع المقاصد ٤: ٥٨، المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٢ / السطر ١٩.

(١٣٤)

Page 129: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال يمكن التوصل إليها بالفعل المحض، فتجري فيها المعاطاة بالمعنىاألعم، فهذه خارجة عن األصل والقاعدة موضوعا، ضرورة أن البحث في

صحة المعاطاة ولزومها فرع إمكانها، ففي غير المنقوالت - كاألراضي إذاكانت الثمن منها - فإنه ال يمكن التوصل بالفعل إلى اإلجارة والبيع.

ومن هذه الطائفة ما يتوصل إليه بالفعل الخارج عن المتعارف،بمعنى أن البناءات العقالئية تكون على األقوال والمعاطاة بالمعنى

األعم، دون الفعل المحض، لصعوبة التوصل به إليها، فلو أراد وقفداره بعنوان المسجد مثال، فإنه وإن أمكن فتح بابها، وتخليتها من أثاثهبعنوان جعلها مسجدا، إال أنه خالف المتعارف في الفعل، بخالف بناء

المسجد بعنوانه، فإنه فعل متعارف في التوصل به إلى المقصود.الثالثة: من العقود وااليقاعات ما هي الجارية فيها المعاطاة

حسب القواعد، كالنكاح والطالق والعتق، إال أن الشرع األقدستصرف في السبب، وجعل األلفاظ الخاصة موضوعة العتبارها، وإيقاع

هذه العناوين ال يمكن إال بها، وقد يتوهم عدم إمكان المعاطاة فيها، وهوغير تام.

نعم دعوى: أن الفعل المتوصل به إليها خارج عن المتعارف (١)،غير بعيدة، إال أن الحق خالفها، ضرورة أن مفاهيم األمور االعتبارية، كلها

كانت من المفاهيم األصيلة، ومصاديقها الحقائق الخارجية، ثم بعدمساس الحاجة إليها في المجتمع البشري، اتسعت تلك العناوين،واعتبرت لها المصاديق االدعائية واالعتبارية، وذلك في النكاح،

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١٨١.

(١٣٥)

Page 130: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والطالق، والعتق، والملكية، والبيع، وغيرها، فإن األمر في االبتداء كانعلى األفعال المحققة لها، ثم انتقل إلى غيرها. وال يقع عقدة النكاح

بالمحرم من الفعل، بل نفس تهيؤ المرأة مع إعطاء المهر، موضوعالعتباره، فتدبر.

هذا مع أن الزوجية تحصل بالدخول على نعت حصول المعلولعقيب العلة، فال يكون الدخول - وهو األمر الخارجي الواقع في الزمان- محرما، ألن معه الزوجية حاصلة، وال دليل على اعتبار أزيد من ذلك

في الحلية. وتوهم بقاء عنوان األجنبية حين النكاح، غير نافع، ألنهاتزول بحصول العنوان المقابل في خارج الزمان، كما ال يخفى.

هذا، وتفصيل البحث يطلب من سائر الكتب، فإنه فيها بعضمطالب أخر وفروع كثيرة، وال ينبغي التعرض لها هنا.

التنبيه السادس: حول ملزمات المعاطاة بناء على جوازهاقد تقرر منا لزوم المعاطاة (١)، فال وجه للبحث عن ملزماتها.

ثم إنه لو فرضنا جوازها، فهو ليس إال لالجماع المدعى فيالمسألة (٢)، والشهرة القديمة من السابقين (٣)، والقدر المتقين منهما

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٧٨.

٢ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٤ / السطر ٢٦، المكاسب، الشيخ األنصاري:٨٥ / السطر ٢٩.

٣ - الحظ مسالك األفهام ١: ١٣٢ / السطر ٣٦، رياض المسائل ١: ٥١٠ /السطر ٢٩، المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٥ / السطر ٣٠.

(١٣٦)

Page 131: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ما لم يحدث موجب الشك في الجواز، من تلف العوضين، أو تلفأحدهما، أو صفة فيهما، أو تصرف، أو غير ذلك، فإنه في غيره يرجع إلى

األصل المحرر سابقا (١).ودعوى: أنها ليست بالزمة، وال تقبل اللزوم، الطالق معقد االجماع،

ألن عنوانه هذه المعاملة.وتوهم انقالب الجائز إلى الالزم بتلف العين أو العينين، فاسد،

ألن الجواز واللزوم من طوارئ العقد، وهو باق ببقاء المتعاملين، واليحتاج فيه إلى بقاء األموال.

غير مسموعة، بداهة أن االجماع المذكور غير معلوم المعقد، فضالعن إطالقه. وبقاء العقد مع فرض تلف العينين - لو سلم إمكانه - مخدوش

في محيط العقالء، وما اشتهر: من أنه باق، وقابل للفسخ محمول علىالوجه اآلتي.

إن قلت: بناء عليه ال يمكن التمسك بالوجوه السابقة التي استدلبها على اللزوم في صورة تلف العين، ضرورة أن:

منها: ما يكون األموال موضوعا لها، وهي معدومة.ومنها: ما هو موضوعها المال في الجملة، كقاعدة التسليط، وهو

كذلك.ومنها: ما موضوعها العقد والشرط وغير ذلك، وهي منتفية

بانتفاء مقومها، فإن العقد والعهد واقع على التمليك بالعوض مثال من قبل--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٧٥ وما بعدها.

(١٣٧)

Page 132: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المتعاقدين، فهو فرع الملكية الزائلة بزوال العين، فكيف يبقى؟! بلبقاؤه مع موت المتعاقدين جائز، ألنهما السببان في وجوده، ال بقائه، وهما

- أي العينان - مقومان له حدوثا وبقاء.قلت: نعم، والسر فيه أن اعتبار اللزوم في قبال الجواز ونفوذ

الفسخ، وهذا متقوم باألثر، وهو رد العين، وإذا كانت العين تالفة فال أثرللجواز، وال معنى لتوصيف العقد باللزوم، وال نتيجة لبقاء اعتبار العقد.

نعم، إذا كانت لألعيان نماءات منفصلة، وأريد استردادها، فالعتباربقائه وجه، إال أنه عند العقالء غير مرضي، ويكون نظير اعتبار بقائه

ألجل األخذ بالمثل والقيمة، فإنه إذا صح فسخ العقد بعد التلف، فعلىكل واحد منهما المثل والقيمة، ألنه أتلف مال الغير، بناء على أن يكون

أثر الفسخ حل العقد من األول، فتأمل.ولقاعدة على اليد... على بعض تقاريبها، كما ال يخفى.

محصل الكالم في صورة تلف العينفتحصل: أن مع تلف العين ال معنى للتمسك بأصالة اللزوم، وال

باستصحاب حكم المخصص، ألنهما فرع بقاء الموضوع. هذا كله ما لوتلفت العينان.

ومنه حكما ما لو كان الثمن كليا، فإنه بتلف المثمن ال يعتبر بقاءالعقد، ألنه موضوعه عرفا، بل المقرر عندي: أن الثمن دخيل في ماهية

(١٣٨)

Page 133: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المعاملة بمفهومه، ال بوجوده، كما مرت اإلشارة إليه (١).وليس منه ما لو كان أحد العوضين، دينا في ذمة أحد المتعاطيين،

فإن المبيع إذا كان عينا خارجية، يبقى معه اعتبار العقد، فيجوز اتصافهبالجواز واللزوم، وإن كان الثمن في الذمة فقد سقطت، وال حاجة إلى

عودها، ألن ذلك كلي قابل للصدق على الساقط وغيره، فما أفاده الشيخ (قدس سره)في هذه المواقف (٢) وتبعه أصحابه (٣)، غير راجع إلى محصل.

وربما ال يعتبر بقاء العقد عرفا، إذا مضت عليه الدهور واألعوام، وإنكانت األعيان باقية، فيكون الفسخ في الحقيقة هنا عقدا جديدا.

ولعل اشتهار اللزوم بعد تلف العين، ألجل امتناع الجواز، ال الدليلالشرعي، وقد ادعي عليه االجماع (٤)، فراجع.حكم تلف إحدى العينين بنحو يبقى اعتبار العقد

وأما لو تلفت إحدى العينين، بحيث يبقى اعتبار العقد وموضوعاللزوم والجواز، فهل المرجع عموم أصالة اللزوم؟

أو استصحاب حكم المخصص، وهو جواز عقد المعاطاة الثابت قبل--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٢٥.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩١ / السطر ١٤.

٣ - منية الطالب ١: ٨٨ / السطر ١٠، الحظ حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١:٨٧ / السطر ٢٥.

٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩١ / السطر األول.

(١٣٩)

Page 134: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تلفها؟، أو قبل تغير فيها؟أو إطالق أدلة اللزوم، دون عمومها؟

فيه وجوه.والمعروف بينهم التمسك باالستصحاب، إال إذا كان للعموم إطالق

زماني، بحيث أخذ الزمان مفردا.واختار األستاذ الوالد أن المرجع إطالق الدليل مطلقا، سواء أخذ

الزمان ظرفا، أو قيدا مفردا (١)، وذلك ألن العلم االجمالي بالتخصيص أوالتقييد ينحل بالثاني، ضرورة أن التخصيص اخراج الفرد من أفراد

العام في جميع األزمنة، ولو كان ذلك في زمان فهو تقييد لالطالقاألزماني، وإذا دار األمر بين التخصيص والتقييد، فالثاني متيقن،

وأصالة العموم محكمة.وإن شئت قلت: يدور األمر بين التخصيص المالزم لنتيجة التقييد -

ألنه بخروج الفرد ال يبقى موضوع لالطالق األزماني - وبين التقييد، وهوالمتعين، وتحقيق المسألة في محلها.

والذي يظهر لي: أن المرجع هنا العمومات على جميع المباني، ألنالوفاء بالعقد واالتيان بالشرط وغيرهما، ذوات إطالق أزماني، ويكونالحكم عرفا منحال حسب قطعات األزمنة، وال معنى لما ذكره الشيخ

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١٨٣ - ١٨٦، االستصحاب، اإلمام الخميني (قدس سره):

.١٩٠ - ١٩٤

(١٤٠)

Page 135: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األعظم: من كون الزمان مفردا (١)، ألنه مجرد فرض، وال يكون في األدلةمورد يورث في مرحلة االثبات ذلك، وال نحتاج في التمسك بالعمومات

إلى فرضه.بيان حال استصحاب الملكية مع استصحاب الجواز

ثم إنه قد يشكل التمسك في المقام باستصحاب الملكية المفيدةللزوم المعاطاة، ألنه محكوم باستصحاب الجواز الثابت باالجماع، فلو

تقدمت عليه العمومات اللفظية، فال يتقدم عليه األصل العملي (٢).وقال أستاذي الوالد المحقق - مد ظله - بتعارض االستصحابين (٣)،ألن الشك في زوال الملكية مسبب عن الشك في نفوذ الفسخ، وهو

مسبب عن جواز العقد، ولو ثبت في الشرع جواز عقد المعاطاة، فالزمهالعقالئي نفوذ الفسخ، فال يرفع الشك المسببي بهذا الشك السببي.

واختار الشيخ األعظم عدم جريان االستصحاب السببي، ألنالجواز الثابت باالجماع موضوعه العين، وهي تالفة (٤).

والحق جريان استصحاب الملكية من غير معارض وإن جرىاألصل السببي ذاتا، وذلك ألن الجواز من تبعات العقد، وهو باق، وإال فلو

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٢٤٢ / السطر ما قبل األخير.٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٤٩ / السطر ٥.

٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ١٨٥.٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩١ / السطر ٦.

(١٤١)

Page 136: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كان ما ذكره الشيخ حقا، لما كان الجواز هنا مخالفا ألصالة اللزوموتخصيصا لها. مع أنه ال معنى لما ذكره مطلقا.

فاالستصحاب جار، إال أنه ليس معارضا، ألن جريانه لغو، وال أثرله، ضرورة أن التعبد بالجواز مع عدم تأثير الفسخ وإعدام الملكية به،

مما ال يعقل، وجعل زوال الملكية من آثاره، أو جعل نفوذ الفسخ من آثاره- لئال تلزم اللغوية - غير الزم، ألن ذلك فيما كان دليل بنحو كلي لغوا، فإنه

حينئذ ال بد من وجود األثر، بخالف ما لو كان إطالق دليل لغوا.فهذا االستصحاب مثل االستصحاب المسببي، فإنه كما يكون جاريا

بذاته، إال أنه لما ال يكون له األثر ال يجري، وكما ال معنى لدعوى: أنهال يجري بذاته، ألنه لغو، كذلك ال معنى له هنا كما ال يخفى.وما أفاده األستاذ - مد ظله -: من مثبتية األصل السببي بالنسبة

إلى زوال الملكية، لتوسط الالزم العقالئي، غير تام، ألن جواز المعاطاةتعبدي، وهذا ليس من لوازمه العقالئية ذلك، بل الزمه العقالئي في

محيط الشرع نفوذ الفسخ، فهو من لوازمه الشرعية.نعم، استصحاب جواز العقد ال ينقح دليال شرعيا حتى يرفع به الشك

في المسبب، ألنه لم يسمع كبرى كلية شرعية على أن العقد إذا كان جائزافالفسخ نافذ، نعم هي كبرى كلية عقالئية ممضاة في الشرع، فتأمل.

فبالجملة: جريان استصحاب الجواز، متقوم بفرض عدم جرياناستصحاب الملكية، وهذا مما ال يمكن ألن يكون جاريا، ألنه بدون

الفرض المذكور لغو. وهذا هو الذي يؤدي إلى عدم جرياناالستصحابات الموضوعية طرا، والتفصيل يطلب من تحريراتنا

(١٤٢)

Page 137: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األصولية (١) فتدبر جدا.ومما ذكرنا يظهر النظر فيما قد يقال من حكومة األصل الجاري فيالعقد على األصل الجاري في الملكية (٢)، فإن التعبد بالجواز وإن

استلزم نفوذ الفسخ، إال أن هذا في التعبد في األدلة االجتهادية، دونالفقاهتية، فإن استصحاب الجواز ال يلزم أن ال يكون لغوا، حتى نلتزم بنفوذ

الفسخ المالزم لزوال الملكية، بل إطالق أدلة االستصحاب كثيراما يكون محكوما باألدلة، ولو كان من شرائط الجريان عدم اللغوية، لما

كان وجه للحكومة، ألنها فرعه.فاألصل في العقد جار غير معارض وال حاكم، واألصل في الملكية

جار، فتأمل جيدا.وإن شئت قلت: هو في العقد غير جار، ال لما ذكره الشيخ (رحمه الله) بل لما

أتينا به.فتحصل: أن قضية دليل لزوم العقود لزوم عقد المعاطاة، إال فيما قام

االجماع أو الدليل اآلخر عليه، فلو كان مهمال فيرجع إلى األصل المقرر،وال تصل النوبة إلى استصحاب الجواز، أو أصالة البراءة عن لزوم

العقد، وال إلى استصحاب سلطنة المالك على االسترجاع، لما مضىسبيل فساده.

ومن ذلك يعلم حكم الصور المذكورة في الكتب المفصلة وال--------------------

١ - تحريرات في األصول ٨: ٤٣٦ - ٤٣٩.٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٤٩ / السطر ٥.

(١٤٣)

Page 138: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وجه لتعرضنا لها بعد فساد المبنى. هذا كله على القول بتمامية األدلةاللفظية في المسألة السابقة، وهي لزوم المعاطاة.

االشكال في لزوم المعاطاة بناء على انحصار دليلها بالسيرةوأما على القول بانحصار دليلها في السيرة العقالئية والبناء

العرفي، ففي صورة الشك يشكل الرجوع إليها، الستلزامه الشبهة فيبنائهم في هذه الصورة، ألنه بناء تقديري، واستكشاف الحكم القطعي من

هذا التقدير ال يخلو من إشكال فتأمل جدا.بل دعوى إلغاء الخصوصية عن مورد االجماع التعبدي فرضا، غير

بعيدة إنصافا، فإن العرف إذا صدق الشرع في جواز المعاطاة، فال يحتمللزومها بمجرد التصرف إال إذا رجع إلى إعدام الموضوع الخارج عن

موضوع المسألة.بل لنا أن نقول: بأنه على فرض تمامية االجماع، يكشف منه عرفا

اشتراط لزوم العقد باللفظ، فال فرق بين الصور.ويمكن دعوى تخطئة فهم القائلين بلزومها متمسكين بالبناء

العرفي بمثل هذا االجماع، وأن هي جائزة في جميع الفروض، فتأمل جيدا.هذا تمام الكالم على القول بإفادتها الملك.

سقوط البحث عن لزوم المعاطاة وجوازها بناء على إفادتها اإلباحةوأما على القول بإفادتها اإلباحة، فالبحث عن اللزوم والجواز غير

(١٤٤)

Page 139: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تام، النتفاء موضوعهما وهو العقد والمعاملة الصحيحة، فإنها سواء كانتمالكية، أو شرعية، أو مالكية وشرعية، ليست من آثار المعاوضة،

بداهة أن المعاطاة إذا كانت باطلة، فال معنى لصحة المعاوضة علىاإلباحة، لما يرجع وجه البطالن إلى اشتراط العقد اللفظي، فمع تلفالعين وتغيرها وانتقالها، تبقى العين األخرى في ملك مالكها األول.

بل لو نقل المباح له العين بالمعاطاة، فهي أيضا باقية في ملكالمبيح، وال معنى لضمان أحدهما بالنسبة إلى اآلخر، للمالزمة العرفية

بين إباحة جميع المنافع ونفي الضمان.وما قيل من نفي المالزمة بين الحكمين: التكليفي، والوضعي، فيمسألة المضطر لو تم، فهو ألجل اإلباحة المعينة وهي األكل ورفع

الضرورة. مع أن الحكم بالضمان هناك، أيضا محل إشكال جدا، ضرورة أنترخيص الشرع المقدس، ليس من قبيل ترخيص األجنبي التصرف فيمال الغير، بل هو من قبيل ترخيص المالك في ملكه، كما ال يخفى.اللهم إال أن يقال: بضمان االتالف، فإن تضييع المال مما ال يجوز له

شرعا، وال من قبل المالك، وعندئذ يرجع إليه بالبدل الحقيقي،وال يكفي البدل الجعلي التوهمي إال بالتراضي.

التنبيه السابع: حول انقالب العقد اللفظي إلى المعاطاة مع فقدهلبعض شرائطه

قد تلونا عليك أن مطلق الفعل، غير كاف في تحقق عنوان العقد بل

(١٤٥)

Page 140: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المدار على ما يتسبب به إليه عرفا وتداوال (١)، ومع الشك في ذلك يرجعإلى أصالة عدم النقل واالنتقال. وهكذا ال يتوسل إليه بمطلق القول،

كما سيأتي بعض الكالم فيه (٢).فلو أخل بشرائط العقد اللفظي، شرعيها، أو عرفيها، أو أخل بشرائط

لزومها هكذا فعقد، فهل هو من المعاطاة إذا تعقبه القبض؟أو هو منها مطلقا، لعدم اشتراط القبض الخارجي على ما مر فيها، لما

مضى من أن المعاطاة بالمعنى األعم ما تشمل ذلك؟أو يكون فاسدا ولو مع القبض من الطرفين؟

وجوه.استظهر الشيخ األعظم (قدس سره) من كالم غير واحد الثاني (٣)، فعن

الثانيين: لو أوقع العقد بغير ما قلناه فهي المعاطاة (٤).وقال الشهيد في الروضة بعد منع كفاية اإلشارة مع القدرة على

النطق إنها تفيد المعاطاة مع األفهام الصريح (٥) انتهى.وذهب المتأخرون ومن عاصرنا وعاصرناه إلى أنه المقبوض

بالعقد الفاسد (٦). وما يقال: من أنه مع العقد االنشائي يحصل القبض--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٩ - ٢٠ و ٧٣.٢ - يأتي في الصفحة ١٥٥ وما بعدها.

٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٢ / السطر ١٩.٤ - رسائل المحقق الكركي ١: ١٧٨.

٥ - الروضة البهية ١: ٣١٣ / السطر ١٧.٦ - مصباح الفقاهة ٢: ٢٢٣ - ٢٢٤.

(١٤٦)

Page 141: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فهو خروج عن مصب البحث.والحق هو التفصيل بين القول بالملك، والقول باإلباحة، فيتم

كالم الشهيد الثاني فقط، وذلك ألنه في مفروض الكالم وإن أنشأالتمليك، إال أنه ليس ناقال، والتبادل بعنوان العمل بالوظيفة، ال يتحقق

به االنشاء المعاملي، واقتران الرضا الباطني بالتعاطي الخارجي،ال يورث الملكية المقصودة، فهو المقبوض فاسدا، أو عليه يجري

أحكامه. هذا على ما هو الحق في المسألة.وأما على اإلباحة فقد عرفت: أن اإلباحة ليست شرعية، بل هي من

أقبح القبائح في المعامالت العرفية، بل هي إباحة تقديرية ورضا باطنيارتكازي من المتعاملين بالنسبة إلى جميع التصرفات من الطرفين،

ألن مقصود العقالء بالذات ليس إال النتائج، وال يعتنون بالعناوين، فلوكان غرض أحدهما في مال اآلخر وبالعكس، فهما يتبعان غرضهما، سواء

كان ذلك في البيع وعنوان الملكية أو فيما يقوم مقامه وينتج نتاجه،فعندئذ تحصل اإلباحة المالكية بالحمل الشائع، ال بعنوانها. وال يشترطفي حصولها الرضا التفصيلي الفعلي، بل التقديري االرتكازي يكفي، إال

مع القرينة على خالفه.ومن ذلك مثال ما لو كان فساد المعاملة نافعا ألحدهما، كما في أجورالفواحش، فإنه ال يكشف الرضا الباطني لهن حتى يصح لهن التصرف

فيها، لما أن في ذلك تمام النفع للمالك.ففيما إذا كان فساد المعاملة موجبا لنفع أحد الطرفين، فاستكشاف

الرضا مشكل، وأما إذ أكان فيه خالف غرضهم فهو بديهي، وحيث إن األكثر

(١٤٧)

Page 142: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

في المعامالت القسم األخير يقال: بأن المعاطاة تفيد اإلباحة.وما قد يقال: من أنه على اإلباحة أيضا ال يجوز التصرف فهو من

قصور الباع، أو قلة االطالع، فليراجع، وتدبر جدا.هذا، ولو أخل بشرائط اللزوم، فإن كان خلال قابال للتدارك حتى

يلزم فهو، وإال فال معنى للتمسك بأصالة اللزوم، إال مع إهمال دليل االشتراط.أو يقال: بأن دليل لزوم العقود ينحصر بالبناءات العرفية، وهي في

مثل المقام - كما مر نظيره - قاصرة، كما ال يخفى.التنبيه الثامن: في حكم منافع العين عند الرجوع في المعاطاة

ال شبهة في أن المنافع للمباح له، وليست هي مضمونة ولو كانتالعين مضمونة. وفي كونها له ملكا، أو إباحة أيضا - فال تصح إجارتها دون

إعارتها - كالم.فإن قلنا: إن مدركها السيرة الكاشفة عن اإلباحة الشرعية، فهي

ملكه.وإن قلنا: إنها اإلباحة المالكية فهي تستلزم الملكية، لما أن

اإلباحة المطلقة تستلزم اعتبار الملكية. مع أن ما يكشف به اإلباحةكما مر، يكشف به الملك، فتأمل.

ومن القوي صحة البيع واإلجارة وسائر المعاوضات وإن كانتاألعيان غير مملوكة، لعدم الدليل على اشتراط ما شرطوه.

(١٤٨)

Page 143: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حكم النماءات المتصلة والمنفصلةبقي الكالم في النماءات المنفصلة والمتصلة، فالمتصلة تابعة

للعين، فإن كانت حين الرجوع إليها موجودة، فهي راجعة قهرا، سواء قيلبالملك، أو اإلباحة، وسواء قلنا: بأن الجواز صفة العقد، أو العين، أو

قلنا باإلباحة الشرعية، أو المالكية.نعم، لو قلنا: بأن اإلباحة المطلقة تورث انتفاء الملك، وتوجب

ثبوته للمباح له عرفا، فهي تمليك غير عقدي خارج عن بحث اللزوموالجواز، ومقتضاه عدم نفوذ رجوعه، الستصحاب الملكية،

والستصحاب العدم المحمولي األزلي، بناء على جريانه.وأما المنفصلة، فمقتضى ما ذكره الشيخ الكبير - استبعادا للقول

باإلباحة (١) - أنها ليست للمباح له، وال يجوز له التصرف فيها، ألنالمقصود في المعاطاة - وهو التمليك - غير حاصل، وما هو المأذون فيه

هي العين، دون هذه المنافع المنفصلة، وال أقل من الشك، فعليه إذارجع إلى العين تكون هي مضمونة، وعليه ردها، أو رد مثلها وقيمتها.

وقد يقال: إن الحديث النبوي المشهور: الخراج بالضمان (٢)يورث أن النماءات للمباح له أو المالك الثاني فلو رجع فهو مثل

--------------------١ - شرح قواعد األحكام، كاشف الغطاء: ٥٠ / السطر األخير (مخطوط)، والحظ

المكاسب، الشيخ األنصاري: ٨٤ / السطر ١١.٢ - عوالي الآللي ١: ٢١٩ / ٨٩، سنن النسائي ٧: ٢٤٥، مسند أحمد ٦: ٤٩.

(١٤٩)

Page 144: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الرجوع في باب الخيار في أن النماء المتصل يتبع العين، دونالمنفصل والمنافع المستوفاة قبل الرجوع، فإنهما ممن كانت العين بيده.

وتوهم ضعف الحديث (١)، ممنوع بعدما يستفاد من كالم شيخ الطائفة (٢)وجماعة (٣): من أنه من النبويات المتلقاة بالقبول عند الفريقين، فهو

نظير على اليد... بل مضمونه يؤيد باالرتكاز العرفي.وفي استشهاد أبي حنيفة به، وورود الرواية ردا عليه، وسكوتها

عن سند الحديث، وتعرضها لفتواه، ورده بقوله: في مثل هذا القضاء وشبههتحبس السماء ماءها، وتمنع األرض بركتها (٤) نوع شهادة على اعتبار

الحديث (٥).ودعوى: أنها في مقام نفي تضمين المنافع والنماءات في مثل األعيان

المضمونة قهرا، غير مسموعة، ألنها هي التي أفتى بها أبو حنيفة، فمعناهأن التضمين المالكي - سواء كان بالتمليك، أو اإلباحة، أو المعاوضات -

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ٢٦، حاشية المكاسب، المحقق

الخراساني: ٣٤.٢ - الخالف ٣: ١٠٧، المسألة ١٧٤، المبسوط ٢: ١٢٦.

٣ - الوسيلة: ٢٤٩ و ٢٥٥، الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٣١ / السطر ٤ - ٥.٤ - الكافي ٥: ٢٩٠ / ٦، وسائل الشيعة ١٩: ١١٩، كتاب اإلجارة، الباب ١٧،

الحديث ١.٥ - حيث إن أبا حنيفة استند بهذه الرواية في فتواه وكان مشهورا عنه ذلك.

الحظ المبسوط، السرخسي ١١: ٧٧ - ٧٨، وبداية المجتهد ٢: ٢٣١.

(١٥٠)

Page 145: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يورث كون الخراج والنماءات للمباح له والمالك الثاني (١).ولكنه غير تام، ضرورة أن قضية القواعد، هو أن النماءات

المنفصلة جائز التصرف فيها على نعت جواز التصرف في العين، ألنمعنى إباحة العين إباحة المنافع، ولكن المنافع الباقية حين الرجوع

إلى العين، ترجع إلى المالك األول، كما لو آجر المباح له داره فيمدة، ثم رجع المبيح في أثناء تلك المدة، فإن منفعة اإلجارة للمالك،

فيعود إليه مقدار من األجرة لو أجاز، وإال يستكشف بطالن إجارته إلىحين الرجوع، أو من رأس، وال يجوز تصرفه فيها على حذو تصرف

المالك، للزوم الخلف، فال تغفل.وإن الحديث يحتمل معاني أخر، سيأتي بعض الكالم فيها إن شاء الله

تعالى في محله (٢)، وإن مفاده على جميع معانيه، ال يشمل فرض سببيةالمعاطاة للملك، ألن المقصود نفي الضمان عن ضامن العين، وأن منافع

المضمون للضامن، كما ال يخفى.--------------------

١ - منية الطالب ١: ١٠١ - ١٠٢.٢ - يأتي في الصفحة ٢١٦ - ٢١٧.

(١٥١)

Page 146: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجهة الثالثةحول ما قيل أو يمكن أن

يقال في صيغ العقودوااليقاعات

وقبل الخوض فيه ال بد من اإلشارة إلى مقتضى األصول عند الشك.

(١٥٣)

Page 147: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

مقتضى األصل عند الشك في اشتراط شئ بشئالمعروف بينهم أن قضية األصل هو فساد المعاملة، للشك في

النقل واالنتقال المحكوم بالعدم، حسب اقتضاء االستصحاب (١).وقد يقال بالتفصيل بين الشرائط العرفية والشرعية، فما كان من

األولى فمقتضى األصل ما مر، وما كان من الثانية فال، ألن سببية العقدمعلومة، وتصرف الشرع مشكوك ومحكوم بالعدم، فال منع من جريان

حديث الرفع (٢)، ألنه ال نحتاج إلى إثبات السببية.ويتوجه إليه: أن مطلق السبب ليس كافيا، بل ال بد من العيب

الممضى في الشريعة المقدسة، واستكشاف االمضاء بالحديث غير--------------------

١ - منية الطالب ١: ١٠٤ / السطر ١١.٢ - حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رفع

عن أمتيتسعة: الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما ال يعلمون وما ال يطيقون وما اضطروا

إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة.الخصال: ٤١٧ / ٩، وسائل الشيعة ١٥: ٣٦٩، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس،

الباب ٥٦، الحديث ١.

(١٥٥)

Page 148: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ممكن، وبالعمومات وغيرها خروج عن مفروض الكالم.ثم إن الشبهة في المسألة تارة: تكون من قبيل األقل واألكثر، كما

لو شك في اعتبار لزوم ذكر الثمن والمثمن بعد كلمة بعت وأنه ال يجوزاالكتفاء بالمقاولة السابقة.

وأخرى: تكون من قبيل المتباينين، فيدور األمر بين التعيينوالتخيير، كما لو شك في أن كلمة: شريت تكفي النشاء البيع، أو ال بد

من لفظة: بعت.ففي الفرض الثاني يتعين االحتياط.

وفي الفرض األول يمكن دعوى: أن المسألة تدور مدار أنالعقد عنوان منتزع من األمور الخارجية، أو هو نفس هذه األجزاء:

فعلى األول: يتعين القول بالفساد.وعلى الثاني: فإن قلنا بالسببية لهذه األجزاء الخارجية، فهي

ال تثبت بالبراءة الشرعية.وإن قلنا: بأن ترتب النقل واالنتقال حكم على موضوع، كما هو مختار

جماعة، وال سببية وال مسببية حتى االعتبارية، فهما مثل الصالةالمترتب عليها حكم سقوط األمر، فإذا شك في النقل فهو مسبب عن الشكفي جزء دخيل مرفوع باألصل، كما لو شك في سقوط األمر، فافهم وتدبر.

الكالم حول اعتبار الصراحةإذا عرفت ذلك فاعلم: أن األقوال في المسألة كثيرة، فعن إيضاح

(١٥٦)

Page 149: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الفخر (١)، ومصابيح بحر العلوم: أن العقود ال تنعقد إال بالصراحة،وال تكفي الكنايات والمجازات بأنحائهما (٢).

بل في كالم المسالك ما يورث أن دائرتها أضيق من ذلك، لما قال:ولما كانت اإلجارة من العقود الالزمة، وجب انحصار إيقاعها في األلفاظ

المنقولة شرعا، المعهودة لغة (٣) انتهى.فبناء هؤالء على األخذ بالقدر المتيقن، كما صرح به السيد (رحمه الله) (٤).

وفي قبا لهم من جوز بجميع الكنايات والمجازات، حتى البعيدة،وحتى المقرونة بالقرائن الحالية، معلال بأن كل ذلك سبب عرفا، وال

دليل من الشرع في كيفية السبب.وإليه ذهب السيد الفقيه اليزدي (رحمه الله) إال أنه قال باعتبار الظهور

العرفي (٥)، وكأنه يمنع عن الظهور عند المتبايعين، ويعتبر الظهورالنوعي، ال الشخصي، فال سعة في فتواه من تلك الجهة.

ولعله لو كان يتذكره ألفتى به، ألن المدار على حصول العقد،وتشخيص ذلك بيد المتعاملين الملتزمين، فلو استعمال لفظي النكاح

والطالق في البيع والشراء معتقدين جواز الوضع باالستعمال، بعد--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٤ / السطر ٣٢، والحظ إيضاح الفوائد.٣: ١٢ - ١٣

٢ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٤٩، مفتاح الكرامة ٤: ١٤٩ و ١٦٠.٣ - مسالك األفهام ١: ٢٥٤ / السطر ١٥.

٤ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٨٦ / السطر ٢١ - ٣٤.٥ - نفس المصدر / السطر ٢٦ - ٣٤.

(١٥٧)

Page 150: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وجود القرينة عندهما، يتحقق العقد، وهما يعدان متعاقدين بالضرورة،فال يعتبر الظهور النوعي، بل يكفي تجويز النوع بعدما يتذكر حدود ما

فرضناه، وربما يرتكب عند إمساس الحاجة، فال تغفل.وظاهر الشيخ األعظم أيضا ذلك، إال أن قوله: بكل لفظ له ظهور

عرفي معتد به في المعنى المقصود (١) ربما يوهم أن مجرد الظهور غيركاف، وهو في مكان المنع، فإن العقد يحصل به، ولزوم المرافعة في مقام

االثبات والدعوى، ال يورث إشكاال في مسألتنا، كما ال يخفى.وذهب جماعة إلى اخراج المجازات، أو هي مع الكنايات (٢).

وأخرى: إلى التفصيل بين القرائن الحالية والمقالية (٣).وثالثة: إلى التفصيل بين المشهورات منهما وغيرها (٤).

وقال المحقق الرشتي (قدس سره): األقرب هو القول األول، إذ ال مانع منهسوى العمومات واالطالقات، وفيها ضعف واضح بعد قيام االجماع المحقق

على اعتبار بعض الخصوصيات في العقد ولو في الهيئة، من الماضوية،والمواالة، ونحوهما مما هو ثابت عند الكل أو الجل.

ودعوى: أنها خرجت باالجماع، فما بال المختلف فيه منالخصوصيات الراجعة إلى المواد؟! شطط من الكالم، وجمود على

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٤ / السطر ٣.

٢ - الحظ مفتاح الكرامة ٤: ١٤٩، جواهر الكالم ٢٢: ٢٤٩.٣ - الحظ اإلجارة، المحقق الرشتي: ٣٥ / السطر ١٤.

٤ - منية الطالب ١: ١٠٦ / السطر ١٤.

(١٥٨)

Page 151: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الظاهر الذي ال أصل له....إلى أن قال: فال مناص من األخذ بالقدر المتيقن في مواضع

الخالف (١) انتهى.وفي سند منعه مواضع من االشكال، وقد مر البحث حول مقتضى

األصل الشرعي (٢).وأما استشكاله في العمومات، فهو لو تم ال يستلزم عدم صحة

دعوى إلغاء الخصوصية عن مورد السيرة العقالئية غير المردوعة،فإن الثابت عندهم أن ما هو العقد يجب الوفاء به، وتصرف الشرعالمقدس في حدود السبب، ليس مرددا بين أمور مجهولة حتى يلزم

االحتياط، ضرورة أن االجماع لو قام في المسألة، فهو من المركب القائمعلى عدم صحة العقد بالمجاز البعيد، وال معقد له في شرطية

الصراحة والداللة اللفظية، وإال يلزم عليه أيضا االلتزام بعدم نفوذالعقد، إذا كانت ألفاظه فارسية أو عربية غير معروفة، بل ال بد عليه مناالحتياط في مثل لفظة ملكت بل وشريت وقد اتضح فساده في محله،

وهو غير ملتزم به قطعا.هذا مع أن االجماع في المسألة منقول، بل الظاهر أن المسألة لم

تكن معنونة في كتب القدماء بعنوان المسائل الشرعية.فاألقوى أن العقد إذا تحقق تشمله أدلة نفوذه، وسائر أحكامه،

--------------------١ - اإلجارة، المحقق الرشتي: ٣٦ / السطر ٣.

٢ - تقدم في الصفحة ١٥٥.

(١٥٩)

Page 152: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وألسبابه العرض العريض.نعم، تختلف المقامات والظروف في سببية شئ دون آخر، فمع

التوسعة وعدم وجود الغرض في األلفاظ الغلط، يشكل كونه عقدا، ومعالضرورة واالحتياج إلى كتمان المقصود، يصح التوسل والتسبب بها،

كما ال يخفى.ثم إن في بعض العقود - لالجماعات المحققة، والشهرات

المعلومة، وداللة بعض النصوص - تعتبر المواد المخصوصة والهيئةالخاصة، كباب النكاح والطالق، وتفصيل المسألة يطلب من محاله.

هذا تمام الكالم حول مادة العقود.الكالم حول اعتبار الماضوية والعربية ونحوهما

وأما الهيئة الناقصة منها، فهي أيضا مما ال شاهد ثابت عليها مناعتبار الماضوية والعربية.

والعجب أن مثل الثانيين من الشهيد والمحقق، ذهبا إلى اعتبارالعربية (١)، وعن العالمة في التذكرة دعوى االجماع على اعتبار

الماضوية (٢)!! ولعل كل ذلك في مواضع خاصة هي مخفية علينا، وإالفاألمر يصير مشكال في سائر االجماعات المدعاة، كما ال يخفى.

--------------------١ - الروضة البهية ١: ٣١٣ / السطر ١٤، جامع المقاصد ٤: ٥٩.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٦ / السطر ١٠، تذكرة الفقهاء ١: ٤٦٢ /السطر ١١.

(١٦٠)

Page 153: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الكالم حول اعتبار المواالة والتنجيز وتقديم االيجاب ونحوهاوأما الهيئة التامة وهي هيئة االيجاب والقبول، فهل يعتبر هنا

أمر شرعا أو عرفا، من تقديم االيجاب على القبول، أو ال يعتبر شئ حتىالمواالة والتنجيز؟

فيه وجوه وأقوال في طي مسائل.وقبل الخوض فيها ال بد من بحث آخر: وهو أن العقود متقومة

بالقبول ماهية، أو مشروط تأثيرها بالرضا والقبول؟المشهور بل المتفق عليه هو األول.

وقد ذهب األستاذ الوالد - مد ظله - إلى الثاني، معلال بأن تعريفالبيع خال من ركنية القبول، وتمام حقيقته تحصل بعمل الموجب. وهذا

ما يساعد عليه العرف فيما إذا كان األجنبي مثال وكيال منهما، فإنه لو قال:بادلت بينهما أي المالين، تتحقق تمام حقيقة البيع من غير لزوم أمر

آخر (١).وقد وقع ذلك في النكاح، فإن الله تعالى بعدما عقد بين رسول

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتلك المرأة، فقد تم األمر، ولم يعهد قبول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)

بعده (٢).--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢١٩.٢ - روى أبو الصلت الهروي عن الرضا (عليه السالم):... وإن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد

من خلقه إال تزويج حوا من آدم (عليه السالم) وزينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (فلماقضى

زيد منها وطرا زوجناكها)....عيون أخبار الرضا (عليه السالم) ١: ١٩٥، الباب ١٤، الحديث ١.

(١٦١)

Page 154: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وعليه ال تعتبر المواالة أيضا عنده - مد ظله - (١).كما ال منع من تقدم القبول على االيجاب، ألنه ليس إال إظهار

الموافقة، والطيب بالمبادلة.أقول: لو كان البيع مبادلة المالين، أو التمليك بالعوض، فالقبول

ركن، لعدم تحققه إال به، ولو كان هو إيقاعهما وإنشاؤهما فهو حاصل بعملالموجب، ويلزم منه كون جميع العقود إيقاعات، إال أن من االيقاع ما

ال يعتبر في تأثيره شئ، ومنه ما يعتبر، ولو كان األمر كما ذكر، يلزم كون هذهالمعاملة فضولية من طرف، والقبول بمنزلة اإلجازة.

والذي يظهر لي: هو أن البيع ولو كان إنشاء المبادلة، يحتاج إلىالقبول، وهو متقوم به، ألن البائع ال ينشئ إال معنى مفاده خروج ماله عن

ملكه بعوض، وال ينشئ دخول مال الغير المسمى بالعوض في ملكه،حتى يكون كل المبادالت فضولية.

وتوهم: أن إنشاء التمليك بالعوض يستلزم االنشاء اآلخر، فاسدبالضرورة.

ولشهادة العرف، وألن القائلين بلزوم الصراحة في العقودوالمعامالت، وعدم كفاية الكناية، ال يرون هنا االنشاءين في مغروس

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٢٧.

(١٦٢)

Page 155: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أذهانهم، حتى يرد عليهم ذلك، أو يستثنون من عموم فتواهم مثله.وإن شئت قلت: البيع غير عقد البيع، فإنه عنوان آخر حاصل من

المعاقدة المتقومة بالطرفين.فبالجملة: ال بد من االنشاء اآلخر المتضمن للتمليك بالعوض، وإن لم

يكن ذلك صريح القبول.ومما يشهد على ذلك: جواز تحقق البيع وعقده باالنشاءين

الصريحين المرتبطين، على إشكال آخر مضى سبيله.هذا، وتمام البحث في سائر الشرائط في ضمن مسائل:المسألة األولى: حول اعتبار تقدم االيجاب على القبول

المشهور لزوم تأخر القبول عن االيجاب، وحكي االجماع عنالخالف عليه (١)، وال خير فيه.

وذهب جماعة إلى التفصيل بين القبول الواقع بكلمات: رضيتوقبلت والواقع ب اشتريت وابتعت وملكت بالتخفيف، وهذا

التفصيل مما يتراءى من صريح جماعة (٢) وظاهر آخرين (٣)، وعن--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٦ / السطر ١٥، الخالف ٣: ٤٠.٢ - مسالك األفهام ١: ١٣٣ / السطر ٤١ وما بعده.

٣ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٤٥ - ١٤٦، المكاسب، الشيخ األنصاري:٩٧ / السطر ٢٢ وما بعده.

(١٦٣)

Page 156: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التذكرة االجماع عليه (١).واختار جمع جواز التقديم مطلقا، ومنهم الفقيه اليزدي (٢)،

واألستاذ الوالد - مد ظله - (٣).والذي يظهر لي: هو أن البحث حول سائر الكلمات غير صحيح،

ألنه من إيجاب المشتري، ال من تقديم القبول عليه كما ال يخفى، وكماينشئ البائع التمليك بالعوض بالحمل الشائع ال بمفهومه، كذلك ينشئالمشتري، ويكون ناقال العوض إلى ملك البائع بواقعه ال بمفهومه، فيما

كان العنوانان معلومين بغير االيجاب والقبول.وأما البحث حول الكلمة الصريحة في القبول، فالحق فيه

المنع، لعدم مساعدة العرف.وكونها تحقق الوقوع ال يفيد شيئا. كما ال يفيد حملها على الواجب

المعلق أو المشروط، لعدم مساعدة االعتبار معه، مع أنه من تأخيرالقبول.

وبالجملة: المنشأ في القبول بالمطابقة هو الرضا بالمنشأالسابق، وبااللتزام إنشاء تمليك العوض بالعوض، وهذه الداللة

االلتزامية أو هذا الالزم العرفي، ال يحصل إال في صورة التأخير، فتحقق--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٦ / السطر ٢٥، تذكرة الفقهاء ١: ٤٦٢ /السطر ١٠.

٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٨٨ / السطر ٣٢.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٢٣ - ٢٢٦.

(١٦٤)

Page 157: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العقد في المسألة مشكل، وإال فال منع من التمسك بأصالة الصحةواللزوم في العقود.

وما قيل في بعض المقامات: من أن موضوع األدلة العقودالمتعارفة، بالطرق المتعارفة، على األموال المتعارفة يورث أيضا

هنا االشكال، كما يعطيه في البحث السابق.هذا واالنصاف: أن المراجعة إلى الوجدان فيما تقاوال على

معاملة، ثم بعد تلك المقاولة إذا قال المشتري: قبلت فقال البائع:بعت يتم العقد، وال يرى فيه الخلل.

نعم، نفس مفهوم القبول بدونها ال يفيد شيئا، فتأمل جيدا.المسألة الثانية: حول اعتبار المواالة

المشهور اعتبار المواالة بين االيجاب والقبول عرفا، وال يضرالفصل اليسير، وهكذا اعتباره في كلمات االيجاب والقبول وحروفهما،

ويضر الفصل المغتفر هناك، هنا وال يضر اليسير بالكثير، ولعل الحكمقطعي في الفرضين األخيرين.

وظاهرهم أنه حكم شرطي، لما يستلزم االخالل به أن عنوان العقدمشكوك االنعقاد، ووجه الشك في ذلك، هو أنه يجب أن يكون القبول مرتبطا

بااليجاب، ومتوجها إلى مفاده، ومع الفصل يشكل ذلك، فيشك في حصولموضوع األدلة وعمومات المسألة، فكونها واجبة تعبدا بعيد جدا. وعدم

حصول العقد بتركها بعد حصول الربط المعتبر في العقد، ممنوع للوجدان.

(١٦٥)

Page 158: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فمنشأ اعتبارها عندي اعتبار الشرط اآلخر اآلتي في العقود: وهوالتطابق بين االيجاب والقبول في القيود وفي أصل االنشاء (١)، أي ال بد

وأن يكون القبول قبول ذلك المنشأ، وهذا ربما ال يحصل بعد الفصلالطويل، فتأمل.

ويظهر من الشيخ أن عنوان العقد متقوم بالمواالة، واستحسنرأي الشهيد في القواعد (٢) إال أنه قال: هذا لو كان حكم الملك

واللزوم في المعاملة، منوطا بصدق العقد عرفا، كما هو مقتضى التمسكبآية الوفاء بالعقود، وأما لو كان منوطا بصدق البيع أو التجارة عن

تراض، فال يضره عدم صدق العقد (٣) انتهى.وقد عرفت ما فيه من صدقه ولو أخل بها، إذا كان في الكالم قرينة

على حصول الربط، وكونه قبوال لمفاد االيجاب.بل قضية البحث والتفتيش، أن مقصوده ال يرجع إلى محصل، ضرورةأن العقد وسائر ألفاظ المعامالت إن كانت موضوعة للمعنى المسببي،

فهو ال يحصل بترك المواالة، القتضاء الدليل الذي تمسك به ذلك.وإن كانت موضوعة لألسباب، فالعقد والبيع سيان. وكون العقد

موضوعا للمسبب دون البيع ممنوع، لما مر أن تلك األلفاظ موضوعةللمسببات، أو األسباب الملحقة بها آثارها.

--------------------١ - يأتي في الصفحة ١٧٣.

٢ - القواعد والفوائد ١: ٢٣٤، القاعدة ٧٣.٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٨ / السطر ٢٣ - ٣٣.

(١٦٦)

Page 159: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ومما يشهد على صحة ما ذكرناه: اتفاق األصحاب على عدم اعتبارالمواالة في العقود الجائزة.

ثم إن الظاهر من األستاذ الوالد - مد ظله - هو أنه يرى نفسه فيمخلص من هذا الشرط، ألنه ال يقول بركنية القبول (١)، وقد مضى شطر من

مرامه (٢)، فعليه تكون ماهية المعاملة حاصلة بتمامها بنفس االيجاب،والقبول شرط تأثيرها، كما في الفضولي.

واالنصاف: أنه للقول باعتبار المواالة على مبناه - مد ظله - أيضاوجه، لما عرفت منا في تحرير المسألة، فالحظ وتدبر.

ثم إنه ربما يتوهم: أن قضية االستصحاب جواز االتكال على القبولالالحق مع الشك في حصول العنوان العقدي به، ألن منشأ الشك في

ذلك احتمال خروج االيجاب عن قابلية االلتحاق وعن الصحة التأهلية،وهي محكومة بمقتضاه بالعدم.

ويؤيد ذلك تسلم األصحاب في الطهارات الثالث البناء على عدماالعتناء بالشك في الحدث، مع أنه يورث الشك المذكور. ودعوى

كفاية استصحاب عدم الحدث محل إشكال. مع أن بناءهم ظاهرا على عدماالعتناء بالشك في االخالل بالمواالة المعتبرة فيها، وهكذا في الصالة.

والذي تحرر منا في محله: عدم جريان استصحاب الصحةالفعلية، فضال عن التأهلية، والتفصيل في مقامه.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢١٩.

٢ - تقدم في الصفحة ١٦١ - ١٦٢.

(١٦٧)

Page 160: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المسألة الثالثة: حول اعتبار التنجيزالمعروف بين جماعة اعتبار التنجيز في العقود وااليقاعات (١)،

وقد ادعي االجماع عليه في بعض العقود - كالوكالة - العالمة (٢)وابنه (٣)، ومنه يعلم أن المسألة إجماعية في غيرها، لألولوية. وهذا هو

المتسالم عليه في بعض االيقاعات كالطالق، بل والعتق.وفي تمامية االتفاق الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السالم) أو الرواية

الصريحة والدالة على المقصود إشكال، بل منع، ألن المسألة ذات وجوهاعتبارية، وقد استدلوا بها في جملة من كلماتهم. بل كونها معنونة في كتب

القدماء - إال بعضا - منهم ممنوع، فالحظ.فعليه ال بد من المراجعة إلى عمومات المسألة وإطالقاتها.

ومقتضى السيرة العملية وتعارفها بينهم جوازها، على إشكال يأتي.أدلة امتناع التعليق وردها

وقد يتوهم: أن تعليق االنشاء غير معقول، وليس هو مورد البحثوالنزاع، ألن االنشاء كااليجاد، فال يعقل أن يتحقق الوجود االعتباري أو

--------------------١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٩ / السطر ٨.

٢ - تذكرة الفقهاء ٢: ١١٤ / السطر ٢٥.٣ - الحظ مفتاح الكرامة ٧: ٥٢٦، المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٩ / السطر ٩.

(١٦٨)

Page 161: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التكويني، ومع ذلك يكون معلقا، للزوم التناقض (١).أو ألن التعليق يستلزم النظر االسمي إلى الهيئة المستعملة فيالمعنى الحرفي، فيلزم الجمع بين لحاظين: آلي، واستقاللي.

أو ألن التعليق بمنزلة التقييد، وهو يستلزم التقسيم، ومفاد الهيئةليس قابال له، ألنه جزئي، والجزئي غير قابل للقسمة قطعا.

ويندفع: بأن االنشاء االعتباري غير االيجاد التكويني، وال ينبغيالخلط بينهما، ضرورة أن مفاد الهيئة هو إنشاء الملكية المعلقة على

مجئ زيد، وهذا االنشاء التعليقي موجود بالفعل، إال أن االنشاء الفعلييحصل بعد حصول المعلق عليه. وليس هذا من تخلف المعلول عن

العلة، لعدم العلية في هذه المسائل، وال من تعليق اإلرادة التي هيتكوينية، ألنها تعلقت على نعت ما يتعلق في الواجب المعلق، فال يكون في

نفسها تعليق.ودعوى رجوع التعليق في الهيئة إلى التعليق في المادة، ألنها

تابع اإلرادة (٢)، غير مسموعة، ألن المناط هو االنشاء الحاصل من المولىدون اإلرادة، والتفصيل في األصول (٣).

وبأن المعنى الحرفي قابل ألن يلحظ بعد تحققه، فيكون موردالنظر ثانيا، فيقيد أو يعلق عليه أمر، فإذا علق عليه األمر يراعى أثره على

--------------------١ - منية الطالب ١: ١١٢ / السطر ٢٠.

٢ - مطارح األنظار: ٤٥ - ٤٦.٣ - تحريرات في األصول ٣: ٥٠.

(١٦٩)

Page 162: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حصول المعلق عليه الهيئة، بالنسبة إلى حصول األثر من العلةالتامة، كما في التكوين. بل هو عند االطالق يؤثر، وعند التقييد

والتعليق يبقى بال أثر.بل لو كان عند قوله: بعت مريدا للبيع المطلق المنجز، فبدا له

خالفه بعده فورا، فألحق بكالمه التعليق، فإنه مما ال بأس به، لعدم جوازالخلط بين المسائل االعتبارية - ومنها مسألة الوضع - والمسائل

الخارجية والتكوينية.وبأن الذي ظهر لي: هو أن تقييد المعنى الحرفي - بناء على كونهمن المعاني الجزئية الخارجية - ممتنع. وما ترى من تقييد األعالم

الشخصية فهو توصيف، وبينهما فرق بين.ولو أريد منه التقييد فيرجع المقيد إلى المسمى ب زيد قطعا،

فيصير كليا كما ال يخفى. وأما التعليق فهو ليس من التقييد، ألنه يورثكون الهيئة مراعى في تأثيرها شئ، وهذا ال يستلزم التقسيم المشار

إليه في الكالم.فتحصل: أن التعليق في االنشاء، يورث سقوط الهيئة عن تأثيرها

الفعلي، وال يوجب عدم تحقق االنشاء التعليقي، فإنه محال. ولعل الناظرإلى امتناع التعليق في االنشاء، كان يجد أنه مع التعليق يتحقق هذا النحو

منه، فتأمل.وقد يشكل ذلك، ألجل أن البيع الحاصل بعد تحقق الشرط، هل هو

يوجد بإيجاد فعلي مقارن له، أو هو يوجد بااليجاد السابق؟ فإن وجدباالنشاء السابق فهو معناه التعليق في المنشأ، وإن تحقق باالنشاء الفعلي

(١٧٠)

Page 163: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقارن، فهو في الحقيقة يرجع إلى الوجود بال إيجاد، ويكون موجودابحصول الشرط قهرا، لعدم استناده إلى العاقد والموجب في وجوده

التنجيزي.نعم، هو في وجوده االنشائي المعلق مستند إليه.

وإن شئت قلت: في العقد المنجز يستند المنشأ المحقق إلىالموجب، ويكون هو تمام علة وجوده، بخالف العقد المعلق، فإنه

بإنشائه التعليقي اعتبر دخالة المعلق عليه في وجود المعلق، وهو جزءأخير لعلته التامة، فيستند إليه، فهو ال يوجد بإيجاده عند حصول

الشرط، بل يوجد بوجود الشرط قهرا.نعم، إذا كان الشرط في االنشاء من أفعال الموجب االختيارية، فهو

موجده وعلته كما ال يخفى.ولك دفعه: بأن الحق كما ذكر، إال أن هذا ال يرجع إلى المعلول بدونالعلة قطعا، وأما رجوعه إلى وجود العقد بال استناد إلى العاقد، بحيثيقال بعدم وجوب الوفاء عليه، فهو ممنوع عند العرف والوجدان، وال

حاجة إلى أزيد منه في المسألة.اعتراض الوالد المحقق - مد ظله - على صحة تعليق المنشأ ودفعه

ثم إنه قد استشكل األستاذ الوالد المحقق - مد ظله - في صحةالتعليق في المنشأ (١):

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٣٤.

(١٧١)

Page 164: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تارة: من جهة أن الجمل التصورية، ليست قابلة للتعليق، ولو كانالتعليق مرتبطا بالمنشأ يلزم منه ذلك، ألن الهيئة االنشائية ال تتعلق إال

بالجمل التصورية بالضرورة.وفيه: أن مفاد الهيئة مع قطع النظر عن المادة تصوري، وهكذا في

عكسه، فالتعليق يرتبط بالمنشأ الذي هو في الجملة التصديقية،وال يجوز فرض خلو المادة من الهيئة التصديقية، ومقايستها إلى

الجملة التعليقية.وأخرى: من جهة أن الفرق بين رجوع الشرط إلى االنشاء أو إلىالمنشأ، كالفرق بين الواجب المشروط والواجب المعلق، فيكون

الملك المنتقل في البيع مقيدا مثال بيوم الجمعة، أو من يوم الجمعةوليس هذا مملوكا، ألن مالك العين ليس مالك األعيان بحسب قطعات

الزمان، وليست تتكثر ملكيتها لها، كما تتكثر في اإلجارة بالضرورة.فبالجملة: التعليق في المنشأ غير جائز، للزوم كون العين ملك

نفرين، أحدهما: البائع إلى يوم الجمعة، وثانيهما: المشتري من يومالجمعة.

وفيه: أن المناط في صحة هذه األمور وبطالنها، ترتب الثمرةالعقالئية عليها وعدمه، فال بأس بااللتزام بمثله، كما في الوقف الخاص

على المشهور، وفي الوقف المنقطع اآلخر، فتدبر.وليس مفاد البيع في جميع األفراد التمليك، كما مر منه - دام ظله -فلو باع أحد الحاكمين مال الفقير باآلخر على هذه الكيفية، يلزم منه

تقسيم السلطنة بحسب قطعات الزمان، وهي مما ال إشكال فيها، لما أشير

(١٧٢)

Page 165: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إليه آنفا.بل ال يكون التمليك بالحمل األولي في مفاده، حتى يلزم التقييد في

الملكية، فإن البائع ينشئ البيع المنجز الفعلي، والمملوك متأخر،فالتعليق في المنشأ ليس من التعليق حقيقة.

فالحق إمكان الفرضين، إال أن المتعارف هو المنجز، وال يعهد منبنائهم التعليق في شئ، إال في بعض العقود وااليقاعات، كالوصية

والنذر، وما يتوهم كثيرا من أنه تعليق في االنشاء أو المنشأ، غير تام، بلهو من قبيل شرط التأخير في التسليم، أو إجارة الدار في السنوات

اآلتية، كما ال يخفى.ثم إنه تختلف اآلثار باختالف القيود الراجعة إلى االنشاء

والمنشأ، فلو كان االنشاء معلقا فله رده قبل حصول المعلق عليه، ولو كانالمنشأ معلقا فيحسب مدة خيار الحيوان من حين العقد، ال من ظرف

التنجيز وهكذا.المسألة الرابعة: حول اعتبار التطابق بين االيجاب والقبولمن الشرائط المعتبرة التطابق بين االيجاب والقبول، وهذا

الشرط مما ال خالف فيه، بل ليس في كثير من المتون منه أثر، ألنهيرجع إلى القيد المقوم لماهية العقود والمعامالت، وقد عرفت: أن

معناه يرجع إلى كون القبول قبوال لإليجاب، ال قبوال مطلقا، وال قبوال لبعضااليجاب، ألنه ليس قبول ما أوجبه وأنشأه، كما ال يخفى، فعليه ال معنى

(١٧٣)

Page 166: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

لجعله شرطا آخر غير الشرط المذكور، ضرورة أن المعاملة المتقومةبااليجاب والقبول، ليس معناه مطلق القبول حتى يحتاج إلى بيان هذا

الشرط، واألمر سهل.هل يعتبر التطابق في مجرد الذات، أو من جميع الجهات؟

بقي الكالم في أن صحة العقد، متوقفة على التطابق من جميعالجهات بينهما، أو يكفي التطابق في ذات المعقود عليه، دون قيودهوأوصافه وشرائطه، بل يكفي أحيانا التطابق في الذات في الجملة، ال

في جملة األجزاء المعقود عليها.ظاهر الشيخ األعظم (رحمه الله) هو األول (١)، وصريح السيد خالفه في

بعض ما ذكر (٢)، وهو خيار الوالد األستاذ - مد ظله - قائال: إن المناط هواالنحالل عرفا، فإن كان البيع منحال حسب نظر العرف إلى البيوع

المستقلة - كما في العام االستغراقي - فيكون االختالف في القبولوااليجاب غير مضر بالتطابق، وإال فيبطل البيع. وما أشير إليه هو بعينه

جار في الشروط والقيود.بل يمكن دعوى حصول التطابق مع االختالف بينهما، إذا كان المبيعالموصوف جزئيا، ال كليا، فإنه لو باع الفرس العربي، وقبل الفرس غيرالعربي، يبطل البيع، بخالف ما لو قال: بعت هذا الفرس العربي وقال:

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠١ / السطر األول.

٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٢ / السطر ٢١ و ٢٤ - ٢٥.

(١٧٤)

Page 167: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قبلت هذا الفرس غير العربي فإنه ال يبطل، وله الخيار، نظير ما لو وقعالتطابق بينهما حتى في القيد والوصف (١).

أقول: ال يحصل التطابق إال في مورد إذا قبل المشتري جميع ما أنشأهالبائع، ولم يسلم البائع إال بعضا ال يثبت خيار تبعض الصفقة، وأما إذا قبل

الكل، وسلم البعض، وكان يثبت في نظر العرف ذلك الخيار، فهو ليس منالتطابق.

والسر فيه: هو أنه قد يكون بنظر العرف البيوع المجتمعة في اللفظ- المعبر عنها بالجمع في التعبير واالختصار في اللفظ - متعددة، وقدال يكون البيع إال منحال بنظر العرف، ألعمية الغرض، ولكنه في مقاماالنشاء واإلرادة ال يرى إال أمرا واحدا، فإنه في الفرض األول لو قبل

المشتري جميع ما باعه المالك صح البيع، ولزم وإن لم يسلم المجموع،كما في بيع أثاث البيت في (سوق الحراج) وأما في مثل بيع العبيد، فليساألمر كذلك وإن كان الغرض أعم، ولذلك نجد له خيار تبعض الصفقة إذا

لم يسلم إال عبدا أو عبدين، فالحظ وتدبر جدا.وأما في مسألة بيع الكلي والشخصي، فاالنصاف أنه يكون

التحقيق على خالفه، ضرورة أن المشتري القابل لبيع الفرس المتصفبضد الوصف المذكور في كالم البائع، ليس راضيا بما أنشأه البائع.نعم، قد يكون الوصف المذكور في كالم المشتري، موجبا لنزولقيمة المبيع، فإنه حينئذ يصح البيع، ألنه يرجع إلى أنه تعلق غرضه

--------------------١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٣٦ - ٢٣٧.

(١٧٥)

Page 168: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بذات الفرس وإن كان عجميا.هذا وما ذكره األصحاب في عدم ثبوت خيار تخلف الوصف إذا كان

المبيع كليا (١)، محل إشكال، بل قد منعناه في بعض تحريراتنا (٢) ألنالقيود وإن أوجبت التباين بين العناوين، ولكنه أمر عقلي، وليس بعرفي،

ولذلك لو رضي بما سلمه البائع يصح البيع ويلزم، ولو كان األمر كما ذكرهالمحققون - من أنه في هذه الصورة لم يسلم المبيع رأسا - كان ذلك باطال

إال برجوعه إلى البيع الجديد، وهو كما ترى.--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ٢٤٩ / السطر ١٢.٢ - لم نعثر عليه فيما بأيدينا من كتب المؤلف (قدس سره).

(١٧٦)

Page 169: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فروعالفرع األول: حول كفاية إشارة األخرس

ال شبهة في أن عناوين العقود وااليقاعات، قابلة ألن تتحقق بإشارةاألخرس، وفيها بعض النصوص (١)، وال وجه لالقتصار عليها بعد اقتضاء

القواعد ذلك.ويظهر من متونهم أنها قائمة مقام اللفظ (٢)، وهذا يوجب اتصاف عقده

باللزوم والجواز، وسائر األحكام المخصوصة بالعقد اللفظي، ويورثعدم كفاية إشارة غير األخرس، وعليه يشكل الحكم في كتابته، وفي

إشارة األخرس في برهة من الزمان، الشكال في أعصاب عضلته ولسانه،وفي إشارة ناذر السكوت مثال.

--------------------١ - أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، أنه سأل أبا الحسن الرضا (عليه السالم) عن الرجل

تكون عنده المرأة، يصمت وال يتكلم، قال: أخرس هو؟ قلت: نعم، ويعلم منهبغض المرأته وكراهة لها، أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال: ال، ولكن يكتب ويشهد

على ذلك، قلت: أصلحك الله، فإنه ال يكتب، وال يسمع، كيف يطلقها؟ قال: بالذييعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها.

الكافي ٦: ١٢٨ / ١، الفقيه ٣: ٣٣٣ / ١٦١٣، وسائل الشيعة ٢٢: ٤٧، كتابالطالق، أبواب مقدماته وشرائطه، الباب ١٩، الحديث ١.

٢ - شرائع االسالم ٢: ٧، جواهر الكالم ٢٢: ٢٥١، المكاسب، الشيخ األنصاري:٩٣ / السطر ٢٥.

(١٧٧)

Page 170: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والذي هو الظاهر، صحة االتكاء على جميع هذه المبرزات عندإمساس الحاجة إليها.

نعم، مع فقد الغرض الباعث إليها، يعد عرفا من الهزل والمزاح،ويشكل انعقاد العقدة والمعاوضة بها.

وفي كونها الزمة إشكال مضى سبيله، لما عرفت: من أن بناء العقالءقاصر بل قائم على خالفه في هذه األمور، فتدبر جيدا.

الفرع الثاني: حول اعتبار وقوع العقد وااليقاع بلغة المتعاملينهل يجب على كل قوم العقد وااليقاع بلسانهم، أو يجوز االكتفاء

بلسان آخر؟ فيه وجهان:من أنه أعلم بخصوصيات لسانه، فيشعر بما يقوله.

ومن أن األعرفية ليست شرطا. نعم ال بد من أن يعلم ما يقوله.واالنصاف: أن االحتياط في األول، بل دعوى انصراف األدلة إلىالمعامالت المتعارفة بين األقوام والملل، غير بعيدة، فتأمل، فاعتبار

العربية (١) خالف االحتياط قطعا.الفرع الثالث: حول كفاية االستيجاب وااليجاب

في كفاية االستيجاب وااليجاب وعدمها وجهان، بل قوالن: ظاهر--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٥ / السطر ٣٢ - ٣٤.

(١٧٨)

Page 171: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

جماعة هو الثاني (١)، ومقتضى بعض النصوص (٢) وطائفة هو األول (٣)،وحمل تلك النصوص على تعقب القبول بااليجاب بال دليل، ولزوم

الفورية بين االستيجاب وااليجاب ممنوع، فال طعن في النصوص من تلكالجهة أيضا.

وتوهم الشهرة في المسألة (٤)، بل دعوى أنها كإرسالالمسلمات (٥)، ال ينفع شيئا، لفساد الصغرى أوال، والكبرى ثانيا، ضرورة أن

هذه المسائل ليست مما ورد فيها النص، وال من المسائل المتلقاة عن--------------------

١ - شرائع االسالم ٢: ٧، جواهر الكالم ٢٢: ٢٥٢، المكاسب، الشيخ األنصاري:٩٧ / السطر ١ و ٦.

٢ - محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)فقالت:

زوجني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لهذه؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله،زوجنيها، فقال: ما تعطيها؟ فقال: ما لي شئ، قال: ال، فأعادت فأعاد رسول

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكالم، فلم يقم أحد غير الرجل، ثم أعادت فقال رسول الله (صلى الله عليهوآله وسلم) في المرة

الثالثة: أتحسن من القرآن شيئا؟ قال: نعم، قال: قد زوجتكها على ما تحسن منالقرآن فعلمها إياه.

الكافي ٥: ٣٨٠ / ٥، تهذيب األحكام ٧: ٣٥٤ / ١٤٤٤، وسائل الشيعة ٢١:٢٤٢، كتاب النكاح، أبواب المهور، الباب ٢، الحديث ١.

٣ - المبسوط ٤: ١٩٤، المهذب ١: ٣٥٠.٤ - مسالك األفهام ١: ١٣٣ / السطر ٤١، الحظ مفتاح الكرامة ٤: ١٦١ / السطر ١١،

المكاسب، الشيخ األنصاري: ٩٧ / السطر ٩.٥ - الحظ مفتاح الكرامة ٤: ١٦١ / السطر ١١ - ١٢، المكاسب، الشيخ األنصاري:

٩٧ / السطر ٩.

(١٧٩)

Page 172: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األئمة المعصومين (عليهم السالم).الفرع الرابع: في حكم تقارن االيجاب والقبول زمانا

لو أوقعا االيجاب والقبول في زمان واحد، فظاهر األصحابالقائلين بلزوم المواالة فساد التجارة.

اللهم إال أن يقال: بأن كلماتهم ناظرة إلى نفي الفصل الطويل، وهوغير بعيد.

ولكن قضية بعض أدلة المسألة عدم صحة المقارنة أيضا، ألنالقبول في الماهية متقوم باالنشاء السابق، فكما ال يجوز تقدمه ال يجوزتقارنه. ويأتي التفصيل المعروف بين كلمات القبول (١) هنا أيضا، كما

ال يخفى.والتحقيق: أن المقارنة جائزة ولو كان التقديم غير جائز، ضرورة أنالحاصل من االيجاب ليس إال مورد القبول، فكما أن زمان الكسر

واالنكسار واحد، والتأخر رتبي، كذلك زمانهما واحد، ولكن فعل المشتريمرتبط بعمل البائع وفي حكم قبوله، فتأمل.

هذا، وعلى القول بكفاية مطلق الرضا تكون المسألة واضحة.--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٦٣ - ١٦٥.

(١٨٠)

Page 173: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الفرع الخامس: حول الفرق بين أمر الوكيل بالبيع يوم الجمعة وبيننهيه عن البيع إال يوم الجمعة

المحكي عن العالمة دعوى االجماع على صحة أن يقول الموكل:أنت وكيلي في أن تبيع عبدي يوم الجمعة وعلى عدم صحة قوله: أنت

وكيلي، وال تبع عبدي إال في يوم الجمعة (١).والوجه في ذلك توهم رجوع الثاني إلى التعليق، فيعلم منه

بطالن العقود المعلقة وسائر االيقاعات بطريق أولى. بل االجماعات علىبطالن الوكالة المعلقة كثيرة، مع أنها ليست من العقود األصلية

المحتاجة إلى القبول زائدا على الرضا المظهر.وأنت خبير بما في تلك االجماعات، وبطالن الوكالة في الفرضالثاني، مستند إلى أن النهي عن مورد الوكالة المطلقة، في حكم

رجوع الموكل عن توكيله، وإال فال موجب لقبول الوكيل وإطاعتهبالنسبة إلى نواهي الموكل.

مثال: إذا قال الموكل: أنت وكيلي في كذا وقبله الوكيل، ثم قال:ال تفعل األمر الكذائي يوم الجمعة فإنه ال يؤثر في شئ إال برجوعه

--------------------١ - تذكرة الفقهاء ٢: ١١٤ / السطر ٢٥ - ٢٨، والعبارة منقولة بالمعنى، كما صرح

بذلك المحقق المامقاني في غاية اآلمال: ٢٢٥.والحظ كتاب المكاسب ٣: ١٦٣ - ١٦٤ (المطبوع ضمن تراث الشيخ األعظم)،

الهامش ٥ - ٧.

(١٨١)

Page 174: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إلى رفض وكالته عند تخلفه، ومع عدم التخلف ليس هو من حدودتوكيله، حتى يلزم تقييده وتعليقه، فتأمل جدا.

الفرع السادس: في حكم المقبوض بالعقد الفاسد مع كشف رضاأحدهما أو كليهما

إذا تبين بعد العقد اللفظي أو الفعلي فساده، فإن كان قبل القبض منالطرفين في الفرض األول، أو من طرف واحد فيهما، فال يجب القبضوفاء، لفساد المعاهدة، وأما بعد القبض فال يجوز التصرف فيه، ويجب

الرد، ألنه ليس ما له، لعدم انتقاله إليه.نعم، قد تقرر منا: أن بناء العرف والعقالء في التجارات على

وصولهم إلى األغراض والمقاصد التي عليها رحى االعتبارات، واليلتزمون بخصوصية العناوين ك البيع والصلح وغيرهما (١)، فلو باع

أحدهما ما يحتاج إليه اآلخر، والمشتري منه ما يحتاج إليه في معاشهومعاده، ثم تبين فساد المعاملة، فهما - بالقطع - راضيان بتصرف كل منهما

في مال اآلخر على التقييد واالشتراط.فما اشتهر من حرمة التصرف في المقبوض بالعقد الفاسد، يختص

ببعض الصور، مثل أجور الفواحش وأمثالها، مما يمكن أن ال يكون للزانيرضا بتصرف الزانية فيها، ألنه أخذ منها ما احتاج إليه، وال داعي إلى

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٤٧.

(١٨٢)

Page 175: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

رضاه به بعد عدم وجوب شئ عليه مطلقا.ومنها ما إذا كان االختالف بين قيمة المثل والمسمى فاحشا، فإنه

لو تصرف المشتري فيما ابتاعه، ثم تبين فساد العقد، وكان المسمى أكثرمن قيمة المثل، فإنه ال يرضى به، ويكون حينئذ البائع ضامنا، على

تفصيل يأتي (١).فالمقصود من هذه الصور، بيان أن الرضا المعاملي المتعلق

بعناوين العقود، وإن لم يمكن أن يورث جواز التصرف في العوضين،ولكن الرضا التقديري اللفظي كاف قطعا، وال دليل على لزوم األزيد من

ذلك، وقد مضى بعض الكالم فيه (٢)، فراجع.واالجماعات المحكية على حرمة التصرف (٣)، منصرفة إلى غيرتلك الصور، وهكذا الروايات والمآثير الخاصة الدالة على ضمان

المتعاملين (٤)، وقد مضى في مباحث المعاطاة: أن مبنى المشهور - وهو--------------------

١ - يأتي في الصفحة ٢١١.٢ - تقدم في الصفحة ١٤٧.

٣ - مفتاح الكرامة ٤: ١٦٧ / السطر ٢٦ - ٣٠.٤ - كالنبوي المشهور: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.

عوالي الآللي ١: ٢٢٤ / ١٠٦، مستدرك الوسائل ١٧: ٨٨، كتاب الغصب، الباب ١،الحديث ٤.

وكرواية جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في الرجل يشتري الجارية منالسوق فيولدها ثم يجئ مستحق الجارية، قال: يأخذ الجارية المستحق ويدفع إليهالمبتاع قيمة الولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أخذت منه.وسائل الشيعة ٢١: ٢٠٥، كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد واإلماء، الباب ٨٨،

الحديث ٥.

(١٨٣)

Page 176: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

القول بإفادتها اإلباحة - على هذا الرضا التقديري المعلوم من حالالمتعاملين (١)، فال حرمة تكليفية وال ضمان إال في بعض الصور

المشكوك رضاهما، أو المعلوم عدمه.الفرع السابع: في ضمان المقبوض بالعقد الفاسد مع عدم كشف الرضا

لو تبين فساد العقد بعد القبض، ولم يمكن كشف رضاهما أو رضاأحدهما، فالعين مضمونة، وعليه دعوى االجماع (٢)، وفي الجواهر:

بال خالف أجده فيه، بل االجماع بقسميه عليه (٣) وال يجوز التصرففيه، لعدم الموجب له.

والمراد من الضمان عند المشهور، هو أن تلفه عليه كما فيالغصب، ففي السرائر: إن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى

الغصب في الضمان (٤) وحكي عنه نسبته إلى أصحابنا (٥).--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٤٧.٢ - الخالف ٣: ٢٢٨.

٣ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٥٧.٤ - السرائر ٢: ٢٨٥.

٥ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠١ / السطر ٢٥.

(١٨٤)

Page 177: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ويشهد له ذهابهم إجماعا إلى وجوب الرد فورا (١)، كما يأتي (٢)،والتزامهم بأن خسارة الرد عليه (٣) أيضا دليل على أنه كالمغصوب.

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ١١.

٢ - يأتي في الصفحة ٢١١.٣ - تذكرة الفقهاء ١: ٤٩٥ / السطر ٣١، جامع المقاصد ٤: ٤٣٥، المكاسب، الشيخ

األنصاري: ١٠٤ / السطر ١١.

(١٨٥)

Page 178: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أدلة ضمان المقبوض بالعقد الفاسدواستدل لهم بأمور:

األمر األول: حديث على اليد...النبوي المشهور: على اليد ما أخذت حتى تؤديه (١).

والكالم فيه هنا يتم في مقامين:المقام األول: في سنده

فقد رواه سمرة بن جندب الذي هو أكذب البرية وأشقاهم. وانجبارالسند باستناد أرباب الكتب والفتوى، غير ثابت، ألنهم يذكرونه تأييدا

لرأيهم، وال يعرف من قدماء األصحاب استنادهم إليه. وال يكفي استناد ابنإدريس (٢) ومن تأخر عنه لالنجبار، مع أنه ذكر الحديث في موضع من

السرائر على وجه يورث فيه الوهن، فكأنه استناده إلى ما وراءه--------------------

١ - عوالي الآللي ١: ٢٢٤ / ١٠٦، مستدرك الوسائل ١٧: ٨٨، كتاب الغصب،الباب ١، الحديث ٤.

٢ - السرائر ٢: ٤٨١.

(١٨٦)

Page 179: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ثبوتا، وإليه إثباتا. بل في مواضع من كتب السيد (١) والشيخ (٢) ذكره اللزامالخصم.

واالشتهار بين أبناء العامة (٣)، مع أن مثله في سنده، ربما يوجبالوثوق، إال أن تلك الشهرة أيضا غير واضحة، فكونه أكذب البرية

يستلزم الوثوق بحديثه - لمكان شهرته وشهرة راويه - غير راجع إلىمحصل. وهكذا توهم نيل المتأخرين القرائن الخاصة.

فالحديث بعد اضطراب المتن - لما روى السيد في االنتصار: علىاليد ما جنت حتى تؤديه أو تؤدي (٤) وروى ابن زهرة في الغنية: على

اليد ما قبضت (٥) - في نهاية االشكال، فال وجه لالعتماد عليه بعد هذا، فتدبر.المقام الثاني: في داللته على أن تلفه عليه

وذلك ألن هذه الجملة ظاهرة في الحكم الوضعي، وهو الضمان،ومعنى الضمان عرفا هو أن الخسارة على الضامن عند التلف، فعليه

--------------------١ - اإلنتصار: ٢٢٦.

٢ - الخالف ٣: ٤٠٨.٣ - مسند أحمد ٥: ٨، سنن ابن ماجة ٢: ٨٠٢، المجموع ١٤: ١٧٨، المغني، ابن

قدامة ٥: ٣٥٥.٤ - لم نعثر عليه في الطبعة الحديثة من االنتصار، الحظ االنتصار، ضمن الجوامع

الفقهية: ١٩٢ / السطر ١٥.٥ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٣٧ / السطر ٢٣.

(١٨٧)

Page 180: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بعد التلف أداء المثل والقيمة، ألنه أداؤه، فرجوع الضمير إلىالموصول التالف، ألجل أن المؤدى هو التالف في االدعاء، أو في

الحكم. ولو كان الضمير محذوفا فال دليل على أن المحذوف هو الضميروحده، بل ربما كان عنوان البدل أو الخسارة وغيرهما مما أضيف إلى

الضمير العائد، ولعله جئ به محذوفا إلفادة ذلك، فال تغفل.فالضمان وإن كانت حقيقته التعليق، إال أنه بعد االستيالء ثابت

منجزا، وتكون النتيجة أن المستولي على المأخوذ ضامن حتى يجبرالخسارة بالمثل أو القيمة.

أقول: لو سلمنا جميع هذه األمور المشار إليها الثبات مبنىالمشهور، ال يثبت ذلك، ضرورة أن مفهوم الضمان ليس من مداليل

الحديث حتى يؤخذ بالخصوصيات الملحوظة فيه، من التعليق وغيره،وبداهة أن ظهوره البدوي هو رد شخص المأخوذ خصوصا، بعد إتيانه

بالضمير في كثير من النسخ القديمة، فصاحب اليد عليه تداركخسارات المأخوذ مع بقائه، فلو تلفت صفة فيه، أو جزء منه، بحيث

ال يضر باالسم، أو نزلت قيمته السوقية - بحيث ال يعد بعد النزول هوالذي أخذت، كما قد يتفق، فتأمل - فعليه تلك الخسارات وجبرانها.

فبالجملة: ال مالزمة بين نفي الحكم التكليفي وإثبات الضمان علىالمشهور، بل لنا نفي ذاك وإثبات األمر اآلخر، فتدبر.

وقد يقال: بأن مفاد الحديث جعل المأخوذ على عهدة األخذ (١)، فما--------------------

١ - الحظ حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٩ / السطر ٢٥ - ٢٨، البيع، اإلمامالخميني (قدس سره) ١: ٢٥٢.

(١٨٨)

Page 181: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

دام هو باق فيرده، وإذا تلف فعليه المثل أو القيمة بحكم العقل، ألن ما هوفي عهدته أيضا هو المأخوذ.

وإن شئت قلت: للشئ وجود خارجي واعتباري، فإذا كان موجوداخارجا فهو متحد مع وجوده االعتباري، وإذا تلف فوجوده االعتباري باق.

ولك أن تقول: ما هو في العهدة هو الشخص الخارجي، ولنا اعتباربقائه لترتيب اآلثار المرغوبة فيه، من رد المثل والقيمة. بل لو تمكن

من خلقه بقدرة نفسانية، فال بأس به.وبذلك البيان يجمع بين رأي المشهور وظاهر الحديث، من غير

حاجة إلى تقدير الضمان ومن غير شبهة في رجوع الضمير إلى غيرالمأخوذ. ونتيجته لزوم قيمة يوم األداء، كما يأتي تفصيله (١).

أقول: لو سلمنا جميع هذه المقدمات، فال نسلم الدليل على هذااالعتبار، فإن مجرد إمكان اعتبار البقاء للشخص التالف ال يكفي، وكون

ظهور على اليد... شاهدا عليه أول الكالم، بل ظاهره لزوم تداركالخسارات الواردة على المأخوذ مع بقائه، ولو تلف فهو خارج عن

مفاده.وتوهم: أنه من أول األمر تعلقت اليد باألمر االعتباري، أو بالماهيةمع قطع النظر عن وجوداتها الخارجية واالعتبارية والذهنية، أو مع

--------------------١ - الحظ ما يأتي في الصفحة ٢٤٦.

(١٨٩)

Page 182: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

لحاظ إحداها مجمال، فاسد جدا، لعدم تمامية بعضها عقال، وبعضها عرفا،وبعضها استظهارا، فتأمل جيدا.

وال أظن أحدا يتوهم خالف ما ذكرناه، ولكنهم لمكان كونهم في موقفذكر السند للمشهور، وقعوا في حيص وبيص.

األمر الثاني: النصوص الواردة في األمة المسروقة المستولدةفإنها ربما تكون ظاهرة في ضمان المقبوض بالعقد الفاسد، ألن

قضيتها ضمان المشتري للولد، ولزوم دفع قيمته، مع أنه لم يتلفه، فيعلمضمان األصل لو تلفت في يده.

وتوهم: أن موردها من صغريات استيفاء المنفعة، ألن الولد فيالحيوانات يتبع األمهات، ويعد من ثمراتها (١)، ال يفيد شيئا، ضرورة أن ذلك

فيما انعقدت النطفة غير حر، وهنا ليس كذلك، فيخرج عن التبعية، فليسعمله استيفاء منفعتها، بل هو مانع تحققها، فال تغفل.

وقد يقال: إن موردها من قبيل االتالف، ألن النطفة وإن كانت منالرجل، إال أنها تكمل بدم األم، ويكون تكونها بالقوى المودعة في

الرحم، بل من المحتمل قويا كونه من نطفة األم، وكان اللقاح من األب (٢).--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠١ / السطر ٢٩، حاشية المكاسب،المحقق اإليرواني ١: ٩٣ / السطر ١٤، البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٥٧.

٢ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٧٥ / السطر ١٩.

(١٩٠)

Page 183: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وفيه: - مضافا إلى أن ذلك غير موافق للتحقيق، وللمسألة مقام آخر -أن إتالف العلل المعدة، ال يورث ضمان الصور المترقبة منها، فلو أتلف

الحنطة المزروعة فهو ضامنها، ال الحاصل منها، فعليه أداء قيمتها، القيمة الولد كما ال يخفى.

ثم إن في المسألة روايات خاصة (١) تحتاج إلى التدبر، لما فيهامن االختالف. ولو سلمنا داللتها على ضمان المقبوض بالعقد الفاسد، فهي

أخص، وال يمكن إلغاء الخصوصية حتى يعلم حكم المسألة على نعتكلي، مع أن من المحتمل كون ضمان قيمة الولد، ألجل ضمان الخدمة

والحمل واللبن والدم وغيرها، وقد قدره الشرع بها فرارا من وقوعهما فيالتشاح، فتدبر.

--------------------١ - محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: قضى في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه

غائب فاشتراها رجل فولدت منه غالما، ثم قدم سيدها األول فخاصم سيدها األخيرفقال: هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني، فقال: خذ وليدتك وابنها، فناشده المشتري،

فقال: خذ ابنه - يعني الذي باع الوليدة - حتى ينفذ لك ما باعك، فلما أخذ البيع االبنقال أبوه: أرسل ابني فقال: ال أرسل ابنك حتى ترسل ابني، فلما رأى ذلك سيد

الوليدة األول أجاز بيع ابنه.جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السالم) في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها

ثم يجئ مستحق الجارية، قال: يأخذ الجارية المستحق ويدفع إليه المبتاع قيمةالولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أخذت منه.

وسائل الشيعة ٢١: ٢٠٣ و ٢٠٥، كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد واإلماء،الباب ٨٨، الحديث ١ و ٥.

(١٩١)

Page 184: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وقال األستاذ الوالد - مد ظله -: نعم، إطالق حسنة جميل، عنأبي عبد الله (عليه السالم): في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها، ثم

يجئ مستحق الجارية. قال: يأخذ الجارية المستحق، ويدفع إليه المبتاعقيمة الولد، ويرجع إلى من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أخذت منه (١)

يقتضي الرجوع إلى الثمن ولو بعد تلفه بالتلف السماوي، ألن الرجوعإليه ليس عرفا مختصا بوجوده كما ال يخفى، فدلت هي على المطلوب في

الجملة (٢) انتهى.وأنت خبير: بأن الثمن إذا كان من النقود، ال يعد نقله إلى الغير منالتلف، ألن تمام النظر إلى المالية، فما أفاده من التعليل دليل على أن

الدليل عليل.هذا، ومن الممكن دعوى: أن هذه المسألة من صغريات على

اليد... وتكون دليال على اعتبار هذه القاعدة، فتأمل.ولك دعوى: أن مورد هذه المآثير من صغريات قاعدة نفي الضرر،

ألن المنع من االستيفاء - بعد كون العلة المعدة قريبة من الثمرة - يعدضررا عرفا.

وفيها بعد تسلم الكبرى: كون صغراها ممنوعة، ألنها ليست منالعلل القريبة، بل هي كالحنطة المزروعة، فال ينبغي الخلط.

--------------------١ - تهذيب األحكام ٧: ٨٢ / ٣٥٣، وسائل الشيعة ٢١: ٢٠٥، كتاب النكاح، أبواب

نكاح العبيد واإلماء، الباب ٨٨، الحديث ٥.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٥٩.

(١٩٢)

Page 185: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األمر الثالث: قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسدهوهي قاعدة معروفة بين المتأخرين غير نقية السند، وال خير في

إطالة البحث حولها، لعدم صحة المراجعة إليها عند الشك. وتماميةمدركها في الجملة، ال توجب تماميتها على نحو القانون الكلي، ووجود

بعض التعابير في كتب الشيخ (١) وبعض مقاربي عصره (٢)، ال ينفع شيئا.ولكنه مع ذلك كله تشحيذا لألذهان، نشير إلى مفادها مع رعاية

االختصار، وإلى ما يمكن أن يكون مدركا لها، وهي قولهم: كل عقد يضمنبصحيحه يضمن بفاسده، وبالعكس (٣)، وقولهم: ما يضمن بصحيحه يضمن

بفاسده، وبالعكس (٤) وقولهم: كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسدهوبالعكس (٥).

--------------------١ - المبسوط ٢: ١٥٠ و ٢٠٤.

٢ - السرائر ٢: ٢٨٥ و ٣٢٦.٣ - رسائل المحقق الكركي ١: ١٨٩، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠١ /

السطر ٣٠.٤ - إيضاح الفوائد ٤: ٣٤٧.

٥ - مجمع الفائدة والبرهان ٩: ٦٢ و ١٦٩، القواعد الفقهية، المحقق البجنوردي.٢: ٨٤

(١٩٣)

Page 186: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بحث عن داللة القاعدة ومفادهاأما مفادها، فهو أن كل فرد من أفراد العقود المالية وما يشبهها منااليقاعات المالية - لعدم الخصوصية لعنوان العقد حتى يخرج مثل

الخلع والمباراة والجعالة، بناء على عدم كونها عقدا - إذا وقع صحيحا،وكان فيه ضمان المتعاملين للمعقود عليه برده إلى طرفه بنفسه، أو

بمثله وقيمته، بحكم العرف، أو الشرع، لو وقع باطال، وكان المعقودعليه في قبضة مالكه التوهمي، فهو ضامنه برده، أو رد مثله وقيمته،فالمال قبل القبض في الصحيح، مثله بعد القبض في الفاسد، وعليه

ال يلزم التفكيك، وال توهم كونه عموما أنواعيا أو أصنافيا (١).ودعوى: أن مفهوم الضمان ليس في الشرع أمرا تعليقيا، غير

مسموعة، وسيأتي حوله تفصيل البحث في ضمن الفروع اآلتية.وتوهم: أن المتعاقدين غير ضامنين بالنسبة إلى المعقود عليه في

العقد الصحيح، خصوصا في البيع، فإن المبيع إذا تلف فهو من مال بائعه،فيلزم التفكيك في معنى الضمان في الجملتين، وتكون الجملة األولى

توطئة لبيان الضمان في الثانية، غير تام، ألن مقتضى سببية العقد، انتقالالمعقود عليه إلى الطرف، وتسليم البائع والمشتري ليس إال من بابالوفاء بالعقد، ورد ملك الغير إلى صاحبه، فهو بعد العقد في يد غير

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٩٣ / السطر ٢٠، البيع، اإلمام

الخميني (قدس سره) ١: ٢٦٦.

(١٩٤)

Page 187: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المالك، وبحكم العقالء يكون ضامنا برده، وعليه خسارته عند تلفه.وال حاجة إلى التوسل بقاعدة اليد، فيقال بانقالب اليدالمالكية إلى اليد غير األمانية، بعدما صح العقد الناقل.

ويتوجه إليه: أن الضمان هنا حينئذ يستند حقيقة إلى اليد، دونالعقد، وظاهر القاعدة سببية العقد الصحيح للضمان، وكون المبيع من

مال البائع بعد التلف، ال يضر بها، ألنه حكم تخصيصي، أو القاعدة تفيدالحكم الذاتي غير المنافي لما هو المشهور في البيع، من انحالل العقد

بالتلف. مع أنه يمكن دعوى انحالل العقد قبل التلف، فيخرج عنهاتخصصا.

فبالجملة: الجملة األولى موكول حكمها إلى نظر العرف والعقالء،والجملة الثانية مترتبة عليها شرعا أو عرفا أيضا.

إن قلت: وإن لم يلزم التفكيك من جهة الضمان، ولكنه يلزم منجهة ظهور الباء في السببية فيهما، وااللتزام بها في الجملة الثانيةغير ممكن، فال بد من حملها على السببية الناقصة، فيكون العقد- بضميمة قاعدة اليد في الصدر والذيل - موجبا للضمان (١).

قلت: سببية العقد الصحيح للضمان عقالئية، وسببية العقدالفاسد تعبدية، حسبما يظهر من القاعدة، ضرورة أنها أسست لبيانالحكم في الذيل، من غير النظر تشريعا إلى الصدر. ولو كان سبب

الضمان قاعدة اليد هنا أيضا، فهي سبب تام، ألن نسبته إلى العقد في--------------------

١ - منية الطالب ١: ١٢٠ / السطر ١٨.

(١٩٥)

Page 188: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

غاية الضعف، خصوصا إلى العقد الفاسد، بل العقد الصحيح موجبلتحقق موضوع القاعدة التي هي المورثة للضمان، كما ال يخفى.فما هو التحقيق: أن العقد يوجب الضمان، ألن اليد النقلية ليست

موجبة للضمان، ألنها ليست كاليد الغاصبة، ضرورة أن العرف يحكمبأنه يجوز له االمتناع عند االمتناع، وبأنه يجب عليه الوفاء بالعقدبالتسليم وهكذا، فصرف كونه مال الغير بالعقد الصحيح، يورث

الضمان وإن لم يكن تحت استيالء البائع مثال، وفي الفاسد كذلك بتعبد منالشرع، فالحظ وتدبر جدا.

توهم إرادة العموم األنواعي أو اإلضافي دون األفرادي ودفعهإن قلت: ال بد من أن يكون العموم فيها أنواعيا، أو إضافيا، أو يكونعنوان المدخول قابال للصدق على أكثر من واحد، ألن المفروض في

الخارج صحيحا ال يعقل فساده، فال بد من الفردين، وعليه ال بأس بااللتزامباألنواعية واإلضافية وهكذا، دون األفرادية (١).

قلت: كما ال يعقل ذلك ال يعقل أن يكون غير أفرادي، ألن الصحةوالفساد من لوازم الوجود الخارجي، دون العناوين، وقد تقرر ذلك في

محله، فعليه ال بد من حل المعضلة: بأن هذه القضية شرطية متصلة،وليس الحكم فيها إال فرضيا، ونتيجة ذلك هو أن كل ما فرض أنه عقد

موجب للضمان ألجل صحته، ففي فاسده الضمان.--------------------

١ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ٩٣ / السطر ٢٠ - ٢٨.

(١٩٦)

Page 189: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وبعبارة أخرى: هي قاعدة إخبارية، أو إنشائية، وعلى التقديرينناظرة إلى جهة المالزمة، من غير النظر إلى ذات المقدم والتالي،

حسب الوجود ونقيضه، فالمقدم في هذه القضايا فرضي، والقضيةالفرضية قابلة لالنعقاد من كل شئ، فال تغفل.

فعلى هذا، يثبت الضمان في البيع بال ثمن، واإلجارة بال أجرة، ألنهلو كانا واقعين صحيحين، وكان فيهما الضمان، كان في فاسدهما الضمان،

ولكنهما فاسدان، ففيهما الضمان، ألنهما صحيحين كان فيهما الضمان أيضا.ثم إنه مع ذلك كله، ال يكون الحكم في المقدم ثابتا عند العرف

على نعت الكلية، ضرورة أنهم ال يلتزمون بضمان البائع والمشتري فيمالو تلف المبيع والثمن بآفة سماوية، فكون العقد الصحيح علة الضمان

ممنوع.اللهم إال أن يقال بالتهاتر القهري، كما ال يبعد، فتدبر.بحث في أدلة قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

ما يمكن أن يكون سندا لها بتمامها، أو مدركا لبعض مفادها، ومجموعايصح االستناد إليه، حتى تكون القاعدة معتبرة، وألجل االختصار وتسهيل

األمر جئ بها، وجوه:الوجه األول: قاعدة االقدام

ومدركها بناء العقالء، وعدم ردع الشرع المقدس، ومفادها هو أن

(١٩٧)

Page 190: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كل واحد من المتعاملين، دخل وأقدم على العقد المعاملي على أن يكونمالهما مضمونا، من غير النظر إلى ما بعد القبض، أو ما قبله، بل نظرهم

فيها إلى عدم وقوع األمر المجاني، فلو تمكن من تسليم المسمى أو المثلوالقيمة لو تلف فهو، ولو لم يتمكن من ذلك، فعليه رد العين ولو كان في يداآلخرين، أو عليه ردها لو كان في يده، إذا ال يكون متمكنا من رد المسمى،

أو مثله وقيمته، أو عليه صرف النظر عنها لو كان قبل القبض، إذا لميتمكن من تسليم المسمى والعوض الواقعي، وهكذا.

وكونها أعم من المطلوب ال يضر بالمقصود، فما يظهر من الشيخ (١)ال يخلو من غرابة.

وما يظهر من السيد إشكاال على سندها (٢)، مدفوع بأن هذه المسائلالعقالئية - بعد عدم الردع عنها، وكانت بمرأى ومسمع من الشريعة

المقدسة - تكون معتبرة.وما يظهر من القوم في بيان مفادها من المحتمالت والوجوه، منشأه

القصور، وقد فصلناها في تعاليقنا على حاشية السيد (رحمه الله) (٣) فراجع.فما أفاده شيخ الطائفة في المبسوط (٤) وتبعه بعض آخر (٥)، في

محله.--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٢ / السطر ٣٤.٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٤ / السطر ١٠.

٣ - مما يؤسف له أن هذه التعليقات مفقودة.٤ - المبسوط ٣: ٥٨ و ٦٥ و ٦٨.

٥ - الحظ مسالك األفهام ١: ١٨٥ / السطر ٣٩.

(١٩٨)

Page 191: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

نعم، في المسألة شبهتان:أوالهما: قصور القاعدة عن شمول تلف العينين، وتوهم قصورها عن

شمول تلف العين الواحدة، ممنوع، ألن بناء المعاوضات على أن ال تكونمجانية مطلقا.

وتندفع الشبهة بما سمعت منا في أصل القاعدة.ثانيتهما: قصور دليل حجيتها ألن من شرائطها كون األمر الممضى

بمرأى ومنظر ظاهر من الشرع، مثل العمل بالظواهر، والخبر الواحد،فلو كان أمرا فرضيا أو غير رائج، فال يكفي لكشف الرضا واالمضاء، فليتدبر

جيدا.الوجه الثاني: قاعدة على اليد...

وقد عرفت قصورها عن شمول حال التلف واالتالف (١)، بل وقصورسندها (٢).

وأما الخدشة في داللتها تارة: بامتناع شمولها األعمال والمنافع (٣).وأخرى: بانصرافها.

وثالثة: بعدم صحة إطالق األخذ لغة وعرفا عليها.فهي غير مسموعة، ألنه لو سلمنا ذلك كله فلك إلغاء الخصوصية،

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٨٦ - ١٨٧.٢ - تقدم في الصفحة ١٨٧ - ١٩٠.

٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٣ / السطر ٢.

(١٩٩)

Page 192: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ودعوى أن الموضوع أعم، فافهم.الوجه الثالث: قاعدة االحترام

وسندها بعض الروايات المذكورة في كتاب القصاص والحج، وقدمضت اإلشارة إليها. وقصور سند بعضها - مثل ما في وصية النبي (صلى الله عليه وآله

وسلم)ألبي ذر: يا أبا ذر، سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصيالله، وحرمة ماله كحرمة دمه... (١) - ال ينافي اعتبارها، لما ورد في صحيحة

زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السالم): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وقف بمنى حتى

قضى مناسكها في حجة الوداع....إلى أن قال: أي يوم أعظم حرمة؟

فقالوا: هذا اليوم.فقال: فأي شهر أعظم حرمة؟

فقالوا: هذا الشهر.قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أي بلد أعظم حرمة؟

فقالوا: هذا البلد.قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركمهذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، فيسألكم عن أعمالكم، أال هل بلغت؟

--------------------١ - األمالي، الطوسي: ٥٣٧، وسائل الشيعة ٢٩: ٢٠، كتاب القصاص، أبوابالقصاص في النفس، الباب ٣، الحديث ٣، و ١٢: ٢٨٠ و ٢٩٧، كتاب الحج،

أبواب أحكام العشرة، الباب ١٥٢، الحديث ٩، والباب ١٥٨، الحديث ٣.

(٢٠٠)

Page 193: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قالوا: نعم.قال: اللهم اشهد، أال من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها،

فإنه ال يحل دم امرئ مسلم وال ماله إال بطيبة نفسه، وال تظلموا أنفسكم... (١).فإن ظاهر الفقرات األولى حرمة األموال وضعا وتكليفا، وال يجوزهتكها، وليس ما أتلفه هدرا، ألن المقصود من الحرام هي الحرمة.

نعم، ظاهر قوله: ال يحل في الذيل تكليف محض. ودعوى أنالصدر قرينة على أعمية الذيل، غير بعيدة، بخالف عكسه، فإنه بعيد

جدا.نعم، ربما يشكل استفادة الوضع، ألجل أن الحرمة في الشهر

والبلد واليوم، ناظرة إلى التكليف.وإن شئت قلت: إجمال المشبه به، وعدم إمكان االلتزام بإطالقه،

يورث اختصاص الحكم في المشبه في القدر الثابت فيه، فعليه يتضحضعف سند القاعدة.

مع أنه لو فرضنا ذلك، والتزمنا بحرمة أموالهم وضعا، ال يكون نفيضمان القابض فيما تلف المقبوض في يده من غير إفراط وتعد، خالف

االحترام. بل قضية االحترام عدم الضمان، ألن أخذ المثل والقيمة فيالصورة المذكورة خالف االحترام، كما ال يخفى.

بل مقتضى ذيلها حرمة الظلم، وهذا يعد منه عرفا، بخالف ما لو--------------------

١ - الكافي ٧: ٢٧٣ / ١٢، الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥، وسائل الشيعة ٢٩: ١٠، كتابالقصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب ١، الحديث ٣.

(٢٠١)

Page 194: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أتلف وأضر وتعدى وفرط، فلو فرضنا صحة ما أفاده المشهور في معنىقاعدة على اليد... فهي تعارض هذه القاعدة، ولكنها مقدمة عليها كما هو

الواضح، وليست مقدمة على قاعدة حرمة الظلم، فتأمل.ولك دعوى ورود قاعدة على اليد... عليهما، ألن المالك

الحقيقي إذا اعتبر ضمان القابض، ينتفي موضوعهما واقعا وحقيقة، فتدبر.الوجه الرابع: قاعدة نفي الضرر والضرار

والمختار فيها أن المنفي هو الضرر، والمنهي هو الضرار،ونتيجته عموم الحكم ولزوم التدارك فيما لو أوقع الضرر. بل مقتضى

االطالق لزوم تدارك الضرر في حومة االسالم من بيت المال، وأماوجوب تدارك المقبوض التالف من مال القابض، فهو ممنوع بهذه

القاعدة. وهي مقدمة على قاعدة على اليد... لنفي الجعل الضرري بها.ودعوى: أن جعل الضمان ليس ضرريا، وبعده ال ضرر، ألنه يأخذ

مال نفسه من القابض، غير مسموعة، بداهة أن الحكم التكليفي تبعالحكم الوضعي رتبة. وكون قاعدة نفي الضرر في رتبة الموضوع،

ال يستلزم كونها مقدمة على الحكم، ألن ما مع المتقدم ليس بمتقدمبالضرورة. هذا مع عدم مساعدة العرف على مثل هذا التحكيم.

وتوهم: أن النسبة بين القاعدتين عموم مطلق، فال حكومة لقاعدةنفي الضرر، وإال تلزم لغوية قاعدة على اليد... (١) في غير محله، كما

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٨٥.

(٢٠٢)

Page 195: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يظهر بأدنى تأمل.ولنا في مسألة تقدم قاعدة نفي الضرر على القواعد العقالئية

الممضاة، مطلب آخر يطلب من رسالتنا الموضوعة فيها (١).بحث: حول اختصاص بحث المقبوض بالعقد الفاسد بصورة جهل

المتعاملين حال العقدال يبعد أن يكون المقصود من عنوان البحث، المقبوض بالعقد

الفاسد الذي تبين فساده بعد العقد، ولو كانا عالمين أو كان أحدهماعالما بالفساد، فال يعقل ترشح الجد حتى يوجد العقد الفاسد، وال تعد

نفس الصورة المتكلم بها من العقد عقدا.نعم، غير المبالين بالديانة ينشئون عناوين العقود، وال يرون

تصرفهم في المأخوذ بها من التصرف في مال الغير، ولكنه لغفلتهم عنذلك، وعدم ارتباطهم بالمسائل الدينية، ولذلك عند السؤال عنهم

ال يجيبون إال بأن المأخوذ ملك اآلخر، فعليه ربما تكون هذه الصورخارجة من الجهة المبحوث عنها.

نعم، ال فرق بين الجاهل والعالم غير المعتني المؤدي ذلك إلىتغافله عن القيود والشرائط، فإنه في هذه الصور يثبت الضمان أيضا.

وحكم الصور الخارجة من عنوان البحث، يأتي من ذي قبل إن شاء الله--------------------

١ - رسالة في قاعدة نفي الضرر التي كتبها (قدس سره) في بورسا مفقودة، الحظ تحريرات فياألصول ٨: ٢٨٦ وما بعدها.

(٢٠٣)

Page 196: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تعالى.والتمسك بقاعدة الغرور الثبات ضمان العالم للجاهل (١)، في

غير محله، ألن مقتضاها رجوع المغرور إلى الغار، وصدق الغرورممنوع إال في بعض الفروض، وإذا تحقق الغرور فلك دعوى سقوط حرمة

ماله الذي أخذه المغرور، فإنه سلطه عليه ألن يغره، فال يكون الجاهلضامنا، فتأمل.

ومن الممكن دعوى: أن عنوان البحث أعم، ضرورة أن العقد كمايستند بطالنه إلى فقد الشرط والجزء، كذلك يستند إلى فقد الجد، فإن

اإلرادة من شرائطه المقومة في محيط العقالء، ولو كان فقدها موجبا لعدماتصافه بالفساد، يلزم اشتراك سائر الشرائط العقالئية معها، ألنها عندهممن المقومات، وليس عندهم شرط يسمى ب شرط الصحة وعندئذ ال

فرق في هذه الشروط بين حالتي العلم والجهل، فينحصر البحث بالعقدالفاقد لشرط الصحة، وهو الشرط الشرعي، فيعلم من ذلك: أن

المقصود هو المقبوض بعد العقد الفاسد بعنوانه، وإن كانا يعلمانبلغويته، فليتدبر.

وإن شئت قلت: إن دليل قاعدة ما يضمن بصحيحه... هو االقدام علىأن ال يكون المال مجانيا، وهو مالزم للتضمين عند العقالء، وقضية ضمان

المتعاملين كون المال المقبوض غير المجاني مضمونا، سواء كان منشأه--------------------

١ - جواهر الكالم ٣٧: ١٧٩ - ١٨٠، مسالك األفهام ٢: ٢١٣ / السطر ٢٠، الروضةالبهية ١: ٣١٦ / السطر ٧.

(٢٠٤)

Page 197: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العقد الفاسد، أو أمرا آخر، إال إذا كان بعنوان األمانة، وتفصيل البحثحول المستثنى يطلب من محال أخر.

التحقيق في قاعدة ما ال يضمن بصحيحه ال يضمن بفاسدهثم إنه يعلم مما ذكرناه في أصل القاعدة، ما هو الحق في عكسها، فما

ال يضمن بصحيحه، ويكون التلف من صاحب المال، وال غرامة على منتلف عنده، ال يضمن بفاسده.

ولكن المهم البحث في سنده، والذي يظهر من شيخ الطائفة هياألولوية (١)، فإن الصحيح إذا لم يكن مؤثرا في الضمان، ولم تكن يدهما

مضمونة، فكيف بفاسده؟! وفيه ما ال يخفى.وتوهم: أن قاعدة االقدام دليل األصل، وإذا لم يكن إقدام على

التضمين، فال وجه للضمان بعد كون التسليط عن الرضا، في غير محله،ألن مقتضى هذه القاعدة، الضمان في صحيح اإلجارة والرهن وما

شابههما، ألن مناط نفي الضمان ليس مجرد التسليط المقرون بالرضا، بلال بد من قيد المجانية، كالهبة ونحوها، والقول بعدم الضمان في

الصحيح - للدليل الخاص - ال يستلزم نفيه في الفاسد، فعليه يشكل سندهذه السالبة الكلية.

بل قضية على اليد... الضمان في هذه العقود، وما يمكن أن يكون--------------------

١ - المبسوط ٢: ٢٠٤.

(٢٠٥)

Page 198: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

دليال على خروجها من عمومه، عموم ما دل على أن من لم يضمنه المالكفهو غير ضامن، وأنت خبير بأن بناء العقالء على أن مالك نفي الضمان، ليس

نفي التضمين، لضرورة أنه في كثير من المواضع، يثبت الضمان من غيرتضمين.

نعم، يمكن دعوى: أن الروايات الواردة في اإلجارة (١) والعارية (٢)والمضاربة (٣)، تدل على العموم المذكور، ألن قوله (عليه السالم) في رواية غياث

بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السالم): إن أمير المؤمنين (عليه السالم) أتيبصاحب حمام

--------------------١ - أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السالم) أنه كان ال يضمن صاحب الحمام،

وقال: إنما يأخذ األجر على الدخول إلى الحمام.إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه أن عليا (عليه السالم) كان يقول: ال ضمان على صاحب

الحمام فيما ذهب من الثياب، ألنه إنما أخذ الجعل على الحمام، ولم يأخذ علىالثياب.

وسائل الشيعة ١٩: ١٣٩، كتاب اإلجارة، الباب ٢٨، الحديث ٢ و ٣.٢ - جميل، عن زرارة قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): العارية مضمونة؟

فقال: جميع ما استعرته فتوى فال يلزمك تواه إال الذهب والفضة، فإنهما يلزمان، إالأن تشترط عليه أنه متى توى لم يلزمك تواه.

إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله أو أبي إبراهيم (عليهما السالم) قال: العارية ليس علىمستعيرها ضمان إال ما كان من ذهب وفضة فإنهما مضمونان اشترطا أو لم يشترطا.

وسائل الشيعة ١٩: ٩٦ - ٩٧، كتاب العارية، الباب ٤، الحديث ٢ و ٤.٣ - محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو

يسرق، أعلى صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا.وسائل الشيعة ١٩: ٢١، كتاب المضاربة، الباب ٣، الحديث ٣.

(٢٠٦)

Page 199: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وضعت عنده الثياب فضاعت، فلم يضمنه، وقال: إنما هو أمين (١) وغيره فيغيرها (٢)، في حكم التعليل المعمم.

وتقريب االستدالل به، حتى يعلم منه عدم الضمان في جميع مفادهذه السالبة الكلية: هو أن المقصود هو أنه إنما هو أمينك، وأنت

استأمنته، ال أنه أمين في الواقع ونفس األمر، فمن كان عندك أمينا فهو غيرضامن، وهذا أمر يحصل في صحيحه وفاسده، ألن كونه أمينك ليس من آثار

العقد، بل إيقاع العقد كاشف عن اتخاذك إياه مأمونا.وتوهم: أن العين المرهونة والمستأجرة ال تعد أمانة (٣)، في محله،

إال أن نفي الضمان من آثار االقدام على العقد، المستلزم لتسليم العين،وهذا ال يكون إال بعد االستئمان واتخاذه أمينا.

ودعوى: أن هذه الروايات ناظرة إلى مفاد الروايات المتضمنةلنفي الضمان في صورة كون من تلف عنده عدال وثقة (٤)، حتى تندرج في

باب المرافعات، وتكون أجنبية عن هذه المسألة (٥)، غير بعيدة، إال أنإمكان االلتزام باألمرين - بعد اقتضاء الظهور ذلك - يمنع عن الحمل

--------------------١ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٨، وسائل الشيعة ١٩: ١٣٩، كتاب اإلجارة، الباب ٢٨،

الحديث ١.٢ - قال الكليني في حديث آخر: إذا كان مسلما عدال فليس عليه ضمان.

الكافي ٥: ٢٣٨ / ١، وسائل الشيعة ١٩: ٧٩، كتاب الوديعة، الباب ٤، الحديث ٣.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٩٢.

٤ - مثل ما ورد في وسائل الشيعة ١٩: ٩١، كتاب العارية، الباب ١، الحديث ٢.٥ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٢٩٤.

(٢٠٧)

Page 200: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المزبور، فال منع من االلتزام بأن الطائفة الثانية ناظرة إلى مقاماالثبات، بخالف الطائفة األولى، فإنها نافية للضمان في صورة االقدام على

تلك المعامالت الكاشفة عرفا عن استئمان طرفه.منع داللة الروايات السابقة على صحة العكس

هذا، ولكن االنصاف قصور هذه المآثير عن ذلك، ألنها - مضافا إلىظهورها في أنه أمين واقعا. وال ينافيه قوله (عليه السالم) في رواية بكر بن حبيبقال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): أعطيت جبة إلى القصار، فذهبت بزعمه.

قال: إن اتهمته فاستحلفه، وإن لم تتهمه فليس عليه شئ (١) فإنهاتهام بعدما كان أمينا.

وبعبارة أخرى: األمين من تثبت أمانته باألمارات العقالئية، وبعدذلك فتارة: يحدث بعض القرائن على خالفها، وأخرى ال، وهذه الروايةناظرة إلى الجهة الثانية، كما ال يخفى - إن رواية أبي بصير الراوي عن

أبي عبد الله (عليه السالم) كالنص في أنه أمين واقعي، أي الثابت عند العقالء،ال الذي استأمنه صاحب المال وإن كان خائنا عند العقالء، أو غير ثابتة

أمانته:قال: في رجل استأجر حماال، فيكسر الذي يحمل، أو يهريقه.

فقال: على نحو من العامل إن كان مأمونا فليس عليه شئ، وإن كان--------------------

١ - تهذيب األحكام ٧: ٢٢١ / ٩٦٦، وسائل الشيعة ١٩: ١٤٦، كتاب اإلجارة،الباب ٢٩، الحديث ١٦.

(٢٠٨)

Page 201: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

غير مأمون فهو ضامن (١).فلو كان المراد من األمين أمينك لما كان وجه للتفصيل

بالضرورة، فافهم وتدبر جيدا.هذا تمام الكالم حول سند العكس، وحيث إنه غير تام فاألولى

العدول عن التعرض لما أوردوا نقضا عليه (٢)، وعن بيان حاله وحدوده،وحكم المسألة يعلم في المواضع األخر، فراجع.

تنبيه: حول اختصاص عكس القاعدة بالعقود المعاوضية أو ما ال يقتضيالضمان بذاته

يحتمل أن يكون مصب القاعدة العقود المعاوضية في العكسأيضا، كي ال يلزم التفكيك، فال تشمل مثل العارية، والهبة غيرالمعوضة، وهكذا، بخالف اإلجارة والرهن، فإن المقصود من

المعاوضة في األصل والعكس أعم.ويحتمل أن يختص موردها بما إذا كان عدم الضمان من مقتضيات

العقد، ولو لم يكن في صحيح عقد ضمان - لعدم المقتضي - فهو خارج منها،وعليه ال يلزم النقوض الموردة عليها، ألن الضمان فيها من تبعات

المقتضيات في الفاسد، فتأمل.--------------------

١ - تهذيب األحكام ٧: ٢١٨ / ٩٥١، وسائل الشيعة ١٩: ١٤٤، كتاب اإلجارة،الباب ٢٩، الحديث ١١.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٣ / السطر ٢٥ وما بعده.

(٢٠٩)

Page 202: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ثم إن بناء األصحاب على دفع النقوض في غير محله، نظير تعبيرهمعن المخصصات ب النقض (١) ضرورة أن هذه القاعدة الكلية أصالوعكسا - لو تمت - فسندها القواعد المشار إليها، فال بأس بااللتزام

بالتخصيص فيها.نعم، إذا كان المستند االجماع فقد يشكل ذلك، للزوم الخلف. مع أنه

ال منع من كشف العموم القانوني باالجماع والشهرة، القابل لذهابالمجمعين في مواضع معينة إلى خالفه، كما ال يخفى.

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٣ / السطر ٣١، حاشية المكاسب، السيد

اليزدي ١: ٩٤ و ٩٥.

(٢١٠)

Page 203: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تنبيهاتاألول: حول وجوب رد المقبوض بالعقد الفاسد (١)

يجب رد المقبوض بالعقد الفاسد فيما إذا كان مضمونا إلىصاحبه، لما سمعت: أنه يجري مجرى الغصب عند المحصلين (٢)

وعليه دعوى االتفاق (٣).ويستدل له بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): فإنه ال يحل دم امرئ مسلم وال ماله إال

بطيبة نفسه (٤).وقوله (عليه السالم): ال يجوز ألحد أن يتصرف في مال غيره إال بإذنه (٥).

وتوهم: أن االمساك ليس من التصرف (٦) لو تم، فإلغاء الخصوصيةوشهادة المناسبة بين الحكم والموضوع على األعمية يكفي. مع أن

نفي الحلية المالزم عرفا للممنوعية األعم من التكليف، يشمل مسألتنا.--------------------

١ لم يتعرض المصنف (قدس سره) لسائر التنبيهات بعنوان التنبيه، بل سردها تحت الفروعاآلتية، فتنبه.

٢ - تقدم في الصفحة ١٨٤.٣ - السرائر ٢: ٢٨٥، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ١١.

٤ - الكافي ٧: ٢٧٣ / ١٢، وسائل الشيعة ٢٩: ١٠، كتاب القصاص، أبواب القصاصفي النفس، الباب ١، الحديث ٣.

٥ - كمال الدين: ٥٢٠ / ٤٩، وسائل الشيعة ٩: ٥٤٠، كتاب الخمس، أبواب األنفال،الباب ٣، الحديث ٧.

٦ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ١٣.

(٢١١)

Page 204: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ولو قيل: بأن حرمة االمساك ال تستلزم وجوب الرد، لما تقرر فيبحث الضد، بل الرد ضد ثالث، ألن التخلية من أضداد االمساك (١).

قلنا: نعم، إال أن هذه المسألة ليست مرتبطة بذاك، ألن المطلوبيتم بفهم العرف والعقالء من وجوب الرد وعليه حرمة االمساك،

وألجله استدل (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذيل صحيحة زيد الشحام - بعد قوله(صلى الله عليه وآله وسلم):

أال من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها - بقوله: فإنهال يحل... ولو كان مبنى المسألة ما أشير إليه تعود الشبهة إلى

الرواية، كما ال يخفى.أقول: ال شبهة في حكم المسألة إذا كانت ماهية الرد أعم من

التخلية وااليصال، ولو كانت أخص فوجوبه ممنوع، ألن اقتضاءالمناسبة بين الحكم والموضوع ذلك، غير تام عرفا، ألجنبية التصرف

عن ذلك، خصوصا بعد عدم مساعدة فهم العقالء على إلزام الشرعالقابض بالرد، وال سيما في صورة الجهل، وخصوصا مع علم الدافع.

وصحيحة زيد الشحام ال تدل على وجوب الرد، ألن األمربالتأدية فيها ليس على إطالقه، ألنه يجب التأدية إذا طلبه المؤتمن،

وأما قبله فال، فعليه يعلم: أن الرواية في مقام الزجر عن الخيانةباألمانة، وأما أنه إذا طلبه فيجب عليه رده، فال ينافي عدم وجوب الرد

قبله المقصود في المقام، فتأمل تأمال تاما.وإن شئت قلت: إن هاهنا مسألتين:

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق الخراساني: ٣٣.

(٢١٢)

Page 205: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إحداهما: مسألة وجوب الرد فورا إلى المالك.ثانيتهما: مسألة وجوبه إذا طلبه.

والحكم في المسألة األولى عدم الوجوب، ألن نفي الحليةال يورث هذا الوجوب عرفا، وال عقال. وكون المال ممنوعا، يستلزم

ممنوعية جميع ما يضاف إليه، دون ما هو أجنبي عنه. ولو كان االمساكمحرما بهذه الرواية، يلزم ما ال يلتزم به أحد، وهو وجوب رد المال

المطروح في الدار إذا عرف صاحبه، وهكذا.نعم، يجب االطالع لئال يلزم ضياع المقبوض، وكي ال يقع في

الخسارة، بناء على حرمة االضرار في المقام، وضمان القابض للمنافعغير المستوفاة.

وأما حكم المسألة الثانية فيطلب من محاله، إال أن هذه الروايةقاصرة عن إثبات الوجوب فيما عدا الوديعة، كما هو الظاهر.

حول التفصيل في الوجوب بين العقود المعاوضية واإلذنيةثم إنه قد يتوهم التفصيل بين العقود المعاوضية - ومنها الهبة -

واإلذنية، فإن الرضا واإلذن في األولى ال يتعلق إال بعناوين المعاملة،وال يسري إلى موردها، بل ال يعقل ذلك، وفي الثانية يكون اإلذن في

التصرف من لوازم تلك العناوين، وإذا كانت هي باطلة فهو باق، ألنه أمرتكويني حاصل، وال يطرؤه البطالن، وال يتصف به (١).

--------------------١ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٣١٢.

(٢١٣)

Page 206: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأنت قد عرفت منا تفصيل المسألة في العقود المعاوضية، وأنكثيرا منها ال ضمان فيه وال حرمة (١).

نعم، في مواقف الضمان والحرمة ال يفرق بين الطائفتين، ألنهال يتعلق اإلذن إال بعنوان الوكالة وال تنشأ إال ماهية العارية ولو

بالكناية، ومن الكنايات األمر بالتصرف فيه بيعا، واإلذن في إجارةاألموال، فإنه عند العقالء كناية عن الوكالة، فإذا كانت باطلة فال إذن

منه.فما أوضحناه هناك يجري في العقود اإلذنية، ألن بناء العقالء

وأغراضهم على إدارة معاشهم والوصول إلى غايات أفعالهم، فإذا أذن فيالبيع فهو ال يريد إال مصلحة، فلو كان نفس اإلذن الضمني التقديري كافيا

فال بأس.ومما يشهد على كفايته: االستثناء الوارد في كالم المبدأ والمنتهى

من المعصومين - صلوات الله تعالى عليهم أجمعين - فإن قوله (صلى الله عليه وآلهوسلم): إال

بطيبة نفسه (٢) وقوله - عجل الله تعالى فرجه -: إال بإذنه (٣) شاهد علىأن المدار على اإلذن، من غير لزوم اتصافه بأحد العناوين المتعارفة،

صحيحة كانت، أو فاسدة.--------------------١ - تقدم في الصفحة ٧٨ - ٧٩.

٢ - تقدم في الصفحة ٦٨.

٣ - تقدم في الصفحة ٦٩.

(٢١٤)

Page 207: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وبناء على ما قويناه من قصور األدلة عن إيجاب الرد (١) - وهوالظاهر من بناء العقالء - يسقط البحث عن مسألة المؤونة، فإنها على

الدافع قطعا.نعم، ربما يجب الرد في بعض الصور، كما إذا أراد العالم بالفساد

تغرير الطرف، فإنه في نظر العرف غاصب، وعليه حينئذ المؤونة ولوكانت السلعة في البلد اآلخر، فافهم وتدبر.

الفرع الثامن: في ضمان المنافع المستوفاة بالعقد الفاسدإذا استوفى المتعامالن منافع المقبوض فاسدا قبل التخلية والرد،

فظاهر ما تقدم من السرائر (٢) ضمانها، لكونها مغصوبة، وال خالف فيه إالعن ابن حمزة في الوسيلة (٣).

ويدل عليه - مضافا إلى حكم العقالء، وقاعدة االتالف، بلوعلى اليد... على بعض التقاريب، ومثله قوله: ال يحل... -

بعض النصوص الخاصة الواردة فيمن اشترى جارية ببيع فاسد فوطأها،فإنه مضافا إلى أنه يجب عليه الرد، يجب عليه عشر قيمتها إذا كانت

بكرا، ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا (٤)، والواردة فيمن طلق قبل--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٢١٢.

٢ - تقدم في الصفحة ١٨٤.٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ١٩، الوسيلة: ٢٤٩ و ٢٥٥.٤ - قال الكليني في رواية أخرى: إن كانت بكرا فعشر ثمنها، وإن لم تكن بكرا

فنصف عشر ثمنها.الكافي ٥: ٢١٤ / ٣، وسائل الشيعة ١٨: ١٠٦، كتاب التجارة، أبواب أحكام

العيوب، الباب ٥، الحديث ٤.

(٢١٥)

Page 208: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الدخول (١)، بناء على شمول عنوان المسألة لمثل ذلك، والواردة فياألمة المسروقة التي مضى البحث حولها (٢).

وتوهم: أن هذه الروايات ال تدل على فتوى المشهور، غير تام، ألنالجهة المبحوث عنها أعم من كون الفساد من قبل فقد مالكية

المتعاملين، أو غيرها.كما أن كالم ابن حمزة ناظر إلى نفي الضمان مطلقا، سواء كان جعل

خراج المقبوض للطرف بإزاء ضمانه بالثمن للجاعل، أو لغيره كماال يخفى، ولذلك قال (رحمه الله): بنفي الضمان على االطالق، محتجا بأن الخراج

بالضمان (٣) أي غلة المبيع مثال للمشتري، ألجل أنه في ضمانه، ومنافعالمقبوض والمضمون للضامن، فإن من عليه الغرم فله الغنم من غير

--------------------١ - عن الحلبي عن أبي عبد لله (عليه السالم) في الرجل يطلق امرأته قبل أن يدخل بها، قال (عليه السالم):

عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا، وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها علىنحو ما يمتع به مثلها من النساء.

الكافي ٦: ١٠٦ / ٣، وسائل الشيعة ٢١: ٣٠٧، كتاب النكاح، أبواب المهور،الباب ٤٨، الحديث ٧ و ٨ و: ٣١٣ - ٣١٤، الباب ٥١، الحديث ١ و ٢ و ٣.

٢ - تقدم في الصفحة ١٩١ - ١٩٢.٣ - عوالي الآللي ١: ٢١٩ / ٨٩، سنن النسائي ٧: ٢٥٦، مسند أحمد ٦: ٤٩، سنن

ابن ماجة ٢: ٧٥٤ / ٢٢٤٣.

(٢١٦)

Page 209: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فرق بين العقود الصحيحة الجائزة أو ذات الخيار، أو الفاسدةالمضمونة، وقضية الجمع بين األدلة ضمان غلة المقبوض فاسدا،

ألخصية النصوص من المرسلة المعروفة قديما وحديثا.هذا مع أن انجبار المرسلة غير معلوم، ومفادها غير واضح، ولعلها

ظاهرة في أن الخراج ليس مضمونا إال بالتضمين، فتكون الغالت غيرمضمونة طبعا، لعدم مساعدة العرف على ضمان العين وأثرها، نعم ال منع

من شرط الضمان.وبالجملة: فقضية دليل االتالف ضمان تلك المنافع، أو لزوم تدارك مااستوفى من العين وانتفع بها، من غير اعتبار للمنافع ذاتا، وال ضمانا،

فال يمكن الخروج من بناء العقالء بإطالق رواية، وال سيما إذا كانت مثلها،كما ال يخفى.

بل قضية ما أفدناه في معنى المرسلة (١) - من عدم اختصاصهابالمقبوض فاسدا، بل هي في مقام جعل الخراج لضامن العين في كل مقام

ثبت ضمانه بدليل عام أو خاص - كون قاعدة نفي الضرر حاكمة عليها. إالأن يقال: بأنها مبنية على الضرر، فتأمل.

الفرع التاسع: في ضمان المنافع غير المستوفاةالمشهور في المنافع غير المستوفاة الضمان (٢)، وقيل

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٥٣.

٢ - السرائر ٢: ٢٨٥، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ / السطر ٣١.

(٢١٧)

Page 210: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بعدمه (١)، واختار جماعة التفصيل بين علم الدافع وجهله (٢).واألستاذ الوالد قال بعدم ضمان العالم، إذا كان طرفه الجاهل

المبالي بالديانة الذي لو يتوجه ال يقدم على العقد الفاسد (٣)، وقداستفاد العالم من جهله، فالتفصيل األول بال وجه، الستواء حاله في

صورتي العلم والجهل بالنسبة إلى االقدام على العقد.وقيل بالضمان إال في عمل الحر، فلو استأجره واستوفى منافعه، فهو

ضامنها إذا تبين فساد العقد، بخالف ما لم يستوف (٤)، ألنه ال يعد ما فوتهعليه ماال، وال نفسه مأخوذة.

ودعوى: أن الفرض األخير خارج من عنوان البحث، مسموعة ألنمالكه أعم، ضرورة شمول الجهة المبحوث عنها لما لو امتنع المشتري

من القبض، ثم بعد مضي مدة تبين فساد العقد، فإن قاعدة االتالف - بمالكواحد - تجري قبل القبض وبعده.

والذي يظهر ما هو األشهر، لما تقرر عندي من أن قاعدة اليد ال تفيدإال ضمان الخسارة المتوجهة إلى العين، دون نفسها، فإن موضوع األخذهي العين، واعتبار الضمان بلحاظ ما يتوجه إليها من االخالل بوصفها، أو

كونها دارة على ذي اليد باالستيفاء، أو كانت ممنوعة عن الدر على--------------------

١ - إيضاح الفوائد ٢: ١٦٧، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٥ / السطر ٩.٢ - الحظ مسالك األفهام ١: ١٣٤ / السطر ٦، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٤ /

السطر ٩.٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٣٢٣.

٤ - الغصب، المحقق الرشتي: ١٩ / السطر ٢٣ و: ١١٢ / السطر ٢.

(٢١٨)

Page 211: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

صاحبها، فإنه في جميع الصور هو ضامن، وعليه التدارك، فتأمل.وهذا هو حكم العقالء، وال رادع عنه، وتوهم أن مرسلة العوالي

المشهورة في كتب العامة وصحاحهم: الخراج بالضمان (١) تكفي للردع،لألولوية القطعية فيما نحن فيه، فاسد، بل اشتهاره عندهم، وعدم نقلها في

مجامعنا، يشهد على فسادها، فافهم.وقضية حكم العقالء أعم من العين، والحر قبل القبض وبعده،

ولعل منشأ حكمهم أنهم يرون فوات ماله، وعمله، وتضرره، وعدم البلوغإلى مقصوده، وغير ذلك من ذي اليد والمستأجر، من غير النظر إلى

صحة العقد وفساده.وأما قاعدة االتالف، واالحترام، ونفي الضرر، وبعض الروايات،

فهي ال تفي - على فرض تماميتها - بتمام المقصود، كما ال يخفى.بل قاعدة اليد أيضا غير وافية بما قبل القبض، بل وبعمل الحر إالفي بعض األحيان. مع ضعف سندها على ما عرفت تفصيله (٢).

فبالجملة: قصور هذه القواعد عن التضمين في هذه الصورة،ال ينافي الضمان، ألنه حكم العقالء غير المردوع.

بل يمكن دعوى: أن نفس التسليط غير المجاني، من موجباتالضمان، وهذا هو مفاد قاعدة االقدام التي عرفت تماميتها عندنا للضمان

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٤٩.

٢ - تقدم في الصفحة ١٨٦ - ١٨٧.

(٢١٩)

Page 212: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

في المقبوض فاسدا مطلقا (١).ثم إن المقصود من منافع العين وما يمكن استيفاؤه ما كانت العين

معدة له ومتعارفا فيها وال يجوز أن يرجع صاحب العين إلى ذي اليدبتقدير المنافع، أو اتفاق استئجارها بأجرة غير متعارفة، ولذلك ال يبعد

القول بعدم ضمان منافع الدابة المغصوبة المقدرة فيما لم تكن إاللالستعمال في الحرب والدفاع، فتأمل جيدا.

الفرع العاشر: في ضمان المثلي والقيميإذا استقر الضمان، فهل يجب على الضامن إفراغ ذمته بوجه

مخصوص، فيلزم المماثلة بين الفائت والمدفوع، أو دفع القيمة فيماكان من القيميات؟

أو يتعين عليه المثل مطلقا، إال إذا قام الدليل على خالفه منإجماع أو غيره من القواعد، أو العكس؟

أو ال يجب عليه خصوصية زائدة على أصل االفراغ؟أو يكون المالك بالخيار فيتبع رأيه؟

أو المسألة تختلف حسب األمصار واألعصار، وباختالفالمتعارف، أو حسب األفراد واألشخاص، وباختالف األغراض، فلو تلف

المثلي من التاجر يتعين القيمة، والقيمي من الراغب إلى العين يتعين--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٢٠٤.

(٢٢٠)

Page 213: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المثل، أو غير ذلك؟وجوه وأقوال.

والذي هو التحقيق بعدما كان المراد من القيمة هي النقدالرائج، ال المالية السارية: تخيير الضامن، وال أساس لما اشتهر من

تعيين المثل في أجناس، والقيمة في أخرى، وال لما قيل من اعتبار المثلأو العكس، وهكذا سائر المحتمالت، ألن مبنى الضمانات على

المرتكزات العرفية بعد إمضاء الشرع إياها، من غير بيان طريق خاصفيها، ومقتضاها ما اخترناه بال ريب، ضرورة أن األنظار الشخصية

واألغراض الخاصة، ليست معتبرة.نعم، لو اتفق تلف العين المرغوب فيها في قرية وهي ليست فيها،

فإنه ربما يتعين عند العقالء رد المثل حتى في القيميات، ولكنه غير تام.نعم، ال بد من تدارك الخسارة من جهة الحمل إليها أيضا، ألنها

تزداد قيمتها السوقية، أو تحتاج إلى مؤونة زائدة على أصل القيمة،وهي على الضامن، وسيأتي بعض الكالم فيه إن شاء الله تعالى.ثم إن المآثير المتشتتة في األبواب المتفرقة (١)، تشهد على أن

--------------------١ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السالم) رجل دفع إلى

رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه إذا خالف أمرهوأخرجها عن ملكه؟ فوقع (عليه السالم): هو ضامن لها إن شاء الله.

وسائل الشيعة ١٩: ٨١، كتاب الوديعة، الباب ٥، الحديث ١.عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السالم): ال تضمن العارية إال أن يكون قد

اشترط فيها ضمان، إال الدنانير فإنها مضمونة وإن لم يشترط فيها ضمانا.وسائل الشيعة ١٩: ٩٦، كتاب العارية، الباب ٣، الحديث ١.

إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله أو أبي إبراهيم (عليهما السالم) قال: العارية ليس علىمستعيرها ضمان، إال ما كان من ذهب أو فضة فإنهما مضمونان اشترطا أو لم يشترطا.

وسائل الشيعة ١٩: ٩٧، كتاب العارية، الباب ٣، الحديث ٤.علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عليه السالم) قال: سألته عن رجل استأجر دابة

فأعطاها غيره فنفقت، ما عليه؟ قال: إن كان شرط أن ال يركبها غيره فهو ضامنلها، وإن لم يسم فليس عليه شئ.

وسائل الشيعة ١٩: ١١٨، كتاب اإلجارة، الباب ١٦، الحديث ١،عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه (عليهم السالم) أنه أتي بحمال كانت عليه

قارورة عظيمة فيها دهن فكسرها فضمنها إياه، وكان يقول: كل عامل مشترك إذاأفسد فهو ضامن، فسألته ما المشترك؟

فقال: الذي يعمل لي ولك ولذا.وسائل الشيعة ١٩: ١٥٢، كتاب اإلجارة، الباب ٣٠، الحديث ١٣.

Page 214: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

(٢٢١)

Page 215: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المتلف والمتعدي وذا اليد، ضامن من غير زيادة، وفي طائفة منها مايتضمن القيمة زائدا على أصل الضمان (١)، ولكنها ال تدل على حصراالفراغ بها، ومقتضى الجمع بين النقل والعقل خيار الضامن، وما ذهب

إليه المشهور ضعيف جدا، لعدم مساعدة العقالء عليه، ولعدم العثورعلى نص في المسألة. وتوهم وجود النص غير الواصل في خصوص

المسألة، بعيد غايته.نعم، ربما يخطر بالبال دعوى أصالة المثلية، ألن مدار الوحدة

--------------------١ - كصحيحة أبي والد، اآلتية في الصفحة ٢٤٩.

(٢٢٢)

Page 216: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والتعدد في األشياء في هذه المراحل على العرف، وهو تابع الرغباتوالخواص واآلثار المطلوبة فيها، فلو اتفق مماثلة شئ لشئ في تلك

األمور التي هي منشأ ماليتها، فهو عين التالف، ألن الغيرية جاءت منقبل ما ال نظر لهم فيه.

ونظير ذلك المالية في األعراض والنقود، فإن مبنى الوحدةوالتعدد فيها على ما أشرنا إليه، دون التعدد الشخصي كما ال يخفى،

فعليه يتعين المثل، إال إذا قام الدليل على التخيير أو تعين القيمة.فرع: في حكم الشك في أن التالف قيمي أو مثلي

إذا شك في أن التالف قيمي أو مثلي، فعلى المختار فالمسألةواضحة، وعلى االحتمال األخير وغيره فالمرجع عندي هي البراءة، ألنه

يعلم إجماال إما بكون العين في ذمته، فيكون وجوب المثل والقيمةعقليا، أو المثل أو القيمة فيكون وجوبهما شرعيا.

وكل واحد منهما، كما يحتمل كونه واجبا تخييريا، يحتمل كونهواجبا تعيينيا، وحيث إن المقرر عندنا جريان األصول في جميع األطراف

وسقوطها، إال إذا لم يلزم منه المخالفة العملية مع العلم، فلو أدىالمثل مثال إلى المالك بالتمليك، فأثر العلم وإن كان باقيا، إال أنهباالقتضاء، ال العلية، فتجري أصالة البراءة في الطرف اآلخر، لعدم

استلزامها المخالفة مع العلم.ولعل وجه مختار المشهور في األموال - من عدم لزوم االحتياط،

(٢٢٣)

Page 217: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وعدم تنجيز العلم االجمالي - ذلك (١). وفي المسألة (إن قلت قلتات)تطلب من محالها (٢).

ال يقال: هذه المسألة من صغريات دوران األمر بين التعيينوالتخيير من جانبين (٣)، فيمكن إجراء البراءة من تلك الجهة أيضا، بناء

على ما هو مختار جمع فيها (٤).ألنا نقول: إدراجها في تلك المسألة، مبني على القول بوجوب

المحصالت العقلية شرعا، وإال فال علم بوجوب أحدهما على تقدير تعلقالعين في الذمة إال عقال، وحيث إن المبنى باطل فال يتم البناء، فتدبر.إن قلت: يمكن االحتياط في مقام األداء حتى على القول بعلية العلم

االجمالي للتنجيز من غير لزوم المحذور (٥)، ألنه إذا سلم المثل والقيمةمن غير تمليك إال لما هو حق المالك، فيلزم تزاحم الحقوق، لما عنده ملك

الضامن، ولكنه مجهول، فيرجع إلى القرعة، وهي في هذه المواقفمعمول بها، وال نحتاج إلى عمل األصحاب.

قلت: يلزم المحذور فيما كان التالف مرددا بين المثلي والقيمي،وكان المالك مرددا بين جماعة، فإنه في هذه الصورة يلزم الضرر،

فال يمكن االحتياط من الجانبين.--------------------

١ - الحظ العروة الوثقى ٢: ٣٨١، كتاب الخمس، المسألة ٣٠، الهامش.٢ - ثالث رسائل، دروس األعالم ونقدها: ٦٧ - ٧١ و ٨٣ - ٨٥.

٣ - الحظ حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٨٩ / السطر ٧.٤ - الحظ تحريرات في األصول ٨: ٢٤٥ وما بعدها.

٥ - الحظ حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٧ / السطر. ١٩ - ٢٠.

(٢٢٤)

Page 218: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تنبيه: في حكم ما لو استلزم أداء المثل ضررابناء على كون الضامن مخيرا، يسقط كثير من المباحث اآلتية، إال إذافرضنا تعذر المثل والقيمة، ولكنه مجرد فرض في عصرنا. وبعد قوة

احتمال أصالة المثلية، فال بأس باإلشارة إلى بعض المسائل:فمما وقع فيه كالم األعالم - قدست أسرارهم -: أنه في صورة

استلزام األداء بالمثل ضررا، هل يجب ذلك، أو ال يجب، أو يفصل؟والذي هو الظاهر من الشيخ األعظم هو األول (١)، واختار

جماعة التفصيل بين ما كان الضرر ألجل الزيادة السوقية فيجب،وما كان ألجل ابتالئه بالممتنع عن البيع فال يجب، لقاعدة نفي

الضرر (٢).ومن المحتمل قويا عدم الوجوب مطلقا، ألن األداء ليس من طبعه

الضرر حتى ال يشمله عموم القاعدة، ولو كان من طبعه ذلك فهي فياالختالفات اليسيرة غير جارية، ولكنها تنفي الضرر إذا يوجد المثل

باألضعاف الكثيرة ولو كانت متعارفة في عصر األداء.فبالجملة: يجب تحصيل المثل فيما يتعين أداؤه، إذا لم يستلزم الضرر

وال الحرج، من غير فرق بين الفرضين.إن قلت: إذا كان إمكان حصول المثل للضامن عقالئيا في الزمن

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٧ / السطر ١٢.٢ - الحظ منية الطالب ١: ١٣٩ / السطر ٢٣ - ٢٤.

(٢٢٥)

Page 219: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

القريب، فهو في حكم المعسر، فيمهل مثال، وإال فمن نفي الضرر يلزم ضررالمالك، إال إذا قيل بتعين قيمة يوم التلف والضمان.

قلت: تنفى الزيادة السوقية بالقاعدة، ويتعين عليه أداء قيمة يوماألداء، فال يلزم الضرر، وال يتعين اختيار القول المزبور، فلو وجد المثل

مع اختالف يسير - يتحمل عادة، وال يعد ضررا - يجب تحصيله.نعم، لو استلزم تحصيله وقوعه في الحرج، بأن يتنازل لمن عنده وإن

لم يكن فيه الضرر المالي أصال، ففي وجوبه بل جوازه إشكال، بل منع،وتفصيله يطلب من محاله (١).

وربما يمكن التفصيل بين العالم الملحق بالغاصب والجاهل،بدعوى انصراف دليل نفي الحرج عنه (٢)، كما قيل في قاعدة نفي الضرر.

هذا بناء على ما هو المعروف في القاعدتين.وأما على ما قويناه من عدم حكومتهما على األحكام العقالئيةاالمضائية، فيتعين الرد مطلقا، كما اختاره الشيخ األعظم (٣).

بحث: حول ضمان شخص التالفظاهر المشهور ضمان المثل أو القيمة.

وقيل: مقتضى األدلة في الضمانات عهدة العين وضمان شخص--------------------

١ - الحظ تحريرات في األصول ٨: ٢٩٨ - ٣٠٢.٢ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٨ / السطر ٢٨ - ٢٩.

٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٧ / السطر ١٢.

(٢٢٦)

Page 220: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التالف، واالنتقال إلى المثل والقيمة في المثلي والقيمي، أو تخييرالضامن مطلقا، بحكم العقل، وهذا هو الظاهر من قواعد الضمان

والنصوص الخاصة (١).أقول: وتوهم تنافيه مع ما ورد في األدلة في كتاب الديات (٢)

واإلجارة (٣) والعارية (٤) واللقطة (٥) - من ظهوره في تضمين القيمة ---------------------

١ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٦ / السطر ٢٥.٢ - الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجال

فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف؟ فقال: صاحب البختي ضامن للديةويقتص ثمن بختيه.

الكافي ٧: ٣٥١ / ٣، وسائل الشيعة ٢٩: ٢٥٠، كتاب الديات، أبواب موجباتالضمان، الباب ١٤، الحديث ١.

علي بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السالم) قال: سألته عن بختيمغتلم قتل رجال فقام أخو المقتول فعقر البختي وقتله، ما حاله؟ قال: على صاحب

البختي دية المقتول ولصاحب البختي ثمنه على الذي عقر بختيه.وسائل الشيعة ٢٩: ٢٥١، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان، الباب ١٤،

الحديث ٤.٣ - وسائل الشيعة ١٩: ١١٨، كتاب اإلجارة، الباب ١٦، الحديث ١، و: ١١٩،

الباب ١٧، الحديث ١، و ١٥٢، الباب ٣٠، الحديث ١٣.٤ - وسائل الشيعة ١٩: ٩٦ - ٩٧، كتاب العارية، الباب ٣، الحديث ١ و ٢ و ٣.

٥ - محمد بن علي بن الحسين، قال: وقال الصادق (عليه السالم): أفضل ما يستعمله االنسان فياللقطة إذا وجدها أن ال يأخذها، وال يتعرض لها، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه

لجاء صاحبه فأخذه، وإن كانت اللقطة دون درهم فهي لك فال تعرفها، فإن وجدتفي الحرم دينارا مطلسا فهو لك، ال تعرفه، وإن وجدت طعاما في مفازة فقومه علىنفسك لصاحبه ثم كله، فإن جاء صاحبه فرد عليه القيمة، فإن وجدت لقطة في دار،

وكانت عامرة فهي ألهلها، وإن كانت خرابا فهي لمن وجدها.السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السالم): أن أمير المؤمنين (عليه السالم) سئل عن سفرة وجدت في

الطريقة مطروحة، كثير لحمها، وخبزها، وجبنها، وبيضها، وفيها سكين، فقالأمير المؤمنين (عليه السالم): يقوم ما فيها، ثم يؤكل، ألنه يفسد، وليس له بقائه، فإن جاء طالبها

غرموا له الثمن، فقيل: يا أمير المؤمنين ال يدري سفرة مسلم، أو سفرة مجوسي، فقال:هم في سعة حتى يعلموا.

وسائل الشيعة ٢٥: ٤٤٣، كتاب اللقطة، الباب ٢، الحديث ٩، و: ٤٦٨، الباب ٢٣،الحديث ١.

(٢٢٧)

Page 221: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

غير تام، ألنها ناظرة إلى مقام األداء، دون الجعل والضمان، وقد عرفتإمكان تصوير ذلك في مباحث قاعدة اليد (١)، ولكن األدلة غير ظاهرة في

هذا االعتبار، وغير وافية به.نعم، دعوى: أنه مساعد ببناء العقالء على كفاية رد العين بإيجادها

وإعادتها، على تقدير إمكانها بعدما تلفت، قريبة، فإن المالك ال يرى إالماله الشخصي التالف، وال يقول وال يدعي إال إياه، وينادي بأعلى

صوته: إني أريد فرسي، ال غير وعندئذ يلزم أصالة المثلية، إال فيما قاماالجماع أو النص الخاص على كفاية القيمة.

وبعبارة أخرى: مقتضى هذا المبنى المؤيد ببناء العقالء، هو الذيأشرنا إليه تحرير األصالة المثلية: بأن المثل المساوي من جميع

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٨٨ - ١٨٩.

(٢٢٨)

Page 222: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الجهات المرغوب فيها، هي العين التالفة المعادة، النطباق جميعاألغراض والخواص واآلثار عليها، والقائل ال يلتزم بهذا.

ولي شبهة في تمامية بناء العقالء على اعتبار ضمان شخصالتالف، ولو تمت هذه فال منع من االلتزام بذاك، وعندئذ يكون األقوى

أصالة المثلية، ثم أصالة التخيير بين ما هو األقرب والقيمة.الفرع الحادي عشر: في حكم تعذر المثل في الجملة

لو تعذر المثل في الجملة، يجب رد القيمة على المختار عندالمطالبة، وال يجوز االمتناع من قبولها إذا أداها الضامن، والوجه

واضح.وعلى القول بأصالة المثلية فهل يجب ردها، أم ال عند

المطالبة؟ فيه وجهان بل قوالن:ال يبعد الثاني، ألن الحق والضمان ال يتجاوز من موضوعه - وهو

المثل - إلى األمر اآلخر إال بدليل، وهو في حال التعذر غير ناهض،خصوصا إذا علم بوجدان المثل بعد برهة من الزمان.

وتوهم: أن التعذر حال المطالبة في حكم التعسر فاسد.وما قد يقال: من أن المالك يتمكن من اسقاط خصوصية المثلية،

دون المالية (١)، ال يرجع إلى محصل، ألنه في حكم الهبة فيحتاج إلى--------------------

١ - الحظ منية الطالب ١: ١٤١ / السطر ٨ - ٩.

(٢٢٩)

Page 223: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

القبول، ولو كان إبراء فهو غير معتبر، لعدم مساعدة العرف على إبراء ما المالية له. بل ال يعتبر ضمان الخصوصية إال مع المالية، فسقوطها

يستلزم سقوطها. مع أنه حينئذ يستلزم جواز االبراء حال التيسر أيضا.بل مقتضى القول بكون العين في الذمة حال وجودها، تمكن

المالك من االنتقال إلى القيمة، وهو كما ترى.نعم، يمكن دعوى بناء العقالء على التوسع في باب الضمانات،

خصوصا مع قدرة الضامن على أداء القيمة، وال سيما وأن الصبر إلىالظفر بالمثل واشترائه، أو البدار برد القيمة إلى المالك، مستويان في

نظر الضامن، فتأمل.ثم إنه لو بادر إلى ردها، فهل للمالك االمتناع؟

نعم، ألن القيمة في مفروض البحث أجنبية عن المضمون. وهذاال شبهة فيه إذا لم يستلزم الضرر، بأن تزداد قيمة المثل.

وأما لو كان أداء المثل حال التيسر، مستلزما الشترائه بأضعافالقيمة حال التعذر، فهل يمنع من االمتناع، ألن تجويزه ضرري في هذه

الصورة، أو ال، ألنه ال ضرر فعال، وال حكومة للقاعدة على رفع الضرر فيمثل المقام؟ وجهان.

والذي تقرر عندنا قويا عدم حكومة قاعدة الحرج على األحكامالعقالئية الممضاة، والتفصيل يطلب من رسالتنا الموضوعة فيها (١).

--------------------١ - رسالة المؤلف (قدس سره) في قاعدتي نفي الضرر والحرج التي كتبها في بورسا مفقودة.

(٢٣٠)

Page 224: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الفرع الثاني عشر: حول تعين القيمة عند تعذر المثل في المثليلو تعذر المثل بحيث ال يرجى عوده، فظاهر جماعة تعين القيمة (١)،

لما نعلم من الشريعة أنها ال ترضى بسقوط دينه، الستلزامه الظلموالضرر. والبحث عن بقاء الدين في ذمته، وعدم سقوطه عند التعذرعن أدائه، ال يرفع هذه الغائلة في مفروض المسألة، كما ال يخفى.

وفيه: أن مجرد االستبعاد ال يفي، بعد كون الذمة مشغولة بالمثلالقابل لألداء، والتعذر والتعسر ال يورثان االنقالب، وال يوجبان األداء

بوجه آخر. وهذا نظير المستثنيات في باب الدين، فمجرد إمكان األداءولو باألجنبي غير كاف. ولو تم االنقالب لكان يجب رد القيمة ولو اتفق

المثل.وتوهم: أنه من صور انكشاف عدم التعذر، فاسد، ضرورة أن الدائن

بعد أخذ القيمة يسقط دينه، وال يجوز له ردها بدعوى المثل الموجود،فيعلم أنه أمر واقعي.

ودعوى بناء العقالء على أداء القيمة، مسموعة إن راجعت إلى مااخترناه من أصالة التخيير بدوا (٢)، وإال فلو كان بناؤهم في المثليات على

المثل، فهو معناه أنه مع فقد المثل يكون الضامن كخالي الكف، فينظرإلى ميسرة. وحديث إبراء المديون الدائن عن المثلية دون المالية،

--------------------١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٧ / السطر ١٦.

٢ - تقدم في الصفحة ٢٢١ - ٢٢٢.

(٢٣١)

Page 225: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قد مضى فساده (١).هذا كله على مذهب المشهور.

وأما على القول بأصالة تخيير الضامن، فعليه القيمة، ألنهاإحدى فردي الواجب التخييري.

وعلى القول بأصالة المثلية فيشكل، من أن المضمون هو المثل،فال وجه اليجاب القيمة، ومن أن أداء المثل هو أداء العين، لما تقرر أن

الوحدة في باب الضمانات، تدور مدار االختالف فيما يعتبر مضمونا، الاألمور الواقعية التي ال مالية لها (٢)، فإذا وجد المثل فكأنه هو عين

المال، وال سيما فيما كانت متحدة في جميع الجهات، كالمصنوعاتبالمكائن العصرية.

ومما يشهد عليه: أنه ال يبالي العقالء بعينهم الشخصية معوجودها، ومن ادعاها ال يعدونه منهم، لعدم األثر لها، فعليه يقال بأصالة

القيمة، ألنها هي التي بحذائها، فيتعين عليه ردها، ألنه هو معنىالضمان عند التلف، فكأنه مع بقاء األمثال ليست العين تالفة.

نعم، إذا لم يكن المثل مماثال في جميع الجهات المرغوب فيها، يلزمتعذره عن رد العين برد مثلها، فحينئذ يجب رد المماثل القاصر عن

القيمة المتدارك بها قصوره، أو تجب القيمة، أو ال يجب شئ، أو يجبمن غير لزوم التدارك؟

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٢٩ - ٢٣٠.٢ - تقدم في الصفحة ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٢٣٢)

Page 226: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قضية ما سلكناه هو الوجه الثالث، وحكم العقالء بلزوم التفريغليس إال لما اخترناه من أصالة التخيير (١)، وإذا لم يوجد المماثل المتحد

مع العين فيما يرغب فيه، تتعين القيمة، كما أشير إليه آنفا.الفرع الثالث عشر: في تحديد قيمة المثلي المتعذر وأنها قيمة يوم

الغصب أم ال؟إذا لم يتمكن من رد المثل، وقلنا بلزوم القيمة، فهل تجب قيمة يوم

القبض والغصب، أو قيمة يوم التلف، أم قيمة يوم التعذر، أو يومالمطالبة، أم يوم الدفع، أو أعلى القيم من اليوم األول إلى اآلخر، أو

الثاني إليه، أو إلى ما قبله، أو غير ذلك؟وجوه وأقوال:

فمقتضى أن المثل في العهدة من غير انقالب، لزوم قيمة يوم الدفع.هذا فيما هو المفروض في هذه المسألة، وهو عدم طرو موجبات

اختالف القيمة على العين قبل تلفها، فإنه يأتي البحث عنه في محلهمن ذي قبل إن شاء الله تعالى (٢)، فما يرى من لحاظ حال العين في

كلماتهم، ال يخلو من إشكال.كما أن لحاظ اختالف القيم في المثل الذي هو الكلي (٣)، مما

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٢١ - ٢٢٢.٢ - يأتي في الصفحة ٢٤٦ - ٢٤٧.

٣ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ١٠٠ / السطر ١٨.

(٢٣٣)

Page 227: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال محصل له عندي، فإن ما يستفاد من األدلة في باب الضمانات، أناختالف القيم واألخذ بأعالها مع وجود العين، مما هو متعين، ولكن فرض

العين خارجا أو المثل كذا ال يوجب الضمان، فاالعواز وعدمه ال يورثانشيئا في الضمان هنا، فليتدبر.

وما أفاده الشيخ األعظم (قدس سره): من أن مقتضى اآلية (١) والمتبادر منإطالقات الضمانات، هو وجوب الرجوع إلى أقرب األموال إلى

التالف بعد تعذر المثل، وعليه يتوجه القول بصيرورة التالف قيميابمجرد تعذر المثل، إذ ال فرق في تعذر المثل بين تحققه ابتداء، كما في

القيميات، وبين طروه بعد التمكن، كما فيما نحن فيه (٢) انتهى، غير قابلللتصديق، ألن قيمة الشئ ليست إال مباينة له، وال يعد ردها وفاء به عند

أحد من العقالء، ومجرد االستيفاء واالتحاد في األثر البعيد، ال يكفي لكونالشئ المباين قريبا.

هذا مع أن اآلية على ما تقرر، أجنبية عن هذه المسائل (٣)، وإطالقاتالضمانات عقالئية، وقد فرغنا عن مقتضاها، وهو تخيير الضامن من أول األمر، وال

يمكن االلتزام بعدم الفرق بين التعذرين، فإنه لو وجد مثلالفرس، فإنه ال يتعين، ولو وجد فرضا مثل الحنطة التالفة يتعين، فكيف

يسلب الفرق بينهما؟! فالحظ وتدبر.--------------------

١ - (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) البقرة (٢): ١٩٤.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٧ / السطر ٢٨.

٣ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٣٢٥ - ٣٢٧.

(٢٣٤)

Page 228: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بقي أمور:أحدها: في أن المراد هو التعذر العقلي أو العرفي أو ما ال يوجب الضرر

والحرجهل المدار في التعذر الموجب لتعين القيمة على التعذر العقلي،

أو العرفي، أو ال هذا وال ذاك، بل المدار على ما ال يورث الضرر والحرجوإن كان غير متعذر عقال، ومتعذرا عرفا؟

وحيث لم يرد نص في المسألة في خصوص مفهوم التعذر وال مايقرب منه ك (عدم القدرة ونحوه، فال بد من المراجعة إلى االطالقاتوالعمومات، وقد تقرر منا: أن ثبوت السلطنة للمالك إلى حد االفراط

ممنوع، وال دليل عليه شرعا، وال عرفا، وال سند لقاعدة السلطنة الدارجةفي ألسن المتأخرين، فلو كان المثل في البالد النائية، ويتمكن الضامنمن استيراده بصرف المال الكثير فيه، ال يجب عليه وإن لم يكن ضررشخصي في حقه، وذلك العتبار األمر النوعي في الضرر. بل لقصور

الدليل عن إثبات السلطنة المطلقة، وهكذا في ناحية الحرج.ثم إنه لو فرضنا لزوم الرد شرعا وعقال، فإن كان في االستيراد حرج،

فكونه منفيا محل إشكال عندي، ألن األحكام العقالئية الممضاة، ليستمن المجعوالت اإللهية حتى تكون القاعدة حاكمة عليها.

وإن كان فيه ضرر، فمقتضى ما تحرر منا تقدم قاعدته على مطلق

(٢٣٥)

Page 229: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األحكام، وكما هي قاعدة نافية تكون ناهية (١)، فتبصر.ثانيها: حول ضمان الصفات غير المتمولة أو االنتزاعية

قد عرفت وجوب رد المقبوض إلى مالكه، وأنه ضامن الخسارةالمتوجهة إليه من نقصان صفة تكون من األمور المتمولة، وأما ما

ال تتمول، أو ال تكون من صفات المقبوض إال باالنتزاع أو االعتبار، فهل هيأيضا مضمونة، بمعنى أن المالك يجوز له االمتناع عن قبول عين ماله

بدعوى المماثل له من جميع الجهات، أم ال؟الظاهر أن األوصاف المغفول عنها التي ال تختلف األعيان بها في

الرغبات، ليست مضمونة، وال سلطنة للمالك عليها حتى تصح دعواها.وأما األوصاف االنتزاعية، مثل كونها في الشتاء، أو الصيف، أو في

بلد كذا وكذا، فهي - بعدما تكون معتبرة في األمالك، وموجبة الختالفالقيميات - مضمونة، فله دعوى الصفة، وليس الضامن بالخيار بين ردالموصوف، ورد العين وقيمة الصفة، ألنه عين ماله موجود عنده، فإذاطلبها فعليه التخلية، وتدارك الخسارة. وهكذا يجوز له إجبار القابض

على تحويل العين إلى البلد المذكور. هذا إذا أدى العين ناقصة.وأما لو أداها متصفة باألوصاف حين أخذها، فهل األوصاف

الموجبة لرقاء القيمة تكون مضمونة، أم ال؟ وجهان:من أنه رد عين ماله بجميع أوصافها المقبوضة.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٠٢.

(٢٣٦)

Page 230: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ومن أن كل ما يرد عليها مضمون بتبع العين، فعليه تداركه. مع قصوربناء العقالء عن تعيين الضمان في هذه الصورة، وهكذا األدلة

االجتهادية.ويمكن التفصيل بين األوصاف القهرية الحاصلة للعين، وما

اتصفت به بتدبير القابض، ثم زالتا حين رد العين، فيقال بالضمان فياألول، وعليه تفاوت القيمة، دون الثاني، ألنه من عمله، فيرجع إليه.

والذي يظهر لي بعدما عرفت من قصور دليل ضمان اليد سندا (١)، عدمالضمان، وإال يتعين الضمان، إال أن يدعى انصرافه عن التضمين في بعض

الفروض المشار إليها.وأما األوصاف االعتبارية، مثل عزة الوجود وقلته، وكثرة الوجود

وشياعه، الموجب الختالف القيمة لتفاوت الرغبات، فإن المعروضفي األسواق إذا كان أكثر مما يحتاج إليه الناس، ويقتضيه طلبهم، تتنازل

القيم، وفي عكسه تتراقى، فالظاهر عدم الضمان في التفاوت اليسير.نعم، إذا بلغت قيمته إلى حد صدق التلف فإن كان ساقطا من

القيمة فال يعتبر الملكية والمال، فال يحق إال المثل أو القيمة، والكالمفيه ما مضى ويأتي. وبقاء حق االختصاص أو حدوثه على المشربين في

محله، ال يورث وجها في مسألتنا هذه.وتوهم: أن مفاد قاعدة على اليد... رد المقبوض والمأخوذ (٢)،

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٨٦ - ١٨٧.

٢ - الحظ حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٩ / السطر ٢٥، حاشية المكاسب،المحقق األصفهاني ١: ٩٧ / السطر ١٨.

(٢٣٧)

Page 231: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فاسد، ألنها في مقام اعتبار ضمان ما يوجبه، وهو المقبوض المعدود مناألموال، أو ما تعلق به الحقوق، ال الذات العارية عن هذه الجهة.

وإن لم يكن ساقطا إال في الجملة، ففي كفاية رد العين، أو لزوم ردما به التفاوت، وجهان:

من إطالق القاعدة.ومن أنها في مقام تضمين األوصاف إلى أن ترد العين، وتلك

األوصاف أعم من الحقيقية واالعتبارية، بعدما كانت معتبرة في األسواق،وملحوظة في المبادالت.

ثالثها: في تعيين زمان المماثلة بين المدفوع والمقبوضفيما يجب المثل تعيينا أو تخييرا، فهل يجب المماثلة بين

المدفوع والمقبوض حال التلف، أو حال القبض، أو الحال التياتصفت بها العين، وصارت أغلى وأقوم، أم ال، بل الضامن بالخيار؟

وعلى الثاني، فهل يجب تدارك ما به االختالف في القيمة بالنقد،أم يجوز له االكتفاء برد مطلق المثل؟

مثال: إذا قبض بالفاسد صغير الشاة، وقلنا: بأنها مثلية، ألصالتها، أوللتخيير، كما مضى (١)، ثم بعدما كبرت تلفت، فهل عليه رد شاة شابة، أو

يجوز له االقتصار على رد الصغيرة أو الكبيرة؟--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٢٢١ - ٢٢٣.

(٢٣٨)

Page 232: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أما الكالم على الفرض الثاني، فقد مضى تفصيله آنفا.وأما في الفرض األول، فمقتضى إطالق اآلية (١) كفاية مطلق

المماثلة.ومقتضى انصراف المماثلة في باب الغرامات إلى المشاركة في

جميع ما تختلف به العين في القيمة، وأن ما ينمو في العين يكونللمالك، ويصير مضمونا، لزوم التماثل بين المدفوع والمضمون بجميع

شؤونه.ال شبهة في الثاني بحسب نظر العرف المتبع في المقام.

نعم، إذا رجعت العين إلى الحالة األولى، وهي حال القبض، ثمتلفت، فكونه مماثال للحال المتوسطة التي تصاعدت القيمة، محل

إشكال، لقصور بنائهم، ولعدم الدليل على الضمان إال قاعدة اليد التي قدعرفت حالها (٢).

رابعها: في مقتضى األصول العملية بالنسبة للمسائل السابقةأي قضية األصول العملية إذا كانت األدلة في المسائل السابقة

قاصرة عن إفادة الحكم وإبانة الوظيفة:فلو شك في المضمون بعد القبض، هل هو نفس العين، أو المثل، أو

القيمة، أو المثل في المثلي، والقيمة في القيمي، أو المالية--------------------

١ - البقرة (٢): ١٩٤.٢ - تقدم في الصفحة ١٨٦ - ١٨٨.

(٢٣٩)

Page 233: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

السارية؟ فالقدر المتيقن هي األخيرة، ألنها المتحدة مع الكل،والخصوصية الزائدة منفية بالبراءة.

وإذا علمنا: بأن المالية السارية ليست مضمونة قطعا، واألمريدور مدار غيرها من المحتمالت، فقد يقال باالحتياط (١)، وقد عرفت

البحث حوله سابقا وحول المختار (٢)، فال نعيده.وإذا شك في أن في حال التعذر ينقلب الذمة، أو يجب إفراغها بماهو األقرب إليه، وهي القيمة، وعند عدمها المالية السارية، فمقتضى

االستصحاب اشتغال الذمة وعدم االنقالب.وإذا شك في سقوطه بالقيمة حال التعذر، فال يجب إذا وجد المثل

مثال، أم ال فيجب، فالثاني متعين، عمال باألصل.ودعوى: أن المثل ليس موضوعا في األدلة حتى يفيد االستصحاب،بل هو العنوان المشير إلى المضمون (٣)، في محلها، إال أن النتيجةواحدة، ضرورة أن ما في الذمة باق تعبدا حتى يقوم المديون بجميع

ما يحتمل كونه دخيال في إسقاطه.ولو شك في بقاء اشتغال ذمته بالعين أو المثل، ألنه حين التلف

كان صغيرا، ويحتمل سقوط ذمته عند عدم التكليف، فقيل بوجوب المثلأو القيمة، ألن قضية االستصحاب لزوم االفراغ، والعقل حاكم بوجوب كل

--------------------١ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ٩٧ / السطر ١٧.

٢ - تقدم في الصفحة ٢٢٠ - ٢٢٣.٣ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٣٩٣.

(٢٤٠)

Page 234: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ما هو دخيل في براءة ذمته.وقد يشكل: بأن التعبد ببقاء العين والمثل، ال يورث االشتغال

بالمؤدى األجنبي إال باألصل المثبت (١)، وحكم العقالء بوجوب المثلعند تلف العين، والقيمة عند تعذر المثل، ليس من اآلثار المترتبة علىالموضوع المتعبد به، ألنه مردد بين كونه بنحو القضية الشرطية، أو

بنحو جعل السببية، فعلى األول يتم المطلوب، دون الثاني، ضرورة أنهلو وصل من الشرع إذا تلفت العين يجب المثل، أو تعذر المثل تجبالقيمة فاألصل الجاري يورث وجوب رد العين لو رجعت فرضا خرقا

للعادة، وهكذا وجوب رد المثل.وإذا كان الواصل ولو بنحو االمضاء أن تلف العين سبب لعهدة

المثل وهكذا، فإن التعبد المذكور ال يورث ترتب المسبب شرعا، بل هومن اآلثار العقلية، ألنه إذا وجدت العلة يوجد المعلول قطعا، فليتدبر.

وتوهم: أنه مثل وجوب اإلطاعة من اآلثار العقلية واللوازمالمترتبة، وإال يلزم لغوية جعل الحكم الظاهري طبق األصول العملية،

فاسد، بداهة أن وجوب اإلطاعة ليس مباينا للمتعبد به، بخالف وجوبالمثل، فإنه غير ما تعبد به بمقتضى االستصحاب.

نعم، إذا اقتضى األصل وجوب رد العين، فعليه ردها عقال، وأما ردمثلها وقيمتها فهو يحتاج إلى الدليل االجتهادي.

وبالجملة: فاستصحاب بقاء العين والمثل، ال ينتج شيئا إال وجوب رد--------------------

١ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ٩٧ / السطر ٣٠ - ٣١.

(٢٤١)

Page 235: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العين والمثل، فإذا تمكن فهو، وإال فال شئ عليه.ولو شك في أن المدار على أي يوم من األيام في الضمان إذا تعذر؟

فعلى القول بانقالب التالف إلى القيمة وهكذا المتعذر، فاألقل متعين،ألنه القدر المتيقن.

وأما على القول ببقاء العين في الصورة األولى، والمثل فيالثانية في الذمة، فعليه ردهما. وإذا لم يكن متمكنا، فإن كان رد القيمة

أداء قهريا، فباألكثر تفرغ الذمة، وعليه يتعين االحتياط.وأما لو كان ردها ليس من األداء عرفا، فال بد من المراضاة، وعليه

يمكن للمالك بيع ما في ذمة المديون بأكثر من القيم المحتملة، حسباأليام المختلفة المذكورة سابقا، فالحظ وتدبر جيدا.

فرع: في حكم عود العين التالفة بعد أداء المثلإذا أدى المثل، ثم عادت العين خرقا للعادة، فالمعروف رجوعها

في ملك صاحبها، وله دعواها، وللضامن استرداد المثل بردها.وقد يشكل: بأن المفروض أداء جميع ما هو المشترك مع العين في

الرغبات.وبعبارة أخرى: هو قد أدى العين، لما مضى أن وحدة العين في باب

الضمانات، ليست وحدة شخصية، بل هي سنخية، مع أن مالكية الهويةالشخصية غير معتبرة عند العقالء (١)، نعم هي بضميمة الموجبات

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٢٤٢)

Page 236: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

للرغبات تعتبر تبعا، وعندئذ ال وجه لما اختاره األكثر، فأداء المثل أداءالعين في هذه المواقف، بحكم الوجدان.

نعم، إذا بقي اعتبار إضافة، كحق االختصاص، أو الملكية، كما فيالشاة المذكاة، فإنه حينئذ يعتبر عودها في ملكه، ويترتب عليه آثاره

المزبورة.وإذا أدى القيمة عند تعذر المثل، ثم وجد المثل، بناء على أن يراد

من التعذر ما ال يكشف خالفه بوجدان المثل، فهل يعود الساقط، أو اليسقط ويكون مراعى، أو ال يعود؟

فيه وجوه:فإن قلنا باالنقالب، أو قلنا: بأن أداء القيمة وفاء بالمثل بكماله

وتمامه فال وجه للعود، لعدم المقتضي، وال لعدم السقوط، لتماميةاالقتضاء من ناحية األداء.

وإن قلنا: بأنه وفاء ناقص، وحكم إرفاقي، أو قلنا: بأنه ليس منالوفاء رأسا، فإن كان أداؤها مع رضا المديون الموجب البراء ذمته بها

قهرا، فال يعود، ويسقط قطعا.وإذا لم يكن منه أثر االسقاط بارزا وظاهرا، فأداء القيمة غير

موجب لسقوط المباين، والناقص ال يورث البراءة من الكامل عند أحدمن العقالء، وعند ذلك ربما يشكل في وجوب أدائها، إال على القول ببدل

الحيلولة في أداء القيمة أيضا كما ال يخفى، فال يعتبر المراضاة إال فيبعض الفروض والمباني.

والذي هو الحق: أن أداء القيمة أجنبي عن المضمون، فإن حصل

(٢٤٣)

Page 237: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التراضي، فهو وإال فقد مر: من أن الظاهر عدم وجوب ردها عند التعذر (١)،وال يأتي هنا حديث بدل الحيلولة (٢)، لما سيأتي في محله إن شاء الله

تعالى (٣).هذا، وما هو األحق: أن الطريقة العقالئية على التخيير بين رد

المثل والقيمة، لما مر (٤) وسيأتي زيادة توضيح حوله (٥)، ونتيجته سقوطهذه المباحث رأسا، كما أشرنا إليه سابقا.

الفرع الرابع عشر: في بيان ما يضمن به في المثليات والقيميات وأنهقيمة يوم الخطاب

قضية ما مر منا في باب ضمان المثلي والقيمي أمران:األول: كان دأب األقوام السابقة وديدنهم على رد المثل، وإذا تعذر

فيرد األقرب إلى التالف في الجهات المرغوب فيها، بل قضية ما سلفهو أن مع وجود المماثل في جميع الجهات، ال تعد العين تالفة في بابالضمانات، ألن الوحدة الشخصية محفوظة بحفظ جميع تلك الجهات،

وهذا هو المقصود من أصالة المثلية.--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٢٣١.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٠٩ / السطر ١٢ - ١٣.

٣ - يأتي في الصفحة ٢٦٤.٤ - تقدم في الصفحة ٢٢١ - ٢٢٢.

٥ - يأتي في الصفحة ٢٤٦.

(٢٤٤)

Page 238: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الثاني: بعد ما تعارفت النقود واألثمان وبلغت منتهاها، صار بناءالعقالء على تدارك الخسارات بها، ويكون الثمن كالمثل، وهذا هو

المقصود من أصالة تخيير الضامن.نعم، إذا وجد المثل الوافي بجميع ما في العين التالفة - بحيث

يعد أنه هي - فيتعين ذلك، وأما في غير هذه الصورة فال دليل على تعينالمثل أو القيمة، كما مضى.

ثم إن مقتضى المآثير في المقام أيضا ذلك، فإن الروايات مختلفة،فمن طائفة منها يظهر التضمين بالقيمة في المثليات، كما في مآثير

تضمين الدار وما أحرق فيها من متاعها بالقيمة (١)، مع أن فيها منالمثليات قطعا، ومن طائفة أخرى يظهر عكسها (٢)، وقضية الجمع هو أن

المقصود ليس إال تدارك المضمون والخسارة، وال يحتمل زائدا عليه،فتدبر.

--------------------١ - السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السالم)، أنه قضى في رجل أقبل بنار

فأشعلها في دار قوم، فاحترقت، واحترق متاعهم، قال: يغرم قيمة الدار وما فيها،ثم يقتل.

تهذيب األحكام ١٠: ٢٣١ / ٩١٢، وسائل الشيعة ٢٩: ٢٧٩، كتاب الديات،أبواب موجبات الضمان، الباب ٤١، الحديث ١.

٢ - صفوان الجمال، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السالم) يقول: من وجد ضالة فلم يعرفها، ثموجدت عنده، فإنها لربها، أو مثلها من مال الذي كتمها.

الكافي ٥: ١٤١ / ١٧، وسائل الشيعة ٢٥: ٤٦٠، كتاب اللقطة، الباب ١٤،الحديث ١.

(٢٤٥)

Page 239: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وما قد يقال: من أن قضية االطالقات ضمان القيمة ولو كانالتالف مثليا، وإذا قام االجماع على المثل في المثلي، يتعين ما ذهب

إليه المشهور.نعم، إذا وجد المثل اتفاقا في القيمي، فبناء العقالء على تعينه، إذا

طلبه المالك، أو أداه الضامن، وال دليل على خالفه، ألن القدر المتيقنمن االجماعات المنقولة غير هذه الصورة.

غير قابل للتصديق، ضرورة أن المطلقات منصرفة إلى فرضالقيميات في مورد السؤال والجواب، بعد دعوى بناء العقالء على

القيمة فيها، واالجماعات المحكية مستندة إلى ظواهر غير تامة، أوإلى البناءات العقالئية في عصور كانت األثمان والنقود غير رائجة، بل

كانت في غاية عزة الوجود وندرته، ولكنها بعد ما صارت اآلمال دائرةعليها، ولم يكن للشرع األقدس طريق خاص في إفراغ الذمم بعد الضمان،

فهي أقوى ما يتدارك به الخسارة مع كونها مباينة للتالف، فالحظ وتدبرجدا.

تعين قيمة يوم الخطابإذا عرفت ذلك فاعلم: أن الفقهاء - رضوان الله تعالى عليهم - اختلفوا

في تعيين القيمة، فنسب إلى األكثر أن المدار على يوم القبض (١).--------------------

١ - انظر مفتاح الكرامة ٦: ٢٤٤ / السطر ٤، تحرير األحكام ٢: ١٣٩ / السطر ١٥.

(٢٤٦)

Page 240: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وإلى األشهر أعلى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف (١).وإلى األكثر يوم التلف (٢).

ونسب إلى جماعة من القدماء كالمفيد (٣) والقاضي (٤)والحلبي (٥) يوم البيع (٦).

وإلى جمع من المتأخرين يوم الدفع (٧).ومن المحتمل أعلى القيم إلى يوم الدفع، ومنه أيضا يوم فعلية

التكليف بالتفريغ واألداء.والذي هو التحقيق هو األخير، ضرورة أن قيمة الشئ ليست من

األوصاف الثابتة له، بل هي بحسب األزمنة واألمكنة مختلفة، فال بد منإحدى الموجبات لتعينها، وهي هنا األمر المتعلق برد القيمة من غير

تقييد، فإنه ظاهر في قيمته يوم الخطاب.وبعبارة أخرى: المدار على يوم تنجز األمر وتحتم الخطاب، فلو كان

--------------------١ - مختلف الشيعة: ٤٥٥ / السطر ٢٠.

٢ - الدروس الشرعية ٣: ١١٣، الروضة البهية ٢: ٢٢٩ / السطر ٢٢.٣ - المقنعة: ٥٩٣.

٤ - لم نعثر عليه في جواهر الفقه والمهذب، الحظ مختلف الشيعة: ٢٨٣ /السطر ٢٧.

٥ - لم نعثر عليه في الكافي، الحظ مختلف الشيعة: ٢٨٣ / السطر ٢٧.٦ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١١ / السطر ٢٤.

٧ - حاشية المكاسب، المحقق الخراساني: ٤١، حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١:١٠٤ / السطر ٦.

(٢٤٧)

Page 241: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العذر حال التلف موجبا لعدم تعلقه، ثم بعد ما ارتفع تنجز الحكم، فإنهتجب قيمة ذلك الزمان واليوم بالضرورة، ألنها قيمة الشئ على

االطالق، وما أفاده القوم في توجيه مرامهم، غير تام ال ينبغي الخوضفيه.

ويمكن أن يقال: إن قضية عهدة العين حال التلف، ضمان أعلىالقيم إلى يوم األداء، لبقاء شخص العين في الذمة.

ولو قيل: ال معنى لعروض األوصاف عليها، بخالفها إذا كانت فيالخارج.

قلنا: نعم، إال أن من األوصاف المضمونة عزة الوجود المورثةلتزايد القيمة السوقية، وهي متصورة في العين المعتبرة في الذمة.

إن قلت: هي في الذمة مستولية، وقاعدة على اليد... توجبضمان المستولي عليه.

قلت: ال حاجة إلى االستيالء بقاء في ضمان األوصاف، فلو استولىعليها، ثم غصبها الغاصب، وصارت في يده ذات أوصاف قيمية، فإنها تكون

بها مضمونة، فلو ردها الغاصب فاقدة لها فعليه ما به التفاوت، لالستيالءالسابق، فما ذهب إليه العلمان من قيمة يوم األداء (١)، غير تام.

--------------------١ - حاشية المكاسب، المحقق الخراساني: ٤١، حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١:

١٠٤ / السطر ٦.

(٢٤٨)

Page 242: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

استعراض لرواية أبي والد الحناطهذا هو قضية القواعد، ويقتضيه بعض المآثير، ويساعده االعتبار

والعرف، ولما كان في المسألة معتبر أبي والد الحناط المشتملة علىفقرات ربما تومئ إلى خالفها، فال بد من ذكرها مع طولها حتى يتبين مفادها:

ففي الكافي عنه قال: اكتريت بغال إلى قصر ابن هبيرة ذاهباوجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلما صرت قرب قنطرة

الكوفة، خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلماأتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به،وفرغت مما بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئ

خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن أتحلل منهلما صنعت وارضيه، فبذلت له خمسة عشر درهما، فأبى أن يقبل، فتراضينا

بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل.فقال لي: ما صنعت بالبغل؟فقلت: قد دفعته إليه سليما.

قال: نعم، بعد خمسة عشر يوما.قال: فما تريد من الرجل؟

فقال: أريد كراء بغلي، فقد حبسه علي خمسة عشر يوما.فقال: ما أرى لك حقا، ألنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف

وركبه إلى النيل، وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل، وسقط الكراء، فلما

(٢٤٩)

Page 243: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكراء.قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما

أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئا وتحللت منه، وحججت تلك السنة،فأخبرت أبا عبد الله (عليه السالم) بما أفتى به أبو حنيفة.

فقال (عليه السالم): في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنعاألرض بركتها.

قال: فقلت ألبي عبد الله (عليه السالم): فما ترى أنت؟فقال: أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل

كراء بغل راكبا من النيل إلى بغداد، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفيهإياه.

قال فقلت: جعلت فداك، قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه؟فقال: ال، ألنك غاصب.

قال فقلت له: أرأيت لو عطب البغل أو نفق، أليس كان يلزمني؟قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته.

قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز؟فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه.

فقلت: من يعرف ذلك؟قال: أنت وهو، إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن رد اليمين

عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أنقيمة البغل حين اكتري كذا وكذا فيلزمك.

فقلت: إني كنت أعطيته دراهم، ورضي بها وحللني.

(٢٥٠)

Page 244: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فقال: إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم،ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به، فإن جعلك في حل بعد معرفته، فال شئ

عليك بعد ذلك.قال أبو والد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري، فأخبرته

بما أفتى به أبو عبد الله (عليه السالم) وقلت له: قل ما شئت حتى أعطيكه.فقال: قد حببت إلي جعفر بن محمد (عليه السالم) ووقع له في قلبي التفضيل،

وأنت في حل، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت (١). انتهى (٢).الفقرات التي يمكن االستدالل بها ومحتمالتها

أقول: قد يشكل سندها، الشتمالها على سوء حال أبي والد، ولكنه--------------------

١ - الكافي ٥: ٢٩٠ / ٦، وسائل الشيعة ١٩: ١١٩، كتاب اإلجارة، الباب ١٧،الحديث ١.

٢ في كتاب الحدود في حد الزنا باب ٢٢ ما يفيدك للمسألة فراجع حديث ٤ (أ).أ - عبد الله بن سنان، قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): قوم اشتركوا في شراء جارية فائتمنوا

بعضهم وجعلوا الجارية عنده فوطئها، قال: يجلد الحد، ويدرأ عنه من الحد بقدر ماله فيها، وتقوم الجارية ويغرم ثمنها للشركاء، فإن كانت القيمة في اليوم الذي وطأ

أقل مما اشتريت به فإنه يلزمه أكثر الثمن، ألنه أفسدها على شركائه، وإن كانتالقيمة في اليوم الذي وطأ أكثر مما اشتريت به يلزمه األكثر الستفسادها.

وسائل الشيعة ٢٨: ١١٩، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حد الزنا، الباب ٢٢،الحديث ٤.

(٢٥١)

Page 245: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال ينافي وثاقته المصرح بها (١).ويتم البحث فيها حول بعض فقراتها:

الفقرة األولى: قوله: أليس كان يلزمني... إلى آخره.فتارة: يحتمل أن يراد منه أن البغل كان في عهدته إذا تلف، فأجيب

بذكر قيمته، ألنها هي التي يمكن أن تؤدى، ويكون الظرف وقت الضمان.وأخرى: أن يراد منه أن صاحب البغل يلزمه قيمته بحذف المفعول

الثاني، فأجيب بما مر.وثالثة: أن يراد منه الحكم التكليفي، أي أليس كان يجب علي أداء

قيمته أو بغله فأجيب بما مر، ويكون الظرف زمان تعلق التكليفالمنتزع منه الضمان قهرا.

ورابعة: أن يراد من قوله (عليه السالم): نعم تصديق اللزوم.وحينئذ تارة: يكون الظرف متعلقا بالجملة التصديقية.

وأخرى: يتعلق بالجملة التصورية، وهي كلمة بغل أو البغلعلى أن يكون مضافا إليه، أو صفة وحاال.

فعلى األول: ال يلزم قيمة يوم الضمان والمخالفة، وال اليوم--------------------

١ - قال شيخ الطائفة في حقه: حفص بن سالم يكنى أبا والد الحناط ثقة، كوفي مولىجعفي.

الفهرست، الشيخ الطوسي: ٦٢ / ٢٣٥.قال النجاشي: أبو والد الحناط (وقال ابن فضال: حفص بن يونس) مخزومي

روى عن أبي عبد الله (عليه السالم)، ثقة، ال بأس به...رجال النجاشي: ١٣٥ / ٣٤٧.

(٢٥٢)

Page 246: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اآلخر من التلف والدفع.وعلى الثاني: يلزم قيمة يوم الضمان.

وقيل: على جميع التقادير المفروضة يلزم قيمة يومالمخالفة (١):

أما على الثاني فواضح.وأما على األول، فلفهم العرف ذلك، فإنه إذا قال: يلزمك يوم

المخالفة قيمة البغل فهو وإن كان ظاهره بحسب الصناعة كونالظرف متعلقا باللزوم، إال أنه بعد تمامية الظهور يستفاد منه عرفا قيمته

في ذلك اليوم، ألن إطالقها ينصرف إليه.وخامسة: أن يراد منه تصديق جميع ما في السؤال، أي: نعم، يلزمك

إذا تلف قيمة بغل يوم خالفته فلو كان اليوم من قيود الفعل يلزمالتهافت بين ما يفيده مفهوم التلف وما تفيده الجملة بعد التقيد

ب (اليوم فإنه على األول يكون ظاهرا في يوم التلف، لفهم العرف ذلكوعلى الثاني ينعكس، ويكون ظاهرا في يوم الضمان.

وإذا كان من قيود البغل ويكون من قبيل إضافة الثلج إلىالصيف والشتاء يرتفع التهافت، ويلزم قيمة يوم التلف.

وهكذا إذا قلنا: بأنه من قيود الفعل، ولكنه ظرف جعل الضمان،ويوم التلف ظرف إيجاب األداء، ولكنه مستبعد جدا.

ولعل أقرب المحتمالت هو األخير، وذلك ألن كلمة نعم تصديق--------------------

١ - الحظ منية الطالب ١: ١٥٣ / ١٦.

(٢٥٣)

Page 247: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

لجميع ما في السؤال، بعد معلومية أصل الضمان للسائل، على ما يستفاد منتعبيره، وال معنى اليجاب القيمة مع وجود العين، فال بد من فرض تلفها بعد

ذلك، فيكون هكذا: يلزمك قيمة بغل يوم خالفته إذا تلف وعندئذ يتعينكونه من قيود البغل وحاالته.

وسادسة: أن يراد من كلمة نعم تصديق الضمان، ومن الكلمةالثانية دفع توهم: أن المضمون هي العين، وأن المدار على يوم التلف،بل المضمون هي القيمة، والمدار على يوم المخالفة، وهذا االحتمال

أيضا غير بعيد.ثم إن استقرار الظهور في غاية االشكال، الختالف النسخ في

المقام، مع تفاوت الظهورات، ضرورة أنه على االحتمال األول يلزم قيمةيوم األداء، وهكذا على االحتمال الثالث، وعلى االحتمال الثاني تكون

الصحيحة ساكتة عن قيمة أي يوم، وعلى سائر االحتماالت قد مرلوازمها، فال نعيدها.

وحيث قد عرفت: أن قضية القواعد لزوم قيمة يوم تعلق التكليفبالقيمة، ال يوم الضمان، وال سائر األيام، وهذه الفقرة مجملة من حيث

الحكم، فظهور مصادم لها، فليتدبر.الفقرة الثانية: قوله فإن أصاب البغل كسر... إلى آخره.

وفيه من االحتماالت ما يبلغ أكثر من عشرة وعشرين، والذي هواألظهر كونها في مقام جعل الحكم التكليفي، ال إفراغ الذمة المشغولة،

وال جعل الحكم الوضعي، وال األعم بإيجاب رد القيمة الثابتة بينالمعيب والصحيح، من غير التعرض ليوم من األيام.

(٢٥٤)

Page 248: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إال أن قضية ما سلف منا (١)، أن تعين القيمة المبهمة تنجزالتكليف، فإنه يورث تعين قيمة يوم فعلية الحكم وتنجزه، فعليه تكون

جملة يوم ترده متعلقة بقوله: عليك من غير لزوم االشكال العقلي،ضرورة أن الضمير يرجع إلى البغل وكان المفروض تحقق يوم رد

البغل، فليس يوم رده قيدا للتكليف المذكور، حتى يلزم عدم وجوبه إذاعصى ولم يرد البغل.

والذي يوجب استقرار ظهورها فيما مر، كون الجملة األخيرةفعلية، فإنها تقتضي كون الجملة االبتدائية أيضا فعلية بال شبهة، فافهم

وتدبر جيدا.ولو قيل: على هذا تكون الجملة ظاهرة في يوم التلف، لقوله: فإن

أصاب البغل... فإنه إذا أجيب بما مر يتعين يوم التلف عند االطالق.قلنا: نعم، ولكنه ال ألجل كونه يوم التلف، بل ألجل فعلية

الخطاب، فلو أتلفه الصغير فإنه ضامن، ولكن القيمة ليست منصرفةإلى القيمة المعينة ما دام لم يلتحق به التكليف، ألن حال جعل

الضمان واعتبار كون القيمة في العهدة، حال إهمال القيمة من جهةاأليام الممكنة، بخالف حال الخطاب وتنجز الحكم، فإنه ال بد من لحاظيوم، وهو عند االطالق يكون يوم فعلية الحكم التكليفي وتنجزه، فليتدبر.

ثم إن رجوع اليوم إلى كل واحد من القيود السابقة عليه،يستلزم تضيق الحكمين: الوضعي، والتكليفي، واشتراطه بيوم الرد، وهو

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٤٧ - ٢٤٨.

(٢٥٥)

Page 249: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ممنوع قطعا. بل يستلزم كون الرد الموجب الفراغ الذمة مورثاالشتغالها، وهو محال.

وتوهم: أنه يوم كشف استقرار الضمان، غير تام، ألنه مجرد فرضال يساعده الدليل، فعليه يتعين كونه ظرف القضية السابقة على نعت

الحينية، ال الشرطية والتقييدية. ويساعده ما عن الجواهر منانحذاف كلمة يوم في بعض النسخ الموجودة عنده (١).

الفقرة الثالثة: قوله أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمةالبغل حين اكتري كذا وكذا، فيلزمك.

وهو ظاهر في أن أخذ العين يورث الضمان، إذا انقلبت اليداألمانية إلى الخيانية، فالتعقب المذكور شرط كونها موجبة للضمان

من األول، وتكون العين يوم االكتراء بقيمتها في العهدة. فما أفاده القوم:من ظهوره في يوم الضمان والمخالفة غير قابل للتصديق، فيلزم

التهافت بين مفاد الجمل.هذا، ولكن االنصاف شاهد على أن ذكر يوم االكتراء، ليس إال ألجل

إمكان االطالع فيه على القيمة، وال يختلف قيمة البغل في العصورالسابقة في هذه المدة القليلة، وهي خمسة عشر يوما، فهذه الجملة

ال تدل على شئ في المسألة.--------------------

١ - جواهر الكالم ٣٧: ١٠٢.

(٢٥٦)

Page 250: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

سكوت الروايات األخرى عن تعيين قيمة أي يوم من األيامثم إن في المقام روايات أخر متفرقة في األبواب المختلفة (١)،

وال داللة لها على خالف ما أردناه، وقضية القواعد ليست إال ضمان المثلوالقيمة، مع إهمالها من جهة قيمة أي يوم من األيام، ضرورة أن جعلالضمان ال يستلزم لحاظ الحكم التكليفي، وال كون المتكلم في مقام

البيان من تلك الجهة، فقوله مثال: من أتلف مال الغير فهو ضامن ال يدلإال على أصل االشتغال وهكذا الغاية في قاعدة على اليد... ليست في

مقام إفادة وجوب التأدية، فاألدلة اللفظية ساكتة عن قيمة اليومالخاص، أو مجملة، فافهم وتأمل جيدا.

--------------------١ - أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: في الرهن إذا ضاع من عند المرتهن من

غير أن يستهلكه رجع بحقه على الراهن فأخذه، وإن استهلكه ترادا الفضل بينهما.محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السالم) في الرهن إذا كان

أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدى الفضل إلى صاحب الرهن، وإن كان الرهن أقلمن ماله فهلك الرهن أدى إلى صاحبه فضل ماله، وإن كان الرهن يسوى ما رهنه

فليس عليه شئ.سدير، عن أبي جعفر (عليه السالم) في الرجل يأتي البهيمة، قال: يجلد دون الحد ويغرم

قيمة البهيمة لصاحبها، ألنه أفسدها عليه وتذبح وتحرق إن كانت مما يؤكل لحمه،وإن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها وجلد دون الحد...

وسائل الشيعة ١٨: ٣٨٦، كتاب الرهن، الباب ٥، الحديث ٢، و: ٣٩٢، الباب ٧،الحديث ٤، و ٢٨: ٣٥٨، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب نكاح البهائم، الباب ١،

الحديث ٤.

(٢٥٧)

Page 251: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

تنبيهاتاألول: حول جعل معتبرة أبي والد اليمين على المدعي

ظاهر معتبرة أبي والد، أن اليمين على المدعي، ضرورة أن قضيةاختالف المالك والغاصب في القيمة، اتفاقهما في بعضها، واختالفهما

في الزيادة، فيكون المالك مدعيا إياها، وعليه البينة، ال الحلف،حسب النص والفتوى.

ويمكن قلب الدعوى، بأن كانا متفقين في القيمة إلى يوم التلف،ومختلفين في تنزلها يوم التلف، فيصير المالك منكرا للنزول، وعندئذ

يشكل األمر اآلخر: وهو كون البينة عليه، كما هو ظاهرها أيضا، وهوخالف القواعد أيضا، فيلزم ارتكاب أحد الخالفين.

وحمل القضية الثانية على الصورة األخرى، خالف الظاهرجدا، وهي ما لو اتفقا على عدم تفاوت قيمته السابقة إلى يوم التلف،واختلفا فيها من حيث الزيادة والنقصان، فيكون المالك مدعيا إياها،

والغاصب منكرا.أقول: الظاهر أن قوله: قلت: فإن أصاب البغل... إلى آخره،

أجنبي عن المسائل السابقة، وال ربط له بها جدا، وإرجاع بعض الضمائرفي ذيلها إلى تلك الواقعة ممنوع، ألن البحث هناك حول التلف،

وخسارة المنافع المستوفاة، وهنا حول النقصان والعيب الوارد، من غير

(٢٥٨)

Page 252: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

النظر إلى مسألة قيمة يوم المخالفة والتلف، حتى يقال: بأن ذيلهايورث ظهور الصدر في أن المدار على يوم التلف، كما أشير إليه وعرفت.

فما اشتهر من إرجاع قوله: فمن يعرف ذلك؟ إلى قيمة البغل، أوإرجاعها إلى قيمة ما بين الصحيح والفاسد، كما عن المحقق الوالد

- مد ظله (١) - غير تام، ألن المشار إليه بتلك اللفظة بعيد ومذكر، ال قريبومؤنث، وال بعيد ومؤنث، وهو الكراء الذي هو مورد النظر في الواقعة،

دون تلف العين وعيبها، من الكسر وغيره. والمساهلة في مرجعالضمائر صحيحة، إال أن القرينة المشار إليها ناهضة على ما ذكرناه.

والمراد من القيمة في ذيلها قيمة المنفعة.وما اختاره الوالد - مد ظله - وإن استلزم كون المالك منكرا، إال

أن ظهور الذيل في اتحاد القضيتين غير محفوظ، وهو الكراء.وأما بناء على ما احتملناه فعلى المالك الحلف، التفاقهما

واطالعهما على القيمة والكراء إلى قصر أبي هبيرة، وإذا كانت هيمعلومة إلى هناك، فيعلم ادعاء الغاصب خالف ما هو المعلوم بالنسبة،

وفي هذا الوجه يحفظ الظهورات، ويطرح ظهور القضية في الوحدة، أويؤخذ به، ويحمل على التخصيص في عمومات ما ورد: من أن البينة على

المدعي، واليمين على من أنكر (٢).--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٤١٧.٢ - عن أبي عبد الله (عليه السالم) - في حديث فدك - إن أمير المؤمنين (عليه السالم) قال ألبي بكر:

أتحكمفينا بخالف حكم الله في المسلمين؟ قال: ال، قال: فإن كان في يد المسلمين شئيملكونه، ادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه

على المسلمين. قال: فإذا كان في يدي شئ فادعى فيه المسلمون، تسألني البينةعلى ما في يدي؟ وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعده، ولم تسأل المؤمنين

البينة على ما ادعوه علي كما سألتني البينة على ما ادعيت عليهم - إلى أن قال -:وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر.

تفسير القمي ٢: ١٥٦، وسائل الشيعة ٢٧: ٢٩٣، كتاب القضاء، أبواب كيفية الحكموأحكام الدعوى، الباب ٢٥، الحديث ٣.

(٢٥٩)

Page 253: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ومن الممكن دعوى: أن هذه القضية ليست في مقام المراجعةإلى الحاكم، ولذلك وقعت هكذا. ويشهد له قوله (عليه السالم): أو يأتي صاحب

البغل بشهود... مع أنه ال معنى له، لكفاية الشاهدين فالمقصود هواألمور المتعارفة بين الناس، من الحلف، والمراجعة إلى الموثوقين

في هذه األمور، فتأمل.الثاني: في نقصان إحدى صفات المضمون الحقيقية أو االنتزاعية

أو االعتباريةلو نقص المقبوض فاسدا في إحدى صفاته الوجودية الحقيقية،

أو االنتزاعية، أو االعتبارية، فهل يجب تداركها مطلقا (١)؟--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٠ / السطر ٢٥، تذكرة الفقهاء ٢: ٣٨٧ /السطر ١٨.

(٢٦٠)

Page 254: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أو ال يجب، إذا عادت تلك الصفة حين رد العين (١)؟أو يقال بالتفصيل بين الوصف القابل للزيادة، كالسمن، وما لم

يكن كذلك، كوصف الصحة، فلو زال السمن ورجع ضمن، بخالف ما إذاعادت الصحة (٢)؟

وقيل بالتفصيل بين ما يعد عند العرف من إعادة المعدوم، وبين ماهو الوصف الحادث (٣).

فيه وجوه وأقوال:فعن التذكرة ضمانه مطلقا، وهو األوفق بالقواعد، ألنه إذا تلف

الوصف وما يبذل بإزائه المال عند العقالء، يكون مضمونا. وهذا هومقتضى على اليد... الدالة على ضمان األوصاف مع بقاء العين إلى الرد،

كما هو المختار في مفادها. ولو كان التلف غير سماوي يشمله دليلاالتالف والقواعد العرفية أيضا بال شبهة. هذا بحسب الكبرى

الشرعية.نعم، ربما تقع الشبهة في بعض الصغريات في المسألة، كعود

وصف الصحة، فإنه عند العرف يعد من عود التالف، ال حدوثالوصف اآلخر حتى يكون مضمونا.

ومن هذا القبيل عود كل وصف مشابه للزائل في الماهية--------------------

١ - حاشية المكاسب، المحقق األصفهاني ١: ١٠٢ / السطر ٢٧.٢ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ١٠٣ / السطر ١٨.

٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٤١٦.

(٢٦١)

Page 255: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والقيمة، ألنها هي في االعتبار عند العرف والعقالء، وقد عرفت تفصيلذلك مرارا في الكتاب حتى في العين التالفة، فإنه ما دام يوجد لها

الماثل الكلي ليست تالفة عند العرف.وإن شئت قلت: ال ما لكية للمالك بالنسبة إلى األوصاف

المماثلة في الرغبات، والمتحدة في الماهيات، حتى يكون بياضالعين مضمونا بالتلف فإذا صارت بيضاء فردها إليه، يكون عليه ضمانه

زائدا على ما وقع تحت يده.وبالجملة: فضمانه قبل عوده بال شبهة، وبعد العود أيضا كذلك، إال في

بعض المواقف المشار إليها.ولكنه مع ذلك كله يتقوى الضمان، ضرورة أنه لو عاد الوصف بعدالرد إلى المالك، يكون ضمانه باقيا ولو كانت الصفة من األوصاف

المذكورة، وقصور ما لكية المالك لو كان تاما، يلزم ذلك في األوصافالمتضادة أيضا غير المجتمعة في الوجود، فإنه ال يصح أن يقال بعدم

ضمان وصف البياض، إذا زال وطرأ وصف السواد المتفقين في القيمة،مع أن المالك ال يعقل مالكيته لهما معا، فعليه يتعين - على حسب ما

يتراءى - ضمان جميع ما حدث في العين، سواء عاد، أم لم يعد.ثم إن هذا مقتضى قواعد الشك، ألن الشك في سقوط الضمان بعد

ثبوته.نعم، إذا حدث العيب، فزاد ثم عاد، فال يجب إال قيمة يوم الحدوث،

ال يوم الزيادة، ألصالة البراءة عن الزائد.وتوهم: أن المضمون عنوان القيمة وهو ال يسقط إال باألكثر،

(٢٦٢)

Page 256: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

مدفوع لما بينهما من السببية، كما ال يخفى.الثالث: في ضمان القيمة السوقية

األوصاف كلها مضمونة إذا كانت مقومة عند العرف، سواء كانتحقيقية، أو انتزاعية، أو اعتبارية، كعزة الوجود وكثرته. واالختالفات

السوقية إن رجعت إلى الصفة االعتبارية في العين، تكون مضمونة،وإذا كانت لتفاوت نفس السوق - بأن يكون بناء أهل سوق على االجحاف

في القيمة، وبناء اآلخرين على االنصاف فيها، مع اتحاد األعيان من جميعالجهات - فإنه حينئذ ليس الزائد مضمونا.

بل قد يتفق في بلد واحد ذلك االختالف المذكور، فكما أن األزمنةدخيلة في اختالف القيم، كذلك األمكنة.

ولكن المدار على مكان تعين القيمة، فلو تلفت العين في مكان،وكانت القيمة مضمونة، فإن أوجب الشرع ردها بعد الضمان، تعين قيمةمحل التلف، وإال فيتعين قيمة محل تعين التكليف وقد عرفت وجهه في

الزمان.ولو اتفق مكان التكليف والتلف، واختلفت أسواقه في تعيينالقيمة - مثال اشترى المالك ماله من السوق الذي فيه قيمته

خمسون، ألن االشتراء منه له العنوان الخاص الراغبة فيه ضعافالعقول، وهو في السوق اآلخر عشرون - فإنه ال يبعد ضمان ذلك الوصف

أيضا، وللضامن إعطاء المثل مع رعاية الوصف المذكور.

(٢٦٣)

Page 257: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

هذا، ولكن المسألة بعد ال تخلو من نوع غموض.الرابع: في بدل الحيلولة

إذا لم يتيسر رد العين إلى مالكها، إما لوجودها في يد قاهرة، أوألمر آخر، فمقتضى االتفاق عدم وجوب المثل والقيمة، لظهور أدلتهما في

التلف، ويلحق به التلف العرفي.وأما إذا كانت العين موجودة مرجوة العود إلى الضامن، فهي

- حسب تلك األدلة - ليست مضمونة بالمثل والقيمة، فيصبر صاحبهاإلى أن يتيسر له ردها، وذلك لفهم العرف من المآثير اآلمرة به في

الدين (١)، فإن النظرة إلى ميسرة ال تختص بموردها.فما قد يقال: من لزوم بدل الحيلوية، ظنا أن األدلة العامة، وإطالقالفتاوى في مسألة اللوح المغصوب في السفينة، ومناسبات الحكم

والموضوع، تقضي بذلك (٢)، غير قابل للتصديق، ضرورة أن قاعدة السلطنة--------------------

١ - كما في رواية حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: يبعث يوم القيامة قوم تحت ظلالعرش وجوههم من نور ورياشهم من نور جلوس على كراسي من نور - إلى أن قال -:

فينادي مناد هؤالء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين، وينظرون المعسر حتى ييسر.ورواية معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السالم) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله

وسلم): منأراد أن يظله الله في ظل عرشه يوم ال ظل إال ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه.

راجع وسائل الشيعة ١٨: ٣٦٦ - ٣٦٨، كتاب التجارة، أبواب الدين والقرض،الباب ٢٥، الحديث ١ - ٩.

٢ - المبسوط ٣: ٨٦، الخالف ٣: ٤٠٩، ذيل المسألة ٢٢، تذكرة الفقهاء ٢: ٣٩٦ / السطر ٤.

(٢٦٤)

Page 258: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أجنبية عن إيجاب التدارك وإثبات الضمان، وللضامن التمسك بها لمنعتسليط المالك على البدل.

وأما قاعدة اليد، فهي - على ما تقرر عندنا (١) - ظاهرة في لزوم تداركالخسارة المتوجهة إلى المأخوذ، ولزوم رفع الموانع عن وصولها إلى

صاحبها، ولزوم إرجاعها إليه لو انتقلت إلى البالد النائية، وتكونالخسارة على المستولي، وأما إعطاء شئ عوضا وبدال جبرانا للخسارة،

فهو غير مستفاد منها، كما ال يخفى.وإن شئت قلت: يجب تدارك الخسارة المتوجهة إلى المالك من

قبل العين بحصول نقصان فيها وصفا، ال الخسارة المتوجهة إليه بعدمكونها في يده، وعدم تسلطه عليها، وبالحيلولة بينه وبينها.

وأما قاعدة االتالف، فهي ال تدل إال بالوجه اآلتي في بيان اقتضاءالمناسبات ضمان البدل.

وأما قاعدة ال ضرر... فهي عندنا عامة نافية وناهية مشرعة،توجب جبران الخسارة، وتثبت الضمان (٢)، فهي ال تنفع في المقام، ألنه ال

ضرر من قبل الضامن.نعم، يثبت بها وجوب الخسارة في الغاصب.

وتقريب االستدالل: بأن الصبر إلى حين الوصول ضرر على--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٨٦ وما بعدها.

٢ - تقدم في الصفحة ٢٠٢ وما بعدها.

(٢٦٥)

Page 259: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المالك (١)، مزاحم بأن إلزام البدل ضرر على القابض، فما هو المنفيليس الضرر غير المستند إلى أحد، حتى يجب تداركه من أموال

اآلخرين، أو من بيت المال، فما أفاده السيد (رحمه الله) غير وجيه جدا.وأما اقتضاء المناسبات ضمان البدل، بدعوى أن ضمان اليد

والتلف، ال خصوصية لهما إال ألجل حصول الحيلولة بين المال وربه،وفي الحقيقة ما هو السبب الوحيد للضمان هي الحيلولة، وهذا بال فرق

بين المطلقة والمؤقتة، وبين المعلومة والمشكوكة والمظنونة،فنفسها توجب الضمان، فال بد من التدارك، إال إذا كانت مدتها قصيرة

جدا (٢).فهو أيضا غير كاف، ضرورة أن ضمان اليد ليس عقالئيا في مورده،

فضال عن الفروض األخر، فالتعدي غير جائز، وال تكون الحيلولةالمطلقة سببا للضمان، للزوم خروج الكثير من تحتها، كما ال يخفى.

وتمامية المدعى في الغصب، بفهم بناء العقالء على إعطاء البدلفي الجملة، ال تفي بما هو المقصود باألصالة في المقام، فال تغفل، وتدبر

تدبرا تاما.بل التزام العرف بتسليم البدل ممنوع، وغاية ما يلتزمون به تدارك

الخسارة برد األرش، أي قيمة ما بين العين الموجودة في يد المالك،وما ليست كذلك، أو برد األجرة، أو برد ما كان ينتفع المالك به في أيام

--------------------١ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ١٠٦ / السطر ٣١.

٢ - الحظ البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ١: ٤٣٧.

(٢٦٦)

Page 260: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الحيلولة بانجبار خسارته الشخصية. ولو سلمنا تسليم البدل، فهو أحدأفراد الواجب التخييري، وال وجه لتعينه.

وتوهم: أن قضية الجمع بين الحقين تعين البدل (١)، غير تام،الستلزامه أوال: وقوع الغاصب أحيانا في الخسارة الزائدة، وال دليل

على جوازها، وما اشتهر: أنه يؤخذ بأشق الحال (٢) ال دليل عليه (٣)، كماصرح به الشيخ (قدس سره) (٤).

وثانيا: إذا كان ملتزما بتدارك جميع ما يدعيه المالك، فال حق لهحتى يلزم جمعه.

ثم إن تفصيل هذه المسألة - الختصاصها بالغصب - في كتابه. فمااشتهر من التزام جماعة ببدل الحيلولة في المقبوض بالعقد الفاسد،

غير تام.لزوم بدل الحيلولة بناء على ضمان العين

نعم، بناء على كون العين مضمونة في العقد الفاسد، ولزوم تدارك--------------------

١ - مسالك األفهام ٢: ٢٠٧ / السطر ٤١، جواهر الكالم ٣٧: ٧٧، المكاسب، الشيخاألنصاري: ١١١ / السطر األخير، و ١١٢ / السطر ١.

٢ - انظر جامع المقاصد ٦: ٢٥٦، جواهر الكالم ٣٧: ١٠٤.٣ - ويحتمل كونه مصطادا من معتبرة أبي والد، فإنه (عليه السالم) قال في مقام التشديد: ألنك

غاصب (أ) فتدبر] منه (قدس سره) [.أ - تقدم في الصفحة ٢٤٩ - ٢٥١.

٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٧.

(٢٦٧)

Page 261: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

خسارتها بالمثل والقيمة، فهو واجب أيضا فيما كان الضامن عاجزا عنردها عقال وعرفا، بل وشرعا، بأن كان رده ضررا عليه، أو حرجا، أو

مستلزما الرتكاب المحرم األهم، وذلك لعدم تقوم لزوم التدارك بالتلفبعنوانه، لعدم أخذه بمفهومه في مفاد قاعدة اليد التي هي الدليل الوحيدفي المقام، فمن أخذ واستولى على مال الغير، عليه ذلك بشخصه، أو

بمثله وقيمته عندما ال يتمكن من أدائه ولو شرعا. وحكم العقالء في هذهالمواقف، جبران الخسارة برد المثل أو القيمة بالوجه الذي مضى

تفصيله (١).ولو أشكل في مفاد القاعدة بوجه تقرر، فقضية قاعدة االقدام - على

ما عرفت تقريبها (٢) - لزوم رد القيمة أو المثل إذا لم يتمكن من أداءالمضمون، فال خصوصية للتلف، بل المدار على أمر آخر أوسع منه قطعا.

حول خروج العين التالفة عرفا عن ملك صاحبها وتملكه الغرامةثم إنه ال إشكال في خروج العين المقبوضة عن ملكه بالتلف

الحقيقي، فهل هي خارجة عنه في التلف العرفي؟ بعد عدم االشكال فيعدم خروجها في الصورة الثالثة: وهي ما لم يتمكن الضامن من الرد

لعذر شرعي.فيه وجهان: من أنها كالتالفة، ومن أنه ال دليل على أنها مثلها في

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢٢٠ وما بعدها.٢ - تقدم في الصفحة ١٩٧ - ١٩٨.

(٢٦٨)

Page 262: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

جميع الجهات، فال وجه لخروجها عنه. وقضية االستصحاب بقاؤها.وتوهم: أن ثبوت حق مطالبته المثل والقيمة، موقوف على

خروجه وإعراضه، غير مبرهن، بل العرف مساعد على األمرين. ولو سلمناعدم مساعدته على األول فمقتضى األصل بقاؤها.فعلى هذا، فهل يتملك الغرامة مع مالكيته للعين؟

أو يستباح له التصرف في الغرامة بجميع التصرفات، حتىالموقوفة على الملك؟

أو تكون ملكيتها موقتة منجزة؟أو معلقة أو متزلزلة، ويكفي في صحة التصرفات الناقلة

الملكية المعلقة والمتزلزلة، كما تكفي اإلباحة المطلقة، على مامضى منا تحقيقه (١)، بل هو المشهور كما في المعاطاة؟أو هو بالخيار بين االعراض عن ماله، وتملكه الغرامة المثل

والقيمة؟أو نفس تملكها يستلزم خروج العين عن ماله قهرا، قضاء لحق امتناع

الجمع بين العوض والمعوض؟أو يفصل بين ما إذا أدى المثل، وبين ما أدى القيمة، فإنه في

الثاني ما يؤديه قيمته، فال بد أن تخرج العين عن ملكه، وتدخل في ملكالضامن، بخالفه في األول، فإن أداء المثل ال يستلزم ذلك؟

وبعبارة أخرى: يمكن استيفاء المنافع من المثل، فأداؤه ال يستلزم--------------------

١ - الحظ ما تقدم في الصفحة ١١٧ وما بعدها.

(٢٦٩)

Page 263: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

زوال الملكية من الطرفين، بخالف القيمة، فإنها غير قابلة لالستيفاء إالبالتصرف الناقل نوعا، فهي مالزمة للزوال من الجانبين؟أو يقال بالتفصيل بين الصورة الثانية والثالثة، ففي التلف

الحقيقي فهي خارجة، ويتملك المالك الغرامة، دون الثالثة، فإنالعين في ملك صاحبها قطعا، وعلى الضامن أداء القيمة والمثل على

نعت التمليك، أو ما يقوم مقامه، حتى يتمكن المالك من أي تصرف شاءفي ذلك؟فيه وجوه.

والذي يظهر لنا: أنه إذا أدى المثل والقيمة حسب نظر العرف، أوقاعدة اليد واالقدام على ما عرفت، فهي خارجة عن ملكه، ألن الزمه

العرفي ذلك بال إشكال وشبهة.ومن هنا يظهر الفرق بين قول األعالم ببدل الحيلولة، وبين قولنابالقيمة والمثل إذا كانت العين موجودة ممنوعة الرد بالشرع أو

العرف والعقل. مع أنه ال دليل لهم على ما يدعون، وقضية العموماتثبوت المثل والقيمة في الصور الثالث.

ودعوى: أن بدل الحيلولة ليس إال المثل والقيمة، ممنوعة، ألنمن الممكن إيجاب المثلي في القيميات بعنوان البدل، والقيمي في

المثليات، فإنه لو غصب مثال حمارا، وكان المغصوب عند األسد، واليتمكن الغاصب من رده، أو يتمكن، ولكنه ممنوع شرعا، الحتمال الخطر،

فإنه يجب بعنوان بدل الحيلولة تسليم الحمار أو البغل في أيام العذر،وهذا غير المثل والقيمة المقصودين في الصورة األولى والثانية

(٢٧٠)

Page 264: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بالضرورة.فبالجملة: جواز تعدي المضمون له بقبول المثل والقيمة، موقوف

على انصرافه عن حقه المتعلق بالعين المضمونة.حكم صبر صاحب العين إلى أن يرتفع العذر

نعم، إذا كان يصبر إلى أن يرتفع العذر، فهل له على الضامن شئ،أم ال؟ فيه وجهان، وقد قررنا في مسألة المنافع غير المستوفاة تقريب

قاعدة اليد (١)، إال أن األقوى عدم ثبوت شئ له عليه، والخسارة مستندةإلى اختياره، كما في خيار العيب، وال دليل في هذا المقام على جبران

مثلها، كما هو الظاهر.ثم إن قضية ما سلكناه في هذا المضمار، سقوط الفروع المتفرعة

على مذهب القوم من القول ببدل الحيلولة، مع أنها كلها في كتابالغصب، وما أفاده الشيخ األعظم (قدس سره) من اشتراك المسألتين في

الضمان (٢)، وأن الجهة المبحوث عنها هناك العين بما هي مضمونة، المغصوبة، وهي مشتركة، غير واف، الختالف نظر الشرع - فضال عن

العرف - بين الغاصب والضامن. ويشهد له قوله (عليه السالم) في الصحيحةالسابقة: ال نك غاصب (٣) فال تغفل.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٢١٨.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٤.٣ - تقدم في الصفحة ٢٤٩ - ٢٥١.

(٢٧١)

Page 265: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقصد الثانيفي شروط المتعاقدين

(٢٧٣)

Page 266: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الشرط األول: البلوغعلى المشهور، بل المحكي عليه االجماعات الكثيرة (١)، وفي

الجواهر: بل ربما كان كالضروري (٢) انتهى.والخالف في حد البلوغ، ال يعد من المخالفة في هذه المسألة،

وتفصيله في كتاب الحجر، فال يكون ابن الجنيد (رحمه الله) من المنكرينالشتراط البلوغ (٣).

نعم، من عباراتهم يظهر وجود المخالف في المقام، وربما نسبإلى األردبيلي (قدس سره) (٤) وحيث تكون المسألة ذات رواية، فال تنفع هذه

االتفاقات، كما ال يخفى.--------------------

١ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٣ / السطر ٣٣، تذكرة الفقهاء ٢: ٧٣ / السطر ٢٥.٢ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٦١.

٣ - الحظ مختلف الشيعة: ٤٢٣ / السطر ١٤، جواهر الكالم ٢٦: ١٦.٤ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٦١، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٢٨، مجمع

الفائدة والبرهان ٨: ١٥١ - ١٥٣.

(٢٧٥)

Page 267: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حول داللة آية ابتالء اليتامى على شرطية البلوغثم إن قضية العمومات، عدم شرطية شئ غير ما هو الدخيل في

وجود الموضوع، والبلوغ ليس منه قطعا.وما هو الدليل على التقييد والتخصيص - مضافا إلى ما مضى -

اآلية الشريفة في سورة النساء: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإنآنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) (١).

فإنها ظاهرة في شرطية البلوغ وزيادة، وهو الرشد، سواء قلنا: بأنكلمة (حتى) ابتدائية، أو للغاية.

والتحقيق: أنها أجنبية عن المسألة، ألن البحث هنا حول عقدالصبي، سواء كان يتيما، أو لم يكن، واآلية ناظرة إلى حفظ أموال اليتامىعن الضياع، وحفظ اليتامى عن الوقوع في المهالك، ألنهم إذا كانوا غير

رشيدين، وال بالغين حد الرجال، تكون أموالهم مطمع أنظار السارقينوالخائنين، فال بد من بلوغهم إلى حد يمكنهم الدفاع عن أنفسهم

وأموالهم، كسائر الناس، فال يجوز تسليم مالهم إليهم وتسليطهم عليه،وليست ناظرة إلى تصرفاته وعقوده وإيقاعاته.

ولعل المقصود من بلوغ النكاح ليس ما فهمه الجمهور، بلالمقصود هو بلوغ الزواج، وهو في السن األكثر من البلوغ الشرعي.

ويشهد له قوله تعالى في ذيلها: (وال تأكلوها إسرافا وبدارا أن--------------------

١ - النساء (٤): ٦.

(٢٧٦)

Page 268: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

يكبروا) (١).فإنه ال يطلق الكبير على البالغ تسعا وخمسة عشر. ويؤيده

أنه إذا تزوجت أو تزوج، فكأنه يخرج من اليتم، ويتقوى بالمصاهرة، فالتخونه يد الخونة.

هذا مع أن من المحتمل قويا، كون الغاية داخلة في المغيا، وبذلكيدفع توهم جواز دفع المال إلى البالغ غير الرشيد (٢)، وتوهم كون

البلوغ قيدا وجزء (٣)، فإن العقالء ال يرون الدخيل إال الرشد، فهذا سببلظهور اآلية فيما ذكرناه، فال ينبغي الغفلة عن مناسبات الحكم

والموضوع في المقام جدا.والذي يؤيد ذلك: أن جواب األمر قوله تعالى: (فإن آنستم)

فتكون جملة (حتى إذا بلغوا) من تتمة الجملة األولى.ولو سلمنا ظهور الغاية في خروجها عن المغيا كما ال يبعد، فال نسلم

كونه دليال على أنه جزء الموضوع، بل الظاهر - ألجل ما ذكرناه - كونهأحد الموضوعين، أو كونه مالزما للرشد نوعا، فيكون الرشد تمام

الموضوع أيضا، إال أنه قبل البلوغ ال بد من االختبار، وبعده ال حاجةإليه، لقيام األمارة النوعية عليه، فالحظ وتدبر جيدا.

ومما يشهد على أن اآلية أجنبية عن بحث معاملة الصبي واليتيم،--------------------

١ - النساء (٤): ٦.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٥.

٣ - الحظ منية الطالب ١: ١٦٩ / السطر ٢٣ - ٢٤، البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٧.

(٢٧٧)

Page 269: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أن الظاهر منها كون إيناس الرشد تمام الموضوع لجواز الدفع، مع أن ماهو الشرط في صحة المعاملة نفس الرشد، وااللتزام بأنه جزء

الموضوع، يستلزم ضمان من عنده مال اليتيم، مع أنه محسن، و (ما علىالمحسنين من سبيل) (١).

ولعمري، إن األمر باالبتالء ليس إال الستئناس الرشد، ال البلوغ، والهما معا، والمقصود من االيناس ليس إال أن يكون اليتيم غير مضيع

أمواله مع أصدقائه في مصارف غير صحيحة، فهي أجنبية عن المسألة،خصوصا بعد مالحظة أن أموال اليتامى، ليست موضوعة للتجارة إال ندرة،

ودعوى أن المفروض في اآلية ذلك، غير مسموعة.التمسك ببعض الروايات الدالة على إرادة الرشد من اآلية السابقةثم إن في الروايات ما يورث تعين احتمال السابق، وهي صحيحة

العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سألته عن اليتيمة متىيدفع إليها مالها.

قال: إذا علمت أنها ال تفسد وال تضيع.فسألته: إن كانت قد زوجت؟

فقال: إذا زوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها (٢).--------------------

١ - التوبة (٩): ٩١.٢ - الفقيه ٤: ١٦٤ / ٥٧٢، وسائل الشيعة ١٨: ٤١٠، كتاب الحجر، الباب ١،

الحديث ٣.

(٢٧٨)

Page 270: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فإنها ظاهرة في أن بلوغ النكاح هو الزواج، ال االحتالم.وفيها ما يشهد على أن المقصود، تسليم أمواله إليه بعد استئناسالرشد، والتحفظ على ماله من الضياع، وهي الرواية المشار إليها

أيضا، وما رواه هشام عنه (عليه السالم) قال: انقطاع يتم اليتيم باالحتالم، وهو أشده،وإن احتلم ولم يؤنس منه رشده، وكان سفيها أو ضعيفا، فليمسك عنه وليه

ماله (١).فإنها كالنص فيما سلكناه حول اآلية الكريمة.

فبالجملة: لو كانت اآلية مرتبطة بهذه المسألة، فهي تدل على أنالرشد تمام الموضوع، ولو كانت داللتها خفية على بعض، فهي صارت

جلية بعد مراعاة ما ورد حولها، فتكون موافقة للعمومات واألصول.إن قلت: قضية الرواية األخيرة أن االحتالم جزء الموضوع (٢).

قلت: وقضية الجمع بينها وبين قوله (عليه السالم): إذا علمت أنها ال تفسدوال تضيع حمله على المفروض فيها عدم رشده قبل االحتالم، كما هو

كذلك نوعا.هذا، والذي هو المقصود من اإلطالة، نفي داللتها على مذهب

المشهور، أو إثبات إجمالها وأجنبيتها عن أصل المسألة، وأما رأيهمفلعله يدل عليه المآثير األخر اآلتية إن شاء الله تعالى.

--------------------١ - الكافي ٧: ٦٨ / ٢، وسائل الشيعة ١٨: ٤٠٩، كتاب الحجر، الباب ١،

الحديث ١.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٢٠.

(٢٧٩)

Page 271: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المآثير التي يمكن االستدالل بها على اشتراط البلوغومما يمكن أن يستدل به على التقييد والتخصيص، روايات

متفرقة في الكتب المختلفة، وهي على طوائف:بعضها ظاهر في أن الرشد تمام الموضوع.

وبعضها ظاهر في أنه أحد الموضوعين.وبعضها ظاهر وهو األكثر، في أنه جزء الموضوع، والبلوغ جزؤه

اآلخر.واستفادة كون البلوغ مجوز دفع المال عند الشك، أيضا ممكنة منبعضها، ولكن المنصف المتدبر فيها ال يجد منها إال أن كفاية الرشد

ممنوعة، بل ال بد من حصول قوتين: قوة في بدنه، فيصير من الرجال، وقوةفي نفسه، بأن يكون رشيدا، فال بد من بلوغه أشده، وبلوغه رشده.ومما يشهد على أن الجمع بين هذه الطوائف متعين، بحمل المطلق

منها على المقيد، وال يمكن حمل المقيد على صورة عدم الرشد قبلالبلوغ، فيكون الرشد قبل البلوغ مجوز الدفع ومصحح المعاوضات: ما

رواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير، عن مثنى بن راشد، عن أبي بصير،عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سألته عن يتيم قد قرأ القرآن، وليس بعقله بأس،

وله مال على يد رجل، فأراد الذي عنده المال أن يعمل به مضاربة، فأذنله الغالم.

فقال: ال يصلح له أن يعمل به حتى يحتلم، ويدفع إليه ماله.

(٢٨٠)

Page 272: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قال: وإن احتلم ولم يكن له عقل، لم يدفع إليه شئ أبدا (١).نعم، التجاوز عن هذه المآثير إلى مطلق الصبي ممنوع،

لخصوصية في اليتامى، كما ال يخفى، فهي تقصر عما هو المقصود.وأما المآثير الواردة في الجارية والغالم، فهي تمنع عن جواز

بيعهم وشرائهم وصدقتهم وغيرها (٢)، بإلغاء الخصوصية، إال أنها منصرفة--------------------

١ - الفقيه ٤: ١٦٤ / ٥٧٠، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٧، كتاب الوصايا، الباب ٤٥،الحديث ٥.

٢ - منها ما رواه الصدوق قال: قال أبو عبد الله (عليه السالم): إذا بلغت الجارية تسع سنين دفعإليها مالها وجاز أمرها في مالها وأقيمت الحدود التامة لها وعليها.

الفقيه ٤: ١٦٤ / ٥٧٤، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٧، كتاب الوصايا، الباب ٤٥،الحديث ٤.

ومنها رواية حمران، عن أبي جعفر (عليه السالم) - في حديث - قال: إن الجارية ليستمثل الغالم، إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع

إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأخذت لهاوبها، قال: والغالم ال يجوز أمره في الشراء والبيع، وال يخرج من اليتم حتى يبلغ

خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك.الكافي ٧: ١٩٧ / ١، وسائل الشيعة ١٨: ٤١٠، كتاب الحجر، الباب ٢،

الحديث ١.ورواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: ال يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع

سنين أو عشر سنين.الكافي ٧: ٦٨ / ٥، وسائل الشيعة ١٨: ٤١١، كتاب الحجر، الباب ٢، الحديث ٢.ورواية أصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السالم) أنه قضى أن يحجر على الغالم

المفسد حتى يعقل.الفقيه ٣: ١٩ / ٤٣، وسائل الشيعة ١٨: ٤١٠، كتاب الحجر، الباب ١، الحديث ٤.

(٢٨١)

Page 273: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

عن الرشيد، ألن المتعارف عدم رشدهم قبل ذلك، بل ظاهر اللغة أن اإلنسبالرشد يورث انقطاع اليتم، فيكون الصبي والجارية خارجين موضوعا

عن األدلة إذا كانوا رشيدين، فكأن هذه الصورة ليست في المآثيرواألخبار، وقضية الكتاب والسنة نفوذ تجارتهم فيها.

هذا كله لوال الضرورة المدعاة في المسألة (١)، واالجماعاتالمحكية عليها (٢).

إذا عرفت ذلك، فالبحث يتم هنا في ضمن فروع:فروع

الفرع األول: حول معامالت الصبي بإذن وليهبناء على ممنوعية الصغير عن االستقالل في أموره المالية، فهل

هو ممنوع في ماله ولو بإذن الولي، أم ال؟أو فيه تفصيل بين من كان مستقال فيها بإذنه، ومن كان آلة فيها، وهو

المتصدي ألمر التجارة وحدودها؟الظاهر هو هذا، ألنه إذا كان آلة فهو كالحيوان المعلم في القبض

--------------------١ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٦١.

٢ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥١، جواهر الكالم ٢٢: ٢٦٠.

(٢٨٢)

Page 274: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

واالعطاء، وال يعد ذلك بيعه وشراءه حتى يكون ممنوعا بالضرورة، فاألدلةقاصرة عن شمول هذه المواضيع قطعا.

وإذا كان مستقال في جميع تصرفاته، إال أن ذلك بإذن الولي، فهوكالمستقل، ألن الذي يفهم من الكتاب والسنة في هذه التحديدات

العقالئية والشرعية، هو حفظ أموال الصغار واليتامى، وبذلك ال يختلفاألمر.

اللهم إال أن يقال: هذا هو األمر المحتوم في مال اليتيم، ألنالرشد فسر في الرواية بحفظ المال (١)، ولكنه ممنوع في الصغير،

ألنه من المحتمل شرطية إذن األب احتراما، كما في الباكر، بل قولهم:أنت ومالك ألبيك (٢) شاهد على أنه ممنوع ألجل ذلك، فمع إذنه يتم

شرائط نفوذها.فعليه يلزم التفصيل في المسألة تارة: بين اليتامى والصغار،

بممنوعية األولين مطلقا، بخالف اآلخرين، النصراف أدلتها عمن كان رشيدا--------------------

١ - قد روي عن الصادق (عليه السالم) أنه سئل عن قول الله عز وجل: (فإن آنستم منهم رشدافادفعوا إليهم أموالهم)، قال: إيناس الرشد حفظ المال.

الفقيه ٤: ١٦٤ / ٥٧٥، وسائل الشيعة ١٨: ٤١١، كتاب الحجر، الباب ٢،الحديث ٤.

٢ - محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل: أنتومالكألبيك.

عوالي الآللي ٣: ٦٦٥ / ١٥٦، مستدرك الوسائل ١٣: ١٩٦، كتاب التجارة، أبوابما يكتسب به، الباب ٦٢، الحديث ١.

(٢٨٣)

Page 275: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

عاقال.وأخرى: بين من كان مستقال بإذنه، وبين من كان آلة لالنشاء، بحيث ال

يكون له حكم من أحكام المعاملة حتى خيار المجلس، فإنه في هذهالصورة ال يبعد نفوذ أمره.

الفرع الثاني: حول كفاية إجازة الولي بعد تصرف الصبي مستقالفيما لو تصرف الصبي مستقال في أمواله، فهل يكفي إجازة الولي بعد

المعامالت من غير مراعاة المصلحة، أم ال يكفي، أو يفصل؟والظاهر أن حكم هذه المسألة كما سبق، ضرورة أنه مع كونه

مستقال يكون مشموال لقوله: ال يجوز أمره (١) ومع توقف الصحة علىمراعاة الولي المصالح، فهو إما يخرج عن موضوع المسألة، ألنه ال يعد

حينئذ مستقال، أو تكون األدلة منصرفة عنه في هذه المواقف.ويمكن دعوى نفوذ هذه المعامالت، ألنها باإلجازة تستند إلى

--------------------١ - حمران، عن أبي جعفر (عليه السالم) - في حديث - قال: إن الجارية ليست مثل الغالم، إن

الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجازأمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأخذت لها وبها، قال: والغالم ال

يجوز أمره في الشراء والبيع وال يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أويحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك.

الكافي ٧: ١٩٧ / ١، وسائل الشيعة ١٨: ٤١٠، كتاب الحجر، الباب ٢،الحديث ١.

(٢٨٤)

Page 276: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األولياء، كما في الفضولي.ولكنها فاسدة بالضرورة، ولذلك ال معنى لوكالته عنهم في تصرفاته

في أمواله، لعدم مساعدة االعتبار كما ال يخفى، فما ترى في كلماتهم منالتوكيل (١)، فهو محمول على الفروع اآلتية.

ومما يشهد على فسادها: أن المقصود من الوالية المجعولة حفظأموال الصغار، وهو ال يمكن إال بدخالة الولي في الصالح والفساد.ولكنه على ما عرفت منا، مخصوص باليتامى، وال معنى له في هذه

الصورة، خصوصا إذا أعطاه الولي من ماله إليه تمليكا، ثم أمره بالبيعوالشراء، ناظرا إلى المصالح األخر غير مصلحة البيع والشراء، فال

تخلط.وتوهم داللة اآلية الشريفة على صحة هذه المعاملة، ألن

االبتالء متوقف عليها (٢)، فاسد، بداهة أن التوقف عليها أعم من الصحيحوالفاسد.

حكم معامالت الصبي فيما إذا أنس منه الرشد باالختبارنعم، إذا أنس منه الرشد فيما أتى به اختبارا، فهل هو صحيح الزم،

الجتماع الشرائط، أم ال؟--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٦ / السطر ٦.٢ - الحظ مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥١ - ١٥٢، منية الطالب ١: ١٧٠ /

السطر ١٢.

(٢٨٥)

Page 277: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قضية الصناعة هو األول، إال أن االشكال في جواز االختبار بماله.وإذا كان بمال غيره فهو متوقف على إجازته.

ولو خالف الولي وعصى، وأعطاه ماله لالختبار، فتبين رشده بها،بحيث علم أنه كان رشيدا قبل ذلك، فهل تبطل أم تصح؟.

فيه وجهان، ال يبعد الثاني، لعدم الوجه للسراية.حول تصحيح معاملة الصبي بالوكالة

إن قلت: الوكالة ال تعتبر في تصرفات الصبي في أمواله، مع أنه لوصحت الوكالة يصح غيرها، فال حاجة إلى إثبات استناد أفعاله إلى

وليه. ولو لم تصح وكالته - ألنه من األمر غير الجائز - ال تصح غيرها،الستناده إليه قهرا.

اللهم إال أن يقال: بصحة الوكالة فقط، دون مثل البيع والشراء،ولكن النيابة معتبرة، فيكون نائبا عنه في هذه األمور، وال تستند حينئذ

أفعاله إال إلى المنوب عنه.قلت أوال: نفوذ هذه النيابة ممنوع.

وثانيا: جريان هذه الماهية االعتبارية هنا - كالوكالة - ممنوع.وثالثا: الولي نائب عن المولى عليه، ولو عكس األمر يلزم القول:بأن النيابة شرعية وغير شرعية، فالولي نائب شرعا، والصغير نائببحكم الولي، فلو كانت نيابة الصغير مستلزمة النتساب أفعاله إلىالمنوب عنه، يلزم ذلك في عكسه، والتفريق بين لوازم الماهيات

(٢٨٦)

Page 278: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االعتبارية يحتاج إلى دليل، فتكون معاملة الولي غير نافذة، ومعاملةالصبي نافذة. بل يلزم عدم نفوذها في الفرضين، كما ال يخفى.

نفي االجماع على بطالن معاملة الصبيفبالجملة: دعوى االتفاق على عدم صحة عقد الصبي مع اإلذن

واإلجازة (١)، غير مسموعة، لذهاب مثل األردبيلي (رحمه الله) إليها، بل ظاهرالمسالك دعواه على بطالن عقد غير الرشيد (٢)، وهذا هو المقطوع به

دليال وعرفا.بل ربما يستظهر من العبارة المحكية عن األردبيلي (قدس سره) رفع المنع

عن صحته مستقال، لما قال: وبالجملة إذا جوز عتقه وصدقته ووصيتهالمعروف وغيره من القربات - كما هو ظاهر الروايات الكثيرة - ال يبعد

جواز بيعه وشرائه وسائر معامالته، إذا كان بصيرا مميزا رشيدا، يعرفنفعه وضره في المال، وطريق الحفظ والتصرف، كما نجده في كثير منالصبيان، فإنه قد يوجد فيهم من هو أعظم في هذه األمور من آبائهم، فال

مانع من إيقاع العقد، خصوصا مع إذن الولي وحضوره بعد تعيينهالثمن (٣) انتهى.

--------------------١ - الحظ جواهر الكالم ٢٢: ٢٦٠ - ٢٦١.

٢ - مسالك األفهام ١: ١٣٤ / السطر ١١.٣ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥٢.

(٢٨٧)

Page 279: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وتوهم المنافاة بين نفوذ عقده، ووالية األب والجد عليه (١)، مندفعبأن ذلك ال ينافيها، إذا أمكن لهم فسخ العقد فيما يجدون خالف مصلحته في

العقد، فال يشترط الصحة باإلذن في هذه الصورة، وال تكون واليتهممنقطعة قبل البلوغ.

ومن عجيب ما توهم: أن سقوط التكاليف االلزامية - من وجوبالوفاء والتسليم وأداء األرش - ينافي صحته (٢)!!

وأنت خبير: بأن العقد مع البالغ الباني على عدم الوفاء باطل، ومعالرشيد غير البالغ الباني على ترتيب اآلثار صحيح، فال تغفل.

ولو تخلف فلآلخر إعمال الخيار، سواء كان رشيدا بالغا، أو غيربالغ، بل نسب إلى الشيخ جواز بيع من بلغ عشرا (٣). والتدبر في

المسألة يعطي أن ذلك ليس ألجل اختيار البلوغ كذلك، بل الظاهر منعبارته (٤) وعبارة العالمة في التحرير (٥) والصيمري اختصاص

الحكم بالبيع (٦)، فتدبر.فدعوى: أن المسألة إجماعية (٧)، ممنوعة، بل صريح جامع

--------------------١ - منية الطالب ١: ١٧١ / السطر ٢.

٢ - الحظ هداية الطالب: ٢٤٧ / السطر ٢٦.٣ - الحظ مفتاح الكرامة ٤: ١٧٠ / السطر ١٤، جواهر الكالم ٢٢: ٢٦٠.

٤ - الحظ المبسوط ٢: ١٦٣.٥ - تحرير األحكام ١: ١٦٤ / السطر ١٠ - ١١.

٦ - الحظ مقابس األنوار: ١٠٩ / السطر ٢٧.٧ - جواهر الكالم ٢٢: ٢٦٠ - ٢٦١.

(٢٨٨)

Page 280: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقاصد نفي البعد عن كون بناء المسألة على أن أفعال الصبيوأقواله شرعية، أم ال (١)، بل األردبيلي (رحمه الله) قد منع في طي كالمه االجماع

أيضا (٢). مع أنها ذات رواية وآية، فال تذهل.وما قيل: من أن البطالن متفق عليه بين المسلمين (٣) مردود، هذاأبو حنيفة فإن من تقاسيمه يظهر صحة العقد الذي فيه النفع البين،

كقبول الهدية، والدخول في االسالم (٤).نعم، سائر الطوائف قالوا بالصحة مع اإلذن واإلجازة إال

الشافعي (٥)، فإنه جعله مسلوب العبارة، كما هو المعروف بيننا.ذنابة: في المآثير التي قد يستدل بها على سلب عبارة الصبي

قد يستدل على أنه مسلوب العبارة بطوائف من المآثير واألخبار:الطائفة األولى: ما تدل على أنه مرفوع عنه القلم، ففي الخصال

بإسناده عن ابن ظبيان الوضاع الجعال الكذاب (٦) قال: أتي عمر بامرأة--------------------

١ - جامع المقاصد ٥: ١٨٥ / السطر ١٦.٢ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥٣.

٣ - لم نعثر عليه، الحظ جواهر الكالم ٢٢: ٢٦٠ - ٢٦١.٤ - الفقه على المذاهب األربعة ٢: ٣٦٣.٥ - الفقه على المذاهب األربعة ٢: ٣٦٥.

٦ - قال ابن الغضائري في حقه: غال، وضاع للحديث، روى عن أبي عبد الله (عليه السالم)،ال يلتفت إلى حديثه.

وقال النجاشي: ضعيف جدا، ال يلتفت إلى ما رواه.وروى الكشي عن الفضل أنه قال: الكذابون المشهورون، أبو الخطاب ويونس بن

ظبيان و....الحظ اختيار معرفة الرجال: ٥٤٦ / ١٠٣٣، رجال النجاشي: ٤٤٨ / ١٢١٠،

مجمع الرجال ٦: ٢٨٤.

(٢٨٩)

Page 281: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

مجنونة قد زنت، فأمر برجمها.فقال (عليه السالم): أما علمت أن القلم يرفع عن ثالثة: عن الصبي حتى يحتلم،

وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ؟! (١).وفي حدود الوسائل عن إرشاد المفيد قال: روت العامة

والخاصة أن مجنونة فجر بها رجل، وقامت البينة عليها، فأمر عمربجلدها الحد.

فمر بها علي أمير المؤمنين (عليه السالم) فقال: ما بال مجنونة آل فالنتقتل؟.

فقيل له: إن رجال فجر بها فهرب، وقامت البينة عليها، فأمر عمربجلدها.

فقال لهم: ردوها إليه، وقولوا له: أما علمت أن هذه مجنونة آل فالن،وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: رفع القلم عن المجنون حتى يفيق...؟!

.(٢)--------------------

١ - الخصال: ٩٣ - ٩٤ / ٤٠، وسائل الشيعة ١: ٤٥، كتاب الطهارة، أبواب مقدمةالعبادات، الباب ٤، الحديث ١١.

٢ - وسائل الشيعة ٢٨: ٢٣، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب مقدمات الحدودوأحكامها العامة، الباب ٨، الحديث ٢.

(٢٩٠)

Page 282: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وقال الشيخ في سرقة المبسوط: روى علي (عليه السالم) عن رسولالله (صلى الله عليه وآله وسلم): رفع القلم عن ثالثة... إلى آخره (١).

وال يبعد اشتهار الحديث بين أرباب التصانيف من القدماء،مستدلين به في مواقف كثيرة، وبعد اتحاد واقعة عمر يعلم: أن ما في ذيل

الخصال يكون في ذيل اإلرشاد (٢) وبعد شهادة المفيد يشكل صرفالنظر عنه، فدعوى الوثوق بصدوره غير بعيدة.

وقد ورد في ذيل رواية أبي البختري في قصاص الوسائل بعدذكر المجنون والصبي: وقد رفع عنهما القلم (٣).

وغاية ما يقال أو يمكن قوله: أن هذه المآثير تدل على أن اإلرادةاالستعمالية في القوانين التأسيسية واالمضائية الشاملة لكل أحد

- ومنه الصبي - غير مطابقة لإلرادة الجدية، وتكون الثالثة خارجةمنها. واالختصاص بالعقوبات األخروية، ينافيه موردها من رفع العقوبةالدنيوية بها من الحدود وغيرها. وإثبات بعضها لدليل ال يضاد إطالقه،

لعدم إباء لسانه عن التقييد، كما ثبتت العقوبة األخروية ألطفالالكفار حسب النص والفتوى.

ووحدة السياق تدرج األول في الثاني والثالث في مسلوبية--------------------

١ - المبسوط ٨: ٢١.٢ - اإلرشاد، الشيخ المفيد: ٢٠٣.

٣ - قرب اإلسناد: ١٥٥ / ٥٦٩، وسائل الشيعة ٢٩: ٩٠، كتاب القصاص، أبوابالقصاص في النفس، الباب ٣٦، الحديث ٢.

(٢٩١)

Page 283: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العبارة، كما ال يخفى. وإسناد الرفع إلى القلم حقيقي، وإخبار عنترفعه عن الكتابة لهم، فال مكتوب في حقهم أصال. وال معنى

الختصاصه بموارد المنة، ألنه ليس علة، بل الظاهر قصورالمقتضيات فيه كما في أخويه.وجه منع داللة الطائفة السابقة

أقول: االلتزام باالطالق، ثم التقييد في كثير من المواقف - بعداقتضاء المناسبة بين الحكم والموضوع عدمه، لفهم العرف ذلك منه -

مشكل، بل ممنوع، فإن الظاهر أن القلم مرفوع عنهم، لصباه، ولجنونه،ولنومه، وجامعه عدم الشعور، ومن عليه القلم هو الكبير العاقل

المنتبه، لما فيه الشعور واالدراك، فكل تكليف ثابت للكبير بما هو مدركعاقل، مرفوع عن الصغير، وما يثبت له بما هو انسان، فهو ال يرفع عنهم،

فاألحكام الوضعية والضمانات وصحة العقود وااليقاعات وأمثالها،ليست مورد الرفع، وما ترى في موردها فهو ألجل أنها زنت ال عن عصيان

ال ترجم، لعدم السبب المورث الستحقاقها الرجم، فعلى هذا تنحصرالعقوبات باالرتفاع، دنيوية كانت، أو أخروية، الرتفاع السبب الوحيد

وهو التكليف وثقل الكلفة.إن قلت: لو سلمنا داللته على مسلوبية العبارة، فال يدل على نفيالصحة التأهلية، فإنها ليست مجعولة حتى ترفع به، فلو أذن الولي

(٢٩٢)

Page 284: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأجاز صحت عقوده.قلت: ليست الصحة مطلقا مجعولة، وما هو المجعول أمر آخر، وهو

ممكن، كما في الفضولي.ال يقال: الدية ثابتة، وهي العقوبة الدنيوية.

ال نا نقول أوال: إن المتبادر هي العقوبة النفسانية، الالمالية.

وثانيا: ال تعد الدية من المؤاخذة والعقوبة، ضرورة بشاعةقوله: من أتلف مال الغير فهو يعاقب ويؤاخذ في ماله.

وثالثا: نلتزم بالتخصيص من غير لزوم إشكال.إن قيل: ال معنى لرفع غير الثابت، والمجنون والنائم وأكثر

الصبيان، خارجون عن األدلة االلزامية، لقبح الخطاب بالنسبة إليهم،بل وامتناعه، فما هو الثابت ويساعد عليه االعتبار هي الوضعيات، وفي

رفعها امتنان عليهم، لبراءتهم من تدارك الخسارات بعد الكبر والعقلواالنتباه، وهذه منة قطعا، وإرفاق في حقهم.

قلنا: األوصاف المأخوذة في الدليل شرائط التنجيز، ال توجيهالخطاب، فالرفع إخبار - كما أشير إليه - عن حدود اإلرادة الجدية بعد

شمول األدلة لهم.وتوهم: أن الخطاب غير معقول، في غير محله، ألن ما هو الممنوع

عقال هو الخطاب الشخصي الخاص، بهم دون الخطابات الكلية

(٢٩٣)

Page 285: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

القانونية، وبيان الفرق بينهما في محل آخر (١).ثم إن هنا وجها آخر لعدم داللة الحديث على بطالن عبارة الصبي:وهو أن الشريعة االسالمية مركبة من القوانين التأسيسية واالمضائية

فعليه يختص المرفوع باألولى، وتكون الرواية مقابل ما ورد فيالمآثير: من أنه إذا بلغ كتبت عليه السيئات، وجرى عليه القلم (٢).

الطائفة الثانية: الروايات المشتملة على التسوية بين عمدالصبي وخطئه، وهي كثيرة:

فمنها: معتبرة ابن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: عمد الصبي وخطأهواحد (٣).

وقد يشكل االتكال على إطالقها، لما ورد في روايات هذه العبارةبألفاظها مذيلة بقولهم: تحمله العاقلة أو يحمل على العاقلة

المخصوص ذلك بالجناية في الجملة، فعليه يصح للمتكلم االتكالعلى القرينة المعروفة عنه في سائر عباراته، مع وجود القرائن األخر.وااللتزام بإطالق الذيل يورث الفقه الجديد، أو خروج الكثير جدا.هذا مع أنه فرق بين أن يقال: عمد الصبي خطأ وبين أن يقال: هو

--------------------١ - الحظ تحريرات في األصول ٣: ٤٣٧ وما بعدها.

٢ - وسائل الشيعة ١: ٤٥، كتاب الطهارة، أبواب مقدمة العبادات، الباب ٤،الحديث ١٢، و ١٩: ٣٦٣، كتاب الوصايا، الباب ٤٤، الحديث ٨.

٣ - تهذيب األحكام ١٠: ٢٢٣ / ٩٢٠، وسائل الشيعة ٢٩: ٤٠٠، كتاب الديات،أبواب العاقلة، الباب ١١، الحديث ٢.

(٢٩٤)

Page 286: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وخطأه واحد فإنه في األول يثبت جميع أحكام الخطأ لعمده، سواء كانتثبوتية، كما في الجنايات، أو سلبية، كما في غيرها، وفي الثانية ال يثبتأحكام خطأ الناس لعمده، ألن ما هو المنزل عليه هو خطؤه، فما يثبت

لخطئه بالخصوص يسري إلى المنزل، وهو عهده.وبالجملة: فال معنى لالطالق في المنزل عليه، حتى يصح االستناد

إليه في المقام.ولعمري، إن الغفلة عن هذه النكتة ألجأتهم إلى إطالة البحث

حول ثبوت االطالق وعدمه بما ال يرجع إلى محصل، فتأمل.إن قلت: قضية ضعيفة وهب بن وهب أبي البختري، عن جعفر، عن

أبيه، عن علي (عليهم السالم): أنه كان يقول في المجنون، والمعتوه الذي ال يفيق،والصبي الذي لم يبلغ: عمدهما خطأ تحمله العاقلة، وقد رفع عنهما القلم (١) هو

انسالب عبارته، وأن قصده كال قصد، وذلك لظهور الجملة األخيرة فيكونها علة للتسوية بين العمد والخطأ، فعليه يعلم داللة حديث الرفع (٢)

على المقصود. ولو كان رفع القلم معلول التسوية، فهو أيضا دليل علىالمطلوب.

قلت: مقتضى ما عرفت أن المنزل عليه مطلق الخطأ، فيترتب على--------------------

١ - وسائل الشيعة ٢٩: ٩٠، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب ٣٦،الحديث ٢.

٢ - الخصال: ٤١٧ / ٩، وسائل الشيعة ١٥: ٣٦٩، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفسوما يناسبه، الباب ٥٦، الحديث ١.

(٢٩٥)

Page 287: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العمد آثاره الثبوتية، وهي حمل العاقلة، وآثاره السلبية، وهي رفعالقلم، فتكون الجملة الثانية معطوفة. ولو فرضنا ظهورها في الحالية

- كما ال يبعد لكلمة قد - فهو دليل تحمل العاقلة، أي ال يجب عليهالتحمل، للرفع، وال يكون دليال على التنزيل كما قيل (١).

فبالجملة: أثر التنزيل رفع القصاص، وإثبات تحمل العاقلة بعدلزوم حفظ الدماء بحديث الرفع، فافهم وال تغفل.

الطائفة الثالثة: بعض األخبار المروية في الكتب المختلفة، مثلرواية عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: إذا بلغ أشده ثالث عشرة

سنة، ودخل في األربع عشرة، وجب عليه ما وجب على المحتلمين، احتلم أولم يحتلم، وكتب عليه السيئات، وكتبت له الحسنات، وجاز له كل شئ، إال أن

يكون ضعيفا أو سفيها (٢).وظاهرها ألجل قوله: كتبت له الحسنات عدم كتابة شئ له قبل

البلوغ، حتى الحسنة، فال يقبل عباداته وال غيرها، وألجل قوله: جاز لهكل شئ عدم جواز كل شئ قبله حتى العبادة، واآللية في إيجاد العقدبالصيغة أو الفعل، وغيره من كل شئ. ولوال ضعف السند، وإعراض

المشهور عن الصدر، لكان العمل بذيلها متعينا.--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٢٧ - ٢٨.٢ - الفقيه ٤: ١٦٤ / ٥٧١، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٤، كتاب الوصايا، الباب ٤٤،

الحديث ١١.

(٢٩٦)

Page 288: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اللهم إال أن يدعى: أن المفهوم ال يدل إال على المهملة،والحسنات ال تطلق على العقود وااليقاعات إال بعض منها، فال يتم

االستدالل كما ال يخفى.فما في معتبرة عبد الله بن سنان، عنه (عليه السالم) قال: إذا بلغ الغالم ثالث

عشرة سنة كتبت له الحسنة... (١) إلى آخره، ويفيد المفهوم السلبالكلي، لوقوع النكرة في سياق النفي، ال يفيد شيئا، فليتدبر.

ومنها: ما في رواية العياشي، عن عبد الله بن سنان، عنه (عليه السالم) قال:إذا بلغ ثالث عشر سنة جاز أمره، إال أن يكون... (٢).

فإن المفهوم يورث عدم جواز أمره سواء كان وكالة أو غيرها،فكونه آلة ألمر الغير ال يخرج من انطباق عنوان عليه، ولذلك يصح له أخذ األجر

حذاءه.بل المستفاد من بعض الروايات معهودية عدم نفوذ أمره، ففي

--------------------١ - تهذيب األحكام ٩: ١٨٤ / ٧٤١، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٥، كتاب الوصايا،

الباب ٤٤، الحديث ١٢.٢ - عبد الله بن سنان قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم) متى يدفع إلى الغالم ماله؟ قال: إذا بلغ

وأونس منه رشد ولم يكن سفيها وال ضعيفا، قال: قلت: فإن منهم من يبلغ خمسعشرة سنة وست عشرة سنة ولم يبلغ، قال: إذا بلغ ثالث عشرة سنة جاز أمره إال أن

يكون سفيها أو ضعيفا، قال: قلت: وما السفيه والضعيف؟ قال: السفيه الشاربالخمر والضعيف الذي يأخذ واحدا باثنين.

تفسير العياشي ١: ١٥٥ / ٥٢١، وسائل الشيعة ١٩: ٣٧٠، كتاب الوصايا،الباب ٤٦، الحديث ٢.

(٢٩٧)

Page 289: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

رواية ابن سنان، عنه (عليه السالم) قال: سأله أبي وأنا حاضر عن اليتيم، متى يجوزأمره.

قال: حتى يبلغ أشده... (١).وقضية االطالق عدم الفرق بين صور المسألة. ولو قلنا باختصاص

الثانية باليتيم، وتكون منصرفة إلى تصرفاته في أمواله، لما كان وجهلالشكال في األولى.

وجه الخدشة في المآثير المتقدمةأقول: الروايات المعتبرة في هذه المسألة - لذاتها، أو النجبار

ضعفها - ما هو المشتمل على نفوذ أمر الصبي في البيع والشراء، ونفوذهفي غيرهما بإلغاء الخصوصية، أو االجماع، وأما فيمن كان آلة، أو كان

الولي مشرفا على أفعاله وأقواله فال وجه لهما، وال إطالق في معاقداالجماعات حتى يستلزم انجبار تلك المطلقات، على إشكال فيه.

--------------------١ - عن أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال:

سأله أبي - وأنا حاضر - عن اليتيم متى يجوز أمره؟ قال: حتى يبلغ أشده، قال: وماأشده؟ قال: احتالمه. قال: قلت: قد يكون الغالم ابن ثمان عشرة سنة أو أقل أو

أكثر ولم يحتلم، قال: إذا بلغ وكتب عليه الشئ جاز أمره، إال أن يكون سفيها أوضعيفا.

الخصال: ٤٩٥ / ٣، وسائل الشيعة ١٨: ٤١٢، كتاب الحجر، الباب ٢، الحديث ٥.

(٢٩٨)

Page 290: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

إن قلت: عن الغنية دعوى االجماع (١)، وعن كنز العرفان نسبةعدم صحة عقد الصبي إلى أصحابنا (٢)، وعن التذكرة: أن الصغيرمحجور عليه بالنص واالجماع، سواء كان مميزا، أو ال، في جميع

التصرفات إال ما استثني، كعباداته، وإسالمه، وإحرامه، وتدبيره،ووصيته، وإيصال الهدية، وإذنه في الدخول، على خالف في ذلك (٣)

انتهى.واستظهر الشيخ من استثناء األخيرين إطالق معقده (٤).

ولو قيل: بأنهما من التصرف، وأي تصرف أعظم من إذنه في الدخولمع عدم وجود صاحب الدار فيها؟!

قلنا: قضية إطالق المستثنى إطالق المستثنى منه، فإيصال الهدية- سواء كان فيما يستلزم اعتبار قوله وصحة إقباضه، أو كان كالحيوان آلة -

يكون مستثنيا، فال تغفل.قلت: لو صحت دعوى االجماع، لكان على الشيخ في الخالف

دعواه، مع أنه تشبث باآلية والرواية (٥).--------------------

١ - مفتاح الكرامة ٤: ١٧٠ / السطر ١٣، الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٥٢٣ /السطر ٣٤، و: ٥٣٢ / السطر ٥.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٩، كنز العرفان ٢: ١٠٢.٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٩، تذكرة الفقهاء ٢: ٧٣ / السطر ٢٥.

٤ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ١١.٥ - الخالف ٣: ٢٨٧ - ٢٨٩، المسألة ٧.

(٢٩٩)

Page 291: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأما إجماعات الغنية فهي - على ما أفاده في أول كتابه (١) - ليستمن االجماع المصطلح عليه عند اآلخرين. مع أن في عبارته إشكاال آخر،

فراجع.وأما استكشاف االجماع من التذكرة فهو ممنوع، لعدم اتكائه

عليه في أصل المسألة، وقد أعرض عنه واستدل بغيره، فراجع وتدبر.إن قيل: رواية ابن سنان معتبرة، ألن الخصال رواها بسند صحيح

عن البزنطي، وهو عن أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ، عن عبد الله بنسنان، وأبو الحسين هذا هو عندي - على ما تحرر في محله (٢) - آدم بن

المتوكل الثقة، ولو كان غيره ففي رواية أحمد بن محمد بن عيسى، عنالبزنطي، عنه، شهادة على وثاقته واعتباره.

ومقتضاها عدم جواز أمره سواء كان بيعا، أو وكالة، وعلى الثانيسواء كانت وكالة في أموال الغير، أو عن وليه في إجراء العقد، فإنه أيضا

وكالة قهرا، كما ال يخفى.قلنا: نعم، إال أن دعوى انصرافها عن هذه الصورة قريبة جدا. مع أن

أمر اليتيم في ماله غير أمر الصبي، كما مضى سبيله (٣).--------------------

١ - الغنية، ضمن الجوامع الفقهية: ٤٧٧ / السطر ٣٥.٢ - لعله في فوائده الرجالية وهي مفقودة.

٣ - تقدم في الصفحة ٢٧٦.

(٣٠٠)

Page 292: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بحث وتفصيل: في نفوذ أمر الصبي مطلقا إال ما خرج بدليلقضية ما مر قصور األدلة عن إبطال قول الصبي إال في

الجملة، ولو كان األمر كما أفاده القوم، فهو ألجل قصور المقتضي،كما في المجنون والنائم، ال للمانع، وعليه ال وجه للتخصيص مع

ورود المآثير الكثيرة في صحة طالقه (١) ووصيته (٢)، بل وتدبيره (٣)--------------------

١ - جميل بن دراج عن أحدهما (عليهما السالم) قال: يجوز طالق الغالم إذا كان قد عقل وصدقتهووصيته وإن لم يحتلم.

تهذيب األحكام ٩: ١٨٢ / ٧٣٣، وسائل الشيعة ١٩: ٢١٢، كتاب الوقوفوالصدقات، الباب ١٥، الحديث ٢.

٢ - عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: قال أبو عبد الله (عليه السالم): إذا بلغ الغالم عشر سنينجازت وصيته.

الكافي ٧: ٢٨ / ٣، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٢، كتاب الوصايا، الباب ٤٤، الحديث ٣.عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: إذا بلغ الصبي خمسة أشبار

أكلت ذبيحته وإذا بلغ عشر سنين جازت وصيته.تهذيب األحكام ٩: ١٨١ / ٧٢٦، وسائل الشيعة ١٩: ٣٦٢، كتاب الوصايا،

الباب ٤٤، الحديث ٥.٣ - لم نعثر على خبر في صحة تدبيره، لكن الشيخ (رحمه الله) قال بصحة تدبير الصبي إذا كان

مميزا عاقال مراهقا وقال قيده أصحابنا بما إذا بلغ عشر سنين فصاعدا إذا كان عاقال،وقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم على أن الصبي إذا بلغ عشر سنين صحت

وصيته وتدبيره ووصيته.الخالف ٢: ٦٧٢، المسألة ٢١.

(٣٠١)

Page 293: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وعتقه (١) ووقفه (٢) وصدقته (٣) وإعارته (٤)، بل وشهادته (٥)، وقد عقد فيالوسائل بابا لذلك. واالشكال في بعض منها - مع ذهاب جمع إلى صحتها

منه - ال يورث انتفاء الوهن.فعلى هذا، يمكن دعوى صحة جميع عقوده وإيقاعاته، إال ما خرج

بالنص، وهو البيع والشراء وما شابههما، مما يرتبط بالمال، على إشكال فيه.نعم، اليتيم مخصوص بالحكم، القتضاء االعتبار، واختصاصه

بالذكر في النصوص واألخبار.--------------------

١ - زرارة، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: إذا أتى على الغالم عشر سنين فإنه يجوز له من مالهما أعتق وتصدق على وجه المعروف فهو جائز.

وسائل الشيعة ٢٣: ٩١، كتاب العتق، الباب ٥٦، الحديث ١.٢ - زرارة، عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: إذا أتى على الغالم عشر سنين فإنه يجوز في ماله

ما أعتق أو تصدق أو أوصى على حد معروف وحق فهو جائز.الكافي ٧: ٢٨ / ١، وسائل الشيعة ١٩: ٢١١، كتاب الوقوف والصدقات،

الباب ١٥، الحديث ١.٣ - محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: سئل عن صدقة الغالم ما لم يحتلم، قال:

نعم إذا وضعها في موضع الصدقة.تهذيب األحكام ٩: ١٨٢ / ٧٣٤، وسائل الشيعة ١٩: ٢١٢، كتاب الوقوف

والصدقات، الباب ١٥، الحديث ٣.٤ - لم نعثر عليه، الحظ جواهر الكالم ٢٧: ١٦١.

٥ - ابن أبي عمير، عن جميل قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): تجوز شهادة الصبيان؟ قال:نعم، في القتل يؤخذ بأول كالمه وال يؤخذ بالثاني منه.

تهذيب األحكام ٦: ٢٥١ / ٦٤٥، وسائل الشيعة ٢٧: ٣٤٣، كتاب الشهادات،الباب ٢٢، الحديث ١.

(٣٠٢)

Page 294: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المآثير الدالة على النفوذ مطلقاوفي المآثير ما يدل على نفوذ أمر الصبي، ففي الوسائل:

النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: نهى رسول الله (صلى اللهعليه وآله وسلم)

عن كسب اإلماء، فإنها إن لم تجد زنت، إال أمة قد عرفت بصنعة يد، ونهى عنكسب الغالم الصغير الذي ال يحسن صناعة بيده، فإنه إن لم يجد سرق (١).

تقريب االستدالل: أن المراد من كسب الغالم إما الكسب معالغالم، وإما اكتساب الغالم نفسه مع غيره من المكلفين، أو مكسوبالغالم، أي الحاصل في يده من الكسب، أو مكسوبه، أي الحاصل في

يده بالمعنى األعم ولو كان بطريق االلتقاط والحيازة، أو االكتساب األعممن الصحيح والفاسد شرعا، وإن كان كسبا بالمعنى العرفي األعم.

والنهي إما تحريم، أو تنزيه، أو إرشاد إلى الفساد.وكلمة الفاء إما تفيد العلة، أو الحكمة.

وعلى جميع التقادير: لما كان القيد المذكور مفيدا للمفهوم عرفا فيالمقام، يعلم منه: أن عمل الصبي في الجملة نافذ، وقضية التقييد

بحسن الصنعة، أن المورد المتيقن من الرواية، ما كان الصبي مستقالفي أمره واقعا، أو بإعطاء وليه. وكون المراد من الكسب المكسوب

بعيد، وخالف الظاهر.--------------------

١ - تهذيب األحكام ٦: ٣٦٧ / ١٠٥٧، وسائل الشيعة ١٧: ١٦٣، كتاب التجارة،أبواب ما يكتسب به، الباب ٣٣، الحديث ١.

(٣٠٣)

Page 295: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بل الظاهر كما فهمه الوسائل أن المقصود الكسب مع الصبيانومع من ال يجتنب المحارم (١)، فإن ذلك ربما يستلزم خسارتهما، فيقعان فيما

أشير إليه فيها.والظاهر أن الجملة األخيرة حكمة الجعل، ال علة المجعول،

فتكون الرواية ظاهرة في التنزيه، وتصير النتيجة صحة اكتسابالغالم مطلقا وكراهة االكتساب معه في صورة خاصة.

وضعف السند بالنوفلي والسكوني، مردود بما تقرر في محله (٢):من وثاقة الثاني، واعتبار األول على األقوى.

ودعوى إعراض المشهور عنها، مسموعة، إال أن مطلق االعراضال يورث الوهن، ألنها ربما كانت مغفوال عنها، أو كانت عندهم قاصرة الداللة.

ومما يؤيد نفوذ أمر الصبي رواية الحسن بن راشد، عنالعسكري (عليه السالم) قال: إذا بلغ الغالم ثماني سنين فجائز أمره في ماله، وقد

وجب عليه الفرائض والحدود، وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك (٣) فتأمل.وهذا هو المستظهر من موثقة الحلبي ومحمد بن مسلم، عن أبي

عبد الله (عليه السالم): سئل عن صدقة الغالم ما لم يحتلم.--------------------

١ - وسائل الشيعة ١٧: ١٦٣، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب ٣٣، وهوباب كراهة كسب الصبيان الذين ال يحسنون صناعة ومن ال يجتنب المحارم.

٢ - الظاهر أنه محرر في الفوائد الرجالية وهي مفقودة.٣ - تهذيب األحكام ٩: ١٨٣ / ٧٣٦، وسائل الشيعة ١٩: ٢١٢، كتاب الوقوف

والصدقات، الباب ١٥، الحديث ٤.

(٣٠٤)

Page 296: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قال نعم، إذا وضعها في موضع الصدقة (١).فإنه ظاهر في أن المناط المحافظة على الواقع، فلو كان بيعهوشراؤه تحت نظارة وليه واقعا في محله، فهو مثل صدقته.

وربما يدل على خصوص نفوذ وكالته في إجراء العقد، قصة أمسلمة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنها ذكرت تزويجها منه (صلى الله عليه

وآله وسلم) موانع ثالثة:ثالثها: أنه ليس لها ولي يزوجها منه (صلى الله عليه وآله وسلم).

فأجاب (صلى الله عليه وآله وسلم) - على ما قيل - بجعل ولده وليا، وأمره بتزويجهامنه (٢).

إال أن كون ولده صغيرا غير معلوم، فافهم.التمسك بسيرة المتشرعة الثبات نفوذ أمر الصبي في األمور اليسيرة

ومقتضى السيرة العملية بين أبناء الشريعة التي كانت من أوليوم على ما هو اآلن، نفوذ عقود الصبي فيما يختص بهم من األمور اليسيرة،

كما ال يعهد تدخلهم في التجارات الكلية، ولو كانت هي غير مرضية،لكانت مردوعة بردوع واضحة معلومة صريحة بالغة إلى جميع

الناس، كسائر المحرمات، بل هذا هو أعظم، واالكتفاء باالطالق والعمومفي خصوص رواية، يكشف عن أن ما عليه بناؤهم مرضي لهم (عليهم السالم).

والعجب أن الفقهاء - رضوان الله تعالى عليهم - ال ينهون عن هذا--------------------

١ - تهذيب األحكام ٩: ١٨٢ / ٧٣٤، وسائل الشيعة ١٩: ٢١٢، كتاب الوقوفوالصدقات، الباب ١٥، الحديث ٣.

٢ - بحار األنوار ٢٢: ٢٠٣، سنن النسائي ٣: ٢٨٦، أسد الغابة ٧: ٣٤٢.

(٣٠٥)

Page 297: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المنكر المتعارف، ولم يعهد في عصر األئمة (عليهم السالم) النهي عنه، مع االبتالءبه في كل يوم مرات!! فكون الصبي مسلوب القول والفعل من األباطيل

القطعية، وصحة أموره ونفوذ ايقاعاته وعقوده في الجملة - خصوصافي األمور الحقيرة والصغيرة - من الواضح كالنار على المنار، وما هوالمقطوع به نصا وفتوى ممنوعية دخوله في مشاغل الرجال باالستقالل

في البيع والشراء، فافهم وتدبر.الفرع الثالث: في تصدي أمر الصبي لمعامالت البالغين

هل يجوز تصديه ألمور اآلخرين في أموالهم، فيكون وكيال عنهم فيالبيع والشراء، أو نائبا في العبادات، أو أجيرا من قبلهم، فإن اإلجارة فيما

استؤجر له كالوكالة والنيابة، أو يتصدى لرد العبد في الجعالة،فيستحق الجعل، أم ال، أو يفصل؟ والتفصيل في المسألة موكول إلى

محالها، ويطلب رأينا في سائر الكتب (١).تنبيه: في إبطال اشتراط قصد مدلول اللفظ

قيل: من جملة شرائط المتعاقدين، قصدهما لمدلول اللفظ الذييتلفظان به. واشتراطه بهذا المعنى في صحة العقد، بل في تحققه، مما

ال خالف فيه (٢) انتهى.--------------------

١ - لم نعثر على تفصيل المسألة فيما بأيدينا من كتب المؤلف (قدس سره).٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٧ / السطر ٣.

(٣٠٦)

Page 298: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أقول: ماهية العقد عبارة عن االيجاب والقبول في اللفظ،والتعاطي في الفعل، على ما هو المعروف بينهم، وما هو من شرائطها هي

العربية والماضوية، وماهية المتعاقدين عبارة عن المتكفلين لطرفيالعقد، وما هو من شرائطهما هو البلوغ ونحوه مما ال يدخل في العقد

وجودا وماهية، وأما القصد فهو من علل وجود العقد، ال ماهيته، وال منشرائط المتعاقدين.

والذي هو الدخيل في وجوده ليس مطلق العقد، كالقصد إلىاأللفاظ حذاء النائم فافهم، وكالقصد إلى المعنى الموضوع له على نعتالتصور، وكالقصد إلى المعنى المجازي ولو كان بنحو التصديق، بل هوإرادة إيجاد موضوع االعتبار للنقل واالنتقال، المستلزم لهما قهرا بحكم

العرف على كيفية أوجدها، من التنجيز، أو التعليق.وما قيل: إن القصد من مقومات العقد (١) فاسد بالضرورة، ألن

الوجود ليس داخال في الماهية حقيقية كانت، أو اعتبارية.نعم، هو من مقوماته بالعرض والمجاز، ألن وجود العقد معلول

القصد ال نفسه، وليس القصد نحو وجوده، بل هو في حكم علة وجوده،فال تغفل، وال تخلط.

ودعوى: أنه من شرائط المتعاقدين (٢)، واضحة المنع، ألن الشرطليس دخيال في إمكان وقوع الشئ، كما ال يخفى.

--------------------١ - الحظ منية الطالب ١: ١٧٦ - ١٧٧، البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٣٧.

٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٧ / السطر ٣.

(٣٠٧)

Page 299: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الشرط الثاني: تعيين المتعاقدينحكم تعيين المتعاقدين في العقود الشخصية

ففي العقود الشخصية يكون الشرط حاصال قهرا، وال وجه لتوهماشتراط التلفظ بهما في العقد، أو إخطارهما بالبال فيه (١)، بل يكفيالتعين الواقعي، وإن كان العاقد الوكيل من قبلهما مشتبها في أمره، بأنأضاف الثمن إلى البائع، والمبيع إلى المشتري، وهكذا لو اشتبه وجعل

البائع مشتريا وبالعكس، من غير فرق بينما إذا أنشأ المبادلة بينالشخصين على نحو التقييد، أو الخطأ في التطبيق، وذلك ألن حقيقة

المبادلة ليست إال الناقل بين المالين في السلطنة أو الملكية.وإن شئت قلت: كل كلمة في الجمل االنشائية كانت الزما ذكرها،

واشتبه على العاقد، فأتى بغيرها، فهو يضر بصحة العقد، وكل كلمة اليلزم ذكرها في العقد فاالتيان بما يضادها ال يضر بها.

ومن ذلك ذكر وكيل المتعاقدين في عقد البيع مثال، فإنه ال يجب--------------------

١ - مقابس األنوار: ١١٥ - ١١٦.

(٣٠٩)

Page 300: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ذلك قطعا، فلو أضاف باإلضافة الغلط فرس زيد إلى عمرو، وفلوس عمروإلى زيد، فإنها ال توجب إشكاال في المقصود والعقد بالضرورة.

ومن ذاك ذكرهما في عقد النكاح، فإنه لو أخطأ حتى في التطبيق،ال يصح عقد النكاح قطعا، وباطل حسب الشرع المقدس، وأما حسبالقواعد العرفية فهو ممنوع، لجواز إيجاد علقة النكاح بين المبهمين معالتعيين الالحق بحكم الولي، أو القرعة، فله عقد ابنتي زيد البنيه، كماله عقد إحداهما لآلخر، ألن الزوج والزوجة معلومين عنوانا، ويصيران

معلومين بعد التعيين معنونين أيضا، وسيجئ تفصيله من ذي قبل إن شاءالله تعالى.

إن قلت: ال يعتبر تعيين المالكين، فلو علم إجماال: بأن هذه العينالشخصية لزيد، أو عمرو، فأوقع العقد بعنوان كلي منطبق عليها علىالبدل، صح العقد، لحصول التبادل بين الشخصين، ويتعين بعد ذلك

بالقرعة، أو بانحالل العلم وكشف الخالف (١).وهذا ليس من العقد الواقع بين المالكين الواقعيين المشار

إليهما باإلشارة االجمالية، بل هو مبادلة بين المالين، ويكونالمالكان كليين. وهذا صحيح حسب القواعد العرفية والعمومات

الشرعية.ومن هذا القبيل إذا باع الفضولي العين الشخصية فضوال من قبل

عنوان كلي ال ينطبق إال على واحد من الجماعة المعتبرين على البدل،--------------------

١ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ١١٦ / السطر ١٥.

(٣١٠)

Page 301: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وفيهم مالكها، مريدا بذلك وقوع البيع بعد إجازة المالك له، ولو لم يجزه،واشترى اآلخر منه تلك العين، يكون البيع له إذا أجاز، فطرف اإلضافة

الملكية عنوان كلي.قلت: المراد من اشتراط تعيين المالك إن كان معناه كونه واحدا

بالشخص في قبال الكلي، فهو باطل عندنا حتى في الكلي، كما سيجئ.وإن كان معناه أن الرضا بالمعاملة تارة: يكون مطلقا حسب

اإلضافة إلى المالك المعين.وأخرى: يكون مقيدا بالنسبة إليها، فعليه فال يقع التبادل بين

المالين المضافين إلى صاحبهما، مع دخالتها في الرضا به بإيقاعالمعاملة بين المالين على االطالق، وهذا يورث لزوم تعيين المالك

أو تعينه.نعم، لو غلط وكيلهما في االنشاء حسب االستعمال، وكان الواقع

مطابقا لرضا المتعاملين، فقال: بعت فرس زيد بحمار عمرو مع أن زيدا الفرس له، والمالك كان وكله في اشتراء فرس بكر، فالظاهر صحة هذه

المعاملة، ألن اإلضافة المذكورة ال تضر بالمبادلة الواقعة بينهما بعدترشح اإلرادة الجدية منه، لغفلته وجهله.

ومن هنا ينقدح حكم ما إذا كان المخاطب في البيع، غير المشتريواقعا، فإنه إن كان المقصود نفس التبادل بين المملوكين الشخصيين

فهو حاصل، وإن كانت اإلضافة دخيلة، فاالنشاء ال يؤثر في شئ، ألنهخارج عن حد وكالته.

نعم، إلحاق اإلجازة به - بناء على صحة الفضولي - مما ال بأس به.

(٣١١)

Page 302: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وإن كانت اإلضافة غلطا، فحكمه ما عرفت آنفا، وقد مضى شطر منالكالم في مسائل لزوم التطابق بين االيجاب والقبول (١). هذا كله في

العقود الشخصية.حكم تعيين المتعاقدين في العقود الكلية

وأما في العقود الكلية، فالمعروف بينهم لزوم التعيين، ألنالكلي بدون اإلضافة إلى ذمة شخصية، ليس متموال وال مملوكا،

فالتعيين المعتبر معناه ذلك، ال أنه يعتبر في حد نفسه، كما يظهر من بعضاألفاضل (٢).

كما أنه ليس معتبرا كذلك في العقود الشخصية، بل الوجه هناكأيضا هو استلزام ماهية المعاوضة دخول كل من العوض والمعوض في

مخرج اآلخر، وقد عرفت منا سابقا عدم صحة هذا، وأن المعاوضة هيالمبادلة بين المالين في الملكية مثال، وأما كون طرف اإلضافة

المالك األول فهو ممنوع، والتكافؤ بين المتضايفين ال يستلزم ذلك، بلقضية هذه المعاوضة التبادل بينهما فيها، وسقوط اإلضافة من

المالكين، وحدوث اإلضافة الجديدة بين المملوكين ومالكهماالمقصودين في االنشاء، فإن الناس مسلطون على أموالهم (٣).

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٧٣ - ١٧٦.

٢ - الحظ منية الطالب ١: ١٧٨ / السطر ٢٣.٣ - بحار األنوار ٢: ٢٧٢ / ٧.

(٣١٢)

Page 303: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وتوهم: أنه يستلزم ملكية األجنبي للعين بال سبب معروف، فاسد،لعدم التزامنا بذلك في أبواب المعامالت، والمسائل االعتبارية أوسع من

التحديدات العقلية، بل هي دائرة مدار األغراض والنتائج العقالئية.فإذا قال: اشتريت لزيد فتارة: يكون الالم لالختصاص، وأخرى:

يكون للملك، وفي الثاني تمليك زيد ذلك.وإن شئت قلت: هذا هو المسبب من البيع، ألن اختالف اآلثار في

العلل االعتبارية على حسب كيفية االعتبار واالنشاء.ومما يدل على ذلك: أن الوكيل المطلق العنان على أموال زيد

الذي هو البائع واقعا، وله خيار المجلس، يقع المعاملة له، وال يقعاألثر في كيسه، فال منع مما ظنه المشهور، من لزوم كون األثر ملك المؤثر.

وتوهم لزوم كون المملك غير مالك، في محله، إال أنه ال يضر، لعدماشتراطه به، كما التزم به األصحاب في بيع الكلي. بل هو هنا غير الزم،

ضرورة أن المملك لألجنبي عن العقد هو المالك، ويملك المبيع مثالالبايع له، ويملك الثمن المشتري إلى األجنبي اآلخر، وال يدخل

العوضان أوال في ملك الطرفين، فإنه خلف كما ال يخفى.فبالجملة: بحكم العرف والعقل، يجوز أن يشترط المالكان بدوا

بأن يملك أحدهما ماله من األجنبي حذاء تمليك اآلخر باآلخر، وال يكونذلك من مقابلة التمليكين، بل هو عند العرف مبادلة المملوكين وقولنا:

حذاء التمليك توسع جائز.ثم إن الكالم في شرطية قبول األجنبي، يطلب من مقام آخر.أقول: ما أفاده القوم في وجه شرطية التعيين في العقود الكلية،

(٣١٣)

Page 304: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ربما يضر، فإن الكلي المضاف إلى الذمة، غير قابل للتسليم والتطبيق،فإنه كلي عقلي، فال يكون متموال وال مملوكا بتلك اإلضافة، فهذه اإلضافة

من قبيل إضافة المظروف إلى ظرفه، كما في القضايا الحينية، فاليكون الكلي مقيدا، فال يكون ماال، ألنه ما دام االطالق ال يتمول وال يملك.

مع أن القضايا الحينية في المسائل االعتبارية، ترجع عرفا إلىالقضايا التقييدية، ألن الظرف دخيل في المظروف، وعندئذ قد يقال:

بأن الطبيعي القابل ألن يكون في الخارج، ويقع عليه المعاملةوالمبادلة، يأتي جوابه عند قوله (قدس سره): فعلى هذا ال يلزم... إذا كان

الطرف قادرا على التسليم والتحويل في الظرف المقرر، وال يشترط فيالمعاملة أزيد منه، وعليه البناءات العرفية وأسواق المسلمين.

وما اشتهر من تعريف البيع ب (التمليك قد مر ما فيه (١)، بل هومبادلة مال بمال، وما يبذل الناس حذاءه الثمن يعد ماال، وهو الكلي

الذي يتمكن البائع من تسليمه، ال الكلي المضاف إلى الذمة، والالذي ال يتمكن بائعه من تسليمه، كما في الشخصي أيضا.

وإن شئت قلت: ال يعتبر المملوكية وال المالية حال االيجاب،وال متقدمة زمانا على القبول، بل الشرط كون المبيع والثمن موصوفينبالوصفين حال االنتقال، وهو هنا كذلك، فإنه بالضرورة ال ينتقل شئ

بااليجاب وحده، بل ال بد من القبول واإلجازة، فإذا لحقه ذلك يقع األمورالثالثة: النقل، واالتصاف بالوصفين في عرض واحد، فيملك المشتري

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٩.

(٣١٤)

Page 305: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

مثال الحنطة على عهدة البائع، ويكون المبيع مملوكا.فعلى هذا، ال يلزم تعيين المالك عقال، وال عرفا، بل وال شرعا، ألن

ما يدل على التعيين عقال - من لزوم كون المملوك بال مالك - مدفوع بأنااليجاب ال يؤثر في شئ، وما يدل عليه عرفا - من لزوم كون المملك

مالكا - ممنوع بما عرفت، وما يدل على التعيين شرعا - من االنصراف -غير مقبول، ألن المتعارف ال يورث القصور في األدلة، وإال يلزم الفقه

الجديد.فله أن يبيع من أحدهما بالواحد منهما، بعد كونهما معتبرين في

السوق، ويكون طرف اإلضافة عنوان األحد أو الواحد وهذاالعنوان معتبر كمعتبرية الكليات في المبيع، وليس أمرا موهوما ومترددا،فإنه ليس موجودا، بخالفهما فإنهما موجودان كليان، على حسب سائر

الكليات الموجودة في الذهن المعراة من الوجود تغافال، فتدبر.وإن شئت تقول: حكم المبيع الكلي غير حكم البائع الكلي،ضرورة أن البيع هو تبادل المالين في الملكية المستتبع لتبادل

المالكين، بحدوث اإلضافة الجديدة، وانعدام اإلضافة األولية، وهذافي الكلي الذمي الذي هو المبيع معلوم، ولكنه في المالك الكلي

- وهو عنوان أحدهما - غير متصور، ألنه ال يكون صاحب اإلضافةوطرفها، بل هو أمر مخترع اخترعه الوكيل عنهما، أو الفضولي من قبلهما.

فأنا أقول: أما فيما كان االهمال منحصرا في طرف القابل، فالصحةواضحة جدا، ألنه بالقبول يتعين، وال أثر لنفس االيجاب، فإذا قال: بعتهذا أو كليا من أحدكما وقال واحد منهما: قبلت يقع البيع له، وفي هذه

(٣١٥)

Page 306: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الرتبة يتم شرائط الصحة.وفيما كان االهمال في الطرفين، وقال الوكيل عنهما أو الفضولي:

قبلت البيع لواحد منهما أيضا يصح البيع، إال أنه ال أثر له فعال، بل األثريتحقق باإلجازة في الفضولي، وبالتعيين في االهمال، وما هو الممنوع

عند القوم هي اإلضافة الواقعية بين المهمل والعوضين، ال االنشائيةالمحضة التي يترتب عليها اإلضافة الواقعية بالتعيين واإلجازة،

فالحظ وال تخلط.فإذا كان الوكيل منصوبا من قبلهما في اإلضافتين: االنشائية،

والواقعية، فعليه التعيين بعد إحداث اإلضافة األولى.مسألة: في حكم تعيين غير المالك

حكم العالم المعين لغير المالكإذا لم يكن التعيين معتبرا، بمعنى لزوم كون المالك واحدا شخصيا،

فهل تعيين غير المالك يضر بالصحة، أم ال، أو يفصل بين صورتي العلموالجهل؟

مثال: لو قال بعت فرس زيد أو هذا الفرس عن زيد وكان الفرسله، فهل يبطل، أو يصح بيعا وهبة، أو يكون مراعى باإلجازة الالحقة؟ال يقال: يمكن اختيار البطالن هنا وإن قلنا بعدم اعتبار التعيين، كما

يمكن اختيار الصحة وإن قلنا بعدم اعتباره، وذلك ألن االنشاء المتعلق

(٣١٦)

Page 307: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

باخراج المال عن ملك زيد ال يؤثر، لعدم الموضوع له، سواء قلنا باعتبارتعيين المالك، أم لم نقل (١).

ألنا نقول: نعم، إال أنه للقائل بعدم اعتبار التعيين، إرجاع االنشاءالمذكور إلى الكلي المنطبق على المالك، فيقول: معنى بعت فرس

زيد أنه باع الفرس عن مالكه األعم من كونه مالكه الفعلي، أوالذي يتملك بعد ذلك، وهو ز يد مثال، وليس هذا نافعا لمن ال يقول به، وإن

كان التزام القائل بعدم اعتبار التعيين بالبطالن من وجه آخر، ال يضربالبحث.

فبالجملة: تصحيح هذه المعاملة على أن تكون مؤثرة في النقل فعال،ينحصر بدعوى: أنه في عرض واحد هبة وبيع، من غير اشتراط صحة

الهبة وتأثيرها بالقبول والقبض (٢).أو يقال: بأنه ليس من الهبة الشرعية، بل هو من قبيل تمليك

الموصي في الوصية التمليكية، بناء على عدم اعتبار القبول فيها، وهذامما ال يتحاشى منه العقل والعرف، فإن تمليك األثاث للمسجد وللبيت أمر

عقالئي، من غير اشتراطه بقبول المتولي أو الناس، بل تصرفهم فيها بعدذلك ملزم لهذا التمليك، وليس من القبول له كما ال يخفى.وما قد يقال: من أن إنشاء البيع جدا من العالم بالواقعة غير

ممكن، لتوقف ذلك على الهبة المتقدمة رتبة عليه، والمتأخرة في--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٤٤ - ٤٥.٢ - حاشية المكاسب، المحقق اإليرواني ١: ١٠٩ / السطر ١٠.

(٣١٧)

Page 308: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االنشاء (١)، ال يفيد شيئا، ألنه إذا كان يعلم بتحققها بذلك االنشاء، يترشح منهالجد إليه، كما في االيجاب والقبول.

وإن شئت قلت: هذا دور معي، ألن توقف البيع على الهبة وهيعليه، معلول إرادته، وال يشترط التقدم الزماني في النقل البيعي، بل هو

في آن واحد يتملك بالهبة، ويخرج الموهوب من ملكه.ولك دعوى التفصيل بين ما لو قال: هذا الفرس الذي لزيد بعته

وما لو قال: بعت فرسه ففي األول يحصل التمليك بالجملة األولى،ويخرج المملوك بالجملة الثانية، فال يلزم االشكال.

أو التفصيل بين ما لو قال: بعت هذا الفرس الذي لزيد ولو قال:بعت هذا الفرس عن زيد فإن في األول يصح، وللمشتري خيار تخلفالوصف، كما في نظائره، دون الثاني، ألنه بال موضوع ومن قبيل بيع

الكلي المقيد.أقول: لو سلمنا جميع ذلك، ال تكون المعاملة فعلية إال بتوكيل زيد

مالك الفرس في بيعه عنه بعد هبته إياه، وأما صحتها مراعاة إلىالتعيين واإلجازة، فهي مشكلة، ألن االنحالل المذكور ليس عرفيا،

وميزان االنحالل وعدمه يطلب من مقام آخر.ثم إنه حتى ولو فرغنا عن االستحالة العقلية، لكنه غير كاف،

الشتراط مساعدة العرف في األسباب المتوسل بها إلى النقل واالنتقال،وقد مر في محله: أن مطلق السبب ولو كان مخترعا شخصيا غير كاف، بل

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٤٦.

(٣١٨)

Page 309: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال بد من كونه نوعيا فعال أو تقديرا، والمراد من التقدير ليس مطلقه، فالتغفل وتدبر.

هذا كله فيما كان عالما بالواقعة، وقلنا بعدم إمكان ترشح الجدمنه إلى االنشاء.

حكم الجاهل المعين لغير المالكوفيما كان جاهال فيمكن القول بوقوعه فضوال، فيصير من قبيل من

باع ثم ملك (١)، ولو صح الفضولي فللقول بصحته هنا وجه أيضا، كما هوالظاهر.

ولك دعوى صحته فضوال مع العلم بالواقعة، المكان ترشح الجدمنه إذا كان بانيا على هبته إياه، وكان يعلم بقبوله لها.

وأيضا يمكن تصوير صحته الفعلية فيما إذا كان الفرس عنده وإن لميكن له، وقد أظهر قبل البيع رضاه بقبول هبته، فإنه إذا قال: بعته عنه

يقع الهبة بشرائطها والبيع كذلك.تتميم: حول تعيين المتعاقدين

قد مضى عدم اعتبار التعيين حذاء االبهام المعتبر في العناوينالكلية، دون ما يرجع إلى فقدان الوجود (٢).

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٥٠ - ٥١.

٢ - تقدم في الصفحة ٣١٥.

(٣١٩)

Page 310: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وهكذا ال يعتبر أن ال تكون المعاملة مجهولة من قبل مجهوليةالمتعاقدين، وما يقتضيه األدلة مخصوص بالعوضين، فإن النهي عن

الغرر (١) فيما يؤدي إليها، وهذا بال فرق بين أنحاء التجارات.نعم، إذا كانت التجارة قائمة بحسب العوضين بالمتعاقدين - كالمنافع

في باب اإلجارة وأمثالها - فاعتبار المعروفية ألجل هذه الجهة.ولو قلنا: بأن اعتبار الزواج خصوصا المنقطع منه، داخل في

اإلجارة، فتلك المعروفية الزمة، وإال فال. وأما اعتبار التعيين بالمعنىاألولي في النكاح وأمثاله، فهو لدليل شرعي، أو اغتراس ذهني، وإال فال

يقتضيه الصناعة بعد إمكان التعيين للمولى بإرادته أو بالقرعة، وقدمضى بعض البحث حوله (٢).

مسألة: في صحة البيع وإن لم يعلم حال المتعاقد وأنهالمالك أم ال؟

لو كان كل واحد من المتعاملين غير عارف بحال اآلخر، من كونهوكيال، أو وليا، أو أصيال، أو فضوليا، فهل يجوز البيع مع االهمال في

--------------------١ - عن الرضا (عليه السالم) عن آبائه عن علي (عليه السالم):... وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله

وسلم) عن بيعالمضطر وعن بيع الغرر.

عيون أخبار الرضا (عليه السالم) ٢: ٤٥ / ١٦٨، وسائل الشيعة ١٧: ٤٤٨، كتاب التجارة،أبواب آداب التجارة، الباب ٤٠، الحديث ٣.

٢ - تقدم في الصفحة ٣١٠.

(٣٢٠)

Page 311: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الخطاب، أو ال يجوز، أو تجوز المخاطبة، لعدم تقوم الصحة بها، فال يضربطالنها بصحة المعاملة، أو ال تجوز؟

وجوه:الظاهر هو األول في الفرعين، وذلك إما ألن اليد ظاهرة في

الملكية، وال يتقوم نفوذ المعاملة بالخطاب بعد ذلك، فله إنشاءالمعاملة بال خطاب ومعه.

وإما ألن الملكية ليست شرطا إال في الجملة، فكون المتصديألمر التجارة مالكا غير الزم، بل اليد كاشفة عن نفوذ تصرفاته وصحةتصديه، فهو المتعامل حقيقة وإن كان األثر في كيس اآلخر، كما فيالوكيل الذي هو مطلق العنان، فإن خيار المجلس يثبت له، ألنه البيع

وإن كانت فائدة البيع للموكل.مسألة: في صحة مخاطبة الولي والوكيل عند إنشاء البيع

إذا علم أن المشتري ليس رب السلعة، فإن كان وليا أو وكيال مطلقا،فيجوز إنشاء البيع له، لجواز التفكيك بين من له البيع، ومن ترجع إليه

فائدة البيع، فإن الثاني أجنبي عن حدود العقد واالنشاء، وجميع أحكامهوالملتزمات العرفية ثابتة لهما، دون المولى عليه والموكل.

وإن كان وكيال في إجراء العقد فقط، فالظاهر جواز المخطابة أيضا،للقاعدة التي أشرنا إليها: وهي أن كل كلمة تذكر في العقد، فإن كان فيتركها إضرار بالمقصود، فال بد من االتيان بها على الوجه الصحيح، وإال

(٣٢١)

Page 312: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فال، وال شبهة في تمامية العقد بدون الخطاب إلى الموكل أو الوكيل،فكما يصح في الوكيل مطلق العنان إنشاء البيع بعنوان الموكل، لعدم

االحتياج إليه، كذلك هنا، لعدم االضرار به.

(٣٢٢)

Page 313: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الشرط الثالث: االختيارالبحث عما شرط في المتعاقدين

من الشرائط عند المشهور االختيار، وقد يقال بشرطية الرضاوالطيب (١).

وقد يعبر ب (مانعية الكراهة، أو إكراه الغير، أو شرطية عدم إكراهالمكره (٢).

وقد يقال بشرطية اختيارية االختيار (٣).وفي الكل نظر، ضرورة أن معنى كون هذه األمور شرطا في الجملة،

أن العقد المستجمع لجميع الشرائط إذا كان فاقدا لذلك يقع باطال، ونحنبعد الفحص عن جميع جوانب المسألة، نجد أن المكره القاصد إلى

حقيقة البيع باإلرادة واالختيار والقدرة، يكون البيع الصادر منه--------------------

١ - البيع (تقريرات المحقق الكوهكمري): ٢٣٣.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٥٧.

٣ - منية الطالب ١: ١٨٤ / السطر األول.

(٣٢٣)

Page 314: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

كالبيع الصادر من غيره، ضرورة أن االنسان في أفعاله الصادرة منه،يالحظ الجهات المختلفة من المصالح، ودفع المضار والمفاسد، والمعنى لكون البيع مورد الطيب، ضرورة أنه كثيرا ما يقدم االنسان علىالمكروهات ويصبر عليها، لدفع اآلالم األخر، وجلب المصالح العالية،

وليست الطيبة المترشحة من الطيب لذي المقدمة طيبا عرفا، وإالفالمكره أيضا ذو طيب بالنسبة إلى تلك المعاملة التي بها ينجو من شر

السيف الشاهر.فبالجملة: ال تعدد في معنى االختيار، ولو كان غير مختار فهو فاقد

للقدرة التي هي الشرط في تحقق قصد حقيقة البيع، فيكون البيع فاسدا،ألجل االخالل بهذا الشرط أو المقوم الذي مر ذكره.

ولو أريد من االختيار معناه العرفي مقابل المكره، فهو قبالالمضطر أيضا، فإنه أيضا يشتهي أن يصل إلى مرامه من غير التوصل

إلى بيع داره.ولو قيل: إنه يتأثر من عدم تحقق البيع.

قلنا: المكره أيضا يتأثر، ألنه يستلزم وقوعه في المهالك الكثيرةالمتوعد عليها لو أخل بالشرط.

نعم، بطالنه التعبدي ال يستلزم ذلك، لخروجه من اختياره.وبذلك يندفع كون اختيارية االختيار شرطا، ألن ذاك االختيار غير

حاصل للمضطر، مع صحة بيعه بالضرورة.

(٣٢٤)

Page 315: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأما جعل إكراه الغير مانعا (١)، فقد فرغنا في األصول عن عدم إمكاناعتباره في المسائل االعتبارية، فيرجع إلى شرطية عدمه (٢)، وعندئذ لنا

أن نسأل الوالد المحقق - مد ظله -: بأن هذا الشرط يرجع إلىالمشروط، فما هو المشروط؟ أي هل إرادة المبيع مشروطة، أو الطيب

والرضا مشروط، أو اللفظ الذي ينشأ به مشروط؟وبعبارة أخرى: أي شئ مشروط هذا الشرط؟

وال جواب إال بأن يقال: بأنه يستلزم االخالل بشرط من شروطهاالموجودة في أفق النفس وصقع الذهن.

وبعبارة أخرى: يشترط في صحة البيع أن ال يكون تحققه عن إكراه،فيرجع ذلك إلى أن العلة - وهي اإلرادة المتعقبة بتحرك العضالت - غير

حاصلة من إيعاد المكره، وهذا يرجع إلى اشتراط كون اإلرادة معلولةالنفس والمبادئ الخاصة، دون مطلق المبادئ التي منها إيعاد المكره،

ودون الداعي من الفرار عنه.ومعنى هذا بطالن عقد المضطر، ألنه أيضا معلول اإلرادة المشتملة

على المبادئ الخاصة، ومنها الداعي إلى الفرار من الضرر الذييخاف عليه.

ومن هنا يعلم: أن الكراهة ليست مانعة، وال عدمها شرطا، لوجودهافي بيع المضطر أيضا.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٥٧.

٢ - تحريرات في األصول ٨: ٥٦ و ٨٢ و ٩١.

(٣٢٥)

Page 316: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

صحة بيع المكرهوالذي هو التحقيق: صحة بيع المكره، إال إذا كانت إرادته معلولة

إرادة المكره، فتكون إرادته بإلقاء نفس اآلخر عليه، وال تكون حاصلةفي أفق ذهنه بالمبادئ الموجودة عنده، فعند ذلك يبطل البيع، الستناد

البيع إلى المكره بالمجاز، وإلى المكره بالحقيقة، ويرجع وجهالبطالن إلى فقد مالكية العوضين، كما ال يخفى.

إن قلت: بناء عليه يلزم صحة بيع المكره إال في الصورة الواحدةالشاذة.

قلت: كال، فإنه كثيرا ما وإن لم تكن إرادة المباشر معلولة إرادةالمكره حقيقة، ولكنها معلولتها عند العرف، وال يجد العرف المباشر

مستقال في إرادته، بخالف المضطر، فإنه ال تستند إرادته إلى غيره.وإن شئت قلت: تارة، تكون اإلرادة معلولة الدواعي النفسانية

والمصالح والمفاسد المعلومة للمريد.وأخرى: تكون معلولة األجنبي عرفا، ويستند البيع إليه أحيانا.

وثالثة: يكون المكره مع إكراه األجنبي، غير خارج من االستقاللالعرفي، وغير فانية إرادته في إرادة المكره.

ففي الصورتين األولى واألخيرة تصح المعاملة، دون الصورةالوسطى.

هذا كله حسب القواعد العقالئية، فإن العقالء يحكمون ببطالن بيع

(٣٢٦)

Page 317: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المكره، ولكن القدر المتيقن من بنائهم ما ذكرناه.وأما قضية األدلة الشرعية، فاآلية الشريفة: (إال أن تكون

تجارة عن تراض منكم) (١).وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إال بطيبة نفس منه (٢).وقوله - عجل الله تعالى فرجه الشريف -: إال بإذنه (٣).

كله أجنبي عن مسألتنا، ألن الرضا بمعنى الطيب ليس شرطا،وبمعنى الجد إلى المعاملة حاصل في مطلق البيع، وبمعنى أن في تركه

التأذي موجود في بيع المكره أيضا، ألنه يؤدي إلى الفساد األهم فينظره. والمستثنى في الروايتين غير دخيل في المعاملة، بل الظاهر منه

هو اإلذن والطيب بالنسبة إلى التصرفات اإلباحية، فال تغفل.فبالجملة: إكراه المكره تارة، يوجب وجود الداعي المؤدي إلى

تحقق اإلرادة.وأخرى: يوجب تحققها من غير الداعي إلى المراد.

ففي األولى تصح المعاملة، دون الثانية، ألن اإلرادة الفانية فيإرادة الغير، سبب الستناد المراد إلى اإلرادة األولى األصيلة، دون

اإلرادة المباشرة.--------------------

١ - النساء (٤): ٢٩.٢ - الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥، وسائل الشيعة ٥: ١٢٠، كتاب الصالة، أبواب مكان

المصلي، الباب ٣، الحديث ١ و ٣.٣ - كمال الدين: ٥٢٠ / ٤٩، وسائل الشيعة ٩: ٥٤٠، كتاب الخمس، أبواب األنفال،

الباب ٣، الحديث ٧.

(٣٢٧)

Page 318: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التمسك بحديث الرفع لبطالن عقد المكره مطلقا وجوابهإن قلت: قضية حديث الرفع (١) بطالن جميع الصور، لصدق االكراه

عرفا، وإذا كان أثر المعاملة - وهي الصحة - مرفوعا، فسائر اآلثارالطولية - من اللزوم وغيره - مرفوع أيضا قهرا.

قلت: الذي أكره عليه إن كان إرادته، فارتفاعها يؤدي إلى ارتفاعالمراد، وهو المعتبر الخارجي.

وإن كان االنشاء اللفظي دون اإلرادة، كما في كثير من موارد االكراه،فال معنى لنفي جميع اآلثار، فإن النقل واالنتقال - وهو البيع المسببي - من

اآلثار القهرية المترتبة على البيع السببي، كالنجاسة المترتبة قهراعلى شرب المسكر عن إكراه، فكما ال ترتفع النجاسة هناك، ال يرتفع البيع

المسببي هنا.نعم، ما هو أثر نفس التلفظ بذاته - من األمر الوضعي فرضا، أو

التكليفي - مرفوع بالحديث الشريف.وبعبارة أخرى: البيع السببي والمسببي متقومان باإلرادة، وإذا كانت

هي مرفوعة فال يعقل بقاء األثر، للزوم التهافت بين الرفع والوضع، ولكنالبيع المسببي غير متقوم باللفظ، وهو البيع السببي، بل هو اعتبار عقيب

االعتبار، على ما تقرر في محله.--------------------

١ - الخصال: ٤١٧ / ٩، وسائل الشيعة ١٥: ٣٦٩، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفسوما يناسبه، الباب ٥٦، الحديث ١.

(٣٢٨)

Page 319: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وإن شئت قلت: مورد االكراه فيما كانت إرادة البائع هو السبب بما هوسبب، وفيما كان التلفظ بالبيع إنشاء، هو ذات السبب، سواء أثر في

معلوله، أو لم يؤثر.وعلى هذا ال بد من صدق فناء إرادة المكره في إرادة المكره، حتى ال

يرى الوسط بينهما من الدواعي األخر، وإال فال دليل على بطالنه.بل قضية االستثناء في آية التجارة (١) صحة بيع المكره، ألن

الرضا بمعنى الطيب العقلي موجود، وبمعنى الطيب النفساني غيرموجود في بيع المضطر، وبمعنى العقد واإلرادة موجود في جميع

الفروض.اللهم إال أن يقال: إن ظاهر كلمة االستثناء: (إال أن تكون تجارة عن

تراض منكم) هو كون اإلرادة مستندة إلى رب التجارة، وأما إذا كانتمعلولة اإلرادة األخرى من المكره وغيره، فال تكون التجارة صحيحة

وحقة، بل هي باطل، فلفظة (منكم) ربما تفيد هذا المعنى الذي أسسناهفي المقام. وقد خرجنا من االختصار، فنرجو قبول االعتذار.

عودة إلى حكم العقل والعقالء ببطالن عقد المكرهثم إن في المقام (إن قلت قلتات) حول حديث الرفع، ولكنها مما الحاجة إليها، ألن ما هو الدليل الوحيد حكم العقل والعقالء بعدم نفوذ

هذه التجارة، كما أن عدم رفع بعض اآلثار الوضعية أيضا لحكمهم، ضرورة--------------------

١ - النساء (٤): ٢٩.

(٣٢٩)

Page 320: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أن النجاسة اآلتية من قبل الفعل المكره عليه، ليست من اآلثارالمربوطة بالشرائع حتى ترفعها الشريعة االسالمية، وال من اآلثار

المعتبرة عند العقالء، حتى يحكموا بعدم اعتبارها عند االكراه، والخباثةالحدثية عندهم كالنجاسة، ولتفصيل المسألة مقام آخر، فتدبر.

إن قلت: استناد فعل المكره إلى المكره في األفعال التسبيبية- كالبيع والشراء - غير واضح، بل الظاهر خالفه، فال بد من أن يقال

باشتراط كون اإلرادة غير مسبوقة بإكراه المكره، بمعنى أنه ال يكون منمبادئ وجودها، االكراه واالجبار وقهر القاهر والجائر.

قلت: األمر بحسب حكم العقل كما مر (١) وأشير إليه، ألن اإلرادةمعلولة نفس المكره، إال أن العرف هنا يرى إرادة السبب كإرادة الموكل،

في كونها أقوى في صدور الفعل من إرادة المباشر، فالوكيل وإن هو المبدأالواقعي لصدور الفعل والبيع، ولكن إرادته معلولة اإلرادة األخرى.

ويشهد لعرفية هذا، ذهاب المحققين في إرادة المقدمة إلىترشحها من إرادة ذي المقدمة، غافلين عن امتناع هذا الترشح، إال أن األمر

عرفي، ألن المبادئ المتخللة - لكثرة سرعة النفس، وشدة قدرتها علىإحضارها - مغفول عنها.

هذا مع أن قضية اشتراط عدم كون االكراه من مبادئ اإلرادة، بطالنبيع من أكره على تسليم شئ ال يتمكن منه إال ببيع داره، مع أنه ال يمكن

االلتزام به، وال يلتزم قائله بذلك.--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٣٢٦ - ٣٢٧.

(٣٣٠)

Page 321: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بيان المناط في بطالن عقد المكرهثم إن قضية ما شرحناه، عدم توقف بطالن بيع المكره بااليعاد علىالضرر المالي، أو العرضي، أو غيرهما، بل المناط في بطالنه ترشح

إرادة البائع من إرادة القاهر، فلو أمره الجائر بالبيع فباع من غيرالتوجه إلى إمكان التخلف عن أمره يقع باطال. بل ال يلزم االكراه

بالمعنى الظاهر منه، فلو كان ألحد إمكان تسخير إرادة البائع، فباع يقعباطال.

فالمناط خروج البائع من االستقالل في إرادته عقال، كما فيالمثال األخير، أو عرفا، كما في سائر المواقف، ولذلك لو أكرهه علىالضرر اليسير حذاء بيع ما يملكه، فإنه يصح بيعه عندنا، لعدم مقهوريةاإلرادة، وعدم خروجه عرفا من االستقالل، وعدم مساعدة العرف على

ذلك، بل يتهمه بأنه كان يشتهي بيعه.فما يتوجه إلى مقالة األصحاب المتأخرين رضوان الله تعالى

عليهم غير خفي، حتى نحتاج إلى التفصيل، فجميع القيود المأخوذة فيكلمات القوم - من الكراهة بالنسبة إلى الفعل، وااليعاد، وظن

الترتب، وغير ذلك - غير تامة، وقد عرفت: أنه قد يتفق عدم توجهالمكره - في قبال إرادة القاهر - إلى الجهات األخر، ويصنع البيع

كالمستبيع، فال يتمكن من رجوعه إلى نفسه من لحاظ الظن بالترتب أو

(٣٣١)

Page 322: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االحتمال، مع أنه كاف فيما كان المحتمل قويا، واالحتمال موجودا (١)،فال تغفل.

بل لو أكرهه القاهر على بيع لو تركه يفسد في األرض، ويريق دماءالمسلمين، أو يكتب الرسالة في رد االسالم والقرآن وأمثال ذلك، فإنه

يجب البيع وإن كان باطال، ألن الوجوب عقلي ال شرعي، كبيع المحتكر.إن قلت: مادة االكراه دليل على أن الفعل مكروه للفاعل، وإال فليس

إكراها، بل هو االجبار والقهر.ودعوى لزوم بطالن بيع المضطر، ممنوعة، ألن المقدمة المتوقف

عليها المحبوب والمشتاق إليه، مورد الحب واالشتياق قهرا وحتما،فإذا رأى أن الفرار من الموت متوقف على قطع اليد، يرضى به، ويشتاق

إليه، لذلك التوقف.قلت أوال: ال نبأ لي بصدق االكراه في هذه المسألة، ألن دليله

حكم العقالء، ووجه البطالن ال ينحصر بالعموم والخصوص الوارد فيمسألة الطالق.

وثانيا: ليس معنى االكراه كون الفعل مكروها، ألن من معانيهالقهر.

وثالثا: ال ينبغي الخلط بين الطيب، والرضا العقلي والنفسي كمامضى (٢)، ضرورة أن التوقف ال يورث الحب، كما إذا توقف أداء الدين

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٤.٢ - تقدم في الصفحة ٣٢٩.

(٣٣٢)

Page 323: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

على بيع ما يملكه، فإنه مع نهاية اشمئزازه وتنفره من بيع داره وبستانه،يقدم عليه، ويكون صحيحا، مع أنه ال يطيب به بالطيب العقلي، لعدم

التزامه بالشريعة حتى يعتقد بأن ذلك يؤدي إلى االتيان بالواجبالذي في تركه العقاب، فلو تم الطيب العقلي المتوهم في كلمات

القوم، ففي المثال المذكور ال طيب عقال، وال عرفا، مع صحة المعاملةقطعا، فتأمل.

ال يقال: بناء عليه يلزم بطالن البيع المشتمل على الشرائط، ومنهاالطيب والرضا، مع أن إطالق المستثنى في آية التجارة دليل صحته.

ألنه يقال أوال: قد عرفت معنى الرضا في اآلية (١).وثانيا: إطالق حديث الرفع يعارضه بالعموم من وجه، وقضية

الصناعة بعد المعارضة هو البطالن.ولو فرضنا أن معنى ما أكرهوا عليه أو ما استكرهوا عليه هو

االجبار على المكروه النفساني، أو قلنا: بأن حديث الرفع ال يجوزالتمسك به في المقام، ألن من شرائط الصحة عدم الكراهة واالكراه،

وهو الرضا المستفاد من اآلية، وقد تقرر في محله انحصار مجراه بمواضعتكون األدلة فيها مطلقة من حيث العناوين المرفوعة في الحديث

الشريف، ولكنه يكفي في البطالن حكم العقالء وبناء األصحاب، وهذاليس من األحكام المردوعة، بل يستكشف به تنفيذ الشرع إياه.فالمستثنى إما مجمل، أو أريد منه أن المعتبر في صحة المعاملة

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٩.

(٣٣٣)

Page 324: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ونفوذها، كونها تجارة، وكونها عن تراض، وكون الرضا أو التجارةالمتقيدة بالرضا ناشئا منكم، ال من غيركم وهو المكره، وفي صورة

االضطرار يكون الرضا أيضا ناشئا منه، ال من غيره، وعندئذ يمكن الجمعبين األدلة، وبين دعوى لزوم اشتراط الطيب النفساني بمعناه العرفي، كما

ال يخفى، فافهم وتأمل جيدا.بحث: حول اعتبار المندوحة في بيع المكره

ال شبهة في أنه مع إمكان التوصل عادة إلى منع المكره عناالكراه، ال يصدق بيع المكره وال يصدقه العقالء في دعواه أنه أوجد

البيع عن إكراه، فعليه تصح المعاملة في هذه الصورة.وال شبهة في صدقه مع عدم االمكان، وهكذا مع الشك في القدرة

إذا كان الجابر يعمل بإيعاده بمجرد االطالع على تخلفه، أو احتمل ذلكباالحتمال العقالئي، فيما كان المورد مما ال يهتم به العرف، أو االحتمال

غير العقالئي فيما كان المورد مما يهتم به العرف والعقل، كاألعراض.وقضية األصول العملية في صورة الشك في مورد أنه من أي

الفروض المذكورة؟ هو البطالن، ألن الشك في الصحة هنا يرجع إلىالشك في الشرط العرفي، وهو صدق االستقالل في اإلرادة.

بل التمسك باألدلة االجتهادية محل إشكال، الحتمال عدم صدقالبيع حال عدم االستقالل عرفا، ومجرد االطالق غير كاف، كما ال يخفى.

وتوهم: أن النزاع في هذه المسألة فرع الصدق، غير صحيح، بل

(٣٣٤)

Page 325: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المقصود استجماع جميع الشرائط غير شرط واحد، وهو حصول اإلرادةبالوجه المختار عندنا.

هذا، ولو أمكن التفصي عن المكره بالتخلف عن إرادته، بإيجاداألمر اآلخر في وعاء االعتبار، أو أمكن ذلك بإرادة اللفظ فقط، أو أمكن

بالتورية، بأن يريد االخبار في صيغ االنشاء، فإنه - بناء على ما عرفت منالتحقيق في المسألة في وجه بطالن بيع المكره (١) - تصح المعاملة في

هذه الصور، لعدم فناء إرادته في إرادة المكره، ضرورة أن ذلك معالتوجه إلى االقتدار على التخلص، غير قابل للجمع.

نعم، قد يخطر بباله ذلك، إال أن اإلرادة القاهرة سخرت إرادةالمباشر عرفا، وتكون إرادته ناشئة منها عند العقالء، ال العقل كما هو

الظاهر.وعليه ال فرق بين الوضع والتكليف، في كونه معذورا في

االرتكاب، وأن التكليف مرفوع بالحديث الشريف.وقد يقال: إن قضية ما ورد في أخبار الطالق (٢)، وقصة

--------------------١ - تقدم في الصفحة ١٧٣ - ١٧٤.

٢ - زرارة، عن أبي جعفر (عليه السالم)، قال: سألته عن طالق المكره وعتقه، فقال: ليس طالقهبطالق، وال عتقه بعتق، فقلت: إني رجل تاجر، أمر بالعشار، ومعي مال، فقال:غيبه ما استطعت، وضعه مواضعه، فقلت: فإن حلفني بالطالق والعتاق، فقال:

احلف له، ثم أخذ تمرة، فحفر بها من زبد كان قدامه، فقال: ما أبالي حلفت لهمبالطالق والعتاق، أو أكلتها.

عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السالم)، قال: سمعته يقول: لو أن رجال مسلما مربقوم ليسوا بسلطان، فقهروه حتى يتخوف على نفسه أن يعتق أو يطلق، ففعل، لم

يكن عليه شئ.وسائل الشيعة ٢٢: ٨٦، كتاب الطالق، أبواب مقدماته وشرائطه، الباب ٣٧،

الحديث ١ و ٢.

(٣٣٥)

Page 326: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

عمار (١)، وروايات اليمين عند العشار (٢)، وأمثال ذلك، لحوق ما ليس بإكراه--------------------

١ - مسعدة بن صدقة قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم): إن الناس يروون أن عليا (عليه السالم) قالعلى منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة

مني فال تتبرؤوا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السالم)، ثم قال: إنماقال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين

محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يقل: وال تبرؤوا مني، فقال له السائل: أرأيت أن أختار القتل دونالبراءة، فقال: والله ما ذلك عليه، وما له إال ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه

أهل مكة وقلبه مطمئن بااليمان، فأنزل الله عز وجل فيه (إال من أكره وقلبه مطمئنبااليمان) (أ) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عذرك،

وأمرك أن تعود إن عادوا.أ - النحل (١٦): ١٠٦.

وسائل الشيعة ١٦: ٢٢٥، كتاب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب األمروالنهي، الباب ٢٩، الحديث ٢.

٢ - إسماعيل الجعفي، قال: قلت ألبي جعفر (عليه السالم): أمر بالعشار ومعي المال،فيستحلفوني، فإن حلفت تركوني، وإن لم أحلف فتشوني وظلموني، فقال: احلف

لهم، قلت: إن حلفوني بالطالق؟ قال: فاحلف لهم، قلت: فإن المال ال يكون لي، قال:تتقي مال أخيك.

سماعة عن أبي عبد الله (عليه السالم)، قال: إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره واضطرإليه، وقال: ليس شئ مما حرم الله إال وقد أحله لمن اضطر إليه.

وسائل الشيعة ٢٣: ٢٢٧، كتاب األيمان، الباب ١٢، الحديث ١٧ و ١٨.

(٣٣٦)

Page 327: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

باالكراه حكما، أو هي تشهد على الصدق العرفي مع القدرة علىالتورية (١).

وفيه: أما الصدق اللغوي، فهو ممنوع في بعض الموارد بالضرورة،وأما اللحوق الحكمي فهو باطل بالمذهب، ألن التجاوز من تلك المواقف

إلى المسائل الوضعية - أي كون االكراه موجبا لرفع الحكم التكليفيالعظيم هناك، دليل على بطالن البيع هنا - غير جائز.

نعم، قد عرفت انحصار دليل المسألة بحكم العقالء (٢)، وهم ربمايرون التفاوت في مراتب الصدق.

إال أن يقال: بأن المستثنى في آية التجارة، دليل على أن وجهالبطالن عدم حصول الطيب في المكره من المبادئ الموجودة في

نفسه، ألنه حاصل من المبادئ الموجودة في نفس المكره، فال يشترطصدق بيع المكره في البطالن، بل المناط ذلك، وال شبهة في أن هذايورث بطالن البيع، وال يورث أن جواز االرتكاب متوقف على صدق

االكراه واالضطرار فما يظهر من الشيخ األعظم (قدس سره) (٣) كغيره، مما ال يمكنالمساعدة عليه.

--------------------١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٩ / السطر ٢٠.

٢ - تقدم في الصفحة ٣٢٦ و ٣٣٠.٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٩ / السطر ١٣.

(٣٣٧)

Page 328: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأما تقريب االستدالل باالطالق السكوتي، وهو ترك االستفصال معلزوم التذكر إلى التورية، خصوصا في قصة عمار (١)، فهو غير تام، لما

يمكن دعوى: أن التذكر المذكور ربما يوقع الناس في المفاسدالعظيمة، وألجل سدها من جميع الجهات جوزت الشريعة المقدسةذلك. وربما يكون ممنوعا مع الشك في القدرة على التخلص بها.

فبالجملة: مع القدرة على الفرار من البيع بالحيل الشرعية أوالعرفية قدرة فعلية، أو مع إمكان كسب القدرة عليه، لو أوقع البيع فهو

داخل في المسائل اآلتية: وهي ما لو أكرهه على أحد األمرين، ألنهيرجع إلى أنه أكرهه إما على التلفظ الخالي من األثر، أو على البيع،

فسيأتي تفصيلها من ذي قبل - إن شاء الله تعالى - (٢).االستدالل على المختار بمثال عرفي

ثم إن من الممكن دعوى: أن لحاظ المكره العوارض المتأخرةعن البيع الحاصل عن االكراه - كابتالئه في بيعه داره بالثمن، وهو

مغصوب بحكم الشرع إذا كان البيع فاسدا، وال يتمكن بعد ذلك من إرضاءصاحبه غير المطلع على االكراه - يقتضي أنه إذا أراد البيع يصح، ولكنه

على مبنى القوم غير صحيح، ألنه أوقع البيع عن إكراه.وعلى الوالد المحقق - مد ظله - والسيد الفقيه اليزدي (رحمه الله)

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٩ / السطر ٣٣ - ٣٤.

٢ - يأتي في الصفحة ٣٤٥.

(٣٣٨)

Page 329: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

- القائلين: بأن عدم االكراه قيد مستقل آخر تعبدي وراء الرضا والطيب،بدليل حديث الرفع وأمثاله (١) - االلتزام بفساده، مع أن الضرورة قاضية

بصحته، ولو أمكن تصحيحه على مبنى القوم، ال يمكن على مبناهم، فيعلمأن المدار على ما أسسناه في المقام، وتأمل فيه التأمل التام - ألنه من

مزال األقدام - بعون الملك العالم.بحث وتفصيل في اإلشارة االجمالية لفروع المسألة

عدم الحاجة إلى تفصيل الفروع بعد انحصار دليل المسألة ببناء العقالءجرت عادة المتأخرين على ذكر الفروع الكثيرة هنا، وقبل

الخوض فيها ال بد من اإلشارة إلى أمر: وهو أن قضية ما ذكرناه أن دليلبطالن بيع المكره، بناء العقالء وحكمهم في جميع األمم واألقوام (٢)، ولسنا

- بناء عليه - ذاهبين إلى مفهوم االكراه وقيوده، وإن ذكرنا إجماال بعضالمباحث المتعلقة به.

مع أنك أحطت خبرا: بأن جريان الحديث في المقام ممنوع، ألنالمستثنى في آية التجارة (٣) دليل على شرطية الرضا، وهو يمنع عن

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٥٦ - ٥٧، حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١:

١٢٠ / السطر ١٨.٢ - تقدم في الصفحة ٣٢٦ و ٣٣٠.

٣ - النساء (٤): ٢٩.

(٣٣٩)

Page 330: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ذلك، لما تقرر في محله من أن مصبه األدلة المطلقة، ال المقيدة بعدماالكراه، وال المقيدة باالكراه، وال المصرحة بثبوت الحكم حال االكراه،

ولذلك بنوا على حكومة الحديث على األدلة، ولو كان فيما نحن فيهجاريا، يلزم كونه دليال مؤيدا لسائر األدلة.

وتوهم داللة المآثير في روايات الطالق على حكم في هذهالمسألة (١)، غير تام، بل الظاهر اختصاصها به، وإال كان األولى ذكر البيع

في جملة ما يذكر في تلك الروايات، البتالء الناس به، فيعلم أن في تلكالمسألة نكتة ال بد من الغور فيها حتى يعلم ذكر تلك األمور بخصوصها.

ولعل المقصود في تلك المآثير من االكراه عدم اإلرادة والقصد،فتكون أجنبية عما نحن فيه ويشهد لذلك بعض النصوص في المسألة (٢)،

فليراجع.هذا مع أن ذكر االضطرار يغني عن ذكر االكراه في الحديث

الشريف، ألن االضطرار أعم من االضطرار الحاصل من االكراه، فالنسبةبين العنوانين عموم مطلق، فيكون المدار على ذكر االضطرار. وال داعيإلى دعوى جريان رفع االكراه قبل جريان رفع االضطرار لتقدمه الرتبي،

--------------------١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٨ / السطر ٣٤ - ٣٥.

٢ - عن أبي عبد الله (عليه السالم)، قال: سمعته يقول: ال يجوز طالق في استكراه، وال تجوزيمين في قطيعة رحم - إلى أن قال -: وإنما الطالق ما أريد به الطالق من غير

استكراه، وال إضرار.الكافي ٦: ١٢٧ / ٤، وسائل الشيعة ٢٢: ٨٧، كتاب الطالق، أبواب مقدماته

وشرائطه، الباب ٣٧، الحديث ٤ والباب ٣٨، الحديث ١.

(٣٤٠)

Page 331: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ألنه ال يفيد في حل الشبهة وهي ذكر االكراه قبال االضطرار.نعم، فيما كانت النسبة عموما من وجه، فالتمسك المذكور لتقديم

رفع االكراه على رفع االضطرار، له وجه، ولكنه غير وجيه. وهكذا لوفرضنا أن االكراه الذي هو العلة، مقدم زمانا عند العرف، فال تغفل وتدبر.

فبالجملة: التمسك بالروايات ال يخلو من غرابة، وهكذا التمسكبما ورد في خصوص البيع: من اشترى طعام قوم وهم له كارهون، قص لهم

من لحمه يوم القيامة (١).ومثله التمسك ب (ال بيع إال في ملك (٢) بناء على كون المراد منالملك القدرة وملك التصرف، والمكره ال يكون مالكا، لعدم إمكان

التخلف عرفا في بعض الصور عن البيع.إذا عرفت ذلك فيظهر: أن المناط في البطالن والصحة حكم

العقالء، سواء صدق العناوين األخر، أو لم تصدق، فما جعله األصحاب فيالفروع اآلتية مورد النظر، أو ما أفاده السيد المحقق المؤسس الوالد

- مد ظله - من جعل أمر المكره مصب التقاسيم المذكورة في باب األوامرمن اختالف المتعلقات والقيود الواردة عليه (٣)، كلها تطويل بال حاجة.

--------------------١ - الكافي ٥: ٢٢٩ / ١، وسائل الشيعة ١٧: ٣٣٨، كتاب التجارة، أبواب عقد البيع

وشرائطه، الباب ١، الحديث ١١.٢ - الرواية هكذا: ال بيع إال فيما تملك.

عوالي الآللي ٢: ٢٤٧ / ١٦، مستدرك الوسائل ١٣: ٢٣٠، كتاب التجارة، أبوابعقد البيع وشروطه، الباب ١، الحديث ٣.

٣ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٦٩ - ٧٠.

(٣٤١)

Page 332: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وبذلك فقد فرغنا عن ذكر الفروع بتفصيلها إال أن اإلشارة االجماليةإليها مما ال بأس بها:

حكم ما إذا أكرهه على البيع فباع من الكافرفإذا ألزمه على البيع، فتارة: يلزمه على بيع جميع ممتلكاته،

فعندئذ ال يصح كل بيع يصدر منه. وإذا أجبره على بيعها من الكافر فال يصحأيضا.

وإذا أجبره على البيع فباع من الكافر، مع ممنوعية بيع المصحفمنه، وحرمة تسليطه عليه، فإنه يقع باطال، وال يبعد استناد بطالنه إلىااللزام، ال إلى خصوص األدلة في بيع المصحف، ويعاقب لعدم إلزامه

على الخصوصية.ولو قيل: كيف يعقل ترشح اإلرادة بنحو الجبر العرفي بالنسبة إلى

أصل البيع، واختياريتها بالنسبة إلى الخصوصية؟!قلنا: هذا مما يصدقه الوجدان أوال، وال ينافيه البرهان، ألن إرادة

القاهر سبب لوجود اإلرادة في المقهور، وتعليق تلك اإلرادة إلى المرادالخاص الذي تشخص اإلرادة به باختيار، وهذا يكفي لعدم ارتفاع

العقاب، كما إذا الحظ المحبوبية ومطلوب المولى في ذلك يصح ثوابه،ويستحق أجره، فتدبر.

وهذا يتم من غير التوقف على القول: بأن في العمومات األفراديةالخصوصيات الفردية مورد النظر، أو ليست مورد اللحاظ والجعل،

(٣٤٢)

Page 333: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ضرورة أن قياس المقام باألوامر الواردة الشرعية مع الفارق، فإن هناكال قاهرية وال مقهورية، بخالف ما نحن فيه، فإن إرادة المكره بالنسبة

إلى إرادة المكره فانية، وتكون موجودة بوجودها، وتحت ذلك سرالبطالن والصحة.

فالتقاسيم المذكورة في الواجبات الشرعية وإن جرت فيالواجبات العرفية وكل األوامر، إال أن ذلك مما ال حاجة إليه، وال

يتوقف المسائل عليه، كما هو الواضح.ومن هنا يعلم: أنه إذا أجبره على بيع الدار، ولم يعين الدار، وكان

مقصوده بيع جميع دوره، فإنه ال يصح.حكم االجبار على بيع شئ بنحو صرف الوجود

وإذا أجبر على بيع شئ بنحو صرف الوجود، فقد يقال: بأن أولالمصداق مكره عليه، فيكون باطال (١).

وفيه: أنه إذا كان من قصده قبل االكراه بيع داره، وأكرهه المكرهعلى البيع، على وجه يصدق على ما يوقعه، يلزم على ذلك بطالنه، مع أنهممنوع قطعا، فيعلم من ذلك لزوم كون إرادته من مترشحات إرادة الغيروالجابر، ومع اقتضاء الدواعي التي في وجودها لتحقق تلك اإلرادة، ال

يستند البيع إلى إرادة القاهر.فااللتزام بصحة جميع بيوعه كما لعله مذهب األكثر، بدعوى أن ذلك

--------------------١ - انظر مقابس األنوار: ١١٧ / ٢٦، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢١ / السطر ٨.

(٣٤٣)

Page 334: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ال يؤدي إلى االكراه على الخصوصيات المرجحة لإلرادة، غير صحيح،فما يكون من بيوعه إرادة الجابر محركة إليه، يقع باطال.

نعم، ال بأس بااللتزام المذكور على الوجه الذي يأتي تفصيله.والعجب من الوالد - مد ظله - حيث اختار في مجلس بحثه بطالن

أول المصداق، قضاء لحق الصناعة، مع اختياره في تحرير الوسيلةأمرا آخر، فنفى االستبعاد عن بطالن المصداق الذي يأتيه امتثاال ألمر

المكره!! فليراجع (١)، إنه خروج من مفروض المسألة كما ال يخفى.حكم ما إذا أوجد بيوعا متعددة دفعة

ثم إنه إذا أوجد البيوع المتعددة بأول المصداق، فهل يكونالمجموع صحيحا.

أو باطال.أو يفصل بين الواحد غير المعين وغيره، فيقال بالقرعة.

أو أنها تختص بالمواقف التي لها الواقعية، فيكون أحد البيوعصحيحا ثبوتا، وال يمكن استكشافه من بينها إثباتا؟

وجوه:والذي هو التحقيق: أن مجرد إلزام الملزم وإكراهه ال يكفي للبطالن،

كما إذا أكرهه وألزمه على بيع داره، وهو موافق لحكم عقله أيضا، ولكنهيماطل في البيع ألجل طلبه الراحة، وربما يدعو له دعاء الخير، فكما

--------------------١ - تحرير الوسيلة ١: ٤٦٧، القول في شرائط المتعاقدين، المسألة ٣.

(٣٤٤)

Page 335: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أن ذلك االكراه يرجع إلى االكراه على المقدمات، كذلك األمر فيما أوقعالبيوع المتعددة دفعة، ألنه ال لون لما أكره عليه، فيكون االكراه على

المقدمات، فعلى هذا يصح بيعه بال شبهة، لعدم االمتنان في رفعه، ولعدمحكم العقالء ببطالنه، مع أنه لوال االلزام المذكور لما تصدى للبيع.

فالمدار على عدم وجود الدواعي المقتضية لإلرادة، وإن لم تكنبالغة إلى حد البعث والتحريك، فإنه عندئذ يبطل البيع ويفسد، وفي

المثال المذكور أيضا كذلك، فإنه مع إلزام المكره متوجه إلىخصوصيات صنعه من البيوع المختلفة التي يريد إيقاعها بإنشاء واحد،

فما كان منها بتلك اإلرادة القاهرة - أي إذا جعل واحدا من أمتعته في ضمناألمتعة الكثيرة إلرادة القاهر - فالبيع بالنسبة إليه باطل، ولكن لما

كان إرادة القاهر غير متعلقة بالمتاع الخاص والجزئي الخارجي فيمفروض المسألة، فقهرا يصح جميع البيوع، لتوافق الدواعي مع إرادة

القاهر. وهذا هو الوجه الذي وعدنا بيانه لتصحيح ما اختاره األكثر (١)،فتدبر.

إن قيل: هذا أمر عجيب، فإن االكراه واقع بال شبهة، والمكره واصلإلى مقصوده بال ريب، فكيف يكون البيع صحيحا؟!

قلنا: نعم، األمر كما توهمت، إال أنه ال منع من الفرار عن إكراههالمورث للبطالن، فلو كان هو غير شائق إلى البيع، فكان عليه أن يقتصرعلى ما يرتفع به الغائلة، فيعلم من ذلك حصول الدواعي على وفق إرادة

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٣٨.

(٣٤٥)

Page 336: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المكره.وهذا ليس معناه أن البطالن لبيع المكره، مستند إلى عدم تمامية

القرينة على إرادة البائع وقصده، كما عن النراقي (رحمه الله) في المستند (١)فإنه واضح المنع، ضرورة أن مجرد القصد واإلرادة غير كاف في

الصحة، وقد مضت داللة اآلية عليه حسبما ما يؤدي إليه النظر.فتحصل أن لتحقق اإلرادة علال مختلفة حسب المعدات الداخلية

والخارجية، وليست تلك علال تامة، إال أن مع اجتماع المعدات تحصلاإلرادة، فتارة تسبق علة على أخرى، فيكون المعلول - وهي اإلرادة هنا -

مستندا إليه، إال أن العلل األخرى أيضا إذا كانت لوال السبق المزبوركافية في التأثير، يصح أن ال يكون المراد - وهو البيع - باطال، ألنه وإن

كانت اإلرادة مقهورة بوجودها الفعلي، ولكنها لما كانت المبادئ األخرىفي النفس موجودة، ال يعد البيع عند العقالء من بيع المكره الذي هو

الباطل عندهم.نعم، إذا استلزم إلزام المكره انقالب الدواعي، فال يصح.

وبالجملة: فاالكراه على الطبيعة المطلقة، واالتيان بمصاديقهاالعرضية دفعة واحدة، كاالكراه على الطبيعة المخيرة والجمع بين

طرفي التخيير، في كون المجموع صحيحا، ضرورة أنه إذا أتى بمصداقمنها، يكون هو المكره عليه قهرا، وإذا أتى بمصداقين فال لون لما أكره

عليه، وحيث يكون الدواعي النفسانية على البيع موجودة يقع الكل--------------------

١ - مستند الشيعة ٢: ٣٦٤ / السطر ١٠.

(٣٤٦)

Page 337: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

صحيحا، المتناع تعيين ما ال داعي له في بيعه، فمثل هذا االلزام من قبيلإلزام المماطل عن القيام بمصالحه، فيكون االكراه غير متحقق قهرا وإن

يصل المكره إلى مرامه ومقصده.ومما يشهد على ما اخترناه، امتناع كون أحدهما المعين باطال، أو

أحدهما غير المعين، أو المجموع، لقيام الضرورة على خالفه.مختار الوالد المحقق فيما إذا أوجد المكره بيوعا متعددة دفعة ونقده

وما أفاده المحقق الوالد - مد ظله -: من أن الصحيح هو الكليفي المعين، والباطل هو كذلك، كما في بيع الصبرة إذا كان بالنسبة إلىبعض منها باطال، فإنه كما هناك تحتاج الصحة الفعلية إلى اإلجازة مثال،

كذلك هنا تقع المعاملة بالنسبة إلى الكل صحيحة بالقوة، مثل صحةباب الفضولي، وصحة بيع الصرف، فيكون القرعة هنا متمم السبب

الناقل، جمعا بين دليل (أوفوا بالعقود) (١) ودليل القرعة (٢).وبالجملة: فعنوان أحدهما صحيح، وعنوان أحدهما باطل، وهذان

--------------------١ - المائدة (٥): ١.

٢ - الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السالم)، قال: إذا وقع الحر والعبد والمشترك على امرأة فيطهر واحد وادعوا الولد، أقرع بينهم، وكان الولد للذي يقرع.

عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السالم)، في رجل قال: أول مملوك أملكه فهوحر، فورث سبعة جميعا، قال يقرع بينهم، ويعتق الذي خرج سهمه.

وسائل الشيعة ٢٧: ٢٥٧ و ٢٦١، كتاب القضاء، أبواب كيفية وأحكام الدعوى،الباب ١٣، الحديث ١ و ١٥.

(٣٤٧)

Page 338: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العنوانان كليان قابالن للصدق على كل واحد منهما.ولو لم تكن تلك المعاملة صحيحة شأنية، لما كان يفيد اإلجازة

الالحقة بالنسبة إلى الكل، مع أن األمر ليس كذلك بالضرورة، فعليهيعلم صحتها الشأنية، ويترتب النقل بعد القرعة، وهي ليست لما هوالمتعين في الواقع، بل حصرها بهذه الصورة أولى من العكس (١).

لو تم في نفسه، ال يكون محتاجا إليه في المسألة، لعدم بطالنالواحد ال بعينه، كما عرفت.

مع أن البيع المتعلق بعشرة أشياء في المسألة األولى، وباثنين فيالمسألة الثانية، ال يتعلق إال بما هو العنوان الذاتي لها، ال العنوان

االختراعي اآلخر، ضرورة أن البائع مثال قال: بعت هذا وهذا وذاك بكذاوقال المشتري: قبلت الكل أو قال البائع المكره مع وكالئه في زمن

واحد: بعت بالنسبة إلى األشياء الكثيرة، فإنه ال معنى ألن يكونعنوان أحدها باطال، وعنوان العشرة إال الواحد صحيحا، ألنهما ليسا

مورد البيع، فهما عنوانان مشيران، وال يعقل اإلشارة إلى ما ال تعين له فيالخارج.

نعم، إذا جمع المكره في التعبير وقال: بعت العشرة وكان مكرهاعلى نفس الطبيعة، كان لما أفاده وجها لحل المعضلة وجه، فليتدبر.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٧٢ و ٧٦ - ٧٨.

(٣٤٨)

Page 339: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حكم االكراه على بيع شخصي مع ضم المكره إليه أمرا آخرثم لو أكرهه على الواحد الشخصي، فضم إليه اآلخر فباع، فإن

كان من قبيل ما يفيد الضم رقاء القيمة، أو كان من قبيل أحد الفعلينوواحد من البابين، فال يبعد البطالن، لبناء العرف والعقالء ودليل

االضطرار، لو لم نقل بكفاية دليل االكراه، أو قلنا بعدم جريان حديث رفعاالكراه في بيع المكره، كما عرفت تحقيقه (١). مع أنك عرفت أيضا وجها

لممنوعية جريان الحديث مطلقا إكراها واضطرارا.وإن لم يكن األمر كذلك فيصح البيع بالنسبة إلى المنضم، إال إذا

استلزم الخلل في الجهات األخر المورثة لبطالن التجارة، كما ال يخفى.حكم االكراه على بيع متوقف على مقدمات وجودية أو علمية

ولو أكرهه على شئ كان متوقفا على المقدمات الوجودية، كما إذاأكرهه على أداء الدين غير الواجب أداؤه فعال، أو أكرهه على الضيافةالمتوقفة على بيع داره وأثاثه وهكذا، فالبيع باطل، ألن اإلرادة المتعلقةبه ناشئة من إرادة الغير القاهر، والطالق دليل رفع االضطرار، بناء على

شموله لمثل هذه االضطرارات المعلولة من االكراه، وقد مضى وجهمنعه (٢).

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٤٠ - ٣٤١.

٢ - نفس المصدر.

(٣٤٩)

Page 340: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وإذا كان متوقفا على المقدمات العلمية، كما في موارد العلماالجمالي، فاألمر بالنسبة إلى األطراف مثل ما مر.

حكم ما إذا أكرهه على أداء الدين الواجب فباع دارهوإذا أكرهه على أداء الدين الواجب شرعا، فباع داره، ففيه

وجهان:من أن االكراه المذكور غير مشمول لحديث الرفع، ألنه ليس فيه

امتنان فتأمل، وألن الدليل الخاص يقضي بجواز إكراهه عليه.ومن أنه ال يستلزم صحة البيع، بعد ظهور كلمات القوم في أن

المناط هو االمتنان الشخصي، ال النوعي، فيشمله الدليل.واألقوى هو األول، خصوصا إذا كان متمكنا من أدائه بغير البيع

والكسب، فإنه وإن صدق االكراه إذا كان إقدامه على اختيار البيعلألغراض العقالئية، إال أن الحديث ربما كان منصرفا عنه.

ويمكن دعوى: أن صحة البيع هنا كصحته في بيع المحتكر، فإنه معاالخالل ببعض الشرائط يصح، واألمر هنا مثله، فلو فرضنا أن إرادته لبيع

داره مقهورة إلرادة القاهر بعد رعاية األغراض العقالئية، فإنه عندئذتبطل تجارته، ولكن ذلك صحيح عند الشرع. اللهم إال أن يقال: بوجوب

األداء بطريق صحيح، فلو تخلف عنه يكون البيع باطال.وبالجملة: فإذا كان الطريق منحصرا به فهو صحيح، وإال فالصحة

محل إشكال بل منع.

(٣٥٠)

Page 341: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حكم إكراه المحتكر على بيع الحنطة أو دارهولو أكره المحتكر على بيع الحنطة أو بيع داره، فإن باع الحنطة

فهو صحيح قطعا، وإذا أقدم على الثاني فالظاهر هو البطالن.اللهم إال أن يقال: بأن إبطال بيعه يجرئه على المحرم، وهو

االحتكار، فالمنة تقضي بالصحة، فليتدبر.حكم إكراه جماعة على أمر واحد

لو أكره جماعة على أمر واحد، نظير الواجب الكفائي، فإن سبقالكل فباعوا دورهم يبطل، إال إذا كان السبق لدواعيهم.

وإذا تمكن أحدهم من إكراه واحد منهم على ما أكرهه عليه المكره،فهل يجوز ذلك، أم ال، وإذا لم يجز ذلك، فهل يصح بيعه أم ال؟

فيه وجهان:من إمكان التفصي بطريق عقالئي.

ومن لزوم كونه شرعيا.حكم االكراه على فعل موسع مع بدار المكره

ولو أكره على بيع داره من الزوال إلى الغروب، أو شرب الخمر،فهل يجوز البدار مطلقا، أو ال مطلقا، أو يفصل بين الوضع والتكليف؟

فيه وجوه:

(٣٥١)

Page 342: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اختار الوالد المحقق األول، بدعوى أن إمكان التفصي ممنوعبالضرورة، فيصدق االكراه عرفا (١).

والذي يقتضيه التحقيق الحقيق بالتصديق: أن عناوين حديثالرفع (٢) ليست من قبيل التخصيص، بل الظاهر أنها عناوين على المالكات

األولية الالزم حفظها بدوا، والجائز االقتحام فيها عند الصدق شرعا، إالأن حكم العقل محفوظ حينئذ، وعلى هذا فال يجوز البدار بالنسبة إلى

التكليف، ألن تأخير مبغوض المولى نوع ترك له بالضرورة.بل لو قلنا بمراتب االمتثال واالعتذار، فالعذر في آخر الوقت أقوى،

النطباق عنوانين: االكراه واالضطرار.هذا مع أن المكره قاطع بعدم رفع االلزام في األثناء، ومع قطعه - كما

هو مفروض المسألة - ال يمكن حدوث احتمال الخالف.ولكن لي عدم تجويز البدار، ألن المفتي يحتمل ذلك، وإذا أمكن

التخلص من مبغوض المولى ولو احتماال، يجب عقال.ومن هنا يعلم الوجه في التكليفات، واالكراه عليها باألنحاء

المتصورة في الواجبات وأقسامها، كما أشير إليه، ضرورة أن األمر هنايدور مدار االطالق بضميمة حكم العقل. وأما صحة تجارته في األثناءوبطالنها، فهي دائرة مدار األمر اآلخر الذي عرفته منا، وسمعته مرارا.

--------------------١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٧٥.

٢ - الخصال: ٤١٧ / ٩، وسائل الشيعة ١٥: ٣٦٩، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس،الباب ٥٦، الحديث ١.

(٣٥٢)

Page 343: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

حكم بيع الوكيل مع إكراه المالك في أصل الوكالةولو أكرهه على التوكيل فأنشأ الوكالة، فهي باطلة، فهل العقد

الصادر من الوكيل أو االيقاع الصادر منه، يقعان فضوليين؟ الظاهرذلك، بناء على جريانه فيهما.

فإذا رضي بالوكالة، فهل يكفي عن اإلجازة لهما، أم ال، أو يختلفذلك باختالف المباني في اإلجازة؟ الظاهر هو األخير.

وما هو الظاهر في تلك المسألة: أن المالك بالخيار في أصلاإلجازة وحدودها، فله إجازة العقد على النقل، أي من الحين، ولهإجازته من األثناء، وله اإلجازة من أول األمر، فيكون باعتبار اآلثار

المقصودة، وله التفكيك في اآلثار، فإن أجاز الوكالة باعتبار ترتيب جميعاآلثار فال يحتاج عقد الوكيل إلى إيقاعه إليها، وإن أجازها بالنظر إلى

األثر الخاص فيترتب هو، دون غيره، وله إجازة الوكالة من الحين،فيكون العقد وإيقاع الوكيل فضوليين محتاجين إلى اإلجازة األخرى.

حكم إكراه المالك على قبول الوكالة في إجراء عقد أو إيقاعولو أكرهه المالك على قبول الوكالة في إجراء العقد أو االيقاع،

فهل يقعان صحيحين، أم ال، أو يقع األول دون الثاني؟

(٣٥٣)

Page 344: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قيل باألول (١)، وقيل بالثالث (٢).والمسألة مبنية على أن إنشاء الوكالة ينحل إلى االنشاءين، أم

ال، فإن انحل عرفا إلى إنشاءين - إنشاء عنوان الخاص، وإنشاء اإلذنبإجراء العقد وااليقاع - فال حاجة إلى اإلجازة، وإال فتحتاج الصحة

إليها.ولكن الظاهر أن انحالل الوكالة إلى االنشاءين، غير كاف، ضرورة

أن اإلذن بإجراء العقد، موضوع العتبار الوكالة أيضا، ألن فعل من يأذنال يخرج من أحد العناوين المتعارفة العرفية، ولذلك تعد هذه العقود

- بتسامح - من العقود اإلذنية.وبالجملة: فهو وكيل عن إكراه، فتكون الوكالة باطلة.

نعم، دعوى كفاية المظهر ولو كان بالغلط والباطل للرضا واإلرادة،غير بعيدة، فعليه ال فرق بين العقد وااليقاع، ألنهما واقعان بجميع شرائطهما.

ولنا دعوى: أن العقد الصادر من المكره يستند إلى المكره فيصحمن غير حاجة إلى اإلجازة، وذلك لما عرفت منا في وجه بطالن بيعالمكره. وعن الشهيد الثاني احتمال الثاني، للزوم وقوع ألفاظ العقدوااليقاع باطلة، قضاء لحق حديث رفع االكراه، فال يكفي اإلجازة

الالحقة (٣)، فتدبر.--------------------

١ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢٠ / السطر ٣٤، البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٧٤.٢ - لم نعثر على قائله في هذه العجالة.

٣ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢٠ / السطر ٣٥، مسالك األفهام ٢: ٣ / السطر ٢١.

(٣٥٤)

Page 345: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

ومما ذكرنا يظهر: أن االكراه على إجراء الصيغة وبيع الداروالطالق، إكراه على الوكالة بالحمل الشائع، ويظهر أن العقود اإلذنيةمن األكاذيب، ضرورة أن اإلذن يعتبر عند العقالء من العنوان البسيط

االعتباري، كالوكالة، والعارية، وليس المنشأ هو اإلذن، فال معنىالنحالل الوكالة إلى اإلذن الجنسي والمعنى الفصلي، حتى يكون

الباطل هو الثاني، دون أصل الطبيعة.مع أنه عقال ممتنع، ال عرفا، ولذلك يصح االلتزام بالتفكيك فياالنشاء في حديث رفع القلم بالنسبة إلى االلزامات، دون أصل

االنشاءات، ولذلك اشتهر بين المتأخرين صحة عبادات الصبي، لكونهمأمورا بها باألوامر الكلية اإللهية، إال أن االلزام مرفوع عنه (١)، فال تخلط.

ولو أكره الوكيل غير المالك على البيع، وكان وكيال فيه، فالظاهرتمامية النسبة، وصحة العقد، وال وجه للسراية كما هو الظاهر.

بحث وفحص حول ما إذا أكره على الطالق فطلق ناويا أو على البيع فباعناويا

عن تحرير العالمة (رحمه الله): لو أكره على الطالق فطلق ناويا،فاألقرب وقوع الطالق (٢).

وقد ذكر المتأخرون حول ذلك ما ال ينبغي منهم، ضرورة أن (الحق--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١١٤ / السطر ٢١ و ٢٥.٢ - تحرير األحكام ٢: ٥١ / السطر ٢٥.

(٣٥٥)

Page 346: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

أحق أن يتبع) (١) سواء قال به أحد، أم لم يقل.وبالجملة: فما أفاده غير وجيه، إال إذا كان المقصود ما أشرنا إليه

في صحة بيع المكره، الذي يريد بعد االكراه الفرار من الغصب، وهوالمأخوذ بالعقد الفاسد، فإذا نوى الطالق لئال تقع الزوجة في الحرام،

أو لغرض آخر في طول الداعي، فإنه ال منة في رفعه، وعليه حكمالعقالء.

ثم إن األصحاب تخيلوا صورا في المسألة، ضرورة أن اإلرادةالمتعلقة بالعقد أو االيقاع، كما يمكن أن تكون معلولة الدواعي

النفسانية، يمكن أن تستند إلى اإلرادة القاهرة، ويمكن أن تكون معلولةالداعي وتلك اإلرادة، ويمكن أن تكون إحداهما علة تامة لوال لحوق

األخرى، دون األخرى، فبنوا على التفصيل وذكر أحكامه.استشكال الوالد المحقق على الصور التي ذكرها األصحاب وجوابهواستشكل المحقق الوالد - مد ظله - عليهم: بأن هذه الصور كلها

فيما نحن فيه ممتنعة، بداهة أن االكراه على المعنى المشهور بين هؤالءهو االلزام على ما يكرهه المكره، وال يعقل اجتماع طيب النفس المعتبر

عندهم في الصحة مع الكراهة إذا كانا متعلقين بأمر واحد عنوانا،ال عنوانين منطبقين على واحد في الخارج، فإنه جائز كما تقرر في

--------------------١ - يونس (١٠): ٣٥.

(٣٥٦)

Page 347: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األصول (١)، فالبيع والطالق إما مكروه، أو مورد الطيب والرضاالنفساني، فعليه يسقط جميع الفروض، المتناع كونهما جزءين،

وال مستقلين، وال داعيين طوليين، ألن المعتبر في العلل الطولية بقاؤهامعا، وهنا ينعدم الداعي األول بحصول الداعي الثاني.

وأما االكراه بالمعنى المختار، فهو أيضا ال يجتمع، ألن اإلرادةالتكوينية المتعلقة بالبيع، إما معلولة إرادة القاهر، أو معلولة

الدواعي، وإذا كانت الدواعي غير محركة فهي معلولة تلك اإلرادة، والمعنى للجمع، وإذا كانت معلولة الدواعي فال أثر لتلك اإلرادة القاهرة.

وتوهم اجتماعهما في التأثير، فاسد، فإنها معلولة النفس، وأماالدواعي وتلك اإلرادة فهي معدات لخالقيتها، ال علل حقيقة.

وبالجملة: فإنا إذا راجعنا وجداننا، نجد أن إرادة البيع إما حصلت منإرادة قاهرة عرفا، أو حصلت من الدواعي، وال شركة بعد الدقة (٢).

أقول: المسألة الفقهية التي يمكن عنوانها ليست هذه األمور، والتلك الصور، بل الجهة المبحوث عنها هنا: هو أن مع وجود الميول

النفسانية إلى البيع واألغراض العقالئية إلى االيقاع، هل يصدقاالكراه الموضوع لرفع األثر، وهل يحكم العقالء ببطالن تلك العقود

وااليقاعات؟--------------------

١ - انظر تهذيب األصول ١: ٣٩١ - ٣٩٨، تحريرات في األصول ٤: ٢٠١ وما بعدها.٢ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٨٠ - ٨١.

(٣٥٧)

Page 348: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

قضية ما شرحناه سابقا وأسسناه حول المسألة (١)، عدم مساعدةاألدلة على بطالنها، ضرورة أن مجرد االلزام المؤثر في اإلرادة لو كان

موضوعا، يلزم فساد البيع في المثال المذكور، مع شهادة الوجدانبصحته، وعدم شمول دليل الرفع لها وال منة في ذلك.

مع أن األمر هناك من قبيل الداعي إلى الداعي، بمعنى أن إلزامهأورث إرادته، ولكنه بعد مالحظة وقوعه في المشكالت المترتبة علىفساد البيع، يرجو صحته، ويريد إيقاعه، إال أن اإلرادة معلولة الدواعي

التي هي معلولة االلزام، وهما مجتمعان في الوجود، وال يكون المتأخرمفنيا للمتقدم، للزوم كون المعلول معدما لعلته، وهو مستحيل بالقطعواليقين، فالبحث عن الطيب غير صحيح، لما عرفت من فساد المبنى.

وأما بعد كون الوجه في بطالن بيع المكره، كون اإلرادة مقهورةإلرادة أخرى، بحيث يمكن استناد الفعل إلى القاهر، دون المقهور، كما

يستند فيما كان نسبة المباشر إلى السبب أضعف بمراتب كالوكيل، فيأتيالكالم حول أن نفس تلك الدواعي غير المحركة القابلة للتحريك،

ولكنها ال تكون محركة أصال، تضر بصدق االكراه أو تمنع عن فساد البيعوأن صدق االكراه بمعنى االلزام، أم ال، وقد مضى أيضا: أن الفساد ال يدور

مدار صدق االكراه ألجنبية حديث الرفع عن المسألة (٢)، فال تغفل.وبمقتضى ما تقرر سابقا من المثال بالمماطل، يظهر لك إمكان كون

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٦.

٢ - تقدم في الصفحة ٣٢٩ و ٣٣٩ - ٣٤٠.

(٣٥٨)

Page 349: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الداعي النفساني والداعي إلى الفرار من وعيد الملزم، مجتمعا علةاإلرادة، فال تكون اإلرادة - كما عرفت - معلولة اإلرادة حتى ال يعقل توارد

االلزام والدواعي، بل إرادة القاهر تورث داعيا، وسائر الدواعي األخرأيضا موجودة، فتقدم على البيع، فإنه عندئذ يشكل األمر صحة وفسادا،

لقصور األدلة من الجانبين، وكأنه جمع بين مقتضى الصحة ومانعها، كماال يخفى.

إن قيل: قضية ما مر هو استناد اإلرادة إلى القاهر عرفا، فعليه اليمكن االلتزام بإمكان التصوير المذكور.

قلنا: نعم، إال أن مع عدم وجود الدواعي يكون األمر كذلك، بخالف ماإذا كانت الدواعي األخر معلومة وموجودة، فإنه عندئذ ال يستند عرفا إلى

تلك اإلرادة، بل العرف حينئذ ينتقل إلى أن تلك اإلرادة وسائر الدواعياتفقت في خالقية النفس للجزء األخير، فتدبر جيدا.

وإن شئت قلت: ما هو محرك المكره إلى الفعل ليست إرادة القاهر،بل هي موضوع اإلطاعة ومصب الفرار من الوعيد الذي هو العلة

التامة أو الناقصة، وعليه فيجتمع الدواعي الكثيرة في االتيان بالفعلالواحد.

وهذا وإن كان مطابقا للتحقيق، إال أنه فيما اقترنت الدواعي به، وأماإذا توحدت فعند العقالء تكون اإلرادة مستندة إلى تلك اإلرادة، ويكفي في

عرفية المسألة خفاؤها على مثله المحقق في العلوم العقلية

(٣٥٩)

Page 350: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والنقلية، فما أفاده - مد ظله - حول المسألة (١) وهكذا سائر األصحاب- رضوان الله تعالى عليهم (٢) - مما ال يمكن الركون إليه.

منع جريان حديث الرفع الثبات بطالن عقد المكره عند الشكثم إن قضية ما ذكرناه في هذا المضمار بطوله - من انحصار الدليل

في المسألة ببناء العقالء، وعدم جريان حديث رفع االكراه (٣) - هوالبطالن في مواقف الشك، كما ال يخفى.

إن قلت: ال منع من التمسك بالحديث، فيكون في عرضالمخصصات اللفظية بالنسبة إلى عموم (أوفوا بالعقود) (٤) وال نصعلى كونه في طول األدلة الواقعية األولية، بل السر هو اقتضاء الرفع

ذلك، وهو حاصل فيما فرضناه، وبهذا المعنى تكون المخصصات بلفظ هناطبق العمومات.

قلت: حتى لو سلمنا ذلك، ولكن شمول العمومات الشرعيةوالقوانين الكلية لبيع المكره، ممنوع حسب األفهام العرفية، وال أظن

إمكان االلتزام بذلك، وهذا إما يرجع في الحقيقة إلى اشتراط العقد في--------------------

١ - البيع، اإلمام الخميني (قدس سره) ٢: ٨٠ - ٨١.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢١ / السطر ٢٣، منية الطالب ١: ١٩٦ /

السطر ١١.٣ - تقدم في الصفحة ٣٢٩.

٤ - المائدة (٥): ١.

(٣٦٠)

Page 351: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

التحقق إلى عدم وجود اإلرادة القاهرة، أو في التأثير، واألول هواألقوى، على إشكال يأتي، فيكون بيع المكره خارجا تخصصا، لتلك

الجهة، فال تخلط.ويمكن دعوى: أن جل عناوين حديث الرفع من األعذار العقلية

والعقالئية، فالتكاليف اإللهية والوظائف الشرعية مختلفة:فمنها: ما ال يرفعها الحديث، وال يقبل فيها تلك األعذار، كالمهمات

منها.ومنها: ما يقبل فيها العذر، ويشملها الحديث، فال حاجة إليه.

ومنها: ما ال تعد عذرا، إال أن إطالق الدليل يرفعها.فدعوى انصراف الحديث الشريف عما يعتذر به العقالء، غير

بعيدة.اللهم إال أن يقال: باختالف اآلثار من جهات أخر في الشمول

وعدمه، فتدبر جيدا.بقي الكالم في أمور:

األمر األول: حول عدم قابلية عقد المكره للتصحيح باإلجازةفي أن بيع المكره هل هو باطل غير قابل للتصحيح باإلجازة

الالحقة أو الرضا الالحق، أم هو قابل، أو يصح باإلجازة، وال يكفيالرضا، وليس هو مثل الفضولي؟

(٣٦١)

Page 352: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وجوه، بل أقوال:المشهور بين المتعرضين هو الثاني (١)، لما يستظهر منهم االكتفاء

بالرضا، وتكون اإلجازة أولى بها، معتقدين أن ما هو الدخيل في ماهيةالعقد قد حصل، وما هو الشرط في نفوذه يحصل بها، فيصير العقد صحيحا.

شبهات تصحيح عقد المكره باإلجازةوقد يشكل ذلك تارة: بأن ما هو الحاصل بماهيته هو عنوان البيع

ألن المفروض تقومه وجودا باإلرادة، وهي في المكره حاصلة،وبالتمليك والمبادلة ماهية، وهي مورد تلك اإلرادة المقهورة الناشئة

من إلزام المكره، ولكن ذلك غير كاف، الشتراط كونه عقدا حتى يكونمشمول أدلة التنفيذ، وهو غير صادق عليها بالضرورة، ألن المعاقدة

والعقدة ال تحصل إال مع المالك المريد باإلرادة االستقاللية، الالمقهورة التبعية، وهذا مما يشهد به الوجدان، ويساعد عليه البرهان.وأخرى: بأن هذه المسألة من متفرعات ما هو القادح في صحة بيع

المكره، فإن قلنا: بأن وجه البطالن اختالل الشرط، وهو الرضاوالطيب، كما يظهر من الشيخ (رحمه الله) (٢) وكثير من أتباعه (٣)، فهو يحصل بعد

--------------------١ - شرائع االسالم ٢: ١٤، قواعد األحكام ١: ١٢٤ / السطر ٣، الدروس الشرعية ٣:

١٩٢، المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢١ / السطر ٣٤، و: ١٢٢.٢ - المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢٢ / السطر ٢١ - ٢٢.

٣ - حاشية المكاسب، السيد اليزدي ١: ١١٩ / السطر ٣١، و ١٢١ / السطر ١٣، منيةالطالب ١: ١٩٧ / السطر ٢٤، و: ١٩٨.

(٣٦٢)

Page 353: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

اإلجازة.وإن قلنا: بأن الوجه هو ضعف االستناد، ويكون من قبيل عقد غير

المالك، فهو كالفضولي كما مر منا تقريبه (١)، فهو أيضا ممكن تحصيلهباإلجازة.

وأما بناء على كون االكراه مانعا، فهو قد حصل وال يمكن رفعه، ومايمكن رفعه هو الحاصل من االكراه وهو كراهة المكره، إال أن الكراهةليست مانعة، وال الطيب شرطا، على ما تقرر، فيكون نفس إلزام القاهر

مانعا غير قابل لالرتفاع.وهكذا لو قلنا: بأن ما هو الشرط عدم كون االلزام من مبادئ تحقق

اإلرادة في المكره، وأما اعتبار المانع فهو محل الكالم في مثل المقام،فعليه ال يمكن - بناء على ما يظهر مما مر - تصحيح بيع المكره بالرضا

واإلجازة مطلقا.وثالثة: بأن ظاهر المستثنى في آية التجارة كون التراضي الناشئ

من المتعاملين، دخيال في خروجها من الباطل في المستثنى منه، وذلكلقوله: (إال أن تكون تجارة عن تراض منكم) (٢) فإن كلمة (منكم) كما مرتفيد كون التراضي من المتعاملين، ال من القاهر (٣)، فما كانت من التجارة

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٦.

٢ - النساء (٤): ٢٩.٣ - تقدم في الصفحة ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٣٦٣)

Page 354: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فاقدة لتلك الجهة باطلة.وال دليل على خروجها من المستثنى منه، ودخولها في المستثنى،

بل ال يعقل ذلك، ألنه باإلجازة والرضا ال تخرج التجارة المزبورة منالعنوان المنطبق عليها، كما عرفت في االشكال الثاني.

ثم إن من المحتمل في االتيان بكلمة التراضي هو إفادة كونالمتعاملين متراضيين من المبادئ والدواعي الموجودة في أنفسهم، ال

من إرادة القاهر، وأما إذا كان أحدهما قاهرا ومتعامال، فهو أيضا ليس منالتراضي الحاصل منهما، بل هو من التراضي الحاصل من أحدهما، فافهم

واغتنم جدا.وتوهم داللة اآلية الكريمة على أن التجارة ال بد من كونها عن

التراضي، وناشئة عن الرضا المقارن، فتدل على بطالن بيع المكره (١)،في غير محله، ألنها ال تتم إال بالنسبة إلى منع التأثير قبل اللحوق، وأما

إذا لحقته اإلجازة فيحصل الشرط، فتكون مؤثرة.فبالجملة: يتوقف إبطال بيع المكره بنحو كلي - بحيث ال تفيد اإلجازةالالحقة - على اعتبار ما ال يمكن تحصيله، وإال فاألدلة اللفظية ال تدل

على أن بيع المكره غير قابل للتصحيح، كما هو الواضح الظاهر فيالفضولي ونحوه.

ورابعة: بأن بناء العقالء على بطالن بيع المكره، وهذا يرجع إلىاعتبارهم القيد والشرط فيه للصحة واألثر، وال يكون عندهم نحوان من

--------------------١ - الحظ مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥٦.

(٣٦٤)

Page 355: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

الشروط: شروط الصحة، وشروط التأثير. وما اشتهر من شرط الصحةواالسم وشرط التأثير، فهو ألجل اختالط الشروط الشرعية بالعرفية

وامتزاجها، فما عندهم إال ما هو الدخيل في عنوان المعاملة.وإن شئت قلت: كون العقد صحيحا تأهليا وقابال، وفي قوة الصحة

الفعلية، مما ال معنى له في األمور االعتبارية، بل األمر فيها حول القيودوالشرائط الدخيلة في كونها موضوعا لألثر، ومحال العتبار الغرض

والمقصود العقالئي، أو عدمها، وال ينبغي الخلط بين الشرعياتواالعتباريات، وبين الطبيعيات والتكوينيات، فاإلجازة الالحقة منشروط عقدية العقد وبيعية البيع عند العرف، وما ترى من إطالق

البيع على بيع المكره، فهو من التسامح، وإال فهو عندهم ال يعد بيعا.وتوهم صدق تعريف البيع عليه، فهو ألجل تخيل أن المقصود منالتمليك بالعوض أعم مما يصدر من المالك وغيره، ومن المكره

وغيره، مع أنه ظاهر في أنه تمليك صادر من المالك، ألن غير المالكال يكون مملكا، وتمليك صادر عن إرادة مستقلة منه، ال من القاهر. وهكذا

في قولهم: هو مبادلة مال بمال.فالعقد الفضولي وبيع المكره، مشتركان في هذه الجهة فسادا،

خصوصا إذا قلنا: بأن منشأ فساد الثاني رجوعه إلى األول، كما عرفت مناتقريبه (١)، فافهم وتدبر.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٦.

(٣٦٥)

Page 356: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وخامسة: لو فرضنا خروج عقد المكره من عموم (أوفوا بالعقود) (١)لألدلة الشرعية، وهكذا من سائر األدلة التنفيذية، لما بقي وجه

للتمسك بها بعد ذلك، إال على الوجه غير الصحيح عند المحققين، وهوكون الزمان مفردا.

الوجه الحق لعدم قابلية عقد المكره للتصحيح باإلجازةوسادسة: بأن الظاهر من حديث الرفع، تنزيل الموجود منزلة

المعدوم على نعت االدعاء، وإطالقه يقتضي عدم إمكان لحوق اإلجازة به،للزوم التهافت بينه وبين دعواه.

وإن شئت قلت: الموضوعات في األدلة األولية على أنحاء ثالثة:ما ال تندرج في عناوين حديث الرفع.

وما تندرج فيها، وتكون بتمام ذاتها تكليفا.وما تندرج وتكون الكلفة في لزومها، كما نحن فيه، فإن عقد

المكره مرفوع، وال كلفة في بقاء الصحة التأهلية، القتضاء االمتنانالمبني عليه الحديث الشريف ذلك.

فما كان من القسم األول والثاني، فعدم الشمول والشمول واضحفيهما.

وأما في القسم الثالث، فقد وقعت كلمات القوم في اضطرابشديد، وكلها مخدوشة، لعدم تناولها ما هو الحق في معنى الحديث، وكيفية

--------------------١ - المائدة (٥): ١.

(٣٦٦)

Page 357: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

االدعاء المشاهد فيه، وإذا تأملت في أن دعوى ارتفاع الموضوعات، التصح إال بالمصححات العقالئية، وهي هنا متوقفة على كون تلك

الموضوعات مدعاة على المكلفين، دون األحكام، ألن ما ادعى رفعه هوالمدعى وضعه، فكما في جانب ادعاء الوضع، تكون اآلثار غير

التكليفية في جنب األوزار التكليفية، غير مرعية، وال منظورا إليها،فكذلك األمر هنا، فيلزم عندئذ صحة ادعاء ال شيئية المكره عليهوالمضطر إليه وهكذا، فعليه ال معنى لترتيب أثر الصحة التأهلية،

ألنها فرع الوجود، وهو معدوم في نظر الشرع واالدعاء.إن قلت: فما الحيلة للفرار عما عليه العقالء في الفضولي

والمكره، من بنائهم وحكمهم بكفاية اإلجازة، وال يمكن - على ما تقرر -ردع البناءات االغتراسية العقالئية بإطالق دليل، خصوصا إذا كان

محتاجا إلى التقريب واالثبات؟قلت: منكر صحة الفضولي يتشبث بأن اإلجازة هي القبول، وليست

إال من قبيل القبض في الصرف والسلم.وبالجملة: ليس عقد المكره عقدا عرفا، وال بيعا حقيقة، ويصير

باإلجازة عقدا وبيعا بحكم العرف، فما صنعه المكره هو القابل النطباقالعناوين العقالئية عليه بعد اإلجازة، وإلى هذا يرجع قول من يقول: بأنها

ناقلة، فتأمل جيدا.فتبين الفرق بين كون عمل الفضولي والمكره، مصداقا للعقد

(٣٦٧)

Page 358: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

والبيع حقيقة، كما هو خيرة المشهور توهما (١)، وبين عدم إمكانانطباق تلك العناوين عليه، كما هو الظاهر من جامع المقاصد (٢)

وصاحب الذخيرة (٣) ومجمع الفائدة (٤) وبين ما أسسناه، وهو الحدالوسط، فيكون قابال لصيرورته معنونا بتلك العناوين. واالنطباق السابق

على اإلجازة، من االطالقات الوهمية في االستعماالت الموسعة غيرالمبتنية على الدقة والنظر، فتدبر.

وفاء االعتراض السابق بمقالة المشهورثم إنه ال يبعد عدم تمامية بعض الشبهات المشار إليها بناء أو

مبنى، إال أن الحق في بينها ما ذكرناه أخيرا.فلو فرضنا أنه عقد، وقلنا كما هو الحق: بأن عنوان العقد مما ال

حاجة إليه في المعامالت، بل المدار على العناوين األصلية، ألجنبيةاآلية الكريمة عما نحن فيه، كما تقرر في محله (٥).

وفرضنا كما هو الحق، أن وجه بطالن بيع المكره، كون اإلرادة--------------------

١ - الحدائق الناضرة ١٨: ٣٧٣، رياض المسائل ١: ٥١١ / السطر ٣٠ - ٣١،و: ٥١٢ / السطر ٩، الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢١ / السطر ٣٣ - ٣٤.

٢ - جامع المقاصد ٤: ٦٢.٣ - كفاية األحكام: ٨٩ / السطر ٣.

٤ - مجمع الفائدة والبرهان ٨: ١٥٦.٥ - تقدم في الصفحة ٣٢٧.

(٣٦٨)

Page 359: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

المتعلقة به مقهورة لإلرادة األخرى، فيكون الفعل مستندا إلى تلكاإلرادة، ألقوائية السبب من المباشر.

وسلمنا أن المستثنى في اآلية الكريمة ال يفيد إال البطالنالفعلي، وهو ال ينافي الصحة التأهلية.

وفرغنا عن أن العقالء كما تكون عندهم شروط للصحة، تكونعندهم شروط للتأثير، ويكفي العتبار الصحة التأهلية ترتب الغرض

عليها، وهو الصحة الفعلية باإلجازة.وقلنا: بأن التخصيصات في القوانين الكلية، ليست تخصيصات

فردية باخراج األفراد بعناوينها الشخصية، حتى ال يندرج في العموماتما خرج منها، بل هي التخصيصات الراجعة إلى التقييدات

األحوالية، وإن كانت في القانون بصورة العموم والخصوص، فعليه ماكان خارجا من عموم (أوفوا) (١) و (تجارة عن تراض) (٢) عنوان كلي، ولو

كان ما يصدق عليه عنوان المخصص في زمن غير صادق عليه في اآلخر،فال ريب في شمول العمومات قطعا.

وهذا ليس معناه كون الزمان، واألحوال الشخصية مفردات، بلالتفريد في العام تابع العنوان الخارج منه، فإذا كان الخارج عنوان بيع

المكره فما هو الداخل بيع غير المكره، فإذا زالت الكراهة تشملهالعمومات قهرا.

--------------------١ - المائدة (٥): ١.

٢ - النساء (٤): ٢٩.

(٣٦٩)

Page 360: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وذكرنا: أن حديث الرفع أجنبي عن هذه المواقف (١)، أو فرضنا عدمداللته على نفي القابلية، ألن ما هو المدعى وضعه ليس عنوان

الموضوعات الخاصة، بل المدعى أن ما هو الموضوع عليهم وزرابالقوانين الكلية، مرفوع عنهم منة، وال شبهة أن الصحة التأهلية ليست

موضوعة وزرا، فمالحظة قانون الرفع بعد التطبيق على عناوين سائرالقوانين غير صحيحة، للزوم انتفاء الموضوع المذكور عرفا وتعبدا،

فال تغفل.يلزم من مجموع ذلك صحة ما أفاده القوم في المقام.

فتحصل: أن تلك الشبهات ال تخلو من المناقشات، إال أن الذيعرفت هو األمر الثالث غير ما هو المشهور، وال ما هو المنسوب إلى

بعض الفحول، كما مر (٢)، بل باإلجازة يصير ما أوجده المكره معنونابعناوين المعامالت، وسيتضح زيادة عليه في الفضولي إن شاء الله

تعالى.الشبهة السابعة: ثم إن هاهنا شبهة أخرى غير ما مر: وهي أن

الكراهة الباطنية المعلومة للمكره الباقية بعد العقد، في حكم ردالبيع، فال تفيد اإلجازة الالحقة، ألنها التحقت بعد الرد.

وتندفع بما يأتي: من أن الرد الظاهري ال يمنع، فضال عنه،واالجماع المدعى مخصوص بصورة أخرى، كما ال يخفى.

--------------------١ - تقدم في الصفحة ٣٢٩ - ٣٣٠.٢ - تقدم في الصفحة ٣٦٧ - ٣٦٨.

(٣٧٠)

Page 361: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

فذلكة الكالم في وجه بطالن بيع المكرههو أن وجه بطالن بيع المكره، إما فقدانه الشرط الوجودي، أو

العدمي، أو وجدانه المانع، فإن كان فاقدا للشرط الوجودي، فيلزماالنتقاض ببيع المضطر، ويمكن تصحيحه بلحوق الرضا واإلجازة،

لتمامية السبب بذلك قهرا.وإن كان فاقدا للشرط العدمي المشار إليه سابقا، أو واجدا للمانع

كما عرفت (١)، فهما يورثان عدم االنتقاض، ولكن يلزم عدم إمكان إفادةاإلجازة والرضا الالحق صحته، كما ال يخفى.

والذي هو األقرب من أفق التحقيق: أن الوجه فقدانه الشرطالوجودي، إال أنه ليس مطلق الرضا والتراضي، بل الشرط هو

التراضي المعلول للدواعي الموجودة في نفس البائع، دون ما إذاحصلت من إلزام المكره، وبذلك يجمع بين ما هو طريقة العقالء من

كفاية اإلجازة أو الرضا، ومن قولهم بصحة بيع المضطر دون المكره،وبين ما هو المستفاد من المستثنى في آية التجارة، وهو التراضي

الناشئ من المتعاملين ومن دواعيهم النفسانية، فافهم واغتنم.نعم، قضية ذلك صدق التجارة على الفاقد للقيد، ومقتضى ما مرمنا عدم صدق العناوين إال بعد لحوق الرضا الصادر من الدواعي

النفسانية، ولكن التأمل حقه يعطي عدم ظهور المستثنى في ذلك، وال يعد--------------------

١ - تقدم في الصفحة ٣٢٥.

(٣٧١)

Page 362: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

بيع المكره من التجارة العقالئية قطعا.األمر الثاني: في النقل والكشف

هل اإلجازة الالحقة به تكون ناقلة، أم كاشفة حقيقة، أو حكما؟وجوه وأقوال تفصيلها في الفضولي (١).

ويحتمل النقل على نعت آخر، بأن يكون الناقل متأخرا زمانا،والمنقول متقدما زمانا، ومتأخرا رتبة، وهذا غير الكشف الحقيقي، كما

ال يخفى.والذي هو التحقيق: أن ما يتراءى من كلمات القوم - من أن األمر غير

اختياري، وتكون اإلجازة إما ناقلة، أو كاشفة - فاسد جدا، بل قضية حكمالعقل والعرف، أن األمر بيد المالك، فإن شاء أجاز من أول األمر، وإنشاء أجاز من الوسط، أو من الحين، وله اشتراط انسالب المنافع، وله

اشتراط لحوقها بالعين، لعدم الدليل على أن األمر قهري، وال شاهد على أنأمر العقد خارج عن اختياره، بعد احتياجه على جميع التقادير إلى

اإلجازة حتى على الكشف الحقيقي، فإنه تابع مقدار الكاشف وحدودالكشف.

فهذا هو قضية األصل العقالئي، إال إذا نهض من الشرع ما يقتضيخالفه، كما في النكاح، فراجع.

--------------------١ - يأتي في الجزء الثاني: ١٢٢ وما بعدها.

(٣٧٢)

Page 363: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

وأما مقتضى األصول العملية فعدم تمامية السبب بلحوقها، ولوفرضنا ذلك فالقدر المتيقن منه هو النقل من الحين.

إن قلت: بناء على ما هو المختار من عدم صدق العناوين إال بعداإلجازة وإظهار الموافقة، فال معنى لهذا النزاع، لتقومه بصدق

العناوين، واحتياجه في األثر إلى اإلجازة، كما هو ظاهر األصحابرضوان الله تعالى عليهم.

قلت: ال نسلم ذلك، فإنه إذا أمكن اتصافه بعدها بها، فال منع من كونهمدار كيفية لحوق اإلجازة، كما هو الواضح.

وبعبارة أخرى: فرق بين ما هو من تتمة األجزاء، كالقبول والقبضالمعتبرين في جثمان العقد، وبين ما هو من الشرائط القلبية، كالرضا

ورفع الكراهة:فما كان من قبيل األول، فال يأتي فيه النزاع المزبور، كما ال معنى

للنزاع المذكور في القبول الالحق بااليجاب إذا كان متأخرا زمانا، وقلنابعدم شرطية المواالة كما عرفت (١).

وما كان من قبيل الثاني فيأتي فيه البحث، ألنه به يصير معنوناومؤثرا، فيكون تابعا لزمن تعنونه بالعناوين الالزمة، وهو في اختيار

المالك.اللهم إال أن يقال: كل األمور الدخيلة في التأثير واالسم على نسق

واحد عرفا، وتمام البحث في الفضولي، فتأمل.--------------------

١ - تقدم في الصفحة ١٦٥.

(٣٧٣)

Page 364: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

األمر الثالث: حول كفاية الرضا الالحق وعدمههل يكفي الرضا الالحق، أم ال بد من إنشاء اإلجازة، أم المسألة من

قبيل بيع الفضولي، فإن كان هناك كافيا فاألمر هنا مثله؟وقد يقال بالفرق بين المقامين: وهو أن المنقصة في بيع المكره

هي ضعف االستناد إليه، ألجل كونه فاقدا للرضا والطيب، وهما أمرانقلبيان يتم العقد بحصولهما في القلب، وال يفتقران إلى االنشاء، بخالف بيع

الفضولي، فإن المنقصة فيه عدم االستناد إلى المالك، فيحتاج إلىاالنشاء (١) انتهى، وفيه ما ال يخفى.

والذي هو التحقيق: أن الرضا وما هو الشرط القلبي الذي هو منالصفات الموجودة في النفس حين االنشاء، ليس قابال لالنشاء، لعدم

كونه من االعتباريات، فهو بوجوده الواقعي دخيل في االسم أو في التأثير،فكما يصح أن ينشئ المالك بيع داره مخبرا بعدم رضاه بذلك حين االنشاء،

ولكنه يخبر به بعد مدة، كذلك له االخبار بحصول الرضا به، فلو اطلععلى هذا األمر القلبي من غير اخباره، فهو أيضا كاف، ففرق بين ما لو كانت

صحة أمر موقوفة على االنشاء، كما في طالق زوجته، فإنه ما دام لم ينشئال يقع الطالق، لتقوم صحة طالق الغير بإنشاء الوكالة له، أو ما يحذو

حذوه، ولكنه إذا طلق فضوال ثم رضي به، فال يبعد الكفاية، لتمامية--------------------

١ - الحظ المكاسب، الشيخ األنصاري: ١٢٢ / السطر ٣، منية الطالب ١: ١٩٨ /السطر ٤.

(٣٧٤)

Page 365: ﻊﻴﺒﻟﺍ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ﺵ ١٣٧٦ …lfile.ir/feqhi-library/book453.pdf · ﻉﺎﻤﺘﺟﻻﺍ ﺪﻌﺑ ﺔﺛﺩﺎﺣ ﺔﻳﺭﺎﺒﺘﻋﺍ

العلة التامة، فإنه لو كان يطلق بنفسه فال يكون إال إنشاء الطالق معالرضا واإلرادة، وهما حاصالن.

ولكن المسألة بعد تحتاج إلى التعمق، والتفصيل في الفضولي إنشاء الله تعالى.

(٣٧٥)