ﺭﺎﻨﳌﺍ ﲑﺴﻔﺗ ﰲ ﻲﺳﺎﻴﺴﻟﺍ ﺔﻴﺳﺎﻴﺴﻟﺍ …isamveri.org › pdfdrg › D02370 › 2015_33 › 2015_33_ABDULLAHU_SELLUMMH.pdfİstanbul Üniversitesi

229

İstanbul Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi 33, (2015), 229-258

Odeh Abdullah* / Mahmoud Sallom**

* Doç. Dr., Uluslararası En-Necah Üniversitesi Filistin, Usulu’d-Din Bölümü.

** İstanbul Üniversitesi İlahiyat Fakültesi doktora, En-Necah Üniversitesi yüksek lisans öğrencisi.

االجتاه السياسي يف تفسري املنار

وحتليل 0موعة من القضايا السياسية) (عرض

وحتليل 0موعة من القضايا السياسية) (عرضاالجتاه السياسي يف تفسري املنار

:ملخص

بيان ، واألمة ووحدةواحلكم مبا أنزل اهللا، الشورى، وهي: ، يف تفسري املنارالسياسية بعض القضايا دراسة تناول هذا البحث ي

وهذا يربز ، واليت يظهر من خالل دراستها معامل االجتاه السياسي يف تفسري املناراحلكومة اإلسالمية، وو ،موقف اإلسالم من احلضارة الغربية

مجيع نواحي احلياة االجتماعية والسياسية صالح العام والشامل اليت نادت +ا مدرسة املنار يفالسياسي كجزء من فكرة اإل صالحفكرة اإل

الدينية.واالقتصادية و

.التجديد٫االصالح ٫السياسة ٫املفسرين مناهج٫التفسريالكلمات املفتاحية:

***

Abstract:

Political direction in Al-‐‑Manar interpretation (Discussion and analysis for a group of

political issues)

This research aims to study some of the political issues in Al-‐‑Manar interpretation such as:

Shura, ruling by what Allah has revealed, unity of the nation, the perspective of Islam toward Western

civilization, and the Islamic government; studying these issues will show the political direction in Al-‐‑

Manar interpretation, and this highlights the idea of political reform as part of the general and

comprehensive reform advocated by Al-‐‑Manar School in all aspects of social, political, economic and

religious life.

Keywords: Interpretation, interpreter’s methods, politics, reformation, modernization.

االجتاه السياسي يف تفسري املنار (عرض وحتليل 0موعة من القضايا السياسية)

االجتاه السياسي يف تفسري املنار (عرض وحتليل 0موعة من القضايا السياسية) ،سلوم ،عبد اهللا

سلومحممود خضر / عودة عبد اهللا حممود خضر سلوم / عودة عبد اهللا

.أستاذ مشارك بقسم أصول الدين جامعة النجاح الوطنية فلسطني

.تركياجامعة اسطنبول طالب دكتوراة ، جامعة النجاح الوطنية ماجستري أصول الدين
















***

İstanbul Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi, 2015, 33

230

املقدمة

، اهللالصالة والسالم على سيد األولني واآلخرين، سيدنا حممد بن عبد ، واحلمد هللا رب العاملني

:أما بعد، مث إىل يوم الدين، ره، واقتفى أثوعلى آله وصحبه ومن سار على دربه

، ، وحتريف الغالنيالتفسري رجاله الذين نفوا عنه انتحال املبطلنيقد هيأ اهللا عز وجل لعلم ف

، ليخدموا وهبوا أوقا(م وأعمارهم، فلوا "اظم األمانة اليت وكوتأويل اجلاهلني، فتحمل هؤالء العلماء ع!

على رسم أهداف ب تفسري املنار الذي حرصحافكان من هؤالء ص اهللا، ويذبوا عنه ما استطاعوا.كتاب

عن طريق ،تفسري القرآينيف ال اليت طبق أصوهلامن خالل فكرة االصالح الشامل األمة وحتقيق آماهلا،

سرائيليات التفسري من شوائب البدع واإل الدعوة إىل تنقيةو ،تفسري القرآينالالدعوة اىل جتديد مناهج

إجيابية على األمة االسالمية نتائج نهج التجديديامل اواالستطرادات النحوية والبالغية والفلسفية، وكان هلذ

ت التفسري باجتاهات ومباحث جديدة.ث والدراسات القرآنية فقد أغنوعلى مستوى البح

بيان معامل االجتاه السياسي يف تفسري املنار، من خالل ويأيت هذا البحث كمحاولة للكشف عن

احلكم مبا أنزل اهللا، هي: ، والسياسية املطروحة يف تفسري املنار اجمموعة من القضايرأي صاحب املنار يف

احلكومة اإلسالمية.، و، وبيان موقف اإلسالم من احلضارة الغربيةاألمة والشورى، ووحدة

: فصلنيعلى إضافة إىل املقدمة واخلامتة هذا البحث امشلوقد

السياسي يف تفسري املنار الفكرالفصل األول :

املبحث األول : تفسري املنار ومنهجه العام

املبحث الثاين: االهتمام باالصالح السياسي يف تفسري املنار

وحتليل) تفسري املنار (عرضالفصل الثاين: قضايا سياسية يف

احلكم مبا أنزل اهللاملبحث األول :

: الشورى املبحث الثاين

231

: وحدة األمة اإلسالمية املبحث الثالث

احلضارة الغربية سالم من املبحث الرابع : بيان موقف اإل

املبحث اخلامس: احلكومة اإلسالمية

واهللا تعاىل نسأل أن يكون هذا البحث يف ميزان حسناتنا يوم نلقاه, وأن يكون فيه الفائدة

املرجوة.

الفصل األول

السياسي يف تفسري املنارالفكر

املبحث األول : تفسري املنار ومنهجه العام

يقوم تفسري املنار يف حقيقة أمره على ثالثة رجال، أوهلم السيد مجال الدين األفغاين الذي

وتلقيه من هنالك انقدحت عن فكره نظرية إصالح ا;تمع االسالمي برجوع املسلمني إىل منبع الدين

صافيا مربأ مما اتصل به من الشوائب. والرجل الثاين هو الشيخ حممد عبدة الذي باشر فعال تفسري القرآن

على طريقة تطبيق النظرية اليت دعا إليها السيد مجال الدين األفغاين، وكان ذلك يف الدروس اليت ألقاها

الث هو الشيخ حممد رشيد رضا، الذي تولى تقييد ما الشيخ حممد عبدة يف بريوت والقاهرة. والرجل الث

.1أماله الشيخ حممد عبدة وتلخيصه ونشره تباعا يف جملة (املنار) اليت اشتهر التفسري بامسها

يقول ابن عاشور: "فإذا كان هناك من بني الثالثة: مجال الدين األفغاين، وعبدة، ورشيد رضا م"ن

التفسري من اآلخرين، فلن يكون ذلك غري املؤلف احلقيقي له فعليا: هو أحق بأن ينسب إليه تأليف هذا

وهو العالمة حممد رشيد رضا، على أن امليزة احلقيقية لذلك التفسري يف منهجه البديع، وفيما اشتمل عليه

.2"ةلقي تلك الدروس وهو الشيخ حممد عبدمن أمور اشتهر 8ا ورجع بسببها إليه، إمنا تثبت خاصة مل

-هـ 1390 – 2، (مصر ، جممع البحوث االسالمية ، طالتفسري ورجالهابن عاشور، حممد بن الفاضل: 1 .167م)، ص1970 2 - . 168املرجع السابق ، ص







232

ل هذا التفسري اسم (تفسري القرآن احلكيم)، لكنه اشتهر عند الباحثني والدارسني باسم حيم

(تفسري املنار)، لكون أجزائه نشرت بالتتابع يف جملة (املنار).

عندما التقى الشيخ رشيد رضا بشيخه اإلمام حممد عبدة، وأقنعه بعد جهد جهيد بتفسري كتاب

ر، كانت هذه البداية اخلطوة األوىل على طريق تفسري املنار، وكان اهللا عز وجل يف دروس باجلامع األزه

الشيخ حممد عبدة يفسر، وتلميذه الشيخ رشيد رضا يدو;ن، وظل الشيخ يفسر حىت بلغ قوله تعاىل:

، من سورة النساء، ليدرك أنه على موعد مع القدر، ]126[النساء: ))و-كان الله' بكل ش-ي+ء م'ح%يطا((

م، ويلقي أمانته على عنق تلميذه النجيب، وترمجان أفكاره، يكمل 1905وفاه ربه عز وجل يف سنة فيت

.3مسعاه الذي بدأه

تلقى الشيخ رشيد رضا هذا القضاء بكل صدر رحب، وقلب مؤمن، واستل قلمه وأكمل مسرية

العطاء، حىت أدركته رمحة العطاء يف تفسري القرآن الكرمي، فواصل تفسريه لكالم ربه بنفس املنهج، ونفس

و/فني م)س&ل$م"ا ت!م، وكان قد وصل إىل أواخر سورة يوسف، اآلية : ((1935ربه جل يف عاله عام

، ففاضت روحه وآخر مالذها بر0ا، كمالذ يوسف الصديق ] 101[يوسف: ))و!ألح#قني بالص'ال#ح#ني!

يف زمرة الصاحلني. يقول الدكتور صالح اخلالدي: عليه السالم بربه: أن يتوفاه مسلما، وأن حيشره

"وكأن اإلمام حممد رشيد رضا يدعوا اهللا ;ذا الدعاء الذي دعا به يوسف عليه السالم، وخيرب فيه عن

فضل اهللا عليه، بأنه علمه من تأويل األحاديث وتفسري القرآن، فقد فسر حوايل نصف القرآن، وهو يطلب

ويلحقه بالصاحلني، وكان تقدير اهللا احلكيم أن يتوقف قلم اإلمام عند هذا من اهللا أن يتوفاه مسلما

.4املوضع، ولعل هذا دليل استجابة اهللا، حيث توفاه مسلما وأحلقه بالصاحلني"

3 - -هـ 1427 – 2دار الفضيلة ، ط، (القاهرة ، تاريخ األستاذ اإلمامانظر ، رضا ، حممد رشيد : .1/786م)، 2006 4 - -هـ 1429، 3، (دمشق ، دار القلم ، ط تعريف الدارسني مبناهج املفسريناخلالدي، صالح : . 572م)، ص2008

233

واصل إكمال تفسري سورة يوسف من بعد الشيخ رضا، تلميذه األستاذ -جت البيطار، ومل

. وقسم الدكتور صالح 5سري املنار حىت تتمة سورة يوسفيفسر فيه أكثر من ذلك، لينتهي بذلك تف

:6أقسام ةاخلالدي تفسري املنار إىل ثالث

: التفسري للشيخ حممد عبدة نصا وروحا: وهو اجلزء الذي أطلع الشيخ حممد رشيد رضا األول

لشيخ رشيد رضا شيخه عليه، فأجازه ووافقه عليه، وهو اجلزء األول من تفسري املنار، وهو الذي عرب عنه ا

يف مقدمة التفسري بقوله: "وكنت أوال أطلع األستاذ اإلمام على ما أعده للطبع كلما تيسر ذلك، بعد مجع

.7حروفه يف املطبعة وقبل طبعه، فكان رمبا ينقح فيه بزيادة قليلة، أو حذف كلمة أو كلمات"

القسم يف األجزاء األربعة التالية : التفسري حملمد رشيد رضا نصا، وحملمد عبده روحا: وهذاالثاين

قد مات، لكنه كان قد أمت من شرحها يف هملا سبق ذكره من تفسري املنار، فقد كان الشيخ حممد عبد

دروسه يف اجلامع األزهر، وما كان دور الشيخ رشيد رضا إال الترتيب والتهذيب والنشر. يقول ابن

ت جملة املنار تنشر دروس التفسري اليت كان ألقاها يف عاشور: "ومنذ أن تويف األستاذ اإلمام، واستمر

. 8حياته، أصبح التحرير واضحا يف التفرقة بني ما هو منقول عنه، وبني ما هو من بيان الكاتب"

: التفسري حملمد رشيد رضا نصا وروحا وفكرا ومنهجا: وهذا يف األجزاء السبعة األخرية الثالث

شخصية الشيخ رشيد رضا أكثر وضوحا، وهذا الذي عناه يف مقدمة املنار من تفسري املنار، فقد كانت

بقوله: "هذا وإنين ملا استقللت بالعمل بعد وفاته، خالفت منهجه رمحه اهللا تعايل بالتوسع فيما يتعلق باآلية

ة من السنة الصحيحة، سواء كان تفسريا هلا أو يف حكمها، ويف حتقيق بعض املفردات أو اجلمل اللغوي

واملسائل اخلالفية بني العلماء، ويف اإلكثار من شواهد اآليات يف السور املختلفة، ويف بعض االستطرادات

5 - - هـ1418 – 3، (السعودية، مؤسسة الرسالة، طاجتاهات التفسري يف القرن الرابع عشرانظر: الرومي، فهد بن عبد الرمحن:

. 804م) ، ص1997 6 - ، فقد كان له السبق يف إبراز هذا التقسيم، وقد أخذناه منه، وحاولت 578، ص تعريف الدارسني مبناهج املفسرينانظر : اخلالدي :

االستشهاد بأقوال األستاذ حممد رشيد رضا أو غريه من الكتاب على هذه التقسيمات ، بتصرف . 7 - -1/14م)، 1990، املعروف بـ "تفسري املنار"، (اهليئة املصرية العامة للكتاب، آن احلكيمتفسري القررضا، حممد رشيد: 15. 8 - . 174، ص التفسري ورجالهابن عاشور :







234

. يقول ابن عاشور: "مث ملا انتهى النشر إىل حيث 9لتحقيق مسائل تشتد حاجة املسلمني إىل حتقيقها"

.10وحده"أدركت الوفاة األستاذ اإلمام، استقل الشيخ رشيد رضا بأعباء التفسري

وأما املنهج العام لتفسري املنار فتمثل يف: االهتمام بقضايا األمة، وإصالح حاهلم انطالقا من

القرآن الكرمي، والتركيز على روح النص، وحكمة التشريع، وبيان سنن اهللا يف خلقه، والدفاع عن

يف معجم تفاسري القرآن . جاء11القرآن، والرد على الشبهات، وعدم اخلوض يف اإلسرائيليات واملبهمات

الكرمي يف التعريف بتفسري املنار: "واستمد هذا التفسري اجتاهه اخلاص من اجتاه مدرسة صاحبيه يف تصحيح

املفاهيم، وإصالح ما أفسدته األقالم واألفكار، وما تسرب إىل بعض التفاسري من أوهام تنايف الداللة

.12اهلدي الذي اهتدى به السلف الصاحل"القرآنية، والروح الدينية، وحتجب قارئها عن

خاص يف تأويل كالم اهللا، يرجع به مؤلفه منطبأنه "تفسري املنار صف الشيخ صبحي الصاحل ي

يف أكثر هذه يات العصر احلاضر، وحيالفه النجاحغالبا إىل آثار السلف حماوال التوفيق بينها وبني مقتض

احملاوالت، إال أنه أحيانا يستمسك ببعض اآلراء الضعيفة ويدافع عنها بقوة وعناد، واملنهج الذي يصدر

13عنه يدل بوجه عام على تعمقه لألسلوب القرآين، ودراسته له على أنه للهداية واإلعجاز"

فقال: "تفسري ؛رةوقد عب@ر الشيخ رشيد رضا يف مقدمة املنار عن هذا املنهج بكلمات خمتص

.14القرآن احلكيم: تفسري سلفي، أثري، مدين، عصري، إرشادي، اجتماعي، سياسي"

، ويف أي األبواب واالجتاهات يف تصنيف العلماء لتفسري املنار وإذا ما أراد الباحث أن يبحث

، ومن مث أحلقواتفسري املنار القمة فيها واهلرم ، كانن العلماء جعلوا له مدرسة مستقلةأحلقوه، فسريى أ

، أو املدرسة االصالحية، أو املدرسة العقلية احلديثة: عددا من التفاسري املعاصرة مبنهجه، حتت ما أمسوه

9 - . 1/16، تفسري املناررضا : 10 - . 174، ص التفسري ورجالهابن عاشور : -هـ 1396، 2الكتب العلمية احلديثة، ط، (بريوت: دار التفسري واملفسرونانظر: الذهيب، حممد حسني: 11 2/577م)، 1976 12 - ، (منشورات املنظمة االسالمية للتربية والعلوم والثقافة، مطبعة آيديال، معجم تفاسري القرآن الكرميزمامة، عبد القادر، وآخرون :

-هـ 1417 336م)، ص1997

م)، ص 2000، 24لماليني، ط، (بريوت: دار العلم لمباحث يف علوم القرآنالصاحل، صبحي: 13 14 - . 1/11: تفسري املناررضا :

235

فقد شكلت مدرسة املنار فتحا جديدا وأيا كان األمر .، تعددت األمساء واملراد واحداملدرسة االجتماعية

.15"سالمية احلديثة، وقوام التفكري االسالمي ا#ددالنهضة اإلمداد روح ، وصارت "يف التفسري القرآين

يف تفسري املنار االصالح السياسياالهتمام باملبحث الثاين:

، من منطلق أن ، وتغيري الواقع بالقرآنالشامل للمجتمع ت مدرسة املنار من قاعدة االصالحانطلق

االجتماعية والسياسية واالقتصادية والدينية. يقول صاحب جاء إلصالح مجيع نواحي احلياة القرآن الكرمي

وتكوين ، جيب أخذه بقوة وإرادة وجد وعزمية؛ لتنفيذ ما هدى إليه من اإلصالحن الكتاب اإلهلي إ" :املنار

اعي إليه واملنفذ له بقوله وعمله، ليكون ، والداملبلغ له ، ويتأكد ذلك يف الرسولصاحلا األمة تكوينا جديدا

.16، وتلك سنة اهللا تعاىل يف سائر االنقالبات والتجديدات االجتماعية والسياسية"مه فيه أسوة حسنةلقو

رشيد رضا إىل توجهه املباشر يف اإلصالح السياسي،عند حديثه عن تأثري جملة لقد أشار الشيخ

اإلصالح اإلسالمي أكرب أثرها أ/ا هي اليت وجهت نفسي يف "و :العروة الوثقى يف هذا التوجه قائال

لعمل على جتديد السياسية الشرعية، يف وقت يف هذا اإلطار ينبه رشيد رضا إىل ضرورة ا، و17العام"

تشتت كلمتهم، حيث أصبح لوضع السياسي، فتمزقت وحدة املسلمني، وتفاقم اضاعت فيه اخلالفة، و

.اسياسي ويف ظل هذه الظروف أراد أن يكون مصلحا ،ظاملا احلكم دكتاتوريا

قد متيزت لإلصالح السياسي صالح، بل إن الدعوة اإلالدعوة إىل ى عن أنإذا مل تكن مبالسياسة ف

لرعية، تتفاعل مع اال متيز بني الراعي و شاملة عامة،للسياسة رشيد رضا ن نظرة الشيخ أل بالشمولية,

الدعوة اليت الدكتاتورية، وهي و ظلمتنبذ ال وهي دعوة حتررية، تقترح احللول،وموضوعية، األزمات بدقة و

.18يف انتشار الصحوة اإلسالمية كما نراها اليوم يف خمتلف أرجاء العامل اإلسالمييعود هلا الفضل

عجزي على ضعفي وإنين "حقا :بقولهعن .جه السياسي اإلصالحي الشيخ رشيد رضا ويعرب

إنين لست به أهل مذهب دون غريه، و ال أخص عمومه،ى اإلصالح اإلسالمي على إطالقه وحريص عل

175، ص التفسري ورجالهابن عاشور : 15 .9/167: تفسري املناررضا : 16 .8440هـ، 1323مجادى اآلخرة 16م، 1905أغسطس 17، جملة املناررضا، حممد رشيد: 17 ، بعنوان "االجتاهات احلديثة يف االصالح السياسي االسالمي" موقع الفكر املعاصرانظر: مبارك، أمحد: مقال على 18







236

صح من سنة مبعىن أنين مستمسك مبا بل أنا سين! أو التقليد ملذهب من املذاهب ... مبعىن التعصب سنيا

.19ال أؤثر عليه تقليد أحد" سلم،النيب صلى اهللا عليه و

20فهي:اإلصالحية الدعوة ذهه عناصرأهم أما

وتنويره بالفكر العلميحترير العقل اإلسالمي من اخلرافات -

حماربة مظاهر الشرك والبدع -

حماربة التقليد واجلمود, وتفعيل االجتهاد -

قاومة الظلم واالستبداد السياسيم -

الدعوة إىل إشاعة العلم واملعارف احلديثة داخل األمة اإلسالمية. -

السياسي عن أصول التشريع وأحكامه ومقاصده االحتراز من خروج االصالح -

ميحباكمية التشريع اإلسال االنضباط -

ريى الدكتور مصطفى جنود أ%ا مخسة ف ،صالح السياسي عند صاحب املنارأما معوقات اال

:21وهي

العصبية الدينية والسياسية -

عقبة اجلهل واألمية -

االستبداد السياسي -

و احلاضرأالتقليد يف وجهتيه باجتاه املاضي -

متزق جسد األمة -

.23/763، جملدجملة املناررضا، حممد رشيد: 19 ، األردن (عمان) "الشيخ حممد رضا: دوره الفكري ومنهجه االصالحي"ندوة بعنوان انظر: خروبات، حممد: حبث يف 20 ربيع الثاين 15 –

م.1999متوز (يوليو) 28هـ/1420 ، األردن (عمان) "الشيخ حممد رضا: دوره الفكري ومنهجه االصالحي"د، مصطفى: ندوة بعنوان جنو 21 ربيع الثاين 15 –

م.1999متوز (يوليو) 28هـ/1420

237

على األمة، وما يؤدي جند صاحب املنار حيدثنا يف تفسريه عن خطر االستبداد السياسي فمثال

امل فهو الذي تروج وأما احلاكم املستبد الظ ، فيقول: "االستبداد من انتشار الظلم وضياع احلقوقإليه

ثبا*م على خدمته ق ب، فيثنه ليكونوا شركاء له يف استبداده; ألنه حيايب أعوانه املقربني معنده الشفاعات

، شفاعات يف إفساد احلكومات والدول، وما الذئاب الضارية بأفتك من الغنم من فتك الوإخالصهم له

يطلبون منها ال على فإن احلكومة اليت تروج فيها الشفاعات يعتمد التابعون هلا على الشفاعة يف كل ما

ولة إىل األمة فيكون يسري ذلك من الد، واحلق والعدل، فتضيع فيها احلقوق، وحيل الظلم حمل العدل

، يعتقد اجلماهري أنه ال سبيل إىل قضاء بالد هذه حال أهلها وحال حكومتهموقد نشأنا يف .الفساد عاما

كومتنا إال إذا زال هذا ، وال يقوم عندنا دليل على صالح حاحلكومة إال بالشفاعة أو الرشوة مصلحة يف

... أصحاب احلق بعد طلبه من أسبابهائل اليت ال يلجأ إليها إال، وصارت الشفاعة من الوساالعتقاد

علمه من استحقاق املشفوع له لكذا، أو وقوع وظهور احلاجة إىل شفيع يظهر للحاكم العادل ما مل يكن ي

منها، مهما ارتقت وصلح ، وأن يكون ما عدا هذا من النوادر اليت ال ختلو حكومةالظلم عليه يف كذا

.22"حاهلا

الفصل الثاين

وحتليل) تفسري املنار (عرضقضايا سياسية يف

مناقشة جمموعة من القضايا السياسية ل، من خاليف تفسري املنار 23ياالجتاه السياسيتضح

والشورى، ووحدة األمة، واملوقف من احلكم مبا أنزل اهللا، ، وأهم هذه القضايا: يف التفسري املطروحة

عة يف املنار يف تفسري اآليات ب!تإىل الطريقة املسننظر يف هذا الفصل و ،اإلسالمية احلكومةواحلضارة الغربية،

.االجتاه السياسي يف تفسري املنار نكشف عن مالمح يك، السياسية القرآنية اليت تناولت هذه القضايا

.5/251: تفسري املناررضا : 22 القرآنية لتنظيم العالقات املختلفة يقول الدكتور فضل حسن عباس رمحه اهللا: "وحنن اذ نتكلم عن النظم السياسية، إمنا نعين )ا اإلرشادات 23

، عمان، مكتبة دنديس، التفسري أساسياته واجتاهاتهلألفراد، والدولة واحلاكم واحملكوم، واملسلمني مع غريهم" انظر: عباس، فضل حسن: .520م، ص2005، 1ط







238

املبحث األول: احلكم مبا أنزل اهللا

رأي صاحب املنار يف آيات ، نظر فيها، والالوقوف أمامها تستدعياليت قضايا السياسية من ال

"يرى فقد كان عدم حبه للعنف، الشامل معمن شدة دعوته إىل التغيري واالصالح رف عنه ، ملا ع!التحكيم

بل ال بد فيها من التؤدة واحلكمة، ومن هنا مل يكن يؤمن ، والتوعية ال ينبغي أن يكون طفرة أن االصالح

تسلط الظلمة واستشراء ؛ ملا عايشه من ومن جانب آخر. 24الثورات"، والوصول عن طريق بالعنف

لذا فإن رأيه يف هذه املسألة سيتضح من خالل تفسريه آليات التحكيم يف ووجود االستعمار. ، الظلم

لذ*ين& أس2لم#وا ل*لذ*ين& ه&اد#وا ي-ح4كم0 به-ا الن(بي%ون ا إن5ا أن4ز&لن&ا الت5و4ر&اة ف/يه&ا ه$د(ى و&ن$ور! (( سورة املائدة، وهي:

فلا ت$خ)ش$و0ا الن.اس$ و$اخ)ش$و)ن& و$لا و$الرJبJانيIون و$الأح+ب$ار' بم$ا اس+ت'ح+ف(ظوا م(ن+ ك(ت$اب الله( و$كان'وا ع$لي+ه( ش'ه$د$اء

) و&كت&ب+ن&ا ع&لي+هم+ ف(يه&ا أن 44أن:ز/ل الله$ فأولئ&ك/ ه$م$ الكاف&ر$ون (و"م"ن& لم& ي"ح&كم& بم"ا ت*ش8ت*ر5وا بآي*ات%ي ثم*ن)ا قل%يلا

فم!ن' ت!ص!د#ق! وح$ ق&ص$اص! الن/فس' بالن/فس و'الع'ي7ن' بالع'ي7ن و'الأن7ف' بالأن7ف0 و'الأذن بالأذن0 و'الس(ن/ بالس(ن( و'الج!ر!

) و'قفي#ن'ا ع'لى آثاره*م# بع*يس'ى اب#ن 45و.م.ن: لم: ي.ح:كم: بم.ا أن:ز.ل الله$ فأولئ&ك. ه$م$ الظال&م$ون ( به0 فه!و' كفار'ة له!

جيل ف!يه! ه8د=ى و$ن8ور: و$م8ص$د6قا ل!م$ا ب$ي&ن$ ي$د$ي&ه! م!ن$ الت)و&ر$اة! و+آت+ي!ن+اه) الإن! م$ر&ي$م$ م8ص$د6قا ل!م$ا ب$ي&ن$ ي$د$ي&ه! م!ن$ الت)و&ر$اة!

و(م(ن+ لم+ ي(ح+كم+ بم(ا أن+ز(ل الله! ) و,لي,ح.كم. أه.ل الإن.جيل بم,ا أن.ز,ل الله% ف!يه! 46و!ه'د6ى و!م!و1ع#ظة ل#لم'ت%ق#ني! (

-44[املائدة: ))ونفأولئ#ك. ه+م+ الفاس#ق 47[.

، 25ذه اآلياته بالرجوع إىل كتب التفسري جند أن املفسرين ذكروا وجوها كثرية يف تفسري

ومن مل حيكم مبا أنزل اهللا فأولئك هم ( :واختلف العلماء يف املراد بقوله تعاىل" :فمثال يقول ابن عطية

وروي يف هذا حديث عن النيب ،املراد اليهود بالكافرين والظاملني والفاسقني :فقالت مجاعة ،)الكافرون

. 18، ص املفسرون مدارسهم ومناهجهمعباس : 24

، نظم الدرر يف تناسب اآليات والسورللوقوف على مزيد من التفصيالت حول ما ذكره املفسرون أنظر: البقاعي، إبراهيم بن عمر: 25-، دار ابن كثري، دار الكلم الطيب فتح القدير. الشوكاين، حممد بن علي بن حممد: 6/150القاهرة، دار الكتاب اإلسالمي، دمشق،

-بريوت، الطبعة األوىل -2/50هـ، 1414 54.

239

اآلية متناولة كل :وقالت مجاعة عظيمة من أهل العلم. 26صلى اهللا عليه وسلم من طريق الرباء بن عازب

يفة بن وقيل حلذ. ولكنه يف أمراء هذه األمة كفر معصية ال خيرجهم عن اإلميان، من مل حيكم مبا أنزل اهللا

يف املسلمني )الكافرون(نزلت :وقال الشعيب... نعم :فقال ؟نزلت هذه اآلية يف بين إسرائيلأ :اليمان

وال أعلم .ذا التخصيص وجها :قال القاضي أبو حممد. يف النصارى )الفاسقون(يف اليهود و )الظاملون(و

عى من ذكر مع كل خرب من هذه الثالثة إال أنه را ،إال إن صح فيه حديث عن النيب صلى اهللا عليه وسلم

:وقال إبراهيم النخعي ).فال ختشوا الناس( :فال يترتب له ما ذكر يف املسلمني إال على أ+م خوطبوا بقوله

.27"نزلت هذه اآليات يف بين إسرائيل مث رضي هلذه األمة "ا

رأيه على النحو اآليت:أما صاحب املنار ف

ميا حلكم نفسه وهواه على حكم ، وتقداستحالل ترك التحكيم استباحة له ل آية الكفر علىأو!

لفتها هلواه ، فلم حيكم $ا ملخاأنزل اهللا من أحكام احلق والعدل وكل من رغب عن احلكم مبا: "، فقالربه

ان ، واإلذعاإلذعان ; ألن اإلميان الصحيح يستلزمفأولئك هم الكافرون )ذه اآليات ،أو ملنفعته الدنيوية

.28"م العمل وينايف االستقباح والتركيستلز

؛ لعدم توفري وهو غري منكر له، فهو بذلك ظاملفمن ترك العمل حبكم ربه ون)ملاالظ(وأما

، فقال : وجد العدل، فحيثما وجد شرع اهللاكون إال بشرع رب األرض والسماواتالعدل الذي ال ي

"وكل من كان بصدد احلكم يف شيء من هذه اجلنايات فأعرض عما أنزل اهللا من القصاص املبين على

- قاعدة العدل واملساواة بني الناس، وحكم -واه أو حبكم غري حكم اهللا -له عليه فض! فهو من الظاملني

املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن أخرج مسلم يف صحيحه. أنظر: مسلم، أبو احلسن مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري: 26

، حتقيق: حممد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العريب العدل إىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بريوت، كتاب احلدود، باب رجم –.3/1327)، 1700اليهود أهل الذمة يف الزنا، رقم احلديث (

، حتقيق: عبد السالم عبد الشايف حممد، احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيزابن عطية، أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األندلسي: 27.2/228م، 1993هـ ـ_ 1413، 1لبنان ، بريوت، دار الكتب العلمية، ط

. 6/330، فسري املنارترضا : 28







240

حق املفضل عليه ، وهضمال بتفضيل أحد اخلصمني على اآلخر؛ إذ اخلروج عن القصاص ال يكون إحتما

.29"وظلمه

فكأمنا بدأوا خروجهم من دين ، وا احلد يف ظلمهم ألنفسهمفقوم جتاوز )الفاسقون(وأما

فأولئك هم اخلارجون من حظرية الدين، الذين ال يعدون منه يف "فقال : ،ر2م، ألن الفسق بداية اخلروج

.30دابه"شيء، أو اخلارجون من الطاعة له، املتجاوزون ألحكامه وآ

، تظهر لك : "وإذا تأملت اآليات أدىن تأملي استخلصه من آيات التحكيم بقولهمث علل رأيه الذ

، فاأللفاظ تة التعبري بوصف الكفر يف األوىل، وبوصف الظلم يف الثانية، وبوصف الفسوق يف الثالثةنك

كان الكالم يف التشريع وإنزال . ففي اآلية األوىل صل اللغة موافقة الصطالح العلماءوردت مبعانيها يف أ

. وحكماء العلماء العمل واحلكم به، والوصية حبفظه على اهلدى والنور والتزام األنبياء الكتاب مشتمال

لغريه ، مؤثراعرض عن احلكم به لعدم اإلذعان له، رغبة عن هدايته ونورهوختم الكالم ببيان أن كل م

م به عن جهالة ، أو من ترك احلكل فيه من مل يتفق له احلكم بهيدخ، ال عليه، فهو الكافر به، وهذا واضح

ياق يدل والس ،يتحامى أهل السنة القول بتكفريه ، الذيمث تاب إىل اهللا، وهذا هو العاصي بترك احلكم

ذي هو ركن اإلميان وأما اآلية الثانية فلم يكن الكالم فيها يف أصل الكتاب ال .على ما ذكرنا من التعليل

مل حيكم بذلك فهو ، فمن أو األعضاء بالعدل واملساواة، بل يف عقاب املعتدين على األنفس الدين وترمجان

، وأكثرها مواعظ وآداب ثالثة فهي يف بيان هداية اإلجنيلوأما اآلية ال .الظامل يف حكمه، كما هو ظاهر

، ظواهر األلفاظ فقط ه الذي يطابق مراد الشارع وحكمته، ال حبسبوترغيب يف إقامة الشريعة على الوج

.31"واخلروج من حميط تأديب الشريعة ، فهم الفاسقون باملعصيةذه اهلداية، ممن خوطبوا "افمن مل حيكم !

تلك األوصاف، ، وبني موقعهم من داللة هذه اآليات على مسلمي هذا العصرمث أسقط رمحه اهللا

حنو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا وقد استحدث كثري من املسلمني من الشرائع واألحكام : "فقال

من األحكام، من غري تأويل باحلكم <ا بعض ما أنزل اهللا عليهم، فالذين يتركون ما أنزل اهللا يف كتابه

29 - . 6/331، تفسري املناررضا : 30 - . 6/332املصدر السابق ، 31 - -6/334املصدر السابق ، 335 .

241

يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما قاله اهللا تعاىل يف اآليات الثالث، أو يف بعضها، كل حبسب حاله،

أو القذف أو الزنا غري مذعن له ; الستقباحه إياه، وتفضيل غريه من فمن أعرض عن احلكم حبد السرقة

أوضاع البشر عليه، فهو كافر قطعا، ومن مل حيكم به لعلة أخرى فهو ظامل، إن كان يف ذلك إضاعة

احلق، أو ترك العدل واملساواة فيه، وإال فهو فاسق فقط ; إذ لفظ الفسق أعم هذه األلفاظ، فكل كافر

-ق، وال عكس، وحكم اهللا العام وكل ظامل فاس املطلق الشامل ملا ورد فيه النص ولغريه مما يعلم

.32"باالجتهاد واالستدالل هو العدل، فحيثما وجد العدل فهناك حكم اهللا كما قال أحد األعالم

، وهي سالمية هي األقوىوكان رمحه اهللا يرى أن حتكيم الشريعة إمنا نزل لتكون الديانة اإل

الغلبة : "الديانة اإلسالمية وضع أساسها على ، فهي قوانني غلبة ال تبعة، فقالوانتشارا سؤددااألكثر

صاحب ، ونبذ كل سلطة ال يقوم القائم "اوالشوكة واالفتتاح والعزة، ورفض كل قانون خيالف شريعتها

، حيكم حكما تا'ا املنزلأ سورة من ك، ومن يقرالوالية على تنفيذ أحكامها، فالناظر يف أصول هذه الديانة

.33ال ريبة فيه بأن املعتقدين 8ا ال بد أن يكونوا أول ملة حربية يف العامل"

من أن ن بي!ف، مبا يتفق وتقسيم اآليات السابقة مث بعد ذلك قسم رمحه اهللا تعاىل أحكام الدين

إن األحكام املنزلة من : "، فقالخيالتراأو التهاون فيه يقبل ها ما الميكن التساهل فيه، ومن ما األحكام

; كأحكام العبادات، وما يف معناها كالنكاح والطالق، وهي ال حتل تعاىل منها ما يتعلق بالدين نفسهاهللا

; كالعقوبات واحلدود واملعامالت املدنية، واملنزل من اهللا تعاىل يف يتعلق بأمر الدنياخمالفتها حبال، ومنها ما

وسائر العقوبات ،موكول إىل االجتهاد، وأهم املنزل وآكده احلدود يف العقوباتهذه قليل، وأكثرها

.34د احلاكم"مفوض إىل اجتها تعزير

، ما ، فالنيب عليه السالمرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم منهجمع وهذا التقسيم لعمري يتفق متاما

املتعلقة بأحوال الناس ا األمور، أمبني كل ما يتعلق بالدين من مسائل، صغريها وكبريهامات حىت

.ملسلمون ما يرونه مناسبا حليا"م، ينتقي منه ااحلياتية، وأمورهم الشكلية، فترك فيها ا*ال واسع رحب

32 - . 6/335، تفسري املناررضا : 33 - . 2/240، تاريخ األستاذ االمامرضا : 34 - . 6/337، تفسري املناررضا :







242

: الشورى ثايناملبحث ال

.35يف األمور العامة املتعلقة "ا": "استطالع رأي األمة أو من ينوب عنها بأ"ا الشورىت%عر"ف

من وجوه احلرية وجها اعت"رب، ويف تفسري املنار هذا األصل من أصول السياسة جليابرز وقد

و%لو! فبم'ا ر'ح!م'ة1 م*ن' الله* ل*ن!ت' له#م! ((: قوله تعاىليف تفسري املنار ول صاحبقي، ورفض االستبدادالسياسية

فإذا ع!ز!م#ت! فاع#ف. ع3ن#ه.م# و3اس#ت3غ#ف+ر# له.م# و3ش3اور#ه.م# ف+ي الأم#ر كن%ت! فظ9ا غل#يظ القلب لان%فض+وا م#ن% ح!و%ل#ك!

أي دم على املشاورة وواظب عليها، " ]159 :[آل عمران ))إن الله! ي(ح#ب. الم(ت!و!كل#ني! فت(و(كل ع(لى الله!

ئوا الرأي فيها فإن اخلري كل اخلري يف تربيتهم كما فعلت قبل احلرب يف هذه الوقعة (غزوة أحد) وإن أخط

، ملا يف ذلك من النفع هلم يف مستقبل على العمل باملشاورة دون العمل برأي الرئيس وإن كان صوابا

، بعد عن اخلطأ من الفرد يف األكثرحكومتهم إن أقاموا هذا الركن العظيم (املشاورة) فإن اجلمهور أ

هل أن : ليس من السقال األستاذ اإلمام .مرها إىل الرجل الواحد أشد وأكربواخلطر على األمة يف تفويض أ

، وهلذه الصعوبة وتشعب الرأي ، وإذا كان املستشارون كثارا كثر النزاعيشاور اإلنسان وال أن يشري

، فكان صلى اهللا عليه وسلم نة املشاورة يف هذه األمة بالعملس والوعورة أمر اهللا تعاىل نبيه أن يقرر

، وليس عندي عن األستاذ كل قول ويرجع عن رأيه إىل رأيهم يستشري أصحابه بغاية اللطف ويصغي إىل

.36"يف هذه املسألة غري هذا

إقرار منهجفالرسول عليه السالم ـ كما يرى صاحب املنار ـ كان دائم التركيز على

لو كانت بقرار املشورة حىت تزامضرورة االل، وعلى ، وغرس بذورها فيما بينهمرى بني املسلمنيالشو

ومل متنعه من ، هللا عليه وسلم من معاودته للشورى، ألن النتيجة مل تثن النيب صلى االنتيجة ما كان يوم أحد

سياسة مل جيعل فإن اهللا ،لرأي والفعلاالستبداد والتسلط يف ا ألن غيا%ا يعين، خوض غمارها من جديد

4، دار الفكر العريب، صالشورى وأثرها يف الدميقراطيةاألنصاري، عبد احلميد إمساعيل: 35 36 - -4/163، تفسري املناررضا : 164 .

243

عامة أن تستخلص ، بل فرض على الواحد يتصرف فيها كيف شاءيدي شخص يف األمة وتدبري شؤو"ا

.37والضالل يدبرون لألمة، ويصونو(ا عن االحنراف، عارفني منها قوما

يتصور فيهم أن جيتمعوا ن اجلماعة الأل، والزللاخلطأ تبعد النتيجة قدر اإلمكان عنفالشورى

ب القادر على إعطاء ، واختيار الرجل املناسحلكمةابع من ا، مادام اختيار املتشاورين ابتداءا نعلى ضالل

ورى باألمور الدنيوية ال الدينية، إذ ال جمال للرأي فيها أصالةـ صاحب املنار الش . وخص!الرأي احلكيم

: ما مل تكن صادرة عن اجتهاد، إذ االجتهاد صورة مصغرة للشورى، خمصوصة بأهل احلل والعقدـ فقال

الدنيوي الذي يقوم به احلكام عادة ; ال أمر الدين احملض الذي مداره على الوحي فاملراد باألمر أمر األمة"

دون الرأي، إذ لو كانت املسائل الدينية كالعقائد والعبادات واحلالل واحلرام مما يقرر باملشاورة لكان

-الدين من وضع البشر، وإمنا هو وضع إهلي ليس ألحد فيه رأي ال يف عهد النيب -ليه وسلم صلى اهللا ع

".38وال بعده

صحة األمراء : "وإذا علمنا أن منا، فقالوأدخل صاحب املنار حكم الشورى يف دائرة الوجوب

ن ال ، وجب على والة األمر أحاديث واآليات القرآنية الشريفة، كما تدل عليه األأمر واجب على الرعية

للوجوب ال )وشاورهم يف األمر(: تعاىلذلك على أن األمر يف قوله ، فدلمينعوهم من قضاء هذا الواجب

.39للندب"

، بالزمن، تتغري بتغريهمناطة املت+بعة يف الشورى وسيلة الجعل فإنه ؛ ولدقة فهم صاحب املنار

تعم أرجاء دنياهم الواسعة ، وبكيفية فكرهم وظروف معيشتهممع ا ما يستوي وينتقي أفراد ا'تمع منه

النMبي= ص)لى الله1 ع)لي!ه# و)س)لم) ه)ذا الر=كن) (الش=ور)ى) ف#ي ز)م)نه# بح)س)ب م1قت)ض)ى الح)ال م#ن! : "أقام! النطاق، فقال

يان كيفية : "ومعلوم أن الشرع مل جييء بب. وقال رمحه اهللا تعاىل40ح#ي&ث ق*لة* الم!س&ل*م*ني# و#اج&ت*م#اع*هم& م#ع#ه!"

يا+ا املوجبة لبلوغ ، كما مل مينع كيفية من كيف طريقة معروفة للشور عليهم، والخمصوصة ملناصحة احلكام

37 - -204، (مصر: رمسيس، مطابع اهليئة املصرية العامة للكتاب)، صاالمام حممد عبده والقضايا اإلسالميةبدوي، عبد الرمحن حممد: 205 .

38 - . 4/164، تفسري املناررضا : 39 - . 206، ص االمام حممد عبده والقضايا االسالميةبدوي : 40 - . 4/164، تفسري املناررضا :







244

، فاختيار الطريق املعني إجرائها غري حمصور يف طريق معني ، وكيفيةاملراد منها، فالشورى واجب شرعي

. 41، كما هو القاعدة يف كل ما مل يرد نص بنفيه أو إثباته"اق على األصل من اإلباحة واجلوازب

، وعلل الشرع مل ينصص على كيفية معلومة، أو طريقة خمصوصة، فاحلكم فيها للبشر فما دام أن

42:رمحه اهللا ذلك جبملة من األسباب

فكان عليه ،أن هذا األمر خيتلف باختالف أحوال األمة االجتماعية يف املكان والزمان: أوال

، وسيتسع حىت ميأل ، يعلم أن هذا الدين سينتشرالصالة والسالم بعد أن دخل الناس يف دين اهللا أفواجا

، فكل هذا كان مانعا له من ومغار9ا، وأن اهللا سيفتح ألمته املمالك، وخيضع هلا األمم األرضمشارق

.كون كذلك أزماناي، وال صلح لألمة زمناي، لشورىل بيان شكل

حبسب حاجة ذلك أن النيب صلى اهللا عليه وسلم لو وضع قواعد مؤقتة للشورى :ثانيا

، ولذلك كان الصحابة رضوان اهللا وحاولوا العمل *ا يف كل زمان ومكان الختذها املسلمون دينا الزمن

، فيعملوا فيه لالجتهادرأي قابل عليهم يتوقفوا يف أمر النيب صلى اهللا عليه وسلم حىت ينظروا أوحي هو أم

.هتهم، ويبينوا فيه وجرأيهم

لكان غري عامل أنه لو وضع تلك القواعد من عند نفسه صلى اهللا عليه وسلم : ثالثا

تركها لألمة تقرر يف كل فكان األوىل ، ه ألنه معصوم من خمالفة أمر اهللا، وذلك حمال يف حقبالشورى

ن قواعد النيب إ، إذ ما السليدلوهلعن م هاخيرجللشورى وهذا يعين أن وضع القواعد . ناسبهاا يزمان م

؛ تصبح الشورى شكلية ليس أكثر.يه، وعلعليه وسلم ال بد هلا من االتباع صلى اهللا

مباحة يف ، ة يف حكمهاجبا، وة يف قرارهامملز؛ هو خالص رأي صاحب املنار يف الشورىهذا

ب، تشر!م، صادر عن شخص حكيبل هو نابع عن دليل، من القولبدعا ليسوهذا ، طريقة تطبيقها

وال ،ال بديل عنه هو الصواب الذيرأي وهذا ال .استخرج بعضا من كنوزه وأسراره، ومعاين كتاب ربه

بعض األصوات اخلافتة اليت تنادي بضرورة إلزام األمة بالكيفية اليت استشار (ا نيب اهللا صلى اهللا ل حجة

41 - . 207، ص االمام حممد عبده والقضايا االسالميةبدوي : 42 - -4/164، تفسري املنارانظر ،رضا : ، بتصرف . 165

245

ينادي تكفري من وحترمي بل يف 43، وتؤلف الكتباخلروج عن قالبها، وحترم أصحابهعليه وسلم

ويتناىف مع أمرا يطعن يف صلب العقيدة واعتبار ذلك، كوسيلة من وسائل تطبيق الشورىاالنتخابات ب

حتديد قواعد الشورى إمنا يكون وفق مصاحل األمة املتجددة وحاجا"ا أنالذي يبدو لنا و التوحيد.

، واالحتكام اىل صناديق االقتراع وفق قانون عادلاالنتخابات يف عصرنا احلاضر وبناء عليه فإن املتطورة،

التداول السلمي للسلطة +جا ثابتا للحياة ، وإقرار مبدأ هو الطريقة األنسب الختيار قيادة الشعوب

.السياسية

: وحدة األمة اإلسالمية املبحث الثالث

ر هلا (ذه الفرقة ، وأنه ال عذألمة االسالمية من أهم ما ينقصهايرى صاحب املنار أن وحدة ا

إىل التوحد.اليت تدعو ةيوحاديث النباألوقرآنية لنصوص الا لفاخت، وهي )ذا الصنيع وهذا االختالف

و'اذكر/وا نع*م'ت' الله! و(اع9ت(ص1م=وا بح(ب9ل الله1 ج(م1يع.ا و(لا ت(فر%قوا (( :قوله تعاىليف تفسري رشيد رضا ل وقي

ى ش2فا ح;فر2ة6 م4ن2 الن.ار فأن!قذكم! ع#لي%كم% إذ كن%ت'م% أع%د#اء فألف# ب#ي%ن# قلوبكم% فأص%ب#ح%ت'م% بنع%م#ت5ه5 إخ%و#ان.ا و#كن%ت'م% ع#ل

وإمنا االجتماع هو نفس : "]103[آل عمران: ))كذل2ك& ي$ب&ي9ن$ الله$ لكم) آي&ات2ه2 لع&لكم) ت&ه)ت&د$ون م&ن$ه"ا

سيات االعتصام، فهو يوجب علينا أن جنعل أن اجتماعنا ووحدتنا بكتابه، عليه جنتمع، وبه نتحد، ال جبن

نتبعها، وال مبذاهب نبتدعها، وال مبواضعات نضعها، وال بسياسات خنترعها، مث /انا عن التفرق واالنفصام

بعد هذا االجتماع واالعتصام، ملا يف التفرق من زوال الوحدة اليت هي معقد العزة والقوة، وبالعزة يعتز

.44ملواثبني وكيد الكائدين"احلق فيعلو يف العاملني، وبالقوة حيفظ هو وأهله من هجمات ا

لوحدة، والسبب يرى أن الوطن هو الرابط العام لعلى منهج شيخه حممد عبدة وكان رمحه اهللا

بتداء ، وكان يرى أن ا45المتناع اخلالف والنزاع فيه األقرب لتحفيزها، وهو الذي جيمع كل املختلفني؛

، وساروا مة لن تتحد إال إذا توحد قاد"ا، فاألاجلسدالوحدة إمنا هو ابتداء رأس، ومن مث يتبعه بقية أعضاء

43 - ، لعبد البيان يف حكم االنتخابات، لسيد الغباشي ، وكتاب : لتوحيدالقول السديد يف أن دخول ا+لس النيايب ينايف امثل كتاب :

، حملمد السوري ... وغريها . أقوال العلماء الزكية يف حترمي االنتخابات الطاغوتيةاحلميد الزعكري ، وكتاب : 44 - -4/17، تفسري املناررضا : 18 . 45 - 23/520، جملد نارجملة امل . رضا: 2/194، تاريخ االستاذ االمامرضا :







246

مىت ألنه ، أوال من وحدة القيادة والزعامة بد# هلا، ال ألمة املعتدى عليها يف استقالهلااف، نهج واحدخلف م

.46، فإنه يسري إىل عامتهاخواص األمة بوجوب حفظ استقالهلا عظم الشعور يف نفوس

حول الوحدة ودورها يف التحرر واالنعتاق من ،ذه املعاين اجلميلةويا ليتنا يف هذه األيام ندرك ه

ال يستفيد منه إال الذي نعاين منه هذه األيام، فإن الفرقة واالختالف ،ظلم االحتالل وجربوته وسطوته

.عدونا احملتل

ليميزها عما ينادي ، سالمليها اإلإرمحه اهللا مفهوم الوحدة اليت يدعو حممد رشيد رضا وضحيو

"وقد اعتصم يف هذا العصر أهل أوربا بالعصبية اجلنسية كما :ولقيف بعض املفتونني باحلضارة الغربية؛ به

كانت العرب يف اجلاهلية، فسرى سم ذلك إىل كثري من متفرجنة املسلمني، فحاول بعضهم أن جيعلوا يف

يدعو إىل هذه العصبية اجلاهلية ، ويوجد يف مصر من الن#س'بي#ة!املسلمني جنسيات وطنية لتعذر اجلنسية

، وليس األمر كذلك فإن حياة الوطن وارتقاءه بذلك ينهضون بالوطن ويعلون شأنه خمادعني للناس بأ"م

منهم ، ال يف تفرقهم ووقوع العداوة والبغضاء بينهم وال سيما املتحدينحتاد كل املقيمني فيه على إحيائهبا

، ت اخلراب والدمار، ال من وسائل التقدم والعمرانمن مقدما ، فإن هذايف اللغة والدين أو أحدمها

-فاإلسالم يأمر باحتاد اتفاق كل قوم تضمهم أرض وحتكمهم الشريعة على اخلري واملصلحة فيها وإن

-اسهم اختلفت أديا&م وأجن اهللا بني مجيع األقوام ، وهو االعتصام حببلويأمر مع ذلك باتفاق أوسع

:تصام واالجتماع والنهي عن التفرق; ولذلك قال بعد األمر باالعألخوة يف اهللاذلك ا، لتتحقق بواألجناس

و*اذكر9وا نع!م*ت* الله@ ع*لي!كم! إذ كن!ت9م! أع!د*اء فألف* ب*ي!ن* قلوبكم! و(اع9ت(ص1م=وا بح(ب9ل الله1 ج(م1يع.ا و(لا ت(فر%قوا ((

كذل+ك' ي1ب'ي4ن1 الله1 لكم! آي'ات+ه+ لع'لكم! ت&ه& إخ$و"انEا و"كن$ت>م$ ع"لى ش"فا ح>فر"ة7 م&ن" الن3ار فأن$قذكم$ م&ن$ه"ا فأص#ب!ح#ت(م# بنع#م!

اليت "ا يشري إىل ما كان عليه املؤمنون يف عصر التنزيل من أخوة اإلميان ]103[آل عمران: ))ت&ه)ت&د$ون

، و>ا كان يؤثر بعضهم بعضا بالشيء على نفسه وهو يف رهمأمواهلم وديا املهاجرين قاسم األنصار

46 - م، 1980هـ/1400، (القاهرة، دار األنصار، مطبعة احلليب، االمام حممد عبده ومنهجه يف التفسريعبد الرحيم، عبد الغفار : -303ص 304 .

247

، بعد ما كان بينهم يف اجلاهلية من العداوة والبغضاء وتسافك خصاصة وحاجة شديدة إىل ذلك الشيء

.47"الدماء ما هو معروف يف مجلته للجماهري

رد!ـ سنة اهللا يف التدافع واالختالف، بل ومل ينكر رمحه اهللا ـ مع شدة دعوته إىل الوحدة

ف عائقا أمام وحدة الصف ، ويف الوقوهذه السنة يف التأثري على األرض على من يقلل من شأن

كمة يف هذا ، وهو ما يعرب عنه علماء احللناس بعضهم ببعض من السنن العامة: "دفع اهللا ااالسالمي، فقال

بقاء العامة، وأنت ب طبيعة يف البشر أل/ا من فروع سنة تنازع الن احلرإ: العصر بتنازع البقاء، ويقولون

ء ((فه"ز"م(وه(مG بإذن' الله' و"قت"ل د"او(ود( ج"الوت" و"آت"اه( الله( الم(لك" و"الح'كم"ة و"ع"لم"ه( م'م%ا ي"ش"ا: ترى أن قوله تعاىل

، ]251[البقرة: ))ب!ع0ض لفس!د!ت# الأر0ض> و!لك#ن8 الله! ذو فض0ل ع!لى الع!الم#ني!و'لو#لا د'فع% الله0 الن,اس' ب'ع#ض'ه%م# ب

، الذي نوع من أنواع التنازع بني الناس ، بل هو عام لكلفيما يكون باحلرب والقتال خاصة ليس نصا

، فقسم ضادتنوع ال ت، لكنه مع ذلك جعل هذا االختالف هو اختالف 48غالبة"يقتضي املدافعة وامل

التفرق واالختالف قسمان: قسم ال ميكن أن يسلم منه البشر، فالنهي عنه : "فقال ؛ىل نوعنيإاالختالف

من قبيل تكليف ما ال يستطاع، وليس مبراد يف اآليات، وقسم ميكن االحتراس منه وهو املراد $ا. أما

((و$لو& ش$اء مما فطر عليه البشر، كما قال تعاىل: األول: فهو اخلالف يف الفهم والرأي، وال مفر منه ألنه

يف العقول واألفهام ، فاستواء الناس ] 118[هود: ))و!لا ي!ز!الون م(خ'ت!ل#ف#ني! ر#ب7ك# لج#ع#ل الن*اس# أم*ة و#اح%د#ة

يت الواحد ختتلف مما ال سبيل إليه وال مطمع فيه، إذ هو من قبيل احلب والبغض، فاإلخوة األشقاء يف الب

-وأما الثاين: أفهامهم يف الشيء كما خيتلف حبهم له وميلهم إليه. -وهو ما جاءت األديان حملوه فهو

; ألنه يطمس أعالم اهلداية اليت يلجأ يف البشر حتكيم األهواء يف الدين واألحكام، وهو أشد األشياء ضررا

ضار فهو ما يعرفه كل أما كون القسم األول غري اخلالف.إليها يف إزالة املضار اليت يف النوع األول من

.49أحد من نفسه"

47 - -4/18، تفسري املناررضا : 19 . 48 - . 306، ص االمام حممد عبده ومنهجه يف التفسريعبد الرحيم : 49 - -4/19، تفسري املناررضا : 20 .







248

، متسلسال بذلك ومراعيا سنة التدرج ، منبها على لنا ضرورة وحدة الصفبني يفصاحب املنار

د إىل عدم التمسك باخلالفات اليسرية اليت قد جي ودعي؛ لعثرات اليت ميكن هلا أن حتدث، ومع هذا كلها

.اعة يعلق عليها أسباب الفرقةض مشها البعفي

احلضارة الغربيةمن االسالم موقف ن ا: بي رابعاملبحث ال

ه حنو ، واستنهاضدات سلبيةاما فيه من ع، وتغيري إصالح ا$تمع على، مدرسة املنار حرصت

فطالبوا ، نظرة إجيابيةاحلضارة الغربية كان من نتيجة ذلك أن نظروا إىل بعض جوانب ، فوالرقي!السمو

،سالميةا باحلضارة اإلهلاتبداسعلى سبيل ال عند األمة االسالمية، لكنركود ال باالستعانة )ا ملعاجلة حالة

قق هلم العدالة البشر، خيتارون ما حيب منوطاتنظيم الكثري من شؤون احلياة وجل ترك أمر اهللا عز! نوذلك أل

على فكرة أن ما ال خيالف ، اعتماده حممد عبده التوفيقيةوأتاح حلركة : "يقول احملتسب واحلرية والراحة.

على هذه حممد عبدة الشيخوتفتحت عيين .50، جيوز أخذه"االسالم، ومل يرد نص على النهي عنه

هليب تلك : "وأذكى حيث يقول وهو يتكلم عن احلركة اإلصالحية فيها، لدعوى أثناء وجوده يف بريوتا

لعل هذا ما دفع حممد عبدة إىل ، و51جماراة املسيحيني يف ,ضتهم التعليمية"، حرص املسلمني على احلركة

أدرك أنه حيث ،إلجياد نوع من النظرة التوافقية حول بعض القضايا املشتركة 52مراسلة بعض القساوسة

.سالميةة التوفيق بينها وبني احلضارة اإل، وحماولدراسة احلضارة الغربيةال بد من

والدخول ،االخنراط يف العمل السياسي معهم ؛ بل رأى جوازعند هذا احلد حممد عبدةومل يقف

ظن بعض الناس أن العمل ي، يقول يف معرض تفسريه آليات التحكيم : "يف حكومتهم إن تطلب ذلك

للكافر ال حيل حبال، والظاهر لنا أن املسلم الذي يعتقد أنه ال ينبغي أن حيكم املسلم إال املسلم، وأن مجيع

األحكام جيب أن تكون موافقة لشريعته، وقائمة على أصوهلا العادلة، ينبغي له أن يسعى يف كل مكان

أن حيول دون حتكم غري املسلمني باملسلمني بقدر اإلمكان، بإقامة ما يستطيع إقامته من هذه األحكام، و

50 - . 166، ص اجتاهات التفسري يف العصر الراهناحملتسب : 51 - . 164، ص التفسري ورجالهابن عاشور : 52 - -هـ 1414ـ 1، (بريوت ، دار الشروق ، ط األعمال الكاملة لإلمام الشيخ حممد عبدهعماره ، حممد : . 2/363م) ، 1993

249

علم أن عمله يضر املسلمني وال وAذا القصد جيوز له، أو جيب عليه أن يقبل العمل يف دار احلرب، إال إذا

.53ينفعهم، بل يكون نفعه حمصورا يف غريهم، ومعينا للمتغلب على اإلجهاز عليهم"

لا ي!ت8خ&ذ& الم0ؤ3م&ن0ون الكاف&رين! ((: للوالية يف اآليةض املفسرين بعفهم على صاحب املنار وقد رد!

و-ي!ح-ذر!كم! الله! و3م3ن) ي3فع3ل ذل,ك3 فلي)س3 م,ن3 الله, ف,ي ش3ي)ء إلا أن ت3ت1قوا م,ن)ه&م) ت&قاة أو'ل%ي!اء م%ن' د(ون% الم(ؤ'م%نني!

وقد ". يقول: من اآليات اليت حتدثت عن الوالية، وغريها ]28[آل عمران: ))و%إلى الله# الم%ص#ري! ن#فس#ه!

جعل املتأخرون من املفسرين كالزخمشري والبيضاوي ومن تابعهما الوالية مبعىن املودة وحسن املعاملة

، ودعموا ذلك بأمر عمر 54)اال تتراءى نارامه(، واستدلوا حبديث استخدام املخالفني من أهل الكتابو

، وقد حاول ذلك كما تقدم، والسياق يأىب 55وسى األشعري بعزل كاتبه النصراينرضي اهللا عنه أليب م

يهم مع جعل الوالية والية النصرة، وما أبعد الفرق بني مبن نزل ف املتقدمون جعل النهي خاصا

، واالعتماد على األشخاص يفاحملبة البيضاوي الوالية مبعاشرة خص!ويقول: " وهكذا .56"الفريقني

، كما يتربأ منه سبب النزول واحلالة العامة اليت ها، وهو خطأ تتربأ منه لغة اآلية يف مفردا&ا وسياقاألمور

مودة وحسن تفسريهم للوالية بأ&ا والية رد!هو ي .57سلمون والكتابيون يف عصر التنزيل"كان عليها امل

53 - -6/336، تفسري املناررضا : 337 . ، حتقيق: حممد عوامة، طبعة الدار املصنفهـ): 235أخرجه ابن أيب شيبة، أبو بكر عبد اهللا بن حممد بن أيب شيبة العبسي الكويف (ت 54

. وأبو داود، سليمان بن 12/346)، 33668السلفية اهلندية القدمية، كتاب الس9ري، باب ما قالوا يف ختم رقاب أهل الذمة، حديث ()، دار الفكر، 2654، حتقيق: حممد حميي الدين، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، حديث (سنن أيب داودألشعث السجستاين: ا، حتقيق: أمحد شاكر وآخرون، باب ما جاء يف كراهية املقام بني أظهر سنن الترمذي. والترمذي، أبو عيسى حممد بن عيسى: 3/45

. والبيهقي، أبو بكر أمحد بن احلسني بن علي بن موسى 4/155ت، دار احياء التراث العريب)، )، (بريو1604املشركني، حديث (، حتقيق: عبد املعطي أمني قلعجي، كراتشي، باكستان، جامعة الدراسات السنن الصغرىهـ): 458اخلس-ر/و-جردي اخلراساين، (ت

-هـ 1410، 1اإلسالمية، ط . قال العراقي:" رواه أبو داود والترمذي من 3/261)، 3117م، باب كفارة القتل، حديث (1989 حديث جرير أنا بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني قالوا يا رسول اهللا ومل قال ال تتراءى نارامها ورواه النسائي مرسال وقال

- 725البخاري والصحيح مرسل". انظر: الع%راقي ( - 727هـ)، ابن السبكى ( 806 - 1145لزبيدي (هـ)، ا 771 هـ): 1205 -هـ 1374، است;خر)اج: أيب عبد الله م)حم*ود بن م*ح)م#د احلد#اد (ختريج أحاديث إحياء علوم الدين ؟)، الرياض، دار العاصمة للنشر،

-هـ 1408الطبعة: األوىل، .3/1118م، 1987 اب ال ينبغي للقاضي وال للوايل أن يتخذ كاتبا ذميا وال يضع الذمي يف ، بسنن البيهقي الكربىأخرجه البيهقي، أبو بكر أمحد بن احلسني: 55

م)، 1994هـ/1414)، حتقيق: حممد عبد القادر عطا، (مكة املكرمة: مكتبة دار الباز، 20196موضع يتفضل فيه مسلما، حديث (10/127. .6/352، تفسري املناررضا: 56 .6/354املرجع السابق، 57







250

األولياء: األنصار، واالختاذ يفيد معىن: "، وقالى أن ذلك ال بأس بهوير، الكتابمعاملة، واستخدام أهل

.58االصطناع. وهو عبارة عن مكاشفتهم باألسرار اخلاصة مبصلحة الدين"

ألهل اهلند التعامل مع االجنليز، واالخنراط معهم يف ؛ فقد أباحوبناءا على نظرته السابقة

: فقال ، على حد تصوره.ة االجنليزية حكومة متساهلة قريبة من العدل، ال سيما أن احلكوماحلكومة

واملعروف أن قوانني هذه الدولة أقرب إىل الشريعة اإلسالمية من غريها ; أل0ا تفوض أكثر األمور إىل "

اجتهاد القضاة، فمن كان أهال للقضاء يف اإلسالم وتوىل القضاء يف اهلند بصحة قصد وحسن نية يتيسر له

ة للقضاء وغريه من أعمال خيدم املسلمني خدمة جليلة، وظاهر أن ترك أمثاله من أهل العلم والغري أن

; تأمثا من العمل بقوانينها، يضيع على املسلمني معظم مصاحلهم يف دينهم ودنياهم، وما نكب احلكومة

.59"كومةاملسلمون يف اهلند وحنوها وتأخروا عن الوثنيني إال بسبب احلرمان من أعمال احل

يقاس ، ال ينبغي أن تكون أصالا هي رخصةمث بني رمحه اهللا عز وجل أن هذه الفتوى إمن

والظاهر مع هذا كله : "ع بالدميومة كسائر أحكام االسالم، بل هي حبكم الضرورة، فقال، أو تتمتعليها

معناه) وحكمه بقانو)ا هو رخصة أن قبول املسلم للعمل يف احلكومة اإلنكليزية يف اهلند (ومثلها ما هو يف

تدخل يف قاعدة ارتكاب أخف الضررين، إن مل يكن عزمية يقصد 5ا تأييد اإلسالم وحفظ مصلحة

.60"املسلمني

التهم، ب ة، وشيخه حممد عبدوصاروا يرشقون صاحب املنار، بل وهذه الفتوى مل تعجب البعض

فيه جرأة على اهللا ...، وحنن نعتقد أن حممد عبده : "وهذا قول قال احملتسب والطعن يف الدين والعقيدة.

، ومجيع بالد املسلمني اهلند ومصريف مثل هذه التأويالت والفتاوى خيدم أول ما خيدم اإلجنليز الكفار، يف

.61اليت حيتلو"ا"

58 - -2/228، املنارتفسري رضا : 229 . 59 - . 6/338املصدر السابق ، 60 - . 6/338، تفسري املناررضا : 61 - . 200، ص اجتاهات التفسري يف العصر الراهناحملتسب :

251

من ، إذ عانتيطبق ما أجازه يف اهلند على مصر وحاول صاحب املنار رمحه اهللا أن

، حىت طعن بعضهم له ردود فعل انعكست عليه بالنقمة، إال أن ذلك كان ليزي كسابقتهااالحتالل اإلجن

.، وادعوا عليه التعامل مع احملتليف انتمائه لوطنه ووالئه لدينهوا يف نيته وشكك، والشيخيف شخص

، وعليه يكون صاحب املنار أخطأ االجتهاد قدف، القول بعيد عن املوضوعيةهذا يبدو يل أن و

، حوا كل سابقة له من عطاءمن، ويف هذا األجر املضاعف لعدم اإلصابة، أما وأن نقذفه مبعاونة احملتل قديف

به أما ما ا"م. يقول الدكتور فضل عباس: "، فهذه وريب جرأة بل وافتراءيف خدمة االسالموكل أثر له

مل يكن يف يومما صنيعة للمحتل ينفذ أغراضه الشيخ من تعاون مع االحتالل، فالذي أعتقده أن الشيخ

الذي كان يظن أنه سينقلب ولكن كان للشيخ رأيه يف هذا التعاونويعمل بتخطيط منه لتثبيت سلطانه.

... وعلى خريا على األمة. فإن مل تكن النتائج كما ظن، فإن ذلك ال يعدو أن يكون خطأ يف االجتهاد

تلك احلمالت الشعواء، أجر6 واحد إن أخطأ، نعم أنا لست معه يف كل حال فقد اجتهد الشيخ وللمجتهد

اجتهاداته كان هلا آثار عكسية. وتلك الكلمات اليت كان يرمي 4ا األزهر واألزهريني، كما أن كثريا من

إىل ما حييق $م من ورمزا لنقطة حتول أيقظت املسلمني ونبهتهمولكن مع هذا كله فسيبقى الشيخ علما

. كما سيبقى إماما ملدرسة من مدارس الوعي اإلسالمي، ر، سواء أكان هؤالء من خصومه أو مؤيديهأخطا

.62ولقد ذهب إىل جوار ربه وأفضى إىل ما قدم رمحه اهللا"

املبحث اخلامس: احلكومة اإلسالمية

أساس احلكومة اإلسالمية، ولو مل يرى حممد رشيد رضا أن مثة آيتني يف القرآن الكرمي تشكالن

-يف هذا السياق–ينزل يف القرآن الكرمي غريمها ومها: ،63لكفتا املسلمني

إن الع%د#ل إن الله+ ي+أم%ر%كم( أن ت%ؤ+دHوا الأم+ان+ات? إلى أه(ل?ه+ا و+إذا ح+كم(ت%م( ب+ي(ن+ الن3اس أن ت+ح(كم%وا ب((

) ي/ا أي>ه/ا الذ,ين/ آم/ن$وا أط,يع$وا الله/ و/أط,يع$وا الر&س$ول 58إن الله& كان س&م$يع"ا ب&ص$ري"ا ( الله+ نع!م.ا ي+ع!ظكم% به!

.26،27، صاملفسرون مدارسهم ومناهجهمعباس، فضل: 62 .5/136، تفسري املناررضا: 63







252

إن كن*ت6م* ت6ؤ*م#ن6ون بالله# و,الي,و*م الآخ#ر فإن ت*ن*از*ع9ت$م9 ف,ي ش*ي9ء فر$د4وه$ إلى الله, و*الر&س$ول و2أول&ي الأم!ر م&ن!كم!

-58[النساء: ))ذل7ك( خ(ي.ر2 و(أح.س(ن+ ت(أويلا 59[.

نزلت اآلية األوىل يف والة األمور، عليهم أن يؤدوا األمانات إىل أهلها وإذا يقول ابن تيمية: "

الرعية من اجليوش وغريهم، عليهم أن يطيعوا أويل حكموا بني الناس أن حيكموا بالعدل. ونزلت الثانية يف

إال أن يأمروا مبعصية اهللا فإن أمروا ،األمر الفاعلني لذلك يف قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغري ذلك

فإن تنازعوا يف شيء ردوه إىل كتاب اهللا وسنة رسوله ،مبعصية اهللا فال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق

فهذان ،وإذا كانت اآلية قد أوجبت أداء األمانات إىل أهلها واحلكم بالعدل... سلم ليه وصلى اهللا ع

.64لسياسة العادلة والوالية الصاحلة"مجاع ا

جيب على احلكام احلكم مبا يقرره أولو األمر وتنفيذه، "يتني أنه آلواستنتج حممد رشيد رضا من ا

وبذلك تكون الدولة اإلسالمية مؤلفة من مجاعتني أو ثالث:

األوىل : مجاعة املبينني لألحكام الذين يعرب عنهم أهل هذا العصر باهليئة التشريعية .

والثانية : مجاعة احلاكمني واملنفذين وهم الذين يطلق عليهم اسم اهليئة التنفيذية .

والثالثة : مجاعة احملكمني يف التنازع وجيوز أن تكون طائفة من اجلماعة األوىل .

بذلك خاضعة ، وهي ال تكونوجهرا ول هذه األحكام واخلضوع هلا سراوجيب على األمة قب

فإ#ا مل ...إن احلكم إال هللا ...، وال خارجة من دائرة توحيد الربوبية الذي شعاره خانعة ألحد من البشر

تعمل إال حبكم اهللا تعاىل أو حكم رسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ بإذنه ، أو حكم نفسها الذي

ه هلا مجاعة أهل احلل والعقد والعلم واخلربة من أفرادها الذين وثقت /م واطمأنت بإخالصهم استنبط

دا4ا ال تشعر باستبداد أحد فيها، لوج ، فهي بذلك تكون خاضعةتفاقهم إال على ما هو األصلح هلاوعدم ا

.12، بريوت، دار املعرفة، صالسياسة الشرعية يف إصالح الراعي والرعيةابن تيمية، أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين: 64

253

ا أعز الناس : أ!بقيةامت حلكومتها على هذا الوجه ، بل يصدق عليها ما دوال باستذالله واستعباده هلا

.65"، وأن العزة هللا ولرسوله وللمؤمننينفوسا وأرفعهم رؤوسا

إىل احلكومة "مث بني أن األمم يف رفاهيتها والشعوب يف راحتها وانتظام معيشتها، حمتاجة ال حمالة

ال واحلكومة يف أي صورها إما مجهورية، أو ملكية مشروطة، أو ملكية مقيدة. بأي نوع من أنواعها،

حيمو-ا من عدوان األجانب تقوم إال برجال يلون ضروبا من األعمال فمنهم حراس على حدود اململكة

العتداء ، ومييل إىل ايدي السفهاء ممن يهتك ستر احلياءوحفظة يف داخل البالد يأخذون على أ عليها ...

منصات األحكام لفصل على، وعرفاء القانون جيلسون ع، ومنهم محلة الشرمن فتك أو سلب أو حنومها

ن خراج مع ومنهم أهل جباية األموال حيصلون من الرعايا ما فرضت عليهم احلكومة م ... اخلصومات

، وهي خزائن الرعايا يف احلقيقة وإن فظون ما حيصلون يف خزائن اململكة، مث يستحمراعاة قانو&ا يف ذلك

رعية مع مراعاة األموال يف املنافع العامة لل، ومنهم من يتوىل صرف هذه انت مفاتيحها بأيدي خزنتهاك

وهذه ... االقتصاد واحلكمة، كإنشاء املدارس، واملكاتب، ومتهيد الطرق ... وإعداد املستشفيات

، األمانة الطبقات من رجال احلكومة الوالني على أعماهلا إمنا تؤدي كل طبقة منها عملها املنوط %ا حبكم

دولة سقط بناء السلطة وسلب األمن ... وضاعت حقوق وهم أركان ال فإن خزيت أمانة أولئك الرجال

تفتحت عليهم أبواب الفقر والفاقة، وخوت خزائن احلكومة، وعميت على الدولة سبل و ... احملكومني

ت ، وإما أن يأخذهم جربويساسون حبكومة خائنة، إما أن ينقرضوا بالفساد وال ريب أن قوما النجاح ...

فيذوقون من مرارة العبودية ما هو أشد من ، ويستبدون فيهم عسفاهم يسومو'م خسفاأمة أجنبية عن

.66"مرارة االنقراض والزوال

وبني حممد رشيد رضا أن األساس املتني الذي ينبغي أن تقوم عليه احلكومة اإلسالمية، هو

دل الناطق مبا لكل أحد ، واستشهد يف ذلك برأي أستاذه القائل: "احلاكم هو عبارة عن شخص العالعدل

5/152، تفسري املناررضا: 65 5/145، تفسري املناررضا: 66







254

ليكون الفصل بني الناس مبنيا عليه، مع وبني أن العدل وقف على معرفة احلاكم باحلكم الشرعي .67منه"

.68استقامة احلاكم وخلو1ه من امليل إىل أحد اخلصمني

ومن الواضح هنا مدى تركيز الشيخ رشيد رضا على العدل كمبدأ أساس تقوم عليه احلكومة

، فيجتنبها املؤمن خوفا من ب الذي حيرم الظلم وسائر املفاسدقوام صالح العامل باإلميان بالكتا"ف اإلسالمية

دع الناس عن الظلم ، وبالعدل يف األحكام الذي يريا واآلخرة ورجاء يف ثوابه فيهماعذاب اهللا يف الدن

.69بعقاب السلطان"

اخلامتة

اليت مت التوص'ل إليها: جيدر بنا يف 7اية هذا البحث أن نلخ+ص أهم النقاط

صالح الذي محل لواءه أمهية خاصة يف مشروع اإلشكل اجلانب السياسي .1

ا من النظرة الشاملة صالح السياسي يف تفسري املنار جزءاإلحيث مثلت الدعوة إىل أصحاب املنار.

.صالح اليت نادى *ا أصحاب املنارلإل

حترير العقل من السياسي تقوم على إىل اإلصالحيرى صاحب املنار أن الدعوة .2

، قاومة الظلم واالستبداد السياسيمالتقليد واجلمود, وو اربة مظاهر الشرك والبدع, وحماخلرافات

. أما معوقات هذا االحتراز من خروج االصالح السياسي عن أصول التشريع وأحكامه ومقاصدهو

وعدم توحدها. متزق األمةو، سياسياالستبداد ال، والعصبية الدينية والسياسيةاإلصالح فهي:

تأصل من أصول السياسة، واعت"ربيف تفسري املنار كبرز احلديث عن الشورى .3

الوسيلة املت/بعة يف الشورى مناطة صاحب املنار جعل ووجها من وجوه احلرية السياسية ورفض االستبداد،

.وفكرهم وظروف معيشتهمبالزمن، تتغري بتغريه، وينتقي أفراد ا,تمع منها ما يستوي

.2/160املرجع السابق، 67 .5/146املرجع السابق، 68 11/222املرجع السابق، 69

255

يرى صاحب املنار أن وحدة األمة االسالمية من أهم ما ينقصها، وأنه ال عذر هلا .4

Qذه الفرقة وهذا االختالف، وكان رمحه اهللا على منهج شيخه حممد عبدة يرى أن الوطن هو الرابط العام

اع اخلالف والنزاع فيه، وكان للوحدة، والسبب األقرب لتحفيزها، وهو الذي جيمع كل املختلفني؛ المتن

يرى أن ابتداء الوحدة إمنا هو ابتداء رأس، ومن مث يتبعه بقية أعضاء اجلسد، فاألمة لن تتحد إال إذا توحد

.قاد0ا، وساروا خلف منهج واحد

، ينبغي أال يكون الرفض ن وجهة نظر صاحب املنارمن احلضارة الغربية م املوقف .5

، حىت لو تطلب "ا، ويوقظ أمتنا من غفوتقي من حضار,م ما ينهض حبضارتناالبد وأن نن هلا باملطلق، بل

، بل على ذلك حكم الدميومةلعلى أن ال يكون ، خنراط معهم يف سلك العمل السياسيهذا العمل اال

ا إمنا تكون بكشف أسرار املسلمني، ال حبسن، معلال أن املودة املنهي عنهسبيل املصلحة والضرورة

املعاملة مع أعدائهم.

قائمة املراجع

القرآن الكرمي .

، املصنفهـ): 235ابن أيب شيبة، أبو بكر عبد اهللا بن حممد بن أيب شيبة العبسي الكويف (ت

حتقيق: حممد عوامة، طبعة الدار السلفية اهلندية القدمية.

، يف إصالح الراعي والرعية السياسة الشرعيةابن تيمية، أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين:

بريوت، دار املعرفة.

– 2، (مصر ، جممع البحوث االسالمية ، طالتفسري ورجالهابن عاشور، حممد بن الفاضل:

-هـ 1390 م).1970

احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب ابن عطية، أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األندلسي:

هـ 1413، 1الشايف حممد، لبنان ، بريوت، دار الكتب العلمية، ط، حتقيق: عبد السالم عبد العزيز

م.1993ـ_







256

، حتقيق: حممد حميي الدين، دار الفكر، سنن أيب داودأبو داود، سليمان بن األشعث السجستاين:

بريوت.

، دار الفكر العريب.الشورى وأثرها يف الدميقراطيةنصاري، عبد احلميد إمساعيل: األ

، (مصر ، رمسيس ، مطابع االمام حممد عبده والقضايا االسالميةبدوي ، عبد الرمحن حممد :

اهليئة املصرية العامة للكتاب).

تاب البقاعي، إبراهيم بن عمر: نظم الدرر يف تناسب اآليات والسور، القاهرة، دار الك

اإلسالمي.

ق: ، حتقيىالسنن الصغرهـ): 458 البيهقي، أبو بكر أمحد بن احلسني بن علي اخلراساين، (ت

-هـ 1410، 1قلعجي، كراتشي، باكستان، جامعة الدراسات اإلسالمية، ط عبد املعطي م.1989

، حتقيق: سنن الكربىال: =====================================

م).1994هـ/1414بة دار الباز، حممد عبد القادر عطا، (مكة املكرمة: مكت

دار :، حتقيق: أمحد شاكر وآخرون، (بريوتسنن الترمذيالترمذي، أبو عيسى حممد بن عيسى:

احياء التراث العريب).

هـ 1429، 3، (دمشق ، دار القلم ، ط تعريف الدارسني مبناهج املفسرينالدي، صالح : اخل

- م).2008

، ومنهجه االصالحي" "الشيخ حممد رضا: دوره الفكريندوة بعنوان خروبات، حممد: حبث يف

م.1999متوز (يوليو) 28هـ/1420ربيع الثاين 15 –األردن (عمان)

، 2، (بريوت: دار الكتب العلمية احلديثة، طالتفسري واملفسرونذهيب، حممد حسني: ال

-هـ 1396 م).1976

257

-هـ 1427 ،2، ط: دار الفضيلة، (القاهرةتاريخ األستاذ اإلمام: رضا، حممد رشيد

م).2006

م).1990، (اهليئة املصرية العامة للكتاب، تفسري القرآن احلكيم: ==========

م.1905أغسطس 17 .23، جملد جملة املنار: ==========

، (السعودية، مؤسسة اجتاهات التفسري يف القرن الرابع عشررومي، فهد بن عبد الرمحن: ال

-هـ 1418 – 3الرسالة، ط م).1997

– 2، ( بال دار نشر ، طمنهج املدرسة العقلية يف التفسري=================:

م) .1983هـ 1403

.البيان يف حكم االنتخاباتزعكري، عبد احلميد: ال

، (منشورات املنظمة االسالمية معجم تفاسري القرآن الكرميزمامة، عبد القادر، وآخرون :

-هـ 1417للتربية والعلوم والثقافة، مطبعة آيديال، م).1997

، (دار أقوال العلماء الزكية يف حترمي االنتخابات الطاغوتية: أبو محزة حممد بن حسنسوري، ال

احلديث السلفية).

-، دار ابن كثري، دار الكلم الطيب فتح القديرالشوكاين، حممد بن علي بن حممد: دمشق،

-بريوت، الطبعة األوىل هـ. 1414

م).2000، 24(بريوت: دار العلم للماليني، ط، مباحث يف علوم القرآنصاحل، صبحي: ال

م.2007، 1، األردن، مكتبة دنديس، طاملفسرون مدارسهم ومناهجهم: ، فضل حسنعباس

م.2005، 1، عمان، مكتبة دنديس، طالتفسري أساسياته واجتاهاته: ============

دار األنصار، مطبعة ، (القاهرة،اإلمام حممد عبده ومنهجه يف التفسريعبد الرحيم، عبد الغفار:

.م1980هـ/1400احلليب،







258

- 725الع%راقي ( - 727هـ)، ابن السبكى ( 806 - 1145هـ)، الزبيدي ( 771

، است>خر(اج: أيب عبد الله م(حم+ود بن م+ح(م$د احلد$اد، ختريج أحاديث إحياء علوم الدينهـ): 1205

-هـ 1408، 1طالرياض، دار العاصمة للنشر، م. 1987

ـ 1، (بريوت ، دار الشروق ، ط األعمال الكاملة لإلمام الشيخ حممد عبدهعماره ، حممد :

-هـ 1414 م).1993

القول السديد يف أن دخول ا/لس النيايب ينايف التوحيد.غباشي، سيد:

، بعنوان "االجتاهات احلديثة يف االصالح السياسي موقع الفكر املعاصرمبارك، أمحد: مقال على

االسالمي".

، ( األردن ، عمان ، مكتبة اجتاهات التفسري يف العصر الراهناحملتسب، عبد ا*يد عبد السالم :

-هـ 1402 – 3النهضة ، ط م) .1982

، حتقيق: حممد فؤاد عبد الباقي، (لبنان، بريوت، صحيح مسلممسلم، ابن احلجاج النيسابوري:

دار إحياء التراث العريب).

، األردن "الشيخ حممد رضا: دوره الفكري ومنهجه االصالحي"ندوة بعنوان جنود، مصطفى:

م.1999متوز (يوليو) 28هـ/1420ربيع الثاين 15 –(عمان)

***

Özet:

el-‐‑Menar Tefsiri’nin Siyasi Boyutu (Bir Grup Siyasi Konunun Tartışılması ve Analiz

Edilmesi)

Bu çalışma, Şura, Allah’ın indirdiği ile hükmetmek, ümmetin birliği, İslâm’ın batı medeniyetine

karşı tutumu, ve İslâm hükümeti gibi siyasi konuları içeren el-‐‑Menar Tefsirini ele almaktadır. Bu

konularda çalışma yapmak el-‐‑Menar tefsirindeki siyasi boyutun anlaşılmasını sağlayacaktır. Bu

çalışmalar el-‐‑Menar ekolünün içtimai, siyasi, iktisadi ve dinî hayatta temsil ettiği genel ve kapsamlı

reformun bir bölümü olarak politik, sosyal ve ekonomik reformu her yönü ile ortaya koymayı

hedeflemiştir.

Anahtar Kelimeler: Tefsir, tefsir metodu, politika, reform, modernizasyon.

Documents

ﺭﺎﻨﳌﺍ ﲑﺴﻔﺗ ﰲ ﻲﺳﺎﻴﺴﻟﺍ ﺔﻴﺳﺎﻴﺴﻟﺍ …isamveri.org › pdfdrg › D02370 › 2015_33 › 2015_33_ABDULLAHU_SELLUMMH.pdfİstanbul Üniversitesi