وزارة التعليم العايل والبحث العلمي

-تبســـــة

)د.م.ل(يف اللغة واألدب العريب نظام

: إشراف األستاذ

عبد الحميد عمروش

الحجاج والمغالطة

دراسة تداولية في سورة الفرقان

الصفة الجامعة االصلية

رئيسا تبسة -العربي التبسي

امقرر اتبسة مشرف –العربي التبسي

امناقشا عضو تبسة -العربي التبسي

وزارة التعليم العايل والبحث العلمي

تبســـــة -جامعـــة العريب التبسي

كلية اآلداب واللغات

قسم اللغة واألدب العريب

يف اللغة واألدب العريب نظام املاسرتمذكرة مقدمة لنيل شهادة

علوم اللسان: ختصص

:

أحالم

:السنة اجلامعية

)2016-2017(

الحجاج والمغالطة

دراسة تداولية في سورة الفرقان

الجامعة االصلية الرتبة العلمية أعضاء لجنة المناقشة

العربي التبسي ) أ( مساعـــــــدأستاذ

العربي التبسي )أ( مساعــــــدأستاذ عبد الحميد عمروش

العربي التبسي ) أ( محاضرأستاذ

مذكرة مقدمة لنيل شهادة

: لبتنيإعداد الطا

جدي إيمان �

أحالم روابحي �

دراسة تداولية في سورة الفرقان

أعضاء لجنة المناقشة

الطيب قاواوة

عبد الحميد عمروش

ربيعة برباق. د

����� � �� � � � � �� ���� �����

� � �� �� � !�� " #$ ،��&� �' (�)�� !*�+ �,& - .�/ 01 234 � �5� �

- �.�6 71 08� �,& �6�1 7.�9: 0; <�=> �,

& �<:? ���� !@9

� 7�� 0AB�& � �5� 0�

- �C 0D�E FG H ( � �G 1J& KLG 01M� 0�� 0�

:N #O PQ� / 0H R� �S �T� � U� �V !�� �. � �.�� � R�:WX

�� ! Y� �Y .& ،- 7CZ �� 0�[\ � �] �^ - 7C _ � � �S � a � �_ � � .�

7!@+� 234� �b� .& ، �<:c�+)�� �- 7C 08� 0/dB� ef�U�g�Z ��� 7CJ !�� �<� 7.� 0GB� �- _� ����& �<�� ����& � �Z

� �� (: #h i 7j �Z R�:WX � � �. � �.�U� ef�6 71 08� �T 0. � �k T 7. �� �<:? ���� �- #l �_� �J m� 0� �S 0,

234� FJ& ،: 7;� �S ��Z & :N #nZ 7!YJ o 7�� 0Apq

�

rL 7C .� - 7CZ & eL�V� �, - 7C�9 234� 0� ��� 7!s 7� _� �, �^& .

u #O u #O u #O u #O

v v v v w& x w& x w& x w& x y y y y �� �x �� �x �� �x �� �x �� � 0� �_ �: 7z 8�&

H& ،" �Y G FG{ ��

. �|} 7!~ 1� � ����� � �� � � � � �� �

��� �����

����� :N #nZ & �.�9

�/{ FJ - 7C _ ��V �^ �� 0� �:�zk F � � �� �� � !�� " #$ ،��&� �' (�)�� !*�+ �,& - .�/ 01 234 � �5� �

#�&:�} � 7C�AB� � 0C� g� ��]�Z �� R:N �j ��: #h��� 0� - �.�6 71 08� �,& �6

�1 7.�9: 0; <�=> �,& �<:? ���� !@9

� �.� 7, �� �|� ، �<� 7.�lZ � � ��)�� � �� 7! �R ��

, �:�zk

�� �� � !�� : 7;� �S ��Z & :N #nZ m : 0��&� � � �M � �1 _ �� ، �' 7, gg �- 7.� 9 g� 0,)- �C 0D�E FG H

�|� ،- �.�6 71 08� �T 0. �- C 7D� #YZ �- 7C�@+� �-�: �� �< �� .:N #O PQ� / 0H R� �S �T

& ، KLG 01Z � �� g� 0/ H� 7! ��^� � �� ! Y� �Y .& ،- 7CZ �� 0�[

\ � �] �^ - 7C _ � � �S � a � �_ � � .�

P� 0, - 7C _ ��� 7j

7!@+� 234� �b� .& ، �<:c�+)�� �- 7C 08� 0/dB� ef�U�g�Z ��� 7CJ !�� �<� 7.� 0GB� �- _� ����& �<�� ����& � �Z

� �� (: #h i 7j �Z R�:WX � � �. � �.�U� ef�6 71 08� �T 0. � �k T 7. ��

�6�H:N ( rL 7��� �\& �

� � 71G��\& �� 0��

1J � 7.�l ��& 1 ،�6 234� FJ& ،: 7;� �S ��Z & :N #nZ 7!

YJ o 7�� 0Apq�

�' 7� _� ��Z & ���lZ .

rL 7C .� - 7CZ & eL�V� �, - 7C�9 234� 0� ��� 7!s 7� _� �, �^&

�k 0, FJ& � 0� �_ FJ 234 ��AB�&.

�� � 0� �_ �: 7z 8�&

, �/{ FJ - 7C _ ��V �^ �� 0� �:�zk

#�&:�} � 7C�AB� � 0C� g� ��]�Z

� �.� 7, �� �|� ، �<� 7.�lZ

�� �� � !�� : 7;� �S ��Z & :N #nZ m : 0��&

�|� ،- �.�6 71 08� �T 0. �- C 7D� #YZ �- 7C�@+� �-�: �� �< ��

&� � .�9� FJ �V & ، KLG 01Z � �� g� 0/ H� 7! �

7!@+� 234� �b� .& ، �<:c�+)�� �- 7C 08� 0/dB� ef�U�g�Z ��� 7CJ !�� �<� 7.� 0GB� �- _� ����& �<�� ����& � �Z

: 7;� �S� � �� (: #h i 7j �Z R�:WX � � �. � �.�U� ef�6 71 08� �T 0. � �k T 7. ��

�6�H:N ( rL 7��� �\&

مقدمة

أ

مقدمة

:أما بعد: احلمد هللا و الصالة و السالم على رسوله وآله وصحبه اىل يوم الدين

على الرغم من اهتماماتنا اللسانية، فإننا كثريا ما وجدنا أنفسنا منشدين اىل قضايا احلجاج

وأمام أسئلة كثرية ن خالل قراءات متفرقة هنا وهناك، فالقرآن الكرمي مل يقصر يف وضع حجته

ة وبراهينه على طريقة واحدة، بل عددت أساليبه يف عرضها لتكون أنسب و ألزم للحجة و مالئم

لكل عقل بشري، وذلك حتقيقا لعظمة القرآن وقداسته، فالقرآن الكرمي أوسع وألأكمل خطاب،

ذلك أنه رسالة اهللا اىل العاملني كافة يف كل زمان وماكن وهو خطاب اهللا تعاىل اىل الوجود كله، فال

طقية املبنية شك أنه يعترب أول كتاب علم الناس كيف يفكرون، وكيف يستنبطون األحكام العقلية املن

على نتائج صحيحة فاستخدام العقل والفكر السليم مبدأ أساسي يف اإلميان الصحيح والعلم والتفقه

والتدبر، فقد متيزت آيات القرآن البينات خبصائص متعددة منبعها مسة االعجاز فيه وسحر بيانه ومن

لرد الرأي برأي و احلجة الذي يعتمد التفكري العقلي و الربهان " احلجاج"هذه اخلصائص أسلوب

والقائم . 149األنعام " � � �� � �� � � � � �� � � � �� � � � � � " أقوى منه و احلجة حبجة أبلغ منها ،قال اهللا تعاىل

.على االستدالل والربهنة لتحقيق املقاصد

وهذا اخلطاب القرآين الشامل اختذ أساليب متنوعة من احلجاج احلق و االقناع احلسن إال

على اإلنسانأحصاها واستخدمها، كما أنه دافع اىل التفكري الرصني والتأمل بالعقل الذي ميز اهللا به

السر يف والصالح والتقوى، وهنا كان اإلميان إىلسائر املخلوقات فيسلك أفضل السبل اليت ديه

يف أنه تنوير للعقول وهدم كل ما حيجب احلقيقة عنها من أوهام باطلة و ؛اخلطاب احلجاجي القرآين

.خرافات واهية

ومن أجل ذلك جاءت فكرة الغوص يف حبثنا هذا تناول آلية من آليات البيان يف القرآن الكرمي

على آراء املخاطب وسلوكاته فالقرآن خطاب حجاجي موجه يف أساسه للتأثري " باحلجاج" تتعلق

واستمالة النفوس وتوجيه العقول، ومن هذا املنطلق كان اختيارنا ملوضوع يتعلق بالدراسات القرآنية يف

مبا قدمه الناس من صور –ذلك أن الوقوف على حجاجية النص القرآين ؛جانبها التداويل احلجاجي

كما اردنا هلذا البحث أن يكون ،اسة الرسالةيتيح للعقول السمو باألفكار اىل ادراك قد -وأساليب

إضافة وتثمينا ملا سبقه من الدراسات والبحوث الداعية اىل دراسة النظم القرآين عامة، والقصة القرآنية

مقدمة

ب

كما أن باتباعنا لقصص القرآن . على وجه اخلصوص وذلك ملا حوته من اعجاز ومسو الغري ربانية

وما عرضه من أحداث وعظات و عرب أدركنا من خالهلا أن هدافه الكرمي أتاح لنا فرصة التأمل يف أ

القصة القرآنية هي من أهم الوسائل احلجاجية يف القرآن الكرمي، اجتمع فيها انسجام الصدق

ومن . ياجلمال ، واءتالف الغرض الديين بالغرض الفين ليحقق احلجاج فيها غايته ويؤدي الفن رسالته

طريقا مغايرا يف النظر اىل القصص القرآين ، فاخرتنا النظرية احلجاجية هنا أخذنا الفضول لكي نسلك

باعتبارها آلية حوارية تداولية تتوفر عليها القصة القرآنية اليت متتاز ببناءها اللغوي املشحون بالسمات

واليت تعد أدوات حجاجية تتجلى يف القصص، السيما التواصلية اليت حتاور وتسرد وتؤكد وتربهم

.مواصفات التداول اليت جتعل منه نصا تتفاعل معه العقول والعواطف

وكانت نقطة البحث األساسية حمور دراستنا وهي أن يف سورة الفرقان تتجلى كثريا من اآليات

الكرمية اليت حياجج فيها النيب صلى اهللا عليه وسلم املشركني، ولكن عناد هؤالء املشركني وعصيام

فيما أنزل إليه ) ص(ا القرآن هو من عند غري اهللا عز وجل فصاروا يغالطون النيب أوحي إليهم بأن هذ

فكيف تتجلى آيات اهللا سبحانه و تعاىل متمثلة يف آيات سورة الفرقان وكيف كانت . من قبل اهللا

وقد سلكنا على مستوى كل الفصول واملباحث ثالث مناهج . مغالطات املشركني جتاه هذه اآليات

لدارسة املنهج التارخيي وذلك يف رصد منو فكرة احلجاج وبروز معامله ونشأة النظريات ا: علمية، أوال

املنهج الوصفي ألنه جيسد هذه الدراسة من حيث وصف الظواهر احلجاجية الكامنة يف : له، ثانيا

احلجاج يف القصة القرآنية، كما استعنا باملنهج التداويل بوصفه أجنع أداة اجرائية تظهر أوجه استعمال

اخلطاب، وتكشف جوانب مقام اخلطاب داخل القصة، فضال على أن هذا املنهج يسمح برصد

األفعال الكالمية داخل اخلطاب القرآين ويربز الذوات املتخاطبة، ويكشف الوظيفة احلجاجية يف بنية

.الوظيفة ذاا

بأسلوب لغوي فريد يف أما عن أسباب اختيارنا لسورة الفرقان كمدونة للتطبيق فألا حظت

قصصها فهي وردت للتفريق بني احلق والباطل، ولكي يتسم هذا البحث باملوضوعية والدقة فكان

تضمنتالبد أن تكون الدراسة نظرية وتطبيقية موزعة على مقدمة البحث، مدخل،فصلني مث خامتة

.أهم النتائج اليت توصلنا اليها يف البحث

هيم األساسية للبحث فقمنا بدراسة مصطلحات البحث األساسية وقد تتبعنا يف املدخل املفا

.احلجاج، التداولية، املغالطة: وهي

مقدمة

ج

:أما فصول الدراسة فقد جاءت على النحو اآليت

ايا، ثالث ضكثري من الق إىلالفصل األول موسوم باحلجاج يف القرآن الكرمي وقد نظرنا فيه

حلجاج يف الثقافة الغربية الثاين تناولنا فيه احلجاج يف الثقافة مباحث تدور حول األول تناولنا فيه ا

.العربية أما املبحث الثالث تناولنا فيه احلجاج يف القرآن الكرمي

أما الفصل الثاين املوسوم بأهم صور وأشكال احلجاج فقد تطرقنا فيه اىل مبحثني األول

ية ومكانة القصص القرآين أما الثاين فهو والوقوف على أمه) سورة الفرقان( التعريف مبدونة البحث

.دراسة تطبيقية للحجاج يف سورة القرآن

املصدر : ومتت االستعانة جبملة من املصادر واملراجع القدمية واحلديثة اليت اعتمدنا عليها أمهها

تفسري األول القرآن الكرمي و التفاسري التحرير والتنوير حملمد الطاهر بن عاشور، وروح املعاين يف

، احلجاج يف القرآن الكرمي لعبد اهللا صولة، أهم نظريات احلجاح يف القرآن العظيم والسبع املثاين

محادي صمود، اللغة واحلجاج أليب بكر العزاوي احلجاج بإشرافاليوم إىلالتقاليد الغربية من أرسطو

.مفهومه وجماالته حافظ امساعيلي علوي

هذا البحث هو أننا وجدنا أنفسنا أمام هذا الدستور اإلهلي ومن الصعوبات اليت رافقت اجناز

أحسن الفهو وأوفقه إىلوبناءه، فكنا يف تفسري اآليات حناول الوصول وإعجازهالعظيم املطلب ببيانه

من أزاهري التفاسري وعيون األقاويل ونكت البالغة أخذنالروح النص والسياق و الواقع والعقل، كما

نا العاجزة كوننا اشتغلنا على النص القرآين فكان من الصعوبة تطويع املنهج وطيبنا ا كلمات

الكتشاف الطاقات احلجاجية لقصة قرآنية غاية يف االكتناز والثراء لوال التوسل لتلك التفاسري ضف

اىل ذلك أن النظرية احلجاجية نظريو حديثة وادي ذلك اىل قلة املراجع املختصة يف هذا اال خاصة

ال التطبيقيا.

وقد ختمنا هذه الدراسة باستعراض أبرز النتائج اليت توصلنا اليها من خالل تتبع احلجاج أو

.مظاهر وجتليات احلاج يف سورة الفرقان

مدخل

5

:المدخلتعد التداولية مبحثا من مباحث الدراسات اللسانية اليت تطورت إبان تسعينات القرن العشرين وهذا املبحث يدرس كيفية فهم الناس بعضهم لبعض، وإنتاجهم لفعل تواصلي، أو فعل كالميفي

.كالمي ملموس وحمددإطار موقف بالرغم من صعوبة وضع حدود فاصلة للتداولية فإنه ميكن حتديد وصياغة جمموعة من

من يتكلم؟ ومع من يتكلم؟ : اإلشكاليات اليت متثل موضوعا هلا، فهي جتيب عن أسئلة من قبيلهل ميكن ذا الشكل وليس بذاك؟ كيف ميكنأن نقول شيئا مغايرا ملا كنا نقصده؟ و وملاذا يتكلم

إىل غري ذلك من ..... االطمئنان للمعىن احلريف لكالم ما؟ وماهي االستعماالت املمكنة للغة؟ .األسئلة اليت تتم اإلجابة عنها يف جمال التداولية

اللغوية يف جماالت اإلستعمال، ويتعرف على إا علم جديد للتواصل اإلنساين يدرس الظواهر وهو " علم اإلستعمال اللغوي"للغوي، ومن هنا فهي جديرة بأن تسمى القدرات اإلنسانية للتواصل ا

:يعين بعالقات العالمة اللغوية مبستخدميها فهي تويل أمهية لعالقة ثالثية هي .عالقة العالمات بغريها من العالمات -1 . وعالقة العالمات متثل -2 .وعالقتها مبستخدميها -3

مدخل

6

:في مفهوم التداولية -1 :التداولية في التعريفين اللغوي واالصطالحي 1 -1

:التداولية لغة

التحول : على معاين " دول " المالحظ على معاجم العربية أنـها تكاد خترج يف داللتها للجذر نتقال سواء من مكان إىل آخر ومن حال إىل آخر مما يـقتضي وجود أكثر من طرف والتبدل واال

من حال الناس واحد يشرتط يف فعل التحول والتـغيري والتبدل والتـناقل ، وتلك حالة اللغة المتحولةنـهم ، ولذلك كان مصط ه الداللة من المصطلحات ذأكثـر ثـبوتا " تداولية " لح يـتداولونـها بـيـ

.األخرى الذرائعية ، النـفعية والسياقيةذكر تداولنا األمر أخذناه بالدول، وقالوا دواليك أي مداولة فهي لسان العرب البن منظور

رـــــــــــــــــــــــــاألمودالت األيام أي دارت، واهللا يداوهلا . إن شئت محلته على أنه وقع يف هذه احلالة: "سبويهقال

يدول أي يبلي وقد جعل وده : أخذته هذه مرة وهذه مرة ودال الثوب: بني الناس وتداولته األيد 1.وتداولنا العمل واألمر بيننا مبعىن تعاوزناه فعمل هذا مرة وهذا مرة" يدول أي يبلي

وأداء اهللا بين ، دالت له الدولة ودالت األيام، )دول(وورد يف معجم أساس البالغة للزخمشري وأديل املؤمنون على املشركون يوم بدر، وأديل املشركون ..... فالن من عدوهم جعل الكثرة هلم عليهم

داولوا الشيء واهللا يداول األيام بني الناس مرة هلم ومرة عليهم وت...... على املسلمني يوم أحد 2.يراوح بينهما: بينهمواملاشي يداول بني قدميه

� � � � � �� ﴿ :وردت التداولية مبعناها اللغوي يف بعض اآليات الكرمية من ذلك قوله تعاىلو � � � � � ��� � � �� � � � � � �� � � �� � � � � � � �� � � � !� " �� � # � $ % � # � �� � � � & & ' * + , & * & & -� . � / � # �0 � # 1 2� � 3� $�� 4� , & & البقرة اآلية ﴾ 5

_188_ أي ال تلقوا بأموالكم إىل احلكام لتأكلوها، فتدلوا من اإلدالء واإلدالء اإللقاء، أي إلقام

ااز دلوت حاجيت البئر أرسلتها ودلوا نزعتها مناألموال إىل احلكام، ويف األساس أدليت دلوي يف

254-253ص ،1993، 3، طبريوت ،دار صادر :ابن منظور لسان العرب1 .326 /1الكتب العلمية، بريوت، لبنان، طباسل عيون السود، منشورات دار :تح: معجم أساس البالغة: الزخمشري2

مدخل

7

أي 1دلوت به إىل فالن تشفعت به إليه وأدىل حبجته أظهرها وأدىل مبال فالن إىل احلكام رفعهطلبتها .أرسله إىل احلكام

�*��4�,65 ﴿: ويقول سبحانه وتعاىل يف موضع آخر *9 ��*�+7 ���� &:� &�*� *7*��,6 ; �� < ,7+��� =��� �5� &#�$*� *=� %*$>��� �&% � ?�,@ -�� � �� &A� %"5B�� �&�� *C*�� B .�� � ��� %�� ى��&���� E*F*� � ,GFH� 4�,65��� ,#���I � �

�0 � � ��,��0�� ,7&$ < &#��� J��*/�� ,��*� K 7+��� 5-� 7+��� ���+�� _07_الحشر اآلية ﴾ويقول أبوعمرو بن العالء يف معىن اآلية أن الدولة بالفتح الظفر يف احلرب وغريه وهي املصدر

كي ال يقسمه فيء الفعلنا ذلك يف هذا: وبالضم اسم الشيء الذي يتداول والدولة الفعل ومعىن اآلية

LM&�N &#�&B ���& ﴿: وقال أيضا عزوجل،2الرؤساء واألغنياء واألقوياء بينهم دون الفقراء والضعفاءB&. � -� ,7�O'� LM&�N �&���� 5P � ◌ F*H+� � ��,$ �I ��*F+�� ,7+��� #�&/ %*� 3�5$�� �&% � � ��� �0 ,��5���� Q�*� RS*�,� �� ,7+��� =� � �,K &#�$*�

C*.*��+T��﴾104_آل عمران_ نقل الشيء من واحد إىل آخر، يقال تداولته األيدي إدا : يقول القفال أن األصل يف املداولة

� % � �� � < $ % �= � $ � #﴿تناقلته ومنه قوله تعاىل ? � @ -� � � � � A � & * * * & , _ 7اآلية _سورة الحشر ﴾ & أي تنتقل من قوم إىل آخرين : أي تتداولوا وال جتعلون للفقراء منها نصيبا، ويقال الدنيا دول

دال له الدهر بكذا إذا انتقل إليه، واملعىن أن أيام الدنيا هي دول بني : ويقال. مث عنهم إىل غريهمآخر بالعكس من الناس ال يدوم مسارها وال مضارها، فيوم حيثل فيه السرور له والغم لعدوه ويوم

" التداولية"واملالحظ يف هذا اال أن لفظ 3وال يبقى من أحواهلا وال يستقر أثر من آثارها... ذلكاستعمل يف هذه اآليات مبعىن تغري حال القوم من حال إىل حال، أو انتقال امللك من قوم ومشتقاته

إىل قوم أوالتعاقب والتناوب على أمر ما، وكل هذه املعاين نلمس من خالهلا عدم الثبوت واإلستقرار أن يفهم والتحول كما هو األمر بالنسبة للغة حيث تنتقل من املتكلم إىل السامع يف سياق ما، ميكن

.ومتلقيه بأنهأويؤول إىل عدة معاين وبذلك يكون املعىن غري ثابت ومتحول وغري مستقر بني

، 1997، 1ت، لبنان، طبد الرزاق املهدي، منشورات بيضون، بريو ع :تحعناية القاضي واية الراضي، :الدين اخلفاجيشهاب 1 .476، ص 2ج 19 /18، 1963،ط.دن حتقيق عبد العليم الربدوين،اجلامع ألحكام القرآ): القرطيب(أبو عبد اهللا حممد األنصاري 2 14 / 9 ،ط.س.ط، د.د،)لبنان ،بريوت( ،الكبري ومفاتيح الغيب، دار الفكرالتفسري :)الرازي(حممد فخر الدين 3

مدخل

8

:التداولية إصطالحاسيما يف دت انتباه الدارسني والباحثني المن أهم املفاهيم احلديثة اليت شيعد مفهوم التداولية

املصطلح بسبب اختالف املذاهب ووجهات العقود الثالثة األخرية، فتضاربت اآلراء حول حتديد هذا النظر فيه إذ ليس من اليسري أن نضع إطارا نظريا مقنعا للتداولية فقد حاول العديد من الدارسني والباحثني أن يؤسسوا هلا أطرا معرفية غري أن تشعب منطلقاا الفكرية جعل وجهات النظر فيها

فلسفي واللساين حيث تلتقي اللسانيات ختتلف وتتضارب، فهي تقع يف مفرتق طرق البحث ال 1.واملنطق والسيميائيات وعلم االجتماع

ليست : "ويف قوهلا" FrancoiseArmingoud فرانسوازأرمينكو" وتشري إىل ذلك بل تتدخل يف .... درسا منكفئا على نفسه، فهمي تصدر مفاهيمها يف اجتاهات متعددةالتداولية

للفلسفة، فهي تلهم الفالسفة ونكاد نرى جيدا على العكس من ذلك، إىل قضايا كالسيكية داخلية أي حد تكون التداولية مفرتق طرق غنية لتداخل إختصاصاتاللسانيني،املناطقة، السيميائيينالفالسفة

2."السيكولوجيني والسوسيولوجيني فنظام هو نظام لاللتقاءاتولإلفرتاقاتألحباث العلمية للمصطلح وضرورة حتديده ملاله من دور ونظرا لإلهتمام الكبري الذي توليه ا

فعال يف بناء النظريات واملناهج، إرتأينا أن جنمع بعض املفاهيم لضبط مصطلح التداولية من الناحية التحكم يف املصطلح هو حتكمفي املعرفة املراد إبالغها، والقدرة "اللغوية واإلصطالحية أيضا، ألن

3".على ضبط أنساقها : داولية إصطالحا عند الغربيينالت

ود أصل إشتقاق هذا ععديدة منذ ظهوره ألول مرة، حيث يعرف مصطلح التداولية مدلوالت الفعل، التنفيذ، اإلنتهاء أو إمتام الفعل، طريقة التصرف " :اليت تعيناملصطلح إىل الكلمة اإلغريقية

4."والتأثري يف اآلخرين، نتيجة الفعل

.57-56ص ،2000، 1، املغرب، طلدار البيضاءاراءة، ص الشعري من البنية إىل الق السياق والن : علي آيتأوشان1 11-10ص ،1986 ط،.د،الرباط ،سعيد علوش، مركز اإلمناء القومي: ترمجة: املقاربة التداولية): أرميكو(فرانسوا 2 11ص ،النص الشعري من البنية إىل القراءة: علي آيتأوشان3

4Martine Bracops: introduction a la pragmatique, Bruxelles: de beck. 2006. P1

مدخل

9

تشارلز موريس "مبعناه احلديث إىل الفيلسوف والسيميائي األمريكي " التداولية"ويعود مصطلح Charles Moriss " احيث عرفها ب) 1938(سنةتم بدراسة : "أ جزء من السيميائية

."العالقة بني العالمات ومستعمليهاسواء أكانت : خالهلا ومتثل التداولية حسب رأيه إحدى أنواع ثالث ميكن معاجلة اللغة من

.لغات طبيعية(langue naturelles) أم لغات ضرورية

(Formelles langues)وهي: وهو دراسة العالقة الشكلية بني لعالمات بعضها البعض: (Syntaxe)الرتكيب ) أ

اء اليت تؤول إليها وهي دراسة عالقة العالمات باألشي: (Sémantique)الداللة ) ب .هذه العالمات

.وهي دراسة عالقة العالمات مبستعمليها و مسؤوليها: (Pragmatique)التداولية ) جهي اموع املتداخل بني شخصني للعالمات "ومن هنا تكون اللغة باملعىن السيميائي التام -

"السيارة واليت يتحدد إستعماهلا من خالل قواعد حنوية وداللية وتداوليةيرى أن الرتكيب يهتم بدراسة اخلصائص S.C Leuvinsonليفنسونأما الباحثاللساين

التأليفية بني الكلمات والداللة تم بالبحث يف املعىن، أما التداولية فتعتين بدراسة اللغة يف اإلستعمال ويأيت هذا التعريف متيزا هلا عن الدراسات البنيوية اليت اهتمت بدراسة اللغة باعتبارها نظاما مغلقا

جمموعة من التعاريف " Pragmitics"جية، وقد اقرتح ليفنسون يف كتابه معزوال عن املؤثرات اخلار :حاول أن حيدد من خالهلا مفهوم التداولية منها

.التداولية هي دراسة العالقات بني اللغة و السياق -التداولية هي دراسة لظواهر بنية اخلطاب اللغوي من تضميناتواقتضاءات أو ما يسمى بأفعال - .(Les actesde paroles)الكالم التداولية هي دراسة كل مظاهر املعىن من غري فصلها عن نظرية الداللة فالتداولية ذا املعىن -

تدرس الغة من خالل إستعماهلا ضمن سياق معني دون إمهاهلا للمعىن وعالقته بظروف الكالم، فهي وكل هذه العناصر مرتابطة تم باملتخاطبني ومقاصدهم والسياق الذي ترد فيه مع مراعاة املقام،

.ومتداخلة فيما بينها

مدخل

10

بتحليل األفعال الكالمية ووظائف "فيعرفها بأا علم خيتص " Van Dikفان دايك"أما حيث يرى هذا األخري أن التداولية تم " منطوقات لغوية ومساا يف عمليات اإلتصال بوجه عامترتكه يف مستعمليها لية التواصل واألثر الذي بدراسة األفعال الكالمية والكشف عن أمهيتها يف عم

.وتعترب نظرية أفعال الكالم من أهم األسس اليت قامت عليها التداوليةبأا إطار معريف جيمع جمموعة من املقاربات تشرتك عند معاجلتها للقضايا " إيليوار"وعرفها

:التبادل الكالمي وهي اللغوية يف اإلهتمام بثالث معطيات ملا هلا من دور فعال يف توجيه )املخاطب واملخاطب(املتكلمني - )املقام/ احلال(السياق - 1.أي اإلستعمال اليومي للغة يف الواقع: اإلستعماالت العادية للكالم -ركز يف تعريفه للتداولية على عناصر التبادل الكالمي املتمثلة يف " إيليوار"واملالحظ هنا أن -

وذلك ملا هلا من أمهية يف حتقيق التواصل وجتدر ) ه يف حتديد املعىناملتكلم والسامع والسياق ودور (يعد من أهم العناصر التداولية اليت جيب أخذها بعني " contexte"اإلشارة هنا إىل عنصر السياق

اإلعتبار يف عملية اإلنتاج اللغوي، ألن املعاين احلقيقية للملفوظات ال ميكن حتديدها إال إذا كانت ني، أذ إن عملية الفهم واإلفهام الميكن أن تتم مبنأى عن السياق اللغوي الذي يتيح سياق معضمن

للمرساللتلفظ خبطابه ضمن مقام معني يتجه به حنو املرسل إليه، فيصبح معىن امللفوظ هو القيمة بقدر لغة احلقيقية اليت يكتسبها اخلطاب يف سياق التلفظ أي إن املعىن كقيمة امللفوظ ال تتحكم فيه ال

سياق / املرسل إليه/ املرسل(وعليه فإن كال من هذه العناصر الثالثة 2،ما يتحكم فيه مستعملوها .هي عناصر متكاملة ال ميكن اإلستغناء عن أي عنصر منها أثناء عملية التواصل) التلفظ

من حيث تعريفه للتداولية حيث " إيليوار"فهو يتفق مع (J.Paul)أما الباحث جورج بول ألنه يشري إىل " in interaction"أو يف التواصل " in use"دراسة اللغة يف اإلستعمال : "يعتربها

أن املعىن ليس شيئا متأصال يف الكلمات وحدها، وال يرتبط باملتكلم وحده وال السامع وحده فصناعة وصوال إىل ) مادي إجتماعي أو لغوي(ة بني املتكلم والسامع يف سياق حمدد املعىن تتمثل يف تداوالللغ

فإذا طانت التداولية تم بدراسة اللغة أثناء اإلستعمال مركزة على عملية . النعىن الكامن يف كالم ما

177-176ص ،2000 ،ط.د،اجلزائر،دار القصبة للنشر ،مبادئ يف اللسانيات: اإلبراهيمي خولة طالب1 1ط ،لبنان، بريوت ،مقاربة لغوية تداولية، دار الكتب اجلديد املتحدة: اسرتاتيجيات اخلطاب): ابن ظافر(الشهري عبد اهلادي 2

23- 22ص ،2004

مدخل

11

التواصل، فالبد أن تتوفر مجيع عناصر التواصل اللغوي من مرسل ومتلق ورسالة جيب ردها إىل سياقها حلقيقي حىت يتحقق الغرض التواصلي منها، وعلى الرغم من هذا اإلختالف والتضارب يف حتديد ا

اهات الثقافية والفكرية لواضعيها إال أننا جند أن مفهوم هذا املصطلح وتنوع التعريفات بتنوع اإلجتوكافيا أغلب املفاهيم تتفق يف بعض النقاط اليت تسمح لنا باستخالص مفهوم نأمل أن يكون شامال

دراسة اللغة أثناء اإلستعمال دون : لتحديدوضبط مصطلح التداولية، حيث ميكن أن نعرف بأا) املرسل واملرسل إليه(إمهال املعىن الذي حيدده السياق مركزة يف ذلك على عناصر العملية التبليغية

املخاطب مراعيا يف الذين يعتربان طرفا اخلطاب، أما الرسالة فهي اخلطاب الذي يرسله املخاطب إىلذلك املقام ومقتضى احلال لتحقيق التواصل دف التأثري يف املشاركني يف العملية التواصلية ككل

لذلك وجد "حتديدها ضمن سياق حمدد ومناسب هلا فالتداولية إذن تساعدنا على توضيح مقاصدنا و "مفهوم الفعل ومفهوم السياق ومفهوم اإلجناز يف التداولية

:لية إصطالحا عند العربالتداو

طه عبد "من أمهها جهود الباحث يف هذا اال على الرغم من قلتها دةبرزت جهود جاحث ابالتداوليات إىل الب" Pragmatique"حيث ترجع ترمجة املصطلح " أمحد املتوكل"و" الرمحانعلى ) 1970(ويقول يف هذا الصدد وقع إختياري منذ 1970طه عبد الرمحان سنة املغريب

ألنه يويف املطلوب حقه باعتبار دالالته " براغماتيقا"مقابال للمصطلح الغريب " التداوليات"مصطلح معا ولقي منذ ذلك احلني قبوال من لدن الدارسني الذين أخذوا " التفاعل"و " اإلستعمال"على معنيي

.رجون يف أحباثهميدالتداول عندنا مىت تعلق باملمارسة "التداولية يف قوله "طه عبد الرمحان"ومن هذا املنطلق يعرف

الرتاثيةهو وصف لكل ما كان مظهرا من مظاهر التواصل والتفاعل بني صانعي الرتاث منعامة الناس اقا مكانيا وزمانيا حلصول وخاصتهم كما أ، اال يف سياق هذه املمارسة هو وصف لكل ماكان نط

يف التجربة الرتاثية هو إذن حمل التواصل والتفاعل بني " مبجال التداول"التواصل والتفاعل، فاملقصود ".صانعي الرتاث

" طه عبد الرمحان"فالتداول من خالل هذا املعىن جاء مبعىن التواصل والتفاعل، وقد قسم .أسباب لغوية وأسباب عقدية وأسباب معرفية: هيأسباب التواصل والتفاعل إىل ثالثة أسباب و

حول الوظائف التداولية بعنوان " أمحد املتوكل"ظاهر مؤلف الباحث املغريب ) 1985(ويف سنة حيث عد مؤلفه إجنازا تداوليا حنويا هاما، أسهم يف إثراء هذا " الوظائف التداولية يف اللغة العربية"

مدخل

12

تفكري التداويل اللغوي العريب عند العرب يف علم التصور اإلجتاه الدراسي الذي حصر مصادر الإنتاج اللغويني العرب "الوظيفية إذ يرى أن البالغة وأصوله وتفسريه وكل هذه العلوم تؤول إىل املبادئ

يشكل مرحلة من أهم مراحل تطور املقاربات " وظيفي"القدماء إذ اعترب يف جمموعه درس لغوي ".الوظيفية يف الفكر اللساين

وأولت هذه العلوم إهتماما كبريا بدراسة القرآن الكرمي باعتبار نصا خطابيا متكامال داخل .مقامات إجنازه

:نشأة التداولية وتطورها) 2 :التداولية في الفكر الغربي، جذورها الفلسفية ومرجعيتها الفكرية) أ

منها، حيث تعد الفسفة من املتفق عليه أن اللسانيات التداولية هلا أصول فلسفية إنبثقت 1.التحليلية املصدر األول لظهور أحد أبرز املفاهيم التداولية واألفعال الكالمية لكن كيف انبثق تيار اللسانيات التداولية من رحم التحليل الفلسفي؟

لإلجابة عن هذا السؤال البد من تتبع واستقصاء أهم املبادئ اليت اعتمدت عليها الفلسفة يف يف Philosophie Analytiqueحتليالا للظواهر اللغوية ظهور تيار الفلسفة التحليلية

:النصف الثاين من القرن العشرين يف فيينا بالنمسا يف مؤلفات جمموعة من الفالسفة أمثال " Lwittggonsten 1888_19511" "فينغ فيتجيشتنيلود " "B. Russel 1970_1872" "برتراند رسل" )G. Ryle) "1800_1976جلربت رايل"و " P. Carnapرودلف كارناب"

أسس علم "وتتضح مبادئ هذا اإلجتاه الفلسفي يف حتليل اللغة بصفة خاصة يف كتاب بعنوان والذي عرب يف مؤلفاته بني املعىن Gottlop Fregeللفيلسوف األملاين غوتلوبفرجية" احلساب

كما ميز بني ما يسمى " اإلقتضاء"و " اإلحالة: "واملرجع، وربط بني مفهومني تداوليني هامني مهااللذين يعتربان عماد القضية احلمليةأوكما تسمى أيضا القضية الشخصية " احملمول"و " باسم العلم"

(Proposition singuliere).

دار الطليعة ،التداولية عند علماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية يف الرتاث اللساين العريب: مسعود صحرواي1

17ص ،2005 ،1ط ،لبنان ،بريوت ،للطباعة والنشر

مدخل

13

يشري إىل شيء فردي معني فهو بذلك يؤدي معىن تاما وال حيتاج " اسم العلم"ى أن حيث ير يقوم بإسناد جمموعة من (concept) 1إىل لفظ آخر ليتم معناه أما احملمول فيدل على تصور

" احلمل"ولذلك يقوم اإلسم بوظيفة الداللة على معىن عام " الفاعل"اخلصائص الوظيفية إىل اسم الذي يرى " فيتجيشتني"وسار الفيلسوف النمساوي ، بينما احملمول حيتاج إىل اسم علم ليعطيه معىن

يف غرينا باإلضافة إىل الفهم والتمثيل، أن اللغة وما حتمله من معىن دف إىل ممارسة التأثري الفعليفبدون لغة لن نستطيع التأثري يف اآلخرين فهي إذن جزء من نشاط وطريقة حياة، حيث يفسر هذا

على كلمة لعبة اللغة أن يستخلص منها : "بقوله" األحباث الفلسفية"الفيلسوف هذه النقطة يف كتابه إذ تقدم بنفسك خمتلف ألعاب اللغة مبساعدة . بأن تكلم اللغة هو جزء من نشاط وطريقة حياة

أأمر أو عمل حبسب األوامر وصف موضوع حبسب ظهوره أو : هذهاألمثلة التالية وأخرى غريهاالقيام بافرتاض واختبار بتقدمي نتائج جتربة بواسطة ... أضع شيئا من خالل وصف ما : مقاييسه

احلدس باأللغاز _ ء الدوائرغنا_جداول أو رسم بياين إبتداع قصة تعاطي املسرح 2"تلفظ بدعاء_سلم_شحد_شكر_طلب_

إىل أن قائمة ألغاب اللغة مفتوحة ومتنوعة ومتطورة حسب تنوع وتطور " فيتجيشتني"ويشري .النشاط اإلنساين وقدرته على اإلبداع وهذا ما فتح اال لظهور اال التداويل

:التداولية في الفكر العربي

اللغوية يف الرتاث العريب يف اإلهتمام ببعض اجلوانب اليت تعد اليوم من أهم متيزت الدراسات املبادئ اليت تأسست عليها اللسانيات التداولية، حيث اهتم الدارسون القدامى بدراسة النص باعتباره خطابا متكامال، متجاوزة بذلك جمرد وصف البنية والشكل النحوي وكل ما له عالقة بعملية التواصل

كما اهتموا مبعيار الصدق والكذب ومطابقة اخلطاب للواقع وعدمه ومراعاة املقام ومطابقته لغويال .ملقتضى احلال

وتبدو هذه املبادئ والسمات التداولية واضحة للمعامل يف أعمال بعض الباحثني القدامى حنو فقه اللغة ، الصاحيب يف" )°255ت(للجاحظ "البيان والتبني )" °204ت (للشافعي "الرسالة عبد القاهر اجلرجاين "والئل اإلعصار ل )" °395ت(أمحد بن فارس "العرب يف كالمها لوسنن

13، ص 1984 ،ط.د،لبنان ،بريوت،يف فلسفة اللغة، دار النهضة العربية: حممود فهمي زيدان1 23ص سابق،، مرجع املقاربة التداولية: فرانسوازآرمينكو2

مدخل

14

التفسري الكبري ل ) °538ت(الزخمشري "الكشاف لــــ ) °483(السرخسي "أصول ل )"471°(إىل جانب بعض ) °625ت(السكاكي "ومفتاح العلوم ل )" °606ت(فخر الدين الرازي "

طه " ــل" أصول احلوار وجتديد علم الكالم"و " جتديد املنهج يف تقومي الرتاث"يثة من مثل األعمال احلد" الوظائف التداولية يف اللغة العربية"باإلضافة إىل أعمال أمحد املتوكل من مثل " عبد الرمحان

" .الدراسات يف حنو اللغة العربية الوظيفي"و " مدخل نظري" "اللسانيات الوظيفية"وذه األعمال عاجلت بعض املسائل التداولية حنو قضية املقام والتأويل ومقتضى احلال وكل ه

وقواعد استعمال اللغة لدى املتكلمني ودورهم يف عملية التبليغ واإلفهام، وهذا ما أدى ببعض .الباحثني إىل القول بأن اللغويني العرب كانت هلم أسبقية اخلوض يف جمال الدرس اللساين التداويل

الدراسات اللغوية العربية كانت تقوم يف األصل على النظر يف اخلطاب مهتمة يف الوقت نفسه فودورهم يف عملية الفهم واإلفهام وهذا ما يقابل البيان ) املتكلم والسامع(بدور املشاركني يف احلديث

حىت اسم جامع لكل شيء كشف قناع املعىن، وهناك احلجاب دون الضمري، " فهو" اجلاحظ"عند يقضي السامع إىل حقيقته، ويهجم على حمصوله كأننا ماكان ذلك البيان ومن أي جنس كان الدليل ألن مدار األمر والغاية اليت جيري القائل والسامع إمنا هو الفهم واإلفهام، فبأي شيء بلغت اإلفهام

1".وأوضحت عن املعىن، فذلك هو البيان يف ذلك املوضعواأللفاظ ومن هنا يتحقق غرض الفهم واإلفهام الذي يرتبط يف األصل الضمري بطريق اللسان

.باملتكلم ودوره يف توضيح ما خفي من معاين للسامعإىل عملية اإلفهام يف عملية اإلقناع والتأثري حيث ميز بني أصناف مخس " اجلاحظ"مث يشري

أمهية كل صنف ودوره يف احلياة حبسب ) احلال(للداللة وهي اللفظ، اإلشارة، العقد مث اخلط والنصبة التواصلية اإلنسانية، وهو إذ يعدد أصناف الداللة فإمنا يعددها يف معرض إحصاء وسائل الفهم

.واإلبانة عما يف النفس أيا كانت هذه الوسيلة" اجلاحظ"وإىل جانب اجلاحظ جند أبو يعقوب السكاكي الذي ال ختتلف آراءه عن آراء

التداولية يف أعماله، ويظهر ذلك من خالل اهتمامه بعناصر العملية السابقة فقد بدت مالمحالتواصلية وربطها مبقتضى احلال وباملتكلم ودوره يف عملية التبليغ وبوضعية السامع وطريقة تلقيه

.اخلطاب

.76ص ،1ج ،1975 ط،.د،مصر ،عبد السالم هارون، مطبعة اخلاجني :البيان والتبيني، تح): اجلاحظ(أبو عثمان عمر حبر 1

مدخل

15

أما يف العصر احلديث فنجد بعض األعمال اليت نظرت إىل اللغة نظرة تداولية من مثل بعض هذا األخري الذي قام بوضع " طه عبد الرمحان"و " أمحد املتوكل"دمها كل من البحوث الذي ق

وتتجلى مالمح البحث ) 1970(سنة Pragmatiqueمصطلح التداولية مقابال للمصطلح إذ يرى أن التخاطب يتم بني . التداويل عنده من خالل اهتمامه بالكالم والعملية التخاطبية ككل

طه "ومن هذا املنطلق يرى . نة بغية وصول كل منهما إىل هدفه وهو التبليغطرفني يتبادالن أقواال معيأن اال التداويل هو نوع من التواصل والتفاعل بني صانعي الرتاث من عامة الناس " عبد الرمحان

1.وخاصتهمويقصد بالتواصل ذلك التأثري املتبادل بني املشاركني يف احلديث يف عالقة سببية دائرية تنفي

.ملرجعية املعتمدة يف الطرق التقليدية القائمة على مبدأ السببية اخلطيةااألسباب اللغوية، األسباب : ويرى أن أسباب التواصل والتفاعل تنقسم إىل ثالثة أقسام

جتاه التداويل يف الكتابات العربية د املتوكل فيعد من أبرز ممثلي االأما أمح. العقديةاألسباب املعرفيةالوظيفية والتداولية احلديثية، ويظهر ذلك من خالل أعماله املتنوعة يف هذا اال، حيث يرى أن

هتمام بتحديد طبيعة الوظائف التداولية يف اللغة العربية، وتتميز االالتحليل التداويل للغة يقضي الرتكيب والداللة والتداولية ويذهب إىل أن : ة عناصر وهيدراساته الوظيفية للغة باستنادها إىل ثالث

.الوظيفة األساسية للغات الطبيعية هي التواصلويف األخري ميكن حتديد بعض النقاط اليت تلتقي فيها أحباث العرب القدامى مع ما قدمه

الدارسون احملدثون حتليل الظواهر اللغوية حبسب نوع إحالتها - ملناسب له مع مراعاة مقتضى احلالربط املقال باملقام ا - اإلهتمام بدراسة الرتابط القائم بني البنية و الوظيفية -

:التداولية وعالقتها بالعلوم األخرىإن اهتمام التداولية بدراسة اللغة جعلها تلتقي مع جمموعة من العلوم والتخصصات األخرى

....اإلجتماع، السيميائية، الفلسفةذات الصلة املباشرة باللغة من بينها علم النفس، علم :Structuralismeالتداولية وعالقتها بالبنيوية ) أ

244ص ، مرجع سابق،جتديد املنهج يف تقومي الرتاث: عبد الرمحانطه 1

مدخل

16

تم التداولية بدراسة الكالم وهو اجلانب الذي أبعد اللساين الشهري فردينا لدي سوسري من حيث اعترب اللغة نظاما مغلقا تتم دراسته بعيدا عن كل ) كالم/لغة(جمال دراسة حني وضع كنايته

.رات اخلارجية، وهو بذلك يلغي كل اخلصائص الفردية اليت تطبع ذلك النظام أثناء األداءاملؤثوما ميكن قوله يف هذا اال إن الكالم ليس معزوال عن اللغة إال افرتاضا ألنه ال ميكن للغة أن تتحقق إال مستوى الكالم، حيث تطبع خبصائص من يؤديها مهما حاول جتنب ذلك فالكالم

فكل 1.مظهر من مظاهر حتقق اللغة واقعا ودراسة الواقع الفعلي للغة والتداخل واضح بينها_ إذا_ .منها حباجة لآلخر وما جيعلهما خمتلفني إمنا هو منهج الدراسة

Sémantiqueالتداولية وعالقتها بعلم الداللة ) ب

تعد كل من التداولية والداللة علمني مرتابطني ألما يشرتكان يف اهتمامهما بدراسة املعىن يف اللغةإال أما خيتلفان يف العناية جبوانبه، فالداللة تدرس املعىن وفقا للوضع مبعزل عن السياق وبعيدا

ه مراعية يف ذلك ظروف أما التداولية فتهتم بدراسة املعىن وفقا الستعمال بة،املخاطعن املقامات .املتكلمني ومقاصدهم والسياق املناسب هلا

Stylistiqueالتداولية وعالقتها باألسلوبية ) ج

تتقاطع كل من التداولية واألسلوبية يف بعض اجلوانب حنو اهتمامها باللغة إال أن كل منهما اليت خترج عن نطاق البعد ختتلف عن األخرى من حيث منهج الدراسة، فاألسلوبية تلغي كل األبعاد

اللساين للنص األديب، فهي تقف عند حدود مجالية العبارة ومن هنا نلخص أن التداولية تدرس اللغة .أثناء إستعماهلا، أما األسلوبية تم بدراسة اجلوانب اجلمالية للغة كاإلنزياح مثال

Rhétoriqueالتداولية وعالقتها بالبالغة) د

رتبط باستعمال اللغة وممارستها أثناء عملية التواصل بقصد تبليغ رسالة تدرس البالغة كل ما يالبالغة كل ما تبلغ به املعىن "ما، وال خيرج معناها اإلصطالحي عن التبليغ واإلنتهاء إىل قلب السامع

2"قلب السامع فتمكنه يف نفسه كتمكنه يف نفسك مع صورة مقبولة و معرض حسن

133، صمرجع سابقيف اللسانيات التداولية، : خليفة بوجادي1 منشورات ،وحممد أيب الفضل إبراهيم ،علي حممد البجاوي :تح، "الكتابة والنشر"كتاب الصناعتني :)العسكري(أبو هالل 2 .10ص ،بريوت ،صيدا،كتبة العصريةامل

مدخل

17

فالبالغة إذن تقوم على مبدأ التبليغ والتأثري يف السامع أثناء عملية التواصل، ومن هنا يصبح التداخل واضحا بني العلمني إذ أما يشرتكان يف اهتمامهما بدراسة اللغة بوصفها أداة تبليغ و تأثري

. و تواصل بني املتكلمني L’analyse du discoursالتداولية وعالقتها بتحليل الخطاب ) ه

يعد حتليل اخلطاب أحد مستويات الدرس اللغوي احلديث الذي يهتم بدراسة النصوص التحليل اللغوي للخطاب سواء أكان "متجاوزا بذلك اجلملة ليشمل النص مبختلف أنواعه فعرف بأنه

.حمكيا أو مكتوبا ويهدف إىل دراسة البنية اللغوية على مستوى يتعدىمستويات اكرب مثل احلوار او النص مهما كان حجمه و يهتم هذا امليدان مستوى احلملة اىل

من هنا يتضح التداخل بني حتليل اخلطاب و التداولية و تبدوا العالقة 1ايضا بدراسة اللغة يف سياقهاوثيقة بينهما فكل مهنهما يهتم بدراسة النصوص و حتليلها من خالل االهتمام باملتكلمني

اخلطاب و العناصر ) احلوار(و مقاصدهم و السياق الذي يرد فيه احلوار = اطباملخ) (املخاطب( .املبادئ احلواريةو شارية اإل

SOCIOLINGUISTIQUESالتداولية و عالقتها بعلم اللغة االجتماعي

يتداخل علم اللغة االجتماعي مع التداولية يف كونه يهتم بالعالقات االجتماعية و اثرها على مقاصدهم و موضوع احلديث و على اختيار السمات اللغوية و تبيان املشاركني يف و املتكلمني

.غريهاو احلديث و اجناسهم PSYCHOLINGUISYIQUESالتداولية و عالقتها بعلم اللغة النفسي

تعتمد اللسانيات التداولية يف دراستها على بعض املقوالت النفسية حنو االهتمام بقدرات من خالل النظر يف شخصيام و درجة ذكائهم و قدرام على االنتباه ) السامعو املتكلم (املشاركني

و التذكر و الرتكيز و كل هذه العناصر هلا تأثري على أداء االفراد و قدرام التبليغية يف املوقف .الكالمي

LA DIDACTIQUEالتداولية و عالقتها بتعليمية اللغة

التداويل يف عملية التعليم من حيث مناهجه و مناذج التمارين مية كثريا من الدرسيعلادة التفاستالتطبيقات حيث انتقل التعليم من جمرد االهتمام بتلقني الكفاءات اىل الرتكيز على اداء و

.200ص ،2006 ،3ط ،األردن ،عمان،مقدمة يف اللغويات املعاصرة، دار وائل للنشر والتوزيع: مجاعة من املؤلفني1

مدخل

18

تلقينه كل ما حيتاج اليه فاالمر مل يعد منحصرا بتدريس قاعدة لغوية معينة بل تدريس اللغة و 1املتعلماالجتماعية اليت تسمح للمتعلم باستعمال الكالم استعماال يالئم املقام و ضمن سياقاا و اطرها

.املقاصد املراد حتقيقها فالتعليمية شأا شأن التداولية تعىن بالنظر اىل امللكة و التبايغ و املقام GRAMMAIRE FONCTIONNELLEالتداولية و عالقتها بالنحو الوظيفي

مثرات الدراسات الوظيفية و تقوم هذه النظرية على النظر إىل تعد نظرية النحو الوظيفي مثرة من الوظيفة األساسية للغة الطبيعة و هي التبليغ و التواصل فالنحو الوظيفي يعد أهم رافد للدرس التداويل

COMPETENCEإىل جانب الفلسفة يشرتك مع التداولية يف اهتمامه بوصف الكفاءة التبليغيةCOMMUNICATIVE

السامع و تفسريها باإلضافة اىل وصف و تفسري اجلوانب التداولية املرتبطة بوظيفة للمتكلم وومن هنا يتضح التداخل بني العلمني فالوظيفة 2التبليغ اليت تؤديها اللغة يف تفاعالا مع املتخاطبني

3.مبعناها العام تقابل مفهوم التداولية :بقو يف االخري نقدم هذا املخطط الذي يلخص كل ما س

133، صرجع سابقيف اللسانيات التداولية، م: خليفة بوجادي1، 1اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة والنشر، الدار البيضاء، املغرب، طالوظائف التداولية يف اللغة العربية، منشورات : أمحد املتوكل2

.8، ص 1985 .9املرجع نفسه، ص 3

structuralismeالبنيوية

sémantiqueالداللة

Stylistiqueاألسلوبية

Rhétoriqueالبالغة

حتليل اخلطاب

Analyse de discoursحتليل اخلطاب

Sociolinguistiqueعلم االجتماع اللغوي

Psycholinguistiqueعلم النفس اللغوي

Didactiqueتعليمية اللغة

Grammaire fonctionnelleالوظيفيالنحو

التداولية(Pragmatique)

اللغة(La langue)

مدخل

19

:أهم مفاهيم التداولية/ 3تقوم اللسانيات التداولية على جمموعة من املفاهيم من أبرزها نظرية املالئمة مبدأ القصدية

الكالم و احلجاج و فيما يلي سنحاول االقتصاد االستلزام احلواري االحالة متضمنات القول أفعالحتديد مداوالت هذه املفاهيم على ان نتناول نظرية احلجاج بالدراسة و التحليل بشكل مفصل يف

:الفصل األول THEORIE DE LA PARTINENECEنظرية المالئمة / أ

و الربيطاين D.Speberهي مفهوم تداويل تاسس على يد كل من الباحث اللساين الفرنسي D.WILSON1 اتم هذ النظرية مبقولة املقام حيث تقوم بتفسري الظواهر الكالمية و مسا و

2.البنيوية يف طبقاا املقامية و تعد يف الوقت نفسه ادراكية الا تنتمي اىل العلوم املعرفية االدراكيةاملبادئ اليت اسس و قد قد اعتمد كل من ولسن و سرببر اثناء تاسيسهما هلذه النظرية على

عليها جرايس مفهوم االستلزام احلواري و القائم على مبدأ التعاون هذا األخري حمكوم بأربع مسلمات من بينها مسلمة املالئمة و اليت تدعو إىل مشاركة مناسبة ملوضوع احلديث اال ان هذه النظرية

.يا لتاسيس هذه النظريةاحتزلت تلك املسلمات يف مبدا املالئمة و اعتربته حمورا مركز INTENTIONNNALITEمبدأ القصدية / ب

ادخله يف حتليالته للظواهر اللغوية و اعترب ان كل فعل هو مفهوم اخذه اوستني عن هوسل و القصديةويهتم هذا املبدأ بـ ربط بني الرتاكيب اللغوية و مراعاة غرض مبدأكالمي يقوم على

3.التداولية للظاهرة اللغوية لألبعاداطار مفاهيمي متسوفاملقصد العام من خطاب يف و املتكلم IMPLICATION CONVERSATIONELLE: االستلزام الحواري/ ج

.36، ص مرجع سابق، التداولية عند علماء العرب: مسعود صحرواي1 .36املرجع نفسه، ص 2 10املرجع نفسه، ص 3

مدخل

20

حيث 1967تعود نشأة هذت املفهوم التداويل اىل احملاضرات اليت القاها بول جرايس سنة مباشرة و صيغة هذا الحظ هذا الفيلسوف ان اجلملة قد حتتمل يف مقاماا املختلفة معاين اخرى غري

املبدأ ليكن انتها صك للتخاطب على الوجه الذي يقتضيه الغرض منه و يقوم هذا املبدأ على اربع مسلمات اساسية تضم كل من مسلمة عدد من املبادئ الفرعية و هي مسلمة الكم

QUANTITE و مسلمة الكيفQUALITE مسلمة املالئمةPERTINENCE .MODALITEو مسلمة اجلهة

LES IMPLICITESمنتظمات القول / د

اطار السياق الذي يرد هي مفهوم مفهوم تداويل يهتم بدراسة اخلطاب يف جوانبه الغامضة و يف .وي حتت هذا املفهوم االفرتاض السابق او املسبق و االقوال املضمرةطفيه و ين

PRESUPPOSITIONاالفتراض السابق او المسبق

لقد اثار هذا املفهوم اهتمام الدراسني منذ مطلع العقد السابع من القرن العشرين حيث ظهر فرجية و هذا بوصفه بوصفه مشكلة من مشكالت األملاينمرة من طرف الفيلسوف ألولاملصطلح

هو احد ئ هذا املفهوم فيما بعد سرتاوس و علم الداللة املنطقي املؤسس على الصدق مث ارسى مبادالتبلغية حيث التواصليةالعملية إلجناح األساسيةو يشكل االفرتاض املسبق اخللفية أكسفورد فالسفة

ة لديهم ال حيرج ا افرتاضات تكون مشرتكة و معلومو ينطلق املتخاطبون اثناء حوارام من معطيات سامع مفرتضا ان جوانب يوجه املتكلم خطابا اىل ال األساسعلى هذا و 1حمتواة يف القولوإمنااملتكلمون

.هذا اخلطاب ستكون معلومة بالضرورة لديه و لتوضيح ذلك نقدم هذا املثال )بأ،(حوار بني شخصني

هل حتسنت صحتك؟/ أيعرفه و على ) أ(الشخص إنمريض و ) ب(فاالفرتاض املسبق هلذه العبارة هو ان الشخص

:على النحو االيت) ب(علم مبرضه و بالتايل جييب نعم لقد حتسنت قليال ، شكرا على اهتمامك / ب

ال يعرف ) ب(ان الشخص بني الطرفني و لكن لنفرتض ان هذه املعطيات غري مشرتكةاو انه مل يكن مريضا يف االصل و هو بصحة جيدة فسيجيب عليه باحدى العبارات ) أ(الشخص

:التالية

39، ص1926املطبوعات اجلامعيوة، بن عكنون، اجلزائر، اجلالين دالس، مدخل إىل اللسانياتن ترمجة حممد حيىي ، ديوان 1

مدخل

21

من قال اين مريض؟ مل اكن مريضاانا بصحة جيدة و

انا ال اعرفك؟ من انت 1:االقوال المضمرة

وركيوين القول أترد فيه تقول ياليت حتدد وفق السياق الذهو املعاين املتضمنة يف اخلطاب و يبقى رهن املضمر هو كتلة املعلومات اليت ميكن للخطاب ان حيتويها و لكن حتقيقها يف الواقع

شخص يف قي غرفة مع صديقه اشعر بالربد فاملتكلم : مثال ذلك قولو 2خصوصيات سياق احلديث :ن اجلو بارد بالفعل املعىن احلريف للعبارة و قد يرد من خالله عبارته انإ: قد يقصد من وراء عبارته

يثري انتباه صديقه لغلق النافذة او الباب اذا كانا مفتوحني* يلفت انتباهه اىل اشعال املدفأة*مفتوحة و خمتلفة باختالف التأويالتو ماشابه ذلك و تبقى قائمة أخر آغطاء ان يضع عليه*

.السياق الذي ترد فيه :يتو ليمكن متثيل هذا املفهوم يف املخطط اآل

REFERENCE: االحالة/ه

.32ص املرجع السابق، التداولية عند علماء العرب،: مسعود صحرواي1 .32املرجع نفسه، ص 2

Présuppositionاإلفرتاض السابق

مشرتك بني املتكلمني حمتواة يف اخلطاب ال يصرح ا

نتيجة جناح العملية التبليغية متضمنات القول

Les implicites األقوال املضمرةLes sous entendus

حتدد وفقا للسياق الذي ترد فيه

مدخل

22

قد درس هذا لشيء الذي حييل اليه يف الواقع و ات القائمة بني العبارة اللغوية و تتمثل يف العالقا 1:اليت تتكون من ثالثة عناصر و هييف ضوء تعريف العالمة اللغوية و املفهوم

SIGNIFICATIONالدال �

هو جمموعة االصوات اليت تكون الكلمة مثل مدير م د ي ر SIGNIFIEالمدلول �

هو التصور الذهين ارد ملعىن الكلمة فاملدير هو شخص يدير مكانا ما REFERENTالمرجع �

فاملدير هو الشخص الذي تنطبق ) الواقع(يه العالمة يف العامل اخلارجي هو الشيء الذي حتيل ال .عليه خاصية ادارة عمل او مكان ما

و قد قسم فالسفة اللغة العبارة اللغوية اىل اربعة اقسام حبسب ما حتيل عليه يف الواقع و هي 2.عبارات عامة، عبارات خاصة، عبارات معينة، و عبارات غري معينة

هي اليت حتيل على جمموعة من االشخاص او االشياء يف العامل اخلارجي مثل : عامةعبارات * .اساتذة انسان كتب

هي اليت حتيل على شخص واحد او شيء واحد مثل االستاذ علي الطاولة : عبارات خاصة* .البيضاءيا هي العبارات اليت حتيل اىل شخص او شيء حمدد مثل جاء ابوك: عبارات معينة او حميلة*

.علي رأيتهي العبارات اليت حتيل اىل شخص او شيء ما غري حمدد مثل : عبارات غري معينة*

.شخصا يسرق منزال PRESUPPOSE: االقتضاء/ و

ارتبط مفهوم االقتضاء مبفهوم االحالة يف فلسفة اللغة العادية و قد كان الفيلسوف فرجية اول انت العمارة اللغوية حتيل اىل شيء ما فهذا يقتضي من نيه اىل هذا الرابط بني املفهومني فاذا ك

بالضرورة وجود شخص او شيء ما

اجلزائر، القاهرة، (صالح حسني، املدخل إىل علم الداللة وعالقته بعلم االنثربولوجيا علم النفس، دار الكتاب احلديثة، 1

.192، ص 2008ط، .، د)الكويت .16ص سابق،مرجع أمحد املتوكل، اللسانيات الوظيفية،2

مدخل

23

.اجلزائر حاليا عبد العزيز بوتفليقة يرتأس: حييل اليه يف الواقع و مثال ذلكمجهورية اجلزائر كما ان هذا يرتأسشخص معني إىلفاسم العلم عبد العزيز بوتفليقة حييل .يقتضي وجود شخص يتوىل حاليا قيادة البالد

LES ACTES DES PAROLE: افعال الكالم/ز

يعد هذا املفهوم االساسي اجلوهري الذي انبىن عليه االجتاه التداويل و ضعه الفيلسوف جون .اوستني و طوره

، وهذه األساسيةتطبيقات عرب مفاهيمها و تكمن امهية هذه النظرية يف استعماهلا يف كثري من ال :ها اوستني و قسم من خالهلاالفعل الكالمي الكامل اىل ثالثة اقسامغاملفاهيم اليت صا

يف مجل مفيدة ذات إطالقاأللفاظو يراد به ACTE LOCTUCRE: فعل القول* .ذات داللةو بناء حنوي سليم

او الفعل التاثرييو هو التسبب ACTE ILLOCTOIRE: الفعل الناتج عن القول*ليل و االرشاد و التضيف نشوء اثارها يف املشاعر و االلفكار و من امثلة تلك االثار االقناع و

1.التثبيطو قد اقرتح اوستني تضيفا جرديا للقسم الثاين مث اعاد صياغته و اقرتاحه سريل فاستقرت انواع

:هذا الفعل يف جنسية اصناف هيتسعى اىل تقدمي اخلري بوصفه متثيال حلالة موجودة يف العامل، و من امثلتها االحكام : االثباتات

التقريرة و االوصاف الطيبة و التصنيفات و التفسريات و تنظوي مجيع االثباتيات على اجتاه مالكمة د و هو تعبري عن اعتقا إثباتالكلمة و العامل و شرط الصدق يف االثباتيات هو دائما االعتقادفكل

.من مساا امكانية كوا صادقة او كاذبةو غرضها جعل املستمع يتصرف بطريقة متجعل من تصرفه متالئما مع احملتوى التوجيهيات*

و النواهي و الطلبات و اجتاه املالئمة دائما األوامريف التوجيهاتتتوافر النماذج على و اخلربي للتوجيهالرغبة فكل توجيه هو تعبري عن رغبة بأن يقوم املستمع بالفعل املوجه به و التوجيهات من طراز

.االوامر و الطلبات ال ميكن ان تكون صادقة او كاذبة لكن ميكن ان تطاع او ملقبال و تتمثل مناذج من االلزاميات يف و فيها يلتزم املتكلم بتحقيق فعله مست: االلزاميات*لزاميات هو دائما من العامل اىل الضمانات و اجتاه املالئمة يف اإلالرهول و العقود و و النذور و املواعيد

42-41سابق، ص رجع ب، مالتداولية عند علماء العر : حروايمسعود ص1

مدخل

24

شرط الصدق املعرب عنه هو دائما القصد على سبيل املثال كل وعد او ديد هو تعبري عن و الكلمة النواهي ال ميكن ان حقيقة او زائفة و لكنها ميكن و كاألوامر نذور قصد للقيام بشيء ما فاملواعيد و ال

.ان تتم تنفيذها او حيافظ عليها او حينف ايعد االخالص شرط ضروريا يف االفعال التعبريية و من مناذجها االعتذارات و : التعبيرات

ري منط التعبري و هكذا الرتحيبات و التعزيات كما يتغري شرط الصدق فيها مع تغو التشكرات و التهاين فاالعتذار صادق اذا كان املتكلم يشعر باالسف فعال كما يعتذر عنه عنه و التهاين السابقة اذا كان

1.املستمع اليه يتهيأاملتنكلم يشعر بالبهجة حقا ملا دف الىاا حتدث تغيريا يف الوضع القائم اي يف العامل خبلق االفعال االدائية :التصريحيات

يدخل هذا الصنف يف االفعال الدالة على االعالن و افضل االمثلة على ذلك اعلنكما زوجا و زوجة، اعلن عن اندالع احلرب انت مطرود انا مستقيلة يف هذه احلالة لدينا اجتاه مالئمة مزدوج و

.نغري العامل ألننا : الحجاج -ز

سواء بإعتباره مبحثا إهتماما حديثا منقطعا النظريl'argumentation)(لقي احلجاج لسانيا حبتا أو بإعتباره منطقيا و فلسفيا و تداوليا و احلقيقة إنه كان وراء هذا اإلهتمام إعادة بعث لقضايا الربهان واجلدل و احملاجة يف املنطق احلديث مث البالغة احلديثة اليت نشأت على أنقاض البالغة

2.جاج يف صميم اللسانيات التداوليةأثارت احل القدمية و يعد بعض الباحثني هذه األحباث اليت :مفهوم الحجاج*

حاججه حجاجا و حماجة حىت حججته أي "قال بن منظور : احلجاج يف اللغة من حاج : لغةاحلجة الدليل و ( )حجاجا نازعته احلجة وحاجه حماجة و (...) ه باحلجج اليت أدليت ا غلبت

3".الربهانو

15، ص2010 ط،.األردن، د،امل الكتب احلديث،عجماالتهاحلجاج مفهومه و : رشيد الرباهين /1ص ،1،2010ط،األردن ،اربد، الكتب احلديث، عامل حتليلية يف وحي القلمتداولية اخلطاب السردي، دراسة : حممودطلحة2

103 230-229/ 2، لسان العرب 3

مدخل

25

واسطة االدلة و الرباهني و احلجج فيكون مرادفا للجدل غذ حد فاحلجاج النزاع و اخلصام ب على أن إبن 2مقابلة احلججة باحلجة 1للجدل حسب إبن املنظور أيضا

3" هو رجل حمجاج أي جدل"منظور جيعل احلجاج مرادفا للجدل صراحة بقوله حجاج " بقوله ) ه 817ت (و إلتزام باملعىن ذاته صاحب القاموس احملبط القري و زيادي

4" اجلدل 5."احلجة حجة ألا أي حتج أي تقصدمسيت " و يف احلجة قال إبن منظور

و ممكن أن تكون احلجة مشتقة من هذا ألا تقصد أو ا يقصد احلق : " و قال إبنالفارس

6" املطلوبالقرآن بني معىن احلجاج واجلدل يف اإلستخدام حيث آشار إىل ذلك حممد الطاهر بن و فرق

�7﴿:عاشور الذي قال بشان احلاج يف قوله تعاىل; U #%:���� V�W EF�� X� 9�� Y�﴾ البقرة سورة

_258_ يف اإلستعمال ) حاج(و ال يعرف , وهو فعل جمرد دال على زنة املفاعلة , ومعىن حاج خاصم

مع ان حاج ال يستعمل غالبا إال ,7جمرد دال على وقوع اخلصام وال تعرف املادة اليت إشتق منهافعل 8.و أن األغلب يفيده اخلصام بباطل(...) يف معىن املخاصمة

�#﴿:تعاىلوقال يف شأن اجلدل عند تفسري قوله BZ0� -�0��[ ��F�� �< 4@�\ � ﴾_ سورة

هو القدرة على اخلصام و احلجة فيه وهي منازعة بالقول اجلدل و واادلة مفاعلة من_107النساء

14، ص 1، ج 2001من خالل خصائص أسلوبية، جامعة منوبة ،كلية اآلداب، تونس، القرآن يفاحلجاج : عبد اهللا صولة1 .230 - 229 /2 مرجع سابق، لسان العرب، 2 املرجع نفسه، ص نفسها 3 .183 /2005،2،ط.،دمؤسسة الرسالة ،القاموس احمليط): ه817ت (بادى جمد الدين حممد يعقوب الفريوز 4 . 2/230،سابقرجع م:إبن منظور5 /2 ،م1979ط، .،دبريوت ،مد هارون عبد السالم دار الفكرحم: تح ،مقاييس اللغة: ءأبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا6

30. 32-3/31 ط،.س.ط،د.د،الدار التونيسية للنشر: تنوير التحرير و ال 7 .32-31ص ،املرحع نفسه8

مدخل

26

إلقناع الغري برأيك و قال يف موقع آخر اادلة املخاصمة بالقول و إيراد احلجة عليه فتكون يف اخلري

﴾� a��U 4 �`_﴿وتكون يف الشر يف قوله تعاىل ﴾^�@�$� ��N U ��[﴿كقوله تعاىل

يف القرآن و هو املخاصمة لكنها يف احلجاج قائمة ) احلجاج و اجلدل(فاجلامع بني املعنيني على الباطل عادة كما أشار إبن عاشور يف حني أن اجلدل منه ما هو حق و منه ماهو باطل كما

1.قرآن فيما ذكر ضمن قول إبن عاشوريفهم من شاهدي يف اليف إصطالح القدامى من ذلك ومها يكن من أمر فإن احلجاج و اجلدل يكثر وردمها مرتافدين

, سبيل املنهاج يف ترتيب احلجاج " ب ) و هو من علم أصول الفقه( أن الوليد الباجي عنون كتابه 2."لكنه يف املقدمة ينعته بكونه كتابا يف اجلدل

:إصطالحا/ ب

إن جتديد مفهوم احلجاج خيتلف و يتنوع و يصعب حصره و اإلحاطة به فهو يتميز بكثرة إذ جنده متواترا يف االدبيات الفلسفية املنطقية و البالغة التقليدية و " ول املعرفية اليت تتناوله احلق

ات ـــــــــــــــــالدراس 3."القانونية و املقاربة اللسانية و اخلطابية املعاصرة

اهم على الرغم من إشاع جمال البحث و النظر يف قضايا احلجاج إال أنه ميكننا أن نستخلص و إن هدف نظرية :" perlmmenتعريف هلذه اآللية اللغوية و من ذلك خالل تعريف بيريملان

احلجاج هو دراسة التقنيات اخلطابية اليت تسمح بإثارة و تعزيز موافقة األشخاص على القضايا اليت 4."تقدم هلم

ة من وظائف بل و يذهب األستاذ جاد ميثال آدم إىل إعتبار الوظيفة احلجاجية وظيفة سابعفنحن غالبا ما نتكلم لنربهن 5اللغة غضافة إىل الوظائف الستة اليت إقرتحها الرومان جاكسبون

.15ص ،2ج ، مرجع سابق، ن الكرمي من خالل خصائصه األسلوبية آجاج يف القر احل: عبد اهللا صولة1 16ص ، املرجع نفسه2 ، املغرب،البيضاء ،الداراملنطقية و اللسانية دار النشر للثقافةالنظرية احلجاجية من جالل الدراسات البالغية و : جممد طروس3 .6ص ،6،2005ط .103ص ، مرجع سابق،تداولية اخلطاب السردي: حممود طلعة4 103ص ،املرجع نفسه5

مدخل

27

د هذه الغاية تعدى لدى البعض قيمة إضافية زائدة عن القيمة الوصفية اإلخبارية للغة و عنو حناججو 1.البعض الىخر تعد القيمة االوىل

غما ان ينظر إليه مباشرة على مستوى اخلطاب او على و يف نظري فإن املفهوم العام للحجاج و إما أن ينظر إليه على مستوى التنظيم التداويل أما نظرية احلجاج يف , مستوى التفاعل اإلجتماعي

و هي نظرية لسانية تم 1973منذ ducortاللغة فقد وضع أسسها اللغوي الفرنسي ديكور الطبيعية اليت يتوفر عليها املتكلم و ذلك يقصد توجيه خطابه بالوسائل اللغوية و بإمكانات اللغات

جهة ما متكنه من حتقيق بعض االهداف احلجاجية مث إا تنطلق من الفكرة الشائعة اليت مؤداها إننا و 2.نتكلم يقصد التأثري

و احلجاج هو جهاز لساين حموري يوظف معطيات السياق اللغوي و غري اللغوي يف سبيل .اإلقناعف من عملية التواصل و هو بلوغ اهلد

:أنواع الحجاجإختلفت و جهات نظر الباحثني يف حتديد أنواع احلجاج و تعمدت آرائهم يف ذلك و من بني

:هذه اآلراء : الحجاج التوجيهي -أ

يقصد به إقامة الدليل على دعوة بناء على فعل التوجيه املقصود هنا هو فعل إميال املستدل حلجته إىل غريه فهو من هذه اجلهة ينشغل بأقواله من حيث إلقاؤه و ال يشتغل ا من حيث تلقيها

أفعاله املصاحبة ألقوالهمن طرف املخاطب ورده عليها فهو هنا يويل أقصى عناية ملقاصده و 3.اخلاصة

:يقوم على مراعاة املتكلم يف خطابه احلجاجي لشيئني مها: الحجاج التقويمي -ب

103ص ،املرجع نفسه1 ،1، طاألردن ،إربد ،عامل الكتب احلديث ،اب القرآين املوجه لبين إسرائيلالبعد التداويل و احلجاجي يف اخلط: نقدور عمرا2

.23ص ،2012 470ص ة، مرجع سابق، لغوية تداوليإسرتاتيجيات اخلطاب مقارنة : عبد اهلادي بن ظافر اهلري3

مدخل

28

واحلجج اليت ميكن أن يعارضه ا املخاطب واليت يضعها يف ) اإلقناع(اهلدف املراد حتقيقه احلسان يف أثناء بناء خطابه، ويستحضرها يف حجيجه فيقوم بتنفيذها حبجج معارضة قبل أن يطرحها

1.عليه املخاطب أو يتوقع منه أن يعارضه او هو الذي يتخذ من البالغة جماال له و يتخذها آلية من :الحجاج البالغي -ج

احلجاجية و ذلك إلعتمادها على اإلستمالة و التأثري عن طريق احلجاج بالصورة البيانية و اآللياتإلشباع فكره و مشاعره معا حىت يتقبل اجلمالية أي إقناع املتلقي عن طريق او األساليب البيانية

منه احلجاج يستقصفالبالغة يف هذا النوع هي اال الذي 2،القضية او الفعل موضوع اخلطاب .آلياته من أجل إقناع املتلقي و التأثري فيه من خالل توظيف االساليب البالغية و الصور البيانية

الذي يتخذ من فلسفة بعدا من أبعاده و آلية من آلياته فتقاس : الحجاج الفلسفي -دجناعته مبعايري خارجية كالقوة و الضعف و الكفاءة أو عدمها و النجاح أو الفشل يف اإلقناع ويكون

3.هدفه التأثري و التقبلهذا احلجاج يركز إهتمامه على اجلانب التداويل يف اخلطاب إذ ان : الحجاج التداولي -ه

لفظ التداولية يبعث على اإلستحضار نظرية أفعال الكالم يف اخلطاب و رصدها فيه بغرض إقناع اب ـــــاخلط

ط بالعملية التخاطبية و احلجاجي و اإلجابة على التساؤالت و اإلشكاليات اليت حتي

4.احلجاجية :الحجاج و الجدل و المناظرة/ 3

أحيانا كثرية حيث يدل بعضها على معاين بعض تتوارد هذه املصطلحات الثالثة وتتداخل فيستعمل احلجاج و يراد به احلجاج أو العكس لذلك إرتأينا أن نعقد هذا العنصر يف حماولة لتفريق ,

.بني إستعماالا و اإلشارة إىل ما ميكن أن ترد فيه و تدل على معاين بعضها

.473ص ،املرجع نفسه1ص ،2005 ،5، طاجلزائر ،جملة األثر ،آليات تشكل اخلطاب احلجاجي بني النظرية البيان و نظرية الربهان: ماجر مدقن 2

173. ..نفسها املرجع نفسه، ص3 .174املرجع نفسه، ص 4

مدخل

29

ته أي غلبته باحلجة و هو يففاحلجاج كما أوردنا يف اللغة من احلجة و احملاجة فحاجيخطاب صريح أو ضمين " التمثيل دف إىل التأثري و اإلقناع فهو اإلصطالح طريقة يف اإلستشهاد و

ا كانت الطريقة املتبعة يف ذلك يستهدف اإلقناع و اإلفهام معا مهما كان متلقي هذا اخلطاب ومهم".1

جلدل، فكل جدل حجاج وليس كل وتشري الدراسات إىل أن احلجاج أوسع يف داللته من اوترى ذات الدراسات أن هناك أنواع من احلجاج تسمى احلجاج اجلديل، وهو من 2حجاج هو جدل

.3(Topique)قبيل ما عرض له؟ أرسطو يف كتابه الطوبيقيوجاء يف مادة جدل يف اللغة أا تدل على مراجعة الكالم، وذكر احلجج وشدة يف تقريرها

: ، وهو ما كان يف تقرير احلق ومثل قوله تعاىلحممودواجلدل يف الشرع على معنييني أحدمها

﴿,� B&W� A*: A*�+��� #,��*@� a _125_النحل "﴾

: واملعىن الثاين مفهوم، وما كان بسوء أدب أو جبهل أو نصرة باطل مثل قوله تعاىل

﴿ b � 7 ٱ� � �� d W � % � e " ٱ� � �� � � a 5 * * & , * * _5 _غافر﴾ أما املناضرة فتعين النظر من جانبني يف مسألة من املسائل قصد إظهار الصواب فيها،

لعرضه أو إعرتاضه أثر هادف ومشروع يف إعتقادات من فاملناظرهو من كان عارضا أو معرتضا وكان .4حياوره سعيا وراء اإلقتناع برأي سواء ظهر صوابه على يده أو على يد حماوره

وخالصة األمر أن احلجاج هو عرض الرأي مع حججه من أجل القناع واجلدل هو خماصمة، ناضرة فهي عرض بدون شدة وال فهو أكثر حدة وشدة ويكون يف الباطل كما يكون يف احلق، أما امل

فاملقابلة تكون فيما بني اإلقناع واإلقتناع فإما يثبت رأي األول فيقتنع الثاين أو يظهر رأي الثاين . حدة .فيقتنع األول

:في مفهوم المغالطة

.201ص مرجع سابق، ،جاجيآليات تشكل اخلطاب احل: ماجر مدقن1 21ص ،مرجع سلبق، احلجاج يف القرآن الكرمي من خالل خصائصه األسلوبية: عبد اهللا صولة2 21ص ،نفسهاملرجع 3 16ص ، مرجع سابق،علم الكالميف أصول احلوار وجتديد : طه عبد الرمحان4

مدخل

30

يف املنطق والبالغة هي قياس فاسد، وهي صناعة علمية ال تفيد استنتاج اليقني يف املغالطةهي ادعاء غري صحيح قد يكون مبنيا على املغالطة. احملاججة وقد يسلم هلا اخلصم وقد ال يسلم

أسس وأدلة غري سليمة مما يقود إىل نتائج خاطئة، أو قد يستند إىل أدلة صحيحة ولكنه ينطلق منها .استنتاجات مغلوطةإىل

:المغالطة في اللغة

بالشيء فال تعرف وجه تعياالغلط أن ): غلط(جاء يف لسان العرب البن منظور يف مادة ما يغالط به : الكالم الذي يغلط فيه ويغالط به، واملغلطة واألغلوطة: الصواب فيه، واملغلطة واألغلوطة

1.من املسائل واجلمع أغاليط

: يقال غلط يغلط غلطا: وهي الغلط وخالف اإلصابة): غلط(مقاييس اللغة وجاء يف معجم 2.وبينهم أغلوطة أي الشيء يغالط به بعضهم بعض

:في اإلصطالح

إن دراسة أساليب املغالطة لقيت اهتماما خاصا من قبل الباحثني احملدثني إذ يرجع كلمة ائي يف القرن اخلامس قبل امليالد، إىل إحدى الركائز األساسية للفكر السفسط) سفسطة(مغالطة

3.وتعين هذه الكلمة يف معناها اإلشتقاقي احلكيم والرجل ذا الكفاءة املتميزة يف كل شيءالقولية واحليل اخلطابية يف كسب األالعيبمن اهم املبادئ اليت سنها السفسطائيون تشريع و

اخر ميكن اعتباره كشعار كانت تلوح به هذه احلركة لتخمد به حركة مبدأهذا اىل جانب القضايا و ولكل القيم الفالسفة الذين امهلوا االنسان يف البداية ليقولوا ان االنسان مقياس كل شيء فتنكروا

الثابتة سواء يف امور الفكر و االعتقاد او السلوك و االخالق فكان دعاة هذه رياملعاياملوضوعية و هذه ضيلة ما يبدو له فضيال و طبون الناس قائلني ان احلقيقة ما يراه االنسان حقيقة و الفاحلكرة خيا

بضرورة ممارسة هذا الفن وإقناعهمعلى اتمع التأثريبالنسبة لكل االمور متكن السفسطائيون من بقة من االمر الذي مكنهم من حتصيل مراتب جد عالية يف اتمع اليوناين حبيث حتول هؤالء اىل ط

النبالء و االغنياء و القادرين على ألبناءاملعلمني املتخصصني يف تدريس فنون االقناع و اساليبه

363 / 7 :لسان العرب1 39 / 4 ،مقاييس اللغة: ابن فارس2 . 200ص ،2010 ،1ط احلجاج مفهومه وجماالته، عامل الكتب احلديث، األردن،: رشيد الراضي 3

مدخل

31

جر على ذلك و خصوصا من اولئك املتطلعني اىل احتالل املناصب العليا يف الدولة و كانوا أتأدية .يلقبوم دروسا خاصة يف فنون اجلدل و اخلطابة

را ليت تعين استدالالل منطقيا و ظاها SOPHISMEتقابل لسفسفطة يف اللغة الفرنسية فقط صمم بنية التضليل و اخلداع يف معجم حتليل اخلطاب ل باتريك شاردوا و دومينيك

هوائه اما يف أالتالعب الذي خيدم مصاحل صاحبه و الكاذب و و مانغونوفالصوفيزم تعين اخلطاب احملرج الم الذي ةمغالطة حجة معوجة و تضليل تدل على الك،ة فقد ترمجت صوفيزم اىل سفسطةاللغة العربي

.يبدو يف الظاهر سليما و منطقيا و ذا مقاصد جاية يف حني انه ينطوي على جوانب متويهية و هناك من جعل املخالطة وسيلة لنصرة فكره و مذهبه فكان االهتمام بالبالغة لقدرة البيان

اخلداع و هو موقف استحسنه النقاد فيما بعد اذا اصبحت البالغة تعرف على اا على التمويه و حتسني ''ـ ــــفقياس بالغة البليغ و علو شانه ب 1صورة الباطلتصوير احلق يف كشف ما غمض احلق و

ما ليس حبسن و تصحيح ما ليس بصحيح بضرب من االحتيال و التحيل ونوعا من العلل واملعاريف هذا ان دل على شيء فهو يدل على و 2ويغمض موقع التفسري اإلشارةموضع ليخفيواملعاذير

الشتغال وا أرسطواملغالطة من اال املنطقي الذي حصرها يف إسرتاتيجيةامى يف حترير القدأسبقية .عليها يف جمال اللغة العادية و الفنية

و هناك من النقاد من وازن بني املغالطة و الكذب املباح بشرط ان تكون الغابة من ورائها التغليط فالغلط هو مفهوم مواز للقصدية وهي اليت حتدث الفرق بني الغلط و و دينية و هو أاخالقية

.رقهذا اخل إحداثيتعمد فيه املغالط الذيالذي يكون بدون قصد اما التغليط فهو

53ص سابق،، مرجع الصناعتني :ابو اهلالل العسكري 1 .53املرجع نفسه، ص 2

33

الحجاج في الثقافة العربية : األول المبحث المطلب األول / 1 : الحجاج عند العرب قديما :

ى اهللا ســول صــل وأقــوال الر يف القــرآن الكــرمي كانــت اســرتاتيجية االقنــاع باحلجــاج واضــحة لقــد عمال هذه االسرتاتيجية يف خطابات سبقت هذه ست ا د جتس كما جند كثريا من النماذج اليت م عليه وسل

أوىل العـرب ت القبلية يف العصر اجلاهلي، حيـث ومتثل ذلك يف املنجزات اخلطابية واملنافرا الفرتة بكثري، غويـة، كمـا كـان يضـرب كما تبلور أيضا يف علـوم شـىت كــالعلوم الفلســفية والل ميا احلجاج عناية كبرية، قد

. يف املسامرات واملناظرات والنقاشات اليت كانت تعقـد بـني العلماء وغريهم : الحجاج في القرآن الكريم / 1

،فقد جاء بلفـظ حجـاج وجـدلالقرآن الكرمي مبعانيه املختلفة لقد ورد احلجاج يف

�� � � � � (: يف آيات كثرية، ونأخذ قوله تعاىلوبرهان، ونلمسه � � � سورة البقرة ) � �� � � � � � � � � � � ��� � � � �� � � � ��

257اآلية علـى خاصم وهـو فعـل جـاء معىن حاج " : بقوله اهر بن عاشور محمد الط ر هذه اآلية ولقد فس

ة اليت اشتق يف االستعمال فعل جمرد دال على وقوع اخلصام وال تعرف املاد زنة املفاعلة وال يعرف حلاج ستعمل غالبـا ال ي حاج عوى مع أن ة يف كالم العرب الربهان املصـدق للد العجيب أن احلج منها، ومن

1 . األغلب أن يفيد اخلصام بباطل يف معىن املخاصمة وأن إال

ــــن عاشــــور وقــــال أيضــــا �� ( : شــــأن اجلــــدل عنــــد تفســــري قولــــه تعــــاىل يف اب�ــ�� ــ� ��ــ ـ ــ�"�! �ـ� ـ � � � � � � &�% �#ـ��'()�*+�� 107 النساء اآلية ) � , �(/.�-,� � �

ة فيــه القــدرة علــى اخلصــام واحلجــ واادلــة مفاعلــة مــن اجلـــدل وهـــو : " بقولــه ابــن عاشــور رها فســ 2 . " منازعة بالقول إلقناع الغري برأيك وهي

32-3/31دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس،:التحرير و التنوير 1 5/194،املرجع نفسه2

34

اخلري كقوله ة عليه ،فتكون يفاملخاصمة بالقول وإيراد احلج : اادلة : " وقال يف موضع آخر

� # �" � 1 � " تعاىل � � � , � � � 45 ) 3 � )2 1. " � �� ? < � � � � � & % = > �! " � ;:)�� &�9)' 8 ��67"

:ما يلينستخلص من كالم ابن عاشور من خالل تفسريه لبعض اآليات فعـــل اجلـــدل املدافعـــة ليظهـــر احلـــق أي دفـــع " ، واجلـــدل هـــو ه جعـــل احلجـــاج مـــرادف للجـــدل أنـــ

اجلـدل كفعـل رد ، وبعبـارة أخــرى صحيح الدفع وفاسده الذي يعرف فيه السائل وعلم اجلدل هو العلم ، واجلــدل كعلــم آلــة يتوصــل ــا إىل فتــل اخلصــم عــن رأيــه إىل غــريه ة للخصــم عــن رأيــه إىل غــريه باحلجــ

بالـــدليل أو قـــانون صـــناعي يعـــرف أحـــوال املباحـــث مــــن اخلطــــأ والصـــواب علـــى وجـــه يـــدفع عـــن نفــــس . واالرتياب الشـك ) ل والسـائل املعلـ ( اظرو املنـاظر النـ

ولـيس حبـق يف اآلية األوىل مبعىن املخاصمة، وتكـون هـذه املخاصــمة بباطــل ه جعل معىن حاج أن . اجلدل هو القدرة على اخلصام لتقنع به غريك أن كما بني ى كــذلك باجلــدل احملمـود مـا يســم ، اجلـدل الـذي أريـد بـه اخلـري أو احلـق م اجلـدل إىل قسـمني قس

كلمــة برهــان وردت مثــان نــا جنــد أن واجلــدل الــذي أريــد بــه الباطــل أو مــا يســمى باجلــدل املــذمومكما أن

,-,� ( : ات ومنه قوله تعاىل مر �)��@� �AB�� , , � � � � �C�4�"��D �*1; '� �9)����,� �(���� E4 � � � � � , � ( 111 البقرة اآلية

صــل بقــوهلم لــن هــاتوا برهــانكم مت قــل : " ، بقولــه " اف الكشــ " يف " الزمخشــري " رها وقــد فســ ـتكم علـــى اختصاصــكم وا حجــ ، فقــل هــاتوا برهـــانكم هلمـــ مــن كــان هــودا أو نصــارى ة إال يــدخل اجلنــ قـول ال دليـل دين، وأن كـل ، وهـذا أهـدم شـيء ملـذهب املقلـ ة إن كنتم صادقني يف دعواكم بدخول اجلن

2 . عليه فهو باطل

. ، أي ال يكــون فيــه أي شــك واحتمــال ك تــأيت بــدليل قــاطع لتثبــت صــحة دعــوا فالربهــان أن ، ومــن ر د تبــاين واختلــف مــن حـــديث إلـــى آخــ بــوي الشــريف قــ احلجــاج يف احلــديث الن وجنــد أيضــا أن

را لـون م نـاك هللا عليـه وسـل ى ا لرجل الذي جاء إىل الرسول صــل أشهر ما يستدل به يف املوضوع حديث ا هـل : م هللا عليـه وسـل ى ا صــل امـرأيت ولـدت غالمـا أسـود فقـال لـه الرسـول هللا إن ا رسـول ا ي : " ولده قائال

197البقرة، اآلية سورة 1ي السيد وأمحد بن حممد الشريف علي بن حممد بن عل:االقاويل يف وجه التأويل، تح اف عن حقائق التنزيل وعيون الكش 2

1/306، 2006 ،ط.د،االسكندري، دار الفكر للطباعة والنشر، بريوت، لبنان

35

فمـن أيــن : ، قـال هـل فيهـا أورق ؟ قـال نعـم : لـك مـن إبـل قـال نعـم ، قـال مـا ألواـا ؟ قـال محـر قـال .1 " عرقـا نزعه ، وهذا الغالم لعل سول عرقا نزعه فقال الر ل لع : ذلك ؟ قال

ألوامــره ، وهــو الــذي علينــا إتباعــه واالمتثــال م ى اهللا عليــه وســل ســول صــل الســتدالل الر هــذا تبيــني و احلجـــاج اختلفـــت ترتيبهارأينـــا آنفـــا أن لـــة ويرتبهـــا حـــق لنـــا األد ، فهـــو يبـــني مـــن غـــري أن نطالبـــه بـــدليل

. بوي الن ما يف القرآن واحلديث مدلوالته وتشابكت بني احلجاج واجلدل والربهان السي : الحجاج في البالغة المعاصرة / 2

ل وشـك ، فـوا احلجـاج يف مؤلفــام ر بنا اآلن أن نقف عنـد أقطـاب البالغـة القدميـة الـذين وظ د جي : م ة يف إبداعام ومنه بنية أساسي ، ففـي ، قد تناول فصوال كثرية فيما يتعلق باحلجـاج " البيان والتبيين " وجنده يف كتابه الجاحظ *

تمــي إىل الثقافــة البالغــة، حــاول إيضــاح هــذا املفهـــوم باالستشـــهاد بصـــحيفة تن الفصــل الــذي تنــاول فيــه اخلطيــب رابــط اجلــأش ســاكن ل البالغــة اجتمــاع آلــة البالغـــة وذلـــك أن يكـــون أو " : يقــول اهلنديــة إذ

ــ اللفــظ حــظ متخــري اجلــوارح قليــل الل قــواه ة وال امللــوك بكــالم الســوقة، ويكــون يف د األمـــ م ســـي ، ال يكل 2 ....." طبقة فضل التصرف يف كل

الشفوي وهو إقناع تقدم فيه غاية اجلاحظ هي اخلطاب اإلقناعي ضح لنا أن ص يت ففي هذا الـن واألحــوال ، ، وحتــدد األوىل طبيعــة الثانيــة وشــكلها حســـب املقامـــات ) غــة الل ( علــى الوســيلة ) إقنــاع ( الغايــة

جـنس كما يستشهد أيضا خبطابات من أقوال العرب سواء يف النثر أو يف الشـعر، فهو يتعامل مع كـل ــ ظ بكـــل جــنس بوصــفه خطابــا ويـــتحف ظ بكــل بوصــفه خطابــا ويــتحف زه علــى جــنس خبصائصــه الــيت متي

يقتصــر علــى جــنس ـادرة، فمفهـــوم اخلطــاب اإلقنــاعي عنــده مل مســتوى الشــكل، وهــذه مـــن مزايـــاه النــ كتـب الزنادقـة ولــو كانــت : " ... ، فقـال على الذين رفضـوا البيـان ته قد رد وجنده يف بعض مناظرا بعينه

لكــانوا ممــن قــد جيــوز أن يظــن ــم ... كتــب حكــم وكتــب فلســفة وكتــب مقــاييس وســنن وتبــني وتبيــني 3 . " هم ذهبـــوا فيهـــا مـــذهب الديانــــة وعلـــى طريـــق تعظـــيم امللــــة غبـــة يف التبيـــني ولكــــن تعظـــيم البيـــان والر

، 134، ندوات ومناظرات رقم داب والعلوم اإلنسانية، الرباطية اآل ، منشورات كل احلجاج طبيعته وجماالته ووظائفه :و النقاري مح 1 83، ص تأسيس احلجاج لدى مفكري اإلسالم يف: علي اإلدريسي ،عن2006، 1ط

92،صمرجع سابقالبيان والتبيني، : جلاحظأبو عثمان عمرو بن حبر ا2 56ص،ع سابقجمر ،احليوان: اجلاحظ3

36

فهو يرى قيمتها ، لذلك قصـر مـن ا ال تقوم على البيان والتبيني فهنا اجلاحظ هاجم كتب الزنادقة أل ، . يانة وتعظيم امللة كتبهم تقوم على مذهب الد أن

كبـرية لـه وظيفـة حجاجيـة ،معناه أن الشـعر فقـد ربـط احلجـاج بالشـعر ل العسـكري أبو هال ا أم * مــرام وأهــداف بــه ويشــعر بــه دون غــريه لــذلك فهــو يريــد أن يصــل إىل الشــاعر يقــول كالمــا حيــس ألن

. حجاجية من خالل شعرهالقلوب افرة ويـؤنس وهو الذي ميلك ما تعطف به القلوب النـ : " "أبو هالل العسكري"يقول

1.ة ويبلغ به احلاجة وتقام به احلج املستوحشة وتلني به العريكة األبية املستعصية األساسي الذي تقام به احلجج، والشعر قد ينهض بوظيفة احلجاج وليس بوظيفة فالشعر هو الفن

.احلجاجم أيضا عن قضية املقام وكيف يضطلع يف كما تكل . اجلدل حسبهن علما م يعد "احلجـاج أن "المنهاج في ترتيب الحجاج " فقد أورد يف كتابه أبو الوليد الباجيا أم *

ه السبيل إىل معرفة االستدالل ومتييـز احلق من احملال ،ولوال ، ألن أرفع العلوم قدرا وأعظمها شأنا علم الصحيح من السقيم والة، وال ة وال اتضـحت حمجـ تصحيح الوضع يف اجلدل ملا قامت حج

املعوج من املستقيم ".2 ، بل ووجوه ملفهومه احلجاج من العلوم اليت تتوفر على أركان وركائز وطرائـق من هذا الكالم نفهم بأن

لوال اجلدل ملا قامت هـو مـرادف للجدل ألن "أبي الوليد البـاجي " احلجاج عند ميكننا القول بأن ... ة حج

ق عنده، حتقي كما نطق الكتاب الكرمي أيضا باملنع من اجلدل ملن ال علم له واحلظـر علـى مـن ال

� � � � � � � � (: ويستشهد بقوله تعاىل� � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � �� � � � � � � � � � ! � ! � ! # ! ! � $ � � � ! � � � ! ! � # ! � ! � � �$ � 65آل عمران اآلية )

: جلدل فاستشهد كذلك بقولـه تعـاىلا وقد أورد األمر كذلك للذين يعلمون ويتقنون فن

) � - � "� = & , � � � � 125النحل اآلية ) � � � � ,� �� * � � � � � .

49صمرجع سابق، كتاب الصناعتني، : لعسكريأبو هالل ا1 8ص،2000، 3، طعبد ايد تركي، دار الغرب االسالمي، بريوت، لبنان :املنهاج يف ترتيب احلجاج، تح :بو الوليد الباجيأ2

37

.، وأقوال الصحابةم هللا عليه وسل ى ا ه استشهد أيضا بقول الرسول صل كما أن الصحيح للجدل على املناظر أو احملاجج أن يتبـع الطريـق يرى بأن أبا الوليد الباجي ونستخلص أن اجلدل الذي يعرف ويعلم فن اجلدل احملمود أو الذي أريد به خري أثناء املناظرة مـثال هو مبعىن آخر أن

1.أصحاب اجلدل املذموم ألي الذين جيادلون بـدون علمعومين

الكاتب فيما يتعلق باحلجاج فقد ربطه باجلدل واادلة وهذا ما جنده يف "ابن وهب"ا فكر أم

: القضيةن نلخص فكره يف هذه أوميكن "وجوه البيانالبرهان في "كتابه املوسوم ا اجلدل واادلة فهما قول وأم : " قا للجدل واادلة وعرفها بقولهتعريفا دقي ابن وهبم قد

احلقوق ت ويفيانا والد ،ويستعمل يف املذاهب ة فيما اختلف فيه املتجادلون يقصد به إقامة احلج "في االعتذاراتواخلصومات والتنصل

ة من بني ،فهو يقع يف العل ه وضع احلجاج حتت اسم اجلدل أن "ابن وهب "نفهم من كالم .،وينبغي للمجيب أن يقنع وأن يكون إقناعه الذي يوجب على السائل القبولسائر األشياء

ز بـني اجلـدل احملمـود واجلـدل م اجلدل إىل تصنيفات أخالقية ومي ف وقس لقد صن فما أريد به ا املذموم ، وأم ، ويستعمل فيه الصدق فهو الذي يقصد به احلق ،احملمودفأما . " املذموم .معة الرياء والس ، وطلب ة والغلبةاملمارا

ة احلج العلماء وذوي العقول من القدماء قد اهتموا بقيمة االحتجاج وإقامـة أيضا أن كما بني ، وبني ته على تعظيم من أفصح عن حج وقد أمجعت العلماء وذوو العقول من القدماء : " حيث قال

2." ، وقصر عن القيام حبجتهه عن حق

:3ما يلييف أدب اجلدل " ابن وهب " وقد اشرتط أن حيلم اادل عما يسمع من األذى والنرب - أال يعجب برأيه وما تسوله له نفسه - ته ، ويقصده بقوله وحج ه يطلب اإلنصاف من خصمه ، أن مكابرأن يكون منصفا غري -

.أال يستصغر خصمه ويستهني به -

9 ص مرجع سابق، ، املنهاج يف ترتيب احلجاج : أبو الوليد الباجي1 176، ص ملرجع نفسها2 177، ص املرجع نفسه3

38

"منهاج البلغاء وسـراجاألدباء " أهم ما جاء به يف كتابه املوسوم فإن حازم القرطاجنيا أم *لصدق والكذب ، كالم حيتمال ملا كان كل " : يقوله من أوجه الكالم، إذ ه أورد احلجاج على أن أن 1." على جهةاالحتجاج واالستدالل ا أن يرد ، و إم صواالقتصاعلى جهة اإلخبار ا أن يرد إم

.ز بني نوعني للكالم بني اإلخبار واالقتصاص وبـني االحتجـاجواالستدالل ه مي نفهم من كالمه أن االسرتاتيجيات ومهـا مـن ،صم ومها التمويهات واالستدراجاتكذلك متييزه بني طريقتني إلقناع اخل

التمويهات واالستدراجات ":، يقول حازم يف ربطه التمويهات باالستدراجاتاإلقناعاملهمة يف عملية اس بالطبع واحلنكة احلاصلة باعتيـاداملخاطبات اليت حيتاج فيها إىل تقوية قد توجد يف كثري من الن

2." املخاطبات يف ذلك والتدرب يف احتذائها الظنون ما أن ه على غريه ماهو عليه بكثرة سـماع واالستدراجاتالتمويهات تكون فيما يرجع إىل األقوال،: " يقول االسرتاتيجيتنيويف متييزه بني هاتني

له بتزكيته وتقريظه، ، أو باستمالته املخاطب واستلطافهتهيؤ املتكلم يئة من يقبل قولهتكون ب 3.."وكالم خصمه غري مقبول كالمه مقبوال عند احلكم، ، حىت يصري بذلكوإحراجه على خصمه 4: ما يلي" حازم القرطاجين"يهات عند ومن طرق حتقيق التمو

امع الكذب من القياس عن الس حمل طي -- ا صادقة الشتباهها مبا يكون صادقا اغرتاره إياه ببناء القياس على مقدمات توهم أ

صحيح الشتباهه بالصحيح ه ترتيب القياس على وضع يوهم أن -فس عن الن ، تشـغلب بضروب من اإليداعات والتعجبـاتامع عن تفقد موضع الكذ إهلاء الس -

.مالحظة الكذب واخللل الواقع يف القياس" فنجده انشغل كثريا باحلجاج وهذا ما نلقاه فـي موسـوعتهاملوسومة ابن حزم األندلسيا أم *

بغض النظر عن ضعفها ، إذ جند يف الكتـاب فصـوال حجاجيـة"حل والن لفصل يف امللل واألهواء ا .ا وقو

ه كان ال ، بدليألن ر احلجاجي ب باملفك ، حىت أصبح يلق رت كتاباته الفلسفية بطابع حجاجيفقد زخ

،1966، ط.، تونس، دبن اخلوجة، دار الكتب الشرقيةحممد احلبيب ا :البلغاء وسراج األدباء، تحاج منه: حازم القرطاجين1 63ص

64، ص املرجع نفسه2 ، ص نفسهااملرجع نفسه3 64 - 65، ص ينظر املرجع نفسه4

39

املناظرة ، ألن يقابلهشـخص ه يناظر كل يهدأ من السجال واحلجاج واجلدال باملناظرات لدرجة أن ، فلم يكن مناظرا من لعنيف، فقد اشتهر باجلداالكذبالفاصل بني الصدق وال ج هي احلد واحلجا

1.ص ن بنزعة نقدية عقالنية تتمسك بال ز ، فقـد متيـ ة بل كان مسامها يف بناء احلقيقةأجل املناظر الكالم لعليها يف لة عقلية وهـي املعـو ما ميلكه من أد ى للخصوم يف كثري من املسائل بكل كما تصد

ما يصل إليه رضا أحد ه يف بيان اليهم " ا هي اليت ترشد إىل احلـق مني أل واملعتمد عليها عند املتكل بع إال ة خصمه علوا وال يضعف وال يت ، تزيد قو غريه، ال ينماع فـيأو غضب أحد، وكان عايل اهلمة

، وكان مع املقاومة وال يهن وال يضعفو على ، ويعلوال يستسلم ، يعلو على الشديدمصادر الشرع 2."ين ، ورمى صاحبه باخلروج عن الد قوال رماه بالشناعة ة شديدة، فكان إذا رد ذلـك فيـه حـد كل

القرآن أو " ابـن حـزم" ، وهي يف نظر لة العقلية كما كان يعتمد كذلك خالل مناظراته على األد وضوح د بكل اشرتاك إنساين يف املسلك الـديين، فهو يؤك ، فهو يستبعد أي ة أو إمجاع الصحابة السن

نا ، على ما بي الذي نقله إلينا أولو األمر منا سول الكرمي فنا إتباع القرآن وبيان الر ا كل هللا إمن ا أن " ا وحي ، إم من أحد وجهني ال ثالث هلماها من القرآن والسنن ال ختلو أحكام الدين كل ، وألن فقط ت مثب

3." هللامثبت يف املصحف وهو بيان رسول اا وحـي غيـر يف املصحف وهو القرآن، وإم

:راسات العربية المعاصرة الحجاج في الد : المطلب الثاني

ظريات الن جبملة منراسات العربية املعاصرة قد غدا علما قائما بذاته، ومؤطرا موضوع احلجاج يف الد إن يف جمال –الغربيني دراساتاستعماالته يف ااالت املختلفة، وقد قادتاملعرفية اليت تضبط أوجه

سبة رس اجلديد بالن الد رين العرب إلىبناء موقف حول هذا ك املف –اج يف منتصف القرن املاضي احلجضارب يف أعماق تراثهم يف الوقتنفسه، كما منحتهم الفرصة يف إدرامجبحث احلجاج يف إليهم، وال

4. منطق تفكريهم

127ص مرجع سابق، ،الته ووظائفهج طبيعته وجماا جاحل: محو النقاري1

129، ص املرجع نفسه2

عبد الصبور شاهني، مراجعة حممد عبد احلليم :مية بني ابن حزم والباجي، تحمناظرات يف أصول الشريعة اإلسال: تركيعبد ايد 3 166ص ،1986، 1، ط ، بريوت، لبنانيحممود، دار الغرب اإلسالم

170مرجع سابق، ص ، الكالمطه عبد الرمحن، يف أصول احلوار وجتديد علم 4

40

ة من الباحثني يف املغرب العريب الكبرينذكر منهم على وقد تبلورت هذه اجلهود العربية يف أعمال ثل وفريق البحث ، محمد العمري.د، أبو بكر العزاوي. د، طه عبد الرحمان. د: سبيل املثال

.التونسي بجامعة منوبة وغيرهم

):طه عبد الرحمن(رس الفلسفي الحجاج في الد -1

وتجديد في أصول الحوار": مها يف مصنفني د فهومه لطبيعة احلجاج وآلياته، وقدد ملقد ح

ربط منطقي ؛ حيث حاول من خالهلا إجياد"والميزان أو التكوثر العقلي ناس الل "و"علم الكالمزت نظرته للحجاج ي تمغة، لذلك ة املنطق وسالمة الل عه يف سبك نظرية حجاجية تأخذ بقو و لغوي، ط

.فلسفيبطابع طابعهالفكري ن ية تداولية جدلية، فهو تداويل أله فعال احلجاج أن د وح: "ف احلجاج بقوله ر ويع

"هدفه إقناعي، قائم بلوغه على التزام صوراستداللية ن قامي واجتماعي، وهو أيضا جديل ألم باختالف مراتب السلوك التخاطيب" احلجاج"وخيتلف هذا املنهج االستداليل

وهي " الحوار، والمحاورة، والتحاور": ا هيتب ثالثار م طه عبد الرحمننسان، حيث جعل لإل: على التوايلاها واليت مس يف جمال التحليل اخلطايب، مراتب تناسب تضيقا ثالثيا للنظريات املتداولة

ظريةالعرضية الن "ر ا مرتبةاحلوا م فأ. "ظريةالتعارضية الن "و"ضيةار ظرية االعت الن " "ظرية العرضية الن "

هذا األخري خبصائص لربهاين، ويتميز العارض ينتهج يف عرضه مناهج االستدالال ن فإ "للحواريةصورية من جتديد وتدقيق وترتيب، ومن بسطللقواعد ومتايز للمستويات واستيفاء الشروط واستقصاء

1.العناصر

"الحجاج"احملاور يستند إىل املنهجاالستداليل ن ضية للحوارية، فإاية االعرت ظر ن ا مرتبة احملاورة وال م وأمات والنتائج، ويفهم من قوله وهو منوذج ينتمي إىل اال التداويل، كأن يطوي احملاور الكثري مناملقد

.يذكر دليال صحيحاعلى قوله من غري أن يقصد التدليل به ه أمور غري تلك اليت نطق ا، وكأن هذا املنهج هو سبيل احتجاجي ال برهاين يقيد فيه املقام الرتاكيب، ويرجح فيهالعمل ن ويرى أ

2. على النظر

41،صوجتديد علم الكالم، مرجع سابقطه عبد الرمحن، يف أصول احلوار 1 46املرجع نفسه، ص 2

41

هو املتحاور يعتمد منهجا استدالليا ظرية التعارضية للحوارية، فإن ا مرتبة التحاور والن م وأوتتمثل طرقه يف أن يثبت املتحاور قوال من أقاويله بدليل، مث يعود ليثبته بدليألقوى، وأن " ج التحا "

1.يثبت قوله بدليل مث ينتقل إلثبات نقيضه بدليل آخر، وأن يثبت قوال بدليل ويثبتنقيضه بعني الدليلصل ناألأ"؛ إذ يرى "الخطاب والحجاج"اه مس "ناز يسان والم الل "قد بابا يف كتابه كما ع

ب اخطبغري خطاب، واله ال كالم ن ء على أواازية، بناتكوثر الكالم هو صفته اخلطابية واحلجاجيةفي 2. بغري حجاج، وال حجاج بغري جماز

ه ج فرعية، ومو مية ف من أفعال تكل ب أو مؤل ك مي لغوي مر عن فعل تكل احلجاج عبارة ويرى أن 3. إىل إثبات أو إبطال دعوى معينة

ف على ي استحضارهاللتعر ينبغي على املتلق ة خطابية ترد يف سياق حواري معني ج ح كل وأن . ن من تقوميها بنيتها والتمك "ضاالعتراقصد"و "عاء د قصد اال": من مبدأين أساسيني مهاف احلجاج انطالقا ر كما ع

له االعرتاض ق مخصوصة حيه إىل الغري إلفهامه دعوى ج منطوق به مو ه كل ن احلجاج أ د ح إذا: "يقولعلى دراسة ز ومراتب احلجاج ورك 5"نماذج التواصل وأنواع الحجاج"عن ث يف كتابه كما حتد 4"عليهاة م احلجاجي، ودراسة االستعارة باعتبارها من أقدر األساليب التعبريية علىإمداد اخلطاب بقو السل .التكوثرع و التفر

):العمريمحمد ( الحجاج في الدرس البالغي 2_2

ة م عا ي عريب يظهر عنده االهتمام مبقوالت البالغة املعاصرةأبرز بالغ محمد العمري د يعالقدمية، اخلطابة العربيةرة حول بعض مظاهر اإلقناع في ة، سواء من خالل دراسته املبك واحلجاجية خاص

الطموحة إلعادة رسم خارطة اد هذا التيار، أو اهتماما أو من خالل ترمجاته املتعددة لبعض رو

51ص ، وجتديد علم الكالم، مرجع سابقطه عبد الرمحن، يف أصول احلوار 1 الد ار البيضاء، املغرب، ط ،املركز الثقايف العريبامليزان والتكوثر العقلي،: طه عبد الرمحن2 213ص،1998، 1 262ص، نفسهاملرجع 3 270ص، املرجع نفسه4 226صاملرجع نفسه، 5

42

.1حوية واملنطقية للبالغة العربية القدمية، روافدها، اجتاهاا، امتدادااوخصائصها الصوتية والن ة عام للبالغة إىل التنبيه إىل البعد اإلقناعي "في بالغة الخطاب اإلقناعي"يف كتابه العمرييهدف

هيمنة صياغة سي معلى وجه اخلصوص، مث نالعربية، هذا البعد الذي كان حاضراعند اجلاحظ ع على اخلطابةاولبريختو لبيرلمانر البالغي ق فيه الباحث التصو ولقد طب . ربيةللبالغة الع السكاكي

2. زها على الشعر اإلقناعية اليت متي جمتهدا يف كشف آلياا ،ل اهلجري العربية يف القرن األو صح فيها الن السياسية وهي حماورة بني األنداد، ويكثرصا يف اخلطابة وقد رك ز على املقام خصو

اس وتنظيم العالقة بني الن واملشاورات، واخلطابة االجتماعية وتكون فيها موضوعات اجتماعية تتناولوتعتمد على احلجج ... رات واألحزان املس اتمع، وخطب ذات طبيعة وجدانية، هدفها املشاركة يف

3. ل املؤثراملقنعة واألسلوب اجلمي :البالغة بقوله العمريرف ، يع"لجديدة بين التخييل والتداولالبالغة ا": ويف كتابه

4". وتصديقا عا، إيهاماإىل التأثري أو اإلقناع أو مها مالبالغة هي علم اخلطاب االحتمايل اهلادف "" املنطقيواحلجاجي ، يته، يف بعديه التخييلي األديب م باخلطاب يف كل ا علم عتيق يهت إ.

):اوي أبو بكر العز (رس اللساني الحجاج في الد 2_3

، الذي ويا ز بكر الع أبوغوي املغريب ساين يف العامل العريب ارتباطا وثيقا بالل رس احلجاجي الل د يرتبط ال بقصد التأثري وظيفة حجاجية غة حتمل بصفة ذاتية وجوهرية الل رته املختلفة أن د يف مؤلفاته وحوا يؤك

من غري حجاج وال حجاج من غري ال تواصل: ينطلق يف أحباثه من مبدإ عام هو واإلقناع، وهو 5. تواصل

فرضية ) العربية غة وهو دراسة وصفية للحجاج يف الل ( "غة والحجاج الل "يف مقدمة كتابه اوي العز د ك يؤ ا ملعىنم تعريف د غة، مث ق الل اكتشاف منطقغة الطبيعية، كما يروم من خالهلا الطبيعة احلجاجية لل

م، 2008، 1بريوت، لبنان، ط، دار الكتاب اجلديد املت حدة البالغة املعاصرة،حممد سامل حممد األمني الطلبة، احلجاج يف1 287ص

تداولية،أطروحة دكتوراة، جامعة دراسة ، يف كتاب اإلمامة والسياسة البن قتيبة طاب احلجاجي السياسياخل :ابتسام بن خراف2 180، ص2009/2010باتنة،

59،صم2،2002ط ،ار البيضاء الد ،اخلطاب اإلقناعي، إفريقيا الشرقيف بالغة :حممد العمري3

06،صم2005ط، .د،ار البيضاء الد ،لتخييل والتداول، إفريقيا الشرقحممد العمري، البالغة اجلديدة بني ا4

ابتسام بن: نقال عن-م2006تواصل من غري حجاج، وال حجاج من غري تواصل، بيان اليوم، املغرب ،أبو بكر العزاوي، ال 5 182ص خراف، اخلطاب احلجاجي السياسي،

43

التقدمي والتسلسل والرتتيب واالستنتاج م خلطاب يعتمد على آليات ؛ إذ يعتربه إجناز املتكل احلجاج .1دف التأثري واإلقناع

لنظرية غوية، اليت هي امتداد وتطوير لقد حاول الباحث يف كتابه اإلحاطة بنظرية احلجاج الل ، واليت سامهت )ديكرو( مث تطورت يف أعمال ،ال أو ) أوسنت وسريل(غوية املتبلورة يف أعمال األفعال الل

احلجاجية وظيفة، وهي الوظيفة غة، إن مل تكن أهم يف الكشف عن وظيفة أساسية من وظائف الل ) بل، لكن، حىت(مثل ةغة العربي يف الل وابط احلجاجية الر اوي العز كما درس . غة املنطقية اإلقناعية لل

املظهر احلجاجي لبعض أنواعها، ظاهرة االستعارة و كما درس, ز على االستعمال احلجاجي هلا ك ور ر مفاده أن و عن تص واإلبطال والقوة احلجاجية، ودافع م احلجاجي سل ا على مفاهيم ال ز مرك القول

.غوية العادية من األقوال الل ة حجاجية عالية االستعاري له قو ا من إاجلملة، جمال احلجاج ليس هو القول أو ن أ )الخطاب والحجاج(ه ف العز اوي يف مؤل ر ويق

د هذه طرائق اشتغاله، ويؤك ى جماله احلقيقي هو اخلطاب واحلوار، حيث تظهر وجوه استعماله وتتجل اخلطاب ،طاباتموعة من اخل –املعاصرة وفق منهجية النظرية احلجاجية -الفكرة من خالل حتليله

يا إىل إبراز اجلوانب احلجاجية احلجاجية للخطاب القرآين ساع القرآين على رأسها، حيث درس البنيةصوص واخلطابات مبختلف أنواعها وبيان أمهية التحليل احلجاجي للن االستداللية املتجلية فيه،

للس ورة القرآنية حماولة منه الستجالء بعض املظاهر احلجاجية ا وأمناطها، ويرى أ وأن " سورة األعلى" اخلطاب القرآين خطاب إهلي كتب بلغة طبيعية هي الل غة العربية، وهو موج ه إىل كاف ة البشر، إن ه

2.لطبيعي واالستدالل غري الربهاينخطاب يقوم على احلجاج واملنطق االكرمي جند جهود يف القرآن ومن اجلهود العربية املعاصرة اليت سل طت الضوء على دراسة احلجاج

ظريات احلجاجية تطويع الن يف دراسة وحتليل اخلطاب القرآين، معتمدا على "عبد اهللا صولة"الدكتور

: فيه إىل نتيجة مقتضاها وقد وصل "الحجاج في القرآن الكريم"الغربية، من خالل مؤلفه

: فاألبواب الثالثة يف الكتاب اخلطاب القرآين خطاب حجاجي مقنع بوجه من الوجوه، ن أ

خصائصه : في القرآن الكريم خصائص كلماته وحركتها الحجاجية، التركيب: المعجم القرآني(

تقود إىل نتيجة واحدة )الحجاج فيها خصائصها ووجوه: الصورة في القرآن –وجوه الحجاج فيه

08، صعزاوي، اللغة واحلجاج، مرجع سابقبو بكر الأ1

9اللغة والحجاج، مرجع سابق، ص: أبو بكر العزاوي: ينظر 2

44

متلقيه، أو هو باألحرى حوارية بينه وبني احلجاج يف القرآن الكرمي هو حوار دائر ووحيدة هي أن طا على العقول يف شكل وليس هو عنفا مسل معترب فيها حضور الطرف املتلقي حضورا فاعال،

1.استدالالت جامدة

51قرآن الكريم، مرجع سابق، صالحجاج في ال: عبد � صولة 1

45

الحجاج في الثقافة الغربية: المبحث الثاني الحجاج في الفكر اليوناني القديم: المطلب األول

لقد تناول فالسفة اليونان الكثري من الظواهر املرتبطة باملمارسة احلجاجية بدرجة عالية بدرجة

ح الدميقراطي الذي شهدته احلضارة اليونانية والطي قة والشمول، ساعد يف ذلك التفت عالية من الد

وعيا للتنظري لفين اخلطابة ...) ، سقراط، أفالطون، أرسطو1السفسطائيني(محل لقدماء اليونان

آثار ولعل .هي احلجاج نفسه واجلدل، مبينني من خالهلما إسرتاتيجية اإلقناع، وهذه اإلسرتاتيجية

ثريا فيما سيلحقها من أحباث ودراسات بالغية تتمثل يف تألك األعمال وأبلغها رسطو هي أهم تأ

د أرسطو وجود احلجاج يف اخلطابة كما يف عالقة احلجاج مبجالني آخرين مها اخلطابة واجلدل فقد أك

اخلطابة تعتمد احلجاج شأا يف ذلك شأن اجلدل مع اختالف كامن يف بنية اجلدل، مبعىن آخر إن

ه يف اجلدل حجاج بالقياس يف أغلب فهو يف اخلطابة حجاج باملثل خاصة ولكن . احلجاج يف كليهما

م أرسطو مفهوما للحجاج جيعله قامسا مشرتكا بني اخلطابة واجلدل، ذلك أن فقد قد . 2األحيان

فن " باملفهوم اليوناين كما ترمجها العرب القدامى هي (la rhéthrique)طوريقااخلطابة أو الري

يف الوظيفة اإلقناعية هي وظيفتها األساسية، كما أكد ذلك الفارايب ، وأن "اإلقناع عن طريق اخلطاب

كما أن للجدل ضربني من "حيث يقول أرسطو . 3"اخلطابة صناعة قياسية غرضها اإلقناع: "قوله

املثل مها االستقراء والقياس احلقيقي أو الظاهري، فاألمر كذلك فيما يتصل باخلطابة، ألن احلجاج

أمسي ضمري القياس اخلطايب، وأمسي املثل استقراء استقراء، والضمري قياس ظاهر، وتبعا لذلك فإن

4.خطايب

.تيار فكري ظهر يف العامل اإلغريقي: السفسطة -1 ،2007/2011 ،2ط-1ط ، إربد، لبنان،عامل الكتب احلديث لشعر العريب بنيته وأساليبه،احلجاج يف ا" سامية الدريدي. د -2

.18ص، منشورات أرسطو إىل اليومأهم نظريات احلجاج يف التقاليد الغربية من : هشام الريفي، احلجاج عند أرسطو، ضمن كتاب -3

142، ص1998اآلداب تونس كلية : نقال عن ،1356، 2، ط ، الفصل1986الثقافية العامة، بغداد عبد الرمحان بدوي، دار الشؤون: اخلطابة، تع :أرسطو -4

.17عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، ص

46

هذه العالقة القائمة بني اجلدل واخلطابة من جهة نوع احلجج جتعل اخلطابة كما يقول إن

1.أرسطو نفسها فرعا من اجلدل

و جمال فكري خالص، فهو عادة ما يكون بني شخصني ذاحلجاج اجلديل بعبارة أخرى إن

توجيه الفعل وتثبيت منهما إقناع صاحبه بوجهة نظر معينة، وأما احلجاج اخلطايب فمجاله كل حياول

2.للجماهريأو صنع االعتقاد فهو حجاج موجه االعتقاد

يربط إذن فقد تناول أرسطو احلجاج من زاوية بالغية ومن زاوية جدلية، فمن الزاوية البالغية

احلجاج باجلوانب املتعلقة بالقناع، ومن الزاوية اجلدلية يعترب احلجاج عملية تفكري تنم يف بنية حوارية

ترتبط ا الضرورة، فهاتان النظرتان املتقابلتان تتكامالن يف وتنطلق من مقدمات لتصل إىل نتائج

أنواع احلضور ومن الرغبة يف ملفهوم اخلطاب، إذ يبنيه انطالقا من )أرسطو(التحديد الذي يقدمه

.النوع االستشاري، النوع القضائي والنوع القيمي: اإلقناع، وحيدده يف ثالثة أنواع

:وقد ميز بني ثالث مستويات من احلجج

اخلطيب: يف عالقتها باألركان الثالث للفعل اخلطايب )اإليتوس، الباتوس، اللوغوس(

.املستمع، اخلطاب

يصف اخلصائص املتعلقة بشخصية اخلطيب : "الخطيب/ثالبا"" ethos"اإليتوس -

.والصورة اليت يقدمها عن نفسه

ويشكل جمموعة من االنفعاالت يرغب اخلطيب : "المستمع/ المتلقي"" pathos"الباتوس -

.يف إثارا لدى املستمعني

يف وميثل احلجاج املنطقي ميثل اجلانب العقالين : "الخطبة/ الرسالة"" logos"اللوغوس -

3.السلوك اخلطايب، فريتبط بالقدرة اخلطابية على االستدالل والبناء احلجاجي

معاملها مع أرسطو من خالل مؤلفه ة احلجاجية قد اتضحت البالغ من هنا ميكن القول أن

حيث يعد أهم كتاب أجنزه، ولعل متيز هذا الكتاب يرجع إىل تركيزه على " اخلطابة"املعروف ب

مما أعطى للبالغة . ليت استخلصها من حبثه ضمن املنطق اجلديل أو التواصل اليومياالقناعية االوظيفة

: جج ومقامات التواصل اليت حصرها ضمن ثالثة أجناسبعدا حجاجيا انعكس يف اهتمامها باحل

.17ص مرجع سابق، عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، -1 .18ص، مرجع سابق،سامية الدريدي، احلجاج يف الشعر العريب القدمي-2 .18، 15، صمرجع سابقحممد طروس، النظرية احلجاجية من خالل الدراسات البالغية واملنطقية واللسانية، -3

47

"بيرلمان"القضائية واالستشارية واالحتفالية، قاده ذلك إىل وضع أسس الدرس احلجاجي، وقد دفع

بيرلمان، اعرتافا بفضله ومكانته يف الدرس البالغي احلجاجي، وهلذا وقف "أب الحجاج"إىل نعته ب

1.عند بالغة أرسطو

ربي الحديثـــالحجاج في الفكر الغ : المطلب الثانيمن خالل أعمال يعد احلجاج نظرية غربية حديثة تنولتمن جانبني؛ جانب تداويل وقد ظهر ذلك

لقد وضع هذان العاملان أساس النظرية احلجاجية رغم . "بيرلمان"وجانب بالغي مع "ديكورو"

اختالف توجههما، علما أن البحث احلجاجي له جذوره القدمية اليت متتد إىل اليونان وبالتحديد إىل

احلجاجي احلديث من الرتاث الذي أرسى معامل الدرس احلجاجي، ولذلك استفاد الدرس " أرسطو"

2.بعثه من جديد يف ثوب جديد أال وهو النظرية احلجاجيةاليوناين القدمي، فحاول

غة المنها الب تتجاذبهولقد شكل احلجاج يف العصر احلديث حلقة وصل بني علوم شىت

واحد منهما طريقته وآليته والتداولية اللتني اهتمتا ذا املبحث من منظور زاويتني خمتلفتني، كان لكل

نظر للموضوع واملنطلق أيضا سواء أكان تداوليا أو بالغيا، وسنعرض يف الدراسة املستندة إىل وجهة ال

يف تيتيكاوزميله انبيرلمجهود أهم الباحثني وإسهامهم يف إثراء الدرس احلجاجي من أمثال

ميشال ، »التداوليات المدمجة « يف ديكورووأنسكومبر، »البالغة الجديدة « مصنفهما عن

.ومشروعه احلجاجيوتولمين » نظرية المساءلة « يفمابير

Chain perelmanبيرلمان: البالغة الجديدة أو نظرية الحجاجا عند -1-1

حاول بريملان أن جيعل من النظرية البالغية أداة تفسري وحتليل وغريها من الظواهر الفلسفية

لحجاج والدفاع عن أمهية والقانونية باخلصوص، من هنا تولدت حاجته إىل بناء تصور نظري ل

.وجدواه على ضوء املفاهيم البالغية والفلسفية والقانونية

هو نظرية حجاجية معاصرة هلا أسس " )مبحث في الحجاج، الخطابة الجديدة( إن كتاب

احلجاج من ريقة -يف هذا املصنف- )بيرلمان وزميله( ومبادئ يقوم عليها، وقد خلص الباحثان

.12، ص2010شتاء 44نور الدين نورناشة، احلجاج يف الدرس اللغوي الغريب، جملة علوم إنسانية السنة السابعة العدد -1 .1ص ،نفسهرجع امل-2

48

غة مثل العلوم ل األبنية االستداللية واردة، مقربني إياه من جماالت استخدام الاملنطق ومن أسر

1.اإلنسانية والفلسفة والقانون

تعريفا جديدا للحجاج، جيعله مجلة من األساليب تضطلع يف اخلطاب بوظيفة بيرلمانيقدم

ناع معربا عن غاية احلجاج هي محل املتلقي على اإلقناع مبا تعرضه عليه والزيادة يف حجم هذا اإلق

2.ا هي الفعل يف املتلقي على حنو يدفعه إىل العمل أو يئته إىل القيام بالعملاألساسية إمن

والذي ظهر من (traite de l'argumentation)إن بريملان يف مؤلفه املشرتك مع تينيكا

ينزل احلجاج بني اخلطيب (la nouvelle rhétorique)"اخلطابة اجلديدة"قبل باسم

ومجهوره، أي أن يكون هناك تفاعل من اخلطيب واجلمهور وجند صلته باخلطابة األرسطية واضحة،

درس تقنيات اخلطاب اليت من شأا أن تؤدي باألذهان إىل التسليم : "ويعرف املؤلفات احلجاج بأنه

3"أن تزيد يف درجة ذلك التسليم مبا يعرض عليها من أطروحات أو

ويف موضع آخر جيعالن غاية احلجاج هي جعل العقول تذعن ملا يطرح عليها أو يزيد يف درجة

، فأجنع احلجاج ما وفق يف جعل جدة اإلذعان تقوى درجتها لدى السامعني بشكل اإلذعانذلك

على األقل يف جعل السامعني عنه، أو هو ما وفق اإلمساكيبعثهم على العمل املطلوب إجنازه أو

.مهيئني للقيام بذلك العمل يف اللحظة املناسبة

وعلى هذا فإن مفهوم بريملانوتيتيكا يستند إىل صناعة اجلدل من ناحية وصناعة اخلطابة من

.ناحية أخرى، بكيفية جتعل احلجاج شيئا ثالثا، لنقل إنه خطابة جديدة

اجلدل التأثري الذهين يف املتلقي وتسليمه مبا يقدم له فاحلجاج حسب التعريف املذكور يأخذ من

العقل واإلدراك، وهو يأخذ من اخلطابة أيضا توجيه وإذعانه ملا يعرض عليه إذعانا نظريا جمردا جماله

4.السلوك أو العمل واإلعداد له والدفع إليه

واإلذعان إن العمل احلاصل بواسطة احلجاج على صعيد العقل هو عمل التأثري النظري

يف -، مؤد إىل العمل السلوكي الذي كانت من مجلة مصادره )وهو غاية اجلدل عادة(والتسليم

العاطفة امللتهبة واملشاعر اجلياشة، ومعىن هذا أن العمل املرتتب على احلجاج ليس -منظور اخلطابة

.72ص مرجع سابق، ابتسام بن خراف، -1 .21سامية الدريدي، احلجاج يف الشعر العريب القدمي، مرجع سابق، ص -2 .299، صنفسه املرجع -3 29 - 28ص مرجع سابق، عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، -4

49

أ له العقل والتدبر والنظر وهكذا متوسال إليه باملغالطة والتالعب باألهواء واملناورة، وإمنا هو عمل هي

منعزال بعضها عن بعض، عندمها قوى متضامنة متفاعلة، ال قوى ) العقل واهلوى(تكون قوى اإلنسان

وهو ما يدعمه قوهلما منذ فاحتة كتاما بأن حجاجهما أو خطابتهما اجلديدة مرتبطة باجلدل

.اإلبداعإىل اإلتباعواخلطابة عند اليونان، ولكنه ارتباط جتاوز

يرتتب على هذا شيء مهم جدا بالنسبة إىل من هو مقدم على دراسة احلجاج يف نص مثل

بإضفائهما بعدا عقليا على احلجاج أو اخلطابة اجلديدة، قد أخرجا بيرلمانوتيتيكاالقرآن، وهو أن

ذته من العرب يف اخلطابة من دائرة االام بالتالعب باجلمهور على حنو ما فهمها أرسطو وبعض تالم

، وعلى حنو ما فهمها روالن بارت يف بعض مقاالته يف احلديث )ه428ت(ابن سينا القدمي مثل

يقاسم فيها اخلطيب مجهوره أرضية تفاهم واحدة ومقدمات ) Dialogue(إىل اعتبارها مدار حماورة

املواضع أو األفكار ومنطلقات واحدة يف احلجاج مثل الواقع واحلقائق والقيم وكيفية ترتيبها ومثل

1.العامة املشرتكة

2.احلجاج اإلقناعي واحلجاج اإلقتناعي: وقد قسم احلجاج حبسب نوع اجلمهور إىل نوعني

وميكن تلخيص أهم النتائج اليت توصل إليها بريملان وزميله تيتيكا يف دراستهما للحجاج يف

:اآليت

احلجاج من دائرة اخلطابة واجلدل الذي كان إن أهم ما قدمه املؤلفان هو حماولة تلخيص -1

.سليل هذه األخرية خباصة عند أرسطو

اعتبار احلجاج حوارا غري مرتبط باجلدل، كما رأينا عند أرسطو، فهو اخلطيب ومجهوره، -2

.والميكن أن نعتربه مغالطة أو تالعبا باملشاعر والعقول

.جاجيةاحلجاج نظرية تدرس التقنيات اخلطابية كوظيفة ح -4

.العمليةاحلجاجية عملية تنطلق من أطروحة وتتجه إىل اإلقناع -5

إعادة االعتبار ال احلجاج وتربئته من جهة من مة - من خالل كتاما -لقد حاول املؤلفان

املناورة واملغالطة والتالعب بعواطف اجلمهور وعقله أيضا، وختليصه من جهة ثانية من صرامة

فاحلجاج عندمها حوار يسعى إىل . عل املخاطب به يف وضع ضرورة وخضوعاالستدالل الذي جي

.29عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، مرجع سابق، ص -1 .44ص حممد طروس، النظرية احلجاجية، مرجع سابق، -2

50

إحداث اتفاق بني األطراف املتحاورة يف جو من احلرية واملعقولية، أي أن التسليم برأي اآلخر يكون

واالضطرار اللذين اإللزامبعيدا عن االعتباطية والالمعقول اللذين يطبعان اخلطابة عادة، وبعيدا عن

اجلدل، ومعىن هذا أن احلجاج بوصفه حوارا ينبذ العنف، أضحى له مكان خاص إلىل يطبعان

1.، ومنثم أصبحت له خصائص متيزه عنهماواإلقناعجانب الربهنة

2:متيز احلجاج خبمسة مالمح رئيسية -من خالل هذا التصور-دد بريملان وقد ح

أن يتوجه إىل مستمع -1

.أن يعرب عنه بلغة طبيعية -2

.مسلماته وبديهياته ال تعدو كوا احتمالية -3

.أال يفتقر تقدمه وتناميه إىل ضرورة منطقية مبعىن الكلمة -4

).احتمالية غري حتمية(ونتائجه غري ملزمة -5

تربز بعض املميزات اليت جيب توفرها يف اخلطاب بيرلمانإن هذه املالمح املتعلقة باحلجاج عند

احلجاج ا غري كافية إلبراز الطبيعة والبعد احلجاجي أثناء التخاطب على اعتبار أن احلجاجي، إال أ

دور املقام واألحوال املصاحبة للخطاب اسرتاتيجية لغوية تكتسب بعدها من سياق اخلطاب، أي أن

.غري جلي يف هذا التصور

بطبيعة احلال إىل باإلضافةاملتكلم واملستمع واملقام، : ج وعناصره فهينات احلجا أما مكو

، بوصفه املادة اليت يرتجم فيها مقاصد وأغراض املتكلم، هذه العناصر تندرج مع )النص(اخلطاب

بعضها البعض كمكونات هلذا اخلطاب، وتتفاعل مع بعض لتحقق النجاعة، والتواصل يف العملية

غية واملنطقية اليت يتوصل وأما األساليب والتقنيات فتتلخص يف كل الوسائل اللغوية والبال. احلجاجية

3.وحيصرها بريملانو تيتيكا يف تقنييت الوصل والفصل. ا اخلطاب إىل اإلقناع واإلذعان

:أشكال الحجاج أو التقنيات الحجاجية عند بيرلمانوتيتيكا

دراسات نظرية وتطبيقية يف البالغة اجلديدة، عامل الكتب احلديث، إربد، وجماالته، حافظ امساعيلي علوي، احلجاج مفهومه -1

.344ص ،2010، 1األردن، ط .108ص ،حممد سامل حممد األمني الطلبة، احلجاج يف البالغة املعاصرة، مرجع سابق -2من خالل مصنف يف احلجاج، اخلطابة اجلديدة لبريملانتيتيكا، مرجع ) حهومنطلقاته وتقنياتهأطر ( ينظر عبد اهللا صولة، احلجاج -3

.324سابق، ص

51

طريقة : لقد حصر بريملانوتيتيكا أشكال احلجاج يف تقنيتني أو طريقتني حجاجيتني اثنتني مها

(procède de dissociation).وطريقة الفصل (procède de baison)الوصل

ر املتباينة يف اليت تقرب بني العناص واملقصود ا الطرائق االيقاليةأو الطرائق :الوصل طرائق: أوال

بذلك قيام ضرب من التضامن بينها لغاية إبراز تلك العناصر يف بنية واضحة، أصل وجودها، فتتيح

1.حد هذه العناصر بواسطة اآلخر تقوميا إجيابيا أو سلبياولغاية تقومي أ

:وقد حصر الباحثان هذه األشكال االتصالية يف ثالثة أواع من احلجج هي

اليت تستمد طاقتها االقناعية يف مشاتها للطرائف الشكلية :الحجج شبه المنطقية -1

كذلك قد ... التناقض والتماثل التام أو اجلزئي، وقانون التعددية: واملنطقية والرياضية يف الربهنة مثل

توظف هذه احلجج مفهومي التناقض وعدم االتفاق، فالتعارض هو اجتماع حكمني متناقضني يف

مثل يف اختيار فرضيتني إلقصاء غري الالئقة منها للمقام، وبذلك يكون فرضية أو خطاب، كما يت

لكشف احملاجج عن التعارض بني قضيتني يف حجاج خصمه، أو بني فرضيتني يريد إقصاء إحدامها

2.إلقناع خماطبيه باألخرى أبلغ األثر يف كشف التناقض

الواقع، وإمنا تعتمد على وهذه احلجج ال تعتمد على :الحجج المؤسسة على بنية الواقع - 2

التجربة وعلى العالقات احلاضرة بني األشياء املكونة للواقع، فهذه احلجج تأيت لتفسري األحداث

فاحملتج يف استخدامه هلذا النوع . والوقائع، فتأيت لتوضيح العالقات الرابطة بني عناصر الواقع وأشيائه

خالل اعتماد الواقع، وبذلك يكون أكثر إقناعا من احلجج، يعمد إىل تأكيد أطروحته أو خطابه من

وتأثريا يف املتلقي، فهذه احلجج ال تصف الواقع إمنا تبين عليه حججها وتسعى إىل إقناع املتلقي من

احلجة السببية، حجة التبذير، حجة االجتاه، حجة : (ومن بني هذه احلجج جند. خالل ذلك البناء

3).مالهالتجاوز، حجة السلطة وحجة الشخص وأع

وهذه احلجج تعاكس احلجج املؤسسة على بنية الواقع، : الحجج المؤسسة لبنية الواقع -3

فهي بذلك تؤسس ذلك الواقع وتبنيه، أو على األقل تربط بني عناصره ومكوناته، . ألا تأيت لبنائه

ة التمثيل، وما وال يتأتى هذا التأسيس للواقع إال بواسطة احلاالت اخلاصة كاملثل واالستدالل بواسط

يدخل ضمنها من التشبيه واالستعارة والشاهد، فهذه احلجج تتخذ من عناصر الواقع مكونات تقوم

.32عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، مرجع سابق، ص -1 .128حممد سامل حممد أمني الطلبة، احلجاج يف البالغة املعاصرة ، مرجع سابق، ص -2 .335، 331أطرحه ومنطلقاته وتقنياته، مرجع سابق، صعبد اهللا صولة، احلجاج -3

52

بالربط بينها بعالقات تبين واقعا جديدا يستطيع من خالله احملتج أو متلقي اخلطاب إقناع املتلقي

1.بفحوى ذلك اخلطاب

لحجاجفي ا االنفصالية طرائق الفصل أو الطرائق: ثانيا

ال يقع هذا الفصل إال يف العناصر اليت تؤلف وجدة واحدة يتم جتزئتها لغايات حجاجية، من

ذلك توظيف عناصر الربط والوصل والعطف النحوية يف اخلطاب احلجاجي وكذلك استخدام مجل

اعرتاضية حتمل أفكار معينة مؤكدة ناقضة ملا قبلها أو بعدها، وغالبا ما يستخدم ذلك يف احلدود

. عريفاتوالت

أن يكون اخلطاب يف -تيتيكاوزميله بيرلمانيف نظر -وحصيلة هذه التقنيات احلجاجية كلها

احلجاج على قدر املقام، حبيث يتطابق موضوع اخلطاب وأسلوبه فال خيطر احملاجج يف فرتة الحقة من

جاجية اليت تفقد إىل غري ذلك من املنغصات احل... خطابه إىل الرتاجع أو تغيري املواقف واملواقع

2.به أيضااحلجاج مصداقيته، وكذا الذي يقوم

)نظرية األفعال الكالمية(الحجاج في التداولية -2- 1

من خالل نظرية أفعال الكالم، مبعارضة )أوستن وسيرل(انطلقت املدرسة التحليلية االجنليزية

أن الكالم "أوستن"وتفنيد النظرية السوسريية واليت أقرت بأن اللغة هي جمرد نقل املعلومات، ويرى

واملتكلم ...العادي يتضمن متكلما ومتلقيا وملفوظا، كما توجد هناك عدة أفعال ميكن ربطها باملتكلم

ه، ولكنه ينجز بعض األفعال مما تصدر عنه هذه األخرية بعض ال يصدر أصواتا فقط من خالل كالم

.احلجج اليت من شأا أن تقنع املتلقي

فمن شروط اخلطاب املتكلم واملستمع وامللفوظ، كما أن هناك أفعاال ختتص باملتكلم فقط، كما

.ينجز هذا اخلطاب بعض األفعال اليت تكون حججا يف بعض األحيان

اجلمل :" ومجل إنشائية، فيقول) خربية(اياته األوىل اجلمل إىل وصفية يف بد" أوسنت"قسم

اخلربية هي اجلمل اليت ميكن احلكم عليها بالصدق أو الكذب، واجلمل اإلنشائية هي اليت يتم احلكم

.343-336صمرجع سابق، ، )أطرحه، منطلقاته، وتقنياته(احلجاج : عبد اهللا صولة -1 .133ص ،حممد سامل حممد األمني الطلبة، احلجاج يف البالغة املعاصرة، مرجع سابق -2

53

ومن مث الحظ املقابلة بينهما ليست بالبساطة اليت كان يضنها، وقد "عليها مبعيار التوفيق أو اإلخفاق

1.ه هذه املالحظة إىل اإلقرار بأن كل مجلة تامة مستعملة تقابل إجنازا لغويا واحدا على األقلقادت

رفض بعد ذلك هذه األقوال الثنائية اليت وضعها يف املنطلق بني العقل " أوسنت"غري أن

ى مجل وصفية، وير -إن أمعنا-اإلنشائي والفعل التقريري، وخلص إىل أن كل قول عمل، وال يوجد

.أنه ملا كانت األقوال أعماال، فإنه يتعذر احلكم عليها بالصدق أو الكذب

2:وعليه فإن كل العبارات امللفوظة إجنازية على نوعني

بصيغة الزمن احلاضر املنسوب ) أمر، حض، دعاء، ي(فعلها ظاهر: مباشرة/إجنازية صرحية -

.إىل املتكلم

االجتهاد مفيد، أقول االجتهاد مفيد، : ظاهر، حنوفعلها غري : غري مباشرة/ إجنازية ضمنية-

.آمرك أن جتتهد

.وميز بني ثالثة أنواع من األفعال الكالمية

) فعل تركييب(والتلفظ بالرتاكيب ) فعل صويت(يقابل التلفظ باألصوات :الفعل القولي -1

).فعل داليل(واستعمال الرتاكيب حسب داللتها

..)يعد، خيرب، يعجب، ينذر: (ري عن قصد املتكلم من أدائهحيصل بالتعب :الفعالالنجازي -2

.ويشمل اجلانب التبليغي واجلانب التطبيقي

حيصل حني يغري الفعل االجنازي من حال املتلقي بالتأثري ):استلزامي(الفعل التأثيري -3

.عليه

.األفعال بتوفره على قوة إجنازيةفعل من هذه يز كل ويتم

3.األفعال الكالمية إىل جمموعات وظيفية وهي حسبه "أوستن"واستنادا ملا تقدم قسم

وهي األفعال اليت تبث يف بعض القضايا، وتشمل على سبيل : األفعال الدالة على احلكم -

...)أفعال التربئة، احلكم: (املثال

، 2003، 1دغنوس وحممد الشيباين، دار الطليعة، بريوت، ط سيف الدين: ك موشلري، التداولية اليوم، ترآن روجول وجا -1

.31ص: نقال عن: 24حممد حييايت، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، ص: ل إىل اللسانيات التداولية، تراجلياليل دالش، مدخ -2

.96،97ص جادي، يف السانيات التداولية،خليفة بو .159م، ص2003، 1ط ، اجلزائر،رية التداولية، منشورات االختالفء النظعمر بلخري، حتليل اخلطاباملسرحي يف ضو -3

54

فرض واقع جديد وهي األفعال اليت جتلي ممارسة احلق، وهلا قوة يف : أفعال املمارسة -

)االنتخاب، التعيني، اإلستشارة:(مثل

بعمل ما معرتف ه من قبل وهي اليت تؤسس لدى املتكلم إلزامية القيام: أفعال الوعد -

...)القسم، الرهان، التعهد: ( املخاط مثل

وهي جمموعة متباينة مرتبطة السلوك االجتماعي للمتكلم، والذي حتمله على : أفعال السلوك -

.االعتذار، التهنئة: ذ موقف إزاء املخاط مثلاختا

اإلثبات، : وهي عالقة املتكلم مع ما يقوله عن طريق احملادثة أو احملاجة مثل: أفعال العرض -

.التأكيد، النفي

:ومما قدمه سريل أنه أعاد افتتاح وتقسيم األفعال الكالمية، وميز بني أربعة أقسام

.أي الفعل املتحقق) الصويت والرتكييب(فعل التلفظ -

.)حاليواجلملياإل(الفعل القفوي -

.دي املنطوق ماالقصالفعل ) على حنو ما فعل أوسطن(الفعل اإلجنازي -

).على حنو ما فعل أوسطن(الفعل التأثريي -

أن أفعال الكالم هي ) فان دايك(انطالقا من حتديد معاين أفعال الكالم وتقسيماا يرى

وغين عن القول أن حتليال سليما ألفعال الكالم هو الغرض :" للتداولية، فيقولالغرض الرئيسي

1.الرئيسي للتداولية ألنه ال ميكن أن يتم غري فهم مسبق ملعىن الفعل أو التصرف

خاصة والتداولية عامة؟ كيف ميكن أن يكون احلجاج جزء ال يتجزأ من األفعال اللغوية : إذن

اسة احلجاج يف اخلطاب اللغوي هو شأن التداولية، فإن هلذا االعتقاد ما لئن كان العض يعتقد أن در

خيضع ظاهريا وباطنيا لقواعد وشروط القول والتلقي، وبعبارة "يربره، إذ بالفعل جند اخلطاب احلجاجي

أخرى إن كل خطاب حجاجي تربز فيه مكانة القصدية والتأثري والفعالية، وبالتايل قيمة ومكانة أفعال

وهذا ما جيعله يدخل يف صميم التداولية، ذلك يعد نصا تداوليا بسبب خضوعه . "ةبوات املتخاطالذ

ملبدأ القصدية والتأثري والفعالية، وألنه أيضا خطاب موجه من طرف املتكلم يتفاعل به مع املتلقي،

.ويهدف من ورائه إىل إقناعه والتأثري فيه

،ط.القادر قنيفي، إفريقيا الشرق، د عبد: اخلطاب الداليل والتداويل، تر ص والسياق، استقصاء احلث يفالن :فان دايك -1

.227، ص2000

55

:ويات منهاويظهر البعد التداويل للحجاج يف عدة مست

.أكد، أنكر، أجاب، فسر، نقل أقواال: أفعال اللغة املتداولة يف احلجاج مثل -

وهنا السياق التداويل هو الذي حيكم اخلطاب أو النص : على مستوى السياق -

.إخل...أجيب، أستنبط، أعرتض:استعماالتالسياق:مثل

ري أو التحاوري هو أهم مستوى وهذا املستويات على أمهية كبرية، ولكن يبقى املستوى احلوا

يلعبه يف اخلطاب والدور الذي ) املتكلم، املستمع( يف العملية احلجاجية والتداولية، فحضور الطرفني

كل منهما يف إحداث التفاعل واحلوار من شأنه أن حيقق جناعة النص احلجاجي، وجيعله يصل إىل

وهذا هو هدف التداولية من حيث أا تريد هدفه وهو بطبيعة احلال إقناع املستمع بفحوى اخلطاب،

.إحداث عملية تواصلية حتاورية تفاعلية بني طريف اخلطاب

نظرية الحجاج في اللغة عند ديكورو -1-3

منذ سنة O,ducrot"أوزفالدديكورو"إن هذه النظرية اليت وضع أسسها اللغوية الفرنسي

نظرية لسانية تم بالوسائل اللغوية وامكانات اللغة الطبيعية اليت يتوفر عليها املتكلم، وذلك 1973

بقصد توجيه خطابه وجهة ما، متكنه من حتقيق عض األهداف احلجاجية، مث إا تنطلق من فكرة

1"إننا نتكلم عامة قصد التأثري: " فمادها

اللغة حتمل بصفة ذاتية وجوهرية وظيفة حجاجية، وبعبارة أخرى هذه النظرية تريد أن تبني أن

.هناك مؤشرات عديدة هلذه الوظيفة يف بنية األقوال نفسها

إن التسلسالت احلجاجية املمكنة يف خطاب ما ترتبط بالبيئة اللغوية لألقوال ": ديكورو"يقول

2.وليس فقط باألخبار اليت تشتمل عليها

ليقرا Anscombreانسكومبرعن احلجاج يف مؤلفه املشرتك مع زميله ديكورولقد حتدث

.بأن احلجاج متجذر يف اللغة، أي أنه ال ميكن فصل اللغة عن احلجاج والعكس صحيح

ليس فقط وسيلة بل هو غاية أيضا، " : " ديكرووانسكومبر"واخلطاب كما يذهب إىل ذلك

على الغري، وهذه العملية التأثريية هي اليت تدعى احلجاج تكمن غايتها يف التأثري إخباريةفهو وسيلة

1 - Osvald Ducrot/Jean claudAnxombre,l'argumentation dans la langue

pièreMardaga, Editeur2, Galerie des princes, 1000 Bruxeelles. .16و14م ص 142/2006، 1كر العزاوي، اللغة واحلجاج، العمدة يف الطبع، الدار اليضاء، طبأبو -2

56

وغايته يف ) أو جمموعة األقوال(1ة لنا، نقول عن املتكلم إنه يقوم حبجاج حينما يقدم القول قببالنس

1).أو األقوال( 2ذلك محله على االعرتاف قول آخر ق

ليس مبجرد أن نتلفظ بقول ولكن هذه العملية وباعرتاف الباحثني التتم هذه البساطة، إذ أنه

، إن هذه العملية أعقد مما نتصور بسبب 2نكون قد محلنا املخاطب على استنتاج ق 1معني ق

2.تدخل عوامل أخرى لغوية وغري لغوية يف التحديد الدقيق للدالالت

واملعىن الفين أو االصطالحي، واحلجاج املعىن العادي: يفرق بني معنيني للفظ احلجاجديكروإن

3.موضوع النظر يف التداولية املدجمة هو باملعىن الثاين

مفاهيم احلجة اليت متثل بناءا استدالليا أو عنصرا دالليا يقدمه املتكلم لصاحل ديكروم كما قد

تكون عنصر داليل آخر، قد يرد يف شكل قول أو نص أو مشهد طبيعي أو سلوك غري لفظي، كما

والشيء نفسه بالنسبة للنتيجة والربط احلجاجي الذي يربط . ظاهرة أو مضمرة حبسب السياق

.بينهما

ب ة ترت إىل قابليتها لألبطال، غري أن هاته احلج باإلضافةفاحلجة هلا طابع تدرجيي وسياقي،

"السلم احلجاجي"ى يسم حسب القوة والضعف يف سلم

ما حصرا داللة امللفوظ يف التوجيه الناتج فتكمن يف التوجيه، حىت أ أما وظيفة احلجاج عندمها

امع ومستوى اخلطاب، خاصة مع مابني من عنه، وحيصل هذا التوجيه يف مستويني،مستوى الس

امع أو مواساته أو نروم يف العادة التأثري يف هذا الس نا حني نتكلم امع أن واآلية يف توجيه الس . تداخل

...جعله يأيت عمال ما أو إزعاجه أو إحراجه وغري ذلكإقناعه، أو

)ديكورووانسكومر(ولقد خلص حممد طروس أهم األفكار الواردة يف التداوليات املدجمة عند

:وهي كاآليت

استقالل املقول عن احملتوى اخلربي، ومن مث عدم احلكم عليه بالصدق أو الكذب واستناده -

.القة احلجج ببعضها البعضإىل القوة والضعف اليت حتكم ع

سيندمج التداول يف الوصف الداليل، ويشتغل مباشرة على البنية الرتكيبية، والوصف الداليل -

آلت له الكفاءة نفسها للذوات املتكلمة، تربط املعىن بالقول وتصور لنا احلدث اللساين باعتباره

1 - Osvald Ducrot/Jean claudAnxombre,l'argumentation dans la langue,p7. .121ي يف ضوء النظرية التداولية، مرجع سابق، صعمر باخلري، حتليل اخلطاب املسرح -2 .15، ص2008، 1صابر احلباشة، التداولية واحلجاج، مداخل ونصوص، صفحات للدراسة والنشر، دمشق، سوريا، ط -3

57

وابط والعوامل بالسالمل احلجاجية والر امتدادا للذاتية، غري أن نظرية التداولية املدجمة ارتبطت

.احلجاجية

:السلم الحجاجي-3-1- 1

:م احلجاجي هو عالقة ترتيبية للحجج ميكن أن نرمز هلا كالتايلالسل

. النتيجة: ن

".ن"احلجج وأدلة ختدم النتيجة : ب، ج، د

املنتمية إىل فئة حجاجية ما، عالقة ترتيبية معينة، فإن هذه احلجج فعندما نقوم بني احلجج

1.تنتمي إذاك إىل السلم احلجاجي نفسه، فالسلم احلجاجي هو فئة حجاجية موجهة

من إقرار التالزم يف عمل احملاجة بني قول "ديكورو"عند " السالمل احلجاجية"تنطلق نظرية

بإضافتها إىل سبة للمتكلم إال أن احلجة ال تكون حجة بالن ، ومعىن التالزم "ن"ونتيجة" ق"احلجة

:تيجة، مع اإلشارة أن النتيجة يصرح ا أو تبقى ضمنية، ويتضح ذلك من خالل املثال اآليتالن

ماذا تريد أن تفعل اليوم؟: س

أال ترى أن الطقس مجيل؟: ج

زهة، وإن مل يقع التصريح للن فاالستفهام يف القول مبثل حجة لفائدة نتيجة ضمنية هي اخلروج

2.بالنتيجة

3:قوانين السلم الحجاجي :وأهم هذه القوانني ثالثة

مستخدما من قبل متكلم ما ليخدم نتيجة معينة فيه ' أ'إذا كان قول ما : فيقانون الن -1

ينتمي إىل الفئة ' أ'ة لصاحل النتيبجة املضادة، وبعبارة أخرى فإذا كان سيكون حج ) أي أ(

وميكن أن منثل ' ن –ال 'ينتمي إىل الفئة احلجاجية احملددة بواسطة ' أ' فإن ' ن'ة بواسطة احلجاجيةاحملد

:هلذا باملثالني التاليني

.زيد جمتهد، لقد جنح يف االمتحان �

.21-20أبو بكر الغزاوي، اللغة واحلجاج، مرجع ساق، ص -1ت احلجاج يف التقاليد الغربية من أرسطو إىل اليوم، أهم نظريا: شكري املخبوت، نظرية احلجاج يف اللغة، ضمن كتاب -2

.363ص3O, DUCROT, les échelles argumentatives, Minuit, Paris, 1980, b p 10

58

.ه ملينجح يف االمتحانزيد ليس جمتهدا، إن �

.احلجاج الوارد يف املثال الثاين فإذا قبلنا النجاح الوارد يف املثال األول، وجب أن نقبل كذلك

م السل تتميما للقانون، ومفاده أن في، ويعد يرتبط هذا القانون أيضا بالن : قانون القلب -2

تني أقوى من نقيض احلجاجي لألقوال املنفية هو عكس األقوال االثباتية إذا كانت إحدى احلج

:مني احلجاجينين أن نرمز هلا بواسطة السل لى النتيجة املضادة، وميكعالتدليل ة األوىل يفاحلج

:ولنوضح هذا باملثالني التاليني

حصل زيد على املاجستري وحىت الدكتوراه

مل حيصل زيد على الدكتوراه بل مل حيصل على املاجستري

حصوله على املاجستري، يف فحصول زيد على الدكتوراه أقوى دليل على مكانته العلمية من

.حني أن عدم حصوله على شهادة الدكتوراه

غوي الوصفي يكون مساويا للعبارة النفي الل يوضح الفكرة اليت ترى أن : قانون الخفض - 3

‘moins que’فعندما نستعمل مجال من قبيل:

.اجلو ليس باردا

.مل حيضر كثري من األصدقاء إىل احلفل

هم حضروا إىل األصدقاء كل الربد قارس وشديد، أو أن اليت ترى أن فنحن نستبعد التأويالت

. القليل منهم إىل احلفلمل حيضر إال : احلفل، وسيؤول القول الثاين كما يلي

ن~ �

أ~

أ~

ن

أ

أ

59

م اخلفض الذي ينتج عن النفي ال يتموقع يف السل تتجلى صعوبة صياغة هذه الوقائع يف أن

) اجلو ليس باردا(واألقوال املنفية من منط ) اجلو بارد: من منط( احلجاجي فال تنتدرج األقوال اإلثباتية

1.م احلجاجي نفسهيف الفئة احلجاجية نفسها، وال يف السل

وابط والعوامل الحجاجيةالر -3-2- 1

وابط والعوامل احلجاجية اليت الميكن تعريفها إال غة العربية تشتمل على عدد كري من الر فالل

، لكن، بل، إذن، حىت، السيما، إذ، ألن :( قيمتها احلجاجية، نذكر من هذه األدواتباإلحالة على

)ا، تقريبا، إمنا،ما،إال مبا أن، مع ذلك، رمب

فالعامل هو الذي يقوم بالربط بني وحدتني "هنالك اختالفا بني مدلول العامل والرابط إن

أما الرابط بني فعلني لغويني اثنني، فهو دالليتني داخل الفعل اللغوي فيبقى هذا الفعل ملتحما،

2.موصل تداويل معناه أنه يكفل هذه املكونات ليجعل منها أفعاال لغوية

:العامل احلجاجي -1- 2- 1-3

ي إذ أجرى تطبيقه يف حمتوى أو ملفوظ معني يؤد ) مورفيم" (صريفة"العامل احلجاجي هو إن

3.إىل حتويل الطاقة احلجاجية هلذا امللفوظ

:ولنوضح مفهوم العامل احلجاجي بشكل أكثر ندرس املثالني اآلتيني

.الساعة تشري إىل الثامنة -1

.ال تشري الساعة إال إىل الثامنة -2

وهي عامل حجاجي مل ينتج عن ذلك أي " إال"فعندما أدخلنا على املثال األول أداة القصر

ة للقول أي اإلمكانات احلجاجية اليت إختالف يف املثالني ولكن الذي تأثر هو القيمة احلجاجي

.تتيحها

الرابط الحجاجي -2- 1-3-2

.ذي يربط بني ملفوظني أو أكثر يف إطار إسرتاتيجيةحجاجية واحدةابط احلجاجي هو ال الر

24ص مرجع سابق، أبو بكر العزاوي، اللغة واحلجاج،1حافظ إمساعيلي علوي، : وتقدمياحلجاج، مفهومه وجماالته، إعداد : رشيد الراضي، احلاجيات اللسانية، مقال ضمن كتاب -2

.234م، ص2010 ،1ط، امل الكتاب احلديث، إربد، األردنع .235، صنفسهاملرجع -3

60

ة ه يشتمل على حج زيد جمتهد، إذن سينجح يف االمتحان، فسنجد أن : فإذا أخذنا املثال التايل

.ذي يربط ينهماابط إذن ال ستنتجة منها سينجح وهناك الر هي زيد جمتهد ونتيجة م

:1وابط منهابني أمناط عديدة من الر اويأبو بكر العز ز وقد مي

. حىت، بل، لكن، مع ذلك، ألن : وابط المدرجة للحججالر -أ

.إذن، هلذا، وبالتايل: وابط المدرجة للنتائجوالر

.بل، لكن، السيماحىت، : وابط التي تدرج روابط قويةالر -ب

.بل، لكن، مع ذلك: روابط التعارض الحجاجي -ج

.حىت، السيما:الحجاجي قوروابط التساو

"ميشالمايير"نظرية المساءلة عند- 4- 1

ة، واخلطاب ظريات املعاصرة اليت قامت مبعاجلة اخلطاب بصفة عام تعد نظرية املسائلة إحدى الن

. كان تواصال عاديا أم حجاجيا يهدف إىل اإلقناع خالل عمليات التخاطب خاصة سواء ذي يتم ال

يقوم أن يؤسس منهاجا تداولياعرفية ومرتكزات فلسفية اعتمادا على منطلقات م "مابير"اع وقد استط

داخل مبدأ االختالف اإلشكالييف حتليل األقوال و المبدأ االفتراضي2:على مبدأين اثنني مها

.األقوال

وحاول ) بيرلمانخاصة (من جهود سابقيه واستخلص منهم مفهومه للحجاج "مابير"استفاد

3".دراسة العالقة بني ظاهر الكالم وضمنيه: "هإضافة جهده اخلاص، ويعرف احلجاج بأن

احلريف ه يوجد يف معىن اجلملة للخطاب احلجاجي، وهي أن "مابير"يقدم هذا املفهوم وجهة نظر

شارة أومسة حجاجية تؤدي إىل ظهور الضمين يف ضوء ما ميليه املقام، وتلوح بنتيجة ما تكون مقنعة

.أو غري مقنعة

وعند غريه من احلجاجني من املهتمني "مابير"صريح وضمين عند: وقيام احلجاج على قسمني

كحه األطراف وتتفاوض، بقضايا اخلطاب هو الذي جيعله ذا صبغة حوارية، أي مسرحا تتحاور على ر

.30أبو بكر العزاوي، اللغة واحلجاج، مرجع سابق، ص -1 ط،.، دعند نتواصل نغري، مقاربة تداولية معرفية آلليات التواصل واحلجاج، إفريقيا الشرق، املغرب: عبد السالم عشري -2

.196، ص2007 .398ص املرجع نفسه، -3

61

وهو النصف (وآية ذلك أن الكالم بانقسامه عن التخاطب إىل صريح وضمين يكون نصفه للمتكلم

1).وهو النصف الضمين(، ونصفه للسامع )املصرح به

يف دراسته للبالغة واحلجاج ينطلق من جدلية اللغة واملعىن، فاحلجاج يف نظره مرتبط "مابير"إن

" لكالم، وخاصة منه احلوار وما حيويه وكثري من تساؤالت جدلية تدفع إىل احلجاج دفعاارتباطا وثيقا با

إذ ليس دور احلجاج إال استغالل ما يف الكالم من طاقة وثراء، إن الكالم وهو يطرح األسئلة ال

2.تغيب عنه األجوبة املتوقعة، وهذا مطمئن لكنه خمادع أيضا

Toulminالحجاج في المنطق عند تولمين -5- 1

من خالل SteplmenToulminللحجاج الفيلسوف األمريكي املقاربة املنطقية مثل

حماوال حتقيق بإعطاء (Les usages de l'argumentation)" استعماالت احلجاج"كتابه

احلجاج مسة العقالنية وإكسابه مظهرا منطقيا، حيث يتحدد احلجاج لديه يف كونه حجاجا منطقيا

التعليل هو الوظيفة األساسية "نطق لتنظيم احلجج يف الوظيفة التعليلية باعتبار يستند على امل

".للحجاج، وما عداه من استعماالت ووظائف ثانوي ومشوش

ه ميكن أن نقارن احلجاج من نظرية القانون منوذجا هلذا املنطق و يرى أن "تولمين"لقد اختذ

وإذا . ياق القانوين باإلذاعات املعروضة يف احملكمةباحملاكمة، واحلجج باحلجج واإلثباتات خارج الس

ن وصف اإلجراءات اليت تطلب ا عدالة أو تناقش كان من بني هذه املهام األساسية لنظرية القانو

.أو تقرر

البحث سينصب على وصف ما ووصف املقوالت اليت خيضع هلا إجناز كل هذه األشياء، فإن

ميكن تسميته باحملاكمة العقالنية، وعلى اإلجراءات واملقوالت اليت ميكن استعماهلا يف تفعيل كل

3.فاع عنهصنف إثبايت أو الد

.37ص مرجع سابق، عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي، -12 - Mayer, logique, langage et Argumentation, p136 3 S, toulmin, les usages de l'agumentation, p60.

62

الحجاج في الخطاب القرآني: المبحث الثالث :ص الحجاجي مالمح الن 1_

حييط ذا ص احلجاجي انطالقا من نص التخاطب، وباإلطار العام الذي تتحدد مالمح الن

تبارها متعلقة مبا هو اع احمليط، وهلذا ميكنف هذا خالل جمموعة من العناصر اليت تؤلمن النص

أو يف –ص، وحضورها جمتمعة الن ذاته، ومبا هو خارج عن هذا د ص التخاطيب يف ح الن موجود داخل

ص ز الن ار لية لط اخلطاب، وميكن حتديد املالمح األو كفيل بإبراز هذه الطبيعة احلجاجية يف –معظمها

1: احلجاجي فيما يلي :ص احلجاجي يف شكله العام على مكونات أساسية هي الن ينبىن:الحجاج مكونات -أ

والغاية منها التأثري متثل نتيجة احلجاج، وهي مراد املتكلم ومقصده من خطابه احلجاجي،:ىعو الد _

ضمنية تلميحية يستنتجها واستمالة املستمع لقبول التصورات واملدركات، سواء بطريقة صرحية أو

.املستمع

م املتكل مات والبديهيات اليت يؤسس متثل معطيات احلجاج، وهي جمموعة املسل :مات المقد _

.على منواهلا حجاجه، وترتبط بنتيجة احلجاج ارتباطا منطقيا

.ميثل بيان الربهنة على مدى تطابق وصالحية املقدمات للنتيجة املقصودة: التبرير _

النتيجة عند م احملاجج قصد تقوية اليت يستعملها املتكل ة والشواهد متثل جمموعة األدل :الدعامة _

.املستمع دف تقبلها

: حنو غوية اليت تظهر مدى قابلية النتيجة للتطبيق، ميثل جمموع التعبريات الل : مؤشر الحال _

....من املمكن، من احملتمل، يرجع

املستمع لردود أفعالواليت يضعها احملاجج يف حسبانه مسبقا : واالحتياطاتات التحفظ _

.جتاه النتيجة

:بط المنطقي الر _ بالقياس ص احلجاجي عالقة منطقية استنباطية تعتمد وتكون العالقة بني أجزاء ومكونات الن

احلكم على النتيجة املنطقي يف احلكم على املقدمات والدعامة مبدى صالحيتها للمحاجة، أكثر من

191-189م، ص1،2005النص واخلطاب واالتصال، األكادميية احلديثة للكتاب اجلامعي، القاهرة، مصر، ط :العبدحممد 1

63

احلال يف النص غري احلجاجي أكثر من كوا تصورية كما هو بالصحة أو اخلطإ، فهي عالقة منطقية

.جوهر احلجاج إنشاء رابطة مقنعة بني عبارتني إذ

:القيمة الحجاجية_ جل أو األقوا دد قيمته منص احلجاجي تقوميي، تتح ل خطاب حيمل يف ذاته قيمة معينة، والن ك

فالقيمة تكمن يف هذا السلوك أو املعتقد، جة، اليت دف إىل التأثري أو تغيرياألفعال أثناء احملا

.اهلدف

:قوانين الخطاب_ دوخباصة قوانني يف داللة األقوال املستعملة يف احلجاج عاال ا أساسيا وفر تؤدي قوانني اخلطاب دو

احملاجج يسعى قدر نمتعلقا بالتأثري يف املستمع، فإ اإلفادة والشمولية واإلخبارية، وما دام األمر

ة هه من حجج وأدل ج وما يو إىل أن يلتزم يف خطابه بكل ما يعرف حول موضوع احلجاج،اإلمكان

.والفائدة اليت يرجوها من اخلطاب إىل املستمع، يف حدود اهتماماته وقدرته على الفهم واالستنتاج

انتباه د رارية اخلطاب يقتضي من احملاجج شمبدأ التعاون املشرتك بني املتخاطبني الستم ن إ

واحلجج، ليصل هذا ة مات أو التربيرات أو األدل د ستمع إىل كل ما يطرحه، سواء على مستوى املقامل

حلوار، بعيدا عن بينهما أثناء االقائم حا، من خالل التعاونملستمع إىل النتيجة املرجوة تصرحيا أو تلميا

.املفيدة التقبل ضمن احملادثة لغة الفرض واإلجبار وإلزامية

:ص القرآني الن الحجاج في-2من ايصيب كثري يا، وما جعل احلجاجالقرآن من املعطيات ما جعله خطابا حجاج لقد توافر يف

را جعل منها خصائص تكرا رر فيهغوية فيه، مثل الكلمات والرتاكيبوالصور، وهي تتك العناصر الل

1. أسلوبه املميزة

إقناع وتأثري، ه ن وكونه خطابا يقتضي أالقرآن خطاب، ن نا ننطلق من فكرة بديهية جدا وهي أ ن إ

2.ما من علومهعل ه خطاب كثرة خماطباته حىت جعلت هذه املخاطبات يف القرآن ن ومما يثبت أ

قسم ص القرآين وهذا بدوره قسمان، نوع يذكر داخل الن : واملخاطبون فيه نوعان على األقل

-ملسو هيلع هللا ىلص- شأن خطاب رسول اهللاني بامسه أو لقبه، أو بضمري اخلطاب الذي يعنيه، مذكور مع

�� �� �� �� ﴿ :وخطاب الكافرين حنو��� 1الكافرون اآلية ﴾���

40ص ،جاج يف القرآن الكرمي، مرجع سابقعبد اهللا صولة، احل1 253-217 ط، ص.س.ط، د.، د2دار اجليل، بريوت، لبنان، ج كشي، الربهان يف علوم القرآن،بدر الدين الزر 2

64

ون املتلق ذين آمنوا وهو كثري فيه، فهؤالء هم وخطاب بين إسرائيل أو أهل الكتاب، وخطاب ال

اجلمهور اخلاص أو احلجاجى يف اصطالح م ون، وميثلون ما ميكن أن يس امعون األول س ون أو ال األول

والصورة دد، فاملخاطبون هنا ليسوا بأعيام،ه غري معني و ال حم ن وقسم مذكور يف القرآن لك .ق ي الض

﴿ :حنو 1علت هلم ضمري املخاطب املفرد عادةحوية اليت ج الن � � � �� �� ���� � ���� � � �� ��﴾

.93األنعام اآلية

﴿�� � � 14النمل اآلية ﴾)��'& ��%$#�" �� ��!�

وع اآلخر من الن أم ا 2على من اعترب اخلطاب يف اآليتني لغري معني، وقد يكون الرسول

وهو ه مع ذلك معين خبطاب القرآن، ن ص القرآين غري مذكور فيه، ولك املخاطبني فواقع خارج الن

اجلمهور بعبارة احلجاجيني ه مجهور السامعني واملتلقني على اختالف عصورهم وأمكنتهم، إ ن

غضابوتشجيع خطاب ييج وا: ه أنواع، فهو حسب الزركشي واخلطاب القرآين يف ذلك كل 3الكوين

4.وتعجيز وحتسري وتكذيب وتشريف وحتريض وتنفري وحتبيب

تتحاور ق فعلي أو حمتمل، فهو مسرح عليه ها إىل متل ال عن كونه خطابا موج والقرآن فض

أقوال الكافرين حكاية –بصفة الفتة لالنتباه –بعضها بعضا، تكثر فيه ج وحيا الذوات وتتجادل

املتخاصمني واملتخاطبني على كما تكثر فيه حكاية أقوال, )قل وغريها/ صيغة يقولون(عليهم د والر

القول جمردا أكانت يف سياق حكاية سواء) ل.و.ق(ة اختالف أنواعهم، وعموما متثل مشتقات ماد

بعد نسبة التواتر اخلاصة ) ةمر 1135حوايل (عليه أعلى نسبة تواتر يف القرآن د ية القول والر أم حكا

.اجلاللة باسم

للرسول صلى اهللا عليه " ترى"واخلطاب يف : "قال ابن عاشور يف تأويل اخلطاب يف اآلية األوىل

وقال يف 376ص 7 ، ، التحرير والتنوير، ج"وسلم أو كل من تتأتى منه رؤية، فال خيتصبها خماطب

، لقد "ملسو هيلع هللا ىلص اخلطاب لغري معني، وجيوز أن يكون اخلطاب للنيب: "توجيه اخلطاب يف اآلية الثانية

الذي أنزله اهللا ليقع جاء القرآن الكرمي على سنن كالم العرب، وكان االحتجاج أحد وجوه اإلعجاز

41ص ،مرجع سابق ،صولة، احلجاج يف القرآن الكرميعبد اهللا 1 233ص مرجع سابق، ،بدر الدين الزركشي، الربهان يف علوم القرآن 2 42،صاج يف القرآن الكرمي، مرجع سابقعبد اهللا صولة، احلج3 234، صنفسه رجعالربهان يف علوم القرآن، امل الزركشي،4

65

وق ه تف ن لك 1"معجزة ة إن مل يكن ج يكون حة، وال ج وال يكون كذلك إال وهو ح"داء به االهت

فكانوا ال يقدرون " ،2 " واألدل ة فقد اشتمل على مجيع أنواع الرباهني"ة احلجاج و ظم وق عليهم يف الن

3"على معارضته وال على توهني حجته

من ... وأنت تبني يف كل ما تصرف فيه من األنواع أ نه على مستشريف: "ويقول الباقالين

"....وأحكام، واحتجاج وتقرير، واستشهاد وتقريعحكمة

اعي ة والبيان، والد اهللا جعله احلج ة أال ترى أن أقوى املواضع حج "فالقرآن الكرمي هو

4."والربهان

تبىن من فما من برهان وداللة وتقسيم وحتذير"ة لقد احتوى على مجيع أنواع الرباهني واألدل

5"معية إال وكتاب اهللا قد نطق به يات املعلومات العقلية والس كل

:ة من القرآن الكرمي وهذه بعض األدل

� � � � � �� � � ﴿ :يف قوله تعاىل:القياس المضمر -أ � � � � � � � � �� � �� �� �� � � �� � � � � � � � � � � ! � " � ! � # � # ! " ! � � % � ! �� & �� '� ( � �� ) * + , � � � % � % ! � " ! ! � ! )65) . � � � � / � 0 . � �� ) 1 , � � � 2 3 . � � � � � 4 5 6� � � � � �� 7 8 �� � 9� 3 � ��� �� �� / � � � � � � � � � ! � � � � � % � ! ! ! ! ! � # " � " # � !

� � ) ( 3 � ; < � � " � � � ◌ 9 = > � � � ? � � � � � @ ! � A % � " � ◌ C D 1 �@ � ! �� ) E & F � � G� � � � � ! ! � ! ! ! ! � " � 67/68المائدة اآليتان ﴾

املقد مة الكربى :وخترجيه حنو رنا عنهم سيئام أهل الكتاب أمنوا واتقوا لكف ن لو أ): مذكورة(

).األوىل(

).الثانية... (ألكلوا من فوقهم ... لو أم أقاموا التوراة واإلجنيل

):مضمرة(املقدمة الصغرى

).األوىل(قوا مل يؤمنوا ومل يت هم ن لك

).الثانية(وراة واإلجنيل هم مل يقيموا الت ن لك

).األوىل(ة ر عنهم سيئام ولن ندخلهم اجلن لن نكف : النتيجة

).الثانية..... (لن يأكلوا من فوقهم

28م، ص1990 ،1لبنان،ط حممد شريف سكر، دار إحياء العلوم، بريوت،: حأبو بكر حممد الباقالين، إعجاز القرآن، ت1 30ص، الزركشي، الربهان يف علوم القرآن، مرجع سابق2 44 صمرجعسابق، القرآن، الباقالين، إعجاز 3 374-373املرجع نفسه، ص4 44ص، 1992، 1ط املغربالدار البيضاء، مي،حممد الكتايب، جدل العقل والنقل يف مناهج التفكري اإلسال5

66

� �� ﴿:يف قوله تعاىل:قياس الخلف-ب � � �) * � �� + # , � � - � �. 0 . 0 . � . . . # 2 ( " 3 0 4 0 4 �� # 5 � 6 - � � � . . 0 6 � 4 4 � 7 8 � 81اآلية ﴾النساء 9 � : 4 4 0 4 , - �� �

.اختالفا اس فيه لو كان القرآن من عند غري اهللا لوجد الن ): مذكورة(املقدمة الكربى : وخترجيه

.هم مل جيدوا فيه اختالفا ن لك): مضمرة(املقدمة الصغرى

.عند اهللاإذن القرآن الكرمي هو من ): مضمرة(النتيجة

> ﴿ :قوله تعاىل: قياس التمثيل -ج � �0 . � � � 0 . . � �. �� �� � $ � = - 9 > ? � 6 - �4 . . . . . 4 . @ A� � B @ C � � D 4 . 0 . E - ( . = - G � � �. . � @� % � � � �� � � � � E + C � 6 � H � @ � � - 5 � < � � I 5 � < � - 8 3 : . � 4 . 4 4 . 0 . . 0 � . . . 0 � 4 99اإلسراء اآلية

تعاىل خالق السموات واألرض أثبت قدرته من خالل خلقه هلذا الكون البديع، فالذي فاهللا

.هذا يقدر على ما دونه وما أكثر منه على قدر

� H � � � � 2 � �� ﴿:قوله تعاىل:القياس على المحال -د � I � � �� � J � � �� � � ��FK 2 �� 2 L 1 .F L �� � 4 " ! � � " " ! � ! " ! � ! ! � " ! � ! G� E N�� � ! ! � � O 0 � E P �� Q ) F R � S ? P �� �� ) * = F I � ! � ! ! ! � ! ! ! ! ! " � ! ! T� � U ��� ! � V � L 1 �! � ! W � � P E �� X 6 P �! � � " � 40األعراف اآلية ﴾

املقد مة .اخلياط ة عندما يلج اجلمل يف سم ذبون بآيات اهللا اجلن يدخل املك:

.اخلياط لكن اجلمل لن يدخل أبدا من سم

.ة أبدا ذبون اجلن املكلن يدخل : النتيجة

على ويف القرآن الكرمي أيضا دحض حلجج الكافرين من أهل الكتاب، فاهللا تعاىل حني يرد

تمس نا الن ار إلوا لنوقا﴿ : أياما معدودات هم إال ار لن متس الن اليهود إذ قالوا إن أي اما معدودة قل ال 79البقرة ﴾مون تعلماال تقولون على الل ه ه عهده أم ف الل فلن يخلهدا ه ع دالل خذتم عن ت أ

�� �� / � ! � N E � . � ! ! ! � 9 +� = & � � �� F � � � 4 3� ��Y ! " � ! Y ! " ! ◌ � � L U � � � /� = ! � � Z = � [ )�� \ ) U F . ) 0 � = � [ )��" ! � ! " ! � " � Y � ! � �� �� � � ] � ! � [ )�� R ) � ! �� E ) & � I � �! " � ! ﴾.

:االحتماالت واحدة تلو األخرى فهم من خالل استقصاء كل فاهللا تعاىل يبني كذم

وإذا إظهاره، ه يلزمهم عوا، ما يعين أ ن ا صادقون، أي عندهم عهد من اهللا وبرهان على ما ا د إم _

.برهان مل يظهروا أي لكن . خيلف عهدهأظهروه فإن اهللا لن

67

ويف . الصحيح اين هو ل مل حيقق، فالث االحتمال األو ن كاذبون مفرتون على اهللا، ومبا أ م ا أ وام _

�+ / W ﴿.وإثباا مواضع أخرى يلزمهم اهللا تعاىل بإظهار دعواهم � � 1 � 4 � � �� � � 2 �� �� � � /! � � ! � � ! � 115البقرة ﴾ ! " األبدية بالشريعة القرآن نزل إن «حجاجي، القرآن الكرمي خطاب هذه حملات خاطفة للتنبيه إىل أن

ة واملناهج فيهمن األدل –ته الكربى وهو حج –ة، ولذلك وجب أن يكون القرآن اليت جاءت للكاف

أسلوب القرآن أمسى ن ويف احلق إاس مجيعا على اختالف أصنافهم وتفاوت مداركهم، العقلية ما يقنع الن

راحملسوس، أو األمو من اخلطابة وأمسى من املنطق، فبينما نراه قد اعتمد فيمسالكه على األمر

ل من بعض قيود املنطق اليت تتعلق اه قد حتل ر إنسان، تفيها البديهية اليت ال مياري فيها عاقل، وال يشك

ذلك بدقة التصوير حكام التحقيق، وصدق ما ل وأشكاهلا، من غري أن خيباألقيسة وأمناطها، والقضايا

أسلوب القرآن الكرمي د ت املنطق، وهلذا ال نعات ونتائج يف إحكام العقل ومثرامقدماشتمل عليه من

كان فيه صدقه وحتقيقه، وهو إىل األسلوب اخلطايب أقرب، ه حقا ال ريبفيه إنه تنزيل من منطقا،ان

1.حكيم محيد

:أشكال الحجاج/3 2:احلجاجية صوص هناك نوعان من خاصية الشكل من الن :من حيث شكل بناء الحجاج3_1

أساس رق ألطروحتني أو قضيتني متثالن إشكاال، ويبىن منهما حجاج على التط عند :وع األول الن

:حو التايل إحدى القضيتني على الن ) مع أو ضد ( ).مقدمة تطرح إشكاليتني أ و ب(عطاة م -

.أ) تدعم(حجج ختدم -

.ب) تدعم(حجج ختدم -

).ظاهرة أو مضمرة (نتيجة -

.447-446ص ،حممد الكتايب، جدل العقل والنقل يف مناهج التفكري اإلسالمي، مرجع سابق1ه 1418شعبان 2،1، سورة النمل أمنوذجا، جملة اللغة واألدب، العدد الكريماحلواس مسعودي، البنية احلجاجية يف القرآن 2

331-334. م،جامعة اجلزائر، ص1997ديسمرب

68

باحلجج، وميكن أن متثل) مة معطاة أو مقد (عن أطروحة ويتمثل يف الدفاع :النوع الثاني

:هلا بالرسم التايل

69

+

القضية القدمية الدعوى : أو

قضية اجلديةمتثل ال: النتيجةمقدمات تربير الدعامة

أدلة

شواهد التحفظات واالحتياطات

حجج مؤشر احلال

02الشكل رقم

النتيجة احلجج مقدمة األطروحة

)األطروحة اجلديدة( )املعطيات(القدمية

70

:طبيعة الحوار الحجاجي من حيث3_2 للحجاج، إذ اعترب أ ن ذلك" بريملان"انطالقا من نقده لتصور " دوجلس"دها د ح

، ومن األمناط اليت"حوار اإلقناع"أو "المناقشة النقدية"اه التصور ميثل منطا واحدا، مس

1:ما مجعه يف هذا اجلدول" دوجلس"ها ذكر

الوضع األو يل منط احلوار اهلدف من املتبعةالطريقة

احلجاج

الت عدي على هجوم شخصي هياج انفعايل مشاجرة

اآلخر

يف املتل قي التأثري صراع جديل مناظرة

)احلكم(

انتصار عملي

مناقشة (اإلقناع

)نقدية

اختالف

وجهات النظر

إثبات داخلي أو

آخر خارجي

إقناع اآلخر

حجاج مبين افتقاد دليل التحقيق

سابقةعلى معرفة

تكوين دليل

مكتسب املساومة اختالف املصاحل مفاوضة

شخصي

استقصاء

معلومات

احلصول على االستفهام افتقاد املعلومات

معلومات

احلث على فعل

)سلوك أو(

احلاجة إىل ذلك

)أو السلوك(الفعل

أو (الفعل إصدار أوامر

)السلوك

نقل املعرفة التعليم اجلهل تعليمي

: مراتب الحجاج/4ة الحج " وهي ة؛ فمنها ما يفيد اليقني اجلازم ون بأنواع من احلجج واألدل املناظرون واملستدل حيتج

.ومنها ما يفيد دون ذلك "البرهانية

298، ص1998، 3ضوابط املعرفة وأصول االستدالل واملناظرة، دار القلم، دمشق، ط: حسن حنبكة امليداين عبد الرمحان1

71

فإن كانت ملزمة للطرف اآلخر املناظر أو املعروض عليه الدليل، باعتباره مسلما مبقدمات

".ة الجدلية الحج " ا هي مذهبه، فهي أل ا شهرة مقاربة لقوة اليقني، أو ة لشهر احلج

جحا مقبوال،ار ا ها تفيد ظن ن كانت غري ملزمة للطرف اآلخر املناظر أو املخاطب، لكن وإ

ا تتالعب مبشاعر املخاطب، فيستجيب أ ن كانت دون ذلك إال وإ ".الحجة الخطابية" فهي

".ة الشعرية الحج " ولو كان عاملا بعدم صحتها، فهي ملضموا ويتأثر ا،

ة الحج " ن كانت مؤلفة من مقدمات كاذبات، أو فيها ما هو كاذب غري صحيح، فهيوإ ."الغلط"ة املرفوضة إن كانت قائمة على خطأ غري مقصود، فهي وهذه احلج ."المرفوضة

املخاطب أو من أجل تضليلن كانت قائمة على خطأ مقصود من أجل التمويه على اخلصم، وإ

الفالسفة ظهروا يف ة سوفسطائية نسبة إىل مجاعة من ة املغالطة حج ، وتسمى حج "المغالطة" فهي

ة سفسطة مبعىن تقدمي حج منها كلمة واشتق "" السوفسطائيون"عصور الفلسفة اليونانية يقال هلم

:وفيما يلي شرح هذه احلجج .مبنية على املغالطة

:البرهانيةة الحج على هيئة ة اليت تفيد اليقني، وتتألف يف القياس من مقدمات يقينية ى الربهان، وهي احلج وتسم

.تفيد نتيجة يقينية، والقني فيها مساو لليقني يف املقدمات

وفق غاملصو ة الربهانية طريقها أحد طرق االستدالل املباشر، أو القياس الصحيح وهذه احلج

العدد منقسم هذا: "املنتجة بيقني، ونالحظ وجودها يف احلقائق الفكرية، كقولنااألشكال أحد

.فهذا العدد زوج" مبتساويني وكل عدد منقسم مبتساويني زوج

العظيم، فإذا ومن احلجج الربهانية يف القرآن قياس إعادة اخللق على بدئه، بالنسبة إىل اخلالق

على اإلعادة قادر فهو –تمرة ال تنقطع وال تتناقص وهذه القدرة مس –ظهرت قدرته على البدء

1: فنقول هذه احلجة على طريقة القياس االستثنائي غوباستطاعتنا أن نصو عليها

مامتساويان من كان قادرا على بدء اخللق، فهو على إعادته بعد موته وفنائه قادر، أل.

.فهو على إعادته قادر. لكن اهللا قادر على بدء اخللق بدليل ما خيلق باستمرار

:وباستطاعتنا أن نصوغها على طريقة القياس االقرتاين فنقول

.بدء اخللق واعادته متساويان حبكم البديهة

.وكل متساويني حاهلما بالنسبة إىل القدرة متماثل متاما

298ص ،مرجع سابقضوابط العرفة وأصول االستدالل، ،عبد الرمحن حسن حنبكةامليداين1

72

.فبدء اخللق وإعادته حاهلما بالنسبة إىل القدرة متماثل متاما

وكل من قدر على بدء اخللق قادر على إعادته" م ا قضية مسل " قد بدأ اخللق بقدرته اهللا

.بدليل متاثلهما

. "وهذا هو املطلوب بالدليل"فاهللا قادر على إعادة اخللق

1:الحجة الجدليةلليقني، فال فة من مقدمات مشهورة، تعتقد اجلماهري مضموا اعتقادا مقاربا ة املؤل هي احلج

ن هذه املخاطب، ولك م ا نقيضه ممكن، أو املؤلفة من مقدمات يسل بأن يشعر الذهن ألول النظر

ة اجلدلية يف أي طريق من م هذه احلج د وتق .ام املقدمات ال ترقى يف حقيقة حاهلا إىل مرتبة اليقني الت

يف شكل منتج من أشكال –يف العكس –يف التقابل "املباشر، طرق االستدالل املباشر أو غري

."يف التمثيل –االستقراء يف –الصحيح القياس

وتوجد أمثلتها يف كل جماالت الفكر وتكثر يف قضايا احلق والواجب، كالقانونيات،

.وغري ذلك واألخالقيات وتكثر أيضا يف االجتماعيات، والسياسيات، والقضائيات، وجماالت الرتبية

وضعنا وما ثبت فيها بيقني، أما إذا ولكن هذا إذا مل نضع يف اعتبارنا تعاليم الشرائع الربانية

مرتبة اليقني اجلازم، ذلك يف اعتبارنا فإن كثريا من القضايا املشهورة ترتقي ببيانات الشريعة القاطعة إىل

().يقينيات –لدى املؤمنني بالشريعة العارفني ملا ثبت فيها بيقني فتكون

العدل اليت ضرورة اليوم اآلخر بصفةومن أمثلة احلجج اجلدلية يف القرآن، االستدالل على

وارمني، بني الذين وعال، وان من مقتضى العدل عدم التسوية بني املسلمني يتصف ا اخلالق جل

.ار وعملوا الصاحلات واملفسدين يف األرض، بني املتقني والفج آمنوا

� ! � 0 W E ) N E �� � & P ﴿ :قال اهللا تعاىل يف سورة القلم � � " ! � ! W � � P E �� 1! � � " ﴾ )35(﴿ �� E � < � \ � 1 � � � � �! " � ! � � !

E ( �� ��< �� > �' ﴿ :وقال تعاىل يف سورة ص 35/36سورة القلم اآليتان ﴾ � �� �� .F L �� � & P � ] � � ! � ! � ! ! " ! ! � ! � � .F = N E �� 1! � � " 3� P �� 1 W � � E �� � & P � ] � _ 3 , �� O 0 ! ! � " ! � � � � ﴾ 28سورة ص اآلية ◌

الوجه هذا الدليل على غوميكن أن نصو . ا على الذين أنكروا اليوم اآلخر د وقد جاء هذا ر

:التايل

299صضوابط املعرفة وأصول االستدالل، :عبد الرمحان حسن حنبكة امليداين1

73

لو مل يكن يوم آخر للحساب واجلزاء حقيقة ثابتة، لكان واقع هذه احلياة يستلزم التسوية بني

صفةلكن . املسلمني وارمني، وهذه التسوية تستلزم نفي صفة العدل عن اخلالق جل وعال

من يوم آخر للحساب واجلزاء د ة بني املسلمني وارمني، فال بالعدل هللا ثابتة، فال تسوي

.فهذا اليوم اآلخر حقيقة ثابتة

1: الحجة الخطابية ا راجحا مقبوال، أو ها تفيده ظن ة اليت ال تلزم الطرف اآلخر باألخذ ا، ولكن هي احلج

حاأو مل اجر ا ن م، وسواء أفادته ظ ا املخاطب أو مل يسل م ية، سواء سل هي تعتمد على مقدمات ظن

.حااجر ا تفيد ظ نا ل جهة نظر املستدها من و تفده، لكن

ة تصلح يف التعليمات واملخاطبات، وتصلح لإلقناع بوجهة نظر صاحب وهذه احلج

إليه من انتهى ة، أو لإلقناع بعذره فيما ذهب إليه من مذهب فقهي، أو حكم قضائي، أو فيما احلج

.ره من رأي سياسي أو إداري، أو اجتماعي، أو غري ذلكمن شؤون احلياة ر نظرية علمية، أو فيما ق

أمثلتها يف ل املباشر أو غرياملباشر، وتوجدة اخلطابية يف أي طريق من طرق االستدال وتقدم هذه احلج

.كل جماالت الفكر

مقدمات تشتمل على ى احلجج اخلطابية املستندة إىلومعظم شؤون احلياة وقضايا اإلنسان، تعتمد عل

ظن اس بني الن اليقني، وليس مشهورا ال يبلغ مبلغ ا، وهذا الظن ج اجح من وجهة نظر من حيتر

.م ا مبقدماته أو غري مسل ما يشرتط فيه أن يكون املخاطب مسل كشهرة اليقني، وال

حجج ال تزيد ية، معظمها يستند إىل والنظريات العلمية املاد واألحكام الفقهية، واألحكام القضائية،

. الراجح عن كوا من قبيل احلجج اخلطابية، أي احلجج اليت تعتمد على األخذ بالظن

ومن احلجج .الراجح درجات مل حتصر، أدناها قريب من الشك، وأعالها قريب من اليقني والظن

.اجلدلية حول توحيد األلوهية ة إىل احلجج الربهانية واحلججاخلطابية الواردة يف القرآن، حجة مضاف

:نه قول اهللا تعاىلاخلطابية يف هذا املوضوع ما تضم واحلجة

﴿ � � � � � � ! ! a D �Y ! � � N � � . �� � � � � � ! G� 1 � b . � � � �� E F � ; � ) � � � . � � � �! ! " � � � ! � � ! ! � � � O 0 � � � � , 0 � 1� / c 3 � � � � ! ! ! [� 0� � � � � � U 1 � � �� 0� U � G� � �� � � � " @ ! ! � � N � �� ! �� ) � & F ] � � � '� F K �� � > � V � L 1! � � ! � � � ! � ! � 30سورة الروم ﴾

:وتقرير هذه احلجة يتلخص مبا يلي

300، ص مرجع سابقامليداين،ضوابط املعرفة وأصول االستدالل، حنبكةعبد الرمحن حسن 1

74

تعبدوم ها املشركون الذين تشركون باهللا خلقا من خلقه، وعبيدا من عبيده، فتجعلوم آهلة ي أ

ترضون مثل ذلك ألنفسكم، فيما بينكم وبني ما متلكون من أرقاء؟من دون اهللا، هل

ختافوم هل ترضون أن يكون عبيدكم شركاء لكم فيما متلكون من أشياء ينازعونكم فيها؟ هل

كخيفتكم أنفسكم فتستسلمون ملشاركتهم؟

من ه ض ولغ إذا كنتم ال ترضون شيئا من ذلك ألنفسكم، ملنافاته مرتبة كمالكم يف تصوركم،

به ومالكه؟ لو سلطانكم، أ فرتضون مثله لبارئكم؟ الذي هو خالقكم ومالككم، وخالق ما تشركونه

.كبريا قستم اهللا على أنفسكم لرفضتم أن جتعلوا هللا شركاء، فتعاىل اهللا عن ذلك علوا

: الشعريةالحجة

ومهية على مقدماتة اليت ال يشرتط فيها أن تفيد ظنا راجحا مقبوال، بل قد تعتمد هي احلج

فسية املخاطب الن ا تشتمل على ما يتالعب مبشاعر اذبة ال ختفى على املخاطب، إال أوصور ك

القبيل ة من هذا حج ن وطبيعي أ .فيتأثر ا ويستجيب ملضموا وقد يكون عاملا فكريا بعدم صحتها

ولتحريك هبة غبة أو مشاعر الر مشاعر الر لتحريك ا تستخدم جحا، وامن ار ا ال تفيد يقينا، وال تفيد ظن

واملخاطب . ولتحريك مشاعر اجلود أو مشاعر البخل، وحنو ذلك مشاعر اإلقبال أو مشاعر النفور،

ة نفسه أو تنقبض، ويقبل طبعه أو ينفر، ولو كان عارفا بطالن احلج تتحرك مشاعره، فتنبسط

.الشعرية

الذين يتالعبون الشعر، وعليها يعتمد اخلطباء املتشدقونوع من احلجج تعتمد صناعة وعلى هذا الن

.مبشاعر مجاهري املستمعني

الرباهني القاطعة ك للمشاعر هو من قبيل احلجج الشعرية، فقد تشتمل ولكن ليس كل كالم حمر

مثل ذلك، فال تنزل على ما حيرك املشاعر، وقد تشتمل احلجج اجلدلية واحلجج اخلطابية على

إىل مستوى اجلمع بني احلجة لى حتريك املشاعر إىل مستوى احلجج الشعرية، بل ترتقيباشتماهلا ع

.املنطقية ومثريات املشاعر النفسية، وهذا هو أبلغ الكلم

مشاعرها ومن إعجاز القرآن العظيم، تقدميه احلجج املنطقية مقرتنة مبا يأسر النفوس وحيرك

لقبول احلج ة املنطقية .

75

1:القائمة على الغلط أو المغالطةالحجة الباطلة الغلط من الغلط، وألوان) غلط(ة قائمة على خطأ غري مقصود فهي كانت مقدمات احلج اإذ

ت على ة ورد احلج عاءات والقضايا كثرية ال حتصر، ومىت ظهر الغلط يف املقدمات، رفضت يف االد

.صاحبها، مع إبانة وجه غلطه فيها

التمويه قائمة على خطأ مقصود مغلف مبا يوهم أنه حق، من أجلوإذا كانت مقدمات احلجة

أهل الباطل، وهي من املغالطات، والغرض منها إبطال احلقائق، ويصطنعها) مغالطة(والتضليل، فهي

.مة يف اإلسالم حمر

:صور المغالطاتمجع وفيمايلي . وصور املغالطات كثرية، منها مغالطات لفظية، ومنها مغالطات غري لفظية

:لطائفة من أصول املغالطات

:أوال

.يف مجيع أحواهلا القياس بضرب غري منتج من الضروب املرتوكة، لعدم صدق إنتاجها غكأن يصا -أ

.ويسوق املغالط قياسه ذا الضرب الفاسد إليهام املخاطب وتغليطه

وكأن ينعدم التمايز بني احلدود الثالثة، فيكون احلد األوسط مثال هو عني- ب األصغر، كقول احلد

–وهو بشر –األوسط هنا فكل إنسان حيوان، فاحلد . وكل بشر حيوان. كل إنسان بشر: املستدل

هو عني احلد األصغر وهو . ، والفارق هو اختالف الل فظ فقط"إنسان"

.األوسط وكأن ينعدم يف القياس وجود احلد املشرتك، وهو احلد -جـ

د فيها احت وهي ما(األوسط لفظ من األلفاظ املشرتكة ن يستخدم يف احلد ومن صور املغالطة هنا أ

.الكربى معىن آخر ، مث يقصد به يف املقدمة الصغرى معىن، ويف املقدمة)فظ وتعدد املعىن الل

: الكربى ويعتربها مقدمة صغرى، مث يقول يف املقدمة» هذا عني«: كأن يقول عن الذهب

فهذا زينة « : فيقول ويقصد بالعني هنا عني البصر، مث يستنتج نتيجته» وكل عني زينة للوجوه «

فيه، ومعلوم أنه ال عربة باحتاد األوسط فساد هذا القياس ناشئ عن انعدام احلد ، وظاهر أن »للوجوه

.فظ بعد أن اختلف املعىن الل

، ويقصدوكأن يكون للكالم معنيان باعتبارين، ويقصد باملقدمة الصغرى أحد املعنيني

.باملقدمة الكربى املعىن اآلخر

302حسن حنبكة، مرجع سابق، ص عبد الرمحن 1

76

على سبيل املغالطة يقول اهللا تعاىل يف شأن ما استدالل املستدل : ومن أمثلة ذلك

� " " "� � � F � , � � ) & F( ] 4 � � ��( ] ﴿ :تشابه من اآليات ! ! ! ◌ �� U �� ��� �! � ! ! O 0 � � 1 [ 2 � �� �� �� � F � ) & �� � ! ! ! ! � = . � � � � � � 2 3 ! ! ﴾

7آل عمران )واو(على لفظ اجلاللة، والثاين اعتبار ) اسخون الر (أحدمها عطف : فلهذه اآلية تأويالن

العطف استئنافية، واملعىن على أحد التأويلني خيالف املعىن على التأويل اآلخر، ففي

بالداللةالعطف يكون الراسخون يف العلم يعلمون تأويله، ويف االستئناف ينحصر البيان

فيأيت املغالط اادل ويقصد. نا من عند رب ا به كل آمن : اسخني يف العلم يقولون على أن الر

.يف املقدمة الصغرى أحد املعنيني، ويقصد يف املقدمة الكربى املعىن اآلخر

اختالف املعىن باختالف عود الضمري، ذلك حني يأيت: ومن أمثلة ذلك أيضا

أمساء، يصلح الضمري أن يكون عائدا على أي واحد منها، مثة ضمري ويكون قبله عد

يقصد املغالط يف املقدمة الصغرى واحدا من هذه االحتماالت، ويف املقدمة الكربى احتماال

آخر، وحبيلة تردد عود الضمري بني احتمالني، استطاع أحد العلماء األذكياء أن يتخلص من

على - رضي اهللا عنه- علي ا، أحدمها يفضل سؤال حمرج طرح عليه بني فريقني متعصبني

.على علي -رضي اهللا عنه- أيب بكر، والفريق اآلخر يفضل أبا بكر

ومل ا صعد العامل درجات املنرب، ومجوع الفريقني حمتشدون يف اجلامع الكبري، قام

الصالةاحلمد هللا رب العاملني، و : هما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال العامل أي : السائل فقال له

والسالم على سيدنا حممد أفضل اخللق وخامت املرسلني، من كانت ابنته حتته فهو األفضل

بنت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حتت علي فهو األفضل، واستطاع: وقال العلويون

.ص من املوقف احملرج ذه احليلة البارعة العامل التخل

باختالف حتديد املوصوف، وذلك حني يأيتاختالف املعىن : ومن أمثلة ذلك أيضا

وصف، ويأيت قبله شيئان أو أكثر، حيتمل كل منهما أن يكون هو املوصوف، وباختالف

حتديد املوصوف خيتلف املعىن، فيقصد املغالط يف املقدمة الصغرى تأويال، مث يقصد

.باملقدمة الكربى تأويال آخر، بغية تغليط املخاطب وتضليله عن احلقيقة

:اختالف املعىن باختالف اجلمع والتفريق كقول املغالط: من أمثلة ذلك أيضاو

وحمال أن: مؤلفة من عددين أحدمها زوج واآلخر فرد، مث يقول: اخلمسة زوج وفرد، أي

.يكون العدد زوجا وفردا بآن واحد، أي يكون كامل العدد زوجا وفردا

77

:ثانيا .املقدمات مساوية يف املعرفة للنتيجةوقد تكون املغالطة ناشئة عن كون

لسعيد فسعيد ابن إذا كان خالد أبا: كاملتضايفني اللذين ال يعرف أحدمها إال إذا عرف اآلخر، مثل

.لكن خالد أب لسعيد، فسعيد ابن خلالد ،خلالد

ه ال تثبت أبوة شخص آلخر، ما مل تثب بنوة اآلخر فهذا الدليل لغو ال فائدة منه، ألن

فيها ة يثبت ه يقدم حج ذلك العكس، ولكن املغالط قد يصطنع مثل هذا الدليل لإليهام بأن له، وك

دعواه، وتعتمد دعواه هنا على التمويه بتطويل الكالم وترديده، وصوغه على شكل

.قياس

:ثالثا تكون املقدمات: وقد تكون املغالطة ناشئة عن املصادرة على املطلوب، أي

معرفة النتيجة، وهذا هو الدليل الدوري، الذي يتوقف فيه معرفة النتيجةمتوقفة معرفتها على

.على معرفة الدليل، ويتوقف فيه معرفة الدليل على معرفة النتيجة

: فقال األرض يف وسط العامل ومن أمثلته ما وقع فيه أرسطو نفسه حني أراد أن يثبت أن

1)مقدمة كربى(جسام اخلفيفة تبتعد بطبعها عنه،األجسام الثقيلة متيل بطبعها إىل مركز العامل، واأل

املقدمة ( األجسام الثقيلة متيل إىل مركز األرض واخلفيفة تبتعد عنه على أن التجربة تدل

.ز العاملكمركز األرض هو بعينه مر ). الصغرى

هو بعينه فهنا نالحظ أن املقدمة الكربى ال تثبت حىت تثبت النتيجة، وهي أن مركز األرض

األجسام حىت تثبت املقدمةالكربى، وهي أن مركز العامل، وهذه النتيجة مبوجب قياس أرسطو ال تثبت

ان بطبعها عنه، فلزم الدور، وبذلك ك الثقيلة متيل بطبعها إىل مركز العامل، واألجسام اخلفيفة تبتعد

.القياس فاسدا

مل تكن لو: األرض كروية بقولناأن أن تقيم الدليل على : ومن أمثلة املصادرة على املطلوب

.األرض ليست منبسطة، فاألرض كروية لكن . األرض كروية لكانت منبسطة

ففي هذا الدليل مصادرة على املطلوب، ألنه يشتمل على مقدمات يتوقف ثبوا على

.ثبوت املدعي، ألننا ال نعرف كون األرض غري منبسطة حىت نعرف كوا كروية

. يضع الغربيون املقدمة الكربى قبل الصغرى، واملناطقة املسلمون جيعلون الرتتيب بعكس ذلك1

78

لو مل يكن موجودا لكان: أن نقيم الدليل على وجود شيء بقولنا: ومن األمثلة أيضا

.موجود: معدوما، لكنه ليس مبعدوم فهو

ه ال يعلم كون الشيء ليس مبعدوم حىت ففي الدليل هنا مصادرة على املطلوب، ألن

عى الذي يراد د وقفت معرفة الدليل على معرفة املعى، فت د يعلم كونه موجودا، وهذا هو امل

.الدليل عليه إقامة

ة ر بقدم املادة،وال عل ال وجود للخالق، ألن وجود الكون يفس : ومن األمثلة أيضا قول امللحد

ف التسليم به على إثبات عدم هذا يتوق مع العلم بأن .لألحداث إال احلركة العشوائية الذاتية

.اخلالق ففيه مصادرة علىاملطلوبوجود

احلركة العشوائية عاء سببية احلركة العشوائية الذاتية، مع أن د هذا من جهة، وفيه من جهة أخرى ا

الذاتية ال تصلح حبال من األحوال لتعليل األحداث الكونية املتقنةاحملكمة، اليت ال يدخل فيها اخللل

.وال تتعرض للفساد

:رابعا االستدالل على وقد تكون املغالطة ناشئة عن جتاهل املطلوب، ويتحقق هذا باهلروب من

.م الدليل على املطلوب د ق قد عى، إىل إقامة الدليل على غريه مما يلتبس به، لإليهام بأن املستدل د امل

واملغالطة هنا فه، كالم خصمه، مث يقيم الدليل على إبطال ما حر ل ستدف امل ر أن حي: فمن ذلك

غالط إىلامل أن ينسب: ومن ذلك .تعتمد على الكذب يف نسبة كالم إىل اخلصم مل يقله اخلصم

يقول ا، بل قد ينكرها، وهي يف اخلصم ال ن ا من لوازم مذهبه، مع أ خصمه قضايا يوهم ا أ

اهلروب إىل استدرار العطف، كهروب بعض : املطلوب حقيقتها ليست من لوازم مذهبه، ومن جتاهل

.على ارم ، إىل إثارة مشاعر العطف حول قضايا احلق ة الفكرية احملامني من منطق احلج

شخص عن يف عى، إىل الط د املغالط من إقامة احلجة على امل هروب: ومن جتاهل املطلوب

.ة إىل بذاءة الشتائم خصمه، وهذا يف حقيقته هروب من منهج احلج

:خامسابعض احلاالت وقد تكون املغالطة ناشئة عن التعميم الفاسد، كتعميم األحكام استنتاجا من

والباطلة بالبطالن، بدليل أن العارضة، كحكم املالحدة على مجيع األديان الصحيحةة أو اخلاص

ه أعمى ال يرى شيئا، استدالال وكاحلكم على إنسان ما بأن .ى دينا هو باطل املضمون بعض ما يسم

.إحدى عينيه عمياء بأن

79

يف بعضها، ق إال ه ال يصد األحوال، مع أن تعميم احلكم يف كل : ومن التعميم الفاسد

. بشرط شيء ال يصدق إال أو

ق إال بشرط كوم ساهني هذا ال يصد ، مع أن )ني ويل للمصل : (صوص كقول املغالط بالن

.ص يف تتمته عن صالم، وهو ما أوضحه الن

كل اسم معرب تظهر احلركات على آخره فهو جير: "وكقول املغالط بقواعد اإلعراب

مشروط بكون االسم غري ممنوع من الصرف، فإن ألن ه، مع أن هذا التعميم فاسد، "بالكسرة

.بالفتحة نيابة عن الكسرة كان ممنوعا من الصرف جر

بين يدي السورة: المبحث األول

:التعريف بالسورة/ 1

منه خفي ويسمعم ى اهللا عليه وسل يب صل يف عهد الن " سورة الفرقان"ورة مسيت هذه الس مسعت هشام بن حكيم بن جزام يقرأ سورة الفرقان : "ه قال عن عمر بن اخلطاب أن : صحيح البخاري

هو يقرأ على حروف كثرية مل يقرئينها رسول اهللا فكدت يف حياة رسول اهللا فاستمعت لقراءته فإذا مسعت ين إ: به أقوده إىل رسول اهللا فقلت م فلبيته بردائه فانطلقت سل أساورة يف الصالة فتصربت حىت

احلديث 1....."هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف مل تقرئينها

الس ورةاوال يعرف هلذه لوقوع لفظ الفرقان فيها "الفرقانسورة "سم غري هذا، ووجه تسميتها .ها وآخرهاطهلا، ووس ات يف أو ثالث مر

اهللا تعاىل ذكر منها هذا الكتاب ايد الذي أنزله على عبده حممد سم ألن يت ذا االومس ق اهللا بني احلق فر اطع والضياء املبني الذي ور الس ه الن اإلنسانية ألن ىعمة الكربى عل وكانت الن

.ور والظالم والكفر واإلميان، وهلذا كان جديرا بأن تسمى الفرقان والباطل، والن

: ه استثىن منها ثالث آيات نزلت باملدينة هي ية عند اجلمهور، وروي عن ابن عباس أن وهي مك وكان اهللا غفورا : "إىل قوله" والذين ال يدعون مع اهللا إالها آخر: "وهي قوله تعاىل 70- 68-69

2"رحيما

وهي السورة الثانية واألربعون يف ترتيب النزول نزلت بعد سورة يس وقبل سورة فاطر وعدد ، 36"احلزب " 19"، اجلزء 25أما ترتيبها يف املصحف ، ا سبع وسبعون باتفاق أهل العددآيا

"12"الربع " 37

18/312تفسري التحرير والتنوير، ،الطاهر بن عاشور -1 18/312، املرجع نفسه -2

:أسباب نزول سورة الفرقان/ 2

سول يأكل الطعام ماهلذا الر : قالو 1بالفاقة املشركون رسول اهللا ملا عري : عن ابن عباس قالالسالم : ا له، فقاليه معز ربيل عليه السالم من عند رب وميشي يف األسواق، حزن رسول اهللا، فنزل ج

م أ وما أرسلنا قبلك من املرسلني إال ": ة يقرئك السالم ويقول لك العز عليك يا رسول اهللا، رب جربيل عليه امفبين: فقال. أي يبتغون املعاش يف الدنيا 20اآلية " األسواقليأكلون الطعام وميشون يف

يا : ، قيل2السالم والنيب صلى اهللا عليه وسلم يتحدثون إذ ذاب جربيل عليه السالم حىت صار اهلدرة مالك ذبت حىت صرت : "العدسة فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: رسول اهللا وما اهلدرة؟ قال

يا حممد فتح باب من أبواب السماء ومل يفتح قبل ذلك اليوم، وإين أخاف أن : قال" اهلدرة؟مثل يعذب قومك عند تعيريهم إياك بالفاقة، وأقبل النيب وجربيل عليهما السالم يبكيان، إذ عاد جربيل

، فأقبل أبشر يا حممد هذا رضوان خازن اجلنة قد أتاك بالرضا من ربك: عليه السالم إىل حاله، فقالومن نور يتألأل ويقول لك 3ومعه سفط. يا حممد رب العزة يقرئك السالم: رضوان حىت سلم مث قال

تنقص لك مما عنده يف اآلخرة مثل جناح بعوضة، فنظر هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع من ال ي: ربكده إىل األرض النيب صلى اهللا عليه وسلم إىل جربيل عليه السالم كاملستبشر به، فضرب جربيل بي

رضوان اهللا : أكون عبدا صابرا شكورا، فقال نيا رضوان ال حاجة يل فيها، الفقر أحب إيل وأ: فقالأصبت أصاب اهللا بك، وجاء نداء من السماء فرفع جربيل عليه السالم رأسه فإذا :عليه السالم

غصنا من أغصاا السموات قد فتحت أبواا إىل العرش وأوحى اهللا تعاىل إىل جنة عدن أن تديلعليه عذق عليه غرفة من زبرجدة خضراء هلا سبعون ألف باب من ياقوتة محراء، فقال جربيل عليه

، فرفع فرأى منازل األنبياء وغرفهم، فإذا منازله فوق منازل األنبياء فضال كيا حممد إرفع بصر : السالمرضيت، فاجعل ما : "عليه وسلمأرضيت يا حممد؟ فقال النيب صلى اهللا : له خاصة، ومنا ينادي

الفقر ،الفاقة -1 الكثري الرديء، أو سقط الكالم: اهلدرة -2 أسفاط: حمركة كاجلوالف، أو كالقفة ج: السفط -3

1ويرون أن هذه اآلية أنزهلا رضوان" أن تعطيين يف الدنيا خرية عندك يف الشفاعة يوم القيامة أردت" تبارك الذي إن شاء جعل لك خريا من ذلك حيث جتري من حتتها األار وجيعل لك قصورا"

10اآلية

بن خلف حيضر النيب صلى اهللا عليه كان أيب : قال ابن عباس يف رواية عطاء اخلربساين/ 1عن ذلك فتنزلت ....... وسلم وجيالسه ويسمع إىل كالمه من غري أن يؤمن به فزجه عقىب بن أيب

272اآلية " ويوم يعض الظامل على يديه"هذه اآلية

وجهي من : وكان عقبة خليال ألمية بن خلف فأسلم عقبة، فقال أمية: وقال الشعيب/ 2تابعت حممدا عليه الصالة والسالم وكفر وارتد لرضا أمية، فأنزل اهللا تبارك وتعاىل وجهك حرام إن

273هذه اآلية

وقال آخرون أن أيب بن خلف وعقبة بن أيب معيط كانا متحالفني، وكان عقبة ال يقدم من / 3ا قرب سفر ذات يوم فصنع طعاما فدعا الناس، ودعا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إىل طعامه، فلم

ما أ، يأكل من طعامك حىت شهد أن ال إاله إال اهللا : "الطعام قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلموأن حممدا رسول اهللا، فأكل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من طعامه، وكان أيب بن خلف غائبا،

أىب أن يطعم واهللا ما صبأت ولكن دخل علي رجل ف: صبأت يا عقبة، فقال: فال أخرب بقصته قالما أنا : من طعامي إال أن أشهد له، فاستحييت أن خيرج من بييت ومل يطعم، فشهدت فطعم فقال أيب

فأخذ رحم دابة . بالذي رضي منك أبدا إال أن تأتيه فتبزق يف وجهه وتطأ عنقه، ففعل ذلك عقبةن مكة إال علوت رأسك ال ألقاك خارجا م: فألقاها بني كتفيه، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ط، .س.ط، د.د، لبنان،بريوت ، دار إحياء للفكر،سعيد حممود عقيل: أسباب النزول، تح: النيسابوري دأبو احلسن علي بن أمح1 244ص

.245، ص املرجع نفسه2 .245املرجع نفسه، ص 3

وأما أيب بن خلف فقتله النيب صلى اهللا عليه وسلم يوم أحد يف . 1بالسيف فقتل عقبة يوم بدر صرباملا بزق بزق عقبة يف وجه رسول اهللا صلى : وقال الضحاك. املبارزة، فأنزل اهللا تعاىل فيهما هذه اآلية

.2كان أثر ذلك يف حىت املوتاهللا عليه وسلم عاد بزاقه فتشعب شعبتني، فأحرق خديه و

� �� ����: "قوله تعاىل/ 4�� إىل آخر اآليات 68اآلية " ������ � �

من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، مث أتو حممدا عليه الصالة ...... عن ابن عباس أن

������ � "فنزلت . كفارة ال ختربنا أن ما عملنا...... إن الذي تقول وتدعوا إليه : والسالم فقالوا��� ���� �� � �� رواه مسلم بن دينار عن حجاج" غفورا رحيما"إىل قوله " �

:أغراض السورة/ 3

واشتملت هذه السورة على اإلبتداء بتحميد اهللا تعاىل وإنشاء التناد عليه، ووصفه بصفات مي، وجالل منزله وما فيه من اهلدى، والوحدانية فيها وأدمج يف ذلك التنويه بالقرآن الكر .......

وتعريض على الناس باإلمتنان على الناس ديه وإرشاده إىل اتقاء املهالك، والتنويه بشأن النيب :وأقيمت هذه السورة على ثالث دعائم كربى هي

إثبات القرآن منزل من عند اهللا، والتنويه بالرسول املنزل عليه صلى اهللا عليه : الدعامة األولىوسلم، ودالئل صدقه ورفعة شأنه على أن تكون له حظوظ الدنيا، وأنه على طريقة غريه من الرسل،

3ومن ذلك تلقى قومه دعوته بالتكذيب

إثبات البعث واجلزاء، واإلنذار باجلزاء يف اآلخرة، والتبشري بالثواب فيها : الدعامة الثانيةن هلم الندامة على تكذيبهم الرسول وعلى للصاحلني، وإنذار املشركني بسوء حظهم يومئذ، وتكو

أن حيبسه ويرمى حىت ميوت، وقد قتله صربا وصربه عليه: القتل صربا1 246ص أسباب النزول،: أبو احلسن علي أمحد النيسابوري2 18/312: التحرير والتنوير3

1إشراكهم واتباع أئمة كفرهم

اإلستدالل على وحدانية اهللا، وتفرده باخللق، وتنزيهه على أن يكون له ولد أو : الدعامة الثالثة 2شريك، وإبطال إالهية األصنام، وإبطال ما زعموا من نبوة املالئكة هللا تعاىل

"����� ����"جبملة وافتتحت يف آيات كل دعامة

مدار هذه السورة على كونه صلى اهللا عليه وسلم مبعوثا إىل الناس كافة ننذرهم ما ....... قال تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون "إستهالهلا ...... بني أيديهم وما خلفهم وهلذا جعل

".للعاملني نذيرا

والتذكري وضرب األمثال للحالني ببعثة الرسل وذكر بدائع من صنعه تعاىل مجيعا بني اإلستدالل .السابقني وما لقوا من أقوامهم مثل قوم موسى وقوم نوح وعاد ومثود وأصحاب الرس وقوم لوط

والتوكل على اهللا، والثناء على املؤمنني به، ومدح خصاهلم ومزايا أخالقهم، واإلشارة إىل عذاب .قريب حيل باملكذبني

18/312 ،التحرير والتنوير 1 18/312، نفسهاملرجع 2

:املبحث الثاني

أشكال وصور احلجاج يف سورة الفرقان

:تمهيد

يهتم احلجاج جبوانب كثرية يف اخلطاب حيث ال غىن للحجاج من البالغة و األساليب اازية و العناصر األخرى املراد توظيفها وأنه ال سبيل لإلقناع يف كثري من األحيان دون رصد خمتلف الوسائل اليت يعتمد عليها يف

املتلقي والتأثري فيه، وذلك إلحداث انفعال معني لدى املتلقي بفضله سيستجيب لفحوى اخلطاب ويهيأ إثارة لقبول نتائجه والتسليم ا كما أن خمتلف أفانني اإلقناع أو الروافد العامة للحجاج، تثري املتلقي وحتمله لالنتباه مع

دها أا تعىن بشؤون العقيدة وتعاجل شبهات املشركني حول حتويل آرائه وتغيري سلوكه، وإذا نظرنا إىل السورة جنرسالة حممد صلى اهللا عليه وسلم وحول القرآن الكرمي العظيم، وحمور السورة يدور حول إثبات صدق القرآن

.لصحة الرسالة احملمدية، وحول عقيدة اإلميان بالبعث واجلزاء وفيها بعض القصص للعظمة واالعتبار عز وجل على كل هذه األمور جعل كل آيات السورة تدور حول ثالث حماور أساسية ولكي حياجج اهللا

:هي .بيان أنواع التكذيب اليت لقيها النيب صلى اهللا عليه وسلم/ 1 .التحذير من سوء عاقبة التكذيب/ 2 .تثبيت النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه/ 3

احملاور الثالثة كيف أن الدين والقرآن مها الفرقان بني احلق هلذا مسيت بالفرقان ألا توضح من خالل هذه .والباطل، تكذيب وتثبيت

مث تأيت آيات دئة » ....وقالوا«لذلك جند آياا تسري بسياق متميز، فتبدأ بآيات فيها ما قاله املكذبون ر هذا السياق يف معظم للرسول وتعقيب على ما قالوا، مث تأيت آيات تتحدث عن سوء عاقبة التكذيب، ويستم

آيات السورة الكرمية، وهذا التسلسل مفيد جدا يف كل مكان وزمان ألا تعرض عليهم عاقبة التكذيب فريتدعوا .الواحدعن التكذيب بالفرقان وبدين اهللا

.وفيما يلي حماولة لتحليل آيات السورة واستخراج أشكال وصور احلجاج فيها

� � � �� � « : ويف اآليات الثالث األوىل � �� � � � � ! � " � � # � � � $ � % �� & ' � � � �� � �� � � ( ) + ) + ) + + ) ) ) . + + + . / ) 0 + + )1 ( 3 � 4 � � � �� 5 5 5 ) 0 " � 6 7 8 9 : ; < = � � � 3 � � �� 9 7 3� � : 4 � � � > � � � � � � ? @ � > � � A � B �� � C� � � D�� 5 + / E . + 0 + + + ) 5 ) F + 5 . + . + ( + ) 0 + . + . + ) + + / � �� 6 � ( ) )2 ( � � H I � � 4 �� J � �� � ? �� � + ) ) ) 5 . ) 0 +

� � � � � � � � � � � � � � � % � � � � � � L > I D % � B � � � � � � � � � 6 � ? � > � � � M ! : � 6 � ? � + . + + ) . + + ( + N . ) ) + ) . + + + 5 . 5 + . + + + � �� O � � � � P� ! Q ( 5 + ( + + )3(«

: التفسيراهللا عز وجل مجع بني التنويه بشأن القرآن وأنه منزل من اهللا وتنويه : "جاء يف تفسري التحرير والتنوير أن

1"ه الصالة والسالم ورفعة منزلته عند اهللا وعموم رسالته يبشأن النيب عل

� � �A � B �� � C «: كما يلي يبواآلية الثانية فسرها القرط D�� 3 � 4 � � � �� . + ) + + / 5 5 5 ) 0 « عظم اهللا نفسه »� � � � ? @ � > � � ( + ) 0 + . + « نز ه سبحانه نفسه عم ا قاله املشركون من أن املالئكة أوالد اهللا بنات سبحانه وتعاىل، وعم ا قالت اليهود عزير :

� � 3 « ابن اهللا، فتعاىل اهللا عن ذلك، �� 5 (� � < � � � 4 : � �3 7 9 ) F + 5 . + . + « 9 8 + +� � « كما قال عبدة األوثان : ; < = �E . + 0 + « ال كما قال اوس والثـ نـ و ي ة إن الشيطان أو الظلمة ختلق بعض األشياء، وال كما يقول من قال املخلوق قدره *:

فـ ق د ر ه تـ ق د ير ا« اإلجياد ، فاآلية رد على هؤالء أي قد ر كل شيء مما خلق» .2 مشركي العرب بعبادم ما دونه من اآلهلة، ومعجبا أويل حيث يقرع اهللا :الثالثة، ويف قوله تعاىل ا اآلية أم و

الن هي منهم، ومنبههم على موضع خطأ فداهم، وذهام عن منهج احلق، وركوم من سبيل الضاللة ما ال يركبه إال كل منخول الرأي، مسلوب العقل واختذ هؤالء املشركون باهللا من دون الذي له ملك السماوات وا ألرض وحده

3ك، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرامن غري له شري

املخاط ب املخاط ب

مفتخر بذلك وهذا ما يؤكده براعة استهالل 4"عظمته وتوفر كماالتهن ابي" حرص اهللا سبحانه وتعاىل على الس ورة مجع بني التنويه بالقرآن وجل فاهللا عز 5"كالم العرب دعنهو افتتاح بديع لندرة أمثاله " و) الذي* تبارك(

8/317 مرجع سابق،: لطاهر بن عاشورا -1 .15/366فرقة زعمت أن النور والظلمة أزليان قدميان خبالن اوس فإم قالوا حبدوث الظالم، اجلامع ألحكام اهللا :الثنوية(*)

عبد اهللا بن عبد احملسن الرتكي، مؤسسة الرسالة : أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطيب، اجلامع ألحكام اهللا، تح -2 .15/366م، 2006، 1لبنان، طللطباعة والنشر، بريوت،

لبنان، سينار عواد معروف، عصام فارس، مؤسسة الرسالة، بريوت،: الطربي، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تح: ينظر -35/457. .8/316التحرير والتنوير، مرجع سابق، -4

تعاظم خريه وتوفر: تبارك(*) .315 /8التحرير والتنوير، : ينظر -5

اهللاإثبات عظمة اهللا والتنويه

العاملني بالقرآن والرسول

« وهذا ما تؤكده مجلة 1"التعليم واإليقاظ"ألن املقصود به هنا ) ص(والرسول� ! � + + ) � �� � � � � �� �فتكون بذلك » ( + ( + ( ) � �

" «نتيجة للمقدمة األوىل � � # � � � $ � % �� & ' � � � �� � �� � �) ) . + + + . / ) 0 + + « تـ ب ار ك ال ذ ي نـ ز ل ال ف ر ق ان ل ي ك ون ل ل ع ال م ني ن ذ ير ا

)نتيجة( عالقة سببية ) مقدمة( فاآلية احتجاج لعظمة اهللا وتوفر كماالته فهو بادر بإنشاء الثناء على نفسه فيجوز بذلك أن تكون كناية

فزادت بذلك احلج ة قوة اإلقناع . الة على تلك العالقة السيما إذا حضرت فإذا حضرت العالقة السببية تأكدت الوحدة بني احلجتني الد

الة على تلك العال الر وابط الد الال م(قة على حنو ما جاء يف اآلية هي .فهي رابط مدرج للنتائج) تأكيدا على االمتنان بتنزيل القرآن الكرمي ) " الذي(وقد دعم اهللا عز وجل احلجة بتوظيفه االسم املوصول

"2 ع ل ى ع ب د ه «للضمري اهول يف هأما استعمال لغاية تتمثل يف تشريف النيب واإليذان بكونه صلى اهللا عليه »

3وسلم يف أقصى مراتب العبودية والتعظيم والتنبيه على أن الرسول ال يكون إال عبدا للمرسل ردا على النصارى ومما جيعل احلج ة أكثر إقناعا وإثارة مجلة ل ي ك ون ل ل ع ال « م ني ن ذ ير ا ه ي، كناية عن تعظيم شأن الرسول عل»

4الصالة والسالم وكذا ختويف املشركني فاملقام هنا هو ختويف وديد على عالقة رياضية وهي تقسيم الكل إىل أجزائه املكونة ثانية انتقاال شبه منطقي معتمدا لينتقل يف احلجة ال كل جزء مبثابة حج ة أو ما يسمى كذلك ببالغة التفريع له، حىت يقنع املتلقي ألن هو ذكر املرسل حجته كليا : "

5"واه دعا فكل جزء منها مبثابة دليل على يف أول األمر، مث يعود إىل تعداد أجزائهشكل من أشكال احلجج يتناول فرضيتني " وهو ما يسمى أيضا بالربهان ذي احلدين الذي يعرفه بريملان

ه سواء وقع االختيار على األوىل والثانية نصل إىل الفكرة نفسها أو املوقف ذاته وذلك ألحد األسباب يستنتج أن 6"التالية، فإما تقودان إىل النتيجة ذاا وإما تقودان إىل نفس القيمة احلجاجية

حج ته فليؤكد اهللا عز وجل ذاته بأربع أنواع من حيث وصف " لنا يف اآلية الثانية صفاته بني يف اآلية األوىل ال ذ ي ل ه م ل ك الس م و ات و األ ر ض « صفات الكربياء أوهلا التنبيه على وجوده سبحانه وتعاىل وهذا ما يثبته قوله «

.316صالتحرير والتنوير، : ينظر -1 8/318 املرجع نفسه، -2 18/233، ط. س.دط، .عاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املنايف، دار األحياء الرتاث العريب، بريوت، دروح امل: األلوسي -3 .8/317 ،التحرير والتنوير: ينظر -4 .414ص مرجع سابق، اخلطاب،اسرتاتيجيات : عبد اهللا اهلادي بن ظافر الشهري -5 .207احلجاج يف الشعر العريب القدمي، مرجع سابق، ص : سامية الدريدي -6

ا « أما يف الثانية يؤكد وحدانيته وهذا يف قوله ذ و ل د و مل يـ ت خ « فهي رد على من قال أن هناك وريثا هللا عز وجل اهللا هو املعبود أبدا وال يصح أن يكون غريه معبود ووارثا للملك، ويف الثالثة يبني لنا إنفراده باآلهلة ردا على ما ف

1"قاله عبدة األوثان ليأخذنا يف الرابعة إىل إدراك قدرته وإبداعه يف اخللق ء« وقوله و خ ل ق ك ل ش ي فـ ق د ر ه « على خلق بعض األشياء ردا على ما قالوا أن للشيطان أو الظلمة قدرة »

تـ ق د ير ا 2.داللة على قمة التقدير والتسوية» فاحلجة الثانية عرض وتفصيل للفكرة اليت تضمنتها احلج ة األوىل فنالحظ حضور عالقة تتابع بني اآليتني

إدراك واتصاف اهللا بالوحدانية "فهو حييلنا إىل ) الذي(األوىل والثانية، والعامل الذي ربط بينها هو اسم املوصول "3

اآلية األوىل اآلية الثانية )مدعم( عالقة تتابع ) مقدمة(

فهي روابط حيث تعمد اهللا سبحانه وتعاىل توظيف الرابطني احلجاجني الواو والفاء قصد التفريغ والتفصيل .مدرجة للحجج

انطالقا من عالقة "ة الشخص وأعماله حج ا علىدليبين ويؤسس حجته يف اآلية الثالثة على الواقع معتم تعايش األشياء وهي عالقة حصرها البعض يف عالقة الذات بصفاا أو الشخص بأفعاله ولذا نتحدث عن حجة

وتتمثل يف تفسري حدث أو موقف ما أو التنبؤ به انطالقا l’argument de l’essanceاملاهية أو الذات . من الذات اليت يعرب عنها أو جييلها ويوضحها

أردف ذلك بتزييف "وهذا ما ذهب إليه اهللا يف اآلية الثالثة إذ وجهنا إىل رفض ما قاله املشركون، حيث شياء واإلله جيب أن يكون قادرا على مذهب عبدة األوثان وبني نقصاا من وجود أحدها أا ليست خالقة لأل

4"اخللق واإلجيادإن اهللا يف هذه احلجة اعتمد يف تأسيسها على كسر العالقة بني الشخص وأعماله مشككا يف ثبات الشخصية أو متحلال بتطور الظروف وتغيري املقامات أو متخذا التغري أو التقلب يف ذاته مربرا لبرت هذه العالقة

تحد ث عنه، فنجاعة اخلطاب احلجاجي إذن يتوقف على مدى ذكاء حيث جيعله من ا لس مات املميزة للشخص امل

صاحبه يف اختيار اجتاه احلجة اجتاها األصلي املتصل بتثبيت العالقة بني الشخص وأعماله أو اجتاهها املعاكس 5.املتصل بكسر هذه العالقة وبرتها

.24/49م، 1981، 1التفسري الكبري ومفاتيح الغيب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط: الفخر الرازي -1 .15/366اجلامع ألحكام القرآن، مرجع سابق، : القرطيب -2 228احلجاج يف الشعر القدمي مرجع سابق، ص: الدريديسامية -3 .5/482: الطربي -4 .230سامية الدريدي،مرجع سابق، ص -5

ة لوصف ضالل أهل الشرك وسفالة تفكريهم، فهو عطف على استطراد النتهاز الفرص" ويف اآلية الثالثة

ال ذ ي ل ه م ل ك الس م و ات و األ ر ض «مجلة « وما تالها مما هو استدالل على انفراده باإلهلية، وأردفت بقوله» = � �� + + اذ املشركني آهلة دون الشامل لكون ما اختذوه من اآلهلة خملوقات فكان ما تقدم مهيئا للتعجب من اخت» � ء + > ; : 9

.اإلله املنعوت بصفات الكمال واجلاللفاخلرب غري مقصود به اإلفادة بل هو للتعجيب من حاهلم كيف قابلوا نعمة إنزال الفرقان باجلحد

1"والطغيان

ذ وا و اخت « ويف » + . + ( + + � � < � @ ? � � � �« فالواو هنا رابط حجاجي مدرج للحجج ألا أتت للتفصيل ففي قوله م ن د ون ه آهل ة .فزاد احلجة قوة وتأكيدا 2.حمسن الطباق»

+ . + 5 + ( � � < � � � 4 : � �3 7 9 « فهو عائد إىل املشركني فوظيفته هو تأكيد قوله » ( � � ? � ��« أما خبصوص الضمري 3 � R�) « ، يفو أي ال تقدر األصنام وحنوها على ضر أنفسهم وال على نفعهم، ) آهلة(إىل يعود) ألنفسهم(وضمري

نفي أن يكون اآلهلة ميلكون نشورا يقتضي إثبات فهو تكميل لفزع املشركني نفاة البعث ألن » + O � � � � + 5 �� �«قوله حقيقة النشور يف نفس األمر إذ األكثر يف كلم العرب أن نفي الشيء يقتضي حتقيق ما 3.هيته

.فهو مدرج للحجج" الواو"أما الرابط احلجاجي إن سورة الفرقان نزلت يف وقت كان املشركون قد متادوا يف استهزائهم بالنيب صلى اهللا عليه وسلم، فجاءت

آياا تثبت النيب وأصحابه وتكذ ب من يكذبونه . لذلك نرى أن اهللا عز وجل يف الس ورة يرد على أكاذيب الكفار وي ردعها لذلك تعم د أن تسري آياا ذا

.السياق تكذيب، تثبيت، جزاء تبني صدق القرآن والر سالة احملمدية، حيث جند اآليات ] 20- 4[فاآليات من تعرض ما قاله ] 9- 4[

التكذيب من عاقبةسوء مث آيات إظهار ] 10اآلية [ املكذبون، مث تأيت آيات التهدئة والطمأنة للرسول الكرمي وآيات تثبيت الر سول وجزاء من حاول تضليل الن اس املت قنيوآيات جزاء ] 14- 11[ ] 20- 15[من

� � � «:ففي قوله تعاىل � S �� 8� T 6 7 � � � � U � $ 4 ! � � 4 �� � V � "� � @ 7� 3 7 � � � � � � � � �� � % < �� � �� &� $ �+ ( 5 + . + 5 + F . ) . + 5 + + 5 + F 0 + . 5 + ) 0 + � �� W ( )4 ( X� Y V �� �� $ �) + + � �! Z V � P � [ 4 ! � � # � � � 9 I 7 � I � @ @ <� � � � B �� \ ) + ( + 5 ) . + . + + + + ) / 5 )5(«

8/319التحرير والتنوير، -1 .املرجع نفسه، ص نفسها -2 .321-8/320، املرجع نفسه -3

:التفسير جاء يف تفسري السعدي أن اهللا عز وجل ملا قرر بالدليل القاطع الواضح، صحة التوحيد وبطالن ضده، "

الكافرون باهللا، الذين أوجب أي قال » الذين كفروا«: قرر صحة الرسالة وبطالن قول من عارضها واعرتضها فقال هلم كفرهم أن قالوا يف القرآن والر سول .إن هذا القرآن كذب، كذبه حممد وإفك وأعانه على ذلك قوم آخرون:

فرد عليهم ذلك بأن هذا مكابرة منهم، وإقدام على الزور ومن مجلة أقاويلهم فيه، أن قالوا هذا الذي جاء هذا قصص األولني وأساطريهم اليت تتلقاها األفواه، وينقلها كل أحد : أي "أساطري األولني اكتتبها"به حممد

يال «استنسخها حممد ر ة و أ ص ف ه ي مت ل ى ع ل ي ه ب ك وهذا القول منهم فيه عدة عظائم، منهم رميهم الرسول الذي » .هو أبر الناس وأصدقهم بالكذب واجلرأة العظيمة

.لذي هو أصدق الكالم وأعظمه وأجله، بأنه كذب وافرتاءومنها إخبار عن هذا القرآن اأن يف ضمن ذلك أم قادرون على أن يأتوا مبثله، وأن يضاهي املخلوق الناقص من كل وجه : ومنها

.للخالق الكامل من كل وجه بصفة من صفاته، وهي الكالم نالحظ يف اآليتني أن اهللا عز وجل يبني لنا نوع من أكاذيب الكفار حني كذ بوا بالقرآن ووصفوه بأساطري

األولني وهي من األساليب املغالطة يعتمدوا خلداع املتلقي وإيهامه بصدق ما يقولون وصحة ما يصو رون أعلى رتب البالغة عند الكثريين أن حيتج للمذموم حىت خيرجه يف معرض احملمود، "ويصفون وال غرابة يف ذلك، وه يف صور 1."ة املذموم وللمحمود حىت يصري

فهي تقوم على إفحام املخاطب انطالقا من تعجيزه " التجهيل"هذا الصنف من املغالطات يسمى مغالطة على أن يديل مبا ينفي الرأي املقدم إليه فاملتكلم إذ يقدم رأيا أو يصرح بفكرة حيمل املتلقي على اإلذعان هلا بدليل

2.هذا التمشي يتمثل يف اخللط بني غياب احلجة املثبتة للقضيةأنه ال ميلك دليال ينفيها فمكمن املغالطة يف يف اآليتني نالحظ حماولة املشركون جتهيل الن اس ونفي حجج الرسول ووصف القرآن بأساطري األولني وهذا

مكابرة منهم وإقدام على الظلم والز ور . ليه باجلرأة العظيمة وهي تكذيب فهم حياولون تعجيز الرسول ليحملوا املتلقي على اإلذعان ملا يذهبون إ

الرسول، وهو من عرف عليه أصدق الن اس، وما حييلنا يف ذلك وصفهم القرآن بأساطري األولني إحرتاه الر سول وأعانه عليه قوم آخرين وأم قادرون على أن يأتوا مبثله، مدعني بذلك أم قادرون على أن يضاهوا اهللا الكامل

. هي الكالمبكل وجه بصفة من صفاته و

.53الصناعتني، مرجع سابق، ص: أبو اهلالل العسكري -1 .135الشعر العريب، مرجع سابق، ص احلجاج يف: سامية الدريدي -2

فاهللا عز وجل يف اآليتني وجه خطابه إىل املشركني بالدرجة األوىل مث عامة الن اس بالدرجة الثانية . املخاط ب الرسالة املخاط ب

��« : لريد اهللا عليهم يف اآلية السادسة بقوله!Q� ���%] �< 4�� A�^�� C����D�� _ � D�� >��� ���� 4�'�V ;$ ` « :التفسير

، فال حيتاج إىل الذي يعلم السر، فهو عامل الغيب أي قل يا حممد هذا القرآن: " فسرها القرطيب بقوله الس ر'معلم، وذكر دون اجلهر، ألنه من علم السر فهو يف اجلهر أعم، ولو كان القرآن مأخوذا من أهل الكتاب '

1"وغريهم ملا زاد عليها يف اآلية وج ه اهللا خطابه إىل النيب بالدرجة األوىل لريسل الرسالة إىل املشركني وعامة ا .لناس املخاطب الرسالة املخاطب

اهللا من مشركي قل يا حممد هلؤالء املكذبني بآيات " اآلية رد على أكاذيب الكفار فخاطب حممد مباشرة بل هو احلق أنزله الرب الذي يعلم سر من يف السماوات ومن يف األرض، وال ....ما األمر كما تقولون: قومك

2"خنفي عليه شيئا، وحمصي ذلك على خلقه، وجمازيهم مبا عزمت عليهم وأضمروه يف نفوسهم رسول عاملا بذلك ويف ذلك كناية عن املتكلم أي ال اجلملة الصلة املستعملة يف الزم الفائدة هو كون"إن

بروا يف هذا الذي زعموه إيقاظ هلم بأن يتد"فالوظيفة احلجاجية للكناية هنا هي حماولة، 3"ما يبلغه مراقبة اهللا في 4"أساطري األولني يظهر هلم استماله على احلقائق الناصعة اليت ال حييط ا إال اهللا الذي يعلم السرإنكارا و

إن اهللا خاطب رار الكون احلقائق وأس فيظهر بذلك يف مظهر احلكيم العليم بكل "قل" رسوله بفعل األمر حيرص نتيجة لذلك على التصريح به قبل إمالء الوعي و أمر يعيه اهللا عز وجل كل هذا فيكون جديرا بالطاعة و

15/368مرجع سابق، : القرطيب -1 5/465مرجع سابق، : الطربي -2 18/326،التحرير والتنوير-3 18/326 ،املرجع نفسه-4

عرض أكاذيب املشركني

اهللا سبحانه وتعاىل

عامة / املشركون أوال الناس ثانيا

/ املشركون ثانيا/ الرسول أوال دحض أكاذيب املشركني اهللا عامة الناس ثالثا

ومن مث تبدوا صلتهما باحلجاج فصيغيت األمر والنهي حيمالن معىن الدعوة " النصائح وإصدار األوامر والنواهي 1"ما يهدفان إىل توجيه املتلقي إىل سلوك معني وثيقة أل

لذا تعد طاقتها احلجاجية هامة ألنه ينجز واقعا خاصا ويبين بالكالم عاملا متميزا ي تان، أمكابرة و سر، ومنه إصرار الطاعنني يف القرآن عن رق كل غتعريف اجلنس يست"السر"والتعريف يف

ذا يعلم موقع مجلة يعلم أترغيبا "ه كان غفورا رحيما إن " م يقولون يف القرآن ما ال يعتقدونه ظلما و زورا منهم، وبأم إن مل يقلعوا و هلم و يرمحهم، و يف ذلك حتريص هلم يف اإلقالع عن هذه املكابرة وإتباع دين احلق ليغفر اهللا

2"يتوبوا حق عليهم الغضب و النقمة

«أما يف اآليات � ! 3 7 � 4 ! � � & ' � V � � � � a� � Y B �� 9 7 9 O � � � U� � b�� ; < B � &� Y ��� � � � &� �� �� $ �+ + + F + ) . . ) + . ) ) . + + + + 0 + 5 / + + + � �� � � 4 � ( ) 5 + )7 ( � V . � � � �� c�� &� $ � � I d ; < B � H d T 4 � � � � V ' d < 4 ! � � # 6 � �. + 5 ) 0 + + . ) + / + 5 5 . F . ) . 5 � �� f D � � T � � � � � � � @ � ( 5 . + 5 + 0 + 5 0 )8 ( �� � g 7 &� h B �� 3 � �� [ � L i ! < � c �� j . + 5 + + . .

� �! � Y � �! b @ D � � � 7 + + 5 ) . + «)9( :التفسير

يعنون حممدا صلى اهللا عليه وسلم، : » + + / 5 �Y ��� � � � & �& « وقال املشركون : " جاء يف تفسري الطربي ما يلي

��U(الذي يزعم أن اهللا بعثه إلينا، b�� ;<B� 9(كما يأكل، )Ok� 4(يف أسواقنا كما منشي )!�� &'�V ��� (هال : يقول

�4(إن كان صادقا من السماء ) �3(أنزل إليه منذرا للناس، مصدقا له على ما يقول، أو يلقي إليه كنز ) 7! �

ذهب فال حيتاج إىل التصر ف يف طلب املعاش، من فضة أو )H dT 4� �) ;<Bيقول، أو يكون له بستان ( ` �� � ��Id"(

أنظر يا حممد إىل هؤالء املشركني الذين شبهوا لك : يقول تعاىل ذكره لنية حممد صلى اهللا عليه وسلم"

(ق اهلدى والرشاد األشياء بقوهلم لك، هو مسحور، فضلوا بذلك عن قصد السبيل وأخطروا طري��!b@D� l7 (

3." إىل احلق، إال فيما بعثتك به، ومن الوجه الذي ضلوا عنه) l!�Y(يقول فال جيدون يف اآليتني السابعة والثامنة حماولة املشركني جتهيل وتعجيز الرسول وما حييلنا إىل ذلك استعمال االستفهام

إقحام املخاطب بتعجيزه واالستهزاء به على اقرتاح من يقوم مقام يف معىن التجهيل والتعجيز إذ يعمل الكفار على

149ص ، مرجع سابق،احلجاج يف الشعر العريب: سامية الدريدي-1 18/326،التنوير، مرجع سابقالتحرير و : ينظر -2 5/467، مرجع سابق، الطربي -3

إحالة على فقر النيب ) كيف يأكل ما تأكل(املستهزئ ويطلبون من الرسول أمور جتعله يظهر يف مقام العاجز .وميشي كما منشي ملا ال ينزل امللك إليه

عجيز أي لو أنزل إليه ملك حرف ختصيص مستعمل يف الت" "لوال"وما يؤكد هذه املغالطة العامل 1."التبعناه

ليحور اهللا عز وجل يف اآلية التاسعة أكاذيبهم إىل حجة معتمد بذلك أسلوب احلجاج بالسخرية الذي تناقض قيم حجاجية فما يسمح بقيام مجلة ما ساخرة عنده كوا حجة على فرضية ما، وإذا ": " برندونري" يعر فها

تناغمه يفرتض أال يلتقي فضاء حجج الفرضية الواحدة بفضاء حجج فرضيته هي علمنا أن تناسق اخلطاب أو 2."خمتلفة عنها أدركنا بيسر أن الفضائني يلتقيان مىت كان الفضاء ساخرا

.فهو جيعل صلتها باحلجاج وثيقةرسالة يف املطاعن إخبار عنهم بأم ضل وا يف تلقني "فاملقام هنا مقتم تعجب حيمل طابعا سخرية فهو

معىن : الرسول فسلكوا طرائق ال تصل م إىل دليل مقنع على مرادهم، ففعل ضل وا مستعمل يف معنييه اازيني مها عدم التوفق يف احلجة، ومعىن عدم الوصول للد ين احلق، وهو هنا تعجب من خلطهم وإعراض عن جماوبتهم "3

تبني لنا أن هو العليم فهو " أنظر"فصيغة األمر ار ملعىن العلم تشبيها لألمر املعقول باألمر املرئي مستع" 4"لشدة وضوحه

وما يزيد احلجة قوة حضور العالقة السببية إذ جيعل وصفهم للنيب صلى اهللا عليه وسلم بتلك األمثال سببا . لضالهلم وفال جيدون إىل احلق سبيال

عالقة

فضلوا فال يستطيعون سبيال أنظر كيف ضربوا لك األمثال

)نتيجة(سببية ) مقدمة(

+ + � � �� � « : اء رابط حجاجي مدرج للنتائج لتأيت بعد ذلك آية الطمأنينة للرسول الكرمي يف قوله تعاىلفلفا : � � � ��+ . ) 0 � �� m $ 3 � ; � n � � �� I � B �� � I @ f � � � � n � C� d T 3 � o � � � ! � 3 � ; � T 8� ( 5 + + . + + 5 + + ) . . ) . E / + + ) . ) ( . + + + + + )10 («

.18/327التحرير والتنوير،: ينظر -1 .164احلجاج يف الشعر العريب، ص : سامية الدريدي -2 .18/330: التحرير والتنوير -3 .الصفحة نفسها: املرجع نفسه -4

: التفسيرتقدس الذي إن شاء جعل لك : يقول تعاىل ذكره: "جاء يف تفسري جامع البيان عن تأويل آيات القرآن

�; � �\� 3� 3�o: (الذي يف قوله" ذلك"بـخريا من ذلك، واختلف أهل التأويل يف املعىن T� (فقال بعضهم :خريا مما قال هؤالء املشركون لك يا حممد، هال أو تنبه وأنت هللا رسول مث بني تعاىل ذكره عن الذي لو : معىن ذلك

1)"جنات جتري من حتتها األار(شاء جعل له من خري مما قالوا، فقال اإلقبال على خطاب الر سول بتثبيته وتثبيت املؤمنني أعيد اللفظ الذي اإلعراض عن باطلهم و "أراد اهللا

� ; � � � ! � 3 � o � 3 « ابتدأت به السورة على طريقة وصل الكالم بقوله T 8� : � � � �� � �� � �+ ) . ) ( . + + + + + + . ) + + «2 فاهللا تعم د استخدام أسلوب التكرار ألن الدراسات حول احلجاج وأفانيه جتمع أو تكاد " على أمهية

التكرار احلجاجي الذي يضطلع به أسلوب التكرار أو املعاودة وهو أسلوب شائع يف اخلطابات على تنوع مواضيعها واختالف أجناسها و لكنه ال يدرس ضمن احلجج او الرباهني وإمنا يعد رافدا أساسيا يرفد هذه احلجج

أن التكرار يوفر هلا طاقة مضافة حتدث أثرا جليال يف املتلقي والرباهني اليت يقدمها املتكلم لفائدة أطروحة ما، مبعىن وتساعد على حنو فعال يف إقناعه أو محله على اإلذعان ذلك أن التكرار يساعد أوال على التبليغ واإلفهام ويعني

مقاصدها املتكلم ثانيا على ترسيخ الرأي أو الفكرة يف األذهان فإذا ردد احملتج لفكرة ما أدركت مراميها وبانت ورسخت يف ذهن املتلقي وإن رد د رابطا حجاجيا أقام تناغما بينا بني أجزاء اخلطاب وأكد الوحدة بني األقسام أو

3."أوهم املتلقي افتكرار "إذ جند اهللا عز وجل وظف نوع من أنواع التكرار وهو التكرار اللفظي ليقوم بدوره حجاجي هام،

يعد من أفانني القول الر افد للحجاج املدعمة للطاقة احلجاجية يف الدليل والربهان اللفظة ذاا يف أكثر من موضع 4".ملا له من وقع يف القلوب السيما يف سياقات خاصة كالتعظيم والفخر

أي إن شاء جعل لك خريا من الذي ) أو تكون له جن ة(فاجلملة استئناف واقعة موقع اجلواب عن قوهلم " ".ه أي إن شاء عجله لك يف الدنيااقرتحوه، أي أفضل من

فاملراد باجلنات والقصور جن ات يف الدنيا وقصورا فيها، أي خريا من الذي اقرتحوه دليال على صدقك يف زعمهم بأن تكون عد ة جن ات فيها قصور .

نا إىل إذ حييل" الذي"ة وتأكيد وردود العامل احلجاجي املتمثل يف االسم املوصول ة قو وما أضفى على احلج .عظمة وقدرة اهللا سبحانه وتعاىل

5/470الطربي، -1 .18/330: التحرير والتنوير -2 .168ص مرجع سابق، اخلطاب يف الشعر العريب،: سامية الدريدي -3 .املرجع نفسه، صفحة نفسها -4

أي أنه مل يشأ ولو شاءه لفعله ولكن احلكمة ) لو(الشرطية واقعة موقع ) إن(وعلى هذا التأويل تكون " ".اقتضت عدم البسط للرسول يف هذه الدنيا ولكن املشركني ال يدركون املطالب العالية

يه العظمة اإلهلية وإال فسياق الوعد يقتضي اجلزم واقرتن هذا الوعد بشرط املشيئة جار على ما تقتض .اعرتاض) إن شاء (تبارك الذي جعل لك خريا من ذلك، فموقع : بصوله، فاهللا شاء ذلك ال حمالة بأن يقال

.فجاء مدرج للحجج) الواو( أما خبصوص الر ابط احلجاجي

�� H��D��[ q�< �R (: ليعرض لنا يف اآلية الثانية عاقبة تكذيبهم يف قوله@�V $� H��D��[ ��[�< ;[�\�Y11 �\7W� �c!r� �s ���t !�[ � � >uV� �o�13 ����v 3��d� ���J �[�6 �6!L ��� �Id �w ��6�V �o��

13�\h< ���[ ���J�� � Q�� ����v U�!�� ��� � � 14(

:التفسير

بل أتوا بأعجب : ما حكي عنهم، يقول على عطف) بل كذبوا"(: جاء يف تفسري الكشافبل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إىل : من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة، وجيوز أن يتصل مبا يليه

......النار الشديدة االستعار : السعري. هذا اجلواب، وكيف بتعجيل مثل ما وعدك يف اآلخرة

بعد مسعوا صوت غلياا، وشبه ذلك بصوت التغيظ واملعىن إذا كانت منهم مبرأى الناظر يف ال .والزافر

إذا رأم ربانيتها وزفورا غضبا على الكفار وشهوة لالنتقام منهم، الكرب مع : وجيوز أن يرادوجاء يف . ولذلك وصف اهللا اجلنة بأن عرضها السماوات واألرض. الضيق كما أن الروح مع السعة

من القصور واجلنان كذا وكذا، ولقد مجع اهللا على أهل النار أنواع التضيق أن لكل مؤمن : األحاديث .واإلرهاق، حيث ألقاهم يف مكان ضيق يرتاصون فيه تراصا

) وال تدعوا(واثبوروه، أي تعال يا ثبور فهذا حينك وزمانك : اهلالك، ودعاؤه أن يقال": والثبور") وادعوا ثبورا كثريا(ومعىن . هلم، وإن مل يكن مثة قولأي يقال هلم يف ذلك، أ وهم أحقاء بأن يقال

أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا، وإمنا هو ثبور كثي، إما أن العذاب أنواع وألوان، كل نوع

1."منهل ثبور لشدته وفظاعته، أو ألم كلما نضجت جلودهم بدلوا غريها، فال غاية هلالكهم

هذا الصنف من احلجج تربطها صلة وثيقة "احلجة انتقال مؤسس لبنية الواقعفاهللا انتقل يف هذه بالواقع ولكنها ال تتأسس عليه وال تبىن على بنيته وإمنا هي اليت تؤسس الواقع وتبنيه أو على األقل تكمله وتظهر ما خفي من عالقات بني أشيائه أو جتلي ما مل يتوقع هذه العالقات وما مل ينظر من

2."صالت بني عناصره ومكوناته

إذ يتم االستدالل "فاهللا عز وجل يف اآلية احلادي عشرة أسس للواقع بواسطة احلاالت اخلاصة أحيانا كثرية بناء على املثال املفرد املعزول الذي يعتمد لتعميم حكم ما أو فكرة معينة فيتأسس الواقع

،حيث جعل أكاذيب 3."حالة عامة ال جمرد حالة خاصةعلى ظاهرة مفردة يتم توسيعها حبيث تصبح إذ نالحظ " الواو"الكفار عربة ملن جيرؤ ويكذب بالرسالة احملمدية وهذا ما يؤكده الرابط احلجاجي

.حضور عالقة سببية سامهت يشكل كبري يف تدعيم احلجة

)ب بالساعة سعيراوأعتدنا لمن كذ (عالقة سببية ) بل كذبوا بالساعة(

)نتيجة) (مقدمة(

.رابط حجاجي مدرج للحجج" الواو"فتكون

إن شاء :(إضراب إبطال ملا تضمنه قوله تعاىل"فهو "بل"احلجة قوة الرابط احلجاجي وما يضفي ذلك يف اآلخرة، أي بل هم ال يقنعون بأن على تأويل ابن عطية بإيتائه ) جعل لك خريا من ذلك

حظ الرسول عند ربه ليس يف متاع الدنيا الفاين احلقري ولكنه يف خريات اآلخرة اخلالدة غري املتناهية، أي أن هذا رد عليهم ومقنع هلم لو كانوا يصدقون بالساعة ولكنهم كذبوا ا فهم متمادون على

.ضالهلم ال تقنعهم احلجج

336-4/335الكشاف، مرجع سابق،: الزخمشري - 1 242احلجاج يف الشعر العريب، ص: سامية الدريدي - 2 243املرجع نفسه، ص - 3

وإمنا قصر تكذيبهم على الساعة . وهو ساعة البعث...اسم غلب على عامل اخللود، : الساعةو ....ألم كذبوا بالبعث

وغرضه مقابلة ما أعد اهللا ..... معرتضة بالوعيد هلم،) واعتدنا ملن كذب بالساعة سعريا(ومجلة 1."للمؤمنني يف عاقبة مبا أعده للمشركني

املكذبني بشكل صريح بالعذاب إذ نلمس يف احلجة ترهيب هلم قصد انذار عامة إن اهللا يعد .الناس بسوء عاقبة التكذيب فريتدعوا ويهتدوا إىل طريق احلق

معتمدا عالقة تقسيم اجلزء إىل أجزائه 14-13-12لينتقل انتقال شبه منطقي يف اآليات .ذي سيتعرض له املشركنياملكونة له، قصد التفصيل وبيان أنواع التعذيب ال

) رأم(خنلص من اليأس إىل وصف السعري الذي أعد هلم، وأجري على السعري ضمري " .بالتأنيث لتأويل السعري جبهنم إذ هو علم عليها بالغلبة كما تقدم

ائي إذا سيقوا إليها فكانوا من النار مبكان ما يرى الر : واملعىن. وإسناد الرؤية إىل النار استعارةرآهم مالئكتها ) رأم(من وصل إليه مسعوا هلا تغيظا وزفريا من مكان بعيد، وجيوز أن يكون معىن

أطلقوا منافذها فانطلقت ألسنتها بأصوات اللهيب كأصوات املتغيظ وزفريه فيكون إسناد الرؤية إىل .جهنم جمازا عقليا

يغة التفعل هنا املوضوعة يف األصل فص.....الغضب الشديد: شدة الغيظ، والغيظ: والتغيظ .لتكلف الفعل مستعملة جمازا يف قوته ألن املتكلف يأيت به كأشد ما يكون

فهو تشبيه بليغ) مسعوا(واملراد به هنا صوت املتغيظ، بقرينة تعلقه بفعل

. يضاضيق الصدر، أي صوتا كالزفري فهو تشبيه بليغ أتغيظ و امتداد النفس من شدة ال: والزفريوجيوز أن يكون اهللا قد خلق جلهنم إدراكا للمرئيات حبيث تشدد أحواهلا عند انطباع املرئيات فيها

18/332: التحرير والتنوير 1

ظ والزفري فيكون إسناد الرؤية فتضطرب وتفيض وتتهيأ اللتهام بعثها فتحصل منها أصوات التغي 1.يف الدنيا التغيظ والزفري حقيقة، وأمور العامل األخرى ال تقاس على األحوال املتعارفةو

تعود أساسا إىل طبيعته املتميزة فهو خطاب شفوي ينبغي "إن عالقة البالغة حبجاجية اخلطاب أن يفعل يف املتلقي وهو ينتهي ويتالشى أي أنه يستهلك آنيا ويفعل يف املتلقي لذا جيب على

وليس يف ....ناخلطيب أن يقاوم عدوين خطريين يهددان كل خطاب شفوي ومها الغفلة والنسياوسعه حتقيق ذلك إال عن طريق إجراءات بالغية أما املستمع فهو ال ميلك إمكانات النقد إذ عليه أن يتابع اخلطاب ولكنه يستطيع من جهة أخرى أن يتحرر باللجوء إىل عدم االنتباه و عليه يصعب

الثقافات املدعوة بثقافات تصور كيف يستطيع حجاج شفوي االستغناء عن البالغة وهذا ما تؤكدهشفوية صحيح أا حتتج و تعلم و لكن بواسطة التكرار و التجنيس و االستعارة والتمثيل و األلغاز

2إحل....

جعل إزجاؤهم إىل النار من مكان بعيد زيادة يف النكاية "فصوريت االستعارة والتشبيه إحالة إىل 3."قة إىل الوصول ويقتضي طول الرعب مما مسعوام ألن بعد املكان يقتضي زيادة املش

وإذا ألقوا منها مكانا (وصف وصوهلم إىل جهنم من مكان بعيد ووضعهم فيها بقوله "كما دعوا (فصيغ نظمه يف صورة توصيف ضجيج أهل النار من قوله ) ضيقا مقرنني دعوا هنالك ثبورا

مكانا (ووصف وضع املشركني فيها بقوله وأدمج يف خالل ذلك وصف داخل جهنم ) هنالك ثبورا .تفننا يف أسلوب الكالم) مقرنني(وقوله ) ضيقا

أي مقرنا ) ألقوا(ومقرنني حال من ضمري ..... الرمي، وهو هنا كناية عن اإلهانة: واإللقاءوصيغت له مادة ...بعضهم يف بعض كحال األسرى واملساجني أن يقرن عدد منهم يف وثاق واحد

.لإلشارة إىل شدة القرنالتفعيل

333-18/332، مرجع سابق: التحرير والتنوير 1 121احلجاج يف الشعر العريب، ص: ينظر سامية الدريدي 2 3 18/333مرجع سابق، :التحرير والتنوير

يا ثبورنا، أو أثبورواه بصيغة : اهلالك، أي نادوا: النداء بأعلى الصوت، والثبور: والدعاءفهي كناية عن التمين، أي متنوا حلول اهلالك فنادوه كما ينادي من يطلب حضوره، أو ... الندبة

1..."اندبوه كما يندب من يتحسر على فقده

الرتهيب ليحيلنا إىل إدراك سوء عاقبه املشركني فهو كأنه يطلب منهم أن فاهللا اعتمد سياسة ال تدعوا ثبورا واحدا : (، وهذا ما يؤكده يف قوله تعاىل 2"يتمنوا اهلالك لالسرتاحة من فضيع العذاب"

مقولة لقول حمذوف، أي يقال هلم، ووصف الثبور بالكثري لكثرة ندائه "فهي ) وادعوا ثبورا كثرياتكرير وهو كناية عن عدم حصول الثبور ألن انتهاء النداء يكون حبضور املنادى، أو هو يأس بال

3."يقتضي تكرير التمين والتحسر

.فهو مدرج للحجج" الواو"أما

(ليبني لنا بعد ذلك جزاء من اتبعوا الرسول واتقوا به وذلك يف قوله �x� HdT UV \� 3�oV ;$ �6@R� �� y�� �\m� 8�'T >s z��<)15 (��� �8�O� � �I!7 >s �< �� � �� 3[� #��

��{D)16 (O| U��� ���L >� UV 8�{� �J��� >@��LV >@�VV &�6!7 �� �J � � ��� �� >��;!�D��)17 ( ��D� #@Q >�8�[�� >I@�@ � �� 8�!��V � 3��J � �?@� V �d� 9r�d� �< � 3��f�Y ����$

���[ ��$ ����<� �<���)18((

:التفسير

أهذه النار اليت وصف لكم : قل يا حممد هلؤالء املكذبني بالساعة "طربي جاء يف تفسري الربكم صفتها وصفه أهلها خري؟ أم بستان اخللد الذي يدوم نعيمه وال يبيد، الذي وعد من اتقاه يف

18/334 مرجع سابق،: التحرير والتنوير 1 18/334 املرجع نفسه، 2 18/334املرجع نفسه، 3

الدنيا بطاعته فيما أمره واه؟

كانت جنة اخللد للمتقني جزاء أعماهلم هللا يف الدنيا : يقول) م جزاء ومصرياكانت هل: (وقوله .ومصريا للمتقني يصريون إليها يف اآلخرة: بطاعته وثواب تقواهم إياه، ومصريا هلم، يقول

هلؤالء املتقني يف جنة اخللد اليت وعدمهوها اهللا ما يشاءون : ، يقول)هلم فيها ما يشاءون(وقوله ، ال بثني فيها ما كتب أبدا، ال يزالون عنها، وال يزول )خالدين فيها(يه األنفس، وتلذ األعني مما تشته

.عنهم نعيمها

وكان إعطاء اهللا املؤمنني : يقول اهللا تبارك وتعاىل) كان على ربك وعدا على رسلك: (وقوله يف الدنيا، ومسألتهم إياه جنة اخللد اليت وصف صفتها يف اآلخرة وعدا وعدهم اهللا على طاعتهم إياه

.ذلك

، العابدين األوثان، وما ويوم حنشر هؤالء املكذبني بالساعة: يقول 17ويف تفسريه لآلية .....من املالئكة واإلنس واجلن يعبدون من دون اهللا

أن املالئكة قالت الذين كان هؤالء املشركون يعبدوم من دون : فسرها بقوله 18وأما اآلية اهللا وعيسى تنزيها لك يا ربنا، وتربئة مما أضاف إليك هؤالء املشركون، ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من

من أولياء نواليهم، أنت ولينا من دوم ولكن متعتهم باملال يا ربنا يف الدنيا والصحة، حىت دونك 1".نسوا الذكر، وكانوا قوما هلكى، قد غلب عليهم الشقاء واخلذالن

خذ احلجاج أحيانا كثرية أشكاال أقل يت "عي القيم حيث داعتمد اهللا على احلجج اليت تستإذ دف إىل فرض الرأي وتسعى إىل إظهار الفرضيات على أا " ملزمة"موضوعية يراها الكثريون

غيب ومحل رت هيب والع عن استعمال الرت املتلقي على اختيار ما وال تتور حقيقة ال لبس فيها حبيث خترباجلميع على اإلذعان اعتمادا على حجج ذات سلطة فاتنة فيدخل احلجاج عندها وبسهولة فائقة

463- 5/462 :الطربي 1

باب التوجيه ويتحول اإلقناع إىل هجوم يستهدف مناطق اخلصم املعرفية وعوامله الشعور والفكرية 1."ونعين ذه األشكال اليت يتخذها احلجاج تلك تستدعي القيم وتعتمدها

لتربير اآلراء وإثبات املواقف اعتمد قيما انتقاها بدقة تالئم أهدافه احلجاجية وغايات فاهللاخطابه املنشودة فهو يرفض فكرة ما حبجة أا تعارض قيمة معينة حمددة وينهي على املشركني سلوكا

.ما ألنه يتناىف مع واحدة أو جمموعة قيم

" اجلمال"و" اخلري واحلق "لكونية يعين استدعاء اعتمد اهللا على القيم ا 16و 15ففي اآليتني 2.واختذها مراجع يف الكالم وخلفيات يستند إليها القول وعليها يتأسس الرأي أو املوقف أو الواقع

قل هلم، أي للمشركني الذين : األمر يقتضي خماطبا مقوال هلم ذلك، فيجوز أن يقصد"اجلنة؟ فاجلمل متصلة السياق، واالستفهام حينئذ أذلك خري أم: يسمعون الوعيد والتهديد السابق

قل للمؤمنني، فاجلملة معرتضة بني : وجيوز أن يقصد. للتهكم إذ ال شبهة يف كون اجلنة املوصوفة خرياواالستفهام حينئذ مستعمل يف . آيات الوعيد ملناسبة إبداء البون بني حال املشركني وحال املؤمنني

3.التلميح والتلطف

رد قيام اهللا استعمال صيغة األمر يف اخلطاب جيعل اهللا عزو جل هو الوحيد الذي ميلك إن جمحق احلض والردع، فتكون الوظيفة احلجاجية بذلك بينة، فمن أعطى نفسه حق األمر والنهي فإنه

لدور يلبس حلة احلكيم الناصح الذي يعلم صروف الدهر ما ظهر منها وما خفي فكان حقيقا ذا اأو بعيارة أخرى "مدعما حجته بطرح إشكال عن طريق استخدام أسلوب االستفهام . وجديرا بالطاعة

إن السؤال واإلشكال يتماهيان فإذا بالسؤال حييل على صعوبة معرفية أو على ضرورة اختيار وإذا إن علم السؤال الذي هو بالسائل مىت طرح سؤاال دعا املتلقي إىل اختاذ قرار بل إن اجلواب حىت و

مصدره يثري السؤال، ومن هنا ندرك أمهية املسائلة من الناحية احلجاجية إذ ملا كان الكالم إثارة

270ص مرجع سابق، احلجاج يف الشعر العريب،: سامية الدريدي 1 271-270ينظر املرجع نفسه، ص 2 18/335: التحرير والتنوير 3

على هذا النحو ندرك خطورة ..... السؤال أو استدعاء له فإنه يولد بالضرورة نقاشا ومن مثة حجاجائل اإلثارة ودفع الغري إىل إعالن موقفه إزاء مشكل طرح األسئلة يف اخلطاب إا وسيلة هامة من وسا

هذا املوقف حيدده املتكلم بقرائن ومواد اختبارية حتضر يف السياق وتقود عملية االستنتاج . مطروح 1."املتصلة بالسؤال املطروح

على احململ األول يف موقع اآلية مستعمل "حيث أنه " خريا"وهذا ما يؤكده اسم التفضيل 2.م باملشركني، وعلى احململ الثاين مستعمل للتلميح يف خطاب املؤمنني وإظهار املنة عليهمللتهك

)كانت هلم جزاءا ومصريا(فاهللا يستعمل أسلوب الرتغيب والوعيد باجلنة للمتقني ففي قوله الوحيد إىل ولكنها حييلنا يف الوقت نفسه إىل ضرورة اتباع الرسول صلى اهللا عليه وسلم ألنه السبيل

.اهلداية

) كان على ربك وعدا مسؤوال(ومجلة )...جنة اخللد(حال من ) هلم فيها ما يشاءون(ومجلة .والتقدير وعدا هلم...حال ثانية

) ليت وعد املتقنيا(إىل الوعد املفهوم من قوله عائدا) وعداكان على ربك (والضمري املسترت يف وهو عينه ليبين عليه ) وعدا(وأخرب عن الوعد ب . دا مسؤوالفهو إذا حييلنا إىل أن الوعد وع

)....مسؤوال(

الذي يسأله اهللا مستحقه ويطالب به، أي حقا للمتقني أن يرتقبوا حصوله كأنه أجر : واملسؤول 3.هلم على عمل

قل (نصب على أنه مفعول ملضمر مقدم معطوف على قوله تعاىل ) ويوم حيشرهم: (ويف قولهواملراد تذكريهم مبا فيه من ي قل هلم بعد التقريع والتحسري يوم حيشرهم اهللا عز وجل، أ) أذلك

271- 270احلجاج يف الشعر العريب، ص: سامية الدريدي 1 18/335: التحرير والتنوير 2 18/335التحرير والتنوير، 3

احلوادث اهلائلة على ما مسعت يف نظائره أو على أنه ظرف ملضمر مؤخر قد حذف للتنبيه على كمال ألنه تذكريهم بذلك اليوم ردعهم و قصد فاملقام هنا مقام ديد وترهيب 1.هوله وفظاعة ما فيه

. بني هلم حال ما قبل ذلك وهو حاهلم يف احلشر مع أصنامهم توعدهم بالسعري وما يالقون من هوهلاوهذا مظهر من مظاهر اهلول هلم يف احملشر إذ يشاهدون خيبة آماهلم يف آهلتهم إذ يرون حقارا بني

م عن القرآن، وإذ يسمعون يدي اهللا وتربؤها من عبادها وشهادا عليهم بكفرام نعمة اهللا وإعراضهتكذيب من عبدوهم من العقالء من املالئكة وعيسى عليهم السالم واجلن ونسبوا إليهم أم أمروهم

2.بالضالالت

فهو شامل ألصناف املعبودات ) وما يعبدون(يف قوله "ما"أما فيما يتعلق بالعامل احلجاجي على أن التغليب هنا لغري . ألا تصدق على العقالء وغريهم" ما"اليت عبدوها لذلك استعمل

3.العقالء

جواب عن ) قالوا سبحانك(للعقالء بقرينة توجيه اخلطاب، فجملة ) أأنتم أضللتم(واخلطاب يف ، بذلك يكون االستفهام هنا )بادي هؤالء أم هم ضلوا السبيلتم عأأنتم أضلل: (سؤال اهللا إياهم

أأنتم أضللتموهم أم ضلوا من تلقاء أنفسهم : تقريري حبجة استنطاقهم واستشهادهم ألن املقصود هنا 4.ففي الكالم حذف دل عليه املذكور. دون تضليل منكم

عن ضمري الغائبني ) ضلوا(عن ضمري املخاطبني املنفصل وبفعل ) أضللتم(وأخرب بفعل "ظيفتهما احلجاجية هي تقوية احلكم املنفصل ليفيد تقدمي املسند إليهما على اخلربين الفعليني فتكون و

. أن أحدهم حمقق الوقوع ال حمالهاملقرر به إلشعارهم بأم ال مناص هلم من اإلقرار بأحد األمرين وايبون هم العقالء من املعبودين ) أم ضلوا السبيل(وهو فاملقصود بالتقوية هو معادل مهزة االستفهام

18/247تفسري األلوسي، : ينظر 1 18/337التحرير والتنوير، : ينظر 2 18/337 املرجع نفسه، 3 18/337املرجع نفسه، 4

1.املالئكة وعيسى عليهم السالم

من (ية بالوعيد يف قوله عائد على املشركني الذين قرعتهم اآل) حنشرهم(إن الضمري الغائب يف بعد ، فاهللا وجه خطابه للمشركني املوجدين يف وقت نزول اآلية ومن انقرض منهم)كذب بالساعة

هنا تسجيل على املشركني أما وصف العباد. الدعوة احملمدية ومن سيأيت بعدهم من املشركني بلوغإىل ما (ويف قوله . بالعبودية وتعريض بكفرام حقها، واإلشارة إليهم لتمييزمهمن بني بقية العباد

دا، أما العقالء فالقول إحالة إىل أن اهللا جيعل يف األصنام نطقا يسمعه عب) يعبدون من دون اهللا 2فيهم ظاهر

ووحدانيته إن اهللا تعمد تكرار احلجة أي ترهيب املشركني وديدهم قصد اقرارهم بعظمة اهللافهنا تعظيم هللا تعاىل يف مقام االعرتاف بأم يدعوا ألنفسهم ) قالوا سبحانك(وهذا ما يؤكده يف قوله

.ناشئ عن التربؤ من أن يكونوا هم املضلني هلم" لكن"الذي أفاده ، فاالستدراك مشاركته يف اإلهلية

إحالة إىل فظاعة ضالهلم بأم قابلوا رمحة اهللا ونعمته عليهم وعلى ) حىت نسوا الذكر(أما قوله 3.بالكفران، فالذكر القرآن ألنه يتذكربه احلق آبائهم

لذي يعد اهلالك آخر ما يبلغ إليه احلي من وقد استعري البور لشدة سوء احلالة بناء على العرف ا 4سوء احلال

.فهي رابط حجاجي مدرج للحجج" الواو"أما

وإن دعا إىل أمر ألبسه ثوب احلقيقة ونفى أن جعلها حقا خالصا إن اهللا مىت دافع عن قضيةجمرد فرضية أو حمض احتمال فيكون بذلك قد احتج آلرائه وبرر مواقفه وتصرفاته استنادا إىل يكون

338-18/337التحرير والتنوير، مرجع سابق، 1 18/339، املرجع نفسه: ينظر 2 341-340-18/339، املرجع نفسه 3 341 /18املرجع نفسه، 4

قيمة احلق وهي قيمة فاعلة دون شك مؤثرة يف املتلقي يكفي حضورها يف خطاب حجاجي معني ري فيها دون حمددة سطر اهللا طريقها بدقة ومحل خماطبه على الس لتوجه متلقيه إىل وجهة يف اخلطاب

1.غريها

67 >�]�>< (: يقول عز وجل .لتثبيت النيب صلى الله عليه وسلم 20و19اآليتني فجاءت �\�< �[��� 4$�� > d >�c� �� ��m� �� �7�Z ��!b@D� ��7 ���6� �} H��D��[)19 ( 3��$ �d�Y�V ��

_ �Ok� U��b�� ��<B!� >I�� ��� ��Y�R� � 3`[� �<� �~m�V Hd@7 ���� > g�[ �d��T� a��Y^��\m[)20(

تبىن على املنطق هذا الصنف من احلجج يستدعي يف اآليتني اعتمد اهللا حجج شبه منطقية مبدأ التماثل إذ يعمد احملتج لفكرة أو مبدأ إىل التعريف وضبط احلدود، فالفاء فصيحة، أي إفصاح

فاملقام هنا يدل )كذبوكم(ها، وهو إفصاح رائع وزاده االلتفات يف قوله عن حجة بعد يئة ما يقتضيعلى أنه تصريح لكالم حمذوف تقديره إن قلتم هؤالء آهلتنا فقد كذبوكم، ويف حذف فعل القول يف هذه اآلية استحضار لصورة املقام كأن السامع قد مسع هلذه احملاورة مباشرة فقرع مسعه شهادة األصنام

يهم مث قرع مسعه توجه خطاب التكذيب إىل املشهود عليهم، وهو تفنن بديع يف احلكاية يعتمد عل، أما اإلعالن بتكذيبهم إياهم تأييسهم من االنتفاع م يف ذلك املوقف إذ على ختييل احملكي واقعيا

وما (أو إحلاق ضر مبن يغلبهم هذا ما يؤكدهقوله بني هلم أم ال يستطيعون صرف ضر عنهمالذي يقتضي أم يف موقف العبودية ) سبحانك(، كذلك قوهلم )تستطيعون صرفا وال نصرا

تأكيد على أن املشركني املتحدث عنهم معذبون ) ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبريا(واخلضوع، وقوله 2واخلطاب هنا يشمل عمومه مجيع الناس. معذاب كبري، والعذاب الكبري هو عذاب جهن

ألا ككل عالقة احلجة بالنتيجة "ذات طاقة حجاجية عالية فنالحظ حضور عالقة اقتضاء

274ص مرجع سابق، احلجاج يف الشعر العريب،: سامية الدريدي 1 342-18/341التحرير والتنوير، :ينظر 2

1املرصودة يف اخلطاب ولكنها تتميز عن كل عالقة بأا جتعل احلجة تقتضي تلك النتيجة

عالقة اقتضاء عالقة اقتضاء

عذابا ...فقد كذبوكم فما تستطيعون صرفا وال نصرا ومن يظلم كبريا

.مدرجني للنتائج" الفاء"و" الواو"فتكون

ذلك أن مجيع الرسل ) وميشي يف األسواق....ما هلذا الرسول(فهي رد على قوهلم 20أما اآلية ل حممد صلى الله عليه منكرين وجود رسل قب كونالبشر، ومل يكن املشر متصفني بصفاتكانوا أبقى الرسل على احلالة املعتادة للبشر أن اهللا عز وجل تأكيد على ) ليأكلون الطعام(جملة ف. وسلم

حيام النفسية فيما يرجع إىل أسباب احلياة املادية إذ ال حكمة يف تغيري حاهلم عن ذلك وإمنا يغري حافظ على نظام اخلالئق والعوامل ألنه مل هللا او .ألن يف تغيريها إعداد نفوسهم لتلقي الفيوضات اإلهلية

2.خيلقها عبثا فهو ال يغريها إال مبقدار ما تتعلق به إرادته من تأييد الرسل باملعجزات وحنو ذلك

من شأنه أن خيرجها من )إال ...... ما (إن دخول العامل احلجاجي املتمثل يف أسلوب القصر اإلبالغية، أي من مستوى الوصف واإلبالغ إىل احلجاجية حيث تكون العوامل املذكورة موجهة لبقية

.اخلطاب حنو نتيجة بعينها

إن مثل هذه األساليب اليت حتمل طاقة حجاجية موجهة حيث تربط بني الضمين وميكن القول كذلك جنده دعم حجته حبروف تعد من العوامل . دد النتائج واالستلزاماتى تعوالصريح وتقضي علوهي تفيد التأكيد فتكون وظيفتها احلجاجية بذلك زيادة احلجة " الالم"، "إن"احلجاجية على حنو

.قوة

335ص مرجع سابق، احلجاج يف الشعر العريب،: سامية الدريدي 1 18/342: التحرير والتنوير 2

يعم مجيع الناس بقرينة ) بعضكم(هو سببها، ففي قوله عن الفتنة جماز ألن اهللا ارواإلخبويشمل الرسول صلى اهللا عليه وسلم واملؤمنني معه، والبعض اآلخر املشركني، وحال الفتنة السياق،

هنا خمتلف، فبعضها فتنة يف العقيدة، وبعضها فتنة يف األمن، وبعضها فتنة يف األبدان، حيث كان ؤمنني يف حال الرسول فتنة للمشركني إذ زعموا أن حاله مناف للرسالة فلم يؤمنوا به وكان حال امل

والكالم تسلية للنيب صلى اهللا عليه .ضعفهم فتنة للمشركني إذ ترفعوا عن اإلميان الذي يسويهم م، وهو استفهام مستعمل يف )أ تصربون(وسلم عن إعراض قومه عن اإلسالم، ولذلك عقب بقوله

لك لبس ثوب احلكيم احلث واألمر، فتكون الوظيفة احلجاجية هنا هي النصح واإلرشاد، فاهللا بذ، أي عليهم )وكان ربك بصريا(لنا إليه مجلة الناصح قصد احلث على الصرب املأمور به، وهذا ما حتي

1.بالصرب ألن اهللا ال يضيع جزاء الرسول على ما يالقيه من قومه وأنه ناصره عليهم

.رابط حجاجي مدرج للحجج" الواو"و

بني اهللا يف اآليات السابقة تكذيب املشركون للرسول وتشكيكهم بالرسالة، انتقل بنا يف بعدماهم يف تكذيب النيب صلى اهللا عليه وسلم حينما أنكروا ليبني متادي 31إىل 21اآليات من

وقد سار املشروع احلجاجي يف هذه اآليات بنفس .د عليها ويردعها بالدليل القاطعري ،فالبعثوسوء عاقبة التكذيب مث تثبيت النيب لسياق، بيان أكاذيبهم والرد عليها، مث طمأنة الرسول الكرمي، ا

.عليه الصالة والسالم

6 �Y@ ~�� : (يقول سبحانه وتعالى� �d[� ��� �V H �lR� �d!�� &'�V ��� ��8�6� �T�� � ����� &�$��\�< ��@� ��@�� >ID%�V _ )21((

قال املشركون الذين ال خيافون لقاءه، "فسري الطربي، أن اهللا بني لنا تكرب الكفار حيث تجاء فيهال أنزل اهللا علينا مالئكته، فتخربنا أن حممدا حمقا فيما يقول، وأن ما جاءنا به : وال خيشون عقابه

343-18/342: التحرير والتنوير 1

1"صدق، أو نرى ربنا فيخربنا بذلك

هذا النوع من املغالطات أشرنا إليه فيما سبق، وهي مغالطة التجهيل حيث عمد الكفار إىل حرف " لوال"ف تعجيز الرسول صلى اهللا عليه وسلم، عندما طلبوا منه رؤية اهللا واملالئكة يف الدنيا،

ه، أي إن كان حتضيض مستعمل يف التعجيز واالستحالة، هال أنزل علينا املالئكة فنؤمن مبا جئت ب 2.صادقا فليسأل ربه وسيلة أخرى إلبالغ الدين إليهم

يف أنفسهم استكربوا لقد(: لريدع اهللا أكاذيبهم معتمدا على حجة السخرية فريد عليهم بقولهحرف القسم ، فاملقام هنا مقام تعجب من مبالغتهم يف التكرب، وهذا ما يؤكده )وعتوا عتوا كبريا

.مل حجاجي حييل إىل التعجب من تكربهم من أجل عظمة أنفسهم يف اعتقادهمفهو عا "الالم"

وما جيعل احلجة أكثر إثارة وصفهم بالعتو، وهو جتاوز احلد يف الظلم، ألم جتاوزوا مقدار ما هنا إىل إدراك أن النبوة ال تكون فاهللا إذا اعتمد حجة السخرية قصد توجي. خوهلم اهللا من القابلية

3باالكتساب وإمنا هي إعداد من اهللا تعاىل

.فهما مدرجان للحجج" أو"، "الواو"أما

سوء عاقبة التكذيب معتمدا على احلجج اليت تستدعي 26إىل 22ليعرض لنا يف اآليات من ألن اآليات تسري بسياق تقابلي أو تناظري، إذ يبني " الرتهيب والرتغيب"القيم مستخدما أسلويب

إبطال أكاذيبهم وردعها ونفي أن يكون ة التكذيب مث يقابله حبسن خامتة املتقني بغيةسوء عاقبالبعث جمرد فرضية أو حمض احتمال، فيكون بذلك احتج آلرائه وبرر مواقفه وتصرفاته استنادا إىل

.إىل إدراك نتيجة واحدة والسري فيها دون غريهاقيمة احلق ليثري املتلقي ويوجهه

n� ��fT��� (: له تعاىلففي قو ���6�� ��n��� E�M�� ��O[ � H �lR� ��� U��)22 ( �d $�

5/470: الطربي 1 19/5: التحرير والتنوير 2 19/6: املرجع نفسه 3

���Od 8��� "�d��n7 ;�� � ����� � ��)23 (� Hd�� q�fZVl!6 �DQV� ��6@D \� E�M� )24((

أنه يوم يرون املالئكة فال بشرى هلم يومئذ : "أن اهللا يهدد املشركني بقوله جاء يف تفسري الطربي، مبعىن حراما حمرما عليكم اليوم البشرى )جحرا جمحورا(خبري، يعين أن املالئكة يقولون للمجرمني

أهل : ويف قوله. ، أي عمدنا إىل ما عمل هؤالء ارمون من عمل)قدمنا(أما قوله . تكون من اهللااملوضع الذي يستقرون فيه من منازهلم يف اجلنة وليست من ، وهو )خري مستقرا(احلنة يوم القيامة

فيها من عرض هذه الدنيا، وأحسن منهم مستقر هؤالء املشركني الذين يفتخرون بأمواهلم، وما أوتوا 1.مقيال

حصول بعض ما جواب عما قالوه، فبعد إبداء التعجب منهم رد بتهديد هلم فيه 22اآلية طلبوا حصوله اآلن، أي هم سريون املالئكة ولكنها رؤية تسوءهم حني زبانية العذاب يسوقوهم إىل

ألن إبتداءه مطمع هلم باالستجابة وآخره مؤيس النار، ففي هذا االستئناف متليح وكم هلم، واملقصود إبالغه هلم حني بالوعيد، فالكالم جرى على طريقة الغيبة ألنه حكاية عن توركهم،

إلثارة الطمع وللتشويق إىل تعيني إبانه حىت إذا ورد فيه " يوم"فاستهالل اآلية بالظرف . يسمعونه 2.خيبة طمعهم كان هلم وقع الكآبة على نفوسهم حينما يسمعونه

.هانللتأكيد، بذلك يكون مدعما للطاقة احلجاجية يف الدليل أو الرب " مئذ يو "أما تكرار كلمة

الكفار بارمني إظهار يف مقام اإلضمار للتسجيل عليهم بأم جمرمون إن اهللا تعمد وصف يف إثبات ضده وهو وانتقاء البشرى مستعمل . بعد أن وصفوا بالكفر والظلم واليأس من لقاء اهللا

3أي حراما حمرما ) جحرا جمحورا(احلزن، وهذا ما يؤكده قوله

إذا كان : هللا أمل املشركني عند مساعهم بآيات الوعيد يقولون يف أنفسهمخيب ا 23ففي اآلية

5/486: الطربي 1 7-19/6: التحرير والتنوير 2 7املرجع نفسه، ص 3

خريية قاموا ا تكون سببا يف جنام، ذلك ألم يف اجلاهلية البعث حقا فال بد من أن جند أعماال كانوا ال بنعم يف الدنيا إذا يعدون األعمال الصاحلة جملبة خلري الدنيا ألا ترضي اهللا تعاىل فيجازيهم

1.يؤمنون بالبعث، فعلم اهللا ما يف نفوسهم فأخرب بأن أعماهلم تكون كالعدم يومئذ

فالقدوم مستعمل يف معىن العمد ولإلرادة، وأفعال املشي وايء تستعمل ) قدمنا: (لذلك قال وأصل ذلك ناشئ عن متثيل حال العامد إىل فعل باهتمام حبال من ميشي. يف معىن القصد والشروع

فهو للبيان واإلهلام، إذ قصد " من"أما العامل احلجاجي . وعمدناه: إليه، فموقعه أبلغ من أن يقول 2.للنوعية واملراد به عمل اخلري، أي إىل ما عملوه من جنس عمل اخلري) عمل(تنكري

كائنات جسيمية دقيقة ال ترى إال يف أشعة الشمس املنحصرة يف كوة وحنوها، تلوح : واهلباءألعماهلم يف عدم أا ساحبة يف اهلواء وهي أدق من الغبار، أي فجعلناه كهباء منثورا، وهو تشبيه ك

غري املنتظم، وهو : ا، واملنثورموجودة باهلباء يف عدم إمساكه مع كونه موجوداالنتفاع ا مع كوا من احلقارة وصف كاشف ألن اهلباء ال يكون إال منثورا، فذكر هذا الوصف لإلشارة إىل ما يف اهلباء

ومن التفرق، وهذا التشبيه بليغ بذلك تكون طاقته احلجاجية كبرية ألنه ساهم يف تقوية احلجة وجعلها 3.أكثر إثارة

لهم يف أماعتقادهم و ، حيث جعل امهت يف نسج وحدة احلجةحضور عالقة سببية س ونالحظ .جنام من اهللا سببا يف وعدهم بأنه يستحيل حدوث ما يتمنوه

عالقة سببية

وقدمنا إىل ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا

.مدرج للحجج" اوالو "و .رابط حجاجي مدرج للنتائج" الفاء"ف

19/8: التحرير والتنوير 1 املرجع نفسه، ص نفسها 2 ص نفسها املرجع نفسه، 3

أتى ا اهللا عز وجل ليقابل حال املشركني يف اآلخرة بضدها من حال أصحاب 24ويف اآلية اجلنة وهم املؤمنون ألنه ملا وصف حال املشركني يف اآلخرة علم أن ال حظ هلم يف اجلنة فتعينت اجلنة

1.وهم املؤمنون، ألم خري مستقرا وأحسن مقيال لغري املشركني يومئذ

املكان الذي يؤوى إليه يف : قصد التهكم باملشركني، أما املقيل تفضيلللهنا "اخلري"استعمل و 2.واالسرتاحةماءالقيلولة

يف اخلطاب واختاذها مراجع يف الكالم وخلفيات يستند إليها كونية إن استحضار اهللا لقيم .فهو يريد أن يتأسس عليها الرأي أو املوقف أو الواقع متعمدالقول

��l�'d� H �lR� &'�� U (: يقول جل وعالr��[ 8��D�� =6O� U���)25 ( ����� `=�� E�M�� 3�R��\D� ���7� �� #�� ��� �<�)26.((

نزل (م أبيض ومعه وهو غي) بالغمام(كل مساء ) ويوم تشقق السماء: (جاء يف تفسري اجلاللني .هو يوم القيامة) تنزيال(من كل مساء ) املالئكة

خبالف ) يوما على الكافرين نصريا(اليوم ) كان(وال يشركه فيه أحدا و) امللك يومئذ للحق ( 3.املؤمنني

. قصد تأييسهم من االنتفاع بأعماهلم وبآهلتهم) يوم يرون املالئكة(مجلة اآليتان عطف على على طريقة ) يوم(حيث كرر لفظ . وصف يوم تنزيل املالئكة مبرأى من الناس حيث أدمج يف ذلك

وتشقق .اإلظهار يف مقام اإلضمار وإن كان ذلك يوما واحدا لبعد ما بني املعاد ومكان الضمري

19/9: التحرير والتنوير 1 19/9 املرجع نفسه، 2 ، مكتبة لبنان ناشرون، بريوت، لبنان، الدين قباوة فخر :تفسري اجلاللني امليسر، تح: الدين السيوطي وجالل الدين احمللي جالل 3362ط، .س.ط، د.د

السماء حالة عجيبة تظهر يوم القيامة، ومعناه زوال احلواجز واحلدود اليت كانت متنع املالئكة من فاهللا حييلنا إىل أن هنالك انبثاقا وانتفاقا يقارنه نزول املالئكة . اوام إال من يؤذن له بذلكمبارحة مس

والتعبري بالتنزيل يقتضي أن . ألن ذلك االنشقاق إذن للمالئكة باحلضور إىل موقع احلشر واحلساب السماوات

باملفعول املطلق ) ملالئكةنزل ا(اليت تنشق عن املالئكة أعلى من مكان حضورها، كما أكد 1.إلفادة أنه نزول بالذات ال مبجرد االتصال

إحالة إىل أنه هو امللك الظاهر الذي ال مياثله ملك ألن حالة ) احلق امللك يومئذ (ففي قوله وامللك الكامل إمنا هو اهللا، ولكن العقول قد ال تلتفت إىل ما يف امللوك من . امللك يف الدنيا متفاوتة

فينسون احلقائق، أما يوم نزول املالئكة فاحلقائق نقص وعجز إذ تبهرهم بتصرفام وعطاياهم 2منكشفة وليس مثة من يدعي شيئا من التصرف

.ربط حجاجي مدرج للحجج" الواو"أما

انتقال شيه منطقي معتمدا مبدأ التماثل واحلد يف احلجاج 29إىل 27ن يف اآليامت لينتقل .الفكرة مث يعمد إىل تعريفها وضبط حدودها وأحداثها ووقائعهاعرض حيث يتم

�6� 4� C��� �@!� �� &� ���Y�l!�Y & ��: (لىيقول اهللا تعا� #�� ��c�� ��� U�)27 ( y��� �� l!�� ��l7 ��V � �@!�)28 (���� �D��� �b!O�� �<� 9�8�T o� �[ �<��� �� ��LV 6�)29((

املشرك عقبة بن أيب معيط كان نطق بالشهادتني ) ويوم يعض الظامل: "(جاء يف تفسري اجلاللنيليتين اختذت (للتنبيه ) يقول يا(ندما وجتسرا يف يوم القيامة ) على يديه(خلف بن مث رجع إرضاء أليب

.طريقا إىل اهلدى) مع الرسول سبيال

10-19/9: التحرير والتنوير 1 11- 10املرجع نفسه، ص 2

أي أبيا ) ليتين مل أختذ فالنا(يت ومعناه هلكيت ألفه عوض عن ياء اإلضافة أي ويل) يا ويليت( ).خليال(

وكان الشيطان لإلنسان (ردين عن اإلميان بالقرآن بأن )لقد أضلين عن الذكر بعد إذ جاءين( 1.بأن يرتكه ويتربأ منه عند البالء) خذوال

ينفعهم الندم، بني اهللا لنا يف هذه اآليات حال املشركني يوم القيامة الذين سيندمون وقت ال واملقصود هنا قصو معينة وهي قصة عقبة بن جيوز أن يكون للعهد املخصوص ) الظامل(فالتعريف يف

كناية عن أيب ين خلف، فخصوصه يقتضي ) فالن(أيب معيط وما أغراه به أيب ين خلف، لذلك قال الرسول، أما العض على اليد حلاق أمثاله من املشركني الذين أطاعوا أخلتهم يف الشرك ومل يتبعوا سبيل

، بذلك تكون الكناية قد جعلت احلجة أكثر إثارة إذ حتيلنا إىل إدراك حجم الندم كناية على التدموالتحسر الذي سيؤول إليه املشركون ولكنه لن ينفعهم بشيء، وهذا ما يؤكده أسلوب التمين يف قوله

.للحصول الندم استبعادافهو يزيد احلالة أي ) يا ليتين(

حتري عن طريق نداء الويل، والويل سوء احلال، وأتبع التحسر بتمين ) يا ويليت(كذلك قوله يكون اختذ فالنا خليال، ألن اتباع الرسول يشتمل على نبذ خلة الذين يصدون عن سبيله، فتمين أال

2.وقوع أوهلما يشتمل على متين وقوع الثاين

تعليل لتمنيه، إذ أضله عن احلق بعد أن كاد ) إذ جاءينلقد أضلين عن الذكر بعد (فقوله فهي تنبيه ) وكان الشيطان لإلنسان خذوال( وهذا ما تؤكده مجلة. فخري بذلك كل شيء. يتمكن منه

للناس على أن كل هذا اإلضالل من عمل الشيطان، فاملقصود من صيغة املبالغة يف وصف الشيطان 3.فيورطه يف الضر، إذا فهو خذول لهخبذل اإلنسان ألنه يكيد

362اللني، ص تفسري اجل 1 14-13-19/12: التحرير والتنزير 2 17-16- 15املرجع نفسه، ص 3

.فهو مدرج للحجج" الواو"والرابط احلجاجي

: بعد كل هذه احلجج تأيت آيات تثبيت الرسول صلى اهللا عليه وسلم، حيث يقول عز وجل وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) 30(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا (

))31(وكفى بربك هاديا ونصيرامن المجرمين

) اختذوا من القرآن مهجورا(قريشا ) وقال الرسول يا رب إن قومي: "(جاء يف تفسري اجلاللني .مرتوكا

فاصرب ) رمنيوا من اعد(قبلك ) جعلنا لكل نيب (مك جعلنا عدوا من مشركي قو ) وكذلك( 1.لى أعدائكناصر لك ع) ونصريا(لك ) وكفى بربك هاديا(كما صربوا

تلني لنا شكوى الرسول إىل ربه من قومه ألم تركوا القرآن وهجروه بتسويل من 30اآلية ، واملقصود من حكاية الرسول قصد إنذار قريش بأن الرسول توجه إىل ربه يف وهمزعمائهم الذين أضل

.هذا الشأن ألنه سينتصر به

ناعه من ذلك، ورود سامهت يف التأثري على املتلقي وإقوقد دعم اهللا حجته بعوامل حجاجية إحالة إىل " هذا"قصد االهتمام بشكوى الرسول وتقويتها، أما اسم اإلشارة "ن إ"حرف التأكيد

2.تعظيم القرآن ألن مثله ال يتخذ مهجورا بل جدير باإلقبال عليه واالنتفاع به

عليه وسلم بأن ما لقيه من بعض قومه هو سنة من فهي تثبيت للنيب صلى اهللا 31أما اآلية ليعرضوا أحواهلم على هذا احلكم التارخيي فيعلموا أن وفيه تنبيه للمشركني . سنن األمم مع أنبيائهم

.فوصفهم بارمني أعم من العداوة وهو أعظمها .حاهلم كحال من كذبوا من قوم نوح وعاد ومثود

تعريض بأن يفوض األمر إليه فإنه كاف يف اهلداية ) هاديا ونصرياوكفى بربك (أما قوله

363-362ص : اللنيتفسري اجل 1 19/17: التحرير والتنوير 2

1.والنصر

.رابط حجاجي مدرج للحجج" الواو"و

بعد ذلك يرد اهللا عليهم مرة أخرى ألم كذبوا القرآن وطعنوا به مقرعا إياهم وذلك يف اآليات ط نوعا ما إذ ، حيث سار املشروع احلجاجي بنفس السياق مع اختالف بسي59حىت 32من

.آيات تروي قصصا للعظمة واالعتبارختللته

��� �J�{7 4[ z`�hd� 3��< P��d" ( :يقول اهللا تعاىلQ�� H�� ��6�� 4!�� &'� ��� ���%< ����� &�$�l!���)32((

كالتوراة ) نزل عليه القرآن مجلة واحدة(هال ) الذين كفروا لوالقال (: "جاء يف تفسري اجلاللنيأتيناه ) ورتلناه ترتيال(قلبك نقوي) لنثبت به فؤادك(متفرقا ) كذلك(واإلجنيل والزبور قال تعاىل نزلناه

.فشيئا لتيسري فهمه وحفظه شيئا

ى اهللا عليه وسلم ذلك مبحاولة يتكرر السياق هنا أيضا، إذ تعمد املشركني مغالطة النيب صل يث طلبوا منه أن جيعل اهللا ينزل عليه القرآن دفعة واحدة تعجيزه مرة أخرى قصد جتهيل الناس، ح

.مثلما نـزل التوراة واإلجنيل والزبور

ف اختصاص أويت به إلفادة التعجيزحر " لوال"ف

)كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيال: (فريد عليهم اهللا بقوله

إعادة لنفس الصياغ لردع حجج املشركني وذلك يف اآليات اعتمد أسلويب الرتهيب والرتغيب .42إىل 33من

19/18، ص التحرير والتنوير 1

� \ D % � � D Q V � = f �� [ �� d M T � � ; h � [ 3 �� � B � � � ( ) + + . + � + + 0 + + + + 33 � �� � : 3 M � � V > d I T # � � > I �� T � # � � � � O f � �� � �� / � + + ) . + / + + . ) 5 5 + + 5 + . 5 + ) 0 l! � Y ; L V � + j + 34 6 � �. + � �� W � � �� � "� � V 4 � � d � � T � q� @ �� # Y� � d ! �� ( + + 5 + 5 + 5 + + + + + + + ) + 5 + . 35 �� [ � < �� � �� U � 6 �� # � � � � � o� � d � 6 7 5 0 + ) 0 . + + +

� \ � > �� � � 7 � d �� �� [ ( ) . . 5 . / + + ) + 36 � d� � > �� d � � T � > �� d $ � ] V ; Y ��� �� [ � < � � � �� � U � $ � / ) . 5 + + + + . 5 + + 5 � 5 0 / 0 + . + � [� � � � � �� c� � � � @ � V � H �� � ( + + ) ) 0 ) . . + + � �! � V ( ) 37 � \ h < 3 � o � ! [ � �� � $ � � ��� q� f Z V � J� � v � � J� � � ( ) + ) + . + 5 + � / + + . + + 5 + ( + + 38 � \ � @ � � � � � � l < � &� h � 4 � � d [ � L l <� ( . / + . 5 + . + 39 � � � V 6 � � . . +

C � b V 9 @ �� H � � 6 �� # � � . + ) . ) 0 ) + . + � �� O � � T � � � �� �� < ; [ � I � � � � �� �� � > � 7 V 8 � D�� � b ( 5 + 5 . + + + . + + + . ) . / + + 40 � � ' � � � 3 �� � ? @ � � � � V � � o � � ( 5 5 0 + ) 0 + . + + �� Y � 4 ��� � � [ � � �� � � � V 5 + 5 0 + + + ) 0 + 41 � � � Y � � I ! � � � � � � Z V � � � � d @ I �� � � � d � g ! � J� < �+ + . + + + . + . + + . + ) + ) . + + j ) 5 + ; L V � q� � � �� � � � � Q � � � � j . + + + + . + + + ) + 5 .

l! � Y + 42 ي أحقر أنواع التكذيب، عندما كذبوا بالرمحان ترو 77إىل 60إن اآليات من

B� �k��� ��J�W< �%���(:يقول عز وجل nD�V ����� �� ����$ ����� �� nY� >s ;!$ �o��)60((

اسجدوا للرمحان قالوا وما الرمحان (لكفار مكة ) وإذا قيل هلم"( :جاء يف تفسري اجلاللني) نفورا(هذا القول ) وزادهم(بالفوقانية والتحتانية واآلمر حممد ال نعرفه إال ) أنسجد إىل ما تأمرنا به

1.عن اإلميان

ال هذا النوع من املغالطات يسمى مغالطة املسائل املتعددة حيث يعمد املخاطب إىل طرح سؤ جيعل ايب يقدم جوابا واحدا عن أكثر من قضية فيقع يف فخه، فهي عبارة عن سؤال متضمنا معىن

2.ألنه السبيل الوحيد إليقاعه يف الفخ مضمرا خاطئا خيفيه عن قصد

ليستدعي مبدأ فاملشركني حاولوا تضليل الناس لكنهم مل ينجحوا بل ابتعدوا أكثر عن اإلميان

�; _ �����(: يف قولهد يف األشياء، معتمد على احلجج اليت تستدعي القيم التماثل أو احلT �����\d ���$� �T��Y �I!7 ;�T� �T��[ 8��D��)61((

365مرجع سابق، ص: تفسري اجلاللني 1 133احلجاج يف الشعر العريب، مرجع سابق، ص: سامية الدريدي: ينظر 2

عظمت بركات الرمحان وكثر خريو، الذي جعل يف السماء النجوم : " جاء يف تفسري اجلاللني 1الكبار مبنازهلا وجعل فيها مشسا

إىل 62وذلك يف اآليات من لينتقل انتقاال منطقيا معتمدا على احلجج اليت تستدعي القيم .76اآلية

���� &�$ :� �� : J� � V � V � < � � V J� � V � � � H % � � �� I d�� � ; ! ��� ; � T � � �� � � � ( 5 + + . + 0 0 + + + . + � ) + + / + . 0 + + ) 0 + 5 + 62 � O � � �� � �� � � Q ��� J� � � � + 5 . + + ) 0 + . / 5 + ) + # � � + � l Y �� �� $ � � �� n �� > I � X� � � o � � � � � � A � � ( + + ) + 5 5 + + + . + . 63� � ! $ � � n Y > I [ � � � @! � � �� � �� � ( + ) + ( / 5 . � + ) + + + ) 0 + 64 � � Z� � d [ � � �� 6 � �� � �� � . . + / + + + + ) 0 +

� � � ] � < � I [� � � � > d I T q� � � � d � ( + + + + + / + / + + + + / + 65 � 6 @ D C 8� Y � I � �N . 5 . + + + 0 � � 6 � � ( 5 + 66 � < � �� � @ 6 � > � � �� 7 � D � > � �� 6 %� V � o � �� � �� � + + 5 + . + . 5 . + ) 0 + � � � $ 3 � o � ! [ ( + + ) + . + 67� � = f �� [ � � 4 ��� U � Q 9 @ �� � % d�� � � @ 6 � � � � �� � I � � 4 ��� � � � � � �� � �� � + � + 0 5 0 + / + ) 0 + / + + + + + ( ) 0 + + + 5 . + + ) 0 + � % � � � � � ' �+ + + + + . + 3 � o ; + )

= � �+ + � � v V ( 68� �� I 4! 7 � ? � � H � ! 6 �� U � � q� � � �� 4 � i �� g � + 5 ) ) . + + ) + + ) + . + 5 + 5 . + 5 69 4 ��� & � � 3 M �� B 7 � f �� Z l � � ; � � � � � � q� � � � � 5 0 � + 5 + ) ( ) + + + ) + + + + + + + 0 � �! Q � � �� % ] 4 ��� � < � C� d D Q > I �� M ! Y ( ) / ( 5 0 + + E + + + . ) � + 69 � � q� � � �+ + + + + � [� @ 4 ��� # � � q� @ � 4 � � 7 � f �� Z ; � ( + ) 0 5 + 5 0 ( ) + ) 70 � I O � � �� � �� � + 5 + . + + ) 0 +

� � � < �� � � r ��� [ �� � � o � � �� '�� ( + ) � + 0 � + + + � 71� �� ! � � � � � Z � I ! � � �� � ? � > � > I [ � C� �� [ �� � < o � o � �� � �� � + . 5 + N 5 + . + � ) + . . � + ) + 5 � + ) 0 + 72 � � �� 6 � �� � �� �+ + + + ) 0 + � d [ + / � � � � 6 @ � � � � d � � T� � � ! � V P � $ � d �� � � o � � d T� � W V � � d � � � ( + + ) 0 5 ) + + . + 5 . + / + ) / � + + + . ) + . + 73 H ! f � � I! 7 � 6 � � � �� � � Z � � [ H 7 � r �� � ' n � 3 M � � V / ) + ) + . 0 5 + 5 + + + . + . + . 5 + ) .

� l Y � ( + + 74� � 6 � � � 6 @ D z d D Q � I! 7 �� �� � ( 5 + N . 5 . + 5 + + ) + ) ) + 75 يتخلل أمور كونية ومل يرد على املشركني مباشرة بل جتاهلهم واحتقرهم تعمد استحضار فاهللا

، طمأنة، فاملشروع احلجاجي سار بنفس السياق طبعا، ملسو هيلع هللا ىلصهذا الرد آيات طمأنة وتثبيت للرسول 2.تثبيت ديد وترغيب

+ $ ; � ﴿ املشركني يف اآلية األخريةلكنه اختلف نوعا ما يف هذا املشروع عندما أجل الرد على > < �� � J � � � � 9 [ � > [ B � � � . 5 + 5 . � + . + . + ◌ � � ' � � � � � D 7 > @ [ � < 6 7 ( + ) 5 + + . + . . 0 . ﴾ H���77 �$�%�� P��Y.

365مرجع سابق، ص : تفسري اجلاللني 1 19/69التحرير والتنوير، مرجع سابق، : ينظر 2

:جاء يف تفسري اجلاللني

إياه يف الشدائد» بكم ريب لوال دعاؤكم«يكرتث » يعبأ«نافية » ما«يا حممد ألهل مكة » قل«العذاب » فسوف يكون«الرسول والقرآن » كذبتم«أي فكيف يعبأ بكم وقد » فقد«فيكشفها

مالزما لكم يف اآلخرة بعد ما حيل بكم يف الدنيا، فقتل منهم يوم بدر سبعون وجواب لوال » لزاما« . 1 دل عليه ما قبلها

عليهم يف تسطري هذا الكون مث رد تأجيل الرد عليهم ألنه أراد بيان عظمته وكمالته فاهللا تعمد .الرسولملا أرسلنا إليكم أنه لو ال دعاؤكم أنتم عندما تقعون يف املصائب مقرعا إياهم

.366ص ص : تفسري اجلاللني 1

خاتمة

فصوله ومباحثه، وقد رصدنا الكثري -بعون اهللا وفضله -ىل هنا يكون هذا البحث قد استوىفإ

:من النتائج خالل دراستنا للحجاج واملغالطة كانت أبرزها

تعرضنا يف املدخل اىل كل من مفهوم احلجاج واملغالطة والتداولية، وقد تنوعت دالالم : أوال

املعرفية، وكل هذه املفاهيم ختدم غاية واحدة هي حماولة التأثري ووصول املتكلم اىل يف كثري من احلقول

.دفه التبليغي

احلجاج يعد تابعا للربهان من جهة، : يف الفكر اليوناين القدمي، وعند أرسطو حتديدا: ثانيا

جاج، وللخطابة من جهة أخرى، ويرتبط باخلطابة باعتبارها الفضاء النصي الذي يتجلى فيه احل

.ويرتبط بالربهان باعتباره املسار املنطقي يؤسس احلجاج

وجتلت مبادئ احلجاج يف . ارتبط احلجاج يف الرتاث العريب باجلدل، وظهر مرادفا له: ثالثا

وتوفرت على جانب واإلقناعالتأثري بإسرتاتيجيةاهتمت البالغة العربية إذ ؛الدرس البالغي العريب

بعض االشارات اليت تعد اليوم حمور الدرسني إىل، وسبق معريف احلجاج تداول هام مرتبط بنظرية

االستمالة والتأثري إىلاللغوية وغري اللغوية املؤدية الوسائل، حيث تناولنا أهم اللساين والبالغي الغربيني

.واإلقناع

كما رصد احبث أهم االجتاهات اليت سامهت يف وضع نظرية حديثة للحجاج عند : رابعا

اذ حاول اضفاء بعد عقلي على ؛" لبريملان وتيتتيكا"اخلطابة اجلديدة البالغة أو :رب، أوهلاالغ

. احلجاج، فهو عندمها حوار يسعى اىل احداث اتفاق بني األطراف املتحاورة

اليت اهتمت بالبعد التداويل للحجاج، حيث يعد " ألوسنت وسريل"ونظرية أفعال الكالم -

.تداولية تنظيمية، ختضع فيه احلجج لنشاط األفعال اللغوية املتنوعةاحلجاج آلية حوارية

فاحلجاج عنده قائم يف جوهر اللغة نفسها بصرف النظر " لديكرو"مث نظرية احلجاج يف اللغة -

.عن استخدامها، فكل قول مهما كانت الغاية منه والدافع اليه هو قول حجاجي

ساءلة، فاشتغل احلجاج باعتباره ضرورة تؤدي اىل نتيجة بنظرية امل" مايري"وتعلق احلجاج عند -

.أو موقف حيمل املتلقي على اختاذه ازاء مشكل معروض يف سياق ختاطيب

هو حجاج منطقي حياكي يف بناءه املمارسة القانوين كممارسة " توملني" واحلجاج عند -

.عقالنية ثابتة

إىلفهو يتوجه ؛ائر اخلطابات البشريةاخلطاب القرآين يف مفهومه متميز طبعا عن س: خامسا

، وذلك ما جعل احلجاج اإلرشادأصناف متعددة متباين من املخاطبني يف عصور خمتلفة دف

جعل يصيب كثريا من العناصر اللغوية فيه مثل الكلمات والرتاكيب والصور وهي تتكرر فيه تكرارا

.منها خصائص اسلوبه املميزة

وتأثري ، ومما يثبت أنه خطاب كثرة إقناعونه خطابا يقتضي أنه والقرآن خطاب ، وك: سادسا

.خماطبته اليت جعلت هذه املخاطبات يف القرآن علما من علومه

كما تتعدد أشكال احلجاج حسب طبيعة احلوار احلجاجي وبناء احلجاج، كما تعددت : سابعا

.وجهات نظر الباحثني وآرائهم يف حتديد أنواع احلجاج

توصلنا اىل النتائج ) سورة الفرقان دراسة تداولية(التطبيقي وباعتبار موضوع الدراسة أما الفصل

:التالية

والتأثري، لذا كان القصص القرآين هو أحد لإلقناعاختذ القرآن الكرمي من القصص سبيال -

من أساليب االستدالل وشأنه يف هذا شأن ما جاء به اسليحاجي ا املاليت محلها القرآن االساليب

.والتعجيز

تتحدث سورة الفرقان عن سوء عاقبة من يكذب باهللا ورسوله وكتابه، فمحور السورة يدور -

وفيها بعض حول اثبات صدق القرآن لصحة الرسالة احملمدية وحول عقيدة اإلميان بالبعث واجلزاء

:أساسية تتمثل فيما يليولذلك فإننا نرى فيها ثالثة حماور . القصص للعظمة واالعتبار

.أنواعه التكذيب اليت تلقاها النيب صلى اهللا عليه وسلم*

.التحذير من سوء عاقبة التكذيب*

.تثبيت النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه*

، )ص(كما جند آيات السورة تبدأ فيها مبا قاله املكذبون مث تأيت آيات أخرى دئة للرسول -

.ا، مث تأيت آيات تتحدث عن سوء عاقبة التكذيب بالفرقان وبدين اهللا الواحدقالو وتعقيب على ما

ففي اآليات األوىل حرص اهللا عز وجل على بيان عظمته وتوفر كماالته فجمع بني التنويه -

، وبتعظيم شأنه فاهللا عز وجل ليؤكد حجته بني أنواع من صفاته، كما تعمد )ص(بالقرآن وبالرسول

وظيف الروابط احلجاجية اذ تساهم يف تساوق احلجج وتعاوا لتحقيق نتيجة سبحانه وتعاىل ت

.واحدة، واما يف يف تعارض احلجج لكي حتقق كل منها نتيجة معاكسة يراد الوصول اليها

قائمة المصادر والمراجع

القرآن الكريم �

الحديث النبوي الشريف �

المصحف اإللكتروني �

مراجع العربيةالقائمة : أوال

أسباب النزول، حتقيق وشرح وفهرسة سعيد حممود عقيل : أبو احلسن علي بن أمحدالنيسابوري .1

.ج بريوت . ط

حممد هارون عبد السالم دار : مقاييس اللغة، تح: أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكرياء .2

.1979ط، .الفكر، بريوت، د

عبد ايد تركي، دار الغرب االسالمي، : املنهاج يف ترتيب احلجاج، تح: بو الوليد الباجيأ .3

.2000، 3بريوت، لبنان، ط

أبو بكر العزاوي، ال تواصل من غري حجاج، وال حجاج من غري تواصل، بيان اليوم، املغرب، .4

2006.

حممد شريف سكر، دار إحياء العلوم، بريوت، : حممد الباقالين، إعجاز القرآن، تحأبو بكر .5

.1990، 1لبنان، ط

عبد اهللا بن عبد : أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطيب، اجلامع ألحكام اهللا، تح .6

.2006، 1احملسن الرتكي، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، بريوت، لبنان، ط

علي حممد البجاوي، وحممد : ، تح"الكتابة والنشر"كتاب الصناعتني ): العسكري(أبو هالل .7

.أيب الفضل إبراهيم، منشورات املكتبة العصرية، صيدا، بريوت

الوظائف التداولية يف اللغة العربية، منشورات اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة: أمحد املتوكل .8

.1985، 1والنشر، الدار البيضاء، املغرب، ط

، 1986عبد الرمحان بدوي، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد : اخلطابة، تع: أرسطو .9

.عبد اهللا صولة، احلجاج يف القرآن الكرمي: ، نقال عن1356، 2الفصل ، ط

جلامعية، اجلالين دالس، مدخل إىل اللسانياتن ترمجة حممد حيىي ، ديوان املطبوعات ا .10

.1926بن عكنون، اجلزائر،

حممد حييايت، ديوان املطبوعات : اجلياليل دالش، مدخل إىل اللسانيات التداولية، تر .11

.خليفة بوجادي، يف السانيات التداولية: نقال عن: 24اجلامعية، اجلزائر، ص

دار حممد احلبيب ابن اخلوجة، : منهاج البلغاء وسراج األدباء، تح: حازم القرطاجين .12

.1966ط، .الكتب الشرقية، تونس، د

حافظ امساعيلي علوي، احلجاج مفهومه وجماالته، دراسات نظرية وتطبيقية يف البالغة .13

.2010، 1اجلديدة، عامل الكتب احلديث، إربد، األردن، ط

احلجاج طبيعته وجماالته ووظائفه، منشورات كل ية اآلداب والعلوم : مح و النقاري .14

.2006، 1، ط 134اإلنسانية، الرباط، ندوات ومناظرات رقم

ط، .مبادئ يف اللسانيات، دار القصبة للنشر، اجلزائر، د: خولة طالب اإلبراهيمي .15

2000.

ط، .ألردن، داحلجاج مفهومه وجماالته، عامل الكتب احلديث، ا: رشيد الرباهين .16

2010.

احلجاج، مفهومه وجماالته، : رشيد الراضي، احلاجيات اللسانية، مقال ضمن كتاب .17

.2010، 1حافظ إمساعيلي علوي، عامل الكتاب احلديث، إربد، األردن، ط: إعداد وتقدمي

احلجاج يف الشعر العريب بنيته وأساليبه، عامل الكتب احلديث، إربد، " سامية الدريدي .18

.2007/2011، 2ط-1لبنان، ط

أهم نظريات احلجاج يف : شكري املخبوت، نظرية احلجاج يف اللغة، ضمن كتاب .19

.التقاليد الغربية من أرسطو إىل اليوم

عبد الرزاق املهدي، : عناية القاضي واية الراضي، تح: شهاب الدين اخلفاجي .20

2، ج1997، 1منشورات بيضون، بريوت، لبنان، ط

التداولية واحلجاج، مداخل ونصوص، صفحات للدراسة والنشر، صابر احلباشة، .21

.2008، 1دمشق، سوريا، ط

صالح حسني، املدخل إىل علم الداللة وعالقته بعلم االنثربولوجيا علم النفس، دار .22

.2008ط، .، د)اجلزائر، القاهرة، الكويت(الكتاب احلديثة،

لثقايف العريب، الد ار البيضاء، املغرب، املركز اامليزان والتكوثر العقلي، : طه عبد الرمحن .23

.1998، 1ط

ضوابط املعرفة وأصول االستدالل واملناظرة، دار : عبد الرمحان حسن حنبكة امليداين .24

.1998، 3القلم، دمشق، ط

عند نتواصل نغري، مقاربة تداولية معرفية آلليات التواصل : عبد السالم عشري .25

.2007 ط،.واحلجاج، إفريقيا الشرق، املغرب، د

احلجاج يف القرآن من خالل خصائص أسلوبية، جامعة منوبة ،كلية : عبد اهللا صولة .26

.1، ج 2001اآلداب، تونس،

: مناظرات يف أصول الشريعة اإلسالمية بني ابن حزم والباجي، تح: عبد ايد تركي .27

لبنان، عبد الصبور شاهني، مراجعة حممد عبد احلليم حممود، دار الغرب اإلسالمي، بريوت،

.1986، 1ط

مقاربة لغوية تداولية، دار : اسرتاتيجيات اخلطاب): ابن ظافر(عبد اهلادي الشهري .28

.2004 1الكتب اجلديد املتحدة، بريوت، لبنان، ط

السياق والن ص الشعري من البنية إىل القراءة، الدار البيضاء، : علي آيت أوشان .29

.2000، 1املغرب، ط

املسرحي يف ضوء النظرية التداولية، منشورات االختالف، عمر بلخري، حتليل اخلطاب .30

2003، 1اجلزائر، ط

النص واخلطاب واالتصال، األكادميية احلديثة للكتاب اجلامعي، القاهرة، : حممد العبد .31

.م2005، 1مصر، ط

يف بالغة اخلطاب اإلقناعي، إفريقيا الشرق، الد ار البيضاء، ط: حممد العمري .32 2،

2002 .

حممد العمري، البالغة اجلديدة بني التخييل والتداول، إفريقيا الشرق، الد ار البيضاء، .33

.2005ط، .د

حممد الكتايب، جدل العقل والنقل يف مناهج التفكري اإلسالمي، الدار البيضاء، .34

.1992، 1املغرب ط

يد حممد سامل حممد األمني الطلبة، احلجاج يف البالغة املعاصرة، دار الكتاب اجلد .35

.2008، 1 املت حدة، بريوت، لبنان، ط

النظرية احلجاجية من جالل الدراسات البالغية و املنطقية و اللسانية : حممد طروس .36

.6دار النشر للثقافة، الدار البيضاء، املغرب، ط

تداولية اخلطاب السردي، دراسة حتليلية يف وحي القلم، عامل الكتب : حممود طلحة .37

.2010، 1احلديث، اربد، األردن، ط

ط، .يف فلسفة اللغة، دار النهضة العربية، بريوت، لبنان، د: حممود فهمي زيدان .38

1984.

التداولية عند علماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة األفعال : مسعود صحرواي .39

، 1الكالمية يف الرتاث اللساين العريب، دار الطليعة للطباعة والنشر، بريوت، لبنان، ط

2005.

أهم نظريات احلجاج يف التقاليد : ، احلجاج عند أرسطو، ضمن كتابهشام الريفي .40

.1998الغربية من أرسطو إىل اليوم، منشورات كلية اآلداب تونس

:مة التفاسيرئقا: ثانيا

اجلامع ألحكام القرآن حتقيق عبد العليم ): القرطيب(أبو عبد اهللا حممد األنصاري .1

.1963ط، .الربدوين، د

روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املنايف، دار األحياء الرتاث العريب، : األلوسي .2

.بريوت، دط، د س ط

.دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس:التحرير و التنوير .3

.نقال عن املصحف اإللكرتوين: تفسري اجلاللني .4

فخر الدين قباوة، : تفسري اجلاللني، تح: وجالل الدين السيوطيلمحلي ا لدينل اجال .5

ط .س .ط، د.مكتبة نلبنان ناشرون، بريوت، لبنان،د

باسل عيون السود، منشورات دار الكتب العلمية، : تح: معجم أساس البالغة: الزخمشري .6

.1بريوت، لبنان، ط

سينار عواد معروف، عصام فارس، : الطربي، جامع البيان عن تأويل آيات القرآن، تح .7

.بريوت، لبنانمؤسسة الرسالة،

، 1التفسري الكبري ومفاتيح الغيب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط: الفخر الرازي .8

1981.

الكش اف عن حقائق التنزيل وعيون االقاويل يف وجه التأويل، تح .9 الشريف علي بن حممد بن :

ط، .ان، دعلي السيد وأمحد بن حممد االسكندري، دار الفكر للطباعة والنشر، بريوت، لبن

2006.

:قائمة المعاجم والقواميس: ثانيا

.1993، 3دار صادر، بريوت، ط: ابن منظور لسان العرب

عبد السالم هارون، مطبعة اخلاجني، مصر، : البيان والتبيني، تح): اجلاحظ(أبو عثمان عمر حبر

.1، ج1975ط، .د

ط، .احمليط، مؤسسة الرسالة، دالقاموس ): ه817ت (جمد الدين حممد يعقوب الفريوز أبادي

2005

:قائمة المصادر المترجمة: ثالثا

سيف الدين دغنوس وحممد الشيباين، دار الطليعة، : آن روجول وجاك موشلري، التداولية اليوم، تر

.2003، 1بريوت، ط

قنيفي، عبد القادر : النص والسياق، استقصاء احلث يف اخلطاب الداليل والتداويل، تر: فان دايك

.2000ط، .إفريقيا الشرق، د

ط، .سعيد علوش، مركز اإلمناء القومي، الرباط، د: ترمجة: املقاربة التداولية): أرميكو(فرانسوا

1986.

:قائمة المصادر األجنبية

1. Martine Bracops: introduction a la pragmatique, Bruxelles:

de beck. 2006.

2. Mayer, logique, langage et Argumentation.

3. O, DUCROT, les échelles argumentatives, Minuit, Paris,

1980.

4. Osvald Ducrot/Jean claud Anxombre,l'argumentation dans

la langue pière Mardaga, Editeur2, Galerie des princes,

1000 Bruxeelles.

5. Osvald Ducrot/Jean claud Anxombre,l'argumentation dans

la langue.

6. S, toulmin, les usages de l'agumentation

:قائمة المجالت والدوريات المحكمة: رابعا

نور الدين نورناشة، احلجاج يف الدرس اللغوي الغريب، جملة علوم إنسانية السنة السابعة العدد -1

.2010شتاء 44

سورة النمل أمنوذجا، جملة اللغة واألدب، ، الكريماحلواس مسعودي، البنية احلجاجية يف القرآن -2

.م،جامعة اجلزائر1997ه ديسمرب1418شعبان 2،1العدد

3-

:قائمة الرسائل الجامعية: سادسا

اخلطاب احلجاجي السياسي يف كتاب اإلمامة والسياسة البن قتيبة، دراسة : ابتسام بن خراف -1

.2009/2010تداولية، أطروحة دكتوراة، جامعة باتنة،

، 3مقدمة يف اللغويات املعاصرة، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، األردن، ط: مجاعة من املؤلفني

2006.

البعد التداويل و احلجاجي يف اخلطاب القرآين املوجه لبين إسرائيل، عامل الكتب : قدور عمران

2012، 1احلديث، إربد، األردن، ط

آليات تشكل اخلطاب احلجاجي بني النظرية البيان و نظرية الربهان، جملة األثر، : ماجر مدقن

.2005، 5اجلزائر، ط