903
ﻣﻠﺨﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﳌﻌﻬﺪ ﺇﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ- ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺐ٢ ﺇﻋﺪﺍﺩ. ﺍﻟﻌﺴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﺒﺪ ﺗﺮﺑﻮﻱ ﺑﺎﺣﺚ

ﺕﺎﺼﺨﻠﻣ ﺕﺍﺭﺍﺪﺻﺇ ﻲﻣﻼﺳﻹﺍ ﺮﻜﻔﻠﻟ ٢ﺝepistemeg.com/pix/pdf_197.pdf · ٤ ةﺮﻫﺎﻘﻟا - ﻚﻟﺎﻣﺰﻟا – ﺔﻴﻓﺮﻌﳌا

  • Upload
    others

  • View
    9

  • Download
    1

Embed Size (px)

Citation preview

  • ملخصات إصدارات املعهد العاملي

    الكتب الفكرية-للفكر اإلسالمي ٢ج

    إعداد عبد الناصر العساسي. د

    باحث تربوي

  • ٢

  • ٣

    ملخصات كتب المعهد الفكرية الجزء الثاني

    إعداد العسايس زكيعبد النارص. د

    مركز الدراسات املعرفية

  • ٤

    القاهرة- الزمالك – مركز الدراسات املعرفية لخصات كتب المعھد الفكریةم

    العسايس، عبد النارص؛

    ، وال يـسمح لمركز الدراسات المعرفيـة جميع الحقوق محفوظة بإعادة إصـدار هذا الكتاب أو جزء منـه، أو نقـله بأي شكل أو

    أكانـت إلكترونيـة أو اءنقل المعلومات سـو واسطة من وسائط ميكـانيكية، بما فـي ذلك النسـخ أو التـسجيـل أو التخــزين

    .سترجاع، دون إذن خطي مسبق من الناشرواال

    مركز الدراسات المعرفية القاهرة– الزمالك – ب شارع الجزيرة الوسطى ٢٦

    Center Epistemological of Studies 26 B Al-Gazira Al- Wosta – Zamalek – Cairo

    Tel: (2-02) 27359825 Fax: (2-02) 27359520 E-Mail: [email protected]

    com.yahooo@epistemeg URL:http://www.epistemeg.com

    ال تعب ر المرك زالكت ب والدراس ات الت ي ی صدرھا

    وإنما عن آراء واجتھادات مؤلفیھا بالضرورة عن رأیھ

    mailto:[email protected]://www.epistemeg.com

  • ٥

    فهرس املحتويات الثايناملجلد

    ١٣ دراسات علم السياسة: املحور اخلامس: اجلـزء األول ) ١( مرشوع العالقات الدوليـة يف اإلسـالم .١

    . د.ودودة بـدران، أ. د.نادية مصطفى، أ. د.، أاملقدمة العامة ......................................أمحد عبد الونيس شتا

    إطار مرجعي لدراسـة العالقـات الدوليـة يف "مدخل القيم .٢ ....................سيف الدين عبد الفتاح. د.، أ"اإلسالم

    : املداخل املناهجية للبحث يف العالقات الدولية يف اإلسـالم .٣عبد العزيز . د.سيف الدين عبد الفتاح، أ. د.اجلزء الثالث، أ

    .....مصطفى منجود. د.أمحد عبد الونيس شتا، أ.د.صقر، أ: اجلـزء الرابـع: العالقـات الدوليـة يف األصـول اإلسـالمية .٤

    ، الدولة اإلسالمية ووحدة العالقات اخلارجيـة يف اإلسـالم . ..............................مصطفى حممود منجود. د.أ

    دراسة يف حتليل أهم العالقات اخلارجية للدولـة اإلسـالمية .٥ــة للعالقــات ا ــة يف اإلســالم وقــت واألصــول العام لدولي

    ..........أمحد عبد الونيس شتا. د.، أاجلزء اخلامس: السلمدراسة للقواعـد : العالقات الدولية يف اإلسالم وقت احلرب .٦

    ــات ــال العالق ــسري القت ــة ل ــول -املنظم ــة يف األص الدولي

    ١٣

    ٢٧

    ٩١ ١٠٧

    ١٢١

  • ٦

    ...........عبد العزيز صقر. د.، أاجلزء السادس: اإلسالميةــة ا .٧ ــي لدراس ــدخل منهج ــامل م ــع ودور الع ــور يف وض لتط

    مشكالت وضوابط التعامل مع : اإلسالمي يف النظام الدويل نادية حممود مصطفى. د.، أاجلزء السابع. لتاريخ اإلسالمي اعـال . د.، أدولة الفتوحات اجلزء الثـامن . . .الدولة األموية .٨

    ........................................عبد العزيز أبو زيدــة .٩ ــيةالدول ــتح إىل : العباس ــتخيل عــن سياســات الف مــن ال

    ........عال عبد العزيز أبو زيد. د.، أاجلزء التاسع: السقوطالعرص اململـوكي مـن تـصفية الوجـود الـصليبي إىل بدايـة .١٠

    ناديـة حممـود . د.أ. ،اجلـزء العـارش: اهلجمة األوربية الثانية ..................................................مصطفى

    وضع الدول اإلسالمية يف النظام الدويل يف أعقـاب سـقوط .١١دودة عبـد الـرمحن . د.، أاجلزء الثاين عـرش: اخلالفة العثامنية

    .....................................................بدران، يسـالمحقوق غري املسلم يف املجتمـع اإل: حقوق املواطنة .١٢

    . .........................................راشد الغنويش. أعبـد . د.، أدور حرية الرأي يف الوحدة الفكرية بني املسلمني .١٣

    .............................................املجيد النجار حيدر عبد الكريم الغدير. د.أ املسلمون والبديل احلضاري، .١٤دراسة إسالمية يف ضـوء : فلسفة احلضارة عند مالك بن نبي .١٥

    ١٢٦

    ١٣٢

    ١٤٢

    ١٤٨

    ١٦٢

    ١٧٤

    ١٨٢

    ١٨٩ ١٩٦

  • ٧

    .......................سليامن اخلطيب. د.، أ املعارصالواقع .......نرص عارف. د.، أريات التنمية السياسية املعارصةنظ .١٦دراسـة يف إشـكالية : يف مصادر الرتاث السيايس اإلسـالمي .١٧

    .........نرص عارف. د.، أالتعميم قبل االستقراء والتأصيلهـشام . ، أ"يـةرؤية معرف"األبعاد السياسية ملفهوم احلاكمية .١٨

    . ....................................................جعفرالتيجـاين عبـد . د.، أأصول الفكر السيايس يف القرآن املكـي .١٩

    . ....................................................القادر. د.مقدمات االسـتتباع، الـرشق موجـود بغـريه ال بذاتـه، أ .٢٠

    ....................................غريغوار منصور مرشو .السيد عمر. د.، أر السيايس للصفوة يف صدر اإلسالمالدو .٢١مـصطفى . د.األبعاد السياسية ملفهوم األمـن يف اإلسـالم، أ .٢٢

    .............................................حممود منجود دراسة يف نشأة وتطور ؛ للمعمورةيسالمالتقسيم اإل .٢٣

    حميي . د.، أ الدولية يف التنظيم الدويل احلديثاجلامعات .........................................الدين حممد قاسم

    ستعامر؛ املغرب نظرية االستعداد يف املواجهة احلضارية لال .٢٤ ................................أمحد العامري. د.، أًنموذجا

    نظم الـسياسية نظريات السياسة املقارنة ومنهجية دراسـة الـ .٢٥ ...........نرص عارف. د.، أ"مقاربة إبستمولوجية"العربية

    ٢٠٠ ٢١٢

    ٢٣٧

    ٢٤٤

    ٢٥٧

    ٢٦٩ ٢٧٧

    ٢٩٦

    ٣١٤

    ٣٣١

    ٣٥٥

  • ٨

    يف النظرية السياسية من منظور إسالمي؛ منهجيـة التجديـد .٢٦سـيف الـدين . د.، أالسيايس وخربة الواقع العـريب املعـارص

    . ...............................................عبد الفتاح. د.، أ نظرية عامة للدولة اإلسالميةاملالعقيدة والسياسة؛ مع .٢٧

    ...............................................لؤي الصايفعبـد . د.، أاع السيايس بني املبدأ واخليار العنف وإدارة الرص .٢٨

    .........................................احلميد أبو سليامن ...............أمحد الريسوين. د.، أالشورى يف معركة البناء .٢٩

    ٣٨٣

    ٤٠٩

    ٤٢٥ ٤٢٨

    ٤٣٧ دراسات علم التاريخ وعلم االجتامع وعلم النفس: املحور السادس :علم التاريخ: ًأوال

    التأصـيل اإلسـالمي دراسـة يف "كتابـة التـاريخ املسلمون و .١ ..........عبد العليم عبد الرمحن خرض. د.، أ"لعلم التاريخ

    منهج النبي صىل اهللا عليه وسلم يف محاية الدعوة واملحافظة .٢ ......الطيب برغوث. د.، أىل منجزاهتا خالل الفرتة املكيةع

    -اء وات دراسـة تارخييـة آلر( االسترشاق يف السرية النبوية .٣عبـد . د.، أ) فلهاوزن؛ مقارنة بالرؤية اإلسالمية–بروكلامن

    ...........................................اهللا حممد األمني

    ٤٣٧

    ٤٣٧

    ٤٥٠

    ٤٧٠

  • ٩

    :علم االجتامع: ًثانيا ................ة اخلدمة االجتامعية يف اإلسالمأبحاث ندو .١ونظريات واجتاهات، نحو علم اإلنسان اإلسالمي؛ تعريف .٢

    ...............................أكرب صالح الدين أمحد. د.أ، دراسـة نفـسية اجتامعيـة"يم اخلمـر حكمة اإلسالم يف حتر .٣

    ..........................................مالك بدري. د.أ ..املنهج واملجاالت: التوجيه اإلسالمي للخدمة االجتامعية .٤

    ٤٨٥ ٤٨٥

    ٥١٣

    ٥٢٠ ٥٢٨

    :علم النفس: ًثالثا . .................................أبحاث ندوة علم النفس .١ ..نزار العاين. د.، أالشخصية اإلنسانية يف الرتاث اإلسالمي .٢

    ٥٥٥ ٥٥٥ ٥٧٥

    علم أصول الفقـه واحلركـات اإلصـالحية وعلـوم : املحور السابع .ىأخر

    ٥٩٠

    : علم أصول الفقه: ًأوال ....إبراهيم العقييل. د.، أعريف عند ابن تيمية املنهج املتكامل .١ ..........طه جابر العلواين. د.، أابن تيمية وإسالمية املعرفة .٢ .أمحد الريسوين. د.، أ"ية املقاصد عند اإلمام الشاطبينظر" .٣. د.، أاإلمام حممد بن الطاهر بن عاشـورنظرية املقاصد عند .٤

    ..........................................إسامعيل احلسنيعـيل . د.، أةعلم أصول الفقه وعالقتـه بالفلـسفة اإلسـالمي .٥

    ......................................................مجعة

    ٥٩٠ ٥٩٠ ٦٠٦ ٦١١

    ٦٢٨

    ٦٤٤

  • ١٠

    .....حممد الوكييل. د.، أقه األولويات؛ دراسة يف الضوابطف .٦ .........مجال الدين عطية. د.، أنحو تفعيل مقاصد الرشيعة .٧ــ .٨ ــد . د.، أحلــل اخلالفــات الزوجيــةرأة وســيلة رضب امل عب

    .........................................احلميد أبو سليامننـور الـدين بـن . د.املناسبة الرشعية وتطبيقاهتا املعـارصة، أ .٩

    .............................................خمتار اخلادمي

    ٦٤٧ ٦٦٣

    ٦٧٦

    ٦٧٩

    :حركات اإلصالح: ًثانياجهـوده اإلصـالحية ومنهجـه العلمـي، : حممد رشيد رضـا .١

    ...................................حترير رائد مجيل عكاشة. د.، أهكذا ظهر جيل صالح الدين وهكذا عـادت القـدس .٢

    . ...................................ماجد عرسان الكيالينعبــد . د.، أتـومرتإلصـالح يف حركـة املهـدي بـن جتربـة ا .٣

    .............................................املجيد النجارإبراهيم . ، حترير أ فكـره ودعوتهي؛بديع الزمـان النورسـ .٤

    ..............................................عيل العويضعطاؤه الفكري ومنهجه اإلصـالحي، : مجال الدين األفغاين .٥

    .......................................بةإبراهيم غرايحترير حركـة اإلصـالح يف العـرص "وقائع الندوة العلمية بعنـوان .٦

    .................."عبد الرمحن الكواكبي نموذجا : احلديث ..عبد احلميد أبو سليامن. د.، أاإلصالح اإلسالمي املعارص .٧

    ٦٩٥

    ٦٩٥

    ٧١١

    ٧٣٣

    ٧٤١

    ٧٥٢

    ٧٦٩ ٧٩٤

  • ١١

    :متنوعةعلوم : ًثالثا .........حممد جابر الفياض. د.، أاألمثال يف القرآن الكريم .١ .....................طه جابر العلواين. د.، أحاكمية القرآن .٢ ...........وليد منري. د.، أص القرآين من اجلملة إىل العاملالن .٣ ....................مصطفى ناصف. د.، أمسئولية التأويل .٤. د.، أ القرآن الكريم يف اخلالص منهاأزمة اإلنسانية ودور .٥

    . .........................................طه جابر العلواينالرؤية الكونية احلضارية القرآنية، املنطلق األسايس إلصالح .٦

    .......................عبد احلميد أبو سليامن. د.ان، أاإلنس ...إسالميةاسة ملؤسسة سياسية منظمة املؤمتر اإلسالمي؛ در .٧الكتــب واملكتبــات يف احلــضارة العربيــة واإلســالمية، دور .٨

    ............................. إبراهيم عيل العويض. أحترير ........عبد احلميد أبو سليامن. د.، أ"جزيرة البنائني"رواية .٩

    .عبد احلميد أبو سليامن. د.، أ"كنوز جزيرة البنائني" رواية .١٠

    ٧٩٩ ٧٩٩ ٨١٣ ٨١٧ ٨٣٠

    ٨٤٥

    ٨٥٥ ٨٦٤ ٨٧٦

    ٨٨٠ ٨٩٥

  • ١٢

  • ١٣

    : المحور الخامس دراسات علم السياسة

    المقدمـة : الجـزء األول ) العالقات الدولية في اإلسالم ( مشروع -١

    المعهد العالمي للفكر اإلسالمي مـشروع العالقـات : العامة للمشروع : لمشرف العـام م ا١٩٩٦/ هـــ ١٤١٧) ١(الدولية في اإلسالم

    : طه جابر العلواني. د: تقديم. صفحة٢٢٢نادية محمود مصطفى، : طه العلواين؛ رئيس املعهد العاملي للفكر اإلسالمي. مقدمة د

    حتدثت عن نبوة النبي وخالفته فذكر إقرار البرش بعبوديتهم هللا وربوبيتـه هلـم }

    { فهذه هي البداية، ثم كان النـاس شـعوبا وقبائـل؛ حيـث "﴾ ١٧٢:﴿األعراف

    بأطوار خمتلفة؛ أطوار انـسجمت فيهـا العالقـات بـني مرت البرشية يف تارخيهااخلالق واإلنسان واحلياة، وأطوار اضطربت فيها هذه العالقات؛، وعندما أرسل ًاهللا نبيه حممدا جاء باخلالفة التي نفت التسلط واجلربوت والكهانـة والعبوديـة؛

    عبـأ ًفألول مرة يف تاريخ البـرشية نجـد جهـادا لإلعـامر واإلصـالح؛ فـالقرآن املسلمني نفسيا لعدم موالة غريهم، وعندما ننظر يف التاريخ القديم نجد وثـائق احليثيني تتحدث عن عالقاهتم بغريهم من الشعوب عـىل أهنـا عالقـة محايـة أو حتالف، والباقي أعداء وديارهم ديار حرب، أما سـفر التثنيـة فـريوي أنـه عنـد

  • ١٤

    مت أخذ النساء واألطفـال، أمـا حصار أي مدينة تدعى لالستسالم فإذا استسلاملدينة التي فتحت عنوة فال يرتك أحد ممن يتنفس، أما القانون الرومـاين فكـان يعترب غري القرطاجيني أعداء؛ وقـد أرجـع الـبعض هـذا االنحـراف يف الـنظم القديمة إىل الفكر الديني؛ أما حركة اإلصالح يف الديانة اليهودية والتي جـاءت

    سامة املسيهودية فقد تعاملت مع الشعوب األخـرى مـن منطـق هبا املسيحية وامل ثم جاءت حركة الربوتـستانتية التـي " ليس علينا يف األميني سبيل "قوله تعاىل

    حررت الكنيسة، لكن ورثها االجتاه العقالين والذي جعل الذات األوربية املركز . وما عداها اهلوامش فتمت فكرة القومية

    ب نزعات تصنيف البرش والتمييز بينهم، فسوغت كـل لقد طور فالسفة الغرأنواع القهر والظلم واالستعامر واالسـتغالل واالسـتعباد، وذلـك مـن خـالل املعارف اإلنسانية واالجتامعية؛ حيث تم تقسيم الدول إىل دول عامل أول وعـامل ثاين وعامل ثالث، أما الرؤية اإلسـالمية فقـد أكـد القـرآن الكـريم عـىل وحـدة

    نسانية كلها ووحدة األرض سكنا وموطنا للجميع، وأكد عىل جمموعـة مـن اإلاملقاصد والقيم العليا، وهي التوحيد والعمران والتزكية، والتي تقوم عليها مجلة من املقاصد تشري إىل عاملية اإلسالم، وهـي العـدل واحلريـة واملـساواة وعامليـة

    عاملية اإلسالم متثلـت يف اهلدى واحلق، ومع ذلك فهناك عقبات تقف يف طريق القاعدة التارخيية القائلة بأن اإلسالم انترش بالفتح، ونتج عن ذلك وجـود فكـر

    . أحادي يتمثل يف حتمية تكرار جتربة املدينة املنورة وحكم العامل بخليفة مسلم

  • ١٥

    أما الغرب فحيث إنه بنى فكرة العاملية عـىل الوضـعية القائمـة عـىل املنهجيـة رفضت الفكر الالهويت، واعتربت اإلسالم دين الهويت مثله مثل العلمية والتي

    املسيحية، هذه الوضعية املعارصة هلا أصـوهلا املـستمدة مـن احلـضارة اهليلينيـة والرومانية، فالعامليات الثالث تستند عـىل نـسق حـضاري يـستند إىل الـرصاع

    بري للعامل كله؛ لكي واالستحواذ، أما عاملية اإلسالم فإهنا عاملية أعدها العليم اخلتستوعب مجيع أصناف البرش، وهي عاملية منتظرة وحتمية الوقوع، أمـا العامليـة الغربية املعارصة فإهنا تعاين من التدهور االجتامعي واحلضاري والقيمـي رغـم تقدمها ماديا وأهنا لن تستطيع السيطرة عـىل التـاريخ، كـام فـشلت املحـاوالت

    السيطرة عىل مترد اإلنسان، وكذلك نسق هذه العاملية الرأساملية واالشرتاكية يفالقائم عىل الرصاع وغلبة األقوى، وهذه األعراض هي نتيجة لفشل الالهـوت املسيحي يف تقديم رؤية كونية سليمة تتجاوز مفهوم اإلله املجسد وقطع العالقة ة مع الالهوت املسيحي من جانب العقل الطبيعي ثم العلمي، وظهور التفكيكي

    يف الدراسات اإلنسانية التي عجزت عن إعادة الرتكيب، وقد أدى هذا إىل رفض أي إصالح ديني حيث ال يتم قبول أي دعـوات أخالقيـة وقيميـة ختـل بنـسقه

    . املهيمن، واعتبارها معادية وال سيام إن كانت إسالميةلكن ما زال هناك سبل إليضاح عاملية اإلسالم منها فتح عالقات مع مدارس التحليل الغريب ومنح كل الطاقات املمكنة ملدرسـة إسـالمية املعرفـة، وكـذلك التحاور مع النخبـة الغربيـة يف إطـار منهجـي علمـي يتطلـب التـسلح بـوعي مفاهيمي عن القرآن املجيد وعطائه الذي ال يمكـن أن يعـدم نموذجـا معرفيـا

  • ١٦

    لتي يمكن لإلنسانية قادرا عىل إبراز وتقديم القواعد األساسية والقيم املشرتكة اأن جتتمع عليها، ولن يتم ذلك إال من خالل قراءة شاملة للقرآن ودراسته لكيفية

    .له rمعايشة الرسول لقد قدم صموئيل هنتيجنتني رؤية للرصاع بني احلـضارات املعـارصة؛ فـذكر منها سـبع حـضارات وهـي الغربيـة والكنفوشيوسـية واليابانيـة واإلسـالمية

    ألرثوذكسية واألمريكية الالتينية، أما جارودي فقـد رأى أنـه ال واهلندوسية وايوجد رصاع بني احلضارات، بل حالة حوار يمكن أن خيلص احلضارة الغربيـة من أزمتها، وذلك مـن خـالل إعطـاء فـرص متـساوية جلميـع احلـضارات يف الدراسة، وهنا يأيت دور القرآن الذي يتطلب فهام منهجيا شـموليا، وذلـك مـن

    ل الوقوف عىل نظام اآليات الكيل ووحدهتا العضوية املنهجية، وبالتايل ال بد خالومـن هنـا تـأيت إسـالمية . من ربط هذه املنهجية بالنظام الكيل للظواهر الكونية

    املعرفة إلعادة صياغة العلوم وتوجيـه أنـساق احلـضارات العامليـة مـن خـالل اإلسالمية للعالقـات الدوليـة إصالح مناهج الفكر، ومن هنا تأيت أمهية الرؤية

    رضورة رشعية، ومن هذا املنطلق يتبنى املعهد هـذا املـرشوع الـذي يقـوم عـىل الدعائم الستة إلسالمية املعرفة؛ فبحث يف إطار النظام املعريف اإلسالمي وحاول تطبيق منهجية إسالمية، وتعامل مع القرآن باعتباره املصدر املنـشئ لألحكـام،

    . ُة باعتبارها املعنيوتعامل مع السن : املقدمة العامة ملرشوع العالقات العاملية يف اإلسالم: نادية حممود مصطفى. د- :دوافع المشروع: أوالًحالة علم العالقات الدولية حيث يعترب بداية تاريخ العالقات األوربية يف ) ١(

    ية القرن السادس عرش؛ ولذلك دارت دراسات املتخصصني يف العلوم الـسياس

  • ١٧

    من املسلمني حول نطاق التطور الغريب هلذا املجال املعريف، وتدور حول أبعـاده التاريخ الدبلومايس والعوامل والقـوى املحـددة للـسلوك واملظـاهر اهليكليـة (

    والوظيفية ووحدات ومستويات حتليل العالقات الدولية واملشكالت والقضايا حـداث تـوازن يف اهتاممـات ومن هنـا ظهـرت احلاجـة إىل إ) الدولية املعارصة

    . املتخصصني لبيان انتامئهم اإلسالميطبيعة الدراسات اإلسالمية املعارصة املندرجـة حتـت عنـوان العالقـات ) ٢(

    الدولية يف اإلسالم، حيث دارت حول تقنـني العالقـات بـني املـسلمني وغـري إبـراز املسلمني مع بيان فضل الرشيعة اإلسالمية يف هذا املجال مع احلرص عىل

    . دفاعية اإلسالم : األهداف: ثانياً

    هيدف هذا املرشوع إىل تطوير منظور إسالمي لتخصصات العلـوم الـسياسية من خالل عدم إنكاره إسهامات غري املتخصصني يف جمال العلوم السياسية، وأنه ال جيب اقتصار الدراسات عىل املنظورات الغربية، وذلـك مـن خـالل دراسـة

    ة اإلسالمية التي تنظم العالقات اخلارجية للـدول اإلسـالمية، القواعد الرشعيوبالتايل حتديد جوهر العالقات الدولية يف التصور اإلسالمي، ومـن هنـا حـدد املرشوع أهداف نظرية متصلة بالعالقات الدولية متثلت يف حتليل مفاهيم الدولة

    سـس ومعايري تصنيف أطـراف العالقـات الدوليـة وترتيـب سـلم القـيم واألواملبادئ وعنارص قوة الدولة وعنارص ضعفها واهنيارها وأدوات الدولة لتحقيق

  • ١٨

    أهدافها وتنفيذ سياستها وموضوعات وقضايا التعامـل الـدويل والعالقـة بـني . طبيعة البيئة الداخلية وبني فاعلية احلركة اخلارجية للدولة

    : المنطلقات: ثالثاًوالسنة واملنظورات التارخيية عرب تاريخ رضورة التمييز بني منظور القرآن ) ١(

    . املسلمنيمتثلت املشاكل يف مدى تسلح أفراد املرشوع بأدوات املـنهج اإلسـالمي، ) ٢(

    وكذلك مشاكل تتمثل بحدود ومضمون ومصادر أجزاء املرشوع وتوظيف هذه املصادر لتحقيق أهداف املرشوع، وبالنسبة خلربة عملية البحـث اجلامعـي فقـد

    ر يف التفكري وىف ختطيط التنفيذ، وهذا واضح من مقارنة نص املخطط حدث تطواألول للمرشوع والشكل النهائي ملخرجاته، ولقد تم تقسيم فريق املـرشوع إىل

    القيم، الدولة، العالقات يف وقت الـسلم، العالقـات يف (فريق املنظور األصويل ألموي والعبـايس، العرصان ا(وفريق املنظور التارخيي والفكري ) وقت احلرب

    لقد تم عقد ندوة يف ) العرصان اململوكي والعثامين، عرص ما بعد سقوط اخلالفة م ناقــشت ثالثــة تقــارير؛ األول حــول دوافــع وأهــداف ١٩٨٩نــوفمرب عــام

    ومنطلقات دراسة العالقات الدولية يف اإلسالم، والثاين حول خربة التعامل مع ث حول خربة وقضايا التعامل مع التاريخ مصادر دراسة املنظور األصويل، والثال

    السيايس اإلسالمي والفكر السيايس اإلسالمي منذ العرص األموي حتـى اآلن، وبعد أن متت عملية التوثيق وحتليل املادة العلمية بدأت عملية الصياغة املبدئيـة اجلزئية للمقدمة املنهجية العامة للمرشوع، ثم جزيئات من املوضوعات املختلفة

  • ١٩

    م ملناقـشة ١٩٩٠ عمل الفريق البحثي، لقد عقدت نـدوة يف أغـسطس عـام يفعملية الصياغة املبدئية ناقشت اهليكل التفصييل للصياغة وأهـم املـشاكل التـي واجهت هذه الصياغة وأهم اجتاهات هذه الصياغة وأهم التعـديالت املقرتحـة

    بالنـسبة ملـضمون نتائج املناقشات : هلذه الصياغة، وتم تقديم تقرير عام تضمنوهيكل الورقة التي قدمها كل باحث أسايس، أبعاد الروابط بني أجزاء املرشوع،

    . قضايا إجرائية مشرتكة، قضية اهليكل النهائي للمرشوع : دراسة العالقات الدولية يف األدبيات الفرعية: ودودة بدران. د-

    القات الدوليـة يف نظرا لتطور علم العالقات الدولية يف الغرب فإن دراسة الع . اإلسالم تسهم يف التطور الفكري هلذا العلم

    : تطور علم العالقات الدولية: أوالًتبني األدبيات الغربية أن التنظري حول العالقات بني الـدول يرجـع للعـصور القديمة يف اهلند والصني واليونان، أما يف العصور احلديثة فكان االهـتامم بنـشأة

    حمور هذه العالقات من القـرن الـسابع عـرش حتـى احلـرب الدولة القومية هوالعاملية األوىل، وبعد أن استقل علم العالقات الدولية مع جتاهل لدور احلضارة اإلسالمية فإن الغرب يراه مر بأربع مراحل بعـد احلـرب العامليـة األوىل وهـي

    سـت القـيم فاملثاليـة در) املثالية، والواقعية، والـسلوكية، ومـا بعـد الـسلوكية(واألخالقيات الدولية، والواقعية درست الدولـة القوميـة، أمـا الـسلوكية فقـد ركزت عىل املنهج، أما بعـد الـسلوكية فقـد اهتمـت بتوجيـه النقـد للمراحـل

    .الثالث

  • ٢٠

    م و ١٩٥٠لقد سادت دراسة العالقات الدولية يف األدبيات الغربية فـيام بـني ركـيس والبنـائي الـوظيفي والنظمـي، م ثالثة توجهات هي التحليل املا١٩٨٠

    ونجد أن فكرة القيم يف هذا العلم الغريب تتنازعها مدرسـتان؛ األوىل تـرى مـن العبث التمسك بقيم يف عامل السياسة الدولية، والثانية تـرى أن القـيم رضوريـة

    . ليسرتشد هبا الواقع : استخدام التاريخ في دراسة تطور النظام الدولي: ثانياً

    استخدام التاريخ للوقوف عىل النظم الدولية يف احلياة البـرشية حيـث لقد تم نظـام تـوازن : ستة نامذج للنظام الدويل وهـي- عىل سبيل املثال -طرح كيالن

    القوى، ونظام القطبية غري املحكم، ونظام القطبيـة املحكـم، والنظـام العـاملي، يكـرانس فقـد قـسم والنظام الدويل اهلرمي، ونظام اعرتاض الوحدة، أمـا روز

    ) ١٨١٤ – ١٧٨٩(الثاين ) ١٧٨٩ – ١٧٤٠(تاريخ أوربا إىل تسع نامذج؛ األول – ١٨٤٨(اخلــامس ) ١٨٤٨ – ١٨٢٢(الرابــع ) ١٨٢٢ – ١٨١٤(الثالــث ـــسادس ) ١٨٧١ ـــسابع ) ١٨٩٠ – ١٨٧١(ال ـــامن ) ١٩١٨ – ١٨٩٠(ال الث

    أما مودلسكي فقد اعتمـد عـىل ) ١٩٦٠- ١٩٤٥(التاسع ) ١٩٤٥ – ١٩١٨( م ؛ حيث ركز عىل مفهوم العورات الذي أظهـر أنـه ١٥٠٠لتاريخ الغريب منذ ا

    . يوضح نمطا متكررا للتطور الدويل : تحديد أطراف العالقات الدولية: ثالثاً

    هناك اجتاهان يف تعريف العالقات الدولية؛ األول يركز عـىل الدولـة والثـاين عالت الدولية تبني أن الدولة يركز عىل الدولة والتفاعل بني القوميات، إن التفا

    هي وحدة التحليل الرئيسية، وهناك من خيلط بني مفهوم الدولة ومفهوم األمة،

  • ٢١

    وأن البعد اإلقليمي هو البعد املحوري يف حتديد ما هـو دويل أو غـري دويل، وأن . هناك أيديولوجيا سياسة ومبادئ مستمدة من األديان متثل نظم عقائد كونية

    يم المحورية في دراسة األدبيات الغربية لعلـم العالقـات المفاه: رابعاً : الدولية

    للمفاهيم دورها يف البحث العلمي؛ فهي وسيلة للتواصل، وتساعد عىل فهـم الواقع وعىل التبويب والتعميم، وهي حجر الزاوية يف بناء النظريات، واملفاهيم

    ن أن تكـون يمكن أن ختتلف من مجاعة إىل أخرى، ومن مرحلة ألخرى، ويمكمسمياهتا خمتلفة بالنسبة للمفاهيم املحورية يف العالقات الدولية؛ فهي تنقسم إىل

    وتـشمل عـىل النظـام الـدويل، (مفاهيم تتعلق بوصف النظام الدويل ووحداتـه القطبية الثنائية، نظام تعدد األقطاب، توازن القوى، الوفـاق، القـوة، املـصلحة

    ومفاهيم تتعلق ) أساملية، الشيوعية، عدم االنحيازالقومية، االستقرار الدويل، الرالــرصاع، احلــرب، الــردع، األزمــة، اإلمربياليــة، (بالــرصاع الــدويل وتــشمل

    التعاون، السالم، (ومفاهيم تتعلق بالتعاون الدويل وتشمل ) األحالف، التدخلومفاهيم تتعلق بـصنع ) تسوية الرصاع، األمن اجلامعي، الدبلوماسية، االندماج

    ــ ــشمل ال ــة وت ــة، اإلدراك، صــنع (سياسة اخلارجي ــريات الداخلي ــة، املتغ البيئ ). القرارات

    الظواهر المعاصرة محور اهتمـام األدبيـات الغربيـة فـي : خامساً :السبعينات والثمانينات

    هناك ظواهر تتعلق بالفرد وحقوق اإلنسان، ومصدر هذه احلقوق هـو القـيم وبالنسبة حلامية هذه احلقوق من داخل والقانون الوضعي ثم العادات والعرف،

  • ٢٢

    نظام الدولة نفسه أو بواسطة تدخل دول أخرى، وهناك ظواهر تتعلق بالتفاعل بني الدول يف النظام الدويل ـ قضايا االقتصاد السيايس ـ ففي إطار العالقات بني الشامل واجلنوب ركز الباحثون عىل حتليل ظاهرة التبعية والدعوة إلقامـة نظـام

    اد عـاملي جديـد، فهنـاك دراسـات تناولـت عالقـات الـشامل بـاجلنوب، اقتصودراسات تناولت عالقات اجلنوب باجلنوب وعالقات الشامل بالشامل، وهناك

    . دراسات تناولت عالقات الرشق بالغربالعالقات الدولية يف اإلسـالم؛ األسـاس الـرشعي : أمحد عبد الونيس شتا. د-

    :اخلارجية للدولة اإلسالميةواملبادئ احلاكمة للعالقات : مقدمة

    تناولت هذه الورقة تساؤال حول ما هو األساس الـرشعي لعالقـات الـدول . اإلسالمية بغريها من الدول واجلامعات التي ال تدين بدين اإلسالم

    : األساس الرشعي للعالقات اخلارجية يف اإلسالم: املبحث األولوالكفار بني اإلسالم والقتال، أمـا أهـل هناك اجتاهان؛ األول ختيري املرشكني

    الكتاب فيخريون بني اإلسالم أو اجلزية أو القتال، والثاين اجتاه يرى أن األصل يف عالقة املسلمني بغريهم هو السلم حتى تكون هناك دواعي للقتال واحلـرب، وهناك فريق وسط بني االجتاهني يرى أنه ال وجود لألحكام القطعيـة النهائيـة،

    . هناك أحكام مرحلية؛ حيث ينكر هذا الفريق فكرة النسخوإنام إن أنصار االجتاه القائل إن الكفر بذاته هو سبب ملقاتلة أهله فقد تدرجوا مـع النسخ حسب نسخ األحدث لألقدم؛ حيث نسخت آية السيف اآليات األخرى

  • ٢٣

    القائل بـأن إما أنصار االجتاه) وقاتلوا املرشكني كافة كام يقاتلونكم كافة: براءة(السلم هو األصل يف العالقـات اخلارجيـة للـدول اإلسـالمية فهـم ال يؤمنـون بالنسخ، وهـم يـرون أن الـسلم هـو األصـل يف العالقـات اخلارجيـة للـدول اإلسالمية وأن احلرب هي االستثناء، أما أنصار االجتاه القائل بأن سيادة النظـام

    ملـسلمني بغـريهم حيـث يـتم ذلـك اإلسالمي هو املعول عليه يف حتديد عالقة االدعوة إىل اهللا باحلكمة واملوعظة احلسنة والقول اللـني، فـإن : بطريقتني؛ األوىل

    نجحت فبها ونعمت، وإال حتتم اللجوء إىل طريق القوة حتى يسود منهج اهللا يف . األرض

    تتضمن هذه االجتاهات نقاطا جوهرية؛ حيث جتتمـع عـىل عامليـة اإلسـالم، ه االجتاهات أنه إذا وقفت النظم القائمة يف الدول غري اإلسالمية حيث ترى هذ

    حائال دون حتقيق عاملية اإلسالم وجب اختـاذ األسـاليب املختلفـة مـن جانـب املسلمني لنرش الدعوة اإلسالمية، أما االجتاه األول فال يرى أي رضورة ملهادنـة

    غـري املـسلمني، ويـرى غري املسلمني، بينام يرى االجتاه الثاين جواز الصلح مـعاالجتاه الثالث أن مهادنة املرشكني ومعاونتهم فيمكن األخـذ بـه متـى اقتـضت أحوال الدولة اإلسالمية ذلك، هذا االختالف يرجع إىل االختالف يف منهجيـة التعامل مع آيات القرآن واألحاديث، فأنصار االجتـاه األول اعتمـدوا منهجيـة

    ام الكلية، واعتمد أنـصار االجتـاه الثـاين أنـه ال النسخ لألحكام اجلزئية باألحكيوجد نسخ يف القرآن أو السنة وأن األحكام كلها عامة ثابتة حمكمة، أما أنـصار االجتاه الثالث فريون أنه مع وجود األحكام النهائيـة والقطعيـة فيجـوز األخـذ

  • ٢٤

    القـات باألحكام اجلزئية أو املرحلية، وهناك قول يقول إن الدعوة هي مناط العاخلارجية للدول اإلسالمية، وهذا القول له سند قوي وثابـت يف كافـة املـصادر

    ُال إكراه يف الدين قد تبني الرشـد "األصولية للرشيعة اإلسالمية، فالقرآن يقول َ ْ ِّْ ُّْ َّ ََ َ ََ ِ ِ ِ َفر بالطاغوت ويؤمن باهللاَِّ فقد استمـسك بـ ْ ِمن الغي فمن يك ِ َِ ُ ََ ْ ْ ْ َ َِّ ِ ِ ِ َِ َ َّ ُ َْ ُ َ َ ْ َْ َالعروة الـوثقى ال ْ ْ َْ ْ ُ َ ُِ ْ

    ٌانفصام هلا واهللاَُّ سميع عليم ﴿البقرة َ َِ َ ٌ َ َِ َِ َ تآلفوا الناس وتـأنوا (﴾ ويف احلديث ٢٥٦:ْهبم وال تغريوا عليهم حتى تدعوهم، فام عىل األرض من أهل بيت من مدر وال

    ون وبر إال أن تأتوين هبم مسلمني أحب إيل من أن تأتوين بأبنائهم ونسائهم وتقتلويف الفقه اإلسالمي هناك اجتاه يذهب إىل أن منـاط القتـال لـيس هـو ) رجاهلم

    الكفر، وإنام هو االعتداء والوقوف يف وجـه الـدعوة، فلـو كـان القتـال للكفـر والسلم حيتل مكانة حقيقيـة . جلعلت غاية القتال يف آية اجلزية وأقروا عىل دينهم

    ريهم؛ فالـسلم يمثـل األداة يف نطاق الـدعوة كأسـاس لعالقـات املـسلمني بغـاألساسية واإلطار العام الذي يفرتض للدعوة أن تنطلق منه ابتـداء وأن تنـشده

    . انتهاء : المبادئ الحاكمة للعالقات الخارجية في اإلسالم: المبحث الثاني

    أهم هـذه املبـادئ مبـدأ وحـدة اإلنـسانية تأكيـدا عـىل مبـدأ عامليـة الـدعوة نية مبنية عىل مبـدأ املـساواة؛ حيـث تفـرتض وحـدة اإلسالمية، ووحدة اإلنسا

    اإلنسانية يف اإلسالم مراعاة املساواة التامة بني البرش مجيعا دون متييز أو تفريـق، وهذا يفرض التزام املسلمني مجيعا بإيصال الـدعوة اإلسـالمية إىل كافـة أنحـاء

    ؛ حيـث املعمورة، ومن األسس التي تقوم عليها وحدة اإلنـسانية مبـدأ العـدل

  • ٢٥

    يكمن يف التزام املسلمني لدى اضـطالعهم بواجـب الـدعوة بمراعـاة مقتـىض العدل مع غري املسلمني، واملبدأ الثـاين هـو الـسيادة اإلسـالمية، وهـذا مـرتبط باالستخالف، وهذا االستخالف حيقق العمران الـذي سـيتم يف ضـوء سـيادة

    احلريـة الدينيـة والتـي اإلسالم، وهذه السيادة اإلسالمية تؤدي أيضا إىل كفالة يمكن حتقيقها من خالل الدعوة أو اجلزية أو اجلهاد، فال ينبغي للدول اإلسالمية أن تلجأ إىل إكراه غري املسلمني وقرسهم عىل الـدخول يف اإلسـالم، أمـا املبـدأ الثالث فيتمثل يف الوفاء بالعهود واحرتام املواثيق؛ حيث إن الوفاء بالعهود أصل

    َوال تقربـوا مـال "ت يف مصادر الترشيع اإلسالمي، ففي القـرآن عام وحكم ثاب ََ َُ َْ ًَاليتيم إال بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئوال ْ ْ ُ َّ َّ ُْ ْ َ َ ََ َّ ُ َِ َُ َّ َّْ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َِ ِِ ِ ِِ َِ َ ََ ِ

    ــه ٣٤:﴿اإلرساء ــاركم؟) (ص(﴾ وقول ــربكم بخي ــون ! أال أخ ــاركم املوف خي ولذلك كان الغدر يف العهود واملواثيق مؤثام عىل إطالقه، ولقـد بلـغ )بعهودهم

    من شدة تأكيد اإلسالم عىل وجوب الوفاء بالعهود واملواثيق أن جعل حق العهد مقدما يف اإلنفاذ والتطبيق عىل حق اإلخوة يف الدين، وما يقتضيه مـن وجـوب

    يعانون االضـطهاد، تتدخل الدولة اإلسالمية من أجل إنقاذ املستضعفني الذينأما املبدأ الرابع فهو مبدأ الـوالء والـرباء؛ حيـث يـدور معناهـا حـول األخـوة والنرصة واإلكرام واملحبة واملحالفة واألتبـاع واالحـرتام واإلجـارة والتقـرب والدنو واملتابعة والطاعة، ومن هنا هنـى اإلسـالم عـن مـواالة أعـداء املـؤمنني

    م واحلذر منهم وعدم االطمئنان إليهم؛ ولذلك والرباءة منهم حلقدهم وحسدهنرى أن هناك ارتباط بني الرباءة وحركة الدعوة اإلسالمية مع متيـزه عـن مبـدأ

  • ٢٦

    التسامح اإلسالمي؛ حيث هناك فارق أسايس وجوهري بني املوالة وبني املعاملة باحلسنى، فيام يتصل بضبط وتنظيم العالقات بني املـسلمني وغـريهم، بالنـسبة

    ود الرباءة فإهنا جتوز ألعداء املسلمني ومـا عنـدهم، ولكـن هنـاك ضـوابط حلدوحدود لالستعانة بالكفار واملرشكني تتمثل يف جواز االستعانة هبم عند اكـتامل الغلبة والسلطان هلم، وعندما ينتاب الدولة اإلسالمية الضعف والتمزق، وقـد

    ومظـاهر ذلـك هـي التقيـة ظهر استثناء عىل مقتىض الرباءة من أعداء املؤمنني، . وكذلك اإلكراه

  • ٢٧

    إطار مرجعـي لدراسـة "مدخل القيم : سيف الدين عبد الفتاح . د -٢ ٤١٧م الجزء األول، ١٩٩٩/ هـ١٤١٩ "العالقات الدولية في اإلسالم

    . صفحة٣٥٨ الجزء الثاني .صفحة :مقدمة

    إطارهـا تناولت املقدمة القيم وما يرتبط هبـا مـن عنـارص مثـل نـسقها وا لدراسة التعامل الدويل، وكون القيم أعمـق ًوجماهلا، وباعتبارها مدخال منهاجي

    من جمرد معناها الشائع وباعتبارها اخلصائص الكلية عامة لرشعة اإلسالم، وأن القيم موجودة يف نسق معريف حيكم حلقات نسقها ويمد رؤيتها إىل أكثر مما هـو

    ًد مدخال منهاجيا متميـزا يف النظـر إىل عـامل متعارف عليه، وأن التعامل معها يع ً ًاألحداث عامة ووقائع التعامل الدويل بـصفة خاصـة، وأن اسـتخدام املـدخل القيمي يف دراسة العالقات الدولية يتطلب املنظور احلضاري الذي يعني النظرة احلضارية الشاملة، وهذا املنظور يتطلب بناء املفاهيم وإعادة بنائها والربط بـني

    عنارص املدخل القيمي؛ مع عمـل مـسح للدراسـات الـسابقة وتوظيـف علـم املـدخل "األصول يف التعامل مع الظاهرة السياسية، وبالتايل يمكن القـول بـأن

    هو مدخل متعدد العنارص متنوع املستويات يشتمل عـىل جمموعـة مـن "القيمي . مع مبحث القيم"املتكاملة" و"املساندة" و"اخلادمة"املوضوعات

    تناولت املقدمة أيضا إشكالية القيم بـني التهمـيش والتأصـيل، فـذكرت إمكانيات التفعيل وحقائق التأصيل والرضورات املنهجية ونسق القيم، فبينـت القيم كمرتكز يف البنية املعرفية باعتبارها مدخل منهجي وحتلـييل ورؤيـة للعـامل

  • ٢٨

    ( تقدم مـنهج نظـرونموذج إرشادي ونسق قيايس وإطار مرجعي، وهي بالتايلعـامل أشـياء وعـامل ( ومـنهج تنـاول) عامل أشخاص( ومنهج تعامل) عامل أفكاركام بينت كيف يمكن رد االعتبار للقيم من خالل تطوير لبنات البنـاء ) أحداث

    القيمي التي تقدم رؤى التأسيس والتأصيل، ونامذج التشغيل التـي تقـدم رؤى تفعيل القيمي التي تقدم رؤى التحريك املجال، وكل ذلك يتم بواسطة آليات ال

    . والسعيبالنسبة للبنات البناء القيمي فهي تتضمن لبنات التأسـيس التـي ينـدرج حتتها الرؤية العقدية، ولبنات السعي والوعي والتي يندرج حتتها وعي املقاصد، ولبنات املجال والفاعلية والتي يندرج حتتها الفاعل احلضاري لألمة، وبالنـسبة

    ليات التفعيل فتتضمن نـامذج التـشغيل القيمـي والتـي ينـدرج حتتهـا نـامذج آل . التأسيس والتأصيل ونامذج التحريك ونامذج املجال والواقع الدويل

    "التأصيل والمفردات وآليات التفعيل" القيم: الفصل األولمحاولة ( تأصيل القيم بين واقع القيمة وأخطاء التنظير : المبحث األول

    ):تبار المنهجي للقيملرد االعإن هتميش التأثري القيمي هو ما حيـرك النظـر إىل القـيم يف حركـة احليـاة واألخطاء التي حدثت يف عملية التنظري للقيم، وهذا الوضع يتطلب رد االعتبار للقيم وإعادة البناء لتـصوراهتا، وهتمـيش التـأثري القيمـي يرجـع إىل األصـول

    هلا قيمة النسبية ونسبية القيمة والذي ربـط عنـارص املتعلقة بأخطاء التنظري، وأوالقيم باالختيارات املتغرية والوقائع املتبدلة والواقع املؤثر، وقد أدى ذلك لظهور

  • ٢٩

    عدد من القواعد منها أن لكل مـن القـيم األخالقيـة والقـيم الـسياسية منطقـه واقعي، وأن اخلاص، وأن الظاهرة السياسية ال تفهم إال يف السياق الربمجـايت الـ

    القيم التأسيسية يف العالقات الدولية ختتلف باختالف الزمان واملكان، وملعاجلة هذه اإلشكالية املتعلقة بنسبية القيم فيجب أن نفرق بني جوهر القيم الـذي هـو ثابت ومطلق والذي يمثله اإلنسان وبني التجليات املتغرية للقـيم والتـي جيـب

    يتمثل ثاين األصـول املتعلقـة بأخطـاء التنظـري يف و، تكيفها وفقا للثابت القيميإجرائية القيم بمعنى حتويلها إلجراءات بحيث ينظـر للقـيم باعتبارهـا مفهـوم وسائيل وليست مفهوما تأسيسيا مرجعيا يشكل رؤية معرفية متكاملة، وللتغلب

    يم عىل هذه اإلشكالية فإن اإلجرائية جيب أن حتول إىل وسيلة قادرة عىل ترمجة القألصول، و يتمثل ثالث األصول املتعلقة بأخطاء التنظري يف القيم واأليديولوجية حيث يسود افرتاض يتمثل يف أنه يوجد تـرادف بـني أنـساق القـيم واألنـساق

    .األيديولوجيةفالقيم ) قوة القيمة وقيمة القوة( فيام يتعلق باألصول املتعلقة بواقع القيمة

    من خالل استخدام مبدأ نـسبية القـيم، والـذي ترتبط بعنارص التربير السيايسحول وظيفة القيمة مـن الوظيفـة الدافعـة الرافعـة احلـافزة إىل وظيفـة التربيـر

    ، " قيمة القوة- وتأويل الواقع- األمر الواقع"السيايس، الذي أخذ مقوالت مثلوكذلك تم حتويل القيم إىل شعارات سياسية بفعل القوة وازدواجية التطبيقات،

    يف إطار االنحياز لتوجهات البنية املعرفية، فقد قامت العالقـات الدوليـة عـىل وعالقات القوة وأصبح علم السياسة هو علم القـوة، وكـذلك ظهـر مـا يـسمى

  • ٣٠

    بالقيم املخذولة، وهي مجلة القيم التي ال تـؤدي عملهـا تلقائيـا إال مـن خـالل ذولـة تتحـول إىل قـيم منتقمـة املتبنني هلا أو املعتنقني هلا، وهي يف حالة كوهنا خم

    .خلقت ما يسمى فن املمكن وجتاهلت فن اإلمكان والتمكنيويتمثل رابع األصول املتعلقة بأخطاء التنظري يف التفاعل بني رؤيـة واقـع القيمة حيث تم تسييد قيم جديدة تعمل عىل تسويغ الدعوة للعامليـة، وهنـا تـم

    تتصف بالسلبية ويف مقابلها قيام جديـدة الرتويج إىل أن هناك قيام قديمة تقليدية حديثة تتصف باإلجيابية، مما أدى إىل نفي مجلـة مـن القـيم وهتميـشها يف حقـل التعامل الدويل، وبرزت قيم أخرى تتوافق مع تأسيس الـدعوة إىل العامليـة مـن خالل املركزية الغربية، وهذا أمـر أبـرز قـدرا مـن التهمـيش للقـيم اجلوهريـة

    لحة قيم فرعية اشتقاقية، وقد أدى هذا إىل وجـود نظـامني للقـيم واألصلية ملص " رصاع احلضارات" و" هناية التاريخ"متصادمني نتج عنه ظهور مقوالت مثل

    والتي أدت بدورها إىل عملقة أنساق القيم الغربية الكونيـة وهتمـيش األنـساق تنظيم آليات هتـدف القيمية املختلفة أو املخالفة، وقد عملت العاملية الغربية عىل

    إىل قبول هذه القيم عامليا، ومن هذه اآلليات الرتويج وعنارص االتصال اجلديدة ، وقـد "هندسة القبول"والقرية العاملية والثورة املعلوماتية، وكل ذلك يسمى بـ

    نتج عن هذا هيمنة مفهوم مركزية القيم املركزية احلـضارية األوروبيـة، والتـي النامذج مثل نموذج شعب اهللا املختار ونموذج احلركـة عملت عىل نرش مجلة من

    . االستعامرية ونموذج املركزية الغربية ونموذج النظام العاملي اجلديد

  • ٣١

    كل هذه النامذج اعتمد عىل قرشة اتـصالية معلوماتيـة أدت إىل تـشوهات عديدة مثل جتارة احلرب والتلويث املتعمد للبيئة، ومل تعتمد عىل منطلق اتـصايل

    لومايت تكافيل حقيقي وجوهري حيقق عنارص العدل العاملي، بل عىل العكس معاعتمدت عىل مدخل القيم املتخلفة يف مقابل القيم العرصية كمدخل للتهمـيس القيمي عىل اعتبار أن الالحق من القيم ينسخ السابق من خالل التبشري بام يسمى

    ذه املعاجلـة التنظرييـة أن وقد نتج عـن هـ،posts واملا بعديات ends النهاياتتعامل الغرب مع اإلسالم باعتباره دينا متخلفا، ومما زاد األمر سوءا أن تبنى هذه املعاجلة بعض الباحثني العرب واملسلمني، ومما ساعد أيضا عىل التهميش القيمي مدخال ومآال سيادة قيمة القوة عىل قوة القيمة، فأصبحت القيمـة تابعـة للقـوة

    وتتأيس هبا، وبالتايل أصبحت الظاهرة السياسية باعتبارهـا قـوة يف تتشكل منهااملنظومة الغربية هي املوجهة للقيم، وتم الفـصل بـني القـيم الـسياسية والقـيم األخالقية، وسادت القيم املكيافيلية العالقات الدولية والتي يف نظره حتقق تأمني

    ى بشكل يرصف الشعب الدولة ضد أعدائها والتوسع عىل حساب الدول األخرعن أمور احلكم الداخلية، ويتم ذلك من خـالل اللجـوء إىل العنـف واملغـامرة واخلداع وطائفة من الرذائل التي حتول احلكام إىل أرشار، وهنا البد من مراعـاة الظروف النسبية التي كانت يف عـرص مكيـافيليل، ولـذلك فمـن اخلطـأ حتويـل

    . ية إىل شعارات أبديةمقوالته الوضعية والواقعية واآلنخالصة ذلـك، إن الـرتاكم املعـريف النـاتج عـن تعظـيم فكـرة القـوة يف العالقات الدولية أدى إىل تأصيل رؤيته ضمن عنارص من رؤى فلـسفية ورؤى

  • ٣٢

    واقعية مثلتها رؤية نيتشه الفيلسوف األملاين، كام أدى هذا إىل نقـل املثاليـات إىل واقع السيايس، وهذا الواقـع الـسيايس فـرض املجال األخالقي وإبعادها عن ال

    نفسه عىل القيم اإلسالمية، حيث تعيش الدول اإلسالمية يف عرص دائـم التغـري تسوده فكرة الدولة القومية التي غرست فيه قرصا ومتت صـياغة اإلسـالم مـن

    . خارجهولكي يتم إعادة تشغيل اإلنسان املوحد، فالبد من إحداث تفهـم أعمـق

    ق وفقه أشمل وإتباع ذلك بتحليل وتفـسري وتعمـيم وتقـويم، ثـم واستنباط أداالنتقال بعد ذلك إىل التطبيق، وكـل هـذه العمليـات متثـل مـا يـسمى بالفقـه احلضاري، حيث يتمثل املأزق احلـضاري الـذي تعيـشه الـدول اإلسـالمية يف

    عـد الوقت الراهن يف املرور بعملية االنتقال من مرحلة احلداثة إىل مرحلـة مـا باحلداثة، والتي تقوم عىل أسس النسبية املطلقة، وبالتـايل هتمـيش دور الـدين يف احلياة العامة، وهذه العملية يتم فرضها عىل دول العامل اإلسالمي قـرصا، نظـرا لتمتع الباحثني يف هذه الدول بعقلية االبتالع والتقليـد واالسـتهالك، وهـذا يف

    أحكام القيمـة وأحكـام الواقـع، وهـذه ذاته ظهر يف شكل ثنائية متصارعة بنيالثنائية املتصارعة قائمة عىل افرتاض زائف يتمثل يف أن أحكام القيمـة وأحكـام الواقع متناقضان وال جيتمعان؛ رغم أن القيم والواقع مرتبطان والتفاعل بيـنهام أكيد والعالقة بينهام متعددة األشكال متنوعة املستويات، ومن هنا يمكن دراسة

    وثانيها عالقة ،ه الثنائية من خالل عدة مستويات، أوهلا عالقة القيمة بالواقعهذ

  • ٣٣

    قيمة الوجود باحلقيقة واحلق، وثالثهـا إمكـان وجـود رؤى وفلـسفات تتعلـق . بالقيمة ومنظوماهتا مع اختالف املصادر املرجعية

    و يتمثل خـامس األصـول املتعلقـة بأخطـاء التنظـري يف حمـصلة الرؤيـة حكمـة لواقــع القيمـة، حيــث تظهـر إشــكالية القـيم والتــي تظهـر يف عــدة املت

    مستويات، أوهلا التأكيد عىل رضورات الفصل بني العلم والقـيم، وبـرز القـول بأنه كلام كان العلم متحررا من القيمة خاليا منها صار علام، وثانيها مستوى يرى

    يـرى القـيم يف تعلقهـا القيمة موضوعا للعلوم اإلنسانية واالجتامعية، وثالثهـابالواقع الفعيل وظواهره املختلفة تعترب موضوعا للعلم، ورابعهـا هـو املـستوى الذي خيتص بجملة الدراسات والبحوث التي جعلت القيم أهم عنارص بحثهـا

    . يف سياق نامذج عربية إسالميةقة ومن املهم أيضا؛ فيام يتعلق باألمور اخلاصة بواقع القيمة؛ أن نتناول عال

    القيم باملعرفة، فالقيم هي التي تدفع للبحث عن املعرفة، واملعرفة هي التي حتدد متى تتعارض القيم وأي القيم تتعارض، وهنا بالنسبة للرؤية اإلسالمية جيب أن ننظر إىل قيمة العلم النافع، والتي ترى أن القيم وعي يؤسس رؤية ومنهج نظـر

    حركة دائمة ومرتاكمة وفاعلة ومؤثرة؛ وتعامل وتناول وسعي يرتجم الوعي إىلبحيث تسري ضمن النظام املعريف، وهنا تكون القيم مطلقـة يف ذاهتـا ونـسبية يف حتققها الواقعي، فالقول بنسبية القيم يلغيها، إذ ال يمنحها سوى وجودا ومهيـا، ة والقول بمطلقيتها يفصل بيننا وبينها وجيعلها بعيدة عنا، ووفقا للرؤية اإلسالمي

    فإن القيم سارية يف كل منظومتها املعرفية؛ فهناك قيم العقيدة وقيم الرشعة وقيم

  • ٣٤

    نظام القيم وقيم املقاصد وقيم السنن وقيم األمة وقيم احلـضارة، وبالتـايل فـإن .نظرية القيم هي التي تربط بني نظرية الوجود ونظرية املعرفة

    ، فمفهوم القيم من أكثر بالنسبة للبنية اللغوية والبنية املفاهيمية للقيماملفاهيم ارتباطا باألطر والسياقات املرجعية املختلفة، وهو من املفاهيم الرحالة التي تنتقل من جمال معريف آلخر، وقد أدى هذا إىل ظهور تعريفات متعددة للقيم اختذت اجتاهات عدة، أوهلا يرى يف القيم أشياء واحتياجات وأغراض ورغبات

    الت، وثانيها هو الذي ينظر للقيم باعتبارها اجتاهات، وثالثها واهتاممات وتفضييركز عىل القيم من خالل الفعل، ورابعها جيمع بني االجتاهات والسلوك كمؤرشين للقيم، وخامسها يرى أن القيم مفاهيم ختتص بغايات يسعى إليها،

    عها يرى وسادسها ينظر إىل القيم باعتبارها مثال ثقافية وتوجيهات قيمية، وسابأن القيم مناظرة للمعايري، وثامنها يعرف القيم باعتبارها معتقدات يتحدد من خالهلا اجتاهات الفاعلية، فالقيم وفق هذه االجتاهات عبارة عن تصورات ومفاهيم تتمتع بالثبات يف جوهرها وباحلركة يف جتلياهتا ويف تطبيقاهتا يف

    . ارتباطها بالسياقات املتنوعةالعتبار للقيم فإن ذلك يمكن أن يتم من خالل االستفادة من ولكي نرد ا

    السعة الرحبة التي توفرها املعاين القرآنية ملفهوم القيمة والقيم، فعند النظر إىل ثم " الدين القيم" ثم " دين القيمة" ثم " دينا قيام"املعاين القرآنية نجد استخدام

    قاقية فتتضمن االصطالح احلديث أما فائض املعاين اللغوية واالشت"املستقيم"واجلذر اللغوي واالصطالح القرآين، والقيم هبذا االعتبار متثل مفهوم مظلة،

  • ٣٥

    مفهوم منظومة، مفهوم جامع، مفهوم واصل، مفهوم شامل، مفهوم عائلة، مفهوم يرتبط بأصول وفروع متعددة ومتنوعة ومتكاملة حتركنا صوب التعامل

    هنا فقد جعلت احلضارة اإلسالمية القيم السياسية مع شجرة عامل املفاهيم، ومنامتدادا تابعا وتطبيقا ثابتا للقيم الدينية واألخالقية، فلفظة القيم نفسها من خالل العرض اللغوي تعني من خالل اشتقاقاهتا اللغوية التعبري عن جمموعة

    وام القيم وهي االستقامة، وتعني باألساس التوحيد الذي ال شائبة فيه، والقويعني لغة العدل، والذي ال يقوم اليشء إال به، والتقويم ويعني التسوية،

    ، والقيم عىل نفسه هو املالك ألمره وزمامه )املساواة(والعدل واالعتدال ، كام أن القيم ترتبط ارتباطا وثيقا بالدعوة والدعوة حركة )االختيار(واختياره

    تتم من خالل الوعي واالعتقاد، والتي هي الوظيفة احلضارية لإلسالم والتيوالعزم والنهوض باألمر، والدعوة واملدافعة واملقاومة من أجل االعتقاد، وملا كانت القيم تتضمن مفهوم االعتدال فهي حتقق التوازن واالنسجام بني الفرد واجلامعة والتوازن بني الثبات والتطور والثبات واملرونة واحلركة، أما عن عالقة

    فالقيم السياسية هي قيم دينية يف األساس ولكن ،سياسية بالقيم الدينيةالقيم الفصلها عن الدين كان نتيجة الشتقاقها من اخلربة الغربية التي تكرس الفصل بني الدين واحلياة؛ وهذا ال وجود له يف اإلسالم، ومن هنا جيب أن نحدد أصول

    . شامل ومتكامل ومتفاعلالنظر العام للقيم واملتمثل يف أن القيم مفهوم كيلوإذا أردنا أيضا أن نعيد االعتبار ملفهوم القيم، فالبد من النظر إىل بعض

    التي توجهه يف جمال العالقات الدولية، وأوهلا أن الوضع الراهن قد اإلشكاليات

  • ٣٦

    حول املفهوم اإلسالمي للقيم إىل مفهوم متحفي، وثانيها أن سعة اللفظ دراته تضع الباحث أمام عدد من االختيارات للكلمة واحتامالته وإمكانياته وق

    يف مبناها ومعناها، وما يتبع ذلك من أخطاء يف احلمل والنقل واالستعامل، والسيام عند ترمجة املبنى، وثالثها إشكالية النقل عرب املكان والزمان، والتي

    الية تستلزم إدراك املعنى ضمن منظومة كلامت احلضارة املهيمنة، ورابعها إشكحجية الشيوع واالنتشار، والتي تؤدي إىل ظهور وضع جديد للمفهوم يغطي يف

    . عىل كامل مساحة املفهومذيوعهوقد أدت هذه اإلشكاليات إىل انقسام اجلامعة البحثية بني تيارين؛ األول وجهة متثلها احلضارة الغربية وأدبياهتا، والثاين وجهة متثلها اجلامعة العلمية يف

    عامل الثالث؛ وهي تنقسم إىل اجتاهني؛ اجتاه يعترب امتداد للتيار الغريب، دول الواجتاه يستند للقيم اإلسالمية، هذا الوضع السائد يف دول العامل الثالث أدى إىل

    متغافلني ) مرجعية الواقع مقابل مرجعية الرشعة( اكتفاء كل فريق بمرجعيته غافلني دور القيم يف إحداث التحول إمكانية التكامل بني املرجعيتني، وكذلك مت

    يف النامذج وقدرهتا عىل التوجيه املنهاجي؛ مع االستفادة من الدور البنائي للقيم يف كتابات الرتاث املختلفة، وكذلك االستفادة من البيئة املعرفية واملنهجية والواقعية ملفهوم القيم، وتاريخ املفهوم واجتامعياته وسيكولوجيته وعلم سياسة املفهوم وعلم ترشيح املفهوم وترشيحه، وحراك املفهوم بني االستعارة واالرحتال، والنظر إىل املفهوم الوظيفي للقيم باعتبار مكانته وأدواره، والنظر إىل تصنيف القيم املتضمنة لقيم التأسيس والقيم النظامية وقيم الوسائل

  • ٣٧

    شبكة العالقات واملجاالت، كل هذه األمور وغريها ستحرك عنارص تفعيل لكي يصبح مفهوم القيم مفهوما منظومة، بدال من أن تسري دراسة القيم يف

    .مسارات تعمل عىل تقطيع أوصالهبالنسبة للتصنيف باعتباره آلية تعمل عىل رد االعتبار للقيم يف الرؤية اإلسالمية، فعملية التصنيف ال تعني قطع األوصال بني القيم املختلفة، ولكنها

    ت تتم يف إطار نسق قيمي متكامل، والقيم وفق هذا التصور الكيل الشامل عملياتتحرك صوب األداء والوظيفة والدور واملجاالت والوسائل والقدرات والعالقات والغايات واملقاصد التي يمكن ترمجتها، وبالتايل يستخدم التصنيف

    . الوظيفي للقيم يف حتدد الرؤية اإلسالمية للعاملباعتبارها نسقا قياسيا، فيمكن أن تقدم أكثر من نسق يف ضوء أما القيم

    تعدد اخلربات التارخيية، وبالتايل يمكن اعتبار أن اخلربة التارخيية اإلسالمية قادرة عىل أن تقدم نسقا قياسيا يقدم إطارا جيمع ما بني أبعاد التامثل والتنوع ويقيم

    ليها الظاهرة احلضارية اجلسور بني عنارص الثبات والتحول التي تنطوي ع . معتمدا عىل عنارص النسق ومفرداته والعالقات والتفاعالت بينها

    أما القيم باعتبارها نموذجا إرشاديا، فيمكن؛ وفقا للرؤية اإلسالمية؛ أن يتم حتليل نموذج القيم اإلسالمية إىل عنارصه، وهي العنرص املفاهيمي والعنرص

    يد اإلشكاالت البحثية األجدر بالتناول النظري وقواعد التفسري وعنرص حتد . والرؤية الكلية للوجود املحددة للعنارص األخرى والعالقات فيام بينها

  • ٣٨

    أما القيم كإطار مرجعي، فهي ختلق تصورا للعوامل األساسية التي تؤثر يف الظواهر السياسية واالجتامعية وحتدد املفاهيم واملقوالت التي تفرس السلوك

    ذا نظرنا لإلطار املرجعي يف الرؤية اإلسالمية نجده يشكل نسقا والظواهر، وإمفتوحا هيدف إىل حركة إحسانية ممتدة، وهو بذلك حيدث تفعيال ملدخل القيم

    .ويعيد االعتبار له ضمن الرؤية اإلسالميةبالنسبة للمدخل القيمي واستخدامه يف دراسة العالقات الدولية يف

    ة استثامر السعة اللغوية واملفاهيمية إلبراز اإلسالم، فإن هذا يتطلب رضوراملفردات التي تشكل كيان النظام القيمي ورضورة البحث يف آليات التفعيل

    .التي تصل بني املفردات :املفردات واملنظومة: مدخل القيم: املبحث الثاين

    يمثل التوحيد أهم مفردات املنظومة القيمية يف الرؤية اإلسالمية، ة معرفية وقيمية ووجودية، ومن مشكاة التوحيد خترج كليات فالتوحيد قاعد

    ا، ومتثل العقيدة أوىل تلك الكليات، ًا أو توابعًسبع يمكن أن نسكن حتتها فروعثم يأيت بعدها الرشعة التي لترتجم خصائصها التكوينية إىل قيم أساسية ترسي

    ثم ،الم احلضاريةيف كيان الرشعة، ثم تأيت بعدها األمة كقيمة حتمل رسالة اإلستأيت احلضارة كبناء عمراين حيقق أقىص كامالت العامرة اإلنسانية، ثم تأيت السنن كأهم قيم للتحريك والسعي، وأخريا تأيت املنظومة املقاصدية كأهم القيم يف

    . الرؤية والفعل والوعي والسعي

  • ٣٩

    فمن فيام يتعلق بالعقيدة الدافعة، فالبد من بنائها لتحدد رؤية العامل،خالل عقيدة التوحيد يتم تأسيس نظريات للوجود وللمعرفة وللقيم، ولكي يتم إصالح األمة اإلسالمية فالبد من إعادة بناء قيمة العقيدة بشكل جيعلها مرجع كل سلوك، ولكن ذلك األمر يواجهه مشكلتني؛ األوىل االنفصال الذي وقع بني

    يف خمتلف وجوه احلياة، والثانية هي املرجعية العقدية وبني املظاهر التطبيقية بروز التصورات األيديولوجية الغربية، ويمكن تفعيل قيمة العقيدة مرة أخرى من خالل االستناد إىل عدد من املعايري؛ وهي معيار الشمول العددي ومعيار الشمول املوضوعي ومعيار فاعلية التأثري ومعيار صالحية العقائد، والعقيدة

    عايري تقدم معيارا واضحا ثابتا للصحة واخلطأ وتؤسس نظاما من وفقا هلذه املالرموز التي تتسم بالفاعلية وتشكل سياقا من الدوافع والتفاعالت يف إطار يتسم بالديمومة وتؤصل عنارص التوازن واالستقرار يف املجتمع يف إطار اللحمة

    واألفراد املعنوية لدى األفراد ببعضهم واألفراد وتكويناهتم املجتمعية . وجمتمعاهتم واملجتمعات ببعضها واألمم

    هذه العقيدة تقدم اإلنسان باعتباره سيد هذا الكون وفق رشوط االستخالف التي تقوم عىل املساواة والتنوع بني بني البرش مجيعا، ولذلك جيب

    األمانة ( أن تنسجم حركة اإلنسان يف جمال العالقات الدولية مع عنارص تكريمه ). التكليف– االلتزام – املسئولية –خالف االست–

    و يتمثل العقيدة كذلك أهم لبنة ضمن النظام املعريف اإلسالمي، حيث تولد عنارص معرفية شديدة التأثري يف الفكر والعمل، أمهها تأسيس رؤية العامل

  • ٤٠

    وتشكيل رؤية معرفية لإلنسان مفهوما وطبيعة ووظيفة وإمكانات وفاعليات أصوال معرفية للحياة والنظرة هلا كمجال للتفاعالت وقدرات، وتوفري

    والعالقات، وهي ذات بنية معرفية جتعل من مفهوم الغيب أهم العنارص يف بنيتها املعرفية وإمكانية حتريكها، وتقدم عامل يدعو إىل النظر والتفكر من خالل

    نن النمو النص القرآين واملامرسة العملية يف خمتلف أنواع التحرك تتناسب مع سوحب النفع وحب االستمرار والبقاء فرديا ومجاعيا، وهي كذلك تولد نظاما من الرموز يسهم يف صياغة إدراكات للوجود ومتنح هذه اإلدراكات قوة الوجود الواقعي، وهنا متثل الرؤية العقيدية مصدر التأسيس وحقائق التأصيل

    باعتبارها مرتبطة ارتباطا ال وعنارص الثبات، ال يمكن رؤية القيم أو غريها إال ينفصم بالعقيدة، وهي تتأسس عىل قيمة أصلية هي التوحيد، ولذلك وجب أن تكون صياغة العقيدة مقدمة بطريقة مقنعة للناس معتمدة عىل تعميق الفهم واالقتناع ومراعاة مقتىض احلال واملقام، وكذلك تتم عملية صياغة العقيدة

    خالل الوصل بني العقيدة وبني الرشيعة، مع بطريقة تربطها بالرشيعة من .استخدام العرض االستداليل للرشيعة واإلحياء العقدي واملعنوي للرشيعة

    نظرية - نظرية احلكم-اخلصائص والسامت(فيام يتعلق بالرشعة تعترب أساسا مكينا ضمن ) القواعد الكلية، عىل ارتباط فيام بينها-التكليف

    يمكن فهم القيم إال من خالل هذه الرؤية، فالقاعدة منظومة قيم التأسيس، والهي من القواعد الناشئة عن تفاعل ) ال رضر وال رضار(األصلية املساندة

    اليرس ورفع (اخلصيصة األساسية من خصائص الرشعة كسمة بنائية من سامهتا

  • ٤١

    ع االستطاعة والوس(، والتي متلك تأثرياهتا عىل النظرة التكليفية لإلنسان )احلرجوالشك أن هذا وذاك يؤثر بدوره يف نظرية ) والطاقة، أحوال الرضر والرضورة

    يف ) الزمان- املكان-اإلنسان(األحكام التي تراعي االختالف وجهاته املتنوعة إطار املصلحة كفكرة بنيانية يف الرشعة، فالرشعة هي أحكام إهلية هلداية حياة

    نجد احلاكمية اإلهلية املتمثلة يف اإلنسان، ومن أهم اخلصائص الكلية للرشعة حاكمية القرآن، والتجريد والعموم والشمول، والعاملية والوسطية،

    . والصالحية، واخللود واليرس ورفع احلرجأما يف العالقات الدولية فإن القانون الدويل اإلسالمي يمثل جزءا من

    اهدات، بقدر ما القانون الداخيل، والتزام الرشيعة دوليا ال يتأتى أصال باملعيتأتى نتيجة ألحكام القانون الداخيل امللزم للمسلمني يف املجال الدويل، ويمثل نظام القيم ونظام األوليات ونظام الوسائل واألدوات عنارص مهمة يف حتقيق أصول الفاعلية للرشعة، وذلك من خالل خاصية التوازن املوجودة يف بنية

    ل املتوازن بني نظريات احلق ونظريات الرشيعة والتي حترك عنارص التفاع . الواجب، من غري فصل بينها أو تغليب أحدها عىل اآلخر

    كذلك جيب أن تتضمن الرشعة خصائص بنيانية تؤكد هبا صالحيتها، ومن هنا كانت الرشيعة كلها مصلحة، وترتبط هبذه اخلاصية خاصية أخرى

    والزمان واألحداث، و تتمثل يف رضورة االجتهاد والتجديد مع تغري املكانتتمثل آخر خاصية يف الرشيعة يف خاصية التكليف، وهي مرتبطة بالعقد املنعقد بني اإلنسان وربه، واملتمثل يف التوحيد، والذي استدعى االستخالف

  • ٤٢

    املصحوب بالتكريم واالبتالء واألمانة، ليصل إىل االختيار واملسئولية وااللتزام . والوسع والطاقة

    يمكن استثامر اخلطاب الرشعي يف حتقيق مقاصد الرشعة؟ ملا ولكن كيف األحكام من اخلطاب، صار من الواجب ) استنباط( كانت معرفة كيفية اقتباس

    معرفة مفهومه وأنساقه وأنواعه ومضمونه وموضوعه، وعىل هذا البد من مراعاة مفهوم اخلطاب بكل تكويناته وعنارصه اللغوية وكذلك العنارص

    واملقامية، وبالتايل يمكن استنباط قواعد كلية للرشعة، تندرج حتتها السياقيةجمموعة من األحكام الرشعية املتشاهبة، وأهم القواعد الكلية يف حقل التعامل الدويل قواعد املقاصد والوسائل وقواعد الرضر، وقواعد رفع الرضر والرضورة

    عقود، ومن املالحظ أن واملشقة واحلاجة والعادة والعرف، وقواعد احلقوق والهناك قواعد كلية أصيلة وقواعد كلية مشرتكة، ومن املالحظ أن هذه القواعد تصاغ يف عبارة قصرية مضبوطة، فربزت وكأهنا شعارات، إذا اختذها املسلم واعيا وسعيا أثرت يف طرائق تفكريه ويف حركته وسعيه، واختذها حمكات للفعل

    القواعد الكلية ترتبط بالدائرة األكرب وهي دائرة والتفاعل والتفعيل مجيعا، وهذه( القيم، وبالتايل يمكن ترمجتها وربطها باملكونات الستة ملفردات مدخل القيم

    ارتباطها فأما ) األمانة– التكريم - االلتزام–املسئولية – االستخالف -التوحيد كافة، للناس احلضارية احلركة حتكم عامة كليات هي السنن أن من فيأيت بالسنن،

    يف والتعمق نصوصها لتفهم والنظر الفكر حلرية السبيل الرشعة هذه فتحت كام وعقل هبا آمن ملن وأوكلت وغايات، مقاصد من تستهدفه ما واسترشاف معانيها

  • ٤٣

    ما ضوء يف بمآالته، والتبرص التطبيق يف االجتهاد مهمة مضموناهتا وتفهم فيها ما العالقة تؤصل ومنظمة منتظمة منهجية وفق وأحداث ظروف من احلياة يالبس

    ارتباط فإن ولذلك ،"التنزيل ومنهج "الواقع وفقه "احلكم فقه" فقهية بني .الوسطية وصف واستحقاقها خرييتها عنارص حيدد الذي هو باألمة الرشعة

    القيمي املدخل سياق يف نفهمها الرشعة فإن الدولية، العالقات جمال يف أما وجوهر قيمة الرشعة )الطبيعة -السامت( للرشعة العامة ائصاخلص باعتبارها

    قواعد الفعل والتفاعل (والقواعد الكلية والفقهية ) احلكم-التكليف(ومن أهم خصائصها نجد العاملية واخلامتية واحلاكمية والوسطية ) والفاعلية

    وأن والصالحية، ومن طبيعتها املسئولية وااللتزام واليرس والشمول والعموم،جوهرها يسري يف خط الرؤية العقدية، وترمجة هذه اخلصائص وفق جوهر قيمة

    .الرشعة يؤدي إىل مجلة ونسق من القواعد تتعلق باحلكم والتكليففيام يتعلق بالقيم التأسيسية احلاكمة، فإن نظام القيم هو عبارة عن إطار

    ارص متكاملة معا جتميعي يضم جمموعة القيم املتعددة واملتنوعة كمكونات وكعنومكونة لنسق واحد، وهو يثري مجلة من العالقات األساسية، أوهلا مجلة العالقات التي تتسم باالتساق؛ وهي التناسق والتكامل والتساند والتفاعل والتداخل والوحدة، وثانيها مجلة العالقات التفضيلية؛ وهي تتخذ شكلني

    .القيمأساسيني؛ قيمة املركز، وقيمة التصاعد وسلم فيام يتعلق باحلضارة الفاعلة وقيم املجال، فاحلضارة يف جممل تعريفاهتا ترتبط باحلضور والشهود، وما يتطلبه ذلك من إدراك ووعي واجتهاد وتبليغ

  • ٤٤

    وغري ذلك من القيم التي جتعل احلضارة فاعلة، وهنا تأيت األمانة باعتبارها سان عن باقي املخلوقات جوهر اإلنسانية، وأن محلها هو الذي يميز اإلن

    األخرى، ومن هنا تستمد حقيقة الشهود احلضاري فاعليتها، ألهنا من رضورات االستخالف، وأهنا أحد دالئل قدرة األمة عىل حفظ دينها، وهي الوحيدة القادرة عىل جتاوز األزمة احلضارية املعارصة، ومن هنا كان البد من

    ان موضع الشهود احلضاري منها، ففي استعراض منظومة املفاهيم احلضارية وبيمنظومة املفاهيم احلضارية متثل حضارة التوحيد املفهوم املركزي الذي تنبني عليه املفاهيم األخرى مثل األمانة والتسخري وتكريم اإلنسان واالستخالف واإلعامر واالستعامر وسنة التدافع احلضاري وسنة التداول احلضاري والعبادة

    فتنة واإلبدال و