62
١ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﺜﺎﺒﺕ: ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻅﺎﻡ أ. د. ﺳﻠﯿﻤﺎن أﺑﻮ أﺣﻤﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ ﻋﺒﺪ١٩ / ١٠ / ١٤٢٨ ھـ٣١ / ١٠ / ٢٠٠٧ م

ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

  • Upload
    others

  • View
    8

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١

تجديد الخطاب اإلسالمي المعاصر ظام العقوبات نموذجان: الثابت والمتغير

عبد الحمید أحمد أبو سلیمان. د.أ

ھـ١٩/١٠/١٤٢٨ م٣١/١٠/٢٠٠٧

Page 2: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢

سيرة ذاتية الدكتور عبدالحميد أحمد محمد أبو سليمان

.م١٩٣٦/ هـ ١٣٥٥من أبناء مكة المكرمة، ولد بها عام §ل في مكة على تعليمه االبتدائي والثانوي، وتخرج في مدرسة تحـضير البعثـات تحص §

.م١٩٥٥/هـ١٣٧٤سنة م، ١٩٥٩/ هــ ١٣٧٨حصل على بكالوريوس ا لتجارة في قسم العلوم السياسية عـام §

.من كلية التجارة بجامعة القاهرةقاهرة، سـنة حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من كلية التجارة بجامعة ال §

.م١٩٦٣/هـ١٣٨١وحصل على درجة الدكتوراه في العالقات الدولية من جامعة بنسلفانيا بفيالدلفيـا فـي §

).م١٩٧٣/ هـ ١٣٩٣(الواليات المتحدة عام عمل أمينا الجتماعات المجلس األعلى للتخطيط بالمملكة العربية السعودية، ثم عـضوا §

في جامعـة الملـك سـعود ) كلية التجارة سابقا(ة في هيئة التدريس بكلية العلوم اإلداري .، ورئيسا لقسم العلوم السياسية فيها)جامعة الرياض سابقا(بالرياض

من مؤسسي اتحاد الطلبة المسلمين في الواليات المتحدة األمريكيـة وكنـدا، واالتحـاد § .لرياضاإلسالمي للمنظمات الطالبية، ورئيس مجلس اإلدارة األسبق لمدارس منارات ا

األمين العام المؤسس لألمانة العامة للندوة العالمية للشباب اإلسالمي بالرياض بالمملكـة §العربية السعودية، الرئيس األول ومؤسس للمعهد العالمي للفكر اإلسالمي،والمدير العام السابق للمعهد العالمي للفكر اإلسالمي، والرئيس المؤسـس لمؤسـسة تنميـة الطفـل،

رئيس السابق لجمعية علماء االجتماعيات المـسلمين بالواليـات المتحـدة والمؤسس وال . المجلة األمريكية للعلوم االجتماعية اإلسالمية ورئيس سابقاألمريكية وكندا، ومؤسس

.م١٩٩٩-م ١٩٨٨مؤسس ومدير الجامعة اإلسالمية العالمية في ماليزيا §

.هـ١٤١٩/م١٩٩٩رئيس المعهد العالمي للفكر اإلسالمي §

) الريـاض (صاحب ومدير عام مكتب دار منار الرائد لالستشارات التربوية والتعليمية § .م٢٠٠٣/هـ١٤٢٤

مـن المنظـور –له عدد من الكتب واألبحاث واألوراق العلمية والفكرية التـي تهـتم § بالتغيير وبالجوانب اإلبداعية اإلصـالحية لألمـة فـي العقيـدة والرؤيـة –اإلسالمي

.ة، وفي الفكر والمنهج والثقافة، وفي التربية والوجدان المسلمالحضارية اإلسالمي

Page 3: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣

، )م١٩٦٠" (الفلـسفة والوسـائل المعاصـرة : نظرية اإلسالم االقتـصادية "من مؤلفاته §" اتجاهات جديدة للفكـر والمنهجيـة اإلسـالمية : النظرية اإلسالمية للعالقات الدولية "والخطـة : إسالمية المعرفـة "شتراك م، وباال )١٩٨٦" (أزمة العقل المسلم "، و )م١٩٧٣(

العنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر اإلسالمي بين المبدأ "و) م١٩٨٦" (واإلنجازاتقضية ضرب المـرأة وسـيلة لحـل الخالفـات "، و )م٢٠٠٢" (رؤية إسالمية : والخيار اإلصالح اإلسالمي "، )م٢٠٠٤" (أزمة اإلرادة والوجدان المسلم "، و )م٢٠٠٣!" (الزوجية

" ٢٠٠٥اإلنسان بين شـريعتين "، "م٢٠٠٤الثابت والمتغير، تجربة الجامعة اإلسالمية : قـصة : كنوز جزيرة البنـائين )" "للصغار والكبار (قصة عقدية تربوية : جزيرة البنائين في الفكر والتاريخ اإلسالمي إشكالية االستبداد والفساد )" "للشباب والكبار (عقدية تربوية

". م٢٠٠٧الرؤية الكونية القرآنية الحضارية : صحاب واألعراببين األ" "م٢٠٠٧

لـه إسهامات هامة في إقامة عدد كبير من المؤتمرات والنـدوات الفكريـة والثقافيـة §العالمية، والمحاضرة فيها، وتقديم األوراق الفكرية وكتابة أوراق عملها، واقتراح الكثير

. من توصياتها

Page 4: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤

اهللا الرحمن الرحیمبسم تجديد الخطاب اإلسالمي المعاصر

ظام العقوبات نموذجان: الثابت والمتغير عبد الحمید أحمد أبو سلیمان. د

مقدمــــة أمهيــة هذا البحث أنه يتناول اخلطـاب اإلسـالمي املعاصـر بـشأن الثوابـت

كن للحضارة اإلسالميـــة، واألمـة اإلسالميــة، بطبيعـة اإلسالميــة؛ اليت ال مي تكوينها العقدي واحلضاري، أن تنهض وتنمو وتزدهر، ما مل تتمثلـها وتلتزمهــا أساسـا

. حقيقيا عمليا حلياا وحركتها االجتماعية واحلضاريـةميــة وإعادة وإذا كان هذا األمر شرطا أساسيا لنهضة األمة وإحياء احلضارة اإلسال

بنائها يف عامل اليوم مبتغرياته وحتدياته، فإنه ال بد للمفكريـن والعلماء واملـثقفني املـسلمني، أال تنام جفوم ،والذين هم العقول واأليدي اليت حترك مفتاح تشغيل حركة اإلحياء والتغيري

ها، ووعيها نصا وروحا حىت يدركوا السبب يف أزمـة متثل األمـة هلذه الثوابت واإلقبال علي . ومنطلقات عملية فاعلة ميكن االقتناع ا، والتزامها يف حيام وحركـة جمتمعام

أن هناك خلال يف اخلطاب اإلسالمي املعاصر بشأن هذه من وكما هو احلال فإنه ال بد ما نرى مـن حـرية على كون األمة الثوابت ومتثلها يف واقع حياة األفراد وحياة األمـة؛ لت

وسلبية يف متثـل كثري من هذه الثوابت، فإذا أدركنا ما أصاب رؤيــة األمــة الكونيـة من تشوه، وما أصاب منهج معرفتها وفكرها من خلل، وما أصاب ثقافتها من تلوث، ومـا

ادية؛ أصاب نفسيتها ووجداا من تأثري األساليب التربوية السلطوية واملمارسـات االسـتبد أمكننا أن ندرك ما أصاب اخلطاب اإلسالمـي املعاصر من تشوهات تفسر إىل حـد كـبري

أداء ، ويف املعاصـرة حال األمـة وإفرازاا املريضة يف خمتلف جوانب احلياة االجتماعيــة . نظمها وممارستها الفعلية

لكونية االسـتخالفية ويوظف هذا البحث منهج إسالميــة املعرفـة برؤية اإلسالم ا إلعادة النظر يف أحـد ،)systematic(احلضارية؛ بتكامل منهجي مشويل األداء املنضبط

حملاولـة ليكون منوذجا وذلك العقوبات اإلسالمي؛ ) نظام( قانون أهم ثوابت الشريعة، وهو ـ ي إعادة بناء اخلطاب اإلسالمي املعاصر على ضوء نصوص الشريعـة، ويف ضوء الفهم العلم

Page 5: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥

للسنن يف طبائع البشر، ويف ضوء كليات التشريع اإلسالمـي ومقاصده؛ استجابة حلاجـات . املعاصررـيلبناء اتمع اإلنساين اخليف الزمان واملكان الواقع، ومتكينا

إدراك أمهيــة اإلصالح الفكري لألمـة، ودعـوة ي إن الغاية من هذا البحث؛ ه ة النظر يف خطابات األمــة بشأن ثوابتها؛ باملنـهج واألسـلوب املفكرين والعلماء إلعاد

العلمي اإلسالمــي القومي؛ الذي يقنع العقول، ويستهوي النفوس، ويستجيب حلاجـات . فطرة اإلنسان ونوازع اخلري فيه

دون إصالح اخلطاب، من دون إصالح الفكر واملنهج، و من دون إصالح الرؤية، و من ـ من و علمية وعملية حقيقية، فلن تكـون هنـاك ة الطرح على أسس إسالمية دون سالمـ

حىت يرقى أداء املفكرين واملصلحني إىل ،ضة، وال استنهاض، وسيستمر التدهور والتهميش . املستوى الفكري والوجداين املطلوب الستنهاض األمة، وانطالق مسريا احلضارية اخليـرة

نسأل اهللا العون والسدادوالرشاد . عبداحلميد أمحد أبو سليمان.د

هـ١٩/١٠/١٤٢٨الرياض يف م٣١/١٠/٢٠٠٧ املوافق لــ

Page 6: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٦

يألمهية اخلاصة لقانون العقوبات اإلسالماحساس الذي ينتاب عامة الناس من جراء وقع كلمة قانون اإلال ميلك املرء إال أن يلحظ

مـن ورهبة من خوفى الكثريينوما يبدو عل ، "دوداحل"وخاصة كلمة العقوبات اإلسالمي، ا املتوهأن روح التشريع اإلسـالمي ال ميكـن أن ، يف الوقت الذي نعلم علم اليقني مةقسو

لدى عامة البشر، والسيما املسلمون منهم على وجـه سيساحلك األ ت مثل تقصد إىل إثارة ال بد أن يكون فيـه وروح إسالمية من مبادئ وقيم ما يصدر عن اإلسالم ، فكل اخلصوص

.النفع واألمن والطمأنينة للبشرالذي تـثريه أحاسـيس حني يثور اجلدل بذهن الكثريين متربد أن المثل هذه اخلواطر

عند ارتكاب بعض األفراد شيئا ، قانون العقوبات اإلسالمي من شدة عقوبات اخلوف والرهبة وما جبلت عليه مـن فطريـة ،ذات الصلة بالطبائع البشرية ) الكبائر(األخطاء واجلرائم من

الشباب وما يتعرضون لـه يف هذا الزمان وأوضاعه االجتماعية، والسيما ، اعواطفها ونوازعه والعالقات اجلنسية جرمية الزىن يف - على سبيل املثال –الوقوع ن وإثاراته اإلعالمية املرئية، م

على أرحم – قد تكون صارمة على ذلك من عقوبات ميا إسال يترتبقد غري املشروعة، وما . جلدا مربحا وهوانا وسبة اجتماعية–الفتاوى وأهون الصور

م يف األمـر، رهانظأ وآخر بني وقت الدارسونب ولذلك فإنه ليس من املستغرب أن يقل وأن ياذهوا أ لمعما يقـدم العقوبـات ؛ لعل يف حلها بالتزام يف قضايا هذا القانون م شرعي

.اإلسالمية بشكل أكثر تفهما وتقبال من عامة الناسيقف أمامها الدارسون ويأملون أن يعني النظر فيهـا جهـودهم يف ومن هذه القضايا اليت

شهادة صرحية ،اشتراط شهادة أربعة شهود فهما وأكثر إقناعا؛ ألن احلكمة من أيسر خطاب يكفي إلثبات جرمية حني ،بشكل صريح حمدد تتضح مل ، إثبات جرمية الزىن حىت ميكن ،قاطعة

.القتل والقصاص شهادة اثنني فقطملاذا كان املطلوب أربعة شهود؟ ومل مل يكونوا ثالثة : إن مثل هذا يثري بعض األسئلة، ومنها

عشوائي؟ أم غـري أو مخسة أو ستة؟ وهل األربعة هو رقم لـه داللة بعينها؟ أم أنه جمرد رقم ذلك؟ إذ ال يكفي القول إم مجاعة؛ ذلك ألن الثالثة مجاعة، واخلمسة والستة وما زاد إىل ما

.، فلماذا كان عدد األربعة بعينه هو احلد األدىن لقبول هذه التهمة؟اية، هم مجاعة أيضا ال

Page 7: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٧

قضية منهجبشأن قانون الدارسني طر واخبمتر قد بعض اهلواجس اليت األسئلة وسواها متثل كانت هذه

ا، واليت ال متكن الظروفوطبيعة واملشاغل العقوبات اإلسالمي والتساؤالت اليت تعرض بشأ . من تركيز البحث فيها والوقوف طويال عندها، يف حالة دارس مثلي،االختصاص

عن مثـل أن اإلجابة ، كلما مرت مثل هذه اخلواطر بفكري، لقد كان من الواضح عندي comprehensive(مبنهجية فكرية مشولية منضبطة ال تكون إال ،القضاياالتساؤالت وهذه

and systematic(، موضـع نسانية الفطرة اليت تتعلق بالقضايا اإل جوانبمن خالل فهمو أي كتاب الوحي ،منهجية يتكامل فيها الوحي والعقل والطبائع أيضا أا البحث، وهذا يعين

وقد سبق يل أن كتبت يف قضايا املنهجية اإلسالمية وتكامل العقل والفطرة والكون، وكتاب مصادر املعرفة يف الوحي والعقل والطبائع والوقائع، وكانت جتربة اجلامعة اإلسالمية العامليـة

) العقل والـسنن الكونيـة (والكون )النص(الوحي االنفصام بني لرأب صدع لة ومباليزيا حما للمنهجيـة ووضع حـد عالقات العصر الزمانية واملكانية، وإمكاناا وحتدياا، وواقع شبكة

واليت ليس لنتائجها وما ترتـب ،اجلزئية املوروثة اليت كانت تعبر عن ظروف زماا ومكاا هـا الزمانيـة واملكانيـة، إال يف دروس عن ظروفيف كثري من وجوهها فكاك عليها من رؤية .احلكمة والعربة

ملنهجيـة اصـياغة جتربة اجلامعة اإلسالمية العاملية مباليزيا هـي الغاية من بذلك كانت و )عقل والطبائع والوقـائع ال(والكون اليت يتكامل فيها الوحي املعاصرة؛ و اإلسالمية الشمولية

صـياغة علميـة ، وهي على أساس حتليلي منضبط يقوم على اعتبار ظروف الزمان واملكان سنا وظرفا بخاط للم ة كل خطاب مناسبمدى و ات اإلسالمية طبيعة اخلطاب ، وفهم ل وأكادميية

املعـريف ظاهرة الفصام ل - عمليبشكل و - حـد فكري وأكادميي ونفسية وثقافة، ووضع منذ أمد بعيد، وأدت بـذلك إىل تـشوه رؤيـة واجلزئية اليت أصابت العقل املسلم واملنهجية نسيجه املعريف واالجتماعي، وأدت إىل املواجهة يف رحامـا متزيقون املسلم الكونية، اإلنسا

إىل الفصام وعزلة العلماء، وإىل ضحالة فكر السالطني، لينتهي األمر ؛بني العلماء والسالطني . منهما عن إدراك املستجدات وتقدمي احللول والبدائل عجز كل ترتب عليهوهذا

Page 8: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٨

ـ خوت من الفريقني إىل استخدام سالح ال ا العجز املعريف أن جلأ كل وكانت نتيجة هذ ف يأصبح التخويف من جانب السالطني، و وماديا ب، فكريا من جانب العلماء، وجسديا يهتروال

للـضبط أساسية أداة للقيادات الفكرية والسياسية الضعيفة العاجزة سيلة أساسية والترهيب و . الـشاملة االجتماعية والسياسية الفوضى سريان وللمجتمع الكامل ومنعا لاليار ،والتحكم

ويف الوقت نفسه أصبح الترهيب واالستبداد والفساد الوسيلة األساسية للحفاظ على املصاحل من وتكوين نفسية العبد، و فكان ذلك سببا يف سلبية اإلنسان املسلم وخنوعه الفئوية اخلاصة؛

وحـب املعرفـة على روح االسـتخالف الفطرية، و نسان املسلم ة اإل على دافعي القضاء مث؛ لينتهي واقع اإلنسان املسلم ه الفكرية واحلياتية ممارسات يف كيانه وأسلوب والتسخري واإلبداع

.إىل ما هو عليه من السلبية والتخلف والتمزق والضعف والتهميش الذين كان مجعهم لعلم ،لدون ابن حزم وابن تيمية وابن خ أمثالمن رجال ذجا من توكان منـضبط نيـر منـهجي لثـمع مت ) الكون(والوقائع والسنن وعلم الطبائع ) النص(الوحي

رغـم ، وما تركوه بعدهم من تراث وأثر يف كثري من وجوهه مشويل البحث والنظر التفكري، اجلامعـة اإلسـالمية الدليل احلي اهلادي لتجربة يه، ختطيه وميشه يف فكر األمة وثقافتها

،ى يف جتديد العقـل املـسلم ذ تحت منهجية مشولية معاصرة ن مدرسة يكوت ل يف ماليزيا؛ العاملية؛ ملواجهة حتـديات لبدائل اإلنسانية املهتدية بقيم الوحي ومقاصده ومبادئه اوتوليد املعارف و

.العصر، ولتجديد احلضارة اإلسالمية واإلنسانية وإحيائها هؤالء الرجـال أمثاليصبح فكر العلمي اجلاد من قبل اجلامعات واملدارس الفكرية، بالتبين

وتؤدي دورها يف إحياء احلضارة اإلسالمية، ذى، حتمنهج تفكريهم مدراس تتجدد وت روح و يف أفـق الفكـر عـشوائية وفلتات ال تبقى مثل هذه اجلهود واالجتهادات جمرد ومضات و

كاد تنطلق مضيئة يف مساء العلم والفكر واملعرفة حىت ختبو وتنطفئ، فالتكامـل ، ال ت اإلسالمي، العملية اتهدين وممارسام احلياتية املعريف، ومنهج الفكر املنضبط الشمويل احلي لدى هؤالء

؛ ضمن ظـروف عـصورهم هم املعريف وطاقام االجتهادية ئعطالنا عظمة هو الذي يفسر .ملكانيةالزمانية وا

مهـم الفهم السليب ألمر املسلم إذا واجه يف هذا العصر قضية لدارس ا والدرس املستفاد أن والرؤيـة فـإن احلـل موقف مجهور األمة منه، و اإلسالمية العقوباتقانون كقضية وخطري

Page 9: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٩

إلسالمية؛ ألن هـذا فكر مشويل متكامل منضبط للمعرفة ا منهجنبثق من تال بد أن اإلسالمية ـ الذي ميكن أن ي هو وحده الفكر واملنهج املنهج الفكر و الفكـر ر بواسـطته يف قـضايا نظ

وكيفيـة ،نظام العقوبات اإلسالمي اإلسالمي املعاصر وإشكاالته، ومنها قضايا حتقيق مقاصد إشـاعة ون ود ،دون قهر روح اإلنسان وحتطيم ثقته بذاته وفطرتـه من حتقيق الغايات منه،

، خوفا ورهبة العبد املقهور ه إىل خضوع ـ ب النتهاءامشاعر اخلوف والرعب يف ثنايا نفسه، و . وإتقان األداءتباع سبل اخلري والرشادا يف الكرمي احلررال خيا جديدة لقانون العقوبات اإلسالمي السكن إىل رؤية مشكالتالتفكري يف من وما تبعه مـن ة، اليزيملبور العاصمة امل الكواإلسالمية العاملية يف كان تطوير حرم اجلامعة ا

يف بنـاء مدينـة جامعيـة فذة يف ضاحية غومباك جتربة وبنائه احلرم اجلامعي اجلديد ختطيطعامة، والطالب القيم اإلسالمية يف سكن الطالب - فيما حتقق –إسالمية، قصد منها أن حتقق

يف إطار هذه خصوصياتهو الطالب حاجات من فهم على أساس ص، اخلصو على وجه املسلم . ويف ظروف ماليزيا وإمكانات املوقع واملوارد املتاحة،املدينة اجلامعية

الراحـة حيقق ممكن تنظيم أفضل وضع ، بد من التصدي هلا مل يكن ومن بني القضايا اليت دواهلدوء والسكينة، وجيساجلامعي الطالب يف أسلوب سكن، اإلسالمية واألخالقيات القيم.

وفهم الطبائع ،يتطلب إدراك القيم اإلسالمية اجلامعي وقد كان التصدي لتطوير هذا احلرم ناجعـة وتـصورات إىل حلول وما تستتبعه يف أحوال السكن، وصوال ،واحلاجات اإلنسانية

. تقدم أفضل اخلدمات السكنية بأقل التكاليفالذي اقتضاه أسـلوب سـكن ) طبائعال(عجيب أن التحليل النفسي واالجتماعي ومن ال

نـصوص ال ( ملقاصد تشريع العقوبات يف اإلسالم جديدة إىل رؤية ، دون قصد، الطالب قاد( ،، وحلكمة عقوبة الشهود إذا كانوا أقل مـن أربعـة، وحلكمة شهادة األربعة يف جرمية الزىن

.ق بني جرائم الغرائز وجرائم تعديات الدماء واألموالووجوب تعزيرهم، مث إىل الفرلقد أدت الدراسة النفسية االجتماعية إىل معرفـة ورؤيـة تداعت معها اخلواطر؛ لتمثـل خلفية تلقي ضوءا على نصوص شرعية، وتوضح أبعادها ودالالا وحكمتها، وتسمح برؤيـة

وبذلك رد استنطاق النصوص قانونيا ولغويا، معرفيـة، ما كان باإلمكان الوصول إليها من جم

Page 10: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٠

، ألنه ال ميكن معرفة أسرارها واحلكمة مـن اأي جيب قبوهلا حرفي " موقوفة" النصوص مل تظل ختمينات ودالالت عامــة تبقى معها أسئلة ليس هلا ورائها، وكل ما ميكن الدارس هو جمرد

تعرب عن املعاين احلقيقـة الكامنـة يف إجابات شافية حمددة، بل مسحت مبفاهيم وأحاسيس ال ال حياتيـة هي نـصوص وتـشريعات ألا يف احلقيقة النصوص والتشريعات تعبريا حقيقيا؛

عشوائية فيها، وأهدافها هي حتقيق األمن والطمأنينة االجتماعية؛ بعيدا عن مشاعر التخويـف . ة اجلزئيةالقانونياحلرفية والترهيب اليت مسحت ا الرؤيـة اللغوية

)ائعوقن والسن وال والفطرةلقالع(والكون ) النص(تكامل مصادر املعرفــة اإلسالميــة يف الوحي

ـ مثـرة وإن ما توصل إليه هذا البحث من رؤيـة نفسيــة اجتماعية للنصوص؛ إمنا هتكامل املعارف يف الوحي والطبائع، وتوضح بشكل عملي معىن إسالميــة املعرفة، ومعـىن

. )والوقائعالعقل والسنن (الكون امل معارف الوحي وتكرض نفسه يف ختطيط سكن الطالب هو العـدد األنـسب فواإلشكال األول الذي كان ي

املمولـة هذه اجلامعةمثل يف واملمكن أن املألوف والسيما لسكن الطالب يف الغرفة الواحدة، األمـر ؛ من الطالب يف الغرفة الواحدة عدد اشتراك ، غريها كثرية ويف جامعات متويال عاما،

، من الناحية اإلنـسانية إليها اليت حيتاجاخلصوصية من – لعدد من السنني – الفرد حيرم الذي للخـالف سـاحة – يف كثري من األحيان – يف السكن بني هؤالء الزمالء وجيعل الصحبة

.والتنازعن املفيد تتبع اخلطوات اليت متت، وكيف أدى ولفهم معىن التكامل الذي نتحدث عنه فإن م

ذلك إىل عملية التكامل، وكيف مت التوصـل إىل مفاهيم ورؤية خمتلفة نتيجة ملفاهيم ومعارف . اجتماعية نفسية

يف حتليل األوضاع النفسية واالجتماعية لـسكن الطالـب يف أخذتكانت البداية حني و يف غرفـة سكن الطالب الواحـد منفـردا من بدءا ،املختلفةالسكنية أحوال أعداد الصحبة

.فضلاأل هو هقد يظن للوهلة األوىل أن وهو مامستقلة، ن االقتصادي واالجتماعي والنفسي وجدتأن هذا ليس باحلل األمثل لسكن عامة وبالتمع

لدارسني، فإن تكلفة تعليم ا ل تتحمل الدولة فيه ج ، فاقتصاديا، ويف بلد مثل ماليزيا ؛الطالبردـ املنف الطالب سكن ـ ألعداد الكبرية مـن ال اإىل ، نظرا اقتصاديا غري ممكن أمر ،البـط

Page 11: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١١

،ةـ ليس األفضل من الناحية النفسية واالجتماعي األهم هنا يف رأينا أن سكن الطالب منفردا و يكـون –) وسبكالوري(أو املرحلة اجلامعية األوىل " اإلجازة"يف مرحلة خاصة و –فالطالب

املأكل وامللبس وما إليه مـن من قضاء كل حاجاته يف ألف عناية أسرته قد ، السن صغريعادة والسيما يف بداية عهده باالنفصال عن األهل، ويف مرحلـة –عادة يكون هو واالحتياجات،

ري أمور حياته مطالبا بتدب ؛ ألنه جيد نفسه فجأة مضطربة نفسية يف حالة –جديدة من الدراسة إىل مرحلة جديدة من مراحل فيه يف الوقت الذي ينتقل مأكال وملبسا بعيدا عن أسرته وبيئته

ا عما عرف وألفالدراسة والتعلم، ختتلف يف أساليبها ومتطلبا . الوضع األمثل ملثل هذا الطالب؛ ألن استئناسـه بلسكن املنفرد املعزول ليس إن ا ولذلك ف

يسرب أفضل وأقدر على متكينه من التكيف مع بيئته اجلديدة أمرسكن، مشاركتهم ال بزمالئه و علـى غـري الغريبة ومتطلباا ةبيئهذه ال ، وإعانته على حتقيق استقالليته وثقته بنفسه يف أكرب

يستحسن أن يتركـوا فال األسرية، مثله يف ذلك مثل أهل املتوفى؛ السابق واملألوف يف حياته .فسهم حىت ال يستبد م احلزن؛ جيترونه ويندبون حالهم وما حل مألن

اثنني يف غرفة واحدة ميثل احلل األمثل، ولكن األمر طالبين وقد خيطر بالبال أيضا أن سكن عند التمعن فيه يتجلى على غري ذلك، فبالنظر االقتصادي واالجتماعي والنفسي واألخالقـي

. احللول من جوانب عديدةحلل ليس أفضليظل هذا ايف بعـض من ذلك أنه أخالقيا قد يـشجع وأهمفاقتصاديا ما يزال هذا السكن مكلفا،

أما اإلشـكال . ال حيدث بالضرورة استثناء نادرا، و على االحنراف، وإن كان ذلك األحوال ذا اإلشكال يكمن يف صـعوبة األهم الذي ال مفر منه فهو اإلشكال االجتماعي النفسي، وه

اخلالفات يسهل مهمة حل وذلك لعدم وجود طرف ثالث ؛ يقع بني الطرفني نـزاع أي حل اندون أن يتعرض أي منهما لفقـد من ، السكن الواحد ني يف قيرفالاليت ال بد أن تنشب بني

.ماء الوجه األمثل، واحلقيقـة أن ة هو احلل وقد ينصرف الذهن إىل أن سكن الثالثة يف الغرفة الواحد

ن أل وذلـك من بعض الوجوه؛ أيضا غري موفق ألن هذا احلل ؛ذلك ليس بالضرورة صحيحا ؛ قد مييل إىل تشجيع اثنني من بني الثالثة على إقامة عالقة أوثق بينـهما الطبع البشري عامة

لتنـاجي زلـة، وقد يقع فريـسة ل إىل شيء من العيف الغالب هم ترك ثالث ي يؤدي إىل أن وهذا

Page 12: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٢

عن التناجي e، ولذلك ى رسول اهللا قاسية نفسية عزلة يف حالة ؛ ليصبح واهلمس بني اثنني .حضرة ثالثبني اثنني يف

وهذا يقودنا بالطبع إىل فكرة سكن األربعة يف الغرفة الواحدة، وللعجب فإننا سـنجد أن والنفـسي األدىن للتفاعـل االجتمـاعي قق احلد سكن األربعة هو السكن األمثل الذي حي

؛ بل إنـه ال ميكـن أو ما ميكن أن يسمى باحلد األدىن للمجتمع اإلنساين املتكامل ،املتكامل . دون تكرار أحد الوالدين إال بأربعة أزواج من ذكرين وأنثينيجناباإل

يتحقق معهـا سبق ذكرها، واليت اليت ختتفي فيها السلبيات األربعة صحبة فمن الواضح أن فنحن جند أنه إذا توثقت العالقة بني اثنني ألمر اإلجيابية االجتماعية والنفسية؛ من الفوائد كثري

ال يف أغلب احلاالت تعويضا ومتنفسا، و منهما لآلخر ة كل ما فسوف جيد اآلخران يف صحب إىل و ، إىل حالة تفاعل اجتماعي عام شكل بني األربعة ب مبرور الوقت العالقة تتطورأن من بد

صحبة مجاعية شاملة، كما أننا سنجد أيضا أنه إذا قام نـزاع بني أي طرفني من األطـراف ، النــزاع فـض التوسط، وتـسهيل أخرى سوف يسهل مهمة األربعة فإن وجود أطراف

.إىل جماريهابني األطراف املتنازعة وإعادة املياه

رؤية إسالمية علمية اجتماعية: وبات اإلسالميقانون العقوخالل هذه املعاناة الفكرية يف حل قضية سكن الطلبة واألبعـاد االجتماعيـة والتفاعـل

من الناحية للجماعة األربعة عدد االجتماعي بني أفراد اجلماعة اإلنسانية، اتضح يل فجأة داللة مـن ، بشكل تلقـائي، و ا التحليل أمامي ألقى هذوترتب على ذلك أناالجتماعية والنفسية،

جرمية الزىن حالة شهود األربعة يف حد ال ضوءا جديدا على داللة اشتراط نصاب دون قصد، .من الناحية النفسية واالجتماعية

يف التحليل السابق؛ أن اشتراط شهادة األربعة ليست رقما عشوائيا، وما كان وجدتفقد أصبحت واضـحة ن الداللة االجتماعية النفسية الجتماع األربعة إهلا أن تكون كذلك، بل

وإنزال ،ربعة إلثبات جرمية الزىن األ شهودال اشتراط بشأن تلتساؤالتلك ا تضع عندي حدا ل مبا جيعل ، قاطعة صرحيةمجيعا أو مل تكن شهادم ،هم عن أربعة عدد العقوبة بالشهود إن قل

وإيذاء شعور اآلخرين، ومنع اإلفساد االستهتار هو منع –ل حمدد وبشك – العقوبة القصد من

Page 13: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٣

وإشاعة الفاحشة يف اتمع، وبذلك فإن العقوبة ليست لذات الفعل، بـل هـي لإلشـهار واالستهتار وإشاعة الفاحشة، أما ضبط نوازع النفوس وزالا فإن جمالـه األساس هو التربية،

.شباع حاجات النفوس وتطلعااوتغليب دوافع الفطرة السليمة إل

الداللة االجتماعية لشهادة األربعةعملية حتليل نفسي اجتمـاعي من خالل جاءت النتائجهذه املهم هنا لفت النظر إىل أن وأن فقد وضحت هذه الدراسة أمـامي ، قمت بدراسة سكن الطالب يف املدينة اجلامعية حني

األدىن للتفاعل أن األربعة ميثلون احلدوهي ، خاصة ومهمة جتماعية وا نفسية للعدد أربعة داللة اجتمـاعي وإشـباع مع كل ما ميكن أن ينشأ عنه من توازن ،االجتماعي اإلنساين املتكامل

، أي إن األربعة ميثلون احلد األدىن للمجتمع املتكامل وتفاعالته اإلجيابية، للحاجات اإلنسانية ، ألن قاطعة، يشهدون شهادة صرحية أربعة شهود ألدىن إلثبات جرمية الزىن ولذلك كان احلد ا

، ومن أشهر يف أربعة فقد أشهر يف جمتمع، فاألربعة هـو ةشهادة األربعة تعين اإلشهار يف أربع ، وليس عدد ثالثة أو دوا، وال عدد مخسة أو أكثـر احلد األدىن ملا ميكن أن يسمى جمتمعا

.منهايتضح أن العدد ليس عـددا لداللة شهادة األربعة ا التحليل وما قاد إليه من إدراك من هذ هو اعتبار أن الفعل قد فيه املعيار ا، لكنه عدد لـه داللة نفسية اجتماعية مهمة، وأن ياعتباط

على حريـة للفاحشة والفساد، وعدوان اتمع جهرا وعالنية، ويف ذلك إشاعة أعني مت أمام هلم ولصغارهم دون خيار منهم ملفاسد املنحرفني، واهللا سبحانه اآلخرين وخيارهم، وتعريض

فقد روي عن عبادة بن الصامت رضي اهللا ، ١٤٨النساء}ال يحب الله الجهر بالسوء {وتعاىل وسلم قـال عنه، وكان شهد بدرا، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، أن رسول اهللا صلى اهللا عليه

وال ، وال تسرقوا وال تزنوا،بايعوين على أن ال تشركوا باهللا شيئا (: وحوله عصابة من أصحابه فمن ، وال تعصوا يف معروف ، وال تأتوا ببهتان تفترونه بني أيديكم وأرجلكم ،تقتلوا أوالدكم

ومـن ،له فعوقب يف الدنيا فهو كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا ،ويف منكم فأجره على اهللا

Page 14: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٤

فبايعناه على ، وإن شاء عاقبه ، إن شاء عفا عنه ، مث ستره اهللا فهو إىل اهللا أصاب من ذلك شيئا . ١)ذلك

شهادةشهادتهم كانت كانوا ثالثة و ولو ،أما عقوبة الشهود الذين يقل نصام عن األربعة املـستهتر ي لإلشهار عقوبة إمنا ه الأن ، وهي ح هذا التحليل حكمتها ، فقد وض قاطعة صرحية

ولذلك البد أن يكون اإلشـهار يف جمتمـع ذاته، وليست للفعل يف حد وإلشاعة الفاحشة، عقاب هلم؛ ألم هـم الشهود دون األربعة وحده األدىن أربعة، كما يوضح أن عقوبة تعزير

ضـعفا خفاء حولوا ما هو زلة أو خطيئة متت يف الذين أشهروا، بدل أن يستروا، وهم الذين فـضيحة الفعـل ليصبح أمام نوازع النفس، وحولوا اخلطيئة املرشحة للندم والنصح والتوبة،

وهتكا خلصوصيات البشر، وترصدا لزالم، وبالتايل إشاعة للفاحـشة والفـساد يف وتشهرياخطأ وخطيئـة ن ما كا بالترصد اتمع، وهكذا فإن الشهود دون األربعة هم الذين أخرجوا

الفضيحة والتشهري وإشاعة الفاحشة؛ ليـصبح يف دائـرة دائرة اخلاص إىل دائرة وضعفا من .مر الذي جيعل الشهود موضع الزجر والتعزير؛ األالعاماجلمعي والشهادة القطعية الصرحية، ال الظنية تغيب عن أذهاننا داللة اشتراط الجيب أ فإنه ؛ولذلك

جرمية اإلشهار واالستهتار وإشاعة الفاحشة بارتكاب إلثبات ،شهود األربعة لأو االفتراضية، ل لكفى فيهـا ملا هو من زالت نوازع النفس ألنه لو كانت عقوبة اجللد أو الرجم للفعل ،الزىن

، كما هو يف جرائم األمـوال يف إثبات الفعل موضعها واعتبارها ولكان للقرائن ،نياثنشهادة اخلليفـة يكتف ولذلك مل من إثباا وعقوباا منع الفعل يف ذاته وردعه؛ والدماء اليت يقصد

ألن ؛ قطعيـة صرحية شهود شهادة ةشهادة ثالث بالراشد عمر بن اخلطاب إلثبات جرمية الزنا ـ إليها يف ضوء شـهادة رظ إذا ن بل كانت قرينة ،شهادة الرابع مل تكن مشاهدة حسية ةثالث

صرحية أن تكون الشهادات من وال بد ،ال بد من أربعة شهود إنه ف ا وهكذ ،الشهود اآلخرين إن {، ، وإشاعة الفاحشة بني املـؤمنني وسلوك االستهتار ،إلشهارتكشف عن قصد ا ،قاطعة

لم آخرة والله يع الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا وال .١٩النور}وأنتم لا تعلمون

١٨ احلديث رقم - كتاب اإلميان– رواه البخاري يف صحبحه - 1

Page 15: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٥

الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانني جلدة وال تقبلـوا {ا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور إل *لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون

حيم٥-٤: النور}ر. } فـرغن يمو وبهموا لذنفرغتفاس وا اللهذكر مهفسوا أنظلم ة أولوا فاحشإذا فع الذينو

و إال الله وبون الذنلمعي مهلوا وا فعلى موا عصري لم، هـمبن رة مفرغم مهآؤزج لـئكأو فيه الدينخ ارها األنتهحري من تجت اتنجواملنيالع رأج منع١٣٦-١٣٥آل عمران}ا و

كيف تويرشد سلوكهاوه احلاجات الغريزية البشرية ج

لكي ندرك مقاصـد ؟ماذا عن الفعل؟ وكيف نواجهه؟ وكيف يواجهه اتمع : والسؤال نظام العقوبات اإلسالمي فإن من املهم أن ندرك أن هذه اجلرمية والرذيلـة تتعلـق بـالفطرة

هره علـى اء يعتمد يف جو توجيها أخالقيا بن وبالنوازع النفسية والبشرية، وتوجيهها اجتماعيا ، وعوم على التجايف عن الرذائـل، وتيسري إحصان الشباب ، وسالمة التربية ،حسن التنشئة

يف النوازع النفسية هـو حـسن اتواالحنرافائل ه مدافعة الرذ ـمن أهم ما تتم ب وهلذا فإن واحلض على ، وحسن القدوة ،النصح والتوعية التنشئة وسالمة التربية، وبذل أقصى اجلهد يف

، وتيسري سبل السلوك القومي، وتقدمي العون املادي واملعنـوي هلـم، بة والعظة واالعتبار التو .والسيما الشباب والناشئة منهم على وجه اخلصوص

النفسية والتربويـة e الرسول اتمعاجل ومن هذا املنطلق فإن من املفيد التمعن يف منهج حني أتاه فىت األمر e كيف عاجل النيب لننظرسنة، ف احلقدوة ال e؛ ففي حكمته يف هذا اال

يافع وهنا جند النيب ، الزىن صلى اهللا عليه وسلم يف ه يستأذنه أجهدته شهوتe إىل ال يلجـأ ،الة يف مدافعة غريزة الفىت وشهواته املعاجلة التربوية الفع القسوة والعنف، بل يلجأ إىل أساليب

صلى اهللا عليه وسـلم ب الرسول ولذلك قر ؛ومتكني نفسه من ضبط غرائزها والتحكم فيها الفىت إليه يف رفق، ومل يلجأ إىل ره أو زجره يف هذا املوقف احلرج، بل ومل يتهدده أو يتوعده

خياطب صلى اهللا عليه وسلم بل جنده ،والتحرميوالعقاب على رأسه مواعظ العذاب أو يصب النـساء كـل ره بأن ، وذلك حني يذك قلب الشاب وكرامته ومكامن اخلري يف نفسه وطبعه

أمهات وأخوات وخاالت ه، فكيف يرضى وعماتعرض فإذا كان ال يرضى أن يدنس الناس ،

Page 16: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٦

؛ فأقام بذلك مـن نفـس وأن يرضى هلم ما ال يرضى لنفسه ، الناس لنفسه أن يدنس أعراض إحساسه وعزة نفسه رقيبا جيعل وهو ما الشاب على نفسه وسريرته ضابطا ضمرييا وأخالقيا؛

أمام سريرة نفسه قـد لكانمينعه من االعتداء على حرمات غريه، ولئن رضي بأن يفعل ذلك .مسح بأن تنتهك حرماته، فليس لكرمي النفس أن يرضى لسواه ما ال يرضاه لنفسه

ـ : إن فىت شابا أتى النيب صلى اهللا عليه وسلم ، فقال (: فعن أيب أمامة قال ول اهللا ، يا رس: فدنا منه قريبا، قـال .ادنه: مه مه، فقال : فزجروه، وقالوا ، فأقبل القوم عليه ائذن يل بالزنا وال الناس حيبونه ألمهام، :، قال ال، واهللا جعلين اهللا فداءك : أحتبه ألمك؟ قال : فجلس، قال

ال النـاس حيبونـه و: ل جعلين اهللا فداءك، قا، يا رسول اهللا واهللاال: أفتحبه البنتك؟ قال : قالال النـاس حيبونـه و: جعلين اهللا فـداءك، قـال ،اهللاال و: أفتحبه ألختك؟ قال: بنام، قال ل

وال النـاس حيبونـه : جعلين اهللا فداءك، قـال ،اهللاوال : أفتحبه لعمتك؟ قال : ، قال ألخوام النـاس حيبونـه وال: ، قـال جعلين اهللا فداءك ،ال واهللا : أفتحبه خلالتك؟ قال : لعمام، قال فرجه، فلم يكن نحص، و ر قلبه ، و طه اللهم اغفر ذنبه : قالفوضع يده عليه و : خلاالم، قال

.٢)بعد ذلك الفىت يلتفت إىل شيء إىل شباب النصح وجه – فيما وراء ذلك – بذلك، ولكنه الرسول الكرمي مل يكتف و

رياضـة ج واإلحـصان، و باحلض على الزوا ، وذلك ملدافعة الشهوات عملي األمة بأسلوب : عن إبراهيم بن علقمة قال ف ، والبعد عن املعصية والفحش ،النفس وعوا على الطاعة والطهر

مـن : كنا مع النيب صلى اهللا عليه وسلم فقال :بينا أنا أمشي مع عبد اهللا رضي اهللا عنه فقال ( يستطع فعليه بالصوم فإنـه مل ومن ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج؛استطاع الباءة فليتزوج

٣)له وجاء "إنه كان فاحشة وساء سبيال ى وال تقربوا الزن ": يف كتابه العزيز تعاىلسبحانه و ل وق يات الشيطان فإنه ومن يتبع خطو ،يا أيها الذين آمنوا ال تتبعوا خطوات الشيطان " ٣٢:اإلسراء

"قل للمؤمنني يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " ٢١: النور "يأمر بالفحشاء والمنكر فحشاء والمنكر اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصالة إن الصالة تنهى عن ال "٣٠:النور

والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمـوا "٤٥: العنكبوت "ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

٢١٧٠٨ احلديث رقم – رواه أمحد بن حنبل يف مسنده - 2 ١٨٠٦ احلديث رقم – كتاب الصوم – رواه البخاري يف صحيحه - 3

Page 17: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٧

م يصروا على ما فعلـوا الله ول الأنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إ .١٣٦-١٣٥:آل عمران" أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم،وهم يعلمون

يستفاد من التحليل السابق أيضا أن اجلهر واإلشهار واإلصـرار واالسـتهتار هكذا و فيما يتعلق بنـزوات اب القانوين بالعقهي األمور املقصودة عامة وإشاعة الفاحشة يف اتمع ولذلك جنـد أن ، وما إىل ذلك؛اخلمر وتعاطي املخدرات وشرب النفوس والغرائز، مثل الزىن

يف علـى شـاريب مخـر لع خلسة ـحني اط بن اخلطاب رضي اهللا عنه اخلليفة الراشد عمر جادلوه بأنهم كـانوا وأراد عقام، من أمرهم، ما رأى ورأى ،منـزهلم باعتالء جدار الدار

عـن مل جيهروا بالسوء، لذلك عدل اخلليفة الراشد عـن عقـام و أم و ، وخلوة يف خاصة .مالحقتهم

ـا الفعـل فإننا جند أن العقوبة يف األموال والدماء مقصود ؛وعلى العكس من ذلك مـن العـدول يكفي شـاهدان وحتقيق مقاصدها لذاته، ولذلك جند أنه وفق قواعد الشريعة

األموال والدماء، وال ميكن قياسا على جرائم الغرائز وخطاياها التفريط يف التعدي يف إلثبات الدماء واألموال ودرء العقوبات حبجة اخلصوصية وعدم اإلشهار، بل يكفي يف إثبات جرائمها

فظا للحقـوق حمنعا للعدوان والتعديات، و ، يف إثباا كما تطلب القرائن ،اثنان من الشهود .واألموال وحقنا للدماء

وعلى كل األحوال فإن من املهم أن ندرك أن مقاومة اجلرمية أيا كان نوعها ال يقـف عند العقوبات، بل إن الوقاية والعالج بتطهري التربة النفسية واالجتماعية من األسباب ودواعي

سياسي، من األمور املهمة؛ قتصادي وال السلوك اإلجرامي يف التربية ويف البناء االجتماعي واال العمل والتكافل والبذل، ويسود العدل، ويقمع الفساد، فتحسن تربية سود اتمع روح حىت ي

الناشئة، ويغرس فيهم حب اإلتقان والعمل، وتوفر هلم جماالته وفرصه وإمكاناته الشريفة ازية .امليسرة

سابقة والزمة لنجاح أي نظام للعقوبات، أيـا ومتطلبات كل هذه األمور هي شروط لـن – مهما اشتدت قسوة النظام وشراسته -واملتطلبات ومن دون هذه الشروط كان نوعه،

على طاقات شباا وإمكاناـا احلـضارية وقضاءاألمة، يزداد األمر إال سوءا وتدمريا لروح .اإلعمارية املبدعة

Page 18: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٨

ن العقوبات اإلسالميقانومن والقصداألمن هو احلكمة جنـد أن قدمناه فيما سبق على النحو الذي ما سبق من القضايا وعلى أساس من حتليل

، إشاعة األمـن يف اتمـع املـسلم هو ، يف النظام اإلسالمي، العقوباتوالقصد من احلكمة مـوال يف أمـر األ أو ،ومحاية أعضائه من عدوان املعتدين، سواء يف أمر النـزوات والغرائز

.والدماء أن يأمن الوقـوع فيهـا ففي حالة خطايا النفوس ونـزواا اليت ال ميلك اإلنسان عامة أن عقوبة هذا النـوع مـن اخلطايـا جند فإننا ؛ حياته طيلة ، ويف كل األحوال وجزم، بقطع ،ستهتارشهار واإلصرار واال اإلمقصودة ملنع للفعل يف ذاته، ولكنها ليست مقصودة زالت وال

ال إرضاء احلاجات الـيت و ى ذلك من أذى اآلخرين، وإشاعة الفساد يف اتمع، مبا يترتب عل طلب احلرام، وبالتأكيد فإن الوقوع يف إرضاء الشهوات باحلرام ال يتطلـب يتطلب إرضاؤها

مفسد، وليس مستهتر خمطئا فحسب، ولكنه ليس فهو أشهرأشاع و من و، اإلشهاراإلشاعة و واالجتماعية حلقوقهم الدينية ورعاية ، حفظا ألمن الناس ؛العقاب ذلك عذر، ويستحق يفله

إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة {يف األرض، الفواحش واملنكرات ومنعا إلشاعة ،واخللقية الآخرا وينفي الد أليم ذابع موا لهنآم في الذين عي اللهـون ة ولمعلا ت مأنتو ١٩النـور }لم،

} وبالذن فرغن يمو وبهموا لذنفرغتفاس وا اللهذكر مهفسوا أنظلم ة أولوا فاحشإذا فع الذينو لى موا عصري لمو إال الله مهلوا وون ا فعلمعأنه كان يـرى (، فعن عطاء ١٣٥آل عمران } ي

.٤)أشاع الفاحشة: النكال على من أشاع الزىن، يقولاملـرء فيـه أن يشعر ال بد املسلم، واتمع املسلم، ن الفرد املهم يف التحليل السابق أ

اهللا صـلى اهللا ولعل فيما روي عن رسول ،والرهبةوالترصد اخلوف ب ال ،باألمن والطمأنينة إن النيب صلى اهللا عليه وسلم قد منعليه وسلم يف معاملة املرأة الغامدية اليت اعترفت بالزىن؛

وإصـرارها ، عاودت الرجوع إليـه ماصرفها دون تعقـب ودون عقاب، لوال إصرارها بعد لـذنب، وطلبها التطهر مـن ا ، يف اتمع ة عام ةشهار وكشف املستور وجعله معلوم على اإل

ل الذي أراد وكذلك ما روي عن إنكاره صلى اهللا عليه وسلم على القوم أم مل يتركوا الرج يف هذا األمر حني نتمعن يف آيات الـذكر سا مستفادة درولعل يف ذلك اهلرب من العقاب،

. صحيح اإلسناد– ٣٢٩ حديث رقم – باب من مسع بفاحشة فأفشاها – كتاب األدب املفرد - 4

Page 19: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

١٩

ـ بذلك يعلم املسلم، واملواطن، ل األمر؛ ألن احلكيم اليت تفص الـيت اتأن احلكمة من العقوبمن إشـاعة الفـساد يف النـزوات هي منع أهل الفساد الرتعات و تتعلق باجلرائم النامجة عن

من إقحام فسادهم يف حياة النـاس أو التكسب احلرام الضـار ا، و ، واالستهانة به اتمع،الترصـد لـيس منها ، وأن القصد منهم أو رغبةدون إرادةمن ، والتغرير بصغارهم ،وأهليهم .، وفضح سرائرهموانتهاك خصوصيام، والتجسس عليهم، الناس وهفواملزالت

ذا املفهوم فإنه ال جمال للخوف، وال للرهبة، بل ال بد تمـع منالفرد وا أن حيسباملفـسد إمنا تـرتل املناسبة الرادعة، ال أكثر وال أقل، إنـزال العقوبة ألنباألمن واألمان؛

اخلوف لـدى عامـة أي شيء من مشاعر بالطبع ذلك ال يثري واملعتدي الظامل، ، أو ب املستهتر؛ ملـا يف واإلحساس باألمن يف نفوس أفراد اتمـع ،الطمأنينةالناس، بل هو من دواعي بث

. ذلك من محاية األخالق والكرامات واألعراض، وصيانة احلقوق واألموال والدماءإشهار جرمية الزىن، وإشـاعتها يف عقوبة ملهم أن ندرك أن من ناحية أخرى فإن من ا و

هي من باب اإلفساد يف األرض، وهي بـذلك واضحة النهار، على مشهد من أعني اتمع، -مينع من أن تكـون التوبـة وهذا ال، )احلد(تستدعي العقوبة وحدها األعلى هو شك وال

القـصد مـن ا أن نـدرك أن ن املهم هن مو . مدعاة للعفو - الذكر احلكيم كما تنص آيات ، ماية حقوق اإلنسان األساسـية يف اخليـار مقصود حل أيضا ، إىل جانب الزجر، هو العقوبة

ملا يـضر وال -ومن يرعى دون رغبة منه -وصون كرامته، وكرامة من يرعى، فال يتعرض احشة وما يترتب عليها من الفآثار دل أيضا على فداحة ياألعلى ينفع، كما أن حد الفاحشة

وتـشيع فليس أقسى من أن تنتهك احلرمات، آثار اجتماعية خطرية يف جمال األسرة واتمع، وتضيع الكرامات واحلقوق، والسيما حقوق األطراف الـضعيفة مـن الفوضى االجتماعية،

ة حبقه، أن النساء واألطفال، وكرامام، فإنه ليس أقسى على الطفل، حني تقع مثل هذه اجلرمي نون تربـة خـصبة كثري من مثل هؤالء الضحايا يكوحيرم من النشأة يف رعاية أسرة والديه، و

اهللالوقللمعاناة العاطفية واالقتصادية واالجتماعية، وللحقد والعنف واجلرمية ألجيال عديدة، ي ٣٢: اإلسراء"ء سبيالتقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساال و": تعاىلسبحانه و

ال على حرمة بيـوم وإذا كان أمن اتمع ال يسمح بالتجسس على خاصة الناس، و جهده يف حـسن بذل ع أن يمن على اتمن الواضح أفسر ما استتر منهم، ووهتك أسرارهم

Page 20: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٠

ة، وعليـه تربية ناشئته، وتوعية أبنائه خبطورة فاحشة الزىن، وما يترتب عليها من آثار مـدمر تاجر ي، ومالحقة كل من ج هلذه الفاحشة كل ما يرو هو ضروري للقضاء على ما القيام بكل

. ويدعو إليها، مبا يف ذلك وسائل اإلعالم ومرافق الترويحااملهم هنا أن نفرق بني غلبة اهلوى على النفس والوقـوع يف الفـواحش يف خاصـة ومن

.اجرة والتكسب من ورائهااإلنسان بني الترويج للفواحش واملت ةفإذا كانت التربية مقصودة للتقومي وضبط النفوس وتبصريها وتقوية مناعتها فال تقع فريس

يستتبع ذلـك وما ،إلشباع احلاجات والشهوات بالوسائل الضارة احملرمة ستسالم للهوى واال ملنـع تـسهيل وليات اإلنسانية واالجتماعية، فإن سد الذرائع مقـصود من التفريط يف املسؤ بسن القوانني وذلك ؛التشريعية والتنفيذية وهذا واجب اتمع وسلطاته ،الوقوع يف الفواحش

ووضـع ،حنـراف وجتاراتـه ل سلوك اال ما يغري أو يسهواألنظمة اليت متنع دون مبالغة كل ك احلريات املناسبة لتحقيق ذلك، دون أن جتعل السلطات ذلك منفذا النتها ةالعقوبات التعزيري

وإشاعة اإلحساس بعـدم ، على خاصة حياة الناس والتجسس والتلصص ،اإلنسانية األساسية .األمن االجتماعي يف نفوسهم

أما جتار الرذائل والفواحش فهؤالء يون عوينظر يف أمرهم مـن ،من املفسدين يف األرض د يف حـدها األقـصى ،ضهذا املنطلق، وتقدر عقوبام ضمن جمال عقوبات اإلفساد يف األر

فـال ، ودرءا لشرور هؤالء اـرمني ،من اتمع " نفيا" ويف حدها األدىن السجن ،"اإلعدام" ويأمن الناس شرهم، خاصة من ، إال بعد أن يردعوا ويتوبوا ، إىل اتمع يعود املسجونون منهم

.ن رحم ربك إال م، بداء اإلدمان الذي ال يسهل عالجه ملن يقع فيهاكان منهم مصاب

تاب وأناب فإن اهللا غفور رحيم أما منسورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات { : سبحانه وتعاىل يف سورة النور يقول اهللا

ا مئة جلدة ولا تأخـذكم الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهم } ١{بينات لعلكم تذكرون ـنا طائفـة ممهـذابع دهشليم الآخر وواليون بالله ومنؤت مأفة في دين الله إن كنتا ربهم

مننيؤة ل } ٢{المانيالزركة وشم ة أوانيإلا ز نكحاني لا يالز مرحو ركشم ان أوا إلا زهنكحا ي مننيؤلى المع ٣{ذلك { موهلـداء فاجدـهة شعبوا بأرأتي لم ات ثمنصحون الممري الذينو

Page 21: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢١

مه لئكأودا وة أبادهش ملوا لهقبلا تة ولدج اننيـد } ٤{الفاسقونثمعوا من بابت إلا الذين حيمر غفور وا فإن اللهلحأصو اء إلـا } ٥{ذلكدهش مكن لهي لمو مهاجوون أزمري الذينو

والخامسة أن لعنت اللـه } ٦{من الصادقنيأنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه ل عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنـه لمـن } ٧{عليه إن كان من الكاذبني ويدرأ

٨{الكاذبني { ا إهليالله ع بة أن غضامسالخو ادقنيالص ن كان من}ل اللـه } ٩لا فضلووكيمح ابوت أن اللهو هتمحرو كملي١٠{ع{.

والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلـون {: ويقول سبحانه وتعاىل يف سورة الفرقان يضاعف له العذاب } ٦٨{ه إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما النفس التي حرم الل

إلا من تاب وآمن وعمل عمال صالحا فأولئك يبدل اللـه } ٦٩{يوم القيامة ويخلد فيه مهانا سح ئاتهميحيما سغفورا ر كان اللهات وإلى الله } ٧٠{ن وبتي هالحا فإنمل صعو ابن تمو

.}٧١{متابااليت تعرب عـن ؛ ونظام اتمع اإلسالمي، من أهم مزايا أحكام الشريعة اإلسالمية إن

إدراكطبيعة و،معىن احلرية اإلنسانيةا توضـح طبيعة الفطرة اإلنسانية، وتفعيلها، ومتكينها، أ نـسق ها، وذلك على غري حال اتمع املادي الذي يبدو أنه قد فقد الدليل ملعرفة معىن حدود

تمع اإلسالمي فا؛ النظام االجتماعي اإلنساين نسق ومغزى ضوابط ، ونظامها احلرية اإلنسانية على ضوء الرؤية الكليـة اإلسـالمية، ماعية وضوابطها معرفة طبيعة نظام احلرية االجت ميكنه

دون "شورى اتمـع "أن حتدد على شرط واإلدراك العلمي لواقع اتمع وحاجاته وحتدياته، يف ضوء ثوابت الشريعة وظروف اتمع الزمانية واملكانية، وطبيعة التحـديات الـيت ،سواها

حقوقا وواجبات عامة ضرورية، سلبية وإجيابيـة، وأن حدود احلرية وما يعد يواجهها اتمع، ـ ،ال نفع فيه حتدد ما يعد حمظورا حمرما ضارا، وأن تثبط كل ما مـن يء وقد يترتب عليه ش

، وإن كان غري حمرم، وأن تشجع كل ما هو مفيد ونافع، وأن تيسـر كل ما األذى والضرر أمر هو اإلباحة، ما لـم يشرع املشرع لعلة مـشروعة منعـه هو مباح؛ ألن األصل يف كل

وحرمته وضرره أو كراهيته؛ وذلك منعا لالستبداد والفساد، وكبحا للجرميـة يف اتمـع، وصيانة حلقوق األمة وكرامتها، وإطالقا لطاقاا، وتفعـيال إلمكاناـا، وحتقيقـا لفطـرة

. رض، يف فطرااالستخالف واإلعمار اخليـر يف األ

Page 22: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٢

االجتماع اإلنساين، وحدود هذا )system(فهم طبيعة نسق اجلهل والتخبط يف إن يؤدي بالضرورة النسق ومقاصده، ومنها نسق احلريات، وما يتعلق ا من حقوق وواجبات،

ارات كما حدث يف كثري من احلض –على املدى ويؤدي ،إىل الفوضى يف العالقات اإلنسانية ؛ ألن الكون وعامل اإلنسان بني علـى إىل ايار النظام االجتماعي اإلنساين برمته –السالفة

يف الوجـود، )system( وكل منظومة أو نسق ،)systems(أساس املنظومات أو األنساق أو نسق االجتماعي اإلنساين ، وليس النظام وقواعد حدود هلا ،مادية أم إنسانية تسواء أكان

الكلية فهما علميـا النظام اإلنساين فهم طبيعة يف ذلك بدعا، ولذلك جيب احلريات اإلنسانية الكلية؛ اليت يكشف عنها الوحي املوثـق وقواعده وحدوده حقيقيا، ومراعاة أسسه ومقاصده

منظومـات قواعـد العلميـة ل عرفة املعدم القدرة على ألن ؛والوقوف عندها غري احملرف، حتما اتمونظلك امل ت يعين أيلولة ا، من مصادرها الصحيحة، ماع اإلنساين وحدود أدائه االجت

.رإىل التدهور وااليا وهذا التدهور وااليار االجتماعي اإلنساين هو ما نشهد بوادره يف ايـار منظومـة

ن هدايـة الـوحي األسرة وأخالقيات اتمع يف اتمعات املادية املنبتـة من قيم الروح، وم الكلية الكونية الصحيحة غري احملرفة، واليت صاحبت اإلنسانية هلداية فطرا، وحتقيق ذاا من اليوم األول لوجودها، وذلك على الرغم مما حققته هذه اتمعات من قوة مادية، حالهـا يف

.ذلك حال من سبقها ممن ضل واحنرف من األمم واحلضارات البائدة فإننا جند أن العقوبة فيها على العكس من عقوبـة ؛أما اجلرائم املتعلقة باألموال والدماء

؛ ولـيس لإلشـهار ،ذاتهحد للفعل يف مقصودةفهي ، واحلاجات جرائم الغرائز والنـزوات العادلة الرادعة ال تفزع العقوبة ولذلك يكفي فيها شهادة االثنني، وتقبل فيها القرائن، ولذلك

الناس األسوياء، فاإلنسان السوي عامة يف جمال األموال والدماء نفوس " احلـد"ناسبة دون امل م، ولكـن قتل من عامة الناس ال يضمر يف نفسه قصداألبرياء أو سرقة أمـواهلم وممتلكـا

باله إمكان تعرضه خالل حياته للعدوان على يف اإلنسان السوي من عامة الناس البد أن خيطر ، ولـيس بالـضرورة ية عقوبة العـدوان لعاه أو ماله، ولذلك فإن هذا اإلنسان جيد يف ف حيات

. محاية له وحفظا ألمنه؛ وتوجهها إىل واقعة الفعل يف ذاته،األموال والدماءشدا، بشأن

Page 23: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٣

ي منع اجلرمية، ال انتقام العقابالغاية ه تمـع مـن ات يف نظام الشريعة اإل عقوبال من وإذا كان املقصودسالمية هو محاية ا

احلماية لألبرياء، فـإن توفريو ،العدوان على النفوس واألموال الفساد واالحنالل، ومحايته من يف مقاصـد العقـاب ألن ؛قصد العقاب لذاته أنه ليس من مقاصد الشريعة هذا يعين أيضا

حتقيق األمـن، اإلصالح و قصدهو يف الشريعة ذاته، ولكن القصد دليس غاية يف ح الشريعة املطلوب مـن ىاألولهو احلد من العقوبات، األمن يف حده األدىن اإلصالح و وما يتحقق به

عت عليـه، ألن وشج ، يف العفو احلقمن ولياء الدماء ألالشريعة هما خولت ذلك من و ،العقوبة .من نوازع ثارات االنتقام، وال يبقى معه شيء العفو إمنا يصدر عن القدرة واإلحساس باألمن

ادرؤوا : أن رسول اهللا صلى اهللا عليه و سـلم قـال : ( وعن عائشة رضي اهللا عنها فإن اإلمام أن خيطئ ، فإن وجدمت ملسلم خمرجا فخلوا سبيله ،احلدود عن املسلمني ما استطعتم

من حنفظ عنه من أهـل أجمع كل : " وقال ابن املنذر ،٥)يف العفو خري من أن خيطئ بالعقوبة ٦"درأ بالشبهاتالعلم أن احلدود ت.

من منطلق الـبطش ال وهكذا جيب فهم نظام العقوبات اإلسالمي من منطلق حتقيق األمن، وإثارة مشاعر الفزع يف نفوس الناس، أو طلب الثأر واالنتقام، ومن هنا فإن هذا هو املنطلـق

هو املنطلق الصحيح لفهم حكمة النص القـرآين عقوبات الشريعة اإلسالمية، وهذا لالصحيح ها األعلـى، سقف العقوبة وحد على أنه ،ما عرف باحلدود ثـل ميمن النص عليها، على أنه

من دعوة سقف العقوبة باحلد، على أن يــترك لـشورى اتمـع هو املقصود ولعل ذلك ـ " تلـك واقتناع األمة حتديد العقوبات األدىن ضمن سقف ، يف ضـوء النـصوص "دوداحل

العلـوم االجتماعيـة (ومقاصدها، وعلى ضوء الدراسات العلمية لطبائع الفطرة اإلنـسانية مبا حيقق األمن والردع ومكافحة اجلرائم والتعديات، بـشرط أال تتعـدى هـذه ) اإلسالمية

وبـة العقالشرعي الثابت بالنص القطعي املتواتر؛ لكونـه سـقف " احلـد"العقوبات عقوبة وحدها الشرعي األعلى؛ ألن مثل هذه األمور اليت تتعلق بأمن الناس ودمائهم ال ميكـن وال

٨١٣٦ احلديث رقم – كتاب احلدود –تدرك احلاكم مس- 5 ٣٢٠، ص٧ حاشية الروض املربع، ج- 6

Page 24: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٤

زالت الطبائع اإلنسانية وآفات ضعفها مما هو معروف من تيصح أن تترك للظنون واحتماال .٧، وهفوام، وقصورهم، بقصد أو دون قصدالرواةسلسلة إمكان زالت آحاد

ومـا " حـد الـسرقة "أخرى مهمة هي إشكالية " إشكالية"منا أيضا هذا الفهم حيل أما .يستشعره كثري من الناس من الفزع من شدة العقوبة وآثارها املشوهة واملؤملة املعوقة

فنحن إذا قرأنا النص القرآين بشأن جرمية السرقة جند النص عاما مرسال ال حيدد أي تعريف ".يسرق"قيع العقوبة املنصوص عليها قرآنيا على من للسرقة، وال أي شروط لتووالسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكاال من { :يقول اهللا سبحانه وتعاىل

كيمح زيزع اللهالله و * فإن الله لحأصد ظلمه وعمن ب ابن ته فمليع وبتي غفـور إن الله حيم٣٩-٣٨املائدة}ر

فإن عقوبتـه " سرقة"فالنص يف لفظه الواضح الصريح يعين أن كل ما ميكن أن يطلق عليه مـن فعقوبة كل سارق هو قطع اليـد، وهنا تظهر إشكالية حميـرة حني تكون قطع اليد،

وترويع اآلمـنني، هـو جرائم السرقة ى ارتكاب عل املفسد املصـر أن تكون عقوبة املفهوم بسبب بـشاعة وذلك ؛وقطع اليد " دـاحل"إنفاذ العقوبة الشديدة إىل حـد سقف العقوبة و

ولكن يصعب فهم قطع يد مـن زل ،دون حاجة أو عذر من جرائمه وإصراره على تكرارها قطع هي سقف العقوبة و ـةقوبعالتكون أن فمن الصعب تقبـل ، يف حلظة ضعف ة هين زلة عـن "دـاحل"ثار والتطبيقات واالجتهادات لدرء اآلالعلماء خلف تتبع كان ذلك ولعل ، اليد

دون قطع يد أمثـال درأ احلـد وحتول ووضع الشروط والضوابط العديدة اليت ت ،مثل هؤالء لفقهاء كانوا يف غىن عن حني ننظر إىل اآليتني املتعلقتني جبرمية السرقة، نرى أن الكننا هؤالء، و

ألن اآليـة ؛ وليس يف حاجة إىل كل هذا العنـاء كل ذلك، وأن التعبري القرآين كان منضطبا ة التالية جتعل من املمكن خفض العقوبة إىل حـد ـ واآلي ،قف عقوبة السرقة األوىل تتعلق بس

آيات سـورة ويكون معىن العفو لغري املصرين املفسدين يف األرض املروعني لآلمنني األبرياء، ومتادى وتكرر إجرامه أن سقف عقوبة السارق هو قطع اليد ملن أصر املائدة السالفة الذكر،

من األخطاء الشائعة لدى كثريين أنه حني تثور شبه حول نص حديث من األحاديث أن يتجه النقاش حول الصحايب الذي ينـسب - 7

القة باحلديث أو بالتشوه أو التزوير الذي أصابه، وإمنا يعـود إليه احلديث فيكون احلرج ملكانة الصحايب، وقد ال يكون للصحايب أصال ع األمر إىل أحد رواة سلسلة احلديث، فاألصل براءة ذمة الصحايب وعدالته، وإذا مل ميكن معرفة املتسبب من بقية سلسلة الرواة فيجـب

.، بغض النظر عن أي اعتبار آخرالتوقف عن املساس بكرامة الصحايب، وحياكم املنت إىل القرآن الكرمي ومقاصد الشريعة

Page 25: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٥

أعلن توبته وأفسد يف األرض ورو نمن قريب، ع اآلمنني، أما مفيكون ،ى صالحه ـرجـوي النـادم عنه، والـسارق املراقبة، فإن تاب حقا فإن اهللا يقبل توبته ويعفو الرأفة، ورمبا موضع بالعفو عنه، أو ختفيـف فرصة جديدة عنه ومنحه أوىل من القاتل بالعفو -ال شك -التائب

من قدرتـه علـى لـه حتد دائمة إحداث إعاقة إلصالح حاله دون ؛ "احلـد"عقوبته دون . وعيش من يعولكسب عيشه

م اجتهاد اخلليفة الراشد عمر بن هو سقف العقوبة، نستطيع أن نفه" احلـد"مبفهوم أن إننا اخلطاب رضي اهللا عنه عندما صرف عقوبة السرقة بالكلية عن شاب توسم فيه الزلة اليت لـن

، وسوى ذلك من السوابق )ااعة(السرقة يف عام الرمادة عقوبة هيعود ملثلها، وأن نفهم إيقاف . مثل هؤالء اليت درأ ا احلد عنالقضائية والتطبيقات واالجتهادات

كـان ومـا خاصة يف صغائر األمور، ؛ "حد السرقة" بفداحة عقوبة ال شك أن اإلحساس وذلـك ؛ما يف وسـعهم خاصة يف صغائر األمور ،بذل اجلهدإىل يزال يدفع الفقهاء والقضاه

التطبيقـات النبويـة مـا أمكنـهم لذلك سوامنها، وتلم أو صرفها ،من عقوبتها للتخفيف لـدرء املقاصد واملـصاحل، تلمس يف وواجتهادات اتهدين، ، يف العهد الراشدي التطبيقات والعقوبة املنـصوص عليهـا يف أمر تطبيق -ما استطاعوا - ايضيـقولما أمكنهم، و " احلـد"

عندها فقط هلم وذلك باشتراط شروط كثرية؛ يكون وقطع يد السارق، ؛ "احلـد"صدر اآلية " النـصاب " ومن ذلك بلـوغ وقطع يد السارق، " احلـد"تطبيق بإمكانويقضوا ايفتوأن ، قبل أن يـصري باحلض على العفو والسماح يوصونكما أم ،"انتفاء الضرورة "و" احلرز"و

.األمر إىل جملس الدعوى أمام القضاء قرآنيا هو سـقف " باحلدود"وأدركنا أن املقصود ،بدءا و أننا تلمسنا الشمولية واملقاصد ول

العقوبة، وأن إطالق النص القرآين بشأن عقوبة السرقة ليس قصورا يف التعبري، نضطر معه إىل ، وضـبطه تلمس النصوص واالجتهادات والتطبيقات الستكمال معاين النص القرآين ودالالته

ألدركنا جوهر داللة ألدركنا معىن الدالالت احلقيقية للنصوص القرآنية عرب الزمان واملكان، و مبـا والكف والعفو تتراوح بني احلـد ملاذا كانت و ،وحكمتهاطبيقات النبوية والراشدية، لتا

االكتفاء ووجرمية احلرابة واإلفساد يف األرض، ل، مثلها يف ذلك مثل جرمية القتل، يناسب احلا حيقق للمجتمـع ما و، حسب الظروف الزمانية واملكانية، ومكافحتها اجلرمية لردع يكفي مبا

Page 26: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٦

التطبيـق إمنا هي يف احلقيقـة نينة واألمن؛ ألن النصوص والتطبيقات النبوية والراشدية الطمأيف نصـه القرآين إمنا هو سقف العقوبة " احلد"العملي على العهد النبوي والراشدي ملفهوم أن

الذي ميكن يف بعض احلاالت األخذ به زمانيا ومكانيـا، ألعلى، وأن العفو هو حدها األدىن ا؛ ملكافحة اجلرميـة، شوراهارؤية وفق رؤية األمة و " احلـد"أو بأي عقوبة دون قضاء به وال

ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم {وحتقيق األمن االجتماعي لألمة، .١هود}ري فصلت من لدن حكيم خبالر كتاب أحكمت آياته ثم { ٥٢األعراف}يؤمنون

هو أيضا سقف العقوبة وحدها األعلى، " السرقة"ولذلك؛ فإن من املهم أن ندرك أن حد تمع أن حتدد العقوبة مبا تراه يف كل حالـة " القصاص"مثله يف ذلك مثل حـدولشورى ا

مبا حيقق املقصد األساس، وهو احلـد مـن دعا للجرمية، دون إفراط وال تفريط؛ ارومناسبا؛ وتوفري حس األمن والطمأنينة يف اتمع، وـذا ومحاية األعراض والدماء واحلقوق، اجلرمية

ال يـصبح واالجتهادات، وص والتطبيقات النبوية والراشدية، الفهم للنصوص القرآنية، والنص يف خمرجا حرج يكاد ال جيد منه ي أ يفالتشريع، وال القضاء املسلم، بشأن عقوبات احلدود،

سقف العقوبة يف نظام العقوبات ت وليس ، حني تعترب احلدود هي العقوبات املطلوبة مل اليوم عا .٨اإلسالمي

، بل وبالغوا ومما حيسن اإلشارة إليه هنا ما ذهب إليه بعض الفقهاء والقضاة الشرعيني أقـصى حـدود العقوبـات بشكل ملحوظ وق يف أمر احلكم بأحكام تعزيريــة تف فيه،

وهو حد اجللد مئة جلدة يف حالة الزنا، حيـث جنـد ،"القطع"و" القتل" فيما عدا ،الشرعية

قد يكون من املفيد هنا أن نذكر أن إنفاذ الرسول صلى اهللا عليه وسلم حد القطع يف املرأة املخزومية إن صح األثر، هو أمر جيـب - 8

املقبول لدى قريش أن أن يفهم يف ظروف زمانه ومكانه، وقد سادت تقاليد العرقية والقبلية يف جمتمع قبائل اجلزيرة، ولذلك مل يكن من { ١النساء}خلقكم من نفس {يعاملوا أو تعامل امرأة منهم معاملة اآلخرين، فكان ذلك درسا يف عدل املساواة ورفض التعايل والعرقية

قاكمالله أت عند كمموال يأتيين الناس بأعمـاهلم (بخاري رواه ال ) ولو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت يدها (١٣احلجرات}إن أكررواه ) إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه احلـد (، وإمنا أهلك الناس فيمن قبلكم )وتأتوين بأنسابكم

بعـد أن زالـت البخاري، ومن املؤسف أن هذا التعايل والعرقية وتصنيف القبائل واألجناس باسم التكافؤ مازال يفيت به البعض حـىت األسباب وانتشرت املدنية، ومل يعد هناك خوف من نشوب احلروب القبلية تعبريا عن الصراع حول املـوارد الـضئيلة يف الـصحراء، واعتبار منع التزاوج بني أبناء القبائل األقوى والقبائل األضعف باسم الكفاءة، وهو أخف الضررين، ولذلك فإنه من املؤسف أن البعض

يفيت ذه االعتبارات اخلاطئة ليفرق بني األزواج ملثل هذه االعتبارات البدائية التارخيية يف مفهوم الكفاءة دون أن يدرك املفتـون مازال والقضاة تغريات الزمان وأولوية ثوابت الشريعة والفطرة على موروثات التقاليد اليت مل يبق هلا ما يربرها، وميكن تـصحيحها والتغلـب

.عليها

Page 27: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٧

حيكمون باجللد يف مدى معني من الوقت باملئات، بل مبا يزيد علـى املتشددين هؤالء القضاة . جلدةألف

اجللد، هو "حدود"اليت تفوق أعلى املتشددة ولعل من دواعي أحكامهم التعزيريــة قسوة ارم واستهتاره، أو فداحة أثر اجلرميــة، أو تكرار تعديات ارم وفـساد خلقـه

جمردة مـن ومسلكه البشع، ومن مثل هؤالء مدمنو املخدرات الذين يرتكبون اجلرائم بقسوة فعل املواد املخـدرة بسبب ؛ وذلك ويف الغالب بدون وعي املشاعر اإلنسانية، وغري مألوفة، .وأثرها املدمر لألعصاب والدماغ

التعزيـرات لـسقف هـذه ال يربر ختطي ، مع تقديرنا لدوافعه، كل هذا يف تصورنا متعنوا واحلكام باجللد، وهو مئة جلدة يف حالة الزىن، ولو أن هؤالء الفقهاء والقضاة "احلدود"

هما يواجهونع لوجدوا اإلجابة يها القرآن الكرمي،، كما نص عل يف األرض يف عقوبة املفسدين من من إشكاالت مثل هؤالء ارمني املفسدين الذين جيب محاية اتمع منهم ومن إفسادهم، . دون اللجوء إىل املبالغــة يف العقاب البدين، ودون ختطي سقف احلدود الشرعيــة

الذين يحاربون الله ورسوله ويـسعون فـي إنما جزاء {: يقول اهللا سبحانه وتعاىل األرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خالف أو ينفوا مـن األرض

ة عفي اآلخر ملها وينفي الد يخز مله ذلك ظيمع وا *ذابقدرل أن توا من قبابت إال الذين حيمر غفور وا أن اللهلمفاع هملي٣٤-٣٣املائدة }ع

فمن الواضح من نص اآلية أن املطلوب هو محايـة اتمـع مـن بـشاعة مفاسـد ع وأمنه، وختليص اتمع مـن شـرورهم املفسدين الذين يشنون حربا على سالمــة اتم

. وآثامهم وقد بني الكتاب الكرمي وسائل ختليص اتمع من شرهم وإفسادهم إما بالقتل وإمـا بقطع يد وقدم من خالف حىت تشل حركــة ارم وقدرته البدنيـــة علـى الـسعي

ذر منه، أو مبجرد النفي ، وحىت ال ختطئ العني نوعه وخطره، وتوخي احل يف األرض فسادباإل حيمي اتمع مـن شـروره، فإنه ،يوقع باملفسد عقابا بدنيا ال النفي من األرض، وبرغم أن

. وإيذاء اتمعاالستمرار يف اإلفساد يف األرضنعه من ومي

Page 28: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٨

، يف األرضوعاد طواعية عن حربه على اتمع والسعي بالفـساد صادقا أما من تاب ممن تاب حقـا وأنـاب فإن اهللا يقبل توبته، وال نفع وال مثرة لعقاب مثله در عليه، قبل أن يق . صدقا

وذلك أن أمر ارم الذي يخشى " النفي من األرض " واملهم يف هذا األمر هو موضوع فإنـه بعـد ، عقابهاتمع يعود إىل اتمع؛ إن رأى فال يسمح لـه أن شرهعلى اتمع من

وكان فيه نفـع ، من ذلك إن دعت احلاجة إىل شيء ال العقاب التعزيري املناسب جلرمه، إنزوهو مئة جلدة، يكون من ، باجللد العقوبة البدين " حـد"دون ختط لسقف ولكن ،للمجتمع

شر مثل هؤالء عن نفسه مستقبال اتمع يكف وهو نوع من النفي حىت " حبسه"حق اتمع يف هـذا الزمـان ة هؤالءيف مقدميأيت ولو تركوا طلقاء يف اتمع، فيماوعدوام وفسادهم

" األرض منالنفي "من السجن ال يطلق سراح ارم املفسد فارمون من مدمين املخدرات، ه، وال ميثل خطرا علـى األبريـاء شر الناس يتقي يؤمن معها سلوكه و إال أن يصبح يف حال . عوعلى عامة أفراد اتم

ي،قوت ارم واملعتـد لكسب لتكون وسيلة " السجن مع األشغال املناسبــة "إن عـادة وإل ومن ناحية أخرى لعونه ،من ناحية اتمع فال يكون عالة على كما لو كان منفيا،

املؤسـفة إن أمكن، هو اجلواب على مثل هذه احلـاالت بالعمل املثمر حالهوإصالحتأهيله، املبالغـات يف ليس يف وأساليبه، و املؤملة، وليس التعذيب والتفنن يف أنواع التعذيب املأساوية

من قـسوة فلعل ذلك يزيد ؛ ةالشرعيـ" احلدود"ليت تتعدى سقوف العقوبات البدنيــة ا على سلوكهم اإلجرامي؛ حبيـث - يعاجلوا خاصة إذا مل -قلوب هؤالء ارمني وإصرارهم

إىل اتمع همخروجو وال تأهيل وال ضمان مناسب لصالحهم دون عالج من يطلق سراحهم جمرد إيالمهم وتعذيبهم، ولكـن الغايـة ت ألن الغاية ليس ؛يف حال يأمن فيه اتمع شرهم

جرد اجللـد واملقصد األعظم هو إصالح حاهلم، وكف شرهم عن اتمع، وهذا ال يـتأتى مب ، ومدى سالمة سلوكه ،عليه حال احملكوم سيكون ما إىل النظر دون من ،والسجن ألمد حمدد

.يف اتمعواخنراطه ،عند خروجه

Page 29: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٢٩

ردةــد الــح أن القرآن الكرمي قد نص علـى االنتباه يفمما يسترع ، "حد الردة "يدعأما ما يتعلق مبا

وحد بدءا حبد القصاص إىل حد السرقة ؛ "باحلدود" فقهيا دعيكل ما حول دنيوية عقوبات علـق الـذي يت ، حبد الردةيدعحد احلرابة واإلفساد يف األرض، وبرغم ذلك يبقى ما زىن و ال

مـن القرآن الكرمي بأي شـكل دون أن ينص من اليت هي جوهر الدين، موضوعه بالعقيدة " الردة"عن فيها القرآن الكرمي ث حىت يف احلاالت اليت حتد، ه عقوبة دنيوية بشأن لىعاألشكال

عد إسالمهم ودخوهلم يف دين اإلسالم، مث يعلنون ب إعالنالذين يبيتون التآمر ب ؛ " املرتدين"و وقالت طآئفة {إثارة الشك والفتنة بني املسلمني دف ؛ذلك كفرهم وخروجهم من اإلسالم

ـ هالن هجوا ونآم لى الذينأنزل ع وا بالذياب آمنل الكتأه نوا ماكفـرار و ـملهلع هآخـر حىت يف هذا املوقـف التـآمري - وبرغم ذلك فإن القرآن الكرمي ، ٧٢آل عمران }يرجعونأي وأال يتحدث وال بآية واحدة عن عقوبة دنيوية بشأن ذلك التآمر وذلك التدبري -اخلطري

يف هذا نه، وكل ما حتدث عنه م أو اخلروج م شيء على شاكلته مما يتعلق بالدخول يف اإلسال عكـس بيف شأن العقيـدة ل إننا جند القرآن الكرمي يتحدث ، ب )٩(الشأن هو العقوبة األخروية

عن حرية خيار العقيدة، ويؤكد ويف أكثر من موضع، ويف آيات عديدة، ،، وبرغم ذلك ذلك؛ أ وذلـك االلتـزام املبدجند التطبيق النبوي الفعلي يؤكد ذلك كما أننا عدم اإلرغام بشأا،

، وحاربوا دولة اإلسالم، وقـدرr( (فعلى الرغم من أن اليهود يف املدينة حاربوا رسول اهللا ) r(عليهم، وقدرت دولة اإلسالم عليهم، ومع ذلك مل جنـد رسـول اهللا ) r(رسول اهللا

واهم مـن يرغمهم على اإلسالم، ومل جند دولة اإلسالم ترغمهم على اإلسالم، ال هم وال س يدعو نـصارى جنـران وحيـاورهم يف ) r(جند رسول اهللا إننا نصارى اجلزيرة العربية، بل

ومشلهم بعهد اهللا أذى أو قهر أو جرب، بل أي مسجده باحلسىن، ومل يتعرض هلم وال لعقيدم ب دولة املسلمني، كما أوصـى املـسلمني بعـدم التعـرض محاية ورسوله وذمة اهللا ورسوله و

.راـصوامع من الرهبان، كما أوصى بأقباط مصر خيألصحاب ال احلـضارة أن تشمل أبنـاء يوصي املسلمني ب) r(رسول اهللا ليس ذلك فقط بل جند

أمر من اليهود والنصارى يف " أهل الكتاب " اإلسالم يف ةنس" عباد النار "الفارسية من اوس

: النساء – ٥٤: املائدة – ١١٧: آل عمران – ١٠٠: آل عمران – ٩١-٨٥: آل عمران – ٢٥٦ ، ٢١٧: انظر البقرة ) ٩( .١١٠ – ١٠٦: النحل – ١٢٧

Page 30: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٠

يف ذلك و ،)الكتاب("اإلجنيل"أو " التوراة"أتباع حرفيا وا حرية العقيدة والدين، برغم أم ليس الكتاب غري ناكحي نسائهم أهل ةنس - أي اوس –وا م نس(: صلى اهللا عليه وسلم يقول

مبعنـاه األمشـل، أي " أهل الكتـاب "ألنه من الواضح أم من ؛ )١٠()وال مستحلي ذبائحهم أي إم قوم يتمتعـون ، )الكتاب( فقط يلالتوراة واإلجن بشكل حريف، أي وليس ، "احلضارة"

للخيار والقرار، ولعل تلـك احلـضارة كاليهود والنصارى بأهلية حضارية إنسانية تؤهلهم تارخييـة هي أيضا نتاج رساالت أو أثارة رساالت مساوية سواها وحضارات أخرى اوسية

فترسابقة ح تسخونثرتواند. كتبه وما نتج عنها مـن حـضارات ، و "تهورساال" "رسله"اىل عن يقول اهللا سبحانه وتع

ورسال قـد قصـصناهم عليـك مـن قبـل ورسـال لـم نقصـصهم {: مبعناها األمشل كلي١٦٤النساء}ع.

ولعل حمدودية تأثري الدعوة اإلسالمية يف املاضي بني أتباع الديانة اهلندوسية وسواها مـن ن تلـك ، برغم خضوع أجزاء كبرية م )البوذية والكنفوشيوسية (انات جنوب شرق آسيا دي

بصفتهم بـدائيني ،اجتماعياو ،، يرجع إىل معاملتهم دينيا )بالد اهلند ( البالد حلكم املسلمني، لعـدم إدراك العلـة وذلك من مشركي العرب، الوثنيني وثنيني، على شاكلة معاملة البدائيني

كان والذيوقف التارخيي االستثنائي لإلسالم ودولة اإلسالم من مشركي العرب، احلقيقية للم غـري مـن ، )الكتاب (إىل األمم األخرى من أصحاب احلضارات تلقائيا ميتد الالواجب فيه أ

، كـل إىل جانب عوامل أخرى، والسيما طبيعة احلكم املغويل للهند تعرضت هلم النصوص، على أدياا اخلرافيـة التارخييـة، ري تلك الشعوب واحلضارات مجاهأكثر ذلك قد يفسر بقاء

الدعوة اإلسالمية، املسلمني و بينهم وبني والتقدير املتبادل ، احلميمة اخللطةعن بسبب بعدهم عـن املـسلمني االجتماعيـة زلة السلبية النفسية و العمن يف حال مجاهريهم جل جعل مما و

الذين دخلوا اإلسالم يف أعقاب اجلفاة حكامهم من املغول تعرضهم ملظامل فضال عن ودعام، .غزوهم هلذه البالد وسواها من بالد املسلمني

رواه مالك يف املوطأ والبخاري والبيهقي واتفق عليه كل األئمة ما عدا أبا ثور إبراهيم بن خالد الكلـيب وهـو مـن أصـحاب )١٠(

ولعل عدم إباحة ذبائحهم أن ذحبهم يهل به قصدا لغري اهللا، أو . ب أمحد، وقال جيوز أكل ذبائحهم ونكح نسائهم الشافعي وأصحا إنمـا {أم ال يسفحون دم البهائم، أن ذبائح اوسية، كوم عبادا للنار، يقدمون ذبائحهم قربانا هلا، فتعد مما يهل به لغـري اهللا،

، أما عن نكاح نسائهم فمعلوم أن العقائـد الباطنيـة ١٧٣البقرة}ميتة والدم ولحم الخرتير وما أهل به لغير الله حرم عليكم ال .عامة، واملانوية خاصة، قد تقبـلت اإلباحية يف عالقات الذكور باإلناث

Page 31: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣١

، فسوف يتضح من وجهة نظر إسالمية قرآنية " الردة"وإذا نظرنا نظرة مشولية إىل موضوع حرية ر مبدأبأماملشار إليها يف القرآن الكرمي، " الردةملؤامرة " لقضية الردة وال لنا أنه ال عالقة

وحرية االقتناع اإلمياين باإلسالم أو بأية عقيدة أخرى، وبالتايل فـإن أمـر تلـك " العقيدة" يناقض احترام اإلسـالم حلـق يتعلق ومل ملشار إليها يف القرآن الكرمي، مل االتآمرية " اجلرمية"

أفأنت تكره الناس {٢٥٦قرةالب}ال إكراه في الدين { اإلنسان يف حرية العقيدة وحرية اإلميان مننيؤوا مكونى يتـ {٩٩يونس}ح يس عليـك هـداهم ولــكن اللـه يهـدي مـن ل

حـداث فتنـة يف جمتمـع ا قضية تتعلق بتآمر وغرض سياسي إل أل ؛)١١(٢٧٢البقرة}يشاء .املسلمني

يف ، "حـد الـردة " ما دعاه الفقهاء مث من، و"الردة"خللط والغبش يف موضوع وسبب ا من أمـر مـشركي العـرب ) r(هو عدم فهم موقف القرآن الكرمي وموقف الرسول رأينا

إىل -واعتبار ذلك ، )١٢("إما إسالم أو حرب " "اإلسالم"وإعالن احلرب عليهم إلدخاهلم يف ابقة تسمح باإلرغام س، وكأنه "ردة" نصا يتعلق بعموم ما ميكن أن يدعى -جانب ما اعتربوه

.)املرتدين (العقيدي يف بعض احلاالت لبعض الناسيات قرآنيـة ، وما تعلق ا من آ "مشركي العرب "أن معاملة كثري من العلماء فقد اعترب

، التسامح مع غري املسلمني ب، و لآليات القرآنية املتعلقة حبرية العقيدة " نسخ"هي ) آية السيف (يظنونـه كـانوا فكرة النسخ إىل حل شكلي، لكل مـا ن خالل متوصلوا توسعوا و وبذلك دون التنبه إىل أن كل نص قرآين إمنا يتعلق حبالة أو وضع إنـساين من بني النصوص، تعارضا

كما يرى حبـق ،خيتلف عما سواه، وأن ما جاء من إشارات يف القرآن الكرمي يف أمر النسخ ونسخه ملا سبق من شرائع كانت قد وهيمنة القرآن ة اإلسالم إمنا يتعلق برسال ،بعض العلماء

مراحل وهي ومراحل إنسانية سابقة من مراحل تطور اإلنسانية، بعينهم، حرفت وختص أقواما

.١٠٧: ، األنعام ٤٠: ، الرعد ١٠٧: ، املؤمنون ٣٥-٣٢: ، حممد ١٢٥: انظر أيضا النحل )١١( : للتفصيل انظر للكاتب كتاب) ١٢(

Towards an Islamic, Theory of International Relations: New Directions for Methodology and thought, A.Abusulayman

ىل العربيـة األسـتاذ الـدكتور ، وقد ترمجـه إ م١٩٨٦ الناشر املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، واشنطن، الواليات املتحدة األمريكية )اجتاهات جديدة للفكر واملنهجية اإلسالمية: النظرية اإلسالمية للعالقات الدولية(أمحد املرشد الربيك بعنوان ناصر

Page 32: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٢

مية اإلنـسانية مرحلة الرسالة اإلسـال ختتلف عن سابقة استنفدت أغراضها ونسخت، وهي عرب الزمان فيما سيأيت إلنسان وتطورات هذه األحوال العاملية اخلامتة؛ اليت ترشد كل أحوال ا

وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بـين يديـه مـن الكتـاب ومهيمنـا { واملكان،هعولذلك كان جيب التنبه إىل أن اإلسالم هو بالدرجة األوىل دعـوة وهدايـة ،٤٨املائدة}لي ولذلك كان اخلطاب اإلسالمي فيما سيأيت من أحوال الزمان واملكان، ، إنساننسان، كل لإل وال ساللة ، خياطب قط لونا وال لسانا فلم ، بعينه إنسان ي أ موجها إىل وأ، وليس حمليا، عامليا

وليته ؤومسوخاطب أهليته ويف كل أحواله، وال طبقة اجتماعية، بل خاطب اإلنسان يف ذاته، أن حالة مـشركي العـرب الدارسوناإلنسانية احلضارية، ولذلك كان جيب أيضا أن يدرك

وأـا بعينها،هي حالة ، قبل اإلسالم )األعراب( "اجلاهلية "الوثنيني وقبائلهم البدوية البدائية املؤهلني حضاريا من أصحاب الكتب ، من من حوهلا األخرى والشعوب غري حالة األمم حالة البدائية ليست قـضية حريـة ديـن "اجلاهلية "رات، وأن قضية هذه القبائل البدوية واحلضا

األهلية احلضارية االجتماعيـة "، وانعدام "قضية قصور إنساين حضاري "وعقيدة، بل كانت خل الإميـان فـي قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يد {، "اإلنسانيةلى {"١٤احلجرات" قلوبكمع ل اللها أنزم وددوا حلمعأال ي ردأجنفاقا وكفرا و دأش ابراألع

كيمح ليمع اللهوله وسـ * ر م الـدوائر ومن األعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بك ليمع ميعس اللهء ووة السآئرد همليـا * عخذ متيم اآلخر وواليبالله و منؤن ياب مراألع منو

الله مخلهديس مة لهبا قرهول أال إنسات الرلوصالله و ات عندبقر نفقته يمحفي ر إن اللـه حيمر {. ٩٩-٩٧لتوبةا}غفور قالح رون بالله غيظنـة ياهليالج ١٥٤آل عمـران } ظـن

إذ جعـل { ،٥٠املائـدة }ه حكما لقوم يوقنون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الل {رج وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تب{ ٢٦الفتح}ية حمية الجاهليةين كفروا في قلوبهم الحم الذ

.٣٣األحزاب}الجاهلية الأولى وخطـام وحـال خطـاب البدائيني" األعراب"أال خنلط بني حال علينا ولذلك جيب

خطاب أصـحاب احلـضارات وأة، حكمة أستاذية النبو القرآن ومسو تالمذة "األصحاب"واألهلية وسواهم من أصحاب الديانات واوس والكتب الدينية احلضارية كاليهود والنصارى

.احلضارية

Page 33: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٣

لوجدنا تفـسريا ذه الرؤية واملفهوم الشمويل وهكذا فإننا لو متعنا يف آيات القرآن الكرمي البدو البدائيني "قرآين، وتفسريا واضحا للسياسة النبوية جتاه هؤالء األعراب واضحا للموقف ال

هذه القبائـل قصور تانراءة؛ فقد وضحت هاتان السور يف سورة األنفال وسورة ب "الوثنيني وقبائـل قوموكيف أم يف ذلك الوقت، ، البدوية وبدائيتها االجتماعية احلضارية "اجلاهلية"

يف عزلة جعل تلك القبائل وهذاوال التزام، " ال ذمة "و" ال عهد هلم ""جاهليون" جاهلية، فهم ولذلك كان إدخاهلم يف ، فهم يف ذلك كالضباع والذئاب، وال تؤمن ش تعاي فال ،وتوثب دائم

؛ وذلك رد إخـراجهم ا ضروريا إنسانيا استثنائياجمتمع تأهيل إنساين اجتماعي حضاري أمر أهيل االجتمـاعي اإلنـساين التبداية مدارج إىل ر االجتماعي اإلنساين احلضاري قصومن ال

االجتمـاعي اإلسـالم أولويـات جمتمـع نظام بإدخاهلم يف إال ذلك ال يكون و احلضاري، جمـرد تنظـيمهم مهـا هذا التنظيم االجتماعي ة أولويات حال، وأهم ركيزتني يف احلضاري

ا مـا أقـامو حدأ تكافل الزكاة، فال يتعرض هلم جمتمع يف ا اجتماعيا يف مجاعة الصالة، ومادي ولذلك كان الذي يسأل عن قبـول اإلسـالم هـم الزكاةتكافل مجاعة الصالة وأدوا حق ،

ألن يف "أمهل نفرا من قريش ) r(املقاتلة، ومل تكن املرأة تسأل عن إسالمها، بل إن الرسول البدويـة ائل األعراب نظام جمتمع اإلسالم بني قب بعد فتح مكة واستقرار وذلك" النفس حاجة

مل يعد إمهال هؤالء األفراد ميثل ديدا لنظام اتمـع واسـتقراره ، ألنه البدائية يف اجلزيرة؛ ، اليت مل تحارب ومل تفتح وختضع حلكم اإلسـالم، إال )مكة (خاصة يف جمتمع حاضرة قريش

.م على املسلمني وحلفائهملنقضها، ونقض حلفائها العهد، ولعدواولذلك أيضا رأينا صاحب الفكر النافذ، وصاحب القدرة املفاهيمية املتميـزة اخلليفـة

الذي مل تغب عنه داللة اآلية الكرمية اليت نزلت بشأن قبائـل ؛)t( الراشد أبا بكر الصديق لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمـا قالت الأعراب آمنا قل {، واليت سبق ذكرها "األعراب"

ان في قلوبكمل الإميخدولذلك نراه "١٤احلجرات}ي ،)t( ا االجتماعيةيستحضرها بدالال "األعـراب " اليت قامت ا بعـض قبائـل "الثورة املضادة "اإلنسانية احلضارية حينما نشبت

وع لنظام اجتماعي إنساين حضاري، وهي الثورة اليت بدأت يف رافضني بذلك يف احلقيقة اخلض وقد تويف رسـول اهللا –بقيادة عدد من أدعياء النبوة، وعندها ) r(أواخر أيام حياة الرسول

)r (- أصر أبو بكر)t ( حني توىل قيادة الدولة، على قتال هؤالء األعراب وإخـضاعهم

Page 34: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٤

ملا قصد إليه رسول انطالقا من فهمه العميق النافذ ، "لنظام جمتمع اإلسالم اإلنساين احلضاري "، وعدم دفـع آليات القرآن الكرمي ودالالا الكلية، يف أن أمر ثورة قبائل األعراب و) r(اهللا رفـضهم ، و التكافلية اإلسالمجمتمع أولويات نظام على متطلبات بذلك ، وخروجهم الزكاةألن العقيدة ميان؛أمر ال يتعلق بالعقيدة واإل ي، هو اخلضوع لتنظيمه االجتماعي احلضار بذلك

لبـاس االجتمـاع ب ا بعد أن يتلبـسو ،اإلسالمية السمحة ستالمس قلوم تلقائيا بعد ذلك وإمنا يتعلـق الوثنية البدائية، " األعراب" فعقيدة اإلسالم احلضارية ال تقارن بعقائد ،احلضارياالجتماعي احلضاري اإلنساين، وذلك يف الوقـت الـذي بالنظام االجتماعي والقصور األمر

ملا كانوا عليـه مـن ، )t(ومنهم عمر بن اخلطاب اختلط فيه األمر على بعض األصحاب، مواجهة أخطار كبرية متعـددة يف ، و)r(يف غمرة هول أحداث وفاة رسول اهللا حالة نفسية

صعوبة ة لدولة اإلسالم الناشئة، و ديد الدولتني الرومانية والفارسي أخطار ذات الوقت، وهي لثورة اليت قامت ا تلك القبائل البدويـة يف هذه الظروف احلرجة ل ، يف ذات الوقت التصدي

الـسالم "للبقاء يف جمتمـع لدفع الزكاة ورفضا البدائية، واشتعلت ا أرض اجلزيرة؛ رفضا القـصور االجتمـاعي اإلنساين احلضاري، ونكوصا منـهم، وردة إىل حـال " االجتماعياملنـورة باملدينة احمليطة البدائية البدوية ائلتلك القب ) ردة( ثورة ثلهمتما رغم كل باحلضاري،

العنصرية، وعدوانية الغزو العرقية و مهجية من ما هي عليه خطر، و من بدولة اإلسالم الناشئة و . والسلب والنهب، دون وازع من خلق أو ضمري

أرشد غزية وإن ترشد،تيوغ تو إن غ أنا إال من غزيةماو ه ألمهية مواجهة األعـداء، وتقدير ذهنه ورؤيته، وصفاء) t(أيب بكر جأش رباطة إال أن

ويصر على قتال تلك القبائل املارقة الناقضة إلسالمها بعـدم دفـع ،جعلته يثبت على موقفه أحد من أعدائهم واملتربـصني يمؤشر على ضعف املسلمني أمام أ إظهار أي وعدم/ الزكاة بـبعض األصـحاب لـمتأي ـط والغبش التـ اخللغمة برغم ،يف اجلزيرة وخارجها م،

) تؤمنوا مل( والقرآن قد قرر ،ظنوا أن األمر قضية إميان وليست قضية إسالم حني ،ومعارضتهمربصة ذه القبائل الوحشية املت خطر ه أولوية يبدو أم يف هذه الغمرة مل يقدروا و ،١٤حلجرات ا

روا أمر االستنقاذ اإلنساين هلذه مل يقد يبدو أم ه، كما حق قدر باملدينة يف ظهرها وخاصرا وعدم السماح هلم باخلروج على متطلبات أولويات اتمع اإلنساين احلـضـاري، ،القبائل

Page 35: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٥

للمعارضني عن عودة الرشد وقد عبـر يف مهدها، اإلسالم نظام عن " الردة"د هذه أوأمهية و يف حزم وعـزم، دوهو ير ، وحكمتهوالثقة بقيادته) t( رأي أيب بكر إدراكا منهم لرجاحة

، ) من فرق بني الصالة والزكـاة واهللا ألقاتلن (قائال " إال اهللا أم يقولون ال إله "على من قال ما إن رأيت إصرار أيب بكر فو اهللا : بقوله) " t(عمر بن اخلطاب أطلقها اليت املقولة وذلك ب

)t (– هو أبو بكر، وما هي صفات أيب بكـر ألنه نيعلم، ومجهور املسلمني يعلمون، م ، بصرية أيب بكـر صحة ،)t(، فأدرك اجلميع، وعلى رأسهم عمر "حىت شرح اهللا صدري "

قالـت {ن، عقيدة وإميا إعالن ليس أمر يف مواجهة قبائل األعراب وسالمة رؤيته، وأن األمر أمر استنقاذ إنـساين هلـذه هو بالدرجة األوىل بل ،١٤احلجرات}ب آمنا قل لم تؤمنوا الأعرا

ىل مشارفإالرتقاء ا دف اقاصرة ال تليق باإلنسان بدائية بدوية "جاهلية "القبائل من حياة مـن لإلنسان -جه احلقيقة على و–مدارج أهلية حياة اجتماعية إنسانية حضارية، ال وجود

ه اسـتنقاذ أنكما ، ١٤احلجرات }ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإميان في قلوبكم {دوا، علـى على أنفسهم و ا وخطر رد ، وبدائيتها من جهالة هذه القبائل وحضارته لدولة اإلسالم

لداللته فيما بعد، وخلطوا علماء يتنبه مجهور ال وهو أمر لألسف مل اإلسالم ودولته وحضارته، وبالتايل ، "حرية العقيدة " حق وأمر" انية احلضارية األهلية االجتماعية اإلنس "متطلبات بني أمر منـاط املـسئولية الذي هـو " حرية العقيدة "إمكان جتاوز احلق األصيل لإلنسان يف واتومه

، للدعوة اإلسالمية، والرساالت الـسماوية األساس، واملنطلق الراسخ األساساإلنسانية، وهو ملـصاحل الدولـة إلغاؤهكما ميكن األساس، العقيدي هذا احلق توظيفظنوا أنه باإلمكان و

اليت ال ميكن ، القرآن الكرمي يف -لغاء مبعىن اإل -السياسية؛ مستخدمني يف ذلك دعوى النسخ املفاهيمية الـيت ختاطـب طبيعة القرآن مل ندرك إال إذا،يف حق القرآن الكرمي أصال صح تأن

حاشا هللا يف حقه - واملكان، وإال إذا قلنا اإلنسان على كل األحوال، وعلى اختالف الزمان ، فكل ، وهو أمر ال يقول به عمدا أي مسلم)١٣( بالبداء–وحق القرآن الكرمي، ولو دون قصد

من توجيهاته تتعلق حبال من أحـوال يه آية من آيات القرآن الكرمي، وكل مفهوم، وكل توج ،فردا ومجاعـة اإلنسان وأحوال جمتمعه اإلنساين، على اختالف األحوال واملواقع واألزمان،

كل ما أشار إليه القرآن الكرمي من لذلك فإن واحلال ذلك، يستدعي يتوجب االهتداء ا حني

.املقصود به املراجعة وإعادة النظر وتصحيح اخلطأ : البداء ) ١٣(

Page 36: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٦

إمنا يتعلق بعالقة القرآن الكـرمي ق، كما ذهب إليه بعض العلماء، يف رأينا حب النسخ واإلنساء، أصاا التحريف، ونـال و ، مضت مبا سبقه من آيات ورساالت تعلقت بأمم ومراحل إنسانية

جتاوزـا وبذلك ،جتاوزها الزمن واملراحل الالحقة من مراحل تطور اإلنسانيةومنها النسيان، وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا { هاوهيمنت عليونسختها الرسالة اإلسالمية العاملية اخلامتة

ما ننسخ من آية أو ننسها نـأت بخيـر { ٤٨املائدة}لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه تاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب هو الذي أنزل عليك الك { ١٠٦البقرة}منها أو مثلها

وأخر متشابهات فأما الذين يف قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما إال الله أويلهت لمع٧١٤آل عمران}ي .

يف املعاين القرآنية، أو يف عدم وضوح بيان الصياغة القرآنية، حاشا كتاب اهللا أن يكون ذلـك التشابه ال ميكن أن يعين اإلشكال )١٠(

، والبد أن يكـون ٢٨الزمر}قرآنا عربيا غير ذي عوج{معىن التشابه يف القرآن الكرمي، فكل القرآن حسب نصه بيـن ومفصل لماء، هو اإلشارة إىل تشابه بعض القصص واإلشارات والتوجيهات القرآنية لبعض معىن التشابه، هنا كما ذهب إىل ذلك بعض الع

ما تعرض لـه القرآن الكرمي من أمر ما سبق لألمم من أحداث تارخيية، وما أرسل إليها من رساالت مساوية، ملا ورد يف ما لـدى عض أصحاب األغراض يستغل تشابه أمر ما يـرد يف بعض األمم من نصوص حمرفة وأساطري تارخيية، وينبه القرآن الكرمي إىل أن ب

القرآن الكرمي مع تلك القصص واإلشارات والتشاات، لكي يدس من خالهلا كثريا من تلك األساطري والتخريفات واخلزعبالت سـالمية ودس اليت أصابت الرساالت وفكر األمم السابقة من حتريفات وختريفات وشركيات لتكون مدخال لتحريف الرسالة اإل

تلك األساطري واخلرافات واخلزعبالت والشركيات فيها، ويكفي لألسف قبول عدد حمدود من تلك النصوص احملرفة لكى تفـسد منظومة الفكر اإلسالمي، وتدمر كثريا من مبادئه، كحبة سم واحدة تكفي للقضاء على اجلسم السليم كله، فال جيب التهاون مع

مما يناقض كليات املنظومة اإلسالمية ومقاصدها ومبادئها وثوابتها األساسية، وذلك هو ما يتعلـق بنقـد أي نص ولو كان واحدا .املنت

ولألسف فإن بعض الدارسني أساء الفهم ملعىن التشابه املشار إليه يف هذه اآلية، وتقبل أن يكون معىن التشابه املـشار إليـه يف م وضوح الداللة، فكان ذلك الفهم اخلاطئ هو املدخل املؤسف الذي فتح الباب على مـصراعيه يف القرآن الكرمي وكأنه يعين عد

كثري من كتب التفاسري وكتب التاريخ التراثية، وكذلك يف الكثري من األحاديث املوضوعة واملدسوسة، ليكون كل ذلك مـدخال فات وختريفات األديان الـسالفة وشـركياا ألن تـدس يف للتحريفات والتخريفات واألساطري واإلسرائيليات وسواها من حتري

.األدبيات اإلسالمية من الواضح أن السبب يف متكني ذلك الدس إمنا يرجع إىل قصور فهم بعض الدارسني، وإىل غرض بعضهم اآلخر؛ وهذا ترك

منه حىت اليوم، وذلك بتأثري كـثري ممـا تتداولـه األمـة على كل األحوال ضررا كبريا مدمرا بفكر األمة، والذي ما زالت تعاين وأدبياا الدينية من مدسوس اإلسرائيليات واخلزعبالت واخلرافيات والشركيات، واليت ما زال الدارسون الذين يعملون إلزالتـها

برؤية قرآنية سليمة، حىت ميكن ختليص وإزالة آثارها يف حاجة إىل مزيد من اليقظة، وإىل القيام مبزيد من دراسات نقد املنت والسند الفكر املسلم من ذلك السيل من التخريفات الظاهرة واخلافية وسواها، ومن اإلسرائيليات منها خباصة، ومن اخلرافيـات املـدمرة

.للسننية والعلمية اإلسالمية اليت تعاين منها األمة وفكرها، وحىت فكر كثري من مثقفيها، إىل اليومن ما ورد يف القرآن الكرمي من قصص ومعلومات عن األمم واألنبياء والرساالت واألحداث السالفة ليس يف حاجة إىل مزيـد إ

من التفصيل والتفسري من تراث األمم واألديان السالفة وأدبيام، فما يعين املسلم من األمر هو القدر الذي جـاء بـه القـرآن ال يعلمها إال اهللا، وإن تتبع ذلك - اليت ال تتعلق بالغاية من إيرادها قرآنيا –ل وتأويل فإن حقيقته الكرمي، وما وراء ذلك من تفصي

Page 37: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٧

عقيدة وال إميان، وال بكوم عربا وال بفرض وهكذا فإن ردة قبائل األعراب ال عالقة هلا دولـة وقاعدة) r( وال عشريته، وال أم قاعدة دولته )r( غري عرب، وال أم قوم حممد

، وال طبيعة املسئولية اإلنسانية اإلسالم، فكل ذلك ال ميكن أن يغري طبيعة الرسالة اإلسالمية، ميكـن ال فإنه لذلكوال طبيعة الدعوة اإلسالمية، وال طبيعة اخلطاب اإلسالمي إىل العاملني، و

حق كـل إنـسان يف - على كل األحوال –يلغي ميكن أن يلغي حق حرية العقيدة، وال أن قبل كـل حرية االختيار وحق االقتناع الذي يتعلق به معىن الوجود اإلنساين، والذي تتعلق به

. املسئولية اإلنسانيةعد كل شيء أمر شيء وب ة مإن اإلسالم ال خيشى من ردـ ن اليوم اآلخـر عرف اإلسالم حقا وآمن فعال باهللا وب

فمثل هذا اإلنسان املؤمن ال ميكن أن ) غاية(الدنيا احلياة عمار اخليـر يف والعمل واإل ) ضمريا( وهذا أمر خيتلف عن أمر .يات أو دهريات عدمية إىل خرافات أو عنصر ارتداده خيشى اإلسالم

، يف ترشيد العامة والناشئة الدعوة والتربية والتعليم مؤسسات وتقصري ،تقصري اتمع والدولة ـ يف هذه اجلهات ، مث تبالغ يف أداء واجباا يف الدعوة والتربية والتعليم ر فرض القيـود واحلظ

إميـان ؛ حىت يكـاد لعامة من زيغ العقائد واحنرافها ملا قد يقع من بعض اجلهال وا والعقوباتمن عمق اوية ألفاظا ومظاهر خ يف كثري من البالد بسبب هذا التقصري صبح اجلمهور والعامة ي

.االقتناعقوة الفهم وال مل واإلعمار اخليـر يف الدنيا إن من يرتد عن اإلسالم واإلميان باهللا ورسوله وقصد الع

، أو عن غرض )ديين ثقايف (، أو عن جهل )نفسي(داده إال نابعا عن مرض ميكن أن يكون ارت . )عقدي أو سياسي أو مادي نفعي(

وتفصيله وتأويل القرآن باملكذوب واحملرف من تراث األمم السالفة وأدبياا هو باب إىل الضالل والفتنة والتخلف، وال نفع فيـه

ه القرآن الكرمي، ولعل قصة أصحاب الكهف مثال للتوجيه القرآين يف التعامل الصحيح وال فائدة منه لإلنسان املسلم، وإال ألورد .مع ما يروى يف القرآن الكرمي من القصص واألحداث والقضايا املتعلقة باألمم والرساالت السالفة

سـيقولون {إىل قوله تعاىل ....٩الكهف}وا من آياتنا عجبا أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كان { يقول اهللا سبحانه وتعاىل عا يتهم مبعد لمي أعبقل ر مهكلب مهثامنة وعبقولون سيب ويما بالغجر مهكلب مهادسة سسمقولون خيو مهكلب مهابعثلاثة ر مهلم

ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سـنني وازدادوا {....٢٢الكهف}إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يـشرك قل الله أعلم بما لبثوا له غيب {.....٢٥الكهف}تسعا

٢٧هفالك}واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا { ....٢٦الكهف}في حكمه أحدا

Page 38: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٨

عـاجل مبـا يناسـبها؛ فـاملرض ميكن أن ت– ت إن وقع- "ةالرد"االت حوكل حالة من ،يطلب له العلم والتبصري وتوضيح الـشبهات ) باحلقائق(يطلب له العالج، واجلهل ) النفسي( وقصور أداء الفكر اإلسالمي املعاصر، ،خلط اخلطابات بسبب ،يف عاملنا املعاصر ما أكثرها و

أو ملـن مل ،، ملن مل يشفحالة املرض وحالة اجلهلمع حىت ويبقى وواقع ممارسات املسلمني، من أصر وكابر فعليه وزره، وهـو ف أمر احلرية، وأمر اخليار، ،يشرح اهللا صدره للعلم واملعرفة

ال يقع لعاقل، وال خيشى -نا التربوي والتعليمي والدعوي لو أدينا واجب -كما أوضحنا أمر . حقاإنسان أسلم حقا وعرف معىن اإلسالم" ردة " معهاإلسالم

جتتمع احلاجة مـن شـدة هو أن و ،ولكن األمر املؤسف الذي جيب الوقوف عنده طويال مع إمهال األمة ،راهقة وطيش الشباب وتطلعاته ومع جهالة امل ،الفقر والبطالة مع اجلهل الديين

. ألهدافه الضارةصريها، وتربص من يستغل هذه احلالوتقيهـدف إىل إيـذاء ا جـسيم اخطريوخاصة إذا كان الغرض أما إن كانت الردة لغرض

يف كـل حالـة حبـسب فهنا ينظر تدليس دينهم، وأ، وإشاعة الفتنة يف صفوفهم املسلمني؛ الدوافع واآلثار، وهو يف حاالته اخلطرية يدخل يف بـاب احلرابـة واإلفـساد يف األسباب و يف ووالعقاب هنـا وال يتعلق ا، من باب حريات اإلميان والعقيدة، وبالتأكيد ليس األرض،

وذلك مبـا ،العقابكل احلاالت كبريها وصغريها البد أن يكون تعزيريا، إن استدعى األمر .يناسب احلال واملآل

ملن يفترض أنه عرف اإلسالم، جحودا وعنادا، أو ،عليها، واإلصرار كانت الردة أما إن ال يقـاس ف ،حرمان وضالل و أمر استثنائي فذلك ، أو جهالة أو عصبية ، غبش بصرية بسبب - يف كل األحوال – وال يكون معه ،وليتهؤ وعلى عاتقه تقع مس ،حيمل صاحبه وزره و ،عليهادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي {دعوة الـر و يالتبصإال

دينتهبالم لمأع وهبيله ون سل عن ضبم لمأع وه كبإن ر نس{١٢٥النحل}أح ـزرال تو .١٦٤األنعام}وازرة وزر أخرى

مـن حـاالت حمددة إىل حالة - خطريء بشأن الردة لغرض دين -وقد أشار القرآن الكرمي ـدف ؛ الـردة لتظاهر باإلميان مث إعالن وا اخلطرية، وهي تآمر بعض اليهود يف املدينة التآمر

نزل على الذين آمنوا وقالت طآئفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أ {إحداث فتنه بني املسلمني

Page 39: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٣٩

، ومع ذلك مل يذكر القرآن الكرمي ٧٢آل عمران }وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ، أمـر بوصفه ويل ، وتقديرها عقابا دنيويا هلذه اجلرمية النكراء، وإمنا ترك األمر لسلطة الدولة

رأس الدولـة لينظـر يف ) r(، وهو يف هذه احلالة رسول اهللا ملكانوهو أمر يتأثر بالزمان وا يف ضوء احلدث وما حييط به من ظروف زمانية مكانيـة ، ويقدر له قدر العقوبة املناسبة األمر

} سوا الرأطيعو وا اللهأطيع ر منكملي األمأو٥٩النساء}ول و د رسـول اهللا ـ، فكان أن توع)r (كما – مهدداء املتآمرين املفسدين يف األرض واحملاربني لإلسالم ودولة املسلمني، هؤال

من بدل (، ملن يرتكب هذه اجلرمية ) القتل(بالعقاب الشديد -تروي بعض األحاديث النبوية بأمر اخليار اإلنـساين بالتآمر السياسي، وليس وهو توعد من الواضح أنه يتعلق ) دينه فاقتلوه ـ ؛أحدث اإلنذار مفعوله املطلوب فقد حال ، وعلى أي قيدةوحرية الع سلمني، فحفظ أمن امل

.مرة يف مهدهاؤادت املوحقن دماء املتآمرين، ووئ ، تآمر على املسلمني بالكذب والفتنة، أو باستخدام الفنـون ملن يبالتصدوكذلك أمر وتـشويه ، اإلسالم واملسلمني للطعن يف الشعر الذي كان أهم الفنون الشائعة املؤثرة السيماو

ألن ؛من يفعل ذلك ببعقا )r( الرسول هددد فق وتأجيج العواطف ظلما وزورا، ،مسعتهم فالقرآن ، وال من باب االعتراض أو النقد ، احلوار الفكر وال من باب ه ليس من باب نما يفعلو

سواء أكانـت - ا الفنون بإيراد اعتراضات املعترضني وشبهات الناقدين والرد عليها، أم ءملي من باب السباب فهي - والروايات والرسوم واألغاين واألفالم يف عامل اليوم ،باألمس شعرال

، على ما نرى يف قوانني ١٥ والعقاب ةخذؤا وتشويه السمعة والتضليل، وهذا موضع امل ،والشتمـ و ،واقهاده من الكرامات واملقدسات يف أذ اتمعات املتمدنة بشأن ما تع ذلـك يف دال تع

) هلوكوسـت (لــ وأشهرها اليوم قوانني إنكـار ي واحلديث، الرأحبرية قوانينها مما يتعلق استخدام بعض أعداء األمة واإلسالم بعض هذه وما حيدث اليوم من ،وربية يف حق اليهود األ

،دهم واستعداء األمم ض ،الوسائل إلثارة العداء واالزدراء ضد اإلسالم واملسلمني ومقدسام

لتقريب األمر إىل القارئ الكرمي بشأن الفرق بني البحث والدرس واحلوار، وبني السباب وتشويه السمعة، فإن األوىل أمور تقـوم - 15على الفكر والدليل واحلجة، وموضعه قاعات الدرس ودوريات املعرفة، أما السباب والشتائم وهدر الكرامات مثل من يقذف زوجـك

بالبذاءة وهدر الكرامة، وخاصة لو استغل يف ذلك قدرة فنية تشيع بذاءته وهدر عرضك كأغنيـة أو قـصيدة أو أو أمك أو مقدساتك رواية أو رسم أو قلم، فإن رد فعل املكلوم سيكون أشد الغضب ولن يرضى دون عقاب اجلاين وإيقافه عند حده، فإذا مل حيدث ذلـك،

لذلك جيب فهم هذا . سيأخذون القانون يف أيديهم مهما كانت العواقب -ضعف بشري وهم يف حالة -فإن رد فعل كثري من املكلومني .األمر وسد ذرائعه، خاصة حني يتعلق األمر مبقدسات األمم

Page 40: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٠

فإن علـى حكومـات ، وهلم حضور يف كل بالد األرض ،البشروهم ميثلون أكثر من مخس وماسـية ل والضغط باألساليب الدب ، القوانني شعوب األمة اإلسالمية ومجاهريها املطالبة بسن،

واملقاطعة االقتصادية ملنع اإلهانة والتشويه واالستعداء ضد األمة وعقائدها ومقدساا، ومطالبة شعال إل الزدراء األديان واألمم حلكومات األخرى بسن القوانني اليت متنع وتردع من يسعى ا

الفنت والعداء بني األمم، أما إذا مل توجد القوانني وما يلحق ا من عقوبات فال ينفع طلـب ) وستوكله(نكار حمرقة اليهود إ وجترميال معىن له، ولن يفيد، و ،االعتذارات من احلكومات

، ال للحد على الدول املسلمة وغري املسلمة أن حتتذيه و ، وهو خري مثال ، على ذلك ليلدخري من حرية البحث والدرس والتحقيق واحلوار العلمي، فذلك مما يرحب به اإلسالم والعلمـاء

فيهـا الـوعي بيغت يف سياقات فنية ي فتراء والشتم وهدر الكراما املسلمون، ولكن ملنع اال احلقائق ويزيفها وخيلق لدى اجلمهـور رؤى يشوه وهذاقد والبحث عن احلقيقة، والنظر النا

وتشويه الرؤى وبـذر ،وقناعات ظاملة كاذبة شائهة، هي من باب اإلساءة والقذف والسباب من أهم األسباب ملا بني املسلمني والغربيني على مر هي واليت ،الفنت وإثارة الضغائن واألحقاد

هي أبعد مـا تكـون عـن ، وبأساليب زيف وكذب ،ن جهات خمتلفة وم ،العقود والقرون وار اهلادف لإلصالح والتواصل بـني األمـم علمي للبحث عن احلقيقة وإدارة احل التحقيق ال

.والشعوب واحلضارات واألديان والثقافاتا من يرتكب تلـك ) r( وبغض النظر عن ذات العقوبة اليت هدد رسول اهللا -ولذلك فإن داللة تلك العقوبة اليت أعلن عنها رسول اهللا إحداث فتنة يف اتمع املسلم، رض املؤامرة بغ

)r ( ا عقوبة تعزيرية ، العهد على ذلك الذي هو صاحب السلطة يف الدولةختتص بتقدير أ ، بعينها، ويف ذلك الظرف بعينـه، تلك احلالة، كونه ويل األمر، للعقوبة املناسبة ل )r(الرسول

أن العبث بأمن اتمع هو يف داللتها أن تبقى إىل سواها، و بشكل تلقائي ال متتد ا فإ لذلكويعرض قد جرمية خطرية تدخل يف باب احلرابة واإلفساد، وأن ارتكاا -يف كل األحوال -

مـن ، يتساوى يف ذلك أمر استخدام الدين أو سواه للعقوبة الشديدة يف دول املسلمني ارم . وسالمة أبنائه ومؤسساتهلعبث بأمن اتمعاليت يقصد منها ارامية اخلطرية التدابري اإلج

هلا آثار خطـرية تـضر اليت و، وهكذا فإن العقوبات اليت تتعلق باجلرائم غري املسماة بعينها الـيت " واحلرابة واإلفساد يف األرض والسرقةالقتل والزىن"باتمع مبا ال يقل عن آثار جرائم

Page 41: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤١

تدخل يف باب احلرابة واإلفساد يف األرض، وينظـر ميكن أن ،بعينهاالكرمي لقرآننص عليها ا حبسب أهلية املرتكب، والقصد من وراء اجلرمية، واآلثار املترتبة عليها؛ لتقريـر كل حالة يف

يف حدود السقوف املنصوص عليها يف القرآن الكـرمي يف لكل جرمية املناسبة التعزيرية العقوبة وسجن ارم حىت يكفي اتمع شره، بل لـيس بني سقف القتل للجرائم اخلطرة حد احلرابة قرب إىل الزالت واهلفوات وطلـب املكاسـب الفعل أ العفو إن كان كرم ع من هناك ما مين

إلغواء واألغراض أصحاب الدعوات املادية اليسرية، على ما نرى يف هذه األيام أمام احتياالت . وإغرائهموأصحاب احلاجةمن البسطاء ء الصغار واجلهال والفقرا

إمـا مية ومؤسسات الرب ومؤسـسات الـدعوة، ومن املؤسف وقوف جل الدول اإلسال لة احملرومـة مـن دون أن تفعل شيئا لتعليم الفئات الفقرية اجلاه من لعجزها أو لعدم أهليتها،

لقادرة املستنرية لتعلـيم املؤسسات ا د اليت تفتق ،خاصة يف بالد األطراف الفقرية عامة شعوا، يف ذات الوقت تضيق أن توفر هلم ضروريات العمل واحلياة، وهي دونمن و ،الدين الصحيح

اهليئـات وتكتفـي املؤسسات التبشريية وبنشاطاا امللتوية يف أوساط هؤالء العامة، بذرعا، ولن ،ده لن يفيد ، وهي تعلم أن ذلك وح على املغرر م التهديدات واللعنات إصدار بالدينية . شيئا من األمريغري

عـن اإلسـالم عقاب كل من يعلـن الـردة ضرورة يرى أن يعلم منكما أن من املهم اعتنـاق شـيء مـن أديـان يعلن و على الكفر عنادا أو جحودا عن احلق، ويصروإنكاره،

وإرغـامهم أمثال هؤالء جيب إجبار وأنهاخلرافيات والعنصريات أو الدهريات واإلحلاديات، فهم قلـة ،دواجن وإ ، فليعلم أن أمثال هؤالء ،على إظهار اإلسالم بالتهديد والوعيد بالعقاب

فمـن ،ده أو لظروف نفسية ومادية معق ، بسبب قصور تربوي واجتماعي ،وحاالت استثنائية يف هو ، بل ظ على عقائدهم اإلسالمية إميان هؤالء واحلفا تثبيتب النتيجة لن تكون الواضح أن

احلاقدين علـى اإلسـالم واألمـة، واملوتورين وتكوين حفنة من املنافقني إىل بأقراحلقيقة وأي غرض نافع حتصل ،الفائدة من ذلك ولنا أن نتساءل عن وزرعهم يف قلب اتمع املسلم،

!؟بني ظهرانيهماحملصورين عليه األمة من تغلغل هؤالء املنافقني غري حالة أصحاب األغراض، يجهال أو مرضا هن حالة املرتدين أ أيضا ومن املهم أن نعلم

أصحاب األغراض، وال سـيما أصـحاب ضرورة ديد من املناسب ه قد يكون فإن ولذلك

Page 42: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٢

الدين وسيلة تآمرية لإلضرار باألمة واتمـع الستخدامهم قانونا بالعقاباألغراض اخلطرية، مـن ن ، وإال فال يلـوم اتم وتلك احلماق ائجلرلك ا ت عن ارتكاب مثل م ردعا لـه ؛املسلم

اليت هي ؛عالقة باحلرية الدينية واالقتناع العقيدي بالطبع ، وليس هلذا منفسهأإال يفعلون ذلك القرآن حق لكل إنسانبنص . جيب أن تبقـى يف شرع اإلسالم، ، اإلميان والعقيدة قضية أنأيضا مما سبق من الواضح

– حسب احلـال –اجلهل واملرض، ويضرب الفقر و اقتناع، على أن يعاجل دائما أمر قبول و . على أيدي أصحاب التآمر والغرض

عيعلى مـر التـاريخ فمن الواضح أن األمر " حبد الردة "وإذا أوجزنا املقال يف أمر ما ده اإلسالم ويدعو حيترم، فهذا باب بأمر العقيدة وحرية االقتناع يتعلق يف اإلسالم اإلسالمي ال

أحوال االت استثنائية من حبكما سبق أن ذكرنا وإمنا هي قضية تتعلق ، عقيديا إليه، وال خيشاه فقد دخلـت الـشعوب من ذلك بل على العكس وغرض، جهل وحاجة ومرض الناس من فعلـى الـدول . ورغبـة إىل اإلسـالم طواعية يدخلون، من الناس ومايزال كثري ،الكثرية التربيـة يف جمـاالت بذل اجلهود املطلوبة ت اإلسالمية التعليمية والدعوية واخلريية سساواملؤ

، واحلفاظ على سالمة عقائد األمة، وسالمة رؤيتـها ، ورعاية أحوال عامتها والدعوة والتعليم ألنه هـو األمة كامال؛ ن تستعيده الذي جيب أ اجلوهر –إن صح فهمها القرآين -اليت هي

اإلعمـاري هـا احلـضاري لألمة طاقاتها وقدراتها وعطاءوة النفسية اليت تولـد الرؤية والق .اخليـر

بل إن ، ليس فقط من اجلهل بدينها،ومن املهم هنا أن نوضح أن على األمة أن حتمي شباا حىت ال يـستطيع أصـحاب ،حصان احلالل هلم وتوفري اإل ،عليها محايتهم من احلاجة والعوز

التجـارات وألغـراض ، ألغراض سياسية واستعمارية،صحاب املتاجرة باألدياناألغراض وأ بتقدمي العون واألموال للشباب ، وذلك أن يستغلوا حاجة الفقر والعوز وعدم النضج ،الفاسدةرغبـة ؛ الذين ال يطيقون إحصانا احملرومني أو تقدمي امللذات والشهوات للمراهقني و ،العاطل

ألغراضهم وجتارام الفاسدة السياسية أو اإلباحية أو غالهلم وابتزازهم واست غوائهممنهم يف إ .عراضلعماالت وجتارة الفساد واأليديولوجية، يف سوق ااإل

Page 43: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٣

واملؤسـسات اجلماعـات و الفئـات إن على دول هذه الشعوب الوقوف أمام هذه ذه الفئات تعليميـا بالعمل على خدمة ه وذلك ،ضرار بأبناء األمة ومنعها من اإل ،والعصاباتنـاع تق الذئاب، أمـا دعـوات اال ؤالء فريسة هل وعدم تركهم ا واجتماعيا واقتصاديا، وتربوي

فال خوف على اإلسالم مـن ، ومؤسساا احلوارية املخلصة ،والصدق والعقل واحلجة واملآل ن أبواب هم يف سوق الدين والعقائد واحلجة، بل إن ذلك م وال من دعوام وبضاعت ،أصحاا

.احلوار والتواصل والتراحم والدعوة اإلسالمية باحلجة والبيان والربهان

:الردة عقيدة وقانونا وهو أمر التفرقة بني حق البالغ العاقل يف اختيار عقيدته وبني الوصـاية ،بقى أمر آخر . الدينية والعقيدية على اآلخر والقاصرية والقانونية النفسوالسلطة الفطري والديين والقانوين ألن سلطته وتأثريه ؛سالم أباح للرجل الزواج من الكتابية فاإل

ألن املسلم مـأمور ؛ ال خوف منه إسالميا على عقيدا وحريتها الدينية ،على املرأة الكتابية نـها وقدسية أصل عقائدها، وأن مبدأ دي نبيائها يؤمن بأ ألنه باحترام دينها وحريتها العقيدية؛

، وواجبه يقف ١٦ ال يتعارض مع دينه وعقيدته يدا من حيث كوا رسالة مساوية سالفة وعق .عند الدعوة باحلسىن واحلوار بالذي هو أحسن

} اب الـذيالكتوله وسلى رل عزاب الذي نالكتوله وسروا بالله ووا آمننآم ا الذينها أيي فقـد ضـل ضـالال من قبل ومن يكفر بالله ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخـر أنزلقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق { ،١٣٦النساء}بعيداوب واألسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ال نفرق بين أحـد ويعقنون ملمسم له نحنو م{ ،١٣٦البقرة}ه نـيا بقا لمدصم ميرن مى ابيسلى آثارهم بعا عنقفيو

ه منيدي ـدهاة ورـوالت ه مـنيدي نيا بقا لمدصمو ورنى وداإلجنيل فيه ه اهنيآتاة وروى الت

كل ما يأخذه اإلسالم على كل األديان اليت أنزلت قبل فجر التاريخ أا أصاا التحريف، وال ميكن اجلزم حبرفية نصوصها كمـا - 16كل رسالة جاءت إىل قوم بعينهم، وهو ما يقر به الباحثون والدارسون، وجوهر ما يدعو إليه اإلسالم النـاس مجيعـا هـو جاءت، وأن

إنما حرم ربي قل { ٧البينة}إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية {توحيد اهللا عقيدة والعمل الصاحل يف هذه احلياة الفواحش ما ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سـلطانا وأن تقولـوا علـى اللـه مـا ال

كتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أال نعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يتخـذ بعـضنا قل يا أهل ال { . ٣٣األعراف}تعلمون .٦٤آل عمران}بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون

Page 44: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٤

قنيتعظة للموماللـه {، ٤٦املائدة}و نيقوا بفرون أن يريديله وسرون بالله وكفري إن الذينو تون أن يريديض وعبب كفرنض وعبب منؤيقولون نله وسبيالرس ذلك ني١٥٠النساء}خذوا ب ، إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئني والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل {

شرع لكم من الدين ما وصى به {،١٧احلج}ه على كل شيء شهيد بينهم يوم القيامة إن الل قـوا تتفرنوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا

آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ومآلئكتـه { ،١٣الشورى}فيه وإليـك وكتبه ورسله ال نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنـا غفرانـك ربنـا

صريم { ،٢٨٥البقرة}المواليبالله و نآم نم ابئنيالصى وارصالنوا واده الذينوا ونآم إن الذين ،٦٢البقرة}اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم يحزنون

} ا في قلوب الـذينلنعجالإجنيل و اهنيآتو ميرن مى ابا بعيسنقفيا ولنسلى آثارهم برا عنقفي ثم تاب والميـزان لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الك {، ٢٧احلديد}اتبعوه رأفة ورحمة

كثـر وما أرسلناك إلا كافة للناس بشريا ونذيرا ولكـن أ { ،٢٥احلديد}ليقوم الناس بالقسط ومنهم مـن ولقد أرسلنا رسال من قبلك منهم من قصصنا عليك { ،٢٨سبأ}الناس لا يعلمون

أتيول أن يسا كان لرمو كليع صقصن ة إلا بإذن الله لما الذ{ ،٧٨غافر}بآيلنزن نحا نإن كر ٩احلجر}وإنا له لحافظون

بالضرورة ألنه ؛ من املسلمة وغري املسلم بزواج الكتايب اإلسالم مل يسمح ؛ولذلك أيضا فطريـا ونفـسيا ودينيـا يها قدسية نبيها وال عقيدا، ولذلك خيشى عل بال وال يؤمن بدينها

القانونية ألنه إن كانت له الوصاية من سلطته عليها وعلى أبنائها؛ ،يف حاالت كثرية ،وقانونياهم علـى ئوف ينـش فإنه س ،تهم الدينية دينهم وعقيدم وتنشئ وعلى ، على أبنائها والنفسية

.نكار قدسية نبيها وعقيدا وازدرائهاإتكذيب دينها و وإزالة أسباب اخلالف والشقاق الذي ، على األمن االجتماعي ا منه واإلسالم بذلك حرص

من يعلن إسـالمه بـدءا ري الضغائن الطائفية واالجتماعية فإنه يقرر أن ويث ،ميزق األسرة قد والفطريـة فإنه مأمون السلطة والوصـاية الدينيـة ،يعتنق اإلسالم أو من ،كاملولود مسلما

وعلى مولودمها، ولذلك جيب أن يعلم أنه إذا ارتد عـن ديـن ، املسلمة على املرأة والقانونية بـشروط عقـد ل أخ قد ، فإنه بذلك وقدسية نبيه بقدسيتهه وال ـمؤمنا ب بق اإلسالم ومل ي

Page 45: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٥

ه اليت انتمى إليها حني كـان أبـو دة العقي يف شأن لى طفله وحبقوقه ع ،زواجه باملرأة املسلمة ته قد حقه يف الوصاية على ابنه وتنشئ ه يف ـت، وهو برد كافة األديان السماوية ب مسلما ومؤمنا

، بكل األديان السماوية وحيترمها من حيث املبدأ الطفل فيه يؤمنعلى غري دين اإلسالم الذي ه حيترم دين ـ وب،ال حيرم منه عقائدها، فذلك حق للطفل جيب أصلترم ويقدس أنبياءها وأ وحي

.ر أمهـر أباه ويبـ أمه، وبذلك يب ودين،أبيه وحقه يف عقيدته أيا ،يرغب أن ينتمي إليه الذي وبالطبع فإن للطفل إذا بلغ سن الرشد أن خيتار الدين . فذلك حقه يف حرية العقيدة الذي كفله اإلسالم للجميع،كان

القانونية مهمة لتحقيق األمن واالسـتقرار الـديين واالجتمـاعي الدينية هذه التفرقة واحترام حقوق اجلميع ألديام ومعتقدام وعقودهم والتزامام، وسد الطريـق ،والطائفي

وفئاتـه اتمعبني أفراديف ديار املسلمني راض واألغراض أن يزرعوا الفنت على أصحاب األم .فةاملختل

: املسلمة واختالف األديان واجلالياتاألقليات

وخاصة يف البالد الغربية الـيت ،يتبقى وضع األقليات املسلمة يف البالد غري املسلمة .من املهاجرين واحملليني الذين يعتنقون اإلسالمتتكون من أعداد متزايدة

ـ مجهـور ن أل؛ بالد اإلسـالمية ووضع املسلمني يف هذه البالد خيتلف عن وضعهم يف ال وملا آل إليه حال أدياا مـن ، تارخييه وممارسات سلبية ألسبابو ، الغربية شعوب هذه البالد

،ا وجوده شم وقد ه ،يبق ألديام مللذلك األسطورية، حتريفات جعلتها أقرب إىل الطقوس .اس وحرية نشاطابرغم ثروة الكنائ، نشاطام ومفهومهم للحياة والوجوديفمؤثر دور

وهلذا مل يقبل االحتاد األوريب يف مشروع دستور وحدته اإلشـارة إىل هـذه األديـان وذلك ألن الـشعوب األوربيـة يف برغم مطالبة بابا الفاتيكان بذلك؛ وتأثريها على ثقافتهم،

ون ـم يـدرك أ أي )Agnostics(دريني الالأ، بل أصبحت من شعوبا متدينة تبقمجلتها مل ال ، أديـام وشـكليتها ية ولكنهم، ألسطور ،بفطرم أن هناك قوة عظمى وراء هذا الكون

يف ولكنـهم ،جيدون فيها حمتوى أو إجابة مقنعة أو ذات معىن، ولذلك فهم ليسوا ملحـدين ، فأصبحوا ال يدركون وال بل هم قد تركوا أمر الدين جانبا ،ليسوا متدينني أيضا ذات الوقت

Page 46: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٦

ـ أملموس، أي ي ماد آين إال ما هو ،معىن احلياة عن وال ،ا وراء احلياة ميعلمون ع م فيمـا ال ،ومـصريها ه من الغيب وما وراء احلياة وغايات خلقهـا ـ وما يتعلق ب ،خيص معىن الدين

ـ درال أ "، فهـم بـذلك ة مقبولة ومقنعة للعلـم وليس هلم وسيل ،ونال يأ يدركون و " وني"Agnostics"، الكربى يف الـشرق أو الغـرب ال ومدنه وجتمعاته السكانية ل أمريكا ومشا

موقـف واهتمامام عن م مجهورها يف واقع حيام ومزاوال موقف - يف احلقيقة - خيتلف .عالقتهم بالدينشأن كثريا يف أولئك يف عالقة مهمة له آثار وأبعاد، وموقف الفرد منه ، قضية الدين من لالمبايلوهذا املوقف ا

، اعتناق اإلسـالم ئها على ل كثري من أبنا قباليت ي و البالد،تلك اإلنسان املسلم بغري املسلم يف .النساءسيما وال

ما جلهل أو عدم موقف املرأة اليت تسلم وزوجها، إ هو ما :والسؤال املثار يف تلك البلدان ان قد تقـدم ـا مل يسلم، هل تطلب الفراق والطالق، خاصة لو ك، يبقى على حاله اهتمام

رمان من احلاملعاناة وانفراط عقد األسرة و حينذاك يكون نصيبها ونصيبهم سالسن وهلا أطفال .حقوق الزوجية ورعاية األبوة

غري املـسلمني جل الناس ألن ؛يثور هنا يف حال هذه اتمعات غري اإلسالمية والسؤال أن تعتنـق بشكل جدي هم أو يقلق يهمهم وال ،ال يعريون دينهم أمهية يف حيام سلفنا كما أ

. دين يشاؤونالزوجة أو األبناء أي النفسية ال ختشى سلطة زوجها احلاالت جند أن املرأة يف كثري من احلاالت ويف مثل هذه ة أن يأىب على املـرأ أو ، ألبنائه ىف رعايته األب قصـرن ي شي أ خت وال ،بنائها أو على أ عليها

أن من يعتنـق بني املرأة والرجل املرأة ألبنائها على اإلسالم، والفرق هنا ة إسالمها، أو تنشئ وهو املـرأة - فهو ،من حوله اآلخرين ل على غري حال ج هواإلسالم من أبناء تلك البالد،

وذلك الخـتالف اإلسـالم ، والتزامه به اإلسالم ه بأمر دينه ـيأب – املسلمة يف هذه احلالة . ن الذي يعتنقهوعالقته حبياة اإلنسا

وعن ،مصريها ومصري أطفاهلا عن يف مثل هذه احلاالت، واملرأة تتساءل املطلوب فما هو ال و ،سن العشرة حي، الذي طلبت الفراق من زوجها الضرر الذي يعود عليها وعلى أطفاهلا لو

مثـل ،يهتدين أالوقت مضي معتأمل ذي وال ،مها منهسالختشى على نفسها أو أطفاهلا أو إ

Page 47: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٧

ألنـه البالد، مشاهد يف كثري من احلاالت يف تلك إىل اإلسالم، وهو أمر ،كثري من األزواج زوجـام د األزواج واآلباء بتـأثري جنوقوة الروابط األسرية اإلسالمية حسن املعاملة بسبب

.وأبنائهم يهتدون إىل اإلسالم ال ترد يف هـذه والطفل منها وهنا نالحظ أن األضرار اليت يتوخى اإلسالم محاية املرأة

ال يـصبح أ من باب قصد حتقيق املصاحل ودفع الـضرر، يكون األوىل فهل األحوال، ولذلك .ينتج أضرارا فادحة قد بل، ظاهرةحيقق مصلحةنه ال أل االزم التفريق أو طلب الفراق

ـ ولكن من الواضح هنا أ ، مرراء يف هذا األ دت اآل لقد تعد سلمون وهـم ن ما يواجهه املخذ كـل إىل أ حيتاجو، ما يواجهونه يف البالد اإلسالمية ع خيتلف ،خاصة يف الغرب و ،لياتأق

مراعاة ظروف ويف ذلك كما يبدو ، الشريعة ومصاحل املسلمني صداها لتحقق مق يناسب حال مبا وفـق ظـروفهم وأحـواهلم التعامل مع حاالم قد يوجب وهذا ؛ البلدانتلك املسلمني يف

هم؟ وأعرافيمهمومفاه طلـب فال يبـدو أن فإذا أمنت املرأة عدم القهر والقسر يف الدين على نفسها وولدها

الفراق وهدم ـ األسرة، ويطلب ودين أبنائها دينها حفظا ل وإال فإن عليها يفيدها، م األبناء، ت ـ محاية؛ الوصاية على األبناء طلب الفراق و حريـة الـدين ا وحقهـا يف لدينها ودين أطفاهل . وألن ذلك يفيد األبناء وعالقتهم بأبويهم مجيعا،والعقيدة

؛ ومن املهم هنا تأكيد أن هذه احلال يف تلك البالد خيتلف عن احلال يف بالد اإلسـالم عـن موقـف بالضرورة يعرب فإن ارتداده اإلسالم ديار يف من يرتد عن اإلسالم ارتداد ألن

نفإ ولذلك ، ال يأبه بأمر الدين قصدا معه أن املرتد عن اإلسالم ال يعقل ألنه ؛عقيدي ونفسي على ما سـبق أن هـنبي ويكذب األم املسلمة إىل دين ينكر قداسة دين اإلسالم ارتداده عن

لمة وأطفاهلا خيتلف عـن حـال مر الزوجة املس جيعل أ ،ية هذا احلديث وفصلناه اذكرنا يف بد . ىف بالد الغربالتهمثي

، وكـل الوصاية الدينية بالدرجة األوىل املعىن هو وهنا ،املهم التذكري أن الوصاية ومن ل عالقـة آخر، وأفـض يء ش صلحة الطفل قبل أي مل تكون، إمنا أيا كان وصاية على الطفل

أمـر يف مـصلحة فذلك ،ة على اإلسالم هو التنشئ ط، وليس بأحد والديه فق ،للطفل بوالديه آثاره اخلطرية على بوبـه وهو أمر جيب توعية الوالدين ،بوين لكال األ ان فيه احترام أل ،الطفل

Page 48: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٨

بل يشجع علـى احترامهمـا ،لديه بازدراء دينه وا دطر إىل ازدراء أح فال يض ،نفسية الطفل . مجيعا ويربمها،واحترام دين والده كما يأمره اإلسالم

كني الوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمـسا واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا وب {وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن { ،٣٦النساء}والجار ذي القربى

مكاله ا أومهدأح رالكب كـا عندمهرهنال تو ـا أفمقـل لهال ا فال تـا قـومقـل لهوووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك بـه {،٢٣اإلسراء}كرميا

وإن جاهداك علـى { ،٨العنكبوت}ما كنتم تعملون كم ب علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئ ـنـبيل مس بعاتوفا ورعا مينا في الدمهاحبصا ومهطعفلا ت به علم لك سا ليبي م ركشأن ت

بفأن كمجعرم إلي ثم إلي ابأن ا كنتلون ئكم بممعت ا { ،١٥لقمان}مالوعاب تل الكتا أهقل يإلى كلمة سواء بيننا وبينكم أال نعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا بعضا أربابـا

يحرفون الكلـم عـن { ،٦٤آل عمران}اشهدوا بأنا مسلمون ا من دون الله فإن تولوا فقولو اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا مـن دون { ،١٣املائدة}همواضعه ونسوا حظا مما ذكروا ب سـبحانه عمـا إال ليعبدوا إلـها واحدا ال إلـه إال هـو الله والمسيح ابن مريم وما أمروا

وما أنزلنا عليك الكتاب إال لتبين لهم الذي اختلفـوا فيـه وهـدى { ،٣١التوبة}يشركونون ومنؤم ية لقومحإل { ،٦٤النحل}ر عا ادجة ونسعظة الحوالمة وبالحكم كببيل رم ى سدله

نسأح قا { ،١٢٥النحل}بالتي هيالحا ومل صعا إلى الله وعن دمال مقو نسأح نمني ول إنلمنيسالم ٣٣فصلت}من

، وإدراك العلل مبا حيقق املقاصد ، العقيدية والقانونية اتإن عدم اخللط بني أبعاد العالق الـضرر املفاسد ودفع ء وحفظ العرض وجلب املصاحل ودر فسومنها حفظ الدين وحفظ الن

ومينع عنـهم ،مبا حيقق أمن الفرد واتمع وطمأنينتهم ار أهون الضررين فرديا ومجاعيا، واختي أمور جيب فهمها ومراعاا من قبل شورى كلهافية،العنت والفنت والصراعات الدينية والطائ

ة مل ينـضجها ريفطفتاوى اتمع وأولياء األمر فيه وعلمائه، فال تتحول األمور إىل إمالءات و مـور ألحيسن تقـدير ا على بعض من الالعلم والبحث والدرس ومعرفة أحوال الناس لينطبق

)لـيس (" مـو "د لج(الشعبية الدارجة يف قوهلم تقول به األمثال واحلكم ما بنظرة نافذة مشولية ـ ي )ليس مثل الـذى ( اللي يز مو" يأكل الضرب )الذي( اللي(و) دك جره على الشوك لج عهد( ،

Page 49: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٤٩

ـ يعلم درسا أن خوجه نصر الدين املعروف باسم احلكيم جحا حني أراد ةقصيف ولعل هارجلر يف هذا املقام، بتع ملن ي ادرس اآلخرين يأبه ملصاحل أندون من نفسه ةمصلحإال ال يرى الذياحلكم يـا فما يجدار دار على "السنور"بال لقد : له ذهب جحا إىل جملس جاره وقال قد ف

ه مث قال للجار ولكن برهةفصمت جحا ، سبع مراته وتبنيه دم ك أن ؟ فقال اجلار علي سيدييا :مث قال مبا مسع، ونظر إىل جحا هة بر ذ اجلار خفأ ، يا سيدي اجلدار الذي بني داري ودارك

أراد ين كان اجلار قد تعلـم الـدرس الـذ اليوم إ وال نعلم حىت .هي من املاء يكف جحا قليل . أم الياه إهاحلكيم جحا أن يعلم

وعلى أي حال فإن ما سبق بشأن األقليات هو رأي لنظر قادة األقليات واجلاليات املسلمة شرعية؛ لألخذ مبا يرون فيه حفظ الدين وحتقيق مصاحل املـسلمني وشوراها وجلان فتاواها ال

.وبالدهم ودعوم

ن األمن ال قانون الترهيب والفزعقانواحلـق يف يؤكد أن للمجتمع يف كل احلاالت إن موقف اإلسالم من عقوبات اجلرائم

لزمانية املكانية، أن حيدد العقوبات املناسبــة لقمع اجلرميــة، حبسب احلاجة والظروف ا . اليت حددها القرآن الكرميوفق التوجهات اإلسالمية اليت ال تسمح بتعدي سقف احلدود

وبات اإلسالمي الذي حيقق املقاصد، وذا الفهم اإلسالمي الشمويل السمح لقانون العق قتـصادية ومع مراعاة خمتلف أوجه األداء االجتماعي السليم يف خمتلف ااالت التربويـة واال

النـصوص املتعلقـة للفزع االجتماعي مـن جمااليدع ال فإن ذلكوالسياسية؛ واالجتماعيةبعينـها يف كل حالـة الفعلية ؛ ألن أمر حتديد العقوبات القرآنية "احلدود الشرعية "بسقوف

ضـمن سـقوف و واقتناعـه، )اتمع(األمة ، وفق رؤية )األمة (شورى اتمع متروك ألمر حتديد ما حيقق القصد األساس، وهو مكافحـة ، ومبا ال يتعداها، وبيد شورى اتمع احلدود

االستهانة بـشيء مـن العدوان ووتوفري أداة الردع االجتماعي ملن تسول لـه نفسه اجلرمية، من ، يف كل حالة مبا يناسبها حتقيق األمن االجتماعي حىت يتم والكرامات أو احلقوق والدماء،

املنصوص عليـه يف للعقوبة هو احلد األعلى "احلـد "ون على أن يك ،العفوحىت العقوبة أو ال تتعداه العقوبة، وميكن معه التسامح إىل حد العفو وإسـقاط جيب أ الذي و ،القرآن الكرمي

Page 50: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٠

أمن اتمع ضمن الظروف الزمانية واملكانية احلقوق ويف تفريط يف مل يكن يف ذلك ما العقاب .اتمعاليت يعيشها

على الرغم مما تعانيه هذه اتمعات من كثري من صور ولو نظرنا إىل اتمعات املعاصرة ، التشريعات، يعرب يف احلقيقة عـن علـم ما لديهم من أن بعض لوجدناالتفريط واالحنراف،

، فيما لو أحسنا فهمه ،وحكمة وخربة ونضج، مبا يتفق يف احلقيقة مع منهج الشريعة والوحي ومن ذلك أننا جند تشريعات بعض هذه اتمعات يف مكافحة اجلرميـة يف تغيــر مـستمر

وممارسام االجتماعية اإلجيابية والسلبية أكرب حسب مقتضى احلال، مبا حيقق ضمن ظروفهم اتمع، فتارة يلغون عقوبة اإلعدام بالكلية، وتارة يعودون إليها حني يرى من أمن قدر ممكن

ضـمن رؤيـة ،شرعو هذه اتمعات ضرورة ذلك لتحقيق أمن اتمع ومكافحة اجلرميـة م، بل إنه يف البلد الواحد قد تشرع عقوبة اإلعدام جلرميـة مـن جمتمعام ومفاهيمهم وقيمهم

اجلرائم يف جزء معني من البلد وحترم تلك العقوبة يف جزء آخر، وهكذا أمر بقية العقوبـات ، مـا أمكـن ختفيفا، حسب احلاجة والضرورة لتحقيق األمن االجتماعي للمواطنني تشديدا و

.وبأجنع الوسائلإن العلمية والشمولية واالنتظام وإدراك املقاصد الشرعية أمر ضـروري ملفكـري األمـة

، املعاصـر وعلمائها وشوراها؛ إلعادة النظر يف كثري من األمور اليت خيطئ الفكر اإلسـالمي يف املاضـي ومـا - كانت لـهوهو ماحي والشريعة املرتلة، يف كثري من حاالا؛ وليس الو نتائج سلبية غري مقصودة، جعلت من املمكن أن يتم استغالهلا يف تشويه صورة شريعة -تزال

أن يتم استغالل هذه األخطاء والنظر اجلزئي يف ترويع " القداسة"اإلسالم، كما مسحت باسم قبل رجال احلكم والسلطة؛ إلذالهلم وسحق إرادم واالستبداد مبقدرام، الناس، خاصة من

املسلم، وتكوين نفسية والفساد يف جمتمع اإلنسان وما يتبع ذلك من صنوف القهر واالستبداد إال مـا ،العبد الفزعة السلبية، على ما نشاهده من حال األمة وحال اإلنسان املسلم املعاصر

.رحم ربك كما الفاسدة يف هذا العصر، العسكرية ما يؤيد هذا ما رأينا لدى عدد من األنظمة ولعل

حني تفلس وتستهلك كل الوسائل واإليديولوجيات املتاحة هلـا حدث يف السودان والعراق، ،يف سبيل ترويج أنظمتها الفاسـدة - تلجأ جندها" االشتراكية"و" الليربالية"و" القومية"مثل

Page 51: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥١

إىل إعالن تبين أحكام الشريعة -استبدادها، وتضليل شعوا وقهرها وتربير ،واستمرار سلطتها اإلسالمية، ليس هداية وانتصارا منها للشريعة، وإمنا بقصد احلصول على مشروعية إرهـاب عامة الناس، وختويفهم، وقهر إرادم، باسم القداسة والدين، وذلك من خالل توخي اللجوء

ات الشرعية، واملبالغ فيها، وتطبيقها حقا وباطال، وخاصـة علـى إىل استخدام أقسى العقوب الناس ا، صباح مساء، باسم احلدود والعقوبات الشرعية، وما يزيد عامة الضعفاء، ومالحقة

على الرغم من حرصها على تطبيق أشد العقوبات يف ،أن هذه األنظمة األمر فداحة ومأساوية مل وتتجاهل كل ما عدا ذلـك مـن تعـاليم الـشريعة، ا فإ ، على العامة أقسى صورها

يف والتربوية ومقاصدها، وشرائعها اإلصالحية السياسية واالجتماعية واالقتصادية واألخالقية .إقامة العدل واإلعمار، ومقاومة االستبداد والفساد

ة، إعادة النظـر لذلك؛ جيب على اجلميع، بكل اجلدية والعلمية املنهجية الدينية واالجتماعي يف كثري من األمور اليت انتهت باألمة اإلسالمية إىل ما هي عليه اليوم من ذلة وضعف وخسف

، وإذالهلا وجتويعهـا وميش، ولقطع الطريق على كل ما يؤدي إىل جتهيل الشعوب وقهرها ، سدهاوا، وسوء استخدام مقدساا ومقدراا ملصلحة القلة املتحكمة ومفا ؤواالستبداد بش

والقضاء على طاقات النمـاء ، وازدراء الكفاءات ،هدار الطاقات إ و ،واحتكار السلطة والثروة .والتقدم واإلبداع يف األمة

الكافية لردع اجلرمية الة األدىن من العقوبات الفع أن طلب احلد كذلك ليس صحيحا وقد ليس صحيحا أن ذلك أنه كما ، وحدودها ها مقاصد يف حتكيم الشريعة والتزام تفريطهو

والتهاون فيها؛ على اعتبار فروض الذكر أـا " الذكر" "عبادات"ىل التفريط يف إيؤدي أيضا إمنا على العكس من عقوبات اجلرائم، ، الذكر "عبادات"فروض احلد األعلى أيضا، ذلك أن

ة زيـادة وراء ـأيإن و ،تعاىلسبحانه و هللا من واجبات التواصل مع ا " األدىن داحل" فيها فرض علـى اإلنسان اإلسالم حيض تعود إىل حاجة كل فرد يف تواصله مع اهللا، ويف ذلك ذلك إمنا

، ومن هذه الزيادات اليت حيـض عليهـا حسب حاله وحاجة قلبه ،طلب املزيد منها طواعية من شوال، والتاسع ، وصيام ستة أيام والتراويح واالعتكاف اإلسالم سنن الصلوات والتهجد

اإلثنني واخلميس من كل أسبوع، وسواها من سنن يومي والعاشر من شهر اهللا احملرم، وصيام .التطوع؛ اليت يأيت منها كل فرد بقدر حاجته وطاقته

Page 52: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٢

إذا كان ذلك كافيا لتحقيـق – يف العقوبات املناسب األدىن داحلب طلإن ف وهكذا؛ الضروري من فروض "احلد األدىن"مع فرض ال يتعارض فإنه –إلصالح وكبح مجاح اجلرمية ا

إتيان املزيد منـها رد مسلم يف تواصله مع اهللا، و اليت جيب أن يلتزمها كل ف " الذكر"عبادات . يكون حسب قدرته وحاجته النفسية

" احلد األدىن "قابل للنص على للعقوبات، هو امل " احلد األعلى " وهكذا؛ فإن النص على ، واحد مها حالتان متثالن وجهني ملفهوم لفرائض الذكر؛ ألن احلدين على الرغم من تقابلهما،

ة؛ ألن القصد من العقوبات ليس التعذيب واالنتقام، والترهيب واالستبداد، ولكن واحد وغاية حتقق ذلك تكفي، أما القصد من الـذكر القصد منها هو مكافحة اجلرمية ومنعها، وأية عقوبة

فهو ذكر اهللا، والتواصل معه، واستلهام هدايته وتوفيقه، ولذلك كان التكليف يف " العبادات"" الـذكر " كل إنسان على الزيادة من التطوع يف باحلد األدىن منها، وحض " لذكرا"فرائض

ردعها عن الظلم والعدوان وارتكـاب بقدر حاجة النفس؛ مبا يهذا ويهديها إىل اخليـر، وي .الذنوب والفواحش واآلثام

*يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثريا {: يقول اهللا سبحانه وتعاىل يف كتابه العزيز خرجكم من الظلمات إلى النور هو الذي يصلي عليكم وملائكته لي * وسبحوه بكرة وأصيال

حيما ور مننيؤـى {: ، وقال سبحانه ٤٣-٤١ األحزاب}كان بالمهنلاة تلاة إن الصأقم الصو، وقال عز شأنه ٤٥العنكبوت}لله يعلم ما تصنعون عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر وا

؛ فذلك )أي إنه كاذب يف دعواه، ويف انتمائه (أرأيت الذي يكذب بالدين ":يف سورة املاعون ، فويل )ألن عمله وسلوكه ال يصدق دعواه ( ؛الذي يدع اليتيم، وال حيض على طعام املسكني

، الذين هم )غافلون(صالم ساهون ) معىن(، الذين هم عن )املواظبني على صالم (للمصلني أي إن (٧-١: املـاعون " )عـن احملتـاج (، ومينعون املاعون)باملواظبة على صالم (يراؤون

فإميام كذب وصالم ،دعوى إميام وال أداء صالم عملهم وسلوكهم ال يعبـر عن معىن .)يف احلقيقة مظهر ورياء

Page 53: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٣

ي اهللا عنه، عن رسول اهللا صلى ما يروى عن أيب هريرة رض ما أروع ويف هذا السياق قائم ليس كم من صائم ليس لـه من صيامه إال اجلوع، و كم من : (اهللا عليه وسلم، أنه قال ١٧)لـه من قيامه إال السهر.

فهـم فيه تكامل الذي ي ة نظام العقوبات على الوجه الذي سلف، و ـإذا أدركنا طبيع دور العقيدة والثقافة والضمري، ودور التربية، يف توجيه ، أدركنا لطبائع مع فهم هداية الوحي ا

كما – نظام العقوبات اإلسالمي سلوك الفرد لتحقيق مقاصد الشريعة العليا، فعند ذلك يصبح على عكس مـا ،مصدرا لإلحساس باألمن والطمأنينة نظاما حيا متطورا متكامال، و – أسلفنا

مرعبةتبدو ة صور سمالذي ير اجلزئي ام، ذلك العرض الناقص هلذا النظ اجلامد يسببه العرض بسبب غلبة منهج املتابعة والتقليـد، ولغيـاب ،املخلصنييقدمها لألسف كثري من مشوهة

املنهجية العلمية الكونية واالجتماعية، كما يردد هذه الرؤية اجلزئية الناقصة، ويعـرض ـا، وهـذا وغايات هدامـة؛ عن حقدتعبريا ض أصحاب األغرابعضويروج هلا يف ذات الوقت

إشـاعة اخلـوف تشويه صورة اإلسالم لدى الشعوب األخرى، كما يـؤدي إىل يؤدي إىل ، عند أو غري واع بشكل واع، بشأن تطبيق أحكام الشريعة، والرهبة وانعدام اإلحساس باألمن

سريرة نفوسهم، ويزعـزع أبناء األمة، كما أن ذلك يهز ما يف نفوس الكثريين منهم، ولو يف .الثقة بسمو دينهم وشريعتهم، ويوهن إرادة التزامها يف واقع حيام

ناهج املعرفة اإلسالمية املعاصرةضرورة إصالح التعليم وم

مل ، وهذا الفهم لنظام العقوبـات اإلسـالمي ، القارئ الكرمي ىهذه اخلواطر كما ير يكونا وليد تأم لي نظري ن د جمرهما جاءا نتيجة متعيف الطبائع االجتماعية يف النصوص، ولكن حلاجات اجتماعية ونفسية بعينها، فأدى - يف سكن الطلبة – من خالل االستجابة ،والنفسية

صوص الشريعة وأهدافها بشأن ن أوىف وأمشل نرى أنه إىل فهم العلمي االجتماعي ن ذلك التمع إشـاعة مبا حيقق ؛ت اإلسالمي ودالالته النفسية واالجتماعية ودالالا يف قضية نظام العقوبا

.، وميكن اللتزام الشريعة يف حيام الناساألمن والطمأنينة بني

٩٣٩٢ احلديث رقم - تتمة مسند أيب هريرة – رواه اإلمام أمحد يف مسنده - 17

Page 54: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٤

والدراسـة ن والنظـر وصل إليها هذا الـتمع تنتائج اليت ال دقةمدى وبغض النظر عن ن مثل جتربة فإن املهم أن هذا التمع ومدى االتفاق واالختالف يف دقـة التفاصيل، والتحليل،

، التكامل بني هدايـة الـوحي اإلسـالمي ه ما ميكن أن حيقق تدس ج حية علمية اجتماعية لـق، يف اخل البشرية والسنن الكونية الطبائع العلمي املنهجي املنضبط لفطرة العقلي دراكاإلو

إلسالمي العقلي العلمي املنضبط يف املعرفـة؛ املنهج اأي أن ،ومعرفة الواقع وظروفه ومتطلباته الذي يتضمن املناهج العلمية املختلفة، ومنها املنهج التجرييب، وليس املنهج العقلي الـصوري النظري األسطوري املوروث عن احلضارة اإلغريقية البائدة؛ الذي سيطر، لألسف، على العقل

رفت العقل املسلم عـن قـضيته احلياتيـة املسلم تارخييا، وأدى إىل قضايا ومعارك ومهية ص هو املنهج الذي يوحد معارف الوحي وعلوم سنن الفطرة والواقع االجتمـاعي االستخالفية؛

وسيلة الـشق اآلخـر النظر العقلي العلمي العملي مصدرا للمعرفة اإلسالمية، وجيعل لتكوناليت جتعـل الفطـرة ؛اإلسالمية، وذا تنشأ العلوم االجتماعية واإلنسانية للمعرفة اإلسالمية

واإلنسان موضع درسها وحبثها نظرها، وميكن بذلك حسن فهم خطاب الـوحي وهدايتـه وسـيلتها – بكل وسائله –للفطرة اإلنسانية، ويكون العقل والبحث والنظر والدرس العقلي

.وأداتها هـي مـصادر املعرفـة الوحي والفطرة اإلنسانية والسنن الكونية والواقـع أن أي؛ حيث الوحي تعبري عن الفطرة اإلنسانية، وتوعية بشأا، وهداية هلا، ومتكني حلمل اإلسالمية ال وليس أعبـاء وال تكـاليف وليتها يف االستخالف، والذي هو يف أصل فطرا، ؤأمانة مس لبحـث يف أصل فطرا، ويكون العقل السليم وبدهياته هو أداة منـهج النظـر وا اوجود هل

.والدرس يف فهم الوحي ومعرفة الفطرة والسنن والواقعأنه مع التزامـه العلمي االجتماعي وعلى أي حال فإن أهم نتيجة هلذا النظر والتأمل وفهمه، يف اإلسالم اتالعقوبدراسة مقاصد نظام م منهجا يف قد ، ومقاصدها الشريعةأحكام

من شأن ألن ذا الوقت، يف أشد احلاجة إىل مثله؛ األمة يف ه نظن أن وحسن أسلوب عرضه، ودفـع وشحذ مهمهم يف التزامهـا، ، حوهلا تأليف قلوب الناس تعزيز الثقة بالشريعة، و ذلك

، كما إذا سيطرت على النفوس السلبية تلك املشاعر منها؛ ألن عنهم ةرهبالمشاعر اخلوف و .فيهاواإلرادة وة والفعل تها وقضت على مكامن القـ شلهو ملموس يف حال األمة،

Page 55: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٥

بـني نلتزم، وأن ننمي إسالميا، منهجا عقليا علميا مشوليا متكامال جيمع إن األمل أن والفهم والدرس العلمي لطبيعة الفطرة والسنن، وواقع حال اتمـع موضـع ،هداية الوحي

ـ ، وما يواجهه من إشكاالت وحتديات، و زمانا ومكانا البحث والدرس ه مـن ـما يتمتع ب علميـا يوحد ألن هذا املنهج هو املنهج الذي ؛)وحدة املعرفة اإلسالمية (طاقات وإمكانات

مصادر املعرفة اإلسالمية يف الوحي والفطرة، ويفعـل باملنـهج العقلـي العلمـي مفهـوم هـا لألخذ ب اجلامعة اإلسالمية العاملية مباليزي تلذي سع االستخالف، وهذا املنهج هو املنهج ا

الذي نرجو أن يستمر ) التخصص املزدوج (تدرجييا يف تطويــر مناهجهــا وبراجمهــا ، وبناء علـوم حقةتوليد معرفة إسالميةىل تطويره وتنميته بالبحث والتراكم العلمي؛ ليفضي إ

قيادية كوادرتكوين اجتماعية إنسانية إسالمية حقيقية، واليت برهنت طالئعها أا قادرة على تتميز بالتكامل واملعرفـة والـشمولية لألمة، تتمتع بعقليات علمية إبداعية منهجية، و ناجحة

على أساس من ،؛ حبيث جتمع بني هداية الوحي وطبائع الفطرة، ومعرفة تأثري الواقع واالنضباطمة والعلوم االجتماعية املعرفة العلمية العقلية والعملية والتجريبية؛ اليت ال بد منها لبناء العلوم عا

اإلسالمية على وجه اخلصوص، واليت تستلهم هداية الوحي، وتكشف منهجيا وعلميا غاياتـه ،طاقتـها لتجديـد و،لترشيد مسرية األمـة اال كون بذلك مصدرا فع تفوحكمته ومقاصده،

، اإلنـسانية واملشاركة اإلجيابية الرائدة الالئقة ا يف مـسرية احلـضارة ،واستعادة مكانتها .مية املاديةدالعخمالب اخلرافة الكهنوتية ومن متاهات دروبواستنقاذها وهدايتها

درس يف املنهجية

النفـسية العلميـة كيف أن الدراسـة توضـح لنا التأمالت السابقة واخلالصة أن ـ مهمة االجتماعية بشأن سكن الطالب أمكن أن تلقي ضوءا على قضية ،شريعة من قضايا ال

ن توضح داللتها والغاية منها، فال تبقى وكأا قضية حتكمية اعتباطية، فأصبحت بـذلك أو .أسس التنظيم االجتماعييف و،قواعد ذات معىن وداللة يف طبائع النفوس البشرية

بغض النظر عما ميكن أن يكون قد وقع فيه من أخطاء وقصور ، كما أن الكاتب يرجو املنهج العلمي اإلسالمي، وأن راسة، أن يلتزم الدارسون والباحثون ما أمكن يف معاجلة هذه الد

االجتماعية يف اتمعات ميارس، وأن ينمى، وأن يعمم فعال، يف دراسة خمتلف جوانب احلياة

Page 56: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٦

درا وإرادا البشري، وإعادة بناء األمة واستعادة ق ة؛ لتفعيل حقيقة فطرة االستخالف املسلمة االستخالفية، وأن يعاد النظر يف العروض املعاصرة للثوابت اإلسـالمية كافـة، اإلعمـاري

وخلطاباا؛ لتفعيلها وإحسان فهمها يف ضوء املنهجية اإلسالمية العلمية الـشمولية املنـضبطة الدراسة العلمية للفطـرة، – إىل جانب سالمة فهم نصوص الشريعة –املتكاملة؛ اليت جتمع

ه سقف املعرفة، ويف ضوء الواقع املعاصر وإمكاناته وحتدياته؛ حىت يكـون ـبكل ما يسمح ب اإلسالم، وتكون الشريعة وثوابتها من جديد، بقدر ما يتطلع إليه اإلنسان ويعيـه ويطيقـه، نرباس اهلداية املثالية العملية احلقيقية لألمة ولإلنسانية، وحىت تزدهـر احلـضارة اإلنـسانية

. ١٨ اإلعمارية اخليـرة يف عامل اإلنسان من جديداالستخالفية

من املفيد توضيح عالقة سقف املعرفة السننية بفهم الوحي ووعي توجيهاته، واالقتناع ما، فالغاية من الوحي كما نعلم هـو - 18

معىن وجوده وغاية وجوده ومآل وجوده، فكان من وجـوه ترشيد سعي اإلنسان يف هذه احلياة، وإمداده بالكليات يف أصل وجوده، و إعجاز القرآن الكرمي، والدليل على أنه وحي من اهللا اخلالق أننا جند القرآن الكرمي يف التعبري والوصف للخلق والظواهر الكونية يعبــر

.ن األوقات، وحيتويه وال يتعارض معهبألفاظ تعطي األثر النفسي واإلرشادي، بغض النظر عن السقف املعريف لإلنسان يف أي وقت م" بـسط "، وبـ ٢٠الغاشية}وإلى الأرض كيف سطحت {" سطح"ومن ذلك قضية شكل األرض، فقد عرب عنه القرآن الكرمي بـ

واألرض مـددناها {، ٣الرعد} رواسي وأنهاراوهو الذي مد األرض وجعل فيها{" مد"، وبـ ١٩نوح}والله جعل لكم الأرض بساطا {اسيوا را فيهنألقيا {" دحا"، وبـ ١٩احلجر}واهحد ذلك دعب ضالأرا، واهعرما واءها مهمن جر٣١ -٣٠النازعات}أخ.

بغض النظـر كيـف األوصاف هو إبداع خلق اهللا وعظمته،ويف كل هذه اآليات السابقة فإن املقصود من وصف األرض من هذه ف يدرك شكل األرض، وقبل أن يدرك اإلنسان ويعلم أن األرض كوكب مثل بقية كواكب الكون، شكلها الكلى يفهم اإلنسان، وكي

وأنه يف كلتا احلالتني حقـق مكور، وأن التسطيح واملد والدحو أيضا من الناحية اجلزئية للناظر صحيح وال يتعارض مع التكوير الكلي، غاية القرآن والوحي يف إدراك إبداع اهللا وعظمته يف خلقه، كان ذلك من إعجاز القرآن؛ ألن اهللا سبحانه وتعاىل هو الذي خلق األرض

ذلـك مـدعاة فكان التعبري دقيقا معجزا، على كل حاالت إدراك اإلنساين املعريف وتطوره، ولو تعارض اإلدراك املعريف الالحق لكان .للشك والظنون

فإذا أضاف القرآن الكرمي إىل ذلك وصف التكوير، ولكن إىل الليل والنهار، فلم يفرض على اإلنسان يف العصور السابقة إدراك ما ز كان من الصعب علميا عليه إدراكه، لظنوا الظنون، ولكن ذلك الوصف سيكون يف عصور الحقة دليال ساطعا على علم اهللا وإعجـا

، وتكـوير ٥الزمر} ويكور النهار على الليل خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار {القرآن، يقول اهللا سبحانه وتعاىل لتكـوير الليـل األرض عرف املعـىن الـدقيق الليل والنهار فهم يف العصور السابقة على أنه تتابع الليل والنهار، وبعد أن علم كروية

، أدركنا اليوم أن التكوير يف حالة الـشمس ١التكوير}إذا الشمس كورت{والنهار، مث يصف القرآن الكرمي كوكب الشمس بأنه كرة التعبري ال تـصدر إال ، وهى معامل ودالالت ودقة يف )وهو شكل الشمس (على الشاهد ) وهو شكل األرض (هو من باب قياس الغائب

حتى إذا أخذت األرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قـادرون عليهـا {عن اخلالق اخلبري، فإذا قرأنا اليوم قول اهللا سبحانه وتعاىل يأيت ليال وارا يف وقت واحد؛ ألن األرض كوكب مثل كرويـة يأيت البد أن ، علمنا أن أمر اهللا حني ٢٤يونس}أتاها أمرنا ليال أو نهارا

وأنه ما ضر من سلف يف فهم القرآن الكرمي أم ظنوا أن أمر اهللا سيأيت إما ليال أو ارا إلدراك غرض ) أو(بقية الكواكب برغم حرف .اآلية يف اإلنذار والتحذير

Page 57: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٧

فقط، بـل إن ) ما هو الثابت؟ وما هو املتغري ( إن اإلشكالية ليست بالدرجة األوىل يف تحقق به كيف ه األمة، وـ كيف يفهم ويقدم ما هو ثابت، وكيف تخاطب ب يف األمر، األهم

وكب احلـضارة واإلعمـار وهدايتها مل ريادا يف قيادا و الفطرة اإلنسانية ورسالة األمة، يف .اإلنساين اخليـر

، واليت بدت بشائر مثارها الطيبة يف نوعية إن األمهية الكربى هلذه التجربة عند الكاتب ناجحة، أعادت صـياغة عملية حية تكمن يف أا متثل جتربة خرجيي تلك اجلامعة وإجنازام،

تلـك وفاعلية "اإلسالمية الشموليةالعلمية املنهجية "فوائد اسة اجلامعية، وجسدت برامج الدر مبفهوم التخصص املزدوج، خاصة يف العلوم اإلسالمية واالجتماعية واإلنسانية؛ حيث املنهجية

الدراسات اإلسالمية اجلوهرية واملوضوعية هي إما ختصص رئيس أو ختصص ثانوي، ميكـن إىل ختـصص ) إسالميات أو اجتماعيات وإنسانيات (يل التخصص الثانوي بعد عام واحد حتو

ـ وحتق ،مصادر املعرفـة اإلسـالمية بدأت ا مسرية العمل على توحيد اليت و ثان رئيس، ق يالشمولية الفائدة املرجوة منها يف طلب اإلنسان للمعرفة حتقيق و ،بينهاالعلمي املنهجي التكامل .القدرة والعدل والسالمع بناء جمتمإعادة واملهتدية،

يف أن األرض كروية الشكل، وأن التعبري القرآين احتوى بدقة كل تلك املفاهيم املتغايرة، كان ذلك وحني بلغ سقف اإلنسانية املعر

كـل شـيء سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على{من آيات إعجاز القرآن الكرمي هيدحيط ، شء ميبكل ش هألا إن همبن لقاء رة ميفي مر مه٥٤ -٥٣فصلت}ألا إن.

ومن هنا فإن فهم القرآن الكرمي ودالالته وإدراك صدق رسالته وإعجازه هو هذا التعبري عن الفطرة والسنن يف كل حاالت السقف ن، ويعين ذلك دوام إعادة النظر والتدبر يف آيات القرآن الكرمي يف ضوء السقف املعريف املتوسع إلدراك كامل دالالت املعريف لإلنسا

.الوحي وترشيده ملسرية اإلنسان يف األرض

Page 58: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٨

ملحق منط جديد يف ختطيط السكن اجلامعي

قد يكون من املستحسن استكماال للفائدة، اليت نرجو أن تستفيد منـها اجلامعـات ومعاهد العلم األخرى، أن نستكمل عرض الدراسة اليت متت بشأن حتسني سـكن الطلبـة

إشباع حاجته يف األلفة اجلماعية واحلصانة السكن، و ية للطالب يف اجلامعيني لتحقيق اخلصوص . دون زيادة يف التكلفة،األخالقية

إن ما سبق من حتليل وضح أن العدد األنسب لسكن الطالب الذي يوفر البيئة السليمة يف التفاعل االجتماعي املتكامل، ويعني على احلصانـة األخالقيـة هو أربعة طالب، وعلينا

نا كيف ميكن أن نوفر لكل طالب خصوصيته، وهو يف صحبة ثالثــة زمـالء أن نعرف ه آخرين؛ سعيا إلزالـة أسباب الرتاع واخلالف الذي ينجم عن الـسكن املـشاع املـشترك

. جلماعات الطالب لقد أمكن التغلب على هذه املشكلة وحتقيق الفردية واجلماعية داخل الغرفة الواحـدة

بتحوير طفيف يف تنظيم الغرفة؛ حبيث أمكـن إجياد أربـع مـساحات يف آن واحد، وذلك مستقلـة تضم املساحة الواحدة منها كل حاجات الطالب ومقتنياته، ويكون له فيها كامـل ،ار، أحد احلريـة والتحكم؛ حبيث ال ينازعه فيها، أو يف استعماهلا، يف أي وقت من ليل أو

من املساحات األربع منعزلة يغلق باا يف وجه زمـالء م مساحة ألي واحد منه ولكن ليس السكن يف الغرفـة؛ األمر الذي ييسر تفاعلهم، وتنمية روابط الصداقـة واإلخاء والتـضامن والتعاون فيما بينهم، كما يقلل من أسباب الرتاع واالحتكاك السليب بينهم، وقـد أمكــن

. ة املقررذلك دون إحداث أية زيادة يف حجم الغرف وحىت يتم ذلك؛ فإن علينا أن نتخيل الغرفة الواحدة املستطيلة وقد قسمت إىل أربعـة أقسام متساوية؛ حيث نصبت مساحتان من املساحات األربع طـوال؛ حـىت تفـسح أمـام

. املساحتني األخريني سبيال ألن يكون هلما أيضا نوافذ تطل ا على الفضاء الفسيح وبذلك؛ فإن من يدخل إىل الغرفة جيد أمامه أربع مساحات، وكل مساحـة يقع فيها السرير يف ظل قاطع، إىل جانبه خزانة مالبس الطالب اليت تكون يف ذاا أيضا قاطعـا، وإىل

جيعـل – كما نرى من الرسم املرفق –جانب النافذة يوضع مكتب الطالب، وهذا الترتيب

Page 59: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٥٩

يف أي وقت مـن الشخصي يتحكم يف مساحتها واستخدامها ه ـخاصة ب حدة لكل طالب و أي واحد من زمالئه، وبـذلك حتققـت يف كل أحواله اخلاصة ليل أو ار، دون أن يزعج

مل ألنه حتققت اجلماعية ويف الوقت ذاته ،بإقامــة الوحدات املستقلـة للطالب اخلصوصية عن بعض، وتضعف زمالتـهم م بالغرفة بعضه املقيمني الطالب يجعل للوحدات أبواب تعزل

. غرفة واحدةوتعاوم وتضامنهم بوصفهم شركاء يف سكن لقد أمكن ذا التعديل الطفيف يف تصميم الغرفة أن حنقق لكل طالـب اسـتقالليته

ـ خاصةوخصوصيته يف الوقت نفسه، مع كامل حتكمه يف ة سكنه، دون أن حيرم من صحبـ . زمالئه واالستئناس م

ولعل رسم هذه الغرفــة يوضح لنا صـورة تكوينهــا، واملزايـا النفـسيــة .واالجتماعية املترتبة عليهـا، واليت قصد إىل حتقيقها بواسطتها

وننصح املربني أن يطلعوا على التصميمات املعمارية للجامعة اإلسالمية العاملية مباليزيا؛ من الفائدة اليت حققتها تلك العمارة اإلسالمية من الكفاءة واجلمال، من وجوه عديـدة ملزيد

غري مسبوقة يف جمال كفـاءة األداء، وتـسهيل االسـتعمال، واالسـتجابة للخـصوصيات .بالطهارة والوضوءبالتواصل االجتماعي وما يتعلق منها المية، وخاصة ما يتعلق منها ـاإلس

.الرشاد وهو اهلادي إىل سبيل،لسبيلوعلى اهللا قصد ا

Page 60: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٦٠

Page 61: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٦١

احملتــويـــــات

مقدمــــة يألمهية اخلاصة لقانون العقوبات اإلسالما - قضية منهج -

جديدة لقانون العقوبات اإلسالميالتفكري يف مشاكل السكن إىل رؤية من -ن سنل والفطرة وال قلعا(والكون ) النص(يف الوحي ةتكامل مصادر املعرفة اإلسالمي -

.)ائعوقوال رؤية إسالمية علمية اجتماعية: قانون العقوبات اإلسالمي-

الداللة االجتماعية لشهادة األربعة -- ه احلاجات الغريريـة البشرية ويجـو؟رشد سلوكهاكيف ت قانون العقوبات اإلسالميوالقصد من األمن هو احلكمة األعم - فإن اهللا غفور رحيمأما من تاب وأناب - ي منع اجلرمية، ال انتقام العقابالغاية ه -

حد الردة - الردة عقيدة وقانونا- واجلاليات املسلمة واختالف األدياناألقليات -

ن األمن ال قانون الترهيب والفزعقانو - ناهج املعرفة اإلسالمية املعاصرةضرورة إصالح التعليم وم -

درس يف املنهجية - منط جديد يف ختطيط السكن اجلامعي: حقمل -

Page 62: ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲﻤﻼﺴﻹﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﺩﻴﺩﺠﺘepistemeg.com/pix/pdf_107.pdf · ٤ ﻢﯿﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺭﺼﺎﻌﻤﻟﺍ

٦٢

هذا الكتاب

يتناول هذا الكتاب أحد أهم ثوابت اإلسالم والشريعــة اإلسالميــة املثرية للجدل، على ضـوء منـهج -العقوبات، بالدراســة والتحليل؛ لكي يكشف ) نظام(وهو قانون

وجوه قصور اخلطاب اإلسالمي املعاصر يف -تتكامل فيه املعرفــة النصية باملعرفة الكونية إدراك حقيقة هذا القانون، ودالالت نصوصه؛ اليت ما تزال تقدم نظاما يتجاوب مع طبـائع

ـ ـاإلنسان وحاجته إىل األمن االجتماعي، بكل الرأف ه ـة لـضعف ـة والرمحــة والرعاي . اإلنساين

املنـهجي ن والعلماء ألخذ اإلصالح إن األمل أن يكون هذا النموذج حافزا للمفكري الفكري بكل الشجاعـة مأخـذ اجلـد، وإعـادة النظـر يف اخلطابـات العلمي الشمويل

اإلسالميـــة املعاصرة املتعلقــة بثوابتها ورؤيتها الكونيــة؛ مبـا حيـرك كـوامن . بإذن اهللالطاقـة يف األمـة، وحييي دافعيتها االستخالفية اإلعمارية اخليـرة