ﺔﻴﺳﺎﻴﺴﻟﺍ ﻢﻈﻨﻟﺍ - olc.bu.edu.egolc.bu.edu.eg/olc/images/113.pdf · ٢ ﺔﻣﺎﻋ ﺔﻣﺪﻘﻣ ،ﻦﯿﻤﻟﺎ ﻈﻟا ﻲ ﻠﻋ ﻻإ ناوﺪ ﻋﻻو

جامعة بنها كلية احلقوق

التعليم املفتوح

النظم السياسية

)١١٣(كود

ور ــــدكت

حممد فوزى نوجيى

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

http://www.pdffactory.com

٢

مقدمة عامة ، لمینع دوان إال عل ي الظ اال و، والعاقب ة للمتق ین،الحم د هللا رب الع المین

ھوالصالة وال سالم عل ي المبع وث رحم ة للع المین س یدنا محم د وعل ي أل وأصحابھ أجمعین

.......... وبعد

ت سع م دلول ال نظم ال سیاسیة ع ن ذي قب ل حی ث ش مل الجوان ب اة بج وار االقتصادیة واالجتماعی ة والظ روف الواقعی ة والم ؤثرات الفكری

ول م یع د یقت صر عل ي دراس ة . القواع د القانونی ة الخاص ة بنظ ام الدول ة ،أشكال الحكومات المختلفة التي تباش ر ال سلطة ف ي المجتمع ات اإلن سانیة

كان ت دراس تھ ال سابقة تترك ز فق ط ف ي تحدی د ش كل الدول ة ون وع حی ث .الحكومة

مج االت الدول ة ت سعت اح مقب وال اآلن بع د أن بت ساع أص الوھ ذا ا قت صادیة الوزاد ت دخلھا ف ي الع صر الح دیث ف ي ش تي المی ادین ا

.ھا للنشاط الفردي في ھذه المجاالتفستواالجتماعیة والفكریة ومناوأصبح من حق الدولة أن ت ضع م ا ت شاء م ن ق وانین للمحافظ ة عل ي

علیھ ألبنائھا، األمر الذي ترتب واالجتماعي واالقتصاديكیانھا السیاسي مع ین ال یقت صر بلدضحت دراسة النظام السیاسي أو نظام الحكم في أأن

خت صاصاتھا ب ل تن اول اعلي جانب الحكم فقط أي بیان السلطات العامة و . تجاه الدولةمأیضا بیان حقوق األفراد وواجباتھ

واجتماعی ة واح دة تعتنقھ ا ك ل ال دول واقت صادیة وال توجد فلسفة سیاس یة وتھتم دراسة النظم .ات متعددة تختلف من دولة إلي أخري بل توجد فلسلف

تن اق م ذھب عال سیاسیة بھ ذه الفل سلفات وتتع رض لدراس تھا مج ردة م ن ا وم ن ھ ذا المنطل ق س وف نتع رض ف ي دراس تنا لل نظم .علي حساب آخ ر

التنظ یم ال سیاسي المتمثل ة ف ي الدول ة والحكوم ة أس سال سیاسیة لدراس ة



٣

تنق ین لوجھ ة النظ ر الت ي ت ذھب إل ي أن دراس ة والحریات العامة غیر مع .األنظمة السیاسیة تقتصر فقط علي دراسة أنظمة الحكم فقط

وتأسیسا علي تلك المقدمة الموجزة فإذا كان لألفراد حقوق وحریات فالبد وأن ینعم وا بھ ا ف ي كن ف دول ة یعی شون عل ي أرض ھا وتحكمھ ا حكوم ة

التالیة المؤلف إلي األبواب الثالثةمعینة ومن ثم سوف نقسم دراستنا لھذا الدولة : األول: الباب

الحكومة : الباب الثاني الحقوق والحریات العامة : الباب الثالث

نسأل اهللا التوفیق والسداد إنھ ولي ذلك وقادر علیھ

المؤلف



٤

الباب األول دولةــــال

ض ع القواع د الت ي ت نظم وتحك م ال روابط وك ان م ن ال ضروري اإلن سانیة والعالق ات الت ي ت سود المجتم ع بع د ماعاش ت المجتمع ات ف ي عصور عدیدة علي امتداد التاریخ في صراعات عنیفة من أجل الوص ول

ھ ذه ولق د تط ورت ص ور وأش كال .حی اة ف ي جماع ةإل ي ش كل أف ضل للالقواعد القانونیة والشرعیة ب شيء ب سیط بالتبعیة التجمعات وتطور معھا

إل ي أن ظھ رت وتج سمت فك رة الدول ة وأض حت ھ ي ال صورة المثالی ة .للمجتمع البشري المعاصر

وما من شك في أن الدولة علي ما ھي علیھ األن تعد محور اإلرتك از راس ة الق انون الع ام، والمح ور ال ذي ت دور حول ھ ك ل نظریات ھ، لدرج ة لد

،أصبحت ھي المدخل لدراسة النظم السیاسیة والقانون الع ام بك ل فروع ھ حتي شاع القول بأن الق انون الع ام ھ و ق انون الدول ة، ولع ل ھ ذا م ا جع ل

أمی رة "ی صف دراس ة الدول ة بأنھ ا Bodinالفقی ھ الفرن سي ب ودان "الدراسات

وتت شعب موض وعات دراس ة الدول ة إل ي جوان ب تاریخی ة تھ تم بتفاص یل تطورھ ا، وجوان ب اقت صادیة تھ تم ب صاحب الملكی ة ف ي الدول ة

خري سیاس یة تبح ث ف ي قی ام أف ضل أوغیرھا من موضوعات، وجوانب أن واع الحكوم ات وأكثرھ ا ثبات ا، وق د یتج ھ البح ث إل ي دراس ة الناحی ة

ائل المشروعة التي تكون تحت تصرف الدولة لتك ره القانونیة لبحث الوس .بھا رعایاھا علي الخضوع ألوامرھا

ع ت تق وم علیھ ا، كم ا یج ب أن تتم أساسیة من أركان ةوالبد لقیام الدول موح دة أو ب سیطة ودول ممی زة لھ ا، وتتن وع ال دول إل ي دول بخ صائص

.مركبة أو متحدة



٥

تتن اول دراس ة الدول ة س وف وللوقوف علي تفصیالت الموضوعات التي : اآلتیةخصص الفصول التالیة لدراسة الموضوعات ن

مفھوم الدولة وأركانھا : الفصل األول خصائص الدولة : الفصل الثاني أصل نشاة الدولة وأساس السلطة فیھا : الفصل الثالث خضوع الدولة للقانون : الفصل الرابع

أشكال الدولة: الفصل الخامس



٦

ألولالفصل ا مفھوم الدولة وأركانھا

لم تنشأ المجتمعات فى البدایة فى الصورة الموجودة علیھا اآلن منھا رقعة ،فى شكل دول بل إنھا تعددت وتنوعت تبعا لعوامل عدة

. واألھداف التى یستھدفھا، وطریقة تنظیمھ، وعدد أفراد المجتمع،اإلقلیم ولذا فإن الدولة تمثل وتطورت المجتمعات إلى أن اتخذت شكل الدولة ،

المرحلة العلیا والسامیة فى تطور المجتمعات البشریة ، وتعتبر أھم محور من المحاور التى إعتنى بھا الفقھ الدستورى وفقھاء القانون

. ماھالدولى العام ألنھا من الموضوعات المشتركة بینوسوف نتناول بالشرح والتحلیل مفھوم الدولة وأركانھا المختلفة

. التى تقوم علیھا وذلك من خالل المبحثین التالیین المبحث األول

تعریف الدولة ، وتعنى الواقفstatus مأخوذة من الالتینیة Etatكلمة دولة

وھى كلمة حدیثة نسبیا استخدمت فى أوربا فى عصر النھضة فى القرن و أن ویبد،السابع عشر للداللة على ذلك اإلطار المنظم للسلطة السیاسیة

میكافیلى ھو أول من استخدم كلمة الدولة بالمعنى الحدیث فى كتاب .)١٥١٥(األمیر

م لمة سواء فى تعریفھم للدولة واحتدولم یتفق الفقھاء على كبینھم حول إیجاد تعریف شامل ومحدد للدولة یمكن من خاللھ الخالف

لك ومرجع ذ. تمییزھا عن غیرھا من صور وأشكال المجتمعات البشریة فاء وصف الدولة ضھو اختالفھم فى المعاییر التى یرتكزون علیھا فى إ

. على جماعة ما وتنوعت ، فقیھ فى تعریفھ لھا منحى خاصاحا كلنومن ثم

التعاریف تنوعا مختلفا تبعا للعناصر التى تستھدفھا من سیاسیة



٧

واقتصادیة واجتماعیة ، وبات من المتعذر إیجاد تعریف محدد، لدرجة تجعلنا نجزم بأن تاریخ الفكر السیاسى لم یعرف موضوعا من

. الموضوعات كثر حولھ الجدل بقدر ما ثار حول ھذا الموضوع ومع كثرة التعریفات وتباین األراء فاننا ال نستطیع أن نقوم

ولذا سوف نورد بعضا منھا والتى سادت لدى ،بحصرھا وتحلیلھا جمعاءفى النھایة إلى وضع تعریف محدد ننتھى فقھاء القانون الدستورى ثم

. للدولة من وجھة نظرنا Carré ذھب األستاذ الكبیر كاریھ دى ملبیر :ففى الفكر الغربى

de malberg مجموعة من األفراد مستقرة " فى تعریفھ للدولة إلى أنھاعلى إقلیم معین ولھا من التنظیم ما یجعل للجماعة فى مواجھة األفراد

" آمرة وقاھرة سلطة علیا بأنھا وحدة قانونیة دائمة Bonnardوعرفھا األستاذ بونار

تتضمن وجود ھیئة اجتماعیة لھا حق ممارسة سلطات قانونیة معینة فى مواجھة أمة مستقرة على إقلیم محدد ، وتباشر الدولة حقوق السیادة

. ھا رك استخدام القوة المادیة التى تحت المنفردة وعن طریقھابإرادت فیعرف الدولة بأنھا التشخیص Esmeinأما األستاذ إسمان

. القانونى ألمة ما ویرفض جانب من الفقھ الفرنسى التشخیص القانونى للدولة ویرى أن الشخصیة المعنویة محض خیال ، وینكر أن تكون للدولة إرادة

وأن اإلرادة ھى إرادة الحكام فیذھب الفقیھ الكبیر لیون دیجى ،متمیزةLéon Duguit إلى أن الدولة ال تعدو أن تكون مجتمعا بشریا تحكمھ

بین مجموعة أفراده بحیث ینقسم المجتمع إلى فكرة اإلختالف السیاسىخیصا ومن ثم ال یرى أن الدولة لیست تش .فئة حاكمة وأخرى محكومة

الفقھاء أما التشخص القانونى فھو من خلققانونیا بل حدثا اجتماعیا . إلى تفسیر الحمایة التى تقرر لبعض المراكز القانونیة الجماعیةیھدف



٨

األخیره یطرتھا على الفئة المحكومة وال تملكوالفئة الحاكمة تفرض سسوى الطاعة والخضوع لألولى ، وذلك بغض النظر عن الوسیلة التى

ذلك باإلقناع أم یعتمد علیھا الحكام فى فرض توجیھاتھم ، سواء أكان یجى على ذلك أن أى مجتمع بشرى تتحقق فیھ ھذه ویرتب د .بالقوة

ومن ثم فالقبائل الرحل التى لم تستقر بعد على إقلیم .الظاھرة یعد دولةبر دولة طالما توافر فیھا ظاھرة االختالف تمعین ، والعشائر والبطون تع

السیاسى ، فالدولة عنده تقوم على ركنین أساسیین فقط ھما الشعب ، . السیاسیة والسلطة

یجى انتقادات متعددة منھا أن سحب صفة ولقد وجھ إلى تعریف دالدولة على المجتمعات البدائیة لمجرد توافر ظاھرة االختالف السیاسى

ألن ھذه المجتمعات مجرد مجتمعات بدائیة تقوم على ؛غیر صحیح بط بیولوجیة وأسریة ، ومن ثم فإن رابطة الدم ال فكرة الصالح العاموار

األمر الذى یجعلھا دون الحد ،ھى التى تربط بین أفراد ھذه المجتمعاتالذى یمكن بمقتضاه اعتبارھا دوال ، وأن القول بأنھ یكفى لوجود الدولة توافر ركنى الشعب والسلطة السیاسیة دون توافر عنصر اإلقلیم قول لم

أھمیة یسلم بھ معظم شراح القانون نظرا لما یحققھ وجود اإلقلیم من . كركن من أركان الدولة على نحو ما سنرى

ویرتب الشراح على انتفاء اإلقلیم بالرغم من وجود ظاھرة االختالف السیاسى إنتفاء وجود الدولة ویمثلون لذلك بالكنیسة الكاثولیكیة

لھا بالشخصیة الدولیة إال أنھا لم تعد في نظر االعترافم من غفعلي الریكان إقلیما لھا تإال بعد أن اعتبرت مدینة الفاالمجتمع الدولي دولة

والتي ١٩٢٩ فبرایر سنة ١١بمقتضي معاھدة التران التي تم توقیعھا في دولة ویطلق علیھا اآلن دولة بمقتضاھا اعتبرت الكنیسة الكاثولیكیة

. الفاتیكان



٩

ھذا باإلضافة إلى أن اإلكتفاء بتحقق ظاھرة اإلختالف السیاسى لك إذا ما إرتبطت ھذه ویتحقق ذ،دولة یؤدى إلى إنتفاء الدولةفقط لقیام ال

فلو تم ربط الدولة بشخصھ . ما غالبا ما یكون الحاكمالظاھرة بشخص ، وھذا األمر غیر مسلم بھ ھل إلى زوال الدولة وانتفائھا بزواألدى ذلك

یعدون الذین الین السلطة السیاسیة وأشخاص الحكاملوجود الفصل ب . صحاب لھارسین للسلطة ال أمجرد مما

وعلى خالف ما ذھب إلیھ دیجى یرى الفقیھ الفرنسى موریس أن االقتصار على وصف الدولة على maurice Hauriouھوریو

المجتمعات البدائیة وصف غیر صحیح وأن الدولة ال تتحقق إال فى مرحلة متطورة من تطور السلطة السیاسیة ، فالدولة خالف المجتمعات

دائیة ال تقوم على رابطة الدم والقرابة المادیة بل عند توافر نوع من البویتولد لدى الجماعة . على إقلیم معین القرابة المعنویة بفعل االستقرار

نشأ توحدة فى المشاعر والمصالح واألھداف تنمو بین أفراد المجتمع ووعندئذ ستقبلة بین أفراده ویمتد لیشمل األجیال الحاضرة والماضیة والم

ینتقل اإلنسان من عى بفكرة الصالح العام وبعدھایبدأ اإلحساس الجمامرحلة العرف والتقالید إلى مرحلة القانون المكتوب ، وعندئذ تظھر

.الدولة فى الوجود ما ذھب إلیھ ھوریو ویذھب إلى Burdeauویؤكد الفقیھ بیردو

كنھا مرحلة حدیثة أن الدولة ال ترادف المجتمع السیاسى وال تساویھ ول .من مراحل تطور شكل السلطة السیاسیة والمجتمعات السیاسیة

وھناك عدة تعریفات أخرى قیلت فى شأن الدولة نذكر منھا على فى كتابھ عن "ولسون"سبیل المثال ما ذھب إلیھ الرئیس األمریكى

. الدولة أنھا عبارة عن شعب منظم خاضع للقانون ویقطن أرضا معینة التعریف خالف ما ذكره دیجى عندما ركز على ركنین وھذا

أساسیین فى تعریفھ للدولة ھما الشعب والسلطة السیاسیة حیث یذھب إلى



١٠

بأنھا "فوش"ركنى الشعب واإلقلیم غافال ركن السلطة السیاسیة، وعرفھا مجموعة دائمة مستقلة من أفراد یملكون إقلیما معینا وتضمھم سلطة

ض أن یكفل ألفرادھا جملة ، ولكل واحد منھم التمتع مشتركة منتظمة بغر . بحریتھ ومباشرة حقوقھ

إلى أن الدولة توجد تمییزا لھا عن المستعمرات "أوبنھایم"وذھب والممتلكات عندما یستقر أناس فى مكان تحت حكومة خاصة بھا صاحبة

. السیادة علیھا یة إلى أن الدولة ھى الترجمة القانون"وایزمان"ویذھب

. لفكرة الوطن فقد ذھب إلى أن الدولة ما ھى إال مجموعة من األفراد " دیفو"أما

مستقرة فى إقلیم محدد وتخضع لسلطة صاحبة سیادة مكلفة بأن تحقق .ملتزمة فى ذلك بمبادئ القانون صالح الجماعة

ما لم تتحد كلمة الفقھاء على تعریف الدولة ل : وفى الفكر العربىذكرناه سابقا، وإن كان القدر المشترك عندھم جمیعا ھو تعریف الدولة بذكر عناصرھا األساسیة دون حصر لھذه العناصر التى یتحقق عند

. وجودھا الدولة فقد ذھب رأى إلى أن الدولة عبارة عن ذلك التشخیص المعنوى

ما الذى یمثل أمھ تقطن أرضا معینة والذى بیده السلطة العامة أو ك .یسمونھا السیادة

وھذا التعریف یذھب إلى أن للدولة أركان ثالثة ھى األمة وتالزمھا والسیادة واإلقلیم وھذا اإلتجاه یؤكد على خاصیة السیادة

.ولزومھا لوجود الدولة وذھب رأى إلى تعریف الدولة بأركانھا الثالثة السابقة بقولھ أن

على سبیل االستقرار على إقلیم الدولة جمع من الناس من الجنسین یعیش



١١

محدود ، ویدینون بالوالء لسلطة حاكمة لھا السیادة على اإلقلیم وعلى . جمیع أفراد ھذا الجمع

ویوسع جانب من الفقھ ھذه األركان إلى أربعة لتشمل الرعیة ، اإلقلیم ، الشخصیة المعنویة وھیئة حاكمة ذات سیادة فیذھب إلى أن

وعة مستقلة من األفراد یملكون إقلیما معینا ، الدولة عبارة عن مجموتربطھم سیاسة ھى اإلشتراك فى الخضوع لسلطة مركزیة ، وذلك حتى

ید جانب آخر من ویز ،یتمكن كل فرد من التمتع بحریتھ ومباشرة حقوقھ الفقھ ھذه األركان إلى خمسة تشمل جمع كبیر ، وإقلیم معین ، وشخصیة

خیرا استقالل سیاسى أو وحدة سیاسیة فیذھب وأ،معنویة ، ووجود نظام كبیر من الناس یقطن على وجھ الدوام إلى تعریف الدولة بأنھا مجموع

.إقلیما معینا ویتمتع بالشخصیة المعنویة والنظام واالستقالل السیاسىبراز سمة الخضوع للسلطة بوصف ویحاول جانب من الفقھ إ

ن الدولة عبارة عن جماعة من كونھا أھم ما یمیز الدولة فیذھب إلى أع لسلطة الناس تربط أفرادھا رابطة سیاسیة ھى اإلشتراك فى الخضو

امرھا مطاعة سواء أكانت السلطة المركزیة فى قبضة شخص مركزیة أو . واحد ، وسواء أكانت ملكیة أم جمھوریة

براز احدى سمات الدولة وھى الشخصیة ویحاول فقیھ آخر إ أن الدولة مجموعة من الناس تقطن بصفة االستمرار المعنویة فیذھب إلى

. إقلیما معینا وتتمتع بالشخصیة المعنویةمن جماع ما تقدم نالحظ أن ھذه التعریفات التى ذكرناھا حول

ساسیة لوجود الدولة لة اتفقت معظمھا حول وجود عناصر أتعریف الدوننا أمام تنظیم وھى الشعب واإلقلیم والسلطة السیاسیة حتى یمكن القول أ

فبدون توافر ركن من ھذه األركان الثالثة ال . قانونى یطلق علیھ دولة . یمكن أن تتوفر ألى مجتمع وصف الدولة



١٢

یة ال مما ذكره الفقھاء تعد عناصر ثانووأن ما عدا ھذه األركان فبعضھا إما أن یعد شرطا فى ،یترتب على عدم وجودھا وجود الدولة

وافر العناصر الثالثة مثل ما ولة أو أثرا مترتبا على تركن من أركان الدو الوحدة السیاسیة أو االستقالل السیاسى ، والتنظیم أ حول النظام ذكر

.الخ. ... والسیادة والشخصیة المعنویة ولذلك نرى أن التعریفات التى اقتصرت على األركان الثالثة

ب إلیھ بعض الفقھ للدولة ھى األفضل من وجھة نظرنا ومن ذلك ما ذھمن أن الدولة عبارة عن ظاھرة سیاسیة وقانونیة تعنى جماعة من الناس ، یقطنون رقعة جغرافیة معینة بصفة دائمة ومستقرة ، ویخضعون لنظام

.سیاسى مستقلأو أنھا عبارة عن جماعة من األفراد تقطن على وجھ الدوام

نظیم شئونھا لسلطة سیاسیة إقلیما جغرافیا معینا وتخضع فى تواالستقرار . تستقل فى أساسھا عن أشخاص من یمارسھا

ویمكن لنا أن ننتھى من ذلك إلى أن الدولة عبارة عن شخص قانونى یمثل مجموعة من األفراد یقطنون على سبیل الدوام واالستقرار

. إقلیما معینا ویخضعون لسلطة سیاسیة تى ذكرناھا تقوم عند والدولة وفقا لھذا التعریف والتعریفات ال

.توافر أركان ثالثة رئیسیة یلزم توافرھا مجتمعة وھى .وجود جماعة من األفراد یطلق علیھم اصطالحا اسم الشعب -١ینة یقیم علیھا شعب الدولة یطلق علیھا وجود رقعة جغرافیة مع -٢

.إصطالحا اسم اإلقلیم وجود سلطة سیاسیة یخضع لھا شعب الدولة یطلق علیھا -٣

وھذا التنظیم السیاسى یسمح بإنقسام ،حا السلطة السیاسیةاصطال أفراد شعب الدولة إلى فئة حاكمة وأخرى محكومة

:ركان الثالثة فى المبحث التالىوسوف نقوم بشرح ھذه األ



١٣

الثانىلمبحثا أركان الدولة

ما سبق إلى أن للدولة أركانا ثالثة یلزم توافرھا وھى انتھینا فیوالسلطة السیاسیة وفیما یلى نقوم بشرح كل ركن من ھذه الشعب واإلقلیم

: األركان الثالثة فى مطلب مستقل وذلك على النحو التالى المطلب األول

Le Peupleالشعب فوجود الشعب عنصر ال یمكن تصور وجود دولة بدون شعب واإلقلیم الخالى من ،ضرورى لوجود الدولة كمجتمع سیاسى منظم

ولیس ھناك حد أدنى ،ت مساحتھ ال یمكن أن یشكل دولةالسكان مھما كان ومع ذلك یجب أن یكون عدد السكان معقوال حتى ،لعدد أفراد الدولة

ویرتبط أفراد الشعب بالدولة ویحملون جنسیتھا .یمكن أن تنشأ الدولة وما ،نھاویخضعون لسلطانھا ویخاطبون بقوانیویعتبرون من رعایاھا وما تفرضھ علیھم من واجبات سواء أكانوا فى تقرره لھم من حقوق

دھا وداخل اإلقلیم أم خارجھ ، ولذا یحق لھم طلب حمایتھم وھم خارج حد . ، ومن ثم فھناك فرق بین شعب الدولة وسكانھا

فشعب الدولة ھم مجموعة األفراد الذین غالبا ما یقیمون على إقلیم تحددھا الدولة على " الجنسیة"الدولة ویرتبطون بھا برابطة قانونیة

ورابطة jus Sanguinisأساس معاییر متعددة أھمھا رابطة الدم سواء كانوا من الرجال أم النساء أم األطفال ، . Jus solisاألرض

ووجود الشعب یعتبر واقعة طبیعة وتلقائیة تنشأ خارج الدولة وسابقة .علیھا وھو الذى یفرض وجود الدولة

ھم أوسع مدى فى مضمونھ من الشعب حیث أما سكان الدولة فعلى كل فرد یقیم على إقلیم الدولة سواء أكان یطلق اصطالح السكان

مل جنسیة تھا ویتمتع بصفة المواطن أم كان أجنبیا ال یحیحمل جنسی



١٤

،الدولة وال یرتبط بھا إال برابطة غالبا تكون مؤقتة فترة وجوده بالدولةى ظروف معینة كالدراسة والتعلیم أو وترجع ھذه الرابطة المؤقتة إل

وإما أن تكون ھذه الرابطة دائمة ، وفى الخ...السیاحة أو التجارة . الدولة ولكن وفقا لشروط تنظمھايالحالتین یقیمون على أراض

،ملون أى جنسیة دولةیوجد بالدولة بعض فئات أخرى ال یحوقد ة أكثر من ون جنسیوھؤالء یطلق علیھم عدیمو الجنسیة أو الذین یحمل

. الجنسیة مزدوجو دولة وھؤالء یطلق علیھملذى یضم إلى اوالمھفوم السابق للشعب ھو المفھوم اإلجتماعى

یختلف عن مفھوم الشعب ھوو، األھلیةير وناقصجانب البالغین القصالسیاسى الذى یقصد بھ مجموع األشخاص الذین یتمتعون بحق ممارسة

أو ما یطلق علیھم جمھور الناخبین ، ، الدولةالحقوق السیاسیة داخلوتتطلب القوانین الداخلیة لكل دولة سنا معینة فیھم تختلف من دولة إلى

، كما یختلف نطاق الشعب السیاسى ضیقا واتساعا تبعا لمدى أخرىإلقتراع العام أو االتمتع بالحقوق السیاسیة حسب أخذ الدولة بمبدأ

فى الثانى الشتراط شروط قویضیسع فى األول د حیث یتاإلقتراع المقی . عالجھا فى حینھانمعینة سوف

: النسبة العددیة لشعب الدولة یلزم لقیام الدولة كما رأینا وجود عدد من األفراد وھذا العدد یختلف من دولة إلى أخرى ، وحسب الرأى الغالب فى الفقھ الیشترط

أن یكون ھذا العدد كبیرا أوشترطعدد معین فى شعب الدولة ، كما ال یھم أن یقوم بین أفراد الشعب أیا كان عددھم نوع من مصغیرا ، ال

. اإلنسجام تحقیقا للترابط والوحدة وإذا كانت النسبة العددیة ال تؤثر على إضفاء وصف الدولة على مجموع الشعب من الناحیة النظریة ، وعلى الرغم من تسویة القانون

لدول الصغیرة والكبیرة فى المركز القانونى الذى تحتلھ الدولى بین ا



١٥

ئات من اآلالف كإمارة اء كان عدد سكانھا یصل إلى بضعة مالدولة سوموناكو الواقعة فى أقصى جنون شرق فرنسا على البحر األبیط المتوسط

ودولة قطر ، ،، وإتحاد اإلمارات العربیة، ودولة الفاتیكان ، والبحرین عشرات المالیین ل إلي أو كان عدد سكانھا یص.جزر القمروالكویت ، و

.الخ... كمصر ، وبریطانیا ، وألمانیا الموحدة ، وفرنسا وإیطالیا ،ت المتحدة ، وروسیاأو كان یصل إلى مئات المالیین كالوالیا

. أو یزید على الملیار كالصین والھند . وباكستان ، وأندونسیاة یالحظ أن كثرة عدد أفراد الدولة یؤثر إال أنھ من الناحیة الواقعی

كثیرا فى قوتھا ومركزھا الخارجى باإلضافة إلى عوامل أخرى یؤدى إلى تمتعھا بمركز ھام فى المجتمع الدولى ویكون لھا اإلحترام والفاعلیة

ة ، ویوفر ألفرادھا سبل الحیاة یوالتأثیر بین أفراد المجموعة الدولبالدولة عمل أفراد الشعب باخالص للنھوض الكریمة فى حالة نھوضھا و

دى إلى تراجعھا یؤ عبئا ثقیال على موارد الدولة صبحت كثرة العددوإال أ . لفة ختإلى مصاف الدول الم

لة مكانتھا فلیست الزیادة العددیة المجردة ھى التى تكفل للدومو ونالعالیة بل إن الزیادة المنتجة تعتبر عامال فى إزدیاد قوة الدولة

.انتاجھا وثروتھا وبسط سلطانھایخفى أنھ من المشاكل األساسیة للدول اآلن مشكلة تحدید العدد وال

المالئم للسكان الذى یمكن أن تستوعبھ إمكانیات الدولة اإلقتصادیة فمن الدول ما یعانى من النقص السكانى ومنھا ما ،وحجمھا الجغرافى

. یعانى من مشكلة التضخم السكانى على الرغم من ذلك فإن زیادة عدد سكان الدولة تعد من السمات و

مثل المدینة الممیزة للدولة المعاصرة وذلك إذا ما قورنت بالدولة القدیمة لف نسمة كانت لم یكن یتجاوز عدد سكانھا خمسین أالیونانیة القدیمة التى

.منھم نسبة ضئیلة من المواطنین األصلیین



١٦

بداوة والترحال ووجود استقرار لشعب ونعتقد أن ترك حیاة ال لما یؤدیة االستقرار نظرا لھا الصالحیة لتكوین ركن الشعب الدولة یوفر

من وحدة العادات والتقالید ، وتعمیق فكرة اإلحساس بالصالح العام لدى ن غیرھا من الدول والعمل على العیش معا لتمییزھا عشعب الدولة ، . األخرى

وع الشعب باعتباره جماعات من األفراد ویجب النظر إلى مجم واقتصادیة ، واجتماعیة ، وفكریة ، ،تربطھم معا روابط مادیة ومعنویة

الخ مثل عالقات األسرة واألبوة ، .. وتقسیم للعمل ،منافعالوتبادل والسكن ، وعالقات المھنة ت الدین واللغة ، وعالقات الجواروعالقا

التى تشكل سكان الدولة عبارة عن تجمع فالمجموعة اإلنسانیة .والطبقةیة كالعائلة والقریة والمدینة ، والقبیلة تنشأ لعدد من المجموعات الثانو

. بینھم عالقات اجتماعیة خاصة ، وھكذا تظھر الدولة كوحدة تراكبیة وال یشترط فى شعب الدولة أن یكون منحدرا من جنس بشرى

الراھن ألن عوامل الھجرة واحد أو ساللة واحدة ، خاصة فى الوقتجناس والسالالت على مدار المستمرة بین الدول مزجت بین مختلف األ

وخیر مثال على ذلك تكوین الشعب األمریكى من أجناس كثیرة السنینین إلى یومنا ھذا ، وكذا بسبب الھجرة منذ اكتشاف األمریكتومتباینة

واألكراد والشركس الشعوب العربیة التى فیھا أجناس مختلفة كالعرب . والبربر وغیرھم

كما ال یشترط فى شعب الدولة أن یتكلم لغة واحدة فھناك من . كما فى الھند وسویسراالشعوب ما یتحدث أكثر من لغة

ان الدولة أن یدین بدین واحد وإن كوأخیرا ال یشترط فى شعبة یعتنقھ غالبیالحال فى بعض الدول ھو وجود دین غالب رسمى للدولة

عدد السكان ، وال یمنع ذلك من تعدد الدیانات بین شعب الدولة كما ھو . الحال فى مصر



١٧

اللغة خالصة القول أن شعب الدولة یوجد رغم اختالف األصل أو .لشعب عن غیره مما قد یختلط معھ ا لأو الدین تمییز

تمییز الشعب عن األمة والدولةركانھا األساسیة عرضنا للمقصود من شعب الدولة كركن من أ

واآلن نوضح بعض المصطلحات التى ، تحقق الدولة إال بوجوده تالتى ال ونعرض فیما یلى ،قد تتداخل مع مفھوم الشعب مثل األمة والدولة

. فرعین علي النحو التاليللتفرقة بین ھذه المصطلحات فى :الشعب واألمة : الفرع األول

جمعھم روابط مختلفة مثل األمة عبارة عن مجموعة من البشر ت وغیرھا ، والتقالید، واألصل،واألرض ، والعادات، واللغة،وحدة الدین

من الروابط التى تؤدى إلى إكسابھم شعور جماعى واحد یخلق لدى أفرادھا اإلحساس بإنتمائھم إلى ھذه الوحدة اإلجتماعیة وتدفعھم إلى

فین عن األفراد الرغبة للعیش المشترك معا ، ویعتبرون أنفسھم مختلد جمیع الزم أن توجبولیس ،لوطنیة األخرىكونون المجموعات االذین ی

العناصر السابقة لكى توجد األمة ، وإنما یكفى وجود بعضھا ، ولكن والرغبة ،العناصر األساسیة لنشأة األمة ھى الجماعة البشریة ، واإلقلیم

.المشتركة للعیش معالتى تمیز األمم عن بعضھا محل وقد كان تحدید تلك الخصائص ا

للجدل والخالف فى الفقھ وذلك باختالف الوجھة التى ینظر إلیھا الباحثون ستناد على العناصر إلوالكتاب ، ففى الوقت الذى ذھب فیھ البعض إلى ا

استند البعض اآلخر على نظریة ، لوجود األمةاسالموضوعیة كأس، لى وحدة المصالح االقتصادیة بینما استند البعض ع،المشیئة أو اإلرادة

خرون بعنصر الدین كعامل أساسى لقیام األمة ونوضح فى حین إھتم أ : وجھة نظر كل فریق فیما یلى



١٨

" الموضوعیة " النظریة األلمانیة - ١وفقا لھذه النظریة ذھب المفكرون األلمان منذ القرن التاسع عشر

ساس لوجود أجنس إلى اعتبار وحدة الTreischk و Fichteأمثال بحیث یمكن القول بأن ،األمة فأساس وجود األمة ھو أساس موضوعى

أى تجمع إنسانى معین قد اكتسب صفة األمة البد وأن یشترك أعضائھ . الخ.... فى األصل واللغة والدین ، الجنس

وھذا ما یتفق مع أفكار األلمان ألنھم صنفوا األجناس وقالوا البشریة باختالف أنواعھا ، وعلى قمة ھذا عراق أبوجود تسلسل بین

الخالص وفى أدناه توجد األعراق الملونھ ، التسلسل یوجد العرق األرىوبینھما تتفاوت مراتب األعراف البیضاء غیر اآلدمیة واألعراف

. الخ.... المختلفة ةیة التى كانت ممزقة بین عدندوا بذلك وحدة األمة األلماوقد أرا

فقد وضع ،ن بغرض وحدتھمور القومى لدى األلماول ورفع الشعد الجنس اآلرى كأحد قواعد الوطنیة اإلشتراكیة واعتبره الجنس "ھتلر"

وكان لذلك أثره فى إزدیاد الشعور الوطنى لدى أبناء األمة ،المختاراأللمانیة التى كافحت حتى حصلت على استقاللھا وشكلت قومیة واحدة ،

واتجھت النظرة ١٩٤٥ عام اتى ھزیمة ألمانیولقد ظلت ھذه األفكار ح . األن إلى مفھوم أكثر اعتداال

تجھ بعض األلمان إلى اإلعتماد على عامل اللغة دون إشارة وقد اه عنصرا رئیسیا فى وجود الدولة وقالوا بأن اللغة ولوحدة الجنس واعتبر

للتفاھم وبینوا أن اللغة لیست مجرد أداة. بمثابة القلب والروح لألمة والتعبیر عن األفكار وإنما ھى تنم عن خصائص الجماعة التى تنطق بھا

صیدھا المعرفى كما أنھا تؤثر فى التفكیر تأثیرا عمیقا وتحفظ لألمة ر، .وتاریخھا وتراثھا



١٩

ومن ثم ذھب األلمان إلى القول بأن كل الذین ینطقون باأللمانیة اء ھذه األمة األلمانیة أن یؤمنوا بھذه یؤلفون أمة واحدة وأنھ یجب على أبن

الحقیقة وأن ینبذو ما بینھم من فوارق أخرى ، وھكذا تحققت الوحدة . األلمانیة استنادا على أساس الوحدة اللغویة

وقد كانت لھذه النظریة بعض اآلثار حیث توحدت إیطالیا بھدف ھكذا فعل البولنیین و،اتحاد البالد التى تتكلم اللغة اإلیطالیة فى أمة واحدة

ساس اعتبار جمیع الناطقین باللغة البولونیة أمة أحیث قام اتحادھم على كما تفككت دول الختالف اللغات التى تتكلم بھا الشعوب التى ،واحدة

تضمھا وھو األمر الذى انتھى بإنفصال الشعوب التى ال تتحدث اللغة راطوریة النسماویة عندما مب اإلالتركیة عن الدولة العثمانیة، كما انھارت

. األلمانیة فصلت عنھا جمیع الشعوب التى ال تتحدث اللغة ان أن اللغة كان لھا دورا كبیرا فى القرن العشرین مع غیرناونعتقد

حیث تنبھت الدول اإلستعماریة إلى أھمیة اللغة وحاولت بسط لغتھا على واألمة التى ب تھا لتقطع الصلة بین ھذه الشعوالشعوب التى استعمر

تنتمى إلیھا ، وھذا ما فعلتھ فرنسا فى الجزائر وبالد شمال أفریقا ، وما .فعلھ اإلتحاد السوفیتى السابق فى الدول التى أخضعھا بالقوة

: التعلیق على النظریة األلمانیة تأخذ بالجنس كأساس لتكوین األمة إذا كانت النظریة األلمانیة

رقى الذى قال بھ األلمان ، وعامل اللغة الذى ساس التسلسل العأعلى اعتبروه بمثابة القلب والروح لألمة إال أن ھذه النظریة قد انتقدت

: لألسباب التالیة وجود عوامل أساسیة أخرى إن لم تتكافأ مع عامل اللغة فھى على -١

األقل ال تقل عنھ فى األھمیة وقوة التأثیر فى تكوین األمة مثل . الدین وغیره



٢٠

ال یمكن األخذ بھذه النظریة الستحالة وجود جنس بشرى لم -٢ فوحدة الجنس كانت تصلح ،یختلط بغیره من األجناس البشریة

فى العصور القدیمة أما فى العصر الحدیث ونتیجة للرحالت قاء جنس أصبح من المتعذر القول بنوعملیات الھجرة والحروب

. أمة من األممى ھیمنة جنس معین على باقى األخذ بفكرة الجنس تؤدى إل -٣

. األجناس ووضعھ فى المصاف األول وھو ما یخالف الواقععدم صحة األخذ بعامل اللغة كأساس لوجود األمة استنادا للوقائع -٤

التاریخیة حیث تؤكد نشأة أمم مثل سویسرا وبلجیكا والھند بالرغم ات الشعب السویسرى مثال یتكلم أربع لغ، فاللغة فیھامن اختالف

ب ھى األلمانیة والفرنسیة واإلیطالیة والرومانش ، والشع . جیكى یتكلم بلغتین ھما الفرنسیة والفالمندیة ھذا من جانبالبل

ومن جانب آخر فإن ھناك أمما تمزقت وانفصلت أجزاؤھا عن بعضھا بالرغم من وحدة لغتھا مثل دول أمریكا الشمالیة التى انفصلت

سبانیا أریكا الجنوبیة التى انفصلت عن مأعن انجلترا ، وبعض دول .ھا فى اللغة نعوالبرتعال مع أنھا ال تختلف

: النظریة الفرنسیة - ٢األلمان قد صاغوا نظریتھم كأساس لوجود إذا كان المفكرون

فإن ھذه النظریة ،لمانیا فى تكوین دولة واحدةأاألمة لتخدم أھداف اإلستعماریة وتعرض مصالحھم تتعارض مع أطماع الفرنسیین وأھدافھم

للخطر ، من ثم نادى الكتاب الفرنسیون بأن العامل األول لقیام األمة ھو فاإلرادة المشتركة . إرادة األفراد ومشیئتھم المشتركة فى العیش معا

. لألفراد ھى المحل األول فى نشوء األمة عى فاألمة عند الفرنسیین ھى اإلتحاد فى الحیاة والوجدان االجتما

وتجد أساسھا فى وحدة اإلحساس والشعور باإلضافة إلى ھذا العامل



٢١

تضع فى الحسبان مشیئة ورغبة الشعوب الروحى والنفسى فإن نظریتھم .فى العیش المشترك داخل مجتمع واحد

دوا فرنسا قد حققت الكتاب الفرنسیون إلى ذلك أنھم وجوالذى دفع التى حققتھا ھذه الوحدة عن وحدتھا القومیة وتبحث عن وسائل الدفاع

لزاس وكانت تطمع فى التوسع شماال إلى نھر الراین لضم منطقة اال . لنفسھا حدودا طبیعیة قویةالناطقة باأللمانیة لتضمن

أن الرغبة المشتركة فى العیش فى جماعة وتجدر اإلشارة إلي ،لدى أنصار ھذه النطریة ھى نتاج واجتماع عوامل عدة مثل اللغة

باإلضافة لرباط المصالح ، واألحداث التاریخیة المشتركة،والدین . الخ .... المشتركة

: نقد النظریة الفرنسیة : وجھت إلى ھذه النظریة عدة انتقادات یمكن إجمالھا فیما یأتى

القول بأن األمة ھى مجموع إرادات فردیة اتفقت فیما بینھا على -١مة وضیاعھا عندما تكون العیش المشترك یؤدى إلى زعزعة األ

. ھذه اإلرادات غیر واعیة فتجنح إلى التفرقة والشتتت النادر أن تثبت اإلرادات الفردیة على سلوك معین فھى فى من -٢

تغیر مستمر تبعا الختالف الظروف المحطیة بھا ، وتخضع ألھواء اإلنسان وانفعاالتھ ووسائل الدعایة القائمة على الخداع فى

. حوال أخرىأوالمنطق فى بعض األحوال خلطت بین السبب والنتیجة حیث جعلت انتقدت النظریة ألنھا -٣

اإلرادة المشتركة ھى نتاج تكوین األمة فى حین أن األفراد یرغبون فى العیش المشترك نتیجة إلنتمائھم إلى أمة واحدة فال

.یصح أن تكون باعثا لخلق األمة



٢٢

رادة إدولة ألنھا جعلت كما أن النظریة خلطت بین األمة وال -٤لألمة والدولة على السواء وأساس ھذه النظریة العیش معا أساسا

. لنشأة األمة والدولة اھو فكرة العقد اإلجتماعى الذى اتخذ أساس : النظریة الدینیة

تھدف النظریة الدینیة إلى جعل الدین ھو العامل األساسى فى ألبنائھا أسباب اإلندماج واإلنصھار وجود األمة فال تقوم أمة وال تتوافر

. إذا كان ھناك خالف جوھرى فى العقائد یفصل بین أبنائھافالدین بمعتقداتھ وتعالیمھ ومثلھ كفیل بأن یحقق بین اتباعھ وحدة فى الفكر وفى الشعور والوجدان وفى العادات والتقالید وقواعد السلوك ،

دات دینیة كبرى بین وھذا الدین أدى إلى ظھور دعوات لتحقیق وحالشعوب التى تدین بعقیدة واحدة كالوحدة الدینیة العالمیة التى نادى بھا

والوحدة اإلسالمیة التى ینادى بھا كثیر من الزعماء فى العالم " كانت" . العربى

ومن ناحیة أخرى كان الدین ھو الدافع لتفكك بعض الدول نشأت الدولة الباكستانیة وانفصالھا عن دول أخرى إلختالف الدیانة حیث

یرلندا الكاثولیكیة عن أیضا انفصلت أ و،وانفصلت عن الھند بإسم الدین .بریطانیا البروتستانتیة

ویذھب البعض إلى أن الدین ھو العامل الرئیسى فى خلق األمة علال ذلك بأن الدین واألمة وما عداه فھى عوامل عارضة أو ثانویة ، م

دى الدین تؤدى إلى وحدة األمة وتعدد الدیانات یؤ متالزمان فوحدة أمران .إلى تعدد القومیات

: نقد النظریة الدینیة ،ن عامال ھاما فى تكوینھان كاإ لقیام األمة والیكفى الدین وحده

و وأن تدور معھ األمة وجودا د الدین من مقومات األمة فالبدولكى یعوأن تكون الشعوب المؤمنة عدما بحیث یتحتم أن تؤمن األمة بدین واحد



٢٣

أمة ، لكن ذلك الیؤیده الواقع حیث بدین واحد مرتبطة ببعضھا فى شكل ولم تحل وحدة المذھب الدینى ،قامت ثورات فى دول لھا دین واحد فقط

دون انفصال المجر عن النمسا والسوید عن النرویج والوالیات المتحدة .األمریكیة عن انجلترا وبنجالدش عن باكستان

للدین من أثر كبیر فى نفوس األفراد ار ماانكومع ذلك الیمكن ، لقیام األمةین األمم، فال یكفى وحدهوفھو أحد العوامل التى تسھم فى تك

ھذا وتجدر ،كما أن وحدة الدین لیست شرطا ضروریا لوجود األمةاإلشارة إلى أن الدین وإن كان بالنسبة لألمم غیر اإلسالمیة محل

جدل فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة لألمة اإلسالمیة حیث اعتراض وإن وحدة الدین ھى العامل المؤثر والفعال فى وجود الدولة اإلسالمیة

مشاعر القومیة وتنمیة روح التآخىحیث یسھم بدور فعال فى خلق ال . والتضامن والتألف

: النظریة الماركسیة المصالح اإلقتصادیة تقوم النظریة الماركسیة على أساس تغلیب

وتفضیلھا على باقى العوامل التى تؤدى إلى قیام األمة ، فالعوامل المادیة والمصالح اإلقتصادیة ھى القوة الموجھة والمحركة للحیاة اإلجتماعیة

وتستھدف الماركسیة ،مةأفى وجود أى والسیاسیة وھى العامل األساسى ففى ،الطبقات البرجوازیةمن وراء ھذه النظریة إلى تكتل العمال ضد

بین طبقتى البورجوازیة أشدهالنظام الرأسمالى یكون الصراع على سمالیة إلى إزدیاد إستغالل الطبقة أ ویؤدى تطور الر،والبرولیتاریا

وھذا ما یؤدى بدوره لخلق الوعى الطبقى لدى العمال ،األولى للثانیةیؤول إلیھا طور التاریخى وفقا للتوباعتبار العمال أمة واحدة فى المجتمع

.مصائر المجتمع فتتأكد الوحدة بینھم لشعورھم بالظلم الواقع علیھمفضال عن أن الماركسیة العالمیة وھى فى سعیھا إلى تحقیق

لتستھدف عمال العالم باعتبارھم أمة واحدة وقومیة واحدة الدولة العالمیة



٢٤

القضاء على تحركھم المصالح اإلقتصادیة نحو تحقیق ھدف واحد ھو . النظام الرأسمالى

: نقد النظریة الماركسیة البین فى القول بأن تطور علي أساس خطئھا النظریةانتقدت

المجتمع یرجع إلى عامل واحد فقط ھو العامل االقتصادى فمصالح الجماعات قد تختلف وال تقتصر على عامل واحد بل تمتد إلى مجموعة

الخ ....وروحى ھو فكرى وثقافى وعاطفى ما من العوامل األخرى منھا بینما ،فضال عن أن المصالح اإلقتصادیة عرضھ للتبدیل والتغییر

القومیة رابطة تتصف بالثبات فھى تبقى رغم اختالف المصالح رتطبت فى وجودھا إ كما أنھ لیس صحیحا أن القومیة ،اإلقتصادیة

الشعور باإلنتماء إلى بمرحلة الرأسمالیة حیث عرفت المجتمعات القدیمة . جماعة لھا كیانھا الذاتى

أن الواقع العملى نفسھ الیؤید ھذه النظریة فوحدة المصالح كمااإلقتصادیة وحدھا قد أثبتت فشلھا وانھارت األنظمة السیاسیة التى قامت

وخیر دلیل على ذلك ھو إنھیار االتحاد السوفیتى السابق معقل ،علیھا . ا الشرقیةالماركسیة ودول أورب

وفى تقدیرنا بعد عرضنا للنظریات المختلفة التى قیلت بشأن التفرقة بین الشعب واألمة واإلعتراضات التى وجھت إلیھا أنھ ال یجوز القول بأن عامال ما یمكن أن یؤدى إلى قیام أمة ونشأتھا ، كما أنھ من

مة إلى أ م ھذا العامل على كل األمم حیث یختلف الوضع منمالخطأ أن یععھا التاریخیة واإلقتصادیة اأمة تبعا الختالف ظروفھا وأوض

. واإلجتماعیة



٢٥

التمییز بین الدولة واألمة: الفرع الثانى شخص قانونى یمثل عن سبق أن عرفنا أن الدولة عبارة

مجموعة من األفراد یقطنون على سبیل الدوام واالستقرار إقلیما معینا . ة ویخضعون لسلطة سیاسی

مجموعة من األفراد استقروا على إقلیم عن أما األمة فھى عبارةأى أنھا مبدأ روحى وإرادة . معین ولدیھم الرغبة المشتركة فى العیش معا

فھى مجتمع تولد من خالل ،عیش مشترك نتیجة إحساسات متشابھةتاریخ طویل ومشترك نتج عنھ وحدة فى الحضارة والثقافة والعادات

.حدة فى اللغة ووحدة فى الدینوغالبا و أما ركن ،فالدولة واألمة یشتركان فى عنصرى الشعب واإلقلیم

فال یشترط ،السلطة السیاسیة فھو خاص بالدولة وال یوجد بالنسبة لألمة ومن ثم یتضح أن .لوجود األمة وتكوینھا خضوع أفرادھا لسلطة سیاسیة

ن األفراد وقیام الرغبة األمة حقیقة اجتماعیة ناشئة عن اجتماع عدد مفیما بینھم فى العیش معا ، بینما الدولة حقیقة قانونیة أو تنظیم قانونى

ولذا من المتصور وجود أمة دون أن توجد دولة تمثلھا ،متمیز عن األمة، كما یتصور وجود دولة دون وجود أمة ینتمى إلیھا األفراد الذین تقوم

. علیھم ھذه الدولة األمة الواحدة قد تتوزع بین عدة دول كما ھو الحال كما یالحظ أن

بالنسبة لألمة العربیة واأللمانیة والبولندیة التى كانت موزعة فیما مضى . وبروسیا والنمسا بین روسیا

وعلى العكس قد تتكون دولة واحدة من عدة أمم مثل دولة النمسا ى سنة انیة حتوالمجر قبل الحرب العالمیة األولى واإلمبراطوریة العثم

البلقان والعرب و حیث كانت مكونة من عدد من األمم ھم األتراك١٩١٨ . واألرمن



٢٦

فالرغبة المشتركة واإلنسجام والتوافق بین األفراد والمصالح الزم وحدة تؤدى إلى قیام أمة واحدة ، ولیس بالخ ھى التى ...المشتركة

شكل أمما دون أن تتوفر اللغة أو الدین فھناك الكثیر من المجتمعات التى ت فسویسرا قامت على أفراد من أجناس ،فیھا وحدة اللغة كسویسرا وبلجیكا

مختلفة ینتمى بعضھم إلى أصل فرنسى وبعضھم إلى أصل ألمانى وأخر . والفالمندیةوبلجیكا كانت لھا لغتان ھى الفرنسیة . صل إیطالى أإلى

ن كما ھو الحال كما أن ھناك أمما قامت دون اشتراط وحدة الدیفى الوالیات المتحدة األمریكیة واألمة العربیة ، كما أن ھناك أمم أخرى

. اختالف الجنس كاألمة األمریكیة رغمتكونتخالصة القول أن األمة حقیقة اجتماعیة تقوم عندما یوجد لدى األفراد شعور بماضى مشترك وبمستقبل مشترك ومصالح مشتركة یتولد

ولیس من الضرورى أن . ش مشترك وتضامن مشترك عنھا إرادة عی ذلك أن التقسیمات اإلجتماعیة واإلقلیمیة ،یكون ھناك وحدة إنسجام مطلقة

. ولو بدرجات مختلفة فى كل األمموالطبقیة البد أن تظھر



٢٧

المطلب الثانى Le Territoierاإلقلیم

ال اإلقلیم عنصر أساسى الغنى عنھ لوجود الدولة ، إذ بدونھیمكن أن یصدق وصف الدولة على جماعة من الجماعات ، كما أنھ

الدولة واألمة ، وھو سابق على معیار أساسى من معاییر التفرقة بین . وجود الدولة فى صورتھا الحدیثة من حیث تاریخ الوجود

من عناصر ساسیاأمن ذلك لم یكن اإلقلیم عنصرا وعلى الرغم ونان إذ خلت جمیع التعریفات عندھم الصطالح الدولة عند الرومان والی

الدولة من ذكر اإلقلیم بوصفھ عنصرا أساسیا من عناصرھا وأبرزت ر اإلنسانى فقط ، ومن ثم كانت الجماعة عندھم تستمر محتفظة صالعن

بشخصیتھا وذاتیتھا ولو انتقلت من إقلیم إلى أخر ، ثم بدأت أھمیة اإلقلیم صبح تعریف الدولة ینطوى على عنصر اإلقلیم ثم فشیئا حتى أتزداد شیئا

ارتقى فصار عنصر تكوین للدولة بالتساوى مع عنصرى الشعب . والسلطة السیاسیة

یم اآلن ، وإن كانت ھناك وال یمكن تصور وجود دولة بدون إقلحاالت استثنائیة وجدت فیھا دول دون أن یكون لھا إقلیم كبولندا عندما

ة للجمھوریة الجزائریة والحكومة المؤقت. إقلیم بدون١٩١٩ولدت عام عندما اعترفت بھا حكومة الجمھوریة العربیة المتحدة قبل أن تزاول

وكذلك المؤسسات والمنظمات .ھا السیاسیة الكاملة على اإلقلیمسلطت ولذلك ،الدولیة فھى تتمتع بالشخصیة المعنویة ولكنھا تفتقر إلى اإلقلیم

. معنى الكلمةفھى ال تشكل دوال باألرضیة الذى یعیش علیھ شعب ء من الكرة واإلقلیم ھو الجز

لسلطة الدولة بصفة دائمة ومستقرة ویشكل إطارا جغرافیا لممارسة ا . السیاسیة فى الدولة



٢٨

یترتب على حالة ھوإذا كان اإلقلیم الغنى عنھ لوجود الدولة فانفى حالة احتالل دولة عدم وجوده أو كان موجودا ثم فقد نھائیا كما

ضة أو مؤقتةألخرى بصفة نھائیة ، أو كانت إقامة الشعب فیھ بصفة عار . إنعدام ركن اإلقلیم

حل وینبنى على ذلك عدم اإلعتراف بوصف الدولة للقبائل الرأن الكنیسة الكاثولوكیة لم یعترف لھا استقرارھم فى إقلیم معین، كما لعدم

. دینة الفاتیكان إقلیما محددا لھابوصف الدولة إال بعد تحدید مینبنى على ذلك أن فقدان الدولة السیطرة على إقلیمھا بصفة و

كما فى حاالت . عارضة ومؤقتة ال یؤثر فى وجود الدولة واستمرارھا اإلحتالل حتى ولو شمل األخیر إقلیم الدولة بأكملھا طالما استمرت

مثل ما حدث صھا حكومتھا حتى ولو فى الخارج فى مباشرة اختصا عندما احتلھا اإلیطالیون ، والنرویج وفرنسا بعد الحرب العالمیة ثیوبیاأل

الثانیة حینما احتلھا األلمان إذ نقلت الحكومة األثیوبیة والنرویجیة رج إقلیمھا والفرنسیة إلى إنجلترا وظلت كل منھا تباشر اختصاصھا خا

عندما احتلت ١٩٩٠عام ومن أمثلة ذلك ما حدث .حتى استعادت بالدھاالعراق دولة الكویت وانتقلت حكومة األخیرة إلى المملكة العربیة

. السعویة وظلت الدولة قائمة رغم فقد اإلقلیمویشمل إقلیم الدولة المساحة الجغرافیة بما فیھا من أنھار

كما یشمل ما فوق سطح وقنوات ، وما یمتد تحتھا من أعماق،وبحیرات وھذه . وإذا كان للدولة شواطئ فیمتد إقلیمھا امتدادا معیناھذه المساحة ،

باإلضافة إلى أن الدولة بتوافر إقلیمھا المشتمالت تحتاج إلى إیضاح ویستلزم األمر بیان طبیعة ھذا الحق ، ،على ھذا اإلقلیمیكون لھا حق

عالوة على أن اإلقلیم لھ دورا رئیسیا فى ممارسة السلطة السیاسیة وھذه : األمور الثالثة سوف نعالجھا بشئ من اإلیضاح فى الفروع التالیة



٢٩

الفرع األول مشتمالت اإلقلیم

یشتمل إقلیم الدولة على مساحة من األرض وما یعلوھا من ھواء نت الدولة تطل على بحار ا كما یشتمل على حیز بحرى إذا ما ك،وفضاء

: ة ھى أو محیطات ، ومن ثم فإن مشتمالت اإلقلیم ثالث : اإلقلیم األرضى - ١

ویشمل سطح ،ویقصد بھ قطعة الیابس من أرض المعمورة وودیان وصحارى وتالل وھضاب وجبالاألرض وما یتخللھ من سھول

وقنوات التى توجد داخل اإلقلیم ویطلق علیھا الجزء وأنھار وبحیرات .غیر الیابس

بما تحتویھ كما یشمل باطن ھذا السطح من طبقات إلى ماال نھایة . الخ... من موارد وثروات طبیعیة كالمعادن والبترول والفحم

فقد یكون واسعا ، مساحة معینةيوال یشترط فى اإلقلیم األرضمترامى األطراف كما ھو الحال فى الوالیات المتحدة األمریكیة ،

وقد یكون إقلیما ضیقا أو ،واإلتحاد السوفیتى السابق ، والصین الشعبیةكارجوا وبعض دول ما ھو الحال بالنسبة للفاتیكان ونییر المساحة كصغ

....الخلیج العربى كالبحرین والكویت وقطر كما ھو الحال كما أنھ لیس شرطا أن یكون اإلقلیم متصل األجزاء

ھا من الدول األسیویة ا ومعظم دول أفریقیا وغیریفى مصر ولیب بعضھا بعض بفواصل بریة واألوربیة إذ قد یكون منفصل األجزاء عن

عن بقیة " أالسكا"مثل الوالیات المتحدة األمریكیة حیث تنفصل والیة سبانیا حیث یفصلھا جبال البرانس ، أوفرنسا و ،الوالیات باألرض الكندیة

أو تكون .بق حیث كان یفصلھا جبال األورالواإلتحاد السوفیتى السان ، والفلبیین ، وجزر القمر والیابا ،الفواصل بحریة مثل جزر أندونیسیا

. وكذلك أجزاء بریطانیا العظمى التى یفصلھا البحر اإلیرلندى ،وغیرھا



٣٠

كما كان یفصل البحر األبیض المتوسط بین إقلیمى الجمھوریة العربیة المتحدة مصر وسوریا إبان الوحدة التى تمت فى الفترة من

الراین الذى مثل نھراواصل أنھارفم أو قد تكون ال١٩٦١ – ١٩٥٨ . یفصل بین فرنسا وألمانیا

ولیس بالزم أن یسكن شعب الدولة على جمیع اإلقلیم لصعوبة أو الدول ،ذلك خاصة فى الدول ذات الصحارى الواسعة وشدة الحر بھا

المھم أن یكون إقلیم الدولة معینا . ذات المناطق الثلجیة والجبال المرتفعة ه الحدود طبیعیة مثل الجبال أو األنھار أو سواء أكانت ھذ. ومحدد المعالم

البحار ، أم كانت حدود صناعیة مثل األسالك الشائكة أو األسوار أو األعمدة أو العالمات الحدودیة ، أم كانت حدودا غیر مرئیة مثل خطوط

. الطول والعرض وترجع أھمیة تحدید اإلقلیم تحدیدا معینا المعالم إلى نواحى متعددة

الناحیة القانونیة حیث تمارس الدولة صاحبة اإلقلیم سیادتھا علیھ أھمھاوتنتھى عندھا سیادة غیرھا من الدول بحیث ال یجوز ألى دولة أن تمارس مظاھر سیادتھا إال داخل حدودھا حیث تبدأ بعدھا سیادة دولة

واإلقلیم لھذا السبب یعد شرطا من شروط استقالل السلطة . أخرى ال یجوز أن تمارس سیادتان مظاھر السیادة والسلطان السیاسیة حیث

. على إقلیم واحد وتتفاوت مساحة أقالیم الدول المعاصرة اآلن من مساحات ضئیلة

الفاتیكان أو تزید عنھ زیادة ضئیلة ةتصل أقل من كیلو متر مربع كدولكإمارة موناكو ، وقد تصل إلى عدة مئات من الكیلومیترات مثل البحرین

الطة وسان مارینو ، وقد تصل إلى أقل من الملیون كیلو متر وتحسب ومبمئات اآلالف من الكلیو متر المربع مثل فرنسا ولبنان وقد تصل إلى الملیون كلیو متر مثل مصر ، أو تصل إلى عدة مالیین من الكلیو مترات

. مثل الوالیات المتحدة األمریكیة ، والبرازیل والسودان



٣١

زیادة مساحة اإلقلیم وما یحملھ من اختالف فى وال شك فى أنالخ یساعد على ...التربیة والثروات الطبیعیة المناخ والتضاریس وطبیعة

. قوة الدولة ونمائھا كما یعد عامال ھاما على تقدمھا ورقیھا : اإلقلیم المائى - ٢

الموجودة فى الدولة سواء كانت ویشمل كافة المسطحات المائیة قلیم الیابس مثل األنھار والبحیرات والقنوات الداخلیة ویطلق داخل اإل

أم الجزء المجاور إلقلیم الدولة األرضى من .علیھ اإلقلیم المائى الداخلىالبحار والمحیطات والذى یطلق علیھ البحر اإلقلیمى وذلك بالنسبة للدول

بعضھ المطلة على البحار والمیحطات بإقلیمھا البرى أو األرضى كلھ أو . وعلى عدة بحارأعلى بحر واحدا

وترجع أھمیة اإلقلیم المائى إلى إعتبارات إقتصادیة وسیاسیة ، فالثروات الطبیعیة المعدنیة وغیرھا الموجودة بباطنة والنسبة الكبیرة من احتیاطى البترول العالمى التى تكمن فى أعماقھ وغیر ذلك یشكل أھمیة

فمن حق كل دولة مائى ، أما األھمیة السیاسیة اقتصادیة بالنسبة لإلقلیم الأن تتولى الدفاع عن حدودھا المفتوحة وتأمینھا ضد كل خطر یھددھا ولن

ة من المیاة المتاخمیتأتى ذلك إال من خالل سیطرتھا على مساحة معینة حر اإلقلیمى ، بھذه المساحة تعرف فى القانون كما ذكرنا بال لسواحلھا

حة ھذا البحر محل خالف بین الدول منذ بدایة القرن ولقد كان تحدید مسا . السادس عشر

وكانت مساحة المیاة اإلقلیمیة منذ القرن الثامن عشر محددة فى تم نطاق القانون الدولى العام بثالثة أمیال بحریة تبدأ من شاطئ الدولة

ھا على أساس قوة المدفع الذى كان ینصب على شاطئ الدولة والذى سقیانتیجة التطورات الحدیثة إال أنھ ،بلغ قذائفھ مداھا إلى ھذه المسافةكان ت

المسافة د القوة الضاربة للمدافع وإتساع فى فنون صناعة األسلحة وإزدیا



٣٢

م زیادة ھذه المسافة اآلن إلىف المدافع تالتى تصل إلیھا قذائ میال بحریا١٢

صر تتحدد بثالثة أمیال بمقتضى وقد كانت المیاة اإلقلیمیة فى م ثم تم رفعھا بمقتضى ١٩٢٦ وكذا مرسوم ،١٩٢١المرسوم الصادر سنة

إلى ستة أمیال ونص على ١٩٥١ ینایر ١٥المرسوم الملكى الصادر فى مترا إلى أن جاء القرار الجمھورى ١٨٥٢أن المیل البحرى یساوى

ثنى عشر ورفعھا إلى إ١٩٥٨ فبرایر سنة ١٧ الصادر فى١٨٠رقم . میال بحریا

وما زال فقھاء القانون الدولى العام بینھم خالف حول مسافة ومما ھو جدیر بالذكر أن سیادة الدولة على بحرھا . البحر اإلقلیمى

قلیم األرضى اإلقلیمى لیست سیادة إنفرادیة كما ھو الشأن بالنسبة لإل بعض القیود منھا حق دولیةحیث فرض علیھا العرف والمعاھدات ال

للسفن التابعة للدول األخرى طالما لم یمس بسیادتھا أو المرور البرئ .یضر بمصالحھا

: اإلقلیم الجوى - ٣ يویشمل طبقات الغالف الجوى التى تعلو اإلقلیمین األرض

. المستقیم والمائى وما یعلوھا إلى ماال نھایة من اإلرتفاع نصر لم یكن موضع اھتمام حتى القرن جدیر بالذكر أن ھذا الع

اإلھتمام بدراسة ھور المحاوالت األولى للطیران بدأ العشرین ، ومع ظ للھواء أو الفضاء الذى یعلو إقلیم الدولة وتم عقد يالوضع القانون

مؤتمرات دولیة لتنظیم استعمال الھواء خاصة بعد الحرب العالمیة األولى الحا حربیا ، حیث عقدت أول إتفاقیة واستعمال الطائرات العسكریة كس

.١٩١٩كتوبر أ ١٣للطیران فى باریس فى وتباینت اآلراء حول ما للدولة من والیة على إقلیمھا الجوى حیث ذھب رأى إلى القول بحریة الفضاء ألنھ ال یعد عنصرا من عناصر



٣٣

كما ال اإلقلیم بالنسبة للدولة ألنھ ال یمكن حیازتھ حیازة دائمة أو مؤقتة ،یمكن فرض الرقابة علیھ فى النطاق الذى تمارس الدولة فیھ رقابتھا على اإلقلیم األرضى والبحرى من إقلیمھا ، فشأنھ شأن البحر العالى

.حرا طلیقااره عنصرا من عناصر اإلقلیم ویخضع وإتجھ رأى إلى اعتب

عرض أمن الدولة خضوعا تاما لسیادة الدولة ألن القول بغیر ذلك یولذا یجب . للخطر ، فضال عن أنھ ال یتفق مع طبیعة تكوین إقلیم الدولة

التسلیم بأنھ یقبل الحیازة المادیة ، وللتوفیق بین مصلحة الدولة من جھة التسلیم : ومصلحة المواصالت الدولیة البد من التسلیم بأمرین أولھما

: ع لسیادتھا ، وثانیا بتبعیتھ كعنصر من عناصر إقلیم الدولة ویخض . األخرىحق المالحة الجویة البریئة للدولالتسلیم ب

أما الرأى الثالث فقام بتقسیم الھواء إلى طبقات الطبقة األولى تعلو الطبقة . إقلیم الدولة مباشرة وھذا القسم عنصرا من عناصر إقلیم الدولة

اصر إقلیم الدولة عنالثانیة وھو ما فوق الطبقة األولى وھى ال تدخل فى . ة وال تخضع لسیادة الدولة وتظل حرة طلیق

ت الرأى المنادى بسیادة الدولة على ما یعلو بإال أن اإلتفاقیة غل ١٩٤٤ من دیسمبر ٧وإبان الحرب العالمیة الثانیة وفى . إقلیمھا البرى

عقد مؤتمر فى شیكاغو بالوالیات المتحدة األمریكیة انتھى إلى للسیادة الكاملة اعتبار الھواء عنصرا تابعا إلقلیم كل دولة وأخضعتھ

. واإلنفرادیة لھا اآلن ووصول اإلنسان إلى سطح ىإال أنھ مع التقدم التكنولوج

والرحالت المكوكیة خارج نطاق ، وركوب المركبات الفضائیة،القمرھا إلستقبال الكرة األرضیة إلى كواكب أخرى وتثبت أقمار صناعیة علی

الدولالخ یجعل من المتعذر اآلن القول بسیادة .... معلومات عنھا عن ركب التكنولوجیا على إقلیمھا الجوى نظرا إلختراق إقلیمھا المتخلفة



٣٤

الجوى من الدول المتقدمة ورصد كل كبیرة وصغیرة تحدث داخل تحتاج ومن ثم فإن النظرة إلى سیادة الدولة على إقلیمھا الجوى،أرضیھا

إلى كثیر من الجھد لوضع الحلول لعدم اختراق ھذا المجال بما یؤثر على . ضاءل المناسبة اآلن الستخدام ھذا الفسیادة الدولة ووضع الحلو

الفرع الثانى حق الدولة على اإلقلیم

ذكرنا أن إقلیم الدولة بمكوناتھ الثالث األرض والماء والھواء ملك نع علیھا أن تتعداه خاصة بعد تالسیادة ویمللدولة تمارس علیھ مظاھر

األخذ بفكرة الحدود الدولیة بوصف كونھا إطارا قانونیا تمارس علیھ الدولة سیادتھا ، ومن ثم فإن أى اعتداء من دولة اآلن على حدود دولة

لمتخذة فإنھ یشكل مساءلة دولیة أخرى فضال عن عدم سریان القرارات اطبیعة ھذا الحق الذى تمتلكھ الدولة على والسؤال اآلن یدور حول

إقلیمھا ، فى الحقیقة إن اآلراء قد تعددت فى ھذا الشأن ولعل أھم اآلراء : التى قیلت أنھ

Droit de propriété: حق ملكیة - ١یذھب أنصار ھذا الرأى أن حق الدولة على اإلقلیم حق ملكیة مثل

- ، وبالتالى یثبت للمالك لقانون الخاصاحق المالك لعقاراتھ فى نطاق . من حقوق ما یثبت لألفراد من التصرف واالستغالل واإلنتفاع–الدولة

ومما دفع الفقھاء إلى القول بذلك ھو إختالط فكرة السیادة بشخصیة وكذا اختالط أموالھ بأموال الدولة حیث كان اإلقلیم یدخل ضمن ،الحاكم

الوقت والتى ظلت فترة زمنیة طویلة ملكیتھ تأثرا بالعقائد الدینیة فى ذاكت حق التصرف فى ر، ونادى بھا رؤساء الكنیسة الكاثولیكیة وقر

ممثال للرب فى األرض ، كما ادعت الصیھونیة " البابا"األرض باعتبار – أرض المیعاد -من جدید رغم اندثار ھذه األفكار أن الحق فى فلسطین

. إلى أقول فى العھد القدیم زاعمة أن الرب منحھم ملكیتھا استنادا



٣٥

تكییف حق الدولة على اإلقلیم بأنھ حق ملكیة بأن ملكیة وقد انتقدالدولة لإلقلیم یؤدى إلى منع ملكیة األفراد للعقارات ، وتعارضھ مع

. موال ال مالك لھاأوجود ویخفف البعض ھذا االنتقاد بأن ملكیة الدولة تختلف عن حق

د فى أن حق ملكیة الدولة یعنى حق ما للدولة من الملكیة المعروف لألفراومن . سلطة على اإلقلیم وخضوعھ لوالیتھا وحكمھا وإدارتھا وقضائھا

وینتھى .ثم ال تعارض بین الملكیة العامة للدولة وبین الملكیة الفردیةجانب من الفقھ إلى أن حق الدولة على إقلیمھا حق سیاسى یشمل

یة والقضائیة والتفنیذیة التى تسرى بالنسبة الحقوق التشریعمجموعة من . لموضوع معین ھو إقلیم الدولة

Souverainété territoriale : حق سیادة- ٢یرى أنصار ھذا اإلتجاه أن حق الدولة على إقلیمھا ھو حق سیادة ، والسیادة تخول للدولة السلطة العلیا التى ال تعلوھا سلطة والتى

. ھا بالخضوع لھالقواعد القانونیة وتلزم مواطنیة ابمقتضاھا تضع الدولد أن ممارسة السیادة إنما ترى أساس وقد انتقد ھذا التكییف عل

دولة تمارس سیادتھا على األشخاص ولیس على األشیاء ، وبالتالى فإن العلى اإلقلیم ذاتھ، كما أن السیادة قلیمھا ال ن على إیمعلى األفراد المقی عند ممارستھا والدولة. قیدة بمبدأ المشروعیةما ملیست مطلقة وإن

اختصاصاتھا الداخلیة تتقید بالمبادئ الدستوریة وتخضع للرقابة السیاسیة والقضائیة ، وعند ممارستھا الختصاصاتھا الدولیة فإنھا تخضع لقواعد

. یفرض قیود على تصرفات الدولالقانون الدولى الذى Droit réel de nature instituionnel حق عینى نظامى - ٣

یذھب جانب من الفقھ إلى تكییف حق الدولة على إقلیمھا بأنھ حق عینى ذو طبیعة نظامیة ینصب على اإلقلیم مباشرة وھذا الحق یعكس العالقة بین الدولة وإقلیمھا على أنھ حق عینى نظامى متغیر یختلف عن



٣٦

دد وفقا لما مضمون ھذا الحق یتحالملكیة الخاصة والعامة نظرا ألن . یقتضیھ الصالح العام للدولة

وقد انتقد ھذا التكییف على أساس أنھ یفتقر إلى الوضوح الكافى . لطبیعة حق الدولة على إقلیمھا نظرا لصعوبة تحدید مضمون ھذا الحق

مع ،ونحن نمیل إلى إعتبار حق الدولة على إقلیمھا حق سیادةدة كما ترد على األفراد ترد على تسلیمنا مع جانب من الفقھ أن السیا

،مع طبیعة اإلقلیم وأنھ جماداألشیاء ومنھا إقلیم الدولة وتفسر بما یتالءم فتأخذ السیادة ھنا معنى السیطرة والھیمنة واإلشراف علیھ وحمایتھ ،

على اإلقلیم تملك الدولة حق تقریروبمقتضى ھذه السیادة والھیمنة بل قد یصل ،دیدھا ونزعھا للمنفعة العامةالملكیة الخاصة وحمایتھا وتح

وحق السیادة فى ذات ،فى بعض األنظمة السیاسیةاألمر إلى حد إلغائھا الوقت حق عینى یرد على أشیاء یخول للدولة حمایتھا والدفاع عنھ

.والمطالبة بھ عند اإلقتضاء

الفرع الثالث دور اإلقلیم فى ممارسة السلطة السیاسیة

،دورا رئیسیا فى ممارسة السلطة السیاسیة فى الدولةیلعب اإلقلیم فوجود دولة فى إقلیم معین یترتب علیھ أن لھا وحدھا دون غیرھا السیادة

طات الدولة تتمتع بصالحیة كاملة وشاملة على كامل لس ف،قلیمعلى اإل .ن داخل اإلقلیمییملتزاماتھا على جمیع األفراد المقاإلقلیم فى فرض ا

ا إیجابیا فى خضوع جمیع رلوقت یلعب اإلقلیم دووفى ذات ا . األجانب لسیادة الدولةمالقاطنین فیھ سواء أكانوا من الوطنین أ

ألن الدولة ال ،الل الدولة وسیادتھاسى الستقواإلقلیم شرط أساكما یساھم . تستطیع أن تزاول سیادتھا إال إذا كان لھا إقلیمھا الخاص بھا

السكان وبالتالى یشجع فكرة األمة ویجعل منھا احدى اإلقلیم فى استقرار .الحقائق القائمة ویؤثر بعد ذلك فى تكوینھا



٣٧

ا فى ممارسة سیادة الدولة على یوإذا كان اإلقلیم یلعب دورا رئیسإقلیمھا إال أنھ یجب أن ننبھ إلى أن مبدأ حصر الصالحیة على اإلقلیم

ومن . عن المعاھدات الدولیة یتعرض لبعض االستثناءات الناتجھ غالبااألمثلة على ذلك القواعد المدنیة والعسكریة للدول الكبرى خارج حدودھا فى أراضى بعض الدول وتنازلھا رضائیا ومؤقتا عن جزء من إقلیمھا أو من جراء التقدم التكنولوجى وغزو الفضاء الخارجى الذى أضحى من

ة الدولة لسیادتھا ، عالوة على مارسمعھ تحدید المجال الجوى لمالمتعذر إلنسانیة جمعاء ، باإلضافة فكار الدفاع واألمن واعتباره حق لانتشار أ

ھا من مشكالت التلوث التى ال إلى انتشار التجارب الذریة وما ینجم عن .الخ.....ھا حدود دولیة تحدو

كل ھذا وغیره ال یتناقض من سیادة الدولة على إقلیمھا ویحتاج لمزید من الجھود للحفاظ على سیادة كل دولة حتى یظل سكان إلى بذل ا

. كل إقلیم خاضعین لسیادة الدولة



٣٨

المبحث الثالث Le pouvoir politiqueالسلطة السیاسیة

الركن الثالث من األركان الالزمة والضروریة لوجود الدولة وجود سلطة سیاسیة علیا فى كل إذ من الضرورى ،السلطة السیاسیة

ة تكون قادرة على فرض النظام على السكان القاطنین داخل اإلقلیم ، دولفمفھوم الدولة یفترض وجود تنظیم سیاسى أى وجود حكام لدیھم القدرة

. الدائمة على األمر وعلى فرض الخضوع على المواطنینعات اوالسلطة السیاسیة كقاعدة عامة من الظواھر الالزمة للجم

بیعة البشریة حیث إن االستعداد والمیل إلیھا السیاسیة وھى مالزمة للطبل إن البعض ذھب إلى أن .تان لدى النفس البشریة یھما صفتان طبیع

ظاھرة السلطة لیست من الظواھر القاصرة على المجتمعات البشریة بل حقق فى المجتمعات غیر البشریة كما ھو الحال عند بعض تقد ت

. لحال فى عالم الحشرات الجماعات الحیوانیة الراقیة وكذلك اوالسلطة فى نطاق الدولة تقوم على عنصرین ھما عنصر السیطرة وعنصر الكفاءة فكل سلطة سیاسیة تحتوى على مزیج من السیطرة والكفاءة وتتجلى الكفاءة فى االستعداد إلعطاء حلول جذریة

. للمشاكل التى تطرحھا الجماعة ى دولة حتى إن أبناء والسلطة السیاسیة ھى حجر األساس فى

.بعض الفقھ یعرف الدولة بالسلطة ویرى أنھا تنظیم لسلطة القھر وتستمد السلطة السیاسیة وجودھا من اعتراف الجماعة بھا ، فإذا فقدت سند اإلعتراف بھا من قبل الجماعة فال تكون سلطة وال ترتقى إلى

. مستوى الركن الالزم لقیام الدولة آلراء فیما بینھا حول ما إذا كان من الالزم ومن ثم اختلفت ا

الرضا بوجود السلطة أم یمكن أن توجد السلطة عن طریق القوة دون رضا من األفراد؟



٣٩

فقد ذھب رأى إلى أنھ یشترط قبول المحكومین ورضاھم عن السلطة السیاسیة بمعنى إذا لم تستند السلطة السیاسیة إلى إرادة الجماعة

ال تسمح بقیام الدولة بالمعنى الحدیث ألن لطة فعلیة التى تحكمھا تكون س . األفرادة وتأسیس السلطة فیھا یرتبط برضاقیام الدول

ى عكس ذلك حیث ذھب إلى أن الھیئة الحاكمة أفى حین ذھب رإذا استطاعت فرض إرادتھا على المحكومین ولو بالقوة فإنھا تكون

. صالحة لممارسة السلطة وبالتالى تقوم الدولةوفى تقدیرنا أن ما ذھب إلیھ البعض من عدم إشتراط اسناد السلطة السیاسیة على رضاء المحكومین لكى یوصف المجتمع السیاسى

یسیر معھ أى من األمرین بأنھ دولة ھو الرأى الراجح ألن وجود الدولة حیث لم تستند السلطة السیاسیة فى تاریخ – القبول وعدم القبول - السابقین

ھا فى كثیر من الدول على رضاء األفراد وقبولھم ، ھذا باإلضافة نشأتإلى أن المجتمعات القدیمة وحتى المعاصرة فى بعضھا ال تعتمد السلطة

قد تقوم السلطة على القوة أى ف. السیاسیة فیھا على رضاء المحكومینسلطة فعلیة ثم تتحول إلى سلطة مشروعة برضاء األفرد بھا ، وعلى ذلك

ترط أن یكون الحكام الذین یحوزون السلطة قد تولوھا بطریقة ال یش القوة أو كانت حیازتھم لھا ومعینة فسواء قد حازوا ھذه السلطة بالقھر أ

الحائز لھا ملكا أو رئیس وسواء أكان تعتمد على رضاء المحكومین ، جمھوریة وكانت سلطتھ استبدادیة أو دیمقراطیة فإن المجتمع یوصف

. ة بأنھ دولھى مستودع السلطة ویجب أن یؤخذ فى الحسبان أن الدولة

وھى دائما باقیة وإن تغیر أشخاص الحاكمین الذین ،ومستقرھا فالدولة لیست مجرد سلطة فعلیة فى ید الحكام ،یستخدمون تلك السلطة

،عنھم ویسمو علیھم بل ھى شخص دائم ومستقل ،شخاصھمأتزول بزوال .یون یمارسون السلطة بإسم المجموععرضوما الحكام إال أشخاص



٤٠

ومن ثم فالسلطة الشخصیة التى قامت فى أوربا فى العصور شخصیة الدولة فى شخص الحاكم كما عبر الوسطى وترتب علیھا اندماج

لم L’Etat C’est moi "أنا الدولة"عنھا لویس الرابع عشر بقولھ طیة وانتشارھا ظھور لھا وجود اآلن حیث ترتب على ظھور الدیمقرا یعد

ألن السلطة التى تعتمد .فكرة الفصل بین شخصیة الحكام وبین السلطةبزوالھم أو بإنھیار قوة من یملكھا أمام قوة أكبر على األشخاص تزول

تعمل ال واالستمراروبالتالى البد وأن تكون السلطة لھا طابع الدوام ، ومنذ ذلك لحساب األشخاص بل لحساب ومقتضیات الصالح العام

الحین قام الفصل بین السلطة السیاسیة فى الجماعة والفرد أو األفراد . الذین یمارسونھا

خصائص السلطة السیاسیةتتمیز السلطة السیاسیة فى الدولة بمجموعة من الخصائص تجعلھا قادرة على إدارة شئونھا سواء الداخلیة أم الخارجیة ، وتمارس

ئات ثالث ھى الھیئة التشریعیة والتنفیذیة الدولة شئونھا من خالل ھی .والقضائیة ، وھذه الخصائص یمكن إجمالھا فیما یأتى

:صلیة أ سلطة - ١ى سلطة أتتمیز السلطة العامة فى الدولة بأنھا سلطة أصلیة ال تنبع من

ألنھ ال توجد ؛أخرى أعلى منھا فھى تستمد اختصاصھا من نفسھا مباشرة ، فالدولة ھى صاحبة السلطة السیاسیة،الدولةسلطة أعلى منھا داخل

. والسلطة السیاسیة ھى مصدر كل سلطات الدولةوسلطات الدولة الثالث التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة التجد لھا

فالسلطة العامة تعد أساسا ،مكانا إذا لم توجد السلطة السیاسیة فى الدولة ى الدولة، ألن السلطة العامةة ف السلطات التى تمارس مظاھر السیادلكل

تستمد سلطتھا من الدولة كما ذكرنا باعتبار الدولة منبع كل السلطات ،



٤١

عالوة على أن السلطات األخرى تخضع خضوعا مباشرا ومطلقا لوسائل . الرقابة التى تمارسھا الھیئات العامة فى الدولة

: سلطة علیا مركزیة - ٢سلطة لمركزیة السیاسیة التى تجعل ة اتقوم الدولة المعاصرة بفكر

الدولة واحدة تتمركز فى عاصمة الدولة وتضطلع بالمھام األساسیة ة العامة للدولة واإلشراف ة رسم السیاسوالحیویة للدولة وبصفة عام

. على تنفیذھا ینص فى ١٩٧١ سبتمبر ١١فالدستور المصرى الصادر فى

وریة باإلشتراك مع یضع رئیس الجمھ"منھ على أن ) ١٣٨(المادةمجلس الوزراء السیاسة العامة للدولة ویشرفان على تنفیذھا على الوجھ

ویجب التنبیھ إلى أن خاصیة المركزیة السیاسیة " المبین فى الدستور المركبة وخاصة فى أما الدول. تظھر فى الدول البسیطة كمصر وفرنسا

ذ بفكرة المركزیة الفیدرالى أو المركزى فال یتم األخصورة اإلتحاد كما ھو الحال فى الوالیات المتحدة ـ على نحو ما سنرىـالسیاسیة

األمریكیة حیث تتبنى فكرة الالمركزیة السیاسیة حیث تتوزع مظاھر . السیادة بین الحكومة اإلتحادیة وبین الوالیات

وعلى ذلك تبقى فكرة المركزیة السیاسیة خاصیة للدولة البسیطة سیاسى بل استقالل إدارى حیث یتم تخفیف استقالل ظلھا وال یوجد فى المركزیة فى العاصمة داریة بتوزیع المھام بین الحكومةالمركزیة اإل

وبین ھیئات محلیة أو مصلحیة تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزیة . وھذا ما اصلح علیھ بالالمركزیة اإلداریة

: سلطة دائمة - ٣ة ال ترتبط بأشخاص الحكام أو بوجودھم سلطة الدولة سلطة دائم

أما من یزاولون ،فھى سلطة باقیة ببقاء الدولة نفسھا كشخص قانونىممارسة ھذه السلطة وھم الحكام فھم بطبیعة الحال بشر ولھم فترة زمنیة



٤٢

ولیس من المعقول أن ،معینة بعدھا یرحلون أو یعزلون أو تنتھى حیاتھم من ثم فإن سلطة السلطة تمتد إلى ما .مھاحكاتنتھى حیاة الدولة بحیاة

ألنھم لیسوا . وراء ھؤالء الحكام العرضیون وبالتالى التتأثر بزوالھم سوى مجرد أدوات تمارس بھم الدولة سیادتھا وسلطانھا ، ولذا البد وأن تكون سلطة الدولة باقیة یتعاقب علیھا الحكام ألن دوام السلطة السیاسیة

. ولة بالسیادة ھو نتیجة لتمتع الدكما یالحظ أن سلطة الدولة ال تقبل االنقطاع عقب وفاة من

االستمرار ویمارسھا إذ ھى دائمة الوجود وبالتالى ال یقطع ھذا الوجود .و تغییرھمأتعاقب الحكام

لمعاھدات التى تبرمھا دولة ما ال تنتھى بمجرد وفاة الرئیس مثال اف . طة الحاكمة التى تمثل الدولة بعد وفاتھبرمھا وإنما تلتزم بھا السلأالذى

: ال تقبل التصرف فیھا -٤ لسلطة وال یملكونھا حیث الما كان الحكام یمارسون السلطة فقط

یترتب على ذلك أن أى نوع من أنواع ملك الدولة كشخص قانونى فالتصرفات المادیة أو القانونیة یعد باطال وال یعتد بھ حیث یكون صادرا

. یملك مما الفأى تصرف من الحكام سواء بالبیع أو الھبة أو التنازل یعد باطال

،ألنھ یتنافى مع العلة فى وجود السلطة وھى حمایة الصالح العام للجماعة محال للتصرف أو التنازل عنھا للغیر فإن ھذه ةفإذا كانت المصلحة العام

. المصلحة تتجرد من مظاھر حمایتھا وھذا أمر غیر جائزنتیجة أخرى وھى أن ھذه السلطة ال تسقط علیھ أن ھذا یترتب كما

كما ال یجوز تملك ،ملك للدولة وال تقبل أن تكون ملكا لغیرهبالتقادم ألنھا اغتصاب وال یخول ،مد الحكم أالسلطة السیاسیة بالتقادم مھما طال

.تصبھا فى ممارستھا مھما طالت مدة االغتصابغالسلطة حقا لمن ا



٤٣

سلطة واحدة ال تتجزأ-٥ وال تقبل االنقسام الن لسیاسیة في الدولة واحدة ال تتجزأ السلطة ا

لي لئال یؤدى األمر إاإلرادةه ة ھذئتالى ال یتم تجزلدارة الدولة واحدة وباإلى د الھیئات في الدولة إن تتعدھذا ال یمنع من أ و،تیت كلمة الدولةتش

ل منھم بعض ام وممارسة كعدد الحكوتتشریعیة وتنفیذیة وقضائیة هفھذ.كمل داء السلطة العامة علي الوجة األاالختصاصات حتى یكون أ

صات انھا تتقاسم فیما بینھا اختصسلطة ذاتھا بل إالھیئات ال تتقاسم الة مرتبطا بما یقرره ممارسة السلطة ذاتھا بحیث یكون اختصاص كل ھیئ

أي أن ،لھا حدودا في الدستورجد تبل لیست مطلقة لسلطة فا،الدستورانون وتتقید بأحكامة في تصرفاتھا الذى ن تخضع للقالدولة البد وأ

یوسع في اختصاص سلطة علي حساب األخري و یستطیع أن یحد منھا أیعد من مان عمالي أعتراض علدون أن یكون ألي منھا حق في اإل

.اختصاصھا وحدھا دون غیرھا من السلطات : سلطة مدنیة سلطة الدولة - ٦

قدیما كانت سلطة الدولة تتمیز بصفتھا العسكریة حیث كانت لي ریة وكان األقوى ھو الذى یستحوذ عالدولة تعتمد علي القوة العسك

أضحت الصفة العسكریة قد زالت وه لكن ھذ،مقالید الحكم في الدولةصبحت الحكومات التى تقوم علي الدولة سلطتھا مدنیة ال عسكریة وأ

.ة العسكریة حكومات فعلیة القوصبح رئیس الدولة دائما ومع اإلعتراف للدولة بالسلطة المدنیة أ

ت المسلحة بحكم وظائفة لي القواكان ینتمى إلو وذي صفة مدنیة حتىالتدخل یمنع من لك الأن ذال إ.صبح حكما بین السلطات ألنھ أ،السابقة

في البالد الة الطوارئ، فعند إعالن حزمةالعسكرى خاصة في أوقات األالسلطة العسكریة تحل محل السلطات المدنیة في مباشرة فان

.ولویة تكون دائما للسلطات المدنیة كما أن األ،ھااختصاصات



٤٤

في اللعسكریة التشارك في عملیة الحكم إك فان السلطة اوعلي ذلسم ن تتیجوز أ وبالتالى ال،حالة استثنائیة وھذة ال.حاالت الضرورة فقط

ن بأذا یمكن القول إھم تبنى دائما علي الغالب فانحكان األأ ومادام ،بالدوام .سلطة الدولة ھى سلطة مدنیة

:سلطة زمنیة سلطة الدولة- ٧ال یمارس الحكام في األنظمة الوضعیة سلطة دینیة حیث ال

حیث ،یستمدون سلطتھم من أصل دیني كما كان حال الحكام في الماضي - ير علي نحو ما سن-ھي التطور إلي رفض النظریات الثیوقراطیةنتا

.ولكن یمارس الحكام سلطة دنیویة تجد أصلھا في القوانین الوضعیةوتفریعا علي ذلك فإن السلطة الدنیویة ھي سلطة مؤقتة ولیست

مؤبدة، كما أنھا سلطة مقیدة بالحدود الدستوریة، وأي خروج علیھا . ي تصل لحد العزل في بعض األحیانیستوجب المساءلة الت

وبناء علي أن سلطات الحكام دنیویة فإنھا تخضع للرقابة سواء أكانت سیاسیة أو قضائیة أو شعبیة من قبل المحكومین حیث ال تستمد

.سلطتھا من قوة غیبیة : سلطة قاھرة تحتكر القوة- ٨

كراه اإلنھا سلطة قاھرة الحتكارھا القوة وأتتمیز سلطة الدولة بأوامرھا ذات ا من تنفیذ كبر قوة مادیة تمكنھأحیث تجمع الدولة في یدھا

جمیع مجاالت الحیاة الدولة فيإقلیمختصاص العام علي كل اإل .المختلفة

نھا وحدھا أساسیة لسلطة الدولة المعاصرة ومن ثم فان السمات األلشرطة دون التى تحتكر القوة العسكریة فتمسك بزمام القوات المسلحة وا

أخري مناوئھ ذا لو وجدت قوى إخري عسكریة أجد معھا تنظیمات ون تأ لك یترتب علیة فناء الدولة وانھیارھا لھا فان ذ



٤٥

إن معیار وجود الدولة ھو :وقد ترجم ذلك ماكس فیبر بقولھفالسلطة القاھرة تحقق على المستوى الداخلى حتكار الشرعى للعنف اإل

والقرارات اإلداریة التنفیذیة وتذلیل كافة المشاكل احترام تنفیذ القوانین والمنازعات القائمة بین األفراد بعضھم وكذا بین األفراد والدولة ، وعلى المستوى الخارجى فإن فكرة القوة تضمن للدولة بسط سیطرتھا على

.إقلیمھا وحمایتھ وصد أى عدوان خارجى یقع على حدودھا



٤٦

الفصل الثانى ةخصائص الدول

یترتب على توافر أركان الدولة الثالثة سالفة الذكر قیام الدولة وتمتعھا بالشخصیة القانونیة وتعاملھا مع غیرھا من بقیة الدول فى المحیط الدولى ، وبالتالى فإن لھا السیادة فى المجالین الداخلى

فللدولة شخصیة معنویة كما أن لھا سیادة تتمتع بھا وسوف . والخارجى : براز ذلك فى مبحثین على النحو التالى نحاول إ

المبحث األول الشخصیة المعنویة للدولة

یقصد بالشخصیة بصفة عامة فى نظر القانون األھلیة إلكتساب الحقوق واإللتزام بالواجبات ، ومن الطبیعى أن اإلنسان ھو شخص

.القانون الطبیعى الذى یتمتع بأھلیة إكتساب الحقوق وتحمل اإللتزامات أما الشخص المعنوى أو اإلعتبارى فھو كیان معنوى أو فكرة

.غیر محسوسة یعترف بھا القانون ویرتب علیھا بعض النتائج ویكاد یجمع الفقھ على اإلعتراف للدولة بالشخصیة المعنویة ، ومن ثم فھى تلزم وتلتزم مثل األشخاص الطبیعین تماما، ولعل ھذا ھو ما

ف الدولة بأنھا التشخیص القانونى ألمة ما علي دفع بعض الفقھ إلى تعری . نحو ما ذكرنا

ویأتى اإلعتراف بالشخصیة المعنویة للدولة كضرورة حتى تستطیع الدولة تحقیق الغرض من وجودھا وأداء وظائفھا سواء فى الداخل أم الخارج، فتكون لدیھا القدرة على اإلشتراك فى التعامل القانونى

. وحدة مستقلة عن شعبھا وتكون صاحبة السلطةوھنا تظھر الدولة كوینقسم الشخص المعنوى إلى شخص معنوى خاص وشخص معنوى عام ومثال القسم األول الشركات والجمعیات الخاصة وھذا القسم

أما القسم الثانى . یحكمھ القانون الخاص وبالتالى یخرج من نطاق دراستنا



٤٧

، والمحافظة ، والمدینة ، وھو الشخص المعنوى العام فمثالھ الدولة وھو . والحى، والمركز، والقریة وھذا القسم تحكمھ قواعد القانون العام

عبارة عن مجموعة المصالح أو األقالیم اإلداریة التى یعترف لھا . بالشخصیة المعنویة فى سبیل تحقیق أغراض معینة

ویترتب على ذلك أن الدولة باعتبارھا شخص معنوى عام لھ ما شخص الطبیعى من األھلیة التى تؤھلھ إلكتساب الحقوق واإللتزام لل

بالواجبات لكنھ یتمیز عنھ ، ولما كانت ھذه الحقوق وتلك اإللتزامات ال یمكن للدولة أن تباشرھا بنفسھا إذا ال بد من وجود أشخاص طبیعین یباشرونھا بإسم ولحساب الدولة حتى ولو زال ھؤالء األشخاص حل

یؤثر ذلك فى شخصیة الدولة ألن حقوقھا مستقلة ومتمیزة عن غیرھم وال .حقوق األفراد المكونین لھا والذین یمثلونھا

: تحدید الشخصیة المعنویة اختلف الفقھ فى تحدید الشخصیة المعنویة واإلعتراف بھا للدولة إلى

. مذھبین المذھب األول واقعى والثانى شخصى : المذھب الواقعى - ١

وكلسن Jeze وجیز Duguitھب أنصاره وعلى رأسھم دیجى یذkelsen إلى إنكار فكرة الشخصیة المعنویة للدولة حیث یرون أن الدولة

عبارة عن طائفتین أحدھما الطبقة الحاكمة واألخرى الطبقة المحكومة وتعمل األولى على تحقیق الصالح العام فى الدولة ولھا إجبار وإلزام

وبالتالى فإن إرادة الدولة ھى . حترام وتنفیذ القانون المحكومین على اوھم یرون أن الشخصیة المعنویة ھى . البلورة النھائیة لھذه الفئة الحاكمة

وأن القانون ھو . شخصیة افتراضیة أو مجازیة وال وجود لھا فى الحقیقةالذى خلقھا من العدم لما یترتب علیھا من فوائد ، فھى حیلة قانونیة

ولقد وجھ لھذا المذھب انتقادات . مصالح أو أغراض محدودة لتحقیق : عدیدة تتمثل فیما یلى



٤٨

عجزه عن اإلعتراف بفكرة الدومین العام حیث لم یفسر لنا وجود -١مال خاص مملوك للشخص العام مستقل عن الذمة المالیة ألعضائھ، ومن ثم وقف ھذا اإلتجاه عاجزا أمام نظریة المال

.العامبھذا الرأى یترتب علیھ انتفاء مسئولیة األشخاص العامة األخذ -٢

وبالتالى فإن من یتحمل المسئولیة ھم أشخاص الحكام رغم أن تلك . الثابت فقھا وقضاء ھو اإلعتراف بما یسمى بالخطأ المرفقى

الفكرة التى تعنى أن تتحمل الدولة نتیجة تصرفات من یعملون لذى یختلف عن الخطأ وا. بإسمھا ولمصلحتھا بضوابط معینة

. الشخصي الذى یتحملھ القائمون على المرفق : المذھب الشخصى - ٢

ویذھب إلیھ غالبیة الفقھ وھو الراجح فى نظرنا أن الشخص اإلعتبارى أو المعنوى حقیقة كائنة تفرض نفسھا ولیس كماذھب أنصار

.المذھب األول بأنھ محض مجاز أو افتراضجموعة من المصالح المشروعة فوجود الدولة یعنى وجود م

المستقلة جدیرة بالحمایة ووجود إرادة تعبر عن ھذه المصالح، فوجود الدولة یعنى وجود شخص قانونى جدید مستقل عن األشخاص الطبیعیین، لھ كافة السلطات بھدف تحقیق الصالح العام دون النظر إلى تحقیق

ة الدولة تعدد أھداف أو مصالح شخصیة لألفراد، وال یغیر من شخصی . ممثلیھا وتغیرھم فالشخصیة واحدة وباقیة

: وتأسیسا على وجود الدولة واستمراریتھا تترتب النتائج التالیة أن للدولة وحدتھا القانونیة الذاتیة وشخصیتھا القانونیة المستقلة -١

.التى تمیزھا عن أشخاص أفرداھاا الغاء ال یترتب على تغیر شكل الدولة أو نظام الحكم فیھ -٢

التشریعات أو القوانین التى أصدرتھا الدولة بل تظل قائمة ما



٤٩

كذلك تظل المعاھدات . دامت لم تعدل أو تلغى بتشریعات أخرىواإللتزامات الدولیة قائمة حتى ولو تغیر الحكام المعبرون عن إرادة الدولة ألنھم بمثابة وكالء عن الدولة یتصرفون بإسمھا

. ھ تفسیر لسیادة الدولة ولیس لحسابھم وذلك فیتمتع الدولة بذمة مالیة مستقلة من أموال عقارات ومنقوالت -٣

تعتبر ملكا لھا باعتبارھا شخص معنوى مستقلة عن ملكیة الحكام واألفراد ألموالھم ، وعلى ذلك فإن أموال الدولة تعد ضمانا عاما

ئدا وھذا بخالف ما كان سا.لدائنیھا ال لدائنى الحاكم الشخصیینقدیما من اختالط أموال الحاكم بمال الدولة ، ولھذا لم یكن

أنا "بمستغرب ما قالھ لویس الرابع عشر ملك فرنسا أنذاك .L’etst C’est moi" الدولة

تمتع الدولة بأھلیة التعاقد وأھلیة التقاضى فلھا أن تتعاقد مع -٤أن لھا كما . األفراد والھیئات التابعة لھا أو لغیرھا من الدول

الحق فى أن تكون مدعیة على األفراد والھیئات أو تكون مدعى . علیھا

األخذ بالشخصیة المعنویة یعد الزما لتحقیق مبدأ المشروعیة -٥ .وخضوع الدولة للقانون



٥٠

المبحث الثانى سیادة الدولة

تتمیز سلطة الدولة عن غیرھا من السلطات بأنھا سلطة ذات السلطات جمیعا داخل الدولة بإعتبارھا سلطة ذاتیة سیادة فھى أعلى

التستمد وجودھا من أیة سلطة أخرى ، كما أنھا تفرض نفسھا على الجمیع بحیث تكون نافذة من تلقاء نفسھا ودون أن یتوقف ذلك على إجازة

. سلطة أخرى داخلیة أو خارجیة وقد خلط البعض من الفقھ بین السلطة فى ذاتھا وأوصاف ھذه السیادة وإن كان الصحیح كما یرى جانب من الفقھ أن السیادة ھى وصف أو خاصیة تنفرد بھا السلطة السیاسیة فى الدولة وعلى ذلك یلزم التمییز

والسیادة تعنى مجموعة من االختصاصات . بین سلطة الدولة وسیادتھالعل تنفرد بھا السلطة السیاسیة فى الدولة وتجعل منھا سلطة أمرة علیا ، و

أھم ھذه االختصاصات ھو قدرتھا على فرض إرادتھا على غیرھا من الھیئات واألفراد بأعمال من جانبھا وحدھا تكون نافذة من تلقاء نفسھا أى

. دون توقف على قبول المحكومین لھاولسیادة الدولة وجھان داخلى وخارجى ، أما السیادة الداخلیة

اإلرادة العلیا التى تسمو على كل فمقتضاھا أن تكون إرادة الدولة ھى اإلرادات داخل الدولة فللدولة السلطة الكاملة على إقلیمھا ومن یقطنون ھذا اإلقلیم دون أن تشاركھا سلطة أخرى أو تحد منھا أو تقیدھا فعالقات

. األفراد بالدولة والھیئات فى الداخل تخضع للسلطة العلیا دون منازعنى أن تكون الدولة مستقلة وأن تتعامل مع أما السیادة الخارجیة فتع

الدول األخرى على قدم المساواة ، وعلى ذلك فالسیادة الخارجیة لھا معنى سلبى ألنھا تعنى مجرد عدم خضوع الدولة لغیرھا من الدول، أما السیادة الداخلیة فیبدو أن لھا دورا إیجابیا ألنھا داخلیا إرادتھا علیا

. تفرضھا على الجمیع



٥١

والسیادة الخارجیة ال تعنى أن السیادة سلطة مطلقة ، فإذا كانت السیادة تعنى عدم خضوع الدولة لسلطة أجنبیة فإن ذلك ال یمنع من التزام

.الدول بقواعد القانون الدولى العام من یملك السیادة فى الدولة

سبق أن ذكرنا أن الدولة شخص معنوى عام وأن السیادة حق وبالتالى ال یكفى القول أن الدولة ھى صاحبة . آثار قیامھاالدولة وأثر من

السلطة ذات السیادة فأى حق یحتاج إلى صاحب یمارسھ بصورة فعلیة، . من ثم یلزم تحدید من ھو الصاحب الفعلى لھذه السلطة ویمارسھا

ولما كانت الدولة شخص معنوى تحتاج إلى شخص طبیعى یعبر . ن ھو الصاحب الفعلى لھذه السیادة عنھا من ثم ثار التساؤل حول م

والحقیقة أن ھذا الموضوع یثیر العدید من المشاكل ولذا فسوف نقصر حدیثنا على نظرتین ظھرتا فى سماء الفقھ الدستورى وتنازعت حولھا اآلراء حول صاحب السیادة فى الدولة وھما نظریة سیادة األمة

. ونظریة سیادة الشعب :ة سیادة األمةنظری: المطلب األول

:مضمون النظریةإن السیادة لیست ملكا لفرد أو أفراد محددین بذاوتھم وال ملكا للحكام بل ھى ملك لألمة باعتبارھا وحدة مجردة مستقلة عن األفراد

.المكونین لھا وتمارسھا األمة بالطریقة التى تحقق مصالحھا ھى األخرى ولما كانت األمة واحدة ال تتجزأ فإن السیادة تصبح

واحدة ال تقبل التجزئة ، فھى ملك لألمة متجسدة فى مجموع أفرادھا . كوحدة واحدة مستقلة عن األفراد المكونین لھا

واألمة بذلك ال تقتصر على األجیال الحالیة بل تضم إلیھا األجیال السابقة والقادمة أیضا فاألمة ھى الماضى والحاضر والمستقبل ، ومن ثم

أن تراعى فى حاضرھا مصالح األجیال المقبلة وتدخلھا فى على األمة



٥٢

اعتبارھا عندما ترید إتخاذ قرارات سیاسیة كما تستفید من تقالید وثقافة . وصفات األجیال السابقة

وسیادة الدولة طبقا لھذه النظریة غیر قابلة للتجزئة على األفراد ، زل عنھا للغیر وأنھا ال ومقتضى ذلك أنھا غیر قابلة للتصرف فیھا أو التنا

تسقط بالتقادم ، فإذا ما اغتصبت سیادة األمة فإن ھذه السیادة ال تزول وال .یسقط حق ھذه األمة فیھا مھما طال زمن االغتصاب واستطال

ومن ھنا ال یستطیع الحاكم أن یدعى بأن األمة نقلت إلیھ سیادتھا عد لھ سند فى ممارسة وإنما ھو وكیل عنھا فإذا انتھت فترة وكالتھ لم ی

وحتى قبل انتھاء فترة وكالتة تستطیع األمة فى أى وقت أن . السلطة . تسترد ما تملكھ

ولقد أشیر إلى مبدأ سیادة األمة فى المادة الثالثة من وثیقة إعالن ، كما لقیت تطبیقا فى المادة ١٧٨٩حقوق اإلنسان المواطن الصادر عام

حیث نصت على ١٧٩١ سبتمبر ٣در فى األولى من دستور فرنسا الصاالسیادة ملك لألمة وال تستطیع أیة فئة من الشعب وال أى فرد أن "أن

."یدعى لنفسھ مباشرتھاوقد أخذت عدة دساتیر بمبدأ سیادة األمة منھا دستور المملكة

ودستور المملكة األردنیة الھاشمیة الصادر سنة ١٩٥١اللیبیة الكبیر سنة ١٩٥٦ ، ١٩٣٠ ، ١٩٢٣عتنقت الدساتیر المصریة ، كما ا١٩٥٤

. نظریة سیادة األمة : النتائج المترتبة على نظریة سیادة األمة

یترتب على األخذ بنظریة سیادة األمة مجموعة نتائج یمكن : حصرھا فیما یلى

: ضرورة األخذ بالنظام النیابى - ١ھذا لما كانت السیادة تتجسد فى شخص معنوى ھو األمة و

الشخص المعنوي ال یستطیع أن یعبر عن إرادتھ كاألشخاص الطبیعین



٥٣

األمر الذى یترتب علیھ ضرورة األخذ بالدیمقراطیة النیابیة حیث ینوب .البرلمان عن األمة صاحبة السیادة فى التعبیر عن إرادتھا العامة

. النائب فى البرلمان یعبر عن األمة ولیس عن دائرتھ - ٢ة سیادة األمة یحرر النائب من الخضوع لسیطرة األخذ بنظری

الناخبین، ومن ثم یستبعد فى ظل األخذ بھا فكرة الوكالة اإللزامیة على أساس أن النائب یمثل األمة جمعاء ولیس فقط ناخبى دائرتھ وبالتالى فلیس من حق ناخبى الدائرة فرض إرادتھم علیھ أو عزلھ ألنھ یعمل فى

أبناء دائرتھ الخاصة بل یعمل للمصلحة العامة؛ البرلمان لیس لمصلحة. ألن النواب جمیعھم یمثلون األمة كلھا كوحدة مستقلة عن أفرادھا

وتأسیسا على ذلك یكون النائب حرا فیما یبدیھ من آراء دون التقید بآراء . وتوجیھات ناخبة

: اإلنتخاب واجب ولیس حق - ٣یعد حقا وإنما ھو وظیفة أن االنتخاب فى منطق ھذه النظریة ال

تمارس لحساب األمة ومن ثم یستطیع القانون أن یعین شروط الوظیفة أى الشروط الالزمة الكتساب صفة الناخب حسبما تقضى مصلحتھا، وما دام اإلنتخاب وظیفة فإن النتیجة المرتبة على ذلك إمكان تقیید اإلقتراع

ط مالیة أو شروط وبالتالى یضیق عدد الناخبین عن طریق وضع شرو . الخ. ... خاصة بالجنس أو اللون أو العقیدة

أن القانون وفقا لھذه النظریة یعد تعبیرا عن اإلرادة العامة لألمة فقط -٤ولیس تعبیر عن إرادة الناخبین وال النواب ومن ثم فإن أعمال النواب

. تنسب إلى األمة ال إلى الناخبینیجوز الطعن علیھا بعدم الدستوریة ، وإذا صدرت القوانین فإنھ ال

ولعل ھذا كان دافع الفقھ الفرنسى نحو رفض الرقابة الدستوریة الالحقة على القوانین الصادرة من البرلمان أمام محكمة دستوریة علیا تأسیسا على

. أن الرقابة ال تتفق مع كون القانون ھو تعبیر عن اإلرادة العامة لألمة



٥٤

: ة لنظریة سیادة األمة اإلنتقادات الموجھتعرضت نظریة سیادة األمة إلى إنتقادات عنیفة من جانب الفقھ

: وأھم ھذه اإلنتقادات تتلخص فیما یأتى أنھا تؤدى إلى اإلعتراف بوجود شخصین معنویین على إقلیم -١

واحد ھما الدولة واألمة مما یؤدى إلى تنازع السیادة والسلطة ھذه النظریة إلى القول بأن الدولة وھذا أدى بأنصار . بینھما

واألمة شخص معنوى واحد لكن وكما یقول جانب من الفقھ یبقى أن نظریة سیادة األمة بالمعنى المتقدم تصبح عدیمة الجدوى ألنھا إذ تقول بأن السیادة لألمة وأن األمة والدولة شخص واحد یؤدى

كلة ھى تحدید فى نھایة األمر إلى أن الدولة صاحبة السیادة والمشالصاحب الفعلى للسیادة فى الدولة ، أو من لھ ممارسة السیادة فى

. الدولة وفقا لنظریة سیادة األمة فإن االنتخاب كما ذكرنا یعد واجبا أو -٢

وظیفة ولیس حقا ، وھذا یؤدى إلى األخذ بمبدأ اإلقتراع المقید حیث من الممكن أن یشترط القانون الذى ینظم اإلنتخاب فىالناخب شروطا معینة مثل ضرورة توافر نصاب مالى معین أو الحصول على قدر من التعلیم أو االنتماء لطبقة خاصة ، األمر الذى یؤدى إلى حصر إرادة األمة فى عدد معین من الناخبین حسبما تشاء الھیئات الحاكمة ، والمعروف أن اإلقتراع المقید أقل

ن التعبیر عن إرادة األمة یكون دیمقراطیة من اإلقتراع العام أل . عن طریق قلھ

إن منطق ھذه النظریة یؤدى إلى اإلستبداد وإنتھاك الحقوق -٣والحریات العامة لألفراد حیث تجعل السیادة لألمة بإعتبارھا وحدة واحدة سیادة مطلقة والمعروف أن السلطة المطلقة تؤدى

عن إرادة األمة إلى مفسدة مطلقة، فالقانون الصادر یعد تعبیرا



٥٥

ومظھرا لسیادتھا ، ومادام القانون موضوع على ھذا النحو فال یقبل اإلعتراض علیھ أو انتقاده وھذا ما یؤدى إلى إطالق السیادة والجنوح بھا نحو التسلط واإلستبداد، لذلك قیل بأن ھذه النظریة

ویترتب على ذلك أن . تستھدف تبریر السلطات المطلقة للحكامواسطة الحكام تضع ما تشاء من القوانین من المفروض األمة ب

أنھا مشروعة إال أن ھؤالء الحكام المستبدین قد یستغلون سیادة األمة المطلقة ویتخفون وراء فكرة عصمة إرادة األمة من الخطأ ویتصرفون حسب أھوائھم ومطامعھم ویلجأون إلى اإلستبداد

لى الحقوق باألفراد والتعسف بھم وفى ذلك أكبر خطر ع .والحریات الفردیة

قیل إن ھذه النظریة قد استنفذت أغراضھا التى قامت من أجلھا -٤فقد ظھرت فى األصل . ولم تعد ذات موضوع فى الوقت الحالى

للحد من السلطات المطلقة للحكام والسلطات العامة ، وللقضاء على نظریة الحق اإللھى المباشر وغیرھا من النظریات

ة وقد أدت دورھا ووضعت قیود على الحكام الثیوقراطیوالسلطات لصالح الشعوب وبذلك تكون قد أدت دورھا بنجاح وحققت أغراضھا ، وتم انتقال السیادة منھم إلى الشعوب وصار الحكام ممثلین لألمة ویعملون لحسابھا وبإسمھا ومن ثم فال حاجة

.إلى المنادة بھا یاسیا محددا بل إنھا تمثل أنظمة أن ھذه النظریة ال تمثل نظاما س -٥

سیاسیة متباینة فكما یمكن األخذ بھا فى النظام الملكى یمكن أن وكما یؤخذ بھا فى نظام . یؤخذ بھا فى النظام الجمھورى

دیمقراطى ممكن أن یؤخذ بھا فى نظام غیر دیمقراطى فال .تقتصر على نظام سیاسى محدد



٥٦

المطلب الثانى نظریة سیادة الشعب

إزاء اإلنتقادات التى وجھت إلى نظریة سیادة األمة إتجھ الفقھ بحثا عن نظریة جدیدة تتفادى اإلنتقادات السابقة وظھرت نظریة سیادة

.الشعب أو السیادة الشعبیة أو كما یطلق علیھا البعض السیادة المجزأة : مضمون النظریة

حقیقى ظھرت نظریة سیادة الشعب نتیجة الرغبة فى التمثیل الللشعب ، ومن ثم فھى تتفق مع نظریة سیادة األمة فى جعل السیادة لألفراد ال ألشخاص الحكام ، ولكن الجماعة فى منطق نظریة سیادة الشعب ینظر إلیھ فى حقیقتھ اإلجتماعیة ال باعتباره وحدة مجردة

.متجانسةفالسیادة عند أصحاب نظریة سیادة الشعب لیست وحدة واحدة ال

التجزئة بل إنھا تقبل اإلنقسام وتتوزع على جمیع أفراد الشعب على تقبل حسب عددھم بحیث یكون لكل فرد جزء من ھذه السیادة متساو مع أجزاء باقى األفراد ، وبذلك تكون السیادة فى الشعب، فالسیادة تعود إلى كل األفراد الذین یؤلفون الشعب أى كل المواطنین الذین یعیشون فى الدولة

حظة ما ویؤلفون شعب الدولة ولذلك فإن السیادة ھى لكل فرد من أفراد ل . الشعب

وترتبط نظریة السیادة الشعبیة بالمفكر الفرنسى جان جاك روسو وكما یقول روسو لو افترضنا أن الدولة " العقد اإلجتماعى"فى كتابھ

تتكون من عشرة أالف مواطن ، فإن كل عضو فیھا ال یكون من نصیبھ . جزءا من عشرة أالف جزء من السلطة ذات السیادة إال

وبدیھى أن السیادة فى نظریة سیادة الشعب إنما تنسب إلى الشعب السیاسى أى الذین لھم حق التصویت فى االنتخاب واالستفتاء والمقیدة

أسماؤھم فى جداول االنتخاب



٥٧

فى فرنسا ١٧٩٣لقد لقیت ھذه النظریة تطبیقا لھا فى ظل دستور إال أنھ تم ١٩٤٦، وثار بشأنھا نقاش فى مشروع الدستور الفرنسى لسنة

التوصل إلى صیغة وسط وانتھى األمر إلى النص فى المادة الثالثة من الدستور على الجمع بین نظریة سیادة األمة والشعب حیث نصت على أن

فرنسا فى ١٩٥٨كما أخذ دستور " سیادة األمة ملك للشعب الفرنسى" . بھذا النص

فكرة السیادة الشعبیة كما ١٩٦٤أما فى مصر فقد اعتنق دستور فى المادة الثالثة ١٩٧١ سبتمبر ١١اعتنقھا الدستور الحالى الصادر فى

أن السیادة للشعب وحدة وھو مصدر السلطات ، "منھ التى نصت على ار مبدأ ویالحظ أنھ مع انتش..." ویمارس الشعب ھذه السیادة ویحمیھا

االنتخاب الشامل وتعمیمھ لم تعد الحدود الفاصلة بین األمة والشعب ذات أھمیة ، فالسیادة تعود للشعب أى للجسم االنتخابى بمجملھ الذى یعبر عن

. األمة وھذا ما توصل إلیھ المشرع الدستورى الفرنسى : النتائج المترتبة على نظریة سیادة الشعب

ادة الشعب عن نظریة سیادة األمة فى نظرا إلختالف نظریة سیالجوھر والمضمون فمما ال شك فیھ أن األخذ بنظریة سیادة الشعب یرتب

:نتائج مختلفة عن نظریة سیادة األمة ومن أھم ھذه النتائجأن االنتخاب حقا ولیس وظیفة أو واجب ، فالفرد عندما یشارك -١

فإنھ یمارس فى عملیة التصویت فى االنتخابات أو االستفتاءات حقھ فى السیادة فى الجزء الذى یملكھ، ومن ثم تؤدى نظریة سیادة الشعب إلى تقریر حق اإلقتراع العام، فما دام االنتخاب حق یمارسھ الناخب فال یجب تقییده بشروط مالیة أو بشروط تتصل

.الخ.... بالناحیة العلمیة أو الثقافیة أو الطبقة اإلجتماعیةى البرلمان مجموع األمة كما ھو الحال فى ال یمثل النائب ف -٢

نظریة سیادة األمة بل إن النائب وكیال عن ناخبیھ فى دائرتھ



٥٨

اإلنتخابیة التى یمثلھا ، ونظرا ألن كل ناخب یملك جزءا من السیادة فإن وكالة النائب وكالة إلزامیة تسمح للناخبین بإمالء

تنفیذ وكالتھ ویلزم إرادتھم على النائب ویكون مسئوال أمامھم عن .بأن یقدم لھم حسابا عنھا

تنظر نظریة سیادة الشعب إلى القانون باعتباره تعبیرا عن إرادة -٣األغلبیة الحاضرة التى یتكون منھا البرلمان، وعلى األقلیة أن تحترم رأى األغلبیة وإرادتھا وذلك بخالف نظریة سیادة األمة

عن إرادة األمة فى أجیالھا التى تنظر للقانون على أنھ تعبیر . المتتابعة السابقة والحاضرة والتالیة

األخذ بھا أكثر إتفاقا مع النظام الجمھورى حیث إن ھذه النظریة -٤تنظر إلى السیادة بإعتبارھا مجموع اإلرادات الحاضرة ورئیس الدولة یتولى التعبیر عن ھذه السیادة بمقتضى اإلنابة التى تلقاھا

. شعب ، ومن ثم فال تأخذ بالتمثیل الدائم لألمةمن أفراد التؤدى ھذه النظریة إلى الدیمقراطیة المباشرة ألن السیادة حق -٥

للشعب أن یمارسھا بنفسھ دون واسطة ، كما أن ھذه النظریة یمكن أن تتمشى مع الدیمقراطیة شبھ المباشرة حیث تسمح

قتراح للشعب باإلشتراك فى االستفتاء الشعبى، كما لھ حق إ. القوانین وعرضھا على البرلمان ، ولھ حق عزل رئیس الدولة

ومن ثم قیل بأن ھذه النظریة أكثر دیمقراطیة من نظریة سیادة . األمة



٥٩

: اإلنتقادات الموجھة لنظریة سیادة الشعب إن القول بتجزئة السیادة على أفراد الشعب لیس مانعا للحكام من -١

راف ، ذلك أن األفراد یمارسون االستبداد عاصما من اإلنحسیادتھم وقت عملیة اإلنتخاب ثم ینتقل بعد ذلك حق التصرف إلى

ومن جانب آخر إن تجزئھ السیادة على . النواب ھذا من جانبالشعب یزید من مشكلة من ھو صاحب السیادة فى الدولة ھل السیادة لألفراد أم للدولة ؟ وھل یمكن االحتفاظ بسیادة األفراد

وار سیادة الدولة ؟ ومن ھو صاحب السیادة الفعلیة ؟ بجمنطق النظریة یؤدى إلى حكم األقلیة بیان ذلك أن الشعب -٢

السیاسى إذا كان محصور العدد والسیادة مجزأة على أفراده وھؤالء یعتنقون سیاسة معینة ففى ھذه الحالة تتحكم األقلیة

وبھا التعسف وتفرض سیاستھا ، وقد تكون سیاسیة غیر قویمة یش .ویستتر أصحابھا وراء السیادة الشعبیة المركزة فیھم

إن إخضاع النائب إلرادة ناخبیة وإلزامھ المطلق بإتباع تعلیماتھم -٣تجعلھ مجرد ناقل عن ناخبیھ ، وھذا یؤدى إلى تلبیھ ھذا النائب لرغبة ناخبیھ ، وبالتالى تتغلب المصالح الخاصة ألبناء دائرتھ

عام للدولة حیث یعمل جاھدا على تحقیق رغبة على الصالح ال .ناخبیھ

صعوبة تطبیقھا العملى حیث مشاركة المواطنین المباشرة فى -٤السلطة تحتاج إلى الوعى والمعرفة وھو أمر من الصعوبة توافره بدرجة كبیرة لدى معظم المواطنین فى أغلب الدول ، كما

یؤدى دائما إلى نتائج أن اإلقتراع العام الذى تأخذ بھ النظریة ال طیبة لصالح الجماھیر إذ من الممكن كثیرا ما یتخذ غطاء لتحقیق أھواء من یمارسون السلطة ال سیما فى الدول المتخلفة التى

.ترتفع فیھا نسبة األمیة وینخفض بھا مستوى الوعى العام



٦٠

وبعد عرض نظریتى سیادة األمة وسیادة الشعب فإن نظریة سیادة تأثرت بھا معظم البالد فى دساتیرھا بعد قیام الثورة الفرنسیة األمة قد

إال أن . ونصت كثیر منھا على أن السیادة لألمة ال لألفراد المكونین لھا منطق نظریة سیادة الشعب وواقعیتھا وطابعھا الدیمقراطى عمل على

.زیادة اإلتجاه إلیھا وتطبیق نتائجھا أو بعضھا فى كثیر من الدول



٦١

صل الثالثالف أصل نشأة الدولة وأساس السلطة فیھا

البحث فى أساس السلطة السیاسیة یختلط مع موضوع أصل الدولة ونشأتھا مع أن منھج البحث فى األمرین مختلف كما یرى بعض الفقھ فالبحث فى أساس السلطة قانونى بینما البحث فى أصل الدولة

لإلرتباط الوثیق بین نشأة وھذا اإلختالف یصعب تحقیقھ عمال. تاریخى الدولة وأساس السلطة السیاسیة فیھا ، فمتى أمكن تعیین الظروف التى أدت إلى نشأة الدولة أمكن فى نفس الوقت تحدید األساس الذى تقوم علیھ

ولذلك نجد أن النظریات التى قیل بھا فى موضوع أصل نشأة . سلطتھا الذى تستند إلیھ سلطتھا الدولة تصلح فى نفس الوقت لبیان األساس

.والعكس صحیحولقد إنتھینا فى الفصل السابق إلى أن للدولة أركان ثالثة ھى الشعب واإلقلیم والسلطة السیاسیة البد من توافرھا لقیام الدولة ، وأن تخضع الدولة لسلطة سیاسیة بھدف تحقیق مصلحتھا العامة ، فالسلطة

. توى الداخلى والخارجى معاضروریة لتحقیق أمن الجماعة على المسومن ثم ینبغى لھا أن تحافظ على حریات األفراد الذین جاءت لحمایتھم

. وھنا یظھر السؤال عن أساس مشروعیة ذلك السلطانلقد ظھرت دراسات عدیدة لبحث أصل نشأة الدولة وأساس السلطة السیاسیة فیھا ولقى ھذا الموضوع اھتمام الفقھاء والفالسفة

: النظریات فى ذلك ویمكن رد ھذه النظریات إلى ما یأتىوتعددتالنظریات الثیوقراطیة وھى نظریة تبرر إطالق ید الحاكم فى -١

.السلطة بإسم شخصیتھ المقدسةالنظریات الدیمقراطیة والتى قام على أساسھا النظام الدیمقراطى -٢

.الحدیث .نظریة القوة -٣



٦٢

.نظریة التطور العائلى -٤ .اریخى أو الطبیعىنظریة التطور الت -٥

ونوضح مفھوم كل نظریة من ھذه النظریات فى مبحث مستقل : على النحو التالى

المبحث األول Doctrines Theocratiquesالنظریات التیوقراطیة

كانت السلطة فى العصور القدیمة فى األغلب األعم بغیر حدود ا ویحتفظ كما كانت متحدة مع شخصیة الحاكم الذى یجسدھ. تقف عندھا

لكن إذا كان . بھا بمقدار ما یملك من قوة ویتمتع بھ من بطش وجبروت الحكام بشرا كالمحكومین، فكیف تكون إرادتھم حرة تحدد نفسھا بنفسھا ،

كیف ! بینما تكون إرادات المحكومین خاضعة لھم تتحدد وفق مشیئتھم ؟سھا بل نتصور إرادتین من طبیعة بشریة واحدة لیستا على الدرجة نف

!؟. واحدة منھما تعلو األخرىإن أول إجابة طرأت على ذھن اإلنسان فى ھذه العصور الموغلة فى القدم ھى البد أن یكون الحكام من طبیعة غیر طبیعة البشر، ھكذا

. تصور القدماء الحكام من طبیعة إلھیةلذلك ظھرت منذ القدم النظریات الثیوقراطیة التى اتجھت إلى

لطة على أساس إلھى ، أى أن الدولة من صنع اهللا بإعتبارھا تأسیس السإحدى مخلوقاتھ ، وعلي ذلك فاهللا ھو الذى یختار الحاكم الذى یقوم

.بممارسة السلطة ، ومن ثم تسمو إرادتھ على إرادة المحكومینویطلق بعض الفقھ أحیانا عند دراستھ للنظریات الثیوقراطیة

األفضل أن نستخدم تعبیر الحكم إصطالح المذاھب الدینیة ،منالثیوقراطى بدال من الحكم الدینى ألننا نذھب مع غیرنا فى أننا نظلم الدین كثیرا عندما ننسب إلیھ مثل ھذا الحكم المطلق المتعسف الذى یأخذ برقاب الناس بإسم اإلرادة اإللھیة، لیس ثمة دین من الدیانات السماویة



٦٣

إنما ظھرت فى كل عصر مجموعة من أتباع یذھب إلیھ أو یتمسك بھ ، وھذا الدین أو ذاك تلجأ إلى تأویل بعض النصوص الدینیة وتقدم إجتھادات

. شخصیة وتفسیرات ذاتیة تمكنھا من الوصول إلى السلطة ووفقا لوجھة أنظار ھذه النظریة الثیوقراطیة فإن تصرفات

اكم ھو اهللا ومن ثم فإن الحكام تكون تنفیذا ألمر اهللا عز وجل أو أن الحإرادتھ تعلو على إرادة المحكومین وال یملك الشعب محاسبتھم أو

.مساءلتھم عما یرتكبونھ من أخطاء أو تقصیر أو إھمال

حیث إنھم ظل اهللا فى أرضھ وخلفاءه فى اإلشراف على شئون العباد إصطفاھم اهللا لیكونوا قادة للشعوب، ولیعملوا على تنفیذ أوامره فى

.أرضھ ولذلك فھم ال یسألون إال أمام اهللا مباشرة دون سواهولقد لعبت ھذه الفكرة دورا كبیرا فى التاریخ وقامت علیھا السلطة فى معظم الحضارات القدیمة وأقرتھا المسیحیة فى أول عھدھا وإن حاربتھا فیما بعد ثم استند إلیھا الملوك فى أوربا فى القرنین السادس عشر

. عشر لتبریر سلطاتھم المطلقة واختصاصاتھم غیر المقیدةوالسابعوبالرغم من اتفاق أنصار ھذه النظریة على أن مصدر السلطة ھو اهللا إال أنھم اختلفوا فیما بینھم فى الكیفیة التى یختار بھا الحكام إلى ثالث

: إتجاھات أو أراء أو تصورات على النحو التالى : للحاكم الطبیعة اإللھیة : أوال

تذھب ھذه النظریة إلى القول بأن الحاكم من طبیعة إلھیة ولیست ھذا اإللھ یعیش . بشریة ، بل أدى القول بھم إلى أن الحاكم ھو اهللا نفسھ

بین البشر ولھ الحكم علیھم وما على الشعب إال السمع والطاعة لھ دون .فى صورة آدمىجدال بینھم وال نقاش ، فالحاكم كان إلھا یعبد متجسدا

وقد سادت ھذه الفكرة فى العصور القدیمة فقد كان فرعون مصر

فى عھد األسرات األولى یعتبر إلھا یعبد من لدن المحكومین ، فاعتقد الفرعون فى نفسھ أنھ إلھ وكذلك اعتقدت الرعیة فیھ ذلك وأنھ ینحدر من



٦٤

فى عھد وھو لقب اإللھ المعبود" حورس"أصالب اآللھة ، وكان یلقب بـ األسرتین األولى والثانیة، ھذا باإلضافة إلى مسئولیتھ عن تنظیم عبادة

أى " رع"ثم لقب بعد ذلك ھذا الفرعون بلقب . اآللھة ألنھم آبائھ وإخوتھاإللھة فى اللغة القدیمة وذلك فى عھد األسرة الرابعة والخامسة ، وأصبح

إلھا فوق البشر یعبد الحاكم ال یستمد سلطتھ من البشر بل أصبح ھو نفسھ . وتقدم لھ القرابین

ویؤكد المؤرخون أن فكرة ألوھیة الحاكم كانت مستقرة فى الضمیر المصرى قبل بدء عصر األسرات وأنھا فكرة أصلیة استغلتھا

.األسرات األولى فى تأیید حكمھا الجدیدإال أن الفراعنة لم یستغلوھا كأداة من أدوات استغالل الملوك

ئد الدینیة أو مجرد وسیلة أو حیلة لتفسیر وتبریر السلطة المطلقة للعقاللملوك وإنما كانت نتیجة ظروف طبیعیة لظروف البیئة اإلجتماعیة

. والحیاة العقلیة فى األزمنة القدیمةولقد صور لنا القرآن الكریم ھذه النظریة عندما قال فرعون

یا أیھا المأل ما " ال وق" أنا ربكم األعلى"موسى لقومھ فى صراحة علمت لكم من إلھ غیرى فأوقد لى یاھامان على الطین فاجعل لى صرحا

."لعلى أطلع إلى إلھ موسى وإنى ألظنھ من الكاذبینلئن اتخذت إلھا غیرى " وكان یقول لسیدنا موسى علیھ السالم

أقدم " جو"وفى الصین القدیمة أقام دستور " ألجعلنك عن المسجونینر الدینیة ھناك سلطات اإلمبراطور على أساس دینى ألنھ یحكم نیابة اآلثا

وفى المدن الیونانیة والرومانیة القدیمة كانت . عن اإللھة ووفق إرادتھمھذه األفكار فى تقدیس السلطة ھى السائدة، وكان االعتقاد بأن أول من قام

سان بشئون الحكم فى الیونان كانوا مخلوقات من عنصر أسمى من اإلن .ألنھا من أصل إلھى



٦٥

كما كانت دیانة اإلمبراطور ھى الدیانة الرسمیة فى المدن الرومانیة القدیمة وكان اإلمبراطور ھو الكاھن األكبر وكان ینتقل بعد

.وفاتھ إلى مصاف األلھةوفى بابل وأشور والھند القدیمة كان الملك یعتبر إلھا ، وكان

) براھما(ة مباشرة من اإللھ األكبر الملوك یستمدون سلطاتھم الواسعھى أقدم اآلثار الھندیة وأقدم دساتیرھا للدیانة " مانو"وكانت قوانین

. القدیمة البراھمیةوكان یترتب على ھذا الفھم لھذه النظریة اإللھیة للحاكم أن ھؤالء الحكام ذوى الطبیعة اإللھیة یملكون السیادة المطلقة والسلطان المقدس

حدود لھ على رعایاھم ، وكان ھؤالء الرعایا یطیعونھم طاعة الذى العمیاء ، ویخضعون لھم خضوعا كامال وینفذون أوامرھم المقدسة تنفیذا دقیقا دون إبداء أدنى اعتراض أو مناقشة ألنھم كانوا ینظرون إلیھم بكل

.تقدیس وإجالل بإعتبارھم آلھةث حیث ظل الشعب وظل لھذه األفكار أثر فى العصر الحدی

الیابانى معتقدا بالطبیعة اإللھیة لألباطرة ، ویعتقدون أن اإلمبراطور أو المیكادو إلھا حیا ، وتحولت دیانة اإلمبراطور لتصبح الدیانة الرسمیة للدولة إلى أن قامت الحرب العالمیة الثانیة وانتھت وبانتھائھا انتھت ھذه

.١٩٤٧النظریة وذلك فى عام : نظریة الحق اإللھى المباشر : ثانیا

بدأ االعتقاد بأن الحكام من طبیعة إلھیة یتغیر عندما ظھرت المسیحیة ، والتى رفضت الفكرة الرومانیة القائلة بأن الدین خاضع للدولة ، ورأت أن عبادة اإلمبراطور نوع من الشرك ، وأمرت برفض ھذه

ین الفرد واإلنسان ، المعتقدات ،وقامت ثورة تنویریة بدأت بالفصل بوالفرد المواطن وأیضا بالفصل بین السلطة الدینیة والسلطة الزمنیة ،

. ونبذت كل المعتقدات السابقة ، ونادت بأن الحكام لیسو ألھة بل ھم بشر



٦٦

إال أن ھذا األمر لم یكن ھینا حیث دار صراع بین الكنیسة ت للمسیحیة فى والقیصریة وتمسك كل بوجھة نظره ، إال أن الغلبة كان

آخر األمر واستقرت فى ضمیر الشعوب والقیاصرة معا تعلیمات السید وفھم رجال الكنیسة األوائل ھذه " ما لقیصر لقیصر وما هللا هللا"المسیح

التعلیمات على أنھا دعوة الحترام السلطة السیاسیة للدولة وعدم محاولة ظریة الحق اإللھى ھدمھا أو الخروج علیھا ، وھو ما انتھى إلى صیاغة ن

.المقدسولقد انتھى آباء الكنیسة إلى القول بأن الرب قد خلق اإلنسان وخلق كذلك السلطة وللسلطة اإللھیة سیفان سیف السلطة الدینیة الذى أودعھ الرب للبابا فى الكنیسة ، وسیف السلطة الزمنیة الذى أودعھ الرب

.بنفسھ وبإرادتھ المباشرة لإلمبراطورت النظره إلى الحكام فلم یعد الحاكم إلھا أو من طبیعة الھیھ وتغیر

، بل ھو بشر یستمد سلطتھ من اهللا مباشرة ، فالحاكم إنسان یصطفیھ اهللا ومن ثم . ویودعھ السلطة مباشرة دون تدخل إرادة أخرى فى اختیاره

تكون سلطة الحاكم مطلقة ال قیود علیھا ، ألنھ لیس إال منفذ إلرادة اهللا ن عصا األمیر أو الحاكم فقد عصا اهللا ، ألنھ یتحتم على األفراد وم

وكان لھذه النظریة صدى واسع فى أوائل . طاعتھم واإلنصیاع ألوامرھم Boussuetومن أشھر القائلین بھا الفقیھ بوسییھ . القرن السابع عشر

السیاسة المستمدة "والذى قام بشرح ھذه النظریة شرحا مفصال فى كتابھ "ن الكتاب المقدسم

ویرى بوسییھ أن السلطة مصدرھا اهللا وأن اهللا ھو الذى یتولى بنفسھ اختیار الحاكم وتقلیده كافة االختصاصات دون أن یتدخل أى شخص فى ھذا األختیار ، ومن ثم وجب أن یخضع لھ أفراد الشعب ، فلیس لھم حقوق تجاه الحاكم ولیس لھم بالتالى مطالبتھ بحریات سیاسیة

. أو دینیة أو إجتماعیة أو قانونیة



٦٧

وأید بوسییھ السلطة المطلقة التى كانت سائدة فى ذاك الوقت فى إن الملكیة مقدسة وأن اإلعتداء على شخص الملك كفر : "فرنسا وقال

ومروق، وذلك ألن الملك ھو كل شئ فى الدولة ، بل ھو الدولة فمنھ ینبع ذلك فسلطانھ مطلق یسمو على كل شئ فیھا ، وإلیھ یرجع كل شئ ، ول

."القانون وال یلتزم بأن یقدم حسابا ألحدوسادت ھذه النظریة فى فرنسا فى عھد الملك لویس الرابع عشر وكانت أساس حكمھ خالل القرن السابع عشر وكذلك خالل القرن الثامن

.عشر تمسك بھا الملك لویس الخامس عشر فى خالل القرن العشرین ومن العجیب أنھ بقى لھذه النظریة أثر

حیث جاء على لسان غلیوم الثانى إمبراطور ألمانیا فى إحدى خطبھ قبل الحرب العالمیة األولى أنھ یستمد سلطتھ من اهللا ، وأنھ مختار من اهللا ،

وكان ھذا . ولذا فلیس علیھ أن یحفل بالرأى العام أو بمشیئة البرلمان على ألمانیا لتحكم العالم وتسیطر اإلمبراطور یعلن أن اهللا وقع اختیاره

.علیھ وقد ترددت ھذه الفكرة على ألسنة الكثیرین من دعاة الحق المطلق

حین توجھ ١٩٣٩ إبریل ٢٨فى خطاب ألقاه فى " ھتلر"حیث استخدمھا .بالحمد والشكر إلى اهللا الذى اختاره وعاونھ حتى یكون فوھرر ألمانیا

إن كل سلطة تصدر : " حینما قالفى أسبانیا " فرانكو"واستخدمھا ."عن اهللا وأن اهللا ذاتھ ھو الذى أخذ بید الجنزال فرانكو حتى حقق النصر

وانتھت ھذه النظریة بھزیمة ألمانیا فى الحرب العالمیة األولى أعلن دستور فایمر ١٩١٩ بعد نفى غلیوم الثانى ، وفى سنة ١٩١٤سنة

ك انتھى عھد التفویض اإللھى األلمانى على األساسى الدیمقراطى وبذل .فى ألمانیا بل فى أوربا جمیعھا

ومع تبریر النظریة للسلطان المطلق للحكام كان ال مجال للحدیث عن مسئولیة الحاكم حیث كان غیر مسئول أمام أحد إال اهللا فمن اهللا وحده



٦٨

یستمد سلطتھ، ومن ثم فال مسئولیة إال أمامھ وذلك ألن اهللا ھو الذى وھبھ .لحكم والسلطان وبالتالى فھو غیر مسئول أمام أحد من البشرا

نظریة الحق اإللھى غیر المباشر : ثالثا بدأت النظرة إلى الحكام تتغیر من اعتبارھم من طبیعة إلھیة إلى كونھم بشرا یتولون السلطة لیس من اهللا مباشرة ولكن بطریق غیر مباشر

با عن اهللا بل بإعتبارھم وزراء اهللا ، فالملوك ال یحكمون باعتبارھم نوافى األرض مفوضین من قبلھ فى حكم رعایاه على مقتضى القوانین اإللھیة ، ولكن بإرشاد وتوجیھ من اإلرادة اإللھیة، فاالختیار ال یقع

.مباشرة بل البد من توافر رضا الشعب ممثال فى إشراف الكنیسة والباباالمسیحیة " قسطنطین"راطور وبدأ ھذا التحول منذ اعتنق اإلمب

وبدأت النظرة إلى الحاكم الزمنى تتغیر فھو باعتباره مسیحیا یجب أن یحكم الشعب المسیحى من داخل الكنیسة ، وفى إطار تعالیمھا فال ھو

.سلطة أعلى منھا وال سلطة موازیة لھاوسار اإلعتقاد بأن البابا فى الكنیسة ھو النائب عن صاحب

بالتالى صاحب الوالیة العامة على العباد دینیا وسیاسیا ، الشریعة ، وھو فمع احتفاظ البابا بالسلطة الدینیة فإن السلطة الزمنیة كانت فى ید الحكام بتسلیم البابا لھم ، وإذا جار الحاكم أو تعسف فى السلطة الزمنیة أو

السلطة من لم یحترم شروط تفویضھا إلیھ كان من حق البابا سحب ھذه . الحاكم

وكانت بدایة ھذه األفكار فى أوربا بعد سقوط اإلمبراطوریة الرومانیة الغربیة بسبب غزو القبائل الجرمانیة ، ولم تعرف العصور الوسطى المسیحیة فكرة إسناد السلطة إلى مجرد شخص مستقل عن أشخاص الحكام ولكن لعبت الكنیسة دورھا فى ذاك الوقت من إسناد

سلطة إلى الحكام عن طریق العنایة اإللھیة ، فاألفراد ھم الذین یقومون البإختیار شخص الحاكم عن طریق العنایة اإللھیة فإذا كان اهللا ال یصطفى



٦٩

مباشرة شخص الحاكم فإن العنایة اإللھیة ھى التى توجھ إرادة البشر نحو ذى یحق ھذا اإلختیار فالبشر مسیرون ال مخیرون فى اختیار الحاكم ال

. علیھم طاعتھوكانت ھذه النظریة ھى أول محاولة للحد من السلطان المطلق للملوك فى العصور الوسطى المسیحیة إذ قال بھا رجال الكنیسة للرد

الذى كان " بول"على ادعاءات اإلمبراطور وبحجة تفسیر أقوال القدیس ىیرجع مصدر السلطة إلى اهللا وبھذه جاه إل دأ اإلت ریة ب النظ

م اك ح ر ال ختیا ب فى ا شع ر ال دو راف ب ا . اإلعت ذ وإن كان ھن ذى یمك دى ال دا ستب م المطلق أو اإل حك نع من ال ر ال یم ختیا اإلم ر یت یا خت ذلك ألن اال ره ، و یا خت د ا م بع حاك سھ ال ر أن یما

سلطة ر ال صد دة وم سیا ب ال ح .بتوفیق من اهللا وھو صاوالقوانین إال أن الحاكم یجب علیھ أن تكون تصرفاتھ متسقة

الدینیة ، فال یجاوزھا إلى غیرھا ، وإال كان مسئوال أمام الشعب الذى .اختاره

وتعد ھذه أول محاولة لتقیید السلطان المطلق للحكام ، وإن كانت مبنیة على أساس التزام تصرفاتھ بمقتضى القوانین الدینیة ، ولذا فإنھا

ة ما دام أن الشعب ھو الذى عند بعض الفقھ ال تتنافى مع النظم الدیمقراطی .یختار الحاكم ویراقبھ حتى ال یجاوز الحدود المرسومة لھ

إال أن االختیار الدیمقراطى من ھذا النوع للحاكم ال یعنى حتما أن یكون الحاكم حرا بل یمكن أن یكون استبدادیا وذلك ألنھ یستمد السلطة

ب مباشرة وھذا ما من اهللا بطریقة غیر مباشرة وال یستمدھا من الشع .نمیل إلیھ مع بعض الفقھ

وبالنظر للتطبیق العملى القت النظریة شكال خاصا متمیزا اشتھر فى كل أوربا بإسم تعمید الملوك واألباطرة فلقد كان األمیر أو الملك أو اإلمبراطور ال یتولى السلطة إال بعد أن یقوم رھبان الكنیسة بمجموعة



٧٠

تولى بعدھا البابا مھمة تتویجھ بنفسھ إیذانا من الطقوس الدینیة یبأن الكنیسة ھى التى اختارتھ ، وھى التى منحتھ والیة حكم الرعایا تحت

.إشرافھا ١٧٨٩وبقیت ھذه النظریة حتى قامت الثورة الفرنسیة سنة

.وأطاحت بھا وأحلت مكانھا نظریة سیادة الشعبلظروف یتولى السلطة بطریق العنایة وما دام الحاكم فىمثل ھذه ا

اإللھیة فإن ھذه السلطة بالتالى تكون مطلقة ، وما دامت السلطة مطلقة ال یستطیع أحد محاسبتھ أو مساءلتھ ولقد قامت ھذه النظریة فى عصور الجھل والظالم إال أن العلم والمدینة بدأ یأخذان فى اإلنتشار فى ربوع

ة إلى الحكام وقام صراع مریر بین األرض وبفضلھما تغیرت النظر . الشعوب وحكامھم إنتھى فى نھایة األمر بجعل السیادة للشعوب ال للحكام



٧١

المبحث الثانى النظریات الدیمقراطیة

فشلت النظریات الثیوقراطیة ـ على نحو ما ـ رأینا فى تبریر أصل تلك نشأة الدولة وأساس السلطة السیاسیة فیھا حیث لم ترتضى الشعوب

النظریات التى سلبتھم كل حقوقھم ولم تعترف لھم بأدنى دور فى ممارسة .السلطة أو المساھمة فى اختیار الحكام

من ثم قام الكتاب والفالسفة بالبحث حول أساس السلطة السیاسیة فى الدولة، وظھرت النظریات الدیمقراطیة التى تؤسس نظرھا على

السلطة، فإن سلطة الحاكم حینئذ أساس أن الشعب إذا لم یكن ھو مصدرتعد غیر مشروعة، فإرادة الشعب تعتبر ھى مصدر السلطة ومن ثم

.یظھر اإلختالف بین النظریتین فى الجوھر – مع اختالف وجھات نظرھم –ویرى أصحاب ھذه النظریة

أن العقد ھو أساس نشأة الدولة والسلطة السیاسیة فى المجتمع ، وأن األفراد قد انتقلوا من حیاة الفطرة والبداوة إلى مرحلة المجتمع

.المنظم بواسطة العقدوتنطلق نظریة العقد االجتماعى من أن الدولة ھى ظاھرة إرادیة قامت نتیجة إتفاق حر واختیارى بین مجموعة من الناس فضلوا االنتقال

السیاسى مع ما نتج عن ذلك من حیاة الطبیعة إلى حالة المجتمع المدنى ومن قیام سلطة سیاسیة وتنازل المواطنین عن كل أو بعض حقوقھم

.الطبیعیةوقد زاد اإلھتمام بفكرة التعاقد فى الفترة ما بین القرنین السادس عشر والثامن عشر نتیجة لعوامل عدیدة أھمھا التأكید على حریة الفرد

وظھور طبقة البرجوازیة التى كان - أى فى اختیار العقیدة –فى اإلعتقاد بیدھا جزءا من الجانب اإلقتصادى ، ومن ثم فقد سعت ورغبت لتولى



٧٢

زمام السلطة ، باإلضافة إلى ذلك فإن السلطة السیاسیة ظلت فى ید الملك . واألشراف ورجال الدین

وتناول بعض الكتاب فكرة العقد لتفسیر النظام اإلقطاعى حیث ان بین النبیل والملك من جھة ، وبین النبیل والفالحین یوجد نوع من اإلتق

.من جھة أخرى ، وبموجب ذلك تتحدد حقوق وواجبات الطرفینولقد تعرض الرومان لنظریة العقد حیث حددوا مقوماتھ فاعتبروا القبول ركنا من األركان الجوھریة للقانون ، وأن فكرة العقد اإلجتماعى

أما القبائل األلمانیة فتناولت فكرة العقد حیث . ایعد القبول فیھا ركنا أساسیاشترطت وجوب موافقة الشعب على تعیین الملك ، وعلى ذلك فإن تولیھ زمام الحكم یعتبر اتفاقا ضمنیا بینھ وبین الشعب على احترام التقالید

.والعادات والقوانینھو أول من أسس النظریة " ما نجولد لوتنباخ"ویعتبر البعض أن

ى صورتھا المعروفھ حیث كان یعتبر أن الملك یستمد سلطتھ من الشعب ففى مقابل حمایة الشعب من الطغیان والفساد، ومن ثم إذا استبد الملك بسلطاتھ كان للشعب التحرر من حكمھ ألنھ لم یحترم العقد المبرم بینھما،

راد نظریة العقد لتقریر بعض الحقوق الدستوریة ألف" ما نجولد"واستعمل . الشعب

: وتستند نظریة العقد اإلجتماعى على فكرتین أساسیتین وجود حالة الفطرة األولى قبل وجود مجتمع سیاسى منظم ، :األولى

.حیث كان یحكمھا القانون الطبیعى ولیس القوانین الوضعیة مرحلة تكوین المجتمع السیاسى المنظم حیث تنازل األفراد عن :الثانیة

.ل التمتع بما یكفلھ المجتمع من حیاة مستقرةحقوقھم مقابوقد قیل بھذه النظریة أثناء الصراع بین الكاثولیك والبروتستانت بقصد تحقیق الحریة الدینیة ، واستعان بھا البروتستانت والكاثولیك على السواء لمحاربة السلطان المطلق للملوك الذین لیسوا على دینھم ، ثم



٧٣

المبادئ الحرة منذ عصر النھضة حتى جاء جان استعان بھا أیضا دعاة .جاك روسو فى القرن الثامن عشر

وإذا كنا نجد جذور فكرة العقد االجتماعى فى الفكر الكنسى فى العصور الوسطى ، وفى الفكر اإلسالمى وخاصة عند قیام الدولة اإلسالمیة األولى فى عھد الرسول صلى اهللا علیھ وسلم فى المدینة وأخذ

قھ اإلسالمى بنظریة البیعة لتولیة الحاكم والذى بمقتضاھا تتحدد حقوق الفإال أن فكرة العقد اإلجتماعى إرتبطت فى تاریخ الفكر . وواجبات الحاكم

السیاسى بأسماء ثالثة فالسفة ھم توماس ھوبز ، وجون لوك ، وجان جاك روسو ، وعلى الرغم من اتفاقھم حول أن العقد ھو األساس

–لدى الجمیع إال أنھم اختلفوا فیما بینھم فى تصور حالة الفطرة المشترك ومضمون العقد ذاتھ وأطرافھ وبالتالى اختلفت النتائج - الحیاة الطبیعیة

وسوف نعرض بإیجاز آلراء . واآلثار المترتبة على إبرام ذلك العقد :ھؤالء الفالسفة الثالثة أشھر القائلین بھذه النظریة

Thomasجتماعى عند توماس ھوبز نظریة العقد اال- ١Hobbs

– ١٥٨٨اإلنجلیزى الذى عاش فى الفترة ما بین ) ھوبز(یصور حیاة اإلنسان الطبیعیة ١٦٥١الذى وضعھ عام ) التنیین( فى كتابھ ١٦٧٩

قبل التعاقد على أنھا حیاة بؤس وشقاء وعدم استقرار وفوضي إال عن تحقیق وإضطراب ، وأن اإلنسان أنانى بطبعة كان ال یبحث

مصالحة الشخصیة ، واإلنسان البدائى كان شریرا وكانت القوة ھى السائدة فى العالقات بین األفراد ، وھو بذلك یناقض أرسطو الذى تصور

.أن اإلنسان اجتماعى بطبیعةإال أن اإلنسان أدرك مع التطور فوائد االنتقال من حالة الفوضى

اقد األفراد فیما بینھم على إقامة مجتمع إلى حالة االجتماع المدنى ، فتعیرعى فیھ كل فرد حقوق غیره ، ویتنازل فیھ كل فرد عن حریتھ المطلقة



٧٤

إلى سلطة علیا ذات سیادة تتمثل فى الحاكم ، سواء أكان فردا أم مجموعة . من األفراد لیتولى السھر على مصالح الجماعة وأرواحھم وأموالھم

طریق العقد للخروج من تلك الحالة جاء وھذا التنازل الذى تم عنمن جانب واحد ، أى أن األفراد ھم الذین اتفقوا فیما بینھم على اختیار الحاكم دون أن یكون طرفا فى العقد ودون أن یرتبط معھم بشئ ، وما دام األفراد قد نزلوا لھ عن حقوقھم كاملة دون أن یلزموه بشئ ، فإن سلطاتھ

فلھ حق التصرف بال قید أو شرط، وسلطتھ . لھا علیھم مطلقة ال حدودیجب أن یخضع لھا الجمیع، ومھما أتى من تصرفات أو أفعال فلن یحق لألفراد أن یثور علیھ أو یخالفوه أمره، ألن ھذه السلطة مھما كانت مستبدة أو جائرة فھى فى أسوء صورھا أفضل بكثیر من الحالة الطبیعیة

قبل العقد ، وأنھ بدون ذلك التنازل المطلق سوف التى كان یعیشھا األفراد .تستمر شرور المجتمع البدائى من حروب وسیطرة قانون الغاب

وجھة نظرة على أنھ للقول بوجود عقد بین الحاكم ) ھوبز( ویعلل ومجموعة األفراد فإنھ یلزم وجودھما معا فى وقت واحد وھو ما الیمكن

كانت توجد الجماعة دون الحاكم ، تحقیقھ ، حیث إنھ قبل وجود الدولةوبعد قیام الدولة یوجد الحاكم فقط حیث تحل الجماعة بمجرد قیام الدولة ،

إما مجموع . وفى كلتا الحالتین ال یوجد إال أحد الطرفین دون اآلخراألفراد أو الحاكم وعلى ذلك فال یمكن تصور وجود عقد بین الحاكم

.والجماعة لما فیھ من تشویھ ) ھوبز(ل الذى أورده وقد انتقد ھذا التدلی

للحقائق واختالف وتناقض ، إذ أن الجماعة قد اكتسبت بالعقد صفة جدیدة عن تلك السابقة على تكوین العقد وإن كان ذلك ال یؤثر فى استمرارھا ووجودھا ، ومن الطبیعى أن یتولد عن العقد االجتماعى مثلھ كأى عقد

فلو . دین عما كانت علیھ قبل التعاقد، آخر تغییر فى أوضاع المتعاقتصورنا إنحالل الجماعة بعد نشأة الدولة فعلى من یمارس الحاكم سلطاتھ



٧٥

إذا كان األفراد لم یعد لھم وجود ھذا من ناحیة ، ومن ناحیة أخرى إذا یرى أنھ قبل إنعقاد العقد ونشأة الدولة یوجد مجموع األفراد ) ھوبز(كان

غیر منطقى حیث إن الحاكم ما ھو إال أحد أفراد دون الحاكم وھذا أمرالجماعة اختاروه لتولى الحكم بینھم فھو موجود قبل العقد وبعد نشأة الدولة وإن كانت صفتھ قبل التعاقد تختلف عن صفتھ الجدیده التى

كما وأن التنازل الكلى للحاكم من قبل مجموع . إكتسبھا باعتباره حاكما الجزئى عن بعض الحقوق ، عالوة على أنھ یؤدى األفراد ولیس التنازل

إلى جعل السلطة دائمة ومطلقة فإنھ یترتب علیھ إنعدام الملكیة العامة للدولة بحجة أن األفراد قد نزلوا للحاكم عن حقوقھم ، وبالتالى ال تكون لھم على األموال حقوق وإنما مجرد امتیازات یقررھا الحاكم ویسحبھا

الحاكم بالسلطة التشریعیة فلھ ) ھوبز(ا على ذلك یخص وترتیب.كما یشاء فالحاكم فى نظره غیر . حق إصدار وإلغاء القوانین وتعدیلھا حسب ھواه

مقید بأى قانون ألنھ ھو الذى یضع القوانین ویلغیھا ویعدلھا ما لم یلغ .القانون أو یتم تعدیلھ بقانون آخر من جھتھ

كانت تستھدف إیجاد المبررات " ھوبز"وقد أثبت الواقع أن آراء التى تدعم السلطة المطلقة التى كان یمارسھا أفراد أسرة أل سیتورات فى إنجلترا، حیث كان ربیبا لھم وعاش فى كنفھم إذ كان معلما لألمیر شارل

فدعاه ذلك إلى القول ١٦٦٠الذى أصبح الملك شارل الثانى فیما بعد سنة ر الثوریة التى كانت منتشرة فى بھذه النظریة ولكى یحارب األفكا

بریطانیا فى ذاك الوقت ضد السلطة المطلقة ألل ستیورات بزعامة كرومویل داخل البرلمان والتى أودت بحیاة الملك شارل األول باعدامھ أمام الشعب اإلنجلیزى فأراد ھوبز تدعیم وتأیید سلطة الملك شارل الثانى

ریة والدیمقراطیة ورفض ومع جنوح الشعب اإلنجلیزى إلى الحاإلستبداد والحكم المطلق لم یكن بمستغرب أن ال تجد ھذه النظریة صدى فى انجلترا أو قبوال من الشعب اإلنجلیزى ، وإن كانت ھذه األفكار



٧٦

وجدت لھا صدى خارج إنجلترا فى الدول التى كانت تقوم على الحكم رس الملك لویس المطلق وال سیما فرنسا فى ذاك الوقت حیث كان یما

.الرابع عشر سلطات استبدادیة مطلقة Jahon locke نظریة العقد اإلجتماعى عن جون لوك - ٢

حیث عاش " توماس ھوبز"اإلنجلیزى زمیلھ " جون لوك"عاصر وعرض ألفكاره فى كتابھ الذى صدر ١٧٠٤ – ١٦٣٢فى الفترة من

عن " لوك"واختلف " محاولة حول الحكومة المدنیة" بعنوان ١٦٩٠عام فى تصوره للحالة الطبیعیة التى كان یعشھا األفراد قبل العقد " ھوبز"

وظھور السلطة السیاسیة ، كما اختلف معھ فى تحدید أطراف العقد . ومضمونھ وبالتالى النتائج واآلثار المترتبة علیھ

فى أن األفراد كانوا یعیشون حالة " ھوبز"مع " لوك"ویتفق ى حیاة المجتمع السیاسى المنظم واتفق معھ أیضا فطرة قبل اإلنتقال إل

على وجود عقد اجتماعى انتقل بھ األفراد من حیاة الفطرة إلى حیاة .الجماعة

لكنھ افترق عنھ فى تصویره للحیاة الطبیعیة لألفراد قبل التعاقد فلم أن حیاة الجماعة كانت بؤس وشقاء وإنما " ھوبز"كما ذھب " لوك"یرى

دھا الحریة حیث كان یعیش االنسان حرا طلیقا مساویا كانت حیاة یسولغیره یحب الخیر والسالم بین أقرانھ مشبعا بروح العدل داخل حدود أو نطاق القانون الطبیعى ، وھى قوانین أبدیة تتیح للفرد التمتع بحقوقھ

.وحریاتھوموجب ذلك أنھ لیس ألى إنسان إیذاء غیره فى حیاتھ أو صحتھ

و مالھ مادام الناس متساوون وأحرار ، وعلى ذلك فإن حق أو حریتھ أالملكیة المطلق باعتباره أحد الحقوق الطبیعیة یتعین على السلطة حمایتھ

.والمحافظة علیھ



٧٧

ونتیجة لعدم وجود حاكم أو مجموعة من الحكام یوكل إلیھم حمایة األفراد ورغبة فى البحث عن حیاة أفضل وحمایة حقوقھم وحریاتھم

جز القانون الطبیعى عن حمایتھا لما یكتنفھ من الغموض وعدم التحدید لعتنازل األفراد لیس عن كل حقوقھم بل عن جزء من حقوقھم بالرضا للسلطة الحاكمة إلتاحھ الفرصة لھا لتحقیق أھداف المجتمع ، ألن حالة الفطرة وإن كانت حیاة حریة ومساواة إال أنھ ینقصھا التنظیم الذى یكفل

فاألفراد لم یتنازلوا . ام الحكام والجزاءات الالزمة ضد المعتدینقیبمقتضى العقد عن جمیع حقوقھم، وإنما تنازلوا عن الجزء الالزم إلقامة السلطة فى المجتمع، أما بقیة الحقوق فھى ثابت لھم ،وبالتالى ال یجوز

الحاكم معنى ذلك أن . ألى سلطة المساس بھا؛ ألنھا ثابتة لھم قبل التعاقدملزم بالمحافظة على ھذه الحقوق التى لم یتم التنازل عنھا، كما أنھا تعد قیودا على السلطة التى یمارسھا الحاكم، وبالتالى فأى مساس بھا یعد

.خروجا ومخالفة ألحكام العقدھذا التعاقد على رضاء األفراد واختیارھم؛ ألن " لوك"ویؤسس

د متساون فیما بینھم فال یمكن إجبارھم على األفراد طالما كانوا قبل التعاقحیاة الجماعة إال بالرضا واالختیار للمحافظة على حقوقھم ، وھذا یترتب علیھ أن السلطة لن تكون مشروعھ إال إذا قامت على رضا الشعب، ومن ثم یصبح الحكم المطلق غیر مشروع؛ ألنھ ال یتصور أن یقبل األفراد

ناقشتھ أو محاسبتھ ، ومن ثم فإذا أساء الحاكم حاكما مطلقا ال یملكون ماستخدام السلطات المخولة إلیھ حق لألفراد مقاومتھ وعزلھ والخروج

.علیھ الخاللھ بالعقدأن أطراف العقد الحاكم من ناحیة " لوك"وترتیبا على ذلك یرى

واألفراد من ناحیة أخرى وأن الحاكم لیس أجنبیا عن العقد ، ویرتب ھذا حقوقا متبادلة بین أطرافھ، فعلى األفراد طاعة الحاكم واإلمتثال العقد

ألوامره طالما لم یخرج عن حدود العقد ، وعلى الحاكم المحافظة على



٧٨

حقوقھم والسھر على تنفیذ العقد وكفالة العدالة والمساواة فیما بینھم ، وأن .أى مخالفة من الحاكم تبیح لألفراد عدم الخضوع ألحكامھ

دویا ھائال عند فالسفة القرن الثامن " لوك"أحدثت آراء ولقد عشر أمثال مونتسكیو وجان جاك رسو وكان من أبرز المفكرین اإلنجلیز

. الذین دافعوا عن الثورة الدیمقراطیة اإلنجلیزیة فى القرن السابع عشروكان عدوا للحكم المطلق الذى كانت تتبناه أسرة أل ستیورات ،

كم المطلق فى انجلترا ، وأید كفاح البرلمان ضد الملك ، وحارب ھذا الح التى قام بھا البرلمان اإلنجلیزى للحد من ١٦٨٨ودعم ثورة سنة

السلطان الشخصى للملوك وتقییده على وجھ یضمن خضوعھ للبرلمان ، وھذا ما حدث بالفعل وصدر فى ذاك الوقت قانون الحقوق وأقره مجلسا

الجدید، وبذلك أصبح للبرلمان اإلنجلیزى السلطة البرلمان وقبلھ الملك التشریعیة وبدأت تظھر دعائم الحكم الدیمقراطى، ولذا كانت ألفكار لوك آثار لدى الشعوب فى مطالبتھم بالمحافظة على حقوقھم وحریاتھم ومنع

. الظلم واالستبداد الواقع علیھم من ناحیة الملوك Jean jaques اك روسو نظریة العقد االجتماعى عند جان ج- ٣

rousseau والذى عاش فى " جان جاك روسو"یعتبر الفیلسوف الفرنسى

. من أبرز القائلین بنظریة العقد االجتماعى١٧٧٨ – ١٧١٢الفترة من وبلغت ھذه النظریة ذروة سنامھا فى اإلنتشار على یدیھ، وكان ألفكاره

ابھ الذى سماه حول العقد اإلجتماعى فى كت١٧٦٢التى كتبھا فى عام بذلك والذى شرح فیھ نظریتھ فى التعاقد اإلجتماعى ومفھومھ للدیمقراطیة والحریة اآلثر األكبر فى إشعال الثورة الفرنسیة حتى أطلق علیھ إنجیل الثورة الفرنسیة وأطلق الناس نظریة العقد االجتماعى

.ونسبوھا إلیھ دون سواه ممن سبقوه



٧٩

أن الحیاة الطبیعیة لإلنسان قبل في " لوك"مع " روسو"واتفق التعاقد كان یعیش فیھا اإلنسان طبیعیا متمتعا ومستقال بحقوقھ وحریاتھ فى ظل المساواة بین الجمیع، بل إن روسو غالى فى وصفھ حیاة اإلنسان

إال أن تعدد . البدائیة حیث اعتبرھا ملیئة بالسعادة والخیر والحب عرض األفراد للخطر ویؤدى إلى المصالح الفردیة وتضاربھا قد ی

الفوضى ، لذلك سعى األفراد إلى ترك ھذه الحیاة وبدأ االنتقال للحیاة .الجماعیة المنظمة

من حالة الطبیعة إلى حالة االجتماع " روسو"واالنتقال عند المدنى إنما كان بھدف اإلرتقاء وتجنب بعض العقبات التى اعترضت

.حیاةجھوده فى سبیل المحافظة على الاستھدف من فكرتھ للعقد " روسو"أما عن أطراف العقد فان

االجتماعى تنازل األفراد عن حقوقھم الطبیعیة للمجموع بأكملھ انطالقا من إیمانھ بالحیاة الجماعیة التى ھى أسمى من الغایات اإلنسانیة، وعلى

ع ذلك فإنھ تولد عن ذلك التنازل اإلرادة العامة التى ھى إرادة المجموبأكملھ، فاإلرادة العامة ھى صاحبة السیادة وھى عبارة عن مجموع إرادة األفراد ، ألن الجمیع سیشاركون وبصورة مباشرة فى تقریر المصلحة

. العامة للمجتمع كلھ والتنازل الذى حصل من األفراد لیس نوعا من اإلستبداد حیث

ا لھ الجماعة حصل كل فرد مقابل ذلك التنازل على حقوق مدنیة تقررھفالطرف األول فى العقد ھو الشخص . المدنیة التى أقاموھا بارادتھم

الجماعى الكلى الذى یمثل مجموع األفراد ، أما الطرف الثانى فھو كل . فرد من األفراد الطبیعین كل على حدة

وإنطالقا من ذلك فإن الحاكم عندما یمارس السلطة فإنھ یمارسھا كیال عن الجماعة ال باعتباره صاحب السیادة ، فمفھوم باعتباره مندوبا أو



٨٠

الحكم الدیمقراطى لدیھ حكما مباشرا قائما على سیادة الشعب الممثل .لإلدارة العامة

وجود سلطات تشریعیة وتنفیذیة مستقلة " روسو"ولذلك یرفض عن سلطة الشعب فالشعب ھو الذى یشرع ، والحكومة ھى مجرد جھاز

فالشعب صاحب السیادة ولیست لفرد أو طائفة . إرادة الشعب تنفیذى ینفذمعینة، كما أنھا غیر قابلة للتجزئة؛ ألنھ لو تم تجزئتھا بین عدة سلطات فإن ذلك سیترتب علیھ مزاولة كل سلطة جانبا من السیادة أى جزءا من اإلرادة العامة ، وبذلك تكون تعبیرا عن إرادة خاصة ولیست عامة مما

ارض مع مبدأ السیادة الشعبیة التى ھى أساس العقد االجتماعى عند یتع ".روسو"

فبإعتباره وكیال عن األمة " روسو"وأما عن مسئولیة الحاكم عند یلتزم بالعمل على مصالحھا واإلنصیاع إلرادتھا وبالتالى فإن لألمة الحق

.فى عزل الحاكم متى أرادت إعماال لسیادة اإلرادة العامةعن العقد االجتماعى فى فكر رجال " روسو" أثرت كتابات ولقد

الثورة الفرنسیة واعتنق الثوار الفرنسیون نظریة روسو خاصة مبدأ فى المادة ١٧٨٩سیادة األمة وسجلوه فى إعالن الحقوق الصادر فى سنة

األمة ھى مستقر السیادة ومصدرھا ولیس "الثالثة منھ إذ نصت على أن سة أیة سلطة إال عن طریق األمة صاحبة السیادة لھیئة أو فرد ممار

".العلیاكما اعتنقوا نظریة القانون ھو التعبیر عن اإلرادة العامة لألمة

مبدأ السیادة مقررا أنھا وحدة ال تتجزأ وال ١٧٩١وسجل دستور سنة یجوز التصرف فیھا وال تسقط بالتقادم وھى ملك لألمة لیس لفرد أو ھیئة

. عن طریق األمةممارستھا اال



٨١

: تقدیر نظریة العقد اإلجتماعى یتضح من عرضنا لنظریة العقد االجتماعى أن الكتاب اختلفوا فى عرضھا وترتب على ذلك خالف فى النتائج التى وصلوا إلیھا ، كما اتخذت ھذه النظریة لخدمة أغراض متباینة ولذا فقد صیغت فى صور

ى مجملھا عدة انتقادات یمكن إجمالھا مختلفة ، ولقد وجھ إلى النظریة ف :فیما یأتى قیامھا على فرض خاطئ حیث ترى أن اإلنسان كان یعیش فى -١

حالة عزلة قبل أن تنشأ الجماعة المنظمة، والصحیح أن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعھ ال یستطیع أن یعیش منعزال عن بنى جنسھ

.كما قرر ذلك ابن خلدون فى مقدمتھ خیالیة غیر حقیقیة ال تجد لھا سندا فى الواقع؛ ألنھ ال أنھا فكرة -٢

یتصور إمكان تحقیق رضاء جمیع األفراد، والرضا ركن أساسى فى العقد، كما أن الواقع ال یؤیدھا حیث ال یعطینا التاریخ مثاال لدولة نشأت عن طریق التعاقد، ولم یبین لنا متى اجتمع الناس

.وأبرموا مثل ھذا العقدتناقض فى مضمون النظریة إذ تقول أن الجماعة نشأت وجود -٣

نتیجة عقد وإذا كان األمر كذلك فمن الذى أبرم ھذا العقد؟انتقدت النظریة على أساس أنھا ال تكفى لتفسیر القوة الملزمة -٤

للعقد ففكرة العقد المؤید الذى یبرمھ األفراد عند نشأة الجماعة بد یتنافى مع الحریة الطبیعیة ویظل ارتباطھ أزلیا بالدولة إلى األ

لإلنسان ، فمنطق النظریة یؤدى إلى القول بأن األفراد الذین ال یقبلون التعاقد یحق لھم عدم اإلنضمام إلى الجماعة فلو اتفقوا فیما بینھم على قیام دولة جدیدة فال یتصور قیام دولتین على إقلیم

.واحد وألدى األمر إلى إنھیار الدولة



٨٢

یة النظریة حیث تقرر أنھ بواسطة العقد انتقل األفراد عدم منطق -٥من حیاة الفطرة إلى حیاة الجماعة أى أن العقد ھو الذى أنشأ

بید أن القوة اإللزامیة للعقد ال تتحقق إال بوجود . الجماعةالجماعة وقیام سلطة فیھا تحمى العقود وتطبق الجزاءات الالزمة

متصور أن یكون العقد الذى ومن ثم لیس من ال. لضمان احترامھا .یحتاج إلى حمایة السلطة ھو نفسھ الذى یقیم ھذه السلطة

أن القول بوجود قبول ضمنى لشروط العقد یجعل الحاكم حرا فى -٦تحدید شروط العقد بعد تنازل األفراد عن حقوقھم لھ مما یؤدى

.إلى قیام الحكم المطلقحیث إنھا تبرر خطورة نظریة العقد اإلجتماعى فى جانب منھا -٧

شرعیة الثورات ضد الحكام دون وضع حدا معینا لھذه الثورات سوى عدم رضا األفراد مما یعنى عدم استقرار الكیان السیاسى

.للدولةورغم ما وجھ إلى النظریة من انتقاد إال أنھ كان لھا الفضل فى

یة وتقریر األثار التى أحدثتھا الثورة الفرنسیة وإنتشار المبادئ الدیمقراطوبالنظر فى االنتقادات الموجھة إلى النظریة فإن الفقھ . سیادة الشعوب

أجاب عنھا بسھولة فعن القول بأن اإلنسان لم یعیش فى عزلة وأن حیاة الجماعة ظاھرة طبیعیة إنما ھو اعتراض ال محل لھ ألن النظریة ال تتحدث عن تكوین الجماعة بوجھ عام وإنما ھى تتناول الجماعة

.السیاسیةوأما عن فكرتى الحالة الطبیعیة والعقد االجتماعى فكانتا مجرد إفتراض ألن الھدف األساسى من النظریة بیان أساس السلطة وبیان أن السلطة ال تستند إلى إرادة الشعب تعد سلطة غیر مشروعة، ولم یكن

عالوة على ذلك فإن أصحاب النظریة . الھدف ھو بیان أصل نشأة الدولةال یدعون أن النظریة تمثل حقیقة علمیة ثابتة ثبوتا " روسو"وخاصة



٨٣

تاریخیا ، وإنما أرادوا أن یؤكدوا ضرورة إسناد السلطة إلى إرادة الشعب .وأن یؤیدوا شكال معینا من أشكال الحكم ھو النظام الدیمقراطى

المبحث الثالث نظریة القوة

القوة والتغلب ولیس ترجع ھذه النظریة أساس نشأة الدولة إلى الرضا واإلختیار، فالدولة نشأة على أساس القوة التى فرضھا القوى أو الجماعة األقوى على الفئة األضعف لحملھم وإجبارھم على احترامھم والخضوع لسلطانھم، وھذا أدى إلى خضوع الجماعة كلھا ألقوى شخص

.فیھا الذى أصبح ملكاالیونانى الذى یرى أن أقدم " بلوتارك"ومن أنصار ھذه النظریة

القوانین التى یخضع لھا العالم ھو قانون حكم األقوى وسیطرتھ على من أن اإلنتصار فى الحرب كان یعد فى " بلنتشلى"الضعیف ، كما ذھب

ھ فى صالح من عقد لھ لواء النصر نظر األقدمیین بمثابة حكم أصدره اإلل فى قیام الدولة ولیست الحرب حسب نظریة القوة ھى األداة

فحسب بل ھى أیضا السبب فیما أحرزتھ البشریة من تقدم فى الحضارة ، فالحرب ھى التى دفعت بالعقل البشرى تحت ضغط الحاجة إلى اإلبداع لمواجھة العدو، ولذا فاإلكتشافات واالختراعات العلمیة كانت ولیدة

.الحاجةالطبیعة "كتابھ ومن الذین نادوا بنظریة القوة والتر باجوت فى

وأوبنھمیر ، وینتشھ " تاریخ السیاسة"وینكس فى كتابھ " والسیاسةأن الدولة لیست أكادیمیة للفنون ، فإن ھى "وتریتشكھ ویؤكد األخیر على

أھملت قوتھا من أجل المحاوالت والجھود المثالیة للبشریة فإنما تتنازل دول المعروفھ لنا جمیع ال" ویضیف أن" عن طبیعتھا ویحیق بھا الدمار

قد نشأت عن طریق الحروب ، وحمایة المواطنین باألسلحة ال تزال



٨٤

ومن ثم فإن الحرب ستبقى حتى نھایة . الواجب األول والجوھرى للدولة " . التاریخ طالما یوجد عددد متعدد من الدول

ویرى البعض أن القوة كوسیلة لوجود الدولة لیست مجرد القوة ا تمتد لتشمل القوة المعنویة، وكل ما یتمتع بھ الحاكم المادیة فحسب وإنم

فالقوة المادیة . من قوة النفوذ األدبى والقوة االقتصادیة والحنكة السیاسیةلیست ھى األساس األول أو السبب األول لنشأة الدولة بل ھى األثر والنتیجة لقیام السلطة التى تتمتع بالرضا والقبول من غالبیة المحكومین

.ا القبول ینتج عنھ الخضوع الحر من جانب المحكومین وتعاونھموھذوقد تم اللجوء إلى نظریة القوة من قبل مؤیدیھا لتحقیق أھداف

: عدیدة منھا لجوء بعض أباء الكنیسة األوائل لھا إلثبات تفوق الكنیسة على -١

.الدولةاستعملھا أنصار المذھب الفردى إلبعاد الحكومة عن التدخل فى -٢

الشئون االقتصادیة للمجتمع وتركھ للعالقات الفردیة حیث تزداد .المنافسة وبالتالى االنتاج

استخدمھا أنصار المذھب اإلشتراكى إلثبات أن التنظیم الصناعى -٣ما ھو إال نتیجة لسوء استعمال القوة حیث استغل األقویاء الضعفاء وبالتالى أضحى جانب من المجتمع قویا على حساب

. آخرجانب أن القوة وحدھا ال تكفى لقیام الدولة ووجود السلطة وفى تقدیرنا

بھا ما لم تؤید بالرضا الشعبى من المحكومین، وبالتالى تتحول السلطة فیھا من أساسھا األول إلى األساس اآلخر وھو الرضا من الشعب ، ومما

یكلل لھا ال شك فیھ أن أى جماعة تقوم فیھا السلطة مستنده إلى القوة ال الدوام واإلستقرار، وإذا كان ھناك نوع من النجاح فھو مؤقت بطبیعتھ،



٨٥

فلم یعد من المستساغ أن أى جماعة قویة تفرض إرادتھا على جماعة .ضعیفة یبرر وجود سلطة مشروعة لھذه الجماعة

وقد انتقدت ھذه النظریة على أساس أنھا وإن اتفقت مع الواقع فى لحة لنشأة الدولة فیھا فإنھا ال تصلح اآلن لتفسیر حاالت كثیرة وكانت صا

. نشأة الدولة فثمة دول لم تنشأ عن طریق القوة ھذا من ناحیةومن ناحیة أخرى فإن ھناك ضرورات إقتصادیة وقیم اجتماعیة

الخ كلھا عوامل ال تنكر فى نشوء الدولة ... وعقائد ومستویات حضاریة . وحده لنشأة الدولةوبالتالى فإن عنصر القوة ال یكفى

وأخیرا فإن نظریة القوة ال تتفق مع القول بضرورة تقیید سلطة الدولة بالقانون وخضوعھا ألحكامھ، إذ كیف تخضع للقانون وھى

.تستخدم القوة لتأیید السلطان المطلق للحكام وتبرر أعمال القوة والعنفمطلقة التى وال شك أن ھذا یؤدى إلى التأكید على سیادة الدولة ال

ال یحدھا أى قانون أو معاھدة ،إذ للدولة فى ظل نظریة القوة ھذه مطلق .الخ... الحریة فى عقد المعاھدات وإلغائھا وحق إعالن الحرب

كما یؤدى إلى التأكید على حجم الدولة الجغرافى والسكانى .بإعتبار أن الدولة تستمد قوتھا من شعبھا ومواردھا



٨٦

المبحث الرابع نظریة التطور العائلى

یرى أنصار نظریة التطور العائلى أن أصل سلطة الدولة یرجع إلى فكرة السلطة األبویة وأن الشعوب قد عرفت قبل ظھور الدولة

. الحدیثة عدة أشكال من اإلجتماع أولھا العائلة إلى أن وصلت إلى الدولةلھا ویؤكد دعاة نظریة التطور العائلى أن الدولة كانت فى أص

أسرة ثم تطورت فأصبحت عشیرة ثم تطورت فأصبحت قبیلة ثم تطورت . القبیلة فنشأت المدینة وأخیرا ظھرت الدولة فى صورتھا الحدیثة

ویؤكدون كذلك على أن اإلنسان اكتشف أوال الحاجة إلى اإلستقرار اإلجتماعى ومن ثم كانت العائلة ثم تبین لھ أھمیة توسیع ھذا

ماعى نظرا لما یوفر ذلك من إمكانیات تساعده على تحقیق الكیان اإلجتحاجاتھ األساسیة ومواجھة العدو فبدأ ھذا الكیان فى التوسع والتطور

ویدلل أنصار ھذه . واتخذ أشكاال وأنماطا مختلفة إلى أن ظھرت الدولةالنظریة على أن األسرة ھى اللبنة األولى فى المجتمع وھى البدایة،

السماویة أجمعت على أن آدم وحواء ھما أصل الجنس البشرى فالدیانات فآدم ھو صاحب السیادة األولى على األرض وانتقلت السلطة من بعده

. جیال بعد جیل ووزعت بین ملوك األرضویؤید أصحاب النظریة فكرتھم بما یوجد من تشابھ بین الجماعة

ة اللذان یجمعان السیاسیة واألسرة، فالتضامن الجماعى والروح القومیبین أفراد الدولة أو الجماعة السیاسیة عموما یمكن تشبیھھما بالروح

.العائلیة التى تربط بین أفراد األسرة الواحدة



٨٧

: ولقد وجھ لھذه النظریة انتقادت عدیدة أھمھاأن اإلستناد لألسرة كأساس لوجود الدولة یعیبھ القصور حیث -١

ھى الخلیة األولى فى المجتمع، وأن أنكر البعض أن تكون األسرة السلطة األبویة ھى أصل السلطة السیاسیة فى الدولة ألنھ وجد قبل األسرة حیاة كانت المرأة مشاعا بین الرجال، ولم یكن یعرف الولد أباه وال األب ابنھ وبذلك كانت سلطة األم سابقة على سلطة

ع من أن األسرة األب ، ھذا باإلضافة إلى ما أثبتھ علماء اإلجتمالم تكن قدیما ھى الخلیة األولى فى المجتمع بل إن الخلیة األولى ھى العشیرة التوتمیة وھى جماعة من األفراد یعتقدن أن ھناك رابطة قویة تربط بینھم ال تقوم على أساس صالت الدم وإنما

.على أساس انتسابھم إلى توتم واحد كبیر ألن ھناك دول ثبت تعمیم النظریة على كل الدول فیھ خطأ -٢

خروجھا فى تطورھا عما ذھبت إلیھ ھذه النظریة فإذا كانت الدولة الیونانیة القدیمة قامت بھذه الطریقة فإن ھناك دوال أخرى نشأت دون أن تمر بھذا التطور مثل دولة الفرس والدولة

.المصریة القدیمة فى عھد الفراعنةقى إلتساع أھداف الدولة عن الربط بین األسرة والدولة غیر منط -٣

أھداف العائلة فالعائلة ھدفھا الرئیسى یفقد أساسھ ویحقق أغراضھ عندما ینضج أبنائھا ویبلغون سنا معینا یسمح لھم بالحیاة إستقالال

أما سلطة الدولة فتمتد عبر األجیال فأھدافھا بالتالى . عن آبائھم ووظائفھا نطاق طویلة وبعیده، كما أن الدول تتجاوز فى أھدافھا

.األسرة المحدودقیل أیضا إنھ الیمكن المقارنة بین العائلة والدولة فسلطة رب -٤

األسرة ھى سلطة مؤیدة ما بقى حیا وعلى ذلك فلیس لھ أن یتنازل عنھا ولیس ألفراد األسرة اإلعتراض علیھ أو مناقشتھ، فضال عن



٨٨

طة أن سلطة رب األسرة إجباریة ال یجوز لھ رفضھا، أما سلالدولة فھى لیست كذلك، حیث إن سلطة الحاكم لیست مؤبدة فھم یتولون ویذھبون دون أن یرتبط ذلك بوجود الدولة واستمرارھا ، ھذا باإلضافة إلى أنھا سلطة لیست إجباریة فلھ حق قبولھا وحق

.رفضھا وفى حالة قبولھا فإن لھ التنازل عنھا فى أى وقت ت السابقة إال أن بعض الفقھ ال یزال وعلى الرغم من ھذه اإلنتقادا

یدافع عن فكرة وجود أوجھ شبھ تجمع بین الدولة واألسرة وخاصة فى . بدء معرفة اإلنسان بنظام الدولة قدیما

إال أننا نذھب مع جانب من الفقھ إلى أن ھناك فارقا كبیرا بین ما فى األسرة والدولة فى صورتھا الحدیثة وإن كانت ھناك أوجھ شبھ بینھ

التاریخ القدیم وأن ھذه النظریة وإن صلحت كأساس فى الدولة القدیمة إال أنھا اآلن ال تصلح أساسا لسلطة الدولة المعاصرة إلختالف األھداف

الخ ، عالوة على أن ھذه النظریة .... والغایات وأسس الترابط والتضامن آلنھ ال یمكن ال تصلح أساسا لسلطة الدولة وال تكفى لتفسیر نشأتھا ،

واقعیا رد أصل نشأة الدولة إلى عامل واحد بالذات وإنما ھى نتیجة لتفاعل عوامل متعددة من دینیة وفكریة وإقتصادیة وإجتماعیة ساھمت

. على مر الزمن فى قیام الدولة وتطویر نظامھا



٨٩

المبحث الخامس نظریة التطور التاریخى أو الطبیعى

أن السلطة فى الدولة قامت نتیجة عدة تقوم ھذه النظریة علىوأن ھذه . عوامل متعددة تفاعلت على مر الزمن حتى نشأت الدولة

العوامل المتعددة من سیاسیة وإجتماعیة وإقتصادیة ودینیة وغیرھا لیست واحدة فى كافة دول العالم، بل إنھا تختلف من دولة إلى أخرى تبعا

ة البحث فى الموضوع بالنسبة لظروفھا الخاصة ،وھذا یستتبع ضرور .لكل دولة على حدة

فمن الطبیعى ونتیجة إلختالف العوامل التى أثرت على نشأة الدولة من دولة إلى أخرى أن استتبع ذلك اختالف النظام السیاسى بین

فالنظام السیاسى الذى ھو ولید وثمرة عوامل متعددة یختلف من . الدول أصل نشأة الدولة یرجع إلى عوامل فمقتضى النظریة أن. دولة ألخرى

.متعددة كما ذكرنا ال إلى عامل واحدولذا القت ھذه النظریة قبول األغلبیة من الفقھ المصرى

إلى أن أفضل وأنسب نظام للحكم لشعب " بارتملى"والفرنسى حیث ذھب من الشعوب ھو ذلك النظام الذى یكون أكثر مالءمة لتطور الشعب

. من المدینةوالمستوى الذى بلغھوالذى " لیون دیجى"ومن المؤیدن لھذه النظریة الفقیھ الفرنسى

سبق أن عرضنا لوجھة نظره عند حدیثنا عن نظریة القوة إال أن وجھة نظره مختلفة فھو یرى أن الدولة حدث طبیعى وظاھرة اجتماعیة وجدت بإنقسام المجتمع إلى فئتین إحداھما حاكمة وأخرى محكومة ، وعلى

خیرة الطاعة للفئة الحاكمة التى لھا اصدار األوامر للمحكومین األ .وتنفیذھا حتى ولو اقتضى األمر إستخدام القوة الجبریة

ویجب أال یختلط األمر ھنا مع نظریة القوة فى وجھة نظر دیجى حیث لم یقصد فقط بالقوة أن تكون مقصورة على القوة المادیة للحاكم بل



٩٠

سم بھ الحاكم من سمات خاصة بالشخصیة إلى جانب ذلك كل ما یت .والنفوذ األدبى وقوة التأثیر والنفوذ الدینى

وفى حالة إذا مانشأت الدولة عن طریقة القوة المادیة فإن السلطة إذا حظیت برضا المحكومین بما تقدمھ من منافع لھم وخدمات عدیدة

حقیق فإنھا تكتسب النفوذ األدبى حیث یتعاون المحكومین معھا فى توإذا كان الفقھ یرى أن السلطة ھى ثمرة . األھداف ورفاھیة الجماعة

طبیعیة للتطور التاریخى لكل جماعة فھم یرون ضرورة أن تكون فى .نظرھم سلطة مشروعة

وإذا كان بعض الفقھ قد اعتبر ھذه النظریة أصوب تصویر لنشأة لم تقدم إال أن البعض اآلخر یرى أنھا. الدولة وافضل بیان لمصدرھا

جدیدا لتفسیر أصل نشأة الدولة وقیام السلطة وأن كل ما قدمتھ ھذه النظریة أنھا وضعت أمام الباحثین منھجیة للبحث عن أصل الدولة ونشأة

.السلطة فیھا



٩١

الفصل الرابع خضوع الدولة للقانون

رأینا فى الفصل السابق عند حدیثنا عن أصل نشأة الدولة وأساس یاسیة أن منطق النظریات الثیوقراطیة یؤدى إلى إطالق سیادة سلطتھا الس

الدولة وعدم تقییدھا بأى قید ، فى حین أن النظریات الدیمقراطیة عند .لوك وروسو تؤدى إلى تقیید سیادة الدولة

ومحل دراسة ھذا الفصل ھو خضوع الدولة للقانون بمعناه ادة الدولة أو بمعنى آخر الواسع، ومن ثم فإن حدیثنا نفرده لبیان حدود سی

ھل ھذه السیادة مطلقة أم مقیدة ؟ وإذا كانت مقیدة فما ھى القیود التى ترد علیھا ؟ وما ھو أساس ذلك ؟ وھذا یجعلنا نتناول دراسة مفھوم الدولة القانونیة وعناصرھا والنظریات الرئیسیة التى قیلت فى تفسیر خضوع

: حثین على النحو التالى الدولة للقانون، وسوف یكون ذلك فى مب



٩٢

المبحث األول مفھوم الدولة القانونیة وعناصرھا

یقصد بالدولة القانونیة تلك الدولة التى تخضع فى جمیع أعمالھا وتصرفاتھا للقانون بحیث یخضع فیھا الحاكم والمحكوم على السواء لحكم

أن تلتزم القانون ، فالدولة وإن كانت ھى التى تضع القانون إال أنھا یجب بھ وتتقید بأحكامھ ما لم یلغى أو یعدل ، كما أن سلطة الدولة لیست مطلقة فى وضع القانون بل ھى مقیدة بقیود معینة ، وھذا ما یطلق علیھ

.إصطالحا مبدأ المشروعیةومن ثم یعرف مبدأ المشروعیة بوجھ عام بأنھ سیادة أحكام

عده فوق كل إرادة سواء بحیث تسود أحكامھ وقوا. القانون فى الدولة .أكانت إرادة الحاكم أم المحكومین

ویقتضى ھذا المبدأ أن أعمال السلطات العامة فى الدولة وقراراتھا النھائیة على أى مستوى كانت من التدرج ال تكون صحیحة وال منتجة آلثارھا القانونیة المقررة فى مواجھة المخاطبین بھا إال بمقدار

دة القانونیة األعلى التى تحكمھا ، وكذلك فإن كافة مطابقتھا للقاعاجراءات السلطات العامة وأعمالھا وتصرفاتھا ال تكون صحیحة وال منتجة آلثارھا القانونیة المقررة إال بمقدار التزامھا بما یقضى بھ القانون فإن صدرت ھذه أو تلك على غیر مقتضى القانون الواجب التطبیق فإنھا

روعة ویكون لذوى الشأن حق طلب إلغائھا والتعویض تكون غیر مش .عنھا أمام المحاكم المختصة

ومن ثم یظھر الفرق بین الدولة والسلطة المشروعة حیث تتحقق األخیرة عندما تستند السلطة إلى رضاء المحكومین وقبولھم أیا كان مبعث اإلعتقاد فى المصدر سواء أكان إلھیا أم عن إرادة الجماعة

فالسلطة المشروعة ھى التى یطلبھا المحكومون یارھا الحرواخت . ویرتضونھا إیمانا بالمبدأ الذى تقوم علیھ



٩٣

وعلى ذلك لیس ثمة رابطة ضروریة بین قانونیة الحكومة ومشروعیتھا إذ العبرة فى الصفة القانونیة للحكومة ھى استنادھا أو عدم

مشروعیة الحكومة فترتد استنادھا إلى سند قانونى لممارسة السلطة، أما إلى أسس مختلفة، ولذا فقد تكون الحكومة قانونیة الستنادھا إلى نص الدستور القائم، ولكنھا غیر مشروعة لعدم وجود مبرر قبولھا لدى

إال أنھا حكومة – واقعیة –المحكومین وقد تكون الحكومة غیر قانونیة .مشروعة إذا ما إرتضتھا الجماعة ولبت متطلباتھا

: خضوع سلطات الدولة للقانون ذكرنا أن مبدأ المشروعیة الذى یسود الدولة القانونیة ھو خضوع األفراد والحكام لحكم القانون، ویتمثل خضوع األفراد فى اإللتزام بحدود القانون وعدم الخروج علیھ أما خضوع السلطات فى الدولة فإنھ یلزم أن

. والقضائیة على حد سواء بالقانونتتقید السلطة التشریعیة و التنفیذیة یتمثل خضوعھا فى إلتزام البرلمان بأحكام فالسلطة التشریعیة

الدستور فى التشریعات العادیة التى یقوم بوضعھا بإعتباره أعلى القوانین فى الدولة، ومن ثم فلھ السمو والعلو على بقیة القوانین التى یصدرھا

.البرلمان وغیرهالتشریعة للقانون حمایة لحقوق األفراد وفى خضوع السلطة

وحریاتھم، ألنھ من الممكن أن تكون السلطة التشریعیة فى حالة عدم خضوعھا للدستور مصدرا لألفتئات على حریات األفراد عندما تسن من القوانین ما یقیدھا بصورة جائرة مثل تقیید حق اإلجتماع أو حریة

الحكومة أو إبداء الرأى المخالف الصحافة أو أن تجعل من نقد سیاسیة جریمة یعاقب علیھا القانون، وبھذه الطریقة تقتن النزعات التسلطیة فى صورة قوانین ، وتظھر الحكومة بمظھر المحافظة على مبدأ المشروعیة بدال من ممارسة الحكم بطریقة استبدادیة ، وفى مثل ھذه الحالة تصبح



٩٤

ا لھذه القوانین الجائرة عامال من السلطة القضائیة ھى األخرى بتطبیقھ . عوامل اإلعتداء على الحریات العامة بدال من أن تكون حامیة لھا

فتخضع للقانون عن طریق اإللتزام عند : أما السلطة القضائیةالفصل فى المنازعات المعروضة علیھا ألحكام القوانین المختلفة ،

ع عرض نزاعھ أمام وتوفیر درجات استئنافیة للمتقاضى حتى یستطیمحكمة أعلى درجة ممن أصدرت الحكم للرقابة على أحكام المحاكم الدنیا والتأكد من تطبیقھا للقانون على الوجھ الصحیح ویتحقق ذلك عند الطعن

.على الحكم لصدوره مخالفا للقانون سواء من حیث الشكل أو الموضوعة عند تطبیقھا فتخضع فى وظیفتھا اإلداری : أما السلطة التنفیذیة

الیومى للقوانین وفیما تصدره من تصرفات قانونیة أو أعمال مادیة لقواعد المشروعیة لحمایة حقوق وحریات األفراد وھذا أمر ھام ألنھا تشكل أخطر السلطات الثالث على الحقوق والحریات ألنھا تجسد الدولة

باألفراد ، وفى أمام األفراد ، باإلضافة إلى أنھا أكثر السلطات احتكاكا حالة مخالفتھا للقانون یترتب الجزاء المتمثل فى إمكانیة إلغاء القرارات المخالفة للقانون وتعویض األفراد عن األضرار التى تلحق بھم ، وتعد الرقابة القضائیة على أعمال اإلدارة الضمان الحقیقى لحمایة مبدأ

.المشروعیة فى ھذه الحالة :ة عناصر الدولة القانونی

ذكرنا أن الدولة القانونیة تقوم على أساس خضوع سلطاتھا العامة للقانون بحیث تشمل كل قواعد القانون الوضعى فى الدولة سواء أكانت عرفیة أم قضائیة أم تشریعیة، ومن ثم تخضع السلطات العامة فى الدولة آلیة قاعدة مجردة أیا كان مصدرھا كالقواعد الدستوریة والتشریعات

عادیة التى یضعھا البرلمان والقرارات اإلداریة التنظیمیة التى تصدرھا الالجھات اإلداریة والتى یطلق علیھا اللوائح ، كل ھذه القواعد على اختالف درجاتھا وقوتھا تكون النظام القانونى للدولة وتدخل فى نطاق



٩٥

القانون بالمعنى الواسع ویضاف إلیھا قواعد أخرى غیر مدونة مثل رف والمبادئ القانونیة العامة وھذا ھو الراجح فى الفقھ والقضاء الع

. اآلنوحتى نكون بصدد دولة قانونیة یجب توافر مجموعة من

.العناصر أو الضمانات یمكن إجمالھا فیما یأتى

: وجود دستور - ١یعد وجود دستور فى الدولة فى قمة القواعد القانونیة ضمانھ ھامة

ولة للقانون حیث تكون لقواعده أولویة التطبیق فى وأولیة لخضوع الدحالة تعارض مضمونھا مع مضمون أى قاعدة أخرى فى المصادر

.األدنى منھ درجة فى سلم تدرج القواعد القانونیةوالدستور عبارة عن مجموعة من القواعد القانونیة تحدد شكل

ویحدد الدولة ونظام الحكم فیھا ویقیم السلطة العامة فى الدولةاختصاصاتھا والعالقات فیما بینھا وعالقات السلطات العامة بالمواطنین

.وحقوق وحریات المواطنین وواجباتھمویشكل الدستور قیدأ على جمیع السلطات الموجودة فى الدولة ذلك أن كل سلطة ملزمة بالعمل فى حدود ما حدده لھا الدستور من سلطات ،

مباشرة أى اختصاص آخر جعلھ الدستور كما أنھا ملزمة باإلمتناع عنومما یساعد على احترام أحكام الدستور ھو . من اختصاص سلطة أخرى

تدوین الدستور ذاتھ حتى یكون ما ینظمھ من سلطات واختصاصات واضح الحدود ، ھذا باإلضافة إلى جمود الدستور ذاتھ بمعنى أن یخضع

عدیل القوانین العادیة فى تعدیلھ إلجراءات خاصة تختلف عن إجراءات تحتى یتحقق للدستور نوعا من الثبات النسبى واالستقرار كما تتحقق

. لقواعده السیادة والسمو



٩٦

: األخذ بمبدأ تدرج القواعد القانونیة - ٢یقتضى مبدأ تدرج القواعد القانونیة أن یكون ھناك تسلسل للنظام

ى یكون من شأنھ أن القانونى فى الدولة بحیث تأخذ القوانین شكل ھرمیؤدى إلى إنزواء القاعدة األقل فى المرتبة أمام القاعدة األعلى فى حالة التعارض بینھما، وبناء على ذلك تقبع القواعد الدستوریة على قمة ھذه القواعد ، تلیھا فى المرتبة القواعد القانونیة الصادرة من السلطة

ة عن السلطة التنفیذیة ویطلق التشریعیة ثم یلیھا بعد ذلك القواعد الصادرعلیھا اللوائح أو القرارات التنظیمیة ، وأخیرا یأتى فى قاعدة ھذا الھرم

.القرارات الفردیةوینتج عن ھذا التسلسل نتائج تتمثل فى خضوع القاعدة القانونیة األدنى للقاعدة القانونیة األعلى منھا فى سلم التدرج سواء من حیث الشكل

ومن ثم ال تكون القاعدة القانونیة صحیحة إذا ما تم انشائھا أو الموضوع، وفقا لقاعدة أخرى أعلى وأسمى منھا ، وعلى ذلك ال تعد القاعدة األدنى صحیحة إذا لم تكن مطابقة للقاعدة األعلى وبناء علیھ وفى حالة التنازع بین القاعدتین متى كانا من مرتبة متباینة فى التدرج فإن إحداھما تكونذات أفضلیة بشكل تام عن األخرى بمعنى أن القاعدة األدنى المخالفة

.للقاعدة األعلى سوف یعدھا القاضى غیر صحیحةوال شك أن تدرج القواعد القانونیة المكونة لنظام الدولة القانونى یمثل عنصرا ھاما فى نظام الدولة القانونیة ألنھ بفضل ھذا التدرج یتم

نظام القانونى للدولة ربطا تسلسلیا تنفذ خاللھ أحكام الربط بین أجزاء ال .القانون من القمة إلى القاعدة

: الفصل بین السلطات - ٣یقصد بمبدأ الفصل بین السلطات توزیع االختصاصات بین سلطات الدولة التقلیدیة الثالث التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة وعدم



٩٧

كم واحد أو ھیئة واحدة ، ألنھ لو تم تجمعیھا فى ید سلطة واحدة أو حا . تجمیع السلطات فى ید واحدة أدى ذلك إلى اإلستبداد والحكم المطلق

وبالتالى یجب أن تمارس اإلختصاصات فى الدولة بتوزیعھا عل ى ھیئ ات تخ تص ك ل س لطة ف ى ممارس تھا إلخت صاصاتھا ف ى من اخ ی سوده

.التعاون والتوازن بین السلطات یتم تخصیص عضو مستقل لكل وظیفة من وظائف ویلزم ذلك أن

الدولة فیوجد جھاز خاص للتشریع وجھاز خاص للتنفیذ وجھاز ثالث للقضاء ، وبتجدید اختصاصات كل ھیئة مع تحدید وظیفتھا یترتب على ذلك أن كل سلطة یتعین علیھا أن تباشر وظیفتھا فى حدود اإلختصاصات

تصاص واإلعتداء على اختصاص الممنوحة لھا وعدم تجاوزھا ھذا اإلخوفى حالة تجاوز أى سلطة الختصاصھا فإن السلطة . سلطة أخرى

المعتدى علیھا دفاعا عن اختصاصاتھا وتمسكا بوظائفھا المسند إلیھا تتصدى لھا ، وھذا ما جعل الفقیھ مونتسكیھ یعبر عن ذلك بقولھ أن

السلطة تحد السلطة : خضوع اإلدارة للقانون - ٤

بھذا المبدأ اتساق واتفاق جمیع اإلجراءات والتصرفات یقصدوالقرارات التى تتخذھا جھة اإلدارة مع القانون بمعناه الواسع ، ومن ثم ال یجوز لإلدارة أن تقوم بتصرف قانونى أو عمل مادى إال بمقتضى

: القانون وتنفیذا للقانون ویرجع ذلك إلى أمرینضوع الدولة للقانون یلزم أن تكون ھو أنھ حتى یتحقق مبدأ خ: األول

اإلجراءات الفردیة التى تتخذھا السلطات العامة فیھا منفذه لقواعد عامة .مجردة موضوعھ سلفا

ھو أن القانون فى الدولة الدیمقراطیة یصدر عن ھیئة منتخبة :الثانى تمثل الشعب وتمارس السیادة بإسمھ ، وخضوع اإلدارة للقانون یحقق

. المنتخبة الھیمنة على تصرفات اإلدارةلتلك الھیئة



٩٨

: اإلعتراف بالحقوق الفردیة - ٥یھدف نظام الدولة القانونیة إلى حمایة حقوق وحریات األفراد ضد عسف واستبداد السلطات الحاكمة ، ومن ثم یقتضى مبدأ المشروعیة افتراض وجود حقوق وحریات لألفراد فى مواجھة الدولة وتلتزم الدولة

ھیئاتھا وفى جمیع تصرفاتھا باحترام ھذه الحقوق وتلك الحریات بكل وعدم اإلعتداء علیھا ألن المبدأ ما وجد إال لضمان تمتع األفراد بحریاتھم

.العامة وحقوقھم الفردیةوال شك أن مضمون الحقوق والحریات الفردیة یختلف من نظام

سیادة سیاسى آلخر، بل فى النظام الواحد من وقت آلخر، فى ظلالمذھب الفردى الحر كانت وظیفة الدولة قاصرة على حفظ اآلمن والنظام وإقامة العدالة وكان خضوع الدولة للقانون خضوعا سلبیا حیث یمتنع علیھا اإلعتداء على الحقوق والحریات بل تلتزم بكفالتھا وضمان ممارستھا وعدم المساس بھا فكانت بمثابة قیود على سلطان الدولة ال

. تستطیع النیل أو الحد منھا أما مع تغیر وظیفة الدولة حدیثا واإلتجاه نحو األفكار اإلشتراكیة

وأصبحت تتدخل فى مجاالت األفراد بھدف تحقیق تغیر دور الدولة ، وقد ، حریاتھم التقلیدیةبممارسةمستوى مادى معین لألفراد یسمح لھم

یع المیادین االقتصادیة ترتب على تغیر دور الدولة وتدخلھا فى جمالخ أن ظھرت طائفة جدیدة من الحقوق ... واالجتماعیة والثقافیة

. الزماوالحریات وأصبح خضوع الدولة للقانون فى الدولة الحدیثة أمرا : وجود رقابة قضائیة -٦

لضمان ممارسة األفراد لحریاتھم وحقوقھم من ع سف اإلدارة ف ى مناس بة للقواع د المقی دة لن شاط ال سلطات بع ض األحی ان ولتنظ یم حمای ة

حقیق ا عل ى ن شاط قی دا ك ون ی منظم لتلك القواعد جزاء یلزم وجود العامة ویتمث ل ذل ك ف ى وج ود رقاب ة ق ضائیة عل ى ت صرفات ال سلطات ،الدول ة



٩٩

ن واع أج دى أنج ح وأ والرقاب ة الق ضائیة ھ ى أف ضل و .العام ة ف ى الدول ة ة التى یمارسھا البرلمان على أعم ال اإلدارة البرلمانی ،الرقابة ألن الرقابة

رقابة سیاس یة ی تحكم فیھ ا ح زب األغلبی ة وتخ ضع ألھوائ ھ ، أم ا الرقاب ة اإلدریة فھى رقابة ذاتیة تجع ل األف راد تح ت رحم ة اإلدارة إذ تجع ل م ن

. فى وقت واحداإلدارة خصما وحكما وھم كما یق ول ،ضائیةأما الرقابة القضائیة فیتوالھا القضاه فى السلطة الق

خب ة م ن ن" عبد الرازق ال سنھورى /ة المرحوم والفقیھ الكبیر معنھم العال رجال األمة أش ربت نفوس ھم احت رام الق وانین ،وانغ رس ف ى قل وبھم ح ب

وال یق در لھ ذا ، وھ م بطبیع ة وظیف تھم یؤمن ون بمب دأ الم شروعیة ،الع دلاء ح ر م ستقل یحمی ھ م ن المبدأ قیام واستقرار إذا لم یوجد إلى جانبھ ق ض

." اإلعتداء ویدفع عنھ الطغیان ولكى تحق ق الرقاب ة الق ضائیة دورھ ا ف ى حمای ة حق وق وحری ات األف راد یج ب أن یك ون الق ضاء س لطة م ستقلة ال س لطان ألح د علی ھ إال

،الق انون ، كم ا یج ب أن یتمت ع الق ضاه بالح صانات الت ى ت ضمن حی ادھم بقواع د قانونی ة ین الق ضاه ونقلھ م محكوم ا ویتحق ق ذل ك عن دما یك ون تعی

وحی ث . وأن یتم تأدیبھم وعزلھم بمعرفة السلطة القضائیة وح دھا ،محددة یفقد القضاء اس تقاللھ ، ویك ون رجال ھ م ن حی ث اختی ارھم أو ت رقیتھم أو

الرقاب ة الق ضائیة ف إن ممارسة اختصاصاتھم خاضعین للسلطة التنفیذیة ، وی صبح مب دأ خ ضوع الدول ة ،ق ل بالن سبة للحك ام تفق د معناھ ا ، عل ى األ

.للقانون وھمیا ال وجود لھ

: وجود رقابة للرأى العام -٧الرأى العام حسب ال راجح م ن التعریف ات المتع ددة ل ھ عب ارة ع ن وجھ ة نظ ر األغلبی ة تج اه ق ضیة عام ة معین ة ، ف ى زم ن مع ین ، تھ م

حث ا ع ن ح ل یحق ق الجم اھیر ، وتك ون مطروح ھ للنق اش والج دل ، ب . الصالح العام



١٠٠

ص بح ف ى الوق ت ال راھن ق وة ض خمة أ وال ش ك أن ال رأى الع ام نتیج ة لتط ور األوض اع ال سیاسیة واالقت صادیة واإلجتماعی ة والثقافی ة

ساس یا م ن عناص ر خ ضوع الدول ة أص بح یمث ل عن صرا أوغیرھ ا ، و . للقانون

اس یا ف ى تحدی د طبیع ة سأص بح ال رأى الع ام نتیج ة ل ذلك یلع ب دورا أوثب ت الت اریخ ال سیاسى أ وف ى ت شكیل األفك ار ال سیاسیة ولق د ،النظ ام

ن ما تقره نصوص الدستور م ن حری ات وض مانات القیم ة لھ ا أللشعوب .ما لم تؤمن بھ جماھیر الشعب وتدافع عنھ بكل ما تملك

ویحم ى ،فوجود رأى عام قوى ومستنیر یدعم مبدأ س یادة الق انون م الدول ة القانونی ة ، كم ا أن نظ ام الدول ة القانونی ة ی دعم ال رأى الع ام نظ ا

ى أ أن ال ر یفوتنا التأكید على وال. ویعطیھ الفعالیة ویضفى علیھ الشرعیة الع ام ونم وه ھ و ال ذى أدى إل ى قی ام الث ورات التحرری ة الت ى ن ادت

ام أث ره بالدیمقراطیة وتأكید الحقوق والحریات الفردیة ، وك ان لل رأى الع الضخم فى زیادة الدور الذى یمكن أن یؤدیھ كضمانة لمب دأ الم شروعیة ،

أن یول ده خ روجھم ىفالحكام وقد بات یھددھم سخط الرأى العام وما ع س عل ى الق انون م ن رد الفع ل ل دى المحك ومین یج دون أنف سھم ف ى الكثی ر

.ل إلى مقتضاه والغالب مضطرین إلى إحترام حكم القانون والنزمث ل ل إلدارة العام ة موالرأى العام یقف خلف الدساتیر والقوانین ك

للشعب وكمشارك فى ص نع كاف ة الق رارات ال سیاسیة الت ى تم س م صالح صبح من السمات الممیزة للدیمقراطیة ف ى الع صر الح دیث أالجماھیر ، و

وكركی زة لك ى یم ارس ، مبدأ س یادة الق انون ك ضمان للحق وق والحری ات . سلطاتھ كقوة ضغط فى النظم السیاسیة المعاصرةالرأى العام



١٠١

المبحث الثانى النظریات الرئیسیة فى تفسیر خضوع الدولة للقانون وعل ى ،اس تقر ال رأى ف ى الفق ھ الدس تورى عل ى أن ال سیادة تقب ل التقیی د

، ولكن اختلفت األراء فى تبری ر ھ ذا التحدی د ،وجوب تحدید سلطة الدولة ف ى تف سیر خ ضوع الدول ة للق انون ویمك ن تقی یم ووج دت ع دت نظری ات

اآلراء التى قیلت فى ھذا الشأن إل ى نظری ات ن والى تف صیلھا عل ى النح و : التالى

: نظریة القانون الطبیعى -١ن شأت نظری ة الق انون الطبیع ى عل ى ی د فالس فة اإلغری ق ونقلھ ا

ن عشر عنھم الرومان وتجددت واشتھرت فى القرنین السابع عشر والثام ع ى ظھ رت من ذ الق دم إال أنھ ا اس تمرت ی، ورغ م أن فك رة الق انون الطب

لح الى ، وكان ت ھ ذه النظری ة ف ى ك ل حقب ة زمنی ة اقائم ةحتى ع صرنا فق د ك ان الق انون الطبیع ى فل سفة عن د ،ة ب صبغة معین ةغمختلف ة م صطب

ن ودین ا ف ى الق رو ،ا تحدی دا واض حا ع ن الروم ان دالیونان ، وقانونا محد بقواع د ال دین الم سیحى باعتب ار أن هحی ث امتزج ت قواع د.الوس طى

ومن ث م تعل و قواع ده الق وانین الوض عیة ، كم ا ظھ ر ،قواعده من عند اهللا وت ستند ھ ذه النظری ة عل ى أس اس أن ھن اك .سیاسة فى العصور الحدیث ة

مجموعة من القواعد والمبادئ الخالدة یكشف عنھا العق ل الب شرى وتعب ر ف ضال ع ن كونھ ا ثابت ة ال تختل ف ب اختالف الزم ان ،لعدال ة المطلق ة عن ا

. والمكان وتعل و عل ى الق وانین ،وھ ذه القواع د س ابقة عل ى وج ود الدول ة

ویترتب على ذلك وجوب التزام المشرع فى ك ل دول ة بمب ادئ ،الوضعیة ، ألنھ ا تع د قی دا وح دا لممارس ة ال سلطة ،ھذا القانون عند سن الت شریعات

ا القی د یترك ز ف ى قواع د الق انون الطبیع ى الت ى یج ب عل ى الدول ة وھ ذ . مراعاتھا فى تصرفاتھا



١٠٢

وأنصار ھذه النظریة یرون أنھ ا تحك م ك ل ش عوب الع الم باعتب ار ویستطع اإلن سان ،أن قواعد القانون الطبیعى مثالیة تعبر عن معنى العدل

سم بالثبات وع دم وھى غیر مختلفة من بلد آلخر فھى تت ،أن یدركھا بعقلھ .التغییر ومن ثم ال تختلف من بلد لبلد

: نقد النظریة لق د تعرض ت نظری ة الق انون الطبیع ى لالنتق اد م ن جان ب الفق ة

فق د ذھ ب الفقی ھ . لغموض ھا وض عف األث ر ال ذى یمك ن أن یترت ب علیھ ا عل ىیر إل ى أن فك رة الق انون الطبیع ى ال ت ورد بالفرن سى كاری ھ دى م ال

لدولة قیودا قانونیة وأن كل ما تقرره من قیود ال یعدو مجرد قیود سلطان ا . أدبیة وسیاسیة وبالتالى فھى ال تضع قیودا حقیقیة على سیادة الدولة

ویرى بعض الفقھ المصرى أن ھ ذه النظری ة تت سم ب العموم وع دم التجدید فھى عنده فكرة غامضة تصارعت اآلراء فى ش أنھا ب ین معت رف

لھا ، وفكرة ھذا وضعھا ال یصح أن تتخذ أساسا لتجدید غیرھا بھا ومنكر فتح ی، وإن غم وض أحك ام الق انون الطبیع ى واخ تالف اآلراء ب شأنھا س

المج ال للدول ة لممارس ة س لطانھا عل ى النح و ال ذى تری ده ، م ستغلة ھ ذا وعل ى ذل ك ف إن نظری ة ،الغم وض ال ذى یكتن ف قواع د الق انون الطبیع ى

. عى ال تصلح لتحقیق الھدف الذى نسعى إلیھ القانون الطبی : نظریة الحقوق الفردیة -٢

تق وم نظری ة الحق وق الفردی ة عل ى فك رة رئی سیة مؤدھ ا أن للف رد وھى سابقة على ، وجدت بوجوده ونشأت منذ میالده، فردیة أصیلة حقوقا

وأن الدول ة م ا وج دت إال ،الدول ة وت سمو علیھ ا وال تخ ضع ل سلطانھا ة ھذه الحقوق وص یانتھا ومن ع التع ارض بینھ ا ، وأن الدول ة ملزم ة لحمای

بإحترام تلك الحقوق وال یصح لھا أن تعت دى علیھ ا وال تح اول االنتق اص وبالت الى ف سلطان الدول ة ل یس مطلق ا ب ل مقی دا ،أو الح د منھ ا أو إھ دارھا



١٠٣

ة بحق وق األف راد ، ألن الف رد م ا انط وى تح ت ل واء الجماع ة إال لحمای . ةنالحقوق والتمتع بھا فى أمن وطمأنی

الفردی ة ھ ى تطبی ق للم ذھب الف ردى ال ذى یق دس وفكرة الحق وق ویجعل سعادة ،حریة الفرد ویقرر ویؤكد مبدأ المساواة بین أفراد الجماعة

ن تدخل سلطة الدولة لتقیید حریة الفرد یجب أ و،الفرد ھى الھدف األسمى . تمكین غیره من استعمال حریتھأن یقتصر على القدر الضرورى ل

رتطبت الحقوق الفردیة حینا بالقانون الطبیعى واستمدت منھ اولقد ف الفرد عن دما ،رتبط ت حین ا آخ ر بنظری ة العق د اإلجتم اعى ا و،وجودھ ا

دخل فى تكوین الجماعة بمقتضى العقد االجتماعى ل م یتن ازل ع ن حقوق ھ ال ضرورى منھ ا ال ذى ت ستلزمھ وإنما قبل التنازل ع ن الق در ،كلیة للدولة

وھ ذا م ا انتھ ى إلی ھ ل وك ورس و عن د ،عة الناشئة االحیاة الجدیدة فى الجم . تفسیرھم لنظریة العقد االجتماعى كما سبق أن رأینا

ولق د أث رت النظری ة كثی را ف ى فك ر رج ال الث ورة الفرن سیة وف ى ذى ال ١٧٩١دساتیرھا الت ى قام ت عل ى أس اس حری ة الف رد مث ل دس تور

ى قوانین أال یجوز للسلطة التشریعیة أن تضع " نص فى مقدمتھ على أنھ م ن ش أنھا أن ت ضر أو تعرق ل ممارس ة الحق وق الطبیعی ة والمدنی ة

وال ذى - الب اب األول م ن الدس تور –المن صوص علیھ ا ف ى ھ ذا الب اب "یضمن ھذا الدستور حمایتھا

ى حق وق وق د ت ضمن اإلع الن الع المى لحق وق اإلن سان ال نص عل األفراد قبل ترجمة الدساتیر الفرنسیة لھ حیث نص فى مادتھ األولى عل ى

متساوین فى الكرامة والحقوق ، وقد وھبوا یولد جمیع الناس أحرارا "أن كم ا " عق ال وض میرا ، وعل یھم أن یعام ل بع ضھم بع ضا ب روح اإلخ اء

لتمت ع لك ل إن سان ح ق ا"ن صت الم ادة الثانی ة م ن ذات اإلع الن عل ى أن ."بكافة الحقوق والحریات الواردة فى ھذا اإلعالن دون أى تمییز



١٠٤

:نقد النظریةعلى الرغم من الغرض النبیل والھدف السامى الذى تسعى النظریة لتحقیقھ إال أنھا لم تسلم من النقد من جانب غالبیة الفقھ ویمكن

: إجمال ھذا النقد فیما یلى قامت النظریة على حیث یالى غیر صحیح خد استناد النظریة على فر-١

وكان یتمتع ،أساس أن الفرد كان یعیش فى عزلة قبل حیاة الجماعة وأن األفراد رغم عزلتھم كانوا ،بحقوق ترجع إلى طبیعتھ كإنسان

.متساوین فى التمتع بھذه الحقوق ولم یحدث ذلك مطلقا ھ،ولم یثبت أن اإلنسان كان یعیش فى عزل

أن الفرد ال یستطیع أن یحیا إال فى جماعة ھذا من ناحیة حیث ثبت علمیاومن ناحیة أخرى وعلى فرض أن الفرد لو سلمنا بوجوده منعزال عن .

اآلخرین فال یتصور أن تكون لھ حقوق لعدم وجود طرف آخر یمكن أن فضال عن أن المساواة التى تفرضھا النظریة تھ،ینشأ الحق فى مواجھ

ادرفالتمتع بالحقوق أمر ال یؤیده الواقع ، فاألبین األفراد من حیث .یختلفون فیما بینھم فى نواحى متعددة نظرا الختالفھم فى أمور كثیرة

من الناس مزحة حیث البعض تعدأن المساواة التامةتقدیرنا وفى بدرجة أكبر من البعض اآلخر وأن لكن لیس بدرجة واحدة بلمتساوون

. فراد أمر یتعارض مع الواقع المشاھدالمساواة التامة بین األ : عجز النظریة عن تحقیق أھدافھا - ٢

فالنظریة فى أساسھا تھدف إلى الحد من سیادة الدولة وحمایة ألنھا ، إال أن ھذه النظریة ال تصلح أساسا لتحدید سلطان الدولة،األفراد

أنھا وإن قررت لألفراد حقوقا طبیعیة یجب على الدولة إحترامھا إال وبذلك یكون تحدید سیادة ،تركت أمر تعیینھا وتحدید مداھا للدولة ذاتھا

وبناء على ذلك تستطیع أن تعدل فیھ على ،الدولة من صنع الدولة نفسھا



١٠٥

وقد یصل األمر فى بعض األحوال إلى إزالة ھذه ،النحو الذى تریده . القیود وممارسة سیادتھا بصفة مطلقة

: ة یؤدى إلى الصراع بین الفرد والدولة األخذ بمنطق النظری- ٣ ألن الدولة ؛حسب النظریة تتعادل سیادة األفراد وسیادة الدولةبف

فال یجوز المساس بھا ووضع قیود علیھا ، كما أن ،لھا سیادتھا وسلطتھاالفرد لھ حقوقھ وحریاتھ الفردیة السابقة على وجود الدولة ویترتب على

.حد فرضین أذلك وھذا من ،إما أن یتحقق التوازن بین سلطة الدولة وحقوق األفراد :األول

. الصعب تحققھ بل من المستحیل الحتفاظ كل منھما بسلطتھ ومن ثم إذا غلبت كفة األفراد ،خضع طرف الطرف األخرأن ی: الثانى

، أما إذا غلبت كفة فوضىعلى الدولة انتھت األخیرة مما یؤدى إلى . أضحت الدولة دیكتاتوریة أو استبدادیة الدولة على األفراد



١٠٦

الفصل الخامس أشكال الدولة

یقدم الفقھ الدستوري والدولي أشكاال عدیدة للدولة تختلف تبعا للوجھة التي ینظر إلیھا ویمكن النظر إلي زوایا عدة للدولة، منھا ما یتعلق بالغای ة

یساریة اشتراكیة، ومنھا م ا فنجد أن ھناك دوال لیبرالیھ رأسمالیة ودوال یتعل ق ب شكل الحك م فنج د أن ھن اك النظ ام الرئاس ي والنظ ام البرلم اني ونظ ام حكوم ة الجمعی ة، ومنھ ا م ا یتعل ق بكیفی ة ال سیادة فنج د أن ھن اك

.دوال كاملة السیادة وآخري ناقصة السیادةیتعل ق بی د أن أھ م ھ ذه األش كال م ن الوجھ ة الدس توریة ھ و م ا

بالتركیب، وتنقسم الدولة من زوایة التركیب إلي دولة ب سیطة أو موح دة، ودولة مركبة ویترتب علي ھذا التعدد نتائج قانونیة وسیاسیة، فمن الناحیة القانونی ة فل شكل الدول ة نت ائج ت دور ح ول بنائھ ا الق انوني وتوزی ع

اسیة فإن شكل االختصاصات فیھا ووظیفة الدولة ذاتھا، ومن الناحیة السیالدولة یرتبط إلي حد بعید بتاریخھا وتركیبھا اإلجتم اعي، ونع رض فیم ا یلي لك ال م ن ال دول الموح دة وال دول المركب ة ف ي مبحث ین م ستقلین عل ي

:النحو التالي



١٠٧

المبحث األول الدولة البسیطة أو الموحدة

ینھ ا الدول ة الب سیطة أو الموح دة ھ ي الت ي تت سم بالب ساطة ف ي تكو السیاسي وبوحدة أنظمتھا السیاسیة، فالسیادة فیھا موحدة ال مجزأة تمارس علي أرض شعب واح د بدس تور واح د، ووظیف ة الحك م فیھ ا تم ارس م ن قب ل ھیئ ة أو حكوم ة واح دة وتت ولي إدارة ش ئونھا الداخلی ة والخارجی ة بحی ث ی شمل اخت صاص س لطاتھا العام ة الثالث ة كاف ة أنح اء إقل یم الدول ة

.وفي مواجھة كل األشخاص فالدول ة الب سیطة أو الموح دة تتمی ز بوج ود دس تور واح د، وس لطة ت شریعیة موح دة، وحكوم ة موح دة تت ولي ال سلطة التنفیذی ة، وس لطة ق ضائیة ت سند إل ي المح اكم عل ي إخ تالف أنواعھ ا ودرجاتھ ا س واء تبن ت

.وجالدولة في ذلك نظام القضاء الموحد أم القضاء المزد والدولة الموحدة علي ذلك ال تتجزأ فیھا السلطة إلي أجزاء داخلی ة، بل تتمیز بوجود مركز موحد لممارسة السلطة في الدول بمعناھا الواسع،

.ویبدو كل جزء منھا كأنھ دولة والدولة البسیطة أو الموحدة ھي الشكل الطبیع ي والع ادي لكثی ر م ن

ومعظ م دول ق ارات الع الم، ذل ك أن خ وف الدول ة مث ل م صر وفرن سا الحك ام م ن الق وي المعادی ة أو اإلنف صالیة ی دفعھا إل ي اختی ار الحك م

–المركزي، وال یتنافي تكوین الدولة البسیطة مع وجود أقسام إداریة فیھا . لت سھیل إدارة الم صالح والمراف ق العام ة –ھیئ ات إداری ة ال مركزی ة

البا مالزما لنشوء الدولة وھذا م ا ح دث ف ي كثی ر والبناء الموحد للدولة غ من الدول القدیمة التي نشأت نتیجة عمل توحیدي سریع أو مت درج قام ت ب ھ عائل ة حاكم ة أو ح اكم، والت اریخ ال وطني لك ل دول ة یظھ ر وج ود شخصیة تاریخیة وراء نشؤھا أمثال فیلیب دي بال ولویس الح ادي ع شر

یا، وك افور ف ي إیطالی ا، باإلض افة إل ي أب اء في فرنسا، وبسمارك في ألمان



١٠٨

اإلستقالل في الدول الجدیدة في أفریقیا وأسیا الذین قادوا حركات التحرر .الوطني في بالدھم بعد جالء المستعمرین الغربیین عنھا

وغالبا م ا یثی ر ش كل الدول ة مناق شات وخالف ات عن د إن شائھا وإق رار – ١٧٧٧الی ات المتح دة األمریكی ة أول دس تور لھ ا، مث ل دس تور الو

١٩١٠ – ١٩٠٤ وجن وب إفریقی ا ١٩٠٩ – ١٩٠٢ واس ترالیا ١٧٨٧،كما یثیر صراعات حادة عندما یعاد طرح الشكل األساسي للدولة مثل ما حدث في كندا، بلجیكا، أسبانیا ومشكلة الباسك، ایرلندا ال شمالیة، وم شكلة

مھ ا ال شرقي وتأس یس دول ة باك ستان الت ي انتھ ت بإنف صال ج زء م ن إقلی .بنجالدش

ومما سبق یتضح أن للدولة الموح دة س مات معین ة تمیزھ ا ع ن غیرھ ا :یمكن إجمالھا فیما یأتي

فالدول ة الب سیطة أو الموح دة تك ون :وحدة المؤسسات السیاسیة -١السلطة فیھا واحدة، واألجھزة الحكومیة واحدة ووحدة المؤسسات

ر واح د، یح دد لك ل س لطة م ن الدس توریة تعم ل ف ي إط ار دس تو السلطات مج ال عملھ ا، وتك ون لقواع ده مكان ة ال صدارة وال سمو

.داخل الدولة برلمان – فال یوجد بھا سوي سلطة تنفیذیة واحدة وسلطة تشریعیة واحدة

یخ تص ب سن الق وانین الت ي تطب ق عل ي كاف ة أف راد ال شعب وف ي كاف ة –ع دد الت شریع ف ي مختل ف أق الیم وإن كان ذلك ال یمن ع م ن ت . أرجاء الدولة

الدول ة، إذ البرلم ان ی ستطیع أن ی صدر ق وانین ال تطب ق عل ي ج زء أو ٢٣مثال ذل ك م ا ك ان س ائدا ف ي م صر بع د ث ورة . أجزاء من إقلیم الدولة

من إعفاء سكان منطقة سیناء ف ي الخ ضوع لق انون الخدم ة ١٩٥٢یولیة .نین الخاصة بمناطق الحدودالعسكریة، وكذلك الحال بالنسبة لبعض القوا

أما السلطة القضائیة فیھا فال یوجد بالدولة البسیطة أو الموحدة سوي س لطة ق ضائیة واح دة تم ارس عملھ ا م ن خ الل محاكمھ ا الموج ودة ف ي



١٠٩

كاف ة أرج اء اإلقل یم، وتف صل ف ي الق ضایا المعروض ة علیھ ا ف ي ض وء وعھا لرقابة جھة قضائیة قواعد قانونیة موحدة، مع إلتزام محاكمھا وخض

علیا تتربع علي كل نظام قضائي سواء الع ادي أم اإلداري ض مانا لوح دة وال یمنع ذلك من وجود قضاء موحد أو مزدوج . تطبیق القانون في الدولة

بالدولة، فمن الدول ما یأخذ بنظام القضاء الموحد الذي یسند مھمة الفصل لق انون الخ اص، وم ن ال دول م ا ف ي المنازع ات المدنی ة وتطبی ق قواع د ا

یأخذ بنظام إزدواجیة القضاء فبجوار المحاكم المدنیة یختص بالفصل في المنازع ات اإلداری ة مح اكم إداری ة تف صل وف ق أحك ام وقواع د الق انون

.اإلداري وال یغیر ذلك من اعتبار الدولة دولة موحدةة أف راد الدول ة الب سیطة أو الموح د : اتح اد عن صرھا الب شري -٢

یكونون م ع بع ضھم ال بعض وح دة متجان سة ویخ ضعون ألنظم ة واح دة ب الرغم مم ا ق د یوج د م ن إختالف ات فردی ة ب ین أع ضاء عن صرھا الب شري، خاص ة إذا م ا عاش ت ھ ذه الجماع ة حی اة م شتركة فت رة طویل ة م ن ال زمن ون شأت بینھ ا ع ادات و تقالی د

بین أفراد مشتركة، حیث یؤدى ھذا التجانس إلى تحقیق اإلنسجام .الشعب من ناحیة وبین الشعب والسلطة من ناحیة أخري

ف اإلقلیم ف ي الدول ة الموح دة وح دة واح دة بحی ث :وح دة اإلقل یم -٣یخضع مختل ف أجزائ ھ لل سلطات الحكومی ة دون النظ ر للف وارق المحلیة أو اإلقلیمیة حیث تغط ي س لطة الجھ از الحك ومي الواح د

. رقعة الدولة بأكملھقل یم م ن المب ادئ الدس توریة ف ي الدول ة الموح دة حت ي ول و ل م ووح دة اإل

ینص علیھ، أو نص علیھ صراحة في الدستور كما ھو الشأن ف ي دس تور فرن سا جمھوری ة ال " ال ذي ن ص ف ي مادت ھ الثانی ة عل ي أن ١٩٥٨فرن سا

."تتجزأ



١١٠

: الدولة الموحدة والالمركزیة اإلداریةالحظن ا وح دة ال سلطة ال سیاسیة فیھ ا، من سمات الدولة الموحدة كما

وھو ما أصطلح علي تسمیتھ بإسم المركزیة السیاسیة، و التى تفترق عن الالمركزیة السیاسیة حیث تعني األخیرة توزیع مظاھر السیادة في الدولة بین عدة مؤسسات تشریعیة وتنفیذیة وقضائیة تمارس صالحیتھا في كافة

وارھ ا س لطات آخ ري ال مركزی ة تم ارس أرج اء إقل یم الدول ة ویوج د بج .صالحیاتھا في نطاق مكاني معین ومحدد یطلق علیھ دویلھ

وھذه الالمركزی ة ال سیاسیة تختل ف ع ن الالمركزی ة اإلداری ة والت ي تعني توزیع األعم ال اإلداری ة داخ ل الدول ة ی تم تحدی دھا بمقت ضي ق انون

ئات اإلقلیمیة اختصاصاتھا عادي تضعھ السلطة التشریعیة، وتمارس الھیتح ت وص ایة ورقاب ة ال سلطة المركزی ة ف ى بع ض أعمالھ ا، وت ستطیع السلطة التشریعیة تعدیلھ بموجب ق انون م ن قبلھ ا ال تت دخل فی ھ الھیئ ات

.الالمركزیة ومن ث م ال ی ستلزم ب ساطة التركی ب الدس توري ف ي الدول ة الموح دة

قد تأخذ الدولة الموح دة بنظ ام الالمركزی ة بساطة التنظیم اإلداري فیھا ، ف اإلداریة كما سبق أن أشرنا، أو تأخذ بنظام المركزیة اإلداریة ال ذي یعن ي ح صر الوظیف ة اإلداری ة ف ي ی د الحكوم ة القائم ة ف ي العاص مة وع دم

.توزیعھا علي الھیئات اإلقلیمیةإلداري وال یتع ارض م ع نظ ام الدول ة الموح دة أی ا م ن األس لوب ا

المركزي والالمركزى فسواء أخذت الدولة باإلسلوب المركزي أو طبقت اإلسلوب الالمركزى في اإلدارة ال یمنع ذلك من وصف الدول ة بالب سیطة أو الموح دة، حی ث الالمركزی ة اإلداری ة تقت صر فق ط عل ي الوظیف ة اإلداریة، وعل ي ذل ك تبق ي الدول ة موح دة نظ را لوح دة دس تورھا ووح دة

.طاتھا التشریعیة والتنفیذیة والقضائیةسل



١١١

وتشكل الالمركزیة أحد المواضیع الھامة في الق انون اإلداري إال أن ھ یترت ب علیھ ا نت ائج ف ي الحی اة الدس توریة وال سیاسیة ف ي الدول ة وس وف

. یكون لھا نصیب من الدراسة في مادة القانون اإلداري إن شاء اهللا المبحث الثاني

مركبةالدولة ال الدولة المركبة أو اإلتحادیة علي خالف الدولة البسیطة أو الموحدة ال تقوم عل ي أس اس وح دة دس توریة واح دة وإنم ا تتع دد فیھ ا الدس اتیر، كم ا

فھ ي تأخ ذ ش كال . تتوزع فیھا مظاھر ال سیادة ب ین االتح اد وب ین الوالی ات م شتركة مركب ا یق وم عل ي أس اس إتح اد ع دد م ن ال دول تخ ضع ل سلطة

یربطھ ا رب اط دس توري یجع ل م ن دول ة اإلتح اد دول ة ت سمو بمؤس ساتھا علي الدول األعضاء، ویختلف توزیع السلطة تبعا إلختالف ن وع اإلتح اد الذي یربط بینھا، وتتدرج األشكال التي یتخ ذھا ھ ذا اإلتح اد م ن ال ضعف

تح اد الحقیق ي إلي القوة بدءا باإلتحاد الشخصى، فاإلتحاد االس تقاللي، فاال ونتن اول فیم ا یل ى ھ ذه األش كال ف ي أو الفعلي، وأخی را اإلتح اد المرك زي

:عدة مطالب علي النحو التالي المطلب األول اإلتحاد الشخصي

یتكون ھذا النوع من االتحاد بإجتماع دولتین أو أكثر تحت عرش واحد علي ھذا مع احتفاظ كل منھا بكامل سیادتھما واستقاللھا، فكل ما یترتب

– وحدة رئاسة الدولة فقط –اإلتحاد ھو االتحاد في شخص رئیس الدولة .مع احتفاظ كل دولة بكامل سیادتھا الداخلیة والخارجیة

ویحدث ھذا النوع من اإلتحاد عادة نتیجة حادث عارض مثل مصادفة اجتماع حق وراثة عرش دولتین في أسرة ملكیة واحدة، أي ینتج

إلى ملك أو إمبراطور واحد، كما تحاد من أیلولة عرش دولتینھذا االیتحقق ھذا النوع من االتحاد عن طریق اإلتفاق كما إذا اتفقت دولتان أو



١١٢

مثل اإلتحاد الذي قام بین لیتوانیا وبولندا أكثر علي إقامة اتحاد شخصي والذي تحول إلي اتحاد فعلي فیما بعد، ١٥٦٩ إلي سنة ١٣٨٥من سنة

یتصور قیام اإلتحاد الشخصي بین دولتین ملكیتین كما ذھب إلي ذلك والبل من الممكن أن یتحقق بین جمھوریتین وھذا ما حدث بعض الفقھ

بالفعل حینما تولي بولیفار رئاسة الجمھوریة في وقت واحد في كل من بیرو وكولومبیا، وفنزویال، في أمریكا الجنوبیة وذلك عندما تم اختیاره

والثالث ١٨١٤ والثانیة سنة ١٨١٣للجمھوریة األولي في سنة رئیسا .١٨١٦سنة

ولما كان اإلتحاد الشخصي یقتصر فقط علي وحدة رئاسة الدولة، من ثم فھو أضعف أنواع اإلتحادات وأوھنھا ضعفا؛ ألنھ اتحاد مؤقت وعارض یزول بمجرد اختالف شخص رئیس الدولة ألى سبب كان

الخ.... ثة العرش، أو عدم اختیار نفس الرئیس أو وفاتھ كتغیر قوانین وراویترتب علي االتحاد الشخصي مجموعة من النتائج یمكن إجمالھا فیما

:یلي احتفاظ كل دولة بنظامھا السیاسي فیكون لھا دستورھا الخاص، -١

وبرلمانھا الخاص وحكومتھا الخاصة، وقد تتبع إحدي الدولتین نظام حین تكون األخرى ذات مجلس واحد ، وقد یكون المجلسین مثال فى

. بعضھا ملكیا دستوریا بینما یكون األخر ملكیا مطلقا احتفاظ كل دولة بشخصیتھا الدولیة فیكون لكل منھا سیاستھا الخاصة -٢

وتمثیلھا الدبلوماسي الخاص، والتزامھا فقط بما تعقده من اتفاقات ولكن الواقع العملي أثبت أن وحدة ومعاھدات دولیة أو تشریعات داخلیة

رئیس الدولة تؤدي عمال إلي توحید السیاسة وتوحید أشخاص الممثلین الدبلوماسیین للدول الداخلة في اإلتحاد دون أن یعد ھؤالء الممثلون الدبلوماسیون مبعوثین لإلتحاد، بل مبعوثین لكل دولة علي حدة، أي أن



١١٣

ھم تارة بإسم دولة معینة وتارة ھؤالء الممثلین سیباشرون اختصاصات . أخري بإسم دولة ثانیة من دول اإلتحاد ولیس بإسم اإلتحاد

تعدد شخصیة رئیس الدولة بتعدد الدول الداخلة فى اإلتحاد فرئیس -٣الدولة یمارس سلطاتھ ال بصفتھ رئیسا لإلتحاد ، ولكن یمارسھا بصفتھ

ض األحوال ، وفى أحوال كرئیس إحدى الدول الداخلة فى اإلتحاد فى بعأخرى بصفتھ رئیس للدولة األخرى ، فھو شخصیة لھا دور مزدوج أو

. متعدد حسب عدد الدول الداخلة فى اإلتحاد لكل دولة أن تحتفظ ألفراد شعبھا بجنسیتھا الخاصة بھا ، ومن ثم ال -٤

یعتبر رعایا إحدى الدولتین رعایا للدولة األخرى بل یعتبرون أجانب، ذلك إذا ما قامت حرب بین الدولتین فإنھا تعد حرب دولیة بین دول وعلى

. مستقلة ذات سیادةواألمثلة على اإلتحاد الشخصى لیس لھا وجود األن ، وإنما تستمد

من التاریخ ، وینتھي ھذا اإلتحاد بإنتھاء السبب الذى أنشئ من أجلھ، فقد وذلك بسبب تولى ١٧١٤ انتھىاإلتحاد الذى قام بین انجلترا وھانوفر سنة

؛ ألن قانون توارث العرش فى ١٨٣٧الملكة فیكتوریا عرش انجلترا سنة ھانوفر ال یتیح للنساء تولى الحكم إال فى حالة إنعدام الذكور فى جمیع

. أفراداألسرة المالكة وكذلك الحال فى شأن اإلتحاد الذى كان قائما بین ھولندا ولكسمبرج

ث انتھى بتولى الملكة كلمینا عرش ھولندا فى عام حی١٨١٥منذ عام لذات السبب فى دولة ھانوفر حیث كانت قوانین تولى العرش فى ١٨٩٠

. لكسمبرج تمنع النساء من تولى العرش ومن أمثلة اإلتحاد الشخصى قدیما اإلتحاد الذى قام بین بلجیكا

والذى ١٩٠٨لى إ١٨٨٥ودولة الكونغو الدیموقراطیة فى الفترة من انتھي بتقریر البرلمان البلجیكى ضم الكونغو إلى بلجیكا واعتبارھا

. مستعمرة بلجیكیة ومن ثم سقط اإلتحاد الشخصى



١١٤

ومن أمثلتھ حدیثا التجربة التى قامت بین ایطالیا وألبانیا غضون عندما إحتلت القوات الفاشیة ١٩٤٣ – ١٩٣٩الحرب العالمیة الثانیة

لبانیة ففر الملك زوغو، وأعلنت ایطالیا تنصیب فیكتور األراضى األعمانویل الثالث ملك إیطالیا ملكا على ألبانیا ، وفى أعقاب ھزیمة إیطالیا

فى الحرب العالمیة الثانیة انفصلت ألبانیا عن إیطالیا وأعلنت استقاللھا . ١٩٤٣ سبتمبر عام ١١فى

ذ لم یعد یتفق مع روح العصر ولم یعد لھذا النوع من اإلتحاد وجود اآلن إ .الحدیث وأفكاره

المطلب الثانى اإلتحاد الحقیقى أو الفعلى

یتكون اإلتحاد الحقیقى أو الفعلى من إتحاد دولتین أو أكثر فى إتحاد دائم تتوحد فیھ السیادة الخارجیة، بحیث تفقد كل الدول األعضاء فى

شخصیة دولة اإلتحاد، اإلتحاد شخصیتھا الخارجیة، حیث تذوب فىفتنفرد دولة اإلتحاد بمباشرة المسائل الخارجیة على الصعید الدبلوماسى

. وأحیانا المالى والدفاعى أما السیادة الداخلیة فتبقى كل دولة متمتعة بإستقاللھا ومؤسساتھا،

وبالتالى یظل لكل دولة دستورھا الخاص ، وبرلمانھا الخاص ، وقضاؤھا الخاص ، وقوانینھا الخاصة، وبصفة وحكومتھا الخاصة ،

. عامة سیادتھا الداخلیة، فإن وعلى عكس اإلتحاد الشخصى الذى تكون فیھ الرابطة واھیة

اإلتحاد الحقیقى یمتاز عن اإلتحاد الشخصى بأنھ إتحاد فى النشاطالخارجى ولیس مجرد اتحاد فى شخص رئیس الدولة، ولذلك سمى

یقى أو الفعلى، والدول الداخلھ فیھ ترتبط بروابط أشد قوة باإلتحاد الحق . وإحكاما وأكثر تماسكا ودواما عن اإلتحاد الشخصى



١١٥

ویتمیز اإلتحاد الحقیقى باإلضافة إلى وحدة شخص رئیس الدولة، بظھور دولة جدیدة أو شخصیة دولیة جدیدة ھى شخصیة دولة اإلتحاد

سیادتھا الخارجیة ، مع احتفاظ كل بعد فقد الدول أعضاء اإلتحاد مظاھر . دولة من الدول أعضاء اإلتحاد بمظاھر سیادتھا الداخلیة

ویترتب على فقدان الدول المشتركة فى اإلتحاد الحقیقى لشخصیتھا الدولیة تقید الدول األعضاء بكافة التصرفات التى یجریھا اإلتحاد، كإبرام

حرب، على أن یالحظ أن ما تعقده المعاھدات، واإلتفاقیات، وإعالن الدولة اإلتحاد من معاھدات دولیة یكون بإسم اإلتحاد ولحسابھ إذا أنصب على مسائل تھم اإلتحاد بأكملھ ، كما یمكن أن یكون بإسم دولة واحدة من

. دولة اإلتحاد ولحسابھا إذا انصب على مسائل تھم ھذه الدولة فقطتحاد ودولة أجنبیة فإنھا تعد وإذا قامت حرب بین احدى دول اإل

حربا دولیة بالنسبة لإلتحاد بأكملھ أما إذا قامت حرب بین دول اإلتحاد . فإنھا تعد من قبیل الحرب األھلیة وال من قبیل الحروب الدولیة

اإلتحاد الذى قام –ومن أبرز أمثلة اإلتحاد الحقیقى فى التاریخ والذى انتھى ١٩٠٥ – ١٨١٤بین السوید والنرویج فى الفترةمن

٢٦باالنفصال بین الدولتین بموجب معاھدة استوكھولھم الموقعة فى – ١٨٦٧واإلتحاد الذى قام بین النمسا والمجر من . ١٩٠٥أكتوبر سنة والذى نشأ بموجب اتفاق الدولتین وإتخذ اسم امبراطوریة النمسا ١٩١٨

ولى واإلتحاد الذى والمجر الذى انتھى بھزیمتھما فى الحرب العالمیة األ واإلتحاد ١٩٤٤ – ١٩١٨قام بین الدانمارك وأیسلندا فى الفترة من

الحقیقى شأنھ شأن اإلتحاد الشخصى أصبح من ذكریات الماضى ولیست لھ سوى قیمة تاریخیة لنشأنھ فى ظروف خاصة وإزالتھ بزوال الظروف

التى كانت السبب فى نشأتھ



١١٦

المطلب الثالث قاللى أو التعاھدىاإلتحاد االست

یتكون اإلتحاد التعاھدى أو اإلس تقاللى بموج ب اتف اق ب ین دولت ین أو أكثر على اإلرتباط فیما بینھا بموجبھ یترتب علیھ احتفاظ كل دولة فیھ ب سیادتھا الخارجی ة والداخلی ة ون زول ك ل منھ ا ع ن ج زء م ن س یادتھا

م ؤتمر ی ضم من دوبین الخارجیة لصالح ھیئة اتحادیة تسمى بالجمعیة أو ال . عن الدول الداخلة فى اإلتحاد

واالتح اد اإلس تقاللى أو التعاھ دى بھ ذه ال صورة یع د ص ورة وس ط م ن صور اإلتحاد ب ین اإلتح اد الشخ صي واإلتح اد الحقیق ى حی ث یبق ى عل ى شخصیة واستقالل الدول األعضاء فى المجالین الخارجى وال داخلى، م ع

تھا لصالح الجمعیة أو المؤتمر، فھو أقوى نزولھا عن جزء من اختصاصام ن اإلتح اد الشخ صى ویق یم رابط ة أض عف م ن الرابط ة الت ى یقیمھ ا اإلتح اد الحقیق ى، حی ث تفن ى الشخ صیة الدولی ة لل دول األع ضاء ف ى

.شخصیة اإلتحادوینشأ ھذا النوع من اإلتحاد بمقتضى اتفاقیة أو معاھدة دولیة توقع

، یسبقھا تفاوض بالطرق الدبلوماسیة تحقیقا ألھداف بین الدول الداخلة فیھومصالح مشتركة ل شعوب دول اإلتح اد، فھ و إتح اد ب ین دول ذات س یادة یترتب على الدخول فى المعاھدة اإلتحادیة إنشاء ھیئ ة ت سمى المجل س أو المؤتمر أو الجمعیة تتكون من أعضاء یمثلون حكوم ات ال دول الم شتركة

ن ال دول الموقع ة عل ى المعاھ دة، ول ذا یرتك ز اإلتح اد لتحقیق الم ساواه ب ی التعاھدى على مبدأ المساواة المطلقة بین الدول األع ضاء أی ا كان ت قوتھ ا أو حجمھ ا أو تع داد س كانھا مم ا ی ؤدى إل ى الح د م ن فعالی ة ھ ذا اإلتح اد، ول ذلك فغالب ا م ا یتح ول ھ ذا الن وع م ن اإلتح اد إل ى إتح اد فی درالى كم ا

. سنرى



١١٧

ویم ارس ھ ؤالء األع ضاء اخت صاصاتھم وفق ا للتعلیم ات الملزم ة الت ى یتلقونھ ا م ن حكوم اتھم أى أنھ م مقی دون بھ ذه التعلیم ات وم ن ث م فق رارات الم ؤتمر أو الجمعی ة اإلتحادی ة ال تل زم ال دول األع ضاء إال إذا ص درت باإلجم اع ونف ذتھا ال دول بح سن نی ة م ا ل م ی نص عل ى اإلكتف اء

غلبی ة مطلق ة م ن األع ضاء ، وتع د قاع دة اإلجم اع م ن المب ادئ بموافق ة أ األساسیة فى اإلتحاد التعاھدى حیث یبقى لكل دولة الحق فى معارضة أى

. قرار تجمع علیھ بقیة الدول المتحالفة ولكل دولة حق اإلنفصال ف ى أى وق ت ع ن اإلتح اد مت ى رأت ذل ك

أم ال، وھذا یعد أحد الخصائص مناسبا، سواء نص على ذلك فى المعاھدة . الممیزة لإلتحاد اإلستقاللى

وبن اء عل ى ذل ك یت ضح أن الجمعی ة أو الم ؤتمر ال تع د دول ة ف وق ال دول األع ضاء ، ب ل مج رد م ؤتمرا سیاس یا أو ھیئ ة است شاریة تنح صر مھمتھا فى رسم السیاسة المشتركة التى تسیر علیھا الدول األعضاء، كم ا

ال یمارس اختصاصاتھ بطریقة مباشرة فى الدول األع ضاء ، أن المؤتمر بل یمارسھا عن طریق الحكومات كما أشرنا، كما لیست لھ سلطة مباشرة على موظفى ورعای ا تل ك ال دول ، وعل ى ذل ك إذا م ا وافق ت الدول ة عل ى الق رارات الت ى یتخ ذھا مجل س ممثل ى الحكوم ات ف إن ھ ذه الق رارات ال

یا على شعب الدولة حیث تستطیع الحكومة اإلمتن اع ع ن تعتبر نافذة تلقائ تطبیق أى قرار متخذ على الصعید الكونفدرالى ، ول یس لھ ذا الم ؤتمر أو الجمعیة إیرادا خاصا وإنما تمولھا الدول األعضاء الت ى تح تفظ ك ل دول ة منھا بنظامھ ا ال سیاسى ودس تورھا الخ اص بھ ا ، وم ن ث م یمك ن أن ی ضم

دوال خاض عة للنظ ام الملك ى وأخ رى یحكمھ ا النظ ام ھ ذا اإلتح اد . الجمھورى أو تكون إماراتا أو مدنا حرة

وتظل كل دول ة طرف ا ف ى االتح اد محتفظ ة بإقلیمھ ا، ویظ ل رعای ا ك ل دول ة متمتع ین بجن سیتھم األص لیة حی ث ال توج د جن سیة م شتركة لدول ة



١١٨

بشخ صیاتھا الدولی ة اإلتح اد ، ولك ل دول ة ع ضو ف ى اإلتح اد االحتف اظ المستقلة ، وبالتالى فإن لكل دولة تمثیلھا الدبلوماسى المستقل وحریة عقد المعاھدات الدولی ة ب شرط أال تتع ارض م ع الم سائل الت ى نظمتھ ا معاھ دة

.التحالف بینھا وإذا كانت صورة االتحاد التعاھ دى عل ى النح و ال ذى أوض حناه ،

داه ما جدوى ھذا االتحاد؟ خاصة وأن من فقد یتبادر إلى الذھن تساؤل مؤ خصائصھ احتفاظ كل دولة ب سیادتھا وبشخ صیتھا كامل ة داخلی ا وخارجی ا وع دم إجبارھ ا عل ى تنفی ذ ق رارات االتح اد ال صادرة ع ن الم ؤتمر أو

.الجمعیة والحقیق ة أن أھمی ة االتح اد التعاھ دى تظھ ر ف ى اتفاقی ات ال دفاع ول األع ضاء ، ویب دو ذل ك بوض وح ح ین التى وقع ت علیھ ا ال د المشترك

یھ دد إح دى ال دول األع ضاء خط ر خ ارجى یم س س یادتھا فتق وم جمی ع الدول بالوقوف صفا واحدا لدرء ھذا الخطر وص د ھ ذا الع دوان ھ ذا م ن

وم ن ناحی ة أخ رى تظھ ر أھمی ة ھ ذا االتح اد ف ى أن ھ یع د بمثاب ة . ناحی ة ب سیطة والدول ة المتح دة إتح ادا مرحل ة انتقالی ة ب ین الدول ة الموح دة أو ال

ك امال أى أن ھ بمثاب ة فت رة تجرب ة أو اختب ار لالتح اد ، ف إذا م ا تحقق ت ل ھ الفعالیة وأدى دوره بنجاح فانھ یمك ن أن ی ؤدى إل ى إقام ة دول ة إتحادی ة ،

.سیما وأن الواقع یؤكد ذلك كما فى أمریكا وسویسرا-١٧٧٦ى الفت رة م ن ففى أمریكا نشأ اتحاد تعاھدى أو استقاللي ف قام على إث ر االس تقالل األمریك ى ع ن بریطانی ا وانتھ ى بع د ذل ك ١٧٨٧

وال ذى بن اء علی ھ ص در الدس تور ١٧٨٧إل ى اتح اد فی درالى ت ام س نة ال ذى أدخ ل علی ھ ١٧٨٧ سبتمبر س نة ١٧الفیدرالي األمریكي الحالى فى

.حتى األن عدة تعدیالت الثال ث ع شر ب وادر اتح اد وف ى سوی سرا ق ام ف ى أواخ ر الق رن

استقاللى بین ثالث مقاطعات سویسریة ثم اتسع فى منتصف القرن السابع



١١٩

عشر حتى وصل إلى شكل اتحاد تعاھدى ب ین أكث ر م ن ع شرین مقاطع ة ث م انقل ب بع د ذل ك ١٨١٥ أغ سطس ٧فى االتفاقیة المبرمة فیما بینھا ف ى االتح اد التعاھ دى وم ن أمثل ة ، ١٨٤٨إل ى اتح اد مرك زى فی درالى س نة

ال ذى ١٨٦٦ حت ى ١٨١٥كذلك اإلتحاد الجرمانى فى الفترة م ا ب ین س نة وم ن أمثلت ھ التاریخی ة . والی ة ألمانی ة ك ان ی ضمھا ٣٨قام لحمایة مصالح

ك ذلك اتح اد الم دن الیونانی ة القدیم ة ، واتح اد الم دن الالتینی ة ف ى عھ د .اإلمبراطوریة الرومانیة

المطلب الرابع اد المركزى أو الفیدرالىاالتح

یق وم االتح اد المرك زى أو الفی درالى عل ى أس اس اتح اد ع دد م ن ال دول المستقلة أو الوالیات أو اإلمارات تندمج معا بحیث ینشأ عن ھذا االندماج

ھ ى دول ة االتح اد دون أن تفق د – دول ة جدی دة –شخ صیة دولی ة جدی دة الدول المتحدة كل صالحیتھا األساسیة

إلتح اد المرك زى یع د تجم ع لع دد م ن ال دول تتن ازل ع ن بع ض فا سلطاتھا إلى سلطة مركزیة موحدة ھى سلطة اإلتحاد مع احتفاظ كل دولة باستقالل ذاتى ، دستورى ، وقانونى ، وإدارى واسع فیكون لكل دولة أو والی ة دس تور خ اص بھ ا ، وق وانین خاص ة ، ومج الس نیابی ة خاص ة ،

ال خ وتح تفظ ال دول المتح دة ... ھ از إدارى خ اص ومح اكم خاص ة ، وجبحقھا ف ى إع ادة النظ ر بدس تورھا وبمؤس ساتھا الدیمقراطی ة ، فھ ى تمل ك ال صالحیة ف ى ذل ك نظ را ألنھ ا عن دما دخل ت ف ى اإلتح اد ل م تتن ازل ع ن

.سلطاتھا كافة بل عن جزء بسیط منھا نھ ا وعل ى الجان ب اآلخ ر یك ون لدول ة اإلتح اد دس تورھا وقوانی

وحكومتھ ا الت ى تم ارس س لطانھا المباش ر عل ى ك ل ش عوب الوالی ات أو .الدویالت المختلفة



١٢٠

والرابطة الت ى ت ربط ال دول األع ضاء م ع بع ضھا ال بعض رابط ة قانونی ة تتمث ل ف ى وج ود دس تور تق ره الجمعی ة التأسی سیة وت صدق علی ھ

.الدول المتحدة لتعاھدى الذى ینشأ نتیجة وبذلك یختلف عن اإلتحاد االستقاللى أو ا

عمل قانونى داخلى ویفترق ھذا اإلتحاد عما سواه م ن اإلتح ادات ال سابقة ف ى أن ھ تنبث ق من ھ دول جدی دة ف وق ال دول األع ضاء، ول ذلك فھ و اتح اد خاضع للقانون الدستورى بعكس اإلتحادات األخرى التى تك ون اتح ادات

. قانون دولى تنشؤھا معاھدة دولیة تح اد المرك زى تفق د ال دول األع ضاء أو ال دویالت ك ل وف ى اال

وتك ون ھ ذه الدول ة السیادة الت ى تخ تص بھ ا دول االتح اد دون ال دویالت وح دھا ھ ى المعت رف لھ ا بالشخ صیة الدولی ة ، وتتمت ع بح ق التمثی ل الدبلوماسى وابرام المعاھدات وتتصرف باس م االتح اد ، أم ا ال دویالت أو

.افظات فى الدول البسیطة الوالیات فتشبھ المح

ویقرر الدستور االتحادى جمعیة تأسیسیة منتخبة م ن قب ل مختل ف الدول التى ترید التحالف فیما بینھا ، ولذلك فان اإلرادة ال شعبیة ھ ى الت ى تق ر االتح اد الفی درالى بخ الف االتح اد التعاھ دى ال ذى ین تج ع ن وف اق

ویح دد الدس تور اإلتح ادى حك ومى نتیج ة معاھ دة ثنائی ة أو جماعی ة ، اختصاص ك ل م ن الھیئ ات االتحادی ة والھیئ ات المحلی ة وال یمك ن تع دیل ھ ذه االخت صاصات إال بع د إج راءات خاص ة وض مانات معین ة تكف ل الم ساواة ب ین ال دول أو الوالی ات األع ضاء وت ستلزم موافق ة أغلبی ة تل ك

.الوالیات بصرف النظر عن صغر الوالیة أو كبرھاجأ الدول إل ى ال دخول ف ى مث ل ھ ذا الن وع م ن اإلتح اد لتحقی ق وتل

مزید من االستقرار والثبات ، ورغبة فى تضامن أقوى وأمتن مم ا یحقق ھ ف ى قی ام ھ ذا االتح اد ترج ع االتحاد التعاھدى وتوج د ع دة عوام ل م ؤثرة

:إلى



١٢١

الشعور بالتجانس الثقافى واالجتم اعى ی صل إل ى ح د الرغب ة ف ى -١ .ماجیة الوحدة االند

اتساع رقعة الدول ة الجغرافی ة والتج اور الجغراف ى ، عل ى ال رغم -٢ .من أن التجاور الجغرافى ال یعد شرطا لقیام اإلتحاد الفیدرالى

الشعور بوجود خطر مشترك أحد أھم األسباب التى تدفع الشعوب -٣وھ ذا م ا ح دث بالفع ل ف ى الوالی ات المتح دة ع ام . إل ى االتح اد ھ ا ف ى مواجھ ة الم شاكل واألخط ار لتوحی د جھود١٧٨٧

المشتركة، وھ ذا أی ضا م ا فعل ھ الھولن دیون واإلنجلی ز ف ى جن وب .إفریقیا

تشابھ النظم ال سیاسیة إذ ال یت صور قی ام اتح اد فی درالى ب ین نظ ام -٤ .ملكى ونظام جمھورى

.توافر موارد مالیة كافیة حتى تستطیع دولة اإلتحاد إدارة شئونھ -٥تحاد االفیدرالى فى النقاط التالی ة م راعین ف ى وسوف نتناول شرح اإل

. ذلك طبیعة الدراسة : نشأة االتحاد المركزى أو الفیدرالى : أوال

-: ینشأ اإلتحاد المركزى أو الفیدرالى عن أحد طریقین ھما ینشأ االتحاد الفی درالى ع ن طری ق :اإلتحاد عن طریق اإلنضمام -١

البعض بھدف تكوین دول ة واح دة ، انضمام عدة دول إلى بعضھا وبذلك تتح ول ال دویالت أو الوالی ات بع د فن اء شخ صیتھا الدولی ة فى شخصیة دولة جدیدة ھى دول ة االتح اد، وت سمى ھ ذه الطریق ة االتحاد عن طریق االنضمام ، وھ ذه الطریق ة ھ ى األكث ر ش یوعا

ی ة وانت شارا ، وھ ذا م ا ح دث بالن سبة للوالی ات المتح دة األمریك كم ا أخ ذ بھ ذه ١٧٨٧ م ایو ١٤بمقت ضى اتفاقی ة فیالدلفی ا ف ى

الطریق ة عن دما ن شأة سوی سرا ، وألمانی ا اإلتحادی ة ، واس ترالیا ، .وكندا ، وجنوب أفریقیا ، ودول اإلمارات العربیة المتحدة



١٢٢

وذلك عن طریق تفكك دولة موحدة : اإلتحاد عن طریق اإلنفصال -٢ال دویالت وع دم تحویلھ ا إل ى دول إلى مجموع ة م ن الوالی ات أو

مستقلة للرغبة فى اإلستمرار واإلن ضمام م ع بع ضھا ال بعض ف ى شكل اتحاد فیدرالى مثل االتحاد السوفیتى وبعض اتحادات أمریكا الالتینی ة كالبرازی ل ، والمك سیك ، واألرجنت ین ویطل ق عل ى ھ ذه

.الطریقة اإلتحاد عن طریق االنفصال درالى بذات األسلوبین وھما االن ضمام واالنف صال وینتھى اإلتحاد الفی

فقد تبقى الدولة مع تحولھ ا م ن دول ة متح دة اتح ادا فی درالیا إل ى دول ة بسیطة بطریقة اإلنضمام ، وقد تنھار الدولة المتحدة وتتحول إلى دول م ستقلة كم ا ح دث ف ى اإلتح اد ال سوفیتى واإلتح اد الیوغ سالفى وھ ذه

فانھ دائم ا یق ال ب أن اإلتح اد الفی درالى ین شأ طریقة االنفصال ، ولذلك .بطریقتین وینتھى بھما

: خصائص اإلتحاد الفیدرالى أو المركزى : ثانیا تتمیز الدولة الفیدرالیة عن غیرھا م ن أش كال اإلتح اد بخ صائص على المستوى الخارجى والداخلى ،فتتمیز بوحدة على الصعید الدولى

: خلى ونوضح ذلك فیما یلى وتعدد على الصعید الدا : فى المجال الخارجى -أال یعت رف الق انون ال دولى س وى بوج ود الدول ة اإلتحادی ة، فھ ى -١

وحدھا التى تتمتع على الصعید الدولى بالشخ صیة القانونی ة ، ف ال توج د إال شخ صیة دولی ة واح دة ھ ى شخ صیة الدول ة المركزی ة

ع ال دول األخ رى أو یكون لھا وحدھا الدخول فى عالقات دولیة م فاألص ل الع ام أن للدول ة المركزی ة ح ق تب ادل . المنظمات الدولی ة

التمثی ل الدبلوماس ى م ع غیرھ ا م ن الدول ة وإب رام المعاھ دات ، وھ ى وح دھا ت ضطلع ب األمور الم صیریة كال دفاع والح رب

.والسالم وتقع علیھا المسئولیة الدولیة



١٢٣

رالى یع د إقلیم ا واح دا یمث ل إقلیم دول ة االتح اد المرك زى أو الفی د -٢الكی ان الجغراف ى للدول ة االتحادی ة ف ى مواجھ ة الع الم الخ ارجى ویضم جمیع أقالیم الوالیات األعضاء فیھا، ما یعتب ر ش عبھا ش عبا

.واحدا یجمع كل شعوب الوالیات أو الدویالت إال أن لھذه القاعدة بعض إالستثناءات الت ى ال ت ؤثر عل ى ص حتھا فق د

أن تتمت ع ال دول المتح دة ب بعض ال صالحیات الدولی ة المح ددة یح دث المن صوص علیھ ا ف ى الدس تور الفی درالى ، كم ا فع ل دس تور

ودس تور ١٨٧١اإلمبراطوریة األلمانیة اإلتحادی ة الفیدرالی ة ف ى س نة ألمانی ا الغربی ة م ن االعت راف بح ق ال دول األع ضاء بتب ادل التمثی ل

دات ، كم ا أن ھ ألس باب سیاس یة رافق ت الدبلوماسى وحق ابرام المعاھ إنشاء ھیئ ة األم م المتح دة فق د س مح االتح اد ال سوفیتى ال سابق ل بعض جمھوریات ھ بح ق التمثی ل ال دولى، باإلض افة إل ى المقع د المخ صص لإلتحاد السوفیتي بھدف الح صول عل ي أكب ر ع دد م ن األص وات ف ي

ا وروس یا البی ضاء الھیئات الدولیة وھو ما حققتھ لھ جمھوریة أوكرانی .أنذاكیترتب علي اإلتحاد المرك زي تمت ع رعای ا الوالی ات الداخل ة فی ھ بجن سیة -٣

واحدة ھي جنسیة الدولة المركزیة ذات السیادة، أما ع ن الرابط ة الت ي ت ربط الفرد بالوالی ة الع ضو فلی ست رابط ة الجن سیة ب ل ھ ي مج رد رعوی ة أي أن

تكیف رابطتھم بھ ا عل ي أنھ ا جن سیة ألن الوالیة ترعي شئونھم وال یمكن أن .الوالیة ال تتمتع بسیادة كاملة

ویترت ب عل ي ذل ك أن أي إخ الل باإللتزام ات ت سأل عن ھ الحكوم ة الفیدرالی ة ذاتھ ا ول یس حكوم ات الوالی ات، كم ا أن م ا تبرم ھ الحكوم ة

دولی ة الفیدرالیة من التزامات واتفاقات مع غیرھا من الدول والمنظمات ال یكت سب وص ف المعاھ دة ف ي ح ین ال یكت سب ھ ذا الوص ف م ا تق وم ب ھ



١٢٤

حكومات الدول األعضاء في اإلتحاد سواء مع بع ضھا ال بعض أم م ع أي .دولة أخري خارج اإلتحاد لذات السبب السابق

وبالت الي ف إن العالق ات ب ین دول اإلتح اد ھ ي عالق ات داخلی ة ال دولی ة وال تخ ضع لقواع د والح رب بی نھم إن وقع ت فھ ي ح رب أھلی ة

.القانون الدولي : في المجال الداخلي-ب

یوجد في ظل االتحاد المركزي تع دد عل ي ال صعید ال داخلي حی ث لك ل دول ة متح دة نظامھ ا الدس توري الخ اص بھ ا ومؤس ساتھا ال سیاسیة وتشریعاتھا، وھذا التنوع یؤدي إلي خلق تعقیدات في العالقات القانونیة ،

تعبی ر البرھ ان عل ي اإلس تقالل ال سیاسي ال ذاتي ال ذي تتمت ع ب ھ ولكن ھ ال .الدول المتحدة

وأما عن مظاھر الوحدة في اإلتحاد المركزي في المج ال ال داخلي فإن الدول األعضاء تفقد جانبا من سیادتھا الداخلیة لمصلحة دولة اإلتح اد

:ویظھر ذلك فیما یلي جمعی ة تأسی سیة وجود دستور اتح ادي مرك زي موح د م ن وض ع -١

.موحدةوج ود س لطات للدول ة الفیدرالی ة ھ ي ال سلطة الت شریعیة وال سلطة -٢

.التنفیذیة والسلطة القضائیةھ ي البرلم ان : ال سلطة الت شریعیة عل ي م ستوي اإلتح اد الفی درالي -أ

ویتكون عادة من مجلسین، المجل س Congrésالفیدرالي أو الكونجرس حادیة كلھا، أما المجلس الثاني فیمثل الوالیات األول یمثل أفراد الدولة اإلت

-أع ضاء اإلتح اد كم ا ھ و الح ال ف ي أمریك ا حی ث یتك ون المجل س األول من أعضاء یمثلون الوالیة علي حسب عدد سكانھا، وم ن -مجلس النواب

الطبیعي أن تسیطر الوالیات الكب ري عل ي ال صغري لتف اوت ع دد س كان مجل س –لخل ل وج د المجل س الث اني الوالی ات، وم ن أج ل تف ادي ھ ذا ا



١٢٥

ع ضوین ع ن ك ل - الذي تمثل فیھ الوالی ات عل ي ق دم الم ساواة –الشیوخ تحقیق ا لمب دأ الم ساواة ودون نظ ر إل ي األھمی ة العددی ة ل سكان -والی ة

الوالیة أو إلي مساحتھا الجغرافیة فأیا ك ان حج م الدول ة وم ساحتھا وع دد النواب الذي لبقیة الدول، فمجلس الشیوخ سكانھا فإن لھا عددا مساویا من

.األمریكي مثال یتألف من مائة شیخ كل دولة ممثلة بشیخینوال ی شترط االنتخ اب ال شعبي المباش ر ف ي اختی ار أع ضاء ھ ذه

المجالس فبعض ال دول تعط ي مجال سھا الداخلی ة ح ق اختی ار ممثلیھ ا ف ي ھا في ھذا المجلس، المجلس اإلتحادي، أو تعطي الحكومة حق تعیین ممثلی

ففي الوالیات المتحدة كانت المجالس البرلمانیة التابعة للدول المتحدة ھ ي التي تنتخب ممثلیھا في مجلس الشیوخ، وبقي ھذا النظام معم وال ب ھ حت ي

ومن ذ ذل ك الت اریخ أص بح اختی ار مجل س ال شیوخ یج ري ١٩١١ع ام .بواسطة االنتخاب الشعبي المباشر

اإلتحادیة فإن حكومات الدول المتحدة ھي التي تعین أما في ألمانیا .ممثلیھا في المجلس اإلتحادي

وغالبا ما یمارس مجل س ال شیوخ ص الحیات إض افیة ع ن مجل س الن واب تتعل ق بالم سائل الھام ة مث ل الت صدیق عل ي المعاھ دات الدولی ة، والموافق ة عل ي تعی ین كب ار الم وظفین ، باإلض افة إل ي ط ول م دة والی ة

الع ضویة، ع الوة عل ي األھمی ة ال سیاسیة الت ي یتمت ع بھ ا أع ضاؤه ع ن .زمالئھم في مجلس النواب

وف ي سوی سرا یمث ل البرلم ان اإلتح ادي مجل سین إح دھما مجل س ال شعب ال ذي ی تم انتخ اب أع ضائھ بواس طة ال شعب السوی سري ومجل س المقاطع ات ال ذي ی ضم ممثل ین لجمی ع المقاطع ات ف ي اإلتح اد یح ددھم

.الدستور اإلتحادي بعضوین غالبا



١٢٦

: السلطة القضائیة-بإذا ك ان لك ل والی ة أو دویل ة ق ضاؤھا الخ اص بھ ا ف إن للدول ة

اإلتحادی ة س لطة ق ضائیة إتحادی ة ممثل ة ف ي وج ود محكم ة واح دة تابع ة ف ي سوی سرا والمحكم ة العلی ا ف ي لإلتح اد ومباش رة كالمحكم ة اإلتحادی ة

ألمریكی ة، وق د ی ضم الق ضاء المرك زي ع دة مح اكم الوالی ات المتح دة ا وتنظ یم ال سلطة الق ضائیة وم دي إخت صاصھا یختل ف ب اختالف . مختلف ة

الدساتیر اإلتحادیة، ویختص القضاء المركزي بالفصل ف ي الم سائل الت ي تھم الدولة بأسرھا مثل الفصل في المنازعات التي تنشأ بین دول ة اإلتح اد

الوالی ات م ع بع ضھا ال بعض أو ب ین األف راد وإح دي الوالی ات، أو ب ین التابعین لوالیات مختلفة، ویمكن ك ذلك أن یك ون لھ ا اخت صاص اس تئنافي

. بحیث تستأنف أمامھا بعض أحكام محاكم الوالیاتللدول ة الفیدرالی ة س لطة تنفیذی ة أي جھ از تنفی ذي : ال سلطة التنفیذی ة -جـ

لة بأسرھا ویعد رمزا للوحدة خاص بھا یتكون من رئیس الدولة یمثل الدو وتج سیدا لإلتح اد، وال یوج د مع ھ مجل س وزراء وال حكوم ة، كم ا ھ و الحال في الوالیات المتحدة األمریكیة حیث یعتبر ال وزراء مج رد منف ذین لسیاسیة الرئیس ولذا یطلق علیھم المعاونین أما اطالق لفظ ال وزراء فھ و

رد معاونیین لرئیس الدولة لذا فإن من قبیل المجاز، ولما كان الوزراء مج .بقاءھم في مراكزھم مرتبط بمقدرا ثقة الرئیس فیھم

أم ا ف ي بقی ة ال نظم اإلتحادی ة فغالب ا م ا ینت شر نظ ام الحكوم ة الجماعیة كما ھو الحال ف ي النظ ام البرلم اني حی ث یوج د حكوم ة بج وار

ة سیاس یا الرئیس یرأسھا رئیس یطلق علیھ رئیس الحكومة وتكون م سئول .أمام البرلمان ویطبق ھذا النظام كل من ألمانیا وكندا واسترالیا

أم ا سوی سرا فإنھ ا تطب ق نظ ام الحكوم ة الجماعی ة ب دون وج ود .رئیس لھا وھي غیر مسئولة أمام البرلمان



١٢٧

وتتولي السلطة التنفیذیة اإلشراف علي تنفیذ القوانین اإلتحادیة في خ تص بإص دار الق رارات اإلتحادی ة الت ي تھ م أقالیم جمیع الوالی ات كم ا ت

.الدولة بأسرھاوتباشر الحكومة اإلتحادیة إحدي طرق ث الث لتنفی ذ قوانینھ ا وقراراتھ ا

:تتمثل فیما یلي عن طریق وجود موظفین اتحادیین ف ي :طریقة اإلدارة المباشرة -١

كل والیات اإلتح اد یقوم ون بتنفی ذ الق وانین والق رارات اإلتحادی ة ھو الحال في الوالیات المتحدة األمریكی ة حی ث أخ ذ بھ ا عن د كما

.١٧٨٩صدور دستور عام تتمث ل ف ي أن تعھ د الحكوم ة : طریق ة اإلدارة غی ر المباش رة -٢

المركزی ة إل ي الوالی ات ذاتھ ا بمھم ة تنفی ذ الق وانین والق رارات اإلتحادیة داخل إقلیمھا بواسطة إداراتھ ا وأجھزتھ ا المحلی ة تح ت

ومة اإلتحاد، وبھذه الطریقة أخذ دستور ألمانیا اإلتحادیة رقابة حك .١٩١٩ ودستور فیمر األلماني سنة ١٨٧١سنة تجمع بین الط ریقتین ال سابقتین ت تلخص :طریقة اإلدارة المختلفة -٣

ف ي أن مھم ة تنفی ذ الق وانین والق رارات داخ ل دول ة اإلتح اد ی تم ومات الوالی ات توزیعھ بین موظفي اإلتحاد في الوالیات وبین حك

وق د أخ ذ بھ ذه الطریق ة اإلتح اد السوی سري، ودول ة النم سا . ذاتھ ا .١٩٢٩-١٩٢٠اإلتحادیة في الفترة من

:كیفیة توزیع االختصاصات في اإلتحاد المركزي: ثالثاسبق أن ذكرنا أن اإلختصاصات المتعلق ة بالعالق ات الدولی ة تق وم

ارجیة ف ي الدول ة الفیدرالی ة تع ود بھا دولة اإلتحاد، وھكذا فإن السیادة الخ كلی ا إل ي الدول ة الفیدرالی ة ، ول ذلك تفق د ال دول األع ضاء ف ي اإلتح اد

.شخصیتھا الدولیة وال تعود تقیم عالقات دبلوماسیة مع بقیة الدول



١٢٨

وباإلضافة إل ي ذل ك تم ارس الدول ة اإلتحادی ة بع ض ال صالحیات الوح دة النقدی ة ض روریة خاص ة ف ي الن واحي النقدی ة والمالی ة، ذل ك أن

للمحافظة علي وحدة الدولة، عالوة علي الصالحیة الجمركیة ذلك أن كل اتحاد یفترض وج ود وح دة جمركی ة ب ین مختل ف ال دول المكون ة لإلتح اد الفیدرالي فوحدة التمثیل الدبلوماس ي، ووح دة الشخ صیة الدولی ة والوح دة

ة لوج ود واس تمرار الجمركی ة والنقدی ة ، ت شكل ال صالحیات ال ضروری .اإلتحاد الفیدرالي

وم ا ع دا ذل ك م ن االخت صاصات األخ ري یمك ن أن ت ؤدي ع ن طری ق ال سلطات المحلی ة، ویتكف ل الدس تور الفی درالي بتوزی ع ھ ذه االختصاصات بینھا ویت أثر ف ي ذل ك بطریق ة ن شأة االتح اد، وم دي رغب ة

ی ات م ن واض عي الدس تور ف ي تقوی ة س لطات اإلتح اد عل ي ح ساب الوال عدمھ، ومن ثم فإن ھذا التوزیع یخضع العتبارات سیاسیة وعملیة، ولھذا

.ال یصح الوقوف عند أحد االعتبارات دون األخريوتوج د ثالث ة ط رق لتوزی ع االخت صاصات ب ین دول ة اإلتح اد وال دول

:األعضاء ھي أن یح دد الدس تور االتح ادي عل ي س بیل الح صر :الطریق ة األول ي

دول ة م ن دول اإلتح اد دون أن یتع رض لتحدی د اخت صاصات ك ل اخت صاص دول ة اإلتح اد، وب ذلك یك ون اخت صاص دول ة اإلتح اد ع ام وشامل ، بینما یكون اختصاص الوالیات استثنائیا وھو قاصر علي ما ھو

.منصوص علیھ في دستور اإلتحادوغالبا ما یتم اللج وء إل ي ھ ذه الطریق ة عن د ن شأة اإلتح اد وتح ول

دول موح دة إل ي دول ة إتحادی ة حی ث م ن الطبیع ي أن تح تفظ الدول ة ع دة الفیدرالیة بأكبر قدر من سلطاتھا واختصاصاتھا وال تعط ي لل دوالیات إال اخت صاصات اس تثنائیة وم ن أمثل ة ھ ذه الدس اتیر دس تور كن دا، دس تور



١٢٩

، ودس تور الھن د اإلتح ادي ال صادر ف ي ١٩٥٣فن زویال ال صادر ف ي س نة .١٩٥٠ ینایر ٢٦

عك س الطریق ة ال سابقة حی ث یق وم الدس تور اإلتح ادي :الطریق ة الثانی ةبحصر المسائل الت ي ت دخل ف ي اخت صاص الدول ة المركزی ة وم ا ل م ی رد تحت نط اق ھ ذه االخت صاصات ی صبح م ن اخت صاص الوالی ات ك ل ف ي نطاق ھ، وم ن ث م ی صبح اخت صاص الوالی ات ھ و األص ل ف ي ح ین یك ون

تحادی ة ھ و االس تثناء وھ ذا یع د تغلیب ا لمظ اھر اخت صاص الحكوم ة اال استقالل تلك الوالیات تج اه س لطات االتح اد ویف سر جان ب م ن الفق ھ ذل ك ب أن الدول ة الفیدرالی ة التقلیدی ة كان ت ف ي األص ل دوال تعاھدی ھ ت رتبط ببع ضھا برب اط االتح اد االس تقاللي، ث م أرادت أن تق وي ھ ذه الرابط ة

.تحاد مركزيفانضمت إلي بعضھا في اأن یح دد الدس تور عل ي س بیل الح صر اخت صاصات : الطریق ة الثالث ة

الحكوم ة المركزی ة واخت صاصات الوالی ات الداخل ة ف ي االتح اد .بطریقة مفصلة

ویع اب عل ي ھ ذه الطریق ة ع دم ش مول الدس تور لجمی ع الم سائل ن الدس تور ق د مھما كان مفصال عن د وض عھ، كم ا ق د توج د م سائل ل م یك

تناولھ ا ب التنظیم وھن ا یث ور الت ساؤل عم ا إذا كان ت ھ ذه الم سائل الجدی دة تدخل في اختصاص دولة اإلتحاد أم في اختصاص الدول األعضاء؟ ولذا لم تأخذ بھا سوي قلة من الدساتیر منھا دستور جمھوریة ألمانیا الفیدرالی ة

.١٩٤٧ مایو ٢٣الصادر في المتبعة في شأن توزیع االختصاصات ب ین ھذه ھي الطرق الثالثة

الدولة الفیدرالیة والدول األعضاء ، وإلي جانب ذلك تلجأ بعض الدس اتیر اإلتحادی ة إل ي تحدی د اخت صاصات الحكوم ة المركزی ة واخت صاصات الوالیات مع ترك بعض المسائل الم شتركة بینھم ا یتعاون ان ف ي تنظیمھ ا،

العام ة والقواع د الرئی سیة وتت رك فق د ت ضع الحكوم ة اإلتحادی ة االس س



١٣٠

للوالیات التفصیالت وكیفیة التنفیذ أو ق د یت رك للوالی ة إمكانی ة الت صرف مع إخ ضاعھا لن وع م ن الرقاب ة االتحادی ة ث م ی نص عل ي أن م ا ل م ی نص علی ھ ی سند إل ي ال سلطة االتحادی ة إذا كان ت ھن اك رغب ة ف ي توس یع

.إذا كانت الرغبة العكساختصاص اإلتحاد أو یسند إلي الوالیات المبادئ التي تحكم توزیع االخت صاصات ب ین الحكوم ة المركزی ة : رابعا

.والدول األعضاءترتك ز الدول ة الفیدرالی ة عل ي مب دأین متناق ضین ف ي توزی ع

االختصاصات بین الحكومة المركزیة والدول األع ضاء ف ي االتح اد ھم ا ونوضح ھذین المبدأین عل ي النح و مبدأ االستقالل الذاتي ومبدأ المشاركة

: التالي : مبدأ اإلستقالل الذاتي-١

الدستور االتحادي ھو األساس الذي ترتكز علی ھ الدول ة االتحادی ة وھو الذي یتولي توزی ع ال صالحیات بینھ ا، وم ن ث م فف ي حال ة ن شوء أي نزاع علي ھ ذه ال صالحیات ف إن الدس اتیر االتحادی ة غالب ا م ا ت نص عل ي

ال سلطة الق ضائیة الفیدرالی ة لح سم م ا ق د ین شأ م ن خالف ات ب ین ت دخلالحكوم ة المركزی ة وحكوم ات ال دول األع ضاء، وم ن ھن ا تظھ ر أھمی ة

.القضاء في الدولة االتحادیة في مجال الرقابة علي دستوریة القوانینومع ذلك تتمت ع ال دول المتح دة باس تقالل ذات ي حقیق ي وبحقھ ا ف ي

داخلیة كما ترید شریطة احترام المبادئ األساسیة للدستور إدارة شئونھا ال االتحادي سواء في مواجھة الحكومة المركزیة أو بقیة الوالیات األعضاء في االتحاد مستعینة في ذلك بأجھزتھا الداخلیة، وھذا ما یعبر عن ھ بقاع دة سمو القانون االتحادي علي ق انون الدول ة المتح دة ، ل ذلك الب د م ن تق سیم

. للصالحیات بین الدولة االتحادیة والدول المتحدة



١٣١

: مبدأ المشاركة-٢یعتب ر مب دأ الم شاركة مكم ال للمب دأ ال سابق وھ و مب دأ االس تقالل

والتمی ز كم ا أن ھ یمث ل أح د أھ م رك ائز االتح اد المرك زي وأح د مع اییر توزیع االختصاصات بین الدولة الفیدرالیة والدول األعضاء، عالوة علي

أن ھ یت رجم فك رة الم ساواة ب ین ال دول المتح دة ألن ھ ب دون الم شاركة م ن ال دول األع ضاء تتح ول الدول ة الفیدرالی ة إل ي دول ب سیطة معق دة، فالفیدرالیة الحقیقیة تفرض مشاركة كل والیة من الوالیات في حكم الدولة االتحادیة أی ا ك ان حجمھ ا الجغراف ي أو ع دد س كانھا ف ي اتخ اذ الق رارات

.التي تھم اإلتحادكم ا أن مب دأ الم شاركة یفت رض م شاركة ال دول المتح دة لل سلطة

المركزیة في موضوع تعدیل الدستور، كما یفت رض وج ود ھیئ ة ق ضائیة یناط بھا النظ ر ف ي حف ظ الت وازن ب ین الدول ة االتحادی ة وال دول المتح دة،

.وتلعب دورا ھاما في المحافظة علي استمراریة االتحادوتھ تم ھ ذه المحكم ة الق ضائیة العلی ا ف ي ال دول الفیدرالی ة بتطبی ق

وحمایة توزیع الصالحیات المقررة بین الدول االتحادیة والدولة المتحدة، فعلیھ ا التأك د إذا كان ت الق وانین الفیدرالی ة ل م تتج اوز ص الحیات ال دول

للتأك د م ن المتحدة، وبالمقابل تراقب القوانین الصادرة عن الدول المتحدة .مدي مالءمتھا للدستور االتحادي

: التمییز بین االتحاد الفیدرالي والالمركزیة اإلداریة: خامسای شترك اإلتح اد الفی درالي لالمركزی ة ال سیاسیة م ع الالمركزی ة

اإلداری ة ف ي فك رة توزی ع االخت صاصات ب ین ھیئ ات متع ددة وم ستقلة ، . أما الثاني ففي الجانب اإلداريفاألولي ال مركزیة في الجانب السیاسي

وقد وقع خالف فقھي حول الفارق بینھما ھل ھو فارق في الدرجة والمدي أم فارق في الطبیع ة والج وھر؟ وإل ي الف ارق األول ذھ ب جان ب من الفقھ إلي أن االختالف في الدرجة والمدي تأسیسا علي أنھما مظھران



١٣٢

ب ین الحكوم ة المركزی ة لفك رة واح دة ھ ي فك رة توزی ع االخت صاصات والھیئ ات اإلقلیمی ة ، فالف ارق ف ي م دي ھ ذا التوزی ع حی ث یقت صر ف ي الالمركزی ة اإلداری ة عل ي الوظیف ة اإلداری ة فق ط ، أم ا ف ي الالمركزی ة

وذھ ب جان ب م ن .السیاسیة فیمتد لیشمل التشریع والتنفیذ والقضاءنھم ا ھ و ف ي الفق ھ إل ي عك س اإلتج اه ال سابق حی ث ی ري أن الف ارق بی

الطبیعة والجوھر نظرا لممارس ة الوالی ات ف ي االتح اد الفی درالي أن شطة مختلف ة بینم ا تقت صر الوح دات الالمركزی ة ف ي الدول ة الموح دة عل ي

.الوظیفة اإلداریة :وتبرز أھم الفوارق بین اإلتحاد الفیدرالي والالمركزیة فیما یلي

د الدول ة االتحادی ة تقوم الالمركزی ة ال سیاسیة ف ي ظ ل نظ ام وج و -١وتتعلق بأسلوب التنظیم الدس توري للدول ة، م ن ث م تتع دد الق وانین ح سب ع دد الوالی ات األع ضاء ف ي االتح اد، أم ا الالمركزی ة اإلداریة فمجرد أسلوب إداري یقتصر توزی ع االخت صاصات فی ھ عل ي الوظیف ة التنفیذی ة وال تت صل ب شكل الدول ة أو تم س وح دتھا

.السیاسیةتور االتحادي ھ و م صدر الالمركزی ة ال سیاسیة ال ذي ت ستمد الدس -٢

من ھ حكوم ات الوالی ات س لطاتھا، أم ا ف ي ال دول الموح دة ف إن الق انون الع ادي ھ و ال ذي یب ین ت شكیل الھیئ ات اإلقلیمی ة ویح دد

.اختصاصاتھا ووسائل ممارسة ھذه االختصاصاتلمرك زي في الالمركزیة ال سیاسیة لك ل والی ة داخل ة ف ي االتح اد ا -٣

دس تور خ اص بھ ا ت ضعھ لتنظ یم ھیئ ات الحك م فیھ ا وتوزی ع االخت صاصات بینھ ا فالوالی ات تتمت ع بتنظ یم ذات ي وباس تقالل دستوري یختلف مداه من دولة إلي أخري ویترتب علي ذلك تمتع الوالیة بسلطات مستقلة في مجال التشریع والتنفیذ والقضاء، بینما



١٣٣

مركزیة اإلداریة فإن استقاللھا مھما الوحدات اإلداریة في ظل الال .بلغ مداه ینحصر دائما في الوظیفة اإلداریة

تخ ضع الوح دات اإلداری ة الالمركزی ة ف ي ممارس تھا -٤الخت صاصاتھا لرقاب ة إداری ة تباش رھا ال سلطة المركزی ة وممثلوھا، والق انون الع ادي ھ و ال ذي یب ین ت شكیل ھ ذه الوح دات

رس ة ھ ذه االخت صاصات، بینم ا ویحدد اختصاصاتھا ووسائل مما تمل ك الوالی ات األع ضاء ف ي اإلتح اد المرك زي مباش رة اخت صاصاتھا دون تعقی ب م ن جان ب الحكوم ة المركزی ة حی ث

.تملك اختصاصات أصلیة تحددھا الوثیقة الدستوریة اإلتحادیةتشارك الوالی ات ف ي الالمركزی ة ال سیاسیة ف ي التعبی ر ع ن إرادة -٥

في التشریع وتعدیل الدستور ب صفتھا وح دة دولة االتحاد وخاصة سیاس یة لھ ا كیانھ ا الخ اص عل ي ق دم الم ساواة م ع غیرھ ا م ن الوالیات، بینما ال تشارك وحدات اإلدارة الالمركزیة بصفتھا ھذه

.في تكوین إرادة الدولة :مزایا االتحاد الفیدرالي: سادسا ب ین ال دول أو لم ا كان ت الفیدرالی ة تعب ر ع ن حاج ة التجم ع ال دائم

الشعوب ذات الخصائص التاریخیة والثقافیة والجغرافیة واالقتصادیة ل ذا .كانت للفكرة منذ القدم تأثیر ثابت علي الشعوب

فجوھر الفكرة یق وم عل ي التوفی ق ب ین المرون ة ف ي العالق ات ب ین الدول وبین استمراریة ھذه العالقات من خالل تحدی د إط ار ق انوني ق وي

ف ي الع صر الح دیث ف إن االتج اه . ول األع ضاء بحری ة التح رك یسمح للد الحدیث حتي عھ د قری ب تب دو الفیدرالی ة فی ھ نموذج ا ص الحا ی شھد عل ي ذل ك الع دد الكبی ر م ن ال دول الت ي أخ ذت بھ ا مث ل الوالی ات المتح دة األمریكیة، وسویسرا وأسترالیا وكندا ونیوزیالنده وجنوب أفریقی ا والھن د

.إلخ....لعربیة المتحدةواإلمارات ا



١٣٤

: وتوجد أسباب رئیسیة وزراء نجاح ھذا النظام وھيمن ع تج اوزات ال سیادة وتجن ب النزاع ات الت ي تن شأ ب ین ال دول -١

الم ستقلة والمتم سكة ب سیادتھا، فالم ستقبل ی دفع إل ي التجمع ات والوح دات الكب ري ف ي إط ار م ن الحری ة وم ن خ الل تحقی ق

.التوازن القوينظ ام الفی درالي ی ساعد عل ي تك وین دول ة كبی رة ف إن لم ا ك ان ال -٢

الفیدرالی ة ھ ي الح ل األول للم شاكل االقت صادیة وال سیاسیة فلك ي تكون الدولة قویة البد م ن ت وفر إقل یم واس ع وم وار كافی ة وأف راد كثیرین یعملون علي نھ ضتھا وھ ذا م ا ی دفع ال دول ال صغیرة إل ي

ج ف ي مجموع ات أوس ع تجاوز اإلطار الضیق لحدودھا حتي تندم .وأكثر قابلیة للحیاة

تعد الفیدرالیة صمام األم ان ال ذي یمن ع انفج ار الق وي االس تقاللیة -٣داخ ل الدول ة خاص ة ف ي الدول ة المتع ددة الجن سیات حی ث ت سمح بوجود تشریعات ونظم إداریة محلیة تكون أكثر مالءمة لمصالح

. ن الحك م ال ذاتي وبالتالي تحقق صورة م . الوالیة التي تصدر فیھا فالفیدرالیة بمرونتھا تؤدي إلي إمكانی ة تع ایش م شترك مم ا یع زز

.الوحدة الوطنیة



١٣٥

يالباب الثان الحكومة

:تمھید وتقسیم :المعانى المختلفة لكلمة الحكومة

درج الفق ھ الم صرى والغرب ى عل ى بی ان المع انى المختلف ة لكلم ة أو م دلول ووض عوا أكث ر م ن معن ى Gouvernementالحكوم ة .لھذه الكلمة

فقد تستعمل كلمة الحكومة بمعنى واسع أحیانا ویقصد بھا مجموع الھیئات الحاكمة والمسیرة للدولة، فتشمل بھذا المعنى السلطات العامة الثالثة فى الدولة التى تمارس مظاھر السیادة وھى السلطة التشریعیة

من دستور ١٦٥، ١٣٧، ٨٦لمواد وقد نصت ا. والتنفیذیة والقضائیةیتولى "تنص على أن ) ٨٦( على تنظیم ھذه السلطات فالمادة ١٩٧١

...".مجلس الشعب سلطة التشریعیتولى رئیس الجمھوریة السلطة "على أن ) ١٣٧(وتنص المادة

١٦٥وتنص المادة " التنفیذیة ویمارسھا على الوجھ المبین فى الدستور مستقلة وتتوالھا المحاكم على اختالف أنواعھا السلطة القضائیة"على أن

".ودرجاتھا وتصدر أحكامھا وفق القانونوقد تستعمل الحكومة ویقصد بھا سلطة واحدة من ھذه السلطات

أى رئیس الدولة ورئیس الوزراء الثالث وھى السلطة التنفیذیة وحدھاك إلى أن والوزراء ونوابھم ، وھذا المعنى ھو األكثر شیوعا، ویرجع ذل

السلطة التنفیذیة ھى التى تتصل باألفراد ویشعرون بھا من خالل عالقتھم ونصت على ھذا المعنى المادة . بھا ، لذا شاع بینھم تسمیتھا بالحكومة

الحكومة الھیئة التنفیذیة العلیا " الحالى بقولھا ١٩٧١من دستور ) ١٥٣( ".اء ونوابھمللدولة وتتكون من رئیس مجلس الوزراء ونوابھ والوزر



١٣٦

وقد تستعمل كلمة الحكومة ویكون المعنى المراد منھا ھو الوزارة وھو معنى شائع فى األنظمة البرلمانیة ، ألن الوزارة فیھا ھى األداة

فإن " الحكومة مسئولة أمام البرلمان"الفعالة للسلطة التنفیذیة وعندما یقال فإن " حكومةرئیس ال"المقصود من ذلك ھى الوزارة وعندما یطلق

المقصود بھ رئیس مجلس الوزراء، وقد تم استخدام ھذا المعنى فى المادة من الدستور الحالى عند الحدیث عن دعوة مجلس الشعب أن ) ١٠٧(

...".بناء على طلب رئیس الجمھوریة أو الحكومة(... یكون وقد تستعمل كلمة الحكومة بمعنى واسع یعنى ممارسة السلطة فى

ة معینة ، ویعنى ذلك كیفیة ممارسة أو استخدام السلطة جماعة سیاسیوالوسیلة التى یتم بھا إسناد السلطة والمبادئ التى تقوم علیھا وتنظیم

.السلطات داخل الدولة والعالقات التى تربطھا ببقیة السلطاتوھذا المعنى ھو الذى نقصده ھنا والذى یدور حولھ دراسة ھذا الباب

الحالى فى المادة األولى منھ بالنص على أن وقد استخدمھ الدستورجمھوریة مصر العربیة دولة نظامھا دیمقراطى یقوم على أساس "

المواطنة ،والشعب المصرى جزء من األمة العربیة یعمل على یحقیق حیث تشیر إلى نظام الحكم فى الدولة، كما أن ھذا " وحدتھا الشاملة

الحكومة " " الدیمقراطیةالحكومة"المعنى ھو المقصود من عبارة .الخ حیث یقصد بھا نظام الحكم"... الحكومة البرلمانیة" "الملكیة

وعلى ذلك سوف نبحث فى ھذا الباب الموضوعات التالیة فى :الفصول التالیة أنواع الحكومات: الفصل األول النظام الدیمقراطى: الفصل الثانى أنواع الحكومات النیابیة: الفصل الثالث



١٣٧

فصل األولال أنواع الحكومات

بعد أن حددنا المعانى المختلفة للحكومة وتحدید المعنى الذى تدور حولھ دراستنا فى ھذا الباب ، یأتى الدور لبیان أنواع الحكومات المختلفة

ترتكز على أسس . فى العصر الحاضر، وھى تتنوع إلى أنواع مختلفةالتى ننظر إلیھا ، فإن مختلفة ، ویرجع ذلك إلى اختالف وجھة النظر

نظرنا إلى الحكومة من حیث الرئیس األعلى وكیفیة إسناد السلطة إلیھ وجدنا الحكومة تنقسم إلى حكومة ملكیة وأخرى جمھوریة، وإن نظرنا إلیھا من حیث خضوعھا أو عدم خضوعھا للقانون فھى تنقسم إلى

من حیث حكومات استبدادیة وحكومات قانونیة، ولو تم النظر إلیھا االنفراد بالسیادة من عدمھ أو بمعنى آخر من حیث تركیز السلطة فى ید فرد واحد أو ھیئة واحدة أو توزیعھا بین عدة ھیئات فھى تنقسم إلى حكومة مطلقة وأخرى مقیدة، وأخیرا لو تم النظر إلیھا من حیث مصدر السیادة أو السلطة فإنھا تنقسم إلى حكومة فردیة وحكومة أقلیة

وحكومة دیمقراطیة ، وھذه األخیرة قد تكون مباشرة أو " أرستقراطیة"نیابیة ، والنیابیة إما أن تكون نیابیة برلمانیة أو رئاسیة ، وسوف نعالج ھذه األنواع المختلفة ألنواع الحكومات وسوف نخصص لكل نوع منھا

:مبحثا خاصا وذلك على النحو التالى إسناد السلطة إلى رئیس الدولةالحكومة من حیث: المبحث األول الحكومة من حیث مدى خضوعھا للقانون: المبحث الثانى الحكومة من حیث تركیز السلطة أو توزیعھا: المبحث الثالث الحكومة من حیث مصدر السلطة : المبحث الرابع



١٣٨

المبحث األول الحكومة من حیث إسناد السلطة إلى رئیس الدولة

طریقة اختیار الرئیس األعلى للدولة إلى تتنوع الحكومات من حیث وسوف نوضح كال منھما فى حكومات ملكیة وحكومات جمھوریة

مطلبین متتالیین نعقبھما بمطلب ثالث نخصصھ للفروق الجوھریة بینھما المطلب األول الحكومة الملكیة

كانت ھذه الصورة من صور الحكم ھى األكثر انتشار فى التاریخ دم حتى القرن التاسع عشر وفیھا تتركز كل السلطات فى السیاسى منذ الق

الذى یتولى الحكم والسلطة بالوراثة بمقتضى " الملك"ید شخص الحاكم انتمائھ إلى أسرة معینة تتولى مقالید الحكم فى الدولة وفقا لنظام

.توارث العرشه طبقا والملك یتولى الحكم طوال فترة حیاتھ ، وینتقل إلى من بعد

للترتیب المحدد الذى تنص علیھ عادة الدساتیر التى تأخذ بنظام .توارث العرش

الملكى نصت المادة الثانیة والثالثة ١٩٢٣ففى مصر فى ظل دستور بوضع نظام لتوارث عرش ١٩٢٢ لسنة ٢٥من األمر الكریم رقم

احب العرش إلى على كیفیة انتقال والیة الملك من ص المملكة المصریةعرش المملكة "على أن ) ٣٢(غیره قبل أن ینص الدستور فى مادتھ حیث وضعتھا فى أكبر أبنائھ ثم " المصریة وراثى من أسرة محمد على

إلى أكبر أبناء ذلك االبن وھكذا طبقة بعد طبقة، تلك الرابطة القائمة على ألبناء والتى النسب المباشرة والتى ینتقل فیھا العرش من األباء إلى ا

نصت علیھا المادة الثانیة من األمر الكریم سالف الذكر، أو رابطة النسب غیرالمباشرة التى ینتقل فیھا العرش إلى االخوة أو إلى األخوات أو

.األعمام والتى نصت علیھا المادة الثالثة



١٣٩

ویطلق على رئیس الدولة فى ھذه النظم لقب الملك، اإلمبراطور، .ن، القیصر، إلى غیر ذلك من المسمیاتاألمیر، السلطا

بین نوعین من الملكیة ھما الملكیة المطلقة ویفرق جانب من الفقھوالملكیة االستبدادیة والنوع األول یتقید فیھ الحاكم بحكم القانون على الرغم من تركیز السلطة فى یده، بخالف الملكیة االستبدادیة التى یحكم

.التزام بحكم القانونفیھا الحاكم طبق ھواه دون أن التمییز بین الملكیة المطلقة والملكیة فى حین یرى جانب آخر

االستبدادیة یخرج عن دراسة أشكال الحكومات ألنھ یتصل بموضوع الحكم ال بشكلھ وأنھ یجب االكتفاء فى ھذا الشأن بدراسة خضوع الدولة

شروعة النتقال وقد كتب لھذه الوسیلة من بین الوسائل غیر الم. للقانونالسلطة نجاحا فى نظر الرأى العام ووجدت المبررات لنجاحھ إلسباغ

.المشروعیة علیھویرى بعض الفقھ أن ھذا النظام مستقى من نظام القانون الخاص إذ لما كانت األموال تنتقل بین األفراد فیما بینھم فى نطاقھ فإن ذلك یتبعھ

م تنتقل السلطة العامة على أساس انتقال السلطة مع ھذه األموال، ومن ثأنھا كانت تدخل ضمن ذمة الشخص المورث، وقد ساعد على ذلك

:عامالن لتبریر الوراثة فى إسناد الحكم ھماالذى نشأ فى عھد اإلقطاع وسادت فیھ فكرة أن : التبریر المالى

السلطة تقوم بالمال فكانت ال تنتقل بالوراثة فقط بل كانت تباع وتشترى األموال ، وكانت الوظائف العامة تباع وتشترى مثل السلع التجاریة مثل

ونفس ھذه الفكرة كانت مطبقة فى العصور القدیمة حیث كانت ال تفصل .بین الحاكم والسلطة على أساس أنھا ملك لھ

المتمثل فى إسباغ الصفة الدینیة على السلطة التى :التبریر الدینىلسلطة فى أیدیھم والقضاء على سلطة توالھا ملوك فرنسا وتركیزھم ا

اإلقطاع الواسعة وقد ساعد على ذلك تدعیم الكنیسة بإحیائھا فكرة الملوك



١٤٠

المقدسین التى سادت فى عصور سابقة وإرجاع السلطة إلى اإلرادة .اإللھیة التى كانت تحتم توارث العرش

وبالرغم من ھذه المبررات التى قیلت إال أنھا أصبحت غیر مقبولة فى الوقت الحاضر ،ولم یعد من المستساغ أن تكون السلطة تباع وتشترى، كما أن نظریة المصدر اإللھى قد انتھت ھى األخرى وأصبحت السیادة ملك للشعب، وما زالت الملكیة حتى اآلن فى دول

.عریقة فى الدیمقراطیة صورة رمزیة، وتلعب دورا ھاما فى إسناد الحكم :تقدیر النظام الملكى

یمتاز النظام الملكى بمجموعة من المزایا باعتباره وسیلة من وسائل :إسناد الحكم یمكن إجمالھا فى

أن األخذ بھ یؤدى إلى تحقیق استقرار النظام وسھولة انتقال -١السلطة بین الملوك بطریقة ھادئة خالیة من وسائل التطاحن على

. الرئاسةى تصاحب انتخابات رئیس أنھ یجنب البالد االضطرابات الت-٢

الدولة، ویعبر عن انتقال السلطة بال مشاكل فى ظل ھذا النظام المثل ".مات الملك یحیا الملك"الشائع أن ھذه الطریقة تؤدى إلى توفیر الكثیر من إنفاق األموال الطائلة -٣

التى تنفق على الدعایة االنتخابیة للمرشحین لرئاسة الدولة وخیر شاھد . ما ینفق فى انتخابات الرئاسة األمریكیة من مالیین الدوالراتعلى ذلك أن الملك ال یخضع لتأثیرات األحزاب ال سیما فى الدولة اآلخذة -٤

بالنظام البرلمانى ،ومن ثم یعمل على حفظ التوازن بین السلطات .باعتباره فوق األحزاب جمیعا فیوفق بین مختلف االتجاھات

فترة طویلة على عرش الحكم یحقق مصلحة أن استقرار الملك -٥بالده لما یكتسبھ من خبرة ودرایة بشئون الحكم، وما یقوم بھ من توثیق



١٤١

الصالت مع زعماء الدول األخرى األمر الذى یعود بالنفع على بالده .لیحقق مجدا عظیما لنفسھ وبلده

تولى أن األنظمة الملكیة یمتاز فیھا الملوك بتربیة خاصة تؤھلھم ل-٦الحكم على اعتبار أن شخص الحاكم محدد سلفا وأنھم یتولون السلطة

.لمدة لیست محدودةو جدیر بالذكر أن النظام الملكى بالرغم من ھذه المزایا إال أنھا لیست مقنعة وبعضھا ال قیمة لھ فى الواقع ألن ذلك یتنافى مع الدیمقراطیة الحقة

:اس،ومن ثم تم توجیھ النقد إلیھ على أس مخالفة ھذا النظام لقاعدة المساواة بین األفراد التى تعد من أسس -١

المبدأ الدیمقراطى فوقف الحكم على أسرة معینة وجعل الحكم ینتقل بین .أبناءھا باإلرث واحتكارھم لھ یتنافى مع ھذا المبدأ

كما یعیب ھذا النظام اإلتیان بملوك غیر مؤھلین للحكم إما -٢م بلوغھم بعد السن المعقولة لتولیة ھذا المنصب األمر لصغر سنھم وعد

وقد . الذى یجعلھم یوضعون تحت نظام الوصایة حتى بلوغ سن الرشد .أثبت التاریخ ھذه الظاھرة لكثیر من الملكیة

أن ھذا النظام قد یأتى من ناحیة أخرى بملوك غیر أھل لتولى -٣من سفھ أو الحكم بسبب ضعف فى عقولھم العتراضھا بأى عارض

جنون أو عتھ أو غیره فیتولون السلطة طبقا لقانون توارث العرش على .الرغم من عدم صالحیتھم العقلیة واألدبیة

ھذا باإلضافة إلى ما قامت بھ بعض الملكیات من العمل على -٤تقویة سلطانھا وازدیاد امتیازاتھا على حساب حقوق األفراد وحریاتھم،

یادة الظلم والطغیان ،وما قامت الثورات ضد كثیر األمر الذى أدى إلى زمن الملوك إال للتخلص من الظلم والطغیان والتحرر من العبودیة التى اقترنت بالنظام الملكى وخیر شاھد على ذلك الثورات الكبرى فى العالم

.الخ... مثل فرنسا، إنجلترا، مصر



١٤٢

المطلب الثانى الحكومة الجمھوریة

مھوریة تلك التى یتم اختیار رئیس الدولة فیھا یقصد بالحكومة الجعن طریق االنتخاب ولمدة محددة، ویطلق على ھذه الحكومة التى تقوم على اختیار رئیس الدولة باالنتخاب ال بالوراثة جمھوریة ورئیسھا ھو

.رئیس الجمھوریةومما ال شك فیھ أن للشعب فى ظل ھذه الحكومات دورا أساسیا فى

.ھ بخالف النظام الملكى إذ تنعدم إرادتھ تماما فى التولیةاختیار رئیسوقد ظھر النظام الجمھورى وأخذت بھ الدول بعد انھیار الملكیة فى

لم یكن فى العالم أجمع سوى ثالث ١٩٢٠ربوع العالم فحتى عام إال أنھ بعد .جمھوریات ھى سویسرا والوالیات المتحدة األمریكیة وھایتى

األولى تم ھجر الملكیة وبدأت الجمھوریات فى االتساع الحرب العالمیة .لدرجة أنھ لم یعد ھناك وجود للملكیة إال فى بعض الدول القلیلة فى العالم

ومما یجب التنبیھ إلیھ أن ما ذكرناه من مزایا للنظام الملكى إنما تعد عیوبا للنظام الجمھورى ،إذ أن أنصار النظام الملكى وھم بصد دفاعھم

وذكرھم مبررا أو میزة من مزایاه إنما كانوا یقصدون توجیھ النقد عنھإلى النظام الجمھورى من حیث تأثیر األحزاب السیاسیة، واالرتباك الذى یصاحب العملیة االنتخابیة لرئیس الدولة، واألموال الطائلة التى تنفق فى الدعایة االنتخابیة ،فضال عن أن االنتخابات قد تسفر عن وصولأشخاص لمنصب الحكم غیر مؤھلین لتولیة المنصب ھذا باإلضافة إلى أن الناخب فى ظل نظام اختیار رئیس الدولة فى بعض الدول غیر مؤھل

.الختیار األكفأعلى أن ذلك ال ینقص من قیمة النظام الجمھورى ،ویكفى ھذا النظام

لشعبیة وعدم اتساقھ مع المبدأ الدیمقراطى ،فضال عن أنھ یجسد السیادة ا .تركھا فى ید فرد واحد



١٤٣

ومما یجب التنبیھ إلیھ أیضا أننا ھنا لسنا فى معرض المفاضلة بین النظامین الملكى والجمھورى وأیھما تكون لھ األفضلیة حیث نذھب مع جانب من الفقھ إلى أن ھذه المفاضلة تأخذ طابعا نظریا ألن أفضلیة نظام

لظروف والحقائق التاریخیة والسیاسیة على آخر ال تتقرر إال طبقا لواالقتصادیة واالجتماعیة التى تختلف من دولة ألخرى، من ثم فإن أفضل نظام للحكم من وجھة نظرنا ھو الذى یتالءم مع ظروف الدولة وإمكاناتھا وأحوال شعبھا وتاریخھ وتجربتھ السیاسیة الخاصة بھ ووعیھ

.الخ... السیاسىكى یقوم على أساس الوراثة بینما یقوم النظام ولما كان النظام المل

الجمھورى على أساس اختیار رئیس الدولة، ولما كانت الدساتیر قد اختلفت فى طریقة انتخاب رئیس الدولة ،لذا من األفضل أن نبین ھذه

.الطرق المختلفة :طرق اختیار رئیس الجمھوریة

فى اختیار ال شك أن اإلرادة الشعبیة ھى صاحبة الدور األساسى رئیس الجمھوریة إذ لیس من المعقول فى ظل ھذا النظام وصول شخص ما إلى منصب الرئاسة دون رضا من الشعب، وتختلف طریقة اختیار رئیس الجمھوریة تبعا الختالف الدساتیر فالبعض منھا یجعل انتخابھ بواسطة الشعب ،وبعضھا اآلخر یجعل انتخابھ عن طریق البرلمان،

جعلھا طریقة مركبة تجمع الشعب والبرلمان بحیث یتم انتخاب وبعضھا ی . رئیس الجمھوریة عن طریق المجالس النیابیة والشعب

:اختیار رئیس الجمھوریة عن طریق الشعب - ١تتحقق " التولیة الشعبیة"انتخاب رئیس الجمھوریة عن طریق الشعب

:بإحدى صورتین من الشعب على درجة إما أن یتم االنتخاب بطریقة مباشرة: األولى

واحدة بحیث یذھب الناخبون إلى صنادیق االقتراع لإلدالء بأصواتھم



١٤٤

واختیار رئیس الدولة مباشرة دون واسطة فى مرحلة واحدة ونھائیة، وما تسفر عنھ نتیجة االنتخابات من حصول أحد المرشحین على أعلى نسبة

.فى األصوات یعتبر رئیسا للجمھوریة، )٤٣م (١٩١٩لطریقة فى ظل الدستور األلمانى وقد أخذ بھذه ا

، ودستور فرنسا )٧٢م (١٩٣٣ودستور البرتغال الصادر فى سنة م ومعظم دساتیر دول أمریكا ١٩٦٢ الحالى بعد تعدیلھ فى عام ١٩٥٨

.الجنوبیة، وتونس، والنیجر والجابون وساحل العاج وإندونیسیاس الجمھوریة بطریقة غیر ویتم فیھا انتخاب رئی: الثانیةأما الطریقة

مباشرة من الشعب على درجتین بحیث یقوم الناخبون باختیار مندوبین .عنھم، ویتولى ھؤالء المندوبون مھمة اختیار رئیس الجمھوریة

وھذه الطریقة اتبعھا دستور الوالیات المتحدة األمریكیة الصادر عام ض دول وبع) ٢٢م (١٩١٩ودستور فنلندا الصادر فى ) ٢/١م (١٧٧٨

.أمریكا الالتینیة كاألرجنتین وبارجواى :تقدیر ھذه الطریقة

على أساس أن انتخاب القت ھذه الطریقة معارضة من جانب الفقھرئیس الجمھوریة سواء أكان على مرحلة واحدة أم على مرحلتین یؤدى إلى استئثار رئیس الدولة بالسلطة ومناوأتھ للبرلمان اعتمادا على ما

من تأیید شعبى ،مستندا إلى أنھ رجل الشعب المختار من قبل یتمتع بھ الشعب فیتعدى على اختصاصات البرلمان على أساس أن أعضائھ یمثلون جزءا من الشعب وھو یمثل الشعب بأكملھ مما یؤدى إلى تحول النظام إلى نظام دیكتاتورى ،واستدلوا على ذلك بما حدث فى معظم دول

، ١٩٦٢ى فرنسا التى رفضت ھذه الطریقة حتى عام أمریكا الالتینیة، وففبعد انتخاب لویس نابلیون رئیسا للجمھوریة الفرنسیة الثانیة طبقا

الذى كان یأخذ بنظام التولیة الشعبیة قام بانقالبھ الشھیر ١٨٤٨لدستور ١٨٥٢ ونصب نفسھ إمبراطورا على فرنسا سنة ١٨٥١ دیسمبر ٢فى



١٤٥

أوالبرلمان كما ألغى الجمھوریة وأعلن قیام وألغى المجلس التشریعى اإلمبراطوریة، وقد تركت ھذه التجربة المریرة أثرا نفسیا لدى الفرنسیین الذین حاولوا رفض كل محاولة النتخاب رئیس الجمھوریة عن طریق

.١٩٦٢الشعب حتى تم تعدیل دستور فرنسا الحالى فى دیمقراطیة تعطى الحق كما أن األخذ بھذه الطریقة فى الدول غیر ال

للناخب العادى والذى قد ال تتوافر لدیھ الخبرة والدرایة السیاسیة الختیار أفضل المرشحین وأصلحھم للرئاسة األمر الذى یجعل عملیة االنتخاب

ناھیك عن سیطرة السلطة على آراء معظم الناخبین فى . ال قیمة لھا .ھذه الدول

:اختیار رئیس الجمھوریة عن طریق البرلمان - ٢فى ظل ھذه الطریقة ینفرد البرلمان فقط باختیار رئیس الجمھوریة، یستوى فى ذلك أن یكون البرلمان مكونا من مجلس واحد أو مجلسین

).الشیوخ، النواب(وتجد ھذه الوسیلة أساسھا فیما قام بھ دستور فرنسا الصادر فى

الثانیة منھ أن انتخاب رئیس الجمھوریة یتم حیث قررت المادة١٨٧٥بواسطة المجلسین مجلس الشیوخ والجمعیة الوطنیة مجتمعین فى ھیئة

.جمعیة وطنیة فى قصر فرساى فى فرنسا بذات الوسیلة وأكد علیھا حیث ١٩٤٦كما أخذ دستور

منھ علیھا ولم یتم العدول عنھا إال بعد تعدیل الدستور ) ٢٩(نصت المادة ومن الدول التى أخذت بھذه الطریقة لبنان فى ١٩٦٢ فى ١٩٥٨الى الح

.١٩٢٦دستورھا الصادر فى سنة وتشترط بعض األنظمة أغلبیة خاصة فى اختیار رئیس الجمھوریة كاألغلبیة المطلقة ألعضاء المجلسین معا ، كما فعلت ذلك الدساتیر

الى الصادر فى الفرنسیة، أو أغلبیة الثلثین كما نص على ذلك دستور مینتخب رئیس "حیث نصت على أن ) ٧٠( فى مادتھ ١٩٦٠سنة



١٤٦

الجمھوریة باالقتراع السرى فى المجلس الوطنى والبد من أن یتوفر النتخابھ أغلبیة ثلثى األعضاء فى االقتراعین األول والثانى ویكتفى

".باألغلبیة المطلقة فى االقتراعات التالیةول المعاصرة دوال كثیرة منھا لبنان، وتأخذ بھذه الطریقة فى الد

، یوغسالفیا، أفریقیا الوسطى، الصین، بولندا، ١٩٥٠سوریا .الخ... تشیكوسلوفاكیا، ألمانیا، تركیا

:تقدیر ھذه الطریقةیؤخذ على ھذه الطریقة أنھا تؤدى إلى ضعف مركز رئیس الدولة

ى یده بحیث وخضوعھ للبرلمان الذى قام بانتخابھ واعتباره مجرد آلة فیصبح رئیس الدولة حبیس سیطرة السلطة التشریعیة وربیبا لھا وتضعف بالتالى من السلطة التنفیذیة فى الدول اآلخذة بھا كما حدث فى فرنسا من ضعف للسلطة التنفیذیة فى مواجھة السلطة التشریعیة مما یترتب علیھ

لى أنھا كانت سببا فقد رئیس الدولة للجاللة واالحترام الواجبین، عالوة ع .فى حدوث أزمات سیاسیة متالحقة لحقت بفرنسا إبان الجمھوریة الرابعة

:اختیار رئیس الجمھوریة عن طریق البرلمان والشعب - ٣من أجل تالفى العیوب التى وجھت إلى الطریقتین السابقتین فى اختیار رئیس الجمھوریة توجھت الدساتیر إلى الجمع بینھما حیث یشترك

لمان والشعب معا فى االختیار وتتحقق ھذه الطریقة بإحدى البر :صورتینتتم عن طریق ھیئة خاصة مكونة من أعضاء البرلمان وعدد : األولى

مساو لھم منتخب من الشعب یقومون باختیار رئیس الجمھوریة، وقد أخذ التى ) ٦٨( فى مادتھ ١٩٣١بھذه الطریقة دستور أسبانیا الصادر سنة

نتخاب رئیس الجمھوریة األسبانیة ینتخب بواسطة الكورتیز قررت أن اومن عدد من المندوبین مساو لعدد أعضاء المجلس " مجلس النواب"

المذكور منتخبین بواسطة الشعب عن طریق االقتراع العام بحیث یقوم



١٤٧

أعضاء الكورتیز والمندوبون بانتخاب رئیس الجمھوریة، كما أخذ بھذه .، ودستور إیطالیا٤٥یا االتحادیة فى مادتھ الطریقة دستور ألمان

تتحقق بقیام البرلمان بترشیح شخص معین لمنصب الرئاسة : الثانیةمن بین المتقدمین وقد أخذت دساتیر مصر الجمھوریة بذلك حیث نصت

، ١٩٦٤من دستور ) ١٠٢(، والمادة ١٩٥٦ من دستور ١٢١المادة على ھذه الطریقة فالمادة قبل تعدیلھا ١٩٧١من دستور ) ٧٦(والمادة یرشح مجلس الشعب " من الدستور الحالى قبل تعدیلھا تنص على أن ٧٦

رئیس الجمھوریة، ویعرض الترشیح على المواطنین الستفتائھم فیھ ویتم الترشیح فى مجلس الشعب لمنصب رئیس الجمھوریة بناء على اقتراح

لبیة ثلثى ثلث أعضائھ على األقل، ویعرض المرشح الحاصل على أغأعضاء المجلس على المواطنین الستفتائھم فیھ فإذا لم یحصل على األغلبیة المشار إلیھا أعید الترشیح مرة أخرى بعد یومین من تاریخ نتیجة التصویت األول، ویعرض المرشح الحاصل على األغلبیة المطلقة

.ألعضاء المجلس على المواطنین الستفتائھم فیھا للجمھوریة بحصولھ على األغلبیة المطلقة ویعتبر المرشح رئیس

لعدد من أعطوا أصواتھم فى االستفتاء، فإن لم یحصل المرشح على ھذه األغلبیة رشح المجلس غیره، وتتبع فى شأن ترشیحھ وانتخابھ

".اإلجراءات ذاتھا طلب رئیس الجمھوریة من مجلس ٢٠٠٥ فبرایر ٢٦إال أنھ فى

تم إجراء ٢٥/٥/٢٠٠٥ الدستور وفى من) ٧٦(الشعب تعدیل المادة االستفتاء على تعدیل ھذه المادة وجاء التعدیل مغایرا لما كان متبعا من قبل فى شأن اختیار رئیس الجمھوریة بحیث أصبح انتخاب رئیس

وقد دخلت على ھذه .الجمھوریة عن طریق االقتراع السرى العام المباشرف نتناولھا بالتفصیل في سو٢٠٠٧المادة بعض التعدیالت في عام

.موضعھا



١٤٨

المطلب الثالث الفروق الجوھریة بین الحكومة الملكیة والحكومة الجمھوریة

توجد فوارق كثیرة بین النظامین الملكى والجمھورى یمكن أن نحصرھا فى ثالث نقاط رئیسیة من حیث كیفیة إسناد السلطة فى كل من

لدولة فى كل منھما ونوضح النظامین، ومدة الرئاسة، ومسئولیة رئیس ا :ذلك على النحو التالى

:كیفیة إسناد السلطة إلى رئیس الدولة - ١یتولى " الملك"سبق وأن ذكرنا أن رئیس الدولة فى النظام الملكى

الحكم عن طریق الوراثة دون تدخل من الشعب حیث تنعدم اإلرادة ت ولذلك تحرص الدساتیر فى الحكوما. الشعبیة فى ظل ھذا النظام

الملكیة على وضع نص دستورى أو وثیقة دستوریة تحدد قواعد العرش فقد . فى أسرة معینة وتمنع تعدیل النصوص التى تنظم وراثة العرش

وراثة العرش فى مصر فى أسرة ١٩٢٣من دستور ) ٣٢(حددت المادة أى تعدیل یمس نظام وراثة العرش، ) ١٥٦(محمد على، ومنعت المادة

وضع نظام توارث العرش ١٩٢٢ لسنة ٢٥م رقم وحدد األمر الكری. وأقامھا على عالقة النسب المباشرة وغیر المباشرة كما سبق وأوضحنا

وال تكتفى قوانین توارث العرش ببیان كیفیة انتقال والیة الحكم، بل إنھا تضع الشروط الواجب توافرھا فیمن یتولى الحكم، وكذا ذكر الممنوعین

حرومین منھا، وبیان ھیئة وصایة العرش التى من ھذه الوالیة، والمتتولى الحكم فى حالة وجود ملك قاصر، باإلضافة إلى ترتیب المخصصات ألفراد األسرة المالكة، وإنشاء مجلس للفصل فى األحوال الشخصیة لألمراء واألمیرات، وھذا ما فعلھ األمر الكریم سالف اإلشارة

.فى مصرئق الدستوریة أو القوانین المكملة للدستور كما تھتم الدساتیر أو الوثا

بحصر نوع أعضاء األسرة المالكة للذین یطلق علیھم لقب أمیر أو أمیرة،



١٤٩

وذلك عن طریق وضع الئحة بنظام األسرة المالكة تبین ما للملك من حق الوالیة على أسرتھ، باإلضافة إلى إنشاء مجلس لمعاونة الملك فى تولى

لسنة ٢٥فى مصر عندما صدر القانون رقم السلطة، وھذا ما حدث بوضع نظام األسرة المالكة والذى صدر قبل وضع دستور ١٩٢٢ثم صدر تنفیذا ) ١٥٣( إال أن الدستور قد أشار إلیھ فى المادة ١٩٢٣

الخاص بمباشرة ١٩٣٦ لسنة ٥٤للقانون سالف الذكر القانون رقم تھ رئیسا لألسرة مجلس الوصایة الحقوق التى یختص بھا الملك بصف

مایو سنة ٨ووافق علیھ مجلس الشیوخ ومجلس النواب فى المالكة . وعمل بھ من ذات التاریخ١٩٣٦

وقد كان للنظام الملكى فضل كبیر فى توحید البالد األوروبیة والقضاء على عھود اإلقطاع المظلمة وما سادھا من فوضى ومظالم، كما

واالستقرار السیاسى فى الداخل ألنھا أن الملكیة تحقق نوعا من الثبات .نظام دائم

وال یفھم من ھذا النظام أنھ یتعارض مع المبدأ الدیمقراطى، ألن رئیس الدولة فى ظلھ یستمد مركزه من الوراثة، فإن كان ھذا الفھم یصدق على حالة الملكیة االستبدادیة، فإن ذلك ال یصدق فى حالة الملكیة

لى أساس أن الشعب ھو صاحب السلطة ومصدر الدستوریة التى تقوم عالسیادة یباشرھا عن طریق برلمان یمثلھ، والملك ال تكون فى یده السلطة بل سلطاتھ اسمیة أو رمزیة، وتتركز السلطة فى الھیئة المنتخبة صاحب

.السلطان األصیل، وكل ھذا ال یتنافى مع الدیمقراطیةالجمھوریة فھى االنتخاب، أما عن وسیلة إسناد السلطة فى الحكومة

إذ أنھ الطریق الوحید للوقوف على إرادة الشعب فبواسطتھ یساھم المواطنون فى التعبیر عن اإلرادة العامة، وقد بدأت ھذه الوسیلة الختیار رؤساء الجمھوریة مع تطور وانتشار الدیمقراطیة والتخلى عن النظام

.الملكى واالتجاه نحو النظام الجمھورى



١٥٠

االنتخاب یحقق المساواة بین المواطنین الذین تتوافر فیھم ونظامالشروط الالزمة لمنصب رئیس الجمھوریة لمدة محددة دستوریا بحیث یحق لكل شخص تتوافر فیھ الشروط التى حددھا الدستور لتولى رئاسة الجمھوریة أن یصل لھذا المنصب عن طریق االنتخاب إذا ما حصل

تھتم الدساتیر الجمھوریة بعملیة تنظیم انتخاب و. على أغلبیة األصواترئیس الجمھوریة، وتحدید مدة الرئاسة وعدد مراتھا، وھل یحق لھ تجدید مدة رئاستھ، ومن یحل محلھ فى حالة الغیاب أو العجز الدائم أو فى حالة

الخ، وتختلف الدساتیر كما رأینا فى طریقة اختیار رئیس ... الوفاة .الجمھوریة : الرئاسة فى النظامین ـ مدة٢

عرفنا أن النظام الملكى یقوم على الوراثة فرئیس الدولة یرث العرش عن آبائھ وأجداده، بینما یقوم النظام الجمھورى على أساس انتخاب رئیس

.الدولة لمدة محدودةوتبعا لتنوع ھذه الطرق فى تولیة الحكم فإن مدة الرئاسة البد وأن

فى النظام الملكى مؤبدة ولیست موقوتة بمدة تتنوع تبعا لذلك، فھى معینة، فاألنظمة الملكیة الوراثیة تجعل فترة والیة الحكم مرتبطة ببقاء

.حیاة الملك على عرشھأما فى األنظمة الجمھوریة فإن الحال على خالف ذلك، إذ تجعل ھذه

ع األنظمة مدة رئاسة الدولة موقوتة بمدة معینة بعد انتھاءھا یتم الرجوإلى الشعب، إما لتجدیدھا إذا كان الدستور یسمح بذلك، وإما الختیار

.مرشح آخر بعد انتھاء المدة المنصوص علیھا دستوریاوتتراوح مدة الرئاسة من دولة إلى أخرى، فقد تكون لمدة أربع سنوات فقط مع عدم جواز تجدیدھا أكثر من مرة، بحیث ال یستطیع أن

أكثر من ثمانى سنوات كما أخذ بذلك دستور یمكث الرئیس فى الرئاسةالوالیات المتحدة األمریكیة، وقد تكون مدة الرئاسة ست سنوات كما أخذ



١٥١

، وقد تزاد ھذه المدة إلى سبع )٦٨(بذلك الدستور األسبانى فى مادتھ قبل تعدیلھ، ١٩٥٨سنوات كما أخذ بذلك دستور فرنسا الصادر فى

إلى ثمان سنوات كما أخذ بذلك ، وقد تصل١٩١٩ودستور ألمانیا .١٩٢٣الدستور البرتغالى سنة

) ٧٧( الحالى فى مادتھ ١٩٧١ سبتمبر ١١وفى مصر نص دستور مدة الرئاسة ست سنوات میالدیة تبدأ من تاریخ إعالن نتیجة "على أن

" االستفتاء ویجوز إعادة انتخاب رئیس الجمھوریة لمدة تالیة ومتصلة تعدیل على ھذا النص بعد إجراء االستفتاء طرأ١٩٨٠ مایو ٢٠وفى

ووضع " لمدة تالیة ومتصلة"علیھ واقتصر التعدیل على عجز المادة ووفقا لھذا التعدیل أطلقت المدد بما یسمح بترشیح " لمدد أخرى"مكانھا

.من یرنوا إلى شغل ھذا المنصب ألكثر من مرةمباشرة مھام وإذا كان من المتعین أن تكون مدة الرئاسة كافیة ل

المنصب بحیث یجب أال تكون أقل مما ینبغى، فإنھ یجب على جانب آخر أال تطول ھذه المدة فترة طویلة حتى ال تنقلب الحكومة الجمھوریة إلى

.حكومة ملكیة بصورة غیر مباشرةومن ثم ینادى كثیر من فقھاء القانون الدستورى بضرورة تعدیل ھذه

.فق واألنظمة الجمھوریة فى العالم أجمعالمادة وتحدید المدة بما یت :ـ مسئولیة رئیس الدولة٣

تختلف األنظمة الملكیة عن األنظمة الجمھوریة فیما یتعلق بمسئولیة ففى األنظمة الملكیة یكون رئیس الدولة غیر مسئول بصفة . رئیس الدولة

وذلك طبقا للمبدأ مطلقة عن أفعالھ ال سیاسیا وال جنائیا وال مدنیا Le Roi est" ذات الملك مصونة ال تمس"الدستورى الشھیر بأن

Inviloble ومن ثم ال یخضع رئیس الدولة ألى نوع من أنواع المسئولیة حتى ولو كانت أعمالھ تنطوى على جرائم جنائیة ،وسواء

وذلك تطبیقا للقاعدة . كانت ھذه األعمال تتصل بوظیفتھ أم تخرج عنھا



١٥٢

فلو قتل الملك أحد األشخاص " الملك ال یخطئ"التى كانت سائدة بأن العادیین بأى طریقة فال مجال لتوقیع العقوبة علیھ ألنھ یستحیل علیھ أن یجرى عمال خاطئا، حتى إن بعض الفقھ قد ضرب مثال على عدم

إذا قتل الملك بیده وزیرا من وزرائھ فال مسئولیة : "مسئولیة الملك بقولھ الملكة بیدھا رئیس الوزراء فإنھ ال یمكن ألى إذا قتلت"أو " على أحد

".محكمة أن تنظر ھذا التصرفأن أى اتھام للملك یفتح الطریق إلى " الفییر"ویقول الفقیھ الفرنسى

وتستند قاعدة عدم مسئولیة الملك إلى النظریة الثیوقراطیة والتى . ثورةساد ھذا المبدأ كانت تقضى بأن الملك غیر مسئول إال أمام اهللا وحده، وقد

قدیما لدى كثیر من الشعوب حیث كان للدین أثر عمیق فى نفوس الناس وصادفت ھوى جامحا لدى الحكام،وكانوا یجمعون غالبا بین السلطة الدینیة والسلطة الزمنیة، وكانوا یتصرفون كما یشاءون وما على الشعب

.إال السمع والطاعة فقط دون مساءلتھم القرنین السابع عشر والثامن عشر وخصوصا فى وساد ھذا المبدأ فى

فرنسا، ویرى بعض الفقھ الفرنسى أن فى عدم مسئولیة الملك إحیاء وال تقتصر عدم لملكیة الحق اإللھى كما أنھ نتیجة طبیعیة للوراثة

مسئولیة الملك فى ظل النظام الملكى على المسئولیة الجنائیة بل إنھا تمتد یة كذلك على أساس أن ذات الملك مقدسة لتشمل المسئولیة السیاس

La Persanne de droit estومحصنة ضد أى مسئولیة Invialoble Est Acrée وكان من الطبیعى أن توجد ھیئة أو جھة

تتحمل المسئولیة حتى عن تصرفات رئیس الدولة المتعلقة بالشئون العامة ارة سیاسیا للدولة ووقع ذلك على وزراء الملك وتقررت مسئولیة الوز

.أمام البرلمانأن ) ٦١( فى مصر بذلك حیث قرر فى المادة ١٩٢٣وقد أخذ دستور

الوزراء مسئولون متضامنون لدى مجلس النواب عن السیاسة العامة "



١٥٣

) ٦٢(كما نصت المادة ..." للدولة وكل منھم مسئول عن أعمال وزارتھء من المسئولیة أوامر الملك شفھیة أم كتابیة ال تخلى الوزرا"على أن

".بحالوقد ساد مبدأ عدم مسئولیة الملك فى الدول الملكیة التى أخذت بالنظام البرلمانى كمصدرا مطلقا دون أن یعتریھ أى تغییر، وقد طبق ھذا المبدأ

، وفى سنة ١٨١٤فى فرنسا بعد رجوع الملكیة إلیھا مرة أخرى سنة ، وفى بلجیكا، ١٨٧٦، كما طبق فى أسبانیا عندما صدر دستور ١٨٣٠

.والسوید والیونانفإن الوضع یختلف عن النظام : أما عن مسئولیة رئیس الجمھوریة

الملكى إذ رئیس الدولة یسأل جنائیا عن بعض األعمال التى یرتكبھا وتكون متعلقة بوظیفتھ مثل جریمة الخیانة العظمى أو عدم الوالء للنظام

لدولة یقوم بممارسة صالحیاتھ الجمھورى، فمما ال شك فیھ أن رئیس االدستوریة التى أعطاھا لھ الدستور سواء فى المجال التشریعى أم اإلدارى أو السیاسى وھو عند قیامھ بھذه الصالحیات قد تقع منھ أعمال یترتب علیھا خرق للدستور أو ارتكاب جرائم ویتطلب األمر محاسبتھ

.عن ذلكیس الجمھوریة لیس بمنأى عن ولما كانت المسئولیة متنوعة وكان رئ

المسئولیة، لذا فھو یسأل عن جمیع تصرفاتھ، فرئیس الجمھوریة یسأل مدنیا عن أفعالھ سواء رفعت علیھ الدعوى بصفة مستقلة أم كانت مرتبطة بدعوى أخرى ویعامل بشأنھا كأى فرد عادى، كما یخضع رئیس الدولة

اریة بحیث یحق لألفراد للمسئولیة اإلداریة عند مباشرتھ وظیفتھ اإلدطلب التعویض عن أى أضرار تلحق بھم نتیجة صدور أى قرار إدارى من رئیس الجمھوریة، وكذا طلب إلغائھ وذلك عن طریق رفع دعوى

، ویخضع رئیس الدولة لھذه "اإلدارى"قضائیة أمام القضاء المختص .المسئولیة باعتباره رئیسا إداریا أعلى فى الدولة



١٥٤

لمسئولیة الجنائیة فإن واضعو الدساتیر غالبا ما أما بخصوص ایضمنونھا نصا یقرر ھذا النوع من المسئولیة بالنسبة لرئیس الجمھوریة وإن اختلف نطاقھا من دستور آلخر، وھى تثار عندما یرتكب رئیس الجمھوریة جریمة یعاقب علیھا قانون العقوبات، وھذه المسئولیة فردیة

مرتكبھا، ذلك أن العقوبة شخصیة ومن یرتكب أو شخصیة خاصة بالفرد جریمة فعلیھ وزرھا وحده وقد تقع الجریمة خارج أعمال وظیفتھ وربما

.تتعلق بأعمال وظیفتھفبخصوص الجرائم العادیة التى تقع خارج أعمال وظیفتھ والتى یعاقب علیھا القانون األفراد على ارتكابھا كجریمة القتل مثال فشأنھ فى

األفراد، وبالتالى یخضع للقوانین العادیة فى ھذا الصدد ویذھب ذلك شأن بعض الفقھ إلى أن محاكمتھ تتم فى ھذه الحالة أمام المحاكم العادیة، وقد

حیث یخضع رئیس الجمھوریة إذا ) ٦٠(أخذ بذلك دستور لبنان فى مادتھ ارتكب جریمة من جرائم القانون العام إلى القوانین العامة مثل أفراد الشعب، فى حین تذھب بعض الدساتیر إلى عدم مسئولیة رئیس الجمھوریة عن الجرائم العادیة التى یرتكبھا أثناء مدة رئاستھ إال بعد

).٧٨م (١٩٣٣انتھاء ھذه المدة كما فعل الدستور البرتغالى سنة أما عن الجرائم التى تتعلق بأعمال وظیفتھ مثل جریمة الخیانة

ء للنظام الجمھورى فال تخضع للقوانین العادیة العظمى أو عدم الوالوذلك ألن الرئیس یتمتع بحصانة قانونیة ،ومن ثم ال یجوز القبض علیھ أو اتھامھ أو محاكمتھ مثل األفراد العادیین، بل إن الدساتیر غالبا ما تحیل تنظیم المسئولیة الجنائیة لرئیس الجمھوریة إلى قانون خاص لمحاكمتھ

إجراءات المحاكمة ویعین المحكمة التى یحاكم أمامھا الرئیس ینظم كیفیة . ویحدد العقاب وتختلف طریقة المحاكمة باختالف الدساتیر

رددت الدساتیر الفرنسیة النص الخاص بالمسئولیة ففى فرنسا الذى قرر النوع ١٨٥٢الجنائیة فقط دون المسئولیة السیاسیة عدا دستور



١٥٥

من دستور فرنسا الحالى ) ٦٨(المادة األخیر من المسئولیة وتنص ال یكون رئیس الجمھوریة مسئوال عن األعمال التى تتم " على أن ١٩٥٨

أثناء ممارسة وظائفھ إال فى حالة الخیانة العظمى، ویكون اتھامھ بواسطة المجلسین وبقرار موحد یصدر بتصویت علنى وباألغلبیة المطلقة

على أن تجرى محاكمتھ أمام لألعضاء الذین یتكون منھم المجلسان .المحكمة القضائیة العلیا

وقد كان رئیس الجمھوریة الفرنسیة یحاكم أمام مجلس الشیوخ بناء أما فى ظل دستور ١٨٧٥على اتھام مجلس النواب فى ظل دستور

فقد كان یحاكم أمام محكمة خاصة تسمى محكمة العدل العلیا عن ١٩٤٦ .تھمة الخیانة العظمى

بالمسئولیة الجنائیة ) ٨٥م (١٩٣١ دستور أسبانیا الصادر فى كما أخذلرئیس الجمھوریة عن مخالفتھ العمدیة لاللتزامات الدستوریة وكان اتھامھ یتم بواسطة مجلس النواب، وكانت محاكمتھ أمام محكمة

.الضمانات الدستوریةعلى المسئولیة الجنائیة لرئیس ) ٦٠م (كما نص الدستور اللبنانى

مھوریة عند خرقھ أحكام الدستور أو فى حالة الخیانة العظمى، وأناط الجالدستور بمجلس النواب القیام بسلطة االتھام بموجب قرار یصدره غالبیة ثلثى مجموع أعضائھ، وتتم محاكمتھ أمام المجلس األعلى المشكل وفقا

. من الدستور٨٠للمادة یھ من أنواع فإن النوع الوحید الذى تم النص عل: وفى مصر

المسئولیة ھو المسئولیة الجنائیة حیث درجت الدساتیر الجمھوریة على مع اختالف فى نوع التھم ورود نص ینظم مسئولیة رئیس الجمھوریة

، ١٩٥٦الموجھة إلى رئیس الجمھوریة حیث كانت فى ظل دستورى تتمثل فى جریمة الخیانة العظمى أو عدم الوالء للنظام ١٩٦٤



١٥٦

بینما فى ظل الدستور الحالى تتمثل باإلضافة إلى جریمة . الجمھورى .الخیانة العظمى فى ارتكاب رئیس الجمھوریة جریمة جنائیة

الحالى بعد التعدیل الذي دخل علیھا ١٩٧١ من دستور ٨٥فالمادة یكون اتھام رئیس الجمھوریة بالخیانة " تنص على أن ٢٦/٣/٢٠٠٧في

ة بناء على اقتراح مقدم من ثلث العظمى، أو بارتكاب جریمة جنائیأعضاء مجلس الشعب على األقل، وال یصدر قرار االتھام إال بأغلبیة

. ثلثى أعضاء المجلسیقف رئیس الجمھوریة عن عملھ بمجرد صدور قرار االتھام ویتولى الرئاسة مؤقتا نائب رئیس الجمھوریة الرئاسة أو رئیس مجلس الوزراء

س الجمھوریة أو تعذر نیابتھ عنھ، مع التقید عند عدم وجود نائب لرئی وذلك لحین ٨٢بالحظر المنصوص علیھ في الفقرة الثانیة من المادة

. الفصل فى االتھاموتكون محاكمة رئیس الجمھوریة أمام محكمة خاصة ینظم القانون تشكیلھا وإجراءات المحاكمة أمامھا ویحدد العقاب وإذا حكم بإدانتھ أعفى

".مع عدم اإلخالل بالعقوبات األخرىمن منصبھ فقد حدد النص السابق كیفیة اتھام رئیس الجمھوریة والمحكمة المختصة بمحاكمتھ وكیفیة اإلجراءات أمامھا، وأشار عجز المادة إلى قانون خاص یصدر لیحدد المحكمة التى تتولى محاكمة رئیس الجمھوریة

حاكمة ،األمر الذى جعلنا ،وحتى اآلن لم یصدر بعد القانون الخاص بالم الخاص بمحاكمة رئیس ١٩٥٦ لسنة ٢٤٧نقرر أن القانون رقم

ھو القانون واجب ١٩٥٦الجمھوریة والوزراء الصادر فى ظل دستور التطبیق إلى حین صدور قانون جدید، ویعد ھذا أمرا طبیعیا ألن ھذا

مع القانون سابق على وجود الدستور ولما كانت أحكامھ ال تتعارض أحكام الدستور القائم فمن ثم یصبح سارى المفعول إلى حین صدور

. قانون جدید فى ظل أحكام الدستور الجدید



١٥٧

أما عن المسئولیة السیاسیة لرئیس الدولة فى ظل األنظمة الجمھوریة وھى –فھى تختلف من نظام آلخر فقد نصت بعض الدساتیر صراحة

لرئیس الجمھوریة، ومن ذلك على المسئولیة السیاسیة–القلة منھا حیث نص فى المادة الخامسة ١٨٥٢ ینایر ١٤دستور فرنسا الصادر فى

یكون رئیس الجمھوریة مسئوال أمام الشعب الفرنسى ویحق لھ "على أن وھذا ھو النص الوحید فى الدساتیر الفرنسیة الذى ". دائما اللجوء إلیھ

.قرر المسئولیة السیاسیة لرئیس الدولةالدساتیر التى قررت المسئولیة السیاسیة لرئیس الجمھوریة ومن

حیث قرر ١٩٢٩ والمعدل سنة ١٩٢٠دستور النمسا الصادر فى سنة على أنھ إذا قرر المجلس الوطنى بحضور نصف ) ٦٠(ذلك فى مادتھ

األعضاء بأغلبیة ثلثى أصوات الحاضرین عزل رئیس الجمھوریة یجب ستور علق ذلك على استشارة الشعب فإذا أن یوقف عن العمل، إال أن الد

لم یوافق الشعب على العزل اعتبر عدم الموافقة بمثابة انتخاب جدید .لرئیس الدولة ویتعین حل المجلس فى ھذه الحالة

بالمسئولیة السیاسیة لرئیس ١٩٣١كما أخذ الدستور األسبانى سنة یا الصادر فى منھ وكذلك دستور ألمان٨١، ٨٠الدولة ونظمھا فى المواد

.١٩٤٩ أكتوبر ٧أما بالنسبة لمعظم األنظمة الجمھوریة فقد أغفلت النص صراحة على المسئولیة السیاسیة لرئیس الدولة والبعض منھا مزج بین المسئولیة السیاسیة لرئیس الدولة والمسئولیة السیاسیة للوزراء، ووجد الفقھ

المحافظة على مصلحة مبررین لعدم مساءلة رئیس الدولة سیاسیا ھما .الدولة العلیا، واعتبار رئیس الدولة حكما بین السلطات

وفى مصر یجمع الفقھ الدستورى على أن الدستور الحالى وما قبلھ أغفل تقریر المسئولیة السیاسیة لرئیس الدولة أمام مجلس الشعب ویعد

.ھذا إقرارا بعدم مسئولیتھ السیاسیة



١٥٨

یسأل الرئیس أو یستجوب سیاسیا أمام وعلى ذلك فإنھ ال یجوز أن مجلس الشعب، كما ال یجوز سحب الثقة منھ وذلك على الرغم من عھود الدستور إلى الرئیس بمباشرة جملة صالحیات سیاسیة فعلیھ یباشرھا

.بنفسھ وأخرى باالشتراك مع الوزارةوتثار مشكلة مسئولیة رئیس الدولة بقوة عندما یجمع رئیس

ن منصب الرئاسة ورئاسة مجلس الوزراء كما حدث فى الجمھوریة بی ١٩٧٣ مارس ٢٧مصر فى عھد الرئیس الراحل أنور السادات فى

١٩٨٠ مایو ١٤وكانت ھذه ھى المرة األولى، أما الثانیة فقد كانت فى .عندما أعلن ذلك أمام مجلس الشعب



١٥٩

المبحث الثانى الحكومة من حیث مدى خضوعھا للقانون

مة من حیث خضوعھا للقانون من عدمھ إلى حكومات تنقسم الحكووحكومات ال تخضع تخضع للقانون ویطلق علیھا الحكومة القانونیة

.للقانون ویطلق علیھا الحكومة االستبدادیة :الحكومة القانونیة: أوال

ھى الحكومة التى تخضع فى ممارسة أعمالھا وجمیع تصرفاتھا األفراد بحیث یسود القانون المجتمع ألحكام القانون شأنھا فى ذلك شأن

ویكون أساس للحكم فى الدولة ویخضع لھ الحاكم والمحكوم على حد .سواء بحیث یلتزم الجمیع بحكم القانون

ویقصد بالقانون الذى تحترمھ الدولة ھو القانون المطبق فیھا بمعناه كان الواسع أى مجموعة القواعد القانونیة ساریة المفعول فى الدولة أیا

مصدرھا وسواء أكانت مكتوبة أم غیر مكتوبة، ومن ثم یشمل القانون بمعناه الواسع التشریعات الدستوریة والتشریعات العادیة الصادرة من السلطة التشریعیة واللوائح الصادرة من السلطة التنفیذیة، وكذا العرف

.والمبادئ القانونیة العامة التى یتقرر الجزاء على مخالفتھا یمنع خضوع الدولة للقانون من أن یحرمھا ذلك حقھا فى تعدیل وال

أحكام القانون القائم أو إلغاءه أو استبدالھ بقوانین أخرى طالما اتبعت الوسائل التى حددھا الدستور للتعدیل أو اإللغاء، كل ذلك شریطة أن یكون رائد الحكومة فى ذلك ھو تحقیق المصلحة العامة وعدم االعتداء

الحقوق والحریات العامة وإال عد ذلك خروجا على القانون، ویعد على .خضوع الحكومة للقانون أول ضمان لحقوق األفراد وحریاتھم

إلى أن خضوع الحكومة للقانون ال یتنافى مع ویذھب بعض الفقھفكرة سیادة الدولة وال ینتقص منھا ألن الدولة ھى التى تضع القوانین

بمحض إرادتھا فلیس ھناك من یفرض علیھا ھذا المختلفة وتلتزم بھا



١٦٠

الخضوع، كما أن الحكومة تملك تعطیل القوانین أو إلغاءھا إذا اقتضت الظروف ذلك ،ومن ثم فال یصح القول بأن خضوع الحكومة للقانون ینقص أو یھدر سیادتھا بل على العكس من ذلك یضمن السیادة ویقویھا

أى تعارض بین فكرة السیادة وخضوع ویحفظ كیان الدولة فال یوجد إذا .الحكومة للقانون

:الحكومة االستبدادیة: ثانیایقصد بالحكومة االستبدادیة تلك الحكومة التى ال تخضع لحكم القانون فى حكمھا وتصرفاتھا وال تتقید بأحكامھ، بل إن القانون فى نظر ھذه

كم أو الحاكمین الحكومة قید على المحكومین دون الحاكمین فإرادة الحاھى القانون وال یحد من سیادتھ شىء فلھ أن یقرر ما یشاء ویفعل ما یشاء

.وفق ھواه وحسبما یتراءى لھ دون التقید بالقانون أو أیة أنظمة ثابتةوال شك أنھ فى ظل ھذا النظام تنعدم الحقوق والحریات الفردیة

ح العام إن وتتقدم المصلحة الخاصة للسلطة الحاكمة حتى على الصالتعارض معھا وتسعى إلى تحقیق المجد الشخصى دون النظر إلى مصلحة الشعب، وال مجال للحدیث عن أى قید یقید السلطة الحاكمة فیما تتخذه من إجراءات أو أوامر أو قرارات طالما أن السلطة ال تخضع ألى

.قانون یقیدھاالبولیسیة إلى وجوب التفرقة بین الدولة وتذھب وجھة نظر فقھیة

والدولة االستبدادیة ففى ھذه األخیرة تعسف اإلدارة باألفراد حسب ھوى أما فى الدولة البولیسیة فلیس لألفراد . الحاكم أو األمیر وتستبد بإمورھم

حقوقا قبل الدولة، ولإلدارة سلطة تقدیریة مطلقة فى اتخاذ اإلجراءات أن الغایة تبرر التى تحقق الصالح العام للجماعة وذلك على أساس

الوسیلة، فإذا كانت السلطة فى الدولة البولیسیة تستھدف مصلحة .المجموع فإن الحاكم المستبد ال یبغى إال مصلحتھ الشخصیة



١٦١

ومن ثم یكون الحاكم فى الدولة االستبدادیة مطلق التصرف وغیر مقید بأى قید ال من حیث الوسیلة وال من حیث الغایة، أما فى الدولة

لیسیة فالحاكم وإن كان غیر مقید من حیث الوسیلة فھو مقید من حیث البوالغایة ألن حریتھ فى اتخاذ ما یراه من اإلجراءات مشروطة بأن یتغیا فى

.ھذه اإلجراءات مصلحة الجماعة ولیس مصلحتھ الشخصیةبینما یسوى الكثیر من الفقھاء بین التعبیرین ویعارض بعضھم وجھة

أساس أنھا لم توضح كیف یمكن التحلل بداءة من حكم النظر السابقة علىالقانون ،ورغم ذلك تبتغى السلطة الحاكمة من وراء ذلك تحقیق الصالح العام ال الصالح الشخصى، والحقیقة أن التحلل من حكم القانون من كل قید قانونى ینتھى بھ األمر إلى إھدار الصالح العام، األمر الذى یؤدى إلى

.بارتباط الوسیلة بالغایة دائماالقول ھنا وقد سادت الحكومة االستبدادیة معظم الملكیات القدیمة فى فرنسا

فأطاحت بالحكومة المستبدة ١٧٨٩حتى قامت الثورة الفرنسیة فى سنة وجاءت بنظام جدید یقوم على كفالة حقوق األفراد وحریاتھم ولم یبقى لھا

.لنظم المعاصرةوجود حالیا إال فى النذر الیسیر من ا



١٦٢

المبحث الثالث الحكومة من حیث تركیز السلطة أو توزیعھا

تنقسم الحكومة من حیث تركیز السلطة فى ید شخص واحد أو ھیئة وحكومة ،واحدة، أو توزیعھا بین عدة ھیئات متعددة إلى حكومة مطلقة

.مقیدة :الحكومة المطلقة: أوال

تى تتجمع فیھا السلطة فى ید یقصد بالحكومة المطلقة تلك الحكومة الشخص واحد أو ھیئة واحدة مع خضوع ھذا الشخص أو تلك الھیئة لحكم

فیتم تجمیع سلطة التشریع فى الدولة . القانون الذى ھو مصدره بصفتھبجوار سلطة التنفیذ والقضاء دون توزیع ھذه السلطات على ھیئات

فصل بین السلطات، مختلفة، ومن ثم فالحكومة المطلقة ال تعرف مبدأ الوعلى الرغم من أن الحاكم فى الحكومة المطلقة ھو الذى یضع التشریع حسب ھواه إال أنھ یتقید بھ ،ولذا ال ینفى وصف الحكومة بأنھا مطلقة

وبذلك تختلف الحكومة المطلقة وفقا . خضوعھا للقوانین التى تصدرھالقانون إال أنھا تنقلب لھذا المعنى مع الحكومة االستبدادیة التى ال تخضع ل

.استبدادیة إذا تحلل الحاكم المطلق من أحكام القانونوقد سادت الحكومات المطلقة الملكیات القدیمة حیث كان الملوك یجمعون فى أیدیھم جمیع السلطات فى الدولة التشریعیة والتنفیذیة

ن والقضائیة وذلك طوال القرون السابقة حتى القرنین السابع عشر والثام ١٧٨٩ والفرنسیة عام ١٦٨٨عشر، وقد كان للثورتین اإلنجلیزیة عام

.الفضل الكبیر فى القضاء على الحكومات المطلقة فى أوربا تاریخ تولیة محمد ١٨٠٥وقد ساد فى مصر الحكم المطلق منذ عام

١٩٢٣على الحكم واستمر یتناقلھ خلفھ جیل بعد جیل حتى صدر دستور لحكم المقید ونص على ذلك فى الدساتیر وأخذت مصر بمقتضاه با

.المصریة المتعاقبة حتى یومنا ھذا مع بعض االستثناءات القلیلة



١٦٣

:الحكومة المقیدة: ثانیاذكرنا أن الحكومة المطلقة ال تعرف مبدأ الفصل بین السلطات بخالف الحكومة المقیدة التى تعتنق ھذا المبدأ، ولذا تعرف الحكومة

الحكومة التى توزع فیھا السلطة بین عدة ھیئات متنوعة المقیدة بأنھا تلك .یراقب بعضھا البعض دون تجمیعھا فى ید شخص واحد أو ھیئة واحدة

ففى ظل الحكومة المقیدة تتوزع السلطات العامة فى الدولة بحیث تستقل السلطة التشریعیة بمھمة التشریع، وتستقل السلطات التنفیذیة

قل السلطة القضائیة بالفصل فى المنازعات التى قد بمھمة التنفیذ، كما تستتنشأ بین األفراد بعضھم البعض أو األفراد مع الدولة وذلك حسب النظام

.القضائى المعمول بھ فى الدولةوجمیع األنظمة التى تطبق مبدأ الفصل بین السلطات تدخل فى عداد

اء كان مطبقا فى الحكومة المقیدة كالنظام الرئاسى، والنظام البرلمانى سوظل نظام جمھورى أم فى ظل نظام ملكى ،ومن ثم فالملكیات الدستوریة التى تكون فیھا السلطة موزعة بین الملك من ناحیة والبرلمان من ناحیة

.أخرى تدخل ضمن الحكومة المقیدة



١٦٤

المبحث الرابع الحكومة من حیث مصدر السلطة

ینفرد بھا وحده وفى ھذه قد تتركز سیادة الدولة فى ید شخص واحد والحالة یطلق على الحكومة حكومة فردیة وقد تتركز سیادة الدولة فى عدد قلیل من األفراد وفى ھذه الحالة یطلق على الحكومة حكومة القلة أو األقلیة أو الحكومة األرستقراطیة ، وقد تكون السیادة لمجموع الشعب

الدیمقراطیة ، ومن ثم ویطلق على الحكومة حكومة الشعب أو الحكومةفإن الحكومة من حیث مصدر السیادة فیھا أو صاحبھا تنقسم إلى أنواع ثالثة سوف نقوم بمعالجة النوعین األول والثانى وھما الحكومة الفردیة وحكومة األقلیة كل فى مطلب مستقل على أننا سوف نرجئ دراسة

تھا وذلك نظرا الحكومة الدیمقراطیة للفصل التالى الذى نخصصھ لدراس .ألھمیة النظام الدیمقراطى

المطلب األول الحكومة الفردیة

ھى الحكومة التى تنحصر فیھا السیادة فى ید فرد واحد ویباشرھا بنفسھ معتقدا أن سلطتھ مستمدة من اهللا أو من ذاتھ، وبالتالى ال یكون

عن للشعب دور فى السیادة، یستوى فى ذلك أن یكون الحاكم تولى الحكمطریق الوراثة وفى ھذه الحالة یطلق علیھ ملكا أو إمبراطورا أو قیصرا أو أمیرا، أو تولى الحكم عن طریق كفاءتھ الشخصیة ومقدرتھ الذاتیة

.وفى تلك الحالة یطلق علیھ لقب الدكتاتوروتأخذ الحكومة الفردیة صورا وأشكاال فى النظم المعاصرة وأھم ھذه

:الصور وتلك األشكال



١٦٥

:الملكیة االستبدادیة - ١أشرنا فیما سبق إلى الحكومة االستبدادیة وقلنا إنھا الحكومة التى ال تخضع فى حكمھا وتصرفاتھا لحكم القانون وال تتقید بھ، وكذلك الشأن فى الملكیة االستبدادیة حیث ال یخضع فیھا الملك لحكم القانون وال یتقید

لى ھواه وال اعتداد لدیھ برأى بھ، وال یخضع ألیة سلطة ألنھ یتصرف عالمحكومین وال حریاتھم، مع تجمیع كل السلطات فى یده واعتبار إرادتھ ھى المرجع النھائى فى كل أمر یتعلق بشئون الدولة، وكانت شخصیة

.الملك تختلط بشخصیة الدولة في أغلب األحوال وھذا المزج تعبر عنھ الكلمة المشھورة المأثورة عن لویس الرابع

.l’ état est Moiعشر أحد ملوك فرنسا بقولھ أنا الدولة وقد كان لمثل ھذه الملكیات والسلطان المطلق للملوك أثر إلندالع الثورات ضد الحكومات الجائرة ،ومطالبة الشعوب باحترام الحقوق والحریات الخاصة باألفراد ،وجعل السیادة فى الدولة للقانون ولیست

.ة بالفصل بین شخصیة الدولة وشخصیة الحاكم فیھالألفراد ،مع المطالبوقد كان لظھور النظریات والمذاھب السیاسیة على ید الكتاب والفالسفة لمحاربة تقیید سلطان الحكام المطلق، وخضوعھم لرضاء الشعوب أثر بالغ األھمیة ،وصدى واسع المجال لتنویر الشعوب

مع المطالبة بالتحرر من ومطالبتھم بالمحافظة على حقوقھم وحریاتھم، .التظلم واالستبداد الواقع علیھم من ناحیة الملوك

١٧٧٨ – ١٧٦٤ومن ذلك ما ذھب إلیھ الفقیھ الفرنسى فولتیر سنة إلى مھاجمة الملكیة حیث یعتبرھا ھى واالستبداد صنوان، وأن الحكومة الحرة ھى التى تصدر عن إرادة الشعوب والتى ینفذ فیھا الحكام ھذه

.اإلرادة طبقا للقانون وعلى قاعدة المساواة



١٦٦

:الملكیة المطلقة - ٢تقوم على أساس أن الحاكم یضع القوانین، ویتقید بھا ،مع استطاعتھ تعدیلھا أو إلغاءھا ،ویخضع لھا شأنھ شأن سائر المحكومین، فھى حكومة

وال ینفى عن وصف الحكم . فردیة تتركز فیھا السیادة فى ید الحاكم خضوعھ للقانون بالرغم من صدوره عن الحاكم إذ المناط فى المطلق

.ذلك ھو الخضوع للقانون من عدمھفالنظام الملكى المطلق یفترض فى الملك أنھ السید األعلى فى الدولة قد یحكم بمفرده أو بواسطة ھیئات یعینھا لتعاونھ فى أداء مھمتھ ،وتستمد

یادة العلیا ،یمارسھا بمطلق والیتھا من إرادتھ ،بحیث یظل ھو صاحب الس .حریتھ وتظل حكومتھ فردیة

وقد قامت ھذه الحكومات مع اعتناق الحكام النظریات الثیوقراطیة والتى یذھب أصحابھا إلى تفسیر سلطة الملوك وتبریرھا عن طریق

على –القول بأنھا مستمدة من اهللا عز وجل بطریق مباشر أو غیر مباشر تى تعنى أن تصرفات الحكام تكون تنفیذا ألمر اهللا عز وال-نحو ما رأینا

وجل أو أن الحاكم ھو اهللا ، ومن ثم فإن إرادة الحاكم تعلو على إرادة المحكومین وال یملك الشعب محاسبتھم أو مساءلتھم عما یرتكبونھ من

.أخطاء أو تقصیر أو إھمال فى ویقرر جانب من الفقھ أن الملكیات المطلقة كانت ضروریة

التطورات التاریخیة، إذ كانت سببا فى توحید الدول الكبرى ،والتغلب على السلطات المتضاربة، سلطات الكنیسة ونظام اإلقطاع والمدن الحرة ،وقد نجحت فى إظھار الدولة كوحدة ذات سلطان ال یخضع ألحد، كذلك

ال النزاع فى ضرورة الملكیة المطلقة للشعوب التى لم تنضج بعد والتى .یمكن تسییر أمورھا بال حاكم قوى ذى سلطان واسع المدى

ونحن مع تقدیرنا الشدید لصاحب ھذا الرأى إال أننا ال نتفق معھ كلیة فیما ذھب إلیھ فإن كان صحیحا أن الملكیة المطلقة كانت ضروریة فى



١٦٧

التطورات التاریخیة، إال أن الملكیة المطلقة لیست ضرورة للشعوب التى بعد والتى ال یمكن تسییر أمورھا بال حاكم قوى ذى سلطان لم تنضج

واسع المدى إذ أن ذلك یفتح الباب أمام انتشار ھذه الملكیة فى كثیر من دول العالم الثالث على اعتبار أنھا لم تنضج بعد، كما أن صاحب ھذا الرأى لم یحدد لنا متى تصل الشعوب إلى النضج الذى یؤھلھا للتخلص

إن فى ذلك . النظام، ثم من الذى یستطیع أن یقرر ذلك النضجمن مثل ھذا مدعاة للحكم المطلق بحجة عدم وصول الشعوب بعد للنضج السیاسى المطلوب، األمر الذى یؤدى بالشعوب إلى العصف بمثل ھذه العروش

.الملكیة واقتالعھا من جذورھام وبحق وكما یقول جانب آخر من الفقھ لیس محققا فى ظل النظا

الملكى أن یلى العرش ملك صالح ،وإذا حدث ذلك فلیس من المحقق أن یبقى الملك الصالح صالحا طوال حیاتھ، ولیس من السھل إذا ولى الحكم ملك غیر صالح طبقا لنظام الوراثة أن یصلح الشعب من فساده وأن یقوم اعوجاجھ إال إذا قامت ثورة تقتلعھ من عرشھ ،وال یؤمن فى الثورات أنتقوم فى الوقت المناسب ،وأن تنجح فى كل مرة، ھذا إلى أن استھداف البالد للثورة تلو الثورة قد یؤدى إلى إشاعة الفوضى وانھیار النظام،

وقد أثبت التاریخ أن الملوك یحرصون . وھذا یجر إلى أوخم العواقب .الحرص كلھ على تیجانھم ویعملون بشتى الوسائل للمحافظة علیھا

:Dictature الدكتاتوریة الحكومة - ٣ھى الحكومة التى یتولى فیھا فرد واحد أو ھیئة واحدة السلطة وال یصل إلیھا عن طریق الوراثة ،كما ھو الحال فى النظام الملكى، ولكن یستحوذ علیھا بفضل كفاءتھ وقوة شخصیتھ أو قوة أنصاره المؤزرین لھ

.اتوروالذین یدینون بمبادئھ ومذھبھ ویطلق علیھ الدكت



١٦٨

ولذا یعرفھا بعض الفقھ بأنھا ذلك النظام من أنظمة الحكم الذى تتركز فیھ سلطة الحكم عادة فى ید فرد تولى السلطة عن غیر طریق الوراثة

.وبطریق القوة والحریات تحت ظالل ھذا النظام غیر مكفولة لألفرادبأنھا الحكومة التى " موریس دوفرجیھ"ویعرفھا الفقیھ الفرنسى

ض فیھا الفرد على زمام الحكم ویركزه ویزاولھ على أساس القوة یقب .والعنف

وال یشترط أن یتولى الدكتاتور السلطة بطریق القوة فقط إذ أنھ فى أحیان كثیرة یتولى السلطة أفرادا بالطرق المشروعة ومن غیر طریق القوة ثم ینقلبون بعد ذلك إلى دكتاتوریین ،وھذا ھو المشاھد فى الدول

لنامیة، فرغم إسناد السلطة إلى األشخاص بالطرق المشروعة وباالختیار االشعبى إال أنھم یتنكرون للشعب الذى والھم ،فبعد جمع السلطة فى أیدیھم إال أنھم یزاولون الحكم بطریقة دیكتاتوریة مثل ما فعلھ ھتلر عندما تولى

.١٩٣٣رئاسة الوزارة فى ألمانیا فى ینایر توریة قد توجد على نحو مشروع أو قانونى وقد توجد ومن ثم فالدكتا

كأمر واقع تفرضھ تطورات معینة وظروف خاصة على ما ھى موجودة علیھ اآلن فى العصر الحدیث ،والتى أصبحت تشكل مرضا بالنسبة لنظم

.الحكم على حد قول دوفرجیھوالنظام الدكتاتورى یرمى فى غرضھ ومرماه إلى ضرورة عدم

ازن بین السلطات المختلفة ،والعمل على رفع االختالل فى إیجاد التوالتوازن، كما أنھ یعد فى ذاتھ شذوذا عن األصول الدستوریة، وفیھ معنى اإلنكار الواضح لمبدأ سیادة األمة ومبدأ االنتخاب العام، كما أن فیھ

.افتیات بین على كثیر من الحریات، كما أن لھ خطورتھ ومخاطرهة من أسوأ أنواع الحكم ظھورا على وجھ األرض وذلك والدكتاتوری

ألن الدكتاتور یتحكم فى شئون الناس بإرادتھ ال بإرادتھم ،ویحاكمھم بھواه ال بشریعتھم، ویعلم من نفسھ أنھ الغاصب والمعتدى فیضع كعب



١٦٩

رجلھ فى أفواه مالیین من الناس لسدھا عن النطق بالحق والتداعى .لمطالبتھ

خضع للحساب وال للمساءلة وال ألى نوع من أنواع كما أنھ ال یالرقابة فھو یتصرف فى شئون الرعیة كما یشاء بال حساب وال عقاب

.فھو ال یسأل عما یفعل ولكنھ یسأل غیرهویختلف النظام الدكتاتورى عن النظام الملكى المطلق من عدة

:نواحىاء واألجداد أن مصدر سلطة الملوك تأتى عن طریق الوراثة من األب -١

على اعتبار أنھا حق ذاتى، بینما یتولى الدكتاتور السلطة فى اعتقاده على .أساس كفاءتھ الشخصیة وقوتھ الذاتیة ومساندة المؤیدین لھ

یقیم الملوك حكمھم عادة على أساس دینى إذ یدعون أنھم یستمدون -٢ السلطة من اهللا بخالف الحاكم الدكتاتورى الذى یقیم حكمھ على قوةشخصیتھ وكفایتھ التى فرضھا على الشعب ومعاونة المساعدین لھ إذ قد ال ینفرد الدكتاتور بالسلطة وحده،فقد یؤلف برلمانا على غرار البرلمان الفاشى أو النازى ،وقد یضع دستورا یعطیھ امتیازات دكتاتوریة، أو

نما یكون ھیئة أو جماعة لمساندتھ ومؤازرتھ، فأساس حكم الملوك دینى بی .ال یلجأ الدكتاتور إلى النظریات الثیوقراطیة إلقامة حكمھ

غالبا ما یعمل الملوك على تحقیق مآربھم الشخصیة سواء لھم أم -٣ألعوانھم المؤازرین للنظام الملكى ،بینما یعمل الدكتاتور على تحقیق المصلحة العامة مدعیا ذلك لرفع مستوى أمتھ والنھوض بھا لكى یستتر

.تاتورىنظامھ الدكوتجدر اإلشارة إلى أن الدكتاتوریة لیست نمطا واحدا ، بل إنھا تختلف من عدة زوایا فھناك الدكتاتوریة ذات الصبغة األیدیولوجیة أى المذھبیة ودكتاتوریة غیر مذھبیة، وھناك دكتاتوریة دائمة وأخرى مؤقتة

ثوریة، أو استثنائیة، وھناك دكتاتوریة رجعیة أو محافظة أو إصالحیة أو



١٧٠

. كما أن ھناك دكتاتوریة تلجأ إلى العنف واإلرھاب وأخرى ال تلجأ إلیھوھكذا فالدكتاتوریة لیست صورة واحدة ومع ذلك تتمیز بخصائص عامة

:مشتركة تجمع بینھا یمكن إجمالھا فیما یأتىیحدد الدكتاتور الصالح العام الذى یزعم أنھ یقدمھ على المصلحة -١

باألخیرة من أجلھ ؛لذا فھو یسخر الفرد لخدمة الفردیة ،وأنھ یضحى الجماعة ،فیقدم واجباتھ على حقوقھ ،ألن الفرد لیس غرض الدولة وإنما ھو خادمھا فحیاتھ رھن إشارة الدولة ،وال یتصرف فى أموالھ

.إال وفق مقتضیات الصالح العامتقضى الدكتاتوریة على حقوق وحریات األفراد، وتمعن فى مراقبة -٢

ط الفردى لدرجة تخضع جمیع أنواع النشاط الفردى للرقابة النشاتصل إلى حد إلغائھا ،فال تسمح بحریة الرأى ،وال بتكوین األحزاب

.السیاسیة سوى حزب الدكتاتورارتباط الدكتاتوریة بشخص الدكتاتور الذى یأتى عادة بنظام جدید -٣

زوال ھذا مغایر للنظام السابق علیھ ،ولذا تزول الدكتاتوریة عادة ب .الدكتاتور

انعدام الرقابة والمسئولیة فى ظل النظام الدكتاتورى ،فال تخضع -٤تصرفاتھ ألى مظھر من مظاھر الرقابة سواء كانت سیاسیة أم

.قضائیةیقوم النظام الدكتاتورى على تركیز السلطة فى ید الدكتاتور التى ربما -٥

تى ینص علیھا طبقا لإلجراءات واألوضاع ال.یمارسھا بوسائل شرعیةالدستور والقوانین القائمة التى تجمع فى یده جمیع السلطات، ومع

. ذلك یتظاھر الدكتاتور بأنھ حاكم دیمقراطىومن أبرز أمثلة الحكم الدكتاتورى فى العصر الحدیث نازیة ھتلر فى

.١٩٢٢ وفاشیة موسولینى فى إیطالیا سنة ١٩٣٣ألمانیا



١٧١

المطلب الثانى ةحكومة األقلی

ھى الحكومة التى یتركز فیھا الحكم فى ید فئة قلیلة من األفراد ویطق ولفظى االولیجارشیھ aristocratie أو olicgarchieعلیھا

واألرستقراطیة یستخدمان كمترادفین اآلن للتعبیر عن معنى واحد، وكان فى الماضى تستخدم األرستقراطیة للحكومة التى یتولى زمامھا أفضل

األولیجارشیة فكان یقصد بھا حكومة األقلیة غیر الصالحة، الناس أما وإن كان جانب . وھم طبقة األغنیاء الذین ال یعملون إال لصالحھم الخاص

من الفقھ یقصر حكومة االولیجارشیھ على حكومة األغنیاء، واألرستقراطیة على الحكومة التى تجعل السلطة لطبقة من المتمیزین من

. أو المركز االجتماعى أو الثروةحیث األصل أو العلمفى حین یتوسع جانب آخر فى اصطالح االولیجارشیھ ویستعملھا كمرادف لحكومة األقلیة بصفة عامة، ویعتبر األرستقراطیة إحدى

.صورھاولما كانت حكومة األقلیة ال تترك الحكم فى ید فرد واحد كما فى

ى األنظمة الدیمقراطیة األنظمة الفردیة ،وال تجعلھ فى ید الشعب كما ف،من ثم فھى مرحلة وسطى بین الحكومة الفردیة والحكومة الدیمقراطیة

.تمثل مرحلة انتقال من األولى إلى الثانیةویضرب الفقھ بنظام الحكم اإلنجلیزى أبرز األمثلة لھذه الحكومة إذ كانت السلطة فى بدایة األمر مركزة فى ید الملك ال یشاركھ فیھا أحد

كم حكما فردیا ،ثم انتقل بعد ذلك إلى الحكومة األرستقراطیة التى فیحكانت السلطة موزعة بین الملك والبرلمان وكان األخیر وما زال یتكون من مجلسین ھما اللوردات والعموم والمجلس األول یتكون من النبالء

أما مجلس . واألشراف ورجال الدین وال زال یحتفظ بھ حتى یومنا ھذا كان یتم انتخاب أعضائھ على أساس ١٨٣٢ فحتى عام العموم



١٧٢

أرستقراطى حیث كان االنتخاب مقید بنصاب مالى وبعد ھذا التاریخ تم األخذ باالقتراع العام وتم التخلى عن اشتراط المال والثروة أو الكفاءة فى الناخبین األمر الذى أدى إلى مشاركة أغلبیة الشعب فى االنتخابات، ھذا

إلى تقلص دور مجلس اللوردات مع اتساع دور مجلس العموم باإلضافة المسمى ١٩١١الممثل للشعب اإلنجلیزى خاصة بعد صدور قانون

بقانون البرلمان، وانتھى األمر إلى انتقال إنجلترا إلى الحكومة الدیمقراطیة وأصبح الملك یسود وال یحكم، وأصبحت السلطة فى ید

.ك اسمیة ال فعلیةالشعب وظلت حتى اآلن سلطة المل :الحكومة الدیمقراطیة

تتركز السلطة فى الحكومة الفردیة فى ید فرد واحد على نحو ما بینما تتركز السلطة فى حكومة األقلیة فى ید فئة قلیلة من األفراد . رأینا

كما ھو الشأن فى حكومة األقلیة، لكن السلطة فى الحكومة الدیمقراطیة صاحب السلطة فى الحكومة الدیمقراطیة الذى یباشرھا الشعب بنفسھ فھو

.یمارسھا بصور مختلفةونظرا ألھمیة ھذه الحكومة سوف نفرد لھا الفصل التالى للحدیث

.عنھا بالتفصیل المناسب



١٧٣

الفصل الثانى النظام الدیمقراطى

أصبح أساس الحكم فى جل دول العالم یقوم على إسناد السلطة إلى یر الحدیثة عادة على أن السیادة مصدرھا األمة الشعب ،حیث تنص الدسات

أو أن السیادة للشعب ،و تم تحویل الدیمقراطیة من فكرة نظریة إلى مبدأ قانونى قابل للتطبیق العملى بعد اعتناق الثورة الفرنسیة التى قامت فى

واعتناقھا المبدأ الدیمقراطى ،فقد جاء إعالن حقوق اإلنسان ١٧٨٩دیمقراطى من مبدأ سیاسى إلى مبدأ قانونى بتضمنھ بتحویل المبدأ ال

نصوصا تضعھ موضع المبادئ القانونیة ،حیث قررت المادة الثالثة منھ أن األمة مصدر السیادة، وقررت المادة السادسة أن القانون ھو التعبیر

الجدید فى ذلك الوقت فى ١٧٩٣عن إرادة األمة، وعند صدور دستور من إعالن حقوق اإلنسان المصاحب لھ أن ٢٥فرنسا قررت المادة

السیادة تتركز فى الشعب وھى غیر قابلة لالنقسام وال تسقط بالتقادم وال " ".یجوز التنازل عنھا

وفى بعض الدساتیر التى لم تنص على مبدأ سیادة األمة كدستور أصبح من المسلم بھ بالرغم من ذلك أن ھذا المبدأ من المسلمات ١٨٧٥

إعالن حقوق اإلنسان ال یزال معتبرا قائما رغم تعدد الدساتیر نظرا ألن التى أعقبتھ، فضال عن أن الدستور نفسھ یوزع االختصاصات على المبدأ

.نفسھومن فرنسا انتشر المبدأ الدیمقراطى واستقر فى دساتیر الدول األخرى وأخذت بھ مصر فى دساتیرھا المختلفة، كما أدى انتشار ھذا

تغییر الكثیر من أنظمة الحكم فى العالم من أنظمة ملكیة مطلقة المبدأ إلىالسیادة للحكام إلى ملكیات دستوریة مقیدة بالسیادة الشعبیة ،كما تم تحویل العدید من الدول من جمھوریات مطلقة إلى جمھوریات تخضع للسیادة

على أن ٢٣ فى مصر كان ینص فى مادتھ ١٩٢٣فدستور . الشعبیة



١٧٤

الحالى ینص فى مادتھ ١٩٧١ودستور " طات مصدرھا األمةجمیع السل"السیادة للشعب وحده وھو مصدر السلطات ویمارس "الثالثة على أن

الشعب ھذه السیادة ویحمیھا ویصون الوحدة الوطنیة على الوجھ المبین ".فى الدستور

والدیمقراطیة لیست ولیدة العصر الحدیث بل إن جذورھا تمتد إلى یقیة كأثینا وإسبارطة كما عرفتھا روما، بید أنھا كانت صورة المدن اإلغر

نظریة بحتة لم تجد التطبیق العملى الحقیقى إال بعد قیام الثورة الفرنسیة حیث اتخذ الكتاب والفالسفة المبدأ الدیمقراطى كسالح لمقاومة ١٧٨٩

استبداد الملوك والحد من سلطانھم، كما استخدمھا رجال الدین فى . ضد الملوكحروبھم

وكانت البدایة فى القرن السابع عشر كرد فعل للسلطة المطلقة التى كانت فى ید الملوك فى ذاك الوقت ،وال سیما فى أوساط البروتستانیة الفرنسیة، وفى كثیر من الكتابات والتصریحات كالقول الذى صدر فى

بع عندما كان الملك لویس الرا١٦٨٤حینھ عن الراعى جوریو فى سنة الملوك إنما جعلوا للشعوب ولیس الشعوب "عشر على أشده من أن

للملوك وأن الشعوب قد وجدت قبل أن یوجد الملوك وأن الشعوب إنما ھم الذین أوجدوا الملوك لكى یقودھا الملوك ویحافظوا علیھا ولیس

".لیحرقوھاوكان ألفكار لوك ورسو ومونتسكیو حول القانون الطبیعى والعقد

ماعى وغیرھا أثر كبیر فى الناحیة السیاسیة ،حیث ظھرت من ھذه االجتاألفكار مبادئ تحد من السلطان المطلق للملوك، مثل مبدأ فصل السلطات، ومبدأ سیادة األمة، ومبدأ مسئولیة الحاكم أمام شعبھ صاحب السیادة، وظھرت آثار ھذه األفكار لدى الشعوب فى مطالبتھم بالمحافظة

.منع الظلم واالستبداد والتعسف فى استخدام السلطاتعلى حقوقھم و



١٧٥

وكان لھذه األفكار آثار فیما بعد، وصدى واسع المجال لتنویر الشعوب ومطالبتھم بالمحافظة على حقوقھم وحریاتھم لدرجة جعلت الفرنسیین منھم یھاجمون الملكیة ویعتبرونھا ھى واالستبداد صنوان ،وأن

ر عن إرادة الشعوب والتى ینفذ فیھا الحكام الحكومة الحرة ھى التى تصد .ھذه اإلرادة طبقا للقانون وعلى قاعدة المساواة

ولم یعد من المقبول مرة أخرى بعد كل ھذا ارتضاء الشعوب لألفكار والنظریات القدیمة التى كانت تعمل على سلبھم كل حقوقھم وإرادتھم،

.دثرتومن ثم تعرضت ھذه األفكار للكثیر من النقد وانوبعد نضال الشعوب لیس فى فرنسا فحسب بل فى غیرھا من الدول كإنجلترا والوالیات المتحدة األمریكیة وغیرھا سعیا وراء التوصل إلى إسناد الحكم للشعب ،بعد ھذا الكفاح المریر تطورت أنظمة الحكم وأخذت بھ معظم دول العالم اآلن على غرار ما حدث فى فرنسا وأطلق علیھا

یمقراطیة التقلیدیة، ومن تطبیقاتھا النظام الرئاسى والنظام البرلمانى الد .ونظام حكومة الجمعیة

فى الوقت الذى أخذت الدیمقراطیة شكال مختلفا فى بعض الدول خاصة الدول الشیوعیة التى أخذت بالدیمقراطیة الشعبیة أو االشتراكیة أو

الدیمقراطیة فیھا الشیوعیة والتى تبنت أفكار كارل ماركس واتسمت بالطابع الجماعى إلى حد الدكتاتوریة التى یحتكرھا حزب واحد یسیطر

.على الدولة والسلطة وسوف نقصر دراستنا ھنا على الدیمقراطیة التقلیدیة أو الغربیة أو الكالسیكیة مرجئین الحدیث عن الدیمقراطیة الشعبیة أو االشتراكیة

.لحین آخرن الحكم الدیمقراطى یجعل السیادة للشعب وأیا ما كان األمر فإ

والشعب عند ممارستھ لھذه السیادة ال یمارسھا بصورة واحدة بل یمارسھا بصور متعددة فقد یتولى الشعب السیادة بنفسھ، وفى ھذه الحالة



١٧٦

تصبح الدیمقراطیة دیمقراطیة مباشرة، وقد ینیب عنھ ممثلین لممارسة ى ھذه الحالة الدیمقراطیة النیابیة ،وقد السیادة ویطلق على الدیمقراطیة ف

.یجمع بین الطریقتین وتكون الدیمقراطیة فى ھذه الحالة شبھ مباشرةوبعد ھذا التقدیم الموجز لتطور المبدأ الدیمقراطى نود أن نتعرف على مفھوم الدیمقراطیة محل دراسة ھذا الفصل وخصائصھا وصورھا

:على النحو التالىلذلك سوف نقسم ھذا الفصل إلى مبحثین مفھوم الدیمقراطیة وخصائصھا: المبحث األول صور الحكم الدیمقراطى: المبحث الثانى



١٧٧

المبحث األول مفھوم الدیمقراطیة وخصائصھا

كلمة یونانیة مركبة من كلمتین Démocratieالدیمقراطیة Demos وتعنى الشعب وKratos ة وبضم الكلمتین إلى وتعنى السلط

بعضھما البعض یتضح أن المعنى اللغوى لھا یعنى سلطة الشعب ،وھذا المعنى اللغوى یتطابق مع المعنى االصطالحى لكلمة الدیمقراطیة والذى یدور حول حكم الشعب أو سلطة الحكم المستمدة من الشعب، وانحدر ھذا

.ات القدیمة والحدیثةاللفظ من الحضارة اإلغریقیة لینتقل إلى كل الحضاروالدیمقراطیة باإلضافة إلى كونھا مذھبا سیاسیا یبحث فى النواحى السیاسیة واالجتماعیة فھى نظام حكم ،حیث إنھا األداة التى یحكم بھا الشعب نفسھ والوسیلة التى یعبر بھا عن إرادتھ وسیادتھ ویمارس عن

حقوق والحریات طریقھا السلطة فى الدولة ،وفى ذلك ضمان لحمایة ال .الفردیة وكفالة استخدامھا

والدیمقراطیة تعنى فى تقدیرنا أن یمارس الشعب الحكم بواسطتھ ولمصلحتھ بحیث یشعر الجمیع بأنھ یتولى الحكم فى الدولة عن طریق الحكومة التى یختارھا بإرادتھ وحریتھ وأن فى خضوعھ لسیطرتھا إنما

.یتم برضاه لتحقیق مصالحھنین التى یقوم بسنھا ووضعھا إنما یساھم فى وضعھا، وذلك وأن القوا

.عن طریق انتخاب البرلمان الذى یقوم بسن ھذه القوانین وإقرارھاومن ثم یحق للشعب تغییر ھذه القوانین وتعدیلھا بطریقة قانونیة، كما یحق لھ تغییر حكومتھ تبعا لتغیر الظروف بطریقة ال عنف فیھا تحول

والبد من التسلیم بأن الحكم الدیمقراطى . ت أو االنقالباتدون قیام الثوراھو أفضل أنواع الحكم فى العالم ،وھو األقرب إلى تحقیق العدالة بین األفراد وأنھا أصبحت ضرورة واقعیة اآلن ال مفر منھا ألنھا تساعد على



١٧٨

رقى الشعوب وتقدمھا فى مختلف نواحى الحیاة ،عالوة على أنھا تساعد .تقرار والثباتعلى االس

وأن مقاومة الدیمقراطیة ال جدوى منھا ألننا على حد تعبیر الفقیھ من الممكن أن نحب الدیمقراطیة ونتعلق بھا، "أنھ " بارتلمى"الفرنسى

كما أنھ من الممكن أن نعادیھا ونحاربھا ولكنھا على كال الحالتین واقعة ال مقاومتھا، ونقدھا مرد لھا وال مناص منھا وھى من القوة بحیث یصعب

".ال یجدى كما ال یجدى التذمر من عودة الشتاء بزمھریرهوغنى عن البیان أن الدیمقراطیة تحتاج إلى عوامل متعددة تساعد على نجاحھا وتحقیقھا فھى تتطلب درجة معینة من الوعى والدرایة لدى الشعب الذى یقوم بممارستھا حتى نصل للممارسة الفعلیة الصحیحة،

قیق ممارسة الدیمقراطیة من قبل الشعب یتطلب وضع نظام جید وتحلالنتخاب یساعد على تحقیقھا، باإلضافة إلى السماح بالتعددیة الحزبیة والسیاسیة ،واالعتراف بمشروعیة المعارضة، ووضع الضوابط لممارسة الحریات الفكریة، والتعبیر عن الرأى بما یضمن موضع

.حیح موضع التنفیذ الصحیحالدیمقراطیة بمفھومھا الصوكل ھذا وغیره مما ال یتسع المقام لذكره یتطلب أن تتضافر الجھود من قبل الشعب والسلطة الحاكمة خاصة لتوفیر المناخ الجید لتطبیق المبدأ

.الدیمقراطى تطبیقا صحیحا :خصائص النظام الدیمقراطى

ن الخصائص تتمیز الدیمقراطیة التقلیدیة أو الغربیة بمجموعة مالعامة باإلضافة إلى أن الشعب ھو صاحب السیادة ویمارسھا بأى شكل من األشكال سواء كانت مباشرة أو عن طریق نواب أو یمزج بینھما،

:ویمكن إجمال ھذه الخصائص العامة فیما یأتى



١٧٩

:الدیمقراطیة مذھب سیاسى - ١ء تقوم على إسناد كل شىpolitiqueإن الدیمقراطیة مذھب سیاسى

فالشعب ھو صاحب السیادة وترمى الدیمقراطیة من . من خالل الشعبذلك إلى منع سیطرة فرد أو مجموعة على ھذه السیادة ،وذلك عن طریق تحقیق المساواة بین المواطنین لیتمكن الجمیع من ممارسة السلطة فى

.الدولة باإلضافة إلى إعطاءھم الحریة الكاملة لممارسة ھذه السلطةبح اإلرادة العامة فى الدولة ھى إرادة المجموع ال إرادة بحیث تص

فرد واحد بحیث یستطیع كل فرد أن یعبر عن رأیھ ویختار األصلح، وال مذھب اقتصادى socialولیست الدیمقراطیة مذھب اجتماعى

économiqueیرمى إلى إصالح المجتمع من الناحیة المادیة وفقط .مقراطیة فى النظم المعاصرة إلى حد كبیر ولقد تطور المفھوم الحدیث للدی

واعتمد على المساواة والحریة لدرجة أن المساواة أصبحت ھى الركیزة .األساسیة التى ال وجود للحریات بدونھا

بھذا المعنى تختلف عن الدیمقراطیة والدیمقراطیة السیاسیة والفرق بینھما ظاھر االجتماعیة والتى تعنى أن یكون كل شىء للشعب

فى أن الدیمقراطیة السیاسیة تعتبر ما یحصل علیھ األفراد من حقوق ھى وما من شك فى أنھ ال غنى عن . حقوق ثابتة لھم لمجرد كونھم أفراد

االثنین اآلن وال مانع من اتساع المذھب الدیمقراطى لیشمل الجوانب االجتماعیة ألن الدیمقراطیة السیاسیة تھدف إلى تحقیق الحریة

.والمساواة :الدیمقراطیة مذھب روحانى - ٢

قلنا إن الدیمقراطیة السیاسیة تتعلق بكیفیة ممارسة الحكم فھى فكرة معنویة بعیدة عن المادیات فھى تفترض وجود عقیدة معینة تعمل لتصل إلى مثل أعلى مع الرغبة الصادقة فى تحقیق العدالة، فال تقوم

د وال على تحقیق الدیمقراطیة على أساس إشباع حاجات مادیة لألفرا



١٨٠

مصالح اقتصادیة، ومن ثم وصفت الدیمقراطیة بأنھا مسألة عقل وقلب ولیست مسألة زبد وخبز كما وصفھا األلمان فمحور اھتمامھا ھو الجانب السیاسى والسعى لتحقیق العدل وھذا یتطلب مساواة الجمیع أمام القانون

دون تمییز بینھم ألى سبب :الدیمقراطیة مذھب فردى - ٣

قوم الدیمقراطیة على أساس اشتراك األفراد فى الحكم دون االنتماء تإلى طائفة معینة أو طبقة ما، فالمواطن یشترك فى الشئون العامة باعتبار أنھ إنسان أى فرد مجرد عن المصلحة التى ینتمى إلیھا أو فئة محددة أو مھنة یمتھنھا بل ھو فرد فى المجتمع فحسب، ومن ثم ال یوجد واسطةبین الفرد والمساھمة فى تكوین إرادة األمة فھى تقوم على المذھب

... الفردى وتمنع بالتالى االمتیاز لطائفة أو طبقة أو نقابة أو درجة علمیة .ومن ھنا یتساوى الجمیع فى مباشرة الحقوق السیاسیة. الخ

ویقرر الفقھ أن الفضل فى ذلك یرجع إلى الثورة الفرنسیة التى أقامت ا على أساس إلغاء امتیازات األشراف ورجال الدین وقررت نظامھ

المساواة بین األفراد جمیعا لمجرد كونھم أفراد ،وھى بذلك قررت وعلى ذلك قیل بأن الدیمقراطیة األصلیة تتعارض الدیمقراطیة الفردیة

فى جوھرھا مع فكرة تمثیل المصالح أو النقابات أو الطوائف التى تقوم .بأعمال فنیة

:دیمقراطیة مذھب الحریة السیاسیةال - ٤إن مفھوم الدیمقراطیة أن یكون الشعب ھو صاحب السیادة ویحكم

التى تعطى للشعب الحق فى نفسھ فھى بذلك تعنى الحریة السیاسیة اختیار نوابھ بكل حریة ورضا وھى بذلك تختلف عن الحریة بوجھ عام

ى یتسنى للشعب أن فالحریة السیاسیة لیست حتما الحریة الفردیة، وحتیمارس سلطاتھ البد وأن یكون حرا دون أى قیود علیھ، ولیس معنى ذلك إطالق الحریة بل الحریة البد وأن تكون منظمة حتى توازن بین مصلحة



١٨١

الفرد ومصلحة المجتمع، لذا من الضرورى وضع الضوابط التى تكفل علیھا ال ممارسة ھذه الحریة، بھدف صیانة الحریة ذاتھا والمحافظة

تقییدھا والحد منھا ،وعلى ذلك ال تتقید ھذه الحریة إال بالقدر الذى یؤدى .إلى صیانتھا والمحافظة علیھا

المبحث الثانى صور الحكم الدیمقراطى

سبق وأن ذكرنا أن الدیمقراطیة تعنى أن یمارس الشعب الحكم بنفسھ ،فالسلطة ولمصلحتھ دون احتكار ھذا الحكم لفرد معین أو فئة معینة

یباشرھا الشعب حیث السیادة لھ، أما عن كیفیة ممارسة الشعب لسیادتھ ھذه فھى متباینة من دولة إلى أخرى، حیث لم تسر الدول على وتیرة واحدة ،وقد أسفر تطبیق المبدأ الدیمقراطى عن وجود ثالث طرق متباینة

الطریقة تتمثل األولى فى مباشرة الشعب الحكم بنفسھ دون واسطة ،وھذهیطلق علیھا الدیقراطیة المباشرة، وتتمثل الثانیة فى اقتصار مھمة الشعب على اختیار نواب ینوبون عنھ فى ممارسة السیادة ویطلق على ھذه الطریق الدیمقراطیة النیابیة ،وتتمثل الطریقة الثالثة واألخیرة فى طریقة

ریق مجلس وسطى تجمع بین الطریقتین السابقتین فیحكم الشعب عن طنیابى منتخب مع اشتراك الشعب نفسھ مباشرة فى ممارسة بعض المسائل الھامة ویطلق على ھذه الطریقة الدیمقراطیة شبھ المباشرة، وسوف

:نتناول شرح ھذه الصور الثالث للدیمقراطیة فى المطالب التالیة .الدیمقراطیة المباشرة: المطلب األول .النیابیة الدیمقراطیة : المطلب الثاني . الدیمقراطیة شبھ المباشرة: المطلب الثالث



١٨٢

المطلب األول Démocratie directeالدیمقراطیة المباشرة

فى الدیمقراطیة المباشرة یتولى الشعب الحكم بنفسھ فیمارس الشئون العامة فى الدولة دون وساطة نواب عنھ من تشریع وتنفیذ وقضاء،

الشعب فى مكان واحد فى ھیئة واحدة ویتحقق ذلك عن طریق اجتماعلیصدر القوانین، ویتولى تنفیذھا ویفصل فى المنازعات بین األفراد دون وجود برلمان أو حكومة تتولى السلطة التنفیذیة أو قضاه یتولون السلطة

.القضائیة فالشعب ھو الذى یمارس ھذه المظاھر بنفسھ ومباشرةة ھذه المظاھر ھو الشعب والمقصود بالشعب الذى یجتمع لممارس

.السیاسى إذ لیس كل أفراد الشعب لھم الحق فى مباشرة مظاھر الحكموتعتبر ھذه الصورة من صور الدیمقراطیة النموذج المثالى للحكم الدیمقراطى الصحیح إال أن تطبیقھا بھذه الصورة فى الوقت الحاضر

ن األمور وخاصة مع تزاید عدد السكان فى الدول المختلفة جعلھا مالمستحیلة عمال، ذلك ألنھ إن كان فى إمكان الشعب أن یمارس مھام ووظائف السلطة التشریعیة إال أنھ من غیر المتصور أن یتولى مھام ووظائف السلطة التنفیذیة والقضائیة ،لذا وجدت صورة أخرى للدیمقراطیة المباشرة یتولى فیھا الشعب السلطة التشریعیة ویتولى فقط

.ر الموظفین للسلطة التنفیذیة والقضاة للسلطة القضائیةاختیاأحد أنصار الدیمقراطیة " جان جاك روسو"وھذا ما یتمشى مع أفكار

المباشرة والتى یعتبرھا الصورة الصحیحة للدیمقراطیة، حیث یرى أن الشعب البد وأن یمارس السلطة التشریعیة بنفسھ وال یتنازل عنھا أو

حصر السیادة فى سلطة التشریع فقط ،أما الوظیفة یفوضھا لغیره وھو یالتنفیذیة والقضائیة عنده فیجوز للشعب أن ینیب غیره لممارستھا ألنھا ال تعتبر من خصائص السیادة لتعلقھا بأمور فردیة، ومن ثم كانت الدیمقراطیة المباشرة لدیھ ھى النتیجة الطبیعیة والمنطقیة لمبدأ سیادة



١٨٣

لسیادة غیر قابلة لالنقسام أو التجزئة أو االنتقال األمة، ولما كانت ا،عالوة على عدم جواز التنازل عنھا أو التفویض فیھا ،فإن الشعب ھو

.صاحب ھذه السیادة وھو فقط صاحب الحق فى ممارستھاوإذا لم یستطع الشعب ووجدت البرلمانات فإن أعضاء البرلمان لیسوا

ھم تابعون أو مندوبون لھ ومنفذون نوابا عن الشعب أو ممثلین لھ وإنما .لإلرادة العامة

بمھاجمة النظام النیابى بعنف وقرر أن النظام " روسو"ومن ثم قام أن السیادة ال "النیابى البریطانى فیھ ضعف للروح الوطنیة ویقرر قائال

یمكن تمثیلھا ألنھا ال تقبل االنتقال، فالسیادة تكمن فى اإلرادة العامة لالمة نواب الشعب لیسوا وال یمكن أن یكونوا ممثلین . ادة ال یمكن تمثیلھاواإلر

لھ ولیس من حقھم أن یبتوا فى أمر نیابة عن الشعب ویعتبر باطال وال یجوز أن یوصف بقانون كل قانون لم یوافق علیھ الشعب بنفسھ یظن الشعب اإلنجلیزى أنھ حر، ولكنھ واھم فى ھذا الظن فھو لیس حرا إال فى

رة انتخاب أعضاء البرلمان فإذا ما أعطى صوتھ انتھت حریتھ وعاد فتعبدا ال سلطة لھ ذلك أنھ یفقد حریتھ وسلطتھ فى اللحظة التى یعطى فیھا

.صوتھ لمن یمثلھ :تطبیقات الدیمقراطیة المباشرة

تعد الدیمقراطیة المباشرة أقدم صور الدیمقراطیة ظھورا حیث قدیمة مثل أثینا وكان ال یمارسھا إال األحرار ظھرت فى المدن الیونانیة ال

فقط، وكانت تحرم النساء والعبید من ممارستھا فكانت ممارستھا تقتصر فقط على نسبة معینة من األفراد كانت ال تتجاوز فى بعض المدن عشر

.سكان المدینة ومن ثم كانت تشبھ النظام األرستقراطىاطنین األحرار الذكور وكانت تشترط سنا معینا فى ھؤالء المو

لمباشرتھا ال یقل عن عشرین سنة، وكان تحقیق ھذه الطریقة یتم عن طریق اجتماع المواطنین الذین لھم حق مباشرة الحقوق السیاسیة فى ھیئة



١٨٤

جمعیة شعبیة یقررون فیھا القوانین ویتولون تنفیذھا ویفصلون فى ى فترات محددة القضایا ،وكانت ھذه الجمعیة تجتمع بصورة منتظمة وف

خالل العام، وكانت تختص باإلضافة إلى الوظیفة التشریعیة النظر فى بعض المسائل الخارجیة الھامة كإعالن الحرب ،وتقریر السالم، وإبرام المعاھدات، وفرض الضرائب، كما كانت تراقب أعمال المجلس النیابى

. التنفیذیةوتقوم بتعیین القضاة واختیار المجلس الذى یباشر الوظیفة وقد اختفى ھذا النظام تقریبا ولم یعد لھ تطبیق إال فى بعض المقاطعات السویسریة الصغیرة وصلت إلى خمس والیات فقط من اثنتین وعشرین والیة یتكون منھم االتحاد السویسرى وتتحقق عن طریق اجتماع أفراد الشعب الذین لھم حق االنتخاب فى جمعیة عمومیة یطلق

تتولى إقرار القوانین وتعیین األشخاص الذین landsgemeindeعلیھا .یتولون السلطتین التنفیذیة والقضائیة

وینعقد االجتماع مرة كل عام ویتم فى میدان واسع إذا كان الجو صحوا فإن لم یكن الجو كذلك انعقد االجتماع فى كنیسة المقاطعة ویبدأ

. دینىاالجتماع باحتفال دینى وینتھى كذلك باحتفالوتطبیق الدیمقراطیة المباشرة سواء فى المدن اإلغریقیة القدیمة قدیما أو فى بعض المقاطعات السویسریة حدیثا اقتصر فقط على ممارسة الوظیفة التشریعیة لتعذر ممارسة الوظیفة التنفیذیة نظرا لما یلزم ذلك من

.س بصفة یومیةانعقاد الجمعیة الوطنیة یومیا إذ أن أعمال اإلدارة تمار :تقدیر الدیمقراطیة المباشرة

تعتبر الدیمقراطیة المباشرة من الناحیة النظریة أو المنطقیة أفضل صور الدیمقراطیة حیث فى ظلھا یتم تطبیق مبدأ السیادة الشعبیة تطبیقا صحیحا دون وجود وسیط أو نائب فالشعب یتولى كل مظاھر السیادة من

.ذا یتمشى مع الدیمقراطیة بمعناھا الكاملتشریع وتنفیذ وقضاء، وھ



١٨٥

كما تزید الدیمقراطیة المباشرة من اھتمام الشعب بالمسائل السیاسیة والقضایا العامة بكثرة اشتراك الشعب فى ممارسة السلطة ،وفى تصریف الشئون العامة مباشرة ویشعره بمدى أھمیة الرأى الذى یدلى بھ فى

.المسائل المختلفة النظام األحزاب السیاسیة ویخلصھا من الدعایات ویھذب ھذا

المضللة التى تثیرھا االنتخابات البرلمانیة وسوف یضطر ذلك األحزاب إن وجدت على أن تعمل حسابا للحریة التى یتمتع بھا أفراد الشعب المشاركین فى الحكم وسوف نلمس أن ھذه الحریة حریة حقیقیة ولیست

.بىنظریة كما فى النظام النیاوھذا النوع من الدیمقراطیة یضع أمام الشعب بصفة دائمة المشاكل الحیة والمسائل المحددة ویضطره بذلك إلى أن یكون واقعیا یتلمس الحلول العملیة دون أن یندفع وراء أفكار سابقة أو یجرى وراء نزعات

.حزبیة طائشة أو یخضع لدعایات مغرضة أو یتأثر بشعارات جوفاءم من ھذه المزایا لنظام الدیمقراطیة المباشرة إال أنھ وعلى الرغ

:یلحقھا كثیر من العیوب یمكن إجمالھا فیما یأتىال یتصور تحقیق ھذا النظام فى الوقت الحاضر نظرا لكثرة عدد -١

السكان فى الدولة واتساع رقعتھا ولم یكتب لھذا النظام نجاح إال فى كبعض المدن الیونانیة الدول قلیلة عدد السكان ضئیلة المساحة

القدیمة وبعض الوالیات السویسریة، أما فى الدول التى بھا مئات المالیین فمن الصعوبة بمكان جمع ھذا العدد فى مكان واحد وبصفة

–حتى على فرض اجتماع ھذه المالیین . دوریة فى صورة جمعیة فكیف یمكن ویتسنى لھذه األعداد أن تناقش –وھو أمر محال

.س سیادتھا بصورة جدیةوتمارحتى على فرض اجتماع الشعب فى مكان واحد فال تمارس ھذه -٢

الدیمقراطیة إال نظریا لكثرة الجدال والمناقشات فى أمور غیر ھامة



١٨٦

فى ظل نظام الجمعیة الشعبیة بخالف المجالس النیابیة فھذه الجمعیات إما أن توافق على مشروعات القوانین التى تعرض علیھا جملة

ویضرب الفقھ مثال . واحدة أو ترفضھا بنفس الطریقة بعد مناقشتھاللتدلیل على عقلیة الشعب ومدى اھتمامھ بالمسائل غیر الھامة أنھ فى

فى إحدى المقاطعات السویسریة وافقت الجمعیة ١٩١١عام العمومیة للشعب على مجموعة كاملة للقانون المدنى دون مناقشة

لجمعیة أخذوا یناقشوا إباحة أو عدم إباحة تذكر ولكن أفراد ھذه ا .الرقص فى أیام اآلحاد لمدد طویلة

تعقد وظائف الدولة وتشعب وظائف أعمالھا فى العصر الحاضر -٣بحیث أصبحت مسائل الدولة تحتاج إلى علم وخبرة ودرایة ومستوى معین من الثقافة، فضال عن أن بعض ھذه المسائل یحتاج إلى سریة

تھ عن طریق جمعیة الشعب یؤدى إلى تعریض األمة معینة ومناقشللخطر، ھذا باإلضافة إلى أن الشعب فى الدولة الحدیثة قد یبدى رأیھ فى بعض المسائل العامة الھامة ولكنھ یعجز عن إبداء الرأى السلیم

.فى المسائل الفنیة وھى بال شك كثیرةل وغیرھم تأثر الشعب بنفوذ رجال الدین والموظفین ورجال األعما -٤

بسبب علنیة التصویت على مختلف المسائل التى تعرض على فى إحدى الوالیات السویسریة ١٩٢٨الجمعیة الشعبیة ففى عام

“uri” تم التفكیر فى إلغاء النظام المباشر بھا وكانت أحزاب الیسار من المطالبین بھذا اإللغاء ألنھ لم یحقق حریة الشعب بینما عارض

ورجال الدین ألنھم كانوا یستفیدون من ھذا النظام الرأسمالیون ذلك . بفضل ما یحققھ لھم من سیطرة وتحكم على األفراد

وإذا كان نظام الدیمقراطیة شبھ المباشرة من الناحیة النظریة أفضل صور الدیمقراطیة إال أنھ اآلن أصبح مستحیل التطبیق عملیا لألسباب

.ن دول العالمالمذكورة وھو آخذ فى الزوال تماما م



١٨٧

ونظرا لھذه العیوب فإن الفقھ یقرر أن اإلبقاء على نظام الدیمقراطیة المباشرة حتى اآلن بالرغم من زوالھ فى كثیر من المقاطعات السویسریة یعد مظھرا للحفاظ على األوضاع التقلیدیة من الناحیة الشكلیة وال یمكن

المقاطعات عددا فى تفسیره إال على أساس أن ھذه المقاطعات ھى أقل .السكان وال یتجاوز عدد سكان كل منھا بضعة آالف

المطلب الثانى الدیمقراطیة النیابیة

ال على أساس إسناد الحكم مباشرة إلى تقوم الدیمقراطیة النیابیةالشعب كما فى صورة الدیمقراطیة المباشرة ولكن تقوم الدیمقراطیة

" برلمانا"دد من النواب یكونون على أساس انتخاب الشعب لعالنیابیة یتولى ممارسة السلطة نیابة عنھ لمدة محددة، ویتكون ھذا البرلمان من نواب الشعب إما فى مجلس واحد أو فى مجلسین یقوم بممارسة السلطة

إذ تقتصر مھمة . عن الشعب وال یشاركھ األخیر فى ممارستھا معھ .ار نواب عنھ فقطالشعب فى ظل الدیمقراطیة النیابیة على اختی

ولقد نشأ ھذا النظام فى إنجلترا بعد تطور طویل سوف نذكره في وتتطلب دراسة الدیمقراطیة النیابیة بیان األساس القانونى لھا أو حینھ

بمعنى آخر إذا كانت إرادة الناخبین ھى اإلرادة العامة للشعب والنظام لشعب فكیف تعتبر النیابى یجعل ممارسة ھذه السیادة لممثلى أو نواب ا

إرادتھم ھى إرادة الشعب أو ما مدى الصلة بین النظام النیابى والمبدأ الدیمقراطى وھذا ما سوف نحاول اإلجابة علیھ فى الفرع األول من ھذا المطلب أما الفرع الثانى فیتطلب أن نخصصھ للخصائص العامة لھذا

ثالث نوضح فیھ النظام، ونختم حدیثنا عن الدیمقراطیة النیابیة بفرع :العالقة بین النواب والناخبین وذلك على النحو التالى فى الفروع التالیة



١٨٨

الفرع األول األساس القانونى للدیمقراطیة النیابیة

أثار موضوع إسناد ممارسة السیادة إلى نواب عن الشعب یعبرون تفسیر ھذا النظام الذى یعتبر عنھ جدل بین الفقھاء وتعددت اآلراء فى

إرادة نواب الشعب فى البرلمان ھى المعبرة عن إرادة الشعب حقیقة فى حین تتطلب الدیمقراطیة أن تكون السیادة للشعب ویمارسھا بنفسھ

ولمصلحتھ فما مدى صلة ذلك بالنظام الدیمقراطى؟ قام إن الفقھ توفیقا بین مضمون المبدأ الدیمقراطى والنظام النیابى

بتقدیم نظریتین أساسیتین فى ھذا الشأن ھما نظریة النیابة ونظریة .العضو

:نظریة النیابة - ١ على أساس أن النائب أو الوكیل عن األمة یقوم تقوم نظریة النیابة

بالتصرفات القانونیة الالزمة على أن تنتج أثرھا فى ذمة الوكیل أو .المنیب بحیث تعتبر وكأنھا صادرة منھ

لفكرة تم استعارتھا من القانون الخاص خاصة من المسائل وھذه االتى تتصل بالوكالة والفضالة والوالیة والقوامة، إلى القانون العام حیث یطلق على الشخص الذى یقوم بأعمال قانونیة ال تتعلق بأموالھ الخاصة بل بأموال شخص آخر وكیل أو نائب وھذه األعمال من الوجھة القانونیة

ما لو كانت صادرة من المنیب فتم اعتبار األمة الشخص المنیب تعتبر كواألشخاص الذین یمثلون الشعب ھم النواب عنھ، ومن ثم تحل إرادتھم محل إرادة الشعب وتعتبر األعمال التى یقومون بھا كما لو كانت صادرة من الشعب نفسھ ،وبذلك ینتفى التعارض بین النظام النیابى والمبدأ

حیث تنصرف أثار التصرفات التى یقوم بھا ھؤالء النواب الدیمقراطىأو الموكلین إلى الشعب وھو الوكیل، وھكذا استند فقھاء الثورة الفرنسیة

.إلى تلك النظریة



١٨٩

:نقد النظریة

یعاب على نظریة النیابة أنھا جعلت األمة تتمتع بالشخصیة المعنویة متع الدولة بھذه الشخصیة فى حین أن الثابت ھو ت. العامة بجوار الدولة

ولیس الشعب، لذا قیل أن ھذه النظریة قامت على أساس المجاز واالفتراض ولیس على أساس الحقیقة والواقع ألن القول بوجود

.شخصیین معنویین یترتب علیھ بالتالى وجود ارادتین مختلفتینفھى تفترض أن الشعب ھو الذى أراد وھو الذى تصرف فى حین

على مجرد اختیار النواب، بینما الذى یقوم باألعمال یقتصر دوره .والتصرفات ھو البرلمان وحده

كما قیل فى انتقادھا أنھا جعلت اإلرادة شخصیة ال یمكن فصلھا عن الشخص ولذلك أعلن رجال الثورة الفرنسیة أن السیادة ال تتجزأ وال یمكن

ى شخص ال یمكن التنازل عنھا وال زوالھا ،وكانوا یقصدون من ذلك أن أ أن یرید بدال من غیره وأنھ ال نیابة فى اإلرادة فاإلرادة ھى اإلرادة العامة ال یمكن أن یمثلھا سوى الشعب بنفسھ فھى إما أن توجد بذاتھا أو ال

ومن ثم فإن نواب الشعب لیسوا ممثلین . توجد وال وسط بین األمرین .لإلرادة العامة

أن نواب األمة " العقد االجتماعى فى كتاب" روسو"وفى ذلك یذكر لیسوا ممثلین لھا وال یمكن أن یكونوا كذلك وال یمكن اعتبارھم سوى مندوبین، ال یمكن بأنفسھم البت نھائیا فى أى أمر وعلى ذلك فكل قانون لم یصدق علیھ الشعب بنفسھ یكون باطال وال یمكن اعتباره قانونا إن

و مخطئ فى ذلك أشد الخطأ فھو الشعب اإلنجلیزى یظن نفسھ حرا وھلیس حرا إال إبان انتخاب أعضاء البرلمان فإذا ما تم االنتخاب أصبح

".عبدا ال كیان لھ



١٩٠

كما یعاب على ھذه النظریة أنھا افترضت أن النائب أو الوكیل یمارس السیادة نیابة عن األمة فى مواجھة شخص ثالث وھذا أدى إلى

. یقوم البرلمان بتمثیل األمة فى مواجھتھاإثارة السؤال عن الجھة التى :نظریة العضو - ٢

تقوم نظریة العضو على أساس أن األمة لھا شخصیة معنویة واحدة وأن األعضاء المعبرین عنھا لیسوا لھم شخصیة خاصة مستقلة عنھا وبالتالى ال توجد فى الدولة سوى إرادة واحدة ألن ھؤالء النواب ما ھم

یوجد سوى شخصیة واحدة ھى شخصیة األفراد إال كآلة للتعبیر فالالمجتمعة والتى یتم التعبیر عنھا بواسطة أعضائھا وبذلك تشبھ ھذه النظریة األمة باإلنسان والھیئات الحاكمة بأعضائھ المعبرة عن إرادتھ

الخ بالنسبة لجسم اإلنسان إذ ال یمكن أن تنفصل عنھ ... كالنظر والسمعادة الشعب ال یمكن فصلھا عن العضو الذى یعبر وتعمل بمفردھا فھكذا إر

عن إرادتھ ألنھ ال یتصور وجود ھذه اإلرادة بدونھ فما ھو إال مجرد آلة .لتنفیذ إرادة الشعب وال یستقل بالتالى بإرادة ذاتیة مستقلة

:نقد النظریة عیب على ھذه النظریة كسابقتھا أنھا تقوم على االفتراض والمجاز

حقیقة والواقع، فھى تفترض أن األمة شخصیة معنویة فى ال على أساس الحین أن ھذه الشخصیة ثابتة للدولة ولیس لألمة ھذا من ناحیة،ومن ناحیة أخرى فإنھا تقیم مقارنة ال یمكن تقبلھا حیث تدعى التشابھ فى التكوین بین الشخص المعنوى والشخص الطبیعى لدرجة وصلت إلى حد اعتبار

بالنسبة للشخص المعنوى كأعضاء الجسد بالنسبة الھیئات الحاكمة لإلنسان ،وھذا االدعاء غیر صحیح الختالف التكوین فى كل ، والتشابھ

.لیس تاما بینھما لوجود بعض الفوارقوقیل بأن األخذ بھذه النظریة یؤدى إلى فتح الباب أمام تبریر استبداد

تعبیرا عن إرادة الحكام بالمحكومین ما دامت إرادة الحاكم لیست إال



١٩١

فھى تجعل الجماعة المنظمة شخصیة واحدة دون أن تمیز بین . الشعبإرادة الحاكم وإرادة المحكومین، وبالتالى لیس من حق األفراد االعتراض على تصرفات الھیئات الحاكمة حتى ولو كانت ظالمة ألن

.تصرفاتھم ال تعد إال أن تكون تعبیرا عن إرادة األمة :لتوفیقىاالتجاه ا - ٣

غنى عن القول أن النظریتین السابقتین منتقدتان وال تصلح أى منھما للتوفیق بین المبدأ الدیمقراطى والنظام النیابى، ولذا فمن الضرورى

.البحث عن وسیلة تصلح للتوفیق بینھما لحل ھذه المسألةلذلك رأى الفقھ أنھ ال یصح الوقوف عند االعتبارات القانونیة

نما یجب النظر إلى األمر باالعتبارات العملیة والنظرة المجردة وإالواقعیة فال تكفى النظریات القانونیة البحتة فى بعض األحیان لتأسیس ھذه النظم وتبریرھا ،صحیح أن الدیمقراطیة المباشرة ھى النظام المثالى للدیمقراطیة إال أننا الحظنا عند الحدیث عنھا أن تحقیقھا عملیا أمر عسیر التحقیق ،ومن ثم ال یبقى أمامنا سوى األخذ بالدیمقراطیة شبھ المباشرة أو الدیمقراطیة النیابیة، وال شك أن الدیمقراطیة النیابیة أفضل من الدیمقراطیة شبھ المباشرة وذلك لضمان الرقابة الشعبیة على الحكومة فى

لى ظروف أصبحت فیھا ھیئة الناخبین بالمالیین، األمر الذى یؤدى إاستحالة جمع ھذا الشعب فى مكان واحد ألخذ رأیھ ھذا ،باإلضافة إلى الصعوبات الفنیة إذ أن ھناك من المشكالت ما یحتاج إلى عناصر فنیة وعلمیة دقیقة تستعصى على الكثیر من عامة الشعب الحكم علیھا والتعرف على رأیھ فیھا، األمر الذى یؤدى إلى صعوبة تطبیقھا تطبیقا

ھذا باإلضافة لما سوف نالحظھ عند حدیثنا عن االنتقادات التى سلیما، . وجھت إلى الدیمقراطیة شبھ المباشرة فیما بعد

على أننا ال نقف عند الصعوبات المادیة فقط من استحالة جمع الشعب فى مكان واحد إذ أن ذلك یؤدى إلى جعل ھذا النظام أفضل أنواع



١٩٢

قھ، كما ال یجب الوقوف عند حد الدیمقراطیة وأوجب السعى إلى تحقیالصعوبات الفنیة وفقط ألن ذلك یفترض أفضلیة النظام النیابى على النظام المباشر بشكل مطلق، وھذا یؤدى بنا إلى عدم األخذ ببعض مظاھر الدیمقراطیة المباشرة ولذا نجد االتجاه الحدیث یمیل إلى األخذ

ء مثال إلى جانب الھیئات ببعض مظاھر الدیمقراطیة المباشرة كاالستفتا .البرلمانیة

وعلى ذلك أصبحت الدیمقراطیة النیابیة كضرورة اجتماعیة بحیث أضحت تحقق السیادة الشعبیة مع االحتفاظ بصون المبدأ الدیمقراطى، فسواء اشترك الشعب فى الحكم بنفسھ أو بواسطة نوابھ فالمبدأ

.الدیمقراطى مصونملیة لتفسیر بعض الظواھر الدستوریة وبذلك تسعفنا االعتبارات الع

.فى حالة عجز النظریات القانونیة عن ذلكعلى أنھ یجب التنبیھ إلى أن االعتبارات العملیة ھذه تتوقف على اعتبارات مختلفة من حیث الزمان والمكان والعادات والتقالید وطباع

لنظام على أن ذلك ال یعنى التالزم الحتمى بین ا. الشعب ونضجھ السیاسىالنیابى والدیمقراطیة ذلك أن النظام النیابى ال یساوى على األقل بین الشعب إلعطائھ الحق فى اتخاذ القرارات السیاسیة ومنھا اختیار النواب لعدد قلیل من أفراده ،األمر الذى یجعلنا فى الواقع أمام حكم األقلیة، ولذا

عدد ممكن من األفراد یتطلب األمر للتغلب على ذلك القیام باشراك أكبر فى شئون السلطة وبقدر التوسع فى تقریر حق االنتخاب بقدر ما یتحقق

.المبدأ الدیمقراطى



١٩٣

الفرع الثانى الخصائص العامة للنظام النیابى

یتمیز النظام النیابى بخصائص عامة تمیزه عن غیره من األنظمة :الدیمقراطیة ویمكن إجمال ھذه الخصائص العامة فیما یأتى

: برلمان منتخب من الشعب - ١یتطلب النظام النیابى وجود برلمان منتخب من الشعب لینوب عنھ فى ممارسة سلطاتھ، ومن ثم ال یقوم النظام النیابى دون وجود برلمان منتخب كما یجب أن یتم اختیار أعضاء ھذا البرلمان عن طریق االنتخاب

ب ضئیلة كما ھو الشأن ولیس التعیین ،وال مانع من التعیین فى حدود نس .فى مصر ألسباب سوف نذكرھا فى حینھا

وال یشترط أن یكون جمیع أعضاء البرلمان منتخبین وإنما یلزم أن تكون أغلبیتھم قد جاءت عن طریق االنتخاب، وعلى ھذا ال یعتبر أى مجلس قد تم تشكیلھ عن طریق الوراثة أو التعیین مجلسا نیابیا كما ھو

اللوردات فى إنجلترا ،ولیس لمثل ھذه المجالس من الحال فى مجلسوعلى ذلك یعد االنتخاب أھم أسس . الصفة التمثیلیة حظ سوى االسم فقط

النظام النیابى ألنھ الوسیلة الصحیحة التى من خاللھا ینیب البرلمان .الحكم عن الشعب صاحب السلطة

ق على أنھ یجب أن یالحظ أن االنتخاب وحده لیس بكاف لتحقیالدیمقراطیة بل البد من إعطاء ھذا البرلمان المنتخب سلطة البت فیما

.یصل إلیھ فى النطاق الذى یرسمھ الدستوروعلى ذلك فإذا كان للبرلمان اختصاصات استشاریة فقط فال نكون أمام نظام نیابى حتى ولو كان أعضاء ھذا البرلمان قد جاءوا عن طریق

.مان أن یمارس اختصاصات فعلیةاالنتخاب إذ المفروض فى البرل



١٩٤

ویستوى بعد ذلك أن یتكون البرلمان من مجلس واحد كما ھو الشأن فى مصر اآلن أو من مجلسین كما كان علیھ الحال فى ظل دستور

". الشیوخ–النواب " حیث كان البرلمان یتكون من مجلسین ١٩٢٣ان تكوینھ والحد األدنى للسلطات الفعلیة التى یملكھا البرلمان أیا ك

یتمثل فى حق اقتراح القوانین والموافقة علیھا أو رفضھا وحق إقرار المیزانیة ومناقشتھا وكذا فرض الضرائب باإلضافة إلى الرقابة على

.أعمال السلطة التنفیذیةوبإمعان النظر فى ھذا الشرط نجد أن مجلس الشعب المصرى طبقا

لذى یملك اختصاصات فعلیة من الدستور ھو المجلس الوحید ا٨٦للمادة عضو جاءوا عن ٤٥٤یمارسھا نیابة عن الشعب كما أن أغلبیة أعضائھ

طریق االنتخاب حیث یستثنى من ھذا العدد عشرة أعضاء فقط یقوم .رئیس الجمھوریة بتعیینھم

أما عن مجلس الشورى وھو المجلس الثانى فى البرلمان المصرى من دستور ١٩٥ طبقا لنصوص المادة فال یعد أن یكون مجلسا استشاریا

الحالى وذلك بعد التعدیل الذى طرأ على الدستور فى ١٩٧١ فضال عن أن ثلث أعضائھ یتم تعیینھم من قبل رئیس ٢٦/٣/٢٠٠٧

ھذا وتجدر اإلشارة إلى أن . من الدستور١٩٦الجمھوریة طبقا للمادة أعطى ٢٠٠٧ في عام ١٩٧١التعدیل األخیر الذي طرأ على دستور

لمجلس الشورى بعض االختصاصات الفعلیة یفصل فیھا مع مجلس وبذلك یكون المشرع الدستورى المصري ١٩٤الشعب طبقا لنص المادة

. قد اقترب لألخذ بنظام المجلسین :انتخاب البرلمان لمدة محدودة - ٢

من الخصائص التى یقوم علیھا النظام البرلمانى أن یكون انتخاب مان الممثلین إلرادة الشعب لمدة محددة بأجل معلوم وھذا أعضاء البرل

یحقق العدید من الفوائد واألمور الھامة منھا استقالل البرلمان من ناحیة،



١٩٥

واالحتفاظ بالسیادة لألمة من ناحیة أخرى، وبیان ذلك أن البرلمان خالل مدة نیابتھ یكون ھو المعبر عن إرادة األمة فلھ الحریة فى تصریف أمور الدولة وبعد انتھاء ھذه المدة المحددة ومجىء االنتخابات لتجدید البرلمان فإن األمة تسترد سیادتھا مرة أخرى، وال شك أن ھذا یحقق فائدة أخرى وھى وجود رقابة مستمرة من الشعب على سیاسة البرلمان فإذا كانت

اء متفقة مع اإلرادة الشعبیة فإن الناخبین یقومون بإعادة انتخاب أعضالبرلمان أما إن كان الشعب یرفض سیاسة البرلمان فیترتب علیھ عدم

.تجدید انتخاب من تبین عدم كفاءتھ أو لم یكن أھال للثقة التى وضعت فیھومن جھة أخرى فإن استمرار نواب الشعب فى البرلمان دون تحدید مدة محددة لمدى الحیاة یؤدى إلى االستبداد بالسلطة، ومع مرور الزمن تضعف فكرة تمثیل البرلمان لألمة والتعبیر عن میولھا وإرادتھا وبالتالى ینھار النظام النیابى من أساسھ، كما أن فى تحدید المدة تماشیا مع تغییر اإلرادة الشعبیة إذ أنھا لیست ثابتة بل تتغیر بتغیر الظروف وتتطور

لتعرف بتطور الزمن، ومن ثم البد من الرجوع للشعب من حین آلخر لعلى رأیھ الجدید حتى نضمن استمرار البرلمان ممثال لإلرادة الشعبیة، وفى ذات الوقت سوف یسعى عضو البرلمان جاھدا لالحتفاظ بثقة ناخبیھ

.حتى یعاد انتخابھ مرة ثانیةوال تتفق الدساتیر على مدة معینة لنیابة البرلمان عن الشعب ولكنھا

ون أربع أو خمس سنوات ولكن من تختلف باختالف الدساتیر فقد تكالمتفق علیھ أال تطول ھذه المدة لدرجة تباعد بین البرلمان وتمثل إرادة الناخبین وأال تكون قصیرة فتحول دون تمكین أعضاء البرلمان من تأدیة رسالتھم وخضوعھم للناخبین األمر الذى یؤدى إلى عدم استقالل

.البرلمان ذاتھ



١٩٦

مدة مجلس " على أن ١٩٧١من دستور ٩٢وفى مصر تنص المادة ویجرى . الشعب خمس سنوات میالدیة تبدأ من تاریخ أول اجتماع لھ

".االنتخاب لتجدید المجلس خالل الستین یوما السابقة على انتھاء مدتھ :عضو البرلمان یمثل األمة بأسرھا - ٣

كان الوضع فى فرنسا قبل قیام الثورة الفرنسیة أن النائب المنتخب دائرتھ االنتخابیة فقط وكان للناخبین بالتالى الحق فى أن یصدروا یمثل

تعلیمات إلزامیة لھ وكان النائب ملزم بھذه التعلیمات وال یخرج علیھا ألنھ فى نھایة مدتھ ملزما بتقدیم كشف حساب لناخبیھ الذین یملكون عزلھ

فى أى وقت ألن من حق الموكل عزل الوكیل فى أى وقت یشاء، إال أنھذه العالقة بین النائب والناخبین تغیرت وأصبح النائب یمثل األمة كلھا ولم یعد ملزما بتوكیل ناخبیھ؛ ألنھ أصبح یعمل لحساب الصالح العام ولیس لحساب موكلیھ كما لم یعد من حق الناخبین عزل النائب فى أى وقت وبذلك قضت الثورة الفرنسیة على نظریة الوكالة اإللزامیة وأصبحالنائب یشترك فى جمیع المسائل المحلیة أو العامة على السواء بعدما كانت مھمتھ تقتصر على إنجاز المصالح اإلقلیمیة وفقط فى الدائرة

.المنتخب فیھا فى ١٧٩١وأصبح ھذا المبدأ من المبادئ المسلم بھا فنص دستور

التى أن النواب لیسوا ممثلین لألقالیم"فرنسا فى مادتھ السابعة على ینتخبون عنھا بل ھم ممثلون لألمة جمعاء وال یمكن إعطاءھم أى

".توكیلوقد حدثت وقائع تؤكد فكرة إلغاء الوكالة اإللزامیة وأن النائب ممثل

١٨٧١من األمة بأكملھا ولیس عن دائرتھ االنتخابیة فقط ففى سنة اضطر المجلس الوطنى الفرنسى إلى التصدیق على معاھدة الصلح مع ألمانیا عقب ھزیمة فرنسا فى الحرب السبعینیة وقررت المعاھدة ضم بعض المقاطعات إلى ألمانیا وھى االلزاس واللورین فقام النواب



١٩٧

المنتخبون عن ھذه المقاطعات بتقدیم استقالتھم من المجلس ألن مھمتھم قد انتھت بضم ھذه المقاطعات ألنھم أصبحوا غیر ممثلین لھا فقرر المجلس

أنھ بالرغم من التغییر الذى طرأ على "االستقاالت مقررا رفض المقاطعات وعلى السكان الذین انتخبوھم فانھم یظلون ویجب أن یظلوا

".نوابا عن الشعب الفرنسى بكاملھولم ینص الدستور المصرى الحالى على ھذا المبدأ وإن كان یستفاد

رد فى المادة ذلك من بعض نصوصھ بطریقة غیر مباشرة ومن ذلك ما و عن القسم الذى یؤدیھ عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل مباشرة ٩٠

مھام عملھ أنھ یحافظ مخلصا على سالمة الوطن والنظام الجمھورى وأن یرعى مصالح الشعب رعایة كاملة كما یحافظ على احترام الدستور والقانون، فالقسم وارد على رعایة مصالح الشعب ولیس رعایة مصالح

.دائرتھ :استقالل البرلمان أثناء مدة نیابتھ عن ھیئة الناخبین - ٤

وھذا أمر طبیعى یترتب على زوال فكرة الوكالة اإللزامیة وتحرر النواب من تبعة الناخبین وتمثیلھم لألمة بأسرھا، فبعد انتھاء العملیة االنتخابیة یباشر البرلمان مھمتھ على استقالل تام دون تدخل من الناخبین فى أعمالھ طوال مدة انتخابھ ،ومعنى ذلك قصر مھمة الناخبین على اختیار أعضاء البرلمان فقط، وبعد انتھاء المدة المحددة للبرلمان یعود الناخبین مرة أخرى للتعبیر عن رأیھم وإرادتھم فى اختیار األعضاء

.الجدد لمن یرونھ أفضل لتحقیق مصالحھمصاحب السلطة القانونیة فى الدولة فالبرلمان بعد انتخابھ یصبح ھو

وال یحق للشعب أن یشارك فیھا إال إذا كان النظام الدستورى نفسھ یسمح . بأخذ رأیھ فى بعض المسائل وذلك عن طریق االستفتاء الشعبى مثال

والسؤال الذى یطرح نفسھ إذا كان ھذا المبدأ یعنى استقالل البرلمان ة نیابتھ فھل معنى ذلك عدم وجود أى والنائب عن ھیئة الناخبین خالل مد



١٩٨

عالقة بین النواب والناخبین؟ ھذا ما سنحاول اإلجابة علیھ فى الفرع .التالى

الفرع الثالث تحدید العالقة بین النواب والناخبین

أشرنا آنفا إلى أن عالقة النائب بالناخبین كانت تقوم على فكرة ب الخضوع التام للناخبین الوكالة اإللزامیة والتى یخضع فى ظلھا النائ

فھو ممثال عنھم ویعمل لحسابھم ولھم حق عزلھ فى أى وقت ،وكانت ھذه العالقة تشبھ إلى حد كبیر عالقة التابع بالمتبوع فى القانون المدنى، إال أن الفكر القانونى لم یرتض ذلك فعمل على التخلص من تلك التبعیة وأراد

أیدى ناخبیھم وخضوع العالقة تحریر إرادة النواب واستقاللھم منلمفھوم جدید یقوم على استقالل النائب تجاه ناخبیھ، وظھرت بالتالى أفكار جدیدة أو نظریات أطلق علي بعضھا نظریة الوكالة العامة للبرلمان وأخرى أطلق علیھا نظریة االنتخاب مجرد اختیار ،ونرى أنھ من

ر العالقة بین النائب األفضل التعرض لھذه النظریات التى أدت لتطو .والناخبین كل على حده

:نظریة الوكالة اإللزامیة - ١فى فرنسا قبل قیام الثورة الفرنسیة سادت نظریة الوكالة اإللزامیة

كما أشرنا استنادا إلى نظریة الوكالة المعروفة فى القانون المدنى ،وذلك د سلطتھ من لتفسیر العالقة بین النواب والناخبین ولما كان الوكیل یستم

موكلھ فكذلك النائب یستمد سلطتھ من ناخبیھ ولیس من الشعب ،وترتیبا على ذلك اعتبر النائب ممثال لدائرتھ فقط التى تمثل جزءا من ھیئة الناخبین ما دام ھم الذین قاموا باختیاره، وبالتالى ال یستمد سلطتھ من

واإلشراف على الشعب، ومن ثم تقرر لحق الناخبین فى دائرتھ مراقبتھ .تنفیذ عقد التوكیل ھذا

:وترتب على ذلك نتائج الوكالة التى فى القانون الخاص وھى



١٩٩

للناخبین الحق فى إعطاء النائب منھجا معینا یتعین علیھ االلتزام بھ -١ من القانون المدنى الفرنسى، ١٩٨٩دة ادون الخروج علیھ طبقا للم

حدود ھذه الوكالة داخل ویترتب على ذلك أنھ لو أثیرت مسألة خارجالبرلمان یتعین علیھ عدم إبداء الرأى فیھا قبل الرجوع إلى ھیئة

.الناخبینللناخبین حق عزل النائب فى أى وقت قبل انتھاء المدة المحددة -٢

مدنى فرنسى التى تعطى الحق ٢٠٠٤لعضویتھ استنادا للمادة .للموكل أن یعزل الوكیل متى شاء

یقدم حسابا عن عملھ لناخبیھ كما یلتزم الوكیل یجب على النائب أن -٣ . مدنى فرنسى١٩٩٣بتقدیم حساب لموكلھ طبقا للمادة

النائب مسئول مدنیا عن عدم تنفیذ األعمال المكلف بھا أو الخطأ فى -٤ . مدنى فرنسى١٩٩١/١تنفیذھا كما یسأل الوكیل طبقا للمادة

فیتحمل ذلك ناخبو إذا كان عضو البرلمان یتقاضى مرتبا أو مكافأة -٥الدائرة ذلك طبقا لقواعد الوكالة بأجر المنصوص علیھا فى المادة

. مدنى فرنسى١٩٨٦وال شك أن فى تكییف العالقة بین النائب والناخبین على أساس عقد الوكالة طبقا ألحكام القانون الخاص أمر ال یتالءم مع عالقات القانون

.قواعد واألحكام فى كلالعام نظرا الختالف الروابط والھذا باإلضافة إلى أن األخذ بھذه النظریة یؤدى إلى القضاء على استقالل النائب وخضوعھ التام إلرادة الناخبین وتعلیماتھم وبالتالى تفقد المناقشات والحوارات داخل البرلمان قیمتھا ألن كل نائب ال یستطیع أن

یعنى أن القرار یسبق المناقشة یدلى برأیھ قبل الرجوع لھیئة ناخبیھ ،وھذایخاطب زمالءه النواب " میرابو"وأن التدبیر یسبق التفكیر، ولذا نجد

ما علیكم إذن إال أن "الذین كانوا یتمسكون بفكرة الوكالة اإللزامیة قائال ".تدعو توكیالتكم تأخذ مقاعدكم البرلمانیة وتعودوا مطمئنین إلى بیوتكم



٢٠٠

د ظھرت فى فرنسا فى عھد ما قبل الثورة ولما كانت ھذه النظریة قفإن الظروف واألوضاع السیاسیة واالجتماعیة السائدة فى ذاك الوقت ساعدت على ذلك حیث كانت فكرة وحدة الدولة بمفھومھا الحدیث لم تكن واضحة المعالم ولم تستقر بعد، األمر الذى أدى إلى تغلیب المصالح

لم تكن تجتمع أن الھیئات العمومیة المحلیة على المصالح العامة، كما بصورة منتظمة وفى أوقات محددة وكانت اختصاصاتھا استشاریة وكانت المسائل التى یعرضھا الملك قلیلة،وكان ھو صاحب السلطة، ومن ثم كان ھو صاحب المصلحة القومیة ،وقد زالت ھذه الظروف وبالتالى تم

ورة ثم تحقیق وحدة الدولة، التخلى عن ھذه النظریة لعیوبھا ،وبقیام الثوإعالء المصالح القومیة وأصبحت البرلمانات تنعقد لدورات منتظمة وأصبح لھا اختصاصات نھائیة تباشرھا وتم تحریر النواب من الخضوع

ونص على أن النائب یمثل األمة ١٧٩١إلرادة الناخبین ،وجاء دستور الوكالة اإللزامیة بأسرھا ونص فى الدساتیر الالحقة على تحریم مبدأ

صراحة وأصبحت ھذه القاعدة ساریة حتى ولو لم ینص علیھا فى .الدستور

:نظریة الوكالة العامة للبرلمان - ٢لمحاربة نظریة الوكالة اإللزامیة من الناحیة النظریة ورغبة فى تحریر النواب من الخضوع التام لھیئة لناخبین ظھرت نظریة الوكالة

وذلك بعد قیام الثورة الفرنسیة ،وتقضى ھذه مة العامة للبرلمان عن األالنظریة بأن الوكالة بین النائب والناخبین لیست وكالة خاصة كما فى القانون الخاص بل إنھا وكالة عامة تربط بین األمة جمعاء والبرلمان

.بأكملھوجاءت ھذه النظریة متفقة مع مبدأ سیادة األمة التى نادت بھا الثورة

كما أن سیادة األمة ال تتجزأ فوكالة البرلمان عنھا ال تتجزأ الفرنسیة ف



٢٠١

ھذا المبدأ فى ١٧٩١كذلك وقد نسجت الدساتیر الفرنسیة بدایة من دستور .دساتیرھا المتعاقبة

ویترتب على األخذ بھذه النظریة أن النائب ال یقتصر مراعاتھ عامة بما لمصالح دائرتھ فقط بل یجب على البرلمان مراعاة المصلحة ال

أنھ مقید بوكالتھ العامة عن األمة وبالتالى یجب أن تكون تصرفاتھ متفقة .ورغبتھا

ووفقا لھذه النظریة تعتبر االنتخابات العامة وسیلة تستطیع بھا األمة الوقوف على درجة محافظة النواب على وكالتھم العامة ومدى احترامھم

رلمان ریاسیا تطبیقا لھذه لھا، كما یعد حق رئیس الجمھوریة فى حل الب . النظریة

وینبنى على ھذه النظریة كذلك بطالن الوكالة اإللزامیة حتى لو قبلھا النائب مع صیرورة االنتخاب صحیحا، وبذلك ألغت ھذه النظریة ما كان

١٤معموال بھ فى فرنسا قبل الثورة فجاء اإلعالن الملكى الصادر فى كما ألغت ". ب على النائبین قبول أى وكالةال یج" مقررا أنھ ١٧٨٩ینایر

كذلك فى بعض المدن والمقاطعات فى إنجلترا حیث كان النواب یحصلون من ناخبیھم على تفویض أو توكیل مكتوب یعملون على أساسھ طوال مدة نیابتھم مع إلزامھم فى ختام الدورة البرلمانیة بتقدیم حساب

.لناخبیھمقا أشرنا إلیھ من قبل من جھة المجلس وقد شھدت ھذه النظریة تطبی

حدث نتیجة الصلح بین ألمانیا وفرنسا عقب ١/٣/١٨٧١الوطنى فى .حرب السبعین وضم بعض المقاطعات الفرنسیة إلى ألمانیا

١٨٧٥ نوفمبر ٣٠لذلك عندما صدر قانون االنتخاب الفرنسى فى ".ا لم تكنكل وكالة إلزامیة باطلة وكأنھ" منھ على أن ١٣نصت المادة

بھذه النظریة ١٩٢٣كما أخذ الدستور المصرى الصادر سنة أن " التى نصت على ٩١مستبعدا فكرة الوكالة اإللزامیة وذلك فى المادة



٢٠٢

عضو البرلمان ینوب عن األمة كلھا وال یجوز لناخبیھ وال للسلطة التى ".تعینھ توكیلھ بأمر على سبیل اإللزام

:نقد النظریةظریة كسابقتھا من النقد حیث وجھ إلیھا بعض االنتقادات لم تسلم الن

منھا أنھا جعلت فكرة الوكالة العامة لألمة قائمة على المجاز واالفتراض ال على الحقیقة والواقع ألن البرلمان ال یمثل فى الواقع سوى أغلبیة الناخبین، ھذا باإلضافة إلى عدم مشاركة الكثیر من السكان فى عملیة

ب وبالتالى فالبرلمان ال یمثل األمة كافة، واالفتراض اآلخر یقوم االنتخاعلى أن النظریة تفترض أن األمة شخصیة قانونیة وقد سبق أن شرحنا

.ذلك وثبت لدینا أن التشخیص القانونى ھو محض خیالكما عیب على ھذه النظریة أنھا تفترض فى البرلمان أن یكون مقیدا

عب وھذا ال یتفق مع القوانین التى تلقى فى كل قراراتھ برغبة الشمعارضة من قبل الرأى العام فلو تم الموافقة علیھا فى البرلمان بالرغم من ھذه المعارضة وطبقنا فكرة الوكالة العامة ألصبحت ھذه القوانین

.باطلة لخروجھا حدود الوكالة وھو األمر الذى لم یقل بھ أحد تتطلب تقیید البرلمان طوال مدة أخیرا عیب على ھذه النظریة أنھا

نیابتھ حتى ولو وقع فى خطأ برغبات األمة حتى ولو اتضح ھذا الخطأ .عند ممارسة البرلمان لسلطاتھ عملیا أو جاء نتیجة تغیر الظروف

:نظریة االنتخاب مجرد اختیار - ٣على أساس اختیار أفضل تقوم نظریة االنتخاب مجرد اختیار

لمدة معینة نیابة عن األمة وذلك عن طریق المرشحین لتولى الحكم االنتخاب، فاالنتخاب فى ظلھا لیس سوى طریقة الختیار أفضل العناصر ،ومن ھنا تنقطع كل عالقة قانونیة بین النواب والناخبین، فھى تحدد دور الناخب فى اختیار األفضل فى االنتخاب ثم بعد االنتخاب یستقل النواب

.م عن ھیئة الناخبینتماما طیلة فترة نیابتھ



٢٠٣

ولذا قیل بأن االنتخاب فى ظل ھذه النظریة یشبھ تعیین الموظفین حیث الموظف بعد التعیین ال یخضع ألوامر من عینھ بل یخضع ألحكام القانون كما أن ھذا المبدأ مسلم بھ فى البالد التى تقوم على انتخاب القضاة

كیة حیث یجب على للفصل فى المنازعات كالوالیات المتحدة األمریالقاضى أن یحكم بما یراه موافقا لحكم القانون ال بما توحى بھ إرادة

.ناخبیھواألخذ بھذه النظریة یؤدى إلى نتائج عكسیة لنظریة الوكالة اإللزامیة فالنائب فى ظلھا مستقل فى إبداء رأیھ ویرعى الصالح العام ال صالح

وال یسأل مدنیا عن عدم تنفیذ عقد دائرتھ، وال یلزم بتقدیم حساب لناخبیھ الوكالة أو الخطأ فیھ ،كما أنھ یتقاضى راتبھ من میزانیة الدولة ولیس من

. أموال ناخبیھ وال یجوز للناخبین عزلھ طوال مدة عضویتھ :نقد النظریة

إذا كانت ھذه النظریة تقوم على تحریر النائب عن الناخبین وتكفل لھ ضل النظریتین السابقتین فى قیامھما على فكرة االستقالل فإنھا بذلك تف

.الوكالةإال أنھ أخذ علیھا أنھا تقطع كل صلة بین النائب والناخبین وفى ذلك مغاالة لتفسیر العالقة بینھما وكان من األولى على القائلین بھا أن یجدوا حال وسطا ھذا من ناحیة ومن ناحیة أخرى فإن الدساتیر تفترض وجود

تة بین البرلمان وھیئة الناخبین على الرغم من اعترافھا عالقة ثابباستقالل البرلمان وھذه العالقة تتمثل فى تنظیم عملیة االنتخاب وتحدید مدة معینة للبرلمان واألخذ بمبدأ حل المجالس النیابیة ومبدأ التجدید الجزئى أو الكلى ألعضاء البرلمان ،وباإلضافة لھذه العالقة القانونیة

د عالقة أخرى یفرضھا الواقع العملى تتیح للناخبین توجیھ سیاسة توجالبرلمان أو التأثیر فیھا مثل الصحافة والجمعیات والمظاھرات ،فالواقع

.كذلك ینكر عدم وجود عالقة بین البرلمان والناخبین



٢٠٤

:التكییف الصحیح للعالقةالقة بین نتیجة لالنتقادات السابقة للنظریات التى قیلت فى تفسیر الع

البرلمان والناخبین حیث فشلت تلك النظریات القانونیة فى بیان ھذه العالقة إذ استعصت العالقة أن تقوم على فكرة الوكالة، كما فشلت نظریة

.االنتخاب مجرد اختیار نظرا لمغاالتھااألمر الذى جعل الفقھ القانونى یجتھد لوضع تكییف لھذه العالقة

لفقھ إلى تكییف ھذه العالقة على أنھا عالقة وذھب جانب كبیر من اسیاسیة تقوم على أسس اجتماعیة یتحقق بواسطتھا التوازن بین البرلمان والشعب فالبرلمان وإن كان مقیدا بصفة أساسیة بتحقیق رغبات الشعب واتجاھاتھ إال أنھ ال یصح القول بأن یظل البرلمان كذلك إذا ما تعارض

.رغباتالصالح العام وھذه الفالبرلمان یجب أن یتمتع باالستقالل فى جمیع أموره وال یلزم بالخضوع الكامل إلرادة الناخبین مع بقاءه ممثال لرغبات الشعب فى خطوطھ الرئیسیة حتى ال یتعارض البرلمان مع الرأى العام، األمر الذى یؤدى إلى فقد النظام النیابى جوھره وأساسھ ،وتحقیق ھذا التوازن أمر نسبى یختلف من دولة إلى أخرى تبعا لمدى نضج الشعب ونوابھ ووعیھم

l’artالسیاسى لذا قیل بأن ھذه العالقة ضرب من ضروب الفن السیاسى politique.



٢٠٥

المطلب الثالث الدیمقراطیة شبھ المباشرة

تعتبر الدیمقراطیة شبھ المباشرة نظاما وسطا بین الدیمقراطیة ة النیابیة حیث تجمع بین خصائص كل منھما وھى المباشرة والدیمقراطی

فال . محاولة لتالشى عیوب كل منھما وتجاوز التطبیقات المتطرفة فى كلیمارس الشعب بنفسھ مظاھر السیادة كاملة كما ھو الحال فى الدیمقراطیة المباشرة ألنھ من الصعوبة بمكان جمع الشعب فى مكان واحد لیمارس

إال أن ذلك ال یمنع من إعطاء الشعب بعض الدیمقراطیة المباشرة الوسائل التى تمكنھ من التدخل المباشر فى بعض القضایا الھامة، وال ینیب الشعب عنھ غیره فى ممارسة السیادة كما ھو الحال فى الدیمقراطیة النیابیة التى تتطلب وجود برلمان منتخب من الشعب یعبر عنھ فتأخذ

ن النظام النیابى بوجود مجلس منتخب وتأخذ الدیمقراطیة شبھ المباشرة ممن نظام الدیمقراطیة المباشرة الرجوع إلى الشعب فى بعض المسائل

.الھامة ولیس جمیعھامن ثم تقوم الدیمقراطیة شبھ المباشرة على نظام وسط حیث یقوم الشعب بممارسة بعض مظاھر السیادة بنفسھ حین الرجوع إلیھ فى بعض

،ویمارس الرقابة على البرلمان عندما یعترض على المسائل الھامةالقوانین التى یسنھا البرلمان، أو عندما یقوم بإقالة النواب قبل انتھاء مدة نیابتھم، عالوة على اقتراح حل البرلمان كلھ قبل انتھاء المدة المقررة لبقائھ؛ لذا یفقد النواب حریتھم المطلقة فى التصرف ألنھم مراقبون من

الشعب لذلك قیل بحق فى الدیمقراطیة شبھ المباشرة أن الشعب یعتبر قبل .سلطة رابعة بجوار السلطات الثالث

وللدیمقراطیة شبھ المباشرة مظاھر متعددة وسوف نتناول ھذه المظاھر ثم ندلفھا بالحدیث عن مزایا وعیوب ھذه الصورة من صور



٢٠٦

التالى فى الفرعین الحكم لتقدیر قیمتھا كنظام للحكم وذلك على النحو :التالیین

الفرع األول مظاھر الدیمقراطیة شبھ المباشرة

تتنوع مظاھر الدیمقراطیة شبھ المباشرة بحیث تتیح للشعب ممارسة مظاھر الحكم بجوار البرلمان المنتخب بصورة إیجابیة، وھذه المظاھر لیست محل اتفاق لدى الفقھاء حیث یذكر البعض منھا على أساس أنھا

" الحل، االعتراض، االقتراح الشعبى"مظاھر جوھریة وأساسیة وھى وتتمثل ھذه المظاھر . بینما تعتبر بقیتھا مظاھر ثانویة لدى البعض اآلخر

فى االستفتاء الشعبى واالعتراض الشعبى واالقتراح الشعبى، وإقالة

.الناخبین للنائب، وحل البرلمان وعزل رئیس الجمھوریةھ إلیھ أن ھذه المظاھر وغیرھا ال یشترط توافرھا ومما یجب التنبی

جمیعا لوصف الحكم بكونھ شبھ مباشر بل إن وجود بعضھا حتى ولو مظھرا واحدا من ھذه المظاھر یكفى لوصف النظام بأنھ شبھ مباشر،

.وسوف نتناول ھذه المظاھر تباعا le referendum populaireاالستفتاء الشعبى : أوال

فتاء الشعبى عرض موضوع على الشعب ألخذ رأیھ فیھ یقصد باالستواالستفتاء الشعبى یتعلق بقانون قد تم تحضیره . بالموافقة أو الرفض

داخل البرلمان ثم یعرض على الشعب إلبداء رأیھ فیھ إما بنعم أو ال أو موافق أو غیر موافق لیصبح نافذا من الناحیة القانونیة والدستوریة بعد

یھ من الشعب وقد ینص الدستور فى بعض الدول على استفتاء الموافقة عل .الشعب فى موضوع القانون قبل إقراره من البرلمان

فالشعب یمارس دورا ھاما وأساسیا فى صالحیة إقرار القوانین بدون استثناء ویقتصر دور البرلمان على تحضیر ھذه القوانین، وعلى الرغم



٢٠٧

لو الشعب فى البرلمان فإن الشعب على من الدور الھام الذى یلعبھ ممثاألقل من الناحیة النظریة فى وجھة نظرى یظل متمتعا بالسیادة ،ذلك ألن ممثلو الشعب لیسوا مطلقى الحریة بل یخضعون للرقابة الشعبیة المستمرة، عالوة على أن الشعب باإلضافة إلى صالحیتھ لرفض القوانین

ھ یقوم بدور المبادرة التشریعیة الصادرة من البرلمان عند عرضھا علی .الشعبیة فى اقتراح القوانین وفى إقرارھا عن طریق االستفتاء

ویعتبر االستفتاء الشعبى من أھم طرق مساھمة الشعب المباشرة فى الحكم إذ أن كافة الطرق األخرى تنتھى غالبا بالرجوع إلیھ وھذا ما

نتناولھ عن بقیة سنالحظھ عند حدیثنا عن بقیة المظاھر ولذا سوف .المظاھر بشىء من التفصیل البسیط

:أھم صور االستفتاء الشعبىتتعدد صور االستفتاء الشعبى بتعدد الزوایا التى ینظر إلیھا ویمكن

:إجمال أھمھا فیما یلىینقسم االستفتاء الشعبى من حیث موضوعھ إلى :من حیث الموضوع -أ

. سیاسى استفتاء دستورى واستفتاء تشریعى واستفتاء االستفتاء الدستورى ھو ما كان متعلقا بعرض موضوع مشروع -١

الدستور أو تعدیلھ على التصویت الشعبى للموافقة علیھ أو الرفض، على ١٨٩مثال ذلك ما نص علیھ الدستور المصرى فى مادتھ

إعطاء الحق لكل من رئیس الجمھوریة ومجلس الشعب بتعدیل مادة من الدستور ١٩٤دستور مع مراعاة أحكام المادة أو أكثر من مواد ال التى تتطلب أخذ رأى مجلس الشورى فى ٢٠٠٧بعد تعدیلھ في عام

.االقتراحات الخاصة بتعدیل مادة أو أكثر من مواد الدستوراالستفتاء التشریعى ھو ما كان موضوعھ متعلقا بقوانین عادیة -٢

مجاالت االستفتاء معروضة على الشعب ألخذ رأیھ فیھا، وھو أھم من الدستور ٧٤فى العالم ومن أمثلتھ فى مصر ما نصت علیھ المادة



٢٠٨

لرئیس الجمھوریة إذا قام خطر یھدد الوحدة الوطنیة أو "على أنھسالمة الوطن أو یعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورھا الدستورى أن یتخذ من اإلجراءات السریعة لمواجھة ھذا الخطر بعد رأي رئیس

جلس الوزراء ورئیسي مجلس الشعب والشورى ،ویوجھ بیانا إلى مالشعب أو یجري االستفتاء على ما اتخذه من اجراءات خالل ستین یوما من اتخاذھا و ال یجوز حل مجلسي الشعب والشورى أثناء

..."ممارسة ھذه السلطات مر االستفتاء السیاسي یكون االستفتاء سیاسیا وذلك إذا ما تعلق بأ-٣

من أمور الدولة الھامة ولھ صور وأشكال متعددة تختلف من دولة إلى ومن أمثلتھ فى مصر ما . أخرى وال ینطوى على قاعدة عامة مجردة

لرئیس الجمھوریة أن " من الدستور بقولھا ١٥٢نصت علیھ المادة ومن " یستفتى الشعب فى المسائل الھامة التى تتصل بمصالح البالد العلیا

من ١٩٧٧صت علیھ المادة الخامسة من الدستور السوفیتى لعام ذلك ما نتطرح أھم مسائل حیاة الدولة للمناقشة العامة وكذلك للتصویت "أنھ

".االستفتاء"الشعبى العام ینقسم االستفتاء إلى استفتاء إجبارى وھو :من حیث وجوب إجرائھ -ب

شریعیة الذى ینص الدستور على وجوب إجرائھ بحیث تكون السلطة الت .ملزمة بعرض مشروع الموضوع على الشعب الستفتائھ فیھ

من الدستور على رئیس ٧٤ومن أمثلتھ فى مصر ما أوجبتھ المادة الجمھوریة من إجراء استفتاء للشعب على ما اتخذه من إجراءات خالل

.ستین یوما من اتخاذھا رلمان وفى سویسرا تخضع جمیع التعدیالت الدستوریة التى یقرھا الب

١٩٥٨، ١٩٤٦لالستفتاء الشعبى كذلك الشأن فى فرنسا فى ظل دستور وذلك باستثناء الحالة التى یقر فیھا البرلمان التعدیل بأغلبیة ساحقة فیما

. یخص مشاریع التعدیل المقدمة من الحكومة



٢٠٩

وقد یكون االستفتاء اختیارى وھو الذى تطلق المبادرة فیھ إلى بعض م االستفتاء بناء على اقتراح رئیس الجمھوریة أو أجھزة الدولة فینظ

الحكومة أو البرلمان بناء على عدد معین من أعضائھ أو من أفراد الشعب یحدده الدستور ومن ثم یكون إجراء االستفتاء أو عدم إجرائھ یتوقف على إرادة ومشیئة الجھة التى حددھا الدستور وخولھا ھذه

.السلطة على أنھ ١٩٧١ من دستور ١٥٢لیھ المادة ومن أمثلتھ ما نصت ع

لرئیس الجمھوریة أن یستفتى الشعب فى المسائل الھامة التى تتصل "وفى فرنسا یجوز لرئیس الجمھوریة بموجب ". بمصالح البالد العلیا

وبناء على طلب من الحكومة أو من ١٩٥٨ من دستور ١١المادة .البرلمان تنظیم استفتاء حول قانون ما

یسرا یجوز للناخبین طلب تنظیم استفتاء حول تعدیل الدستور وفى سوفإذا كانت نتیجة بشرط أن تحمل العریضة توقیع خمسین ألف ناخب

االستفتاء إیجابیة یعرض الدستور على البرلمان إلقراره خالل مھلة ثالث سنوات فإذا أقره البرلمان ینشر وإذا رفضھ أو أجرى علیھ بعض

.ید مشروع التعدیل على االستفتاء الشعبىالتعدیالت عرض من جدوتنص أغلب الدساتیر الماركسیة أو االشتراكیة على االستفتاء االختیارى وإن كان من الناحیة العملیة نادر الحدوث بسبب عدم تدخل الشعب مباشرة فى الشئون التشریعیة، كما یأخذ بھ الدستور المجرى

ودستور ) ٥٣م (١٩٦٨ة ودستور ألمانیا الدیمقراطی) ٢٠م (١٩٤٩ ).٥م (١٩٧٧االتحاد السوفیتى الجدید

ینقسم االستفتاء إلى استفتاء سابق :من حیث میعاد إجرائھ -ج واستفتاء الحق



٢١٠

أما االستفتاء السابق فھو استفتاء الشعب فى موضوع القانون قبل ب فى إقراره من البرلمان حیث تعرض األفكار القانونیة على الشع

.استفتاء عام فإن أقرھا تم صیاغتھا بعد ذلك من البرلمان صیاغة قانونیةویرى بعض الفقھاء أن االستفتاء السابق ھو استفتاء استشارى غیر ملزم للبرلمان وال یشارك الشعب فیھ فى الحكم ومن ثم ال یعد مظھرا من

.مظاھر الدیمقراطیة شبھ المباشرة القانون فھو الذى یجرى بعد وضع القانون أما االستفتاء الالحق على

بواسطة البرلمان وال یصبح نافذا أو ملزما إال بعد أن یوافق الشعب علیھ .فى االستفتاء

ینقسم االستفتاء من حیث أثره :من حیث آثاره وقوتھ القانونیة - د أو من حیث القوة القانونیة التى تتقرر للرأى الذى یبدیھ الشعب فى

. االستفتاء الملزم واالستفتاء االستشارى االستفتاء إلىواالستفتاء الملزم ھو الذى تلتزم الحكومة أو البرلمان بنتیجتھ وال تخالفھ، أما االستفتاء االستشارى فھو االستفتاء الذى ال تلتزم بھ الحكومة والبرلمان بنتیجتھ فالبرلمان إن شاء أخذ بنتیجة االستفتاء وإن شاء عدل

.لقانون عنھا وأصدر اویقرر بعض الفقھ أنھ من الناحیة العملیة ال یتصور أن یعدل البرلمان عن اتباع رأى الشعب الذى تبدى فى نتیجة االستفتاء فى مسألة معینة ولو كان

.ھذا الرأى استشاریا لھویذھب جانب آخر من الفقھ إلى أن االستفتاء االستشارى أحیانا یكون

ة على تصرفات الحاكم التى یعدھا بعد وسیلة إلضفاء مظھر الشرعیإجراء االستفتاء كما یتراءى لھ استنادا إلى موافقة الشعب علیھا قبل

١٨٥١إعدادھا ومن أمثلة ذلك االستفتاء الذى أجراه لویس نابلیون عام .لتفویضھ بالسلطة فى وضع دستور للبالد



٢١١

الستفتاء باإلضافة إلى ھذه األنواع المختلفة ل: االستفتاء الشخصى -ه والتى تتعلق بموضوع معین سواء كان فى ذلك نصا دستوریا أم قانونیا ظھر نوع جدید من االستفتاء الشعبى عرف باسم االستفتاء

ویقصد بھ plibisciteویطلق علیھ بالفرنسیة " المبایعة"الشخصى : استطالع رأى الشعب فى شخص معین، ولھ صورتان

نقالبیة أو ثوریة بعد نجاحھا یقوم فیھا صاحب حركة ا:األولىواالستیالء على الحكم ویتقدم إلى الشعب یطلب منھ إبداء رأیھ بالموافقة أو عدم الموافقة علیھ كرئیس للدولة وعلى نظام الحكم الجدید الذى یقدم

ومن أمثلتھ ما حدث فى فرنسا فى . للشعب فى صورة مشروع دستورىیث تقدم األول بعد نجاح حركتھ عھد نابلیون األول ونابلیون الثالث ح

لالستفتاء علیھ، وتقدم الثالث ١٧٩٩االنقالبیة بدستور السنة الثامنة عام . لالستفتاء علیھ١٨٥٢بعد نجاح حركتھ بدستور

وھى التى عرفت فى التاریخ ألول مرة فى عھد ھتلر حیث : الثانیةكان یعرض على الشعب من آن آلخر بعض القرارات والتصرفات

ھامة لكى یبدى الشعب فیھا رأیھ وكان ھتلر یعلم مقدما أنھا ستكون الموضع موافقة الشعب، وكان یھدف من وراء ذلك أن یظھر للعالم أن

.الشعب یؤیدهوفى االستفتاء الشخصى یظھر بوضوح العنصر الشخصى لمقدم الموضوع المراد االستفتاء علیھ ،وذلك بعرض اسم شخصیة واضعھ

ند عرضھ على الشعب بحیث یتناول االستفتاء شقین أحدھما أو مقدمھ عیتصل بشخص المرشح واآلخر یرتبط بموضوع یقدمھ ھذا الشخص كدستور أو برنامج عمل، ومما ال شك فیھ أن انظار الشعب تتجھ قبل كل شىء نحو الشخصیة التى تقدم موضوع االستفتاء وخاصة إذا كان

وھو ما فعلھ الجنرال دیجول . یھالشخص قد نال محبة الشعب وثقتھ فعندما تولى حكم فرنسا حیث كان فى كل استفتاء یعرضھ على الشعب



٢١٢

یطرح معھ الثقة بنفسھ وكان یؤكد للشعب أنھ ما لم تكن ھناك أغلبیة .صریحة لصالحھ فسوف یستقیل

وھو ما حدث منھ فعال فى االستفتاءات األربعة التى جرت منذ عام یقرر أن الرئیس جعلت بعض الفقھ الفرنسىلدرجة١٩٦٩ إلى ١٩٦١

دیجول أراد أن یكون االستفتاء بمثابة نائب أو بدیل لالنتخاب باالقتراع .العام المباشر

إلى استقالة دیجول لھذا تردد بعد ذلك ١٩٦٩وقد أفضت استشارة رؤساء الجمھوریة الذین جاءوا من بعده فى انعقاد وكالتھم بمناسبة ھذا

.الستفتاءالنوع من ا le vete populaireاالعتراض الشعبى : ثانیا

ویقصد بھ حق عدد معین من الناخبین في االعتراض على قانون صادر من البرلمان خالل مدة معینة من تاریخ نشره بحیث یترتب علیھ

. وقف نفاذ القانون دون سقوطھ ثم یعرض األمر على الشعب الستفائھ فیھعلى قانون كامل منذ موافقة البرلمان علیھ فاالعتراض الشعبي یكون

لكنھ یعلق نفاذه خالل فترة االعتراض فإذا انقضت تلك المدة دون .اعتراض صار القانون نافذا ونھائیا وال یجوز االعتراض علیھ بعد ذلك

من ثم یتضح أن االعتراض الشعبى لیس ضرورى إلتمام القانون مان بعكس االستفتاء الشعبى الذى ونفاذه إذ ھو نافذ منذ صدوره من البرل

ھو ضرورى إلتمام القانون، وھذا یؤدى بنا إلى النتیجة التى أشرنا إلیھا من قبل وھى ضرورة االستفتاء الشعبى فى كل مظھر من مظاھر الدیمقراطیة شبھ المباشرة ألنھ إذا وافق الشعب على االعتراض ترتب

إذا ضرورى وحتمى على ذلك سقوط القانون، فاالستفتاء الشعبى للوصول إلى االعتراض الشعبى، وھو بھذا المعنى ال یعدو أن یكون فى الحقیقة مرحلة تمھیدیة إلعمال حق االستفتاء الشعبى ألنھ عبارة عن



٢١٣

مجرد طلب موجھ من عدد معین من الناخبین بوجوب عرض القانون . موضوع االعتراض فى استفتاء شعبى

عتراض الشعبى وجوب اعتراض أغلبیة على أنھ یالحظ فى حالة االالناخبین المقیدین فال یكفى أغلبیة األصوات المعطاة ألن المتخلفین عن التصویت یعدون موافقین على القانون وھذا ما یفرق بینھ وبین االستفتاء االختیارى حیث ال یعتبر الممتنعون عن التصویت من الموافقین على

.ستفتاء یتم بناء على طلب عدد من األفرادالرغم من اتفاقھما على أن اال l’initiative populaireاالقتراح الشعبى : ثالثا

یقصد بھ قیام عدد معین من الناخبین بوضع مشروع قانون ورفعھ إلى البرلمان الذى یلزم بمناقشتھ والبت فیھ، وللبرلمان الحریة فى إقراره

فیھ إذا كان الدستور أو رفضھ فإذا أقره یعرض على الشعب الستفتائھیقرر ذلك ،أما إذا رفضھ البرلمان فإنھ یجب عرضھ على الشعب

وتسمح بعض الدساتیر للبرلمان فى أن تتقدم فى ھذه الحالة . الستفتائھ فیھبمشروع قانون مضاد للقانون المعروض لكى یتسنى للشعب الخیار بین

قتراح الشعبى فى ویأخذ اال. القانونین عند عرضھما فى االستفتاء العام .التطبیق إحدى صورتین

أن یأخذ االقتراح المقدم لمشروع القانون شكل قانون كامل :األولى .مقسم ومبوب إلى مواد أو فقرات

أن یقدم الناخبون الفكرة أو المبدأ المراد التشریع فیھ إلى :الثانیةالبرلمان دون صیاغة فى شكل قانون ویطلب من البرلمان أن یضع

یعا فى شأنھا ،ویطلق على ھذه الصورة االقتراح الكامل أو غیر تشرالمبوب ویحقق االقتراح الشعبى مزیدا من اشتراك الشعب ألنھ الذى یأخذ المبادرة فى مرحلة إعداد القوانین ،بخالف الحال فى الحالتین السابقتین

لى التى یتولى فیھما البرلمان إعداد مشروع القانون فحق الشعب قاصر ع



٢١٤

الموافقة أو االعتراض، أما االقتراح الشعبى فھو طریق یجبر الشعب بھ .البرلمان على التشریع فى مسألة معینة

وتجدر اإلشارة إلى أن بعض الدساتیر تشترط عادة لكى یلتزم البرلمان بمناقشة مشروع القانون المقدم من الناخبین أن یكون موقعا علیھ

ن اشتراط أى شكلیة معینة، ومن ثم یستوى من عدد معین من الناخبین دوأن یقدم مشروع القانون مقسما ومبوبا أو مقدما فى صورة اقتراح غیر

. غیر مبوب كامل أووتظھر أھمیة االستفتاء الشعبى بالنسبة لالقتراح الشعبى فى أن البرلمان بعد إقراره للمشروع المقدم إلیھ یقوم بعرضھ على الشعب

.لالستفتاء علیھ :Revocation ou recallإقالة الناخبین لنائبھم : رابعا

لما كانت الدیمقراطیة شبھ المباشرة تأخذ من النظام النیابى وجود مجلس منتخب من الشعب لذا تجیز بعض الدساتیر التى تأخذ بالدیمقراطیة شبھ المباشرة للناخبین الذین اختاروا نائبھم الحق فى إقالتھ

را لخطورة ھذا الحق ولعدم إساءة استخدامھ من من البرلمان، ونظجمھور الناخبین تشترط الدساتیر عادة لصیرورة ھذه اإلقالة صحیحة نسبة معینة كالربع أو الخمس أو العشر مثال من عدد الناخبین حتى یمكن

.إقالة النائبوال یعنى ذلك إبعاد النائب المقال نھائیا ومنعھ من ممارسة الحیاة

یة إذ تجیز الدساتیر لھذا النائب المقال أن یرشح نفسھ مرة ثانیة فى السیاسنفس الدائرة عند إعادة االنتخاب، فإذا أعید انتخابھ مرة ثانیة فى االنتخابات تحمل من اقترحوا عزلھ من الناخبین مصاریف المعركة

وعلى ذلك تشترط مثل ھذه الدساتیر أن یكون . االنتخابیة كجزاء لھمالعزل مصحوبا بإیداع كفالة مالیة معینة تقدم مع طلب إقالة النائب، طلب

األمر الذى دعى إلى القول بأن لیس ثمة عزل أو إقالة فى ھذه الحالة



٢١٥

بالمعنى الصحیح وإنما كل ما فى األمر ھو فتح لباب االنتخاب من جدید .قبل انتھاء مدة النائب مع حقھ فى ترشیح نفسھ

على إقالة نواب البرلمان بل یشمل الموظفین وھذا الحق ال یقتصر والقضاة المنتخبین، وھو منتشر فى الوالیات المتحدة األمریكیة فى

١٩١١دساتیر بعض الوالیات بھا مثل دستور والیة كالیفورنیا سنة .١٩٠٦ وواشنطن ١٩٠٣ولوس انجلوس

la dissolution populaireالحل الشعبى : خامساقتصر دور الناخبین على إقالة نائب فى البرلمان فى ھذه الصورة ال ی

كما فى الصورة السابقة بل تجیز الدساتیر لنسبة معینة من الناخبین حق .حل الھیئة النیابیة بأسرھا، أى أن العزل یشمل جمیع أعضاء البرلمان

وتقید الدساتیر ھذا الحق بأن یكون بناء على طلب عدد معین من بأصواتھم من جمھور الناخبین ،وبعد تحقق العدد الناخبین الذین أدلوا

المطلوب یعرض األمر على االستفتاء الشعبى، فإذا وافق أغلبیة الناخبین أو المصوتین حسب نص الدستور انحل المجلس القائم وتعین إجراء انتخابات برلمانیة جدیدة، أما إذا رفض الشعب طلب الحل اعتبر ذلك

لبرلمان القائم ،وال شك أن الحل الشعب یؤدى حتما بمثابة تجدید الثقة فى اإلى االستفتاء الشعبى ،وقد أخذ بھذه الطریقة فى بعض المقاطعات

.السویسریة وفى معظم الدساتیر األلمانیة قبل توحیدھاویجب التنبیھ إلى أن الحل الشعبى یختلف عن االستفتاء على الحل

وریة للبرلمان ،إذ الشعب ال الذى یسبق الحل الرئاسى من رئیس الجمھیطلب طلب حل البرلمان ،ولكن یستفتى على قرار رئیس الجمھوریة لحل البرلمان، فالذى یقوم بالحل فعال ھو رئیس الجمھوریة ،ولكن یستفتى الشعب قبل صدور قرار الحل ،من ثم أطلق علیھ حال رئاسیا

ن دستور م١٣٦وھذا ما كان معموال بھ فى مصر بمقتضى المادة ٢٦/٣/٢٠٠٧ قبل تعدیلھا في ١٩٧١



٢١٦

:عزل رئیس الجمھوریة: سادساتقرر بعض الدساتیر عزل رئیس الجمھوریة من منصبھ قبل انتھاء

.المدة المقررة لھ لرئاسة الدولة وذلك عند توافر األسباب الموجبة للعزل فى ١٩١٩ومن ھذه الدساتیر دستور فایمر األلمانى الصادر فى

منھ على إمكان عزل رئیس الدولة قبل ٤٣حیث قضت المادة ألمانیا انقضاء مدة الرئاسة بسبع سنوات بناء على اقتراح مقدم من مجلس

بأغلبیة ثلثى أعضائھ، أو طلب عدد معین من " البرلمان"الریخستاج .الناخبین ویجرى استفتاء عام لھذا الغرض وعلیھ یتم العزل

رئیس الجمھوریة فإن ھذا یعتبر بید أن النتیجة إن كانت لصالحبمثابة انتخاب جدید للرئیس وفى الوقت نفسھ یجب حل الریخستاج

. وإجراء انتخابات جدیدة والمعدل فى ١٩٢٠وأخذ بھذه الطریقة كذلك دستور النمسا الصادر

حیث نص فى مادتھ العاشرة الفقرة السادسة على إمكان عزل ١٩٢٩ذا قرر ذلك المجلس الوطنى بحضور رئیس الجمھوریة فى حالة ما إ

نصف األعضاء على األقل وبأغلبیة ثلثى األصوات وجعل عزلھ مرھونا بموافقة الشعب فإن أقر العزل عزل وإال اعتبر ذلك تجدیدا النتخاب

.الرئیس ویجب حل المجلس بعد ذلك الفرع الثانى

تقدیر نظام الدیمقراطیة شبھ المباشرةاشرة نظام لھ مزایاه ولھ عیوبھ على الرغم من الدیمقراطیة شبھ المب

ذیوعھ وانتشاره واعتباره أقرب إلى المثل الدیمقراطى بعد ما أسفر عنھ تطبیق النظام النیابى البحت من عیوب وصعوبة تطبیق الدیمقراطیة المباشرة، ولما كان أى شئ على ظھر المعمورة غیر صنع اهللا لھ مزایاه

ل مزایا الدیمقراطیة شبھ المباشرة أوال ثم نعقبھا وعیوبھ فإننا سوف نتناو .بالعیوب التى وجھت إلیھا



٢١٧

: مزایا الدیمقراطیة شبھ المباشرة-أ إن الدیمقراطیة شبھ المباشرة أكثر اتفاقا مع المبدأ الدیمقراطى من -١

النظام النیابى، ألنھ یسمح للشعب فى أحوال كثیرة بالتدخل والمشاركة فى ن طریق االقتراح أو االستفتاء للمساھمة فى إدارة شئون الحكم بنفسھ ع

الحكم فى الوقت الذى یقتصر دور الشعب فى الدیمقراطیة النیابیة على .اختیار ممثلیھ

إن ": إلى القول١٨٦٤وقد ذھب أحد رجال الساسة الفرنسیین سنة مبدأ سیادة األمة بغیر نظام االستفتاء لیس سوى خدعة ألنھ ال یتحقق

یا إال فى لحظة واحدة كل أربع سنوات أو ست سنوات، اللحظة التى عملوبعد ذلك تظل سیادة ... یضع فیھا الناخب ورقة فى صندوق االنتخاب

األمة فى سبات عمیق حتى یحل االنتخاب التالى ،أما االستفتاء فإنھ یجعل السیادة یقظة دائما كما یجعلھا مسیطرة على أعمال النواب ومقومة

.افھاالنحر إن نظام الدیمقراطیة شبھ المباشرة تضعف من سیطرة األحزاب -٢

السیاسیة إلى حد كبیر على الناخبین ألن رأى الناخب ال یكون متأثرا باألحزاب وإنما نابعا من فكره وضمیره فاالستفتاء الشعبى یجعل األمة

.ترتفع فوق األحزابلمجالس النیابیة إن النظام شبھ المباشر یحول دون استبداد ا-٣

المنتخبة ویحجمھا دون القضاء علیھا بل یحتویھا، فالبرلمان فى ظل النظام النیابى البحت یستقل عن الناخبین طیلة مدة نیابتھ بحیث یمكن أن یستبد بالسلطة ویستأثر بممارسة السیادة ،ویقتصر دور الشعب عند إعادة

شأن إطالق السلطة انتخاب أعضائھ وھذا یؤدى إلى إطالق السلطة ومنأن تؤدى إلى االستبداد بھا أو إساءة استعمالھا واألخذ بالدیمقراطیة شبھ

.المباشرة فیھ مقاومة الستبداد المجالس النیابیة



٢١٨

إن النظام شبھ المباشر یحقق االنسجام بین البرلمان والشعب -٤عكس ویعمل على تفادى الخالف بین األغلبیة البرلمانیة وھیئة الناخبین،

النظام البرلمانى الذى تستأثر األغلبیة البرلمانیة بالسلطة التشریعیة فى الدولة وكثیرا ما تكون ھذه األغلبیة حائزة على األغلبیة بنسبة بسیطة، ومن ثم فإن القوانین الصادرة من البرلمان بھذه األغلبیة البسیطة تؤدى

من كافة أفراد الشعب، إلى التقلیل من احترام الشعب لھا ألنھا غیر مؤیدةأما النظام شبھ المباشر ففى حالة عرض القانون على االستفتاء الشعبى

.یجعلھ معبرا عن رغبات الشعب ویؤدى حتما إلى احترامھ یؤدى ھذا النظام إلى استقرار النظام السیاسى فى الدولة فعن -٥

ت طریق وسیلتى االستفتاء واالعتراض الشعبیین یمكن معرفة اتجاھاالرأى العام بصورة سلیمة، كما یمكن تحقیق رغبات الشعب وتنفیذھا بطریقة سلیمة، فإذا كان التشریع فى النظام البرلمانى یدخل فى وظیفة البرلمان والحكومة فإن ھاتان الوسیلتان نتعرف من خاللھما على الرأى العام إذا ما أرادت إحدى السلطتین أو كالھما إساءة استعمال السلطةالموكلة إلیھا ،وال شك أن ذلك یمنع من وقوع أى ثورة أو انقالب ألن

.الشعب یعبر عما یریده بكل حریة ودیمقراطیة إن ھذا النظام یؤدى إلى تحریر النواب من ضغط الناخبین ألن -٦

النائب فى البرلمان سیصوت وفقا لما یملیھ علیھ ضمیره وما یحقق ا فى نھایة األمر تكون للشعب فال یتقید الصالح العام ألن الكلمة العلی

.النائب بآراء ورغبات ناخبیھ : عیوب الدیمقراطیة شبھ المباشرة-ب

بالرغم من المزایا العدیدة للدیمقراطیة شبھ المباشرة إال أنھ قد تم :توجیھ العدید من االنتقادات إلیھا ویمكن إجمالھا فیما یلى

باشرة تجعل السیادة فى ید قیل إن نظام الدیمقراطیة شبھ الم-١ التى تكون لھا الكلمة األخیرة فى صدور – ھیئة الناخبین –الشعب



٢١٩

القوانین أو عدمھا، وھذه الھیئة غالبیتھا لیسوا على درجة من الثقافة أو .الخبرة التى تؤھلھم للقیام بھذا العمل المنوط بھم لعدم كفاءتھا

appel auسوقة ومن ثم اعتبره البعض صورة من صور تحكم الvulgaire أو العامة ال رأى لھا التى ستراعي عند االستفتاء تحقیق

.المصلحة الخاصة أو اإلقلیمیة على حساب المصلحة العامةبید أن ھذا النقد وإن كانت لھ وجاھتھ من الناحیة النظریة إال أنھ ینطوى على تعمیم ذلك على كافة الشعوب على الرغم من اختالف

ى مدى ثقافتھا وبالتالى مدى تفھمھا للشئون العامة والحكم الشعوب فومن ناحیة أخرى یمكن قصر . الصائب السدید على األمور ھذا من ناحیة

االستفتاء على المسائل العامة التى تتفق وإدراك أغلبیة الشعب دون المسائل التى تنطوى على أمور فنیة معقدة التى تحتاج إلى المتخصصین

.كم علیھالفھمھا والح قیل إن استفتاء الشعب فى المسائل المطروحة علیھ ال یسبقھا -٢

المناقشات الكافیة التى تحدث داخل المجالس النیابیة والتى تفصح عن وجھات النظر المختلفة سواء المؤیدة أم المعارضة وعلى ذلك یكون حكم

.الشعب فى النظام شبھ المباشر حكما سطحیابأنھ إن صح ھذا النقد قدیما فإنھ ال یصح اآلن فى ولكن یرد على ذلك

العصر الحدیث خصوصا بعد انتشار وسائل اإلعالم اآلن من صحافة وإذاعة وتلیفزیون التى تقوم بطرح موضوع االستفتاء بالتفصیل المناسب الذى یمكن من اطالع الناخبین على وجھات النظر المختلفة فى

طیع الشعب أن یحدد موقفھ الموضوع المعروض علیھم بحیث یست .بوضوح قبل إبداء الرأى فیھ

ھذا وتجدر اإلشارة إلى أنھ قد ثبت أن االستفتاء الشعبى یسمح بخروج الفئات المثقفة كأساتذة الجامعات، واألطباء، والمھندسین، وغیرھم لیساھموا بآرائھم عند عرض الموضوع على الشعب ألخذ رأیھ



٢٢٠

من عزلتھم لقیادة الرأى العام إلحجامھم ،وھم فى ھذه الحالة یخرجون عن الخوض فى المشاركة فى العمل السیاسى وترشیح أنفسھم فى االنتخابات البرلمانیة حفاظا على كرامتھم وعدم درایتھم بأسالیب

.االنتخابات واالتصال بالناخبینولیس أدل على ذلك من أن الحملة التى قامت فى سویسرا ضد

ى انتھت بتحریمھ كانت من خارج البرلمان وكانت مشروب االبسنت والت .بقیادة جمعیة منع المسكرات

قیل إن نظام االستفتاء یؤدى إلى إرھاق میزانیة الدولة لما یتكلفھ -٣إجراء االستفتاءات المتعددة من مصاریف باھظة، كما أن كثرة دعوة

یدفع إلى الناخبین إلبداء رأیھم فى المسائل المعروضة یؤدى إلى الملل و .التراخى فى إبداء الرأى لما یسببھ ذلك من تعطیل مصالحھم الخاصة

لكن یرد على ذلك بأن الثابت عمال أثبت عكس ذلك إذ ثبت أن كثرة عدد االستفتاءات أدى إلى زیادة اھتمام الناخبین ،كما أن التجربة فى بعض البالد أثبتت أن الشعب یدرك تماما أن كل مصروف جدید فى

لمیزانیة یقع عبؤه علیھ وحده ،ولذا كثیرا ما یرفض الموافقة على االقوانین التى تستتبع زیادة النفقات العامة كما أنھ على فرض صحة ھذا العیب فإنھ یمكن تالفیھ بجعل االستفتاء اختیاریا ال إجباریا ،وقصره على

لملل المسائل التى تھم الشعب وتتصل بالمصالح العامة ،وبذلك نتجنب ا .وكثرة النفقات

قیل إن النظام شبھ المباشر یقلل من ھیبة المجالس النیابیة فى -٤نظر الشعب ألن ھذه المجالس ال تقوم بدراسة القوانین دراسة كافیة

.ومتأنیة ألنھا لم تعد صاحبة الكلمة األخیرة ألنھا متروكة للشعبالبرلمان ومع التسلیم بأن نظام االستفتاء الشعبى یحد من سلطة

ونفوذه إال أن ذلك تحقیقا للمبدأ الدیمقراطى الذى یجعل السیادة لالمة



٢٢١

حقیقة ال اسما ھذا باإلضافة إلى أنھ یعمل على إیجاد التوفیق بین إرادة .المجالس وإرادة الناخبین، وھذا ھو الغرض األساسى المطلوب

حكم قیل إن ھذا النظام یؤدى إلى أن اشتراك الشعب فى شئون ال-٥أمر صورى ألن الشعب یخضع لنفوذ الحكام أو رجال الدین أو

.الرأسمالیینوالواقع أن نظام الدیمقراطیة شبھ المباشرة یتوقف نجاحھ على مجموعة من الضمانات التى یراھا الفقھ لكى یكون أقرب إلى الدیمقراطیة الحقة، وذلك إذا توافر الوعى الشعبى الالزم إلبداء الرأى فى

ائل الھامة وھذا یتطلب مستوى رفیع من الثقافة والمدنیة حتى المسیستطیع الشعب المساھمة الجادة فى شئون الحكم ،لذا قیل بحق أن ھذا النظام ال یؤدى ثماره إال فى الدول القلیلة العدد من السكان والتى قضت على األمیة وبلغت شوطا بعیدا فى الحضارة والمدنیة ،كما فى بعض

.عات السویسریة والوالیات المتحدة األمریكیةالمقاطومن ناحیة أخرى تجب مراعاة ظروف كل دولة على حده ،وال یصح الحكم علیھ من الناحیة النظریة ،وإنما العبرة فى التطبیق العملى فإجراء االستفتاء فى ظروف عادیة ھادئة یختلف عن إجراؤه فى أوقات

.وھكذا... لحركات الثوریةاألزمات كاالنقالبات العسكریة أو اكما یتوقف نجاح ھذا النظام وخاصة االستفتاء الشعبى منھ إذا ما تم فى موضوع واحد واتسم بالبساطة والتحدید مع قصره على المسائل العامة الكبیرة التى تھم الشعب فى مجموعھ ألنھا تمس حیاتھ ومستقبلھ

.یھ بشأنھاوالتى یسھل علیھ فھمھا وإدراكھا والتعبیر عن رأوعلى الرغم من أن االستفتاء الشعبى یعنى الرجوع إلى الشعب فى موضوع معین للوقوف على رأیھ فیھ ،فإن الفقھ یرى أن ھناك موضوعات تخرج من نطاق االستفتاء بحیث ال یجوز طرحھا فیھ إما ألن المشرع الدستورى ینص على ذلك أو ألن طبیعتھا تأبى ذلك ، ومما



٢٢٢

فى ھذا الشأن الموضوعات المتعلقة بالمعتقدات الدینیة قرره الفقھ والمسائل التى تستلزم تشریعا على وجھ السرعة والمسائل الداخلة فى اختصاص الھیئات القضائیة والمسائل ذات الصبغة الفقھیة أو الفنیة البحتة واألمور المتعلقة بتدابیر المحافظة على األمن والنظام، وكذا

.لقة بمسائل المیزانیةالموضوعات المتع



٢٢٣

الفصل الثالث أنواع الحكومات النیابیة

سبق أن ذكرنا آنفا أن النظام الدیمقراطى یأخذ عدة صور مختلفة من دیمقراطیة مباشرة وأخرى غیر مباشرة ودیمقراطیة نیابیة، لكن ھذا ال یكفى لمعرفة كیان الحكومة الدیمقراطیة ألن معرفة ھذا الكیان تتوقف

تنظیم العالقة بین السلطات داخل الدولة حیث تحتاج ھذه السلطات على التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة إلى تنظیم ،ولھذا برز مبدأ ھام یعتبر قطب الرحى فى تنظیم ھذه العالقة ھو مبدأ الفصل بین السلطات ،وكان

ع تأثیر ھذا المبدأ واضحا فى الدیمقراطیة النیابیة حیث تنوعت إلى أنواثالثة جاء تنظیم العالقة بین السلطات العامة فى الدولة وخاصة السلطتین

.التشریعیة والتنفیذیةفإذا دمجت السلطتین التشریعیة والتنفیذیة فى مجلس نیابى واحد أطلق على نظام الحكم فى ھذه الحالة نظام حكومة الجمعیة، وفى حالة

م النظام الرئاسى، وفى فصلھما إلى أبعد حد ممكن أطلق على النظام اسحالة االعتدال بینھما واألخذ بمذھب وسط بحیث یكون الفصل فصال مرنا یقیم عالقة توازن وتعاون بین السلطتین أطلق على ھذا النظام اسم

.النظام البرلمانىإذا یتفرع على النظام النیابى أنواع ثالثة من أنواع الحكومات

الثالثة فى ثالثة مباحث متتالیة على أن ،وسوف نقوم بدراسة ھذه األنواع نسبقھا بمبحث ھام ھو المحور الذى أدى إلى ھذا التنوع وھو مبدأ الفصل بین السلطات وذلك فى دراسة موجزة وبالتالى یتضح لنا أن ھذا الفصل

:ینقسم إلى أربعة مباحث متتالیة على النحو التالى مبدأ الفصل بین السلطات: المبحث األول

النظام البرلمانى: حث الثانىالمب النظام الرئاسى : المبحث الثالث نظام حكومة الجمعیة النیابیة : المبحث الرابع



٢٢٤

المبحث األول مبدأ الفصل بین السلطات

:جون لوك ومبدأ الفصل بین السلطاتیعتبر مبدأ الفصل بین السلطات من المبادئ األساسیة التى ترتكز

" مونتسكیو"ویرتبط ھذا المبدأ بالفقیھ الفرنسى علیھا الدولة القانونیة، الذى كان لھ الفضل الكبیر فى إبرازه، إال أنھ قد سبقھ فى الحدیث عن ھذا

الذى یعتبر أول من أبرز أھمیة ھذا المبدأ فى " جون لوك"المبدأ بعنوان الحكومة ١٦٩٠الحكومات النیابیة ،وذلك فى مؤلفھ الصادر عام

ویقسم لوك سلطات ١٦٨٨ التى حدثت فى إنجلترا سنة المدنیة بعد الثورةالدولة إلى ثالث سلطات ھى السلطة التشریعیة والسلطة التنفیذیة والسلطة االتحادیة ،وتختص األخیرة بإعالن الحرب والسلم وعقد المعاھدات، وأكد لوك على ضرورة الفصل بین السلطتین التشریعیة

ھیئة مستقلة عن األخرى، وبرر ذلك والتنفیذیة ،بحیث تتولى كل منھما بأن وجود السلطة التنفیذیة یتطلب وجودھا بصفة دائمة حتى یمكن تنفیذ القوانین بصفة منتظمة ومستمرة، ولذا یتطلب األمر وجود سلطة دائبة العمل تسھر على تنفیذ ھذه القوانین، أما السلطة التشریعیة فلیست الحاجة

القوانین یمكن وضعھا فى وقت قصیر إلى وجودھا بصفة دائمة، ألن أما . وبالتالى ال یلزم توافر دائمیة العمل واالستمرار للسلطة التشریعیة

السلطة القضائیة فلم یعتبرھا لوك سلطة قائمة بذاتھا بل اعتبرھا جزءا من السلطة التشریعیة ،ویرجع تأثره فى ذلك بما كان علیھ الحال فى

.النظام اإلنجلیزى سابقایرى أن جمع السلطتین التشریعیة والتنفیذیة فى ید ھیئة " لوك"ان وك

واحدة یؤدى إلى االستبداد والتسلط، لذا فمن األفضل الفصل بینھما، وقد جاء فكر لوك عن السلطة التنفیذیة مطابقا للحالة إلى كانت فى إنجلترا فى



٢٢٥

ن كانت ذاك الوقت ألن ھذه السلطة كانت ممیزة ومستقلة عن البرلمان وإ .تعمل معھ فى الوقت نفسھ

فى ھذا الصدد إال أن ھذا المبدأ " مونتسكیو"قد سبق " لوك"وإذا كان لم یكتب لھ الذیوع ولم یحظى بتلك األھمیة ولم یتضح مضمونھ وتتبلور

" روح القوانین"لھ فى كتابھ " مونتسكیو"معالمھ وحدوده إال بعد نشر أوجد من " اسمان" على حد تعبیر حیث أنشأ خلقا جدیدا أو١٧٤٨سنة

.النطفة مخلوقا كامل النمو تام التكوین :مونتسكیو ومبدأ الفصل بین السلطات

بتقسیم سلطات الدولة إلى ثالث ھى السلطة " مونتسكیو"قام التشریعیة التى تتولى سن القوانین ،والسلطة التنفیذیة التى تنفذ األمور

وھى السلطة المنفذة للقانون العام التى تتوقف علیھا حقوق اإلنسان وتختص بإعالن الحرب والسلم وبعث واستقبال السفراء والسھر على

والسلطة الثالثة ھى المنفذة لمسائل القانون . األمن فى الداخل والخارجالخاص ویقصد بھا السلطة القضائیة التى تختص بالفصل فى منازعات

كم وھى تضع القوانین لوقت ما أو األفراد، والسلطة األولى یقوم بھا الحا .على سبیل الدوام مع حقھا فى تعدیلھا أو إلغاءھا

لوجود ثالث سلطات فى الدولة رأى " مونتسكیو"وبعد إقرار ضرورة فصلھا عن بعضھا وتوزیعھا على ھیئات مستقلة عن بعضھا ألنھا لو تركزت ألدى ذلك إلى االستبداد وانھیار الحریة وأن الفصل ھو

.ریقة الوحیدة التى تضمن احترام القوانین وتطبیقھا تطبیقا صحیحاالطوھذا ھو االعتبار األول من االعتبارات الثالث التى قالھا

لضرورة توزیع السلطة على ھیئات مختلفة ،وفى ذلك یقول " مونتسكیو"إذا كانت السلطة التشریعیة والسلطة التنفیذیة فى ید شخص "مونتسكیو ة واحدة انعدمت الحریة إذ یخشى أن یسن ذلك الشخص أو واحد أو ھیئ

تلك الھیئة قوانین جائرة لتنفیذھا بطریق ظالم ،كما تنعدم الحریة إذا لم



٢٢٦

تكن سلطة القضاء منفصلة عن سلطة التشریع وسلطة التنفیذ ألنھا إذا كانت مع السلطة التشریعیة فإن حریة أبناء الوطن وحیاتھم تصبحان

ا دام أن القاضى ھو المشرع وإذا كانت مشتركة مع عرضة للفوضى م ".السلطة التنفیذیة فإن القاضى یغدو طاغیا

أما عن االعتبار الثانى فیقوم على جنوح الطبیعة البشریة لالستبداد .إذا ما اجتمعت أكثر من سلطة فى ید واحدة

إن الحریة "ذلك لدرجة جعلتھ یقول عن ذلك " مونتسكیو"وقد صور یة ال یمكن ضمانھا إال فى الحكومات المعتدلة على أنھا ال توجد السیاس

دائما فى تلك الحكومات أنھا ال تتحقق إال عند عدم إساءة استعمال الحق لقد أثبتت التجارب األبدیة أن كل إنسان یتمتع بسلطة یسئ فعال استعمالھا

ھا فى إذ یتمادى فى استعمالھا حتى یجد حدودا توقفھ، إن الفضیلة نفسحاجة إلى حدود وللوصول إلى عدم إساءة السلطة یجب أن یكون النظام

.قائما على أساس أن السلطة تحد السلطة ویقوم االعتبار الثالث على أساس االعتقاد غیر الصحیح لدیھ من أن النظام اإلنجلیزى فى ذاك الوقت كان قائما على أساس فصل السلطات إال

التشریعیة فى إنجلترا لم تكن منفصلة عن أن الفقھ یقرر أن السلطةالسلطة التنفیذیة للملك الذى ھو رئیس السلطة التنفیذیة كان یعتبر فى نفس الوقت جزءا من السلطة التشریعیة باإلضافة إلى أن السلطة القضائیة لم تكن مستقلة حیث كان مجلس اللوردات یمارس بعض

.االختصاصات القضائیةدستور الوالیات المتحدة األمریكیة " مونتسكیو"وقد تأثر بأفكار

، كما اعتنق المبدأ نفسھ الثوار الفرنسیین وسجلوه ١٧٨٧الموضوع سنة حیث نصت ١٧٨٩فى إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الصادر فى

كل جماعة سیاسیة ال تضمن حقوق "المادة السادسة عشر منھ على أن



٢٢٧

كما طبق المبدأ فى دستور " ور لھااألفراد وال تفصل بین السلطات ال دست . دستور الجمھوریة الثالثة١٧٩١

:روسو ومبدأ فصل السلطاتبضرورة الفصل بین السلطات خاصة السلطة " روسو"نادى

التشریعیة والتنفیذیة وعلة الفصل عنده ترجع إلى أن السیادة تتركز فى إال عن السلطة التشریعیة حیث یعتبرھا حقا خالصا للشعب ال تمارس

طریقھ، أما السلطة التنفیذیة عنده فلیست سلطة مستقلة بل ھى مندوبة وخادمة للشعب فھى مجرد وسیط بین األفراد والسلطة التشریعیة فھى لیست من خصائص السیادة لدیھ، وللشعب حق رقابة وإقالة السلطة التنفیذیة ،كما أن سلطتھا تتالشى بمجرد اجتماع الشعب فى جمعیتھ

ومیة، وبناء على ذلك یعتبر فصل السلطة التشریعیة عن التنفیذیة العم .عنده أمر طبیعى

أما السلطة القضائیة لدیھ فیرى وضع القضاء فى ید ھیئة مستقلة مثل التنفیذیة مع خضوع القضاة كغیرھم من موظفى السلطة التنفیذیة لنفس

من أحكامھ إلى القوانین الصادرة من السلطة التشریعیة مع إمكان التظلم صاحب السیادة وھو الشعب، ولألخیر الحق فى العفو عن المحكوم علیھم مع أنھ عمل فردى، ویتضح من ذلك أن روسو یرى أن السلطة القضائیة جزء من السلطة التنفیذیة وال یفرق إال بین السلطة التشریعیة والتنفیذیة

لطات الختالف طبیعة كل منھما، كما یرفض روسو فكرة وجود س .متساویة ومستقلة على النحو الذى یراه مونتسكیو

:مزایا مبدأ فصل السلطات یؤدى األخذ بمبدأ فصل السلطات إلى صیانة الحریة ومنع -١

االستبداد ذلك ألن توزیع السلطات على ھیئات ثالث یؤدى إلى عدم تركیزھا فى ید ھیئة واحدة أو ید حاكم یمارسھا بإرادتھ المنفردة فصیانةالحریة ومنع االستبداد یتطلب توزیع السلطات على ھیئات مستقلة لكى



٢٢٨

تحد كل سلطة السلطة األخرى فى حالة إساءة استعمال السلطة أو التعسف فى استعمالھا وتركیز السلطة یؤدى إلى االستبداد بھا بینما توزیعھا یؤدى إلى حسن استعمالھا ألن كل سلطة ستراقب أعمال السلطة

األمر الذى یؤدى فى النھایة إلى احترام كل سلطة لألخرى األخرى، ،ویترتب على ذلك بالتالى احترام حقوق اإلنسان وعدم االعتداء علیھا

.من أى سلطةوكان ھذا المبدأ ھو الدافع لرجال الثورة الفرنسیة للتخلص من

.استبداد الحكام واستبدادھم لجمعھم كل السلطات فى أیدیھمأ فى تحقیق الدولة القانونیة وذلك ألن المبدأ یمنع یساھم المبد-٢

الجمع بین السلطتین التنفیذیة والتشریعیة فى ید ھیئة واحدة ألن اجتماعھما یؤدى إلى زوال صفة القاعدة العامة المجردة عن القانون وذلك إذا أصبح المشرع ھو المنفذ أو یملك تعدیلھ أو إلغاءه أو وضع

لى الحاالت الفردیة المعروضة علیھ ،فیخضع غیره فى لحظة تنفیذه عالقانون ألھواء ومیول تلك الھیئة األمر الذى یؤدى إلى أن ینقلب القانون إلى قانون جائر ومنحاز فى تكوینھ وتنفیذه ویتحول إلى أداة لتنفیذ األغراض والمآرب وبھذا تتجرد القاعدة القانونیة من صفتى العمومیة

وتتحقق فى عن الدولة صفة كونھا دولة قانونیة والتجرید ،ومع ذلك تنتنفس النتیجة عند اجتماع السلطتین التشریعیة والقضائیة عالوة على انتفاء رقابة القاضى على عدالة ومشروعیة التنفیذ ألنھ ھو القاضى

.والمنفذ فى وقت واحدوعلى ذلك یحقق الفصل احترام القانون وحسن تطبیقھ تطبیقا صحیحا

.شرعیة الدولةویكفل یؤدى تقسیم السلطات على ھیئات إلى فوائد جمة حیث ستتقن كل -٣

سلطة عملھا وتؤدیھ على خیر وجھ، وھنا نجنى الفوائد التى ستعود من .تطبیق مبدأ تقسیم العمل والتخصص فیھ فى كافة المجاالت



٢٢٩

:عیوب مبدأ فصل السلطاتانب الفقھ على الرغم وجھ إلى مبدأ فصل السلطات انتقادات كثیرة من ج

:من المزایا التى تم ذكرھا ویمكن إجمال ھذه العیوب فیما یأتىمن المتعذر أن تباشر ھیئات مستقلة عن بعضھا البعض خصائص -١

السیادة ألن ھذه الخصائص مثل أعضاء جسم اإلنسان متصلة اتصاال طبیعیا بحیث یكون من المتعذر أن یؤدى أى عضو وظیفتھ مستقال عن

ه، كما أن سیر اآللة یقتضى محركا واحدا كذلك یقتضى سیر غیرالحكومة قیادة واحدة ومسئولیة مركزه، وتوزیع السلطة على ھیئات مستقلة یؤدى إلى تعذر ذلك خاصة فى أوقات األزمات فضال عن

.األوقات العادیةیرى المنتقدین لمبدأ فصل السلطات أنھ ارتبط بظروف تاریخیة معینة -٢

تھت ھذه الظروف حیث كان القصد منھ انتزاع السلطة ومحاربة وقد انالسلطان المطلق للملوك فى القرن الثامن عشر والقضاء على الملكیات المستبدة وقد تحقق ذلك وزال ھذا الزمن ووفى المبدأ غایتھ ولم تعد ھناك

.حاجة لألخذ بھ فى الوقت الحاضر وبذا تكون فائدتھ قد انعدمتھیئات التى توزع علیھا السلطات نتیجة لألخذ بھذا المبدأ یؤدى تعدد ال -٣

إلى إضعاف سلطة كل منھا فى مباشرة الوظیفة المسندة إلیھا، وھذا یؤدى إلى القضاء على فكرة المسئولیة ویشجع كل ھیئة على الھروب وإلقاءھا المسئولیة على غیرھا ویصبح من الصعب معرفة المسئول، ھذا

.ؤدى إلى ھدم وحدة الدولةباإلضافة إلى أنھ یالقول بھذا المبدأ أمر وھمى وصعب تحققھ عملیا إذ ال تلبث إحدى -٤

السلطات أن تسیطر على بقیة السلطات وتسیرھا كما تشاء رغم الفواصل التى یضعھا دستور الدولة، األمر الذى یؤدى إلى القضاء على

.الھدف من المبدأ



٢٣٠

:المدلول الحقیقى لمبدأ فصل السلطاتإن ھذه االنتقادات یمكن التسلیم بھا لو كان المقصود من مبدأ الفصل بین السلطات ھو الفصل التام والمطلق بین السلطات ،وإنما یذھب معظم الفقھ إلى أن ھذا غیر سلیم حیث الفھم الصحیح للمبدأ الذى قصده

ذ مونتسكیو ھو الفصل بین السلطات مع قیام التعاون والرقابة بینھا لتنفی .وظائفھا على الوجھ األكمل

فكل سلطة من السلطات إنما تمارس خصائص السیادة بصفة مستقلة ومتساویة مع غیرھا من السلطات وال یجوز ألى سلطة االستئثار بعمل أى سلطة أخرى، مع إعطاء الحق لكل سلطة الحق فى رقابة غیرھا فى

الدستور والقانون حدود اختصاصاتھا واستخدام األدوات التى أعطاھا لھا .بطریقة سلمیة للمحافظة على الحریات العامة

ویعتبر مبدأ فصل السلطات طبقا لھذا المفھوم الصحیح لھ أفضل الضمانات لحمایة حقوق وحریات األفراد كما یعد عمادا للدیمقراطیة بحیث یترتب على زوالھ انھدام الدیمقراطیة ؛لذا قیل أنھ ال دیمقراطیة

.فصل السلطاتبدون مبدأ



٢٣١

المبحث الثانى النظام البرلمانى

لما كان الفصل المطلق بین السلطات من األمور الوھمیة التى یتعذر تحقیقھا فإن النظم الدستوریة لم تأخذ بھ وإنما سادھا فصل نسبى أو مرن وتباینت ھذه األنظمة وكان منھا النظام البرلمانى الذى یقوم على أساس

بینھا خاصة السلطتین l’egaliteسلطات مع المساواة االستقالل بین الالتشریعیة والتنفیذیة فالنظام البرلمانى یقوم على أساس التوازن

l’equilibre والتعاون والرقابة بین السلطة التشریعیة والسلطة .التنفیذیة

وھذا النظام ال یدمج السلطات فى بعضھا كما ھو الحال فى نظام نھ ال یفصل بینھا بطریقة تكاد تشبھ الفصل المطلق حكومة الجمعیة كما أ

كما ھو الحال فى النظام الرئاسى، ولكنھ قائم على التعاون والرقابة بین السلطات وبذلك یكون ھذا النظام ھو الصورة الصحیحة والنموذج المعبر عن فصل السلطات بمفھومھ الصحیح، وھو نظام یمكن تطبیقھ فى الدول

.یة على حد سواءالملكیة والجمھورولم یظھر ھذا النظام بین یوم ولیلة بل جاء نتیجة صراع طویل بین الحكام والشعوب خاصة فى إنجلترا حیث ولد بھا ونما وتطور ألسباب تاریخیة ھناك وانتقل منھا إلى معظم دول أوربا الغربیة وكثیر من دول

إلى أخرى العالم وإن تحور فى تطبیقھ وصبغھ بصبغة مختلفة من دولة إال أن جوھر النظام واحد وأصولھ واحدة مسلم بھ عند جمیع الدول التى

.أخذتھلذا من األفضل أن نعرض لدراسة نشأة ھذا النظام فى مھده األول

ثم نعرج بالحدیث بعد ذلك عن أركان ھذا النظام أو األسس " إنجلترا" :التى یقوم علیھا وذلك على النحو التالى



٢٣٢

المطلب األول نشأة النظام البرلمانى

تعتبر إنجلترا مھد النظام البرلمانى حیث نشأ فیھا ھذا النظام وتطور بعد كفاح طویل بین الملوك والشعب ثم انتقل منھا إلى سائر دول العالم التى

.أخذت بھوتطور ھذا النظام مرتبط بتطور تاریخ نظام الوزارة فى إنجلترا

روف سیاسیة خاصة بھا حیث كان نظام وجاء ذلك نتیجة ثمرة أحداث وظالحكم ملكیا یجمع فیھ الملك مھام األمور ویدیرھا مباشرة بنفسھ وكانت إرادتھ ھى المرجع النھائى فى كل أمر یتعلق بشئون الدولة وكانت شخصیة الملك تختلط بشخصیة الدولة ،ومن ثم كانت السلطة حقا

ت وظیفة الدولة تقتصر فقط شخصیا لھ بما یتفق وما تملیھ إرادتھ، وكانعلى الدفاع عن الدولة ضد الغزو الخارجى وتحقیق األمن الداخلى وإقامة العدل بین األفراد، وفى ظل ھذه الظروف فإن األمر الطبیعى یعنى إھدار حقوق األفراد وحریاتھم واالستبداد بالسلطة والتعسف فى استعمالھا دون

.حساب أو رقیبیام الصراع بین الملوك من ناحیة والشعب من وكان نتیجة ذلك ھو ق

١٠٦٦ناحیة أخرى وبدأ الصراع منذ أن غزا ولیم الفاتح إنجلترا فى عام حیث أدخل علیھا مبدأ عظیم األھمیة وھو الوالء المباشر من جمیع األشراف للتاج الحاكم بدال من الوالء القدیم ألمراء اإلقطاع واحتفظ

اف واألساقفة وكان یعاون الملك مجلس یتكون لنفسھ بذلك وبحقوق األشرمن عدد من رجال الكنیسة وكبار طبقة األعیان ورجال التاج وقد أطلق

إال أنھ لم یكن لھذا المجلس سلطة " المجلس الكبیر"على ھذا المجلس .فعلیة

وشیئا فشیئا أصبح للمجلس رأى استشارى فى مسائل التشریع عامة قوانین ھامة جدیدة وجب علیھ أن یعرضھا أوال فإذا أراد الملك إصدار



٢٣٣

على المجلس، كذلك امتدت اختصاصاتھ القضائیة فى المسائل الھامة .وأصبح قضاة المحاكم العلیا فى البالد مندوبین عنھ

بدأ یشتد ساعد المجلس ) ١١٨٩ – ١١٥٤(وفى عھد ھنرى الثانى ن دون اعتبار إال أن ھنرى لقوة شخصیتھ كان یأخذ كثیرا من القوانی

.لرأى المجلس الكبیرحاول أن یحصل ) ١٢١٦ – ١١٩٩(وعندما تولى الحكم الملك جان

على ضرائب أكثر فوقف االسقافة نیابة عن رجال الدین فى مواجھتھ، وعندما أساء معاملتھ مع األشراف دخل فى نزاع كبیر مع الكنیسة حتى

لعنة على إنجلترا الInn ocentوصل األمر إلى أن صب البابا وعزلھ، وفى ذات الوقت جھز الملك جان جیشا لغزو فرنسا فرفض البارونات مساعدتھ وھزم بالفعل وثار علیھ األشراف ورجال الكنیسة

الذى ١٢١٥ عام Magna Chartaفاضطر أن یمنحھم العھد األعظم .یعتبر أول دستور مكتوب فى إنجلترا

لك والبارونات والكنیسة والشعب واعتبر ھذا العھد مقدسا بین الم مادة ٦٣الحترام كل منھم حقوق اآلخر وكان ھذا العھد یشتمل على

تحتوى على كثیر من األحكام التى تصون حقوق الكنیسة واألشراف فى مواجھة سلطات الملك، وعلى كثیر من الضمانات الخاصة بفرض

.ریاتالضرائب، عالوة على كفالة حریة القضاء والكثیر من الحوفى القرن الثالث عشر بدأ المجلس الكبیر یستقر وبدأ فى االجتماع بصفة دوریة فى كثیر من األحوال وقد أطلق علیھ أسماء أخرى منھا محكمة ومنھا البرلمان وھو االسم الذى جرى العرف على استعمالھ فیما

.بعدا وفى النصف األول من القرن الثالث عشر بدأ البرلمان یجتمع سنوی

– ١٣٢٧(وإدوارد الثالث ) ١٣٠٧ – ١٢٧٢(فى عھد إدوارد األول .وأصبح للبرلمان عدة اختصاصات قضائیة وتشریعیة ومالیة) ١٣٧٧



٢٣٤

وبدأ یتطور اختصاص البرلمان خالل القرن الثالث عشر والرابع عشر، وبعد أن كان المجلس الكبیر یتكون من األشراف ورجال الدین

) ١٢٧٢ – ١٢١٦( الملك ھنرى الثالث أن دعا١٢٥٤حدث فى عام لالشتراك فى حضور جلسات countyفارسین عن كل مقاطعة

البرلمان مع كبار رجال الدین واألشراف وقد تكررت ھذه الدعوى سنتى وأضیف إلى الفارسین نائبان عن كل مدینة أو بندر ھام١٢٦٤، ١٢٦١

ى یعتبره بعض والذ) سیمون منفورت(وذلك بناء على اقتراح مقدم من .أنھ المنشئ الحقیقى للبرلمان اإلنجلیزى الفقھ

انقسم البرلمان إلى قسمین داخل المجلس الواحد ١٣١٤وفى عام فأخذ األشراف واألساقفة الذین ھم أعضاء فى المجلس الكبیر مجلسا خاصا بھم أطلق علیھ مجلس اللوردات وأخذ المنفصلین عن المجلس

ھم أطلق علیھ مجلس العموم وأصبح لكل مجلس الكبیر مجلسا خاصا ب ینتخبون لھم رئیسا من بینھم، ١٣٧٧مكان خاص بھ وابتدأوا من عام

وتقرر أن یكون المجلسان متساویان فى االختصاص وأن تصدر القرارات بأغلبیة كل منھما إال أنھ حتى ذلك الوقت لم یكن لللوردات وال

السلطة التشریعیة كانت بید الملك للنواب حق اقتراح القوانین وذلك ألن .وحده

وحدث تطور كبیر ساعد النواب على الحصول على السلطة التشریعیة فى البرلمان عن طریق حق إقرار الضرائب وحق تقدیم

.العرائض) ١٤٦١ – ١٤٢٢(وفى القرن الخامس عشر فى عھد ھنرى السادس

یعیة المطلقة التى تطور البرلمان اإلنجلیزى إلى أن وصلت السلطة التشركان یمارسھا الملك إلى انحصارھا فى حقین ھما اقتراح القوانین وحق االعتراض، عندما یكون البرلمان ھو صاحب االقتراح ورغم ذلك ظل



٢٣٥

الملك فى إنجلترا محتفظا بامتیازات كثیرة كان لھا أثر كبیر على سلطان .البرلمان

إلى مصادمات شدیدة استمرت ھذه الحقوق للملوك مما جعلھا تؤدى .بین الملوك والبرلمان وذلك ألن فیھا اعتداء على مركز البرلمان

تمركزت السلطة فى ید ) ١٦٠٣ – ١٤٨٥(وفى عھد أسرة التیودور التاح وضعفت طبقة األرستقراطیة والكنیسة عما كانت علیھ وظھرت

طبقة جدیدة ھى الطبقة الوسطى التى عملت على تقویة نفسھا بشرائھاالكثیر من األراضى حتى أصبحت لھا مكانة عند ملوك التیودور حتى وصل أفراد ھذه الطبقة إلى مجلس اللوردات ومجلس العموم إال أن ملوك أسرة التیودور زادت نفوذھم إلى درجة وصلت إلى انتزاع امتیازات

.البرلمان فى ذاك الوقتاح حتى وكانت ھناك عوامل كثیرة ساعدت على ازدیاد نفوذ الت

أصبح البرلمان طیعا فى ید أسرة التیودور التى كان لملوكھا رغبة فى .االستبداد

بدأ النزاع بین الملك ) ١٦٨٨ – ١٦٠٣(وفى عھد أسرة ستیوارت والبرلمان ووجدت عوامل جعلت حدة النزاع تشتعل بینھما منھا تمسك

م مما ملوك ھذه األسرة بنظریة الحق اإللھى وجعلوھا أساسا لسلطانھھذا باإلضافة إلى زیادة نفوذ . جعلھم فى تصادم مستمر مع البرلمان

إزاء ) ١٦٤٩ – ١٦٢٥(الطبقة المتوسطة وفشل سیاسة شارل األول فرنسا وأسبانیا، وعندما طلب شارل األول من البرلمان الموافقة على المال المطلوب للحرب ضد أسبانیا رفض البرلمان الموافقة واشترط

.١٦٢٨ملك على عریضة الحقوق فوافق الملك فى توقیع الوعندما أراد شارل األول فرض رسوم جمركیة جدیدة ورفضھا البرلمان لجأ الملك إلى فض البرلمان واستمر یحكم بمفرده أحد عشر

" لود"واألسقف " بكنجھام"و" مسترافورد"عاما بمعاونة وزیریھ



٢٣٦

األول على حقوق وعندما اعتدى شارل " ھنریت"وزوجتھ الفرنسیة وانتھى األمر ١٦٤٨األفراد وحریاتھم اندلعت الحرب األھلیة فى

الرتكابھ جریمة الخیانة العظمى لحقوق ١٦٤٩بمحاكمة الملك فى ینایر الشعب وحریاتھ إذ اعتبروا تجنیده الجیوش لمقاتلة البرلمان والشعب

.خیانة وعین البرلمان محكمة علیا وحكمت بإعدامھ وأعدمد إعدام شارل األول تولى الحكم كرومویل الذى عمل على تغییر وبع

وألغى كرومویل ١٦٤٩نظام الحكم من ملكى إلى جمھورى فى فبرایر ولم " البرلمان المعین"مجلس اللوردات وعین برلمانا جدیدا أطلق علیھ

یستمر المجلس طویال ونشب نزاع بین المجلس وكرومویل وساءت حلھ وعمل مجلسا جدیدا وحلھ أیضا وھكذا، األحوال فاضطر إلى

١٦٥٨ سبتمبر ٣واستمر حكمھ ینزع نحو االستبداد إلى أن مات فى الحكم وغضب الشعب وھاج وانتشرت الرغبة بین richardوتولى ابنھ

أفراده لعودة أسرة ستیوارت والعمل بالنظام الملكى بدال من النظام .الجمھورى

إال ) ١٦٨٥ – ١٦٦٠(ارل الثانى الحكم وتحقق ذلك عندما تولى شأن العالقة ساءت بین الملك الجدید والبرلمان أیضا بسبب سیاسة الملك

وأقام حكمھ ) ١٦٨٨ – ١٦٨٥(الخارجیة والداخلیة، وخلفھ جیمس الثانى متمسكا بنظریة الحق اإللھى وكان كاثولیكیا فأصدر قانون التسامح الدینى

خط فى صفوف البروتستانت وعلى أثرھا فر الذى آثار عاصفة من السإلى فرنسا بعد علمھ بتدبیر مؤامرة لتولیة ولیم أورانج األمیر الحاكم

.لھولندا الذى كان زوجا لمارى الثانیة ابنة جیمس الثانى ١٦٨٨ فبرایر ١٣وقامت الثورة ضد نظام الحكم االستبدادى فى

لسلطان الشخصى للحد من ا Bill of rightsوجاء قانون الحقوق للملوك وتقییده على وجھ یضمن خضوعھ للبرلمان وبالفعل أقره مجلس البرلمان وأقره الملك الجدید وبذلك أصبح للبرلمان اإلنجلیزى السلطة



٢٣٧

التشریعیة وسلطة فرض الضرائب وتحدید أوجھ الصرف والرقابة علیھا .وتم بذلك تقیید الملكیة

افقا على قانون الحقوق ولكن لكى وتولى ولیم ومارى حكم إنجلترا وویحل ولیم المشاكل السابقة ولعدم دخولھ فى صراع مع البرلمان لجأ إلى اختیار وزرائھ ومستشاریھ من بین أغلبیة مجلس اللوردات ومجلس

.العمومومنذ ھذه اللحظة بدأ التدرج التدریجى الذى لحق الوزارة لتصبح

دال من أن تظل ھیئة تابعة لسلطة ھیئة نابعة من األغلبیة البرلمانیة بالملك، وأصبح من المتعذر على الملك بعد ھذا التطور أن یستمر فى تصریف شئون الدولة إذا لم یكن متفقا مع أغلبیة البرلمان ولم یكن ھناك أسھل وأضمن لدوام ھذا االتفاق من أن یختار الملك أعضاء الوزارة من

.الذین یملكون زمام ھذه األغلبیةحزب األغلبیة أو من بین األعضاء زوج أختھا " ولیم أورانج"الحكم بعد وفاة " آن"وعندما تولت الملكة

ظل الحال كما كان علیھ من قبل ) ١٧١٤ – ١٧٠٢(مارى الثانیة فى عام أول أفراد أسرة ھانوفر الحكم فى " جورج األول"وبعد وفاتھا تولى

د لحكومة الوزارة التى والذى یعتبر عھده أول عھ) ١٧٢٧ – ١٧١٤(أن الحكومة الحزبیة نشأت عام " أكتون"نعرفھا الیوم یقول اللورد

إن سلطة حكم البالد ... وذلك بقیام الحزب بالعمل فى الوزارة١٧١٤انتقلت من الناحیة العملیة فأصبحت مقسمة ال بین الوزارة والملك بل بین

.رئیس الوزراء ورئیس المعارضةالحكم وكان ألمانیا تنفیذا ألحكام قانون " رج األولجو"ولما ارتقى

والذى یحدد شروط الخالفة فى ١٧٠٠االستقرار الصادر فى سنة الساللة الملكیة وكان حفیدا للملك جیمس األول من أسرة ستیوارت لم یكن یعرف اإلنجلیزیة لجھلھ بھا ولم یتمكن من حضور اجتماعات

المناقشات التى كانت تجرى باللغة الوزارة لعدم قدرتھ على متابعة



٢٣٨

لم یكن ) ١٧٦٠ – ١٧٢٧" (جورج الثانى"اإلنجلیزیة وعندما خلفھ ابنھ بدوره یعرف اإلنجلیزیة ومن ثم عكف ھو اآلخر عن حضور جلسات الوزارة واستمر عدم حضور الملوك لمجلس الوزارة قرابة خمسین سنة

.رةلجھلھم باللغة اإلنجلیزیة وتركوا الحكم للوزاومن ھنا نشأت فكرة مسئولیة الوزارة حیث إنھا حلت محل الملك وقامت بدوره ومن ھذا الوقت وقعت المسئولیة على عاتق الوزارة بعد

.صراع مریر وعنیف مع الشعب والبرلمان المطلب الثانى

أركان النظام البرلمانىیتمیز النظام البرلمانى بوجود ركنین أساسیین یقوم علیھما وھما ثنائیة الجھاز التنفیذى من جھة ووجود رقابة وتعاون بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة من جھة أخرى ،حیث ال یفصل ھذا النظام بین السلطات العامة فى الدولة فصال مطلقا بل یقیم بینھا نوعا من التعاون والرقابة والمشاركة فى ممارسة االختصاصات فتتأثر كل سلطة

بقاء المساواة والتعاون بینھما وعلى األخص بین السلطتین باألخرى مع .التشریعیة والتنفیذیة

وتجدر اإلشارة إلى أنھ قبل الحدیث عن ھذین الركنین یوجد ركن ثالث یتمثل فى وجود برلمان منتخب من الشعب إال أن ھذا الركن ال یقتصر فقط على النظام البرلمانى بل إنھ موجود فى النظام الرئاسىونظام حكومة الجمعیة ،وھذا البرلمان قد یكون مكونا من مجلس واحد أو من مجلسین ویؤدى اختصاصات تشریعیة تتمثل فى اقتراح القوانین ومناقشتھا وإقرارھا أما إصدارھا ونشرھا فھو من اختصاص السلطة التنفیذیة ، ھذا باإلضافة إلى االختصاصات المالیة المتعلقة بفرض

لك القروض العامة التى تلجأ الدولة إلى طلبھا والموازنة الضرائب وكذالعامة للدولة من حیث كل وارد وكل مصروف ألموال الدولة، عالوة



٢٣٩

على أن البرلمان یمارس دورا رقابیا على أعمال السلطة التنفیذیة .سنتعرف علیھا بعد قلیل خاصة فى النظام البرلمانى

مان فى النظام البرلمانى دورا ھاما على أنھ یجب التنبیھ إلى أن للبرلجعلھ ركیزة من الركائز األساسیة لھذا النظام للدور الذى یؤدیھ بجوار مھمة التشریع لدرجة جعلت الفقھاء یعبرون عن مدى سلطة البرلمان فى النظام البرلمانى خاصة فى مھده األول إنجلترا بأنھ یستطیع أن یفعل أى

. أو الرجل امرأةشىء حتى یجعل المرأة رجالولما كان وجود برلمان منتخب من الشعب ركنا عاما فى األنظمة الثالثة المتفرعة عن الدیمقراطیة النیابیة وھى النظام البرلمانى والنظام الرئاسى ونظام حكومة الجمعیة لذا ال نتناول دراستھ كركن فى كل نظام

عن الركنین الباقیین مكتفین بھذه اإلشارة ونولى شطرنا اآلن للحدیث :للنظام البرلمانى ونتناولھما فى الفرعین التالیین

الفرع األول Dualisme Executifثنائیة الجھاز التنفیذى

یأخذ النظام البرلمانى بثنائیة السلطة التنفیذیة بحیث تكون ھذه السلطة والوزارة المسئولة وھذا جاء . شركة بین رئیس الدولة غیر المسئول

طبیعیة للتطورات السابقة التى ذكرناھا حیث تم سحب السلطة نتیجةالفعلیة من ید رئیس الدولة ووضعھا فى ید الوزارة، وسوف نتناول ھاتین

.الھیئتین المكونتین للسلطة التنفیذیة : رئیس دولة غیر مسئول-١

ال یتولى رئیس الدولة فى النظام البرلمانى سواء كان ملكا فى یة أو رئیس جمھوریة فى الحكومات الجمھوریة أى الحكومات الملك

اختصاصات فعلیة بل إن اختصاصاتھ اسمیة فقط على الرغم من كونھ ورئیس الدولة فى ھذا النظام . الرئیس األعلى ورئیس السلطة التنفیذیة



٢٤٠

لیس ھو رئیس الحكومة إذ أن رئیس الحكومة ھو رئیس مجلس الوزراء . ومرؤوس رئیس الدولة

على عدم إسناد أى اختصاصات فعلیة لرئیس الدولة عدم ویترتب مساءلتھ سیاسیا أمام البرلمان النتقال السلطة الفعلیة إلى الوزارة المسئولة وھذا یتمشى مع القاعدة المشھورة ال یوجد سلطة دون مسئولیة

il n'y apas de pouvoir sans responsabilite أما عن لف كما سبق أن أشرنا عند حدیثنا عن الفرق المسئولیة الجنائیة فھى تخت

.بین النظام الملكى والجمھورى من ناحیة مسئولیة رئیس الدولةفالملك فى الدول الملكیة غیر مسئول مطلقا فال یسئل جنائیا عن

le roi ne peutأفعالھ التى تكون جرائم على أساس أنھ ال یخطئ mal faire كما أن ذاتھ مصونة ال تمس “le roi est inviolable"

وھذا المبدأ مسلم بھ فى القانون العام اإلنجلیزى وكان لھ الفضل فى نشأة الوزارة كما سبق أن أشرنا ،عالوة على عدم مسئولیتھ سیاسیا حیث

وعدم المسئولیة السیاسیة أو الجنائیة للملك فى . تتحملھا الوزارة المسئولة . السابقتین فى صلب الدستورالنظام الملكى مقرره طبقا للقاعدتین

أما رئیس الجمھوریة فإنھ یسئل جنائیا عن أفعالھ التى تشكل جرائم ویخضع للعقاب المقرر سواء كانت ھذه الجرائم تتعلق بأعمال وظیفتھ أم جرائم عادیة ویختلف نطاق تطبیق ھذه المسئولیة الجنائیة فى البالد

.نا اآلخذة بالنظام الجمھورى على نحو ما أشروقد ترتب على مبدأ عدم مسئولیة رئیس الدولة فى النظام البرلمانى

:عدة نتائج وھى إلى الوزارة – غیر المسئول – انتقال اختصاصات رئیس الدولة -أ

المسئولیة فال یستطیع رئیس الدولة التصرف فى شئون الدولة بنفسھ ألنھ ھ عند تصرفھ إذا استأثر بالتصرف فقد یخطئ وإذا أخطأ وجبت مساءلت



٢٤١

ولتفادى المسئولیة یجب أن یجرد رئیس الدولة من السلطة الفعلیة وتكون .لھ سلطة اسمیة فقط

ال سلطة حیث ال مسئولیة وحیث توجد "ویعبر عن ھذا الوضع بأن وھذا ترتیب منطقى وسلیم لمبدأ تالزم السلطة " السلطة توجد المسئولیة

تقوم بعمل سیاسى دون أن والمسئولیة فال یحق ألى جھة سیاسیة أن تكون مسئولة عن ھذا العمل، فالمسئولیة ظل للسلطة فإذا وجدت السلطة وجدت المسئولیة أما السلطة بال مسئولیة فإنھا استبدادا محققا والمسئولیة

.بال سلطة تشكل ظلما محققاولذلك فإن رئیس الدولة فى ظل ھذا النظام یسود وال یحكم وقد عبر

وعبر the king reigns but dose note rul عن ذلك بـ اإلنجلیز فما دام le roi regne mais ne gouverne pasعنھ الفرنسیون ـ

.رئیس الدولة یباشر اختصاصاتھ عن طریق وزرائھ فھو یسود وال یحكمإال أن بعض الفقھاء انتقد المقولة القائلة بأن الملك یسود وال یحكم

ود وال یملك ألن السیادة مقررة لالمة وحدھا كما أن إن الملك ال یس: بقولھ ھى یحكم ویسیطر وبناء علیھ فإنھ reigneالترجمة الصحیحة لكلمة

غیر صحیح أن الملك ال یحكم بل الصحیح أنھ یحكم بالفعل فى النظام .البرلمانى ولكن لیس منفردا بل باالشتراك مع وزرائھ

العامة بنفسھ أو یقوم بوضع ومن ثم فال یملك الملك وضع السیاسةمشاریع القوانین حسب رأیھ الشخصى وال یستطیع أن یجزم فى أى أمر

.من األمور بنفسھ بل كل ذلك یكون عن طریق الوزارة المؤیدة للبرلمانلذلك تعتبر الوزارة ھى حجر الزاویة فى النظام البرلمانى ألنھا

ى التى تمثل رئیس الدولة تتولى السلطة الفعلیة إلدارة شئون الدولة، فھلدى البرلمان وتمثل البرلمان لدى رئیس الدولة ،كما أنھا مسئولة سیاسیا

وال تقتصر االختصاصات . عن السیاسة العامة للدولة أمام البرلمانالمقررة لرئیس الدولة فى النظام البرلمانى على االختصاصات المتصلة



٢٤٢

ف فى النظم الملكیة إلى بعض بالسلطات العامة فى الدولة بل إنھا تنصرالتصرفات الشخصیة للملك إذا كانت ترتبط بمصلحة الدولة ومن ذلك عدم موافقة الوزارة اإلنجلیزیة على زواج الملك إدوارد الثامن بالمسز

لمخالفة ھذا الزواج للتقالید اإلنجلیزیة األمر الذى اضطر " سمبسون" .ھالملك إلى تقدیم استقالتھ للزواج بمحبوبت

فال یملك رئیس الدولة أن : عدم إمكان رئیس الدولة العمل منفردا-بیمارس علمھ منفردا بل یمارسھ بجوار الوزارة التى ھى مسئولة أمام البرلمان وقد عبر اإلنجلیز عن ھذا الوضع بقولھم إن الملك ال یعمل

وعلى ذلك فإن أى إمضاء the king can not act aloneمنفردا فى أى شأن من شئون الدولة ال یكون ملزما إال إذا أمضاه رئیس للملك

الوزراء أو الوزیر المختص، كما أن كل وزیر یسأل أمام البرلمان عن .القرارات التى وقعھا

والسبب فى ذلك كما یقول الفقھ أن الواقع فى إنجلترا كان السبب فى كبار موظفیھ للمحافظة نشأة ھذه القاعدة إذ كانت أختام الملك مسلمة إلى

علیھا فإذا ما أراد الملك إمضاء أمر من أمور الدولة استدعى من بیده الختم الخاص باألمر المعروض، ومن ھنا نشأت مسئولیة ذلك الموظف إذ بموافقتھ على التوقیع یتحمل المسئولیة بدال من الملك، ثم تطور األمر

الدولة بعد توقیع رئیس فصار یوقع بجانب توقیع الملك، وتوقیع رئیسالوزراء أو الوزیر المختص یعرف فى الفقھ الفرنسى بالتوقیع المجاور

le contreseing ministerel. ومن إنجلترا سرى ھذا المبدأ إلى جمیع الدساتیر األخرى، كما تعدت مسئولیة الوزیر األوامر الملكیة الكتابیة إلى األوامر الملكیة الشفویة،

فنصت على ١٩٢٣ من دستور ٦٠ذلك فى مصر جاءت المادة وتطبیقا لتوقیعات الملك فى شئون الدولة یجب لنفاذھا أن یوقع علیھا رئیس "أن

".مجلس الوزراء والوزراء المختصون



٢٤٣

اعتنق المؤسسون ھذا المبدأ ١٩٥٨ حتى ١٧٩١وفى فرنسا من سنة ث ورد حی١٨٣٠ ومیثاق ١٨١٤فى كل الدساتیر الفرنسیة سوى میثاق

ال یمكن تنفیذ أى أمر من الملك إذا "النص فى الدساتیر الفرنسیة على أنھ ".لم یكن موقعا علیھ من جانبھ ومصدقا علیھ من الوزیر المختص

ولم یقتصر األمر على التوقیعات التى یصدرھا رئیس الدولة بل تعدى ذلك إلى ضرورة أن یعمل رئیس الدولة برأى وزرائھ فى كل

ابتداء من مقابالتھ للسفراء األجانب وبرقیاتھ إلى رؤساء الدول تصرفاتھاألجنبیة واصطحاب رئیس الوزراء أو أحد الوزراء فى سفریاتھ ورحالتھ وحضور وزیر الخارجیة لمقابالتھ مع ممثلى الدول األجنبیة األخرى إلى ما یلقیھ من خطب أو ما یصدر عنھ من تصریحات وبذلك

نجلیز ھم أول من لجأوا إلى ھذا االنتقال الحقیقى یمكن القول بأن اإل .للسلطة التنفیذیة من سادة إلى وزراء

وترتب على عدم جواز أن یعمل رئیس الدولة فى النظام البرلمانى منفردا أن أوامر الملك سواء كانت شفویة أم كتابیة ال تعفى الوزراء من

ذا ما قرره الدستور المسئولیة ألن جمیع األعمال تنسب إلى الوزارة وھأوامر الملك شفھیة " حیث نصت على أن ٦٢ فى مادتھ ١٩٢٣المصرى

ولیس معنى انتقال " أم كتابیة ال تخلى الوزراء من المسئولیة بحالاختصاصات رئیس الدولة إلى الوزارة المسئولة وعدم إمكانھ العمل

ھ حقان منفردا تجرید رئیس الدولة من كل سلطاتھ الفعلیة حیث یبقى للھما أھمیة كبیرة فى حفظ التوازن بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة

:وھما : حق تعیین وعزل الوزراء- أ

بأن یقوم رئیس الدولة باختیار رئیس الوزراء ثم تكلیفھ بعد ذلك باختیار الوزراء الذین یكونون معا الوزارة ثم یعرض رئیس الوزراء

رھم على رئیس الدولة إلقرار ھذا االختیار أسماء الوزراء الذین تم اختیا



٢٤٤

والموافقة على تشكیل الوزارة وإصدار قرار بتعیینھا ولرئیس الدولة حق االعتراض على تعیین وزیر معین إذا كان ھناك من األسباب ما یدعو

.لذلك ولھ فى ھذه الحالة طلب استبعاد اسمھمور السھلة وال إال أنھ یالحظ أن عملیة تعیین الوزراء لیست من األ

ھى من األمور المستحیلة وذلك ألن رئیس الدولة عند اختیاره لوزرائھ فإنھ یكون مقیدا باألغلبیة البرلمانیة، والسبب فى ذلك أن بقاء الوزارة فى الحكم مرھون برضاء البرلمان علیھا واستمرار ھذا الرضا فترة وجودھا

إسقاطھا، ومن أجل ذلك وإال تعرضت للسخط من البرلمان وبالتالى یتمالبد وأن یكون رئیس الوزراء من حزب األغلبیة فى البرلمان أو من أحد زعمائھا البارزین حتى تسیر األمور فى الدولة فى طریق مستمر وعلى أساس ثابت ألن األغلبیة البرلمانیة تستطیع أن تحمى زعیمھا من

.ى جانبھالتیارات المعادیة وھى تؤید سیاستھ وتصوت دائما فوكما أن رئیس الدولة یملك حق تعیین الوزارة فإنھ أیضا یملك حق عزلھا، وھذا الحق كذلك مقید ألن رئیس الدولة إذا عزل وزارة مؤیدة بأغلبیة البرلمان فیلجأ إلى حل البرلمان واستفتاء الشعب فإذا فاز حزب

لوزارة من الوزارة المقالة فى االنتخابات الجدیدة فال سبیل من تألیف اذلك الحزب الذى یمثل ھیئة الناخبین، فحل الوزارة لیس من األمور الھینة والمیسورة وذلك ألن انھزام رئیس الدولة فى نزاع بینھ وبین

.البرلمان أمر سیئ األثر فى مركزه الشخصى فى مصر فى ١٩٢٣وقد ورد حق تعیین وعزل الوزراء فى دستور

كما أن ھذا " ملك یعین وزرائھ ویقیلھمال" حیث نصت على أن ٤٩المادة .الحق معترف بھ فى كل الدساتیر الالحقة علیھ

: حل البرلمان حال ریاسیا-بوھذا الحق یلجأ إلیھ رئیس الدولة عند إقالة وزراء األغلبیة وتعیین وزارة من األقلیة وإجراء انتخابات جدیدة فإذا أیدت نتیجة االنتخابات



٢٤٥

ن رأى رئیس الدولة فى ھذه الحالة سلیما، أما إذا الوزارة الجدیدة كاجاءت نتیجة االنتخابات بالعكس فإن ھذا یدل على خطأ تصرف رئیس الدولة ویترتب على ذلك حل الوزارة الجدیدة وتعیین وزارة أخرى بدال

والذى یختلف عن الحل الوزارى منھا وھذا ما یسمى بالحل الریاسى بین الوزارة والبرلمان واللجوء لھیئة الناخبین والذى یحدث نتیجة النزاع

.لفض النزاعویتضح أنھ عند حل البرلمان ریاسیا وإعادة االنتخابات مرة أخرى وفوز البرلمان الذى قام رئیس الدولة بحلھ یضع رئیس الدولة فى مأزق وذلك النضمام رأى الشعب للبرلمان المعزول ضد رئیس الدولة وثبوت

دما أقال وزارة األغلبیة وضعف مركزه ونفوذه وكان خطأ األخیر عناألولى على رئیس الدولة أن یراعى اتجاه الرأى العام والعمل على

ومن . تحقیق رغبة الشعب وأن یكون تصرفھ مستھدفا الصالح العامالجدیر بالذكر أن بعض الرؤساء قد أساء استخدام حق الحل ریاسیا األمر

.زه وتقدیم استقالتھالذى أدى إلى ضعف مركویالحظ مما سبق أن الحقین السابقین وھما تعیین وعزل الوزراء وحق حل البرلمان حال ریاسیا مقیدان فى الواقع بشروط مختلفة وال یمكن لرئیس الدولة أن یستعملھا بناء على سیاسة شخصیة بل وفقا

.لبالدللصالح العام فى الدولة وبشكل یتفق ورغبة الرأى العام فى افى ظل دستور " الملك"ولم یقتصر حق رئیس الدولة فى مصر

على ھذین الحقین بل كان لھ الحق فى تعیین كبار رجال الدین ١٩٢٣ورجال الحاشیة الملكیة، عالوة على أنھ كان القائد األعلى للقوات البریة والبحریة وكان یملك حق العفو وإنشاء ومنح الرتب والنیاشین وألقاب

.ف األخرىالشر



٢٤٦

:الدور الحقیقى لرئیس الدولة فى النظام البرلمانىسبق وأن ذكرنا آنفا أن لرئیس الدولة فى النظام البرلمانى لیست سوى اختصاصات اسمیة فقط وال یملك أى سلطة حقیقیة یمارسھا بنفسھ ألن ھذا یتعارض مع طبیعة النظام البرلمانى ویتنافى مع قاعدة توازن

لمسئولیة؛لذا اختلف الفقھ حول تحدید دور رئیس الدولة فى السلطة مع ا .النظام البرلمانى

فیذھب رأى فى الفقھ یمثل أغلبیتھ إلى أن دور رئیس الدولة فى النظام البرلمانى مجرد دور أدبى یقتصر على مجرد النصح واإلرشاد

ال لھیئات الدولة التى تمارس سلطة الحكم، فعلیا فدور رئیس الدولة سلبى یتمتع بأى سلطات أو اختصاصات فى مباشرة الحكم ولكن على الرغم من انعدام دوره الفعلى فى ھذا النظام فإن دوره األدبى عظیم النفع نظرا لمقامھ السامى واحترام الجمیع لھ ال سیما الملك فى الملكیات وتمتعھ

على بالنفوذ الرفیع وتعالیھ على األحزاب األمر الذى یمكنھ من العملإیجاد التوازن بین السلطات واألحزاب ولذا تم وصفھ باآللة المحركة

.للنظام البرلمانىویستند أنصار ھذا الرأى إلى النظام اإلنجلیزى حیث ال یمارس الملك فیھ أى سلطة فعلیة ومع ذلك عندما تولى إدوارد السابع العرش كانت

قطیعة وتمكن ھو عالئق بالده متوترة بالدول األخرى ووصلت إلى البزیاراتھ الشخصیة لرؤساء تلك الدول وحسن عالقتھ معھم بإعادة التفاھم

.بین دولتھ والدول األخرىكما یستند أنصار ھذا الرأى إلى النظام البرلمانى الفرنسى قبل دستور

حیث كان رئیس الدولة مجردا من كل السلطات المنصوص علیھا ١٩٥٨اصھ بھا وعدم ممارستھا إال من خالل فى الدستور بالرغم من اختص

وزرائھ حتى وصل األمر إلى تذمر بعض رؤساء الجمھوریة فى فرنسا .من ضعف سلطتھم



٢٤٧

عبدالحمید متولى إلى أن / واتجھ رأى ثانى فى الفقھ وھو الدكتور النظام البرلمانى ال یتعارض مع اشتراك رئیس الدولة اشتراكا فعلیا فى

:ن باشتراط قیدینإدارة شئون الحكم ولكوجود وزارة تمارس المھام الفعلیة لشئون الحكم وتتحمل : أولھما

المسئولیة عن مشاركة رئیس الدولة معھا مع احتفاظھا فى ذات الوقت .بثقة البرلمان أن تغطى الوزارة نشاط رئیس الدولة بحیث ال تسمح بأن :ثانیھما

مام البرلمان وأال یكون شخص رئیس الدولة أو أعمالھ موضع مناقشة أتنسب األعمال إال إلى الوزراء فقط فعلى الوزارة أن تحیط تصرفات رئیس الدولة بالكتمان والسریة ویفند صاحب ھذا الرأى أدلة أصحاب :االتجاه األول الذى یرى حصر دور رئیس الدولة فى دور سلبى بما یأتى

جانبا من القول بأنھ حیث توجد السلطة توجد المسئولیة قول یتضمن -١الصحة كما أنھ یتضمن جانبا من الخطأ إذ ال یلزم أن توضع السلطة كاملة فى ید ھیئة من الھیئات لمساءلتھا فمن الممكن اشتراك رئیس الدولة مع الوزارة فى بعض اختصاصاتھا وال یمنعھا ذلك من تحمل المسئولیة بالقیدین السابقین بشرط أال تؤدى إلى رجحان ھیئة على

.أخرىأما عن الرأى السائد فى إنجلترا بسلبیة دور الملك فإن ذلك یرجع إلى -٢

طبیعة التطورات التاریخیة التى مر بھا ھذا النظام وأدت تدریجیا إلى .ضعف سلطة الملك حتى وصل الحكم إلى الوزارة

وبخصوص دور رئیس الدولة فى فرنسا فإن ذلك یرجع أیضا إلى -٣ وكان النظام البرلمانى الفرنسى قبل الظروف التاریخیة الخاصة بھا

محل نقد معظم الفقھ واعتبروه عیبا فى النظام ١٩٥٨دستور الفرنسى أدى إلى اإلخالل بالتوازن بین مختلف الھیئات بسبب ضعف السلطة التنفیذیة وضألة الدور الذى كان یؤدیھ رئیس الدولة



٢٤٨

یة سلطة على ید الجنرال دیجول إلى تقو١٩٥٨لذا فقد عمل دستور . رئیس الجمھوریة

أما عن القول بأن الملك یسود وال یحكم فھذا لیس ثمة مبدأ -٤أو قاعدة فى النظام البرلمانى وإنما كان ھذا تعبیرا خطأ شاع وانتشر

بعد أن قال بھ أحد كبار الساسة الفرنسیین المسیو ١٨٢٩بعد عام thiers فى إدارة للتدلیل على أن رئیس الدولة لیس لھ أن یتدخل

.الحكم ھذا من ناحیةومن ناحیة أخرى فلیس ھذا التعبیر غیر صحیح ألن رئیس الدولة وكذلك البرلمان ال یسودان ألن السیادة لالمة ورئیس الدولة والبرلمان ال یملكان السیادة بل یتولى كل منھما اختصاص ،كما أن رئیس الدولة ال

یحكم لكنھ ال یستقل بالحكم یحكم فھذا قول غیر صحیح ألن الحقیقة أنھ .وإنما یشترك معھ الوزراء

ویعترض سیادتھ على الدور السلبى لرئیس الدولة بأن القول بذلك یؤدى إلى إثارة األزمات الوزاریة وعدم استقرار الحكم وانقسام صفوف األمة ال سیما فى الدول حدیثة عھد باالستقالل ھذا إلى أن القول بھذا

ل خاصة فى البالد الجمھوریة تفضل األخذ بالنظام الرأى یجعل الدوالرئاسى خاصة بعد االستقالل وھو ما یمكن ذوى السلطان فیھا إلى الحكم فیھا باالستبداد والطغیان، عالوة على أن رئیس الدولة وإن لم یمكن مساءلتھ سیاسیا أو جنائیا إال أنھ من ناحیة أخرى مسئول مسئولیة أدبیة

ناحیة أخرى فإنھ یؤدى قسما على احترام الدستور أمام ضمیره ومنوالقانون قبل تولیھ المنصب ومن ثم فلیس من المقبول أو المعقول أن نطالبھ بالتوقیع بطریقة آلیة قد تتعارض مع مسئولیتھ األدبیة والیمین

.الدستوریةأن النظام البرلمانى على النحو الذى ذكرناه یتمشى : وفى تقدیرنا

أركانھ مع النظام الملكى ویستطیع تحقیق أقصى درجات بقواعده و



٢٤٩

النجاح فیھ، أما مع النظام الجمھورى فنرى خالف الرأیین السابقین وبیان ذلك

أن أصحاب الرأى األول القائل بسلبیة دور رئیس الدولة على النحو الذى أشرنا إلیھ ال یمكن التسلیم بھ اآلن فى ظل التطورات والمستجدات

للشعوب فإذا كانت ھذه السلبیة جاءت نتیجة ظروف تاریخیة نشأ الحدیثة فیھا ھذا النظام فال یجب أن تنسحب ھذه الظروف إلى كل البالد اآلخذة بالنظام البرلمانى ،ألن ھذا النظام وغیره من أنظمة الحكم لیس قوالب جامدة ال تقبل التطور بل إن تغییر وتطور المجتمعات من المفروض أن

وإن كنا . ویتواءم معھ شكل السلطة وطریقة ممارستھا فى المجتمعیواكبھنرى أنھ یجب عدم ترك رئیس الدولة فى ظل النظام البرلمانى بال اختصاصات فعلیھ إال أننا مع ذلك نطالب بأن یكون لھذه االختصاصات مقابل وھو مسئولیتھ عنھا حتى یتحقق التوازن بین السلطة والمسئولیة،

ن األفضل عدم اإلفراط فى منح رئیس الدولة من ونرى أنھ ماالختصاصات حتى ال یمیل النظام إلى النظام الرئاسى ولذا فمن األفضل

.ترك الجانب األكبر منھا للوزارةأما عن الرأى الثانى فإن كنا نؤیده فى بعض جوانبھ إال أننا ال نوافق

غیر مسئول على جوانب أخرى، منھا القول بأن رئیس الدولة وإن كانسیاسیا أو جنائیا إال أنھ مسئول أمام ضمیره والقسم الدستورى إلى یؤدیھ فھذا أمر یستعصى علینا التسلیم بھ إذ أن المسئولیة األدبیة أو األخالقیة تنشأ عند مخالفة العرف الخلقى سواء اتصل بسلوك الفرد الخاص أو

ترف المرء إثما یسأل اتصل بسلوكھ مع غیره فالمسئولیة تتحقق حینما یقعنھ أمام اهللا ویحاسب علیھ الضمیر سواء كان ذلك بعمل أو باالمتناع عن عمل والمرجع فى ذلك ھو حسن النیة أو سؤھا ،واألمر فى ذلك شخصى بحت وھى مسئولیة تخرج عن نطاق القانون وتدخل فى نطاق

وإنما دائرة األخالق ،ومن ثم ال یترتب على مخالفتھا أى أثر قانونى



٢٥٠

یقتصر الجزاء فیھا على ما ینالھ المذنب من اهللا فى اآلخرة وما ینزل بھ من استھجان المجتمع لھ، ومن المعلوم أن میدان األخالق أوسع من میدان القانون ألن األول یبحث فى سلوك اإلنسان نحو خالقھ ونحو نفسھ

ره، ونحو غیره أما القانون فال یبحث إال فى سلوك اإلنسان نحو غیفحینما ال یتخذ السلوك اإلنسانى مظھرا خارجیا یؤثر على الفرد أو المجتمع بالضرر فإنھ یظل بمنأى عن القانون ویقف منھ القانون موقفا سلبیا؛لذا فالمسئولیة األدبیة أو األخالقیة ال یترتب علیھا جزاء قانونى

.انونیةالختالفھا من حیث الضرر واألساس والنطاق عن المسئولیة القأما عن القسم الدستورى فال یوجد ما یمنع من أن یعبأ بھ رئیس الدولة

.أمام نزوات االستبداد والتسلط وشھوة الحكمأما عن كیفیة مشاركة رئیس الدولة فى الحكم مع الوزارة على أن تقوم الوزارة بتغطیة تصرفات رئیس الدولة فال نفھم القصد من ھذه

لدولة بالسریة والكتمان بحیث ال یكون عرضة التغطیة وإحاطة رئیس اللنقد من جانب أعضاء البرلمان فإذا كان القصد من ذلك أن یمارس رئیس الدولة اختصاصات معینة ویسئل عنھا الوزراء فھل ھذا یتمشى مع المنطق القانونى القائل بتوازن السلطة مع المسئولیة، ومع التسلیم

ال یوجد على اإلطالق " یقول مونتسكیو بمسئولیة الوزراء أال یوجد كما ".أمیر شریر ال یكون وزیره شریر أیضا

ھذا ما تسلیمنا مع جانب كبیر من الفقھ بأن دور رئیس الدولة فى النظام البرلمانى ال یعد دورا سلبیا محضا بل إنھ یعتبر الحكم بین األحزاب والسلطات ویقوم بتوجیھ السلطة الحاكمة عن طریق النصحواإلرشاد الذى یقدمھ لھا، ھذا باإلضافة إلى أن توقیعھ یعد ضروریا على كثیر من القرارات ،كما یقوم بتعیین الوزراء وعزلھم ،عالوة على إمكانھ

. حل البرلمان على النحو الذى أشرنا إلیھ سابقا



٢٥١

:الوزارة المسئولة: ثانیااءلتھا سیاسیا عن یترتب على انتقال السلطات الفعلیة إلى الوزارة مس

ھذه السلطات، وھذا االنتقال الحقیقى للسلطة الفعلیة من ید رئیس الدولة إلى الوزارة جعل المسئولیة السیاسیة على عاتق األخیرة بحیث أصبحت

للوزارة حجر الزاویة فى النظام البرلمانى وبدونھا المسئولیة السیاسیة طبیعتھ ویتقوض خیامھ یفقد ھذا النظام الركن األساسى فیھ ویتغیر

وینھدم بنیانھ، فالوزارة تسئل مدنیا عن األضرار التى تنجم عن ممارستھا لوظیفتھا باإلضافة إلى مسئولیتھا جنائیا عما ترتكبھ أو یرتكبھ أى وزیر بمناسبة أو أثناء تأدیة تلك الوظائف إال أن المسئولیة السیاسیة

القول بأنھ ال یوجد سلطة سیاسیة ھى الممیز للنظام البرلمانى ولذا أمكن il n'y apas de pouvoir politique sansدون مسئولیة سیاسیة

responsabilité politique وھذه المسئولیة تتقرر أمام البرلمان بحیث تشمل جمیع أعمال الوزارة فالبرلمان یراقب السیاسة العامة

الوزاریة المختلفة للوزارة ویبحث فى مدى سالمة اإلجراءات والقرارات ال من حیث مطابقتھا للقانون فقط بل یبحث أیضا فى مدى مالءمتھا للظروف الواقعیة التى صدرت فیھا ومدى توافقھا مع الصالح العام ومدى تحقیقھا لرغبة األغلبیة البرلمانیة حتى لو تنافت تلك الرغبة مع

كون مسئولیة القانون وھذه المسئولیة تأخذ إحدى صورتین فھى إما أن تبأكملھا عن السیاسة العامة التى تسیر تضامنیة أو جماعیة تشمل الوزارة .علیھا وھى الممیز للنظام البرلمانى

فیكون الوزراء جمیعا متضامنین أمام البرلمان بحیث یمكن للبرلمان سحب الثقة من الوزارة بأكملھا كوحدة واحدة عند توافر أسبابھا وتؤدى

.رة استقالتھا بناء على ھذا السحبإلى تقدیم الوزاوإما أن تكون المسئولیة فردیة بحیث تقتصر على مساءلة وزیر فقط نتیجة تصرف صادر منھ یتعلق بإدارة شئون وزارتھ ویقتصر سحب



٢٥٢

الثقة علیھ وحده دون بقیة زمالءه وبالتالى یقتصر تقدیم االستقالة علیھ .وحده

نیة للوزارة فى النظام البرلمانى ویترتب على وجود المسئولیة التضامأن تعمل كوحدة متجانسة، األمر الذى یتطلب اجتماعھا فى ھیئة مجلس برئاسة رئیسھا یطلق علیھ الوزیر األول أو رئیس مجلس الوزراء الذى یعھد إلیھ رئیس الدولة بتألیف الوزارة لتحدید السیاسة العامة التى تقوم

إصدار القرارات الھامة وتصریف باتباعھا فى إدارة الحكم من حیث .الشئون والتنسیق بین أعمالھا لتتمكن من أداء مھمتھا وتحقیق برنامجھا

ویتولى أعضاء الوزارة الدفاع عن سیاستھا أمام البرلمان فیما یقیمون بھ من رد على األسئلة واالستجوابات وغیر ذلك مما یقوم بھ

لة، ولذلك یحق للوزراء أعضاء البرلمان بشأن السیاسة العامة للدوحضور جلسات البرلمان بل یجوز لھم أن یجمعوا بین منصب الوزارة وعضویة البرلمان ولیس ھذا سائدا فى كل األنظمة بل من األنظمة ما

.تحرم على الوزراء بعد تعیینھم أن یكونوا أعضاء فى البرلمان واحد ویتطلب النظام البرلمانى أن تكون الوزارة متجانسة من حزب

غالبا ما یكون الحزب الفائز فى االنتخابات حتى تسھل مھمتھا وتستطیع وال یقوم رئیس الدولة باختیار الوزارة . أن تؤدى عملھا فى سھولة ویسر

بنفسھ مباشرة ولكن یقوم باختیار الوزیر األول الذى یقوم بدوره باختیار أساس أن زمالءه أعضاء الوزارة من حزبھ لیضمن تعاونھ معھم على

حزبھم قد حصل على أكثر المقاعد فى البرلمان وھنا یجمع رئیس مجلس الوزراء بین صفة كونھ رئیس للوزارة وصفة كونھ زعیم األغلبیة البرلمانیة ،ویقوم رئیس الوزراء بعرض أسماء زمالءه على رئیس

إال أن ھذا ال یمنع رئیس . الدولة لكى یصدر قرار بتشكیل الوزارةشكیل وزارتھ من أحزاب أخرى غیر حزبھ خاصة فى الوزراء ت



٢٥٣

الظروف االستثنائیة، أو فى حالة عدم وجود حزب قوى فیقوم بتشكیل .الوزارة من عدة أحزاب ویطلق علیھا فى ھذه الحالة بالوزارة االئتالفیة

وتجدر اإلشارة إلى أنھ لیس ثمة ما یمنع من حضور رئیس الدولة لھ رئاستھ ولكن ال یكون لھ صوت عند اجتماع مجلس الوزراء وتكون

.أخذ األصواتولما كانت الوزارة ھى حجر الزاویة فى النظام البرلمانى األمر الذى

". حكومة الوزارة"جعل بعض الفقھ یطلق على ھذا النظام قد أخذ ١٩٧١ومما تجدر اإلشارة إلیھ ثانیا أن دستور مصر الحالى

وإذا كانت التقالید البرلمانیة تقضى بأن بمبدأ ثنائیة السلطة التنفیذیة، رئیس الدولة یسود وال یحكم وأن الحكومة ھى صاحبة السلطة الفعلیة وتقع علیھا المسئولیة أمام البرلمان إال أن الناظر فى الدستور یرى أنھ لم یأخذ بذلك حیث مال إلى األخذ ببعض مظاھر النظام الرئاسى وأعطى

ات یمارسھا بنفسھ وأخرى باالشتراك مع لرئیس الدولة جملة اختصاصالوزارة أو بعد موافقة مجلس الوزراء أو أخذ رأي رئیس مجلس الوزراء

.دون أن یكون للبرلمان حق مساءلتھوعلى ذلك ال یجوز أن یسأل الرئیس أو یستجوب سیاسیا أمام مجلس الشعب كما ال یجوز سحب الثقة منھ، واكتفى الدستور بمسئولیة الوزارة

والتى قررت مسئولیة الوزراء أمام مجلس الشعب عن ١٢٦فى المادة .السیاسة العامة للدولة وعن مسئولیة كل وزیر عن أعمال وزارتھ



٢٥٤

الفرع الثانى التوازن والتعاون بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة

سبق أن ذكرنا آنفا أن جوھر النظام البرلمانى یقوم على الفصل لطتین التشریعیة والتنفیذیة بحیث توزع االختصاصات المرن بین الس

بینھما على أساس من التعاون والمشاركة فى ممارسة بعضھا فیترك للسلطة التشریعیة حق التشریع بحیث یكون من اختصاصھا مع مشاركة السلطة التنفیذیة فیھ بما لھا من حق اقتراح القوانین والتصدیق علیھا

التنفیذیة حق تنفیذ شئون الدولة فى الداخل وإصدارھا، ویترك للسلطة والخارج مع مشاركة السلطة التشریعیة لھا فى بعض اختصاصاتھا الخاصة باعتماد المیزانیة والتصدیق على المعاھدات واإلذن بإجراء

.بعض التصرفات كالترخیص مثال بعقد قرض مالىكل من ویظھر التوازن بین السلطتین والتعاون بینھما فیما تملكھ

السلطتین تجاه األخرى من وسائل لضمان تحقیق ھذا التوازن بینھما فالوزارة كما رأینا مسئولة سیاسیا أمام البرلمان عن جمیع أعمالھا بحیث یحق ألعضاء البرلمان توجیھ األسئلة واالستجوابات التى قد تنتھى

یق بطرح الثقة بالوزارة وطرح موضوع عام للمناقشة وتكوین لجان تحق .الخ... برلمانیة

وفى مقابل ذلك تملك الحكومة بعض الوسائل فى مواجھة البرلمان منھا دعوة البرلمان لالنعقاد وفض دوراتھ وحق الوزراء فى حضور جلسات البرلمان للدفاع عن السیاسة العامة للدولة والسماح بعضویة

ة السلطة البرلمان عالوة على حق حل البرلمان الذى یعد أھم وسائل رقابالتنفیذیة على السلطة التشریعیة والذى یترتب علیھ إجراء انتخابات جدیدة للبرلمان قبل نھایة المدة المحددة للبرلمان وذلك فى حالة احتدام الخالف بین الحكومة والبرلمان واللجوء إلى الشعب لالحتكام إلیھ بینھما باعتباره



٢٥٥

ا حق الحل وبذلك یتحقق مصدر السلطات فالمسئولیة الوزاریة یقابلھ .التوازن بین السلطتین والمساواة بینھما

ونشرح فیما یلى مظاھر عالقة كل من السلطتین التشریعیة والتنفیذیة .ببعضھما فى ظل النظام البرلمانى

الوسائل التى تملكھا السلطة التشریعیة فى مواجھة السلطة : أوال :التنفیذیة

ھة السلطة التنفیذیة مجموعة من تتخذ السلطة التشریعیة فى مواجالوسائل تضمن التعاون والرقابة على السلطة التنفیذیة ومتابعة أعمالھا على وجھ یحقق الصالح العام وعدم طغیانھا على غیرھا من السلطات

:وكذا على حقوق وحریات األفراد وتنحصر ھذه الوسائل فیما یأتى :السؤال - ١

أعضاء البرلمان توجیھ وھو عبارة عن إعطاء الحق لعضو من استفسار عن أمر معین من األمور لوزیر من الوزراء أو لرئیس الوزراء لتوضیح أمر ما أو إعطاء بیانات صحیحة فى مسألة معینة تھم العضو وتدخل فى أعمال الوزیر وقد یقصد بھ فى بعض األحیان لفت نظر

كبت فى الحكومة ألمر من األمور تمت مخالفتھ أو عدة مخالفات ارت .مسألة معینة

ویقتصر السؤال على العضو الذى قام بتقدیمھ وعلى الوزیر المعنى فقط وبالتالى فال یحق ألى عضو التدخل فیھ أو ألى وزیر أن یرد نیابة عن زمیلھ ومن ثم فھو حق فردى ال تتعدى مناقشتھ والرد علیھ دائرة

ؤال أن یسحبھ العضو والوزیر المسئول وبالتالى یحق للعضو مقدم الس .فى أى وقت حتى قبل إجابة الوزیر المسئول علیھ

وتتفق غالبیة الدساتیر على ضرورة أن یقدم السؤال كتابة مع إمكان تقدیمھ شفاھھ وقد یطلب البرلمان الرد على السؤال كتابة أیضا وفى ھذه الحالة یرسل الوزیر إجابتھ مكتوبة إلى السائل عن طریق المجلس والبد



٢٥٦

ون السؤال موجزا ومنصبا على وقائع محددة مطلوب استیضاحھا أن یكوغالبا ما تحدد الالئحة الداخلیة للبرلمان إجراءات طرح السؤال وكیفیة

.تنظیمھ والرد علیھ والمواعید المحددة فى ھذا الشأنوال یترتب على السؤال أى طرح بالثقة سواء للوزیر أو رئیس

مجرد استفھام عن شأن من الشئون التى ال الوزراء ألنھ ال یعدو أن یكون .یعرفھا عضو البرلمان

لكل عضو من "١٢٤وقد أعطى الدستور المصرى الحالى فى مادتھ أعضاء مجلس الشعب أن یوجھ إلى رئیس مجلس الوزراء أو أحد نوابھ

.أو أحد الوزراء أو نوابھم أسئلة فى أى موضوع یدخل فى اختصاصاتھموزراء أو نوابھ أو الوزراء أو من ینیبونھ وعلى رئیس مجلس ال .اإلجابة على أسئلة األعضاء

ویجوز للعضو سحب السؤال فى أى وقت وال یجوز تحویلھ فى نفس ".الجلسة إلى استجواب

:االستجواب - ٢یعد االستجواب من أخطر الوسائل الرقابیة التى یملكھا البرلمان فى

مر من األمور العامة للدولة مواجھة الوزارة ألن مساءلة الوزیر عن أالمتعلقة بوزارتھ یعد إنذارا من أعضاء البرلمان لھ یؤدى إلى إثارة مناقشات عامة داخل المجلس من الممكن أن تختتم بطرح الثقة بالوزیر

.أو الوزارة بأكملھاوینطوى االستجواب على معنى االتھام للوزارة حیث یقوم

تى قام بھا الوزیر أو الوزارة فینتقد المستجوب ببیان أوجھ التقصیر السیاستھا ویلومھا ویندد بھا وقد یصل األمر إلى تجریح وزیر أو انتقاده

ثم یرد الوزیر أو رئیس الوزراء على . وطلب إقالتھ أو تقدیم استقالتھوھنا یختلف . االستجواب ویقوم المجلس بعد ذلك بمناقشة االستجواب

عضاء البرلمان التدخل فى المناقشات الوضع عن السؤال إذ یحق لكل أ



٢٥٧

وال یقتصر األمر على طارح االستجواب والوزیر فلو تنازل مقدم االستجواب مثال عنھ فإنھ ال یسقط وال ینتھى األمر كما فى السؤال إذ یجوز لغیره من أعضاء البرلمان الحلول محل مقدمھ والسیر فیھ ضد

. ار فیھالوزیر أو الوزارة فمن حق الجمیع االستمروبعد االنتھاء من المناقشات إما أن یوجھ المجلس الشكر للوزیر وإما أن ینتقل لجدول األعمال وإما أن یصل األمر إلى سحب الثقة واإلطاحة بالوزیر أو الوزارة حالة ثبوت مسئولیة الوزیر أو الوزارة وفى الحالة

حالة الرفض األخیرة یجب على الوزیر أو الوزارة تقدیم االستقالة وفى .فعلى رئیس الدولة أن یقیلھم

ونظرا للخطورة المترتبة على االستجواب وھى طرح الثقة بالوزارة غالبا ما تحیطھ الدساتیر بضمانات كثیرة وإجراءات معینة أكثر من السؤال وإعطاء الفرصة للوزیر الموجھ إلیھ االستجواب لكى یستعد

مرور مدة معینة بین تقدیم االستجواب للمناقشة والرد لذا تتطلب الدساتیر وعلى ذلك . والرد علیھ مع إمكان تقصیر ھذه المدة فى حالة االستعجال

تجرى المناقشة فى " على أن ١٢٥نص الدستور المصرى فى مادتھ االستجواب بعد سبعة أیام على األقل من تقدیمھ إال فى حاالت االستعجال

".التى یراھا المجلس وبموافقة الحكومة :حق إجراء التحقیق - ٣

تعطى الدساتیر عادة فى األنظمة البرلمانیة الحق للبرلمان فى القیام بإجراء تحقیق برلمانى من لجنة تشكل من أعضاءه فى المسائل التى تدخل فى اختصاصاتھ لیكون على بینة من األمر عند اتخاذ قرار ما فى

یاسیة حتى تكون لدیھ أى شأن من الشئون سواء كانت مالیة أم إداریة أم سباإلضافة إلى الوقوف على . بینة فى الموضوع المراد اتخاذ قرار فیھ

.أوجھ التقصیر أو االنحراف من جانب السلطة التنفیذیة



٢٥٨

وللجنة المشكلة للتحقیق السلطات الكاملة أثناء إجراء التحقیقات لمعرفة الحقیقة ومن ذلك الحق فى سماع الشھود وتكلیف أھل الخبرة المعاینة أو تقدیر أمر معین فى األعمال التى تحتاج إلى خبرة معینة ولھا كذلك استدعاء الشھود أمامھا وتحلیفھم وتوقیع الجزاء علیھم وإن كان ذلك یتطلب نصوص قانونیة صریحة بذلك وإال فال تستطیع ھذه اللجان

ھاء القیام بذلك وتكون سلطتھا محصورة فقط فى نطاق البرلمان، وبعد انت .التحقیق تقوم اللجنة بعرضھ على البرلمان بكامل ھیئتھ التخاذ ما یراه

لمجلس الشعب أن یكون " من الدستور ١٣١وفى مصر تقرر المادة لجنة خاصة أو یكلف لجنة من لجانھ بفحص نشاط إحدى المصالح اإلداریة أو المؤسسات العامة أو أى جھاز تنفیذى أو إدارى أو مشروع

عات العامة وذلك من أجل تقصى الحقائق وإبالغ المجلس من المشروبحقیقة األوضاع المالیة أو اإلداریة أو االقتصادیة أو إجراء تحقیقات فى أى موضوع یتعلق بعمل من األعمال السابقة وللجنة في سبیل القیام بمھمتھا أن تجمع ما تراه من أدلھ، وأن تطلب سماع من ترى سماع

الجھات التنفیذیة واإلداریة أن تستجیب إلى طلبھا، أقوالھ، وعلى جمیعوأن تضع تحت تصرفھا لھذا الغرض ما تطلبھ من وثائق أو مستندات أو

".غیر ذلك :المسئولیة الوزاریة - ٤

سبق الحدیث عن الوزارة كركن من أركان النظام البرلمانى وقلنا أن وفى حالة كل وزیر یسئل منفردا عن األعمال المتعلقة بشئون وزارتھ

ثبوت المسئولیة ضده یمكن سحب الثقة منھ وتعرف المسئولیة فى ھذه .الحالة بالمسئولیة الفردیة

حیث قرر أن ١٢٦وقد قرر الدستور المصرى ھذا الحق فى المادة الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السیاسة العامة للدولة وكل "

.وزیر مسئول عن أعمال وزارتھ



٢٥٩

عب أن یقرر سحب الثقة من أحد نواب رئیس مجلس ولمجلس الشالوزراء أو أحد الوزراء أو نوابھم وال یجوز عرض طلب سحب الثقة إال

.بعد استجواب وبناء على اقتراح عشر أعضاء المجلس والیجوز للمجلس أن یصدر قراره فى الطلب قبل ثالثة أیام على

".اء المجلساألقل من تقدیمھ ویكون سحب الثقة بأغلبیة أعضأما المسئولیة الوزاریة التضامنیة فیقصد بھا مسئولیة الوزارة كاملة

وتنصب ھذه المسئولیة . أمام البرلمان وعدم قصرھا على وزیر معینعلى السیاسة العامة للدولة وفى حالة ثبوت مسئولیة الوزارة تفقد الثقة من

ھا یعرض األمر جانب البرلمان وتلزم بتقدیم استقالتھا وفى حالة رفضعلى رئیس الدولة وھنا یظھر دور رئیس الدولة فى النظام البرلمانى كحكم بین السلطات الذى یقوم بدوره بعرض األمر على الشعب

.واالحتكام لرأیھ من الدستور على أنھ فى حالة تقریر ١٢٧وفى مصر تنص المادة

الجمھوریة المسئولیة التضامنیة یعد المجلس تقریرا یرفعھ إلى رئیسمتضمنا عناصر الموضوع وما انتھى إلیھ من رأى فى ھذا الشأن

.وأسبابھولرئیس الجمھوریة أن یقبل استقالة الوزارة أو یرد التقریر إلى المجلس خالل عشرة أیام، فإذا عاد المجلس إلى إقراره بأغلبیة ثلثى

.أعضائھ قبل رئیس الجمھوریة استقالة الوزارةلس اقتراحا بمسئولیة رئیس مجلس الوزراء، فال وإذا رفض المج

یجوز طلب سحب الثقة في موضوع سبق للمجلس أن فصل فیھ في ذات "دور اإلنعقاد

وفى كثیر من األحوال یصعب التفرقة بین ما إذا كان المسئول عن العمل ھو الوزیر أو الوزارة بأكملھا ومن ثم توجد صعوبة بین المسئولیة

لیة التضامنیة عن العمل المنسوب إلى الوزیر وفى غالب الفردیة والمسئو



٢٦٠

األمر یقوم رئیس الوزراء بوضع حد لذلك ویقرر مسئولیة الوزارة بأكملھا عن الفعل المنسوب للوزیر وینسحب طرح الثقة فى ھذه الحالة

.إلى الوزارة بأكملھا :عیةالوسائل التى تملكھا السلطة التنفیذیة تجاه السلطة التشری: ثانیا

فى مقابل الوسائل التى تملكھا السلطة التشریعیة التى سبق ذكرھا تجاه السلطة التنفیذیة فإن ھناك وسائل تعطى لألخیرة فى مواجھة األولى حتى یكون لكل سلطة مراقبة أعمال السلطة األخرى وعدم استقاللھا بوظیفتھا مطلقا بل تشاركھا سلطة أخرى فى بعض أعمالھا وھذا یدل

التعاون والرقابة بین السلطات فى النظام البرلمانى ویمكن إجمال على :ھذه الوسائل التى تملكھا السلطة التنفیذیة فیما یأتى

:تدخل السلطة التنفیذیة فى تكوین البرلمان - ١من أول الوسائل التى تملكھا السلطة التنفیذیة تجاه البرلمان تبدأ من

التنفیذیة بتقسیم الدولة إلى دوائر تكوین البرلمان ذاتھ إذ تقوم السلطة انتخابیة وتعد جداول االنتخابات وتدعو ھیئة الناخبین لالنتخاب بعد انتھاء المدة المقررة قانونا للمجلس وبعد حل المجلس فى حاالت الحال كما تتولى السلطة التنفیذیة إعداد لجان االنتخاب واالستمارات الخاصة

واتھم، عالوة على أن لھا الحق فى تعیین التى یدلى فیھا الناخبین بأصنسبة معینة ضمن أعضاء المجلس حددھا الدستور المصرى فى المادة

منھ بعدد ال یزید على عشرة أعضاء وھذا الحق معطى لرئیس ٨٧ .الجمھوریة

:دعوة البرلمان لالنعقاد - ٢للسلطة التنفیذیة فى النظام البرلمانى حق دعوة البرلمان لالنعقاد

لساتھ وتأجیلھا بقرار من رئیس الدولة سواء فى األحوال العادیة وفض جأم غیر العادیة وال یعقد البرلمان دوراتھ على مدار الفصل التشریعى الذى یقسم إلى دورات انعقاد عادیة مدة كل منھا عدة شھور خالل العام



٢٦١

ت، إال بعد دعوة السلطة التنفیذیة لھ باالنعقاد فى كل دورة من ھذه الدوراھذا باإلضافة إلى أن السلطة التنفیذیة ھى التى تقوم بفض قرارات

.الدوریة التشریعیة بقرار منھا الحالى فإن رئیس الجمھوریة ١٩٧١ من دستور ١٠١وطبقا للمادة

یدعو مجلس الشعب لالنعقاد للدور السنوى العادى قبل یوم الخمیس "م الدستور فى الیوم الثانى من شھر نوفمبر فإذا لم یدع یجتمع بحك

".المذكور ویدوم دور االنعقاد العادى سبعة أشھر على األقلویفض رئیس الجمھوریة دورتھ العادیة وال یجوز فضھا قبل اعتماد

من الدستور یدعو رئیس ١٠٢الموازنة العامة للدولة وطبقا لنص المادة رة الجمھوریة مجلس الشعب الجتماع غیر عادى وذلك فى حالة الضرو

أو بناء على طلب بذلك موقع من أغلبیة أعضاء مجلس الشعب ویعلن .رئیس الجمھوریة فض االجتماع غیر العادى

:حق اقتراح القوانین - ٣للسلطة التنفیذیة الحق فى أن تشارك البرلمان فى العملیة التشریعیة عن طریق اقتراح القوانین من جانبھا وتقدیمھا للبرلمان لمناقشتھا ویطلق

االقتراح المقدم من جانبھا مشروع القانون، وھذا الحق مقرر لرئیس علىالجمھوریة الذى یقدم مقترحاتھ للمجلس إلحالتھ للجنة خاصة بالمجلس

.لفحصھ وتقدیم تقریر عنھ ومناقشتھ بعد ذلكھذا باإلضافة إلى أن لرئیس السلطة التنفیذیة الحق فى إصدار

لمجلس ویحدد الدستور عادة مدة لھذا القوانین بعد الموافقة علیھا من ااإلصدار كما یحق لرئیس الدولة االعتراض على القوانین قبل انقضاء

.المدة التى یحددھا الدستوروالواقع عمال أن للسلطة التنفیذیة الید الطولى فى اقتراح القوانین على الرغم من أن ھذا الحق مقرر ألعضاء البرلمان الذین أثبتوا عجزھم

القتراحات المقدمة من جانبھم وتكالوءھم على االقتراحات المقدمة فى ا



٢٦٢

من السلطة التنفیذیة األمر الذى یحتاج إلى معالجة ھذه المشكلة وتفعیل .دور أعضاء البرلمان فى المھمة األساسیة المنوطة بھم

:حق دخول البرلمان وحضور جلساتھ - ٤لبرلمانى الحق فى من األمور المقررة للسلطة التنفیذیة فى النظام ا

دخول أعضاءھا البرلمان بل من واجبھا ذلك لالتصال باألعضاء وحضور الجلسات وتقدیم النصح واإلرشاد لھم وتوجیھھم وشرح السیاسة العامة للحكومة والدفاع عنھا حتى ولو بدون دعوة خاصة من جانب المجلس، كما أن من حق الوزراء ورئیس مجلس الوزراء إلقاء بیانات

اخل المجلس ھذا عالوة على جمع بعض الوزراء بین عضویة البرلمان د .ومنصب الوزارة وجریان العرف على ذلك فى بعض الدول

:حق الحل - ٥یقصد بھ حق السلطة التنفیذیة فى إنھاء وكالة أعضاء البرلمان قبل المدة المحددة قانونا وھذا الحق من أخطر األسلحة التى تملكھا السلطة

فى مواجھة السلطة التشریعیة وھو الذى یحقق التعاون بینھما التنفیذیة فكما أن للسلطة التشریعیة سحب الثقة من الوزارة فإن للسلطة التنفیذیة

.الحق فى حل البرلمان قبل اكتمال مدتھوعادة ما تلجأ السلطة التنفیذیة لھذا الحق عند الضرورة كوجود

ارة من رئیس الدولة حل خالف بین البرلمان والحكومة فتطلب الوزالبرلمان وعرض األمر على الشعب واالحتكام لقراره بینھما ولو تم حل المجلس فى تلك الحالة فإن الحل یطلق علیھ الحل الوزارى ألن الوزارة

.ھى التى قامت بھ وطلبتھوقد یكون الحل رئاسیا من جانب رئیس الدولة وذلك إذا أراد

یاستھ فى حالة فقد البرلمان والحكومة الحصول على تأیید الشعب لسالتأیید الشعبى فیقوم بحل البرلمان وإقالة الوزارة الختالفھما معھ فى

.الرأى وفقدھما تأیید الرأى العام لھما



٢٦٣

من الدستور تشترط قیدین على رئیس ١٣٦وفى مصر كانت المادة :الجمھوریة لحل مجلس الشعب ھما

التى یترك تقدیرھا لرئیس توافر حالة من حاالت الضرورة و -١ .الجمھوریة

.موافقة الشعب فى استفتاء عام على الحل -٢ال یجوز لرئیس الجمھوریة حل مجلس " على أنھ ١٣٦فتنص المادة

الشعب إال عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب ویصدر رئیس الجمھوریة قرارا بوقف جلسات المجلس وإجراء االستفتاء خالل ثالثین یوما فإذا أقرت األغلبیة المطلقة لعدد من أعطوا أصواتھم الحل أصدر رئیس الجمھوریة قرار بھ ویجب أن یشتمل القرار على دعوة الناخبین إلجراء انتخابات جدیدة لمجلس الشعب فى میعاد ال یتجاوز ستین یوما من تاریخ

لیة ویجتمع المجلس الجدید خالل األیام العشرة التا. إعالن نتیجة االستفتاء ألغي ٢٦/٣/٢٠٠٧إال أنھ بعد تعدیل ھذه المادة في . إلتمام االنتخاب

النص الجدید الشرط الثاني واستعاض عنھ بأخذ رأي رئیس مجلس ال یجوز لرئیس " الوزراء فجاء النص الجدید علي النحو التالي

الجمھوریة إصدار قرار بحل مجلس الشعب إال عند الضرورة ، وإذا حل ر فال یجوز حل المجلس الجدید لذات األمر، ویجب أن المجلس في أم

یشتمل القرار على دعوة الناخبین إلجراء انتخابات جدیدة لمجلس الشعب ".في میعاد ال یجاوز ستین یوما من تاریخ صدور قرار الحل

ھذه ھى أھم مظاھر التعاون والتوازن بین السلطتین التشریعیة ل والتفاعل بینھما إذ لكل سلطة من والتنفیذیة الحظنا خاللھا التداخ

.السلطتین من الوسائل ما تستطیع أن تأثر بھ فى أعمال السلطة األخرىومن ھذا التفاعل المتبادل بین ممارسة كل من السلطتین الختصاصاتھا تظھر الخصائص التقلیدیة للنظام البرلمانى وما یتضمنھ

.لمساواة بینھمامن فصل مرن بین السلطات مع اإلبقاء على مبدأ ا



٢٦٤

المبحث الثالث النظام الرئاسى

یقوم النظام الرئاسى على أساس الفصل التام بین سلطات الدولة الثالث التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة بحیث تستقل كل سلطة من السلطات بممارسة وظیفتھا المحددة فى الدستور دون تدخل من جانب أى

ئة عن األخرى إلى أقصى درجة وال وذلك باستقالل كل ھی. سلطة أخرىیوجد أوجھ للتعاون والرقابة بین ھذه الھیئات أو السلطات كما ھو الحال

.فى النظام البرلمانىكما یقوم ھذا النظام من ناحیة أخرى على أساس وحدة الجھاز التنفیذى فیجمع رئیس الجمھوریة فى ھذا النظام بین رئاسة الدولة

یمارس مظاھر السلطة التنفیذیة بنفسھ ورئاسة الحكومة ومن ثموبمساعدة من یختاره من أعوان یساعدونھ فى ھذا الشأن ویطلق علیھم تجاوزا وزراء رغم أنھم فى حقیقة األمر ما ھم إال مجرد سكرتیرین أو مساعدین لھ یقوم بتعیینھم وعزلھم كیفماء یشاء ویسألون أمامھ ولیس أمام

.لنظام البرلمانىالبرلمان بخالف الحال فى اوھذه الخصائص للنظام الرئاسى كما نالحظ تختلف عن خصائص النظام البرلمانى الذى یقوم على الفصل مع التعاون بین السلطات وثنائیة الجھاز التنفیذى بخالف النظام الرئاسى الذى فیھ تتفوق السلطة التنفیذیة

اسى ما یسمى ھذا وال یوجد فى النظام الرئ. على السلطة التشریعیةبالحكومة أو الوزارة حیث یستعاض عنھم فى ھذا النظام باصطالح اإلدارة، وتعتبر الوالیات المتحدة األمریكیة مھد النظام الرئاسى وفیھا نشأ ومنھا انتقل إلى العدید من دول العالم وأصبح نموذجا یحتذى بھ

.خاصة فى أمریكا الجنوبیة



٢٦٥

خصص أولھما ألركان ھذا النظام ونعالج ھذا النظام فى مطلبین نوثانیھما لكیفیة تطبیق ھذا النظام فى الوالیات المتحدة األمریكیة وذلك

:على النحو التالى المطلب األول

أركان النظام الرئاسىیقوم النظام الرئاسى على ركنین أساسیین یمیزانھ عن بقیة أنظمة

حصر السلطة الحكم األخرى وھما وحدة الجھاز التنفیذى بحیث تنالتنفیذیة فى ید رئیس الدولة المنتخب من الشعب باإلضافة إلى الفصل

.التام بین السلطات العامة :وحدة الجھاز التنفیذى: أوال

رأینا فى النظام البرلمانى قیامھ على ثنائیة الجھاز التنفیذى فیوجد رئیس دولة غیر مسئول بجوار الوزارة المسئولة وھذا بخالف الحال فىالنظام الرئاسى الذى یجمع فیھ رئیس الدولة بین المنصبین بحیث تتركز فى یده جمیع السلطات فھو رئیس الدولة وفى نفس الوقت رئیس الحكومة وال یوجد رئیس للحكومة بجواره وال مجلس وزراء فالسلطة التنفیذیة فى ھذا النظام فردیة فى ید رئیس الدولة والسبب فى ذلك كما یقول بعض الفقھ أن واضعى الدستور األمریكى أرادوا بذلك تحقیق المساواة بین السلطة التنفیذیة والسلطة التشریعیة فقاموا بتركیز السلطة التنفیذیة فى ید رئیس الجمھوریة والمنتخب من الشعب لیصبح فى مركز متعادل مع

.البرلمان المنتخب من الشعب أیضاس الجمھوریة على البرلمان على إال أن الواقع أثبت رجحان كفة رئی

.نحو ما سنرىورئیس الدولة فى النظام الرئاسى یقوم الشعب بانتخابھ عن طریق االقتراع العام سواء كان مباشرا أم غیر مباشر ألن النظام الرئاسى ال یصلح للتطبیق وال یتماشى مع النظام الملكى الذى یتولى فیھ الملك الحكم



٢٦٦

ا االنتخاب یزید من قوة وسلطان رئیس الدولة عن طریق الوراثة، وھذألنھ یقف على قدم المساواة مع البرلمان ألن كل منھما جاء عن طریق

.الشعب بواسطة االنتخابورئیس الدولة فى ھذا النظام یقوم بممارسة االختصاصات بنفسھ سواء فى إدارة شئون الحكم أم العمل على تنفیذ القوانین فیقوم بوضع

العامة للدولة ویشرف على تنفیذھا كما یمثل دولتھ فى السیاسة .الخ... المؤتمرات الدولیة، ویعین الموظفین ویعزلھم

ویساعده فى ھذا الشأن بعض المعاونین لھ أو السكرتیرین التنفیذیین لھ الذین یعدون أشبھ بالوزراء فى النظام البرلمانى إال أنھم لیسوا وزراء،

ون سیاسیا أمام البرلمان عن السیاسة العامة للدولة ومن ثم فھؤالء ال یسألكما یحدث فى النظام البرلمان فال یتم توجیھ األسئلة أو االستجوابات إلیھم أو غیر ذلك بل إنھم یخضعون خضوعا تاما لرئیس الدولة ویسألون أمامھ مباشرة ومن ثم لھ حق تعیینھم وعزلھم فى أى وقت حسب ما یراه

ألنھم ال یملكون أى سلطات فعلیة أصلیة إذ السلطة بأكملھا رئیس الدولة فى ید رئیس الدولة وما ھم إال مجرد منفذین لتعلیماتھ وسیاساتھ ولذلك

ال وزراء وعلى الوزارات اسم " سكرتیر والدولة"یطلق علیھم اسم .مصالح أو إدارات

كما أن المسئولیة التضامنیة التى ھى من سمات النظام البرلمانىال وجود لھا فى النظام الرئاسى ومن ثم تعد عدم المسئولیة السیاسیة

لذلك . للوزارة أمام البرلمان فى النظام الرئاسى سمة من سماتھ األساسیةوعندما یجتمع . عبر عن النظام الرئاسى بحكومة رجل الشعب المختار

ار بھم رئیس الدولة فى االجتماعات ال یكونون مجلسا للوزراء على غرالنظام البرلمان بل إن اجتماعھم للتشاور وتبادل اآلراء وإبداء النصح للرئیس فى تسییره لدفة أمور الدولة وكل ما یبدونھ من آراء فى مثل ھذه االجتماعات ال تكون ملزمة لھ حیث ال تتعدى ھذه االجتماعات أكثر من



٢٦٧

رئیس ولقد حدث فى عھد ال. أخذ الرأى فقط دون أن یكون مقیدا بھالنكولن أن دعا الوزارة مرة لالجتماع وكانوا سبعة أجمعوا على رأى مخالف لرأیھ فقال لھم متھكما أن رأیھ وإن كان واحدا إال أنھ یجب آرائھم

.ولذلك ال یمثلون وحدة أو كیانا مستقال فى مواجھة رئیس الدولةسئول ولما كانت السلطة الفعلیة فى ید رئیس الدولة فھو وحده الم

سیاسیا طبقا لقاعدة توازن السلطة مع المسئولیة وتكون مسئولیتھ أمام شعبھ الذى قام بانتخابھ وال یسأل أمام المجلس النیابى إال فى حالة الخیانة العظمى وفى المقابل ال یجوز لرئیس السلطة التنفیذیة أن یحل البرلمان،

.تھكما ال یجوز لمعاونیھ دخول البرلمان وحضور جلسا :الفصل التام بین السلطات: ثانیا

یقوم النظام الرئاسى من ناحیة أخرى على أساس الفصل التام أو المطلق أو الجامد بین السلطات خاصة التشریعیة والتنفیذیة أما السلطة القضائیة فإن استقاللھا بممارسة السلطة القضائیة واختیار القضاة عن

صانات معینة ونظام قانونى للمحاكم طریق االنتخاب وتمتع أعضاءھا بح .یضمن لھا االستقالل الكافى

أما السلطتین التشریعیة والتنفیذیة فاألصل أن البرلمان یستقل بالوظیفة التشریعیة دون أى مشاركة من السلطة التنفیذیة بحیث ینھض البرلمان بالتشریع وحده فقط دون إعطاء السلطة التنفیذیة الحق فى

نین أو دعوة البرلمان لالنعقاد أو فض دوراتھ أو حل البرلمان اقتراح القوا .الخ... حال ریاسیا وال التدخل فى إعداد المیزانیة

كما یستقل البرلمان من الناحیة العضویة عن الحكومة فال یجوز الجمع بین المنصب الوزارى وعضویة البرلمان ولو اختار رئیس الدولة

لمان فیجب علیھ تقدیم استقالتھ من بعض وزرائھ من بین أعضاء البرالبرلمان وعلى ذلك تنص المادة األولى فى فقرتھا السادسة من الدستور



٢٦٨

ال یحل ألحد یشغل منصبا خاضعا لسلطات "... األمریكى على أنھ الوالیات المتحدة

ولیس " أن یكون عضوا فى أى من المجلسین ما دام شاغال لمنصبھرلمان بصفة كونھم وزراء وبالتالى ال توجھ للوزراء حضور جلسات الب

إلیھم أیة أسئلة أو استجوابات أو الرد على أعضاء البرلمان ولذا فھم عند حضورھم البرلمان یحضرون فى الشرفة الخاصة بالزائرین وال یجلسون

.فى المقاعد المخصصة ألعضاء البرلمانى عدم تدخل وفى مقابل ذلك تستقل السلطة التنفیذیة عن البرلمان ف

البرلمان فى انتخاب رئیس الجمھوریة حیث یتم انتخابھ عن طریق الشعب وقلنا أن ھذا سبب قوة ونفوذ رئیس الدولة فى النظام الرئاسى ألنھ مختار من مجموع الشعب بخالف عضو البرلمان الذى یمثل أغلبیة

. الناخبین فى دائرتھ فقطى نفوذ على رئیس الدولة، ویترتب على ذلك أن البرلمان لیس لھ أدن

وإذا كان رئیس الدولة ال یملك أى شىء فى العملیة التشریعیة وذلك بمنعھ من حق اقتراح القوانین إال أن لھ حق تنبیھ الكونجرس فى المسائل الھامة التى تمس أمور االتحاد عن طریق ما یسمى بالرسائل التى یرسلھا رئیس

.الدولة إلیھة للمسئولیة السیاسیة أمام البرلمان، وكذلك وال یخضع رئیس الدول

لیس للبرلمان أیة وسیلة فعلیھ على الوزراء فال توجھ إلیھم األسئلة .واالستجوابات وال یقترعون على سحب الثقة

وإذا كان ھذا ھو األصل العام أن یقوم النظام الرئاسى على أساس لى تخفیف حدة ھذا الفصل التام بین السلطات إال أن الواقع العملى أدى إ

الفصل الذى قام بوضعھ مؤسسى الدستور األمریكى الذین كانوا یعتقدون فى أن الفصل التام بین السلطات ھو الضمان الوحید لعدم تعدى أى سلطة

.على أعمال السلطة األخرى



٢٦٩

وسوف نالحظ استحالة الفصل التام بین السلطات خاصة عند الحدیث الجمھوریة والكونجرس األمریكى فى عن تنظیم العالقة بین رئیس

.المطلب التالى المطلب الثانى

النظام الرئاسى فى الوالیات المتحدة األمریكیةتعد الوالیات المتحدة األمریكیة المثل التقلیدى للنظام الرئاسى ومنھا انتقل كما ذكرنا إلى العدید من دول العالم خاصة أمریكا الجنوبیة وبالتالى

درس ھذا النموذج فى مھده األول غیر مبتغین الدراسة فإننا سوف نالتفصیلیة لھ ألن ذلك یخرجنا عن نطاق دراستنا ویحتاج إلى إفراد مؤلف خاص بھ وإنما نرید أن نركز على الطبیعة التى قام علیھا ھذا النظام وكیفیة العالقة بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة وذلك من خالل تطبیقھ

.عین فى ذلك اإلیجاز لئال یتسع منا الموضوع وتترامى أطرافھھناك مرا : الدستور األمریكى والنظام السیاسى فیھ

بعد االستقالل عن ١٧٨٧وضع الدستور األمریكى فى فیالدلفیا عام إنجلترا وھو الدستور الحالى وال زال معموال بھ حتى اآلن مع بعض

وقد أنشأ ھذا . جوھره األساسىالتعدیالت التى أدخلت علیھ والتى لم تمسالدستور السلطات الثالث فى الدولة وحدد لكل منھما مھامھا على

ومھمتھا " الشیوخ والنواب"استقالل فأنشأ السلطة التشریعیة بمجلسیھا الرئیسیة ھى سن القوانین دون تدخل من جانب السلطة التنفیذیة أو

ھو الحال فى النظام التفویض فى ھذه المھمة إلى رئیس الدولة كما – الوزراء -البرلمانى، ومن ثم فال یتدخل رئیس الدولة أو أحد مساعدیھ

فى العملیة التشریعیة ألن ذلك من اختصاص البرلمان وحده، كما ال یملك رئیس الجمھوریة حق التصدیق على القوانین أو إصدارھا بل كل ما

یعیة أن تقوم بنشر التشریع تستطیع السلطة التنفیذیة فعلھ فى العملیة التشر .بعد میالده من البرلمان وتتكفل بتنفیذه



٢٧٠

ویتكون الكونجرس األمریكى من مجلس الشیوخ الذى یتكون من مائة عضو بواقع اثنین عن كل والیة بصرف النظر عن عدد السكان ویتم انتخابھم لمدة ست سنوات على أن یحدد ثلث أعضاء المجلس كل

واب الذى یتكون من أربعمائة وخمس وثالثون سنتین، ومن مجلس النوكال . عضوا تتقاسمھم الوالیات بنسبة عدد سكانھا ومدة عضویتھ سنتان

من المجلسین غیر قابل للحل من جانب السلطة التنفیذیة، كما أنھ لیس لرئیس الجمھوریة حق دعوة البرلمان لالنعقاد أو فض جلساتھ أو تأجیلھا

.ء نفسھ دون دعوة من رئیس الجمھوریةفالمجلس یجتمع من تلقاأما عن السلطة التنفیذیة فقد جعل الدستور األمریكى رئیس

على "الجمھوریة یتولى الحكم عن طریق االنتخاب العام غیر المباشر لمدة أربع سنوات قابلة للتجدید مرة واحدة فقط بحیث یمنع أى " درجتین

ذا المنصب وأعطى رئیس یحصل على فترتین رئاسیتین من تولیة ھالدستور لرئیس الدولة وحده مھام السلطة التنفیذیة وجعل منھ رئیسا

.للدولة ورئیسا للحكومة فى ذات الوقتویستقل رئیس الدولة فى الوالیات المتحدة األمریكیة استقالال تاما فى تعیین وزرائھ ومساعدیھ وعدم توجیھ أسئلة أو استجوابات إلیھم من

مان ومساءلتھم فقط أمام رئیس الدولة الذى یعتبر المسئول جانب البرلاألول والوحید أمام الشعب عن تسییر دفة أمور الحكم ولذا أعطاه

.الدستور حق تعیین الموظفین وعزلھم ومراقبة أعمالھموإذا كان رئیس الدولة یقوم بتعیین الموظفین والمعاونین لھ ویعزلھم

دى البعض مقید بعدم جواز عزل رئیس من مناصبھم إال أن ھذا الحق لالدولة أى موظف إال بعد موافقة رئیس الدولة ومجلس الشیوخ على ھذا

الخاص بالوظائف المدنیة الذى ١٨٦٧العزل خاصة بعد صدور قانون قرر أن جمیع الموظفین یعینون بموافقة رئیس الدولة ومجلس الشیوخ

إال أن ھذا القانون سرعان ما .وال یعزلون من مناصبھم إال بعد موافقتھما



٢٧١

وتأكد حق رئیس الدولة فى عزل ١٨٨٧لبث وأن الغى نھائیا سنة سكرتیریھ وموظفیھ وعدم إمكان أى جھة إجباره على عزل أحد وزرائھ

.مھما كانت التھم المنسوبة إلیھولئن كان الدستور األمریكى ینص على وجوب موافقة مجلس

قد جرى ١٧٨٧إال أن الواقع العملى منذ الشیوخ على تعیین الموظفین على أن تصدیق مجلس الشیوخ على تعیین الوزراء یتم بطریقة آلیة ودون مناقشة، بید أن ھناك قیودا فرضھا الواقع على حریة رئیس الدولة فى ھذا النطاق فعلى الرغم من أنھ كزعیم للحزب الفائز فى االنتخابات ال

غیر أعضاء حزبھ لذا كثیرا ما یلجأ إلى یستطیع أن یختار معاونیھ مناختیارھم من السیاسیین ورجال المال الذین وقفوا بجانبھ فى االنتخابات ویعینھم فى المناصب الكبرى مقابل المجھودات التى بذلوھا معھ فى

.الدعایة االنتخابیة أو نظیر التبرعات الضخمة للمعركة االنتخابیةفى النظام الرئاسى عن النظام ولذا یختلف وضع رئیس الدولة

البرلمانى حیث إن رئیس الدولة یسود ویحكم فى النظام الرئاسى فھو .الذى یرسم السیاسة العامة للدولة ویقوم بتنفیذھا

كما یستأثر بتصریف جمیع الشئون الخارجیة من إبرام المعاھدات رجال وتنفیذھا واالعتراف بالحكومات الجدیدة والدول الناشئة واختیار

السلك السیاسى ومراقبتھم وتوجیھ مندوبى الدول فى األمم المتحدة واإلشراف على سیر العالقات مع الدول األجنبیة وھو القائد العام للقوات

.المسلحة ومن حقھ إرسال قوات مسلحة للخارجأما بخصوص السلطة القضائیة فإنھا تتمتع باالستقالل التام حیث یتم

انب الشعب مباشرة وال یخضعون للسلطة التنفیذیة انتخاب القضاة من جفى تعیینھم كما كفل الدستور االستقالل التام لمباشرة القضاة لوظیفتھم واشترط عدم تعدیل نظام المحكمة العلیا إال وفقا لإلجراءات الخاصة

.بتعدیل الدستور وأعطاھا الحق فى مراقبة دستوریة القوانین



٢٧٢

االستقالل التام بین السلطات الثالث إال وبھذا الوضع كفل الدستور أن بعض النصوص الدستوریة یستفاد منھا إضافة إلى الواقع العملى استحالة ھذا الفصل التام بین السلطات ونلحظ ذلك فى التطبیق العملى

.للنظام الرئاسى فى الوالیات المتحدة األمریكیةنا بین السلطات وإذا كان الدستور قد فصل فصال تاما كما سبق وأشر

الثالث فى الدولة إال أن الدستور نفسھ قد نص على بعض األمور تعد من مظاھر التعاون واالتصال بین السلطتین ھذا باإلضافة للواقع العملى بحیث أصبح تطبیق مبدأ فصل السلطات فى النظام األمریكى من الناحیة

العملى لھ ھو العملیة متعذر تطبیقھ تطبیقا جامدا وأصبح التطبیق االستقالل مع تحقیق قدر من التوازن وتبادل الرقابة ال یؤدى إلى اإلخالل بمبدأ الفصل وسوف نلحظ وجود قدر من االتصال الفعلى والمستمر بین

. السلطتین التشریعیة والتنفیذیة لتحقیق االنسجام بینھمابیل ومن ھذه المظاھر نجد الدستور قد سمح للسلطة التنفیذیة على س

االستثناء دعوة البرلمان لالنعقاد لدورات غیر عادیة فى الظروف االستثنائیة كما أعطاه الحق فى حالة نشوب خالف بین المجلسین على

. موعد إرجاء الجلسات أن یرجئھا إلى الموعد الذى یراه مناسباكما سمح الدستور لرئیس الدولة حق توجیھ البرلمان بتوصیة أو

رسالة یبعث بھا إلى البرلمان فى المسائل التى یراھا رغبة عن طریق ضروریة ألنھ لیس من حقھ اقتراح القوانین وھذه الرسائل غیر ملزمة للبرلمان وكانت فى بدایتھا تحمل أھدافا وتوجیھات عامة ثم أصبحت تتضمن مقترحات تشریعیة إال أنھا ال تصل إلى صورة مشروع قانون

لبرلمانى حیث یحق لرئیس الجمھوریة التقدم كما ھو الشأن فى النظام ابمشروع قانون للبرلمان بما لھ من حق اقتراح القوانین لذا شبھھا البعض

".بضربة عصا أو بطلق نارى فى الھواء"



٢٧٣

ویأتى تدخل الرئیس إما بطریق غیر مباشر أو بطریق مباشر حیث یقترحوا یستطیع الرئیس أن یطلب من أصدقائھ وأنصاره فى البرلمان أن

قانونا معینا، وبطریق مباشر حیث یقوم الرئیس باقتراح ما یشاء من القوانین فى ملحق خاص یرفق بالرسالة السنویة التى یلقیھا الرئیس عن

.حالة الدولةوإذا كان رئیس الدولة ال یملك التدخل فى إعداد المیزانیة العامة فیما

لك إال أن العمل قد جرى على یتعلق بالنواحى المالیة وقیام الكونجرس بذقیام سكرتیر الشئون المالیة إرسال تقریر سنوى للبرلمان متضمنا

لرئیس الجمھوریة بسلطة ١٩٢١االرادات والنفقات واعترف قانون إعداد میزانیة حكومیة وتقدیمھا للبرلمان وأنشأ مكتبا خاصا لمساعدتھ فى

.ھذا الشأن حق االعتراض على القوانین كما قرر الدستور لرئیس الجمھوریة

التى یوافق علیھا البرلمان وھذا الحق توقیفى فقط أى مؤقت فال یترتب علیھ إلغاء القانون بل إن ما یترتب علیھ ھو وقف نفاذ القانون فقط وإعادتھ مرة أخرى إلى الكونجرس مع بیان أسباب االعتراض

لى ذلك بإعادة والتعدیالت التى یراھا ویستطیع البرلمان أن یتغلب ع .الموافقة على القانون بأغلبیة خاصة وإما أن یوافق على االقتراحات

كما أعطى الدستور الحق لرئیس الدولة سلطة إصدار اللوائح التنفیذیة للقوانین باإلضافة إلى اللوائح التفویضیة التى أقرت المحكمة الدستوریة شرعیة دستوریتھا للضرورات العملیة التى فرضتھا

قتضیات العصر حتى تستطیع اإلدارة مواجھة المشاكل المتجددة م .والمعقدة

وبذلك أثبت الواقع الفعلى رجحان كفة رئیس الجمھوریة وجعلھ فى مركز أقوى فى ھذا النظام مستندا إلى كونھ منتخبا من الشعب فى

.مجموعھ ویتمتع بتأیید أغلبیتھ



٢٧٤

التشریعیة والتنفیذیة ما ومن مظاھر العالقة التى نشأت بین السلطتینأسفر عنھ التطور من تدخل السلطة التشریعیة فى بعض أعمال السلطة التنفیذیة فإذا كان رئیس الدولة من حقھ تعیین الموظفین وعزلھم فإن التطورات العملیة أدت إلى إعطاء مجلس الشیوخ حق رقابة رئیس الدولة

الوزراء ورجال السلك عند تعیین كبار ھؤالء الموظفین االتحادیین كالدبلوماسى وقضاة المحكمة العلیا وغیرھم من الموظفین الذین لم ینص الدستور على طریقة أخرى لتعیینھم باإلضافة إلى التدخل فى السیاسة الخارجیة عن طریق إبرام المعاھدات الدولیة باشتراط موافقة مجلس

ى تقوم علیھ الشیوخ األمریكى ویرجع ذلك إلى الشكل االتحادى الذ .الوالیات المتحدة األمریكیة

فالمعاھدة ال تكون نافذة إال إذا وافق علیھا ثلثا عدد أعضاء مجلس الشیوخ الحاضرین وإذا كان العرف قد جرى على أن یستقل رئیس الدولة بتعیین الوزراء وعزلھم دون الرجوع لمجلس الشیوخ ألخذ رأیھ إال أنھ

ما زال الحال یجرى على حق مجلس الشیوخ فیما یتعلق بتعیین السفراء .فى االشتراك فى تعیینھم ومراقبة سیاسة الرئیس الخارجیة

ومن مظاھر تدخل السلطة التشریعیة كذلك ما یملكھ مجلس النواب من اتھام رئیس الدولة والوزراء وجمیع الموظفین المدنیین االتحادیین

ذى یعد اإلجراء الimpachmentوھو ما یعرف باالتھام الجنائى الوحید المستخدم لتحریك المسئولیة الجنائیة وھذه المسئولیة ال تخضع لقواعد القانون الجنائى العادى ألن الرئیس یتمتع بحصانة قانونیة ومن ثم ال یجوز القبض علیھ أو اتھامھ أو محاكمتھ مثل األفراد العادیین ومع ذلك

یة الجنائیة التى تسرى على فإنھ یخضع لذات القواعد الخاصة بالمسئولجمیع الموظفین الذین یشغلون وظائف عامة مدنیة فى الحكومة الفیدرالیة

والتى حصرت أسباب وفقا للمادة الثانیة من الدستور فى فقرتھا الرابعةاالتھام فى الخیانة والرشوة وغیرھا من الجنایات والجنح الخطیرة



٢٧٥

ب وسلطة محاكمتھ لمجلس وأسندت سلطة اتھام الرئیس لمجلس النوا . الشیوخ والعقوبة التى توقع علیھ ھى العزل

ویشترط للحكم باإلدانة صدور القرار بأغلبیة ثلثى أعضاء المجلس على األقل ویرأس رئیس المحكمة العلیا الجلسة والحكم الصادر باإلدانة ال یتعدى العزل ومنع شغل أى وظیفة فى الوالیات المتحدة مستقبال حتى

. لو كانت مجرد وظیفة شرفیةووقد استخدم ھذا اإلجراء ضد العدید من رؤساء الجمھوریة من قبل مجلس النواب ومنھم من رفض مجلس الشیوخ عزلھ لعدم اكتمال األصوات ومنھم من سارع بتقدیم استقالتھ ومنھ من أنقذتھ انتخابات

أثناء التجدید النصفى للكونجرس وحصول حزبھ على أغلبیة المقاعد .محاكمتھ

ومن صور التعاون بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة التى أتثبتھا الواقع العملى قیام رجال السلطة التنفیذیة باالتصال باللجان البرلمانیة التى تقوم داخل البرلمان بدراسة مشروعات القوانین وذلك بھدف تقدیم

وكثیرا ما تتلمس روعاتالبیانات وتبادل المشورة بالرأى بشأن تلك المشاللجان رغبة الوزراء واالتجاھات التى تراھا السلطة التنفیذیة فى رسم

وفى . السیاسة العامة وتعمل على سن التشریعات بما یالئم تلك الرغباتمقابل ذلك تخضع السلطة التنفیذیة لنوع من الرقابة البرلمانیة على

.أعمالھا عن طریق ھذه اللجانسبق یتضح أن تطبیق النظام الرئاسى فى الوالیات ومن خالل ما

المتحدة األمریكیة تمخض عنھ عدم الفصل التام والمطلق بین السلطات العامة بل تم التخلى عن ذلك الفصل واألخذ بالتعاون واالتصال بین السلطات وإن لم یصل ھذا التعاون إلى الحد الموجود فى النظام البرلمانى

م نجاحا كبیرا فى الوالیات المتحدة للظروف ولقد حقق ھذا النظاواألوضاع ھناك وفشل فى كثیر من الدول التى نقلتھ لنزوع رؤساءھا



٢٧٦

إلى االستبداد والطغیان بالسلطة ھذا من ناحیة ،ومن ناحیة أخرى عدم التربیة السیاسیة الخاصة لتقبل ھذا النظام مما یثیر الخالف والنزاع بین

والتنفیذیة وغالبا ما ینتھى األمر إما بقیام ثورة أو السلطتین التشریعیة .انقالب



٢٧٧

المبحث الرابع نظام حكومة الجمعیة النیابیة أو النظام المجلسى

یقوم نظام حكومة الجمعیة أو النظام المجلسى على أساس دمج السلطات وخاصة السلطتان التشریعیة والتنفیذیة فى ھیئة واحدة على أن

لسلطة التشریعیة وھذه الھیئة أو الجمعیة ھى التى تتولى تكون الغلبة لمباشرة الوظیفة التشریعیة والتنفیذیة معا وإن كانت ھذه الجمعیة تتولى الوظیفة التشریعیة مع ترك الوظیفة التنفیذیة إلى لجنة خاصة تباشرھا باسمھا وتحت رقابتھا وإشرافھا فالسلطة التنفیذیة جزء من الجمعیة تابع

.لھافھذا النظام یقوم على أساس عدم المساواة بین السلطتین التشریعیة والتنفیذیة حیث تعلو السلطة التشریعیة وتسمو على السلطة التنفیذیة

.وتسئل األخیرة أمام الجمعیة مسئولیة كاملةوسوف نتناول شرح خصائص نظام حكومة الجمعیة النیابیة ثم

:تطبیقاتھ وذلك فى مطلبین متعاقبین المطلب األول

خصائص نظام حكومة الجمعیة النیابیةتتمیز حكومة الجمعیة النیابیة بمجموعة خصائص تمیزھا عن غیرھا

:من أنظمة الحكم ویمكن إجمال أھم ھذه الخصائص فیما یأتى :تركیز السلطة فى ید البرلمان - ١

حیث تجتمع السلطتین التشریعیة والتنفیذیة فى ید البرلمان أو المجلس النیابى وذلك على أساس أن السیادة وحدة واحدة ال تتجزأ وأن ھذه الجمعیة أو المجلس المعبرة عن إرادة األمة كوحدة واحدة ولذلك یقبض البرلمان على زمام األمور فى الدولة ویتولى العملیة التشریعیة دون

.شریك، ھذا باإلضافة إلى إشرافھ على الھیئة التنفیذیة



٢٧٨

:لتنفیذیة للسلطة التشریعیةتبعیة السلطة ا - ٢لما كانت السلطة التشریعیة فى ید الجمعیة تتوالھا بنفسھا فإنھ من الصعب علیھا أن تتولى مباشرة مھام التنفیذ لذا فإنھا تعھد بالوظیفة التنفیذیة إلى لجنة أو جماعة تتولى القیام بھا نیابة عنھا ویكونون

البرلمان باختیار أعضاء خاضعین لھا خضوعا تاما وعلى ذلك یقومالسلطة التنفیذیة ویجب علیھم العمل على تنفیذ سیاستھ ویأتمرون بأوامره وتوجیھاتھ، كما یحق للسلطة التشریعیة من خالل تبعیة السلطة التنفیذیة لھا أن تعدل وتوقف وتلغى قرارات الھیئة التنفیذیة إذا ما جاءت مخالفة

ریعیة مساءلة أعضاء الھیئة التنفیذیة بل لسیاستھا، كما تملك السلطة التشوعزلھم فى حین ال تملك الھیئة التنفیذیة حل البرلمان ألنھ تابع أو مجرد

. مندوب ال یملك أى استقالل عن البرلمان :ـ جماعیة القیادة٣

تتمیز حكومة الجمعیة فى أن القیادة بھا قیادة جماعیة فال تترك لفرد ب مع طول الوقت مركزا قویا ونفوذا كبیرا لذا واحد من الممكن أن یكتس

تضعھا فى ید ھیئة جماعیة تقوم باختیارھا بنفسھا حتى تضمن خضوعھا لھا فأعضاء المجلس النیابى یقومون باختیار أعضاء الھیئة التنفیذیة ویطلق علیھم أعضاء المجلس التنفیذى یختار من بینھم الرئیس الذى

.الخ... أو رئیس الجمھوریة أو الوزیر األولیطلق علیھ رئیس الوزراءوھذا الرئیس لیس لھ إال مجرد سلطة شرف ولیست فعلیة على أنھ فى الظروف االستثنائیة یوكل البرلمان فردا واحدا للقیام بمھمة السلطة التنفیذیة لكى یكون ھناك سرعة فى التصرف والحزم فى معالجة

.وفالمشاكل التى تظھر خالل تلك الظرعلى أن ھذه القیادة الجماعیة تختلف من حیث األساس الفكرى واألیدلوجى فى الدیمقراطیات الغربیة عنھا فى بالد الكتلة االشتراكیة والشیوعیة التى تعتبر جماعیة القیادة فیھا ھى المبدأ األعلى للقیادة



٢٧٩

وواضح من الحزبیة وھى الشرط الالزم لنشاط المنظمات الحزبیة العادىصائص ھذا النظام عدم وجود توازن أو مساواة بین السلطتین خ

.التشریعیة والتنفیذیة بل إن البرلمان لھ الغلبة على ما عداه من سلطات المطلب الثانى

تطبیقات حكومة الجمعیة النیابیة ظھر نظام حكومة الجمعیة وطبق فى فرنسا فى فترات من تاریخھا

مع قیام الحركات الثوریة، كما طبق ھذا السیاسى متباعدة وغالبا ما ظھر النظام فى الدساتیر الحدیثة إال أنھ لم یلبث أن اختفى من التطبیق بعد ذلك

وفى بعض دساتیر بعض الوالیات ١٩٢٠مثل دستور النمسا الصادر فى الداخلة فى االتحاد األلمانى مثل بروسیا وبافاریا، كما أخذ بھ دستور

ال أن الواقع العملى باعد بین نصوص الدستور إ١٩٢٤تركیا الصادر فى ونظام حكومة الجمعیة على ید مصطفى كمال أتاتورك الذى حولھ إلى نظام دكتاتورى وأصبحت الحكومة ال البرلمان ھى صاحبة الكلمة العلیا فى البالد لدرجة وصلت إلى قیام رئیس الجمھوریة باختیار أعضاء

ى البالد فى ذاك الوقت فمن یقوم البرلمان من أعضاء حزبھ الوحید فالرئیس بتزكیتھ فى الحزب باعتبار رئیس الجمھوریة ھو رئیس الحزب

.ضمن الفوز فى االنتخاباتعلى أن االتحاد السویسرى ھو الذى یعتبر التطبیق الناجح فعلیا والذى أعطى لھذا النظام قیمتھ الدستوریة لدرجة جعلت بعض الفقھ

وعلى ذلك سوف نعرض فى عجالة د لھذا النظامیعتبره المثال الوحیسریعة لتطبیق ھذا النظام فى فرنسا ثم فى االتحاد السویسرى على النحو

:التالى :تطبیق نظام حكومة الجمعیة فى فرنسا: أوال

ذكرنا أن فرنسا قد طبقت ھذا النظام فى تاریخھا على فترات متباعدة د الثورة التى أطاحت بالملكیة بع١٧٩٥ إلى عام ١٧٩٢كانت بدایتھا عام

وكانت المرة ١٨٤٨ ثم تكرر للمرة الثانیة بعد ثورة ١٧٩٢فى عام



٢٨٠

الثالثة بعد انھیار إمبراطوریة نابلیون الثالث أمام الغزو األلمانى لفرنسا وكانت فى كل مرة من ھذه الثالث تتولى الجمعیة الوطنیة ١٨٧١سنة

دستور جدید للبالد، ففى المرة بصفة مؤقتة مظاھر السلطتین لحین وضع زمام األمور la conventionاألولى تولى البرلمان الذى اشتھر باسم

وفى المرة الثانیة تولت الجمعیة التأسیسیة زمام األمور وأنابة خمسة أشخاص عنھا لمھام السلطة التنفیذیة منھم الجنرال كافینیاك ومنحتھ لقب

ا أما فى المرة الثالثة فقد اختارت رئیس المجلس وجعلتھ مسئوال أمامھ لتولى السلطة التنفیذیة ثم من بعده thiersالجمعیة الوطنیة السیر

.مكماھون :تطبیق حكومة الجمعیة النیابیة فى سویسرا: ثانیا

یعتبر النظام السویسرى اآلن النموذج الوحید لتطبیق نظام حكومة عة نظام ھذا االتحاد الجمعیة فى العالم وإن وقع خالف فقھى حول طبی

السویسرى ومرجع ذلك إلى استقالل المجلس الفیدرالى الذى یباشر .السلطة التنفیذیة واستقراره واتساع اختصاصاتھ

على أن الرأى الراجح لدى غالبیة الفقھ أن ھذا النظام ھو نظام ویقوم ھذا النظام على أساس وجود ھیئتین على رأس حكومة الجمعیة

:االتحاد وھما l’assemblée fédéral الجمعیة الفیدرالیة أو االتحادیة - ١

یعتبر البرلمان فى المقام األول ھو صاحب السلطة العلیا فى الدولة :ویطلق علیھ الجمعیة االتحادیة أو الفیدرالیة ویتكون من مجلسین

المجلس الوطنى وھو المجلس الشعبى المكون من نواب الشعب -أویتكون من مائتان عضوا یتم توزیعھم بین السویسرى المنتخبین

المقاطعات بنسبة عدد السكان فى كل مقاطعة حیث یختارون على أساس شخص من جملة السكان ولكل مقاطعة أو ٢٤٠٠٠عضو واحد عن كل

من عدد الشعب الحق فى أن % ٢نصف مقاطعة عدد سكانھا یقل عن المجلس بطریقة یمثلھا عضو واحد بالمجلس، ویتم انتخاب أعضاء ھذا



٢٨١

مباشرة عن طریق االقتراع السرى الشخصى ویتم االنتخاب بنظام القائمة المرن فیحق للناخب أن یدلى بصوتھ بالموافقة على قائمة أحد األحزاب كما ھى ولھ أن یشطب بعض األسماء أو أن یستبدلھا بأسماء

.وردت فى قوائم أخرىون من نواب المقاطعات مجلس المقاطعات أو الوالیات والذى یتك-ب

من دستور االتحاد ٨٠حیث یمثل كل مقاطعة عضوان وطبقا للمادة السویسرى یتكون ھذا المجلس من مقاطعات االتحاد السویسرى ویتكون من ست وأربعین نائبا یمثلون جمیع المقاطعات بحیث ینوب عن كل مقاطعة عضوان وعن كل نصف مقاطعة نائبا واحدا حیث تنقسم

طعات سویسرا إلى عشرون مقاطعة كاملة وثالثة مقاطعات منقسمة مقاإلى قسمین وینتخب أعضاء ھذا المجلس لمدة أربع سنوات ویترك لكل

.مقاطعة الحریة فى تحدید طریقة انتخاب نوابھا :اختصاصات الجمعیة الفیدرالیة

الجمعیة االتحادیة طبقا للدستور السویسرى ھى التى تمارس السلطة یا فى الدولة االتحادیة وھى التى تقوم باإلشراف على شئون الحكم العل

واإلدارة وذلك عن طریق انتخاب أعضاء المجلس االتحادى وكذلك أعضاء المحكمة الفیدرالیة العلیا والمحكمة الفیدرالیة للتأمین والقائد العام للجیش ولھا صالحیة العفو عن الجرائم السیاسیة الكبرى ویتم اجتماعھا

تحت رئاسة رئیس المجلس الوطنى وتتخذ قراراتھا باألغلبیة العادیة للمصوتین كما تختص بالنظر فى منازعات االختصاص والنظر فى التقریر السنوى المقدم من الحكومة االتحادیة باإلضافة إلى رقابتھا

وھى تجتمع مرة . علیھا، عالوة على إعالن الحرب وعقد المعاھداتفى دورة عادیة حسب نص الدستور إال أن الواقع یزید واحدة فى السنة

من اجتماعاتھا سنویا ویجوز اجتماعھا فى دورات غیر عادیة بناء على طلب من المجلس االتحادى أى ربع أعضاء المجلس الوطنى أو خمس

.مقاطعات على األقل



٢٨٢

الذى یتولى السلطة التنفیذیة ویتكون طبقا للمادة المجلس االتحادى-٢ من الدستور السویسرى من سبعة أعضاء تنتخبھم الجمعیة الفیدرالیة ٩٥

) مجلس المقاطعات–المجلس الوطنى (باألغلبیة المطلقة للمجلسین من ٩٨وینتخب من بینھم رئیسا لالتحاد لمدة سنة واحدة طبقا للمادة

الدستور وال ینفرد ھذا الرئیس بالسلطة ألن منصبھ ال یعد سوى منصب ومن ثم لیست لھ أى سلطات فعلیة أو مزایا على بقیة أعضاء شرفى،

كان یتحتم تمثیل والیات معینة ١٩٤٤المجلس ولكنھ أولھم، وحتى عام فى ھذا المجلس ثم عدل عن ھذا النظام وأصبح تمثیلھ من حق جمیع الوالیات كما یختار المجلس نائب للرئیس بنفس الشروط الواجب توافرھا

.فى رئیس المجلسویحظر الجمع بین عضویة الجمعیة الفیدرالیة والمجلس االتحادى وفى حالة الجمع یفقد العضو مقعده داخل البرلمان فور انتخابھ، وال یجوز لعضو المجلس االتحادى أن یشغل أى منصب رسمى فى خدمة االتحاد أو المقاطعة أو أن یعمل فى أى نشاط أو مھنة أخرى طوال فترة

.تولیھ منصبھكما ال یجوز انتخاب أكثر من عضو واحد فى المجلس الفیدرالى من

وینعقد المجلس مرة واحدة على األقل كل أسبوع وال یكون نفس الوالیةوتكون مناقشات االجتماع صحیحا إال بحضور أربعة أعضاء على األقل

المجلس ومداوالتھ سریة وكذلك التصویت على أخذ القرارات والبد عند .قرار من تصدیق ثالثة أعضاء على األقلاتخاذ أى

ویخضع المجلس االتحادى للمسئولیة الكاملة أمام البرلمان عن جمیع أعمالھ وعلیھ أن یقدم تقریرا سنویا عن أحوال االتحاد للبرلمان لیناقشھا ویقوم بتوجیھھ ومتابعتھ ورقابتھ عن أعمالھ، وھكذا تسیطر السلطة

ذیة فى نظام حكومة الجمعیة النیابیة فى التشریعیة على السلطة التنفی . سویسرا



Documents

ﺔﻴﺳﺎﻴﺴﻟﺍ ﻢﻈﻨﻟﺍ - olc.bu.edu.egolc.bu.edu.eg/olc/images/113.pdf · ٢ ﺔﻣﺎﻋ ﺔﻣﺪﻘﻣ ،ﻦﯿﻤﻟﺎ ﻈﻟا ﻲ ﻠﻋ ﻻإ ناوﺪ ﻋﻻو