نظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ـــ إيسيسكو ـــ 1429هـ/ 2008 م منشورات ا

الدكتور عبد الـعزيـز بن عثمان التويجري

ة اللغة العربية والعو

- 5 -

فهـرس

■ مــقـدمـة ...................................................... 7ستقبل 11 ة : رؤية الستشراف ا ■ اللغة العربية وحتديات العو■ اللـغة العـربية ووسـائط االتصال .......................... 35■ مستـقبل اللغة الـعربية في عـالم متغير .................. 59

عجم التاريخي للغة العربية في ضوء ■ امـتغـيـرات األلفـية ......................................... 77■ اللـغة العـربية ... قضـية استراتـيجية ..................... 97

■ اللغـة العربية في بيان قمة دمشق ........................ 105

- 7 -

مقدمة

من أكـبـر الــتـحـديـات الـتي تـواجه الـلــغـات احلـيـة في عـالم الـيـومـة الـتي تـنـدفع في اكـتـسـاح جـارف لـلـخـصـوصـيـات الـلـسـانـية حتـدي الـعـوعنوي لأل ادي وا واللغوية والـثقافية التي هي القاعدة الصلبة للوجود ا

والشعوب لتشكل بذلك خطرا محدقا بالهويات الوطنية.وتـواجه الــلـغـة الــعـربــيـة الـيــوم بـاعــتـبـارهــا وعـاء لـلــثـقــافـة الـعــربـيـةولـلـحـضـارة اإلسالمـيـة أخـطـارا تـتـفـاقم بـاطـراد تـأتي من هـيـمـنـة الـنـظـامـراكـز ي الـذي يــرفض صـيــاغـة الـعــالم اجلـديــد مـتــعـدد األقـطــاب وا الـعــاوالــثـقــافــات والــذي يــسـعـى لـفــرض الــلــغـة األقــوى بــحــكم قــوة الــفـعلالــســيــاسي والــثــقل الــعــلــمي والــتــقــاني واالقــتــصــادي عــلى اجملــتــمــعـاتاإلنـسانية التي تقصـر وسائلها الدفاعيـة الثقافية ــ والسـياسية واالقتصاديةأيـضا ــ عن الـتـصدي لـهذه الـهجـمـة اللـغويـة الـشرسـة التي تـهدد األسس

الثقافية واخلصائص احلضارية.ها وأن فيـها جوانب ة لـيست سـلبيـات كلـ وإذا كـنا نسـلم بأن الـعوكـثيـرة تـعود بـالنـفع والفـائـدة على الـدول النـامـية إن أحـسنت هـذه الدولنـعنا الـتكـيف معـها واسـتطـاعت مواكـبتـها وجتـنب سلـبيـاتهـا فإن هـذا ال ا تـواجه غدا حتـديا حـقيـقيا من الـقول إن الـلغـة العـربية تـواجه اليـوم ورة ال ضـاريا يفرض عليها التعامل مـعه بذكاء وفطنة. ذلك أن ظاهرة العوتـعني سرعة تدفق السلع ورؤوس األموال واخلدمـات والبشر واألفكار بغيرحـدود وال قــيـود فــحـسب بل تــعـنى إلى ذلـك كـله سـرعــة تـدفق الــلـغـةاألقـوى الــتي تـمـلك مــقـومـات الــقـوة والـهــيـمـنــة والـسـيــطـرة عـلـى الـلـغـات

- 8 -

األخـرى خصوصا لغـات األ التي تعاني من مـخلفات عهـود االستعماروتـواصل بـذل اجلـهـود لـلـتـحـرر من قـيـودهـا والـتي تـخـضع لـضـغـوط شـتىنـاجتة عن عدم انـتظـام أوضاعهـا االقتـصادية والـتعلـيمـية في إطار سـياسات

ة. وطنية قائمة على حسابات سليمة واختيارات قوـة عـالقـة ذات صــلـة إن الــعالقـة بــ الــلـغــة الــعـربــيــة وبـ الــعــوـسـتقـبل هـذه اللـغـة. ولـيس من شك أن مـستـقـبل اللـغـة الـعربـيـة في عالمة وضـغـوطـهـا يـقـتـرن بـالتـنـمـيـة الـشـامـلة مـتـغـير تـهـيـمن عـلـيه آلـيـات الـعـوستدامـة; ألن اللغة من حيث هي حتيـا وتزدهر بحياة تـوازنة ا ـتكاملة ا اــعــارف األمــة الــتـي تــنــطـق بــهــا وبـــازدهــار الــعـــلــوم واآلداب والــفـــنــون واوالـصناعات والـتقانات الـتي يبدعـها أهلهـا في اجملاالت كافة فـيرتقون فيـكانـة الالئـقة بـهم ب األ ـعـنوي ويـتـبوأون ا ادي وا مـضمـار الـتقـدم ا

فــتــكــون لــهم الــســيــادة عــلى لــغــتــهم ألن لــهم الــســيــادة عــلى مــقــدراتــهمومكتسباتهم

فـالـلـغـة إذن جـزء ال يـتـجـزأ من الـسـيـادة واحلـفـاظ عـلى الـلـغـة هـوحـمايـة لـهذه الـسـيادة. ولـذلك فـإن التـحدي األكـبـر الذي سـيـواجه اللـغةسـتقـبل هـو احلفـاظ على خـصـوصيـاتهـا وضـمان اسـتمـرارها الـعربـيـة في اـقـومـات والـقـيم الـتي تـشـكل الـعـنـاصـر ـكـونـات وا وإشـعـاعـهـا وحـمـايـة ا

اجلوهرية للكيان العربي اإلسالمي الكبير.السـيادة في هـذا اإلطـار وبـدافع قـوي مـن احلرص عـلـى ضـمان (الـلــغـويـة) لألمــة الـــعــربــيــة اإلسـالمــيــة كــتـــبت أربــعـــة بــحــوث في أربعمــنـاســبــات; الـبــحث األول حـول (مــسـتـقـبل الـلـغـة الـعـربـيـة في عـالمؤتـمر الـثالث والسـبعـ جملمع اللـغة الـعربيـة بالـقاهرة مـتغير) ألـقيـته أمام اعام 2007 م والـبحث الـثاني حول (الـلغة الـعربيـة ووسائط االتصال)عهد العالي لإلعالم واالتصال في وكان في األصل محاضرة ألقيتها في ا

- 9 -

الـربـاط عـام 2007 م والـبـحث الـثـالـث حول (اللـغـة العـربـية وحتـدياتـستـقبل) وقـد ألـقـيـته أمـام الـدورة الـرابـعة ة : رؤيـة الستـشراف ا العـووالـسـبـعـ جملـمع الـلـغـة الـعـربـيـة بـالـقـاهـرة هـذا الـعام 2008 م. أمـا الـبـحثـؤتمـر الـثـانـي والـسـبـع الـرابع الـذي وإن كـنت قـد كـتـبـته وقـدمـته إلـى ا

جملـمع اللـغة العـربيـة بالقـاهرة في عام 2006 م فـقد حـرصت على أن أختمعجم الـتاريخي للغـة العربية في ضوء به هـذه البحـوث وعنوانه : "امتغيرات األلفية". ويـجمع ب البحوث اللغوية األربعة قواسم مشتركةوتدور جميعها حول محاور متقاربة وإن اختلفت طرق التناول والعرضفـهي تدرس الـوسـائل التي تـساعـد في مـواجهـة التـحـديات الـكبـرى التية على لغة الضاد فتحاصرها وتضيق عليها اخلناق وتعزلها تفرضها العوعن مـجـرى احلـياة وحتـكم عـلـيـها بـاخلـضـوع لضـغـوط لـسـانيـة ولـغـوية ذاتمـضـامـ ثـقـافـيـة وفكـريـة فـتـضـعف الـلـغـة وتـقـصـر عن الـوفـاء بـحـاجاتـذهل الـذي يعـرفه الـعـالم الـيوم في اجملـتـمع وتـعجـز عن مـسـايـرة التـقـدم اعـرفة ـعلـوميـات ومواكـبة مـا يشـهده مـجتـمع ا مـيادين الـعلـوم والتـقانـة وا

من تطور مدهش يحير العقول.لـقـد كان الـهـاجس الذي مأل خـاطـري أثنـاء كـتابـتي لـهذه الـبـحوثالـتي أنــشـرهـا الــيـوم هـو الـتــأكـيـدعــلى الـتـفــاعل بـ الــعـلم والـتــقـانـة وبـ

الـعنـاصر الـلـغويـة الثـقـافيـة والتـعلـيـميـة واحلضـارية واالجـتـماعـية الـذي هوتـفــاعل قـائم ومـلــمـوس وعـلى ارتــبـاط سـيــاسـة الـعــلم والـتـقــانـة بـالــسـيـاسـةالـثـقـافـية والـلـغـويـة الـذي هـو بـدوره ارتبـاط وثـيق ومـلـمـوس. وهـذا مـا يـنفيالـدور احليادي للعلم والـتقانة وعالقته باللـغة. ولذلك تتفاعل الـلغة العربيةوالتقانة والتنمية والعناصر الثقافية لألمة العربية اإلسالمية. وهذا التفاعلهـو الشرط الالزم لتـقوية اللـغة العربيـة وإنعاشهـا وجتديدها وتـطويرها حتى

تغيرات وعلى مواجهة التحديات. تكون قادرة على التكيف مع ا

- 10 -

إن األمـة الـتي ال تـنـتج الـعـلم تـضـعف لـغـتـهـا وتـنـكـمـش وتـنـعزل.وفي ضـعف الـلـغـة ضـعف لـلـكـيـان كـمـا هـو مـعـلـوم لـدى عـلـمـاء االجـتـماعالـلغوي وعلماء االجتماع السياسي بـصورة عامة. فاللغة تقوى وتكتسبعرفة ولغة ؤثرات اخلارجية ح تكون لغة العلم ولغة ا ـناعة ضد ا ااحلـيـاة الـتي تـفـرض نـفسـهـا وتـمـلي شـروطـهـا فال تـذوب في لـغـة أخرى

فتفقد هويتها وتتخلى عن رسالتها.إن الـلـغـة الـعــربـيـة تـقف الـيـوم في مـفــتـرق الـطـرق; فـإمـا أن تـتـجـددسـتجـدات في الوظـائف اللـغوية تـغيرات الـلسـانيـة وا وتـتطـور لتـواكب الـتـحـيا ولـتـقـاوم ولـتـثبت وجـودهـا وإمـا أن تـنـكمش وتـتـقـوقع فـتـتراجعوتـضـعـف. وهـذا مـا ال يـريــده لـهـا أحــد من أبـنـائــهـا وبـنـاتــهـا ومن مـحــبـيـهـا

وعشاقها وهم كثر.ة. وتلك هي إن الـلغة العـربية تقف وجهـا لوجه أمام حتديـات العو

القضية الرئيسة التي تعرض لها هذه البحوث.وفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. والله ا

الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجريدير العام للمنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ا

ــ إيسيسكو ــ

ة اللغة العربية وحتديات العوستقبل ــ (*) ــ رؤية الستشراف ا

ؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة يوم 28 أبريل 2008 م. (*) بحث ألقي في الدورة 74

- 13 -

يــســـعــدني أن أحتــدث إلــيــكم عن مـــوضــوع له صــلــة من حــيثاضية وضوع الـذي حتدثت إليـكم عنه في السنـة ا جوهره وداللـته باوالذي كان يدور حول (مستقبل اللغة العربية في عالم متغير)(1).ذلك أن موضوع اليوم الذي أشرف بعرضه أمامكم يتناول حتدياتسـتقبل. ـة التي تواجـه اللغـة العـربيـة من خالل رؤية السـتشـراف ا الـعووضوع متكامالن من وجوه شتى. ألن مستقبل العربية مرهون وكأن ا

ة. ا يتوافر لها من قدرات ذاتية على مواجهة حتديات العوـة ال تــعـد وال حتــصى فـهي حتــاصـر الـدول إن حتــديـات الــعـوواأل والـشعوب من كل جانب وال يـكاد يخرج عن هـذا احلصار دولةـا في ذلك الـدولــة الـتي تـعــد بـحـسـابـات من الـدول أو أمــة من األ ـرحلة التاريخية الـقوة العظمى التي تملك زمـام التحكم في السياسة اي الـدولـيـة والــتي تـفـرض عــلى اجملـتـمع الـدولـي بـرمـته الـنــظـام الـعـاـة على هـذه الدولـة ذات القـدرات الهـائلة اجلـديد. وإن كـان تأثـير الـعوـا فـيــهـا تـلك الــتي تـقـاربــهـا في الـقـوة أقـل مـنه عـلى الــدول األخـرى

والنفوذ على نحو من األنحاء.ا هي ظاهرة تكاد ة شرا يتقى أو خطرا يدفع وإ فليست العوتـكون كـونـية لـها الـسـلبـيات واإليـجـابيـات إن توافـرت شـروط التـعاملمـعها والتكيف مع متغـيراتها أمكن جتاوز تلك السـلبيات والتغلب علىمـا يترتب عليهـا من مشاكل. وفي مقدمة هـذه الشروط امتالك القدراتالذاتـيـة على مـسـتوى األفـراد واجلـماعـات وعـلى مسـتـوى احلكـوماتوالـهـيئـات األهـلـيـة والتـوفـر عـلى الـوعي احلـضاري الـرشـيـد الـذي هو

(1) انظر البحث في الصفحات : (61 - 75).

- 14 -

ـثـابـة البـوصـلـة الـتي تقـود نـحـو رسم الـسيـاسـات احلـكيـمـة واتـخاذالــقـرارات الــواعــيـة لــلــبـنــاء الــذاتي ولالنــفـتــاح عــلى آفــاق الـعــصـرولـالندماج في تـياراته من منـطلق االقتـناع بأن حـماية الـذات وترقيـتهاواحلـفاظ عـلى الهـوية والـتشـبث بخـصوصـياتـها الـثقـافيـة واحلضـاريةرهـ بـإثــبـات احلـضـور في سـاحــة الـتـفـاعل اإلنــسـاني وفي مـضـمـاراحلـوار الـثقـافي والتـحـالف احلضـاري وباإلسـهام الـفـاعل في مسـيرة

التقدم والنماء والرخاء على الصعيدين اإلقليمي والدولي.إن في امــتالك الــقـوة الــذاتــيـة والــقــدرات الـعــلــمـيــة والــتـقــانــيـةوالـصــنــاعــيـة واالقــتــصــاديــة احلـصــانــة ضــد الـتــأثــيــرات الـســلــبــيـةـواقع ـة اآلخــذ في االكــتـســاح واالنــعـكــاســات الـضــارة لـنــظــام الـعــوـعـاقل اخلصـوصـيـات الـتي تـمـيز االسـتـقـرار والـثبـات وفي االقـتـحـام ــا يــغــني احلــضـارة الــثــقـافــات واحلــضــارات بــعـضــهــا عن بــعض

اإلنسانية ويقويها بالتنوع الثقافي والتعدد احلضاري.ـة إذن تــتـفــاوت من مـســتـوى إلى آخــر; فـهي فـتــحـديــات الـعــوحتديات تواجه اقتصاديات الـدول واختياراتها وسياساتها كما تواجهثقـافـات األ والـشعـوب وخـصـوصـياتـهـا ولـغاتـهـا وقـيـمهـا. وبـقـدر ماتتقوى الذات وتتحصن وال نقـول تنعزل تتوافر اإلمكانات للتغلب علىهـذه التـحـديات. تـنطـبق هذه الـقـاعدة عـلى االقتـصـاد والتـنمـية بـصورةة هي هذا التشابك عامة كمـا تنطبق على الثقافة والفكـر واللغة. فالعوـشـتركـة والعـلوم الـذي نعـيـشه اليـوم ومعـظـمه ليس خـيـارا فالـسوق اـعلومـات عبر األنـترنيت كل ذلك عـمليات والـتقانـة وانتشـار األفكار وا

متاحة للجميع يتقدم فيها القوي ويفرض تفوقه. ة هي : ازديـاد العالقات إن العـناصـر األساس في فـكرة الـعوتمثلة في تبادل السلع واخلدمات أو تبادلة ب األ سواء ا ا

- 15 -

عـلومات واألفكار أو في انـتقال رؤوس األموال أو في انـتشار ا. كل هــذه الـعــنـاصـر فـي تـأثـر أمـة بـقـيـم وعـادات غـيـرهـا من األيـعرفـها العـالم منذ عـدة قرون وعلى األخص مـنذ الكـشوف اجلغـرافيةفي أواخـر الــقـرن اخلـامس عــشـر أي مـنــذ خـمـسـة قــرون. ومـنـذ ذلكاحلـ والعالقـات االقـتـصاديـة والـثقـافـيـة ب الـدول واأل تـزداد قوةباستـثناء فـترات قصـيرة لـلغايـة مالت خاللهـا الدول إلى االنكـفاء علىذاتــهـا وتــراجــعت مـعــدالت الــتـجــارة الـدولــيــة ومـعــدل انـتــقـال رؤوساألموال وباسـتثنـاء مجـتمعـات محدودة الـعدد تركـها العـالم في عزلة

أو فضلت هي أن تعزل نفسها.فالظـاهرة عمرها إذن خمسة قـرون على األقل وبدايتها وغدهامـرتبـطان ارتـبـاطا وثـيـقا بـتقـدم تـقانـة االتـصال والـتجـارة مـنذ اخـتراع

البوصلة وحتى األقمار الصناعية(2).

تطور اللغة العربية :حـيـاتي) ألحـمــد أمـ نــقـرأ عـلـى لـســان أسـتـاذه فـي كـتـاب (قيم في إستانـبول بعد تقاعده عند زيارته صري (علي بك فوزي) ا اـشـعة : "ال ـعـاني الـقويـة ا له في سـنة 1928م الـكـلمـات الـتـاليـة ذات اأمل في إصالح مصر مادام هناك لـغة للعلم ولغة للكالم فإما أن ترقىلـغـة الكـالم وإما أن تـنحـط لغـة العـلم حـتى تـتحـدا وحـينـئذ فـقط يـكونالـتـفكـيـر الصـحـيح واللـغـة التي تـسـتمـد روحـها من احلـيـاة الواقـعـية(3)وأهمـية هذا الـكالم تكمن في أنه صـادر عن شخصيـة علمـية يكفى أنيـقال عنـها إن األستـاذ أحمد أمـ تتلـمذ لهـا وأنه قيل في فتـرة مبكرةـسـتـقـبل الـعـربي) الـعـدد (228) صـفـحـة (23) فـبـرايـر 1998م (2) د. جالل أمـ مـجـلة (ا

بيروت.(3) أحمد أم حياتي صفحة : 81 دار الكتاب العربي بيروت 1972م.

- 16 -

ـا يزيد كان فيـها الـتفكـير في تـطوير الـلغة الـعربـية محـدودا للـغاية. وفي أهـمـيــة هـذا الـكالم أنه يــربط بـ مـسـألــتـ اثـنـتــ كـانـتـا في ذلكالعـصر في غايـة األهميـة : إصالح أحوال مصـر في العقـد الثالث منالقـرن الـعشـرين وبـعـد مضي ست سـنـوات على اسـتـقاللهـا والـدعوةإلى الـتوحـيـد بـ لغـة الـعـلم ولغـة الـكالم. وإن كـانت لـغة الـعـلم حتـتفظقصود هنا عنى ا سـافة بينها وب لغة احلياة الـعامة. ولكن ا دائما تداولة في هو تيسير اللـغة العربية وتطـويرها بحيث تقتـرب من اللغة ا

اجملتمع حتى تواكب اللغة تطور احلياة ومتغيرات العصر.وهـذا الربط بـ إصالح أحـوال اجملتـمع وبـ تطـويـر اللـغة فياضـي يثبت لـنا أن الوعي ـبكرة من عـشريـنيات الـقرن ا ـرحلة ا تلك ابـضـرورة مواجـهـة الـتحـديـات الـتي حتاصـر الـلـغة الـعـربيـة لـيس ولـيدــة وأن إصالح الـلــغـة هــو جــزء ال يـتــجـزأ من الــيــوم في عـصــر الـعــوإصالح اجملـتـمع وأن الـلـغـة تعـبـر عن حـال اجملـتـمع وأن اجملـتـمع هو

تغيرات. الذي يطور اللغة ويجددها ويجعلها حتيا وتساير اوليس معنى تطوير اللغة تيسير النحو وتبسيط القواعد فحسبولـيس معناه أيضا نقل األلفـاظ والتعابير اجلديـدة عن اللغات األجنبية.فهذا شأن أما الشـأن الذي نقصد إلـيه فهو االرتقاء بالـلغة لتكون فيمستوى تطور الفكر واحلياة واجملتمع بحيث تصير اللغة منتجة واليادين تظل لغة مستهلكة. وح تنتج اللغـة تصبح دافعا للتقدم في ا. وفي هذه احلـالة تـتخـطى احلـواجز الـتي تمـنعـها من االنـدماج جمـيعـاة. وحـينـما تسـتهـلك اللغـة وتأخـذ وال تعطي يـضعف مـركزها في الـعو

وينتهي بها األمر إلى اإلفالس.غربي ـشروع اللـغوي الـذي تقدم به الـشيخ عـبد القـادر ا وفي ا(عـالمة الـشام من أصل جـزائري) إلى اجملـمع العـلمي الـعربي (مـجمع

- 17 -

الـلغـة العـربيـة بدمـشق حالـيا) فـي سنة 1927 حتت عـنوان (الـكلـماتغير القاموسـية) يلفت النظـر اختياره عددا من الكـلمات العتمادها منعنى ـعجم العـربي من مثل فعل (تـبدى) قـبل علماء الـلغة بـإدخالها اـعـنى راسـله و(تـفـرج) علـى الشـيء و(احتـار) في ظـهـر و(خـابـره) أمره و(تـنزه) في الـبسـتان وكلـمات اصـطالحيـة فنيـة وإدارية كـقولهم(هـيئـة احملـكـمـة) و(تشـكـيل احملـاكم) و(انـعقـدت اجلـلـسة) و(تـعـريـفةالرسـوم) و(ميـزانيـة) و(كمـية) و(كـيفـية). ويـقول الـعالمة عـبد الـقادرـغـربي مـخـاطـبـا زمالءه أعـضـاء اجملـمع الـعـلـمي الـعربـي : (أرجو من ارفـقـائي أن يـجـوزوا اسـتـعــمـال هـذه الـكـلـمـات والسـيـمـا أنـهـا كـلـمـات

اصطالحية كما قلنا ولكل قوم اصطالحهم)(4).ولـقـد اعتـمـدت اليـوم كـما نـعلـم هذه األفـعـال والكـلمـات فـدخلتـعـاصرة ولم تـعـد تـثيـر أي إشـكـال. كذلك اعـتـمدت عـاجم الـعـربيـة ا اغـربي في األسـالـيب والـتـراكـيب الـتي اقـترحـهـا الـعالمـة عـبـد الـقـادر امــشـروعـه والـتي كــانت قـد تــسـربـت إلى لـغــتـنــا مـتــرجـمــة عن الـلــغـاتـا ال يـعـرفه الــعـرب األقـدمـون مــثل (ذر الـرمـاد في األوروبـيـة وهـي ــسـألـة عــلى بـسـاط الــعـيـون) و(عــاش سـتـة عــشـر ربـيــعـا) و(وضع االـبـحث) و(ال جـديد حتت الـشـمس) و(ساد األمن في الـبالد). لم يـعدأحـد يــنـازع الــيـوم في جــواز اسـتــعـمــالـهــا (الـلـهـم إال الـذين أصــيـبـوا

بالوسواس اللغوي) كما قال عالمة الشام في تلك الفترة.

ـشــروع ضـمـن كـتـاب (رسـائل األســتـاذ الـرئــيس مـحـمــد كـرد عـلي إلى األب (4) نـشـر هــذا ا

أنـستـاس مـاري الكـرملي) صـفـحة 113 مـطـبـوعات مـجـمع الـلـغة الـعـربـية بـدمـشق سـنةـا يـجـدر ذكره هـنـا أن الـعالمة 2000 م بـتحـقـيق وتـقـد وتعـلـيق حـسـ محـمـد الـعجـيل. و

ـشروع عـلى صـديـقه عالمـة الـعراق األب مـحـمـد كـرد علي عـلى جالل قـدره قـد أحـال هـذا اأنستاس ماري الكرملي ليقول رأيه فيه قبل طرحه على اجملمع للتداول في شأنه.

- 18 -

وهـذا التـطويـر للـغـة والتـجديـد ألسالـيبـها وتـراكيـبهـا إذا نظـرناعـارف اللغويـة التي كانت سـائدة في الثلث إليـهما من خالل مسـتوى ااألول من القرن العـشرين جند أنهمـا كانا عمال رائـدا شجاعا أضاف

جديدا إلى اللغة العربية.ـغــربي عالل الــفـاسـي أن األصل في الـلــغـة أن ــفـكــر ا ويـرى اتتغير وتـتطور وتنمو لـكونها مؤسسـة للتفاهم ب الـناس والتعبير عنـا الفـكر واخـتلـفت احلـاجة وبرز عـواطفـهم وخلـجات أفـكارهم فـمتى ت اللغة واختلفت ووجب العمل على تنميتها واإلبداع فيها اإلبداع ـكن اجلــمـود أو االنــقـطـاع عن االجــتـهــاد ألن من صـفــات الـعـلم وال الــبــحـث عن اجملــهــول واســـتــخــراجـه واكــتــنــاه احلـــقــيــقـــة ومــواكــبــةـستـجدات. وليـس مشكل الـلغـة ومواءمتـها لـلحـاجات وقفـا على الـلغة ا

العربية بل إنه مشكل جميع اللغات(5).فتطوير اللغة العربية ضرورة من ضرورات تطوير احلياة العامةـا يـبـدأ من الـلغـة وبـناء في الـعـالم العـربي اإلسالمي ألن الـتـجـديد إ

ستقبل. ستقبل يقوم على أساس حتديث اللغة حتى تكون لغة ا اوهـا الطبيعي حتى وليس بخاف أن تنمـية اللغة تكـون بتفعيل تـتغـير وتـتطور وتـنمـو. فإذا جـمدت اللـغة وانـكمـشت ضمـرت وضعفت

وفسدت. ألن في جمودها فسادا لها. وفساد اللغة فساد للمجتمع.ـا الشك فـيه أن الـلـغـات تـتـطـور وتنـحط وتـتـقـدم وتـتـأخر وإن بـحسب درجة الـناطقـ بها من الـرقي احلضاري والـتقدم االجـتماعيولـذلك فـهـي لـيـست ظـاهـرة اجـتـمـاعـيـة فــحـسب ولـكـنـهـا مـرآة مـجـلـوةلتـسـجـيل درجة الـوعي احلـضـاري لدى مـتـحـدثيـهـا. وليـست الـلـغة من(5) التربـية والتـعليم والـلغة عنـد عالل الفاسي لـلدكتـور عبد الـقادر الفـاسي الفهـري ضمن كتاب

(في رحاب فكر عالل الفاسي) مؤسسة عالل الفاسي الرباط 2000 م.

- 19 -

وجـهـة أخرى مـجرد ظـاهرة اجـتمـاعيـة كمـا يـتمـثلـها عـلمـاء االجتـماعا هي أداة تعبـيرية طيعـة حية تبلغ ذروتهـا ح يعمد الـناطقون بها وإإلى الـتـمـاس اجلـمـال الـفـني في تـعـبـيـرهم بـهـا وفي الـتـألق في انـتـقاءا يـجـعل من تعـابـيرهم ألـفاظـهـا عبـر نـظامـهـا الصـوتي والـتركـيـبي

لوحات فنية من النسوج الكالمية تروق سامعها وتبهر قارئها(6).ولكـن تطـوير الـلـغة أيـا كـانت هذه الـلـغة هـو جـزء ال يتـجزأ منتـطـويــر اجملـتـمع الــنـاطق بــهـا من الـنــواحي كـافــة ولـيس من الـنــاحـيـةالـثـقـافيـة فـحـسب. وإذ كان هـذا الـتـطويـر قـضـية تـرتـبط بـنمـو الـقدراتالـذاتيـة على الـتغيـير اإليـجابي في مـستويـات احليـاة العامـة فإن الـلغةستوى الـراقي من التألق واالزدهار والـقوة والقدرة على لن تـكون في اـيــادين جــمــيــعـا مــا لم تــتــوافـر اإلرادة مـســايــرة راكب الــتــقـدم فـي ا

اجلماعية لإلصالح الذي يبدأ من التطوير والتحديث.

حتديات أمام اللغة العربية :إن الـقضـايا الـتي تواجـههـا اللـغة الـعربـية في الـعصـر احلديثهي قـضـايـا طـارئــة تـفـرضـهـا مـتــطـلـبـات الـعــصـر من نـاحـيـة وقـرونالـتراجع احلـضـاري الـتي مـرت بـهـا أمتـنـا في مـسـارهـا الـتاريـخي مننـاحـيـة أخـرى ولـيــست قـضـايـا لـغـة تـواجه اسـتـيـعـاب مـا وصـلت إلـيهـعـارف اإلنـسـانـيــة في أول جتـربـة لـهـا ; فـقــد اجـتـازت الـعـربـيـة هـذه االـتجربة في تاريخها الـطويل عندما كانت اللـغة األولى للعلم والفكر فيالـعـالم أجـمع ولـعـدة قـرون. فـكــمـا لـلـغـات األ قـضـايـاهـا فـإن لـلـغـةا العربية قضاياها أيضا وليست متفردة بذلك من دون اللغات بل ر

لك مـرتاض الـتعـددية اللـغويـة فخ جديد لـتمـزيق الهويـة الوطـنية مـجلة (6) الـدكتـور عبـد ا

(العربي) العدد (500) صفحة (27) أكتوبر 2000 م الكويت.

- 20 -

كـانت قضـاياهـا أقل عسـرا للـمعـاجلة إذا مـا صدقت الـنوايـا وتوافرتــان بـقـدراتـهـا ــاء االعـتـزاز بـهـا واإل اإلرادة في خـدمــة الـعـربـيـة وإووضع لغة القرآن الكر واحلديث النبوي الشريف في مكانة الشرف

واالحترام الذي تستحقه(7).وتواجه لغتنا العربية قضايا مهمة في هذا العصر الذي يتصفعرفـة في جميع مجـاالتها ويـتميز بـهذا التـسارع الضخم في بـتفجـر اتـطور الـعلـوم على األرض وفي الـفـضاء اخلـارجي وإن هذه الـقضـاياتـتعلق بـتيسـير تـعليم الـعربـية وال تمس إطالقـا إعرابـها وصرفـها ونظمتـراكــيـبـهـا ألن هـذه من الــثـوابت الـتي بـدونـهــا تـفـقـد الـلـغــة مـقـومـتـهـااألصـيـلة. فـالـعربـيـة ثابـتـة من حيث نـطـقهـا ونـحوهـا وصـرفهـا ولـكنـهانـامــيـة مـن حـيث أســالـيـبــهـا ومــفـرداتــهـا ودالالت ألــفـاظـهــا. وهـذه هياخلصائص التي تنفرد بها العربية من ب جميع اللغات في العالم(8).يقـول الدكـتور عـبد الـله الطـيب رحمه الـله : البد في الـعمل إلىإعـادة اللغـة العـربيـة إلى بعض مـا كان لهـا من مكـانة في حـفظ الثـقافةعـارف اإلسالمـيـة من إعـادة الـنظـر في أمـر تـعـليم والـعزة الـقـومـيـة واالـلغة العـربية تعـليما صـحيحا يـيسر بغـرض التفهـيم ال بغرض جتاوزالعزائم إلى الـرخص والرخص إلى اللحن والـلحن إلى العـجمة وشبهالـعـجـمـة. وال يـكـون الـتـعـريب احلق بـاسـتـخـدام ألـفـاظ أعـجـميـة وجـملأعجمية ونصوص أعجمية حروفها وبعض نطقها وتركيبها كأنه عربي.(9)" ـا يكـون التـعريب احلـق بأداء عربـي الروح عـربي األسلـوب مب إ(7) الـدكتـور عبـد الكـر خلـيفـة العـربيـة لغـة البـحث العـلمي والـتعـليم اجلـامعي عـلى مدرج الـقرن

ـغرب) صـفـحة الـواحد والـعـشرين ضـمن كـتاب (قـضـايا اسـتـعمـال اللـغـة العـربـية في اغربية الرباط 1993 م. ملكة ا ية ا 363 مطبوعات أكاد

صدر السابق صفحة 264. (8) ا(9) د. عبـد الله الطـيب مشكلـة األداء في اللغة الـعربية (مجلـة مجمع اللـغة العربـية بدمشق)

اجمللد(73) اجلزء (3) صفحة 537 يوليو 1998 م.

- 21 -

ـستوى الذي تـتمكن فـيه من التعامل وبـذلك نرتقي بالـلغة الـعربية إلى استقبل. ة في احلاضر وفي ا اإليجابي مع حتديات العو

ستقبل : لغة اإن مستقبلـنا العلمي واحلضـاري مرتبطان بقـضية تعريب العلموالتـعليـم فال يعقل أن نـخوض مـجاالت الـعلم احلـديث ونواكب تـقاناتهـنـجـزاته وتـبـقى لـغـتـنـا غـريـبـة عن أجـواء الـعـلم وديـنـامـيكـيـته ونـنـعم وتـقنـيـاته وإبـداعه. لـقـد آن أن تـصبـح اللـغـة الـعـلـميـة جـزءا من حـيـاتـناصنع وأن تـغدو الـثقـافة العـلمـية جزءا درسـة والبـيت وا الـيوميـة في اـعــلم والـصــحــافي واألديب وصـاحب مـن ثـقــافـة الــصـانع والــطــالب وا

االختصاص الفني(10).ـتزايد وال ريب أن مسـتقـبل اللغـة العربـية يـرتبط باسـتخـدامها اعـلـومات شـهدت ـية. إن تـقنـيـات ا ـعلـومـات العـا واجلـاد في شـبكـات اعـلـومـات عبـر احلـدود والـقارات حتـوال هـائال من أجل تـيـسيـر إتـاحـة اواحلضارات وتقوم حاليا ــ في غالب األحيان ــ على اللغة اإلجنليزية.وهـنــاك جـهـودا أوروبــيـة قــويـة تــتم جلـعـل اإلتـاحـة ?أيـضــا- بـالــلـغـاتـانيـة والفـرنسـية واإلسـبانـية. ولن األوروبيـة الكـبرى وفـي مقـدمتـها األـر وقت طــويل حـتى جنـد الـعــربـيـة قـد اتــخـذت مـكـانـهــا في شـبـكـاتستوى عـلومات عبـر احلدود. وهذا األمر يـتطلب جهـودا كثيرة عـلى ا اـعـلــومـات وعـلى مــسـتـوى دراسـة الـلـغـوي وعــلى مـســتـوى تـقـانــات استفيدين حتى جند اجلامعات والوزارات واجملامع في الدول العربية اسـتـقبل الـقـريب لتـكون تـتعـامل بـاللـغة الـعـربيـة. وهـذا أحد حتـديـات ا

ـصطلـحات مـجلة (اللسـان العربي) الـعدد (10) الدكـتور أحمـد شفـيق اخلطيب مـنهـجية بـناء ا

(52) اجلزء (3) صفحة 537 الرباط يوليو 1998 م.

- 22 -

عـلـومات ـية الـكـبـرى بوصـفـها وسـيـلة لـنـقل ا الـعربـيـة مع اللـغـات العـاتقدمة(11). بالتقانات ا

وهـذا يـتطـلب أن تصـبح اللـغة الـعربـيـة لغـة منـتجـة للـعلم لـتتـبوأكـانـة الـرفـيـعـة بـ لـغات الـعـالم. ويـوم أن كـانت الـعـربـيـة في عـصور ادلوله الدقيق الشامل ارتقت ازدهار احلضـارة اإلسالمية لغة للعـلم ـيـة حـتى صـار إلى الـذروة وحـازت قــصب الـسـبق بـ الــلـغـات الـعــاطالب العـلم من أي ملة أو عرق كان يتخذ من العـربية وسيلة الكتساب

العلوم واإلحاطة بها والتبحر فيها.

لغة العلم والتقانة :إن الـتفاعل ب العلم والتقانـة وب العناصر الثقافـية والتعليميةواحلـضـاريـة واالجـتمـاعـيـة هـو تـفـاعل قائـم وملـمـوس كـمـا أن ارتـباطسـيـاسـة الـعـلم والـتـقـانـة بـالـسـيـاسـة الـثـقـافـيـة هـو بـدوره ارتبـاط وثـيقـعـرفة ومـلـمـوس. وهذا مـا يـنـفي الـدور احلـيادي لـلـعـلم والـتقـانـة ألن االعلمية والتقـانية للبنية الـطبيعية واإلنسان واجملـتمع تساعد على بلوغاألهــداف الـوطـنـيــة احملـددة داخل خـطط الــتـنـمـيــة الـوطـنـيـة(12). ولـذلك

تتفاعل اللغة العربية والتقانة والتنمية والعناصر الثقافية لألمة.ونخلص من ذلك إلى التأكيد على حتمية استعمال اللغة العربيةكـانة كـأداة لتـبـليغ الـتـقانـة لتـأمـ مسـتقـبل لـغتـنـا ولتـأهيـلـها لـتتـبـوأ االالئــقـة بـهــا بـ الـلــغـات احلـيــة. ويـنـبــغي أن ال نـغــفل حـقـيــقـة أخـرىسـتقبل كـانة في ا سـتساعـد والشك اللغـة العربـية على احـتالل هذه ا(11) الدكـتور محمـود فهمي حـجازي اللغـة العربيـة في القرن احلـادي والعشرين (مجلة مجمع

اللغة العربية بدمشق) اجمللد (73) اجلزء (3) يوليو 1998 م.احلرف (12) الـدكتـور حـمـزة الـكـتـاني احلـرف الـعـربـي أداة تـبلـيـغ الـتـكـنـولوجـيـا ضـمـن كـتاب (

غربية الرباط 1988 م. ملكة ا ية ا العربي والتكنولوجيا) صفحة (94) مطبوعات أكاد

- 23 -

وهـذه احلقـيـقـة تتـجـلى في كـون اللـغـة الـعربـيـة في حـاجة إلى مـسـايرةالـعـصـر حتـى تـعـبر عـن فـكـر عصـري وتـسـاهم فـي خـلق هـذا الـفـكرالـــعـــصــري. وعـــلى هـــذا األســـاس فـــنــحـن مــدعـــوون إلى تـــذلـــيل كلالصـعوبات الـتي تقف في طـريق اللغـة العـربية سـواء أكانت صـعوباتجـوهرية يتـغلب عليـها بإعـادة النظر في قـواعدها أم صعـوبات أساسا

متعلقة بتطوير الكتابة والشكل والطباعة(13).وعـلى الرغم من اجلهود الـتي بذلت وال تزال تبذل في مـجال تطعيما يـسجل الـلـغة الـعربـيـة وتوطـ العـلم والتـقـانة في الـبالد العـربـية فـإن بــكــثـــيــر من األسف أن الــلـــغــة الــعــربـــيــة لم حتظ فـي مــجــال االصــطالحعطيات وتدبيرها علومياتي ــ TERMINOTIQUE ــ وتصميم قواعـد ا ابــكـثــيـر مـن االهـتــمـام فــهي لم تـطــور أنــظـمــة خـبــيـرة لــتـمــثـيل الــوحـداتـعـارف وطرق االصـطالحـيـة ولم حتـدث بـعـد بـرمـجـيـات حـديـثـة لـتـمـثـيل ااسـتـغاللـهـا. كـمـا أنـهـا لم تـسـتـوعب حلـد اآلن الـتـطـورات احلـديـثـة الـتيـعارف وأسـالـيب تـمـثيـلـهـا. وهو مـا يـفـسر أن يـعرفـهـا مـوضوع هـنـدسـة اعلومات وجودة على قلتها وندرة ا عطيات االصطالحية العربية ا قواعد احولهـا لم تتـجاوز الـصيـغة البـسيـطة لـتمثـيل الوحـدات االصطالحـية التي

فهوم واحلد ذواتا مستقلة ال رابط بينها(14). صطلح وا جتعل من اإن العلم يـرتكز على اللغة كوسيـلة اتصال وإننا نوسع اللغة إذعـرفـة العـلمـية(15) ولـغـة العـلم هي لـغة تـواصل كـما أنـها أداة نـوسع ا

صدر نفسه صفحة (98). (13) ا

(14) خـالـد األشهب إنـشاء قـاعدة مـعارف مفـهومـية : مـجال النـباتـات الطـبية ضـمن كـتاب

عـاجلـة اآللـيـة لـلـغـة الـعـربـية) صـفـحـة (7) مـطـبـوعـات مـعـهـد الـدراسـات واألبـحـاث (اللتعريب (جامعة محمد اخلامس) الرباط 2006 م.

كتبة (15) فيرنرهايزنيبرج (عالم الفيزياء) الفيزياء والفلسفة ترجـمة الدكتور أحمد مستجير ا

ية صفحة (119) القاهرة 1993 م. األكاد

- 24 -

وتـعـطي الـصـورة الــعـلـمـيـة لـلـعـالم. ومن ثم فـإن تــصـور الـعـالم أيـضـاعرفي الـعلمي في اجملتـمع بعامة اتسـاع اللغة رهن بـاتساع النـشاط اهـذا وإال ظـلت لـغـة الــعـلم كـمـا يـقـول الـبـاحث شـوقي جالل نـوعـا من

يتافيزيقا بالنسبة للمجتمع(16). اـا الشك فـيه أن ازدهار الـلغـة العربـية فـي هذا العـصر وفي وكل الـعصور مرهون بازدهار العـلوم والتقانة حتى تـصيح العربية لغة. فـاللـغة تـنمـو وتتـطور وتـزدهر الـبحث الـعلـمي في هذه احلـقول جـميـعا

بنمو األمة التي تنتمي إليها والناطقة بها وبتطورها وبازدهارها.

ستقبل : رؤية الستشراف افي ظل هـذا الواقـع الذي تـعيـشه الـلغـة العـربـية وهـو واقع يؤلمستـقبل والقيام بحركـة فاعلة ومنتجة النفس يتعين علـينا استشراف ا

ستقبل. على الصعيد اللغوي لوضع األسس لبناء افي سـنة 1997عـقـد مـجـمع الـلـغـة الـعـربـيـة بـدمـشق نـدوة حولستقبل) كان موضوع (اللغة العربية : معالم احلاضر وآفاق اسـتقـبل اللـغة العـربيـة : (دراسة وسائل من محـاورها مـحور يـختص حتـديث اللغـة العربـية واستـغالل اإلمكانات الـتقانـية ومنـها احلاسوبا تسارع). و لتسـتطيع هذه الـلغة مسايـرة التطور الـعلمي والتقـاني ايـلفت النظـر في التوصـيات الصادرة عن الـندوة أنهـا تخلو من الـتركيز

على مستقبل اللغة العربية بالقـدر الكافي. ففي التوصية الرابعة جاء : (بذل مزيد من العناية في إعدادمـدرس الـلـغـة العـربـيـة وتـقـو أسـالـيب تـعلـيم الـلـغـة الـعـربـيةصطلح : كـيف يكتسب بـعده االجتماعي مـجلة (العربي) (16) شوقي جالل أزمة ترجـمة ا

عدد (475) الصفحة (120) الكويت يوليو 1998 م.

- 25 -

بـاسـتـغالل الـوسـائـل الـتـقـانـيـة احلـديـثــة والـوسـائل الـسـمـعـيـةـدرسي الـلـغة الـعـربـيـة تطـلـعـهم على الـبصـريـة وإقـامـة ندوات أجنع طرق التدريس وتدريبهم على استعماله). وورد في التوصيةبـسـطـة تـعلم في اخلـامـسـة : (الـسـعي في جـعل الـلـغة الـعـربـيـة اــدارس االبـتـدائــيـة وتــشـجــيع األطـفــال عـلى ريـاض األطــفـال واعيـنة عـلى تعلـمهـا لهم. وكذلك اسـتعـمالهـا والتـماس الوسـائل اراحل الثانوية والعالية على استعمالها). تشجيع الطالب في اـا يالحظ في هذا السـياق أن هـات التـوصيتـ ال تتطـابقان ومع احملـور اخلامس للندوة حول مـستقبل اللغـة العربية. ومعنى ذلك أنـستـقـبل الـلـغة الـعـربـيـة ال يسـيـر في االجتـاه الـصـحيح في االهـتـمـام ـستقبل على مـا يتوافر لدى جميع األحوال وأن اجلهـود لتأم هذا اأصحابها من نـوايا طيبة ومن علم غـزير فهي ليست من الـفعالية وقوة

. التأثير بحيث تؤتي أكلها في كل حوعـلى عـكس ذلك جند أن الـتوصـيـات الصـادرة عن النـدوة التيعـقدت في الـربـاط في سـنة 2002 حتت عـنوان : "الـلغـة الـعربـية إلىـرحلة وتـعبر عن احلـاجة إلى الـتطوير أين ??"(17) تـستجـيب لتـطلعات اوالـــتـــحـــديث. وأرى أن من الـــفـــائـــدة أن أنـــقل فـــيـــمـــا يـــلي نـص هــذهـا لـهـا من قـيمـة ولـكـونـها تـعـبـر عن احلـاجات احلـقـيـقـية الـتـوصيـات ة. ولكنها مع ذلك ستظل أفكارا عامة واكبة العصر وللتفاعل مع العوواقتـراحـات وتـوصيـات مـا لم تـأخـذ سبـيـلـها إلـى التـنـفـيذ. وتـلك مـهـمة

الهيئات التنفيذية الرسمية.

ـنـظمـة اإلسـالميـة لـلـتـربـيـة والـعـلـوم والـثـقـافـة ــ إيـسـيـسـكـو ــ والبـنك (17) عـقـدت بـالـتـعـاون بـ ا

اإلسالمي للتنمية في الفترة من 1 إلى 3 نوفمبر 2002 م.

- 26 -

أوال : تعزيز الثقة باللغة العربية واالعتزاز بها حفاظا علىكـيـان األمـة وترسـيـخـا لـشخـصـيـتهـا ووجـودهـا. واعتـبـار الـتـفريط فياللسان العربي الـقرآني تفريطـا في الهوية ويتصل بـذلك تقدير التراثالعربي اإلسالمي والـعناية به وإبـراز دوره في احلضارة اإلنـسانية من

خالل أمثلة واقعية.ختلف الوسائل ثانيا : التوسع في نشر اللغـة العربية وتـقـديـر ودعم كل اجلــهـود الـتي تـبـذل في هـذا الــسـبـيل عـلى مـسـتـوىـنظمات واجملـامع واألفراد وتهيـئة الفرص لـلمزيد من الـعناية الدول واعنـية بهذا بـنشرهـا لغة وثقـافة وحضارة وتـمت الـصلة ب اجلـهات ايـا من أجل تـطويـر الـكيف والـكم في نـشر الـدور وطـنيـا وإقلـيـميـا وعـا

اللغة العربية والثقافة اإلسالمية.ـنـظمـة اإلسالميـة لـلتـربـية والـعلـوم والـثقـافة ثـالثا : أن تـتولى اـنـظمـة الـعربـيـة لـلتـربـية والـثـقـافة والـعـلوم (إيـسـيـسكـو) بـالـتعـاون مع ا(أليكـسو) ومجـامع اللـغة العـربية إصدار اسـتراتيجـية لنشـر تعليمـنـاهج الـدراسـية الـلـغـة العـربـية وخـطـة شامـلـة للـعـنايـة بـها في اـعــيــنـة عــلى نـشــرهــا في مـخــتـلف ـنــفــذة لـهــا والـوســائل ا والـكــتب اـسـتـويــات عـلى أن تـسـعى هــذه اجلـهـات إلى احلــصـول عـلى الـدعم اعـنية عـنوي من الدول الـعربيـة واإلسالمية وجـهات التـمويل ا ـادي وا ا

شروع. بتفعيل برامج هذا ارابعا : التأكيـد على اشتمال أي خطة لدعم تعليم اللغة العربية

على ما يلي : ـراحل الـتـعـلـيم 1 ـ مـنـاهـج مـتـقنـة ووسـائـل تـعـلـيمـيـة مـتـطـورة ـتـخـصــصـ وغـيـر الـنـاطــقـ بـالـلـغـة اخملـتـلـفـة ولــغـيـر االـعـربـيـة تراعي الـظـروف الـفـردية وتـسـتـجـيب إلى حـاجة

- 27 -

ـتـعـلم وتـستـفـيـد من إمكـانـات الـعـصر احلـديث وتـقـاناته اتنوعة. ا

ـنـظـمــات والـدول واجملـامع الــلـغـويـة إلـى تـشـجـيع 2 ـ تـوجــيه اإجراء مـسابـقات وطـنيـة وإقليـميـة لتـأليف كـتب منـفذة لـتلكـناهج وتـكر مـؤلـفي األعمـال القـيمـة وإجراء الـبرامج واتقـو مسـتـمر لـتـطويـر حـركة الـتألـيف في هـذا اجملال معؤلفات األخذ في االعتبار حتس هذه العملية ومقارنتها باماثلة خلدمة الـلغات احلية األخرى بقصد االستفادة من ا

جتاربها واالستئناس بخبرات واضعيها.ـؤلـفــات اجلـوانب الـنــفـسـيـة 3 ـ يـنـبــغي أن تـراعى في هــذه اوالتـربوية والـثقـافية والـلغويـة للمـتلـقي بحيث تـتناسب معسنه وبـيـئـته وخلـفـيته الـثـقافـيـة وقـدراته العـقـليـة وتـعمل

على تنمية مهاراته بالطرق العلمية والتربوية.نـفـذة لهـا بنـتائج ـنـاهج والكـتب ا 4 ـ إن يـسـتعـان في إعداد اـشـكالت الـدراســات الـلـغــويـة احلــديـثـة وأن يــلـتـفـت إلى اـتـوقـعـة مع االسـتـفـادة من الـدراسات الـلـغـويـة القـائـمـة وا

والبحوث السابقة في هذا الشأن. 5 ـ إنـشاء مكتبـة خاصة بكـتاب تعلـيم اللغة الـعربية ومـنهجيتهــعـيـنـة واسـتـراتـيـجـيــاته عـلى جـمـيع األصـعـدة ووسـائـله اـكتـبـة القـومـية بـجـمعـهـا وتـوزيع نسخ مـنـها إلى وتكـلـيف ااثلة في عنية وإيداع كل كتاب يتضمن جتربة اجلهات اـكتـبـة مع جتـارب األ األخـرى في خـدمـة لـغـاتـها هـذه اـكتـبة مـركزا بـحثـيا يـطور فيه وتـيسـير الـسبل جلـعل هذه ااخملتـصـون أبـحـاثـهم ودراساتـهم ويـرجـعـون إلى مـصادره

- 28 -

من أجل مـستقبل أفضل وتقـييم مستمر خلدمـة تعليم اللغةالعربية.

خامسا : إعداد مـدرس اللغة العربية إعدادا علميا وخلقياه وتـشجـيـعه مـاديا ومـعـنـويا حـتى يـعـطي ومـهنـيـا جـيدا وتـكـرنح الـرعاية الـوظيفـية التي ويـنجـز وجتنى ثمـار عطائه وإجنـازه وأن جتـعله قادرا عـلى أداء واجبه في خدمـة اللغـة العربـية وثقافـتها وقـيمها

وحضارتها.ويشمل اإلعـداد كل ما يسهم في تنميـة قدراته ومهاراته ويجعلهقـادرا عـلى الـتـأثـيـر بـفـاعـلـيـة في هـذا اجملـال احلـيـوي مع تـمـكـيـنه منهني حسب آخر ما وصلت إليه التـقانية احلديثة في مجاالت التكـوين االـتـعـلـيم واالتـصـال والـتـربـيـة وعـلم الـنـفس واحلـرص عـلى الـتكـوين

األصيل في علوم اللغة العربية والثقافة اإلسالمية وآداب اللغة.سادسا : ضرورة االستعانة في تدريس اللغة العربية بالوسائلالـسـمــعـيـة والـبـصـريـة احلـديـثـة خملـتـبـرات الـلـغـة وأجـهـزة االسـتـمـاعصـورة وأقراص احلاسوب واالستفادة ـرئية والشرائح ا واألشرطة امن الـتـقانـات الـفـضـائـيـة لنـشـر الـعـربـيـة عبـر بـرامج الـتـعـلـيم عن بـعدــــعـــرفـــة واالســـتــــفـــادة من جتــــارب اآلخـــريـن في كل هــــذه اجملـــاالت

استراتيجيات التدريس ومداخله وأساليبه وتقاناته. سابـعا : االهتـمـام بـبرامج تـعـليم الـعـربـية لـغـير الـنـاطقـ بـهارئـية ودراسة اهـتمامـات غير الـناطقـ بها سمـوعة وا قـروءة منهـا وا اوأغراضهم من االطالع عـلى اللغة والثقافة الـعربية اإلسالمية ومراجعةاحملتوى الـثقافي الـذي تقـدمه مناهج وكـتب تعلـيم اللغـة العربـية إلى هذهـا يغني حـاجتها ويـحقق أغراضـها التي ال تـتعارض مع قيم الـشريحة

الثقافة اإلسالمية وأبعادها الروحية والعقدية والشرعية.

- 29 -

تعلم وجتعله ثامنا : االهتمام بطرق الـتدريس التي تركز على امحور العملية التعليمية وتراعي الظروف الفردية والفئات اخلاصة.

تاسعا : التوسـع في نشر الـلغة العـربية في الـدول التي كانتالعربيـة لغتها الرسمية مثل الدول اإلفـريقية الواقعة جنوبي الصحراءـاديـة واجلـالـيــات الـعـربـيـة في اخلــارج ودعم هـذا الـعـمل بــالـوسـائل اـا يـجعـله قـادرا عـلى منـافـسـة اللـغـات والـثقـافـات األخرى ـعـنويـة وا

بأساليب قادرة على الصمود والتأثير. عـاشرا : إعطـاء اخـتصـاصـات إضافـيـة وفعـالـية أكـبـر جملامعاللغة العربـية وعلى رأسها احتـاد اجملامع العربية لـلمساهمة في رسماخلـطط واالستراتيـجيات التـربوية والعـلمية لـتعليم الـلغة العـربية جلميعالـشـرائـح وربط وشـائج اجملـامع لـيـحـدث بـيـنـهـا تـكـامل فـعـال في هـذاـنــظـمـات الــعـربـيــة واإلسالمـيــة ذات الـعالقـة في ـضـمــار وإشـراك ا ا

تمويله وإغنائه باخلبرات واألفكار البناءة.حادي عشر : العـمل بجديـة ونشـاط على نشـر قرارات اجملامعكن ؤسسات اخملتصة األخرى على أوسع نطاق اللغوية العربية واواالســتـفـادة في ذلك من مـخـتـلـف وسـائل الـنـشـر واإلعالم واالتـصـالوإغـنــائـهـا بــالـبــحـوث والــدراسـات واحملــاضـرات والــنـدوات وحــلـقـاتالـنقاش حتى ال تظل حبيـسة اجلدران التي انطلـقت منها وحتى تسهمتـلك الـقـرارات في تيـسـيـر الـلغـة وتـطـويـرها وجـعـلـهـا ملـبـيـة حلـاجات

العصر وظروف إنسانه.ثاني عـشر : ضـرورة تـعيـ مـراجع لـغوي أو مـسـتشـار لـغويرافق التي تصدر عنها أدبيات للتداول والنشر متخصص في جميع اومـحاولة تـعمـيم ذلك في اإلدارات العـامة ويتـأكد ذلك في حـالة وسائل

اإلعالم على اختالف أنواعها.

- 30 -

ثالث عشر : تشجيع الكتاب العربي بجميع الوسائل وتشجيعتكوين اجلمعيـات األهلية حلماية الـلغة العربيـة والدفاع عنها واإلشادةهـنا بـجـمعـيـة الدفـاع عن الـلغـة العـربـية في كـل من اجلزائـر واإلمارات

تحدة. العربية اـكن لنـا أن نقـول بثـقة واطـمئـنان إن هـذه التـوصيـات لدقـتها وكن اعـتـبارهـا خـطة عـمل لـبنـاء مـستـقبـل اللـغة وشمـولـها وأهـمـيتـهـا ــة الـتي تــهــدد الـهــويـة الــثــقـافــيـة ـواجــهـة حتــديــات الـعــو الــعـربــيــة و

. سلم واحلضارية للعرب واإن اللغة هي التي حتول األفـراد من جماعة بشرية إلى مجموعةثـقافـية متـرابطـة وكانت اللـغة الـعربيـة جتمع إلى ذلك صـلتـها الشـريفةبالـعـقيـدة اإلسالميـة والتـراث العـربي اإلسالمي. ولـذلك يجب أن يـكونالـتـجانس الـثـقافي الـلـغوي هـدفـا استـراتـيجـيـا للـنـاطقـ بالـضـاد علىاخـتالف أجــنـاسـهم وحـارسـا أمـيــنـا عـلى قـوام الـشـخــصـيـة الـعـربـيـة

سلمة. اـنـاشدة ـسألـة الـلغـويـة يـنبـغي أن تـتخـطى مـجال ا والـواقع أن اـسـؤولــة لـلـقـيــام بـواجـبـهــا جتـاه لـغـة والـدعـوة والــطـلب إلى اجلـهــات االـضاد إلى اسـتصـدار قرارات مـسـؤولة أو وضع تـشريـعات قـانونـيةمـلـزمة تـقـضي باعـتـبار اخلـطأ في الـلـغة لـيس فـقط عيـبـا أو مسـبة أوـتبع ا اعـتبـار ذلك خروجـا عن القـانون وهـذا هو الـشأن ا نـقصـا وإفـي بـعض الــدول األوروبـيــة خــاصـة في فــرنـســا الــتي يـلــزم الـقــانـونـان) باحترام الـلغة الفـرنسية ـصادق علـيه في اجلمعيـة الوطنيـة (البر ا

ساس بهيبتها وسمعتها. واحلفاظ على سالمتها ونقائها وعدم اإن عددا كبـيرا من القرارات والتوصيـات اخلاصة باحلفاظ علىالـلغة الـعربيـة واحلرص على اسـتعمالـها وتداولـها وانتـشارها صدرت

- 31 -

خالل الـسنـوات األخيرة عن مـؤتمـرات وجلان وندوات ومـجامع لـغويةوكليـات جامعـية متـعددة عقـدت في البلـدان العربـية وفي بعض الـبلداناإلسالميـة. ولـكن هذه الـقـرارات والتـوصيـات لم تـنفـذ أو نفـذ بـعضـها

بطريقة محدودة التأثير.ولذلك وبـاعتبار أن اللغة الـعربية قـضية استـراتيجية فيـسألة قـام األول تمس األمن الثـقافي واحلضـاري لألمة فإن ا افي عـمقهـا وجوهـرها تـتطلب يـقظـة أشمل وأعـمق وحركـة أكبروأنـشط وعمال أكـثر جـدية وفـعالـية واستـنفـارا للـطاقـات احليةوحـشـدا لـلـجــهـود اخملـلـصـة فـي إطـار من الـتـنـســيق والـتـكـاملـنـظـمـات ـشـتــرك عـلى مـسـتـوى ا والـتــعـاون والـعـمل الـعـربي اـؤسسـات واجلـامعـات والـهـيئـات اخملـتصـة من أجل تـوسيع وانطاق تعـليم اللغـة العربيـة لغير الـناطق بهـا خاصة في البالداألفريـقيـة واإلسالميـة وفي أوساط اجلـاليـات العـربية اإلسـالمية

هجر. في بالد اواألمــر قــبـل هــذا وبــعــده يــحــتــاج إلى إرادة ســيــاســيــة تــؤمنبالـرسالة احلضارية للغة الـعربية وحتمي الهوية الثـقافية لألمة بحمايةلـسـانـهـا فـفي ذلك تـرسيخ لـلـكـيـان الـعربـي اإلسالمي الـكبـيـر وتـقـوية

لدعائمه.فـالـلــغـة الـعـربـيـة هي الـعـروة الـوثــقى الـتي جتـمع بـ الـشـعـوبالـعربـية والشـعوب اإلسالميـة التي شاركت في ازدهـار الثقـافة العـربيةاإلسالمـية. وبـهذا االعتـبار فـإن الوفاق الـعربي والـتضامن اإلسالميـت لغة القرآن الكر ولغة الثقافة البد أن يقوما على هذا األساس االـعربـية اإلسالميـة. ومن هنـا تبدو األهـميـة الكبـرى لتـدعيم مـكانة الـلغةالعـربية والعـمل على نشـرها وتعـليمـها لغيـر الناطـق بهـا من الشعوب

- 32 -

اإلسالمية ألن في ذلك حمـاية لألمن الثقـافي احلضاري لألمـة العربيةاإلسالمية.

من خالل هـذه الرؤية يـتأكد لـنا أن اللـغة العـربية قـضية وجودوقـاعـدة كــيـان ودعـامــة الـنـظــام الـعـربي اإلسـالمي الـذي يـســتـنـد إلىـتمثلـة في جامعة الـدول العربيـة وفي منظمة شترك ا مـرجعية العـمل اـؤتمـر اإلسالمي. فـهي إذن قـضـيـة من الـقـضـايا ذات الـثـقل الـكـبـير ا

والتأثير العميق في حاضر األمة ومستقبلها.واحلق أن دور مـصـر بـخـاصـة في مجـال جتـديـد رسـالـة الـلـغةالعـربـية ودعم كـيانـها فـي اجملتـمعـات العـربـية اإلسالمـية هـو دور بالغاألهـمــيـة ذلـك أن من شـأن إصالح الــلـســان الـعـربـي في مـصــر عـبـرمـؤسـسـاتــهـا الـتـعـلـيـمــيـة الـرائـدة ووسـائل إعالمــهـا الـنـافـذة الـواسـعـةـؤثـر في حتـسـ وضع الـلـغـة االنـتـشـار أن يـسـهم اإلسـهـام الـقــوي ا

العربية في البلدان العربية واإلسالمية كلها(18).اضي ألـقيت احملاضـرة االفتتـاحية لـلموسم في شـهر أكتـوبر اـعـهـد الـعـالـي لإلعالم واالتـصـال في الـربـاط اجلـامـعي اجلـديــد في احتدثت فيها حول موضوع : "اللغة العربية ووسائل اإلعالم". وكانـنـهج الـتـكـامـلي في ـا قـدمـته في هــذه احملـاضـرة مـا أسـمـيـته بـاالـتــعـامل مع الـلــغـة الـعـربــيـة وقـوامه أن تـواكـب اجلـهـود الـتينـبذلـهـا على مـسـتوى مـجـامع اللـغـة العـربـية في الـوطن الـعربيوعلـى مسـتـويـات أخـرى في أقـسـام الـلـغة الـعـربـيـة بـاجلـامـعاتالـعربـية الـتطـور الذي تـعرفـه اللـغة بـحكم تـأثيـر وسائل اإلعالمي والفـني الـوضع احلالي فـيـها وأن يـسـاير هـذا العـمل األكـاد(18) الدكـتور عبد الـعزيز بن عثمـان التويجري مستقبل الـلغة العربية الـصفحات : 54 - 57

نظمة اإلسالميـة للتـربيـة والعلـوم والثقـافـة ــ إيسيسكو ــ الرباط 2004 م. مطبوعات ا

- 33 -

ا يتفهمه ويستوعبه للغة العربية فال يرتفع عنه وال يسته به وإـا يـكـون جـزءا من هـذا الـواقع بــحـيث ال يـتم خـارج نـطـاق الـواقع وإيتفاعل مـعه تفاعال إيجابيا ينتج عنه ازدهار الـلغة العربية وانتشارها

واحلفاظ عليها وحمايتها وتطويرها وجتديدها.ـنـهج الـذي أدعـو إلى اعـتـمـاده لـتـجـديـد الـلـغـة الـعـربـية ولـهـذا اـة أربع قواعـد أوجزها ـواكبـة حتديـات العو والـنهوض بـها وتـأهيـلها

فيما يلي :أوالها : الـتـعـامـل مع الـلـغـة عـلى أسـاس أنـهـا كـائن حي قـابللـلتـطـور وفق مـا يـقرره أبـنـاء الـلـغة أي أن تـطـور الـلـغـة يأتي من إرادة

صلحة في هذا التطوير. الناطق بها ويصدر عنهم فهم أصحاب اثـانـيـتـهـا : إحــكـام الـعالقـة بــ عـمـلـيــة تـطـويـر الـلــغـة وإصالحـهـاتغيرات التي تعيشها اجملتمعات العربية بحيث وحتسينها وجتديدها وب اعيش. تكون عملية التطوير استجابة لتطور اجملتمع ونابعة من واقعه اـسـتـجـدات في الـعـالم خـاصـة في ثالـثـتـها : االنـفـتـاح عـلى اعلـوميات وعـلم اللغة احلـديث بكل تـفريعاته مجاالت الـعلوم والـتقانـة وارتبطة به والسعي إلى االقتباس والنقل واالستفادة واحلقول البحثية االـواسعة من نـتائج هذه الـعلـوم جميـعا في إغنـاء اللـغة العـربية وربـطها

بحركة الفكر اإلنساني.رابـعتها : االهـتمام بـاجلانب الـقانــوني والـتشـريعي في عمـليةالـتطــويـر حرصـا على ضبـــط مـساره والتـحكم في نـتائجه من خاللوضع قـوان تصـادق علـيهـا اجلهات الـرسمـية اخملـتصة لـفرض هـيبةالـلـغـة وإلــزام أفـراد اجملـتـمع والــهـيـئـات واجلــمـاعـات ووسـائط اإلعالما هـو عـلـيه األمـر في بـعض الدول بـاحـتـرامهـا طـبـقـا للـقـانـون. أسـوة

ثال. الغربية ومنها فرنسا على سبيل ا

- 34 -

ر عبـر تنفيذ إن الطريق نـحو تقويـة اللغة العـربية وحتصيـنها مـثل هـذه التـوصيـات الـتي تعـبـر عن اإلرادة اجلمـاعيـة لـلنـخب الـفكـريةعـرفة الـغيـرة واحلمـاسة والـعلـميـة والثـقافـية الـتي تـمتـلك إلى العـلم واة وإرادة الـعـمل. ذلك أن مـواجهـة األخـطـار الـنـاجتة عن حتـديـات الـعـولموس انطالقا هددة للهوية الثقافية واحلضارية ال تتم إال بالعمل ا وامن الواقع وبأدوات العصر وبالـوسائل التي تتيح للغيورين على اللغةسؤول عن حمايتها واحلفاظ على هتم ا والقائم على تطويرهـا واـتـغيـرات في مـجاالت الـعلـوم والـتقـانة خصـوصـياتـها أن يـسـتوعـبوا اـعـرفة لـيواصـلـوا تطـوير الـلـغة وحتـديثـها عـلومـيـات وشتى حـقول ا وا

ة. واجهة العو سايرة العصر وعـنويـة الـتي تربط الـفـرد بغـيره ألنـها فالـلغـة هي أهم الـروابط اواسطة التفـاهم ب الناس وآلة التفكـير عند الفرد وواسطةكـتسـبـات من اآلباء إلى األبـناء ومن األسالف نـقل األفكـار واإلى األخالف. وإذا كانت األمة التي تـنسى تاريخـها تكـون قد فقدتشــعـورهـا وأصـبـحت في حـالــة سـبـات تـسـتـطـيع أن تــسـتـعـيـد وعـيـهـابالعودة إلى تاريخـها فإن األمة إذا فقدت لـغتها تكون عـندئذ قد فقدتـسـتـطاع احلـياة(19). وال مـسـتـقـبل ألمـة فرطـت في لـغتـهـا ولـيس في ا

واجهة. ة بلغة ال تتوافر لها شروط ا مواجهة حتديات العو

ستقبل العربي) العدد (244) صفحة (78) بيروت يونيو (19) د. عـبد العزيز الدوري مجلة (ا

1999م.

اللغة العربية ووسائط االتصال(*)

عهد العالي لإلعالم واالتصال في الرباط يوم 26 أكتوبر 2007 م. (*) محاضرة ألقيت في ا

- 37 -

يسعدني أن أحتـدث إليكم الـيوم في موضـوع قريب إلى نفسيوسم اجلـامـعي لـلمـعـهد الـعـالي لإلعالم واالتـصال. وأود مـفتـتـحـا به اباد األمر أن أتقدم بـالشكر إلى األسـتاذ عبد الرحـيم السامي مديرـعـهـد الـعـالـي لإلعالم واالتـصـال الـذي أتـاح لي هـذه الــدراسـات في اــســتـقــبل مـن أبـنــائي وإخــواني الــطالب الــفـرصــة لاللــتــقــاء بــطالئع اوالـطـالـبـات الـذين نـعـقـد عـلـيـهم جـمـيـعا اآلمـال الـعـريـضـة في حتـقـيقؤهالت زدهرة في هذا البلد العريق الذي له كل ا النهضة اإلعالميـة اـتـقـدمـة في مـضـمار والـقـدرات واإلمـكـانـات لـيـكـون في مقـدمـة الـدول ا

يادين األخرى. اإلعالم وفي جميع اـوضوع الذي سأحتـدث إليكم فيه قـلت في مستهل كالمي إن االيوم هـو موضوع قريب إلى نفسي. وال أحسـبه إال قريبا من نفوسكمأنـتم أيـضـا ألن اللـغـة هي عـصب اإلعالم فال يـزدهـر اإلعالم ويـرتقيويـتـطـور إال إذا ازدهـرت الـلـغـة وارتـقت وتـطـورت. والـلـغـة ال تبـلـغ هذاسـتوى الراقي إال إذا أحـبهـا أهلهـا. فباحلب تـنمـو اللغـة مثلـها مثل اأي كـائن حي يحـتـاج إلى الـرعـاية والـعـنـاية واحلـدب وكل ذلك مـنـبعه

احلب.رحلة ليست من إن احلالة التي تعيشها اللغة العربية في هذه اــتـشـائــمـ الـذين الــسـوء بـحــيث تـبــعث عـلى الــيـأس. وأنـا لــست من ايـفــزعـون مـن وضع الـلــغــة الـعــربـيــة الـيــوم ويــدقـون نــاقـوس اخلــطـرويـصـرحـون لـلـصـحـافـة بـأن (الـلـغـة الـعـربـية مـهـددة بـالـضـمور أو

األفول).لـقد كـان الـدكتـور شـوقي ضـيف الرئـيس الـسـابق جملمع الـلـغةالـعـربـيــة بـالـقــاهـرة والحتـاد اجملــامع الـعـربــيـة يـقـول فـي مـحـاضـراته

- 38 -

ومـؤلفـاته وأحـاديـثه إن الـلـغـة الـعـربـيـة لم تـعش عـصـرا مـزدهـرا كـمارحـلـة من الـتـاريخ. وكـان رحـمه الـله يعـزو ذلك إلى تـعـيـشه في هـذه اـعـهود الـذي تـعرفه لـغـة الضـاد منـذ الـنصف االنـتـشار الـواسع غـير ااألول من الـــقــرن الــعــشــريـن من خالل الــتــدفـق عــبــر وســائل اإلعالمؤسـسات الـتعـليـميـة في جـميع مـستـوياتـها إلى غـير اخملـتـلفـة وعبـر اذلك مـن قـنـوات االنـتـشـار الـذي بــلغ أوسع مـدى. وهـو رأي ذو وجـاهـةـصـيـر الـلـغـة الـعـربـيـة ـهـتـمـ ـا ال يـتـفق مـعه فـئـة من ا ويـحـتـرم رالغيـورين عليـها. ولكـنه في العمق رأي يـعبر عن حـقيقـة قائمـة ال سبيل

إلى إنكارها(1).ا يثبـت هذا أن وسائط اإلعالم لهـا دور واسع التأثـير شديد والــنــفـوذ فـي نـشــر لــغـة الــضــاد عـبــر اآلفــاق. أضف إلى ذلك كــله هـذاـعاهـد واجلـامـعـات التي ـدارس وا ـسبـوق في إنـشـاء ا الـتـوسع غـيـر اـا في تـدرس فــيـهـا الـلـغـة الـعــربـيـة لـيس فـقط فـي الـوطن الـعـربي وإالـعـالم اإلسالمي بل في عـديد من دول الـعالم فـي أوروبا واألمـريكـتوالـدول اآلسيوية غير اإلسالمـية مثل اليابان والـص وروسيا والهندحـيث يتـزايد اإلقـبال عـلى تعـلم الـلغـة العـربيـة والتـخصص في عـلومـها

وآدابها بشكل الفت للنظر.ــمـتــد لـلــغـة الــعـربــيـة الــذي بـدأ في الــقـرن إن هــذا االنـتــشـار اـتـد إلى الـيـوم ال يـسـيـر في اجتـاهـات مـسـتـقـيـمـة الـعـشـرين والـذي دائـمـا ولم يـكن مــفـيـدا في جـمـيع األحــوال فـلـقـد تـرتـبـت عـلـيه نـتـائج

عكسية ثالث أرى أنه من الالزم أن نسجلها فيما يلي :(1) يـراجع رأي الدكتور شـوقي ضيف في كتابه (في التراث والشـعر واللغة) فصل (الفصحى

عـارف عاصرة) الـصفحات : 242 - 244 سـلسلة مكتـبة الدراسات األدبية (100) دار ا االـقـاهـرة 1987 م. ويـراجع كـتـابي (مـسـتـقـبل الـلغـة الـعـربـية) صـفـحـة : 34 مـنـشـورات

نظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ الرباط 2004 م. ا

- 39 -

أوال : إن اللـغـة العـربـية لم تـواكب هـذا االنتـشـار بالـقـدر الذييـجعـلـهـا تـتطـور عـلى نـحو سـلـيم وتـتـجدد بـاسـتـمرار

وحتافظ على نصاعتها وقوتها.ثانيا : إن اللغة الـعربيـة اعتراهـا ضعف من اخلارج وليس منالـداخل نتـيجـة لالستـخفـاف بتـطبـيق الـقواعـد اللـغويةوالـتساهل الذي يبـلغ درجة انتهاك قـانون اللغة وجتاوز

ضوابطها.ية بـاعتبارها ثالثا : إن اللغة الـعربية بـقدر ما أصبحت لـغة عاتحدة عتمـدة رسميا في األ ا إحدى اللـغات الست انـظمات الـتابعـة لها تـعاني من (ضغـوط داخلية) وفي افي الوطـن العربي وأخـرى خارجيـة منـها ضغط الـلغة

األجنبية وضغط العامية.فنحن إذن أمام إشكالية مـثيرة لالنتباه تنطوي على متناقضاتـفــتـرض تـطـور الـلــغـة الـعـربـيـة غـريـبـة. ألنه فـي الـوقت الـذي كـان من اوازدهارها من الداخل اعتبارا النتشارها واتساع نطاق اإلقبال عليهاــكن أن نـسـمـيه (الـتـراجع الـلـغـوي) عـلى من فـئــات كـثـيـرة وقع مـا مستويـات متعددة. وقد انعكس هذا الوضع غـير الطبيعي على مستوىاسـتـخـدام الــلـغـة في وسـائل اإلعـالم بـدرجـة تـتـفــاوت من وسـيـلـة إلى

أخرى.القضية هنا تستدعي طرح السؤال التالي :

ـية وتـتـوسع دائرة ــ كـيف تـرتـقي لغـة من الـلـغات إلى الـعـاانـتشـارها إلى آفـاق شاسـعة ويـكون مـوقف فئـات عريـضةمن أهلـها منهـا هو الصدود والعـزوف واإلعراض وأحيانا

احملاربة ?.

- 40 -

عنى أن هذه احلـالة تعود إلى ــ هل العلة في هـذه اللغـة ? طـبـيـعــة الـلـغـة من حــيث هي أم الـعـلــة تـرجع إلى عـوامل

خارجية ?.إذا رجعـنا إلى العـلم جند أن الـقاعدة الـتي يعـتمدهـا البـاحثوناللغويون وعلـماء االجتماع اللـغوي هي أن قوة اللغة تـستمدها من قوةاألمـة الناطـقة بـها أو من مجـموعـة الشعـوب التي تـنتمي إلـيهـا. ويكونــقــابل مـرده إلى ضــعف أهــلـهــا. ولــقـد خلص ابن ضـعف الــلــغـة في اخـلـدون هـذه الـقـاعـدة في قـوله : (إن غـلـبـة الـلـغـة بغـلـبـة أهـلـها وإن

.(2)( نزلة دولتها ب األ منزلتها ب اللغات صورة ـثـال احلي الـذي يـشـرح لـنا وإذا عـدنـا إلى الـتـاريخ فـسـنجـد اـعارف والـفـنون هذه الـقـاعـدة. لقـد كـانت الـلغـة الـعـربيـة لـغـة العـلـوم واواآلداب جـميعــا عنـدما كـانت احلضارة اإلسالمـية في أوجـها وكانتعتمدة في ـراجع العلميـة ا العلوم ال تـدرس إال باللغة الـعربية وكانت اجـامـعات أوروبـا إلى حـدود الـقـرن الـثامن عـشـر هي تـلك الـتي كـتبتبـالـلغـة الـعربـيـة. فلـمـا أفلـت احلضـارة اإلسالمـية وتـراجع دور الـعربيـة بعد أن سرى الضـعف في كيان األمة سلـم في الساحـة العا وافقـدت لغـة الـضاد مـكانـتهـا وزاحمـتـها لـغات أخـرى أل شتى تـفوقتوتـقـدمت وتـطـورت فـازدهرت ازدهـارا حـضـاريـا حـتى بـسـطت لـغـاتـها

وفرضت نفوذها ليمتدا إلى مناطق واسعة من العالم.في (مــوسـوعــة تـاريخ الــعـلــوم الـعــربـيـة) الــتي أشــرف عـلىإصـدارهـا في ثالثــة مـجـلـدات ضـخـمـة الــدكـتـور رشـدي راشـد مـديـرمـركز تاريخ العلوم والفلسـفات العربية والعصـر الوسيط التابع للمركزتـميزة قـدمة ا القومي الـفرنـسي للبـحث العلـمي في باريس نـقرأ في ا

(2) مقدمة ابن خلدون صفحة : 764 طبعة دار الفكر بيروت 1981م.

- 41 -

صري ما يلي : (ابتداء الـتي كتبها هـذا العالم الفرنـسي ذو األصل ايالدي ــ كـان للـعلم لـغة هي الـعربـية; حتى إن من القـرن التاسع ــ اهذه اللـغة بـدورها أخذت بـعدا كونـيا فلم تـعد لـغة لشـعب بل لعدةـعارف ولغة عـلم العالم. ا لـغة كل ا شعوب وال لغـة لثـقافـة معـينـة إباشر وهكذا فـتحت معابـر لم تكن موجودة من قـبل تسهل االتصـال اـنـتـشـرة مـا بـ حـدود الـصـ واألنـدلس كـمـا ـراكـز الـعـلـمـيـة ا بــ ا

وتسهل التبادل ب العلماء)(3).ويـنـقل الـدكـتـور مـحـمـد إقـبـال الـفـيـلـسـوف الـهـنـدي/الـبـاكـسـتـانيـسلم في كـتـابه الـشهـير (جتـديد الـتـفكـير الـديني في اإلسالم) الذي اصـدر بالـلـغة اإلجنـليـزية وتـرجـمه إلى العـربيـة عـباس مـحمـود ــ وهو غـير(MAKING "عبـاس محمـود العـقاد ــ ينـقل من كتاب : "بناء اإلنـسانيةـؤلـفه بريـفولت ــ BRIFFAULT ــ شـهادة ذات OF HUMANITY)

فيد أن أسوقهـا فيما يلي : (إن روجر بيكـون ــ أهميـة بالغة أرى من اRoger Bacon ــ درس اللغة العربيـة والعلم العربي والعلوم العربية في

مدرسة أكسفـورد على خلفـاء معلميه الـعرب في األندلس. وليس روجربـيـكـون وال لـسـمـيه (فـرنـســيس بـيـكـون) الـذي جـاء بـعـده احلق في أنـنـهج الـتـجريـبي. فـلـم يكـن روجر يـنـسب إلـيـهـمـا الـفـضل في ابـتـكـار اـــنــهج اإلسالمــيــ إلى أوروبــا بــيـــكــون إال رســوال من رسل الــعــلم وال قط من الـتـصــريح بـأن تـعـلم مــعـاصـريه لـلـغـة ـسـيـحـيــة. وهـو لم ا

العربية وعلوم العرب هو الطريق الوحيد للمعرفة احلقة)(4).

(3) موسوعة تاريخ الـعلوم العربية إشـراف الدكتور رشدي رشـاد اجمللد األول صفحة : 16

مركز دراسات الوحدة العربية مؤسسة عبداحلميد شومان بيروت الطبعة األولى 1997 م.(4) د. مـحمد إقبال جتديد التفكير الديني في اإلسالم الـطبعة العربية صفحة : 154 ترجمة

عباس مـحمود مراجـعة الدكتور مـهدي عالم دار الهدايـة للطباعـة والنشر والـتوزيع القاهرة2000 م.

- 42 -

هكذا كانت اللغة العربية في القمة من اإلبداع والتألق يوم كانتاحلضارة اإلسالمية في الذروة من التفوق واإلشراق واالمتداد.

رة قضـية عجز في الـلغة ذاتهـا بل نستطيع فالـقضية ليـست باالقول إن الزاد الـذي تتوفر عـليه اللغة الـعربية ال نظـير له. وهو ما أكدهعرب إذ إن لنـا من اآلليات في الصرف ما ابن جني واجلـواليقي في ا

نوال(5). يسمح لنا باإلبداع واالبتكار عبر االشتقاق والنسج على اولكن هذا الـتراجع اللغوي أخذ ينكـمش باالنتشار الواسع للغةالـعربية على امتداد الـساحة الدولية. وإن كان الـوضع العام لهذه اللغةلم يـتـحـسن. أي أن االنـتـشـار كـان عـفـويـا وتـلـقـائـيـا ولم يـكن يـتم وفقا أدى إلى حـالة غير طـبيعية تخطـيط علمي واستـشراف للمـستقبل ـو داخلي بـاعـتـبـار أن األمـر الـطـبيـعي أن يـتـوازى انـتـشـار الـلـغـة مع

ناعة واحلصانة ويبث فيها قوة وصالبة. يكسبها مزيدا من اإن حاضـر اللغـة ومستـقبلـها يرتـبطان بـاألمة التي تـنتسب إلـيهاوتتحدثها; فاللغـة ترقى بجهود أبنائها. واجلانب اللغوي جانب مهم منـستدامة. (فالتنمـية اللغوية) جزء ال يتجزأ جوانب التنـمية الـشاملة امن الـتـنـمـيـة الـبشـريـة واالقـتـصـاديـة والصـنـاعـيـة والـعـلمـيـة والـتـقـانـية.والتـنـمـيـة الـلغـويـة عـمـليـة واعـيـة هـادفـة إلى إحداث تـغـيـر مـحدودمنـشود ولـيست مـجـرد رصد لـتـغيـرات لـغويـة. وتـعد الـتـنمـيـة اللـغـويةضـرورة دائمة فـاحلياة مـتغيـرة ومن ثم يتـطلب التـعبـير عنـها توسـيعا

فرداتها(6). متجددا

ستقبل العربي) العدد : 344 أكتوبر 2007 م. (5) مصطفى الفياللي مقابلة معه في مجلة (ا

(6) د. محمود فهمي حجازي اللغة العربية في القرن الواحد والعشرين مجلة مجمع اللغة

العربية بدمشق اجلزء : 43 اجمللد : 73 صفحة : 450 دمشق 1998 م.

- 43 -

وهكـذا فإن الـتنـمية الـلغـوية هي الـبديل عن الـتراجع الـلغوي أو(الرجعية اللغوية).

وهـذه القاعدة مطـردة ألنها سنة احلياة. ونحن في هذا العصرشهود على صحتها.

وتتعدد األسباب الـتي تؤدي إلى خروج اللغة العربية إلى اآلفاقالــواسـعـة عـلى امـتـداد الــعـالم في الـوقت احلـالـي مع مـا اعـتـراهـا منـا يثبت ضعف حد مـن قدرتهـا على النـمو داخلـيا والـتطور خـارجيا

عدم وجود عالقة دائمة مطردة ب ضعف اللغة وب انتشارها.وهـنـا البـد من اإلشــارة إلى أن الـلـغـة الــعـربـيـة بـاعــتـبـارهـا لـغـةـسلـمـ في العـالم ـ وهي خاصـية لـيار من ا ـليـار ونـصف ا العـبادة تنفرد بـها ب لغات العالم ـ فإنها تـوجد ولو في احلدود الدنيا حيثماـسلمـون. ولعل هذا الـعامل الديـني هو من أهم أسبـاب االنتشار وجد اـمتد لـلغـة الضـاد وهو في الـوقت نفـسه أحد أسبـاب عدم مـسايـرتها اـعـرفـيـة الـتي لـركب الـتـطـور الـعـلـمـي والـتـقـاني واإلعالمي والـطـفـرات ايـعـرفـهــا الـعـالم. وذلك بـسـبب الـفـهم غـيـر الـرشـيـد لـلـواجـبـات الـديـنـيـةوللـمقـاصد الـشرعـية. ذلك أن الـعبـادة دين ودنيـا. ويتـرتب على ذلك أن

تكون لغة العبادة هي لغة احلياة.ـسـلـمـون في ـنـهج الـقـو الــذي كـان يـسـيـر عـلــيه ا وهـذا هــو اعـصـور ازدهــارهم احلـضـاري حـيث جنــد أن الـلـغـة الـعــربـيـة تـطـورتوتألقت وبـلغت الشأو الـبعيد في قوة الـتعبير والـبيان والتبـي لدى فئةعـرفة لم تكن عـربيـة النسب من نبـغاء الفـكر واألدب وفـطاحل العـلم واألن هـؤالء الــقـوم كـانـوا يـرون فـي الـلـغـة الـعــربـيـة لـغــة دين ودنـيـا لـغـةـعزل عن الـعـبـادة ولغـة الـعـلم. ولم يـكن الـدين في فـهمـهم وتـصـورهم مـجرى احلياة. بل كانت احلـياة في تصور تلك الـصفوة بل في تصور

- 44 -

سايرة سلم هي الدين في سماحته ويسره وتفتحه وقابليته عموم اـفـهوم الـضـيق ضـمرت الـتقـدم. فـلـما أصـبـحت الـعـربيـة لـغـة عبـادة بـا

وجفت ينابيعها ألنها جمدت فلم تساير تطور احلياة. يــصـنف خــبـراء اإلعالم وســائل االتـصــال وفـقـا لــدرجـة انــتـبـاه

األفراد إليها على النحو التالي :ناقشة أو . 2 ـ ا 1 ـ احلوار أو احلديث وجها لوجه ب شخصاحلديث وجهـا لوجه بـ أفراد جـماعة. 3 ـ االتصـال ب أفراد هـيئة أوجمـعـية بـشـكل ودي ال رسمي. 4 ـ االتـصـال الهـاتفي. 5 ـ االتصـال ب

أفــراد هيئـة في جلسـات رسميــة. 6 ـ السـينمـا الـناطقــة. 7 ـ الـتلفـاز.

اإلذاعة. 9 ـ الـتلـغــراف. 10 ـ الـرسـائـل واخلطـــابـات الـشـخصـيـة. 8 ـ

11 ـ اخلـطــابات الـرسـمـيـة. 12 ـ الـصحـف. 13 ـ لـوحــات اإلعـالنـات.

14 ـ اجملالت. 15 ـ الكتب.

ويالحظ هنا أن وسائل االتـصال اإلعالنية ووسائط (أو وسائل)ـتـدنـيـة(7) إذ يـأتي الـتـلـفـاز في ـراتب ا اإلعالم الـعـمـومــيـة تـأتي في ارتـبة الـثامـنة والـصحف واجملالت في رتـبة الـسابـعة واإلذاعـة في ا اـرتـبـتـ الـثـانـيـة عــشـرة والـرابـعـة عـشـرة. وهـو األمـر الـذي يـؤكـد أن ااإلعالم عـمومـا ليس بـالقـوة التـأثيـرية واإلقنـاعيـة التي جتـعل منه األداةاألكـثـر فـعـالـيـة في صـيـاغـة الـرأي الـعـام. ولـكن اإلعالم في الـعـمـق هوأقـوى وسـيلـة لنـشر الـلغـة وللـحفـاظ عـليـها أو لـلتـفريط فـيهـا واإلساءةإلــيـهــا. فـكــلـمــا ازدهـرت لــغـة من الــلـغــات إال وكـان من أقــوى وسـائلختـلف قنواته ومساربه ووسـائطه. وكلمـا ضعفت لغة ازدهار اإلعالم

(7) مجـلة مجمع الـلغة العربـية بدمشق اجلزء : 4 اجمللد : 73 صـفحة : 832 نـقال عن الدكتور

عبد الرحمن عيسوي في (اآلثار النفسية واالجتماعية للتلفزيون) دار النهضة العربيةبيروت 1984 م.

- 45 -

ما وتـراجع دورهـا وانكـمش وجودهـا إال وكان مـن أسبـاب تلك احلـالةرضـية قـصـور وسائل اإلعالم عن الـقـيام بـواجبـها جتـاه الـلغـة التي ا

تستخدمها والتي تنتسب إليها.فـوسـائل االتصـال إذن هي األكثـر تأثـيرا في الـلغـة هي وسائطالـوسائل األخـرى. وهـكذا جنـد أنفـسنـا أمام مـعادلـة صعـبة ال مـحيص

ا نرى أنه مفيد ومثمر. لنا عن إمعان النظر فيها ومعاجلتها ـا كـانت الـسيـاسـات اإلعالمـيـة هي مـجـمـوعـة مـبـاد وقـواعد وـا يتـع أن وضـعت لـترشـد األنـظمـة اإلعالمـيـة في سلـوكـها(8) فـإن باد والقواعـد إيالء اللغة العربـية األهمية التي يكون في مقدمة هـذه اتستحقها واحلفاظ علـيها باستخدامها على النحو السليم مع السعيرسل من أجل تكون أداة تواصل طيعة ب طرفي العملية اإلعالمية : ا

تلقي للرسالة اإلعالمية. رسل إليه ا واقام هي أن إن احلقيـقة الـتي يتعـين علـينا أن نـعلـنها في هـذا اوضع الـلـغـة العـربـية في وسـائط اإلعالم عـمـوما وضع غـيـر مريح. والأريـد أن أسـتـعـمل تـعـبــيـرا آخـر. هـو وضع غـيـر مـريح عـلى مـسـتـويـينتلقي) سواء أكان قارئا أم ; مستوى (اإلعالمي) ومستوى (ا اثن. واإلعالمي كـما ال يـحـتاج األمـر إلى شـرح هو مسـتـمعـا أم مـشاهـداـعهـد أو اجلـامـعة الـتي يـتـخرج فـيـهـا. فبـقـدر جودة ـدرسـة أو ا نـتاج االــتـعـلــيم والـتـكــوين والـتــأهـيل والـتــدريب عـلى مــسـتـوى تــلـقـ الــلـغـةوالــتــخـصـص فـيــهــا والــتـمــكن مــنــهـا يــكــون مــسـتــوى (اإلعالمي) أوـفرد أو إلى الـصـحفي. (الـصحـيح الـصحـافي ألن النـسبـة تـكون إلى ا

صدر). ا

(8) تــقــريــر الــيــونــســكـو : "تــقـريــر اجـتــمــاع اخلـبــراء في حــقل الـســيــاسـات اإلعالمــيـةوالتخطيط" باريس 7 ديسمبر 1972 م.

- 46 -

ـعاهـد والكـلمـات التي دارس وا ـا يجـرح أو ينـال من ا وليس تتـخصص في تكـوين اإلعالمي والصـحافيـ أن نقول إن حالـة اللغةؤسسـات ليست حالـة سوية. وهذا أمـر طبيعي العـربية اليـوم في هذه اا ـؤسسـات الـتـعلـيـمـية اإلعالمـيـة إ ـنـتسـبـ إلى ا إلى حـد ما; ألن ادارس الثانويـة التي يعاني جلها أو األغـلبية الكبيرة جـاؤوا إليها من امـنهـا من ضـعف مسـتوى تـدريس الـلغـة الـعربـية فـيـها. ولـذلك فإن منـرحلـة الثـانويـة تكـوينـا متـميـزا في اللـغة الـنادر أن يـتلـقى الطـالب في االعربيـة نحوا وصرفا وحتدثـا وكتابة وتعـبيرا. ومن يتعلم الـعربية جيدارحلة التعليمية فاعتمادا على مجهوده الشخصي أو بحافز في تلك ا

درسة. من بيئة خارج ال من الـتكرار إن حالة اللـغة العربية في لـذلك نقول دائما وال عنية بتـكوين اإلعالمي والصحافي ال تكاد تنفصل عن ؤسسات ا اـدارس في مـسـتـويـاتـهـا الـثالثـة : االبـتـدائـيـة واإلعـداديـة حـالـتـهـا فـي اؤسـسـات ال تتـحـمل قسـطا والثـانويـة. وإن كـان ذلك ال يعـني أن هـذه اـسـؤولـيـة في تـقـصـيـرهـا عن تـعـلـيم الـلـغة الـعـربـيـة تـعـلـيـمـا جـيدا من الـلمنتسب إليـها فإن مسؤوليتهـا في هذا اجملال ال سبيل إلى التملص

منها بأي حال.واألمر اجلـدير بـاإلشارة إليه هـنا أن الـلغة ال تـؤخذ من وسائطا تـؤخـذ اللـغة مـن على مـقـاعد الـدرس ومن أفواه اإلعالم فـحـسب وإ

. درس اهارات اللغوية تلك الطالب مجموعة من ا وعلى مقاعد الدرس التي تؤهله الستخدام فنون اللغة بكفاءة كاالستماع والتحدث والقراءةـهارات األسـاس للـقراءة الـناقدة والقـراءة النـاقدة الـتي تعـنى بتـنمـية اوالـقـراءة اجلـهـريـة والـكـتـابـة بـنــوعـيـهـا الـوظـيـفي واإلبـداعي وتـزويـده

- 47 -

باآللـيات الالزمـة للـكتـابة بـوصفـها عـملـية (PROCESS) ولـيست نـاجتا (PRODUCT) والـقـدرة عـلى الـتـواصـل الـتـحـريـري الـدقـيق والـفـعـال;

سـواء من حـيث شـكله (اإلمالء واخلط) أو من حـيث مـضمـونه (األفـكارعاني)(9). وا

ولـكن وسائـط اإلعالم لـها دور كـبـيـر في إطـار الـتـنمـيـة الـلـغـوية ومنستوى اللغوي مكن أن تصبح الرسـائل اإلعالمية كفيـلة بالنهوض بـا اعاصرة والدقة. وهذا الـعام على نحو يحقق الـوحدة اللغوية في إطـار انشـود واقع قائم بـالفـعل في مجتـمعـات متـقدمة أصـبحت فـيها الـدور اـؤســسـات الـتــعـلــيـمـيــة بـالــدور األكـبـر في وســائط اإلعالم تـقــوم مع ا

تشكيل مالمح احلياة اللغوية.وتــرجع أهــمـيــة وســائط اإلعالم في احلــيـاة الــلـغــويــة إلى عـدةـقـام األول ظـاهرة عـوامل منـهـا طـبـيعـة الـلـغة ووظـيـفـتهـا فـالـلـغة في امـنطـوقة مـسمـوعة واإلذاعـة تـقدم الـلغـة منـطوقـة مسـموعـة واللـغة أهمـرئية أن نـظم االتصـال ويتيـح استخـدام الصـورة في وسائل اإلعالم اتقدم الرسائل اإلعالمية بعناصـرها اللغوية وغير اللغوية. فاللغة ضربمن ضروب الـسلـوك وليـست مـجرد مـعرفـة ووسائط اإلعالم تـؤثر في

.(10) تكوين هذا السلوك اللغوي تأثيرا بعيداومـادامت اخلـاصـيـة األسـاس لـلـكـتــابـة الـصـحـافـيـة هي سالمـةالــلــغــة فــإن من صــمــيم هــذه اخلــاصـيــة الــنــطق الــســلــيم لــلــغـة. وإناالســـتــعـــمــال اخلـــاطئ لـــلــغـــة ســـواء أكــان داخل وســـائل اإلعالم أمخارجها يعطل الفكر ويـشل القدرات الذهنية للناس ويفسد لسانهم.وعنـدما تمـر اجملتـمعـات بفـترات سـيئـة في تاريـخها يـنعـكس ذلك على

(9) مجلة (العربي) العدد : 587 أكتوبر 2007 م.

رجع السابق صفحة : 472. (10) د. محمود فهمي حجازي ا

- 48 -

لغـة اإلعالم ألن الواقع بـشذوذه وتـشابـكه وتعـقيـده عنـدما ينـعكس فياإلعالم البـد أن تـبــدو صـورة الـشـذوذ والـتـشـابك والــتـعـقـيـد في الـلـغـة

.(11) ستخدمة أيضا اإن الـلـغـة هي حـجـر األسـاس في الـعمـلـيـة اإلعالمـيـة عـلى تـعددقنواتـها وتـنوع وسـائلهـا واختالف الـلغـات التي تـستخـدم فيـها. وكـلماـتـطلـبات كانـت اللـغـة سلـيـمة مـحـافظـة عـلى قوتـهـا ونصـاعـتهـا وافـية الـتعبير عن روح الـعصر كان اإلعالم ناجـحا في إيصال الرسائل إلى. فـإذا فـسـدت الـلـغـة اإلعالمـيـة فـسـد ـتـلـقـ اجلـمـهـور الـعـريض من ابـالـتبـعـية الـذوق الـعام وفـسـد الفـهم لألمـور وتعـذر الـتواصـل فتـكون

البلبلة ويحدث اخللل في الرأي العام.الءمـة عبـاراتـهـا مع طبـيـعـة األحداث فـاللـغـة اإلعالمـيـة مطـالـبـة ـعــلـومـة من مـخـتـبـر الـبـحث ـعـاجلــة. فـمن الـواضح أن أسـلـوب نـقل ا ايختلف عن رصد حشد مـن الناس ويختلف عن وصف مأساة إنسانيةـكـنـنـا نـعت الـلـغـة كـمـا يـخـتـلف عن الـتــعـبـيـر عن جـدل فـكـري. وبـذلـك ــا أن الــلــغــة اإلعـالمــيــة مــســخـرة اإلعالمــيــة بــأنــهــا لــغــة كل شيء. وـهام كـافة فـإن أدواتـها الـتعـبيـرية والـفـنيـة ينـبغي أن لالضـطالع بـتلك اقتضيات التنوع وكذلك خلصوصيات الوسيلة اإلعالمية(12). تستجيب ـا كانت اللـغة اإلعالميـة تتمـيز بخصـائص شتى فهـي تختلف وـتعـمـقـة ألنـهـا تـتـجاوز بـطـبـيـعـة احلـال عن لغـات الـعـلـوم والـدرايـات اـسـتـويـات ـتـخـصـصـة إلى اجلـمـهـور الـواسع ذي ا مـخـاطـبـة الـفـئـات اـنع بأي حال من احلرص على مـراعاة القواعد ـتفاوتة فإن ذلك ال ا

(11) محمد سيد محمد اإلعالم واللغة صفحة : 15 عالم الكتب القاهرة 1984م.

(12) نـور الدين بليبل االرتقاء بالعربية في وسائل اإلعالم صـفحة : 60 كـتاب األمة (84)

الدوحة 2001 م.

- 49 -

ـصطـلح عـلـيهـا وعـلى خصـائص أخـرى في األسـلوب وهي الـلغـويـة ابـاشـر والتـأكد واألصـالة البـساطـة واإليجـاز والـوضوح والـنفـاذ ا

واجلالء واالختصار والصحة(13).هـنية ــ فهل يـلتزم اإلعالمـيون والـصحافـيون هـذه القواعـد ا

في استخدامهم للغة العربية ?. ــ وهل تبـدو اللغـة العربـية في وسائط اإلعالم بـهذا الوضوح

الوظيفي واإلبداعي ?. ـنوطـة به في ــ وهـل يؤدي اإلعـالم بصـورة عـامـة الـوظـيـفـة ا

احلفاظ على اللغة العربية ?.تـلك أسئـلة ثـالثة ال جنـيب عنـها بـالـسلب وال بـاإليجـاب حتى الا نـقول كـما كـان يقـول الدكـتور طه حـس وضـوعيـة. وإ نـحيـد عن ا

الرئـيس األسبق جملمع الـلغة العـربية بالـقاهرة والـذي يحمل عن جدارةلـقب عـمـيـد األدب العـربي ـ كـان يـسـتـخدم هـذا الـتـعـبيـر كـثـيـرا : (ب) لدرجة أنه اختاره عـنوانا ألحد كتبـه. ولذلك أقول إن اإلجابة على بـ

. األسئلة الثالثة بواقعية شديدة هي : ب بإن احلـكم عـلى واقع الـلـغـة الــعـربـيـة في وسـائط اإلعالم حـكـمـاوضـوعيـة في شيء. ثم أن الـركون إلى هـذا الواقع مطـلقـا لـيس من اوالـرضــا به لـيس من عــزم األمـور كـمــا أن رفـضه جــمـلـة وتــفـصـيال

شطط ال يليق بالعقالء.واألمـر الواضح في هذا السيـاق أن اللغة العـربية اإلعالمية فيحـاجــة إلى حتـديث وتــطـويــر يـقــوم عـلــيه اإلعالمــيـون أنــفـســهم. وهـذايـقـتـضـي اإلحـسـاس بـأهمـيـة الـرسـالـة اإلعـالمـية الـتـي يـنـهـضـون بـها.صري دخل إلى وسائل اإلعالم صـفحة : 234 دار الـكتـاب ا (13) د. عـبد الـعزيـز شرف ا

القاهرة 1989 م.

- 50 -

والشك أنه في إطار الـتقدم الـهائل في التـقنيـات احلديثـة أصبح تقداللـغـة مـنطـوقـة أمرا مـتـاحا وهـذا الـتقـدم من شـأنه أن يـتجـاوز قـصورـدرس الذين ال يهتمـون باالستخدام الدائم األداء الـلغوي عند بعض اللـغـة الـعـربيـة الـصـحيـحـة في أثـنـاء العـمـلـيـة التـعـلـيمـيـة. كـما أن األداءاللـغوي عـند بـعض اإلعالميـ يعاني من قـصور يـنعـكس على مـستوىـركـز لـتـحـس ـزيـد من اجلـهـد ا الـعـمل اإلعالمي الـذي يـتوجـب بذل ااألداء الـلغـوي لـدى اإلعالميـ وفي الـوقت نفـسه لـتطـويـر تعـلـيم اللـغة

تخصصة. ؤسسات التعليمية اإلعالمية ا العربية في اـا يجب أن نـفـطن إليه أن اجلـوانب الـلغـوية لـيـست مقـصورة وعـلى قواعد اإلعراب والتصريف فحـسب. فاللغة منظومـة متكاملة تؤخذعلى مـراحل وتلقن عـلى مستويـات عدة. ولذلك يـنبغي أن يـتقن الطالبعـاهد اإلعالمـية اجلـوانب اللغـوية األسـاس : النـطق بنيـة الكـلمة في االنـهايـات اإلعـرابيـة تركـيب اجلـملـة قواعـد اإلمالء والـترقـيم الدالالتعاصرة لأللـفاظ والتراكيب. ثم يواصل دراسـة اللغة والتمكن الـدقيقة اتدريس ـهـنـيـة. إن ـمـارسـة ا مـنـهـا في مـراحل أخـرى خـاصـة أثـنـاء اقواعد اللـغة العربية وسيلة وليس غاية والغرض منها الفهم السليم

والتعبير الصحيح في الكتابة واحلديث(14). إن االهــتـمــام بـهــذه اجلـوانب الــلـغــويـة لــيس من قــبـيل الــعـودةبـاإلعالمي إلى مقاعد الدراسـة اإلعدادية والثانـوية. وحتى إذا كان هذاواردا فمـاذا يعـاب في ذلك?. إن اإلعالمي هـنا يـؤدي ضـريبـة اجتـيازهراحل التعليمية السابقة من دون معرفة موسعة بقواعد اللغة العربية. اولـكن القصـد من االهتـمام بتـلك اجلوانب هـو ضمان مـستوى راق في

األداء اللغوي في وسائط اإلعالم.

صدر السابق صفحة : 464. (14) د. محمود فهمي حجازي ا

- 51 -

ي واسع في ومع تقـديرنا لـلجـهود التي تـبذل على نـطاق أكادنتسب إليها ؤسسات التعليمية اإلعالميـة لتعليم الطلبة والطالبات ا اهنة وقواعدها. ويشمل ذلك وال شك فن التحرير الصحافي أصول اا يـتـطلـب من عكـوف عـلى دراسـة لغـويـة مهـنـية وفن األداء الـصـوتي احترافية إال أن هذا ال يـكفي لتخريج إعالمـي يجيدون اللـغة العربيةويؤمـنـون بـرسالـتـهـا احلضـاريـة ويحـرصـون عـلى حمـايـتـها من خاللن يريد التزامهم قـواعد الكتـابة والنطق بحـيث يكونون قدوة لـغيرهم

أن يتعلم اللغة من وسائل اإلعالم. والغريب أن أساتذة الصـحافة واإلعالم الرواد الذين أسسوا للدراسةـاضي كانوا ـية اإلعالمـية في اخلمـسينـيات والـستيـنيـات من القرن ا األكادية التي تبث باللغة العربية تابعة اإلذاعات العـا ينصحون طـالبهم وطالباتهم حـتى يكتـسبـوا ثقـافة لغـوية جـيدة فقـد كانت هـذه اإلذاعات مـدارس إعالميةفي فن التحرير وفن اإللقاء وفن األداء اللغوي السليم من جميع اجلوانب.وقد تغير الوضع اليوم. إذ لم تعد اإلذاعات والفضائيات سواءالوطنية منها أو األجنبـية قدوة لتعلم اللغة العربية ومدرسة في اإللقاءالـســلــيم بــعـد أن غــزت الــعــامـيــات جل وســائل اإلعالم واســتــشـرىالــضـعف في الـلـغـة الـعـربـيـة حتـريـرا ونـطـقـا وشـمل اإلذاعـة والـتـلـفـازوضـوعـية أن نـقول إن والـصـحف. ولكـنـنا مع ذلـك نرى من األمـانـة واـية الـلـغـة الـعـربـيـة في نـشـرات األخـبـار من بـعض هـذه اإلذاعـات الـعـاـوجـهة لـلـمسـتـمع العـربي ال تـزال حتافـظ على سالمـتـها ونـصـاعتـها اوجمالـها. أما في غـير نشرات األخـبار من هذه اإلذاعـات ومن غيرها

فإن الوضع احلالي للغة العربية ال يصح أن يكون قدوة.إن واقع الـلـغـة في وسـائط اإلعـالم علـى امـتداد الـوطـن العـربيشاهد وفي العديد من وسائل اإلعالم الغربية التي توجه خطابها إلى ا

- 52 -

ـستـمع الـعربي واقع في حـاجة إلى مـعـاجلة عـلمـية مـوضوعـية من واستقبل الزاهر للغة الضاد. أجل تأم ا

ؤسسـات التعليميـة الثقافية والوسائل وإن الـتعاون الوثيق ب ااإلعالمية من إذاعات وتـلفزات هو عـامل حاسم في احلفاظ عـلى اللغةـواطن بـلـغـته أمـيـا كـان أو الـعـربـيـة سـلـيـمـة نــقـيـة وفي تـمـتـ عالقـة ا. وهذا يـستـوجب وعيـا متـبوعـا بالـعمل من جـهات االخـتصاص متـعلمـافي الـدول الـعـربـيـة وفي مـقـدمـتـهـا وزارات اإلعالم والـثـقـافـة والـتـربـيةكن أن تغيب عنهم والتعـليم التي يجتمع وزراؤها بـ ح وآخر وال ة ـشـكالت الـتي تعـاني مـنـها الـلـغـة الـعربـيـة وال اخلـطر الـقـادم مع عـو ا

اإلعالم التي بدأت تفرض هيمنتها(15).ويتنامى الـيوم وعي عربي بضرورة مـواجهة اخلطـر الذي يتهدداللـغـة العـربـية فـي وسائط اإلعالم. وقـد جتـلى ذلك في الـبيـان الـصادرعن مـؤتمر الـقمة العـربي األخير الـذي عقد في الـرياض. كمـا ظهر هذاـتزايـد بـواقع الـلـغـة الـعـربـيـة في مـناسـبـة االحـتـفـاء بـالـعـيد االهـتـمـام ااسي جملمع اللغة العربية بالقاهرة الذي قدمت أمامه بحثا باعتباري اعضوا مراسال فيه بعنوان (مستقـبل اللغة العربية في عالم متغير)

قلت فيه إن التفكيـر في مستقبل اللغـة العربية قضيةعـاصر لـها صـلة بـالغـة األهـميـة في الفـكر الـعربـي اإلسالمي اوثيـقـة بـسيـادة األمـة الـعـربيـة اإلسالمـيـة علـى ثقـافـتـها وفـكـرهـا وعلىـقـام األول وعـلى كـيـانـهـا احلـضــاري والـسـيـاسي واالقـتـصـادي في اعـنى الشامل لـلكـلمة حاضرهـا ومسـتقبـلهـا وإنها (قـضيـة سيادة) بـاولـيـست مجـرد قـضيـة لـغويـة وأدبـيـة وثقـافـية. وأوضـحت في بـحثي أنعاصرة مـجلة مجـمع اللغة الـعربية قالح وسائل اإلعالم والفصـحى ا (15) د. عـبد العـزيز ا

بالقاهرة العدد الرابع والتسعون نوفمبر 2001 م صفحة : 13.

- 53 -

عنى السياسي والسيادي مستقـبل اللغة العربية قضيـة (أمن قومي) باعـنى اجلغرافي الـوطني اإلقلـيمي احملدود واجلغـرافي العام ولـيس باألن حيـاة األ في حياة لـغاتـها وقـوتها وازدهـارها فـإذا ماتت الـلغة ـواللـغـات تمـوت باعـتبـارهـا كائـنا حـيا ـ أو ضـعـفت أو انهـارت ضاعت

األمة ضياعا ال يبقي لها أثرا في احلياة.اضي كمـا أوضحت أن انـتشـار اللـغة الـعربـية كـان في القـرن اظاهـرة غـير مـسـبوقـة في الـتاريخ سـاعـد على ذلك االنـتـشار والـتوسعــعـاهـد ـدارس وا الــكـبـيــر الـذي عـرفــته الـبــلـدان الـعــربـيـة في إنــشـاء اواجلـامـعـات وظـهـور الـصـحـافـة الـتي كـانت في أول عـهـدهـا مع نـهـايةالـقرن الـتاسع عـشر وفي العـقود اخلـمسة األولى من الـقرن الـعشرينمدارس شـعـبـية لـلـغة الـعـربيـة ثم ظـهـور اإلذاعة الـتي كـان لهـا إسـهامكـبيـر في نـشر الـلغـة العـربيـة في مخـتلف األصـقاع من خالل نـشراتسـرحيات األخبـار واألحاديث الـدينـية والبـرامج الثـقافـية واألدبيـة واالـتاريخيـة واالجتماعيـة التي تقدم لـلمستمـع برامجـها باللغـة العربيةسلسالت التاريخية والقصائد الغنائية الفصيحة لكبار ومن ضمنها االـشعراء فيتـذوقها اجلمـهور ويفهمـها أما التـلفاز فقـد ظهر في مصرأوال مع مطـلع السـتيـنيـات وهـو له اليـوم وظيـفة أسـاس في نشـر اللـغةالـعـربـيـة عـلى نـطـاق واسع ويـعـزز هـذا االنـتـشـار لـلـغـة الـضـاد ظـهـورأقـسام لـلـغة الـعربـيـة وآدابهـا في اجلامـعـات العـربـية واإلسالمـية وفيبعض اجلـامـعـات الغـربـيـة التي تـهـتم بـتدريس الـلـغـة العـربـيـة والثـقـافةالـعربـيـة واحلضـارة اإلسالمـية وازدهـار حركـة الـنشـر بالـلـغة الـعربـيةعـلى نـطـاق واسع الــتي نـشـرت الـكـتـاب الـعـربـي والـصـحـيـفـة الـعـربـيـةواجملـلـة الـعـربــيـة نـشـرا واسـعـا ضـاعف من ذيـوع الـلـغـة الـعـربـيـة في

اآلفاق.

- 54 -

وانـتـهـيت فـي هـذا الـبـحث إلى الـقـول بـوجـود عالقـة جـدلـيـة بـالـلـغـة الـعربـيـة وبـ احلـيـاة الـعـامة فـي مجـاالتـهـا كـافـة كـمـا نرى أنالــواقع الـلـغـوي في الـبـلـدان الـعـربـيــة هـو انـعـكـاس لـلـواقع في جـوانـبهتـنوعـة وليس في جانب واحـد منـها كمـا قد يـفهم الذيـن ال يتعـمقون افي الـنـظر إلى األمـور وال يـقلـبـونهـا عـلى أوجهـهـا اخملتـلفـة ولـذلك فإنرة النـحراف أهل الـلـغة نـحو انـحـسار مـد الـلغـة العـربـية كـان الثـمـرة امــسـارات أبـعـدتـهم عن مـصـادر الـقـوة احلـقــيـقـيـة الـتي تـتـمـثل في قـوةالروح وقوة الفـكر وقوة الـضمير وقـوة اإلرادة في حتص الذات وفي

صالح العليا لألمة. حماية الكيان وفي صون احلقوق والذود عن اوكـنت قـد شـاركت قـبل مـؤتـمر مـجـمع الـلـغة الـعـربـيـة في ندوةـاضـي في مـقــر جـامــعــة الـدول الــعـربــيـة عـقــدت في شــهـر فــبـرايــر اة). وقد بـالقـاهرة حـول موضوع (لغة الـطفل العـربي في عصر الـعودعوت في الكلمة التي ألقيتها في افتتاح الندوة إلى أن ينطلق إصالحدارس اللـغة من احلـضانات وريـاض األطفـال ثم ينـمو تـدريجـيا في اثم يــسـتــوي عــلى سـوقـه في اجلـامــعــات إلى أن يـنــضج ويــكــتـمل فيوسـائل اإلعالم الـتي تسـتـخدم الـلغـة الـعربـية عـلى أن يـتوازى ذلك معالـتركـيـز عـلى تـطويـر مـنـاهج تـعلـيم الـلـغـة العـربـيـة في كـلـيات الـتـربـيةـكن أن ــدارس الــعـلــيـا لــلــمـدرســ واألسـاتــذة. وأوضـحـت أنه ال وانـفصل بـ لغـة الطـفل العـربي وب الـلغـة العـربيـة في اجملتـمع بصورةوضوع لها خطورتها على عامة. وقلت إن النظرة التـجزيئية إلى هذا اـعــزل عن كل حــال إذ ال يــســتــقـيـم إصالح لــغــة فـئــة مـن اجملـتــمـع إصالح الـلـغـة بـشـكل عـام لـدى الـفـئـات األخـرى. وأكـدت علـى ضرورةتـركيـز االهـتمـام بـإصالح اللـغة الـعـربيـة من الـنواحي كـافـة ومن حيث

هي لغة قابلة للتجديد وللتطوير وللتيسير.

- 55 -

نـاسبة ومن على مـنبر جـامعة الدول الـعربية وأعلـنت في تلك اكن أن عن فكرة تبناهـا فيما بعد مجـمع اللغة العربـية وهي كفالة ما نــسـمـيه اقـتـبـاســا من لـغـة الـقـانـون : (الـضـابـطـة الـلـغـوية) لـلـجـهـاتـوكل إلـيـهـا أمـر ـسـؤولـة عن احلـفـاظ عــلى سالمـة الـلـغـة الـعــربـيـة وا اهـتمـة بالـدراسات نشـرها وهي اجملـامع اللـغويـة من جهـة والكـليـات اـعـاهـد العـلـيـا من جـهـة ثـانـيـة بـحـيث يـكون الـلـغـويـة في اجلـامـعـات والـقرارات اجملامع الـلغوية الـقوة اإللزامـية التي تـفرض احتـرام اللغة فياالستعماالت اإلعالمية وإيالء العناية الالزمة ـ ماديا وأدبيا ـ بخريجيعاهد العليا للمعلم واألساتذة أقسام اللغة العربية في اجلـامعات وايـسرة الـقادرة بـحيث يـكونـوا هم النـواة الصـلبـة لنـشر الـلغـة العـربيـة ا

على جذب الطفل وغيره من الفئات العمرية.وأراني الــيـوم مــدفــوعـا إلى الــتــأكـيــد عــلى مــا قـلــته في هــاتـناسـبت وعـلى ما سبق لي أن عـبرت عنه في كـتابي الذي صدر في اسنة 2006 مع الـترجمـت اإلجنلـيزيـة والفرنـسية بـعنوان : (مـستقبلنهج التـكاملي في تعامـلنا مع اللغـة العربية وقوامه اللـغة العربية) باأن تـواكب اجلــهـود الـتي نـبــذلـهـا عـلـى مـسـتـوى مـجــامع الـلـغـةالـعـربـيـة في الـوطن الـعـربي وعـلى مـسـتـويـات أخـرى في أقـسامالـلغـة الـعربـية بـاجلـامعـات العـربـية الـتطـور الذي تـعـرفه اللـغةبـحــكم تــأثــيــر وســائل اإلعالم فــيــهـا وأن يــســايــر هــذا الــعـملي والفني الوضع احلالي للغة العربية فال يرتفع عنه وال األكادا يتفـهمه ويستـوعبه بحيث ال يـتم خارج نطاق الواقع يستـه به وإا يكون جزءا من هذا الواقع يتفاعل معه تفاعال إيجابيا ينتج عنه وإازدهار اللغـة العربية وانتـشارها واحلفاظ علـيها وحمايتـها وتطويرها

وجتديدها.

- 56 -

نهج الذي أدعو إلى اعتماده في وسائط اإلعالم عموما ولهذا اأربع قواعد أوجزها فيما يلي :

أوالها : الـتـعـامـل مع الـلـغـة عـلى أسـاس أنـهـا كـائن حي قـابللـلتـطـور وفق مـا يـقرره أبـنـاء الـلـغة أي أن تـطـور الـلـغـة يأتي من إرادة

صلحة في هذا التطوير. الناطق بها ويصدر عنهم فهم أصحاب اثانـيـتـها : إحـكـام الـعالقـة بـ عمـلـيـة تـطـويـر الـلـغـة وإصالحـهاتغـيرات التي تعـيشها اجملـتمعات الـعربية وحتـسينـها وجتديدهـا وب ابـحيث تكـون عمليـة التطـوير استجـابة لتطـور اجملتمع ونـابعة من واقعه

عيش. اـسـتـجـدات في الـعـالم خـاصـة في ثالـثـتـها : االنـفـتـاح عـلى اعلـوميات وعـلم اللغة احلـديث بكل تـفريعاته مجاالت الـعلوم والـتقانـة وارتبطة به والسعي إلى االقتباس والنقل واالستفادة واحلقول البحثية االـواسعة من نـتائج هذه الـعلـوم جميـعا في إغنـاء اللـغة العـربية وربـطها

بحركة الفكر اإلنساني.رابعـتها : االهـتمـام باجلـانب الـقانـوني والتـشـريعي في عـملـيةالـتطـويـر حـرصـا عـلى ضـبط مـسـاره والـتـحكم فـي نتـائـجه من خاللوضع قـوان تصـادق علـيهـا اجلهات الـرسمـية اخملـتصة لـفرض هـيبةالـلـغـة وإلــزام أفـراد اجملـتـمع والــهـيـئـات واجلــمـاعـات ووسـائط اإلعالما هـو عـلـيه األمـر في بـعض الدول بـاحـتـرامهـا طـبـقـا للـقـانـون. أسـوة

ثال. الغربية ومنها فرنسا على سبيل ا

ه اليـوم يالئم عـصر ـنـهج التـكـاملي الـذي أعـيد تـقـد إن هذا اـة الذي نـعـيـشه ويـنسـجم مع طـبـيـعة الـتـحـديات الـتي تـواجه لـغة الـعـو

الضاد ويتناسب والواقع الثقافي في العالم العربي.

- 57 -

ـة ال تسـتقـر على حـال فهي في إن لغـة اإلعالم في عصـر الـعولك أن نـعزل تطـور مـطرد ال يـكون دائـما فـي خدمـة اللـغة ولـكـننـا ال ي). وبذلك ة أو نـنأى بـلغـتنا عن (اإلعالم العو أنـفسـنا عن تـيار الـعوجنـعل اللـغـة العـربـيـة في خدمـة اإلعالم ونـدفع باإلعالم لـيـكون حـامـيا

للغة العربية وخادما لها.وبـهـذا نـحـمي لـغــتـنـا اجلـمـيـلـة ونـنـمـيـهـا ونـرتـقي إلى مـسـتـوىي الـذي يـواجـهــهـا وبـالـتـالي يــواجه هـويـتـنـا الـتـحـدي اإلعالمي الــعـو

احلضارية والثقافية.ـقـروء قوة والبـد من اإلشارة فـي هذا الـسـيـاق إلى أن لإلعالم اائهـا. ولذلك ال مـندوحـة لنا تأثيـر في نشـر اللـغة الـعربيـة وتطـويرهـا وقروء. ولقد وقفت على عن العنـاية بتحس األداء اللـغوي في اإلعالم اكـلـمـات بـلـيغـة لألسـتـاذ الـدكـتور شـوقي ضـيف يـرحـمه الـله تـؤكـد ماأقوله هـنـا. يقـول الرئـيس السـابق جملمـع اللـغة الـعربـية بـالقـاهرة : «إنصدر احلـقيقي لـلثقـافة إذ معـها نسـتطيع أن ـقروءة ستـظل ا الكـلمة انـرجع إلى مـا قـرأنـاه في كـتـاب أو مسـرحـيـة أو ديـوان ونـقـرأه مرة أوـعـرفـة ومن مـرارا وتـأخــذ أذهـانـنـا الـفـرصــة لـيـزيـد مـحـصـولــهـا من ااخلواطر واألفكار. وليس ذلك فحسب فإن الثقافة التي تعرضها الكلمةـسموعـة ثقافـة سطـحية تـتفق واجلـماهيـر التي تـستمع إلـيها اإلذاعـية استوى من األميـ وغير األميـ إذ ينبـغي أن ال يعلو مـا حتمله عـلى االـعقـلي العـام لألمة وهي لـذلك ال تـتعمـق في عرض الـنظـريات الـعلـميةطـبوعة ـذاهب الفـلسفـية بل سيـظل ذلك دائما في حـوزة الكلـمة ا وال اـسمـوعـة إال مـا قد وما نـقـرأ من كـتـبهـا ولن تـهب مـنه شـيئـا لـلـكلـمـة اامـا خاطفا. وصفات أخرى تكلم إ يـسقط فيها عفوا أو مـا قد يلم به اسموعة وهي التعمق في طـبوعة وتفقدها الكلـمة ا حتـتفظ بها الكلمة ا

- 58 -

ذاهب الفكرية والفلسفية فأنت مع ة العلوم النظرية والتجـريبية وا قراء سموعة تظل دائما عند السطح والقشور وال تستطيع التغلغل الكلمة اإلى ما وراء همـا ال في عـلم وال في فـكـر حـتى الـفكـر الـسـيـاسي الذيتعـنى بـعرضه ال تـسـتـطيع أن تـعـرض مذهـبـا تفـصـيلـيـا عمـيـقا ويـفـقدـسموعة حرية إرادته فيما يختار إذ يصبح ال حول له صيخ للكلمة ا اوال اسـتـطـاعـة فـإن مـا يـسـمـعـه يـفـرض عـلـيه دون أن يـكـون له فـيه أيقروء ة سـموعة من أخـتهـا ا اختيـار. وصفـة ثالـثة تفـترق بـها الكـلمـة اهي تعطل الـتفكـير عنـد السامع ; إذ ال يستـطيع التـوقف عندمـا يسمعكنه استيعابه وال يستطيع إعادة النظر فيه بل كثيرا ما يحار بحيث ويـعـتـريه كـرب الـوجـوم ; إلن كـلـمـة طـارت مـنه أو عـبـارة. وصـفـة رابـعةسـموعة هي صفـة القدرة على دقـة الفهم وأي فهم ?. تفـقدها الكـلمة اـكن الرجـوع إليه للـتحـقيق منه إن الكالم يـطير في الـهواء طـيرانا وال ـوضـوعـات وبعض ـقروء فـإن بعض ا واسـتـعراضه بـخالف الـكالم االفقرات في الكتب تصبح وكأنـها مشاهد رائعة نعود إليها وقد نعكف

عليها للمتاع العقلي بها أي متاع»(16).ـقروء ة لالرتـقاء بـاللـغة الـعربـية ـعـول إذن على لـغة اإلعالم ا فا

وحلمايتها ولتوسيع نطاق انتشارها.

صدر نفسه الصفحتان : 268 - 269. (16) د. شوقي ضيف ا

مستقبل اللغة العربيةفي عالم متغيـر(*)

ـؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة يوم 2 أبريل 2007 م. (*) بحث ألقي في الدورة 73

- 61 -

تمهيد :ستقبل ستقبل مترابطة ألن ا ا كانت العالقة ب احلاضر وا ستقبل وحدة ال اضي واحلاضر وا إن هو إال امتداد للحاضر وألن اــاضي هي وسـيــلـتــنـا لـتــشـخـيص ســبـيل إلى انــفـصــامـهـا ومــعـرفـة اسـتقبل سـتقبـل فإن بنـاءنا ألسس استـراتيجـية ا احلاضـر ولتنـظيم االبــد أن يـنــطـلـق من الـفــهم الــواعي حلـاضــر الــلـغــة الـعــربــيـة إحــاطـةواسـتـيـعـابـا ويـصـدر عن الـبـحث الـدقـيق في قـضـايـاهـا ومـشـكـالتـها

. تمحيصا ونقداوبـصورة عامـة فإن االهتـمام بالـتخطيط لـلمسـتقبل الـلغوي ألمةتطـلبات التغيـير والتجديد من األ يعكس مستـوى راقيا من الوعي وإعـادة البنـاء على أسس ثـابتة راسـخة. ويعـبر التفـكير فـي استشرافسـتقبل واستطالع آماده عن نضج عـقلي يبلور إرادة ذاتية في آفاق اـسـتويـ اخلـاص والـعام نـحـو بـناء االنـتـقـال من طور إلى آخـر عـلى االـذات وتــرسـيخ الــكـيـان وتــقـويـة الــقـدرات الـكــامـنـة فـي الـنـفس وفي

اجملتمع.ـسـتـقبل بـصـورة عامـة والـتطـلع نـحوه ولـقـد اقتـرن الـبحث عن ادائمـا وفي جمـيع األحـوال بإرادة الـبنـاء التي تـتـضافـر فيـها اجلـهودـا ـسـتـقـبل وصـيـاغـة مالمـحه الـعـامـة من أجـل رسم خـريـطـة هـذا اة تـقن وبروح الثـقة وعز يـؤكد على أن الـتوجه نحـو الغد بـالتخـطيط ااإلقـدام وإرادة رد التـحدي ظـاهرة حـضارية ومـسلك راق مـن مسالكالـعـمل الــعـام فـضال عن أنـه مـنـهج عـلــمي ال يـرقى الــشك إلى جـديـته

وجناعته.

- 62 -

ولـذلك فـإن الـعــنـايـة بـبـحـث مـسـتـقـبـل الـلـغـة الـعــربـيـة في ضـوءتغيرات والظروف احلالية واستنادا إلى خالصة التاريخ القريب هي اظاهرة صحية تـعبر أصدق التـعبير وأقواه عن درجة عـالية من التطورـستـقبل. وتـدل هذه الـظاهرة في فـهم مقـتضـيات احلـاضر ومـتطلـبات اعلى تـوجه سـليم سـيـؤدي ال محـالة إلى نـتـائج إيجـابيـة سـتدعم خـدمة

لغة الضاد. بل هي ضرورة من ضرورات الرقي احلضاري.إن التفـكير في مـستقـبل اللغة الـعربيـة قضيـة بالغـة األهمية فيعاصر لـها صلة وثيقة بسيادة األمة العربية الفكر العربي اإلسالمي ااإلسالميـة على ثـقافتـها وفـكرها وعـلى كيـانها احلـضاري والـسياسيـقــام األول وعـلى حـاضــرهـا ومـســتـقـبـلــهـا; فـهـذه واالقـتــصـادي في اـعنى الـشـامل للـكلـمـة وليـست مجـرد قـضيـة لغـوية (قضـية سـيـادة) باكن أن نقول بثـقة واطمئنان إن مـستقبل اللغة وأدبية وثقافيـة. ولذلك عـنى السـياسي والـسيادي واجلـغرافي الـعربـية قـضيـة (أمن قومي) بـاـعـنى اجلغـرافي الـوطـني اإلقـليـمي احملـدود. ألن حـياة الـعـام وليس بـااأل في حيـاة لغـاتـها وقـوتهـا وازدهارهـا فإذا مـاتت الـلغـة ـ واللـغاتتــمـوت بـاعـتـبـارهــا كـائـنـا حـيـا ـ أو ضـعــفت أو انـهـارت ضـاعت األمـة

ضياعا ال يبقي لها أثرا في احلياة.أوال : اللغة العربية في القرن العشرين :

عرفت الـلغـة الـعربـية في الـقـرن العـشرين امـتـدادا واتسـاعا فيرقعة الناطق بـها سواء من أبناء الوطن العربي أو من شعوب العالماإلسالمـي أو من غــيــر هــؤالء وأوالئـك من الــدارســ لـــلــغــة الــضــاد

ألسباب شتى من مختلف أنحاء العالم.ـاضي ـكن أن نـقـول إن انــتـشـار الـلـغـة الـعــربـيـة في الـقـرن ا وظـاهـرة غيـر مـسـبوقـة في الـتاريـخ ساعـد عـلى ذلك االنـتشـار والـتوسع

- 63 -

ــعـاهـد ـدارس وا الـكــبـيـر الــذي عـرفــته الـبــلـدان الــعـربـيــة في إنـشــاء اواجلـامـعـات وظـهـور الـصـحـافـة الـتي كـانت في أول عـهـدهـا مع نـهـايـةالـقرن الـتاسع عـشر وفي الـعـقود اخلـمسـة األولى من القـرن العـشرينمدارس شعبية للغة العربية ثم ظهور اإلذاعة التي كان لها إسهام كبيرفي نشر اللغة العربية في مختلف األصقاع من خالل نشرات األخبارسرحـيات التـاريخية واألحـاديث الدينـية والبـرامج الثقـافية واألدبيـة واواالجـتمـاعـيـة الـتي تـقـدم لـلـمـسـتـمـع بـرامـجـهـا بـالـلـغـة الـعـربيـة ومنـسلـسالت الـتاريـخيـة والـقصـائـد الغـنائـيـة الفـصيـحـة لكـبار ضمـنهـا االشـعراء فيـتذوقها اجلـمهور ويـفهمـها. أما الـتلفـاز فقد ظـهر في مصرأوال مع مـطـلع السـتـينـيـات وهو له الـيـوم وظيـفـة أساس في نـشـر اللـغةالـعـربـيـة عـلى نـطـاق واسع. ويــعـزز هـذا االنـتـشـار لـلـغـة الـضـاد ظـهـورأقسـام لـلـغة الـعـربـية وآدابـهـا في اجلـامعـات الـعربـيـة واإلسالمـية وفيبـعض اجلـامـعـات الغـربـيـة الـتي تـهـتم بتـدريس الـلـغـة الـعـربيـة والـثـقـافةالعربية واحلضارة اإلسالمية وازدهار حركة النشر باللغة العربية علىنـطـاق واسع الـتي نشـرت الـكـتاب الـعـربي والـصـحيـفـة الـعربـيـة واجملـلة

العربية نشرا واسعا ضاعف من ذيوع اللغة العربية في اآلفاق.كاسب الكـبيرة التي حقـقتها اللـغة العربيـة بهذا االنتشار ومع امتد أفقيا وعموديا فإن هناك جوانب أخرى للصورة ليست الواسع واـعهـود فشـو اللحن ـا يطـمأن عـليه. فـلقـد صاحب هذا الـذيوع غـير اواستـشـراء الضـعف والهـزال في أحايـ كثـيرة واخلـروج على قـواعدس الـلغة الذي يبلغ حد االسـتخفاف واالستهانـة بالضاد وجتريحها وا

بكرامتها ألن لكل لغة كرامة كما للكائن البشري سواء بسواء.ـا يالحظ في هذا السـياق وجود تالزم ب االنـتشار الواسع وتـحـدث ـسـتواهـا عـلى ألسـنـة ا ـطرد لـلـغة الـعـربيـة وبـ الضـعف ا

- 64 -

(1) ورد في دراسـة أجنـزهـا (اجملـلس الـقـومي حلـقـوق اإلنـسـان) في مـصـر أن بـعض كـتـب الـلـغةـقـررة عـلى الـتـعـلـيم الـثـانـوي الـفـني تـعـتـمـد عـلى الـصـحف فـي اسـتـقاء الـعـربـيـة وحتـديـدا اقدمة للطالب حيث يتم نقل مقاالت أو موضوعات من اجملالت العامة الثقافية أو النصوص االصحف الـيومية وطرحها للطالب رغم أن الكتابة الـصحافية تختلف عن تأليف الكتب ألنهاغير مـتخـصصـة واللجـوء إليـها هو احلل األسـهل واألقـل جدوى ألن مـضمونـها لـيس معـدا

صور القاهرة ــ العدد 4286 ــ 1 ديسمبر 2006 م). للغرض التعليمي (مجلة ا(2) د. طه حس مسـتقبل الـثقافـة في مصر صـفحة 314 طـبعة دار الـكتـاب اللـبنـاني بيروت

1973

وعـلى أقالم الـكـتـاب بل إن الـضـعف الـذي تـعـرفه الـلـغـة الـعـربـيـة مـنذـتخـصـصـة في الكـلـيات الـعـقـود السـتـة األخـيرة وصل إلى األقـسـام ااجلـامـعـية كـمـا وصل إلى الكـتب الـتي يـؤلفـهـا أساتـذة مـتخـصـصونعـلـمـيا ومـهـنـيا فـي تدريس الـلـغـة العـربـيـة. ضـعف عام يـسـتـشري فياللـغة على مستـوى اللفظ وعلى مـستوى اجلمـلة وعلى مسـتوى السياق

وعلى مستوى الصورة البيانية(1).وقد وقـفت علـى نص للـدكتـور طه حـس كـتبه في سـنة 1938ميـكشـف فيه عن هـبـوط مسـتوى تـعـليم الـلغـة الـعربـية فـي مصـر في تلكالــفـتـرة يـقـول فـيه : « قـد أتــيح لي هـذا الـعـام (1938م) أن أقـرأ بـعضإجـابـات التـالميـذ في امـتـحـان الـقـسم اخلاص مـن الشـهـادة الـثـانـوية. رأيت الـفـساد أل الـقـلـوب حـنـقـا وغـيـظـا فـرأيت عـجبـا ولـكـنه عـجب يدخله درس النحو والبالغة على أذواق الشباب في التعبير والتصويرـعـنى وفي إرسـال الـكالم عن ـالءمـة بـيـنه وبـ ا وفي صـوغ الـلـفظ واعلم علم والتي لم يفهمها ا غير فهم وإرسال اجلمل التي حفظت عن احـ ألقـاها ولم يـفـهمـها الـتـلمـيذ حـ تلـقـاها ولم نـفهـمـها نـحن ح

صححناها»(2).والبد أن نسـجل هنا أن ظاهرة تراجع اللـغة العربية عن االرتقاءالذي كانت تسير في خطه قبـل اخلمسينيات من القرن العشرين تعود

م.

- 65 -

إلى أسـباب كـثيـرة منـها الـضعف الـسيـاسي والفـكري والـثقـافي الذياسـتـشرى في اجملـتـمعـات الـعـربيـة وقـد تمـثل بـاخلصـوص في ظـهورزعـامـات شعـبيـة قـياديـة تخـطب في اجلـماهـير بـاللـهـجات احملـليـة فإذاناسبات لقراءة ما يكتب لها في الورق أفسدت اللغة اقتضتها بعض اـا يـتـسـبب في إشـاعـة اخلـطأ وفي وأسـاءت إلـيهـا عـلى نـحـو مـريع هبوط مـستوى الـلغة الـعربيـة في جميع اجملـاالت. بينـما كانت الـقياداتالـسياسية الشعبيـة والنخب الفكرية والثـقافية بوجه عام خالل النصفتمكن اضي من حماة اللغـة العربية اجمليدين لها ا األول من القرن امنها بـحيث كان اجلمهـور يتشرب اللـغة ويتجاوب مع بـيانها ويتذوقأسـاليبها وينطـبع في ذهنه وفي وجدانه اللفظ الفـصيح فيصير يردده

. أو يكتبه حتى ولو لم يكن حظه من التعليم موفوراهذا التالزم ب ظاهرتي (انتشار اللغة) و(انهيار اللغة) يفرضنفسه على الباحث الـدارس للتحوالت العـميقة التي عاشـتها اجملتمعاتالـعـربيـة خالل الـعقـود األخـيرة حـتى يـقع على الـعـوامل التي أدت إلى

نشوء هذه الظاهرة اجملتمعية والثقافية. لـقـد كـان وضع الـلـغــة الـعـربـيـة في الـنـصف األول من الـقـرنـرحـلـة أنـشـئت اجلـامـعات الـتي ; فـفي تـلك ا الـعـشـرين وضـعا مـتـمـيـزافـتحت فيـها كلـيات لآلداب كـان األساس الذي قـامت عليه دراسـة اللغةـقام األول وفيها صدرت اجملالت األدبية الثقافية العربية وآدابها في االــراقـيــة الـتي كـانـت مـنـتــدى ألقالم كـبــار الـكــتـاب واألدبـاء والــشـعـراءوالـباحثـ في حقول الـلغة والـثقافـة واألدب والفكـر والتي قام بـعضهابعمل مـهم في توثيق الصالت ب شعوب األمة الـعربية بل كانت مجلةثـقف نـار) لصاحـبهـا الشـيخ محمـد رشيـد رضا تـصل إلى ا مـثل (افي أندونـيسيا والـص وجنوب أفـريقيـا والشعوب اإلسالمـية في آسيا

- 66 -

ستوى الصغرى وفي شرق أوروبا حاملة إلى القار نصوصا راقية ابـاللـغة الـعربـية. أمـا مجـلة (الـرسالة) لـصاحـبهـا األستـاذ أحمـد حسنــهـجـر في الـزيــات عـضـو هــذا اجملـمع فــقـد كــانت تـصل إلى بــلـدان اـثـقفـ من قـراء الـضـاد في تلك أمـريـكا الـالتيـنـيـة ناقـلـة إلى جـمهـور انـاطق الـنـائـية األدب الـعـربي والـثـقـافة الـعـربـيـة. وفي كلـتـا احلـالـت ا

كـانت الـلـغــة الـعـربـيـة حتـتـل مـواقع لـهـا في أصــقـاع الـشـرق والـغـرب.وكذلك كـان احلـال مع مجـلة (الـفتح) لـصـاحبـهـا محي الـدين اخلـطيبالتي كانت تصل إلى بلدان أوروبيـة وأفريقية وآسيوية بعيدة عن الوطنالعربي. ولشدة تأثير هذه اجمللة كانت السلطات االستعمارية في كثيرمن الـبلـدان الـعربـية اإلسالمـية حتـظـر دخولـها إلـيهـا. كـما كـانت مجـلةـقـتـطف) الـتي اسـتــمـرت في الـصـدور نــحـو سـبـعـ ســنـة تـتـرجم (اـقـاالت الـعـلـمـيـة من الـلـغـات األجنـبـيـة إلى الـلـغـة الـعـربـية الـفـصول واـفردات اجلـديـدة وتطـويعـها فـتـساهم بـذلك في تـطعـيم اللـغة الـعـربيـة بافـاهيم احلـديثـة في العـلوم اخملـتلـفة. وقـد كان ضـامـ وا الستـيعـاب ا

لهذه اجمللة دور متميز في نشر الثقافة العلمية باللغة العربية.ـشتـرك ب هـذه اجملالت الـراقيـة جـميـعـا وغيـرها إن القـاسم اـسـتـوى الـرفـيع لـلـغة من اجملالت األدبـيـة والـثـقـافـيـة واإلسالمـية هـو االــعـربـيـة الـذي أسس لــنـهـضـة أدبـيــة وصـحـوة لـغـويــة وتـطـور فـكـريوثقافي كـان يأخـذ سبيـله إلى التبـلور في صـيغة مـشروع ثقـافي فكري

عربي يجدد احلضارة العربية اإلسالمية.ـرحـلـة تـأسـسـت مـجـامع الـلـغـة الــعـربـيـة الـثالثـة في وفي تــلك ادمــشق (1918م) وبــغـداد (1921م) ثم فـي الــقــاهـرة (1932م) وكــانتـأسـيـسهـا لـغـرض خدمـة الـلغـة الـعـربيـة. كـمـا حقـقت ونـشـرت في تلكالـفـتـرة أمـهـات كـتـب الـتـراث الـعـربي اإلسالمي وكـانت حـركـة حتـقـيق

- 67 -

الـتـراث الـعـربي اإلسالمي ونـشره قـد بـدأت في مـصـر في الـثلث األولمن الـقـرن التـاسع عشـر وازدهـرت واتسع نـطاقـها فـي العـقود الـثالثةاألولى من الـقرن العشرين. وظهـرت في تلك الفترة معـاجم لغوية عربيةـعـجم الــتـاريـخي لـلـغــة الـعـربـيـة وإن كـان جـديـدة وشــرع في وضع ا

العمل فيه قد تعثر ثم توقف في بدايته.عـروف أن عـصـر ازدهار الـلـغة الـعـربـية بـدأ في الـنصف ومن اعانه األول من القرن العـشرين ولكنه سرعـان ما خفت ضيـاؤه وخبا ا شاب احليـاة العقليـة واألدبية والثقـافية من انحرافـات وانعكاساتبـسـبب مـا اسـتـشـرى من فـسـاد عام نـتـيـجـة لـتـدفق مـوجـات من الـغزوالـفـكـري واالجـتـيـاح الـثـقـافي واالسـتالب احلـضـاري فـضـعـفت الـلـغـةـا أدى إلى الـعـربــيـة وتـراجع دورهـا في احلــيـاة الـعـقـلــيـة واألدبـيـة ضـعف مـســتـوى الـتـعـلـيم في جــمـيع مـراحـله وإلى طــغـيـان الـلـهـجـات

العامية.

د واجلزر : ثانيا : اللغة العربية ب اـد الذي عـرفـته اللـغـة العـربـية بـانـحسـار مـد النـهـضة انـحسـر اوالـتـطـور احلـضـاري بـانـحـرافـهـمـا عن مـسـارهـمـا الـطـبـيـعـي وبـدخولالـوطن الــعـربي والــعـالـم اإلسالمي في مـتــاهـات مـن االرتـبـاك والــقـلقودوامات من التيه والضيـاع تبدأ من تأسيس دولة إسرائيل في اجلزءاألكـبـر مـن فـلـسـطــ ومـا تـرتب عــلى ذلك من حتـوالت عــاصـفـة هـزتاجملتـمعـات العـربيـة اإلسالميـة كان من بـينـها احلـروب التي خـاضتـهاــقـدمـة مـنـهـا مـصـر الـتي بـعض الــدول الـعـربـيـة ضـد إسـرائـيل وفي اـعـنويـة الـنـاجتـة عن تلك ـاديـة وا حتـملت الـعبء األكـبـر من اخلـسـائر ااحلروب. وبهذا االنـتقال من مرحـلة االستقـرار واالنصراف إلى جتديدالبـنـاء احلـضاري إلـى مرحـلـة االضـطراب وخـلـخـلـة البـنـيـات التـحـتـية

- 68 -

د إلى للمجتمعات العربـية اإلسالمية انتقلت اللغة العربية من مرحلة اسـتـويـات كافـة. وال غـرو فـالـلغـة تـعـكس صورة مرحـلـة اجلـزر عـلى ااجملتمع وتعبر عن التحوالت اجملتمعية أصدق وأوفى ما يكون التعبير.وتـأسـيسـا على ذلك فـإن الـوضع احلالي لـلغـة الـعربـية تـتداخلفـيه عوامل كـثيـرة ويـعود في تـعقـيـداته إلى عنـاصر مـتـشعـبة وأسـبابيـرتـبط بـعـضهـا بـبـعض. وحـصـيـلـة ذلك أن ضـعف الـلـغـة وهو واقع الينـكر هـو فـرع من ضعف احلـياة الـعقـلـية والـثقـافيـة وبالـدرجة األولىا تـكون تـنوعـة. و تـعددة وفي مـناحـيهـا ا احليـاة العـامة فـي صورهـا االــقـضــيـة بـهــذا احلـجم وعــلى هـذه الـدرجــة من اخلـطــورة فـإن األمـريــتـــجــاوز (دائــرة األزمــة الــلــغــويــة أو الـــثــقــافــيــة) إلى (دائــرة األزمــة

احلضارية) بأبعادها السياسية والسيادية واألمنية والفكرية.عقدة اللذان تعيشهما اللغة العربية ركب واحلالة ا فهذا الوضع االيوم ليس مردهما إلى الـلغة في حد ذاتها عجزا أو ضعفا أو قصوراكمـا يزعم خـصوم الـضاد ـ وقد أصـبحـوا اليـوم يتكـاثرون ـ وال مـردهماإلى أهل الـلغة مـن حيث إنـهم ال يسـايرون تـطور الـعصـر وال يفلـحون فيـعـنى غـير الـبـريء للـتـجديـد والـتطـويـر الذي جتديـد الـلغـة وتـطويـرهـا ـ باـا مرد هذا الـوضع القـلق واحلالة غـير الـسوية إلى يـشاع ويـتردد ـ وإمـجمل األوضـاع العامـة التي تـسود اجملـتمـعات العـربيـة بصـورة خاصةوتسود أيضا اجملتمعات اإلسالمية في العالم اإلسالمي بصورة عامة.ـنـظـور الشـمـولي إلـى واقع الـلـغـة الـعربـيـة في ومـن خالل هـذا اـرحلة نـرى أن ثمـة عالقة جدلـية بـ اللغـة العـربية وبـ احلياة هذه االـعـامـة في مـجـاالتـهـا كـافـة كـمـا نـرى أن الـواقع الـلـغـوي في الـبـلـدانتـنوعة وليس في جانب واحد الـعربية هو انعكـاس للواقع في جوانبه امنها كـما قد يفهم الذين ال يتعمقـون في النظر إلى األمور وال يقلبونها

- 69 -

على أوجهها اخملتلفة.رة النحراف ولذلك فإن انـحسار مد اللـغة العربـية كان الثـمرة اأهل اللـغة نـحو مآزق أبـعدتهم عن مـصادر الـقوة احلقـيقـية التي تـتمثلفـي قـوة الـروح وقـوة الـفــكـر وقـوة الـضـمــيـر وقـوة اإلرادة في حتـصــصـالح الـذات وفي حـمـايـة الـكـيـان وفي صـون احلـقـوق والـذود عن ا

العليا لألمة.لقد انـعكست حالـة الضعف التي تـسري في كيان األمـة العربيةاإلسالمـيـة عـلى حـالـة الـلـغــة الـعـربـيـة بـصـورة واضـحـة ال لـبس فـيـهـافـأصـبـحت في وضع يـجـعلـهـا تـتـخـلف عن الـعصـر وتـتـعـرض إلهـمالشديـد من أهلها الذين يـعرضون عنـها ويرمونهـا بكل نقيـصة يستويفـي ذلك من تعلم الـعربيـة وأجادها ومـلك ناصيـتها ومن لم يـتعلـمها أوذاهب تلـقاهـا من مصـدر غيـر كفء. وتزامن ذلك مع هـيمـنة األفـكار واوالنظم الغـربية على الـعقل العربي واإلسالمي والـتي فرضت سياساتوأمـلت اخـتـيـارات تـتـعـارض مع اخلـصـوصيـات الـثـقـافـيـة واحلـضـاريةلـلشعـوب العربـية اإلسالميـة مع ما اسـتتبع ذلك من شن حـرب شعواءعـلى اللـغـة العـربيـة ينـفخ في نارهـا بعض أبـناء الـضاد من جـهة ومنجـهة أخـرى تشـجع وحترض عـليـها الـعنـاصر األجـنبيـة التي تـعمل منأجل فـرض لغاتـها وثـقافاتـها ونـظم حياتـها عـلى الشعـوب غيـر القادرةــانـهــا بــأن ذلك هـو الــســبـيل نــحـو عـلـى حـمــايـة خــصــوصـيــاتـهــا إل

االستحواذ على األمور وتسخيرها خلدمة مصاحلها احليوية.يـقول الـدكـتـور حسن ظـاظـا رحـمه الـله : «... وبدا لـبـعـضهم أنـــدرســـة وأن اإلصالح هـــو الــتـــقـــلــيل اإلصـالح يــجـب أن يــولـــد في اوالـتهوين والـتبـسيط فـظهرت كـتب ال عدد لـها تـدعي كل فصيـلة مـنها

- 70 -

(3) د. حسن ظاظا كالم العرب : من قضايا اللغة العربية الصفحتان 8 - 9 دار القلم دمشقالدار الشامية بيروت الطبعة الثانية 1990 م.

أنـها حتـمل اإلكسيـر السحـري الذي يحل عـقال األبكم ويـفجر يـنابيعالـفصاحـة من صخور اللـكنة والـركاكة. ومـا تزال التـجارب تترى وفيكل يوم يـبدو اخلـطأ اجلـسيم وتـعن معه احلـاجة لـتجـارب أخرى. ولكنينـبغي أن نـقول إحـقاقـا للـحق : إن جيال من أربـاب األدب والصـحافةـتعـمقـ في الـعربـية وتـاريخـها وآدابـها ومن سـرح ومن الـعلـماء ا وانظم ـعلق والـنقاد قد ضـربوا مثال للـعمل ا ـلخص وا ـترجم وا االـذي يـفرض األنس به عـلى أشد الـقلـوب جحـودا هذا فـضال عن فوجمن الـشــعـراء الـذيـن حـركـوا الــقـلـوب عــلى نـحــو انـبـثق عــنه في نـفسالــقـار الـعــربي بـصـورة عــفـويــة تـلـقــائـيـة شــعـور عــمـيق بـأن الــلـغـةالفـصحى ما تـزال صاحلة لـلحيـاة واحلضارة. وكان مـن نتائج هذا أنانضوى أسـاتذة العـلوم الرياضـية والطـبيعيـة والهنـدسية والـطبية حتتهـذا الـلـواء و جـانب ضـخم جـدا من تـعـريب الـتـفـكـيـر الـعلـمي وإذابـالعالم الـعربي في جامعـاته يعود رويـدا إلى دراسة العـلوم بالـعربيةــوت وخــرجت مـن هـذه اجلــولــة األولى وتــغــلــبت الــلــغــة عــلى خــطــر ا

واحلاسمة منتصرة انتصارا ال شك فيه»(3).

ثالثا : مستقبل اللغة العربية :إن مـستـقبل الـلغـة العـربيـة هو جـزء ال يتـجزأ من مـستـقبل األمةالـعــربـيـة اإلسالمـيــة فـإذا ازدهـر وأشـرق وكــان أفـضل من احلـاضـر

ازدهرت اللغة العربية وتطورت وحتسن وضعها. لقد اجتـهد جمهـرة من العلماء والـلغوي والـنحاة من أساتذةاجلــامـعـات وبـعـضـهـم من أعـضـاء هـذا اجملـمـع اجـتـهـادات شـتى فيمجـال إصالح تعـليـم اللـغة الـعربـية وتـيسـير قـواعد الـنحـو. وأذكر من

- 71 -

ـثـال ال احلـصـر الـدكـتـور بـ مـن هم في طـلـيـعـة هـؤالء عـلى سـبـيل اشوقـي ضيف الـرئـيس السـابق لـلمـجـمع والدكـتـور عبـاس حـسن. أماالـدكـتور طه حـسـيـن الرئـيس األسـبق للـمـجمع فـقـد كان من أوائل مندعا إلى اإلصالح اللـغوي. وعلى أهـمية هذه االجـتهادات جمـيعا فإنيأمــيل إلى الـقـول بـأن إصالح الــلـغـة الـعـربــيـة أو بـعـبــارة أدق إصالحتـعلـيمـها حـتى تواكب مـتغـيـرات الـعصـر أمر يتـطلب إصـالح اجملتمع

قاطبة ومن النواحي كافة.وأعــود إلى الـدكــتـور طه حـســ الـذي كــتب عن إصالح تــعـلـيمالـلغة العـربية فـقال في كتابه "مستـقبل الثقـافة في مصر" مجـيبا عنسؤال مـهم طـرحه على نـفـسه حول الـدواعي واألسبـاب الـتي تدفع إلىدارس الـعامة وفي ـاذا نعلم الـلغـة العربـية في ا تعـلم اللغـة العـربية : «ــدارس?. ومــا أظن أنــنــا نـــســتــطــيع أن جنــيب عن هـــذا غـــيــرهــا من االسـؤال. إال بجـواب واحــد وهو أن الـلغـة العـربيـة هي لـغتـنا الـوطنـيةفنحن نتعلمهـا ونعلمها ألنها جزء مـقوم لوطنيتنا ولشـخصيتنا القوميةألنـهـا تـنقـل إليـنـا تـراث آبـائـنـا وتـتـلـقى عـنـا الـتـراث الـذي سـتنـقـله إلىقبلة ثم ألنها األداة الطبيعية التي نصطنعها في كل يوم بل األجيال افي كل حلظة ليـفهم بعضنا بعضا وليعـاون بعضنا بعضا على حتقيقحـاجـاتـنا الـعـاجـلة واآلجـلـة وعلـى حتقـيق مـنـافعـنـا اخلـاصة والـعـامةوعلى حتقيق مهمتنا الفردية واالجتماعية في احلياة إذا كانت لنا مهمةفي احلـياة. ونـحن نصـطنع هـذه األداة ليـفهم بـعضنـا بعـضا كـما قـلناـا نشعـر بوجودنـا وبحاجـاتنا اخملـتلفة . فنحن إ ولنـفهم أنفـسنا أيضـاـتنـاقضـة ح نـفـكر. ومـعنى ذلك أنـنا ال ـتبـاينـة وميـولنـا ا وعواطـفنـا انـفهم أنـفسـنا إال بـالـتفـكيـر ونحن ال نـفكـر في الـهـواء وال نـستـطيع أننعـرض األشيـاء على أنـفسـنا إال بـصورة في هـذه األلفـاظ التي نـقدرها

- 72 -

صدر نفسه الصفحتان 288-289. (4) د. طه حس ا(5) كتب د. طه حس هذا الكالم في سنة 1938م.

ا في رؤوسنـا ونـظهـر منـها لـلـناس مـا نريـد ونـحتـفظ منـهـا ألنفـسنـا نـريد. فنحن إذا نفكر بهـذه اللغة ونحن إذا ال نغلـو إن قلنا إنها ليستـا هي أداة للـتـفكـير أداة لـلـتعـامل والتـعـاون االجتـمـاعيـ فحـسب وإ. وإذا واحلس والشعـور بالقـياس إلى األفراد من حـيث هم أفراد أيضاكـان هذا حـقا فـنـحن نتـعـلم اللـغـة العـربـية ونـعـلمـهـا ألنهـا ضرورة منضـرورات حياتـنا الفـردية واالجـتماعـية ووسـيلة أسـاسيـة إلى منافـعنامـهـمـا تخـتـلف قـربـا وبعـدا ويـسـرا وعسـرا. وإذا فـنـحن ال نـتعـلم الـلـغةـا نتـعـلمـها ونـعـلمـها الـعـربيـة وال نعـلـمهـا ألنهـا لـغة الـدين فـحسب وإ. ونحن ال نتعلم اللغة العربية ونعلمها ألنها أوسع من ذلك وأشمل وأعما نـتعلمها ونـعلمها ألنها ـستعرب وإ ألنها لغة الـقدماء من العرب واقـبلة أيـضا أو ألننـا نريد أن تظـل لغة هذه لغتـنا وألنهـا لغة األجـيال ا

األجيال»(4).يــقـول الــدكـتــور طه حــسـ : «إن مــسـألــة إصالح عـلــوم الـلــغـةالـعـربيـة قـد أصـبـحت من الـوضـوح واجلالء بـحـيث ال يـجـادل فـيـها إالراء. وأعـتقـد أن هذا اإلصالح شـرط أساسي الـذين يحـبون اجلـدال واإلصالح التـعـليم كـله فـإنك ح تـعـلم في لغـة من الـلغـات لن تـبلغ منالتـعليم شـيئا إذا لم تـكن لغة الـتعلـيم واضحة سـهلة قـريبة إلى الـعقولعـلم والقـلوب. وأنـا أريد كمـا يريـد كثيـر من النـاس أن يشدد عـلى افي أن يـصـطــنـعـوا الـلــغـة الـفـصــحى فـيـمــا يـلـقـون عــلى تالمـيـذهم منـعلـمون الدروس مـهـما تـكن مـادتهـا. ولـكني أشـفق أوال من أن يـعجـز اعن حتـقيق هـذه األمـنـيـة ألنـهم ال يحـسـنـون الـلغـة الـعـربـية(5) وأشفقـعـلـمون حتـقـيق هـذه األمـنيـة فال يـبـلغـون شـيـئا ثـانـيـا من أن يـحاول ا

- 73 -

(6) د. طه حس مستقبل الثقافة في مصر صفحة 305. طبعة دار الكتاب اللبناني بيروت1973

وتصرفهم هـذه احملاولة عن إتقـان التعليم نـفسه فيضـيع على التالميذادة الـعـلـمـية دون أن يـبـلـغـوا بالـلـغـة الـعربـيـة مـا نـريد من حـظهـم من ااإلتقـان. وهـذا اإلصالح لم يـكن في يـوم من األيـام الزمـا محـتـومـا كـما

هو اآلن»(6). لـقـد راج مـصـطـلح (الــتـنـمـيـة الـشـامــلـة) خالل الـعـقـود الـثالثـةاألخــيــرة ويــنــصــرف الــذهن عــنــد ذكــر الــتــنــمــيــة من حــيث هي إلىالنشاطات االقتصادية واجملاالت االجتماعية وميادين العلوم والتقانة.صـطلح ليشـمل (التنمـية الثقـافية) أو (التـنمية وقـد يتسع مـدلول هذا االتـربوية) أو بـعبـارة أرحب مدلوال (الـتنـمية اإلنـسانـية). ولم ينـتبه أحدصطلح ليدخل ضمنه من الباحث في حقول اللغة إلى توسيع مفهوم ا(التنمية اللغوية) بـاستثناء األستاذ الشاذلي القليبي زميلنا في اجملمعالـذي تنـبه إلى توظـيف مفـهوم الـتنـميـة في النـهوض بـاللـغة الـعربـية فيـتـعـلـقة بـحث له نـشـر في مـجـلـة اجملمـع بعـنـوان (بـعض اإلشـكـالـيـات ابـلغـتـنا الـعربـية). يـقول فـيه : «إن عـمد شـعب من شعـوبـنا الـعربـية فيائية إلى اقتـباس العلوم والتقـنيات الالزمة دون هضمها مـسيرته اإلوحتـويلـها إلى لـغـته ليـتم له بذلـك تمـلكـها و"االسـتـيالء" علـيهـا ـ حسبعـبارة ابن خـلدون ـ فمن الـواضح أن عملـية التـنميـة ستبـقى عرجاء إذهي لم تشمل اللغة الوطنـية ـ أو القوميـة ـ وما إليها من طاقات اجملتمعاحلـضـارية. وبـالتــالي سـيتـولـد عن ذلك جـملــة من الـعلل االجـتـماعـيـةمـنـها الـهـجرة الـذهـنيـة. وبـذلك ندرك مـدى أهـميـة الـفصـحى في سـياقكن اسـتيراده من اخلارج ا تـنميـة مجتـمعاتنـا إذ التنـمية ليـست

م.

- 74 -

(7) مجلة مجمع اللغة العربية اجلزء 83 الصفحة : 125 القاهرة نوفمبر 1998 م.

من خـالل الـهـضم واالسـتـيـعــاب فـكـرا وتـعـبـيـرا بــفـضل أداة الـتـمـلكاألساسـية لدى اإلنسـان وهي اللغة. وبـدون ذلك تبقى التـنمية سـطحيةغـيـر مـنـغـرسـة في تـربـة ثـريـة تـفـتق الـطـاقـات الـذاتـيـة التـي هي مـرتـكز

التنمية». ثم يقول األستاذ الشاذلي الـقليبي األم العام األسبق جلامعةالـدول العربية : «إن تنمية الـفصحى من شروط تنمية مـجتمعاتنا ألنهاا كانت هي لغة العلوم والثـقافة والتقنيات بـالنسبة إلينـا جميعا. لكن الفـصحى مـلكا مـشتركـا ب كل شـعوبنـا فذلك يـخرجهـا عن أن تكونلغـة معـزولة إذ يـشترك فـي االنتسـاب إليـها شـعوب عـشرين دولة (هيالــيـوم اثــنـتــان وعـشــرون) حتـتل مــنـطــقـة من أهم مــنـاطق الــعـالم منالنـاحـية االسـتـراتيـجـية. وهـو مـا يزيـد في أهـميـتـها وفي الـوقت نـفسهنتـمية ثل عـامل تسريـع لنمـوها بفـضل تضافـر جهـود كل الشعـوب اإليـها. ومن ذلك نـستـنتج ضرورة تـعاون شـعوبنـا في النـهوض الـثقافيواحلـضـاري ويتـضامن هـذا مع أسـباب اقـتصـاديـة تفـرض على دولـناائي عـربي إذ التـنميـة الشـاملة احلـقيـقيـة لم تعد في إقـامة مشـروع إعـزولـة في عصـر تسـيـطر فـيه الكـتل الـعظـمى على مـتنـاول الـشعـوب ا

االقتصاد الدولي»(7).ستدامة التي إن التنمية اللغوية ال تنفصل عن التنمية الشاملة اتتداخل فـيهـا العـوامل السيـاسيـة واالقتـصادية واالجـتمـاعية والـثقـافيةا يـعـني أن هـذا الضـرب من الـتنـمـية هـو اإلصالح الـشامل جـميـعـا كن لـك أن تصـلح شأن الـلغـة قبل إصالح الـشأن الـعام عيـنه. ألنه ال في اجملتمع. وال يتيسر لك تطوير اللغة وإغناؤها وبث روح جديدة فيهاحتى تواكب الـعصر الـذي أنت فيه وحتافظ عـلى سالمتهـا ما لم تأخذ

- 75 -

(8) د مـحمود حافظ قضية الـتعريب في مصر مـجلة اللـغة العـربية اجلزء : 84 صـفحة : 85القاهرة مايو 1999 م.

أوضـاعـك وأحـوالـهــا وشـؤونك كـلــهـا ســبـيـلــهـا إلى الــتـطـويــر الـشـاملتكامل. ا

وانـطالقـا من هـذا الـربط بـ الـلـغـة وبـ أحـوال اجملـتمـع الذينؤكد على ضـرورته فإن مستقبل اللغة العـربية في عالم متغير مقرونـتوازنـة في جمـيع الوطن الـعربي والـعالم ـتكـامـلة ا بـالتـنمـية الـشامـلة ااإلسالمي. وإن كـان هذا ال ينـال من اجلهـود التي تـبذل عـلى أكثر منؤسـسات التعليـمية عموما مستوى إلصالح تـعليم اللغة الـعربية في اوفي وسـائل اإلعالم كافة ولـتيسيـر اللغـة على النـحو الذي يـقربها إلىاجلمهور الواسع وللحفاظ عـلى سالمة بنياتها وأصولها وجلعلها لغةالـيوم والـغد واآلصـرة القـوية الـتي توحـد أبنـاء األمة بـعد آصـرة الدينصادر الثـقافة اإلسالمـية في جميع احلـنيف والوسيـلة التي تـربطهـا

حقولها.ـعــرفـة والـذي ـذهل فـي مـجــال الـعـلـم وا إن الـتــقـدم الــعـلــمي اـعــلــومـات واحلــاســبـات وثــورة االتــصـاالت نــشــهـده الــيــوم في ثــورة اواإللـكترونـات والهندسـة الوراثية والـتكنـولوجيا احلـيوية وعلـوم الفضاءـصـطـلـحـات والـبـيـئـة وغـيـرهـا كـل ذلك جـاء إلـيـنـا بـسـيل مـنـهـمـر من اـقابالت ـسـتـحـدثة ــ فـإذا اسـتـعـصى عـلـينـا أن جنـد لـهـا ا احلديـثـة واا فـأخذوا نـاسـبة جلـأنا إلى الـتعـريب كمـا عرب الـعرب قـد العـربيـة اعن الـيونـانيـة والـهنـديـة والسـوريالـيـة والفـارسـية والـتركـيـة وكمـا عرباحملـدثـون عن اإلسبـانـية واإليـطـالـية واإلجنـلـيزيـة والـفرنـسـية. ومع ذلكـكنهـا أن تستوعب فـإن اللغة الـعربيـة كانت وال تزال من الـثراء بحيث

صطلحات(8). ا تفرزه هذه الثورات العلمية احلديثة من ا الكثير

- 76 -

رجع نفسه صفحة : 92. (9) د محمود حافظ ا

وتقـتضي حمـاية اللغـة العربـية وتأمـ مستـقبلـها والنـهوض بهامن الـوجوه كـافـة إلى جـانب تعـريب مـصـطـلحـات الـعـلوم والـتـقـانة فيـعرفة العـلمية الدقـيقة تكـثيف العنايـة باللغـة العربية في جـميع حقول اجمـيع مراحل الـتعـليم وبـخاصـة في مرحـلة الـتعـليم اجلـامعي وتـطويربرامجها وطـرق تدريسها مع العـمل على تأهيل أعضـاء هيئة التدريس

عاهد العليا للتدريس باللغة العربية. في اجلامعات واوأجدني متفقا تماما مع الدكتور محمو حافظ رئيس مجمع اللغةالعـربية في الـقاهـرة في التأكـيد عـلى أنه إذا أريد لهـذه القـضية احللفعـلى الدولـة (أو مجـموعـة الدول الـعربـية) أن حتـسمـها بـقرار سـياسيمـلـزم يــوفـر لـهـا كل اإلمـكـانــات ويـضع لـهـا اخلـطـة والــبـرنـامج لـلـعـملوالتنفيـذ واالنطالق باعتبارها قـضية قومية ووطـنية وثيقة الصـلة بكياننا

العربي ومستقبل التربية والتعليم والثقافة العربية اإلسالمية(9).ـناسب أن أشـيـر هـنا إلى الـقـرار الذي صـدر أخـيرا ولـعل من اـصري بـتـعـديـل بعـض مـواد الـقـانون ـان) ا عن مـجـلـس الـشعـب (الـبـررتـبطـة بتـفعيل الذي عرضـه عليه مـجمع الـلغـة العـربيـة في القاهـرة واقرارات اجملـمع وجـعـلـها مـلـزمـة للـهـيـئـات كافـة. والشك أن هـذه خـطوةأولى نـحو سـن تشـريع يحـمي اللـغة الـعربـية حـبذا لـو اقتـدت به الدول

العربية كافة.

ؤتمر 72 جملمع اللغة العربية بالقاهرة يوم 22 مارس 2006 م. (*) بحث قدم إلى ا

عجم التاريخي للغة العربية افي ضوء متغيـرات األلفيـة(*)

- 79 -

استهالل :ـعجـمات الـتاريـخيـة لـلغـات مظـهرا لـلتـفوق احلـضاري تـشكل اواإلبـداع الثقافي والـرقي اللغـوي باعتبـارها سجالت لـتطور اللـغة عبرالعصور وأوعية للتاريخ الـفكري لألمة الناطقة بهذه اللغة أو تلك علىـعنى والـداللة ـو اللـغـة من النـواحي كـافة عـلى مـستـوى ا أساس أن . ولذلك ـا يعـكس األطـوار الـتاريـخـيـة الـتي تمـر بـهـا األ والـسـيـاق إـفهـوم الـعام لأل كـان تـاريخ الـلغـة هـو التـاريخ الـفكـري والـثـقافي بـا

والشعوب التي تنطق بتلك اللغة.ـعـجـمـات الـتـاريـخـيـة لـلـغـات في اجلـملـة يـأتي عـلى ووضع ارأس مــراحل الـنــضج والـتــوسع واالمـتــداد ويـقـوم عــلى أسـاس منـعجمـية اللغـوية التي تـتجمع من الـكتب التي تـعنى بشرح الـذخيرة امعاني الـكلـمة ومتـرادفاتهـا وأبنـيتهـا الصرفـية وتـراكيبـها النـحويةوأصولها واستـعماالتها وغريـبها وشواهدهـا. ذلك أن التأريخ للغةمـن الـلـغــات هـو حـصــيـلـة تــراكم الـثـروة الــلـغـويــة والـتـصــرف فـيـهـانـهج علـمي. وهو عـملـيـة ال تتم عـلى النـحو الـذي يفي واستـثمـارهـا بالـقـصد ويـحقق الـهدف إال إذا تـوافرت شـروط موضـوعيـة يأتي فيعجم . ولذلك اقترن وضع ا قدمة منها تطور اجملتمع علميا وثقافيا االتـاريخي للـغة بـالتطـور احلضاري الـذي يتحـقق في بيـئة هذه الـلغةـعجم الـتاريـخي للـغة ما تـعبـيرا عن بـزوغ عصر بـحيث كـان ظهور اـعـاصـر حـيث الـنـهـضـة كـمـا هـو واضح تـمــامـا في تـاريخ أوروبـا اــيـة كـروســا اإليـطـالــيـة في عـام 1612م وصـدر صـدر مـعــجم أكـادية الفرنسية ب عامي 1638م و1694م وصدر معجم معجم األكاد

- 80 -

ــراحل هـي الـتـي كـانت وبــســتـر األمــريــكي فـي عـام 1828م. وهـذه امنطلقا للنهضة في تلك البلدان.

عجم التاريخي للغة العربية حماة ولقد راود التفكير في وضع االضـاد منذ العـقد الثالث من الـقرن العشـرين إلى أن قر عزم مجـمعناشروع من طور ـتينة لـلخروج بهـذا ا على الشروع في وضع األسس االتفكير إلى طـور التنفيذ. فـقد نص مرسوم إنشاء مـجمعنا على أن منأهـم أغراضه أن يقـوم بوضع معـجم تاريـخي للغـة العـربية عـلى الطرازاحلديث لذلك عني اجملمـعيون منذ الـسنة األولى لنشـأة اجملمع بتأليفـعالم عـجم ومن أجل ذلك تـكـونت جلـنة لـتـحـديد خـطـته ورسم ا هـذا اـعـجم التـاريخي(1). ولكن الـظروف ا يـنبـغي أن يـكون عـليه ا الـرئـيسـة شروع الثقافي الضخم إلى اآلن. حالت دون الشروع في إجناز هـذا اـعـجم الـوسـيط الـذي صـدر في طـبـعته وأمـا مـا أصـدره اجملـمع فـهو اعـجم الوجـيز في جـزء واحد األولى في سـنة 1962م في مـجلـدين واـعجم الـكبـير الـذي صدر اجلزء األول مخـصص للـمدارس الـثانـوية وامــنه فـي ســنـة 1970م وصــدر اجلــزء الــســابع في ســنــة 2006 م إلىجانب ثالث معجما للمصطلحات العلمية ومعجم ألفاظ القرآن الكرالـذي صــدر اجلــزء األول مــنه في ســنـة 1953م واجلـزء اخلــامس فيسـنة 1970م ومعـجم ألـفاظ احلـضارة احلـديـثة ومـصـطلـحـات الفـنونعـجم الفلسـفي الذي صدر في سنة 1979 م. ولست أدري على وجه وا

(1) د. إبـراهيم مـدكور مجـمع اللـغة الـعربـية في ثالثـ عاما صـفـحة : 62 الـقـاهرة 1962 م.

ادة (2) الفقرة (ب) من مرسوم بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة الصادر في وجاء في اسـنة 1932م مـا يـلي : «أن يـقوم بـوضع مـعجم تـاريـخي للـغـة العـربـية وأن يـنـشر أبـحـاثا

دقيقة في تاريخ بعض الكلمات وتغير مدلوالتها».

- 81 -

ـوانع الـتي حـالت وال تـزال حتـول دون الـبـدء في وضع الـتـفـصـيل مـا اعجم التاريخي(2). ا

* * *

اللغة صورة من حياتنا:عـجم الـذي يتـناول ـعجم الـتـاريخي لـلـغة مـا هـو ذلك ا ا كـان اتاريخ حيـاة كل كلمة مـن كلمات الـلغة يسـجل لنا مثال أول نص وردتعـجم يسـجل لنـا أيضـا حياة األمـة النـاطقـة بهذه به الـكلـمة فـإن هذا االـلـغـة. وإذا كــانت األلـفـاظ كـالــبـشـر تـبـدأ كـل كـلـمـة حـيــاتـهـا وتـعـيشوتمـوت ولكن حياة األلـفاظ أكثر تـفاؤال من حياة الـبشر فهـناك كلماتعاشت آالف السنـ وألفاظ لم يـقدر لها طـول البقاء (3). فتـاريخ اللغةهو األمة التي تنطق بها وهـو الوعاء الذي يسجل حضارتها وماتعاقبعلى مسرح حياتها من أحداث ووقائع وما عاشته من حتوالت وزوابع.واللغة مؤسسة اجتماعية على اعتبار أنها موضوعة للتفاهم با ذهب إلـيه كثير من علماء االجتماع فهي إذن من ضمن الناس طبقا ـؤسـسـات الـتي يـتـنـاولـهـا االجـتـمـاعـيـون بـالـبحـث كـالـعائـلـة والـدين اؤسسات االقـتصادية والعلوم والفنون الـرفيعة والطباعة والبريد واــســتــجــدة. ويــقــول عــلــمــاء ــة أو ا ــؤســســات الــقــد وغـــيــر ذلك من ا

ـنـعم الـدسـوقـي اجلـمـيـعي في كـتـابه "مـجـمع الـلـغـة الـعـربـيـة : دراسة (2) يـورد الـدكـتــور عـبـد ا

عاصرة : مصـر النهضة : الهيئة تاريخية" الصفحات : 44 - 48 (مركـز وثائق تاريخ مصر اصـرية العامـة للكتـاب القاهرة 1982 م). معـلومات مـهمة عن اخلطـوات األولى التي قطعت في اشـروع وكـذلك جند في ـعجم الـتـاريخـي وعن العـقـبات الـتي صـادفت العـمل في هـذا ا إعـداد اكـتاب الـدكتـور شوقي ضيف (مجـمع اللغـة العربـية في خمـس عاما : 1934 - 1984 م)

عجم. الصفحات : 151 - 155 معلومات مفصلة عن هذا انـاهج احلديـثة صـفـحة : 96 الـهيـئة (3) د. مـحمـود فـهمي حـجازي عـلم اللـغة بـ التـراث وا

صرية العامة للتأليف والنشر القاهرة 1970 م. ا

- 82 -

ؤسـسات االجتـماعية اجـتماعيـون آخرون ; إن اللـغة ليسـت من قبيل اؤسسـات التي ذكرنا أسـماءها اختالفـا بينا ألنهـا تختلف عن جـميع اـتفـاهم من جـهة أن الـلغـة وسائـر أساليـب التفـاهم تتم مـباشـرة ب ادون أن حتـتـاج إلى مخـتصـ يتـوسطـون فيـها(4). وفي كـلتـا احلالـت

عـاني أي أنها تخضع لسنة عنى من ا فـإن اللغة مؤسسة اجتـماعية ا كان لكل مؤسسة تاريخ ـؤسسات االجتماعية. و التطور مثلها مثل ا

. فإن تاريخ اللغة هو الذي يعكس األصالة التاريخية ألمة من األإن اللغة العربـية لغة وعي ولغة شـهادة. وينبغي إنقـاذها سليمةـستقبلة. واللـغة العربية بوجه خاص بأي ثمن للتأثيـر في اللغة الدولية اهي شهـادة دوليـة يرجع تاريـخهـا إلى ثالثة عشـر قرنا(5). واللـغة العـربيةواحلـضارة العربية اإلسالمـية تزودان الدارس لهمـا بنظرة جديدة إلىستـشرق الفرنـسي هنري لوسل حـكومة بالده يوما العالم. وقـد دعا ادارس الفرنسية ألنها ــ كما قال ــ ما إلى تدريس اللغة العربـية في ا«تكشف للتالميـذ شيئا فشيـئا تصورا جديدا لـلعالم». إذ قال في مقالله نـشـره في جريـدة (لومـونـد) : «الواجب عـلى من يتـولـون أمر الـثقـافةفي فرنـسا أن يصنـعوا بالنـسبة إلى العـرب ما يصنعـه أساتذة التاريخبالـنـسـبـة إلى أوروبـا. يـجب أن يعـلـمـوا األطـفـال الـفرنـسـيـ شـيـئا منالـذخيـرة الـهائـلـة من احلـضارة الـعـربيـة. إن دراسـة القـرآن ولـو كانتسـطحـية تكـشف للـتالميذ شـيئـا فشيـئا تـصورا جديـدا للـعالم والديناإلسالمي يـسري فـي حضـارة القـرآن كـلهـا. وتلك ظـاهـرة قد جتـوهلت

(4) عالل الـفاسي من أجل تفـاعل لغوي صـفحة : 32 إصـدار مؤسسـة عالل الفـاسي الرباط

2005 م.

عارف ؤلفـات الصغرى" صـفحة : 625 ــ بـالفرنـسيـة ــ بيـروت دار ا (5) لـوي ماسيـنيون : ""ا

1963 م.

- 83 -

(6) هنري لوسل جريدة (لوموند) الفرنسية باريس 3 سبتمبر 1964 م. نقال عن (فلسفة اللغة

صرية للتأليف والترجمة القاهرة 1965 م. العربية) للدكتور عثمان أم الدار اـعارف (7) عـبـاس محـمـود الـعـقاد أشـتات مـجـتمـعـات في اللـغة واألدب صـفـحة : 127 دار ا

القاهرة 1963 م.(8) أمـ اخلولي مـنـاهج التـجـديد في الـنـحو والـبالغة والـتـفسـير واألدب اجلـزء الـعـاشر من

صرية العامة للكتاب القاهرة 1995 م. األعمال الكاملة صفحة : 17 الهيئة ا

كثـيرا. فإذا تـعمـقنـاه (أي القـرآن) استـطعـنا أن نـفهم إلى حـد كبـير مايجري في العالم العربي في أيامنا هذه»(6).

لـقـد وجـدت لـدى األسـتاذ عـبـاس مـحـمـود العـقـاد عـضـو اجملمعيرحمه الله كالما نفيسا عن شدة اللحمة التي تربط اللغة العربية باألمةالنـاطقـة بهـا أحب أن أنقـله هـنا إذ يـقول في مـعرض تـصديه لـلمـؤامرةا هي على اللـغة العربية : «إن احلملـة على اللغة في األقطار األخرى إحمـلة على لـسانهـا أو على أدبـها وثمـرات تفكـيرها عـلى أبعد االحـتمال.ولكن احلملـة على لغتنـا نحن حملة عـلى كل شيء يعنينـا وعلى كل تقليدمـن تقـاليـدنا االجـتمـاعـية والـدينـية وعـلى اللـسـان والفـكر والـضمـير فيضـربـة واحدة ألن زوال الـلغـة في أكـثر األ يـبـقيـها بـجـميع مـقـوماتـهاسـلم قواما غيـر ألفاظـها ولـكن زوال اللغـة العربـية ال يبـقي للـعربي أو ايزه عن سـائر األقوام وال يعـصمه أن يذوب في غـمار األ فال تبقى

ان»(7). له باقية من بيان وال عرف وال معرفة وال إأما الشيخ أم اخلولي عـضو اجملمع يرحمه الله فوجدته يقولـظاهـر احلـيـويـة لـيـنا وأقـلـهـا تـصـلـبا عن الـلـغـة العـربـيـة : «إنـهـا أشـد اوحتـجرا وأطوعها للتـطور وقدماؤنا أنفسـهم يدركون هذا واضحا حيـتحدثون عـن تهذيب اللـغة وعوامـله وح يقـررون أن االستعـمال يحييـيت ويقـبح ويحـسن وحـ يصـفون تـداخل اللـغات وحتـول اللـسان و

.(8)« وما إلى ذلك من دالئل الشعور بتأثر اللغة باحلياة تأثرا قويا

- 84 -

إن اللغة ــ من حيث هي ــ ظاهرة اجتماعية تنشط وتقوى وفقنـشاط مجـتمعـها وما لـه من قوة خلوض غـمار واقع احليـاة وفتح آفاقـستـقـبل وهي تفـتر وتـضعف إذا مـا فـترت حـركة هـذا اجملتـمع وبدا اعـــاجــزا عن حـل مــا يــعـــتــرضه مـن مــشــكـالت ورفع مــا يـــواجــهه منحتـديـات. ومن ثم فـإن الـلـغة تـكـتـسب كـيـنـونـتـهـا وتـكـتـسي حـيـويـتـهابـقدرمـا يكـون للـناطـقـ بهـا والكـاتبـ من إمكـانات لـبث احليـاة فيـهاوإبقاء هذه احلياة متواصلة فيها ودائمة ال يعترضها عائق في التعبيرـا يـجـعل الـلـغة في عن أي جـديـد تـعـيـشه مـهـما يـكن هـذا اجلـديـد ; حقـيقـتها صـدى يعـكس واقع الذين يتـوسلـون بها في شـؤونهم الـعامة

واخلاصة (9).وألن الـلـغـة من خـلق الـفـكـر وألنـهـا خـلـقت خـصـيـصـا لـتـيـسـيرادي والـفكري مع اجملتـمع وألن اجملتمع دائم التطـور فاللغة التبادل االـتي تـسـايـره دائـمـة الـتـطــور أيـضـا وهي صـورة صـادقـة حلـضـارتها تعرفه عـجم اللغوي ألمة مـا هو في الوقت نفـسه صورة مخلـصة فاهـذه األمـة في حــيـاتـهــا الـيـومـيــة وكـيـانـهــا االقـتـصــادي والـسـيـاسي

وسلوكها الديني واألخالقي وتقدمها العلمي والفني(10).فـاللغة العربيـة إذن صورة من حياتنا تـعبر عن ذواتنا وتسجلمفرداتهـا تطورنا عبر األزمان. وتاريخ اللغـة العربية بهذا االعتبار هوتـاريخ األمـة العـربـيـة اإلسالميـة قـاطـبـة وذلك الرتبـاط الـلـغات الـوطـنـيةا هو معلوم في حقل للشعوب اإلسالمية بلغة الضاد من عدة وجوه قارن. ولذلك فـإن تطور الـلغة العـربية يـعكس تطور حـياتنا عـلم اللغـة اـنـشود فـصل (الـلـغـة الـعـربـيـة : واقع يـحـتـاج إلى تـطـوير) (9) د. عـبـاس اجلـراري اإلصالح ا

صفحة : 143 منشورات النادي اجلراري رقم : 33 الرباط 2005 م.(10) د. حسن ظاظا اللسان واإلنسان : مدخل إلى معرفة اللغة صفحة : 93 دار القلم ــ الدار

الدمشقية دمشق ــ بيروت : الطبعة الثانية 1990 م.

- 85 -

ـا يـجعـل من التـأريخ لـلـغـة عبـر تـعـاقب األحـقاب والـعكس صـحـيح تسجيال لتاريخ أمتنا.

ومن هـنـا تـظهـر لـنـا األهمـيـة الـقصـوى لـلمـعـجم الـتاريـخي لـلـغةالــعــربـيــة الـذي آن األوان لــيـعــرف طــريـقه إلى صــدور أجــزائه تـبــاعـابتـضافر جـهود اجملامع الـلغـوية العـربية جـميعـا دون استثـناء ألن هذاــشـروع الــضـخم هــو أكـبــر من أن يــنـهض به مــجـمع واحــد بـجــهـود اأعـضـائه مع االعـتـراف لـهم بـالـكـفاءة الـعـالـيـة وبـالـقـدرة عـلى اإلجناز.ولست أرى في ذلك بخـسا بحق مـجمعنـا أو تشكيـكا في قدراته. ولكنـعـجم في حد ذاتـهـا تلـزم الـعمل طـبيـعـة العـمل ومـقتـضـيات صـنـاعة اــدة الــزمـنــيـة ــشـروع في ا اجلــمــاعي في إطـار أوسـع إلجنـاز هــذا اـعقولة. وليس أنـسب من أن يتم ذلك في إطار احتاد اجملـامع العربية ا

تابعة. على أن يتولى مجمعنا مهام التنسيق واإلشراف وا* * *

عجم التاريخي للغة العربية أمام التحديات : اعجم التاريخي للغة العربية تتداخل فيه علوم كثيرة ; علوم وضع االـلـغة واألدب والـتـاريخ والـفـلسـفـة وعـلوم الـنـفس واالجـتـماع والـسـيـاسةوالقانـون واالقتصـاد والعلـوم العسـكرية وعـلوم الطب والـصيدلـة وعلومـشروع وإن كان لـغويا فإنه الفـلك والزراعة إلى غـيرها من الـعلوم. ألن افي حـقـيـقـة األمـر مـتـعدد الـوجـوه بـحـسـبـان أن الـتـأريخ لـلـغـة هو تـأريخللـحـياة الـعامـة في تـطورات مـسيـرتـها مـنـذ أن نطق الـناس بـهـذه اللـغة أوـعـجمـات الـتي ظهـرت بـاللـغة الـعـربيـة قـد قامت أسـاسا تـلك. فـإذا كانت اادة الـلـغويـة الـتي جمـعت في الـقرن الـثاني لـلـهجـرة فإن عـلى تـصنـيف اـرحـلة الـتي انـتهى إلـيـها ذلك يـعني أن تـاريخ الـلـغة الـعـربيـة تـوقف عنـد ا

- 86 -

(لسـان العرب) البن مـنـظور أو (تـاج العـروس من جواهـر القـاموس)ـعـاجم ـعـلـوم أن (لـسـان الـعـرب) ضم مـا تــنـاثــر في ا لـلــزبـيـدي. ومـن ااخملـتـلـفـة فــحـشـد كل مـا وجـده في تـهـذيب الـلـغة لألزهـري (ت 370)والـصـحاح لـلـجـوهـري (ت 405) واحملـكم البن سـيـده (ت 448) وغـيـرثل (لسان العرب) بأجزائه عاجم. وعـلى الرغم من هذا فال ذلك من اـؤلف (الــقـرن الــسـابع الــعـشــرين كل مـادة الــلـغــة الـعــربـيــة في عـصــر االـهـجـري) (11). وإذا أضـفـنــا إلى هـذا الـرصــيـد الـضــخم (تـاج الـعـروس)بأجزائه األربـع والـذي هو أضخم مـعجم للـغة الـعربيـة صدر بعـد (لسانـادة الـلــغـويـة ومـن حـيث احلـجم أيــضـا والـذي الـعــرب) من حـيث وفــرة اانتهى منـه مصنفه في منتصف القرن الـثاني عشر الهجري ثم أضفنا إلىاللـسان والـتاج مـا صدر من مـعجـمات لـلغـة العـربيـة طوال الـقرن الـتاسعـيالدي وهـي كثـيـرة تـتـفـاوت قيـمـة وجـودة وبـخـاصة عـشـر والـعـشـرين اعـجم الكبيـر جملمع اللغة عجم الـوسيط بجزء يه ومـا صدر حتى اآلن من ا اادة الـعـربـية بـالـقـاهرة نـكـون أمام حـصـيـلة غـنـيـة وافرة الـغـنى من حـيث ا

اللغوية تصلح أن تكون منطلقا للمعجم التاريخي الذي نحن بصدده.ـا نـشره بـعض سـدنـة اللـغـة الـعربـيـة من تـعقـيـبات وعلـى الرغم عجم الوسيط الـذي يحتوي على 30 ألف مادة وعلى وتـصحيحات عـلى امـلــيـون كـلــمـة فـإنه وبــشـهـادة أحــد فـرسـان الــلـغـة الــعـربـيــة في الـغـربـعـاجم الــعـربـيـة زيـادة عـلى أنه من اإلسالمي (من أحــسن مـا ألف من اة التي يتوقف عليها أدقها وأجمعها لكلمات الـلغة العربية احلديثة والقدـا أجنزه مـجمع طالب الـعـلم ورواد اللـغة) (12). ولذلـك يصح االنـطالق

اللغة العربية بالقاهرة واإلضافة إليه مع مراعاة مقتضيات التطور.

صدر السابق صفحة : 84. (11) د. محمود فهمي حجازي ا

صدر السابق صفحة : 122. (12) عالل الفاسي ا

- 87 -

ـوضوع وهـنـا يطـرح سؤال نـراه سـؤاال مفـصلـيا فـي سيـاق هذا اــعـجم ــعــجم الـكــبـيــر) مع الـعــمل في (ا وهــو : هل يــتـوازى الــعـمل في (اعجم التاريخي سيتم على التاريخي للغة العـربية ) ? أم هل يكون وضع اـعـجم الـكـبـيـر ?. إن مـشـروعـيـة هـذا الـسـؤال تـأتي من جـهـت : حـساب اعجم الكـبير يسير حـتى اآلن ببط ء شديد بشكل أوالهما أن الـعمل في االفت لـلـنـظـر بـحــيث وصل آخـر جـزء صـدر مـنـه إلى حـرف (د) وبـيـنـمـاصدر اجلـزء األول في سنة 1970 م فـإن اجلزء الـسابع صـدر سنة 2006 م.ـعجم وهو آخـر مـا صـدر منه. وثـانيـتهـما أن الـتـجربـة األولى في عـمل االـتاريـخي والتي أجـهضت دلت عـلى أن األسلـوب الذي اتـبع منـذ البدء لما يقتضي أسلوبا جديدا أكثر تطورا وأقدر وفاء بالغرض. يكن سليما تالحـقة التي عـرفها الـعالم في الثـلث األخير من إن التـطورات االقرن العشرين ومع بداية العشرية األولى من القرن اجلديد نتج عنهاتـضخـم غيـر مـسـبوق في مـفـردات الـلـغة أو مـا كـان أسـتاذنـا مـحـمودتـيمور عضـو اجملمع يرحـمه الله يسـميه بألـفاظ احلضـارة. فقد اتسعـعرفي في ـا يـفـوق التـصـور نـتـيجـة لالنـفـجـار ا حـجم هـذه األلفـاظ مـجـاالت الـعـلـوم والـتـقـانـة والـفـنون واآلداب جـمـيـعـا وفي نـظـم احلـياةـاط الـعــيش وفي طـبــيـعـة حــيـاة اجملـتــمـعـات اإلنــسـانــيـة من شـتى وأـذهبي. وهو النـواحي وفي اجملال الـسياسي وفي الـسجال الـفكري وااألمـر الـذي يـتــجـلى لـنـا بـصـورة واضـحــة في الـطـبـعـات اجلـديـدة منـية احليـة خاصـة اللغـات اإلجنليـزية واإلسبـانية مـعجمـات اللغـات العاـانـيــة والـفـرنـسـيـة والـبـرتــغـالـيـة والـيـابـانـيـة والـصـيــنـيـة والـروسـيـة واألواإليطـالـية الـتي تـعد الـلـغات األكـثـر استـخدامـا في الـعالم (13). فـهذه

(13) تـوجـد في الـعــالم الـيـوم حـوالي سـتـة آالف لـغـة مـنـطـوقـة يـرى الـبـاحـثـون أن نـصـفـهـا مـهـدد

ـائة من هذه اللغـات ال ينطق بها إال = باالنـقراض وتؤكد إحصائـيات اليونسكو أن 96 في ا

- 88 -

عجمات في تطور مستمر وجتديد دائم تواكب كل طبعة منها األلفاظ اعرفة. اجلديدة في مجمل فروع ا

ــعـجم بـأي لــغـة كـان صــنـاعـة ثــقـيـلـة لـقــد أصـبـحت صــنـاعـة اقـدمـة منـها عـجم التـاريـخي في ا عـاييـر الـعلـميـة وتـأتي صنـاعـة ا بـاألنهـا تـتـطـلب تـتـبع مـسـار تـطور اسـتـخـدامـات األلـفـاظ والـوقـوف علىاضي دالالتها التي تتغيـر من زمن إلى آخر خصوصا في العقدين اـتـغـيـرات في جـمـيـع اجملـاالت لـدرجة أن الـلـذين زادت فـيـهـمـا وتـيـرة األـــفــاظــا كــثــيـــرة في الــلــغــة الـــعــربــيــة وبــصـــورة خــاصــة في مــجــالاالصـطالحـات العـلـمـيـة واأللفـاظ الـديـنـيـة قد عـرفت في عـصـرنـا هذاعنى والـداللة بحيث انقلب بـعضها من النقيض إلى حتـوال عميقا في اعـنى فأصـبحت مـثار الـشبـهة الـنقـيض. إذ كانت في األصل شـريفـة األسبـاب كـثيـرة لـيس هنـا مـجال لـذكـرها وإن كـانت ال تـغيب عن ذهن

ستمع. القار واـعـاصـر على ـعجـم العـربي ا ولست فـي حاجـة إلى الـقـول إن اـعـجمـات الـلـغـويـة اسـتـقـصاء تعـدد أسـمـائه وتـنـوع مـواده دون هـذه اـعجم لـلـجديـد ومواكـبـة للـمـتغـيرات. أقـول هـذا دون أن أنال من قـيـمة اعجم الكبيـر ومن معجمات عربيـة أخرى ظهرت في العقود الـوسيط وااخلمـسة األخيرة منها ما هو بـاللغة العربية ومنـها ما هو بالعربية معإحـدى الـلغـات األجـنبـيـة ومنـهـا ما هـو مـعجـم متـخـصص في فرع منعرفة ومترجم إلى لغت على األقل غالبا ما تكونان اإلجنليزية فروع ا

ـائـة لــغـة مـهـددة ــثـال ألف وثـمــا ــائـة من أهل األرض. فــفي أفـريـقــيـا عـلى ســبـيل ا 4 في اومن باالندثـار. ومن اللغات احلية أكثر من مائة لغة يتـكلم بكل منها مليون أو أكثر من البشرائة توجـد تسع عشرة لغة يـتكلم بكل منهـا ما يفوق خمسـ مليون نسمة ب هذه الـلغات ا

شار إليها أعاله. ومنها اللغة العربية واللغات ا

=

- 89 -

والــفـرنــســيـة (14). ولـيـس قـصــدي أن أكــشف هــنـا عـن بـعـض جـوانبـا أريـد أن أقـول إن حـجم األلـفاظ الـضـعف في مـجال (الـتـعـريب) وإـسـتحـدثـة التـي يعـرفـها بـتـكـرة واالصطالحـات ا اجلـديـدة والكـلـمـات االعالم اليـوم أكبر بدرجـة مذهلة من قدرات مـجامع اللغة الـعربية على

مواكبة هذا االنفجار اللغوي.ـعــجم الـلـغـوي عـلى ـعــجم الـتـاريـخي وا إن هـنـاك تـداخال بـ اا يـتطلب ـنهج وعـلى مسـتوى البـنيـة الفنـية في آن واحـد مـستوى اعجـم على الـنحو الذي يـتحقق مـعه االنسجام أن يـتكامل العـمل في اوالتناسق. ولكن هذا ليس هو الوضع الذي ال يتم العمل إال في إطاره ;عجم الكبير لـلغة العربيـة لم يكتمل وليس ثمة أمل في أن ألنه مـا دام اـنـظور فال مـنـدوحة لـنـا عن الـشروع في وضع ـسـتقـبل ا يـكتـمل في اعجم التاريخي على أساس ما يتوافر لدينا من معجمات للغة العربية اـنهج رحـلـة وإن كنـا قد خـالفـنا في ذلك ا مخـتلـفة األلـوان حتى هـذه ا

ية احلية. عجمات التاريخية للغات العا الذي سلكه واضعو ابانتهاج هذا األسلوب نـكون قد ذللنا عقبة كؤودا وواجهنا حتدياأولـيـا وتـمـهـدت الـسـبل أمـامـنـا لـلـتـغـلب عـلى الـتـحـديـات األخـرى الـتي(14) أصـدر مكـتب تنسـيق التـعريب الـتابع لـلمـنظـمة العـربيـة للـتربـية والثـقافـة والعـلوم حـتى شهر

(فـبراير 2006 م) أربع (40) معـجمـا في الـسلـسلـة األولى التي كـان أول ما صـدر منـهاسـتدرك في التعريب (عـربي - فرنسي) في سنة 1963 م وواحدا وأربع (41) معجم امعـجمـا في السـلسلـة الثـانيـة التي أول مـا صدر مـنها معـجم احليوان (عـربي - فرنسي -وحدة" عاجم ا إجنـليزي) في سنة 1976 م وواحدا وثالث (31) مـعجما ضمن "سلسلة اصطلحات اللسانيات" (إجنليزي - فرنسي - عربي) الذي وحد عجم ا التي كان أولها "اـصطلـحات تقـانات األغذية (إجنـليزي/ وحد عـجم ا صـدر في سنة 1989 م وآخـرها (افـرنسي/ عـربي) وصدر في سـنة 2004 م. وتـوجد عـشرة (10) مـعاجم في انـتظار مـصادقةكـتب من عهد ؤتمـر العام لأللـكسو عـليـها. وهو جـهد كبـير يحـمد للـقائـم بشـؤون هذا ا اـؤسس إلى عهـد الـدكتـور ميـلـود حبـيبي ديـر ا األسـتاذ الـعالمـة عبـد الـعزيـز بن عبـد الـله ا

دير احلالي للمكتب. ا

- 90 -

ـعجم التاريخي للغة العربيـة ومنها الربط ب التاريخ اللغوي تعترض اعـاصرة الـتي جنتـازها. وهـو األمر الـذي يتـصل باجملال ـرحلـة ا وب اـرحـلة ا يـطـرح هـذا السـؤال : هل نـقف عـند ا الـزمـني لـتأريـخ اللـغـة. عجـم اللغـوي ? أم نتوسع في اجملـال الزمني الـتي انتـهت إليهـا كتابـة ا

عاصرة ? (15). رحلة ا حتى نبلغ في شرح معاني األلفاظ ودالالتها اإن استيـعاب ألفاظ احلياة احلديثـة واحلضارة العصرية والعلمعـجم الـتاريـخي يتـطلب االسـتـفادة من جـميع مـا صدر والتـقانـة في امـن معـجـمـات عـربـيـة في القـد واحلـديث. ولـكن االسـتـفـادة لن تـكونكامـلة مـا لم يؤخـذ في االعتـبار اعـتمـاد الرؤيـة الشمـوليـة التي تـقضيـتابـعة اخلط الـزماني لـتـطور الـلغـة منـذ ظهـور الـلفظ إلى يـومنـا هذا.ومـع ذلك البـد من االعـتـراف أن الـهـدف لـيـس هـو كـتـابـة تـاريخ شـاملومـفـصل حلــضـارتـنـا وأفــكـارنـا ومـفــاهـيـمـنــا وتـصـوراتـنــا ومـقـوالتـنـاومـواقــفـنـا ورؤانـا لـلــعـالم انـطالقـا مـن ألـفـاظ الـلـغــة عـلى اعـتـبـار أناأللفاظ هي التي تعـكس بصدق حضارة اجملـتمع الذي يتكـلمها وفكرهرحـلة الـزمنـية وثـقافـته. ومـعلـوم أن حضـارتنـا لم يـقف تطـورها عـنـد اة بل لقد شرقت عجمـات اللغوية القد القصيـرة التي توقفت عندها اهـذه احلضارة وغربت بعد القـرن الثالث الهجري وعـمرت قرونا طويلةناخ واستـفادت من ثقافات واستقرت فـي بيئات متـنوعة اخلصوبـة واوجتارب ال حـصـر لهـا. كل ذلك كـان يعـبـر عنه بـواسـطة الـلـغة. فـالذي

ـعجم الـوسـيط يـعرف كـمـا يلي : (األصول : أصول ـثـال لفظ (أصولي) في ا (15) عـلى سـبيل ا

العـلوم : قـواعدهـا التي تـبنـى علـيهـا األحكـام. والنـسبـة أصولي) بـيـنمـا لفظ (األصولي)ـعان ال تمت ـعنى مـرادفا ـعنى األصـلي بحـيث صار ا اليـوم له معـان أخرى إضـافة إلى ا

بسبب إلى األصل. وهكذا دواليك.

- 91 -

يريـد أن يتـتبع تاريـخ مستـعمـلي اللغـة وحضـارتهم في سـائر األطوارعليه أن يستقر تاريخ ألفاظهم في جميع تلك األطوار أيضا (16).

ووجه التحدي هنا أننا ال نستطيع أن ندون تاريخ األمة العربيةـعنى ـعجـم التـاريـخي لـلـغـة العـربـيـة بـا اإلسالمـيـة من خالل كـتـابـة االـعام الذي يتـبادر إلى األذهان. ولـكننـا نستطـيع أن نتعـاون في كتابةـعـنى أن الـفصـحى ـعـجم من مـنـطـلق أن لـكل عـصـر فـحـواه هـذا الـيــست مــقـصــورة عـلـى عـصــر مـحــدد إذ أن لـكـل عـصــر فـصــاحـتهاخلاصة وهذا يعني أن لكل عصر معجمه وألفاظه التي يعبر بها عنـفـاهيـم احلضـاريـة الـتي يـسـتـخـدمـهـا. وهذا ثـقـافـته وعن األدوات وايقـودنا إلى القول إن تـاريخ اللغة الـعربية لم يـتوقف عند الـقرن الثالثأو الرابع الـهجـري والعـرب لم ينـقرضـوا بعـد ذلك العـصر بل ازدادـسـاحـة اجلـغرافـيـة الـتي يـحتـلـونـهـا فوق عـددهم ارتـفاعـا وازدادت ا

الكرة األرضية اتساعا (17).وهذه مـسألـة منهـجيـة نراهـا ذات اعتـبار وأهـميـة ألنهـا تضـعناعجم التاريخي للغة أمام حقائق الواقع وتكبح فينا جموح اخليال ; فاالـعـربـيـة يـجب أن يـتـسـم بـالواقـعـيـة وتـراعى فـيـه طـبـيعـة الـعـصـر فالة واحلديثة وال ـعجمات القـد يتوقف عـند احلدود الذي توقـفت فيها ايـذهب بعـيدا في (عصـرنة) الـلغـة ولكنه يـعنى بـالتـأريخ للـغة في حدودـمكن وفي توازن وظيفي دقـيق ب احلرص على ثوابـت اللغة والتزام االضوابط وبـ مراعاة حقائق كل عصر عـلى حدة خصوصا عصرناـكن القول إن اللـغة العربـية في األلفيـة الثالثـة دخلت مرحلة الراهن. و

(16) الـدكتـور عبـد العـلي الودغـيري دراسـات معـجمـية : نـحو قـاموس عـربي تاريـخي وقضـايا

أخرى صفحة : 39 الدار البيضاء 2001 م.صدر نفسه ص : 36. (17) ا

- 92 -

جـديدة وإن وتـيرة تـغييـر معـاني األلفـاظ هي اليـوم أسرع من ذي قبل.ثـال تطـورا غير فـلقـد عرفت الـسنـوات اخلمس األخـيرة عـلى سبـيل امـعـهـود في الـلــغـة الـعـربـيـة حتـديـدا نـظــرا إلى تـصـدر الـعـالم الـعـربيـرحلـة. وبـذلك يكـون تدوين تـطور اإلسالمي واجهـة األحـداث في هذه االـلغة العـربية في هذا الـعصر مسـألة جديرة بـاالعتبار ألسـباب كثيرةرحـلة من التاريخ على منها طـبيعة الـهجمة التي تـواجه األمة في هذه اـستوى الـلغوي وتـزايد الضـغوط التي ا في ذلك ا ستـويات شـتى اـعلومات ـطرد لشـبكة ا تتـعرض لهـا اللغـة العربـية من جراء االنـتشار ايـة ــ اإلنتـرنيت ــ وأمـام حتديات تـطور الـعلـوم والتقـانة وانـفجار الـعاـعــلـومــاتـيــة ونـظم اإلدارة اجلــديـدة وزحف اإلعالم ــعـرفــة وتـنــامي ا اـا يحمـله من آثار سـلبـية على الـفصـحى. وهذا الـوضع يشكل رئي اعجم التاريخي للغة العربية. في حد ذاته حتديا خطيرا أمام واضعي ا

متغيرات األلفية الثالثة وانعكاساتها علىعجم التاريخي : ا

نـخـلص من ذلك كــله إلى مـا يـســمـيه بـعض الـبــاحـثـ (األبـعـادة وفاقا أم صـراعا فاللغة ة) ; فسواء كانت الـعو اللغويـة لظاهرة العـو) فاللغة ذات شأن ــ في كلتا احلالت ــ شـأن خطير فإن كانت (وفاقاة من ـتوقع أن يتخذ أنـصار العو جليل في حوار الثـقافات حيث من اـة الثقافة فهؤالء (الـعولميون) ال يقرون علوم اللغة مـرتكزا أساسا لعوبـاخلصوصـيات الثـقافية لأل والـشعوب ويـقفون بشـدة ضد النـسبيةالثقافـية والنسبية اللغويـة بالتالي وهم بال شك سيجدون ضالتهم فيالـتنظير اللغوي احلـديث حيث تتدرج جميع الـلغات اإلنسانية في إطار) فـإن مـعنى ذلك ـة (صـراعا الـنـظريـة الـعامـة للـغـة. أما إذا كـانت الـعوـــهــيــمـــنــة في الـــعالقــات الــتـــجــاريــة ســيــادة لـــغــة من لـــغــات الــدول ا

- 93 -

واالقـتصـاديـة وما يـستـتـبع ذلك من سيـادة ثـقافـتهـا وقـيمـها اخلـاصةا يفضي إلى تهميش اللغات الوطنية واحتوائها(18).

ـة اللغوية ال من ناحيـة تأثيراتها على ونـحن ننظر إلى هذه العوالـلغـة العـربية بـاعتـبارهـا لسـانا وهـوية ثـقافـية فـحسب ولـكن من حيثإنـهـا تــتـسـبب في إربـاك عــمـلـيـة تـأريخ الــلـغـة. ألنـنـا هــنـا بـصـدد بـيـانعجم الـتاريخي للغة العربية ال بإزاء التحديات التحديات التي تواجه االتي تواجه الضـاد من حيث هي لغة فـحسب. وهذا اخلطـر يتعاظم فيـؤشـرات تـدل عـلى أنه سـيـزيد ـرحـلـة من األلـفـية الـثـالـثـة. وكل ا هـذه اـنظـور ما لم تـتحرك هـمم حراس الـلغـة العـربية ـستـقبل ا تفاقـما في اوحماتها لتفادي اخلطر وللتقليل من انعكاساته وتأثيراته السلبية. ألنمـشاكـل كثـيـرة سـتـنـشـأ في اجملـال الـلـغـوي بـصـورة عـامة مـع تنـاميـة اللـغوية والـثقـافيـة. وهنـا البد من الـتأكـيد عـلى أن تـقوية ظـاهرة الـعونسـيج الـلـغـة الـعـربـيـة وتـطويـر نـظـمـهـا وأنـسـاقـها وتـيـسـيـر تـدريـسـهاـقتـضـيـات التـطـور الذي يـشـمل احلـياة لألجيـال الـنـاشئـة وتـطـويعـهـا ـعـاصـرة من شـأن ذلك كـله أن يـسـاعـد عـلى اخلـروج من اإلنـسـانـيـة ااألزمة الـثقـافيـة اللـغويـة احلضـارية احلـاليـة وسيـكون لذلـك كله تـأثيره

عجم التاريخي للغة العربية. في تيسير العمل في اـهم في ـشـروع الـثـقافي ا وسـيـكـون الـشـروع في تـنـفيـذ هـذا اإطار تضـافر اجلهود وتعاون اجملامع العـربية في ضوء هذه التحدياتـتالحـقة إحـدى الـوسائـل الفـعـالة لـتـعزيـز حـضـور اللـغـة العـربـية في اسـتـويات جـمـيعـا. فـتلك هي الـسـاحة الـدولـية ولـتـقويـة مـركزهـا عـلى ا

ـستـقبل اخلـطاب الـثقافي ـعلومـات : رؤية (18) الـدكتـور نبـيل علي الثقـافة الـعربـية وعـصر ا

ـعرفة) عـدد : 265 اجملـلس الـوطني العربي الـصـفحـتان : 232 - 233 سـلسـلة (عالم اللثقافة والفنون واآلداب الكويت 2001 م.

- 94 -

ـرحـلـة وللـتـجـاوب مع مـتغـيـرات األلـفـية الـسبـيل لـتـجـاوز صـعوبـات اولبلوغ الغاية التي نسعى لها.

وهـنا أرى أن من الـضروري أن أنبـه إلى مسـألة مهـمة وهي أنـكن أن يتم ـعجم الـتـاريخي لـلـغة الـعـربيـة ال االستـغـراق في وضع افي مـنأى عن التـجاوب مع متـغيرات الـعصر وال أن يـصرفنـااالشتغالـعـجم عن االنـدمــاج لـغـويـا في عـصـرنــا ; ألنـنـا إن فـعـلـنـا ذلك بــهـذا اسـنكون كمن انعـزل عن الواقع وسجن نفسه في قـضايا التاريخ. وهذااختـيار ال يصـح منهـجيـا ألن التـاريخ حي فيـنا وألنـنا حـينـما نـشتغلـلك أن نـنـفصل عن بقـضـايـا الـتاريخ فـي أي مجـال من اجملـاالت ال كن أن نفـهم التاريخ ما لم نـفهم حاضرنـا ونعي واقعنا. حياتـنا. وال وال شك أن وضع مـعجم تـاريـخي هو وإن كـان بـحثـا في تـاريخ اللـغة

ستقبل. فإنه عمل من أجل احلاضر واشروع في أجـواء مشـجعة ـا يساعـد على الـعمل في هـذا ا وـا قد ومالئـمة أن واقع الـلغـة العـربيـة يتـحسن بـاطراد عـلى الرغم هـتـم من ضـعف وتـراجع. ونحن هـنـا نذهب يـسجـله عـليـهـا بعـض اإلى ما كان يردده األستاذ الـدكتور شوقي ضيف يرحمه الله ويؤكدعلـيه باسـتمرار في كـتابـاته ومحاضـراته من أن اللـغة العـربيـة تعيشا الـيوم أزهى عـصورها بـحكم االمـتداد واالنتـشار الـواسع لـها ـا كـان عـلـيه حـالـهـا فـيـمـا مـضى نـتـيـجة الزدهـار اإلعالم ال يـقـاس السمـعي والبصري والنتشار الصـحافة على نطاق واسع ويكفي أننـشرات األخـبار في جـميع احملـطات اإلذاعـية والـتلـفزيـة والفـضائـياتبال اسـتــثـنـاء تـقــدم بـالـلـغــة الـعـربــيـة إضـافـة إلى الــبـرامج الـثــقـافـيـةوالـسـياسـية واالقـتصـادية والـعلـميـة التي تـقدم أيـضا بـاللـغة الـعربـية.ـاضي القـريب والبعـيد وهو وهـذا وضع لم تعـرفه اللغـة العـربية في ا

- 95 -

عـجم الـتـاريخـي للـغـة الـعربـيـة بل يـجعل من مـا يـشـجع عـلى وضع اـشـروعـات ـشـروع مـشـروعـا ثـقـافـيــا يـعـلـو قـدره فـوق جـمـيع ا هـذا ا

الثقافية األخرى.ــعـجم الــتــاريـخي يــجب أن يــكـون قــائـمــا عـلى واخلـالصـة أن االعناية باألصـول ثم الفروع عن هذه األصول وهذا ال يعني أنه يسردـسيرة التـاريخيــة منـذ نشـأتهــا بل والدتـهــا إلى نهــايـتهــا وال أريد اـوت والــفــنـاء وإن يــكن هــذا من األمـور احلــاصــلـة في بـ (الــنـهــايــة) اجـمـهرة مـن األلفـاظ الـتي عـفـا عـلـيهـا الـزمن أو قل قـد انـتـفت احلـاجة

إليها(19).ـعـلـوم أن لـكل كـلـمـة من الـكـلـمـات في الـعـربـيـة كـمـا هي ومن ااحلال في كل لغـة (سيرة حياة) .. وهذه السـيرة تخضع لظروف عدة. ومن هـنا كـانت الـكـلـمـة مـحـكـومة ـعـربـ وتكـون حـاجـة من حـاجـات ابــحــاجــات مـا تــني تــزداد يــومــا بـعــد يــوم عــلى أن هــذا اجلــديـد منعربـ يكونون احلاجـات ال يخلق من الـلفظ شيـئا من العـدم بل إ ن امـسوقـ إلى الـبحث عـمـآ لديـهم من الـلفظ فـيـعمـلون فـيه الـنظـر حتى

يكون لهم اجلديد في األبنية التي عرفوها في العربية(20).ولـعـلنـا نـستـطيع أن نـقـول إن اللـغة الـعـربيـة أصبـحت الـيوم لـغةية وإن كنا ال نغفل أن ازدهـار اللغة مرهون بتقدم الناطق بها في عارغوب فيه حتى اآلن. أمول ا اجملاالت كافة وهو ما لم يتحقق بالقدر اولـيس بخـاف أن مقـياس انتـشار الـعربـية أو تـداولهـا ال يقـوم على عددتكـلم بهـا أو زيادة عددهم بقـدرما يقوم على رصـد الوظائف التي ا

(19) د. إبـراهيم السامرائي في شرف العربية صـفحة : 138 سـلسلة (كتاب األمة) عدد :42 قطر 1994 م.

صدر نفسه. (20) د. إبراهيم السامرائي ا

- 96 -

تقوم بـها العربـية في هذا اخلصـوص وحتديدا مجـاالت االتصال التييتحدث بها فيها وألي أغراض وبأي مستوى من الكفاء ة (21).

والبـد من اإلشـارة في هذا الـسـياق إلى أن الـلـغة الـعربـيـة حتتلالدرجـة السـادسة ب الـلغـات األكثـر تداوال بـعد الـصيـنيـة واإلجنلـيزيةواألوردية واإلسبانية والروسية والدرجة الثامنة عشرة في الترجمة. ريح) الـذي تـعـيشـه اللـغـة الـعربـيـة ال يـقلل من وهـذا الـوضع (اعجم التاريخي للغتنا ولكنه يزيد من الصعوبات التي تعتـرض وضع اهـذه الصـعـوبات بـقـدرما يـؤكـد ويلح عـلى ضـرورة الشـروع في تـنفـيذـشـروع احلـضـاري الـكـبـيـز لـتـلـبـيـة احـتـيـاجـات األلـفـيـة الـثـالـثة هـذا ا

ومتطلبات النمو في اجملاالت كافة.

اس اللـغـة واالقتـصاد ترجـمـة أحـمـد عـوض مراجـعـة عـبـد الـسالم رضوان (21) فـلـوريـان كـو

ـعـرفة) عـدد : 263 اجملـلس الـوطـني لـلـثـقـافـة والـفـنـون صـفـحـة : 255 سـلـسـلـة (عـالم اواآلداب الكويت 2000 م.

اللغـة العـربيـة ...قضية استراتيجية(*)

(*) مقال نشر في جريدة (احلياة) التي تصدر من لندن يوم 26 فبراير 2007 م.

- 99 -

مـؤتـمـران دولـيـان حـول الـلـغـة الـعـربـيـة عـقـدا أخـيـرا في كل منة)(1) القاهرة والدوحة األول تناول (لغة الطفل العربي في عصر العوــوضــوع (الــطــفل بــ الـــلــغــة األم والــتــواصل مع والــثــاني خــصـص الـعـصر)(2). وهـما مـوضـوعان وإن اخـتـلفـا في الـعنـوان فـقد اتـفـقا فيـضمـون ألنهـما يـصبـان في اجتاه واحـد هو (حـاضر الـلغـة العـربية اومـستـقـبـلهـا). وإذا كـان حـاضـر لغـة الـضـاد ال يسـر فـإن مـسـتقـبـلـهاؤتـمنون عليهـا من جهد لتدارك الوضع دى ما يبـذله أهلها ا مرهون ــنــهج ســلــيم وبــإرادة جــمــاعــيـة بــإصـالح مــا يـســتــدعـي اإلصالح وبـقـرارات تكـون ملـزمـة جلمـيع من يـتعـامل مع الـلـغة الـعربـيـة على أي

ستويات. مستوى من الـغـة األمة فـي خطـر. هـذا صحـيح ال مـبـالغـة فـيه. إذن األمة فيخطـر. وهذا أيـضا صـحيح ألن الـلغـة لـيست ألـفاظـا وتراكـيب وصيـغاعـنوي وأسالـيب ولكـنهـا مكـون من مـكونـات األمة ومـقوم لـوجودهـا اوحـجـر الـزاويـة في بـنـائـهـا الـثقـافـي واحلضـاري والـركن الـرئـيس فيالكيـان القومي من جـهة ومن جهـة أخرى هي صمـام األمان في ترابطالعالم اإلسالمي وتـماسكه وتآلفه وانـسجامه باعـتبار أن اللغـة العربية

قوم الثاني بعد العقيدة الدينية من مقومات العالم اإلسالمي. هي ا(1) عقـد في مقر جامعة الـدول العربية بالـقاهرة في الفترة من 17 إلى 19 فبراير 2007 م بـتنظيم

اجمللس العـربي للطـفولـة والتنـميـة بالتـعاون مع جامـعة الـدول العربـية وبـالشراكـة مع برنامجائـية (األجفـند) والـصندوق الـكويتي لـلتنـمية تـحدة اإل اخلليج الـعربي لدعـم منظـمات األ ا

نظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ . االقتصادية العربية واليونسكو واـؤتـمر الـدولي األول حول (الطـفل ب لـغة األم والـتواصل مع الـعصر) في الـدوحة في (2) عـقد ا

ـركز الـثـقـافي للـطـفـولة في دولـة قـطر الـفـترة من 21 إلى 23 فـبـراير 2007 م بـالـتـعاون بـ اواجمللس القومي للطفولة واألمومة في جمهورية مصر العربية.

- 100 -

وحيـنـمـا يـتـعـرض أي مجـتـمع لـلـغـزو الـذي يورث الـهـيـمـنـة علىمقدراته واختراق خـصوصياته تمـتد آثار ذلك كله إلى الهـوية والثقافةقام األول. واأل النامية التي والفكر واألدب والفنون وإلى اللغة في اتـكامـلة ـتوازنـة ا تتـعثـر في خطـواتهـا نـحو اسـتكـمال شـروط التـنمـية اة هي أكثر من غـيرها تضـررا من آثار هذا الغـزو الذي يتخذ ستـد اأشـكاال متـعددة ويصـطبغ بألـوان مختـلفة من قـطر إلى آخر ومـن بيئةإلى أخـرى. وهو األمر الذي يـؤدي إلى نشوء ظاهـرة أسميها (التلوثالـلـغـوي) الذي ال يـقل خـطـورة عن أي نـوع مـن الـتـلوث الـذي تـعـرفه

اجملتمعات احلديثة. والطفل هو أول من يتضرر من تلوث اللغة.إن فسـاد اللغة كـما يقول فـقهاء اللـغة وعلماء االجـتماع مدخلالسـتالب الـهويـة وإلضـعاف الـشخـصـية وإلكـراه األفـراد واجلمـاعاتعـلى الـذوبـان في الثـقـافة األجـنبـيـة التـي تغـزو اللـسـان قبل أن تـسـتلباجلــنـان. ومن هــنــا يــبـدأ ســريــان الـضــعف في أوصــال اجملــتـمع ; إذبضـياع اللغـة أو بفسادها تـضعف مقومـات الكيان الـوطني والقوميوتضـعف بالـتبـعـية اخلـصوصـيات الـثقـافيـة واحلضـارية. ولـذلك كانتالعنـاية بـإصالح لغة الـطفل والـسعي إلى تقـو لسـانه وحتبيب الـلغةاألم له بـشـده إلــيـهـا مـن األمـور الـتي تــسـتـحق االهــتـمـام عــلى جـمـيعستويات; مستـوى وزارات التربية والتعليم ومستوى وزارات اإلعالم اوالــثـقـافــة واألوقـاف والـشـؤون اإلسـالمـيـة ومـســتـوى وسـائل اإلعالمومـستـوى اجملامع اللـغويـة. وإن كنت أرى أن وسـائل اإلعالم هنـا يفوق

تأثيرها في األهمية والقوة تأثير غيرها من الوسائل.كن أن نفصل ب لغـة الطفل العربي وب اللغة العربية إننا ال ـوضوع لـها في اجملـتمع بـصـورة عامـة. والنـظـرة التـجـزيئـية إلى هـذا اخـطـورتـهـا عـلى كل حـال إذ ال يـستـقـيم إصالح لـغـة فـئـة من اجملـتمع

- 101 -

عزل عن إصالح اللـغة بشكل عـام لدى الفئـات األخرى. ولذلك فإننيوجـهت دعـوة فـي مـؤتمـر الـقـاهـرة حـول لـغـة الـطـفل الـعـربي فـي عـصرـة إلى تركـيز االهتـمام بإصالح الـلغـة العربـية من النـواحي كافة العوومن حـيث هي لغة قـابلـة للتـجديد ولـلتـطوير ولـلتـيسيـر. وأكدت في هذاكن أن نسميه اقتباسا من لغة القانون : ؤتمر على ضرورة كفالـة ما اسـؤولة عن احلفاظ عـلى سالمة اللغة (الضـابطة اللغوية) لـلجهات اـوكـول إلـيـها أمـر نـشـرهـا وهي اجملـامع اللـغـويـة من جـهة الـعـربـية واعاهد الـعليا من ـهتمة بالـدراسات اللغـوية في اجلامعـات وا والـكليات اجهـة ثانيـة بحـيث يكون لـقرارات اجملـامع اللغـوية الـقوة اإللزامـية التيتفرض احـترام اللغة في االستعمـاالت اإلعالمية وإيالء العناية الالزمةعاهد ـ مـاديا وأدبيـا ـ بخريـجي أقسام الـلغة الـعربيـة في اجلامعـات واالعـليا للمعلم واألسـاتذة بحيث يكونوا هم النواة الـصلبة لنشر اللغة

يسرة القادرة على جذب الطفل وغيره من الفئات العمرية. العربية اـؤتـمـر هـذا الـنداء فـأورد في تـوصـيـاته فـقـرة تـؤكد وقـد تبـنى اعلى تـأسيس (سلطـة لغوية) ودعا إلى عدم الـتعـامل مع أمور الـلغةمن منـظور جـزئي أو ثـانوي ال يـتنـاسب مع ما تـطـرحه اللـحظـة الراهـنةمن حتـديـات. كـمـا أكـدت تـوصـيـات مـؤتـمـر الـقـاهـرة عـلى أن اإلصالحالـلــغــوي يـجب أن يــواكب ويــتــزامن مع كل من اإلصالح االقــتــصـادي

واالجتماعي والسياسي.وحــيـنــمــا نـربـط اإلصالح الـلــغــوي بـاإلصـالحـات الــضــروريـة فيمجاالت مهمة من حيـاة اجملتمع العربي فإن ذلك يعني أن األمر ليس أمرلغة في حاجة إلى إصالح ولـسان يتطلب التـقو وثقافة لـغوية ينبغييـزا يرقى به إلى مـستوى ـا األمر يكـتسب هـنا طابـعا أن تـسود وإعنى الوطني احمللي. عنى العربي العام وليس با (األمن القومي) با

- 102 -

وحـ نـنـظــر إلى واقع الـلـغـة الـعـربــيـة الـيـوم جنـد من الـظـواهـراخلطـيرة أن لغة الـطفل العـربي أصبحت في حالـة من الهشـاشة بحيثتـدق نــاقـوس اخلـطــر. وتـقــتـرن هــذه احلـالـة بــالـوضع الــذي عـلــيه لـغـةدارس واجلـامعـات. ولكـنـنا نـؤكد أن الـبدء في اإلصالح الـشبـاب في ايـنبغي أن ينطلق من احلـضانات ورياض األطفال ثم يـنمو تدريجيا فيدارس ثم يسـتوي على سـوقه في اجلامعـات إلى أن ينضـج ويكتمل افي وسائل اإلعالم التي تستخدم اللغة العربية على أن يتوازى ذلك معالـتركـيـز عـلى تـطويـر مـنـاهج تـعلـيم الـلـغـة العـربـيـة في كـلـيات الـتـربـية

دارس العليا للمدرس واألساتذة. واوهكـذا تـطـرد عـملـيـة إصالح الـلـغـة العـربـيـة وتـترابط حـلـقـاتـهاـكن الـفـصل بـ حلـقـة وأخـرى في انـسـجـام وتنـاغم وفي بـحـيث ال

تواصل ال ينقطع.قـبل سـنتـ نـشر لي كـتـاب حول (مـسـتقـبل الـلغـة الـعربـية)(3)تـرجم إلى اإلجنـليـزيـة والـفـرنسـيـة قـلت فـيه : «بـاعتـبـار الـلـغة الـعـربـيةقام األول تـمس األمن الثقـافي واحلضاري قـضية اسـتراتيـجية فـي اسـألة في عـمقـها وجـوهـرها تـتطـلب يقـظة أشـمل وأعمق لألمة فـإن اوحـركـة أكبـر وحشـدا لـلجـهود اخملـلـصة في إطـار الـتنـسـيق والتـكاملـنظـمات شـترك عـلى مسـتوى ا والـتعـاون والعـمل العـربي واإلسالمي اـؤسسـات واجلـامـعـات والـهـيئـات اخملـتـصـة». وأعـود الـيـوم إلى هذا واـهم فأقـول إن قضـية الـلغـة العربـية ال تـمس األمن الثـقافي ـوضوع ا اواحلــضــاري لـألمــة فــحــسب بـل هي تــمس ســيـــادة الــدول الــعــربــيــةواإلسالمية وأمنهـا العام واستـقرارها واستقاللـها الوطني. ولذلك أرىـوضوع وخطـورة الوضع تسـتدعـيان بحث قـضية الـلغة أن حساسـية ا

نظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ . (3) نشر سنة 2004 م ضمن منشورات ا

- 103 -

الـعـربـيـة عـلى أعـلى مـسـتـويـات اتـخـاذ الـقـرار الـعـربي واإلسالمي فيمؤتمر القمة العربي وفي مؤتمر القمة اإلسالمي(4).

إن بعض الدول األوروبية تنفق عـلى نشر لغتها في أنحاء العالمنـتسب واطنـيها وللـمقيمـ بها ا أضعاف مـا تنفـقه على تعلـيم لغتهـا إلـى مدارسهـا ألنها تـربط ب تـوسيع نفـوذها الـسياسي واالقـتصاديدى الـواسع هذا إلى في الـساحـة الدولـية وبـ انتـشار لـغتـها عـلى اجانب أن كل الدول األوروبـية حتمي لغـاتها بالـقانون. ففي فـرنسا علىــيـة ــكن أن يــســكت اجملــتــمع وبــاألحــرى األكــاد ــثــال ال ســبــيل االـفـرنـسـية عن خـطـأ يـرد في وثيـقـة رسـميـة أو حلن يـجيء عـلى لـسانس مـسـؤول في احلـكـومـة أو في قـطـاع خـاص ألنـهم هـنـاك يـعـدون ا

بسالمة اللغة انتهاكا للقانون وعدوانا على السيادة الوطنية.ـسـتـويـات واألمر إن وضع الـلـغـة الـعـربـيـة خـطـيـر عـلى شـتـى اـعاجلـة احلازمـة والسـريعـة بقـرارات ملـزمة حلـمايـة الهـوية يسـتدعي االـثقـافيـة واحلضـارية وللـحفـاظ على الـسيـادة الوطـنيـة واألمن القومي.

. والقضية في البدء واخلتام قضية استراتيجية وليست ترفا فكرياؤتـمر(5) بنـتائج إيـجابـية تـتلخص في ومن أجل أن يـخرج هـذا اوضوع الذي توصيات عملية قابلـة للتنفيذ على اجلميع أن ينظر إلى ايجتمعـون لبحثه ومناقشته نظرة تكاملية بحيث ينطلقون من حقيقةجـوهريـة ال يجوز جتـاهلهـا أو إغفالـها وهي أن لـغة الطـفل العربي هيجزء ال يتجزأ من لغـة اجملتمع بأسره. صحيح أن الطفل في حاجة إلى

نعـقد في الرياض عام 2007 م (4) ألول مرة اهتـم بهذا األمر مؤتـمر القمـة العربي التاسع عـشر اـنـعـقـد في دمـشق عام 2008 م ومـؤتـمـر الـقمـة اإلسالمي ومـؤتـمـر الـقـمـة العـربي الـعـشـرون ا

نعقد في داكار عام 2008 م. احلادي عشر اة). (5) مؤتمر (لغة الطفل العربي في عصر العو

- 104 -

لـغة تالئم طـبيعـته وتنـسجم مع مـيوله وقـدراته الفـطريـة ولكن الـلغة منحـيث هي إن لم تتحسـن حـالها وتـتطور في بنـياتها ومـكوناتهـا يتعذرحتـقــيق ذلك الــهــدف. وإن كـان هــذا الــرأي ال يـصــادر أي عــمل جـدييهدف إلى البحث عن طرق منهجية لتبسيط لغة الطفل العربي وتيسيرــتـاحـة لـزرع حب لـغـة أسـالـيب تــعـلـمـهـا والـسـعـي بـشـتى الـوسـائل اؤتـمر الذي يـعقد في بيت الـضاد في قلوب أبـنائنـا وبناتنـا. ولعل هذا اـدى حتى الـعرب أن يـضع األسس النـطالقـة نأمل أن تـكـون واسعـة ا

نبلغ ما نسطره من أهداف نبيلة(6).

ؤتمر : تطوير األنظمة التربوية العربية في بنياتها ومناهجها (6) من التوصيات الصادرة عن هذا اـهارات ـعـارف وا ـدرسـة وتـزودهم بـا وطـرائـقـهـا بحـيث تـسـتـوعب جـمـيع األطـفـال في سن اة.ــ دعوة وزارات التربيـة والتعليم في كل بلـد عربي للعمل على الالزمة للـتفوق في عصر العـوتـعمـيم فكـرة إنشـاء مدارس ابـتدائـية تـعتـمد فـيهـا اللـغة الـعربـية لـغة وحـيدة لـلتـواصل في هذهدرسي داخل الـصف وخـارجه ــ االهتـمام درسـة دون أي استـخـدام للـعامـيـة طوال الـيـوم ا اـعلمـ في جميع علـمي اللغـة العـربية عـامة ومعـلمي األطفـال خاصة مـاديا وأدبـيا ــ إعداد اـواد في جمـيع مـراحل التـعـليم الـعـام إعدادا جـيـدا في حقل الـلـغة الـعربـيـة. اعتـبـار اجتـياز ااخـتبـار شـفاهي وكـتابي في الـلـغة الـعربـيـة شرطـا من شروط تـعـي عـضو هـيـئة الـتدريس فيتوسطة وفي جميع التخصصات ــ التشديد في شروط القبول للجامعات عاهد ا اجلامعـات واطـالبة بتـدريس العربية سـتوى التعـليمي وا علـم على موضوع الـلغة ورفع ا وكليـات إعداد اباللـغة العربية ذاتها ولـيس من خالل لغة وسيطة وتوزيع حصـص األدب والقواعد على معلممختـلف ــ استكـمال التعـريب في جميع مراحل الـتعليم ومسـتوياته وتخـصصاته ألن تأصيلعرفـة الزمان لتـحقيق الـتنـمية الـبشريـة في أمة من األ وذلك ال يتم العلـوم وإيجاد مـجتـمع اؤسسات التـعليمـية العربيـة بأجهزة احلاسب إال بلغـتها الوطنـية ــ وضع خطة عاجـلة لتزويـد ااآللي وتطـويـر أسـالـيب تـعـلم اللـغـة الـعـربـية الـسـلـيـمـة من خاللـها لـلـطالب غـيـر الـقـادرين علىاقتنائها ــ دعوة اجملامع العربية إلى القيام بإجراء بحوث تتناول الرصيد اللغوي الوظيفي لكلمـرحـلـة مـن مراحـل الـطـفـولـة أو الـتـشجـيـع عـلى إجـراء هـذه الـبـحـوث ودعـمـهـا مـاديـا وأدبـياـدرسيـة وتصـنيف ـناهج ا فـالرصـيد الـلـغوي الـوظيـفي هو األسـاس الـذي ينـبنى عـليه إعـداد امـعاجم األطـفال ــ اعـتـماد الـلـغة الـعربـيـة لغـة لبـرامج األطـفال اإلذاعـيـة والتـلفـازيـة في البـلدان

العربية.

اللغـة العـربيـة ...في بيان قمة دمشق (*)

(*) مقال نشر في جريدة (احلياة) التي تصدر من لندن يوم 10 أبريل 2008 م.

- 107 -

ي معا لفتت انتباهي ثالث بحكم االختصاص الوظيفي واألكادقـضـايـا وردت في ثالث فـقـرات من (بـيـان دمشق) الـصـادر في خـتـامـنعـقدة في الـعاصـمة الـسوريـة; أوالها أعـمال الـقمـة العـربيـة العـشرين اتـتعلق بـالعنـاية بالـلغة الـعربيـة ومسؤولـية القـادة العرب إزاءهـا وثانيـتهاتدور حـول مواجهة تـصاعد الهـجمة الـشرسة على اإلسالم الـتي تتنامىفي الغـرب وثالثـتها حول إدانـة اإلرهاب بأشـكاله وصوره كـافة والدعوةإلـى بـذل اجلــهـد في تــعــريف اإلرهـاب وتــبـيــان أســبـابه ودوافــعه. وهـذهـشترك القـضايـا الثالث ركن مهم من أركـان العـمل العربي اإلسالمي اأو يـنبـغي أن تكون كـذلك; ألنها شـديدة االرتبـاط بالقـضايا احلـيوية ذاتستقبلـهم وبسيادة أوطانهم سلمـ و الصلة الـقوية بحاضر الـعرب واواتـخاذ القـرارات التي تـخدم مـصاحلـهم العـليا. وقـد يبـدو األمر كـما لون ينـظر إلى اللـغة من زاوية ثـقافيـة أدبية تـراثية أنـه خارج عن السـياق باعـتبـارها لـسانـا وعنـوانا ووعـاء. كذلك قـد تبـدو الهـجمـة الضاريـة التيستـقبل وتقوية الذات تـواجه اإلسالم أمرا ال عالقة له بالسـيادة وبناء اوضوع من الزاوية الدينية بـحسبانه موضوعا يتعلق ن ينظر إلى هـذا اساس بأية حال. أما مسألة اإلرهاب فهي ؤمن التي ال تقبل ا بكرامة اــا هـي حــرب مـشــهــرة عــلى ــة من اجلــرائم فــحــسب وإ لــيــست جــرـلـيـار اإلسالم الـذي هـو جـوهـر احلــضـارة والـثـقـافـة والـهــويـة والـكـيـان ـلـيـار من الـبـشـر ومـؤامـرة تـستـهـدف الـعـالم اإلسالمي لـشل ونـصف ااحلركة فيه ولتركيز االتهام عليه ولكسر شوكته وإضعافه وهدم بنيانه.

ـستـوى الـرفيع ـصـير الـلـغة الـعربـيـة علـى هذا ا إن االهـتـمام يعـكس خطـورة الوضع الـذي وصلت إلـيه لغـة الضـاد في هذا الـعصر

- 108 -

ويـعـبـر عـن الـشـعـور الـذي أخـذ يــتـنـامى بـأن الـلــغـة هي رمـز الـسـيـادةوالتميز وهي احلصن احلص ضد الذوبان والتالشي وفقدان الهوية ـك الـتي هي قـوام األ وعـنـوان الشـعـوب والـتي هي أيضـا الـركن الـلخـصوصـيات الـثقـافيـة واحلضاريـة باعـتبـارها الـرصيـد البـاقي الذيــقـاومـة يــسـتــعـصي عـلـى الـنـفــاد. فال قـوة وال مــنـاعـة وال قــدرة عـلى اوالـدفاع عن احلـقوق إذا ضـعفت الـلغـة وتراجـعت وقصـرت عن الوفاءكن و اجملتمعـات وتقدمهـا وازدهارها. بل باحلـاجات التي يتـطلبهـا القول إن عزل اللغة عن مـجرى احلياة العامة يورث الضعف العام فيكيـان األمـة الـناطـقـة بتـلك الـلـغة فـال تسـتـطيـع احلفـاظ عـلى مـقومـاتـها

وحماية مصاحلها وصون حقوقها وبناء ذاتيتها.إن مسـألة الـلغة الـعربـية أكـبر حجـما وأعـظم شأنـا من أن تكونمن اختـصاص الـلـغويـ فحـسب. ومن خـطل الرأي بل من اخلـطر أنسألة حكرا عـلى علماء اللغة على رفيع قدرهم وعلى أهمية تظل هذه ااجلـهـود التي يـبـذلونـهـا في مـجال اخـتـصاصـهم; ألن الـلغـة شـأن عامومسـؤوليـة مشتـركة يـتحـملهـا اجلمـيع خصـوصا القـيادات الـسيـاسيةوالـنخـب الفـكـريـة والثـقـافـية واإلعالمـيـة وكل من يـعـنى بالـعـمل الـعامـصلحـة العامـة ويساهم من مـوقعه في خدمـة البلد ويـسعى لتـحقيق ا

الذي ينتمي إليه وتطوير اجملتمع الذي يعيش فيه.سبق لي أن قلت أمام مجمع الـلغة العربية في القاهرة في أحدمـؤتـمـراته الـسنـويـة وهـو اجملـمع الـذي يـشـرفـني أنـني أنـتمـي إليه إندلول فهوم العام وا اللغة مـسألة سيادة وقضية (أمن قومـي عربي) باالشامـل. ولذلك فإن الـتفريط فـي اللغـة العربـية هـو تفريط في الـسيادةوتــقـصـيــر في حـمــايـة (األمن الـقــومي الـعـربـي). بل أضـيف إلى ذلك :طلق باعتبـار أن اللغة العربية هي عنى ا (األمن القومي اإلسالمي) بـا

- 109 -

وعـاء الـثـقـافــة اإلسالمـيـة واحلـضـارة اإلسالمـيـة الـلـتـ هـمـا مـقـومـاتالعالم اإلسالمي.

ـنــهج الـذي ســارت فـيه قــمـة ولـقــد سـارت قــمـة دمــشق عـلـى االريـاض فيـما يـتعلـق بالتـأكيـد على وجـوب العنـاية بـاللـغة العـربيـة. فقدجـاء في البنـد السادس من (إعالن دمشق) بعـد الديـباجـة تأكـيد عزمقادة الدول الـعربيـة على : (إيالء الـلغة الـعربيـة اهتمـاما ورعايـة خاصةبـاعتبـارها وعاء لـلفكـر والثقافـة العربـية والرتبـاطها بـتاريخـنا وثقـافتناة عـرفي في عـصـر الـعـو وهـويـتـنـا لتـكـون مـواكـبـة للـتـطـور الـعـلمـي واعلومات ولتـصبح أداة حتديث في وجه محاوالت التغريب والتشويه واالتـي تتعرض لهـا ثقافتنـا العربيـة). وهذا البند هـو تأكيد للـبند الصادرعن (إعالن الـرياض) بـخصـوص هـذه القـضـية. وكـانت قـمة الـرياضهي أول موتـمر قمـة عربي يهـتم على هـذا النحـو بقضـية اللـغة والتـربية

والتعليم والهوية الثقافية واحلضارية.كن أن نغـفل العالقة ب الـغارة على اللغـة العربية من إننا ال الـداخل واخلـارج وبـ الـهـجـمـة عـلى اإلسالم وتـنـامي ظـاهـرة الـعـداءلإلسـالم. ولــذلك جــالء في (إعالن دمـشق) مــا يــلـي : «إن تــصــاعــدالهـجـمة الـشـرسة عـلى اإلسالم وتـنامي ظـاهـرة العـداء لإلسالم مـبعثقلق كبير ال سيما ح نرى اإلساءة للمسلم تتنامى في بلدان تتسمبــالـتـعـدديـة وتـقـبل اآلخـر. إن حـالـة االسـتـقـطـاب احلـاد الـتي يـشـهـدهـاالـعالم تـستـوجب العـمل بجـهد أكـبـر لتـضيـيق الفـجوة الـتي تتـسع بـنـطـلق فـإن الـتـعـاون بـ اجلـامـعة الـثـقـافـات واحلـضـارات ومن هـذا اـنـظـمات ذات الـصـلـة أمـر هام ؤتـمـر اإلسالمي وا الـعـربـية ومـنـظـمـة اتـزايدين ـواجهـة هـذه الظـاهرة وكـذلك مـواجهـة اجلهـل والعـنصـريـة ا

إزاء اإلسالم الذي يدعو إلى االعتدال والتسامح وتقبل اآلخر».

- 110 -

ـسلـم وإذا كـانت فئـة قلـيلـة معـزولة مـدانة من أبـناء الـعرب واــوضــوعــيـة تــتــورط في ارتــكـاب جــرائم اإلرهــاب فــإن من األســبـاب اغلوط للنصوص لتورطها هذا جهلها بحقائق الدين احلنيف وفهمها االـشـرعيـة بـسـبب الـضعف الـذي تـعـانيه فـي اللـغـة الـعربـيـة عـلى شتىـسـتـويـات. وقـد يـبـدو هـذا الـربط بـ الـلـغـة واإلرهـاب غـريـبـا لـلـوهـلـة ااألولى ولـكن عند التأمل والتدقـيق جند أنه كلما ضعفت الـلغة العربيةــفـاهــيم عــلـيــهــا وغـامت الــرؤيـة لـدى األجــيــال الـنــاشـئــة اخــتـلــطت االـصحيـحة لـديهـا وفسـدت األفكار والـتصـورات التي حتـملـها ووقعت

فريسة للتطرف والتشدد والتنطع.ـقـايـيس مـهـمـا تـكن ـة ضـد اإلنـسـانـيـة بـكـل ا إن اإلرهـاب جـربـررات والدواعي واألسبـاب. واإلسالم بر من تهـمة التـحريض على ااإلرهـاب بـراءة مـطلـقـة. ولـذلك جاءت في (إعالن دمشق) الـفـقـرة التيتـؤكد على: «إدانـة اإلرهاب بأشـكاله وصـوره كافة ومـواصلة الـتصديـشـبـوهة له السـتئـصـاله وإزالـة أسـبابه وإدانـة االفـتـراءات واحملاوالت اـسـلـم وجتـديـد الـدعـوة لعـقـد مـؤتـمر لـلـربط بـ اإلرهاب والـعـرب واتـحدة لتعـريف اإلرهاب وتبيـان أسبابه ودوافعه دولي بإشراف األ اوضـرورة التـميـيز بيـنه وب حق الـشعوب في مـقاومـة االحتالل». وكانؤتمر الـدولي الذي عقد في تونس في شهر وضـوع من محاور ا هذا اعاجلة) اضي حول (اإلرهاب : األبعـاد واخملاطر وآليات ا نوفمبر اـؤتمر ـتحـدة ومنظـمة ا والـذي نظمـته اإليسـيسكـو بالـتعاون مع األ ااإلسالمي واحلـكومة التونـسية والذي أوصى بعـقد مؤتمر دولي حتت

كافحة اإلرهاب. تحدة لوضع مدونة سلوك دولية إشراف األ اإن هذا الـتداخل ب حمـاية اللـغة العربـية والنهـوض بها وصونكـرامـتـهـا وبـ مـواجهـة الـهـجـمـة عـلى اإلسالم ومـقاومـة ربط اإلسالم

- 111 -

ـنـهج الـعـلــمي والـرؤيـة الـواضـحـة بـاإلرهـاب والــتـصـدي بـاحلـكـمــة وبـاوالـوعي الرشيد لظاهـرة اإلرهاب الذي يتبـرأ منه اإلسالم ال يستغربفهو تداخل طـبيعي جدا ألن فسـاد اللغة العربـية مجلبـة لشرور كثيرةومـداخل ألزمات متـعددة ليس أقـلها خـطرا أن ال يفـهم العرب بـعضهمعن بـعض وأن يـفقـدوا هويـتهم األصـيلـة وأن يـحال بـينـهم وب مـنابع

ثقافتهم وحضارتهم.لـقد كتبت في هذه اجلـريدة من قبل أقول «إن وضع اللـغة العربيةــعــاجلـة احلــازمـة ـســتــويـات واألمــر يــسـتــدعي ا خــطـيــر عــلى شــتى اوالسريعة بقرارات مـلزمة حلماية الهـوية الثقافية واحلـضارية وللحفاظعلى الـسيادة الـوطنـية واألمن القـومي» ــ (احلياة) : 2007/2/26 ــ فهليـكون ما ورد في (إعالن دمشق) بخصـوص اللغة العربـية ملزما للدولالـعربية كـافة ?. وهل آن األوان للقـيام بحـملة عربـية واسعة الـنطاق لرداالعتـبار للـغة العربـية ولصـد العدوان عـليهـا وحلمايـتها وللـعمل على

كانة التي تستحقها ?. إحاللها ا

صدر للمؤلف :